Professional Documents
Culture Documents
المحاضرة 4 التاريخ السياسي للجزائر
المحاضرة 4 التاريخ السياسي للجزائر
اﻟﻤﺤﺎﺿﺮة :اﻟﺮاﺑﻌﺔ
ﺑﻌد ﺑروز ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر ﻛﺄﻣﯾر ﻟﯾﻘود اﻟﻛﻔﺎح ﺿد اﻟﻣﺣﺗل اﻟﻔرﻧﺳﻲ وﯾوﺣد اﻟﺑﻼد وﯾﻧﺷر اﻷﻣن
ﻋﺎم ،1832ﻓﻘد ﺳﻌﻰ ﻟﺗوﺣﯾد اﻟﺻﻔوف اﻟداﺧﻠﯾﺔ وﺗﺷدﯾد اﻟﺿﻐط واﻟﺣﺻﺎر اﻻﻗﺗﺻﺎدي ﻋﻠﻰ
اﻟﺣﺎﻣﯾﺎت اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻣدن اﻟﺳﺎﺣﻠﯾﺔ اﻟﺷﻲء اﻟذي ﺟﻌل ﻗﺎﺋد اﻟﻣﻧطﻘﺔ اﻟﻐرﺑﯾﺔ اﻟﺟﻧرال دي
ﻣﯾﺷﺎل ﯾطﻠب اﻟﺻﻠﺢ ﻣﻌﮫ وھذا ﻣﺎ ﺗﻣﺧض ﻋﻧﮫ ﺗوﻗﯾﻊ ﻣﻌﺎھدة ﺑﯾن اﻟطرﻓﯾن اﻟﺟزاﺋري
واﻟﻔرﻧﺳﻲ اﺷﺗﮭرت ﺑﺎﺳم ﻣﻌﺎھدة دي ﻣﯾﺷﺎل ﻓﻲ 26ﻓﯾﻔري .1834
إﻻ أن ﺗﻧﺎﻗض ﻣﺷروع اﻷﻣﯾر ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر :ﺑﻧﺎء دوﻟﺔ ﺟزاﺋرﯾﺔ ﺣدﯾﺛﺔ ﻋﻠﻰ أﺳس ﻗوﻣﯾﺔ
ﺗﺳﺗﻣد ﻗواﻧﯾﻧﮭﺎ ﻣن وﺣﻲ اﻟﺷرﯾﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ،ھدﻓﮭﺎ طرد اﻟﻣﺣﺗل اﻷﺟﻧﺑﻲ؛ ﺑﻣﺷروع ﻓرﻧﺳﺎ
ﺑﻌد ﺻدور اﻟﻣرﺳوم اﻟﻣﻠﻛﻲ ﻓﻲ 22ﺟوﯾﻠﯾﺔ ،1834واﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺎﺣﺗﻔﺎظ ﻓرﻧﺳﺎ ﺑـ" ﻣﻣﺗﻠﻛﺎﺗﮭﺎ
ﻓﻲ ﺷﻣﺎل إﻓرﯾﻘﯾﺎ " وﺗﻌﯾﯾن ﺣﺎﻛم ﻋﺎم ﺑﯾده ﺟﻣﯾﻊ اﻟﺳﻠطﺎت اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ واﻋﺗﻣﺎد أﺳﻠوب
اﻻﺣﺗﻼل اﻟﺗدرﯾﺟﻲ ﻟﻠﺟزاﺋر ،ﺟﻌل اﻟﻘﺗﺎل ﯾﺗﺟدد ﺑﯾن اﻟطرﻓﯾن اﻟﺟزاﺋري واﻟﻔرﻧﺳﻲ ﻋﺎم
.1835
و أﻣﺎم اﻟﺻﻌوﺑﺎت اﻟﻣﺗﻌددة اﻟﺟواﻧب اﻟﺗﻲ ﻋرﻓﺗﮭﺎ ﻓرﻧﺳﺎ ﺧﻼل ھذه ةاﻟﻔﺗرة 1837-1835
واﻟﻣﺗﻣﺛﻠﺔ أﺳﺎﺳﺎ ﻓﻲ ھزﯾﻣﺗﮭﺎ اﻟﻣﯾداﻧﯾﺔ أﻣﺎم أﺣﻣد ﺑﺎي ﻓﻲ ﺷرق اﻟﺟزاﺋر وﻋﺑد اﻟﻘﺎدر ﻓﻲ
ﻏرﺑﮭﺎ وﻓﻲ اﻟﺻﻌوﺑﺎت اﻟﻣﺎدﯾﺔ واﻟﻣﺎﻟﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻋﺎﻧت ﻣﻧﮭﺎ ﻓرﻧﺳﺎ إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﺗطورات اﻟﺳﺎﺣﺔ
اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ اﻟداﺧﻠﯾﺔ )اﻹﺿطراﺑﺎت اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ واﺣﺗدام اﻟﻧزاع ﺑﯾن دﻋﺎة اﻟﺧروج ﻣن اﻟﺟزاﺋر
ودﻋﺎة اﻟﺑﻘﺎء ﻓﯾﮭﺎ (...واﻟﺳﺎﺣﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ )اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟﺷرﻗﯾﺔ ،اﻟﻣوﻗف اﻟﻌﺛﻣﺎﻧﻲ واﻟﺑرﯾطﺎﻧﻲ ﻣن
1
اﺣﺗﻼل اﻟﺟزاﺋر (...ﻛل ذﻟك ﺟﻌل ﻓرﻧﺳﺎ ﺳﺑﺎﻗﺔ إﻟﻰ طﻠب اﻟﺻﻠﺢ ﻟﻠﻣرة اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﻣﻊ اﻷﻣﯾر ﻋﺑد
اﻟﻘﺎدر ﺑﺎﻋﺗﺑﺎره أﻗوى اﻟطرﻓﯾن اﻟﺟزاﺋرﯾﯾن؛ وھو ﻣﺎ ﺟﻌل اﻷﻣﯾر اﻟذي ﻛﺎن ﻋﻠﻰ اطﻼع
ﺑﻣﺟرﯾﺎت اﻷﺣداث اﻟﺟزاﺋرﯾﺔ -اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ واﻟدوﻟﯾﺔ ...ﯾدﺧل ﻓﻲ ﻣﻔﺎوﺿﺎت وھو ﻓﻲ وﺿﻊ
أﻓﺿل ﺑﻛﺛﯾرﻣن وﺿﻊ اﻟﺟﻧرال ﺑﯾﺟو اﻟﻣﻛﻠف رﺳﻣﯾﺎ ﺑﺗوﻗﯾﻊ ﻣﻌﺎھدة ﻣﻊ اﻷﻣﯾر ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر.
إن ھزﯾﻣﺔ اﻟﺟﯾش اﻟﻔرﻧﺳﻲ أﻣﺎم ﻗﺳﻧطﯾﻧﺔ ﻓﻲ ﻧوﻓﻣﺑر 1836ﺟﻌﻠت اﻷﻣﯾر ﯾﻘدّر أن اﻟﻌدو ﻗد
ﯾﻐﯾر ﻣن أﺳﻠوﺑﮫ .ﻓﻘد ﻛﺎن ﻋﻠﻰ اطﻼع ﺑﻣﺎ ﺗﻛﺗﺑﮫ اﻟﺟراﺋد وﻣﺎ ﯾﺻرح ﺑﮫ اﻟﺑرﻟﻣﺎﻧﯾون وﻣﺎ
ﺗﻧﻘﻠﮫ اﻷﺧﺑﺎر اﻟدوﻟﯾﺔ ﻋن ردود اﻟﻔﻌل ﺣول ھزﯾﻣﺔ اﻟﻌدو ﻓﻲ ﻗﺳﻧطﯾﻧﺔ وﺳﯾﺎﺳﺗﮫ ﻧﺣو اﻟﻣﻘﺎوﻣﺔ
اﻟوطﻧﯾﺔ ﻓﻲ اﻹﻗﻠﯾﻣﯾن اﻟﺷرﻗﻲ واﻟﻐرﺑﻲ .وأول ﻣﺎ ﻋرف أن اﻟﺣﻛوﻣﺔ اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ ﻋﺎزﻣﺔ ﻋﻠﻰ
ﺣﻣﻠﺔ ﺛﺎﻧﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻗﺳﻧطﯾﻧﺔ ﺗﺳﻛت ﺑﮭﺎ اﻟﻧﻘد اﻟداﺧﻠﻲ اﻟﻔرﻧﺳﻲ ،واﻟﺳﺧرﯾﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ )أورﺑﺎ(،
وأن ھذا اﻟﻣﺷروع ﻗد ﯾﺧﻔف اﻟﺿﻐط ﻋﻠﯾﮫ )اﻷﻣﯾر( ...وﻣن ﺗﺑﺎﺷﯾر ذﻟك ﻋزل ﻛﻠوزﯾل
وﺗﻌوﯾﺿﮫ ﺑﺷﺧص آﺧر أﻛﺛر إﻧﺿﺑﺎطﺎ وإﻟﺗزاﻣﺎ ﺑﺎﻟﺗﻧﺳﯾﻖ ﻣﻊ ﺣﻛوﻣﺗﮫ )داﻣرﻣون( ..ﻛﻣﺎ ﺣل
ﺑﯾﺟو ﻣﺣل ﺑروﺻﺎرد ﻗﺎﺋدا ﻟﻠﻣﺳﺗﻌﻣرات اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻧﺎﺣﯾﺔ اﻟﻐرﺑﯾﺔ.
و ﻗد ﺻﺎدف ذﻟك ﻛﻠﮫ ،اﻷﻣﯾر ،وھو ﯾﺑﺣث ﻋن ﻓرص ﻻﻣﻛﺎﻧﯾﺔ اﺳﺗﺋﻧﺎف اﻟﻣﻔﺎوﺿﺎت
ﺑﮭدف:
ﺗﺣﻘﯾﻖ ھدﻧﺔ ﯾﺳﺗرد ﻓﯾﮭﺎ أﻧﻔﺎﺳﮫ وﯾﺳﺗﻌﯾد أﺛﻧﺎءھﺎ ﺗﻧظﯾم دوﻟﺗﮫ اﻟﻣﺗﺻﺎﻋدة.
ﺣﺻر اﻟﻔرﻧﺳﯾﯾن ﻓﻲ ﻣراﻓﺋﮭم ﻟﺗﻧﺷﯾط اﻟﺗﺟﺎرة ﻣﻊ اﻟﺧﺎرج.
ﻣﻧﻊ اﻻﺳﺗﻌﻣﺎر اﻹﺳﺗﯾطﺎﻧﻲ اﻟذي رآه ﯾرﺗﺳم ﻓﻲ ﻣﺗﯾﺟﺔ.
إﻋﺗراف ﻓرﻧﺳﺎ ﺑﺳﻠطﺗﮫ.
و ﻟﻣﺎ ﻋرف ﺑﯾﺟو ﻣن أﺻدﻗﺎﺋﮫ ﻓﻲ وھران ،ﻣﯾل اﻷﻣﯾر ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر إﻟﻰ اﻟﻣﻔﺎوﺿﺔ ﻟﻌﻘد
اﻟﺻﻠﺢ ،ﻋرض ﺧدﻣﺎﺗﮫ ﻋﻠﻰ وزﯾر اﻟﺣرﺑﯾﺔ ﻟﺗﻌﯾﯾﻧﮫ ﻗﺎﺋدا ﻟﻘوات اﻹﺣﺗﻼل ﻓﻲ ﻣدﯾﻧﺔ وھران،
ﺑﺷرط واﺣد ،وھو ﻣﻧﺣﮫ اﻟﺻﻼﺣﯾﺎت اﻟﺿرورﯾﺔ ﻟﻠﺗﻌﺎﻗد ﻣﻊ اﻷﻣﯾر ،وإذا ﻓﺷل ﻓﻲ ﺗﻠك اﻟﻣﮭﻣﺔ
ﯾﻘوم ﺑﺣﻣﻠﺔ ﻋﺳﻛرﯾﺔ واﺳﻌﺔ اﻟﻧطﺎق ﺿ ّد اﻷﻣﯾر وﻧظرا ﻟﺛﻘﺔ اﻟﻣﻠك ﻟوﯾس ﻓﻠﯾب ﻓﻲ ﺑﯾﺟو ،ﻓﻘد
2
واﻓﻖ وزﯾر اﻟﺣرﺑﯾﺔ ﻣﯾزون ﻋﻠﻰ ﺗﻛﻠﯾﻔﮫ ﺑﻣﮭﻣﺔ اﻟﺗﻔﺎوض ﻣﻊ اﻷﻣﯾر ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر ﻣﻊ ﻣﻧﺣﮫ
ﺻﻼﺣﯾﺎت ﻣطﻠﻘﺔ دون اﻟﻌودة إﻟﻰ اﻟﺣﺎﻛم اﻟﻌﺎم داﻣرﻣون وذﻟك ﻓﻲ أﻓرﯾل .1837
و ﺑﻌد ﻋودة ﺑﯾﺟو إﻟﻰ اﻟﺟزاﺋر ،ﻓﺈﻧﮫ أرﺳل رﺳﺎﻟﺔ إﻟﻰ اﻷﻣﯾر ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر ،ﻣن وھران ﻋﻠﻰ
دران ﺗﻣﺛل اﻟﺻﯾﻐﺔ اﻟﻧﮭﺎﺋﯾﺔ اﻟﺗﻲ واﻓﻘت ﻋﻠﯾﮭﺎ اﻟوزارة ﻟﻣﻔﺎﺗﺣﺔ اﻷﻣﯾر ﻓﻲ اإﻣﻛﺎن ﻋﻘد
ﯾد إﺑن ّ
اﻟﺻﻠﺢ.
-4ﺗﺳﻠﯾم اﻟرھﺎﺋن ﻛﻌرﺑون وﺗﻧﻔﯾذ أﯾﺔ ﻣﻌﺎھدة ﻣﺳﺗﻘﺑﻠﯾﺔ ﯾﻣﻛن اﻻﺗﻔﺎق ﻋﻠﯾﮭﺎ.
-5ﻛل ﻣن اﻟﺗﺟﺄ ﻣن اﻷﻣﺗﯾن إﻟﻰ اﻷﺧرى ،ﻻ ﯾﺟﺑر ﻋﻠﻰ اﻟرﺟوع إﻻ إذا
ﻛﺎن ﻗﺎﺗﻼ.
و ﻟﻣﺎ اطﻠﻊ اﻷﻣﯾر ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر ﻋﻠﻰ ھذه اﻟﺷروط اﻟﺗﻲ وﺟدھﺎ ﻏﯾر ﻣﻘﺑوﻟﺔ ﻛﻠّف إﺑن ّ
دران
ﺑﺄن ﯾﺑﻠﻎ ﺑﯾﺟو ﻣذﻛرة ﺷﻔوﯾﺔ ﻣﻔﺎدھﺎ:
" إن اﻷﻣﯾر ﯾرى أﻧﮫ ﻓﻲ ﻣﻘﺎم أﻋظم وأﻋﻠﻰ ،ﻓﻼ ﯾﻣﻛﻧﮫ أن ﯾﻘﺑل ھذه اﻟﺷروط اﻟﻣﺟﺣﻔﺔ
ﺑﻣﻘﺎﻣﮫ ،اﻟذي اﻋﺗرف ﺑﮫ ﻣن ﺗﻘدّﻣك ﻣن ﺣﻛﺎم اﻟﺟزاﺋر ووھران ،ﺑﻣﻌﺎھدة اﻟﺟﻧرال " دي
ﻣﯾﺷﺎل" ﻻ ﺳﯾّﻣﺎ واﻟﻣﺳﻠﻣون ،ﻻ ﯾرﺿون أن ﯾﻛوﻧوا ﺗﺣت ﺣﻛم اﻹﻓرﻧﺞ .ﻓﺈن ﻛﺎﻧت دوﻟﺔ
ﺳﯾل".
ﻓرﻧﺳﺎ ،ﺗرﯾد إذﻻﻟﮭم و إﺧﺿﺎﻋﮭم ﻟﺣﻛﻣﮭﺎ ،ﻓدون ذﻟك ﺣرب طوﯾﻠﺔ اﻟذﯾل ﻣدﯾدة اﻟ ّ
أﻣﺎ اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت ﻣﺣل ﻧزاع أﺳﺎﺳﻲ ﺑﯾن ﺑﯾﺟو واﻷﻣﯾر ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر ،ﻓﮭﻲ ﺗﺗﻌﻠﻖ ﺑرﺳم
اﻟﺣدود اﻟﺷرﻗﯾﺔ ﻟدوﻟﺔ اﻷﻣﯾر؛ ﺣﯾث ﻟم ﯾﻛن اﻷﻣﯾر ﻣﺳﺗﻌدا ﻟﻠﺗﺧﻠﻲ ﻋن وﻻﯾﺔ اﻟﺗﯾطري ﺑﻌدﻣﺎ
ﺑﺎﯾﻌﮫ أھﻠﮭﺎ " وﺳﻠﻣوا إﻟﯾﮫ أرواﺣﮭم وأﻣواﻟﮭم " ﺛم أﺿﺎف أن اﻷﻣﯾر ﯾﺳﻣﺢ ﺑﻣﺎ ﯾﻠﻲ:
3
ﯾﺳﻣﺢ اﻷﻣﯾر ﻟﻠﻔرﻧﺳﯾﯾن أن ﯾﺣﻛﻣوا ﺳﮭل ﻣﺗﯾﺟﺔ ﻣﺎ ﻋدا اﻟﺑﻠﯾدة.
ﻣﻧﺢ اﻟﻔرﻧﺳﯾﯾن ﺿواﺣﻲ وھران واﻟﺷواطﺊ اﻟﺗﻲ ﺗﻣﺗد ﻣن وھران إﻟﻰ
.
ﻣﺳﺗﻐﺎﻧم دون ﺳواھم
ﯾﺗﻌﮭد اﻷﻣﯾر ﺑﺎﺣﺗرام ﺣﻘوق اﻟﻔرﻧﺳﯾﯾن اﻟذﯾن ﯾﺧﺗﺎرون اﻹﻗﺎﻣﺔ ﻓﻲ
ﻣﻣﻠﻛﺗﮫ ﺑﺣﻣﺎﯾﺔ ﻣﻣﺗﻠﻛﺎﺗﮭم.
