You are on page 1of 22

‫الفهرس‬

‫املقدمة‪3 ............................................................................... :‬‬


‫العوائق اليت تُعيق طالب التَّزكية عن الوصول إىل التَّزكية‪3 ..................................:‬‬
‫احملور األول‪ :‬عوائق التَّزكية ِمن حيث مصادرىا‪5 ..........................................:‬‬
‫العائق األول‪ :‬النَّفس‪6 .................................................................. :‬‬
‫العائق الثاين‪َّ :‬‬
‫الشيطان‪8 ................................................................ :‬‬
‫العائق الثالث‪ :‬البيئة احمليطة‪44 .......................................................... :‬‬
‫العائق الرابع‪ :‬األعداء‪45 ............................................................... :‬‬
‫احملور الثاين‪ :‬عوائق التزكية من حيث مضامينها‪47 ........................................ :‬‬
‫عرض سريع خلارطة الشبهات‪48 ........................................................ :‬‬

‫ٕ‬
‫املقدمة‪:‬‬
‫كثَتا‪ ،‬طيبًا‪ ،‬مبارًكا فيو‪ ،‬كما ػلب ربنا تبارك وتعاىل ﷻ ويرضى‪،‬‬
‫محدا ً‬
‫احلمد ﵁ رب العادلُت‪ً ،‬‬
‫اللهم لك احلمد ملء السماوات‪ ،‬وملء األرض‪ ،‬وملء ما بينهما‪ ،‬وملء ما شئت من شيء بعد‪،‬‬
‫احلمد ﵁ الذي ىو يف عليائو مسيع قريب‪ ،‬وىو بعباده رحيم ودود‪ ،‬اللهم ِّ‬
‫صل وسلم وابرك على عبدك‬
‫ورسولك دمحم‪.‬‬
‫السلسلة مًتابطة ادلوضوعات‪ ،‬ال يُغٍت‬‫ِ‬
‫أما بعد‪ ...‬ال زلنا يف سلسلة التّزكية للمصلحُت‪ ،‬وىذه ّ‬
‫موضوع منها عن اآلخر‪ ،‬بدأان إبثبات مركزية التَّزكية‪ ،‬وأهنا كانت يف حياة النيب ﷺ‪ ،‬ويف تعاملو مع‬
‫يسَتا ِمن‬ ‫ا‬‫شيئ‬ ‫أخذت‬ ‫تكن‬ ‫مل‬ ‫‪،‬‬‫كز‬
‫ادلر‬ ‫ويف‬ ‫‪،‬‬ ‫ر‬‫حو‬ ‫أصحابو‪ ،‬ويف تربيتو ذلم‪ ،‬كانت يف الوسط‪ ،‬ويف ادلِ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫الوقت‪ ،‬أو ِمن اجلهد‪ ،‬أو ِمن العناية‪ ،‬بل أخذت صميم العناية النَّبوية‪ ،‬وأثبتنا يف تلك ا﵀اضرة‪ :‬كيف‬
‫أصًل؟ ومنو التَّزكية‪ ،‬أليس كذلك؟‬ ‫نستدل على أن الشَّيء مركزي يف حياة النيب ﷺ ً‬
‫مث انتقلنا يف ا﵀اضرة التَّالية والثَّانية إىل معامل التَّزكية‪ ،‬معامل التَّزكية اليت ىي خارطة التَّزكية العامة‪ :‬ما‬
‫ىي ىذه التَّزكية؟ ما الذي تتضمنو؟ ما الذي يدخل فيها؟‪ ،‬مث بعد ذلك ‪-‬بعد أن تصوران القضية‬
‫بشكل جيد‪ ،‬وأدركنا أعليتها‪ -‬انتقلنا إىل الوسائل‪ :‬كيف ضلقق؟ كيف نصل إىل ىذه التَّزكية؟‬
‫ادلعامل‪ ،‬يعٍت على نفس خارطة معامل التَّزكية‬ ‫وكانت الوسائل‪ ،‬زلاضرة الوسائل موَّزعة على زلاضرة ِ‬
‫َُ‬
‫اليت أخذانىا‪ ،‬جاءت زلاضرة الوسائل موزعة على تلك اخلارطة‪ ،‬فكيف ُُتقق الوسائل تلك ادلعامل؟‬
‫َح ٍد أَبَ ًدا‬
‫أ‬ ‫ن‬
‫ّْ َ‬
‫اَّللِ علَي ُكم ور ْمحتُو ما َزَكى ِمن ُكم ِ‬
‫م‬ ‫ٰ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ْ ََ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ل‬
‫ُ‬ ‫ض‬
‫ْ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫ال‬
‫و‬
‫َ‬ ‫َ‬‫ل‬
‫َْ‬‫و‬ ‫﴿‬ ‫‪:‬‬ ‫ب‬ ‫ئت‬ ‫أن زلاضرة الوسائل قد اب ت ِ‬
‫د‬ ‫ُْ‬ ‫على َّ‬
‫اَّللَ يَُزّكِي َمن يَ َشاءُ﴾‪ ،‬فهي ِمن هللا سبحانو وتعاىل ﷻ‪ ،‬والوسائل ىي أسباب‪.‬‬ ‫َوٰلَ ِك َّن َّ‬

‫العوائق اليت تُعيق طالب التَّزكية عن الوصول إىل التَّزكية‪:‬‬


‫حسنًا‪ ،‬أخذان األعلية‪ ،‬وادلاىية‪ ،‬والوسائل‪ ،‬بقي أن أنخذ العوائق‪ ،‬واحلواجز‪ ،‬واحلُ ُجب‪،‬‬
‫وادلثبِّطات‪ ،‬اليت تُعيق طالب التَّزكية‪ ،‬عن الوصول إىل التَّزكية‪ ،‬وأن تعرض الشَّيء مبينًا حقيقتو‪ ،‬وأعليتو‪،‬‬
‫ثري‪َّ ،‬إال أنو ال يكون كافيًا‪ ،‬حىت تُ ِّبُت ما الذي ؽلكن أن‬
‫وم ً‬
‫مفيدا ُ‬
‫أحياان وإن كان ً‬ ‫ووسائلو‪ ،‬فهذا ً‬

‫ٖ‬
‫حاجزا أو مان ًعا؛ حىت تتنبو لو ُمب ِّكًرا‪ ،‬وبذلك‬
‫ً‬ ‫يظهر لك يف الطريق فيُعِيق‪ ،‬ما الذي ؽلكن أن يكون‬
‫تكمل إبذن هللا عملية التَّزكية‪.‬‬
‫ُ‬
‫وتشعبها‪ ،‬فًل ُؽلكن أن تُ َقدَّم يف زلاضرة واحدة‪ ،‬لذلك ستكون ىذه‬ ‫ونظرا لكثرة العوائق‪ُّ ،‬‬
‫ً‬
‫ا﵀اضرة‪ ،‬وا﵀اضرة التالية إبذن هللا عن العوائق‪ ،‬وأرجو أن نستطيع إهناءىا يف ا﵀اضرتُت‪ ،‬وأال نُضطر‬
‫إىل زلاضرة اثلثة‪ .‬وهبذا اجملموع‪" :‬ادلركزية‪ ،‬واألعلية‪ ،‬فادلعامل‪ ،‬فالوسائل‪ ،‬فالعوائق"‪ ،‬أرجو أن يكون‬
‫موضوع التَّزكية قد قُ ِّدم بشمولية‪ ،‬وبعرض ُمفصل‪ ،‬وبِ ِذكر آليات ووسائل وعوائق‪ ،‬تعُت بعد ذلك إبذن‬
‫هللا تعاىل ﷻ إىل الوصول إىل‪ :‬النَّاحية العملية؛ ألننا ىنا لسنا يف مقام يُراد منو ولو أن يكون تنظَتاي‬
‫ُرلَّرًدا‪ ،‬أي ليست الثَّمرة ىي أن طلرج ببحث ورقي‪ ،‬أو معريف إلكًتوين‪ ،‬يف َّ‬
‫أن‪ :‬ىذه ىي التَّزكية‪ ،‬وىذه‬
‫مقدمة نظرية‪ ،‬شلزوجة بوسائل عملية‪ ،‬يُرجى منها ُتقيق‬ ‫ىي خارطتها‪ ،‬وىذه ىي معادلها‪ ،‬بل ىذه ِ‬
‫القضية العملية‪.‬‬
‫سأُتدث عن العوائق يف زلورين‪ ،‬وىذان ا﵀وران‪ ،‬كما قلت سيستغرقان لقاءين كاملُت‪ ،‬أو ثًلثة‪.‬‬
‫‪ )4‬احملور األول‪ :‬وىو عوائق التَّزكية ِمن حيث مصادرىا‪ .‬ما معٌت‪ِ :‬من حيث مصادرىا؟ ج‪:‬‬
‫أي أنٍت سأُتدث عن ادلصادر اليت تسبب العوائق‪ ،‬ادلصادر عائدة على العوائق وليست على التَّزكية‪،‬‬
‫عوائق التَّزكية ِمن حيث مصادرىا‪ ،‬أي أنٍت سأُتدث عن مصادر وأسباب‪ ،‬تؤدي إىل نشوء العوائق‪،‬‬
‫ىذا ادلِحور األول‪.‬‬

‫‪ )2‬يف احملور الثاين سأحتدث عن‪ :‬عوائق التَّزكية ِمن حيث َمضامينها‪ .‬مضامينها يعٍت ما ىي‬
‫العوائق؟ أي تفاصيل العوائق؟‪ ،‬ىناك عوائق كذا وىناك عوائق كذا‪ ،‬وىذه تنقسم إىل كذا وىذه كذا‪،‬‬
‫مث ‪-‬وىذا مهم تتنبهون لو يف اخلارطة مل أُف ِرده يف زلور‪ ،‬ىو يف بطن ا﵀ور الثاين‪( :-‬حلول تلك‬
‫العوائق)‪ ،‬يعٍت‪ :‬سأعرض العائق‪ ،‬وأعرض معو بعض احللول‪.‬‬
‫صار ىذان ا﵀وران‪ ،‬وىااتن النُّقطتان علا ادلَرافِ َقتان يف عنوان العوائق‪ ،‬عوائق التَّزكية‪.‬‬

