You are on page 1of 22

‫اقتصاديات السينما‬

‫دراسة ابلعد االقتصادي لسيطرة هويلوود ىلع صناعة السينما‬

‫■ د إبراهيم عيل عمر*‬

‫مقدمة‬
‫لم تتوقف الدراسات التي اهتمت بصناعة السينما يف هوليود وقد اجته معظمها لدراسة‬
‫تأثيرات السينما األمريكية بشكل خاص يف املتلقي سواء تعلق األمر بآثار العنف أو باآلثار‬
‫الثقافية األخرى املتعلقة بتشكيل ذوق املتلقي‪ .‬كما اهتمت الدراسات أيضا مبحاولة حصر‬
‫وحتديد عوامل تفوق صناعة السينما األمريكية عامليا ‪ .‬وقد أرجعت معظم هذه الدراسات‬
‫السبب األساس وراء انتشار األفالم األمريكية إمنا يعود إلى انتشار اللغة االجنليزية كلغة عاملية‪.‬‬
‫إن هيمنة الشركات الكبرى يف هوليوود على صناعة السينما تعود حسب املصادر إلى فترة‬
‫مابعد احلرب العاملية االولى حيث بدأت صناعة السينما األمريكية فعليا يف اختالل املركز االول‬
‫(‪)1‬‬
‫وتقصي بذلك دول أخرى مثل فرنسا والتي شهدت تأسيسا مبكر لصناعة السينما‪.‬‬
‫فيما يرى ‪ Hay & Vickers‬أن أهم أسباب قدرة هذه الشركات على حتقيق الهيمنة حيث‬
‫يشير إلى اخلبرة أو التجربة وعامل االندماج وتوسع الشركات وايضا عنصر تواطؤ الشركات‬
‫مع بعضها والسلوكيات األخرى التي تقفل الباب أمام املنافسني اجلدد والتي يصنفانها حتت فئة‬
‫السلوك االفتراسي‪ .‬هذه العوامل حسب رأيهما هي ما يجعل شركات هوليوود الكبرى تسيطر‬
‫‪)2(.‬‬
‫على األسواق العاملية‬
‫فإنه يتفق معهما يف عامل أسماه ممارسة السلوك املناقض ‪ Rosenbaum‬أهميته‬
‫للتنافس وهو يعني تلك املمارسات والسلوكيات التي تقوم بها الشركات الكبرى القفال الباب‬
‫أمام املنافسني اجلدد‪ .‬ويضيف عوامل أخرىأهمها اإلستراتيجية الفعالة يف التسويق والقيادة‬
‫(‪)3‬‬
‫أو اإلدارة بعيدة النظر واألسعار التنافسية إضافة إلى عامل اخلبرة‪.‬‬
‫واذا كانت هذه التحليالت تختلف يف بعض اجلوانب فإنها بالتأكيد جتمع على أن هناك‬
‫ظاهرة عاملية هي هيمنة حفنة من الشركات على اإلنتاج السينمائي العاملي مركزها هوليوود‬

‫*عضو هئية اتلدريس بكلية الفنون واالعالم جامعة طرابلس‬

‫‪225‬‬
‫■ اجلاميع ـ جملة علمية حمكمة ـ‪ 23‬ـ‬

‫وأن هذه الشركات حتتفظ مبوقع السيطرة منذ عقود‪ .‬وتقع دراستنا هذه ضمن إطار اجلانب‬
‫االقتصادي وأدواته يف حتقيق هذه الشركات للسيطرة على صناعة السينما العاملية‪.‬‬
‫اما الدراسات املتعلقة باجلانب االقتصادي التي تهتم بقدرة السينما األمريكية على انتاج‬
‫افالم ضخمة مرتفعة الكلفة‪.‬وكذلك حتليل العوامل األخرى التي تقف وراء جناح صناعة السينما‬
‫األمريكية ومتتعها بقدرات متويلية ضخمة فقد ضلت شحيحة إلى حد كبير‪.‬‬
‫هذه الدراسة امنا تسعى لألسهام يف تغطية هذا اجلانب بالذات أي اجلانب االقتصادي‬
‫والتي يرى الباحث أنه أحد أهم العوامل املهمة التي متكن السينما األمريكية من السيطرة على‬
‫األسواق العاملية‪.‬‬
‫أهداف الدراسة‪:‬‬
‫‪ -1‬تسليط الضوء على اجلانب االقتصادي لصناعة السينما األمريكية‬
‫‪ -2‬التعرف على أليات أدوات تسويق األفالم األمريكية وانتشارها عامليا‬
‫‪ -3‬جوانب اخلصوصية لصناعة السينما األمريكية والتي جتعل منها العبا غير قابل‬
‫للمنافسة‬
‫‪ -4‬تسليط الضوء على صناعة األفالم الضخمة وخصوصياتها كنوع يتسم مبالمح متيزها‬
‫عن سواها من األفالم األخرى‪.‬‬
‫وخالفا لكل أشكال الصناعات اإلعالمية األخ��رى فإن صناعة السينما ال تعتمد بشكل‬
‫مباشر واساسي على دخل االعالنات‪ .‬االعالن يف السينما يف اململكة املتحدة مثال وكذلك اوربا‬
‫(‪)4‬‬
‫ميثل اقل من ‪ % 1‬من نفقات اإلعالن‪.‬‬
‫إن مصادر دخل صناعة السينما بشكل عام تتركز يف ثالثة مصادر أساسية‪ :‬هي مبيعات‬
‫التذاكر من دور العرض والفيديو والتلفزيون‪.‬‬
‫وبالنظر إلى النوافذ الثالث السابقة فإن دور العرض متثل املصدر التقليدي لدخل األفالم‬
‫أما نافذة الفيديو وما يتعلق به من خدمات االيجار والبيع القطاعي فإنها ازده��رت بشكل‬
‫ملحوظ طوال فترة الثمانينات‪ .‬وهو مصدر ميكننا أن نصفه بأنه مصدر متذبذب باعتباره اكثر‬
‫مصدر يزدهر كلما كانت إجراءات حماية حقوق امللكية الفكرية قوية وفعالة أما اذا كان السوق‬
‫يشهد ازدهارا للقرصنة فان هذا املصدر تقل أهميته ‪.‬‬
‫إما التلفزيون فقد أصبح ميثل دخال مهما بالنسبة لصناعة األفالم وقد ازدهرت أهمية‬
‫التلفزيون بشكل ملحوظ خالل التسعينات مع منو وتزايد اعداد قنوات األفالم التلفزيونية‬
‫(‪)5‬‬
‫املشفرة‪.‬‬

‫‪226‬‬
‫اقتصاديات السينما دراسة ابلعد االقتصادي لسيطرة هويلوود ىلع صناعة السينما‬

‫وإذا كان العالم قد شهد تراجعا يف أهمية دور العرض والسينما التقليدية يف بعض االحيان‬
‫وذلك بسبب ظروف تطور التقنية والتلفزيون واالنترنت إال أن ذلك ليس حالة مطلقة إذ أن‬
‫نوعا ً أخر من دور العرض احلديثة ذات الشاشات املتعددة (‪ )Multiplex Cinema‬أو املجمع‬
‫السينمائي قد شهد أزدهاراً كبيراً ليجعل من مشاهدة االفالم يف هذا النوع من الصاالت متعة‬
‫حقيقية نظراً الستخدام تقنيات متطورة يف منظومة الصوت والصور تضيف درجة من االندماج‬
‫واالثارة اليتسطيع كال من التلفزيون وأيضا الصاالت التقليدية القدمية توفيرها هذا من ناحية‬
‫ومن ناحية أخرى فإن املركبات أو املجمعات السينمائية تتيح تنوعا يف االختيارات جتعلها بالتالي‬
‫مناسبة لكل األذواق مما يجعل هذه املجمعات مركز جذب للجمهور‪ .‬وقد شهدت اململكة املتحدة‬
‫مثال منوا كبيرا يف عدد هذا النوع من دور العرض خالل حقبة التسعينات حيث تزايد العدد من‬
‫(‪)6‬‬
‫‪ 1.271‬دار عرض إلى ‪ 2.564‬يف الفترة من منتصف الثمانينات إلى أواخر التسعينات‪.‬‬
‫أهمية سياسة النوافذ‬
‫إن أقرب مفهوم لسياسة النوافذ هنا هي أنها ذلك الترتيب املدروس الذي يتم من خالله‬
‫وصول املنتج أو الفلم إلى فئات مختلفة من املستهلكني ويف اماكن مختلفة وتضمن هذه السياسة‬
‫أو هذا الترتيب عدم تأثير هذه النوافذ على بعضها البعض بحيث ال ينقص جمهور نافذة من‬
‫جمهور نافذة أخرى وهو ما يضمن حتقيق اكبر عائدات للفلم‪.‬‬
‫ويجب اإلشارة هنا إلى أنه ورغم أن دور العرض هي النافذة التقليدية االولى الطالق األفالم‬
‫فإن دخل النافدتني األخريني وهما الفيديو والتلفزيون شكلتا مصدر دخل رئيسي لعائدات‬
‫األفالم وهذا لم يقلل طبعا من اهمية النافذة االولى أال وهي دور العرض التي لها فوائد كثيرة‬
‫الميكن جتاوزها وأهمها أن دور العرض هي املرحلة التي على ضوئها يتحدد مستقبل الفلم‬
‫وجناحه‪.‬‬
‫حيث إن الفلم الذي يفشل يف اجتذاب اجلمهور ويحظى باالهتمام أثناء إطالقه وعرضه يف‬
‫دور العرض فإنه لن يستطيع حتقيق تسويق مهم خاصة يف البلدان االخرى‪.‬‬
‫ان اتباع سياسة النوافذ الطالق الفلم هي سياسة ظهرت يف امريكا وذلك لتحقيق عدة‬
‫اهداف ‪:‬‬
‫أوال‪ :‬حتقيق االستفادة القصوى من امكانيات كل نافذة على حدة وضمان حتقيق اعلى‬
‫العائدات‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬يتم اطالق الفلم عبر نوافذ وفق خطة واستراتيجية تضمن عدم ثأثير النافذة التالية‬
‫على سابقتها‪.‬‬

