Professional Documents
Culture Documents
mK
1
2
mK
2
مقدمة
احلمد هلل رب العاملني ،والصالة والسالم عىل املبعوث رمحة للعاملني سيدنا
حممد وعىل آله وأصحابه والتابعني أمجعني ،وبعد.
فتعد منظومة (جوهرة التوحيد) للشيخ برهان الدين إبراهيم بن إبراهيم بن
حسن اللقاين املتوىف 1041هـ جامعة ملسائل علم التوحيد ،وقد كثرت الرشوح
عليها ،وأول من رشحها هو الشيخ اللقاين نفسه ،ومن بعده ابنه الشيخ
عبد السالم اللقاين املتوىف سنة 1078هـ.
ومن أنفع هذه الرشوح رشح الشيخ إبراهيم بن حممد بن أمحد البيجوري
الشافعي سنة 1277هـ املسمى (حتفة املريد) ،وهي ثمرة من ثمرات املذهب
األشعري؛ مذهب أهل السنة واجلامعة الذي تلقته األمة بالقبول ،وكتب اهلل
مقررا عىل طالب
ً له البقاء والذيوع واالنتشار .لذا كان من املناسب أن يكون
املرحلة الثانوية األزهرية.
ويعد هذا هو اجلزء األول من كتاب (تيسري رشح البيجوري عىل جوهرة
التوحيد) املقرر عىل طالب الصف األول الثانوي ،ويتناول هذا الكتاب من
املوضوعات :مبادئ علم التوحيد ،والتعريف بالتكليف واملكلف ،وأقسام
احلكم العقيل ،والتقليد ،والنظر ومسالكه ،واإليامن واإلسالم ،والصفات اإلهلية.
وقد استهدف الكتاب تقريب وتيسري هذه املوضوعات إىل أذهان الطالب
بأسلوب مبسط ،يتواءم مع الواقع املعارص ،رغب ًة يف إعداد جيل قادر عىل التفكري
واالبتكار والنقد ،ومواجهة حتديات الواقع بحلول مناسبة.
3
mK
3
وقد اهتمت اللجنة التي قامت عىل إخراج هذا الكتاب بعدة منطلقات
أساسية يف إعداده نجملها فيام ييل:
ـ 1حتديد أهداف عامة للكتاب تسهم يف توضيح الرؤيا فيام يتعلق بنوعية
املحتوى الذي حيتاجه الطالب ،واختبار خرباته التعليمية من معارف
ومهارات وطرق تفكري ...
ـ 2االهتامم باملرحلة العمرية التي يمر هبا الطالب ،وهي مرحلة تتطلب فهم
املجردات بأسلوب مبسط.
ـ 3االهتامم باللغة املستخدمة يف الكتاب ،حيث روعي يف الصياغة تيسري
ما غمض من عبارات الكتاب ،من خالل اختيار مجل بسيطة ومفردات
يف متناول الطالب.
ـ 4استبعاد ما ال صلة له بعلم التوحيد من تفريعات تيسريًا عىل الطالب مما له
عالقة بالعلوم األخرى كالفقه وعلوم اللغة وغريها.
ـ 5استبعاد أبيات املنظومة التي ال تناسب الطالب الذين أعدت هلم هذه
الطبعة.
ـ 6إضافة عنوان لكل مبحث وعناوين أخرى فرعية تعني عىل فهم املادة
العلمية ،وتسهم يف إثراء خربات الطالب ،وزيادة رغبتهم يف التعلم.
ـ 7االهتامم بالتقويم بمعنى إتباع كل درس بعدة اختبارات متنوعة ـ مقالية
وموضوعية ـ من شأهنا قياس ما حصله الطالب من معارف ومعلومات
وتعمل عىل زيادة فاعلية حتصيل املعلومات لدهيم ،عىل اعتبار أن التقويم
له دور مهم يف ذلك.
4
mK
4
ـ 8استبعاد اهلوامش وما تضمنته من رشوحات.
ونرى أن هذه خطوة أولية سوف تتبع بخطوات أخرى تستهدف تيسري
حمتوى املادة ومسايرهتا لروح العرص الذي يعيشه الطالب.
خالصا لوجهه الكريم،
ً ويف النهاية نسأل اهلل العيل القدير أن جيعل عملنا
وأن يفيد منه طالب العلم .إنه نعم املجيب.
لجنة المناهج باألزهر الشريف
***
5
mK
5
أهداف الدراسة يف الصف األول
يتوقع من الطالب بعد دراسة هذا المقرر تحقيق ما يلي:
ـ 1يوضح املقصود بعلم التوحيد ،وموضوعه ،وفضله ،ونسبته ،وواضعه،
واسمه ،وحكمه ،ومسائله.
موضحا حكم من مل تبلغه الدعوة
ً ـ 2يذكر تعريف التكليف ،ورشوطه،
يف عرصنا احلارض.
ـ 3يتعرف عىل بعض األحكام االعتقادية املتعلقة بالتكليف.
ـ 4يوضح املقصود بمعرفة ال َّله تعاىل ،وحكمها ،ودليلها ،وطريق وجوهبا.
وموضحا أحكام
ً ـ 5يذكر تعريف احلكم ،مميزًا بني احلكم العقيل والرشعي،
احلكم العقيل.
ـ 6يوضح معنى التقليد ،مم ّيزًا بني حكم إيامن املق ِّلد ،وحكم إيامن العوام.
ـ 7يوضح آراء العلامء يف أول ما جيب عىل املكلف.
موضحا طرقه.
ً ـ 8حيدد املقصود بالنظر يف اللغة واالصطالح،
موضحا بعض األحكام املتعلقة
ً ـ 9يتعرف عىل معنى اإلسالم واإليامن،
هبام ،موف ًقا بني أقوال أهل العلم يف زيادة اإليامن ونقصانه ،ومبينًا املوقف
الصحيح من املسلك التكفريي الذي انترش يف واقعنا املعارص.
ًّ
مستدل موضحا املقصود بكل صفة،
ً ـ10يصنف الصفات الواجبة هلل تعاىل،
بالنقل والعقل عىل إثباهتا هلل تعاىل.
6
mK
6
موضحا للنصوص املومهة
ً ـ11يفرق بني التأويل والتشبيه والتعطيل،
للتشبيه.
منزها إياه عن احلدوث.
ـ12يعتقد قدم القرآن الكريمً ،
ـُ 13ي َع ِّظ ُم اهلل تعاىل باعتقاد ما جيب له وما جيوز يف حقه وما يستحيل عليه
سبحانه وتعاىل.
ـ14يرجو رؤية اهلل تعاىل؛ زيادة يف ثواب اهلل تعاىل ورضوانه.
***
7
mK
7
مقدمة اجلوهرة وشرحها
: َق َال النَّاظِ ُم
يدو َقدْ َخ َل الدِّ ين ع ِن التَّو ِح ِ ـدـى َنبِ ــي ج ــاء بِالتَّو ِحي ـ ِ
َع ـ َ
ْ ُ َ َ *** ٍّ َ َ ْ
ـــه و ِح ْزبِ ِِ ِ ِ ِ ـل ربـ ِ اقـ ِِ َُ ِ
ـــه َوآلـــه َو ْصحبِ َ *** ـه ـب ل ُر ْسـ ِ َ ِّ
م َّمــد ا ْل َع ْ
***
تعلم التوحيد: حكم ُ
***
احل ــدُّ واملوض ــوع ث ــم الثم ــرة *** ((( إن مبــادي كل فــن عــرة
واالسماالستمدادحكمالشارع *** وفضلــه ونســبة والواضــع
ومن درى اجلميع حاز الرشفا *** مسائل والبعض بالبعض اكتقى
10
mK
10
أما البحث عن الرسل ،فمن حيث ما جيب هلم ،وما جيوز ،وما يستحيل
عليهم ،وعن حكم الرسالة ،وإثباهتا باملعجزة ،والبحث عن املمكنات ،من
موج ِدها.
حيث إثبات ِ
والبحث عن السمعيات ،من حيث اعتقاد وجودها ،ووقوعها كام أخرب
بذلك املعصوم ﷺ.
ـ 2موضوع علم التوحيد:
بحث فيه عام جيب هلل من صفات اجلالل والكامل ،وما يستحيل عليه من كل
ُي َ
ما ال يليق به ،وما جيوز من األفعال ،وعام جيب للرسل واألنبياء ،وما يستحيل
عليهم ،وما جيوز يف حقهم ،وما يتصل بذلك من اإليامن بالكتب ا ُملنزَّلة ،واملالئكة
األطهار ،ويوم البعث واجلزاء والقضاء والقدر.
ـ 3ثمرته:
معرفة اهلل بالرباهني القطعية ،والفوز بالسعادة األبدية.
ـ 4فضله:
هو أرشف العلوم؛ ألنه متعلق بذاته ـ تعاىل ـ ،وذات رسله ،وما يتبع ذلك من
أركان اإليامن ،ورشف اليشء برشف موضوعه.
ـ 5نسبته:
هو بالنسبة للعلوم الرشعية أصل هلا ،وهي فروع ولوازم بالنسبة له.
ـ 6واضعه:
ينسب وضع هذا العلم من حيث تدوين مسائله ،واالستدالل عليها بإقامة
احلجج ودفع الشبه إىل الشيخني اجلليلني :أيب احلسن األشعري((( ،وأيب منصور
((( أبو احلسن األشعري ولد بالبرصة 260هـ ،تويف يف بغداد 324هـ وهو من نسل الصحايب اجلليل أيب
موسى األشعري.
11
mK
11
املاتريدي(((؛ ألهنام أشهر من أ ّلف فيه ،ور َّد عىل املنحرفني بالنقل والعقل عىل
مذهب أهل السنة واجلامعة.
أما إن أريد بالتوحيد العقيدة ،فقد جاء هبا الرسل يف مجيع الرشائع ،من آدم إىل
تتغي إىل يوم القيامة.
،وهي عقيدة باقية ال َّ خامتهم نبينا حممد
ـ 7اسمه:
يطلق عىل هذا العلم عدَّ ة أسامء :أشهرها علم التوحيد؛ ألن مبحث الوحدانية
أهم مباحثه وأشهرها.
أيضا علم الكالم؛ ألن املتقدِّ مني كانوا يبدؤون مباحثه بقوهلم :الكالم
ويسمى ً
يف كذا ،أو ألنه كثر الكالم يف صفة الكالم الواجبة هلل تعاىل.
وله أسامء أخرى ،منها علم أصول الدين ،وعلم العقيدة ،والفقه األكرب.
ـ 8استمداده:
أدلته مستمدة من األدلة النقلية ـ القرآن الكريم والسنة النبوية ـ واألدلة
العقلية ،ا ُملعت َِمدَ ة عىل القواعد املنطقية.
شرعا:
ـ 9حكمه ً
جيب رش ًعا ـ وجو ًبا عين ًّيا ـ عىل كل مك َّلف من ذكر أو أنثى أن يعرف مسائل
هذا العلم ،ولو بطريق اإلمجال.
وأما معرفة مسائل هذا العلم باألدلة التفصيلية فهي فرض كفاية إذا قام هبا
البعض سقط الطلب عن الباقني.
((( هو أبو منصور املاتريدي ،ولد يف عهد اخلليفة العبايس املتوكل ،وت ُُو ِّف 333هـ ،وهو من ماتريد إحدى
بالد ما وراء النهر (أوزباكستان وكازا خستان حال ًيا).
12
mK
12
والدليل اإلمجايل أي :يف اجلملة ـ هو الذي يعجز من يستدل به عن ذكر
تفاصيله ،واجلواب عن ُّ
الش َبه املوجهة إليه ،وأما الدليل التفصييل فهو الذي
املوجهة إليه .مثال ذلك إذا قيل لك :ما
َّ الشبه َّ
وحل ُّ يستطيع صاحبه تقريره،
الدليل عىل وجود اهلل تعاىل؟ فقلتَ :
العال ،ومل تعرف جهة الداللة ،فهو دليل
إمجايل ،وكذلك إذا عرفت جهة الداللة ،ومل تقدر عىل ِّ
حل ُّ
الش َبه الواردة عليه.
ٌ
حادث وقدرت بعد ذلك عىل إقامة أما إذا عرفت جهة الداللة فقلتَ :
العال
دليل احلدوث؛ ور ِّد ُّ
الش َبه الواردة عليه ،فهذا دليل تفصييل.
ـ10مسائله:
قضاياه التي تبحث عن الواجبات ،واجلائزات ،واملستحيالت ،وتُعترب هذه
مبادئ ومقدمات للعلم.
***
13
mK
13
َّ
واملكلف 2ـ التكليف
: َق َال النَّاظِ ُم
............... فك ُُّل َم ْن ُك ِّل َ
ف رش ًعا َو َج َبا
ذكرا كان
جتب معرفة اهلل ـ تعاىل ـ عىل كل فرد من املكلفني من اإلنس واجلنً ،
وجبِلوا عىل املعرفة والطاعة. ِ
أو أنثى ،دون املالئكة عىل املشهور؛ ألهنم ُخلقوا ُ
تعريف التكليف:
التكليف :طلب ما فيه كُلف ٌة ومش َّق ٌة ،أو هو إلزام ما فيه كُلف ٌة ومش ّقة.
واألحكام التكليفية مخسة :اإلجياب ،والندب ،والتحريم ،والكراهة،
واإلباحة.
فعىل القول بأن التكليف طلب ما فيه كُل َفة ،فهو يشملها ما عدا اإلباحة،
وعىل القول إنه إلزام ،فال يشمل إال الواجب واملحرم.
إلزاما ،فال بدَّ أن يكون املك َّلف ً
قابل هلذا التكليف وملا كان التكليف طل ًبا أو ً
قادرا عليه؛ وإال سقط التكليف.
مستعدًّ ا لهً ،
َّ
المكلف: تعريف
واس ،الذي بلغته الدعوة. هو البالغ العاقل ،سليم َ
احل ِّ
شروط التكليف:
ذكر الشارح أربعة رشوط للتكليف وهي:
1ـ البلوغ2 .ـ العقل3 .ـ بلوغ الدعوة4 .ـ سالمة احلواس.
14
mK
14
محترزات الشروط:
ـ 1وخرج برشط البلوغ :الصبي ،فليس مكل ًفا ،فمن مات قبل البلوغ فهو
كفر وال غريه ،وذلك ناجٍ ،ولو كان من أوالد الكفار ،وال يعاقب عىل ٍ
«رفِ َع ال َق َل ُم عن ثالث ..والصبي حتى يبلغ»((( .خال ًفا للحنفية
لقوله ﷺُ :
فقد قالوا :بتكليف الصبي العاقل.
