You are on page 1of 16

‫الفهرس‬

‫ادلقدمة‪3 ............................................................................... :‬‬


‫معامل التزكية ووسائلها‪4 ................................................................. :‬‬
‫ادلفردة األو‪:‬ى‪ :‬معامل التزكية‪4 ............................................................ :‬‬
‫ادلعلم األول‪ :‬معلم التصفية والتخلية‪5 ................................................... :‬‬
‫ادلَْعلَم الثاين ىو‪َ :‬م ْعلَم الزايدة والنماء‪ ،‬التحلية‪21 ........................................ :‬‬

‫ٕ‬
‫ادلقدمة‪:‬‬

‫بسمميحرلا نمحرلا هللا احلمد ﵁ رب العادلُت ِّ‬


‫وصل اللهم على نبينا دمحم وعلى آلو وصحبو امجعُت‪.‬‬
‫اللهم لك احلمد ال حنصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك‪ ،‬حنمد هللا سبحانو وتعاذل ونشكره‬
‫ونثٍت عليو ونصلي ونسلم على عبده ورسولو دمحم‪.‬‬
‫ىذا ىو اللقاء الثاين يف سلسلة التزكية للمصلحُت‪ ،‬وىي سلسلة ختتلف عن سلسلة أعمال‬
‫القلوب اليت قدمتها ساب ًقا‪ ،‬وإن كنت قدمتها يف نفس سياق ىذا الربانمج‪ ،‬لكن يف زلتواىا كانت‬
‫تركز على أعمال القلوب‪ ،‬وأعمال القلوب واحدة من مفردات التزكية‪ .‬بينما التزكية يف ىذا السياق‬
‫مكمًل لذلك اجلانب إبذن هللا تعاذل‪ ،‬وسيتم‬
‫ويف ىذه السلسلة ستكون متناولة جانبًا أرجو أن يكون ً‬
‫الًتكيز فيو ‪-‬مبا أن العنوان التزكية للمصلحُت‪ -‬أو استحضار أن من ىو مهتم هبذه ا﵀اضرات ديكن‬
‫أن يكون لو جانب أتثَتي أو دعوي أو اصًلحي حبيث أنو تراعى بعض ادلشاكل اليت قد يكون فيها‬
‫أيضا إبذن هللا تعاذل‪.‬‬
‫شيء من اخلصوصية‪ ،‬وإن كنت سأتناول ادلشاكل العامة ً‬
‫اللقاء السابق كان عن مركزية التزكية‪ ،‬وتكلمنا عن مركزية التزكية أبربع اعتبارات‪:‬‬
‫‪ )2‬مركزيتها يف القرآن‪.‬‬
‫‪ )1‬مركزيتها يف حياة النيب ﷺ‪.‬‬
‫‪ )3‬ومركزيتها ابعتبار ما يرتتب عليها من أاثر حسنة‪.‬‬
‫‪ )4‬ومركزيتها ابعتبار ما يُفقد بفقداهنا أو ما يقع من اخلسران بفقداهنا‪.‬‬

‫أصًل‪ ،‬ومت احلديث عن‬


‫وذكرت يف ثنااي ذلك الكًلم كيف نعرف مركزايت األمور يف الشريعة ً‬
‫أحياان تفٌت األعمار يف قضااي وال‬
‫مهمة برأيي يف تناول مفردات التزكية؛ ألن ً‬
‫قضية ادلركزية وىي مقدمة ّ‬
‫أحياان يعٍت يتم تقدمي شيء على حساب شيء‪ ،‬والفقيو ىو الذي يقدم‬ ‫تكون من القضااي ادلركزيّة أو ً‬
‫األمور حبسب أولوايهتا أو يعطي كل قضية حجمها ادلناسب ذلا يف الشريعة‪.‬‬

‫ٖ‬
‫معامل التزكية ووسائلها‪:‬‬
‫اليوم احلديث عن معادل التزكية ووسائلها‪ ،‬ويف اللقاءات القادمة إبذن هللا سيكون احلديث عن‬
‫حتدايت تزكويّة تواجو ادلصلحُت أو العاملُت لإلسًلم‪ .‬حتدايت تزكوية إبذن هللا تعاذل‪.‬‬

‫نوعا ما مشولية عن معادل التزكية وعن وسائل ىذه التزكيّة‪ .‬عندان مفرداتن‬
‫لكن اليوم سنأخذ صورة ً‬
‫يف لقاء ىذا اليوم إبذن هللا تعا‪:‬ى‪:‬‬

‫ادلفردة األو‪:‬ى‪ :‬معامل التزكية‪:‬‬


‫نتكلم عن معادل يعٍت ىي األمور أو القضااي الكاشفة للعنوان الذي تتحدث عنو‪ ،‬فأنت تتكلم عن‬
‫حدودا ذلذه القضية وتكشف لك عن األبعاد‪.‬‬
‫ً‬ ‫التزكية فعندما تذكر ادلعادل‪ ،‬ىذه ادلعادل تضع لك‬
‫أحياان تسمى منار ويف‬
‫تعرفون ادلعادل توضع يف حدود األراضي حبيث أاها حتدد األرض عن األرض‪ ،‬و ً‬
‫غَت منار االرض"‪.‬‬
‫ىذا احلديث "لعن هللا من ّ‬
‫فمعادل التزكية إذا أردان نتحدث عنها لن يكون ىناك جديد يف احلديث عن ادل ْعلَمُت األساسيُت‬
‫َ‬
‫للتزكية وإن كان يف سياق التفاصيل ستتضح ابدلعادل التفصيلية؛ أي إذا ذكران التزكية فنحن نتحدث من‬
‫جهة ادلعادل عن َم ْعلَمُت أساسيُت مها ادلناران األساسيان حلدود التزكية‪ ،‬مث مبقدار تصورك دلا يف كل‬
‫َم ْعلَم منها‪ ،‬ومنار منها من تفاصيل ومعادل داخلية تتكشف لك تفاصيل وزوااي كل َم ْعلَم من ىذه‬
‫ادلعادل‪.‬‬

‫‪ )2‬أما ادلَْعلَم األول للتزكية فهو‪َ :‬م ْعلَم التخلي‪ ،‬والتطهري‪ ،‬والتنظيف‪ ،‬واإلزالة‪ ،‬والرتك‪.‬‬
‫‪ )1‬وادلَْعلَم الثاين ىو‪َ :‬م ْعلَم الزايدة والنماء‪ ،‬والتحلية‪ ،‬واإلضافة‪ ،‬واالزدايد‪.‬‬

‫إذن مها معنيان أو َم ْعلَمان ال تُتصور التزكية أبحدمها دون اآلخر‪ ،‬يعٍت ال نتصور التزكية أاها ىي‬
‫صحيحا إذا ختيلنا أاها ىي الزايدة يف‬
‫ً‬ ‫تصورا‬
‫عبارة عن تطهَت وتصفية وختلية فقط‪ ،‬وال نتصور التزكية ً‬
‫الطاعات فقط‪ .‬فًل تتم التزكية إال بتصور ادل ْعلَمُت وضمهما إذل بعضهما؛ َم ْعلَم فيو ختلية وتصفية‬
‫َ‬

‫ٗ‬
‫وم ْعلَم فيو إضافة ومناء وازدايد‪ .‬ال بد أن يكون ىذان ادل ْعلَمان حاضرين يف عملية‬
‫وإزالة وتطهَت؛ َ‬
‫َ‬
‫التزكية‪.‬‬

