Professional Documents
Culture Documents
4102
1
المحتويات
2
Contents
الوحدة األولى :ماهية اإلنتاج واقتصاد اإلعالم 4 ....................................................................................................
3
الوحدة األولى :ماهية اإلنتاج واقتصاد اإلعالم
-0اإلعالن
-4مبيعات البرامج
4
-3رعاية المؤسسات
تتحدث الوحدة عن موضوع اإلنتاج والمنتج ومفهومهما ودورهما في علوم اإلعالم واالتصال ،حيث ال
اقتصاد دون إنتاج ،وحيث اإلعالم هو الداعم األساسي القتصاديات العالم ،ألنه صناعة متكاملة في
عصرنا الحاضر .وثمة مبررات وأسباب موضوعية لالهتمام بدراسة اقتصاديات اإلعالم وتحليلها ،منها:
ضخامة االستثمار في مجال اإلعالم ودخول الدول الحكومات في النشاط االقتصادي لإلعالم باعتبار
أن صناعة اإلعالم فرضت نفسها كاقتصاد حيوي ومميز .وهذا االقتصاد يخضع لمنطقي النشر والبث
بحكم طبيعة وسائل اإلعالم المختلفة التي تمتلك مصادر عديدة لتمويلها ،مثل :اإلعالن ومبيعات البرامج
ورعاية المؤسسات والدعم الحكومي أو دعم القطاع الخاص.
أن يفهم الطالب العالقة المنطقية بين اإلنتاج واالقتصاد عامة وفي اإلعالم خاصة.
أن يدرك الطالب المبررات واألسباب الموضوعية لالهتمام بدراسة اقتصاديات اإلعالم وتحليلها.
أن يستوعب الطالب أسباب وكيفية تحول صناعة اإلعالم إلى اقتصاد حيوي ومميز في المجتمعات
الحديثة.
أن يفهم الطالب آلية تمويل وسائل اإلعالم المختلفة ومصادرها باعتبار ذلك عصب العملية اإلعالمية.
إن مصطلح إنتاج productionمن المصطلحات التي يختلف في تحديد مفهومها الكثيرون نظ ًار التساع
دائرة استخدامه ،إذ يشمل أنشطة عديدة اقتصادية وصناعية وزراعية وحيوانية وحرفية وعلمية وفنية
7
واتصالية إعالمية ،بل وكثي اًر ما يأتي الخالف نتيجة رؤية سياسية أو إيديولوجية معينة تعطي المصطلح
مفهومًا مختلفًا طبقًا لكل اتجاه ،وجاءت أوسع التعريفات لتجعل من اإلنتاج كل نشاط أسهم في إشباع
الحاجات اإلنسانية ،وهذا أوضح ما يكون في حالة الزارع والخباز أو البناء أو الخياط؛ فإن نشاطهم
يتمخض عن سلعة تشبع حاجتنا إلى الغذاء أو الوقاء أو الكساء ،ولكنه يصدق أيضًا بالنسبة للعامل في
مصنع اآلالت ،أو التاجر أو الطبيب أو المعلم أو الممثل أو الموسيقي ،حيث يسهم كل هؤالء جميعًا في
إشباع حاجة أو أخرى بطريقة مباشرة أو غير مباشرة .غير أن تعريف اإلنتاج لم يكن دائمًا بهذا الشمول،
فالطبيعيون في القرن الثامن عشر كانوا يقصرون اإلنتاج على الصناعة والتجارة من دائرته ،وبعض
االشتراكيين يقصرون اإلنتاج على الزراعة والصناعة ،وينظرون بارتياب إلى التجارة والخدمات بأنواعها
غير أن هذا التضييق ال يستند إلى أسس مقبولة.
وتتسع دائرة المصطلح أيضًا عندما يتضمن كل نواحي اإلنتاج المادي الذي يحصل عليه اإلنسان كنتيجة
مباشرة لعمل ما .إن إنتاج الخبرات المادية هو أساس حياة المجتمع البشري في كل درجة من درجات
التطور ،وعليه فاإلنتاج مفهوم واسع جداً .إن تعاطي الناس أنواعاً ملموسة من اإلنتاج منها البستنة
(زراعة الفواكه في البساتين) ،وتربية المواشي ،وزراعة الحقول ،وزراعة الخضار هي أنواع من اإلنتاج
الزراعي ،واستخدام الفحم والنفط والغاز هو من ميدان صناعة االستخراج (التعدين) ،أما إنتاج اآلالت
وسائر وسائل العمل فتقوم به الصناعات الثقيلة.
أما في مجال علوم االتصال فيذهب المصطلح بصفة عامة إلى تحويل الفكرة إلى منتج نهائي a
finished productمثل كتاب أو مسرحية أو فيلم سينمائي أو برنامج منوعات أو تمثيلية تلفزيونية أو
إذاعية أو حملة إعالنية ،ويطلق أيضًا على جميع العمليات الالزمة إلنتاج برامج للراديو أو التلفزيون أو
اإلعالنات التجارية من الفكرة وكتابة النص وتوزيع األدوار Castingوالتجارب الجافة rehearsingثم
التسجيل .وفي السينما يشير المصطلح إلى جميع الخطوات الالزمة إلنتاج فيلم سينمائي .وهكذا يمكن أن
نطلق المصطلح بصفة عامة ،على عملية تنظيم العمل في الفيلم أو البرنامج أو التمثيلية ،وتنسيق العمل
بين العناصر الفنية المختلفة المشاركة في التنفيذ من حجز المعدات ،واقامة المناظر ،واختيار المواقع،
اء داخل
والحصول على التصريحات ،ومراقبة عمليات التحضير والتصوير ،وتحقيق مطالب المخرج سو ً
األستوديو أم خارجه ،وتسهيل المعوقات والصعوبات في حدود الميزانية المقررة.
6
المنتج producerواشكالية المصطلح أيضاً:
وجاءت إشكالية المصطلح إنتاج productionلتشمل المنتج producerذاته ،أي القائم باإلنتاج طبقاً
لنوع النشاط اإلنتاجي ،فالمزارع منتج ،والصانع منتج ،والحرفي منتج ،واألديب منتج ،والفنان منتج ،إلى
آخر القائمة .وفي النطاق الرأسمالي ،يعد صاحب رأس المال هو المنتج الرئيس ،فهو الذي يملك وسائل
اإلنتاج ،وهو الذي يقوم بتشغيل العامل أو المزارع أو أصحاب الحرف .وينسب اإلنتاج بصفة عامة إلى
صاحب رأس المال :فورد ،سبينسر ،هارولدز ،فاإلنتاج إنتاج الشركة أو المؤسسة ،وان كان من الممكن
أن تحسب إمكانية كل عامل أو أي يد عاملة أخرى ،وقد يكون هناك إنتاج تعاوني أو إنتاج لمؤسسات أو
مشروعات حكومية في إطار المجتمع الرأسمالي.
أما في النظم االشتراكية ،فالدولة عادة تمتلك كل وسائل اإلنتاج ،فهي المنتج األساس حتى في مجال
الفنون ،مثل المسرح والسينما والراديو والباليه ،بل السيرك أيضاً ،وقد يكون لها إنتاج تعاوني وملكية
تعاونية ،وقد تصل ببعض النظم االشتراكية في مرونتها إلى إطالق المشروعات الفردية مع وجود رقابة
من الدولة .وهناك دول تجمع بين الملكيات الرأسمالية والملكيات العامة والملكيات المشتركة والملكيات
التعاونية ،والمنتج هنا صاحب رأس المال الفردي ،فرداً أو شركة أو الدولة في ملكيتها العامة للمشروعات
اإلنتاجية أو الملكيات المشتركة في حالة دخول شركاء مع الدولة في عمليات اإلنتاج.
أما في النواحي االتصالية اإلعالمية فيشير المصطلح في لغة المسارح األميركية -على سبيل المثال -
إلى الشخص أو األشخاص المسؤولين عن تمويل العمل المسرحي من الناحية المالية التنظيمية واإلدارية
والحرفية ،وعاد ًة ما يقوم بذلك المنت ج بالتعاون مع المؤلف والمخرج والممثلين والحرفيين المسرحيين ،أما
في المجال المسرحي في المملكة المتحدة فإن المصطلح يشير إلى المخرج المنوط به إخراج المسرحية.
وفي النواحي االتصالية أيضاً يشير المصطلح إلى الشخص المسؤول مسؤولية كاملة عن أي إنتاج
للراديو أو التلفزيون أو المسرح أو اإلعالنات التجارية ،وهذا يطلق على الشخص الذي يقوم بالتمويل
الخاص بعملية اإلنتاج ،وكذلك على الشخص المسؤول من الناحية اإلدارية والمالية والفنية واختيار
مجموعة من العاملين في اإلنتاج production teamوعن اإلنتاج ذاته من ناحية اختيار المخرج
والممثلين والتوزيع وتحديد ساعات اإلنتاج ،production hoursباإلضافة إلى مسؤوليته القانونية أمام
الجهات المعنية ،واذا كان المخرج هو المسؤول عن الحصول عن المنتج النهائي كعمل فني إبداعي،
3
فمن البديهي أن يكون هناك تفاهم تام بين المنتج وبين المخرج ،وقد يطلق المنتج يد المخرج بحرية تامة
في جميع خطوات التنفيذ بشرط االلتزام بالميزانية المحددة لإلنتاج.
لم يعد اإلعالم ذلك النشاط التقليدي المعني بنقل الرسائل اإلعالمية من مرسل إلى مستقبل فيما أطلق
عليه االتصال الخطي ،بل أضحى نشاطًا واسعًا ومؤث ًار على المتلقي وموجهًا لسلوكه حتى عرف بـ
االتصال الدائري Circular Communicationوبذلك اتسع المعنى ليشمل قطاعات المجتمع وأنشطته
المختلفة ،وعلى رأسها النشاط االقتصادي .ولما تطورت تقنية االتصال بفعل استخدام األقمار
االصطناعية ( )Satellitesوشبكة المعلومات الدولية ( )Internetونشطت حركة المعلومات توسعت
معها على قدم المساواة اقتصاديات العالم.
إذاً ،يمكننا الجزم بأن اإل عالم هو الداعم األساس القتصاديات العالم ،ومن جهة ثانية فإن اإلعالم نفسه
قد أصبح صناعة متكاملة في عصرنا الحاضر مثلها مثل الصناعات األخرى ،وهذا يتأتى بسبب قدرة
وسائل االتصال على التأثير على حركة المجتمع بما تمتلكه من إمكانات تقنية ونفوذ واسع مكنها ألن
تكون سلطة لها دورها السياسي واالقتصادي والثقافي واالجتماعي.
لكي تستمر وسائل االتصال في أداء مهامها ال بد لها أن ترتكز على قاعدة اقتصادية قوية ألن هذه
الوسائل بحاجة إلى نفقات كبيرة تتمثل في الكادر البشري والمعدات وأنظمة االستقبال واإلرسال...الخ.
ونظ ًار ألن وسائل اإلعالم تعمل في سوق مشترك وفق مفهوم تدفق المعلومات عليها أن ترتقي إلى
مستوى المنافسة ،وهذا يتطلب الكثير من الجهد ،األمر الذي أضفى عليها الطابع التجاري ،وبالتالي
تسعى وسائل اإلعالم واالتصال في كل دولة ألن تتميز على وصيفاتها ،فكان عليها أن توفر الكادر
البشري والتقنية المتطورة ،وتقدم نفسها للجمهور من خالل مادة مؤثرة تعرضها وفق منهجية علمية.
أخذ رجال االقتصاد يلحون على ضرورة الوقوف على النظم المالية واالقتصادية التي تطبقها مؤسسات
اإلعالم من أجل الوصول إلى أفضل البدائل في التشغيل االقتصادي لهذه المؤسسات ،وظهر علم جديد
5
اء كانت هادفة
هو اقتصاديات اإلعالم الذي يعنى باألسس التي تحكم األنشطة اإلعالمية المختلفة ،سو ً
للربح أم الخدمة العامة.
وقد صاحب هذا االهتمام اهتمام بدراسات الجدوى من إنشاء شبكات إرسال جديدة وتقديم البرامج وتطورها
واستخدام األقمار الصناعية وغير ذلك ،كما صاحبه تطبيق دراسات عن الكلفة والعائد والفاعلية
والدراسات المعتمدة على تحليل النظم وغيرها.
إن فهم اإلعالم ودراسته مطلب رئيس إذ يستلزم اإللمام باألبعاد والزوايا المختلفة لإلعالم .فهناك الزاوية
اإلحصائية التي تبين لنا تجريبياً معامالت االرتباط في الحقل اإلعالمي ،وهناك الزاوية التاريخية التي
تعنى بدراسة التطور التاريخي للظواهر اإلعالمية ،وكذا الزاوية القانونية التي ندرس من خاللها
التنظيمات اإلعالمية من الوجهة القضائية ،أما الزاوية االقتصادية فهي تقوم أساساً على دراسة وسائل
اإلعالم من الناحية اإلدارية ،بمعنى تحقيق أهداف هذه الوسائل في حيز النشاط االقتصادي الذي
يستهدف إشباع الحاجات اإلنسانية.
وهذه الزاوية االقتصادية ال يمكن أن تعيش حقيق ًة بمعزل عن تلك الزوايا األخرى ،ألن االقتصاد ال يفهم
بدون التاريخ واإلحصاء والقانون.
إن جوانب االهتمام األساسية للزاوية االقتصادية تتركز حول إنتاج اإلعالم وتوزيعه واستهالكه .وهنا سؤال
مهم :هل يمكن تقييم اإلعالم بالتحليل االقتصادي؟ ولإلجابة عن هذا السؤال نقول :إنه مادامت الحاجة
إلى إنتاج اإلعالم قائمة ،وخاصة مع توافر العوامل الثالثة التقليدية لإلنتاج ،وهي :المادة الخام والعمل
ورأس المال في إنتاج الصحيفة أو اإلذاعة أو التلفاز أو الكتاب أو الوسائل الفضائية الحديثة ،فإن تتبع
منهج التحليل االقتصادي ينطبق على اإلعالم.
إن موضوع اقتصاديات اإلعالم خرج إلى الوجود مع ثورة االتصال والن مو السريع لصناعة اإلعالم .فلم
يكن الموضوع مثار االهتمام في اإلعالم والدراسات اإلعالمية قديماً ،ألن تكلفة اإلعالم قبل اختراع
الطباعة ،ثم اختراع المذياع والتلفاز لم تكن شيئاً يستحق البحث .لقد كان االهتمام قديماً بالشكل المثالي
أو بمحتوى الرسالة ،بحيث كان يغلب على ما عداه .أما اليوم فإن االهتمام بالشكل المادي وبتكلفة
الرسالة اإلعالمية يقف إلى جانب االهتمام بمضمونها كتفاً بكتف.
9
ومن ثم خرجت دراسات اقتصاديات اإلعالم من علوم :اإلعالم ،واالقتصاد ،واإلدارة لتبين لنا كيف ينتج
اإلعالم ،وكيف يخزن ،وكيف يسوق ،وكيف يستخدم.
إن دارس اإلعالم يالحظ أن اقتصاديات اإلعالم لم تحظ باهتمامات علماء االقتصاد ،وكأن اقتصاديات
اإلعالم ال تشغل إال بيتاً متواضعاً في مدينة االقتصاد الواسعة .لذلك ،شهد الربع األخير من القرن
العشرين دراسات واهتمامات بدأت في التعمق والدراسة وتحليل اقتصاديات اإلعالم ،ولعل أهم أسباب هذا
التعمق ما يلي:
مما يوضح لنا ضخامة االستثمارات في الصحافة ،وعلى سبيل المثال ،بلغت أرباح صحيفة واحدة وهي
نيويورك تايمز األمريكية 3..1مليون دوالر في عام واحد ،كما بلغت حصيلتها من اإلعالنات في السنة
نفسها 371مليون دوالر ،وقد وصل معدل التوزيع اليومي لهذه الصحيفة 381ألف نسخة ،أما العدد
األسبوعي الذي يصدر يوم األحد فقد بلغ معدل توزيعه مليونًا و 311ألف نسخة.
إن وسائل اإلعالم كغيرها من بعض القطاعات ال تزال تعتمد على إعانات الدولة والممولين أو بعض
الداعمين المقربين من الحكومة ،من أجل االستم اررية في السوق .وتمارس كثير من الدول والحكومات
االحتكار ،كما القوى االقتصادية الكبرى في العديد من الدول ،على المؤسسات اإلعالمية والمعلومات.
إن مشاكل اإلنتاج في إعالم البلدان الرأسمالية تختلف إلى حد كبير عن مشاكل اإلنتاج في البلدان
االشتراكية ،وكالهما يختلف في مشاكله اإلنتاجية عن المشاكل التي يواجهها اإلعالم في البلدان النامية.
لقد تبين أن األخذ بالجديد من التق نية في نطاق الصحافة يؤدي إلى توفير ثلثي القوى العاملة وأكثر من
نصف التكلفة النقدية .لهذه األسباب وغيرها كان التعمق في دراسة اقتصاديات اإلعالم وتحليلها ضرورياً،
فالعصر الحديث بثورة معلوماتية وتقنية وعولمة اقتصادية وكوكبية كونية ونهضة حاسوبية وقنوات
فضائية يؤكد أهمية العناية باإلعالم ووسائله من جميع النواحي ،وخاصة الجانب االقتصادي.
12
واذا كان األمر كذلك في الدول المتقدمة ،فاألمر غير ذلك في غيرها من الدول .إن المسؤولين ورجال
اء في النظام أم المعارضة ،لم يحملوا أية رؤية
اإلعالم وأصحاب القرار السياسي في العالم الثالث سو ً
اقتصادية لوسائل اإلعالم واالتصال ،وكان االعتماد واالهتمام فقط بالجانبين السياسي – االجتماعي
والثقافي .لقد كانوا أسيري فكرة واهمة هي أن وسائل اإلعالم هي مجرد أدوات للنشر والبث والدعاية.
مع بداية األلفية الثالثة ،أصبح موضوع اقتصاديات اإلعالم واالتصال في العالم الثالث فرعاً جديداً له
تواجد وضرورة في العلوم االقتصادية ،علمًا أن ظهور األبعاد االقتصادية تم في األربعينيات من خالل
الصناعة السينمائية في أمريكا ،وظهر هذا البعد في أوروبا في الستينيات ،ثم أخي اًر في بعض بلدان العالم
الثالث مع بداية األلفية الثالثة أي منذ عام ،.111حيث ترسخ الجانب االقتصادي وفرض قوانينه.
ومن الجانب التعليمي واألكاديمي ،فإن أغلب طالب تخصص اإلعالم واالتصال ال يهتم بموضوع
اقتصاديات وسائل اإلعالم واالتصال ،ويفضلون البحث في إشكاليات تتعلق بالسياسة واإليديولوجيات
والرأي العام ،ومن هنا تأتي أهمية هذا المقرر.
إضافة إلى أن الحديث عن الجانب االقتصادي في هذه المؤسسات ال يزال غائبًا في الثقافة العربية ،إذ
يعد ربط المؤسسات اإلعالمية بالمال واالقتصاد – بالنسبة لبعضهم -عيبًا وعا ًار.
تعرف اقتصاديات اإلعالم بأنها فرع من فروع االقتصاد التطبيقي الذي يدرس :اإلنتاج ،التوزيع،
االستهالك.
والمقصود باإلنتاج هو عملية تنظيم العمل في البرنامج ،والتنسيق بين العناصر الفنية المشاركة في
التنفيذ ،وتسهيل كل المعوقات والصعوبات في حدود الميزانية المقررة .ويدخل ضمن هذا المفهوم كل
النفقات المادية والفنية والتقنية والبشرية ،وتتفاوت اإلمكانيات حسب طبيعة الوسائل وفق ما يتوفر لها من
موارد وبيئة عمل.
أما التوزيع فهو قدرة القائم باالتصال على توصيل المادة اإلعالمية للجمهور .ويدخل ضمن ذلك توصيل
الصحف للقارئ عن طريق استخدام الوسائل التي تتمثل في السيارات والطائرات وغيرها ،وتوصيل الخدمة
11
اإلذاعية عن طريق الموجات األثيرية ،والخدمة التلفزيونية عن طريق األقمار االصطناعية ،واتاحة خدمة
اإلنترنت.
واالستهالك يعني مدى قبول الجمهور لمحتوى وسائل اإلعالم وشكل الرسائل المقدمة .ويتطلب هذا
محتوى ما تقدمه الوسائل علينا الكثير
ً جهداً كبي اًر يختلف باختالف طبيعة الوسائل ،فلكي يقبل الجمهور
من العمل ليس فيما يختص بالمضمون فحسب ،إنما بالنسبة لشكل المادة وقالبها أيضًا ،وهذان هما قطبا
المادة اإلعالمية التي تتطلب فهمًا واسعًا للوسائل وجمهو ًار يرتقي إلى مستوى الدراسة والتمحيص.
يمكن تصوير صناعة وسائل اإلعالم باعتبارها سلسلة من األنشطة الفرعية ،مترابطة الحلقات يأخذ
بعضها برقاب بعض ،ويهيمن عليها نشاط رئيس يختلف من وسيلة إعالم إلى أخرى .فالنشاط الرئيس في
الصحافة المكتوبة هو النشر ،أما في اإلذاعة والتلفزيون فهو البرمجة ،أما األنشطة األمامية فهو ما
يتعلق بجميع المعلومات أو ما يمثل المحتوى عامة :األنباء ،الصور ،اإلعالنات ،وهذا تشترك فيه
الصحافة المكتوبة والتلفزيون واإلذاعة .وهناك أنشطة أمامية أخرى تخص اإلذاعة والتلفزيون مثل إنتاج
البرامج اإلذاعية وا لتلفزيونية والمواد السمعية البصرية المختلفة ،األشرطة ،التحقيقات ،المنتجات اإلخبارية
والثقافية والمواد العلمية الخيالية واإلعالنية ...إلخ .وكذا اإلنتاج الفني :الحفالت الموسيقية ،األلعاب
باإلضافة إلى األفالم السينمائية ،فكل هذه األنشطة يمكن أن تسند إلى مؤس سات أخرى غير المؤسسات
التي تقوم بالبرمجة .وكذلك الشأن بالنسبة إلى األنشطة الخلفية :الطباعة والتوزيع بالنسبة إلى الصحف
والبث الهرتزي األرضي أو عبر األقمار االصطناعية ،أو التوزيع عبر الكابل (التلفزيون السلكي) بالنسبة
إلى التلفزيون ،فكلها أنشطة يمكن أن تقوم ب ها مؤسسات أخرى .وفي آخر السلسلة يوجد الجمهور الذي
يتجه إليه كل النشاط :قراء الصحافة ومشاهدو التلفزيون ومستمعو اإلذاعة.
هذه البنية الصناعية لنشاط وسائل اإلعالم ثابتة تقريبًا ،وال يمكن أن تتغير إال بحدوث طفرة تكنولوجية
باهرة تعدل البنية الصناعية بإلغاء بعض الحلقات (أو بإضافة حلقات جديدة) ،أو تغير محتوى النشاط
داخل كل حلقة من حلقات السلسلة .يتمثل جوهر هذا الطرح في القول بأن ما يحدد أية وسيلة إعالم في
المجتمع الحديث هو تضافر ثالثة مستويات :سياسي وصناعي (تكنولوجي) واقتصادي .ويقدم هذا الطرح
تفسير نشأة أية وسيلة إعالم والتحوالت التي تط أر عليها ،وهو طرح متميز يحاول تفسير جوانب التطور
12
أو القصور في وسائل اإلعالم في المجتمعات الصناعية المعروفة بالمجتمعات الديمقراطية .غير أن
افتراض أن المستوى السياسي هو المحدد النهائي لتطور وسائل اإلعالم ،وأن المستويين اآلخرين
التكنولوجي واالقتصادي ،هما مستويان ثانويان مكمالن فقط ،هو افتراض يحتاج إلى فحص وتمحيص
خارج نطاق البلد المصنعة.
الذي يؤكد أن اإلعالم أصبح صناعة لها اقتصادها المميز العديد من الشواهد مثل:
.3هي أصبحت سلعة مثلها مثل أي سلعة أخرى تتوافر فيها شروط السلطة التي يطلقها االقتصاديون
وهي الخمسة إم ( :)5 Mالمال ،Moneyاأليدي العاملة ،Man Powerالمواد الخام ،Material
اآلالت ، Machinesاإلدارة .Management
..تشترك أهداف المنتج اإلعالمي مع أهداف أي سلعة أو منتج آخر مع التأكيد على الخصوصية
المتعلقة بمضمون الرسالة اإلعالمية ووظائفها تجاه الفرد والمجتمع ،فهناك هدف إشباع الحاجة إلى
المعرفة وتحقيق الربحية أو العائد باعتباره مقياس إنتاجية أي صناعة.
.1إن إدارة مؤسسة إعالمية تعد نشاطًا إبداعيًا إداريًا ،واذا نظرنا للواقع نجد أن كثي ًار من مديري
الصحف هم من المبدعين ومن منتجي الفكر.
.3إن مديري وسائل اإلعالم تنطبق عليهم صفة مديري المؤسسات اإلعالمية الذين يتولون مهمة تهيئة
البيئة اإلدارية المالئمة ،والتي تجعل جهود الجماعة موجهة نحو تحقيق أهداف العمل الجماعي ،حتى
تخرج الصحيفة كسلعة مادية أو خدمة ملموسة تهدف لتحقيق الربح.
. 1التغييرات الواسعة التي حدثت في طبيعة العالقات المهنية واالجتماعية بين فئات العاملين في
المؤسسة اإلعالمية من مالك وصحفيين واداريين وأهمية إعادة التوازن في هذه العالقة بعد دخول عناصر
جديدة غريبة عن الروح اإلعالمية مثل المبرمجين ألجهزة الحاسوب والمنظمين.
. 6تعاظم دور االقتصاد في الصناعة اإلعالمية مع تزايد االتجاه نحو خصخصة النشاط اإلعالمي على
المستويين العالمي والمحلي.
13
المنطق الصناعي لوسائل اإلعالم:
فرق الباحثون منذ الثمانينات بين منطقين مختلفين يحكمان سير صناعات وسائل اإلعالم ،ثم فرقوا بين
هذه الصناعات بداللة هذين المنطقين .ويجدر بنا ،في هذا المقام ،أن نبدأ بضبط معنى مصطلح منطق
في سياق تحليل نظرية الصناعات اإلعالمية التي يشكل فيها مقولة محورية .وتحليل مقولة المنطق
الصناعي هنا يعني الحديث عن مستويين متمايزين :مستوى بنية الصناعة ومستوى تنظيمها.
فأولهما :يعني الشروط الهيكلية التي تحدد متغيرات عمل األطراف الفاعلة في قطاع معين في فترة
تاريخية محددة ،فهو يشير هنا بالتحديد إلى القواعد التي توجه هيكلة وسير قطاع صناعي معين ،والتي
تحدد خصوصيات عمليات اإلبداع واإلنتاج وتمفصلها ،وصيغة الصالحية ،واستهالك المنتجات الثقافية.
فالمنطق هنا ،يحدد قواعد العمل (اللعبة) بين مختلف األطراف بصرف النظر عن إرادتهم ،أي أنه يصف
االتجاهات الكبرى للصناعة في لحظة معينة.
ثانيهما :هو األشكال الغالبة لتبضيع الثقافة وتصنيعها في لحظة تاريخية معينة ،وهي نتيجة الرتباط
معين بين وظائف اإلنتاج والبرمجة (أو النشر) والبث (أو التوزيع) .ويتم التمييز عادةً بين منطق النشر
ومنطق البث ،فمصطلح (المنطق) هنا يجمع بين المعنيين معًا :أي الشروط الهيكلية وأشكال المؤسسة
الناجمة عنها.
يحكم منطق النشر إنتاج المواد الثقافية ،وأنماط صالحيتها معًا .وتسمح تقنيات اإلنتاج ،في هذا
اء (إيجا ًار) للمستهلكين مباشرًة ،ومن أهم أمثلة
المنطق ،بإنتاج نسخ من عمل معين وتسويقها بيعًا أو كر ً
الصناعات القائمة على منطق النشر صناعة الكتاب وصناعة الشريط المسموع وشريط الفيديو ،وصناعة
الصورة المكبرة ،واألسطوانة المضغوطة...
دور الناشر:
يلعب الناشر في هذه الصناعات جميعًا دو اًر مركزيًا ،فهو الذي يجمع بين وظيفة اإلبداع الفكري ،واإلنتاج
المادي (الصنع) ،والنسخ الصناعي لألعمال الثقافية .فهو يختار المشاريع واألعمال التي يقدمها للنشر
14
والتسويق من بين فهرس متعدد األسماء والعناوين من المؤلفين وأعمالهم المقترحة ،ويتحمل مخاطرها
جزئيًا أو كليًا.
ووظيفة النشر مهمة جدًا :تتمثل في اختيار األعمال وتصنيعها وتسويقها ،ويكمن مصدر الصعوبة في
عشوائية الطلب على المنتجات الثقافية ،إذ يتعين على الناشر أن يوازن على األقل بين األعمال الفاشلة
واألعمال الناجحة ليضمن توازن المؤسسة.
يحكم منطق البث أو التدفق عرض المنتجات بواسطة البث الجماهيري( ،فبدالً من إعادة نسخ النموذج
األصلي لعمل معين عدة مرات أو توزيعه يتم بثه في وقت واحد إلى عدد كبير من المستهلكين) .وهو
المنطق الذي يحكم نشاط التلفزيون أو اإلذاعة ،حيث يتم عرض البرنامج نفسه ،بواسطة البث على
جمهور واسع ،ال على شكل نسخ فردية قابلة لالمتالك ،ويتم استهالكه في الوقت نفسه الذي يبث فيه.
الوظيفة األساسية ،المماثلة لوظيفة الناشر في صناعة النشر ،هي هنا وظيفة المبرمج .ومهمة المبرمج
األساسية هي بناء شبكة برامج يمكنها أن تجتذب اهتمام أكبر قدر من المستمعين أو المشاهدين خالل
أطول فترة ممكنة ،ولذلك يحاول المبرمج أن يبني شبكة برامجية توافق وقت العائالت ،وجدول انشغاالتها.
عادةً ما يتم عرض المواد اإلعالمية ومواد التسلية والترفيه في الوقت نفسه لتلبية هذا المطلب :جذب أكبر
عدد من المستمعين أو المشاهدين أطول فترة ممكنة.
يقع منطق الصحافة في منزلة بين المنطقين السابقين ،ففي الصحافة يتم تدوين محتوى غير مادي على
مرتكز مادي غير معمر ،بل عابر هو الصحيفة ،ويتم تجديد النموذج في فترة قصيرة جدًا ،فينسخ ويوزع
على نطاق واسع وبأقصى سرعة ممكنة .ويتم ذلك في ظروف إنتاج مغايرة تمامًا لما هو عليه األمر في
المنطقين السابقين.
17
تعتمد وسائل اإلعالم على أنواع مختلفة من مصادر التمويل من أهمها:
-0اإلعالن:
الذي يع ًد بحق المصدر األهم لمعظم وسائل اإلعالم ومؤسساته ،وأحيانًا بعد الدعم الحكومي والخاص.
اإلعالن أحد األشكال الرئيسة لترويج المبيعات الذي يستهدف تعريف مجموعات المستهلكين بالسلع
والخدمات وخصائصها ومميزاتها وحث المستهلكين واقناعهم باتخاذ خطوات استهالكية معينة وفق
األهداف التسويقية األساسية .وال شك أن اإلعالن الجيد يحقق زيادة في كمية المبيعات من السلعة،
وبذلك يحقق خفضا في تكلفة اإلنتاج ،ومن ثم يؤدي على المدى الطويل إلى خفض سعر بيع السلعة
للمستهلك .وعليه فإن كل مبلغ يصرف على اإلعالنات يصب في االستثمارات التي تدر أرباحاً حاضرة
ومستقبلية.
لقد أصبح اإلعالن أحد معالم المجتمع الحديث الذي ال يمكن االستغناء عنه .يقول أرمان ماتالر في
كتابه (إمبراطورية اإلعالن) :إن االهتمام المتزايد باإلعالن كفن ينسينا أنه أيضًا صناعة يزداد ثقلها يومًا
بعد يوم ،ومؤسسة قائمة بذاتها ،حيث يشارك اإلعالن في كل الظواهر التي تزخر بها القطاعات
ال عن الدور الذي أصبح يلعبه في المضاربات المالية التي تجري على الصعيد
االقتصادية المختلفة ،فض ً
العالمي.
إن معركة السيطرة على شبكات اإلعالن ووكاالتها تواكب معركة السيطرة على الشركات التجارية
والصناعية عابرة القارات من أجل الحصول على نصيب األسد من السوق العالمي .وعليه ،يمكننا التأكيد
على أن اإلعالن هو الداعم األساس القتصاديات وسائل اإلعالم.
-4مبيعات البرامج:
تقوم بعض وسائل االتصال ببيع برامجها ،ولكن هذا يتطلب أن تكون لهذه الوسائل قدرة مهنية ومادية
وتقنية تمكنها من تقديم برامج منافسة تستطيع من خاللها زيادة دخلها.
-3رعاية المؤسسات:
16
تقوم بعض المؤسسات برعاية البرامج اإلذاعية أو التلفزيونية أو غيرها مقابل قيمة تدفعها للمحطـة،
والغرض من مثل هذه البرامج هو اإلعالن عن سلع أو خدمات تقدمها تلك المؤسسات ،وعليه يمكن
القول بأن هناك مصالح مشتركة بين المؤسسة والمحطة.
من المعلوم أن هناك كثي ًار من محطات الراديو والتلفزيون والصحف ومواقع اإلنترنت لها ارتباط بالقطاع
العام أو القطاع الخاص ،وحسب ما تمليه تلك العالقة ي مكن أن تقدم الحكومة أو مؤسسات القطاع
الخاص الدعم للمؤسسات اإلعالمية ،وقد يكون ذلك الدعم دعماً مالياً مباش ًار ،أو في شكل مساعدات
وتسهيالت.
كثي ًار ما يؤدي اعتماد وسائل اإلعالم على مصادر تمويل بعينها إلى أن تتحول مصادر التمويل هذه إلى
فاعل مؤثر في محتوى تلك الوسائل وربما سياساتها ،ويؤدي هذا غالباً إلى بعض السلبيات:
قد تخضع مؤسسات اإلعالم لإلغراءات المالية على حساب ما تقدمه من مضمون ،وتجنح لضغوط
اإلعالن وسيطرة المؤسسات الضخمة.
وهي تمثل ضغطًا على األسرة لشراء سلع ربما تكون غيــر ضرورية ،بل ربما ضارة.
كثي اًر ما يحتوي اإلعالن التجاري على ما يسمى بأساليب الجذب ،وهي تتمثل في ممارسة الخداع،
التضليل ،اإلغراء.
13
المصادر والمراجع المستخدمة في الوحدة األولى
-عبد المجيد شكري ،تكنولوجيا االتصال الجديد في إنتاج البرامج في الراديو والتلفزيون ،دار الفكر
العربي ،مدينة نصر.3996 ،
-مجذوب بخيت محمد توم ،اقتصاديات اإلعالم ،مركز الخبراء للتدريب ،السودان .6 ،أغسطس،
..131
-أحمد إسماعيل حجي ،اقتصاديات التربية والتخطيط ،القاهرة ،دار الفكر العربي..11. ،
-زيد بن محمد الرماني ،اقتصاد اإلعالم ،أسرار وأخبار ،ط ،3الرياض ،مكتبة الرشد ناشرون..111 ،
-عاشور فني ،اقتصاديات وسائل اإلعالم المرئية والمسموعة ،اتحاد إذاعات الدول العربية ،تونس،
..13.
-محمد سيد محمد ،اقتصاديات اإلعالم ،مكتبة كمال الدين ،القاهرة.3979 ،
15
نماذج عن أسئلة من الوحدة األولى
19
الوحدة الثانية :اقتصاد الصحافة المطبوعة
مقدمة
أوالً – التوزيع
ثانياً -اإلعالنات
-دعم مباشر
-4مصروفات متغيرة
-3استثمارات جديدة
22
ثانياً -تكاليف اإلصدار الدوري
-0تكاليف التحرير
-4تكاليف الطباعة
-3تكاليف التسويق
-2تكاليف أخرى
-7الضرائب بأنواعها
21
ملخص الوحدة الثانية:
في الحديث عن اقتصاد الصحافة المطبوعة ،تتنوع موارد الصحيفة ومصادر تمويلها ،وتأتي أهم هذه
الموارد من التوزيع ،واإلعالنات ،والطباعة التجارية ،واستثمار بعض أقسام المؤسسة الصحفية ألغراض
اء المشروع منه أم غير
استثمارية ،ومرتجعات الصحف ،ومخلفات ورق الطباعة ،وأيضًا الدعم سو ً
المشروع .وتتنوع مصروفات أو عناصر تكاليف الصحيفة بين مصروفات ثابتة أو شبه ثابتة ومصروفات
متغيرة واستثمارات جديدة لحساب الصحيفة .وبالنسبة لتكاليف اإلصدار فثمة ما هو قبل اإلصدار مثل
تكاليف الحصول على ترخيص الصحيفة ،تكاليف شراء أو استئجار مبنى ،تكاليف االشتراك بصحف
ومجالت ووكاالت أنباء ...الخ ،وتكاليف اإلصدار الدوري مثل تكاليف التحرير والطباعة والتسويق،
وتكاليف أخرى مرتبطة بالصحفيين ،وبمعدات المؤسسة الصحفية ،وبأعمال التطوير والتحديث.
أن يدرك الطالب أهمية العوامل االقتصادية في إنشاء الصحف المطبوعة واستمرار عملها.
أن يعرف الطالب بدقة تفاصيل أنواع تمويل الصحافة المطبوعة ومصادرها ،وضرورة ذلك لوجود
واستمرار الصحيفة.
أن يعرف الطالب بدقة مجمل تفاصيل عناصر الصحافة المطبوعة وتكاليفها.
22
مقدمة:
كما أن الظروف الخاصة باستثماراتها وطرق إدارتها يضيفان عليها صورة فريدة مميزة مقارنة بباقي
القطاعات اإلنتاجية والصناعية ،فالصحف منتج صناعي ذو طبيعة خاصة يستهلك سريعًا (سريعة التلف
والسيما اليومية منها أو النصف يومية) ،لذلك ينبغي أن تباع على وجه السرعة ،وما لم تبع يتسبب ذلك
زيادة في نسبة المرتجعات وزيادة في أعباء التخزين.
وعدد الصفحات ،ونوعية الطباعة ،وسعر المطبوعة ،ومجال توزيعها الجغرافي ،وطرق التوزيع ،والنظام
االقتصادي السائد في بلد صدور الصحيفة...الخ كل ذلك يحدد مصروفات الصحيفة ومواردها .وحتى
اء بزيادتها أم بتقليل
تضمن الصحف استمرار صدورها عليها أن تعدل ميزانها التجاري لحساب الموارد سو ً
نسبة المصروفات بما يعبر عنه اقتصاديًا بالميزان التجاري الرابح.