ـ 2وخرج برشط العقل املجنون ،فليس بمكلف ،ومثله السكران غري
تعمد ُشب املسكر ،وهو عامل بحاله،
املتعدي ،فإن تعدَّ ى بسكره ،كأن َّ
واستمر
َّ فهو مك َّلف كالعاقل ،لكن ّ
حمل ذلك إن بلغ جمنونًا أو سكرانًا،
عاقل ثم ُج َّن أو سكِر متعد ًيا ثم
عىل ذلك حتى مات ،بخالف ما لو بلغ ً
مات ،فهو عىل ما كان عليه قبل ذلك.
معز ٍل عن
ـ 3وخرج بمن بلغته الدعوة ،من مل تبلغه ،وذلك بأن نشأ يف ِ
مكان ٍ
بعيد مل تصل الدعوة إليه، ٍ الناس ،ومل يتَّصل بأحد ،أو كان يف
أو بلغته الدعوة بلو ًغا َّ
مشو ًها ،كعوا ِّم األجانب الذين مل يعرفوا عن
نقل غري صحيح ،وهم اإلسالم إال ما نقله هلم رؤساؤهم الدينيون ً
األصح ،خال ًفا ملن قال بأنه
ِّ يف غري دار اإلسالم ،فليس بمك َّلف عىل
مكلف؛ لوجود العقل الكايف يف وجوب املعرفة عندهم ،وإن مل تبلغه
الدعوة.
ف الذي ُأ ْر ِس َل إليه.
وال بد من بلوغ دعوة الرسول للم َك َّل ِ
ُ
***
((( سورة اإلرساء .اآلية.15 :
17
mK
17
3ـ ما جيب على املكلف وأقسام احلكم العقلي
: َق َال النَّاظِ ُم
ف ما قـد َو َج َبا عليـه أن َي ْع ِ
ـر َ *** ف رش ًعـا َو َج َبا من ُك ِّل َ
فـكل ُّْ
فاســت َِمعا ِِ
ــل ذا ُلر ْســله ْ
ِ
وم ْث َ *** هلل واجلائــــ َز وا ُملمتَن ِ َعـــــا
واصطالحا:
ً المعرفة لغة
املعرفة يف اللغة :اإلدراك والعلم.
ويف االصطالح :املعرفة والعلم ،معنامها واحد ـ أي :مرتادفان ـ وهي:
اإلدراك اجلازم املطابق للواقع الناشئ عن دليل.
شرح التعريف:
جنس يف التعريف ،يشمل اجلازم وغري اجلازم.
اإلدراكٌ :
الطرف الراجح ـ ،
الظن ،ـ وهو :إدراك َ
ُّ اجلازم :قيد يف التعريف ،خيرج به
ُّ
الشك ،ـ وهو: الطرف املرجوح ـ ،وخيرج به
وخيرج به الوهم ،ـ وهو :إدراك َ
استواء الطرفني.
املطابق للواقع :خيرج به غري املطابق ،وكجزم ا ُمل ِ
لحد بعدم وجود اهلل.
عن دليل :خيرج به التقليد؛ ألنه ليس ناشئًا عن دليل؛ بل ناشئ عن األخذ
بقول الغري عىل ما سيأيت.
حكم معرفة َّ
الل:
أوجب اهلل ـ سبحانه ـ عىل كل فرد من أفراد املك َّلفني معرفته سبحانه وتعاىل.
18
mK
18
واملقصود باملعرفة هنا :معرفة صفات اهلل ـ تعاىل ـ ،من حيث ما جيب ،وما
،وليس املقصود معرفة جيوز ،وما يستحيل يف حقه ـ تعاىل ـ ،وكذا الرسل
ذاته ـ تعاىل ـ ؛ ألن ذلك أمر ال سبيل إليه؛ إذ ال يعرف ذاته و ُكنْ َه حقيقته إال هو،
ويف احلديث« :تفكَّروا يف اخللق ،وال تَفكِّروا يف اخلالق ،فإنه ال حتيط به الفكرة»(((،
اك ،والبحث يف الذات إرشاك ،سبحانه: فال يعرف اهلل إال اهلل ،وتَر ُك اإلدر ِ
اك إِ ْد َر ٌ َْ ْ
ﱹ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪﭫ ﭬ ﭭ ﭮﱸ(((.
واملراد إ ًذا بمعرفة اهلل تعاىل ،معرفة صفاته وأسامئه وسائر أحكام األلوهية ال
معرفة ذاته وكنه حقيقته.
الدليل على وجوب معرفة َّ
الل:
قوله سبحانه :ﱹﰊ ﰋﰌﰍﰎﰏ ﱸ((( ،وإمجاع األمة عىل وجوب اإليامن،
ودعوة املخالفني إىل اإليامن ،وعىل وجوب الفروع ،كالصالة ،والصوم ،وما ال
يتم الواجب إال به ،فهو واجب.
ّ
رأي العلماء في طريق وجوب المعرفة:
ذهب األشاعرة إىل أن معرفة اهلل واجبة بالرشع ،وكذلك سائر األحكام؛
إذ ال حكم قبل ورود الرشع ال يف األصول ،وال يف الفروع ،فعند أهل السنة
حسنه الرشع ،والقبيح ما ق ّبحه الرشع. َ
احل َس ُن :ما ّ
وذهبت املعتزلة إىل أن األحكام كلها ثبتت بالعقل ،وأما الرشع فإنام جاء
بناء عىل مذهبهم يف التحسني والتقبيح
مقر ًرا ومؤكِّدً ا ملا أثبته العقل ،وهذا ً
ِّ
العقليني ،فعندهم أن احلسن هو :ما رآه العقل حسنًا ،والقبيح هو :ما رآه العقل
((( أخرجه ابن أيب شيبة والبيهقي.
((( سورة األنعام .اآلية.103 :
((( سورة حممد .اآلية.19 :
19
mK
19
قبيحا ،وعندهم ،أنه إذا أدرك العقل حسن ٍ
يشء حكم بوجوبه ،ووجب أن جييء ُ ْ َ ً
الرشع فيه مطاب ًقا ملا حكم به العقل.
ُ
وذهب املاتريدي ،ومن شايعه إىل أن معرفة اهلل تعاىل يدرك وجوهبا العقل،
أمرا ً
استقالل لكونه ً لكن عىل معنى أنه لو مل يرد الرشع ألدرك العقل ذلك
واضحا ،ومل يبنوا ذلك عىل التحسني العقيل ،كام فعل املعتزلة ،فاملذاهب
ً
يف مسألة املعرفة ثالثة:
األول :مذهب األشاعرة ،وحاصله أن مجيع األحكام ،ومنها معرفة اهلل تعاىل
إنام ثبتت ـ وجبت ـ بالرشع ،ويك َّلف هبا العقالء أي برشط العقل.
والثاين :مذهب املاتريدي ،وحاصله أن معرفة اهلل وحدها ،ثبتت بالعقل
املستقيم اخلايل من اهلوى والتقليد وعدم اعتبار العقل ً
سبيل ملعرفة اهلل يكون
ً
إمهال له ولوظيفته التي هي النظر والتفكري ،أما سائر األحكام ،فال تثبت
إال بالرشع.
والثالث :مذهب املعتزلة :وحاصله أن األحكام كلها ـ ومنها معرفة اهلل تعاىل
ثبتت بالعقل ،وجاء الرشع مبينًا ومؤكدً ا ملا أثبته العقل.
بيان الحكم وأقسامه:
ملا كان املكلف مطال ًبا بمعرفة ما جيب وما جيوز وما يستحيل عليه سبحانه
ي ُس ُن أن نبني معنى احلكم وأقسامه.
وتعاىل َ ْ
ناجح ،قضي ٌة
ٌ أمر ٍ
ألمر ،أو نف ُيه عنه ،فقولنا :حممدٌ تعريف احلكم :هو إثبات ٍ
موجب ٌة ،أثبتنا فيها األمر الثاين ،وهو النجاح ،لألمر األول ،وهو حممد ،وقولنا:
النجاح عن حممد.
َ حممد ليس بناجح ،قضية سالبة ،أي نفت
20
mK
20
وينقسم إىل ثالثة أقسام عقيل ،ورشعي ،وعادي.
ألمر ،أو نفيه عنه ،دون تو ُّق ٍ
ف عىل جتربة، أمر ٍإثبات ٍ
ُ فاحلكم العقيل :هو
ُ
أو حكم الشارع.
كقولناُّ :
الكل أكرب من اجلزء.
أمر ٍ
ألمر ،أو نف ُيه عنه ،استنا ًدا إىل القرآن الكريم، إثبات ٍ
ُ واحلكم الرشعي :هو
والسنة املطهرة.
واجب عىل كل مسلم مستطيع.
ٌ حج البيت احلرام
كقولناُّ :
أمر ٍ
ألمر ،أو نف ُيه عنه ،استنا ًدا إىل العادة والتجربة. واحلكم العادي :هو إثبات ٍ
وأقسامه ثالثة:
3ـ مستحيل. 2ـ جائز .
1ـ واجب.
21
mK
21
ـ 1الواجب :هو األمر الثابت الذي ال يتصور العقل انتفاءه ،وهو قسامن:
)أ(رضوري بدهي :يدركه كل إنسان بغري نظر مثل صغر الولد يف السن
عن أبيه ،وكون الواحد أقل من االثنني.
)ب(نظري :ما يصل اإلنسان إليه بعد النظر والتفكري وحيتاج إىل دليل،
مثل احلكم عىل العامل باحلدوث بعد العدم.
املمكن :وهو الذي يقبل الثبوت تارة والعدم تارة أخرى،
ُ ـ 2اجلائز :ويسمى
وهو قسامن:
)أ(رضوري :كاحلركة ،أو السكون للجسم.
)ب(نظري :كجواز تعذيب املطيع ،وكجواز إثابة العايص.
)(3املستحيل :وهو ما ال يتصور يف العقل وجوده ،وهو قسامن:
)أ(رضوري :كخُ ُل ِّو اجلسم عن احلركة والسكون ،واالبن أكرب من أبيه.
)ب(نظري :مثاله رشيك للباري.
أحكاما عقلية :أهنا الزمة ملا ُحكِ َم
ً ومعنى كون الوجوب واالستحالة واجلواز
له هبا ال تقبل التخلف عنه وال االنفكاك.
تنبيه:
ويالحظ أننا نسبنا الوجوب واالستحالة واجلواز إىل العقل ،فالعقل اإلنساين
إ ًذا هو الذي يبحث ،وهو الذي حيكم ،وعىل أساس حكمه تبنى النتائج ـ فال
جمال هنا يف إثبات العقيدة للتقليد ،وال للوراثة ،وال للعادات وال لألهواء،
ِ
العقل السلي ِم احلر. املجال ُ
جمال ُ وال للشهوات ،إنام
22
mK
22
وسوف نجد يف مسريتنا مع هذا العلم أننا نستدل بآيات من كتاب اهلل تعاىل،
فال يقال وال جيوز ألحد أن يقول :كيف تستدلون بكتاب اهلل عىل قضايا قررتم
أن العقل هو َ
احلكَم فيها؛ ألننا نقول :إننا نستدل بكتاب اهلل تعاىل فيام يعرضه
علينا من آيات ُت ِّرك عقولنا وتفتح هلا جماالت البحث واملناقشة واملحاورة،
ثم نرتك احلكم عىل النتائج لعقولنا ،فكتاب اهلل لنا هو النور الذي ُي َش ُّع فندرك
دليل عىل أنه يسلك هذا به السبل ونعرف جوانب الطريق ومعامله ،ويكفيك ً
السبيل بالنسبة للنائني عنه ،قوله تعاىل لرسوله ﷺ :ﱹ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵﭶ ﭷ
ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼﭽ ﱸ(((.
***
***
24
mK
24
4ـ التقليد وحكم إميان املقلد
: َق َال النَّاظِ ُم
ِ ـــل ِمـــن ت
َرديـــد ي ُ إيامنُـــه مل َ ْ إِ ْذ ك ُُّل مــن َق َّلــدَ يف التوحيـ ِ
ـد
*** َ ْ
وبعضهـم ح َّق َق فيه ْ
الكشـ َفا ُ *** يكِي ُ
اخللفا بعض القو ِم َ ْ َف ِفيه ُ
ـر كفــى وإال مل َيـز َْل يف َّ ـول ِ ـزم بقـ ِ فقــال :إن َيـ ِ
الضـ ْ *** الغري
تعريف التقليد:
جازما بال دليل ،كاعتقادك وجوب القدرة هلل
ً هو اعتقاد قول الغري اعتقا ًدا
بناء عىل قول الغري من غري أن تعرف الدليل ،فإذا عرفت الدليل الذي استند إليه
ً
صاحب القول الذي أخذت به مل تكن مقلدً ا.
حكم إيمان المقلِّد:
اختلف العلامء يف صحة إيامن املق ِّلد ،عىل أقوال:
صحة تقليد املق ِّلد،
َّ القول األول :عدم االكتفاء بالتقليد ،بمعنى عدم
ْج ًيا لصاحبه يف اآلخرة ،وجرى عىل هذا السنويس وال يعترب هذا اإليامن ُمن ِ
يف كتابه «رشح الكربى» ،والتحقيق أنه رجع عن هذا القول.
القول الثاين :االكتفاء بالتقليد مع كون املقلد عاص ًيا مطل ًقا؛ أي :سواء
ِ
أوجدت يف املق ِّلد أهلية النظر الفعيل أم مل توجد.
ٍ
عاص إن كان عنده أهلية النظر واالستدالل؛ ألنه القول الثالث :أنه مؤمن
ٍ
عاص؛ ترك ما يقدر عليه ،وإن مل تكن فيه أهلية النظر واالستدالل فهو مؤمن غري
25
mK
25
ألنه ترك شيئًا هو عاجز عن حتصيله ،وال يك ِّلف اهلل ً
نفسا إال وسعها ،وهذا هو
القول الراجح.
املبني عىل وجوب املعرفة بالدليل
والصحيح من هذه األقوال هو القول الثالث ُّ
أخذا من قوله سبحانه :ﱹ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜﯝ ﱸ(((، عند االستطاعةً ،
اإليامن دون أن ُيطالبهم بالدليل ،وعندما سئل عن
َ وألن النبي ﷺ َقبِل من الناس
اإليامن يف حديث جربيل املشهور قال« :أن تؤمن باهلل ومالئكته ...إلخ»((( .دون
يتعرض للدليل ،ومن مل تكن عنده املقدرة عىل النظر واالستدالل تسقط عنه
أن َّ
املطالبة هبام كام تسقط املطالبة باحلج عن غري املستطيع.