‫ٗ‬
‫احملور األول‪ :‬عوائق التَّزكية ِمن حيث مصادرىا‪:‬‬
‫ما املصادر اليت ميكن أن تُنتج العوائق‪ ،‬وحتول بيننا‪ ،‬وبني الوصول إىل التَّزكية اليت عرفنا‬
‫الشريفة‪ ،‬العالية‪ ،‬اليت ىي كما ذكر الشاطيب ‪-‬رمحو هللا‪ُ -‬خًلصة مقاصد‬ ‫معاملها؟‪ ،‬تلك التَّزكية َّ‬
‫"وقصد الشَّا ِرع ِمن‬ ‫ِ‬
‫الشريعة جاءت لتَصل إىل ىذه احلالة‪ ،‬اليت قال فيها‪ْ :‬‬‫أصًل‪ ،‬يعٍت أن َّ‬‫الشريعة ً‬ ‫َّ‬
‫اختيارا‪ ،‬كما ىو عب ٌد‬
‫ً‬ ‫طوعا أو‬ ‫الشريعة‪ ،‬ىو إخراج ادلكلف ِمن داعية ىواه‪ ،‬حىت يكون ً‬
‫عبدا ﵁ ً‬ ‫وضع َّ‬
‫لو اضطر ًارا"‪.‬‬

‫‪ ‬ما املصادر اليت ميكن أن تكون سببًا لعوائق التَّزكية؟‬


‫عندان أربعة مصادر‪:‬‬
‫ٔ) املصدر األول ىو‪ :‬النَّفس‪.‬‬
‫ٕ) املصدر الثاين‪ :‬الشَّيطان‪.‬‬
‫ٖ) املصدر الثالث‪ :‬البيئة ا﵀يطة‪ ،‬وتشمل‪ :‬أصدقاء‪ ،‬رلتمع‪ ،‬ثقافة سائدة‪ ،‬أفكار ُم َهْي ِمنة‪ ،‬إىل‬
‫آخره…‬
‫الرابع؟ أجاب أحد الطًُّلب‪ :‬عدم التوفيق‪.‬‬ ‫ٗ) ماذا تتوقعون املصدر َّ‬
‫األستاذ‪ :‬عدم التوفيق يدخل يف كل شيء‪ ،‬دعوين أسألكم سؤ ًاال‪ ،‬سؤ ٌال مهم ذكرين بو عندما قال‬
‫عدم التوفيق‪ ،‬ىو قال‪ :‬عدم التوفيق‪ ،‬وأان قلت لو‪ :‬عدم التوفيق ىو مرتبط بكل ادلصادر‪ ،‬فما ىو‬
‫أن هللا‬ ‫الدليل القرآين على أن عدم التوفيق مرتبط بواحد من ادلصادر اليت ذكرهتا‪ ،‬الثًلثة؟ ىكذا‪َّ :‬‬
‫الرمحن لو؟ أان‬ ‫إنساان فيبعده عن التَّزكية‪ ،‬عرب واحدة ِمن ىذه ادلصادر الثًلثة‪ ،‬لكنها ِمن عقوبة َّ‬ ‫يُعاقب ً‬
‫ال أقول اِئْتوا بدليل على أن النفس ؽلكن أن تكون عائ ًقا‪ ،‬أجاب أحد الطًلب فقال لو األستاذ‪:‬‬
‫ين ۞ َوإِنَّ ُه ْم‬ ‫ِ‬
‫ر‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫و‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫اان‬
‫ً‬ ‫ط‬
‫َ‬ ‫ي‬ ‫ش‬
‫َ‬ ‫و‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ض‬ ‫ِ‬
‫ي‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫ن‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫ن‬ ‫ٰ‬
‫مح‬‫ْ‬ ‫الر‬
‫َّ‬ ‫ِ‬
‫ر‬ ‫ك‬
‫ْ‬ ‫أحسنت مائة ابدلائة‪﴿ :‬ومن ي عش عن ِ‬
‫ذ‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫َُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ََ َْ ُ َ‬
‫السبِ ِيل َوَْػل َسبُو َن أَنَّ ُهم ُّم ْهتَ ُدو َن﴾‪ ،‬ىذا اآلن مصدر‪ ،‬ادلصدر ىو الشيطان صح‪ ،‬لكن‬ ‫صدُّونَ ُه ْم َع ِن َّ‬
‫لَيَ ُ‬
‫محَ ِن﴾‪ ،‬واضحة‬ ‫ش َعن ِذ ْك ِر َّ‬
‫الر ْ ٰ‬ ‫السبب ىو خذالن هللا للعبد‪ ،‬وعدم توفيقو لو‪ ،‬بسبب‪َ ﴿ :‬وَمن يَ ْع ُ‬ ‫َّ‬
‫الفكرة‪ ،‬طيب‪ ،‬فعدم التَّوفيق ىي داخلة يف كل ادلصادر‪ ،‬لكن ادلصدر زلدد‪ :‬نفس‪ ،‬شيطان‪ ،‬بيئة‪:‬‬
‫تشمل أصدقاء سوء‪ ،‬تشمل ثقافة‪ ،‬ىناك مصدر رابع‪ ،‬يعٍت ىو شلكن يدخل يف البيئة‪ ،‬أجاب‬
‫٘‬
‫الطًُّلب‪ :‬غلبة الباطل‪ .‬قال األستاذ‪ :‬مجيل‪ ،‬غلبة الباطل‪ ،‬أان مسيتها األعداء‪ ،‬وسأ ِّ‬
‫ُبُت كيف َّ‬
‫أن ىناك‬
‫الزمن ادلعاصر‪ ،‬بُت أىل الباطل وأعداء اإلسًلم‪ ،‬وبُت تنشئة أو إنشاء العوائق‬ ‫عًلقة‪ ،‬خاصة يف َّ‬
‫احلائلة بُت اإلنسان وبُت التَّزكية‪.‬‬
‫ومثل ما ذكرت يف اللقاء ادلاضي‪ ،‬ي مجاعة ضلن ضلاول نكون مركزين يف نفس العناوين‪ ،‬يعٍت أان‬
‫إذا تكلمت عن عوائق التَّزكية‪ ،‬إذا ذكرت شيئا البد أن أربطو بعوائق التَّزكية‪ ،‬ال يصبح الكًلم فيو‬
‫كًلما عا اما‪ .‬ال‪ ،‬يعٍت األعداء ِمن جهة كوهنم عائ ًقا ً‬
‫وحائًل عن التَّزكية‪ ،‬متام؟‬ ‫ً‬
‫ىذه اآلن ادلصادر األربعة اليت سأُتدث عنها‪ ،‬يف عوائق التَّزكية‪ ،‬مث بعد ذلك ِمن حيث ادلضامُت‬
‫يسر هللا ﷻ‪.‬‬
‫يوجد خارطة واسعة‪ ،‬قد نبدأ ببعضها اليوم إن َّ‬
‫نرجع اآلن إىل ا﵀ور األول‪ :‬عوائق التَّزكية ِمن حيث مصادرىا‪.‬‬

‫العائق األول‪ :‬النَّفس‪:‬‬


‫قبل أن أذكر تفاصيل متعلقة هبذا العائق‪ ،‬أريد أن أقول شيئًا‪ :‬اإلسًلم‪ ،‬الوحي‪ ،‬يُ ِ‬
‫عرف اإلنسان‬
‫ّ‬
‫ادلنتجات العلمية‪ ،‬السائدة اليوم‪ ،‬يف الدائرة األكادؽلية خارج اإلطار اإلسًلمي‪ ،‬تبٍت‬
‫على نفسو‪ ،‬و َ‬
‫احلواجز بُت اإلنسان وبُت نفسو‪.‬‬
‫"النَّفس" كثَت ِمن البشرية اليوم تسَت يف حياهتا‪ ،‬وليس لديها تعريف حقيقي للنَّفس‪ ،‬ليس لديها‬
‫تعريف أن النَّفس ؽلكن أن تكون َّأمارًة ابلسوء‪ ،‬أو داعيةً إىل اخلَت‪ ،‬أو أن تكون ُمطْمئِنة‪ ،‬أو أن‬
‫نفسا بُت جنبيو‪،‬‬ ‫ِ‬
‫تكون َّلوامة‪ ،‬أو ضلو ذلك من النَّواحي اإلؽلانية الغيبية؛ فيسَت اإلنسان وىو ػلمل ً‬
‫اتصاال وثي ًقا بعامل الغيب‪ ،‬وابخلَت والشَّر‪ ،‬وكثَت ِمن البشر ال يُدرك ىذا ادلعٌت‬
‫ىذه النَّفس ُمتَّصلة ً‬
‫مطروحا يف قاموسو‪ ،‬وإظلا يتعامل مع النَّفس مبا ؽلكن أن يقاس‪ ،‬أو ال يقاس‪ِ ،‬من‬ ‫ً‬ ‫أصًل‪ ،‬وليس‬‫ً‬
‫األمراض النَّفسية وما يتعلق هبا‪.‬‬
‫أما القرآن ‪-‬الوحي‪ -‬الذي أنزلو خالق النَّفس البشرية‪ ،‬فإنو يقول لك إن ىذه النَّفس عامل فسيح‪،‬‬
‫ومع ىذه النَّفس أنت يف رحلة‪- ،‬دعنا نقول‪ -‬رحلة مكابدة مع ىذه النَّفس‪ ،‬ولذلك جتدون أن هللا‬
‫‪ٙ‬‬
‫سبحانو وتعاىل ﷻ قد ذكر لفظ اجلِ َهاد أو اجملاىدة‪ ،‬يف شيء ُمتعلق ابلنَّفس‪ ،‬وذلك يف قولو‪:‬‬
‫َّه ْم ُسبُلَنَا ﴾‪ ،‬وقد سبق احلديث عن ىذه اآلية‪ ،‬وأن ادلتَ َعلَّق زلذوف‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫اى ُدوا فينَا لَنَ ْهديَن ُ‬
‫ين َج َ‬ ‫﴿ َوالذ َ‬
‫اى ُدوا فِينَا﴾ ماذا؟ جاىدوا أنفسهم؛ فالذين جهدوا فينا الشياطُت‪ ،‬الذين جاىدوا فينا‬ ‫ين َج َ‬
‫َّ ِ‬
‫﴿ َوالذ َ‬
‫جدا‪ ،‬ولذلك جتد أن لفظ "جهاد‬ ‫ادلنافقُت‪ ،‬الذين جاىدوا فينا األعداء والكفار‪ .‬فهذا تنبيو مهم ً‬
‫السلوك‪ ،‬ويتداولو علماء اإلسًلم‬ ‫النَّفس" ىو لفظ ُمتداول‪ ،‬ووارد يف احلديث‪ ،‬وىو متداول يف علم ُّ‬
‫اف َم َق َام َربِِّو َونَ َهى‬
‫جدا‪ ،‬قال هللا سبحانو وتعاىل ﷻ يف سورة النازعات‪َ ﴿ :‬وأ ََّما َم ْن َخ َ‬ ‫بشكل كبَت ً‬
‫س َع ِن ا ْذلََو ٰى﴾ ىذه اآلية ‪-‬أان أعتقد‪ -‬أهنا أىم آية قرآنية فيما يتعلق ابلنفس ُتت دائرة التَّزكية‪،‬‬ ‫النَّ ْف َ‬
‫وىي آية تثبت أن النَّفس ذلا أمر وهني‪ ،‬وىي تثبت أنك ؽلكن أن تتحكم يف ىذا األمر والنهي‪،‬‬
‫ادلوجو للنَّفس‪ :‬ىو خوف مقام هللا سبحانو‬ ‫وتثبت أن ِمن أىم وسائل ىذا التَّحكم يف األمر والنَّهي َّ‬
‫ِ‬
‫ا﵀ِّرك‪َ ﴿ ،‬ونَ َهى‬ ‫اف َم َق َام َربِّو﴾ وىذا ىو َ‬ ‫وتعاىل ﷻ‪ ،‬قال هللا سبحانو وتعاىل ﷻ‪َ ﴿ :‬وأ ََّما َم ْن َخ َ‬
‫س َع ِن ا ْذلََو ٰى﴾‪ ،‬هللا سبحانو وتعاىل ﷻ يقول لك إن نفسك اليت أودعها بُت جنبيك جعل ذلا‬ ‫النَّ ْف َ‬
‫أىواء ‪ُ -‬مشتَهيات‪ ،-‬كما قال النيب ﷺ يف احلديث الصحيح يف البخاري‪ ،‬قال‪:‬‬
‫س َمتٌََّت وتَ ْشتَ ِهي"‪ ،‬ىذه النَّفس اليت َمت ٌَّت وتشتهي ِمن أعظم صور التَّكليف اإلذلي للبشر‪ ،‬ىو أنو‬ ‫"والنَّ ْف ُ‬
‫جعل نفوسهم على ىذه األماين‪ ،‬والشَّهوات‪ ،‬وجعل وسيلة دخول اجلنة ىي القدرة على منع ىذه‬
‫عما أمر هللا سبحانو‬ ‫النَّفس عن أن أتمر خبًلف ما أمر هللا سبحانو وتعاىل ﷻ‪ ،‬أو عن أن تنهى َّ‬
‫َّها ِر إِذَا َج ًَّل َىا ۞‬‫اىا ۞ َوالْ َق َم ِر إِذَا تَ ًَل َىا ۞ َوالن َ‬
‫ض َح َ‬ ‫س َو ُ‬‫َّم ِ‬
‫وتعاىل ﷻ بو‪ ،‬لذلك يُقسم هللا ب ‪َ ﴿:‬والش ْ‬
‫اىا﴾ وتزكيتها‪ :‬ابلقدرة على‬ ‫اىا﴾ إىل آخره‪ ،‬مث يكون جواب القسم‪﴿ :‬قَ ْد أَفْ لَ َح َمن َزَّك َ‬ ‫َواللَّْي ِل إِ َذا يَ ْغ َش َ‬
‫هنيها عن أن تسَت يف ىواىا‪.‬‬
‫أن واحدة ِمن‬ ‫إذًا أنت ي طالب التَّزكية‪ ،‬ي طالب النَّجاة‪ ،‬يف سَتك ىذا غلب أن تستحضر َّ‬
‫ادلصادر اليت ؽلكن أن َتولِّد العوائق‪ ،‬اليت ُتول بينك وبُت أن تصل إىل التَّزكية‪ ،‬ىي‪ :‬النَّفس‪ .‬فإذا‬
‫َغ ِفلت عن ىذا‪ ،‬فقد غَ ِفلت عن مصدر عظيم ِمن مصادر العوائق‪ ،‬فتكون ِمن مجلة الغافلُت‪ ،‬الذين‬
‫تُ َولَّد لديهم العوائق‪ ،‬وىو ال يدري أهنا عوائق‪.‬‬

