You are on page 1of 227

‫تقدمة‬
‫الحمد هلل الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق؛ ليظهره عىل الدين‬
‫كله ولو كره املرشكون‪ ،‬والصالة والسالم عىل من دعا إىل ربه عىل‬
‫نور وبصرية من ربه‪ ،‬وعىل آله وصحبه مصابيح الدجى‪ ،‬وعىل معلمي‬
‫الناس الخري‪ ،‬السائرين عىل هديه وطريقته‪ ،‬وبعد‪:‬‬
‫فقد باتت خدمة الدعاة يف ميادين عملهم من األوليات‪ ،‬بسبب كرثة‬
‫الواجبات‪ ،‬و ِعظَم الحاجات و ِق ِّل األوقات املتاحة للبناء واإلعداد‪،‬‬
‫أمام العاملني يف ميادين الدعوة والتعليم والرتبية‪.‬‬
‫ولذا جاءت فكرة تقريب بعض أهم املوضوعات الرتبوية التي يكرث‬
‫طرقها‪ ،‬من خالل إيراد عنارص رئيسة يف كل واحد منها؛ كمفاتيح ُم ِعينة‬
‫تسهم يف إثراء املوضوعات‪ ،‬مع ترك فسحة أكرب أمام املعلم والداعي‬
‫والخطيب يف اختيار األسلوب األمثل للطرح والتناول أمام الرشائح‬
‫الدعوية التي يخاطبها‪ ،‬وهي املختلفة يف املدارك والحاجات؛ ليقوم‬
‫برتسيخ املفاهيم والبناء واإلصالح‪ ،‬بادئاً باألهم‪ ،‬طارحاً املوضوع‬
‫باللغة األنسب‪ُ ،‬معتنياً بذكر األمثلة من واقع الناس‪ُ ،‬م ِ‬
‫بدعاً يف اإللقاء‪،‬‬
‫ُمج ِّددا ً يف أساليب العرض واإلقناع‪.‬‬
‫متثلت هذه الطريقة يف تقديم موضوعات يشتمل كل منها عىل‪:‬‬
‫تصوير موجز لفكرة املوضوع‪ ،‬ثم عنارص مقرتحة‪ ،‬ثم أبرز النصوص‬
‫من‪ :‬اآليات القرآنية‪ ،‬واألحاديث النبوية‪ ،‬واألمثلة التطبيقية‪ ،‬واألقوال‬
‫املأثورة‪ - ،‬مع محاولة توضيح وجه االستشهاد حني ال يكون ظاهرا ً‬
‫من النص ‪ ،-‬وأخريا ً‪ :‬بعض املراجع امل ُ ِعينة يف إعداد املوضوع‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫آملني من هللا تعاىل بأن يبارك يف هذا العمل‪ ،‬وبأن تضيف هذه‬
‫الطريقة جهدا ً ملهامً للداعية حال تجهيزه للامدة التي سيلقيها‪ ،‬وأن‬
‫يكون فيها معونة لنقل اإللقاء من مرحلة اإلفادة فحسب‪ ،‬إىل مرحلة‬
‫التأثري الذي يش ُّد السامع ويُش ِّوقه ويربطه‪ ،‬ويحرك ذهنه ليفكر فيام‬
‫سمع محاوالً تطبيقه‪ ،‬مستفيدا ً من األمثلة الواقعية والوسائل العملية‬
‫التي ينبغي للداعية أن يركز عليها‪ ...‬ويشء من ذلك رمبا لن يتحقق‬
‫ما مل يأخذ املوضوع من الداعية حقه من التفكري املعمق‪ ،‬والوقت‬
‫الكايف يف اإلعداد والتحضري‪.‬‬
‫راجني من هللا تعاىل‪ ،‬أن يتقبل هذا الجهد العاثر‪ ،‬ويجعل منه زادا ً‬
‫ُمسهالً للتعامل مع األساليب املتنوعة واملناسبات الدعوية املتعددة‪.‬‬
‫وختاماً‪ :‬يا ربنا اللطيف الرحيم‪ ،‬يا ربنا القريب املجيب‪ ،‬بفضل‬
‫وجودك نسألك بأن تبارك هذا الجهد املتواضع‪ ،‬وأن تجود عىل الجميع‬
‫بالقبول والجزاء الحسن‪ ،‬إنك أهل الثناء والعطاء واملجد‪.‬‬
‫وهللا الهادي‪،،‬‬

‫ج َن ُة ال ِعلْ ِم َّي ُة‬


‫اللَّ ْ‬

‫‪4‬‬
‫إشارات وتنبيهات‬
‫في إعداد الموضوعات‬
‫نجاح اإللقاء والتدريس والخطابة والوعظ متوقف عىل جملة‬
‫أمور‪ ،‬منها‪:‬‬
‫ )‪(1‬االستعانة باهلل تعاىل‪ ،‬والتوكل عليه‪ ،‬فهذا هو أساس التوفيق‬
‫والتسديد‪.‬‬
‫ )‪(2‬الخطابة والتدريس ف َّنانِ من الفنون الدعوية املهمة‪ ،‬لهام أصول‬
‫وقواعد ينبغي للداعية الجاد أن يحرص عىل إتقانها‪ ،‬كام يحسن‬
‫مراجعة الكتب التي اعتنت بتأصيلها وبيان وسائلها‪.‬‬
‫ )‪(3‬ينبغي استفادة الداعية م َّمن سبقوه من إخوانه الدعاة‪ ،‬ليستثمر‬
‫تجاربهم يف تنمية قدراته وملكاته‪.‬‬
‫ )‪(4‬الحرص عىل مراعاة املناسبة وظرف املستمع؛ باختيار املوضوع‬
‫األنسب‪ ،‬والحديث يف املدة التي ال تثقل عىل السامع‪.‬‬
‫ )‪(5‬الحرص عىل اإلفادة من املراجع امل ُ ِعينة املذكورة يف كل موضوع‪،‬‬
‫‪ -‬والتي اقتُ ِ‬
‫ص فيها عىل ما يُظَ ُّن توفره لدى الداعية أو قريباً منه‬
‫من املراجع الجامعة ‪ ،-‬إضافة إىل العناية بالنظر يف تفسري اآليات‬
‫ورشوح األحاديث كـ(فتح الباري) مثالً‪ .‬وهذا النظر يف املراجع‬
‫مفيد لل ُملقي يف تصور املوضوع وفهمه جيدا ً‪ ،‬ويف القدرة عىل‬
‫توضيح اإلشكاالت واإلجابة عىل التساؤالت‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫ )‪(6‬اإلملام بفكرة املوضوع بشكل جيد‪ ،‬وكثري من السامعني قد‬
‫ينفض عن بعض الخطباء واملدرسني؛ ألنه يراهم ال يتقنون ما‬
‫يقدمون‪ .‬وقناعة السامع باملتحدث من أقوى أبواب التأثري التي‬
‫ال يخفى‪.‬‬
‫ )‪(7‬التفكري يف عنارصه‪ ،‬والتعديل فيها حسب الحاجة‪ ،‬وتدوينها‬
‫بوضوح‪ ،‬وكثري من املتحدثني الذين ال يدونون العنارص‬
‫يقعون يف التكرار وتشتت األفكار‪ ،‬مام يتعب ذهن السامع‬
‫ويقلل‪ ‬استفادته‪.‬‬
‫ )‪(8‬تدبر النصوص‪ ،‬والتأمل يف اآلثار واألمثلة لربطها بالعنارص دون‬
‫تكلف‪.‬‬
‫ )‪(9‬التفكري الطويل يف مقدمة مؤثرة للموضوع‪ ،‬تلفت االنتباه‬
‫وتحرك الذهن‪ .‬وليك تكون كذلك فاملستحسن أن تكون قصة‬
‫من واقع الناس أو مام ذكر يف األمثلة‪ ،‬أو سؤاالً مثريا ً‪ ،‬أو غري‬
‫ذلك مام يهم الناس‪ ،‬مام كان النبي ‪ ‬يوليه عناية يف‬
‫تعليمه وخطبه ووعظه‪ .‬ودون رعاية هذا األمر فإن عقل السامع‬
‫‪ -‬يف كثري من األحيان ‪ -‬إن مل ينرصف يف بداية املوضوع فإن‬
‫تركيزه يقل؛ لضعف حامس صاحبه‪.‬‬
‫ )‪(10‬االهتامم الشديد بإعانة الناس عىل العمل والتطبيق ملا سمعوه؛ إذ‬
‫هو الهدف الرئيس من العلم والتعلم والتعليم والدعوة والرتبية‪.‬‬
‫ويكون ذلك بالعناية باقرتاح الطرق والوسائل العملية املناسبة‬
‫‪ -‬مام ورد يف العنرص األخري من كل موضوع وغري ذلك ‪ ،-‬مع‬

‫‪6‬‬
‫الرتكيز عىل أهمها ورشحه وتوضحيه وبيان كيفية تطبيقه؛ لئال‬
‫تقل الفائدة إذا مل يعرف الناس كيفية تطبيق ما علموه‪.‬‬
‫ )‪(11‬التفكري الجيد يف طريقة العرض املناسبة للدرس أو الخطبة‪ ،‬مع‬
‫الحرص عىل التسلسل املوضوعي للحديث‪ ،‬الذي ينقل املتلقي‬
‫مع املتحدث خطوة خطوة‪ ،‬فإذا ما شعر امللقي مبلل السامع أو‬
‫رشوده‪ ،‬أو حصل ما يشتت االنتباه‪ ..‬ذكر قصة أو سؤاالً أو طرح‬
‫الفكرة مرة أخرى بأسلوب آخر‪ ..‬وهكذا‪ ،‬وهذا مهم جدا ً‪.‬‬
‫ )‪(12‬تلخيص املوضوع يف كلامت مخترصة ُم َع َّد ٌة ‪ -‬أو مكتوبة ‪-‬‬
‫مسبقاً حال التحضري‪.‬‬
‫ )‪(13‬التفكري يف خامتة مؤثرة ترسخ يف الذهن‪ ،‬من سؤال أو قصة‬
‫أو خرب أو فكرة عملية‪ ...‬فإن أكرث ما يتذكره السامع هو أول‬
‫الكالم وآخره؛ ألن الكالم يُنيس بعضه بعضاً‪ ،‬وبخاصة إذا طال‪.‬‬
‫ )‪(14‬محاولة ربط املوضوعات املتقاربة ببعضها‪ ،‬ليكون يف ذلك عون‬
‫عىل فهم جيد لها‪ .‬وتحقيق هذا كفيل بتذكري الناس مبا علموه من‬
‫قبل‪ ،‬كام أن من شأنه تسهيل العمل والتطبيق عليهم‪.‬‬
‫ )‪(15‬من املفيد جدا ً االستامع إىل ملحوظات السامعني وآرائهم‪،‬‬
‫وخاصة املتميزين منهم؛ ألن ذلك أدعى ملعالجة األخطاء‬
‫والسلبيات وتطوير األداء وتحسني اإللقاء‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫التقوى‬
‫التقوى هي‪ :‬أن تجعل بينك وبني عذاب هللا وقاية‪ ،‬بفعل أوامره‬
‫واجتناب نواهيه‪.‬‬
‫فهي أساس الدين كله مبراتبه ودرجاته‪ ،‬ومقياس التفاضل بني الناس‬
‫يف الدنيا واآلخرة‪ ،‬وعنوان القرب من هللا سبحانه والكرامة عنده‪،‬‬
‫ورشط النجاة من سخطه وناره‪ ،‬ودخول جنته‪.‬‬
‫ولذا كانت التقوى وصية هللا لألولني واآلخرين‪.‬‬

‫عناصر مقترحة‪:‬‬
‫ )‪(1‬العاقل يسعى إىل الوقاية من عذاب هللا الذي ال يطقيه أحد‪.‬‬
‫ )‪(2‬حقيقة التقوى‪.‬‬
‫ )‪(3‬فضائل التقوى‪.‬‬
‫ )‪(4‬مثراتها يف الدنيا واآلخرة‪.‬‬
‫ )‪(5‬صفات املتقني‪.‬‬
‫ )‪(6‬طرق تحصيل التقوى‪« :‬معرفة هللا حقاً‪ ،‬تعلم ما يجب من‬
‫الرشيعة‪ ،‬فعل الطاعات‪ ،‬ترك املعايص‪ ،‬مجاهدة النفس‬
‫ومحاسبتها‪ ،‬مجالسة الصالحني والتعاون معهم عىل الخري‪.»...‬‬

‫هدايات قرآنية‪:‬‬
‫ََ َُ ُ‬
‫وتنَّ‬ ‫َ ٰٓ َ ُّ َ َّ َ َ َ ُ ْ َّ ُ ْ َّ َ َ َّ ُ َ‬
‫ )‪(7‬قال تعاىل‪﴿ :‬يأيها ٱلِين ءامنوا ٱتقوا ٱلل حق تقاتِهِۦ ول تم‬
‫َّ َ َ ُ ُّ ۡ ُ َ‬
‫إِل وأنتم مسل ِمون ‪. ﴾102‬‬
‫(((‬

‫(( ( آل عمران‪.102 :‬‬

‫‪8‬‬
‫ْ‬ ‫َ ُ‬ ‫َّ ۡ َ ٰ َ َّ ُ‬ ‫ي َّ‬ ‫﴿وتَ َز َّو ُدوا ْ فَإ َّن َخ ۡ َ‬ ‫ )‪(8‬وقال ‪َ :‬‬
‫يأو ِل‬ ‫ون ٰٓ‬ ‫ِ‬ ‫ق‬ ‫ٱت‬ ‫و‬ ‫ۖ‬‫ى‬ ‫و‬ ‫ق‬ ‫ٱتل‬ ‫ِ‬ ‫د‬ ‫ا‬‫ٱلز‬ ‫ِ‬
‫ب ‪.(((﴾197‬‬ ‫ٰ‬ ‫ب‬‫ۡٱلَ ۡل َ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬
‫ِين أوتوا ٱلك َِتٰ َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫﴿ولق ۡد َو َّص ۡي َنا ٱل َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ب مِن ق ۡبل ِك ۡم‬ ‫ )‪(9‬وقال سبحانه‪َ :‬‬
‫َّ َ (((‬
‫َّ ُ ۡ َ َّ ُ ْ‬
‫ِإَوياكم أ ِن ٱتقوا ٱللۚ﴾ ‪.‬‬
‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ َ َ ۡ‬
‫ٱلل ي َعل ُلۥ م َر ٗجا ‪َ ٢‬و َي ۡر ُزق ُه م ِۡن‬ ‫﴿و َمن َي َّت ِق‬ ‫ )‪(10‬وقال تعاىل‪َ :‬‬
‫يتَس ُ‬ ‫َۡ ُ َ َۡ‬
‫ِب﴾(((‪.‬‬ ‫ۚ‬ ‫حيث ل‬
‫َ‬
‫ي َعل َّ ُلۥ م ِۡن أ ۡمره ِۦ ي ُ ۡ ٗ‬ ‫َ َ َ َّ َّ َ َ ۡ‬
‫سا ‪.(((﴾4‬‬ ‫ِ‬ ‫ )‪(11‬وقال تعاىل‪﴿ :‬ومن يت ِق ٱلل‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ َ‬ ‫﴿و َمن َي َّتق َّ َ‬
‫ٱلل يُكفِ ۡر ع ۡن ُه َس ّي ِٔاتِهِۦ َو ُي ۡع ِظ ۡم ُل ٓۥ‬ ‫ِ‬
‫ )‪(12‬وقال ‪َ :‬‬
‫َ ۡ ً‬
‫أجرا ‪. ﴾5‬‬
‫(((‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫نث‬‫كم ّمِن َذكر َوأ َ ٰ‬ ‫َ ٰٓ ُّ َ َّ ُ َّ َ ۡ َ ٰ ُ‬
‫ )‪(13‬وقال سبحانه‪﴿ :‬يأيها ٱنلاس إِنا خلقن‬
‫ٖ‬
‫َ َّ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ َ ۡ َ ٰ ُ ۡ ُ ُ ٗ َ َ َ ٓ َ َ َ َ ُ ۚ ٓ ْ َّ َ ۡ َ َ ُ‬
‫وجعلنكم شعوبا وقبائِل لِ عارفوا إِن أكرمكم عِند ٱللِ‬
‫َ‬
‫ۡ َ ٰ ُ ۡ (((‬
‫أتقىك ۚم﴾ ‪.‬‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫ْ‬ ‫َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ََ‬
‫بوا َوت َّتقوا َو َيأتوكم ّمِن ف ۡورِه ِۡم هٰذا‬
‫ُ‬ ‫ل إن تَ ۡص ُ‬
‫ِ‬ ‫ )‪(14‬وقال تعاىل‪﴿ :‬ب ٰٓ ۚ ِ‬
‫كةِ ُم َس ّوم َ‬ ‫ُ ۡ ۡ ُ ۡ َ ُّ ُ َ ۡ َ َ َ ٰ ّ َ ۡ َ َ ٰٓ َ‬
‫ِني ‪.(((﴾125‬‬ ‫ِ‬ ‫يمدِدكم ربكم ِبمسةِ ءال ٖف مِن ٱلملئ ِ‬
‫ص ۡد ٍق‬ ‫َۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ‬ ‫َّ ۡ ُ َّ َ‬
‫ت َون َه ٖر ‪ِ ٥٤‬ف مقع ِد ِ‬ ‫ )‪(15‬وقال سبحانه‪﴿ :‬إِن ٱلمتقِني ِف جنٰ ٖ‬
‫ۡ‬
‫ِيك ُّمق َتدِر ِۢ ‪.(((﴾٥٥‬‬ ‫َ َ‬
‫عِند مل ٖ‬
‫البقرة‪.197 :‬‬ ‫((( ‬
‫النساء‪.131 :‬‬ ‫(( (‬
‫الطالق‪.3-2 :‬‬ ‫(( (‬
‫الطالق‪.4 :‬‬ ‫(( (‬
‫الطالق‪.5 :‬‬ ‫(( (‬
‫الحجرات‪.13 :‬‬ ‫(( (‬
‫آل عمران‪.125 :‬‬ ‫(( (‬
‫القمر‪.55-54 :‬‬ ‫(( (‬

‫‪9‬‬
‫َّ ۡ َ ۡ َّ َ ُ َ ُّ ْ ُ ُ َ ُ ۡ َ َ ۡ َ ۡ‬
‫ش ِق‬ ‫ )‪(16‬وقال ‪﴿ :‬ليس ٱل ِب أن تولوا وجوهكم ق ِبل ٱلم‬
‫َ ۡ َ َ ٰٓ ِ َ‬ ‫َّ ۡ‬ ‫ك َّن ٱل ۡ َّ‬ ‫ََ‬ ‫َ َۡ ۡ‬
‫ب َم ۡن َء َام َن بِٱللِ َوٱلَ ۡو ِم ٱٓأۡلخ ِِر وٱلملئِكةِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٰ‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫ب‬ ‫وٱل ۡم ِ ِ‬
‫ر‬ ‫غ‬
‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫ب َوٱلَ َتٰ َ ٰ‬ ‫ع ُح ّبِهِۦ ذوِي ٱلق ۡر ٰ‬ ‫ي َو َءات ٱل َمال ٰ‬ ‫َوٱلك َِتٰب َوٱنلَّب ّ ۧ َ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫ٱلصلَ ٰوةَ‬‫ام َّ‬ ‫ٱلرقَاب َوأَقَ َ‬ ‫َ‬
‫ٱلسائل ِني َوف ّ‬ ‫ٓ‬ ‫ٱلسبيل َو َّ‬ ‫ِني َو ۡٱب َن َّ‬ ‫سك َ‬ ‫ٰ‬ ‫َ َۡ َ‬
‫وٱلم‬
‫ِ ِ ِْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ۡ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ٱلصٰب َ‬ ‫َّ َ َ ُ ُ َ َ ۡ ۡ َ َ َ ُ َ َّ‬ ‫ََ‬
‫ين ِف‬ ‫و ۡء ۡات ٱلزك ٰوة وٱلموفون ۡ ب ِ ۡعه ِد ُهِم إِذا َّعٰهد ۖوا و ْ ُِ‬
‫ِ‬
‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ َ ٰٓ َ‬ ‫ٱلضا ٓ ِء َوح َ‬ ‫ٱلَأ َسا ٓ ِء َو َّ َّ‬
‫ِين َص َدق ۖوا َوأ ْو ٰٓلئِك‬ ‫ك ٱل َ‬ ‫س أول ِئ‬ ‫ِني ٱلَأ ِۗ‬
‫ُ ۡ ُ َ‬
‫ه ُم ٱل ُم َّتقون ‪.(((﴾177 ‬‬
‫ٱس َت َط ۡع ُت ۡم﴾(((‪.‬‬ ‫ٱلل َما ۡ‬ ‫ٱت ُقوا ْ َّ َ‬ ‫َ َّ‬
‫ )‪﴿(17‬ف‬

‫قبسات نبوية‪:‬‬
‫هللا‬
‫ )‪(1‬عن أيب ذر ‪ ‬قال‪ :‬قال يل رسول هللا ‪(( :‬ات َّقِ َ‬
‫اس بخلقٍ‬‫حها‪ ،‬وخالِقِ ال َّن َ‬ ‫السيِّئ َة الحسن َة مت ُ‬‫كنت‪ ،‬وأتبعِ َّ‬ ‫َ‬ ‫حيثُام‬
‫حسنٍ ))(((‪.‬‬
‫ )‪(2‬عن أيب هريرة ‪ ‬قال‪ُ :‬سئل رسول هللا ‪ ‬عن أكرث‬
‫خلُقِ ))(((‪.‬‬‫ح ْس ُن ال ُ‬ ‫ما يُدخل الناس الجنة‪ ،‬قال‪(( :‬تَ ْق َوى ِ‬
‫هللا و ُ‬
‫ )‪(3‬عن ابن مسعود ‪ ‬عن النبي ‪ ‬أنه كان يقول‪:‬‬
‫((الل ُه َّم إِ ِّن أَ ْسأَل َُك الْ ُه َدى َوالتُّقَى‪َ ،‬والْ َعف َ‬
‫َاف َوالْ ِغ َنى))(((‪.‬‬
‫ )‪(4‬عن رفاعة ‪ ‬أنه خرج مع النبي ‪ ‬فرأى الناس‬
‫جارِ)) فاستجابوا لرسول ‪‬‬ ‫ش التُّ َّ‬
‫يتبايعون فقال‪(( :‬يَا َم ْع َ َ‬
‫البقرة‪.177 :‬‬ ‫((( ‬
‫التغابن‪.16 :‬‬ ‫(( (‬
‫الرتمذي‪ ،2053 :‬وحسنه األلباين يف صحيح الجامع‪.97 :‬‬ ‫(( (‬
‫الرتمذي‪ ،2004 :‬وحسنه األلباين يف صحيح الرتمذي‪.194 :‬‬ ‫(( (‬
‫مسلم‪.2721 :‬‬ ‫((( ‬

‫‪10‬‬
‫جا َر يُ ْب َعثُو َن يَ ْو َم‬ ‫ورفعوا أعناقهم وأبصارهم إليه‪ ،‬فقال‪(( :‬إِ َّن التُّ َّ‬
‫ص َد َق))(((‪.‬‬ ‫جارا ً‪ ،‬إِالَّ َم ْن اتَّقَى َ‬
‫هللا‪َ ،‬وبَ َّر‪َ ،‬و َ‬ ‫ال ِقيَا َم ِة فُ َّ‬
‫ )‪(5‬عن أيب هريرة ‪ ‬أن رسول هللا ‪ ‬قال‪(( :‬إِ َّن َ‬
‫هللا قَ ْد‬
‫ِالبَا ِء إِنَّ َا ُه َو ُم ْؤ ِم ٌن تَ ِق ٌّي أَ ْو‬
‫خ َر َها ب ْ‬ ‫جا ِهلِ َّي ِة َوفَ ْ‬
‫ك ْم ُع ِّب َّي َة الْ َ‬
‫ب َع ْن ُ‬ ‫أَ ْذ َه َ‬
‫اب))(((‪.‬‬ ‫اس كُلُّ ُه ْم بَ ُنو آ َد َم َوآ َد ُم ِم ْن تُ َر ٍ‬ ‫ج ٌر شَ ِق ٌّي ال َّن ُ‬ ‫فَا ِ‬
‫((ل‬
‫ )‪(6‬عن عطية السعدي ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول هللا ‪َ :‬‬
‫حذَرا ً لِ َم‬ ‫س ِب ِه َ‬ ‫ع َما َل بَأْ َ‬ ‫حتَّى ي َد َ‬ ‫ني َ‬‫يَ ْبلُ ُغ الْ َع ْب ُد أَ ْن يَكُو َن ِم َن املتَّق َ‬
‫بأس))(((‪.‬‬ ‫ِب ِه ٌ‬

‫أمثلة تطبيقية‪:‬‬
‫ )‪(1‬عن عقبة بن عامر ‪ ‬قال‪ :‬أهدي إىل النبي ‪ ‬ف ُّروج‬
‫حرير‪ ،‬فلبسه فصىل فيه‪ ،‬ثم انرصف فنزعه نزعاً شديدا ً كالكاره‬
‫ني)) الف ُّروج‪ :‬قباء مشقوق(((‪.‬‬ ‫له وقال‪(( :‬ال يَ ْن َبغي هذا لِلْ ُمتَّق َ‬
‫ )‪(2‬جاء سائل إىل عدي بن حاتم فسأله نفقة يف مثن خادم ‪ -‬أو يف بعض‬
‫مثن خادم ‪ ،-‬فقال‪ :‬ليس عندي ما أعطيك‪ ،‬إال ِد ْرعي و ِم ْغفَري‬
‫فأكتب إىل أهيل أن يُعطوكهام‪ ،‬فلم يرض‪ ،‬فغضب عدي فقال‪ ،‬أما‬
‫وهللا ال أعطيك شيئاً‪ ،‬ثم إن الرجل ريض‪ ،‬فقال‪ :‬أما وهللا لوال أين‬
‫حل ََف َع َل َيِنيٍ‪ ،‬ث ُ َّم‬
‫سمعت رسول هللا ‪ ‬يقول‪َ (( :‬م ْن َ‬

‫الرتمذي‪ ،1210 :‬وصححه األلباين يف صحيح الرتغيب والرتهيب‪..1785 :‬‬ ‫(( (‬


‫أبو داود‪ ،5116 :‬والرتمذي‪ ،3965 :‬وصححه األلباين يف صحيح الجامع‪.5482 :‬‬ ‫(( (‬
‫الرتمذي‪ ،2451 :‬وابن ماجه‪ ،4215 :‬وحسنه األرناؤوط يف جامع األصول‪.612/4 :‬‬ ‫(( (‬
‫البخاري‪ ،375 :‬ومسلم‪.2075 :‬‬ ‫((( ‬

‫‪11‬‬
‫ت التَّ ْق َوى)) ما حنثت مييني(((‪ .‬ما حنثت‬ ‫هلل ِم ْن َها‪ ،‬فَلْ َيأْ ِ‬
‫َرأَى أَتْقَى ِ‬
‫مييني‪ :‬أي ما جعلتها ذات حنث؛ بل جئت بارا ً بها وفياً مبوجبها‪..‬‬
‫ )‪(3‬عن سهل بن الحنظلية ‪ ‬قال‪ :‬مر رسول هللا ‪‬‬
‫هللا ِف َه ِذ ِه الْبَ َهائِ ِم‬
‫ببعري قد لحق ظهره ببطنه فقال‪(( :‬اتَّقُوا َ‬
‫حة))(((‪.‬‬‫صالِ َ‬ ‫صالِ َ‬
‫حة‪ ،‬وكُلوها َ‬ ‫ج َم ِة‪ ،‬فَا ْركَ ُبو َها َ‬‫الْ ُم ْع َ‬

‫أقوال مضيئة‪:‬‬
‫ )‪(1‬سأل رجل أبا هريرة ‪« :‬ما التقوى؟ قال‪ :‬هل أخذت طريقاً‬
‫ذا شوك؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬فكيف صنعت؟ قال‪ :‬إذا رأيت الشوك‬
‫عدلت عنه أو جاوزته أو قرصت عنه‪ ،‬قال‪ :‬ذاك التقوى(((‪.‬‬
‫َُ‬ ‫﴿ٱت ُقوا ْ َّ َ‬
‫ٱلل َح َّق تقاتِهِۦ﴾(((‪« :‬أن‬
‫َّ‬
‫ )‪(2‬قال ابن مسعود يف قوله تعاىل‪:‬‬
‫يطاع فال يعىص‪ ،‬ويذكر فال ينىس‪ ،‬وأن يشكر فال يكفر»(((‪.‬‬
‫ )‪(3‬قال طلق بن حبيب‪« :‬التقوى‪ :‬العمل بطاعة هللا‪ ،‬عىل نور من‬
‫هللا؛ رجاء رحمة هللا‪ ،‬والتقوى ترك معايص هللا‪ ،‬عىل نور من هللا‪،‬‬
‫مخافة عذاب هللا»(((‪.‬‬
‫ )‪(4‬قال عمر بن عبد العزيز‪« :‬ليس تقوى هللا بصيام النهار وال بقيام‬
‫الليل والتخليط فيام بني ذلك‪ ،‬ولكن تقوى هللا ترك ما حرم‬

‫مسلم‪.1651 :‬‬ ‫((( ‬


‫أبو داود‪ ،2548 :‬وصححه األلباين يف صحيح أيب داود‪ :‬ح‪.2221‬‬ ‫(( (‬
‫الدرر املنثور للسيوطي‪.61/1 :‬‬ ‫(( (‬
‫آل عمران‪.102 :‬‬ ‫(( (‬
‫جامع العلوم والحكم‪.330/1 :‬‬ ‫(( (‬
‫الحلية‪.64/3 :‬‬ ‫(( (‬

‫‪12‬‬
‫هللا‪ ،‬وأداء ما افرتض هللا‪ ،‬فمن رزق بعد ذلك خريا ً فهو خري‬
‫إىل ‪ ‬خري»(((‪.‬‬
‫ )‪(5‬قال ميمون بن مهران‪« :‬املتقي أشد محبة لنفسه من الرشيك‬
‫الشحيح لرشيكه»(((‪.‬‬
‫ )‪(6‬كتب عمر بن عبد العزيز إىل رجل‪« :‬أوصيك بتقوى هللا ‪‬‬
‫التي ال يقبل غريها‪ ،‬وال يرحم إال أهلها‪ ،‬وال يثيب إال عليها‪ ،‬فإن‬
‫الواعظني بها كثري‪ ،‬والعاملني بها قليل‪ ،‬وجعلنا هللا وإياك من‬
‫املتقني»(((‪.‬‬
‫ )‪(7‬ذكر معروف الكرخي عن بكر بن خنيس‪ ،‬قال‪« :‬كيف يكون‬
‫تقياً من ال يدري ما يتقي؟!» ثم قال معروف‪« :‬إذا كنت ال‬
‫تحسن تتقي أكلت الربا‪ ،‬وإذا كنت ال تحسن تتقي لقيتك امرأة‬
‫ومل تغض برصك‪ ،‬وإذا كنت ال تحسن تتقي وضعت سيفك عىل‬
‫عاتقك‪ »...‬ثم قال معروف‪« :‬ومجليس هذا لعله كان ينبغي لنا‬
‫أن نتقيه‪.(((»...‬‬
‫ )‪(8‬قال ابن املعتز‪:‬‬
‫خل الذنــوب صغــريها وكبريهـــا فهـــو التـقى‬ ‫ِّ‬ ‫ ‬
‫كامش فوق أرض الشــوك يحــذر ما يرى‬ ‫ٍ‬ ‫ واصنع‬
‫إن الجبـال مـن الحــىص‬ ‫ ال تحقـــر َّن صغـــــرية ‬

‫جامع العلوم والحكم‪.329/1 :‬‬ ‫(( (‬


‫جامع العلوم والحكم ‪.330/1‬‬ ‫(( (‬
‫جامع العلوم والحكم‪.333/1 :‬‬ ‫(( (‬
‫جامع العلوم والحكم‪.331/1 :‬‬ ‫(( (‬

‫‪13‬‬
‫مراجع ُم ِعينة‪:‬‬
‫ )‪(1‬جامع العلوم والحكم‪ ،‬البن رجب‪.‬‬
‫ )‪(2‬اآلداب الرشعية‪ ،‬البن مفلح‪.‬‬
‫ )‪(3‬بهجة قلوب األبرار‪ ،‬للسعدي‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫اإلحسان‬
‫اإلحسان‪ :‬اإلتقان‪ ،‬وأداء اليشء عىل أفضل وجه‪ ،‬مع السعي الدائم‬
‫للرقي ألكمل األحوال‪.‬‬
‫وهو درجة يف الدين رفيعة‪ ،‬ويتضمن أمرين‪:‬‬
‫ )‪(1‬اإلحسان يف عبادة هللا تعاىل بكامل املراقبة واإلخالص له‪ ،‬والذي‬
‫يدفع العبد إىل السعي إلتقان عبادته وتكميلها عىل أتم الوجوه‪،‬‬
‫متابعة للنبي ‪.‬‬
‫ )‪(2‬اإلحسان إىل الخلق‪ ،‬بإتقان معاملتهم وبالتفضل عليهم‪ ،‬بال ِم َّنة‬
‫وال أذى‪ ،‬مع ترك مقابلة تقصريهم مبثله‪.‬‬

‫عناصر مقترحة‪:‬‬
‫ )‪(1‬اإلحسان مطلب العقالء أهل ال ِج ِّد‪.‬‬
‫ )‪(2‬منزلة اإلحسان من الدين‪.‬‬
‫ )‪(3‬مجاالت اإلحسان‪.‬‬
‫ )‪(4‬ارتباط اإلحسان باملراقبة‪.‬‬
‫ )‪(5‬درجات اإلحسان‪.‬‬
‫ )‪(6‬اإلحسان يف معاملة الخلق‪.‬‬
‫ )‪(7‬مناذج من إحسان املحسنني‪.‬‬
‫ )‪(8‬جزاء اإلحسان (والية هللا ونرصته‪ ،‬معيته وحفظه وتأييده‪.)..‬‬
‫ )‪(9‬اإلتقان يف شؤون املعيشة مطلب رشعي حضاري‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫ )‪(10‬كيف نكون من املحسنني؟ (العلم الرشعي‪ ،‬استشعار مراقبة‬
‫هللا‪ ،‬علو الهمة والعزمية‪ ،‬املجاهدة والتدرج يف تعويد النفس‪،‬‬
‫املحاسبة وكرثة التوبة واالستغفار‪ ،‬الترضع واإللحاح عىل هللا‪،‬‬
‫الرتكيز عىل العمل واإلنتاج‪ ،‬اكتساب املهارات‪.)...‬‬

‫هدايات قرآنية‪:‬‬
‫مسِن‪ٞ‬‬ ‫َ َ ۡ َ ۡ َ ُ ٗ ّ َّ ۡ َ ۡ َ َ َ ۡ َ ُ َّ َ ُ َ ُ ۡ‬
‫ )‪(1‬قال تعاىل‪﴿ :‬ومن أحسن دِينا مِمن أسلم وجههۥ ِلِ وهو‬
‫َ َّ َ َ َّ َ ۡ َ ٰ َ َ ٗ‬
‫اۗ﴾(((‪.‬‬ ‫ِيف‬ ‫وٱتبع مِلة إِبرهِيم حن‬
‫َٓ‬ ‫َّ َّ َ َ ۡ ُ ُ ۡ َ ۡ َ ۡ ۡ َٰ‬
‫ٱلحس ِن ِإَويتا ِٕي ذِي‬ ‫وقال تعاىل‪﴿ :‬إِن ٱلل يأمر بِٱلعد ِل و ِ‬ ‫ )‪(2‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬
‫ب﴾(((‪.‬‬‫ٱلق ۡر ٰ‬
‫َ ۡ‬
‫ٱل َو ٰ ِ َليۡن إ ِ ۡح َ ٰ‬
‫س ٗناۖ﴾(((‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ )‪(3‬وقال تعاىل‪﴿ :‬وب ِ‬
‫سن َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫ )‪(4‬وقال تعاىل‪ِ﴿ :‬إَون َّ َ‬
‫ني ‪.(((﴾69‬‬ ‫ٱلل ل َم َع ٱل ُمح ِ ِ‬
‫ُ ۡ َ ٰ َ َ َ ‪((( ٞ‬‬
‫ّ َّ َ َ ۡ َ ُ ْ ۡ‬
‫ )‪(5‬وقال تعاىل‪﴿ :‬ل ِلِين أحسنوا ٱلسن وزِيادة ۖ﴾ ‪.‬‬
‫ه‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫ٱلس ّي َئ ُة ۚ ٱدفع بِٱلت ِ َ‬
‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ٱل َس َن ُة َو َل َّ‬‫﴿و َل ت َ ۡس َتوي ۡ َ‬ ‫ )‪(6‬وقال تعاىل‪َ :‬‬
‫ِ‬ ‫ََ ِ‬ ‫ِ‬
‫‪ٞ‬‬ ‫َ ۡ َ ُ َ َ َّ َ ۡ َ َ َ َ ۡ َ ُ َ َ ٰ َ ‪َ ٌّ َ ُ َّ ٞ‬‬
‫أحسن فإِذا ٱلِي بينك وبينهۥ عدوة كأنهۥ و ِل حِيم ‪. ﴾24‬‬
‫(((‬

‫قبسات نبوية‪:‬‬
‫ )‪(1‬حديث أيب هريرة ‪ ‬يف قصة مجيء جربيل إىل النبي‬
‫‪ ،‬وسؤاله عن اإلسالم واإلميان واإلحسان‪ ،‬وفيه قال‪:‬‬
‫النساء‪.125 :‬‬ ‫(( (‬
‫النحل‪.90 :‬‬ ‫((( ‬
‫اإلرساء‪.23 :‬‬ ‫((( ‬
‫العنكبوت‪.69 :‬‬ ‫((( ‬
‫يونس‪.26 :‬‬ ‫(( (‬
‫فصلت‪.34 :‬‬ ‫((( ‬

‫‪16‬‬
‫ك ْن ت َ َرا ُه‬ ‫هللا كَأَن ََّك ت َ َرا ُه‪ ،‬فَ ِإ ْن لَ ْم تَ ُ‬ ‫ما اإلحسان؟ قال‪(( :‬أَ ْن تَ ْع ُب َد َ‬
‫فَ ِإنَّ ُه يَ َر َاك))(((‪.‬‬
‫هللا‬
‫ )‪(2‬عن عائشة ‪ ‬قالت‪ :‬قال رسول هللا ‪(( :‬إ َّن َ‬
‫ب إذا ع ِم َل أح ُدك ْم عمالً أ ْن يُت ِق َن ُه))(((‪ .‬وهذا عام يف‬ ‫تعاىل يُ ِح ُّ‬
‫شؤون الدين والدنيا‪.‬‬
‫ُول‪َ (( :‬ما ِم َن‬ ‫رسول هللا ‪ ‬يق ُ‬ ‫سمعت ُ‬ ‫ُ‬ ‫ )‪(3‬عن ُعثامن قال‪:‬‬
‫خشُ و َع َها‬ ‫ح ِس ُن ُوضُ و َء َها َو ُ‬ ‫كتُوبَ ٌة فَ ُي ْ‬ ‫ص َل ٌة َم ْ‬ ‫ضهُ َ‬ ‫ح ُُ‬ ‫ا ْمرِئٍ ُم ْسلِ ٍم تَ ْ‬
‫ري ًة‬
‫ت كَ ِب َ‬ ‫ُوب َما لَ ْم يُ ْؤ ِ‬ ‫َت كَفَّا َر ًة لِ َم قَ ْبلَ َها ِم َن ال ُّذن ِ‬ ‫َو ُركُو َع َها‪ ،‬إِ َّل كَان ْ‬
‫َو َذلِ َك ال َّد ْه َر كُلَّ ُه))(((‪.‬‬
‫رسول هللا ‪‬‬ ‫ )‪(4‬عن ش ّداد بن أوس قال‪ :‬ثنتان حفظتُ ُهام عن ُ‬
‫ح ِس ُنوا‬ ‫ش ٍء‪ ،‬فَ ِإذَا قَتَلْتُ ْم فَأَ ْ‬‫ح َسا َن َع َل ك ُِّل َ ْ‬ ‫ب الْ ِ ْ‬ ‫هللا كَتَ َ‬‫قال‪(( :‬إِ َّن َ‬
‫ح ُدكُ ْم شَ ْف َرتَ ُه‪ ،‬فَل ُْي ِْح‬ ‫ح ِس ُنوا ال َّذبْ َح‪َ ،‬ولْ ُي ِح َّد أَ َ‬ ‫حتُ ْم فَأَ ْ‬‫الْ ِقتْلَ َة‪َ ،‬وإِذَا َذبَ ْ‬
‫حتَ ُه))(((‪.‬‬ ‫َذبِي َ‬
‫ )‪(5‬عن عبد هللا بن عمرو ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول هللا ‪:‬‬
‫ج َّن َة‪ ،‬فَلْتَأْتِ ِه َم ِن َّيتُ ُه‬‫خ َل الْ َ‬‫ح َعنِ ال َّنارِ‪َ ،‬ويُ ْد َ‬ ‫ح َز َ‬ ‫ب أَ ْن يُ َز ْ‬ ‫ح َّ‬ ‫((فَ َم ْن أَ َ‬
‫ب أَ ْن‬ ‫اس ال َِّذي يُ ِح ُّ‬ ‫ت إِ َل ال َّن ِ‬ ‫ال ِخرِ‪َ ،‬ولْ َيأْ ِ‬ ‫َو ُه َو يُ ْؤ ِم ُن بِا ِ‬
‫هلل َوالْ َي ْو ِم ْ‬
‫يُ ْؤ َت إِلَ ْي ِه))((( أي‪ :‬يعاملهم كام يحب أن يعاملوه‪.‬‬

‫البخاري‪.50 :‬‬ ‫((( ‬


‫رواه أبو يعىل‪ ،4386 :‬وحسنه األلباين يف صحيح الجامع‪.1880 :‬‬ ‫((( ‬
‫مسلم‪.228 :‬‬ ‫((( ‬
‫مسلم‪.195 :‬‬ ‫((( ‬
‫مسلم‪.1844 :‬‬ ‫((( ‬

‫‪17‬‬
‫أمثلة تطبيقية‪:‬‬
‫ُ َّ َ ٰ ُ ۡ َ َ ۡ َ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ۢ‬ ‫ّ‬ ‫َ َّ ُ َ ۡ َ َ ُ‬
‫ون أمهتِكم ل تعلمون‬ ‫ )‪(1‬قوله تعاىل‪﴿ :‬وٱلل أخرجكم َ ِمن بط َ ِ‬
‫ُ َۡ ُ َ‬ ‫َّ‬ ‫ۡ ۡ َ‬ ‫ۡ َ‬ ‫َ ٗۡ ٔ َ َ َ َ َ ُ‬
‫ٱلس ۡم َع َوٱلبۡص ٰ َر َوٱلف ٔ َِدةَ ل َعلك ۡم تشك ُرون‬ ‫ك ُم َّ‬ ‫شيا وجعل ل‬
‫‪ (((﴾78‬فهذا من إحسان الخالق سبحانه وتفضله‪.‬‬
‫َ ُ ُّ ْ ۡ َ َ َّ َ ُ ۡ َ ٓ‬
‫ت ٱللِ ل ت ُصوها ۗ﴾(((‪.‬‬ ‫ )‪(2‬قوله تعاىل‪ِ﴿ :‬إَون تعدوا ن ِعم‬
‫ )‪(3‬خطب عروة بن الزبري إىل ابن عمر ابنته وهام يف الطواف‪ ،‬فلم‬
‫يجبه‪ ،‬ثم لقيه بعد ذلك‪ ،‬فاعتذر إليه‪ ،‬وقال‪« :‬كنا يف الطواف‬
‫نتخايل هللا ‪ ‬بني أعيننا»‪ ،‬ثم ز َّوجه(((‪ .‬فهذه املراقبة وترك‬
‫الكالم يف الطواف من إحسان العبادة وإتقانها‪.‬‬
‫ )‪(4‬ما كان يفعله ‪ ‬مع أهل الصفة‪ ،‬وقد قال مرة‪َ (( :‬م ْن‬
‫ب ِبث ََلث َ ٍة‪َ ،‬و َم ْن كَا َن ِع ْندَهُ طَ َعا ُم‬ ‫ي فَلْ َي ْذ َه ْ‬‫كَا َن ِع ْندَهُ طَ َعا ُم اث ْ َن ْ ِ‬
‫س‪ ،‬ب َِسا ِد ٍس ‪ -‬أو كام قال ‪ ))-‬وإن أبا بكر‬ ‫خا ِم ٍ‬ ‫ب ِب َ‬‫أَ ْربَ َع ٍة فَلْيَ ْذ َه ْ‬
‫جاء بثالثة‪ ،‬وانطلق النبي ‪ ‬بعرشة‪.(((..‬‬
‫ )‪(5‬ما فعله بأوالد جعفر بن أيب طالب ملا قتل يف مؤتة فكان يعطف‬
‫عليهم ويقول‪(( :‬أنا ولِ ُّي ُهم يف الدنيا واآلخر ِة))(((‪.‬‬
‫بي ‪ ‬املدينة أتا ُه امل ُهاج ُرون‬ ‫ )‪(6‬عن أنس قال‪ :‬مل ّا قدم ال ّن ُّ‬
‫رسول هللا ما رأينا قوماً أبذل من كثري وال أحسن‬ ‫فقالُوا‪ :‬يا ُ‬

‫النحل‪.78 :‬‬ ‫((( ‬


‫النحل‪.18 :‬‬ ‫((( ‬
‫انظر حلية األولياء‪ ،309/1 :‬السري‪.236/3 :‬‬ ‫((( ‬
‫مسلم‪.2057 :‬‬ ‫((( ‬
‫أحمد‪ ،1753 :‬وحسن إسناده الشوكاين يف النيل‪.55/1 :‬‬ ‫(( (‬

‫‪18‬‬
‫ُمواسا ًة من قليل من قوم نزلنا بني أظ ُهرهم‪ ،‬لقد كفونا امل ُؤنة‬
‫وأرشكُونا يف املهنإ‪ ،‬حتّى لقد خفنا أن يذهبُوا باألجر كُلّه‪ ،‬فقال‬
‫هللا لَ ُه ْم َوأَث ْ َن ْيتُ ْم َعلَ ْي ِه ْم))(((‪.‬‬
‫((ل‪َ ،‬ما َد َع ْوت ُ ُم َ‬ ‫بي ‪َ :‬‬ ‫ال ّن ُّ‬
‫ )‪(7‬عن عائشة ‪ ‬قالت‪ :‬جاءتني امرأ ٌة معها ابنتان تسألُني‪ ،‬فلم‬
‫تجد عندي غري مترة واحدة فأعطيتُها‪ ،‬فقسمتها بني ابنتيها؛ ث ُ ّم‬
‫بي ‪ ‬فح ّدثتُ ُه فقال‪َ (( :‬م ْن‬ ‫قامت فخرجت‪ ،‬فدخل ال ّن ُّ‬
‫ح َس َن إِلَ ْي ِه َّن‪ ،‬كُ َّن لَ ُه ِس ْتا ً ِم َن ال َّنارِ))(((‪.‬‬ ‫ات شَ ْيئاً‪ ،‬فَأَ ْ‬
‫بُ ِل ِم ْن َه ِذ ِه ال َب َن ِ‬
‫رسول هللا ‪ ‬قال‪:‬‬ ‫ )‪(8‬عن عبد هللا بن ُعمر ‪ ‬أ ّن ُ‬
‫َت ِفي َها ال َّنا َر‪،‬‬‫خل ْ‬ ‫َت‪ ،‬فَ َد َ‬ ‫حتَّى َمات ْ‬ ‫ج َنتْ َها َ‬ ‫ت ا ْم َرأَ ٌة ِف ِه َّر ٍة َس َ‬ ‫(( ُع ِّذبَ ِ‬
‫حبَ َستْ َها‪َ ،‬والَ ِه َي تَ َركَتْ َها تَأْك ُُل ِم ْن‬ ‫الَ ِه َي أَطْ َع َمتْ َها َوالَ َس َقتْ َها‪ ،‬إِ ْذ َ‬
‫ض))((( فعذبت برتكها اإلحسان‪.‬‬ ‫اش األَ ْر ِ‬ ‫خشَ ِ‬ ‫َ‬

‫أقوال مضيئة‪:‬‬
‫ )‪(1‬قال السعدي‪« :‬واعلم أن اإلحسان املأمور به نوعان‪:‬‬
‫أحدهام‪ :‬واجب‪ ،‬وهو اإلنصاف والقيام مبا يجب عليك للخلق‬
‫بحسب ما توجه عليك من الحقوق‪.‬‬
‫الثاين‪ :‬إحسان مستحب‪ ،‬وهو ما زاد عىل ذلك من بذل نفع بدين‬
‫أو مايل أو علمي‪ ،‬أو توجيه لخري ديني‪ ،‬أو مصلحة دنيوية‪ .‬فكل‬
‫معروف صدقة‪ ،‬وكل ما أدخل الرسور عىل الخلق صدقة وإحسان‪،‬‬
‫(( ( الرتمذي‪ ،2487 :‬وأبو داود‪ ،4812 :‬وصححه األلباين يف صحيح مشكاة املصابيح‪:‬‬
‫‪.2960‬‬
‫((( البخاري‪ ،5995 :‬مسلم‪.2629 :‬‬
‫((( البخاري‪ ،3482 :‬مسلم‪.2242 :‬‬

‫‪19‬‬
‫وكل ما أزال عنهم ما يكرهون‪ ،‬ودفع عنهم ما ال يرتضون من قليل‬
‫أو كثري فهو صدقة وإحسان‪.‬‬
‫وملا ذكر النبي ‪ ‬قصة البغي التي سقت الكلب الشديد‬
‫العطش بخفيها من البرئ‪ ،‬وأن هللا شكر لها وغفر لها‪ ،‬قالوا لرسول‬
‫كل ٍ‬
‫كبد ح َّرى أج ٌر))‪.‬‬ ‫‪ :‬إن لنا يف البهائم أجرا ً؟ قال‪(( :‬يف ِّ‬
‫فاإلحسان‪ :‬هو بذل جميع املنافع من أي نوع كان‪ ،‬ألي مخلوق‬
‫يكون‪.‬‬
‫املحسن إليهم‪ ،‬وحقهم ومقامهم‪ ،‬وبحسب اإلحسان‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ولكن يتفاوت‬
‫وعظم موقعه‪ ،‬وعظيم نفعه‪ ،‬وبحسب إميان املحسن وإخالصه‪،‬‬
‫والسبب الداعي إىل ذلك‪.‬‬
‫أجل أنواع اإلحسان‪ :‬اإلحسان إىل من أساء إليك بقول أو فعل‪،‬‬ ‫ومن ِّ‬
‫َّ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫َ ۡ َ َ َ َ ۡ َ ُ َ َٰ َ ‪ٞ‬‬
‫ه أ ۡح َس ُن فإِذا ٱلِي بينك وبينهۥ عدوة‬ ‫﴿ٱد َف ۡع بِٱلت ِ َ‬
‫ۡ‬
‫قال تعاىل‪:‬‬
‫ِ‬
‫‪ٞ‬‬ ‫َ َ َّ ُ َ ٌّ َ‬
‫كأنهۥ و ِل حِيم ‪. » ﴾34‬‬
‫((( (((‬

‫ )‪(2‬من اإلحسان أمور‪:‬‬


‫ ‪ .‬أاإلحسان يف القصد والنية بأن تكون مجردة ملرضاة‬
‫الحق واتباع الرشع عىل مقتىض العلم مبراد هللا تعاىل‪،‬‬
‫وأن يقرتن بها العزم والج ّد‪ ،‬فاالجتهاد يف تصحيح النية‬
‫وتجريدها ‪ ‬إحسان‪.‬‬
‫ ‪.‬باإلحسان يف مراعاة الخطرات واألفكار وربطها بالرشع‪.‬‬
‫ ‪.‬جاإلحسان يف مراعاة الوقت وحفظه عن الضياع(((‪.‬‬
‫((( فصلت‪.34 :‬‬
‫(( ( بهجة قلوب األبرار‪.165-164 :‬‬
‫((( يراجع‪ :‬مدارج السالكني‪.433-430/2 :‬‬

‫‪20‬‬
‫مراجع ُم ِعينة‪:‬‬
‫ )‪(1‬مدارج السالكني‪ ،‬البن القيم‪.‬‬
‫ )‪(2‬جامع العلوم والحكم‪ ،‬البن رجب‪.‬‬
‫ )‪(3‬بهجة قلوب األبرار‪ ،‬للسعدي‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫المراقبة‬
‫هي‪ :‬الشعور باطالع هللا تعاىل عىل قلب العبد وعمله يف كل‬
‫حال ‪ ‬وآنٍ ‪.‬‬
‫ومصدرها‪ :‬اإلميان بكامل علم هللا سبحانه وإحاطته وسمعه وبرصه‬
‫بالذرة السوداء عىل الصخرة الصامء يف الليلة الظلامء‪ ،‬فقوة املراقبة من‬
‫قوة اإلميان‪ ،‬وضعفها من ضعفه‪.‬‬
‫ومثرتها‪ :‬القيام بأمر هللا تعاىل بإتقان‪ ،‬وهي مرتبة اإلحسان أعىل‬
‫مراتب التدين‪ ،‬وأهلها أقرب الخلق إىل الباري ‪.‬‬

‫عناصر مقترحة‪:‬‬
‫ )‪(1‬متهيد‪ :‬كامل علم هللا وسمعه وبرصه وقدرته‪.‬‬
‫ )‪(2‬معنى املراقبة‪.‬‬
‫ )‪(3‬دوام املراقبة طريق اإلحسان‪.‬‬
‫ )‪(4‬طرق تنمية املراقبة (تقوية اإلميان‪ :‬بالتعرف عىل أسامء هللا‬
‫وصفاته‪ ،‬والنظر يف خلقه وملكوته‪ ،‬واستشعار وجود املالئكة‬
‫يف الخلوة‪ ،‬وتذكر الحساب والجزاء‪.)..‬‬
‫ )‪(5‬املراقبة والخلوة (أقوى ما تكون املراقبة حينام تكون يف الخلوة‪،‬‬
‫كام أن الخلوة مظنة املعصية عند ضعف اإلميان)‪.‬‬
‫ )‪(6‬املراقبة واألثر الرتبوي (تقوية مراقبة هللا قبل رقابة البرش‪:‬‬
‫هي ‪ ‬الحل)‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫ )‪(7‬أثر املراقبة يف النجاح واإلنتاج (رقابة البرش‪ :‬تكلفة باهظة‬
‫وأثر ‪ ‬محدود)‪.‬‬
‫ )‪(8‬نتائج ضعف املراقبة‪.‬‬
‫ )‪(9‬الحياء خلق ال يناقض املراقبة‪ ،‬وهللا أحق من يستحيا منه‪.‬‬

‫هدايات قرآنية‪:‬‬
‫ََ‬ ‫َۡ‬ ‫َّ َّ َ َ َ ۡ‬
‫ۡرض ول‬ ‫شء‪ِ ٞ‬ف ٱل ِ‬ ‫ف َعلَ ۡيهِ َ ۡ‬ ‫يَٰ‬ ‫ )‪(1‬وقال سبحانه‪﴿ :‬إِن ٱلل ل‬
‫َّ َ ٓ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫‪.‬‬ ‫(((‬
‫ِ﴾‬ ‫ء‬ ‫ِف ‪ ‬ٱلسما‬
‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬
‫ٱلل َيعل ُم َما ِ ٓ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬
‫﴿وٱعل ُم ٓوا أن َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬
‫ف أنفسِك ۡم فٱحذ ُروهُۚ﴾(((‪.‬‬ ‫َ‬
‫ )‪(2‬وقال تعاىل‪َ :‬‬
‫َ ُ َ‬
‫ٱلل ب ِ َما ت ۡع َملون‬ ‫ك ۡم أ ۡي َن َما ُك ُ‬
‫نت ۡم َو َّ ُ‬ ‫ََُ َ َ ُ‬
‫ )‪(3‬وقال ‪﴿ :‬وهو مع‬
‫ۚ‬
‫بَ ِصري‪.(((﴾4  ٞ‬‬
‫َ َ ُّ َ‬ ‫ِني َت ُق ُ‬ ‫ك ح َ‬ ‫ََ ٰ َ‬ ‫َّ‬
‫وم ‪َ 218‬وتقل َبك ِف‬ ‫ )‪(4‬قال تعاىل‪﴿ :‬ٱلِي يرى‬
‫‪.‬‬ ‫(((‬
‫‪﴾219 ‬‬ ‫ٱلسجد َ‬
‫ِين‬ ‫ِ‬ ‫َّ ٰ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫َ ۡ َ ُ َ ٓ ََ ۡ َ ۡ ُ َ َ ُۡ‬
‫ي وما ت ِف ٱلصدور ‪. ﴾19‬‬
‫(((‬
‫ )‪(5‬وقال سبحانه‪﴿ :‬يعلم خائِنة ٱلع ِ‬

‫قبسات نبوية‪:‬‬
‫ )‪(1‬حديث عمر ‪ ‬يف قصة مجيء جربيل إىل النبي ‪‬‬
‫ح َسانِ ‪،‬‬ ‫ب ِن َعنِ ْ ِ‬
‫ال ْ‬ ‫خ ِْ‬ ‫وفيه‪ :‬أن جربيل قال للنبي ‪(( :‬فَأَ ْ‬
‫هللا كَأَن ََّك تَ َرا ُه‪ ،‬فَ ِإ ْن لَ ْم تَ ُ‬
‫ك ْن ت َ َرا ُه فَ ِإنَّ ُه يَ َر َاك‪.((())..‬‬ ‫ق ََال‪«:‬أَ ْن تَ ْع ُب َد َ‬
‫آل عمران‪.5 :‬‬ ‫(( (‬
‫البقرة‪.235 :‬‬ ‫((( ‬
‫الحديد‪.4 :‬‬ ‫((( ‬
‫الشعراء‪.219-218 :‬‬ ‫(( (‬
‫غافر‪.19 :‬‬ ‫(( (‬
‫مسلم‪.8 :‬‬ ‫((( ‬

‫‪23‬‬
‫ )‪(2‬عن أيب هريرة ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول هللا ‪ِ (( :‬إ َّن‬
‫ك ْن يَ ْنظُ ُر إِ َل‬ ‫ص َو ِركُ ْم‪َ ،‬ولَ ِ‬ ‫ج َسا ِدكُ ْم‪َ ،‬و َل إِ َل ُ‬ ‫هللا لَ يَ ْنظُ ُر إِ َل أَ ْ‬ ‫َ‬
‫ك ْم»(((‪.‬‬ ‫قُلُو ِب ُ‬
‫ )‪(3‬عن أيب ذر ومعاذ بن جبل ‪ ‬عن رسول هللا ‪ ‬قال‪:‬‬
‫اس‬ ‫خالِقِ ال َّن َ‬ ‫ح َها َو َ‬ ‫ح َس َن َة تَ ْ ُ‬ ‫ت َوأَتْ ِبعِ َّ‬
‫الس ِّيئَ َة الْ َ‬ ‫ح ْيث َُم كُ ْن َ‬ ‫هللا َ‬
‫((ات َّقِ َ‬
‫ح َسنٍ »(((‪.‬‬ ‫خلُقٍ َ‬ ‫ِب ُ‬
‫ )‪(4‬عن ابن عباس ‪ ‬قال‪ :‬كنت خلف النبي ‪ ‬يوماً‬
‫َظ‬ ‫حف ِ‬ ‫ح َفظ َْك ا ْ‬ ‫هللا يَ ْ‬
‫َظ َ‬ ‫حف ِ‬ ‫ت‪ :‬ا ْ‬ ‫فقال‪(( :‬يَا غ َُل ُم إِ ِّن أُ َعلِّ ُم َك كَلِ َم ٍ‬
‫جا َه َك‪ ((())..،‬أي‪ :‬احفظ أمر هللا بفعله‪ ،‬ونهيه برتكه‪،‬‬ ‫هللا تَ ِجدْهُ تُ َ‬ ‫َ‬
‫يف رسك وعالنيتك‪.‬‬
‫((س ْب َع ٌة يُ ِظلُّ ُه ُم‬‫ )‪(5‬عن أيب هريرة ‪ ‬عن النبي ‪ ‬قال‪َ :‬‬
‫اب نَشَ أَ ِف‬ ‫ال ِف ِظلِّ ِه يَ ْو َم الَ ِظ َّل إِ َّل ِظلُّ ُه‪ :‬إِ َما ٌم َع ْد ٌل‪َ ،‬وشَ ٌّ‬ ‫هللا تَ َع َ‬
‫ُ‬
‫هللا‪،‬‬‫حابَّا ِف ِ‬ ‫جالَنِ تَ َ‬ ‫ج ٌل قَلْ ُب ُه ُم َعل ٌَّق ِف امل ََساج ِِد‪َ ،‬و َر ُ‬ ‫هللا‪َ ،‬و َر ُ‬‫ِع َبا َد ِة ِ‬
‫ب َو َج َم ٍل‬ ‫ا ْجتَ َم َعا َعلَيْ ِه َوتَ َف َّرقَا َعلَيْ ِه‪َ ،‬و َر ُج ٌل َد َعتْ ُه ا ْم َرأَ ٌة َذاتُ َم ْن ِص ٍ‬
‫حتَّى الَ ت َ ْعلَ َم‬ ‫خفَا َها َ‬ ‫ِص َدقَ ٍة فَأَ ْ‬ ‫هللا‪َ ،‬و َر ُج ٌل ت ََص َّد َق ب َ‬
‫اف َ‬ ‫خ ُ‬ ‫َال‪ِ :‬إ ِّن أَ َ‬‫فَق َ‬
‫ت‪َ  ‬ع ْي َنا ُه»(((‪.‬‬ ‫خالِياً‪ ،‬فَفَاضَ ْ‬ ‫ج ٌل َذكَ َر َ‬
‫هللا َ‬ ‫ِش َملُ ُه َما تُ ْن ِف ُق َيِي ُن ُه‪َ ،‬و َر ُ‬
‫ )‪(6‬عن ثوبان ‪ ‬عن النبي ‪ ‬أنه قال‪(( :‬ألَ ْعلَم َّن أقواماً‬
‫ات أمثا ِل جبال تِها َم َة بِيضاً‪،‬‬ ‫ِم ْن أ َّمتي يأتو َن يو َم ال ِقيا َم ِة ِب َ‬
‫ح َس َن ٍ‬
‫ك ْن‬ ‫ص َو ِركُ ْم َوأَ ْم َوالِ ُ‬
‫ك ْم‪َ ،‬ولَ ِ‬ ‫مسلم‪ .2564 :‬ويف الرواية األخرى‪(( :‬إِ َّن َهللا لَ يَ ْنظُ ُر إِ َ‬
‫ل ُ‬ ‫((( ‬
‫ك ْم َوأَ ْع َملِ ُ‬
‫ك ْم))‪.‬‬ ‫يَ ْنظُ ُر إِ َل قُلُو ِب ُ‬
‫الرتمذي‪ ،1988 :‬وقال حديث حسن‪.‬‬ ‫(( (‬
‫الرتمذي‪ ،2518 :‬وقال‪ :‬حديث حسن صحيح‪.‬‬ ‫(( (‬
‫البخاري‪.1357 :‬‬ ‫((( ‬

‫‪24‬‬
‫فيج َعلُها هللا ‪َ ‬هبا ًء َم ْنثورا ً هبا ًء))‪ ،‬قال ثوبان‪ :‬يا رسول هللا‬
‫صفهم لنا‪ ،‬جلِّهم لنا؛ أن ال نكون منهم ونحن ال نعلم‪ ،‬قال‪(( :‬أ َما‬
‫جلْ َدتِكم‪ ،‬ويأخذون ِمن الل ْيلِ كام تأخذونَ‪،‬‬ ‫خوانكم‪ ،‬و ِم ْن ِ‬ ‫إنَّهم إ ْ‬
‫خلَ ْوا بِ حارِم هللا انْتَهكُوها))(((‪.‬‬
‫ولك َّنهم قو ٌم إذا َ‬

‫أمثلة تطبيقية‪:‬‬
‫ )‪(1‬نبي هللا يوسف ‪ ‬ملا راودته امرأة العزيز‪ ،‬وهي ذات سلطان‬
‫ومنعة‪ ،‬وهددته وتوعدته‪ ،‬وهو شاب غريب‪ ،‬وقد هيأت لألمر‬
‫كل أسبابه‪ ،‬فهرب منها‪ ،‬ثم توعدته بالسجن‪ ،‬فاختاره عىل أن‬
‫يعص هللا؛ مراقبة له تعاىل!‬
‫ )‪(2‬عن عبد هللا بن زيد بن أسلم عن أبيه عن جده أسلم قال‪« :‬بينا أنا‬
‫مع عمر بن الخطاب وهو يعس املدينة إذا أعيا واتكأ عىل جانب‬
‫جدار يف جوف الليل‪ ،‬وإذا امرأة تقول البنتها‪ :‬يا ابنتاه قومي إىل‬
‫ذلك اللنب فامذقيه باملاء‪ ،‬فقالت لها‪ :‬يا أمتاه وما علمت ما كان‬
‫من عزمة أمري املؤمنني اليوم‪ ،‬قالت‪ :‬وما كان من عزمته يا بنية؟‪،‬‬
‫قالت‪ :‬إنه أمر منادياً فنادى أال يشاب اللنب باملاء‪ ،‬فقالت لها‪ :‬يا‬
‫بنية قومي إىل اللنب فامذقيه باملاء فإنك مبوضع ال يراك عمر وال‬
‫منادي عمر‪ ،‬فقالت الصبية ألمها‪ :‬يا أمتاه ما كنت ألطيعه يف املأل‬
‫وأعصيه يف الخالء‪ ،‬وعمر يسمع كل ذلك‪ ،‬فقال‪ :‬يا أسلم علِّم‬
‫الباب واعرف املوضع‪ ،‬ثم مىض يف عسسه حتى أصبح فلام أصبح‬
‫قال‪ :‬يا أسلم امض إىل املوضع فانظر من القائلة ومن املقول لها‪،‬‬

‫((( ابن ماجه‪ ،4235 :‬وصححه األلباين يف صحيح الجامع‪.5028 :‬‬

‫‪25‬‬
‫وهل لهم من بعل‪ ،‬فأتيت املوضع فنظرت‪ ،‬فإذا الجارية أيم‬
‫ال بعل لها‪ ،‬وإذا تيك أمها وإذ ليس لها رجل‪ ،‬فأتيت عمر بن‬
‫الخطاب فأخربته‪ ،‬فدعا عمر ولده فجمعهم فقال‪ :‬من يحتاج إىل‬
‫امرأة ز َّوجته‪ ،‬ولو كان بأبيكم حركة إىل النساء ما سبقه منكم‬
‫أحد إىل هذه املرأة‪ ،‬فقال عبد هللا‪ :‬يل زوجة‪ ،‬وقال عبد الرحمن‪:‬‬
‫يل زوجة‪ ،‬وقال عاصم‪ :‬يا أبتاه ال زوجة يل فزوجني‪ ،‬فبعث إىل‬
‫الجارية فزوجها من عاصم‪ ،‬فولدت لعاصم بنتاً‪ ،‬وولدت البنت‬
‫عمر بن عبد العزيز‪ .‬كذلك نسبه العلامء»(((‪.‬‬
‫ع فقال‪ :‬يا‬ ‫ )‪(3‬عن زيد بن أسلم قال‪« :‬م ّر عبد هللا بن عمر برا ٍ‬
‫راعي الغنم هل من جوزة؟ قال الراعي‪ :‬ليس ههنا ربُّها‪ ،‬فقال‬
‫له ابن عمر‪ :‬تقول له إنه أكلها الذئب؟ قال فرفع الراعي رأسه‬
‫إىل السامء ثم قال‪ :‬فأين هللا! قال ابن عمر‪ :‬فأنا وهللا أحق أن‬
‫أقول أين هللا‪ ،‬فاشرتى ابن عمر الراعي واشرتى الغنم‪ ،‬فأعتقه‬
‫وأعطاه ‪ ‬الغنم»(((‪.‬‬
‫ )‪(4‬نصح العز بن عبد السالم السلطان أيوب وهو يف أبهته واستعراضه‬
‫قائالً‪« :‬يا أيوب ما حجتك عند هللا إذا قال لك أمل أبوئ لك ملك‬
‫مرص ثم تبيح الخمور؟ فقال‪ :‬هل جرى هذا؟ فقال‪ :‬نعم‪ ،‬الحانة‬
‫الفالنية يباع فيها الخمور وغريها من املنكرات‪ ،‬وأنت تتقلب‬
‫يف نعمة هذه اململكة ‪ -‬يناديه كذلك بأعىل صوته والعساكر‬
‫واقفون ‪ - ‬فقال‪ :‬يا سيدي هذا أنا ما عملته‪ ،‬هذا من زمان أيب‪،‬‬
‫فقال‪ :‬أنت من الذين يقولون‪ :‬إنا وجدنا آباءنا عىل أمة؟ فرسم‬
‫(( ( صفة الصفوة‪.204-203/2 :‬‬
‫(( ( شعب اإلميان للبيهقي‪.8614 :‬‬

‫‪26‬‬
‫السلطان بإبطال تلك الحانة‪ ،‬فسئل العز عن جرأته‪ ،‬فقال‪ :‬يا بني‬
‫رأيته يف تلك العظمة‪ ،‬فأردت أن أهينه‪ ،‬لئال تكرب نفسه فتؤذيه‪،‬‬
‫فقال السائل‪ :‬يا سيدي أما خفته؟ فقال‪ :‬وهللا يا بني استحرضت‬
‫هيبة هللا تعاىل فصار السلطان قدامي كالقط»(((‪.‬‬
‫ )‪(5‬راود بعضهم أعرابية‪ ،‬وقال لها‪ :‬ما يرانا إال الكواكب! قالت‪ :‬أين‬
‫مكوكِ ُبها(((؟‬
‫ )‪(6‬رأى محمد بن املنكدر رجالً واقفاً مع امرأة يكلمها‪ ،‬فقال‪« :‬إن‬
‫هللا يراكام‪ ،‬سرتنا هللا وإياكام»(((‪.‬‬

‫أقوال مضيئة‪:‬‬
‫ )‪(1‬قال حاتم األصم‪« :‬تعاهد نفسك يف ثالث‪ :‬إذا عملت فاذكر نظر‬
‫هللا إليك‪ ،‬وإذا تكلمت فاذكر سمع هللا منك‪ ،‬وإذا سكت فاذكر‬
‫علم هللا فيك»(((‪.‬‬
‫ )‪(2‬قال املحاسبي‪« :‬أرسع األشياء عظة للقلب وانكسارا ً له‪ :‬ذكر‬
‫اطالع هللا بالتعظيم له»(((‪.‬‬
‫ )‪(3‬قال أبو عثامن‪« :‬قال يل أبو حفص‪ :‬إذا جلست للناس فكن واعظاً‬
‫لنفسك وقلبك‪ ،‬وال يغرنك اجتامعهم عليك‪ ،‬فإنهم يراقبون‬
‫ظاهرك‪ ،‬وهللا رقيب عىل باطنك»(((‪.‬‬
‫طبقات الشافعية الكربى‪ :‬ج‪.212/8‬‬ ‫((( ‬
‫جامع العلوم والحكم‪.336/1 :‬‬ ‫(( (‬
‫جامع العلوم والحكم ‪.336/1‬‬ ‫(( (‬
‫نزهة الفضالء‪.848 :‬‬ ‫((( ‬
‫الحلية‪.86/10 :‬‬ ‫(( (‬
‫اإلحياء‪.397/4 :‬‬ ‫(( (‬

‫‪27‬‬
‫ )‪(4‬عن الجنيد قال‪ :‬سمعت أبا عبد هللا الحارث املحاسبي يقول‪ :‬وسئل‬
‫عن املراقبة هلل‪ ،‬وعن املراقبة لربه‪ ،‬فقال‪« :‬إن املراقبة تكون عىل‬
‫ثالث خالل ‪-‬عىل قدر عقل العاقلني ومعرفتهم بربهم يفرتقون يف‬
‫ذلك‪ ،-‬فإحدى الثالث‪ :‬الخوف من هللا‪ ،‬والخلة الثانية‪ :‬الحياء‬
‫من هللا‪ ،‬والخلة الثالثة‪ :‬الحب هلل‪ .‬فأما الخائف فمراقب بشد ِة‬
‫حذ ٍر من هللا تعاىل وغلبة فزع‪ ،‬وأما املتسحي من هللا فمراقب‬
‫بشدة وانكسار وغلبة إخبات‪ ،‬وأما املحب فمراقب بشدة رسور‬
‫وغلبة نشاط وسخاء نفس مع إشفاق»(((‪.‬‬
‫ )‪(5‬قال الشاعر‪:‬‬
‫إذا ما خلوت الدهر يوماً فال تقل‬
‫خلـوت ولكـن قـل علي رقيب‬
‫بن هللا يغفـل سـاعة‬ ‫وال تحس َّ‬
‫وال أن مـا تخفيـه عنـه يغيـب‬
‫أمل تـر أن اليـوم أرسع ذاهـب‬
‫وأن غـدا ً للناظريـن قريـب‬

‫مراجع ُم ِعينة‪:‬‬
‫ )‪(1‬مدارج السالكني‪ ،‬البن القيم‪.‬‬
‫ )‪(2‬مخترص منهاج القاصدين‪ ،‬البن قدامة‪.‬‬
‫ )‪(3‬دليل الفالحني‪ ،‬ملحمد بن عالن الصديقي‪.‬‬

‫(( ( الحلية‪.93/10 :‬‬

‫‪28‬‬
‫مجاهدة النفس‬
‫مجاهدة النفس‪ :‬بذل الجهد واستفراغ الوسع والطاقة‪ ،‬مع الصرب‬
‫وتح ُّمل املشقة يف إلزام النفس بطاعة هللا تعاىل‪ ،‬ومنعها من معصيته‪،‬‬
‫وتح ُّملها أقداره املؤملة‪.‬‬
‫وعمدتها‪ :‬مخالفة هوى النفس؛ إذ ال تتحقق العبودية والنجاة‬
‫إال ‪ ‬بذلك‪.‬‬

‫عناصر مقترحة‪:‬‬
‫ )‪(1‬يف املجاهدة‪ :‬تحقيق العبودية‪.‬‬
‫ )‪(1‬معنى املجاهدة‪.‬‬
‫ )‪(2‬ركن مجاهدة النفس‪ :‬مخالفة هواها‪.‬‬
‫ )‪(3‬الصرب‪ :‬رشط املجاهدة‪( .‬الصرب عىل الطاعة‪ ،‬وعن املعصية‪ ،‬وعىل‬
‫املصائب)‪.‬‬
‫ )‪(4‬االنتصار عىل النفس رضوري لالنتصار عىل العدو‪.‬‬
‫ )‪(5‬فوائد املجاهدة (تحقيق العبودية هلل‪ ،‬املنافسة واملسارعة يف‬
‫الخريات‪ ،‬العزة والرفعة‪ ،‬القدرة عىل مجاهدة العدو‪.)..‬‬
‫ )‪(6‬كيف نجاهد أنفسنا؟ (ترغيب النفس وترهيبها‪ ،‬إلزامها‬
‫بالواجبات مهام كانت شاقة وعدم السامح لها برتكها بأي حال‪،‬‬
‫الصرب‪ ،‬التدرج بها‪ ،‬استغالل نشاطها والرتفق عند النفور‪.)...‬‬

‫‪29‬‬
‫هدايات قرآنية‪:‬‬
‫َ َّ َ َ ٰ َ ُ ْ َ َ َ ۡ َ َّ ُ ۡ ُ ُ َ َ َّ َّ َ َ‬
‫ٱلل ل َم َع‬ ‫ )‪(1‬قال تعاىل‪﴿ :‬وٱلِين جهدوا فِينا لهدِينهم سبلنا ۚ ِإَون‬
‫ني ‪.(((﴾69‬‬ ‫سن َ‬ ‫ح‬‫ٱل ۡ ُم ۡ‬
‫ِ ِ‬
‫َ َ َ َ ۡ َ َ َّ َ َ َ ٰ َ ُ َ َ ٰ ُ َ َ َ َّ ُ َّ ُ َ َ ٰ ۡ‬
‫ )‪(2‬وقال تعاىل‪﴿ :‬أفرءيت م ِن ٱتذ إِلههۥ هوىه وأضله ٱلل ع عِل ٖم‬
‫ِش َوة ف َمن َي ۡهدِيهِ‬
‫َٰ ٗ َ‬
‫صه ِۦ غ‬ ‫ع بَ َ‬ ‫ع َس ۡمعِهِۦ َوقَ ۡلبِهِۦ َو َج َع َل َ َ ٰ‬ ‫َو َخ َت َم َ َ ٰ‬
‫ِ‬
‫َّ َ َ َ َ َ َّ ُ َ‬
‫ِم ۢن َب ۡع ِد ٱللِۚ أفل تذكرون ‪ . ﴾23‬واملتبع هواه مل يجاهد‬
‫(((‬

‫نفسه‪ ،‬بل سلمها قيادته‪ ،‬فقادته إىل هلكته‪.‬‬


‫ور َها َو َت ۡق َوىٰهاَ‬‫ج َ‬ ‫﴿و َن ۡفس َو َما َس َّوى ٰ َها ‪ ٧‬فَ َأل ۡ َه َم َها فُ ُ‬ ‫ )‪(3‬وقال ‪َ :‬‬
‫ٖ‬
‫َ‬ ‫ٰ‬ ‫َّ‬ ‫ََۡ َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ٰ‬ ‫َ ۡ َ ۡ َ َ َ َ َّ‬
‫‪ ٨‬قد أفلح من زكىها ‪ ٩‬وقد خاب من دسىها ‪ ﴾١٠‬وال‬
‫(((‬

‫تحصل التزكية دون مجاهدة للنفس‪.‬‬


‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ ۡ ۡ َۡ َ َ‬
‫ِين يَ ۡد ُعون َر َّب ُهم بِٱلغ َد ٰوة ِ‬ ‫ك َم َع ٱل َ‬ ‫ )‪(4‬وقال سبحانه‪﴿ :‬وٱص ِب نفس‬
‫ۡ‬
‫ين َة َ‬ ‫يد ز َ‬ ‫اك َع ۡن ُه ۡم تُر ُ‬ ‫ون َو ۡج َه ُهۥ َو َل َت ۡع ُد َع ۡي َن َ‬ ‫َ َۡ ّ ُ ُ َ‬
‫ٱل َي ٰوة ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ۖ‬ ‫ش ي ِريد‬ ‫وٱلع ِ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُّ ۡ‬
‫ٱدلن َياۖ َول ت ِط ۡع َم ۡن أغفل َنا قل َب ُهۥ َعن ذِك ِرنا َوٱت َب َع ه َوى ٰ ُه َوكن‬
‫َۡ ُُ ُُٗ‬
‫أمرهۥ فرطا ‪ ﴾28‬وصرب النفس‪ :‬مجاهدتها‪.‬‬ ‫(((‬

‫قبسات نبوية‪:‬‬
‫ )‪(5‬عن فضالة بن عبيد‪ ،‬قال سمعت رسول هللا ‪ ‬يقول‪:‬‬
‫جا ِه ُد َم ْن َ‬
‫جا َه َد نَف َْس ُه هلل ‪ -‬أو قال‪ِ :‬ف هللا ‪.((()) -‬‬ ‫((الْ ُم َ‬
‫العنكبوت‪.69 :‬‬ ‫((( ‬
‫الجاثية‪.23 :‬‬ ‫(( (‬
‫الشمس‪.10-7 :‬‬ ‫((( ‬
‫الكهف‪.28 :‬‬ ‫(( (‬
‫أحمد‪ ،27725 :‬وصححه األلباين يف صحيح الجامع‪.6679 :‬‬ ‫(( (‬

‫‪30‬‬
‫ )‪(6‬عن أنس بن مالك ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول هللا ‪:‬‬
‫ات))((( وترك‬ ‫َّت ال َّنا ُر بِالشَّ َه َو ِ‬ ‫حف ِ‬ ‫ج َّن ُة بِالْ َمكَار ِِه‪َ ،‬و ُ‬ ‫َّت الْ َ‬‫حف ِ‬ ‫(( ُ‬
‫مكاره النفوس هو املجاهدة‪ ،‬وضدها‪ :‬اتباع الهوى والشهوة‪.‬‬
‫حو‬ ‫ك ْم َع َل َما َ ْي ُ‬‫ )‪(7‬عن أيب هريرة ‪ ‬إن رسول هللا قال‪(( :‬أَلَ أَ ُدلُّ ُ‬
‫ات؟))‪ ،‬قالوا‪ :‬بىل يا رسول هللا‪،‬‬ ‫ج ِ‬ ‫خطَايَا‪َ ،‬ويَ ْرفَ ُع ِب ِه ال َّد َر َ‬ ‫هللا ِب ِه الْ َ‬
‫ُ‬
‫خطَا إِ َل الْ َم َساج ِِد‪،‬‬ ‫غ الْ ُوضُ و ِء َع َل الْ َمكَار ِِه‪َ ،‬وك َْثَ ُة الْ ُ‬ ‫قال‪(( :‬إِ ْسبَا ُ‬
‫ك ُم ال ِّربَاطُ))((( ففضلت هذه‬ ‫الص َل ِة‪ ،‬فَ َذلِ ُ‬‫الص َل ِة بَ ْع َد َّ‬ ‫َوانْ ِتظَا ُر َّ‬
‫األعامل بأمور‪ ،‬منها‪ :‬مجاهدة النفس وتصبريها عىل الطاعات‪.‬‬
‫ )‪(8‬عن أيب بن كعب ‪ ‬قال‪ :‬كان رجل ال أعلم رجالً أبعد من‬
‫املسجد منه‪ ،‬وكان ال تخطئه صالة‪ ،‬قال‪ :‬فقيل له ‪ -‬أو قلت‬
‫له ‪ :- ‬لو اشرتيت حامرا ً تركبه يف الظلامء ويف الرمضاء‪ ،‬قال‪ :‬ما‬
‫يرسين أن منزيل إىل جنب املسجد‪ ،‬إين أريد أن يكتب يل ممشاي‬
‫إىل املسجد ورجوعي إذا رجعت إىل أهيل‪ ،‬فقال رسول هللا‬
‫هللا ل ََك َذلِ َك كُلَّ ُه))(((‪ ،‬فحاز هذا األجر‬ ‫ج َم َع ُ‬ ‫‪(( :‬قَ ْد َ‬
‫مبجاهدته لنفسه عىل تحمل امليش يف الحر والظلمة‪.‬‬
‫ )‪(9‬عن سهل بن سعد ‪ ‬عن رسول هللا ‪ ‬قال‪َ (( :‬م ْن‬
‫ج َّن َة))((( وال‬ ‫جلَ ْي ِه أَضْ َم ْن لَ ُه ال َ‬‫ي ِر ْ‬ ‫ح َي ْي ِه َو َما بَ ْ َ‬‫ي لَ ْ‬‫يَضْ َم ْن ِل َما بَ ْ َ‬
‫ضامن لهام بال مجاهدة‪.‬‬