‫‪227‬‬
‫■ اجلاميع ـ جملة علمية حمكمة ـ‪ 23‬ـ‬

‫ثالثا‪ :‬تقليل مخاطر تراجع العائدات وضمان حقوق امللكية وجتنب القرصنة‪.‬‬

‫شكل ‪ 1‬التسلسل التقليدي لنوافذ توزيع االفالم‬


‫املصدر‪(Dolye :‬ص ‪) 104‬‬

‫ومازالت النافذة األولى يف الواليات املتحدة هي نافذة دور العرض وجتلب أعلى عائدات‬
‫ويستمر العرض للفلم عادة من شهرين إلى ثالثة شهور حيث يتم عرض الفلم بعدها يف دور‬
‫العرض اآلجنبية حيث تستمر العروض احيانا ً لعدة شهور وبالتزامن مع ذلك فإن منتجي الفلم‬
‫يدخلون يف تعاقدات لتوزيع الفلم عبر قنوات الدفع حسب املشاهدة (‪Pay-per-view )PVV‬‬
‫حيث يبدأ العرض يف هذه النافذة يف الفترة من ‪ 4‬إلى ‪ 6‬شهور بعد العرض األول يف السينما‬
‫أو اطالق الفلم يف دور العرض وجيب أن نالحظ هنا أن الدفع حسب املشاهدة والفيديو ستكون‬
‫مرحلة متاخرة قليالً وبعد ان يكون الفلم قد اخد وقتا ً كافيا ً يف دور العرض‪.‬‬
‫أماقنوات التلفزيون عبر االشتراك فعادة ما تبداء العرض بعد سنة من إطالق الفليم يف‬
‫(‪)7‬‬
‫دور العرض ثم تأتي نافدة التلفزيون املفتوح أو املجاني‪.‬‬
‫ورغم ان الهند وظاهر هوليوود تبدو مركزا مهما النتاج األفالم إال ان هولييوود هي املركز‬
‫االول عامليا لصناعة السينما‪ .‬ورغم أن أنتاج الهند يتجاوز انتاج هوليوود من حيث الكم اال ان‬

‫‪228‬‬
‫اقتصاديات السينما دراسة ابلعد االقتصادي لسيطرة هويلوود ىلع صناعة السينما‬

‫ذلك اليقصي هولووود من مركزها االول كمهييمن على صناعة السينما‪.‬‬


‫وعلى سبيل املثال سنة ‪ 1999‬بلغ انتاج الهند ‪ 764‬فيلما بينما كان إنتاج أمريكا ‪628‬‬
‫فيلما فيما انتجت بريطانيا ‪ 92‬فيلما‪.‬‬
‫وهذا يدفعنا لطرح مجموعة من االسئلة حول اهمية هوليود واالسباب التي جتعلها مركزا‬
‫يهيمن على هذه الصناعة‪.‬و يف واقع االمر فإن صناعة السينما يف امريكا تتفرع إلى قسمني‪:‬‬
‫‪ -‬االستوديوهات الرئيسية الكبرى‬
‫‪ -‬املنتجني املستقلني‬
‫ان املنتجني املستقلني هم العبني صغار باملقارنة بني نفوذ وسيطرة أو إنتاج هوليوود‪.‬‬
‫األطراف املتحكمة يف صناعة السينما‬
‫ان الفئات و األطراف املتحكمة يف صناعة السينما هي ثالث فئات‪ :‬الشركات الكبرى وقطاع‬
‫املستقلني وفئة املدعومني‪.‬‬
‫يري )‪ Scott(2004‬بأن صناعة السينما تسيطر عليها بالدرجة األولى الشركات الكبري‬
‫أو ‪ Majors‬ولكن الميكن القفز على النتائج دون أن نخوض يف جذور وأبعاد هؤالء الالعبني‬
‫املتحكمني يف صناعة السينما العاملية ثم يأتي من حيث األهمية الالعب الثاني وهو القطاع‬
‫املستقل ‪ independents‬أهميته الطرف الثالث فهو املدعوم ‪ subsidiaries‬أو املمول والذي‬
‫يحصل على الدعم من قبل الشركات الكبرى الرئيسية ورغم ان هذا التقسيم اليجعل هذه‬
‫االنواع الثالثة كالعبني متكافئني يف سوق الصناعة السينمائية فإنه يف واقع األمر يفصل بني‬
‫الشركات الكبري وبني فئة أخرى تعتمد اعتماد شبه مطلق على هذه الشركات الكبرى أهميته‬
‫فئة املستقلني فإنها فئة رغم حتصلها على حصة جيدة يف السوق إال انها ابعد ما تكون عن أن‬
‫(‪)8‬‬
‫تكون بديل أو منافسا للشركات الكبرى ‪.‬‬
‫إن عدد صغير من الشركات وعددها ست شركات كبرى أو العمالقة الستة هي من يقف‬
‫وراء التفوق والنجاح األمريكي يف صناعة السينما واحتكارها حول العالم وهذه الشركات أو‬
‫االستوديوهات الكبرى تتمثل يف ‪-:‬‬
‫‪« Paramount Picture ، Universal ، 20 Century Fox ، Warner Brothers ، Disney ، Sony/Colombia Pictures».‬‬
‫يف حني تري بعض املراجع أن عددها سبع حيث يتم اضافة شركة‬
‫‪ Metro Goldwyn Mayer‬وتسمى هذه الشركات بالشقيقات الست أو السبع‪ .‬وعلى‬
‫كل حال فإن هذه الشركات العمالقة هي األكبر واألكثر امكانيات حول العالم مما ميكنها من‬
‫(‪)9‬‬
‫التحكم يف االنتاج والتوزيع ومراحله املختلفة بسهولة تامة ‪.‬‬

‫‪229‬‬
‫■ اجلاميع ـ جملة علمية حمكمة ـ‪ 23‬ـ‬

‫شكل رقم (‪ ) 2‬الشركات الرئيسة الكبرى يف هوليوود ملكيتها وتداخل عالقاتها‬

‫املصدر ‪ )2002( Scott‬ص‪46‬‬

‫‪230‬‬
‫اقتصاديات السينما دراسة ابلعد االقتصادي لسيطرة هويلوود ىلع صناعة السينما‬

‫ويرى ‪ Scott‬يف هذا الشأن أن العناصر األساسية املكونة ملركب صناعة السينما يف هوليود‬
‫ميكن فهمه بالعودة إلى مالمح أساسية أربعة وظيفية وبنيوية وهي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬سلسلة من شبكات االنتاج املتداخلة يف اشكال جامدة ومفككة عموديا وفروع هذه‬
‫الشبكات يتكون من الشركات الرئيسية الكبرى ‪ Majors‬واملستقلني ومزودي االعمال اخلدمات‬
‫اخلاصة من كتاب السيناريو إلى فنيي املونتاج‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬سوق عمل محلي يشمل عدد كبير من األفراد يتوزعون وفقا ملهاراتهم وأذواقهم ‪ .‬وهذا‬
‫السوق يتم إعادة شحنه وتغذيته بأنتظام باملواهب اجلديدة من كل امريكا الشمالية والعالم‬
‫ثالثا‪ :‬بيئة مؤسساتية مت خلقها من مجموع املنظمات والهيئات املمثلة للشركات والعمال‬
‫والوكاالت احلكومية وبعض هذه الهيئات له نفوذ كبير يف تطور صناعة السينما‪.‬‬
‫راب�ع��ا‪ :‬بيئة اجتماعية والتي ينبع تفردها اجلغرايف والتاريخي جزئيا من الظاهرة التي‬
‫سبق اإلشارة إليها يف النقطة األولى والثانية والثالثة والتي متثل مستودع اساسيا ملوارد هذه‬
‫الصناعة‪.‬وهذا يبدأ من التقاليد السينمائية املتأصلة يف نسيج هوليوود كصناعة محلية ومن‬
‫خالل بيئة كاليفورنيا اجلنوبية‪ .‬وانتهاء بالدعم الهائل لإلمكانات املتاحة من البيئة القريبة‬
‫للكثير من الصناعات واملنتجات الثقافية األخرى ‪.‬‬
‫هذه النقاط حسب سكوت تعطي مالمح ظاهرية مهمة ملا أسماه مركب صناعة هوليوود‬
‫ومنحها ميزات تنافسية عالية والتي ميكن تلمسها يف عائدات اقتصاديات احلجم واملدى‪ .‬هذه‬
‫(‪)10‬‬
‫امليزات حسب سكوت هي جوهرية إلبقاء هوليوود كمركز ريادة لصناعة السينما العاملية‪.‬‬
‫كما ترجع أه��م عوامل تفوقها إل��ى اندماجها العمودي وال��ذي يعني ان ه��ذه الشركات‬
‫اواالستوديوهات ميلك كل منها على حدة مرحلة اإلنتاج والتوزيع ‪.‬االفالم التي تنتجها هذه‬
‫الشركات أو االستوديوهات الستة وتوزعها بنفسها تسيطر على األسواق املحلية والعاملية‪.‬كما‬
‫أن أحد أهم العوامل التي متيز افالم الشركات الكبرى يف هوليوود هو احلجم‪ .‬وهذا ليس‬
‫مهما بالنسبة للطلب فقط أو حجم السوق الداخلي األمريكي املتاح لدعم مخرجات أو منتجات‬
‫هوليوود ولكن أيضا يف العرض أي “مدى النشاطات املتميزة التي تنغمس فيها كل شركة”‪.‬‬
‫وميثل السوق أو االستهالك الداخلى رافدا مهما لهوليوود حيث تبلغ النفقات على افالم‬
‫الترفيه “من خالل شباك التذاكر والفيديو املنزلي والتلفزيون” يبلغ ما يقدر ب ‪ 39‬مليار دوالر‬
‫يف سنة ‪ 1999‬يف الواليات املتحدة وحدها‪.‬واألفالم أمريكية املنشأ تشكل ‪ % 92‬من حجم‬
‫املعروض مما يعني إن ‪ 35‬ملياراً أو أكثر تنفق يف الواليات املتحدة كل سنة الستهالك األفالم‬
‫(‪)11‬‬
‫املنتجة محليا مما يتيح مصادر مهمة لدعم االنتاج اجلديد لالفالم مرتفعة الكلفة‪.‬‬