ورﻏم أن ھذه اﻟﻣﻘﺗرﺣﺎت ﻟم ﺗﻠﻖ ﺗﺟﺎوﺑﺎ ﻣن ﻗﺑل ﺑﯾﺟو ﻓﺈن اﻻﺗﺻﺎﻻت ظﻠت ﻣﺳﺗﻣرة ﺑﯾن
اﻷﻣﯾر وﺑﯾﺟو ﻣن ﺟﮭﺔ ،وﺑﯾن إﺑن دران وﺑﯾﺟو ﻣن ﺟﮭﺔ أﺧرى .ذﻟك أن ﺑﯾﺟو ﻓﺿل طرﯾﻖ
اﻟﺗﻧﺎزل ،ﻋﻠﻰ طرﯾﻖ أي ﻣﻘﺎوﻣﺔ ﺗؤدي ﺣﺗﻣﺎ إﻟﻰ اﺳﺗﺋﻧﺎف اﻟﻧزاع.
ﻣن ﺟﮭﺔ أﺧرى ﻓﻘد ﺳﺎور اﻷﻣﯾر ﻗﻠﻖ ،ﺣﯾث ﻛﺎن ﯾﺗﺳﺎءل ﻛﯾف ﯾﻣﻛن ﻟﺿﺎﺑط ﺗﻧﺣﺻر
ﺳﻠطﺗﮫ ﻓﻲ وھران ،أن ﯾﺗﻔﺎوض ﺑﺎﺳم ﻣﻠك ﻓرﻧﺳﺎ ﻟﻌﻘد ﻣﻌﺎھدة ﺑﺷﺄن اﻷراﺿﻲ اﻟﺟزاﺋرﯾﺔ
ﻛﻠﮭﺎ ،وذﻟك ﻣﻊ وﺟود واﻟﻲ ﻋﺎم ﻣزود ﺑﺳﻠطﺔ ﺳﯾﺎﺳﯾﺔ وﯾﻣﺛل اﻟﻣﻠك ﻓﻲ اﻟﺟزاﺋر .ﻣﻣﺎ ﺟﻌﻠﮫ
ﯾﺗوﺟﮫ إﻟﻰ اﻟواﻟﻲ اﻟﻌﺎم اﻟﺟﻧرال داﻣرﻣون ﯾﺣﯾطﮫ ﻋﻠﻣﺎ ﺑﺎﻻﺗﺻﺎﻻت ﻣﻊ ﺑﯾﺟو وﯾﺳﻌﻰ
ﻟﻠﺗﻔﺎوض ﻣﻌﮫ ﻣﺑﺎﺷرة .وﻧظرا ﻟﻠﻣﺳﺎﻓﺔ اﻟﺑﻌﯾدة اﻟﺗﻲ ﺗﻔﺻل ﻣدﯾﻧﺗﻲ ﻣﻌﺳﻛر واﻟﺟزاﺋر ،ﻓﺈﻧﮫ
ﻗرر اﻻﻧﺗﻘﺎل إﻟﻰ ﻣدﯾﻧﺔ اﻟﻣدﯾﺔ ﻟﯾﺳﮭل اﻻﺗﺻﺎل ﺑﯾن اﻟﻣﺗﻔﺎوﺿﯾن ﻣن ﺟﮭﺔ ،وﻟﻛﻲ ﯾﺛﺑّت ﺣﻘوﻗﮫ
ّ
ﻓﻲ اﻟﺳﯾﺎدة ﻋﻠﻰ وﻻﯾﺔ اﻟﺗﯾطري ﻋﻣﻠﯾﺎ وﺑذﻟك ﯾﻛون اﻷﻣﯾر ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر ﻗد دﺧل ﻓﻲ ﻣﻔﺎوﺿﺎت
ﻣﺗوازﯾﺔ ﻣﻊ ﺑﯾﺟو ﻓﻲ وھران واﻟواﻟﻲ اﻟﻌﺎم ﻓﻲ اﻟﺟزاﺋر ﻓﻲ ﻧﻔس اﻟوﻗت ،ﻣﻣﺎ أدى إﻟﻰ ﺟدال
ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ ﺣول اﺧﺗﺻﺎﺻﺎت ﻛل ﻣﻧﮭﻣﺎ وﺗدﺧﻠت اﻟﺣﻛوﻣﺔ اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ وﺳﻣﺣت ﻟﺑﯾﺟو ﺑﻣواﺻﻠﺔ
اﻟﻣﻔﺎوﺿﺎت ﻣﻊ اﻷﻣﯾر ﻣﻣﺎ ﺟﻌل ھذا اﻷﺧﯾر ﯾﻌود إﻟﻰ ﻣﻌﺳﻛر وﻋﻠﻰ ﻓﺗﺢ اﻟﻣﻔﺎوﺿﺎت ﻣﻊ
)(13
وﺑذﻟك ﺑﯾﺟو اﺑﺗداء ﻣن 12ﻣﺎي 1837ﺑواﺳطﺔﺣﻣﺎدة اﻟﺳﻘﺎل ﺑدﻻ ﻣن اﻟﯾﮭودي إﺑن دران
ﯾﻛون اﻷﻣﯾر ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر ﻗد أﺷﻌر ﺑﮭذه اﻟﻣﻧﺎورة ﺑﯾﺟو ﺑوﺟود ﺑدﯾل ،أﻛﺛر ﺻﻼﺣﯾﺔ ﻣﻧﮫ
ﻟﻠﻣﻔﺎوﺿﺔ وﻋﻘد اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ اﻟوﻗت اﻟذي أذﻛﻰ ﻓﯾﮫ ﺷﻌور اﻟﻣﻧﺎﻓﺳﺔ ﺑﯾن ﺑﯾﺟو وداﻣرﻣون،
ﺿف إﻟﻰ ذﻟك أﻧﮫ أرﻏم ﻓرﻧﺳﺎ ﻋﻠﻰ طﻠب اﻟﺳﻠم ﺑﻌد ھزﯾﻣﺗﮭﺎ أﻣﺎم ﻗﺳﻧطﯾﻧﺔ ﻓﻲ ﻧوﻓﻣﺑر
1836وھذا ﻣﺎ ﯾﻣﻛﻧﻧﺎ أن ﻧطﻠﻖ ﻋﻠﯾﮫ اﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ اﺳﺗﻐﻼل اﻟﻔرص اﻟﺳﺎﻧﺣﺔ ،ذﻟك أن اﻷﻣﯾر
ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر اﻟذي ﻟم ﯾﻛن ﻏﺎﻓﻼ ﻋن أﺧﺑﺎر ﻓرﻧﺳﺎ ﻣن ﺧﻼل ﺗﺗﺑﻊ ﺳﯾﺎﺳﺗﮭﺎ ﻓﻲ أروﺑﺎ وﺑﺎﻟﺟزاﺋر
4
وﻛذا أﺧﺑﺎر اﻟﻌﺎﻟم ﻣن ﺧﻼل اطﻼﻋﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﺟراﺋد اﻟﻣﺗﺎﺣﺔ ﻟﮫ ﺟﻌﻠﮫ أﻛﺛر اﺳﺗﯾﻌﺎﺑﺎ وﺗﻔﮭﻣﺎ
ﻟﻠظروف اﻟدوﻟﯾﺔ واﻟﻣﺣﻠﯾﺔ وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ اﺳﺗﻐﻼل ﻛل ذﻟك ﻟﺗﺣﻘﯾﻖ ھدﻓﮫ واﻟﻣﺗﻣﺛل ﻓﻲ طرد اﻟﻣﺣﺗل
اﻟﻔرﻧﺳﻲ وﺑﻧﺎء اﻟدوﻟﺔ اﻟﻘوﻣﯾﺔ ﺧﺎﺻﺔ وأﻧﮫ ﻛﺎن ﯾﻌرف أن ھﻧﺎك ﻣﻌﺎرﺿﺔ ﻓﻲ ﻓرﻧﺳﺎ ﻻﺣﺗﻼل
اﻟﺟزاﺋر.
وﺑﻌدﻣﺎ أرﺳل ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر ﻣﻘﺗرﺣﺎﺗﮫ ﻟﺑﯾﺟو ﻓﻲ 12ﻣﺎي ،1837ﻓﻘد ﺗﺑﯾن أن اﻷﻣﯾر ﻟم ﯾﺷر
أﺻر ﻋﻠﻰ ﺟﻼء اﻟﻔرﻧﺳﯾﯾن ﻋن ﻣدﯾﻧﺔ ﺗﻠﻣﺳﺎن
ّ إﻟﻰ اﻟﺗﻧﺎزل ﻋن إﻗﻠﯾﻣﻲ اﻟﺗﯾطري ووھران ﺑل
وﻋﻠﻰ ﺗﺧﻠﯾﮭم ﻋن ﻣﯾﻧﺎء رﺷﻘون ﻛﻣﺎ أﻧﮫ ﻟم ﯾﺗردد ﻓﻲ أن ﯾطﻠب أن ﯾﻛون ﻛل ﻣﺳﻠم ﻣﻘﯾم ﻓﻲ
ﻣﻧطﻘﺔ ﻓرﻧﺳﯾﺔ ﺗﺣت ﺳﻠطﺗﮫ اﻟﺷرﻋﯾﺔ ھو ﻓﻘط .اﻟﺷﻲء اﻟذي أدى إﻟﻰ اﻧﺗﮭﺎء اﻟﻣﺣﺎدﺛﺎت ﻣن
ﻏﯾر ﻧﺗﯾﺟﺔ أو ﻣﺻﺎرﺣﺔ .ﻓﺄﺧذ اﻟوﺿﻊ ﯾﺗدھور وﯾﻧذر ﺑﻣواﺟﮭﺔ ﺑﯾن اﻟطرﻓﯾن ﺣﯾث اﻋﺗﺑر
ﺑﯾﺟو أن ھذه اﻻﻗﺗراﺣﺎت أﺑﻌد ﻣﺎ ﺗﻛون ﻋن اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ إﻟﻰ درﺟﺔ أﻧّﮫ ّ
ﻗرر أن ﯾﻧﻔذ
اﻟﺟزء اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻣن ﺑرﻧﺎﻣﺟﮫ واﻟﻠﺟوء إﻟﻰ اﻟﺳﻼح.
اﻟﺗﻣون
ّ إﻻ أﻧﮫ اﺿطر إﻟﻰ ﺗﺄﺟﯾل ﻣﺳﯾرﺗﮫ ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻟﻘﻠﺔ اﻟﻣوارد ووﺳﺎﺋل اﻟﻧﻘل وﻋدم إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ
ﻣن ﻓرﻧﺳﺎ وﻛذا ﺣرارة اﻟﺻﯾف .إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﺗزاﻣﮫ ﺑﺈرﺳﺎل ﺟزء ﻣن ﺟﯾﺷﮫ ﻟﻠﻣﺳﺎھﻣﺔ ﻓﻲ
ﺣﺻﺎر ﻗﺳﻧطﯾﻧﺔ اﻟﺛﺎﻧﻲ اﻟذي ﻛﺎن ﻣوﻋده ﻗد ﺣﺎن وﻛﺎﻧت اﻟﺣﻛوﻣﺔ اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ )اﻟﺟزاﺋر( ﻗد أﺗ ّﻣت
اﻻﺳﺗﻌدادات ﻣﻌﺗﻣدة اﻋﺗﻣﺎدا ﻛﺎﻣﻼ ﻋﻠﻰ ﺗﺣﻘﯾﻖ ھذا اﻟوﻋد ﺑﺎﻟﻣﺳﺎھﻣﺔ .ﻟذﻟك أﺻﺑﺢ اﻟﺳﻼم ﻣﻊ
ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر ﻣﮭﻣﺎ ﻛﺎن ﻣﮭﯾﻧﺎ ،ﺿرورة ﻻ ﻣﻧﺎص ﻣﻧﮭﺎ .وھﻛذا أﻋﻠم اﻟﻔرﻧﺳﯾون ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر ﺑﺄن
اﻟﺑﺎب ﻣﺎزال ﻣﻔﺗوﺣﺎ ﻟﻠﻣﻔﺎوﺿﺎت ،ﻓﻘرر ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر ﺑﺗﺎرﯾﺦ 21ﻣﺎي ،إﯾﻔﺎد أﺣد أﻋﯾﺎن ﺣﺿر
ﺗﻠﻣﺳﺎن وھو ﺳﻲ ﺣﻣﺎدة اﻟﺳﻘﺎل اﻟذي ﻧﺟﺢ ﻓﻲ ﻣﮭﻣﺗﮫ وأﻋﺎد اﻟﻣﯾﺎه إﻟﻰ ﻣﺟﺎرﯾﮭﺎ ﺑﯾن اﻷﻣﯾر
واﻟﻘﺎﺋد اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﺣﯾث ﻋرض ﻋﻠﻰ ﺑﯾﺟو ﻣﺎ ﯾﻠﻲ:
-1اﻟﺗﺧﻠﻲ ﻋن اﻟﺑﻠﯾدة.
5
وﻟﻣﺎ ﻛﺎن ﺑﯾﺟو ﻣﻘﺗﻧﻌﺎ ﺑﺄن ﺗﺄﺧﯾرا ﺟدﯾدا ﻟن ﯾﺄت ﻟﮫ ﺑﺷروط أﻓﺿل ،ﻓﻘد واﻓﻖ ﻋﻠﻰ ﺗوﻗﯾﻊ
اﻟﻣﻌﺎھدة اﻟﻣﻌروﻓﺔ ﺑﻣﻌﺎھدة اﻟﺗﺎﻓﻧﺔ.
أدرﻛت ﻓرﻧﺳﺎ اﻟﺷﻠل اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ واﻟﻌﺳﻛري اﻟذي ﻛﺎﻧت ﺗﺟد ﻧﻔﺳﮭﺎ ﻓﯾﮫ وذﻟك ﻣن ﺧﻼل:
أن ﻣﻌﺎھدة دي ﻣﯾﺷﺎل )ﻓﯾﻔري (1834ﺗﺧدم ﻣﺻﺎﻟﺢ اﻷﻣﯾر ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر أﻛﺛر ﻣﻣﺎ
ﺗﺧدم ﻣﺻﺎﻟﺣﮭﺎ.
ﻛل ذﻟك أرﻏم ﻓرﻧﺳﺎ ﻋﻠﻰ طﻠب اﻟﺳﻠم ﻹﻧﻘﺎذ ﻣﻌﺳﻛراﺗﮭﺎ اﻟﻣﺣﺻورةوﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ دﺧول
اﻟطرﻓﯾن اﻟﻔرﻧﺳﻲ واﻟﺟزاﺋري ﻓﻲ ﻣﻔﺎوﺿﺎت إﻧﺗﮭت ﺑﺗوﻗﯾﻊ ﻣﻌﺎھدة اﻟﺗﺎﻓﻧﺔ ﻓﻲ ﻣﺎي .1837
وﻗد ﻛﺎن ﻟﻠظروف واﻷﺳﺑﺎب اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ دورا ﻻ ﯾﺳﺗﮭﺎن ﺑﮫ ﻓﻲ ﺗﺣرﯾك اﻟﻣﻔﺎوﺿﺎت ﺑﯾن
اﻟطرﻓﯾن اﻟﻔرﻧﺳﻲ واﻟﺟزاﺋري .وﻹن ﻛﺎﻧت ﻓرﻧﺳﺎ ﻋﻠﻰ اطﻼع دﻗﯾﻖ ﻻﺗﺟﺎھﺎت اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ
اﻟدوﻟﯾﺔ وﺻﺎﺣﺑﺔ ﻧﻔوذ ﻓﯾﻰ اﻟﻌدﯾد ﻣن ﻣﻧﺎطﻖ اﻟﻌﺎﻟم ،ﻓﺈن اﻷﻣﯾر ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر ﻛﺎن ھو اﻵﺧر
ﻋﻠﻰ اطﻼع ﻷﺧﺑﺎر ﻓرﻧﺳﺎ ﻣن ﺧﻼل ﺗﺗﺑﻊ ﺳﯾﺎﺳﺗﮭﺎ ﻓﻲ أروﺑﺎ وﻛذا أﺧﺑﺎر اﻟﻌﺎﻟم ﻣن ﺧﻼل
اطﻼﻋﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﺟراﺋد اﻟﻣﺗﺎﺣﺔ ﻟﮫ ،ﻛل ذﻟك ﺟﻌﻠﮫ أﻛﺛر اﺳﺗﯾﻌﺎﺑﺎ وﺗﻔﮭﻣﺎ ﻟﻠظروف اﻟدوﻟﯾﺔ
وﻷﺑﻌﺎد اﻟﺻراع اﻟدوﻟﻲ اﻟﻘﺎﺋم آﻧذاك ﺑﯾن اﻟدول اﻹﺳﺗﻌﻣﺎرﯾﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﯾن ﻓرﻧﺳﺎ وﺑرﯾطﺎﻧﯾﺎ،
وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﺳﻌﯾﮫ ﻟﻺﺳﺗﻔﺎدة ﻣﻧﮫ إﻟﻰ أﺑﻌد ﺣد ﻓﻲ ﻛﻔﺎﺣﮫ.