‫مسلم‪.2823 :‬‬ ‫((( ‬


‫مسلم‪.251 :‬‬ ‫((( ‬
‫مسلم‪.663 :‬‬ ‫((( ‬
‫البخاري‪.6474 :‬‬ ‫((( ‬

‫‪31‬‬
‫أمثلة تطبيقية‪:‬‬
‫ )‪(1‬عن املغرية بن شعبة ‪ ‬أن النبي ‪ ‬صىل حتى‬
‫انتفخت قدماه فقيل له‪ :‬أتُكل َُّف هذا‪ ،‬وقد غفر هللا لك ما تقدم‬
‫(((‬
‫من ذنبك وما تأخر؟! فقال‪(( :‬أَفَالَ أَكُو ُن َعبْدا ً شَ كُورا ً))‬
‫وتكلُّف اليشء‪ :‬مجاهدة النفس عليه‪.‬‬
‫ )‪(2‬عن عائشة ‪ ‬قالت‪« :‬كان رسول هللا ‪ ‬إذا دخل‬
‫العرش‪ :‬أحيا الليل‪ ،‬وأيقظ أهله‪ ،‬وجد وشد املئزر»(((‪.‬‬
‫ )‪(3‬كان مالك بن دينار يطوف يف السوق فإذا رأى اليشء يشتهيه‪ ،‬قال‬
‫لنفسه‪« :‬اصربي فوهللا ما أمنعك إال من كرامتك عيل»(((‪.‬‬

‫أقوال مضيئة‪:‬‬
‫ )‪(1‬قال عيل بن أيب طالب‪« :‬أول ما تنكرون من جهادكم أنفسكم»(((‪،‬‬
‫أي‪ :‬أنه يقل االهتامم به فيصري مستنكرا ً‪.‬‬
‫ )‪(2‬سأل أحدهم عبد هللا بن عمر ‪ ‬عن الجهاد‪ ،‬فقال له‪« :‬ابدأ‬
‫بنفسك فجاهدها‪ ،‬وابدأ بنفسك فاْغ ُزها»(((‪.‬‬
‫ )‪(3‬قال ابن املبارك‪« :‬فقوله ‪(( :‬إن النرص مع الصرب))‬
‫يشمل النرص يف الجهادين‪ :‬جهاد العدو الظاهر‪ ،‬وجهاد العدو‬
‫الباطن‪ ،‬فمن صرب فيهام نُرص وظفر بعدوه‪ ،‬ومن مل يصرب‬
‫البخاري‪ ،412 :‬مسلم‪.2819 :‬‬ ‫((( ‬
‫البخاري‪ ،2024 :‬مسلم‪.1174 :‬‬ ‫((( ‬
‫فيض القدير‪.63/6 :‬‬ ‫(( (‬
‫جامع العلوم والحكم‪.196/1 :‬‬ ‫(( (‬
‫جامع العلوم والحكم‪.196/1 :‬‬ ‫(( (‬

‫‪32‬‬
‫فيهام وجزع قُهر وصار أسريا ً لعدوه أو قتيالً له»((( والعدو‬
‫الباطن‪ :‬النفس‪.‬‬
‫ )‪(4‬قال يحيى بن معاذ الرازي‪« :‬أعداء اإلنسان ثالثة‪ :‬دنياه‪ ،‬وشيطانه‪،‬‬
‫ونفسه‪ ،‬فاحرتس من الدنيا بالزهد فيها‪ ،‬ومن الشيطان مبخالفته‪،‬‬
‫ومن النفس برتك الشهوات» وال تُرتك الشهوات دون مجاهدة‪.‬‬
‫ )‪(5‬قال عمر بن عبد العزيز‪« :‬ال تكن ممن يتبع الحق إذا وافق‬
‫هواه‪ ،‬ويخالفه إذا خالف هواه‪ ،‬فإذا ً أنت ال تثاب عىل ما وافقته‬
‫من الحق‪ ،‬وتعاقب عىل ما تركته منه؛ ألنك إمنا اتبعت هواك يف‬
‫املوضعني»(((‪.‬‬
‫ )‪(6‬قال الشاطبي‪« :‬املقصد الرشعي من وضع الرشيعة‪ :‬إخراج‬
‫املكلف من داعية هواه حتى يكون عبدا ً هلل اختيارا ً‪ ،‬كام هو‬
‫عب ٌد هلل اضطرارا ً»(((‪.‬‬
‫ )‪(7‬قال ابن بطال‪« :‬جهاد املرء نفسه هو الجهاد األكمل‪ ،‬قال تعاىل‪:‬‬
‫ٰ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ ۡ َ َ ۡ‬ ‫َ َ َّ َ ۡ َ َ َ َ َ َ ّ َ َ َ‬
‫﴿وأما من خاف مقام ربِهِۦ ونه ٱنلفس ع ِن ٱلهوى‪، ﴾40‬‬
‫(((‬

‫ويقع مبنع النفس عن املعايص‪ ،‬ومبنعها عن الشبهات‪ ،‬ومبنعها من‬


‫اإلكثار من الشهوات املباحة لتتوفر لها يف اآلخرة‪ .‬قلت‪[ :‬القائل‬
‫ابن حجر] ولئال يعتاد اإلكثار فيألفه‪ ،‬فيج َّره إىل الشبهات‪ ،‬فال‬
‫يأمن أن يقع يف الحرام»(((‪.‬‬
‫جامع العلوم والحكم‪.196/1 :‬‬ ‫(( (‬
‫رشح الطحاوية البن أيب العز‪.590/1 :‬‬ ‫(( (‬
‫املوافقات‪.289/2 :‬‬ ‫(( (‬
‫النازعات‪.40 :‬‬ ‫(( (‬
‫فتح الباري‪.346-345/11 :‬‬ ‫(( (‬

‫‪33‬‬
‫مراجع ُم ِعينة‪:‬‬
‫ )‪(1‬مخترص منهاج القاصدين‪ ،‬البن قدامة‪.‬‬
‫ )‪(2‬دليل الفالحني‪ ،‬البن عالن‪.‬‬
‫ )‪(3‬معامل يف السلوك وتزكية النفوس‪ ،‬د‪ .‬عبد العزيز العبد اللطيف‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫محاسبة النفس‬
‫يسعى الشيطان إلغواء ابن آدم‪ ،‬ونفسه تأمره بالسوء‪ ،‬وهو مع‬
‫ذلك كثري النسيان‪ ،‬رسيع الغفلة‪ ..‬مع أنه غري ضامن للنجاة‪ ،‬مام جعل‬
‫ماسة إىل مراجعة النفس والنظر يف العمل لتصحيح الخطأ‪،‬‬ ‫الحاجة ّ‬
‫واالزدياد من الخري؛ استدراكاً للعمر واستعدادا ً للموت‪.‬‬

‫عناصر مقترحة‪:‬‬
‫ )‪(1‬متهيد‪:‬‬
‫مجازى به وحده‪.‬‬
‫ً‬ ‫ ‪ .‬أاملرء مسئول عن عمله‬
‫ ‪.‬برسعة الغفلة وخطورتها عىل العبد‪.‬‬
‫ )‪(2‬معنى املحاسبة‪.‬‬
‫ )‪(3‬أركان املحاسبة‪.‬‬
‫ )‪(4‬مواطن املحاسبة (قبل العمل‪ ،‬بعده‪ ،‬بعد املعصية‪ ،‬بني وقت وآخر‪،‬‬
‫الخلوة‪.)..‬‬
‫ )‪(5‬دوام املحاسبة الجادة الرصيحة‪ :‬أساس للنجاة‪.‬‬
‫ )‪(6‬ملاذا نحتاج املحاسبة؟ (قرص العمر‪ ،‬بغتة املوت‪ ،‬رسعة الغفلة‪،‬‬
‫نسيان الذنوب‪.)..‬‬
‫ )‪(7‬فوائد املحاسبة (استدراك الخطأ‪ ،‬زيادة الطاعات‪ ،‬تهوين‬
‫الحساب‪.)..‬‬
‫ )‪(8‬موانع املحاسبة (الغفلة‪ ،‬العجب بالعمل‪ ،‬الجهل‪ ،‬االنشغال‪.)..‬‬

‫‪35‬‬
‫ )‪(9‬كيف نحاسب أنفسنا؟ (الخلوة بالنفس بعيدا ً عن الناس بني حني‬
‫وآخر ملحاسبتها‪ ،‬تذكر األعامل ومراجعة النفس بشكل متكرر‬
‫دائم وإن كان يومياً كان أحسن‪ ،‬وأحسن منه عند كل فعل أو‬
‫قول‪ ،‬طول النظر والتأمل‪ ،‬ورمبا احتاج اإلنسان سؤاالً ومناقش ًة‬
‫مع بعض إخوانه‪ ،‬وقد يحتاج الكتابة حيناً‪.)..‬‬

‫هدايات قرآنية‪:‬‬
‫س ماَّ‬ ‫َ ٰٓ َ ُّ َ َّ َ َ َ ُ ْ َّ ُ ْ َّ َ َ ۡ َ ُ‬
‫نظ ۡر َن ۡف ‪ٞ‬‬ ‫ )‪(1‬قال تعاىل‪﴿ :‬يأيها ٱلِين ءامنوا ٱتقوا ٱلل ول‬
‫َ ُ َ‬
‫ري ۢ ب ِ َما ت ۡع َملون ‪.(((﴾18‬‬‫ٱلل َخب ُ‬ ‫َ َّ َ ۡ َ َ َّ ُ ْ َّ َ‬
‫ٱلل إ َّن َّ َ‬
‫ِ‬ ‫قدمت ل ِغدٖۖ وٱتقوا ۚ ِ‬
‫َّ‬ ‫َّ َّ َ َّ َ ۡ ْ َ َ َّ ُ ۡ َ ٰٓ ‪ٞ‬‬
‫طئِف ّم َِن ٱلش ۡي َطٰ ِن‬ ‫ )‪(2‬وقال سبحانه‪﴿ :‬إِن ٱلِين ٱتقوا إِذا مسهم‬
‫َ َ َّ ُ ْ َ َ ُ ُّ ۡ ُ َ‬
‫صون ‪.(((﴾201‬‬ ‫تذكروا فإِذا هم مب ِ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬
‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ۡ‬ ‫ََ ٓ ُۡ‬
‫ِ‪﴾2‬ول أقس ُِم بِانلَّف ِس‬ ‫﴿ول أقس ُِم بِٱنلَّف ِس ٱلل َّو َامة‬ ‫ )‪(3‬وقال تعاىل‪:‬‬
‫َّ‬
‫الل َّو َامةِ ‪.(((﴾3‬‬
‫ )‪(4‬فالنظر فيام قدم املرء‪ ،‬والتذكر‪ ،‬واللوم‪ :‬كلها من محاسبة النفس‪.‬‬

‫قبسات نبوية‪:‬‬
‫ )‪(1‬عن حنظلة األُسيدي ‪ ‬قال‪ :‬لقيني أبو بكر فقال‪ :‬كيف أنت‬
‫يا حنظلة؟ قال‪ :‬قلت‪ :‬نافق حنظلة‪ ،‬قال‪ :‬سبحان هللا! ما تقول؟‬
‫قال‪ :‬قلت‪ :‬نكون عند رسول هللا ‪ ‬يذكرنا بالنار والجنة‬
‫حتى كأنَّا رأي عني‪ ،‬فإذا خرجنا من عند رسول هللا ‪‬‬

‫(( ( الحرش‪.18 :‬‬


‫(( ( األعراف‪.201 :‬‬
‫(( ( القيامة‪.3-2 :‬‬

‫‪36‬‬
‫عافسنا األزواج واألوالد والضيعات فنسينا كثريا ً‪ ،‬قال أبو بكر‪:‬‬
‫فوهللا إنا لنلقى مثل هذا‪ ،‬فانطلقت أنا وأبو بكر حتى دخلنا‬
‫عىل رسول هللا ‪ .‬قلت‪ :‬نافق حنظلة يا رسول هللا‪،‬‬
‫فقال رسول هللا ‪ :‬وما ذاك؟ قلت‪ :‬يا رسول هللا نكون‬
‫عندك تذكرنا النار والجنة حتى كأنَّا رأي عني‪ ،‬فإذا خرجنا من‬
‫عندك عافسنا األزواج واألوالد والضيعات نسينا كثريا ً‪ ،‬فقال‬
‫ْس ِب َي ِد ِه إِ ْن لَ ْو تَ ُدو ُمو َن َع َل‬ ‫رسول هللا ‪َ (( :‬وال َِّذي نَف ِ‬
‫ك ُة َع َل فُ ُر ِش ُ‬
‫ك ْم‬ ‫ك ُم الْ َم َلئِ َ‬ ‫حتْ ُ‬ ‫َما تَكُونُو َن ِع ْن ِدي‪َ ،‬و ِف ال ِّذكْرِ‪ ،‬ل َ‬
‫َصافَ َ‬
‫ات ‪.((())-‬‬ ‫ح ْنظَلَ ُة َسا َع ًة َو َسا َع ًة ‪� -‬ث َ َلثَ ‪َ  ‬م َّر ٍ‬
‫ك ْن يَا َ‬ ‫َو ِف طُ ُر ِق ُ‬
‫ك ْم‪َ ،‬ولَ ِ‬

‫أمثلة تطبيقية‪:‬‬
‫ )‪(1‬جاء رجل يشكو إىل عمر ‪ -‬وهو مشغول ‪ -‬فقال‪ :‬أترتكون الخليفة‬
‫حني يكون فارغاً حتى إذا شغل بأمر املسلمني أتيتموه؟ ورضبه‬
‫بالدرة‪ ،‬فانرصف الرجل حزيناً‪ ،‬فتذكر عمر أنه ظلمه فدعا‬
‫به وأعطاه الدرة‪ ،‬وقال له‪ :‬ارضبني كام رضبتك‪ ،‬فأىب الرجل‬
‫وقال‪ :‬تركت حقي هلل ولك‪ ،‬فقال عمر‪« :‬إما أن ترتكه هلل فقط‪،‬‬
‫وإما أن تأخذ حقك» فقال الرجل‪ :‬تركته هلل‪ ،‬فانرصف عمر إىل‬
‫منزله فصىل ركعتني ثم جلس يقول لنفسه‪« :‬يا ابن الخطاب‪:‬‬
‫كنت وضيعاً فرفعك هللا‪ ،‬وضاالً فهداك هللا‪ ،‬وضعيفاً فأعزك هللا‪،‬‬
‫وجعلك خليفة فأىت رجل يستعني بك عىل دفع الظلم فظلمته؟!‬
‫ما تقول لربك إذا أتيته؟ وظل يحاسب نفسه‪ ،‬حتى أشفق‬
‫الناس ‪ ‬عليه»(((‪.‬‬
‫((( مسلم‪.2750 :‬‬
‫(( ( انظر‪ :‬تاريخ دمشق البن عساكر‪.292/44 :‬‬

‫‪37‬‬
‫ )‪(2‬قال إبراهيم التيمي‪« :‬مثلت نفيس يف الجنة آكل من مثارها‪ ،‬وأرشب‬
‫من أنهارها‪ ،‬وأعانق أبكارها‪ ،‬ثم مثلت نفيس يف النار آكل من‬
‫زقومها‪ ،‬وأرشب من صديدها‪ ،‬وأعالج سالسلها وأغاللها‪ ،‬فقلت‬
‫لنفيس‪ :‬أي نفيس‪ ،‬أي يشء تريدين؟ قالت‪ :‬أريد أن أرد إىل الدنيا‬
‫فاعمل صالحاً‪ ،‬قلت‪ :‬فأنت يف األمنية‪ ،‬فاعميل»(((‪.‬‬

‫أقوال مضيئة‪:‬‬
‫ )‪(1‬قال عمر بن الخطاب ‪« :‬حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا‪،‬‬
‫وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا‪ ،‬فإنه أهون عليكم يف الحساب‬
‫غدا ً أن تحاسبوا أنفسكم اليوم‪ ،‬وتزينوا للعرض األكرب ﴿يَ ۡو َمئ ِ ٖذ‬
‫ُ َ ‪ٞ‬‬ ‫ُ ۡ َ ُ َ َ َۡ‬
‫تَٰ‬
‫ف مِنك ۡم خاف َِية ‪.(((»(((﴾18‬‬ ‫تعرضون ل‬
‫ )‪(2‬قال عبيد هللا بن أيب جعفر‪« :‬إذا كان املرء يحدث يف املجلس‪،‬‬
‫فأعجبه الحديث فليمسك‪ ،‬وإذا كان ساكتاً فأعجبه السكوت‬
‫فليتحدث»(((‪.‬‬
‫ )‪(3‬قال الحسن‪« :‬رحم هللا عبدا ً وقف عند ه َّمه‪ ،‬فإن كان هلل مىض‪،‬‬
‫وإن كان لغريه تأخر»(((‪.‬‬
‫ )‪(4‬قال ابن القيم‪« :‬قال صاحب املنازل‪ :‬املحاسبة لها ثالثة أركان‪:‬‬
‫أحدها‪ :‬أن تقايس بني نعمته وجنايتك‪ ،‬يعني‪ :‬تقايس بني ما من‬
‫هللا وما ِم ْنك‪ ،‬فحينئذ يظهر لك التفاوت‪ ،‬وتعلم أنه ليس إال عفوه‬
‫محاسبة النفس البن أيب الدنيا‪.34 :‬‬ ‫((( ‬
‫الحاقة‪.18 :‬‬ ‫((( ‬
‫محاسبة النفس البن أيب الدنيا‪.22 :‬‬ ‫((( ‬
‫السري‪.10/6 :‬‬ ‫(( (‬
‫إغاثة اللهفان البن القيم‪.81/1 :‬‬ ‫(( (‬

‫‪38‬‬
‫ورحمته‪ ،‬أو الهالك والعطب‪ ،‬وبهذه املقايسة تعلم حقيقة النفس‬
‫وصفاتها‪ ،‬وعظمة جالل الربوبية وتفرد الرب بالكامل واإلفضال‪،‬‬
‫وأن كل نعمة منه فضل‪ ،‬وكل نقمة منه عدل‪.‬‬
‫ثم تقايس بني الحسنات والسيئات فتعلم بهذه املقايسة أيهام أكرث‬
‫وأرجح قدرا ً وصفة‪.‬‬
‫وثاين هذه األركان‪ :‬أن متيز ما للحق عليك من وجوب العبودية‬
‫والتزام الطاعة واجتناب املعصية‪ ،‬وبني ما لك وما عليك‪ ،‬فالذي لك‬
‫هو املباح الرشعي‪ ،‬فعليك حق ولك حق‪ ،‬فأ ِّد ما عليك يؤتك ما لك‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬أن تعرف أن كل طاعة رضيتها منك فهي عليك‪ ،‬وكل معصية‬
‫عيت بها أخاك فهي إليك؛ ألن رضاء العبد بطاعته دليل عىل حسن‬ ‫َّ‬
‫ظنه بنفسه وجهله بحقوق العبودية‪ ،‬وعدم عمله مبا يستحق الرب‬
‫‪ ‬ويليق أن يعامل به»(((‪.‬‬
‫ )‪(5‬قال الغزايل ‪« :‬محاسبة النفس نوعان‪ :‬نوع قبل العمل‪،‬‬
‫ونوع بعده‪:‬‬
‫فأما األول‪ :‬فهو أن يقف عند أول همه وإرادته‪ ،‬وال يبادر بالعمل‬
‫حتى يتبني له رجحانه عىل تركه‪ ...‬وقال‪ :‬إذا تحركت النفس لعمل‬
‫من األعامل وه َّم به العبد‪ ،‬وقف أوالً ونظر‪ :‬هل ذلك العمل مقدور‬
‫له‪ ،‬أو غري مقدور وال مستطاع؟ فإن مل يكن مقدورا ً مل يقدم عليه‪.‬‬
‫وإن كان مقدورا ً وقف وقفة أخرى‪ ،‬ونظر‪ :‬هل فعله خري له من‬
‫تركه أو تركه خري له من فعله؟ فإن كان الثاين تركه ومل يقدم عليه‪.‬‬

‫(( ( مدارج السالكني‪ 190/1 :‬بترصف‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫وإن كان األول وقف وقفة ثالثة‪ ،‬ونظر‪ :‬هل الباعث عليه إرادة‬
‫وجه هللا ‪ ‬وثوابه‪ ،‬أو إرادة الجاه والثناء واملال من املخلوق؟‬
‫فإن كان الثاين مل يقدم عليه ‪-‬وإن أفىض به إىل املطلوب؛ لئال تعتاد‬
‫ويخف عليها العمل لغري هللا‪ ،‬فبقدر ما يخف عليها‬‫َّ‬ ‫النفس الرشك‪،‬‬
‫ذلك يثقل عليها العمل هلل تعاىل‪ ،‬حتى يصري أثقل يشء عليها ‪.-‬‬
‫وإن كان األول وقف وقفة أخرى ونظر‪ :‬هل هو معان عليه‪ ،‬وله‬
‫أعوان يساعدونه وينرصونه ‪ -‬إذا كان العمل محتاجاً إىل ذلك ‪ -‬أم‬
‫ال؟ فإن مل يكن له أعوان أمسك عنه ‪-‬كام أمسك النبي ‪‬‬
‫عن الجهاد مبكة حتى صار له شوكة وأنصار‪ ،-‬وإن وجده معاناً عليه‬
‫فليقدم عليه فإنه منصور‪ ،‬وال يف ُّوت النجاح إال من فوت خصلة من‬
‫هذه الخصال‪ ،‬وإال فمع اجتامعها ال يفوت النجاح‪.‬‬
‫النوع الثاين‪ :‬وهو محاسبة النفس بعد العمل‪ ،‬وهو ثالثة أنواع‪:‬‬
‫أحدها‪ :‬محاسبتها عىل طاعة قرصت فيها من حق هللا تعاىل‪ ،‬فلم‬
‫توقعها عىل الوجه الذي ينبغي‪ .‬وحق هللا يف الطاعة ستة أمور وهي‪:‬‬
‫اإلخالص يف العمل‪ ،‬والنصيحة هلل فيه‪ ،‬ومتابعة الرسول ‪،‬‬
‫وحصول املراقبة فيه‪ ،‬وشهود م ّنة هللا عليه‪ ،‬وشهود تقصريه فيه بعد‬
‫ذلك كله‪.‬‬
‫الثاين‪ :‬أن يحاسب نفسه عىل كل عمل كان تركه خريا ً له من فعله‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬أن يحاسب نفسه عىل أمر مباح أو معتاد‪ :‬مل فعله؟ وهل‬
‫أراد به هللا والدار واآلخرة‪ ،‬فيكون رابحاً أو أراد به الدنيا وعاجلها‬
‫فيخرس ذلك الربح ويفوته الظفر به»(((‪.‬‬
‫((( إحياء علوم الدين‪ 395-394/4 :‬بترصف‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫مراجع ُم ِعينة‪:‬‬
‫ )‪(1‬مدارج السالكني‪ ،‬البن القيم‪.‬‬
‫ )‪(2‬مخترص منهاج القاصدين‪ ،‬البن قدامة‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫االبتالء‬
‫هو االختبار واالمتحان والفتنة‪ .‬وهللا تعاىل إمنا خلق الجن واإلنس‬
‫ليبتليهم ويختربهم‪ ،‬فيتبني املؤمن من الكافر‪ .‬وأغلب الخلق يف غفلة‬
‫عن هذا‪ ،‬ومنهم من يستشعر االبتالء حال الفنت التي هي أشد االبتالء‪،‬‬
‫ىل حال الصحة واملرض‪ ،‬والغنى والفقر‪،‬‬ ‫وقليل من يفطن أنه مبت ً‬
‫والزواج وعدمه‪ ،‬والولد والعقم‪ ،‬والعلم والجهل‪ ،‬والذكاء والغباء‪،‬‬
‫والقوة والضعف‪....‬‬
‫فالعبد يعيش يف ابتالء دائم يف سائر أوقاته وأحواله من رضاء أو‬
‫رساء‪ ،‬أو طاعة أو معصية‪.‬‬
‫واملطلوب منه‪ :‬أن يصرب يف الرضاء‪ ،‬ويشكر يف الرساء‪ ،‬ويجتهد‬
‫يف الطاعات ويحمد هللا عندها ويستمر عليها ويزيد فيها‪ ،‬ويجتنب‬
‫املعايص‪ ،‬ويسارع إىل التوبة منها تركاً وندماً وعزماً عىل عدم العود‬
‫إليها‪ ،‬مع الحرص عىل استبدالها بطاعة‪.‬‬

‫عناصر مقترحة‪:‬‬
‫ )‪(1‬خلق هللا الخلق ليبتليهم أيهم أحسن عمالً‪.‬‬
‫ )‪(2‬حقيقة االبتالء‪.‬‬
‫ )‪(3‬االبتالء بالرضاء واملصائب‪.‬‬
‫ )‪(4‬االبتالء بالنعم‪.‬‬
‫ )‪(5‬االبتالء بالطاعات‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫ )‪(6‬حكمة االبتالء باملعايص‪.‬‬
‫ ‪ .‬أإصالح عالقة العبد بربه (بالتوبة واالستغفار واللجوء إىل‬
‫هللا والتواضع له والخوف منه وطلب عفوه؛ لريجع بعد‬
‫املعصية خريا ً منه قبلها)‪.‬‬
‫ ‪.‬بإصالح عالقة العبد بنفسه (ليعرف ضعفه وعجزه ويندم‬
‫ويبيك ويزول عنه العجب والغرور)‪.‬‬
‫ ‪.‬جإصالح عالقة العبد باآلخرين (ليطلب منهم املسامحة‬
‫والعفو ويتواضع لهم دون تكرب)‪.‬‬
‫ )‪(7‬الناس حال االبتالءات‪.‬‬
‫ )‪(8‬نتائج االبتالء (تحقيق العبودية هلل‪ ،‬توبة العصاة‪ ،‬كشف املنافقني‪،‬‬
‫َمحق الكافرين‪ ،‬إظهار املؤمنني‪ ،‬رفعة درجاتهم‪ ،‬متكينهم يف‬
‫األرض‪ ،‬إكرام املؤمنني وإهانة الكافرين يف اآلخرة)‪.‬‬
‫ )‪(9‬كيف ننجح حال االبتالء؟‬

‫هدايات قرآنية‪:‬‬
‫َ َ َ ۡ َ ۡ َ َ ۡ َ َ ۡ ُ ُ ۡ َ ُّ ُ َ‬ ‫َّ‬
‫ك ۡم أ ۡح َسنُ‬ ‫ٱلي ٰوة ِلَبل َوكم أي‬
‫﴿ٱلِي خلق ٱلموت و َ‬ ‫ )‪(1‬قال تعاىل‪:‬‬
‫ُ‬ ‫َ َٗ ََُ َۡ ُ َُۡ‬
‫عمل ۚ وهو ٱلع ِزيز ٱلغفور ‪. ﴾2‬‬
‫(((‬

‫َ َ ََ‬ ‫َۡ‬ ‫َ َ َ ُ ۡ َ َ ٰٓ َ‬ ‫َّ‬


‫ۡرض ورفع‬ ‫﴿و ُه َو ٱلِي جعلكم خلئِف ٱل ِ‬ ‫ )‪(2‬وقال تعاىل‪َ :‬‬
‫َ‬ ‫ٓ َ ُ َّ‬ ‫ََ َٰ ّ ُ ُ‬ ‫ك ۡم فَ ۡو َق َب ۡ‬ ‫َۡ َ ُ‬
‫ت ِلَ ۡبل َوك ۡم ِف َما َءاتىٰك ۡمۗ إِن َر َّبك‬‫ٖ‬ ‫ج‬ ‫ر‬ ‫د‬ ‫ض‬‫ٖ‬ ‫ع‬ ‫بعض‬
‫َ‬ ‫ۡ‬
‫يع ٱل ِع َقاب ِإَونَّ ُهۥ ل َغ ُفور‪َّ ٞ‬رح ُ‬‫َس ُ‬
‫ِيم ۢ﴾(((‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫((( امللك‪.2 :‬‬
‫((( األنعام‪.165 :‬‬

‫‪43‬‬
‫ت ُك ٓوا ْ أَن َي ُقول ُ ٓوا ْ َء َامناَّ‬ ‫اس أَن ُي ۡ َ‬ ‫ِب ٱنلَّ ُ‬ ‫ )‪(3‬وقال تعاىل‪﴿ :‬ال ٓ ٓم ‪ ١‬أَ َحس َ‬
‫ِين مِن َق ۡبلِه ۡمۖ فَلَ َي ۡعلَ َم َّن َّ ُ‬
‫ٱلل‬ ‫ون ‪َ ٢‬ولَ َق ۡد َف َت َّنا َّٱل َ‬ ‫َ ُ ۡ َ َُُۡ َ‬
‫وهم ل يفتن‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫ٰ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َّ َ َ َ ُ‬
‫ٱلِين صدقوا َولعلمن ٱل َك ِذبِني ‪. ﴾٣‬‬
‫(((‬

‫ِين‬ ‫ٱلل ٱل َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬


‫ٱل َّنة َول َّما َيعل ِم ُ‬
‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ )‪(4‬وقال ‪﴿ :‬أ ۡم َحس ِۡب ُت ۡم أن تَ ۡد ُخلُوا ْ ۡ َ‬
‫ٱلصٰب َ‬ ‫ُ ۡ َ َ ۡ َ َ َّ‬ ‫ََٰ ُ ْ‬
‫ين ‪.(((﴾142‬‬ ‫ِِۡ‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ي‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫ِنك‬ ‫م‬ ‫جهدوا‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫ٱلس ّي ٔ ِ َ ُ ۡ َ ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٱل َس َنٰ ِ َ َّ‬ ‫﴿و َبل ۡو َنٰ ُهم ب َ‬ ‫َ‬
‫ج ُعون‬ ‫ات لعلهم ير ِ‬ ‫تو ِ‬ ‫ِ‬
‫ )‪(5‬وقال ‪َ :‬‬
‫‪.‬‬ ‫(((‬
‫‪﴾168‬‬
‫ك َر َم ُهۥ َو َن َّع َمهۥُ‬ ‫َ َ َّ ۡ َ ٰ ُ َ َ ۡ َ َ ٰ ُ َ ُّ ُ َ َ ۡ‬
‫ٱلنسن َإِذا ما ٱبتلىه ربهۥ فأ‬ ‫ )‪(6‬وقال ُتعاىل‪﴿َ :‬فأما ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٓ‬ ‫َّٓ ۡ‬ ‫َ ُ‬
‫ب َأك َر َم ِن ‪َ 15‬وأ َّما إِذا َما ۡٱب َتلى ٰ ُه فق َد َر َعل ۡيهِ رِ ۡزق ُهۥ‬ ‫ِ‬ ‫ف َيقول ر‬
‫َ َُ ُ َ ّ ٓ ََٰ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫‪.‬‬ ‫(((‬
‫‪﴾16‬‬ ‫ن‬‫فيقول ر ِب أه ِ‬
‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اس َمن َي ۡع ُب ُد َّ َ‬
‫ف فإِن أ َصابَ ُهۥ‬ ‫ٱلل ٰ َ‬
‫ع ح ۡر ٖ ۖ‬ ‫ٱنلَّ ِ‬ ‫ِن‬ ‫﴿وم َ‬ ‫ )‪(7‬وقال ‪َ :‬‬
‫َ َ ُّ ۡ‬ ‫ب َ َٰ‬ ‫ٱنقلَ َ‬ ‫ۡ َ َ َُۡ ٌَۡ َ‬ ‫َ ۡ ٌ ۡ َ َّ‬
‫ٱدلن َيا‬ ‫ع َو ۡج ِههِۦ خ ِس‬ ‫ٱط َمأن بِهِۖۦ ِإَون أصابته ف ِتنة‬ ‫خي‬
‫ان ٱل ُمب ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ َٰ َ ُ َ ُ ۡ َ ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫‪.‬‬ ‫(((‬
‫‪﴾11‬‬ ‫ني‬ ‫ِ‬ ‫س‬ ‫ٱل‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ِك‬ ‫ل‬ ‫ذ‬ ‫ۚ‬ ‫ة‬ ‫ِر‬‫خ‬ ‫ٱٓأۡل‬‫و‬
‫ك ُفر ُۖ‬ ‫َ ۡ َ ّ َۡ َُ ٓ ََ ۡ ُ ُ َۡ َ ۡ‬ ‫َ َ َ َ‬
‫ )‪(8‬وقال تعاىل‪﴿ :‬قال هٰذا مِن فض ِل ر ِب ِلبلو ِن ءأشكر أم أ‬
‫ن َكر ‪ٞ‬‬
‫يم‬ ‫ك َف َر فَإ َّن َر ّب َغ ّ ‪ٞ‬‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫م‬‫سهِۦ َو َ‬ ‫ِ‬ ‫ف‬
‫َ َ َ َ َ َ َّ َ َ ۡ ُ ُ َ ۡ‬
‫ومن شكر فإِنما يشكر لِ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ۖ‬
‫َ‬ ‫‪.(((﴾40‬‬
‫َ ۡ َ َّ ۡ َ ُّ ٓ َّ‬ ‫يإبۡ َرٰه ُ‬ ‫﴿و َنٰ َديۡ َنٰ ُه أن َ ٰٓ‬
‫ٱلر ۡءيَا ۚ إِنا‬ ‫ِيم ‪ ١٠٤‬قد صدقت‬ ‫ِ‬
‫ )‪(9‬وقال تعاىل‪َ :‬‬
‫ل ُؤا ْ ٱل ۡ ُمب ُ‬ ‫ٰٓ‬ ‫َّ َ ٰ َ َ ُ َ ۡ َ َ‬ ‫سن َ‬ ‫نزي ٱل ۡ ُم ۡ‬ ‫َ َٰ َ َ ۡ‬
‫ني ‪.(((﴾١٠٦‬‬ ‫ِ‬ ‫ٱل‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ذ‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫ِ‬ ‫إ‬ ‫‪١٠٥‬‬ ‫ني‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ح‬ ‫كذل ِك ِ‬
‫العنكبوت‪.3-1 :‬‬ ‫((( ‬
‫آل عمران‪.142 :‬‬ ‫(( (‬
‫األعراف‪.168 :‬‬ ‫(( (‬
‫الفجر‪.16-15 :‬‬ ‫((( ‬
‫الحج‪.11 :‬‬ ‫((( ‬
‫النمل‪.40 :‬‬ ‫(( (‬
‫الصافات ‪.106 - 104‬‬ ‫(( (‬

‫‪44‬‬
‫َ ۡ َ ۡ ُ ۡ َ َ ۡ ُ ُ ْ ۡ َ َّ َ َ َ َّ َ ۡ ُ َّ َ ُ‬
‫ )‪(10‬وقال تعاىل‪﴿ :‬أم حسِبتم أن تدخل ۡوا ٱلنة ولما يأت ِكم مثل‬
‫ۡ ُ ْ‬ ‫َ ۡ ُ َّ َّ ۡ ُ ُ ۡ َ َ ٓ ُ َ َّ َّ ٓ‬ ‫َّ َ َ َ ۡ ْ‬
‫ت‬ ‫ٱلضا ُء َو ُزل ِزلوا َح َّ ٰ‬ ‫و‬ ‫ء‬‫ا‬ ‫س‬ ‫أ‬ ‫ٱل‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ت‬ ‫س‬ ‫م‬ ‫ۖ‬‫م‬ ‫ِك‬ ‫ل‬ ‫ب‬ ‫ق‬ ‫ِن‬‫م‬ ‫ٱلِين خلوا‬
‫ۡ َ َّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ٓ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫َ ُ َ َّ ُ َ َ َ َ ُ َ َ ُ َ َ ٰ ۡ ُ َّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬
‫ص ٱللِ‬ ‫ص ٱللِۗ أل إِن ن‬ ‫يقول ٱلرسول وٱلِين ءامنوا معهۥ مت ن‬
‫‪.‬‬ ‫(((‬
‫‪﴾214‬‬ ‫قَر ‪ٞ‬‬
‫يب‬ ‫ِ‬
‫ِك ۡم َولَتَ ۡس َم ُع َّن مِنَ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ ۡ َ ُ َّ ٓ َ ۡ َ ٰ ُ ۡ َ َ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ )‪(11‬وقال ُ‪﴿ :‬لبلون ِف أمول ِكم وأنفس‬
‫ري ۚا‬
‫َ‬ ‫ٗ‬
‫شك ٓوا أذى كث ِ ٗ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬
‫ِين أ َ‬ ‫ِك ۡم َوم َِن َّٱل َ‬
‫َۡ ُ‬
‫ل‬ ‫ب‬ ‫ق‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫ب‬ ‫َّٱل َ‬
‫ِين أوتُوا ْ ۡٱلك َِتٰ َ‬
‫ُ‬ ‫َ ۡ ُ ْ َ َ َّ ُ ْ َ َّ َ َ ۡ َ ۡ ۡ ُ‬
‫ِإَون تص ِبوا وتتقوا فإِن ذٰل ِك مِن عز ِم ٱلمورِ ‪. ﴾186‬‬
‫(((‬

‫قبسات نبوية‪:‬‬
‫جباً ِلَ ْم ِر الْ ُم ْؤ ِمنِ ‪،‬‬
‫ول هللا ‪َ (( :‬ع َ‬ ‫رس ُ‬ ‫صهيب قال‪ :‬قال ُ‬ ‫ )‪(1‬عن ُ‬
‫سا ُء‬
‫صابَتْ ُه َ َّ‬ ‫ح ٍد إِلَّ لِلْ ُم ْؤ ِمنِ ‪ ،‬إِ ْن أَ َ‬‫َاك ِلَ َ‬
‫سذ َ‬ ‫ي‪َ ،‬ولَ ْي َ‬ ‫خ ٌْ‬‫إِ َّن أَ ْم َرهُ كُلَّ ُه َ‬
‫خ ْيا ً لَ ُه))(((‪.‬‬ ‫ب فَكَا َن َ‬ ‫ص ََ‬ ‫ضا ُء‪َ ،‬‬ ‫خ ْيا ً لَ ُه‪َ ،‬وإِ ْن أَ َ‬
‫صابَتْ ُه َ َّ‬ ‫ك َر‪ ،‬فَكَا َن َ‬ ‫شَ َ‬
‫ )‪(1‬عن أنس بن مالك عن رسول هللا ‪ ‬أنه قال‪(( :‬إِ َّن ِعظَ َم‬
‫ب قَ ْوماً ابْتَ َل ُه ْم فَ َم ْن‬ ‫ح َّ‬ ‫هللا ‪ ‬إِذَا أَ َ‬ ‫ج َزا ِء َم َع ِعظ َِم الْ َب َل ِء َوإِ َّن َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫خطُ))(((‪.‬‬ ‫الس َ‬‫ط فَلَ ُه َّ‬‫ض فَلَ ُه ال ِّرضَ ا َو َم ْن َس ِخ َ‬ ‫َر ِ َ‬

‫أمثلة تطبيقية‪:‬‬
‫أ‪ .‬االبتالء بالرض واملصائب أمثلته كثرية منها‪:‬‬
‫بي ‪ ‬و ُهو‬ ‫دخلت عىل ال َّن ِّ‬
‫ُ‬ ‫دري قال‪:‬‬
‫خ ّ‬ ‫ )‪(1‬عن أيب سعيد ال ُ‬
‫يدي فوق‬
‫َّ‬ ‫فوضعت يدي عليه‪ ،‬فوجدتُ ح َّرهُ بني‬ ‫ُ‬ ‫يُ ُ‬
‫وعك‪،‬‬
‫البقرة‪.214 :‬‬ ‫((( ‬
‫آل عمران‪.186 :‬‬ ‫(( (‬
‫مسلم‪.2999 :‬‬ ‫((( ‬
‫الرتمذي‪ ،2396 :‬ابن ماجة‪ ،4031 :‬وحسنه األلباين يف صحيح الجامع‪.211 :‬‬ ‫(( (‬

‫‪45‬‬
‫رسول هللا ما أش ّدها عليك! قال‪(( :‬إنَّا كذلِ َك‬ ‫ُلت‪ :‬يا ُ‬ ‫اللِّحاف‪ ،‬فق ُ‬
‫أي‬‫رسول هللا ُّ‬ ‫ُلت‪ :‬يا ُ‬ ‫ج ُر))‪ ،‬ق ُ‬ ‫يض َّع ُف لَنا البال ُء‪ ،‬ويض َّع ُف لَنا األ ْ‬
‫رسول هللا ث ُ ّم من؟‬ ‫ُلت‪ :‬يا ُ‬ ‫ال ّناس أش ُّد بال ًء؟ قال‪(( :‬األنبيا ُء))‪ ،‬ق ُ‬
‫الصالِحونَ‪ ،‬إن كا َن أح ُد ُهم ل ُيبتَىل بالفَق ِر حتَّى ما يج ُد‬ ‫قال‪(( :‬ث ُ َّم َّ‬
‫ح بالبال ِء كام‬ ‫إل ال َعباء َة يَحويها‪ ،‬وإن كا َن أح ُد ُهم ليف َر ُ‬ ‫أح ُد ُهم َّ‬
‫ح أح ُدكُم بال َّرخا ِء))(((‪.‬‬ ‫يف َر ُ‬
‫رسول هللا ‪‬‬ ‫سمعت ُ‬ ‫ُ‬ ‫ )‪(2‬عن أُ ّم سلمة ‪ ‬أنّها قالت‪:‬‬
‫َّ‬
‫هللا‪﴿ :‬إِنا‬ ‫ُول َما أَ َم َرهُ ُ‬ ‫ُول‪َ (( :‬ما ِم ْن ُم ْسلِ ٍم ت ُِصي ُب ُه ُم ِصي َب ٌة‪ ،‬فَ َيق ُ‬ ‫يق ُ‬
‫َّ َّ ۡ َ ٰ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ٓ‬
‫خلِ ْف ِ‬
‫ل‬ ‫ف ُم ِصي َب ِتي‪َ ،‬وأَ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ج ْر ِ‬ ‫جعون﴾(((‪ ،‬الل ُه َّم أْ ُ‬ ‫ِلِ ِإَونا إِلهِ ر ِ‬
‫فلم مات أبُو‬ ‫خ ْيا ً ِم ْن َها))‪ ،‬قالت‪ّ :‬‬ ‫هللا لَ ُه َ‬
‫خل ََف ُ‬ ‫خ ْيا ً ِم ْن َها‪ ،‬إِ َّل أَ ْ‬ ‫َ‬
‫ري من أيب سلمة؛ أ ّو ُل بيت هاجر إىل‬ ‫أي امل ُسلمني خ ٌ‬ ‫ُلت‪ُّ :‬‬ ‫سلمة ق ُ‬
‫رسول هللا‬ ‫هللا يل ُ‬ ‫إن قُلتُها؛ فأخلف ُ‬ ‫رسول هللا ‪‬؟! ث ُ ّم ّ‬ ‫ُ‬
‫ول هللا ‪ ‬حاطب بن‬ ‫رس ُ‬ ‫يل ُ‬ ‫‪ ،‬قالت‪ :‬أرسل إ َّ‬
‫ُلت‪ :‬إ ّن يل بنتاً وأنا غ ُيو ٌر‪ ،‬فقال‪(( :‬أَ َّما‬ ‫أيب بلتعة يخطُ ُبني ل ُه‪ ،‬فق ُ‬
‫َي ِة))(((‪.‬‬ ‫ب ‪ ‬بِالْغ ْ َ‬ ‫هللا أَ ْن يَ ْذ َه َ‬‫هللا أَ ْن يُ ْغ ِن َي َها َع ْن َها‪َ ،‬وأَ ْد ُعو َ‬
‫ابْ َنتُ َها فَ َن ْد ُعو َ‬
‫ب‪ .‬من أمثلة االبتالء بالنعم والخري‪:‬‬
‫‪ۡٞ‬‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ )‪(1‬إحضار عرش بلقيس لسليامن ‪﴿ :‬قال ٱلِي ع َ‬
‫ِندهُۥ عِلم‬
‫ك فَلَماَّ‬ ‫َ ۡ َ َ َ ۡ َ َّ َ ۡ َ َ ۡ ُ َ‬ ‫ّ َ ۡ َٰ ََ۠ َ َ‬
‫ب أنا ءاتِيك بِهِۦ قبل أن يرتد إِلك طرف ۚ‬ ‫مِن ٱلكِت ِ‬
‫ك ُر أَمۡ‬ ‫َ ۡ َ ّ َۡ َُ ٓ ََ ۡ ُ‬ ‫َ َ ُ ُ ۡ َ ًّ َ ُ َ َ َٰ َ‬
‫رءاه مستقِرا عِندهۥ قال هذا مِن فض ِل ر ِب ِلبلو ِن ءأش‬
‫ن‪ٞ‬‬ ‫َ‬
‫ك َف َر فَإ ِ َّن َرب غ ّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ۡ ُ ُ َ َ َ َ َ َ َّ َ َ ۡ ُ ُ َ ۡ‬
‫ِ ِ‬ ‫سهِۖۦ ومن‬ ‫أكفر ۖ ومن شكر فإِنما يشكر لِ ف ِ‬
‫(( ( أحمد‪ ،11483 :‬ابن ماجه‪ ،2024 :‬وصححه األلباين يف صحيح ابن ماجه‪.3250 :‬‬
‫((( البقرة‪.156 :‬‬
‫((( مسلم‪.918 :‬‬

‫‪46‬‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ ْ‬ ‫ً ْ َ َ َ َ‬ ‫ََ‬ ‫َكر ‪ٞ‬‬
‫يم‪﴾40‬فل َّما َرآهُ ُم ْس َتقِ ّرا عِن َدهُ قال هذا م ِْن فض ِل َر ِب ِلَبْل َو ِن‬ ‫ِ‬
‫َ َ ْ َ ََ‬ ‫َ َ ْ ُ ُ َ ْ َ ْ ُ ُ َ َ ْ َ َ َ َ َّ َ َ ْ ُ ُ َ ْ‬
‫سهِ ومن كفر‬ ‫ءأشكر أم أكفر ومن شكر فإِنما يشكر لِ ف ِ‬
‫يم ‪.(((﴾40‬‬ ‫ن َكر ٌ‬ ‫فَإ ِ َّن َر ّب َغ ٌّ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ )‪(2‬قصة األقرع واألبرص واألعمى الذين عافاهم هللا من‬
‫عاهاتهم‪ ،‬وأعطاهم ماالً‪ ،‬ثم اختربهم بإنفاق يشء منه‪ ،‬فجحد‬
‫األقرع واألبرص‪ ،‬وشكر األعمى‪ ،‬فريض هللا عنه‪ ،‬وسخط‬
‫عىل ‪ ‬صاحبيه(((‪.‬‬
‫ج‪ .‬من أمثلة االبتالء باملعايص‪:‬‬
‫َ ُ ۡ َ َ ٰٓ َ‬
‫ي َـٔاد ُم‬ ‫ابتالء آدم ‪ ‬باألكل من الشجرة‪ ،‬قال تعاىل‪﴿ :‬وقلنا‬
‫ۡ ُ ۡ َ َ َ َ ۡ ُ َ ۡ َ َّ َ َ ُ َ ۡ َ َ َ ً َ ۡ ُ ۡ ُ َ َ َ‬
‫ٱسكن أنت وزوجك ٱلنة وك مِنها رغدا حيث شِئتما ول‬
‫ٱلش ۡي َطٰنُ‬ ‫َّ‬ ‫ني‪ 35‬فَأَ َزل َّ ُهماَ‬ ‫ٱلظٰلِم َ‬
‫ِ‬
‫َّ َ َ َ َ َ ُ َ َ َّ‬
‫تق َر َبا هٰ ِذه ِ ٱلشجرة فتكونا مِن‬
‫َ‬ ‫َۡ‬
‫َ ُ ّ‪ٞ‬‬ ‫ك ۡم لِ َ ۡ‬ ‫ََُۡ ۡ ُ ْ َۡ ُ ُ‬ ‫َ ۡ َ َ َ ۡ َ َ ُ َ َّ َ َ‬
‫ۖ‬ ‫و‬ ‫د‬ ‫ع‬ ‫ض‬ ‫ٍ‬ ‫ع‬ ‫ض‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫وا‬ ‫ط‬‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ٱه‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫ق‬‫و‬ ‫عنها فأخرجهما مِما كن ۖ‬
‫ِ‬ ‫ه‬ ‫ِي‬ ‫ف‬ ‫ا‬
‫كنْ‬ ‫َ ُ َْ َ َ ُ ْ ُ‬ ‫ُ ۡ َ َ ّ‪َ ٌ َ َ َ ٞ‬‬ ‫َۡ‬ ‫كۡ‬ ‫ََ ُ‬
‫ِني‪﴾36‬وقلنا ياآدم اس‬ ‫ح‬ ‫ل‬‫ٰ‬ ‫ِ‬ ‫إ‬ ‫ع‬ ‫ٰ‬ ‫ت‬ ‫م‬‫و‬ ‫ر‬ ‫ق‬ ‫ت‬ ‫س‬ ‫م‬ ‫ِ‬
‫ۡرض‬ ‫ٱل‬ ‫ف‬‫ِ‬ ‫م‬ ‫ول‬
‫ٖ‬
‫َ ْ َ َ َ ْ ُ َ ْ َ َّ َ َ ُ َ ْ َ َ َ ً َ ْ ُ ْ ُ َ َ َ َ ْ َ َ َ‬
‫أنت وزوجك النة وك مِنها رغدا حيث شِئتما ول تقربا ه ِذه ِ‬
‫خ َر َج ُهماَ‬ ‫َ َ َ َّ ُ َ َّ ْ َ ُ َ ْ َ َ َ ْ‬ ‫الظالِم َ‬ ‫َّ َ َ َ َ َ ُ َ َ َّ‬
‫ني ‪ 35‬فأزلهما الشيطان عنها فأ‬ ‫ِ‬ ‫الشجرة فتكونا مِن‬
‫ْ َْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ ُ ُ‬ ‫ُْ ْ‬ ‫َ َ‬
‫م َِّما كنا فِيهِ َوقل َنا اهب ِ ُطوا َبعضك ْم لِ َ ْع ٍض َع ُد ٌّو َولك ْم ِف الر ِض‬
‫ُ ْ َ َ ٌّ َ َ َ ٌ َ‬
‫ِني ‪.(((﴾36‬‬ ‫ٍ‬ ‫ح‬ ‫ل‬ ‫مستقر ومتاع إ ِ‬

‫(( ( النمل‪.40 :‬‬


‫(( ( القصة أخرجها البخاري‪ ،3464 :‬مسلم‪.2964 :‬‬
‫((( البقرة‪.36-35 :‬‬

‫‪47‬‬
‫د‪ .‬من أمثلة االبتالء بالطاعات‪:‬‬
‫ََ َ َۡ ُ َ‬
‫أمر إبراهيم ‪ ‬بذبح ولده اختبارا ً له‪﴿ :‬ونٰدينٰه أن‬
‫َّ‬ ‫سن َ‬ ‫ۡ ۡ‬ ‫َ ٰٓ ۡ َ ٰ ُ َ ۡ َ َّ ۡ َ ُّ ٓ َّ َ َ َ َ ۡ‬
‫ني‪ 105‬إِن‬ ‫ٱلر ۡءيَا ۚ إِنا كذٰل ِك ن ِزي ٱل ُمح ِ ِ‬ ‫يإِبرهِيم‪ 104‬قد صدقت‬
‫ل ُؤا ْ ٱل ۡ ُمب ُ‬ ‫َٰ َ َُ َ َۡ َ‬
‫ني‪.(((﴾106‬‬ ‫ِ‬ ‫ٰٓ‬ ‫هذا لهو ٱل‬

‫أقوال مضيئة‪:‬‬
‫ )‪(1‬قال عبد الرحمن بن عوف ‪« :‬ابتلينا بالرضاء فصربنا‪،‬‬
‫وابتلينا بالرساء فلم نصرب»(((‪.‬‬
‫ )‪(2‬سأل رجل الشافعي فقال‪« :‬يا أبا عبد هللا أميا أفضل للرجل‪ :‬أن‬
‫ميكَّن أو يُبتىل؟ فقال الشافعي‪ :‬ال ميكن حتى يبتىل»(((!‬
‫ )‪(3‬قال بعض السلف‪« :‬البالء يصرب عليه املؤمن والكافر‪ ،‬وال يصرب‬
‫عىل العافية إال الصديقون»(((‪.‬‬

‫مراجع ُم ِعينة‪:‬‬
‫ )‪(1‬طريق الهجرتني‪ ،‬البن القيم‪.‬‬
‫ )‪(2‬جامع العلوم والحكم‪ ،‬البن رجب‪.‬‬
‫ )‪(3‬يف ظالل القرآن‪ ،‬لسيد قطب (يف كالمه عىل اآليات الواردة يف‬
‫املوضوع)‪.‬‬

‫الصافات‪.106-104 :‬‬ ‫(( (‬


‫عدة الصابرين‪.51-50 / 1 :‬‬ ‫((( ‬
‫زاد املعاد‪.14/3 :‬‬ ‫((( ‬
‫عدة الصابرين‪.51-50 / 1 :‬‬ ‫((( ‬

‫‪48‬‬
‫االستغفار‬
‫االستغفار‪ :‬طلب املغفرة من هللا ‪ .‬واملغفرة‪ :‬سرت الذنوب وترك‬
‫املعاقبة عليها‪.‬‬
‫وطلب املغفرة‪ :‬يكون برتك الذنب‪ ،‬والندم عليه‪ ،‬والتصميم عىل‬
‫عدم العودة إليه‪ ،‬واإلكثار من االستغفار‪.‬‬
‫وليس يستغني عن هذا أحد من الناس؛ ألن كل بني آدم خطّاء‪،‬‬
‫وخري الخطائني التوابون‪.‬‬

‫عناصر مقترحة‪:‬‬
‫ )‪(1‬كل بني آدم خطاء‪.‬‬
‫ )‪(2‬حقيقة االستغفار (إقالع وندم وتصحيح)‪.‬‬
‫ )‪(3‬بواعث االستغفار‪:‬‬
‫ )‪(4‬معرفة هللا تعاىل (نعمه‪ ،‬مغفرته‪ ،‬شدة عذابه)‪.‬‬
‫ )‪(5‬معرفة آثار الذنوب‪.‬‬
‫ )‪(6‬فضائل االستغفار‪.‬‬
‫ )‪(7‬مثرات االستغفار‪.‬‬
‫ )‪(8‬أحوال الصالحني مع االستغفار‪.‬‬
‫ )‪(9‬األسباب األخرى ملغفرة الذنوب (كرثة الطاعات ومنها‪ :‬إسباغ‬
‫الوضوء‪ ،‬وامليش إىل املساجد‪ ،‬وانتظار الصلوات‪ ،‬والصرب عىل‬
‫املصائب‪.)..‬‬

‫‪49‬‬
‫ )‪(10‬سيد االستغفار‪.‬‬
‫ )‪(11‬كيف نكرث من االستغفار؟ (حفظ أدعيته وفهم معانيها‪،‬‬
‫استغالل أوقاته التي يرشع فيها‪ ،‬املداومة عىل االستغفار مائة‬
‫مرة يومياً‪.)..،‬‬
‫ )‪(12‬أوقات االستغفار (بعد املصيبة‪ ،‬يف الركوع والسجود‪ ،‬بعد‬
‫الصالة‪ ،‬يف األسحار‪ ،‬يف الصباح واملساء‪.)..،‬‬

‫هدايات قرآنية‪:‬‬
‫َ َ َّ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ ۡ َ ٓ َ ّٓ ََ َُۡ‬
‫ )‪(1‬وقال تعاىل‪﴿ :‬نبِئ عِبادِي أ ِن أنا ٱلغفور ٱلرحِيم ‪ 49‬وأن عذ ِاب‬
‫ُ َۡ َ ُ َۡ‬
‫ُ‬
‫ه َو ٱلعذاب ٱل ِلم ‪. ﴾50‬‬
‫(((‬

‫ٱللَ‬‫َّ‬ ‫َ َ َ ۡ َ ۡ ُ ٓ ً َ ۡ َ ۡ ۡ َ ۡ َ ُ ُ َّ َ ۡ َ ۡ‬
‫ )‪(2‬قال سبحانه‪﴿ :‬ومن يعمل سوءا أو يظل ِم نفسهۥ ثم يستغفِ ِر‬
‫ِيما ‪.(((﴾110‬‬ ‫ورا َّرح ٗ‬ ‫ٱلل َغ ُف ٗ‬
‫َي ِد َّ َ‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫ۡ َ َ َ َ َُّ‬ ‫ّ‬
‫ٱلل ِلُ َعذ َِب ُه ۡم َوأ َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫﴿و َما كن ُ‬ ‫َ‬ ‫ )‪(3‬وقال ‪َ :‬‬
‫نت فِي ِه ۚم وما كن ٱلل‬
‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫ُم َعذ َِب ُه ۡم َوه ۡم ي َ ۡس َتغفِ ُرون ‪.(((﴾33‬‬
‫َ َّ َ َ َ َ ُ ْ َ ٰ َ ً َ ۡ َ َ ُ ٓ ْ َ ُ َ ُ ۡ َ َ ُ ْ‬
‫حشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا‬ ‫ )‪(4‬وقال تعاىل‪﴿ :‬وٱلِين إِذا فعلوا ف ِ‬
‫َّ َ َ ۡ َ ۡ َ ُ ْ ُ ُ ۡ َ َ َ ۡ ُ ُّ ُ َ َّ َّ ُ َ َ ۡ ُ ُّ ْ‬
‫صوا‬ ‫ٱلل فٱستغفروا ِلنوب ِ ِهم ومن يغفِر ٱذلنوب إِل ٱلل ولم ي ِ‬
‫ّ‬ ‫ُ ْ َ ٰٓ َ َ َ ٓ ُ ُ َّ ۡ َ ‪ٞ‬‬ ‫َ َٰ َ َ َ ُ ْ َ ُ ۡ َ ۡ َ ُ َ‬
‫ع ما فعلوا وهم يعلمون ‪ 135‬أولئِك جزاؤهم مغفِرة مِن‬
‫َ‬
‫ِيها ۚ َون ِۡع َم أ ۡجرُ‬ ‫تت ِ َها ۡٱلَنۡ َه ٰ ُر َخ ٰ ِل َ‬
‫ِين ف َ‬ ‫َۡ‬
‫ت ت ِري مِن‬
‫َّ ّ ۡ َ َ َّ ٰ ‪ۡ َ ٞ‬‬
‫رب ِ ِهم وجن‬
‫ِني ‪.(((﴾136 ‬‬ ‫ۡٱل َعٰمل َ‬
‫ِ‬
‫إبراهيم‪.50-49 :‬‬ ‫((( ‬
‫النساء‪.110 :‬‬ ‫(( (‬
‫األنفال‪.33 :‬‬ ‫((( ‬
‫آل عمران‪.136 -135 :‬‬ ‫(( (‬

‫‪50‬‬
‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َۡ‬ ‫َ ُ ْ َ ٗ ّ َ َّ ۡ َ َ ۡ َ ُ َ‬
‫ِ‬ ‫ار‬ ‫ح‬ ‫س‬ ‫ٱل‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫و‬ ‫‪17‬‬ ‫ون‬ ‫ )‪(5‬وقال ‪ ﴿ :‬كنوا قل ِيل مِن ٱل ِل ما يهجع‬
‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬
‫ه ۡم ي َ ۡس َتغ ِف ُرون ‪.(((﴾17‬‬
‫ك ۡم إنَّ ُهۥ َك َن َغ َّف ٗ‬ ‫َ ُ ۡ ُ ۡ َ ۡ ُ ْ َ َّ ُ‬
‫ارا ‪10‬‬ ‫ِ‬ ‫ )‪(6‬وقال سبحانه‪﴿ :‬فقلت ٱستغفِروا رب‬
‫َ‬ ‫َُۡ ۡ ُ‬ ‫َّ ٓ َ َ ُ‬
‫كم بأ ۡم َوٰل َو َبن َ‬
‫ني‬ ‫ِ ٖ ِ‬ ‫ٱلس َما َء عل ۡيكم ّم ِۡد َر ٗارا ‪ ١١‬ويمدِد‬ ‫يُ ۡرس ِِل‬
‫ٗ‬ ‫ٰ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ۡ َ َّ ُ ۡ َ َّ ٰ َ َ ۡ َ َّ ُ ۡ َ ۡ‬
‫ت ويجعل لكم أنهرا ‪. ﴾١٢‬‬
‫(((‬
‫ويجعل لكم جن ٖ‬
‫َ ۡ ۡ َ ُ ُ َ َ َّ َ ۡ ۡ ََ‬ ‫َ َّ َ ٓ‬
‫ِين َجا ُءو ِم ۢن بع ِدهِم يقولون ربنا ٱغ ِفر لا‬ ‫ )‪(7‬وقال تعاىل‪﴿ :‬وٱل‬
‫ٗ‬
‫ت َع ۡل ف قُلُوب َنا غ ِّل ّل َِّلِينَ‬ ‫َٰ َ َ َۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ ۡ َ ٰ َ َّ َ َ َ ُ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫و ِ ِلخون ِنا ٱلِين سبقونا ب ِ ِ‬
‫ٱليم ِن ول‬
‫وف َّرح ٌ‬ ‫َ َ ُ ْ َ َّ َ ٓ َّ َ َ ُ ‪ٞ‬‬
‫ِيم ‪.(((﴾10‬‬ ‫ءامنوا ربنا إِنك رء‬

‫قبسات نبوية‪:‬‬
‫ )‪(1‬عن أيب هريرة ‪ ‬قال سمعت النبي ‪ ‬قال‪(( :‬إ َّن‬
‫ت‪-‬‬ ‫ب أ ْذنَ ْب ُ‬ ‫َب َذنْباً ‪َ -‬‬
‫فقال‪َ :‬ر ِّ‬ ‫أصاب َذنْباً ‪ -‬و ُر َّبا َ‬
‫قال أ ْذن َ‬ ‫َ‬ ‫َع ْبدا ً‬
‫فقال َربُّ ُه‪ :‬أ َعلِ َم َع ْب ِدي أ َّن له َربّاً‬
‫ت ‪ -‬فا ْغ ِف ْر ِل‪َ ،‬‬ ‫أص ْب ُ‬ ‫و ُر َّبا َ‬
‫قال‪َ :‬‬
‫هللا ث ُ َّم‬ ‫ْب ويَأْ ُ‬
‫خ ُذ ب ِه؟ َغ َف ْرتُ لِ َع ْب ِدي‪ ،‬ث ُ َّم َمكَثَ ما شا َء ُ‬ ‫يَ ْغ ِف ُر ال َّذن َ‬
‫خ َر‪،‬‬
‫ت‪-‬آ َ‬ ‫أص ْب ُ‬
‫ت ‪ -‬أ ْو َ‬ ‫ب أ ْذنَ ْب ُ‬ ‫َب َذنْباً‪َ ،‬‬
‫فقال‪َ :‬ر ِّ‬ ‫أصاب َذنْباً‪ ،‬أ ْو أ ْذن َ‬
‫َ‬
‫ْب ويَأْ ُ‬
‫خ ُذ ب ِه؟‬ ‫فقال‪ :‬أ َع ِل َم َع ْب ِدي أ َّن له َربّاً يَ ْغ ِف ُر ال َّذن َ‬
‫فا ْغ ِف ْرهُ ؟ َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫َب َذنْباً‪ ،‬و ُر َّبا َ‬ ‫َغ َف ْرتُ لِ َع ْب ِدي‪ ،‬ث ُ َّم َمكَثَ ما شا َء ُ‬
‫هللا‪ ،‬ث ُ َّم أ ْذن َ‬
‫خ َر‪ ،‬فا ْغ ِف ْرهُ‬
‫ت‪-‬آ َ‬ ‫ت ‪ -‬أ ْو َ‬
‫قال أ ْذنَ ْب ُ‬ ‫أص ْب ُ‬‫ب َ‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫قال‪َ :‬ر ِّ‬ ‫أصاب َذنْباً‪َ ،‬‬
‫َ‬
‫ْب ويَأْ ُ‬
‫خ ُذ ب ِه؟ َغ َف ْرتُ‬ ‫فقال‪ :‬أ َعلِ َم َع ْب ِدي أ َّن له َربّاً يَ ْغ ِف ُر ال َّذن َ‬
‫ِل‪َ ،‬‬
‫(( ( الذاريات‪.8-17 :‬‬
‫((( نوح‪.12 -10 :‬‬
‫(( ( الحرش‪.10 :‬‬

‫‪51‬‬
‫لِ َع ْب ِدي ث َالثاً‪ ،‬فَلْ َي ْع َم ْل ما شا َء‪ .((()).‬أي‪ :‬مادام أنه كلام غلبته نفسه‬
‫فوقع يف ذنب ندم عليه وتاب منه واستغفر‪ .‬وليس املقصود أن‬
‫يفتح له أبواب املعايص فليعمل ما شاء!‬
‫ )‪(2‬عن أيب هريرة ‪ ‬أن رسول هللا ‪ ‬قال‪(( :‬يَ ْنز ُِل‬
‫ني يَ ْبقَى �ثُلُثُ اللَّ ْيلِ‬ ‫الس َم ِء ال ُّدنْ َيا ِح َ‬
‫َربُّ َنا ‪ ‬ك َُّل لَ ْيلَ ٍة إىل َّ‬
‫ِيب له؟ َمن يَ ْسأَلُ ِني فَأُ ْع ِط َي ُه؟ َمن‬ ‫فأستَج َ‬ ‫ون ْ‬‫يقول‪َ :‬من يَ ْد ُع ِ‬ ‫ِ‬
‫اآلخ ُر ُ‬
‫يَ ْستَ ْغ ِف ُر ِن فأ ْغ ِف َر له؟))(((‪.‬‬
‫‪‬‬ ‫ )‪(3‬عن أنس بن مالك ‪ ‬قال سمعت رسول هللا‬
‫ج ْوت َني‬
‫هللا ‪ :‬يا اب َن آ َد َم‪ ،‬إنَّك ما َد َع ْوتَني ور َ‬ ‫يقول‪(( :‬قال ُ‬
‫َت ذُنوبُك‬ ‫غ َف ْرتُ لك عىل ما كان فيك وال أُبايل‪ ،‬يا اب َن آ َد َم‪ ،‬لو بَلَغ ْ‬
‫السام ِء ث َّم استَغ َف ْرتَني َغ َف ْرتُ لك وال أُبايل‪ ،‬يا اب َن آ َد َم‪ ،‬إنَّك‬
‫َعنا َن َّ‬
‫رش ُك يب شَ يئاً‪،‬‬ ‫خطايا ث َّم لَقيتَني ال تُ ِ‬ ‫ِ‬
‫األرض َ‬ ‫لو أَت َ ْيتَني بق ِ‬
‫ُراب‬
‫لَ َتَ ْيتُك بقُرابِها َمغفرةً))(((‪.‬‬
‫((س ِّي ُد ِ‬
‫ال ْس ِتغْفا ِر‬ ‫ )‪(4‬عن شداد بن أوس ‪ ‬عن النبي ‪َ :‬‬
‫خلَ ْقتَ ِني وأنا َع ْب ُد َك‪ ،‬وأنا‬
‫ْت‪َ ،‬‬ ‫ْت َر ِّب ال إلَ َه َّ‬
‫إل أن َ‬ ‫أ ْن تَق َ‬
‫ُول‪ :‬الل ُه َّم أن َ‬
‫ت‪،‬‬ ‫ص َن ْع ُ‬‫ش ما َ‬ ‫بك ِمن َ ِّ‬ ‫ت‪ ،‬أ ُعو ُذ َ‬ ‫عل َع ْه ِد َك و َو ْع ِد َك ما ْ‬
‫استَطَ ْع ُ‬ ‫َ‬
‫ل‪ ،‬وأَبُو ُء َ‬
‫لك ب َذنْبِي فا ْغ ِف ْر ِل‪ ،‬فإنَّه ال يَ ْغ ِف ُر‬ ‫لك ب ِن ْع َم ِت َك َع َ َّ‬
‫أبُو ُء َ‬
‫قال‪(( :‬و َمن قالَها ِم َن ال َّنها ِر ُمو ِقناً بها‪ ،‬فَامتَ‬
‫ْت)) َ‬ ‫ال ُّذن َ‬
‫ُوب إلَّ أن َ‬

‫((( البخاري‪.7507 :‬‬


‫((( البخاري‪ ،7494 :‬مسلم‪.758 :‬‬
‫(( ( الرتمذي‪ ،3540 :‬وحسنه األلباين يف صحيح الجامع‪.4338 :‬‬

‫‪52‬‬
‫ج َّن ِة‪ ،‬و َمن قالَها ِم َن اللَّ ْيلِ‬ ‫س‪ ،‬فَهو ِمن أ ْهلِ ال َ‬ ‫ِمن يَو ِم ِه قَ ْب َل أ ْن ُ ْي ِ َ‬
‫ج َّن ِة))(((‪.‬‬ ‫صب َِح‪ ،‬فَهو ِمن أ ْهلِ ال َ‬ ‫وهو ُمو ِق ٌن بها‪ ،‬فَامتَ قَبْ َل أ ْن يُ ْ‬
‫جلٍ‬ ‫ )‪(5‬عن عيل ‪ ‬أن رسول هللا ‪ ‬قال‪(( :‬ما ِمن َر ُ‬
‫هللا إالَّ َغ َف َر‬ ‫يستَغ ِف ُر َ‬ ‫َ‬
‫ص ِّل ث َّم‬ ‫ب ذَنباً ث َّم يقو ُم فيَتَطَه ُر ث َّم يُ َ َ‬ ‫يُذنِ ُ‬
‫نف َس ُه ۡم َذ َك ُروا ْ َّ َ‬ ‫َ َ َ َ َ ُ ْ َٰ َ ً ۡ َ َ ُ ٓ ْ ُ‬ ‫َّ‬
‫ٱلل‬ ‫حشة أو ظلموا أ‬ ‫هللا ل ُه‪﴿ :‬وٱلِين إِذا فعلوا ف ِ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ ََ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ ۡ َ‬
‫ع َما‬ ‫صوا ٰ‬ ‫ٱلل َول ۡم يُ ِ ُّ‬
‫وب إل ُ‬ ‫َ‬
‫فٱستغف ُروا ِلنوب ِ ِهم ومن يغفِ ُر ٱذلن ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ ُ ْ ُ‬
‫ف َعلوا َوه ۡم َي ۡعل ُمون‪ (((﴾135‬إىل آخ ِر اآلي ِة))(((‪.‬‬
‫ )‪(6‬عن ابن عباس ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول هللا ‪َ (( :‬من لَ ِز َم‬
‫كل َه ٍّم فَ َرجاً‪،‬‬ ‫كل ِضيقٍ َمخ َرجاً‪ ،‬و ِمن ِّ‬ ‫هللا له ِمن ِّ‬ ‫االس ِتغفا َر‪ ،‬ج َع َل ُ‬
‫ب))(((‪.‬‬ ‫و َر َزقَه ِمن حيث ال يَحتَ ِس ُ‬
‫قال‪:‬‬ ‫جالً َ‬ ‫ )‪(7‬عن جندب ‪ ‬أن رسول هللا ‪ ‬حدث‪ :‬أ َّن َر ُ‬
‫ل‬ ‫قال‪َ (( :‬من ذا الذي يَتَأَ َّل َع َ َّ‬ ‫َعال َ‬ ‫هللا ت َ‬‫هللا لِفُالنٍ ‪ ،‬وإ َّن َ‬ ‫هللا ال يَ ْغ ِف ُر ُ‬ ‫و ِ‬
‫ْت ‪َ  ‬ع َمل ََك))(((‪.‬‬ ‫حبَط ُ‬ ‫فإن ق ْد َغ َف ْرتُ لِفُالنٍ ‪ ،‬وأَ ْ‬ ‫أ ْن ال أ ْغ ِف َر لِفُالنٍ ‪ِّ ،‬‬
‫أمثلة تطبيقية‪:‬‬
‫ )‪(1‬عن عائشة ‪ ‬قالت‪ :‬كان رسول هللا ‪ ‬يكرث أن‬
‫ح ْم ِد َك الل ُه َّم‬
‫حان ََك الل ُه َّم َربَّ َنا و ِب َ‬
‫((س ْب َ‬
‫يقول يف ركوعه وسجود‪ُ :‬‬
‫ا ْغ ِف ْر يل)) يتأ َّول القرآن(((‪.‬‬

‫البخاري‪.6306 :‬‬ ‫((( ‬


‫آل عمران‪.135 :‬‬ ‫(( (‬
‫أبو داود‪ ،1521 :‬الرتمذي‪ ،3006 :‬وصححه األلباين يف صحيح سنن أيب داود‪.1346 :‬‬ ‫(( (‬
‫أحمد‪ ،2234 :‬أبو داود‪ ،1518 :‬وصحح إسناده أحمد شاكر يف املسند‪.‬‬ ‫(( (‬
‫مسلم‪.2621 :‬‬ ‫((( ‬
‫البخاري‪ ،4968 :‬مسلم‪.484 :‬‬ ‫((( ‬

‫‪53‬‬
‫‪‬‬ ‫ )‪(2‬عن أيب هريرة ‪ ‬قال‪ :‬سمعت رسول هللا‬
‫ْث ِمن‬‫وم أك َ َ‬ ‫هللا وأَت ُ‬
‫ُوب إلَ ْي ِه يف ال َي ِ‬ ‫إن لَ َ ْستَ ْغ ِف ُر َ‬ ‫يقول‪(( :‬و ِ‬
‫هللا ِّ‬
‫َس ْب ِع َ‬
‫ني ‪َ  ‬م َّرةً))(((‪.‬‬
‫ )‪(3‬عن ابن عمر ‪ ‬قال‪ :‬إن كنا لنع ُّد لرسول هللا ‪ ‬يف‬
‫عل؛ إن ََّك َ‬
‫أنت‬ ‫ُب َ َّ‬ ‫((رب اغ ِف ْر يل وت ْ‬‫ِّ‬ ‫املجلس الواحد مائة مرة‪:‬‬
‫اب ال َّرحي ُم))(((‪.‬‬ ‫التَّ َّو ُ‬
‫ )‪(4‬عن ابن عمر ‪ ‬قال‪ :‬كنت جالسا ً عند النبي ‪‬‬
‫فسمعته استغفر مائة مرة‪ ،‬ثم يقول‪(( :‬الله َّم اغف ْر يل وارح ْمني‬
‫تواب غفو ٌر ‪.((())-‬‬ ‫ٌ‬ ‫التواب الرحي ُم ‪ -‬أو إنك‬ ‫ُ‬ ‫يل إنك أنت‬ ‫وتب ع َّ‬
‫ْ‬
‫ )‪(5‬عن عائشة ‪ ‬قالت‪ :‬ما كان رسول هللا ‪ ‬يقوم من‬
‫ْت‪،‬‬
‫إل أن َ‬ ‫رب و ب ِ‬
‫ِحمد َك‪ ،‬ال إل َه َّ‬ ‫((سبحان ََك الل ُه َّم ِّ‬ ‫مجلس إال قال‪ُ :‬‬
‫إليك)) وقال‪(( :‬ال يَقولُ ُه َّن أح ٌد حيْثُ يَقو ُم من‬ ‫ُوب َ‬ ‫أستغ ِف ُر َك و أت ُ‬ ‫ْ‬
‫س))(((‪.‬‬ ‫جلِ ِ‬‫إل ُغ ِف َر ل ُه‪ ،‬ما كان ِم ْن ُه يف ذلِ َك امل ْ‬ ‫مجلِ ِس ِه َّ‬
‫ )‪(6‬عن أيب أيوب األنصاري ‪ ‬قال‪« :‬قدمنا الشام فوجدنا‬
‫مراحيض بُنيت ِق َبل القبلة‪ ،‬فننحرف عنها ونستغفر هللا تعاىل»(((‪.‬‬

‫أقوال مضيئة‪:‬‬
‫ )‪(1‬يروى عن لقامن أنه قال البنه‪« :‬يابني عود لسانك اللهم اغفر يل‬
‫فإن هلل ساعات ال يرد فيها سائالً»(((‪.‬‬
‫البخاري‪.85/11 :‬‬ ‫((( ‬
‫أبو داود‪ ،1516 :‬وصححه األلباين يف صحيح سنن أيب داود‪.1342 :‬‬ ‫(( (‬
‫أحمد‪ ،5331 :‬وصححه أحمد شاكر‪.‬‬ ‫(( (‬
‫الحاكم‪ ،1827 :‬وصححه األلباين يف صحيح الجامع‪.4867 :‬‬ ‫(( (‬
‫البخاري‪ ،394 :‬مسلم‪.264 :‬‬ ‫((( ‬
‫جامع العلوم والحكم‪.394/1 :‬‬ ‫(( (‬

‫‪54‬‬
‫ )‪(2‬قال أبو موىس ‪« :‬كان لنا أمانان‪ ،‬ذهب أحدهام ‪ -‬وهو‬
‫كون الرسول ‪ ‬فينا ‪ ،-‬وبقي االستغفار معنا‪ ،‬فإذا‬
‫ذهب هلكنا»(((‪.‬‬
‫ )‪(3‬قال الحسن‪« :‬أكرثوا من االستغفار يف بيوتكم وعىل موائدكم‬
‫ويف طرقكم ويف أسواقكم ويف مجالسكم وأينام كنتم‪ ،‬فإنكم ما‬
‫تدرون متى تنزل املغفرة»(((‪.‬‬
‫ )‪(4‬قال الفضيل ‪« :‬استغفار بال إقالع توبة الكذابني»(((‪.‬‬
‫ )‪(5‬عن رابعة العدوية‪« :‬استغفارنا يحتاج إىل استغفار كثري»(((‪.‬‬
‫ )‪(6‬قال قتادة‪« :‬إن هذا القرآن يدلكم عىل دائكم ودوائكم‪ ،‬فأما‬
‫داؤكم فالذنوب‪ ،‬وأما دواؤكم فاالستغفار»(((‪.‬‬
‫ )‪(7‬سئل سهل عن االستغفار الذي يكفر الذنوب‪ ،‬فقال‪« :‬أول‬
‫االستغفار‪ :‬االستجابة‪ ،‬ثم اإلنابة‪ ،‬ثم التوبة‪ .‬فاالستجابة أعامل‬
‫الجوارح‪ ،‬واإلنابة أعامل القلوب‪ ،‬والتوبة إقباله عىل مواله‪ ،‬بأن‬
‫يرتك الذنب‪ ،‬ثم يستغفر هللا من تقصريه الذي هو فيه»(((‪.‬‬
‫ )‪(8‬قال ابن الجوزي‪« :‬إن إبليس قال‪ :‬أهلكت بني آدم بالذنوب‪،‬‬
‫وأهلكوين باالستغفار وبـ (ال إله إال هللا)‪.(((»..‬‬

‫التوبة إىل هللا‪ ،‬للغزايل‪.124 :‬‬ ‫(( (‬


‫جامع العلوم والحكم‪.394 / 1 :‬‬ ‫(( (‬
‫األذكار‪.481 :‬‬ ‫(( (‬
‫األذكار‪.481 :‬‬ ‫(( (‬
‫جامع العلوم والحكم‪.396/1 :‬‬ ‫(( (‬
‫التوبة للغزايل‪.125 :‬‬ ‫((( ‬
‫مفتاح دار السعادة‪.142/1 :‬‬ ‫((( ‬

‫‪55‬‬
‫ )‪(9‬قال ابن رجب‪« :‬االستغفار التام املوجب للمغفرة هو ما قارن‬
‫عدم اإلرصار‪ ،‬كام مدح هللا تعاىل أهله ووعدهم باملغفرة»(((‪.‬‬
‫ )‪(10‬قال بعض العارفني‪« :‬من مل يكن مثرة استغفاره تصحيح توبته‬
‫فهو كاذب يف استغفاره»(((‪.‬‬
‫ )‪(11‬وقال بعضهم‪« :‬إمنا مع َّول املذنبني‪ :‬البكاء واالستغفار‪ ،‬فمن‬
‫أهمته ذنوبه أكرث لها من االستغفار»(((‪.‬‬

‫مراجع ُم ِعينة‪:‬‬
‫ )‪(1‬جامع العلوم والحكم‪ ،‬البن رجب‪.‬‬
‫ )‪(2‬األذكار‪ ،‬للنووي‪.‬‬
‫ )‪(3‬مدارج السالكني‪ ،‬البن القيم‪.‬‬

‫جامع العلوم والحكم‪.395/1 :‬‬ ‫(( (‬


‫جامع العلوم والحكم‪.395/1 :‬‬ ‫(( (‬
‫جامع العلوم والحكم‪.396/1 :‬‬ ‫(( (‬

‫‪56‬‬
‫البكاء من خشية اهلل‬
‫دموع العني دليل عىل ما يف القلب من رقة ومحبة أو رجاء أو خوف‬
‫أو حزن أو فرح‪.‬‬
‫والبكاء الصادق من خشية هللا ‪ ‬أمارة عىل رقة القلب ومحبته‬
‫ضب العبد بعقوبة‬‫هلل وخوفه منه ورجائه له‪ .‬وتلك نعمة كربى‪ ،‬إذ ما ُ ِ‬
‫أشد من قسوة قلبه وغفلته عن ذكر هللا سبحانه‪ .‬وأبعد القلوب عن هللا‬
‫القلب القايس‪.‬‬

