Professional Documents
Culture Documents
net/publication/333646900
CITATIONS READS
0 3,478
1 author:
SEE PROFILE
Some of the authors of this publication are also working on these related projects:
Conferences, Seminars, Workshops and other Program notifications, since 01/01/2019. View project
All content following this page was uploaded by D.Raheem .M. Alsaadi on 07 June 2019.
ويمكن استيضاح المفاهيم المتعلقة باإلحساس والشعور في القران الكريم من خالل :
-1اللفظ الصريح ،وهو ما تقدم من ألفاظ الشعور واإلحساس وغيره ممن يدل على
المعنى الحسي ،و صورته في القران تمثلت بمخاطبة القران للناس حول الشهداء بأنهم
أحياء ولكن ال تشعرون بحياتهم ،وتحذير النملة من ان يحطم سليمان وجنوده قومها
وهم ال يشعرون ،أو أخت موسى حين قصت أخاها فبصرت به عن جنب وهم ال
يشعرون ....الخ من األلفاظ المضافة إلى لفظ اإلحساس السالف الذكر وهي متداخلة
مع اإلدراك .
-2من خالل الموقف ،وهي مواقف عديدة ربما يمكن التطرق إليها أثناء البحث ،بتناول
اللفظة المدرجة ضمن مفهوم المشاعر اإلنسانية كما في الحسد والحقد والحب والكره
والشفقة والخوف والحسرة واأللم والرعب واللذة والغضب والتكبر والدهشة والخجل
والضعف ...الخ من األلفاظ التي تشكل مادة األحاسيس في كتاب هللا ،وهذه األلفاظ قد
تتداخل ،أي ان البعض منها ربما لم يدرج ضمن األحاسيس إال انه يعطي معنى لها أو ان له
نتيجته ما هي إال إحساس .
وكم هو جميل استشعار أحاسيس مريم في لحظة مجيئها لقومها ومعها الطفل المعجزة،أو
إحساس نوح وهو يحاور ابنه وبالمقابل متابعة قوة إحساس ابنه السلبية التي تسير باتجاه
خاطئ ،وإحساس يوسف في البئر والسجن وإحساس أبيه بالفراق وغير ذلك ،وغير ذلك
من األفكار التي تتبنى استشعار النفوس العالية القيمة والقوة من نفوس الصالحين
،والفائدة المطلوبة من هذه العملية ،انها سوف تحيلنا إلى تعايش حقيقي و تماس واقعي
مع تلك الشخصيات الثابتة ،فيتحول الفهم الذي في أذهاننا أو الصور التي جمعناها عنهم
- 1انظر محمد فؤاد عبد الباقي،المعجم المفهرس أللفاظ القران الكريم ،طبعة ذوي القربى ،ط،3قم1384،هـ،ص
.487
- 2الميرزا محمد المشهدي ،تفسير كنز الدقائق ،ط،1جماعة المدرسين ،قم 1407،ق ،ج /1ص .131
إلى نوع من التصديق بعد ان كانت محض تصور في األذهان ال يستمر إلى فترة طويلة ،
فنكتشف عندها عوالم جديدة ونطور معلومة بإضافتها إلى أخرى ،ونقوم بحل طالسم
تاريخية مهمة تساعدنا في بناء المعرفة في شتى المجاالت .
تناول اإلحساسات في القران هي دعوة إلى المجتمع بضرورة التراحم وموازنة -1
الجانب العاطفي مع العقلي .
هي محاولة إلضفاء موضوع جديد إلى المكتبة القرآنية. -2
في هذا المنهج دعوة إلى استشعار المشاعر اإلنسانية العليا غير التقليدية لألنبياء -3
واألولياء والصالحين عن بعد فنحن بحاجة لمعرفة واستشعار إحساس موسى (ع)
حين تبعه فرعون ونحن أيضا بحاجة لمعرفة إحساس فرعون حينما فتح البحر
وجاء الهالك ،وهذان االحساسان مختلفان كما ونوعا وهما (كل لوحده) مرتبطان
بتراث تربوي و إيمان بالمبادئ ،وبشكل عام فان كل ما تعلق بإحساس فرد ما ذكره
القران هو موضوع الدراسة التي تهتم باألحاسيس في القران الكريم ،التي تحاول
استبطان البنية العاطفية سواء لألنبياء أم لألفراد ويقابلها معرفة أحاسيس أهل
النار وغيرهم .