‫‪231‬‬
‫■ اجلاميع ـ جملة علمية حمكمة ـ‪ 23‬ـ‬

‫إن قدرة االستوديوهات الكبرى يف احلصول على حجم مهم من حصة األفالم مرتفعة الكلفة‬
‫وذات الترويج اجليد كل سنة هو اجتاه مضاد أو معاكس متاما الجتاه االنغماس يف مشاريع‬
‫االنتاج املتفرد‪ .‬مما يعني أن هذه الشركات هي يف مكانة جيدة تتيح لها إمكانية توزيع األخطار‬
‫أو االحتفاظ بحصة عالية من السوق‪.‬إن هذه البنية هي مجال آخر حيث صناعة السينما‬
‫األمريكية لديها ميزة كبيرة على السينما البريطانية مثال و املنافسني املحتملني اآلخرين‪.‬‬
‫ان التمييز بني بني االستوديوهات الكبرى و املستقلني مهم جدا هنا‪.‬فاالستوديوهات الكبرى‬
‫األمريكية تتكون من شركات سينمائية متحدة والتي نشاطها يشمل االنتاج والتوزيع‪.‬‬
‫االستوديوهات الكبرى تتنج حوالي ‪ 140‬فلما فيما بينها كل سنة‪.‬ومن املعتاد ان تكون هذه‬
‫‪ 140‬فلما هي من يحتل املكانة األولى يف سوق األفالم العاملية لألفالم الكبرى‪.‬االفالم التي‬
‫توزع من قبل االستوديوهات الكبرى عادة ماحتصد ‪ % 90‬من العائدات يف شبابيك التذاكر‬
‫(‪)12‬‬
‫األمريكية‪ .‬أمايف أماكن أخرى فإن حصتها من السوق تفوق ‪ % 50‬من مجموع املداخيل‪.‬‬
‫ويقصد بالقطاع أو فئة املستقلني هنا كل منتجي األفالم على الصعيد العاملي باستثناء‬
‫الشركات الكبرى يف هوليوود‪ .‬إذن هو قطاع واس��ع وتشكيلة تتجاوز أمريكا لتشمل معظم‬
‫الشركات السينمائية حول العالم لكن يجب أن نشير إلى أن االستقاللية ليست مطلقة الننا قد‬
‫جند هذه الشركات املستقلة تعمل أو تعتمد على الشركات الكبرى يف هوليوود يف مراحل اخرى‬
‫من اطالق الفيلم‪ .‬اننا هنا أمام فئة تبداء مستقلة كخطوة اولى ثم تضطر احيانا يف مرحلة‬
‫العرض و التوزيع ان تعتمد على الشركات الرئيسية الكبرى ‪ Majors‬من اجل توزيع أو عرض‬
‫افالمها‪ .‬أمافئة املدعومني من قبل هذه الشركات الكبرى فإنها فئة لها نسبة بسيطة من حيث‬
‫نسبة األفالم املنتجة لكن حصتها وعائدتها تتجاوز فئة املستقلني وذلك الن عقبات العرض‬
‫(‪)13‬‬
‫والتوزيع تذللها الشركات الكبرى الرئيسية يف هوليوود‪.‬‬
‫وهناك عدد من املستقلني وهم االكثر جناحا ً اصبحوا اآلن فعليا ً مدعومني من قبل شركات‬
‫كبرى ذات ملكية مشتركة ومصالح مهمة مع االستوديوهات الرئيسية الكبري يف هوليود مثل‬
‫‪ Newline Cinema‬واململوكة من قبل ‪ Time Warner‬وكذلك شركة ‪Miramax‬‬
‫واململوكة من قبل شركة ديزني ‪.‬‬
‫إلى جانب ذلك فإن هناك جمهورا عامليا واسع لألفالم ذات االنتاج لشركات مستقلة‪ .‬ففي‬
‫الواليات املتحدة على سبيل املثال فإن املستقلني ينتجون أفالما اكثر بثالث مرات مما تنتجه‬
‫استوديوهات هوليوود الرئيسية الكبرى كل سنة‪ .‬ولكن اقل من نصف هذه األفالم يف الواليات‬
‫املتحدة يستطيع ان يحصل على انطالقة يف دور العرض‪ .‬أمايف اماكن اخرى من العالم فإن‬

‫‪232‬‬
‫اقتصاديات السينما دراسة ابلعد االقتصادي لسيطرة هويلوود ىلع صناعة السينما‬

‫جتربة املنتجني املستقلني مشابهة من حيث صعوبة احلصول على فرص العرض‪.‬وهذا يعني أن‬
‫املستقلني اذا ما جتاوزوا عقبة االنتاج املكلف واحلصول على التمويل الالزم فإن امامهم عقبات‬
‫جدية أخرى تتمثل يف التوزيع والوصول إلى املستهلك‪.‬‬

‫الشكل رقم ‪ 3‬يوضح األفالم املهمة التي اطلقت سنويا يف الواليات املتحدة األمريكية وذلك منذ سنة ‪.1945‬مع‬
‫مالحظة ان البيانت املتعلقة بالشركات املستقلة متوفرة فقط منذ ‪.1980‬‬
‫املصدر‪ :‬سكووت ‪ 2004‬ص ‪44‬‬
‫وكما ميكننا مالحظة ذلك من خالل الشكل رقم ‪ 3‬فإن الفارق واضح بني قدرات الشركات‬
‫الكبرى الرئيسية يف هوليوود وبني املستقلني‪.‬‬
‫وهذا الفارق يظهر بشكل أوضح من خالل عائدات شبابيك التذاكر لكل نوعية حسب‬
‫الشركات املنتجة لألفالم‪ .‬حيث إن الشركات أو االستوديوهات الكبرى يف هوليوود أطلقت سنة‬
‫‪ 2000‬عدد ‪ 111‬فيلم وبلغ عائداتها مايقارب من ‪ % 76‬من اجمالي عائدات شبابيك التذاكر‬
‫ولم يتبقى للفئتني االخرتني وهما املدعومة من قبل الشركات الكبرى واملستقلني سوى ‪ % 14‬من‬
‫مجموع اجمالي عائدات شبابيك التذاكر ‪ .‬انظر جدول رقم ‪ 1‬ملزيد من املقارنة‪.‬‬
‫وعلى الرغم من أن األفالم أمريكية تأخذ مايقارب من نسبة ‪ % 80‬من شبابيك التوزيع يف‬
‫السينما العاملية فإن األفالم غير األمريكية حتافظ على تنافسيتها يف االسواق املحلية‪.‬‬

‫‪233‬‬
‫■ اجلاميع ـ جملة علمية حمكمة ـ‪ 23‬ـ‬

‫مثال يف اليابان سنة ‪ 2008‬فإن األفالم اليابانية احتلت ‪ % 57‬من نسبة املبيعات بينما يف‬
‫(‪)14‬‬
‫فرنسا فإن األفالم املحلية اخذت نسبة ‪ % 45.3‬من عائدات املبيعات‪.‬‬

‫اجلدول رقم ‪ 1‬يوضح عائدات شبابيك التذاكر بالنسبة لكل نوعية شركة مطلقة للفلم لسنة ‪2000‬‬
‫نوع الشركة املطلقة للفلم عدد األفالم معدل العائدات باملليون النسبة من اجمالي العائدات‬