تسعى المؤسسة الصحفية إلى تحقيق رسالة الصحافة في توعية الرأي العام وتثقيفه وتوجيهه كهدف
رئيسي لها ،وفي سبيل القيام بهذا الدور اإلعالمي الكبير ،يجب أن تكون المؤسسة الصحفية في مركز
مالي يحقق لها االستقالل االقتصادي ،ولن تتمكن المؤسسة الصحفية من الوصول إلى هذا االستقالل،
إال إذا كانت تحقق ربحًا يمكنها من االستمرار في إصدار صحفها ،وتطوير الخدمة الصحفية بها،
ومسايرة التطور العلمي والتكنولوجي في صناعة الصحافة في العالم ،دون االعتماد على مصادر خارجية
قد تقيد من حريتها.
وحتى تتمكن المؤسسة الصحفية من أداء رسالتها ومجابهة مسؤولياتها تجاه العاملين فيها والمجتمع ،فإنها
تقوم ببعض األعمال التي تمكنها من تغطية تكاليف إصدار صحفها وتحقيق الربح ،وأهم هذه األعمال
بيع المساحات اإلعالنية ،ونشاط الطباعة التجارية ،والتوزيع للغير من باقي الناشرين والكتاب والمؤسسات
الصحفية ،وال يمكن فصل هذه األنشطة ،في حقيقة األمر ،عن الغرض األساسي الذي قامت من أجله
المؤسسة الصحفية ،فتحقيق الربح في هذه المنشآت من خالل القيام بهذه األعمال التجارية ليس هدفاً في
حد ذاته ،ولكنه وسيلة لتحقيق هدف آخر ،وهو تحقيق رسالة الصحافة وضمان حريتها واستقالل
المؤسسة الصحفية اقتصادياً.
23
قسم بعض المختصين ومنهم حسنين عبد القادر ،ومحمد الرفاعي موارد الصحيفة إلى ثالثة مصادر
مشروعة ،ومصدران غير مشروعين (سنتطرق إليهما الحقًا) ،أما المصادر المشروعة فهي:
-التوزيع واالشتراكات.
-اإلعالنات.
أوالً– التوزيع:
التوزيع الحلقة التالية النتهاء عمليات المراحل اإلنتاجية للمطبوعات ،لكنه ليس الحلقة النهائية في العملية
االتصالية ،فهو ضمنًا خطوة من خطوات التسويق .والتوزيع بالفهم العام وظيفة إدارية (قد تناط بالناشر
أو بآخرين) ،ولكنه في الفهم الخاص وظيفة إعالمية تحتاج إلى تضافر جهود طاقم المؤسسة الناشرة
بجميع أف اردها مع جهود مسوقين وموزعين محترفين ،وما يرتبط بذلك من متغيرات منها ما هو صحفي
بشقيه المهني واإلنتاجي وبكفاية البنية التحتية الالزمة لتوزيع المطبوعات والظروف المشجعة أو المعوقة
لتلك العمليات.
على الرغم من شيوع كلمة بيع الصحف على عملية وصول الصحف إلى قرائها ،إال أن بعض
االقتصاديين يرون أن كلمة التسويق أكثر دقةً ،فهم ينظرون إلى التوزيع على أنه مجرد انتقال مادي
للسلعة من المنتج (المؤسسة الصحفية) إلى المستهلك (القارئ) ،ويشمل هذا االنتقال وظائف عديدة.
التوزيع من خالل االشتراك الدوري ،السنوي أو نصف السنوي أو الفصلي ،الذي يمكن أن يمد الصحيفة
ال.
بمورد معين حتى لو كان قلي ً
التوزيع غير المباشر أو التوزيع التعاوني عن طريق شخص أو مؤسسة مختصة بتوزيع المطبوعات
بحسب اتفاق بين الصحيفة وهذه المؤسسة.
24
فالتوزيع على تواضعه وتذبذبه في الجزائر ،على سبيل المثال ،كان قاد اًر على ضمان تغطية التكاليف
العامة بحسب أحسن جاب الله بلقاسم في كتابه (اقتصاد الصحافة ووسائل اإلعالم).
ثانياً -اإلعالنات:
نشير بدايةً إلى أن اإلعالنات تشكل المصدر األكثر أهمية لجميع وسائل اإلعالم التقليدي واإللكتروني.
بدأت اإلعالنات تغزو المجال الصحفي على نحو مكثف بدءاً من عام 3831م ،ولمدة طويلة احتلت
إعالنات األدوية ،والسيما أدوية السعال ودهانات الروماتيزم مساحة كبيرة ،وجنى منها متعهدو اإلعالنات
أرباحاً ال بأس بها .أثناء الحرب األهلية األمريكية استغلت و ازرة المالية الصحف لإلعالن عن بيع سندات
الحرب ،ومع زيادة عدد المهاجرين إلى أمريكا واالزدهار النسبي في الصناعة وفتح مدارس جديدة زاد
عدد القراء ،وظهر الكرتون الملون المصور ليجتذب مئات اآلالف من القراء ،ومع نهاية القرن التاسع
عشر أخذت الصحف ترسل مندوبيها للبحث عن األخبار واإلعالنات بدالً من انتظارها لتأتي إلى
الصحف ،ثم برزت إعالنات التدخين بقوة ،وعند صدور أول تقرير طبي عن منظمة الصحة العالمية
يحذر من أخطار التدخين ،كشرت شركات التدخين عن أنيابها لتدافع عن موقفها آنذاك ،وكادت أن
تنتصر لوال تدخل عشرات األطباء الذين انتصروا للحقيقة ،وأجبروا مصنعي التبغ اإلشارة إلى مضار
التدخين (التدخين يضر بالصحة – التدخين سبب رئيسي ألمراض سرطان الرئة – و ازرة الصحة تحذر
من أضرار التدخين...الخ).
يستخدم المعلنون وسائل اإلعالم إليصال الرسائل التجارية إلى جمهور مستهدف ،وتعتمد وسائل اإلعالم
بدرجات متفاوتة على بيع المساحات اإلعالنية لتغطية أنشطتها اإلعالمية األخرى ،ويسهم اإلعالن على
نحو مباشر في تمويل الصحف بنسبة كبيرة من ميزانيتها ،تصل إلى كامل الميزانية في الصحف
اإلعالنية (التي توزع مجانًا) ،وفي الصحف العامة تحتل جزءاً ليس بالقليل من عدد صفحاتها ،ويمكن
االستدالل على أهمية اإلعالن بوصفه مصد ًار من مصادر التمويل من خالل حجم اإلنفاق ونصيب كل
وسيلة إعالمية منه .ففي إحصائية أجرتها شركة ماكان إريكسون McCann Ericksonعام 3971م
حول حصة وسائل اإلعالم من اإلعالنات األمريكية كان نصيب الصحف ،%.9.8والتلفزيون 38.8
،%والراديو ،%7.3والمجالت ،%1.8والوسائل األخرى .%19.3
27
استجر ظهور التلفزيون وشيوعه القراء والمعلنين من الحصة اإلجمالية للصحف والمجالت والسيما العامة
في أواخر ستينيات وأوائل سبعينيات القرن الماضي .وبالوقت نفسه أعقب هذه المدة ميالد العديد من
الصحف والمجالت ذات القدرة التنافسية ،وغالبًا ما يتزامن ظهور وسائط جديدة بتهديد ينذر بإزاحة وسائط
اإلعالم السابقة بدرجة أو بأخرى.
وقدر اإلنفاق اإلعالني عام .113بـ ـ .11.7بليون دوالر ،وكان نصيب التلفزيون ،%...1والبريد
المباشر ،%39.8والصحف ،%39.1والراديو ،%7.7والصفحات الصفراء ،%1.7والمجالت
أخير الشبكة العنكبوتية مع الوسائل اإلعالمية األخرى .%3.8
،%3.7و اً
وبظهور الوسائل اإللكترونية والسيما اإلنترنت التي استقطبت شريحة من القراء والسيما الشباب ،وبالتالي
المعلنين ،تأثرت أرقام توزيع الصحف بهذا المستحدث ،ولعل ما شهدته MSNمن إقبال حققت ما نسبته
%38أرباحًا من عوائد اإلعالنات عام .111م ،وحققت نيويورك تايمز ديجيتال ما نسبته %39.8من
عوائد اإلعالنات في الربع الثالث من عام .113م .وازداد اإلنفاق اإلعالني في الواليات المتحدة على
شبكة اإلنترنت بنسبة %31.8منذ منتصف عام .113م وحتى منتصف .111م.
وتعد اإليرادات اإلعالنية المصدر الثاني من مصادر تمويل الصحف (باستثناء الصحف اإلعالنية التي
توزع مجانًا إذ يعد اإلعالن مصدر تمويلها األساسي ،وربما يكون الوحيد) على الرغم من تراجع حصة
الصحف من اإلنفاق اإلعالني لمصلحة وسائل االتصال اإللكترونية وانخفاض حصة كل صحيفة (مجلة)
نتيجة زيادة عدد الصحف والمجالت الصادرة .من المهم االنتباه إلى أن قيمة المساهمات اإلعالنية في
المؤسسات الصحفية تتوقف على حجم اإلنفاق اإلعالني على المستوى الوطني ،ومستوى التقدم الصناعي
الذي حققه المجتمع ،وخصائصه االستهالكية ،واعتماده على الوسائل اإلعالنية -اإلعالمية .في حين
تعتمد صحف أخرى على اإلعالن في حدود ضيقة للغاية ،وبعضها ال ينشر إعالنات على اإلطالق وهي
نادرة جداً اليوم.
وتبلغ نسبة مساهمة الموارد اإلعالنية في المجتمعات الرأسمالية ما يقرب من نصف موارد الصحيفة أو
ال .وقد أسس الصحفي الفرنسي أميل دي جيرارديان لنظرية أصبحت فيما بعد أساس كل مشروع
أكثر قلي ً
صحفي ناجح ،عندما نادى وطبق مقولة :إذا بيعت الصحف بثمن قليل سيرفع من عدد النسخ المباعة
26
وكلما ارتفع هذا العدد ازداد إقبال المعلنين وارتفع سعر اإلعالن ،ونادى أيضًا بمقولة ال ربح تجاري
للصحيفة إال عن طريق جلب المزيد من اإلعالنات ورفع سعرها.
ويرى بعض الباحثين أن نسخة من صحيفة أوروبية مثالية تحقق ربحًا يصل إلى 1.1.يورو نجد أن
%1.66من األرباح يأتي من اإليرادات اإلعالنية في اليوم المثالي .وحين يوضع اإلعالن في الحسبان
يغطي أكثر من %61من إجمالي األرباح ،وذلك بعد حذف نفقات التسويق ،واذا أضفنا تكاليف الطباعة
وورق الصحف نجد أن العديد من الصحف ال تجني أرباحًا يمكن تثمينها من نشاطات التوزيع بل تعتمد
على اإلعالن لجني األرباح.
وتباع اإلعالنات في الصحف بالسطر /عمود أو سم /عمود ،أو بأقسام الصفحة ربع – نصف – ثلث
– ثمن – صفحة كما هو الحال في المجالت ،وتحدد مساحة اإلعالن سعر نشره إضافة إلى عمر
الصحيفة وتاريخها وجودة طباعتها وورقها ومستوى تطور الصحيفة وعدد قرائها ونوعيتهم ،وعدد النسخ
المطبوعة والموزعة منها ومجال تغطيتها الجغرافي ودورية صدورها ...وغيرها من العوامل المرتبطة
باإلعالن نفسه ،خدمي ،اجتماعي ،ثقافي ...وعدد مرات نشره.
ومن جانب آخر يمكن أن يسهم اإلعالن بزيادة األرباح عندما ترتفع أجور نشره ،ففي بعض الحاالت
يطلب المعلن نشر إعالنه بصورة مستعجلة ،ففي هذه الحالة من الممكن إضافة %11من قيمة
اإلعالن ،كما تزيد قيمة اإلعالن إذا نشر ملوناً ،أو طبع على ورق خاص ،أو اختار المعلن صفحة ما
أو زاوية محددة ،فالصفحات األولى واألخيرة يدفع عنها سعر أكبر بضعفين أو ثالثة أضعاف ما ينشر
في صحيفة داخلية.
تستثمر بعض المؤسسات الصحفية مطابعها في أغراض تجارية عديدة (إذا كان وضع المؤسسة
التشريعي يسمح بذلك) ،ويعد هذا النشاط من موارد الصحيفة ألسباب عدة منها:
-.تعمل المؤسسات الصحفية كجزء من مشروع متكامل يقدم خدمة طباعية من ألفها إلى يائها.
23
-3قدرة المطابع الصحفية على األفرخ واللفافات الورقية ،وهو ما تعجز عن تنفيذه المطابع الصغيرة.
وتختلف نسبة مساهمة هذا النشاط في اقتصاديات الصحف على حجم األعمال التي تستطيع تأديتها،
والجودة المأمولة ،ورغبة اآلخرين في التعامل مع المؤسسة الصحفية ،وتنوع الخدمات الطباعية الذي يبدأ
ال
بطباعة الصحف لآلخرين وطباعة الكتب والدفاتر ومطبوعات العالقات العامة والمواد اإلعالنية وصو ً
إلى المطبوعات المكتبية الصغيرة كالتقاويم وغيرها.
ي عمد الكثير من الصحف في العالم إلى استثمار بعض أقسامها ألغراض استثمارية بهدف الحصول على
دخل مضاف إلى المؤسسة الصحفية ،يستثمر خالله جهود العاملين وخبرتهم ،والتقنية عالية المستوى،
ولربط المتعاملين بالمؤسسة بطرق عدة ،مما يعزز من موقف المؤسسة الصحفية ويحسن من صورتها في
المجتمع الذي تصدر به .وهذا المورد جديد في بعض المؤسسات ولم تدخله مؤسسات أخرى ،ويرتبط هذا
النشاط عضويًا باألنشطة الصحفية كالترجمة والتأليف والنشر في فروع العلم المختلفة ،واصدار المالحق،
وبيع األخبار من خالل وكالة متخصصة بجمع موضوعات تحريرية ومعالجتها وارسالها (الفائض عن
اإلنتاج التحريري) وطرح برامج تدريب متخصصة صحفية أو مجاورة ،أو تأجير بعض صفحات الصحيفة
أو الصحف التي تصدر عن المؤسسة لجهة معينة ولمدة زمنية يتفق عليها مقابل أجر يتفق عليه.
وتختلف نسبة مساهمة هذه الموارد في اقتصاديات الصحف من مؤسسة صحفية ألخرى ،فتشكل نسبة
مؤثرة في موارد بعض الصحف ،وال تكاد تذكر أو تكون معدومة في مؤسسات أخرى.
تمثل المرتجعات أحد أبرز مصادر تمويل الصحيفة ،وتباع مرتجعات الصحف بالميزان الستخدامها في
أعمال التغليف وغير ذلك ،وفي بعض الدول تباع إلى معامل الورق ليعاد تصنيعها من جديد.
25
تتعدد صور مساعدة الدولة للصحافة بتعدد طبيعة العالقة المتبادلة بين األوضاع القانونية للصحافة
وحريتها ،وطبيعة النظام االقتصادي االجتماعي السائد في بلد إصدار الصحيفة ،وتأخذ المساعدات التي
تقدمها الدول للصحافة أشكاالً متعددة:
-دعم مباشر:
تقديم دعم مالي أو تقني مباشرة (بالتمويل المباشر أو باسترداد المعدات الطباعية أو نقلها جوًا داخل
البالد دون مقابل) ،أو إمداد صحف الصف الثاني بمواد إعالنية ،أو اشتراكات ،أو تعفى من دفع حصة
التوزيع لمدة من الزمن (توزيع مجاني).
اتباع سياسات ضريبية والسيما في المشروعات الصحفية كمنح دعم يتمتع بإعفاءات ضريبية أو
تخفيضها ،أو إعفاء الصحف من الرسوم الجمركية على كل إنتاجها الصحفي أو بعضه كالورق المستورد
ومستلزمات الطباعة ،أو تقديم تخفيضات للصحف في أسعار خدمات النقل البري والجوي والبحري
وتخفيضات في أسعار االتصاالت الهاتفية السلكية والالسلكية ،أو حماية صناعة ورق الصحف (إن كان
ينتج محليًا) أو إعفاء وارداته من الضرائب ،أو المساعدة في تحديث المطابع ،أو تقديم قروض ميسرة
بفائدة بسيطة ألعمال التطوير والتحديث.
ومن أشكال الدعم الحكومي المشروع في أثناء التأسيس أو خالل الصدور تمد الحكومة يد المساعدة إلى
الصحف إذا تعرضت ألزمة ما تهدد مستقبلها في الصدور وتعرقل تأدية رسالتها االجتماعية.
كما تتلقى بعض الصحف دعمًا غير مشروع من مصادر عديدة داخلية وخارجية ،ويعد هذا الدعم موردًا
مشبوهاً يعرض بعضه الصحيفة للمسائلة القانونية ،وقد تصل جزاءات بعض هذه الجرائم إلى سحب
الترخيص نهائياً .ومن المصادر غير المشروعة نجد:
- 0المساعدات المالية من الدول األجنبية التي تستغل الصحيفة ألغراض الدعاية لها.
29
كما تتلقى الصحف بعض أشكال الدعم المشروع في هيئة تبرعات من منظمات أو شركات أو مواطنين
على أن تتم في إطار قانوني معلن يسمح لها بتلقي هذه التبرعات.
وبعضهم اآلخر يحقق موارد من أنشطة أخرى كبيع األسهم وش ارئها في سوق البورصة ،وجني أرباح
أموال المؤسسة المودعة في البنوك ،وتأجير أراضي أو أمكنة تملكها الصحيفة داخل المدينة أو خارجها،
ورعاية معارض فنية ،وتشجيع أصحاب الفعاليات االقتصادية واالجتماعية على طرح سلع بأسعار
مشجعة في بعض المواسم تكون الصحيفة شريكًا في الحصول على بعض األرباح ،أو السعي إلى جني
عائدات من أن شطة سياحية كدخول مجال االستثمار السياحي ...أو موارد من أنشطة وخدمات عقارية
تسهم بها الصحيفة...
تنحصر مصروفات الصحيفة بحسب حسنين عبد القادر ومحمد الرفاعي في ثالثة أنواع رئيسة هي:
أهمها أجور العاملين (المحررين والفنيين )...وأقسام التأمين ،وايجارات المباني إن كانت مؤجرة ..وهو
نوع من المصروفات ال يتأثر بارتفاع أرقام توزيع الصحيفة أو انخفاضه أو بكمية المطبوع ،أو بكمية
اإلعالن في الصحيفة من عدمه.
-4مصروفات متغيرة:
وأهمها ثمن الورق وأحب ار الطباعة والضرائب ونفقات التوزيع .ويمكن ضغط هذه المصروفات في حال
انخفاض التوزيع ،وبعضها يتجه عكسيًا أي أنها تزيد في حالة انخفاض التوزيع.
-3استثمارات جديدة:
تتمثل بالتوسع في المباني أو اإلنشاءات الجديدة ،وأعمال التطوير التقني لتطوير أداء الخدمات
الصحفية.
32
أوالً -تكاليف قبل اإلصدار:
هي مجموع التكاليف التي يتحملها الناشر قبل الشروع بإصدار العدد األول من صحيفته أو مجلته ،ومن
أهمها:
-0تكاليف التحرير:
يقصد بتكاليف التحرير مجموع المصروفات الالزمة لتشغيل هذا النشاط بدءًا من جمع المادة الصحفية
ومعالجتها ونشرها وحفظها ...وفق رؤية صحفية معينة تتأثر بالمناخ العام لبلد إصدار الصحيفة،
والصحف المنافسة ،وتخصص ومهارة كتابها (الصحفيين العاملين بها أو الكتاب من خارج الصحيفة)
وكفاية األقسام المعاونة للتحرير ،وقراء الصحيفة ،وبالتالي معلنيها وبالتالي تسويقها .مما سيكون له أثر
بارز على اقتصاديات الصحيفة ،فترصد اإلدارة الصحيفة لهذا النشاط نصيبًا من مواردها للنهوض به،
فهو يمثل العمود الفقري في العمل الصحفي برمته ،وعليه يتوقف مستوى الصحيفة بين القراء وفي السوق
الصحفية.
31
-.أجور المشتغلين في التحرير.
وعلى الرغم م ن أن هذا النشاط من أنشطة المؤسسة الصحفية يمثل جوهر العملية الصحفية ،لكنه ال
يستقطب الكثير من إجمالي اإلنفاق العام للصحيفة إذا ما قورن بغيره من المصروفات ،وأثبتت التجارب
الواقعية أن العالقة بين تكاليف التحرير وسعر بيع النسخة عالقة عكسية ،بمعنى أنه كلما ارتفعت تكاليف
التحرير انخفض سعر النسخة الواحدة من الصحيفة أو المجلة ،وهو االتجاه الذي تنحو نحوه الصحف
والمجالت على نطاق عالمي .فاستقطاب كت اب يتمتعون بسمعة مرموقة بين القراء ،وزيادة رواتب
الصحفيين العاملين في المطبوعة وحوافزهم ،سيدفعهم إلى إنتاج تحريري نوعي .صحيح أن تكاليف
التحرير زادت ،لكن بالوقت نفسه زاد الطلب على الصحيفة (التوسع في إصدار األعداد وزيادة اإلنفاق
على التحرير تعادل ارتفاع أرقام التوزيع) ،وهو ما يعني انخفاض نسبة المرتجعات وبالوقت نفسه
استقطاب المزيد من المواد اإلعالنية وارتفاع أسعارها ،أي تكالي ف تحرير النسخة الموزعة من مطبوعة
تزيد بانخفاض الموزع منها وتنخفض بزيادته .فاإلنفاق على النشاط التحريري ستنعكس بمزايا ايجابية
على كل المطبوعة.
-4تكاليف الطباعة:
تعد تكاليف الطباعة الجزء األكثر تكلف ًة في صناعة الصحافة ،وتستقطب الجزء األكبر من حجم اإلنفاق
العام للمؤسسة الصحفية ،ويعود ذلك ألسباب عدة منها:
32
-ارتفاع نسبة الفاقد في الورق.
ورق ،أحبار ،مواد كيميائية ،أفالم .ويعد الورق العنصر األكثر كلفة في صناعة الصحف.
-3تكاليف التسويق:
هي مجموع التكاليف التي تتحملها المؤسسة الصحفية لنقل وتوزيع وبيع وتحصيل قيمة المباع من نسخ
الصحيفة ،وتتعدد أشكال تكاليف التسويق ومنها:
-1تكاليف تسويق المساحات اإلعالنية للمعلنين وأصحاب الفعاليات االقتصادية واالجتماعية ،لنشر
إعالناتهم في المساحات التي تحددها إدارة التحرير من حيث المساحة والموقع.
-3تكاليف نقل المرتجعات وتخزينها وحفظها ،وهي تكاليف تتناسب عكسًا مع حجم المبيعات ،فكلما زاد
حجم المبيعات انخفضت تكاليف التعامل مع المرتجعات نقالً وحفظاً وتخزينًا.
وتختلف تكاليف التسويق من صحيفة ألخرى طبقًا لحجم خطط التسويق ،ومدى توافر الخبرات داخل
الصحيفة إلجراء البحوث ،وان كانت خطط التسويق موجهة للخارج أو لداخل البالد.
33
-2تكاليف أخرى :يمكن حصر هذه التكاليف بأنشطة عدة منها:
-0تكاليف مرتبطة بالصحيفة :كتكاليف األعداد الموزعة مجانًا للصحفيين ورجال الفكر وأساتذة
الجامعات أو من تختصهم هيئة التحرير ،والنسخ المرسلة إلى دار الكتب أو المكتبات العامة
والسفارات ...فضالً عن نفقات إيصالها – تكاليف النقل الجوي والبري للصحف – صندوق الصحفيين...
-4تكاليف مرتبطة بالصحفيين :المهمات ،مصروفات الصناديق االجتماعية ،الرعاية الصحية ،بدل
السكن ،بدل اتصاالت ،بدل مواصالت ،بدل سفر ،ترفيه ..رعاية ،التأمين على الحياة في حال سفر
الصحفيين إلى مناطق الحروب واالشتباكات ،تكاليف النقل الجوي والبري للصحفيين.
-3تكاليف مرتبطة بمقر الصحفيين :تكاليف استهالك المباني واألثاث وتحديثها ،نفقات محروقات
للسيارات وتدفئة المباني والكهرباء (مازوت وبنزين وكهرباء) ،شراء مواد مستهلكة ،نفقات الحماية واألمن.
-2تكاليف مرتبطة بمعدات المؤسسة الصحفية :تكاليف الطباعة في أكثر من مكان ،شراء المعدات
التقنية والسيارات واستهالكها وتحديثها ،تكاليف شراء معدات التصوير والتحضير الطباعي وأجهزة
التحميض والمحاليل الكيميائية.
-5تكاليف مرتبطة بأعمال التطوير والتحديث :بدل إحالل تقني ،تكاليف تطوير اإلصدار.
-6تكاليف مرتبطة بأنشطة أخرى :تكاليف البريد والمراسالت وأنشطة العالقات العامة الخارجية،
تكاليف أعمال التحصيل والمراجعة.
-7الضرائب بأنواعها :إن لم تكن الصحف معفاة من الضرائب ،ومنها الضرائب العقارية على المباني،
الضريبة على األرباح ،الضرائب على اإلعالنات ،ضرائب القيمة المضافة (تعفى منها الصحف في كثير
من دول العالم) ،ضرائب عربات النقل.
العالقة بين موارد الصحيفة ومصروفاتها معادلة ينبغي على اإلدارة الصحفية حلها ،ونجاح اإلدارة في
تحقيق التوازن بين المصروفات واإليرادات بما يضمن استمرار عمل المؤسسة الصحفية وما يصدر عنها
من منشورات مؤشر على نجاح اإلدارة ونجاح المؤسسة الصحفية ككل.
34
المراجع والمصادر المستخدمة في الوحدة الثانية
-محمد خليل الرفاعي وبطرس حالق ،إدارة الصحف واقتصادياتها ،منشورات جامعة دمشق ،مركز
التعليم المفتوح..116 ،
-حسن توفيق حسن ،اقتصاديات صناعة الصحافة ،كتاب األهرام االقتصادي ،القاهرة.3991 ،
-حسنين عبد القادر ،إدارة الصحف ،دار النهضة العربية ،القاهرة.396. ،
-بيير ألبير ،الصحافة ،ت ،فاطمة عبد اهلل محمود ،الهيئة المصرية للكتاب ،القاهرة.3987 ،
-محمد سيد محمد ،اقتصاديات اإلعالم ،المؤسسة الصحفية ،مكتبة كمال الدين ،القاهرة.3979 ،
-طه محمود طه ،وسائل االتصال الحديثة وأبعاد جديدة للقرن العشرين ،مجلة عالم الفكر ،مجلد ،33
العدد الثاني ،الكويت.3981 ،
-أحسن جاب الله بلقاسم ،اقتصاد الصحافة ووسائل اإلعالم ،الجزائر..133 ،
37
نماذج عن أسئلة من الوحدة الثانية
- Bتعمل المؤسسات الصحفية كجزء من مشروع غير متكامل يقدم خدمة الطباعة التجارية.
36
الوحدة الثالثة :اقتصاد السينما
مقدمة
اإلنتاج السينمائي
- 3األجور (المباشرة)
- .الخامات (المباشرة)
33
تكاليف اإلعالنات في الوسائل المختلفة
ارتباطات كلية
ارتباطات جزئية
ارتباطات نوعية
ارتباطات تشريعية
ارتباطات معلوماتية
35
ملخص الوحدة الثالثة:
تطرقنا في الوحدة الثالثة أيضًا إلى السينما والمجمعات الصناعية المتكاملة ،وعالقة اقتصاديات السينما
بالجوانب األخرى مثل العالقة مع البنوك والمصارف وغيرها من جهات التمويل ،والتطورات العلمية في
مجاالت اإلدارة واالستثمار وأساليب التكنولوجيا المتطورة وتطبيقاتها ،وما يتعلق بتطبيق التشريعات
والقوانين الخاصة باإلنتاج السينمائي مثل قوانين األجور والمعاشات والمكافآت ..الخ ،وما يتعلق
باالعتماد على مختلف مصادر البيانات وقواعدها خاصة في حال اإلنتاج السينمائي الوثائقي.
تطرقنا أيضا إلى بعض النماذج القتصاد السينما مثل النموذج الفرنسي واألمريكي ،متحدثين عن أهمية
السينما لالقتصاد الوطني.
أن يدرك الطالب أهمية العوامل االقتصادية في إنشاء السينما وانتاج األفالم واستمرار عملها.
أ ن يعرف الطالب بدقة تفاصيل أنواع ومصادر تمويل السينما وضرورة ذلك لوجود الفن السابع واستمراره.
أن يعرف الطالب بدقة مجمل تفاصيل عناصر األعمال السينمائية وتكاليفها.
39
مقدمة:
لم يأخذ موضوع االقتصاد السينمائي في الماضي االهتمام نفسه كما هو حاصل اليوم رغم أن السينما
أصبحت منذ عقود طويلة أم ًار مشتركًا يتقاسمه الجميع.
إن اقتصاد السينما يبرز كاهتمام رئيس يشمل الحسابات والميزانيات ،والتقنيات والتجهيزات ،والتفاوض
بين الفاعلين االقتصاديين السينمائيين ،والصاالت الجديدة أو التي تم تحديثها ،ومع ذلك فإن الميدان
االقتصادي للسينما ال يمكن حصره بذلك وكفى ،ألنه يشمل بالضرورة جمهور المشاهدين ،والنشاطات
المهنية السينمائية المتنوعة ،واستراتيجية الشركات اإلنتاجية والسياسة الثقافية المعتمدة من قبل السلطات
العامة.
إيضاحًا لذلك ،ال يمكن عزل اقتصاد السينما عن تاريخ الفن السينمائي وتطوراته ،كما أن جمهور
المشاهدين يطرح مسألة تحليل تلقي األفالم لديه ،بينما تتعلق اجتماعات المهنة السينمائية بالمبدعين
العاملين في ميدانها؟ وأخي اًر فإن إستراتيجية الشركات ترتبط بالمنافسة والتسويق السينمائي ،في حين أن
السياسة الثقافية تتناول اإلجراءات التي تقوم بها الدولة لتنمية اإلنتاج السينمائي الوطني ووقايته.
من هنا تقوم م عالجة موضوع اقتصاديات السينما عبر األسئلة المتعددة التي يطرحها كل منا بعد
مشاهدته لفيلم ما ،كيف يقد م الفيلم للجمهور؟ كيف يتم تنظيم المجال السينمائي؟ ما هي األعمال التي
تقوم بها السلطات العامة؟ والحقيقة ،أنه عند مشاهد فيلم في صالة سينمائية أو على شاشة التلفزيون ،أو
اء احتسبنا ذلك أم
عبر شريط تلفزيوني مسجل ،فإ ن الجمهور إلى جانب كونه مستهلكاً هو فاعل أيضًا سو ً
ال ،بمعنى أنه يشكل حلق ًة أساسي ًة ال في اقتصاد السينما وحسب ،إنما أيضًا في الثقافة السينمائية .من
هنا ،من األفضل أن نعرف «السلسلة االقتصادية» إن صح التعبير ،إنتاجًا ،وتوزيعاً ،واستثما اًر ،ورهانات.
اإلنتاج السينمائي:
بشكل عام ،فإن مهنة اإلنتاج السينمائي هي المهنة التي يحمل القائمين عليها أمانة الحفاظ على أموال
الممولين السينمائيين بتوظيفها التوظيف االقتصادي األمثل في مجال إنتاج األفالم وخاص ًة الروائية.
وبعبارة أخرى هي المهنة المسؤولة عن الحفاظ على رؤوس أموال المنتجين السينمائيين باستثمارها
االستثمار االقتصادي والفني السليم في مجال إنتاج األفالم بما يكفل استمرارهم في السوق السينمائية ألن
42
القائمين عليها ينوبون عن هؤالء الممولين في استثمار أموالهم في هذا المجال المتخصص وهو إدارة
إنتاج األفالم.
العمل على تحقيق التوازن بين االعتبارات الفنية واالعتبارات االقتصادية ،وذلك على مستوى مراحل
ابتداء من مرحلة دراسة الجدوى االقتصادية المسبقة إلى مرحلة العرض الجماهيري للفيلم بصاالت
ً اإلنتاج
العرض السينمائي على أن يكون ذلك دون تغليب ألي من هذين االعتبارين على اآلخر .وذلك ألنه في
حالة تغليب االهتمام مثالً باالعتبارات االقتصادية (التجارية) سيترتب على ذلك تأثير سلبي على مستوى
الجودة الفنية والفكرية لألفالم مما سينعكس أيضًا على المستوى العام لصناعة السينما وعلى سمعتها
ومستقبلها ،وبالتالي على اقتصادياتها على المدى البعيد .ومن ناحية أخرى فإنه في حالة تغليب
االعتبارات الفنية بالقدر الذي يمكن أن يؤثر على جماهيرية الفيلم ،فإن ذلك سيؤثر سلباً على اقتصاديات
الفيلم ،وبالتالي على اقتصاديات صناعة السينما عامة.
وهكذا نرى أن مهنة اإلنتاج السينمائي تتمثل أهميتها بشكل عام في أنها المهنة ذات النظرة الشمولية
العامة للعمل السينمائي ،والهادفة إلى مراعاة كل أبعاده الفنية واالقتصادية بشكل متوازن لما فيه الصالح
العام للفيلم ولصناعة السينما ولفريق العمل الفني القائم على صناعة الفيلم من خالل القدرة على تعميق
العالقة فيما بين أعضاء هذه المهن كفريق عمل متكامل.
تخضع صناعة السينما لسائر الشروط المتعلقة بالجدوى االقتصادية شأنها في ذلك شأن كل المشروعات
اإلنتاجية الصناعية ،ويمكن التعامل مع صناعة ال سينما على أساس اعتبارات أن المشروع السينمائي
يهدف إلى إنتاج سلع وخدمات سينمائية ،يمكن التعامل معها عن طريق التخزين أو البيع لألطراف
الراغبة باستهالكها .وتجدر اإلشارة إلى أن السلع والخدمات السينمائية ،التي ينتجها المشروع السينمائي،
تخضع لكل العمليات اإلجرائية االقتصادية المتعلقة بعمليات البيع والشراء ،وفقاً لقوانين العرض والطلب.
41
إن السوق السينمائي ليس مجرد التعامل مع األفالم السينمائية ،وانما في كل مكان يرتبط بعمليات
صناعة السينما ،من إنتاج سينمائي ،وتسويق سينمائي ،إضافة إلى االستهالك السينمائي ،وتندرج ضمن
دائرة التعامل التسويقي السينمائي:
الوسائط السينمائية :وتشمل أنشطة الوكالء واألطراف التي تقوم بخدمات الدعاية واإلعالن.
االستهالك السينمائي :ويشمل أنشطة دور العرض السينمائي واألجهزة ووسائط العرض السينمائي.
كمرحلة أولى ،تتم دراسة الجدوى االستثمارية واالقتصادية للقيم المراد إنتاجها قبل الدخول في أي عملية
إنتاج سينمائي ،ذلك أن دراسة الجدوى االستثمارية واالقتصادية تشكل بالضرورة عنصر األمان والضمان
للوقوف على آفاق وامكانيات نجاح الفيلم ،وضمانة أال يتعرض االستثمار السينمائي لإلخفاق أو الخسارة،
أي محاولة ضمان أن عائدات الفيلم لن تكون بأي حالة من األحوال أقل م ن تكاليفه.
ولذلك فدراسة الجدوى تعبر عن التقييم االقتصادي واالجتماعي المسبق لفكرة إنتاج فيلم جديد قبل صدور
قرار البدء في اإلنتاج الفعلي ،وذلك تخفيفاً لحجم المخاطرة ،وتأمينًا ألموال الممولين السينمائيين والحفاظ
عليها من الضياع.
ودراسة الجدوى االستثمارية واالقتصادية هي أداة موضوعية سليمة تفيد أصحاب شركات اإلنتاج
السينمائي في التحقق فيما إذا كانت هناك جدوى أم ال ستعود عليها من االتجاه إلنتاج هذا الفيلم موضوع
السيناريو المعروض عليها.
42
من أبرز خصائص وسمات دراسة الجدوى االستثمارية للفيلم ،نجد اآلتي:
على مستوى التحليل الجزئي ،ترصد دراسة الجدوى ،عناصر األجور المشتريات ،واإليجارات ،والرسوم،
والمدفوعات ،وغيرها من عناصر التكلفة المباشرة وغير المباشرة لكل ما يتعلق بالمدخالت والمخرجات.
على مستوى التحليل الكلي ،ترصد دراسة الجدوى الجوانب الرقابية واألبعاد القيمية ،وعناصر التسويق
الخاصة ،ومدى إمكانية أن يتم توزيع الفيلم وجعله يحقق أهدافه بنجاح.
على مستوى الموازنة العامة النهائية بين المدخالت والمخرجات ،والتكاليف والعائدات ترصد دراسة
الجدوى ،مدى إمكانية الحصول على أكبر مخرجات بأقل مدخالت ممكنة ،واسقاط ذلك على الجوانب
المالية ،بحيث يتم إنفاق أقل ما يمكن من أجل الحصول على أكبر عائد مالي ممكن.
وعليه ،يتعين عدم البدء في اتخاذ أي خطوة تنفيذية للبدء في تصوير مشاهد الفيلم إال بعد التحقق والتأكد
مسبقاً وبشكل قاطع وموثوق به من إمكانية تدبير المتطلبات التمويلية كافة من السيولة النقدية الالزمة
لمواجهة كل تكاليف الفيلم إنتاجه وتسويقه .ويتأتى ذلك إما من خالل مصدر التمويل الذاتي ،أي بتدبير
المتطلبات التمويلية كافة للفيلم بالكامل من األموال الخاصة للقائمين على إنتاجه ،أو من خالل تدبير
جزء من إجمالي المتطلبات التمويلية للفيلم كتمويل ذاتي جزئي من أموال القائمين على إنتاجه ،ثم
تستكمل باقي المتطلبات التمويلية للفيلم من مصادر التمويل التقليدية األخرى المتعارف عليها ،وذلك
حسب إجمالي الميزانية التقديرية المبدئية المتوقعة للفيلم التي يتولى إعدادها مدير اإلنتاج السينمائي
المرشح إلدارة إنتاج هذا الفيلم في هذه المرحلة من دراسة الجدوى.
يوجد – على سبيل المثال -الكثير من الوسطاء والشركات االستثمارية المختصة بتسويق اإلنتاج
السينمائي وفقًا لدراسات الجدوى االستثمارية التي يتم إعدادها من قبل هؤالء الوسطاء ،وهذه الشركات،
وخبراء دراسات الجدوى المختصة بالصناعة السينمائية.
