Professional Documents
Culture Documents
المحاضرة الرابعة - التزكية للمصلحين
المحاضرة الرابعة - التزكية للمصلحين
ٕ
املقدمة:
كثَتا ،طيبًا ،مبارًكا فيو ،كما ػلب ربنا تبارك وتعاىل ﷻ ويرضى،
محدا ً
احلمد ﵁ رب العادلُتً ،
اللهم لك احلمد ملء السماوات ،وملء األرض ،وملء ما بينهما ،وملء ما شئت من شيء بعد،
احلمد ﵁ الذي ىو يف عليائو مسيع قريب ،وىو بعباده رحيم ودود ،اللهم ِّ
صل وسلم وابرك على عبدك
ورسولك دمحم.
السلسلة مًتابطة ادلوضوعات ،ال يُغٍتِ
أما بعد ...ال زلنا يف سلسلة التّزكية للمصلحُت ،وىذه ّ
موضوع منها عن اآلخر ،بدأان إبثبات مركزية التَّزكية ،وأهنا كانت يف حياة النيب ﷺ ،ويف تعاملو مع
يسَتا ِمن اشيئ أخذت تكن مل ،كز
ادلر ويف ، رحو أصحابو ،ويف تربيتو ذلم ،كانت يف الوسط ،ويف ادلِ
ً ً َ
الوقت ،أو ِمن اجلهد ،أو ِمن العناية ،بل أخذت صميم العناية النَّبوية ،وأثبتنا يف تلك ا﵀اضرة :كيف
أصًل؟ ومنو التَّزكية ،أليس كذلك؟ نستدل على أن الشَّيء مركزي يف حياة النيب ﷺ ً
مث انتقلنا يف ا﵀اضرة التَّالية والثَّانية إىل معامل التَّزكية ،معامل التَّزكية اليت ىي خارطة التَّزكية العامة :ما
ىي ىذه التَّزكية؟ ما الذي تتضمنو؟ ما الذي يدخل فيها؟ ،مث بعد ذلك -بعد أن تصوران القضية
بشكل جيد ،وأدركنا أعليتها -انتقلنا إىل الوسائل :كيف ضلقق؟ كيف نصل إىل ىذه التَّزكية؟
ادلعامل ،يعٍت على نفس خارطة معامل التَّزكية وكانت الوسائل ،زلاضرة الوسائل موَّزعة على زلاضرة ِ
َُ
اليت أخذانىا ،جاءت زلاضرة الوسائل موزعة على تلك اخلارطة ،فكيف ُُتقق الوسائل تلك ادلعامل؟
َح ٍد أَبَ ًدا
أ ن
ّْ َ
اَّللِ علَي ُكم ور ْمحتُو ما َزَكى ِمن ُكم ِ
م ٰ ُ َ
ْ ََ َ ْ َ َّ ل
ُ ض
ْ ف
َ ال
و
َ َل
َْو ﴿ : ب ئت أن زلاضرة الوسائل قد اب ت ِ
د ُْ على َّ
اَّللَ يَُزّكِي َمن يَ َشاءُ﴾ ،فهي ِمن هللا سبحانو وتعاىل ﷻ ،والوسائل ىي أسباب. َوٰلَ ِك َّن َّ
ٖ
حاجزا أو مان ًعا؛ حىت تتنبو لو ُمب ِّكًرا ،وبذلك
ً يظهر لك يف الطريق فيُعِيق ،ما الذي ؽلكن أن يكون
تكمل إبذن هللا عملية التَّزكية.
ُ
وتشعبها ،فًل ُؽلكن أن تُ َقدَّم يف زلاضرة واحدة ،لذلك ستكون ىذه ونظرا لكثرة العوائقُّ ،
ً
ا﵀اضرة ،وا﵀اضرة التالية إبذن هللا عن العوائق ،وأرجو أن نستطيع إهناءىا يف ا﵀اضرتُت ،وأال نُضطر
إىل زلاضرة اثلثة .وهبذا اجملموع" :ادلركزية ،واألعلية ،فادلعامل ،فالوسائل ،فالعوائق" ،أرجو أن يكون
موضوع التَّزكية قد قُ ِّدم بشمولية ،وبعرض ُمفصل ،وبِ ِذكر آليات ووسائل وعوائق ،تعُت بعد ذلك إبذن
هللا تعاىل ﷻ إىل الوصول إىل :النَّاحية العملية؛ ألننا ىنا لسنا يف مقام يُراد منو ولو أن يكون تنظَتاي
ُرلَّرًدا ،أي ليست الثَّمرة ىي أن طلرج ببحث ورقي ،أو معريف إلكًتوين ،يف َّ
أن :ىذه ىي التَّزكية ،وىذه
مقدمة نظرية ،شلزوجة بوسائل عملية ،يُرجى منها ُتقيق ىي خارطتها ،وىذه ىي معادلها ،بل ىذه ِ
القضية العملية.
سأُتدث عن العوائق يف زلورين ،وىذان ا﵀وران ،كما قلت سيستغرقان لقاءين كاملُت ،أو ثًلثة.
)4احملور األول :وىو عوائق التَّزكية ِمن حيث مصادرىا .ما معٌتِ :من حيث مصادرىا؟ ج:
أي أنٍت سأُتدث عن ادلصادر اليت تسبب العوائق ،ادلصادر عائدة على العوائق وليست على التَّزكية،
عوائق التَّزكية ِمن حيث مصادرىا ،أي أنٍت سأُتدث عن مصادر وأسباب ،تؤدي إىل نشوء العوائق،
ىذا ادلِحور األول.
)2يف احملور الثاين سأحتدث عن :عوائق التَّزكية ِمن حيث َمضامينها .مضامينها يعٍت ما ىي
العوائق؟ أي تفاصيل العوائق؟ ،ىناك عوائق كذا وىناك عوائق كذا ،وىذه تنقسم إىل كذا وىذه كذا،
مث -وىذا مهم تتنبهون لو يف اخلارطة مل أُف ِرده يف زلور ،ىو يف بطن ا﵀ور الثاين( :-حلول تلك
العوائق) ،يعٍت :سأعرض العائق ،وأعرض معو بعض احللول.
صار ىذان ا﵀وران ،وىااتن النُّقطتان علا ادلَرافِ َقتان يف عنوان العوائق ،عوائق التَّزكية.