حكم إيمان العوام:
وعىل ذلك فإيامن العوام صحيح ،وهم مؤمنون عارفون برهبم ،وغاية األمر
أهنم عاجزون عن التعبري عنه وعن تفصيله وهو ال يرض ،ألن النبي ﷺ َقبِ َل
طر َتم ُجبِلت عىل توحيد اهلل ـ سبحانهِ
إيامن الناس دون مطالبتهم بالدليل؛ ألن ف َ
ـ واعتقاد ِقدَ ِمه ،وحدوث ما سواه ،وهذه هي الفطرة التي ذكرها اهلل تعاىل
يف قوله :ﱹ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞﯟ ﱸ((( ،وأشار إليها ﷺ بقوله« :كل
مولود يولد عىل الفطرة»((( ،وقد أمجع املتكلمون ـ كام حكاه اآلمدي((( ـ عىل
صحة إيامن املق ِّلد.
من الكالم عن املق ِّلد ،وهل يكفي التقليد يف عقائد التوحيد، ملا فرغ
ذاكرا خالف العلامء يف ذلك عىل النحو
رشع يف بيان أول واجب عىل املكلف ً
اآليت:
كَّلف:
الم َ
آراء العلماء في أوّل واجب على ُ
للعلامء يف ّأول الواجبات عىل املك ّلف خالف طويل ،وسنحاول أن نجمله يف
عبارة واضحة فنقول:
ـ 1ذهب إمام أهل السنة «أبو احلسن األشعري» إىل أن أول يشء جيب عىل
املكلف هو «معرفة اهلل تعاىل» ،وهذا ما َج َرى عليه املصنِّف.
ـ 2ذهب األستاذ «أبو إسحاق اإلسفراييني»((( إىل أن أول يشء جيب عىل
املكلف هو «النظر املوصل إىل معرفة اهلل تعاىل» وينسب هذا القول إىل
أيضا.
األشعري ً
((( هو إبراهيم بن حممد بن إبراهيم أبو إسحاق اإلسفراييني من أئمة الفقه واألصول توىف سنة 418هـ
.انظر :وفيات األعيان .4/1
27
mK
27
ـ 3ذهب القايض «أبو بكر الباقالين»((( إىل أن أول يشء جيب عىل املكلف
هو «املقدمة األوىل من الدليل املوصل ملعرفة اهلل تعاىل» ،وبيان ذلك
(العال حادث ،وكل حادث ال بد له من حمدث) ،دليل عىل َ أن قولنا:
وجود اهلل تعاىل ،وصورة الدليل كاملة هي النظر ،وقولنا« :العامل حادث»
وحده هو املقدمة األوىل من ُم َقدِّ َمت َْي هذا النظر ،وهذه املقدمة األوىل هي
أول يشء جيب عىل املكلف معرفته.
ـ 4وذهب إمام احلرمني إىل أن ّأول يشء جيب عىل املكلف هو القصد إىل
النظر ،واملراد تفريغ القلب عن الشواغل التي تشغله ،أو ترصفه عن
النظر واالستدالل.
وهناك أقوال أخرى أعرضنا عن ذكرها؛ ألن ما ذكرناه يغني عنها.
تنبيه :اخلالف يف هذه األقوال لفظي؛ ألن من قال :إن أول واجب هو املعرفة
إنام قصد أن أول الواجبات من املقاصد االعتقادية هو املعرفة ،ومن قال :إن أول
الواجبات هو النظر أو القصد إليه إنام عنى أن ما ذكر أول الواجبات من حيث
إنه يتوقف عليه الواجب األول من املقاصد االعتقادية.
واألصح من هذه اآلراء هو أن أول واجب عىل املكلف من حيث املقصد
«املعرفة» وأول واجب من حيث الوسيلة القريبة «النظر» ،وأول واجب
من حيث الوسيلة البعيدة «القصد إىل النظر».
***
((( هو :حممد بن الطيب بن حممد أبو جعفر ،من كبار علامء أهل السنة ولد سنة 338هـ وتوىف سنة 403هـ
انظر :وفيات األعيان .481/1
28
mK
28
6ـ النظر ومسالكه
بحاسة البرص والفكر.
َّ النظر لغة :اإلبصار ،أي :إدراك اليشء
واصطالحا :ترتيب أمرين معلومني؛ ليتوصل برتتيبهام إىل علم جمهول،
ً
موصل للعلم وهو حدوث العامل ِ
متغي حادث ،فإنه ِّ
متغي ،وكل ِّ
كقولنا العامل ِّ
املجهول قبل ذلك الرتتيب.
مسالك النظر:
بدأ املصنف بذكر وجوب التفكر يف أحوال ذات اإلنسان وذلك ألمور:
أوهلا :أهنا أقرب األشياء إليه قال تعاىل :ﱹ ﮢ ﮣﮤ ﮥ ﮦ ﱸ((( .
ثانيها :من عرف نفسه فقد عرف ربه أي :من تفكّر يف بدائعها توصل إىل معرفة
صانعها ،وقيل :من عرف نفسه باحلدوث والفقر ،عرف ربه بالقدم والغنى ،قال
تعاىل :ﱹ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯﱸ(((.
وقد أمرنا اهلل ـ تعاىل ـ بالنظر يف أنفسنا والتأمل يف أحواهلا ،فاملتأمل يف أحوال
نفسه ،وما اشتملت عليه من سمع ،وبرص ،وكالم ،وطول ،وعرض ،وعمق،
ورضا ،وغضب ،وعلم ،وجهل ،وإيامن ،وكفر ،ولذة ،وأمل ،وغري ذلك مما ال
متغية من عدم إىل وجود وبالعكس ،مما يدل عىل حدوثها ،وأن
ُيىص ،يرى أهنا ِّ
حكيم مد ِّب ًرا وهو اهلل سبحانه قال تعاىل :ﱹ ﮕ ﮖ ﮗً هلا حمد ًثا وخال ًقا
ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﱸ(((.
((( سورة الذاريات .اآلية.21 :
((( سورة فاطر .اآلية.15 :
((( سورة املؤمنون .اآليتان.13،12 :
29
mK
29
ْن العلوي والسفلي: التفكر في أحوال العاَل َمي ِ
ثم بعد النظر يف أحوال النفس انتقل للنظر يف أحوال العامل املنسوب إىل جهة
العلو ،واملراد به( :ما ارتفع من الفلكيات من ساموات ،وكواكب ،وعرش،
ٍ
خالق تدل عىل وجودوغريها) ،فإذا نظرت فيها فإنك ستجد آيات باهرات ّ
قادر مدب ٍر ٍ
مريد ،قال تعاىل :ﱹ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﱸ(((. ٍ ِّ
السفىل،
ثم بعد النظر يف العامل العلوي انتقل للنظر يف العامل املنسوب للجهة ُّ
كاهلواء والسحاب ،واألرض ،وما فيها من املعادن والبحار والنبات ،وغري
كل منها مشمول بجهات خمصوصة ،وأمكنة معينة ،ونجد بعضه ذلك ،جتد أن ًّ
متحركًا وبعضه ساكنًا ،وبعضه نوران ًّيا ،وبعضه ُظلامن ًّياِ ،مَّا يدل عىل وجوب
الصانع اخلالق وصفاته.
قال تعاىل :ﱹﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ
ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ
ﯙ ﯚﱸ(((.
تغي ،ويف العامل كذلك يسمى دليل
فاعلم أن ما َو َجدْ َت يف نفسك من ُّ
احلدوث ،وهو دليل احلاجة إىل صان ٍع خالق حكي ٍم مت ٍ
َّصف بالصفات ،وحاصله
«العال حادث ،وكل حادث ال بد له من صانع حكيم متَّصف بالصفاتَ أن تقول:
وهو اهلل تعاىل».
قال تعاىل :ﱹﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ
ﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬ
ﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳ ﭴﭵﭶﭷﭸ
ﭹ ﭺ ﭻﱸ(((.
((( سورة اجلاثية .اآلية.3 :
((( سورة الرعد .اآلية.4 :
((( سورة البقرة .اآلية.164 :
30
mK
30
7ـ اإلميان واإلسالم
: َق َال النَّاظِ ُم
لـف بالت ِ ُطـق ِ
فيـه ُ اإليــان بالتصدَّ ِ
َّحقيق اخل ُ والن ُ *** يــق ُ و ُفــرِّ َ
َش ْط ٌر واالسال َم ْ َ
اش َح َّن بال َع َم ْل *** بل ـلَ :ش ٌط كال َع َم ْل وق ْيلْ : َف ِق ْي َ
ِ
فــادر والــزكا ُة كــذا الصيــا ُم *** والصـــا ُة
احلـــج َّ
ُّ ِم َث ُ
ـــال هـــذا
ِ
اإلنســـان بـــا ت َِزيـــدُ طاعـــ ُة *** ِ
اإليـــان حـــت ز َيـــاد ُة
ْ َو ُر ِّج
ـذا َقــدْ ن ُِقال
ـف ّكـ َـل :ال ُخ ْلـ ََو ِق ْيـ َ *** بنقصهـــا َو ِق ْي َ
ـــل :ال و َن ْقصـــه ِ
ُ ُ
تعريف اإليمان:
اإليامن لغة :التصديق ،ومنه قوله تعاىل :ﱹ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸﱸ((( ،أي:
مصدِّ ق.
ورش ًعا :هو تصديق النبي ﷺ يف كل ما جاء به و ُعلِ َم من الدين بالرضورة
ً
وتفصيل يف التفصييل. ً
إمجال يف اإلمجايل،
شرح التعريف:
املراد بتصديق النبي :اإلذعان ملا جاء به والقبول له ،وليس املراد وقوع نسبة
الصدق إليه يف القلب من غري إذعان وقبول له حتى يلزم احلكم بإيامن كثري
من الكفار الذين كانوا يعرفون حقيقة نبوته ﷺ ،ومصداق ذلك قوله تعاىل:
ﱹﭔ ﭕ ﭖ ﭗﭘ ﱸ(((.
((( سورة يوسف .اآلية.17 :
((( سورة البقرة .اآلية.146 :
31
mK
31
واملراد بام ُعلم من الدين بالرضورة :أيُ :علِم من أد َّلة الدين ،واشت ُِهر بني
الناس ،فأصبح لشهرته كالرضوري الذي ال ُيتاج يف معرفته إىل نظر واستدالل،
بحيث يعلمه اجلميع عىل سبيل اجلزم من غري قبول للتشكيك ،كوجوب الصالة،
وحتريم اخلمر.
ً
إمجال ،كاإليامن باألنبياء واملالئكة ويكفي اإلمجال فيام يعترب التكليف به
والكتب.
تفصيل ،كاإليامن بمن ُذكِ ُروا
ً وال بد من التفصيل فيام يعترب التكليف به
بأسامئهم من األنبياء واملالئكة .وما سبق هو معنى قوله( :و ُف ِّ َ
س اإليامن
بالتصديق).
حكم النطق بالشهادتين:
اختلف العلامء يف حكم النطق بالشهادتني هل هو رشط إلجراء األحكام
الدنيوية؟ أو جزء من اإليامن؟ وقبل ذكر هذه األقوال نحدِّ د َّ
حمل النزاع.
ً
أول :ال يطالب بالنطق بالشهادتني غري املتمكِّن من ذلك ،كاألخرس،
ومن فاجأه املوت قبل النطق من غري تراخٍ ،وال خالف يف إيامهنام.
ثان ًيا :أوالد املسلمني مؤمنون قط ًعا وجتري عليهم األحكام الدنيوية.
ثال ًثا :يطالب بالنطق بالشهادتني املتمكِّن من ذلك والقادر عليه ،بأن يقول:
أشهد أن ال إله إال اهلل وأشهد أن حممدا رسول اهلل.
مسلم ،فهل النطق
ً ّ
وحمل اخلالف فيمن أراد الدخول يف اإلسالم ومل يكن
يف ح ّقه رشط أو جزء؟ اختلف العلامء عىل النحو اآليت:
32
mK
32
أن النطق بالشهادتني خارج عن حقيقة اإليامن، ـ 1ذهب مجهور العلامء إىلَّ :
فهو رشط إلجراء أحكام املؤمنني عليه من التوارث ،والتناكح ،والصالة
خلفه ،والدفن يف مقابر املسلمني ،وغري ذلك؛ ألن التصديق القلبي وإن
خفي ،فال بدّ له من عالمة ظاهرة ّ
تدل عليه. كان إيامنًا إال أنه باطن ّ
ٍ
لرفض منه ،بل يقر بلسانه ال ٍ
لعذر َم َن َعه وال وبناء عىل ذلك :فمن صدَّ ق بقلبه ومل ْ
اتفق له ذلك ،فهو مؤمن عند اهلل تعاىل غري مؤمن يف األحكام الدنيوية ،أما املعذور
إذا قامت قرينة عىل إسالمه بغري النطق كاإلشارة فهو مؤمن يف الدنيا واآلخرة.
ومن أقر بلسانه ومل يصدّ ق بقلبه كاملنافق فهو مؤمن يف الدنيا عند أهل السنة،
ويكَم بكونه مؤمنًا يف األحكام الدنيوية ما مل ي ّطلع عىل
غري مؤمن عند اهلل تعاىلُ ،
وإل َج َرت عليه أحكام الكفر.بعالمة ،كسجود لصنمٍّ ،ٍ كفره
يقر بلسانه ٌ
رشط يف صحة اإليامن ،فمن مل ّ ـ 2ذهب بعض العلامء إىل :أنه
فإيامنه غري صحيح.
ـ 3ذهب اإلمام «أبو حنيفة وبعض األشاعرة» إىل :أن اإلقرار بالشهادتني
وإقرارا ،فمن
ً ليس رش ًطا بل هو جزء من اإليامن ،فيكون اإليامن تصدي ًقا
مرة وال أكثر من مرة مع القدرة عىل صدَّ ق بقلبه ومل يتَّفق له يف عمره ،ال َّ
ذلك ال يكون مؤمنًا ال عند الناس ،وال عند اهلل تعاىلٌّ ،
وكل من القولني
ٌ
ضعيف. األخريين
والراجح هو القول األول لورود األدلة عىل ذلك ،قال تعاىل :ﱹ ﭧ
ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﱸ((( .أي :أثبته يف قلوهبم ،وقوله ﷺ يف دعائه:
«اللهم يا مثبت القلوب ثبت قلبي عىل دينك»(((.
((( سورة املجادلة .اآلية.22 :
((( أخرجه ابن ماجه والرتمذي يف كتاب الدعوات.
33
mK
33
وذلك معنى قول الناظم:
ـق فيــه ُ
اخللـ ُ
ـف بالتَّحقيق والنُّطـ ُ *** ..............................
.............................. *** وقيلَ :ب ْل
ـل َ ـل َش ٌط كالعمـ ْ
فقيـ َ
عالقة اإليمان بالعمل:
السنَّة» إىل أن العمل رشط كامل يف اإليامن ،فمن أتى بالعمل فقد
ذهب «أهل ُّ
فوت عىل نفسه الكامل إذا مل يكن مع
حصل الكامل ،ومن تركه فهو مؤمن ،لكنه ّ
َّ
ذلك استحالل ،أو عناد للشارع ،أو ٌّ
شك يف مرشوعيته ،وإال فهو كافر فيام ُعلم
من الدين بالرضورة.