مثلما تقوم األنشطة الصناعية على البنى التحتية الصناعية ،يقول الباحث السينمائي عبد المعين الموحد،
إن لصناعة السينما -التي تمثل صناعة قائمة بذاتها ضمن فروع المجاالت الصناعية -بناها التحتية
43
ا لخاصة بها ،والتي تمثل األساس الذي يقدم اإلسناد لقوام عملية اإلنتاج والتصنيع السينمائي ،ومن أمثلة
ذلك نجد ،االستوديوهات ،أجهزة الحاسوب المزودة بالبرامج الخاصة بمعالجة األفالم والتصوير واإلخراج
والمونتاج والمكساج والدوبالج وغير ذلك.
وأيضاً نجد المنشات الصناع ية المتخصصة التي تقوم بتصنيع المستلزمات التي تدخل في صناعة
السينما ،مثل صناعة أشرطة األفالم ،والكاميرات ،وأجهزة اإلضاءة ،والمواد والمحاليل الكيميائية التي
تستخدم في المعالجة .وفي مجال إعداد العناصر البشرية ،نجد أن البنية التحتية السينمائية تتضمن
الكليات ا لجامعية والمعاهد والمراكز المتخصصة بالتعليم والتدريب السينمائي ،وغير ذلك مما يتعلق
باالعتبارات الخاصة بإعداد العناصر والكوادر ذات المهارة العالية والمتخصصة في مختلف المجاالت
السينمائية.
برزت منشآت األعمال السينمائية المتخصصة باألنشطة السينمائية بشكل متواز مع منشآت األعمال
التجارية والزراعية ،وغيرها ،وتعمل هذه المنشآت على غرار طريقة المنشآت األخرى ،وبالذات فيما يتعلق
بإدارة المشروع السينمائي من لحظة الفكرة السينمائية وجدواها االقتصادية مرو ًار بمرحلة تنفيذ الفيلم
انتهاء بمرحلة التوزيع والبيع.
السينمائي و ً
برزت منشآت األعمال السينمائية في االقتصاديات الغربية الرأسمالية ،وعلى وجه الخصوص في
االقتصاد األميركي ،حيث استطاعت هذه المنشآت إحراز المزيد من التقدم والمكاسب ،من جراء سهولة
اندماجها في اقتصاد السوق الرأسمالي األميركي ودورته االقتصادية.
حققت منشات األعمال السينمائية – أي الشركات السينمائية األولى أرباحًا هائلة ألصحابها ،وقد أدى
ذلك إلى خلق شعور عام لدى أصحاب رؤوس األموال في البلدان الغربية ،بأن االستثمار في المجال
السينمائي هو المنجم الذي يدر عليهم أرباحاً طائلةً ،ولم يقتصر األمر على األفراد األثرياء فحسب بل
دخلت المجال الشركات والبنوك والمصارف .وكان من جراء الطلب على الفن السينمائي ،أن تزايدت
واشتعلت المنافسة بين رؤوس األموال ،مما أدى إلى ارتفاع أجور كبار الممثلين والنجوم ،والى ارتفاع
المكافآت المالية للكتاب السينمائيين والمخرجين والمصورين ،وغيرهم من أصحاب المهارات في المجال
السينمائي ،ولم يعد هذا العمل في مجال السينما يتطلب االحتراف والتفرغ الكامل.
44
في االقتصاديات الغربية ،تتسم منشآت األعمال السينمائية بالطابع االستثماري الخاص المملوك لألفراد
والشركات ،ونجد هذا النمط من الشركات في أم يركا والبلدان األوروبية وغيرها من البلدان التي تقوم
اقتصادياتها على نظام اقتصاد السوق الحر ،لكن في البلدان التي تعتمد نظام االقتصاد المركزي ،مثل
الصين وكوبا وغيرها من البلدان االشتراكية ،فإن منشآت األعمال السينمائية ،تكون ضمن القطاع العام
المملوك حص ًار لل دولة ،أما في البلدان ذات االقتصاد المختلط الذي يجمع بين وجود القطاع العام
المملوك للدولة والقطاع الخاص المملوك لألفراد والشركات وغيرها ،فإن منشآت األعمال تكون مختلطة
أيضًا ،بحيث توجد منشآت أعمال سينمائية ومملوكة بالكامل للدولة ،وتنطوي تحت لواء القطاع العام.
وبالنسبة لمنشآت األعمال السينمائية المملوكة للقطاع الخاص ،فهي تعمل ضمن شروط المنافسة السائدة
في االقتصاد واألسواق.
- 0األجور (المباشرة):
المخرج -األبطال -الدوبلير -األدوار الثانوية -المجاميع (الكومبارس) -مدير اإلضاءة -التصوير-
مصمم الديكور -مصمم المالبس -منسق المناظر -مسجل الصوت -مهندس الصوت-مونتير
النيجاتيف -مركب الفيلم -مونتير بوزتيف -مؤلف الموسيقى التصويرية -مخرج المعارك-مخرج الخدع-
خبير المفرقعات -مصمم التتر -مصمم االستعراضات -نجوم االستعراضات-الموسيقيون -ماكيير-
كوافير -الكالكيت.
- 4الخامات (المباشرة)
الديكورات -المالبس -اإلكسسوارات -خام الفيلم -نيجاتيف صورة -بوزتيف نسخة عمل -شرائط ربع
بوصة -ماجنتيك -نيجاتيف صوت ( أوبتكال ) -خام استاندرد -جيالتين وكلك -أطعمة ومشروبات
متنوعة للتصوير.
47
- 3المصروفات الخدمية (المباشرة)
-تكاليف خدمات االستوديوهات - :إيجار البالتوهات -خدمات المونتاج -خدمات معامل التحميض -
خدمات الصوت والمكساج -إيجار أماكن تصوير مختلفة داخل االستوديوهات (الحارة -الحديقة -
الشوارع -المكاتب)-إيجار أماكن تصوير خارجية (شقق -فيالت -مالهي -حدائق وغيرها) -
القصة والسيناريو -إيجار سيارات للتصوير -إيجار إكسسوارات -إيجار مالبس -إيجار حيوانات -
إيجار كاميرات ومعدات تصوير واضاءة إضافية.
مدير إنتاج -منفذ إنتاج -مساعد إنتاج -مساعد مخرج أول -مساعد مخرج ثاني -مساعد مصور-
منفذ ديكور -مساعدو اإلكسسوار -عامل مالبس -عاملة مالبس -مساعد مسجل صوت -مساعد
ماكيير -مساعد كوافير -ريجيسير -مساعد ريجيسير -بدالت غذاء للعاملين في الفيلم.
بليدج (منظفات) -مشابك -أحبال – بيروسول (مواد كيماوية ومبيدات للحشرات) -دبابيس -مسامير
-سلك -أدوات كهرباء – شيكرتون (صمغ والصق).
إيجار سيارات انتقال العاملين بالفيلم -إيجار عربات لنقل معدات وأجهزة التصوير واإلضاءة
-أقساط تأمين ضد األخطار التي يتعرض لها الفيلم -فوائد القروض.
46
التلفزيون -اإلذاعة -المجالت -الجرائد -األفيشات – الملصقات (البوسترات) – المطبوعات –
مستندات -هدايا مختلفة -عمولة توزيع الفيلم -ألبومات الصور الفوتوغرافية -المصور الفوتوغرافي -
تكاليف نقل الفيلم على شرائط فيديو -مصروفات توزيع أخرى متنوعة.
الرسوم ومصروفات الرقابة -أدوات كتابية -مصاريف كتابة وتصوير نسخ السيناريو.
إيجار مقر الشركة -أجور اإلداريين والماليين والسكرتارية -كهرباء -مياه -تليفون -فاكس
-مطبوعات وسجالت -الحراسة والنظافة -المحاسب القانوني.
التطورات السينمائية التي حدثت في فترة نصف القرن الماضي والتي أعقبت الحرب العالمية الثانية ،أدت
إلى ظهور التخصص كميزة نوعية في األنشطة الصناعية ،بحسب الباحث السينمائي عبد المعين
الموحد ،بحيث أصبحت المصانع أكثر تخصصاً في إنتاج األنواع المحدودة من السلع والخدمات.
التخصص أدى إلى إعادة هيكلة القطاعات الصناعية ،وفقًا لمبدأ تكامل األنشطة الصناعية ،وتبعًا لذلك
أصبحت هناك صناعات تعتمد مدخالتها ال على المواد الخام األولية ،وانما على المواد المصنعة بواسطة
األطراف التجميعية ،وعلى هذا النحو ظهر ما يعرف بالصناعات التجميعية ،مثل صناعة السيارات
وغيرها من الصناعات التي تحصل على مدخالتها من القطاعات الصناعية األخرى.
تأثرت صناعة السينما ،باعتبارها صناعة متخصصة ،بالتطورات الصناعية المتعلقة بالتخصص والتكامل
كثير ،وتأسيسًا على ذلك نجد أن صناعة السينما تحصل على احتياجاتها األولية ،وبالذات فيما يتعلق
ًا
بالمعدات واألجهزة ،من القطاعات الصناعية األخرى .وعليه أصبحت صناعة السينما تضم سلسلة من
الصناعات الفرعية التي تغذيها بالمدخالت ،ومن أبرز هذه الصناعات الفرعية نجد:
مصانع األفالم.
43
مصانع الكيماويات التي تقوم بإعداد المواد الكيميائية الالزمة لمعالجة األفالم.
واضافةً إلى هذه المعامل والمصانع ،توجد العديد من األنشطة الصناعية األخرى التي تسهم بشكل أو
بآخر في مدخالت صناعة السينما .هذا وبسبب عمليات التنظيم الصناعي التي هدفت إلى تقليل
التكاليف وكسب الوقت وتحقيق المزيد من التركيز ،ظهرت عملية التجميع الصناعي للوحدات والمعامل
التي تعتمد على بعضها بعضاً في تبادل المنتجات .وهكذا ظهرت فكرة مشروعات الحاضنات الصناعية،
وهي عبارة عن مناطق صناعية متخصصة ،وعلى خلفية مشروعات الحاضنات الصناعية ظهرت
المجمعات الصناعية الكبيرة المتخصصة بمجال صناعة السينما ،وهي مجمعات تتكون من المصانع
والمعامل التي يتم استهالك منتجاتها في مجال صناعة السينما .وتعد مدينة هوليود المتخصصة بصناعة
السينما بمثابة أكبر مجمع في العالم لحاضنات صناعة السينما ،إضافة إلى المرافق الخدمية األخرى التي
تقدم الدعم والمساندة لهذه الصناعة.
بسبب الحقيقة البديهية المعروفة والقائلة بترابط الظواهر االقتصادية ،فإن اقتصاديات السينما ال تمثل
كيانًا معروفاً ،وانما ترتبط تمام االرتباط بالجوانب والظواهر االقتصادية واالجتماعية والعلمية والقانونية
األخرى ،وبهذا الخصوص يمكن أن نشير ،بحسب الباحث عبد المعين الموحد ،إلى هذه االرتباطات على
النحو التالي:
ارتباطات كلية :يرتبط قطاع صناعة السينما بمستوى التطور االقتصادي ،وفي البلدان المتطورة ذات
البنى التحتية المتطورة نجد أن قطاع صناعة السينما متطور ،وذلك ألن السينمات ليست مثل الزراعة
45
والصناعة وغيرها ،وهي وان كانت ترتبط بالصناعة والتجارة وغيرها ،فإن صناعة السينما تتميز
بخصوصيتها وذلك لجهة ارتباطها ،وربما اعتمادها على مزايا اقتصادية ال تتوافر إال في البلدان ذات
االقتصاديات المتطورة ..كذلك ،ترتبط صناعة السينما بمستويات االقتصاد الكلي ،مثل مستوى الدخل
وتوزيع الخدمات ،ونشاط األسواق ،وتوافر رأس المال ،والمهارات البشرية ،إضافة لذلك ،ال بد من توافر
بيئة طبيعية ،اجتماعية غنية بالتنوع والتعدد ،بحيث تكون قادرة على تلبية احتياجات صناعة السينما
المتعلقة بالموارد االقتصادية ،وأيضًا المتعلقة بالموارد البشرية والطبيعية.
ارتباطات جزئية :ترتبط منشآت األعمال السينمائية ،العامة والخاصة على السواء ،بمنشآت األعمال
العامة والخاصة الناشطة في المجاالت األخرى ،وعلى سبيل المثال لجهة الحصول على التمويل ترتبط
منشآت األعمال السينمائية بالبنوك والمصارف وغيرها من الجهات المانحة للتمويل ،ولجهة الحصول
على الخدمات ترتبط منشآت األعمال السينمائية بالمنشآت الخدمية مثل شركات ومؤسسات الكهرباء
واالتصاالت والنقل وغيرها.
االرتباطات الجزئية لقطاع صناعة السينما ،ومنشآت األعمال السينمائية المنضوية تحت لوائه ،وهي
ارتباطات تقوم على أساس تبادل السلع والخدمات والمزايا والمنافع ،ومصدر هذه االرتباطات هو ظاهرة
التخصص في مجال تقديم السلع والخدمات .على سبيل المثال تقوم منشآت اإللكترونيات بتزويد منشآت
األعمال السينمائية بأجهزة التصوير واإلضاءة ،وتقوم شركات الكمبيوتر بتزويد الشركات السينمائية
بأجهزة الحاسوب وبرامج الكمبيوتر الخاصة باحتياجات صناعة السينما ،وغير ذلك.
ارتباطات نوعية :ونجد هذه االرتباطات أكثر تجسداً داخل منشآت األعمال السينمائية ،وتتمثل هذه
االرتباطات في استفادة هذه المنشآت من التطورات العلمية في مجاالت اإلدارة واالستثمار وأساليب
التكنولوجيا المتطورة وتعميماتها في مجال العمل ،وحاليًا تطبق وتعمم منشآت األعمال السينمائية كل
األساليب العلمية المتعارف عليها كأساليب معيارية لالستخدام والتعميم جنبًا إلى جنب وبأعلى المواصفات
المطبقة بها في منشآت األعمال األخرى.
ارتباطات تشريعية :تلتزم منشآت األعمال السينمائية بتطبيق كل قوانين التشريعات الرسمية السائدة
والنافذة في بنية العمل وانفاذها ،وحاليًا نجد كل منشأة تلتزم بتطبيق تشريعات وقوانين البلد الذي تعمل
ضمنه ،في كل ما يتعلق بأنشطتها وفعاليتها ،مثل قوانين األجور والمعاشات والمكافآت والعطالت
49
الرسمية والنظم واآلداب العامة ،وتستوي في ذلك كل المنشآت بما في ذلك الفروع التي توجد في بلد
وتوجد رئاستها في بلدان أخرى ،وذلك بحيث يكون االلتزام حص ًار بقوانين وتشريعات البلد التي توجد
ضمنه المنشأة.
ارتباطات معلوماتية :من غير الممكن وربما من المستحيل أن تعتمد منشأة األعمال السينمائية على
قاعدة بياناتها المستقلة في كل شيء بمعزل عن المنشآت السينمائية األخرى وغير السينمائية .لتوضيح
ذلك نشير إلى أن انفتاح األفالم السينمائية على كل جوانب الحياة ،جعل هناك ضرورة الزمة الستعانة
قطاع السينما بالبيا نات والمعلومات واألرشيف الخاص بالقطاعات األخرى ،وعلى سبيل المثال في حال
األفالم الوثائقية الطبية ،ال بد من االستعانة بمعلومات الجهات الطبية المتخصصة واستخدام المواد
ال أو
األرشيفية المتاحة لديها ،وينطبق على ذلك األفالم السينمائية األخرى ،المتعلقة بالطيران مث ً
المجاالت الحربية والتاريخية وغير ذلك.
تارك ًة وراءها المسارح ،والحفالت الموسيقية والمتاحف والمكاتب ،الدراسات اإلحصائية تشير إلى أن
%61من الفرنسيين يشاهدون فيلمًا سينمائيًا على األقل مرة واحدة في السنة .هكذا يمكن القول بوضوح
أن الفرنسيين ،على سبيل المثال ،يقيمون عالقة قوية مع السينما تعبر عن اهتمامهم بها وحبهم لها إذ
تكفي اإلشارة إلى أن 391مليون تذكرة سينمائية قد بيعت عام ،.113أي أن مؤشر التردد على
الصاالت هو بنسبة %1,1من مجمل الفرنسيين ،واذا كان هذا المؤشر واحدًا من أعلى المؤشرات
بالنسبة للبلدان األوروبية فإن األميركيين واالستراليين يتجاوزون هذا المؤشر ليصل إلى 1,3بالنسبة
لألميركيين والى 6,3بالنسبة لالستراليين.
وبطبيعة الحال فإن هذا يحمل آثا اًر اقتصادية ،ففي عام .113صرفت كل أسرة فرنسية 37يورو
للسينما مقابل 3.3يورو لالشتراك التلفزيوني و 381يورو للتسجيالت التلفزيونية .واذا كان نصيب
السينما أضعف من غيره فهو بسبب انتشار األفالم خارج الصاالت ،أي عن طريق القنوات التلفزيونية أو
األشرطة المسجلة .لكننا أمام ظاهرة جديدة وهي أن السينما أصبحت في كل مكان ،بحيث أن مبالغ
استهالك األفالم عبر مختلف وسائل عرضها قد تصل إلى 1مليارات سنويًا.
72
وعند التطرق إلى «حياة الفيلم» فكل فيلم هو مشروع مكلف جداً بدءاً من شراء حقوق المؤلف لقصة أو
ال إلى دفع أجور الممثلين والتقنيين ،تكفي اإلشارة هنا إلى أن
مسرحية ومرو ًار بالكتابة السينمائية ووصو ً
تكاليف الفيلم الواحد تتراوح بين 1مستويات دنيا فعلياً:
3 - )3مليون يورو
31 - 1 - ).ماليين يورو
وهذا المشروع ال يتوقف عند مرحلة اإلنتاج ،إذ البد من تسويته بعدها ،بعرضه على الموزعين الذين
ساهموا منذ عام 3911بنصيب مالي في إنتاج الفيلم .ومنذ عام 3986فإن القنوات التلفزيونية الفرنسية
تدخل في المشاركة بتكاليف اإلنتاج مقابل حق البث المستبق.
وتشكل المهرجانات السينمائية جزءًا من حياة الفيلم ألنها ليست مكانًا للقاء األسرة السينمائية والموزعين
وحسب ،وانما هي أيضاً مكان لتقديم الجوائز وتعريف الجمهور باألفالم وتوسيع حظوظ عرضها في
الصاالت .من هنا تحرص فرنسا على مهرجان كان السنوي ومشاركتها في بقية المهرجانات السينمائية
البارزة وتصدير أفالمها لغايات اقتصادية وثقافية معًا.
هكذا فمنذ الموقف الذي أصبحت فيه السينما رهانًا اقتصاديًا وثقافيًا ،فإن الدولة أعطته اهتمامًا منفردًا.
وهذا االهتمام المنفرد يعود إلى مشكالت متعددة يفرزها القطاع السينمائي بالوقت نفسه .فهناك 1.111
شخص يعملون في هذا القطاع ،بينما يتوجه عدد من المنتجين نحو بلدان أوروبية جنوبية أو نحو أوروبا
الشرقية ألخذ المناظر بغية التخفيف من تكاليف اإلنتاج.
تعد صناعة السينما من األنشطة باهظة التكاليف ،خاصةً وأن إعداد األفالم السينمائية يحتاج إلى الكثير
ال استثمارياً يجتذب
وبناء عليه ،أصبح اإلنتاج السينمائي يمثل مجا ً
ً من المتطلبات والمستلزمات المتنوعة،
ليس األفراد فحسب ،وانما المؤسسات والشركات المالية الكبرى.
71
لعب تطور السينما األميركية دو اًر كبي ًار في تحويل صناعة السينما من مجرد أنشطة استثمارية محدودة
يتم تمويلها بواسطة رؤوس األموال المباشرة وغير المباشرة ،إلى مجرد رواج الطلب على صاالت العرض
السينمائي ،وتزايد أعداد الجمهور ،وتزايد طلب الصاالت على األفالم ،األمر الذي دفع بدوره شركات
اإلنتاج السينمائي إلى تن شيط إنتاجها من األفالم السينمائية القصيرة والمتوسطة والطويلة ،ولم تعد النخبة
السينمائية تتكون حص ًار من الممثلين والمخرجين والمصورين ،إنما من رجال األعمال الذين أخذوا يشيدون
االستوديوهات السينمائية الضخمة ،واألعداد الكبيرة من دور العرض السينمائي .وأسهم تأسيس هوليود
باجتذاب رؤوس األموال من شتى أنحاء العالم ،وبالذات األطراف أصحاب رؤوس األموال الكبيرة ،والتي
وجدت في هوليود مالذًا من مخاطر الكساد االقتصادي العالمي.
تتعدد أنواع اإلنتاج في صناعة السينما األمريكية؛ من اإلنتاج بميزانيات ضخمة وطاقم ضخم ،إلى
الميزانيات الصغيرة والطاقم الضخم ،إلى ميزانية وطاقم صغيرين.
وبالنسبة لمصادر تمويل األفالم األمريكية ،تحتل الكيانات السينمائية الكبرى (هوليوود) إحدى كفتي
الميزان ،أما الكفة األخرى فتشمل شركات اإلنتاج المستقل ،المتخصصون ،فالبنوك ،التمويل
األجنبي...الخ ،حيث وصلت نسبة عدد األفالم الروائية الطويلة التي تساهم فيها هوليوود %3..1من
مجمل األفالم المطروحة بالواليات المتحدة ،أي ما يقارب نصف األفالم المنتجة ،أما نصيب أفالم
هوليوود من إيرادات دور العرض فتشكل ما نسبته ،% 9.فيما تشكل % 8نصيب باقي الصناعات
السينمائية األخرى ،من باقي الواليات المتحدة أو الدول األجنبية.
تسعى بعض الدول المتقدمة وباهتمام بالغ إلى تشجيع قطاع السينما العالمية ،هذا القطاع المهم الذي
أسهم في دعم اقتصادها من خالل توفير مليارات الدوالرات سنويًا ،ويرى بعض الخبراء في هذا المجال
أن ذلك الدعم سيؤثر ولو بشكل نسبي على إنعاش االقتصاد ،وخاصة بعد تأثر العديد من دول العالم
باألزمة المالية التي أثرت سلباً على االقتصاد العالمي ,وقد تجلى ذلك بشكل واضح بعد النجاحات التي
حققتها بعض األفالم العالمية الحائزة على العديد من الجوائز .فقد أعلنت استديوهات "بارامونت بيكتشرز"
األميركية أنها حققت العام الماضي إيرادات قياسية بقيمة 1,37مليارات دوالر بفضل األفالم الستة عشر
التي أصدرتها في .133على مستوى العالم ،وأوضحت "باراماونت" التابعة لمجموعة "فياكوم" األميركية
72
أن السوق األميركية أمنت لها 3,96مليار دوالر ،إلى جانب اإليرادات القياسية التي حققتها في الخارج
والتي بلغت قيمتها 1,.3مليار دوالر.
إال أن الصناعة السينمائية تعاني صعوبات كثيرة ،حيث بدأ عدد المشاهدين بعد الفترة الذهبية للسينما
بالتناقص ،ولم يتم تصحيح هذه الوضعية إال بعد اتخاذ إجراءات متنوعة في تحديث الصاالت وتوزيعها،
وفي حماية اإلنتاج السينمائي في كل بلد من المنافسة ،وفي تقديم المساعدات للقطاع السينمائي بمجمله.
وال بد من تشجيع اإلنتاج السينمائي في البلدان كافة «اآلسيوية واإلفريقية والمغربية ،أو فيما يتعلق بأفالم
الشرق األوسط وأوروبا الشرقية» ،حيث يمكن الحصول على مساعدة لدعم األعمال التي يقوم بها
أصحاب الصاالت في تحديثها وتجهيزها.
لم تعد العروض السينمائية حك اًر على صاالت السينما ،بل أصبح في غاية اليسر والسهولة ألي شخص
أن يمتلك مكتبته السينمائية الخاصة في المنزل بعدما تمكن من اقتناء األجهزة الخاصة بـ Cinema
homeأو السينما المنزلية .فمن الممكن لألشخاص اقتناء األفالم المسجلة على أشرطة الفيديو أو على
األقراص المدمجة CDو DVDأو على أي نوع من التقنيات مثل الفالش ميموري .وقد ساعد وجود هذا
النوع من المكتبات السينمائية انتشار وسهولة الحصول على تقنيات الوسائل واألجهزة السمعية والبصرية
المختلفة التي ال يتطلب تركيبها وتشغيلها أي خبرة أو جهد.
ال بأول
كثير القنوات التلفزيونية الفضائية التي تبث األفالم السينمائية أو ً
من جانب آخر ،ازدادت وتنوعت ًا
لحظة إنتاجها أو بعد إنتاجها بوقت قصير وعلى مدار األيام والسنين .وحصد كثير من هذه القنوات نسبًا
مرتفعة من متابعة المشاهدين .والبد لكل ذلك أن يؤثر على اقتصاد السينما من حيث المردودات
والعائدات المادية .فدورة حياة الفيلم السينمائي تبدأ من خالل العرض بصاالت السينما ،وتنتهي بالعرض
على شاشات التلفزيون مرو اًر ببيع نسخ على األقراص المدمجة CDو DVDوبالتبادل الثقافي بين الدول
وغيرها من وسائل البيع والترويج.
تنشر وسائل اإلعالم الفرنسية ،على سبيل المثال ،كل أسبوع تصنيف األفالم التي يتردد عليها
المواطنون ،وعدد األفالم التي تم إنتاجها ،والنجاحات التي يحظى بعضها بالقياس إلى بعضها اآلخر،
73
ووقائع النقد السينمائي حولها ،ووضعية السوق السينمائية ،ولقد وصل األمر حداً بحيث أن لغة
اإلحصاءات حول السينما تبدو كأنها خطاب سينمائي بحد ذاته .إن األرقام االقتصادية تتغلب على
النزعة الجمالية للسينما في حين أن األفالم الجديدة كل سنة تطرد من الذاكرة ما سبقها من أفالم.
دخلت التكنولوجيا الجديدة بقوة إلى المجال السينمائي فحولته إلى صناعة مثيرة في قدرتها وأدائها،
وخاصة مع تطور السينما الرقمية ،وهذا بدأ يحدث تغييرات مهمة تسهم في تغيير وضع السينما
التكنولوجي واالقتصادي.
منذ سنوات يقوم اإلنترنت بدور الوسيلة الجديدة لتوزيع األفالم السينمائية وعرضها وتخزينها حيث يمكن
لألشخاص تحميل ما يريدون من أفالم ومشاهدتها على حواسيبهم الشخصية مقابل مبالغ زهيدة من
المال ،مما يعرض اقتصاد السينما التقليدي إلى مخاطر عديدة .وتتابع استوديوهات هوليوود كل ذلك
بحذر لما فيه من تأثير في مستقبل صناعة األحالم وتوزيعها وتسويقها.
وتقوم السينما المنزلية من جانبها أيضًا بتغيير المعادلة االقتصادية للسينما ومشتقاتها لجهة عدم ذهاب
الجمهور إلى الصاالت ،وبالتالي مدى صمود هذه الصاالت واستمرار نشاطها.
74
المصادر والمراجع المستخدمة في الوحدة الثالثة
-3عبد المعين الموحد ،التسويق السينمائي ،منشورات و ازرة الثقافة ،المؤسسة العامة للسينما ،دمشق،
سورية..119 ،
-.بيير غرا ،اقتصاديات السينما .باريس ،دفاتر السينما ..111 ،انظر موقع،
http://www.albayan.ae/paths/books/
77
نماذج عن أسئلة من الوحدة الثالثة
إن مهنة اإلنتاج السينمائي هي المهنة التي يحمل القائمون عليها أمانة الحفاظ على:
- Bالحفاظ على رؤوس أموال المخرجين السينمائيين باستثمارها االستثمار االقتصادي والفني
السليم.
- Cمحاولة ضمان أن تكاليف الفيلم لن تكون بأي حالة من األحوال أقل من عائداته.
76
الوحدة الرابعة :اقتصاد الراديو والتلفزيون
.3العناصر البشـرية
..العناصر التقنيـة
73
ملخص الوحدة الرابعة:
تعد صناعة وسائل اإلعالم المرئية والمسموعة من أوسع االنتاجات اإلعالمية وأكثرها تنوعاً وحضو اًر
على الساحة اإلعالمية ،وينسحب هذا بالتالي على اقتصاد الراديو والتلفزيون الذي يشهد تطو ًار متزايدًا،
وخاص ًة مع ازدياد أعداد القنوات التلفزيونية الفضائية .إن اإلنتاج المرئي والمسموع أو السمعي البصري
هو عماد اقتصاد اإلذاعة والتلفزيون إضافة إلى ما يرافقه من نشاطات التمويل والبيع والتوزيع ...الخ.
بالنسبة لعناصر اإلنتاج التلفزيوني فهي متنوعة بين بشـرية وتقنيـة ومالية وادارية ،حيث يفرض منطق
اقتصاد وسائل اإلعالم المرئية والمسموعة اللجوء إلى عناصر اإلنتاج هذه ،وهذا يفرض بدوره دراسة
تكلفة المنتجات اإلعالمية المرئية والمسموعة .وتلعب التكنولوجيا الحديثة دو ًار مهمًا في تحسين اإلنتاج
وتخفيض التكاليف .وكمثال عن كل ما سبق قمنا بالتعريف بمقومات اقتصاديات اإلعالم التلفزيوني في
الواليات المتحدة األمريكية.
أن يدرك الطالب أهمية العوامل االقتصادية في عملية اإلنتاج اإلذاعي والتلفزيوني (وخاصة التلفزيوني)
وكيفية استمرارها.
أن يفهم الطالب بدقة ووضوح تفاصيل أنواع تمويل اإلذاعة والتلفزيون ومصادره ،وضرورة ذلك لوجود
واستمرار وجود الراديو والفن الثامن.
أن يعرف الطالب بدقة جميع تفاصيل عناصر األعمال المرئية والمسموعة وتكاليفها.
أن يلم الطالب بآلية صناعة المواد السمعية البصرية ،وخاصة المرئية (التلفزيون) وانتاج البرامج
انتهاء بعائدات بيع المواد المنتجة وتوزيعها.
ابتداء من فكرة البرنامج ،و ً
ً التلفزيونية
أن يدرك الطالب أهمية دور التكنولوجيا الحديثة في تحسين اإلنتاج اإلذاعي والتلفزيوني ،وأثر ذلك في
تخفيض النفقات والتكلفة.
75
صناعة وسائل اإلعالم المرئية والمسموعة:
يمكن تصوير صناعة وسائل اإلعالم المرئية والمسموعة باعتبارها سلسلة من األنشطة الفرعية ،مترابطة
الحلقات يأخذ بعضها برقاب بعض ،ويهيمن عليها نشاط رئيس يختلف من وسيلة إعالم إلى أخرى.
فالنشاط الرئيس في اإلذاعة والتلفزيون هو البرمجة – كما ذكرنا سابقًا -أما األنشطة األمامية فهو ما
يتعلق بجمع المعلومات ،أو ما يمثل المحتوى عامة :األنباء ،الصور ،اإلعالنات...الخ ،وهذا تشترك فيه
الصحافة المكتوبة والتلفزيون واإلذاعة ،وهناك أنشطة أمامية أخرى تخص اإلذاعة والتلفزيون مثل إنتاج
البرامج اإلذاعية والتلفزيونية والمواد السمعية البصرية المختلفة ،األشرطة ،التحقيقات ،المنتجات اإلخبارية
والثقافية والمواد العلمية الخيالية واإلعالنية .. .الخ .وكذا اإلنتاج الفني :الحفالت الموسيقية ،األلعاب،
باإلضافة إلى األفالم السينمائية ،وكل هذه األنشطة يمكن أن تسند إلى مؤسسات أخرى غير المؤسسات
التي تقوم بالبرمجة.
وكذلك الشأن بالنسبة إلى األنشطة الخلفية :البث الهرتزي األرضي أو عبر األقمار اإلصطناعية ،أو
التوزيع عبر الكابل (التلفزيون السلكي) بالنسبة إلى التلفزيون ،فكلها أنشطة يمكن أن تقوم بها مؤسسات
أخرى .وفي آخر السلسلة يوجد الجمهور الذي يتجه إليه كل النشاط :مشاهدو التلفزيون ومستمعو
اإلذاعة.
هذه البنية الصناعية لنشاط وسائل اإلعالم المرئية والمسموعة ثابتة تقريبًا ،وال يمكن أن تتغير إال بحدوث
طفرة تكنولوجية باهرة تعدل البنية الصناعية بإلغاء بعض الحلقات (أو بإضافة حلقات جديدة) ،أو تغير
محتوى النشاط داخل كل حلقة من حلقات السلسلة.
79
اإلنتاج في الراديو والتلفزيون عبارة عن تحويل الفكرة الخالقة المصاغة فنيًا على الورق إلى هيئة نص
scripted programmeأو شبه نص semi- scripted programmeغير مسموع وغير مرئي
والمخطط لها مسبقاً ،إلى مادة مسجلة على شريط تسجيل صوتي audioبالنسبة للراديو أو شريط الفيديو
videoمغناطيسي بالنسبة للتلفزيون ،بحيث تكون تلك المادة صالحة للبث airedطبقاً لمعايير محددة
مقبولة ثقافيًا وفنيًا وسياسيًا وأيديولوجيًا ،إنه باختصار شديد ،عبارة عن عملية تحويل الفكرة إلى منتج
نهائي finished productقابل للبث عن طريق الراديو أو التلفزيون ،أما المنتج producerفهو
الشخص المسؤول مسؤولية كاملة عن هذا اإلنتاج.
لم تعد تنحصر مهمة التلفزيون ،كأداة اتصال في عصر التقدم العلمي والتكنولوجي ،في كونه أداة
للتسجيل ووصف األحداث المحلية والدولية ،أو في كونه مجرد وسيلة لنقل األخبار المصورة ،ونقلها حي ًة
على الهواء مباشرًة عبر األقمار الصناعية ،بل في قدرته على اإلقناع والتأثير والسيطرة ،وكونه قوة ال
يستهان بها تدخل في مجال إعادة صياغة اإلنسان.
وايماناً بذلك الدور قامت الحكومات والمؤسسات بعمل القنوات والبرامج التلفزيونية التي تخدم أهداف
وطموحات تلك الجهات ،وأسست على ضوئه مراكز اإلنتاج التلفزيوني ،ليصبح اإلنتاج التلفزيوني صناعةً
مهمة ثقافيًا ورابحة اقتصاديًا ،فيما إذا عرفنا كيف ننتج وماذا ننتج ،وكيف يجب أن يوظف هذا اإلنتاج
ويتم توزيعه .لذا تعددت وتنوعت المؤسسات العامة والخاصة في العالم التي تعمل من أجل تحقيق ذلك.
يمكن ت وضيح مفهوم اإلنتاج التلفزيوني بشكل مبسط بأنه يعني مجموعة الخطوات التخطيطية والتنفيذية
وبناء على هذا المفهوم تكمن
ً المختلفة التي تؤدي إلى تحويل الفكرة إلى برنامج تلفزيوني يمكن بثه،
أهميته في كونه يتضمن معظم الخطوات والعوامل المؤدية إلى عمل البرنامج التلفزيوني ،وتحقيق الهدف
منه ،بدءًا بتحديد احتياجات الجمهور ،واعداد الفكرة ،وتحديد الهدف من البرنامج والجمهور المستهدف،
وتحديد القالب التلفزيوني المناسب ،ومن ثم اإلخراج وتقييم العمل.
وعلى ضوء ذلك ارتبط البرنامج الناجح بوجود إنتاج تلفزيوني متميز ذي إمكانيات مادية وفيرة (ميزانية
العمل) ،وكذلك ضعف البرنامج هو نتيجة طبيعية لضعف اإلنتاج أو ضعف في بعض أج ازئه ،وضعف
اإلمكانيات المادية سيكون على األغلب سببًا في ذلك.
62
أهمية اإلنتاج التلفزيوني للمؤسسات:
تعمل الكثير من المؤسسات ،والمراكز اإلعالمية ،وبخاصة التي تدرك أهمية دور اإلنتاج في إنجاح
منتجها التلفزيوني ،على االستعانة بكوادر إنتاجية متميزة ،وقادرة على إيصال رسالتها لجمهورها
المستهدف ،وتقديم الدعم البشري والمالي والتقني له ليحقق أهدافاً يمكن أن نلخصها في التالي:
تحدد عناصر اإلنتاج في ضوء األهداف والخطط المراد تحقيقها ،كما يمثل حجم المؤسسة وطبيعة
أنشطتها دو ًار مهماً في رسم خطة اإلنتاج التلفزيوني في المؤسسات العامة ،ووفقًا لهذا المنظور يتم
االستعانة بكوادر بشرية ،وتزويده بالتجهيزات التقنية الالزمة لتحقيق هذه األهداف ،وتتكون عناصر
اإلنتاج مما يلي:
-المخرج (.)Director
61
-مهندس اإلضاءة (.)Lighting engineer
-الكاميرات وملحقاتها.
-اإلضاءة والمرشحات.
-الصــوت.
-المونتــاج.
يتطلب العمل اإلذاعي والتلفزيوني ،والتلفزيوني بخاصة ،تكاليف مالية باهظة مقارنة بغيره من الوسائل،
ويعود ذلك لطبيعة عناصره وكثرة خطوات مراحله ،لذا عمدت كثير من المؤسسات الخاصة باإلنتاج إلى
ت وفير طاقم إنتاجي مخصص للمسائل المالية والمصروفات على تلك األعمال ،ويتم ذلك عبر وضع
ميزانيات ببنود معروفة كاستئجار المعدات وأجور الفنانين ومكافأة العاملين وايجار المواقع والسفر
والتنقالت وغيرها من البنود التي تكون في مجملها ما يعرف بميزانية البرنامج ،ثم ترصد ليتم صرفها وفقًا
لما هو مرسوم لها .وال يتوقف األمر عند هذا الحد بل يجب أن يدعم ذلك بتسهيل إداري لمراحل اإلنتاج
المختلفة ،والتي تتطلب في بعض األحيان شروطًا صعب ًة إلتمام متطلب إنتاجي كتصوير لقطات معينة
يصعب الوصول إليها .ويجب أن تتفهم اإلدارة العليا في المؤسسة هذه المطالب بشكل جيد ليتم تقديم
عمل يتواءم مع تطلعات المؤسسات ذاتها.