6
إن اﻟوﺛﯾﻘﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ اﻟﻣﺗداوﻟﺔ ﻟﻧص ﻣﻌﺎھدة اﻟﺗﺎﻓﻧﺔ ھﻲ ﺗﻠك اﻟوﺛﯾﻘﺔ اﻟﺗﻲ ﻋﺛر ﻋﻠﯾﮭﺎ اﻟﻣؤرخ
اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﻣﺎرﺳﯾل إﯾﻣرﯾت ﻓﻲ ﻣﻠف اﻷرﺷﯾف اﻟوطﻧﻲ اﻟﻔرﻧﺳﻲ ،ﺗﺣت رﻗم F80 - 1671
واﻟﺗﻲ ﻧﺷرھﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺟﻠﺔ اﻹﻓرﯾﻘﯾﺔ ،ھذا ﻧﺻﮭﺎ:
اﻟﯾﺗﻧﺎن ﺟﻧﯾرا ل ﺑﯾﺟو ﺣﺎﻛم ﺟﯾوش اﻟﻔرﻧﺻﯾص ﻓﻲ وطن ﺑﻼد وھران واﻷﻣﯾر ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر
اﺗﻔﻘوا ﺑﯾﻧﮭم ﻋﻠﻰ اﻟﺷروط اﻵﺗﯾﺔ ﺑﻌد:
ﺷرط أول
ﺷرط ﺛﺎﻧﻲ
ﻓراﻧﺳﺎ ﺗﺣﻔظ ﻟﻧﻔﺳﮭﺎ ﻓﻲ وطن ﺑﻼد وھران ،ﻣﺳﺗﻐﺎﻧم وﻣزﻏران وﺳﺎﯾر أراﺿﯾﮭﺎ
ووھران وأرزﯾو وأﯾﺿﺎ اﻟﺣدود اﻟذي ﻧذﻛرھﺎ ﺑﻌده ﺷرﻗﺎ اﻟﻣﻘطﻊ ﻣن ﻋﻧد اﻟﻣرﺟﺔ ﻣن اﯾن
ﯾﺧرج اﻟواد وﻗﺑﻠﺔ ﻣن اﻟﻣرﺟﺔ اﻟﻣذﻛورة اﻋﻣل ﺧط ﻣﺳﺎوى ﻗﺑﻠﺔ اﻟﺳﺑﺧﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﯾﺷﺎن ﺳﯾدي
ﺳﻌﯾد ﻟﺣد واد اﻟﻣﺎﻟﺢ واھﺑط ﻣﻊ اﻟواد اﻟﻣذﻛور ﻟﺣد اﻟﺑﺣر ﺑﻧوع ان ھذه اﻟﻣذﻛورة اﻋﻼه
ﺟﻣﯾﻌﮭﺎ ﺗﻛون ﻓﻲ ﯾد اﻟﻔرﻧﺻﯾص.
وﻓﻲ وطن ﺑﻼد اﻟﺟزاﯾر اﻟﺟزاﯾر واﻟﺳﺎﺣل واﻟوطن ﻣﺗﺎع ﻣﺗﯾﺟﺔ ﻣن ﺟﯾﮭﺔ اﻟﺷرق ﻟﺣد
واد ﺧﺿره إﻟﻰ ﻗدام وﻗﺑﻠﮫ ﻟﺣد راس أول ﺟﺑل ﺣﺗﻰ واد ﺷﻔﮫ وداﺧل ﻓﻲ ذﻟك اﻟﺑﻠﯾدة وﺳﺎﯾر
ﻧواﺣﯾﮭﺎ وﻏرﺑﺎ ﻣن ﺷﻔﺔ ﻟﺣد ﻋﻛس واد ﻣزﻓران وﻣن ھﻧﺎك ﺧط ﻣﺳﺎوى ﻟﺣد اﻟﺑﺣر
وﻣﺗﺿﻣن ﻓﻲ ھذا ﻟﺣد اﻟﻘﻠﯾﻌﮫ وﻛﺎﻣل ﻧواﺣﯾﮭﺎ ﺑﻧوع أن ﺟﻣﯾﻊ ھذه اﻟﺣدود اﻟﻣذﻛورة ﺗﻛون
ﻓﻲ ﯾد اﻟﻔرﻧﺻﯾص.
7
ﺷرط ﺛﺎﻟث
اﻷﻣﯾر ﯾﺣﻛم ﻓﻲ وطن ﺑﻼد وھران واﻟﻣدﯾﺔ وﻧﺻﯾب ﻣن ﻋﻣﺎﻟﺔ اﻟﺟزاﯾر اﻟذي ﻣﺎ دﺧﻠت
ﻓﻲ ﺣدودﻧﺎ وﻏرﺑﺎ ﻟﻠﺣدود اﻟﻣذﻛورة ﻓﻲ اﻟﺷرط اﻟﺛﺎﻧﻲ وﻣﺎ ﯾﻘدر ﯾﺣﻛم ﻏﯾر ﻓﻲ اﻟﺣدود
اﻟﻣذﻛورة أﻋﻼه.
ﺷرط راﺑﻊ
اﻷﻣﯾر ﻣﺎ ﯾﻘدر ﯾﺣﻛم ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن اﻟذﯾن ﯾﺣﺑون ﯾﺳﻛﻧوا ﻓﻲ اﻟﺣدود اﻟذﯾن ﺑﯾد
اﻟﻔرﻧﺻﯾص وھم ﻣﺧﯾرﯾن أن ﯾﻣﺷوا ﯾﻌﯾﺷوا ﻓﻲ ﺑﻼد ﺣﻛم اﻷﻣﯾر ﻛﻣﺎ أن اﻟﺳﻛﺎن ﻓﻲ ﺑﻼد
اﻷﻣﯾر ﯾﻘدروا ﻣن ﻏﯾر ﻣﺎﻧﻊ ﯾﻣﻧﻌﮭم أن ﯾﺟوا ﯾﺳﻛﻧوا ﻓﻲ ﺑﻼد ﺣدود اﻟﻔرﻧﺻﯾص.
ﺷرط ﺧﺎﻣس
اﻟﻌرب اﻟﺳﻛﺎن ﻓﻲ ﺑﻼد اﻟﻔرﻧﺻﯾص ﯾﺗﺑﻌوا دﯾﻧﮭم ﺑﻛل ﺣرﯾﺔ وﯾﻘدروا ﯾﺑﻧوا ﺟواﻣﻊ
وﯾﺳﻠﻛوا ﺑﻣوﺟب ﺷرﯾﻌﺔ دﯾﻧﮭم ﻋﻠﻰ ﯾد ﻗﺎﺿﯾﮭم ﻛﺑﯾر اﻹﺳﻼم.
ﺷرط ﺳﺎدس
اﻷﻣﯾر ﯾﻌطﻲ ﻟﺟﯾش اﻟﻔرﻧﺻﯾص ﺛﻼﺛﯾن أﻟف رﺑﻌﻲ وھراﻧﻲ ﻗﺢ وﺛﻼﺛﯾن أﻟف رﺑﻌﻲ
وھراﻧﻲ ﺷﻌﯾر وﺧﻣﺳﺔ آﻻف ﻓرد وھذا اﻟدﻓﻊ ﻣﺗﺎع اﻟﺣب واﻟﻔراد ﯾﻛون ﻟوھران ﻛل ﺛﻠث
واﺣده ﻓﺄول ﺛﻠث ﯾﻛون ﺑﻌد ﺛﻼﺛﺔ أﺷﮭر ﻣن اﻟﺗﺎرﯾﺦ ﺑﻣدة ﺧﻣﺳﺔ ﻋﺷر ﯾوم واﻟﺛﻠﺛﯾن
اﻵﺧرﯾن ﺷﮭرﯾن ﺑﻌد ﺷﮭرﯾن اﻋﻧﻲ ﻓﻲ ﻛل ﺷﮭرﯾن ﺛﻠث.
ﺷرط ﺳﺎﺑﻊ
8
اﻷﻣﯾر ﯾﺷﺗري ﻣن ﻓرﻧﺳﺎ اﻟﺑﺎرود واﻟﻛﺑرﯾت واﻟﺳﻼح اﻟذي ﯾﺳﺗﺣﻖ.
ﺷرط ﺛﺎﻣن
اﻟﻘرﻏﻼن اﻟذﯾن ﯾﺣﺑون ﯾﻘﻌدوا ﻓﻲ ﺗﻠﻣﺳﺎن أو ﻓﻲ ﻣوﺿﻊ آﺧر ﯾﺗﺻرﻓوا ﺑﻛل ﺣرﯾﺔ
ﺑﺄﻣﻼﻛﮭم وﯾﻌﺎﻣﻠﮭم ﻣﺛﻠﻣﺎ ﯾﻌﺎﻣل اﻟﺣﺿر واﻟذﯾن ﯾﺣﺑون ﯾﺟوا ﻟﺑﻼد اﻟﻔرﻧﺻﯾص ﯾﻘدروا ﻣن
ﻏﯾر ﻣﻌﺎرض ﻟﮭم أن ﯾﺑﯾﻌوا أو ﯾﻛروا أﻣﻼﻛﮭم.
ﺷرط ﺗﺎﺳﻊ
ﻓراﻧﺳﺎ ﺗﺳﻠم إﻟﻰ اﻷﻣﯾر رﺷﻘون وﺗﻠﻣﺳﺎن واﻟﻣﺷور واﻟﻣداﻓﻊ اﻟﺳﺎﺑﻘﯾن ﻓﻲ اﻟﻣﺷور
واﻷﻣﯾر ﯾﻠزم ﻧﻔﺳﮫ أن ﯾرﻓد وﯾوﺻل ﻟوھران ﻛﺎﻣل اﻟﻘش واﻟﻌوﯾن واﻟﺑﺎرود واﻟﺳﻼح ﻣﺗﺎع
ﻋﺳﻛر اﻟﻔرﻧﺻﯾص اﻟذي ﺑﺗﻠﻣﺳﺎن.
ﺷرط ﻋﺎﺷر
اﻟﺳﺑب واﻟﺗﺟرة ﯾﻛوﻧوا ﻣﺳرﺣﯾن ﺑﻛل ﺣرﯾﺔ ﺑﯾن اﻟﻌرب واﻟﻔرﻧﺻﯾص وﯾﻘدروا ﯾﻣﺷوا
ﻣن ﺣدود إﻟﻰ ﺣدود ﻓﻲ اﻟﺑﻼد وﯾﺗﺳﺑﺑوا وﯾﺗﺎﺟروا.
اﻟﻔرﻧﺻﯾص ﯾﻛوﻧوا ﻣﺣروﻣﯾن ﻣوﻗورﯾن ﻋﻧد اﻟﻌرب ﻛﻣﺎ اﻟﻌرب ﻋﻧد اﻟﻔرﻧﺻﯾص
9
ﺑﺎﻷﻣﻼك واﻟﺑﻼد اﻟذﯾن اﺷﺗروھم اﻟﻔرﻧﺻﯾص واﻟذﯾن ﯾﺷﺗروھم ﻓﻲ ﺑﻼد ﺣدود اﻷﻣﯾر
ﯾﺗﺻرﻓوا ﺑﮭم ﺑﻛل ﺣرﯾﺔ وﺿﻣﺎن واﻷﻣﯾر ﯾﻠزم ﻧﻔﺳﮫ أن ﯾﺧﻠص ﺑزﯾﺎدة ﻛﻠﻣﺎ ﯾﻔﺳد اﻟﻌرب ﻓﻲ
ھذا اﻷﻣﻼك.
اﻟﻣذﻧﺑﯾن اﻋﻧﻲ اﻟﻘﺗﻠﺔ ﻗﺎطﻊ اﻟطرق واﻟذﯾن ﯾﺣرﻗون اﻷﻣﻼك أو ﻏﯾره ﯾردون ﻣن
اﻟﺟﯾﮭﺗﯾن.
اﻷﻣﯾر ﯾﻠزم ﻧﻔﺳﮫ أن ﻻ ﯾﺳﻠم ﺷﻲء ﻣن ﻣراﺳﻲ اﻟﺑﻼد ﻟﺟﻧس ﻣن اﻟﺟﻧوس إﻻ ﺑﺈذن
ﻓراﻧﺳﺎ.
اﻟﺳﺑب واﻟﺗﺟرة ﻓﻲ أﻗﺎﻟﯾم اﻟﺟزاﯾر ووھران ﻣﺎ ﯾﻛون ﻏﯾر ﻓﻲ اﻟﻣرﺳﻰ اﻟذﯾن ﺑﯾد
اﻟﻔرﻧﺻﯾص.
ﻓراﻧﺳﺎ ﺗﻘدر ﺗﺻﻧﻊ ﻋﻧد اﻷﻣﯾر وﻛﯾﻼ وﻛذﻟك ﻓﻲ اﻟﺑﻼد اﻟذي ﻓﻲ ﺣﻛﻣﮫ ﻷن ﯾﻛوﻧوا واﺳطﺔ
ﺑﯾن رﻋﯾﺔ اﻟﻔرﻧﺻﯾص ﻷﺟل اﻟﻧزاع ﻣﺗﺎع اﻟﺗﺟﺎرة أو ﻏﯾر ذﻟك اﻟذﯾن ﯾﻣﻛن أن ﯾﻛون ﻣﻊ
اﻟﻌرب واﻷﻣﯾر ﯾﻘدر ﯾﺻﻧﻊ ﻛذﻟك ﻓﻲ اﻟﺑﻼد وﻣراﺳﻲ اﻟﻔرﻧﺻﯾص.
10
ﻛﺗب ﺑرﺷﻘون ﻓﻲ 24ﺻﻔر ﻋﺎم 1253
إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻧص ﻣﻌﺎھدة اﻟﺗﺎﻓﻧﺔ 1837اﻟذي ﻋﺛر ﻋﻠﯾﮫ ﻣﺎرﺳﯾل إﻣرﯾت ،واﻟذي ﻧﺷر ﻓﻲ
اﻟﻣﺟﻠﺔ اﻹﻓرﯾﻘﯾﺔ اﻟﻌدد 94ﻟﺳﻧﺔ 1950ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ،ﻧﺟد ﻧﺻﺎ آﺧرا ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﯾﺧﺗﻠف
اﻷول واﻟﺛﺎﻟث -ﻋن اﻟﻧص اﻟذي ﺑﯾن أﯾدﯾﻧـــﺎ وھذا ﻣن
ﻓﻲ ﺑﻌض ﺷروطﮫ -وﻻ ﺳﯾﻣﺎ اﻟﺷرط ّ
ﺧـــــــــــــﻼل ﻣﺎ ﯾﻠﻲ:
اﻷول :إن اﻷﻣﯾر ،ﯾﻌﺗرف ﺑﺳﻠطﺔ دوﻟﺔ ﻓرﻧﺳﺎ ،ﻋﻠﻰ ﻣدﯾﻧﺗﻲ اﻟﺟزاﺋر ووھران.
اﻟﺷرط ّ
اﻟﺷرط اﻟﺛﺎﻟث :ﻋﻠﻰ دوﻟﺔ ﻓرﻧﺳﺎ ،أن ﺗﻌﺗرف ﺑﺈﻣﺎرة اﻷﻣﯾر ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر ،ﻋﻠﻰ إﻗﻠﯾم
وھران ،وإﻗﻠﯾم ﺗﯾطري واﻟﻘﺳم اﻟذي ﻟم ﯾدﺧل ﻓﻲ ﺣﻛم ﻓرﻧﺳﺎ ،ﻣن إﻗﻠﯾم ﻣدﯾﻧﺔ اﻟﺟزاﺋر
ﻟﺟﮭﺔ اﻟﺷرق ﺑﺣﺳب اﻟﺗّﺣدﯾد ،اﻟﻣﻌﯾن ﻓﻲ اﻟﺷرط اﻟﺛﺎﻧﻲ ،وﻻ ﯾﺳوغ ﻟﻸﻣﯾر ،أن ﯾﻣ ّد ﯾده،
ﻟﻐﯾر ﻣﺎ ذﻛر ﻣن أرض اﻟﺟزاﺋر .
ﺣﺻر اﻟﻣواﻗﻊ اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ ﻓﻲ ﻧﻘﺎط ﻣﺣدّدة ﻋﻠﻰ اﻟﺷواطﺊ وھذا ﻣﺎ ورد ﻓﻲ اﻟﺷرط اﻟﺛﺎﻧﻲ
ﻣن اﻟﻣﻌﺎھدة .ﺣﯾث اﺳﺗطﺎع اﻷﻣﯾر ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر أن ﯾﺣﺻر اﻟﺗواﺟد اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﺑﺎﻟﺟزاﺋر ﻓﻲ
ﺑﻌض اﻟﻧﻘﺎط اﻟﺳﺎﺣﻠﯾﺔ اﻟﻣطوﻗﺔ ﺑﺄراض ﺗﺎﺑﻌﺔ ﻟﮫ .وھذا ﻣﺎ ﺟﻌل اﻟﺣﺎﻛم اﻟﻌﺎم داﻣرﻣون ﯾوﺟﮫ
ﺻرح أﻧﮭﺎ ﻟﯾﺳت ﻓﻲ ﺻﺎﻟﺢ ﻓرﻧﺳﺎ وأن اﻟﻣﻌﺎھدة وﺿﻌﺗﮭم
اﻧﺗﻘﺎدًا ﺷدﯾدا ﻟﻣﻌﺎھدة اﻟﺗﺎﻓﻧﺔ ﻋﻧدﻣﺎ ّ
ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺻﻌﺑﺔ دون ﺿﻣﺎﻧﺎت وﻣﺣﺻورون ﺿﻣن ﺣدود ﺳﯾﺋﺔ .ﺑل إن ﻣﺳﺗﻐﺎﻧم أﺻﺑﺣت
ﻣﻧﻌزﻟﺔ ﻋن ﺑﻘﯾﺔ اﻟﻣﻧﺎطﻖ اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ وھذا ﻣﺎ ﺟﻌل اﻟﺟﻧرال ﺑﯾﺟو ﯾطﻠب ﺑﺗواﺿﻊ ﻣن اﻷﻣﯾر أن
ﯾﺳﻣﺢ ﻟﻘواﺗﮫ ﺑﻌﺑور اﻟﻣﻧطﻘﺔ اﻟﻔﺎﺻﻠﺔ ﺑﯾن ﻣﺳﺗﻐﺎﻧم وأرزﯾو وھﻲ ﻣﻧطﻘﺔ ﺗﺎﺑﻌﺔ ﻷراﺿﻲ
اﻷﻣﯾر.
وﯾﻔﮭم ﻣن ذﻟك أن اﻷﻣﯾر ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر ﻗد ﻧﺟﺢ إﻟﻰ ﺣد ﻛﺑﯾر ﻓﻲ ﺗﻧﻔﯾذ ﻣﺧططﮫ اﻟﻘﺎﺿﻲ
ﺑﺣﺻر اﻟﺗواﺟد اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﻓﻲ اﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻷوﻟﻰ ﺿﻣن اﻟﺷرﯾط اﻟﺳﺎﺣﻠﻲ ﺑﻌدﻣﺎ اﺗﺿﺢ ﻟﮫ ارﺗﺳﺎم
11
اﻻﺳﺗﻌﻣﺎر اﻻﺳﺗﯾطﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﻣﺗﯾﺟﺔ رﯾﺛﻣﺎ ﯾﺗم اﻟﺟﻼء اﻟﻧﮭﺎﺋﻲ ﺑﻌدﻣﺎ ﺗﻌﺟز اﻟﺣﻛوﻣﺎت اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ
اﻟﻣﺗﻌﺎﻗﺑﺔ ﻋن ﺗﻣوﯾن اﻟﺣﺎﻣﯾﺎت اﻟﻣﺳﺗﻘرة ﻋﻠﻰ اﻟﺳواﺣل وﺑﻌدﻣﺎ ﺗﺷﺗد وطﺋت اﻟﺣﺻﺎر
اﻻﻗﺗﺻﺎدي اﻟذي ﺿرﺑﺗﮫ ﻗوات اﻷﻣﯾر ﻋﻠﯾﮭﺎ ﻣن اﻟﻧﺎﺣﯾﺔ اﻟﺑرﯾﺔ ،ﺑل إن اﻷﻣﯾر ﺑﺎﻟﻎ ﻓﻲ
اﻟﺣﯾطﺔ واﻟﺣذر ﻟﻣﺎ ﺷرع ﻓﻲ إﯾﺟﺎد ﻓراغ أو ﻋﺎزل ﺑﯾن اﻟﻣﻧطﻘﺔ اﻟﺗﺎﺑﻌﺔ ﻟﮫ واﻟﻣﻧطﻘﺔ اﻟﺳﺎﺣﻠﯾﺔ
اﻟﺗﺎﺑﻌﺔ ﻟﻔرﻧﺳﺎ ,ﺣﺗﻰ ﯾﺟﻔف ﻣﻧﺎﺑﻊ ﺗﻣوﯾن اﻟﺣﺎﻣﯾﺎت اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ.