وذهبت «املعتزلة» إىل أن العمل ركن من اإليامن؛ ألهنم يقولون :إن اإليامن
عمل ونطق واعتقاد ،فمن ترك العمل فليس بمؤمن؛ لفقد جزء من اإليامن
وهو العمل ،وال كافر؛ لوجود التصديق ،فهو عندهم يف «منزلة بني املنزلتني»،
وي َّلد يف النار ،و ُي َع َّذب َّ
بأقل من ويسمى فاس ًقا وهي منزلة بني اإليامن والكفرَ ُ ،
عذاب الكافر.
مكون من األجزاء
وأغلب «اخلوارج» :يرون كام يرى املعتزلة أن اإليامن َّ
الثالثة« :التصديق ،واإلقرار ،والعمل» ،ولكن اخلوارج جيعلوهنا يف مرتبة
واحدة ،فمن ترك العمل حكموا عليه بالكفر ،كفر اعتقاد أو كفر نعمة ،واخللود
يف النار.
الرأي المختار:
املختار من هذه اآلراء هو :أن العمل رشط كامل؛ ألن اإليامن يف اللغة
خاص ،وال دليل عىل نقله للمعاين الثالثة
التصديق ،فيستعمل رش ًعا يف تصديق ٍّ
كام زعم املعتزلة واخلوارج.
34
mK
34
أدلة أهل السنة:
ـ 1د َّلت النصوص عىل ثبوت اإليامن قبل األوامر والنواهي ،كقوله تعاىل:
ﱹﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜ ﮝ
ﮞ ﮟ ﮠ ﱸ((( ،وقوله تعاىل :ﱹ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ
ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﱸ((( ،فخاطبهم بوصف اإليامن قبل
تكليفهم باألمر والنهي.
ـ 2عطف العمل عىل اإليامن ،والعطف يقتيض املغايرة ،كقوله تعاىل:
ﱹﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﱸ(((.
ـ 3اإليامن واملعايص قد جيتمعان ،كقوله تعاىل :ﱹ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ
ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﱸ((( ،وقوله سبحانه :ﱹ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ
ﮝ ﮞ ﮟﮠ ﱸ(((.
قديم وحدي ًثا حول اإليامن وعالقته بالعمل ،فهل إذا ُو ِجد
وقد ثار النزاع ً
اإليامن البد أن يستتبع العمل برشائع اإلسالم ،وأن ترك العمل بام رشع اهلل يؤدي
إىل فقد اإليامن والدخول يف الكفر؟ أو أن اإليامن يشء والعمل يشء آخر؟
اإليامن :هو التصديق القلبي بكل ما جاء به النبي ﷺ وعلم من الدين
فمن صدَّ ق بقلبه بكل ما جاء به النبي ﷺ فهو مؤمن ،وهبذا اليصح بالرضورة َ
معلوما
ً احلكم عىل فرد أو أفراد أو جمتمع بالكفر َّإل إذا جهر بالكفر أو أنكر
من الدين بالرضورة.
((( سورة احلج .اآلية.77 :
((( سورة احلجرات .اآلية.11 :
((( سورة البقرة .اآلية.25 :
((( سورة احلجرات .اآلية.2 :
((( سورة احلجرات .اآلية.9 :
35
mK
35
وما دام الفرد أو األفراد يؤمنون باهلل ومالئكته وكتبه ورسله واليوم اآلخر وما
فيه من أمور البعث واحلساب ...إلخ.
وما داموا يشهدون أن ال إله إال اهلل وأن حممدً ا رسول اهلل ،و ُي ِق ُّرون بفرضية
الصالة والزكاة والصيام واحلج ،وال حيلون ما حرم اهلل ورسوله ،وال حيرمون ما
أحله اهلل ورسوله ما داموا كذلك ،فهم مؤمنون ناجون عند اهلل تعاىل وهم مسلمون.
وأما من أنكر شيئًا جيب اإليامن به أو اإلقرار به فهو كافر ،وأما الطاعات
من الصالة والصيام والزكاة واحلج وعمل اخلريات ،فمن أداها فقد استكمل
وأقر ،ومن فرط يف يشء منها عاقبه اهلل بمقدار ما َّفرط.
اإليامن ما دام قد صدَّ ق َّ
ومن ارتكب املنهيات مثل رشب اخلمر والرسقة والزنى ،فإنه ينال جزاء
ما اقرتف من الذنوب واخلطايا يف نار جهنم ،ثم بعد ذلك خيرج من النار ويدخل
اجلنة بإيامنه ،وقد قال ﷺ« :من قال :ال إله َّإل اهلل دخل اجلنة» فلام َّ
ألح أبو ذر
يف السؤال ثالث مرات فقال :وإن زنى وإن رسق؟ فقال ﷺ« :وإن زنى وإن
رسق رغم أنف أيب ذر».
وهبذا يظهر لنا خطأ تكفري جمتمعنا املعارص وتكفري أفراده إذ إن النصوص
معلوما
ً الدينية رصحية يف أنه اليصح احلكم بالكفر إال عىل من رصح به أو أنكر
من الدين بالرضورة ،وأن الذي حيكم بالكفر هو مؤسسة القضاء بعد التشاور
معي.
مع أهل االختصاص والجيوز لشخص أن حيكم بالكفر عىل شخص ّ
وليس معنى نقدنا لدعوى التكفري هذه أننا نقر ترك الطاعات واقرتاف
الذنوب وارتكاب اخلطايا ،وإنام نحن نرى أن من ترك طاعة وهو غري جاحد
هبا فإنه سينال عقابه عند اهلل يف اآلخرة ،وال يصح أن نطلق عليه الكفر أو نصفه
أو نحكم عليه بالكفر.
36
mK
36
ونرجو لكل فرد من أفراد هذه األمة أن هيديه اهلل سواء السبيل ،وأن يبرصه
بأمور دينه.
تعريف اإلسالم:
اإلسالم لغة :مطلق االمتثال واالنقياد.
ورش ًعا :االمتثال واالنقياد ملا جاء به النبي ﷺ مما ُعلِ َم من الدين بالرضورة
من األعامل الظاهرة.
وعىل هذا فاإليامن واإلسالم متغايران ،وإن تالزما رش ًعا.
وذهب بعض العلامء :إىل أن اإليامن واإلسالم معنامها واحد؛ ألن اإلسالم
معناه اإلذعان الباطني ،قال تعاىل :ﱹ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﱸ(((.
واحلق :أن اإليامن واإلسالم إذا افرتقا اجتمعا وإذا اجتمعا افرتقا ،بمعنى أنه
ُّ
إذا اجتمع اللفظان يف موضع واحد يف القرآن والسنة افرتق معنامها ،فيختص
اإلسالم باألعامل الظاهرة مثل الصالة وغريها ،وخيتص اإليامن بالتصديق القلبي
اجلازم أو االعتقادات الباطنة ،كام يف قوله تعاىل :ﱹ ﮢ ﮣ ﮤ
ﮥ ﮦ ﱸ((( ،وكما في حديث اإلسالم واإليمان أما إذا ذكر
مسلم،
أحدمها منفر ًدا فإنه يدل عىل اآلخر فيكون كل مسلم مؤمنـًا وكل مؤمن ً
كام يف قوله تعاىل :ﱹ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼﭽ ﱸ((( .فيشمل اإلسالم :اإليامن.
وكام يف قوله تعاىل :ﱹ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ
ﯢﯣ ﱸ((( فيشمل اإليامن :اإلسالم.
((( سورة الزمر .اآلية.22 :
((( سورة األحزاب .اآلية.35 :
((( سورة آل عمران .اآلية.19 :
((( سورة آل عمران .اآلية.193 :
37
mK
37
أركان اإلسالم:
أركان اإلسالم مخسة ،ترك ا ُمل َصنِّف أحدها ،وهو النطق بالشهادتني؛ لتقدُّ م
بيانه ،واألربعة الباقية هي« :إقام الصالة ،وإيتاء الزكاة ،وصوم رمضان ،واحلج».
ختصص علم الفقه ألحكام هذه األركان مع بقية أحكام املعامالت.
وقد َّ
وقد أشار الناظم إىل ذلك بقوله:
كـــذا الصيـــا ُم فـــ ْا ِ
در والـــزكا ُة *** والصـــا ُة
احلـــج َّ
ُّ ِم َث ُ
ـــال هـــذا
زيادة اإليمان ونقصانه:
: َق َال النَّاظِ ُم
ِ
اإلنســـان بـــا تزيـــدُ طاعـــ ُة *** ِ
اإليـــان حـــت ز َيـــاد ُة
ْ رج
ُو ِّ
ـذا َقــدْ ن ُِقال
ـف كـ َ َو ِق ْيـ َ
ـل :ال ُخ ْلـ َ *** بنقصهـــا َو ِق ْي َ
ـــل :ال و َن ْقصـــه ِ
ُ ُ
اختلف العلماء في زيادة اإليمان ونقصانه إلى ثالثة آراء:
الرأي األول :ذهب مجهور العلامء إىل أن اإليامن يزيد بالطاعة وينقص باملعصية.
وقد استدلوا عىل ذلك بأدلة عقلية ونقلية.
الدليل العقلي:
أنه لو مل تتفاوت حقيقة اإليامن بالزيادة والنقص لكان إيامن آحاد األمة بل
املنهمكني يف الفسق واملعايص مساو ًيا إليامن األنبياء واملالئكة ،والالزم ـ وهو
أيضا. املساواة ـ باطل ،فيكون عدم التفاوت بالزيادة والنقص ً
باطل ً
الدليل النقلي:
وردت نصوص كثرية تدل عىل زيادة اإليامن ونقصانه منها:
38
mK
38
قوله تعاىل :ﱹ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﱸ(((.
وقوله تعاىل :ﱹ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶﭷ ﱸ(((.
وقوله تعاىل :ﱹ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﱸ(((.
ملا سأله :اإليامن يزيد وينقص؟ قال« :نعم يزيد وقوله ﷺ البن عمر
حتى يدخل صاحبه اجلنة وينقص حتى يدخل صاحبه النار»(((.
وقوله ﷺ« :لو وزن إيامن أيب بكر بإيامن هذه األمة لرجح به»(((.
هذه النصوص د ّلت عىل زيادة اإليامنَ ،وك ُُّل ما يقبل الزيادة يقبل النقص.
الرأي الثاني:
ذهب بعض العلامء كاإلمام «أيب حنيفة» :إىل أن اإليامن ال يزيد والينقص؛
َصور فيه
ألن اإليامن اسم للتصديق البالغ هناية اجلزم واإلذعان ،وهذا ال ُيت َّ
زيادة وال نقصان؛ ألن نقصان التصديق يفقده معناه ،والزيادة يف األعامل ال يف
وتأول هؤالء اآليات الدا ّلة عىل زيادة اإليامن بقوهلم :إنام هي
التصديق نفسهَّ ،
يف حق املؤمن به؛ ألن الصحابة كانوا آمنوا بام أنزل عليه ﷺ ،وكانت الرشيعة
غري تامة ،وكانت األحكام تنزل شيئًا فشيئًا ،فكانوا يؤمنون بكل ما يتجدَّ د،
وتأولوا األحاديث الواردة بأن الزيادة والنقص يرجع ٌّ
كل منهام إىل األعامل َّ
ال التصديق.
40
mK
40
أقسام المصدقين:
عقل؛ فال يلزم من ذلك أن يكون إذا كان التصديق يقبل الزيادة والنقص ً
إيامن كل فرد ً
قابل للزيادة والنقص يف الواقع ،ونفس األمر؛ ألنه قد قامت األدلة
عىل أن املصدقني ـ من هذه الناحية ـ ثالثة أقسام:
يتدرجون يف مدارج
فهم َّ ـ 1قسم يزيد إيامنه وال ينقص وهم «األنبياء»
الرقي ،وهم معصومون من اخلطأ ،والتدرج يف الكامل ال يتوقف.
فاإليامن بعد املشاهدة أكمل منه قبلها ،ويشري إىل هذا قول اهلل تعاىل عىل لسان
لت
حص ُيقول :لقد َّ «إبراهيم» :ﱹ ﭠ ﭡ ﭢﭣ ﱸ((( ،وكأنه
ِ
املشاهد .فلم يكن قوله شكًّا ِ
العارف :وأريد أن أتر َّقى حتى ُأ َح ِّصل إيامن إيامن
ّ
بالشك من إبراهيم» فمعناه يف هذا الشأن« :نحن أحق وال تر ُّد ًدا ،أما قوله
لتطرق إلينا من باب أوىل؛ ألن إبراهيم من العارفني الشك إبراهيم َّ ّ أنه لو َِلق
يعب بذلك عن حال األمة ال عن حاله ﷺ ،وإذا قلنا :إنه
املصدِّ قني ،والرسول ِّ
. إظهارا ملنزلة إبراهيم اخلليل
ً ُي َع ِّب عن حاله فيكون ذلك تواض ًعا منه ﷺ
ـ 2قسم ال يزيد إيامنه وال ينقص ،وهم «املالئكة» ،فإيامهنم ناشئ عن
فطرهتم ،وليس يف قدرهتم النظر والتفكري وحتصيل األدلة.
ـ 3قسم يزيد إيامنه وينقص ،وهم بقية العباد من اإلنس ،واجلن القادرين
عىل النظر واالستدالل ،أو االندفاع وراء اهلوى والشيطان.
وجممل ما سبق :أن اإليامن هو التصديق فقط ،وأن العمل رشط كامل ،وأن
النطق بالشهادتني رشط يف إجراء األحكام الدنيوية ،وأن اإليامن يزيد وينقص
وهذا هو الراجح عند أهل السنة.
((( سورة البقرة .اآلية.260 :
41
mK
41
املناقشة
: 1:سقال الناظم
ِ ُ ِ
ديـــدـــن ت َْر
خيـــل م ْ إيامنـــ ُه َل ْ *** إِ ْذ ك ُُّل َم ْ
ـــن َق َّلـــدَ يف التوحيـــد
3:سيقال :اإليامن واإلسالم إذا اجتمعا افرتقا ،وإذا افرتقا اجتمعا .كيف
يكون ذلك؟
هل توافق عىل هذه املقولة؟ ،دعم إجابتك بذكر آراء أهل العلم يف زيادة
اإليامن ونقصانه.
42
mK
42
7:سضع عالمة (√) أمام العبارة الصحيحة وعالمة (×) أمام العبارة اخلاطئة
فيام ييل:
( ) ( أ ) علم التوحيد أحد فروع الرشيعة .