‫‪221‬‬ ‫‪3،752‬‬ ‫‪10.2‬‬ ‫املستقلون‬


‫ممولة من قبل‬
‫‪80‬‬ ‫‪14،264‬‬ ‫‪14.0‬‬ ‫االستوديوهات الكبرى‬
‫‪75.8‬‬ ‫‪111‬‬ ‫‪55،639‬‬ ‫االستوديوهات الكبرى‬

‫املصدر‪ Scott2004:‬ص‪50‬‬
‫وهذا يطرح سؤاال مهما وهو كيف تستطيع هوليوود أو االستوديوهات والشركات اخلمس‬
‫الرئيسية ان تسيطر على شبابيك العائدات رغم أن األفالم التي أطلقها املستقلون تبلغ ضعف‬
‫عدد ما تطلقه هذه الشركات كما يظهر اجلدول وهنا البد من وضع اعتبارات التوزيع والعرض‬
‫يف حسابتنا حيث ان الشركات الرئيسية الكبرى تتبع سياسات مدروسة فيما يتعلق مبرحلة‬
‫التوزيع والعرض‪.‬‬
‫إن الفارق االساسي بني االستوديوهات الرئيسية الكبرى يف هوليوود واملستقلني هي ان‬
‫االستوديوهات الكبرى مندمجة عموديا وحتتوي بالتالي على اإلنتاج والتوزيع ضمن بنيتها‪ .‬التوزيع‬
‫ليس مجرد ايجاد مخرجات أماكن العرض املناسبة لالفالم ولكن أيضا تنسيق محالت التسويق‬
‫املناسبة خللق اهتمام واسع باالفالم‪ .‬أهميته التوزيع يف االستوديوهات الكبري تغطي نظريا ً‬
‫كل بقاع العالم وهذا يعطي الشركات الكبرى مثل شركة فوكس ‪ Fox‬وأيضا ً وارنزر ‪Warner‬‬
‫‪ Brothers‬فإنها تتحكم يف مسالة االنتشار يف االسواق املحلية والعاملية وبالتحكم يف التوزيع فإن‬
‫الخطار يف صناعة الفلم يتم تقاسمها على اعداد كبيرة من األفالم وايضا على مرحلتي االنتاج‬
‫والتوزيع ومن خالل ضمان التوزيع فإن االستوديوهات الكبري لها القدرة على القيام بتخصيص‬
‫موارد مهمة لكل من االنتاج والتوزيع أو مايعرف ب الطبع واالعالن ‪Print & Advertising‬‬
‫(‪)15‬‬
‫والذي يختصر ‪ P&A‬وبهذا تستطيع ان حتقق معرفة واهتمام واسع مبنتجاتها ‪.‬‬
‫املنتجون املستقلون والذين تنقصهم هكذا قدرة وحتكم يف التوزيع فإنه من الواضح أنهم‬
‫‪234‬‬
‫اقتصاديات السينما دراسة ابلعد االقتصادي لسيطرة هويلوود ىلع صناعة السينما‬

‫سيكونون يف موقع اقل اهمية وبأمكانهم فقط خفض االخطار التي يتضمنها االنتاج من خالل‬
‫الفصل بني البيع املقدم حلقوق التوزيع ألماكن متعددة قبل ان يتم عمل الفلم اصال‪.‬‬
‫فيما يتعلق مبايسمى باقتصاد الفلم الكالسيكي ف��إن الشركات املندمجة عموديا أو‬
‫االستوديوهات الكبرى يف هوليوود فإنها جتلب مصدر دعم النتاج األف�لام وتستغل شبكة‬
‫توزيعها اخلاصة بها لنشر افالمها إلى مخرجات واماكن عرض‪.‬‬
‫انهم يقومون بالعرض إذا أمكن يف دور عرضهم و حصة من ارباحهم يعاد استثمارها يف‬
‫انتاج جديد من اجل االبقاء على دائرة األفضلية مستمرة‪.‬دائرة األفضلية القصد منها االنتاج‬
‫املكلف أو االنفاق على االنتاج الذي يجلب مشاهدة مرتفعة ويؤدي بالتالي إلى ارتفاع العائدات‪.‬‬
‫عادة ما تكون اقسام التوزيع واملسؤولة عن البيع والتسويق سيكون لها القول الفصل فيما‬
‫يتعلق بأي املنتجات يجب أو اليجب تتبعها‪ .‬وهكذا تتأثر بقوة عملية االنتاج من خالل اعتبارات‬
‫التسويق‪ .‬إن النجاح لهذا النموذج ينبع من عنصرين أساسيني‪:‬‬
‫‪ -‬التحكم يف التوزيع‬
‫‪ -‬والقدرة على خلق تدفق انتاجي منتظم لألفالم‪.‬‬
‫وهذا من شأنه أن يضمن ان الدخل املحصل من األفالم الكبرى القليلة الناجحة والتي‬
‫انتجت من قبل كل االستوديوهات الكبرى يف هوليوود كل سنة ستكون متاحة لتغطي أي خسائر‬
‫(‪)16‬‬
‫ممكنة نتجت عن التقلبات أو االداء العام للشركة‪.‬‬
‫كما أن أحد استراتيجيات الشركات الكبرى هي فتح مكاتب توزيع خاصة بها يف األماكن‬
‫واملواقع املهمة حول العالم‪ .‬وهذه املكاتب تقوم بحجز دور السينما لعرض األفالم التي من‬
‫إنتاجها وأيضا بيع األفالم يف صيغ الدي يف دي على االسواق ومحال البيع باملفرق ‪ .‬كما هو‬
‫(‪)17‬‬
‫احلال مثال لشركة ‪Fox‬يف بريطانيا‪.‬‬
‫البنية العمودية واستراتيجية توزيع املخاطر‬
‫هناك نوع من املخاطرة يف االنتاج السينمائي حتى بات يقال داخل مجتمع الصناعة ان انتاج‬
‫األفالم مثل املوضة أو املوسيقى الشعبية هو نشاط جتاري يصيب أو يخيب‪.‬انه ليس خطر وحسب‬
‫بل أيضا مكلف جدا‪ .‬فمتوسط ميزانية انتاج األفالم يف االستوديوهات الكبرى الرئيسية يف هوليوود‬
‫تصل إلى ‪ 51‬مليون دوالر يف سنة ‪ 1999‬باالضافة إلى ‪ % 50‬أو نحوها للطبع واالعالن ‪.p&A‬‬
‫ميزانية االنتاج هي حتت ضغط باجتاه تصاعدي متزايد وذلك بسبب التزايد املطرد يف‬
‫اجرة االسماء املشهورة التجارية للنجوم‪.‬‬
‫االستثمار الكبير يف اخلطر املرتفع الذي يدخل يف صناعة األفالم قاد إلى تشبيه صناعة‬

‫‪235‬‬
‫■ اجلاميع ـ جملة علمية حمكمة ـ‪ 23‬ـ‬

‫األفالم بشركات صناعة النفط‪ .‬وكما قال ‪ “ Headland and Relph‬ان قدر كبير من املال‬
‫باإلمكان إنفاقه يف حفر اآلبار التي تعطينا بالقطرة بدال من يتم إنفاقه على تلك إلى تعطينا‬
‫دفق”‪.‬‬
‫االنفاق على األفالم الكبرى متى ما مت القيام به فإنه موضوع يعتبر محل جدل كبير‪ .‬تقليديا‬
‫فإن فيلمني فقط من كل عشرة أفالم يتم إنتاجها من قبل االستوديوهات الكبرى يف هوليوود‬
‫األكثر شهرة يحقق ربحا‪ .‬بكلمات أخرى فإن أغلب األفالم املنتجة تخسر‪.‬‬
‫وع��ادة فإن حجم املداخيل التي حتققت بواسطة األف�لام الناجحة »‪ ”Hits‬يف شبابيك‬
‫التذاكر تكون هائلة حتى باملقارنة بامليزانية التي يستلزمها انتاجها يف البداية‪ .‬لهذا فإنه بالنسبة‬
‫الستوديوهات الكبرى الرئيسية يف هوليوود فإن العائدات من فيلمني ناجحني فقط ‪Hits‬من‬
‫مجموع عشرة افالم فإنها جتلب التدفق النقدي املطلوب الستمرار تدفق األفالم ذات الكلفة‬
‫والترويج الضخم يف الفترة بني كل فلم ناجح وآخر‪ .‬وايضا حتقق عائدات للمساهمني‪.‬‬
‫أما بالنسبة ألفالم االنتاج املستقل فإنه تقريبا من املستحيل ان تدخل يف دائرة افضلية‬
‫التدفق النقدي التي تتمتع بها االستوديوهات الكبرى‪.‬‬
‫إن التمويل الالزم للتطوير واالنتاج والتسويق بالنسبة لألفالم ينبغي ان يتم خلقه مقدما‬
‫لكن العائدات التبدو يف التدفق اال بعد أن يصل الفلم يف صيغته النهائية إلى دور العرض‪.‬‬
‫والذي عادة مايستغرق ‪ 3‬سنوات أو اكثر واذا ماكان املنتج مرتبطا باحد االستوديوهات الكبرى‬
‫الرئيسية فإن االستوديوهات ستنظم دعما داخليا لالنتاج وبالتالي فإنه ال مشكلة تنجم عن‬
‫تأخر عائدات الفلم‪.‬‬
‫اما املنتجني املستقلني فعليهم واحلال هذه ان يحصلوا على املال مسبقا من املوزعني أو من‬
‫خالل االقتراض أو يف صيغة استثمار يقدمها طرف ثالث‪.‬‬
‫االستثمار يصعب احلصول عليه وأيضا مكلف جدا وذلك ألن كل شبكة رأس املال الداخلة يف‬
‫الفلم تظهر مخاطر ‪.‬وباستثناء الفلم نفسه الذي لم يصنع بعد فإنه ليس هناك أي اصول ميكن‬
‫حتصيلها كضمان نظير القرض‪ .‬أماحني تتأتى بيانات حول إطالق الفلم وعائدات دور العرض‬
‫(‪)18‬‬
‫تبدأ يف التدفق‪ ،‬فإن دور العرض تغطي مصاريفها اوال‪.‬‬
‫إن مالك دور العرض يقتطعون مباشرة من عائدات التذاكر املباعة وبعد خصم هذه الكلف‬
‫فإن املتبقي يقسم بني العارضني واملوزعني وذلك بنسبة ‪ 90‬إلى ‪ 10‬تقسم لصالح املوزع وهذا‬
‫ليس شيء مستغرب ولكن صيغ التقاسم للعائدات املتحصل عليها عبر مبيعات شبابيك التذاكر‬
‫مابني املوزع ودور العرض تختلف حسب كل فيلم وفترة االستغراق التي يقضيها الفلم يف دور‬

