You are on page 1of 9

‫محور العدد‪ -‬القدس‪ :‬آخر وقائع النهب والمصادرة‪،‬‬

‫تغيير المعالم وتشويه الهوية!‬


‫عيدو شاحر (*)‬

‫السيادة القانونية بين النظرية والتطبيق‪:‬‬

‫نظرة على العالقات المتداخلة بين المحاكم الشرعية‬


‫اإلسرائيلية واألردنية في القدس‬

‫أقامت إسرائيل محكمة استئناف شرعية في القدس في العام‬ ‫‪ -1‬مقدمة‬


‫‪ ،1953‬غير أنها لم تعمد إلى إقامة محكمة ابتدائية شرعية فيها‪.‬‬ ‫كانت القدس‪ ،‬في الفترة املمتدة بني العامني ‪ 1948‬و‪ ،1967‬مدينة‬
‫وبذلك‪ ،‬بات عدة آالف من الفل سطينيني امل سلمني من أبناء القدس‬ ‫مق سمة بجدار ومنطقة عازلة مقامة في وسطها‪ ،‬حيث كان الشطر‬
‫الغربية يقعون ضمن نطاق اختصاص احملكمة الشرعية في يافا‪،‬‬ ‫الغربي من املدينة يقع حتت سيطرة إسرائيل‪ ،‬بينما خضع شطرها‬
‫التي تقع على بعد ‪ 40‬مي لاً (‪ 64‬كيلومت ًرا) تقري ًب ا عن مدينة القدس‪.‬‬ ‫الشرقي حلكم اململكة األردنية الهاشمية‪ .‬وكانت القدس الغربية‬
‫وفي هذه األثناء‪ ،‬خضعت القدس الشرقية والضفة الغربية‬ ‫يهودية بصفة حصرية‪ ،‬ولم يكن سوى بضعة آالف من الفل سطينيني‬
‫ألحكام القوانني األردنية‪ .‬وفي شهر ني سان ‪ ،1950‬أصدر مجلس‬ ‫حي بيت صفافا) وفي‬ ‫يقيمون في عدد محدود من أحيائها (مثل ّ‬
‫ضفتي نهر األردن بصفة رسمية‬
‫ّ‬ ‫األمة األردني قرا ًرا يقضي بتوحيد‬ ‫بعض القرى شبه احلضرية التابعة لها (مثل قرية أبو غوش)‪ .‬وأعلنت‬
‫في دولة واحدة‪ ،‬هي اململكة األردنية الهاشمية‪ .‬وأقام النظام األردني‬ ‫إسرائيل عن القدس باعتبارها «العاصمة األبدية» للدولة اليهودية‪،‬‬
‫املؤسسات احلكومية املختلفة‪ ،‬مبا فيها احملاكم الشرعية‪ ،‬في جميع‬ ‫وكانت ال سلطات اإلسرائيلية حتث اخلطى نحو إنشاء أكبر عدد‬
‫محافظات الضفة الغربية‪ .‬كما أصبحت القدس الشرقية‪ ،‬باعتبارها‬ ‫ت ستطيع بلوغه من مؤس سات الدولة ومقرات احلكومة فيها‪ .‬كما‬
‫‪31‬‬ ‫أكبر مدن الضفة الغربية وأهمها‪ ،‬مق ًّرا حملكمة شرعية جديدة‪ .‬ومع‬
‫ذلك‪ ،‬كانت املدينة قد فقدت محكمة االستئناف الشرعية‪ ،‬التي ُأقيمت‬ ‫(*) محاضر في ق سم تاريخ الشرق األوسط‪ -‬جامعة حيفا‪.‬‬
‫ً‬
‫وبناء على ذلك‪ ،‬احتفظت المحاكم الشرعية األردنية في الضفة‬
‫ً‬
‫تقريبا عن اإلدارة العسكرية والمدنية‬ ‫الغربية باستقاللها التام‬
‫اإلسرائيلية‪ .‬وبدا أن السلطات اإلسرائيلية كانت تستوعب هذا‬
‫الترتيب‪ .‬أما في القدس‪ ،‬فكان الوضع على قدر أكبر من التعقيد‬
‫بالنظر إلى أن القدس الشرقية‪ ،‬وعلى خالف بقية األراضي المحتلة‪،‬‬
‫قد جرى ضمها إلى إسرائيل‪ ،‬وباتت بالتالي تخضع ألحكام القانون‬
‫اإلسرائيلي‪ .‬ولذلك‪ ،‬أصبح المسلمون من أبناء مدينة القدس‬
‫يخضعون في مسائل األحوال الشخصية الختصاص المحاكم‬
‫الشرعية اإلسرائيلية‪.‬‬