‫عناصر مقترحة‪:‬‬
‫ )‪(1‬حياة القلب ورقَّته مطلب الصالحني‪.‬‬
‫ )‪(2‬عالقة القلب بالجوارح (االرتباط والتالزم بني الظاهر والباطن)‪.‬‬
‫ )‪(3‬أنواع البكاء‪.‬‬
‫ )‪(4‬بواعث البكاء (معرفة هللا‪ ،‬محبته‪ ،‬رجاؤه‪ ،‬خوفه‪.)...‬‬
‫ )‪(5‬مواضع البكاء من خشية هللا (الصالة‪ ،‬تالوة القرآن‪ ،‬تذكر املوت‬
‫واآلخرة‪ ،‬الخلوة بالنفس‪ ،‬وقوع الذنب واملعصية‪ ،‬رؤية العصاة‬
‫وأهل البالء‪.)...‬‬
‫ )‪(6‬دالالت انقطاع البكاء (الغفلة‪ ،‬قسوة القلب‪.)..‬‬
‫ )‪(7‬البكاءون من خشية هللا‪ :‬خرية الناس‪.‬‬
‫ )‪(8‬مثرات البكاء‪.‬‬
‫ )‪(9‬خطورة الرياء‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫ )‪(10‬كيف نبيك (تصحيح اإلميان وإصالح القلب من أمراضه‪ ،‬التفكر‬
‫يف النعم والتقصري والدار اآلخرة‪ ،‬زيارة القبور‪ ،‬تدبر القرآن‪،‬‬
‫الخشوع يف الصالة‪ ،‬النظر يف سري الصالحني وتأمل الفرق بني‬
‫حالنا وحالهم‪ ،‬التبايك ومحاولة البكاء والتدرب عليه‪.)..‬‬
‫هدايات قرآنية‪:‬‬
‫َ َ ُ ْ َ ٓ ُ َ َ َّ ُ َ َ ٰٓ َ ۡ ُ َ ُ ۡ َ ُ‬
‫نزل إِل ٱلرسو ِل ترى أعينهم ت ِفيض‬ ‫ )‪(1‬وقال ‪ِ﴿ :‬إَوذا ُس ْ ِمعوا ما ۡأ ِ‬
‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ٓ‬ ‫ُ‬
‫َ َ ُ َ‬
‫ٱل ّ ِقۖ َيقولون َر َّب َنا َء َام َّنا فٱك ُت ۡب َنا َم َع‬ ‫ٱدل ۡمعِ م َِّما َع َرفوا مِن‬ ‫م َِن َّ‬
‫‪.‬‬ ‫(((‬
‫‪﴾83‬‬ ‫ٱلشهد َ‬
‫ِين‬ ‫ِ‬ ‫َّ ٰ‬
‫َ‬ ‫ۧ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ ْ َ َ َّ َ َ ۡ َ َ َّ ُ َ َ‬
‫ )‪(2‬وقال سبحانه‪﴿ :‬أو ٰٓلئِك ٱلِين أنعم ٱلل علي ِهم مِن ٱنلب ِ ِي مِن‬
‫َ‬ ‫وح َومِن ُذ ّر َّيةِ إبۡ َرٰه َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ّ َّ َ َ َ َ َّ ۡ َ َ ۡ‬
‫ِإَوس َرٰٓءِيل‬ ‫ِيم ۡ‬
‫ِ ِ‬ ‫حل َنا َم َع ن ٖ‬ ‫ذرِيةِ ءادم ومِمن‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ٓ‬
‫ٱلرِنَٰمۡح ْۤاوُّرَخ‬ ‫ت َّ‬ ‫َ‬
‫ل عل ۡيه ۡم َءاي ٰ ُ‬
‫ِ‬ ‫َوم َِّم ۡن َه َد ۡي َنا َوٱجتب ۡينا ۚ إِذا تت ٰ‬
‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬
‫‪.‬‬ ‫(((‬
‫‪﴾58‬‬ ‫ا‬ ‫ك ّٗ‬
‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ۤاٗدَّجُس َو ُ‬
‫ب‬
‫ٗ‬ ‫َ َ ُّ َ ۡ َ ۡ َ َ ۡ ُ َ َ َ ُ ُ ۡ ُ ُ‬
‫خرون ل ِلذقان يبكون ويزيدهم خشوع ‪. ﴾109‬‬ ‫ )‪(3‬قال تعاىل‪﴿ :‬وي ِ‬
‫َ ۡ َ ۡ َ ُ ْ َ ِ ٗ َ ۡ َ ۡ ُ ِْ َ ٗ َ َ ٓ َ ۢ َ َ ُ ْ‬
‫(((‬

‫ )‪(4‬وقال تعاىل‪﴿ :‬فليضحكوا قل ِيل ولبكوا كثِريا جزاء بِما كنوا‬


‫َ‬ ‫ۡ‬
‫يَكس ُِبون ‪.(((﴾82‬‬
‫قبسات نبوية‪:‬‬
‫((س ْب َع ٌة يُ ِظلُّ ُه ُم‬
‫ )‪(1‬عن أيب ُهريرة ‪ ‬عن النبي ‪ ‬قال‪َ :‬‬
‫ج ٌل‬ ‫ال يف ِظلِّ ِه يَو َم ال ِظ َّل إلَّ ِظلُّ ُه‪ ))...‬وذكر منهم‪(( :‬و َر ُ‬‫هللا تَ َع َ‬
‫ُ‬
‫خالِياً‪ ،‬فَفَاضَ ْ‬
‫ت َع ْي َنا ُه))(((‪.‬‬ ‫َذكَ َر َ‬
‫هللا َ‬
‫املائدة‪.83 :‬‬ ‫((( ‬
‫مريم‪.58 :‬‬ ‫((( ‬
‫اإلرساء‪.109 :‬‬ ‫((( ‬
‫التوبة‪.82 :‬‬ ‫((( ‬
‫البخاري‪ ،1423 :‬ومسلم‪.1031 :‬‬ ‫((( ‬

‫‪58‬‬
‫رسول هللا ‪ ‬يق ُ‬
‫ُول‪:‬‬ ‫سمعت ُ‬
‫ُ‬ ‫ )‪(2‬عن ابن عباس ‪ ‬قال‪:‬‬
‫ني باتت‬ ‫ني بكت من خشي ِة ِ‬
‫هللا‪ ،‬وع ٌ‬ ‫(( َعينانِ ال مت ََّسهام ال َّنا ُر ‪ :‬ع ٌ‬
‫تحرس يف سبيل ِ‬
‫هللا))(((‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رس ُ‬
‫ول هللا ‪ ‬يوماً‬ ‫ )‪(3‬عن العرباض بن سارية قال‪« :‬وعظنا ُ‬
‫بعد صالة الغداة موعظ ًة بليغ ًة ذرفت منها ال ُع ُيو ُن ووجلت منها‬
‫ُوب‪.(((»...‬‬
‫ال ُقل ُ‬

‫أمثلة تطبيقية‪:‬‬

‫رسول هللا ‪ ‬يُصيل‪،‬‬


‫«رأيت ُ‬
‫ُ‬ ‫ )‪(1‬عن ُمطرف عن أبيه قال‪:‬‬
‫حى من ال ُبكاء ‪.(((»‬‬
‫ويف صدره أزي ٌز كأزيز ال َّر َ‬
‫رس ُ‬
‫ول هللا ‪:‬‬ ‫ )‪(2‬عن عبد هللا بن مسعود ‪ ‬قال‪ :‬قال يل ُ‬
‫رسول هللا أقرأُ عليك وعليك‬
‫ُلت‪ :‬يا ُ‬
‫يل القُرآن)) قال‪ :‬فق ُ‬
‫((اقرأ ع َّ‬
‫أُنزل؟ قال‪(( :‬إين أشتهي أن أسمع ُه من غريي))‪ ،‬فقرأتُ النساء‬
‫ج ۡئ َنا‬‫ك أُ َّمة ِۢ ب َشهيد َ‬
‫و‬
‫ُّ‬
‫ِن‬
‫م‬ ‫ا‬ ‫ك ۡي َف إ َذا ج ۡئ َ‬
‫ن‬
‫َ َ‬
‫بلغت‪﴿ :‬ف‬ ‫حتى إذا‬
‫ِ ِ ٖ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ُ‬
‫َ َ َ ٰ َ ٰٓ ُ َ ٓ ِ َ ٗ‬
‫ج ٌل إىل‬ ‫ُ‬ ‫ر‬ ‫غمزين‬ ‫أو‬ ‫رأيس‬ ‫رفعت‬
‫ُ‬ ‫(((‬
‫‪﴾41‬‬ ‫ا‬ ‫يد‬ ‫بِك ع هؤلء ش ِه‬
‫تسيل»(((‪.‬‬
‫ُ‬ ‫فرأيت ُد ُموع ُه‬
‫ُ‬ ‫فرفعت رأيس‬
‫ُ‬ ‫جنبي‬

‫الرتمذي‪ ،1639 :‬وصححه األلباين يف صحيح الجامع‪.4112 :‬‬ ‫(( (‬


‫الرتمذي‪ ،2676 :‬وأبو داود‪ ،4607 :‬وصححه األلباين يف صحيح الجامع‪.2549 :‬‬ ‫(( (‬
‫أبو داود‪ ،904 :‬والنسايئ‪ ،1214 :‬وصححه األلباين يف صحيح أيب داود‪.799 :‬‬ ‫(( (‬
‫النساء‪.41 :‬‬ ‫(( (‬
‫البخاري‪ ،4582 :‬ومسلم‪.800 :‬‬ ‫((( ‬

‫‪59‬‬
‫ )‪(3‬قال ابن القيم‪« :‬وهذا عمر بن الخطاب قرأ سورة الطور إىل أن‬
‫َ َ‬ ‫بلغ قوله‪ ﴿ :‬إ َّن َع َذ َ‬
‫اب َر ّبِك ل َوٰق ‪ِٞ‬ع﴾((( فبىك واشتد بكاؤه حتى‬ ‫ِ‬
‫مرض وعادوه‪ .‬وقال البنه وهو يف املوت‪ :‬ويحك ضع خدي عىل‬
‫األرض عساه أن يرحمني‪ ،‬ثم قال‪ :‬ويل أمي إن مل يغفر هللا يل‬
‫‪  -‬ثالثاً ‪ -‬ثم قىض‪.‬‬
‫وكان مير باآلية يف ورده بالليل فتخيفه فيبقى يف البيت أياماً يعاد‬
‫يحسبونه مريضاً‪ .‬وكان يف وجهه ‪ ‬خطان أسودان من البكاء‪.‬‬
‫مص هللا بك االمصار‪ ،‬وفتح بك الفتوح‪ ،‬وفعل‬ ‫وقال له ابن عباس‪ّ :‬‬
‫وفعل‪ ،‬فقال‪ :‬وددت أين أنجو ال أجر وال وزر‪.‬‬
‫وهذا عثامن بن عفان كان إذا وقف عىل القرب يبيك حتى تبل لحيته‬
‫وقال‪ :‬لو أنني بني الجنة والنار ال أدري إىل أيتهام يؤمر يب‪ ،‬الخرتت‬
‫أن أكون رمادا ً قبل أن أعلم إىل أيتهام أصري»(((‪.‬‬
‫ )‪(4‬عن ابن شوذب قال‪« :‬ملا حرضت أبا هريرة الوفاة بىك‪ ،‬فقيل له‪:‬‬
‫ط‬‫ما يبكيك؟ فقال‪ :‬بُ ْعد املفازة‪ ،‬وقلة الزاد‪ ،‬وعقبة كؤود‪ ،‬امله ِب ُ‬
‫منها إىل الجنة أو النار»(((‪.‬‬
‫ )‪(5‬عن القاسم بن محمد قال‪« :‬كنا نسافر مع ابن املبارك‪ ،‬فكثريا ً‬
‫ما كان يخطر ببايل فأقول يف نفيس‪ :‬بأي يشء فضل هذا الرجل‬
‫علينا حتى اشتهر يف الناس هذه الشهرة؟ إن كان يصيل إنا لنصيل‪،‬‬
‫ولنئ كان يصوم إنا لنصوم‪ ،‬وإن كان يغزو فإنا نغزو‪ ،‬وإن كان‬

‫((( الطور‪.7 :‬‬


‫((( الجواب الكايف‪.37 :‬‬
‫(( ( صفة الصفوة‪.694/1 :‬‬

‫‪60‬‬
‫يحج إنا لنحج؟ قال‪ :‬فكنا يف بعض مسرينا يف طريق الشام ليلة‬
‫نتعىش يف بيت إذ طفئ الرساج‪ ،‬فقام بعضنا فأخذ الرساج وخرج‬
‫يستصبح فمكث هنيهة ثم جاء بالرساج‪ ،‬فنظرت إىل وجه ابن‬
‫املبارك ولحيته قد ابتلت من الدموع‪ ،‬فقلت يف نفيس‪ :‬بهذه‬
‫الخشية فضل هذا الرجل علينا‪ ،‬ولعله حني فقد الرساج فصار‬
‫إىل الظلمة ذكر القيامة»(((‪.‬‬

‫أقوال مضيئة‪:‬‬
‫ )‪(1‬عن عبد األعىل التيمي قال‪« :‬من أويت من العلم ما ال يُبكيه لخليق‬
‫أال يكون أويت علامً ينفع‪ ،‬ألن هللا نعت العلامء فقال‪﴿ :‬إ َّن َّٱل َ‬
‫ِين‬ ‫ِ‬
‫َۡ ٓ َ َُۡ َ‬ ‫ُ ْ ۡ ۡ‬
‫ل َعل ۡي ِه ۡم َۤنوُّرِخَي ِۤناَقۡذَأۡلِل ۤاٗدَّجُس ‪١٠٧‬‬‫أوتُوا ٱل ِعل َم مِن قبلِهِۦ إِذا يت ٰ‬
‫َ َ ُّ َ‬ ‫َ َ َ ۡ ُ ََّ ََۡ ُ ٗ‬ ‫َّٓ‬ ‫ُ ُ َ ۡ َ‬
‫خرون‬ ‫َو َيقولون ُسبحٰ َن َربِنا إِن كن وعد ربِنا لمفعول ‪ ١٠٨‬وي ِ‬
‫ٗ‬ ‫ََۡۡ َۡ ُ َ ََ ُ ُ ۡ ُ ُ‬
‫ان يبكون وي ِزيدهم خشوع۩ ‪. ﴾١٠٩‬‬
‫((((((‬
‫ل ِلذق ِ‬
‫ )‪(2‬قال بعض السلف‪« :‬ابكوا من خشية هللا‪ ،‬فإن مل تبكوا فتباكوا»(((‪.‬‬
‫ )‪(3‬قال ابن القيم‪« :‬والبكاء أنواع‪ :‬أحدها‪ :‬بكاء الرحمة والرقة‪.‬‬
‫والثاين‪ :‬بكاء الخوف والخشية‪ .‬والثالث‪ :‬بكاء املحبة والشوق‪.‬‬
‫والرابع‪ :‬بكاء الفرح والرسور‪ .‬والخامس‪ :‬بكاء الجزع من‬
‫ورود املؤمل وعدم احتامله‪ .‬والسادس‪ :‬بكاء الحزن‪ .‬والفرق‬
‫بينه وبني بكاء الخوف‪ :‬أن بكاء الحزن يكون عىل ما مىض من‬
‫صفة الصفوة‪.145/4 :‬‬ ‫(( (‬
‫اإلرساء‪.109-107 :‬‬ ‫((( ‬
‫الزهد البن املبارك‪.40 :‬‬ ‫(( (‬
‫زاد املعاد‪.184 / 1 :‬‬ ‫(( (‬

‫‪61‬‬
‫حصول مكروه‪ ،‬أو فوات محبوب‪ ،‬وبكاء الخوف يكون ملا‬
‫يتوقع يف املستقبل من ذلك‪ .‬والفرق بني بكاء الرسور والفرح‬
‫وبكاء الحزن‪ :‬أن دمعة الرسور باردة والقلب فرحان‪ ،‬ودمعة‬
‫الحزن حارة والقلب حزين‪ ،‬ولهذا يقال ملا يفرح به‪ :‬هو قرة‬
‫عني وأقر هللا به عينه‪ ،‬وملا يحزن‪ :‬هو سخينة العني وأسخن هللا‬
‫عينه به‪ .‬والسابع‪ :‬بكاء الخور والضعف‪ .‬والثامن‪ :‬بكاء النفاق‪:‬‬
‫وهو أن تدمع العني والقلب قاس‪ ،‬فيظهر صاحبه الخشوع‪،‬‬
‫وهو من أقىس الناس قلباً‪ .‬والتاسع‪ :‬البكاء املستعار واملستأجر‬
‫عليه كبكاء النائحة باألجرة‪ ،‬فإنها كام قال عمر بن الخطاب‪:‬‬
‫تبيع عربتها وتبيك شجو غريها‪ .‬والعارش‪ :‬بكاء املوافقة وهو‬
‫أن يرى الرجل الناس يبكون ألمر ورد عليهم فيبيك معهم‪ ،‬وال‬
‫يدري ألي يشء يبكون‪ ،‬ولكن يراهم يبكون فيبيك‪ ...‬وما كان‬
‫منه مستدعى متكلفاً فهو التبايك‪ ،‬وهو نوعان محمود ومذموم‪،‬‬
‫فاملحمود‪ :‬أن يستجلب لرقة القلب ولخشية هللا‪ ،‬ال للرياء‬
‫والسمعة‪ .‬واملذموم‪ :‬أن يجتلب ألجل الخلق‪ .‬وقد قال عمر بن‬
‫الخطاب للنبي ‪- ‬وقد رآه يبيك هو وأبو بكر يف شأن‬
‫أسارى بدر‪ :-‬أخربين ما يبكيك يا رسول هللا‪ ،‬فإن وجدت بكاء‬
‫بكيت‪ ،‬وإن مل أجد تباكيت لبكائكام؟ ومل ينكر عليه»(((‪.‬‬

‫(( ( زاد املعاد‪.184/1 :‬‬

‫‪62‬‬
‫مراجع ُم ِعينة‪:‬‬
‫ )‪(1‬رشح مسلم‪ ،‬للنووي‪.‬‬
‫ )‪(2‬فتح الباري‪ ،‬البن حجر‪.‬‬
‫ )‪(3‬دليل الفالحني‪ ،‬البن عالن‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫المحبة‬
‫املحبة محرك القلب والدافع للعمل يف خدمة املحبوب الذي سكن‬
‫حبَّة القلب (سويداءه ومركزه) فالزمها وثبت فيها‪.‬‬ ‫َ‬
‫وتاج املحبة‪ :‬محبة هللا تعاىل ذي الفضل واإلحسان عىل خلقه‪.‬‬
‫ومن محبته‪ :‬محبة ما يحبه سبحانه كرسله ‪ ‬وعباده املؤمنني‪،‬‬
‫ومحبة دينه ورشيعته‪ .‬فصارت املحبة ركن العبادة األعظم‪.‬‬
‫ودليل وجودها‪ :‬السعي يف إرضاء هللا تعاىل‪ ،‬فمن قدم طاعة أحد‬
‫عىل طاعة هللا فقد اتخذه ن ّدا ً ورشيكاً هلل سبحانه‪.‬‬

‫عناصر مقترحة‪:‬‬
‫ )‪(1‬متهيد‪ :‬ال يخلو عبد من محبة وبغض‪ ،‬فإما أن يقدم محبة هللا‬
‫سبحانه أو العكس!‬
‫ )‪(2‬حقيقة املحبة‪.‬‬
‫ )‪(3‬محبة هللا ركن العبودية (العبادة هي متام الحب‪ ،‬مع متام الذل‬
‫بالخوف والرجاء)‪.‬‬
‫ )‪(4‬محبة ما يحبه هللا‪ :‬جزء من محبة هللا (محبة الرسل‪ ،‬املؤمنني‪،‬‬
‫الدين‪.)...‬‬
‫ )‪(5‬لوازم املحبة‪.‬‬
‫ )‪(6‬عالمات محبة هللا‪.‬‬
‫ )‪(7‬مثراتها‪.‬‬
‫ )‪(8‬األسباب الجالبة لها‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫ )‪(9‬من قدم طاعة برش عىل طاعة هللا فقد جعله ندا ً هلل!‬
‫ )‪(10‬كل محبة تعارض محبة هللا تنقلب عداوة يف الدنيا أو اآلخرة‪.‬‬

‫هدايات قرآنية‪:‬‬
‫ون ُهمۡ‬ ‫َّ َ َ ٗ ُ ُّ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َّ ُ‬ ‫ )‪(1‬قال تعاىل‪َ :‬‬
‫ون ٱللِ أندادا يِب‬ ‫خذ مِن د ِ‬ ‫اس من يت ِ‬ ‫﴿وم َِن ٱنلَّ ِ‬
‫َ ُ ّ َّ َ َّ َ َ َ ُ ٓ ْ َ َ ُّ ُ ّٗ ّ َّ َ َ ۡ َ َ َّ َ َ َ ُ ٓ ْ‬
‫ب ٱللِۖ وٱلِين ءامنوا أشد حبا ِلِۗ ولو يرى ٱلِين ظلموا‬ ‫كح ِ‬
‫ۡ َ َ ۡ َ ۡ َ َ َ َ َّ ۡ ُ َّ َ َّ َ ٗ َ َ َّ َّ َ َ ُ ۡ َ َ‬
‫اب‬ ‫إِذ يرون ٱلعذاب أن ٱلقوة ِلِ جِيعا وأن ٱلل شدِيد ٱلعذ ِ‬
‫‪.(((﴾165‬‬
‫ٱللُ‬ ‫ُ ۡ ۡ ُ ُ َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ ۡ ُ ُّ َ َّ َ َ َّ‬ ‫ُۡ‬
‫ون يبِبكم‬ ‫ِ‬ ‫ع‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ٱت‬ ‫ف‬ ‫ٱلل‬ ‫ون‬ ‫ِب‬ ‫ت‬ ‫م‬ ‫نت‬ ‫ك‬ ‫ن‬ ‫ِ‬ ‫إ‬ ‫ل‬ ‫ )‪(2‬قال تعاىل‪﴿ :‬ق‬
‫ٱلل غفور‪َّ ٞ‬رح ‪ٞ‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ك ۡم َو َّ ُ‬ ‫ََۡ ۡ َ ُ ۡ ُ َ ُ‬ ‫ُ‬
‫ِيم ‪.(((﴾31‬‬ ‫ويغفِر لكم ذنوب َ ۚ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِين َء َام ُنوا َمن يَ ۡرت َّد مِنك ۡم َعن دِينِهِۦ‬
‫ْ‬ ‫﴿يأ ُّي َها َّٱل َ‬ ‫ )‪(3‬وقال سبحانه‪ٰٓ َ :‬‬
‫َ َ َ َۡ‬
‫ِني أَعِز ٍةَّ‬ ‫ع ٱل ۡ ُم ۡؤ ِمن َ‬ ‫َّ ُ َ ۡ ُ ُّ ُ ۡ َ ُ ُّ َ ُ ٓ َ َّ َ َ‬
‫حبونهۥ أذِل ٍة‬ ‫فس ۡوف يأ ِت ٱلل بِقو ٖم يِبهم وي ِ‬
‫َّ َ َ َ َ ُ َ َ ۡ َ َ َ ٓ‬ ‫َ‬ ‫ََ ۡ َٰ َ ُ َٰ ُ َ‬
‫يل ٱللِ ول يافون لومة لئ ِ ٖ ۚم‬ ‫ع ٱلكفِ ِرين يج ِهدون ِف سب ِ ِ‬
‫ِيم ‪ ،(((﴾54‬فذكر‬ ‫ٱلل َوٰس ٌِع َعل ٌ‬ ‫ٱللِ يُ ۡؤتِيهِ َمن ي َ َشا ٓ ُء َو َّ ُ‬ ‫َ ٰ َ َ ۡ ُ َّ‬
‫ذل ِك فضل‬
‫ۚ‬
‫ملحبته تعاىل أربع عالمات‪.‬‬
‫ۡ‬ ‫ٓ‬ ‫ّ‬ ‫اس ُح ُّ َّ َ‬
‫ني‬ ‫ٱلن َساءِ َوٱلَن َ‬
‫ِ‬ ‫ت م َِن ِ‬ ‫ب ٱلش َهو ٰ ِ‬ ‫﴿ز ّي ِ َن ل َِّلن ِ‬ ‫ )‪(4‬وقال سبحانه‪ُ :‬‬
‫ٱل ۡيل ٱل ۡ ُم َس َّومةَِ‬ ‫ٱذل َهب َو ۡٱلف َّضةِ َو ۡ َ‬ ‫َ َّ‬
‫ِن‬ ‫م‬ ‫ِ‬ ‫ة‬‫ر‬‫َ‬ ‫نط‬ ‫َ‬ ‫َُۡ‬
‫ق‬ ‫م‬ ‫ٱل‬ ‫ري‬ ‫ط‬ ‫ٰ‬ ‫ن‬‫َو ۡٱل َق َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ِندهُۥ ُح ۡسنُ‬
‫ِ‬
‫ٱلل ع َ‬ ‫ٱدل ۡن َياۖ َو َّ ُ‬ ‫ٱل َي ٰوة ِ ُّ‬ ‫ث َذٰل َِك َم َتٰ ُع ۡ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ ۡ َ ۡ َ َِ ۡ‬
‫وٱلنع ٰ ِم وٱلر ِۗ‬
‫ٔ‬ ‫ۡ ََ‬
‫اب ‪.(((﴾14‬‬ ‫ٱل ِ‬ ‫م‬
‫البقرة‪.165 :‬‬ ‫((( ‬
‫آل عمران‪.31 :‬‬ ‫(( (‬
‫املائدة‪.54 :‬‬ ‫((( ‬
‫آل عمران‪.14 :‬‬ ‫(( (‬

‫‪65‬‬
‫قبسات نبوية‪:‬‬
‫ )‪(1‬عن أنس بن مالك ‪ ‬قال‪ :‬قال النبي ‪(( :‬ال يَ ِج ُد‬
‫هلل‪ ،‬وحتَّى أ ْن‬ ‫إل ِ‬ ‫ب امل َ ْر َء ال يُ ِح ُّب ُه َّ‬
‫حال َو َة اإلميانِ حتَّى يُ ِح َّ‬ ‫ح ٌد َ‬
‫أ َ‬
‫ك ْف ِر بَ ْع َد إ ْذ أنْ َق َذهُ‬‫ج َع إىل ال ُ‬ ‫ب إلَ ْي ِه ِمن أ ْن يَ ْر ِ‬ ‫يُ ْقذ َ‬
‫َف يف ال َّنا ِر أ َ‬
‫ح ُّ‬
‫مم ِسوا ُهام))(((‪.‬‬ ‫ب إلَ ْي ِه َّ‬ ‫هللا و َرسولُ ُه أ َ‬
‫ح َّ‬ ‫هللا‪ ،‬وحتَّى يَكو َن ُ‬ ‫ُ‬
‫ )‪(2‬عن أنس عن النبي ‪ ‬قال‪(( :‬لَ يُ ْؤ ِم ُن أ َ‬
‫ح ُدكُ ْم‪ ،‬حتَّى‬
‫ب لِ َنف ِْس ِه))(((‪.‬‬‫ألخي ِه ما يُ ِح ُّ‬
‫ب ِ‬ ‫يُ ِح َّ‬
‫خلُو َن‬
‫ول هللا ‪(( :‬ال تَ ْد ُ‬ ‫رس ُ‬‫ )‪(3‬عن أيب ُهريرة قال‪ :‬قال ُ‬
‫عل‬ ‫ج َّن َة حتَّى تُ ْؤ ِم ُنوا‪ ،‬وال تُ ْؤ ِم ُنوا حتَّى ت َحابُّوا‪ ،‬أ َو َل أ ُدلُّ ُ‬
‫ك ْم َ‬ ‫ال َ‬
‫ك ْم))(((‪.‬‬ ‫يش ٍء إذا فَ َعلْتُ ُمو ُه تَحابَ ْبتُ ْم؟ أفْشُ وا َّ‬
‫السال َم ب ْي َن ُ‬
‫ُ‬
‫يقول‬ ‫هللا‬
‫ول هللا ‪(( :‬إ َّن َ‬ ‫رس ُ‬
‫ )‪(4‬عن أيب ُهريرة قال‪ :‬قال ُ‬
‫الل‪ ،‬اليو َم أُ ِظلُّ ُه ْم يف ِظ ِّل يَو َم ال‬
‫ج ِ‬ ‫يَو َم ال ِقيا َم ِة‪ :‬أيْ َن املُتَحابُّو َن ب َ‬
‫إل ِظ ِّل))(((‪.‬‬
‫ِظ َّل َّ‬
‫أحب‬
‫َّ‬ ‫ )‪(5‬عن أيب أمامة ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول هللا ‪َ (( :‬م ْن‬
‫هلل‪ ،‬فق َِد ْ‬
‫استك َم َل ‪ ‬اإلميانَ))(((‪.‬‬ ‫هلل‪ ،‬وأَ ْعطى ِ‬
‫هلل‪ ،‬وم َن َع ِ‬ ‫َض ِ‬ ‫ِ‬
‫هلل‪ ،‬وأبغ َ‬

‫البخاري‪ ،6041 :‬مسلم‪.43 :‬‬ ‫((( ‬


‫البخاري‪ ،13 :‬مسلم‪.45 :‬‬ ‫((( ‬
‫مسلم‪.54 :‬‬ ‫((( ‬
‫مسلم‪.2566 :‬‬ ‫((( ‬
‫أبو داود‪ ،6481 :‬وصححه األلباين يف صحيح الجامع‪.5965 :‬‬ ‫(( (‬

‫‪66‬‬
‫أمثلة تطبيقية‪:‬‬
‫جال سأل النبي ‪ ‬عن الساعة فقال‪:‬‬ ‫ )‪(1‬عن أنس ‪ ‬أن ر ُ‬
‫متى الساع ُة؟ قال‪(( :‬و َماذَا أ ْع َددْتَ لَ َها؟)) قال‪ :‬ال يشء؛ إال أين‬
‫ت))‪،‬‬ ‫حبَبْ َ‬
‫ْت مع َمن أ ْ‬ ‫ورسول ُه ‪ ،‬فقال‪(( :‬أن َ‬ ‫أُحب هللا ُ‬
‫أنس‪« :‬فام فرحنا بيشء فرحنا بقول النبي ‪ :‬أنت‬ ‫قال ٌ‬
‫أنس‪« :‬فأنا أُحب النبي ‪ ‬وأبا‬ ‫مع من أحببت»‪ ،‬قال ٌ‬
‫حبي إيا ُهم‪ ،‬وإن مل أعمل‬ ‫جو أن أكُون مع ُهم ب ُ‬ ‫بكر و ُعمر‪ ،‬وأر ُ‬
‫مبثل أعاملهم»((( وهذا الفضل ملن سعى إىل اللحاق‪ ،‬لكن نقص‬
‫عمله عن درجة أصحابه شيئاً‪ ،‬فيكرمه هللا ويجود عليه‪ ،‬بربكة‬
‫عمل قلبه وصدقه وشدة حرصه عىل بلوغ درجتهم‪.‬‬
‫جالً زا َر أخاً‬ ‫ )‪(2‬عن أيب ُهريرة ‪ ‬عن النبي ‪(( :‬أ َّن َر ُ‬
‫ج ِت ِه َملَكاً‪ ،‬فقال له‪ :‬أين‬ ‫هللا عىل َمد َر َ‬
‫فأرص َد ُ‬
‫َ‬ ‫له يف قَري ٍة أُخرى‪،‬‬
‫هللا يف قَري ِة كذا وكذا‪ .‬قال‪ :‬هل له‬ ‫ب؟ قال‪ :‬أزو ُر أخاً يل يف ِ‬ ‫ت َذ َه ُ‬
‫فإن‬
‫هللا‪ .‬قال‪ِّ :‬‬ ‫عليك ِمن نِعم ٍة تَ ُربُّها؟ قال‪ :‬ال‪ ،‬ولك َّنني أح َببتُ ُه يف ِ‬‫َ‬
‫هللا قد أح َّب َك كام أح َببتَ ُه في ِه))(((‪.‬‬ ‫رسول ِ‬
‫هللا َ‬
‫إليك؛ إ َّن َ‬ ‫ُ‬
‫جال كان عند النبي ‪ ،‬فمر‬ ‫ )‪(3‬عن أنس بن مالك أن ر ُ‬
‫رسول هللا إين ألُحب هذا‪ ،‬فقال ل ُه النبي‬ ‫ج ٌل فقال‪ :‬يا ُ‬ ‫به ر ُ‬
‫‪(( :‬أَ ْعلمتَه؟)) قال‪ :‬ال‪ ،‬قال‪(( :‬أَ ْعلِ ْمه))‪ ،‬قال‪ :‬فلحق ُه‬
‫فقال‪ :‬إين أُحبك يف هللا‪ ،‬فقال‪ :‬أحبك الذي أحببتني ل ُه(((‪.‬‬
‫((( البخاري‪ ،6171 :‬مسلم‪.2639 :‬‬
‫((( مسلم‪.2567 :‬‬
‫(( ( أبو داود‪ ،5125 :‬وصححه األلباين يف صحيح أيب داود‪.4276 :‬‬

‫‪67‬‬
‫ )‪(4‬قال ابن عباس ‪« :‬إين ألم ُّر عىل اآلية من كتاب هللا فأو ُّد‬
‫أن الناس كلهم يعلمون منها ما أعلم»(((‪ ،‬وهذا من شدة محبته‬
‫الخري للناس!‬
‫ )‪(5‬كان عقبة الغالم إذا أراد أن يفطر يقول لبعض إخوانه املطلعني‬
‫يل ماء أو مترات أفطر عليها؛ ليكون‬ ‫عىل أمره وأعامله‪« :‬أخرج إ َّ‬
‫لك أجر مثل أجري»(((‪.‬‬
‫ )‪«(6‬كان محمد بن واسع يبيع حامرا ً له‪ ،‬فقال له رجل‪ :‬أترضاه يل؟‬
‫قال‪ :‬لو رضيته مل أب ْعه! ‪ -‬وهذه إشارة منه إىل أنه ال يرىض ألخيه‬
‫إال ما يرىض لنفسه ‪.(((»-‬‬

‫أقوال مضيئة‪:‬‬
‫ )‪(1‬قال يحيى بن معاذ‪« :‬ليس بصادق من ادعى محبة هللا ومل يحفظ‬
‫حدوده»(((‪.‬‬
‫ )‪(2‬قال ابن القيم‪« :‬كل محب يأخذه اللوم عن محبوبه فليس مبحب‬
‫عىل الحقيقة»(((‪.‬‬
‫ )‪(3‬قال ابن تيمية‪« :‬إنك إذا أحببت الشخص هلل كان هللا هو املحبوب‬
‫لذاته‪ ،‬فكلام تصورته يف قلبك تصورت محبوب الحق‪ ،‬فأحببته‬
‫فازداد حبك هلل‪ ،‬كام إذا ذكرت النبي ‪ ‬واألنبياء قبله‬
‫واملرسلني وأصحابهم الصالحني وتصورتهم يف قلبك فإن ذلك‬
‫جامع العلوم والحكم البن رجب‪.25/1 :‬‬ ‫((( ‬
‫جامع العلوم والحكم‪.25/1 :‬‬ ‫(( (‬
‫جامع العلوم والحكم‪.245/1 :‬‬ ‫(( (‬
‫جامع العلوم والحكم‪.32/2 :‬‬ ‫(( (‬
‫مدارج السالكني‪.22 / 3 :‬‬ ‫(( (‬

‫‪68‬‬
‫يجذب قلبك إىل محبة هللا املنعم عليهم وبهم‪ ،‬إذا كنت تحبهم هلل‬
‫فاملحبوب هلل يجذب إىل محبة هللا‪ ،‬واملحب هلل إذا أحب شخصاً‬
‫هلل فإن هللا هو محبوبه‪ ،‬فهو يحب أن يجذبه إىل هللا تعاىل‪ ،‬وكل‬
‫من املحب هلل واملحبوب هلل يجذب إىل هللا»(((‪.‬‬
‫ )‪(4‬قال ابن القيم‪« :‬فصل يف األسباب الجالبة للمحبة واملوجبة لها‪،‬‬
‫وهي عرشة‪:‬‬
‫أحدها‪ :‬قراءة القرآن بالتدبر والتفهم ملعانيه‪ ،‬وما أريد به‪ ،‬كتدبر‬
‫الكتاب الذي يحفظه العبد ويرشحه ليتفهم مراد صاحبه منه‪.‬‬
‫الثاين‪ :‬التقرب إىل هللا بالنوافل بعد الفرائض‪ ،‬فإنها توصله إىل درجة‬
‫املحبوبية بعد املحبة‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬دوام ذكره عىل كل حال باللسان والقلب والعمل والحال‪،‬‬
‫فنصيبه من املحبة عىل قدر نصيبه من هذا الذكر‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬إيثار محابِّه عىل محابك عند غلبات الهوى‪ ،‬والتسنم إىل‬
‫محابه‪ ،‬وإن صعب املرتقى‪.‬‬
‫الخامس‪ :‬مطالعة القلب ألسامئه وصفاته‪ ،‬ومشاهدتها ومعرفتها‬
‫وتقلبه يف رياض هذه املعرفة ومباديها‪ ،‬فمن عرف هللا بأسامئه‬
‫وصفاته وأفعاله أحبه ال محالة‪ ،‬ولهذا كانت املعطلة والفرعونية‬
‫والجهمية قطاع الطريق عىل القلوب بينها وبني الوصول إىل‬
‫املحبوب‪.‬‬
‫السادس‪ :‬مشاهدة بره وإحسانه وآالئه ونعمه الباطنة والظاهرة‪،‬‬
‫فإنها داعية إىل محبته‪.‬‬

‫((( مجموع الفتاوى‪.608 /10 :‬‬

‫‪69‬‬
‫السابع وهو من أعجبها‪ :‬انكسار القلب بكليته بني يدي هللا تعاىل‪،‬‬
‫وليس يف التعبري عن هذا املعنى غري األسامء والعبارات‪.‬‬
‫الثامن‪ :‬الخلوة به وقت النزول اإللهي ملناجاته وتالوة كالمه‪،‬‬
‫والوقوف بالقلب والتأدب بأدب العبودية بني يديه‪ ،‬ثم ختم ذلك‬
‫باالستغفار والتوبة‪.‬‬
‫التاسع‪ :‬مجالسة املحبني الصادقني‪ ،‬والتقاط أطايب مثرات كالمهم‬
‫كام ينتقى أطايب الثمر‪ .‬وال تتكلم إال إذا ترجحت مصلحة الكالم‪،‬‬
‫وعلمت أن فيه مزيدا ً لحالك ومنفعة لغريك‪.‬‬
‫العارش‪ :‬مباعدة كل سبب يحول بني القلب وبني هللا ‪.(((»‬‬
‫ )‪(5‬وقال أيضاً‪« :‬قال بعض السلف‪ :‬ادعى قوم محبة هللا فأنزل‬
‫ُۡ ُ‬ ‫ٱلل فَٱتَّب ُ‬ ‫ُ ُ ۡ ُ ُّ َ‬
‫ون َّ َ‬ ‫ُۡ‬
‫ون يب ِ ۡبك ُم‬‫ع‬
‫ِ ِ‬ ‫هللا آية املحنة‪﴿ :‬قل إِن كنتم تِب‬
‫ٱلل َغ ُفور‪َّ ٞ‬رح ‪ٞ‬‬ ‫َّ ُ َ َ ۡ ۡ َ ُ ۡ ُ ُ َ ُ‬
‫ك ۡم َو َّ ُ‬
‫ِيم ‪ ،(((﴾31‬وقال‪:‬‬ ‫ٱلل ويغ ِفر لكم ذنوب ۚ‬
‫ك ُم َّ ُ‬‫ُۡ ۡ ُ‬
‫ٱلل﴾ إشارة إىل دليل املحبة ومثرتها وفائدتها‪ ،‬فدليلها‬ ‫﴿يبِب‬
‫وعالمتها‪ :‬اتباع الرسول‪ ،‬وفائدتها ومثرتها‪ :‬محبة املرسل لكم‪،‬‬
‫فام مل تحصل املتابعة فليست محبتكم له حاصلة‪ ،‬ومحبته لكم‬
‫منفية»(((‪.‬‬
‫ )‪(6‬وقال أيضاً‪« :‬كل محب يأخذه اللوم عىل محبوبه فليس مبحب‬
‫عىل الحقيقة»(((‪ .‬فمن يحب هللا ال مينعه لوم الناس له من التزام‬
‫أمر هللا تعاىل‪.‬‬

‫مدارج السالكني‪.18- 17 / 3 :‬‬ ‫(( (‬


‫سورة آل عمران‪.31 :‬‬ ‫((( ‬
‫مدارج السالكني‪.22/3 :‬‬ ‫(( (‬
‫مدارج السالكني‪.22/3 :‬‬ ‫((( ‬

‫‪70‬‬
‫ )‪(7‬وقال أيضا‪« :‬فلو بطلت مسألة املحبة لبطلت جميع مقامات‬
‫اإلميان واإلحسان‪ ،‬ولتعطلت منازل السري إىل هللا‪ ،‬فإنها روح كل‬
‫مقام ومنزلة وعمل‪ ،‬فإذا خال منها فهو ميت ال روح فيه‪ .‬ونسبتها‬
‫إىل األعامل كنسبة اإلخالص إليها‪ ،‬بل هي حقيقة اإلخالص‪ ،‬بل‬
‫هي نفس اإلسالم‪ ،‬فإنه االستسالم بالذل والحب والطاعة هلل‪،‬‬
‫فمن ال محبة له ال إسالم له البتة‪ ،‬بل هي حقيقة شهادة أن ال إله‬
‫إال هللا‪ ،‬فإن اإلله هو الذي يألهه العباد حباً وذالً وخوفاً ورجا ًء‬
‫وتعظيامً وطاعة له‪ ،‬مبعنى مألوه‪ ،‬وهو الذي تألهه القلوب أي‬
‫تحبه وتذل له»(((‪.‬‬
‫خلق لفعل خاص‪ ،‬به كامله‬ ‫ )‪(8‬وقال أيضاً‪« :‬كل عضو من أعضاء البدن ُ‬
‫يف حصول ذلك الفعل منه‪ .‬ومرضه أن يتعذر عليه الفعل الذي‬
‫خلق له حتى ال يصدر منه‪ ،‬أو يصدر مع نوع من االضطراب‪.‬‬
‫فمرض اليد أن يتعذر عليها البطش‪ ،‬ومرض العني أن يتعذر عليها‬
‫النظر والرؤية‪ ،‬ومرض اللسان أن يتعذر عليه النطق‪ ،‬ومرض‬
‫البدن أن يتعذر عليه حركته الطبيعية أو يضعف عنها‪ ،‬ومرض‬
‫القلب أن يتعذر عليه ما خلق له من معرفة هللا ومحبته والشوق‬
‫إىل لقائه واإلنابة إليه‪ ،‬وإيثار ذلك عىل كل شهوة‪ ،‬فلو عرف‬
‫العبد كل يشء ومل يعرف ربه فكأنه مل يعرف شيئاً‪ ،‬ولو نال‬
‫كل حظ من حظوظ الدنيا ولذاتها وشهواتها ومل يظفر مبحبة‬
‫هللا والشوق إليه واألنس به فكأنه مل يظفر بلذة وال نعيم وال‬

‫مدارج السالكني‪.26 / 3 :‬‬ ‫((( ‬

‫‪71‬‬
‫قرة عني‪ ،‬بل إذا كان القلب خالياً عن ذلك عادت تلك الحظوظ‬
‫واللذات عذاباً له وال بد‪ ،‬فيصري معذباً بنفس ما كن منعامً به من‬
‫جهتني‪ :‬من جهة حرسة فوته وأنه حيل بينه وبينه مع شدة تعلق‬
‫روحه به‪ ،‬ومن جهة فوت ما هو خري له وأنفع وأدوم حيث مل‬
‫يحصل له‪ ،‬فاملحبوب الحاصل فات‪ .‬واملحبوب األعظم مل يظفر‬
‫به‪ ،‬وكل من عرف هللا أحبه وأخلص العبادة له ‪-‬وال بد‪ -‬ومل‬
‫يؤثر عليه شيئاً من املحبوبات‪ ،‬فمن آثر عليه شيئاً من املحبوبات‬
‫فقلبه مريض‪ ،‬كام أن املعدة إذا اعتادت أكل الخبيث وآثرته‬
‫عىل الطيب سقطت عنها شهوة الطيب وتعوضت مبحبة غريه‪،‬‬
‫وقد ميرض القلب ويشتد مرضه وال يعرف به صاحبه الشتغاله‬
‫وانرصافه عن معرفة صحته وأسبابها‪ ،‬بل قد ميوت وصاحبه ال‬
‫يشعر مبوته‪ ،‬وعالمة ذلك‪ :‬أنه ال تؤمله جراحات القبائح‪ ،‬وال‬
‫يوجعه جهله بالحق وعقائده الباطلة‪ ،‬فإن القلب إذا كان فيه‬
‫حياة تأمل بورود القبيح عليه‪ ،‬وتأمل بجهله بالحق بحسب حياته‪،‬‬
‫وما لجرح مبيت إيالم»(((‪.‬‬
‫ )‪(9‬قال الشاعر‪:‬‬
‫تعصي اإللـه وأنـت تزعـم حبه‬
‫هـذا لعمـري يف القيـاس شـني ُع‬
‫لـو كان حبـك صادقـاً ألطعتـه‬
‫إن املحـب ملـن يحـب مطيـ ُع‬

‫إغاثة اللهفان ‪.68/1‬‬ ‫((( ‬

‫‪72‬‬
‫مراجع ُم ِعينة‪:‬‬
‫ )‪(1‬مدارج السالكني‪ ،‬البن القيم‪.‬‬
‫ )‪(2‬حقوق النبي ‪ ‬بني اإلجالل واإلخالل‪ ،‬إصدار املنتدى‬
‫اإلسالمي‪.‬‬
‫ )‪(3‬محبة الرسول بني االتباع واالبتداع‪ ،‬لعبد الرؤوف محمد عثامن‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫الوالء والبراء‬
‫أنشأ هللا تعاىل بني عباده املؤمنني أوثق رابطة يف الدنيا‪ ،‬فآخى بينهم‬
‫عىل أساس اإلميان‪ ،‬وسامهم (حزب هللا)‪ ،‬وألزمهم القيام بحق هذه‬
‫العالقة من املحبة والوالء والتناحر والتعاون‪.‬‬
‫كام جعل الكفرة (حزب الشيطان)‪ ،‬وأمر املؤمنني بالرباءة منهم‬
‫ومن دينهم‪ ،‬وببغضهم ومعاداتهم ونرصة املؤمنني عليهم‪ .‬وذلك ال ينفي‬
‫العدل واإلحسان معهم‪ ،‬دون محبتهم ومواالتهم التي تناقض اإلميان‪.‬‬
‫وال وحدة للمؤمنني وال قوة وال نرصة دون هذا األساس العظيم‪ ،‬ال‬
‫غريه من روابطه الجاهلية ‪ -‬القبلية أو الوطنية أو القومية أو اللغة أو‬
‫اللون ‪ -‬التي يهيمن عليها الوالء والرباء‪ ،‬وال تظهر وتقوى إال بضعفه!‬

‫عناصر مقترحة‪:‬‬
‫ )‪(1‬متهيد‪ :‬الدين أعظم رابطة‪.‬‬
‫ )‪(2‬حقيقة الوالء والرباء‪.‬‬
‫ )‪(3‬منـزلة الوالء والرباء من اإلميان‪.‬‬
‫ )‪(4‬منازل الناس يف الوالء والرباء‪.‬‬
‫ )‪(5‬مظاهر مواالة املؤمنني ‪ /‬كيف ننمي الوالء؟ (محبتهم‪ ،‬القيام‬
‫بحقوقهم‪ ،‬نرصتهم‪ ،‬إكرامهم‪ ،‬الدعاء لهم‪ ،‬نصحهم‪.)..‬‬
‫ )‪(6‬مظاهر معاداة الكافرين ‪ /‬كيف نحقق الرباء؟ (بغضهم‪ ،‬كره‬
‫أعاملهم‪ ،‬ترك مشاركتهم يف مناسبتهم‪ ،‬ترك التشبه بهم‪.)..،‬‬

‫‪74‬‬
‫ )‪(7‬العدل مع الكفرة واإلحسان مع غري الحربيني منهم ال ينايف الرباءة‬
‫منهم‪.‬‬
‫ )‪(8‬مناذج واقعية من تحقيق الوالء والرباء‪.‬‬
‫ )‪(9‬مثرات الوالء والرباء‪.‬‬
‫ )‪(10‬الوالءات الجاهلية تناقض اإلميان‪.‬‬

‫هدايات قرآنية‪:‬‬
‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُۡ ۡ ُ َ َ ُۡ ۡ َ ُ َۡ ُ ُ ۡ َۡ َٓ‬
‫ض﴾ ‪.‬‬
‫(((‬
‫َ‬ ‫ )‪(1‬قال تعاىل‪﴿ :‬وٱلمؤمِنون وٱلمؤمِنٰت بعضهم أو ِلاء بع ٖ ۚ‬
‫ْ‬
‫ج ٰ َه ُدوا بِأ ۡم َوٰل ِ ِه ۡم‬ ‫اج ُروا ْ َو َ‬ ‫ِين َء َام ُنوا ْ َو َه َ‬ ‫ )‪(2‬وقال تعاىل‪﴿ :‬إ َّن َّٱل َ‬
‫ِ‬
‫ك َب ۡع ُضه ۡمُ‬ ‫َّ َ َّ َ َ َ ْ َّ َ َ ُ ٓ ْ ُ ْ َ ٰٓ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ََ ُ‬
‫س ِهم ِف سبِيل ٱللِ وٱلِين ءاووا ونصوا أولئ ِ‬ ‫َوأنف ِ‬
‫َ َّ ِ َ َ َ ُ ْ َ َ ۡ ُ َ ُ ْ َ َ ُ ّ َ ٰ ََ‬ ‫أ ۡو ِلَا ٓ ُء َب ۡ‬
‫جروا ما لكم مِن وليت ِ ِهم‬ ‫ِ‬ ‫ا‬ ‫ه‬ ‫ي‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫وا‬ ‫ن‬ ‫ام‬ ‫ء‬ ‫ِين‬‫ٱل‬ ‫و‬ ‫ض‬
‫ٖ ۚ‬ ‫ع‬
‫َ َ َ ۡ ُُ‬ ‫ّ‬ ‫ۡ َ َ ُ ُۡ‬ ‫ّ َ ۡ َ َّ ُ َ ُ ْ‬
‫ِين فعليكم‬ ‫ِإَون ٱستنصوكم ِف ٱدل ِ‬ ‫جر ۚوا ِ‬ ‫ت يها ِ‬ ‫مِن ش ٍء ح ٰ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِيثٰ ‪ٞ‬ق َو َّ ُ‬ ‫َّ ۡ ُ َّ َ َ ٰ َ ۡ َ ۡ َ ُ ۡ َ َ ۡ َ ُ ّ َ‬
‫ٱلل ب ِ َما ت ۡع َملون‬ ‫ۗ‬ ‫ٱنلص إِل ع قوِۢم بينكم وبينهم م‬
‫َۡ َ ُ َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ‪ٓ َ ۡ َ ۡ ُ ُ ۡ َ ْ ُ َ َ َ َّ َ ٞ‬‬
‫ض إِل تفعلوه تكن‬ ‫ب ِصري ‪َ 72‬وٱلِين كفروا بعضهم أو ِلاء بع ٍ ۚ‬
‫َ ‪َ ٞ‬‬ ‫‪ۡ ٞ‬‬
‫ۡرض َوف َساد كبِري‪.(((﴾73 ٞ‬‬ ‫ف ِۡت َنة ِف ٱل ِ‬
‫ود َوٱنلَّ َص ٰ َرىٰٓ‬ ‫َ ٰٓ َ ُّ َ َّ َ َ َ ُ ْ َ َ َّ ُ ْ ۡ َ ُ َ‬
‫خذوا ٱله‬ ‫ )‪(3‬قال تعاىل‪﴿ :‬يأيها ٱلِين ءامنوا ل تت ِ‬
‫َ َ َ َ َ َّ ُ ّ ُ ۡ َ َّ ُ ۡ ُ ۡ َّ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َۡ ََٓ َۡ ُ ُ ۡ َۡ َٓ‬
‫ض ومن يتولهم مِنكم فإِنهۥ مِنهمۗ إِن‬ ‫أو ِلاء ۘ بعضهم أو ِلاء بع ٖ ۚ‬
‫ٱلظٰلِم َ‬ ‫ۡ َ ۡ َ َّ‬ ‫َّ َ َ‬
‫ني ‪.(((﴾51‬‬ ‫ِ‬ ‫ٱلل ل َي ۡهدِي ٱلقوم‬
‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ ٰٓ َ ُّ َ َّ َ َ َ ُ ْ َ َ ۡ َ‬
‫ )‪(4‬وقال سبحانه‪﴿ :‬يأيها ٱلِين ءامنوا من يرتد مِنكم عن دِينِهِۦ‬
‫َ َ َ َۡ‬
‫ِني أَعِز ٍةَّ‬ ‫ع ٱل ۡ ُم ۡؤ ِمن َ‬ ‫َّ ُ َ ۡ ُ ُّ ُ ۡ َ ُ ُّ َ ُ ٓ َ َّ َ َ‬
‫حبونهۥ أذِل ٍة‬ ‫فس ۡوف يأ ِت ٱلل بِقو ٖم يِبهم وي ِ‬
‫((( التوبة‪.71 :‬‬
‫((( األنفال‪.73-72 :‬‬
‫((( املائدة‪.51 :‬‬

‫‪75‬‬
‫َّ َ َ َ ُ َ َ َ َ ٓ َ َ‬ ‫ََ ۡ َٰ َ ُ َٰ ُ َ‬
‫يل ٱللِ َول يافون ل ۡو َمة لئ ِ ٖ ۚم ذٰل ِك‬ ‫ون ف َ‬
‫ع ٱلكفِ ِرين يج ِهد ِ ِ ِ‬
‫ب‬ ‫س‬
‫ٱلل‬‫ك ُم َّ ُ‬ ‫َّ َ َ ُّ ُ‬
‫ِيم ‪ 54‬إِنما و ِل‬ ‫ٱلل َوٰس ٌِع َعل ٌ‬ ‫ٱللِ يُ ۡؤتِيهِ َمن ي َ َشا ٓ ُء َو َّ ُ‬ ‫َ ۡ ُ َّ‬
‫فضل‬
‫ۚ‬
‫ٱلزك ٰوةَ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ُ َ َّ ٰ َ َ ُ ۡ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬
‫ون َّ‬ ‫ِين َء َام ُنوا ٱلِين يقِيمون ٱلصلوة ويؤت‬ ‫ولۥ َوٱل َ‬ ‫َو َر ُس ُ‬
‫َ َ َ َ َ َّ َّ َ َ َ ُ َ ُ َ َّ َ َ َ ُ ْ َ َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫َوه ۡم َرٰك ُِعون ‪ ٥٥‬ومن يتول ٱلل ورسولۥ وٱلِين ءامنوا فإِن‬
‫خ ُذوا ْ َّٱلِينَ‬ ‫ِين َء َام ُنوا ْ َل َتتَّ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُّ َ َّ‬ ‫ۡ َ َّ ُ ُ ۡ َ ٰ ُ َ‬
‫ِ‬ ‫يأيها ٱل‬ ‫ون ‪ٰٓ ٥٦‬‬ ‫حِزب ٱللِ هم ٱلغل ِب‬
‫ِكمۡ‬ ‫َۡ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ْ ۡ َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ٗ‬ ‫َّ َ ُ ْ َ ُ ۡ ُ ُ ٗ َ َ‬
‫ٰ‬
‫ٱتذوا دِينكم هزوا ولعِبا مِن ٱلِين أوتوا ٱلكِتب مِن قبل‬
‫َ َ َُۡۡ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ ُّ ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ ۡ ُ َّ َ َ ۡ َ ٓ َ َ َّ ُ ْ َّ‬
‫وٱلكفار أو ِلاء ۚ وٱتقوا ٱلل إِن كنتم مؤ ِمن ِني ‪ِ 57‬إَوذا ناديتم إِل‬
‫َّ َ ٰ َّ َ ُ َ ُ ُ ٗ َ َ ٗ َ ٰ َ َ َّ ُ ۡ َ ۡ ‪َ ُ ۡ َ َّ ٞ‬‬
‫ٱلصلوة ِ ٱتذوها هزوا ولعِبا ۚ ذل ِك بِأنهم قوم ل يعقِلون ‪. ﴾٥٨‬‬
‫(((‬

‫وك ۡم ف ّ‬ ‫َّ َ ۡ َ ٰ ُ ُ َّ ُ َ َّ َ َ ۡ ُ َ ٰ ُ ُ‬
‫ِين‬ ‫ِ‬ ‫ٱدل‬ ‫ِ‬ ‫ )‪(5‬وقال تعاىل‪﴿ :‬ل ينهىكم ٱلل ع ِن ٱلِين لم يقتِل‬
‫َ ٰ ُ ۡ َ َ َ ُّ ُ ۡ َ ُ ۡ ُ ٓ ْ َ ۡ ۡ َّ َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُۡ‬
‫ٱللَ‬ ‫َول ۡم ي ِر ُجوكم ّمِن دِي ِركم أن تبوهم وتقسِطوا إِل ِه ۚم إِن‬
‫َّ َ َ ۡ َ ٰ ُ ُ َّ ُ َ َّ َ َ ُ ُ‬ ‫ُ ُّ ۡ ۡ‬
‫ِين ق ٰ َتلوك ۡم ِف‬ ‫ني ‪ ٨‬إِنما ينهىكم ٱلل ع ِن ٱل‬ ‫سط َ‬
‫يِب ٱل ُمق ِ ِ‬
‫ك ۡم أَن تَ َول َّ ۡو ُهمۡ‬ ‫ُ‬
‫ج‬ ‫َ‬ ‫ّ َ َ ۡ َ ُ ُ ّ َ ٰ ُ ۡ َ َ ٰ َ ُ ْ َ َ ٰٓ ۡ‬
‫ۚ‬ ‫ِين وأخرج ُوكم مِن دِي ِركم وظهروا ع إِخرا ِ‬ ‫ٱدل ِ‬
‫َ‬ ‫َ ُ َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫َو َمن َي َت َول ُه ۡم فأ ْو ٰٓلئِك ه ُم ٱلظٰل ُِمون ‪.(((﴾٩‬‬
‫ِيم َو َّٱلِينَ‬ ‫ف إبۡ َرٰه َ‬ ‫ٓ‬ ‫َۡ َ َ ۡ َ ُ ۡ ُۡ ٌَ َ َ َ ‪ٞ‬‬
‫ )‪(6‬وقال سبحانه‪﴿ :‬قد كنت لكم أسوة حسنة ِ ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ ۡ َ َّ َ ۡ ُ ُ َ‬ ‫َ َ ُ ٓ ۡ َ ُ ْ َ ۡ ۡ َّ ُ َ ُ ْ‬
‫ون‬ ‫َ ِ‬ ‫د‬ ‫ِن‬‫م‬ ‫ون‬ ‫د‬ ‫ب‬‫ع‬ ‫ت‬ ‫ا‬ ‫ِم‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫ِنك‬ ‫م‬ ‫معهۥ إِذ قالوا ل ِقو ِم ِهم إِنا برَٰٓءؤا‬
‫ُ ۡ َ َ َ َ ۡ َ َ َ َ ۡ َ ُ ُ ۡ َ َٰ َ ُ َ ۡ َ ۡ َ ٓ ُ َ ً‬ ‫ََ َ‬ ‫َّ‬
‫ٱللِ كف ۡرنا بِكم وبدا بيننا وبينكم ٱلعدوة وٱلغضاء أبدا‬
‫َ َّ ٰ ُ ۡ ُ ْ َّ َ ۡ َ ُ ٓ َّ َ ۡ َ ۡ َ ٰ َ َ َ َ ۡ َ ۡ َ َّ َ َ‬
‫حت تؤمِنوا بِٱللِ وحدهۥ إِل قول إِبرهِيم ِلبِيهِ لستغفِرن لك‬
‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ٓ َ ۡ ُ َ َ َ َّ‬
‫وما أمل ِك لك مِن ٱللِ مِن شءٖۖ﴾ ‪.‬‬
‫(((‬

‫((( املائدة‪.58-54 :‬‬


‫(( ( املمتحنة‪.9-8 :‬‬
‫(( ( املمتحنة‪.4 :‬‬

‫‪76‬‬
‫ني بأَ َّن ل َ ُه ۡم َع َذابا ً أَ ِلما ً ‪َّ 138‬ٱلِينَ‬ ‫ )‪(7‬قال تعاىل‪﴿ :‬ب َ ّش ٱل ۡ ُم َنٰفق َ‬
‫ِِ‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ ِ‬
‫َ ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫ۡ‬
‫ين أ ۡو ِلَا ٓ َء مِن ُدون ٱل ُم ۡؤ ِمن َ‬ ‫َ َّ ُ َ ۡ َ‬
‫ِنده ُم‬ ‫ِنيۚ أيَ ۡب َتغون ع‬ ‫ِ‬
‫ك ٰ ِفر َ‬
‫خذون ٱل ۡ ِ‬ ‫يت ِ‬
‫ۡٱلع َّزةَ فَإ َّن ٱلع َّزةَ ِ َّلِ َج ٗ‬
‫ِيعا﴾(((‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬

‫قبسات نبوية‪:‬‬
‫َض‬ ‫أحب ِ‬
‫هلل‪ ،‬وأبغ َ‬ ‫َّ‬ ‫ )‪(1‬عن أيب أمامة أن النبي ‪ ‬قال‪َ (( :‬م ْن‬
‫هلل‪ ،‬فق َِد ْ‬
‫استك َم َل ‪ ‬اإلميانَ))(((‪.‬‬ ‫هلل‪ ،‬وأَ ْعطى ِ‬
‫هلل‪ ،‬وم َن َع ِ‬ ‫ِ‬
‫ )‪(2‬عن ابن عباس قال‪ :‬قال رسول هللا ‪ ‬أليب ذر‪(( :‬أي‬
‫ُع َرى اإلميانِ – أظنه قال – ُ‬
‫أوثق؟)) قال‪ :‬هللا ورسوله أعلم‪ ،‬قال‪:‬‬
‫غض يف ِ‬
‫هللا))(((‪.‬‬ ‫ب يف ِ‬
‫هللا وال ُب ُ‬ ‫ح ُّ‬ ‫هللا وامل ُعادا ُة يف ِ‬
‫هللا وال ً‬ ‫((املواال ُة يف ِ‬
‫ )‪(3‬عن أنس بن مالك ‪ ‬قال‪ :‬قال النبي ‪(( :‬ال يَ ِج ُد‬
‫هلل‪ ،‬وحتَّى أ ْن‬ ‫إل ِ‬ ‫ب امل َ ْر َء ال يُ ِح ُّب ُه َّ‬
‫حال َو َة اإلميانِ حتَّى يُ ِح َّ‬ ‫ح ٌد َ‬
‫أ َ‬
‫ك ْف ِر بَ ْع َد إ ْذ أنْ َق َذهُ‬‫ج َع إىل ال ُ‬ ‫ب إلَيْ ِه ِمن أ ْن يَ ْر ِ‬ ‫يُ ْقذ َ‬
‫َف يف ال َّنا ِر أ َ‬
‫ح ُّ‬
‫مم ِسوا ُهام))(((‪.‬‬
‫ب إلَ ْي ِه َّ‬ ‫هللا و َرسولُ ُه أ َ‬
‫ح َّ‬ ‫هللا‪ ،‬وحتَّى يَكو َن ُ‬
‫ُ‬
‫سمعت النبي ‪ ‬جهارا ً غري‬ ‫ُ‬ ‫ )‪(4‬عن عمرو بن العاص قال‪:‬‬
‫وصالِ ُح‬
‫هللا َ‬ ‫آل ِأب فُالنٍ لَ ْي ُسوا بأَ ْولِ َي ِ‬
‫ائ‪ ،‬إنَّ ا ولِ ِّي َي ُ‬ ‫ُول‪(( :‬إ َّن َ‬
‫رس يق ُ‬
‫بصلَ ِت َها(((‪.‬‬ ‫ك ْن له ْم َر ِح ٌم أبُلُّ َها ببَ َل َها)) يَ ْع ِني ِ‬
‫أصلُ َها ِ‬ ‫امل ُ ْؤ ِم ِن َ‬
‫ني‪ ،‬ولَ ِ‬

‫النساء‪.139-138 :‬‬ ‫(( (‬


‫أبو داود‪ ،6481 :‬وصححه األلباين يف صحيح الجامع‪.5965 :‬‬ ‫(( (‬
‫الطرباين يف الكبري‪ ،215/11 :‬وحسنه األلباين يف صحيح الجامع‪.5239 :‬‬ ‫(( (‬
‫البخاري‪ ،6041 :‬مسلم‪.43 :‬‬ ‫((( ‬
‫البخاري‪ ،5990 :‬مسلم‪.215 :‬‬ ‫((( ‬

‫‪77‬‬
‫ُش َك‬
‫ )‪(5‬عن سمرة ‪ ‬عن النبي ‪ ‬قال‪(( :‬من جام َع امل ْ ِ‬
‫ك َن م َع ُه فإنَّ ُه مثلُ ُه))(((‪.‬‬
‫وس َ‬
‫َ‬
‫ول هللا ‪(( :‬أنا‬ ‫رس ُ‬ ‫ )‪(6‬عن جرير بن عبد هللا قال‪ :‬قال ُ‬
‫رسول‬ ‫ني))‪ ،‬قالُوا‪ :‬يا ُ‬
‫رشك َ‬ ‫كل ُمسلِ ٍم يُقي ُم ب َ‬
‫ني أظ ُه ِر امل ُ ِ‬ ‫بَرِي ٌء ِمن ِّ‬
‫هللا‪ ،‬مل؟ قال‪(( :‬ال تراءى نارا ُهام))(((‪.‬‬
‫ )‪(7‬عن نوفل بن معاوية أن النبي ‪ ‬قال لنوفل‪(( :‬إذا أخذتَ‬
‫ْ ُ ۡ َ ٰٓ َ ُّ َ ۡ َ ٰ ُ َ‬
‫َمضج َع َك من الليلِ فاقْرأ‪﴿ :‬قل يأيها ٱلكفِرون ‪ ﴾1‬ث َّم نَ ْم‬
‫(((‬

‫الش ِك))(((‪.‬‬ ‫خاتَ ِتها فإنَّها بَراء ٌة من ِّ‬ ‫عىل ِ‬

‫أمثلة تطبيقية‪:‬‬
‫ول هللا‬ ‫رس ُ‬ ‫ )‪(1‬عن عائشة زوج النبي ‪ ‬أنها قالت‪ :‬خرج ُ‬
‫ج ٌل قد كان‬ ‫‪ ‬قبل بدر فلام كان بح َّرة الوبرة أدرك ُه ر ُ‬
‫رسول هللا ‪‬‬ ‫أصحاب ُ‬‫ُ‬ ‫يُذك ُر من ُه ُجرأ ٌة ونجدةٌ؛ ففرح‬
‫جئت‬
‫ُ‬ ‫لرسول هللا ‪:‬‬ ‫حني رأو ُه‪ ،‬فلام أدرك ُه قال ُ‬
‫ول هللا ‪(( :‬ت ُ ْؤ ِم ُن‬ ‫رس ُ‬ ‫ألتبعك وأُصيب معك‪ ،‬قال ل ُه ُ‬
‫ش ٍك))‪،‬‬ ‫ج ْع‪ ،‬فَلَ ْن أَ ْستَ ِع َ‬
‫ني مبُ ْ ِ‬ ‫هلل َو َرسولِ ِه؟))‪ ،‬قال‪ :‬ال‪ ،‬قال‪(( :‬فَا ْر ِ‬ ‫با ِ‬
‫ج ُل‪ ،‬فقال ل ُه كام‬ ‫قالت‪ :‬ث ُم مىض حتى إذا كُنا بالشجرة أدرك ُه الر ُ‬
‫قال أول مرة‪ ،‬فقال ل ُه النبي ‪ ‬كام قال أول مرة‪ ،‬قال‪:‬‬
‫ش ٍك))‪ ،‬قال‪ :‬ث ُم رجع فأدرك ُه بالبيداء‪،‬‬ ‫ج ْع‪ ،‬فَلَ ْن أَ ْستَ ِع َ‬
‫ني ُمب ْ ِ‬ ‫((فَا ْر ِ‬
‫أبو داود‪ ،2787 :‬وصححه األلباين يف صحيح أيب داود‪.2420 :‬‬ ‫(( (‬
‫أبُو دا ُود‪ ،2645 :‬والرتمذي‪ ،1604 :‬وحسنه األلباين يف صحيح الجامع‪.1461 :‬‬ ‫(( (‬
‫الكافرون‪.1 :‬‬ ‫(( (‬
‫أبو داود‪ ،5055 :‬والرتمذي‪ ،3403 :‬وصححه األلباين يف صحيح الجامع‪.292 :‬‬ ‫(( (‬

‫‪78‬‬
‫هلل َو َرسولِ ِه؟)) قال‪ :‬نعم‪،‬‬ ‫فقال ل ُه كام قال أول مرة‪(( :‬ت ُ ْؤ ِم ُن با ِ‬
‫ول هللا ‪(( :‬فَانْطَلِ ْق))(((‪.‬‬ ‫رس ُ‬
‫فقال ل ُه ُ‬
‫ )‪(2‬وروي عن سعد أنه قال‪« :‬كنت بارا ً بأمي فأسلمت‪ ،‬فقالت‪ :‬لتد َع َّن‬
‫عي يب‪ ،‬ويقال‪ :‬يا قاتل‬ ‫دينك‪ ،‬أو ال آكل وال أرشب حتى أموت فتُ َّ‬
‫أمه‪ ،‬وبقيت يوماً ويوماً فقلت‪ :‬يا أماه لو كانت لك مائة نفس‬
‫فخرجت نفساً نفساً ما تركت ديني هذا؛ فإن شئت فكيل وإن‬
‫اك‬ ‫ج ٰ َه َد َ‬
‫شئت فال تأكيل‪ ،‬فلام رأت ذلك أكلت» ونزلت‪ِ ﴿ :‬إَون َ‬
‫ُ ۡ‬
‫ش َك ِب ﴾((( اآلية(((‪.‬‬
‫ل ِت ِ‬
‫ )‪(3‬عن أيب موىس قال‪« :‬قلت لعمر ‪ ‬إن يل كاتباً نرصانياً قال‪:‬‬
‫َ َ ُّ َ َّ َ َ َ ُ ْ َ‬
‫﴿يأيها ٱلِين ءامنوا ل‬ ‫مال ََك‪ ،‬قاتلك هللا؟ أما سمعت هللا يقول‪ٰٓ :‬‬
‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َّ ُ ْ ۡ َ ُ َ َ َّ َ ٰ َ ٰٓ َ ۡ َ ٓ َ َ ۡ ُ ُ ۡ َ ۡ َ ٓ‬
‫ض﴾ أال‬ ‫(((‬
‫خذوا ٱلهود وٱنلصرى أو ِلاء ۘ بعضهم أو ِلاء بع ٖ ۚ‬ ‫تت ِ‬
‫اتخذت حنيفاً‪ ...‬قال‪ :‬قلت‪ :‬يا أمري املؤمنني يل كتابته وله دينه!‬
‫قال‪ :‬ال أكرمهم إذ أهانهم هللا‪ ،‬وال أعزهم إذ أذلهم هللا‪ ،‬وال أدنيهم‬
‫إذ أقصاهم هللا»(((‪.‬‬
‫ب ما كان من أمر أبيه ‪ -‬ملا قال‪:‬‬ ‫ )‪(4‬ملا بلغ عبد هللا بن عبد هللا بن أُ ّ ٍ‬
‫ليخرجن األعز منها األذل ‪ -‬أىت رسول هللا ‪ ‬فقال‪ :‬يا‬
‫رسول هللا إنه بلغني أنك تريد قتل عبدهللا بن أيب ملا بلغك عنه؛‬
‫فإن كنت فاعالً فمرين به فأنا أحمل إليك رأسه‪ ،‬فوهللا لقد علمت‬
‫مسلم‪.1817 :‬‬ ‫((( ‬
‫العنكبوت‪.8 :‬‬ ‫((( ‬
‫تفسري القرطبي‪ :‬ج‪ 13 :‬ص‪.341 :‬‬ ‫((( ‬
‫املائدة‪.51 :‬‬ ‫((( ‬
‫اقتضاء الرصاط املستقيم‪.50 :‬‬ ‫((( ‬

‫‪79‬‬
‫الخزرج ما كان بها رجل أبر بوالديه مني‪ ،‬وإين أخىش أن تأمر‬
‫به غريي فيقتله‪ ،‬فال تدعني نفيس أن أنظر إىل قاتل عبد هللا بن‬
‫أيب مييش يف الناس‪ ،‬فأقتله فأقتل مؤمنا بكافر فأدخل النار‪ ،‬فقال‬
‫رسول هللا ‪(( :‬بل نرفق به ونحسن صحبته ما بقي‬
‫معنا))(((‪.‬‬
‫ )‪(5‬روي أن أبا عبيدة ‪ ‬قتل أباه يوم أحد ‪ -‬وقيل يوم بدر ‪ ،-‬كان‬
‫أبوه يتصدى له‪ ،‬وهو يحيد عنه‪ ،‬فلام أكرث عليه قصده وقتله‪،‬‬
‫ٓ ُّ َ‬ ‫َ َّ ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َّ َ َ‬
‫ت ُد ق ۡو ٗما يُؤم ُِنون بِٱللِ َوٱلَ ۡو ِم ٱٓأۡلخ ِِر يُ َوادون‬ ‫فأنزل هللا قوله‪﴿ :‬ل ِ‬
‫ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ٓ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ٓ‬ ‫ْ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ٱلل َو َر ُس َ ُ‬
‫َم ۡن َحا ٓ َّد َّ َ‬
‫ولۥ َول ۡو كن ٓوا َءابَا َءه ۡم أ ۡو أ ۡب َنا َءه ۡم أ ۡو إِخ َوٰن ُه ۡم‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ۡ َ َ ََ‬
‫ُ‬ ‫ُُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َۡ َ ََُ ۡ َُْ َ َ‬
‫وح‬ ‫ٱليمن وأيدهم بِر ٖ‬ ‫ٰ‬ ‫أو عشِ ريته ۚم أو ٰٓلئِك كتب ِف قلوب ِ ِهم َ ِ‬
‫ض‬ ‫ِين ف َ‬
‫ِيها ۚ َر ِ َ‬ ‫تت ِ َها ۡٱلنۡ َه ٰ ُر َخ ٰ ِل َ‬‫َۡ‬
‫ت ت ِري مِن‬
‫ّ ۡ ُ َ ُ ۡ ُ ُ ۡ َ َّ ٰ َ ۡ‬
‫مِنهۖ ويدخِلهم جن ٖ‬
‫َّ ُ‬ ‫َّ َ ٓ َّ‬‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ْ َ‬ ‫َّ ُ َ‬
‫ٱلل ع ۡن ُه ۡم َو َرضوا ع ۡن ُ ۚه أ ْو ٰٓلئِك ح ِۡز ُب ٱللِۚ أل إِن ح ِۡز َب ٱللِ ه ُم‬
‫َ‬ ‫ۡ ۡ‬
‫ٱل ُمفل ُِحون ‪.(((ƞ(((﴾22‬‬

‫أقوال مضيئة‪:‬‬
‫ )‪(1‬عن ابن عمر ‪ ‬قال‪« :‬من بنى بأرض املرشكني فصنع نريوزهم‬
‫حرش معهم‬‫ومهرجانهم‪ ،‬وتشبه بهم حتى ميوت ‪ -‬وهو كذلك ‪ُ -‬‬
‫يوم القيامة»(((‪.‬‬

‫تفسري البغوي‪.349 /4 :‬‬ ‫(( (‬


‫املجادلة‪.22 :‬‬ ‫(( (‬
‫تفسري القرطبي‪.292/17 :‬‬ ‫((( ‬
‫اقتضاء الرصاط املستقيم‪ ،200 :‬وقال‪ :‬إسناده صحيح‪.‬‬ ‫((( ‬

‫‪80‬‬
‫ )‪(2‬قال عبد الرحمن بن حسن‪« :‬فتبني أن معنى الإله إال هللا توحيد‬
‫هللا بإخالص العبادة له‪ ،‬والرباءة من كل ما سواه‪ ،‬وذكر هللا‬
‫سبحانه أن هذه الرباءة وهذه املواالة هي شهادة أن ال إله إال‬
‫هللا»(((‪.‬‬
‫ )‪(3‬قال د‪ .‬عبد العزيز العبد اللطيف‪« :‬الناس يف ميزان الوالء والرباء‬
‫عىل ثالثة أصناف‪ :‬فأهل اإلميان والصالح يجب علينا أن نحبهم‬
‫ونواليهم‪ .‬وأهل الكفر والنفاق يجب بغضهم والرباءة منهم‪ ،‬وأما‬
‫أصحاب الشائبتني ممن خلطوا عمالً صالحاً وآخر سيئاً‪ ،‬فالواجب‬
‫أن نحبهم ونواليهم ملا معهم من إميان وتقوى وصالح‪ ،‬ويف الوقت‬
‫معاص وفجور‪ .‬وذلك‬ ‫ٍ‬ ‫نفسه نبغضهم ونعاديهم ملا تلبسوا به من‬
‫ألن الوالء والرباء من اإلميان‪ ،‬واإلميان عند أهل السنة ليس شيئاً‬
‫واحدا ًال يقبل التبعيض والتجزئة‪ ،‬فهو يتبعض ألنه شعب متعددة‬
‫كام جاء يف حديث الصحيحني يف شعب اإلميان‪(( :‬اإلميان بضع‬
‫وستون شعبة أعالها قول ال إله إال هللا وأدناها إماطة األذى عن‬
‫الطريق))‪ ،‬واألحاديث يف ذلك كثرية معلومة‪ ،‬فإذا تقرر أن‬
‫اإلميان شعب متعددة ويقبل التجزئة‪ ،‬فإنه ميكن اجتامع إميان‬
‫وكفر ‪ -‬غري ناقل عن امللة ‪ -‬يف الشخص الواحد‪ ،‬ودليله قوله‬
‫َ ُۡ ۡ َ ۡ ُ ْ‬ ‫َ ٓ ََ‬
‫ِني ٱق َت َتلوا‪ (((﴾ ..‬فأثبت هللا‬ ‫ان مِن ٱلمؤ ِمن‬ ‫تعاىل‪ِ﴿ :‬إَون طائِفت ِ‬
‫تعاىل لهم وصف اإلميان‪ ،‬مع أنهم متقاتلون‪ ،‬وقتال املسلم كفر‬
‫وق‪ ،‬و ِقتالُ ُه كُ ْف ٌر))‪ ،‬ويف‬
‫باب امل ُْسلِ ِم ف ُُس ٌ‬ ‫كام يف الحديث‪ِ :‬‬
‫((س ُ‬
‫((( فتح املجيد‪.79 :‬‬
‫(( ( الحجرات‪.9 :‬‬

‫‪81‬‬
‫ج ُعوا بَ ْع ِدي كُفَّارا ً‪،‬‬
‫الحديث اآلخر يقول ‪(( :‬ال تَ ْر ِ‬
‫ض))‪ ،‬فدل ذلك عىل اجتامع اإلميان‬ ‫َاب بَ ْع ٍ‬
‫ك ْم ِرق َ‬
‫ب بَ ْعضُ ُ‬
‫ض ُ‬
‫يَ ْ ِ‬
‫والكفر ‪ -‬األصغر ‪ -‬يف الشخص الواحد»(((‪.‬‬

‫مراجع ُم ِعينة‪:‬‬
‫ )‪(1‬جامع العلوم والحكم‪ ،‬البن رجب‪.‬‬
‫ )‪(2‬اقتضاء الرصاط املستقيم‪ ،‬البن تيمية‪.‬‬
‫ )‪(3‬الوالء والرباء‪ ،‬ملحمد سعيد القحطاين‪.‬‬
‫ )‪(4‬الوالء والرباء‪ ،‬لصالح الفوزان‪.‬‬

‫(( ( مجلة البيان‪ :‬عدد ‪.51‬‬

‫‪82‬‬
‫تعظيم الحرمات‬
‫الحرمات‪ :‬هي حدود هللا تعاىل وحرماته وشعائره‪.‬‬
‫واملراد بها‪ :‬رشع هللا تعاىل ‪-‬أي‪ :‬أوامره ونواهيه‪ ،-‬وما ارتبط به من‬
‫مكان أو زمان أو أشخاص أو غري ذلك‪.‬‬
‫وتعظيمها يكون بإجاللها بالقلب ومحبتها‪ ،‬وتكميل العبودية فيها‬
‫عملياً‪.‬‬

‫عناصر مقترحة‪:‬‬
‫ )‪(1‬منزلة أعامل القلوب من الدين‪.‬‬
‫ )‪(2‬التعريف بالحرمات‪.‬‬
‫ )‪(3‬درجات الحرمات‪.‬‬
‫ )‪(4‬معنى التعظيم‪.‬‬
‫ )‪(5‬درجات التعظيم‪.‬‬
‫ )‪(6‬بواعث التعظيم (معرفة هللا‪ ،‬محبته ومحبة رشعه‪ ،‬تعظيمه‬
‫تعاىل‪.)...‬‬
‫ )‪(7‬دالالت التعظيم (التقوى‪ ،‬حسن الفهم‪ ،‬الرغبة يف الخري‪.)...‬‬
‫ )‪(8‬مثرات التعظيم (الرفعة يف الدارين‪ ،‬تأييد هللا ونرصته‪.)...‬‬
‫ )‪(9‬موانع التعظيم (ضعف املراقبة‪ ،‬نقص املحبة‪ ،‬قلة الخوف‪ ،‬تعظيم‬
‫النفس‪ ،‬قلة الحياء‪.)...‬‬
‫ )‪(10‬من أخبار املتقني يف تعظيم الحرمات‪.‬‬

‫‪83‬‬
‫ )‪(11‬وسائل تحقيق التعظيم (إحياء معرفة هللا وعظمته يف القلب‪،‬‬
‫التفكر يف مخلوقاته ونعمه‪ ،‬الخشوع يف العبادة‪ ،‬التأدب يف‬
‫العبادة وما يتصل بها من زمان أو مكان أو صفة‪ ،‬تقدير العلامء‬
‫والدعاة والصالحني‪ ،‬تجنب املزاح فيام يتصل بيشء من ذلك‪)..‬‬