يشمل ذلك أيضا مشاعر الفئات المختلفة من البشر وذلك يعني بعدا وفهما -4
استشعاريا يرتبط بفلسفة التاريخ ،بل ان هذه األدوات – اقصد ما يخص منهج
استشعار المسائل التاريخية سوف تحل لنا الكثير من اإلشكاليات التي وفدت إلينا
عبر التاريخ ولم نجد لها حلوال .
استشعار وفهم المستقبل اإلنساني ومصيره المحتوم في القران الكريم واالستعداد -5
له والعمل على تجنب السيناريو األسوأ بالنسبة إلى األفراد المرتبطين بالغيب
والمعاد والمؤمنين به (. )3
ان في ذلك تنمية للجانب األخالقي بمدح اإلحساسات الحسنة وذم السيئة منها -6
،وهذا يشكل بحثا أخالقيا لالتعاظ من سوء تفكير وعمل األمم السابقة و لتالفي
انهزامات المجتمعات اإلنسانية القديمة ،فقد قال تعالى (فخلف من بعدهم خلف
أضاعوا الصالة واتبعوا الشهوات)( /59مريم) .
أيضا هذا الموضوع هو مدخل لمناقشة الحاالت واإلمراض والمفاهيم النفسية في -7
القران الكريم ،التي يجب ان تدرس بجدية حقيقية على ان تبتعد عن التأثير العام
للنظريات النفسية الحديثة والذوبان الكلي فيها كما ان على دارسي الفكر النفسي
القرآني االستعانة بعلم النفس الحديث لقراءة أهم األمراض النفسية التي غلبت
األمم القديمة أو أدت إلى الحروب والمجاعات ،أو دراسة طبيعة المجتمعات
اإلنسانية التي أنجبت الطواغيت منها والتي نزل عليها البالء اإللهي بفعل األعمال
السايكوسسيولوجية الخاطئة والتي أشارت إلى موت تلك األمم واضمحاللها لتكون
عبرة لما يأتي من األمم بعدها ،وإلقاء نظرة على القران الكريم بهذا الصدد سوف
يحيلنا إلى كم كبير من النصوص القرآنية المقدسة التي توضح وتحذر الفعل
السيئ لألمم الغابرة .
فيه موعظة من تجنب اإلخفاقات الحسية اإلنسانية السابقة وعدم تكرارها ،بل -8
واإلخفاقات العقلية الرتباط العقل بالحس .
- 3حول هذا الموضوع انظر المستقبل في القران الكريم د.رحيم الساعدي،المستقبل في الفكر اليوناني
واالسالمي،ط،1دار الفراهيدي،بغداد2010،م ،ص.125
-9يمكن لهذا المنهج اكتشاف سلوك األمم الماضية ودوافعها ومعرفة الدوافع التي
أسست لفعل ما حدث في الماضي وأورده القران الكريم أو التاريخ كما في سلوك
أقوام لوط ،وذو النون والنبي األكرم (ص) وغيرهم من األنبياء .
-10تحليل السلوك الفردي للطواغيت ،المعبر عن مشاعر قاتمة وسلبية تبتعد
كثيرا عن السلوك السوي المتعارف عليه وهم عنوانات شتى ،ارتبط البعض منهم
بمحاربة األنبياء وتمثلوا بالنمرود وفرعون ومجتمع نوح(ع) وقتلة عيسى (ع)
ويحيى (ع) ومطاردي أصحاب الكهف ومحاربي داوود (ع)و ذو النون(ع) وغير
ذلك من األمثلة .