ٗ
احملور األول :عوائق التَّزكية ِمن حيث مصادرىا:
ما املصادر اليت ميكن أن تُنتج العوائق ،وحتول بيننا ،وبني الوصول إىل التَّزكية اليت عرفنا
الشريفة ،العالية ،اليت ىي كما ذكر الشاطيب -رمحو هللاُ -خًلصة مقاصد معاملها؟ ،تلك التَّزكية َّ
"وقصد الشَّا ِرع ِمن ِ
الشريعة جاءت لتَصل إىل ىذه احلالة ،اليت قال فيهاْ :أصًل ،يعٍت أن َّالشريعة ً َّ
اختيارا ،كما ىو عب ٌد
ً طوعا أو الشريعة ،ىو إخراج ادلكلف ِمن داعية ىواه ،حىت يكون ً
عبدا ﵁ ً وضع َّ
لو اضطر ًارا".
ٚ
العائق الثاينَّ :
الشيطان:
ادلصدر الثاين ِمن مصادر عوائق التَّزكية :ىو الشَّيطان .ي مجاعة ضلن موجودون يف دار ابتًلء ،دار
اتحا يف ىذه احلياة ،راحة زائفة،
ابتًلء حقيقية ،وبقدر غفلتك عن معاين االبتًلء ،بقدر ما تعيش مر ً
وعلة ،راحة تظن أهنا راحة ،وبقدر ما تدرك حقائق ىذا االبتًلء الذي تعيش فيو ،تزداد عندك راحة ُمتَ َّ
معامل ىذه احلياة ،وتدرك أن األمر حق ،وأن األمر مكابدة ورلاىدة ،وأن احلياة ليست حياة قيمة ِ
نعيم ،وأن األمر عظيم.
يعٍت أن تُدرك أن النَّفس وحدىا ىي مصدر كبَت للعوائق ،مث تدخل يف عا َمل مصدر الشَّيطان يف
أَّن؟! ،فإذا ذىبت إىل
عوائق التَّزكية ،فتقول :كيف يل ابلنَّجاة؟ فإذا ذىبت إىل البيئة وا﵀يط ،تقول :و َّ
األعداء تقول :ي رب ،تقول مثل قول إبراىيم عليو السًلم:
ِ ِ ِ ِ ِ
ُت﴾ يوجد ىناك أُانس يعيشون ،وىم غافلون عن ىذا ﴿لَئن َّملْ يَ ْهدِين َرِّب َألَ ُكونَ َّن م َن الْ َق ْوم الضَّالّ َ
كلو؛ ولذلك جتدىم أبعد النَّاس عن إدراك الغايت الكربى اليت ُخلِقوا ألجلها.
الشيطان ابإلنسان :عًلقة مؤثرة ،عًلقة إن القرآن يُثبت لنا ،وسنة النَّيب ﷺ تثبت لنا ،أن عالقة َّ
ومتَّصلة ِمن بداية حياة اإلنسان إىل وفاتو ،وىي ِمن ُمجلة ما نؤمن بو ِمن الغيب ،وإ ْن
واسعة ،وشلُْتدَّةُ ،
ُكنَّا نلمس آاثر وسوسة الشياطُت وأذاىم يف عامل الشَّهادة.
الشيطان يف التأثري واإلغواء ،وىذه الوسائل ِمن أبرزىا ،اليت وىناك ِمور آخر ىو ِمور :وسائل َّ
ان﴾ ،وىذه اخلطوات ُك ِررت يف القرآن ،ماذا؟ الوسوسة ،وطريق خطواتَ﴿ :ال تَتَّبِعوا خطُو ِ
ات الشَّيطَ ِ
ْ ُ ُ َ َّ
ٛ
جدا -ال يتسع لو ىذا ادلقام ،-لكن راجعوا كًلم ابن القيم يف "خطوات
احلديث عنها طويل ً
السالكُت" كلمات
جدا ،ذكرىا يف "مدارج َّ ِ
تسجلوهنا عندكم ،مهمة ً
الشَّيطان" فهي ستة أو سبعة ،لو ّ
مهمة وعظيمة.
أن نَ َفس الشَّيطان طويل ،وكيف أنو وكيف أن ىذا الشَّيطان يتدرج ابإلنسان ابخلطوات ،وكيف َّ
أحياان أبقل النتائج ،حىت ال ؼلسر على األقل ،وكيف أنو يعرف ادلداخل اليت على اإلنسان،
يرضى ً
فإن كان ادلنزع الذي ُؽلكن أن يدخل عليو منك ،ىو منزع الغلو يزيدك تديُّنًا ،يعٍت ػلُثُك على مزيد
السوية ِمن جهة الغلو.
فيؤزك ضلو االضلراف عن َّ الصحيحةّ ،
من التَّدين ،بطريقة ليست ىي الطريقة َّ
الًتاخي ،وزاده فيك ،وىكذا.
وإن عرف فيك الًتاخي والكسل والفتور َّأزك أ ازا إىل ىذا َّ
أحياان يرضى بنتيجة إشغالك ابدلفضول عن الفاضل ،إذا يئس من أن يوقعك وكيف أن الشَّيطان ً
دعة ،أو الكبائر أو حىت الصغائر ،فقد يرضى الشَّيطان أن يف ال ُكفر ،أو يئس أن يوقعك يف البِ َ
يُشغلك ابدلفضول عن الفاضل ،وتفصيل ابن القيم -رمحو هللا -يف خطوات الشَّيطان وتفاصيلها ،ىو
ِمن األمور اليت تدل على الفقو يف ال ِّدين ،ومعرفة اخلِطَاب القرآين ،واستقراء ىذا اخلِطاب.
إن واحدة ِمن وسائل الشيطان يف اإلغواء ونصب العوائق -وىذا مهم -فعنوان ا﵀اضرات:
ُتديدا ،أبصحاب االستقامة،
التَّزكية للمصلحُت .فأان سأُركز يف بعض العوائق ،فيما يتعلق ابدلصلحُت ً
مبن يُريدون أن يُق ِّدموا شيئًا .ىي الوسوسة ي مجاعة؛ فالشَّيطان إذا عرف أن ابب الكبائر عندك
الصغائر ،فكلَّما ظفر منك بزلة،
فضًل عن ابب اإلحلاد أو الشرك ،وكان يتعب معك يف قضية َّ ُمغلقً ،
َّجو -غَت قضية الفاضل الرجوع ،إذا يئس منك يف ىذا يت ِالًتاب ابالستغفار والتَّوبة و ُّ
مردغتو يف ُّ
وادلفضول -إىل قضية التَّحزين واألذى الداخلي ابلوساوس واخلواطر.