‫‪ٚ‬‬
‫العائق الثاين‪َّ :‬‬
‫الشيطان‪:‬‬

‫ادلصدر الثاين ِمن مصادر عوائق التَّزكية‪ :‬ىو الشَّيطان‪ .‬ي مجاعة ضلن موجودون يف دار ابتًلء‪ ،‬دار‬
‫اتحا يف ىذه احلياة‪ ،‬راحة زائفة‪،‬‬
‫ابتًلء حقيقية‪ ،‬وبقدر غفلتك عن معاين االبتًلء‪ ،‬بقدر ما تعيش مر ً‬
‫وعلة‪ ،‬راحة تظن أهنا راحة‪ ،‬وبقدر ما تدرك حقائق ىذا االبتًلء الذي تعيش فيو‪ ،‬تزداد عندك‬ ‫راحة ُمتَ َّ‬
‫معامل ىذه احلياة‪ ،‬وتدرك أن األمر حق‪ ،‬وأن األمر مكابدة ورلاىدة‪ ،‬وأن احلياة ليست حياة‬ ‫قيمة ِ‬
‫نعيم‪ ،‬وأن األمر عظيم‪.‬‬
‫يعٍت أن تُدرك أن النَّفس وحدىا ىي مصدر كبَت للعوائق‪ ،‬مث تدخل يف عا َمل مصدر الشَّيطان يف‬
‫أَّن؟!‪ ،‬فإذا ذىبت إىل‬
‫عوائق التَّزكية‪ ،‬فتقول‪ :‬كيف يل ابلنَّجاة؟ فإذا ذىبت إىل البيئة وا﵀يط‪ ،‬تقول‪ :‬و َّ‬
‫األعداء تقول‪ :‬ي رب‪ ،‬تقول مثل قول إبراىيم عليو السًلم‪:‬‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُت﴾ يوجد ىناك أُانس يعيشون‪ ،‬وىم غافلون عن ىذا‬ ‫﴿لَئن َّملْ يَ ْهدِين َرِّب َألَ ُكونَ َّن م َن الْ َق ْوم الضَّالّ َ‬
‫كلو؛ ولذلك جتدىم أبعد النَّاس عن إدراك الغايت الكربى اليت ُخلِقوا ألجلها‪.‬‬

‫الشيطان ابإلنسان‪ :‬عًلقة مؤثرة‪ ،‬عًلقة‬ ‫إن القرآن يُثبت لنا‪ ،‬وسنة النَّيب ﷺ تثبت لنا‪ ،‬أن عالقة َّ‬
‫ومتَّصلة ِمن بداية حياة اإلنسان إىل وفاتو‪ ،‬وىي ِمن ُمجلة ما نؤمن بو ِمن الغيب‪ ،‬وإ ْن‬
‫واسعة‪ ،‬وشلُْتدَّة‪ُ ،‬‬
‫ُكنَّا نلمس آاثر وسوسة الشياطُت وأذاىم يف عامل الشَّهادة‪.‬‬

‫فصل‪ ،‬هللا سبحانو وتعاىل ﷻ يُ ِّبُت‪ ،‬بَ َُّت لنا ً‬


‫أوال مركزية‬ ‫الشيطان‪ ،‬حديث ُم َّ‬ ‫الرمحن عن ِّ‬
‫وحديث َّ‬
‫اَّت ُذوهُ َع ُد اوا ﴾‪ ،‬وحُت أييت أىل‬ ‫العداوة بُت اإلنسان والشَّيطان‪ ،‬فقال‪﴿ :‬إِ َّن الشَّيطَا َن لَ ُكم ع ُدو فَ َِّ‬
‫ْ َ‬ ‫ْ‬
‫النَّار إىل النَّار‪ ،‬يقول هللا ذلم‪﴿ :‬أََملْ أ َْع َه ْد إِلَْي ُك ْم َي بٍَِت َ‬
‫آد َم أَن َّال تَ ْعبُ ُدوا الشَّْيطَا َن﴾‪ ،‬ويف سورة‬
‫َّخ ُذونَوُ َوذُِّريَّتَوُ أ َْولِيَاءَ ِمن ُد ِوين َوُى ْم لَ ُك ْم َع ُدو﴾‪ ،‬ىذا ِِم َور ِمن ِماور حديث َّ‬
‫الرمحن‬ ‫الكهف‪﴿ :‬أَفَتَ ت ِ‬
‫الشيطان واإلنسان"‪.‬‬ ‫الشيطان‪ِِ ،‬مور "مركزية العداوة بني َّ‬ ‫سبحانو وتعاىل ﷻ لإلنسان عن َّ‬

‫الشيطان يف التأثري واإلغواء‪ ،‬وىذه الوسائل ِمن أبرزىا‪ ،‬اليت‬ ‫وىناك ِمور آخر ىو ِمور‪ :‬وسائل َّ‬
‫ان﴾‪ ،‬وىذه اخلطوات‬ ‫ُك ِررت يف القرآن‪ ،‬ماذا؟ الوسوسة‪ ،‬وطريق خطوات‪َ﴿ :‬ال تَتَّبِعوا خطُو ِ‬
‫ات الشَّيطَ ِ‬
‫ْ‬ ‫ُ ُ َ‬ ‫َّ‬
‫‪ٛ‬‬
‫جدا ‪-‬ال يتسع لو ىذا ادلقام‪ ،-‬لكن راجعوا كًلم ابن القيم يف "خطوات‬
‫احلديث عنها طويل ً‬
‫السالكُت" كلمات‬
‫جدا‪ ،‬ذكرىا يف "مدارج َّ‬ ‫ِ‬
‫تسجلوهنا عندكم‪ ،‬مهمة ً‬
‫الشَّيطان" فهي ستة أو سبعة‪ ،‬لو ّ‬
‫مهمة وعظيمة‪.‬‬
‫أن نَ َفس الشَّيطان طويل‪ ،‬وكيف أنو‬ ‫وكيف أن ىذا الشَّيطان يتدرج ابإلنسان ابخلطوات‪ ،‬وكيف َّ‬
‫أحياان أبقل النتائج‪ ،‬حىت ال ؼلسر على األقل‪ ،‬وكيف أنو يعرف ادلداخل اليت على اإلنسان‪،‬‬
‫يرضى ً‬
‫فإن كان ادلنزع الذي ُؽلكن أن يدخل عليو منك‪ ،‬ىو منزع الغلو يزيدك تديُّنًا‪ ،‬يعٍت ػلُثُك على مزيد‬
‫السوية ِمن جهة الغلو‪.‬‬
‫فيؤزك ضلو االضلراف عن َّ‬ ‫الصحيحة‪ّ ،‬‬
‫من التَّدين‪ ،‬بطريقة ليست ىي الطريقة َّ‬
‫الًتاخي‪ ،‬وزاده فيك‪ ،‬وىكذا‪.‬‬
‫وإن عرف فيك الًتاخي والكسل والفتور َّأزك أ ازا إىل ىذا َّ‬
‫أحياان يرضى بنتيجة إشغالك ابدلفضول عن الفاضل‪ ،‬إذا يئس من أن يوقعك‬ ‫وكيف أن الشَّيطان ً‬
‫دعة‪ ،‬أو الكبائر أو حىت الصغائر‪ ،‬فقد يرضى الشَّيطان أن‬ ‫يف ال ُكفر‪ ،‬أو يئس أن يوقعك يف البِ َ‬
‫يُشغلك ابدلفضول عن الفاضل‪ ،‬وتفصيل ابن القيم ‪-‬رمحو هللا‪ -‬يف خطوات الشَّيطان وتفاصيلها‪ ،‬ىو‬
‫ِمن األمور اليت تدل على الفقو يف ال ِّدين‪ ،‬ومعرفة اخلِطَاب القرآين‪ ،‬واستقراء ىذا اخلِطاب‪.‬‬