تداخل المفاهيم
يجب التفريق بين مفاهيم االنفعال والدوافع والمشاعر واألحاسيس واالنفعال ،فالدافع اصطالح
عام شامل منه الحافز ،الباعث،الرغبة ،الميل،الحاجة،النزعة،العاطفة ،الغرض القصد ،النية
،الغاية ،اإلرادة ،وقد يكون الدافع حالة جسمية كالجوع والعطش أو الشعور بالواجب أو حالة
مؤقتة أو فطرية والدافع قوة محركة فهو يثير السلوك نحو هدف وغاية ويسمى وجه الدافع
الداخلي بالحافز الذي هو ضيق وألم وتوتر يولد نزوعا إلى النشاط (.)4
وتتوزع هذه المفاهيم في القران الكريم ،ففي حين ال يمكننا ان نصف األنبياء بالدافعية أو
القصد أو العاطفة العشوائية وأيضا ال يمكن وصفهم بحسب ما عرفناه من أعمالهم بالميل أو
االنفعال ولكننا ايضا ال يمكننا سلب المشاعر من االنبياء ،اما في الجانب االخر فيمكننا
استعراض الكثير من األمثلة ألفراد في القران الكريم من الطواغيت وغيرهم وأهل النار واألمم
المغضوب عليها ،وهم ممن تنطبق عليهم األلفاظ السابقة الذكر ،ومنها االنفعال وسلوك الطرق
الخاطئة او غير السوية ،فاالنفعال بمعناه الضيق هو حالة القلق أو األزمة العابرة و هو حالة
وجدانية قوية طارئة مفاجئة وبهذا يكون الرعب والهلع من االنفعاالت دون اإلشفاق والحزن
توضيح المفاهيم
للخروج بصورة واضحة المعالم حول مفاهيم اإلحساس والشعور اإلنساني علينا توضيح
مجموعة من المصطلحات أو األفكار التي تعتبر دعامة فكرة البحث ،ومن خاللها يمكننا تفسير
وظيفة المصطلح الحسي أو الدال على الحس والشعور في تركيبة الفكر القرآني ،ومن
المالحظات المهمة في هذا الصدد :
مادية عامة مثل الجنس ،الجوع ،العطش وهي أشبه بالغرائز ترتبط بالبايلوجيا
اإلنسانية
أحاسيس تتسم بالفعالية والديناميكية وهي مبينة أعاله وتمثل أنماط المشاعر
اإلنسانية وهي عبارة عن سلوك اإلنسان العام ،ومع ان البعض منها غرائز ثابتة إال
انها فعالة وحيوية ما دامت مرتبطة بالعقل والتعقل ،فيصار هنا إلى تبويبها وتنظيمها
لكي ال تخرج عن حدها ،ومعنى هذا انها جزء من السلوك اإلنساني ومن علم األخالق
بمفهومه العام ،وتوصف بأنها ترتبط بإرادة اإلنسان فهي ليست حتمية ،ويستطيع
اإلنسان من خاللها تحديد مصيره ،وقد أعطاها الخالق لإلنسان ليجعله إنسانا يختلف
عن غيره من الكائنات.