‫ادلعلم األول‪ :‬معلم التصفية والتخلية‪:‬‬

‫ما ادلعامل التفصيلية داخل ىذا ادلَْعلَم الكبري؟ يعٍت التصفية تصفية ماذا من ماذا؟ تطهَت ماذا من‬
‫أيضا ليست معادل‬
‫ماذا؟ تنقية ماذا من ماذا؟ إبعاد ماذا عن ماذا؟ فربأيكم ما ىي ادلعادل التفصيلية؟ ً‬
‫جدا وإمنا ادلعادل التفصيلية العامة ادلتعلقة مبَْعلَم التطهَت‪ ،‬ماذا يوجد أشياء ديكن أن تذكر‬
‫تفصيلية ً‬
‫كمعادل ىنا؟ إبعاد الروح عن دنس الدنيا‪ ،‬القلب ادلمركز‪ ،‬وإبعاد الذنوب وادلعاصي‪ ،‬وأمراض القلوب‪.‬‬

‫إذن ىناك ثالثة معامل ‪-‬ورمبا نزيد عليها‪ -‬لكن ىذه الثالث معامل قد تكون جامعة‪.‬‬

‫‪ ‬ادلَْعلَم التفصيلي األول داخل َم ْعلَم التصفية والتخلية‪:‬‬


‫جدا يف َم ْعلَم التصفية‪ ،‬سلالفة اذلوى‬‫ىو َم ْعلَم خمالفة اذلوى‪ ،‬وىو َم ْعلَم أساسي وضخم وكبَت ً‬
‫س َع ِن‬ ‫ف‬ ‫َّ‬
‫الن‬ ‫ى‬‫ه‬ ‫ن‬‫و‬ ‫اف م َقام ربِِ‬
‫و‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫﴿وأ ََّما َم ْن َخ َ َ َ َّ‬
‫مبعٌت ما الذي خيالف اذلوى؟ النفس‪ ،‬دليلها قولو تعاذل‪َ :‬‬
‫ا ْذلََو ٰى﴾؛ أي ىناك ىوى وىناك نفس‪ ،‬فاحليلولة بُت النفس واذلوى ىي التزكية يف شق التصفية‬
‫س َع ِن ا ْذلََو ٰى ﴾ ىناك ىوى وىناك نفس تتمناه‪ ،‬ولذلك يف احلديث يف‬ ‫والتخلية‪َ ﴿ .‬ونَ َهى النَّ ْف َ‬
‫البخاري "والنفس دتٌت وتشتهي" حُت قال‪" :‬إن هللا كتب على ابن ادم حظو من الزان أدرك ذلك ال‬
‫زلالة فزان العُت النظر ‪" ..‬وإذل آخره‪ ،‬مث قال‪" :‬والنفس دتٌت وتشتهي والفرج يصدق ذلك أو يكذبو"‪.‬‬
‫ىذا يف البخاري‪.‬‬
‫لس ِ‬
‫س َأل ََّم َارةٌ ِاب ُّ‬ ‫ِ‬
‫وء﴾ جتاه ىذا‬ ‫إذًا عندان ىوى‪ ،‬وعندان نفس‪ ،‬وعندان رغبة وانطًلق‪﴿ ،‬إ َّن النَّ ْف َ‬
‫اذلوى‪ ،‬ادلنع والكبت‪ ،‬واإلبعاد ووضع احلواجز واحلجب بُت النفس وبُت اذلوى‪ ،‬ىذا من أىم ما‬
‫يدخل يف التزكية‪ ،‬وىو ادل ْعلَم التفصيلي األول ضمن َم ْعلَم التخلية والتصفية‪.‬‬
‫َ‬
‫ادل ْعلَم األول معنا من التصفية والتخلية‪ ،‬ما الذي حتتو من معادل تفصيلية ‪-‬ولكنها تفصيلية‬
‫َ‬
‫زلضا ولكن إذا‬
‫وم ْعلَم سلالفة اذلوى ىذا ىو ليس ترًكا ً‬ ‫جدا‪-‬؟ َم ْعلَم ُسلالفة اذلوى‪َ .‬‬
‫وليست جزئية ً‬
‫٘‬
‫أردت أن ختَت بُت الًتك والفعل ستجعلو أقرب إذل الًتك؛ ألنك تعلم أنو حىت يف االلتزام ابلعمل‬
‫فعل‬
‫ختالف اذلوى أليس كذلك؟ يعٍت أنت تلتزم بعمل ما وختالف ىواك ابلتزامو‪ ،‬ولكن يف األخَت ىو ٌ‬
‫كف وزجر‪ ،‬وتنقية وتصفية‪.‬‬
‫فيو ّّ‬
‫ىذا ادلَْعلَم من ادلركزية مبكان‪ ،‬ومن األمهية مبكان‪ ،‬ما ديكنك أن ختتصر أحيا ًان العنوان األكرب‬
‫لكل ىذه التفاصيل ‪-‬العنوان األكرب الذي ىو التزكية‪ -‬ما ديكن أن ختتصر التزكية يف ىذا ادلعٌت‪.‬‬

‫وإذا كنا يف الدرس السابق قلنا كيف تعرف مركزايت األشياء؟ ذكران وسائل‪ ،‬فواحدة من األمور‬
‫اليت تعرف هبا مركزايت األشياء أن يتأثر تعريف الشيء بزوال ىذا ادل ْعلَم أو ال يتأثر‪ ،‬فإذا كان يتأثر‬
‫تعريفو أو تصورك عن الشيء إبزالة ىذا ادل ْعلَم فمعٌت ذلك أن ىذا ادل ْعلَم مركزي فيو‪ .‬وىذا ابدلناسبة‬
‫َ‬
‫مثًل يف تصورك عن األشخاص‪ .‬أنت‬ ‫ليست يف التعريفات والقضااي ادلعرفية فقط‪ ،‬ال‪ ،‬ىذا حىت ً‬
‫مثًل صًلح الدين األيويب‪ ،‬إذا أزلت فتح بيت‬ ‫مثًل واحدة من الشخصيات يف التاريخ‪ً ،‬‬ ‫تتصور ً‬
‫عمرا‬
‫ادلقدس من صًلح الدين األيويب ما صار صًلح الدين يف نفسك صح؟ صًلح الدين قد عاش ً‬
‫طويًل يف اجلهاد والفتوحات والقتال‪ ،‬لكن ىذا ادل ْعلَم يف حياتو يساوي صًلح الدين‪ ،‬وابلتارل إذا‬ ‫ً‬
‫َ‬
‫طبعا إذا حسبتها ىي ليست هبذه الطريقة‪ ،‬لكن ابإلمجال ىي ىكذا‪.‬‬ ‫أزلتو أزلت صًلح الدين‪ً .‬‬
‫مكون سلالفة اذلوى دل يعد ىناك تزكية‪،‬‬
‫التزكية نفس الشيء‪ ،‬التزكية كمعٌت واسم عام‪ ،‬إذا أزلت ّ‬
‫ومن ضخامتو ومركزيتو ما ديكن بو أن ختتصر التزكية فتقول ىي سلالفة اذلوى‪ .‬فلو قال لك قائل‪ :‬ىل‬
‫ىي سلالفة اذلوى فقط؟ ستقول ال‪ ،‬وإمنا ىناك معادل أخرى ولكن ىذا َم ْعلَم أساسي ديكن أن تطابق‬
‫معربا عن التزكية‪ .‬وىذا موجود يف اللغة العربية ومعروف يُستعمل‬ ‫بو أو أن تذكره كنموذج يكاد يكون ً‬
‫يف تعريفات األشياء بذكر واحدة من مكوانت ىذا الشيء يكون ىو األبرز فيو أو من األمور ادلعربة‬
‫عنو‪ .‬إذًا ىذا ادل ْعلَم التفصيلي األول داخل َم ْعلَم التصفية والتخلية‪.‬‬
‫أصًل دلاذا ذكرت كل ىذا الكًلم يف مركزية سلالفة اذلوى؟ ألين تذكرت كًلم الشاطيب عن‬
‫أان ً‬
‫أحياان يلقب إبمام علم ادلقاصد‪ ،‬والشاطيب دلا‬
‫مقاصد الشريعة يف كتاب (ادلوافقات)‪ ،‬تعرفون الشاطيب ً‬
‫ذكر الشريعة خلصها يف مقصدين كخًلصة مقاصد الشريعة‪ ،‬كمركزايت أساسية يف مقاصد الشريعة‪،‬‬