‫إن واحدة ِمن وسائل الشيطان يف اإلغواء ونصب العوائق ‪-‬وىذا مهم‪ -‬فعنوان ا﵀اضرات‪:‬‬
‫ُتديدا‪ ،‬أبصحاب االستقامة‪،‬‬
‫التَّزكية للمصلحُت‪ .‬فأان سأُركز يف بعض العوائق‪ ،‬فيما يتعلق ابدلصلحُت ً‬
‫مبن يُريدون أن يُق ِّدموا شيئًا‪ .‬ىي الوسوسة ي مجاعة؛ فالشَّيطان إذا عرف أن ابب الكبائر عندك‬
‫الصغائر‪ ،‬فكلَّما ظفر منك بزلة‪،‬‬
‫فضًل عن ابب اإلحلاد أو الشرك‪ ،‬وكان يتعب معك يف قضية َّ‬ ‫ُمغلق‪ً ،‬‬
‫َّجو ‪-‬غَت قضية الفاضل‬ ‫الرجوع‪ ،‬إذا يئس منك يف ىذا يت ِ‬‫الًتاب ابالستغفار والتَّوبة و ُّ‬
‫مردغتو يف ُّ‬
‫وادلفضول‪ -‬إىل قضية التَّحزين واألذى الداخلي ابلوساوس واخلواطر‪.‬‬

‫‪ٜ‬‬
‫‪ ‬أقسام الوساوس‪:‬‬
‫ىذه الوساوس واخلواطر على قسمُت‪:‬‬
‫‪ )4‬القسم األول‪ :‬وسواس َع َقدي‪ :‬وىذا لو صور كثَتة‪ ،‬ؽلكن أن أييت ويقول لك‪ :‬أنت لديك‬
‫شك‪ .‬فتقول أنت‪ :-‬وهللا ليس لدي شك! الشيطان‪ :‬حسنًا‪ ،‬يف ذلك اليوم أنت عندما جاءت ىذه‬
‫فكرت أنو من ادلمكن بنسبة واحد فاصلة سبعة وثًلثون أل ًفا (‪ ،)ٔ،ٖٚ‬أنو قد ال يكو ُن‬ ‫اآلية‪ ،‬أنت َّ‬
‫صحيحا‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ -‬أنت‪ :‬حسنًا‪ ،‬أان مل أُف ِّكر‪ ،‬كانت فقط ِ‬
‫خاطرة‪.‬‬
‫‪ -‬الشيطان‪ :‬ال‪ ،‬أنت فَ َّكرت‪.‬‬
‫‪ -‬أنت‪ :‬حسنًا‪ ،‬فماذا يعٍت اآلن؟؟‬
‫‪ -‬الشيطان‪ :‬أنت اآلن وقعت يف الشَّك‪.‬‬
‫‪ -‬أنت‪ :‬حسنًا‪ ،‬ماذا أفعل اآلن!؟‬
‫‪ -‬الشيطان‪ :‬البد أن تدخل يف اإلسًلم ِمن جديد‪.‬‬
‫ىذا ابب من أبواب الشيطان‪ ،‬وىناك أُانس يلقمون الطُّعم مباشرة‪ ،‬متام؟‪ ،‬يقول‪ :‬ىا‪ ،‬أستغفر هللا‪،‬‬
‫أان؟ ال‪ ،‬وهللا‪ … ،‬ويدخل‪ ،‬فإذا الشَّيطان رآك أنك ِمن ادلمكن أن تستجيب يف ىذا الباب‪ ،‬قال‪ :‬ي‬
‫حًلوة ىذا َّتصصي‪.‬‬
‫نعم ىذه واحدة ِمن أكرب َّتصصات الشَّيطان‪ ،‬جيِّد؟ ِمن أكرب التَخصصات‪ ،‬فلو خربة كبَتة‬
‫وطويلة وعريضة‪.‬‬
‫أيضا َع َقديَّة‪ ،‬أييت فيقول لك‪ :‬اآلن اخللود يعٍت األبد‪ ،‬لكن‬
‫وؽلكن أن أييت إليك من انحية اثنية ً‬
‫البداية كانت كيف؟ مىت؟ َمن خلق َك َذا؟ دلاذا؟ كيف؟ ويدخل لك يف ىذا الباب‪ .‬وقَ ْد َر ما تعطيو‬
‫يعطيك‪ ،‬بقدر ما تسًتسل معو يعطيك‪ ،‬مث تبدأ يف رحلة…‬
‫ي مجاعة ِمن أكثر األشياء ادلؤسفة اليت كانت وال تزال تصل ‪-‬آخرىا األسبوع ادلاضي تقريبًا أو‬
‫الصًلة وأصبح ال يُصلِّي‪ ،‬طالب علم‬
‫حىت من قبل ثًلثة أو أربعة أيم‪ -‬على أسئلة النَّاس‪ :‬واحد تََرك َّ‬
‫وملتزم ترك الصًلة يقول‪ :‬أان اآلن ال أُصلِّي‪ ،‬دلاذا؟ دخل يف ابب الوساوس‪.‬‬
‫ُ‬
‫ٓٔ‬
‫‪ )2‬القسم الثاين‪ :‬وسواس يف الطَّهارة والنِّيَّة وما يتعلق هبا‪ ،‬و ً‬
‫أحياان ِ‬
‫يوصل بُت الطَّرفُت؛ فيدخل‬
‫العقدية والفكرية‪ ،‬ويوصلها بوساوس الطَّهارة و َّ‬
‫الصًلة‪ ،‬تعلمون أن ىناك أُانس يعيشون‬ ‫ابلوساوس َ‬
‫الصًلة ولكي يدخل يف‬ ‫الصًلة ساعة يف احلَ َّمام ‪-‬دورة ادلياه‪ ،-‬وبعد َّ‬ ‫رحلة عذاب حقيقية؛ فقبل َّ‬
‫الصًلة مثًل يقول‪ :‬ىناك قطعة‬ ‫الصًلة ػلتاج إىل قصة‪ ،‬وكل جزء ُؽلكن أن يُسبب لك إشكاال يف َّ‬ ‫َّ‬
‫مرىم ‪-‬دىان أو كرمي‪ -‬وضعتو على يدي‪ ،‬وال أدري أيصل الوضوء للجلد أم ال يصل؟ ىناك كذا‬
‫وكذا‪ ،‬إىل آخره… أو ىناك قطة َمَّرت ابلبيت‪ ،‬وأظنها رمبا تركت أثر صلاسة يف‪ ...‬وتظل تفكر‬
‫الصًلة لديك بدال ِمن‪-‬كما كنَّا نتكلم قبل قليل‪﴿ -‬تَْن َه ٰى َع ِن الْ َف ْح َش ِاء َوادلن َك ِر﴾‪ ،‬تقف‬ ‫فتصبح َّ‬
‫للصًلة؛ على العكس‬ ‫فيها بُت يدي هللا ﷻ وأنت خاشع‪ ،‬مطمئن القلب‪ ،‬مراتح النَّفس‪ ،‬تشتاق َّ‬
‫الصًلة مرتبطة عندك ذىنياا مبسلسل شاق ِمن الطَّهارة‪ ،‬والوضوء‪ ،‬والتَّأكد وادلًلبس ىل فيها‬ ‫تصبح َّ‬
‫شيء أم ليس فيها شيء؟ ورمبا خرج شيء ورمبا مل ؼلرج شيء‪ ،‬إىل آخره… فتحسب حسااب‪ ،‬وُتمل‬
‫صِّرب نفسك بقولك ىذا فرض‪ ،‬واجب‪ ،‬وَّتاف ِمن النَّار‪ ،‬إىل آخره‪ ،‬لكن‬ ‫الصًلة القادمة‪ ،‬وتُ َ‬
‫ىم َّ‬ ‫َّ‬
‫الصًلة عليك ِمن أثقل ما يكون‪ ،‬إىل أن يصل احلال ابلبعض إىل ترك َّ‬
‫الصًلة‪،‬‬ ‫ذىنياا ونفسياا صارت َّ‬
‫الصًلة ‪.‬‬‫وىذا تكرر ابلنِّسبة يل‪ ،‬ووصلٍت أكثر ِمن حالة هبذه الطَّريقة‪ ،‬يًتك َّ‬
‫وىذه القضية يعٍت قضية ِمن مجلة وساوس الشَّيطان‪ ،‬وىذا ال يلغي وال ينفي أن يكون ىناك‬
‫بعض وسائل العًلج‪ِ ،‬من خًلل الدَّائرة النَّفسيَّة‪ ،‬لكن دخول الشَّيطان يف ىذه ادلناطق‪ ،‬ىو دخول‬
‫َّ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ين َآمنُوا﴾‬ ‫أساسي ووثيق‪ ،‬وقال هللا سبحانو وتعاىل ﷻ ‪﴿:‬إَِّظلَا الن ْ‬
‫َّج َو ٰى م َن الشَّْيطَان ليَ ْحُز َن الذ َ‬
‫أيسَرك يف ُمستنقع أو يف ِسجن الشَّهوات و َّ‬
‫ا﵀رمات‬ ‫فواحدة ِمن غايت الشَّيطان‪ ،‬إذا مل يستطع أن ِ‬
‫أمًل‪،‬‬
‫صلحا‪ ،‬ولن تكون ً‬ ‫أن يُدخلك يف مربعات التَّحزين‪ .‬فحُت تدخل يف ىذه ادلربعات‪ :‬لن تكون ُم ً‬
‫ولن تستطيع أن تتجاوز مشكلة نفسك‪ ،‬حىت تنقذ البشرية ‪-‬بعد هللا تعاىل ﷻ‪-‬جيِّد؟‪ ،‬ىذه ِمن مجلة‬
‫عوائق التَّزكية‪.‬‬
‫لذلك غلب على اإلنسان أن يستنَت ابحللول الشَّرعية يف ىذه األبواب‪ ،‬ويتعامل معها بطريقة‬
‫ادلتشبِّث ابحلل‪ ،‬الذي يُسلِّم أن ما جاء بو الوحي يف مثل ىذه القضاي‪ ،‬ىو حق‪ ،‬وإن خالف طبيعة‬
‫ص َّور لو ِمن خًلل ىذا األذى‪.‬‬ ‫ما يُ َ‬
‫ٔٔ‬
‫العقديَّة‪،‬‬
‫الصحابة ابلقسم األول‪ ،‬الذي ىو‪ :‬الوساوس َ‬ ‫ولكم أن تتخيلوا ي مجاعة‪ ،‬وقد َش َعر َّ‬
‫الصحابة كان اجلواب النَّبوي ابلنِّسبة ذلم‪،‬‬
‫الصحابة‪ ،‬لكن وقت َّ‬ ‫الشَّيطان استعمل ىذا األسلوب مع َّ‬
‫يدخل يف خانة التَّفعيل ادلباشر‪ ،‬فيسمع اجلواب ويدخل يف خانة التَّفعيل‪ ،‬فادلشكلة ال أتخذ أكرب ِمن‬
‫الصحابة ليقولوا‪" :‬ي رسول هللا‬ ‫حجمها‪ ،‬والغريب ىو اجلواب النَّبوي ‪-‬ادلدرسة النَّبوية العظيمة‪ -‬أييت َّ‬
‫َحب إليو ِمن أن يتحدث بو"‪ ،‬يعٍت ىناك‬ ‫َّإان لنجد يف أنفسنا‪ ،‬ما أن َِؼلَّر أحدان ِمن السماء‪ ،‬أ ُّ‬
‫وساوس أتتينا‪ ،‬عن هللا سبحانو وتعاىل ﷻ ‪-‬عن اإلؽلان‪ -‬ىي أقبح وأشد وأغلظ‪ِ ،‬من أن ؽلكنٍت أن‬
‫أتلفظ لك هبا ي رسول هللا‪- ،‬مبا أيتيٍت ِمن اخلواطر‪-‬‬
‫انظروا ادلستوى واجلواب النَّبوي العجيب ‪-‬وهللا غريب‪ -‬وكما قلت فأنت تلتمس دالئل النُّبوة يف‬
‫نكرين‬ ‫بعض ادلناطق اليت ال يشعر هبا كثَت‪ ،‬وال يروهنا‪ ،‬وىذا ‪-‬كما قلت‪ -‬ليس يف مقام جدال ادل ِ‬
‫وادللحدين‪ ،‬ال ال‪ ،‬بل يف سياق ادلؤمن الذي يستطيع أن يلتمس بعض اجلوانب النَّبوية‪ ،‬اليت ىي يف‬
‫صميم ما يُثْبِت لك عظمة ورَّابنيَّة ىذا ال ِّدين العظيم‪ ،‬وَّتيَّل َّ‬
‫الصحابة أيتون هبذه الطريقة‪ ،‬وأييت النَّيب‬
‫ص ِر ُ‬
‫يح‬ ‫ذاك َ‬‫وج ْدُمتُوهُ؟" ىذا يف صحيح مسلم‪ ،‬حديث صحيح‪ ،‬قالوا‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪َ " :‬‬ ‫ﷺ يقول‪" :‬وق ْد َ‬
‫آت بنفسيَّة أن ي رسول هللا ادلوضوع أكرب ِمن أن أقدر أن أتلفظ‬ ‫اإلؽلان" ‪ ،‬انظر ادلفارقة‪ :‬بُت إنسان ٍ‬
‫ِ‬
‫بو ‪-‬تعلمون صورىا اآلن عند كثَت ِمن النَّاس‪ :‬ىل أان َك َفرت أم مل أَ ْك ُفر؟‪ -‬فيجيءُ ويقول ذلم‪َ " :‬‬
‫ذاك‬
‫ِ‬
‫اإلؽلان"‪.‬‬ ‫ص ِر ُ‬
‫يح‬ ‫َ‬
‫وحُت تكلَّم العلماء عن ىذا احلديث‪ ،‬قالوا ادلقصود ىو‪ :‬طروء مثل ىذه الوساوس عليكم‪،‬‬
‫ِ‬
‫الصحابة‪ ،‬فقالوا‪:‬‬ ‫أيضا‪َّ -‬‬
‫السنن حُت جاء ‪ً -‬‬ ‫اإلؽلان"‪ ،‬ويف ُّ‬ ‫ص ِر ُ‬
‫يح‬ ‫وكراىيَّتكم ذلا‪ ،‬ودفعكم ذلا‪ ،‬فهذا‪َ " :‬‬
‫ي رسول هللا َّإان صلد يف أنفسنا‪ ،‬ما أن يكون أحدان ُمحَ َمةً‪ ،‬أحب إليو ِمن أن يتحدث بو‪ ،‬فقال النيب‬
‫أيضا ُزلَ ِّذ ًرا‪ ،‬فقال‬ ‫ِ‬
‫كيده إىل الوسوسة"‪ ،‬وابتدأ النيب ﷺ أصحابو ً‬ ‫رد َ‬ ‫احلمد ﵁ِ الذي َّ‬ ‫ﷺ‪" :‬هللاُ أكربُ‪ُ ،‬‬
‫أح َد ُك ْم" وىذا فيو دليل واضح‪ ،‬على دور الشَّيطان يف الوساوس‬ ‫كما يف البخاري‪َ " :‬أيْيت الشَّْيطَا ُن َ‬
‫ِ‬
‫حىت‬
‫قول‪َ :‬من َخلَ َق َك َذا؟ َمن َخلَ َق َك َذا؟ َّ‬
‫أح َد ُك ْم فيَ ُ‬ ‫الفكرية والعقدية‪ ،‬قال ﷺ‪َ " :‬أيْيت الشَّْيطَا ُن َ‬
‫ابَّللِ ولْيَ ْن تَ ِو‪.".‬‬
‫ك؟ فَِإذَا بَلَغَوُ فَ ْليَ ْستَعِ ْذ َّ‬
‫ول‪َ :‬من َخلَ َق َربَّ َ‬
‫يَ ُق َ‬