62
يشترط نشاط وسائل اإلعالم عامة ،والمرئية والمسموعة خاصة ،تطبيق القواعد الصناعية بشكل واضح:
االستثمارات الضخمة في وسائل اإلنتاج والبث واالستقبال وتقسيم العمل التقني والفني المتقدم جدًا،
واستخدام طرق إنتاج يغلب عليها عنصر رأس المال ،واعتماد أحدث التقنيات الدقيقة ،ويتطلب ذلك كله
سوقاً واسعةً وطلبًا نشيطاً متجدداً يسمح بجلب االستثمارات وتطوير اإلبداع الثقافي واإلنتاج الفكري
واإلعالمي القادر على المنافسة ،ويقف ذلك وراء الحركية اإلعالمية والثقافية في البلدان الصناعية،
ويمثل رهانات تكنولوجية وصناعية وتجارية كبرى في سياق عالقات دولية جديدة تلعب فيها تلك الحركية
اإلعالمية والثقافية دو اًر نشيطًا.
إن ما يصنع كل تلك الحيوية في وسائل اإلعالم عامالن :التصنيع والسوق ،فتصنيع وسائل اإلعالم
عامة والمرئية والمسموعة خاصة ،سمح بتطوير القدرات اإلنتاجية التي تضمن بدورها مرونة العرض
الالزمة لمواجهة الطلب المتزايد كميًا ،والمتجدد المتنوع نوعيًا ،والمتغير بسرعة .أما منطق السوق فقد
سمح بتكييف المنتجات وتنويعها طبقًا لالحتياجات الحقيقية والمتجددة للمجتمع.
إن حركية وسائل اإلعالم واالتصال في البالد المصنعة إنما يقف وراءها منطق تسويقي ذكي يعمل على
دراسة احتياجات السوق ،وفهمها ،والتنبؤ بتغيراتها والتحسب لمواجهة الطلب المتجدد وفقاً لحركية المجتمع
التي تحددها ،جزئيًا ،حركية وسائل اإلعالم نفسها .وقد شهد العالم كيف تقف شبكات اإلعالم واالتصال
في البالد الصناعية جنبًا إلى جنب مع المؤسسات االقتصادية الكبرى التي صنعت نهاية القرن العشرين،
وترسم مالمح القرن الجديد.
تتميز تكلفة إنتاج المواد المرئية والمسموعة ببنية خاصة ،كما تتميز ببعض السمات االقتصادية التي
تميزها عن المنتجات الصناعية العادية ،وهذه السمات هي:
63
رغم اختالف شروط اإلنتاج بين البلدان فإن هناك بعض العناصر االقتصادية التي تتكرر في معظم
البلدان وهي:
هناك عالقة مباشرة بين تكلفة المنتج وموقعه في شبكة برامج القناة أو المحطة المبرمجة ،فهذا الموقع في
البرمجة يحدد مستوى عائدات البرنامج ،وبالتالي مستوى مردوديته ضمن مجموع الشبكة البرامجية.
هناك نوع من التجانس بين تكلفة الدقيقة الواحدة ونوع المنتج المرئي المسموع .ففي معظم الحاالت نجد
أن تكلفة المنتجات القابلة للتخزين أعلى بكثير من تكلفة المنتجات غير القابلة للتخزين ،حيث تقل تكلفة
الدقيقة الواحدة من الشريط الوثائقي ( .88دوال اًر أمريكياً) عن تكلفة الدقيقة من المجلة اإلخبارية
التلفزيونية ( 311دوال ًار أمريكيًا) .وفي كل الحاالت تظل تكلفة الدقيقة الواحدة من األفالم السينمائية
الطويلة أعلى من غيرها ،وهي تتراوح بين 11ألف دوالر في نيجيريا ،و 61ألف دوالر في الهند .ويرى
الباحثون أن لألمر عالقة بسعة السوق واإلقبال على قاعات السينما (حالة الهند ومصر) ،وفي حالة
ضعف هذين المعطيين يتعين اللجوء إلى التمويل العمومي أو الحكومي (ليتوانيا) أو إلى التعاون
الخارجي (بوركينا فاسو) واإلنتاج المشترك (كولومبيا) .
في معظم الحاالت يتم إنتاج الفيلم التلفزيوني الخيالي من قبل القناة التي تبثه مما يؤدي إلى تخفيض
تكلفة الوسائل التقنية ،أما األشرطة الوثائقية فال تتوفر على أسواق مهيكلة في هذه البلدان ،فهي تتوقف
على اإلنتاج الذي تموله الجهات العم ومية (غير الخاصة) فيتم إنتاجها خاصة من قبل القنوات العمومية
ومن تمويل الجهات شبه العمومية مثل الجمعيات والمنظمات الدولية ،وعبر اإلنتاج المشترك ،وبمساعدة
أنظمة الدعم العمومية ،مما يترتب عليه عدم ارتباط التكلفة بسعر السوق.
ال شك أن التكنولوجيا اإلعالمية أحدثت تحسنًا كبي ًار وملموسًا في اإلنتاج اإلذاعي ،وخاصة بعد دخول
اإلرسال اإلذاعي مجال األقمار الصناعية ،فأصبح يصل إلى أعداد كبيرة في أرجاء مختلفة من العالم
وبوضوح تام متغلباً على التشويش والضوضاء .وبفضل األقمار الصناعية قدمت اإلذاعة برامجها مباشرة
للمستمعين في منازلهم متضمن ًة كمًا كبي ًار من معلومات وبرامج الترفيه.
64
وأتاحت هذه التكنولوجيا للراديو جودة صوتية فائقة ومجاالت واسعة ومساحات شاسعة من العالم يصل
إليها بوضوح وسهولة وي سر ،وأصبح ممكنًا اآلن إطالق أقمار صناعية ال عالقة لها بالقنوات التلفزيونية
فهي تختص بالقنوات الصوتية (أي بمحطات الراديو أو اإلذاعات المسموعة وحدها).
ومن التحسينات أيضاً ما أ دخل من تقنيات أخرى طورت من التقنيات السابقة ،ومن ذلك أن التسجيل
للمواد اإلعالمية أصبح يسجل على أسطوانة ليزر CDأو DVDبعد أن كان يسجل على أسطوانة
عادية ،ومن ثم على أشرطة كاسيت.
ومن التحسينات إدخال نظام الستريو ،وكذلك ما يسمى بـنظام التسجيل واالستماع الرباعي الذي يساعد
على تطوير عمليات تسجيل الدراما اإلذاعية التي يمكن اآلن تسجيلها وسماعها بواسطة صوت مجسم
وكأنه منبعث من جهتين أو أكثر ،ومن ذلك -أيضًا -دخول الهاتف والفاكس ووسائل التواصل
االجتماعي واإلنترنت عامة كوسائل فاعلة لربط الجمهور بالمرسل ،وخاصة في البرامج التي ترتبط به
ارتباطًا مباش ًار كمناقشة قضية مهمة تتطلب رأي الجمهور ،أو سماع استفساراته ،أو مشاركته في الحوار
والمناقشة.
ومنذ عدة سنوات ظهر راديو اإلنترنت بما يتمتع به من مميزات ،حيث أنه يتيح للمستخدم استقبال عدد ال
حصر له من المحطات اإلذاعية ،فإجمالي المحطات التي تبث برامجها مباشرة عبر شبكة اإلنترنت تتزايد
سريعًا بما فيها قنوات رسمية وأخرى خاصة وثالثة ال توجد فقط إال من خالل اإلنترنت ،ومن ناحية أخرى
تساعد تكنولوجيا التواصل مع شبكة اإلنترنت من خالل البث الالسلكي على متابعة كل برامج اإلذاعة
المتوافرة على الشبكة ،أي أن ننتقل بواسطة الكومبيوتر إلى أي مكان ،ونستقبل اإلذاعة التي نحب أو
نرغب في سماعها.
كما تستخدم المؤسسات اإلعالمية الهاتف الجوال كوسيط إعالمي جديد لتوزيع المضامين اإلعالمية
ال بذاته له
التلفزيونية واإلذاعية واإلخبارية .ويمكن بالتالي اعتبار الهاتف الجوال وسيطًا إعالميًا مستق ً
خصوصياته التحريرية واالقتصادية ،وبهذا المعنى يمثل الهاتف الجوال الوسيط اإلعالمي الخامس بعد
الصحافة المكتوبة واإلذاعة والتلفزيون واإلنترنت .وتستثمر اإلذاعة خصوصيات الهاتف الجوال لتوفير
تطبيقات تحريرية (كخدمات األخبار العاجلة) والستحداث خدمات بمقابل ،تسهم في تنويع مصادر تمويلها
مثل (تحميل الرنات).
67
كل ما سبق يتي ح الفرصة أكثر للمعلنين للوصول إلى أوسع جمهور ممكن ما ينعكس بالفوائد المالية على
اإلذاعات.
تؤدي التكنولوجيا اإلعالمية دو اًر مهمًا في تحسين اإلنتاج التلفزيوني ما جعله من أهم الوسائل اإلعالمية
التي تحوز على رضا الجمهور في أي مكان في العالم بما أضفت عليه تلك التكنولوجيا من مزايا أهمها
السرعة والجذب واإلثارة والتنوع وامكان استرجاع ما فاته من معلومات أو أخبار أو نحو ذلك.
ال ومضمونًا،
كثيرة هي التقنيات التي أدخلت في مجال التلفزيون ،وحسنت من اإلنتاج اإلعالمي شك ً
اء بجيليها القديم أم الجديد ال تزال هي الوسيط الوحيد الذي يستطيع تغذية نظام البث
ومنها :الكامي ار سو ً
عادة من صورة وصوت ،ولم يتغير في الجيل الجديد للكامي ار
ً التلفزيوني بالمعلومات المطلوبة والمتكون
إال في األنماط الشكلية التالية:
-3التقليل من استخدام الديكور بسبب تواجد الكامي ار في موقع الحدث ،الستخدام مختلف المرئيات
اإللكترونية كخلفيات للقطات والمشاهد ،مما يساعد كثي ًار في توفير تكاليف التصوير واإلنتاج.
-.المحدودية لحركة الكامي ار ،خاصة وان معظم البرامج غير الدرامية أصبحت تنقل بواسطة األقمار
الصناعية ومن مواقع إنتاجها مباشرة إلى منزل المستقبل لها بواسطة الصحن الالقط ،مما يساعد أيضاً
في توفير تكاليف اإلنتاج.
-1استخدام البث الحي المباشر لنقل المؤتمرات الصحفية المهمة ،حيث أصبح بإمكان المشاهد أن ينتقل
من دولة إلى أخرى ليتحدث مع المعنيين بخصوص قضية ما وهو في مكتبه أو في منزله ،مما يساعد
أيضًا في توفير تكاليف اإلنتاج لجهة تخفيض نفقات السفر والتنقل واإلقامة للقائمين على اإلنتاج.
وحول عالقة اإلنترنت بالبث التلفزيوني ،فإن العالم يشهد زيادة متنامية لحاجات االتصال على صعيد
التطبيقات الجديدة الخاصة بالشبكة ،فدخول اإلنترنت في هذا المجال أتاح لمستخدمي الحاسوب الحصول
على خدمة متطورة ال تقتصر على االستماع إلى البث الحي للقنوات التلفزيونية فقط ،لكنها تشمل طلب
66
االستماع إلى برامج ومواد إعالمية محددة يتم بثها على الفور للمشترك دون انتظار مواعيد البث المقررة
لهذه البرامج.
وتتفاعل المؤسسات اإلع المية بأشكال مختلفة وبدرجات متفاوتة مع هذه التحوالت .بعضها انفتح على
هذا الحراك الجديد ،واستثمر اإلنترنت وأدواته بشكل خالق كإحدى آليات التحديث الشامل تكنولوجيًا
وبرامجيًا واقتصاديًا .ومن أسباب التحول إلى البث اإلذاعي والتلفزيوني عبر اإلنترنت االنخفاض في
أسعار بطاقات االشتراك في اإلنترنت .وكل ما سبق يسهم في خفض نفقات البث وتكاليفه.
وقد لعب البث التلفزيوني عبر اإلنترنت دو اًر في تحسين اإلنتاج التلفزيوني ما جعله من أهم الوسائل
اإلعالمية التي تحوز على رضا الجمهور.
تمثل مواقع الويب آليات مهمة الستحداث وتنويع مصادر تمويل للهيئة اإلذاعية .ومن هذه المصادر
خلق الفضاءات التجارية لعرض المنتجات ذات الصلة ،وبيع الملفات الموسيقية والرنات ،واالشتراك في
الخدمات اإلخبارية ،وبيع برامج األرشيف ،واستقطاب المعلنين عبر آليات اإلعالن اإللكتروني بأشكاله
المختلفة بما في ذلك الفيديو.
إن نجاح اإلعالم التلفزيوني في المجتمع األمريكي منذ انطالقه في أوائل القرن العشرين لم يأت من فراغ،
بل جاء نتيجة طبيعية لتضافر عوامل عدة تتعلق بالترابط الوثيق بين المؤسسات اإلعالمية التلفزيونية
ممثل ًة في شبكات التلفزيون األمريكية الثالث والمؤسسات االقتصادية العاملة في المجتمع نفسه.
فقد أثبتت الدراسات المتتالية التي أجريت حول التلفزيون في الواليات المتحدة أن هذه الشبكات إما أن
تكون مملوكة للقطاع الخاص ،كما هو الحال في شبكة NBCالمملوكة بنسبة % 81لشركة (جنرال
إلكتريك) ،أو أن هناك مصالح مشتركة مع تلك الشركات ،كما هو الحال بين شبكة ( )CNNوشركة
(مايكروسوفت) وشركة (تايم وورنر) ،وهذا الترابط الوثيق يسهم بشكل أو بآخر في توفير التمويل الكافي
للشبكات التلفزيونية من خ الل اإلعالن ،ورعاية البرامج ،أو حتى من خالل الدعم المباشر ،ولعل معدالت
63
اإلعالن العالية التي تظهر على شاشات التلفزيون في الواليات المتحدة تشير بشكل ال يقبل الشك إلى
حجم تدفق التمويل الذي تتلقاه تلك الشبكات العمالقة التي ترتبط بها.
وهناك سبب ثان يتعلق بكون ع ملية البرمجة في الشبكات التلفزيونية األمريكية تتم بالتناغم مع العملية
اإلعالنية التي تستند إلى بث اإلعالنات خالل البرامج األكثر شعبية لدى الجماهير ،وهذا يعني أن
بناء على نتائج دراسات ميدانية تقوم بها
موضوعات البرامج وصيغها تخضع ألذواق الجماهير ،وذلك ً
شركات أبحاث السوق لصالح المؤسسات اإلعالنية لمعرفة مدى تغلغل برامج التلفزيون في أوساط
الجماهيـر.
أما السبب الثالث فيتعلق باالتساع الهائل لسوق اإلعالن األمريكية ،حيث أن قوة االقتصاد األمريكي
المستند إلى السوق الحرة في التعامالت التجارية ارتبطت تقليدياً بصناعة اإلعالن التي هي جزء ال يتج أز
من الصناعة اإلعالمية.
ومن هنا فقد غدا هذا الثالوث (اإلعالم ،اإلعالن ،االقتصاد) يشكل بنية صلبة تستند إليها القنوات
التلفزيونية المختلفة في عملها.
وعليه تظهر لنا ضخامة اإليرادات التي تحصل عليها وسائل اإلعالم وما تحدثه من تأثيرات عميقة من
قبل الشركات المنتجة في توجهات وسائل اإلعالم ومواقفها ،وذلك لما تشكله من مورد مهم لتلك الوسائل
وبالشكل الذي يؤثر في حياديتها في نقل األحداث وتناول القضايا المختلفة ،فأفرغت الكثير من وسائل
اإلعالم من المضامين التي تحمل الحقيقة ،وتنهض بواقع الجمهور ،وتخدم قضاياه ،وأصبحت أداة في
خدمة الممولين والمعلنين والترويج ألهدافهم الربحية ،مما أثر سلبًا في مصداقية الكثير من هذه الوسائل
بعد أن تحولت إلى إمبراطوريات اقتصادية ضخمة.
65
المراجع والمصادر المستخدمة في الوحدة الرابعة
عبد الباسط محمد عبد الوهاب ،استخدامات تكنولوجيا االتصال في اإلنتاج اإلذاعي والتلفزيوني ،دراسة
تطبيقية وميدانية ،المكتب الجامعي الحديث ،القاهرة..111 ،
عاشور فني ،اقتصاديات وسائل اإلعالم المرئية المسموعة ،تونس ،سلسلة بحوث ودراسات إذاعية،
..13.
سامي الشريف ،ومحمد مهني ،اإلخراج اإلذاعي والتلفزيوني ،مركز جامعة القاهرة للتعليم المفتوح،
..113
مجذوب بخيت محمد توم ،اقتصاديات اإلعالم ،قدم إلى مركز الخبراء للتدريب ،السودان .6 ،أغسطس،
..131
-خالد زعموم والسعيد أبو معيزة ،التفاعلية في اإلذاعة ،أشكالها ووسائلها ،منشورات اتحاد إذاعات
جامعة الدول العربية ،تونس..11. ،
-الصادق الحمامي ،اإلذاعة في عصر الشبكات ،نماذج جديدة ,نسخة ويب غير مؤرخة.
-رضا النجار ،شبكة اإلنترنت وتوظيفها لدى الهيئات اإلذاعية والتلفزيونية العربية ,اتحاد إذاعات
الدول العربية..11. ,
-محمد سالمة ،راديو اإلنترنت ،مجلة الفن اإلذاعي ،العدد ،.111 ،074عن موقع:
.www.egyptradio.tv
69
نماذج عن أسئلة من الوحدة الرابعة
إن ما يصنع الحيوية في وسائل اإلعالم عامالن ،بحسب ما ورد في الكتاب ،هما:
– Aالتصنيع والجمهور.
- Bالتصنيع والسوق.
– Cاإلبداع والسوق.
– Dاإلنتاج واإلبداع.
تتميز تكلفة إنتاج المواد المرئية والمسموعة بسمات اقتصادية تميزها عن المنتجات
الصناعية العادية ،منها:
32
الوحدة الخامسة :اقتصاد اإلعالم اإللكتروني والجديد
31
ما بين الصحف الورقية واإللكترونية
يعد اقتصاد اإلعالم اإللكتروني واإلعالم الجديد من أحدث االقتصادات اإلعالمية ،حيث أن التكنولوجيا
والمال وراء ظهور هذا النوع من اإلعالم .ويندرج تحت أدوات اإلعالم اإللكتروني واإلعالم الجديد العديد
من الوسائل والتطبيقات مثل الهاتف المحمول وخاصة الذكية منها ،اإلنترنت ،المواقع اإللكترونية،
الصحف اإللكترونية ،الرسائل اإللكترونية .وتعد اإلعالنات من أبرز موارد هذه الوسائل وايراداتها ،وثمة
طرق خاصة لتسعير إعالنات صحف اإلنترنت تختلف عن الطرق التقليدية .وتعاني الكثير من الصحف
اإللكترونية صعوبات مادية تتعلق بتمويله ا وتسديد مصاريفها وعدم وجود عائد مادي ثابت أو شبه ثابت،
ولكن مع زيادة االهتمام باإلعالم اإللكتروني ازدادت أعداد من يرعون صناعته ويدعمونها ،ومع ذلك
تواجه الصحافة اإللكترونية صعوبات تهدد استمرارها .وبالرغم من ذلك تبقى تكلفة إطالق أي موقع
إلكتروني هي أقل من إنشاء أي وسيلة إعالم تقليدية.
أن يدرك الطالب أهمية العوامل المختلفة ،وخاص ًة االقتصادية في ظهور اإلعالم اإللكتروني واإلعالم
الجديد.
أن يفهم الطالب ماهية أنواع ومصادر تمويل اإلعالم اإللكتروني الضروري لوجوده واستم ارره.
أن يعرف الطالب مستلزمات اقتصاد اإلعالم اإللكتروني واإلعالم الجديد من أدوات وتجهيزات
وتطبيقات.
أن يدرك الطالب أهمية التكنولوجيا الحديثة وتطبيقاتها في صناعة وتحسين اإلعالم اإللكتروني واإلعالم
الجديد ،وأثر ذلك في تخفيض النفقات والتكلفة بالنسبة للمستهلك أو المستخدم.
32
أن يعي الطالب طبيعة اقتصاد اإلعالم اإللكتروني وتكاليفه مقارن ًة بطبيعة اقتصاد اإلعالم التقليدي
وتكاليفه.
وراء ظاهرة اإلعالم الجديد عوامل تقنية واقتصادية وسياسية يمكن تلخيصها فيما يلي:
-3العامل التقني المتمثل في التقدم الهائل في تكنولوجيا الكمبيوتر وتجهيزاته وبرمجياته ،وتكنولوجيا
االتصاالت ،والسيما فيما يتعلق باألقمار الصناعية وشبكات األلياف الضوئية ،فقد اندمجت هذه العناصر
التكنولوجية في توليفات اتصالية عدة إلى أ ن أفرزت شبكة اإلنترنت التي تشكل حاليًا وسيطًا يحوي
بداخله جميع وسائط االتصال األخرى المطبوعة والمسموعة والمرئية ،وكذلك الجماهيرية والشخصية.
-4العامل االقتصادي المتمثل في عولمة االقتصاد ،وما يتطلبه من إسراع حركة السلع ورؤوس
األموال ،وهو ما يتطلب بدوره اإلسراع في تدفق المعلومات ،وليس هذا لكون المعلومات قاسماً مشتركاً
يدعم جميع النشاطات االقتصادية دون استثناء ،بل لكونها سلعة اقتصادية في حد ذاتها تتعاظم
أهميتها يوماً بعد يوم.
-1العامل السياسي المتمثل في االستخدام المتزايد لوسائل اإلعالم من قبل القوى السياسية بهدف إحكام
قبضتها على سير األمور والمحافظة على استقرار موازين القوى في عالم شديد االضطراب زاخر
بالصراعات والتناقضات.
-3تسهيل الحصول على المعلومات وهي ال تزال جديدة من مصادرها المباشرة ،فبمجرد نقرة على شاشة
الكمبيوتر ينتقل القارئ من موقع إلى موقع أينما أراد على وجه األرض ،ويق أر عن أي موضوع يشاء وبأي
لغة يفهم.
-.تسهيل إيصال المعلومات إلى الجمهور دون تحكم من الحكام المستبدين أو غيرهم وتوفير المعلومات
الصحيحة هو أول خطوات التغيير ،وقد كان احتكار الحكام للمعلومات في الماضي من أهم الوسائل
التي يحتمون بها.
33
-1التمكن من إيصال الرسالة اإلعالمية دون تدخل موجه من أباطرة اإلعالم الذين اعتادوا التصرف في
المعلومات التي تصلهم وصياغتها واخراجها بالطريقة التي تخدمهم على حساب المرسل األصلي
ورسالته.
-3رخص ثمن االتصاالت بل ومجانيتها في أغلب األحوال مما يجعلها متاحة للجميع ،وال مجال
الحتكارها من طرف الحكومات القمعية أو الشركات االحتكارية .ومن فوائد رخص ثمن االتصاالت
إشراك عامة الناس في المعلومات.
يعد المحمول اليوم وسيلة اتصالية مفيدة لمن يحتاجها أو يدركها .لكن أن يصل اليوم إلى أيدي أطفال
المدارس االبتدائية والى أطفال مرحلة ما قبل التعليم األساسي (دور الحضانة) فهذا يعد كارثة ...لذلك
إ ن قطاع المحمول أو االتصاالت (ظاهرة المحمول) صار اليوم من القطاعات المرتكزة على الصناعات
التقنية وشبه التقنية ،وذلك من أجل الدفع القوي لصالح المجاالت التي تتطلب ارتكا اًز على المعرفة التي
من شأنها التأثير اإليجابي على االقتصاديات المتقدمة .فالهواتف النقالة وصلت إلى أدق زوايا وحركات
اإلنسان ،يكتب ويسجل ويصور من خالل استخدامه ككمبيوتر والدخول منه على اإلنترنت ،ويمكن إجراء
العمليات الحسابية عليه ،ومن خالله يمكن سماع كل البرامج العملية والتسلية (الترفيهية) .ولكنه سوف
يفقدنا الكثير من الوقت الذي يمكن االستمتاع به في القراءة والعبادة ،واذا كان المحمول يعد وسيلة ثقافية
لتحسين عملية التواصل فإنه يمنع اإلنسان من االعتماد على اآلخرين كونه يرسخ الخصوصية دون
العمومية .ولهذا زادت أرباح شركات االتصاالت والمعلومات بخطوات أسرع مما كنا نشهده في الشركات
العاملة في قطاع الصناعة والزراعة التقليدية ،وعليه أصبح قطاع الخدمات في مجال االتصاالت حيويًا
وفعاالً.
إننا نتعامل اليوم مع المحمول واإلنترنت بوصفهما ظاهرة اجتماعية ،وقد أضحى كذلك بالفعل بمعايير
متعددة للظاهرة االجتماعية وهي:
34
-3االنتشار الواسع.
-1الضغوط االجتماعية واالقتصادية والثقافية والسيكولوجية التي تدفع فئات متنوعة إلى االنخراط في
جماعة أصحاب المحمول للمسايرة أو االستمتاع بالدالالت والرموز االجتماعية ذاتها.
-3تحقيق التوازن النفسي واالجتماعي كون هذا الجهاز أصبح بمثابة ظاهرة اجتماعية وليس ثقافية
اجتماعية.
-1إن المحمول أصبح رم ًاز اجتماعيًا كونه بات لديه قدرة على التصنيف االجتماعي.
لكن ما هو الحال لمن ال عمل لهم ،ويحملون المحمول الذي يكلفهم الكثير من ميزانياتهم ومصروفهم
الشخصي ،والذي أصبح يمثل لديهم صورة من صور عدة تتمثل في:
-0التسلية والترفيه :وخاصة لقطاع الشباب بصورة عامة في تبادل كلمات الحب والغزل والعالقات.
-4التصنيف والتميز االجتماعي :من خال ل رسم صورة وهمية للذات لدى الشعب لتزييف الحقيقة عن
انتمائهم االجتماعي ،وحل المشكالت الخاصة بهم كافة (على الصعيد النفسي) ،كون أن حيازتهم لهذا
الجهاز يحقق إشباعًا سيكولوجيًا زائفًا بمجرد حيازته واظهاره في الشارع أو في المناسبات أو في العمل أو
في النادي أو المقهى ،لذا فهو يحقق لدى بعض الفئات التوازن النفسي الموهوم والمصطنع بالتميز
والمساواة مع اآلخرين.
-3النهم االستهالكي :لدى الفئات التي صعدت الهرم االقتصادي (الطفيلية الجديدة) التي نبتت من قاع
المجتمع ،والتي التصقت بثقافة الحرمان الطويلة التي عاشتها هذه الطبقة ،ومن ثم فقد ولد هذا الحرمان
النهم االستهالكي.
-2التفاعل االجتماعي :سهل هذا الجهاز عملية التفاعل االجتماعي ،فالمحمول مخصص للتكلم بكل
أنواع الموضوعات المشتركة بين الناس مع مالحظة أن لغة الحوار حاليًا وفي العديد من الدول تسقط
الحديث في السياسة من حساباتها.
37
وفي ظل هذا التطور المتنامي للتكنولوجيا لم يعد المحمول فقط وسيلة تواصل اجتماعي ،بل أصبح وسيلة
إعالمية ،وظهرت صحافة الهاتف المحمول كشكل من أشكال اإلعالم الجديد واستقبال األخبار وتحريرها
عن طريقه ،وأصبح بفعل التطور التكنولوجي كمبيوت اًر متنقالً بل وبميزات أقوى ،لكن اإلدمان الذي ولده
الجلوس وبيدنا المحمول نتصفح مواقع التواصل االجتماعي لساعات طويلة ال ينتهي بآثار إيجابية
كالترفيه والحصول على المعلومات ،بل له أضرار صحية (ال مجال هنا لذكرها) وآثار اقتصادية على
األسرة والمجتمع لما يتطلب كل ذلك من تكاليف مادية.
لقد بدا لظاهر العيان في البداية أن وسائل اإلعالم التقليدية لجأت إلى اإلنترنت مجبرًة على ذلك ال رغبةً
منها نتيجة لمعرفتها بمنافع دخولها في هذا المجال وفوائده ،وذلك للوصول إلى فئة من الجمهور شعرت
بأنها تتسرب من بين أيديها لتصبح من جمهور هذه الوسيلة الجديدة .لكن ما هو مقدار التكاليف التي
تكبدتها وسائل اإلعالم التقليدية نتيجة لدخولها هذا المجال وتشكيلها ما أصبح يعرف بالصحافة أو
اإلعالم اإللكتروني.
إن تكاليف بناء موقع على الشبكة العنكبوتية ال تكاد تذكر قياسًا إلى التكلفة التي تتكبدها وسائل اإلعالم
اء في آالت الطباعة بالنسبة للصحافة المطبوعة أم في
التقليدية ،عدا عن تكاليف الصيانة المستمرة سو ً
أدوات البث والمعالجة لدى الراديو والتلفزيون.
فبالنسبة للصحافة :فإنها تتخلص من تكاليف الطباعة وأسعار الورق التي تتزايد بشكل مستمر في حال
انتقلت إلى النشر بالصيغة اإللكترونية.
أما الراديو فإنه يوفر أجهزة البث عندما يستخدم اإلنترنت ،ولكنه بالوقت نفسه يبث لكل أنحاء العالم عن
طريق الشبكة.
36
التلفزيون :له خصوصية تحتم عليه أن تكون اإلنترنت مجرد ساحة من ساحاته وقد دخلها بقوة ،والتلفزيون
ليس بحاجة لكي ينتقل إلى البث عن طريق الشبكة ألنه وبكل بساطة ملك وسائل اإلعالم ورفيق األسرة
وطفلها المدلل.
لقد اتجهت الشركات التجارية في السنوات األخيرة اتجاهًا كبي ًار نحو اإلعالن عن خدماتها ومنتجاتها على
الشبكة العنكبوتية آخذةً بالحسبان الفئة الواسعة التي سيطرت عليها اإلنترنت وأسرتها في عالمها
اإللكتروني ،باإلضافة لما توفره اإلنترنت من إمكانية شراء السلع والخدمات مباشرةً فور مشاهدة اإلعالن
والضغط عليه ليقود المتصفح إلى الموقع الخاص بالشركة ،وهو ما يسمى بالتسوق عن طريق اإلنترنت.
إن هذا االتجاه من قبل الشركات التجارية جعل من إعالناتها موردًا غنيًا بالنسبة للصحافة اإللكترونية
يفوق في كثير من األحيان ما تحصله بعض التلفزيونات حتى من إعالناتها .فالموقع اإللكتروني األكثر
شعبيةً وتصفحًا يعد بيئة خ صبة بالنسبة للشركات التجارية حتى تزرع إعالناتها على صفحاته.
وقد يحسم األمر في المنافسة بين المواقع اإلعالمية اإللكترونية لصالح المواقع األكثر تطو اًر من الناحية
التقنية واألكبر حجمًا على مستوى المضمون ،أي في الغالب األكثر تكلفةً اقتصاديًا ،ولذلك قد يتخلى
ال جمهور عن وسائل اإلعالم المألوفة له لصالح وسائل أخرى لها القدرة على مده بالمعلومات التي يرغب
فيها أكثر من وسائل أخرى ،ولن يتأتى ذلك إال بتكريس مصروفات معتبرة.
أثر تبادل الرسائل اإللكترونية على سوق شراء أوراق كتابة الرسائل وظروف الرسائل والطوابع البريدية،
فالجيل الجديد ليس عنده الوقت الكافي ليمسك بالقلم ويكتب خطاباً منذ أن اكتشف نعمة الرسائل
اإللكترونية ،وألنه وببساطة ال يجد الوقت ليهب إلى دائرة البريد ليبعث برسالة .وتلك اللعنة طالت الكتاب
والصحفيين ،ففي السابق كان الصحفي يكتب موضوعاته ويبي ض مقابالته الصحفية بخط يديه ،أما اآلن
فقد تخلى عن اقتناء األقالم كثي اًر وعوضها بالتنضيد والطبع من خالل جهاز الكومبيوتر ،وبدل البحث
عن الدفاتر ليسجل فيها أخباره الصحفية صار يبحث عن آخر التطورات في عالم اكتشاف الحروف،
وطبع ما ترده من أخبار وارسالها إلى أصقاع الدنيا عبر البريد اإللكتروني.
33
سابقًا ،منحت تقنية الصحافة المكتوبة عملية رجع الصدى ) (feed backإمكانات حقيقية لم تكن متوفرة
من قبل بوسائل اإلعالم ،وخاصة بالنسبة للصحافة ،وبات الحديث ممكنًا عن تفاعل بين الصحف والقراء
بعد أن ظلت العالقات محدودة وهامشية طيلة عمر الصحافة الورقية ،ويمكن أن يجد متصفح مواقع
الصحف اإللكترونية حقوالً خاصةً في شتى الصفحات تتضمن الطلب من القارئ أن يبدي رأيًا حول
موضوع المنشور ،أو يكتب تعليقًا حوله ،وفي حال قيام المستخدم بذلك سيظهر تعليقه فو ًار على موقع
الصحيفة ،حيث أصبح بإمكان المستخدمين في أي مكان اإلطالع عليه ،وتشمل هذه اإلمكانية بطبيعة
الحال رسائل القراء التي تنتشر فورياً على صفحات الصحيفة اإللكترونية.
يظهر من مستويات إفادة الصحف من اإلنترنت أهمية اإلعالن بالنسبة لهذه الصحف ،كما هي الحال
للوسائل اإلعالمية المختلفة ،حيث تتلخص مستويات اإلفادة هذه بما يلي:
)3كمصدر للمعلومات.
).كوسيلة اتصال.
ال للصحيفة.
)1كوسيط إعالني يضيف دخ ً
)6كأداة لتسويق الخدمات التي تقدمها المؤسسة الصحفية من خالل إنشاء موقع أو أكثر يقدم معلومات
أساسية عن تطورها وانجازاتها.
)7تقدم خدمات معلوماتية من خالل تحول المؤسسة الصحفية إلى مزود بالخدمات للمشتركين ،وتقديم
خدمات التصميم ،واصدار الصحف والنشرات لحساب الغير مقابل مردود مالي متفق عليه.
دخل مفهوم الصحافة اإللكترونية على مجتمعاتنا لسهولة استخدام اإلنترنت والتطور الهائل الذي حصل
عليه في مجال التقنيات الحديثة ،فاكتسبت الصحافة اإللكترونية أهمي ًة بالغة في حياتنا السياسية
واالجتماعية واالقتصادية وفي جميع نواحي الحياة ،وقد تطورت تكنولوجيا االتصاالت بشكل هائل نتيجة
35
التطور التقني وانتشار المعلومات بسرعة فائقة استطاعت أن تعبر القارات ،وتتخطى الحدود بمجرد
الضغط على أزرار الكمبيوتر.
وبتطور الشبكة العنكبوتية اتسع المجال أمام الصحفيين لدخول هذا العالم الجديد ،وأصبحت لديهم القدرة
الفائقة على اكتساب المعلومة بسرعة عجيبة بعدما كان الصحفي يعاني من استالم المعلومة ،والخبر
وتكلفة الوقت والجهد ،فتطور عمل الصحفيين بالشبكة ،وازدادت أعدادهم ،وتنوعت مجاالتهم ،ولكن ينظر
إلى الصحفي في اإلنترنت بتقدير واهتمام أقل من نظيره في الصحافة التقليدية التي لها نقابة خاصة بها،
وهذا ال يمنع أن صحف اإلنترنت في تطور دائم وبسرعة فائقة ،وكل يوم تظهر تطبيقات وتقنيات جديدة
لتحديد سعر اإلعالن في صحف اإلنترنت الذي يعد أهم مصادر تمويلها.
ال يقتصر وجود مواقع الصحف على اإلنترنت على الصحف الكبيرة فحسب ،بل إن هناك أعداداً كبيرًة
من الصحف المتوسطة والصغيرة الحجم أيضاً ،ورغم أن حوالي نصف تلك المواقع خاصة بالصحف
األميركية ،يليها البريطانية بحوالي %31فقط من إجمالي الصحف األميركية ،ثم الصحف الكندية ،مع
ذلك نجد أن أعداد الصحف اإللكترونية من أطراف العالم األخرى في تزايد مستمر ،بل إننا نجد مواقع
كثيرة لصحف دول نامية تفتقد إلى كثير من مقومات البنية التحتية الالزمة لإلنترنت.
لم يقتصر االختالف فقط على حجم مواقع تلك الصحف ولغاتها ،ولكنه يشمل أيضًا اختالفًا في نماذج
العمل المستخدمة عليها ،ومن أمثلة المواقع الضخمة تلك الخاصة بصحف
.USA Today, Wall Street Journal , New York Timesمن ناحية أخرى نجد الصحيفة
األولى تطبق النموذج األكثر انتشا ًار للدخل والمتمثل في عرض صفحاتها على اإلنترنت مجانًا
للمستخدمين معتمدة على دخلها من اإلعالنات والتجارة اإللكترونية ،بينما في المقابل تعد صحيفة Wall
Street Journalمن الصحف القليلة التي تمكنت من النجاح من فرض نموذج يعتمد على الحصول
من المستخدمين على مبلغ اشتراك شهري للدخول على موقعها على اإلنترنت.
مقارنة بوسائل اإلعالن الشائعة تعد عملية تسعير إعالنات صحف اإلنترنت صعبة ،وقد ظهرت طرق
عدة لذلك أهمها:
39
-تسعير اإلعالنات باالعتماد على النقر والولوج :تسعير اإلعالنات القائم على النقر والولوج هو
محاولة لتطوير طريقة أكثر قابلية للحساب ،حيث يعتمد المبلغ المدفوع لإلعالن بواسطة اليافطة على
عدد المرات الفعلية التي ينقر فيها الزائر عليها .لكن نسبة قليلة فقط من قراء صحف اإلنترنت ينقرون
على اليافطات ،إذ أثبتت إحصائية أن % 3فقط من قراء صحف اإلنترنت ينقرون على اليافطات عندما
تعرض عليهم ألول مرة.
-طريقة التفاعل (التأثير المتبادل) :على الرغم من أن الدفع القائم على أساس "النقر والولوج" يضمن
التعرض إلى إعالنات الهدف إال أنه ال يضمن أن الزائر أحب اإلعالن ،وال تضمن حتى أنه قضى وقتًا
ذا قيمة في مشاهدته ،لذا تقترح طريقة التفاعل وهي طريقة تفاعل جديدة يعتمد التسعير فيها على مقدار
ما يتفاعل الزائر مع اإلعالن الهدف ،وقياس التفاعل يجري باالعتماد على المدة الزمنية المستغرقة في
مشاهدة اإلعالن ،أو على عدد الصفحات التي جرى ولوجها من اإلعالن الهدف ،أو عدد الزيارات
المتكررة لإلعالن.
-0التكاليف المالية للبث اإللكتروني للصحف عبر شبكة اإلنترنت أقل بكثير مما هو مطلوب إلصدار
صحيفة ورقية ،فهي ال تحتاج إلى توفير المباني والمطابع والورق ومستلزمات الطباعة ،ناهيك عن
متطلبات التوزيع والتسويق ،والعدد الكبير من الموظفين والمحررين والعمل.