‫‪236‬‬
‫اقتصاديات السينما دراسة ابلعد االقتصادي لسيطرة هويلوود ىلع صناعة السينما‬

‫العرض والظروف األخرى‪ .‬ان الدخل الصايف للموزع يذهب مباشرة للموزع الذي يقتطع العمولة‬
‫وقيمة الكلف ويشمل ذلك كل كلف االع�لان والترويج وماتبقى بعد ذلك يحال إلى حصص‬
‫املستثمرين واملمولني الذين غطوا كلف االنتاج والذين يقتطعون قسطا لتغطية نفقات االخطار‬
‫وهكذا‪.‬‬
‫أخيرا أي أرباح متبقية تذهب إلى املنتج و استوديوهات االنتاج‪.‬وبشكل عام فان املستثمرين‬
‫أو املمولني ( إال إذا حدث وإن كان هو نفسه املوزع) فأنه يف املرتبة ما قبل االخيرة يف سلسلة‬
‫التحصيل ويليه فقط املنتج بل ان مكانته رمبا يتم دفعها إلى اخللف اكثر اذا ما قرر احد‬
‫العناصر الفاعلة التي دخلت يف عملية انتاج الفلم ان يأخذ حصة من اجرته من صايف العائدات‪.‬‬
‫النجوم االكثر شهرة قد يقفزون إلى مقدمة الصف من خالل التفاوض على االقتطاع‬
‫ممايسمى فاتورة الدوالر االول للفيلم‪ .‬أي من خالل عائدات شبابيك التذاكر وقبل خصم كلف‬
‫التوزيع على سبيل املثال جنم هوليوود جيم كيري ‪Jim Carrey‬هو احد اعضاء مجموعة‬
‫املمثلني املطلوبني بقوة والذين لهم القدرة على املطالبة مبايسمى ‪ 20/20‬أي ‪ 20‬مليون دوالر‬
‫(‪)19‬‬
‫كأجر تقدم نظير املشاركة يف الفلم اضافة إلى ‪ % 20‬من فواتير” الدوالر االول للفلم”‪.‬‬
‫وبالعودة إلى مثال صناعة النفط فإن شركة مثل ‪Shell، Esso and BP‬عادة ما تدخل يف‬
‫الدورة الكاملة يف صناعة النفط من االستغالل إلى التكرير ثم إلى البيع يف موانئ التصدير‪.‬‬
‫نتيجة لذلك فإن بإمكانهم توزيع كلف مرحلة املخاطر “التنقيب” على العائد من العملية‬
‫برمتها‪.‬وهذا هو جوهر املوضوع اي التحكم يف جميع مراحل الصناعة‪.‬‬
‫هوليوود تعمل بنفس املنطق انهم يتحكمون يف االنتاج والتوزيع ويف اغلب احلاالت يدخلون‬
‫يف مرحلة العرض‪.‬‬
‫يف اململكة املتحدة مثال فإن عددا من املجمعات أو املركبات السينمائية “متعدد شاشات‬
‫العرض” تعمل بدعم من االستوديوهات الكبرى يف هوليوود‪ .‬هذا يعني ان اململكة املتحدة كماهو‬
‫احلال يف بلدان أخرى فأنه ليس أغلب عائدات شبابيك التذاكر فقط تذهب إلى املوزعني‬
‫من هوليوود أو أنتاج هوليوود بل مايقتطعه امل��وزع وبشكل مستمر ينتهي به االمر يف جيب‬
‫االستوديوهات الكبرى لهوليوود وليس يف جيب الالعبني املحليني‪.‬‬
‫وكما هو حال االنتاج بالنسبة لشركات النفط الكبرى فإن املرحلة املكلفة هي (االنتاج) امنا‬
‫يتم تغطيتها من العائدات االجمالية للشركة السينمائية من خالل كل مرحلة من العملية الكلية‬
‫واملستمرة للبيع أو التزويد للزبون‪.‬‬
‫ان تراكم قوة السوق متتد لتشمل كل مراحل التموين العمودي لتخلق عدد من امليزات املهمة‬

‫‪237‬‬
‫■ اجلاميع ـ جملة علمية حمكمة ـ‪ 23‬ـ‬

‫لالستوديوهات الرئيسية الكبرى يف امريكا فهي تضمن عرض واسع ولهذا حتتل مركز الهيمنة‬
‫يف التزويد مبنتجاتهم‪ .‬كل فيلم يتم انتاجه حتى الفاشلة منها باالمكان ضخه يف دفق نشاطات‬
‫التوزيع من اجل حتقيق بعض العائدات‪.‬‬
‫وبسبب حتكمهم يف سلسلة التموين العمودي ف��ان االس��ت��ودي��وه��ات الرئيسية الكبرى‬
‫باستطاعتها أن تدخل يف نشاطات جتارية مثل ‪Block booking‬أو احلجز املقفل مبعنى ان‬
‫األفالم اجليدة واالقل جودة تباع معا و يقتضي االمر من العارضني ان يأخذوا حفنة أو حزمة‬
‫من األفالم مبافيها تلك التي رمبا ال يريدون عرضها والتي قد تساعد يف خفض االخطار‪.‬‬
‫االندماج العمودي يعني أيضا انه ليس هناك موزعني من طرف ثالث أو وسطاء يأخذون حصة‬
‫(‪)20‬‬
‫من عائدات املستثمرين االصليني وهم االستوديوهات الكبرى نفسها‪.‬‬
‫العقبات أمام االستثمار يف االنتاج املستقل‬
‫إن قوة التوزيع بالنسبة لالستوديوهات األمريكية الكبرى تؤثر يف كل صناع األفالم املستقلني‪،‬‬
‫لهذا فإن الغالبية العظمى منهم بغض النظر عن دولهم أو جنسياتهم وجتدون من الصعوبة‬
‫مبكان الجتذاب مستثمرين من طرف ثالث (أي اطراف غير املوزعني) ملنتجاتهم‪.‬‬
‫لقد اظهرت دراس��ة أجريت بالنيابة عن قسم التراث الوطني يف بريطانيا سنة ‪1996‬‬
‫خلصت إلى حتديد ثالثة حواجز أمام منو قطاع إنتاج األفالم يف بريطانيا وهي‪:‬‬
‫‪ -‬بنية صناعة األفالم‬
‫‪ -‬الصعوبات املتعلقة بالتمويل‬
‫‪ -‬مشكالت يف االتصال‬
‫وهذه املشكالت هي املشكالت املعتادة التي تواجه املنتجني املستقلني حيث يسعون إليجاد‬
‫استثمار جتاري لدعم أفالمهم‪ .‬وحسب تقرير ‪ Middlton‬أن الصعوبة الكبرى تتعلق ببنية‬
‫االنتاج املستقل الهش جدا‪ .‬فالقطاع يتكون من مجموعة من عدد كبير الشركات الصغيرة وهي‬
‫(‪)21‬‬
‫المتلك راس مال الذي يؤهلها من نشر وتوزيع اخلطر على شرائح متعددة من االفالم‪.‬‬
‫هناك شركات محدودة جدا يف بريطانيا كبيرة مبايكفي لتعمل اكثر من فيلم واحد يف السنة‪.‬‬
‫باالضافة إلى كونهم يجمعون املال النتاجهم وفق قاعدة( انتاج فيلم اوالً باول)‪.‬‬
‫وه��ذا االس��ل��وب محدود النطاق اليتيح امكانية التعاضد بني األف�ل�ام الناجحة وغير‬
‫الناجحة‪”.‬مبعنى اخر اليسند الفلم الناجح آخر غير ناجح”‪.‬‬
‫وليس هناك فرصة للمستثمرين يف إنتاج األفالم يف بريطانيا لتعويض الفاقد يف بعض‬
‫االستثمار عبر جناح حتقق يف آخر‪.‬‬