‫هدايات قرآنية‪:‬‬
‫ِند َر ّبِهِۗۦ‬ ‫ٱللِ َف ُه َو َخ ۡي‪ُ َّ ٞ‬لۥ ع َ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ َ َّ ُ َ‬
‫ت‬‫ )‪(1‬قال تعاىل‪﴿ :‬ذٰل ِك ۖ َومن ُيع ِظ ۡم ح ُرم ٰ ِ‬
‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ّ‬ ‫َ ُ َّ ۡ َ ُ ُ ۡ َ ۡ َ ُ َّ َ ُ ۡ َ َ َ ۡ ُ ۡ َ ۡ َ ُ ْ‬
‫ٱلرجس‬ ‫ل عليكمۖ فٱجتنِبوا ِ‬ ‫وأحِلت لكم ٱلنعٰم إِل ما يت ٰ‬
‫ي ُم ۡشك ِنيَ‬ ‫ٱلزور ‪ُ ٣٠‬ح َن َفا ٓ َء ِ َّلِ َغ ۡ َ‬ ‫ٱج َتن ِ ُبوا ْ قَ ۡو َل ُّ‬ ‫م َِن ۡٱلَ ۡو َثٰن َو ۡ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ي أَوۡ‬ ‫ٱلط ۡ ُ‬ ‫ٱلس َمآءِ َف َت ۡخ َط ُف ُه َّ‬ ‫ك َأ َّن َما َخ َّر م َِن َّ‬ ‫َ َ ُ ۡ ۡ َّ َ َ‬
‫شك بِٱللِ ف‬ ‫بِهِۚۦ ومن ي ِ‬
‫َّ‬ ‫يق ‪ ٣١‬ذٰل َِك ۖ َو َمن ُي َع ّ ِظ ۡم َش َ ٰٓ‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َت ۡهوي بهِ ّ‬
‫عئ ِ َر ٱللِ‬ ‫ح ٖ‬ ‫يح ِف مك ٖن َس ِ‬ ‫ٱلر ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ َ‬
‫وب ‪.(((﴾٣٢‬‬ ‫فإِنها مِن تقوى ٱلقل ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َّ‬ ‫َ ۡ َ‬
‫﴿وت ِلك ُح ُدود ٱللِ يُبَ ّي ِ ُن َها ل ِق ۡو ٖم َي ۡعل ُمون ‪.(((﴾230‬‬ ‫ )‪(2‬وقال سبحانه‪:‬‬
‫ي َّ ُ‬ ‫َ‬
‫وهاۗ كذٰل َِك يُبَ ّ ُ‬ ‫َ‬ ‫َُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َّ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬
‫ٱلل‬ ‫ِ‬ ‫ )‪(3‬وقال ‪﴿ :‬ت ِلك ُح ُدود ٱللِ فل تقرب‬
‫ُ َ‬ ‫َ َّ‬ ‫َ‬
‫اس ل َعل ُه ۡم َي َّتقون ‪.(((﴾187‬‬ ‫َءايٰتِهِۦ ل َِّلن ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َّ َ َ َ‬ ‫ۡ َ‬
‫ )‪(4‬وقال تعاىل‪﴿ :‬ت ِلك ُح ُدود ٱللِ فل ت ۡع َت ُدوها ۚ َو َمن َي َت َع َّد ُح ُدود‬
‫َّ َ ُ ْ َ ٰٓ َ ُ ُ َّ ٰ ُ َ‬
‫ٱللِ فأولئِك هم ٱلظل ِمون ‪. ﴾229‬‬
‫(((‬
‫َّ َ َ َ ُ َ ُ ُ ۡ ُۡ‬ ‫ُ َّ‬ ‫ۡ َ‬
‫ )‪(5‬وقال تعاىل‪﴿ :‬ت ِلك ُح ُدود ٱللِۚ َو َمن يُ ِطعِ ٱلل ورسولۥ يدخِله‬
‫ِيها ۚ َو َذٰل َِك ۡٱل َف ۡو ُز ۡٱل َع ِظيمُ‬ ‫ِين ف َ‬ ‫تت ِ َها ۡٱلَنۡ َه ٰ ُر َخ ٰ ِل َ‬ ‫َۡ‬
‫ت ت ِري مِن‬
‫َ َّ ٰ َ ۡ‬
‫جن ٖ‬
‫الحج‪.32-30 :‬‬ ‫((( ‬
‫البقرة‪.230 :‬‬ ‫((( ‬
‫البقرة‪.187 :‬‬ ‫((( ‬
‫البقرة‪.229 :‬‬ ‫((( ‬

‫‪84‬‬
‫ۡ َ ً َ‬ ‫َ‬ ‫ٱلل َو َر ُس َ ُ‬
‫ولۥ َو َي َت َع َّد ُح ُدودهُۥ يُ ۡدخِل ُه نارا خ ٰ ِ ٗلا‬ ‫‪َ 13‬و َمن َي ۡع ِص َّ َ‬
‫اب ُّمه ‪ٞ‬‬ ‫ِيها َو َ ُلۥ َع َذ ‪ٞ‬‬
‫ف َ‬
‫ني ‪.(((﴾١٤‬‬ ‫ِ‬

‫قبسات نبوية‪:‬‬
‫ )‪(1‬عن ابن مسعود ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول هللا ‪(( :‬إ َّن‬
‫إل وقَ ْد َعلِ َم أنه َس َيطَّلِ ُع َها ِم ْن ُ‬
‫ك ْم ُمطَّلِ ٌع‬ ‫ح ْر َم ًة َّ‬
‫ح ِّر ْم ُ‬‫هللا ‪ ‬مل يُ َ‬‫َ‬
‫اش أ ِو‬ ‫ُت ال َف َر ِ‬‫ج ِزكُ ْم أن تَ َهافَتُوا يف النا ِر كتَ َهاف ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫أل وإين ِ‬
‫آخ ٌذ ِب ُ‬ ‫َ‬
‫ُّباب))(((‪.‬‬
‫الذ ِ‬
‫ )‪(2‬عن بريدة ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول هللا ‪(( :‬قَتْ ُل املؤ ِمنِ‬
‫هللا من َز َوا ِل الدنْيا»(((‪.‬‬ ‫أ ْعظَ ُم عند ِ‬
‫ )‪(3‬عن ثوبان ‪ ‬عن النبي ‪ ‬أنه قال‪(( :‬ألَ ْعلَم َّن أقواماً‬
‫ات أمثا ِل جبال تِها َم َة بِيضاً‪،‬‬ ‫ح َس َن ٍ‬‫ِم ْن أ َّمتي يأتو َن يو َم ال ِقيا َم ِة ِب َ‬
‫فيج َعلُها هللا ‪َ ‬هبا ًء َم ْنثورا ً هبا ًء))‪ ،‬قال ثوبان‪ :‬يا رسول هللا‬
‫صفهم لنا‪ ،‬جلِّهم لنا؛ أن ال نكون منهم ونحن ال نعلم‪ ،‬قال‪(( :‬أ َما‬
‫جلْ َدتِكم‪ ،‬ويأخذون ِمن الل ْيلِ كام تأخذونَ‪،‬‬ ‫خوانكم‪ ،‬و ِم ْن ِ‬ ‫إنَّهم إ ْ‬
‫خلَ ْوا بِ حارِم هللا انْتَهكُوها))(((‪.‬‬ ‫ولك َّنهم قو ٌم إذا َ‬
‫هللا يَغَا ُر‪،‬‬
‫ )‪(4‬عن أيب هريرة ‪ ‬عن النبي ‪ ‬قال‪(( :‬إ َّن َ‬
‫هللا أَ ْن يَأْ ِتَ امل ُ ْؤ ِم ُن ما َ‬
‫ح َّر َم عليه))(((‪.‬‬ ‫وإ َّن امل ُ ْؤ ِم َن يَغَا ُر‪َ ،‬وغ ْ َ‬
‫َي ُة ِ‬
‫النساء‪.14-13 :‬‬ ‫(( (‬
‫أحمد‪ ،3696 :‬وصحح إسناده أحمد شاكر‪.63/5 :‬‬ ‫(( (‬
‫النسايئ‪ ،3990 :‬وصححه األلباين يف صحيح الجامع‪.4316 :‬‬ ‫((( ‬
‫ابن ماجه‪ ،4235 :‬وصححه األلباين يف صحيح الجامع‪.5028 :‬‬ ‫((( ‬
‫البخاري‪ ،5223 :‬مسلم‪.2761 :‬‬ ‫((( ‬

‫‪85‬‬
‫ )‪(5‬عن جابر وأيب طلحة ‪ ‬قاال‪ :‬قال رسول هللا ‪:‬‬
‫هك فيه‬ ‫سلم يخذ ُُل امرأً مسلامً يف موضعٍ ت ُنتَ ُ‬‫((ما من امرئٍ ُم ٍ‬
‫ب‬‫هللا يف موطنٍ يُ ِح ُّ‬‫رضه إلَّ خذله ُ‬ ‫َص فيه من ِع ِ‬ ‫حرمتُه‪ ،‬ويُنتق ُ‬
‫قص فيه‬ ‫ينص مسلامً يف موضعٍ يُنتَ ُ‬‫سلم ُ ُ‬ ‫فيه نُرصتَه وما من امرئٍ ُم ٍ‬
‫حب‬ ‫هللا يف موطنٍ يُ ُّ‬‫إل نرصه ُ‬ ‫حرم ِته َّ‬‫رضه‪ ،‬ويُنت َه ُك فيه من ُ‬‫من ِع ِ‬
‫فيه نُرصتَه))(((‪.‬‬

‫أمثلة تطبيقية‪:‬‬
‫ )‪(1‬عن عائشة ‪ ‬أن قريشاً أهمهم شأن املرأة التي رسقت يف‬
‫عهد النبي ‪ ‬يف غزوة الفتح‪ ،‬فقالوا‪ :‬من يكلم فيها‬
‫رسول هللا ‪‬؟ فقالوا‪ :‬ومن يجرتئ عليه إال أسامة بن‬
‫زيد حب رسول هللا ‪‬؟ فأيت بها رسول هللا ‪،‬‬
‫فكلمه فيها أسامة بن زيد‪ ،‬فتلَّون وجه رسول هللا ‪‬‬
‫هللا؟)) فقال أسامة‪ :‬استغفر يل‬ ‫ح ُدو ِد ِ‬ ‫فقال‪(( :‬أَتَشْ َف ُع يف َ‬
‫ح ٍّد ِمن ُ‬
‫يا رسول هللا‪ (((...‬فغضب النبي ‪ ‬كان بسبب طلب‬
‫ح ُرماته‪.‬‬
‫التنازل عن ح ٍّد من حدود هللا‪ .‬وحدوده من ُ‬
‫ )‪(2‬عن عائشة ‪ ‬قالت‪« :‬وهللا ما انتقم لنفسه يف يشء يؤىت إليه‬
‫قط‪ ،‬حتى تنتهك حرمات هللا فينتقم هلل»(((‪.‬‬

‫(( ( أحمد‪ ،15933 :‬وأبو داود‪ ،4884 :‬واللفظ له‪ ،‬وحسنه األلباين يف صحيح الجامع‪:‬‬
‫‪.5690‬‬
‫((( البخاري‪ ،3733 :‬ومسلم‪ ،1688 :‬واللفظ له‪.‬‬
‫((( البخاري‪ ،6786 :‬ومسلم‪.2327 :‬‬

‫‪86‬‬
‫أقوال مضيئة‪:‬‬
‫ )‪(1‬قال ابن القيم‪« :‬روح العبادة هو اإلجالل واملحبة‪ ،‬فإذا تخىل‬
‫أحدهام عن اآلخر فسدت»((( واإلجالل‪ :‬التعظيم‪.‬‬
‫وقال أيضاً‪« :‬وأي دينٍ ‪ ،‬وأي خريٍ‪ ،‬فيمن يرى محارم هللا تنتهك‪،‬‬
‫وحدوده تُضاع‪ ،‬ودينه يُرتك‪ ،‬وسنة رسول هللا ‪ ‬يرغب‬
‫عنها‪ ،‬وهو بارد القلب‪ ،‬ساكت اللسان‪ ،‬شيطان أخرس؟! ‪-‬كام أن‬
‫املتكلم بالباطل شيطان ناطق ‪ ،-‬وهل بلية الدين إال من هؤالء الذين‬
‫إذا سلمت لهم مآكلهم ورياساتهم فال مباالة مبا جرى عىل الدين؟‬
‫وخيارهم‪ :‬املتحزن املتلمظ‪ ،‬ولو نوزع يف بعض ما فيه غضاضة‬
‫عليه يف جاهه أو ماله بذل وتبذل‪ ،‬وجد واجتهد‪ ،‬واستعمل مراتب‬
‫اإلنكار الثالثة بحسب وسعه‪ ،‬وهؤالء ‪ -‬مع سقوطهم من عني هللا‬
‫ومقت هللا لهم ‪ -‬قد بلوا يف الدنيا بأعظم بلية تكون وهم ال يشعرون‪،‬‬
‫وهو موت القلوب؛ فإن القلب كلام كانت حياته أتم كان غضبه هلل‬
‫ورسوله أقوى‪ ،‬وانتصاره للدين أكمل»(((‪.‬‬
‫ )‪(2‬قال بعض السلف‪« :‬ما انتهك املرء من أخيه أعظم من أن يساعده‬
‫عىل معصية ثم يهونها عليه»(((‪.‬‬
‫ )‪(3‬قال ابن الجوزي‪ :‬بقدر إجالل العبد له يجله ‪ ‬وبقدر تعظيمه‬
‫قدره واحرتامه يعظم قدر العبد وحرمته‪ ،‬وكم من رجل أنفق‬
‫عمره يف العلم حتى كربت سنه‪ ،‬ثم تعدى حدود هللا فهان عند‬
‫((( املدارج‪.495/2 :‬‬
‫((( إعالم املوقعني‪.121/2 :‬‬
‫((( إحياء علوم الدين‪.33/4 :‬‬

‫‪87‬‬
‫الخلق‪ ،‬ومل يلتفوا إليه مع غزارة علمه وقوة مجاهدته‪ .‬وأما من‬
‫راقب هللا ‪ ‬يف صبوته فقد يكون قارص الباع بالنسبة للصنف‬
‫األول‪ ،‬ومع ذلك عظَّم هللا قدره يف القلوب حتى علقته النفوس‪،‬‬
‫ووصفته مبا يزيد عىل مافيه من الخري(((‪..‬‬
‫ )‪(4‬قال ابن القيم‪ :‬تعظيم الحرمات عىل درجات ثالث‪:‬‬
‫الدرجة األوىل‪ :‬تعظيم األمر والنهي‪...‬‬
‫خص الذي مينع‬ ‫وهناك أمور تنايف تعظيم األمر والنهي‪ :‬أحدها‪ :‬الرت ُّ‬
‫صاحبه عن كامل االمتثال‪ .‬الثاين‪ :‬الغلو الذي يتجاوز بصاحبه حدود‬
‫األمر والنهي‪ ،‬فاألول تفريط والثاين إفراط‪.‬‬
‫ومن األمور التي تؤدي إىل عدم تعظيم األمر والنهي‪ :‬تأويل األمر‬
‫والنهي بعلة تعود عليهام باإلبطال‪ ،‬كام تأول بعضهم تحريم الخمر‬
‫بأنه معلل بإيقاع العداوة والبغضاء والتعرض للفساد‪ ،‬فإذا أمن من‬
‫املخدور جاز رشبه!‬
‫الدرجة الثانية‪ :‬تعظيم الحكم الكوين القدري بأال يطلب له عوجاً‪،‬‬
‫أو يرى فيه عوجاً‪ ،‬بل يراه كله مستقيامً؛ ألنه صادر عن عني الحكمة‬
‫فال عوج فيه‪ ،‬ومن كامل التعظيم أن ال يرىض العبد بعوض يطلبه‬
‫بعمله وإن طلب ثواب هللا وجزاء عمله‪.‬‬
‫الدرجة الثالثة‪ :‬تعظيم الحق سبحانه وهو أن ال يجعل دونه سبباً‬
‫وال يرى عليه حقاً‪ ،‬أو ينازع له اختيارا ً‪ ..‬فيتيقن املسلم من أن الذي‬
‫يوصله إىل هللا هو هللا‪ ،‬وال يتوصل إىل رضاه إال به‪ ...‬ويعني هذا‬

‫((( صيد الخاطر‪ 194 :‬بترصف‪.‬‬

‫‪88‬‬
‫أن ال ينازع املسلم اختيار هللا بل يرىض مبا اختاره له‪ ،‬فإن ذلك من‬
‫تعظيم هللا‪ ،‬ومن تعظيم حرمات هللا(((‪..‬‬

‫مراجع ُم ِعينة‪:‬‬
‫ )‪(1‬مدارج السالكني‪ ،‬البن القيم‪.‬‬
‫ )‪(2‬دليل الفالحني‪ ،‬البن عالن‪.‬‬

‫(( ( مدارج السالكني‪ 523-516/2 :‬بترصف‪.‬‬

‫‪89‬‬
‫التوكل‬
‫هو اعتامد القلب عىل هللا ‪ ‬يف جلب املنافع ودفع املضار‪ ،‬من‬
‫أمور الدنيا واآلخرة‪ ،‬مع بذل األسباب دون االعتامد عليها‪.‬‬
‫ومصدر التوكل‪ :‬يقني املؤمن مبلك هللا تعاىل لهذا الكون‪ ،‬وكامل‬
‫علمه وإحاطته وقدرته‪ ،‬وعظمة تدبريه وترصيفه ألمر خلقه‪ ،‬وحسن‬
‫اختياره لعبده‪.‬‬
‫ومن هنا كان التوكل زاد املؤمن‪ ،‬ورس قوته وثباته؛ إذ أوكل أمره‬
‫إىل خالقه‪.‬‬

‫عناصر مقترحة‪:‬‬
‫ )‪(1‬متهيد‪:‬‬
‫ ‪ .‬أهللا سبحانه مدبر األمر كله‪...‬‬
‫ ‪.‬باإلنسان مخلوق للعمل‪ ،‬وهللا يتوىل النتائج‪.‬‬
‫ )‪(2‬منزلة التوكل من اإلميان‪.‬‬
‫ )‪(3‬حقيقة التوكل‪.‬‬
‫ )‪(4‬مجاالت التوكل (يف أمور الدين‪ ،‬الرزق‪ ،‬الحامية‪ ،‬النرص‪.)..‬‬
‫ )‪(5‬أحوال الناس يف التوكل‪:‬‬
‫ ‪ .‬أمن الناس من عطل األسباب‪.‬‬
‫ ‪.‬بمنهم من اعتمد عليها دون مسببها سبحانه‪.‬‬
‫ ‪.‬جمنهم من استعان باألسباب عىل املعايص‪.‬‬

‫‪90‬‬
‫ ‪ .‬دمنهم من جمع بني فعل السبب واالعتامد عىل املسبب تعاىل‪،‬‬
‫وهم املتوكلون حقيقة‪.‬‬
‫ )‪(6‬بواعث التوكل‪( :‬معرفة الخالق‪ ،‬تجريد التوحيد وقوة اإلميان‪،‬‬
‫الثقة باهلل‪ ،‬فهم اإلنسان لغاية خلقه ورسالته يف الحياة‪ ،‬معرفته‬
‫لنفسه وإدراكه لضعفه وعجزه‪.)..‬‬
‫ )‪(7‬مثار التوكل‪.‬‬
‫ )‪(8‬أمور تضعف التوكل‪( :‬الجزع والهلع‪ ،‬اإللحاف يف سؤال الناس‪،‬‬
‫أكل الحرام‪.)..‬‬
‫ )‪(9‬التوكل عىل غري هللا ‪.‬‬
‫ )‪(10‬كيف نحقق التوكل؟ (تقوية اإلميان والتعلق باهلل تعاىل‪ ،‬النظر‬
‫يف ملكوته وآثار قدرته‪ ،‬فعل األسباب املمكنة وعدم إشغال‬
‫القلب بها‪ ،‬العناية بالدعاء والترضع يف تحقيق املطالب‪ ،‬الثقة‬
‫يف أن هللا تكفل بأرزاق عباده وكفايتهم‪ ،‬وأنه يقدر لعباده الخري‪،‬‬
‫وأن الدعاء إذا تحققت رشوطه وانتفت موانعه ال يضيع يف الدنيا‬
‫واآلخرة‪ ،‬الصرب عىل أقدار هللا واالطمئنان لها والرضا بها‪.)..‬‬
‫هدايات قرآنية‪:‬‬
‫نتم ُّم ۡؤ ِمن َ‬ ‫َ َ َ َّ‬
‫ٱللِ َف َت َو َّكُ ٓوا ْ إن ُك ُ‬
‫ِني ‪.(((﴾23‬‬ ‫ِ‬ ‫ )‪(1‬قال تعاىل‪﴿ :‬وع‬
‫ۡ‬ ‫ۡ‬
‫ك َع َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ َّ َّ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َّ‬
‫ني ‪.(((﴾79‬‬ ‫ٱل ّ ِق ٱل ُمب‬ ‫ )‪(2‬وقال تعاىل‪﴿ :‬فتوك ع ٱلل إن‬
‫ِ‬
‫َ ُ ۡ َ ُ ۡ َۡ‬ ‫ِ‬ ‫َ َّ َ ۡ ُ ِۖ َّ ِ َ َ َ ۡ َ‬
‫ِإَولهِ يرجع ٱلم ُر‬
‫ۡرض ۡ‬ ‫ت وٱل ِ‬ ‫ )‪(3‬وقال تعاىل‪﴿ :‬و ِلِ غيب ٱلسمٰو ٰ ِ‬
‫َ َّ ۡ َ َ‬ ‫ُ ُّ َ ۡ‬
‫ك ُهۥ فٱع ُب ۡدهُ َوت َوك عل ۡي ۚهِ﴾(((‪.‬‬
‫((( املائدة‪.23 :‬‬
‫(( ( النمل‪.79 :‬‬
‫((( هود‪.123 :‬‬

‫‪91‬‬
‫ني ‪.(((﴾5‬‬ ‫اك ن َ ۡس َتع ُ‬‫اك َن ۡع ُب ُد ِإَويَّ َ‬‫ )‪(4‬وقال تعاىل‪﴿ :‬إيَّ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫﴿ومن َيت َوك ع ٱللِ ف ُه َو حس ُبه ۚ ٓۥ﴾(((‪.‬‬ ‫ )‪(5‬ويقول ‪َ :‬‬
‫ٱلل ُيِبُّ‬ ‫ٱللِ إ َّن َّ َ‬ ‫َ َ َ َ ۡ َ َ َ َ َّ ۡ َ َ َّ‬
‫ۚ ِ‬ ‫ )‪(6‬وقال سبحانه‪﴿ :‬فإِذا عزمت فتوك ع‬
‫ِني‪.(((﴾159‬‬‫ٱل ۡ ُم َت َو ّ ِك َ‬
‫َّ َ َ َ َ‬
‫ِين قال ل ُه ُم‬ ‫ )‪(7‬وقال عن أصحاب نبيه ‪-‬رضوان هللا عليهم‪﴿ :-‬ٱل‬
‫َّ ُ َّ َّ َ َ ۡ َ َ ُ ْ َ ُ ۡ َ ۡ َ ۡ ُ ۡ َ َ َ ُ ۡ َ ٗ َ َ ُ ْ‬
‫ٱنلاس إِن ٱنلاس قد جعوا لكم فٱخشوهم فزادهم إِيمٰنا وقالوا‬
‫ۡ ُ‬ ‫َح ۡسبُ َنا َّ ُ‬
‫ٱلل َون ِۡع َم ٱل َوك ِيل‪.(((﴾173‬‬
‫ع َر ّب ِ ِه ۡم‬‫ِين َء َام ُنوا ْ َو َ َ ٰ‬
‫ع َّٱل َ‬ ‫َّ ُ َ ۡ َ َ ُ ُ ۡ َ ٌ َ َ‬
‫ )‪(8‬وقال‪﴿ :‬إِنهۥ ليس لۥ سلطٰن‬
‫َّ ُ َ‬
‫َي َت َوكون‪.(((﴾99‬‬

‫قبسات نبوية‪:‬‬
‫ )‪(1‬يف حديث السبعني ألفاً الذين يدخلون الجنة بغري حساب‪،‬‬
‫َيونَ‪،‬‬
‫ول يَتَط َّ ُ‬ ‫وصفهم ‪ ‬بأنهم‪(( :‬ال َِّذي َن ال يَ ْس َ ْ‬
‫تقُونَ‪َ ،‬‬
‫وعل َربِّ ِه ْم يَتَ َوكَّلُونَ))(((‪.‬‬
‫كتَ ُوونَ‪َ ،‬‬
‫ول يَ ْ‬
‫َ‬
‫ )‪(2‬عن عمر بن الخطاب ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول هللا ‪:‬‬
‫حق تَوكُّلِه‪ ،‬ل َر َزقَكم كام يَرز ُُق‬ ‫هللا َّ‬ ‫((لو أنَّكم تَتوكَّلو َن عىل ِ‬
‫َروح بِطاناً))(((‪.‬‬‫ري‪ ،‬تَغدو ِخامصاً‪ ،‬وت ُ‬ ‫الطَّ َ‬
‫الفاتحة‪.5 :‬‬ ‫(( (‬
‫الطالق‪.3 :‬‬ ‫(( (‬
‫آل عمران‪.159 :‬‬ ‫(( (‬
‫آل عمران‪.173 :‬‬ ‫(( (‬
‫النحل‪.99 :‬‬ ‫((( ‬
‫البخاري‪ ،5752 :‬مسلم‪.220 :‬‬ ‫((( ‬
‫الرتمذي‪ ،2344 :‬وابن ماجه‪ ،4164 :‬وصححه األلباين يف صحيح الجامع‪.5254 :‬‬ ‫(( (‬

‫‪92‬‬
‫ )‪(3‬عن أنس ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول هللا ‪(( :‬إذا خرج‬
‫هللا‪ ،‬ال َ‬
‫حول وال قُ َّو َة‬ ‫َّلت عىل ِ‬ ‫هللا‪ ،‬توك ُ‬ ‫الرجل من بي ِته فقال ‪ِ :‬‬
‫بسم ِ‬ ‫ُ‬
‫حى‬ ‫ُفيت و ُو ِق َ‬
‫يت‪ .‬فيتن َّ‬ ‫يت وك َ‬ ‫فيقال له ‪ :‬حس ُب َك‪ ،‬قد ُه ِد َ‬
‫ُ‬ ‫إال با ِ‬
‫هلل‪،‬‬
‫له الشيطانُ‪ ،‬فيقول له شيطا ٌن آخ ُر ‪ :‬كيف لك برجلٍ قد ُه ِد َي‬
‫وكُ ِف َي و ُو ِق َي؟))(((‪.‬‬
‫ )‪(4‬عن ابن عباس ‪ ‬قال‪« :‬حسبنا هللا ونعم الوكيل‪ ،‬قالها‬
‫إبراهيم ‪ ‬حني ألقي يف النار‪ ،‬وقالها محمد ‪‬‬
‫حني قالوا له‪ :‬إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم‪ ،‬فزادهم إمياناً‬
‫وقالوا حسبنا هللا ونعم الوكيل»(((‪.‬‬
‫ )‪(5‬عن أنس بن مالك ‪ ‬قال‪ :‬قال رجل‪ :‬يا رسول هللا‪ ،‬أَعقلُها‬
‫وأتوكل أو أُطْلِقُها وأتوكل؟ قال‪(( :‬ا ْع ِقلْ َها وتَ َوك َّْل))(((‪.‬‬
‫أمثلة تطبيقية‪:‬‬
‫ )‪(1‬عن جابر ‪ ‬قال‪ :‬كنا مع رسول هللا ‪ ‬بذات الرقاع‪،‬‬
‫فإذا أتينا عىل شجرة ظليلة تركناها لرسول هللا ‪ ،‬فجاء‬
‫رجل من املرشكني وسيف رسول هللا معلق بالشجرة‪ ،‬فاخرتطه‬
‫فقال‪ :‬تخافني؟ قال‪(( :‬ال))‪ ،‬قال‪ :‬فمن مينعك مني؟ قال‪(( :‬هللا))(((‪.‬‬
‫ )‪(2‬عن أيب بكر ‪ ‬قال‪ :‬قلت للنبي ‪ ‬وأنا يف الغار‪ :‬لو‬
‫أن أحدهم نظر تحت قدميه ألبرصنا؛ فقال‪(( :‬ما ظَ ُّن َك يا أبَا بَ ْ‬
‫ك ٍر‬
‫هللا ث َالِثُ ُه َم))(((‪.‬‬
‫ي ُ‬ ‫باث ْ َن ْ ِ‬
‫أبو داود‪ ،5095 :‬والرتمذي‪ ،2426 :‬وصححه األلباين يف صحيح الجامع‪.499 :‬‬ ‫(( (‬
‫البخاري‪.4563 :‬‬ ‫((( ‬
‫الرتمذي‪ ،2517 :‬وحسنه األلباين يف صحيح الجامع‪.1068 :‬‬ ‫(( (‬
‫البخاري‪ ،4137 :‬مسلم‪.840 :‬‬ ‫((( ‬
‫البخاري‪ ،3653 :‬مسلم ‪.2381‬‬ ‫((( ‬

‫‪93‬‬
‫ )‪(3‬قال ابن القيم يف وصف توكله ‪« :‬وقد ظَا َهر بني‬
‫درعني يوم أحد‪ ،‬ومل يحرض الصف قط عرياناً‪ ...‬وكان ي َّدخر‬
‫ألهله قوت سنة‪ ،‬وهو سيد املتوكلني‪ ،‬وكان إذا سافر يف جهاد‬
‫أو حج أو عمرة حمل الزاد واملزاد وجميع أصحابه هم أولو‬
‫التوكل ‪ ‬حقاً»(((‪.‬‬
‫ )‪(4‬عن ابن عباس ‪ ‬قال‪« :‬كان أهل اليمن يحجون وال‬
‫يتزودون‪ ،‬ويقولون‪ :‬نحن املتوكلون‪ ،‬فإذا قدموا مكة سألوا‬
‫ٱتل ۡق َو ٰ‬
‫ىۖ﴾(((‪.(((翿‬‬ ‫ٱلزادِ َّ‬
‫ي َّ‬‫الناس‪ ،‬فأنزل هللا‪َ ﴿ :‬وتَ َز َّو ُدوا ْ فَإ َّن َخ ۡ َ‬
‫ِ‬

‫أقوال مضيئة‪:‬‬
‫ )‪(1‬قال اإلمام أحمد‪« :‬صدق التوكل عىل هللا ‪ ‬أن يتوكل عىل هللا‬
‫وال يكون يف قلبه أحد من اآلدميني يطمع أن يجيئه بيشء‪ ،‬فإذا‬
‫كان كذلك كان هللا يرزقه‪ ،‬وكان متوكالً»(((‪.‬‬
‫ )‪(2‬قيل لحاتم األصم‪ :‬عىل ما بنيت أمرك يف التوكل؟ قال‪« :‬عىل‬
‫خصال أربعة‪ :‬علمت أن رزقي ال يأكله غريي فاطأمنت به‬
‫نفيس‪ ،‬وعلمت أن عميل ال يعمله غريي فأنا مشغول به‪ ،‬وعلمت‬
‫أن املوت يأيت بغتة فأنا أبادره‪ ،‬وعلمت أين ال أخلو من عني هللا‬
‫مستحي منه»(((‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫فأنا‬

‫مدارج السالكني‪.135-134/2 :‬‬ ‫(( (‬


‫البقرة‪.197 :‬‬ ‫((( ‬
‫البخاري‪.1523 :‬‬ ‫((( ‬
‫اآلداب الرشعية‪.270/3 :‬‬ ‫((( ‬
‫نزهة الفضالء‪.848 :‬‬ ‫((( ‬

‫‪94‬‬
‫ )‪(3‬قال ابن القيم‪« :‬التوكل نصف الدين‪ .‬والنصف الثاين‪ :‬اإلنابة‪،‬‬
‫فإن الدين استعانة وعبادة‪ ،‬فالتوكل هو االستعانة‪ ،‬واإلنابة‬
‫هي ‪ ‬العبادة»(((‪.‬‬
‫ )‪(4‬وقال أيضاً‪« :‬التوكل من أعزم األسباب التي يحصل بها املطلوب‪،‬‬
‫ويندفع بها املكروه‪ ،‬فمن أنكر األسباب مل يستقم معه التوكل‪،‬‬
‫ولكن من متام التوكل عدم الركون إىل األسباب وقطع عالقة‬
‫القلب بها‪ ،‬فيكون حال قلبه قيامه باهلل ال بها (أي‪ :‬األسباب)‬
‫وحال بدنه قيامه بها‪ .‬فاألسباب محل حكمة هللا وأمره ونهيه‪،‬‬
‫والتوكل متعلق بربوبيته وقضائه وقدره‪ ،‬فال تقوم عبودية‬
‫األسباب إال عىل ساق التوكل‪ ،‬وال يقوم ساق التوكل إال عىل‬
‫قدم ‪ ‬العبودية»(((‪.‬‬
‫ )‪(5‬قال الشيخ سلامن بن عبد هللا ‪« :‬التوكل عىل غري هللا قسامن‪:‬‬
‫أحدهام‪ :‬التوكل يف األمور التي ال يقدر عليها إال هللا‪ ،‬كالذين‬
‫يتوكلون عىل األموات والطواغيت يف رجاء مطالبهم من النرص‬
‫والحفظ والرزق والشفاعة‪ ،‬فهذا رشك أكرب‪ ،‬فإن هذه األمور‬
‫ونحوها ال يقدر عليها إال هللا ‪.‬‬
‫الثاين‪ :‬التوكل يف األسباب الظاهرة العادية‪ ،‬كمن يتوكل عىل أمري‬
‫أو سلطان‪ ،‬فيام جعله هللا بيده من الرزق أو دفع األذى ونحو ذلك‪،‬‬
‫فهذا رشك خفي‪.‬‬
‫والوكالة الجائزة هي‪ :‬توكل اإلنسان يف فعل مقدور عليه‪ ،‬ولكن‬
‫ليس له أن يتوكل عليه وإن وكله‪ ،‬بل يتوكل عىل هللا ويعتمد عليه يف‬
‫تيسري ما وكله فيه»(((‪.‬‬
‫(( ( مدارج السالكني‪.118/2 :‬‬
‫(( ( مدارج السالكني‪.125/2 :‬‬
‫(( ( تيسري العزيز الحميد‪.439 :‬‬

‫‪95‬‬
‫مراجع ُم ِعينة‪:‬‬
‫ )‪(1‬مخترص منهاج القاصدين‪ ،‬البن قدامة‪.‬‬
‫ )‪(2‬مدارج السالكني‪ ،‬البن القيم‪.‬‬
‫ )‪(3‬جامع العلوم والحكم‪ ،‬البن رجب‪.‬‬

‫‪96‬‬
‫الشكر‬
‫تتواىل نعم هللا سبحانه عىل عباده‪ ،‬يف إيجادهم‪ ،‬وإمدادهم بالنعم‪،‬‬
‫وحفظهم‪ .‬وأعظم النعم‪ :‬الهداية إىل الرصاط املستقيم‪ ،‬وتاجها‪ :‬دخول‬
‫الجنة والنجاة من النار‪.‬‬
‫والخلق مفطورون عىل حب من أحسن إليهم‪ ،‬غري أن ضعف اإلميان‬
‫يجعل العبد يدين لبعض الخلق بالفضل أكرث من شكره لخالقه‪ .‬ودليل‬
‫ذلك‪ :‬تقديم طاعة الخلق عىل طاعة هللا‪ ،‬والتقصري يف امتثال أمره‬
‫واجتناب نهيه‪.‬‬

‫عناصر مقترحة‪:‬‬
‫ )‪(1‬متهيد‪:‬‬
‫ ‪ .‬أسعة فضل هللا ونعمه‪.‬‬
‫ ‪.‬بالنعمة والرساء ابتالء وامتحان‪ ،‬كالنقمة والرضاء‪.‬‬
‫ )‪(2‬املؤمن بني الشكر والصرب‪.‬‬
‫ )‪(3‬حقيقة الشكر‪.‬‬
‫ )‪(4‬أركان الشكر‪.‬‬
‫ )‪(5‬أحوال الشاكرين‪.‬‬
‫ )‪(6‬ال يطيق العبد الوفاء بنعم هللا تعاىل عليه‪.‬‬
‫ )‪(7‬عاقبة الشكر‪.‬‬
‫ )‪(8‬مرشوعية سجود الشكر حني تجدد النعم واندفاع النقم‪.‬‬

‫‪97‬‬
‫ )‪(9‬كفران النعمة‪.‬‬
‫ )‪(10‬عاقبة الكافرين بأنعم هللا تعاىل‪.‬‬
‫ )‪(11‬كيف نكون من الشاكرين؟ (استشعار النعم واإلحساس بها‪،‬‬
‫نسبتها إىل املنعم الحقيقي سبحانه‪ ،‬التحدث بها شكرا ً ال فخرا ً‪،‬‬
‫االستعانة بها يف طاعته‪ ،‬االزدياد من الطاعات عند زيادة النعم‪،‬‬
‫السجود عند حدوث نعمة أو زوال نقمة‪ ،‬االجتهاد يف طاعة هللا‬
‫دوماً فنعمه ظاهرة مع كل نَفَس ويف كل لحظة‪.)..‬‬

‫هدايات قرآنية‪:‬‬
‫ََ‬ ‫َ ۡ ُُ ٓ َۡ ُۡ ُ ۡ َ ۡ ُُ ْ‬
‫ون أذكركم وٱشكروا ِل ول‬ ‫ )‪(1‬قال تعاىل‪﴿ :‬فٱذكر ِ‬
‫ون‪.(((﴾152‬‬ ‫َ ۡ ُُ‬
‫تكفر ِ‬
‫َ ‪ٞ‬‬ ‫ۡ ُ ْ َ َ َ ُ ۡ‬
‫ )‪(2‬وقال سبحانه‪﴿ :‬ٱع َمل ٓوا َءال د ُاوۥد شك ٗر ۚا َوقل ِيل ّم ِۡن ع َِباد َِي‬
‫ك ُ‬ ‫َّ ُ‬
‫ور‪.(((﴾13‬‬ ‫ٱلش‬
‫ۡ ۡ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫َ ۡ َ ّ َۡ َ ٓ ۡ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬
‫ن َءأشك ُر أم أكف ُر ۖ‬ ‫ )‪(3‬وقال ‪﴿ :‬قال هٰذا مِن فض ِل ر ِب ِلبلو ِ‬
‫ك َف َر فَإ َّن َر ّب َغ ّ ‪ٞ‬‬
‫َ‬ ‫سهِۦ َو َ‬ ‫َ َ َ َ َ َ َّ َ َ ۡ ُ ُ َ ۡ‬
‫ن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ۖ‬ ‫ِ‬ ‫ف‬ ‫ومن شكر فإِنما يشكر لِ‬
‫يم‪.(((﴾40‬‬‫َكر ‪ٞ‬‬
‫ِ‬
‫َ َ ۡ ُ ۡ َ َ َ َّ ُ ۡ َ َ‬ ‫ۡ َ َ َّ َ َ ُّ ُ ۡ َ‬
‫ )‪(4‬قال تعاىل‪ِ﴿ :‬إَوذ تأذن ربكم لئِن شكرتم لزِيدنكمۖ ولئِن‬
‫َ َ ُ َّ َ َ َ ‪ٞ‬‬
‫كف ۡرت ۡم إِن َعذ ِاب لشدِيد‪.(((﴾7‬‬

‫البقرة‪.152 :‬‬ ‫((( ‬


‫سبأ‪.13 :‬‬ ‫((( ‬
‫النمل‪.40 :‬‬ ‫(( (‬
‫إبراهيم‪.7 :‬‬ ‫((( ‬

‫‪98‬‬
‫ٗ‬ ‫ٗ‬
‫ت َءام َِنة ُّم ۡ َط َمئ ِ َّنة‬‫ٱلل َم َث ٗل قَ ۡر َي ٗة َكنَ ۡ‬
‫ض َب َّ ُ‬‫﴿و َ َ‬
‫ )‪(5‬وقال سبحانه‪َ :‬‬
‫ٱللِ فَأ َذ ٰ َقهاَ‬ ‫َ ۡ َ ۡ ُ َ َ َ ٗ ّ ُ ّ َ َ َ َ َ َ ۡ َ ۡ ُ َّ‬
‫ك مك ٖن فكفرت بِأنع ِم‬ ‫يأتِيها رِزقها ۡ رغدا م ِۡن ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ ُ‬
‫ٱل ۡو ِف ب ِ َما كنوا يَ ۡص َن ُعون‪.(((﴾112‬‬‫وع َو َ‬ ‫اس ُ‬
‫ٱل ِ‬ ‫ٱلل لِ َ َ‬

‫قبسات نبوية‪:‬‬
‫جباً‬ ‫ )‪(1‬عن صهيب ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول هللا ‪َ (( :‬ع َ‬
‫ح ٍد إلَّ لِلْ ُم ْؤ ِمنِ ‪،‬‬‫ذاك ألَ َ‬
‫وليس َ‬
‫َ‬ ‫ي‪،‬‬‫خ ٌْ‬‫ألَ ْم ِر امل ُ ْؤ ِمنِ ‪ ،‬إ َّن أ ْم َرهُ كُلَّ ُه َ‬
‫ب‬
‫ص ََ‬ ‫ضا ُء‪َ ،‬‬ ‫خ ْيا ً له‪ ،‬وإ ْن أصابَتْ ُه َ َّ‬ ‫ك َر‪ ،‬فَكا َن َ‬ ‫سا ُء شَ َ‬ ‫إ ْن أصابَتْ ُه َ َّ‬
‫خ ْيا ً له))(((‪.‬‬ ‫فَكا َن َ‬
‫ )‪(2‬عن أيب هريرة ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول هللا ‪(( :‬الطَّاع ُم‬
‫الصابرِ))(((‪.‬‬ ‫ائم َّ‬ ‫الص ِ‬‫الشَّ اك ُر مبنزل ِة َّ‬
‫ )‪(3‬عن عبد هللا بن غنام البيايض ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول هللا‬
‫ني يُصب ُِح‪ :‬الل ُه َّم ما أص َب َح يب من نِعم ٍة‪،‬‬ ‫‪َ (( :‬من قال ح َ‬
‫ولك‬‫لك الحم ُد‪َ ،‬‬ ‫لك‪َ ،‬‬ ‫يك َ‬ ‫ش َ‬ ‫ح َد َك ال َ‬ ‫فمنك َو ْ‬ ‫خل ِق َك‪َ ،‬‬ ‫بأحد من َ‬ ‫ٍ‬ ‫أو‬
‫ني ُ ْييس‪ ،‬فقد‬ ‫مثل ذلك ح َ‬ ‫الشك ُر‪ ،‬فقد أ َّدى شُ ك َر يو ِمه‪ ،‬و َمن قال َ‬
‫أ َّدى شُ ك َر ليل ِته))(((‪.‬‬
‫وصيك‬‫َ‬ ‫ )‪(4‬عن معاذ بن جبل ‪ ‬أن رسول هللا ‪ ‬قال‪(( :‬أُ‬
‫َقول‪ :‬الل ُه َّم أ ِع ِّني عىل‬ ‫صال ٍة أ ْن ت َ‬ ‫كل َ‬ ‫يا ُمعاذُ‪ ،‬ال تَ َد َع َّن يف ُدبُ ِر ِّ‬
‫حسنِ ِعبادتِ َك))(((‪.‬‬ ‫ِذكر َِك وشُ كر َِك و ُ‬

‫النحل‪.112 :‬‬ ‫((( ‬


‫مسلم‪.2999 :‬‬ ‫((( ‬
‫الرتمذي‪ ،2486 :‬وابن ماجه‪ ،1764 :‬وصححه األلباين يف صحيح الجامع‪.3942 :‬‬ ‫(( (‬
‫أبو داود‪ ،5073 :‬وحسنه الحافظ ابن حجر يف رشح األذكار‪.124 :‬‬ ‫(( (‬
‫أبو داود‪ ،1522 :‬والنسايئ‪ ،1303 :‬وصححه األلباين صحيح الجامع‪.7969 :‬‬ ‫(( (‬

‫‪99‬‬
‫((ل‬
‫ )‪(5‬عن أيب هريرة ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول هللا ‪َ :‬‬
‫اس))(((‪.‬‬
‫ك ُر ال َّن َ‬
‫هللا َمن ال يَش ُ‬
‫ك ُر َ‬
‫يَش ُ‬

‫أمثلة تطبيقية‪:‬‬
‫ )‪(1‬عن املغرية بن شعبة ‪ ‬قال‪ :‬إن كان النبي ‪ ‬ليقوم‬
‫‪ -‬أو ليصيل ‪ ،-‬حتى ترم قدماه ‪ -‬أو ساقاه ‪ -‬فيقال له‪ ،‬فيقول‪:‬‬
‫((أَفَال أَكُو ُن َع ْبدا ً شَ كُورا ً؟))(((‪.‬‬
‫ )‪(2‬عن أيب بكرة نفيع بن الحارث ‪ ‬قال‪ :‬كان رسول هللا‬
‫ش به خر ساجدا ً‬ ‫‪ ‬إذا جاءه أمر رسور أو بُ ِّ‬
‫شكرا ً ‪ ‬هلل(((‪.‬‬
‫ )‪(3‬قال ابن عيينة‪« :‬مطرت مكة مطرا ً تهدمت منه البيوت‪ ،‬فأعتق‬
‫ابن رواد جاريته شكرا ً هلل‪ ،‬إذ عافاه هللا من ذلك»(((‪.‬‬
‫ )‪(4‬قال أبو الجلد جيالن بن فروة قال‪ :‬قال موىس ‪« :‬إلهي‬
‫كيف أشكرك وأصغر نعمة وضعتها عندي من نعمك ال يجازي‬
‫بها عميل كله‪ ،‬قال‪ :‬فأوحى هللا تعاىل إليه‪ :‬يا موىس اآلن‬
‫شكرتني»((( أي‪ :‬باعرتافك بإنعامي وقيامك بالعمل الصالح‪ ،‬مع‬
‫اعرتافك بالعجز عن املكافأة‪.‬‬

‫أحمد‪ ،7959 :‬أبو داود‪ ،4811 :‬الرتمذي‪ ،1954 :‬وصححه األلباين يف صحيح الجامع‪:‬‬ ‫(( (‬
‫‪.7719‬‬
‫البخاري‪،6471 :‬مسلم‪.2819 :‬‬ ‫((( ‬
‫أبو داود‪ ،2774 :‬وابن ماجه‪ ،1394 :‬وحسنه األلباين يف صحيح الجامع‪.4701 :‬‬ ‫(( (‬
‫الحلية‪.191/8 :‬‬ ‫(( (‬
‫الحلية‪.56/6 :‬‬ ‫(( (‬

‫‪100‬‬
‫ )‪(5‬وقد حىك هللا علينا قصة سبأ وما كانوا عليه من النعيم ورغد‬
‫العيش‪ ،‬ثم ما حل بهم من العذاب وتبدل النعم‪ ،‬وذلك حينام بدلوا‬
‫ان‬ ‫ت‬‫كنه ۡم َءايَة‪َ ۖ ٞ‬ج َّن َ‬
‫ِ‬
‫َ ۡ َ‬
‫س‬ ‫م‬ ‫ف‬ ‫إ‬ ‫نعمة هللا كفرا ً فقال‪﴿ :‬لَ َق ۡد َك َن ل َِس َ‬
‫ب‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٖ ِ‬
‫ّ ۡ َ ّ ُ ۡ َ ۡ ُ ُ ْ َُ ََۡ ‪ٞ َّ َ ٞ‬‬ ‫ُُ ْ‬
‫ني َوش َِما ٖلۖ كوا مِن رِز ِق ربِكم وٱشكروا ل ۚۥ بلة طيِبة‬ ‫ٖ‬ ‫َعن يَ ِم‬
‫ۡ‬ ‫َ ۡ‬ ‫َ‬ ‫ََ ۡ ُ ْ ََ ۡ‬ ‫َُ‬
‫َو َر ٌّب غفور‪ 15ٞ‬فأع َرضوا فأ ۡر َسل َنا َعل ۡي ِه ۡم َس ۡيل ٱل َع ِر ِم َو َب َّدل َنٰ ُهم‬
‫ۡ َ‬ ‫شء ّ‬‫ۡ‬ ‫َ َّ َ ۡ ۡ َ َّ َ ۡ َ َ َ ۡ ُ ُ َ ۡ َ َ ۡ َ َ‬
‫ِيل‪16‬‬ ‫ل‬ ‫ق‬ ‫ر‬ ‫ِد‬
‫س‬ ‫ِن‬ ‫م‬ ‫ي ذوات أكل خ ٖط وأثل و ٖ‬ ‫ِبنتي ِهم جنت ِ‬
‫َ ٰ َ َ َ ۡ َ ُ َ َ َ ُ ٍْ َ َ ۡ ُ َ ٰ ٖ ٓ َّ ۡ َ ُ َ ٖ َ َ َٖ َۡ‬
‫ذل ِك جزينٰهم بِما كفر ۖوا وهل نج ِزي إِل ٱلكفور‪ 17‬وجعلنا‬
‫ِيها‬ ‫ِيها قُ ٗرى َظٰه َر ٗة َوقَ َّد ۡرنَا ف َ‬ ‫ي ۡٱل ُق َرى َّٱلت َب ٰ َر ۡك َنا ف َ‬ ‫بَ ۡي َن ُه ۡم َو َب ۡ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ي‬ ‫ِني‪َ 18‬ف َقالُوا ْ َر َّب َنا َبٰع ۡد َب ۡ َ‬ ‫ال َو َأيَّاما ً َءا ِمن َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ ۡ َ ُ ْ َ َ‬
‫ٱلسي ۖ سِريوا ف‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِيها ِ‬ ‫ل‬
‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫نف َس ُه ۡم فَ َ‬ ‫َۡ َ َ ََ َُٓ ُ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫ج َعل َنٰ ُه ۡم أ َحادِيث َو َم َّزق َنٰ ُه ۡم ك ُم َم َّز ٍ ۚق‬ ‫أسفارِنا وظلموا أ‬
‫َ ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ّ‬ ‫َٰ َ َ‬ ‫َّ‬
‫ِك َص َّبارٖ شكورٖ‪.(((﴾19‬‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ت‬
‫ٖ‬ ‫ٰ‬ ‫ٓأَلي‬ ‫ِك‬ ‫ل‬‫ذ‬ ‫ف‬ ‫ِ‬ ‫ن‬ ‫إِ‬

‫أقوال مضيئة‪:‬‬
‫ )‪(1‬قال عيل بن أيب طالب ‪« :‬إن النعمة موصولة بالشكر‪،‬‬
‫والشكر يتعلق باملزيد‪ ،‬وهام مقرونان يف قرن‪ ،‬فلن ينقطع املزيد‬
‫من هللا حتى ينقطع الشكر من العبد»(((‪.‬‬
‫ )‪(2‬قال ابن القيم‪« :‬والشكر مبني عىل خمس قواعد‪ :‬خضوع‬
‫الشاكر للمشكور‪ ،‬وحبه له‪ ،‬واعرتافه بنعمته‪ ،‬وثناؤه عليه بها‪،‬‬
‫وأال يستعملها فيام يكره‪ ،‬فهذه الخمس هي أساس الشكر وبناؤه‬
‫عليها‪ ،‬فمتى عدم منها واحدة اختل من قواعد الشكر قاعدة»(((‪.‬‬
‫((( سبأ‪.19-15 :‬‬
‫((( عدة الصابرين‪.98 :‬‬
‫(( ( مدارج السالكني‪.244/2 :‬‬

‫‪101‬‬
‫ )‪(3‬قال ابن القيم‪« :‬قال بعض السلف‪ :‬البالء يصرب عليه املؤمن‬
‫والكافر‪ ،‬وال يصرب عىل العافية إال الصديقون‪ .‬وقال عبد الرحمن‬
‫بن عوف ‪ ‬ابتلينا بالرضاء فصربنا‪ ،‬وابتلينا بالرساء فلم‬
‫نصرب‪ ،‬ولذلك حذر هللا عباده من فتنة املال واألزواج واألوالد‪،‬‬
‫وإمنا كان الصرب عىل فتنة الرساء أعظم؛ ألنه مقرون بالقدرة‪،‬‬
‫والجائع عند غيبة الطعام أقدر منه عىل الصرب عند حضوره»(((‪.‬‬
‫ )‪(4‬قال الراغب األصفهاين‪« :‬الشكر عىل ثالثة أرضب‪ :‬شكر القلب‬
‫وهو تصور النعمة‪ ،‬وشكر اللسان وهو الثناء عىل املنعم‪ ،‬وشكر‬
‫سائر الجوارح وهو مكافأة النعمة بقدر استحقاقه‪ .‬وقوله‬
‫ۡ ُ ْ َ َ َ ُ ۡ‬
‫تعاىل‪﴿ :‬ٱع َمل ٓوا َءال د ُاوۥد شك ٗر ۚا﴾((( معناه‪ :‬اعملوا ما تعملونه‬
‫شكرا ً هلل‪ ...‬ومل يقل‪ :‬اشكروا؛ لينبه عىل التزام األنواع الثالثة‬
‫من الشكر بالقلب واللسان وسائر الجوارح‪ ،‬وقوله سبحانه‪:‬‬
‫ك إ َ َّل ٱل ۡ َم ِص ُ‬ ‫َ َٰ َ ۡ َ‬ ‫ۡ ُ‬ ‫َ‬
‫﴿و َس َن ۡج ِزي‬
‫ري‪َ ،(((﴾14‬‬
‫ِ‬ ‫ي‬‫ل‬‫ِ‬ ‫ِو‬ ‫ل‬‫و‬ ‫ل‬
‫ِ‬
‫كۡ‬
‫ر‬ ‫ٱش‬ ‫ن‬
‫﴿أ ِ‬
‫َ ۡ ُ َ َّ َ ۡ ُ َ ۡ‬ ‫َّ‬
‫سهِۖۦ﴾(((‪،‬‬ ‫﴿و َمن يشك ۡر فإِن َما يشك ُر ل ِف ِ‬ ‫ين‪َ ،(((﴾145‬‬‫ٱلشكِر َ‬
‫ِ‬ ‫ٰ‬
‫ُ‬ ‫َ َ ‪ُ َّ َ َ ۡ ّ ٞ‬‬
‫﴿وقل ِيل مِن عِبادِي ٱلشكور‪ ﴾13‬فيه تنبيه أن توفية شكر‬
‫(((‬

‫هللا صعب‪ ،‬ولذلك مل ينث بالشكر من أوليائه إال عىل اثنني قال‬

‫عدة الصابرين‪.64 :‬‬ ‫((( ‬


‫سبأ‪.13 :‬‬ ‫((( ‬
‫لقامن‪.14 :‬‬ ‫(( (‬
‫آل عمران‪.145 :‬‬ ‫(( (‬
‫لقامن‪.12 :‬‬ ‫(( (‬
‫سبأ‪.13 :‬‬ ‫((( ‬

‫‪102‬‬
‫َّ ُ َ َ َ ۡ ٗ‬ ‫ُ‬ ‫َ ٗ ّ َۡ‬
‫يف إبراهيم ﴿شاكِرا ِلنع ِمهِ﴾ وقال يف نوح‪﴿ :‬إِنهۥ كن عبدا‬
‫(((‬

‫ك ٗ‬‫َ ُ‬
‫ورا‪.(((»(((﴾3‬‬ ‫ش‬
‫ )‪(5‬قال سيد قطب‪« :‬والخلق مهام بالغوا يف الشكر قارصون عن‬
‫الوفاء‪ ،‬فكيف إذا قرصوا وغفلوا عن الشكر من األساس؟!»(((‪.‬‬

‫مراجع ُم ِعينة‪:‬‬
‫ )‪(1‬عدة الصابرين وذخرية الشاكرين‪ ،‬البن القيم‪.‬‬
‫ )‪(2‬مخترص منهاج القاصدين‪ ،‬البن قدامة‪.‬‬
‫ )‪(3‬اآلداب الرشعية‪ ،‬البن مفلح‪.‬‬

‫النحل‪.121 :‬‬ ‫((( ‬


‫اإلرساء‪.3 :‬‬ ‫((( ‬
‫املفردات‪.266-265 :‬‬ ‫(( (‬
‫الظالل‪.2899/5 :‬‬ ‫((( ‬

‫‪103‬‬
‫الورع‬
‫الورع هو‪ :‬ترك ما يُخىش رضره يف اآلخرة‪ .‬فمن أراد الورع فليرتك‬
‫ما يخاف من اإلثم يف فعله‪ ،‬وليفعل ما يخاف اإلثم يف تركه‪ .‬وهذا‬
‫حاجز للعبد دون اإلثم‪ ،‬وأمان له من أبواب املعصية‪.‬‬
‫وهو مرتبة مقدمة عىل الزهد الذي هو‪ :‬ترك ما ال ينفع يف اآلخرة‪.‬‬
‫فمن مل يرتك ما يُخىش رضره مل يرتك ما ال ينفعه من باب أوىل‪.‬‬

‫عناصر مقترحة‪:‬‬
‫ )‪(1‬متهيد‪ :‬العقل يؤثر السالمة‪.‬‬
‫ )‪(2‬تعريف الورع‪.‬‬
‫ )‪(3‬منزلته من الدين‪.‬‬
‫ )‪(4‬أثره يف سالمة دين املرء وراحة نفسه‪.‬‬
‫ )‪(5‬أخبار الصالحني مع الورع‪.‬‬
‫ )‪(6‬ما يعني عىل الورع‪( :‬الخوف من هللا‪ ،‬الحرص عىل السالمة‪،‬‬
‫الرغبة يف اآلخرة‪.)...‬‬
‫ )‪(7‬ضوابط وتنبيهات‪( :‬تجنب إلزام الناس باالحتياط ما دام لهم يف‬
‫الرشع فسحة‪ ،‬الحذر من ترك الرخص الرشعية‪.)..‬‬
‫ )‪(8‬الورع قبل الزهد‪.‬‬
‫ )‪(9‬سبل تحقيق الورع‪( :‬تعميق هم اآلخرة يف القلب‪ ،‬تعلم ما ال يسع‬
‫املسلم جهله‪ ،‬سؤال أهل العلم عام أشكل بدقة وتجرد‪ ،‬إلزام‬

‫‪104‬‬
‫النفس برتك الشبهات واألمور املشكلة التي ال يتضح حكمها‪،‬‬
‫األخذ بالرخص الرشعية الثابتة وتجنب تتبع الرخص وزالت‬
‫أهل العلم‪.)..‬‬

‫هدايات قرآنية‪:‬‬
‫َ َ ۡ َ ُ َ ُ َ ّ ٗ َ ُ َ َ َّ‬
‫ٱللِ َع ِظ ‪ٞ‬‬
‫يم‪ (((﴾15‬فهناك‬ ‫ )‪(1‬قال تعاىل‪﴿ :‬وتسبونهۥ هيِنا وهو عِند‬
‫أمور يظنها العبد صغرية ال إثم فيها وهي عظيمة عند هللا‪ ،‬وذلك‬
‫الظن ال يفيد شيئاً‪ ،‬وهذا موجب للورع‪.‬‬
‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َّ َ َّ َ َ ۡ‬
‫ )‪(2‬وقال سبحانه‪﴿ :‬إِن ربك لِٱل ِمرصادِ‪ ﴾14‬يُحيص ويجازي ال‬
‫(((‬

‫ع للخوف والورع‪.‬‬ ‫يفوته يشء ‪ -‬سبحانه ‪ ،-‬وهذا دا ٍ‬

‫قبسات نبوية‪:‬‬
‫‪‬‬ ‫ )‪(1‬عن وابصة بن معبد ‪ ‬قال‪ :‬أتيت رسول هللا‬
‫الب؟)) قلت‪ :‬نعم‪ ،‬فقال‪(( :‬استَف ِ‬
‫ْت‬ ‫تسأل عن ِ ِّ‬ ‫ُ‬ ‫((جئت‬
‫َ‬ ‫فقال‪:‬‬
‫القلب‪ ،‬واإلث ُم ما‬
‫ُ‬ ‫النفس‪ ،‬واطأم َّن إليه‬
‫ُ‬ ‫قلبَك‪ُّ ِ ،‬‬
‫الب ما اطأمنَّت إليه‬
‫الناس وأفتَ ْوك))(((‪.‬‬
‫ُ‬ ‫القلب‪ ،‬وتر َّدد يف الصد ِر وإن أفتاك‬‫ِ‬ ‫حاك يف‬
‫ )‪(2‬عن عطية بن عروة السعدي ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول هللا‬
‫ع ما ال‬‫‪(( :‬ال يبل ُغ العب ُد أن يكو َن من املتَّقني حتَّى يد َ‬
‫بأس به حذرا ً ملا به ٌ‬
‫بأس))(((‪.‬‬ ‫َ‬
‫النور‪.15 :‬‬ ‫((( ‬
‫الفجر‪.14 :‬‬ ‫((( ‬
‫أحمد‪ ،17545 :‬وصححه األلباين يف صحيح الرتغيب والرتهيب‪.1734 :‬‬ ‫(( (‬
‫الرتمذي‪ ،2451 :‬وحسنه محقق جامع األصول‪.682/4 :‬‬ ‫(( (‬

‫‪105‬‬
‫ )‪(3‬عن حذيفة بن اليامن ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول هللا ‪:‬‬
‫ع))(((‪.‬‬ ‫ري ِدي ِنكم الو َر ُ‬ ‫ري ِمن فَضْ لِ العباد ِة‪ ،‬وخ ُ‬ ‫لم خ ٌ‬ ‫((فَضْ ُل ال ِع ِ‬
‫ )‪(4‬عن النعامن بن بشري ‪ ‬قال‪ :‬سمعت رسول هللا ‪‬‬
‫ي‪ ،‬وبيْ َن ُهام ُمشْ تَبِهاتٌ‬ ‫حرا َم بَ ِّ ٌ‬‫ي‪ ،‬وإ َّن ال َ‬ ‫ح َ‬
‫الل بَ ِّ ٌ‬ ‫يقول‪(( :‬إ َّن ال َ‬
‫بأَ لِ ِدي ِن ِه‪،‬‬‫استَ ْ َ‬
‫هات ْ‬ ‫اس‪ ،‬فَ َمنِ اتَّقَى الشُّ ُب ِ‬ ‫ري ِم َن ال َّن ِ‬ ‫ال يَ ْعلَ ُم ُه َّن كَ ِث ٌ‬
‫رام‪ ،‬كال َّرا ِعي يَ ْر َعى‬ ‫ح ِ‬ ‫هات وقَ َع يف ال َ‬ ‫و ِع ْر ِض ِه‪ ،‬و َمن وقَ َع يف الشُّ ُب ِ‬
‫ك ِح ًمى‪ ،‬أال‬ ‫وش ُك أ ْن يَ ْرتَ َع ِفي ِه‪ ،‬أال وإ َّن لِك ُِّل َملِ ٍ‬ ‫الح َمى‪ ،‬يُ ِ‬ ‫ح ْو َل ِ‬ ‫َ‬
‫ت‪،‬‬ ‫ح ْ‬ ‫صلَ َ‬ ‫ج َس ِد ُمضْ َغ ًة‪ ،‬إذا َ‬ ‫هللا َمحا ِر ُم ُه‪ ،‬أال وإ َّن يف ال َ‬ ‫وإ َّن ِح َمى ِ‬
‫ج َس ُد كُلُّ ُه‪ ،‬أال وهي‬ ‫ج َس ُد كُلُّ ُه‪ ،‬وإذا ف ََسدَتْ ‪ ،‬ف ََس َد ال َ‬ ‫صل ََح ال َ‬ ‫َ‬
‫ْب))(((‪.‬‬ ‫ال َقل ُ‬

‫أمثلة تطبيقية‪:‬‬
‫ )‪(1‬عن أنس ‪ ‬أن النبي ‪ ‬وجد مترة يف الطريق‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫الص َدقَ ِة َلَكَلْتُ َها))(((‪.‬‬
‫اف أ ْن تَكُو َن ِم َن َّ‬
‫خ ُ‬ ‫((لَ ْو َل ِّ‬
‫أن أ َ‬
‫ )‪(2‬عن عائشة ‪ ‬قالت‪« :‬كان أليب بكر الصديق ‪ ‬غالم‬
‫يخرج له الخراج‪ ،‬وكان أبو بكر يأكل من خراجه‪ ،‬فجاء يوماً‬
‫بيشء فأكل منه أبو بكر‪ ،‬فقال له الغالم‪ :‬أتدري ما هذا؟ فقال‬
‫أبو بكر‪ :‬وما هو؟ قال‪ :‬كنت تكهنت إلنسان يف الجاهلية‪ ،‬وما‬
‫حس ُن الكهانة إال أين خدعته‪ ،‬فلقيني‪ ،‬فأعطاين بذلك هذا الذي‬ ‫أُ ِ‬
‫أكلت منه‪ ،‬فأدخل أبو بكر يده فقاء كل يشء يف بطنه»(((‪.‬‬

‫أخرجه الحاكم‪ ،93-92/1 :‬وصححه األلباين يف صحيح الجامع‪.4214 :‬‬ ‫((( ‬


‫البخاري‪ ،52 :‬مسلم‪.1599 :‬‬ ‫((( ‬
‫البخاري‪ ،2431 :‬مسلم‪.1071 :‬‬ ‫((( ‬
‫البخاري‪.3842 :‬‬ ‫((( ‬

‫‪106‬‬
‫ )‪(3‬أرسل عمر بن عبد العزيز غالمه يشوي بكبكبة من لحم فعجل‬
‫بها‪ ،‬فقال‪ :‬أرسعت بها؟ قال‪ :‬شويتها يف نار املطبخ ‪ -‬وكان‬
‫للمسلمني مطبخ يغديهم ويعشيهم ‪ -‬فقال لغالمه‪ :‬كلها يا بني‪،‬‬
‫فإنك رزقتها ومل أرزقها(((‪.‬‬

‫أقوال مضيئة‪:‬‬
‫ )‪(1‬عن أنس ‪ ‬قال‪« :‬إنكم لتعملون أعامالً هي أدق يف‬
‫‪‬‬ ‫أعينكم من الشعر‪ ،‬إ ْن كنا لنعدها عىل عهد النبي‬
‫من ‪ ‬املوبقات»(((‪.‬‬
‫ )‪(2‬قال الحسن البرصي ‪« :‬أفضل العلم‪ :‬الورع والتوكل»(((‪.‬‬
‫ )‪(3‬قال البخاري‪« :‬أرجو أن ألقى هللا وال يحاسبني أين اغتبت أحدا ً»‪،‬‬
‫قال الذهبي‪« :‬وهذا وهللا غاية الورع»(((‪.‬‬
‫ )‪(4‬ذكر الراغب األصفهاين أن الورع ثالث مراتب‪ -1 :‬واجب‬
‫وهو‪ :‬اإلحجام عن املحارم وذلك للناس كافة‪ -2 .‬مندوب وهو‪:‬‬
‫الوقوف عن الشبهات‪ ،‬وذلك لألواسط‪ -3 .‬فضيلة وهو‪ :‬الكف‬
‫عن كثري من املباحات واالقتصار عىل أقل الرضورات‪ ،‬وذلك‬
‫للنبيني والصديقني والشهداء والصالحني(((‪..‬‬

‫الحلية‪.291/5 :‬‬ ‫(( (‬


‫البخاري‪.6127 :‬‬ ‫((( ‬
‫الزهد لإلمام أحمد‪.325 :‬‬ ‫(( (‬
‫السري‪.439/12 :‬‬ ‫(( (‬
‫انظر‪ :‬الذريعة إىل مكارم الرشيعة‪.323 :‬‬ ‫((( ‬

‫‪107‬‬
‫ )‪(5‬قال ابن تيمية‪« :‬الواجبات واملستحبات ال يصلح فيها‬
‫زهد وال ورع‪ ،‬وأما املحرمات واملكروهات فيصلح فيها‬
‫الزهد ‪ ‬والورع»(((‪.‬‬

‫مراجع ُم ِعينة‪:‬‬
‫ )‪(1‬مدارج السالكني‪ ،‬البن القيم‪.‬‬
‫ )‪(2‬جامع العلوم والحكم‪ ،‬البن رجب‪.‬‬
‫ )‪(3‬مخترص منهاج القاصدين‪ ،‬البن قدامة‪.‬‬

‫((( مجموع الفتاوى‪.512/10 :‬‬

‫‪108‬‬
‫الزهد‬
‫الزهد من األحوال القلبية التي ترفع صاحبها عند هللا تعاىل‪.‬‬
‫ويعني‪ :‬انقطاع القلب عن التعلق بالدنيا والطمع فيام يف يد أهلها؛‬
‫ثقة فيام عند هللا تعاىل من فضل‪ ،‬بحيث يعظم الرجاء فيام عنده‪،‬‬
‫والفرح مبا يقرب إىل اآلخرة‪ ،‬دون متاع الدنيا‪ ،‬وإن اشتغل به وملَكَه‪،‬‬
‫فهو يف يده ال يف قلبه‪ ،‬وإمنا يشتغل به عبادة هلل واستجابة ألمره‪.‬‬
‫والتقلل من متاع الدنيا اشتغاالً بعلم أو دعوة أو عبادة وطلباً للثواب‪:‬‬
‫درجة يف الزهد‪.‬‬

‫عناصر مقترحة‪:‬‬
‫ )‪(1‬متهيد‪:‬‬
‫ ‪ .‬أمنزلة الدنيا يف قلوب املؤمنني كمنزلتها عند خالقهم‬
‫وخالقها (ال تعدل جناح بعوضة)‪.‬‬
‫ ‪.‬بالغاية من خلق الدنيا والناس‪.‬‬
‫ )‪(2‬حقيقة الزهد‪.‬‬
‫ )‪(3‬مراتب الزهد‪.‬‬
‫ )‪(4‬دوافع الزهد (قوة اإلميان‪ ،‬شدة الرغبة يف اآلخرة‪ ،‬معرفة حقيقة‬
‫الدنيا‪.)..‬‬
‫ )‪(5‬مثار الزهد (ترك املعايص‪ ،‬محبة هللا‪ ،‬راحة القلب‪.)..‬‬
‫ )‪(6‬عواقب التعلق بالدنيا‪.‬‬
‫ )‪(7‬ترك املعايص أول درجة يف الزهد‪.‬‬

‫‪109‬‬
‫ )‪(8‬ال قوام للدين دون عامرة األرض (حسياً ومعنوياً)‪.‬‬
‫ )‪(9‬تطبيقات الزهد (الثقة يف رزق هللا حني تنقطع األسباب‪ ،‬الفرح‬
‫بأجر املصيبة أكرث من الحزن عىل ما فات من الدنيا‪ ،‬بناء العالقات‬
‫عىل أساس محبة هللا ال محبة الدنيا‪.)..‬‬
‫هدايات قرآنية‪:‬‬
‫ك إ َ ٰل َما َم َّت ۡع َنا بهِۦٓ أَ ۡز َو ٰ ٗجا ّم ِۡن ُهمۡ‬ ‫َ َ َ ُ َّ َّ َ ۡ َ ۡ َ‬
‫ )‪(1‬قال تعاىل‪﴿ :‬ول تمدن عيني‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك َخ ۡي‪َ ٞ‬وأ ۡب َ ٰ‬ ‫َ ۡ َّ َ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ ۡ َ َ ۡ َ َ ٰ ُّ ۡ‬
‫ق‪.(((﴾131‬‬ ‫ٱدلن َيا لِ َفت ِ َن ُه ۡم فِي ۚهِ ورِزق ر ِب‬ ‫زهرة ٱليوة ِ‬
‫َ‬ ‫َ ۡ‬ ‫َ‬ ‫﴿من ك َن يُر ُ‬ ‫َ‬
‫يد َح ۡرث ٱٓأۡلخ َِرة ِ ن ِزد ُلۥ ِف َح ۡرثِهِۖۦ‬ ‫ِ‬
‫ )‪(2‬وقال سبحانه‪َ :‬‬
‫َ‬ ‫َ َ َ َ ُ ُ َ ۡ َ ُّ ۡ ُ ۡ‬
‫ٱدلن َيا نؤتِهِۦ م ِۡن َها َو َما ُلۥ ِف ٱٓأۡلخ َِرة ِ مِن‬ ‫ومن كن ي ِريد حرث‬
‫َّ‬
‫يب‪.(((﴾20‬‬ ‫ٍ‬ ‫ن ِص‬
‫ِكمۡ‬ ‫ُ‬ ‫ََ ٓ َ ُ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََٓ‬
‫ۡرض ول ِف أنفس‬ ‫ )‪(3‬وقال ‪﴿ :‬ما أصاب مِن م ِصيبةٖ ِف ٱل ِ‬
‫ّ َ ۡ َ َّ ۡ َ َ َ ٓ َّ َ ٰ َ َ َ َّ َ ‪َ ۡ َ ّ ٞ‬‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫ب مِن قب ِل أن نبأها ۚ إِن ذل ِك ع ٱللِ يسِري‪ 22‬ل ِكيل‬ ‫ٰ‬ ‫ِت‬ ‫ك‬ ‫ف‬‫ِ‬ ‫ل‬ ‫إِ‬
‫َ ۡ َ ۡ ْ َ َ ٰ َ ٖ َ َ ُ ۡ َ َ َ ۡ َ ُ ْ َ ٓ َ َ ٰ ُ ۡ َ َّ ُ َ ُ ُّ ُ َّ‬
‫تأسوا ع ما فاتكم ول تفرحوا بِما ءاتىكمۗ وٱلل ل يِب ك‬
‫َُۡ َ ُ‬
‫ور‪.(((﴾23‬‬ ‫متا ٖل ف ٍ‬
‫خ‬

‫قبسات نبوية‪:‬‬
‫ )‪(1‬عن سهل بن سعد الساعدي ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول هللا‬
‫ناح بَ ُعوضَ ٍة‪ ،‬ما‬
‫ج َ‬ ‫َت الدنيا تَ ْع ِد ُل عن َد ِ‬
‫هللا َ‬ ‫‪(( :‬لَ ْو كَان ِ‬
‫شبَ َة ما ٍء))(((‪.‬‬
‫َسقَى كافرا ً ِم ْنها َ ْ‬
‫طه‪.131 :‬‬ ‫(( (‬
‫الشورى‪.20 :‬‬ ‫((( ‬
‫الحديد‪.23-22 :‬‬ ‫((( ‬
‫الرتمذي‪ ،2320 :‬وصححه األلباين يف السلسلة الصحيحة‪.940 :‬‬ ‫(( (‬

‫‪110‬‬
‫‪‬‬ ‫ )‪(2‬عن سهل بن سعد الساعدي ‪ ‬قال‪ :‬أىت النبي‬
‫رجل فقال‪ :‬يا رسول هللا دلني عىل عمل إذا أنا عملته أحبني هللا‪،‬‬
‫وأحبني الناس‪ ،‬فقال رسول هللا ‪(( :‬از َهد يف ال ُّدنيا‬
‫وك))(((‪.‬‬ ‫اس يحبُّ َ‬ ‫هللا وازهد فيام يف أيدي ال َّن ِ‬ ‫يحبَّ َك ُ‬
‫ )‪(3‬عن عبد َهللا بن الشخري ‪ ‬قال‪ :‬أتيت النبي ‪ ‬وهو‬
‫ُ‬ ‫ۡ َ ٰ ُ ُ َّ َ ُ‬
‫ل‪،‬‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫‪،‬‬
‫َ َ ِ َ ِ‬‫ل‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫‪:‬‬ ‫م‬ ‫د‬
‫َ‬ ‫آ‬ ‫ن‬
‫ُ‬ ‫اب‬ ‫ُ‬
‫((يقول‬ ‫قال‪:‬‬ ‫(((‬
‫‪﴾1‬‬ ‫ر‬ ‫يقرأ‪﴿ :‬ألهىكم ٱتلكث‬
‫ت‬ ‫ت‪ ،‬أَ ْو لَب ِْس َ‬ ‫هل ل ََك‪ ،‬يا ابْ َن آ َد َم ِمن َمالِ َك إلَّ ما أَكَل َ‬
‫ْت فأفْ َن ْي َ‬ ‫قال‪َ :‬و ْ‬ ‫َ‬
‫ت))(((‪.‬‬ ‫ْت فأ ْمضَ يْ َ‬ ‫ت‪ ،‬أَ ْو ت ََص َّدق َ‬ ‫فأبْلَيْ َ‬
‫ )‪(4‬عن ابن عمر ‪ ‬أخذ رسول هللا ‪ ‬مبنكبي فقال‪:‬‬
‫َريب‪ ،‬أو عا ِب ُر َسبيلٍ )) وكان ابن عمر‬ ‫((كُ ْن يف ال ُّدنيا كأنَّك غ ٌ‬
‫‪ ‬يقول‪« :‬إذا أمسيت فال تنتظر الصباح‪ ،‬وإذا أصبحت فال‬
‫تنتظر املساء‪ ،‬وخذ من صحتك ملرضك‪ ،‬ومن حياتك ملوتك»(((‪.‬‬
‫ )‪(5‬عن عمرو بن عوف األنصاري ‪ ‬أن رسول هللا ‪‬‬
‫بعث أبا عبيدة ابن الجراح إىل البحرين يأيت بجزيتها‪ ،‬وكان‬
‫رسول هللا ‪ ‬هو صالح أهل البحرين‪ ،‬وأ َّمر عليهم‬
‫العالء الحرضمي‪ ،‬فقدم أبو عبيدة مبال البحرين فسمعت األنصار‬
‫بقدومه‪ ،‬فوافقت صالة الصبح مع رسول هللا ‪ ،‬فلام‬
‫انرصف تعرضوا له فتبسم رسول هللا ‪ ‬حني رآهم وقال‪:‬‬
‫جا َء بيش ٍء))‪ ،‬قالوا‪ :‬أجل‬ ‫وم ِأب ُع َب ْي َدةَ‪ ،‬وأنَّ ُه َ‬ ‫ك ْم َس ِم ْعتُ ْم ب ُق ُد ِ‬
‫((أظُ ُّن ُ‬
‫سكُ ْم‪ ،‬فَ َو ِ‬
‫هللا ما ال َف ْق َر‬ ‫شوا وأَ ِّملُوا ما يَ ُ ُّ‬ ‫يا رسول هللا‪ ،‬قال‪(( :‬فأبْ ِ ُ‬
‫ابن ماجه‪ ،4102 :‬وصححه األلباين يف صحيح لجامع‪.922 :‬‬ ‫((( ‬
‫التكاثر‪.1 :‬‬ ‫((( ‬
‫مسلم‪.2958 :‬‬ ‫((( ‬
‫البخار ي‪.6416 :‬‬ ‫(( (‬

‫‪111‬‬
‫ط َعلَ ْي ُ‬
‫ك ُم ال ُّدنْ َيا‪ ،‬كام‬ ‫ش علَ ْيكُم أ ْن ت ُ ْب َس َ‬ ‫خ َ‬ ‫ك ْن أ ْ‬ ‫ش علَ ْيكُم‪ ،‬ولَ ِ‬ ‫خ َ‬
‫أ ْ‬
‫ك ْم‪ ،‬فَتَ َناف َُسو َها كام ت َ َناف َُسو َها‪ ،‬وتُلْهي ُ‬
‫ك ْم‬ ‫عل َمن كا َن قَ ْبلَ ُ‬ ‫َت َ‬ ‫بُ ِسط ْ‬
‫كام ألْ َهتْ ُه ْم))(((‪.‬‬
‫وش ُك‬‫ )‪(6‬عن ثوبان ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول هللا ‪(( :‬يُ ِ‬
‫قصع ِتها))‪ ،‬فقال‬ ‫األم ُم أن تَدا َعى عليكم‪ ،‬كام ت َدا َعى األكَل ُة إىل ْ‬
‫ري‪ ،‬ولك َّنكم‬ ‫يومئذ كث ٌ‬‫ٍ‬ ‫قائل‪ :‬ومن قلة نحن يومئذ؟ قال‪(( :‬بل أنتم‬
‫هللا من صدو ِر عد ِّوكم املهاب َة منكم‪،‬‬ ‫السيلِ ‪ ،‬ولين ِز َع َّن ُ‬ ‫غُثا ٌء كغُثا ُء َّ‬
‫هللا يف قلوبِكم الو ْه َن))‪ ،‬فقال قائل‪ :‬يا رسول هللا وما‬ ‫وليقذفَ َّن ُ‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫املوت))(((‪.‬‬ ‫((حب ال ُّدنيا وكراهي ُة‬ ‫ُّ‬ ‫الوهن؟ قال‪:‬‬

‫أمثلة تطبيقية‪:‬‬
‫ )‪(1‬خطب النعامن بن بشري ‪ ‬قال‪« :‬ذكر عمر ما أصاب الناس‬
‫من الدنيا فقال‪ :‬لقد رأيت رسول هللا يظل اليوم يلتوي ما يجد‬
‫دقالً ميأل به بطنه»((( الدقل‪ :‬التمر الرديء‪.‬‬
‫ )‪(2‬عن عائشة ‪ ‬قالت‪« :‬إن كنا آل محمد ‪ ‬لنمكث‬
‫شهرا ً ما نستوقد بنار‪ ،‬إن هو إال التمر واملاء»(((‪.‬‬
‫ )‪(3‬عن الحسن قال‪« :‬خطب عمر بن الخطاب ‪ ‬وهو خليفة‬
‫وعليه إزار فيه ثنتي عرش رقعة»(((‪.‬‬

‫البخاري‪ ،6425 :‬مسلم‪.2961 :‬‬ ‫((( ‬


‫أبو داود‪،4297 :‬وصححه األلباين يف صحيح الجامع‪.8183 :‬‬ ‫(( (‬
‫مسلم‪.2978 :‬‬ ‫((( ‬
‫البخاري‪ ،6458 :‬مسلم‪.2972 :‬‬ ‫((( ‬
‫الحلية‪.52/1 :‬‬ ‫(( (‬

‫‪112‬‬
‫ )‪(4‬قال سلمة بن عبد امللك‪« :‬دخلت عىل عمر بن عبد العزيز‬
‫أعوده يف مرضه فإذا عليه قميص وسخ‪ ،‬فقلت لفاطمة‪ :‬يا فاطمة‬
‫اغسيل قميص أمري املؤمنني‪ ،‬قالت‪ :‬نفعل إن شاء هللا‪ ،‬ثم عدت‬
‫فإذا القميص عىل حاله‪ ،‬فقلت‪ :‬يا فاطمة أمل أمركم أن تغسلوا‬
‫قميص أمري املؤمنني فإن الناس يعودونه‪ ،‬قالت‪ :‬وهللا ماله‬
‫قميص‪ ‬غريه»(((‪.‬‬
‫ )‪(5‬قال الحسن‪« :‬لقيت أقواماً كانوا فيام أحل هللا لهم أزهد منكم‬
‫فيام حرم هللا عليكم‪ .‬ولقد لقيت أقواماً كانوا من حسناتهم‬
‫أشفق أن ال تقبل منهم من سيئاتكم‪ .‬ولقد صحبت أقواماً كان‬
‫أحدهم يأكل عىل األرض وينام عىل األرض»(((‪.‬‬
‫ )‪(6‬قال الفضيل البن املبارك‪ :‬أنت تأمرنا بالزهد والتقلل وال ُبلْغة‪،‬‬
‫ونراك تأيت بالبضائع! كيف ذا؟ قال‪ :‬يا أبا عيل‪ ،‬إمنا أفعل ذا ألصون‬
‫وجهي‪ ،‬وأكرم عريض‪ ،‬وأستعني به عىل طاعة ريب‪ .‬قال‪ :‬يا ابن‬
‫املبارك ما أحسن ذا إن ت َّم ذا(((‪..‬‬