ﺗوﺳﯾﻊ ﺣدود دوﻟﺔ اﻷﻣﯾر :ﻟﻘد ﻛﺎﻧت أھداف ﻓرﻧﺳﺎ ﻣﻧذ اﻟﺗوﻗﯾﻊ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺎھدة دي ﻣﯾﺷﺎل
1834واﺗﺿﺎح ﻧﻘﺎﺋﺻﮭﺎ وﻧﻘﺎط ﺿﻌﻔﮭﺎ ھو ﺗﺣدﯾد إﻣﺎرة اﻷﻣﯾر ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر ﺑوادي اﻟﺷﻠف
ﺷرﻗﺎ وھذا ﻣﺎ ﺣﺎول إﻧﺟﺎزه اﻟﺟﻧرال ﺗرﯾزل واﻟﺣﺎﻛم اﻟﻌﺎم اﻟﺳﺎﺑﻖ دروي دورﻟون اﻟﻠذان
ﺣﺎوﻻ ﻋﺑﺛﺎ ﺗﻌدﯾل ﻣﻌﺎھدة دي ﻣﯾﺷﺎل ﺑﻣﺎ ﯾﻘﻠص ﻣن ﻣﺳﺎﺣﺔ اﻟﻣﻧﺎطﻖ اﻟﺗﺎﺑﻌﺔ ﻟﻸﻣﯾر .إﻻ أن
اﻷﻣﯾر رﻓض ذﻟك ﻣؤﻛدًا ﻋﻠﻰ ﺣﻘﮫ ﻓﻲ اﻻﺣﺗﻔﺎظ ﺑﺎﻟوﻻﯾﺎت اﻟﺧﺎﺿﻌﺔ ﻟﺳﻠطﺎﻧﮫ ،وﺗﺑﻘﻰ اﻟﻣدن
اﻟﺧﺎﺿﻌﺔ ﻟﻼﺣﺗﻼل ﺗﺣت ﻟﺣﻛم اﻟﻔرﻧﺳﻲ.
ورﻏم ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺟﻧرال ﺑﯾﺟو ﺗﺣﻘﯾﻖ ﻣﺎ ﻋﺟز ﻋن ﺗﺣﻘﯾﻘﮫ اﻟﺟﻧرال دروي دورﻟون
واﻟﺟﻧرال ﺗرﯾزل إﻻ أﻧﮫ اﺻطدم ﺑﻧﻔس اﻟﻣوﻗف اﻟذي أﺑداه ﺳﺎﺑﻘﺎ اﻷﻣﯾر ﻟﻣﻣﺛﻠﻲ ﻓرﻧﺳﺎ
ﺑﺎﻟﺟزاﺋر ،ﻣﻣﺎ ﺟﻌﻠﮫ ﯾُذﻋن ﺑﺎﻷﻣر اﻟواﻗﻊ ﺑﻌدﻣﺎ ﺗﺄﻛد ﻟﮫ ﺻﻌوﺑﺔ وﺧطورة ﺛﻧﻲ اﻷﻣﯾر ﻋﻣﺎ
ﺣﻘﻘﮫ ﺧﺎﺻﺔ وأن اﻷﻣﯾر ﯾؤﻣن ﺑﺄﻧﮫ ﻻ ﯾﻣﻛﻧﮫ ﺷرﻋﺎ أن ﯾﺗﺧﻠﻰ ﻋن اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن اﻟذﯾن ﺧﺿﻌوا ﻟﮫ
طوﻋﺎ ودﻓﻌوا ﻟﮫ اﻟزﻛﺎة.
ﻓﻣﻌﺎھدة اﻟﺗﺎﻓﻧﺔ ﺗﻌﺗرف ﺻراﺣﺔ ﻟﻸﻣﯾر ﻓﻲ اﻟﺷرط اﻟﺛﺎﻧﻲ واﻟﺛﺎﻟث ﺑوﻻﯾﺔ وھران
واﻟﺗﯾطري ﻣﺎ ﻋدا ﺛﻼث ﻣدن ﻓﻲ اﻷوﻟﻰ وھﻲ :وھران ،أرزﯾو وﻣﺳﺗﻐﺎﻧم وﻓﻲ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ اﻟﺟزاﺋر
وﺟزء ﻣن ﺳﮭل ﻣﺗﯾﺟﺔ .وﺑذﻟك ﺗﻛون ﻓرﻧﺳﺎ ﻗد اﻋﺗرﻓت ﺑﺻرﯾﺢ اﻟﻌﺑﺎرة ﺑﺈﻣﺎرة ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر
ﻋﻠﻰ ﺛﻼﺛﺔ أرﺑﺎع اﻟﺟزاﺋر .
ﻓﺗرة اﺳﺗﻘرار وﺳﻼم :ﺣﯾث ﻛﺎن اﻷﻣﯾر ﻋﺑد اﻟﻘدر ﺑﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ ﻓﺗرة ﻣن اﻟﺳﻼم واﻟﮭدوء
ﻟﺗدﻋﯾم اﺳﺗﻘﻼﻟﮫ اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ واﻻﻗﺗﺻﺎدي وﻟﺣﻣﺎﯾﺔ ھذا اﻻﺳﺗﻘﻼل ﺑﺗﻧظﯾم ﺟﯾش ﻣﺟ ّﮭز وﻣدرب
ﻋﻠﻰ طرق اﻟﻘﺗﺎل اﻟﺣدﯾﺛﺔ .ﻛﻣﺎ ﻛﺎن اﻷﻣﯾر ﺑﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ وﻗت ﻟﺗﺛﺑﯾت ﻧﻔوذه اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ وﺧﺎﺻﺔ
ﻓﻲ اﻟﻣﻧﺎطﻖ اﻟداﺧﻠﯾﺔ .ﻓﺄدب ﻣﻧﺎﻓﺳﯾﮫ وﻓرض اﻷﻣن ﻓﻲ ﻣﻘﺎطﻌﺗﮫ وأرﺳل ﺧﻠﻔﺎء ﺣﺗﻰ اﻷﻏواط
12
وﺑﺳﻛرة ﻓﻲ اﻟﺻﺣراء وداﻧت ﻟﮫ ﺗﻘرﯾﺑﺎ ﻛل اﻟﻣﻧﺎطﻖ واﻟﻧواﺣﻲ وﻟم ﯾﺑﻖ " ﺳوى أرﺑﻌﺔ ﻣراﻛز
ﻟم ﺗﺻﻠﮭﺎ ﺑﻌد ﺳﻠطﺗﻲ وھﻲ ﻣﯾزاب ،وورﻗﻠﺔ وﺗﻘرت ووادي ﺳوف"..
ﺑل إن اﻷﻣﯾر ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر ﺻﺎﺣب اﻟﻣﺷروع اﻟوطﻧﻲ اﻟطﻣوح ﻛﺎن ﺑﺄﺷد اﻟﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ اﻟوﻗت
ﻹﺗﻣﺎم ﻣﺷﺎرﯾﻌﮫ اﻟﺗﻌﻠﯾﻣﯾﺔ ،اﻟﺻﻧﺎﻋﯾﺔ ،اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،اﻹدارﯾﺔ ...ذﻟك أﻧﮫ ﻛﺎن ﯾرى أن اﻟﮭوة
واﺳﻌﺔ ﺑﯾن ﻓرﻧﺳﺎ واﻟﺟزاﺋر ﻣن اﻟﻧﺎﺣﯾﺔ اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ واﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ وﻋﻠﯾﮫ ﻓﻘد ﺣﺎول
ﺗﺿﯾﯾﻘﮭﺎ ﺑﺎﺳﺗﺧدام ﺟﻣﯾﻊ اﻟوﺳﺎﺋل واﻹﻣﻛﺎﻧﯾﺎت اﻟﻣﺗﺎﺣﺔ وﺑﺎﻻﻋﺗﻣﺎد ﻋﻠﻰ اﻟﺧﺑرات اﻷﺟﻧﺑﯾﺔ ﻓﻲ
اﺳﺗﺧراج اﻟﻣﻌﺎدن وﺗﺣوﯾﻠﮭﺎ إﻟﻰ ﻣﻌدات وأﺳﻠﺣﺔ...
اﻟﻣﻣﺛل اﻟوﺣﯾد واﻟﺷرﻋﻲ ﻟﻠﺟزاﺋرﯾﯾن :ﻣﻧذ ﺳﻘوط اﻟﺣﻛوﻣﺔ اﻟﻣرﻛزﯾﺔ ﺑﺎﻟﺟزاﺋر ﻋﺎم
1830وﻧﻔﻲ اﻟداي ﺣﺳﯾن ،ﻓﻘد اﻧﺗﺷرت اﻟﻔوﺿﻰ واﻻﺿطراﺑﺎت ﻛﺎﻣل أﻧﺣﺎء اﻟﺟزاﺋر ﺣﯾث
اﻧﻌدم اﻷﻣن واﻧﺗﮭﻛت وﺿﺎﻋت اﻟﻣﻣﺗﻠﻛﺎت اﻟﺷﻲء اﻟذي ﺟﻌل اﻟﺟزاﺋرﯾﯾن ﯾﺑﺣﺛون ﻋن ﻗﺎﺋد
وزﻋﯾم ﯾﻧﺿوون ﺗﺣت ﻟواءه وﺑﻌد اﻟﺗﺟرﺑﺔ اﻟﻔﺎﺷﻠﺔ ﻣﻊ ﺳﻠطﺎن اﻟﻣﻐرب اﻷﻗﺻﻰ ﻓﻘد اﺳﺗﻘر
اﻟرأي ﻋﻠﻰ ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر اﺑن ﻣﺣﻲ اﻟدﯾن اﻟذي ﺑوﯾﻊ ﺑﺎﻹﻣﺎرة ﻓﻲ ﻧوﻓﻣﺑر ،1832ﺣﯾث اﺳﺗطﺎع
أن ﯾﻘود اﻟﻧﺿﺎل اﻟﻣﺳﻠﺢ ﺿد ﻓرﻧﺳﺎ ﻓﻲ اﻟﻐرب إﻟﻰ درﺟﺔ أﻧﮫ ﺟﻌل اﻟﺣﺎﻣﯾﺎت اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ ﺗﻌرف
ظروﻓﺎ ﺣرﺟﺔ ﻣﻣﺎ ﺣدى ﺑﺎﻟﺟﻧرال دي ﻣﯾﺷﺎل ﻓﻲ اﻟدﺧول ﻣﻌﮫ ﻓﻲ ﻣﻔﺎوﺿﺎت وﻗد ﻛﺎن ذﻟك
إﯾذاﻧﺎ ﺑظﮭور زﻋﯾم وطﻧﻲ ﺳرﻋﺎن ﻣﺎ طﻠﺑت ﻗﺑﺎﺋل إﻗﻠﯾم اﻟﺗﯾطري اﻹﻧﺿواء ﺗﺣت ﻟواﺋﮫ ﺗﻠﺗﮭﺎ
ﺑﻌد ذﻟك وﻓود ﻋن ﺑﻘﯾﺔ اﻟﻣﻧﺎطﻖ :اﻟﺻﺣراء ،ﻣﻧطﻘﺔ اﻟﻘﺑﺎﺋل ...وھذا ﻣﺎ أﻋطﻰ اﻷﻣﯾر ﻋﺑد
اﻟﻘﺎدر اﻟﺣﻖ ﻓﻲ ﺗوﻗﯾﻊ ﻣﻌﺎھدة ﻣﻊ ﻓرﻧﺳﺎ ﺑﺎﺳم اﻷﻣﯾر ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر " أﻣﯾر اﻟﻣؤﻣﻧﯾن " وھﻲ
ﻣﻌﺎھدة دي ﻣﯾﺷﺎل 1834ﻣﻊ ﺗﺣﻔظﻧﺎ ﺣول ﻣﻌﺎھدة اﻟﺗﺎﻓﻧﺔ 1837ﺣﯾث أن اﻟﻧص اﻟذي ﻋﺛر
ﻋﻠﯾﮫ ﻣﺎرﺳﯾل إﯾﻣرﯾت وﻧﺷره ﻓﻲ اﻟﻣﺟﻠﺔ اﻹﻓرﯾﻘﯾﺔ ﻻ ﯾﺗﺿﻣن ﺻﻔﺔ اﻷﻣﯾر ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر أﻻ
أﻣﯾرا ﻟﻠﻣؤﻣﻧﯾن " وﻗد أوﺿﺣﻧﺎ ذﻟك ﺧﻼل ﻣﻧﺎﻗﺷﺗﻧﺎ ﻟﻠﺟﺎﻧب اﻟﺷﻛﻠﻲ ﻣن ﻣﻌﺎھدة
ً وھﻲ أﻧﮫ "
اﻟﺗﺎﻓﻧﺔ،ﻋﻠﻣﺎ ﺑﺄن ﺟﻣﯾﻊ ﻣراﺳﻼت اﻷﻣﯾر ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر أﺷﺎرت إﻟﻰ ﺻﻔﺔ أﻣﯾرا ﻟﻠﻣؤﻣﻧﯾن.
إﻻ أن اﻟﻣﻼﺣظ أن ﻣﻌﺎھدة اﻟﺗﺎﻓﻧﺔ 1837اﻟﺗﻲ ﺑﯾن أﯾدﯾﻧﺎ وإن ﻛﺎﻧت ﻟم ﺗﺷر إﻟﻰ ﺻﻔﺔ
اﻷﻣﯾر ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر ﺑﺎﻋﺗﺑﺎره أﻣﯾرا ﻟﻠﻣؤﻣﻧﯾن إﻻ أﻧﮭﺎ ﺟﻌﻠﺗﮫ اﻟﻣرﺟﻊ اﻟوﺣﯾد ﻟﻠﺗﻌﺎﻣل ﻣﻌﮫ داﺧﻠﯾﺎ
واﻟﻘوة اﻟﻔﺎﻋﻠﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺳﺗطﯾﻊ ﻣواﺟﮭﺔ ﻓرﻧﺳﺎ ﻣﺳﺗﻘﺑﻼ ﻓﻲ ھذه اﻟﺑﻼد ﻣﻘوﯾّﺔ ﺑذﻟك ﻣرﻛزه ﻋﻠﻰ
13
اﻟﻣﺳﺗوﯾﯾن اﻟداﺧﻠﻲ واﻟﺧﺎرﺟﻲ .وھذه اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ أﺷﺎر إﻟﯾﮭﺎ اﻟﺣﻛﺎم اﻟﻌﺎم داﻣرﻣون ﻓﻲ رﺳﺎﻟﺗﮫ
اﻟﻣوﺟﮭﺔ إﻟﻰ رﺋﯾس اﻟﺣﻛوﻣﺔ اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ ﺑﺗﺎرﯾﺦ 15ﺟوان 1837ﺣﯾن ﺗﺳﺎءل " :ﻣﺎ ﻣﻌﻧﻰ ھذه
ّ
اﻟﺳﯾﺎدة؟ إﻧﮭﺎ ﻛﻠﻣﺔ ﺟوﻓﺎء ،ﻣﺎداﻣت ﻓرﻧﺳﺎ ﺗﻌﺎﻣﻠﮫ )اﻷﻣﯾر( ﻋﻠﻰ ﻗدم اﻟﻣﺳﺎواة وﺗﺟﻌل ﻣﻧﮫ
اﻟﺳﯾد اﻟﻔﻌﻠﻲ ﻟﻠﺑﻠد ،ﺑﺎﺳﺗﺛﻧﺎء ﻗطﻌﺗﯾن ﻣن اﻷرض اﺣﺗﻔظت ﺑﮭﻣﺎ ﻟﻧﻔﺳﮭﺎ".
وھﻛذا أﺻﺑﺢ اﻷﻣﯾر ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر ﺑﻌد ﺳﺑﻊ ﺳﻧوات ﻣﻧذ ﺑداﯾﺔ اﻻﺣﺗﻼل اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﻟﻠﺟزاﺋر
1830وﺧﻣس ﺳﻧوات ﺑﻌد ﻣﺑﺎﯾﻌﺗﮫ ﺑﺎﻹﻣﺎرة اﻟﺳﯾد اﻟﺷرﻋﻲ ﻟﻠﺟزاﺋر ﺣﯾث ﺧﺿﻌت
ﻟﺻوﻟﺟﺎﻧﮫ ﻣﻌظم اﻷﻗﺎﻟﯾم ﺑﻣﺣض إرادﺗﮭﺎ وذﻟك ﻋن طرﯾﻖ إرﺳﺎل اﻟوﻓود ودﻓﻊ اﻟزﻛﺎة
واﻟﺗﺟﻧد ﻓﻲ ﺟﯾﺷﮫ ﺑﻐرض طرد اﻟﻣﺣﺗل اﻷﺟﻧﺑﻲ .ﻛﻣﺎ ﺗﺳﺎرع اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟﺣﻛﺎم واﻟﻣﻠوك إﻟﻰ
اﻟﺗﻌﺎﻣل ﻣﻌﮫ .ﺑل إن اﻷﻣﯾر ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر اﻛﺗﺳب ﺷﻌﺑﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟدول اﻷروﺑﯾﺔ اﻟﺗﻲ رأت
ﻓﯾﮫ ذﻟك اﻟﻣﻧﺎﺿل ﻣن أﺟل اﻟﺣرﯾﺔ وﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﺑرﯾطﺎﻧﯾﺎ ﺑل وﻓﻲ ﻓرﻧﺳﺎ ﻧﻔﺳﮭﺎ .أو ﻟم ﯾﻌﺗرف
اﻷب أوﻧﻔﺗﺎن Le père Enfantinوھو ﻣن أﺷد دﻋﺎة اﻻﺳﺗﻌﻣﺎر ﺑﺎﻟﺟزاﺋر ﺑﻌد إﻋدام
ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻣﺳﺎﺟﯾن اﻟﺟزاﺋرﯾﯾن ﻓﻲ اﻟﺷرق اﻟﺟزاﺋري ﻋﺎم 1841ﺑﺄن " اﻟﺟزاﺋر
أﺻﺑﺣت ﺗﻘززﻧﻲ ،إﻧﻧﻲ أﺻﺑﺣت ھﻧﺎ ﻻ أﺣبﱡ إﻻ ﺟزاﺋر اﻟﻌرب وأﺧﺟل ﻣﻧﺎ ﻧﺣن اﻟﻔرﻧﺳﯾﯾن،
أظن أﻧﻧﻲ ﻟو ﻛﻧت ﻣﻘﺎﺗﻼ ،ﺳﺄﻟﺗﺣﻖ ﺑﻌﺑد اﻟﻘﺎدر وأﻣﻧﺣﮫ دﻣﻲ ﻟطرد ھؤﻻء اﻟذﯾن ﯾدﻋون ﺑﻧﺷر
اﻟﺣﺿﺎرة"...