ورد عن اإلمام علي (ع) (إن هللا ركب في المالئكة عقال بال شهوة وركب في البهائم
شهوة بال عقل وركب في بني آدم كليهما فمن غلب عقله شهوته فهو خير من المالئكة و
من غلب شهوته عقلـه فهو شر من البهائم) (.)6
والنص ال يحدد محركا للسلوك اإلنساني فحسب بل وسلوك المالئكة والحيوان ،والمبدأ المذكور
يحمل (طابعا ثنائيا ) لمفهوم الغريزة يتمثل في طرفين يتجاذبان اإلنسان في بحثه عن اللذة
وتجنب األلم وهما (الشهوة والعقل) او (الذات والموضوع) أو( الخير والشر) أو (األمر والنهي
الشرعي ) ،واإلنسان يرث هذا التركيب الثنائي فطريا (من حيث البعد النفسي ) يواكبه ميراث
فطري (من حيث البعد اإلدراكي) هو الوعي بمبادئ الشهوة والعقل فقد قال تعالى (ونفس وما
سواها فألهمها فجورها وتقواها)(الشمس.)7()7/91-
ومنها الحواس الخمسة التي تقوم مع العقل بإكمال المعرفة اإلنسانية ،وبهذا الصدد يقول
اإلمام علي(ع) واصفا الخالق( ال يدرك بالحواس وال يقاس بالناس)( )9وهو الرادع أناسي
األبصار عن ان تناله او تدركه ( ، )10فالحواس هنا جزء من عملية اإلدراك لقوله(ع)(ال
يدرك) بالحواس ،والمحسوس هو المدرك من قبل الحواس لقوله-ع -ال تدركه الحواس
فتحسه(.)11
ان هللا سبحانه ليس موضوعا او محسوسا لكي نسلط عليه أدواتنا التي منها الحس لنتعرف
عليه ،وهو ما يتبين بأقوال اإلمام أيضا و التي منها ان هللا ال تستلمه المشاعر (أي ال
تدركه الحواس) وسميت الحواس مشاعر ألنها آالت للشعور باألشياء( )12وهذا يعني ان
األشياء تدرك بالحواس وتستلمها المشاعر(سوى هللا) الذي تتلقاه األذهان ال بمشاعره
(ليس عن طريق الحواس)( ، )13فالشواهد او المدركات يتم استالمها عن طريق الحواس ،
وبحسب قول اإلمام ((إذ ال يتيسر للناظر اإلدراك (إال) من عشرة أوجه من الحواس
الخمسة وإدراكها من ( سمع ومسموع) و (بصر ومبصر) و (شم ومشموم) و (ذوق
ومذوق ) و (ولمس وملموس) وكل ذلك مما تدل عليه العقول واألوهام ،أجسام مؤلفة
وأعراض عاجزة))( ،)14فإننا من كل ذلك نفهم ان للحس دور في عملية المعرفة .
أ -ركب فيه :عقال وشهوة (أحاسيس ومشاعر )= يعني بأنه إنسان .
ب -ركب فيه :عقال فقط (من دون مشاعر وأحاسيس)=مالئكة.
وفي القران الكريم سوف نأخذ مثال لهذه القضية ،قضية الحس واإلدراك وارتباطهما كما في
قوله تعالى (فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى هللا)( آل عمران .)52 /
ويفسر الشيخ الطوسي مفهوم (أحس) أي وجده من جهة الحاسة ،وحسه يحسه :إذا قتله ،
ألنه أبطل حسه بالقتل ،والتحسس طلب اإلخبار ،وفي التنزيل " :يا بني اذهبوا فتحسسوا
من يوسف وأخيه " وذلك ألنه طلب لهما بحاسة السمع .)15(.
واإلحساس هو الوجود بالحاسة ،أحس يحس إحساسا .والحس القتل ،ألنه يحس بألمه ،
ومنه قوله " :إذ تحسونهم " بإذنه " والحس :العطف ،إلحساس الرقة على صاحبه .
واألصل فيه إدراك الشيء من جهة ( ، )16ففي قول يعقوب ( إني ألجد ريح يوسف لوال أن
تفندون ) اخبر هللا تعالى في هذه اآلية انه حين انصرفت العير من عند يوسف .قال :لهم
أبوهم يعقوب إني ألجد ريح يوسف أي إني أحس برائحته (.)17
يصنف اإلمام علي النفس اإلنسانية على أربعة أقسام منها النفس النامية النباتية والحسية
الحيوانية ثم القدسية والكلية اإللهية ،وما يهمنا هو الحسية الحيوانية وخصائصها ان لها
خمس قوى هي سمع وبصر وشم وذوق ولمس ولها خاصيتان هما الشهوة والغضب وانبعاثها
من القلب وهي أشبه األشياء بنفس السباع ،وبدأ إيجادها عند الوالدة الجسمانية وفعلها الحياة
والحركة والظلم والغلبة واكتساب األموال والشهوات الدنيوية (. )18
ومن النص يفهم ان الجزء الحسي اإلنساني في النفس اإلنسانية له خمسة قوى هي الحواس
الخمس ،والخاصيتان الرئيسيتان هما الشهوة والغضب وانبعاثها من القلب ليكون القلب على
هذا األساس هو المرجع لكثير من أفعالنا الحسية وأهمها المتعلق بقائمة المشاعر اإلنسانية .