-4لجوء معظم الصحف اإللكترونية إلى التمويل من خالل اإلعالنات ،وقد أصبح اإلعالن المتكرر
على كل صفحة في الصحيفة اإللكترونية المسمى بإعالن اليافطة ) (Bannerهو مصدر الدخل الرئيس
لهذه الصحف.
-3فرضت الصحافة اإللكترونية واقعاً مهنياً جديداً فيما يتعلق بالصحفيين وامكانياتهم وشروط عملهم،
وقد أصبح المطلوب من الصحفي المعاصر أن يكون ملمًا باإلمكانات التقنية ،وبشروط الكتابة لإلنترنت
وللصحافة اإللكترونية كوسيلة تجمع بين نمط الصحافة ،ونمط التلفزيون المرئي ،ونمط الحاسوب ،وأن
يضع في حسبانه أيضاً عالمية هذه الوسيلة وسعة انتشارها ،وما يرافق ذلك من اعتبارات تتجاوز المهني
52
إلى األخالقي في تحديد المضامين وطريقة عرضها ،واعتبارات اقتصادية ومالية فيما يخص أساليب
العمل واألجور والتعويضات المالية.
تعاني الكثير من الصحف اإللكترونية صعوبات مادية تتعلق بتمويلها وتسديد مصاريفها وعدم وجود عائد
مادي لها من خالل اإلعالنات ،كما هي الحال في الصحافة الورقية حيث أن المعلن ال يزال يشعر بعدم
الثقة في الصحافة اإللكترونية.
يقول أحد المحررين في صحيفة ميدل إيست اإللكترونية :نحن ال نمتلك صحيفة مطبوعة ،نعم ،يعني
ذلك أننا ال نطبع وال نوزع وال ننتظر إيرادات من المبيعات .فلألسف ال توجد لدينا مبيعات ،وكل
المحاوالت التي سعت إلى الحصول على دخل من مبيعات الصحافة إلكترونية باءت بالفشل .لكننا أيضًا
نصرف أقل ،فالنفقات األساسية في اإلعالم اإللكتروني هي البشر :ال ورق ،وال حبر ،وال شحن ،وال
توزيع ،وال مرتجع .المهمة في البداية كانت صعبة ،والصحافة اإللكترونية في البداية كانت مهمة
انتحارية ،فال يوجد لديك عدد من الجريدة تأخذه للمعلن المحتمل ،ولكن كان هناك دائمًا أشخاص
من وقف إلى جانبنا حتى صار أمام المعلن المحتمل شاشة
ينظرون إلى أبعد من الحاضر ،هؤالء ْ
كمبيوتر يتصفحها ما إ ن تدخل إليه لتحادثه .وزاد االهتمام اآلن باإلعالم اإللكتروني ،وزاد معه عدد من
يرعون صناعته الناشئة ويدعمونها .في هذه الموازنة الحساسة بين الدخل واإلنفاق كنا نربح دائمًا.
تعاني صحف إلكترونية كثيرة صعوبات مادية تتعلق بتمويلها وتسديد مصاريفها.
غياب التخطيط وعدم وضوح الرؤية المتعلقة بمستقبل هذا النوع من اإلعالم.
عدم وجود عائد مادي للصحافة اإللكترونية من خالل اإلعالنات ،كما هي الحال في الصحافة الورقية،
حيث أن المعلن ال يزال يشعر بعدم الثقة بالصحافة اإللكترونية.
51
غياب األنظمة واللوائح والقوانين ،علمًا أنها في حاجة ماسة إليها.
إذا كانت التقنية الجديدة قادرة على تغيير طرق توزيع الصحف واألخبار وقادرة على استخدام اإلنترنت
أيضًا ،وا ن كان بنسب كبيرة تختلف عن الورقية ،إال أنها لن تستطيع استبدال المؤسسات الصحفية الكبرى
التي تقوم بجمع األخبار واستقصائها وتحريرها؛ فمن دونها لن توجد محتويات للتوزيع على اإلطالق.
ولكن حتى لو استمرت عائدات الصحف اإللكترونية في النمو بالمعدالت الحالية نفسها ،فإنها لن تستطيع
اللحاق بركب الصحف المطبوعة حتى سنة ،.137وذلك على افتراض أن الصحف المطبوعة ستظل
تنمو بالنسبة الحالية نفسها بمقدار % 1فقط سنويًا .ولكن من الناحية الواقعية ال يزال أمام الصحف
اإللكترونية سنوات عدة حتى تصل إلى مجال التنافس مع اقتصادات اإلعالم القديم الممثل في الصحف
المطبوعة والتلفاز .وحتى في ظل انخفاض تكاليف توزيعها مقارن ًة بالصحف ،وبالرغم من أن عدد قراء
الصحف في تناقص ،إال أن معدالت استهالك المعلومات يتزايد .وقد ذكر تقرير مؤسسة "نيمان" الذي
يصدر بصفة دورية عن مؤسسة نيمان للدراسات الصحفية التابع لجامعة هارفارد أن كل المؤسسات
الصحفية تقريبًا في العالم أصبح لها اليوم مواقع على اإلنترنت ،وقد أصبح اإلنترنت إضافة جديدة إلى
قدراتها وخصائصها في جذب جماهير جديدة وشركات جديدة لوضع إعالناتها في تلك المواقع.
إن هيمنة الشركات التجارية على ساحة اإلنترنت أفاد اإلعالم اإللكتروني من حيث مده باإلعالنات التي
شكلت بالنسبة له شريان الحياة الذي ساعده على النمو ضمن هذه البيئة الخصبة ،حتى وصل حدوداً
ال بأسلوبه وأخباره ،وحتى في المواقع التابعة لوسائل إعالم تقليدية أصبحت على مر
جعلت منه مستق ً
الزمن مستقلة عن إدارة الوسيلة في طاقم تحريرها ومراسليها وأخبارها التي تحقق سبقًا في بعض األحيان
حتى على الوسيلة األم نفسها.
وقد برعت الوسائل اإلعالمية التقليدية في االستفادة من هذه الوسيلة الجديدة واستغاللها للحاق بجمهورها
المفتون بها ،بل واكتساب جمهور جديد خلقت معه نوعاً من التفاعلية المفتقدة في طريقة عرضها
52
األساسية ،وتواءمت في صياغتها ألخبارها وتوقيت بثها على الشبكة مع عادات التعرض المختلفة في
الويب عنها في الوسائل التقليدية.
ال ننسى ،أن تكلفة إطالق أي موقع إلكتروني هي أقل من إنشاء أي وسيلة إعالم تقليدية ،وهذه من أهم
ميزات اإلعالم اإللكتروني.
-شاشة فارس ،اقتصاديات وسائل اإلعالم اإللكترونية ،المؤتمر العلمي األول (وسائل اإلعالم
وزرة التعليم العالي
والمجتمع) ،بالتعاون مع مخبر التغيير االجتماعي والعالقات العامة في الجزائر ،ا
والبحث العلمي ،جامعة محمد خيضر بسكرة..131 ،
-الصحافة اإل لكترونية ،ورقة بحثية مقدمة في المؤتمر الرابع للصحفيين في مصر .1 ،أيلول ..111
-زيد منير سليمان ،الصحافة اإللكترونية ،عمان ،األردن ،دار أسامة..118 ،
-عبد األمير الفيصل ،الصحافة اإل لكترونية في الوطن العربي ,دار الشروق ،رام اهلل..116 ,
-يورك برس ،تصميم موقعك وبناؤه على الويب ,مكتبة لبنان ,بيروت( ,د ت).
-سعود صالح كاتب ,اإلعالم الجديد واإلعالم القديم ,جدة ,شركة المدينة المنورة للطباعة والنشر ،جدة
السعودية..117 ،
-سميرة شيخاني ,اإلعالم الجديد في عصر المعلومات ,مجلة جامعة دمشق ،المجلد ،.6العدد األول
والثاني..131 ,
-حسين عبد الجبار ,اتجاهات اإلعالم الحديث والمعاصر ,دار أسامة للنشر والتوزيع ,عمان ،األردن,
..118
53
-إبراهيم األخرس ,اآلثار االقتصادية واالجتماعية لثورة االتصاالت وتكنولوجيا المعلومات ،اإلنترنت
والمحمول نموذجاً ,دار الكتاب العربي ,مصر ،القاهرة ،إيتراك..118 ,
- Bتسهيل إيصال المعلومات إلى الجمهور دون تحكم الحكام والقائمين باالتصال.
قد يحسم األمر في المنافسة بين المواقع اإلعالمية اإل لكترونية لصالح:
54
الوحدة السادسة :اقتصاد اإلعالن واإلنترنت
التسويق واإلعالن
-0التحدي االقتصادي
57
-4التحدي المهني
أوالً -اليافطات
56
ملخص الوحدة السادسة:
إذا كان اإلعالن هو من أهم مصادر التمويل بالنسبة لمعظم وسائل اإلعالم ،فاإلعالن نفسه يمتلك
اقتصاده الخاص به ،وتزداد أهمية اقتصاد اإلعالن إذا ما ترافق مع اقتصاد اإلنترنت .لذلك تحدثنا في
هذه الوحدة عن أهمية صناعة اإلعالن وخاص ًة اإلعالن عبر اإلنترنت ،فتطرقنا إلى التسويق واإلعالن
والى مستقبل العائدات اإلعالنية في مختلف الوسائط اإلعالمية والى اإلعالنات وألعاب الفيديو والى
طرق تحديد مخصصات اإلنفاق اإلعالني ،ووجدنا أن اإلعالن هو مصدر التمويل الرئيس لإلنترنت،
فحددنا طرق اإلعالن على صفحات الويب ألهمية ذلك .وعرضنا في هذه الوحدة للتحديات االقتصادية
والمهنية التي تواجه شبكة اإلنترنت بوجود اإلعالم التقليدي متحدثين أيضًا عن مستقبل اقتصاد اإلنترنت
ومؤكدين أن اقتصاد اإلنترنت العالمي بمجمله يعد بمثابة اقتصاد دولة من الدول ،وهي الدولة الخامسة
عالمياً خلف اقتصادات أمريكا والصين والهند واليابان.
أن يدرك الطالب أهمية اإلعالن كمصدر مهم من مصادر تمويل وسائل اإلعالم من جهة ،ومن جهة
أخرى أهمية مصادر تمويل وتكاليف اإلعالن نفسه ككائن له اقتصاده الخاص به.
أن يفهم الطالب ماهية العائدات اإلعالنية لمختلف الوسائل والضرورية لوجودها واستمرارها.
أن يعرف الطالب بالتفصيل الدقيق طرق تحديد مخصصات اإلنفاق اإلعالني ،كيف ولماذا.
أن يعرف الطالب بالتفصيل الدقيق طبيعة اإلعالن على صفحات الويب وطرقه.
أن يدرك الطالب أهمية العالقة الوثيقة -المتبادلة والمتكاملة -بين اإلعالن واإلنترنت.
أن يعي الطالب طبيعة وتكاليف اقتصاد اإلعالن واقتصاد اإلنترنت اللذين يحددان وبشكل كبير آفاق
اقتصادات أخرى في مجاالت اإلعالم والتكنولوجيا الحديثة.
53
إمبراطورية اإلعالن:
يشكل اإلعالن جزءًا من نظام اإلنتاج والتوزيع إذ يحتاج صانعو السلع ومقدمو الخدمات إلى إعالم الناس
بما يقدمون إليهم وتذكيرهم به من آن آلخر .وهذا النمط من اإلعالم يفيد اقتصاد اإلنتاج ،فهو ضروري
للمستهلكين حتى يتمكنوا من تحديد ما يناسبهم من االختيارات المعروضة عليهم.
ففي التاريخ القريب ،في عام ،3988تم إنفاق ما يقرب من .11مليار دوالر في ميدان اإلعالن،
ودارت التقديرات للعام 3991حول .61مليار دوالر .وقبل ذلك ،قال تيودور ليفيت صاحب نظرية
تكتل األسواق وحمالت التسويق والمعروفة بنظرية تنميط االستهالك عام :3981إن مفتاح نجاح
استثمار األسواق العالمية يكمن في ترويج سلع موحدة النمط في جميع أنحاء العالم .وهذا يعني تعميم
خبرة الشركات عابرة القارات والحدود أمثال كوكا كوال ،ماكدونالدز.
فحينما تتم السيطرة على شبكة شركات مثل كوكا كوال ،ماكدونالدز لها مئات الفروع ،وتشكل إمبراطوريات
ال تغرب عنها الشمس ،يكون اإلغراء شديداً لكون العالم كله سوقاً واحدة .هذه هي الفكرة التي وضعها
ليفيت ،وعملت شركة سالتشي وساتشي ،على استخدامها في نشر إستراتيجيتها لبناء تجمعات كبرى تضم
وكاالت إعالن المستقبل.
تدر صناعة اإلعالن وتدور مليارات الدوالرات سنويًا ،وتتنامى االستثمارات فيها يومًا بعد آخر ،وال ريب
أن هذه الصناعة أصبحت تقف بقوة وراء استثمار وسائل اإلعالم بالشكل الذي نراها عليه ،بصفة
اإلعالن كممول رئيسي لهذه الوسائل ،التي ما كان لها أن تستمر لوال الدخل المتأتي من المساحات
واألوقات اإلعالنية .وليس صحيحًا أن اإلعالن أسهم في ارتفاع أسعار السلع ،بحسب الباحث أحمد
العمار ،بل على العكس تمامًا ،يساعد اإلعالن في تخفيض تكاليف السلعة ،من خالل تمكين المعلن من
الوصول إلى أكبر قدر ممكن من المستهلكين ،ما يجعل تكلفة الوحدة المباعة أقل ،نتيجة الرتفاع وتيرة
اإلنتاج ،وزيادة الطلب على السلع ،وهناك من السلع التي نرى إعالناتها بشكل دائم ،ونرى أن أسعارها
أصبحت منخفضة إذا ما قيست بمرحلة ما قبل اإلعالن ،أي أن اإلعالن أسهم بشكل واضح في
انخفاضها ،بالمقابل هناك العديد من السلع التي ال نرى لها أي نشاط إعالني ،أو أن لها نشاطًا محدوداً،
ومع ذلك تصنف من السلع الغالية في السوق.
55
وغالبا ما يدلل على أهمية صناعة اإلعالن من خالل مثال الدجاجة واإلوزة ،حيث يقول أحدهم :عندما
تبيض الدجاجة ،فإنها تصيح وتمأل الغابة صراخًا ،فيعرف الجميع أنها قد باضت ،بينما تبيض اإلوزة
صامتة ،وبالتالي فإن أحدًا ال يعرف أنها قد باضت ،لذا نجد أن الناس يأكلون بيض الدجاج في حين ال
أحد يستهلك بيض اإلوز .وهو مثل معبر ،ويلخص الحاجة لإلعالن باعتباره الوسيلة األشهر إلخبار
الناس بوصول أو ابتكار منتجات أو خدمات أو أفكار جديدة ،حتى باتت حصة المعلن من الصوت
(اإلعالن) تتحدد وتتناسب مع حصته من السوق ( .)Marketing Share of Voice Share of
التسويق واإلعالن:
في عصر السماوات المفتوحة وتحول العالم إلى ما يشبه القرية الكونية سادت المادة اإلعالنية ،ونمت قيم
االستهالك في العالم بأسره ،وهو اتجاه عززه اإلعالم لتسويق المنتجات على نطاق عالمي ،فظهرت
العالمات التجارية العالمية والمنتجات العالمية وأسلوب الحياة العالمي ...ينتج ويسوق على أنه األسلوب
األمثل .
عندما عرض الطبيب الفرنسي (هنري دوبان) المدير السابق لهيئة بحوث الغذاء والطعام األفريقية دراسته
حول العوامل المؤثرة في أنماط التغذية ،بين أن اإلعالن يؤدي دو ًار كبي ًار بهذا الشأن ،وذكر أنه في أثناء
زيارته لساحل العاج رأى السيدات يسقين أبناءهن القهوة ،وهم في سن مبكرة ال تتجاوز أعمار الرضع
العشرين شه ًار ،وبسؤاله السيدات عن ذلك استغربن السؤال ،واستهجن جهله ،وردت إحداهن عليه :أال
تشاهد وتسمع وتق أر وسائل اإلعالم التي تعرض أن البن ماركة ....يجعل الرجال أكثر قوة ،والنساء أكثر
ذكاء .وفيما بعد تبين أن شركة األطعمة المنتجة للبن أنفقت عام 3.1 ،3979
مرحاً ،واألطفال أكثر ً
مليون دوالر على هذا اإلعالن لوحده ،وأن هذا اإلنفاق يفوق ميزانية منظمة الصحة العالمية في ذلك
العام.
على الرغم من المساحة والزمن القليلين الذين يقدم بهما اإلعالن إال أنه يحمل الكثير من القيم .ومع
تعاظم اإلنفاق العالمي على اإلعالن ،وتجاوزه الحدود حتى كاد يصبح إعالناً عالميًا (بمعنى غربي
ال عن تك ارره في
المميزات وأمريكي الطبيعة) يعرض بطريقة تفوق قدرة المتلقي على مقاومة الغواية ،فض ً
القناة الواحدة والقنوات المتعددة مرات عدة يوميًا ...يجعله يمارس كل أدوار اإلعالم الظاهرة ،فيغرس
قيماً ،ويهدم أخرى ،ويحل قيماً محل أخرى.
59
مستقبل العائدات اإلعالنية في مختلف الوسائط اإلعالمية:
أصدرت شركة الدراسات األمريكية ( )v s sتقريرها السنوي عن وسائل اإلعالم لعام ،.117ويعد هذا
التقرير من أبرز ما ينشر حول الموضوع في أمريكا .ولعل أهم ما ورد فيه توقع بأن تكون قيمة
اإلعالنات الخاصة بوسائل اإلعالم اإللكترونية ،أي بمواقع اإلنترنت ،أعلى من قيمة اإلعالنات المنشورة
في وسائل اإلعالم المطبوعة ،وذلك اعتبا اًر من سنة ..133وقد أتى هذا التوقع في ظل التراجع الذي
تشهده عائدات إعالنات وسائل اإلعالم المطبوعة األمريكية .وتوقعت الدراسة بأن تتنامى قيمة عائدات
إعالنات وسائل إعالم اإلنترنت بنسبة تزيد على %.3سنوياً بين .117و ،.133لتصل هذه القيمة إلى
6.بليون دوالر سنة ..133بينما ال تزيد قيمة إعالنات اإلعالم المطبوع عن 61بليون دوالر عام
. .133وتبقى إعالنات وسائل اإلعالم السمعية البصرية من إذاعة وتلفزيون يتم بثه عبر األقمار
االصطناعية محتلة الصدارة من إجمالي إعالنات وسائل اإلعالم ،حيث ينتظر أن تبلغ قيمتها 68بليون
دوالر أميركي سنة ..133
يعيش اإلنسان اآلن في عصر المعلومات الذي طالما بشر به العديد من الخبراء والدارسين ،وعليه فإن
الحصول على المعلومات يعد شرطًا أساسياً من شروط النجاح في قطاعات األعمال المختلفة ،مع
ضرورة اختيار وسائط اإلعالم المناسبة إليصال هذه المعلومات إلى الجهات المعنية .والمعلومات
التجارية واإلعالنية ما هي إال جزء من المعلومات الشاملة التي تعد من مستلزمات هذا العصر .وقد
باتت وسائل اإلعالم اإللكترونية هي الوسائل المناسبة في عالم اليوم لمواكبة هذا العصر.
ال ينشر المعلنون إعالناتهم في أية وسيلة إعالمية بل إن الذي يهمهم هو أن تصل إعالناتهم إلى أوسع
شريحة ممكنة من الزبائن ،لذا راحوا يستخدمون جميع الوسائل المتاحة ومنها ألعاب الفيديو ،وبصورة
خاصة تلك التي يتم توزيعها عبر شبكة اإلنترنت.
واإلعالنات ضمن األلعاب الفيديوية مماثلة لإلعالنات التي تنشر في السينما ،بمعنى أنها ليست إعالنات
(صريحة) ،مثل اإلعالنات التي تبث على الشاشات التلفزيونية أو تنشر في الصحافة المكتوبة ،وانما هي
كناية عن مشاهد لمنت ج ما يظهر في الفيلم أو اللعبة الفيديوية ،مثالً سيارة من نوع محدد يستعملها بطل
الفيلم أو اللعبة ،أو اإلعالنات على لوحات تظهر في المشاه ْد .ولقد أتاح الجيل الجديد من األلعاب
92
الفيديوية التي يتم توزيعها عبر شبكة اإلنترنت إطالق حمالت إعالنية متجددة ،حيث يمكن أن يتم تبديل
اإلعالنات بصورة دورية حسب المقتضيات.
هذا وقد بلغت قيمة عائدات اإلعالنات على ألعاب الفيديو 11مليون دوالر في الواليات المتحدة
األمريكية العام ،.116وهي قيمة يمكن أن تعد متواضعة إلى حد ما .على أن شركة األبحاث التسويقية
parks associatesتتوقع أن تشهد السنوات القادمة تناميًا قوياً في هذه العائدات ،بحيث تصل قيمتها
إلى نحو 811مليون دوالر أميركي في الواليات المتحدة األميركية وحدها في غضون خمس سنوات،
ومن هنا تبرز أهمية قياس اإلقبال على هذه األلعاب على نحو دقيق ال لبس فيه.
من الخطأ النظر إلى اإلنفاق اإلعالني في المنشأة على أنه يدخل في باب التبذير ،وتحميلها نفقات في
غنى عنها ،بل ال بد من االعتماد على اإلعالن كاستثمار إستراتيجي بعيد األمد يتعلق بصورة المنشأة
لدى المستهلكين ،وبخطط الشركة البعيدة كبقائها في السوق مثالً ،وأيضًا كاستثمار تكتيكي مرحلي يتعلق
بأهداف قصيرة ومحدودة ،مثل الدخول إلى أسواق خارجية ،أو طرح منتجات وخدمات جديدة ،وهنا نحتاج
الستخدام أنواع عديدة من اإلعالنات التعريفية والتذكيرية وغيرها.
من هنا ،كان تحديد مخصصات واضحة ومدروسة لإلنفاق اإلعالني على أساس فصلي أو نصف سنوي
أو سنوي أم ًار في غاية األهمية ..ومن المتعارف عليه في هذا اإلطار أن هناك طرق عدة لتحديد
مخصصات هذا اإلنفاق ،بحسب الباحث أحمد العمار ،وهي كما يلي:
بناء على مبيعات فترة سابقة ،وغالباً ما تكون سنة ،وتحتسب الميزانية كنسبة
تحدد ميزانية اإلعالن هنا ً
مئوية من مبيعات العام السابق ( ،جرت العادة أن تتراوح هذه النسبة بين % 31–8مع مراعاة جملة
ظروف تتعلق بالمنشأة والسوق وطبيعة األهداف المخططة) ،وتختلف هذه النسبة باختالف الموقف
اإلعالني لكل منشأة .من عيوب هذه الطريقة أنها تنظر إلى اإلعالن على أنه نتيجة للمبيعات وليس
العكس ،ومع أن المصروف على اإلعالن يؤثر في حجم المبيعات ،وكذلك يؤدي األخذ بهذه الطريقة إلى
تقليل اإلنفاق على اإلعالن أو المبالغة فيه خالفًا لما قد يكون مطلوبًا.
91
-4تحديد الميزانية كنسبة من المبيعات المتوقعة:
ويمكن أن تحتسب ميزانية اإلعالن ،حسب هذه الطريقة ،كنسبة من أرباح العام السابق أو أرباح العام
ال عن كون هذه الطريقة تكرس
القادم ،ولهذه الطريقة عيوب ومزايا الطريقتين السابقتين نفسيهما ،فض ً
مفهوماً خاطئًا عن اإلعالن بوصفه عبئًا على المنشأة ،ويحرمها بعضًا من مواردها أو يبددها.
وتحسب في هذه الطريقة تكلفة إنتاج الوحدة الواحدة من السلعة ،ثم تضاف إليها التكلفة المتوقعة لتسويقها
واإلعالن عنها ،ثم يضرب ما يصرف على اإلعالن لسلعة واحدة بعدد السلع المتوقع بيعها ،ليشكل الناتج
النهائي ميزانية اإلعالن .مثال:
-تكلفة التسويق المتوقع لاير واحد (نصفها لإلعالن ،أي بواقع نصف لاير لكل وحدة)
وميزة هذه الطريقة أنها تعتبر اإلعالن جزءًا من السلعة ذاتها ،وبالتالي ذا قيمة اقتصادية ،ويقدم منافع
إضافية .ونجاح هذه الطريقة مرتبط بالتقدير الصائب والموضوعي لتكاليف اإلعالن.
92
-5تحديد الميزانية على ضوء األهداف المتوخاة:
وتعد هذه الطريقة من أفضل الطرق المستخدمة لتحديد ميزانية اإلعالن ،حيث تعتمد على تحديد الهدف
اإلعالني ،ومن ثم تحديد المتطلبات المالية الالزمة لتحقيق الهدف .وتتميز هذه الطريقة بنظرتها لإلعالن
ال ،أو الحصول
كوسيلة لتحقيق هدف ،فقد يكون الهدف تحقيق زيادة في المبيعات مقدارها ( )%.1مث ً
على حصة من السوق مقدارها ( ،) %31أو بيع عدد ( ) 111.111وحدة من السلعة خالل عام.
ال نسبة
تصلح هذه الطريقة في الدول التي تتوافر فيها نسب إنفاق إعالني لبعض الصناعات ،فمث ً
اإلعالن في الواليات المتحدة لصناعات مثل السيارات واألطعمة واألواني المنزلية ال تتجاوز( ) %33
من إجمالي مبيعات الصناعة.
يجب في هذه الحالة التعرف على ما ينفقه المنافسون ،وفي حال عدم توافر رقم دقيق ،فإنه يتم تقدير ذلك
على ضوء ما ينشر وي بث من إعالنات ،ما دامت أسعار الوسائل اإلعالنية معروفة.
تحتاج طريقة تحديد الميزانية بهذه الطريقة إلى معلومات عن سهم السوق ( )Share Marketلكل سلعة
من السلع المنافسة ،وبالتالي مجموع المبالغ التي يصرفها المنافسون على اإلعالن ،فإذا كان أحد منتجي
الحليب الطازج في البلد يرغب في الحصول على ( ) %31من سوق الحليب في البلد ،وتوافرت له
المعلومة االفتراضية التالية:
فإنه سيحدد ميزانية اإلعالن لديه بـ ( ) %31من هذا المبلغ ،أي مليوني لاير.
-9الطرق الكمية:
93
وهنا يتم الحصول على كمية اإلنفاق اإلعالني عبر معادالت حسابية ،وفي هذا الصدد هناك نموذج
( ،) Longmanونموذج ( .) Vidale Wolfe
وتجمع هذه الطريقة بي ن طريقتين أو أكثر من الطرق السابقة ،والهدف من ذلك هو الحصول على أكبر
نسبة من اإليجابيات مع تجنب أكبر قدر من السلبيات.
إذًا ،نستطيع القول :إن اإلعالن أصبح صناعة متطورة ،لها مبرراتها ولها فوائدها على الصعد كافة،
وبات من الطبيعي أن يتأثر اإلعالن بالنمو االقتصادي العام لبلد من البلدان ،وهو أمر طبيعي ،إذ كلما
زادت معدالت النمو ارتفع حجم اإلنفاق اإلعالني ،من خالل السعي إلنتاج سلع جديدة وتطوير أخرى
قديمة ،وزادت فرص التشغيل ،وقلت البطالة ،وانعكس ذلك كله على القوى الشرائية للمستهلكين.
قدرة هذه اإلعالنات على الوصول إلى عدد كبير جداً من المشترين المحتملين في شتى بقاع األرض.
اإلعالنات على الشبكة أرخص أحيانًا بالمقارنة مع إعالنات الوسائل التقليدية كالتلفاز والصحف والراديو.
تتيح خدمة الويب لإلعالنات التحكم بدرجة وضوح النصوص والصوت والصورة لالستفادة منها بفاعلية.
تستطيع اإلعالنات على الويب أن تكون أكثر فاعليةً أو تكون موجهةً إلى مجموعات أو أفراد ذوي
اهتمامات خاصة.
إن مصدر الدخل الرئيس لمواقع الصحف اإللكترونية هو من اإلعالن المتكرر على كل صفحة ،وهو ما
يسمى بإعالن الالفتة ،وقد جربت طرق عديدة الحتساب قيمة اإلعالن ،منها أن يتم دفع مبلغ لوسيلة
اإلعالن كلما نقر المستخدم على المساحة اإلعالنية طلبًا لمزيد من المعلومات ،إال أن هذا األنموذج لم
ينتج إال أعداداً قليلة فقط من المتصفحين تقوم بالنقر على الالفتة اإلعالنية ليتم توجيهها إلى موقع
المعلن ،ولهذا فقد تم اعتماد نظام آخر إلى جانب األول يعتمد على محاسبة المعلن عن كل ألف صفحة
94
يتم تصفحها ،وبالتالي رؤية اإلعالن عليها ،وهو ما اصطلح على تسميته الكلفة لكل ألف صفحة ،وقد
يبدو هذا األسلوب بسيطًا وحتى بدائيًا ،إال أن حقيقة األمر هي غير ذلك فاإلعالن على اإلنترنت يعطي
المعلن سيطرة بين وسائل اإلعالن األخرى إليصال رسالته للمستهلك ،فهو يستطيع أن يطلب أال يظهر
إعالنه إال لمتصفحين قادمين من األردن أو من أمريكا أو من أي بلد آخر ،كما أن ه يستطيع أن يطلب
إظهار اإلعالن لفئة عمرية محددة ،أو للذكور دون اإلناث أو للمهتمين بالرياضة ال لقارئ األخبار
السياسية ،ويتم ذلك باستخدام بروتوكوالت التعريف بالمستخدم من خالل مزودي خدمة الربط بالشبكة
ومن خالل قوائم التسجيل.
من ضمن التحديات التي تطرحها شبكة اإلنترنت على وسائل اإلعالم التقليدية ،والتي تكاد تمسح كامل
المجاالت الحياتية لهذه الوسائل نجد:
التحدي االقتصادي:
إن التنافس بين وسائل اإلعالم التقليدية على خبرة اإلعالن التجاري قديم في الزمن ومتعدد األطوار.
وهاهو طرف جديد يبرز على الساحة الختطاف القراء والمستمعين والمشاهدين جالبًا معهم اإلعالنات
التجارية مقلصًا بذلك المداخيل والعائدات العادية لوسائل اإلعالم التقليدية.
صحيح أن نسبة اإلعالن التجاري على اإلنترنت ما زالت خجولة نوعاً ما ،ولكن تطور خدماتها وتحسنها
– خاصة منها التفاعلية – ينبئ بتصاعد مضطرد في الميزانيات المخصصة لإلعالن التجاري على
اإلنترنت.
التحدي المهني:
97
اإلنترنت كوسيلة بث وتفاعل مع المشاهدين.
اإلنترنت كوسيلة لعرض الخدمات التجارية الجديدة غير المعهودة التي على الهيئات ابتكارها عالوة على
اإلعالن التجاري.
وقد تستوجب هذه الخدمات تحالفات مع شركات وقطاعات أخرى ليس لها عالقة باإلعالم.
يتموضع اإلعالن الترويجي على شبكة اإلنترنت في أعلى مواقع الويب على شكل صور متحركة لها آلية
ربط ،بحيث إذا نقر المستخدم على اإلعالن يتم إرسالها فو ار إلى الموقع المعلن ،ورسوم gifالمتحركة هي
صور متعددة تعطي إحساسًا بالحركة عند تشغيلها ،ويمكن مشاهدتها أثناء الدوران ،وتتقاضى الشركات
المختصة باإلعالن عموالت أو نسب من المبيعات وفقا لعدد مرات مشاهدة اإلعالن ،وقد تكون
اإلعالنات في بعض األحيان مجانية .أما طرق اإلعالن على صفحات الويب فهي كما يلي:
أوالً -اليافطات :إن اإلعالن باليافطات هو أكثر األشكال استخداماً في صحف اإلنترنت فهي موجودة في
كل مكان تقريبًا على الويب ،ويجب أن ال يتجاوز حجم ملف صورة اإلعالن 31كيلو بايت ،فكلما كان
الملف صغي ًار كان تحميله أسرع ،ولهذا يعير مصممي اليافطات الكثير من االهتمام لحجم الصورة ،ألن
فترات التحميل الطويلة قد تفقد المشاهد أو المستخدم صبره ،فيغير الصفحة قبل أن يظهر اإلعالن
ال.
كام ً
وفي الحالة النموذجية يحتوي اإلعالن على نص قصير ،أو رسالة بيانية قصيرة لإلعالن عن المنتج.
يوجد نوعان من اليافطات يافطة الكلمة المفتاحية keyword bannerواليافطة العشوائية randon
،bannerتظهر يافطة الكلمة المفتاحية عندما نطلب كلمة محددة مسبقًا من محركات البحث ،وهذا
فعال للشركات التي تريد تضييق مجال هدفها أكثر ،بينما اليافطات العشوائية تستخدم للشركات التي تريد
تقديم منتجاتها الجديدة.
هناك طرق عدة لوضع يافطة إعالن على صحف اإلنترنت ،والطرق األكثر شيوعاً هي:
96
مبادلة اليافطات :panner swappingتعني مبادلة اليافطات أن الشركة (أ) توافق على إظهار يافطة
ال مباش ًار بين المواقع ،ففي كل
للشركة (ب) مقابل إظهار األخيرة لإلعالن (أ) .وتمثل هذه الطريقة اتصا ً
مرة يجري فيها الولوج إلى صفحة الويب (ب) فإن اليافطة (أ) سوف تظهر مانحاً الفرصة لموقع صحيفة
اإلنترنت (أ) للظهور.
تبادل اليافطات :panner exchangeفي كثير من األحيان ال تعمل مبادلة اليافطات بسبب تحقق
ال
شرط التناظر ،غير أنه إذا كان هناك شركات عدة معنية باألمر فإن إيجاد أمر التوافق يكون أيسر ،فمث ً
في حالة شركات عدة بافتراض أن (أ) تستطيع إظهار يافطة (ب) ،في حين ال تستطيع األخيرة إظهار
يافطة (أ) بشكل مناسب لكن بإمكانها إظهار يافطة (ج) ،وهذه األخيرة تعمل على إظهار يافطة (أ).
معظم المبادالت تعرض نسبة اعتماد بحدود 3:.هذا يعني أنه من أجل كل يافطتين تظهران على
موقعك فإن يافطتين تظهر مرة واحدة.
ثانياً -اإلعالن المدفوع : paid advertisingإن شراء حيز أو مساحة إعالنية ليافطة على اإلنترنت
هو مشابه تماماً لشراء مساحة إعالنية في الوسائل التقليدية ،ومع ذلك ففي كثير من الحاالت يعد هذا
الخيار أغلى من الوسائل التقليدية ،أضف إلى ذلك أنك على اإلنترنت محدود بحجم اإلعالن وكمية
المحتوى (النص والرسوم البيانية) ،وهذه الحدود هي لضمان عدم نفاذ صبر المشاهدين-المستخدمين
بانتظار أن يظهر اإلعالن ومغادرتهم الموقع قبل الظهور بالكامل.
ثالثاً -الشاشة الومضية الخاطفة لألبصار :الشاشة الومضية هي صفحة ابتدائية لموقع تستخدم لخطف
انتباه المستخدم أو إلخبار المستخدم ماهي نوعية البرمجيات الالزمة لمشاهدة الموقع .الميزة التنافسية
للصفحة الومضية أنها تقدم معلومات وافية وشاملة باستخدام الوسائط المتعددة في زيارة واحدة.
رابعاً -استئجار حيز أو بقعة :تقدم محركات البحث عادةً مكاناً أو بقعةً من صفحات الويب لصفحة
اإلنترنت الستئجارها من أي شركة ،ومدة اإليجار تعتمد على نص العقد بين موقع الويب للمضيف
93
والمستأجر ،وخالفاً لليافطات التي تظهر بأوقات متفرقة فإن مكان اإلعالن يبقى مكانه على الدوام ،ومن
عادة ما
ً ثم فإن التنافس على تلك البقعة سوف يقل .وسيئات هذا النوع من اإلعالن هي أن حجم اإلعالن
يكون صغي ًار ومحدوداً ،األمر الذي يتسبب بعدم مالحظته من قبل المتفرجين-المستخدمين كما أن كلفته
تكون عالية جداً.
خامساً -اإلعالنات الخاصة عبر اإلنترنت :تعتمد هذه الطريقة على أساليب توظيف المعلومات المخزنة
بناء على طلب مستخدمين معينين ،وسيتم تخصيص
بشكل مكثف ليتم بثها في أوقات محددة ،أو ً
اإلعالنات لهؤالء المستخدمين بما في ذلك تقديم المعلومات الشخصية ،مثل اسم المستخدم ،وتصميم
الصور في اإلعالن لتناسب ذوق هذا المستخدم وسلوكه ،كما ويمكن أن يتلقى المستخدم تحية خاصة
عند زيارته ألحد مواقع الويب .وتصمم اإلعالنات بألوان خاصة ت ناسب أذواق الرجال والنساء وسلوكهم
الشرائي ،مما يعطي انطباعًا بأن موقع الويب يتفاعل مع المستخدم بشكل شخصي.
ستزداد بشكل مطرد أعداد مستخدمي اإلنترنت في السنوات ا لقليلة القادمة بمعدالت قياسية في بلدان
العالم الثالث ،كما في البلدان المتقدمة ،وستزداد مع مرور األيام أعداد مستخدمي مختلف تكنولوجيا
االتصال الحديثة ،السيما الهواتف الذكية مما يضاعف فرص بث اإلعالنات من قبل المعلن وفرص
التعرض لإلعالنات من قبل الجمهور .في بحث نشرته مجموعة بوسطن لالستشارات – The Boston
Consultancy Groupفي شهر آذار عام .133بعنوان :اقتصاد اإلنترنت وتأثيره على اقتصادات
دول مجموعة العشرين الكبار ( ،)G-20جاء أن :العالم اآلن يشهد المرور بفترة انتقالية عالمية للعصر
الرقمي ،ونهضة تنموية اقتصادية مختلفة عن كل النهضات االقتصادية التي شهدها العالم منذ الثورة
الصناعية ،حيث سيكون من الصعب تجاهل مكونات اقتصاد اإلنترنت وما تحمله ثورة اإلنترنت من قيم
مضافة جديدة وثروات متنوعة للناس أوسع وأغنى مما جلبته أي تنمية اقتصادية للبشرية منذ الثورة
الصناعية.