ٜ
أقسام الوساوس:
ىذه الوساوس واخلواطر على قسمُت:
)4القسم األول :وسواس َع َقدي :وىذا لو صور كثَتة ،ؽلكن أن أييت ويقول لك :أنت لديك
شك .فتقول أنت :-وهللا ليس لدي شك! الشيطان :حسنًا ،يف ذلك اليوم أنت عندما جاءت ىذه
فكرت أنو من ادلمكن بنسبة واحد فاصلة سبعة وثًلثون أل ًفا ( ،)ٔ،ٖٚأنو قد ال يكو ُن اآلية ،أنت َّ
صحيحا.
ً
-أنت :حسنًا ،أان مل أُف ِّكر ،كانت فقط ِ
خاطرة.
-الشيطان :ال ،أنت فَ َّكرت.
-أنت :حسنًا ،فماذا يعٍت اآلن؟؟
-الشيطان :أنت اآلن وقعت يف الشَّك.
-أنت :حسنًا ،ماذا أفعل اآلن!؟
-الشيطان :البد أن تدخل يف اإلسًلم ِمن جديد.
ىذا ابب من أبواب الشيطان ،وىناك أُانس يلقمون الطُّعم مباشرة ،متام؟ ،يقول :ىا ،أستغفر هللا،
أان؟ ال ،وهللا … ،ويدخل ،فإذا الشَّيطان رآك أنك ِمن ادلمكن أن تستجيب يف ىذا الباب ،قال :ي
حًلوة ىذا َّتصصي.
نعم ىذه واحدة ِمن أكرب َّتصصات الشَّيطان ،جيِّد؟ ِمن أكرب التَخصصات ،فلو خربة كبَتة
وطويلة وعريضة.
أيضا َع َقديَّة ،أييت فيقول لك :اآلن اخللود يعٍت األبد ،لكن
وؽلكن أن أييت إليك من انحية اثنية ً
البداية كانت كيف؟ مىت؟ َمن خلق َك َذا؟ دلاذا؟ كيف؟ ويدخل لك يف ىذا الباب .وقَ ْد َر ما تعطيو
يعطيك ،بقدر ما تسًتسل معو يعطيك ،مث تبدأ يف رحلة…
ي مجاعة ِمن أكثر األشياء ادلؤسفة اليت كانت وال تزال تصل -آخرىا األسبوع ادلاضي تقريبًا أو
الصًلة وأصبح ال يُصلِّي ،طالب علم
حىت من قبل ثًلثة أو أربعة أيم -على أسئلة النَّاس :واحد تََرك َّ
وملتزم ترك الصًلة يقول :أان اآلن ال أُصلِّي ،دلاذا؟ دخل يف ابب الوساوس.
ُ
ٓٔ
)2القسم الثاين :وسواس يف الطَّهارة والنِّيَّة وما يتعلق هبا ،و ً
أحياان ِ
يوصل بُت الطَّرفُت؛ فيدخل
العقدية والفكرية ،ويوصلها بوساوس الطَّهارة و َّ
الصًلة ،تعلمون أن ىناك أُانس يعيشون ابلوساوس َ
الصًلة ولكي يدخل يف الصًلة ساعة يف احلَ َّمام -دورة ادلياه ،-وبعد َّ رحلة عذاب حقيقية؛ فقبل َّ
الصًلة مثًل يقول :ىناك قطعة الصًلة ػلتاج إىل قصة ،وكل جزء ُؽلكن أن يُسبب لك إشكاال يف َّ َّ
مرىم -دىان أو كرمي -وضعتو على يدي ،وال أدري أيصل الوضوء للجلد أم ال يصل؟ ىناك كذا
وكذا ،إىل آخره… أو ىناك قطة َمَّرت ابلبيت ،وأظنها رمبا تركت أثر صلاسة يف ...وتظل تفكر
الصًلة لديك بدال ِمن-كما كنَّا نتكلم قبل قليل﴿ -تَْن َه ٰى َع ِن الْ َف ْح َش ِاء َوادلن َك ِر﴾ ،تقف فتصبح َّ
للصًلة؛ على العكس فيها بُت يدي هللا ﷻ وأنت خاشع ،مطمئن القلب ،مراتح النَّفس ،تشتاق َّ
الصًلة مرتبطة عندك ذىنياا مبسلسل شاق ِمن الطَّهارة ،والوضوء ،والتَّأكد وادلًلبس ىل فيها تصبح َّ
شيء أم ليس فيها شيء؟ ورمبا خرج شيء ورمبا مل ؼلرج شيء ،إىل آخره… فتحسب حسااب ،وُتمل
صِّرب نفسك بقولك ىذا فرض ،واجب ،وَّتاف ِمن النَّار ،إىل آخره ،لكن الصًلة القادمة ،وتُ َ
ىم َّ َّ
الصًلة عليك ِمن أثقل ما يكون ،إىل أن يصل احلال ابلبعض إىل ترك َّ
الصًلة، ذىنياا ونفسياا صارت َّ
الصًلة .وىذا تكرر ابلنِّسبة يل ،ووصلٍت أكثر ِمن حالة هبذه الطَّريقة ،يًتك َّ
وىذه القضية يعٍت قضية ِمن مجلة وساوس الشَّيطان ،وىذا ال يلغي وال ينفي أن يكون ىناك
بعض وسائل العًلجِ ،من خًلل الدَّائرة النَّفسيَّة ،لكن دخول الشَّيطان يف ىذه ادلناطق ،ىو دخول
َّ ِ ِ ِ ِ
ين َآمنُوا﴾ أساسي ووثيق ،وقال هللا سبحانو وتعاىل ﷻ ﴿:إَِّظلَا الن ْ
َّج َو ٰى م َن الشَّْيطَان ليَ ْحُز َن الذ َ
أيسَرك يف ُمستنقع أو يف ِسجن الشَّهوات و َّ
ا﵀رمات فواحدة ِمن غايت الشَّيطان ،إذا مل يستطع أن ِ
أمًل،
صلحا ،ولن تكون ً أن يُدخلك يف مربعات التَّحزين .فحُت تدخل يف ىذه ادلربعات :لن تكون ُم ً
ولن تستطيع أن تتجاوز مشكلة نفسك ،حىت تنقذ البشرية -بعد هللا تعاىل ﷻ-جيِّد؟ ،ىذه ِمن مجلة
عوائق التَّزكية.