‫‪238‬‬
‫اقتصاديات السينما دراسة ابلعد االقتصادي لسيطرة هويلوود ىلع صناعة السينما‬

‫كما توفر القدرة على اإلنتاج الضخم وشبكات التوزيع املمتدة حول العالم ميزة تنافسية‬
‫لألفالم التي تنتجها االستوديوهات الكبرى وغير متاحة بالنسبة لألفالم املستقلة‪ .‬ولهذا فان‬
‫املستثمر ال يشعر بدرجة كبيرة من اآلمان يف االستثمار يف األفالم املستقلة باعتبار ان النجاح‬
‫(‪)22‬‬
‫والتوزيع ليس أمر مضمون‪.‬‬
‫وهناك عقبة أخرى واضحة وهي أن كال من التوزيع و العرض يقع حتت سيطرة االستوديوهات‬
‫األمريكية الكبرى ‪ .‬واملنتج املستقل يف مكانة تفاوضية ضعيفة مع املوزعني ومعظمهم ليس لديه‬
‫قوة كافية يف السوق لتحقيق توزيع جيد‪.‬‬
‫لهذا فإن املستثمرين يتجنبون االستثمار يف نوعية من األف�لام تتسم بدرجة عالية من‬
‫املخاطرة‪ .‬كما ان شركات االنتاج املستقل بشكل عام غير قادرة على حتقيق سجل جناحات مستقر‬
‫والتي حتتاجها الجتذاب واقناع املستثمرين بأ داء الشركة االمر الذي يعني أنه من الصعب ايجاد‬
‫وسيلة فعالة وملموسة ميكن تقدميها للداعمني ميكنها تبديد مخاوفهم‪ .‬هذا باالضافة إلى أنه‬
‫وحسب ‪ Middlton‬فإنه ليس هناك تواصل فعال بني صناع األفالم والداعمني املتخصصني‬
‫من أجل تغيير النظرة على أن هذه االفالم هي ببساطة طريق مسدود أو مشروع فاشل‪ .‬ومع هذا‬
‫وبغض النظرعن كم من التحسن يف التواصل الذي يتم اجنازه بني عوالم األفالم والداعمني فإن‬
‫الضعف البنيوي الذي ابتلي به هذا القطاع سيظل هو جوهر املشكلة‪ .‬ففي القطاع املستقل فإن‬
‫عملية صناعة وتزويد األفالم امنا هي مراحل مقسمة إلى عدد من اخلطوات املعزولة وكلفة‬
‫املرحلة االخطر (االنتاج) امنا ولدت فقط بفضل املمول لهذه املرحلة‪.‬‬
‫وكما اشرنا سلفا أن موقع املستثمرين أي الطرف الثالث يف سلسلة الدفع أو التحصيل من‬
‫ارباح الفلم بعيدة جدا عن أن تكون يف موقع مفضل ويف كل األحوال فإن اغلب األفالم املستقلة‬
‫تفشل يف تغطية كلفتها‪ .‬لهذا فمنتجي األفالم املستقلني عادة ما يجدون انفسهم يف دائرة‬
‫التنتهي من االستثمار املنخفض وجناح جتاري محدود‪.‬‬
‫وباستثناء املوزعني الكبار لألفالم واملمولني كطرف ثالث أو املستثمرين فإن مصدر آخر‬
‫للتمويل بالنسبة للمنتجني املستقلني لالفالم رمبا يكون قطاع صناعة التلفزيون‪.‬‬
‫فاالفالم الكبرى حتتل مكانة متميزة يف الئحة الكثير من املحطات التلفزيونية‪ .‬مثال يف‬
‫بريطانيا فإن بعض الشركات التلفزيونية تعمل بانتظام لالستثثمار يف األفالم املحلية منخفضة‬
‫الكلفة‪.‬‬
‫القناة الرابعة على سبيل املثال حققت درجة جيدة من النجاح يف هذا االجتاه ولكن الكثيرمن‬
‫جهود شركات التلفزيون هي عرضة للفشل بفعل البنية الشائعة للسوق التي التخدم تلك املنتجات‬

‫‪239‬‬
‫■ اجلاميع ـ جملة علمية حمكمة ـ‪ 23‬ـ‬

‫أو األفالم التي لم تزود ‪supply‬بواسطة االستوديوهات األمريكية الكبرى‪.‬‬


‫(‪)23‬‬

‫املحطات حتتاج لالفالم ولكن تلك االقل خطورة واالق��ل كلفة ولهذا جند هذه املحطات‬
‫تتحمس للعروض املغرية التي متنحها االستوديوهات الكبرى يف احلصول على حقوق البث‬
‫التلفزيوني لألفالم األمريكية والتي مت عرضها يف دور العرض اكثر من ان تستثمر يف انتاج‬
‫جديد‪.‬‬
‫ان أي مستثمر محتمل اال اذا حدث أن يكون موزعا فإنه من الطبيعي أن يقلق بشأن جناح‬
‫الفلم املستقل يف مرحلة التوزيع‪ .‬إن تفضيل الفلم االمريكي الهوليودي الصنع منتشر بشكل‬
‫واسع وسط املوزعني وهذا احلماس مرده سوق الطلب املرتفعة واالقبال الكبير الذي ميكن ملسه‬
‫من خالل نوعية طلبيات وتفضيالت غالبية مرتادي دور السينما‪.‬‬
‫االفالم منخفضة امليزانية وقليلة الترويج والتي تضم اغلب األفالم االوروبية بشكل عام يتم‬
‫جتنبها من قبل العارضني على انها ليست منتجا جتاريا ومن غير املحتمل ان يجتذب متابعة‬
‫واسعة ‪.‬‬
‫إن الصعوبات التي تقف بني منتجي األفالم املستقلني ومصادر التمويل هي كبيرة ولكن ليس‬
‫مستحيال التعامل معها‪.‬‬
‫البعض يرى أنه ومن أجل حتسني الظروف املالية فإن املنتجني املستقلني يف بريطانيا واوروبا‬
‫ينبغي يتجهوا ملحاكاة األسلوب االقتصادي األكثر جناحا والذي حقق النجاح لالستوديوهات‬
‫األمريكية الكبرى‪ .‬رمبا هو كذلك لكن حتى بالنسبة للمشاريع التي لديها سياق جتاري كبير‬
‫فإن املستقلني سيجدونه من الصعب املنافسة ضد املبنى على التفوق يف احلجم وضد هيكلية‬
‫االستوديوهات الكبرى‪ .‬وكما تبدو االشياء فإنه من الصعب ان ترى قوة االستوديوهات الكبرى‬
‫يف االمساك بالتوزيع العاملي وقد مت حتديها‪ .‬املنتجني املستقلني ليس باستطاعتهم ان يتوقفوا‬
‫و ان ينالوا موطأ قدم يف التوزيع اال اذا عملوا الفلم الذي ترغب الناس يف مشاهدته ومع هذا‬
‫حتى وان حقق املنتجني املستقلني خبطة ‪Hits‬جتارية فإن يد التوزيع لالستوديوهات الكبرى يف‬
‫(‪)24‬‬
‫هوليوود هي من يقتطف غالبية املنافع املالية‪.‬‬
‫تأثير التقنية احلديثة‬
‫ان ظهور تقنية الدجتل قد عزز اآلمال بني املستقلني بأن سلسلة التموين لالفالم رمبا يحدث‬
‫بها ثورة‪.‬تقنية الدجتل توثر يف كل من االنتاج والتوزيع‪.‬‬
‫أم��ايف االنتاج فإن استخدام كاميرات الدجتل وومعدات املنتاج والتحرير وغيرها من‬
‫التجهيزات ادى إلى خفض كلف رأس املال والعمالة املطلوبة الداخلة يف انتاج صناعة االفالم‪.‬‬

‫‪240‬‬
‫اقتصاديات السينما دراسة ابلعد االقتصادي لسيطرة هويلوود ىلع صناعة السينما‬