‫‪ٙ‬‬
‫قال ‪-‬معٌت الكًلم‪ -‬وادلقصد األعظم أو االكرب من وضع الشريعة ىي إخراج ادلكلَّف من داعية ىواه‪،‬‬
‫اختيارا كما ىو عبد لو اضطر ًارا‪.‬‬
‫عبدا ﵁ ً‬
‫حىت يكون ً‬
‫ىذه خالصة قصد الشارع من وضع الشريعة‪ ،‬إخراج ادلكلف من داعية ىواه‪ .‬ومن ىنا ‪-‬‬
‫كاستطراد‪ -‬يُعلَم خطأ من يريد أن يصور الشريعة على أاها موافقة للهوى‪ ،‬من ابب التسهيل وأن‬
‫مثًل قضية الشذوذ‪ ،‬جتد بعض األطروحات يقول‬ ‫اإلسًلم حيقق لك أنت ماذا تتمٌت! ولذلك اآلن ً‬
‫لك «ترى توجد جينات عند اإلنسان تثبت‪ ،‬فكيف ُحترم الشريعة ىذا األمر‪ ،‬وتوجد جينات عند‬
‫الناس‪ ،‬مالو ذنب ىو عنده ميول»‪ .‬حسنًا أنت تقول لو بغض النظر ىذه قضية اثبتة علميًا‪ ،‬أو‬
‫ليست اثبتة طبيًا أو ىي اثبتة‪ ..‬لو ثبت أنو توجد جينات عند بعض الناس جتعل ذلم ىذا ادليول؛ ىو‬
‫أصًل الفلسفة الكربى‬
‫كثَتا من األمور اليت فيها ميول نفسية؛ ألنو ً‬
‫القضية يف الشريعة أن الشريعة دتنع ً‬
‫يف قضية الشرعية سلالفة اذلوى! فًل تزايد عليو أبنو يوجد حبث وكذا! لذلك من اخلطأ دلا جتي مثل‬
‫ىذه األطروحات تقول‪ :‬ال‪ ،‬ولكن ىو غَت اثبت علميًا وكذا‪ .‬حسنًا لو ثبت ىو ماذا؟‬

‫‪ ‬ادلَْعلَم التفصيلي الثاين يف قسم التصفية والتخلية‪:‬‬


‫َم ْعلَم تنقية القلب من أمراض القلوب‪ ،‬أو احليلولة بُت القلب وبُت أن تتمكن منو أمراضو‪.‬‬
‫كثَتا يف القرآن ﴿فَ ًَل‬ ‫األوذل اهي النفس عن اذلوى ‪-‬وىذه ألفاظ قرآنية‪ -‬مرض القلب لفظ قرآين ذُكر ً‬
‫ِِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫َِّ َّ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ض﴾‬ ‫ين ِيف قُلُوهبم َّمَر ٌ‬ ‫ض ﴾ ﴿لئن دلْ يَنتَو الْ ُمنَاف ُقو َن َوالذ َ‬ ‫ض ْع َن ِابلْ َق ْوِل فَيَطْ َم َع الَّذي ِيف قَ ْلبِو َمَر ٌ‬
‫َختْ َ‬
‫ِِ‬ ‫اَّلل مرضا ﴾ ﴿أَِيف قُلُوهبِِم َّمرض أَِم ارََتبوا ﴾ ﴿فَت رى الَّ ِ‬ ‫﴿يف قُلُوهبِِ‬
‫ض‬‫ين ِيف قُلُوهبم َّمَر ٌ‬ ‫َ‬ ‫ذ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫ُ ُ َ‬ ‫م‬ ‫ى‬
‫ُ‬ ‫اد‬
‫َ‬ ‫ز‬
‫َ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫ض‬
‫ٌ‬ ‫ر‬
‫َ‬ ‫م‬
‫َّ‬ ‫م‬ ‫ِ‬
‫ين ِيف قُلُوهبِِم‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬
‫﴿وأ ََّما الذ َ‬
‫ض﴾ َ‬ ‫ين ِيف قُلُوهبم َّمَر ٌ‬ ‫يُ َسارعُو َن فيه ْم ﴾ ﴿ لّيَ ْج َع َل َما يُْلقي الشَّْيطَا ُن فْت نَةً لّلَّذ َ‬
‫ض َوالْ َكافُِرو َن َماذَا أ ََر َاد َّ‬
‫اَّللُ ِهبَٰ َذا‬ ‫ِِ‬ ‫ول الَّ ِ‬ ‫َّمرض فَزادتْ هم ِرجسا إِ َ ٰذل ِرج ِس ِهم﴾ ﴿ولِ‬
‫ين ِيف قُلُوهبم َّمَر ٌ‬ ‫َ‬ ‫ذ‬ ‫َ‬ ‫ق‬
‫ُ‬ ‫ي‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ ْ‬ ‫َ ٌ َ َ ُْ ْ ً‬
‫َمثَ ًًل﴾‪ .‬الحظوا يف اذلوى ذكران النفس‪ ،‬ويف األمراض القلب‪.‬‬
‫إ ًذا اهي النفس عن اذلوى وتصفية القلب من األمراض‪ ،‬أمراض القلوب ىذا لفظ قرآين‪ ،‬فالقرآن‬
‫أصًل وال أمساع ذلم وال‬
‫اضا‪ ،‬بل القرآن جيعل بعض الناس وكأاهم ال قلوب ذلم ً‬
‫يثبت أن للقلوب أمر ً‬
‫أبصار ذلم إذا كانت ال تؤدي إال الوظائف احليوية اجلسمانية‪ ،‬اليت ىي وظيفة اإلبصار‪ ،‬ووظيفة ضخ‬