فالغضب له سبب ودافع ،واإلحساس بالغضب يعني وجود المؤثر وهكذا اإلحساس بالحب
والحقد والحسد وغير ذلك ،وكل ذلك يرتبط بالتعقل أيضا لوجود موضوع محدد (للكره ،
للغضب أو مادة للحقد ) ،ومن الصحيح القول بتدخل عوامل البيئة (الخارجية ) قال تعالى (
فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصالة واتبعوا الشهوات) ( /59مريم) وهو تأثير جمعي
بيئي على امة معينة أدت إلى غلبة الشعور على العقل أو الوراثة والى شعور بالنشوة
واللذة وإحساس غير مقيد بالعقل .
-6باإلضافة إلى القول بان األحاسيس ترتبط بوسائل اإلدراك ،فان هذه األحاسيس تعتبر
بايلوجية أي انها ترتبط بالدواخل اإلنسانية غالبا او الغرائز،أما المشاعر فهي
سيكولوجية ،تمتد إلى مساحة اكبر في السلوك اإلنساني وأكثر تقدما وفعالية ،ومع هذا
فإننا نصف جملة األحاسيس والمشاعر اإلنسانية بأنها منظومة فعل اإلنسان التي
- 15الشيخ الطوسي ،تفسير التبيان،تحقيق وتصحيح احمد حبيب قصير ،ط ، 1،1409ج - 3ص 18وانظر
علي بن إبراهيم القمي ،تفسير القمي ،تصحيح وتعليق ،طيب الجزائري،ط،3قم ، 1404،ج - 1ص .103
- 16الشيخ الطوسي ،التبيان ،ج - 2ص .472
- 17التبيان -الشيخ الطوسي -ج - 6ص .192
- 18القاضي سعيد القمي /ولد1049هـ) التعليقة على الفوائد الرضوية،قم1415،ق1374-هـ.ش ،.ص .111
يستطيع من خاللها تشغيل الجوانب الحسية فيه من الغرائز والصفات اإلنسانية وقائمة
المشاعر في جوانب فعله وسلوكه الذي سيصنف على أساس أخالقي أو نفسي أو
جمالي أو طبيعي .
وهذه المنظومة هي من خطت له مصيره في كثير من األحيان بداية من حسد قابيل ألخيه هابيل
مرورا باإلحساس بالتكبر البن نوح(ع) وتكبر الطواغيت على مر العصور وغير ذلك من
سيطرة جانب العواطف او الشهوات على اإلنسان بنحو متطرف ال يمت إلى العقل بصلة ،في
حين ان العملية فرض لها ان تكون متوازنة ومعتدلة .