‫أغلب منتجي األفالم استمروا يف استعمال «النجتف» يف صناعة االفالم‪ .‬لكن فرصة عمل‬
‫فلم منخفض الكلفة من خالل استعمال تقنية الدجتل قد خفض حواجز الدخول يف قطاع‬
‫االنتاج ومتنح املستقلني طريقة سهلة لشحذ وابتكاراحليل املناسبة‪.‬‬
‫إن تأثير تقنية الدجتل يف كلفة االنتاج لم يتم تخفيضه بشكل كلي‪ .‬فنظام الدجتل فيما يتعلق‬
‫باخلدع واجلرافيك ميكن أن تؤدي إلى خفض كلف املؤثرات اخلاصة لكن من جهة اخرى فإن‬
‫بعض املسلسالت مثل اجلزء الثاني من حرب النجوم كان مرتفع الكلفة لكن مع هذا فإن نظام‬
‫الدجتل أتاح الفرصة أمام املستقلني الصغار من صناع األفالم ‪.‬‬
‫ان جناح فيلم ‪The Blair witch‬قد أتبث كيف ميكن لتقنية الدجتل أن تخلق طرقا‬
‫مبتكرة ليس فقط يف االنتاج بل أيضا يف عملية الترويج ‪.‬‬
‫فمنتج الفلم املشار إليه كان ناجحا جدا يف استعمال مواقع الدردشة واحلديث املتناقل عبر‬
‫النت خللق شعبية واسعة ولفت االنتباه للفلم قبل فترة طويلة من اتاحته للمشاهدة من قبل‬
‫النقاد‪.‬‬
‫رغم ان البعض يرى بأن هناك سلبيات لتقنية الدجتل حيت يشغر البعض بان نوعيه الصورة‬
‫الترتقى لصور أفالم ‪ 35‬ملم التزامنية‪ .‬ويف حني أن معدات الفيديو الرقمى والتسجيل هي‬
‫(‪)25‬‬
‫ارخص لكنها تتطلب حتديث مستمر وكذلك هناك قلق من ناحية سهولة القرصنة‪.‬‬
‫لكننا نرى أن تقنية الدجتل أث��رت يف طرق توزيع االف�لام‪ .‬الوقت تغير كليا منذ اوائل‬
‫الثمانينات حني كان شباك التذاكر باملقارنة مع النوافذ االخرى أبعد بكثير من حيث االهمية‬
‫كمصدر اساسي للعائدات بالنسبة لصناعة االفالم‪.‬‬
‫ومع ‪1999‬فإن دخل دور العرض أصبح ميثل فقط ‪ % 26‬من دخل دور العرض األمريكية‬
‫والعاملية الستوديوهات هوليوود الكبرى‪.‬‬
‫التلفزيون وخاصة عائدات الفيديو أصبحت اآلن أكثر أهمية ولكن تقنية الدجتل من املتوقع‬
‫أن جتعل موقع التلفزيون اكثر اهمية بالنسبة للمستهلك لالفالم‪.‬‬
‫إن نسبة منو ثابتة يف احلصة يحققها التلفزيون يف العائدات يف امريكا وعلى املستوى العاملي‬
‫من األفالم خالل التسعينات والتي تعكس منوا يف عدد و أهمية القنوات التلفزيونية املشفرة‬
‫املتخصصة يف االفالم‪.‬ومنذ اواخر التسعينات فان قدرات استيعابية اضافية اصبحت متاحة‬
‫(‪)26‬‬
‫والتي أوجدت خدمات اضافية أخرى يف التلفزيون (كالتخزين والتحميل وتأجيل املشاهدة)‪.‬‬
‫فاملشاهدين اصبح بأمكانهم اختيار العنوان التي يريدون مشاهدته من قائمة االفالم‪.‬‬
‫وشخصنة خدمات األف�لام من قبل املشاهدة حسب الدفع ( حيث املشاهدين بامكانهم‬

‫‪241‬‬
‫■ اجلاميع ـ جملة علمية حمكمة ـ‪ 23‬ـ‬

‫االختيار بني ‪ 4‬إلى ‪ 5‬عناوين حديثة يف وقت معني) ويلي ذلك خدمة ‪VOD‬‬
‫( ‪( Real video–on-demand‬الذي اتاح للمشاهد متابعة الفلم من خالل تقدمي‬
‫تشكيلة واسعة من األفالم وامكانية التحميل يف أي وقت مبقابل‪.‬‬
‫ولكن مازالت الكلفة التقنية املتعلقة ب ‪VOD‬مرتفعة ايضا‪ .‬كلفة التلفزيون التفاعلي والذي‬
‫يتطلب سعة كبيرة للشبكة و جناحها يتوقف على سرعة الكوابل ومنظومة االتصاالت والبنية‬
‫التحتية االخرى وحداثتها‪.‬‬
‫خدمة ‪VOD‬ميكن جتاوزها بخدمة أخرى مشابهة يف االنترنت وال��ذي ميكن املشترين‬
‫من حتميل األفالم ألجهزة حواسيبهم واالنترنت أداة فعالة فيما يبدو يف الترويج واملراحل‬
‫التي تسبق عرض األفالم يف دور العرض‪ .‬وايضا يبدو النت كنافذة ربط مهمة بني املنتجني‬
‫واملستهلكني وبشكل مباشر‪.‬لكن هناك شكوك حول رغبة املستهلكني يف مشاهدة الفلم بأكمله‬
‫على شاشة حواسيبهم يف حني هناك امكانيات اخرى متاحة لعرض أكثر متعة مثل دور العرض‬
‫املجهزة تقنيا خللق جو املعايشة وابراز دور املؤثرات اخلاصة بشكل أفضل‪.‬‬
‫كما أن الدور املهم الذي مازال تلعبه طرق التوزيع التقليدية فيما يتعلق بخفض كلف التحويل‬
‫يتيح متويال لالنتاج ويبقي على انفاق مرتفع للمستهلك على األفالم طوال مراحل عرض الفلم‬
‫من خالل نوافذ العرض للفلم ليعطي فوائد مالية مهمة تنعكس على صناعة األفالم برمتها‪.‬‬
‫مكان واحد حيث تقنية الدجتل بامكانها خفض الكلفة يف التوزيع هي يف توصيل الفلم‬
‫للسينما أو دار العرض‪.‬‬
‫إن الطريقة القدمية اليصال األفالم إلى دور العرض عادة ماترسل نسخ جاهزة‪ .‬وكل نسخة‬
‫مرتفعة الكلفة وصعبة التصنيع ويجب ان تصل دور العرض يف وقت محدد‪.‬‬
‫لكن كلفة ايصالها ميكن ان تنخفض إلى درجة كبيرة لو مت القيام بها الكترونيا‪.‬‬
‫لكن التوزيع االلكتروني يعمل فقط اذا كانت دار العرض تستخدم نظام الدجتل يف كل‬
‫جتهيزاتها واملشكل هي ان اغلب دور العرض لم تستثمر يف ايجاد هذه التقنية‪.‬‬
‫إن سيطرة االستوديوهات الكبرى لهوليود يف التوزيع ليس مبني فقط على كيفية التوزيع‬
‫(الكتروني ام تقليدي) ولكن على قدرتهم يف ضمان تزويد العارضني بتدفق منتظم ملنتجات يتم‬
‫الترويج لها بشكل جيد ومغرية بالنسبة للجمهور‪ .‬وطاملا ان االستوديوهات الكبرى تتمتع بهذه‬
‫(‪)27‬‬
‫القدرة فإن التقدم يف تقنيات االنتاج أو التوزيع ليس من املحتمل ان يزعزع مكانتها‪.‬‬
‫أفالم اإلنتاج الضخم ‪Bulkbuaster Movies‬‬
‫ونقصد به األف�لام التى مييزها احلجم الهائل‪.‬واحلجم الهائل هنا له معنيني فهو من‬

‫‪242‬‬
‫اقتصاديات السينما دراسة ابلعد االقتصادي لسيطرة هويلوود ىلع صناعة السينما‬

‫جهة اولى يشير إلى االستثمار الكبير أو الضخم ومن ناحية ثانية إلى العائدات وهذا يعنى ان‬
‫مالمح النوع اجلديد من األفالم والتى ولدت بعد احلرب العاملية الثانية هو كلفة ‪:‬االنتاج العالية‬
‫والعائدات الكبيرة ‪.‬حيث بلغ متوسط كلفة انتاج شركة كبرى للفلم يف ‪ 2006‬حوالى ‪100.3‬‬
‫(‪)28‬‬
‫مليون”‪.‬‬
‫وهو مايعني ان القادرين على انتاج ومتويل هكذا نوعية من األفالم هم الشركات الكبرى‬
‫العمالقة يف هوليوود وبالتالي فان احتكار مثل هذا النوع من األف�لام للشركات الكبرى يف‬
‫هوليوود يصبح مبثابة حتصيل احلاصل‪.‬‬
‫وهذا النوع من األفالم يقوم بالدرحة االولى على خاصية االدهاش واستخدام املؤثرات كما‬
‫انه يستهدف فئات عمرية معينة هي فئة الشباب وهم الفئة االكثر اقباال على دور العرض ‪.‬‬
‫وتركز هذه األفالم على افالم االثارة وافالم اخليال العلمي واملغامرة‪ .‬و هذه النوعية من‬
‫األفالم عادة ماتقدر اكثر من قبل اليافعني ‪ young people‬والذين هم منذ اخلمسينيات‬
‫يعتبرون الزبائن الرئيسيني للسينما واالكثر رغبة يف الذهاب خارج املنازل للعثور على وسائل‬
‫الترفيه اضافة إلى ذلك فأفالم اخليال العلمى وافالم احلركة واالثارة تتمتع مبيزة مايعرف‬
‫بـ ”القيمة الثقافية املنخفضة” الهابطة يف االسواق االجنبية والتى الجتد صعوبة يف دخولها‪.‬‬
‫باملقابل فإنه من الصعب غ ُزو أسواق جديدة من قبل تلك األفالم التى تركز بشكل اقل على‬
‫احلركة املجردة وتركزعلى الكالم أو احلوار مثل الدراما والكوميديا والتى غالبا ماتعتمد على‬
‫(‪)29‬‬
‫الثقافة املحلية “اللهجة والعادات والتقاليد املحلية “‪.‬‬
‫ويعتمد جناح الفلم على مجموعة من االستراتيجياتأهمها التركيز على الفكرة املكثفة‪“ .‬‬
‫والواقع ان مصطلح الفكرة املكثفة ظهر يف السبعينات يف قطاع التلفزيون للحديث عن القصص‬
‫التى ميكن اختصارها يف ‪ 03‬ثانية اعالنية ثم استخدمت يف وقت الحق مبعنى مشابه يف‬
‫صناعة األفالم وحسب واات ‪ ttayw‬الفلم ذو الفكرة املكثفة هو الفلم الذى ميكن اختصاره يف‬
‫(‪)30‬‬
‫جملة واحدة أو صورة واحدة وجتعل تسويقه أسهل” ‪.‬‬
‫كما تعتمد هذه النوعية من األف�لام على االعالنات املكثفة يف التلفزيون لضمان إثارة‬
‫اجلمهور وعادة ما تركز على عطلة نهاية األسبوع يف انطالقتها أو افتتاحها‪.‬‬
‫وسياسة اإلطالق الواسع للفلم تستفيد عادة من الشعبية أو االقبال الواسع على األفالم يف‬
‫امريكا وأيضا حمالت الدعاية املكثفة لهذه األفالم حول العالم‪ .‬وعادة مايقبل اجلمهور حول‬
‫العالم على تلك األفالم التي كانت من األفالم العشرة االولى أو االكثر مشاهدة متأثرا بشعبيتها‬
‫(‪)31‬‬
‫الواسعة يف امريكا‪.‬‬