‫ٕٔ‬
‫كما قلت اجلواب ىذا كان ابلنسبة للصحابة يتحول مباشرة إىل تفعيل‪.‬‬
‫يؤمل أن يكونوا من ادلصلحُت؛ تنبهوا إىل حيل‬‫لذلك ي درة األزمان ‪-‬كما يقال‪ -‬أعٍت من َّ‬
‫الشيطان يف إقعاد اإلنسان ادلسلم عن أن ينطلق يف أفاق العمل‪ ،‬ويف أفاق التزكية ويف أفاق اإلصًلح‪،‬‬
‫بشَرك الوساوس واألفكار‪ ،‬اليت ؽلكن أن يؤسر فيها فًل ؼلرج‪ .‬وإن‬ ‫عن أن ينطلق يف ىذه األفاق َ‬
‫أصابك شيء من ىذا فيجب عليك أن تعلم أنك لست أول من يصاب‪ ،‬وأن الصحابة قبل ذلك قد‬
‫تعرضوا دلثل ىذا‪ ،‬فإيك أن تستجيب‪ ،‬إيك أن تسًتسل‪ ،‬إيك أن تظن أن القضية أنك منافق‪ ،‬إيك‬
‫أن جتيب بنعم أو بًل إذا قال الشيطان أنك كفرت‪ ،‬أو انفقت مبثل الوساوس واألفكار‪.‬‬
‫ىذا أتكلم عن عامل األفكار والوساوس‪ ،‬أما عامل الشهادة فلو أحكامو‪ ،‬ولو صوره ادلعروفة اليت ال‬
‫تلتبس بغَتهِ‪.‬‬
‫جدا‬
‫مرة أخرى ادلصدر الثاين من مصادر توليد العوائق بينك وبُت التزكية‪ :‬الشيطان‪ ،‬والصور كثَتة ً‬
‫جدا ركزت على واحدة منها؛ ألننا يف سياق الكًلم عن ادلصلحُت وىي‪ :‬الوسوسة اليت تُقعدك عن‬ ‫ً‬
‫العمل‪ ،‬والوسوسة اليت تدخلك يف دائرة التح ِزين‪ ،‬فبعضهم غليء ويقول لك أان كنت مؤمل ودخلت‬
‫برانمج كذا ودخلت برانمج كذا‪ ،‬وبدأت بطلب العلم‪ ،‬مث أصبت بوسواس كذا وكذا‪ ،‬واآلن غاية أملي‬
‫أين إذا أتيت أصلي‪ ،‬أين ال آخذ ثًلث ساعات وال ساعتُت قبل الصًلة وبعد الصًلة‪ ،‬ومعها يف‬
‫جيدا‪.‬‬
‫الوضوء والطهارة‪ ،‬فقط أريد أن أصلي ي أخي فقط أريد أن أصلي ً‬
‫أنظر كيف انتقل من ذلك األفق العايل الواسع إىل ذاك األفق الصغَت الضيق‪ ،‬وىو من مجلة‬
‫مكائد الشيطان‪.‬‬
‫جدا‪ ،‬وفيها نصوص كثَتة لكن‬
‫بوابة الشيطان مع الشهوات أيضا ىذي بوابة كبَتة وضخمة ً‬
‫سأُرجئ احلديث عنها إىل ادلضامُت إبذن هللا تعاىل ﷻ‪.‬‬

