You are on page 1of 4

‫األستاذ ‪ :‬محمد الحسني‬ ‫جامعة قابس‬

‫األستاذة ‪ :‬زهرة العوني‬ ‫دروس أدب‬ ‫المعهد العالي للفنون والحرف‬


‫المستوى ‪ :‬طلبة األولى تربية وتعليم‬ ‫بتطاوين‬

‫سلطان الحائر‬
‫مسرحية ال ّ‬ ‫‪9191 – 9102‬‬

‫‪ -‬توفيق الحكيم ‪-‬‬

‫مفهوم المسرح ونشأته ‪:‬‬ ‫‪.I‬‬

‫سد‬ ‫المسرح فن عريق في التراث اإلنساني عرف عند اإلغريق وازدهر فتجلّى أنوا ً‬
‫عا ثالثة منها المأساة وهو مسرح يج ّ‬

‫عا حادًّا مأسويا بين اإلنسان وقوى غيبية مفارقة ينتهي عادة إلى الكارثة أو الفاجعة أي هزيمة اإلنسان أمام هذه القوى‬
‫صرا ً‬

‫عا يظهر فيه البطل مفارقا خارقا ينتصر على كل القوى مهما كانت فتنتهي نهاية‬
‫سد صرا ً‬
‫أ ّما الملحمة فهي عكس المأساة تج ّ‬

‫ملحمية انتصارية أ ّم الملهاة فهي ّ‬


‫فن مسرحي فيه الفكاهة والتسلية‪ .‬لم تعرف الحضارة اإلسالمية فديما المسرح أ ّما في‬

‫الغرب فقد تواصل االهتمام بهذا الفن فظهرت المأساة القديمة بشكل جديد يس ّمى التراجيديا أن كان الصراع بين البطل‬

‫والقوى غير متكافئ والدراما إذ كان الصراع مرئيا بشريا أو ماديا في حين تحولت الملهاة إلى ما يس ّمى اليوم الكوميديا ثم‬

‫تطو ًرا مستفيدا من المسرح االفريقي من جهة ومن المسرح الغربي الحديث وقد تأثّر‬
‫انتقل المسرح إلى العالم العربي وشهد ّ‬

‫الحكيم بأبرز اتّجاهاته الواقعية والذهنيّة وقد تجلّى ذلك في جل مسرحيّاته منها مسرحيّة السلطان الحائر‪.‬‬

‫تجربة الحكيم اإلبداعية في المسرح ‪:‬‬ ‫‪.II‬‬

‫لقد تلقى الحكيم ثقافة مزدوجة جمعت بين الثقافة العربية اإلسالمية (الشرقية) والثّقافة الغربية (أثناء دراسته القانون في‬

‫فرنسا) فساهم ذلك في تغذية روح اإلبداع المسرحي التي ظلّت تراوده فانتج مسرحيات تاريخية ثم اجتماعية سياسية ثم‬

‫تحول إلى المسرح الذهني الذي يتعلّق باإلنسان مطلقا‪.‬‬


‫ّ‬

‫‪-1-‬‬
‫استدعى الحكيم في ج ّل مسرحياته التراث االفريقي القديم (المأساة ‪ /‬الملهاة والملحمة) وكذلك األسطورة سواء اإلفريقية أو‬

‫حتى الشرقية القديمة (اسطورة شهرزاد مثال ‪ )...‬واستعان بما انتج في الغرب من تجارب مسرحية ليحقق جدلية األصالة‬

‫والحداثة في ج ّل أعماله ومنها مسرحيّة السلطان الحائر‪.‬‬

‫خصائص مسرحيّة السلطان الحائر فنيّا ‪:‬‬ ‫‪.III‬‬

‫* البناء المسرحي ‪:‬‬

‫تقوم هذه المسرحيّة على ثالثة فصول تش ّكل النسيج النّصي لهذه المسرحية التي تتأ ّ‬
‫سس على البناء التراجيدي الذي يضم‬

‫المقدّمة المسرحيّة ثم اللحظة الحافزة ث ّم تنامي الصراع وصوال إلى الذروة التراجيدية لينحدر الصراع بعدها نحو النهاية لكن‬