لذلك غلب على اإلنسان أن يستنَت ابحللول الشَّرعية يف ىذه األبواب ،ويتعامل معها بطريقة
ادلتشبِّث ابحلل ،الذي يُسلِّم أن ما جاء بو الوحي يف مثل ىذه القضاي ،ىو حق ،وإن خالف طبيعة
ص َّور لو ِمن خًلل ىذا األذى. ما يُ َ
ٔٔ
العقديَّة،
الصحابة ابلقسم األول ،الذي ىو :الوساوس َ ولكم أن تتخيلوا ي مجاعة ،وقد َش َعر َّ
الصحابة كان اجلواب النَّبوي ابلنِّسبة ذلم،
الصحابة ،لكن وقت َّ الشَّيطان استعمل ىذا األسلوب مع َّ
يدخل يف خانة التَّفعيل ادلباشر ،فيسمع اجلواب ويدخل يف خانة التَّفعيل ،فادلشكلة ال أتخذ أكرب ِمن
الصحابة ليقولوا" :ي رسول هللا حجمها ،والغريب ىو اجلواب النَّبوي -ادلدرسة النَّبوية العظيمة -أييت َّ
َحب إليو ِمن أن يتحدث بو" ،يعٍت ىناك َّإان لنجد يف أنفسنا ،ما أن َِؼلَّر أحدان ِمن السماء ،أ ُّ
وساوس أتتينا ،عن هللا سبحانو وتعاىل ﷻ -عن اإلؽلان -ىي أقبح وأشد وأغلظِ ،من أن ؽلكنٍت أن
أتلفظ لك هبا ي رسول هللا- ،مبا أيتيٍت ِمن اخلواطر-
انظروا ادلستوى واجلواب النَّبوي العجيب -وهللا غريب -وكما قلت فأنت تلتمس دالئل النُّبوة يف
نكرين بعض ادلناطق اليت ال يشعر هبا كثَت ،وال يروهنا ،وىذا -كما قلت -ليس يف مقام جدال ادل ِ
وادللحدين ،ال ال ،بل يف سياق ادلؤمن الذي يستطيع أن يلتمس بعض اجلوانب النَّبوية ،اليت ىي يف
صميم ما يُثْبِت لك عظمة ورَّابنيَّة ىذا ال ِّدين العظيم ،وَّتيَّل َّ
الصحابة أيتون هبذه الطريقة ،وأييت النَّيب
ص ِر ُ
يح ذاك َوج ْدُمتُوهُ؟" ىذا يف صحيح مسلم ،حديث صحيح ،قالوا :نعم ،قالَ " : ﷺ يقول" :وق ْد َ
آت بنفسيَّة أن ي رسول هللا ادلوضوع أكرب ِمن أن أقدر أن أتلفظ اإلؽلان" ،انظر ادلفارقة :بُت إنسان ٍ
ِ
بو -تعلمون صورىا اآلن عند كثَت ِمن النَّاس :ىل أان َك َفرت أم مل أَ ْك ُفر؟ -فيجيءُ ويقول ذلمَ " :
ذاك
ِ
اإلؽلان". ص ِر ُ
يح َ
وحُت تكلَّم العلماء عن ىذا احلديث ،قالوا ادلقصود ىو :طروء مثل ىذه الوساوس عليكم،
ِ
الصحابة ،فقالوا: أيضاَّ -
السنن حُت جاء ً - اإلؽلان" ،ويف ُّ ص ِر ُ
يح وكراىيَّتكم ذلا ،ودفعكم ذلا ،فهذاَ " :
ي رسول هللا َّإان صلد يف أنفسنا ،ما أن يكون أحدان ُمحَ َمةً ،أحب إليو ِمن أن يتحدث بو ،فقال النيب
أيضا ُزلَ ِّذ ًرا ،فقال ِ
كيده إىل الوسوسة" ،وابتدأ النيب ﷺ أصحابو ً رد َ احلمد ﵁ِ الذي َّ ﷺ" :هللاُ أكربُُ ،
أح َد ُك ْم" وىذا فيو دليل واضح ،على دور الشَّيطان يف الوساوس كما يف البخاريَ " :أيْيت الشَّْيطَا ُن َ
ِ
حىت
قولَ :من َخلَ َق َك َذا؟ َمن َخلَ َق َك َذا؟ َّ
أح َد ُك ْم فيَ ُ الفكرية والعقدية ،قال ﷺَ " :أيْيت الشَّْيطَا ُن َ
ابَّللِ ولْيَ ْن تَ ِو.".
ك؟ فَِإذَا بَلَغَوُ فَ ْليَ ْستَعِ ْذ َّ
ولَ :من َخلَ َق َربَّ َ
يَ ُق َ
ٕٔ
كما قلت اجلواب ىذا كان ابلنسبة للصحابة يتحول مباشرة إىل تفعيل.
يؤمل أن يكونوا من ادلصلحُت؛ تنبهوا إىل حيللذلك ي درة األزمان -كما يقال -أعٍت من َّ
الشيطان يف إقعاد اإلنسان ادلسلم عن أن ينطلق يف أفاق العمل ،ويف أفاق التزكية ويف أفاق اإلصًلح،
بشَرك الوساوس واألفكار ،اليت ؽلكن أن يؤسر فيها فًل ؼلرج .وإن عن أن ينطلق يف ىذه األفاق َ
أصابك شيء من ىذا فيجب عليك أن تعلم أنك لست أول من يصاب ،وأن الصحابة قبل ذلك قد
تعرضوا دلثل ىذا ،فإيك أن تستجيب ،إيك أن تسًتسل ،إيك أن تظن أن القضية أنك منافق ،إيك
أن جتيب بنعم أو بًل إذا قال الشيطان أنك كفرت ،أو انفقت مبثل الوساوس واألفكار.
ىذا أتكلم عن عامل األفكار والوساوس ،أما عامل الشهادة فلو أحكامو ،ولو صوره ادلعروفة اليت ال
تلتبس بغَتهِ.
جدا
مرة أخرى ادلصدر الثاين من مصادر توليد العوائق بينك وبُت التزكية :الشيطان ،والصور كثَتة ً
جدا ركزت على واحدة منها؛ ألننا يف سياق الكًلم عن ادلصلحُت وىي :الوسوسة اليت تُقعدك عن ً
العمل ،والوسوسة اليت تدخلك يف دائرة التح ِزين ،فبعضهم غليء ويقول لك أان كنت مؤمل ودخلت
برانمج كذا ودخلت برانمج كذا ،وبدأت بطلب العلم ،مث أصبت بوسواس كذا وكذا ،واآلن غاية أملي
أين إذا أتيت أصلي ،أين ال آخذ ثًلث ساعات وال ساعتُت قبل الصًلة وبعد الصًلة ،ومعها يف
جيدا.