أنموذج اولي لخارطة األحاسيس في القران
من الممكن االستعانة بخريطة أولية تمثل جدوال الستعراض واستبانة األحاسيس في القران وما
يلحقها ويتناول الجدول أمثلة بسيطة لبعض المشاعر واألحاسيس اإلنسانية لغرض توضيح هذا
الجانب :
نتيجة دافع مثاله مثاله شدة ونوع ارتباطه اإلحساس نوع ت
اإلحساس اإلحساس الموجب السالب اإلحساس بالعقل المضاد اإلحساس
أو النية (ضعيف( /متطرف في القران في
(شخصية القران/ متوسط/ /
منطقي) صالحة) (شخصية كبير)
سيئة)
شتات بني تكسير ال يوجد موسى(ع) منطقي السكينة – كبير الغضب 1
األلواح إسرائيل لفظ،إنما وملتزم كتم الغيض
ألفاظ الن
الغضب ضد الخالق
الكافرين غضب
ويمكن عليهم
اعتبار ان أيضا
كل
الطواغيت
يغضبون
سمع فلما سكت السكون كبير
تفسيرا من طبيعي بعد عن موسى
أخيه هارون الغضب معاتبة
أو دوافع أخيه
أخرى
عدم طاعة ذهب كبير
مغاضبا قومه له
وابتلعه ذو النون
الحوت
إيثار أبيه له محاولة إخوة غرائزي كبير أدى الغبطة الحسد 10
القتل من دونهم يوسف إلى القتل
وهم
كثيرون
هللا قتل أخاه تقبل قابيل هابيل غرائزي
قربانه كبير أدى
إلى القتل
الندم 14
نظرة عامة حول االحساس في القران
-1قليلة هي ألفاظ الحسد في القران ،فهي ال تتعدى الخمس ألفاظ منها /من شر حاسد
(الفلق / )5/فسيقولون بل تحسدوننا (الفتح / )15/أم يحسدون الناس على ما آتاهم
(النساء / )54/حسدا (البقرة / )109/حاسد (الفلق، )5/وهي تمثل اإلحساس الداخلي
لإلنسان الذي يشعر فيه برغبة لالستحواذ على ما لآلخرين .
-2توجد ألفاظ عديدة ومتنوعة للغضب في القران (، )19وهي بعامتها تخص الغضب
اإللهي على الكافرين والظالمين والمنافقين والذي ال عالقة له بالغضب اإلنساني .
-3تختلف أحاسيس األنبياء واألولياء عن أحاسيس الناس ،وهم بشر مثل بقية الناس في
المشاعر واألحاسيس الجميلة إال انها أحاسيس منضبطة مقيدة ،ال تعمل باإلفراط
والتفريط ،وتعد قمة المشاعر اإلنسانية الملتزمة ،ومن هذه المشاعر ما نلمسه في
شفقة ومحبة يعقوب النبي ويوسف(عليهما السالم)وقصة نوح (ع) مع ابنه ومحبة
وأخالق واآلم المسيح(ع)وصبر أيوب(ع)على األلم وسكينة وحلم إبراهيم (ع)
ورحمة رسول هللا محمد (صلى هللا عليه واله وسلم)وغير ذلك من صفات األنبياء
والصالحين التي ذكرها القران الكريم .
-4ان قيمة وحجم أحاسيس األنبياء هي دائما قيمة كبيرة ولها اتصال مهم بالتعقل والعقل
،فهي مقيدة غير مفرطة لهذا ال يصح وصفها بالدافعية غير المرتبطة باهلل سبحانه .
-5النتيجة المحصلة مما بعد أحاسيس األنبياء واألولياء هي نتيجة واقعية وعاقلة
ومنضبطة ،فالمشاعر موجودة وهي ليست مشاعر آلية باردة ال جدوى منها ،وهي
ليست صورة شكلية لكي يعلموا البشر مفاهيم المحبة و السكينة واإلحساس بقيمة
األشياء ،بل إن األنبياء بشر لديهم الغرائز والعواطف المختلفة ،لكنها ال تسيطر عليهم
.
- 19انظر محمد فؤاد عبد الباقي،المعجم المفهرس أللفاظ القران الكريم ،ص.632
من موضوعات اإلحساس في القران
-1ان من المسلمات التي يجب إيرادها هنا ان الخوف من هللا والمحبة هلل هي من أهم ما
يتصف به األنبياء واألولياء والصالحون ،وهما من األحاسيس العالية القيمة التي
تتجاوز الحس اإلنساني لتتسم بالمفهوم العقلي .
-2يتعامل األنبياء واألوصياء بأدوات المشاعر اإلنسانية –العالية القيمة –مع بقية الناس
التي منها الغضب والشفقة والرحمة والحياء والحزن والحب والعطف ،وهم سالم هللا
عليهم ال يتعاملون بالحقد والحسد والكره والشك وغير ذلك من األلفاظ التي تقترب من
الواقع اإلنساني .