‫يتصرف في هذه البنية حسب مقتضيات الفكرة‪.‬‬


‫ّ‬ ‫الحكيم‬

‫مقومات المسرحيّة ‪:‬‬


‫ّ‬ ‫*‬

‫سس هذه المسرحيّة على جملة من األحداث ‪:‬‬


‫* األحداث ‪ :‬تتأ ّ‬

‫‪ ‬تولّي السلطان العرش خلفًا لسيده‬

‫‪ ‬إكتشاف السلطان ّ‬
‫أن سيّده لم يعتقه قبل وفاته التي كانت مفاجئة‬

‫‪ ‬يكشف النّخاس الخبر باعتباره هو من باعه إلى السلطان ال ّ‬


‫سابق‬

‫ّ‬
‫الجالد عند آذان الفجر‬ ‫‪ ‬يأمر وزير ال ّ‬
‫سلطان بقطع رأس النّخاس من قبل‬

‫ّ‬
‫تعطل تنفيذ الحكم من قبل الغانية‬ ‫‪‬‬

‫سلطان بمحاكمة عادلة لتظلّم النّخاس‬


‫‪ ‬يأمر ال ّ‬

‫‪ ‬يكتشف ال ّ‬
‫سلطان أثناء المحاكمة الحقيقة فيختار القانون‬

‫‪ ‬يعرض ال ّ‬
‫سلطان للبيع فتشتريه الغانية وترفض عتقه قبل أن يقضي ليلة عندها إلى آذان الفجر‬

‫‪ ‬يتحيّل القاضي فيدعو المؤذّن إلى رفع اآلذان عند منتصف اللّيل‬

‫بنص اإلتّفاق فتستجيب وتوقّع وثيقة العتق‬


‫ّ‬ ‫‪ ‬تحت ّج الغانية لكن القاضي يقنعها‬

‫‪-2-‬‬
‫‪ ‬يكتسب السلطان شرعية حكمه وينتصر القانون وتكتشف حقيقة الغانية وتصان منزلة الفن‬

‫* الفواعل أو الشخوص ‪ :‬هي ‪:‬‬

‫سابق‬ ‫‪ ‬السلطان ‪ :‬الذي اكتشف أنّه لم يعته سيده ال ّ‬


‫سلطان ال ّ‬

‫‪ ‬القاضي ‪ :‬هو رمز القانون والعدالة‬

‫سيف‬ ‫‪ ‬الوزير ‪ :‬هو شخصيّة تمارس ّ‬


‫القوة ‪ :‬سلطة ال ّ‬

‫‪ ‬الغانية ‪ :‬هي شخصيّة ترمز إلى مناصرة الحق رغم نظرة اآلخرين ال ّ‬
‫سطحيّة لها‬

‫‪ ‬المؤذّن ‪ :‬رمز ال ّ‬
‫سلطة الدّينية التي تنفّذ األوامر‬

‫سيف)‬
‫سلطة التنفيذية (ال ّ‬ ‫ّ‬
‫الجالد ‪ :‬رمز ال ّ‬ ‫‪‬‬

‫‪ ‬النّخاس ‪ :‬رمز الممارسة االجتماعية لفعل العبودية والّق‬

‫‪ ‬العا ّمة ‪ :‬يمثلها االسكافي – الخ ّمار – خادمة الغانية – وكيلها – ثالثة أعيان – أ ّم وطفلها –‬

‫رمز اإلندفاعية والشرع والنفعيّة الضيّقة‪.‬‬ ‫جمهور‬

‫* األمكنة واألزمنة ‪:‬‬

‫ّ‬
‫وتتوزع مختلف الحركات المسرحية‬ ‫تنهض األزمنة واألمكنة بوظيفة تأطيريّة فهي تستوعب األحداث المسرحية‬

‫مكانا بين ساحة المدينة والمسجد ومنزل الغانية أما األزمنة فهي دورة اليوم (منتصف الليل – عند آذان الفجر –‬

‫النهار) فالحكيم حافظ على وحدة الزمان والمكان وهي من أبرز شروط المسرح التمثيلي لتحقيق الوظيفة الفرجويّة‬

‫يعول على األثاث المسرحي‬ ‫مستغالّ فضاء ّ‬


‫الركح من خالل اإلضاءة والتنوير بالنسبة إلى الزمان أما المكان فهو ّ‬

‫والديكور في تشكيله‪.‬‬

‫* األساليب ‪ :‬يقوم الخطاب المسرحي على نمطين ‪:‬‬

‫‪ ‬الخطاب النّاقل ‪ :‬اإلشارات المسرحيّة أو الركحيّة ‪ :‬تتراوح بين الكثافة والقلّة في المشاهد وهي تنقل الحركة والحالة‬