الوضوء والطهارة ،فقط أريد أن أصلي ي أخي فقط أريد أن أصلي ً
أنظر كيف انتقل من ذلك األفق العايل الواسع إىل ذاك األفق الصغَت الضيق ،وىو من مجلة
مكائد الشيطان.
جدا ،وفيها نصوص كثَتة لكن
بوابة الشيطان مع الشهوات أيضا ىذي بوابة كبَتة وضخمة ً
سأُرجئ احلديث عنها إىل ادلضامُت إبذن هللا تعاىل ﷻ.
ٖٔ
العائق الثالث :البيئة احمليطة:
ادلصدر الثالث من مصادر العوائق ىو البيئة ا﵀يطة .ويدخل يف ذلك أمور كثَتة .فهل ىذه مطلقة
أم نسبية؟ نسبية ليست مطلقة وإظلا نسبية ،طيب النفس ،الشيطان مطلقة وال نسبية؟ مطلقة ،فأي
فالنفس والشيطان علا من مصادر عوائق التزكية ابلنسبة لو ،ىذا مطلق أما البيئة وا﵀يط
ْ إنسان مكلف
فهي نسبية.
كل البيئات فيها ُتديت لكن ىناك نسبية :فقد تكون البيئة اليت أنت نشأت فيها قد أنعم هللا
عليك أبن جعلها بيئة مساعدة للتزكية ،وقد تكون البيئة اليت نشأت فيها من مجلة االبتًلءات اليت
عليك ،بيئة عائقة أو معيقة عن التزكية ،لكن الذي غلب أن يدركو اإلنسان ىو أن الوحي قد ذكر
ادلعامل اليت ؽلكن أن تستفيد منها يف سلتلف البيئات من انحية التزكية .فأنت جتد مثًل ما يتعلق
ابلصداقة والصديق سواء من حيث اإلرشاد اإلغلاب أو من حيث التحذير السليب ،ستجدىا يف
الوحي.
ول َي ض الظَّامل َعلَى يَ َديِْو يَ ُق ُ فتجد مثًل يف سورة الفرقان قال هللا سبحانو وتعاىل ﷻَ ﴿ :ويَ ْوَم يَ َع ُّ
َضلٍَِّت َع ِن ال ِّذ ْك ِر بَ ْع َد إِ ْذ ِ ِ الرس ِ
ول َسبِ ًيًل ۞ َي َويْلَ َىت لَْي تٍَِت َملْ أَََّّت ْذ فًَُل ًان َخل ًيًل ۞ لََق ْد أ َ ت َم َع َّ ُ لَْي تٍَِت َّاَّتَ ْذ ُ
جاءِين وَكا َن الشَّيطَا ُن لِ ِْْلنْس ِ
ان َخ ُذ ًوال﴾ َ ْ ََ َ
ىذه اآليت فيها فوائد كثَتة:
ٔ) صديق السوء وأثره ،وما ؽلكن أن يؤديو لك من الدخول إىل النار،
ِ ِ
ٕ) عًلقة الشيطان كمصدر ابلبيئة كمصدرَ ﴿ :ي َويْلَ َىت لَْي تٍَِت َملْ أَََّّت ْذ فًَُل ًان َخل ًيًل ۞ لََق ْد أ َ
َضلٍَِّت
ان َخ ُذ ًوال﴾ أين خذالن الشيطان لْلنسان ىنا؟ ىو ع ِن ال ِّذ ْك ِر ب ع َد إِ ْذ جاءِين وَكا َن الشَّيطَا ُن لِ ِْْلنْس ِ
َ ْ ََ َ َْ َ
ت َم َعَّتذيل الشيطان لْلنسان ىنا أنو كان أمامو الطريقان ،ففي أول اآليت يقولَ ﴿ :ي لَْي تٍَِت َّاَّتَ ْذ ُ
َضلٍَِّت َع ِن ال ِّذ ْك ِر بَ ْع َد إِ ْذ َجاءَِين﴾ ىناك الرسول وىناك الذكر ول َسبِ ًيًل﴾ ،وقال بعدىا﴿ :لََق ْد أ َ الرس ِ
َّ ُ
ىذا طريق ،وىناك أيضا اخلليل السيء ،فكان دور الشيطان ىو تشويو ىذا الطريق ،وتزيُت ذلك
الطريق ،وىذا خذالن الشيطان لْلنسان.
ٗٔ
ضلن اليوم وإن كنا نتكلم عن سياق ادلصلحُت ،فنحن أيضا نتكلم عن واقع ،فالبيئة فيو مليئة
ابلتحديت ومليئة ابلعوائق ،حىت يكاد يكون أكثر الناس لديهم يف بيئتهم عوائق :فهناك كثَتون
غلدون العوائق يف العائلة ،وىناك بعكسهم أانس عائلتهم أو عوائلهم ىي الداعمة ذلم يف اخلَت ،ىناك
آخرون غلدون ادلشكلة يف بيئة ادلدرسة أو يف بيئة اجلامعة ،وىناك آخرون لديهم بيئات بديلة؛ لذلك
من أىم وسائل الضماانت يف ىذا العائق -واآليت قد أشارت إليو -ىو ضرورة إغلاد بيئة للمصلح
تكون معينة لو على جتاوز ُتديت نفس البيئة ،إغلاد اخليار اإلغلاب ،اخليار الصحيح احلق ،أن يعيش
اإلنسان يف ىذا اخليار ،يف ىذه البيئة الصاحلة ،ىذا األمر يف غاية األعلية والضرورة ابلنسبة لْلنسان
الصاحل ادلصلح.
وىذا اخليار غلب أال يكون زلل هتاون ،وغلب أال يكون زلل إرجاء وأتخَت ،وغلب أن يكون
الصحبة الصاحلة ،األخوة الصاحلة ،ا﵀بة يف هللا ،ىذه البيئات ىي من أعظم ما يعُت اإلنسان ليس
فقط على جتاوز العائق الثالث وىي البيئة وإظلا حىت على العوائق السابقة (النفس والشيطان) ،وأنت
تعلم أنك إذا خلوت بنفسك أن أمر نفسك إيك ابلسوء أسهل من أمرىا لك ابلسوء وأنت مع
إخوانك ،وىكذا الشيطان.