(ب) األحكام التكليفية الوجوب والندب والتحريم والكراهة واإلباحة ( )
( ) (جـ) يستحب معرفة اهلل تعاىل عىل كل مكلف .
8:ساكتب املصطلح العلمي للمفاهيم التالية:
)أ(إفراد املعبود بالعبادة مع اعتقاد وحدانيته.
)ب(البالغ العاقل الذي بلغته الدعوة سليم احلواس.
)ج(االمتثال واالنقياد ملا جاء به النبي ﷺ مما علم من الدين بالرضورة
من األعامل الظاهرة.
***
43
mK
43
- 8الصفات اإلهلية
: َق َال النَّاظِ ُم
ِ
ـاء ال ُي َش ـ ُ
ـاب بال َع ــدَ ْم ـب لــه الوجــو ُد والقــدَ ْم *** ك ــذا بق ـ ً
فواجـ ٌ
قدَّ م املصنف الكالم يف اإلهليات بوجه عام؛ ألهنا متع ِّلقة باهلل سبحانه وتعاىل،
وما يتع َّلق به َّ
جل شأنه مقدَّ م عىل كل ما عداه ،وإنام بدأ من هذه املباحث بالواجب
له ثم بالكالم عىل الوجود؛ ألن الوجود كاألصل لكل ما عداه ،وما عداه كالفرع
له ،أال ترى أن احلكم بوجوب الواجبات له سبحانه وتعاىل ال يتعقل إال بعد
احلكم بوجوب الوجود له؟.
فيجب هلل تعاىل إمجاال كل كامل يليق بذاته ،وكامالت اهلل ال هناية هلا ،وجيب
عىل املكلف أن يعرف من هذه الكامالت «سبع صفات» عىل التفصيل تسمى
«صفات املعاين» ،وأن يعرف «الصفة النفسية» ،وهي الوجود وأن يعرف
«الصفات السلبية» ،أو «التنزهيية» وهي مخس :القدم والبقاء واملخالفة للحوادث
والقيام بالنفس والوحدانية.
طرق إثبات الصفات:
إثبات كل صفة من هذه الصفات إما أن يكون طريقه العقل ،وإما أن يكون
طريقه النقل أي الرشع.
فإذا كانت الصفات مما يتو َّقف عليه اخللق واإلجياد فال بد من إثباهتا عن
طريق الدليل العقيل ،ويأيت الدليل النقيل مؤيدً ا ،وهذه الصفات تسع صفات
44
mK
44
وهي :الوجود ،والقدم ،والبقاء ،واملخالفة للحوادث ،والقيام بالنفس ،واحلياة،
والعلم ،واإلرادة ،والقدرة.
النقيل مثبتًا ،والدليل
ّ أما الصفات التي ال يتو َّقف عليها اإلجياد فيكون الدليل
العقيل مؤكِّدً ا وهي صفات السمع ،والبرص ،والكالم.
أما الوحدانية فقد اختُلف يف طريق ثبوهتا :هل تثبت ابتداء بالعقل أو بالنقل؟
والصحيح أن االعتامد يف ثبوهتا عىل العقل ،والقرآن الكريم خاطب العقل
يف إثبات الوحدانية ،وإبطال الرشك.
***
45
mK
45
ً
أول :الصفة النفسية
وجود اهلل عز وجل
الوجود صفة يتصف هبا املوجود ،وهي عند الشيخ األشعري مشرتك لفظي،
ف َعدُّ الوجود عنده صفة من باب التسامح ،وعند مجهور املتكلمني الوجود
ليس صفة زائدة عىل الذات يف اخلارج ،لكنها أمر اعتباري ،فليس يف عدّ ه صفة
تسامح ،فقد عدُّ وا السلوب صفات ِ
كالقدم والبقاء ،والوجود بمعنى الثبوت ُّ
والتحقق والشيئية.
واملوجود إما أن يكون وجوده لذاته ،أي :ليس لع َّلة خارجية ـ أي سبب ـ
أ َّثرت فيه ،وهذا املوجود هو اهلل تعاىل فقط ،وإما أن يكون وجوده لغريه أي:
ليس ذات ًّيا ،فله ع َّلة خارج َّية أ َّثرت فيه وذلك املؤ ِّثر هو اهلل تعاىل.
الدليل على وجود اهلل تعالى:
الدليل عىل وجود اهلل تعاىل هو األساس الذي ُيبنى عليه إثبات الصفات
األخرى ،فال يمكن إثبات الواجبات ،ونفي املستحيالت ،والقول بإمكان
اجلائزات بدون إثبات أنه تعاىل موجود واجب الوجود.
ومعنى أنه تعاىل واجب الوجود أنه تعاىل ال جيوز عليه العدم ،فال يقبل العدم
ال ً
أزل وال أبدً ا ،ال يف املايض ،وال يف احلارض ،وال يف املستقبل.
َوك ُُّل حقيقة علمية ال بد أن تستند يف هناية األمر إىل حقيقة رضورية ال حتتاج
إىل برهان ،وإال َل َظ َّل الربهان يف سلسلة ال تنقيض ،فال يزول اجلهل ،وال حيل
العلم.
ُ حم َّله
46
mK
46
وقد أمجع العلامء عىل أن وجود يشء من املمكنات دون أسباب تقتيض وجوده
باطل بالبداهة ،فكون اليشء جار ًيا عىل ن ََسق معني ،ثم يتغري عن نسقه ،ويتحول
حمول إطال ًقا من األمور واضحة البطالن. مغي ،أو ّ
عنه بدون وجود أي ِّ
مر بك أن مجيع األحكام املفروضة يف العقل ال خترج عن أحد أوصاف
وقد ّ
ثالثة :الوجوب ،االستحالة ،اإلمكان.
وهذا الكون الذي نراه يف مجلته ،إنام هو من نوع املمكن ،أي :أن العقل جيزم
أن من املمكن أن توجد أسباب
بأنه ال يرتتب أي حمال عىل فرض انعدامه ،ويرى ّ
تعدمه من أصله دون أن يستلزم ذلك ً
حمال ال يقبله العقل ،وكل ما هذا شأنه
فال بد له من مؤثر خارجي ُي َر ِّجح فيه أحد جانبي اإلمكان عىل اجلانب اآلخر،
فالعامل ال بد له من مؤثر خارجي عنه ،وقوة عظمى أوجدته وهي قوة اهلل سبحانه
وتعاىل.
إبطال القول بالصدفة والطبيعة:
وبناء عىل ما سبق يتبني لك بطالن القول إن العامل ُو ِجدَ هكذا بدون حاجة إىل
ُموجد ،أو ُوجد بطريق الصدفة املحضة ،فبطالن ذلك واضح للعيان ال حيتاج
إىل إقامة برهان.
كام يتضح فساد رأي من يقول إن العامل مستمر بحكم التوالد الذايت ،الذي
ال ّأول له؛ ألنه يستلزم التسلسل ،وقد علم العقالء أن التسلسل حمال.
ومعنى التسلسل :فرض أن املخلوقات كلها متوالدة عن بعضها إىل ما
ال هناية ،بحيث يكون كل واحد منها متوق ًفا عىل ما قبله إىل غري هناية.
47
mK
47
فالقول بالتوالد الذايت باطل بالرضورة ،إذ إن سلسلة املخلوقات املمكنة
مهام طالت ،فإن استمرار طوهلا ال خيرجها ـ عىل كل حال ـ عن كوهنا ممكنة،
مرجح.
واملمكنات ال بد لرجحان أحد طريف اإلمكان فيها من ِّ
إبطال التسلسل:
باحلس واملشاهدة؛ ذلك أننا نعلم بأن هناك خملوقات
ِّ ٌ
منقوض كام أن التسلسل
قد انقرضت ،فلو تسلسلت املوجودات إىل ما ال هناية له بحيث تكون كل واحدة
منها معلولة ملا قبلهاِ ،
وع َّلة ملا بعدها ملا انقرضت تلك املوجودات ،وذلك باطل
باملشاهدة.
معنى َّ
الدور:
الدور :أن يتو َّقف اليشء يف وجوده املطلق عىل يشء آخر ،إال أن هذا اليشء
متو ِّقف يف ذلك الوجود ويف نفس الوقت عىل ذلك اليشء األول ،فمن املحال
إ ًذا أن يوجد هذا اليشء أو ذاك.
عيل
عيل ،ووجود ّ
مثال عىل ذلك :وجود حممد متوقف عىل وجود ّ ولنرضب ً
متأخر وهذا
ومتأخر ال َّ
ِّ متوقف عىل وجود حممدٌّ ،
فكل منهام متقدِّ م ال متقدَّ م،
دورا بمرتبة واحدة.
ور ًتناقض ،ويسمى هذا الدَّ ُ
أقر بحدوث َ
العال ،وا َّدعى أنه وجد بتأثري نفسه :ما وحاصل الكالم :نقول ملن َّ
أول نواة أو ذرة من ذرات العامل سبقت غريها يف الوجود؟ ومهام كان هذا اليشء
فإنا نقول :فام هى العلة التي أوجدته وأهنضته من ظلامت الاليشء فوضعته يف
أول مدارج الوجود؟ ،فلام أجاب بقوله بالتفاعل الذايت ،الذي يعني أنه هو العلة
املؤثرة أي :السبب يف إجياد ذاته؛ أي :أنه حينام كان يف ظلامت العدم املطلق ،كان
48
mK
48
خارجا ،ثم وجد هكذا وظهر يف ساحة الوجود ،فأصبح علة
ً متوقفا عىل أن يولد
إلجياد نفسه ،وال خيفى عليك أن هذا هو الدور يف أوضح أشكاله.
وإذا بطل مجيع ما سبق ،فقد ثبت وجود اهلل تعاىل بالدليل اليقيني القائم عىل
االستقراء العلمي ،فإنك تدرك أنه ما من جمموعة تركيبية معينة تتناسق يف سبيل
حتقيق غاية ت َّطرد يف حتقيقها ،إال من وراء هذه املجموعة ُمدَ ِّب ٌر.
فلو نظرت إىل هذا الكون العجيب وتراكيبه الدقيقة ،ورأيت كل ذلك يندفع
إىل حتقيق غاية معينة ضمن ظروف معينة ورشوط دقيقة ،علمت بالدليل القطعي
مدبرا هلا يدفعها يف طريق غاياهتا هذه.
أن من ورائها ً
وهكذا فقد علمت أن مطلب األلوهية تضافرت عليه الفلسفات والنبوات،
وأن األدلة الربهانية ماثلة يف األنفس واآلفاق ،وأن بواعثه النفسية مركوزة
يف العقول ،ويف الوجدانات ،غري أن الناس ليسوا عىل درجة سواء يف رسعة
التصديق والتسليم هبذه األدلة ،وال يف تيقظ انتباههم بكل هذه الوسائل.
***
49
mK
49
ثان ًيا :الصفات السلبية
الصفات السلبية :هي التي تفيد سلب ونفي ِّ
كل معنى ال يليق باهلل تعاىل أي:
أهنا تنفي عنه صفات النقص ،وهي غري منحرصة يف صفات حمددة ،وذلك كنفي
ً
تفصيل؛ ألن هذه الولد والزوجة واملعني ،وإنام وجب علينا معرفة مخسة منها
والبقاء ،واملخالف ُة للحوادث، الصفات اخلمس أصول للتنزهيات وهيِ :
القدَ ُم،
ُ
والقيا ُم بالنفس ،والوحداني ُة.
الق َدم
صفة ِ
ـ 1معنى القدم:
ِ
القدَ ُم معناه :عدم بداية وجود اهلل سبحانه وتعاىل ،أو هو :عدم افتتاح الوجود.
أو تسمى صفة األولية موافقة لقوله تعاىل :ﱹ ﯴ ﯵ ﱸ ،وضد القدم احلدوث،
وهو الوجود املسبوق بالعدم.
ـ 2اعلم أن القدم على ثالثة أنواع:
األول :القدم الذايت :وهو عدم افتتاح الوجود وهو الثابت هلل تعاىل.
الثاين :القدم الزماين :وهو مستحيل يف حقه تعاىل ،ويفرس بأنه طول مدة
وجود اليشء ،فإن قلت :عرجون قديم ،ضالل قديم ،بناء قديم ،فاملعنى الذي
تدل عليه العبارة :أنه قد طال عليه الزمان منذ ُو ِجدَ ،وذلك ال ينايف أنه حادث
بمعنى كون وجوده مسبو ًقا بالعدم ومن هذا قوله تعاىل :ﱹ ﯬ ﯭ ﯮ
ﯯ ﯰ ﯱ ﯲﱸ((( ،وقوله تباركت أسامؤه :ﱹ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ
ﯽ ﱸ(((.
((( سورة يس .اآلية.39 :
((( سورة يوسف .اآلية.95 :
50
mK
50
أيضا حمال عىل اهلل تعاىل ،و ُي َف َّس بأنه سبق اليشء
الثالث :القدم اإلضايف ،وهو ً
يف الوجود ليشء آخر ،وذلك كقدم األب بالنسبة لالبن.
الق َدم َّلل تعالى:
الدليل العقلي على إثبات ِصفة ِ
قديم لكان حاد ًثا؛ إذ ال واسطة بني القديم واحلادث ،ولو
أنه لو مل يكن ً
كان حاد ًثا الحتاج إىل حمدث ،ولو احتاج إىل حمدث الحتاج حمدثه إىل حمدث؛
لتشاهبهام يف احلاجة ،فيلزم الدور ،أو التسلسل ،وكل منهام حمال ،فام أ َّدى إليه
وهو احتياجه إىل حمدث حمال ،فام أ ّدى إليه وهو كونه حاد ًثا حمال ،فام أ ّدى إليه
قديم حمال ،وإذا استحال كونه حاد ًثا ،وجب أن يكون ً
قديم، وهو عدم كونه ً
وهو املطلوب.
قديم لكان حاد ًثا ،ولو كان حاد ًثا لكان جائز
ويمكن أن يقال إنه لو مل يكن ً
الوجود ،مع أنه قد ثبت أنه تعاىل واجب الوجود ،فبطل ما خيالف وجوب
الوجود وهو (احلدوث) ،وثبت أنه قديم.
ودليله النقلي:
ف ِ
نفسه ـ تعاىل ـ باألول دليل عىل قال تعاىل :ﱹ ﯴ ﯵ ﯶ ﱸ(((َ ،ف َو ْص ُ
صفة القدم ،ووصف نفسه باآلخر دليل عىل صفة البقاء بعد فناء كل يشء من
غري هناية لوجوده.