‫وتساعد المخرج فيما يتعلّق بالتنوير واإلضاءة واإليماءة والموسيقى وال ّ‬


‫صوت واألثاث واألشياء فهي تنهض بوظيفة‬

‫فرجويّة فضالً عن تأطير الحوار والتمهيد لدخول الشخصيات على ال ّركح أو التعليق على مواقفها وحركاتها فتدعم‬

‫‪-3-‬‬
‫مشيرا إلى سيفه – تصفّق –‬
‫ً‬ ‫مطولة أحيانا أخرى (مؤ ّك ًدا –‬
‫ّ‬ ‫وظيفة الحوار الدراميّة وهي إشارات قصيرة أحيانا أو‬

‫فإذا بموسيقى لطيفة قد تصاعدت من وراء األستار ‪)...‬‬

‫فيتحول إلى طرادة أو القر وال ّ‬


‫تقطع‬ ‫ّ‬ ‫‪ ‬الخطاب المنقول ‪ :‬وهو الحوار المباشر بين الشخوص وهو يتميّز بالطول أحيانا‬

‫متنوعة في مداخالت الشخصيات فيساهم في تط ّور الصراع عبر تباين المواقف بينها‪.‬‬
‫وهو يعتمد أساليب ّ‬

‫سلطان للقانون رغم أنّه رجل حرب في تكوينه ووظيفته أو‬


‫فهو ينهض بوظيفة درامية فيكشف مواقفها مثل إمتثال ال ّ‬

‫والقوة ‪...‬‬
‫ّ‬ ‫موقف الوزير ورغبته في ح ّل المشاكل باإلحتكام إلى ال ّ‬
‫سيف‬

‫محرره بطل المسرحية‬


‫ّ‬ ‫سيف الذي كان‬
‫صراع بين سلكتي القانون وال ّ‬
‫سد الحوار تنامي الفعل الدرامي من خالل ال ّ‬
‫لقد ج ّ‬

‫في أسلوب ساخر جا ًّد في اآلن نفسه لتحقيق وظيفة اإلمتاع والنقد معًا‪.‬‬

‫* قضايا المسرحيّة ‪:‬‬

‫لقد مال الحكيم إلى المسرح الواقعي الذي يت ّصل بمشاغل النّاس اليوميّة السيما وأ ّن مسرحيّة » ال ّ‬
‫سلطان الحائر «‬

‫مت ّصلة بأوضاع المجتمع المصري إبّان الثورة فهي تعالج قضايا سياسية باألساس أي مسألة ال ّ‬
‫سلطة ووسيلة ممارستها‬

‫سلطان في األخير اختار القانون) وبذلك‬ ‫عا حا ًّدا بين سلطة ال ّ‬


‫سيف (الوزير) وسلطة القانون (ال ّ‬ ‫سد فيها صرا ً‬
‫لذلك ج ّ‬

‫ندرك أ ّن الحكيم ينقد األنظمة اإلستبدادية التي سادت طويالً في الشرق وفي البالد العربية لطرح البديل ال ّ‬
‫سياسي الذي‬

‫سلطة لتحقيق العدل والمساواة لكن‬


‫يعوض السيف وهو القانون الذي يرتبط باألنظمة الديمقراطيّة التي تحتكم إلى هذه ال ّ‬
‫ّ‬

‫الديمقراطية في مصر إبّان الثورة إنحرفت عن مسارها وهو ما جعله يل ّح على أهميّة اإلحتكام إلى القانون الذي يتساوى‬

‫أمامه الجميع حاك ًما ومحكو ًما وتت ّصل القضيّة السياسية بالواقع االجتماعي والتفاوت وطبيعة العالقات االجتماعية التي‬

‫تسودها العبوديّة والطبقيّة فضال عن المسألة األخالقية وإنتشار الفساد بمختلف أنواعه سوا ًء في القيم االجتماعية أو في‬

‫الممارسة القضائية أو في الممارسة السياسية (تدخل الحاشية وإنحرافها بالممارسة السياسية) وبذلك يق ّدم الحكيم صورة‬

‫صة والمجتمعات العربيّة عا ّمة ولعلّه يشير إلى المجتمع اإلنساني بصورة أع ّم بحثا‬
‫حيّة عن واقع المجتمع المصري خا ّ‬

‫سلطة ال ّدينية‬
‫سلط فيه بما في ذلك ال ّ‬
‫عن أفق جديد لممارسة سياسية إجتماعية أخالقيّة أمثل تتجاوز رداءة الواقع وتدهور ال ّ‬

‫سياسيّة بطريقة سلبيّة‪.‬‬


‫والتشريعية وخدمتها للسلطة ال ّ‬

‫‪-4-‬‬

You might also like