‫‪ٚ‬‬
‫ِ‬
‫ك‬ ‫الدم‪ ،‬ووظيفة السماع‪ ،‬لذللك هللا سبحانو وتعاذل عندما ذكر ادلواعظ يف سورة ق قال‪﴿ :‬إِ َّن ِيف ٰذَل َ‬
‫الس ْم َع َوُى َو َش ِهي ٌد﴾ السؤال‪ :‬من الذي ليس لو قلب شلن ىو‬ ‫ب أ َْو أَلْ َقى َّ‬ ‫ِ ِ‬
‫لَذ ْكَر ٰى ل َمن َكا َن لَوُ قَلْ ٌ‬
‫مقصود يف اآلية‪ ،‬واآلن سلاطب؟ ىو الذي لديو مرض يف قلبو أو ليس لديو قلب يستمع السماع‬
‫إجابة‪ .‬إذن ابدلفهوم احليوي الطبيعي ىل يوجد أحد سلاطب هبذه اآلية ليس لو قلب‪ ،‬ال‪ .‬يعٍت ﴿إِ َّن‬
‫ب﴾ بطبيعة احلال ليس ادلقصود دلن كان لو قلب ينبض ويتحرك؛ ألنو‬ ‫ِيف ٰذَلِ ِ ِ‬
‫ك لَذ ْكَر ٰى ل َمن َكا َن لَوُ قَ ْل ٌ‬
‫َ‬
‫موجودا أو سيكون‬ ‫ً‬ ‫لو دل يكن لديو ىذا القلب دلا ُوِّجو إليو ً‬
‫أصًل اخلطاب ابألساس ألنو لن يكون‬
‫ميتًا‪.‬‬
‫فتأيت الشريعة وأييت القرآن‪ ،‬أييت الوحي ليقول لك أن ىناك وظائف يف االستجابة لبعض‬
‫أصًل ىذه األداة؛‬ ‫األعضاء‪ ،‬إذا فقدت ىذه الوظيفة فيمكن أن يعرب عن ىذا اإلنسان أنو ال ديتلك ً‬
‫ب أ َّ‬
‫َن أَ ْكثََرُى ْم‬ ‫ِ‬ ‫﴿وتََر ُاى ْم يَنظُُرو َن إِلَْي َ‬
‫ك َوُى ْم َال يُْبصُرو َن﴾ ﴿أ َْم َْحت َس ُ‬ ‫لذلك هللا سبحانو وتعاذل يقول َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫يسمعو َن أَو ي ع ِقلُو َن﴾ ﴿ومثل الَّ ِ‬
‫ين َك َفُروا َك َمثَ ِل الَّذي يَْنع ُق مبَا َال يَ ْس َم ُع إَِّال ُد َعاءً َون َداءً ۚ ُ‬
‫ص ّّم بُ ْك ٌم‬ ‫ذ‬
‫َ ََ ُ َ‬ ‫َ ْ َ ُ ْ َْ‬
‫عُ ْم ٌي فَ ُه ْم َال يَ ْع ِقلُو َن﴾‪ .‬سؤال‪ :‬ىل ىم ال يسمعون؟ ادلوجات الصوتية ال تدخل آذااهم؟ يسمعون‬
‫هبذا االعتبار‪ ،‬ويبصرون ويتكلمون‪ ،‬ولكن ىم يف اعتبار ميزان الوحي من جهة االستجابة من عدمها؛‬
‫طبعا ىذا التعبَت يستعمل حىت يف خارج سياق القرآن‪،‬‬ ‫ىم ليس ذلم قلوب وال أمساع وال أبصار‪ً .‬‬
‫مثًل تقول‪« :‬أنت ما عندك دم» و«فًلن ما عنده‬ ‫يُستعمل حىت يف اللغة‪ ،‬ويف السياق العريف‪ً ،‬‬
‫وجو»‪ ،‬فيُعرب هبذا ألنو ادلفًتض أنو تؤدي ىذه الوظيفة فلم تؤدى‪ .‬القرآن يثبت ىذا ادلعٌت‪.‬‬
‫وم ْعلَم زايدة ومناء‪.‬‬
‫إ ًذا عندما نتكلم عن معادل التزكية‪ ،‬قلنا َم ْعلَم ختلية‪ ،‬وتصفية َ‬
‫َم ْعلَم التصفية والتخلية قلنا‪:‬‬
‫ٔ) أوالً‪ :‬اهي النفس عن اذلوى‪.‬‬
‫ٕ) اثنيًا‪ :‬تنقية القلب من األمراض‪ ،‬أو إبعاد األمراض عن القلب‪ ،‬أو احليلولة بُت القلب وبُت‬
‫أمراضو‪.‬‬

‫‪ٛ‬‬
‫‪ -‬ما األمراض اليت ميكن أن تدخل ضمن ىذا ادلعىن كعناوين عامة دون تفاصيل؟ يف السياق‬
‫القرآين أن ﴿يف قلوهبم مرض﴾ ميكن أن نعنوهنا بعنوانني أساسيني‪:‬‬
‫‪ )2‬أمراض قلبية حتت عنوان الشهوات‪.‬‬
‫ٕ) أمراض قلبية حتت عنوان شبهات‪ .‬يدخل حتت عنوان الشبهات‪ :‬الشك‪ ،‬النفاق‪ ،‬تقلّب‬
‫القلب‪ ،‬عدم استقراره على يقُت‪ ،‬التعلق بغَت هللا‪.‬‬