وجاء في البحث نفسه أن اقتصاد اإلنترنت العالمي سيساهم بأكثر من 3..ترليون دوالر في الناتج
المحلي لدول مجموعة العشرين G-20بحلول العام ..136
95
يقول داڤيد دين الشريك في مجموعة بوسطن لالستشارات وأحد كتاب بحث اقتصاد اإلنترنت وتأثيره على
اقتصادات دول مجموعة العشرين :لو اعتبرنا اقتصاد اإلنترنت العالمي بمجمله بمثابة اقتصاد دولة ما،
فإن ذلك سيشير إلى أنها الدولة الخامسة عالمياً خلف اقتصادات أمريكا والصين والهند واليابان .أي أنه
سيضع اقتصاد دولة (صناعية ضخمة) مثل ألمانيا خلفه في الترتيب .وتعد المملكة المتحدة من أكثر
الدول استفادة من اإلنترنت التي تؤثر كثي ًار على اقتصادها.
أخي ًار ،إن هيمنة الشركات التجارية على ساحة اإلنترنت لم يمنع اإلعالم اإللكتروني من االستفادة كثي ًار
من حيث مده باإلعالنات التي شكلت وتشكل بالن سبة له شريان الحياة الذي ساعده على النمو ضمن هذه
ال بأسلوبه وأخباره ،وحتى المواقع التابعة لوسائل
البيئة الخصبة ،حتى وصل حدوداً جعلت منه مستق ً
إعالم تقليدية أصبحت على مر الزمن مستقلة عن إدارة الوسيلة في طاقم تحريرها ومراسليها وأخبارها
التي تحقق سبقًا في بعض األحيان حتى على الوسيلة األم نفسها.
99
المصادر والمراجع المستخدمة في الوحدة السادسة
-سعد الطائي ،اقتصاديات اإلعالم في مجتمعات ما بعد الصناعة ،من االحتكارات اإلعالمية إلى
اإلمبراطوريات االقتصادية..133 ،
-محمد خليل الرفاعي ،تقنيات اإلعالم ،منشورات جامعة دمشق ،.117 ،ص . .83
-محمد خليل الرفاعي ،دور اإلعالم في العصر الرقمي في تشكيل قيم األسرة العربية ،مجلة جامعة
دمشق ،المجلد ،23العدد األول والثاني .2211,
-د .ا .م ،اإلعالنات الفورية عبر اإلنترنت قد تترك انعكاسات سلبية على الصحافة المكتوبة ،مجلة
الكمبيوتر واالتصاالت واإللكترونات ،العدد ،3مج ،36حزيران ،دار الصياد ،بيروت ،لبنان.3999 ،
-نبيل عبده ،نحو تفوق إعالنات اإلنترنت على إعالنات الصحافة المطبوعة في الغرب ،مجلة
الكمبيوتر واالتصاالت واإللكترونات ،العدد ،9مج ،.3تشرين الثاني ،دار الصياد ،بيروت ،لبنان،
..117
-ناريمان دبوس ،ألعاب الكمبيوتر تدخل ميدان التنافس اإلعالني عبر اإلنترنت ،مجلة الكمبيوتر
واالتصاالت واإللكترونات ،العدد ،8مج ،.3تشرين األول ،دار الصياد ،بيروت ،لبنان..117 ،
-عبد األمير الفيصل ،الصحافة اإللكترونية في الوطن العربي ,دار الشروق ،رام اهلل..116 ,
-طارق الخير وعلي الخضر وآخرون ،مبادئ التسويق ،مطبعة الروضة ،ط ،1دمشق..118 ،
122
يع ّد شرطاً أساسياً من شروط النجاح في قطاعات األعمال المختلفة:
- Dاإلعالن.
121
الوحدة السابعة :ماهية اقتصاد المعرفة
أنواع المعرفة
-2معرفة من
اقتصاد المعرفة
122
التحول الثاني :المجتمع الصناعي أو اقتصاد اآللة
مفهوم القيمة
مفهوم الملكية
نمط اإلدارة
123
ملخص الوحدة السابعة:
شهدت العقود األخيرة من القرن العشرين ظهور اقتصاد المعلومات ومالمح ظهور اقتصاد المعرفة التي
تتميز بأنواع عديدة مثل المعرفة اإلدراكية والسببية واإلجرائية .وكانت نشأة اقتصـاد المعرفة مبنية على
ثالثة تحوالت بثالثة اقتصادات كبرى في المجتمع اإلنساني من المجتمع الزراعي أو اقتصاد الطبيعة إلى
المجتمع الصناعي أو اقتصاد اآللة ،ثم إلى المجتمع المعرفي أو اقتصاد المعرفة واالقتصاد القائم على
المعرفة .من سمات االقتصاد المعرفي :االستثمار في الموارد البشرية باعتبارها رأس المال الفكري
والمعرفي ،انتقال النشاط االقتصادي إلى إنتاج الخدمات المعرفية وصناعتها ،توظيف تكنولوجيا
المعلومات واالتصاالت بفاعلية ،االستخدام الكثيف للمعرفة العلمية والمعرفة العملية وتحول المعلومة إلى
سلعة .ومن فوائد اقتصاد المعرفة أنه يرغم المؤسسات على التجديد واإلبداع واالستجابة الحتياجات
البشر ،وله أثر مهم في تحديد النمو واإلنتاج والتوظيف وغير ذلك.
أن يعي الطالب منطق التحول من االقتصاد الصناعي إلى اقتصاد المعرفة وآفاق هذا التحول.
أن يدرك الطالب أهمية اقتصاد المعرفة باعتباره االقتصاد الجديد المنافس لكل االقتصادات واألكثر
حضو اًر.
أن يدرك الطالب األهمية الكبرى للموارد البشرية وللمعلومات باعتبارهما رأس المال الفكري والمعرفي.
124
مالمح ظهور اقتصاد المعرفة:
يعود تاريخ الكتابة عن اقتصاد المعرفة إلى بداية الثمانينات من القرن الماضي ،حيث نشرت منذ ذاك
الحين وحتى اآلن العديد من الدراسات واألبحاث العلمية والمقاالت التي تتحدث عن دور وأهمية المعرفة
والعلم والتعلم في االقتصاد ،أو ما يسمى باقتصاد المعرفة :Knowledge economyوهذا نتيجة
للتطورات الهائلة التي حصلت في مجال انتشار تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت ،مع نهاية القرن
العشرين وبداية القرن الحادي والعشرين أو ما يسمى بالثورة العلمية التكنولوجية المعاصرة .وظهرت نتيجة
لذلك مفاهيم ومصطلحات جديدة في عالم االقتصاد مثل :االقتصاد الرقمي ،والتجارة اإللكترونية،
والحكومة اإللكترونية ،والفائض المعرفي ،والقيمة المضافة للمعرفة ،ومجتمع المعلومات ،واقتصاد
المعرفة ،حيث ترك ز هذه المصطلحات على دور المعرفة ورأس المال البشري وأهميتهما في تنمية
المجتمعات المعاصرة.
لقد أجري الكثير من الدراسات حول اقتصاد المعرفة خالل العقود األخيرة من القرن العشرين ،وهي
كتابات لم تكن تشير مباشرة إلى اقتصاد المعرفة كمصطلح واضح المعالم ،إال أنها تدور في فلكه من
حيث األفكار واآلراء .وربما يكون مارك بورات عام ٧٧١١أول من كتب عن اقتصاد المعرفة ،وذلك
حينما كتب عن اقتصاد المعلومات وأبعاده وكيفية قياسه ،ثم جاء رومر في عام ٧٧٩١الذي ناقش
النظريات النيو كالسيكية التي ت عتبر الطبيعة ورأس المال والعمل والتنظيم أهم عناصر اإلنتاج ،وبين أنه
في الوقت الراهن أصبح هناك عنصر آخر يكتسب أهمية أكبر في زيادة الناتج المحلي لكثير من الدول
المتقدمة ،ويتمثل هذا العنصر في مدى انتشار المعرفة ووسائل االتصاالت والتكنولوجيا ،فراح يقترح ما
يسمى باقتصاد المعرفة الذي يقوم أساسًا على المعرفة كأهم عنصر إنتاج.
ال ال
األول :االستنباط الذي يمكن اإلنسان من استنباط المعرفة باالعتماد على مفردات منطقية مسبقة ،مث ً
يمكن الوصول إلى تلك المدينة إال عبر البحر إذ ال توجد خطوط جوية أو برية .هذا المثال البسيط
يوضح معنى االستدالل وطريقته في إنتاج المعرفة ،وقد سيطر هذا األسلوب في إنتاج المعرفة على
127
مناهج التفكير منذ فالسفة اإلغريق اليونانيين ،وقد طور فالسفة المسلمين المناهج اليونانية ،وأدخلوا
الجانب التجريبي (االستقراء).
الثاني :االستقراء :أي أن إنتاج المعرفة يقوم على االستقراء ،أي على التجربة الملموسة ،وعلى استقراء
النتيجة من عدد كبير من المشاهدات المحسوسة التي يمكن لإلنسان قياسها ودراستها واحصائها.
فاالستقراء هو األسلوب التجريبي الملموس والمحسوس والقائم على تحصيل العلوم من خالل التجربة
والممارسة .ولذا فإن االستقراء يعتمد على العلوم الطبيعية واالجتماعية وعلى مفاهيم اإلحصاء التي
تتحدث عن االحتماالت ،واالستقراء يتطور مع تطور ال تجارب اإلنسانية في مختلف العلوم.
ومنذ أن ركزت المناهج العلمية على الجانب االستقرائي في إنتاج المعرفة -دون إغفال جانب االستنباط
بطبيعة الحال -فإن عملية إنتاج المعرفة تطورت بصورة متالحقة ،وخلقت العصر الحديث والذي يعرف
بعصر المعرفة.
فعصر المعلومات هو عصر وجود وسائل تكنولوجيا المعلومات كالكمبيوتر واألقمار الصناعية والهواتف
النقالة وغيرها ...إال أن هذه جميعها ال تكون عصر معرفة دون وجود اإلنسان الحر والمتمكن من إرادته
والمستمر في إبداعه ،ولذا فإن إضافة اإلنسان المحترف والمتمرس والواعي لعصر المعلومات هو الذي
يخلق عصر المعرفة.
والمؤكد أن أهمية الجانب المعرفي يكمن في أن أكثر من نصف اإلنتاج في الدول المتقدمة يعتمد على
االقتصاد المعرفي ،ذلك ا القتصاد القائم على العامل اإلنساني المتداخل والمسيطر والمستخدم لتكنولوجيا
المعلومات.
وهناك فرق رئيس بين الذي يشغل هذا االقتصاد المعرفي والفرد الذي اعتمد عليه االقتصاد الصناعي،
بعده اقتصادًا يعتمد على رأس المال وعنصر العمل .أما االقتصاد المعرفي فيعتمد على أصحاب
المهارات (وليس أصحاب األموال) وأصحاب العقول العلمية ،وهؤالء ليسوا عماالً أو موظفين ،إنما هم
كثير من المشتغلين في المعرفة وللمعرفة سيملكون
يشتغلون في المعرفة ،ومع استمرار التطور فإن ًا
الشركات التي يديرونها ،rgerloono-rewrowأو أنهم سيتحولون إلى مستشارين غير مرتبطين بشركة
واحدة فقط.
126
وقبل التحدث عن نشأة هذا المصطلح وأهميته وأهدافه وكل التفاصيل المتعلقة به سنلقي لمحة عن أنواع
المعرفة وكيفية إدارة المعرفة.
أنواع المعرفة:
تختلف أنواع المعرفة تبعاً الختالف مصادرها ،وآلية المشاركة فيها وتبادلها ،والغاية من تطبيقها،
ال عن اختالف وجهات نظر الباحثين الذين درسوها .ويمكن تصنيفها ضمن أربعة أنواع
وأهدافها ،فض ً
وهي:
وهي التي تذهب إلى ما بعد المهارات األساسية وتحقيق الخبرة العليا في معرفة الموضوع ونطاق
المشكلة ،وتعبر عن المعرفة حول الحقائق التي يمكن تمييزها.
وهي المعرفة التي تتطلب فهمًا أعمق للعالقات البينية عبر مجاالت المعرفة ،وهذه المعرفة تتطلب
منظور ل لنظم وبناء إطار للمعرفة يمكن االعتماد عليه في اتخاذ الق اررات النشطة في السياقات المعقدة
اً
وغير المؤكدة ،وهي المعرفة حول المبادئ والقوانين.
هي المعرفة العملية التي تتعلق بمعرفة كيفية عمل األشياء أو القيام بها ،وهي تطابق المعرفة الشائعة،
أي إنها المهارات القابلة لتنفيذ مهمة معينة بنجاح.
-2معرفة من :وهي المعلومات حول من يعرف ماذا ،أو من يعرف كيفية أداء ماذا؟
هذا فيما يخص أنواع المعرفة حسب تصنيف عدد من الباحثين ،أما إدارة المعرفة فيمكن الحديث عنها
من خالل عمل المؤسسات والدور الذي تلعبه في اإلدارة الصحيحة للمؤسسة من خالل إدارة المعرفة،
وهي حصول المؤسسات في سياق أعمالها على معلومات في شكل تقارير ،ووثائق ،ورسائل البريد
اإللكتروني ،ودراسات ونتائج بحوث ،وبيانات حول المنتجات والخدمات ،وجميع االتصاالت من جميع
المصادر .وتشكل بعض المعلومات جزءًا من العمليات الطبيعية للمؤسسة ،ويتم استالم بعض المعلومات
123
دون طلبها .وبالتالي يتم إنتاج واستالم كم هائل من المعلومات ،ويمكن القول بأن المؤسسة ينهال عليها
معلومات بعضها ضروري ،وبعضها يتم إنتاجه داخليًا ،وبعضها يتم استالمه دون طلبه ،مما يؤدي إلى
غرق المؤسسات بالمعلومات .ويمكن أن ندعو مثل هذا الوضع بالحمل الزائد للمعلومات .ففي هذا البحر
من المعلومات ،يكون لدينا معلومات مفيدة وضرورية إلدارة ومراقبة العمليات الجارية ،ويكون لدينا
معلومات ذات قيمة الستخدامها في المستقبل ،على الرغم من أنه قد ال يكون لها فائدة في الوقت الحالي.
إضافةً إلى ذلك ،يكون لدينا في بركة المعلومات المؤسسية كمية ضخمة من المعلومات عديمة الفائدة،
وهو ما يمكن تسميته بالفوضى .وفي المؤسسات التقليدية ،قد تكون المعلومات /المعرفة المكتسبة والتي
يتم إنشاؤها من قبل المؤسسة معلومات /معرفة مجمعة جزئيًا بأفضل األحوال .ويكمن الهدف من اإلدارة
المنهجية للمعرفة في الحصول على هذه المعرفة التنظيمية وادارتها.
اقتصاد المعرفة:
يعد اقتصاد المعرفة فرعًا جديدًا من فروع العلوم االقتصادية ظهر في اآلونة األخيرة ،ويقوم على فهم
جديد أكثر عمقاً لدور المعرفة ورأس المال البشري في تطور االقتصاد ودور المجتمع.
يقوم اقتصاد المعرفة على معطيات العلم والتكنولوجيا ،أو ما يعرف باالستخدام الكثيف للمعرفة ومفرزات
هذه المعرفة من تقنيات ذكية وتحويلها إلى مردود اقتصادي يتظاهر بنمو مطرد يفوق كثي اًر النمو
االقتصادي التقليدي ،في حال وجود عقول تعمل في المخابر ،وتجرب وتكتشف وتخترع ،وفي حال وجود
من يتلقف هذه االكتشافات ويحولها إلى مشاريع اقتصادية .فاألمر إذًا ال يتوقف عند إغراق السوق
باالختراعات واالكتشافات والبراءات ،بل البد أن تجد هذه البراءات طريقها إلى قلب اقتصاد المعرفة.
ويعرف بعض االقتصاديين اقتصاد المعرفة على أنه االقتصاد الذي يقوم على أساس إنتاج هذه المعرفة
واستخدام نتائجها وثمارها وانجازاتها ،أو باألحرى استهالكها بالمعنى االقتصادي لمفهوم االستهالك،
وبذلك تشكل المعرفة بمفهومها الحديث جزءًا أساسيًا من ثروة المجتمع المتطور ومن رفاهيته االجتماعية.
وثمة تعريف يقرن اقتصاد المعرفة باقتصاد المنتجات الذكية ،أي أن هذه المنتجات هي بعض مالمح
اقتصاد المعرفة القائم على تكتل المعلومات وتراكمها في جهاز الكمبيوتر ،والذي يقوم بدوره بتحليلها
وتنسيقها ليتعاطى مع أحداث الواقع بما يتناسب معها تماماً ،كما يتعاطى معها اإلنسان الراشد.
125
وهناك تعريف آخر يقرن اقتصاد المعرفة بالمعلومات واألفكار التي تعد المفتاح لهذا االقتصاد ،فتكنولوجيا
المعلومات هي العنصر المحرك وعنصر االستثمار الذي يجب أن ينهض ويستمر للحفاظ على التطورات
الهائلة التي حدثت في االقتصاد العالمي واستمرارها.
لقد استخدمت تسميات عدة لتدل على اقتصاد المعرفة كاقتصاد المعلومات ،واقتصاد اإلنترنت ،واالقتصاد
الرقمي ،واالقتصاد االفتراضي ،واالقتصاد اإللكتروني ،واالقتصاد الشبكي ،واقتصاد الالملموسات...الخ،
وكل هذه التسميات إنما تشير في كليتها إلى اقتصاد المعرفة .وفي الغالب تستخدم بطريقة متبادلة ،مما
يبين أن مسالة تحديد تعريف جامع مانع لهذا االقتصاد لم تلق إجماعًا بعد بين أوساط الباحثين
والمنظرين ،وعليه سنحاول عرض أهم تلك التعريفات على سبيل المثال ال الحصر:
اقتصاد المعرفة هو نظام اقتصادي يمثل فيه العلم الكيفي والنوعي عنصر اإلنتاج األسا س والقوة الدافعة
إلنتاج الثروة.
اقتصاد المعرفة هو ذلك االقتصاد الذي يعمل على زيادة نمو معدل اإلنتاج بشكل مرتفع على المدى
الطويل بفضل استعمال تكنولوجيا اإلعالم واالتصال.
أما التقرير االستراتيجي العربي فقد عرفه كما يلي :اقتصاد المعرفة هو اقتصاد جديد فرضته طائفة جديدة
من األنشطة المرتبطة بالمعرفة وتكنولوجيا المعلومات ،ومن أهم مالمحه التجارة اإللكترونية.
أما جمال سالمي فقد عرفه بأنه :نمط اقتصادي متطور قائم على االستخدام واسع النطاق للمعلوماتية
وشبكة اإلنترنت في مختلف أوجه النشاط االقتصادي ،وخاص ًة في التجارة اإللكترونية ،مرتك ًاز بقوة على
المعرفة واإلبداع والتطور التكنولوجي خاص ًة ما يتعلق بتكنولوجيا اإلعالم واالتصال.
أما منظمة التعاون والتنمية االقتصادية فعرفته بأنه :ذلك االقتصاد المبني أساسًا على إنتاج ونشر
واستخدام المعرفة والمعلومات.
وعرف برنامج األمم المتحدة اإلنمائي عام .111االقتصاد المعرفي بأنه :نشر المعرفة وانتاجها
وتوظيفها بكفاية في جميع مجاالت النشاط المجتمعي االقتصادي والمجتمع المدني والسياسة والحياة
129
الخاصة وصوالً لترقية الحالة اإلنسانية باطراد ،أي إقامة التنمية اإلنسانية ،ويتطلب األمر بناء القدرات
البشرية الممكنة والتوزيع الناجح للقدرات البشرية.
ومن خالل ما سبق ،يمكن أن نصل بالقول إلى أن اقتصاد المعرفة هو ذلك االقتصاد الذي ينتج عن
تقدم المعلومات بعد العصر الصناعي ،وهو فرع جديد من فروع العلوم االقتصادية يقوم على فهم جديد
لدور المعرفة ورأس المال البشري في تطور االقتصاد وتقدم المجتمع ،وهو االقتصاد الذي تحقق فيه
المعرفة الجزء األعظم من القيمة المضافة ،فهو يقوم على أساس تكنولوجيا المعلومات واالتصال
باعتبارها نقطة االنطالق له ،أي أن المعرفة هي العنصر الوحيد في العملية اإلنتاجية ،والمعلومات
والمعرفة هي المنت ج الوحيد في هذا االقتصاد ،وأن المعلومات وتكنولوجياتها تشكل وتحدد أساليب اإلنتاج
وفرص التسويق ومجاالتها.
وقد شهد مفهوم اقتصاد المعرفة تطو ًار كبي ًار في العقود القليلة الماضية مع اتساع استخدام شبكة اإلنترنت
والتجارة اإللكترونية والدفع اإللكتروني ،ويقوم هذا االقتصاد على وجود بيانات يتم تطويرها إلى معلومات،
ومن ثمة إلى معرفة وحكمة في اختيار األنسب من بين الخيارات الواسعة التي يتيحها اقتصاد المعرفة،
وتجدر اإلشارة إلى أن أول استخدام لمصطلح اقتصاد المعرفة ومجتمع المعرفة Knowledge
Society and Economyكان في الفصل الثاني عشر Knowledge Economyمن كتاب:
،Peter Drucker: The Age of Discontinuityوكثي ًار ما تستخدم مصطلحات متعددة للتأكيد
على جوانب مختلفة القتصاد المعرفة منها مجتمع المعلومات واالقتصاد ،واالقتصاد الرقمي ،وشبكة
االقتصاد الجديد أو اقتصاد المعرفة وثورة المعلومات.
وهنا وجب التمييز بين مستويين أو داللتين مختلفتين لتعبيري اقتصاد المعرفة واالقتصاد القائم -أو
المبني -على المعرفة ،مشيرة إلى أن الداللة األولى لتعبير اقتصاد المعرفة هي ما يتعلق باقتصاديات
اء من حيث التكاليف العملية المعرفية أم الذهنية مثل تكاليف البحوث
عمليات المعرفة ذاتها ،سو ً
والتطوير ،أو تكاليف إدارة األعمال االستشارية ،أو إعداد الخبراء وتدريبهم من جهة ،وبين العائد أو
اإليراد الناتج من هذه العملية لكونها عملية اقتصادية مجردة من جهة أخرى ،أما الداللة الثانية لتعبير
االقتصاد القائم على المعرفة فهي تذهب إلى معنى أكثر اتساعًا ورحاب ًة بحيث تشمل حجم قطاعات
اء كان نشاطاً سلعيًا أم خدميًا عينيًا
المعرفة والمعلومات واالستشارات الذهنية داخل نسيج االقتصاد ،سو ً
أم نقديًا.
112
ولو أردنا تقديم تعريف مختصر القتصاد المعرفة ألمكننا القول بأنه ذلك االقتصاد الذي يشكل فيه إنتاج
المعرفة وتوزيعها واستخدامها المحرك الرئيسي لعملية النمو المستدام ولخلق الثروة وفرص التوظيف في
كل المجاالت .إنه يقوم على أساس إنتاج المعرفة ،أي خلقها واستخدام ثمارها وانجازاتها ،بحيث تشكل
اء ما يعرف بالمعرفة الصريحة التي تشتمل على قواعد البيانات والمعلومات والبرمجيات
هذه المعرفة (سو ً
وغيرها ،أم المعرفة الضمنية التي يمثلها األفراد بخبراتهم ومعارفهم وعالقاتهم وتفاعالتهم) مصد ًار رئيسًا
لثروة المجتمع ورفاهيته.
ينقسم اقتصاد مجتمع المعرفة إلى فرعين :اقتصاد قائم على المعرفة لكون المعرفة مقومًا حيويًا ال غنى
عنه في كل القطاعات االقتصادية ،واقتصاد المعرفة ذاتها بصفتها قطاعاً اقتصاديًا قائمًا بذاته ،له
أصوله وخصومه ،وتكنولوجيته المحورية ،وصناعاته المغذية ،وشبكات توزيعه المحلية والعالمية،
ومنتجاته الوسيط ة والنهائية ،ويشمل ذلك على سبيل المثال :أصول البرمجيات ،وب ارءات االختراع،
وقواعد المعارف ،ومنتجات صناعة المحتوى من نشر طباعي والكتروني ،وانتاج تلفزيوني واعالمي،
وخدمات االستشارات ومرافق المعلومات.
لقد عبر بعض االقتصاديين عن اقتصاد المعرفة بداللة أخرى أال وهي :االقتصاد القائم على المعرفة أو
االقتصاد المبني على المعرفة ،ولكن بحكم تسارع التحوالت االقتصادية والتطورات التكنولوجية فقد عمل
بعض الباحثين االقتصاديين على إعادة النظر والتمييز بين هاتين الداللتين المختلفتين للمصطلح:
الداللة األولى :االقتصاد المعرفي ه و ما يتعلق باقتصاديات عمليات المعرفة ذاتها ،أي إنتاج المعرفة
اء من حيث تكاليف العملية المعرفية ،مثل تكاليف البحث
وصناعتها وعمليات البحث والتطوير ،سو ً
والتطوير ،أم تكاليف إدارة األعمال واالستشارة ،أم إعداد الخبراء وتدريبهم من جهة ،وبين العائد أو اإليراد
الناتج عن هذه العملية لكونها عملية اقتصادية مجردة مثلها مثل اقتصاديات الخدمة السياحية أو الفندقية
أو غيرها من جهة أخرى.
الداللة الثانية :تعبير االقتصاد القائم على المعرفة ينصب إلى معنى أكثر اتساعًا ورحاب ًة ،بحيث تشمل
في داللته حجم قطاعات المعرفة والمعلومات واالستثمارات داخل نسيج االقتصاد ،وكذلك مدى تغلغل
المعرفة والتكنولوجيا في األنشطة اإلنتاجية.
111
فاالقتصاد القائم على المعرفة يعد مرحلة متقدمة من االقتصاد المعرفي ،أي أنه يعتمد على تطبيق
االقتصاد المعرفي في مختلف األنشطة االقتصادية واالجتماعية ،مثل التزاوج بين تكنولوجيا المعلومات
مع قطاعات متعددة كاالتصاالت ،مثل( :تشخيص األمراض عن بعد ،إجراء العمليات الجراحية عن بعد،
اإلنتاج عن بعد ،عقد المؤتمرات عن بعد )...كلها تجعل االقتصاد مبنياً على المعرفة والعلم ،فالدول
الصناعية الكبرى التي استفادت من منجزات الثورة العلمية التكنولوجية ،وسخرتها في صناعات تولد لها
معارف ومكتشفات جديدة وتقنيات متطورة ،قد وصلت إلى مرحلة االقتصاد المبني على المعرفة ،أو ما
يمكن أن نسميه مرحلة ما بعد االقتصاد المعرفي ،أما الدول التي تسعى إلى إنتاج المعرفة من ابتكار
المعرفة واكتسابها ونشرها واستعمالها وتخزينها ،فهي مازالت في طور االقتصاد المعرفي.
سوف نعمد لفهم نشأة اقتصاد المعرفة إلى الولوج إلى تلك المراحل الثالث التي ميزت تطور المجتمعات
البشرية ،أو ما يطلق عليها اصطالحًا تسمية "التحوالت الثالثة" ،من المجتمع الزراعي إلى المجتمع
الصناعي وصوالً إلى المجتمع المعرفي.
قد يشكل وصف المرحلة التي اعتمد فيها اإلنسان بشكل أساس على الطبيعة بالتحول األول بعض من
التحفظ ،كون اإلنسان ومنذ نزوله على األرض كان يعتمد على الطبيعة ومواردها بشكل تلقائي ،وبذلك
فليست مرحلة المجتمع الزراعي من هذه الزاوية تحوالً ،بل هي امتداد طبيعي ،ونتاج فطري للسلوك
البشري.
هذا من ناحية علم التاريخ البشري عامة ،ولكن للتأريخ االقتصادي معايير أخرى اعتمد عليها لوصف
مرحلة ما بالثورة الزراعية ،والتي أنجبت مجتمعها الزراعي لكونها التحول األول ،فخالل قرون طويلة من
الزمن لم يتشكل بالمفهوم االقتصادي ذلك التكتل البشري الذي قد يعد مجتمعًا يحمل في طياته بذور
ال ومبعث ًار ،والنشاط االقتصادي كان معدومًا وال يتجاوز
نموذج اقتصادي متكامل ،فعدد السكان كان قلي ً
حدود االكتفاء الفردي.
112
وعندما بدأت تتجلى مالمح تكتالت بشرية منظمة تعتمد على نشاط الزراعة كأساس لتوفير ما تحتاج إليه
ليسد ضرورياتها من الحاجيات اليومية من خالل دورة نشاط اقتصادي زراعي منظمة ،بدأ عمداء التأريخ
االقتصادي مسارهم في التدوين ،كون تلك المرحلة هي الثورة الزراعية التي أنجبت مجتمعها الزراعي
بوصفه التحول األول في ظل اقتصاد الطبيعة.
وبدأت هذه الثورة أول ما بدأت على ضفاف األنهار الكبرى في المنطقة القريبة من المنطقة االستوائية -
نهر النيل ودجلة والفرات واإلندوس والجانح ونهر الغانج والنهر األصفر (أو هوانغ هو) -حيث التربة
ا لخصبة والمتجددة ،وبذلك تشكلت لدى تلك المجتمعات ظروف تالءمت بوجه خاص مع وصف المجتمع
الزراعي ،وهي الحقبة التي سماها المؤرخون بثورة العصر الحجري الحديث ،والتي دامت على مدى آالف
السنين منذ العام 31آالف قبل الميالد.
وقد اقترن ذلك التحول إلى المجتمعات الزراعية المستقرة (بعد أن كانت المجتمعات زراعية ومبعثرة
ومتنقلة عبر مناطق األرض) بالتسارع في زيادة المهارات التقنية ،ومن ثم اتسع نطاق تشكيل الحجر
لصناعة األدوات واألسلحة ،وازداد أسلوب صناعتها صقالً .كذلك فإن امتالك حيوانات أليفة عزز من
مهارات تحويل صوف الماشية إلى ألياف لصناعة النسيج ،وأدى التقدم في استخدام النار والتحكم فيها
إلى ابتكار القمائن واألفران لصناعة اآلجر والسيراميك ،ثم بعد ذلك لتشكيل المعادن ،وتهيأت لإلنسان
تقنيات صناعة األدوات المعدنية واستخراج المعادن من خاماتها الطبيعية ،ثم تشكيلها على هيئة أدوات
وغير ذلك مما يريد من مصنوعات ،وهكذا أصبحت المجتمعات البشرية في وضع يمهد لحدوث تحول
عميق آخر ينتقل بها إلى بداية المجتمعات الحضارية عبر اقتصاد اآللة من خالل الثورة الصناعية.
تجمع الكثير من الدراسات التاريخية على أن عملية االنتقال عبر التحولين األول والثاني (من الزراعة إلى
الصناعة) كان نتاجًا طبيعيًا لحزمة من األسباب تمحور أهمها حول:
113
تعقد أنماط الحياة ،وبروز رغبات أخرى لم يكن الناس يحسون بها من قبل.
وكان ضروريًا على سكان تلك الحقبات من الزمن ،اللجـوء إلى ما يمكن أن يصطلح عليه بعملية التصنيع
بدل عمليات الزراعة والصيد ،ولن يكون استعمال مصطلح التصنيع نافذ المعنى إن لم نقرنه بمفهوم
اآللة ،فاآللـة أساس المصنع ،والمصنع عمود الصناعة ،والصناعة تحدد معدالت التصنيع ومستوياته،
والتصنيع أنجب مجتمعه الصناعي الذي يحتوي بين طياته اقتصاده الميكانيكي.
لقد شكلت الحرب العالمية الثانية نقطة انعراج في مسيرة البشرية جمعاء ،فبمجرد وصفها حربًا فقد تسببت
في تغيير الكثير من وقائع العالم ومظاهره ،واقتصادياً وبعد النظر إليها كقدر حل بالبشرية ،يعدها الكثير
من المختصين نقطة التحول الثالث ،والذي تمثل في الثورة العلمية أو التكنولوجية أو المعرفية .ومن أهم
ما ميز هذا التحول عما سبقه ،نذكر النقاط التالية:
تقلص المسافة الفاصلة بين ميالد االختراع وتطبيقه على أرض الواقع :ففي حين كان الفارق بين ظهور
االختراعات وتجسيدها على واقع الحياة العامة للناس يحتاج إلى سنين طويلة من الزمن ،أصبح ذلك
الفارق في ظل الثورة المعرفية ال يتعدى بأقصى تقدير عدداً من السنوات .فلم تمض سوى خمس سنوات
على اكتشاف الترانزستور حتى عم استعماله صناعياً ،كما أن الدارة المتكاملة لم تحتج سوى لثالث
سنوات لتدخل سوق اإلنتاج والحياة العامة للناس.
تحول نمط اإلنتاج العلمي والتقني ،من مرحلة اإلبداع الفردي خالل القرنين 38و 39إلى مرحلة اإلنتاج
الجماعي والمؤسساتي خالل القرن العشرين ،بمعنى أنه خالل التحولين األول والثاني كان األفراد هم
أساس االختراع واالبتكار ،أما في ظل التحول الثالث فقد أصبحت المؤسسات والجامعات والجمعيات
العلمية...الخ هي الرائدة في إنتاج الصناعات االبتكارية والتكنولوجية.
طغيان الطابع األوتوماتيكي على وسائل اإلنتاج ودوراته :فخالل مرحلة الزراعة كانت وسائل اإلنتاج ال
تتعدى حدود بعض األدوات البسيطة ،وبظهور الصناعة تحولت تلك األدوات إلى آالت ضخمة تعمل
114
بمصادر الطاقة التقليدية كالفحم والبخار ،...ولكن الثورة المعرفية طورت تلك اآلالت ،وأدخلت ما يدعى
بالعقول اإللكترونية ضمن نظام التشغيل لآللة ،فأصبح نظام تشغيلها أوتوماتيكيًا دون الحاجة إلى كثير
من اليد العاملة.
السيطرة على الالمتناهيات الثالثة :فقد مكنت التكنولوجيا من التحكم في ثالثة المتناهيات هي:
السيطرة على الالمتناهيات في الصغر :سواء في الطبيعة الجامدة كالذرة واإللكترون...الخ ،أم في
الطبيعة الحية كالخلية والجينات والشفرات الوراثية ...الخ.
السيطرة على الالمتناهيات في الكبر :مثل غزو الفضاء ،ونشر األقمار الصناعية فيه...الخ.
السيطرة على الالمتناهيات في التعقيد :ويقصد بها السيطرة الذاتية الكاملة على اآلالت ودورات اإلنتاج
عن طريق األتمتة والحواسيب...الخ ،وكذلك السيطرة على التفاعالت المعقدة للنسق االجتماعي عن
طريق شبكات المعلومات واالتصال.
هناك مجموعة من العوامل التي توض ح االنتقال من االقتصاد الصناعي إلى اقتصاد المعرفة ،حيث يحدد
العديد من الباحثين أبعادًا عدة للتحول من االقتصاد الصناعي إلى اقتصاد المعرفة من خالل:
-0مصدر تكوين الثروة :طالما أن االستثمار في اقتصاد المعرفة يكمن في عقول العاملين والمفكرين
والمخططين ،فإن المعرفة تعد مصد ًار غنيًا ومتجدداً يرفد عمليات اإلنتاج ويغذيها ،ويشكل أساس تكوين
الثروة في بيئة عمل اقتصاد المعرفة.
-4تطور الرأسمال البشري :لقد تطور مفهوم التوجه نحو العنصر البشري في العملية اإلنتاجية ،فمن
الحاجة إلى القوة البدنية (كممثل للعنصر البشري) ،إلى الحاجة إلى بعض الميزات التي يمكن أن يحملها
العنصر البشري والتي تستثمر في جوانب إدارية ،إلى الحاجة إلى القدرات الذهنية (المعارف الضمنية
والكامنة) فيه ،والتي أمست من أهم األشياء المطلوبة في العنصر البشري عند الحديث عن اقتصاد
المعرفة .لذلك فإن مفهوم العمالة تطور من العمال اليدويين والحرفيين وأصحاب الياقات الزرقاء أثناء
الثورة الصناعية ،إلى الموظفين اإلداريين والمشرفين في مرحلة ما بعد الثورة الصناعية أصحاب الياقات
117
البيضاء ،إلى المفكرين والمصممين والمبتكرين أصحاب الياقات الذهبية ،والذين أصبحوا أهم عناصر
اإلنتاج في بيئة عمل اقتصاد المعرفة.
-3التغييرات والتحسينات المضافة :يؤسس اقتصاد المعرفة لنظرية اقتصادية جديدة ،تختلف في كثير
من مبادئها عن النظرية االقتصادية التقليدية ،وبالتالي فإن الكثير من أسس النظرية االقتصادية المتعلقة
ال (نماذج
باالقتصاد الصناعي أصبحت مهددة باالندثار ،حيث يعمل الذكاء الصنعي أو االصطناعي مث ً
الحوسبة المتقدمة في الصناعة) على إحداث تغييرات جذرية في مستويات مختلفة من االقتصاد
الصناعي ،إذ إن بإمكانه أن يقدم دائمًا الحل األمثل للعملية اإلنتاجية بالسرعة والوقت المطلوبين ،مما
ينعكس على ترشيد الخيارات والق اررات وجميع العمليات ،مما يعني اقتصاداً صناعيًا أكثر مرونةً وايرادًا.
إذ إن استخدام التقانات الحديثة والذكاء الصنعي يؤدي إلى خفض التكاليف في ٪ ٩٧من المؤسسات
والشركات ،ويؤدي إلى تحسين صنع القرار في ٪ ٩١منها ،وكذلك تحسين اإلنتاجية في ٪ ١٧من تلك
الشركات ،حسب تقرير إحدى الدراسات ،انظر الشكل رقم (.)3
مفهوم القيمة رباعية متمثلة في هذه الثنائية مضافاً إليها القيمة ثنائية قيمة المنفعة وقيمة التبادل
الرمزية وقيمة المعلومات.
أصول تحفظ بقيمتها وان لم تستخدم
أصول تفقد قيمتها وان لم تستخدم.
الملكية الفكرية التي يصعب تحديدها وحمايتها. مفهوم الملكية المادية التي يسهل حصرها وتوثيقها
الملكية وحمايتها.
رأس المال الذهني وسطوة الرأسماليين الذهنيين.
رأس المال المادي وسطوة أصحاب رؤوس
األموال.
وفرة كثرة العرض تزيد من القيمة. العرض الندرة وقلة العرض والطلب تزيد من القيمة.
والطلب
التركيز على تنمية الطلب (تكنولوجيا قادرة على تلبية التركيز على جانب العرض (تكنولوجيا تعرض ما
116
أي طلب). تقدر عليه).
اقتصاد قائم على طور "إعادة اإلنتاج". عالقة اقتصاد قائم على طور اإلنتاج.
المنتج
نماء الموارد المعرفية مع زيادة االستهالك. نضوب الموارد المالية مع زيادة االستهالك.
