‫ظهر نظام اإلثبات المختلط كفاصل بين نظام اإلثبات الح ر ونظ ام اإلثب ات المقي د وتتض من‬

‫أحكامه التقيي د واإلطالق‪ ،‬حيث يه دف للجم ع بين مفه وم النظ امين للوص ول إلى الحقيق ة‪،‬‬
‫وحتى يتمكن القاضي من إصدار حكمه البد من اقتناعه الشخص ي طبق ا لألحك ام القانوني ة‪.‬‬
‫والغاية من هذا النظام منح القاضي سلطة محددة في تقديره لألدلة المعروضة أمامه‪ ،‬ونع ني‬
‫بذلك أال يكون القاض ي متعس فا من خالل الس لطة الواس عة ال تي تخ ول ل ه البحث عن أدل ة‬
‫إثبات أخرى‪ ،‬كما أال يكون القاضي مقيدا من خالل التزام ه باألدل ة ال تي يح ددها المش رع‪.‬‬
‫حيث يتم تحديد األدلة من قبل المشرع وعلى القاض ي أن يح دد قيمته ا وحجيته ا ول ه كام ل‬
‫الحرية في تقدير الدليل المناسب إلثبات الوقعة‪ ،‬والدليل اإللكتروني يعد من بين أدلة اإلثبات‬
‫الجنائي فهو خاضع لحرية القاضي وتقديره واقتناعه‪ ،‬شأنه شأن األدلة األخرى‪.‬‬

‫فاألدلة العلمية الحديثة وتمتعها بالدقة والموضوعية يجعله ا قرين ة قاطع ة ويقيني ة في قوته ا‬
‫الثبوتية هو ما يجعل القاضي الجنائي يفضلها عن غيرها من األدلة ويعتمد عليها في تك وين‬
‫قناعته‬
‫وق د اتخ ذ ه ذا النظ ام ص ورتين‪ ،‬تتمث ل الص ورة األولى في الجم ع بين الحقيق تين في ك ل‬
‫الحاالت سواء اإلدانة أو البراءة‪ ،‬لكن قد تثار مشكلة تعارض قناعة القانون وقناعة القاض ي‬
‫وبالت الي ال يمكن للقاض ي الفص ل في ال دعوى ال باإلدان ة وال ب البراءة‪ ،‬له ذا وض ع نظ ام‬
‫اإلثبات المختلط حال وسطا يتمث ل في حكم القاض ي بع دم ثب وت التهم ة ويس تفيد المتهم من‬
‫البراءة‪ ،‬وإال الحكم بالبراءة مع تأجيل الحكم وبقاء القضية سارية‪ .‬أما الصورة الثانية فتتمثل‬
‫في إلزامية الجمع بين قناعة القانون وقناعة القاضي في حالة اإلدانة دون ال براءة‪ ،‬لكن ه ذا‬
‫قد يتعارض مع المبدأ ال ذي يعت بر أن ه ال يمكن إدان ة المتهم م ادام أن األدل ة القانوني ة غ ير‬
‫‪1‬‬
‫كافية‪ ،‬أو تعارضت مع اقتناع القاضي‪.‬‬
‫وعليه نجد أن المشرع في ه ذا النظ ام يق وم بتحدي د األدل ة اإللكتروني ة عن طري ق إص دار‬
‫قانون يتضمن األدلة المقبولة في اإلثبات الجنائي وبذلك يمنح للقاضي سلطة تقديري ة لألدل ة‬
‫المعروضة أمامه وله الحق في األخذ بها أو رفضها حسب ما يراه مناسبا‪ .‬ومنه يمكن القول‬
‫ب أن ال دليل اإللك تروني في ه ذا النظ ام يعم ل على تحدي د أدل ة اإلثب ات الجنائي ة وال دليل‬
‫اإللكتروني وضع كاستثناء لهذا المبدأ‪ ،‬وبالتالي يخول للقاضي الجنائي س لطة األخ ذ باألدل ة‬
‫‪2‬‬
‫وتقديرها‪.‬‬
‫وفي ظل ه ذا النظ ام تك ون للقاض ي حري ة في تق ديره لألدل ة بعي دا عن الش روط القانوني ة‬
‫المقيدة‪ ،‬ويرجع في ذلك إلى ضميره واقتناعه الشخصي وإضافة قواعد تنظم األدل ة وتس اعد‬
‫في تقديرها‪ ،‬ومنه يلتزم القاضي بقبول واستبعاد أدلة معينة إذا توافرت ش روط معين ة‪ ،‬كم ا‬
‫‪3‬‬
‫له أن يحتفظ باقتناعه الشخصي في مجال األدلة القانونية‪.‬‬

‫‪ 1‬مروك نصر الدين‪ ،‬محاضرات في اإلثبات الجنائي‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬ط‪ ،3‬دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪ ،2009‬ص‪.64‬‬
‫‪ 2‬مزري صالح‪ ،‬بلعلمي جليلة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.57-56‬‬
‫‪ 3‬يقاش فراس‪" ،‬أنظمة اإلثبات الجنائي وخصائصها"‪ ،‬مجلة الحضارة اإلسالمية‪ ،‬مج‪ ،10‬ع‪ ،13‬كلية العلوم اإلنسانية‬
‫والحضارة اإلسالمية‪ ،‬جامعة وهران‪ ،‬الجزائر‪ ،2007-12-15 ،‬ص‪.386‬‬