‫امل سلمني من سكان القدس الشرقية‪ .‬ففي يوم ‪ 24‬متوز ‪ ،1967‬أي‬ ‫فيها في م ستهل حقبة االنتداب البريطاني‪.‬‬
‫بعد شهر ونصف من انقضاء احلرب‪ ،‬أس ست مجموعة تضم نحو‬ ‫وفي الفترة الواقعة بني العامني ‪ 1948‬و‪ ،1967‬كانت محكمة‬
‫عشرين شخصية من أعيان املدينة ما ُي عرف بـ”الهيئة اإلسالمية”‪.‬‬ ‫استئناف شرعية تزاول عملها (منذ العام ‪ )1953‬في الشطر‬
‫وقد أناط مؤس سو هذه الهيئة بها حماية األماكن املقدسة لدى‬ ‫الغربي الذي يقع حتت سيطرة إسرائيل من مدينة القدس‪ ،‬ولكن‬
‫امل سلمني وأمالك الوقف اإلسالمي ومنظومة احملاكم الشرعية من‬ ‫لم تكن محكمة ابتدائية شرعية موجودة فيها‪ .‬وفي املقابل‪ ،‬كانت‬
‫التدخالت اإلسرائيلية (‪ .)Farhi 1979: 9–10‬وقد تطورت هذه‬ ‫القدس الشرقية حتتضن محكمة ابتدائية شرعية‪ ،‬ولم تكن تضم‬
‫الهيئة‪ ،‬مع مرور الوقت‪ ،‬إلى “الهيئة اإلسالمية العليا”‪ ،‬التي باتت‬ ‫محكمة استئناف شرعية‪.‬‬
‫تتولى امل سؤولية عن إدارة نظام احملاكم الشرعية وأمالك الوقف‬ ‫وقد ت سبب االحتالل اإلسرائيلي ملرتفعات اجلوالن وقطاع غزة‬
‫اإلسالمي في األراضي احملتلة في ظل غياب ال سيادة اإلسالمية‬ ‫والضفة الغربية‪ ،‬مبا فيها القدس الشرقية‪ ،‬في شهر حزيران ‪،1967‬‬
‫عليها (‪.)Welchman 2000:53‬‬ ‫في تغيير هذا الوضع برمته‪ .‬فعلى خالف بقية األراضي احملتلة‪،‬‬
‫وعلى الرغم من أن الهيئة اإلسالمية كانت هيئة مقدسية‬ ‫التي ُوضعت حتت حكم نظام ع سكري «مؤقت»‪ ،‬كان نصيب القدس‬
‫محلية في املقام األول‪ ،‬فقد كان العديد من أعضائها ممن شغلوا‬ ‫الشرقية أن تالقي َق َد ًرا مختل ًف ا‪ .‬فلم تتوانَ القيادة اإلسرائيلية‪ ،‬التي‬
‫مناصب رفيعة امل ستوى في املؤس سات األردنية في سابق عهدهم‪،‬‬ ‫غمرتها الغبطة والبهجة عقب احتالل هذه املناطق‪ ،‬عن اإلعالن عن‬
‫كما حافظت الهيئة على والئها املتني للمملكة األردنية الهاشمية‪.‬‬ ‫أن «املدينة املوحدة» لن تق َّس م مرة أخرى‪ .‬وكان من شأن التشريعات‬
‫حتظ الهيئة اإلسالمية العليا باالعتراف الرسمي‬ ‫وفي الواقع‪ ،‬لم َ‬ ‫التي س نّها الب رملان اإلسرائيلي (الكني ست) على عجل أن أتاحت‬
‫لدى ال سلطات اإلسرائيلية وال األردنية – ب ْي د أن إسرائيل لم حتظر‬ ‫القدرة إلسرائيل على ضم القدس الشرقية إلى إقليمها‪ .‬وفي يوم‬
‫عملها واستخدمها األردن لتمويل املؤس سات اإلسالمية في الضفة‬ ‫‪ 28‬حزيران‪ ،‬بعد أن وضعت احلرب أوزارها بثالثة أسابيع فقط‪،‬‬
‫الغربية وإدارتها والتحكم فيها بصورة غير مباشرة‪ .‬ومع املوافقة‬ ‫أصدر وزير األمن الداخلي اإلسرائيلي أم ًرا ينص على توسيع احلدود‬
‫الضمنية التي ع ّب رت عنها احلكومة األردنية‪ ،‬أنشأت الهيئة محكمة‬ ‫البلدية للقدس الغربية‪ ،‬بحيث تشمل الشطر الذي كان يخضع‬
‫استئناف شرعية في امل سجد األقصى (احلرم الشريف)‪ ،‬لكي حتل‬ ‫للحكم األردني من املدينة‪ ،‬إلى جانب عدد من القرى التي تقع على‬
‫محل محكمة االستئناف الشرعية في عمان‪ ،‬والتي لم ي ُع د بإمكان‬ ‫أطرافها (‪ .)Brecher 1978:25–26‬وقد سرى القانون اإلسرائيلي‬
‫املواطنني الفل سطينيني من سكان الضفة الغربية الوصول إليها‪.‬‬ ‫على هذه املنطقة التي ضمتها إسرائيل‪ ،‬و ُم نح الفل سطينيون الذين‬
‫وقد ُع ينِّ رئيس الهيئة في منصب القائم بأعمال قاضي القضاة‬ ‫كانوا يقيمون في هذه املنطقة‪ ،‬والذين كان تعدادهم يناهز ‪70,000‬‬
‫ورئيس محكمة االستئناف الشرعية هذه‪ .‬وكان رئيس الهيئة‪ ،‬بهذه‬ ‫فلسطيني‪ ،‬صفة قانونية باعتبارهم “مقيمني دائمني” في إسرائيل‪.‬‬
‫أيض ا رئاسة منظومة احملاكم الشرعية في الضفة‬ ‫الصفة‪ ،‬يتولى ً‬
‫ورمبا ال تنتاب املرء الدهشة عندما يرى أن أول حركة منظمة‬
‫الغربية‪ ،‬التي لم تزل تخضع إلدارة وزارة األوقاف األردنية‪.‬‬ ‫‪32‬‬
‫ملقاومة االحتالل اإلسرائيلي تش ّك لت بني ظهراني الفلسطينيني‬
‫وبنا ًء على ذلك‪ ،‬احتفظت احملاكم الشرعية األردنية في الضفة‬
‫وفي مطلع العقد السابع من القرن الماضي‪ ،‬واصل صناع السياسة‬
‫اإلسرائيلية المراوحة بين إستراتيجيتين متناقضتين‪ :‬السعي إلى‬
‫استمالة المحاكم األردنية في القدس من جهة‪ ،‬وإعداد خطة ترمي‬
‫إلى إنشاء محكمة شرعية إسرائيلية بديلة في القدس من جهة أخرى‪.‬‬
‫وفي شهر كانون الثاني ‪ ،1973‬نقلت صحيفة “القدس” العربية‬
‫ً‬
‫تقريرا مفاده أن السلطات اإلسرائيلية قررت افتتاح فرع‬ ‫المحلية‬
‫دائم لمحكمة يافا الشرعية في القدس‪ ،‬بحيث يتولى قاضيها رئاسة‬
‫هذا الفرع‪ .‬وبعد ذلك بشهرين‪ ،‬نقلت الصحيفة نفسها ً‬
‫خبرا مفاده‬
‫أن الحكومة اإلسرائيلية عدلت عن قرارها المذكور ‪.‬‬