بالمستهلك
االستهالك عن بعد ،الخدمات تقدم للمستخدم من المستهلك لصيق بالمنتج ،المستهلك يذهب إلى
موقعه. مقدم الخدمة.
على أساس المحتمل والممكن. تقييم األداء على أساس القائم بالعمل.
االقتصادي
الطاقة المعرفية الكامنة Knowledge السعة اإلنتاجية productive capacity
شبكية دينامية تجمع بين مركزية اإلنتاج والتوزيع وال نمط اإلدارة إدارة مركزية هرمية استاتية.
مركزية السيطرة. والتنظيم
تنظيمات فعلية.
تنظيمات خائلية virtual
إنتاج جملي (كتلي) mass production
إنتاج ال كتلي Demassified
زيادة القدرة التنافسية.
التنافس مع التعاون)(co- petition
المصدر :نبيل علي ونادية حجازي ،الفجوة الرقمية ،رؤية عربية لمجتمع المعرفة ،سلسلة عالم المعرفة ،العدد ،138
الكويت ..111
113
-الربط الواسع ذو الحزمة العريضة.
-مجتمع تعلم.
نظ اًر لخصوصية اقتصاد المعرفة وما يتضمنه من معطيات مميزة ،فإنه يمتاز ببعض الخصائص من
جملتها:
-انتقال النشاط االقتصادي من إنتاج السلع وصناعتها إلى إنتاج الخدمات المعرفية وصناعتها.
-ارتفاع الدخل لصناع المعرفة كلما ارتفعت وتنوعت مؤهالتهم وخبراتهم وكفايتهم.
-االستخدام الكثيف للمعرفة العلمية والمعرفة العملية المتطورة عالية التقنية وتوظيفها في أداء النشاط
االقتصادي لتحقيق أعلى نتائج متوقعة.
115
-لم يعد كبر حجم الشركة يتطلب زيادة في التكاليف ،وبالتالي يحد األرباح.
الراديو– التلفاز -الكاسيت -الجريدة -المجلة – الكمبيوتر -األقراص المرنة والمدمجة -المجلة
اإللكترونية -النشر اإللكتروني واإلنترنت.
من خالل الدراسات الميدانية واألكاديمية التي قام بها الباحثون في هذا المجال معتمدين على قدرة أي بلد
في االستفادة من اقتصاد المعرفة من أجل الوصول إلى قمة اإلبداع معتمدين على التعليم من جهة
واالستخدام األمثل والعقالني للتكنولوجيا الحديثة المواكبة ألي زمان ومكان ،يمكن تلخيص فوائد االقتصاد
المعرفي بما يلي:
-االقتصاد المعرفي يدعم مرحلة الطفولة المبكرة نظ ًار للتأثير القوي واالستعداد للتعلم منذ بداية العمر.
119
-تحقيق تغيرات وتحسينات أساسية وضرورية للمستقبل.
-يرغم المؤسسات كافة على التجديد واإلبداع واالستجابة الحتياجات المستهلك أو المستفيد من الخدمة.
منظومة اقتصاد المعرفة والتغيرات الجذرية التي طرأت على ركائز منظومة االقتصاد:
تناول الباحث نبيل علي منظومة اقتصاد المعرفة مرك ًاز على التغيرات الجذرية التي طرأت على الركائز
األساسية التي تقوم عليها منظومة االقتصاد ،والتي نوجزها هنا بداللة مجموعة من النقالت النوعية:
مفهوم القيمة :النقلة من ثنائية قيمتي التبادل والمنفعة إلى رباعية تشمل – عالوة على ذلك الثنائية
التقليدية – قيمة المعلومات والقيمة الرمزية ،كذلك المتعلقة بالهوية الثقافية على سبيل المثال.
مفهوم الملكية :النقلة من الملكية المادية التي يسهل حصرها وتوثيقها وحمايتها إلى الملكية الفكرية التي
يصعب تحديدها وحمايتها.
عالقة اإلنتاج باالستهالك :النقلة من نضوب الموارد المالية مع زيادة استهالكها إلى عكس ذلك فيما
يخص الموارد المعرفية التي تنمو مع زيادة استهالكها ،إضافة إلى النقلة النوعية من نمط اقتصادي قائم
على طور اإلنتاج إلى نمط اقتصادي قائم على طور إعادة اإلنتاج ،من األمثلة استنساخ البرامج ووسائط
الموسيقى واألفالم وخالفها.
122
عالقة العرض بالطلب :النقلة من التركيز على جانب العرض (حيث كان الوضع فيما مضى أن تعرض
التكنولوجيا كل ما في وسعها أن تنجزه) إلى التركيز على جانب الطلب ،بعد أن أمست التكنولوجيا ذات
قدرة إنجاز هائلة ،وليس كل ما في وسعها أن تنجزه يمكن لألسواق أن تستوعبه ،حيث يتوقف ذلك على
توافر الطلب االجتماعي عليها.
نمط اإلدارة :النقلة من إدارة ذات نمط مركزي تقوم على سريان السلطة من أعلى إلى أسفل إلى إدارة
ذات نمط ال مركزي يتصاعد فيه قدر السلطات ،ومن ثم المسؤوليات من أسفل إلى أعلى ،وذلك بعد أن
أضحى أداء المنشآت رهناً إلبداع عمالتها ال صرامة إدارتها.
من زاوية أخرى نظ ًار إلى اعتماد اقتصاد المعرفة ،كما أوردنا سابقًا ،على طور إعادة اإلنتاج أي استنساخ
السلع والخدمات من دون استهالك مزيد من المواد وطاقة العمل أو لنقل استهالك قدر طفيف منها ،لذا
وفقاً لما يراه الكثيرون فقد أصبحت التنافسية ،في هذا االقتصاد الالمادي ،تعتمد على ما يتعذر استنساخه
من أمور أساسية من قبيل العناصر االبتكارية في التصميم واإلنتاج والتسويق ،أو عوامل ثانوية من قبيل
سرعة العثور على المعلومات ،وتقديم الدعم للمتلقي ،لكي يصبح أكثر قدرة على تأويل المعلومات
واكتشاف ما تحمله في ثناياها من معرفة ذات مغزى.
121
المصادر والمراجع المستخدمة في الوحدة السابعة
-باسم غدير غدير ،اقتصاد المعرفة ،شعاع للنشر والعلوم ،حلب ،سورية..131 ،
-جمال داوود سلمان ،اقتصاد المعرفة ،دار اليازوري ،عمان ،األردن..119 ،
-هديل عزيز دراز ،المعلومات والمعرفة ودورها في التنمية االقتصادية( ،د ن)( ،د م ن)( ،د ت).
-أحمد بالل ،مالمح اقتصاد المعرفة العربي أفق المستقبل ،دار طالس ،دمشق ،سورية..13. ،
-هاشم الشمري ،االقتصاد المعرفي ،دار الصفاء للنشر والتوزيع ،عمان ،األردن..118 ،
-ربحي مصطفى عليان ،اقتصاد المعلومات ،ط ،3دار الصفاء للنشر والتوزيع ،عمان ،األردن،
..119
-محمد جبار طاهر الشمري ،دور اقتصاد المعرفة في تحقيق النمو االقتصادي ،رسالة ماجستير،
جامعة الكوفة..111 ،
-أروى أبو بكر مبارك بكران ،اقتصاد المعرفة وتأثيره في تغيير البنية االقتصادية في الجمهورية
اليمنية ،رسالة ماجستير ،عدن..116 ،
-عيسى خليفي وكمال منصوري ،البنية التحتية القتصاد المعارف في الوطن العربي ،الواقع واآلفاق،
الملتقى الدولي حول المعرفة الركيزة الجديدة والتحدي التنافسي للمؤسسات االقتصادية ،كلية العلوم
االقتصادية والتسيير ،جامعة بسكرة ،الجزائر 31-3. ،نوفمبر ..111
-عبد الرحمان الهاشمي وفائزة عزاوي ،المنهج واقتصاد المعرفة ،دار المسيرة للنشر والتوزيع ،عمان،
األردن ،الطبعة األولى..117 ،
-عبد الخالق فاروق ،اقتصاد المعرفة في العالم العربي ،مشكالته وأفق تطوره ،ط ،3إصدار مكتب
نائب رئيس مجلس الوزراء لشؤون اإلعالم ،شركة أبو ظبي للطباعة والنشر ،أبو ظبي ،اإلمارات العربية
المتحدة..111 ،
122
-عماد عبد الوهاب صباغ ،علم المعلومات ،دار الثقافة للنشر والتوزيع ،عمان ،األردن.3998 ،
-نبيل علي ونادية حجازي ،الفجوة الرقمية ،رؤية عربية لمجتمع المعرفة ،سلسلة عالم المعرفة ،العدد
،138الكويت..111 ،
-آر .أيه .بوكانان ،ترجمة شوقي جالل ،اآللة قوة وسلطة ،التكنولوجيا واإلنسان منذ القرن 08حتى
الوقت الحاضر ،عالم المعرفة ،العدد ،.19المجلس الوطني للثقافة والفنون واآلداب ،الكويت..111 ،
-سلمان رشيد سلمان ،البعد االستراتيجي للمعرفة ،مركز الخليج لألبحاث ،دبي ،اإلمارات العربية
المتحدة..113 ،
123
نماذج عن أسئلة من الوحدة السابعة
- Cإلغاء المسافة الفاصلة بين ميالد االختراع وتطبيقه على أرض الواقع.
- Dتحول نمط اإلنتاج العلمي والتقني من مرحلة اإلبداع الجماعي إلى مرحلة اإلنتاج
الفردي.
124
الوحدة الثامنة :طبيعة اقتصاد المعرفة ومكوناته وخصـائصه
-0عمليات المعرفة
-4المعرفة بأنواعها
127
كفاءات اقتصاد المعرفة
يتسم اقتصاد المعرفة بالقدرة على توليد واستخدام المعرفة وعلى االبتكار ،ومن سماته أيضًا االستثمار في
رأس المال المعرفي واال عتماد على الجهد الفكري (الالملموسات) بدرجة أساسية والرقمية كونها المحرك
األساسي لالقتصاد المعرفي .وفي الحديث عن مختلف مؤشرات اقتصاد المعـرفة ،وجدنا أنه كلما اهتمت
الدول بالبحث والتعليم وبتكنولوجيا المعلومات واالتصاالت زادت إمكانية انضمامها إلى االقتصاد الجديد،
اقتصاد المعرفة .تتركز القوى الدافعة القتصاد المعرفة في العولمة وثورة المعلومات -التي كان من
ثمراتها زيادة كبيرة في اإلنتاج وزيادة العاملين في مجال المعلومات -وانتشار الشبكات الحاسوبية وربطها
مع شبكة اإلنترنت.
أن يعرف الطالب بالتفصيل الدقيق طبيعة اقتصاد المعرفة وخصائصه ومكوناته ومنطقه.
-أن يتمكن من التمييز بين خصائص اقتصاد المعرفة وخصائص االقتصاد التقليدي من خالل المقارنة
بينهما.
أن يعرف الطالب مؤشرات اقتصاد المعـرفة وأهمية توافرها لدخول الدول في اقتصاد المعرفة أو االقتصاد
الجديد.
-أن يستوعب الطالب القوى الدافعة القتصاد المعرفة والمتمثلة في العولمة وثورة المعلومات وانتشار
الشبكات الحاسوبية وربطها مع شبكة اإلنترنت.
126
سمات االقتصـاد المعرفي وخصـائصه:
يتسم اقتصاد المعرفة بالقدرة على توليد المعرفة واستخدامها ،أو بمعنى آخر القدرة على االبتكار ،إذ ال
يمثل فقط المصدر األساس للثروة ،وانما يعد أساس الميزة النسبية المكتسبة في االقتصاد الجديد،
فالمعرفة هي الوسيلة األساسية لتحقيق كفاءة عمليات اإلنتاج والتوزيع وتحسين نوعية اإلنتاج وكميته،
اء بالنسبة للمستهلكين أم المنتجين ،وبشكل عام يتميز
وفرص االختيار بين السلع والخدمات المختلفة سو ً
االقتصاد المبني على المعرفة باآلتي:
ال تمثل المسافات أيًا كانت أبعادها أي عائق أمام عملية التنمية االقتصادية ،أو االتصال ،أو التعليم ،أو
نجاح المشروعات ،أو االندماج الكامل في المجتمع بشكل عام.
إن المعرفة متاحة بشكل متزايد لألفراد كافة ،ويتم توفيرها بصورة تتوافق واالحتياجات الفردية واالجتماعية
بما يمك ن كل فرد من اتخاذ الق اررات بصورة أكثر حكمة في مجاالت الحياة كافة.
إن كل فرد في المجتمع ليس مجرد مستهلك للمعلومات ،ولكنه أيضًا صانع أو مبتكر لها.
إن اقتصاد المعرفة اقتصاد منفتح على العالم ،ألنه ال يوجد اقتصاد يمكنه خلق المعرفة واحتكارها دون
أن يشارك أو يستورد المعارف الجديدة من اآلخرين ،كما أن المناخ االقتصادي على المستوى الكلي في
االقتصاد المبني على المعرفة يجب أن يكون مشجعاً لالستثمار في المعرفة والمعلومات والقدرة على
االبتكار ،وهو أمر في غاية األهمية ،ألن ضمان ديمومة االقتصاد المبني على المعرفة يقتضي ضرورة
تشجيع االستثمار في المستقبل ،والذي قد تكون معدالت العائد عليه منخفضة أو محدودة ،ولذا تحتاج
مثل هذه المجاالت إلى دعم السياسة االقتصادية في الدول التي تسعى نحو تحقيق االقتصاد المبني على
المعرفة.
العولمة .Globalization
123
التركيز على خدمة المستهلك Customer Services Emphasis
تجدد المصادر المعرفية ونموها وازديادها وعدم نضوجها سواء باالستعمال أم باالحتفاظ ،بل بمرور الزمن
وتعدد االستخدام تزداد المصادر المعرفية وتتراكم مجاالتها.
تجدد الحاجة إليه والرغبة والطلب على منتجاته المعرفية التي تدخل في كل نشاط ،وفي كل عمل ،وفي
كل وظيفة وبشكل متصاعد إلى درجة يمكن القول باستحالة قيام نشاط ما بدون المعرفة.
ومن خالل استعراضنا لخصائص اقتصاد المعرفة وسماته ،يمكننا أن نلخص أهم السمات التي تميز
االقتصاد المعرفي عن االقتصاد التقليدي على شكل مقارنة من خالل عرض الجدول التالي ،انظر الشكل
رقم (:).
-االعتماد على الجهد الفكري (الالملموسات) بدرجة -االعتماد عل الجهد العضلي (الملموسات) بدرجة
أساسية في االقتصاد المعرفي. أساسية في االقتصاد التقليدي.
-ديناميكية األسواق والتي تعمل في ظل تنافسية مفتوحة. -استقرار األسواق في ظل منافسة تتحكم فيها -
غالباً -البيروقراطية السلطوية.
-يهدف االقتصاد المعرفي إلى وضع قيمة حقيقية لألجور -يهدف االقتصاد التقليدي إلى التوظيف الكامل
125
والتوسع في استخدام القوى العاملة ذات المهارات العالية للقوى العاملة دون تحديد مهارات مميزة ألداء العمل.
التي تتفاعل مع التعليم والتدريب المستمر.
-إنه اقتصاد وفرة ،حيث تزداد موارده (المعرفة) بكثرة -إنه اقتصاد ندرة ،حيث تنضب موارده بكثرة
االستخدام. االستخدام.
-خضوع االقتصاد المعرفي لقانون تزايد العوائد (تناقص -خضوع االقتصاد الزراعي لقانون تناقص العوائد
التكاليف) مع االستمرار في االستخدام. (تزايد التكاليف) ،واالقتصاد الصناعي لقانون ثبات
العوائد (ثبات التكاليف) مع االستمرار في االستخدام.
-العالقات بين اإلدارة والقوى العاملة في االقتصاد -العالقات بين اإلدارة والقوى العاملة في االقتصاد
المعرفي تتسم بعدم االستقرار ،إذ ينتفي مبدأ التوظيف مدى التقليدي تتسم باالستقرار.
الحياة.
-العالقة بين قطاعات األعمال والدولة في االقتصاد -العالقة بين قطاعات األعمال والدولة غير متكافئة،
المعرفي قائمة على التحالف والتعاون. إذ تفرض الدولة سيطرتها وتصدر أوامرها طبقاً
لمتطلبات الدولة وتوجهاتها االقتصادية.
المصدر :علي بن حسن يعن اهلل القرني ،متطلبات التحول التربوي في مدارس المستقبل الثانوية بالمملكة العربية
السعودية في ضوء تحديات اقتصاد المعرفة ،رسالة دكتوراه في اإلدارة التربوية والتخطيط ،قسم اإلدارة والتخطيط ،كلية
التربية ،جامعة أم القرى ،المملكة العربية السعودية ،.119 ،ص.39 ،
أنشأ البنك الدولي ما يعرف بـ "منهجية تقييم اقتصاد المعرفة (Knowledge assessment
) Methodologyوهي عبارة عن مؤشرات الهدف منها مساعدة الدول على تحديد الفرص والتحديات في
عملية التحول إلى اقتصاد المعرفة ،وتضم هذه المنهجية 319مؤشرات (أو متغيرات) مقسمة على أربعة
أسس أو ركائز لقياس أداء الدول في مجال اقتصاد المعرفة ،وهذا المقياس يمتد من درجة الصفر ()1
129
إلى درجة عشرة ( ،)31وكلما اقترب المؤشر من العشرة كان ذلك دليالً على مستوى أفضل من اقتصاد
المعرفة ،ويبين أن الدولة في الطريق الصحيح من التحول إلى اقتصاد المعرفة ،وكلما اقترب المؤشر من
الصفر كان ذلك دليالً على أن الدولة مازالت في بداية الطريق.
ولمعرفة إمكانية انضمام الدول ضمن هذا االقتصاد الجديد ،والذي يرتكز بدرجة كبيرة على الثورة والثروة
المعرفية ،ال بد من التطرق إلى بعض المؤشرات ،والتي سنحاول إجمالها فيما يلي:
تشكل بيانات األبحاث والتطوير المؤشرات األساسية القتصاد المعرفة ،حيث يتم استخدام مؤشرين
أساسيين هما :النفقات المخصصة لألبحاث والتطوير وفريق العمل المستخدم ألعمال األبحاث والتطوير،
هذه األبحاث تخضع منذ مدة طويلة لعملية جمع منظمة ومعيارية للبيانات مما يسمح بإجراء تحاليل
ديناميكية ومقارنات دولية.
إن للموارد البشرية أهمية كبرى في عمل النشاطات االقتصادية وتنميتها وتطويرها ،خاصة في ظل
اقتصاد المعرفة وما يتضمنه من تقنيات متقدمة ،إال أن المؤشرات المعروفة جدًا لدراسة هذا البعد من
اقتصاد المعرفة ما تزال قليلة ،وذلك يعود من جهة إلى نقص األعمال في هذا المجال ،ومن جهة أخرى
إلى صعوبة قياس كفاءات األفراد مباشرة.
ولمؤشرات الموارد البشرية مصدران رئيسان على قدر كبير من األهمية ،وهما البيانات المتعلقة بالتعليم
والتدريب ،والبيانات المتعلقة بالكفاءات أو بمهن العمال.
وتسمح المؤشرات القائمة على البيانات المتعلقة بالتعليم والتدريب بتقييم المعارف والمهارات أو (الرأسمال
البشري) المتكسبة خالل العملية الرسمية للتعليم ،وتسمح هذه المؤشرات أيضًا بتقييم المخزون واالستثمار
في الرأسمال البشري .ت جمع إحصاءات التعلم على قاعدة دولية من قبل منظمة التعاون والتنمية
االقتصادية ،واليونسكو ،وادارة اإلحصاء في المجموعة األوروبية ،وهي تتوافر عادةً لبضعة أعوام ،ويعد
هذا المؤشر على درجة عالية من األهمية لما له من تأثير مباشر على ثورة التكنولوجيا والمعرفة من
132
حيث زيادة نسبة المتخصصين في مجاالت المعرفة المختلفة ،وبالتالي زيادة اإلنتاجية ،كما أن مؤشر
التعليم والتدريب يسمح بتقديم المخزون واالستثمار في الرأسمال البشري.
يعد مؤشر نشر تكنولوجيا المعلوم ات واالتصاالت على قدر كبير من األهمية خاصة مع تزامن الوقائع،
حيث التقى االقتصاد القائم على المعرفة بقاعدة تكنولوجية مالئمة ،وهذا ما أدى إلى تعزيز مشترك بين
ازدهار النشاطات المكثفة في المعرفة واإلنتاج ونشر التكنولوجيا الجديدة ،ولهذه األخيرة ثالثة تأثيرات في
االقتصاد ،وهي:
أنها تسمح بدر أرباح إنتاجية خاصة في مجال المعالجة ،التخزين وتبادل المعلومات.
تعزز تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت الجديدة ظهور صناعات جديدة وازدهارها مثل :وسائل اإلعالم
المتعددة ،التجارة اإللكترونية ،الجداول اإللكترونية...الخ.
أنها تحث على اعتماد نماذج تنظيمية أصلية بهدف استخدام أفضل لإلمكانيات الجديدة لتوزيع المعلومات
ونشرها.
وقد وضع مؤتمر األمم المتحدة للتجارة والتنمية لتكنولوجيا المعلومات واالتصاالت ،مجموعة من
المؤشرات تتيح بناء القدرات في تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت بين البلدان ،وهذا استنادًا إلى مجموعة
من المعايير التي بموجبها تتيح لصانعي القرار والسياسة استنباط سياسات مناسبة ومالئمة لوضع خطط
عمل مستقبلية.
ويدخل ضمن هذا المؤشر كل العمليات ذات العالقة بالحواسيب ،خاص ًة إذا ما تعلق األمر بعدد
الحواسيب لكل ألف نسمة من السكان ومستخدمي شبكة اإلنترنت ،إذ يعبر عدد مصنفي اإلنترنت عن
مدى حضور البلد في اإلنترنت ،والمصنف هو اسم مجال له عنوان مسجل في بروتوكول اإلنترنت مرتبط
به ،فاالسم ( )FRيدل على أن المضيف من فرنسا .وفي معظم األحيان تنتهي باألسماء ( COM.
)NETوفي أغلب مجاالت اإلنترنت تنتهي بـ )EDU( :مما يدل على أن الموقع تعليمي أو على صلة
بمؤسسة تعليمية.
131
أهــداف اقتصـاد المعلومات (المعرفة):
ابتداء ،ترتكز اقتصاديات المعلومات على ثالثة أعمدة جوهرية هي الحصول على البيانات ومعالجتها من
ً
خالل نظم المعلومات والمحتوى المعلوماتي الذي يمثل مخرجات هذه النظم ،وشبكات االتصاالت التي
تمثل قنوات تدفقات البيانات من مصادرها إلى النظم ،وتدفق المعلومات من النظام إلى الجهات المستفيدة
منها.
قبل الحديث عن األهداف التي يسعى إلى تحقيقها علم اقتصاديات المعلومات نرى أنه من الضروري
اإلجابة عن التساؤالت التالية:
لمن تنتج؟ أي تحديد الجهات المستفيدة من هذه المعلومات وآلية توزيع هذه المعلومات إلى الجهات؟
في ضوء اإلجابة عن التساؤالت المذكورة أعاله يمكن تحديد أهداف علم اقتصاديات المعلومات على
النحو اآلتي:
-3تحديد احتياجات الجهات المستفيدة من المعلومات لتلبيتها ،وتتصف هذه االحتياجات بأنها احتياجات
متنوعة ومختلفة ومتطورة ومتجددة باستمرار.
-.تحديد الجهات التي تقوم بتوليد المعلومات في إطار دراسات السوق والعرض والطلب.
-1تحديد أسلوب توليد هذه المعلومات وانتاجها على النحو الذي يكفل نجاح االستثمار في المعلومات،
ويحقق االستثمار األفضل للموارد المتاحة في إطار هذا االستثمار.
-3مرونة فائقة وقدرة على التطويع والتكيف مع المتغيرات والمستجدات الحياتية التي يتسارع معدل
تغيرها ويتكاثف حجم تأثيرها.
132
-.يملك القدرة الفائقة على التجدد والتواصل الكامل مع غيره من االقتصادات التي أصبحت تتوق إلى
االندماج فيه ،حتى أنه يصعب فصله عنها ،أو الحديث عنه من دونها ،أو اإلشارة إليها من دون أن
يكون له موقف منها.
-1يملك القدرة على االبتكار وايجاد وتوليد وتوالد منتجات فكرية ومعرفية وغير معرفية جديدة تماماً لم
تكن تعرفها األسواق من قبل ،ثم يساعد على خلق وايجاد المنتجات غير المسبوقة واألكثر إشباعًا واقناعاً
للمستهلك والموزع والمتعامل معه وفيه وبه.
-3مجاالت خلق القيمة المضافة فيه متعددة ومتنوعة وممتدة ومتجددة وذوات طبيعة تزامنية متدفقة،
وهي إن كانت تناسبية المضمون والمحتوى فإنها في الوقت ذاته ثرية وغنية ،وتكاد تكون ال نهائية،
وتعطي تأثيرها الحافز على مجاالت هذا االقتصاد كافة.
-1ال توجد موانع للدخول إليه وال توجد أبواب مغلقة عليه ،بل هو اقتصاد مفتوح بالكامل ،ومن ثم ال
توجد فواصل زمنية أو عقبات مكانية أمام من يرغب بالتعامل معه وبه ،بل كل الذي يحتاج إليه معرفة
عقلية وارادة تشغيلية ،ووعي كامل بأبعاد هذا االقتصاد وجوانبه ،ومسؤوليته االلتزام التقاني بكل ما فيه
واحترام دقيق لحقوق األطراف المختلفة.
-6إن اقتصاد المعرفة قائم على ذاته وقائم على عالقاته مع االقتصاديات األخرى ،وهو بعالقاته
وارتباطاته دائم الحركة ودائم البحث عن أصحاب العقول الخالقة ،ومن ثم فإن الصراع عليها يعتمد على
قدرة المشروعات ونظم المعلومات على جذب هذه العقول وتوظيفها.
-3االبتكار ،ويعني إيجاد نظام فع ال من الروابط التجارية مع المؤسسات األكاديمية وغيرها من مراكز
البحوث القادرة على مواكبة ثورة المعلومات المتنامية واستثمارها وتكييفها مع االحتياجات المحلية.
-.التعليم وهو أساسي في العملية اإلنتاجية والتنافسية االقتصادية ،ولهذا يتعين على الجهات المعنية أن
توفر اليد الماهرة والمبدعة ،وأن تجد الكادر القادر على دمج التكنولوجيا في العمل ،وال يتحقق ذلك إال
بتطوير المناهج التعليمية وتحديثها ،والمثابرة على تأمين برامج التعلم مدى الحياة.
133
-1البنية التحتية المبنية على أساس تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت تسهل نشر واستثمار المعلومات،
وتكيفها لصالح االحتياجات المختلفة.
-3توف ير الحوافز االقتصادية القوية ضمن أطر قانونية واضحة لها دور كبير في عملية اإلنتاج والنمو،
على أن يكون من أهداف هذه الحوافز جعل تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت أكثر تواف ًار وأسهل
استخداماً ،وأن تعمل على تخفيض التعريفات الجمركية على منتجات التكنولوجيا وزيادة القدرة التنافسية
للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
ينفرد اقتصاد المعرفة بسمات تميزه عن االقتصاديات التقليدية السابقة ،الصناعية والزراعية من حيث
التقنيات والعلم والهدف ومصدر الطاقة وطبيعة اإلنتاج.
يمكن أن تفهم سمات اقتصاد المعرفة التي يمكن أن نوجزها بما يلي:
ال للجهد العضلي ،بل واحالل العمل الفكري عالي المستوى محل
-االعتماد على رأس المال الفكري بدي ً
العمل الفكري األدنى ،بحيث ي ثار تنافس مستمر بين ما هو قائم وما يمكن أن يكون مما يقود إلى حركة
فكرية مستمرة.
-يقت ضي اقتصاد المعرفة إمكانات ضخمة سواء في مجال البحوث أم مجاالت التقنيات الذكية.
-تحقيق عائد استثماري مرتفع نظ ًار للتنافس والتفرد من قبل مجموعات محددة قد تحتكر السوق.
-تحقيق قيمة مضافة مرتفعة لتمركز المعرفة في مجموعات محددة من ذوات القدرات عالية المستوى.
-يحقق اقتصاد المعرفة تناقصاً في التكاليف ،وبالتالي زيادة في العوائد نظ اًر الختصار الوقت واحتكار
المعرفة من قب ْل أصحاب الكفاءات العالية.
134
القوى الدافعة القتصاد المعرفة:
القوى الدافعة الرئيسة التي لها القدرة على تغيير قواعد التجارة والقدرة التنافسية في ظل اقتصاد المعرفة
هي:
* انتشار الشبكات الحاسوبية :gewkrbow gobrewrognوربطها مع شبكة اإلنترنت ،جعل العالم قري ًة
واحدةً فعالً ال قوالً.
ومؤخ اًر ازدادت عمليات إنتاج وتطوير السلع والخدمات على أنواعها ،وصارت في أكثر األحيان تباع
وتشرى من خالل الشبكات اإللكترونية ،مما زاد الحاجة إلى تعلم واستيعاب كيفية استخدام التكنولوجيا
الجديدة وتطبيقاتها ،وقد أسهمت هذه القوى أيضًا في توسع اإلنتاج العالمي وازدياده بسبب العوامل طويلة
األمد التالية:
-تحرير السياسات االقتصادية وتالشي الحدود بين البلدان ،األمر الذي أفسح المجال أمام كل أنواع
االستثمار األجنبي المباشر وغير المباشر وزيادة التشابكات الرأسمالية المختلفة.
-التغيرات التكنولوجية السريعة وانخفاض تكاليف المواصالت واالتصاالت جعل من الممكن اقتصاديًا
إجراء تكامل بين النشاطات االقتصادية المتباعدة جغرافيًا.
-المنافسة المتزايدة حفزت الشركات على اتباع طرق مستحدثة لزيادة نشاطاتها االقتصادية بما في ذلك
إيجاد أسواق جديدة وتغيير أماكن اإلنتاج وغير ذلك بهدف االختصار من الوقت واإلقالل من التكاليف.
137
-0عمليات المعرفة :اإلنشاء والتقاسم والتعلم والتطبيق واعادة االستخدام والخدمات سواء كانت معرفية
كما في االستشارات ،أم كثيفة المعرفة كالجامعات والمستشفيات ،أم المساندة بالمعرفة كما في برامج
تطوير إنتاجية العمل المعرفي ،تحسين وارد العمل المعرفي ،تحسين إنتاجية العمل المعرفي.
-4المعرفة بأنواعها :الصريحة وهي موضع تكنولوجيا المعلومات والرقميات واإلنترنت ،والضمنية هي
التي تبقى في رؤوس األفراد ،وتعمل في تفاعالتهم السياقية ،وكالهما ضروري في إنشاء الثروة في
اقتصاد المعلومات.
-3األصول البشرية والالملموسات :إذا كانت األرض هي قاعدة الثروة في االقتصاد الزراعي واآللة في
العصر الصناعي ،فإن المعرفة والقوة الدماغية هي قاعدة الثروة في اقتصاد المعرفة ،خاص ًة في عصر
يشهد ازديادًا في استخدام تكنولوجيا المعلومات والرقميات واإلنترنت .وعليه ،تتسم األصول البشرية
ال ال ملموسة ،وهذا ما يجعل المعرفة بمثابة اقتصاد الالملموسات.
المتعلقة بالمعرفة بكونها أصو ً
-2الخصائص والقواعد الجديدة :إن المعرفة هي التي تمثل المورد والقاعدة في االقتصاد الجديد.
والمعرفة لها خصائص جديدة في مقدمتها إن األصول المادية أصول نهائية تستهلك باالستخدام وتخضع
ال وتوليدها بال حدود
للمبادلة ،في حين أن أصول المعرفة هي أصول ال نهائية يمكن أن تبقى طوي ً
مادامت التكلفة الحدية أقرب إلى الصفر.
هذه الخصائص هي التي تجعل اقتصاد المعرفة يقوم على مبادئ وقواعد جديدة ،في مقدمتها تزايد العوائد
بدالً من تناقصها .يتضح مما سبق أن هذا النظام يرتكز على مرتكزات عدة أهمها:
-0ملكية المعرفة
-4األسواق المالية
-2إرضاء الزبائن
136
أثار التطور الهائل لتكنولوجيا المعلومات واالتصال نقاشًا كبي ًار بين الباحثين حول الكفاءات التي يتطلبها
االقتصاد الحديث ،حيث ظهرت للوجود وظائف جديدة ومتنوعة ومتخصصة ،وارتفعت نسبة الوظائف
التي تتطلب كفاءات عالية ،وقد أصبح للمهارة دور مهم ليس في القطاعات التي تعتمد على المعرفة
فحسب بل في كل القطاعات األخرى.
إن اقتصاد المعرفة يتطلب يداً عاملةً ذات كفاءة ومهارة عالية ومتخصصة وكذلك متنوعة ،حيث يرى
بعض الباحثين أن معرفة القراءة والكتابة والحساب لم يعد كافيًا ألداء العمل ،وكذلك بالنسبة للتعليم
النظامي ،وقد ظهرت الحاجة إلى تحسين األداء الوظيفي .ومن هذا المنطلق ظهرت المعاهد العالية
المتخصصة والتي أسهمت في تكوين العمال من أجل رفع مهاراتهم وزيادة كفاءتهم ،وهنا ظهرت أنواع
جديدة من التعلم كالتعلم اإللكتروني والتعلم عن بعد والتعلم مدى الحياة ،Life long learningوكذلك
التدريب والكوتشينغ .coachingفاالستراتيجيات الحديثة ال تعتمد فقط على المتطلبات األساسية
كالمستوى التعليمي والشهادات المتحصل عليها ،ولكنها تمتد إلى المهارات الشخصية ،حيث بينت إحدى
البحوث حول معايير التوظيف في الواليات المتحدة األمريكية أن المعيار األساس هو مهارات التواصل
intra-personal and communication skillsتليها الخبرة والتجربة .وبينت الدراسة أن مهارات
التواصل والقدرة على التعلم والعمل الجماعي ومهارات حل المشكالت هي من بين المعايير الرئيسة في
التوظيف في المملكة المتحدة ،فمهارات التواصل والتحفيز واألخذ بزمام المبادرة لها تأثير كبير داخل
المنظمات.
133
من وجهة نظر أخرى ،تلعب اإلنترنت دو اًر رئيساً في اقتصاد المعرفة ،خاصة فيما يتعلق بالمنتجات
الرقمية التي يمكن توزيعها عبر الشبكة ،كالبرمجيات والكتب والتسجيالت الموسيقية والخدمات البنكية
والخدمات التعليمية واألغاني وأفالم الفيديو وما شابه ،ومن أبرز المؤشرات على األهمية االقتصادية
لإلنترنت أنها أوجدت في الواليات المتحدة ما يزيد عن 1ماليين فرصة عمل بما يوازي ضعف قطاع
صناعة العقارات ،وقد زاد اإلنفاق العالمي على صناعة ت .م .ص (تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت)
من .,.تريليون دوالر في العام 3999إلى 1تريليونات دوالر عام ،.111واذا نظرنا إلى حجم التجارة
اإللكترونية ما بين شركات األعمال ) (B2Bفقد زادت من 3,.تريليون دوالر عام 3999إلى 31
تريليونات دوالر عام ،.111أما حجم التجارة اإللكترونية بين الشركات والمستهلك ) (B2Cفقد زادت
خالل الفترة من 3999إلى .113من 91مليار دوالر إلى ..1مليار دوالر في العام ..113
لقد غيرت اإلنترنت بصورة جذرية من أسلوب عمل المؤسسات االقتصادية ،واستحدثت نماذج جديدة
للقيام بنشاط األعمال ،وهكذا امتزج اقتصاد المعرفة الذي يمثل بصورة تقريبية اقتصاد شق المحتوى ،مع
ما يمكن أن نطلق عليه اقتصاد اإلنترنت الذي يمثل في هذه المنظومة االقتصادية الجديدة وبصورة
تقريبية أيضًا عنصر التوزيع القائم على شق االتصاالت.
وعلى أهميته ،وكثرة ما نشر عنه ،فما زال معظم جوانب اقتصاد المعرفة يكتنفه الغموض ،ويفتقد خطابه
السائد إلى التأصيل النظري ،وما زالت سلطة هذا الخطاب في قبضة مفكري اقتصاد العولمة ،الذين ال
هم لهم إال إبقاء الحال على ما هي عليه حرصًا على مصالح القوى المهيمنة.
135
المصادر والمراجع المستخدمة في الوحدة الثامنة
-ربحي مصطفى عليان ،إدارة المعرفة ،الطبعة األولى ،دار الصفاء للنشر والتوزيع ،عمان ،األردن،
..118
-محسن أحمد الخضيري ،اقتصاد المعرفة ،مجموعة النيل العربية ،القاهرة..113 ،
-علي بن حسن يعن اهلل القرني ،متطلبات التحول التربوي في مدارس المستقبل الثانوية بالمملكة
العربية السعودية في ضوء تحديات اقتصاد المعرفة ،رسالة دكتوراه في اإلدارة التربوية والتخطيط ،قسم
اإلدارة والتخطيط ،كلية التربية ،جامعة أم القرى ،المملكة العربية السعودية..119 ،
-مرال توتليان ،مؤشرات اقتصاد المعرفة وموقع المرأة من تطورها ،منشورات المعهد العربي للتدريب
والبحوث اإلحصائية ،لبنان..116 ،
-ربحي مصطفى عليان ،اقتصاد المعلومات ،دار ال صفاء للنشر والتوزيع ،عمان ،األردن..119 ،
-نبيل علي ونادية حجازي ،الفجوة الرقمية ،رؤية عربية لمجتمع المعرفة ،عالم المعرفة ،العدد
،138الكويت..111 ،
-العشعاشي عبد الحق ،وحوحو مصطفى ،دور اقتصاد المعرفة في الحد من البطالة ،قدم إلى المؤتمر
العالمي التاسع لالقتصاد والتمويل اإلسالمي ،اسطنبول ،تركيا31-9 ،سيبتمبر..131 ،
-طالل محرز اسماعيل ،مجتمع المعرفة ،مركز الدراسات اإلستراتيجية ،دمشق ،سورية..131 ،
-أحمد بالل ،مالمح اقتصاد المعرفة العربي أفق المستقبل ،دار طالس ،دمشق ،سورية..13. ،
139
نماذج عن أسئلة من الوحدة الثامنة
– Aتحديد الجهات التي تقوم بتوليد المعلومات في إطار دراسة المنتجين للمعلومات.