‫أما القسم األول الذي ىو الشهوات؛ ىذه يدخل فيها شهوات الدنيا‪ ،‬سواء شهوات الدنيا‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ض﴾‪،‬‬ ‫ض ْع َن ِابلْ َق ْوِل فَيَطْ َم َع الَّذي ِيف قَ ْلبِو َمَر ٌ‬
‫بشكل رلمل أو يف واحدة من فتنها‪ ،‬وىنا أتيت ﴿فَ ًَل َختْ َ‬
‫ين ِيف‬ ‫َّ ِ‬ ‫َِّ َّ ِ ِ‬
‫أيضا يف نفس السورة يف سورة األحزاب بعد آية احلجاب ﴿لئن دلْ يَنتَو الْ ُمنَاف ُقو َن َوالذ َ‬ ‫وأتيت ً‬
‫أصًل يف اإليذاء والنساء وما إذل ذلك‪.‬‬ ‫ض﴾‪ ،‬وسياق اآلايت ً‬ ‫ِِ‬
‫قُلُوهبم َّمَر ٌ‬
‫ض َوالْ َكافُِرو َن َما َذا أ ََر َاد َّ‬
‫اَّللُ ِهبَٰ َذا‬ ‫ِِ‬ ‫ول الَّ ِ‬ ‫بينما ﴿أَِيف قُلُوهبِِم َّمرض أَِم ارَتبوا﴾ ﴿ولِ‬
‫ين ِيف قُلُوهبم َّمَر ٌ‬
‫َ‬ ‫ذ‬ ‫َ‬ ‫ق‬
‫ُ‬ ‫ي‬
‫ََ‬ ‫َ ٌ َْ ُ‬
‫ِِ‬ ‫مث ًًل﴾‪﴿ ،‬أَم ح ِس َّ ِ‬
‫َضغَانَ ُه ْم﴾ ىذه يف سياق ماذا؟ الشك‪،‬‬ ‫اَّللُ أ ْ‬
‫ِج َّ‬‫ض أَن لَّن ُخيْر َ‬ ‫ين ِيف قُلُوهبم َّمَر ٌ‬
‫ب الذ َ‬‫ْ َ َ‬ ‫ََ‬
‫مثًل اجلهاد يف سبيل هللا ستجده يف قضية‬ ‫االضطراب‪ ،‬النفاق‪ .‬لذلك أي شيء أييت يف سياق ً‬
‫النفاق‪.‬‬
‫وديكن أن أييت جزء متعلق ابلشهوات من جهة حب الدنيا‪ ،‬لكن حب الدنيا حُت يصل إذل حد‬
‫مثًل قال هللا سبحانو‬
‫أحياان أتيت العقوابت يف مثل ىذا السياق عقوابت قلبية‪ً ،‬‬ ‫ادلرض؛ لذلك جتد أنو ً‬
‫ف َوطُبِ َع َعلَ ٰى قُلُوهبِِ ْم فَ ُه ْم َال يَ ْف َق ُهو َن﴾ ويف نفس الصفحة آخر‬ ‫اخلَوالِ ِ‬ ‫وتعاذل‪﴿ :‬ر ُ ِ‬
‫ضوا أبَن يَ ُكونُوا َم َع ْ َ‬ ‫َ‬
‫اَّللُ َعلَ ٰى قُلُوهبِِ ْم فَ ُه ْم َال يَ ْعلَ ُمو َن﴾‪ ،‬وقبلها بقليل‬‫ف َوطَبَ َع َّ‬ ‫ضوا ِأبَن ي ُكونُوا مع ا ْخلَوالِ ِ‬ ‫﴿ر ُ‬
‫ََ َ‬ ‫َ‬ ‫آية‪َ :‬‬
‫اَّللَ َما َو َع ُدوهُ َوِمبَا َكانُوا يَ ْك ِذبُو َن﴾‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫﴿فَأ َْع َقبَ ُه ْم ن َفاقًا ِيف قُلُوهب ْم إِ َ ٰذل يَ ْوم يَ ْل َق ْونَوُ مبَا أ ْ‬
‫َخلَ ُفوا َّ‬
‫ضا‪ ،‬وأن ىذه األمراض حتُول بني اإلنسان وبني احلقائق‪،‬‬ ‫فإ ًذا القرآن يثبت أن للقلوب أمرا ً‬
‫وبني العمل‪ ،‬وتدفع للشك وللتشكيك يف احلقائق‪ .‬وألجل ذلك كثَت من أصحاب الشبهات اليوم لو‬
‫جتلس معو من ىنا إذل ما شئت حتل أو تزيل عنو كل االشكاالت ادلعرفية اليت لديو لن يستجيب! وأان‬
‫أحياان أيتيٍت ىذا اخلاطر‪ ،‬بعض اآلابء أو بعض األمهات يكون عندىم حرص كبَت على أبنائهم‬ ‫ً‬
‫‪ٜ‬‬
‫وبناهتم يف قضية أنو عندي ىذا أبغى جيلس معاك أو جيلس مع فًلن وجتاوب لو على أسئلتو‪ ،‬حسنًا‬
‫ىذا شلتاز‪ ،‬لكن يف احلقيقة ال تظنوا إنو إذا زال االشكال ادلعريف أو مت النقاش بطريقة أرحيية وأبسلوب‬
‫زلمدا رسول هللا‪ ،‬وزالت‬ ‫عقًلين ومنطقي؛ أنو سينتهي النقاش أبشهد أن ال الو اال هللا وأشهد أن ً‬
‫دتاما‬
‫الردة‪ ،‬ال‪ ،‬إذا كان يف أمراض قلبية فهو لن يؤمن‪ ،‬ليس من الضروري أنو ىو يبصر احلقيقة ً‬
‫ال الَّ ِذين َك َفروا َال تَسمعوا ِذلٰ َذا الْ ُقر ِ‬
‫آن َوالْغَ ْوا‬‫َُْ َ ْ‬ ‫﴿وقَ َ َ ُ‬ ‫أحياان ىو ال يريد أن يبصرىا‪َ ،‬‬
‫ويتعمد أن خيالفها‪ً ،‬‬
‫فِ ِيو لَ َعلَّ ُك ْم تَ ْغلِبُو َن﴾‪.‬‬
‫استَ ْغ َش ْوا ثِيَابَ ُه ْم‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َصابِ َع ُه ْم ِيف آ َذااه ْم َو ْ‬
‫﴿وإِِّين ُكلَّ َما َد َع ْوتُ ُه ْم لتَ ْغفَر َذلُْم َج َعلُوا أ َ‬
‫نوح عليو السًلم يقول َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وأَصُّروا واستَ ْكب روا ِ‬
‫ُت‬‫ورُى ْم ليَ ْستَ ْخ ُفوا مْنوُ ۚ أََال ح َ‬ ‫ص ُد َ‬ ‫است ْكبَ ًارا﴾‪ ،‬ويف سورة ىود ﴿أََال إِنَّ ُه ْم يَثْ نُو َن ُ‬ ‫َ َ َ ْ َُ ْ‬
‫الص ُدوِر﴾‪ .‬ويف سورة ادلدثر هللا سبحانو‬ ‫ات ُّ‬ ‫يستَ ْغ ُشو َن ثِياب هم ي علَم ما ي ِسُّرو َن وما ي علِنُو َن ۚ إِنَّو علِيم بِ َذ ِ‬
‫َُ ٌ‬ ‫ََ ُْ‬ ‫َ َُ ْ َْ ُ َ ُ‬ ‫َْ‬
‫س َوبَ َسَر ُمثَّ‬ ‫ب‬ ‫ع‬ ‫مث‬
‫َّ‬‫ُ‬ ‫ر‬ ‫ظ‬
‫َ‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫مث‬
‫َّ‬‫ُ‬ ‫َّر‬
‫د‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫ف‬ ‫ي‬ ‫ك‬
‫َ‬ ‫ل‬ ‫وتعاذل صور تلك النَّفس ﴿إِنَّو فَ َّكر وقَدَّر فَ ُقتِل َكيف قَدَّر ُمثَّ قُتِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ َ َ َ ْ َ َ‬ ‫ّ‬
‫ال إِ ْن َٰى َذا إَِّال ِس ْحٌر يُ ْؤثَُر﴾‪ ،‬إخل‪.‬‬
‫استَ ْكبَ َر فَ َق َ‬
‫أ َْدبََر َو ْ‬
‫القرآن يف تصويره للنفس البشرية‪ ،‬والصراعات اليت تدور فيها‪ ،‬وكيف يتعامل مع احلقائق‪ ،‬وكيف‬
‫يفر منها‪ ،‬وكيف يربر لنفسو وكيف يهرب؛ القرآن ىو أعظم مصدر لفهم االنسان‪ ،‬لذلك شفقة كبَتة‬ ‫ّ‬
‫فهما‬
‫على من يظن أنو بدراسة علم النفس‪ ،‬الدراسة اإلنسانية ادلوجودة اليوم أنو سيفهم النفس البشرية ً‬
‫كثَتا على ىذه األطروحة‪ ،‬ىي فيها فوائد ومفيدة وتزيد االنسان معرفة خاصة يف قضية‬‫كامًل؛ تشفق ً‬
‫ً‬
‫أبدا أن تفهمها بغَت سياق‬
‫األمراض‪ ،‬لكن يف فهم النفس البشرية وزلركاهتا واراداهتا ودوافعها ال ديكن ً‬
‫الوحي‪.‬‬

‫‪ ‬ادلَْعلَم التفصيلي الثالث يف قسم التصفية والتخلية‪:‬‬


‫ىذان اآلن َم ْعلَمان تفصيليان يف َم ْعلَم التصفية‪ .‬ىناك َم ْعلَم اثلث ال ينفك عن ىذين ادل ْعلَمُت‪،‬‬
‫َ‬
‫ديكن أن نسميو َم ْعلَم التخلص من ادلثقالت وادلثبطات وما يؤخر اإلنسان عن العمل‪ ،‬شلا قد‬
‫تدخل بعض صوره يف اذلوى‪ ،‬وقد تدخل بعض صوره يف أمراض القلوب‪ ،‬وقد تدخل بعض صوره يف‬
‫مباحات من حيث األصل‪.‬‬