‫أقوال مضيئة‪:‬‬
‫ )‪(1‬عن الحسن ‪ ‬قال‪« :‬ليس الزهد يف الدنيا بتحريم الحالل‪،‬‬
‫وإضاعة املال‪ ،‬ولكن أن تكون مبا يف يد هللا أوثق منك مبا يف‬
‫يدك‪ ،‬وأن تكون يف ثواب املصيبة إذا أصبت بها أرغب منك فيها‬
‫لو مل تصبك»(((‪.‬‬
‫الحلية‪.258/5 :‬‬ ‫(( (‬
‫صفة الصفوة‪.227/3 :‬‬ ‫(( (‬
‫سري أعالم النبالء‪.387/8 :‬‬ ‫((( ‬
‫بصائر ذوي التمييز‪.140/3 :‬‬ ‫(( (‬

‫‪113‬‬
‫ )‪(2‬قال ابن القيم ‪ :‬الزهد أقسام‪ :‬زهد يف الحرام وهو‪ :‬فرض‬
‫عني‪ .‬وزهد يف الشبهات وهو‪ :‬بحسب مراتب الشبهة‪ ،‬فإن قويت‬
‫التحق بالواجب‪ ،‬وإن ضعفت كان مستحباً‪ .‬وزهد يف الفضول‪،‬‬
‫وزهد فيام ال يعني من الكالم والنظر والسؤال واللقاء وغريه‪،‬‬
‫وزهد يف الناس‪ ،‬وزهد يف النفس حني تهون عليه نفسه يف هللا‪.‬‬
‫وزهد جامع ذلك كله وهو‪ :‬الزهد فيام سوى ما عند هللا‪ ،‬ويف كل‬
‫ما يشغلك عن هللا‪ ،‬وأفضل الزهد‪ :‬إخفاء الزهد‪ ،‬وأصعبه‪ :‬الزهد‬
‫يف الحظوظ(((‪..‬‬
‫ )‪(3‬ذكر ابن رجب ثالثة أشياء تعني عىل الزهد فقال‪« :‬أحدها‪ :‬علم‬
‫َ َ‬
‫العبد أن الدنيا ظل زائل‪ ،‬وخيال زائر‪ ،‬فهي كام قال تعاىل‪﴿ :‬ك َمث ِل‬
‫َ ۡ َ ۡ َ َ ۡ ُ َّ َ َ َ ُ ُ ُ َّ َ ُ َ َ َ ٰ ُ ُ ۡ َ ّٗ ُ َّ َ ُ ُ‬
‫ث أعجب ٱلكفار نباتهۥ ثم ي ِهيج فتىه مصفرا ثم يكون‬ ‫غي ٍ‬
‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫ََ‬
‫﴿متٰ ُع ٱلغ ُرورِ ‪ (((﴾20‬ونهى عن االغرتار بها‪،‬‬ ‫ُح َطٰ ٗماۖ ﴾ وسامها‬
‫وأخربنا عن سوء عاقبة املغرتين‪ ،‬وحذرنا مثل مصارعهم وذم من‬
‫ريض بها واطأمن بها‪.‬‬
‫الثاين‪ :‬علمه أن وراءها دارا ً أعظم منها قدرا ً وأجل خطرا ً‪ ،‬وهي‬
‫دار البقاء‪ ،‬فالزهد فيها لكامل الرغبة فيام هو أعظم منها‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬معرفته وإميانه الحق بأن زهده فيها ال مينعه شيئاً كتب له‬
‫منها‪ ،‬وأن حرصه عليها ال يجلب له ما مل يُقْض له منها‪ ،‬فمتى تيقن‬
‫ذلك ثلج له صدره‪ ،‬وعلم أن مضمونه منها سيأيت»(((‪.‬‬

‫((( الفوائد‪.118 :‬‬


‫((( الحديد‪.20 :‬‬
‫(( ( جامع العلوم والحكم‪ ،255-254 :‬باختصار‪.‬‬

‫‪114‬‬
‫مراجع ُم ِعينة‪:‬‬
‫ )‪(1‬جامع العلوم والحكم‪ ،‬البن رجب‪.‬‬
‫ )‪(2‬مخترص منهاج القاصدين‪ ،‬البن قدامة‪.‬‬
‫ )‪(3‬مدارج السالكني‪ ،‬البن القيم‪.‬‬
‫ )‪(4‬اآلداب الرشعية‪ ،‬البن مفلح‪.‬‬

‫‪115‬‬
‫حسن الخلق‬
‫وصف يجمع الصفات الحسنة واألخالق الكرمية‪ ،‬كالصرب والعفة‬
‫والشجاعة والعدل ‪-‬وهذه أركان حسن الخلق‪ ،-‬وكالصدق والحياء‬
‫واألمانة وطيب الكالم‪ ،‬وتجنب البخل والحسد والعجلة‪.‬‬
‫وهو عنوان استقامة العالقات مع الناس وسالمتها‪ ،‬ميلك القلوب‪،‬‬
‫ويدفع العداوات‪ ،‬ويخترص املسافات‪ ،‬ويسهم يف حل املشكالت‪.‬‬

‫عناصر مقترحة‪:‬‬
‫ )‪(1‬متهيد‪ :‬اإلميان اعتقاد وقول وعمل‪.‬‬
‫ )‪(2‬حسن الخلق من اإلميان‪.‬‬
‫ )‪(3‬معنى حسن الخلق‪.‬‬
‫ )‪(4‬فضائل حسن الخلق‪.‬‬
‫ )‪(5‬مناذج من األخالق الحسنة‪.‬‬
‫ )‪(6‬حسن الخلق يأرس القلوب (وسوؤه ينفرها)‪.‬‬
‫ )‪(7‬أوىل الناس باملعاملة الحسنة (أقربهم‪ :‬الوالدان‪ ،‬الزوجة‪ ،‬األوالد‪،‬‬
‫األقارب‪ ،‬اإلخوة يف هللا‪.)..‬‬
‫ )‪(8‬طرق اكتساب الخلق الحسن‪.‬‬
‫ ‪ .‬أمعرفة األخالق الحسنة وفضلها وطرق تحصيلها‪.‬‬
‫ ‪.‬بالنظر يف سرية النبي ‪ ‬وصحبه وسلف األمة‬
‫والصالحني‪.‬‬

‫‪116‬‬
‫ ‪.‬جالتدرب والتعود (العفة بالتعفف‪ ،‬وغنى النفس باالستغناء‪،‬‬
‫والحلم بالتحلم‪ ،‬والصرب بالتصرب‪.)..‬‬
‫هدايات قرآنية‪:‬‬
‫ل ُخلُق َ‬ ‫ٰ‬ ‫َّ َ َ َ َ‬
‫يم‪.(((﴾4‬‬ ‫ٍ ِ ٖ‬‫ظ‬ ‫ع‬ ‫ )‪(1‬قال تعاىل‪ِ﴿ :‬إَونك لع‬
‫َُ ُ ْ‬
‫اس ُح ۡس ٗنا﴾(((‪.‬‬ ‫﴿وقولوا ل َِّلن ِ‬ ‫ )‪(2‬وسبحانه‪:‬‬
‫َ َُ ۡ َ َۡ ُ َ َ ّ ً‬ ‫َّ‬ ‫ )‪(3‬وقال سبحانه‪﴿ :‬فَب َما َر ۡ َ‬
‫حةٖ ّم َِن ٱللِ لِ ت لهمۖ ولو كنت فظا‬ ‫ۡ ۡ َ ِ‬
‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ْ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬
‫ب لنفضوا مِن حول ِك ۖ﴾(((‪.‬‬ ‫غل ِيظ ٱل ِ‬
‫ل‬ ‫ق‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫َّ ّ َ ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ه‬‫ٱدف ۡع بِٱلت ِ َ‬
‫ِ‬ ‫ٱل َس َنة َول َٱلسيِئة ۚ‬ ‫﴿ول ت ۡس َتوي َ‬
‫ِ‬
‫ )‪(4‬وقال ‪َ :‬‬
‫‪ٞ‬‬ ‫َ ۡ َ ُ َ َ َّ َ ۡ َ َ َ َ ۡ َ ُ َ َ ٰ َ ‪َ ٌّ َ ُ َّ َ ٞ‬‬
‫أحسن فإِذا ٱلِي بينك وبينهۥ عدوة كأنهۥ و ِل حِيم‪. ﴾34‬‬
‫(((‬

‫قبسات نبوية‪:‬‬
‫ )‪(1‬عن أيب ذر ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول هللا ‪(( :‬ات َّقِ‬
‫اس‬ ‫حها‪ ،‬وخالقِ ال َّن َ‬ ‫الس ِّيئ َة الحسن َة مت ُ‬
‫كنت‪ ،‬وأتبعِ َّ‬ ‫َ‬ ‫حيثُام‬
‫هللا َ‬
‫َ‬
‫بخُلقٍ ‪ ‬حسنٍ ))(((‪.‬‬
‫ )‪(2‬عن حذيفة بن اليامن ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول هللا ‪:‬‬
‫ْت يف‬ ‫بعبد ِمن ِعبا ِد ِه آتا ُه ُ‬
‫هللا ماالً‪ ،‬فقال ل ُه‪ :‬ماذا َع ِمل َ‬ ‫هللا ٍ‬‫((أَ َت ُ‬
‫َ َ ۡ ُ ُ َ َّ َ َ ٗ‬ ‫َ‬
‫رب‪،‬‬ ‫ال ُّدنيا؟ قال‪﴿ :‬ول يكتمون ٱلل حدِيثا ‪ (((﴾ 42‬قال‪ :‬يا ِّ‬
‫فكنت‬
‫ُ‬ ‫جوازُ‪،‬‬‫خلُقي ال َ‬‫اس‪ ،‬وكان ِمن ُ‬ ‫فكنت أُبا ِي ُع ال َّن َ‬
‫ُ‬ ‫آتَ ْيتَني ماالً‬

‫القلم‪.4 :‬‬ ‫(( (‬


‫البقرة‪.83 :‬‬ ‫((( ‬
‫آل عمران‪.159 :‬‬ ‫(( (‬
‫فصلت‪.34 :‬‬ ‫((( ‬
‫الرتمذي‪ ،1987 :‬وحسنه األلباين يف صحيح الجامع‪.97 :‬‬ ‫(( (‬
‫النساء ‪.42‬‬ ‫(( (‬

‫‪117‬‬
‫بذلك‬ ‫ح ُّق َ‬ ‫هللا تعاىل‪ :‬أنا أَ َ‬ ‫س‪ .‬فقال ُ‬ ‫ُوس‪ ،‬وأُ ِ‬
‫نظ ُر امل ُ ْع ِ َ‬ ‫س عىل امل ِ ِ‬ ‫أُيَ ِّ ُ‬
‫منك‪ ،‬ت َجا َوزوا عن عبدي))(((‪.‬‬ ‫َ‬
‫ )‪(3‬عن أيب الدرداء ‪ ‬قال سمعت النبي ‪ ‬يقول‪(( :‬ما‬
‫ب‬ ‫صاح َ‬‫ِ‬ ‫خلُقِ ‪ ،‬وإ َّن‬ ‫ح ْسنِ ال ُ‬
‫ْقل من ُ‬ ‫من يش ٍء يُوضَ ُع يف املِيزانِ أث ُ‬
‫وم والصال ِة))(((‪.‬‬ ‫الص ِ‬
‫ب َّ‬ ‫ِ‬
‫صاح ِ‬ ‫حسنِ الخلُقِ ل َيبلُ ُغ ب ِه د َرج َة‬ ‫ُ‬
‫ِ ُّ‬
‫((الب‬ ‫ )‪(4‬عن النواس بن سمعان ‪ ‬عن النبي ‪ ‬قال‪:‬‬
‫ت أَ ْن يَطَّلِ َع‬ ‫ص ْدر َِك‪َ ،‬وكَ ِر ْه َ‬‫اك يف َ‬ ‫ح َ‬‫إلث ْ ُم ما َ‬ ‫خلُقِ ‪َ ،‬وا ِ‬ ‫ح ْس ُن ال ُ‬ ‫ُ‬
‫اس))(((‪.‬‬ ‫عليه‪ ‬ال َّن ُ‬
‫ )‪(5‬عن أيب ذر الغفاري ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول هللا ‪(( :‬ال‬
‫ج ٍه طَلْقٍ ))(((‪.‬‬ ‫َعروف شيئاً‪ ،‬ولو أ ْن تَلْقَى َ‬
‫أخاك ب َو ْ‬ ‫ِ‬ ‫ح ِق َر َّن ِم َن امل‬ ‫تَ ْ‬
‫ )‪(6‬عن ابن عمر ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول هللا ‪ ...(( :‬و َم ْن‬
‫ك ْم معروفاً فَكَا ِفئُو ُه‪ ،‬فإ ْن ملْ تج ُدوا ما تكا ِفئونَ ُه‪ ،‬فا ْد ُعوا‬ ‫ص َن َع إلي ُ‬ ‫َ‬
‫ك ْم ق ْد كافَأْتُ ُو ُه))(((‪.‬‬ ‫ل ُه حتى تَ َر ْوا أنَّ ُ‬
‫ )‪(7‬عن جابر ‪ ‬أن رسول هللا ‪ ‬قال‪(( :‬إ َّن من‬
‫يل وأقربكم م ِّني مجلساً يو َم القيام ِة أحاس َنكُم أخالقاً‬ ‫أحبِّكم إ َّ‬
‫الثثارو َن‬ ‫يل وأبع َدكم م ِّني مجلساً يو َم القيام ِة َّ‬ ‫وإ َّن أبغضَ كم إ َّ‬
‫واملتش ِّدقو َن واملتفَيهِقون))‪ ،‬قالوا‪ :‬يا رسول هللا‪ ،‬قد علمنا‬
‫((املتكبونَ))(((‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫الرثثارون واملتشدقون‪ ،‬فام املتفيهقون؟ قال‪:‬‬

‫البخاري‪ ،3480 :‬مسلم‪.1560 :‬‬ ‫((( ‬


‫الرتمذي‪ ،2003 :‬أبو داود‪ ،4799 :‬وصححه األلباين يف صحيح الجامع‪.5726 :‬‬ ‫(( (‬
‫مسلم‪.2553 :‬‬ ‫((( ‬
‫مسلم‪.2626 :‬‬ ‫((( ‬
‫أبو داود‪ ،1672 :‬وصححه األلباين يف صحيح الجامع‪.6021 :‬‬ ‫(( (‬
‫الرتمذي‪ ،2018 :‬وحسنه األلباين يف صحيح الجامع‪.2201 :‬‬ ‫(( (‬

‫‪118‬‬
‫أمثلة تطبيقية‪:‬‬
‫ )‪(1‬سئلت عائشة ‪ ‬عن خلق رسول هللا ‪ ‬فقالت‪:‬‬
‫«كان خلقه القرآن»((( أي‪ :‬يتخلق بأخالق القرآن‪ ،‬فيفعل ما يأمر‬
‫به‪ ،‬ويرتك ما ينهى عنه‪.‬‬
‫ )‪(2‬وصف خديجة للنبي ‪ ‬بعدما أفزعه هول الوحي أول‬
‫مرة‪ ،‬حني قالت‪« :‬كال‪ ،‬وهللا ال يخزيك هللا أبدا ً‪ ،‬إنك لتصل‬
‫الرحم‪ ،‬وتحمل الكل‪ ،‬وتكسب املعدوم‪ ،‬وتقري الضيف‪ ،‬وتعني‬
‫عىل نوائب الحق»(((‪..‬‬
‫ )‪(3‬عن عائشة ‪ ‬قالت‪« :‬ما رضب رسول هللا ‪ ‬شيئاً‬
‫قط بيده‪ ،‬وال امرأة وال خادماً‪ ،‬إال أن يجاهد يف سبيل هللا‪ ،‬وما‬
‫نيل منه يشء قط فينتقم من صاحبه إال أن ينتهك يشء من محارم‬
‫هللا فينتقم هلل ‪.(((»‬‬
‫ )‪(4‬عن أنس ‪ ‬قال‪« :‬خدمت النبي ‪ ‬عرش سنني فام‬
‫أف قط‪ ،‬وما قال ليشء صنعته مل صنعته‪ ،‬وال ليشء تركته‬ ‫قال يل ٍّ‬
‫مل تركته»(((‪.‬‬
‫ )‪(5‬عن أنس ‪ ‬قال‪« :‬كانت األمة من إماء أهل املدينة لتأخذ‬
‫بيد رسول هللا ‪ ‬فتنطلق به حيث شاءت»(((‪.‬‬
‫ )‪(6‬عن أنس ‪ ‬قال‪« :‬كنت أميش مع النبي ‪ ‬وعليه‬
‫أحمد‪ ،24629 :‬وصححه األلباين يف صحيح الجامع‪.4811 :‬‬ ‫(( (‬
‫البخاري‪ ،4954 :‬مسلم‪.160 :‬‬ ‫((( ‬
‫مسلم‪.2328 :‬‬ ‫((( ‬
‫البخاري‪ ،6038 :‬مسلم‪ 2330 :‬واللفظ له‪.‬‬ ‫((( ‬
‫البخاري‪.6072 :‬‬ ‫((( ‬

‫‪119‬‬
‫برد نجراين غليظ الحاشية‪ ،‬فأدركه أعرايب فجذبه جذبة شديدة‪،‬‬
‫حتى نظرت إىل صفحة عاتق النبي ‪ ‬قد أثرت به‬
‫حاشية الرداء من شدة جذبته‪ ،‬ثم قال‪ُ :‬م ْر يل من مال هللا الذي‬
‫فالتفت إليه فضحك ثم أمر له بعطاء»(((‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫عندك‪،‬‬
‫أقوال مضيئة‪:‬‬
‫ )‪(1‬عن الحسن قال‪« :‬حسن الخلق‪ :‬بسط الوجه‪ ،‬وبذل الندى‪،‬‬
‫وكف األذى»(((‪.‬‬
‫ )‪(2‬قال ابن القيم‪« :‬جمع النبي ‪ ‬بني تقوى هللا وحسن‬
‫الخلق؛ ألن تقوى هللا تصلح ما بني العبد وبني ربه‪ ،‬وحسن‬
‫الخلق يصلح ما بينه وبني الخلق‪ ،‬فتقوى هللا توجب له محبة‬
‫هللا‪ ،‬وحسن الخلق يدعو الناس إىل محبته»(((‪.‬‬
‫ )‪(3‬قال الغزايل‪« :‬جمع بعضهم عالمات حسن الخلق فقال‪ :‬هو أن‬
‫يكون كثري الحياء‪ ،‬قليل األذى‪ ،‬كثري الصالح‪ ،‬صدوق اللسان‪،‬‬
‫قليل الكالم‪ ،‬كثري العمل‪ ،‬قليل الزلل‪ ،‬قليل الفضول‪ ،‬برا ً وصوالً‬
‫وقورا ً صبورا ً شكورا ً رضياً حليامً رفيقاً عفيفاً شفيقاً‪ ،‬ال لعاناً وال‬
‫سباباً‪ ،‬وال مناماً وال مغتاباً‪ ،‬وال عجوالً‪ ،‬وال حقودا ً‪ ،‬وال بخيالً‪،‬‬
‫وال حسودا ً‪ ،‬بشاشاً هشاشاً‪ ،‬يحب يف هللا‪ ،‬ويبغض يف هللا‪ ،‬ويرىض‬
‫يف هللا‪ ،‬ويغضب يف هللا‪ ،‬فهذا هو حسن الخلق»(((‪.‬‬

‫البخاري‪ ،3149 :‬مسلم‪.1057 :‬‬ ‫((( ‬


‫اإلحياء‪.75/3 :‬‬ ‫(( (‬
‫الفوائد‪.75 :‬‬ ‫((( ‬
‫اإلحياء‪.75/3 :‬‬ ‫(( (‬

‫‪120‬‬
‫ )‪(4‬قال املاوردي‪« :‬إذا حسنت أخالق اإلنسان كرث مصادقوه‪ ،‬وقل‬
‫معادوه‪ ،‬فتسهلت عليه األمور الصعاب‪ ،‬والنت له القلوب‬
‫الغضاب»(((‪.‬‬
‫ )‪(5‬قال الغزايل‪« :‬أمهات األخالق وأصولها أربعة‪ :‬الحكمة والشجاعة‬
‫والعفة والعدل»(((‪.‬‬
‫ )‪(6‬قال ابن القيم‪« :‬وحسن الخلق يقوم عىل أربعة أركان ال يتصور‬
‫قيام ساقه إال عليها‪ :‬الصرب والعفة والشجاعة والعدل‪.‬‬
‫فالصرب يحمله عىل االحتامل وكظم الغيظ وكف األذى والحلم‬
‫واألناة والرفق وعدم الطيش والعجلة‪.‬‬
‫والعفة تحمله عىل اجتناب الرذائل‪ ،‬والقبائح من القول والفعل‪،‬‬
‫وتحمله عىل الحياء وهو رأس كل خري‪ ،‬ومتنعه من الفحشاء والبخل‬
‫والكذب والغيبة والنميمة‪.‬‬
‫والشجاعة تحمله عىل عزة النفس وإيثار معايل األخالق والشيم‪،‬‬
‫وعىل البذل والندى ‪-‬الذي هو شجاعة النفس وقوتها عىل إخراج‬
‫املحبوب ومفارقته‪ ،-‬وتحمله عىل كظم الغيظ والحلم ‪-‬فإنه‬
‫بقوة نفسه وشجاعتها ميسك عنائها ويكبحها بلجامها عن النزع‬
‫والبطش‪ ،-‬كام قال‪« :‬ليس الشديد بالرصعة‪ ،‬وإمنا الشديد الذي‬
‫ميلك نفسه عند الغضب»‪ ،‬وهو حقيقة الشجاعة وهي َملَكة يقتدر‬
‫بها العبد عىل قهر خصمه‪.‬‬
‫والعدل يحمله عىل اعتدال أخالقه وتوسطه فيها بني طريف اإلفراط‬
‫والتفريط‪ ،‬فيحمله عىل خلق الجود والسخاء الذي هو توسط بني‬
‫((( أدب الدنيا والدين‪.236 :‬‬
‫(( ( اإلحياء‪.54/3 :‬‬

‫‪121‬‬
‫الذل والقحة‪ ،‬وعىل خلق الشجاعة الذي هو توسط بني الجنب‬
‫والتهور‪ ،‬وعىل خلق الحلم الذي هو توسط بني الغضب واملهانة‬
‫وسقوط النفس‪ ،‬ومنشأ جميع األخالق الفاضلة من هذه األربعة»(((‪.‬‬

‫مراجع ُم ِعينة‪:‬‬
‫ )‪(1‬مخترص الشامئل املحمدية‪ ،‬للرتمذي‪.‬‬
‫ )‪(2‬مدارج السالكني‪ ،‬البن القيم‪.‬‬
‫ )‪(3‬أدب الدنيا والدين‪ ،‬للاموردي‪.‬‬
‫ )‪(4‬اآلداب الرشعية‪ ،‬البن مفلح‪.‬‬
‫ )‪(5‬الزواجر‪ ،‬البن حجر الهيتمي‪.‬‬

‫((( املدارج‪.308/2 :‬‬

‫‪122‬‬
‫بر الوالدين‬
‫هو القيام بحقوقهام واإلحسان إليهام بطيب املعاملة قوالً وفعالً‪،‬‬
‫وبإكرام صديقهام بعد موتهام‪ .‬وضده‪ :‬العقوق‪ ،‬وهو تضييع الحقوق‬
‫واإلساءة‪ ،‬ولو بنظرة أو جزء كلمة!‬
‫ويكفي أن هللا أمر بربهام بعد األمر بتوحيده‪ ،‬وأوجب إحسان‬
‫معاملتهام‪ ،‬ولو أمرا بالرشك واملعصية ‪ -‬مع نهيه تعاىل عن طاعتهام يف‬
‫ذلك؛ إذ ال طاعة ملخلوق يف معصية الخالق ‪.-‬‬

‫عناصر مقترحة‪:‬‬
‫ )‪(1‬عظم حق الوالدين‪.‬‬
‫ )‪(2‬معنى بر الوالدين‪.‬‬
‫ )‪(3‬فضائل برهام‪.‬‬
‫ )‪(4‬صور وأمثلة للرب‪.‬‬
‫ )‪(5‬مظاهر منافية للرب‪.‬‬
‫ )‪(6‬كفر الوالدين أو فسقهام ال يسقط حقهام يف الرب‪.‬‬
‫ )‪(7‬الرب مستمر بعد املوت‪.‬‬
‫ )‪(8‬أمور معينة عىل الرب‪( :‬تصور معاناتهام وشدة حبهام وحرصهام‪،‬‬
‫معرفة حقهام‪ ،‬تلمس رغباتهام بشكل غري مبارش‪.)..‬‬
‫ )‪(9‬من طرق الرب‪( :‬معرفة ما يحبانه ومحاولة فعله‪ ،‬معرفة ما‬
‫يكرهانه والحرص عىل تجنبه‪ ،‬التلطف غاية اللطف يف نصحهام‬

‫‪123‬‬
‫وتوجيههام ورعايتهام‪ ،‬ضبط النفس والتحلم وتجنب الغضب‬
‫أمامهام مهام كان السبب‪.)..‬‬

‫هدايات قرآنية‪:‬‬
‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ٗۡ َ ۡ‬ ‫َ ۡ ُ ُ ْ َّ َ َ َ ُ ۡ ُ ْ‬
‫ٰ‬
‫شكوا بِهِۦ شياۖ وبِٱلو ِلي ِن‬ ‫ٔ‬ ‫ )‪(1‬قال هللا ‪۞﴿ :‬وٱعبدوا ٱلل ول ت ِ‬
‫س ٗنا﴾(((‪.‬‬ ‫إ ِ ۡح َ ٰ‬
‫ج ٰ َه َد َ‬ ‫نس َن ب َو ٰ ِ َليۡهِ ُح ۡس ٗناۖ ِإَون َ‬ ‫ٰ‬ ‫َ َ َّ ۡ َ ۡ َ‬
‫اك‬ ‫ِ‬ ‫ٱل‬‫ )‪(2‬وقال ‪﴿ :‬ووصينا ِ‬
‫ٓ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ۡ‬
‫ش َك ِب َما ل ۡي َس لك بِهِۦ عِل ‪ٞ‬م فل ت ِط ۡع ُه َما﴾(((‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ل ِت‬
‫َ ۡ ُ ُ ٓ ْ ٓ َّ ُ َ ۡ َ َ ۡ ۡ َ ٰ ً‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫سنا ۚ‬ ‫ض َر ُّبك أل تعبدوا إِل إِياه وبِٱلو ٰ ِلي ِن إِح‬
‫َ‬ ‫﴿۞وقَ َ ٰ‬
‫َ‬ ‫ )‪(3‬قال تعاىل‪:‬‬
‫َ َ ۡ َ َ َ َ ُ ُ َ ٓ َ ۡ َ ُ َ َ َ َ ُ َّ ُ َ ٓ ُ ّ‬ ‫َُ‬
‫إ ِ َّما َي ۡبلغ َّن عِندك ٱلكِب أحدهما أو ِكهما فل تقل لهما أ ٖف‬
‫َ ۡ ۡ َ ُ َ َ َ َ ُّ ّ‬
‫اح ٱذل ِل‬ ‫يما‪ 23‬وٱخفِض لهما جن‬ ‫َو َل َت ۡن َه ۡر ُه َما َوقُل ل َّ ُه َما قَ ۡو ٗل َكر ٗ‬
‫ِ‬
‫ٗ‬
‫ان ص ِغريا‪.(((﴾24‬‬ ‫َ‬ ‫ح ُه َما َك َما َرب َ‬
‫ي‬ ‫َّ‬ ‫َ َّ ۡ َ َ ُ َّ ّ ۡ َ ۡ‬
‫ب ٱر‬
‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫مِن ٱلرحةِ وقل ر ِ‬
‫َ‬
‫َ ٰ َ َ ٰ َ ۡ َ َ َ ۡ ُ ُّ ُ َ ۡ ً َ ٰ ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ َّ ۡ َ‬
‫ع َوه ٖن‬ ‫ٱلنسن بِو ِليهِ حلته أمهۥ وهنا‬ ‫ )‪(4‬وقال تعاىل‪﴿ :‬ووصين َا ِ‬
‫ك إ َ َّل ٱل ۡ َم ِص ُ‬ ‫َ َ َۡ َ‬ ‫ۡ ُۡ‬ ‫َ َۡ‬ ‫َوف َِصٰلُ ُ‬
‫ري‪ِ 14‬إَون‬ ‫ي أ ِن ٱشكر ِل ول ِو ٰ ِلي ِ‬ ‫ِ‬ ‫م‬ ‫ع‬ ‫ف‬ ‫ِ‬ ‫ۥ‬ ‫ه‬
‫ك بهِۦ ع ِۡل ‪ٞ‬م فَ َل تُ ِط ۡع ُهماَۖ‬ ‫َ َۡ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ٰ َ َ َ َ َ ٰٓ َ ُ ۡ‬
‫جهداك ع أن تشك ب ما ليس ل ِ‬
‫ُّ ۡ َ ِ َ ۡ ِ ُ ٗ َ َّ ۡ َ َ َ ۡ َ َ َ َ َّ ُ َّ ََّ‬
‫َو َصاح ِۡب ُه َما ِف ٱدلنيا معروفاۖ وٱتبِع سبِيل من أناب إِل ۚ ثم إِل‬
‫َ ۡ ُ ُ ۡ ََُّ ُ ُ َ ُ ُ ۡ َ ۡ َ ُ َ‬
‫جعكم فأنبِئكم بِما كنتم تعملون‪. ﴾15‬‬
‫(((‬
‫مر ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫سنا ۖ َ َ‬ ‫ۡ‬
‫حل ۡت ُه أ ُّم ُهۥ‬ ‫نس َن ب ِ َو ٰ ِ َليۡهِ إ ِ ۡح َ ٰ‬ ‫ٱل َ ٰ‬ ‫َ َ َّ ۡ َ‬
‫ )‪(5‬وقال سبحانه‪﴿ :‬ووصينا ِ‬
‫ُ ۡ ٗ َ َ َ َ ۡ ُ ُ ۡ ٗ َ َ ۡ ُ ُ َ َ ٰ ُ ُ َ َ ٰ ُ َ َ ۡ ً َ َّ ٰٓ َ َ َ‬
‫ت إِذا بَلغ‬ ‫كرها ووضعته كرهاۖ وحلهۥ وف ِصلهۥ ثلثون شه ۚرا ح‬
‫النساء‪.36 :‬‬ ‫(( (‬
‫العنكبوت‪.8 :‬‬ ‫((( ‬
‫اإلرساء‪.24-23 :‬‬ ‫((( ‬
‫لقامن‪.15-14 :‬‬ ‫(( (‬

‫‪124‬‬
‫ك َّٱل ِتٓ‬ ‫َ ُ َّ ُ َ َ َ َ َ ۡ َ َ َ َ ٗ َ َ َ ّ َ ۡ ۡ ٓ َ ۡ َ ۡ ُ َ ۡ َ َ َ‬
‫ب أوزِع ِن أن أشكر ن ِعمت‬ ‫أ َشدهۥ وبلغ أربعِني سنة ق َال َر ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ۡ ۡ َ َ‬
‫ع َو ٰ ِ َل َّي َوأن أع َمل صٰل ِٗحا ت ۡرضى ٰ ُه َوأ ۡصل ِۡح ِل ِف‬ ‫ع َو َ َ ٰ‬
‫ت َ َ َّ‬ ‫أ ۡن َع ۡم َ‬
‫َ ُ ْ َ ٰٓ َ َّ َ َ َ َ َّ ُ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ ّ َّ ٓ ّ ُ ۡ ُ َ ۡ َ ّ‬
‫ِإَون م َِن ٱل ُم ۡسل ِ ِمني‪ 15‬أولئِك ٱلِين نتقبل‬ ‫ذرِي ِتۖ َإ ِ ِن تبت إِلك ِ‬
‫َ َّۡ‬ ‫َ‬
‫ف أ ۡص َ‬ ‫َ‬
‫او ُز َعن َس ّي ٔاتِه ۡ‬ ‫َع ۡن ُه ۡم أ ۡح َس َن َما َعملُوا ْ َو َن َت َ‬
‫ج َ‬
‫ب ٱلنةِۖ‬ ‫ِ‬ ‫ٰ‬ ‫ح‬ ‫ٓ‬ ‫ِ‬ ‫م‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ۡ َ ّ‬
‫ٱلص ۡد ِق ٱلِي كنوا يُوع ُدون‪.(((﴾16‬‬ ‫َوعد ِ‬

‫قبسات نبوية‪:‬‬
‫ )‪(1‬عن عبد هللا بن مسعود قال سألت النبي ‪ :‬أي العمل‬
‫عل وقْ ِتها))‪ ،‬قال‪ :‬ثم أي؟ قال‪(( :‬ث ُ َّم‬ ‫((الصال ُة َ‬
‫َّ‬ ‫أحب إىل هللا؟ قال‪:‬‬
‫ب ُّر الوالِ َديْنِ ))‪ ،‬قال‪ :‬ثم أي؟ قال‪(( :‬الجِها ُد يف َسبيلِ ِ‬
‫هللا))(((‪.‬‬
‫ )‪(2‬عن عبد هللا بن عمرو ‪ ‬قال‪ :‬جاء رجل إىل النبي ‪‬‬
‫ح ٌّي والِ َد َاك؟)) قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪:‬‬ ‫فاستأذنه يف الجهاد‪ ،‬فقال‪(( :‬أ َ‬
‫جا ِه ْد))(((‪.‬‬ ‫((فَ ِفيهِام فَ َ‬
‫ )‪(3‬عن عبد هللا بن عمر أن رجالً من األعراب لقيه بطريق مكة‬
‫فسلم عليه عبد هللا‪ ،‬وحمله عىل حامر كان يركبه‪ ،‬وأعطاه عامم ًة‬
‫كانت عىل رأسه‪ ،‬فقال ابن دينار‪ :‬فقلنا له‪ :‬أصلحك هللا؛ إنهم‬
‫األعراب وإنهم يرضون باليسري‪ ،‬فقال عبد هللا‪ :‬إن أبا هذا كان‬
‫ُو َّدا ً لعمر بن الخطاب‪ ،‬وإين سمعت رسول هللا ‪ ‬يقول‪:‬‬
‫الب ِصلَ ُة ال َول َِد أَ ْه َل ُو ِّد أَبِي ِه))(((‪.‬‬
‫((إ َّن أَبَ َّر ِ ِّ‬
‫األحقاف‪.16-15 :‬‬ ‫((( ‬
‫البخاري‪ ،5970 :‬ومسلم‪.85 :‬‬ ‫((( ‬
‫البخاري‪ ،3004 :‬مسلم‪.2549 :‬‬ ‫((( ‬
‫مسلم‪.2552 :‬‬ ‫((( ‬

‫‪125‬‬
‫ )‪(4‬عن أيب هريرة قال‪ :‬قال رسول هللا ‪َ (( :‬ر ِغ َم أنْ ُف ُه‪ ،‬ث ُ َّم‬
‫َر ِغ َم أنْ ُف ُه‪ ،‬ث ُ َّم َر ِغ َم أنْ ُف ُه))‪ ،‬قيل‪ :‬من يا رسول هللا؟ قال‪َ (( :‬من أ ْد َر َك‬
‫ج َّن َة))(((‪.‬‬ ‫خلِ ال َ‬ ‫ح َد ُهام‪ ،‬أ ْو كِلَ ْيهِام‪ ،‬ث ُ َّم لَ ْم يَ ْد ُ‬
‫ك َبِ‪ ،‬أ َ‬ ‫والِ َديْ ِه ِع ْن َد ال ِ‬
‫ )‪(5‬عن أسامء بنت أيب بكر قالت‪ :‬قدمت عيل أمي وهي مرشك ٌة‬
‫يف عهد قريش إذ عاهدهم‪ ،‬فاستفتيت رسول هللا ‪‬‬
‫يل أمي وهي راغب ٌة‪ ،‬أفأصل أمي؟‬ ‫فقلت‪ :‬يا رسول هللا قدمت ع َّ‬
‫ك))(((‪.‬‬ ‫قال‪(( :‬نع ْم‪ِ ،‬ص ِل أ َّم ِ‬

‫أمثلة تطبيقية‪:‬‬
‫ )‪(1‬عن أيب هريرة ‪ ‬قال‪ :‬كنت أدعو أمي إىل اإلسالم وهي‬
‫مرشكة فدعوتها يوماً فأسمعتني يف رسول هللا ما أكره‪ ،‬فأتيت‬
‫رسول هللا ‪ ‬وأنا أبيك‪ ،‬قلت‪ :‬يا رسول هللا‪ ،‬إين كنت‬
‫أدعو أمي إىل اإلسالم فتأىب عيل‪ ،‬فدعوتها اليوم فأسمعتني فيك‬
‫ما أكره‪ ،‬فادع هللا أن يهدي أم أيب هريرة‪ ،‬فقال رسول هللا‬
‫‪(( :‬الل ُه َّم ا ْه ِد أُ َّم أَ ِب ُه َريْ َرةَ)) فخرجت مستبرشا ً‬
‫بدعوة نبي هللا ‪ ...‬الحديث‪ ،‬وذكر فيه أنها أسلمت(((‪.‬‬
‫وأعظم إحسان إىل الوالدين‪ :‬دعوتهام إىل الخري‪.‬‬
‫ )‪(2‬قال أبو موىس األشعري ‪ ‬شهد ابن عمر ‪ ‬رجالً ميانياً‬
‫يطوف بالبيت حمل أمه وراء ظهره يقول‪:‬‬

‫((( مسلم‪.2551 :‬‬


‫((( البخاري‪ ،2620 :‬ومسلم‪.1003 :‬‬
‫((( مسلم‪.2491 :‬‬

‫‪126‬‬
‫ريهـــــا امل ُذلَّـل‬
‫إين لهـــــا بع ُ‬
‫إن أُذ ِعـ َرت ركابُهما مل أُذ َعـ ْر‬
‫ثم قال‪ :‬يا ابن عمر؛ أتراين جزيتها؟ قال‪« :‬ال‪ ،‬وال بزفرة واحدة»(((‪.‬‬
‫ )‪(3‬قال ابن محمد بن عمر بن حرب حدثنا بعض أصحابنا عن ابن‬
‫عون‪« :‬أنه نادته أمه فأجابها‪ ،‬فَ َعال صوتها فأعتق رقبتني»(((‪.‬‬
‫ )‪(4‬عن حفصة بنت سريين قالت‪« :‬كان محمد [بن سريين] إذا دخل‬
‫عىل أمه مل يكلمها بلسانه كله تخشعاً لها»(((‪.‬‬
‫ )‪(5‬عن ابن املبارك قال‪« :‬قال محمد بن املنكدر‪ :‬بات عمر ‪ -‬يعني‬
‫جل أمي‪ ،‬وما أحب أن ليلتي بليلته»(((‪.‬‬ ‫وبت أغمز ِر ْ‬
‫أخاه ‪ -‬يصيل‪ُ ،‬‬

‫أقوال مضيئة‪:‬‬
‫ )‪(1‬سئل الحسن البرصي‪ :‬ما بر الوالدين؟ قال‪« :‬أن تبذل لهام ما‬
‫ملكت‪ ،‬وأن تطيعهام فيام أمراك به؛ إال أن يكون معصية»(((‪.‬‬
‫ )‪(2‬قال ابن محريز‪« :‬من مىش بني يدي أبيه فقد عقه‪ ،‬إال أن مييش‬
‫فيميط له األذى عن طريقه‪ ،‬ومن دعا أباه باسمه أو كنيته فقد‬
‫عقه‪ ،‬إال أن يقول‪ :‬يا أبت»(((‪.‬‬

‫صحيح األدب املفرد‪.36 :‬‬ ‫((( ‬


‫الحلية‪.39/3 :‬‬ ‫(( (‬
‫صفة الصفوة ‪.245/3‬‬ ‫(( (‬
‫صفة الصفوة‪.143/2 :‬‬ ‫(( (‬
‫الدر املنثور‪.259/5 :‬‬ ‫((( ‬
‫الحلية‪.142/5 :‬‬ ‫(( (‬

‫‪127‬‬
‫مراجع ُم ِعينة‪:‬‬
‫ )‪(1‬بر الوالدين‪ ،‬أليب بكر الطرطويش‪.‬‬
‫ )‪(2‬اآلداب الرشعية‪ ،‬البن مفلح‪.‬‬
‫ )‪(3‬الزواجر‪ ،‬البن حجر الهيتمي‪.‬‬
‫ )‪(4‬دليل الفالحني‪ ،‬البن عالن‪.‬‬

‫‪128‬‬
‫األخوة اإليمانية‬
‫األخوة عالقة متينة قامئة عىل أساس اإلميان باهلل تعاىل‪ ،‬فاملؤمنون‬
‫يجمعهم إميانهم باهلل ‪ ،‬ويقيم بينهم أقوى رابطة وأرشفها عىل وجه‬
‫األرض‪.‬‬
‫واألخوة املحمودة يف الكتاب والسنة هي أخوة اإلميان‪.‬‬

‫عناصر مقترحة‪:‬‬
‫ )‪(1‬مدخل‪.‬‬
‫ )‪(2‬حقيقة األخوة‪.‬‬
‫ )‪(3‬فضائل األخوة‪.‬‬
‫ )‪(4‬مقاصد األخوة (التعاون‪ ،‬القوة‪ ،‬الوالء والنرصة‪.)..،‬‬
‫ )‪(5‬حقوق األخوة‪.‬‬
‫ )‪(6‬آداب األخوة‪.‬‬
‫ )‪(7‬آفات املؤاخاة‪.‬‬
‫ )‪(8‬الروابط غري اإلميانية (واقعها‪ ،‬عاقبتها)‪.‬‬
‫ )‪(9‬كيف نحقق التآخي يف هللا؟ (فهم روح العالقة بني املؤمنني‬
‫واعتبار القيام بحقها عبادة‪ ،‬تقوية اإلميان الذي تقوى به األخوة‪،‬‬
‫التعاون واألعامل املشرتكة القامئة عىل أساس النصح والوضوح‬
‫والتسامح واالحتامل والصفح وأداء الحقوق‪.)..‬‬

‫‪129‬‬
‫هدايات قرآنية‪:‬‬
‫َّ َ ۡ ُ ۡ ُ َ ۡ َ ‪ْ ُ َّ َ ۡ ُ ۡ َ َ َ َ ۡ َ ْ ُ ۡ َ َ ٞ‬‬
‫ )‪(1‬قال تعاىل‪﴿ :‬إِنما ٱلمؤمِنون إِخوة فأصل ِحوا بي أخويك ۚم وٱتقوا‬
‫َّ َ َ َ َّ ُ ۡ ُ ۡ َ ُ َ‬
‫حون‪.(((﴾10‬‬ ‫ٱلل لعلكم تر‬
‫َّ َ ٗ َ َ َ َ َّ ُ ْ َ ۡ ُ ُ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ ۡ‬
‫﴿وٱع َت ِص ُموا ِبَ ۡب ِل ٱللِ جِيعا ول تفرق ۚوا وٱذكروا‬ ‫ )‪(2‬وقال ‪:‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ۡ َ َ َّ َ َ ۡ ُ ۡ ۡ ُ ُ ۡ ۡ َ ٓ ٗ َ َّ َ َ ۡ َ ُ ُ‬
‫ي قلوبِك ۡم‬ ‫ن ِعمت ٱللِ عليكم إِذ كنتم أعداء فألف ب‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ۡ َ ٓ ۡ َٰٗ َ ُ ُ ۡ َ َٰ َ َ ُ ۡ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ََ‬
‫َ‬
‫فأَصبحتم بِن ِعمتِهِۦ إِخونا وكنتم ع شفا حفرة ٖ مِن ٱنلارِ‬
‫َ َّ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ُ ّ ۡ َ َ َ ٰ َ ُ َ ّ ُ َّ ُ َ ُ‬
‫ٱلل لك ۡم َءايٰتِهِۦ ل َعلك ۡم‬ ‫فأنقذكم مِنهاۗ كذل ِك يب ِي‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ت ۡه َت ُدون‪.(((﴾103‬‬
‫َۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َّ َ َ ۡ َ ُ ُ ۡ َ ۡ َ َ ۡ‬
‫ۡرض‬ ‫ )‪(3‬وقال سبحانه‪﴿ :‬وألف بي قلوب ِ ِه ۚم لو أنفقت ما ِف ٱل ِ‬
‫َ ٗ َّ ٓ َ َّ ۡ َ َ ۡ َ ُ ُ ۡ َ َ َّ َّ َ َ‬
‫ٱلل أ َّل َف بَ ۡي َن ُه ۡ ۚم إنَّ ُهۥ َعزيزٌ‬ ‫كن‬ ‫جِيعا ما ألفت بي قلوب ِ ِهم ول ٰ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ِيم‪.(((﴾63‬‬ ‫َحك ‪ٞ‬‬
‫كمۡ‬ ‫َ َ ُ ْ َ َ َ ُ ْ َّ َ ٰ َ َ َ َ ُ ْ َّ َ ٰ َ َ ۡ َ ٰ ُ ُ‬
‫ )‪(4‬وقال تعاىل‪﴿ :‬فإِن تابوا وأقاموا ٱلصلوة وءاتوا ٱلزكوة فإِخون‬
‫َ َ‬ ‫َٰ َ‬ ‫َُ ّ ُ‬
‫ت ل ِق ۡو ٖم َي ۡعل ُمون‪.(((﴾11‬‬ ‫ِين َونف ِصل ٱٓأۡلي ِ‬ ‫ِف ٱدل ِ ۗ‬
‫ّ‬
‫ٱغفِ ۡر َلاَ‬ ‫ۢ َ ۡ ۡ َ ُ ُ َ َ َّ َ ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ َّ َ َ ٓ‬
‫ )‪(5‬وقال تعاىل‪﴿ :‬وٱلِين جاءو ِمن بع ِدهِم يقولون ربنا‬
‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ٗ‬
‫ت َع ۡل ف قُلُوب َنا غِل ل ِل َ‬ ‫َ ِ ۡ َ ٰ َ َّ َ َ َ ُ َ ۡ َ ٰ َ َ َ ۡ‬
‫ِين‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٱليم ِن ول‬ ‫و ِلخون ِنا ٱلِين سبقونا ب ِ ِ‬
‫وف َّرح ٌ‬ ‫َ َ ُ ْ َ َّ َ ٓ َّ َ َ ُ ‪ٞ‬‬
‫ِيم‪.(((﴾10‬‬ ‫ءامنوا ربنا إِنك رء‬

‫الحجرات‪.10 :‬‬ ‫(( (‬


‫آل عمران‪.103 :‬‬ ‫(( (‬
‫األنفال‪.63 :‬‬ ‫((( ‬
‫التوبة‪.11 :‬‬ ‫((( ‬
‫الحرش‪.10 :‬‬ ‫(( (‬

‫‪130‬‬
‫َ ٰٓ َ ُّ َ َّ َ َ َ ُ ْ ۡ َ ُ ْ َ ٗ ّ َ َّ ّ َّ‬
‫ )‪(6‬قال تعاىل‪﴿ :‬يأيها ٱلِين ءامنوا ٱجتنِبوا كثِريا مِن ٱلظ ِن إِن‬
‫كم َب ۡعضا ًۚ َأ ُيِبُّ‬ ‫َ ۡ َ َّ ّ ۡ ‪ُ ُ ۡ َّ َ ۡ َ َ َ ْ ُ َّ َ َ َ َ ٞ‬‬
‫بعض ٱلظ ِن إِثمۖ و ل تسسوا ول يغتب بعض‬
‫َّ َ َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ ۡ ٗ َ َ ۡ ُ ُ ُ َ َّ ُ‬ ‫َ َ ُ ُ ۡ َ َۡ ُ َ َ َ َ‬
‫لم أخِيهِ ميتا فك ِرهتموهۚ وٱتقوا ٱللۚ إِن‬ ‫أحدكم أن يأكل ۡ‬
‫َّ َ َ َّ ‪ٞ‬‬
‫اب َّرح ‪ٞ‬‬
‫ِيم‪.(((﴾12‬‬ ‫ٱلل تو‬

‫قبسات نبوية‪:‬‬

‫بي ‪ ‬قال‪(( :‬امل ُ ْؤ ِم ُن لِلْ ُم ْؤ ِمنِ‬ ‫ )‪(1‬عن أيب موىس ‪ ‬عن ال ّن ّ‬


‫بي أَ َ‬
‫صا ِب ِع ِه(((‪.‬‬ ‫كَالْ ُب ْن َيانِ يَشُ ُّد بَ ْعضُ ُه بَ ْعضاً)) َوشَ َّب َك ْ َ‬
‫ )‪(2‬عن ابن عمر ‪ ‬أ ّن رسول هللا ‪ ‬قال‪(( :‬امل ُْسلِ ُم‬
‫أخي ِه كا َن‬ ‫ج ِة ِ‬ ‫حا َ‬ ‫ول يُ ْسلِ ُم ُه‪ ،‬و َمن كا َن يف َ‬ ‫خو امل ُْسلِ ِم ال يَظْلِ ُم ُه َ‬ ‫أ ُ‬
‫هللا ع ْنه كُ ْربَ ًة ِمن‬
‫ج ُ‬ ‫ج عن ُم ْسلِ ٍم كُ ْربَ ًة‪ ،‬فَ َّر َ‬ ‫ج ِت ِه‪ ،‬و َمن فَ َّر َ‬‫حا َ‬
‫هللا يف َ‬
‫ُ‬
‫هللا يَو َم ال ِق َيا َم ِة))(((‪.‬‬
‫تهُ ُ‬ ‫ت ُم ْس ِلامً َس َ َ‬ ‫وم ال ِق َيا َم ِة‪ ،‬و َمن َس َ َ‬ ‫كُ ُربَ ِ‬
‫ات يَ ِ‬
‫ )‪(3‬عن أيب هريرة عن رسول هللا ‪ ‬قال‪(( :‬امل ُؤ ِم ُن ِمرآ ُة‬
‫امل ُؤ ِمنِ ‪ ،‬وامل ُؤ ِم ُن أخو امل ُؤ ِمنِ ‪ :‬يك ُُّف عليه ضَ ي َعتَه‪ ،‬ويحوطُه‬
‫من ‪َ  ‬ورائِه))(((‪.‬‬
‫بي ‪ ‬قال‪(( :‬لَ يُ ْؤ ِم ُن أ َ‬
‫ح ُدكُ ْم‪ ،‬حتَّى‬ ‫ )‪(4‬عن ٍ‬
‫أنس عن ال ّن ّ‬
‫ألخي ِه ما يُ ِح ُّ‬
‫ب لِ َنف ِْس ِه))(((‪.‬‬ ‫ب ِ‬ ‫يُ ِح َّ‬

‫الحجرات‪.12 :‬‬ ‫(( (‬


‫البخاري‪ ،2446 :‬مسلم‪.2585 :‬‬ ‫((( ‬
‫البخاري‪ ،2442 :‬مسلم‪.2580 :‬‬ ‫((( ‬
‫أبو داود‪ ،4918 :‬وحسنه األلباين يف صحيح الجامع‪.6656 :‬‬ ‫(( (‬
‫البخاري‪ ،13 :‬مسلم‪.45 :‬‬ ‫((( ‬

‫‪131‬‬
‫بي ‪:‬‬ ‫ )‪(5‬عن املقدام بن معدي كرب ‪ ‬قال‪ :‬قال ال ّن ّ‬
‫ربهُ أنَّ ُه يحبُّ ُه))(((‪.‬‬ ‫جل أخا ُه فليخ ْ‬ ‫أحب ال َّر ُ‬‫َّ‬ ‫((إذا‬
‫ح ِق َر َّن ِم َن‬ ‫بي ‪(( :‬ال تَ ْ‬ ‫ )‪(6‬عن أيب ذ ٍّر قال‪ :‬قال يل ال ّن ّ‬
‫ج ٍه طَلْقٍ ))(((‪.‬‬ ‫َعروف شيئاً‪ ،‬ولو أ ْن تَلْقَى َ‬
‫أخاك ب َو ْ‬ ‫ِ‬ ‫امل‬
‫((تبس ُمك يف وج ِه‬ ‫ُّ‬ ‫ )‪(7‬عن أيب ذ ٍّر قال‪ :‬قال رسول هللا ‪:‬‬
‫ك ِر صدق ٌة‪،‬‬ ‫باملعروف ونهيُك عن املن َ‬ ‫ِ‬ ‫أخيك صدق ٌة لك‪ ،‬وأم ُرك‬
‫رصك لل َّرجلِ‬ ‫أرض الضَّ الل ِة لك صدق ٌة‪ ،‬وب ُ‬ ‫جل يف ِ‬ ‫وإرشا ُدك ال َّر َ‬
‫ج َر والشَّ وك َة وال َعظْ َم‬ ‫ح َ‬‫رص لك صدق ٌة‪ ،‬وإماطتُك ال َ‬ ‫ال َّردي ِء الب ِ‬
‫عن الطَّريقِ لك صدق ٌة‪ ،‬وإفراغُك ِمن َدلوِك يف َدلْ ِو أخيك‬
‫لك ‪ ‬صدق ٌة))(((‪.‬‬
‫ )‪(8‬عن صفوان ‪ -‬وهو ابن عبد هللا بن صفوان وكانت تحته ال َّدرداء‪-‬‬
‫قال‪ :‬قدمت الشَّ ام فأتيت أبا ال ّدرداء يف منزله فلم أجده ووجدت‬
‫الحج العام؟ فقلت‪ :‬نعم‪ ،‬قالت‪ :‬فادع‬ ‫ّ‬ ‫أ ّم ال ّدرداء‪ ،‬فقالت‪ :‬أتريد‬
‫بي ‪ ‬كان يقول‪َ (( :‬د ْع َو ُة امل َ ْر ِء‬ ‫هللا لنا بخريٍ؛ فإ ّن ال ّن ّ‬
‫جابَ ٌة‪ِ ،‬ع ْن َد َرأْ ِس ِه َمل ٌَك ُم َوك ٌَّل كُلَّام‬ ‫ب ُم ْستَ َ‬ ‫امل ُْسلِ ِم ألَ ِخي ِه بظَ ْه ِر ال َغ ْي ِ‬
‫ني َول ََك مبِثْلٍ ))(((‪.‬‬ ‫قال ا َلمل َُك امل ُ َوك َُّل ب ِه‪ :‬آ ِم َ‬
‫خ ْيٍ‪َ ،‬‬ ‫َد َعا ألَ ِخي ِه ب َ‬
‫تحاس ُدوا‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ )‪(9‬عن أيب هريرة قال‪ :‬قال رسول هللا ‪(( :‬ال‬
‫جشُ وا‪ ،‬وال تباغَضُ وا وال تدابَ ُروا‪ ،‬وال ي ِب ْع بعضُ ك ْم عىل بيعِ‬ ‫وال تنا َ‬
‫خو املسلِ ِم‪ ،‬ال يَظلِ ُم ُه وال‬ ‫هللا إخواناً‪ ،‬املسلِ ُم أ ُ‬ ‫بعض‪ ،‬وكُونُوا عبا َد ِ‬ ‫ٍ‬
‫ب‬ ‫ِحس ِ‬ ‫يَخ ُذلُ ُه‪ ،‬وال يَح ِق ُرهُ ‪ ،‬التَّقْوى ه ُهنا – وأشا َر إىل ص ْدر ِِه – ب ْ‬
‫أبو داود‪ ،5124 :‬وصححه األلباين يف صحيح السنن‪.4273 :‬‬ ‫(( (‬
‫مسلم‪.2626 :‬‬ ‫((( ‬
‫الرتمذي‪ ،1956 :‬وصححه األلباين يف صحيح الجامع‪.2908 :‬‬ ‫(( (‬
‫مسلم‪.2733 :‬‬ ‫((( ‬

‫‪132‬‬
‫كل املسلِ ِم عىل املسلِ ِم‬
‫الش أ ْن يَح ِق َر أخا ُه املسلِ َم‪ُّ ،‬‬
‫ا ْمرِئٍ من َّ ِّ‬
‫حرا ٌم‪ ،‬د ُم ُه‪ ،‬ومالُ ُه‪ ،‬و ِعرضُ ُه))(((‪.‬‬
‫األنصاري أ ّن رسول هللا ‪(( :‬ال يَ ِح ُّل‬ ‫ّ‬ ‫ )‪(10‬عن أيب أيّوب‬
‫َالث لَيا ٍل‪ ،‬يَلْتَ ِقيانِ ف ُي ْعر ُ‬
‫ِض هذا‬ ‫ج َر أخا ُه فَ ْو َق ث ِ‬ ‫لِ ُم ْس ِل ٍم أ ْن يَ ْه ُ‬
‫الم))(((‪.‬‬ ‫ي ُهام الذي يَبْ َدأُ َّ‬
‫بالس ِ‬ ‫خ ُْ‬
‫ِض هذا‪ ،‬و َ‬ ‫ويُ ْعر ُ‬

‫أمثلة تطبيقية‪:‬‬
‫جالً زا َر أخاً‬ ‫بي ‪(( :‬أ َّن َر ُ‬ ‫ )‪(1‬عن أيب هريرة ‪ ‬عن ال ّن ّ‬
‫أت‬‫ج ِت ِه‪َ ،‬ملَكاً فَل ََّم َ‬
‫عل َم ْد َر َ‬
‫هللا له‪َ ،‬‬
‫ص َد ُ‬ ‫له يف قَ ْريَ ٍة أُ ْ‬
‫خ َرى‪ ،‬فأ ْر َ‬
‫هل‬
‫قال‪ْ :‬‬ ‫هذه ال َق ْريَ ِة‪َ ،‬‬ ‫قال‪ :‬أُرِي ُد أخاً يل يف ِ‬
‫قال‪ :‬أيْ َن تُرِي ُد؟ َ‬ ‫عليه‪َ ،‬‬
‫قال‪:‬‬ ‫ح َب ْبتُ ُه يف ِ‬
‫هللا ‪َ ،‬‬ ‫أن أ ْ‬
‫ري ِّ‬
‫قال‪ :‬ال‪ ،‬غ َ‬ ‫لك عليه ِمن نِ ْع َم ٍة تَ ُربُّها؟ َ‬ ‫َ‬
‫حبَبْتَ ُه ِفي ِه))(((‪.‬‬
‫حبَّ َك كام أ ْ‬ ‫سول ِ‬
‫هللا إلَيْ َك‪ ،‬بأ َّن َ‬
‫هللا ق ْد أ َ‬ ‫فإن َر ُ‬
‫ِّ‬
‫ )‪(2‬عن أنس ‪ ‬قال‪ :‬قدم عبد ال َّرحمن بن عوف املدينة‪ ،‬فآخى‬
‫األنصاري‪ ،‬فعرض‬
‫ِّ‬ ‫بي ‪ ‬بينه وبني سعد بن ال َّربيع‬
‫ال ّن ّ‬
‫عليه أن يناصفه أهله وماله‪ ،‬فقال عبد ال َّرحمن‪ :‬بارك هللا لك يف‬
‫السوق(((‪.‬‬
‫أهلك ومالك‪ ،‬دلَّني عىل ُّ‬
‫ )‪(3‬عن أيب إدريس الخوالين قال‪ :‬دخلت مسجد دمشق الشام‪،‬‬
‫فإذا أنا بفتى براق الثنايا‪ ،‬وإذا الناس حوله إذا اختلفوا يف يشء‬

‫البخاري‪ ،2445 :‬مسلم‪.2564 :‬‬ ‫((( ‬


‫البخاري‪ ،6077 :‬مسلم‪.2560 :‬‬ ‫((( ‬
‫مسلم‪.2567 :‬‬ ‫((( ‬
‫البخاري‪ ،3937 :‬مسلم‪.1437 :‬‬ ‫((( ‬

‫‪133‬‬
‫أسندوه إليه وصدروا عن رأيه‪ ،‬فسألت عنه فقيل‪ :‬هذا معاذ بن‬
‫جرت فوجدت قد سبقني بالهجري ‪ -‬وقال‬ ‫جبل‪ ،‬فلام كان الغد ه َّ‬
‫إسحاق‪ :‬بالتهجري‪ ،-‬ووجدته يصيل‪ ،‬فانتظرته حتى إذا قىض‬
‫صالته جئته من قبل وجهه‪ ،‬فسلمت عليه فقلت له‪ :‬وهللا إين‬
‫ألحبك هلل ‪ ،‬فقال‪ :‬آهلل؟ فقلت‪ :‬آهلل‪ ،‬فقال‪ :‬آهلل؟ فقلت‪ :‬آهلل‪،‬‬
‫فأخذ بحبوة ردايئ فجبذين إليه وقال‪ :‬أبرش‪ ،‬فإين سمعت رسول‬
‫ني‬
‫ت مح َّبتي لل ُمتَحابِّ َ‬‫ج َب ْ‬
‫هللا ‪ ‬يقول‪ :‬قال هللا ‪(( :‬و َ‬
‫يف))(((‪.‬‬ ‫يف‪ ،‬واملُتَبا ِذل َ‬
‫ني َّ‬ ‫يف‪ ،‬وامل ُتزا ِوري َن َّ‬ ‫يف‪ ،‬وامل ُتجالِس َ‬
‫ني َّ‬ ‫َّ‬

‫أقوال مضيئة‪:‬‬
‫ )‪(1‬قال عمر بن الخطاب‪« :‬يُصفِّي لك ود أخيك ثالث‪ :‬أن تبدأه‬
‫بالسالم‪ ،‬وأن تدعوه بأحب األسامء إليه‪ ،‬وأن توسع له يف املجلس‪.‬‬
‫وكفى باملرء عيباً‪ :‬أن يجد عىل الناس فيام يأيت‪ ،‬أو يبدو لهم منه‬
‫ما يخفي عليه من نفسه‪ ،‬وأن يؤذيه يف املجلس مبا ال يعنيه»(((‪.‬‬
‫خ اإلخوان عىل قدر التقوى‪ ،‬وال تجعل حديثك‬ ‫ )‪(2‬وقال أيضاً‪« :‬آ ِ‬
‫بذلة إال عند من يشتهيه‪ ،‬وال تضع حاجتك إال عند من يحب‬
‫قضاءها‪ ،‬وال تغبط األحياء إال مبا تغبط األموات‪ ،‬وشاور يف‬
‫أمرك الذين يخشون هللا ‪.(((»‬‬
‫ )‪(3‬قال عيل بن أيب طالب‪« :‬من مل يحمل أخاه عىل حسن النية مل‬

‫((( املسند‪.233/5 :‬‬


‫((( الجامع أليب زيد القريواين‪.195 :‬‬
‫(( ( اإلخوان البن أيب الدنيا‪.126 :‬‬

‫‪134‬‬
‫يحمده عىل حسن الصنعة»(((‪.‬‬
‫ختَ ِن ِه ‪ -‬زوج أخته ‪« :-‬يا مغرية انظر‬
‫ )‪(4‬عن مالك بن دينار أنه قال ل َ‬
‫كل أخ لك وصاحب لك وصديق لك ال تستفيد يف دينك منه‬
‫خريا فانبذ عنك صحبته‪ ،‬فإمنا ذلك لك عدو‪ .‬يا مغرية‪ ،‬الناس‬
‫أشكال‪ :‬الحامم مع الحامم‪ ،‬والغراب مع الغراب‪ ،‬والصعو مع‬
‫الصعو‪ ،‬وكل مع شكله»(((‪.‬‬
‫ )‪(5‬قال حمدون القصار‪« :‬إذا زل أخ من إخوانك فاطلب له تسعني‬
‫عذرا ً‪ ،‬فإن مل يقبل ذلك فأنت املعيب»(((‪.‬‬

‫مراجع ُم ِعينة‪:‬‬
‫ )‪(1‬اآلداب الرشعية‪ ،‬البن مفلح‪.‬‬
‫ )‪(2‬أدب الدنيا والدين‪ ،‬للاموردي‪.‬‬
‫ )‪(3‬دليل الفالحني‪ ،‬البن عالن‪.‬‬

‫((( آداب العرشة‪.11 :‬‬


‫(( ( املنتقى من مكارم األخالق‪.159 :‬‬
‫((( آداب العرشة‪.9 :‬‬

‫‪135‬‬
‫النصيحة‬
‫هي اإلرشاد والتوجيه إىل ما فيه املصلحة ودفع املفسدة‪ ،‬بالدعوة‬
‫إىل الطاعة وترك املعصية‪ ،‬محبة للخري وإخالصاً ملودة املنصوح‪،‬‬
‫وقياماً بأمر هللا تعاىل‪.‬‬
‫حل محلّها التنقص‬
‫والنصيحة قوام املجتمع املسلم‪ ،‬فإذا ضعفت ّ‬
‫والغيبة واللمز والنميمة وفساد ذات البني‪...‬‬

‫عناصر مقترحة‪:‬‬
‫ )‪(1‬متهيد‪:‬‬
‫املؤمن مرآة أخيه (ال غنى للمسلم عن كونه ناصحاً أو منصوحاً؛‬
‫لكونه قد ال يكتشف خطأ نفسه‪ ،‬وقد تضعف نفسه عن اتباع الحق‬
‫فيحتاج إىل تسديد إخوانه ومعونتهم له عىل الحق‪.)..‬‬
‫ )‪(2‬معنى النصيحة‪.‬‬
‫ )‪(3‬وجوب النصيحة يف الدين‪.‬‬
‫ )‪(4‬معنى حديث‪« :‬الدين النصيحة»‪.‬‬
‫ )‪(5‬فضل النصيحة‪.‬‬
‫ )‪(6‬آداب النصيحة‪.‬‬
‫ )‪(7‬فوائد النصيحة‪.‬‬
‫ )‪(8‬االعتدال يف النصح (بني اإلهامل والتكرار واإللحاح‬
‫املزعج ‪ ‬للمنصوح)‪.‬‬

‫‪136‬‬
‫ )‪(9‬أسباب التقصري يف النصيحة (ضعف خشية هللا‪ ،‬الجنب‪ ،‬الجهل‪،‬‬
‫خوف رد النصيحة‪.)..‬‬
‫ )‪(10‬آثار إهامل النصح‪.‬‬
‫ )‪(11‬إساءة الناصح ال توجب رد النصيحة (وجوب قبول الحق من‬
‫كل من جاء به)‪.‬‬
‫ )‪(12‬خطوات عملية يف تحقيق النصح‪( :‬محبة الخري للمسلمني‬
‫والحرص عىل تحسني أحوالهم دامئاً‪ ،‬ترك تتبع العورات‪ ،‬التأكد‬
‫من وقوع الخطأ وتجنب االتهام والتضخيم‪ ،‬التامس العذر‪،‬‬
‫االكتفاء باإلشارة والنصيحة غري املبارشة إذا كانت كافية‪،‬‬
‫التلطف والهدوء والتذكري باملحبة له والخوف عليه‪ ،‬املصارحة‬
‫عىل انفراد‪ ،‬إعانة املنصوح بإعطائه الثقة يف قدرته عىل التغيري‪،‬‬
‫تقديم املخارج والبدائل‪ ،‬تشجيعه عىل الخطوات العملية والثناء‬
‫عليه إذا بدأ لئال تضعف نفسه‪ ،‬تجنب الكالم مع اآلخرين يف‬
‫خطئه إال مبقدار ما يدعم النصيحة‪ ،‬الصرب والتحمل‪.)..‬‬

‫هدايات قرآنية‪:‬‬
‫َّ َّ َ َ َ ُ ْ‬ ‫ۡ‬ ‫َّ ۡ َ ٰ َ َ ُ‬ ‫﴿و ۡٱل َع ۡ‬
‫ )‪(1‬قال تعاىل‪َ :‬‬
‫س‪ 2‬إِل ٱلِين ءامنوا‬ ‫ٍْ‬ ‫خ‬ ‫ف‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ن‬ ‫نس‬ ‫ٱل‬
‫ِ‬ ‫ن‬ ‫ِ‬ ‫إ‬ ‫‪1‬‬ ‫ص‬
‫ِ‬
‫ب‪.(((﴾3‬‬ ‫ٱلص ۡ‬
‫اص ۡوا ب َّ‬ ‫ٱل ّق َوتَ َو َ‬‫اص ۡوا ْ ب ۡ َ‬
‫ٱلصٰل َِحٰت َوتَ َو َ‬
‫ِ‬
‫َ َ ُ ْ َّ‬
‫وع ِملوا‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َّ ِ‬
‫َّ ۡ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫َ َ َُ َََ َ ۡ‬ ‫َّ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ب‬
‫ )‪(2‬وقال سبحانه‪﴿ :‬ثم كن مِن ٱلِين ءامنوا وتواصوا بِٱلص ِ‬
‫حةِ‪.(((﴾17‬‬ ‫اص ۡوا ْ بٱل ۡ َم ۡر َ َ‬
‫َوتَ َو َ‬
‫ِ‬

‫(( ( العرص‪.3-1 :‬‬


‫((( البلد‪.17 :‬‬

‫‪137‬‬
‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ ۡ َ ُ ّ ُ ۡ ُ َّ ‪َ َ ُ ۡ َ ٞ‬‬
‫(((‬
‫ي﴾‬
‫ )‪(3‬وقال تعاىل‪﴿ :‬ولكن مِنكم أمة يدعون إِل ٱل ِ‬
‫والنصيحة دعوة إىل الخري‪.‬‬

‫قبسات نبوية‪:‬‬
‫ )‪(1‬عن متيم الداري ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول هللا ‪(( :‬ال ِّدي ُن‬
‫كتا ِب ِه ولِ َرسولِ ِه وألَ ِئَّ ِة امل ُْسلِ ِم َ‬
‫ني‬ ‫هلل ولِ ِ‬
‫ح ُة)) قلنا‪ :‬ملن؟ قال‪ِ (( :‬‬ ‫ال َّن ِصي َ‬
‫وعا َّم ِت ِه ْم))(((‪.‬‬
‫ )‪(2‬عن أيب هريرة ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول هللا ‪(( :‬امل ُؤم ُن‬
‫كف عليه ضَ ي َعتَه‪ ،‬ويَحوطُه‬ ‫ِمرآ ُة املُؤمنِ ‪ ،‬وامل ُؤم ُن أخو املُؤمنِ ‪ ،‬يَ ُّ‬
‫من ورائِ ِه))((( فهو إمنا يعلم عيب نفسه بإعالم أخيه‪ ،‬وهذا‬
‫هو النصيحة‪ .‬كاملرآة يرى املرء الخلل فيها واضحاً فيزيله‬
‫فتبقى ‪ ‬نظيفة‪.‬‬
‫ )‪(3‬عن جرير بن عبد هللا ‪ ‬قال‪« :‬بايعت النبي ‪‬‬
‫عىل إقام الصالة‪ ،‬وإيتاء الزكاة‪ ،‬والنصح لكل مسلم»(((‪.‬‬
‫ )‪(4‬وذكر النبي ‪ ‬من حق املسلم عىل أخيه املسلم فقال‪:‬‬
‫غاب أو شَ ِه َد))(((‪ ،‬ويف حديث نحوه‪(( :‬وإذا‬ ‫َ‬ ‫((وينص ُح لَ ُه إذا‬
‫َ‬
‫ْص ْح له))(((‪ .‬استنصحك أي‪ :‬طلب منك النصيحة‪.‬‬ ‫ح َك فان َ‬ ‫ص َ‬ ‫استَ ْن َ‬
‫ْ‬
‫وحينئذ يتأكد األمر بالنصيحة‪.‬‬
‫آل عمران‪.104 :‬‬ ‫(( (‬
‫مسلم‪.55 :‬‬ ‫((( ‬
‫أبو داود‪ ،4918 :‬وحسنه األلباين يف صحيح الجامع‪.6656 :‬‬ ‫(( (‬
‫البخاري‪ ،524 :‬مسلم‪.56 :‬‬ ‫((( ‬
‫الرتمذي‪ ،2737 :‬األلباين يف صحيح الجامع‪.5188 :‬‬ ‫(( (‬
‫مسلم‪.2162 :‬‬ ‫((( ‬

‫‪138‬‬
‫ )‪(5‬عن معقل بن يسار ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول هللا ‪:‬‬
‫ح ٍة‪َّ ،‬‬
‫إل لَ ْم يَ ِج ْد‬ ‫هللا َر ِع َّي ًة‪ ،‬فَلَ ْم يَ ُ‬
‫حطْها ب َن ِصي َ‬ ‫تعا ُه ُ‬ ‫((ما ِمن َع ْب ٍد ْ‬
‫اس َ ْ‬
‫ج َّن ِة))(((‪.‬‬ ‫رائِ َ‬
‫ح َة ال َ‬
‫أمثلة تطبيقية‪:‬‬
‫كمۡ‬ ‫َََ۠ َ ُ‬
‫هللا ورسوله فهم خري ُمثال يف نصح أقوامهم‪﴿ :‬وأنا ل‬ ‫َ‬ ‫ )‪(1‬أنبياء‬
‫ۡ‬
‫َ َ ۡ ََ ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َّ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫ت َو َما‬ ‫ُ‬
‫اص ٌح أمِني‪﴿ ،(((﴾68‬إِن أرِيد إِل ِٱلصلٰح ما ٱستطع ۚ‬
‫ٌ‬ ‫ن ِ‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ََ َ ۡ ُ َ ُ ۡ ََ‬ ‫َّ‬
‫كن ل ِتُ ُّبون‬ ‫ِ‬ ‫ٰ‬ ‫ل‬‫و‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ت‬ ‫ح‬ ‫ص‬ ‫ن‬ ‫﴿و‬ ‫‪،‬‬ ‫(((‬
‫ِ﴾‬
‫َّ‬
‫ٱلل‬ ‫ِيق إ ِ ِ‬
‫ب‬ ‫ل‬ ‫تَ ۡوف ِ ٓ‬
‫ٱلنٰصح َ‬ ‫َّ‬
‫ني‪.(((﴾79‬‬ ‫ِ ِ‬
‫ )‪(2‬جاء خباب بن األرت ‪ -‬ويف يده خاتم من ذهب ‪ -‬يكلم عبد هللا‬
‫بن مسعود ‪ ‬فكلمه‪ ،‬ثم قال عبد هللا‪ :‬أمل يأن لهذا الخاتم‬
‫أن يُطرح؟ فنزعه ورمى به‪ ،‬وقال‪ :‬وهللا ال تراه عيل أبدا ً(((‪.‬‬
‫ )‪(3‬أعطى معاوية ‪ ‬حامرا ً من الغنيمة للمقداد‪ ،‬فقال له العرباض‬
‫بن سارية ‪ :‬ما كان لك أن تأخذه‪ ،‬وال له أن يعطيك‪ ،‬كأين‬
‫بك يف ا لنار تحمله‪ ،‬فرده(((‪.‬‬
‫ )‪(4‬عن جعفر بن برقان‪ ،‬قال‪ :‬قال يل ميمون بن مهران‪ :‬يا جعفر‪ ،‬قل‬
‫يل يف وجهي ما أكره‪ ،‬فإن الرجل ال ينصح أخاه حتى يقول له يف‬
‫وجهه ما يكره(((‪.‬‬
‫البخاري‪ ،7150 :‬مسلم‪.1665 :‬‬ ‫((( ‬
‫األعراف‪.68 :‬‬ ‫(( (‬
‫هود‪.88 :‬‬ ‫((( ‬
‫األعراف‪.79 :‬‬ ‫(( (‬
‫السري‪ ،47/1 :‬فتح الباري‪.267/10 :‬‬ ‫(( (‬
‫السري‪.421/3 :‬‬ ‫(( (‬
‫السري‪.75/5 :‬‬ ‫(( (‬

‫‪139‬‬
‫أقوال مضيئة‪:‬‬
‫رس‬
‫يل عيويب يف ٍّ‬‫ )‪(1‬قال مسعر بن كدام ‪« :‬رحم هللا من أهدى إ َّ‬
‫بيني وبينه‪ ،‬فإن النصيحة يف املأل تقريع»(((‪.‬‬
‫ )‪(2‬قال بكر بن عبد هللا املزين ‪ -‬يف يوم الجمعة ‪« :-‬لو قيل يل‪ :‬خذ‬
‫بيد خري أهل املسجد‪ ،‬لقلت‪ :‬دلوين عىل أنصحهم لعامتهم‪ ،‬فإذا‬
‫قيل‪ :‬هذا‪ ،‬أخذت بيده»(((‪.‬‬
‫ )‪(3‬قال معمر بن راشد‪« :‬كان يقال‪ :‬أنصح الناس لك من خاف‬
‫هللا ‪ ‬فيك»(((‪.‬‬
‫ )‪(4‬قال اآلجري‪« :‬اليكون ناصحاً هلل تعاىل ولرسوله وألمئة املسلمني‬
‫وعامتهم إال من بدأ بالنصيحة لنفسه‪ ،‬واجتهد يف طلب العلم‬
‫والفقه ليعرف به ما يجب عليه‪ ،‬ويعلم عداوة الشيطان له وكيف‬
‫الحذر منه‪ ،‬ويعلم قبيح ما متيل إليه النفس حتى يخالفها بعلم»(((‪.‬‬
‫ )‪(5‬قال ابن رجب‪« :‬الواجب عىل املسلم أن يحب ظهور الحق‬
‫ومعرفة املسلمني له سواء كان ذلك يف موافقته و مخالفته‪ ،‬وهذا‬
‫من النصيحة هلل ولكتابه ولرسوله ودينه وأمئة املسلمني وعامتهم‪،‬‬
‫وذلك هو الدين كام أخرب النبي ‪.(((»‬‬
‫ )‪(6‬وقال أيضاً‪« :‬إن الناصح ليس له غرض يف إشاعة عيوب من ينصح‬
‫له‪ ،‬وإمنا غرضه إزالة املفسدة التي وقع فيها‪ ،‬ولذلك فإنه ينبغي‬

‫اآلداب الرشعية‪.290/1 :‬‬ ‫((( ‬


‫السري‪.536/4 :‬‬ ‫(( (‬
‫جامع العلوم والحكم‪.71 :‬‬ ‫(( (‬
‫بصائر ذوي التمييز‪.67/5 :‬‬ ‫(( (‬
‫الفرق بني النصيحة والتعيري‪.33-32 :‬‬ ‫(( (‬

‫‪140‬‬
‫أن تكون رسا ً فيام بني اآلمر واملأمور‪ ،‬وأما اإلشاعة وإظهار‬
‫العيوب فهو مام حرمه هللا ورسوله ومن حب إشاعة الفاحشة‬
‫يف املؤمنني»(((‪.‬‬
‫ )‪(7‬قال الشافعي‪:‬‬
‫تع َّهـ ْدين بنصحـك يف انفـرادي‬
‫وجنبنـي النصيحـة يف الجامعـ ْة‬
‫فـإن النصـح بين النـاس نـوع‬
‫مـن التوبيـخ ال أرىض اسـتامع ْه‬
‫وعصيـت قـويل‬
‫َ‬ ‫فـإن خالفتنـي‬
‫ط طاع ْة‬‫فلا تغضـب إذا مل ت ُعـ َ‬

‫مراجع ُم ِعينة‪:‬‬
‫ )‪(1‬جامع العلوم والحكم‪ ،‬البن رجب‪.‬‬
‫ )‪(2‬الزواجر‪ ،‬البن حجر الهيتمي‪.‬‬
‫ )‪(3‬اآلداب الرشعية‪ ،‬البن مفلح‪.‬‬

‫(( ( الفرق بني النصيحة والتعيري‪ 39 :‬بترصف‪.‬‬

‫‪141‬‬
‫أداء األمانة‬
‫األمانة‪ :‬كل ما كُلِّف به العبد وأُمر بحفظه وأدائه‪.‬‬
‫وأعظم األمانات‪ :‬أمانة التكليف برشيعة هللا تعاىل‪ .‬ومنها‪ :‬أمانات‬
‫املناصب والوظائف واألموال واألرسار‪.‬‬
‫وأداء األمانة يكون بحفظها ومراعاتها عىل الوجه املطلوب الذي‬
‫يحصل به األمن والطأمنينة‪.‬‬

‫عناصر مقترحة‪:‬‬
‫ )‪(1‬متهيد‪ :‬كرامة اإلنسان عن البهائم بتحمل األمانات والقيام بها‪.‬‬
‫ )‪(2‬معنى األمانة‪.‬‬
‫ )‪(3‬مجاالت األمانة‪( :‬التزام رشع هللا‪ ،‬األهل واألوالد‪ ،‬العمل‪،‬‬
‫األموال‪ ،‬املجالس واألرسار‪.)..‬‬
‫ )‪(4‬منـزلة األمانة‪( :‬ارتباط أداء األمانة باإلميان باهلل ومراقبته)‪.‬‬
‫ )‪(5‬فضل حفظ األمانة‪.‬‬
‫ )‪(6‬مخاطر تضييع األمانات‪.‬‬
‫ )‪(7‬الخيانة ال تربر الخيانة‪.‬‬
‫ )‪(8‬كيف نرعى األمانات؟ (معرفة خطرها‪ ،‬تذكر أنه حق مشرتك‬
‫فلكل إنسان أماناته عند اآلخرين‪ ،‬منع الصغار من التعدي عىل‬
‫حقوق غريهم‪ ،‬ترك تحمل ما يعجز عن حفظه واالعتذار من‬
‫صاحبه‪ ،‬استحالل أصحاب األمانات التي فرط فيها‪.)..‬‬