لذلك احلل وىو واحد من أعظم احللول ىو ضرورة إغلاد البيئة الصاحلة ا﵀يطة ابإلنسان ،وأن ىذا
خيارا تكميليًا وإظلا أساسي.
اخليار ابلنسبة حلياتو ىو ليس ً
العائق الرابع :األعداء:
أيضا ،واألعداء دورىمادلصدر الرابع من مصادر العوائق :ىم األعداء .وىذا مصدر نسيب ً
األساسي ىل ىو يف إقامة العوائق بينك وبُت التزكية؟ أم يف القضاء على احلق؟ ج :زلاربة احلق ،يعٍت
أقصد يف األساس .مثًل ننظر دور األعداء يف وقت النيب ﷺ؛ أكثر دورىم ىو زلاربة احلق ،وأحياان
كثَتا.
زلاربة احلق تزيد التزكية وال تنقصها -ليس أحياان -بل ً
٘ٔ
حينما تكون ادلواجهة صرػلة بُت احلق والباطل يرتفع التزكي واإلؽلان ،وتظهر حقائق من اإلؽلان ال
تظهر إال يف الصراع بُت احلق والباطل ،ولكن أحياان يكون من أدوار األعداء ،وىذا وجد يف وقت
النيب ﷺ بصور معينة خاصة يف اليهود ويف ادلنافقُت ،يكون من أدوار األعداء :احليلولة أو زلاولة
احليلولة بُت ادلسلم وبُت االستقامة على طريقو.
َّ ِ ِ ِ ِ ِ َّ ِ ِ ِ
ت طَائ َفةٌ م ْن أ َْى ِل الْكتَاب آمنُوا ابلذي أُنْ ِزَل َعلَى الذ َ
ين َآمنُوا َو ْجوَ كالشبهات وبثها ،مثًلَ ﴿ :وقَالَ ْ
آخَرهُ لَ َعلَّ ُه ْم يَْرِجعُو َن﴾ ماذا﴿ :لعلهم يرجعون﴾ متام ادعوا اإلؽلان ليصَت اختًلل يف النَّها ِر وا ْك ُفروا ِ
َ َ ُ
القضية ،ىذا يؤثر .قال هللا سبحانو وتعاىل ﷻ﴿ :وفيكم مساعون ذلم﴾ فيكم مساعون ذلم ﴿إذ علت
طائفتان منكم أن تفشًل﴾ مع أهنم مؤمنُت قد يكون ىذا بسبب انسحاب ادلنافقُت ،ىذا يف غزوة
أُحد .فاألعداء ذلم دور.
ي مجاعة اليوم دور األعداء يف إضعاف التزكية ،واحليلولة بُت ادلسلم وبُت التزكية ىو أكرب من أي
وقت مضى ،ىناك مشاريع إفسادية مرتبة ومشولية للحيلولة بُت ادلسلم وبُت استقامتو على دين ربو.
وفيها صور كثَتة.
شهوات "على كيفك" ،على مستوى عام :عرب مواقع وغَته ،أو على مستوى خاص :عرب هتيئة
الفساد ،حىت أحياان ألانس مصلحُت أبعياهنم حىت ي ِزلوا يف مثل ىذه ادلستنقعات وعرب الشبهات.
مثًل حُت تتكلم عن مرحلة القرن العشرين ،والقرن التاسع عشر ،حُت تقول من ىم أعداء األمة
اإلسًلمية؟ وما أبرز ما قدموه؟ الزم تذكر من؟ ادلستشرقون ،صح أم ال؟ ادلستشرقون كان دورىم بث
الشبهات ،وبث الشبهات الذي قدمو ادلستشرقون صلحوا ابلفعل يف صرف أانس كثَت من ادلسلمُت
عن دينهم ،وعن االستقامة ،وعن التزكية بسبب الشبهات اليت بثوىا .وظهر عندان طائفة وشرػلة من
العرب ،وادلسلمُت التابعُت ألولئك ادلستشرقُت فكرا ،ومنهجا ،وعمًل وىذا كلو من مجلة أتثَت
األعداء.
اليوم مع كثرة الوسائل اإللكًتونية خاصة ،سهولة إيصال الشبهات والشهوات- ،ويعٍت ىذا فقط
طرف اخليط وما ؽلكن أن يُرى -وإال ففي الباطن أو لنقل يف أروقة ادلفسدين من الكيد لْلسًلم
ٔٙ
للمصلحُت وأىل اإلصًلح يف قضية االستقامة والصًلح واإلصًلح ،ما ال يتصور؛ ولذلك
وأىلو ،و ُ
غلب أن يعي اإلنسان ادلسلم أن من أعظم عوائق التزكية( :مصدر األعداء) .وذلذا صور كثَتة ال داع
لذكر تفاصيلها.
ىذا ا﵀ور األول وىو زلور صغَت ،قصَت ،وسريع ،ومستعجل ،وفيو لفت انتباه إىل رلموعة
مصادر ،اذلدف والثمرة من ىذا العرض ىو أن تدرك وأنت تسَت يف ىذه احلياة ،أنك تسَت بُت مجلة
جدا ،وأنو ال ملجأ ،وال سلرج ،وال سبيل إال ابلتوكل على هللا ﷻ واالعتصام بو ُتديت كبَتة ً
اَّللِ َعلَي ُكم َوَرمحَتُوُ ما َزكى ِمن ُكم ِمن
ضل َّواالستهداء بو واالستمداد منو سبحانو وتعاىل ﷻَ ﴿ :ولَوال فَ ُ
ذين َح ٍد أَبَ ًدا﴾ ،إذا قرأمت بداية اآلية ستعرف العًلقة بينها وبُت ىذا ادلوضوع ،ما البداية؟ ﴿ي أَيُّ َها الَّ أَ
َ
َّيطان فَِإنَّو أيمر ِابل َف ِ
حشاء َوادلن َك ِر﴾ الحظوا ات الش ِ َّيطان ومن ي تَّبِع خطُو ِ آمنوا ال تَتَّبِعوا خطُو ِ
ات الش ِ
ُ َ ُُ ََ َ ُ ُ َ
ىذا أيمر ابلفحشاء وادلنكر ،وتنهى عن الفحشاء وادلنكر؛ ىي وطيدة يف موضوع التزكية ،فاربِطوا بُت
اآليت والنصوص.