ﻣن ﺧﻼل ﻣﺎ ﺳﺑﻖ ﻓﻘد ﻧﺟﺢ اﻷﻣﯾر ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺿﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﻔوﺿﻰ واﻻﺿطراب
اﻟذي ﻋرﻓﺗﮫ اﻟﺟزاﺋر ﺑﻌد ﺳﻘوط ﺣﻛوﻣﺔ اﻟداي ﺣﺳﯾن ﻛﻣﺎ أﻧﮫ اﺳﺗطﺎع أن ﯾﺟﻣﻊ اﻟﺟزاﺋرﯾﯾن
ﺣول دوﻟﺔ ذات راﯾﺔ وأﻧﮫ ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻟﻠﺟﮭود اﻟﺗﻲ ﺑذﻟﮭﺎ ﻓﺈﻧﮫ ﻗد وﺿﻊ ﻣن ﺧﻼل ھذه اﻟﻣﻌﺎھدة
"ﺣﺟر اﻟزاوﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺻرح اﻟذي ﻛﺎن ﻣﻧذ أﻣد طوﯾل ﯾﺷﯾّده ﺑﻣﺷﻘﺔ وﻣﺛﺎﺑرة".
14
اﺳﺗﻌﺎدة ﺗﻠﻣﺳﺎن وﺟزﯾرة رﺷﻘون :وﻗد ﻧص ﻋﻠﻰ ذﻟك اﻟﺷرط اﻟﺗﺎﺳﻊ ﺣﯾث دﻋﻣت دوﻟﺔ
اﻷﻣﯾر ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر ﺑﻣﻧطﻘﺔ ﺣﯾوﯾﺔ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗﺟﺎرﯾﺔ وﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﺳﺗﯾراد اﻷﺳﻠﺣﺔ ﺧﻼل ھذه
اﻟﻔﺗرة ﻣن اﻟﻣﻐرب اﻷﻗﺻﻰ وﻣن ﺑﻘﯾﺔ اﻟدول اﻷروﺑﯾﺔ ﺣﯾث ﻟﻌب ﻣﻣﺛﻠوا اﻷﻣﯾر ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر ﻓﻲ
دورا ﻻ ﯾﺳﺗﮭﺎن ﺑﮫ ﻓﻲ ھذه اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ وﻋﻠﻰ رأس ھؤﻻء اﻟﻣﻐرﺑﻲ اﻟﺣﺎج
طﻧﺟﺔ وﺟﺑل طﺎرق ً
اﻟطﺎﻟب ﺑن ﺟﻠون واﻷﺧوﯾن ﻣﺎﻧوﺗﺷﻲ .
وﻗد رأﯾﻧﺎ ﻓﻲ ﺗﺣﻠﯾﻠﻧﺎ ﻟﻠﺷرط اﻟﺗﺎﺳﻊ ﻣن ﻣﻌﺎھدة اﻟﺗﺎﻓﻧﺔ أھﻣﯾﺔ ﺗﻠﻣﺳﺎن اﻻﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ
ﻟﻸﻣﯾر ﻋﺑد اﻟﻘدر اﻟﺷﻲء اﻟذي ﺟﻌﻠﮫ ﯾﺗﻧﺎزل ﻟﻔرﻧﺳﺎ ﻋن ﺟزء ﻣن ﺳﮭل ﻣﺗﯾﺟﺔ ﺧﻼل
اﻟﻣﻔﺎوﺿﺎت اﻟﺗﻲ ﻗﺎدھﺎ اﻟﯾﮭودي اﺑن دران ﻣﻊ اﻟﺟﻧرال ﺑﯾﺟو ذﻟك أن اﻷﻣﯾر ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر ﻛﺎن
ﻧظرا ﻟوﻗوع ﺗﻠﻣﺳﺎن ﻋﻠﻰ اﻟﺣدود ﻣﻊ
ً ﯾرى أن ﺗﻠﻣﺳﺎن أھم ﻓﻲ ﺗﻠك اﻟﻔﺗرة ﻣن ﺳﮭل ﻣﺗﯾﺟﺔ
اﻟﻣﻐرب اﻷﻗﺻﻰ وﻧظرا ﻟﺣﺎﺟﯾﺎت اﻷﻣﯾر ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر اﻟﻣﺗﻌددة ﻣن أﺳﻠﺣﺔ واﺳﺗﯾراد وﺗﺻدﯾر
اﻟﻣﻧﺗﺟﺎت اﻟﺟزاﺋرﯾﺔ ﺑﻌد اﺳﺗﯾﻼء اﻟﻘوات اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻧﺎطﻖ اﻟﺳﺎﺣﻠﯾﺔ .ﺿف إﻟﻰ ذﻟك أن
ﺗﻠﻣﺳﺎن ﺑﻣوﻗﻌﮭﺎ اﻟﺟﻐراﻓﻲ ﻣﻛﻧت اﻷﻣﯾر ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر ﻓﯾﻣﺎ ﺑﻌد ﺗﺟدد اﻟﻘﺗﺎل ﺑﯾﻧﮫ وﺑﯾن ﻓرﻧﺳﺎ
ﻋﺎم 1839إﻟﻰ اﺗﺧﺎذ اﻟﻣﻐرب اﻷﻗﺻﻰ ﻗﺎﻋدة ﺧﻠﻔﯾﺔ وﻣﻧطﻘﺔ آﻣﻧﺔ ﯾﻠﺟﺄ إﻟﯾﮭﺎ ﻛﻠﻣﺎ اﺷﺗدت ﻋﻠﯾﮫ
اﻟظروف.
أﻣﺎ أھﻣﯾﺔ ﺗﻠﻣﺳﺎن اﻟﺑﺣرﯾﺔ ﻓﮭﻲ ﺗﻛﻣن ﻓﻲ ﺟزﯾرة رﺷﻘون اﻟواﻗﻌﺔ ﻋﻧد ﻣﺻب ﻧﮭر اﻟﺗﺎﻓﻧﺔ
ھذه اﻟﺟزﯾرة اﻟﺗﻲ اﺳﺗﻐﻠﮭﺎ اﻷﻣﯾر ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر ﻗﺑل اﺣﺗﻼﻟﮭﺎ ﻣن ﻗﺑل اﻟﻘوات اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ ﻋﺎم
1836ﺑﮭدف ﺗﺻدﯾر اﻟﻣﻧﺗﺟﺎت اﻟﺟزاﺋرﯾﺔ ﻧﺣو اﻟﺧﺎرج واﺳﺗﯾراد ﻣﺎ ﯾﺣﺗﺎﺟﮫ ﻣن ﻋﺗﺎد
وأﺳﻠﺣﺔ وذﺧﯾرة وﺳﻠﻊ أﺧرى ﻟﺳد ﺣﺎﺟﯾﺎﺗﮫ اﻟﻣﺗﻧوﻋﺔ.
ورﻏم ﺳﻘوط ھذه اﻟﺟزﯾرة ﻓﻲ ﯾد ﻓرﻧﺳﺎ ﺑﮭدف ﻣﻧﻊ اﻷﺳﻠﺣﺔ ﻣن اﻟﺧﺎرج ﻋن اﻷﻣﯾر ﻋﺑد
اﻟﻘﺎدر ﻓﺈن ذﻟك ﻟم ﯾؤﺛر ﻋﻠﻰ اﻷﻣﯾر اﻟذي ﻛﺎن ﯾﺳﺗورد أﺳﻠﺣﺗﮫ ﻣن اﻟﻣﻐرب اﻷﻗﺻﻰ ﻋﺑر
اﻟطرق اﻟﺑرﯾﺔ وﻛذا ﻣن اﻟﺻﺣراء وﺗوﻧس ...وﻣﻊ ذﻟك ﻓﺈﻧﮫ اﺳﺗطﺎع ﺑﻔﺿل آداءه اﻟدﺑﻠوﻣﺎﺳﻲ
أن ﯾﺳﺗرﺟﻊ ﺗﻠﻣﺳﺎن وﺟزﯾرة رﺷﻘون وھذا ﻣﺎ ﺳوف ﯾﻔﺗﺢ ﻟﮫ آﻓﺎﻗﺎ ﺗﺟﺎرﯾﺔ وﻋﺳﻛرﯾﺔ وأﻣﻧﯾﺔ
ﻛﺑﯾرة .
15
وﻋﻣوﻣﺎ ﻓﺈن ﺧروج ﻓرﻧﺳﺎ ﻣن ﺗﻠﻣﺳﺎن وﺟزﯾرة رﺷﻘون " ﯾﺷﻛل ﻋﻣﻠﯾﺔ ﺑﺎﻟﻐﺔ اﻷھﻣﯾﺔ
ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻸﻣﯾر اﻟذي أﺿﺎف ﻟﻣﻣﺗﻠﻛﺎﺗﮫ ﻣدﯾﻧﺔ ﺟدﯾدة ﺑﺣﺻﻧﮭﺎ وﻣﺎ ﺣوﺗﮫ ﻣن ﺳﻼح وذﺧﯾرة
وﻓﻲ ﻧﻔس اﻟوﻗت ،اﺳﺗراح ﻣن ﻋدو ظل ﯾﺷﻐل ﺑﺎﻟﮫ زﻣﻧﺎ طوﯾﻼ ،وﯾﮭدده ﻣن اﻟﺧﻠف ﻛﻠﻣﺎ ﻋزم
ﻋﻠﻰ اﻟﺧروج ﻟﻠﺟﮭﺎد أو ﻟﺗﻔﻘد ﻣﺧﺗﻠف أﻧﺣﺎء اﻟﻣﻧطﻘﺔ اﻟﺗﺎﺑﻌﺔ ﻟﺳﻠطﺎﻧﮫ".
وأﻛﺛر ﻣن ذﻟك ﻓﻘد ﺿﻣن اﻟﺷرط اﻟﺗﺎﺳﻊ ﻣن ﻣﻌﺎھدة اﻟﺗﺎﻓﻧﺔ ﺗرك اﻷﺳﻠﺣﺔ واﻟﻣداﻓﻊ اﻟﺗﻲ
ﻛﺎﻧت ﺑﺣوزة اﻟﻛراﻏﻠﺔ ﻟﻸﻣﯾر ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر .ﺑل إن اﻟﺟزء اﻷﻛﺛرﻋداء ﻟﮫ ﻣن اﻟﻛراﻏﻠﺔ ﺧرﺟوا
ﻣﻊ اﻟﻘوات اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ ﺑﻘﯾﺎدة ﻛﺎﻓﯾﻧﯾﺎك وﺑذﻟك ﯾﻛون اﻷﻣﯾر ﻗد ﺗﺧﻠص ﻣن ﻣﻧﺎوﺋﯾن ﻟﮫ ﻟطﺎﻟﻣﺎ
اﺳﺗﺧدﻣﺗﮭم اﻟﺳﻠطﺎت اﻻﺳﺗﻌﻣﺎرﯾﺔ ﻓﻲ ﺿرب اﻟﺟﺑﮭﺔ اﻟداﺧﻠﯾﺔ واﺳﺗﻘرارھﺎ.
اﺳﺗﻌﺎدﺗﮫ ﻷراﺿﻲ ﻗﺑﯾﻠﺗﻲ اﻟزﻣﺎﻟﺔ واﻟدواﺋر :ﺣﯾث ﻗﺿت اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟﺳرﯾﺔ اﻟﻣوﻗﻌﺔ ﺑﯾن
اﻟﺟﻧرال ﺑﯾﺟو واﻷﻣﯾر ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر واﻟﺗﻲ أطﻠﻖ ﻋﻠﯾﮭﺎ اﻷﻣﯾر اﺳم "اﻟﻣﻌﺎھدة اﻟﺧﺎﺻﺔ" ﺑطرد
ھﺎﺗﯾن اﻟﻘﺑﯾﻠﺗﯾن ﻣن ﺳﮭل ﻣﻠﯾﺗﺔ اﻟﺧﺻب وإﺳﻛﺎﻧﮭﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﻧطﻘﺔ اﻟواﻗﻌﺔ ﺑﯾن وھران واﻟوادي
اﻟﻣﺎﻟﺢ Rio Saladoوﺑذﻟك ﯾﻛون اﻷﻣﯾر ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر ﻗد ﺣرم ھﺎﺗﯾن اﻟﻘﺑﯾﻠﺗﯾن ﻣن ھذا اﻟﺳﮭل
اﻟذي اﻋﺗﺑر اﻟﻣﺻدر اﻟرﺋﯾﺳﻲ ﻟرﻓﺎھﯾﺗﮭم ﻣﺟﺑ ًرا إﯾﺎھم ﻟﻠﻌودة إﻟﻰ أراﺿﯾﮭم اﻟواﻗﻌﺔ ﻓﻲ ﻣﻧطﻘﺔ
وھران اﻟﺗﻲ ﺣل ﺑﮭﺎ ﻣﺎ ﺣل ﻣن ﺧراب ودﻣﺎر
وﻋﻠﻰ ھذا اﻷﺳﺎس ﻓﺈﻧﮫ ﻟﻣﺎ ﻛﺎن ﻟﻸﻣﯾر ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر ﻣﺷروﻋﺎ طﻣوﺣﺎ ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ إﻧﺷﺎء
اﻟﻣﺻﺎﻧﻊ ﺑﮭدف إﻧﺗﺎج اﻷﺳﻠﺣﺔ اﻟﺗﻲ ھو ﻓﻲ أﻣس اﻟﺣﺎﺟﺔ إﻟﯾﮭﺎ ﻓﺈﻧﮫ ﻓﺗﺢ أﺑواب ھذه اﻟﻣﺻﺎﻧﻊ
16
أﻣﺎم اﻟﻛﻔﺎءات اﻷروﺑﯾﺔ ﻟﻼﺳﺗﻔﺎدة ﻣن ﻣﻌﺎرﻓﮭم .ﻓﺧﻼل ﺳﻧﺔ 1838و 1839وھﻲ اﻟﺳﻧوات
ﻛﺛﯾرا ﻓﺈن ﻣﺻﺎﻧﻌﮫ ﻛﺎﻧت ﺗدار ﻣن ﻗﺑل أروﺑﯾﯾن ﻓﻲ ﻣﻠﯾﺎﻧﺔ،
ً اﻟﺗﻲ اﺳﺗﻔﺎد ﻣﻧﮭﺎ ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر
ﺗﺎﻗدﻣت ،ﺗﻠﻣﺳﺎن ،ﺳﺑدو ...ﺣﯾث ﻛﺎﻧت ﺗﻌﻣل ﺑﻔﺿل ھؤﻻء ﺑﺈﺗﻘﺎن ﻣﻣﺎ ﺟﻌﻠﮭﺎ ﺗﻧﺗﺞ اﻟﺑﻧﺎدق
واﻟﻣداﻓﻊ ،واﻟذﺧﯾرة ،واﻟﻘطﻊ اﻟﻧﻘدﯾﺔ ...ﻓـ ":ﻓﻲ ﺗﻠﻣﺳﺎن ﻛﺎن أﺣد اﻹﺳﺑﺎﻧﯾﯾن ﯾﺷرف ﻋﻠﻰ
ﻣﺻﮭر ﻟﻠﻣداﻓﻊ ﯾﻧﺗﺞ ﯾوﻣﯾﺎ اﺛﻧﻲ ﻋﺷروﺳﺗﺔ ﻣدﻛﺎت ﻣدﻓﻊ .وﻛﺎن أﺣد اﻟﻔرﻧﺳﯾﯾن اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﯾﯾن
ﻓﻲ ﻋﻠم اﻟﻣﻌﺎدن ،ﯾدﻋﻰ اﻟﺳﯾد دي ﻛﺎس De Caseﻗد أﻧﺷﺄ ﻓﻲ ﻣدﯾﻧﺔ ﻣﻠﯾﺎﻧﺔ ،ﻣﺻﻧﻌﺎ ﻟﻠﺑﻧﺎدق
وآﺧر ﻹﻧﺗﺎج اﻟﺑﺎرود ،وﻛﺎن اﻟﺣدﯾد ﯾﺣﺿر ﻣن ﻣﻧﺟم ﺑﺎﻟﻘرب ﻣن ﻣﻠﯾﺎﻧﺔ .وﻛﺎﻧت اﻟﻣﻧﺳوﺟﺎت
ذات اﻟﻧوع اﻟرﻓﯾﻊ ﺗﺻﻧﻊ أﯾﺿﺎ .وﻛﺎﻧت ﻣﻧﺎﺟم ﻣﻠﺢ اﻟﺑﺎرود واﻟﻛﺑرﯾت واﻟﺣدﯾد واﻟﻧﺣﺎس ﻣﺣل
ﻋﻣل ﻣﺗواﺻل .وﻛﺎن اﻷروﺑﯾون ﻗد اﺳﺗدﻋوا ﻟﻺﻗﺎﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﺑﻼد ﻣﻊ ﺣﻖ اﻟﺗﻣﻠك ﺑﺣرﯾﺔ .وﻛﺎﻧت
اﻷرض ﺗﺑدو وﻛﺄﻧﮭﺎ ﺗﺳﺗﯾﻘظ ﻣن ﻏﻔوة طوﯾﻠﺔ"...