‫ٖٔ‬
‫العائق الثالث‪ :‬البيئة احمليطة‪:‬‬

‫ادلصدر الثالث من مصادر العوائق ىو البيئة ا﵀يطة‪ .‬ويدخل يف ذلك أمور كثَتة‪ .‬فهل ىذه مطلقة‬
‫أم نسبية؟ نسبية ليست مطلقة وإظلا نسبية‪ ،‬طيب النفس‪ ،‬الشيطان مطلقة وال نسبية؟ مطلقة‪ ،‬فأي‬
‫فالنفس والشيطان علا من مصادر عوائق التزكية ابلنسبة لو‪ ،‬ىذا مطلق أما البيئة وا﵀يط‬
‫ْ‬ ‫إنسان مكلف‬
‫فهي نسبية‪.‬‬
‫كل البيئات فيها ُتديت لكن ىناك نسبية‪ :‬فقد تكون البيئة اليت أنت نشأت فيها قد أنعم هللا‬
‫عليك أبن جعلها بيئة مساعدة للتزكية‪ ،‬وقد تكون البيئة اليت نشأت فيها من مجلة االبتًلءات اليت‬
‫عليك‪ ،‬بيئة عائقة أو معيقة عن التزكية‪ ،‬لكن الذي غلب أن يدركو اإلنسان ىو أن الوحي قد ذكر‬
‫ادلعامل اليت ؽلكن أن تستفيد منها يف سلتلف البيئات من انحية التزكية‪ .‬فأنت جتد مثًل ما يتعلق‬
‫ابلصداقة والصديق سواء من حيث اإلرشاد اإلغلاب أو من حيث التحذير السليب‪ ،‬ستجدىا يف‬
‫الوحي‪.‬‬
‫ول َي‬ ‫ض الظَّامل َعلَى يَ َديِْو يَ ُق ُ‬ ‫فتجد مثًل يف سورة الفرقان قال هللا سبحانو وتعاىل ﷻ‪َ ﴿ :‬ويَ ْوَم يَ َع ُّ‬
‫َضلٍَِّت َع ِن ال ِّذ ْك ِر بَ ْع َد إِ ْذ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الرس ِ‬
‫ول َسبِ ًيًل ۞ َي َويْلَ َىت لَْي تٍَِت َملْ أَََّّت ْذ فًَُل ًان َخل ًيًل ۞ لََق ْد أ َ‬ ‫ت َم َع َّ ُ‬ ‫لَْي تٍَِت َّاَّتَ ْذ ُ‬
‫جاءِين وَكا َن الشَّيطَا ُن لِ ِْْلنْس ِ‬
‫ان َخ ُذ ًوال﴾‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ََ َ‬
‫ىذه اآليت فيها فوائد كثَتة‪:‬‬
‫ٔ) صديق السوء وأثره‪ ،‬وما ؽلكن أن يؤديو لك من الدخول إىل النار‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ٕ) عًلقة الشيطان كمصدر ابلبيئة كمصدر‪َ ﴿ :‬ي َويْلَ َىت لَْي تٍَِت َملْ أَََّّت ْذ فًَُل ًان َخل ًيًل ۞ لََق ْد أ َ‬
‫َضلٍَِّت‬
‫ان َخ ُذ ًوال﴾ أين خذالن الشيطان لْلنسان ىنا؟ ىو‬ ‫ع ِن ال ِّذ ْك ِر ب ع َد إِ ْذ جاءِين وَكا َن الشَّيطَا ُن لِ ِْْلنْس ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ََ َ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬
‫ت َم َع‬‫َّتذيل الشيطان لْلنسان ىنا أنو كان أمامو الطريقان‪ ،‬ففي أول اآليت يقول‪َ ﴿ :‬ي لَْي تٍَِت َّاَّتَ ْذ ُ‬
‫َضلٍَِّت َع ِن ال ِّذ ْك ِر بَ ْع َد إِ ْذ َجاءَِين﴾ ىناك الرسول وىناك الذكر‬ ‫ول َسبِ ًيًل﴾‪ ،‬وقال بعدىا‪﴿ :‬لََق ْد أ َ‬ ‫الرس ِ‬
‫َّ ُ‬
‫ىذا طريق‪ ،‬وىناك أيضا اخلليل السيء‪ ،‬فكان دور الشيطان ىو تشويو ىذا الطريق‪ ،‬وتزيُت ذلك‬
‫الطريق‪ ،‬وىذا خذالن الشيطان لْلنسان‪.‬‬
‫ٗٔ‬
‫ضلن اليوم وإن كنا نتكلم عن سياق ادلصلحُت‪ ،‬فنحن أيضا نتكلم عن واقع‪ ،‬فالبيئة فيو مليئة‬
‫ابلتحديت ومليئة ابلعوائق‪ ،‬حىت يكاد يكون أكثر الناس لديهم يف بيئتهم عوائق‪ :‬فهناك كثَتون‬
‫غلدون العوائق يف العائلة‪ ،‬وىناك بعكسهم أانس عائلتهم أو عوائلهم ىي الداعمة ذلم يف اخلَت‪ ،‬ىناك‬
‫آخرون غلدون ادلشكلة يف بيئة ادلدرسة أو يف بيئة اجلامعة‪ ،‬وىناك آخرون لديهم بيئات بديلة؛ لذلك‬
‫من أىم وسائل الضماانت يف ىذا العائق ‪-‬واآليت قد أشارت إليو‪ -‬ىو ضرورة إغلاد بيئة للمصلح‬
‫تكون معينة لو على جتاوز ُتديت نفس البيئة‪ ،‬إغلاد اخليار اإلغلاب‪ ،‬اخليار الصحيح احلق‪ ،‬أن يعيش‬
‫اإلنسان يف ىذا اخليار‪ ،‬يف ىذه البيئة الصاحلة‪ ،‬ىذا األمر يف غاية األعلية والضرورة ابلنسبة لْلنسان‬
‫الصاحل ادلصلح‪.‬‬
‫وىذا اخليار غلب أال يكون زلل هتاون‪ ،‬وغلب أال يكون زلل إرجاء وأتخَت‪ ،‬وغلب أن يكون‬
‫الصحبة الصاحلة‪ ،‬األخوة الصاحلة‪ ،‬ا﵀بة يف هللا‪ ،‬ىذه البيئات ىي من أعظم ما يعُت اإلنسان ليس‬
‫فقط على جتاوز العائق الثالث وىي البيئة وإظلا حىت على العوائق السابقة (النفس والشيطان)‪ ،‬وأنت‬
‫تعلم أنك إذا خلوت بنفسك أن أمر نفسك إيك ابلسوء أسهل من أمرىا لك ابلسوء وأنت مع‬
‫إخوانك‪ ،‬وىكذا الشيطان‪.‬‬
‫لذلك احلل وىو واحد من أعظم احللول ىو ضرورة إغلاد البيئة الصاحلة ا﵀يطة ابإلنسان‪ ،‬وأن ىذا‬
‫خيارا تكميليًا وإظلا أساسي‪.‬‬
‫اخليار ابلنسبة حلياتو ىو ليس ً‬
‫العائق الرابع‪ :‬األعداء‪:‬‬

‫أيضا‪ ،‬واألعداء دورىم‬‫ادلصدر الرابع من مصادر العوائق‪ :‬ىم األعداء ‪.‬وىذا مصدر نسيب ً‬
‫األساسي ىل ىو يف إقامة العوائق بينك وبُت التزكية؟ أم يف القضاء على احلق؟ ج‪ :‬زلاربة احلق‪ ،‬يعٍت‬
‫أقصد يف األساس‪ .‬مثًل ننظر دور األعداء يف وقت النيب ﷺ؛ أكثر دورىم ىو زلاربة احلق‪ ،‬وأحياان‬
‫كثَتا‪.‬‬
‫زلاربة احلق تزيد التزكية وال تنقصها ‪-‬ليس أحياان‪ -‬بل ً‬

‫٘ٔ‬
‫حينما تكون ادلواجهة صرػلة بُت احلق والباطل يرتفع التزكي واإلؽلان‪ ،‬وتظهر حقائق من اإلؽلان ال‬
‫تظهر إال يف الصراع بُت احلق والباطل‪ ،‬ولكن أحياان يكون من أدوار األعداء‪ ،‬وىذا وجد يف وقت‬
‫النيب ﷺ بصور معينة خاصة يف اليهود ويف ادلنافقُت‪ ،‬يكون من أدوار األعداء‪ :‬احليلولة أو زلاولة‬
‫احليلولة بُت ادلسلم وبُت االستقامة على طريقو‪.‬‬
‫َّ ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ َّ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ت طَائ َفةٌ م ْن أ َْى ِل الْكتَاب آمنُوا ابلذي أُنْ ِزَل َعلَى الذ َ‬
‫ين َآمنُوا َو ْجوَ‬ ‫كالشبهات وبثها‪ ،‬مثًل‪َ ﴿ :‬وقَالَ ْ‬
‫آخَرهُ لَ َعلَّ ُه ْم يَْرِجعُو َن﴾ ماذا‪﴿ :‬لعلهم يرجعون﴾ متام ادعوا اإلؽلان ليصَت اختًلل يف‬ ‫النَّها ِر وا ْك ُفروا ِ‬
‫َ َ ُ‬
‫القضية‪ ،‬ىذا يؤثر‪ .‬قال هللا سبحانو وتعاىل ﷻ‪﴿ :‬وفيكم مساعون ذلم﴾ فيكم مساعون ذلم ﴿إذ علت‬
‫طائفتان منكم أن تفشًل﴾ مع أهنم مؤمنُت قد يكون ىذا بسبب انسحاب ادلنافقُت‪ ،‬ىذا يف غزوة‬
‫أُحد‪ .‬فاألعداء ذلم دور‪.‬‬
‫ي مجاعة اليوم دور األعداء يف إضعاف التزكية‪ ،‬واحليلولة بُت ادلسلم وبُت التزكية ىو أكرب من أي‬
‫وقت مضى‪ ،‬ىناك مشاريع إفسادية مرتبة ومشولية للحيلولة بُت ادلسلم وبُت استقامتو على دين ربو‪.‬‬
‫وفيها صور كثَتة‪.‬‬
‫شهوات "على كيفك"‪ ،‬على مستوى عام‪ :‬عرب مواقع وغَته‪ ،‬أو على مستوى خاص‪ :‬عرب هتيئة‬
‫الفساد‪ ،‬حىت أحياان ألانس مصلحُت أبعياهنم حىت ي ِزلوا يف مثل ىذه ادلستنقعات وعرب الشبهات‪.‬‬
‫مثًل حُت تتكلم عن مرحلة القرن العشرين‪ ،‬والقرن التاسع عشر‪ ،‬حُت تقول من ىم أعداء األمة‬
‫اإلسًلمية؟ وما أبرز ما قدموه؟ الزم تذكر من؟ ادلستشرقون‪ ،‬صح أم ال؟ ادلستشرقون كان دورىم بث‬
‫الشبهات‪ ،‬وبث الشبهات الذي قدمو ادلستشرقون صلحوا ابلفعل يف صرف أانس كثَت من ادلسلمُت‬
‫عن دينهم‪ ،‬وعن االستقامة‪ ،‬وعن التزكية بسبب الشبهات اليت بثوىا‪ .‬وظهر عندان طائفة وشرػلة من‬
‫العرب‪ ،‬وادلسلمُت التابعُت ألولئك ادلستشرقُت فكرا‪ ،‬ومنهجا‪ ،‬وعمًل وىذا كلو من مجلة أتثَت‬
‫األعداء‪.‬‬
‫اليوم مع كثرة الوسائل اإللكًتونية خاصة‪ ،‬سهولة إيصال الشبهات والشهوات‪- ،‬ويعٍت ىذا فقط‬
‫طرف اخليط وما ؽلكن أن يُرى‪ -‬وإال ففي الباطن أو لنقل يف أروقة ادلفسدين من الكيد لْلسًلم‬