‫‪142‬‬
‫هدايات قرآنية‪:‬‬
‫َ َۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ َ َ ۡ َ ۡ َ َ َ َ َ َ‬
‫ۡرض‬ ‫ت وٱل ِ‬ ‫ٰ‬ ‫ٰ‬
‫سبحانه‪﴿َ :‬إِنا عرضنا َ ٱلمانة ع ٱلسمو ِ‬ ‫ )‪(1‬وقال‬
‫َ ٰ َّ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬
‫يمل َن َها َوأش َفق َن م ِۡن َها َو َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ٱل َبال فأ َب ۡ َ‬ ‫َ ۡ‬
‫نس ُنۖ إِن ُهۥ‬ ‫ٱل‬
‫ِ‬ ‫ا‬ ‫حل َ‬
‫ه‬ ‫ِ‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫ي‬ ‫و ِ ِ‬
‫ٗ‬ ‫َك َن َظلُ ٗ‬
‫وما َج ُهول‪.(((﴾72‬‬
‫َ َّ َ ُ ۡ َ َ ٰ َ ٰ ۡ َ َ ۡ ۡ َ ٰ ُ َ‬
‫ )‪(2‬وقال سبحانه‪﴿ :‬وٱلِين هم ِلمنت ِ ِهم وعه ِدهِم رعون‪. ﴾8‬‬
‫(((‬
‫َ َ ُّ َ َّ َ َ َ ُ ْ َ َ ُ ُ ْ َّ َ َ َّ ُ َ َ َ ُ ُ ٓ ْ‬
‫﴿يأيها ٱلِين ءامنوا ل تونوا ٱلل وٱلرسول وتونوا‬ ‫ )‪(3‬وقال ‪ٰٓ :‬‬
‫َََٰٰ ُ ۡ ََ ُ ۡ َ ۡ َ ُ َ‬
‫ون‪. ﴾27‬‬
‫(((‬
‫ۡ‬ ‫أمنتِكم وأنتم تعلم‬
‫َ‬
‫ٰٓ ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ْ‬ ‫ُ َ ُّ‬ ‫َ‬ ‫َّ َّ َ ُ ُ‬
‫ل أهل َِها﴾(((‪.‬‬ ‫ت إِ‬ ‫ٱلل يَأم ُرك ۡم أن تؤدوا ٱلمٰنٰ ِ‬ ‫ )‪(4‬قال تعاىل‪۞﴿ :‬إِن‬

‫قبسات نبوية‪:‬‬
‫ )‪(1‬عن أيب هريرة ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول هللا ‪(( :‬امل ُسلِ ُم‬
‫عل‬ ‫الناس َ‬
‫ُ‬ ‫َمن َسلِ َم امل ُسلِمو َن ِمن لسانِ ِه ويَ ِد ِه‪ ،‬وامل ُؤ ِم ُن َمن أ ِم َن ُه‬
‫ِدمائِهِم وأموالِهِم))(((‪.‬‬
‫ )‪(2‬عن أنس ‪ ‬قال‪ :‬قلام خطبنا رسول هللا ‪ ‬إال قال‪:‬‬
‫((ال إميا َن لِ َمن ال أمان َة له‪ ،‬وال ِدي َن لِ َمن ال َعه َد له))(((‪.‬‬
‫ )‪(3‬عن أيب ُهريرة قال‪ :‬قال النبي ‪(( :‬أ ِّد األمان َة إىل َمنِ‬
‫خ ْن َمن خان ََك))(((‪.‬‬‫نك‪ ،‬وال ت َ ُ‬ ‫ائتَ َم َ‬

‫األحزاب‪.72 :‬‬ ‫(( (‬


‫املؤمنون‪.8 :‬‬ ‫(( (‬
‫األنفال‪.27 :‬‬ ‫((( ‬
‫النساء‪.58 :‬‬ ‫(( (‬
‫الرتمذي‪ ،2627 :‬وصححه األلباين يف صحيح الجامع‪.6710 :‬‬ ‫(( (‬
‫أحمد‪ ،11975 :‬وصححه األلباين يف صحيح الجامع‪.7179 :‬‬ ‫(( (‬
‫الرتمذي‪ ،1264 :‬وأبو داود‪ ،3535 :‬وصححه األلباين يف صحيح أيب داود‪.3019 :‬‬ ‫(( (‬

‫‪143‬‬
‫ول هللا ‪(( :‬إ َّن‬ ‫رس ُ‬ ‫خدري قال‪ :‬قال ُ‬ ‫ )‪(4‬عن أيب سعيد ال ُ‬
‫ْض إىل ا ْم َرأَتِ ِه‪،‬‬ ‫ج َل يُف ِ‬ ‫ِمن أَ ْعظ َِم األ َمانَ ِة ِع ْن َد ِ‬
‫هللا يَو َم ال ِقيَا َم ِة‪ ،‬ال َّر ُ‬
‫س َها))(((‪.‬‬ ‫ْض إِلَ ْي ِه‪ ،‬ث ُ َّم يَ ْن ُ ُ‬
‫ش ِ َّ‬ ‫َوتُف ِ‬
‫ )‪(5‬عن أيب ُهريرة قال‪« :‬ينام النبي ‪ ‬يف مجلس يُحدثُ‬
‫ول هللا‬ ‫رس ُ‬‫القوم جاء ُه أعرايب فقال‪ :‬متى الساع ُة؟ فمىض ُ‬
‫بعض القوم‪ :‬سمع ما قال فكره ما قال‪،‬‬ ‫‪ ‬يُحدثُ ‪ ،‬فقال ُ‬
‫وقال بعضُ ُهم‪ :‬بل مل يسمع‪ ،‬حتى إذا قىض حديث ُه قال‪(( :‬أيْ َن ‪-‬‬
‫رسول هللا‪ ،‬قال‪(( :‬فَ ِإذَا‬ ‫السا َع ِة؟)) قال‪ :‬ها أنا يا ُ‬ ‫السائِ ُل َعنِ َّ‬ ‫أُ َرا ُه ‪َّ -‬‬
‫السا َع َة))‪ ،‬قال‪ :‬كيف إضاعتُها؟ قال‪(( :‬إذَا‬ ‫ت األ َمانَ ُة فَانْتَ ِظ ِر َّ‬ ‫ضُ ِّي َع ِ‬
‫السا َع َة))(((‪.‬‬ ‫ُو ِّس َد األ ْم ُر إىل غريِ أ ْهلِ ِه فَانْتَ ِظ ِر َّ‬
‫ )‪(6‬عن أيب ُهريرة عن النبي ‪ ‬قال‪(( :‬آيَ ُة امل ُ َنا ِفقِ �ث َ َلثٌ ‪ :‬إذَا‬
‫خانَ))(((‪.‬‬ ‫خل ََف‪ ،‬وإذَا اؤْتُ ِ َن َ‬ ‫َب‪ ،‬وإذَا و َع َد أ ْ‬ ‫ح َّدثَ كَذ َ‬ ‫َ‬
‫ )‪(7‬عن معقل بن يسار ‪ ‬سمعت رسول هللا ‪ ‬يقول‪:‬‬
‫غاش‬ ‫هللا َر ِعيَّ ًة‪َ ،‬يُوتُ يَو َم َيُوتُ وهو ٌّ‬ ‫((ما ِمن َعبْ ٍد يَ ْس َتْ ِعي ِه ُ‬
‫ج َّن َة))(((‪.‬‬ ‫هللا عليه ال َ‬ ‫ح َّر َم ُ‬ ‫إل َ‬ ‫لِ َر ِع َّي ِت ِه‪َّ ،‬‬

‫أمثلة تطبيقية‪:‬‬
‫خدري أن الرسول ‪ ‬قسم ماالً‬ ‫ )‪(1‬يف حديث أيب سعيد ال ُ‬
‫جل‪ :‬كُنا نح ُن أحق بهذا من ه ُؤالء‪،‬‬
‫بني بعض املسلمني فقال ر ُ‬
‫مسلم‪.1437 :‬‬ ‫((( ‬
‫البخاري‪.59 :‬‬ ‫((( ‬
‫البخاري‪ ،33 :‬مسلم‪.59 :‬‬ ‫((( ‬
‫البخاري‪ ،7150 :‬مسلم‪142 :‬واللفظ له‪.‬‬ ‫((( ‬

‫‪144‬‬
‫ون؟ َوأَنَا أَ ِم ُ‬
‫ني‬ ‫قال‪ :‬فبلغ ذلك النبي ‪ ‬فقال‪(( :‬أَ َل تَأْ َم ُن ِ‬
‫ص َباحاً َو َم َسا ًء‪.((())...‬‬ ‫الس َم ِء َ‬
‫ب َّ‬ ‫خ َُ‬ ‫الس َم ِء‪ ،‬يَأْتِي ِني َ‬
‫َمن يف َّ‬
‫ )‪(2‬عن عائشة ‪ ‬أن قريشاً أهمهم شأن املرأة املخزومية التي‬
‫رسقت فقالوا‪ :‬ومن يكلم فيها رسول هللا ‪‬؟ فقالوا‪:‬‬
‫ومن يجرتئ عليه إال أسامة بن زيد حب رسول هللا ‪،‬‬
‫ح ٍّد‬‫فكلمه أسامة‪ ،‬فقال رسول هللا ‪(( :‬أَتَشْ َف ُع يف َ‬
‫هللا))‪ ،‬ثم قام فخطب ثم قال‪(( :‬إنَّ ا أَ ْهل ََك ال َِّذي َن ِمن‬ ‫ح ُدو ِد ِ‬ ‫ِمن ُ‬
‫س َق ِفيه ِِم‬ ‫يف تَ َركُو ُه‪ ،‬وإذَا َ َ‬ ‫س َق ِفيه ِِم َّ ِ‬
‫الش ُ‬ ‫قَ ْبلِ ُ‬
‫ك ْم أنَّ ُه ْم كَانُوا إذَا َ َ‬
‫ْس بيَ ِد ِه‪ ،‬لو أ َّن ف ِ‬
‫َاط َم َة‬ ‫وإن َوال َِّذي نَف ِ‬
‫ح َّد‪ِّ ،‬‬ ‫يف أَقَا ُموا عليه ال َ‬ ‫الضَّ ِع ُ‬
‫ت يَ َد َها))((( وهذه أمانة حفظ اإلمام‬ ‫َت لَ َقطَ ْع ُ‬
‫سق ْ‬ ‫ح َّم ٍد َ َ‬‫ت ُم َ‬ ‫ب ْن َ‬
‫لحدود هللا بإقامتها‪.‬‬
‫يل رسول هللا ‪ ‬وأنا ألعب‬ ‫ )‪(3‬عن أنس ‪ ‬قال‪« :‬أىت ع َّ‬
‫مع الغلامن‪ ،‬قال‪ :‬فسلم علينا فبعثني إىل حاجة فأبطأت عىل أمي‪،‬‬
‫فلام جئت قالت‪ :‬ما حبسك؟ قلت‪ :‬بعثني رسول ‪‬‬
‫لحاجة‪ ،‬قالت‪ :‬ما حاجته؟ قلت‪ :‬إنها رس‪ ،‬قالت‪ :‬ال تحدث َ َّن برس‬
‫رسول هللا ‪ ‬أحدا ً‪ ،‬قال أنس‪ :‬وهللا لو حدثت به أحدا ً‬
‫لحدثتك به يا ثابت»(((‪.‬‬
‫ )‪(4‬عن قيس العجيل عن أبيه قال‪ :‬ملا قدم بسيف كرسى عىل عمر‬
‫‪ ‬ومنطقته‪ ،‬قال‪« :‬إن قوماً أدوا هذا لذوو أمانة» فقال عيل‬
‫‪« :‬إنك عففت فعفت الرعية»(((‪.‬‬
‫البخاري‪ ،4351 :‬مسلم‪.1064 :‬‬ ‫((( ‬
‫البخاري‪ ،3475 :‬مسلم‪.1688 :‬‬ ‫((( ‬
‫مسلم‪.2482 :‬‬ ‫((( ‬
‫تاريخ األمم وامللوك البن جرير‪.466/2 :‬‬ ‫((( ‬

‫‪145‬‬
‫ )‪(5‬مر عيل بن أيب طالب ‪ ‬يف املسجد فرأى واعظاً يعظ الناس‪،‬‬
‫فقال له‪ :‬أتعرف أحكام القرآن وناسخه ومنسوخه؟ فقال‪ :‬ال‪،‬‬
‫فقال عيل‪ :‬هلكت وأهلكت‪ ،‬ثم منعه من التحدث إىل العامة؛‬
‫لئال يفسد عليهم دينهم بجهله‪ ،‬رعاية ألمانة العلم‪.‬‬

‫أقوال مضيئة‪:‬‬
‫ )‪(1‬قال الكفوي‪« :‬األمانة‪ :‬كل ما افرتض هللا عىل العبادة فهو أمانة‪،‬‬
‫كالصالة والزكاة وأداء الدين‪ .‬وأوكدها‪ :‬الودائع‪ ،‬وأوكد الودائع‪:‬‬
‫كتم األرسار»(((‪.‬‬
‫ )‪(2‬نقل ابن الجوزي عن بعض املفرسين‪« :‬أن األمانة يف القرآن عىل‬
‫ثالثة أوجه‪:‬‬
‫َ َ ُّ َ َّ َ َ َ ُ ْ َ َ ُ ُ ْ‬
‫﴿يأيها ٱلِين ءامنوا ل تونوا‬ ‫أحدها‪ :‬الفرائض‪ ،‬ومنه قوله تعاىل‪ٰٓ :‬‬
‫ُ ۡ (((‬ ‫ٰ‬ ‫َ‬ ‫ٰ‬ ‫َّ َ َ َّ ُ َ َ َ ُ ُ ٓ ْ َ َ‬
‫ٱلل وٱلرسول وتونوا أمنتِكم﴾ ‪.‬‬
‫َّ َّ َ َ ۡ ُ ُ ُ ۡ َ ُ َ ُّ ْ‬
‫الثانية‪ :‬الوديعة‪ ،‬ومنه قوله تعاىل‪۞﴿ :‬إِن ٱلل يأمركم أن تؤدوا‬
‫َ‬ ‫ۡ َ َ ٰ َ ٰ َ ٰٓ َ ۡ‬
‫ت إِل أهل ِها﴾ ‪.‬‬
‫(((‬
‫ٱلمن ِ‬
‫ۡ‬
‫ۡ َۡ َ ۡ َ َ‬ ‫الثالثة‪ :‬العفة‪ ،‬ومنه قوله تعاىل‪﴿ :‬إ َّن َخ ۡ َ‬
‫ت ٱلقوِ ُّي‬‫ي َم ِن ٱستـٔجر‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫َۡ‬
‫ٱلمِني‪. » ﴾26‬‬
‫((( (((‬

‫الكليات‪.176 :‬‬ ‫(( (‬


‫األنفال‪.27 :‬‬ ‫((( ‬
‫النساء‪.58 :‬‬ ‫(( (‬
‫القصص‪.26 :‬‬ ‫((( ‬
‫نزهة األعني النواظر‪.106-105/1 :‬‬ ‫(( (‬

‫‪146‬‬
‫ )‪(3‬قال سيد قطب‪« :‬واألمانات كثرية يف عنق الفرد ويف عنق‬
‫الجامعة‪ ،‬ويف أولها أمانة الفطرة‪ ،‬وقد فطرها هللا مستقيمة‬
‫متناسقة مع ناموس الوجود الذي هي منه وإليه‪ ،‬شاهدة بوجود‬
‫الخالق ووحدانيته‪ ،..‬واملؤمنون يرعون تلك األمانة الكربى‬
‫فال يدعون فطرتهم تنحرف عن استقامتها‪ ،‬فتظل قامئة بأمانتها‬
‫شاهدة بوجود الخالق ووحدانيته‪ ،‬ثم تأيت سائر األمانات تبعاً‬
‫لتلك األمانة الكربى»(((‪.‬‬
‫ )‪(4‬قال الحسن ‪« :‬إن من الخيانة أن تحدث برس أخيك»‪.‬‬
‫ )‪(5‬قال الغزايل‪« :‬وهو حرام إن كان فيه إرضار‪ ،‬ولؤم إن مل يكن‬
‫فيه إرضار»(((‪.‬‬

‫مراجع ُم ِعينة‪:‬‬
‫ )‪(1‬الزواجر‪ ،‬البن حجر الهيتمي‪.‬‬
‫ )‪(2‬اآلداب الرشعية‪ ،‬البن مفلح‪.‬‬
‫ )‪(3‬األخالق اإلسالمية‪ ،‬لعبد الرحمن امليداين‪.‬‬

‫(( ( يف ظالل القرآن‪.2456/4 :‬‬


‫(( ( اإلحياء‪.132/3 :‬‬

‫‪147‬‬
‫الحلم‬
‫الحلم صفة تجمع ترك الغضب‪ ،‬وقوة تحمل األذى‪ ،‬وترك االنتقام‪،‬‬
‫ك َّمل من‬
‫والعفو عن املخطئ‪ ،‬ومقابلة إساءته باإلحسان‪ .‬وهي صفة ال ُ‬
‫الناس من األنبياء والعلامء والصالحني‪.‬‬
‫وقد تكون طبيعة يف املرء‪ ،‬وقد يكتسبها بالتعود عليها‪ ،‬وإن مل‬
‫يكن حليامً‪ .‬وتع ُّوده ذلك عبادة؛ ألن هللا تعاىل حليم يحب الحلم‪.‬‬

‫عناصر مقترحة‪:‬‬
‫ )‪(1‬متهيد‪ :‬هللا تعاىل حليم يحب الحلم‪.‬‬
‫ )‪(2‬معنى الحلم‪.‬‬
‫ )‪(3‬فضل الحلم‪.‬‬
‫ )‪(4‬فوائد الحلم (حسن الترصف والتدبري‪ ،‬قلة الندم‪ ،‬اإلحسان إىل‬
‫الناس وكسب مودتهم‪.)...‬‬
‫ )‪(5‬الغضب عند رؤية املعصية‪ :‬ال يناقض الحلم‪.‬‬
‫ )‪(6‬الوسائل املعينة عىل الحلم (طلب العلم الرشعي‪ ،‬التحلم والتعود‪،‬‬
‫مجانبة الغاضبني‪ ،‬العفو واملسامحة‪ ،‬اإلحسان إىل الخلق‪ ،‬الدعاء‬
‫للمخطئ بالهداية وللظامل بأن يهديه هللا لريد الحق لصاحبه‪.)..‬‬
‫هدايات قرآنية‪:‬‬
‫ٱح َذ ُروهُ‬
‫ِك ۡم فَ ۡ‬
‫ُ‬ ‫َ ۡ َ ُ ٓ ْ َ َّ َّ َ َ ۡ َ ُ َ ٓ َ ُ‬
‫ۚ‬ ‫س‬ ‫نف‬ ‫ )‪(1‬قال تعاىل‪﴿ :‬وٱعلموا أن ٱلل يعلم ما ِف أ‬
‫‪ٞ‬‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ ۡ َ ُ ٓ ْ َ َّ َّ َ َ ُ‬
‫وٱعلموا أن ٱلل غفور حل ِيم‪. ﴾235‬‬
‫(((‬

‫((( البقرة‪.235 :‬‬

‫‪148‬‬
‫ِيب‪.(((﴾75‬‬ ‫ِيم أَ َّوٰه ‪ُّ ٞ‬من ‪ٞ‬‬ ‫لل ٌ‬ ‫ِيم َ َ‬ ‫ )‪(2‬قال تعاىل‪﴿ :‬إ َّن إبۡ َرٰه َ‬
‫ِ ِ‬
‫َ َُّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ۡ َ َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫اس وٱلل‬ ‫ )‪(3‬قال هللا تعاىل‪﴿ :‬وٱلك ٰ ِظ ِمني ٱلغيظ وٱلعافِني ع ِن ٱنل ِ ۗ‬
‫سن َ‬ ‫ُي ُّ ۡ ۡ‬
‫ني‪.(((﴾134‬‬ ‫ِب ٱل ُمح ِ ِ‬
‫َ‬ ‫ََ ۡ ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َۡۡ َ َُۡ ۡ ۡ‬ ‫ُ‬
‫ )‪(4‬وقال سبحانه‪﴿ :‬خ ِذ ٱلعفو وأمر بِٱلعر ِف وأع ِرض ع ِن‬
‫ِني‪.(((﴾199‬‬ ‫ۡٱل َ‬
‫جٰهل َ‬
‫ِ‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫ٱلس ّي َئة ۚ ٱدف ۡع بِٱلت ِ َ‬‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ‬‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ه‬ ‫ِ‬ ‫ )‪َ (5‬وقال تعاىل‪﴿ :‬ول تستوِي ٱلسنة ول َ ِ‬
‫ك َو َب ۡي َن ُهۥ َع َد ٰ َوة ‪َ ٞ‬كأنَّ ُهۥ َو ٌّل َح ‪ٞ‬‬ ‫ََۡ َ‬ ‫ۡ َ ُ َ َ َّ‬
‫ِيم‪َ 34‬و َما‬ ‫ِ‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫ِي‬ ‫ٱل‬ ‫أحسن فإِذا‬
‫َ ّ َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ٓ‬ ‫َ‬
‫بوا َو َما يُل َّقى ٰ َ‬ ‫ْ‬ ‫ِين َص َ ُ‬ ‫يُلَ َّقى ٰ َها ٓ إ َّل ٱل َ‬
‫َّ‬
‫يم‪.(((﴾35‬‬ ‫ُ ٖ‬ ‫ظ‬
‫ِ‬ ‫ع‬ ‫ظ‬ ‫ٍ‬ ‫ح‬ ‫و‬ ‫ذ‬ ‫ل‬ ‫ِ‬ ‫إ‬ ‫ا‬ ‫ه‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫﴿ول َمن صب َوغف َر إِن ذٰل ِك ل ِم ۡن ع ۡز ِم ٱلمورِ‪.(((﴾43‬‬ ‫ )‪(6‬وقال ‪َ :‬‬
‫والصرب والعفو‪ ،‬واإلعراض عن الجاهلني‪ ،‬ودفع السيئة بالحسنة‪:‬‬
‫من صفات أهل الحلم‪.‬‬

‫قبسات نبوية‪:‬‬
‫ )‪(1‬عن ابن عباس قال‪ :‬قال رسول هللا ‪ ‬لألشج ‪ -‬أشج عبد‬
‫الحل ُم واألَناةُ))(((‪.‬‬
‫هللا‪ِ :‬‬
‫صلتي يُح ُّب ُهام ُ‬
‫خ ِْ‬ ‫القيس ‪(( :-‬إ َّن فيك َ‬
‫ )‪(2‬عن سهل بن معاذ بن أنس الجهني عن أبيه عن النبي ‪‬‬
‫هللا يو َم القيام ِة‬
‫قال‪(( :‬من كظ َم غيظاً َوه َو يستطي ُع أن ينفذَه دعا ُه ُ‬

‫هود‪.75 :‬‬ ‫((( ‬


‫ال عمران‪.134 :‬‬ ‫(( (‬
‫األعراف‪.199 :‬‬ ‫(( (‬
‫فصلت‪.35 :‬‬ ‫((( ‬
‫الشورى‪.43 :‬‬ ‫((( ‬
‫مسلم‪.24 :‬‬ ‫((( ‬

‫‪149‬‬
‫أي الحو ِر شا َء))(((‪ .‬وكظم‬ ‫يخيه يف ِّ‬
‫رءوس الخالئقِ حتَّى ِّ َ‬ ‫ِ‬ ‫عل‬ ‫َ‬
‫الغيظ‪ :‬تحلُّم ومجاهدة للنفس عىل الحلم حتى تعتاده‪.‬‬
‫ )‪(3‬عن ابن عمر قال‪ :‬قال رسول هللا ‪(( :‬ما من َجرع ٍة‬
‫غيظ كظ َمها عب ٌد ابتغا َء وج ِه‬ ‫جرع ِة ٍ‬ ‫هللا من َ‬ ‫أعظ ُم أجرا ً عند ِ‬
‫ِ‬
‫هللا))(((‪.‬‬
‫ )‪(4‬عن أيب هريرة ‪ ‬أن رجالً قال للنبي ‪ :‬أوصني‪،‬‬
‫ب))(((‪ .‬وال يكون‬ ‫ب)) فردد مرارا ً قال‪(( :‬ال تَغْضَ ْ‬ ‫قال‪(( :‬ال تَغْضَ ْ‬
‫الحلم مع الغضب أبدا ً‪.‬‬
‫الص َع َة‬
‫ )‪(5‬عن عبد هللا قال‪ :‬قال رسول هللا ‪(( :‬ما تَ ُع ُّدون ُّ َ‬
‫فيكم؟))‪ ،‬قالوا‪ :‬الذي ال يرصعه الرجال‪ ،‬قال‪(( :‬ال‪ ،‬ولكنه الذي‬
‫الغضب))(((‪.‬‬
‫ِ‬ ‫نفسه عند‬‫َ ْيلِ ُك َ‬
‫صدق ٌة‬ ‫ )‪(6‬عن أيب هريرة أن رسول هللا ‪ ‬قال‪(( :‬ما نقَصت َ‬
‫إل‬ ‫إل ع ّزا ً‪ ،‬وما تواض َع أح ٌد ِ‬
‫هلل َّ‬ ‫هللا رجالً بعف ٍو َّ‬‫ِمن ما ٍل‪ ،‬وما زا َد ُ‬
‫هللا))(((‪ .‬والعفو صفة الحلامء‪.‬‬ ‫رف َع ُه ُ‬
‫خ ِّي رسول هللا ‪‬‬ ‫ )‪(7‬عن عائشة ‪ ‬أنها قالت‪« :‬ما ُ‬
‫بني أمرين إال أخذ أيرسهام ما مل يكن إمثاً‪ ،‬فإن كان إمثاً كان أبعد‬
‫الناس منه‪ ،‬وما انتقم رسول هللا ‪ ‬لنفسه إال أن تنتهك‬
‫حرمة هللا؛ فينتقم هلل بها»(((‪.‬‬

‫الرتمذي‪ ،1944 :‬وحسنه األلباين يف صحيح الجامع‪.6522 :‬‬ ‫(( (‬


‫ابن ماجه‪ ،4179 :‬وصححه األلباين يف صحيح ابن ماجه‪.3377 :‬‬ ‫((( ‬
‫البخاري‪.5651 :‬‬ ‫((( ‬
‫أبو داود‪ ،4184 :‬وصححه األلباين يف صحيح أيب داود‪.3998 :‬‬ ‫(( (‬
‫الرتمذي‪ ،1952 :‬وصححه األلباين يف صحيح الجامع‪.5809 :‬‬ ‫(( (‬
‫البخاري‪ ،3296 :‬ومسلم‪.4294 :‬‬ ‫((( ‬

‫‪150‬‬
‫ )‪(8‬عن أنس بن مالك ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول هللا ‪(( :‬األنا ُة‬
‫جل ُة من الشَّ يطانِ ))(((‪.‬‬ ‫من ِ‬
‫هللا‪ ،‬وال َع َ‬

‫أمثلة تطبيقية‪:‬‬
‫ )‪(1‬عن عبد هللا بن مسعود ‪ ‬قال‪« :‬كأين أنظر إىل النبي‬
‫‪ ‬يحيك نبياً من األنبياء رضبه قومه فأدموه وهو ميسح‬
‫الدم عن وجهه‪ ،‬ويقول‪ :‬اللهم اغفر لقومي فإنهم ال يعلمون»(((‪.‬‬
‫ )‪(2‬عن أيب هريرة ‪ ‬قال‪ :‬قام أعرايب فبال يف املسجد؛ فتناوله‬
‫عل بَ ْولِ ِه‬ ‫الناس‪ ،‬فقال لهم النبي ‪َ (( :‬د ُعو ُه و َهرِيقُوا َ‬
‫سي َن‪ ،‬ولَ ْم ت ُ ْب َعثُوا‬ ‫جالً ِمن َما ٍء‪ ،‬أ ْو َذنُوباً ِمن َما ٍء‪ ،‬فإنَّ ا بُ ِعثْتُ ْم ُم َي ِّ ِ‬ ‫َس ْ‬
‫سي َن))(((‪.‬‬ ‫ُم َع ِّ ِ‬
‫ )‪(3‬عن أيب هريرة ‪ ‬قدم طفيل بن عمرو الدويس وأصحابه عىل‬
‫النبي ‪ ‬فقالوا‪ :‬يا رسول هللا إن دوساً عصت وأبت‪،‬‬
‫فادع هللا عليها‪ ،‬فقيل‪ :‬هلكت دوس‪ ،‬قال‪(( :‬الل ُه َّم ا ْه ِد َد ْوساً‬
‫ت ب ِه ْم))(((‪.‬‬ ‫وأْ ِ‬
‫ )‪(4‬عن عائشة ‪ ‬أنها قالت للنبي ‪ :‬هل أىت عليك‬
‫يت‪،‬‬ ‫ك ما لَ ِق ُ‬ ‫يت ِمن قَ ْو ِم ِ‬ ‫يوم كان أشد من يوم أحد؟ قال‪(( :‬ل َق ْد لَ ِق ُ‬
‫عل ابْنِ‬ ‫ْس َ‬ ‫ت نَف ِ‬ ‫يت منه ْم يَو َم ال َع َق َب ِة‪ ،‬إ ْذ َع َرضْ ُ‬ ‫وكا َن أشَ َّد ما لَ ِق ُ‬
‫ْت وأنا‬ ‫عبد كُال ٍل‪ ،‬فَلَ ْم يُ ِج ْب ِني إىل ما أ َردْتُ ‪ ،‬فانْطَلَق ُ‬ ‫يل بنِ ِ‬ ‫عبد يالِ َ‬ ‫ِ‬
‫الرتمذي‪ ،2012 :‬وحسنه األلباين يف صحيح الجامع‪.3011 :‬‬ ‫(( (‬
‫البخاري‪ ،3218 :‬مسلم‪.3347 :‬‬ ‫((( ‬
‫البخاري‪.213 :‬‬ ‫((( ‬
‫البخاري‪ ،2720 :‬ومسلم‪.4586 :‬‬ ‫((( ‬

‫‪151‬‬
‫ت‬ ‫ب فَ َرفَ ْع ُ‬ ‫إل وأنا ب َق ْرنِ الثَّعالِ ِ‬ ‫أستَ ِف ْق َّ‬ ‫جهِي‪ ،‬فَلَ ْم ْ‬ ‫عل و ْ‬ ‫َم ْه ُمو ٌم َ‬
‫ِيل‪،‬‬ ‫بسحابَ ٍة ق ْد أظَلَّتْ ِني‪ ،‬فَ َنظَ ْرتُ فإذا فيها ج ِْب ُ‬ ‫َرأْ ِس‪ ،‬فإذا أنا َ‬
‫هللا ق ْد َس ِم َع قَ ْو َل قَ ْو ِم َك ل ََك‪ ،‬وما َر ُّدوا َعلَ ْي َك‪،‬‬ ‫فقال‪ :‬إ َّن َ‬ ‫َنادان َ‬ ‫ف ِ‬
‫َنادان َمل َُك‬
‫ت فيهم‪ ،‬ف ِ‬ ‫وق ْد بَ َعثَ إلَ ْي َك َمل ََك الجِبا ِل لِتَأْ ُم َرهُ مبا ِشئْ َ‬
‫ت‪ ،‬إ ْن‬ ‫ذلك ِفيام ِشئْ َ‬ ‫فقال‪َ ،‬‬ ‫ح َّم ُد‪َ ،‬‬ ‫قال‪ :‬يا ُم َ‬ ‫ل‪ ،‬ث ُ َّم َ‬‫الجِبا ِل ف ََسلَّ َم َع َ َّ‬
‫خشَ بَ ْيِ؟))‪ ،‬فقال النبي ‪:‬‬ ‫ت أ ْن أُطْب َِق عليه ُم األ ْ‬ ‫ِشئْ َ‬
‫حدَهُ ‪ ،‬ال‬ ‫أصال ِب ِه ْم َمن يَ ْع ُب ُد َ‬
‫هللا و ْ‬ ‫هللا ِمن ْ‬ ‫ِج ُ‬ ‫خر َ‬ ‫جو أ ْن يُ ْ‬ ‫((بَ ْل أ ْر ُ‬
‫ش ُك به شيئاً))(((‪.‬‬ ‫يُ ْ ِ‬
‫ )‪(5‬عن أيب هريرة ‪ ‬أن رجالً قال‪ :‬يا رسول هللا إن يل قرابة‬
‫أصلهم ويقطعوين‪ ،‬وأحسن إليهم ويسيئون إيل‪ ،‬وأحلم عنهم‬
‫ْت‪ ،‬فَكَأنَّ ا‬ ‫ت كام قُل َ‬ ‫َئ كُ ْن َ‬ ‫ويجهلون عيل‪ ،‬قال ‪(( :‬ل ِ ْ‬
‫عل‬ ‫ت َ‬ ‫ري عليهم ما ُد ْم َ‬ ‫معك ِم َن ِ‬
‫هللا ظَ ِه ٌ‬ ‫ت ُِس ُّف ُه ُم الم ََّل َو َل يَ َز ُال َ‬
‫ذلك))(((‪.‬‬ ‫َ‬
‫ )‪(6‬عن ابن عباس ‪ ‬قال‪« :‬قدم عيينة بن حصن بن حذيفة‬
‫فنزل عىل ابن أخيه الحر بن قيس‪ ،‬وكان من النفر الذين يدنيهم‬
‫عمر‪ ،‬وكان القراء أصحاب مجالس عمر ومشاورته كهوالً كانوا‬
‫أو شباناً‪ ،‬فقال عيينة البن أخيه‪ :‬يا ابن أخي هل لك وجه عند‬
‫هذا األمري فاستأذن يل عليه‪ ،‬قال‪ :‬سأستأذن لك عليه‪ ،‬قال ابن‬
‫عباس‪ :‬فاستأذن الحر لعيينة فأذن له عمر‪ ،‬فلام دخل عليه قال‪:‬‬
‫هي يا ابن الخطاب‪ ،‬فوهللا ما تعطينا الجزل‪ ،‬وال تحكم بيننا‬
‫((( البخاري‪ ،2992 :‬مسلم‪.3352 :‬‬
‫((( رواه مسلم‪.2558 :‬‬

‫‪152‬‬
‫بالعدل! فغضب عمر حتى ه َّم أن يوقع به‪ ،‬فقال له الحر‪ :‬يا أمري‬
‫ۡ‬
‫﴿خ ِذ ۡٱل َع ۡف َو َوأ ُمرۡ‬
‫ُ‬
‫املؤمنني إن هللا تعاىل قال لنبيه ‪:‬‬
‫َ‬ ‫ٰ‬ ‫َ‬ ‫ُۡۡ ََ ۡ ۡ َ ۡ‬
‫بِٱلعر ِف وأع ِرض ع ِن ٱلج ِهل ِني‪ ﴾199‬وإن هذا من الجاهلني‪،‬‬
‫(((‬

‫وهللا ما جاوزها عمر حني تالها عليه‪ ،‬وكان وقَّافاً عند كتاب‬
‫هللا»(((‪.‬‬
‫ )‪(7‬سب رجل عبد هللا بن عباس ‪ ‬فقال ابن عباس ملواله‬
‫عكرمة ‪« :‬يا عكرمة‪ ،‬هل للرجل حاجة فنقضيها؟»‬
‫فنكَّس الرجل رأسه‪ ،‬واستحيى مام رأى من حلمه عليه»(((‪.‬‬
‫ )‪(8‬وقال رجل ملعاوية ‪ ‬كالماً شديدا ً‪ ،‬فقيل‪ :‬لو عاقبته؟! فقال‪:‬‬
‫«إين أستحيي أن يضيق حلمي عن ذنب أحد من رعيتي»(((‪.‬‬

‫أقوال مضيئة‪:‬‬
‫ )‪(1‬قال ذو النون‪« :‬ثالثة من أعالم الحلم‪ :‬قلة الغضب عند مخالفة‬
‫الرأي‪ ،‬واالحتامل عن الورى إخباتا للرب‪ ،‬ونسيان إساءة امليسء‬
‫عفوا عنه واتساعاً عليه»(((‪.‬‬
‫ )‪(2‬قال معاوية ‪« :‬عليكم بالحلم واالحتامل حتى متكنكم‬
‫الفرصة‪ ،‬فإذا أمكنتكم فعليكم بالصفح واإلفضال»(((‪.‬‬

‫األعراف‪.199 :‬‬ ‫(( (‬


‫البخاري‪.4276 :‬‬ ‫((( ‬
‫اإلحياء‪.178/3 :‬‬ ‫(( (‬
‫مخترص منهاج القاصدين للمقديس‪.183 :‬‬ ‫((( ‬
‫الحلية‪.393/9 :‬‬ ‫(( (‬
‫اإلحياء‪.184/3 :‬‬ ‫(( (‬

‫‪153‬‬
‫ )‪(3‬عن عامر الشعبي قال‪« :‬زين العلم حلم أهله»(((‪.‬‬
‫ )‪(4‬قال لقامن الحكيم‪« :‬ثالثة ال يعرفون إال عند ثالثة‪ :‬ال يعرف‬
‫الحليم إال عند الغضب‪ ،‬وال الشجاع إال عند الحرب‪ ،‬وال األخ‬
‫إال عند الحاجة إليه»(((‪.‬‬
‫ )‪(5‬قال عيل ‪« : ‬إن أول ما ُع َّوض الحليم من حلمه‪ :‬أن الناس‬
‫كلهم أعوانه عىل الجاهل»(((‪.‬‬
‫ )‪(6‬قال معاوية‪« :‬ال يبلغ العبد مبلغ الرأي حتى يغلب حلمه جهله‪،‬‬
‫وصربه شهوته‪ ،‬وال يبلغ ذلك إال بقوة العلم»(((‪.‬‬

‫مراجع ُم ِعينة‪:‬‬
‫ )‪(1‬أدب الدنيا والدين‪ ،‬للاموردي‪.‬‬
‫ )‪(2‬الزواجر‪ ،‬البن حجر الهيتمي‪.‬‬
‫ )‪(3‬دليل الفالحني‪ ،‬البن عالن‪.‬‬

‫الدارمي‪.576 :‬‬ ‫(( (‬


‫اإلحياء ‪.179/3‬‬ ‫((( ‬
‫اإلحياء‪.278/3 :‬‬ ‫(( (‬
‫اإلحياء‪.187/3 :‬‬ ‫(( (‬

‫‪154‬‬
‫اإليثار‬
‫هو تقديم الغري عىل النفس‪ ،‬بأن يعطيه شيئاً رغم حاجته إليه هو؛‬
‫رغبة فيام عند هللا تعاىل من األجر الباقي‪ .‬فهو فوق مرتبة السخاء‬
‫والجود والكرم‪.‬‬
‫واإليثار دليل محبة هللا تعاىل‪ ،‬وعظم الرغبة يف اآلخرة‪ ،‬وتقدميها‬
‫عىل الدنيا الفانية‪ .‬وهذا برهان العقل وحسن التدبري‪.‬‬

‫عناصر مقترحة‪:‬‬
‫ )‪(1‬متهيد‪:‬‬
‫ ‪ .‬أقيمة الدنيا واآلخرة‪( :‬الدنيا مثل حجر يفنى‪ ،‬واآلخرة مثل‬
‫ذهب يبقى‪ ،‬فلو كانت اآلخرة مثل حجر يبقى آلثرها‬
‫العاقل؛ ألنها أنفع له‪.)..‬‬
‫ ‪.‬بمن زيادة اإلميان باهلل‪ :‬محبة الخري للمؤمنني والسعي يف‬
‫إيصاله إليهم بكل وسيلة‪.‬‬
‫ )‪(2‬معنى اإليثار‪.‬‬
‫ )‪(3‬علو مرتبة اإليثار (مرتبة اإليثار فوق السخاء والجود‪ ،‬مع كونه‬
‫غري واجب)‪.‬‬
‫ )‪(4‬فضل اإليثار‪.‬‬
‫ )‪(5‬بواعث اإليثار‪( :‬محبة العبد هلل‪ ،‬رجاؤه‪ ،‬الثقة وحسن الظن به‪،‬‬
‫معرفة حقيقة الدارين‪.)...‬‬

‫‪155‬‬
‫ )‪(6‬فوائد اإليثار‪( :‬محبة هللا للعبد‪ ،‬األلفة والرتاحم بني املؤمنني‪،‬‬
‫استجالب رحمة هللا‪.)...‬‬
‫ )‪(7‬صور من اإليثار (قدمياً وحديثاً)‪.‬‬
‫ )‪(8‬الطريق إىل اإليثار‪( :‬تذكر أن ما ينفقه املرء هلل هو الباقي‪،‬‬
‫التعرف عىل حاجات الناس‪ ،‬التعود عىل الصدقة‪ ،‬البذل مام‬
‫يحب‪ ،‬اإليثار ولو مرة واحدة‪ ،‬تعويد النفس عىل تأجيل رغباتها‬
‫وترك مشتهياتها‪.)..‬‬

‫هدايات قرآنية‪:‬‬
‫َ ‪((( ٞ‬‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ۡ ُ َ َ َ ٰٓ َ ُ ۡ َ َ ۡ َ َ ۡ َ‬
‫س ِهم ولو كن ب ِ ِهم خصاصة﴾ ‪.‬‬ ‫ )‪(1‬قال تعاىل‪﴿ :‬ويؤث ِرون ع أنف ِ‬
‫ع ُح ّبهِۦ م ِۡسك ٗ‬
‫ِينا َو َيت ِ ٗ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ۡ ُ َ َّ َ َ‬
‫يما‬ ‫وقال سبحانه‪﴿ :‬ويطعِمون ٱلطعام ٰ ِ‬ ‫ )‪َ َ (2‬‬
‫ً‬
‫وأسِريا‪.(((﴾8‬‬
‫ٱدل ۡن َيا‪َ 16‬وٱٓأۡلخ َِرةُ َخ ۡي‪ٞ‬‬ ‫ون ۡ َ‬
‫ٱل َي ٰوةَ ُّ‬ ‫َۡ ُۡ ُ َ‬
‫وقال ‪﴿ :‬بل تؤث ِر‬
‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ )‪َ َ (3‬‬
‫ق‪.(((﴾17‬‬‫وأب ٰٓ‬

‫قبسات نبوية‪:‬‬
‫ )‪(1‬عن أيب موىس ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول هللا ‪(( :‬إ َّن‬
‫ني إذا أ ْر َملُوا يف ال َغ ْز ِو‪ ،‬أ ْو ق ََّل طَعا ُم ِعيالِ ِه ْم بامل َِدي َن ِة‬ ‫األشْ َع ِريِّ َ‬
‫واح ٍد‪ ،‬ث ُ َّم اقْتَ َس ُمو ُه ب ْي َن ُه ْم يف إنا ٍء‬
‫ب ِ‬ ‫ج َم ُعوا ما كا َن ِع ْن َد ُه ْم يف ث َ ْو ٍ‬ ‫َ‬
‫واح ٍد َّ‬
‫بالس ِويَّ ِة‪ ،‬فَ ُه ْم ِم ِّني وأنا منه ْم))(((‪.‬‬ ‫ِ‬

‫الحرش‪.9 :‬‬ ‫(( (‬


‫اإلنسان‪.8 :‬‬ ‫((( ‬
‫األعىل‪.17-16 :‬‬ ‫(( (‬
‫البخاري‪،2486 :‬مسلم‪.2500 :‬‬ ‫((( ‬

‫‪156‬‬
‫ )‪(2‬عن عائشة ‪ ‬أنها قالت‪ :‬جاءتني مسكينة تحمل ابنتني لها‬
‫فأطعمتها ثالث مترات‪ ،‬فأعطت كل منها مترة‪ ،‬ورفعت إىل فيها‬
‫مترة لتأكلها‪ ،‬فاستطعمتها ابنتاها‪ ،‬فشقت التمرة التي كانت تريد‬
‫أن تأكلها بينهام‪ ،‬فأعجبني شأنها‪ ،‬فذكرت التي صنعت لرسول‬
‫ج َّن َة‪ ،‬أَ ْو‬
‫ب لَ َها ب َها ال َ‬ ‫هللا ق ْد أَ ْو َ‬
‫ج َ‬ ‫هللا ‪ ،‬فقال‪(( :‬إ َّن َ‬
‫أَ ْعتَ َق َها ب َها ِم َن ال َّنارِ))(((‪.‬‬

‫أمثلة تطبيقية‪:‬‬
‫ )‪(1‬عن سهل بن سعد ‪ ‬أن امرأة جاءت إىل رسول ‪‬‬
‫بربدة منسوجة‪ ،‬فقالت‪ :‬نسجتها بيدي ألكسوكها‪ ،‬فأخذها النبي‬
‫‪ ‬محتاجاً إليها‪ ،‬فخرج إلينا وإنها فزاره‪ ،‬فقال فالن‪:‬‬
‫اكسنيها ما أحسنها! فقال‪(( :‬نَ َع ْم))‪ ،‬فجلس النبي ‪‬‬
‫يف املجلس‪ ،‬ثم رجع فطواها‪ ،‬ثم أرسل بها إليه‪ ،‬فقال له القوم‪:‬‬
‫ما أحسنت! لبسها النبي ‪ ‬محتاجاً إليها‪ ،‬ثم سألته‪،‬‬
‫وعلمت أنه ال يرد سائالً‪ ،‬فقال‪ :‬إين وهللا ما سألته أللبسها‪ ،‬إمنا‬
‫سألته لتكون كفني‪ ،‬قال سهل‪ :‬فكانت كفنه(((‪.‬‬
‫ )‪(2‬عن أيب هريرة ‪ ‬قال‪ :‬جاء رجل إىل النبي ‪ ‬فقال‪:‬‬
‫إين مجهود‪ ،‬فأرسل إىل بعض نسائه‪ ،‬فقالت‪ :‬والذي بعثك بالحق‬
‫ما عندي إال ماء‪ ،‬ثم أرسل إىل أخرى‪ ،‬فقالت مثل ذلك‪ ،‬حتى قلن‬
‫كلهن مثل ذلك‪ :‬ال والذي بعثك بالحق ما عندي إال ماء‪ .‬فقال‬

‫((( مسلم‪.2630 :‬‬


‫((( البخاري‪.2093 :‬‬

‫‪157‬‬
‫يف هذا اللَّ ْيلَ َة؟))‪ ،‬فقال رجل من‬ ‫النبي ‪َ (( :‬من يُ ِض ُ‬
‫األنصار‪ :‬أنا يا رسول هللا‪ ،‬فانطلق به إىل رحله‪ ،‬فقال المرأته‪:‬‬
‫أكرمي ضيف رسول ‪ .‬ويف رواية قال المرأته‪ :‬هل‬
‫عندك يشء؟ فقالت‪ :‬ال‪ ،‬إال قوت صبياين‪ .‬قال‪ :‬علليهم بيشء‬
‫وإذا أرادوا العشاء‪ ،‬فنوميهم‪ ،‬وإذا دخل ضيفنا‪ ،‬فأطفيء الرساج‪،‬‬
‫وأريه أنا نأكل‪ .‬فقعدوا وأكل الضيف‪ ،‬وباتا طاويني‪ ،‬فلام أصبح‬
‫ِب‪،‬‬ ‫غدا عىل النبي ‪ ‬فقال‪(( :‬ضَ ِح َك َ ُ‬
‫هللا اللَّ ْيلَ َة‪ ،‬أ ْو َعج َ‬
‫َ َ َ‬ ‫َ ُ ۡ ُ َ َ َ ٰٓ ُ‬
‫س ِه ۡم َول ۡو كن ب ِ ِه ۡم‬ ‫ع أنف ِ‬ ‫ِمن فَ َعالِكُام))‪ ،‬فأنزل هللا‪﴿ :‬ويؤث ِرون‬
‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َُ َ َ ُ‬ ‫َ ُ َۡ‬ ‫َ َ َ ‪ٞ‬‬
‫سهِۦ فأ ْو ٰٓلئِك ه ُم ٱل ُمفل ُِحون‪.((((((﴾9‬‬ ‫اصة ۚ َو َمن يُوق ش َّح نف ِ‬ ‫خص‬
‫ )‪(3‬عن أنس بن مالك ‪ ‬قال‪« :‬قدم عبد الرحمن بن عوف‬
‫فآخى النبي ‪ ‬بينه وبني سعد الربيع األنصاري‪ ،‬وعند‬
‫األنصاري امرأتان‪ ،‬فعرض عليه أن يناصفه أهله وماله‪.(((»...‬‬
‫ )‪(4‬عن أنس ‪ ‬قال‪ :‬دعا رسول هللا ‪ ‬األنصار إىل‬
‫أن يقطع لهم البحرين‪ ،‬فقالوا‪ :‬ال إال أن تقطع إلخواننا من‬
‫بوا حتَّى تَلْ َق ْو ِن‪ ،‬فإنَّه‬
‫َاص ِ ُ‬
‫املهاجرين مثلها‪ ،‬قال‪(( :‬إ َّما َل‪ ،‬ف ْ‬
‫ك ْم بَ ْع ِدي ‪ ‬أث َ َرةٌ))(((‪.‬‬
‫َس ُي ِصي ُب ُ‬
‫ )‪(5‬عن سهل بن سعد ‪ ‬أن رسول هللا ‪ ‬أيت برشاب‬
‫فرشب منه وعن ميينه غالم‪ ،‬وعن يساره األشياخ‪ ،‬فقال للغالم‪:‬‬

‫الحرش‪.9 :‬‬ ‫(( (‬


‫البخاري‪ ،3798 :‬مسلم‪.2054 :‬‬ ‫((( ‬
‫البخاري‪.3937 :‬‬ ‫((( ‬
‫البخاري‪.3794 :‬‬ ‫((( ‬

‫‪158‬‬
‫((أتَأْ َذ ُن يل أ ْن أُ ْع ِط َي َه ُؤ َل ِء؟))‪ ،‬فقال الغالم‪ :‬ال وهللا يا رسول‬
‫هللا‪ ،‬ال أوثر بنصيبي منك أحد‪ ،‬قال‪ :‬فتلَّه رسول هللا ‪‬‬
‫يف يده(((‪ .‬فقد كانت رغبته يف التربك بأثر النبي ‪ ،‬ال‬
‫بحصته من الرشاب‪.‬‬
‫ )‪(6‬قال مجاهد‪« :‬كان باملدينة أهل بيت ذوو حاجة عندهم رأس‬
‫شاة فأصابوا شيئاً‪ ،‬فقالوا‪ :‬لو بعثنا بهذا الرأس إىل من هو أحوج‬
‫إليه منا‪ ،‬قال‪ :‬فبعثوا به‪ ،‬فلم يزل يدور باملدينة حتى رجع إىل‬
‫أصحابه الذين خرج من عندهم!»(((‪.‬‬

‫أقوال مضيئة‪:‬‬
‫ )‪(1‬قال الحسن‪« :‬لقد رأيت أقواماً كانت الدنيا أهون عىل أحدهم‬
‫من الرتاب تحت قدميه‪ ،‬ولقد رأيت أقواماً مييس أحدهم وما‬
‫يجد عنده إال قوتاً فيقول‪ :‬ال أجعل هذا كله يف بطني‪ ،‬ألجعلن‬
‫بعضه هلل ‪ ‬فيتصدق ببعض وإن كان هو أحوج ممن يتصدق‬
‫به عليه»(((‪.‬‬
‫رض بالدنيا‪ ،‬ومن أراد‬
‫ )‪(2‬قال ابن مسعود ‪« :‬من أراد اآلخرة أ َّ‬
‫رضوا بالفاين للباقي»(((‪.‬‬
‫رض باآلخرة‪ ،‬يا قوم فأ ُّ‬
‫الدنيا أ َّ‬
‫ )‪(3‬قال الغزايل‪« :‬اإليثار أعىل درجات السخاء»(((‪.‬‬

‫البخاري‪ ،2451 :‬مسلم‪.2030 :‬‬ ‫((( ‬


‫الحلية‪.296/3 :‬‬ ‫(( (‬
‫الحلية‪.134/2 :‬‬ ‫(( (‬
‫السري‪.496/1 :‬‬ ‫(( (‬
‫اإلحياء‪.258/3 :‬‬ ‫(( (‬

‫‪159‬‬
‫ )‪(4‬ذكر ابن القيم أن اإليثار عىل ثالث درجات‪:‬‬
‫الدرجة األوىل‪ :‬أن تؤثر الخلق عىل نفسك فيام ال يحرم عليك ديناً‪،‬‬
‫وال يقطع عليك طريقاً‪ ،‬وال يفسد عليك وقتاً‪ ،‬يعني‪ :‬أن تقدمهم عىل‬
‫نفسك يف مصالحهم مثل أن تطعمهم وتجوع‪ ،‬وتكسوهم وتعرى‪،‬‬
‫وتسقيهم وتظأم بحيث ال يؤدي ذلك إىل ارتكاب إتالف ال يجوز‬
‫يف الدين‪.‬‬
‫وكل سبب يعود عليك بصالح قلبك ووقتك وحالك مع هللا فال تؤثر‬
‫به أحدا‪ ،‬فإن آثرت به فإمنا تؤثر الشيطان عىل هللا وأنت ال تعلم‪.‬‬
‫الدرجة الثانية‪ :‬إيثار رىض هللا عىل رىض غريه‪ ،‬وإن عظمت فيه املحن‪،‬‬
‫وثقلت فيه املؤن‪ ،‬وضعف عنه الطَ ْول والبدن‪ .‬وإيثار رىض هللا ‪‬‬
‫عىل غريه هو‪ :‬أن يريد ويفعل ما فيه مرضاته ولو أغضب الخلق‪...‬‬
‫وقد جرت سنة هللا التي ال تبديل لها‪ :‬أن من آثر مرضاة الخلق عىل‬
‫مرضاته أن يسخط عليه من آثر رضاه‪ ،‬ويخذله من جهته ويجعل‬
‫محنته عىل يديه‪ ،‬فيعود حامده ذا ّماً ومن آثر مرضاته ساخطاً‪ ،‬فال‬
‫عىل مقصوده منهم حصل‪ ،‬وال إىل ثواب مرضاة ربه وصل‪ ،‬وهذا‬
‫أعجز الخلق وأحمقهم‪ .‬قال الشافعي ‪ :‬رضا الناس غاية ال‬
‫تدرك‪ .‬فعليك مبا فيه صالح نفسك فالزمه‪ ،‬ومعلوم أنه ال صالح‬
‫للنفس إال بإيثار رىض ربها وموالها عىل غريه‪.‬‬
‫الدرجة الثالثة‪ :‬أن تنسب إيثارك إىل هللا دون نفسك وأنه هو الذي‬
‫تفرد باإليثار‪ ،‬ال أنت‪ ،‬فكأنك سلمت اإليثار إليه‪ ،‬فإذا آثرت غريك‬
‫بيشء فإن الذي آثره هو الحق ال أنت‪ ،‬فهو املؤثر عىل الحقيقة؛ إذ‬
‫هو املعطي حقيقة(((‪..‬‬

‫(( ( مدارج السالكني‪ ،302-297 / 2 :‬بترصف واختصار‪.‬‬

‫‪160‬‬
‫ )‪(5‬وقال أيضاً يف األسباب التي تعني عىل اإليثار‪:‬‬
‫تعظيم الحقوق‪ :‬فإن عظمت الحقوق عنده قام بواجبها ورعاها حق‬
‫رعايتها واستعظم إضاعتها‪ ،‬وعلم أنه إن مل يبلغ درجة اإليثار مل‬
‫يؤدها كام ينبغي فيجعل إيثاره احتياطاً ألدائها‪.‬‬
‫الثاين‪ :‬مقت الشح‪ ،‬فإنه إذا مقته وأبغضه التزم باإليثار‪ ،‬فإنه يرى أن‬
‫ال خالص له من هذا املقت البغيض إال باإليثار‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬الرغبة يف مكارم األخالق‪ ،‬وبحسب رغبته فيها يكون‬
‫إيثاره؛ ألن اإليثار أفضل درجات مكارم األخالق(((‪..‬‬

‫مراجع ُم ِعينة‪:‬‬
‫ )‪(1‬طريق الهجرتني‪ ،‬البن القيم‪.‬‬
‫ )‪(2‬مخترص منهاج القاصدين‪ ،‬البن قدامة‪.‬‬
‫ )‪(3‬مدارج السالكني‪ ،‬البن القيم‪.‬‬
‫ )‪(4‬دليل الفالحني‪ ،‬البن عالن‪.‬‬

‫((( املدارج‪.299/2 :‬‬

‫‪161‬‬
‫اتباع الهوى‬
‫الهوى يف األصل‪ :‬ميل النفس‪ ،‬وملا كانت النفس أمارة بالسوء كان‬
‫الغالب ميلها إىل خالف الحق‪ ،‬إال ما رحم ريب‪.‬‬
‫ومن هنا كان هوى النفس مضادا ً للهدى والرشيعة التي جاءت‬
‫لتجنيب العباد أهواءهم‪ ،‬وكان اتباع الهوى مناقضاً للعبودية وتحقيق‬
‫إسالم الوجه هلل رب العاملني؛ إذ إنه يصري التباعه إلهاً من دون هللا ‪ ‬تعاىل!‬

‫عناصر مقترحة‪:‬‬
‫ )‪(1‬متهيد‪ :‬خلق اإلنسان التباع الهدى ومخالفة الهوى‪.‬‬
‫ )‪(2‬معنى اتباع الهوى‪.‬‬
‫ )‪(3‬سهولة اتباع الهوى (افعل ما تشتهيه نفسك!)‪.‬‬
‫ )‪(4‬ذم اتباع الهوى يف نصوص الوحيني‪.‬‬
‫ )‪(5‬مظاهر اتباع الهوى‪( :‬ضعف اتباع الحق‪ ،‬صعوبة االعرتاف‬
‫بالخطأ‪ ،‬التح ُّيل عىل أحكام الرشيعة‪ ،‬البغي والعدوان عىل‬
‫املخالف‪ ،‬تتبع السقطات والزالت‪ ،‬املبالغة يف املدح والذم‪ ،‬كرثة‬
‫الجدل‪ ،‬قلة االستشهاد بالنصوص‪.)..‬‬
‫ )‪(6‬خطره يف الدنيا واآلخرة‪( :‬الضالل عن الحق‪ ،‬اتباع الشهوات‪،‬‬
‫سيطرة الشيطان‪ ،‬الخالف والتفرق‪.)..‬‬
‫ )‪(7‬الهوى وأثره يف الخالف والتفرق‪( :‬ال تتم الوحدة واالجتامع إال‬
‫مبخالفة الهوى؛ ألن األهواء متعارضة)‪.‬‬

‫‪162‬‬
‫ )‪(8‬عالج اتباع الهوى‪( :‬مجاهدة النفس يف معرفة الحق واتباعه‪،‬‬
‫مخالفة ما تشتهيه النفس‪ ،‬تعويدها عىل ترك بعض رغباتها‪،‬‬
‫ترك الشبهات‪ ،‬تجنب الحيل عىل األحكام الرشعية وترك تتبع‬
‫الرخص‪.)..‬‬

‫هدايات قرآنية‪:‬‬
‫َّ َّ ۡ َ َ َ َّ َ ُ ۢ ُّ ٓ َّ َ َ َ َ ّ ٓ َّ َ ّ‬
‫ )‪(1‬قال تعاىل‪﴿ :‬إِن ٱنلفس لمارة بِٱلسوءِ إِل ما رحِم ر ِب ۚ إِن ر ِب‬
‫ِيم‪.(((﴾53‬‬ ‫َغ ُفور‪َّ ٞ‬رح ‪ٞ‬‬
‫نف ُس َولَ َقدۡ‬ ‫َ َّ ُ َ َّ َّ َّ َ َ َ ۡ َ ۡ َ ُ‬
‫وقال سبحانه‪﴿ :‬إِن ۡ يتبِعون إِل ٱلظن وما تهوى ٱل ۖ‬ ‫ٓ‬
‫ )‪(2‬‬
‫ى‪.(((﴾23‬‬ ‫َجا َء ُهم ّمِن َّر ّب ِه ُم ٱل ُه َد ٰٓ‬
‫ك ُهوَ‬ ‫َ ۡ ۡ َّ َ َّ َ‬ ‫ِ َّ َ ٗ َّ ُ ُّ َ َ ۡ َ ٓ‬
‫ي عِل ٍ ۚم إِن رب‬‫ضلون بِأهوائ ِ ِهم بِغ ِ‬ ‫ )‪َ (3‬قال تعاىل‪ِ﴿ :‬إَون كثِريا ل ِ‬
‫ِين‪.(((﴾119‬‬ ‫أ ۡعلَ ُم بٱل ۡ ُم ۡع َتد َ‬
‫ِ‬
‫َّ َ َ َ ٰ َ ُ َ َ ٰ ُ َ َ َ َ َ ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ )‪(4‬وقال سبحانه‪﴿ :‬أرءيت م ِن ٱتذ إِلههۥ هوىه أفأنت تكون‬
‫ً‬ ‫ََ‬
‫عل ۡيهِ َوك ِيال‪.(((﴾43‬‬
‫عٰ‬ ‫َّ َ َ َ َ ُ َ َ ٰ ُ َ َ َ َّ ُ َّ ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫ٰ‬
‫ )‪(5‬وقال ‪﴿ :‬أفرءيت م ِن ٱتذ إِلههۥ هوىه وأضله ٱلل‬
‫َ ٰ َ ٗ ََ‬
‫صه ِۦ غِشوة فمن‬ ‫ع بَ َ‬‫ع َس ۡمعِهِۦ َوقَ ۡلبِهِۦ َو َج َع َل َ َ ٰ‬ ‫ع ِۡل ٖم َو َخ َت َم َ َ ٰ‬
‫ِ‬
‫ۢ َ ۡ َّ َ َ َ َ َ َّ ُ َ‬
‫َي ۡهدِيهِ ِمن بع ِد ٱللِۚ أفل تذكرون‪. ﴾23‬‬
‫(((‬

‫َ ۡ ُ‬ ‫َۡ‬ ‫ۡ َ َ َٗ‬ ‫ُ َّ‬ ‫َ‬


‫ۡرض فٱحكم‬ ‫ )‪(6‬وقال تعاىل‪﴿ :‬ي ٰ َد ُاوۥد إِنا َج َعل َنٰك خل ِيفة ِف ٱل ِ‬
‫َّ َّ‬ ‫ك َعن َ‬ ‫ۡ َ ّ َ َ َ َّ ۡ َ َ ٰ َ ُ َّ َ‬ ‫َب ۡ َ‬
‫يل ٱللِۚ إِن‬ ‫ِ ِ‬ ‫ب‬ ‫س‬ ‫ضل‬‫اس بِٱل ِق ول تتبِعِ ٱلهوى في ِ‬ ‫ي ٱنلَّ ِ‬
‫يوسف‪.53 :‬‬ ‫((( ‬
‫النجم‪.23 :‬‬ ‫(( (‬
‫األنعام‪.119 :‬‬ ‫((( ‬
‫الفرقان‪.43 :‬‬ ‫((( ‬
‫الجاثية‪.23 :‬‬ ‫(( (‬

‫‪163‬‬
‫َ ْ‬ ‫ٱلل ل َ ُه ۡم َع َذ ‪ٞ‬‬
‫اب َشد ُ‬ ‫َّ‬ ‫ون َعن َ‬ ‫َّ َ َ ُّ َ‬
‫ِيد ۢ ب ِ َما ن ُسوا يَ ۡو َم‬ ‫يل ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ب‬ ‫س‬ ‫ضل‬ ‫ٱلِين ي ِ‬
‫ۡ‬
‫ٱل َ‬
‫‪.‬‬ ‫(((‬
‫‪﴾26‬‬ ‫اب‬
‫ِ‬ ‫ِس‬
‫َ َ َّ َ ۡ َ َ ۡ َ ٓ َ ُ ّ َ ۡ َ َ ٓ َ َ َ ۡ ۡ‬
‫ )‪(7‬وقال تعاىل‪﴿ :‬ولئ ِ ِن ٱتبعت أهواءهم ِم ۢن بع ِد ما جاءك مِن ٱلعِل ِم‬
‫َّ َ ٗ َّ َ َّ‬
‫ٱلظٰلِم َ‬
‫ني‪.(((﴾145‬‬ ‫ِ‬ ‫إِنك إِذا ل ِمن‬

‫قبسات نبوية‪:‬‬
‫مم أخىش عليكم‬ ‫ )‪(1‬عن أيب برزة عن النبي ‪ ‬قال‪(( :‬إ َّن َّ‬
‫ت ال َهوى))(((‪.‬‬ ‫وات الغ َِّي يف بُطونِكم وفُروجِكم‪ ،‬و ُم ِض َّل ِ‬ ‫شَ َه ِ‬
‫ )‪(2‬عن ابن عمر قال‪ :‬قال رسول هللا ‪(( :‬ثالثٌ ُمهلِكاتٌ‬
‫وثالثٌ ُمنجياتٌ وثالثٌ كفَّاراتٌ وثالثٌ درجاتٌ فأ َّما امل ُهلِكاتُ‬
‫بنفسه وأ َّما املُنجياتُ‬ ‫ِ‬ ‫وإعجاب املر ِء‬
‫ُ‬ ‫ع وه ًوى متَّب ٌع‬ ‫فشُ ٌّح مطا ٌ‬
‫الغضب وال ِّرضا والقص ُد يف الفق ِر وال ِغنى وخشي ُة ِ‬
‫هللا‬ ‫ِ‬ ‫فالعدل يف‬ ‫ُ‬
‫الصال ِة‬ ‫الصال ِة بع َد َّ‬ ‫الس والعالني ِة وأ َّما الكفَّاراتُ فانتظا ُر َّ‬ ‫يف ِّ ِّ‬
‫ِ‬
‫الجامعات وأ َّما‬ ‫األقدام إىل‬
‫ِ‬ ‫ونقل‬
‫ُ‬ ‫ات‬‫الس َب ِ‬ ‫غ ال ُوضو ِء يف َّ‬ ‫وإسبا ُ‬
‫اس‬ ‫والصال ُة باللَّيلِ وال َّن ُ‬ ‫َّ‬ ‫الم‬
‫الس ِ‬
‫َّعام وإفشا ُء َّ‬ ‫الدَّرجاتُ فإطعا ُم الط ِ‬
‫نيا ٌم))(((‪.‬‬
‫((كل ابنِ آد َم‬ ‫ُّ‬ ‫ )‪(3‬عن أيب هريرة أن رسول هللا ‪ ‬قال‪:‬‬
‫س‪،‬‬ ‫ي زِناها ال َّنظَ ُر‪ ،‬وال َي ُد زِناها اللَّ ْم ُ‬ ‫صاب ِم َن ال ِّزنا ال َمحالَ َة‪ ،‬فَال َع ْ ُ‬ ‫أَ َ‬
‫ج))(((‪.‬‬ ‫ك ِّذبُ ُه ال َف ْر ُ‬ ‫ص ِّد ُق َذلِك أ ْو يُ َ‬
‫ح ِّدثُ ‪ ،‬ويُ َ‬ ‫ْس تَ ْه َوى وتُ َ‬ ‫وال َّنف ُ‬

‫ص‪.26 :‬‬ ‫(( (‬


‫البقرة‪.145 :‬‬ ‫((( ‬
‫أحمد‪،19274 :‬وصححه األلباين يف صحيح الرتغيب والرتهيب‪.52 :‬‬ ‫(( (‬
‫الطرباين يف األوسط‪ ،5754 :‬وحسنه األلباين يف صحيح الجامع‪.3045 :‬‬ ‫(( (‬
‫أحمد‪ ،8392 :‬وصححه األلباين يف السلسلة الصحيحة‪.2804 :‬‬ ‫(( (‬

‫‪164‬‬
‫ )‪(4‬عن معاوية بن أيب سفيان أن رسول هللا ‪ ‬قال‪...(( :‬‬
‫ج يف أُ َّمتي أقوا ٌم تَجارى بهم تلك األهوا ُء كام يَتَجارى‬
‫وإنَّه س َيخ ُر ُ‬
‫إل‬
‫فص ٌل َّ‬ ‫ِ‬
‫بصاحبِه ‪ -‬ال يَ ْبقى منه ِع ٌ‬
‫رق وال َم ِ‬ ‫ِ‬
‫لصاحبِه ‪-‬أو‬ ‫َب‬
‫كل ُ‬
‫ال َ‬
‫خلَه))(((‪.‬‬
‫د َ‬

‫أقوال مضيئة‪:‬‬
‫ )‪(1‬قال عمر بن عبد العزيز‪« :‬ال تكن ممن يتبع الحق إذا وافق‬
‫هواه‪ ،‬ويخالفه إذا خالف هواه‪ ،‬فإذا ً أنت ال تثاب عىل ما وافقته‬
‫من الحق‪ ،‬وتعاقب عىل ما تركته منه؛ ألنك إمنا اتبعت هواك يف‬
‫املوضعني»(((‪.‬‬
‫ )‪(2‬عن الشعبي قال‪« :‬إمنا سمي الهوى ألنه يهوي بصاحبه»(((‪.‬‬
‫ )‪(3‬قال ابن مسعود‪ ...« :‬من جاءك بالحق فاقبل منه وإن كان بعيدا ً‬
‫(((‬
‫بغيضاً‪ ،‬ومن جاءك بالباطل فاردد عليه وإن كان حبيباً قريباً»‬
‫وبهذا ينجو املرء من الهوى‪.‬‬
‫ )‪(4‬قال الشاطبي‪« :‬املقصد الرشعي من وضع الرشيعة‪ :‬إخراج‬
‫املكلف من داعية هواه‪ ،‬حتى يكون عبدا ً هلل اختيارا ً‪ ،‬كام هو‬
‫عبد هلل اضطرارا ً»(((‪.‬‬

‫أبو داود‪ ،4597 :‬وصححه األلباين يف صحيح الجامع‪.2641 :‬‬ ‫(( (‬


‫رشح الطحاوية البن أيب العز‪.590/1 :‬‬ ‫(( (‬
‫الدارمي‪.395 :‬‬ ‫(( (‬
‫صفة الصفوة ‪.419/1‬‬ ‫(( (‬
‫املوافقات‪.289/2 :‬‬ ‫(( (‬

‫‪165‬‬
‫ )‪(5‬قال الشافعي‪« :‬ما كابرين أحد عىل الحق ودافع إال سقط من‬
‫عيني‪ ،‬وال قبله إال ِه ْبتُه واعتقدت مودته»((( واملكابرة عىل الحق‬
‫من الهوى‪.‬‬
‫ )‪(6‬قال حاتم األصم‪« :‬أفرح إذا أصاب من ناظرين‪ ،‬وأحزن إذا‬
‫أخطأ»((( وهذه مخالفة الهوى؛ ألن النفس تهوى هزمية الخصم‬
‫وخطأه‪.‬‬
‫ )‪(7‬قال شيخ اإلسالم‪« :‬واتباع األهواء يف الديانات أعظم من اتباع‬
‫األهواء يف الشهوات‪ ،‬فإن األول حال الذين كفروا من أهل‬
‫َ َّ ۡ َ ۡ َ ُ ْ َ َ‬
‫يبوا لك‬ ‫ج‬
‫تعاىل‪﴿ :‬فإِن لم يست ِ‬ ‫الكتاب واملرشكني‪ ،‬كام قال‬
‫ي‬ ‫ون أَ ۡه َوا ٓ َء ُه ۡم َو َم ۡن أ َض ُّل م َِّمن َّٱت َب َع َه َوى ٰ ُه ب َغ ۡ‬
‫َ‬ ‫َ ۡ َ ۡ َ َّ َ َ َّ ُ َ‬
‫فٱعلم أنما يتبِع‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ۚ‬
‫ٱلظٰلِم َ‬ ‫َ ۡ َ َّ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ٱللِ إ َّن َّ َ‬
‫ُ ٗ ّ َ َّ‬
‫ني‪ (((﴾50‬ولهذا‬ ‫ِ‬ ‫ٱلل ل َي ۡهدِي ٱلقوم‬ ‫هدى مِن ۚ ِ‬
‫كان من خرج عن موجب الكتاب والسنة من العلامء والعباد‬
‫يجعل من أهل األهواء‪ ،‬كام كان السلف يسمونهم أهل األهواء‪،‬‬
‫وذلك أن كل من مل يتبع العلم فقد اتبع هواه‪ ،‬والعلم بالدين ال‬
‫يكون إال بدين هللا الذي بعث به رسوله»(((‪.‬‬
‫ )‪(8‬قال ابن تيمية ‪« :‬صاحب الهوى يعميه الهوى ويصمه‪ ،‬فال‬
‫يستحرض ما هلل ورسوله يف األمر وال يطلبه أصالً‪ ،‬وال يرىض‬
‫لرىض هللا ورسوله‪ ،‬وال يغضب لغضب هللا ورسوله‪ ،‬بل يرىض إذا‬
‫حصل ما يرضاه بهواه‪ ،‬ويغضب إذا حصل ما يغضب له بهواه‪،‬‬

‫السري‪.33/10 :‬‬ ‫(( (‬


‫السري ‪.487/11‬‬ ‫(( (‬
‫القصص‪.50 :‬‬ ‫((( ‬
‫مجموع الفتاوى‪.133-132/28 :‬‬ ‫((( ‬

‫‪166‬‬
‫فليس قصده أن يكون الدين كله هلل‪ ،‬وأن تكون كلمة هللا هي‬
‫العليا‪ ،‬بل قصده الحمية لنفسه وطائفته أو الرياء‪ ،‬ليعظم هو‬
‫ويثنى عليه‪ ،‬أو لغرض من الدنيا‪ ،‬فلم يكن هلل غضبه‪ ،‬ومل يكن‬
‫مجاهدا ً يف سبيل هللا‪ ،‬بل إن أصحاب الهوى يغضبون عىل من‬
‫خالفهم وإن كان مجتهدا ً معذورا ً ال يغضب هللا عليه‪ ،‬ويرضون‬
‫عمن يوافقهم‪ ،‬وإن كان جاهالً يسء القصد ليس له علم وال‬
‫حسن قصد‪ ،‬فيقيض هذا أن يحمدوا من مل يحمده هللا ورسوله‪،‬‬
‫ويذموا من مل يذمه هللا ورسوله‪ ،‬وتصري مواالتهم ومعاداتهم‬
‫عىل أهواء أنفسهم ال عىل دين هللا ورسوله»(((‪.‬‬
‫ )‪(9‬قال املاوردي‪« :‬فرق ما بني الهوى والشهوة‪ :‬أن الهوى مختص‬
‫باآلراء واالعتقادات‪ ،‬والشهوة مختصة بنيل املستلذات‪ ،‬فصارت‬
‫الشهوة من نتائج الهوى‪ ،‬والهوى أصل وهو أعم»(((‪.‬‬
‫ )‪(10‬قال ابن الجوزي‪ :‬يعالج بالعزم القوي يف هجران ما يؤذي‪،‬‬
‫والتدرج فيام ال يؤمن أذاه‪ ،‬وهذا يفتقر إىل صرب ومجاهدة‪،‬‬
‫ويهون ذلك عىل املبتىل أمور سبعة هي‪:‬‬
‫التفكر يف أن اإلنسان مل يخلق للهوى؛ وإمنا للنظر يف العواقب‬
‫والعمل لآلجل‪...‬‬
‫التفكر يف عواقب الهوى‪ ،‬فكم فوت من فضيلة‪ ،‬وكم قد أوقع‬
‫يف رذيلة‪ ،‬وكم من زلة أوجبت انكسار جاه وقبح ِذكْ ٍر مع إثم‪ ،‬غري‬
‫أن صاحب الهوى ال يرى إال الهوى‪.‬‬

‫((( منهاج السنة النبوية‪.255-254/5 :‬‬


‫((( أدب الدنيا والدين‪.38 :‬‬

‫‪167‬‬
‫تصور العاقل النقضاء غرضه من هواه‪ ،‬ثم يتصور مدى األذى‬
‫الذي يحصل له عقب اللذة‪ ،‬فإنه حينئذ سريى أن ما حصل له من‬
‫األذى يربو عىل الهوى أضعافاً مضاعفة‪.‬‬
‫تصور عاقبة ذلك يف حق غريه‪ ،‬فعندئذ سريى ما يعلم به عيب‬
‫نفسه‪ ،‬إن هو وقف يف ذلك املقام وارتكس يف هذه اآلثام‪.‬‬
‫التفكر يف حقيقة ما يناله باتباعه هو من اللذات والشهوات‪،‬‬
‫فإن العقل سيخربه أنه ليس بيشء‪ ،‬وإمنا عني الهوى عمياء‪.‬‬
‫التدبر ملا يحصل له من عز الغلبة إن ملك نفسه‪ ،‬وذل القهر إن‬
‫غلبته‪ ،‬فام من أحد غلب هواه إال أحس بقوة العز‪ ،‬وما من أحد‬
‫غلبه هواه إال وخز يف نفسه ذل القهر‪.‬‬
‫التفكر يف فائدة مخالفة الهوى من اكتساب الذكر الجميل يف‬
‫الدنيا‪ ،‬وسالمة النفس والعرض واألجر يف اآلخرة‪ ،‬ثم يعكس‬
‫فيتفكر لو وافق هواه يف حصول عكس ذلك عىل األبد‪ ،‬من كان‬
‫يكون يوسف لو نال تلك اللذة؟ فلام تركها وصرب عنها مبجاهدة‬
‫ساعة‪ ،‬صار من قد عرفت(((‪..‬‬
‫ )‪(11‬قال الشاعر‪:‬‬
‫والنفس كالطفل إن تهمله شب عىل‬
‫ينفطم‬
‫ِ‬ ‫حب الرضـاع وإن تفطمـه‬

‫نقال عن مخترص الكتاب‪ ،‬لخالد أبو صالح‪.‬‬


‫(( ( ذم الهوى‪ ،23-19 :‬بترصف‪ً ،‬‬

‫‪168‬‬
‫مراجع ُم ِعينة‪:‬‬
‫ )‪(1‬روضة املحبني‪ ،‬البن القيم‪.‬‬
‫ )‪(2‬اآلداب الرشعية‪ ،‬البن مفلح‪.‬‬
‫ )‪(3‬أدب الدنيا والدين‪ ،‬للاموردي‪.‬‬
‫ )‪(4‬جامع العلوم والحكم‪ ،‬البن رجب‪.‬‬

‫‪169‬‬
‫الظلم‬
‫الظلم‪ :‬وضع اليشء يف غري موضعه‪ ،‬وتجاوز الحد الرشعي فيه‬
‫بزيادة أو نقص أو تغيري زمانه أو مكانه‪.‬‬
‫وهو درجات أعظمها الرشك‪ ،‬ومن الظلم‪ :‬سائر الذنوب واملعايص‪،‬‬
‫ومن أخطره‪ :‬ظلم العباد بالتعدي عىل حقوقهم الرشعية يف دينهم أو‬
‫أبدانهم أو أعراضهم أو عقولهم أو أموالهم‪ ،‬وهذا إن مل يتحلل منه‬
‫الظامل حوسب عليه بالحسنات والسيئات يف اآلخرة‪.‬‬

‫عناصر مقترحة‪:‬‬
‫ )‪(1‬متهيد‪ :‬حرم هللا الظلم عىل نفسه‪ ،‬وجعله بني العباد محرماً‪.‬‬
‫ )‪(2‬تعريف الظلم‪.‬‬
‫ )‪(3‬أنواع الظلم‪.‬‬
‫ ‪ .‬أظلم العبد نفسه وهو نوعان‪ -1 :‬بالرشك‪ -2 .‬باملعايص‪.‬‬
‫ ‪.‬بظلم العباد بعضهم بعضاً‪.‬‬
‫ )‪(4‬جزاء الظلم (سلب الخريات‪ ،‬استجابة دعاء املظلوم‪ ،‬نقص‬
‫الحسنات‪ ،‬ورمبا‪ :‬زيادة السيئات‪ ،‬العذاب األليم يف الدنيا‬
‫واآلخرة‪ ،‬فضحه أمام الناس‪.)..،‬‬
‫ )‪(5‬الواجب الرشعي تجاه الظلم بني العباد (إعانة املظلوم‪ ،‬األخذ‬
‫عىل يد الظامل ومنعه من الظلم‪.)..‬‬
‫ )‪(6‬كيفية التخلص من مظامل العباد (رد املظلمة‪ ،‬االستحالل‪.)...‬‬

‫‪170‬‬
‫ )‪(7‬ترصف املظلوم (جواز الجهر باملظلمة‪ ،‬الدعاء للمظلوم وعليه‪،‬‬
‫احتساب األجر‪.)...‬‬

‫هدايات قرآنية‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ۡ ُ َ ُ َّ ُ َّ َ ُ ۡ‬
‫اس بِظل ِم ِهم َّما ت َر َك َعل ۡي َها مِن‬ ‫ )‪(1‬وقال تعاىل‪﴿ :‬ولو يؤاخِذ ٱلل ٱنل‬
‫ّ‬ ‫ُ َ ّ ُ ُ ۡ َ ٰٓ َ َ ُّ َ ٗ‬ ‫ٰ‬ ‫َ َّ َ َ‬
‫كن يؤخِرهم إِل أج ٖل مسم﴾ ‪.‬‬
‫(((‬
‫دٓاب ٖة و ِ‬
‫ل‬
‫َ‬ ‫َّ ُ ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ََ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫ٱلل ِلَغ ِف َر ل ُه ۡم‬ ‫ِين كف ُروا َوظل ُموا ل ۡم يَك ِن‬ ‫ )‪(2‬قال تعاىل‪﴿ :‬إِن ٱل‬
‫ً َّ َ َ َ َ َّ َ َ ٰ َ َ ٓ َ َ ٗ َ َ َ‬ ‫َ‬
‫َول ِلَ ۡهد َِي ُه ۡم َط ِريقا‪ 168‬إِل ط ِريق جهنم خ ِلِين فِيها أبداۚ وكن‬
‫ٱللِ يَس ٗ‬ ‫َ ٰ َ َ َ َّ‬
‫ِريا‪.(((﴾169‬‬ ‫ذل ِك ع‬
‫ّ‬
‫ٱللِ كذ ِٗبا ِلُض َّل ٱنلَّ َ‬‫َ‬ ‫َ‬
‫َ َ ۡ ۡ ُ َّ ۡ َ َ ٰ َ َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اس‬ ‫ِ‬ ‫ )‪(3‬وقال تعاىل‪﴿ :‬فمن أظلم مِم ِن ٱفتى ع‬
‫ني‪.(((﴾144‬‬ ‫ٱلظٰلِم َ‬ ‫ۡ َ ۡ َ َّ‬
‫م‬ ‫و‬ ‫ق‬ ‫ٱل‬ ‫ِي‬ ‫د‬ ‫ٱلل َل َي ۡ‬
‫ه‬ ‫َ‬ ‫َ ۡ ۡ َّ َّ‬
‫ي عِل ٍ ۚم إِن‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ۡ‬ ‫بِغ ِ‬
‫َ َ ُ َ َّ ۡ َ َ ۡ ۡ َ ّ َ‬ ‫ّ َ‬ ‫َ ُ‬
‫ت‬ ‫ )‪ُ (4‬وقال تعاىل‪﴿ :‬فبِظل ٖم مِن ٱلِين هادوا حرمنا علي ِهم طيِبٰ ٍ‬
‫ريا‪.(((﴾160‬‬ ‫ٱللِ َكث ِ ٗ‬ ‫َّ‬
‫يل‬ ‫ب‬ ‫ت ل َ ُه ۡم َوب َص ّ ِده ِۡم َعن َ‬
‫س‬ ‫أح َِّل ۡ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ك لَه ُمُ‬ ‫َّ َ َ َ ُ ْ َ َ ۡ َ ۡ ُ ٓ ْ َ ٰ َ ُ ُ ۡ ُ ْ َ ٰٓ َ‬
‫وقال تعاىل‪﴿ :‬ٱلِين ءامنوا ولم يلبِسوا إِيمنهم بِظل ٍم أولئ ِ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬
‫ )‪(5‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ٱل ۡم ُن َوهم ُّم ۡه َت ُدون‪.(((﴾82‬‬
‫َ َّ َ َ َ َ ُ ْ َ ٰ َ ً َ ۡ َ َ ُ ٓ ْ َ ُ َ ُ ۡ َ َ ُ ْ‬
‫حشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا‬ ‫ )‪(6‬وقال تعاىل‪﴿ :‬وٱلِين إِذا فعلوا ف ِ‬
‫َّ َ َ ۡ َ ۡ َ ُ ْ ُ ُ ۡ َ َ َ ۡ ُ ُّ ُ َ َّ َّ ُ َ َ ۡ ُ ُّ ْ‬
‫صوا‬ ‫ٱلل فٱستغفروا ِلنوب ِ ِهم ومن يغفِر ٱذلنوب إِل ٱلل ولم ي ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ َٰ َ ُ ْ ُ‬
‫ع َما ف َعلوا َوه ۡم َي ۡعل ُمون‪.(((﴾135‬‬
‫النحل‪.61 :‬‬ ‫((( ‬
‫النساء‪.169 -168 :‬‬ ‫(( (‬
‫األنعام‪.144 :‬‬ ‫((( ‬
‫النساء‪.160 :‬‬ ‫(( (‬
‫األنعام‪.82 :‬‬ ‫((( ‬
‫آل عمران‪.135 :‬‬ ‫(( (‬