ﻛﻣﺎ اﺳﺗﻔﺎد اﻷﻣﯾر ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر ﻛذﻟك ﻣن اﻟﮭﺎرﺑﯾن ﻣن اﻟﺟﯾش اﻟﻔرﻧﺳﻲ اﻟذﯾن ﺳوف ﯾزداد
أﺧﯾرا ﯾﻛوﻧون ﻛﺗﯾﺑﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﮭم ،وﻗد ﺣﺎرﺑوا ﺿ ّد ﻣواطﻧﯾﮭم
ً ﻋددھم إﻟﻰ درﺟﺔ " أن أﺻﺑﺣوا
ﺑﻛل ﺷﺟﺎﻋﺔ وإﻗدام ﻻ ﯾﻛﺎد اﻟﺟﻧدي اﻟﻣﺳﻠم ﯾزاﺣﻣﮭم ﻓﯾﮭﻣﺎ".
ﺿﻣﺎﻧﮫ ﻟﻠﺣرﯾﺔ اﻟدﯾﻧﯾﺔ ﻟﻣﺳﻠﻣﻲ اﻟﻣﻧﺎطﻖ اﻟﺧﺎﺿﻌﺔ ﻟﻔرﻧﺳﺎ :ﻧص اﻟﺷرط اﻟﺧﺎﻣس ﻋﻠﻰ
أن اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن اﻟذﯾن ﯾﻌﯾﺷون ﻓﻲ اﻟﻣﻧﺎطﻖ اﻟﺧﺎﺿﻌﺔ ﻟﻔرﻧﺳﺎ ﯾﺗﻣﺗﻌون ﺑﺣرﯾﺗﮭم اﻟدﯾﻧﯾﺔ ﻛﻣﺎ
ﯾﻣﻛﻧﮭم إﻧﺷﺎء اﻟﻣﺳﺎﺟد واﻻﺣﺗﻛﺎم إﻟﻰ اﻟﺷرﯾﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﯾد ﻗﺿﺎة اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن.
ورﻏم أن اﻷﻣﯾر ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر اﻟذي أﺑدى رﻓﺿﮫ اﻟﻣطﻠﻖ ﻷن ﯾﻌﯾش اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ﺗﺣت اﻟﺣﻛم
اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﻓﻲ اﻟﺳﻧوات اﻷوﻟﻰ ﻣن اﻟﻛﻔﺎح ،ﻓﺈﻧﮫ ﻟﻣﺎ اﺗﺿﺢ ﻟﮫ أن ﻓرﻧﺳﺎ ﺑدأت ﺗﺳﺗوطن اﻟﺳﮭول
واﻷراﺿﻲ وﻟﻣﺎ ﻻﺣظ ارﺗﺳﺎم ﻣﻌﺎﻟم اﻻﺳﺗﻌﻣﺎر اﻻﺳﺗﯾطﺎﻧﻲ ﻓﺈﻧﮫ ﻗﺑل وﻟو ﻣؤﻗﺗﺎ أن ﯾﻠﺗزم
اﻟﻣﺳﻠﻣون ﻣﺳﺎﻛﻧﮭم وأﻣﻼﻛﮭم ﻓﻲ اﻟﻣﻧﺎطﻖ اﻟﺧﺎﺿﻌﺔ ﻟﻔرﻧﺳﺎ ﺑدل أن ﯾﺗرﻛوا ذﻟك ﻏﻧﯾﻣﺔ ﻟﮭﺎ.
وﻓﻲ اﻟﻣﻘﺎﺑل ﻓﺈﻧﮫ اﺳﺗطﺎع أن ﯾﺿﻣن ﻟﮭؤﻻء اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ﺣرﯾﺗﮭم اﻟدﯾﻧﯾﺔ ﺗﺣت إﺷراف ﻗﺿﺎة
ﻣﺳﻠﻣﯾن .ﻋﻠﻰ أن اﻷﻣﯾر ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر ﻛﺎن ﻋﻠﻰ أھﺑﺔ اﻻﺳﺗﻌداد ﻓﻲ أي وﻗت ﻟﻧﺻرة إﺧواﻧﮫ
اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺗﻌ ٍد ﻋﻠﻰ دﯾﻧﮭم أو ﻣﻣﺗﻠﻛﺎﺗﮭم ﻣن ﺟﺎﻧب اﻟﻔرﻧﺳﯾﯾن.
17
اﻟﻣﻌﺎﻣﻠﺔ ﺑﺎﻟﻣﺛل واﻟﻣﺳﺎواة ﻣﻊ ﻓرﻧﺳﺎ :ﻧﺻت اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟﺷروط اﻟواردة ﻓﻲ ﻣﻌﺎھدة
اﻟﺗﺎﻓﻧﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺑدأ اﻟﻣﻌﺎﻣﻠﺔ ﺑﺎﻟﻣﺛل واﻟﻣﺳﺎواة ﺑﯾن اﻟطرف اﻟﺟزاﺋري واﻟﻔرﻧﺳﻲ وﻻ ﺳﯾﻣﺎ
اﻟﺷرط اﻟراﺑﻊ اﻟﻣﺗﻌﻠﻖ ﺑﺣرﯾﺔ ﺗﻧﻘل اﻷﺷﺧﺎص ﻣن اﻟﻣﻧﺎطﻖ اﻟﺧﺎﺿﻌﺔ ﻟﻔرﻧﺳﺎ إﻟﻰ اﻟﻣﻧﺎطﻖ
اﻟﺗﺎﺑﻌﺔ ﻟﻸﻣﯾر أو اﻟﻌﻛس واﻟﺷرط اﻟﺣﺎدي ﻋﺷر اﻟذي ﯾﻧص ﻋﻠﻰ ﺿﻣﺎن أﻣن وﺳﻼﻣﺔ
اﻟﻔرﻧﺳﯾﯾن ﻓﻲ أراﺿﻲ اﻷﻣﯾر وﺿﻣﺎن أﻣن وﺳﻼﻣﺔ اﻟﻌرب ﻓﻲ اﻷراﺿﻲ اﻟﺧﺎﺿﻌﺔ ﻟﻔرﻧﺳﺎ
إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﺷرط اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻋﺷر اﻟذي ﻧص ﻋﻠﻰ ﺗﺑﺎدل اﻟﻣﺟرﻣﯾن واﻟﺷرط اﻟﺧﺎﻣس ﻋﺷر اﻟذي
ﻧص ﻋﻠﻰ ﺗﺑﺎدل اﻟﻘﻧﺎﺻل ﺑﯾن اﻟطرﻓﯾن.
إن اﻷﻣﯾر ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر ﻟم ﯾدﺧل ﻓﻲ ﻣﻔوﺿﺎت ﻣﻊ ﻓرﻧﺳﺎ ﺳواء ﻣﻊ دي ﻣﯾﺷﺎل ﻋﺎم 1834
أو ﻣﻊ ﺑﯾﺟو ﻋﺎم 1837إﻻ ﺑﮭدف ﺗﺣﻘﯾﻖ اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﺗﻲ ﻻ ﺑد ﻣن ﺗوﻓرھﺎ ﻋﻧد إﺑرام
اﻟﻣﻌﺎھدات ذﻟك أن اﻟﺣﺎﻛم ﯾﺟب أن ﯾراﻋﻲ ﺷرط اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ ﻓﻲ أي ﻣﻌﺎھدة ﯾﺑرﻣﮭﺎ ﻣﻊ دوﻟﺔ
أﺧرى .وﻟﻣﺎ ﻛﺎن اﻷﻣﯾر ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر ﯾﺳﺗﻣد ﻗواﻧﯾﻧﮫ ﻣن اﻟﺷرﯾﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ﻓﺈﻧﮫ ﻛﺎن ﺣرﯾﺻﺎ
ﻋﻠﻰ ﺗﺣﻘﯾﻖ ﺷرط اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ وھذا ﻣﺎ ﺳﻌﻰ ﻟﺗﺣﻘﯾﻘﮫ ﻣن ﺧﻼل ﻣﻌﺎھدة اﻟﺗﺎﻓﻧﺔ اﻟﺗﻲ وﺑﺣﺳب
اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟﻣؤرﺧﯾن واﻟﺳﯾﺎﺳﯾﯾن ﻛﺎﻧت ﻓﻲ ﻣﺻﻠﺣﺔ اﻷﻣﯾر ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر أﻛﺛر ﻣﻣﺎ ﻛﺎﻧت ﻓﻲ
ﻣﺻﻠﺣﺔ ﻓرﻧﺳﺎ وھذا ﻣﺎ ﺟﻌل اﻟﺣﺎﻛم اﻟﻌﺎم داﻣرﯾﻣون ورﺋﯾس اﻟﺣﻛوﻣﺔ اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﺗﯾﯾر ﯾﻌﺗرﻓﺎن
ﺑذﻟك ﻣوﺟﮭﯾن اﻧﺗﻘﺎدات ﺷدﯾدة ﻟﻠطرف اﻟﻔرﻧﺳﻲ
18
وﺣﺗﻰ ﻻ ﻧﻌﯾد ﻣﺎ ﻗدﻣﻧﺎه ﻣن ﻣﻼﺣظﺎت ﺣول ھذا اﻟﺷرط ﯾﻛﻔﻲ أن ﻧذﻛر أن ﻣﺎ ﻛﺗﺑﮫ ﻋﺑد
اﻟﻘﺎدر ﺑﺎﻟﻌرﺑﯾﺔ واﻟذي ﻛﺎن ﻣﺗﻣﺳﻛﺎ ﺑﮫ ھو ﺑدﻗﺔ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ " :إن اﻷﻣﯾر ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر ﯾﻌﺗرف أن
ھﻧﺎك ﺳﻠطﺎﻧﺎ ﻓرﻧﺳﯾﺎ وأﻧﮫ ﺳﻠطﺎن ﻋظﯾم".
اﻟﺳﯾطرة ﻋﻠﻰ ﻗﺳم ﻣن اﻷراﺿﻲ اﻟﺟزاﺋرﯾﺔ :ﻧص اﻟﺷرط اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻣن ﻣﻌﺎھدة اﻟﺗﺎﻓﻧﺔ
ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻧﺎطﻖ اﻟﺧﺎﺿﻌﺔ ﻟﻔرﻧﺳﺎ واﻟﺗﻲ ﺗﻘﻊ ﻛﻠﮭﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻧﺎطﻖ اﻟﺳﺎﺣﻠﯾﺔ .ﺣﯾث ﺳﻌت ﻓرﻧﺳﺎ
إﻟﻰ ﺗﺣوﯾل ھذه اﻟﻣﻧﺎطﻖ إﻟﻰ ﻣﻧﺎطﻖ زراﻋﯾﺔ ﻛﻣﺎ أﻧﺷﺄت ﻋﻠﻰ أرﺿﮭﺎ اﻟﻘرى واﻟﻣدن واﻟﺗﻲ
ﺳوف ﺗﺗﺧذھﺎ ﺑﻌد ذﻟك ﻧﻘطﺔ ارﺗﻛﺎز ﻟﻠﺗوﻏل ﻧﺣو اﻟﻣﻧﺎطﻖ اﻟداﺧﻠﯾﺔ .ھذا وﻗد اﺣﺗﻔظت
اﻟﺣﻛوﻣﺔ اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ ﻟﻘواﺗﮭﺎ ﺑﺧﻣﺳﺔ ﻣراﻛز ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺗوﺳط ﻣﻊ اﻷراﺿﻲ اﻟﻣﺣﯾطﺔ ﺑﮭﺎ واﻟﺗﻲ
ﺗﺧﺗﻠف ﻣن ﺣﯾث اﻻﺗﺳﺎع وأﺻﺑﺣت ﻣدﯾﻧﺔ اﻟﺟزاﺋر أﻛﺑر اﻟﻣﻧﺎطﻖ ﺑﻌد ﺿم ﺳﮭل ﻣﺗﯾﺟﺔ إﻟﯾﮭﺎ.
إدارة ﺷؤون اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن اﻟﻣﻘﯾﻣﯾن ﻓﻲ اﻟﻣﻧﺎطﻖ اﻟﺧﺎﺿﻌﺔ ﻟﻔرﻧﺳﺎ :وﻗد أﺷﺎر إﻟﻰ ذﻟك
اﻟﺷرط اﻟﺛﺎﻧﻲ وﺧﺎﺻﺔ اﻟﺷرط اﻟﺧﺎﻣس ،ﺣﯾث أن اﻷﻣﯾر ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر اﻟذي ظل راﻓﺿﺎ
ﻟﻣوﺿوع ﺑﻘﺎء اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن وﺧﺿوﻋﮭم ﻟﻔرﻧﺳﺎ ﺧﻼل اﻟﻣﻔﺎوﺿﺎت ،ﻓﺈﻧﮫ ﻗﺑل ﺑﻌد ذﻟك ﺑﺑﻘﺎء
ھؤﻻء اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ﻓﻲ اﻟﻣﻧﺎطﻖ اﻟﺧﺎﺿﻌﺔ ﻟﻔرﻧﺳﺎ ﻣﻘﺎﺑل ﺣﺻوﻟﮫ ﻋﻠﻰ ﺿﻣﺎﻧﺎت ﻛﺎﻓﯾﺔ ﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ
ﺷﻌﺎﺋرھم اﻟدﯾﻧﯾﺔ ﺗﺣت إﺷراف ﻗﺿﺎة ﻣﺳﻠﻣﯾن وھذا ﻋﻧدﻣﺎ ﻻﺣظ ﺑداﯾﺔ ارﺗﺳﺎم ﻣﻼﻣﺢ
اﻻﺳﺗﻌﻣﺎر اﻻﺳﺗﯾطﺎﻧﻲ وﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﻣﻧطﻘﺔ ﻣﺗﯾﺟﺔ.
إن اﻋﺗراف اﻟﺷرط اﻟﺛﺎﻧﻲ وﺧﺎﺻﺔ اﻟﺧﺎﻣس ﺑﺑﻘﺎء اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن اﻟﻘﺎطﻧﯾن ﻓﻲ اﻟﻣﻧﺎطﻖ
اﻟﺧﺎﺿﻌﺔ ﻟﻔرﻧﺳﺎ ﻣ ّﻛن ﻓرﻧﺳﺎ ﻛﺛﯾرا ﻓﻲ ﺟﻣﻊ اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت وﺗﺣﻠﯾﻠﮭﺎ ﺑﺧﺻوص ﻋﺎدات وﺗﻘﺎﻟﯾد
اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن وطرﯾﻘﺔ ﺗﻔﻛﯾرھم واﻟوﻗوف ﻋﻠﻰ ﻧﻘﺎط ﺿﻌﻔﮭم وﻗوﺗﮭم ﺣﯾث أﻧﮭﺎ ﺳوف ﺗﺳﺗﺧدم
ذﻟك ﺑﺎﻣﺗﯾﺎز ﻣن ﻗﺑل ﻣﺗﺧﺻﺻﯾن ﻓﻲ اﻟﺟوﺳﺳﺔ وﺟﻣﻊ اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت وﻋﻠﻰ رأﺳﮭم اﻟﺟﺎﺳوس
ﻟﯾون روش واﻟﺑﻌﺛﺎت اﻟﻘﻧﺻﻠﯾﺔ ﻓﻲ ﻋﺎﺻﻣﺔ اﻷﻣﯾر واﻟدور اﻟذي ﻟﻌﺑﺗﮫ اﻟﻣﻛﺎﺗب اﻟﻌرﺑﯾﺔ اﻟﺗﻲ
ّ
وظﻔت ﺧﯾرة اﻟﺿﺑﺎط اﻟﻣﺗﺧﺻﺻﯾن ﻓﻲ دراﺳﺔ وﺗﺣﯾل اﻟﻣﻌطﯾﺎت اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ اﻟﻧﻔﺳﯾﺔ واﻟدﯾﻧﯾﺔ
ﻟﻠﻣﺳﻠﻣﯾن.
اﻣﺗﯾﺎزات ﺧﺎﺻﺔ ﻟﻼﻗﺗﺻﺎد اﻟﻔرﻧﺳﻲ :ﻧص اﻟﺷرط اﻟﺳﺎﺑﻊ ﻋﻠﻰ أن اﻷﻣﯾر ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر ﻻ
ﯾﺷﺗري اﻷﺳﻠﺣﺔ واﻟذﺧﯾرة وﻣﺎ ﯾﺣﺗﺎج إﻟﯾﮫ إﻻّ ﻣن ﻓرﻧﺳﺎ .ﻛﻣﺎ ﻧص اﻟﺷرط اﻟراﺑﻊ ﻋﺷر ﻋﻠﻰ
19
ان اﻟﺗﺟﺎرة اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ﺑﯾن اﻷﻣﯾر واﻟدول اﻷﺟﻧﺑﯾﺔ ﻻ ﺗﻛون إﻻ ﻓﻲ اﻟﻣواﻧﺊ اﻟواﻗﻌﺔ ﺗﺣت
اﻟﺳﯾطرة اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ وھذا ﻣﺎ ﯾﻌﻧﻲ أن ﻓرﻧﺳﺎ اﺳﺗطﺎﻋت ﻣن ﺧﻼل ﻣﻌﺎھدة اﻟﺗﺎﻓﻧﺔ أن ﺗﺿﻣن
ﻟﻧﻔﺳﮭﺎ اﺣﺗﻛﺎر اﻟﺗﺟﺎرة اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ .إذ ﻻ ﯾﺗﻌﺎﻣل اﻷﻣﯾر ﻣﻊ اﻟﺧﺎرج إﻻ ﺑواﺳطﺗﮭﺎ وﻋن طرﯾﻖ
اﻟﻣواﻧﺊ اﻟﺗﻲ ھﻲ ﺗﺣت ﺳﯾطرﺗﮭﺎ .وھﻲ ﺑذﻟك اﺳﺗطﺎﻋت أن ﺗﻘﺿﻲ ﻋﻠﻰ اﺣﺗﻛﺎر اﻷﻣﯾر ﻋﺑد
اﻟﻘﺎدر ﻟﻠﺗﺟﺎرة اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ اﻟﺗﻲ اﻋﺗرﻓت ﻟﮫ ﺑﮭﺎ ﻣﻌﺎھدة دي ﻣﯾﺷﺎل 1834وﻻﺳﯾﻣﺎ اﻟﻧص
اﻟﻌرﺑﻲ اﻟذي ﻛﺎن ﺑﯾد اﻷﻣﯾر.