‫القضاة الذين تع ّي نهم الهيئة اإلسالمية من واجب أداء ق سم الوالء‬ ‫الغربية باستقاللها التام تقري ًب ا عن اإلدارة الع سكرية واملدنية‬
‫لدولة إسرائيل‪ ،‬شريطة موافقتهم على العمل حتت رعاية املنظومة‬ ‫اإلسرائيلية‪ .‬وبدا أن ال سلطات اإلسرائيلية كانت ت ستوعب هذا‬
‫القانونية اإلسرائيلية (‪ .)Benziman 1980:109–111‬ولكن الهيئة‬ ‫الترتيب (‪ .)Welchman 1990:94–95‬أما في القدس‪ ،‬فكان الوضع‬
‫اإلسالمية رفضت هذا العرض الذي كان ميثل تنازلاً هائ لاً من‬ ‫على قدر أكبر من التعقيد بالنظر إلى أن القدس الشرقية‪ ،‬وعلى‬
‫وجهة نظر إسرائيل‪ .‬فقد دأبت الهيئة على رفض االعتراف بشرعية‬ ‫خالف بقية األراضي احملتلة‪ ،‬قد جرى ضمها إلى إسرائيل‪ ،‬وباتت‬
‫االحتالل اإلسرائيلي للقدس وضمها إلى إقليم إسرائيل‪.‬‬ ‫بالتالي تخضع ألحكام القانون اإلسرائيلي‪ .‬ولذلك‪ ،‬أصبح املسلمون‬
‫وقد اعتمدت إسرائيل إستراتيجية أخرى بعد أن انتابها اليأس‬ ‫من أبناء مدينة القدس يخضعون في م سائل األحوال الشخصية‬
‫واإلحباط من امل ساعي العقيمة التي بذلتها في سبيل استماله‬ ‫الختصاص احملاكم الشرعية اإلسرائيلية‪.‬‬
‫املؤس سة الدينية اإلسالمية في القدس‪ .‬ففي شهر آب ‪ ،1969‬أصدرت‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬لم تعمل إسرائيل على تشكيل محكمة ابتدائية شرعية‬
‫وزارة الشؤون الدينية تعليمات إلى مكاتب التنفيذ اإلسرائيلية في‬ ‫في القدس‪ ،‬كما ذكرنا آن ًف ا‪ .‬وفي الوقت نف سه‪ ،‬كانت محكمة أردنية‬
‫الضفة الغربية وفي القدس‪ ،‬حتظر مبوجبها على هذه املكاتب‬ ‫مرموقة ما تزال متارس عملها في الشطر الشرقي من املدينة‪ .‬وقد‬
‫تنفيذ األحكام القضائية الصادرة عن احملاكم الشرعية األردنية‬ ‫فرضت هذه احملكمة مشكلة معقدة أمام دوائر صناعة ال سياسات‬
‫في القدس الشرقية‪ .‬وقد أفرزت هذه التعليمات آثا ًرا فورية‪ ،‬حيث‬ ‫في إسرائيل‪ ،‬حيث تسبب استمرار عملها في تقويض السيادة‬
‫لم ي ُع د هناك من معنى عملي ملعظم القرارات الصادرة عن تلك‬ ‫اإلسرائيلية على املدنية‪ .‬وفي الوقت نف سه‪ ،‬كان من شأن إغالق هذه‬
‫احملاكم دون وضعها موضع التنفيذ‪ .‬وكان يتعني على املواطنني‬ ‫احملكمة أن ميثل عم لاً على قدر بالغ من اخلطورة‪ ،‬ألنه قد ُي نظر‬
‫امل سلمني من أبناء مدينة القدس رفع طلبات االستئناف في امل سائل‬ ‫إليه كما لو كان اعتدا ًء مباش ًرا على وجود امل سلمني في املدينة‬
‫التي ت ستدعي التنفيذ أمام احملاكم اإلسرائيلية‪ ،‬أي أمام احملكمة‬ ‫املقدسة‪ .‬وملواجهة هذه املعضلة‪ ،‬قررت ال سلطات اإلسرائيلية االحتكام‬
‫الشرعية في حيفا‪.‬‬ ‫إلى ال سياسة العامة التي تطبقها جتاه مراكز القوة في األراضي‬
‫ومن خالل تنفيذ سياسة «عدم االعتراف ال سلبي مبنظومة‬ ‫احملتلة‪ ،‬حيث سعت إلى استمالة املؤس سة الدينية اإلسالمية في‬
‫احملاكم الشرعية في القدس» (‪ ،)Reiter 1997a:13‬كان صناع‬ ‫القدس الشرقية ودمجها ضمن منظومة احلكم اإلسرائيلية‪.‬‬
‫ال سياسة اإلسرائيليون ي سعون إلى إجبار ال سكان امل سلمني في‬ ‫ومقابل دمج احملاكم الشرعية األردنية في القدس الشرقية‬
‫القدس‪ ،‬التي ضمتها إسرائيل إلى إقليمها‪ ،‬على االستئناف أمام‬ ‫وإدراجها ضمن النظام القانوني اإلسرائيلي‪ ،‬كانت إسرائيل تبدي‬
‫احملاكم اإلسرائيلية‪ ،‬وبالتالي االعتراف ‪ -‬وإن بصورة ضمنية على‬ ‫االستعداد ألن تذهب بعي ًدا إلى حد منح الهيئة اإلسالمية صالحية‬
‫‪33‬‬ ‫األقل ‪ -‬بالسيادة اإلسرائيلية‪ .‬وقد عمد الزعماء الفلسطينيون‪ ،‬الذين‬ ‫تعيني القضاة في هذه احملاكم بصورة م ستقلة (‪Welchman‬‬
‫كانوا على وعي تام بالدالالت الرمزية التي تنطوي هذه ال سياسة‬ ‫‪ .)2000:60–61‬وعالو ًة على ذلك‪ ،‬كانت إسرائيل م ستعدة إلعفاء‬
‫الرسمي من ال سلطات اإلسرائيلية معدومة‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬ف سرعان‬ ‫اإلسرائيلية عليها‪ ،‬إلى إطالق حملة في الصحف احمللية‪ ،‬يدعون‬
‫ما ظهرت آليات خفية تكفلت بتأمني االعتراف بهذه القرارات‪ ،‬كما‬ ‫فيها إلى مقاطعة املؤس سات القانونية اإلسرائيلية (‪Shehadeh‬‬
‫سنرى ذلك فيما يلي‪.‬‬ ‫‪ .)1980:51, n. 16; Welchman 1990:95–96‬ومع ذلك‪ ،‬فقد أثبتت‬
‫هذه ال سياسة اإلسرائيلية جناعتها وفعاليتها‪ ،‬حيث تؤكد البيانات‬
‫‪ -2‬مقارنة المحكمتين‬ ‫اإلحصائية على أن عدد طلبات االستئناف التي رفعها الفل سطينيون‬
‫تشترك احملكمتان‪ ،‬اللتان نستعرضهما بالدراسة في هذه‬ ‫امل سلمون املقيمون في القدس أمام احملكمة الشرعية في يافا شهد‬
‫املقالة‪ ،‬في العديد من املالمح املتشابهة التي جتمعهما م ًع ا‪ .‬فكال‬ ‫ارتفا ًع ا متواص لاً على مدى ال سنوات (‪.)Reiter 1997a:16‬‬
‫احملكمتني محكمتان شرعيتان تطبقان األحكام املقننة من أحكام‬ ‫وفي مطلع العقد ال سابع من القرن املاضي‪ ،‬واصل صناع‬
‫الشريعة اإلسالمية‪ .‬كما يتشابه االختصاص املوضوعي الذي تطبقه‬ ‫السياسة اإلسرائيلية املراوحة بني إستراتيجيتني متناقضتني‪:‬‬
‫احملكمتان في م سائل األحوال الشخصية على املتقاضني امل سلمني‬ ‫ال سعي إلى استمالة احملاكم األردنية في القدس من جهة‪ ،‬وإعداد‬
‫إلى حد كبير‪ .‬وفض لاً عن ذلك‪ ،‬تقدم احملكمتان خدماتهما جلمهور‬ ‫خطة ترمي إلى إنشاء محكمة شرعية إسرائيلية بديلة في القدس من‬
‫املتقاضني نفسه‪ ،‬حتى إن احملكمتني تتبادالن بعض املوظفني‬ ‫جهة أخرى‪ .‬وفي شهر كانون الثاني ‪ ،1973‬نقلت صحيفة “القدس”‬
‫العاملني فيهما‪ ،‬كما سنبني ذلك أدناه‪ .‬وفي املقابل‪ ،‬تختلف‬ ‫العربية احمللية تقري ًرا مفاده أن ال سلطات اإلسرائيلية قررت افتتاح‬
‫احملكمتان اختال ًف ا كبي ًرا عن بعضهما‪ .‬فهما ت تّبعان نظامني‬ ‫فرع دائم حملكمة يافا الشرعية في القدس‪ ،‬بحيث يتولى قاضيها‬
‫حكوميني متباينني‪ ،‬والقوانني الشرعية التي تطبقانها مختلفة‪،‬‬ ‫رئاسة هذا الفرع‪ .‬وبعد ذلك بشهرين‪ ،‬نقلت الصحيفة نفسها‬
‫كما هو حال القوانني واألنظمة التي تنفذانها بالطبع‪ .‬وفض لاً عن‬ ‫خب ًرا مفاده أن احلكومة اإلسرائيلية عدلت عن قرارها املذكور وأنها‬
‫ذلك‪ ،‬تتباين املكانة التي حتتلها كل واحدة من هاتني احملكمتني‬ ‫بصدد دراسة االعتراف باألحكام القضائية التي تصدر عن احملاكم‬
‫في نظر ال سكان الفل سطينيني‪.‬‬ ‫الشرعية في القدس الشرقية بدل إقامة الفرع املذكور (‪Welchman‬‬