ٔٛ
أان طبعا ذكرهتا ىنا دلاذا؟ ىي طبعا جديدة نوعا ما ،ىي مرتبطة ابلواقع الذي نعيش فيو ،وترتبط
ابدلًلحظة ،يعٍت مًلحظة شخصية الحظتها يف ادلهتمُت اجلدد ،طًلب العلم من األجيال اجلديدة؛
الشباب األجيال اجلديدة يعٍت ما دون مثانية عشر أو عشرين ،وما قارب ذلك -يعٍت اجلامعة تقريبا،-
اسعا يف
حضورا و ً
ً وما حولو وما قبلو فيو بعض التحديت والشبهات النفسية اليت مل تكن حاضرة
األجيال السابقة من ادلصلحُت أو من ادلهتمُت "شبهات نفسية" وىي ظاىرة وكثَتة منها :سؤال الثقة
ابلذات ،وابلطريق.
وسؤال الثقة ابلذات ال أقصد بو عدم الثقة ابلنفس؛ وإظلا سؤال الثقة ابلذات وابلطريق أنو يعٍت
أتيت مضامُت تشكيكية؛ أنو أان ال أصلح ،أو أنو ما يدريٍت أن طريقنا صحيح مثًل أو طريق
االستقامة ،لكن ال تُعرض بناءً على معطيات معرفية ،إظلا تعرض بناءً على ضعف نفس ،فأحياان
يلفت انتباىي رلموعة أسئلة غريبة ،ىي أسئلة جديدة ما كانت موجودة بكثرة سابقا.
(سؤال العجز والضعف) ي مجاعة ضلن يف الربامج العلمية تواجهنا أسئلة -خاصة يف الدفعات
األخَتة ،-أسئلَة غريبة يعٍت لنقل مثًل طلب العلم سابقا -ليس ابلبعيد يعٍت قبل مخسة عشر سنة،
أربعة عشر سنة ،ىذه احلدود -ترى طالب العلم أييت للمسجد ػلضر الدرس ىو يقوم بكل شيء،
الشيخ فقط يعطي الدرس وؽلضي ،الطالب يكتب كل شيء ويلخصوُ ،مث جتده يف آخر ادلسجد
جتاواب أو يتم زجره أحياان ،ويصرب وتلقاه
ػلفظ ويراجع ،وىو الذي يسأل ،وكثَت من األحيان ال غلد ً
زلتسبا واألمور متام ورلتهد ،أما اآلن:
" -شلكن تعطينا تفريغ ا﵀اضرة؟"
-طيب أبشر نعطيك تفريغ ا﵀اضرة.
" -شلكن تقول يل األشياء ادلهمة يف التفريغ الذي يف ا﵀اضرة"
-طيب ىذه األشياء ادلهمة ،ثًلثة أشياء.
" -وهللا فيو اختبار يوم السبت لكن أان ال أعرف ما الذي سأذاكره" -وهللا من جد ي مجاعة!
-طيب عندك أنت مخس زلاضرات ،وكتاابن وبرانمج واضح ،ووضعنا ملخصات وفيو تفريعات
مث "طيب شلكن تقول يل ادلهم أان ما أعرف ماذا أذاكر!" متام؟
ٜٔ
وقس على ذلك أسئلة كثَتة ،إنسان يريد أن يكون سلدوم ومفصل لو بتفصيل دقيق كل شيء،
ىو نفسيا يراتح واحلمد ﵁ ،وإذا ما كان يف كل ىذه ادلضامُت يقول لك" :وهللا دخلت الربانمج،
برانرلهم ليس واضحا ،وهللا ىم صراحة انس جيدين ،مسعتهم جيدة ،وأعرف انس من أصحاب
استفادوا ،لكن أان دخلت وجدتو غَت واضح ،حىت اجلدول نزلوه ألوانو ما كان تصميمها حلو "وي هللا
إذا كان ىناك خطأ يف اجلدول ":قلتم لنا إنو يوم السبت االختبار ،اآلن نزل اجلدول يوم الثًلاثء" …
ىذا (سؤال الضعف والعجز) سؤال من أكثر األسئلة مثال":أان ما أعرف ،عندي كتاب كيف أقرأ
الكتاب؟" وليس ادلقصود ب (كيف أقرأ كتاب؟) ىو مهارات القراءة العامة ال ،أسئلة متكررة وكثَتة
وصارت ظاىرة ،دلا تصَت بصيغتها ادلعرفية العامة ما فيها إشكال؛ مثًل سؤال علمي عام عن الطريقة
األنفع لقراءة ادلطوالت أو لقراءة الكتب ادلركزية ،فيأخذ األنسان اجلواب وىو غلتهد ،لكن أنت بعدما
تشرح تقول":طيب كتاب كذا يدخل كذا ،جتيبو متام ،مث أييت واحد يقول :الكتاب الثاين يدخل
والال؟" ي حبييب اصربوا قليًل خذوا القاعدة العامة ،أنتم انزلوا اجتهدوا ،اغلط عادي ...ىذا إشكال.
ىذا شيء مًلحظ اآلن ،أان ابلنسبة يل كمحتك .لنقل جبيل من طًلب العلم يف الربامج ،ىذا
الضعف والعجز بدأ يظهر ويطفو ،وىو ليس هبذه الصورة فقط ،أان ذكرت الصيغ ادلعرفية ،عموما فيو
صور أخرى ال أريد الدخول هبا ،لكن أريد ادلصلحُت ينتبهون إىل أن فيو تساؤالت جديدة وشبهات
جديدة ،واجليل الصاعد الناشئ ،ضلن مثًل كمربُت للجيل أو كمتعاملُت معو غلب أن نغطي ىذه
ادللفات ،لذلك أان عملت مثًل :سلسلة سوية ادلؤمن ،و يف أول حلقة (الثبات) ذكرت عنوان (السوية
النفسية)؛ أنو فعًل يوجد احتياج اآلن ضروري لِذكر مثل ىذه ادللفات وادلوضوعات ،وسابقا -كما
قلت -ما كانت موجودة بشكل كبَت ،أنت اآلن يعٍت -مثًل الشباب ادلوجودون ىنا -لكن اآلن
احلمد ﵁ سنتُت أمورىم متام-
من أول ما بدأت مثًلَّ ،تيل لو عملت مرة واحدة "مبوجب ما فعلوا" من أمور تستوجب ضرب
اخليزران فلو أين مرة واحدة فعلت ىذا خاصة يف بداية السياق.