‫ٓٔ‬
‫ين‬ ‫َّ ِ‬ ‫مثًل ﴿قَ ْد أَفْ لَح الْم ْؤِمنُو َن (ٔ) الَّ ِذين ىم ِيف ِِ ِ‬
‫ص ًَلهت ْم َخاشعُو َن (ٕ) َوالذ َ‬ ‫َ ُْ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ىنا أنت تستطيع تقول ً‬
‫ِ‬
‫ضو َن (ٖ) ﴾‪َ ﴿ ،‬وإِ َذا َمسعُوا اللَّ ْغ َو أ َْعَر ُ‬
‫ضوا َعْنوُ َوقَالُوا لَنَا أ َْع َمالُنَا َولَ ُك ْم أ َْع َمالُ ُك ْم َس ًَل ٌم‬ ‫ُى ْم َع ِن اللَّ ْغ ِو ُم ْع ِر ُ‬
‫ُت﴾‪" ،‬من دل يدع قول الزور والعمل بو واجلهل فليس ﵁ حاجة أن يدع طعامو‬ ‫علَي ُكم َال نَب تغِي ْ ِ ِ‬
‫اجلَاىل َ‬ ‫َ ْ ْ َْ‬
‫وشرابو"‪" ،‬إ ّن اللعانُت ال يكونون شفعاء وال شهداء يوم القيامة"‪" ،‬ال ينبغي لص ِّد ٍيق أن يكون ً‬
‫لعاان"‪،‬‬
‫وإن كان بعضها يدخل يف قضية ا﵀رم الواضح لكن‪ ..‬لذلك علماء السلوك يعربون عن ىذا‬
‫دائما يقولون‪ :‬فضول الطعام‪ ،‬فضول الكًلم‪ ،‬فضول النوم‪.‬‬ ‫ابلفضول‪ً ،‬‬
‫دائما يتكملون عن قضية الفضول‪ .‬أصل‬ ‫دائما يتكلمون عنها‪ ،‬كابن القيم وغَته ً‬‫علماء السلوك ً‬
‫النوم إذا منت يف اليوم عشر ساعات ىذا الفعل يف أساسو زلرم أم يف دائرة ادلباحات؟ ىو يف دائرة‬
‫ادلباحات‪ ،‬لكن عندما تنظر ابدلنظار القليب وادلنظار التزكوي‪ ،‬ال يستقيم تصور تزكية النفس وتعويدىا‬
‫على ادلعارل‪ ،‬واجلد واالجتهاد يف الطاعة‪ ،‬مع ىذا ادلقدار من النوم الذي ىو مرافق لكلمة الكسل‪.‬‬

‫وجتد عندما ترجع إذل السنة أن النيب ﷺ يف الصباح ويف ادلساء يقول‪" :‬أعوذ بك من الكسل‬
‫وسوء الكرب"‪ ،‬واالستعاذة من الكسل كذلك يف الصًلة‪ .‬فضول الطعام‪ ،‬تعلّق االنسان ابدللذات‬
‫الدنيوية ادلباحة‪ ،‬تعلق وكأن اإلنسان ماكينة استهًلك! فيقول لك ىذا ادلال أان سرقتو؟ دل أسرقو‪ ،‬أان‬
‫أكلت حرام؟ ما أكلت حرام‪ .‬لكن‪ ..‬فاىم الفكرة؟ لذلك النيب ﷺ كان ينهى أصحابو كما يف‬
‫اان عن كثَت من اإلرفاه"‪ .‬فيدخل يف تزكية النفس من جهة‬ ‫السنن‪ ،‬قال‪" :‬كان رسول هللا ﷺ يَْن َه َ‬
‫التصفية ىذا ادل ْعلَم‪ ،‬وأظن ىكذا ىذه ادلعادل الثًلثة رمبا توضح مساحات واسعة يف ادل ْعلَم األول‪ ،‬حبيث‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫رلمًل أنو التصفية والتخلية من ماذا؟ من النفس من اذلوى‪ ،‬ومن القلب من‬ ‫ال يبقى ادل ْعلَم األول ً‬
‫َ‬
‫أمراضو‪ ،‬وقلنا األمراض قسمني‪ :‬شهوات‪ ،‬وشبهات‪ ،‬مل نفصل فيها ألنو سيأيت ذلا إبذن هللا سياق‬
‫تفصيلي‪ .‬وذكرهتا أان يف السلسلة السابقة أعمال القلوب وأمراض القلوب‪ .‬و ً‬
‫أيضا ختليص النفس‬
‫واإلرادة من ادلثبطات‪ ،‬وعوامل الكسل‪ ،‬وفضول ادلباحات اليت تثبط اإلنسان‪.‬‬
‫إذن ىذا ىو ادل ْعلَم األول من معادل التزكية‪.‬‬
‫َ‬

‫ٔٔ‬
‫ادلَْعلَم الثاين ىو‪َ :‬م ْعلَم الزايدة والنماء‪ ،‬التحلية‪:‬‬

‫وقلنا ال تتصور التزكية ابدلَْعلَم األول وحده‪ ،‬كما أهنا ال تتصور ابدلَْعلَم الثاين وحده‪ ،‬وإمنا جيب‬
‫اجلمع بني ادلَْعلَمني‪.‬‬
‫ماذا يدخل يف التحلية أيضا ‪-‬كمعادل وإال كأفراد ما يزداد منو ال تنتهي من العبادات‪-‬؟ كمعادل‬
‫مثًل النفس عن اذلوى‪ ،‬القلب من أمراضها‪.‬‬‫مثل ما قلنا ً‬

‫‪ ‬ما ىي ادلعامل التفصيلية األساسية فيها؟‬


‫أعمال اجلوارح‪ ،‬وأعمال القلوب‪ ،‬ىذان َم ْعلَمان أساسيان يف َم ْعلَم التحلية والزايدة‪.‬‬
‫التفصيل األساسي األول يف قيية االزدايد ىو‪ :‬االزدايد من أعمال القلوب واالزدايد من‬
‫مستحضرا يف سياق التزكية والبناء أن ادلطلوب منك أن تشتغل على‬
‫ً‬ ‫أعمال اجلوارح‪ .‬أقصد أن تكون‬
‫ىاتُت الدائرتُت وعلى ىذين ادل ْعلَمُت يف االزدايد والتحلية والنماء‪.‬‬
‫َ‬
‫َم ْعلَم فيو زايدة يف أعمال القلوب وَم ْعلَم فيو زايدة يف أعمال اجلوارح‪ ،‬والعًلقة بينها عًلقة تكامل‪،‬‬
‫ويف بعض صورىا عًلقة تًلزم‪ ،‬مبعٌت أن أعمال القلب إذا صدقت وصحت تستلزم أعمال اجلوارح‪،‬‬
‫واألعمال القلبية ال تتصور أن يكون ىناك قلب شلتلئ وعامل ابألعمال القلبية بصدق وإخًلص مث ال‬
‫يًتتب على ذلك أعمال جوارح! ال ديكن‪ ،‬سواء يف العبادات أو حىت يف غَت العبادات‪ ،‬أي قلب‬
‫ديتلئ مبعٌت ما وال يكون ىناك مانع‪ ،‬ويكون ىناك إرادة ادلفًتض أن األثر يظهر عمليًا‪.‬‬

‫حتت أعمال القلوب لدينا حزمة‪ ،‬إذا أردان حنزمها إ‪:‬ى حزمتني أو ثالثة‪ ،‬ماذا ميكن أن‬
‫ِ‬
‫حنزم أعمال القلوب إ‪:‬ى حزمتني؛ عبادة واستعانة ﴿إِ َّاي َك نَ ْعبُ ُد َوإِ َّاي َك نَ ْستَع ُ‬
‫ُت﴾‪.‬‬ ‫نسميها؟ ميكن أن ِّ‬
‫ِ‬
‫ُت﴾‪.‬‬ ‫أعمال تدخل حتت ﴿إِ َّاي َك نَ ْعبُ ُد﴾‪ ،‬وأعمال تدخل حتت ﴿ َوإِ َّاي َك نَ ْستَع ُ‬
‫ما ىي األعمال القلبية اليت تدخل حتت إايك نعبد؟ أمهها ورأسها اإلخًلص‪ ،‬ال نعبد إال أنت‪،‬‬
‫ال أقصد إال وجهك‪ ،‬ال أبتغي بعملي إال أنت‪ ،‬إايك نعبد أنت وحدك اي رب‪ ،‬لك ﴿فَ َمن َكا َن يَْر ُجو‬