‫‪243‬‬
‫■ اجلاميع ـ جملة علمية حمكمة ـ‪ 23‬ـ‬

‫وتعتمد هذه األفالم يف جناحها على النجوم الكبار لضمان عائدات كبيرة للفلم ورغم ان‬
‫هذه النوعية من األفالم ال تالقي ترحيبا يف أوساط النقاد فإنها تعتمد على سياسة احلمالت‬
‫اإلعالنية املكثفة يف التلفزيون واالنترنت لضمان حتصيل مرتفع وسريع مبجرد إطالق الفلم يف‬
‫دور العرض‪.‬‬
‫هذه النوعية من األفالم مرتفعة الكلفة أصبحت إحدى األنواع املفضلة لدى هوليوود ألن‬
‫عائداتها مرتفعة أيضا ويضمن جناح فيلم واحد خالل العام تغطية تكاليف نفقات األستوديو‬
‫طوال العام وهو بالتالي يغطي أي خسائر اخرى قد يكون تعرض لها املنتجون جراء فشل تسويق‬
‫باقي االفالم‪.‬‬
‫وهذا النوع من األفالم الذى يجلب عائدات تسمى أعمدة اخليمة »‪ ”Tent poles‬بسبب‬
‫عائداتها اجليدة وهذه األفالم قادرة على دعم االستيودهات بكاملها ويعتقد ان عدد األفالم‬
‫هو ‪2‬من بني ‪10‬افالم بأمكانها ان جتلب عائدات مع نهاية دورة حياة دور عرض الفلم‪ .‬ولكن‬
‫اذا اخذنا يف االعتباراالسواق الصغيرة االضافية فإن هذا الرقم يصل إلى ‪5‬من ‪10‬افالم‪.‬‬
‫وهذا يؤكد نظرية فوقل ‪Vogel‬الذي قال بأن صناعة السينما عليها أن متتلك القدرة على‬
‫االحتفاظ أواالبقاء على مصاريفها والتى التستعاد إال يف املدى الطويل وهذا يكون يف صالح‬
‫(‪)32‬‬
‫الشركات األكبر يف السوق ‪.‬‬
‫خالصة‬
‫واذا كان لنا أن نستخلص محصلة يف هذا الصدد فإن أفالم االنتاج الضخم ترسم مالمح‬
‫ق��درات هولوود واستوديوهاتها الكبرى وتوضح بعضا من اسباب عجز الالعبني اجلدد أو‬
‫املستقلني من خلق بدائل أو منافسة حقيقية لهوليوود‪.‬‬
‫وإذا كنا قد حددنا يف هذه الدراسة الكثير من مالمح سيطرة األفالم األمريكية على السوق‬
‫العاملية فان املنظور الثقايف الذي يدرس هذا املوضوع ضمن سياق الهيمنة وضمن ظاهرة االمركة‬
‫النقلل من أهميته أو من أدبياته غير أن التركيز على اجلانب االقتصادي واألدوات واآلليات‬
‫املتعلقة بالتمويل والتوزيع تبدو أكثر أهمية هنا باعتبارها محور هذه الدراسة االساسي‪ .‬كما ال‬
‫يجب إن نغفل تلك األطروحات التي تركز مثال على اهمية ودور اللغة االجنليزية وتفوقها كلغة‬
‫عاملية سهلة االنتشارساهمت بشكل كبير يف وصول واستيعاب األفالم األمريكية بشكل خاص‪.‬‬
‫وهنا نخلص إلى انه يجب النظر إلى موضوع تفوق وسيطرة هوليوود على صناعة السينما‬
‫عامليا كموضوع متعدد اجلوانب تتكامل عناصره وعوامله وتختلف درجات فاعلية واهمية هذه‬
‫العناصر واسهامها يف تكوين هذه الظاهرة الكلية التي نطلق عليها هيمنة هوليوود على صناعة‬

‫‪244‬‬
‫اقتصاديات السينما دراسة ابلعد االقتصادي لسيطرة هويلوود ىلع صناعة السينما‬

‫ وبالتالي فان اإلحاطة بهذه الظاهرة ودراستها هو موضوع يستدعي النظر‬.‫السينما العاملية‬
‫والتركيز بشكل عميق على جوانب متعددة والينبغي ان يتم القفز واصدار تعليالت للظاهرة‬
.‫بشكل يختزل أو يهمل جوانب اخرى من اسباب وعوامل نشوء هذه الظاهرة العاملية‬
‫قائمة املراجع‬
1 -Moran Albert(2005)Film Policy international، National and regional
Perspectives
.Rutledge ،London.p3
2-Hay،Donald and Vickers،Johan.Eds.(1987) The Economics of Market
Dominance. Basil Blackwell. Oxford، pp1014-.
3- Rosenbaum،David I.Ed.(1998)Market Dominance: How Firms Gain، Hold
or lose it and the impact on economic Performance. prager. Westport،
Connecticut، London.P5 4– Doyle Gillian(2002) “understanding media
economics”، SAGE Publication.101 ‫ص‬
102 ‫ املرجع نفسه ص‬-5
103 ‫ املرجع نفسه ص‬-6
105-104 ‫ املرجع نفسه ص‬-7
102 ‫ املرجع نفسه ص‬-8
:‫ انظر‬-9
Gomery Douglas(2004) “The economics of Hollywood: Money and Media in،
Alexander Alison: Media Economics Theory and Practice.LEA . ’‫ص‬196‫ص‬
197
:‫انظر ايضا‬
Scott، A. j. (2004) “Hollywood and the world: the geography of motion-picture
distribution and marketing”، Review of international Political Economy
،11:1 February) 3334‫ ص‬.)61-
10-Scott، A.J.(2002 “ A new Map of Hollywood: the production and distribution
of American motion pictures، Regional Studies 36(9):957975-.
106Doyle Gillian - 11‫مرجع سابق ص‬
‫انظر أيضا‬39 Scott.Allen ‫مرجع سابق ص‬
-106Doyle Gillian12‫مرجع سابق ص‬
107‫ املرجع نفسه ص‬-13
107‫ املرجع نفسه ص‬- 14
107‫ املرجع نفسه ص‬- 15
107‫ املرجع نفسه ص‬-16
17-Rob H Aft (2011) From script to screen the importance of copyrights in the
distribution of films. WIPO.P19.

245
‫ ـ‬23‫■ اجلاميع ـ جملة علمية حمكمة ـ‬

108Doyle Gillian - 18‫مرجع سابق ص‬


109‫ املرجع نفسه ص‬- 19
109‫ املرجع نفسه ص‬- 20
-Doyle Gillian21 114‫مرجع سابق ص‬
114‫ املرجع نفسه ص‬- 20
114‫ املرجع نفسه ص‬- 21
114‫ املرجع نفسه ص‬--22
114‫ املرجع نفسه ص‬- -23
115 ‫ املرجع نفسه ص‬-24
-25 Jonthan Derek Silver (2007) Hollywood s dominance of the movie industry:
How did it arise and how has it been maintained Queen University of Technology
Australia.p187
116Doyle Gillian26-‫مرحع سابق ص‬
:‫انظر أيضا‬
Eliashberg ، J.(2004) . The Motion Picture industry: critical issues in practice، -
17، 16‫ ص ص‬.Current Research Directions
- Doyle Gillian27 1171
‫ انظر‬- 28
- Marco Cucco (2009) The Promise is great: The blockbuster and the Hollywood
economy ،Media Culture Society ، 31;215 217‫ص‬
217 ‫ – املرجع نفسه ص‬29
219‫ – املرجع نفسه ص‬30
31-Eliashberg، Jehoshua The motion Picture Industry: Critical Issues In Practice
،Current Research &New Research Directions & Marketing Science ،25( 6)،pp
638661-
‫ – انظر‬32 -
Vogel، H.L. (1998) Entertainment Industry Economics: in Marco Cucco :The
Promise is great: The blockbuster and the Hollywood economy ،Media Culture
Society ،vol 31(2):215219 ‫ ص‬.230-

246

You might also like