‫وعلى الرغم من أن احملاكم الشرعية األردنية واإلسرائيلية تفصل‬ ‫‪ .)2000:60–61‬ولم ُي كتب النجاح ألي من هاتني اإلستراتيجيتني‬
‫في القضايا املعروضة أمامها وف ًق ا ألحكام الشريعة اإلسالمية‪ ،‬التي‬ ‫خالل حقبة الثمانينيات من القرن املاضي‪ .‬فلم يزل الوضع قائ ًم ا‬
‫ترتكز في م سائل األحوال الشخصية على قانون حقوق العائلة‬ ‫كما كان عليه‪ ،‬وظلت احملاكم األردنية في القدس الشرقية تزاول‬
‫العثماني‪ 1،‬فقد جرى تعديل هذه األحكام مبوجب التشريعات الالحقة‬ ‫عملها دون أن حتظى باعتراف إسرائيل‪ ،‬وكان يتعني على امل سلمني‬
‫(اإلسرائيلية واألردنية م ًع ا)‪ .‬ولذلك‪ ،‬باتت هذه األحكام تختلف إلى‬ ‫املقدسيني اللجوء إلى احملكمة الشرعية في يافا لغايات استصدار‬
‫بعض ا‪ .‬ومما ال شك فيه أن املصدر الرئي سي‬ ‫حد كبيرعن بعضها ً‬ ‫قرارات قضائية ي ستطيعون إنفاذها‪.‬‬
‫الذي ينبع منه االختالف القائم بني احملكمتني يكمن في املنهجيات‬ ‫وفي هذه األثناء‪ ،‬كانت محكمة يافا الشرعية تواجه صعوبات في‬
‫املتباينة التي اعتمدتها السلطات التشريعية األردنية واإلسرائيلية‬ ‫التعامل مع أعداد القضايا املتزايدة أمامها‪ .‬ولذلك‪ ،‬أعادت السلطات‬
‫في تعديل القوانني ال سارية في إقليميهما‪ .‬فاألردن‪ ،‬بوصفه دولة‬ ‫اإلسرائيلية طرح اخلطة التي تراها بشأن تشكيل محكمة شرعية‬
‫تدين باإلسالم‪ ،‬لم يتردد في مراجعة أحكام الشريعة اإلسالمية‬ ‫في القدس‪ .‬وقررت هذه ال سلطات أن تكون هذه احملكمة مبثابة‬
‫وتعديل قانون األحوال الشخصية األردني عدة مرات (وذلك في‬ ‫مؤس سة جديدة وم ستقلة‪ ،‬ال أن تكون فر ًع ا حملكمة يافا‪ .‬ومع ذلك‪،‬‬
‫األعوام ‪ 1953‬و‪ 1976‬و‪ .)2000‬ومع أن التعديالت التي ُأجريت على‬ ‫استغرق األمر ثالث سنوات أخرى لكي تنفذ وزارة الشؤون الدينية‬
‫هذا القانون تختلف اختال ًف ا جذر ًّي ا عن القانون العثماني‪ ،‬فهي ال‬ ‫هذا القرار وتشكل محكمة شرعية في القدس الغربية‪ .‬وقد ُأعلن‬
‫متس املعايير واألحكام التي تقررها الشريعة اإلسالمية‪ ،‬وهي ما‬ ‫عن تدشني احملكمة على أثير اإلذاعة اإلسرائيلية في يوم ‪ 5‬ني سان‬
‫‪2‬‬
‫تزال تتواءم مع مبادئها وتت ساوق معها‪.‬‬ ‫‪.)Welchman 2000:61( 1988‬‬
‫وفي املقابل‪ ،‬ارتأت ال سلطة التشريعية اإلسرائيلية اإلحجام‬ ‫وبدا أن هذا القرار قد وضع ح ًّدا ملا يربو على عشرين عا ًم ا من‬
‫عن التدخل في أحكام الشرائع الدينية(اإلسالمية أو اليهودية أو‬ ‫التردد الذي ساور إسرائيل بشأن وضع احملاكم الشرعية األردنية‬
‫ً‬
‫وعوض ا عن ذلك‪ ،‬أصدر الكني ست قوانني مدنية تُعنى‬ ‫امل سيحية)‪.‬‬ ‫في القدس الشرقية‪ .‬فمع تشكيل احملكمة الشرعية اإلسرائيلية‬
‫‪34‬‬
‫بتنظيم العائلة في سياق سعيه الذي يرمي إلى حتقيق امل ساواة‬ ‫في القدس الغربية‪ ،‬أضحت االحتمالية التي كانت قائمة بحصول‬
‫القانونية بني الرجل واملرأة في م سائل األحوال الشخصية‪ .‬ومبوازاة‬ ‫القرارات الصادرة عن محاكم القدس الشرعية على االعتراف‬
‫في مصلحة النساء‪ُ ،‬ي نظر إلى احملكمة األردنية على أنها املالذ‬ ‫هذه القوانني‪ ،‬سنّ الكني ست التشريعات التي جت ّرم بعض األعمال‬
‫الذي مي ّك ن الرجال من التأكيد على حقوقهم‪ .‬وأخي ًرا‪ ،‬ومما ال يقل‬ ‫أو التصرفات التي تكفلها قوانني األحوال الشخصية وترعاها (من‬
‫في أهميته عن جميع ما ُذكر أعاله‪ ،‬أن احملكمة اإلسرائيلية متثل‬ ‫قبيل تعدد الزوجات أو الطالق عن طريق ف سخ عقد الزواج من طرف‬
‫االحتالل اإلسرائيلي‪ ،‬بينما متثل احملكمة األردنية املقاومة القائمة‬ ‫الزوج وحده)‪ .‬ومبا أن القوانني املذكورة نف سها لم َي ْج رِ عليها أي‬
‫في وجه هذا االحتالل‪.‬‬ ‫تعديل‪ ،‬فقد باتت مثل هذه األعمال عرضة للمالحقة اجلنائية‪ ،‬وذلك‬
‫في الوقت الذي تعتبر فيه سارية وال غبار عليها مبوجب أحكام‬
‫‪ -3‬العالقات القائمة بين المحكمتين‪:‬‬ ‫قوانني األحوال الشخصية النافذة‪ .‬وبذلك‪ ،‬أفرزت هذه اإلستراتيجية‬
‫التي اعتمدها املشرع اإلسرائيلي بشأن قوانني األحوال الشخصية‬
‫من الخصومة المتبادلة إلى االعتماد على‬
‫مصفوفة معقدة من القوانني املتعارضة التي يجري إنفاذهام ًع ا وفي‬
‫بعضهما‬ ‫الوقت نف سه في احملاكم الشرعية اإلسرائيلية‪.‬‬
‫لقد أصاب موظفو األوقاف األردنية وأقطاب الصحافة الفلسطينية‬ ‫وكما هو متوقع‪ ،‬أفرزت القوانني املختلفة التي تعتمدها احملاكم‬
‫وعموم أبناء الشعب الفل سطيني في نظرتهم إلى تأسيس احملكمة‬ ‫الشرعية اإلسرائيلية واألردنية في الفصل في قضايا األحوال‬
‫الشرعية اإلسرائيلية في القدس الغربية باعتبارها إجرا ًء سياس ًّي ا‬ ‫الشخصية ممارسات قضائية متباينة‪ .‬فعلى سبيل املثال‪ ،‬في الوقت‬
‫آخر يرمي إلى تعزيز سيادة إسرائيل وترسيخ دعائمها في القدس‪،‬‬ ‫الذي ي سمح فيه املأذون األردني لفتاة قاصر بالزواج‪ ،‬ال يجيز املأذون‬
‫وما يقترن بذلك من تقويض النفوذ اإلسالمي في املدينة في الوقت‬ ‫اإلسرائيلي زواج العروس القاصر إال إذا كانت تبلغ ال سابعة عشرة‬
‫نفسه (‪ .)Welchman 2000:64‬ولذلك‪ ،‬ال ي ستغرب املرء أن احملكمة‬ ‫من عمرها أو أكثر‪ .‬وعلى هذا املنوال‪ ،‬ال يتحقق املأذون األردني مما‬
‫الشرعية اإلسرائيلية في القدس الغربية كانت تعاني من سمعة‬ ‫متزوج ا في األصل (مما يفضي إلى تعدد زوجاته)‪.‬‬ ‫إذا كان العريس‬
‫ً‬
‫رديئة في ال سنوات األولى من عملها‪ ،‬وكان عدد املتقاضني الذين‬ ‫وفي املقابل‪ ،‬يرفض املأذون اإلسرائيلي عقد نكاح الرجل على زوجة‬
‫جلأوا إليها من أبناء القدس الشرقية ضئي لاً نسب ًي ا‪.‬‬ ‫ثانية‪ ،‬ألن ذلك قد يعرضه للم ساءلة اجلنائية‪ .‬وفض لاً عن ذلك‪ ،‬رمبا‬
‫وقد عك ست العالقات القائمة بني احملكمة الشرعية اإلسرائيلية‬ ‫يفضي اختالف امل ستويات التعليمية لدى القضاة اإلسرائيليني‬
‫في الشطر الغربي من مدينة القدس واحملكمة الشرعية األردنية في‬ ‫واألردنيني ومتايز خلفياتهم إلى اعتماد ممارسات قضائية تختلف‬
‫شطرها الشرقي ردة الفعل العامة هذه جتاه احملكمة اإلسرائيلية‪.‬‬ ‫اختال ًف ا جذر ًي ا عن بعضها البعض‪ 3.‬خذ‪ ،‬مث لاً ‪ ،‬مسألة طاعة‬
‫فعلى مدى سنوات عدة وحتى العام ‪ 1993‬تقري ًب ا‪ ،‬كانت العالقات‬ ‫الزوجة‪ .‬ففي حني مييل القضاة اإلسرائيليون إلى رفض مثل هذه‬
‫ال سائدة بني هاتني احملكمتني تت سم باخلصومة والشحناء‪ ،‬ولم‬ ‫القضايا ألنهم يرون أنه ليس من الالئق إكراه الزوجة على البقاء‬
‫يكن التعاون قائ ًم ا بينهما‪ ،‬وكانت الواحدة منهما تعمد إلى نزع‬ ‫في رابطة الزوجية رغ ًم ا عنها‪ ،‬فإن القضاة األردنيني ال ينظرون في‬