-3ذكرت قصة نوح (ع) في ست آيات في القران الكريم ومن مميزات القصة هو إحساس
قومه بالكبر واالستعالء واتخاذ بعضهم أربابا لبعض ،وهو إحساس يؤدي إلى استذالل
العباد واستعباد الناس وتحكم القوي في الضعيف وهذا ما استمر على مر التاريخ حتى
يومنا هذا .
-4قال تعالى على لسان نوح(ع) يا قوم اعبدوا هللا مالكم من اله غيره إني أخاف عليكم
عذاب يوم عظيم ،والخوف هنا إحساس متعقل بحجم المصيبة التي يرتكبها قوم
نوح(ع) ،وبالمقابل فان رد القوم كان شعورا باالستعالء فكان ردهم (ما نراك إال بشر
مثلنا وما نراك اتبعك إال الذين هم أراذلنا بادي الرأي) ،ولك ان ترى حجم الحسية التي
ينظر بها القوم فهم ال ينظرون بعقل بل بحس محض كما في قولهم (ما نراك) وهم ال
ينظرون إلى قدرة بل إلى بشر طبيعي ،والشعور بالكبر والنظر بدونية إلى الغير تمثل
بنظرتهم إلى اآلخرين على أنهم أراذل ال غير .
-5ان وحي رب العالمين إلى نوح بان قومه لن يؤمنوا واألمر الصادر بصنع الفلك ،يشير
إلى معرفة نوح(ع)بالمستقبل القادم واستشعاره للمرحلة الجديدة .
-6من المهم معرفة إحساس القوم عندما فار التنور ومسير السفينة في اللجج الغامرة ،بل
في موج من كالجبال .
-7علينا بحث إحساس ابن نوح في تلك اللحظة وإحساس األب الحنون المسؤول عن
مصير ابنه ومصير اإلنسانية ،سيما عند قوله (ع) ان ابني من أهلي وسؤاله لرب
العالمين .
-8قوله تعالى في سفينة نوح (ع)(ولقد تركناها آية فهل من مدكر ) تمثل دعوة لحث
الشعور على وجود هذه السفينة في الوقت الحالي.
-9في استشعار قصة هاجر زوج إبراهيم(ع)وابنها إسماعيل وتركهما في واد غير ذي
زرع عبرة ورحمة ،كما ان حزمة من المشاعر تلوح لنا في مسالة ذبح إسماعيل (ع)
وهي تتعلق بمشاعر األب وإالم واالبن .
ان من المشاعر النقية أيضا ما تمثل بحزن أم موسى حين رمي في النهر وقلق -10
أخته التي راحت تراقب أين يذهب ومشاعره الثابتة الصدق نحو الحق والعدل ال الظلم
وهو في بيت فرعون وتحكيمه العقل حين حارب فرعون بإظهار العقل ،هذه مجموعة
مشاعر تختلف عن إحساسات المرحلة الالحقة ومنها الخوف على رسالته عندما خرج
خائفا يترقب أو عندما حضر مجلس فرعون ليريهم معاجزه أو يدعوه إلى عبادة الرب
الواحد ،أو خوفه عندما صعق لرؤيته الجبل يندك أو حزنه عندما شاهد انحراف بني
إسرائيل وعبادة العجل أو إحساسه وهو يكلم هللا من وراء حجاب .
ومن ذلك اآلم المسيح عيسى(ع) وعاطفته تجاه الناس وحزنه الدائم ،باإلضافة -11
إلى مشاعر الرسول محمد(ص) وعاطفته تجاه أهل بيته وأمته .
يوسف(ع)أنموذجا لألحاسيس القرآنية
ليس تحديدا مقصودا ان تكون قصة الصديق يوسف(ع) أول ما يمكن تناوله في هذا الصدد،
فنحن نجد أحاسيس أخرى عالية المضمون في قصة أوالد ادم ونوح وإبراهيم وفي قصص
موسى وأمه وعيسى وأمه عليهم وعلى نبينا صلوات هللا ورحمته وبركاته.