ﺗﺄﻣﯾن اﻟﺳواﺣل اﻟﺟزاﺋرﯾﺔ ﻣن أي ﻣﻧﺎﻓس أﺟﻧﺑﻲ :ﻧص اﻟﺷرط اﻟﺛﺎﻟث ﻋﺷر ﻣن ﻣﻌﺎھدة
اﻟﺗﺎﻓﻧﺔ أن اﻷﻣﯾر ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر ﻻ ﯾﺳﺗطﯾﻊ أن ﯾﺳﻠم أي ﻧﻘطﺔ ﺳﺎﺣﻠﯾﺔ أو ﻣﯾﻧﺎء إﻟﻰ أﯾﺔ دوﻟﺔ
أﺟﻧﺑﯾﺔ إﻻ ﺑﺈذن ﻓرﻧﺳﻲ .وھو ﻣﺎ ﯾﻌﻧﻲ أن ﻓرﻧﺳﺎ اﺳﺗطﺎﻋت أن ﺗﺿﻣن وﺗؤﻣن اﻟﺳواﺣل
اﻟﺟزاﺋرﯾﺔ ﻣن ﺗواﺟد أﯾﺔ ﻗوة أﺟﻧﺑﯾﺔ .وھو اﻟﺷﻲء اﻟذي ﺳﻌﻰ اﻷﻣﯾر ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر إﻟﻰ ﺗﺣﻘﯾﻘﮫ
ﻣﻧذ ﺳﻧﺔ 1835و 1836وذﻟك ﺑﻌد اﺗﺻﺎﻻﺗﮫ اﻷوﻟﻰ ﺑﺑرﯾطﺎﻧﯾﺎ واﻟوﻻﯾﺎت اﻟﻣﺗﺣدة اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ
ﺣﯾث ﻛﺎن ﻗد ﻋرض ﻋﻠﻰ اﻷوﻟﻰ اﺧﺗﯾﺎر أي ﻣﯾﻧﺎء ﺗرﯾد أن ﯾﺗم اﻟﺗﻌﺎﻣل ﻓﯾﮫ ﻣﻌﮭﺎ ﻣﻘﺎﺑل ﺗﻣوﯾﻧﮫ
ﺑﺎﻟﺳﻠﻊ واﻟﺑﺿﺎﺋﻊ ﻣن اﻟﻣﻧﺎطﻖ اﻟداﺧﻠﯾﺔ اﻟواﻗﻌﺔ ﺗﺣت ﺳﻠطﺔ اﻷﻣﯾر ﻛﻣﺎ ﻋرض ﻋﻠﻰ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ
ﺗﺧﻠﯾﮫ ﻋن أي ﻣﯾﻧﺎء ﻟﮭﺎ ﻣﻘﺎﺑل رﺑط اﺗﺻﺎﻻت وﻋﻼﻗﺎت ﻣﻌﮫ ﺑﮭدف إﻓﺷﺎل اﻟﻣﺧطط اﻟﻔرﻧﺳﻲ
ﻓﻲ اﻟﺟزاﺋر.
وﺑذﻟك ﺗﻛون ﻓرﻧﺳﺎ ﻗد ﺗﺧﻠﺻت ﻣن ﻣﻧﺎﻓﺳﺗﮭﺎ اﻟﺗﻘﻠﯾدﯾﺔ ﺑرﯾطﺎﻧﯾﺎ وﻣن ﻗوة ﻧﺎﺷﺋﺔ ھﻲ
اﻟوﻻﯾﺎت اﻟﻣﺗﺣدة اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ.
ﺿﻣﺎﻧﺎت ﺑﺗﺣﻘﯾﻖ أﻣن وﺳﻼﻣﺔ ﻣواطﻧﯾﮭﺎ ﻓﻲ اﻷراﺿﻲ اﻟﺗﺎﺑﻌﺔ ﻟﻸﻣﯾر ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر وﻗد
ﻧص ﻋﻠﻰ ذﻟك اﻟﺷرط اﻟراﺑﻊ اﻟذي وإن ﻛﺎن ﻛﻣﺎ رأﯾﻧﺎ ﻗد اﺳﺗﻔﺎد ﻣﻧﮫ اﻷﻣﯾر ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر ﻓﻲ
اﻻﺳﺗﻌﺎﻧﺔ ﺑﻛﻔﺎءة وﻗدرات اﻷروﺑﯾﯾن واﻟﻔرﻧﺳﯾﯾن اﻟذﯾن وظﻔﮭم ﻓﻲ ﻣﺻﺎﻧﻌﮫ اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ وﺟﻧدھم
ﻓﻲ ﺟﯾﺷﮫ ﻣﻛوﻧﺎ ﻣﻧﮭم ﻛﺗﯾﺑﺔ .ﻓﺈن ﻓرﻧﺳﺎ ھﻲ اﻷﺧرى اﺳﺗﻔﺎدة ﻣن ھذا اﻟﺷرط اﻟذي ﻣن ﺧﻼﻟﮫ
دﺧل اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟﺟواﺳﯾس إﻟﻰ دوﻟﺔ اﻷﻣﯾر ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر ﺑﺣﺟﺔ ﺗﻘدﯾم اﻟﺧدﻣﺎت ﻟﮫ .وﻋﻠﻰ رأس
ﻣﺗظﺎھرا ﺑﺎﻋﺗﻧﺎق اﻟدﯾن
ً ھؤﻻء ﻟﯾون روش اﻟذي ﻗرر اﻻﻟﺗﺣﺎق ﺑﺟﯾش اﻷﻣﯾر ﻋﺑد اﻟﻘﺎر
اﻹﺳﻼﻣﻲ .وآﺧرون اﻏﺗﻧﻣوا ﻓرﺻﺔ اﻟﺳﻠم اﻟﻣﺑرم ﻣﻊ اﻷﻣﯾر ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر ﺣﯾث دﺧﻠوا اﻟﺑﻼد
20
ﺑﺣﺟﺔ أﻧﮭم ﻋﻠﻣﺎء ﺑﺎﺣﺛون إﻻ أن وظﯾﻔﺗﮭم اﻟﺣﻘﯾﻘﯾﺔ ﻛﺎﻧت ﺟﻣﻊ اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت ﻋن ﻣﻧﺎطﻖ اﻟﺑﻼد
اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗزال ﻣﺟﮭوﻟﺔ ﻋن اﻟﻔرﻧﺳﯾﯾن ورﺳم اﻟﺧراﺋط وﺻﻧﻊ اﻟﺧطط واﺳﺗطﻼع وﺳﺎﺋل
اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن اﻟدﻓﺎﻋﯾﺔ). (474
ﺑﻌد اﻟﺗﻌرض إﻟﻰ اﻟدواﻓﻊ واﻟظروف اﻟداﺧﻠﯾﺔ واﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺟﺎءت ﻓﯾﮭﺎ ﻣﻌﺎھدة اﻟﺗﺎﻓﻧﺔ
1837وﺳﻌﻲ ﻛل طرف إﻟﻰ ﺗﺣﻘﯾﻖ أﻛﺑر ﻗدر ﻣﻣﻛن ﻣن اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ واﻟﻣﻛﺗﺳﺑﺎت ﻣن ﺧﻼل
ھذه اﻟﻣﻌﺎھدة وﺑﻌد اﻟوﻗوف ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻌﺎھدة ﻣن ﺣﯾث اﻟﺷﻛل واﻟﻣﺿﻣون وﻣدى ﻓﮭم ﻛل طرف
ﻟﺑﻧودھﺎ ،ﻓﻘد ﺗﺑﯾن ﻟﻧﺎ أن اﻟﻣﻌﺎھدة اﻟﺗﺎﻓﻧﺔ ﻛﺎﻧت ﺗﺗوﯾﺟﺎ ﻟﻌﺑد اﻟﻘﺎدر اﻟذي ﻋرف ﻛﯾف ﯾﺳﺗﻐل
أﺑﺳط اﻟﻣﻌطﯾﺎت واﻟظروف ﻟﺻﺎﻟﺣﮫ ﻟﯾﻔرض ﻧﻔﺳﮫ ﻋﻠﻰ اﻟطرف اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﺑﺈﻋﺗﺑﺎره اﻟﻣﻣﺛل
اﻟﺷرﻋﻲ اﻟوﺣﯾد ﻟﻠﺟزاﺋرﯾﯾن ﻣﺣﻘﻘﺎ ﺑذﻟك ﺟﻣﻠﺔ ﻣن اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ واﻟﻣﻛﺗﺳﺑﺎت أھﻣﮭﺎ ﺗﺣﻘﯾﻖ ﻓﺗرة
إﺳﺗﻘرار وﺳﻼم ﺗﺗﯾﺢ ﻟﮫ إﺳﺗﻛﻣﺎل ﺑﻧﺎء اﻟدوﻟﺔ اﻟﺟزاﺋرﯾﺔ اﻟﺣدﯾﺛﺔ ﻋﻠﻰ أﺳس ﻗوﻣﯾﺔ ،ﺣﺻر
اﻟﻣواﻗﻊ اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ ﻓﻲ ﻧﻘﺎط ﻣﺣدّدة ﻋﻠﻰ اﻟﺷواطﺊ ،ﺗوﺳﯾﻊ ﺣدود دوﻟﺗﮫ ﻟﺗﺷﻣل ﺑذﻟك ﺛﻼﺛﺔ
أرﺑﺎع اﻟﺟزاﺋر ،اﻟﻣﻌﺎﻣﻠﺔ ﺑﺎﻟﻣﺛل واﻟﻣﺳﺎواة ﻣﻊ ﻓرﻧﺳﺎ...
إﻻ أن ھذه اﻟﻣﻌﺎھدة وإن ﻛﺎﻧت ﺗﺗوﯾﺟﺎ ﻟﻸﻣﯾر ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر ﻣن ﺟﮭﺔ ﻓﺈﻧﮭﺎ ﻛﺎﻧت ﻣن ﺟﮭﺔ
أﺧرى ﺗﻛرﯾﺳﺎ ﻟﺳﯾطرة ﻓرﻧﺳﺎ ﻋﻠﻰ ﻗﺳم ﻣن اﻷراﺿﻲ اﻟﺟزاﺋرﯾﺔ واﺳﺗﻔﺎدة ﻓرﻧﺳﺎ ﻣن
اﻣﺗﯾﺎزات ﺧﺎﺻﺔ ﻻﻗﺗﺻﺎدھﺎ ,وﺗﺄﻣﯾﻧﮭﺎ ﻟﻠﺳواﺣل اﻟﺟزاﺋرﯾﺔ ﻣن أي ﻣﻧﺎﻓس ،ﺑﺎﻟﺧﺻوص
اﻟﺑرﯾطﺎﻧﻲ...
و ﯾﺑﻘﻰ أن ﻧص ﻣﻌﺎھدة اﻟﺗﺎﻓﻧﺔ وھو اﻟﻧص اﻟذي ﻋﺛر ﻋﻠﯾﮫ اﻟﻣؤرخ اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﻣﺎرﺳﯾل
إﯾﻣرﯾت وھو ﻣوﺿوع دراﺳﺗﻧﺎ ،ھو ﻏﯾر ﻧص اﻟﻣﻌﺎھدة اﻟﺗﻲ وﻗﻌت ﺑﯾن اﻟطرﻓﯾن ،وذﻟك ﻣن
ﺧﻼل ﺷﻛل اﻟﻣﻌﺎھدة وﻣﺿﻣوﻧﮭﺎ اﻟذي ﻛﺛﯾرا ﻣﺎ ﻗﺎرﻧﺎه ﺑﻣﺻﺎدر ﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ أﺧرى واﻟذي ﺗﻌﻣدّت
اﻟﺳﻠطﺎت اﻹﺳﺗﻌﻣﺎرﯾﺔ إﺗﻼﻓﮫ ﺑﻌدﻣﺎ ﻋﻠﻖ ﻋﻠﻰ ﺟدران ﺣﺻن ﻣدﯾﻧﺔ اﻟﺟزاﺋر ﻧظرا ﻟﻛوﻧﮫ
ﯾﻛﺷف ادﻋﺎءات ﻓرﻧﺳﺎ ﻓﻲ أﺣﻘﯾﺗﮭﺎ ﻟﻠﺳﯾطرة ﻋﻠﻰ ﻣﺎ وراء وادي ﺧﺿرة ،وإﻋﺗراف ﻋﺑد
اﻟﻘﺎدر ﺑﺎﻟﺳﯾﺎدة اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ.
21
ﻟم ﯾﻛد ﺣﺑر ﻣﻌﺎھدة اﻟﺗﺎﻓﻧﺔ ﯾﺟف ﺣﺗﻰ ظﮭر ﻓﯾﮭﺎ اﻟﺧﻠل وﺳوء اﻟﺗﻔﺳﯾر .ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻻﺧﺗﻼف
اﻟﻠﻐﺗﯾن اﻟﺗﻲ ﻛﺗﺑت ﺑﮭﻣﺎ اﻟﻣﻌﺎھدة ،وﻣﺎ ﺗرﺗب ﻋن ذﻟك ﻣن ﺳوء اﻟﺗرﺟﻣﺔ وﻓﻲ اﻟﻌﻼﻗﺎت
ﻣرة :ﻣﻌﺎھدة دي ﻣﯾﺷﺎل
اﻟدﺑﻠوﻣﺎﺳﯾﺔ ﺑﯾن ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر واﻟﺳﻠطﺎت اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ ﺣدث ذﻟك أﻛﺛر ﻣن ّ
1834ﺛم ﻣﻌﺎھدة اﻟﺗﺎﻓﻧﺔ .1837وﻟﻛن ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر ﻛﺎن ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻣوم راﺿﯾﺎ ﺑﻣﺎ ﻛﺗﺑﮫ ﺑﺎﻟﻌرﺑﯾﺔ
ﺑﯾﻧﻣﺎ ﻛﺎﻧت اﻟﺳﻠطﺎت اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ راﺿﯾﺔ ﺑﻣﺎ ﻛﺗﺑﺗﮫ ﺑﺎﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ .واﻛﺗﻔﻰ ﻛل طرف ﺑﻣﺎ ﻋﻧده دون
إﺛﺎرة أﺳﺋﻠﺔ.
ﻋﻠﻰ أن اﻟﻣﺷﺎﻛل اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺗﻔﺳﯾر ﺷروط اﻟﻣﻌﺎھدة وﻣدى ﻓﮭم ﻛل طرف ﻟﻣﺣﺗوى ھذه
اﻟﺷروط إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﺧﺗﻼف اﻟﻠﻐﺗﯾن وﻣﺎ ﻧﺗﺞ ﻋن ذﻟك ﻣن ﺳوء اﻟﺗرﺟﻣﺔ ﺳﯾؤدي إﻟﻰ ﺑداﯾﺔ
اﻟﺧﻼف ﺑﯾن اﻟطرﻓﯾن اﻟﺟزاﺋري واﻟﻔرﻧﺳﻲ اﻟذي ﺳﯾﺗﺣول إﻟﻰ ﻣﺟﺎﺑﮭﺔ ﻣﺳﻠﺣﺔ ﻗﺿت ﻋﻠﻰ
ﻓﺗرة اﻟﺳﻼم اﻟﺗﻲ داﻣت ﺳﻧﺗﯾن وﺑﺿﻌﺔ أﺷﮭر :ﻣﺎي - 1837ﻧوﻓﻣﺑر.1839
إﻻ أن اﻟﻣﻼﺣظ أن اﻟﺟﻧرال ﺑﯾﺟو اﻟذي وﺟﮭت ﻟﮫ اﻧﺗﻘﺎدات ﻓﻲ اﻟﺑرﻟﻣﺎن اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﻋن
اﻟﺗﻧﺎزﻻت اﻟﺗﻲ ﻗدﻣﮭﺎ ﻟﻸﻣﯾر ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر ﺑﺧﺻوص اﻷﻗﺎﻟﯾم واﻟﻣﻧﺎطﻖ اﻟﺗﻲ اﻋﺗرف ﺑﮭﺎ ﻟﮫ
أﺟﺎب ھؤﻻء ﻓﻲ ﺟﻠﺳﺔ 08ﺟوان 1838ﺑﻌد ﺳﻧﺔ ﻣن ﺗوﻗﯾﻊ اﻟﻣﻌﺎھدة وﻗﺑل ﺳﻧﺔ ﻣن ﺗﺟدّد
اﻟﻘﺗﺎل ﺑﻣﺎ ﯾﻠﻲ ..." :أﯾﮭﺎ اﻟﺳﺎدة إن اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺎت ﻻ ﺗﻘﯾد اﻷﻣم إﻻ إذا ﻛﺎﻧت ﻣﺗطﺎﺑﻘﺔ ﻣﻊ
ﻣﺻﺎﻟﺣﮭﺎ .ودون اﻟﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ اﻟﺗﻧﻛر ﻟﻣﻌﺎھدة اﻟﺗﺎﻓﻧﺔ ،ﻓﺈن اﻷﻣﯾر ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر ﺳﯾﻣﻧﺣﻧﺎ ﻓرﺻﺔ
ﻟﻘطﻌﮭﺎ ".ﺑل إﻧﮫ ﻓﻲ رﺳﺎﻟﺔ ﺑﻌث ﺑﮭﺎ إﻟﻰ اﻟﺣﺎﻛم اﻟﻌﺎم اﻟﺟﻧرال داﻣرﻣون ﻏداة اﻟﺗوﻗﯾﻊ ﻋﻠﻰ
ﻣﻌﺎھدة اﻟﺗﺎﻓﻧﺔ ﻗﺎل" :ﻟﯾس ﻟدﯾﻧﺎ ﺣدودًا ﺷرق اﻟﺟزاﺋر :ﻷﻧﮫ ﺟﺎء ﻓﻲ اﻟﻣﻌﺎھدة :إﻟﻰ وادي ﻗدارة
وﻣﺎ وراءه".