‫‪171‬‬
‫َّ‬ ‫َۡ‬
‫ٱلس ٓوءِ م َِن ٱلق ۡو ِل إِل َمن‬ ‫ٱلل ۡ َ‬
‫ٱل ۡه َر ب ُّ‬ ‫َّ‬
‫﴿۞ل ُي ُّ‬
‫ِب َّ ُ‬ ‫ )‪(7‬وقال سبحانه‪:‬‬
‫ِ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُظل َِم َو َك َن َّ ُ‬
‫ٱلل َس ِميعا َعل ِيما‪.(((﴾148‬‬ ‫ۚ‬
‫قبسات نبوية‪:‬‬
‫ )‪(1‬عن أيب ذر ‪ ‬عن النبي ‪ ‬فيام يرويه عن ربه‬
‫ْس‪،‬‬ ‫عل نَف ِ‬‫ت الظُّلْ َم َ‬ ‫ح َّر ْم ُ‬
‫إن َ‬ ‫‪ ‬أنه قال‪(( :‬يا ِع َبا ِدي ِّ‬
‫ح َّرماً‪ ،‬فال تَظَالَ ُموا‪.((())...‬‬ ‫ك ْم ُم َ‬ ‫ج َعلْتُ ُه ب ْي َن ُ‬
‫َو َ‬
‫ )‪(2‬عن جابر بن عبد هللا أ َّن رسول هللا ‪ ‬قال‪(( :‬اتَّقُوا‬
‫الظُّلْ َم‪ ،‬فإ َّن الظُّلْ َم ظُلُامتٌ يَو َم ال ِقيا َم ِة))(((‪.‬‬
‫هللا‬
‫ )‪(3‬عن أيب موىس ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول هللا ‪(( :‬إ َّن َ َ‬
‫ََ َ َ ۡ ُ‬
‫﴿وكذٰل ِك أخذ‬ ‫خ َذهُ لَ ْم يُ ْفلِتْ ُه))‪ .‬قال‪ :‬ث ّم قرأ‬ ‫لَ ُي ْم ِل لِلظّاَلِ ِم حتَّى إذا أ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ه َظٰل َِم ٌة ۚ إ َّن أ ۡخ َذهُ ٓۥ أ ِل ‪ٞ‬م َشد ٌ‬ ‫ى َ‬ ‫َّ َ َٓ َ َ ُۡ‬
‫ِيد‪.((((((﴾102‬‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫و‬ ‫ٰ‬ ‫ر‬‫َ‬ ‫ق‬‫ربِك إِذا أخذ ٱل‬
‫َّ َ َ َ ُ ْ‬
‫ )‪(4‬عن عبد هللا بن مسعود ‪ ‬قال‪ :‬مل َّا نزلت‪﴿ :‬ٱلِين ءامنوا‬
‫يم ٰ َن ُهم بِظل ٍم﴾((( قلنا‪ :‬يا رسول هللا أيُّنا ال يظلم‬
‫ُ ۡ‬ ‫َول َ ۡم يَ ۡلب ُس ٓوا ْ إ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َۡ َۡ ُ ْٓ َ َ ُ ُ ۡ‬
‫((ليس كام تَقُولونَ‪﴿ ،‬لم يلبِسوا إِيمٰنهم بِظل ٍم﴾‪:‬‬ ‫َ‬ ‫نفسه؟ قال‪:‬‬
‫َ‬
‫ِ ِ ِ َ ٰ ُ َ َّ ُ ۡ ۡ َّ‬
‫شك بِٱللِۖ‬ ‫برشك‪ ،‬أَ َولَ ْم ت َْس َم ُعوا إىل قَ ْو ِل لُق َْم َن لبْنه‪﴿ :‬يبن ل ت ِ‬ ‫ٍ‬
‫ۡ‬
‫ٱلش َك لَ ُظل ٌم َع ِظ ‪ٞ‬‬ ‫إ َّن ّ ِ ۡ‬
‫يم ‪.((())(((﴾23‬‬ ‫ِ‬
‫النساء‪.148 :‬‬ ‫(( (‬
‫مسلم‪.2577 :‬‬ ‫((( ‬
‫مسلم‪.2578 :‬‬ ‫((( ‬
‫هود‪.102 :‬‬ ‫((( ‬
‫البخاري‪ ،4686 :‬مسلم‪.2583 :‬‬ ‫((( ‬
‫األنعام‪.82 :‬‬ ‫((( ‬
‫لقامن‪.13 :‬‬ ‫(( (‬
‫البخاري‪ ،3429 :‬مسلم‪.124 :‬‬ ‫((( ‬

‫‪172‬‬
‫الص َّديق ‪ ‬أنّه قال لرسول هللا ‪:‬‬ ‫ )‪(5‬عن أيب بك ٍر ِّ‬
‫ت‬‫إن ظَلَ ْم ُ‬ ‫علِّمني دعا ًء أدعو به يف صاليت‪ ،‬قال‪(( :‬ق ُْل‪ :‬الل ُه َّم ِّ‬
‫ْت‪ ،‬فَا ْغ ِف ْر يل َم ْغ ِف َر ًة ِمن‬‫ُوب إلَّ أن َ‬ ‫ول يَ ْغ ِف ُر ال ُّذن َ‬
‫ْس ظُلْامً كَ ِثريا ً‪َ ،‬‬‫نَف ِ‬
‫ْت ال َغفُو ُر ال َّر ِحي ُم))(((‪.‬‬
‫ح ْم ِني‪ ،‬إن ََّك أن َ‬ ‫ِع ِ‬
‫ند َك‪ ،‬وا ْر َ‬
‫ )‪(6‬عن أيب هريرة ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول هللا ‪َ (( :‬من‬
‫حلَّلْ ُه منه اليَو َم‪،‬‬ ‫ألخي ِه ِمن ِع ْر ِض ِه أَ ْو يش ٍء‪ ،‬فَلْيَتَ َ‬ ‫َت له َمظْلَ َم ٌة ِ‬ ‫كَان ْ‬
‫صالِ ٌح أُ ِخ َذ منه‬ ‫قَ ْب َل أَ ْن ال يَكو َن ِدي َنا ٌر َو َل ِد ْر َه ٌم‪ ،‬إ ْن كا َن له َع َم ٌل َ‬
‫ص ِ‬
‫اح ِب ِه‬ ‫ات َ‬‫ح َس َناتٌ أُ ِخ َذ ِمن َس ِّيئَ ِ‬ ‫ك ْن له َ‬ ‫ب َق ْد ِر َمظْلَ َم ِت ِه‪ ،‬وإ ْن لَ ْم تَ ُ‬
‫ح ِم َل عليه))(((‪.‬‬ ‫فَ ُ‬
‫اك‬ ‫خ َ‬‫ْص أَ َ‬
‫أنس ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول هللا ‪(( :‬ان ُ ْ‬ ‫ )‪(7‬عن ٍ‬
‫ظَالِامً أَ ْو َمظْلُوماً))‪ ،‬قالوا‪ :‬يا رسول هللا هذا ننرصه مظلوماً فكيف‬
‫خ ُذ فَ ْو َق يَ َديْ ِه))(((‪.‬‬ ‫ننرصه ظاملاً؟ قال‪(( :‬تَأْ ُ‬
‫ٍ‬
‫دعوات‬ ‫بي ‪ ‬قال‪(( :‬ثالثُ‬ ‫ )‪(8‬عن أيب هريرة أ َّن ال َّن َّ‬
‫الوالد‪ ،‬ودعو ُة املسافرِ‪ ،‬ودعو ُة‬ ‫ِ‬ ‫شك فيه َّن‪ :‬دعو ُة‬ ‫مستجاباتٌ ال َّ‬
‫املظلوم))(((‪.‬‬
‫ِ‬

‫أمثلة تطبيقية‪:‬‬
‫ٍ‬
‫أويس ا َّدعت عىل سعيد‬ ‫عن هشام بن عروة‪ ،‬عن أبيه‪ :‬أ َّن أروى بنت‬
‫زيد أنَّه أخذ شيئاً من أرضها‪ ،‬فخاصمته إىل مروان بن الحكم‪،‬‬‫بن ٍ‬
‫البخاري‪ ،834 :‬مسلم‪.2705 :‬‬ ‫((( ‬
‫البخاري‪.2449 :‬‬ ‫((( ‬
‫البخاري‪ ،2444 :‬مسلم‪.2584 :‬‬ ‫((( ‬
‫أبو داود‪ ،1536 :‬والرتمذي‪ ،3448 :‬وصححه األلباين يف صحيح الجامع‪.3033 :‬‬ ‫(( (‬

‫‪173‬‬
‫فقال سعي ٌد‪ :‬أنا كنت آخذ من أرضها شيئاً بعد الذي سمعت من رسول‬
‫هللا ‪‬؟ قال‪ :‬وما سمعت من رسول هللا ‪‬؟ قال‪:‬‬
‫سمعت رسول هللا ‪ ‬يقول‪َ (( :‬من أَ َ‬
‫خ َذ ِش ْبا ً ِم َن األ ْر ِ‬
‫ض ظُلْامً‪،‬‬
‫ني))‪ ،‬فقال له مروان‪ :‬ال أسألك ب ِّين ًة بعد هذا‪ ،‬فقال‪:‬‬ ‫طُ ِّوقَ ُه إىل َس ْبعِ أَ َر ِض َ‬
‫الله َّم إن كانت كاذب ًة فع ِّم برصها واقتلها يف أرضها‪ ،‬قال‪ :‬فام ماتت‬
‫حتَّى ذهب برصها‪ ،‬ث َّم بينا هي متيش يف أرضها إذ وقعت يف حفر ٍة‬
‫فامتت(((‪..‬‬

‫أقوال مضيئة‪:‬‬
‫ )‪(1‬قال شيخ اإلسالم ابن تيمية‪« :‬إن الناس مل يتنازعوا يف أن عاقبة‬
‫الظلم وخيمة وعاقبة العدل كرمية‪ ،‬ولهذا يروى‪ :‬هللا ينرص‬
‫الدولة العادلة وإن كانت كافرة‪ ،‬وال ينرص الدولة الظاملة وإن‬
‫كانت مؤمنة»(((‪.‬‬
‫ )‪(2‬يقول الشيخ محمد بن يحيى الزبيدي‪« :‬املظلوم إذا شكا إىل هللا‬
‫فيحب هللا ‪‬‬ ‫ّ‬ ‫تعاىل اقتىض عدل هللا ‪ ‬اإليقاع بظامله‪،‬‬
‫أن يجهر املظلوم بالشّ كوى‪ ،‬ليكون املق ّدر واإليقاع بالظّامل‬
‫مبسوط العذر عند الخلق‪ ،‬وزاجرا ً ألمثاله عن أمثال فاعله‪ ،‬وإنّ ا‬
‫ملك ّلل ‪ ،‬فال اعرتاض‬ ‫ميهل الظّامل من جهة أ ّن الخلق‪ٌ ...‬‬
‫خر اإليقاع‬ ‫عليه‪ ،‬فلوال هذه الحالة ملا كنت أطمع للظّامل أن يؤ ّ‬
‫به طرفة عنيٍ»(((‪.‬‬

‫((( مسلم‪.1610 :‬‬


‫((( مجموع الفتاوى‪.63-62 /28 :‬‬
‫((( اآلداب الرشعية‪.246/1 :‬‬

‫‪174‬‬
‫ )‪(3‬قال ابن الجوزي‪« :‬الظُّلم يشتمل عىل معصيتني‪ :‬أخذ مال الغري‬
‫ب باملخالفة‪ ،‬واملعصية فيه أش ّد من غريها؛‬‫حق‪ ،‬ومبارزة ال ّر ّ‬
‫بغري ّ‬
‫ألنّه ال يقع غالباً إلّ بالضّ عيف الّذي ال يقدر عىل االنتصار‪ .‬وإنّ ا‬
‫ينشأ الظّلم عن ظلمة القلب؛ ألنّه لو استنار بنور الهدى العترب‪،‬‬
‫فإذا سعى املتّقون بنورهم الّذي حصل لهم بسبب التّقوى اكتنفت‬
‫ظلامت الظّلم الظّامل حيث ال يغني عنه ظلمه شيئاً»(((‪.‬‬
‫ )‪(4‬قال ابن القيم‪« :‬اإلنسان خلق يف األصل ظلوما جهوال‪ ،‬وال ينفك‬
‫عن الجهل والظلم إال بأن يعلمه هللا ما ينفعه ويلهمه رشده‪ ،‬فمن‬
‫أراد به خريا علمه ما ينفعه فخرج به من الجهل‪ ،‬ونفعه مبا علمه‬
‫فخرج به عن الظلم‪ ،‬ومن مل يرد به خريا أبقاه عىل أصل الخلقة‪.‬‬
‫فأصل كل خري هو العلم والعدل‪ ،‬وأصل كل رش هو الجهل‬
‫والظلم»(((‪.‬‬
‫ )‪(5‬وقال أيضا‪« :‬والظلم عند هللا يوم القيامة له دواوين ثالثة‪ :‬ديوان‬
‫ال يغفر هللا منه شيئا وهو الرشك به‪ ،‬فإن هللا ال يغفر أن يرشك‬
‫به‪ ،‬وديوان ال يرتك هللا منه شيئاً وهو ظلم العباد بعضهم بعضاً‪،‬‬
‫فإن هللا تعاىل يستوفيه كله‪ ،‬وديوان ال يعبأ هللا به وهو ظلم العبد‬
‫نفسه بينه وبني ربه‪ ،‬فإن هذا الديوان أخف الدواوين وأرسعها‬
‫محوا ً‪ ،‬فإنه ميحى بالتوبة واالستغفار‪ ،‬والحسنات املاحية‬
‫واملصائب املكفرة ونحو ذلك‪ ،‬بخالف ديوان الرشك فإنه ال‬
‫ميحى إال بالتوحيد‪ ،‬وديوان املظامل ال ميحى إال بالخروج منها‬
‫إىل أربابها واستحاللهم منها»(((‪.‬‬
‫(( ( فتح الباري ‪.121/5‬‬
‫((( إغاثة اللهفان‪ 137-136/2 :‬بترصف‪.‬‬
‫((( الوابل الصيب‪.33 :‬‬

‫‪175‬‬
‫مراجع ُم ِعينة‪:‬‬
‫ )‪(1‬طريق الهجرتني‪ ،‬البن القيم‪.‬‬
‫ )‪(2‬اآلداب الرشعية‪ ،‬البن مفلح‪.‬‬
‫ )‪(3‬الزواجر‪ ،‬البن حجر الهيتمي‪.‬‬

‫‪176‬‬
‫النفاق‬
‫النفاق‪ :‬أن يظهر املرء خالف ما يبطنه‪.‬‬
‫والنفاق نوعان‪:‬‬
‫ )‪(1‬اعتقادي‪ ،‬يخرج صاحبه من اإلسالم‪ ،‬ويخلده يف النار‪ ،‬وهو‪:‬‬
‫إظهار اإلسالم وإبطان الكفر‪ .‬واملنافقون أشد رضرا ً عىل املسلمني‬
‫من اليهود والنصارى‪.‬‬
‫ )‪(2‬عميل‪ ،‬يقع فيه بعض املسلمني باالتصاف ببعض أخالق املنافقني‪.‬‬

‫عناصر مقترحة‪:‬‬
‫ )‪(1‬حقيقة النفاق‪.‬‬
‫ )‪(2‬أنواع النفاق‪.‬‬
‫ )‪(3‬تاريخ النفاق واملنافقني‪.‬‬
‫ )‪(4‬أسباب ظهور النفاق وكرثته‪.‬‬
‫ )‪(5‬مكائد املنافقني (من القرآن والسنة والواقع)‪.‬‬
‫ )‪(6‬األمثلة املرضوبة للمنافقني يف القرآن الكريم‪.‬‬
‫ )‪(7‬صفات املنافقني‪.‬‬
‫ )‪(8‬مخاطر النفاق‪.‬‬
‫ )‪(9‬النفاق العميل (األصغر)‪.‬‬
‫ )‪(10‬سبيل النجاة من النفاق‪( :‬الخوف من النفاق‪ ،‬إخالص النية‬
‫هلل‪ ،‬إصالح القلب والرسيرة‪ ،‬العناية بأعامل الرس وإخفاء‬

‫‪177‬‬
‫العمل الصالح‪ ،‬سؤال هللا الهداية بصدق واإللحاح عليه‪،‬‬
‫العمل ‪ ‬بالعلم‪.)...‬‬
‫ )‪(11‬حول مواجهة كيد املنافقني‪( :‬االستعانة باهلل‪ ،‬الثقة بنرصه‪،‬‬
‫االنضباط الرشعي‪ ،‬تجنب ردات األفعال‪ ،‬العناية بتحقيق اإلميان‬
‫علامً وعمالً‪ ،‬فضح أخالق املنافقني وصفاتهم وأفعالهم من القرآن‬
‫والسنة والتاريخ‪ ،‬تخصص بعض املسلمني يف مواجهتهم‪.)...‬‬

‫هدايات قرآنية‪:‬‬
‫َ َ ٓ َ ۡ َ ُ َ َ ُ ْ َ ۡ َ ُ َّ َ َ ُ ُ َّ‬
‫ )‪(1‬قال تعاىل‪﴿ :‬إِذا جا َءك ٱل ُمنٰفِقون قالوا نشهد إِنك ل َرسول ٱللِۗ‬
‫َ َّ ُ َ ۡ َ ُ َّ َ َ َ ُ ُ ُ َ َّ ُ َ ۡ َ ُ َّ ۡ ُ َ ٰ َ َ َ ٰ ُ َ‬
‫وٱلل يع َلم إِنك لرسولۥ وٱلل يشهد إِن ٱلمنفِقِني لكذِبون‪1‬‬
‫َّ َّ ُ ۡ َ ٓ َ َ َ ُ ْ‬ ‫ٱتَ ُذ ٓوا ْ أيۡ َم ٰ َن ُه ۡم ُج َّن ٗة فَ َص ُّدوا ْ َعن َ‬ ‫َّ‬
‫يل ٱللِۚ إِنهم ساء ما كنوا‬ ‫ب‬ ‫س‬
‫ع قُلُوبهمۡ‬ ‫َ َ َ َّ ُ ۡ َ َ ُ ْ ُ َّ ِ َ ِ َ ُ ْ َ ُ َ َ َٰ‬ ‫ََُۡ َ‬
‫ع‬ ‫ِ‬ ‫ب‬‫ط‬ ‫ف‬ ‫وا‬ ‫ر‬ ‫ف‬ ‫ك‬ ‫م‬ ‫ث‬ ‫وا‬ ‫ن‬ ‫ام‬ ‫ء‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ن‬‫أ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ِك‬ ‫ل‬‫ٰ‬ ‫ذ‬ ‫‪2‬‬ ‫ون‬ ‫يعمل‬
‫َ ُ ِ ُِ ْ‬ ‫ك أ ۡج َس ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َُۡ ۡ ُۡ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ام ُه ۡمۖ ِإَون يقولوا‬ ‫جب‬‫ون َ‪ِ۞ 3‬إَوذا رأيتهم تع ِ‬ ‫ف ُه ۡم ل َيفق ُه‬
‫َ‬ ‫َ ۡ َ ۡ َ ۡ ۡ َ َّ ُ ۡ ُ ُ ‪َّ ُ َ ُ َ ۡ َ ٞ َ َّ َ ُّ ٞ‬‬
‫ح ٍة َعل ۡي ِه ۡ ۚم‬ ‫ك َص ۡي َ‬ ‫تسمع ل ِقول ِ ِهمۖ كأنهم خشب مسندة ۖ يسبون‬
‫ِيل لَه ۡمُ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ ُ ۡ َ ُ ُّ َ ۡ َ ۡ ُ ۡ َ ٰ َ َ ُ ُ َّ ُ َ َّ ٰ ُ ۡ َ ُ َ‬
‫هم ٱلعدو فٱحذره ۚم قتلهم ٱللۖ أن يؤفكون‪ِ َ 4‬إَوذا ق‬
‫َ‬
‫وس ُه ۡم َو َرأ َ ۡي َت ُه ۡم يَ ُص ُّدون‬ ‫ٱللِ ل َ َّو ۡوا ْ ُر ُء َ‬ ‫َ َ َ ۡ ْ َ ۡ َ ۡ ۡ َ ُ ۡ َ ُ ُ َّ‬
‫تعالوا يستغفِر لكم رسول‬
‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ون‪َ 5‬س َوا ٓ ٌء َعل ۡيه ۡم أ ۡس َتغف ۡر َ‬
‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ ُ ُّ ۡ َ ۡ ُ َ‬
‫ت ل ُه ۡم أ ۡم ل ۡم ت ۡس َتغفِ ۡر‬ ‫َِ‬ ‫وهم مستك ِب‬
‫ُُ‬ ‫سق َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ل َ ُه ۡم لَن َي ۡغفِ َر ُ‬
‫َّ‬
‫ني‪ 6‬هم‬ ‫ٱلل ل َيهدِي ٱلق ۡوم ٱلفٰ ِ ِ‬ ‫ٱلل ل ُه ۡم إن َ‬
‫ِ‬ ‫ۚ‬
‫َّ َ َّ َ َ ُّ ْ‬
‫ت ينفض ۗوا‬ ‫ِند َر ُسو ِل ٱللِ ح ٰ‬ ‫ع َم ۡن ع َ‬ ‫ون َل تُنفِ ُقوا ْ َ َ ٰ‬ ‫َّ َ َ ُ ُ َ‬
‫ٱلِين يقول‬
‫َۡ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬
‫ۡرض َولٰك َّن ٱل ُم َنٰفق َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َو ِ َّلِ َخ َزآئ ُن َّ َ َ‬
‫ني ل َيف َق ُهون‪7‬‬ ‫َ ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ت َوٱل ِ‬ ‫ٱلسمٰو ٰ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ ُ ُ َ َ َّ َ ۡ َ ٓ َ ۡ َ َ َ ُ ۡ َ َّ ۡ َ ُّ ۡ َ ۡ َ َّ َ َّ‬
‫يقولون لئِن رجعنا إِل ٱلمدِينةِ لخ ِرجن ٱلعز مِنها ٱلذل ۚ و ِلِ‬
‫َ ۡ ُ ۡ َ َ َ ٰ َّ ۡ ُ َ ٰ َ َ َ ۡ َ ُ َ‬ ‫ۡ‬
‫كن ٱلمنفِقِني ل يعلمون‪. ﴾8‬‬
‫(((‬
‫ولِۦ ول ِلمؤ ِمن ِني ول ِ‬ ‫ٱلعِ َّزةُ َول َِر ُس ِ‬

‫((( املنافقون‪.8-1 :‬‬

‫‪178‬‬
‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ َ ُ ۡ َ َ َ ۡ ْ َ ٰ َ ٓ َ َ َ َّ ُ َ‬
‫ )‪(2‬وقال تعاىل‪ِ﴿ :‬إَوذا قِيل لهم تعالوا إِل ما أنزل ٱلل ِإَول ٱلرسو ِل‬
‫َ َ ۡ َ ۡ ُ َ ٰ َ َ ُ ُّ َ َ َ ُ ُ ٗ‬
‫رأيت ٱلمنفِقِني يصدون عنك صدودا‪. ﴾61‬‬
‫(((‬

‫َ‬ ‫َّ ۡ ُ َ ٰ َ ُ َ ٰ ُ َ َّ َ ُ َ ُ‬
‫ٱلل َوه َو خٰدِع ُه ۡم ِإَوذا‬ ‫ )‪(3‬وقال سبحانه‪﴿ :‬إِن ٱلمنفِقِني يخدِعون‬
‫ون َّ َ‬ ‫َ ُ ٓ ْ َ َّ َ ٰ َ ُ ْ ُ َ َ ٰ ُ َ ٓ ُ َ َّ َ َ َ َ ۡ ُ ُ َ‬
‫ٱلل‬ ‫قاموا إِل ٱلصلوة ِ قاموا كسال يراءون ٱنلاس ول يذكر‬
‫ُّ َ ۡ َ َ َ ۡ َ َ ٰ َ َ ٓ َ ٰ َ ٰٓ ُ َ ٓ َ َ ٓ َ ٰ َ ٰٓ ُ َ ٓ‬ ‫َّ َ ٗ‬
‫إِل قل ِيل‪ 142‬مذبذبِني بي ذل ِك ل إِل هؤلءِ ول إِل هؤلء ِۚ‬
‫ٗ‬ ‫َّ ُ َ َ َ َ‬ ‫ََ ُ ۡ‬
‫ت َد ُلۥ َسبِيل‪.(((﴾143‬‬ ‫ومن يضل ِِل ٱلل فلن ِ‬
‫‪ٞ‬‬
‫ِين ِف قلوب ِ ِهم َّم َرض َّما‬
‫ُُ‬ ‫ون َو َّٱل َ‬ ‫ۡ َ ُ ُ ُۡ َٰ ُ َ‬
‫ )‪(4‬وقال ‪ِ﴿ :‬إَوذ يقول ٱلمنفِق‬
‫َ‬
‫ۡ َ َ َّ ٓ َ ‪َ ۡ ٰٓ َ ۡ ُ ۡ ّ ٞ‬‬ ‫ٗ‬ ‫َ َ َ َ َّ ُ َ َ ُ ُ ُ ٓ َّ ُ‬
‫وعدنا ٱلل ورسولۥ إِل غرورا‪ِ 12‬إَوذ قالت طائِفة مِنهم يأهل‬ ‫ُ‬
‫َ ۡ َ َ ُ َ َ َ ُ ۡ َ ۡ ُ ْ َ َ ۡ َۡ ٔ ُ َ ‪َ ُ ُ َّ َّ ُ ُ ۡ ّ ٞ‬‬
‫ب َيقولون‬ ‫ِ‬ ‫جع ۚوا ويستذِن ف ِريق مِنهم ٱنل‬ ‫ثب ل مقام لكم فٱر ِ‬ ‫ي ِ‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ ُ َ‬ ‫َّ ُ ُ َ‬
‫وت َنا َع ۡو َرة ‪َ ٞ‬و َما ِ َ‬
‫يدون إِل ف َِر ٗارا‪َ 13‬ول ۡو‬ ‫ه ب ِ َع ۡو َر ٍةۖ إِن ي ِر‬ ‫إِن بي‬
‫ُ َ ۡ َ َ ۡ ّ ۡ َ ۡ َ َ ُ َّ ُ ُ ْ ۡ ۡ َ َ َ ۡ َ َ َ َ َ َّ ُ ْ‬
‫دخِلت علي ِهم مِن أقطارِها ثم سئِلوا ٱلفِتنة ٓأَلتوها وما تلبثوا‬
‫ٱل ۡو ُف َر َأ ۡي َت ُهمۡ‬ ‫ك ۡم فَإ َذا َجا ٓ َء ۡ َ‬ ‫َ َّ ً َ َ ۡ ُ‬ ‫ٗ‬ ‫َ‬ ‫َ ٓ َّ‬
‫بِها إِل يسِريا‪َ ...14‬أشِحة علي ۖ ِ‬
‫َ ُ ُ َ َ ۡ َ َ ُ ُ ۡ ُ ُ ُ ۡ َ َّ ُ ۡ َ ٰ َ ۡ َ َ ۡ َ َ‬
‫ۡ‬ ‫َ‬
‫ت فإِذا‬ ‫ينظرون إِلك تدور أعينهم كٱلِي يغش عليهِ مِن ٱلمو ِ ۖ‬
‫َ َ َّ ً َ َ ۡ َ ۡ ُ ْ َ ٰٓ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َۡ ۡ ُ َ َ ُ ُ َ ۡ‬
‫ي ۚ أولئِك‬ ‫ف سلقوكم ب ِ َألسِن ٍة حِدا ٍد أشِحة ع ٱل ِ‬ ‫ذهب ٱلو‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ۡ ُ ۡ ُ ْ َ ۡ َ َ َّ ُ ۡ‬ ‫َ‬
‫ِريا‪19‬‬ ‫ٱللِ يَس ٗ‬ ‫ٱلل أع َمٰل ُه ۡ ۚم َوكن ذٰل ِك ع‬ ‫لم يؤمِنوا فأحبط‬
‫َ‬
‫اب يَ َو ُّدوا ْ ل َ ۡو أ َّنهمُ‬ ‫ت ٱل ۡح َز ُ‬‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َۡ َ ُ َ َۡ ۡ َ َ َۡ َۡ َُ ْ‬
‫يسبون ٱلحزاب لم يذهب ۖوا ِإَون يأ ِ‬
‫ِيكم ماَّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ َۡٔ ُ َ َ ۡ َ َ ٓ ُ ۡ َ ۡ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َۡۡ‬ ‫َ ُ َ‬
‫اب يسلون عن أۢنبائِكمۖ ولو كنوا ف‬ ‫بادون ِف ٱلعر ِ‬
‫َ َ ُ ٓ ْ َّ َ ٗ‬
‫قٰتلوا إِل قل ِيل ‪. ﴾20‬‬
‫(((‬

‫(( ( النساء‪.61 :‬‬


‫(( ( النساء‪.143 -142 :‬‬
‫(( ( األحزاب‪.20-19 ،14-12 :‬‬

‫‪179‬‬
‫ون ِل ۡخ َوٰنِه ُم َّٱلِينَ‬ ‫َ َ ۡ َ َ َ َّ َ َ َ ُ ْ َ ُ ُ َ‬
‫ )‪(5‬وقال تعاىل‪۞﴿ :‬ألم تر إل ٱلِين نافقوا يقول‬
‫َ َ ُ ْ ۡ َ ۡ ۡ َ ِ َ ۡ ُ ۡ ۡ ُ ۡ َ َ ۡ ُ َ َِّ َ َ ِ ُ ۡ َ َ‬
‫ب لئِن أخ ِرجتم لخرجن معكم ول‬ ‫ِ‬ ‫كفروا مِن أه ِل ٱلكِتٰ‬
‫ٱلل ي َ ۡش َهدُ‬ ‫ُ ۡ ُ ۡ َ َ ُ َ َّ ُ‬
‫ك ۡم َو َّ ُ‬ ‫ُ ۡ َ َ ً ََٗ‬ ‫نُ ِط ُ‬
‫يع فِيكم أحدا أب ُدا ِإَون قوت ِلتم لنصن‬
‫َ ُ ُ َْ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ َۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ‬ ‫َّ َ َ‬
‫إِن ُه ۡم لكٰذِبُون‪ 11‬لئ ِ ۡن أخ ِر ُجوا ل يَ ُر ُجون َم َع ُه ۡم َولئِن قوت ِلوا ل‬
‫َ ُ ُ َ ُ ۡ َ َ َّ َ ُ ُ ۡ َ ُ َ ُّ َّ ۡ ۡ َ ٰ َ ُ َّ َ ُ َ ُ َ‬
‫(((‬
‫نصون‪﴾12‬‬ ‫ينصونهم ولئِن نصوهم لولن ٱلدبر ثم ل ي‬
‫ََّ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫ِين ِف قلوب ِ ِهم َّم َرض غر‬
‫ُ‬ ‫ون َو َّٱل َ‬
‫ۡ َ ُ ُ ُۡ َٰ ُ َ‬
‫ )‪(6‬وقال تعاىل‪﴿ :‬إِذ يقول ٱلمنفِق‬
‫‪ٞ‬‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ ٰٓ ُ َ ٓ ِ ُ ُ ۡ َ َ َ َ َ َّ ۡ َ َ َّ‬
‫هؤلء دِينهمۗ ومن يتوك ع ٱللِ فإِن ٱلل ع ِزيز حكِيم‪. ﴾49‬‬
‫(((‬

‫قبسات نبوية‪:‬‬
‫ )‪(1‬عن ابن ُعمر ‪ ‬عن النبي ‪ ‬قال‪َ (( :‬مث َُل‬
‫وإل‬
‫هذه َم َّر ًة َ‬ ‫ري إىل ِ‬ ‫ي ت َ ِع ُ‬ ‫امل ُنا ِفقِ ‪ ،‬كَ َمثَلِ الشَّ ا ِة العائِ َر ِة ْ َ‬
‫بي ال َغ َن َم ْ ِ‬
‫ِ‬
‫هذه ‪َ  ‬م َّرةً))(((‪.‬‬
‫رسول‬ ‫خدري ‪ ‬أن رجاالً من امل ُنافقني عىل عهد ُ‬ ‫ )‪(2‬عن أيب سعيد ال ُ‬
‫ول هللا ‪ ‬إىل الغزو‬ ‫رس ُ‬ ‫هللا ‪ ‬كان إذا خرج ُ‬
‫رسول هللا ‪،‬‬ ‫حوا مبقعدهم خالف ُ‬ ‫تخلفُوا عن ُه وفر ُ‬
‫ول هللا ‪ ‬اعتذ ُروا إليه وحلفُوا‪ ،‬وأحبوا أن‬ ‫رس ُ‬‫فإذا قدم ُ‬
‫َ َ ۡ َ َ َّ َّ َ َ ۡ َ ُ َ َ ٓ‬
‫َيُحم ُدوا مبا مل َ يفعلُوا‪ ،‬فنزلت‪﴿ :‬ل تسب ٱلِين يفرحون بِما‬
‫َُۡ ُ ْ َ َۡ َۡ َ ُ ْ ََ َۡ‬
‫ت َسبَ َّن ُهم ب َم َف َ‬ ‫َ ْ َّ ُ ُّ َ‬
‫ازة ٖ ّم َِن‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ف‬ ‫وا‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ف‬ ‫ي‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ا‬‫م‬ ‫ب‬
‫َ ِ‬‫وا‬‫د‬‫م‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫ون‬ ‫حب‬
‫أتوا وي ِ‬
‫اب أ ِل ‪ٞ‬م‪ (((﴾188‬اآلية»(((‪.‬‬ ‫ۡٱل َع َذاب َول ُه ۡم َعذ ٌ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ِۖ‬

‫الحرش‪.12 :‬‬ ‫(( (‬


‫األنفال‪.49 :‬‬ ‫((( ‬
‫مسلم‪.2784 :‬‬ ‫((( ‬
‫آل عمران‪.188 :‬‬ ‫(( (‬
‫البخاري‪ ،4567 :‬ومسلم‪.2777 :‬‬ ‫((( ‬

‫‪180‬‬
‫ص َل ٌة‬ ‫((ليس َ‬‫َ‬ ‫ )‪(3‬عن أيب ُهريرة ‪ ‬قال‪ :‬قال النبي ‪:‬‬
‫ج ِر وال ِعشَ ا ِء‪ ،‬ولو يَ ْعلَ ُمو َن ما ِفيهِام‬ ‫ني ِم َن ال َف ْ‬ ‫عل امل ُ َنا ِف ِق َ‬ ‫أثْق ََل َ‬
‫ت أ ْن آ ُم َر امل ُ َؤ ِّذنَ‪ ،‬ف ُي ِقي َم‪ ،‬ث ُ َّم آ ُم َر‬ ‫ح ْبوا ً‪ ،‬ل َق ْد َه َم ْم ُ‬ ‫َلَت َ ْو ُهام ولو َ‬
‫ج‬ ‫خ ُر ُ‬ ‫عل َمن ال يَ ْ‬ ‫ح ِّر َق َ‬ ‫خ َذ شُ َعالً ِمن نَارٍ‪ ،‬فَأُ َ‬ ‫اس‪ ،‬ث ُ َّم آ ُ‬ ‫جالً يَ ُؤ ُّم ال َّن َ‬ ‫َر ُ‬
‫الص َل ِة بَ ْع ُد))(((‪.‬‬ ‫إىل َّ‬
‫ )‪(4‬عن أيب ُموىس عن النبي ‪ ‬قال‪(( :‬امل ُ ْؤ ِم ُن الذي يَ ْق َرأُ‬
‫ب‪،‬‬ ‫حها طَ ِّي ٌ‬ ‫ب ورِي ُ‬ ‫ج ِة‪ ،‬طَ ْع ُمها طَ ِّي ٌ‬ ‫ال ُق ْرآ َن ويَ ْع َم ُل ب ِه‪ :‬كاألُتْ ُر َّ‬
‫ب‬ ‫وامل ُ ْؤ ِم ُن الذي ال يَ ْق َرأُ ال ُق ْرآنَ‪ ،‬ويَ ْع َم ُل ب ِه‪ :‬كالتَّ ْم َر ِة طَ ْع ُمها طَيِّ ٌ‬
‫حها‬ ‫ِيح لَها‪ ،‬و َمث َُل امل ُنا ِفقِ الذي يَ ْق َرأُ ال ُق ْرآنَ‪ :‬كال َّريْحانَ ِة رِي ُ‬ ‫وال ر َ‬
‫ح ْنظَلَ ِة‪،‬‬ ‫ب وطَ ْع ُمها ُم ٌّر‪ ،‬و َمث َُل امل ُنا ِفقِ الذي ال يَ ْق َرأُ ال ُق ْرآنَ‪ :‬كال َ‬ ‫طَ ِّي ٌ‬
‫حها ُم ٌّر))(((‪.‬‬ ‫خبِيثٌ ‪ -‬ورِي ُ‬ ‫طَ ْع ُمها ُم ٌّر ‪ -‬أ ْو َ‬
‫نتحامل‪ ،‬فجاء‬ ‫ُ‬ ‫ )‪(5‬عن أيب مس ُعود ‪ ‬قال‪« :‬ملا أُمرنا بالصدقة كُنا‬
‫أبُو عقيل بنصف صاع‪ ،‬وجاء إنسا ٌن بأكرث من ُه‪ ،‬فقال امل ُنافقُون‪:‬‬
‫إن هللا لغني عن صدقة هذا‪ ،‬وما فعل هذا اآلخ ُر إال رئا ًء‪ ،‬فنزلت‪:‬‬
‫ِين‬‫ت َو َّٱل َ‬ ‫َّ َ َ‬ ‫ۡ ۡ َ‬ ‫َ‬
‫ِين يَل ِم ُزون ٱل ُم َّط ّوِعِني م َِن ٱل ُمؤ ِمن ِني ِف ٱلصدق ٰ ِ‬
‫َ ۡ‬ ‫َّ َ ۡ‬
‫﴿ٱل‬
‫َ‬ ‫ۡ‬
‫ٱلل مِن ُه ۡم َول ُهمۡ‬ ‫َّ‬
‫خ َر ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬
‫يد َون إِل جهدهم فيسخرون مِنهم س ِ‬ ‫ل ِ‬
‫اب أ ِل ٌم‪ (((﴾79‬اآلية»(((‪.‬‬ ‫َع َذ ٌ‬
‫رسول هللا ‪ ‬قال‪« :‬إن‬ ‫ )‪(6‬عن ُعمر بن الخطاب ‪ ‬أن ُ‬
‫أخاف عىل أُمتي كُل ُمنافق عليم اللسان»(((‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫أخوف ما‬

‫البخاري‪.657 :‬‬ ‫((( ‬


‫البخاري‪ ،5059 :‬مسلم‪.797 :‬‬ ‫((( ‬
‫التوبة‪.79 :‬‬ ‫((( ‬
‫البخاري‪ ،4668 :‬مسلم‪.1018 :‬‬ ‫((( ‬
‫أحمد‪ ،144 :‬وصححه األلباين يف صحيح الجامع‪.1554 :‬‬ ‫(( (‬

‫‪181‬‬
‫ )‪(7‬عن عبد هللا بن عمرو أن النبي ‪ ‬قال‪(( :‬أَ ْربَ ٌع َمن كُ َّن‬
‫َت فيه‬ ‫صلَ ٌة منه َّن كَان ْ‬‫خ ْ‬
‫َت فيه َ‬ ‫خالِصاً‪ ،‬و َمن كَان ْ‬ ‫فيه كا َن ُم َنا ِفقاً َ‬
‫َب‪،‬‬ ‫ح َّدثَ كَذ َ‬ ‫صلَ ٌة ِم َن ال ِّنفَاقِ حتَّى يَ َد َع َها‪ :‬إذَا اؤْتُ ِ َن َ‬
‫خانَ‪ ،‬وإذَا َ‬ ‫خ ْ‬
‫َ‬
‫ج َر))(((‪.‬‬ ‫اص َم فَ َ‬
‫خ َ‬ ‫وإذَا َعا َه َد َغ َد َر‪ ،‬وإذَا َ‬

‫أمثلة تطبيقية‪:‬‬
‫ٌ‬
‫إكاف‬ ‫ )‪(1‬عن أُسام ُة ب ُن زيد أن النبي ‪ ‬ركب حامرا ً عليه‬
‫تحت ُه قطيف ٌة فدكي ٌة‪ ،‬وأردف وراء ُه أُسامة بن زيد‪ ،‬و ُهو ي ُعو ُد‬
‫سعد بن ُعبادة يف بني الحارث بن الخزرج وذلك قبل وقعة بدر‪،‬‬
‫ط من امل ُسلمني وامل ُرشكني عبدة‬ ‫حتى مر يف مجلس فيه أخال ٌ‬
‫األوثان والي ُهود‪ ،‬وفيهم عب ُد هللا ب ُن أُيب بنِ سلُول‪ ،‬ويف املجلس‬
‫عب ُد هللا ب ُن رواحة‪ ،‬فلام غشيت املجلس عجاج ُة الدابة خمر‬
‫ربوا علينا‪ ،‬فسلم عليهم‬ ‫عب ُد هللا ب ُن أُيب أنف ُه بردائه ث ُم قال‪ :‬ال ت ُغ ُ‬
‫النبي ‪ ،‬ث ُم وقف فنزل فدعا ُهم إىل هللا وقرأ عليهم‬
‫القُرآن‪ ،‬فقال عب ُد هللا ب ُن أُيب ب ُن سلُول‪ :‬أيها املر ُء ال أحسن من هذا‬
‫ُول حقا‪ ،‬فال تُؤذنا يف مجالسنا وارجع إىل رحلك‪،‬‬ ‫إن كان ما تق ُ‬
‫فاقصص عليه‪ .‬قال عب ُد هللا ب ُن رواحة‪ :‬اغشنا يف‬ ‫ُ‬ ‫فمن جاءك منا‬
‫مجالسنا فإنا نُحب ذلك‪ ،‬فاستب امل ُسل ُمون وامل ُرشكُون والي ُهو ُد‪،‬‬
‫حتى هموا أن يتواث ُبوا‪ ،‬فلم يزل النبي ‪ ‬يُخفضُ ُهم‪ ،‬ث ُم‬
‫ركب دابت ُه حتى دخل عىل سعد بن ُعبادة فقال‪ :‬أي سع ُد أمل‬
‫حباب؟ ‪ -‬يري ُد عبد هللا بن أُيب ‪ -‬قال كذا‬ ‫تسمع إىل ما قال أبُو ُ‬
‫((( البخاري‪ ،34 :‬ومسلم‪.58 :‬‬

‫‪182‬‬
‫واصفح‪ ،‬فوهللا لقد أعطاك‬ ‫رسول هللا ْ‬ ‫اعف عن ُه يا ُ‬
‫وكذا‪ ،‬قال‪ُ :‬‬
‫جو ُه‬ ‫أهل هذه البحرة عىل أن يُت ِّو ُ‬ ‫هللا الذي أعطاك‪ ،‬ولقد اصطلح ُ‬ ‫ُ‬
‫ش َق‬ ‫هللا ذلك بالحق الذي أعطاك َ َ‬ ‫ف ُيعص ُبون ُه بالعصابة‪ ،‬فلام رد ُ‬
‫بذلك‪ ،‬فذلك فَ َعل به ما رأيت‪ ،‬فعفا عن ُه النبي ‪.(((»‬‬
‫ )‪(2‬قال رسول هللا ‪ ‬للجد بن قيس ‪ -‬أخي بني سلمة ‪ -‬ملا‬
‫أراد الخروج إىل تبوك‪(( :‬يا ج ُّد هل لك يف جالد بني األصفر‪،‬‬
‫تتخد منهم رساري ووصفاء))‪ ،‬فقال الجد‪ :‬قد عرف قومي أين‬
‫مغرم بالنساء‪ ،‬وإين أخىش إن رأيت بني األصفر أال أصرب عنهن‬
‫فال تفتني وا ْذن يل يف القعود وأعينك مبايل‪ ،‬فأعرض عنه رسول هللا‬
‫﴿وم ِۡن ُهم‬ ‫‪ ‬وقال‪(( :‬قد أذنت لك)) فنزلت هذه اآلية‪َ :‬‬
‫ۡ ۡ َ َ َ ُ ْ َّ‬
‫ِإَون َج َه َّنمَ‬ ‫َّ َ ُ ُ ۡ َ ّ َ َ َ ۡ ّ َ َ‬
‫من يقول ٱئذن ِل ول تفت ِ ِ ٓ‬
‫ن ۚ أل ِف ٱلفِتنةِ سقط ۗوا‬
‫ۡ َ‬
‫كٰفِر َ‬ ‫ح َ‬ ‫لَ ُ‬
‫ين ‪.(((ƞ(((﴾49‬‬ ‫ِ‬ ‫ٱل‬‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ُۢة‬‫يط‬ ‫ِ‬ ‫م‬
‫ )‪(3‬قصة مسجد الرضار‪ .‬وخالصتها‪ :‬أن أبا عامر الراهب ‪ -‬الذي سامه‬
‫الرسول بـ(الفاسق) وكان قد تنرص يف الجاهلية ‪ -‬ترك املدينة بعد‬
‫هجرة الرسول ‪ ‬إليها وانحاز إىل املرشكني يف مكة‪،‬‬
‫وقدم معهم إىل حرب املسلمني يف غزوة أحد‪ ،‬ثم ذهب إىل هرقل‬
‫ملك الروم يستنرصه عىل محمد ‪ ‬وصحبه‪ ،‬فوعده‬
‫ومناه‪ ،‬وأقام عنده وكتب إىل جامعة من قومه من األنصار من‬
‫أهل النفاق والريب يعدهم ومينيهم؛ أنه سيقدم بجيش يقاتل به‬

‫((( البخاري‪ ،6254 :‬مسلم‪.1798 :‬‬


‫(( ( سورة التوبة‪.49 :‬‬
‫((( تفسري القرطبي‪.158 / 8 :‬‬

‫‪183‬‬
‫الرسول ‪ ‬ويغلبه‪ ،‬وأمرهم أن يتخذوا له معقالً يقدم‬
‫عليهم فيه من يقدم من عنده إليصال كتبه‪ ،‬ويكون مرصدا ً له إذا‬
‫قدم عليهم بعد ذلك‪ .‬فبنى املتآمرون مسجدا مجاورا ملسجد قباء‬
‫قبل أن يذهب الرسول ‪ ‬إىل تبوك‪ ،‬وجاءوا إىل الرسول‬
‫‪ ‬فسألوه أن يأيت إليهم فيصيل يف مسجدهم‪ ،‬وذكروا‬
‫أنهم بنوه للضعفاء منهم وأهل العلة والحاجة يف الليلة املطرية‪،‬‬
‫فعصمه هللا من الصالة فيه‪ ،‬وقال لهم‪ :‬إين عىل جناح سفر ولو‬
‫قد قدمنا ‪ -‬إن شاء هللا ‪ -‬ألتيناكم فصلينا لكم فيه‪ .‬وملا قفل النبي‬
‫‪ ‬راجعاً من تبوك إىل املدينة ومل يبق بينه وبني املدينة‬
‫إال يوم أو بعض يوم‪ ،‬نزل جربيل ‪ ‬بخرب مسجد الرضار‬
‫وما أُعد له هذا املسجد‪ .‬فدعا الرسول ‪ ‬صحابيني من‬
‫أصحابه وقال لهام‪ :‬انطلقا إىل هذا املسجد الظامل أهله فاهدماه‬
‫وحرقاه‪ .‬ففعال ما أمر به الرسول ‪ ‬وماتت املكيدة‬
‫يف ‪ ‬مهدها(((‪..‬‬

‫أقوال مضيئة‪:‬‬
‫خ ُل عىل ُسلطاننا فنق ُ‬
‫ُول ل ُهم‬ ‫ناس البن ُعمر ‪« :‬إنا ند ُ‬ ‫ )‪(1‬قال أُ ٌ‬
‫خالف ما نتكل ُم إذا خرجنا من عندهم‪ ،‬قال‪ :‬كُنا ن ُعدها نفاقاً»(((‪.‬‬
‫ )‪(2‬عن عبد هللا بن مسعود ‪ ‬قال‪« :‬من رس ُه أن يلقى هللا غدا ً‬
‫ُمسلامً فليُحافظ عىل ه ُؤالء الصلوات حيثُ يُنادى بهن؛ فإن هللا‬

‫((( انظر‪ :‬الذهب املسبوك يف تحقيق روايات غزوة تبوك‪.315-314 :‬‬


‫((( البخاري‪.7178 :‬‬

‫‪184‬‬
‫رشع لنبيكُم ‪ُ ‬سنن ال ُهدى‪ ،‬وإن ُهن من ُسنن ال ُهدى‪،‬‬
‫ُتخلف يف بيته‬
‫ولو أنكُم صليتُم يف بُيُوتكُم كام يُصيل هذا امل ُ‬
‫جل‬ ‫لرتكتُم ُسنة نبيكُم‪ ،‬ولو تركتُم ُسنة نبيكُم لضللتُم‪ ،‬وما من ر ُ‬
‫يتطه ُر ف ُيحس ُن الط ُهور ث ُم يعم ُد إىل مسجد من هذه املساجد‬
‫هللا ل ُه بكُل خطوة يخطُوها حسن ًة‪ ،‬ويرف ُع ُه بها درج ًة‬ ‫إال كتب ُ‬
‫نافق‬
‫يتخلف عنها إال ُم ٌ‬‫ُ‬ ‫حط عن ُه بها سيئ ًة‪ ،‬ولقد رأيتُنا وما‬‫وي ُ‬
‫جلني حتى‬ ‫ج ُل يُؤىت به يُهادى بني الر ُ‬ ‫معلُو ُم النفاق‪ ،‬ولقد كان الر ُ‬
‫يُقام يف الصف»(((‪.‬‬
‫ )‪(3‬قال ابن رجب‪« :‬وهو يف الرشع ينقسم إىل قسمني‪ ،‬أحدهام‪:‬‬
‫وهو أن يظهر اإلنسان اإلميان باهلل ومالئكته وكتبه ورسله‬
‫واليوم اآلخر‪ ،‬ويبطن ما يناقض ذلك كله أو بعضه‪ ،‬وهذا هو‬
‫النفاق الذي كان عىل عهد رسول هللا ‪ ،‬ونزل القرآن‬
‫بذم أهله وتكفريهم‪ ،‬وأخرب أن أهله يف الدرك األسفل من النار‪.‬‬
‫والثاين‪ :‬النفاق األصغر وهو نفاق العمل‪ ،‬وهو أن يظهر اإلنسان‬
‫عالنية صالحة ويبطن ما يخالف ذلك‪ ،‬وأصول هذا النفاق يرجع‬
‫إىل الخصال املذكورة يف هذه األحاديث»(((‪.‬‬
‫ )‪(4‬وقال أيضا‪« :‬ومن أعظم خصال النفاق العميل أن يعمل اإلنسان‬
‫عمال ويظهر أنه قصد به الخري وإمنا عمله ليتوصل به إىل غرض‬
‫له سييء‪ ،‬فيتم له ذلك ويتوصل بهذه الخديعة إىل غرضه‪ ،‬ويفرح‬
‫مبكره وخداعه وحمد الناس له عىل ما أظهره‪ ،‬ويتوصل به إىل‬
‫((( مسلم‪.654 :‬‬
‫(( ( جامع العلوم والحكم‪.431-430/1 :‬‬

‫‪185‬‬
‫غرضه السييء الذي أبطنه‪ ،‬وهذا قد حكاه هللا يف القرآن عن‬
‫املنافقني واليهود‪ ،‬فحىك عن املنافقني أنهم اتخذوا مسجدا ً رضارا ً‬
‫وكفرا ً وتفريقاً بني املؤمنني وإرصادا ً ملن حارب هللا ورسوله‬
‫ٱلل ي َ ۡش َه ُد إ َّن ُهمۡ‬
‫ن َو َّ ُ‬ ‫ٱل ۡس َ‬
‫ُ‬ ‫َ َ َ ۡ ُ َّ ۡ َ َ ۡ َ ٓ َّ ۡ‬
‫ِ‬ ‫ۖ‬ ‫ٰ‬ ‫من قبل‪﴿ ،‬ولحل ِفن إِن أردنا إِل‬
‫َ‬ ‫َ َ ََّ َّ َ ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ين َيف َر ُحون‬ ‫لكٰذِبُون‪ ،(((﴾107‬وأنزل يف اليهود‪﴿ :‬ل تسب ِ‬
‫ٱل‬
‫ت َسبَ َّن ُهم ب َم َفازةَ‬ ‫َ ٓ َ َ ْ َّ ُ ُّ َ َ ُ ۡ َ ُ ْ َ َ ۡ َ ۡ َ ُ ْ َ َ َ ۡ‬
‫ٖ‬ ‫ِ‬ ‫حبون أن يمدوا بِما لم يفعلوا فل‬ ‫بِما أتوا وي ِ‬
‫َ‬ ‫ّم َِن ۡٱل َع َذاب َول ُه ۡم َعذ ٌ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫اب أ ِل ‪ٞ‬م ‪.(((»(((﴾188‬‬ ‫ِۖ‬

‫مراجع ُم ِعينة‪:‬‬
‫ )‪(1‬جامع العلوم والحكم‪ ،‬البن رجب‪.‬‬
‫ )‪(2‬اآلداب الرشعية‪ ،‬البن مفلح‪.‬‬
‫ )‪(3‬مدارج السالكني‪ ،‬البن القيم‪.‬‬

‫((( التوبة‪.107 :‬‬


‫(( ( آل عمران‪.188 :‬‬
‫(( ( جامع العلوم والحكم‪.434 / 1 :‬‬

‫‪186‬‬
‫االستهزاء‬
‫هو الهزء والسخرية احتقارا ً وتنقصاً‪ ،‬أو تندرا ً أو تفكهاً‪.‬‬
‫وهو ‪ ‬نوعان‪:‬‬
‫ )‪(1‬االستهزاء بالحق وأهله‪ ،‬وهذا كفر‪.‬‬
‫ )‪(2‬االستهزاء بالناس عموماً‪ ،‬وهذا محرم من كبائر الذنوب‪ .‬وهو‬
‫دليل الكرب والخيالء‪ ،‬واحتقار الناس وتنقصهم‪.‬‬

‫عناصر مقترحة‪:‬‬
‫ )‪(1‬متهيد‪:‬‬
‫َُ‬ ‫‪ٞ‬‬ ‫َ‬ ‫‪ٞ‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫ ‪ .‬أالدين جد‪ ،‬ال هزل ﴿إِن ُهۥ لق ۡول ف ۡصل ‪َ 13‬و َما هو‬
‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬
‫بِٱلهز ِل‪. ﴾14‬‬
‫(((‬

‫ ‪.‬بخطورة اللسان عىل دين املرء‪.‬‬


‫ ‪.‬جاملزاح له ضوابط‪.‬‬
‫ )‪(2‬االستهزاء سنة املكذبني والجاهلني‪.‬‬
‫ )‪(3‬أنواع االستهزاء‪.‬‬
‫ ‪ .‬أاالستهزاء بعيب كالقرص والعرج والغضب‪ .‬وهذا محرم‪.‬‬
‫ ‪.‬باالستهزاء بيشء من الرشيعة‪ ،‬وكذا االستهزاء بأهل الصالح‬
‫لصالحهم‪ .‬وهذا كفر‪.‬‬
‫ )‪(4‬أحكام االستهزاء‪.‬‬
‫ )‪(5‬صور االستهزاء (قدمياً وحديثاً)‪.‬‬

‫(( ( الطارق‪.14-13 :‬‬

‫‪187‬‬
‫ )‪(6‬دوافع املستهزئني‪.‬‬
‫ )‪(7‬دالالت االستهزاء‪( :‬الكرب‪ ،‬االعرتاض عىل رشع هللا وخلقه‪.)..‬‬
‫ )‪(8‬آثار االستهزاء (تقليل الخري وإضعاف أهله‪ ،‬تكثري الرش وتقوية‬
‫أهله‪.)..،‬‬
‫ )‪(9‬ملاذا كفر املستهزئون بالصحابة ‪‬؟‬
‫ )‪(10‬عاقبة املستهزئني‪.‬‬
‫ )‪(11‬النجاة من االستهزاء‪( :‬تعظيم هللا ورشعه‪ ،‬الحذر من املزاح مبا‬
‫يتصل بالرشيعة‪ ،‬تقدير أهل العلم والصالح‪ ،‬تجنب مجالسة‬
‫الهازلني‪.)..‬‬

‫هدايات قرآنية‪:‬‬
‫َّ َ ُ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ َ ۡ ً ََ ۡ َ َ َۡ‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫ول إِل كنوا‬‫ )‪(1‬وقال سبحانه‪﴿ :‬يٰحسة ع ٱلعِبادِ ۚ ما يأتِي ِهم مِن رس ٍ‬
‫َ‬
‫بِهِۦ ي َ ۡس َت ۡه ِز ُءون‪.(((﴾30‬‬
‫اق ب َّٱل َ‬
‫ِين‬
‫ۡ ُۡ َ ُُ ّ َۡ َ َ َ َ‬
‫ح‬ ‫ف‬ ‫ِك‬ ‫ل‬ ‫ب‬‫ق‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫ل‬ ‫س‬‫ر‬ ‫ب‬ ‫ئ‬ ‫ز‬ ‫ه‬ ‫ت‬ ‫ٱس‬ ‫د‬
‫ِ‬
‫َََ‬
‫ق‬ ‫ )‪(2‬وقال ‪﴿ :‬ول‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ٖ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ ۡ‬
‫خ ُروا مِن ُهم َّما كنوا بِهِۦ ي َ ۡس َت ۡه ِز ُءون‪.(((﴾41‬‬ ‫َس ِ‬
‫َّ َّ َ َ ۡ َ ُ ْ َ ُ ْ َ َّ َ َ َ ُ ْ‬
‫ )‪(3‬قال سبحانه‪﴿ :‬إِن ٱلِين أجرموا كنوا مِن ٱلِين ءامنوا‬
‫َ َ َُ ْٓ َ َ ۡ ُ َ َُ ْ‬ ‫َ ۡ َ ُ َ‬
‫ل أهل ِ ِهم ٱنقلبوا‬ ‫ون‪ 29‬المطففني ‪ِ 30‬إَوذا ٱنقلبوا إ ِ ٰٓ‬ ‫يضحك‬
‫ََ ٓ ُۡ ُ ْ‬ ‫َ َ َ ۡ ُ ۡ َ ُ ٓ ْ َّ َ ٰٓ ُ َ ٓ َ َ ُّ َ‬ ‫كه َ‬ ‫َ‬
‫ني‪ِ 31‬إَوذا رأوهم قالوا إِن هؤلءِ لضٓالون‪ 32‬وما أرسِلوا‬ ‫ف ِِ‬
‫حٰفظ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫ني‪.(((﴾33‬‬ ‫عل ۡي ِه ۡم ِ ِ‬

‫(( ( يس‪.30 :‬‬


‫((( األنبياء‪.41 :‬‬
‫((( املطففني‪.33 -29 :‬‬

‫‪188‬‬
‫ٰ‬ ‫َ َ ۡ َ َّ َ َ َ ۡ ُ ۡ ۡ َ ٰ َ ۡ َ َ ۡ ُ ۡ َ َ‬
‫ت‬ ‫ب أن إِذا س ِمعتم ءاي ِ‬ ‫ )‪(4‬وقال ‪﴿ :‬وقد نزل عليكم ِف ٱلكِت ِ‬
‫َّ ُ ۡ َ ُ َ َ ُ ۡ َ ۡ َ ُ َ َ َ َ ۡ ُ ُ ْ َ َ ُ ۡ َ َّ َ ُ ُ ْ‬
‫ت يوضوا‬ ‫ٱللِ يكفر بِها ويستهزأ بِها فل تقعدوا معهم ح ٰ‬
‫ني‬‫ٱلل َجام ُِع ٱل ۡ ُم َنٰفق َ‬ ‫ك ۡم إ ٗذا ّم ِۡثلُ ُه ۡم إ َّن َّ َ‬ ‫َ ۡ ٓ َّ ُ‬
‫يه ِۦ إِن‬ ‫َ‬
‫ِِ‬ ‫ۗ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِيث غ ِ‬
‫ِف حد ٍ‬
‫َ ً‬ ‫َ ۡ َ‬
‫ين ِف َج َه َّن َم جِيعا‪.(((﴾140‬‬ ‫كٰفِر َ‬
‫ِ‬ ‫وٱل‬
‫َ‬
‫َ ۡ َ ُ ُ َ ٰ ُ َ ُ َ َّ َ ۡ ۡ ُ َ ‪َ ُ ٞ‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬
‫ورة تن ّب ِ ُئ ُهم ب ِ َما ِف‬ ‫ )‪(5‬قال تعاىل‪﴿ :‬يذر ٱلمنفِقون أن تنل علي ِهم س‬
‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َۡ َ َ‬ ‫ُ ُ ۡ ُ ۡ َ ۡ ُ ٓ ْ َّ َّ َ ُ ۡ ‪ٞ‬‬
‫ٱلل م ِرج َّما تذ ُرون‪َ 64‬ولئِن َسألَ ُه ۡم‬ ‫قلوب ِ ِه ۚم ق ِل ٱسته ِزءوا إِن‬
‫ولِۦ ُك ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ ُ َّ َّ َ ُ َّ َ ُ ُ َ َ ۡ َ ُ ُ ۡ‬
‫نت ۡم‬ ‫ب قل أبِٱللِ َو َءايٰتِهِۦ َو َر ُس ِ‬ ‫لقولن إِنما كنا نوض ونلع ۚ‬
‫َّ ُ‬ ‫َۡ َۡ ُ َ َ ََۡ ُ ْ َۡ َ َُۡ َۡ َ َ ُ‬
‫يمٰن ِك ۡ ۚم إِن ن ۡعف‬ ‫تسته ِزءون‪ 65‬ل تعتذِروا قد كف َرتم بعد إ ِ‬
‫مرم َ‬ ‫َّ ُ ۡ َ ُ ْ ُ ۡ‬ ‫َ َ ٓ َ ّ ُ ۡ َُ ّ ۡ َ ٓ َ‬
‫ِني‪.(((﴾66‬‬ ‫َّ ِ‬ ‫وا‬ ‫ن‬ ‫ك‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫أ‬‫عن طائِف ٖة مِنكم نعذِب طائ ِ ِ‬
‫ب‬ ‫َۢة‬ ‫ف‬
‫َ َۡ ُ َ‬
‫ِين ي َعلون َم َع‬ ‫ِين‪ 95‬ٱل‬ ‫ك ٱل ۡ ُم ۡس َت ۡهزء َ‬ ‫َّ َ َ ۡ َ ٰ َ‬
‫ )‪(6‬وقال ‪﴿ :‬إِنا كفين‬
‫ِ‬
‫َ َ‬ ‫َّ َ ً َ َ َ‬
‫ٱللِ إِلٰها َءاخ َر ۚ ف َس ۡوف َي ۡعل ُمون‪.(((﴾96‬‬
‫خ ۡر قَ ۡوم‪ّ ٞ‬مِن قَ ۡو ٍم َع َسٰٓ‬ ‫َ ٰٓ َ ُّ َ َّ َ َ َ ُ ْ َ َ ۡ َ‬
‫ )‪(7‬وقال سبحانه‪﴿ :‬يأيها ٱلِين ءامنوا ل يس‬
‫ك َّن َخ ۡياٗ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ ُ ْ َ ۡٗ ّ ۡ ُ ۡ ََ َ ٓ ‪ٓ َّ ّ ٞ‬‬
‫ٰٓ‬
‫أن يكونوا خيا مِنهم ول ن ِساء مِن ن ِسا ٍء عس أن ي‬
‫ۡ‬ ‫ّ ۡ ُ َّ َ َ َ ۡ ُ ٓ ْ َ ُ َ ُ ۡ َ َ َ َ َ ُ ْ ۡ َ ۡ َ‬
‫ٱل ۡس ُم‬ ‫ب بِئ َس ِ‬ ‫ٰ‬
‫مِنهنۖ ول تل ِمزوا أنفسكم ول تن ُابزوا بِٱلل ِ ۖ‬
‫ق‬
‫ۡ ُ ُ ُ َ ۡ َ ۡ َ ٰ َ َ َّ ۡ َ ُ ۡ َ ْ َ ٰٓ َ ُ ُ َّ ٰ ُ َ‬
‫ٱليم ِ ۚن ومن لم يتب فأولئِك هم ٱلظل ِمون‪. ﴾11‬‬
‫(((‬
‫ٱلفسوق بعد ِ‬

‫قبسات نبوية‪:‬‬
‫ )‪(1‬عن أيب هريرة ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول هللا ‪...(( :‬‬
‫ح ِق ُرهُ التَّ ْق َوى‬ ‫خو امل ُْسلِ ِم‪ ،‬ال يَظْلِ ُم ُه وال يَ ْ‬
‫خ ُذلُ ُه‪ ،‬وال يَ ْ‬ ‫امل ُْسلِ ُم أ ُ‬
‫النساء‪.140 :‬‬ ‫(( (‬
‫التوبة‪.66 -64 :‬‬ ‫((( ‬
‫الحجر‪.96-95 :‬‬ ‫((( ‬
‫الحجرات‪.11 :‬‬ ‫(( (‬

‫‪189‬‬
‫ب ا ْمرِئٍ ِم َن َّ ِّ‬
‫الش أ ْن‬ ‫ح ْس ِ‬‫ات ب َ‬ ‫ص ْدر ِِه ث َالثَ َم َّر ٍ‬‫ري إىل َ‬ ‫ها ُهنا ويُ ِش ُ‬
‫حرا ٌم‪َ ،‬د ُم ُه‪ ،‬ومالُ ُه‪،‬‬ ‫عل امل ُْسلِ ِم َ‬‫ح ِق َر أخا ُه امل ُْسلِ َم‪ ،‬ك ُُّل امل ُْسلِ ِم َ‬ ‫يَ ْ‬
‫و ِع ْرضُ ُه))(((‪.‬‬
‫ )‪(2‬عن أيب جبرية بن الضحاك قال‪ :‬فينا نزلت هذه اآلية يف بني سلمة‪:‬‬
‫يم ٰ ِن﴾‬ ‫وق َب ۡع َد ۡٱل َ‬
‫ۡ ُ ُۡ ُ ُ‬
‫س‬ ‫ف‬ ‫ٱل‬ ‫م‬ ‫س‬ ‫ٱل‬‫ِ‬ ‫س‬ ‫﴿و َل َت َنابَ ُزوا ْ ب ۡٱلَ ۡل َقٰب ب ۡئ َ‬
‫َ‬
‫ِۖ ِ‬ ‫ِ‬
‫(((‬
‫ِ‬
‫قال‪«:‬قدم علينا رسول هللا ‪ ‬وليس منا رجل إال وله‬
‫اسامن أو ثالثة‪ ،‬فجعل النبي ‪ ‬يقول‪(( :‬يا فالن))‪،‬‬
‫فيقولون‪ :‬مه يا رسول هللا إنه يغضب من هذا االسم‪ ،‬فنزلت هذه‬
‫ٰ‬ ‫ََ ََ َُ ْ ۡ ََۡ‬
‫ب﴾»(((‪.‬‬ ‫اآلية‪﴿ :‬ول تنابزوا بِٱلل ِ ۖ‬
‫ق‬

‫أمثلة تطبيقية‪:‬‬
‫ )‪(1‬عن عبد هللا بن عمر قال‪ :‬قال رجل يف غزوة تبوك يف مجلس‪:‬‬
‫«مارأيت مثل قرائنا هؤالء‪ ،‬أرغب بطوناً‪ ،‬وال أكذب ألسنا‪ ،‬وال‬
‫أجنب عند اللقاء‪ ،‬فقال رجل يف املسجد‪ :‬كذبت‪ ،‬ولكنك منافق‪،‬‬
‫ألخربن رسول هللا ‪ ،‬فبلغ ذلك رسول هللا ‪،‬‬
‫ونزل القرآن‪ ،‬فقال عبد هللا بن عمرو‪ :‬أنا رأيته متعلقاً بحقب ناقة‬
‫رسول هللا ‪ ‬تنكبه الحجارة وهو يقول‪ :‬يا رسول هللا‬
‫ََ‬
‫﴿ولئِن‬ ‫إمنا كنا نخوض ونلعب‪ ،‬ورسول هللا ‪ ‬يقول‪:‬‬
‫َ َ ۡ َ ُ ۡ َ َ ُ ُ َّ َّ َ ُ َّ َ ُ ُ َ َ ۡ َ ُ ُ ۡ َ َّ َ َ َٰ‬
‫ب قل أبِٱللِ وءايتِهِۦ‬
‫سألهم لقولن إِنما كنا نوض ونلع ۚ‬

‫((( مسلم‪.2564 :‬‬


‫(( ( الحجرات‪.11 :‬‬
‫(( ( أبو داود‪ ،4962 :‬وصححه األلباين يف صحيح أيب داود‪.4151 :‬‬

‫‪190‬‬
‫ََ ُ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ َ‬
‫نت ۡم ت ۡس َت ۡه ِز ُءون ‪ 65‬ل ت ۡع َتذ ُِروا ق ۡد كف ۡرتم َب ۡع َد‬ ‫ولِۦ ك‬ ‫َو َر ُس ِ‬
‫َ ُ‬
‫يمٰن ِك ۡم﴾((( اآليات»(((‪.‬‬ ‫إِ‬
‫رسول هللا‬ ‫ )‪(2‬عن ابن عباس ‪ ‬قال‪« :‬كان قو ٌم يسألُون ُ‬
‫ج ُل‬ ‫ُول الر ُ‬‫ج ُل‪ :‬من أيب؟ ويق ُ‬ ‫ُول الر ُ‬ ‫‪ ‬استهزا ًء‪ ،‬فيق ُ‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫يأ ُّي َها ٱل َ‬
‫ِين‬ ‫هللا فيهم هذه اآلية‪ٰٓ َ ﴿ :‬‬
‫ناقتي‪ ،‬فأنزل ُ‬ ‫تضل ناقتُ ُه‪ :‬أين‬
‫ُ َ ۡ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫َْ ََ ُ َ ۡ ٓ‬
‫ْ‬
‫َء َام ُنوا ل ت ۡ ٔسلوا ع ۡن أش َيا َء إِن ت ۡب َد لك ۡم ت ُسؤك ۡم‪ (((﴾ ....‬حتى‬
‫فرغ من اآلية كُلها»(((‪.‬‬
‫ول هللا ‪(( :‬ملا كان ليل ُة‬ ‫رس ُ‬ ‫ )‪(3‬عن ابن عباس قال‪ :‬قال ُ‬
‫وعرفت أن الناس‬ ‫ُ‬ ‫فظعت بأمري‬ ‫ُ‬ ‫وأصبحت مبكة‪،‬‬
‫ُ‬ ‫أُرسي يب‬
‫ُمكذيب))‪ ،‬فقعد ُمعتزالً حزيناً‪ ،‬قال‪ :‬فمر ع ُدو هللا أبُو جهل‪،‬‬
‫فجاء حتى جلس إليه‪ ،‬فقال ل ُه كامل ُستهزئ‪ :‬هل كان من يشء؟‬
‫ول هللا ‪(( :‬نعم))‪ :‬قال‪ :‬ما ُهو؟ قال‪(( :‬إن ُه‬ ‫رس ُ‬ ‫فقال ُ‬
‫أُرسي يب الليلة))‪ ،‬قال‪ :‬إىل أين؟‪ ،‬قال‪(( :‬إىل بيت املقدس))‪ ،‬قال‪:‬‬
‫ث ُم أصبحت بني ظهرانينا؟ قال‪(( :‬نعم))‪ ،‬قال‪ :‬فلم يُر أن ُه يُكذبُ ُه‬
‫مخافة أن يجحد ُه الحديث إذا دعا قوم ُه إليه‪ ،‬قال‪ :‬أرأيت إن‬
‫ول هللا ‪:‬‬ ‫دعوتُ قومك تُحدث ُ ُهم ما حدثتني؟ فقال ُ‬
‫رس ُ‬
‫نعم‪ ،‬فقال‪ :‬هيا معرش بني كعب بن لُؤي‪ ،‬قال‪ :‬فانتفضت إليه‬
‫جلسوا إليهام‪ ،‬قال‪ :‬حدث قومك مبا‬ ‫ُ‬ ‫املجالس وجا ُءوا حتى‬ ‫ُ‬

‫التوبة‪.66-65 :‬‬ ‫((( ‬


‫أخرجه الطربي‪،119/10 :‬وصححه الوادعي يف صحيح أسباب النزول‪.77 :‬‬ ‫((( ‬
‫املائدة‪.101 :‬‬ ‫((( ‬
‫البخاري‪.4622 :‬‬ ‫((( ‬

‫‪191‬‬
‫ول هللا ‪(( :‬إين أُرسي يب الليلة))‪،‬‬ ‫رس ُ‬
‫حدثتني‪ ،‬فقال ُ‬
‫ُلت‪(( :‬إىل بيت املقدس))‪ ،‬قالُوا‪ :‬ث ُم أصبحت بني‬ ‫قالُوا‪ :‬إىل أين؟ ق ُ‬
‫ظهرانينا؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬فمن بني ُمصفق‪ ،‬ومن بني واضع يد ُه‬
‫عىل رأسه ُمتعجباً للكذب زعم‪ ،‬قالُوا‪ :‬وهل تستطي ُع أن تنعت لنا‬
‫املسجد؟ ‪ -‬ويف القوم من قد سافر إىل ذلك البلد ورأى املسجد‬
‫أنعت‬
‫ُ‬ ‫زلت‬
‫أنعت فام ُ‬‫ُ‬ ‫((فذهبت‬
‫ُ‬ ‫ول هللا ‪:‬‬ ‫رس ُ‬‫‪ ،-‬فقال ُ‬
‫بعض النعت))‪ ،‬قال‪(( :‬فجيء باملسجد وأنا أنظُ ُر‬ ‫حتى التبس عيل ُ‬
‫حتى ُوضع ُدون دار عقال ‪ -‬أو ُعقيل ‪ ،-‬فنعت ُه وأنا أنظُ ُر إليه))‪،‬‬
‫نعت مل أحفظ ُه))‪ ،‬قال‪ :‬فقال القو ُم‪ :‬أما‬ ‫قال‪ ((:‬وكان مع هذا ٌ‬
‫النعت فوهللا لقد أصاب»(((‪.‬‬
‫ُ‬

‫أقول مضيئة‪:‬‬
‫ٰ‬ ‫ُ ۡ َ َّ َ َ َ‬
‫ )‪(1‬قال شيخ اإلسالم ابن تيمية عند قوله تعاىل‪ ﴿ :‬قل أبِٱللِ وءايتِهِۦ‬
‫َ‬ ‫ُ ُ َ‬
‫نت ۡم ت ۡس َت ۡه ِز ُءون ‪« :(((﴾65‬تدل عىل أن االستهزاء‬ ‫َو َر ُس ِ‬
‫ولِۦ ك‬
‫باهلل كف ٌر‪ ،‬وبالرسول كف ٌر من جهة االستهزاء باهلل وحده كف ٌر‬
‫بالرضورة‪ ،‬فلم يكن ذكر اآليات والرسول رشطاً؛ فعلم أن‬
‫االستهزاء بالرسول كف ٌر وإال مل يكن لذكره فائدةٌ‪ ،‬وكذلك‬
‫اآليات‪ .‬وأيضاً فاالستهزاء بهذه األمور متالز ٌم‪ .‬والضالون‬
‫مستخفون بتوحيد هللا تعاىل يعظمون دعاء غريه من األموات‪،‬‬
‫وإذا أمروا بالتوحيد ونهوا عن الرشك استخفوا به؛ كام قال‬

‫(( ( أحمد‪ ،2815 :‬وصححه أحمد شاكر‪.‬‬


‫((( التوبة‪.65 :‬‬

‫‪192‬‬
‫َ َّ ُ َ َ َّ ُ ُ ً‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ ََ‬
‫خذونك إِل هزوا﴾ اآلية‪ ،‬فاستهزءوا‬
‫(((‬
‫تعاىل‪ِ﴿ :‬إَوذا رأوك إِن يت ِ‬
‫بالرسول ‪ ‬ملا نهاهم عن الرشك‪ .‬وما زال املرشكون‬
‫يسبون األنبياء ويصفونهم بالسفاهة والضالل والجنون إذا‬
‫دعوهم إىل التوحيد؛ ملا يف أنفسهم من عظيم الرشك‪ .‬وهكذا‬
‫تجد من فيه شب ٌه منهم إذا رأى من يدعو إىل التوحيد استهزأ‬
‫بذلك؛ ملا عنده من الرشك‪ ....‬وهؤالء إذا قصد أحدهم القرب‬
‫الذي يعظمه يبيك عنده ويخشع ويترضع ما ال يحصل له مثله‬
‫يف الجمعة والصلوات الخمس وقيام الليل!‪ ،‬فهل هذا إال من حال‬
‫املرشكني ال املوحدين!»(((‪.‬‬
‫ )‪(2‬قال سليامن بن عبد هللا‪« :‬فمن استهزأ باهلل‪ ،‬أو بكتابه‪ ،‬أو برسوله‪،‬‬
‫أو بدينه كفر‪ ،‬ولو هازالً مل يقصد حقيقة االستهزاء إجامعاً»(((‪.‬‬

‫مراجع ُم ِعينة‪:‬‬
‫ )‪(1‬الزواجر‪ ،‬البن حجر الهيتمي‪.‬‬
‫ )‪(2‬دليل الفالحني‪ ،‬البن عالن‪.‬‬

‫((( الفرقان‪.41 :‬‬


‫((( مجموع الفتاوى‪.48/15 :‬‬
‫(( ( تيسري العزيز الحميد‪.617 :‬‬

‫‪193‬‬
‫الحسد‬
‫هو متني زوال النعمة عن املحسود‪ ،‬سواء متنى الحاسد أن تحصل له‬
‫النعمة أم ال‪.‬‬
‫والحسد يف الحقيقة‪ :‬اعرتاض عىل قدر هللا وقسمته بني خلقه‪ ،‬قبل‬
‫أن يكون رضرا ً عىل املحسود‪.‬‬
‫ولنئ كان البخل من أكرث األخالق ذماً يف الرشع والعقل‪ ..‬فإن‬
‫الحسد أشنع منه؛ ألن الحاسد يريد منع ما ال يُنقصه أصالً!‬

‫عناصر مقترحة‪:‬‬
‫ )‪(1‬متهيد‪ :‬الرضا بقسمة هللا بني خلقه‪ :‬من اإلميان بالقدر‪.‬‬
‫ )‪(2‬مفهوم الحسد‪.‬‬
‫ )‪(3‬السعي يف إزالة النعمة عن املحسود بغي وعدوان وزيادة إثم‪.‬‬
‫ )‪(4‬الفرق بني الحسد والعني (اإلصابة بالعني سببها‪ :‬شدة إعجاب مع‬
‫غفلة عن الدعاء بالربكة‪ ،‬وكالهام يرض باملسلم‪.)...‬‬
‫ )‪(5‬أسباب الحسد (البغضاء والكراهية‪ ،‬حب الرياسة والجاه‬
‫والدنيا‪ ،‬خبث النفس وشحها عىل عباد هللا‪ ،‬الخوف من ضياع‬
‫الفرص‪.)..،‬‬
‫ )‪(6‬مخاطر الحسد (عىل الفرد‪ ،‬وعىل املجتمعات)‪.‬‬
‫ )‪(7‬عالج الحسد‪( :‬النظر يف النعم التي عندك‪ ،‬القناعة والرضا بقسمة‬
‫هللا تعاىل‪ ،‬اليقني بأن هللا إذا حرم عبده من الدنيا فقد أراد به‬

‫‪194‬‬
‫خريا ً؛ ألن الشكر شديد واملحاسبة عسرية‪ ،‬تذكر أن أهل النعم‬
‫مل يحصلوها إال بالتعب‪ ،‬النظر يف حال من هم أشد فقرا ً‪ ،‬معرفة‬
‫‪‬‬ ‫أن النعمة الباقية نعمة الدين‪ ،‬النظر يف سرية النبي‬
‫والصالحني‪.)..‬‬
‫ )‪(8‬الحسد املحمود‪( :‬متني حصول النعمة الدينية‪ ،‬دون متني زوالها‬
‫عن صاحبها)‪.‬‬