‫الصفة الشرعية عن األخرى‪ .‬ولكن شهد منتصف العقد التاسع من‬ ‫مثل هذه االعتبارات‪.‬‬
‫القرن املاضي بداية حت سن تدريجي في العالقات بني احملكمتني‬ ‫ورمبا ال ي ستغرب املرء أن يرى أن احملاكم الشرعية اإلسرائيلية‬
‫وبني املوظفني العاملني فيهما‪ .‬وقد طرأ هذا التح سن في أعقاب‬ ‫واألردنية تعكس هذه التباينات في مظهرها العام‪ .‬فالعديد من‬
‫التغييرات الدراماتيكية التي شهدتها منطقة الشرق األوسط خالل‬ ‫حتدثت إليهم‪ ،‬ينظرون إلى احملكمتني‬
‫ُ‬ ‫امل سلمني املقدسيني‪ ،‬الذين‬
‫هذه الفترة‪ .‬فمع التوقيع على اتفاقيات أوسلو (في شهر أيلول‬ ‫باعتبارهما تختلفان اختال ًف ا جذر ًّي ا عن بعضهما‪ .‬فبينما ينظر‬
‫‪ ،)1993‬ومعاهدة ال سالم اإلسرائيلية‪-‬األردنية (في شهر تشرين‬ ‫هؤالء املقدسيون إلى احملكمة اإلسرائيلية باعتبارها محكمة شرعية‬
‫األول ‪ )1994‬واملفاوضات اإلسرائيلية‪-‬ال سورية التي كانت جتري‬ ‫«موبوءة» جتمع ما بني أحكام الشريعة اإلسالمية وأحكام القوانني‬
‫على قدم وساق في حينه‪ ،‬ش ّك ل منتصف حقبة الت سعينيات فترة‬ ‫املدنية غير اإلسالمية‪ ،‬فهم يرون أن احملكمة األردنية محكمة شرعية‬
‫سادها التفاؤل وطغت عليها اآلمال العريضة على نحو لم ي سبق‬ ‫«نقية» تت سم بطابع «تقليدي» أكبر‪ .‬وفي الوقت الذي ينظر فيه‬
‫له مثيل‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬كانت هذه ال سنوات سنوات عصيبة في القدس‪.‬‬ ‫امل سلمون املقدسيون إلى احملكمة اإلسرائيلية باعتبارها محكمة‬
‫البت في مصير القدس‬ ‫فبموجب اتفاقيات أوسلو‪ ،‬كان من املقرر ّ‬ ‫تتصف بقدر كبير من الدينامية‪ ،‬ناهيك عن كونها مؤس سة حتكمها‬
‫‪35‬‬ ‫في مفاوضات الوضع الدائم في املرحلة النهائية من عملية ال سالم‬ ‫الفوضى‪ ،‬فهم يصفون احملكمة األردنية بأنها مؤسسة جامدة‬
‫اإلسرائيلية‪-‬الفل سطينية‪ .‬وفي هذه األثناء‪ ،‬لم ُ‬
‫يأل أي من الطرفني‬ ‫ومتصلبة‪ .‬وفي حني ُي نظر إلى احملكمة اإلسرائيلية على أنها تصب‬
‫الشرعية اإلسرائيلية‪ .‬كما عينّ ع سلية بعض هؤالء املوظفني للعمل‬ ‫جه ًدا في سبيل تعزيز موقفه في املدينة ‪ -‬وال سيما إسرائيل التي‬
‫كمأذونني‪ .‬وقد ُأغري هؤالء الرجال‪ ،‬الذين سرعان ما صاروا يزورون‬ ‫كانت متلك القوة التي تي سر لها هذا األمر‪.‬‬
‫احملكمة الشرعية اإلسرائيلية بصورة متواترة ومنتظمة‪ ،‬بتقلد هذه‬ ‫كانت املعركة الرئي سية تدور رحاها في احليزين الدميوغرافي‬
‫املناصب الوظيفية بفضل املزايا املادية التي انطوت عليها‪ .‬وفي‬ ‫واالجتماعي‪-‬االقتصادي‪ 4.‬ومع ذلك‪ ،‬لم يكن احليز الرمزي يقل في‬
‫الواقع‪ ،‬فقد أضفى املوظفون املذكورون ما يتمتعون به من االحترام‬ ‫أهميته عن ذينك احليزين في عيون األطراف املتنازعة‪ ،‬حيث يتمثل‬
‫والوقار على هذه احملكمة نف سها مبوافقتهم على متثيلها والعمل‬ ‫هذا احليز في الصراع على الصور والروايات والرموز الذي كان‬
‫بالنيابة عنها‪ .‬وكان من شأن االتصاالت الشخصية التي انطلقت‬ ‫األردن ميثل فيه (وما يزال) طر ًف ا أصي لاً فيها‪ .‬فعلى الرغم من أن‬
‫بني كبار املوظفني العاملني في احملكمتني‪ ،‬اإلسرائيلية واألردنية‪،‬‬ ‫اململكة األردنية الهاشمية أعلنت وبصورة رسمية انقضاء إدارتها‬
‫أن فتحت الباب أمام املزيد من التعاون بينهما‪.‬‬ ‫وحكمها في الضفة الغربية في شهر متوز ‪ ،1988‬فقد احتفظت‬
‫وفض لاً عن هذه ال سياسة التي اتبعها القاضي ع سلية منذ‬ ‫مبصالح وروابط قوية لها في القدس‪ .‬ويتمثل املعقل الرئي سي‬
‫العام ‪ ،1999‬والقاضي محمد رشيد زبدة الذي خلفه في منصبه‪،‬‬ ‫الذي يحتفظ به األردن في املدينة في هيئة األوقاف اإلسالمية التي‬
‫في التعامل مع موظفي هيئة األوقاف األردنية‪ ،‬نفذ القاضيان‬ ‫تضطلع بإدارة امل سجد األقصى وإدارة احملكمة الشرعية األردنية‬
‫إستراتيجية مدروسة تقوم على نكران الذات والتواري عن األضواء‪،‬‬ ‫في القدس‪ .‬ومما أثار انزعاج ال سلطة الوطنية الفل سطينية‪ ،‬التي‬
‫حيث كانا يقران على املأل بصدارة احملكمة الشرعية األردنية من‬ ‫ُأقيمت حدي ًث ا في حينه‪ ،‬أن إسرائيل اعترفت مبوجب معاهدة ال سالم‬
‫الناحيتني القانونية والدينية‪ .‬فعلى سبيل املثال‪ ،‬دأب القاضي‬ ‫التي أبرمتها مع األردن بـ«الدور احلالي اخلاص للمملكة األردنية‬
‫ع سلية على استشارة أقرانه األردنيني في كبريات القضايا التي‬ ‫الهاشمية في األماكن اإلسالمية املقدسة في القدس» (املادة ‪ .)9‬فقد‬
‫كانت تُرفع أمامه‪ ،‬وهي قضايا كانت تشتمل على منازعات وقفية‪.‬‬ ‫ش ّك ل هذا االعتراف بداية حقبة شهدت نشوب النزاع بني ال سلطة‬
‫وح سبما بينّ لي ع سلية في إحدى املرات التي التقيته فيها‪:‬‬ ‫الوطنية الفل سطينية واألردن بغية ال سيطرة على املؤس سة اإلدارية‬
‫إنهم [القضاة الذين يرأسون احملكمة األردنية في القدس‬
‫‪5‬‬
‫والقضائية اإلسالمية في القدس‪.‬‬
‫الشرقية] خبراء في م سائل الوقف‪ ،‬وهم ميلكون أرشي ًف ا ضخ ًم ا‬ ‫لقد بدأت العالقات القائمة بني احملكمتني‪ ،‬اللتني تش ّك الن مناط‬
‫يتضمن معلومات حول أمالك الوقف في القدس‪ ،‬كما أنهم من‬ ‫تركيز هذه املقالة‪ ،‬تشهد حت س نًا في سياق العمل على تعزيز‬
‫سكان القدس األصليني‪ ،‬وميلكون موارد أفضل بكثير من املوارد‬ ‫التفاهم اإلسرائيلي‪-‬األردني بشأن القدس‪ ،‬وهو ما جرى إجنازه‬
‫املتاحة لي في التعامل مع قضايا الوقف املعقدة‪.‬‬ ‫على ح ساب الفل سطينيني إلى حد كبير‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فلم يترافق‬
‫(محادثة مع القاضي زياد ع سلية‪ 16 ،‬آذار ‪)1998‬‬ ‫التغيير الذي صب في هذا االجتاه مع تغيير في ال سياسات املتصلة‬
‫وعلى هذا املنوال‪ ،‬ففي الوقت الذي كان فيه أطراف الدعاوى‬ ‫باحملاكم الشرعية في املدينة‪ .‬فلم تزل مكاتب التنفيذ اإلسرائيلية‬
‫املرفوعة أمام احملكمة الشرعية بالقدس الغربية ي تّكلون على الفتاوى‬ ‫متتنع عن تنفيذ األحكام القضائية الصادرة عن احملكمة الشرعية‬
‫التي يصدرها مفتي القدس الذي كان األردن يع ّي نه (وصارت ال سلطة‬ ‫األردنية‪ ،‬ولم تفتأ هذه احملكمة ترفض االعتراف بالقرارات التي‬
‫تأت اخلطوات التي استهدفت‬ ‫تصدرها نظيرتها اإلسرائيلية‪ .‬ولم ِ‬
‫الفل سطينية تع ّي نه في مرحلة الحقة) في معرض تأييد ادعاءاتهم‬
‫ودفوعهم‪ ،‬كان القاضيان مييالن إلى اإلشارة إلى تلك الفتاوى وإظهار‬ ‫حتسني العالقات بني احملكمتني على مستوى التشريعات أو‬
‫احترامهما ومراعاتهما لها على نحو ال يخفى للعيان‪.‬‬ ‫ال سياسات‪ ،‬بل جاءت على امل ستوى التنظيمي دون غيره‪.‬‬

