You are on page 1of 3

‫‪ -378 /4‬فصل‪ ‌:‬اجتهد ما دام في الوقت سعة‬

‫‪ -1701‬فانتبه يا بني لنفسك‪ ،‬واندم على ما مضى من تفريطك‪ ،‬واجتهد في لحاق‬


‫الكاملين‪ ،‬ما دام في الوقت سعة‪ ،‬واسق غصنك ما دامت فيه رطوبة‪ ،‬واذكر ساعتك‬
‫التي ضاعت فكفى بها عظة‪ ،‬ذهبت لذة الكسل فيها‪ ،‬وفاتت مراتب الفضائل‪1‬‬
‫‪ -1702‬وقد كان السلف الصالح رحمهم هللا يحبون جمع كل فضيلة‪ ،‬ويبكون على‬
‫فوات واحدة منها‪ ،‬قال إبراهيم بن أدهم رحمه هللا‪ :‬دخلنا على عابد مريض‪ ،‬وهو‬
‫ينظر إلى رجليه ويبكي‪ ،‬فقلنا‪ :‬ما لك تبكي؟ فقال‪ :‬ما اغبرتا في سبيل هللا‪ .‬وبكى آخر‬
‫فقالوا‪ :‬ما يبكيك؟ فقال‪ :‬علي يوم مضى ما صمته‪ ،‬وعلى ليلة ذهبت ما قمتها‪.‬‬
‫‪ -1703‬واعلم ‪-‬يا بني‪ -‬أن األيام تبسط ساعات‪ 1،‬والساعات تبسط أنفاسًا‪ ،‬وكل نفس‬
‫خزانة؛ فاحذر أن يذهب نفس بغير شيء‪ ،‬فترى في القيامة خزانة فارغة فتندم‪.‬‬
‫قيس‪ :‬قف أكلمك‪ ،‬فقال‪ :‬أمسك الشمس‪.‬‬
‫‪ -1704‬وقد قال رجل لعامر بن عبد ٍ‬
‫‪ -1705‬وقعد قوم عند معروف رحمه هللا فقال‪ :‬أما تريدون أن تقوموا؛ فإن ملك‬
‫الشمس يجرها ال يفتر!‪.‬‬
‫‪ -1706‬وفي الحديث‪" :‬من قال‪ :‬سبحان هللا العظيم وبحمده؛ غرست له نخلة في‬
‫الجنة"‪ ،‬فانظر إلى مضيع الساعات كم يفوته من النخيل!‪.‬‬
‫‪ -1707‬وقد كان السف يغتنمون اللحظات‪ 1،‬فكان كهمس‪ 1‬رحمه هللا يختم القرآن كل‬
‫يوم وليلة ثالث مرات‪ ،‬وكان أربعون رجاًل من السلف يصلون الصبح بوضوء‬
‫العشاء‪ ،‬وكانت رابعة العدوية تحيي الليل كله؛ فإذا طلع الفجر هجعت هجعة حقيقة‪،‬‬
‫ثم قامت فزعة‪ ،‬وقالت لنفسها‪ :‬النوم في القبور طويل‪.‬‬
‫‌‌_________‬
‫‪ 1‬كهمس بن الحسين التميمي البصري‪ ،‬أبو الحسن‪ ،‬عابد‪ ،‬توفي سنة "‪149‬هـ"‬
‫فصل‪ ‌:‬ال ُت َ‬
‫ضيّعْ لحظة في غير قربةٍ‪.‬‬
‫‪ -34‬ينبغي لإلنسان أن يعرف شرف زمانه‪ ،‬وقدر وقته‪ ،‬فال يضيع منه لحظة في‬
‫غير قربة‪ ،‬ويقدم األفضل فاألفضل من القول والعمل‪.‬‬
‫‪ -35‬ولتكن نيته في الخير قائمة من غير فتور بما ال يعجز عنه البدن من العمل‪،‬‬
‫كما جاء في الحديث‪" :‬نية المؤمن خير من عمله" ‪.1‬‬
‫‪ -36‬وقد كان جماعة من السلف يبادرون اللحظات‪ ،21‬فنقل عن عامر بن‬
‫‌‌_________‬
‫‪ 1‬رواه الطبراني "‪ "228 /6‬وأبو نعيم في الحلية "‪ "255 /3‬والخطيب في تاريخه‬
‫"‪ "237/ 9‬عن سهل بن سعد‪ ،‬وابن عبد البر في التمهيد "‪ "265 /12‬عن علي‪،‬‬
‫والقضاعي "‪ "148 ،147‬عن أنس والنواس ضعيف‪.‬‬
‫ْس‪ :1‬أن رجاًل‬
‫الطاعاتع ْب ِد َقي ٍ‬
‫َ‬ ‫‪ 2‬يبادرون اللحظات‪ 1:‬يسارعون إلى االستفادة منها في‬
‫قال له‪ :‬كلمني! فقال له‪ :‬أمسك الشمس‪!2‬‬
‫وقال ابن ثابت البناني‪ :3‬ذهبت ألقن أبي‪ ،‬فقال‪ :‬يا بني! دعني‪ ،‬فإني في وردي‬
‫السادس‪.‬‬
‫ودخلوا على بعض السلف عند موته وهو يصلي‪ ،‬فقيل له‪ ،‬فقال‪ :‬اآلن تطوى‬
‫صحيفتي‪.‬‬
‫‪ 37‬فإذا علم اإلنسان ‪-‬وإن بالغ في الجد‪ -‬بأن الموت يقطعه عن العمل‪ ،‬عمل في‬
‫حياته ما يدون له أجره بعد موته‪ :‬فإن كان له شيء من الدنيا‪ ،‬وقف وق ًفا‪ ،‬وغرس‬
‫غرسًا‪ ،‬وأجرى نهرً ا‪ ،‬ويسعى في تحصيل ذرية تذكر هللا بعده‪ ،‬فيكون األجر له‪ ،‬أو‬
‫أن يصنف كتابًا في العلم؛ فإن تصنيف العالم ولده المخلد‪ ،‬وأن يكون عاماًل بالخير‪،‬‬
‫عالمًا فيه‪ ،‬فينقل من فعله ما يقتدي الغير به؛ فذلك الذي لم يمت‪.‬‬

‫ات َق ْو ٌم َو ُه ْم فِي ال َّن ِ‬


‫اس أحيا ُء‪4‬‬ ‫‪َ ................‬ق ْد َم َ‬

You might also like