الفرق بين القديم واألزلي:
األزيل :ما ال أول له سواء كان وجوديا أو عدم ًّيا ،أما القديم فله ثالثة
َّ أن
ّ
معان:
***
52
mK
52
صفة البقاء
البقاء معناه :عدم آخرية الوجود .فنعتقد أن اهلل ٍ
باق ال انتهاء لوجوده .وضد
أخذا من قوله :ﱹ ﯴ ﯵ ﯶ ﱸ(((. البقاء :الفناء ،وتسمى صفة اآلخرية ً
ودليل بقائه تعالى:
أو ًال :الدليل العقلي:
القدَ مِ ،كيف وقد ثبت ِقدَ ُمه؟
ـ 1أنه لو جاز عليه العدم الستحال عليه ِ
واتفق العقالء عىل أن ما ثبت قدمه استحال عدمه ،وإذا استحال العدم
ثبت البقاء ،وتقدم هذا يف كالم املصنف:
يســتحيل ِ
القــدَ ُم ُ عليــه قط ًعــا *** وك ُّل مــا جــا َز عليــه العــد ُم
ـ 2ويمكن أن يقال :إنّه ـ تعاىل ـ لو مل يكن باق ًيا ،لكان فان ًيا ،ولو كان فان ًيا،
ملا كان واجب الوجود ،وقد ثبت أنه ـ تعاىل ـ واجب الوجود ،فبطل ما
أ ّدى إليه من كونه ـ تعاىل ـ يفنى ،وثبت أنه ـ تعاىل ـ ال يفنى.
اعتض عىل قاعدة« :كل ما ثبت ِقدمه ،استحال عدمه» بأن عدم فإن ُ
قديم ،وقد انقطع بوجودها فيام ال يزال .فام ثبت قدمه،
املخلوقات يف األزل كان ً
مل يستحل عدمه؟
ُأجيب :بأن هذه القاعدة خاصة بالقديم الوجودي ،وليس بالقديم العدمي
املمكن الوجود.
***
***
59
mK
59
األدلة على اتصافه -تعالى -بالوحدانية:
الدليل األول :عدم التعدد يف الذات :أنه لو تعدد اإلله؛ كأن يكون هناك
إهلان ملا وجد يشء من العامل ،لكن عدم وجود يشء من العامل باطل؛ ألنه موجود
باملشاهدة ،فام أ ّدى إليه وهو التعدُّ د باطل ،وإذا بطل التعدُّ د ثبتت الوحدانية،
وهو املطلوب.
وإنام لزم من التعدُّ د عدم وجود يشء من العامل؛ ألهنام إما أن يتفقا ،وإما أن
خيتلفا.
ً
أول :فإن اتفقا:
ـ 1فليس بجائز أن يوجداه م ًعا عىل االستقالل ٍّ
لكل منهام؛ لئال يلزم اجتامع
مؤ ِّثرين عىل أثر واحد.
ُ
حتصيل ـ 2وليس بجائز أن ُيوجده أحدمها ثم ُيوجده اآلخر؛ لئال يلزم
احلاصل ،وحتصيل احلاصل حمال.
ـ 3وليس بجائز أن يوجده أحدمها دون اآلخر؛ للزوم عجز من مل ينفذ مراده
واآلخر مثله؛ النعقاد املامثلة بينهام.
ثان ًيا :وإن اختلفا بأن أراد أحدمها وجود يشء وأراد اآلخر عدمه .فاالحتامالت
العقلية ثالثة ،وكلها باطلة ،وهي:
ـ 1أن ينفذ مرادمها م ًعا :وهو حمال ألنه اجتامع للنقيضني.
ـ 2أال ينفذ مرادمها م ًعا :وهو حمال ألنه رفع للنقيضني ،ويلزم عجزمها،
والعجز عىل اإلله حمال.
ـ 3أن ينفذ مراد أحدمها دون اآلخر :فمن مل ينفذ مراده عاجز والثاين مثله ألن
فرض اإلهلني التساوى ىف كل صفات األلوهية.
60
mK
60
وقد ذكر املوىل سبحانه وتعاىل هذا الدليل يف قوله تعاىل :ﱹ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ
ﯣ ﯤ ﯥﯦ ﱸ ((( ،أي :لو كان يف الساموات واألرض جنس اآلهلة غري اهلل مل
توجدا ،لكن عدم وجودمها باطل؛ ملشاهدة وجودمها ،فبطل ما أ َّدى إليه ،وهو
وجود جنس اآلهلة غري اهلل ـ تعاىل ـ ،وثبت أن اهلل ـ تعاىل ـ واحد وهو املطلوب،
غري اهلل.
فليس املحال اجلمع فقط ،بل املحال جنس اآلهلة ُ
واآلية تبني أن وحدة النظام يف الكون تستلزم أن يكون ُمد ِّبر الكون هو اهلل
وحده وأن تعدد اآلهلة يستلزم فساد السموات واألرض ،وهذا التالزم بني املقدَّ م
والتايل تالزم عقيل ،ومن َث َّم فإن اآلية الكريمة تكون حجة قطعية تفيد اليقني.
الدليل الثاين :عدم الرتكب يف الذات :اهلل واحد يف ذاته ،فليست ذاته ـ تعاىل
حمتاجا إىل
ً ـ مركَّبة من أجزاء؛ ألهنا لو كانت مركَّبة من أجزاء لكان اهلل ـ تعاىل ـ
لتتكون منها ذاته ،واالحتياج نقص ،والنقص عىل اهلل ـ تعاىل ـ مستحيل. َّ أجزائه
الدليل الثالث :وهو من األدلة النقلية :قال تعاىل :ﱹ ﯽ ﯾ ﯿﰀ ﰁ ﰂ
ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﱸ ((( ،ﱹ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣﮤ ﮥ ﮦ ﮧﮨ ﮩ
ﮪ ﮫ ﱸ ((( ،ﱹ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﱸ((( ،واآليات يف هذا املعنى كثرية.
تنزهه ـ تعالى ـ عن الضد:
والضدان مها :األمران الوجوديان اللذان بينهام غاية االختالف ال جيتمعان،
فلو ُف ِرض أن هلل ـ تعاىل ـ ضدّ ا يف ذاته ،أو صفاته لوجب ارتفاع ذاته ،أو صفاته
ارتفا ًعا مطل ًقا إن ثبت الضدّ ً
دائم ،أو ارتفا ًعا مق َّيدً ا بحالة وجود الضد إن مل يثبت
دائم؛ ألنه متى ثبت أحد الضدين ارتفع اآلخر ،والفرض أنه واجب الوجود، ً
قديم ،وكذا صفاته.
((( سورة األنبياء .اآلية.22 :
((( سورة البقرة .اآلية.163 :
((( سورة احلرش .اآلية.22 :
((( سورة اإلخالص .اآلية.1 :
61
mK
61
َت َنُّز ُهه ـ تعالى ـ عن الشبيه:
والشبيه :هو املساوي يف أغلب الوجوه.
والنظري :هو املساوي ولو يف بعض الوجوه.
واملثيل :هو املساوي يف مجيع الوجوه.
لكن املراد بالشبيه هنا :مطلق املشابه ،فيشمل ًّ
كل منهام ،فليس له ـ تعاىل ـ
مشابِه يف ذاته ،وال يف صفاته ،وال يف أفعاله؛ لوجوب خمالفته ـ تعاىل ـ للممكنات
ً
وأفعال. ٍ
وصفات ذاتًا
َت َنُّز ُهه ـ تعالى ـ عن الشريك:
ليس هلل ـ تعاىل ـ رشيك يف ذاته وال يف صفاته وال يف أفعاله.
َت َنز ُُّهه ـ تعاىل ـ عن الوالد:
اهلل ـ تعاىل ـ منزه عن والد ،أب أو أم لصدق (الوالد) عليهام ،فاهلل تعاىل ليس
ً
منفصل عن غريه.
َت َنُّز ُهه ـ تعالى ـ عن الولد:
الولد كالوالد يف وجوب تنزه اهلل ـ تعاىل ـ عنه ،فليس هلل ـ تعاىل ـ ولد ال ابن ،وال
بنت ،وليس عيسى ولدً ا هلل ،بل خلقه اهلل ـ تعاىل ـ بال أب ،كام خلق آدم
أغرب ،خ َلقه من تراب بال ٍ
أب ،وال أ ٍّم ،فليس غريه ـ بال أب ،بل آدم
ً
منفصل عنه. تعاىل ـ
َت َنُّز ُهه ـ تعالى ـ عن الصديق واألعداء:
وهو ـ تعاىل ـ منزَّه عن األصدقاء ،فمحال أن يكون هلل ـ تعاىل ـ صديق عىل
الوجه املعتاد من أن ًّ
كل يعاون اآلخر وينفعه ،فال ينايف أن يكون هلل ـ تعاىل ـ
62
mK
62
صديق بمعنى املخلص يف عبادته ـ تعاىل ـ ،لكن ال جيوز أن يطلق لفظ صديق
اهلل ـ تعاىل ـ ؛ ألنه مل َي ِر ْد ،كام أنه يوهم املعنى املحال.
وكام يستحيل عىل اهلل ـ تعاىل ـ األصدقاء يستحيل عليه األعداء عىل الوجه
عدو بمعنى املعتاد من أن ًّ
كل يؤذي اآلخر ويرضه ،فال ينايف أن يكون هلل ـ تعاىل ـ ٌّ
املخالف ألمره كام يف قوله تعاىل :ﱹ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﱸ(((.
واألصل القاطع يف ذلك املؤكِّد للدليل العقيل قوله تعاىل :ﱹ ﭡ ﭢ
ﭣﭤ ﭥ ﭦ ﭧﱸ((( ،وقوله :ﱹ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔﱸ((( ،إىل آخر
السورة التي تسمى سورة اإلخالص.
وسبب نزوهلا أن املرشكني سألوا رسول اهلل ﷺ عن ربه فقالوا :صف لنا
ربك أمن ذهب أم من فضة؟ ،وقد نفت السورة أنواع الكفر الثامنية.
فقوله :ﱹ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﱸ((( ،نفى الكثرة ،والعدد.
وقوله :ﱹﭖ ﭗ ﱸ((( ،وهو الذي ُيقصد يف احلوائج ،نفى القلة،
والنقص.
وقوله :ﱹﭙ ﭚ ﭛ ﭜﱸ((( نفى العلة واملعلولية :أي :أن يكون تعاىل
علة لغريه ،وأن يكون معلوال لغريه ،بأن يكون غريه علة له.
وقوله :ﱹﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﱸ((( ،نفى الشبيه ،والنظري.
3:سهلل صفات سلبية كثرية ،فام معنى كون الصفة سلبية؟ وما عددها
ً
تفصيل؟
)أ( ﱹ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﱸ.
)ب( ﱹ ﭡ ﭢ ﭣﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﱸ.
)ج( ﱹ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩﮪ ﱸ.
)د( ﱹ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﱸ.
)ـه( ﱹ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥﯦ ﱸ.
ً
وأفعال. ٍ
وصفات 5:ساستدل بالعقل عىل أن اهلل خمالف للحوادث ذاتًا
6:س َع ِّرف الصفات التالية ،واذكر ً
دليل عىل كل منها:
64
mK
64
7:سضع عالمة (√) أمام العبارة الصحيحة وعالمة (×) أمام العبارة اخلاطئة
فيام ييل:
( ) )أ(األزيل ما ال أول له سواء أكان وجود ًّيا أم عدم ًّيا .
( ) )ب(أحكام العقل االستحباب واحلرمة والكراهة .
)ج(التسلسل يعني أن املخلوقات كلها متوالدة عن بعضها إىل ما ال
( ) هناية .
( ) )د(وحدانية اهلل تعاىل تصف عدم التعدد يف ذاته .
8:سختري اإلجابة الصحيحة بوضع عالمة (√) أمامها:
)أ(تثبت الصفات الواجبة هلل تعاىل بـ
ـ النقل والعقل م ًعا.
ـ النقل فقط. ـ العقل فقط .
)ب(تكمن أنواع القدم يف:
ـ القدم املكاين.
ـ القدم الزماين.
ـ مجيع ما سبق
ـ القدم اإلضايف.
)ج(من الصفات السلبية:
ـ السمع. ـ القدم .
ـ الوجود.
)د(وحدانية اهلل تعاىل تعني عدم التعدد يف:
ـ صفاته.
ـ يف ذاته.
ـ مجيع ما سبق.
ـ أفعاله.
***
65
mK
65
ً
ثالثا :صفات املعاني
: َق َال النَّاظِ ُم
ِ
ـت أمـ ًـرا وع ْلـ ًـا ِّ
والر َضــا كــا ثبـ ْ *** ـــــرت
ْ َو ُقــــدْ َر ٌة إراد ٌة و َغا َي
واطرح ِ
الر َيب َ فا ْت َبع َسبيل احلق *** وعلمـــه وال يقـــال ُم ْكتَســـب
واصطالحا:
ً تعريف المعاني لغة
واملعاين مجع معنى ،وهو لغة :ما قابل الذات ،فيشمل النفس ّية والسلب ّية،
قادرا
حكم ،ككونه ـ تعاىل ـ ً واصطالحا :كل صفة قائمة بموصوف موجبة له ً
ً
فإنه الزم للقدرة.
وصفات املعاين هي :الصفات الكاملية الواجبة هلل ـ تعاىل ـ ،وكامالت اهلل
ـ تعاىل ـ ال هناية هلا ،وجيب عىل املكلف أن يعرف منها سبع صفات ،وهي:
القدرة ،واإلرادة ،والعلم ،واحلياة ،والسمع ،والبرص ،والكالم.
ً
تفصيل وانحصار صفات املعاين يف السبع هو بالنظر إىل ما قام الدليل عليه
مع قطع النظر عن صفات وقع فيها اخلالف ،ومل يقم الدليل عىل أهنا صفات
زائدة عىل هذه السبع ،كاإلدراك والتكوين.
صفة القدرة
واصطالحا :صفة أزلية
ً القوة واالستطاعة ،وضدها العجز، القدرة لغةَّ :
قائمة بذاته ـ تعاىل ـ يتأتَّى هبا إجياد كل ممكن وإعدامه عىل ِوفق اإلرادة والعلم.
وبالقدرة يـتأتى اإلجياد واإلعدام للمخلوقات ،و ُقدمت القدرة يف ِّ
الذكر عىل
غريها من صفات املعاين لظهور أثرها الواضح يف إجياد املخلوقات.
الصلوحي
ّ وقوله( :يتأتى هبا إجياد كل ممكن وإعدامه) ،إشارة إىل تع ُّلقها
القديم.
66
mK
66
تعلقات القدرة:
سمى التعلق الصلوحي القديم ،وثالثة يسمى
للقدرة سبع تعلقات ،واحد ُي َّ
كل منها تعلق القبضة ،وثالثة كل منها يسمى التعلق التنجيزي احلادث.
أما األول فهو صالحيتها يف األزل لإلجياد واإلعدام فيام ال يزال.