‫وبالتوازي مع هذه التكتيكات احمللية التي كانت ترمي إلى‬ ‫قاض جديد‪ ،‬وهو القاضي زياد ع سلية‪ ،‬في‬ ‫ويبدو أن تعيني ٍ‬
‫االرتقاء مبكانة احملكمة الشرعية اإلسرائيلية في القدس الغربية‪،‬‬ ‫احملكمة الشرعية اإلسرائيلية بالقدس الغربية في شهر أيلول ‪1993‬‬
‫طرأ تغيير رئي سي اكت سب أهمية بالغة داخل منظومة احملاكم‬ ‫هو ما ش ّك ل تغيي ًرا مه ًّم ا في هذا املقام‪ .‬فقد شرع القاضي ع سلية‪،‬‬
‫اإلسرائيلية برمتها‪ .‬ومما ال شك فيه أن هذا التغيير الذي أخذ‬ ‫الذي أبدى عزمه على االرتقاء مبكانة احملكمة الشرعية اإلسرائيلية‬
‫القاضي أحمد ناطور ‪ -‬الذي ُع ينّ حدي ًث ا لرئاسة محكمة االستئناف‬ ‫في القدس‪ ،‬في تنفيذ جملة من اإلستراتيجيات‪ .‬وكانت أولى هذه‬
‫الشرعية اإلسرائيلية في يافا ‪ -‬زمام املبادرة إلجنازه ارتبط بجهد‬ ‫اإلستراتيجيات‪ ،‬ورمبا أهمها‪ ،‬أنه عينّ عد ًدا من املوظفني املشهود‬
‫‪36‬‬
‫واع ُع ني بتعزيز الصفة الشرعية التي تكتسيها هذه املنظومة‬ ‫لهم بالوقار وال سمعة احل سنة في هيئة األوقاف اإلسالمية في‬
‫ٍ‬
‫امل سجد األقصى للعمل كوسطاء ومحكمني بالنيابة عن احملكمة‬
‫وكما يتوقع المرء‪ ،‬فقد ترتبت تداعيات جمة عن إنفاذ هذا‬
‫التغيير في المحاكم االبتدائية الشرعية التابعة إلسرائيل‪ ،‬بما فيها‬
‫المحكمة الشرعية في القدس الغربية‪ .‬ففي هذه األيام‪ ،‬تصادق‬
‫المحكمة الشرعية في القدس الغربية على المئات من عقود الزواج‬
‫وشهادات الطالق الصادرة عن المحكمة الشرعية األردنية في القدس‬
‫الشرقية‪ ،‬باإلضافة إلى القرارات األخرى التي تصدر عنها‪ .‬وحتى في‬
‫القضايا التي تنطوي على مخالفة واضحة ألحكام القوانين الجزائية‬
‫اإلسرائيلية‪ ،‬من قبيل الزواج من قاصرات أو تعدد الزوجات أو الطالق‬
‫الموقع من طرف واحد‪.‬‬