وعلىىى أي حىىال فىىان قصىىة الصىىديق فىىي القىىران تزخىىر بالتعىىابير الحسىىية المؤلمىىة والمفرحىىة
والحاسدة والكائىدة وغيىر ذلىك وهىي أيضىا مشىكلة االبىن التىي تتنىوع فىي سىيرة حيىاة ادم ونىوح
وإبىىراهيم وأم موسىىى وعيسىىى (علىىيهم السىىالم) ومىىن األسىىئلة التىىي تبىىرز فىىي قصىىة يوسىىف(ع)
والتي تدل على مؤشر تفاعل اإلحساسات اآلتي.
-1كان يوسف جميل الصورة أثيرا على أبيه لذا خص بقسط عظىيم مىن محبتىه ممىا سىبب حقىد
إخوته عليه وغيرتهم منه.
تعقيب :السبب في إحساس أبيه ليس العاطفة االعتيادية فيوسف(ع) طفل صىغير وضىعيف وقىد
فقد أمه وهو يتمتىع بىالبراءة والجمىال كمىا انىه وارث النبىوة وكميىة المعطيىات والهبىات االلهيىة
التي وهبت له لكونه وارث النبوة بداللة الرؤية العظيمة تلك التي البت عليه إخوتىه ،والصىورة
العامة الخاصة بيوسف هنا تخص العقل باإلضافة إلى اإلحسىاس المبنىي علىى العطىف والمحبىة
اإللهية ،ويقابل كل ذلك تحسس عال بالحقد والغيرة من إخوة يوسىف ،وردة الفعىل هىذه شىابهت
ردة فعل
قابيل تجاه أخيه.
وربما يقال بان الحسد والحقد عبارة عن غرائز قد ال تنتمىي إلىى األحاسىيس وهىذا غيىر صىحيح
الن الفرد يحقد ويكره ويشىعر بىالغيرة ويتكبىر مىن دون تحكىيم العقىل معتمىدا فىي ذلىك علىى هىذه
الغرائز التي تنتمي إلى الحس(الداخلي) وتفلت من سيطرة العقل.
-2إحسىاس الغىم والحىزن والشىفقة الىذي الىم بيعقىوب(ع) اثىر رؤيىة يوسىف الخاصىة بالكواكىب
ومعرفىىة الىىبالء المحىىدق بهىىذه الرؤيىىة ،لهىىذا منعىىه مىىن سىىردها ومىىع هىىذا فقىىد انتشىىر السىىر .
-3أحاسيس وغرائز إخوة يوسف الشاذة التي يمكن حملها علىى الىوهم فلىيس لهىا دافىع حقيقىي
أو واقعي وال غاية نافعة أو صادقة وقد أدت إلى نتائج سيئة منها :
وبشكل اعتراضي علينا ان نسال على سبيل الموعظة والرحمة ،كيف كان حال وشعور أبيه
وهو يودعه ويبكي وقد البسه ثيابه وأصلح شعره(كما تروي الروايات) وكيف أوصى أوالده
بإلحاح بحراسته وإطعامه وسقيه والتظليل له من الشمس وحمله عند التعب ألنه طفل صغير
في بيئة قاسية ،وكيف كان شعور وإحساس يوسف(ع) وهو يضرب أو حينما أرادوا قتله أو
تركه عند البئر وهو طفل صغير هل اختلفت مشاعره كطفل في تلك اللحظة مع قضية استيعابه
للوحي اإللهي الذي كان يقول له (لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم ال يشعرون) هل قال بأنه سوف
ينتقم من هؤالء الذين عدموا الرحمة ،هل فقد تحكمه بالعقل لتظهر غرائزه التي ستحمل
مسوغا معقوال على وفق نظرتنا نحن البشر – ال األنبياء – على اعتبار ان إخوته ظلموه
وأرادوا قتله من دون مسوغ ،الجواب كال بالتأكيد ،ونهاية القصة تدل على هذا النفي .