‫هدايات قرآنية‪:‬‬
‫َ‬ ‫ۡ َ َ ٰ ُّ ۡ‬ ‫َ‬ ‫َۡ َ‬
‫ٱدلن َيا ۚ َو َرف ۡع َنا‬ ‫﴿ن ُن ق َس ۡم َنا بَ ۡي َن ُهم َّم ِعيش َت ُه ۡم ِف ٱليوة ِ‬ ‫ )‪(1‬قال تعاىل‪:‬‬
‫ۡ ٗ‬ ‫ٗ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َ ٰ ّ َ َّ َ‬ ‫َب ۡع َض ُه ۡم فَ ۡو َق َب ۡ‬
‫خذ َب ۡعض ُهم َب ۡعضا ُسخ ِر ّياۗ‬ ‫ت ِلت ِ‬ ‫ٖ‬ ‫ج‬ ‫ر‬ ‫د‬ ‫ض‬ ‫ٖ‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َو َر ۡ َ‬
‫ت َر ّبِك خ ۡي‪ّ ٞ‬م َِّما ي َم ُعون‪.(((﴾32‬‬ ‫ح ُ‬
‫ُ‬ ‫َ ۡ َ ۡ ُ ُ َ َّ َ َ َ ٰ َ ٓ َ َ ٰ ُ ُ َّ‬
‫ )‪(2‬وقال سبحانه‪﴿ :‬أم يسدون ٱنلاس ع ما ءاتىهم ٱلل مِن‬
‫َ‬ ‫ۡ ۡ َ‬ ‫ِيم ۡٱلك َِتٰ َ‬‫فَ ۡضلِهِۦ َف َق ۡد َءاتَ ۡي َنا ٓ َء َال إبۡ َرٰه َ‬
‫ب َوٱل ِك َمة َو َءات ۡي َنٰ ُهم‬ ‫ِ‬ ‫ۖ‬
‫يما‪.(((﴾54‬‬ ‫ُّم ۡلاك ً َع ِظ ٗ‬
‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۢ‬ ‫ّ‬ ‫َ َّ َ ‪ُ َ ُّ ُ َ ۡ َ ٰ َ ۡ ۡ َ ۡ ّ ٞ‬‬
‫ب لو يردونكم ِمن بع ِد‬ ‫ )‪(3‬قال تعاىل‪﴿ :‬ود كثِري مِن أه ِل ٱل َكِت ِ‬
‫ّ َ ۡ َ َ َ َّ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ٗ ّ‬ ‫َ ُ ُ َّ ً‬
‫ي ل ُه ُم‬ ‫س ِهم ِم ۢن بع ِد ما تب‬ ‫إِيمٰن ِك ۡم كفارا َح َسدا م ِۡن عِن ِد أنف ِ‬
‫ۡ َ ُّ َ ۡ ُ ْ َ ۡ َ ُ ْ َ َّ َ ۡ َ َّ ُ َ ۡ ٓ َّ َّ َ َ َ ٰ ُ ّ‬
‫ك‬ ‫ت يأ ِت ٱلل بِأم ِرهِۗۦ إِن ٱلل ع ِ‬ ‫ٱلق ۖ فٱعفوا وٱصفحوا ح ٰ‬
‫ِير‪.(((﴾109‬‬ ‫شءٖ قَد ‪ٞ‬‬ ‫َ ۡ‬

‫((( الزخرف‪.32 :‬‬


‫(( ( النساء‪.54 :‬‬
‫((( البقرة‪.109 :‬‬

‫‪195‬‬
‫ٱلل َل قُ َّوةَ‬ ‫ك قُ ۡل َ‬
‫ت َما َشا ٓ َء َّ ُ‬ ‫َ َ ۡ َ ٓ ۡ َ َ ۡ َ َ َّ َ َ‬
‫ )‪(4‬وقال ‪﴿ :‬ولول إِذ دخلت جنت‬
‫َ‬ ‫َ ٗ‬ ‫َ َ َ ۠ َ َ َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫إِل بِٱللِۚ إِن ت َر ِن أنا أقل مِنك َمال َو َو ٗلا‪.(((﴾39‬‬
‫َ‬ ‫﴿ومِن َ ّ‬
‫ش َحاس ٍِد إِذا َح َس َد‪.(((﴾5‬‬ ‫ِ‬
‫ )‪(5‬وقال ‪َ :‬‬

‫قبسات نبوية‪:‬‬
‫((دب‬
‫َّ‬ ‫ )‪(1‬عن الزبري بن العوام ‪ ‬أن النبي ‪ ‬قال‪:‬‬
‫أقول‬ ‫هي الحالِق ُة‪ ،‬ال ُ‬ ‫األمم قبلَكُم‪ :‬الحس ُد والبغضا ُء‪َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫إليكُم دا ُء‬
‫خلوا‬ ‫تحلق ال ِّدي َن‪ ،‬والَّذي نفيس ِ‬
‫بيد ِه ال تد ُ‬ ‫ُ‬ ‫كن‬ ‫َحلق الشَّ ع َر ولَ ِ‬ ‫ت ُ‬
‫ت‬ ‫الج َّن َة حتَّى تؤ ِمنوا‪ ،‬وال تؤ ِمنوا حتَّى تحابُّوا‪ ،‬أفال أنبِّئُكُم مبا يثبِّ ُ‬
‫السال َم بي َنكُم))(((‪.‬‬ ‫ذاكُم لَكُم؟ أَفشوا َّ‬
‫ )‪(2‬عن ضمرة بن ثعلبة ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول هللا ‪(( :‬الَ‬
‫اس ُدوا))‪.‬‬ ‫ح َ‬ ‫ي َما لَ ْم يَتَ َ‬‫خ ٍْ‬ ‫اس ِب َ‬‫يَ َز ُال ال َّن ُ‬
‫ )‪(3‬عن عبد هللا عمرو ‪ ‬عن رسول هللا ‪ ‬أنه قال‪(( :‬إذا‬
‫أي قَ ْو ٍم أنتُ ْم؟)) قال عبد الرحمن بن‬ ‫ت علَ ْيكُم فار ُِس وال ُّرو ُم‪ُّ ،‬‬ ‫ح ْ‬‫فُ ِت َ‬
‫ري‬
‫عوف‪ :‬نقول كام أمرنا هللا‪ .‬قال رسول هللا ‪(( :‬أ ْو غ َ‬
‫حاس ُدونَ‪ ،‬ث ُ َّم تَتَدابَ ُرونَ‪ ،‬ث ُ َّم تَتَباغَضُ ونَ‪ ،‬أ ْو‬
‫ذلك‪ ،‬تَتَناف َُسونَ‪ ،‬ث ُ َّم تَتَ َ‬ ‫َ‬
‫ج َعلُو َن بَ ْعضَ ُه ْم‬ ‫جرِي َن‪ ،‬فَتَ ْ‬ ‫ذلك‪ ،‬ث ُ َّم تَ ْنطَلِقُو َن يف َمساكِ ِ‬
‫ني امل ُها ِ‬ ‫ح َو َ‬ ‫نَ ْ‬
‫ض))(((‪.‬‬ ‫ِقاب بَ ْع ٍ‬
‫عل ر ِ‬ ‫َ‬
‫الكهف‪.39 :‬‬ ‫(( (‬
‫الفلق‪.5 :‬‬ ‫((( ‬
‫الرتمذي‪ 2510 :‬واللفظ له‪ .‬وقال محقق جامع األصول (‪ :)626/3‬له شواهد وهو بها‬ ‫(( (‬
‫حسن‪.‬‬
‫مسلم‪.2962 :‬‬ ‫((( ‬

‫‪196‬‬
‫ )‪(4‬عن عبد هللا بن مسعود ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول هللا ‪:‬‬
‫ك ِت ِه يف‬
‫عل َهلَ َ‬ ‫ط َ‬ ‫هللا َماالً ف َُسلِّ َ‬
‫ج ٌل آتَا ُه ُ‬ ‫إل يف اث ْ َنتَ ْيِ‪َ :‬ر ُ‬
‫ح َس َد َّ‬
‫((ل َ‬ ‫َ‬
‫ْض ب َها ويُ َعلِّ ُم َها))(((‪.‬‬ ‫ك َم َة فَهو يَق ِ‬ ‫هللا ِ‬
‫الح ْ‬ ‫ج ٌل آتَا ُه ُ‬ ‫ح ِّق‪ ،‬و َر ُ‬ ‫ال َ‬

‫أمثلة تطبيقية‪:‬‬
‫ )‪(1‬حسد إبليس آلدم وقد حىك هللا القصة يف مواضع من القرآن‬
‫الكريم‪ ،‬وكان حسد إبليس آلدم وزوجه ‪ ‬ظاهرا ً يف‬
‫القصة‪.‬‬
‫ )‪(2‬عن أيب أمامة بن سهل بن حنيف أنه قال‪« :‬رأى عامر بن ربيعة‬
‫سهل بن حنيف يغتسل‪ ،‬فقال‪ :‬ما رأيت كاليوم وال جلد مخبأة‪،‬‬
‫فلُبط سهل‪ ،‬فأيت رسول هللا ‪ ‬فقيل‪ :‬يا رسول هللا هل‬
‫لك يف سهل بن حنيف‪ ،‬وهللا ما يرفع رأسه‪ ،‬فقال‪(( :‬هل تَتَّهِمو َن‬
‫لَه أحدا ً؟))‪ ،‬قالوا‪ :‬نتهم عامر بن ربيعة‪ ،‬قال‪ :‬فدعا رسول هللا‬
‫‪ ‬عامرا ً فتغَّيظ عليه‪ ،‬وقال‪َ (( :‬عال َم يَقتُ ُل أَح ُدكم‬
‫كت! اغتَ ِسل لَه))‪ .‬فغسل عامر وجهه ويديه‬ ‫أَخاه؟! أَال بَ َّر َ‬
‫ومرفقيه وركبتيه وأطراف رجليه وداخلة إزاره يف قدح‪ ،‬ثم‬
‫صب عليه‪ ،‬فراح سهل مع الناس‪ ،‬ليس به بأس»(((‪.‬‬
‫حسن جِلد صحايب آخر‬ ‫وهذه إصابة بالعني وقعت من صحايب رأى ُ‬
‫فأعجبه‪ ،‬ومل يدع له بالربكة فأصابه‪ ،‬وهو ال يقصد رضره‪ .‬واإلصابة‬
‫بالعني نوع من الحسد‪.‬‬

‫((( البخاري‪ ،73 :‬مسلم‪.816 :‬‬


‫((( ابن ماجه‪ ،3509 :‬املوطأ‪ ،1747 :‬وصححه األلباين يف صحيح ابن ماجه‪.2828 :‬‬

‫‪197‬‬
‫أقوال مضيئة‪:‬‬

‫وقل‬ ‫ )‪(1‬قال أبو الدرداء‪« :‬ما أكرث عبد ِذكْر املوت إال َّ‬
‫قل فرحه ًّ‬
‫حسده»(((‪.‬‬
‫هللا به يف السامء‪ ،‬يعني‬
‫ )‪(2‬قال بعض السلف‪« :‬الحسد أول ذنب ُعيص ُ‬
‫حسد إبليس آلدم ‪ ‬وأول ذنب عيص هللا به يف األرض‪.‬‬
‫‪-‬يعني حسد ابن آدم ألخيه حتى قتله‪.(((»-‬‬
‫ )‪(3‬قال املاوردي‪« :‬الحسد يعالج بأمور هي له حسم إن صادفها عزم‪،‬‬
‫فمنها‪ :‬اتباع الدين يف اجتنابه‪ ،‬والرجوع إىل هللا ‪ ‬يف آدابه‪،‬‬
‫فيقهر نفسه عىل مذموم خلقها وينقلها عن لئيم طبعها‪ ،‬وإن‬
‫كان نقل الطباع عرسا ً‪ ،‬لكن بالرياضة والتدريج يسهل منها ما‬
‫استصعب ويحبب منها ما أتعب‪.‬‬
‫ومنها‪ :‬العقل الذي يستقبح به من نتائج الحسد ماال يرضيه‪،‬‬
‫ويستنكف من هجنه مساويه‪ ،‬فيذلل نفسه أنف ًة‪ ،‬ويطهرها حمية‪،‬‬
‫فتذعن لرشدها‪ ،‬وتجيب إىل صالحها‪ ،‬وهذا إمنا يصح لدى النفس‬
‫األبية‪ ،‬والهمة العلية‪ ،‬وإن كان ذو الهمة يجل عن دناءة الحسد‪.‬‬
‫ومنها‪ :‬أن يستدفع رضره‪ ،‬ويتوقع أثره‪ ،‬ويعلم أن مكانته يف نفسه‬
‫أبلغ‪ ،‬ومن الحسد أبعد‪ ،‬فيستعمل الحزم يف دفع ما كره وأكره‪ ،‬ليكون‬
‫أطيب نفساً وأهنأ عيشاً‪.‬‬

‫(( ( اإلحياء‪.201/3 :‬‬


‫((( أدب الدنيا والدين‪.176 :‬‬

‫‪198‬‬
‫ومنها‪ :‬أن يرىض بالقضاء‪ ،‬ويستسلم للمقدور وال يرى أن يغالب قضاء‬
‫هللا فريجع مغلوباً‪ ،‬وال أن يعارضه يف أمره فريد محروماً مسلوباً»(((‪.‬‬
‫ )‪(4‬قال ابن جحر‪« :‬الحسد‪ :‬متني الشخص زوال النعمة عن مستحق‬
‫لها‪ ،‬أعم من أن يسعى يف ذلك أوال‪ ،‬فإن سعى كان باغياً‪ ،‬وإن مل‬
‫يسع يف ذلك وال أظهر وال تسبب يف تأكيد أسباب الكراهة التي‬
‫نهي املسلم عنها يف حق املسلم‪ ..‬نُظر‪ :‬فإن كان املانع له من ذلك‬
‫العجز بحيث لو متكن لفعل فهذا مأزور‪ ،‬وإن كان املانع له من‬
‫ذلك التقوى فقد يعذر؛ ألنه ال يستطيع دفع الخواطر النفسانية‬
‫فيكفيه يف مجاهدتها أن ال يعمل بها وال يعزم عىل العمل بها»(((‪.‬‬
‫ )‪(5‬قال ابن جحر‪« :‬الحسد‪ :‬متني زوال النعمة عن املنعم عليه‪،‬‬
‫وخصه بعضهم بأن يتمنى ذلك لنفسه‪ .‬والحق أنه أعم‪ ،‬وسببه‪:‬‬
‫أن الطباع مجبولة عىل حب الرتفع عىل الجنس‪ ،‬فإذا رأى لغريه ما‬
‫ليس له أحب أن يزول ذلك عنه لريتفع عليه‪ ،‬أو مطلقا ليساويه‪.‬‬
‫وصاحبه مذموم إذا عمل مبقتىض ذلك من تصميم أو قول أو فعل‪.‬‬
‫وينبغي ملن خطر له ذلك أن يكرهه كام يكره ما وضع يف طبعه‬
‫من حب املنهيات‪ .‬واستثنوا من ذلك ما إذا كانت النعمة لكافر‬
‫أو محمود يستعني بها عىل معايص هللا تعاىل‪ .‬فهذا حكم الحسد‬
‫بحسب حقيقته‪ .‬وأما الحسد املذكور يف الحديث فهو الغبطة‬
‫وأطلق الحسد عليها مجازا ً‪ ،‬وهي‪ :‬أن يتمنى أن يكون له مثل ما‬
‫لغريه من غري أن يزول عنه‪ ،‬والحرص عىل هذا يسمى منافسة‪،‬‬
‫((( أدب الدنيا والدين‪ ،262 :‬وما بعدها‪.‬‬
‫(( ( فتح الباري‪.482/ 10 :‬‬

‫‪199‬‬
‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َۡ َ َ‬
‫فإن كان يف الطاعة فهو محمود‪ ،‬ومنه‪﴿ :‬فل َيت َناف ِس ٱل ُم َت َنٰفِ ُسون‬
‫‪ ،(((﴾26‬وإن كان يف املعصية فهو مذموم‪ ،‬ومنه‪(( :‬وال ت َنافَسوا))‪،‬‬
‫وإن كان يف الجائزات فهو مباح»(((‪.‬‬
‫ )‪(6‬قال الشاعر‪:‬‬
‫يـا حـاســدا ً يل على نعمتـي‬
‫أتــدري عىل مـن أسـأت األدب‬
‫أســأت على هللا يف حـكمــه‬
‫تـرض يل مـا وهــب‬ ‫َ‬ ‫ألنـك مل‬
‫فأخــزاك ريب بـأن زادنــي‬
‫وســ َّد عليـك وجـوه الطلـب‬
‫ )‪(7‬وقال آخر‪:‬‬
‫اصبر على كيـد الحســود‬
‫فــإن صبــرك قـاتـلــه‬
‫فـالنــار تأكــل بعضهــا‬
‫إن لــم تــجد مــا تأكلــه‬

‫مراجع ُم ِعينة‪:‬‬
‫ )‪(1‬جامع العلوم والحكم‪ ،‬البن رجب‪.‬‬
‫ )‪(2‬أدب الدنيا والدين‪ ،‬للاموردي‪.‬‬
‫ )‪(3‬مخترص منهاج القاصدين‪ ،‬البن قدامة‪.‬‬
‫((( املطففني‪.26 :‬‬
‫(( ( فتح الباري‪.167-166/ 1 :‬‬

‫‪200‬‬
‫الكذب‬
‫الكذب‪ :‬ضد الصدق‪ .‬وهو ذكر غري ما يعلم يف نفسه‪ ،‬أو يف الواقع‪.‬‬
‫وهو من أقبح األخالق‪ ،‬ويكفي أنه طريق النفاق‪ ،‬وصفة املنافقني‪،‬‬
‫وحيلة الجبناء!‬

‫عناصر مقترحة‪:‬‬
‫ )‪(1‬معنى الكذب‪.‬‬
‫ )‪(2‬أشكال الكذب (بالقول‪ ،‬والفعل)‪.‬‬
‫ )‪(3‬شناعة الكذب (يف الرشيعة‪ ،‬والعقل والفطرة‪ ،‬وعند أهل الجاهلية‬
‫والبهائم)‪.‬‬
‫ )‪(4‬حكمة التشديد يف الزجر عن الكذب‪.‬‬
‫ )‪(5‬عالقة الكذب باألخالق السيئة (الجنب‪ ،‬الغش‪ ،‬الخداع‪،‬‬
‫البهتان‪.)..،‬‬
‫ )‪(6‬عالقته بالنفاق‪.‬‬
‫ )‪(7‬مجاالت الكذب (الكذب عىل هللا‪ ،‬عىل نبيه ‪ ،‬عىل‬
‫الخلق‪ ،‬عىل النفس ‪-‬خداعاً لها‪ ،-‬الكذب يف الشهادة‪ ،‬يف املزاح‪،‬‬
‫يف الرؤيا‪.)،‬‬
‫ )‪(8‬آثار الكذب (عىل الفرد‪ ،‬واملجتمع)‪.‬‬
‫ )‪(9‬سبيل الخالص من الكذب (تجنب الكذبة األوىل‪ ،‬التعود عىل‬
‫الصدق وتح ّريه‪ ،‬التقليل من التورية‪ ،‬تربية األطفال عىل الصدق‬

‫‪201‬‬
‫وترك معاقبتهم عنده‪ ،‬مكافأتهم عىل صدقهم حتى يألفوه‪ ،‬تجنب‬
‫الغلظة معهم التي تدفعهم إىل الكذب‪.)..،‬‬
‫ )‪(10‬املعاريض (التورية)‪ :‬مخرج من الكذب‪.‬‬
‫ )‪(11‬متى يجوز الكذب؟‬

‫هدايات قرآنية‪:‬‬
‫ۡ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َۡ ُ‬
‫﴿ول تقف َما ل ۡي َس لك بِهِۦ عِل ٌم﴾(((‪.‬‬ ‫ )‪(1‬قال تعاىل‪:‬‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ َ ۡ ۡ ُ َّ ۡ َ َ ٰ َ َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ى ع ٱللِ كذِبا أ ۡو كذ َب‬ ‫ )‪(2‬وقال سبحانه‪﴿ :‬فمن أظلم مِم ِن ٱفت‬
‫َ َ‬
‫ب ِٔايٰتِهِۚۦٓ﴾(((‪.‬‬
‫َ َ َ ُ ُ ْ َ َ ُ َۡ َُ ُ ُ ۡ َ َ َٰ َ‬
‫ )‪(3‬وقال ‪﴿ :‬ول تقولوا ل ِما ت ِصف ألسِنتكم ٱلكذِب هذا‬
‫َ َ ٰ ‪َ ُ َ ۡ َ َ َّ َّ َ َ ۡ َّ َ َ ْ ُ َ ۡ َ ّ ٞ َ َ َ ٰ َ َ ٞ‬‬
‫تون‬ ‫ِب إِن ٱلِين يف‬‫حلل وهذا حرام ِلفتوا ع ٱللِ ٱلكذ ۚ‬
‫َ‬ ‫َ َ َّ ۡ َ َ َ ۡ‬
‫ِب ل ُيفل ُِحون‪.(((﴾116‬‬ ‫ع ٱللِ ٱلكذ‬
‫ۡ‬
‫ََۡ ُ َ ََٓ َ ۡ َۡ َ ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٓ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫ )‪(4‬وقال تعاىل‪﴿ :‬ل ۡول َجا ُءو َعل ۡيهِ بِأربعةِ شهداء ۚ فإِذ لم يأتوا‬
‫َ َّ ُ ُ ۡ َ ٰ ُ َ‬ ‫ُّ َ َ ٓ ِ َ ُ ْ َ ٰٓ َ‬
‫بِٱلشهداء فأولئِك عِند ٱللِ هم ٱلكذِبون‪. ﴾13‬‬
‫(((‬

‫قبسات نبوية‪:‬‬
‫ )‪(1‬عن ابن مسعود ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول هللا ‪(( :‬إ َّن‬
‫ج َل‬‫هدي إىل الجن ِة‪ ،‬وإ َّن الر ُ‬ ‫الب يَ ِ‬‫الب‪ ،‬وإ َّن ِ َّ‬
‫هدي إىل ِ ِّ‬ ‫الص ْد َق يَ ِ‬
‫ِّ‬
‫هدي إىل‬ ‫ب يَ ِ‬ ‫هللا ِص ِّديقا‪ ،‬وإ َّن الك َِذ َ‬
‫ب عند ِ‬ ‫ص ُد ُق‪ ،‬حتى يُكتَ َ‬ ‫لَيْ ْ‬
‫اإلرساء‪.36 :‬‬ ‫((( ‬
‫األعراف‪.37 :‬‬ ‫(( (‬
‫النحل‪.116 :‬‬ ‫((( ‬
‫النور‪.13 :‬‬ ‫((( ‬

‫‪202‬‬
‫ب حتى‬ ‫ج َل ل ِ‬
‫َيكذ ُ‬ ‫هدي إىل النارِ‪ ،‬وإ َّن الر ُ‬ ‫جو َر يَ ِ‬ ‫جورِ‪ ،‬وإ َّن ال ُف ُ‬ ‫ال ُف ُ‬
‫ب عند ِ‬
‫هللا كَذَّاباً))(((‪.‬‬ ‫يُكتَ َ‬
‫ )‪(2‬عن الحسن بن عيل ‪ ‬قال‪ :‬حفظت من رسول هللا‬
‫دق‬‫الص َ‬ ‫‪َ (( :‬دع ما يري ُب َك إىل ما ال يري ُب َك‪ ،‬فإ َّن ِّ‬
‫الكذب ‪ ‬رِيب ٌة))(((‪.‬‬
‫َ‬ ‫طأمنين ٌة وإ َّن‬
‫اإلش ُاك‬‫ْب الكَبائِرِ‪ْ :‬‬ ‫ )‪(3‬عن أيب بكرة ‪ ‬قال ‪(( :‬أَك َ ُ‬
‫ُوق الوالِ َديْنِ ‪ ،‬وشَ ها َد ُة ال ُّزورِ‪ ،‬وشَ ها َد ُة ال ُّزورِ)) ثالثاً‪،‬‬ ‫هلل‪ ،‬و ُعق ُ‬ ‫با ِ‬
‫أو ((قَ ْو ُل ال ُّزورِ))‪ ،‬فام زال يكررها‪ ،‬حتى قلت‪ :‬ليته سكت(((‪.‬‬
‫والزور‪ :‬الكذب‪.‬‬
‫ )‪(4‬عن عبد هللا بن عمرو ‪ ‬قال‪ :‬جاء أعرايب إىل النبي‬
‫((اإلش ُاك‬
‫ْ‬ ‫‪ ‬فقال‪ :‬يا رسول هللا‪ ،‬ما الكبائر‪ ،‬قال‪:‬‬
‫ُوق الوالِ َديْنِ ))‪ ،‬قال‪ :‬ثم ماذا؟‬ ‫هلل))‪ ،‬قال‪ :‬ثم ماذا؟ قال‪(( :‬ث ُ َّم ُعق ُ‬ ‫با ِ‬
‫وس)) قلت‪ :‬وما اليمني الغموس؟ قال‪(( :‬الذي‬ ‫ني ال َغ ُم ُ‬‫قال‪(( :‬ال َي ِم ُ‬
‫ب))((( وسميت غموساً‬ ‫مال ا ْمرِئٍ ُم ْسلِ ٍم‪ ،‬هو فيها كا ِذ ٌ‬ ‫يَ ْقتَ ِط ُع َ‬
‫ألنها تغمس صاحبها يف اإلثم‪.‬‬
‫ )‪(5‬وعن عبد هللا بن عمرو بن العاص ‪ ‬أن النبي ‪‬‬
‫َت فيه‬ ‫خالِصاً‪ ،‬و َمن كَان ْ‬ ‫قال‪(( :‬أَ ْربَ ٌع َمن كُ َّن فيه كا َن ُم َنا ِفقاً َ‬
‫صلَ ٌة ِم َن ال ِّنفَاقِ حتَّى يَ َد َع َها‪ :‬إذَا اؤْتُ ِ َن‬‫خ ْ‬‫َت فيه َ‬ ‫صلَ ٌة منه َّن كَان ْ‬ ‫خ ْ‬ ‫َ‬
‫ج َر))(((‪.‬‬ ‫اص َم فَ َ‬
‫خ َ‬
‫َب‪ ،‬وإذَا َعا َه َد َغ َد َر‪ ،‬وإذَا َ‬ ‫ح َّدثَ كَذ َ‬ ‫خانَ‪ ،‬وإذَا َ‬ ‫َ‬

‫البخاري‪ ،6094 :‬مسلم‪.2607 :‬‬ ‫((( ‬


‫الرتمذي‪ ،2518 :‬وصححه األلباين يف صحيح الرتمذي‪.2045 :‬‬ ‫(( (‬
‫البخاري‪.6521 :‬‬ ‫((( ‬
‫البخاري‪.6522 :‬‬ ‫((( ‬
‫البخاري‪ ،34 :‬مسلم‪.58 :‬‬ ‫((( ‬

‫‪203‬‬
‫ )‪(6‬عن املغرية بن شعبة ‪ ‬قال‪ :‬سمعت رسول هللا ‪‬‬
‫ل‬ ‫ح ٍد‪َ ،‬من كَذ َ‬
‫َب َع َ َّ‬ ‫عل أَ َ‬ ‫ب َ‬ ‫ليس كَك َِذ ٍ‬ ‫ل َ‬ ‫يقول‪(( :‬إ َّن ك َِذباً َع َ َّ‬
‫ُمتَ َع ِّمدا ً‪ ،‬فَلْ َيتَ َب َّوأْ َم ْق َعدَهُ ِم َن ال َّنارِ))(((‪.‬‬
‫ )‪(7‬عن حكيم بن حزام ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول هللا ‪:‬‬
‫ص َدقا و بَ َّينا بُورِك لهام يف‬ ‫((الب ِّيعانِ بالخيا ِر ما مل يتف َّرقا‪ ،‬فإ ْن َ‬
‫َت بَرك ُة بي ِعهِام))(((‪.‬‬ ‫بي ِعهِام‪ ،‬وإ ْن كَتَام وكَذَبا ُم ِحق ْ‬
‫ )‪(8‬عن أيب هريرة ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول هللا ‪(( :‬كَفَى‬
‫ح ِّدثَ بك ُِّل ما َس ِم َع))(((‪.‬‬ ‫بامل َ ْر ِء ك َِذباً أ ْن يُ َ‬
‫ )‪(9‬عن معاوية بن صربة ‪ ‬قال‪ :‬سمعت رسول هللا‪‬‬
‫ب‬ ‫يث لِيُضْ ِح َك ِب ِه الق ْو َم فيَك َِذ ُ‬‫بالحد ِ‬‫ِ‬ ‫ح ِّدثُ‬‫((ويل لِل َِّذي يُ َ‬ ‫ٌ‬ ‫يقول‪:‬‬
‫ويل لَ ُه))(((‪.‬‬ ‫ويل لَ ُه ٌ‬ ‫ٌ‬
‫ )‪(10‬عن ابن عباس ‪ ‬قال‪« :‬من تحلَّم بحلم مل يره كُلِّف أن‬
‫يعقد بني شعرتني‪ ،‬ولن يفعل‪ (((»..‬فمن أجل كذبه وزعمه أنه‬
‫رأى يف املنام ما مل يره يكلف بذلك ‪-‬مع عجزه عنه‪ ،-‬تعذيباً له‪.‬‬
‫ )‪(11‬عن أسامء بنت يزيد ‪ ‬قالت‪ :‬قال رسول هللا ‪:‬‬
‫ليض َيها‪،‬‬ ‫جل امرأتَ ُه ُ‬ ‫ثالث‪ :‬يح ِّدثُ ال َّر ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ْكذب إالَّ يف‬ ‫ُ‬ ‫يحل ال‬ ‫((الَ ُّ‬
‫اس))(((‪.‬‬ ‫ني ال َّن ِ‬
‫صلح ب َ‬
‫ْكذب ل ُي َ‬ ‫ُ‬ ‫الحرب‪ ،‬وال‬ ‫ِ‬ ‫ْكذب يف‬ ‫ُ‬ ‫وال‬

‫البخاري‪ ،1291 :‬مسلم‪ :‬املقدمة ‪.4‬‬ ‫((( ‬


‫البخاري‪ ،2079 :‬مسلم‪.1532 :‬‬ ‫((( ‬
‫مسلم‪ :‬املقدمة ص ‪.5‬‬ ‫(( (‬
‫أبو داود‪ ،4990 :‬والرتمذي‪ ،2315 :‬وحسنه األلباين يف صحيح الجامع‪.7136 :‬‬ ‫(( (‬
‫البخاري‪.6635 :‬‬ ‫((( ‬
‫الرتمذي‪ ،1939 :‬وصححه األلباين يف صحيح سنن الرتمذي‪.1582 :‬‬ ‫(( (‬

‫‪204‬‬
‫ )‪(12‬عن أيب هريرة ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول هللا ‪(( :‬لَ ْم‬
‫ي يف‬ ‫ات‪ ،‬ثِ ْنتَ ْ ِ‬
‫ط إِ َّل �ث َ َلثَ كَ َذبَ ٍ‬‫النبي ‪ ‬قَ ُّ‬ ‫يَك ِْذ ْ‬
‫ب إِبْ َرا ِهي ُم ّ ُّ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬
‫يم ‪َ ،(((﴾89‬وقَ ْولُ ُه‪﴿ :‬بَل ف َعل ُهۥ كب ِ ُريه ۡم‬ ‫هللا‪ ،‬قَولُ ُه‪﴿ :‬إن َسقِ ‪ٞ‬‬
‫ِِ‬ ‫َات ِ ْ‬ ‫ذ ِ‬
‫َ‬
‫َهٰذا﴾(((‪َ ،‬و َو ِ‬
‫اح َد ٌة يف شَ أْنِ َسا َرةَ))(((‪.‬‬
‫أمثلة تطبيقية‪:‬‬
‫ )‪(1‬ما جاء يف قصة أيب سفيان ملا سأله هرقل عن صدقه ‪ -‬أي النبي‬
‫‪ :- ‬هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟‬
‫قال أبو سفيان‪ :‬ال‪ ...،‬ثم قال هرقل‪« :‬وسألتك هل كنتم تتهمونه‬
‫بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ فذكرت أن ال‪ ،‬فقد أعرف أنه‬
‫مل يكن ليذر الكذب عىل الناس ويكذب عىل هللا‪ ...‬يقول أبو‬
‫سفيان‪ :‬فوهللا لوال الحياء من أن يأثروا عيل الكذب لكذبت‬
‫عنه»(((‪ .‬فلم يكذب مع أنه كان حينئذ عىل الكفر!‬
‫ )‪(2‬عن سعيد بن زيد أن أروى خاصمته يف بعض داره فقال‪ :‬دعوها‬
‫وإياها فإين سمعت رسول هللا ‪ ‬يقول‪َ (( :‬من أَ َ‬
‫خ َذ‬
‫ح ِّق ِه‪ ،‬طُ ِّوقَ ُه يف َس ْبعِ أَ َر ِض َ‬
‫ني يَو َم ال ِق َيا َم ِة))‪،‬‬ ‫ض بغريِ َ‬ ‫ِش ْبا ً ِم َن األ ْر ِ‬
‫اللهم إن كانت كاذبة فأعم برصها‪ ،‬واجعل قربها يف دارها‪ ،‬قال‪:‬‬
‫فرأيتها عمياء تتلمس الجدر‪ :‬تقول أصابتني دعوة سعيد بن زيد‪،‬‬
‫فبينام هي متيش يف الدار مرت عىل برئ يف الدار فوقعت فيها‪،‬‬
‫فكانت قربها»(((‪.‬‬
‫الصافات‪.89 :‬‬ ‫(( (‬
‫األنبياء‪.63 :‬‬ ‫((( ‬
‫البخاري‪ ،3358 :‬ومسلم‪ ،2371 :‬واللفظ له‪.‬‬ ‫((( ‬
‫البخاري‪.7 :‬‬ ‫((( ‬
‫مسلم‪.1610 :‬‬ ‫((( ‬

‫‪205‬‬
‫ )‪(3‬قال ابن القيم‪« :‬ولقد أخرب بعض العارفني أنه شاهد منهن ‪ -‬أي‬
‫النمل ‪ -‬يوماً عجيباً‪ ،‬قال‪ :‬رأيت منلة جاءت إىل شق جرادة‬
‫فزاولته فلم تطق حمله من األرض‪ ،‬فذهبت غري بعيد ثم جاءت‬
‫ت ذلك الشق من األرض‪ ،‬فلام‬ ‫معها جامعة من النمل‪ ،‬قال‪ :‬فرف ْع ُ‬
‫وصلت النملة برفقتها إىل مكانه دارت حوله‪ ،‬و ُد ْر َن معها‪ ،‬فلم‬
‫يجدن شيئاً فرجعن‪ ،‬فوض ْعتُه‪ ،‬ثم جاءت فصادفَتْه فزاولته فلم‬
‫تطق رفعه‪ ،‬فذهبت غري بعيد‪ ،‬ثم جاءت بهن فرفعتُه فدرن حول‬
‫مكانه فلم يجدن شيئاً‪ ،‬فذهبت فوضعته فعادت فجاءت بهن‬
‫فرفعتُه‪ ،‬فدرن حول املكان‪ ،‬فلام مل يرين شيئاً تحلقن حلقة‬
‫وجعلن تلك النملة يف وسطها‪ ،‬ثم تحاملن عليها فقطعنها عضوا ً‬
‫عضوا ً‪ ،‬وأنا أنظر»((( فهذا النمل قتل النملة؛ لظنه أنها تكذب‪.‬‬

‫أقوال مضيئة‪:‬‬
‫ )‪(1‬قال عبد الرحمن بن مهدي‪« :‬ما خصلة تكون يف املؤمن بعد‬
‫الكفر باهلل أشد من الكذب‪ ،‬وهو أشد النفاق»(((‪.‬‬
‫ )‪(2‬قال ابن تيمية‪« :‬الصدق أساس الحسنات وجامعها‪ ،‬والكذب‬
‫أساس السيئات ونظامها»(((‪.‬‬
‫ )‪(3‬ذكر ابن تيمية أن منزلة الصدق وقبح الكذب يظهران من وجوه‪:‬‬
‫أحدها‪ :‬أن اإلنسان يتميز بالعقل والنطق‪ ،‬فإذا كذب يف نطقه صار‬

‫((( مفتاح دار السعادة‪.243/1 :‬‬


‫(( ( الحلية‪.13/9 :‬‬
‫(( ( الفتاوى‪.74/20 :‬‬

‫‪206‬‬
‫أسوأ حاالً من البهيمة‪ .‬ولهذا قيل‪ :‬ال مروءة لكذوب‪ ،‬وال راحة‬
‫لحسود‪ ،‬وال إخاء مللوك‪ ،‬وال سؤدد لبخيل‪ ،‬فإن املروءة مصدر املرء‬
‫كام أن اإلنسانية مصدر اإلنسان‪.‬‬
‫الثاين‪ :‬أن الصفة املميزة بني النبي واملتنبئ هو الصدق والكذب‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬أن الصفة الفارقة بني املؤمن واملنافق هي الصدق‪ ،‬فإن أساس‬
‫النفاق الذي بني عليه‪ :‬الكذب‪ .‬وعىل كل خلق يطبع املؤمن ليس‬
‫الخيانة والكذب‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬أن الصدق هو أصل الرب والكذب أصل الفجور‪.‬‬
‫الخامس‪ :‬أن الصادق تنزل عليه املالئكة والكاذب تنزل عليه‬
‫َ ۡ ُ َ ّ ُ ُ ۡ َ َ ٰ َ َ َ َّ ُ َّ‬
‫ٱلش َيٰط ُ‬
‫ني‪221‬‬ ‫ِ‬ ‫الشياطني كام قال تعاىل‪﴿ :‬هل أنبِئكم ع من تنل‬
‫ُ ۡ ُ َ َّ ۡ َ َ َ ۡ َ ُ ُ ۡ َ ٰ ُ َ‬ ‫َ َ َّ ُ َ َ ُ ّ َ َّ َ‬
‫تنل ٰ‬
‫ِيم‪ 222‬يلقون ٱلسمع وأكثهم كذِبون‪. ﴾223‬‬
‫(((‬
‫ك أف ٍ‬
‫اك أث ٖ‬ ‫ع ِ‬
‫السادس‪ :‬أن الفارق بني الصديقني والشهداء والصالحني وبني املتشبه‬
‫بهم ‪-‬من املرائني واملسمعني واملبلسني‪ -‬هو الصدق والكذب‪.‬‬
‫السابع‪ :‬أنه مقرون باإلخالص الذي هو أصل الدين يف الكتاب‬
‫ٱلزورِ‪30‬‬ ‫ٱج َتن ِ ُبوا ْ قَ ۡو َل ُّ‬
‫﴿و ۡ‬
‫وكالم العلامء واملشايخ‪ ،‬قال هللا تعاىل‪َ :‬‬
‫ِني بِهِۚۦ﴾(((‪ ،‬وقال ‪(( :‬أال أُن ِّبئُكم‬ ‫ُح َن َفا ٓ َء ِ َّلِ َغ ۡ َ‬
‫ي ُم ۡشك َ‬
‫ِ‬
‫وعقوق الوال َديْن)) وكان متكئاً فجلس‬ ‫ُ‬ ‫اإلرشاك با ِ‬
‫هلل‬ ‫ُ‬ ‫رب الكبائرِ؟‬ ‫بأك ِ‬
‫فقال‪(( :‬أال وقَ ْو ُل ال ُّزورِ‪ ،‬وشَ ها َد ُة ال ُّزورِ)) فام زال يكررها حتى قلنا‬
‫ليته سكت‪.‬‬

‫(( ( الشعراء‪.221 :‬‬


‫((( الحج‪.31-30 :‬‬

‫‪207‬‬
‫الثامن‪ :‬أنه ركن الشهادة وركن اإلقرار ‪-‬الذي هو شهادة املرء عىل‬
‫نفسه‪ -‬وركن األحاديث واألخبار التي بها يقوم اإلسالم؛ بل هي ركن‬
‫النبوة والرسالة التي هي واسطة بني هللا وبني خلقه وركن الفتيا التي‬
‫هي إخبار املفتي بحكم هللا‪ .‬وركن املعامالت التي تتضمن أخبار‬
‫كل واحد من املتعاملني لآلخر مبا يف سلعته‪ ،‬وركن الرؤيا التي قيل‬
‫فيها‪ :‬أصدقهم رؤيا أصدقهم كالماً‪ ،‬والتي يؤمتن فيها الرجل عىل ما‬
‫رأى(((‪..‬‬
‫ )‪(4‬قال الشيخ امليداين‪« :‬وكام يكون الصدق والكذب يف األقوال‪،‬‬
‫يكونان يف األفعال‪ ،‬فقد يفعل اإلنسان فعالً يوهم به حدوث‬
‫يشء مل يحدث‪ ،‬أو يعرب به عن وجود يشء غري موجود‪ ،‬وذلك‬
‫عىل سبيل املخادعة بالفعل مثلام تكون املخادعة بالقول‪ ،‬ورمبا‬
‫يكون الكذب يف األفعال أشد خطرا ً وأقوى تأثريا ً من الكذب يف‬
‫األقوال‪ ،‬ومن أمثلة ذلك ما حكاه هللا لنا من أقوال وأفعال إخوة‬
‫يوسف ‪ ‬إذ جاءوا أباهم عشاء يبكون بكاءا ً كاذباً‪ ،‬وقالوا‬
‫وس َف ع َ‬
‫ِند َم َتٰعناَ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ ٓ َّ َ َ ۡ َ َ ۡ َ ُ َ َ َ ۡ‬
‫ِ‬ ‫﴿يأبانا إِنا ذهبنا نستبِق وتركنا ي‬ ‫‪-‬كذباً ‪ٰٓ :-‬‬
‫ُ‬ ‫ََ َ َُ ّ ۡ‬
‫فأكله ٱذلِئبۖ‪ ﴾17‬وجاءوا عىل قميصه بدم كذب‪ ،‬فجمعوا‬ ‫(((‬

‫بني كذب القول وكذب الفعل»(((‪.‬‬

‫(( ( انظر‪ :‬مجموع الفتاوى‪.77-74/20 :‬‬


‫((( يوسف‪.17 :‬‬
‫(( ( األخالق اإلسالمية‪.529/1 :‬‬

‫‪208‬‬
‫مراجع ُم ِعينة‪:‬‬
‫ )‪(1‬أدب الدنيا والدين‪ ،‬للاموردي‪.‬‬
‫ )‪(2‬اآلداب الرشعية‪ ،‬البن مفلح‪.‬‬
‫ )‪(3‬الزواجر‪ ،‬البن حجر الهيتمي‪.‬‬

‫‪209‬‬
‫الغيبة‬
‫الغيبة هي‪ :‬ذكر املسلم مبا يكره يف حال غيابه‪ ،‬سواء تحدث به‬
‫أمامه أم ال‪.‬‬
‫وهي طريقة العاجزين عن السرت‪ ،‬والجبناء عن املصارحة‪ ..‬يصدهم‬
‫بها الشيطان عن النصح والتوجيه‪.‬‬

‫عناصر مقترحة‪:‬‬
‫ )‪(1‬متهيد‪:‬‬
‫ ‪ .‬أشدة حرمة املسلم وعرضه عند هللا تعاىل‪.‬‬
‫ ‪.‬بإشاعة الخري ومحبة املؤمنني مقصد رشعي‪ ،‬والغيبة‬
‫تعارضه؛ ألنها تشيع الرش واألخطاء وكراهية املسلمني‪.‬‬
‫ )‪(2‬معنى الغيبة‪.‬‬
‫ )‪(3‬الفرق بني الغيبة واإلفك والبهتان‪.‬‬
‫ )‪(4‬حكم الغيبة (كبرية تحتاج توبة)‪.‬‬
‫ )‪(5‬عواقب الغيبة (عىل صاحبها وعىل املجتمع)‪.‬‬
‫ )‪(6‬حيل املغتابني (قوالب الغيبة)‪.‬‬
‫ )‪(7‬هكذا كان سلف األمة‪.‬‬
‫ )‪(8‬املوقف من الغيبة‪:‬‬
‫ ‪ .‬أموقف املتكلم والسامع‪( :‬مراقبة هللا وخوفه‪ ،‬محبة السرت‬
‫عىل املسلم‪ ،‬تذكر أن من ينرش عيوب الناس تنترش عيوبه‪،‬‬

‫‪210‬‬
‫تذكر الصورة الشنيعة املذكورة يف القرآن‪ ،‬تجنب الحديث‬
‫يف الناس إال للرضورة‪ ،‬اإلقالل من الكالم‪ ،‬ترك املجالس‬
‫غري النافعة‪ ،‬النصيحة للمغتاب وإشعاره بخطئه‪ ،‬مغادرة‬
‫املجلس‪.)..‬‬
‫ ‪.‬بموقف املغتاب [املتكلَّم فيه]‪( :‬الصرب واحتساب األجر‬
‫فهذه فرصته‪ ،‬إسكات النامم الذي ينقل له الكالم‪،‬‬
‫واملسامحة والعفو‪ ،‬أو املصارحة للمتكلم وتذكريه باهلل‬
‫تعاىل‪ ،‬عدم الكالم يف املتكلم بالغيبة‪ ،‬الدعاء‪.)..‬‬

‫هدايات قرآنية‪:‬‬
‫‪ٞ‬‬ ‫﴿ما يَ ۡلفِ ُظ مِن قَ ۡول إ َّل َ َليۡهِ َرق ٌ‬
‫ِيب َعتِيد‪.(((﴾18‬‬ ‫ )‪(1‬قال تعاىل‪َّ :‬‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫َ َ َ ۡ َ َّ ۡ ُ ُ َ ۡ ً َ ُ ُّ َ َ ُ ُ‬
‫كمۡ‬ ‫ )‪(2‬وقال سبحانه‪﴿ :‬ول يغتب بعضكم بعضا ۚ أيِب أحد‬
‫َ ۡ ٗ َ َ ۡ ُ ُ ُ َ َّ ُ ْ َّ َ َّ َّ َ تَ َّواب‪ٞ‬‬ ‫َ َۡ ُ َ َ َ َ‬
‫لم أخِيهِ ميتا فك ِرهتموهۚ وٱتقوا ٱللۚ إِن ٱلل‬ ‫أن يأكل ۡ‬
‫َّرح ‪ٞ‬‬
‫ِيم‪.(((﴾12‬‬

‫قبسات نبوية‪:‬‬
‫ )‪(1‬عن أيب هريرة ‪ ‬أن رسول هللا ‪ ‬قال‪(( :‬أَت َ ْد ُرو َن‬
‫َ‬
‫أخاك مبا‬ ‫ما ال ِغي َب ُة؟))‪ ،‬قالوا‪ :‬هللا ورسوله أعلم‪ .‬قال‪ِ (( :‬ذكْ ُر َك‬
‫ك َرهُ ))‪ ،‬قيل‪ :‬أفرأيت إن كان يف أخي ما أقول؟ قال‪(( :‬إ ْن كا َن‬ ‫يَ ْ‬
‫ُول‪ ،‬فَق َِد ا ْغتَ ْبتَ ُه‪ ،‬وإ ْن لَ ْم يَ ُ‬
‫ك ْن فيه ف َق ْد بَ َهتَّ ُه))(((‪.‬‬ ‫فيه ما تَق ُ‬
‫(( ( ق‪.18 :‬‬
‫(( ( الحجرات‪.12 :‬‬
‫((( مسلم‪.2579 :‬‬

‫‪211‬‬
‫ )‪(2‬عن أيب هريرة ‪ ‬أن رسول هللا ‪ ‬قال‪(( :‬ك ُُّل امل ُْسلِ ِم‬
‫حرا ٌم‪َ ،‬د ُم ُه‪ ،‬ومالُ ُه‪ ،‬و ِع ْرضُ ُه))(((‪.‬‬
‫عل امل ُْسلِ ِم َ‬
‫َ‬
‫ )‪(3‬عن أيب برزة األسلمي ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول هللا ‪:‬‬
‫خلِ اإلميا ُن قل َب ُه‪ ،‬ال تغتابوا‬ ‫عش َمن آ َمن بلسانِ ِه ومل يد ُ‬ ‫((يا َم َ َ‬
‫ني‪ ،‬وال تتَّبِعوا َع ْوراتِهم؛ فإنَّه َمن ات َّ َبع َع ْوراتِهم يتَّ ِبعِ ُ‬
‫هللا‬ ‫امل ُسلِ ِم َ‬
‫ح ُه يف بي ِت ِه))(((‪.‬‬
‫هللا َع ْورت َ ُه يفضَ ْ‬
‫َع ْورتَ ُه‪ ،‬و َمن يتَّ ِبعِ ُ‬
‫ِج يب‬ ‫ )‪(4‬عن أنس ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول هللا ‪((:‬ل ََّم ُعر َ‬
‫وص ُدو َر ُهم‪،‬‬ ‫جو َه ُهم ُ‬‫خ ِمشون ُو ُ‬ ‫َم َر ْرتُ بق ْو ٍم لهم أظْفا ٌر من ن ٍ‬
‫ُحاس يَ ْ‬
‫حو َم‬‫ِربيل؟ قال‪ :‬هؤال ِء الذين يَأْكُلُون لُ ُ‬ ‫ُلت‪َ :‬من هؤال ِء يا ج ُ‬ ‫فق ُ‬
‫الناس‪َ ،‬ويَقَعون يف أ ْع ِ‬
‫راضهِم))(((‪.‬‬ ‫ِ‬

‫أمثلة تطبيقية‪:‬‬
‫ )‪(1‬عن عائشة ‪ ‬قالت‪ :‬قلت للنبي ‪ ‬حسبك من‬
‫صفية كذا وكذا‪ - .‬قال بعض الرواة‪ :‬تعني قصرية ‪ ،-‬فقال‪(( :‬لقد‬
‫جتْ ُه)) قالت‪ :‬وحكيت له‬ ‫ت مبا ِء البح ِر لَ َم َز َ‬ ‫ج ْ‬ ‫قُل ِ‬
‫ْت كلم ًة لو ُم ِز َ‬
‫ت إنساناً وإن ِل كذا وكذا))(((‪.‬‬ ‫ك ْي ُ‬
‫ح َ‬
‫ب أين َ‬ ‫إنساناً فقال‪(( :‬ما أُ ِح ُّ‬
‫ )‪(2‬قال ابن وهب‪« :‬نذرت أين كلام اغتبت إنساناً أن أصوم يوماً‪،‬‬
‫فأجهدين فكنت أغتاب وأصوم‪ ،‬فنويت أين كلام اغتبت إنساناً‬
‫أن أتصدق بدرهم‪ ،‬فمن حب الدراهم تركت الغيبة»(((‪.‬‬
‫مسلم‪.2564 :‬‬ ‫((( ‬
‫أبو داود‪ ،4880 :‬وصححه األلباين يف صحيح الجامع‪.7984 :‬‬ ‫(( (‬
‫أبو داود‪ ،4878 :‬وصححه األلباين يف صحيح الجامع‪.5213 :‬‬ ‫(( (‬
‫أبو داود‪ ،4875 :‬الرتمذي‪ ،2504 :‬وقال‪ :‬حديث حسن صحيح‪.‬‬ ‫(( (‬
‫السري‪.228/9 :‬‬ ‫(( (‬

‫‪212‬‬
‫ )‪(3‬قال البخاري‪« :‬أرجو أن ألقى هللا وال يحاسبني أين اغتبت‬
‫أحدا ً»(((‪.‬‬
‫ )‪(4‬وقال أيضاً‪« :‬ما اغتبت أحدا ً قط منذ أن علمت أن الغيبة ترض‬
‫أهلها»(((‪.‬‬

‫أقوال مضيئة‪:‬‬

‫ )‪(1‬قال الحسن البرصي‪« :‬ذكر الغري ثالثة‪ :‬الغيبة‪ ،‬والبهتان‪ ،‬واإلفك‪،‬‬


‫وكل يف كتاب هللا‪ ،‬فالغيبة‪ :‬أن تقول ما فيه‪ ،‬والبهتان‪ :‬أن تقول ما‬
‫ليس فيه‪ ،‬واإلفك‪ :‬أن تقول ما بلغك»(((‪.‬‬
‫ )‪(2‬قال جعفر بن محمد‪« :‬إذا بلغك عن أخيك ما يسوؤك‪ ،‬فال تغتم‪،‬‬
‫فإنه إن كان كام يقول كانت عقوبة عجلت‪ ،‬وإن كان عىل غري‬
‫ما يقول كانت حسنة مل تعملها»(((‪.‬‬
‫ )‪(3‬قال النووي‪« :‬اعلم أنه ينبغي ملن سمع غيبة مسلم أن يردها‬
‫ويزجر قائلها‪ ،‬فإن مل ينـزجر بالكالم زجره بيده‪ ،‬فإن مل يستطع‬
‫باليد وال باللسان فارق ذلك املجلس‪ ،‬فإن سمع شيخه‪ ،‬أو غريه‬
‫ممن له عليه حق‪ ،‬أو كان من أهل الفضل والصالح كان االعتناء‬
‫مبا ذكرناه أكرث»(((‪.‬‬

‫السري‪.439/12 :‬‬ ‫(( (‬


‫السري‪.441/12 :‬‬ ‫(( (‬
‫اإلحياء‪.153/3 :‬‬ ‫(( (‬
‫السري‪.264/6 :‬‬ ‫(( (‬
‫األذكار‪.304 :‬‬ ‫(( (‬

‫‪213‬‬
‫ )‪(4‬قال ابن تيمية‪« :‬وهذان النوعان يجوز فيهام الغيبة بال نزاع بني‬
‫العلامء‪ .‬أحدهام‪ :‬أن يكون الرجل مظهرا ً للفجور‪ ،‬مثل الظلم‬
‫والفواحش والبدع املخالفة للسنة‪ ،‬فإذا أظهر املنكر وجب‬
‫اإلنكار عليه بحسب القدرة‪ ،‬كام قال النبي ‪َ (( :‬من‬
‫َرأَى ِمنكُم ُم ْنكَرا ً فَلْ ُيغ ِّ ْ‬
‫َيهُ ب َي ِد ِه‪ ،‬فإ ْن لَ ْم يَ ْستَ ِط ْع فَ ِبلِسانِ ِه‪ ،‬فإ ْن لَ ْم‬
‫وذلك أضْ َع ُف اإلميانِ )) رواه مسل ٌم‪ ...‬فمن أظهر‬ ‫َ‬ ‫يَ ْستَ ِط ْع فَ ِب َقلْ ِب ِه‪،‬‬
‫املنكر وجب عليه اإلنكار‪ ،‬وأن يهجر ويذم عىل ذلك‪ .‬فهذا‬
‫معنى قولهم‪( :‬من ألقى جلباب الحياء فال غيبة له)‪ .‬بخالف‬
‫من كان مسترتا ً بذنبه مستخفياً فإن هذا يسرت عليه؛ لكن ينصح‬
‫رسا ً ويهجره من عرف حاله حتى يتوب‪ ،‬ويذكر أمره عىل وجه‬
‫النصيحة‪ .‬النوع الثاين‪ :‬أن يستشار الرجل يف مناكحته ومعاملته‬
‫أو استشهاده ويعلم أنه ال يصلح لذلك؛ فينصحه مستشاره ببيان‬
‫حاله؛ كام ثبت يف الصحيح‪ :‬أن النبي ‪ ‬قالت له فاطمة‬
‫بنت قيس‪ :‬قد خطبني أبو جهم ومعاوية؛ فقال لها‪(( :‬أَ َّما أَبُو‬
‫مال))‬ ‫لوك ال َ‬ ‫فص ْع ٌ‬ ‫اب لِل ِّن َسا ِء‪ ،‬وأ َّما معاوي ُة ُ‬ ‫ض ٌ‬ ‫ج ٌل َ َّ‬ ‫ج ْه ٍم فَ َر ُ‬ ‫َ‬
‫فبني النبي ‪ ‬حال الخاطبني للمرأة‪ .‬فهذا حج ٌة لقول‬
‫الحسن‪( :‬أترغبون عن ذكر الفاجر؟! اذكروه مبا فيه يحذره‬
‫الناس) فإن النصح يف الدين أعظم من النصح يف الدنيا‪ ،‬فإذا‬
‫كان النبي ‪ ‬نصح املرأة يف دنياها فالنصيحة يف الدين‬
‫أعظم‪ .‬وإذا كان الرجل يرتك الصلوات ويرتكب املنكرات وقد‬
‫عارشه من يخاف أن يفسد دينه‪ ،‬بني أمره له لتتقى معارشته‪ .‬وإذا‬
‫كان مبتدعاً يدعو إىل عقائد تخالف الكتاب والسنة أو يسلك‬

‫‪214‬‬
‫طريقاً يخالف الكتاب والسنة ويخاف أن يضل الرجل الناس‬
‫بذلك‪ ،‬بني أمره للناس ليتقوا ضالله ويعلموا حاله‪ .‬وهذا كله‬
‫يجب أن يكون عىل وجه النصح وابتغاء وجه هللا تعاىل‪ ،‬ال لهوى‬
‫الشخص مع اإلنسان‪ :‬مثل أن يكون بينهام عداو ٌة دنيوي ٌة أو‬
‫ع عىل الرئاسة‪ ،‬فيتكلم مبساوئه مظهرا ً‬ ‫تباغض أو تناز ٌ‬
‫ٌ‬ ‫تحاس ٌد أو‬
‫للنصح وقصده يف الباطن الغض من الشخص واستيفاؤه منه فهذا‬
‫ات‪ ،‬وإنَّ ا لِك ُِّل ا ْمرِئٍ ما‬‫امل بال ِّن ّي ِ‬
‫من عمل الشيطان‪ ،‬و((إنَّ ا األ ْع ُ‬
‫نَ َوى)) بل يكون الناصح قصده أن هللا يصلح ذلك الشخص وأن‬
‫يكفي املسلمني رضره يف دينهم ودنياهم ويسلك يف هذا املقصود‬
‫أيرس الطرق التي متكنه»(((‪..‬‬
‫ )‪(5‬وقال أيضاً‪ ...« :‬ولذلك تغلظت الغيبة بحسب حال املؤمن‪،‬‬
‫فكلام كان أعظم إمياناً كان اغتيابه أشد‪ .‬ومن جنس الغيبة الهمز‬
‫واللمز؛ فإن كالهام فيه عيب الناس والطعن عليهم‪ ،‬كام يف‬
‫الغيبة؛ لكن الهمز هو الطعن بشدة وعنف؛ بخالف اللمز فإنه‬
‫ۡ‬
‫﴿وم ِۡن ُهم َّمن يَل ِم ُز َك‬
‫قد يخلو من الشدة والعنف‪ ،‬كام قال تعاىل‪َ :‬‬
‫َ َ‬ ‫َّ َ َ‬
‫﴿ول‬ ‫ت﴾((( أي‪ :‬يعيبك ويطعن عليك‪ ،‬وقال تعاىل‪:‬‬ ‫ِف ٱلص َدق ٰ ِ‬
‫َ‬
‫﴿ه َّ‬ ‫ُ ۡ (((‬ ‫َۡ ُ ْٓ ُ‬
‫نف َ‬
‫ٖ‬ ‫از‬ ‫م‬ ‫وقال‪:‬‬ ‫ً‪،‬‬ ‫ا‬ ‫بعض‬ ‫بعضكم‬ ‫يلمز‬ ‫ال‬ ‫أي‪:‬‬ ‫﴾‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫س‬ ‫تل ِمزوا أ‬
‫ُّ‬ ‫َ ‪ُ ُّ ٞ‬‬ ‫ّ‬ ‫َّم َّشآء ب َ‬
‫﴿و ۡيل ل ِِك ه َم َزة ٖ ل َم َز ٍة‪.(((»(((﴾1‬‬ ‫يم ‪ ،(((﴾11‬وقال‪:‬‬ ‫م‬ ‫ن‬
‫ِۢ ِ ِ ٖ‬
‫الفتاوى‪.220/28 :‬‬ ‫(( (‬
‫التوبة‪.58 :‬‬ ‫((( ‬
‫الحجرات‪.11 :‬‬ ‫(( (‬
‫القلم‪.11 :‬‬ ‫(( (‬
‫الهمزة‪.1 :‬‬ ‫(( (‬
‫الفتاوى‪.225/28 :‬‬ ‫(( (‬

‫‪215‬‬
‫ )‪(6‬وقال ‪ - ‬يف بيان حال املغتابني ‪« :-‬فمن الناس من يغتاب‬
‫موافق ًة لجلسائه وأصحابه وعشائره؛ مع علمه أن املغتاب بري ٌء‬
‫مام يقولون‪ ،‬أو فيه بعض ما يقولون؛ لكن يرى أنه لو أنكر‬
‫عليهم قطع املجلس واستثقله أهل املجلس ونفروا عنه‪ ،‬فريى‬
‫موافقتهم من حسن املعارشة وطيب املصاحبة‪ ،‬وقد يغضبون‬
‫فيغضب لغضبهم فيخوض معهم‪.‬‬
‫ومنهم من يخرج الغيبة يف قوالب شتى‪ .‬تار ًة يف قالب ديانة وصالح‬
‫فيقول‪ :‬ليس يل عاد ًة أن أذكر أحدا ً إال بخري‪ ،‬وال أحب الغيبة وال‬
‫رجل‬‫ٌ‬ ‫ني أو‬
‫الكذب؛ وإمنا أخربكم بأحواله‪ ،‬ويقول‪ :‬وهللا إنه مسك ٌ‬
‫جي ٌد؛ ولكن فيه كيت وكيت‪ ،‬ورمبا يقول‪ :‬دعونا منه هللا يغفر لنا وله‪،‬‬
‫وإمنا قصده استنقاصه وهض ٌم لجانبه‪.‬‬
‫ويخرجون الغيبة يف قوالب صالح وديانة‪ ،‬يخادعون هللا بذلك كام‬
‫يخادعون مخلوقاً‪ ،‬وقد رأينا منهم ألواناً كثري ًة من هذا وأشباهه‪.‬‬
‫ومنهم من يرفع غريه ريا ًء فريفع نفسه فيقول‪ :‬لو دعوت البارحة يف‬
‫صاليت لفالن؛ ملا بلغني عنه كيت وكيت لريفع نفسه ويضعه عند من‬
‫يعتقده‪ .‬أو يقول‪ :‬فال ٌن بليد الذهن قليل الفهم‪ ،‬وقصده مدح نفسه‬
‫وإثبات معرفته وأنه أفضل منه‪.‬‬
‫ومنهم من يحمله الحسد عىل الغيبة فيجمع بني أمرين قبيحني‪:‬‬
‫الغيبة والحسد‪ .‬وإذا أثنى عىل شخص أزال ذلك عنه مبا استطاع‬
‫من تنقصه يف قالب دين وصالح‪ ،‬أو يف قالب حسد وفجور وقدح‬
‫ليسقط ذلك عنه‪ .‬ومنهم من يخرج الغيبة يف قالب متسخر ولعب‬

‫‪216‬‬
‫ليضحك غريه باستهزائه ومحاكاته واستصغار املستهزأ به‪ .‬ومنهم‬
‫من يخرج الغيبة يف قالب التعجب فيقول‪ :‬تعجبت من فالن كيف‬
‫ال يفعل كيت وكيت‪ ،‬ومن فالن كيف وقع منه كيت وكيت وكيف‬
‫فعل كيت وكيت‪ ،‬فيخرج اسمه يف معرض تعجبه‪ .‬ومنهم من يخرج‬
‫ني فال ٌن غمني ما جرى له وما تم له‪ ،‬فيظن‬ ‫االغتامم فيقول‪ :‬مسك ٌ‬
‫من يسمعه أنه يغتم له ويتأسف‪ ،‬وقلبه منط ٍو عىل التشفي به‪ ،‬ولو‬
‫قدر لزاد عىل ما به ورمبا يذكره عند أعدائه ليشتفوا به‪ .‬وهذا وغريه‬
‫من أعظم أمراض القلوب واملخادعات هلل ولخلقه‪ .‬ومنهم من يظهر‬
‫الغيبة يف قالب غضب وإنكار منكر فيظهر يف هذا الباب أشياء من‬
‫زخارف القول وقصده غري ما أظهر‪ .‬وهللا املستعان»(((‪.‬‬

‫مراجع ُم ِعينة‪:‬‬
‫ )‪(1‬الزواجر‪ ،‬البن حجر الهيتمي‪.‬‬
‫ )‪(2‬اآلداب الرشعية‪ ،‬البن مفلح‪.‬‬
‫ )‪(3‬مخترص منهاج القاصدين‪ ،‬البن قدامة‪.‬‬
‫ )‪(4‬األذكار‪ ،‬للنووي‪.‬‬
‫ )‪(5‬رفع الريبة عام يجوز وما ال يجوز من الغيبة‪ ،‬الشوكاين‪.‬‬

‫(( ( الفتاوى‪.237/28 :‬‬

‫‪217‬‬
‫النميمة‬
‫النميمة‪ :‬نقل كالم بعض الناس لبعض‪ ،‬بقصد اإلفساد بينهم‪ ،‬وإيقاع‬
‫العداوة والبغضاء‪.‬‬
‫وتدل عىل ضعف ت َّدين النامم‪ ،‬حني ريض أوالً أن يُتحدث أمامه مبا‬
‫يكرهه أخوه‪ ،‬كام تدل عىل قلة أمانته حيث مل يحفظ ما استؤمن عليه‬
‫من كالم‪ ،‬وعىل سوء تدبريه وقلة تفكريه يف العواقب بإحداثه الفنت بني‬
‫الناس‪.‬‬

‫عناصر مقترحة‪:‬‬
‫ )‪(1‬متهيد‪ :‬لإلنسان أذنان ولسان واحد ليسمع أكرث مام يتكلم ((كَفَى‬
‫ح ِّدثَ ِّ‬
‫بكل ما سم َع))‪.‬‬ ‫بِامل َ ْر ِء إِثْ اً أ ْن يُ َ‬
‫ )‪(2‬معنى النميمة‪.‬‬
‫ )‪(3‬دوافع النامم‪( :‬الفراغ‪ ،‬طلب الوجاهة واملنزلة عند الناس‪.)..‬‬
‫ )‪(4‬آثار النميمة‪.‬‬
‫ )‪(5‬دالالت النميمة‪( :‬ضعف ديانة‪ ،‬وقلة أمانة‪ ،‬وسوء تدبري‪.)..‬‬
‫ )‪(6‬التخلص من النميمة‪.‬‬
‫ )‪(7‬املوقف من النامم‪.‬‬
‫ )‪(8‬تحذير‪ :‬من نـ َّم إليك ن َّم عليك‪.‬‬
‫ )‪(9‬الرتكيز عىل نظر هللا إىل القلب والعمل‪ ،‬وترك املباالة بتقويم‬
‫عامة الناس ونظرتهم‪( .‬وهذا ال ينايف االستفادة من آراء العقالء‬
‫وتقوميهم من أجل محاسبة النفس وتصحيح العمل)‪.‬‬

‫‪218‬‬
‫ )‪(10‬لتجنب النميمة‪( :‬ترك االستامع للغيبة‪ ،‬الحذر من تتبع عورات‬
‫الناس‪ ،‬تذكر عقوبة النامم‪.)..،‬‬
‫ )‪(11‬املوقف من النامم‪( :‬إسكاته عن الكالم مبارشة؛ ألن ترك سامع‬
‫منيمته خري عند هللا‪ ،‬العفو عن املتكلم‪ ،‬الحذر من اتخاذ موقف‬
‫بناء عىل الكالم؛ ألنه يحتمل الكذب والتغيري والتأويل‪ ،‬التثبت‬
‫من خرب الفاسق النامم‪ ،‬مصارحة املتكلم ملعرفة سبب كالمه‬
‫وبرهانه ولتحذيره من النامم‪.)..‬‬

‫هدايات قرآنية‪:‬‬
‫يم‪ (((﴾11‬فذمه هللا تعاىل ملشيه بني‬ ‫َ َّ َّ َّ ٓ َ‬
‫ )‪(1‬قال تعاىل‪﴿ :‬همازٖ مشاء ِۢ بِن ِم ٖ‬
‫الناس بالنميمة‪.‬‬
‫‪ٞ‬‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ۡ‬
‫﴿ما يَل ِف ُظ مِن قَ ۡول إل َليۡهِ َرق ٌ‬
‫ِيب َعتِيد‪.(((﴾18‬‬ ‫ٍ ِ‬
‫ )‪(2‬وقال سبحانه‪َّ :‬‬

‫قبسات نبوية‪:‬‬
‫ )‪(1‬عن حذيفة ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول هللا ‪(( :‬ال يدخل‬
‫الجنة منام))(((‪.‬‬
‫ )‪(2‬عن ابن عباس ‪ ‬أن رسول هللا ‪ ‬مر بقربين فقال‪:‬‬
‫ش‬‫ح ُد ُهام فَكا َن َ ْي ِ‬
‫((إنَّ ُهام لَ ُي َعذَّبانِ وما يُ َعذَّبانِ يف كَ ِبريٍ‪ ،‬أ َّما أ َ‬
‫بال َّن ِمي َم ِة‪ ،‬وأَ َّما اآل َ‬
‫خ ُر فَكا َن ال يَ ْستَ ِتُ ِمن بَ ْولِ ِه))(((‪.‬‬

‫القلم‪.11 :‬‬ ‫(( (‬


‫ق‪.18 :‬‬ ‫(( (‬
‫مسلم‪ ،105 :‬والبخاري‪ 2026 :‬بلفظ‪(( :‬قتات))‪.‬‬ ‫((( ‬
‫البخاري‪ ،216 :‬مسلم‪.292 :‬‬ ‫((( ‬

‫‪219‬‬
‫ )‪(3‬عن ابن مسعود ‪ ‬أن النبي ‪ ‬قال‪(( :‬أَال أُنَ ِّبئُ ُ‬
‫ك ْم ما‬
‫اس))((( والعضْ ه‪ :‬السحر ‪-‬يف‬ ‫ال َعضْ ُه؟ هي ال َّن ِمي َم ُة‪ ،‬القالَ ُة ْ َ‬
‫بي ال َّن ِ‬
‫لغة قريش‪.-‬‬
‫ )‪(4‬عن أيب هريرة ‪ ‬قال‪ :‬قال النبي ‪(( :‬تَ ِج ُد ِمن َ ِّ‬
‫ش‬
‫ج َه ْيِ‪ ،‬الذي يَأْيت َه ُؤال ِء ب َو ْ‬
‫ج ٍه‪،‬‬ ‫اس يَو َم ال ِقيا َم ِة ِع ْن َد ِ‬
‫هللا ذا ال َو ْ‬ ‫ال َّن ِ‬
‫ج ٍه))(((‪ .‬وهذا هو حال النامم فهو أذن لطائفتني يظهر‬ ‫و َه ُؤال ِء ب َو ْ‬
‫لكل واحدة أنه منها مخالف لضدها‪ ،‬ففعله هذا كذب وخداع‬
‫ومداهنة وتحيل لالطالع عىل األرسار‪.‬‬

‫أمثلة تطبيقية‪:‬‬
‫ )‪(1‬دخل رجل عىل عمر بن عبد العزيز ‪ ‬فذكر له عن رجل شيئاً‪،‬‬
‫فقال له عمر‪ :‬إن شئت نظرنا يف أمرك‪ ،‬فإن كنت كاذباً فأنت من‬
‫ْ‬ ‫َ ٓ َ ُ ۡ َ ُۢ َ َ‬
‫ِق بِن َبإ ٖ ف َتبَ َّي ُن ٓوا﴾(((‪ ،‬وإن كنت‬
‫أهل هذه اآلية ﴿إِن جاءكم فاس‬
‫َ‬ ‫ٓ‬ ‫َ َّ َّ َّ‬
‫يم‪ (((﴾11‬وإن‬‫صادقاً فأنت من أهل هذه اآلية‪﴿ :‬همازٖ مشاء ِۢ بِن ِم ٖ‬
‫شئت عفونا عنك؟ فقال‪ :‬العفو يا أمري املؤمنني‪ ،‬ال أعود‬
‫إليه ‪ ‬أبدا ً(((‪.‬‬
‫ )‪(2‬كان رجل له غالم فباعه‪ ،‬وقال للمشرتي‪« :‬إين أبرأ إليك من فعله‪،‬‬
‫قال‪ :‬وما هي؟ قال‪ :‬النميمة‪ ،‬قال‪ :‬أنت بريء منه‪ ،‬ما أصدقه عىل‬

‫رواه مسلم‪.2606 :‬‬ ‫((( ‬


‫البخاري‪ ،6058 :‬مسلم‪.2526 :‬‬ ‫((( ‬
‫الحجرات‪.6 :‬‬ ‫(( (‬
‫القلم‪.11 :‬‬ ‫(( (‬
‫اإلحياء‪.166/3 :‬‬ ‫(( (‬

‫‪220‬‬
‫يشء‪ .‬فام لبث إال يسريا ً حتى أىت مواله فقال‪ :‬إن امرأتك ٌّ‬
‫بغي‪،‬‬
‫وهي تريد أن تقتلك‪ ،‬قال‪ :‬وكيف علمت ذلك؟ قال‪ :‬علمت‬
‫ذلك‪ ،‬فتناو ْم لها‪ .‬ثم أىت امرأته فقال لها‪ :‬إن زوجك يريد أن‬
‫يتزوج غريك‪ ،‬فهل لك أن أرقيك رقية يرجع حب الزوج إليك‪،‬‬
‫قالت‪ :‬نعم‪ ،‬وأعطيك كذا وكذا‪ ،‬فقال لها‪ :‬ائتيني بثالث شعرات‬
‫من تحت حنكه‪ ،‬فأخذت املوىس لتأتيه بثالث شعرات من تحت‬
‫حنكه‪ ،‬فلام دنت منه قام الزوج فقتلها‪ ،‬ثم جاء أولياء املرأة‬
‫فقتلوا الزوج»(((‪.‬‬

‫أقوال مضيئة‪:‬‬
‫ )‪(1‬قال الذهبي‪« :‬كل من حملت إليه منيمة‪ ،‬وقيل له‪ :‬قال فيك فالن‬
‫كذا وكذا لزمه ستة أحوال‪:‬‬
‫األول‪ :‬أال يصدقه؛ ألنه منام فاسق وهو مردود الخرب‪.‬‬
‫الثاين‪ :‬أنه ينهاه عن ذلك وينصحه ويقبح فعله‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬أنه يبغضه يف هللا ‪ ‬فإنه بغيض عند هللا‪ ،‬والبغض يف هللا‬
‫واجب‪.‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ۡ‬
‫ريا ّم َِن‬
‫﴿ٱج َتن ِ ُبوا كث ِ ٗ‬ ‫الرابع‪ :‬أال يظن يف املنقول عنه السوء‪ ،‬لقوله‪:‬‬
‫َّ ۡ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫ٱلظ ِّن إِن َب ۡعض ٱلظ ِّن إِث ‪ٞ‬مۖ﴾(((‪.‬‬
‫الخامس‪ :‬أال يحمله ما حىك له عىل التجسس والبحث عن تحقق‬
‫ْ‬ ‫َ َ َ‬
‫﴿و ل تَ َّس ُسوا﴾(((‪.‬‬ ‫ذلك مصداقاً لقوله تعاىل‪:‬‬
‫(( ( التدوين يف أخبار قزوين‪.332/3 :‬‬
‫(( ( الحجرات‪.12 :‬‬
‫(( ( الحجرات‪.12 :‬‬

‫‪221‬‬
‫السادس‪ :‬أال يرىض لنفسه ما نهى النامم عنه فال يحيك منيمته»(((‪.‬‬
‫ )‪(2‬قال ابن حجر الهيثمي‪« :‬تعالج النميمة مبا تعالج به الغيبة‪ .‬وهو‬
‫إما إجاميل‪ :‬بأن يعلم النامم أنه قد تعرض بها لسخط هللا تعاىل‬
‫وعقوبته وأنها تحبط حسناته‪ ،‬وبأن يتدبر املرء يف عيوبه ويجتهد‬
‫يف التطهر منها‪ ،‬وأن يعلم أن تأذي غريه بالغيبة أو بالنميمة كتأذيه‬
‫بها‪ ،‬فكيف يرىض لغريه ما يتأذى به؟‬
‫وأما التفصييل‪ :‬فيتخلص يف النظر يف بواعثها فتقطعها من األصل؛ إذ‬
‫عالج العلة إمنا يكون بقطع سببها‪ ،‬وأال يعتقد املرء يف أخيه سوءا ً‪،‬‬
‫وأن يبادر إىل التوبة برشوطها»(((‪.‬‬
‫ )‪(3‬قال الجرجاين‪« :‬النامم‪ :‬هو الذي يتحدث مع القوم فينم عليهم‬
‫فيكشف ما يُكره كشفه سواء كرهه املنقول عنه‪ ،‬أو املنقول‬
‫إليه‪ ،‬أو الثالث ‪ -‬أي النامم ‪ -‬وسواء أكان الكشف بالعبارة أو‬
‫باإلشارة أو بغريهام»(((‪.‬‬
‫ )‪(4‬قال الشاعر‪:‬‬
‫فإن النم يحبط كل أجــر‬ ‫تنح عن النميمة واجتنبها ‬
‫َّ‬
‫ويكشف للخالئق كل سـر‬ ‫يثري أخو النميمة كل رش ‬
‫(((‬
‫وليس النـ ُّم من أفعال حـر‬ ‫امً‬
‫ويقتل نفسه وسواه ظل ‬

‫الكبائر‪.161 :‬‬ ‫((( ‬


‫الزواجر‪ ،391 :‬باختصار‪.‬‬ ‫((( ‬
‫التعريفات‪.267 :‬‬ ‫((( ‬
‫موارد الظآمن للسلامن‪.385/3 :‬‬ ‫((( ‬

‫‪222‬‬
‫مراجع ُم ِعينة‪:‬‬
‫ )‪(1‬الزواجر‪ ،‬البن حجر الهيتمي‪.‬‬
‫ )‪(2‬مخترص منهاج القصدين‪ ،‬البن قدامة‪.‬‬
‫ )‪(3‬اآلداب الرشعية‪ ،‬البن مفلح‪.‬‬
‫ )‪(4‬األذكار‪ ،‬للنووي‪.‬‬

‫‪223‬‬
‫مراجع هامة‬

‫ )‪(1‬رياض الصالحني‪ ،‬للنووي‪.‬‬


‫ )‪(2‬مدارج السالكني بني منازل إياك نعبد وإياك نستعني‪ ،‬البن قيم‬
‫الجوزية‪.‬‬
‫ )‪(3‬جامع العلوم والحكم يف رشح خمسني حديثاً من جوامع الكلم‪،‬‬
‫البن رجب‪.‬‬
‫ )‪(4‬اآلداب الرشعية واملنح املرعية‪ ،‬البن مفلح‪.‬‬
‫ )‪(5‬مفتاح الخطابة والوعظ‪ ،‬ملحمد أحمد العدوي‪.‬‬
‫ )‪(6‬موسوعة‪ :‬نرضة النعيم يف مكارم أخالق الرسول الكريم‬
‫‪ ،‬ملجموعة من املختصني‪.‬‬
‫ )‪(7‬نزهة الفضالء يف تهذيب سري أعالم النبالء‪ ،‬ملحمد حسن بن‬
‫عقيل الرشيف‪.‬‬
‫ )‪(8‬الدليل إىل املوضوعات اإلسالمية‪ ،‬ملحمد املنجد‪.‬‬
‫ )‪(9‬الرائد ‪ -‬دروس يف الرتبية والدعوة‪ ،‬ملازن الفريح‪.‬‬

‫‪224‬‬
‫فهرس‬
‫الصفحة‬ ‫املوضوع‬ ‫م‬
‫‪3‬‬ ‫تقدمة‬
‫‪5‬‬ ‫إشارات وتنبيهات يف إعداد املوضوعات‬
‫‪8‬‬ ‫التقوى‬ ‫‪1‬‬
‫‪15‬‬ ‫اإلحسان‬ ‫‪2‬‬
‫‪22‬‬ ‫املراقبة‬ ‫‪3‬‬
‫‪29‬‬ ‫مجاهدة النفس‬ ‫‪4‬‬
‫‪35‬‬ ‫محاسبة النفس‬ ‫‪5‬‬
‫‪42‬‬ ‫االبتالء‬ ‫‪6‬‬
‫‪49‬‬ ‫االستغفار‬ ‫‪7‬‬
‫‪57‬‬ ‫البكاء من خشية هللا تعاىل‬ ‫‪8‬‬
‫‪64‬‬ ‫املحبة‬ ‫‪9‬‬
‫‪74‬‬ ‫الوالء والرباء‬ ‫‪10‬‬
‫‪83‬‬ ‫تعظيم الحرمات‬ ‫‪11‬‬
‫‪90‬‬ ‫التوكل‬ ‫‪12‬‬
‫‪97‬‬ ‫الشكر‬ ‫‪13‬‬
‫‪104‬‬ ‫الورع‬ ‫‪14‬‬
‫‪109‬‬ ‫الزهد‬ ‫‪15‬‬

‫‪225‬‬
‫الصفحة‬ ‫املوضوع‬ ‫م‬
‫‪116‬‬ ‫حسن الخلق‬ ‫‪16‬‬
‫‪123‬‬ ‫بر الوالدين‬ ‫‪17‬‬
‫‪129‬‬ ‫األخوة اإلميانية‬ ‫‪18‬‬
‫‪136‬‬ ‫النصيحة‬ ‫‪19‬‬
‫‪142‬‬ ‫أداء األمانة‬ ‫‪20‬‬
‫‪148‬‬ ‫الحلم‬ ‫‪21‬‬
‫‪155‬‬ ‫اإليثار‬ ‫‪22‬‬
‫‪162‬‬ ‫اتباع الهوى‬ ‫‪23‬‬
‫‪170‬‬ ‫الظلم‬ ‫‪24‬‬
‫‪177‬‬ ‫النفاق‬ ‫‪25‬‬
‫‪187‬‬ ‫االستهزاء‬ ‫‪26‬‬
‫‪194‬‬ ‫الحسد‬ ‫‪27‬‬
‫‪201‬‬ ‫الكذب‬ ‫‪28‬‬
‫‪210‬‬ ‫الغيبة‬ ‫‪29‬‬
‫‪218‬‬ ‫النميمة‬ ‫‪30‬‬
‫‪224‬‬ ‫مراجع هامة‬
‫‪225‬‬ ‫فهرس‬

‫‪226‬‬

You might also like