‫اإلدارة املدنية اإلسرائيلية في األراضي احملتلة‪ .‬ولكن بعدما تنبهت‬ ‫وتوطيدها‪ .‬فقد كان نظام احملاكم اإلسرائيلي يعاني من تدهور‬
‫[ال سلطات اإلسرائيلية] إلى هذه احليلة‪ ،‬صارت متتنع عن تنفيذ‬ ‫مكانته واحترامه في أوساط العامة خالل العقدين الثامن والتاسع‬
‫[األحكام] حتى بعد املصادقة عليها‪ .‬وفي هذه اآلونة‪ ،‬تواجه [احملاكم‬ ‫من القرن املاضي (‪ .)Reiter 1997a‬وبدا أن القاضي ناطور قد عقد‬
‫في القدس الشرقية] مشكلة‪ ،‬ألنها لم تعد ت ستطيع أن تنفذ األحكام‬ ‫عزمه على االرتقاء ب سمعة هذه احملاكم وصيتها‪ .‬ومن جملة إجراءات‬
‫الصادرة عنها‪ .‬وقد عمل القرار الذي أصدرتُه على تغيير هذا الوضع‬ ‫اإلصالح العديدة التي باشرها ناطور (‪،)Abou Ramadan 2003‬‬
‫برمته‪ .‬وقد كتب تُه [القرار] ألنه لم يكن هناك من سبب شرعي يحول‬ ‫ً‬
‫ارتباط ا مباش ًرا‬ ‫كانت إحدى ال سياسات التي اعتمدها ترتبط‬
‫دون املصادقة على قرارات هذه احملاكم وألنني كنت أريد أن أؤسس‬ ‫ب سعيه إلى إقامة عالقات مثمرة مع املؤس سة القانونية اإلسالمية‬
‫عالقات أفضل معها‪ .‬وقد أضفى هذا [التغيير ال سياساتي] تغيي ًرا‬ ‫األردنية في القدس‪ .‬وح سبما جاء على ل سان القاضي ناطور‪ ،‬فقد‬
‫على موقفها بكليته‪ .‬ونحن اليوم على تعاون جيد معها‪.‬‬ ‫شهد العام ‪ 1995‬نقطة حتول في العالقات القائمة بني احملاكم‬
‫(محادثة مع القاضي ناطور‪ ،‬جامعة تل أبيب‪ 24 ،‬آذار ‪)2005‬‬ ‫الشرعية اإلسرائيلية واألردنية في القدس‪ ،‬وذلك عندما أصدر قرا ًرا‬
‫وكما يتوقع املرء‪ ،‬فقد ترتبت تداعيات جمة عن إنفاذ هذا‬ ‫في قضية استئنافية يقضي فيه بوجوب اعتبار قاضي احملكمة‬
‫التغيير في احملاكم االبتدائية الشرعية التابعة إلسرائيل‪ ،‬مبا فيها‬ ‫الشرعية في القدس “ع املًا من علماء األمة”‪ .‬وكان هذا القرار يعني‪،‬‬
‫احملكمة الشرعية في القدس الغربية‪ .‬ففي هذه األيام‪ ،‬تصادق‬ ‫في مضمونه‪ ،‬بأن قرارات احملكمة الشرعية األردنية التي تصدر‬
‫احملكمة الشرعية في القدس الغربية على املئات من عقود الزواج‬ ‫عن “عالم من علماء األمة” ينبغي أن حتوز على اعتراف احملاكم‬
‫وشهادات الطالق الصادرة عن احملكمة الشرعية األردنية في القدس‬ ‫الشرعية اإلسرائيلية بها‪.‬‬
‫الشرقية‪ ،‬باإلضافة إلى القرارات األخرى التي تصدر عنها‪ .‬وحتى في‬ ‫ً‬
‫تعارض ا تا ًّم ا مع‬ ‫وكانت هذه السياسة اجلديدة تتعارض‬
‫القضايا التي تنطوي على مخالفة واضحة ألحكام القوانني اجلزائية‬ ‫ال سياسة ال سابقة التي لم تزل إسرائيل تنفذها منذ العام ‪،1969‬‬
‫اإلسرائيلية‪ ،‬من قبيل الزواج من قاصرات أو تعدد الزوجات أو الطالق‬ ‫والتي حتظر تنفيذ األحكام التي تصدر عن احملاكم الشرعية‬
‫املوقع من طرف واحد‪ ،‬تصادق احملكمة الشرعية اإلسرائيلية على‬ ‫األردنية في القدس الشرقيةمبوجب التعليمات الرسمية الصادرة‬
‫الشهادات الصادرة عن احملكمة الشرعية األردنية بصورة تلقائية‬ ‫عن ال سلطات اإلسرائيلية في هذا الشأن‪ .‬وفي هذا ال سياق‪ ،‬ال‬
‫تقري ًب ا‪ .‬وقد باتت هذه ال سياسة «اخلاصة» التي تعنى بتي سير‬ ‫يخفي القاضي ناطور اعترافه بأنه كان ي سعى إلى حت سني العالقات‬
‫إجراءات التقاضي‪ ،‬والتي سنتها احملاكم الشرعية اإلسرائيلية فيما‬ ‫التي جتمع احملاكم الشرعية اإلسرائيلية مع نظيراتها من احملاكم‬
‫يتصل باحملاكم الشرعية األردنية في القدس الشرقية‪ ،‬تؤتي ثمارها‬ ‫األردنية والفل سطينية من خالل تغيير هذه ال سياسة‪:‬‬
‫بصورة تدريجية‪ .‬فقد بات قضاة احملاكم الشرعية اإلسرائيلية‪ ،‬الذين‬ ‫مبا أن [ال سلطات اإلسرائيلية] كانت تقصي احملاكم الشرعية‬
‫كان ينظر إليهم شز ًرا فيما مضى‪ ،‬يكت سبون سمة شرعية اليوم‪.‬‬ ‫في القدس الشرقية‪ ،‬كانت األحكام القضائية التي تصدر عن هذه‬
‫‪37‬‬ ‫احملاكم تؤخذ إلى احملكمة الشرعية في رام الله وتص َّدق فيها‪.‬‬
‫وبنا ًء على ذلك‪ ،‬بات املوقف احلالي الذي تعتمده املؤسسة‬
‫الدينية اإلسالمية في القدس إزاء احملاكم الشرعية اإلسرائيلية في‬ ‫وكان ميكن تنفيذ هذه القرارات‪ ،‬بعد التصديق عليها‪ ،‬من خالل‬
‫االستئناف الشرعية اإلسرائيلية والذي أفرز تأثيرات ال ميكن إغفالها‬ ‫املدينة يبتعد كل البعد عن موقفها األول‪ ،‬الذي كانت ترفض مبوجبه‬
‫على مدى ال سنوات املاضية ‪ -‬وهو القرار الذي ميلي على احملاكم‬ ‫ً‬
‫بهارفض ا با ًتّا‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬ما تزال أمناط االعتراف املؤس سي‬ ‫االعتراف‬
‫االبتدائية الشرعية اإلسرائيلية املصادقة على القرارات الصادرة‬ ‫بني احملاكم الشرعية األردنية واإلسرائيلية تعكس صدارة احملاكم‬
‫عن احملاكم الشرعية األردنية ‪ -‬في سياق تطور العالقات القائمة‬ ‫الشرعية األردنية على األصعدة األخالقية والدينية والقومية‪ .‬وميكن‬
‫بني القضاة الشرعيني اإلسرائيليني واألردنيني‪ .‬فقداستفاد قضاة‬ ‫توضيح هذه التراتبية الهرمية من خالل دراسة الطريقة تعتمدها‬
‫احملاكم الشرعية اإلسرائيلية‪،‬في سياق امل ساعي التي بذلوها في‬ ‫كل محكمة في التعامل مع عقود الزواج التي تصدرها احملكمة‬
‫سبيل إسباغ صفة شرعية على عملهم وتأمني االحترام والتوقير‬ ‫األخرى‪ .‬فبينما تصادق احملكمة الشرعية اإلسرائيلية على عقود‬
‫لشخوصهم‪ ،‬من استقاللهم املعتبر عن النظام القانوني اإلسرائيلي‬ ‫الزواج الصادرة عن احملكمة الشرعية األردنية بصورة تلقائية تقري ًب ا‪،‬‬
‫ومتكنوا من الولوج إلى منطقة «التنسيق احملظور» مع أقرانهم في‬ ‫ترفض احملكمة األخيرة املصادقة على العقود التي تصدرها احملكمة‬
‫احملاكم األردنية‪ ،‬بل واملداومة على هذا التنسيق‪ .‬كما سن هؤالء‬ ‫اإلسرائيلية‪ .‬وعالو ًة على ذلك‪ ،‬جتبر احملكمة األردنية الزوج والزوجة‬
‫القضاة سياسة قضائية مستقلة‪ ،‬تتناقض مع املنطق واألسباب‬ ‫املعنيني على إعادة تنظيم عقد زواجهما أمام مأذون تعينه احملكمة‬
‫التي يسوقها النظام القانوني اإلسرائيلي وتقوض ال سياسات‬ ‫نف سها‪ .‬وبنا ًء على ذلك‪ ،‬فإذا ما أراد زوجان عقدا زواجهما أمام‬
‫القضائية وال سياسية التي تعتمدها الدولة في هذا املضمار‪.‬‬ ‫مأذون تعينه احملكمة الشرعية اإلسرائيلية احلصول على مصادقة‬
‫لقد ش ّك لت املصالح التنظيمية التي رعتها احملاكم الشرعية‬ ‫ال سلطات األردنية على زواجهما‪ ،‬فعليهما إما إعادة تنظيم عقدهما‬
‫اإلسرائيلية والعالقات التي أقامتها مع احملاكم الشرعية األردنية‬ ‫لديها أو ت سجيل زواجهما لدى ال سفارة األردنية في تل أبيب‪.‬‬
‫الدافع الذي يقف وراء اعتماد سياسة قضائية ت سهم في تقويض‬
‫ال سيادة اإلسرائيلية وترسي دعائم العناصر اإلسالمية واألردنية‪-‬‬
‫الفل سطينية في القدس‪ .‬وبعبارة أخرى‪ ،‬فعلى الرغم من ال سيادة‬ ‫الخالصة‪ :‬من يملك السيادة في القدس؟‬
‫اإلسرائيلية الظاهرة في هذه املدينة‪ ،‬بات قانون األحوال الشخصية‬ ‫يعكس تطور العالقات املتبادلة بني احملكمتني الشرعيتني‬
‫األردني يش ّك ل اليوم حياة الفلسطينيني املسلمني املقيمني في‬ ‫الواسطة واخليارات اإلستراتيجية التي ميلكها املوظفون والعاملون‬
‫القدس وعلى نحو ال يقل في مداه عن التشريعات اإلسرائيلية‪،‬‬ ‫فيهما‪ .‬فعلى األقل‪ ،‬ينبغي تف سير بعض القرارات وال سياسات‬
‫وذلك في حيز اجتماعي‪ -‬قانوني مهم‪ ،‬هو حيز األحوال الشخصية‬ ‫القضائية التي تصدر عن احملاكم الشرعية اإلسرائيلية وبيانها من‬
‫وقانون األسرة‪.‬‬ ‫خالل العالقات التي جتمعها بنظيراتها األردنية‪ .‬فكما رأينا‪ ،‬ينبغي‬
‫[مترجم عن االنكليزية‪ .‬ترجمة ياسني الس ّيد]‬ ‫النظر إلى أحد أهم القرارات ال سياساتية التي اتخذتها محكمة‬