‫ٕٔ‬
‫ِ ِ ِ ِِ‬ ‫لَِقاء ربِِو فَ ْلي عمل عم ًًل ِ‬
‫يا حتت إايك نعبد‪:‬‬ ‫صاحلًا َوَال يُ ْش ِرْك بعبَ َادة َربّو أ َ‬
‫َح ًدا﴾‪ .‬ىذا اإلخًلص‪ .‬أي ً‬ ‫َ َّ َ ْ َ ْ َ َ َ‬
‫ا﵀بة‪ ،‬اخلشية‪ ،‬الرجاء‪ ،‬اإلانبة‪ ،‬كل ىذا أعمال قلبية تدخل حتت إايك نعبد‪.‬‬
‫وحتت إايك نستعني أعمال قلبية؛ توكل‪ ،‬تفويض‪ ،‬االعتصام‪ ،‬ىذا كلو اآلن حتت إايك نستعُت‪.‬‬
‫ِ‬
‫ُت﴾ ‪ ،‬إايك‬ ‫لذلك ال تتعجب من العلماء الذين قالوا إن مدار الدين على ﴿إِ َّاي َك نَ ْعبُ ُد َوإِ َّاي َك نَ ْستَع ُ‬
‫نعبد وإايك نستعُت ىل أتت يف القرآن بلفظ آخر؟ يعٍت أقصد أتت ىكذا مجلة فيها كلمتان‪ ،‬كلمة‬
‫تدل على إايك نعبد وكلمة تدل على إايك نستعُت؟ ﴿فاعبده وتوكل عليو﴾‪﴿ .‬فاعبده﴾‪﴿ :‬إايك‬
‫ت َوإِلَْي ِو‬ ‫ِ‬ ‫ٰ‬
‫أيضا ﴿قُ ْل ُى َو َرِّيب َال إِلَوَ إَِّال ُى َو َعلَْيو تَ َوَّكلْ ُ‬
‫نعبد﴾‪ ﴿ ،‬وتوكل عليو﴾‪ ﴿،‬إايك نستعُت ﴾‪ً .‬‬
‫متَ ِ‬
‫اب﴾‪.‬‬ ‫َ‬
‫اب﴾ ىذه ﴿إِ َّاي َك نَ ْعبُ ُد﴾ ‪ ،‬لذلك ﴿إِ َّاي َك نَ ْعبُ ُد﴾ من أبرز األعمال اليت فيها‪:‬‬ ‫﴿وإِلَْي ِو متَ ِ‬
‫َ َ‬
‫ِ‬
‫ُت﴾ من أبرز األعمال اليت فيها‪ :‬التوكل‪.‬‬‫اإلانبة‪َ ﴿،‬وإِ َّاي َك نَ ْستَع ُ‬
‫فعندما تقول التحلية‪ ،‬اإلضافة‪ ،‬النماء‪ ،‬وىي قسمان؛ قسم أعمال قلوب وقسم أعمال‬
‫جوارح‪.‬‬
‫ِ‬
‫قسم أعمال القلوب قسمني‪ :‬عبادة‪ ،‬واستعانة‪﴿ .‬إِ َّاي َك نَ ْعبُ ُد َوإِ َّاي َك نَ ْستَع ُ‬
‫ُت﴾‪.‬‬

‫حنن اآلن يف إطار التعريفات أو التصورات ادلنفردة‪ ،‬نعرف كل شيء مبفرده مث أنخذ نظرة مشولية‬
‫أصًل فيما بينها‪﴿ ،‬إِ َّاي َك نَ ْعبُ ُد﴾ ذلا أثر على تنقية أمراض القلوب‪،‬‬
‫لكل التفاصيل وتدرك أاها متكاملة ً‬
‫ولذلك من العبارات اجلميلة الرائعة ادلركزية اللطيفة البن تيمية رمحو هللا عندما قال‪" :‬فأما ﴿إِ َّاي َك‬
‫ِ‬
‫ُت﴾ تطرد العجب والكرب"‪.‬‬ ‫نَ ْعبُ ُد﴾ فتطرد الرايء‪َ ﴿ ،‬وإِ َّاي َك نَ ْستَع ُ‬
‫ُت﴾ ال نستعُت إال بك‪ ،‬ختلّص اإلنسان‪﴿ ،‬إِ َّاي َك نَ ْعبُ ُد﴾ ال أقصد إال وجهك‪،‬‬ ‫ِ‬
‫﴿إِ َّاي َك نَ ْستَع ُ‬
‫فتخلّص اإلنسان إذا حققها من الرايء‪.‬‬

‫أعمال اجلوارح إذا أردان أن نقسمها ‪-‬ىنا أكيد اعتبارات‪ ،‬شلكن تقول اعتبار الذايت وادلتعدي‪-‬‬
‫مثًل غض البصر‪،‬‬
‫أيضا أن أعمال اجلوارح ترك وفعل‪ ،‬أان أقصد ىنا أفعال معينة‪ً ،‬‬
‫لكن ديكن أن نقول ً‬
‫ٖٔ‬
‫ِ‬ ‫صا ِرِى ْم‬ ‫حتديدا دلاذا؟ ﴿قُل لِّلْم ْؤِمنُِت ي غُ ُّ ِ‬
‫وج ُه ْم ۚ ٰذَل َ‬
‫ك‬ ‫َوَْحي َفظُوا فُ ُر َ‬ ‫ضوا م ْن أَبْ َ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫ً‬ ‫وأان اخًتت غض البصر‬
‫فعل ترك‪.‬‬
‫أ َْزَك ٰى َذلُْم﴾‪ ،‬ىذا كف أو فعل؟ ىو ُ‬
‫اى ْو َن َعن ُّمن َك ٍر فَ َعلُوهُ ۚ‬
‫ما الدليل من القرآن على أن الرتك يوصف أبنو فعل؟ ﴿ َكانُوا َال يَتَ نَ َ‬
‫س َما َكانُوا يَ ْف َعلُو َن﴾ أاهم كانوا ال يفعلون‪ ،‬من أاهم تركوا أن يفعلوا األمر ابدلعروف والنهي عن‬ ‫ِ‬
‫لَبْئ َ‬
‫ادلنكر‪ .‬فالًتك يسمى فعل‪.‬‬

‫فهنا أعمال اجلوارح اليت تدخل ضمن قسم التحلية ضمن عنوان التزكية؛ فيها ترك وفيها فعل‪.‬‬
‫الحظ أان ال أتكلم اآلن عن الًتك اجململ الذي يدخل يف سلالفة اذلوى‪ ،‬ويف ترك أمراض القلوب‪ ،‬ىذا‬
‫ترك رلمل‪ .‬أان أتكلم عن الًتك ا﵀دد ادلعُت ادلرتبط أبعمال اجلوارح‪.‬‬