‫‪ٔٙ‬‬
‫للمصلحُت وأىل اإلصًلح يف قضية االستقامة والصًلح واإلصًلح‪ ،‬ما ال يتصور؛ ولذلك‬
‫وأىلو‪ ،‬و ُ‬
‫غلب أن يعي اإلنسان ادلسلم أن من أعظم عوائق التزكية‪( :‬مصدر األعداء)‪ .‬وذلذا صور كثَتة ال داع‬
‫لذكر تفاصيلها‪.‬‬
‫ىذا ا﵀ور األول وىو زلور صغَت‪ ،‬قصَت‪ ،‬وسريع‪ ،‬ومستعجل‪ ،‬وفيو لفت انتباه إىل رلموعة‬
‫مصادر‪ ،‬اذلدف والثمرة من ىذا العرض ىو أن تدرك وأنت تسَت يف ىذه احلياة‪ ،‬أنك تسَت بُت مجلة‬
‫جدا‪ ،‬وأنو ال ملجأ‪ ،‬وال سلرج‪ ،‬وال سبيل إال ابلتوكل على هللا ﷻ واالعتصام بو‬ ‫ُتديت كبَتة ً‬
‫اَّللِ َعلَي ُكم َوَرمحَتُوُ ما َزكى ِمن ُكم ِمن‬
‫ضل َّ‬‫واالستهداء بو واالستمداد منو سبحانو وتعاىل ﷻ‪َ ﴿ :‬ولَوال فَ ُ‬
‫ذين‬ ‫َح ٍد أَبَ ًدا﴾ ‪،‬إذا قرأمت بداية اآلية ستعرف العًلقة بينها وبُت ىذا ادلوضوع‪ ،‬ما البداية؟ ﴿ي أَيُّ َها الَّ‬ ‫أَ‬
‫َ‬
‫َّيطان فَِإنَّو أيمر ِابل َف ِ‬
‫حشاء َوادلن َك ِر﴾ الحظوا‬ ‫ات الش ِ‬ ‫َّيطان ومن ي تَّبِع خطُو ِ‬ ‫آمنوا ال تَتَّبِعوا خطُو ِ‬
‫ات الش ِ‬
‫ُ َ ُُ‬ ‫ََ َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ىذا أيمر ابلفحشاء وادلنكر‪ ،‬وتنهى عن الفحشاء وادلنكر؛ ىي وطيدة يف موضوع التزكية‪ ،‬فاربِطوا بُت‬
‫اآليت والنصوص‪.‬‬

‫احملور الثاين‪ :‬عوائق التزكية من حيث مضامينها‪:‬‬


‫طيب ا﵀ور الثاين دون إطالة‪ :‬ىو عوائق التزكية من حيث مضامينها‪ .‬كيف نقسم مضامُت عوائق‬
‫التزكية؟ ما الذي ؽلكن قولو؟ تنقسم إىل ماذا وماذا؟‬
‫أجاب طالب‪(:‬نفسية وخارجية)‬
‫أيضا؛ ي سًلم ج‪(:‬داخلية وخارجية)‪،‬‬
‫طيب تقسيم آخر؟ ج‪( :‬شبهات وشهوات) مجيل ماذا ً‬
‫مجيل…‬
‫التقسيمات صحيحة‪ ،‬نعتمد شيء داخلي وشيء خارجي من حيث ادلضامُت‪ ،‬وفينا نعتمد‬
‫شهوات وشبهات‪ ،‬وىو ما سنسَت عليو إن شاء هللا ﷻ‪.‬‬

‫مضامني عوائق التزكية الصادرة عن ماذا؟ عن األربع مصادر‪:‬‬


‫ٔ) النفس أو اذلوى‪،‬‬
‫ٕ) الشيطان‪،‬‬
‫‪ٔٚ‬‬
‫ٖ) البيئة‪،‬‬
‫ٗ) األعداء‪.‬‬
‫ما يصدر عن ىذه املصادر األربعة ىو يف مضامينو قسمان‪ :‬إما شهوات وإما شبهات‪.‬‬
‫كز على أقسام يف الشهوات والشبهات ؽلكن أن تكون‬
‫ومبا أننا نركز على التزكية للمصلحُت فسأر ُ‬
‫ذات عًلقة‪ ،‬الشبهات اليت سأذكرىا تنقسم إىل ثالثة أقسام‪:‬‬
‫ٔ) شبهات فكرية عقدية‪،‬‬
‫ٕ) وشبهات نفسية‪،‬‬
‫ٖ) وشبهات منهجية‪.‬‬

‫وابلنسبة للشهوات سأقسمها لقسمني‪:‬‬


‫ج‪(:‬شهوات متعلقة ابلقلب وشهوات‬
‫َ‬ ‫َشهوات ماذا وماذا؟ ج‪( :‬فطرية وخارجية)‪ ،‬أحسنت‪،‬‬
‫ُمتعلقة ابجلوارح) ؽلكن أن نسميها جسدية‪.‬‬
‫ىذه اآلن خارطة عامة للمضامُت‪.‬‬

‫عرض سريع خلارطة الشبهات‪:‬‬

‫‪ ‬الشبهات الفكرية العقدية‪:‬‬


‫ماذا يدخل ُتت الشبهات الفكرية العقدية؟ من أمور موجودة اليوم ومن ادلمكن أن تكون مؤثرة‬
‫يف اإلنسان ادلسلم ادلصلح؟‬
‫ج‪ :‬اإلحلاد‪ ،‬التشكيك يف السنة‪ ،‬إنكار بعض الثوابت الشرعية‪ ،‬سلطة الثقافة الغالبة‪ ،‬أفكار‬
‫أيضا ماذا؟ الشبهات‪ ،‬الغلو والزيدة؟ عقدية‪.‬‬
‫علمانية ليربالية‪ .‬ومن جهة أخرى ً‬
‫‪ ‬الشبهات النفسية‪:‬‬
‫الشبهات النفسية كماذا؟ الوسوسة شلكن؛ لكن الوسوسة أقرب للعقدية ىو يعٍت شلكن تسميتها‬
‫ابلشبهات نوعا ما غريب‪ ،‬لكن ىي شبهات فعلية‪ ،‬شبهات نفسية لكن ؽلكن تعرض على ُتديت‪،‬‬

‫‪ٔٛ‬‬
‫أان طبعا ذكرهتا ىنا دلاذا؟ ىي طبعا جديدة نوعا ما‪ ،‬ىي مرتبطة ابلواقع الذي نعيش فيو‪ ،‬وترتبط‬
‫ابدلًلحظة‪ ،‬يعٍت مًلحظة شخصية الحظتها يف ادلهتمُت اجلدد‪ ،‬طًلب العلم من األجيال اجلديدة؛‬
‫الشباب األجيال اجلديدة يعٍت ما دون مثانية عشر أو عشرين‪ ،‬وما قارب ذلك ‪-‬يعٍت اجلامعة تقريبا‪،-‬‬
‫اسعا يف‬
‫حضورا و ً‬
‫ً‬ ‫وما حولو وما قبلو فيو بعض التحديت والشبهات النفسية اليت مل تكن حاضرة‬
‫األجيال السابقة من ادلصلحُت أو من ادلهتمُت "شبهات نفسية" وىي ظاىرة وكثَتة منها‪ :‬سؤال الثقة‬
‫ابلذات‪ ،‬وابلطريق‪.‬‬
‫وسؤال الثقة ابلذات ال أقصد بو عدم الثقة ابلنفس؛ وإظلا سؤال الثقة ابلذات وابلطريق أنو يعٍت‬
‫أتيت مضامُت تشكيكية؛ أنو أان ال أصلح‪ ،‬أو أنو ما يدريٍت أن طريقنا صحيح مثًل أو طريق‬
‫االستقامة‪ ،‬لكن ال تُعرض بناءً على معطيات معرفية‪ ،‬إظلا تعرض بناءً على ضعف نفس‪ ،‬فأحياان‬
‫يلفت انتباىي رلموعة أسئلة غريبة‪ ،‬ىي أسئلة جديدة ما كانت موجودة بكثرة سابقا‪.‬‬
‫(سؤال العجز والضعف) ي مجاعة ضلن يف الربامج العلمية تواجهنا أسئلة ‪-‬خاصة يف الدفعات‬
‫األخَتة‪ ،-‬أسئلَة غريبة يعٍت لنقل مثًل طلب العلم سابقا ‪-‬ليس ابلبعيد يعٍت قبل مخسة عشر سنة‪،‬‬
‫أربعة عشر سنة‪ ،‬ىذه احلدود‪ -‬ترى طالب العلم أييت للمسجد ػلضر الدرس ىو يقوم بكل شيء‪،‬‬
‫الشيخ فقط يعطي الدرس وؽلضي‪ ،‬الطالب يكتب كل شيء ويلخصوُ‪ ،‬مث جتده يف آخر ادلسجد‬
‫جتاواب أو يتم زجره أحياان‪ ،‬ويصرب وتلقاه‬
‫ػلفظ ويراجع‪ ،‬وىو الذي يسأل‪ ،‬وكثَت من األحيان ال غلد ً‬
‫زلتسبا واألمور متام ورلتهد‪ ،‬أما اآلن‪:‬‬
‫‪" -‬شلكن تعطينا تفريغ ا﵀اضرة؟"‬
‫‪ -‬طيب أبشر نعطيك تفريغ ا﵀اضرة‪.‬‬
‫‪" -‬شلكن تقول يل األشياء ادلهمة يف التفريغ الذي يف ا﵀اضرة"‬
‫‪ -‬طيب ىذه األشياء ادلهمة‪ ،‬ثًلثة أشياء‪.‬‬
‫‪" -‬وهللا فيو اختبار يوم السبت لكن أان ال أعرف ما الذي سأذاكره" ‪-‬وهللا من جد ي مجاعة!‬
‫‪ -‬طيب عندك أنت مخس زلاضرات‪ ،‬وكتاابن وبرانمج واضح‪ ،‬ووضعنا ملخصات وفيو تفريعات‬
‫مث "طيب شلكن تقول يل ادلهم أان ما أعرف ماذا أذاكر!" متام؟‬
‫‪ٜٔ‬‬
‫وقس على ذلك أسئلة كثَتة‪ ،‬إنسان يريد أن يكون سلدوم ومفصل لو بتفصيل دقيق كل شيء‪،‬‬
‫ىو نفسيا يراتح واحلمد ﵁‪ ،‬وإذا ما كان يف كل ىذه ادلضامُت يقول لك‪" :‬وهللا دخلت الربانمج‪،‬‬
‫برانرلهم ليس واضحا‪ ،‬وهللا ىم صراحة انس جيدين‪ ،‬مسعتهم جيدة‪ ،‬وأعرف انس من أصحاب‬
‫استفادوا‪ ،‬لكن أان دخلت وجدتو غَت واضح‪ ،‬حىت اجلدول نزلوه ألوانو ما كان تصميمها حلو "وي هللا‬
‫إذا كان ىناك خطأ يف اجلدول‪ ":‬قلتم لنا إنو يوم السبت االختبار‪ ،‬اآلن نزل اجلدول يوم الثًلاثء" …‬
‫ىذا (سؤال الضعف والعجز) سؤال من أكثر األسئلة مثال‪":‬أان ما أعرف‪ ،‬عندي كتاب كيف أقرأ‬
‫الكتاب؟" وليس ادلقصود ب (كيف أقرأ كتاب؟) ىو مهارات القراءة العامة ال‪ ،‬أسئلة متكررة وكثَتة‬
‫وصارت ظاىرة‪ ،‬دلا تصَت بصيغتها ادلعرفية العامة ما فيها إشكال؛ مثًل سؤال علمي عام عن الطريقة‬
‫األنفع لقراءة ادلطوالت أو لقراءة الكتب ادلركزية‪ ،‬فيأخذ األنسان اجلواب وىو غلتهد‪ ،‬لكن أنت بعدما‬
‫تشرح تقول‪":‬طيب كتاب كذا يدخل كذا‪ ،‬جتيبو متام‪ ،‬مث أييت واحد يقول ‪:‬الكتاب الثاين يدخل‬
‫والال؟" ي حبييب اصربوا قليًل خذوا القاعدة العامة‪ ،‬أنتم انزلوا اجتهدوا‪ ،‬اغلط عادي‪ ...‬ىذا إشكال‪.‬‬
‫ىذا شيء مًلحظ اآلن‪ ،‬أان ابلنسبة يل كمحتك‪ .‬لنقل جبيل من طًلب العلم يف الربامج‪ ،‬ىذا‬
‫الضعف والعجز بدأ يظهر ويطفو‪ ،‬وىو ليس هبذه الصورة فقط‪ ،‬أان ذكرت الصيغ ادلعرفية‪ ،‬عموما فيو‬
‫صور أخرى ال أريد الدخول هبا‪ ،‬لكن أريد ادلصلحُت ينتبهون إىل أن فيو تساؤالت جديدة وشبهات‬
‫جديدة‪ ،‬واجليل الصاعد الناشئ‪ ،‬ضلن مثًل كمربُت للجيل أو كمتعاملُت معو غلب أن نغطي ىذه‬
‫ادللفات‪ ،‬لذلك أان عملت مثًل‪ :‬سلسلة سوية ادلؤمن‪ ،‬و يف أول حلقة (الثبات) ذكرت عنوان (السوية‬
‫النفسية)؛ أنو فعًل يوجد احتياج اآلن ضروري لِذكر مثل ىذه ادللفات وادلوضوعات‪ ،‬وسابقا ‪-‬كما‬
‫قلت ‪-‬ما كانت موجودة بشكل كبَت‪ ،‬أنت اآلن يعٍت‪ -‬مثًل الشباب ادلوجودون ىنا ‪-‬لكن اآلن‬
‫احلمد ﵁ سنتُت أمورىم متام‪-‬‬
‫من أول ما بدأت مثًل‪َّ ،‬تيل لو عملت مرة واحدة "مبوجب ما فعلوا" من أمور تستوجب ضرب‬
‫اخليزران فلو أين مرة واحدة فعلت ىذا خاصة يف بداية السياق‪.‬‬