وأما تعلقات القبضة الثالثة فهي :أن تتع َّلق بِ َعدَ ِمنا فيام ال يزال قبل وجودنا،
وباستمرار الوجود بعد العدم ،وباستمرار العدم بعد الوجود ،بمعنى أن املمكن
يف قبضة القدرة ،فإن شاء اهلل أبقاه عىل عدمه ،أو عىل وجوده ،وإن شاء أوجده،
أو أعدمه.
وأما التعلقات التنجيزية احلادثة فهي :تعلقها بإجيادنا بالفعل بعد العدم
السابق ،وتعلقها بإعدامنا بالفعل بعد الوجود ،وتعلقها بإجيادنا حني البعث.
والقدرة ال تتعلق بكل من الواجب واملستحيل؛ ألهنا إن تعلقت بالواجب
فال يصح أن تعدمه؛ ألنه ال يقبل العدم ،وال يصح أن توجده؛ ألنه يلزم منه
حتصيل احلاصل ،وإن تع َّلقت باملستحيل فعىل العكس من ذلك؛ ألهنا لو تعلقت
ً
حتصيل للحاصل. به إلجياده كان قل ًبا للحقائق ولو تعلقت به؛ إلعدامه كان
خصصه اهلل ـ تعاىل ـ
َّ والقدرة ت ِ
ُوجد عىل ِوفق ختصيص اإلرادة ،أي :أن ما
بإرادته أبرزه بقدرته ،فتع ُّلق اإلرادة؛ لكونه أزل ًّيا سابق عىل تع ُّلق القدرة؛ لكونه
تنجيز ًّيا حاد ًثا ،فالرتتيب يف فهم التع ُّلقني ال بني الصفتني؛ وإال كان املتأخر
حاد ًثا.
67
mK
67
دليل صفة القدرة:
دليلها العقيل :اهلل ـ تعاىل ـ صانع قديم له مصنوع حادث ،وكل من كان
كذلك جتب له القدرة ،فاهلل ـ تعاىل ـ جتب له القدرة.
قادرا لكان عاجزًا ،ولو كان عاجزًا ملا
ويمكن أن يقال :لو مل يكن اهلل ـ تعاىل ـ ً
استطاع إجياد هذا العامل هبذا النظام البديع ،لكنه ـ تعاىل ـ أوجد هذا العامل ،فثبت
أنه قادر.
أيضا :ﱹ ﰌ ﰍ
ودليلها النقيل :قال تعاىل :ﱹ ﰟ ﰠ ﰡ ﰢ ﰣ ﱸ((( ،وقال ً
ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ ﰖﰗ ﰘ ﰙ ﰚ ﰛ ﱸ((( ،واآليات
يف هذا املعنى كثرية جدًّ ا.
***
***
70
mK
70
الفرق بني األمر واإلرادة
األمر :طلب الفعل.
اإلرادة ختالف وتباين األمر ،فهي ليست عينَه وال مستلزمة له ،وبناء عىل
ذلك:
أمرا ويأمر به ،كإيامن من علم اهلل منهم اإليامن ،فإنه ـ تعاىل
ـ 1فقد يريد اهلل ً
ـ أراده منهم وأمرهم به.
ـ 2وقد ال يريد وال يأمر ،كالكفر من هؤالء ،فإنه ـ تعاىل ـ مل يرده منهم ،ومل
يأمرهم به.
ـ 3وقد يريد وال يأمر ،كالكفر الواقع ممن علم اهلل ـ تعاىل ـ عدم إيامهنم،
وكاملعايص ،فإنه أراد ذلك ،ومل يأمر به.
ـ 4وقد يأمر وال يريد ،كإيامن الكافرين فإنه أمرهم به ،ومل يرده منهم.
مغايرة اإلرادة للعلم والرضا:
أيضا ختالف العلم ،بمعنى أهنا ليست عني العلم ،وال مستلزمة له واإلرادة ً
لتع ُّلق العلم بالواجب واملستحيل واجلائز ،وال تتع َّلق اإلرادة إال باجلائز فقط.
الغرض من ذكر مخالفة اإلرادة للعلم:
الغرض من ذلك الر ُّد عىل َمن زعم من املعتزلة أن إرادته ـ تعاىل ـ لفعله علمه
به ،فر َّد بمغايرة اإلرادة لألمر وللعلم.
وكذلك تُغايِر اإلرادة الرضا ،فرضاه ـ تعاىل ـ غري إرادته ،فرضاه ـ تعاىل ـ
هو :قبول اليشء واإلثابة عليه.
71
mK
71
الغرض من ذكر مخالفة اإلرادة للرضا:
فس اإلرادة بالرضا ،فإن اإلرادة قد تتع َّلق بام ال
الغرض منه الر ُّد عىل من َّ
يرىض به اهلل ـ تعاىل ـ ،كالكفر الواقع من الكفار فإنه ـ تعاىل ـ أراده وال يرىض به.
األدلة على وجوب صفة اإلرادة هلل تعالى:
دليلها العقيل :اهلل صانع العامل باالختيار ،وكل من كان كذلك جتب له اإلرادة
فاهلل ـ تعاىل ـ جتب له اإلرادة.
وجود التنوع واالختالف يف الكون يدل عىل أن خالقه مريد خمتار ككون هذا
قصريا ،وهذا صحيحـًا ،وهذا مريضـًا ،وهذا أبيضـًا ،وذاك أسود
ً ً
طويل ،وهذا
...إلخ.
مكرها للزم وجود
ً خمتارا لكان ُمك َْر ًها ،ولو كان
ويمكن أن نقول :لو مل يكن ً
كرهه ،فيكون عاجزًا ،كيف وقد ثبت أنه واجب الوجود؟ ،فانتفى كل ما من ُي ِ
قادر ،ال يعجزه يشء.
عداه ،وثبت أنه ـ تعاىل ـ ٌ
كل عىل إطالق القول إنه ـ تعاىل ـ مريد ،وشاع ذلكوأيضا فقد اتفق ٌّ
ً
،وال يفهم من قولنا :مريدٌ بحسب اللغة يف كالمه ـ تعاىل ـ وكالم أنبيائه
ذات ثبتت هلا اإلرادة ،إذ ال ُيعقل مريد بال إرادة ،وإن نازع يف ذلك املعتزلة.
إال ٌ
الدليل النقلي على صفة اإلرادة:
قال تعاىل :ﱹ ﯷ ﯸ ﯹﱸ((( ،ﱹ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢﯣ ﱸ((( ،ﱹﮇ
ﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑ ﮒﮓﮔﮕﮖﮗ
ﮘﮙ ﮚ ﮛﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡﱸ(((.
((( سورة هود .اآلية.107 :
((( سورة القصص .اآلية.68 :
((( سورة آل عمران .اآلية.26 :
72
mK
72
صفة العلم
العلم لغة :اليقني.
واصطالحا هو :صفة قديمة قائمة بذاته تعاىل ،تنكشف هبا املعلومات
ً
انكشا ًفا ًّ
تاما مل يسبقه خفاء ،سواء أكانت هذه املعلومات واجبة أم مستحيلة أم
ممكنة ،فاهلل يعلم كل يشء عىل ما هو عليه يف الواقع.
تعلقات العلم :ذهب مجهرة العلامء إىل تعلق العلم بجميع األشياء تعل ًقا
قديم ،فيعلم اهلل سبحانه وتعاىل األشياء ً
أزل عىل ما هي عليه ،وكوهنا تنجيز ًيا ً
وجدت يف املايض ،أو موجودة يف احلال ،أو توجد يف املستقبل ،أطوار يف
املعلومات ال توجب تغريا يف َتع ُّل ِق ِ
العلمِ ،وليس له تعلق صلوحي ،وال تنجيزي َ ً
يعلم ليس بعاملٍ ،والتنجيزي احلادث
ألن َالصالح ْ
َ ألن حادثّ ،
وإل لزم اجلهل؛ ّ
يستلزم سبق اجلهل ،وهذا هو الصحيح.
وجعل بعضهم له ثالثة تعلقات:
ـ 1تنجيزي قديم بالنسبة لذات اهلل وصفاته.
ـ 2وصلوحي قديم بالنسبة لغريه تعاىل قبل وجوده ،فإن العلم صالح؛ ألن
يتعلق بوجوده ،ومل يتعلق بوجوده بالفعل؛ ألن علم وجود اليشء قبل
تنجيزي قديم.
ٌّ وجوده جهل ،نعم علمه بأنه سيكون
ألن
ألن الصالح ْ
األولني :لو كان له تعلق صلوحي لزم اجلهل؛ ّوأما قول َّ
يعلم ليس بعامل ،فجوابه :أن ثبوت الوجود لِز ٍ
َيد بالفعل ال يصلح أن يكون
معلوما
ً معلوما قبل وجوده بالفعل ،وعدم تعلق العلم بيشء ال يصلح أن يكون
ً
ً
جهل ،كام أن عدم تعلق القدرة بيشء ال يعد عجزًا. ال يعدّ
73
mK
73
ـ 3وتع ُّلق تنجيزي حادث ،بالنسبة لغريه تعاىل بعد وجوده بالفعل.
لكن احلق :أنه ليس له إال تعلق تنجيزي قديم ،فيعلم املوىل األشياء ً
أزل
ً
وتفصيل ،ويعلم الكليات واجلزئيات. ً
إمجال
ً
تفصيل، ويعلم سبحانه ما ال هناية له ككامالته ،وأنفاس أهل اجلنة ،فيعلمها
ويعلم أنه ال هناية هلام ،وتوقف التفصيل عىل التناهي إنام هو بحسب عقولنا،
علم.
ودخل يف ذلك علمه ،فيعلم بعلمه أن له ـ تعاىل ـ ً
ضروريا وال ًّ
نظريا وال بديهيًّا: ًّ علم اهلل تعالى ليس مكتس ًبا وال
وعلم اهلل تعاىل ليس مكتس ًبا الستحالته يف حقه تعاىل؛ ألن الكسبي عر ًفا
يقتيض أسبقية اجلهل :وهو العلم احلاصل عن النظر واالستدالل ،فإذا أقمت
العال بأن قلتَ :
العال متغري ،وكل متغري حادث ،ينتج :العامل دليل عىل حدوث َ ً
حادث ،فالعلم بحدوث العامل حاصل عن نظر واستدالل ،فهو كسبي ،وقيل:
الكسبي هو ما تعلقت به القدرة احلادثة.
وما ورد مما يوهم اكتساب علمه تعاىل كقوله ّ
جل من قائل :ﱹ ﮧ ﮨ
ﮩ ﮪ ﮫ ﱸ((( ،مؤول عىل أن املراد واهلل أعلم ليظهر هلم متعلق علمنا.
واعلم أنه كام ال ُيقال :علمه مكتسب ،ال يقال :علمه رضوري وال نظري
وال بدهيي.
أما الرضوري :فهو وإن كان يطلق عىل ما ال يتوقف عىل نظر واستدالل،
أيضا عىل ما قارنته الرضورة ،فيمتنع أن
وهو صحيح يف حقه تعاىل ،لكن يطلق ً
يقال :علمه رضوري خو ًفا من توهم هذا املعنى.
وأما النظري :فهو ما توقف عىل النظر واالستدالل ،فهو مرادف للكسبي عىل
تعريفه األول ،فيمتنع أن يقال :علمه نظري الستلزامه احلدوث.
((( سورة الكهف .اآلية.12 :
74
mK
74
وأما البدهيي :فهو وإن كان يطلق عىل ما ال يتوقف عىل نظر واستدالل فيكون
أيضا عىل العلم احلاصل للنفس بغتة. مراد ًفا للرضوري عىل ِ
أحد معنييه ،لكن يطلق ً
األدلة على صفة العلم:
أوالً :الدليل العقلي:
اهلل تعاىل هو الذي أبدع هذا الكون ،وأقامه عىل سنن ونظم ال ختتل ،وال
تضطرب ،وهو الذي يمسك الساموات واألرض ،ومجيع النجوم والكواكب،
حتى ال يصدم بعضها بعضا ،أو خيتل بعضها عن مداره املقدر له وهو الذي
ُي َي ِّس كل ذرة ويرعى كل نسمة ويدبر أمر خلقه ويرصف كل شأن بحكمته،
ويستحيل أن حيصل ذلك كله من اهلل َّإل بعلم مطلق شامل.
حمكم بالقصد واالختيار ،وكل من كان
دليلها العقيل :اهلل فعل فعال متقنًا ً
كذلك جيب له العلم ،فاهلل جيب له العلم.
فإن قيل :إن هذا الدليل إنام يفيد علمه باجلائزات فقط ،فام الدليل عىل علمه
بالواجبات واملستحيالت؟
أجيب :بأن دليل ذلك دليل عدم افتقاره للمخصص؛ ألنه لو مل يعلم
حمتاجا ملن يكمله ،فيلزم أن يكون حاد ًثا فيفتقر
ً بالواجبات واملستحيالت لكان
للمخصص ،وقد تقدم دليل عدم افتقاره للمخصص.
ثان ًيا :الدليل النقلي:
قوله تعاىل :ﱹﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰﯱﱸ((( ،ﱹﮏ ﮐ ﮑ ﮒ
ﮓ ﮔﮕ ﮖ ﮗﮘﱸ((( ،ﱹﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬﱸ(((.
((( سورة البقرة .اآلية.255 :
((( سورة النساء .اآلية.166 :
((( سورة هود .اآلية.14 :
75
mK
75
صفة احلياة
: َق َال النَّاظِ ُم
ِ
ُث َّم ال َب َص بِذي َأتَانَا َّ
الس ْم ُع *** ـم ُع َح َيا ُت ُه ك ََذا الكَال ُم َّ
الس ْ
احلياة لغة :ضد املوت.
واصطالحا :صفة وجودي ٌة أزلي ٌة قائمة بذاته تعاىل تصحح اتصاف اهلل تعاىل
ً
بالعلم والقدرة واإلرادة ،وقد عرف الشيخ السنويس احلياة بتعريف يشمل
احلياة القديمة واحلادثة حيث قال« :هي صفة تصحح ملن قامت به اإلدراك» أي
ُصحح ملن قامت به ،وال يرضه اجلمع بني حقيقتني خمتلفتني بالقدم واحلدوث؛
ِّ ت
ألنه تعريف بالرسم ،ال تعريف باحلد.
فعرف احلياة القديمة بقوله:
وعرف بعضهم كال منهام بتعريف خيصهَّ .
صفة أزلية تقتيض صحة العلم أي :تقتيض صحة االتصاف به ،وكام تقتيض
صحة االتصاف بالعلم تقتيض صحة االتصاف بغريه من الصفات الواجبة،
ألن العلم واجب
وذكر لفظة (صحة)؛ ألن احلياة ال تستلزم العلم بالفعلَّ ،
يف حقه تعاىل للدليل السابق ،وأما يف حقنا فقد ينتفي العلم مع وجود احلياة كام
يف املجنون فإنه حي مع انتفاء العلم عنه.