واﻟواﻗﻊ أن ﺟﻧوح ﻓرﻧﺳﺎ إﻟﻰ ﺗوﻗﯾﻊ ﻣﻌﺎھدة ﻣﻊ اﻷﻣﯾر ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر ﻟم ﯾﻛن ﻧﺎﺑﻌﺎ ﻣن ﻗﻧﺎﻋﺔ
راﺳﺧﺔ ﺑﺿرورة اﺳﺗﺗﺑﺎب اﻟﺳﻠم واﻷﻣن ﺑﻘدر ﻣﺎ ﻛﺎن ﺗﻛﺗﯾﻛﺎ ﻟﺟﺄت إﻟﯾﮫ ﻓﻲ اﻧﺗظﺎر ﺗﺣﻘﯾﻖ
ﻧﺻر ﻋﺳﻛري ﻓﻲ اﻟﺷرق اﻟﺟزاﺋري ﺑﻌد اﻟﮭزﯾﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﻟﻘﯾﮭﺎ اﻟﺟﯾش اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﻋﻠﻰ أﺳوار
ﻗﺳﻧطﯾﻧﺔ ﻋﺎم " ،1836وﻟﻣﺎ ﻛﺎﻧت ﻣﻌﺎھدات اﻟدول اﻻﺳﺗﻌﻣﺎرﯾﺔ ﻣﻊ أھﺎﻟﻲ اﻷﻗطﺎر اﻟﺗﻲ
ﺗﺻﻧﻊ ﻧﺻب أﻋﯾﻧﮭﺎ اﻻﺳﺗﯾﻼء ﻋﻠﯾﮭﺎ ھﻲ ﻓﻲ اﻟﻐﺎﻟب ﻣﺣﺎط اﺳﺗراﺣﺔ ﺑﯾن اﻟﺣﻣﻠﺔ واﻟﺣﻣﻠﺔ..
ﻋذرا ﻣن ﻧﻘض ﺗﻠك اﻟﻣﻌﺎھدات اﻟﺗﻲ ﻟم ﺗﺑرﻣﮭﺎ ﻣﻧذ اﻟﺑداﯾﺔ إﻻ
ً ﺑﺣﯾث ﻟدى ﺗوﻓر اﻟﻘوة ﻻ ﺗﻌدم
22
ﻋﻠﻰ ﻧﯾﺔ اﻟﻧﻘض ..ﺷرﻋت ﻓرﻧﺳﺎ ﺑﺎﻟﺗﻌﻠّل ﻣن ﺟﮭﺔ ﺗﻔﺳﯾر ﺑﻌض ﻓﻘرات ﻣﻌﺎھدة اﻟﺗﺎﻓﻧﺔ وأرادت
اﻟﺗﻘﺻﻲ ﻣﻧﮭﺎ "..وھذا اﻟﺗﻛﺗﯾك ھو ﻧﻔﺳﮫ اﻟذي اﻧﺗﮭﺟﺗﮫ ﻣﻊ اﻷﻣﯾر ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر ﺑﻌد اﻟﺗوﻗﯾﻊ ﻋﻠﻰ
ﻣﻌﺎھدة دي ﻣﯾﺷﺎل ﻋﺎم ،1834ﺣﯾث ﻗﺎﻣت ﻓرﻧﺳﺎ ﺑﺎﺳﺗﺑدال ﻣﻣﺛﻠﯾﮭﺎ ﺑﺎﻟﺟزاﺋر ووھران وھﻣﺎ
اﻟﺟﻧراﻟﯾن :ﻓوارول ودي ﻣﯾﺷﺎل ﺑﺎﻟﺟﻧراﻟﯾن دروي دورﻟون ﻛﺣﺎﻛم ﻋﺎم واﻟﺟﻧرال ﺗرﯾزل
ﺣﯾث ﺳﻌﻰ ﻛﻼھﻣﺎ ﻟﺗﻌدﯾل ﻣﻌﺎھدة دي ﻣﯾﺷﺎل وﺑﻌد ﻓﺷﻠﮭﻣﺎ ﻓﻲ إﻗﻧﺎع اﻷﻣﯾر ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر ﺑذﻟك
ﺗﺟدّدت اﻟﺣرب ﺑﯾن اﻟطرﻓﯾن اﻟﺟزاﺋري واﻟﻔرﻧﺳﻲ.
ذﻟك أن ﻓرﻧﺳﺎ اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت ﻗد ﻗررت اﻻﺣﺗﻔﺎظ ﺑﺎﻟﺟزاﺋر رﺳﻣﯾﺎ ﻣﻧذ 22ﺟوﯾﻠﯾﺔ 1834
ﻛﺎﻧت ﻗد ﻋﻘدت اﻟﻌزم ﻋﻠﻰ ﺗوﺳﯾﻊ ﻣﺳﺗﻌﻣراﺗﮭﺎ ﻓﻲ إﻓرﯾﻘﯾﺎ وﻓﺗﺢ ﺑﺎب ﻧﺣو اﻟﺗوﻏل ﺟﻧوﺑﺎ إﻟﻰ
ﻏﺎﯾﺔ إﻓرﯾﻘﯾﺎ اﻟﺳوداء وھذا ﻓﻲ إطﺎر اﻟﺗﻧﺎﻓس اﻻﺳﺗﻌﻣﺎري اﻟذي اﺷﺗدت وطﺋﺗﮫ ﺑﯾن اﻟﻘوى
اﻷورﺑﯾﺔ اﻟﻛﺑرى ﺧﻼل اﻟﻘرن اﻟﺛﺎﻣن ﻋﺷر واﻟﺗﺎﺳﻊ ﻋﺷر وﺧﺎﺻﺔ ﺑﯾن ﺑرﯾطﺎﻧﯾﺎ وﻓرﻧﺳﺎ.
وﻟﻣﺎ ﻛﺎﻧت ﻓرﻧﺳﺎ ﺗﻌﺗﻣد ﻋﻠﻰ اﻟﻣرﺣﻠﯾﺔ ﻓﻲ ﺗﺣﻘﯾﻖ أھداﻓﮭﺎ اﻹﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ ﻓﺈﻧﮭﺎ ﻓﻲ اﻟوﻗت
اﻟذي اﺣﺗﻠت ﻓﯾﮫ اﻟﺟزاﺋر ﻋﻠﻰ ﺧﻠﻔﯾﺔ ﻗﺿﯾﺔ اﻟﻣروﺣﺔ ﻓﺈﻧﮭﺎ ﺳﻌت ﻻﺣﺗﻼل اﻟﻣدن اﻟﺳﺎﺣﻠﯾﺔ
وھران ،ﻋﻧﺎﺑﺔ ،ﺑﺟﺎﯾﺔ ،ﻣﺳﺗﻐﺎﻧم ،أرزﯾو إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﺟزاﺋر ﺑﮭدف اﺗﺧﺎذھﺎ ﻗﺎﻋدة ﻧﺣو
اﻟﺗوﻏل ﺑﺎﺗﺟﺎه اﻟﻣﻧﺎطﻖ اﻟداﺧﻠﯾﺔ .وﻧظرا ﻟﺗﺧوﻓﮭﺎ ﺧﻼل ھذه اﻟﻣرﺣﻠﺔ ﻣن اﻟﻣﻌﺎرﺿﺔ
اﻟﺑرﯾطﺎﻧﯾﺔ ﻓﻘد أﺧﻔت ﻧواﯾﺎھﺎ اﻟﺣﻘﯾﻘﯾﺔ ﻣن ﻏزو اﻟﺟزاﺋر.
وﻓﻲ اﻟوﻗت اﻟذي اﺷﺗدت ﻓﯾﮫ اﻟﻣﻘﺎوﻣﺔ اﻟﺟزاﺋرﯾﺔ وﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ اﻟﻐرب اﻟﺟزاﺋري ﺣﯾث
ﺗوﻓرت اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟﻌواﻣل أھﻣﮭﺎ ﺑروز ﻗﯾﺎدة ﻋﺳﻛرﯾﺔ وﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﻣﻧظﻣﺔ ﺑزﻋﺎﻣﺔ اﻷﻣﯾر ﻋﺑد
اﻟﻘﺎدر واﻟﺗﻔﺎف ﺳﻛﺎن ھذه اﻟﻣﻧطﻘﺔ ﺑدرﺟﺎت ﻣﺗﻔﺎوﺗﺔ وﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ اﻟﺳﻧوات اﻷوﻟﻰ ﺑﮭذه اﻟﻘﯾﺎدة
ﻓﻘد ﻛﺎن ذﻟك ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ ﻛﺎﺑﺢ ﻟﻠﺧطﺔ اﻻﺳﺗﻌﻣﺎرﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻟم ﺗﻛن ﺗﺗﺻور أﻧﮭﺎ ﺳوف ﺗواﺟﮫ ﻣﻘﺎوﻣﺔ
ﻋﻧﯾﻔﺔ وﻣﻧظﻣﺔ اﻟﺷﻲء اﻟذي ﺟﻌﻠﮭﺎ ﺗﮭﺎدن اﻷﻣﯾر ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر ﻟﻔﺗرة ﻣن اﻟزﻣن رﯾﺛﻣﺎ ﺗﺳﺗﻌد
ﻣﺎدﯾﺎ وﻋﺳﻛرﯾﺎ ﻹﺗﻣﺎم اﻟﺧطﺔ اﻟﻣﺗﻣﺛﻠﺔ ﻓﻲ اﺣﺗﻼل ﻛﺎﻣل اﻟﺟزاﺋر.
وإﻧﮫ ﻻ ﯾﻣﻛﻧﻧﺎ ﻓﮭم أﺳﺑﺎب إﻟﻐﺎء ﻣﻌﺎھدة اﻟﺗﺎﻓﻧﺔ وﻧﻘﺿﮭﺎ ﻣن طرف ﻓرﻧﺳﺎ إﻻ إذا وﺿﻌﻧﺎ
ھذه اﻟﻘﺿﯾﺔ ﻓﻲ إطﺎرھﺎ اﻟﻌﺎم .وﯾﺗﻣﺛل ذﻟك ﻓﻲ أﻧﮫ ﺧﻼل ھذه اﻟﻔﺗرة ﻛﺎﻧت ھﻧﺎﻟك اﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺗﺎن
ﻣﺗﻧﺎﻗﺿﺗﺎن وﻣﺗواﺟﮭﺗﺎن ﻓﻲ اﻟﺟزاﺋر وھﻣﺎ :اﻻﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت ﻗد ﻗررت
23
اﺣﺗﻼل اﻟﺟزاﺋر واﻟﻣﺣﺎﻓظﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻣﺗﻠﻛﺎﺗﮭﺎ ﻓﻲ ﺷﻣﺎل إﻓرﯾﻘﯾﺎ ﺗﻌوﯾﺿﺎ ﻟﮭﺎ ﻋن ﻓﻘدان
ﻣﺳﺗﻌﻣراﺗﮭﺎ ﻓﻲ أﻣرﯾﻛﺎ وآﺳﯾﺎ .وﻓﻲ ﺳﺑﯾل ﺗﺣﻘﯾﻖ ذﻟك ﻛﺎن ﻻﺑد ﻣن اﻋﺗﻣﺎد اﻟﻣرﺣﻠﯾﺔ ﻓﻲ
ﺗطﺑﯾﻖ ھذه اﻻﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ ﺑﺣﺳب اﻟظروف واﻟﻌواﻣل اﻟﻣﺳﺎﻋدة ﻋﻠﻰ ذﻟك .وﻗد ﺗرﻛت ﻟﻠﻘﺎدة
اﻟﻌﺳﻛرﯾﯾن اﻟﺣرﯾﺔ ﻓﻲ إدارة اﻟﺟزاﺋر واﻻﺳﺗﻔﺎدة ﻣن ﺗﺟﺎرﺑﮭم.
ﻓﻲ ﺣﯾن ﻛﺎن ھﻧﺎك ﻓﻲ اﻟطرف اﻟﺟزاﺋري اﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ ﻣﻧﺎﻗﺿﺔ ھدﻓﮭﺎ ھو ﺗﺣرﯾر اﻟﺟزاﺋر
ﻣن اﻻﺣﺗﻼل اﻷﺟﻧﺑﻲ وذﻟك ﺑﻣﺣﺎﺻرﺗﮫ ﻓﻲ اﻟﻣﻧﺎطﻖ اﻟﺳﺎﺣﻠﯾﺔ وﺗﺷدﯾد اﻟﺧﻧﺎق اﻻﻗﺗﺻﺎدي
واﻟﺗﺟﺎري ﻋﻠﯾﮫ ﻹﺟﺑﺎره ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻐﺎدرة وأﻧﮫ ﻓﻲ ﺳﺑﯾل ﺗﺣﻘﯾﻖ ذﻟك ﻻﺑد ﻣن ﺗﺣﻘﯾﻖ وﺣدة
اﻟﺻف وﺗﺟﻣﯾﻊ ﻛﻠﻣﺔ اﻟﺟزاﺋرﯾﯾن واﻟﺗﻔﺎﻓﮭم ﺑﻘﯾﺎدة ﻋﺳﻛرﯾﺔ وﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﺑدﯾﻠﺔ ﻟﻠﺣﻛوﻣﺔ اﻟﺗرﻛﯾﺔ:
ﺣﻛوﻣﺔ اﻟداي ﺣﺳﯾن .وﻋﻠﯾﮫ ﻓﻘد ﻋرﻓت اﻟﺟزاﺋر ﺧﻼل ھذه اﻟﻔﺗرة اﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺗﺎن وھﻣﺎك
اﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ اﻟﺑﻘﺎء ﺑﺎﻟﺟزاﺋر اﻟﺳﺎﺣﻠﯾﺔ ﺛم اﻟﺗوﺳﻊ ﻧﺣو اﻟﻣﻧﺎطﻖ اﻟداﺧﻠﯾﺔ ﺑﮭدف إﻧﺷﺎء "
وﻗطرا ﺟدﯾدا ﯾﺳﻣﺢ ﻟﻧﺎ ﺑﻧﻘل اﻟﻔﺎﺋض ﻣن ﺳﻛﺎن ﻓرﻧﺳﺎ وﻧﺷﺎطﮭﺎ إﻟﯾﮫ" وﻻﺗﺧﺎذ ھذه
ً ﻣﺳﺗﻌﻣرة
اﻟﻣﺳﺗﻌﻣرة ﺑﻌد ذﻟك ﻗﺎﻋدة " ﻟﻔرض اﻟﺣﻛم اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﻓﻲ اﻟﻘﺎرة اﻹﻓرﯾﻘﯾﺔ".
واﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ طرد اﻟﻣﺣﺗل اﻷﺟﻧﺑﻲ و"ﺗﺄﺳﯾس ﻣﻣﻠﻛﺔ ﻋرﺑﯾﺔ ﻣﺳﺗﻘﻠﺔ" وﻋﻠﻰ ھذا اﻷﺳﺎس
ﻓﺈن ﻟﺟوء ﻓرﻧﺳﺎ إﻟﻰ ﺗوﻗﯾﻊ ﻣﻌﺎھدة اﻟﺗﺎﻓﻧﺔ ﻟم ﯾﻛن إﻻ ﺑﮭدف رﺑﺢ اﻟوﻗت رﯾﺛﻣﺎ ﺗﺳﺗﻌد ﻟﻣرﺣﻠﺔ
ﺟدﯾدة ﻣن اﻟﺣرب وھذا ﻣﺎ ﯾﺳﺗﺷف ﻣن ﺗﺻرﯾﺢ اﻟﺟﻧرال ﺑﯾﺟو ﻣﻣﺛل ﻓرﻧﺳﺎ أﻣﺎم اﻟﺑرﻟﻣﺎن
اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﺣﯾﻧﻣﺎ ﺻرح .." :إن اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺎت ﻻ ﺗﻘﯾد اﻷﻣم إﻻ إذا ﻛﺎﻧت ﻣﺗطﺎﺑﻘﺔ ﻣﻊ ﻣﺻﺎﻟﺣﮭﺎ"..
وھذا ﻣﺎ ﯾﻌﻛس ﻗﺿﯾﺔ ﺟوھرﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﻧطﻠﻘﺎت اﻟﻔﻛرﯾﺔ واﻟﻌﻘﺎﺋدﯾﺔ ﻟﻛﻼ اﻟطرﻓﯾن اﻟﺟزاﺋري
واﻟﻔرﻧﺳﻲ ،إذ أﻧﮫ ﻓﻲ اﻟوﻗت اﻟذي اﻟﺗزم ﻓﯾﮫ اﻷﻣﯾر ﻋﺑد اﻟﻘدر ﺑﺎﻟﻌﮭود واﻟﻣواﺛﯾﻖ اﻧطﻼﻗﺎ ﻣن
وأوﻓُوا ﺑﻌﮭد ﷲ إذا ﻋﺎھدﺗم وﻻ
واﺟب ﺷرﻋﻲ ﯾدﻋو إﻟﯾﮫ اﻹﺳﻼم أﻻ وھو اﻟوﻓﺎء ﺑﺎﻟﻌﮭدْ ":
ﺗﻧﻘﺿوا اﻷﯾْﻣﺎن ﺑﻌد ﺗوﻛﯾدھﺎ ،وﻗد ﺟﻌﻠﺗم ﷲ ﻋﻠﯾﻛم ﻛﻔﯾﻼ ،إن ﷲ ﯾﻌﻠم ﻣﺎ ﺗﻔﻌﻠون" ﻓﺈن ﻓرﻧﺳﺎ
ﻟم ﺗر ﻣﺎﻧﻌًﺎ ﻣن ﻧﻘض ﻋﮭدھﺎ اﻋﺗﻣﺎدًا ﻋﻠﻰ ﻣﺻﺎﻟﺣﮭﺎ ذﻟك أن "اﻷﻣراء اﻟذﯾن ﻗﺎﻣوا ﺑﺟﻼﺋل
اﻷﻋﻣﺎل ﻟم ﯾﻛوﻧوا ﻛﺛﯾري اﻻھﺗﻣﺎم ﺑﻌﮭودھم واﻟوﻓﺎء ﺑﮭﺎ وﺗﻣﻛﻧوا ﺑﺎﻟﻣﻛر واﻟدھﺎء ﻣن اﻟﺿﺣك
أﺧﯾرا ﻋﻠﻰ أﻗراﻧﮭم ﻣن اﻟذﯾن ﺟﻌﻠوا اﻹﺧﻼص واﻟوﻓﺎء
ً ﻋﻠﻰ ﻋﻘول اﻟﻧﺎس وإرﺑﺎﻛﮭم وﺗﻐﻠﺑوا
راﺋدھم".
24