‫ماذا ىناك ترك آخر منصوص عليو؟ يعٍت كذا أعمال معينة تًُتك‪﴿:‬فاجتنبوه﴾‪﴿ ،‬وحيفظوا‬
‫فروجهم﴾‪﴿ ،‬اجتنبوا كثَتا من الظن﴾‪﴿ ،‬وال جتسسوا وال يغتب بعضكم بعضا﴾‪.‬‬
‫إذا استطعت أن أتيت ابلنصوص اليت فيها إثبات عًلقة بُت ٍ‬
‫ترك ما وبُت التزكية؛ فتكون أدل على‬
‫أيضا ‪-‬وإن كان ليس فيها لفظ التزكية لكن تفهمو من‬
‫ادلقصود‪ ،‬منها ﴿ذلك أزكى ذلم﴾‪ ،‬ومنها ً‬
‫النص‪" -‬من دل يدع قول الزور والعمل بو فليس ﵁ حاجة أن يدع طعامو وشرابو"‪ .‬فيوجد ترك معُت‪،‬‬
‫ال بد أن تًتكو‪.‬‬
‫القسم الثاين‪ :‬الفعل‪ .‬وىو واضح‪ ،‬فعل العبادات‪ ،‬أعمال اجلوارح‪ .‬لكن ىنا البد أن يذكر يف‬
‫سيادة األعمال‪ ،‬أعمال اجلوارح من انحية الفعل؛ الصًلة ‪ .‬الصًلة كمجمع أو كسيّد أعمال اجلوارح‬
‫أو أعمال البدن‪.‬‬

‫الص ًَل َة تَْن َه ٰى َع ِن الْ َف ْح َش ِاء َوالْ ُمن َك ِر﴾‪.‬‬


‫ما ىو دليل عالقة الصالة ابلتزكية؟ ﴿إِ َّن َّ‬

‫ٗٔ‬
‫‪ ‬اآلن سؤال جديد‪ :‬أعطوين أدلة على أتثري التحلية على التخلية أو أتثري التخلية على‬
‫التحلية؟‬
‫ُت﴾‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫الص ًَل َة تَْن هى ع ِن الْ َفح َش ِاء والْمن َك ِر﴾‪﴿ .‬إَِّمنَا ي تَ َقبَّل َّ ِ‬
‫العالقة أتثر وأتثري‪﴿ .‬إِ َّن َّ‬
‫اَّللُ م َن الْ ُمتَّق َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ْ َ ُ‬ ‫َٰ َ‬
‫ما ادلقصود ابدلتقُت ىنا؟ اآلن واحد مسلم فاسق‪ ،‬ذىب وصلى‪ ،‬يتقبل هللا منو أم ال يتقبل؟ يتقبل؛‬
‫أصًل ىذه اآلية ىي دليل اخلوارج على التكفَت‪ ،‬أنو إذا دل يكونوا أىل طاعة صافية فما يتقبل هللا‬ ‫ً‬
‫ُت﴾؟ من يتقي هللا‬ ‫ِ‬ ‫منهم شيئًا‪ ،‬يعٍت ال يدخلون اجلنة! حسنًا ما ىو ادلقصود ب ﴿ي تَ َقبَّل َّ ِ‬
‫اَّللُ م َن الْ ُمتَّق َ‬ ‫َ ُ‬
‫يف العمل الذي يقدمو يتقبل هللا منو‪ ،‬إمنا يتقبل هللا من ادلتقُت يف أعماذلم اليت يتقربون هبا إذل هللا‪ ،‬فما‬
‫كان من العمل فيو تقوى فهو متقبل‪ ،‬وما كان من العمل خليًا من التقوى فهو غَت متقبل‪ .‬وىذا مثل‬
‫قول هللا ﴿َال تُْب ِطلُوا َ ِ ِ‬
‫من إنسان على آخر يف صدقة فإاها تبطل‪ ،‬ولكن‬ ‫ص َدقَات ُكم ابلْ َم ِّن َو ْاألَ َذ ٰى﴾ فلو ّ‬
‫ال تبطل صًلتو‪ .‬إمنا يتقبل هللا من ادلتقُت يف ذلك العمل‪ .‬لذلك قال هللا سبحانو وتعاذل‪" :‬أان أغٌت‬
‫اَّللُ ِم َن‬
‫الشركاء عن الشرك‪ ،‬من عمل عمًلً أشرك معي فيو غَتي تركتو وشركو"‪ .‬ىذا ﴿إَِّمنَا يَتَ َقبَّ ُل َّ‬
‫ُت﴾‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الْ ُمتَّق َ‬
‫أصبح ادلتقُت ىنا ما ىو عنوااها األخص؟ ما ىو شعار التقوى األخص يف ىذه اآلية؟ اإلخًلص‪،‬‬
‫ىذا من جهة التحلية‪ .‬ومن جهة التخلية‪ :‬ترك الرايء‪ .‬أصبح اآلن تصفية العمل من الرايء والشرك‬
‫سبب لقبولو‪ ،‬وابلتارل صار ىناك اشًتاك بُت التحلية والتخلية حبيث أنو ما تقدمو من عبادات وما‬
‫متقبًل حال كونو ُسلَلِّ ً‬
‫صا من الشرك وما يشوبو‪.‬‬ ‫تعملو إمنا يكون ً‬
‫ات﴾‪ ،‬إذا قلنا أن‬ ‫السيِئ ِ‬ ‫آية أخرى ىل بينها عًلقة يف األمرين أم ال‪﴿،‬إِ َّن ْ ِ ِ‬
‫ْب َّ َّ‬
‫احلَ َسنَات يُ ْذى ْ َ‬
‫السيئات ذلا األثر السيء على القلب‪ ،‬فإن احلسنات يذىْب السيئات‪ ،‬وابلتارل ىنا التحلية أصبح ذلا‬
‫أثر على التخلية‪ .‬اآلن ىذا كلو الشق األول من الدرس‪ ،‬حنن قلنا عندان مفردتُت‪ :‬ادلفردة األوذل وىي‬
‫مفيدا إن شاء هللا‪ ،‬فلعلي أُرجئ‬ ‫طويًل يف ىذه ادلعادل وأرجو أن يكون ً‬
‫ادلعادل؛ وألننا أخذان وقتا ً‬
‫الوسائل إذل اللقاء القادم؛ ألن احلديث عنها ال يقل من حيث الوقت عن احلديث عن ادلعادل‪،‬‬
‫مهمة‬
‫والوقت قد مضى‪ .‬فقط اهتم مبراجعة ادلعادل وتفاصيلها؛ ألن رسم اخلارطة الشمولية عن ُمفردة ّ‬
‫من مثل مفردات تزكية كلفظ قرآين ولفظ أساسي ابلنسبة لإلنسان ادلؤمن وكشف ادلعادل ادلرتبطة مبثل‬
‫٘ٔ‬
‫شرعا يف مثل ىذه ادلقامات‬
‫ىذه األلفاظ ىي شلا يعُت على االلتزام‪ ،‬وشلا يعُت على حتقيق ادلطلوب ً‬
‫والسياقات‪.‬‬

‫وأسأل هللا سبحانو وتعاذل يف ختام ىذا اللقاء أن يعطي نفوسنا تقواىا‪ ،‬وأن يزكيها ىو خَت من‬
‫زكاىا‪ ،‬ىو وليها وموالىا‪ .‬كما اسألو سبحانو وتعاذل أن ينزل علينا رمحتو وبركتو وأن يغفر لنا ذنوبنا‪،‬‬
‫وأسأل هللا سبحانو وتعاذل أن جيعلنا من ادلتقُت‪ ،‬وأن يتقبل منا صاحل األعمال ويتجاوز عن السيئات‪.‬‬
‫وأدام هللا علينا وعليكم عافيتو‪ ،‬وأدام هللا علينا وعليكم رلالس العلم واالديان‪ِّ .‬‬
‫وصل اللهم على نبينا‬
‫دمحم وعلى آلو وصحبو أمجعُت‪.‬‬

‫‪ٔٙ‬‬

You might also like