وعرف احلياة احلادثة بقوله :هي كيفية يلزمها قبول احلس واحلركة اإلرادية
أيَ :ع َر ٌض يلزمه قبول اإلحساس وقبول احلركة اإلرادية ،بخالف احلركة
حمركِ ِه ،وحياة اهلل لذاته ليست بروح،
االضطرارية؛ كحركة احلجر بحركة ِّ
وحياتنا ليست لذاتنا بل بسبب روح.
76
mK
76
األدلة على صفة الحياة:
دليلها العقيل :اهلل يتصف بالقدرة واإلرادة والعلم ،وكل من كان كذلك جتب
له احلياة فاهلل جتب له احلياة.
ويمكن أن نقول :لو مل يكن ح ًّيا لكان ميتًا ،ولو كان ميتًا ما اتصف بالقدرة
واإلرادة والعلم ،وقد ثبت اتصافه هبا فهو حي.
ودليلها النقيل :قال تعاىل :ﱹ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩﮪ ﱸ((( ،ﱹ ﯬ
ﯭ ﯮ ﯯﯰ ﱸ(((.
أمرا زائدً ا عىل وصفة احلياة ال تتعلق بيشء ً
أصل ،وذلك؛ ألهنا ال تستلزم ً
أمرا زائدً ا عىل القيام بمحلها ،أال ترى
القيام بمحلها ،والصفة التي تتعلق تستلزم ً
أمرا يعلم به ،وكذا القدرة واإلرادة ونحومها.
أن العلم بعد قيامه بمحله يطلب ً
***
78
mK
78
فيهما وجود المأمور والمنهي فكذلك كان التعلق فيهام صلوح ًّيا قبل وجود
املأمور واملنهي ،وتنجيز ًيا حاد ًثا بعد وجودمها.
واعلم أن كالم اهلل يطلق عىل الكالم النفيس القديم ،بمعنى أنه صفة قائمة
بذاته تعاىل ،وعىل الكالم اللفظي بمعنى أنه خلقه ،وليس ألحد يف أصل تركيبه
كسب ،وعىل هذا املعنى حيمل قول السيدة عائشة :ما بني دفتي املصحف كالم
اهلل تعاىل.
وكل من أنكر أن ما بني دفتي املصحف كالم اهلل فقد كفر ،إال أن يريد أنه
أيضا؛ لكن جمازًا عىل األرجح.
ليس هو الصفة القائمة بذاته ً
وقال السنويس وغريه من املتقدمني :إن األلفاظ التي نقرؤها تدل عىل الكالم
القديم ،وهذا خالف التحقيق؛ ألن بعض مدلوله قديم كام يف قوله تعاىل:
ﱹ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩﮪ ﱸ((( ،وبعض مدلوله حادث كام يف قوله تعاىل:
ﱹ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﱸ(((.
الدليل على صفة الكالم:
ـ 1الدليل النقيل :قوله تعاىل :ﱹ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼﱸ((( ،ﱹ ﯱ ﯲ ﯳ
ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﱸ(((.
ـ 2الدليل العقيل :أن الكالم صفة كامل ،وكل كامل جيب له تعاىل وانتفاء
الكالم نقص والنقص مستحيل عليه تعاىل.
***
((( سورة البقرة .اآلية.255 :
((( سورة القصص .اآلية.76 :
((( سورة النساء .اآلية.164 :
((( سورة الكهف .اآلية.109 :
79
mK
79
صفة السمع
السمع يطلق يف احلوادث عىل :القوة املودعة يف ِصامخ األذن لتدرك هبا
األصوات عادة.
ويف حق اهلل ـ تعاىل ـ :هو صفة أزلية قائمة بذاته تعاىل تتعلق باملوجودات:
األصوات وغريها كالذوات ،تنكشف هبا مجيع املوجودات انكشا ًفا ً
تاما يغاير
االنكشاف بصفتي العلم والبرص وهذه طريقة السنويس يف تعريف السمع.
وذهب البعض إىل أن صفة السمع تتعلق باملسموعات فقط ،وهذا الكالم إن
ُحِل عىل املسموعات يف حقنا وهي األصوات فيكون خمال ًفا لطريقة السنويس
ومن تبعه ،وإن محل عىل املسموعات يف حقه ـ تعاىل ـ وهي املوجودات األصوات
وغريها ،فيكون مواف ًقا لطريقة السنويس ومن تبعه ،وهي الصواب.
األدلة على صفة السمع:
دليلها العقيل :لو مل يتصف اهلل تعاىل بصفة السمع التصف بضدها وهو
الص َمم ،وهو نقص ،والنقص عىل اهلل ـ تعاىل ـ مستحيل.
َّ
أيضا:
دليلها النقيل :قال تعاىل :ﱹ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﱸ((( ،وقال ً
ﱹ ﮖ ﮗ ﮘ ﱸ(((.
***
***
84
mK
84
10ـ النصوص املوهمة للتشبيه
: َق َال النَّاظِ ُم
***
املناقشة
: 1:سقال الناظم
........................... *** واخت ــر أن اس ــاه توفيقي ــة
رشحا موجزًا.
ارشح البيت السابق ً
2:سسلك العلامء يف فهم النصوص املومهة للتشبيه مسالك شتى .وضح
مذاهب العلامء يف ذلك.
3:سما الفرق بني التأويل والتشبيه؟ وأي املنهجني أوىل بالقبول؟
91
mK
91
تعريف القرآن الكريم:
هو اللفظ املنزل عىل نبينا حممد ﷺ املتعبد بتالوته املتحدى بأقرص سورة
منه ،واملحقق أن املنزل اللفظ واملعنى؛ ألن اهلل كتبه ً
أول يف اللوح املحفوظ ،ثم
أنزله يف صحائف إىل سامء الدنيا يف حمل يقال له( :بيت العزة) يف ليلة القدر ،كام
قال تعاىل :ﱹ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﱸ((( .ثم أنزله عىل النبي ﷺ مفر ًقا بحسب
الوقائع.
ويف النهاية كل ظاهر من الكتاب والسنة َّ
دل عىل حدوث القرآن فهو حممول
عىل اللفظ املقروء ال عىل الكالم النفيس ،لكن يمتنع أن يقال :القرآن خملوق إال
يف مقام التعليم كام سبق.
***
95
mK
95
13ـ اجلائز يف حقه تعاىل
: َق َال النَّاظِ ُم
ـه ا ْل ِغنَى
إِجيــادا اعدَ امــا كَرز ِْقـ ِ
َ ً ْ ً َ ***
وجائِــ ٌز ِف ح ِّق ـ ِ
ـه َم ــا َأ ْم َكنَ ــا َ َ َ
اجلائز :هو املمكن لذاته ،أي :الذي َت ْقبل ذاته الوجود والعدم ،فال يكون
ً
مستحيل لذاته؛ فاألمران بالنسبة إليه عىل السواء ،والقدرة واج ًبا لذاته وال يكون
إعداما ،فهي ُتنَ ِّف ُذ ما خصصته اإلرادة .وقد
ً ٍ
ممكن ،إما إجيا ًدا ،وإما تتع َّلق بكل
م َّثل املصنف بحالة اإلجياد برزقه تعاىل العبد الغني ،وحلالة اإلعدام برتكه رزقه.
أيضا :ﱹ ﮇ ﮈ ﮉ
قال تعاىل :ﱹ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢﯣ ﱸ((( ،وقال ً
ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘﮙ ﮚ
ﮛﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡﱸ(((.
***
***
97
mK
97
98
mK
98
قائمة املوضوعات
الصفحة املوضوع
3 مقدمة . ...................................................
6 أهداف الدراسة يف الصف األول ...........................
8 مقدمة اجلوهرة ورشحها ..................................
10 ( )1املبادئ العرشة لعلم التوحيد ..........................
10 1ـ التعريف بعلم التوحيد ................................ :
11 2ـ موضوع علم التوحيد .................................:
11 3ـ ثمرته .................................................:
11 4ـ فضله ................................................ :
11 5ـ نسبته .................................................:
11 6ـ واضعه ............................................... :
12 7ـ اسمه .................................................:
12 8ـ استمداده ............................................. :
12 9ـ حكمه رش ًعا ..........................................:
13 10ـ مسائله ..............................................:
14 2ـ التكليف واملك َّلف .....................................
14 تعريف التكليف ......................................... :
14 تعريف املك َّلف .......................................... :
14 رشوط التكليف ..........................................:
16 التعريف بأهل الفرتة وحكمهم ........................... :
16 حكم أبوي النبي ﷺ .....................................:
17 حكم من مل تبلغه الدعوة يف وقتنا احلارض .................. :
18 3ـ ما جيب عىل املكلف وأقسام احلكم العقيل ...............
mK
99
تابع قائمة املوضوعات
الصفحة املوضوع
18 واصطالحا. ...................................: ً املعرفة لغة
18 رشح التعريف ........................................... :
18 حكم معرفة اهلل .......................................... :
19 الدليل عىل وجوب معرفة اهلل ............................. :
19 رأي العلامء يف طريق وجوب املعرفة ...................... :
20 بيان احلكم وأقسامه ...................................... :
21 تعريف احلكم العقيل وأقسامه ............................ :
22 تنبيه ..................................................... :
25 4ـ التقليد وحكم إيامن املقلد ..............................
25 تعريف التقليد ........................................... :
25 حكم إيامن املق ِّلد ......................................... :
26 حكم إيامن العوام ........................................ :
27 5ـ أول ما جيب عىل ا ُمل َك َّلف ...............................
27 آراء العلامء يف ّأول واجب عىل ا ُمل َك َّلف .................... :
29 6ـ النظر ومسالكه ........................................
29 مسالك النظر ............................................ :
30 التفكر يف أحوال العا َلني العلوي والسفيل ................. :
31 7ـ اإليامن واإلسالم .......................................
31 تعريف اإليامن ........................................... :
31 رشح التعريف ........................................... :
32 حكم النطق بالشهادتني .................................. :
34 عالقة اإليامن بالعمل ..................................... :
34 الرأي املختار ............................................ :
35 أدلة أهل السنة ........................................... :
mK
100
تابع قائمة املوضوعات
الصفحة املوضوع
37 تعريف اإلسالم. ......................................... :
38 أركان اإلسالم ........................................... :
38 زيادة اإليامن ونقصانه .................................... :
38 اختلف العلامء يف زيادة اإليامن ونقصانه إىل ثالثة آراء ...... :
41 أقسام املصدقني .......................................... :
44 8ـ الصفات اإلهلية ........................................
44 طرق إثبات الصفات .....................................:
46 أول :الصفة النفسية وجود اللَّ عز وجل .................... ً
46 الدليل عىل وجود اللَّ تعاىل ............................... :
47 إبطال القول بالصدفة والطبيعة ........................... :
48 إبطال التسلسل .......................................... :
48 معنى الدَّ ور .............................................. :
50 ثان ًيا :الصفات السلبية .....................................
50 القدَ م ................................................ صفة ِ
50 1ـ معنى القدم ........................................... :
50 2ـ اعلم أن القدم عىل ثالثة أنواع ......................... :
51 القدَ م هلل تعاىل ...............:الدليل العقيل عىل إثبات ِصفة ِ
51 ودليله النقيل ............................................. :
51 الفرق بني القديم واألزيل ................................. :
53 صفة البقاء ................................................
55 صفة املخالفة للحوادث ...................................
56 صفة القيام بالنفس ........................................
56 معنى قيامه ـ تعاىل ـ بنفسه ................................ :
57 الدليل عىل ثبوت هذه الصفة هلل تعاىل ..................... :
mK
101
تابع قائمة املوضوعات
الصفحة املوضوع
58 صفة الوحدانية . ..........................................
59 الكمو ُم اخلمسة .......................................... :
60 األدلة عىل اتصافه ـ تعاىل ـ بالوحدانية .....................:
61 تنزهه ـ تعاىل ـ عن الضد ................................. :
62 َتنَز ُُّهه ـ تعاىل ـ عن الشبيه .................................:
62 َتنَز ُُّهه ـ تعاىل ـ عن الرشيك ...............................:
62 َتنَز ُُّهه ـ تعاىل ـ عن الولد ..................................:
62 َتنَز ُُّهه ـ تعاىل ـ عن الصديق واألعداء ..................... :
66 ثال ًثا :صفات املعاين .......................................
66 واصطالحا ............................ :ً تعريف املعاين لغة
66 صفة القدرة ...............................................
67 تعلقات القدرة ...........................................:
68 دليل صفة القدرة ........................................ :
69 صفة اإلرادة ..............................................
70 هل جيوز أن ينسب إىل اللَّ ـ تعاىل ـ فعل الرش؟ ..............
71 الفرق بني األمر واإلرادة ...................................
71 مغايرة اإلرادة للعلم والرضا ..............................:
71 الغرض من ذكر خمالفة اإلرادة للعلم ......................:
72 الغرض من ذكر خمالفة اإلرادة للرضا ..................... :
72 الدليل النقيل عىل صفة اإلرادة ............................ :
73 صفة العلم ................................................
74 علم اللَّ تعاىل ليس مكتس ًبا وال رضور ًّيا وال نظر ًّيا وال بدهي ًّيا :
75 األدلة عىل صفة العلم .................................... :
mK
102
تابع قائمة املوضوعات
الصفحة املوضوع
76 صفة احلياة. ...............................................
77 األدلة عىل صفة احلياة .................................... :
78 صفة الكالم ...............................................
78 معنى الكالم بالنسبة هلل ـ تعاىل ـ ...........................:
79 الدليل عىل صفة الكالم .................................. :
80 صفة السمع ..............................................
80 األدلة عىل صفة السمع ................................... :
81 صفة البرص ...............................................
81 تعريف البرص ............................................:
81 األدلة عىل صفة البرص ....................................:
81 دليلها العقيل ............................................. :
81 دليلها النقيل ............................................. :
83 9ـ أسامؤه وصفاته تعاىل قديمة توقيفية .....................
85 10ـ النصوص املومهة للتشبيه .............................
86 تأويل الصفات املومهة للتشبيه ............................ :
91 11ـ تنزيه القرآن الكريم عن احلدوث ......................
91 حمنة القول بخلق القرآن الكريم ............................
92 تعريف القرآن الكريم .................................... :
93 12ـ املستحيل يف حقه تعاىل ...............................
93 الكالم عن املامثلة ونفيها عنه تعاىل ........................ :
95 حكم معتقد اجلهة ........................................:
96 13ـ اجلائز يف حقه تعاىل ...................................
mK
103