ٕٓ
األستاذ :ما كسرت قلوب ،أنت َّتاف أنو يف بعض الدوائر يقول لك -كما قال ابألمس أحد
الشباب ":-أنو بعد كم سنة يؤلف كتاب دلاذا خلق هللا األمل يف احلياة"؛ ألنو أكل لو ضربة خيزرانة
صغَتة وىو يف التحفيظ ،بينما سابقا واحد يعٍت يتعرض دلشكًلت وُتديت ...إىل آخره.
إنو كان يف رلاوزة ومبالغة وخطأ يف ىذا اجلانب ،لكن فعًل فيو قدر من الًتف .أان أذكر واحد
من ادلشايخ ،يقول يعٍت أنتم اجليل اجلديد من طًلب العلم":جيل ادلؤلفة قلوهبم" -وهللا يقول جيل
ادلؤلفة قلوهبم -يعٍت الزم "تراعي وتنتبو وأان ال أقصد كذا ،ي شباب أنتم جيدين وأموركم متام"-
مداراة ،-ىو انعكاس لقضية ،يعٍت نوع من أنواع الضمور النفسي أو الضعف النفسي ،أو نوع من
اذلشاشة اليت ُتتاج تسوية أو َسوية ،لذلك الشبهات النفسية -ضلن ما بدأان ابلشبهات فقط نعرض
اخلارطة -الشبهات النفسية ابلنسبة للسياقات اجلديدة أو لألجيال اجلديدة من ادلهتمُت من طلبة
العلم ،من ادلصلحُت ىذا ادللف ليس سهًل ،وليس ىامشيا وينبغي العناية فيو ،و سنتعرض لو إن شاء
هللا ﷻ بشكل سريع.
الشبهات املنهجية:
مث الشبهات ادلنهجية اليت ىي من أبرزىا اليوم -ابلنسبة دلن يريد أن يكون مصلحا( :-سؤال
اجلدوى) ىذا السؤال من أكثر األسئلة اليت تًتدد اليوم ،يعٍت" :ىل فيو مثرة لو أنت اشتغلت اآلن؟
عملت لْلسًلم؟ ال ترى الوضع كيف اآلن؟ أال ترى الواقع أعطٍت فقط بصيص أمل ،ال شيء ،يعٍت
ىل اب﵁ فيو رلال الواحد يبدأ ويطلب العلم بعد مخس سنوات ،وسبع سنوات شلكن يقدم شي ويبدأ؟
اب﵁ الزال فيو أمل ال زال فيو جدوى؟"
ىذا سؤال منهجي ،وىذا السؤال ما قبل إحدى عشر ،أو اثٌت عشر سنة من اآلن ،مل يكن سؤاال
شائعا ،ؽلكن يكون سؤال عند بعض األفراد بعض الناس ،ولكن مل يكن سؤاال شائعا .كما يف
السنوات األخَتة صار سؤاال شائعا ،وأحياان يكون شائعا ال ينص على إخراجو إظلا أنت تلمس آاثره،
ذلك اإلنسان الذي كان ػلًتق علا ،ويبذل ويتعب وال يضيع أوقاتو ،ومتفائًل ،جتده قد ضمر،
وشحب ،وترك ،وصار ابلكاد شلسكا بطرف احلبل.
ٕٔ
مستعدا
ً جدا مل يكن
أحياان قد يكون سببو ىو :وجود مؤثرات خارجية قوية ً
وىذا سؤال منهجي ً
ذلا ،ومل يكن عنده جواب عن آاثرىا فيما لو حصلت ،فهو كان يسَت يف حالة من الرخاء ،وحالة من
األرػلية ،مل يكن ىناك من التحديت اخلارجية ما يستوجب عنده ىذا السؤال.
فلما جاءت التحديت اخلارجية وكسرت آمالو ،وحطمت اآلفاق اليت كان يسعى ذلا؛ نتج عنده
ىذا السؤال ،فهو نفسي ابعتبار األثر الذي حصل لو من أث ٍر خارجي ،لكن صورتو األساسية برأيي
ليست من الصورة األوىل أي (الشبهات النفسية الناجتة عن نفس زلضة ،ضعيفة ،ىشة مل تُرب على
درجة عالية من البذل ،والعطاء ،والتضحية والصرب) ابلعكس ىذا سؤال اجلدوى قد يكون صاحبو -
صبورا ،وقد يكون صاحب جتربة ،وقد يكون بذل وقدم ،ولكنقوي ،وقد يكون ً سائلو -يف نفسو ً
نظرا للظروف اخلارجية ا﵀يطة اليت استجدت عليو ،وعلى طريقو ،مل يعرف كيف ؽلكن أن يتجاوز مثل
ً
ىذه األزمة ،فقعد عن العمل ،فهو سؤال منهجي أقرب منو سؤال نفسي.
الوجهة) أان نزلت مقطع" :مفاتيح حول سؤال قلق الوجهة" ال
أيضا من السؤال ادلنهجي( :قلق َ
يسأل يف اجتاىات أساسية ،ال ،ىناك فوضى يف األطروحات ،ىناك منابر كبَتة جديدة ،فيو تضارب
خاصة بُت أطروحات التجديد واألصالة ،ىل ضلن نسَت يف ىذا الن َفس مع ىذا الطرح التجديدي
وادل َو ِسع ،أو نسَت مع نفس آخر ،طيب ىذا ما حدوده وىذا ما حدوده ،ىناك أسئلة منهجية من
ىذا اإلطار.
ىذا اآلن عرض سريع خلارطة الشبهات -مل ندخل فيها -فقط عرضتها ووصفتها ،مث بعد ذلك إن
شاء هللا ﷻ يف اللقاء القادم ،سنتعرض ذلا بشكل فيو نوع من التفصيل مع بعض احللول.
وبعد ذلك ننتقل للقسم الثاين وىو الشهوات( :القلبية واجلسدية) وما يدخل فيها من أمراض
القلوب مثل الكرب ،والعجب ،وألننا نتكلم عن التزكية للمصلحُت فسنركِز على بعض األدواء :مثًل
حب اجلاه ،والتصدر ،يعٍت ما يتعلق هبذا ادللف ،سأتناولو إن شاء هللا ﷻ يف اللقاء القادم ،كذلك
التفرق ،والتنازع ،واحلسد ،وتصيد األخطاء ،ىذا من مجلة الشهوات القلبية -األمراض القلبية ،-وأما
تعرضا سر ًيعا إبذن هللا تعاىل ﷻ.
اجلسدية فسأتعرض ذلا ً
خَتا على احلضور وشكر هللا لكم وشكر لكم سعيكم. جزاكم هللا ً
ٕٕ