‫‪38‬‬
‫المصادر‬ ‫الهوامش‬
Abou Ramadan, Moussa2003 Judicial Activism of the :‫نُشرت بعض املقتطفات الواردة في هذه املقالة في كتاب‬
Sharī‘aAppeal Court in Israel 19942001-: Rise and Crisis.
Fordham International Law Journal 27:254–303. Shahar, I. (2013). A Tale of Two Courts: How Organizational
Ethnography Can Shed New Light on Legal Pluralism.
Benvenisti, Meron1984 The West Bank Data Project: A Survey Political and Legal Anthropology Review 36, 1: 118137-.
of Israel›s Policies. Washington, DC: American Enterprise
Institute. ‫( على منحي اإلذن بإيراد هذه‬POLAR) »‫وأنا أتقدم بالشكر لدار النشر «بوالر‬
.‫املقتطفات في منت هذه املقالة‬
1996 City of Stone: The Hidden Story of Jerusalem. Berkeley:
University of California Press. ّ
‫لالطالع على قانون حقوق العائلة العثماني وأهميته في دول الشرق األوسط في‬
Benziman, Uzi 1980 Israeli Policy in East Jerusalem after .(Tucker 1996) ‫ انظر‬،‫الوقت املعاصر‬
Reunification. In Jerusalem: Problems and Prospects. Joel.
،‫ لالطالع على مراجعة وافية للتشريعات األردنية في مسائل األحوال الشخصية‬2
L. Kraemer, ed. Pp. 100–118. New York: Praeger.
.(Welchman 2000:10–13) ‫انظر‬
Brecher, Michael 1978 Jerusalem: Israel Political Decisions,
19471977-. Middle EastJournal 32(1):13–34. (Reiter ‫ انظر‬،‫ للوقوف على التعليم القانوني الذي يتلقاه القضاة اإلسرائيليون‬3
‫ انظر‬،‫ ولالطالع على التعليم القانوني الذي يتلقاه القضاة األردنيون‬،1997b)
Dumper, Michael 2002 The Politics of Sacred Space: The OldCity
.(Welchman 2000:353–356)
of Jerusalem in the Middle East Conflict. London: Lynne
Rienner Publishers. ‫ يتمثل الدافع الرئيس‬،‫ بحسب املالحظات التي ساقها العديد من املراقبني والنقاد‬4
Farhi, David 1979 The Islamic Board in East Jerusalem and in ‫ حتى يومنا‬1967 ‫الذي يقف وراء السياسة اإلسرائيلية في القدس منذ العام‬
Judea and Samaria since the Six Days War. The New East ‫ ولهذه‬.»‫هذا في تأمني أغلبية دميوغرافية يهودية ثابتة في املدينة «املوحدة‬
28:3–21 [in Hebrew]. ‫ اعتمدت احلكومات اإلسرائيلية املتعاقبة سياسات مزدوجة تستهدف‬،‫الغاية‬
Reiter, Yitzhak 1997a Islamic Institutions in Jerusalem. London: ‫ في‬،‫استقطاب املواطنني اليهود واجتذابهم لإلقامة ضمن حدود بلدية القدس‬
Kluwer Law International. ‫ذات الوقت الذي تعمل فيه على تقليص أعداد الفلسطينيني املقيمني ضمن‬
‫ لالطالع على املزيد من املعلومات حول هذه السياسات‬.‫حدود هذه البلدية‬
1997b Qāḍīs and the Implementation of Islamic Law in Present
Day Israel. In Islamic Law: Theory and Pactice. R. Gleave and . (Benvenisti 1996, Zinc 2009)‫ انظر‬،‫وتداعياتها‬
E. Kermeli, eds. Pp. 205–231. London: I.B. Tauris. ‫ الفلسطيني على‬-‫للوقوف على املزيد من التفاصيل حول الصراع األردني‬ 5

Shehadeh, Raja 1980 The West Bank and the Rule of Law.
. (Dumper 2002:78–103)‫ انظر‬،‫األماكن املقدسة في القدس‬
Geneva: The International Commission of Jurists.

Tucker, Judith 1996 Revisiting reform: Women and the Ottoman


Law of Family Rights, 1917. Arab Studies Journal 4:4–17.

Welchman, Lynn 1990 Family Law under Occupation: Islamic


Law and the Sharī‘a Courts in the West Bank. In Islamic
Family Law .Chibly Mallat and Jane Connors, eds. Pp. 93–115.
London: Graham &Trotman.

2000 Beyond the Code: Muslim Family Law and the Sharī‘a
Judiciary in the Palestinian West Bank. The Hague: Kluwer
Law International.

Zinc, Valerie 2009 A Quite Transfer: The Judaization of


Jerusalem. Contemporary Arab Affairs2(1):122–133.

39

You might also like