‫ٕٓ‬
‫األستاذ‪ :‬ما كسرت قلوب‪ ،‬أنت َّتاف أنو يف بعض الدوائر يقول لك ‪-‬كما قال ابألمس أحد‬
‫الشباب‪ ":-‬أنو بعد كم سنة يؤلف كتاب دلاذا خلق هللا األمل يف احلياة"؛ ألنو أكل لو ضربة خيزرانة‬
‫صغَتة وىو يف التحفيظ‪ ،‬بينما سابقا واحد يعٍت يتعرض دلشكًلت وُتديت‪ ...‬إىل آخره‪.‬‬
‫إنو كان يف رلاوزة ومبالغة وخطأ يف ىذا اجلانب‪ ،‬لكن فعًل فيو قدر من الًتف‪ .‬أان أذكر واحد‬
‫من ادلشايخ‪ ،‬يقول يعٍت أنتم اجليل اجلديد من طًلب العلم‪":‬جيل ادلؤلفة قلوهبم" ‪-‬وهللا يقول جيل‬
‫ادلؤلفة قلوهبم‪ -‬يعٍت الزم "تراعي وتنتبو وأان ال أقصد كذا‪ ،‬ي شباب أنتم جيدين وأموركم متام"‪-‬‬
‫مداراة‪ ،-‬ىو انعكاس لقضية‪ ،‬يعٍت نوع من أنواع الضمور النفسي أو الضعف النفسي‪ ،‬أو نوع من‬
‫اذلشاشة اليت ُتتاج تسوية أو َسوية‪ ،‬لذلك الشبهات النفسية ‪-‬ضلن ما بدأان ابلشبهات فقط نعرض‬
‫اخلارطة‪ -‬الشبهات النفسية ابلنسبة للسياقات اجلديدة أو لألجيال اجلديدة من ادلهتمُت من طلبة‬
‫العلم‪ ،‬من ادلصلحُت ىذا ادللف ليس سهًل‪ ،‬وليس ىامشيا وينبغي العناية فيو‪ ،‬و سنتعرض لو إن شاء‬
‫هللا ﷻ بشكل سريع‪.‬‬

‫‪ ‬الشبهات املنهجية‪:‬‬
‫مث الشبهات ادلنهجية اليت ىي من أبرزىا اليوم ‪-‬ابلنسبة دلن يريد أن يكون مصلحا‪( :-‬سؤال‬
‫اجلدوى) ىذا السؤال من أكثر األسئلة اليت تًتدد اليوم‪ ،‬يعٍت‪" :‬ىل فيو مثرة لو أنت اشتغلت اآلن؟‬
‫عملت لْلسًلم؟ ال ترى الوضع كيف اآلن؟ أال ترى الواقع أعطٍت فقط بصيص أمل‪ ،‬ال شيء‪ ،‬يعٍت‬
‫ىل اب﵁ فيو رلال الواحد يبدأ ويطلب العلم بعد مخس سنوات‪ ،‬وسبع سنوات شلكن يقدم شي ويبدأ؟‬
‫اب﵁ الزال فيو أمل ال زال فيو جدوى؟"‬
‫ىذا سؤال منهجي‪ ،‬وىذا السؤال ما قبل إحدى عشر‪ ،‬أو اثٌت عشر سنة من اآلن‪ ،‬مل يكن سؤاال‬
‫شائعا‪ ،‬ؽلكن يكون سؤال عند بعض األفراد بعض الناس‪ ،‬ولكن مل يكن سؤاال شائعا‪ .‬كما يف‬
‫السنوات األخَتة صار سؤاال شائعا‪ ،‬وأحياان يكون شائعا ال ينص على إخراجو إظلا أنت تلمس آاثره‪،‬‬
‫ذلك اإلنسان الذي كان ػلًتق علا‪ ،‬ويبذل ويتعب وال يضيع أوقاتو‪ ،‬ومتفائًل‪ ،‬جتده قد ضمر‪،‬‬
‫وشحب‪ ،‬وترك‪ ،‬وصار ابلكاد شلسكا بطرف احلبل‪.‬‬

‫ٕٔ‬
‫مستعدا‬
‫ً‬ ‫جدا مل يكن‬
‫أحياان قد يكون سببو ىو‪ :‬وجود مؤثرات خارجية قوية ً‬
‫وىذا سؤال منهجي ً‬
‫ذلا‪ ،‬ومل يكن عنده جواب عن آاثرىا فيما لو حصلت‪ ،‬فهو كان يسَت يف حالة من الرخاء‪ ،‬وحالة من‬
‫األرػلية‪ ،‬مل يكن ىناك من التحديت اخلارجية ما يستوجب عنده ىذا السؤال‪.‬‬
‫فلما جاءت التحديت اخلارجية وكسرت آمالو‪ ،‬وحطمت اآلفاق اليت كان يسعى ذلا؛ نتج عنده‬
‫ىذا السؤال‪ ،‬فهو نفسي ابعتبار األثر الذي حصل لو من أث ٍر خارجي‪ ،‬لكن صورتو األساسية برأيي‬
‫ليست من الصورة األوىل أي (الشبهات النفسية الناجتة عن نفس زلضة‪ ،‬ضعيفة‪ ،‬ىشة مل تُرب على‬
‫درجة عالية من البذل‪ ،‬والعطاء‪ ،‬والتضحية والصرب) ابلعكس ىذا سؤال اجلدوى قد يكون صاحبو ‪-‬‬
‫صبورا‪ ،‬وقد يكون صاحب جتربة‪ ،‬وقد يكون بذل وقدم‪ ،‬ولكن‬‫قوي‪ ،‬وقد يكون ً‬ ‫سائلو‪ -‬يف نفسو ً‬
‫نظرا للظروف اخلارجية ا﵀يطة اليت استجدت عليو‪ ،‬وعلى طريقو‪ ،‬مل يعرف كيف ؽلكن أن يتجاوز مثل‬
‫ً‬
‫ىذه األزمة‪ ،‬فقعد عن العمل‪ ،‬فهو سؤال منهجي أقرب منو سؤال نفسي‪.‬‬
‫الوجهة) أان نزلت مقطع‪" :‬مفاتيح حول سؤال قلق الوجهة" ال‬
‫أيضا من السؤال ادلنهجي‪( :‬قلق َ‬
‫يسأل يف اجتاىات أساسية‪ ،‬ال‪ ،‬ىناك فوضى يف األطروحات‪ ،‬ىناك منابر كبَتة جديدة‪ ،‬فيو تضارب‬
‫خاصة بُت أطروحات التجديد واألصالة‪ ،‬ىل ضلن نسَت يف ىذا الن َفس مع ىذا الطرح التجديدي‬
‫وادل َو ِسع‪ ،‬أو نسَت مع نفس آخر‪ ،‬طيب ىذا ما حدوده وىذا ما حدوده‪ ،‬ىناك أسئلة منهجية من‬
‫ىذا اإلطار‪.‬‬
‫ىذا اآلن عرض سريع خلارطة الشبهات ‪-‬مل ندخل فيها‪ -‬فقط عرضتها ووصفتها‪ ،‬مث بعد ذلك إن‬
‫شاء هللا ﷻ يف اللقاء القادم‪ ،‬سنتعرض ذلا بشكل فيو نوع من التفصيل مع بعض احللول‪.‬‬
‫وبعد ذلك ننتقل للقسم الثاين وىو الشهوات‪( :‬القلبية واجلسدية) وما يدخل فيها من أمراض‬
‫القلوب مثل الكرب‪ ،‬والعجب‪ ،‬وألننا نتكلم عن التزكية للمصلحُت فسنركِز على بعض األدواء‪ :‬مثًل‬
‫حب اجلاه‪ ،‬والتصدر‪ ،‬يعٍت ما يتعلق هبذا ادللف‪ ،‬سأتناولو إن شاء هللا ﷻ يف اللقاء القادم‪ ،‬كذلك‬
‫التفرق‪ ،‬والتنازع‪ ،‬واحلسد‪ ،‬وتصيد األخطاء‪ ،‬ىذا من مجلة الشهوات القلبية‪ -‬األمراض القلبية‪ ،-‬وأما‬
‫تعرضا سر ًيعا إبذن هللا تعاىل ﷻ‪.‬‬
‫اجلسدية فسأتعرض ذلا ً‬
‫خَتا على احلضور وشكر هللا لكم وشكر لكم سعيكم‪.‬‬ ‫جزاكم هللا ً‬
‫ٕٕ‬

You might also like