Professional Documents
Culture Documents
سلطان الحائر
مسرحية ال ّ 9191 – 9102
سد المسرح فن عريق في التراث اإلنساني عرف عند اإلغريق وازدهر فتجلّى أنوا ً
عا ثالثة منها المأساة وهو مسرح يج ّ
عا حادًّا مأسويا بين اإلنسان وقوى غيبية مفارقة ينتهي عادة إلى الكارثة أو الفاجعة أي هزيمة اإلنسان أمام هذه القوى
صرا ً
عا يظهر فيه البطل مفارقا خارقا ينتصر على كل القوى مهما كانت فتنتهي نهاية
سد صرا ً
أ ّما الملحمة فهي عكس المأساة تج ّ
الغرب فقد تواصل االهتمام بهذا الفن فظهرت المأساة القديمة بشكل جديد يس ّمى التراجيديا أن كان الصراع بين البطل
والقوى غير متكافئ والدراما إذ كان الصراع مرئيا بشريا أو ماديا في حين تحولت الملهاة إلى ما يس ّمى اليوم الكوميديا ثم
تطو ًرا مستفيدا من المسرح االفريقي من جهة ومن المسرح الغربي الحديث وقد تأثّر
انتقل المسرح إلى العالم العربي وشهد ّ
الحكيم بأبرز اتّجاهاته الواقعية والذهنيّة وقد تجلّى ذلك في جل مسرحيّاته منها مسرحيّة السلطان الحائر.
لقد تلقى الحكيم ثقافة مزدوجة جمعت بين الثقافة العربية اإلسالمية (الشرقية) والثّقافة الغربية (أثناء دراسته القانون في
فرنسا) فساهم ذلك في تغذية روح اإلبداع المسرحي التي ظلّت تراوده فانتج مسرحيات تاريخية ثم اجتماعية سياسية ثم
-1-
استدعى الحكيم في ج ّل مسرحياته التراث االفريقي القديم (المأساة /الملهاة والملحمة) وكذلك األسطورة سواء اإلفريقية أو
حتى الشرقية القديمة (اسطورة شهرزاد مثال )...واستعان بما انتج في الغرب من تجارب مسرحية ليحقق جدلية األصالة
تقوم هذه المسرحيّة على ثالثة فصول تش ّكل النسيج النّصي لهذه المسرحية التي تتأ ّ
سس على البناء التراجيدي الذي يضم
المقدّمة المسرحيّة ثم اللحظة الحافزة ث ّم تنامي الصراع وصوال إلى الذروة التراجيدية لينحدر الصراع بعدها نحو النهاية لكن
إكتشاف السلطان ّ
أن سيّده لم يعتقه قبل وفاته التي كانت مفاجئة
ّ
الجالد عند آذان الفجر يأمر وزير ال ّ
سلطان بقطع رأس النّخاس من قبل
ّ
تعطل تنفيذ الحكم من قبل الغانية
يكتشف ال ّ
سلطان أثناء المحاكمة الحقيقة فيختار القانون
يعرض ال ّ
سلطان للبيع فتشتريه الغانية وترفض عتقه قبل أن يقضي ليلة عندها إلى آذان الفجر
يتحيّل القاضي فيدعو المؤذّن إلى رفع اآلذان عند منتصف اللّيل
-2-
يكتسب السلطان شرعية حكمه وينتصر القانون وتكتشف حقيقة الغانية وتصان منزلة الفن
الغانية :هي شخصيّة ترمز إلى مناصرة الحق رغم نظرة اآلخرين ال ّ
سطحيّة لها
المؤذّن :رمز ال ّ
سلطة الدّينية التي تنفّذ األوامر
سيف)
سلطة التنفيذية (ال ّ ّ
الجالد :رمز ال ّ
العا ّمة :يمثلها االسكافي – الخ ّمار – خادمة الغانية – وكيلها – ثالثة أعيان – أ ّم وطفلها –
ّ
وتتوزع مختلف الحركات المسرحية تنهض األزمنة واألمكنة بوظيفة تأطيريّة فهي تستوعب األحداث المسرحية
مكانا بين ساحة المدينة والمسجد ومنزل الغانية أما األزمنة فهي دورة اليوم (منتصف الليل – عند آذان الفجر –
النهار) فالحكيم حافظ على وحدة الزمان والمكان وهي من أبرز شروط المسرح التمثيلي لتحقيق الوظيفة الفرجويّة
والديكور في تشكيله.
الخطاب النّاقل :اإلشارات المسرحيّة أو الركحيّة :تتراوح بين الكثافة والقلّة في المشاهد وهي تنقل الحركة والحالة
فرجويّة فضالً عن تأطير الحوار والتمهيد لدخول الشخصيات على ال ّركح أو التعليق على مواقفها وحركاتها فتدعم
-3-
مشيرا إلى سيفه – تصفّق –
ً مطولة أحيانا أخرى (مؤ ّك ًدا –
ّ وظيفة الحوار الدراميّة وهي إشارات قصيرة أحيانا أو
متنوعة في مداخالت الشخصيات فيساهم في تط ّور الصراع عبر تباين المواقف بينها.
وهو يعتمد أساليب ّ
والقوة ...
ّ موقف الوزير ورغبته في ح ّل المشاكل باإلحتكام إلى ال ّ
سيف
في أسلوب ساخر جا ًّد في اآلن نفسه لتحقيق وظيفة اإلمتاع والنقد معًا.
لقد مال الحكيم إلى المسرح الواقعي الذي يت ّصل بمشاغل النّاس اليوميّة السيما وأ ّن مسرحيّة » ال ّ
سلطان الحائر «
مت ّصلة بأوضاع المجتمع المصري إبّان الثورة فهي تعالج قضايا سياسية باألساس أي مسألة ال ّ
سلطة ووسيلة ممارستها
ندرك أ ّن الحكيم ينقد األنظمة اإلستبدادية التي سادت طويالً في الشرق وفي البالد العربية لطرح البديل ال ّ
سياسي الذي
الديمقراطية في مصر إبّان الثورة إنحرفت عن مسارها وهو ما جعله يل ّح على أهميّة اإلحتكام إلى القانون الذي يتساوى
أمامه الجميع حاك ًما ومحكو ًما وتت ّصل القضيّة السياسية بالواقع االجتماعي والتفاوت وطبيعة العالقات االجتماعية التي
تسودها العبوديّة والطبقيّة فضال عن المسألة األخالقية وإنتشار الفساد بمختلف أنواعه سوا ًء في القيم االجتماعية أو في
الممارسة القضائية أو في الممارسة السياسية (تدخل الحاشية وإنحرافها بالممارسة السياسية) وبذلك يق ّدم الحكيم صورة
صة والمجتمعات العربيّة عا ّمة ولعلّه يشير إلى المجتمع اإلنساني بصورة أع ّم بحثا
حيّة عن واقع المجتمع المصري خا ّ
سلطة ال ّدينية
سلط فيه بما في ذلك ال ّ
عن أفق جديد لممارسة سياسية إجتماعية أخالقيّة أمثل تتجاوز رداءة الواقع وتدهور ال ّ
-4-