142
الوحدة التاسعة :اقتصاد المعرفة والتنمية االقتصادية والبشرية
عمال المعرفة
141
-٢وجود مجتمع تعلم
تصنيف المعرفة
-0معرفة المعلومة
-4معرفة العلة
-3معرفة الكيفية
-2معرفة التقنية
142
العمل واقتصاد المعرفة
يعد اقتصاد المعرفة المحرك الجديد للنمو االقتصادي والتنمية البشرية ،فهو اقتصاد مفتوح يعتمد على نوع
مختلف من العمالة هي عمالة عمال المعرفة الذين يتخذون من رؤوسهم وأفكارهم أدوات للعمل الذي
ال عن بعد ،حيث تعد المعرفة أهم مصادر الثروة والسلطة في عصر المعلومات،
يمكن أن يكمن عم ً
وبالتالي في عصر االقتصاد الجديد .يلعب اقتصاد المعرفة دو اًر مهماً في تحقيق النمو االقتصادي من
خالل خلق المؤسسات وتطويرها وانشاء البنى التحتية لتفعيل تشارك المعرفة واستخدام التكنولوجيات
الحديثة .تعد القوة البشرية المتخصصة ومجتمع التعلم المنظومة الفاعلة للبحث والتطوير من أبرز
عناصر االقتصاد المعرفي.
أن يعي الطالب كيف يكون اقتصاد المعرفة اقتصادًا مفتوحًا ومحركًا جديدًا للنمو االقتصادي.
أن يدرك الطالب دور اقتصاد المعرفة في خلق المؤسسات والمجتمعات وتطويرها ،ودوره في التعليم وفي
التنمية البشرية.
أن يعي الطالب أهمية اقتصـاد المعـرفة وطبيعة العـمالة في هذا االقتصـاد والقائمة على عمال المعرفة.
أن يدرك الطالب كيف ولماذا تكون المعرفة هي أهم مصادر الثروة والسلطة في عصر المعلومات
وتكنولوجيا المعلومات واإلنترنت.
أن يفهم الطالب عالقة اقتصاد المعرفة بالمتغيرات االقتصادية المختلفة ،مثل اإلنتاج واالستثمار وتكوين
رأس المال والعمل...الخ.
143
محرك جديد للنمو االقتصادي:
حين كانت األرض والعمالة ورأس المال هي العوامل الثالثة األساسية لإلنتاج في االقتصاد القديم،
أصبحت األصول المهمة في االقتصاد الجديد هي المعرفة الفنية واإلبداع والذكاء والمعلومات ،وصار
للذكاء المتجسد في برامج الحاسوب والتكنولوجيا عبر نطاق واسع من المنتجات أهمية تفوق أهمية رأس
المال أو المواد أو العمالة ،وتقدر األمم المتحدة أن اقتصادات المعرفة تستأثر اآلن على ( )٪١من الناتج
المحلي اإلجمالي العالمي ،وتنمو بمعدل ( )٪٧١سنويًا ،وجدير بالذكر أن ( )٪١١من اإلنتاجية في
االت حاد األوربي هو نتيجة مباشرة الستخدام تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت وانتاجها ،انظر الشكل رقم
(.)1
عماد عبد الوهاب صباغ ،علم المعلومات ،دار الثقافة للنشر والتوزيع ،عمان ،األردن .3998 ،ص .31
144
وبناء عليه ،يقصد باقتصاد المعرفة أساساً أن تكون المعرفة هي المحرك الرئيس للنمو االقتصادي،
ً
واقتصادات المعرفة تعتمد على توافر تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت ،وعلى العكس من االقتصاد
المبني على اإلنتاج التقليدي حيث تلعب المعرفة دو اًر أقل ،وحيث يكون النمو مدفوعاً بعوامل اإلنتاج
التقليدية ،أيضًا ،فإن الموارد البشرية المؤهلة وذات المها ارت العالية ،أو رأس المال البشري هي أكثر
األصول قيمة في االقتصاد الجديد المبني على المعرفة.
ويبدو واضحًا اليوم أننا إزاء تطور جديد من التطور المجتمعي يعتمد في سيطرته ونفوذه على المعرفة
عامة وعلى العلمية خاصة ،مثلما يعتمد على كفاءة استخدام المعلومات في مجاالت الحياة كافة ،حيث
يتعاظم فيه دور صناعة المعلومات بوصفها الركيزة األساس في بناء االقتصادات الحديثة ،وتتعزز فيه
مكانة األنشطة المعرفية لتتبوأ أكثر األماكن حساسية وتأثي ًار في منظومة اإلنتاج االجتماعي ،وغالبًا ما
يطلق على هذا التحول وبشكل غير دقيق عصر ثورة المعلومات ،ألن المعلومات ال تشكل إال جزءًا من
الثورة المعرفية التي تقوم أساسًا على التقدم التكنولوجي في مجاالت البيولوجيا والفيزياء والكيمياء
واالتصاالت وغيرها.
الشك أن التطور األبرز في هذا المشهد هو ظهور نمط معرفي جديد يقوم على وعي أكثر عمقًا لدور
المعرفة والرأسمال البشري في تطور االقتصاد وتنمية المجتمع ،وهو ما يطلق عليه اقتصاد المعرفة،
بحيث أصبحت المعرفة موردًا اقتصادياً يفوق بأهميته الموارد االقتصادية الطبيعية ،بل إن القيمة المضافة
الناتجة عن العمل في التكنولوجيا كثيفة المعرفة تفوق بعشرات وربما مئات المرات القيمة المضافة الناتجة
عن العمل في الزراعة أو الصناعة التقليديتين ،ويكفي إلقاء نظرة مقارنة على مساهمة القطاعات
االقتصادية والشركات التي تعمل في مجاالت الذكاء الصناعي والبرمجيات والتقانات الحيوية والزراعة
المعدلة وراثيًا وبعض أنواع العقاقير الحديثة ،إضافةً إلى أجهزة االتصاالت وأنظمة التسلح ،للتأكد من أن
المعرفة قد أدخلت المجتمعات المعاصرة في مرحلة ما بعد الصناعية ،ونجم عن هذه التحوالت نتائج
وآثار مباشرة وبعيدة المدى أيضًا ،فلم تعد المعرفة سلطة وقوة وحسب ،بل أصبحت في أبرز مظاهرها
وتجلياتها في عالم اليوم ،ولم يعد مفيدًا للدول التي تحاول تنمية اقتصادياتها وتحديثها واللحاق بركب
التقدم العلمي ،أن تتجاهل هذه الحقائق أو أن تتردد في األخذ بناصيتها.
147
اقتصاد مفتوح ...اقتصاد جديد:
أدت المعدالت المرتفعة للنمو التي اتسم بها اقتصاد المعلومات وصناعة تخليق المعرفة إلى أحداث طفرة
غير مسبوقة في الفكر االقتصادي بشكل كامل ،وفي الفكر التنموي بشكل خاص .ليس فقط لما أحدثه
من تغييرات هائلة في طبيعة العمليات االقتصادية ،ولكن وهو األهم لما أنتجه وأحدثه من تغييرات في
أدوات اإلنتاج والتسويق والتمويل ووسائلها وطرقها وتنمية الكوادر البشرية .ومع بروز فجر العولمة،
وظهور النظم التشابكية والمنظومات المفتوحة لإلنتاج االبتكاري واإلبداعي ،أصبح االقتصاد المعرفي
اقتصاداً جديداً ذا طابع ال يستمد خصوصيته من اعتبارات الحاضر أو الماضي ،ولكن من خصوصية
دوره الذي سيقوم به في المستقبل.
ويمتلك االقتصاد المعرفي القدرة على االبتكار وايجاد منتجات فكرية معرفية لم تكن تعرفها األسواق من
قبل وال توجد حواجز للدخول إليه ،بل هو اقتصاد مفتوح ،ومن ثم ال يوجد فواصل زمنية أو عقبات مكانية
أمام م ْن يرغب في التعامل معه ،فالمعرفة أكثر األمور أهمي ًة وحيوي ًة للمشروعات والشركات بل وللبشر
كافة.
والمعرفة هي نتاج تفاعل حيوي ناجم عن تجارب معايشة حياتية واقعية وفعلية ،وفي الوقت ذاته عن نتاج
معامل وأبحاث ودراسات ،فالمعرفة لم تأت من فراغ بل تتولد من واقع حي معاش .وهي ليست وقفًا على
شعب بذاته أو دولة بذاتها أو نظام بذاته ،وليست حك ًار أو احتكا ًار لشركة أو لمشرع ما لها جنسية أو
قومية ،بل هي مشاع متاح للجميع.
فالمعرفة مصدر قوة هائل يدفع إلى التقدم والى االرتقاء ،وهي مصدر تهديد قوي وفرض نفوذ وهيمنة
يمارسها األقوياء بالمعرفة على الضعفاء نتيجة جهلهم.
إن الصراع العالمي في عالم األلفية الثالثة ،لن يكون صراعًا على رأس المال أو المواد الخام الرخيصة أو
األسواق المفتوحة ....بل إنه ،وسيستمر لفترة طويلة ،صراعاً على المعرفة ألنها هي التي ستصنع القوة
وتوفر المال وتخلق المواد الخام وتفتح األسواق .بل إن المعرفة شكلت – وستستمر -اقتصاداً جديداً في
مجاالته وآلياته ونظمه التي تضم األنظمة التالية (نظم اإلنتاج المعرفية ،نظم التسويق المعرفية ،نظم
التمويل المعرفية ،نظم الكوادر البشرية العاملة في مجال المعرفة.)....
146
إ ن هذه النظم المعرفية أدت إلى نشوء اقتصاد جديد قائم على الوعي اإلدراكي وامتالك زمام صنع
المستقبل.
إن تنمية اقتصاد مبني على المعرفة ،بات يفرض مجموعة من المتغيرات في طبيعة تنظيم السوق في
إطار محيط اقتصادي متعدد ومتميز أساسًا بمنافسة قوية ،فاتباع سياسة إعادة الهيكلة من أجل الدفع
بالقوة التنافسية جعل كثي اًر من المؤس سات االقتصادية تتبع بعض اإلجراءات رغم سلبيتها االجتماعية
كالتقليص في حجم اليد العاملة ونسبتها .ودفعت التغيرات إلى:
-٢انتقال النشاط االقتصادي من إنتاج السلع إلى إنتاج الخدمات المبنية على المعرفة
لقد أصبح االقتصاد المعرفي الجديد واقعًا حيًا ملموسًا ،وان كان يبدو للبعض أنه مازال تحت التكوين
والتشكيل ،وأن هذا االقتصاد ينمو بمعدالت سريعة ويتفوق على االقتصادات األخرى كافة ،وبشكل غير
مسبوق سواء من الناحية الكمية المحسوسة أم من الناحية النوعية الملموسة السيما في الدول المتقدمة،
أما في الدول األخرى ،فإن قصور الرؤية المستقبلية حول االقتصاد المعرفي وآلياته وأهميته يؤثر في
مدى استفادتها من االقتصاد الجديد ،رغم أن االقتصاد المعرفي يحقق الفوائد اآلتية:
143
وأخي اًر البد من القول :إن المعرفة مصدر رئيس للقوة في الحاضر ،وكذلك في المستقبل إن لم تكن هي
المصدر األهم في المستقبل ،ومن ثم فإنها محور صناعات المستقبل ،وسوف يحرص الجميع على
الحصول عليها.
-0تعريف العمل المعرفي :العمل المعرفي هو العمل الذي يتطلب مهارات إدراكية cognitive skills
التي يتم استخدامها لتحديد المشكالت وحلها ،ومعالجة المعلومة بطريقة خالقة إلضافة قيمة إلى
المنظمة.
-4عمال المعرفة :لقد ظهر مفهوم منشئي المعرفة ،knowledge workersأي أولئك العمال الذين
يشاركون بفعالية أكبر في االقتصاد القائم على المعرفة ،على أساس أن كفاءاتهم تعكس بقوة الديناميكيات
الناشئة من التغير التكنولوجي والعولمة.
ال من
عامل المعرفة هو الشخص الذي يكون عمله باألساس فكريًا ،إبداعيًا وغير روتيني ،والذي يشمل ك ً
استخدام المعارف وانشائها.
يتميز اقتصاد المعرفة بزيادة الطلب على العمال المهرة في سوق العمل ،وهذا ما أدى إلى ارتفاع
األجور .وقد بين العديد من األبحاث أنه كلما زاد االعتماد على وسائل اإلنتاج التي تعتمد على المعرفة
بكثرة كتكنولوجيات اإلعالم واالتصال ،زاد الطلب على العمال المهرة ذوي ال كفاءة ،وكذلك فإن العمال
الذين يستخدمون التقنيات المتطورة ،أو يعملون في شركات تعتمد على التكنولوجيا المتطورة ،فإنهم
يتحصلون على رواتب مرتفعة .وفي بعض األحيان ،فإن إدخال التكنولوجيا يحسن من طرق اإلنتاج،
ويوفر في التكاليف ،وبالتالي يحسن من إنتاجية المؤسسات ،وهذه اإلنتاجية تقلص من العمالة في
المؤسسات الصناعية ،ولكنها تشجع العمالة التي تزود هذه المؤسسات بهذه التكنولوجيات (قطاع
تكنولوجيات اإلعالم واالتصال).
إن إدخال التكنولوجيا في الصناعات سوف يعمل على تغيير العمل في بعض القطاعات ،وقد تكون
هناك أنشطة يمكن نقلها للخارج من أجل تخفيض التكاليف ،حيث ظهر ما يسمى العمل عن بعد ،ومن
أمثلة ذلك المبرمجون ،وسوف يتأثر األفراد به أكثر من الشركات.
145
-3العمل عن بعد :Teleworkمن أبرز مميزات التطور التكنولوجي ظهور ما يسمى بالعمل عن بعد،
حيث يعرف على أنه عمل عن بعد يعتمد على تكنولوجيات اإلعالم واالتصال ،ويمكن أن يكون مكان
العمل المكتب المنزلي ،أو أثناء السفر أو في أي مكان آخر ،وله خصوصيات حيث أن وقت عمله غير
محدد ،أي أن له مهمة عليه القيام بها في مدة زمنية معينة ،ويتميز بنوع خاص من العالقة التعاقدية مع
صاحب العمل.
أثبتت دراسة لـ ( UNCTADمؤتمر األمم المتحدة للتجارة والتنمية) أن إدخال تكنولوجيات اإلعالم
واالتصال يحسن من إنتاجية المؤسسات ،وكذلك يدخل تغييرات على الهيكل التنظيمي وهذا ال يتأتى إال
نتيجة للتفاعل مع تطورات المحيط .إن تكنولوجيات اإلعالم واالتصال تسمح بتقليص تكاليف المعامالت،
وتخلق توازنًا أفضل بين العرض والطلب ،وهو ما يحفز نمو أسواق جديدة .وهذا االنخفاض في التكاليف
يسمح بزيادة األموال الموجهة لالستثمار ،مما يسمح بخلق مؤسسات أكثر ،وهذا ما يساعد في توظيف
أكبر لليد العاملة ،وهي كذلك تسمح ببروز فرص اقتصادية جديدة عن طريق تسهيل تنويع السلع
والمنتجات المصدرة.
يقوم اقتصاد المعرفة بدور مهم في خلق المؤسسات القائمة على المعرفة وعلى التكنولوجيات الحديثة
لإلعالم واالتصال وتطويرها:
-0إنشاء البنى التحتية لتفعيل تشارك المعرفة :إن وجود بنية تحتية فعالة يسمح للباحثين والمسيرين
والمواطنين بإمكانية إنشاء وتشارك المعارف بسرعة أكبر ،واالستغالل األمثل لجميع هذه المعارف في
وقتها الفعلي من أجل تحقيق التنمية المستدامة والنمو االقتصادي .فوتيرة تطوير البنية التحتية الالزمة
لبناء االقتصاد الرقمي والمعرفي مرتبطة أساسًا بالسرعة التي يتم بها تطوير البنية التحتية لالتصاالت.
فمن قبل ،كان االحتفاظ بالمعارف فقط على مستوى الجامعات ومعاهد البحث ،ولكن مع تطور
تكنولوجيات اإلعالم واالتصال أصبح الوضع أكثر تعقيدًا ،فباإلضافة إلى توفيرها لوسائل تسهيل عمليات
اإلبداع والممارسات التنظيمية ،فإن هذه التكنولوجيات تعمل على توفير نماذج جديدة من المعارف،
وكذلك خلق نماذج جديدة للتفكير.
149
-4التكنولوجيات الحديثة واإلنتاجية :ركزت العديد من الدراسات المتعلقة باقتصاد المعرفة على العالقة
بين التكنولوجيا وانتاجية العمل ،حيث أن أهم الدراسات التي تطرقت إلى هذه العالقة كانت بسبب
االرتفاع النوعي في االستثمارات الموجهة للمعلومات خاصة في قطاع الخدمات ،وقد تطرق الباحث
) (Sitroh, 2002إلى دراسة العالقة ما بين قيمة االستثمارات في مجال تكنولوجيات اإلعالم واالتصال
ونمو إنتاجية العمل في الصناعات التحويلية األمريكية بين عامي 3971و ،3999حيث توصل إلى
وجود عالقة إيجابية بين االستثمار في تكنولوجيا المعلومات ونمو اإلنتاجية ،إذ إن هذه المؤسسات
استثمرت بكثافة في معظم تكنولوجيات المعلومات في أواخر 3981و ،3991وهو ما مكنها من تحقيق
أرباح معتبرة في أواخر.3991
فالنظرية االقتصادية التقليدية تعتبر أن النمو االقتصادي هو نتيجة لعوامل النمو المتمثلة في إنتاجية
العمل ونمو عرض العمل ،فتحقيق النمو في إنتاجية العمل مرتبط أساسًا بالنمو في المدخالت اإلنتاجية،
مثل كثافة رأس المال ونوعية العمل ،فكثير من منظري اقتصاد المعرفة يعتبرون أن االستثمار في
التكنولوجيات الحديثة من شأنه أن يسهم في تحقيق النمو من خالل خلق مصادر ربح جديدة في شكل
عوائد اقتصادية ،وبالتالي فإن هذه التكنولوجيات أسهمت كثي ًار في تحقيق أهداف المنظمات المعاصرة
والمتمثلة في تلبية االحتياجات المتزايدة ألكبر عدد ممكن من العمالء بأقل التكاليف الممكنة.
ينظر إلى هذا األمر النظرة التطبيقية البحتة ،أي بعد أن تجلي المعرفة من خالل المعارف الصريحة،
ومن خالل تبلورها الكامل في أحد أهم تطبيقات اقتصاد المعرفة ،التجارة اإللكترونية ،وبالتالي فإن البنية
التحتية القتصاد المعرفة تت جلى بشكل أساس بما يحتاجه هذا االقتصاد من عناصر مادية وغير مادية
تؤدي بشكل أو بآخر إلى فعالية هذا االقتصاد .وأكثر ما يحتاجه هذا االقتصاد من البنى التحتية في
الفترة الراهنة هو ما يتعلق بالبنى التحتية لشبكة اإلنترنت الدولية ،ويحلو لبعضهم تسمية اقتصاد المعرفة
باقتصاد اإلنترنت كما سبق وذكرنا ،وذلك بالنظر إلى أن اإلنترنت هو روح هذا االقتصاد والمحرك
األساس له.
-٧البنى التحتية لشبكة اإلنترنت (الشركات المصنعة لتجهيزات االتصاالت والحواسيب والخدمات)..
172
-٢البنى التحتية للتطبيقات والبرمجيات.
- ٩التسويق والوسطاء ،الشركات التي تسهل تالقي البائع والمشتري عبر الويب.
كان رأس المال يشتري المعرفة العلمية ويوظفها في خدمة خطوط إنتاجه الكثيفة في المراحل السابقة
جميعها بدءًا من الثورة الصناعية .أما اليوم فإن المعرفة العلمية أو بعبارة أخرى (المعلومات) تحولت إلى
مصدر من مصادر الثروة ،ولعله سيكون أحد أهم مصادرها في القرن الحادي والعشرين ،فقد ظهرت في
النصف الثاني من القرن العشرين مجموعة من أقوى الشركات العالمية لم تستند في قوتها إلى أرصدتها
المالية أو إلى موجوداتها المادية من بناء أو تجهيزات أو آالت ،بل استندت إلى الكفاءة التنظيمية لدى
اإلدارة ومجموعة العالقات والصالت والتطوير المستمر واإلبداع والطرح المستمر لمبادرات جديدة.
وكان أوضح مثال على هذا النموذج الجديد من شركات المستقبل :شركة مايكروسوفت ومؤسسها بيل
غيتس الذي كان مبرمجًا متواضعًا في إمكاناته المادية ،ولكنه يمتلك اإلبداع والقدرة على اإلدارة ،وبذلك
استطاع أن ينتقل إلى مرتبة أغنى رجل في العالم ،وتقدر ثروته اليوم بمئة مليار دوالر.
غير أن مايكروسوفت ليست الوحيدة فهناك ،eBIوشركة gCCفي أمريكا ،و Brllفي فرنسا ،وهناك
صناعة برمجية م همة في الهند استطاعت أن تحصل على عقود تجاوزت خمسة مليارات دوالر في مجال
المساعدة في تصحيح برمجيات الشركات الغربية لتتالءم مع العام الحالي ،وهناك بداية طيبة لصناعة
البرمجيات العربية في مصر تجاوزت وارداتها ثالثمئة مليون دوالر .وكل هذه األعمال اعتمدت أساسًا
على رأس مال وحيد :إنه اإلنسان بخبرته ومعرفته وعلمه.
إن تحدي المعرفة يمثل جوهر عصر المعلومات ،وفي عصر المعلومات والمعرفة يشكل الكتاب وبنوك
المعلومات بأشكالها التقليدية الورقية واإللكترونية المنهل األساس للتعامل مع المعلومات والمعارف
وتناقلها.
171
فالعولمة تعتمد على االنفتاح التجاري والثقافي العالمي ،واعتماداً على اإلنترنت واالتصاالت بشكل
خاص ،ولكن تحديات العولمة يكمن في بناء الوسائل االقتصادية والثقافية التي تساعد في مواجهة
تأثيرات العولمة من جهة ،وفي امتالك الوسائل والعلوم والخبرات التي تساعدنا في النجاح وتحقيق
الفاعلية في التعامل بوسائل وتكنولوجيا المعلومات واالتصاالت ،وكل المفاهيم والوسائل الحديثة الفاعلة
في عصر العولمة والمعلومات.
يشهد االقتصاد اليوم تغي ًار عميقًا حيث اقتصاد العصر الصناعي egorrbwoal dnoيتراجع بوتيرة
متسارعة لصالح اقتصاد عصر اإلنترنت .egbowgob dno enegewIومثلما أحدث التحول من العهد
الزراعي إلى العهد الصناعي تغيرات جوهرية في أساليب تنظيم النشاط االقتصادي وادارته ،فإن التحول
إلى عصر اإلنترنت كفيل تمامًا بتغيير وتحقيق أحداث جديدة .هذا التغير سوق يؤثر على المصالح
التجارية ومؤسسات األعمال التي يتعين عليها أن تستوعبه ،واألهم من ذلك أن تستثمره.
إ ن القرن الحادي والعشرين هو بحق عصر االقتصاد الرقمي ،Digibal Economyأو عصر اقتصاد
اإلنترنت ،egbowgob enegewIأو اقتصاد ثورة تكنولوجيا المعلومات.egdewwaboeg oonagelenI
إن اقتصاد المعرفة ليس مبنيًا على القاعدة المعرفية فقط ،ولكنه اقتصاد يتجاوب بالدرجة األولى مع
المتطلبات والمتغيرات في السوق العالمية ،لذا فإنه يتكون من رزمة عناصر أساسية متكاملة ومترابطة
أبرزها:
-١قوة بشرية مؤيدة :المجتمع هو أكبر قاعدة لدعم اقتصاد المعرفة ،فهو المستهلك لهذه المعرفة ،وهو
المستفيد من ثمراتها ،ولذلك كلما كان تأكيد المجتمع على هذه الفوائد واستحسانه لنتائجها كان مردودها
إيجابيًا من ناحية التقدم واإلبداع والتطور.
-٢وجود مجتمع تعلم :أي إن توافر ذلك المجتمع يعد أفضل البيئات لنمو اقتصاد المعرفة ،فعلى األفراد
مسؤولية التطوير واإلبداع والتقدم ،واذا لم تتهيأ للشباب فرص التعلم فإن اقتصاد المعرفة سيبقى متأخ ًار
عن التطور المرجو.
172
-٣توافر منظومة فاعلة للبحث والتطوير :إن توافر هذه المنظومة المتقدمة يشكل أحد المتطلبات
الضرورية القتصاد المعرفة ،ألنه بغيرها يعني غياب التخطيط والتوجيه والتقويم والتطوير.
-٤تهيئة عمال معرفة وصناعها :أن يكون لديهم معرفة وقدرة على التساؤل والربط واالبتكار في
المجال المعرفي.
-٥إيجاد الربط اإللكتروني الواسع :إن المعرفة تحتاج إلى وسائل انتقال ،وان بروز مفهوم اقتصاد
المعرفة ارتبط وجوده باإلنترنت وسهولة االتصال والوصول إليه ،فإذا تحقق كل ذلك تحققت أولى
الخطوات نحو تنفيذ متطلبات اقتصاد المعرفة.
-١تأخذ المعرفة مصداقي ًة أكبر وتعدداً أوثق بالتواصل مع اآلخرين في أنحاء العالم لنشر ثقافة مجتمع
التعلم فك اًر وتطبيقاً في المؤسسات المجتمعية المختلفة ،ألن المعرفة في كنهها هي تفاعل المعلومات
واستخدامها وتنميتها وتأصيلها.
تصنيف المعرفة:
تعمل تكنولوجيا المعلومات eoمؤخ ًار على تصنيف المعرفة وتحويلها إلى سلع تؤثر بشكل مباشر في
عالم االقتصاد والمال على الشكل التالي:
-0معرفة المعلومة :أو معرفة ماذا ،rger raabوتشتمل على معرفة الحقائق ،وهي أقرب إلى معرفة
المعلومات التقليدية كمعرفة الحقائق الطبية من قبل الطبيب ،أو معرفة القوانين والشرائع من قبل المحامي
وهكذا.
-4معرفة العلة :أو معرفة لماذا ،rger raIوتشتمل على معرفة األسباب وراء الظواهر الطبيعية
واستثمارها لخدمة اإلنسان ،وتكمن هذه المعرفة وراء التقدم العلمي والتكنولوجي والصناعي.
-3معرفة الكيفية :أو معرفة كيف ،rger aerوتشير هذه المعرفة إلى الخبرة في تنفيذ األشياء سواء
كانت إدارة الكادر البشري أم تشغيل األجهزة واآلالت ،أم استخدامات التكنولوجيا المختلفة ،وعادةً ما تكون
هذه المعرفة حك ًار على الشركات والمؤسسات (سر الصنعة) ،ويحتاج الحصول عليها إلى آليات مختلفة
ومعقدة ومكلفة.
173
-2معرفة التقنية :أو معرفة من ،rger raeأي من يستطيع تنفيذ العمل ،وهذه المعرفة تزداد أهمية
يومًا بعد يوم ،من أجل معرفة من يستطيع انجاز العمل بدقة وسرعة وبأقل التكاليف.
الوصول إلى مرحلة التحكم بهذه األنواع األربعة من المعرفة يتم عبر طرق مختلفة ،فمعرفة المعلومة
ومعرفة العلة يمكن الحصول عليهما من المراجع والمكتبات والمؤسسات التعليمية والتدريبية ومن قواعد
المعلومات ،أما النوعان اآلخران فال يمكن الحصول عليهما إال بالخبرة والممارسة.
إن عملية تصنيف المعرفة وتخزينها رقميًا ونقلها عبر الشبكات الرقمية العالمية يجعلها تلعب دو ًار فعاالً
للغاية في مجال التنمية االقتصادية والثقافية واألمنية ،وهذا ما يجعلنا أقرب من مجتمع المعلومات.
كما أن توفير المعرفة وتحويلها إلى معلومات يجعل من تكنولوجيا المعلومات eoأداة فاعلة من أجل
وضعها في متناول الجميع ،السيما وأن شبكات المعلومات مثل اإلنترنت وغيرها تقرب المسافات
وتختصر الزمن وتقلل الك لفة ،وبالتالي تؤثر في االقتصاد العالمي الذي يتحول بدوره إلى اقتصاد المعرفة.
تعتمد قدرة أي بلد في االستفادة من اقتصاد المعرفة على مدى السرعة التي يمكن من خاللها أن يتحول
إلى اقتصاد تعليمي ،والتعليم ال يعني فقط استخدام التكنولوجيا الحديثة للوصول إلى المعرفة الشاملة،
وانما استخدامها لالتصال مع اآلخرين أيضًا من أجل اإلبداع ،وقد عدد الباحثون مجموعة فوائد القتصاد
المعرفة منها:
.٧االقتصاد المعرفي يدعم مرحلة الطفولة المبكرة نظ اًر للتأثير القوي واالستعداد للتعلم منذ بداية العمر،
فينجم عنه تحسين نجاح المتعلمين خالل مراحل التعليم.
من بين األسباب التي أدت إلى استمرار النمو في الدول المتقدمة:
تطور نظامها التعليمي كمًا ونوعاً ،والذي تضمن القضاء على األمية ،وزيادة نسبة االلتحاق بالتعليم في
مراحله كافة ،وتوفير متطلبات االرتفاع بنوعية هذا التعليم وربطه بدرجة أكبر بالمجاالت العملية وبواقع
ممارسة النشاطات وبالذات اإلنتاجية منها السلعية والخدمية .وهو األمر الذي أسهم من خالله في إتاحة
المعرفة العلمية والعملية للجهات المختلفة وبالذات جهات العمل ،وكذلك مؤسسات البحث العلمي
والتطوير التكنولوجي.
تطور مواردها البشرية وبالذات في جانبها النوعي ،بتوفير معارف ومهارات وخبرات وقدرات بشرية عالية
المستوى يتاح بتوفيرها القدرة على توليد مضامين اقتصاد المعرفة ومعطياته بكفاءة عالية وفاعلية.
تطور النشاطات االقتصادية وتنوعها ،والحجوم الكبيرة للمشاريع والشركات واستخدامها ألساليب ووسائل
وتقنيات متطورة وامتالكها إلمكانات ضخمة .وال تتوقف هذه النشاطات االقتصادية عن الطلب الواسع
والمستمر للتقنيات المتقدمة التي يتضمنها اقتصاد المعرفة ،والذي يحفز على التوسع في توليدها.
توفر البنية التحتية ،وبالذات ما يتصل منها بالتقنيات المتقدمة كثيفة االستخدام للعلم والمعرفة ،وبالشكل
الذي يوفر األساس لتوليد هذه التقنيات واستخدامها بكفاءة وفاعلية.
توفر البيئة والمناخ االجتماعي المالئم الذي يحفز على البحث العلمي والتطوير التكنولوجي من خالل
الحوافز المادية والمعنوية.
177
اقتصاد المعرفة في الدول النامية:
من بين األسباب التي أدت إلى ضعف قدرة اقتصاديات الدول النامية على االنتفاع من مضامين اقتصاد
المعرفة:
تمتاز بالضعف الكمي والنوعي للتعليم ،وتركيزها على الجوانب التطبيقية ،واالختالل في نظام التعليم
لصالح ا لمناطق الحضرية وعلى حساب المناطق الريفية بالشكل الذي ال يسهم من خالله التعليم في
توفير المعرفة العملية.
ضعف قدرتها على توليد مضامين اقتصاد المعرفة ومعطياته بسبب ضعف مواردها البشرية وبالذات في
جانبها النوعي ،خاص ًة وأن اإلسهام في هذا الجانب يتطلب موارد بشرية عالية المستوى ومتخصصة،
وتتسم بالذكاء والفاعلية والقدرة على اإلبداع واالبتكار والتجديد.
محدودية نشاطاتها االقتصادية وضعف اإلمكانات البشرية والفنية والمادية المتاحة لدى الجهات المختصة
التي تتولى القيام بها ،واتباعها في الغالب أساليب ووسائل غير متطورة ال تتناسب مع معطيات اقتصاد
المعرفة ومضامينه.
تحم ل كلف مرتفعة في استخدام التقنيات المتقدمة في الدول النامية إذا تم األخذ بالحسبان محدودية
الموارد والدخول في هذه الدول ،دون أن يقابل ذلك تحقق عائد ونفع أو مردود يوازي ويغطي التكاليف
المرتفعة التي يتحملها الفرد والمجتمع.
ضعف إمكانات البحث والتطوير العلمي والتكنولوجي فيها ،والتي تتصل بقدرات البحث األساسي منه
والتطبيقي بالذات نتيجة ضعف االهتمام بالبحوث العلمية والتكنولوجية النظرية منها والعملية وضعف
اإلنفاق عليها ،وضعف النسبة من هذا اإلنفاق عليها إلى إجمالي اإلنفاق فيها أو إلى ناتجها القومي،
وكذلك ضعف درجة توفر العلماء والباحثين وبالذات الذين تتوفر لديهم المعارف والخبرات العملية ،إضافة
إلى المعارف العملية وضعف توفر المؤسسات التي تقوم بذلك.
ضعف درجة توفر البنية التحتية في الدول النامية التي تسهم في توليد مضامين االقتصاد المعرفي
ومعطياته ،كا الفتقار إلى العدد الكافي من أجهزة الحاسوب ووسائل االتصال وخدمات اإلنترنت.
176
عدم توفر البيئة االجتماعية المناسبة والمشجعة لتوليد التقنيات المتقدمة واستخدامها بكفاءة نظ اًر لضعف
الحوافز االجتماعية وضعف التقدير واالعتبار االجتماعي.
إن كل ما سبق يجعل استفادة الدول النامية من مضامين اقتصاد المعرفة ومعطياته محدودة ،والتي ال
تتناسب والكلف العالية التي تتحملها في استخدام بعضها ،وذلك نتيجة ضعف قدرتها على اإلسهام في
توليدها أي عرضها ،وضعف قدرتها على توليد الطلب الذي يسهم بتوليد العرض ،وبالتالي إعاقة انتفاعها
منها بما يحقق نموها وتطورها.
إن أعظم المهام األساسية للمعرفة هي إحداث عملية تنمية بشرية حقيقية تبدأ من عملية التربية والتعليم
والبحث ،وهي عوامل للنمو في كل الدول مهما كان مستواها في التطور التكنولوجي.
إعادة هيكلة مؤسسات البحث والتجريب جنبًا إلى جنب مع مؤسسات التعليم.
اإلسهام في تدعيم العقل البنائي الواعي من خالل عمليات التعلم الذاتي والتحاور عبر اللغات والقوميات
واألمم.
تنمية قدرات التشغيل الذاتي عبر وسائل االتصال وتكنولوجيا المعلومات ،بل تحرير السوق الدولي ذاته.
يلعب التعليم دو ًار أساسياً في التنمية االقتصادية لكل دول العالم دون استثناء ،إنه مفتاح االرتقاء بجودة
السلع والخدمات وتحسين اإلنتاجية ،إنه السبيل نحو رفع مستويات التوظيف وبناء قوى ذات نوعية
173
مرتفعة ،كما أنه السبيل نحو مستويات معيشية أفضل ،لذلك ليس من المبالغة القول بأن قدر األمم في
المستقبل يصنع اآلن داخل الصفوف التعليمية.
وعلى الرغم من أن عملية التحول إلى اقتصاد مبني على المعرفة تعني المزيد من الفرص في التوظيف،
فإن المشكلة األساسية تتمثل في أن هذه الوظائف تحتاج إلى مهارات وخبرات عالية ،وعلى المؤسسات
في االقتصاد المبني على المعرفة تحويل نفسها إلى منظمات تعمل على تحسين عملية تراكم وتنمية
عمال المعرفة ( ،)knowledge workersوعلى العمال االرتقاء بمهارتهم وتوسيعها من خالل نظم
التعليم الرسمية وغير الرسمية.
تعد البنية التحتية للمعلومات واالتصاالت لبلد ما العامل األهم في تحديد قدرته على االنتقال إلى
االقتصاد المبني على المعرفة ،وتشكل كثافة الخطوط الهاتفية الثابتة والنقالة وانتشار الحواسيب الشخصية
ومدى استخدام اإلنترنت أبرز أدوات المعرفة حالياً .وتدل اإلحصائيات على أن أكثر من % 11من
الناتج المحلي اإلجمالي في الدول المتقدمة مبني على المعرفة.
إن اقتصاد المعرفة ومعطياته وما يرتبط به من تقنيات متقدمة ووسائل وأساليب متطورة يؤدي إلى إف ارزات
متنوعة ومتعددة ومتزايدة وبسرعة فائقة تؤثر على االقتصاد بمتغيراته ونشاطاته وقطاعاته .وسنحاول
التركيز على أهم أبرز جوانب االقتصاد ،والتي من أهمها الجوانب ذات الصلة باإلنتاج واإلنتاجية
واالستثمار وتكوين رأس المال والعمل.
إن اقتصاد المعرفة وما يتضمنه من ثروة في المعلومات واالتصاالت وتقنياتها المتقدمة والتقنيات المتقدمة
األخرى في مجاالت عديدة ومتنوعة تسهم بشكل واضح وبدرجة كبيرة في تحقيق زيادة اإلنتاجية وفي
اإلنتاج من خالل ما يلي:
175
إن مضامين اقتصاد المعرفة تتيح تنوع النشاطات االقتصادية بدرجة كبيرة ،واعتمادًا على التقنيات
المتطورة وبالشكل الذي يسمح بزيادة اإلنتاج ،حيث يتسع اإلنتاج المعرفي المتصل بثروة المعلومات
واالتصاالت ،والوسائل والبرمجيات والتقنيات المرتبطة بهما ،وبحيث يصبح هذا اإلنتاج المتصل بالتقنيات
هذه جزءًا مهمًا ومتزايدًا من اإلنتاج ككل.
بروز سلع ومنتجات جديدة غير ملموسة ،أي غير مادية تمثلها المنتجات المعرفية غير المادية المرتبطة
باألفكار والبرامج والتصميمات ،ومنتجات الوسائل المتعددة والمشتقات المالية ،والتي يمكن أن تستخدم
استخدامات وسطية ونهائية ،وبالشكل الذي يحقق زيادة مهمة في اإلنتاج من خاللها.
ظهرت تقنيات جديدة متقدمة في مجاالت التكنولوجيا الحيوية ،والهندسة الوراثية ،والتقنيات الصيدالنية
والكيماوية والطبية ،ومجاالت الفضاء والطاقة البديلة وغيرها ،مما سمح القتصاد المعرفة أن يقوم
بنشاطات جديدة متنوعة وواسعة ترتبط بهذه التقنيات الجديدة وبما يسهم في زيادة اإلنتاج.
إن التقنيات الجديدة تتيح زيادة االستثمار الذي يتضمن استخدام هذه التقنيات في مجال عمل النشاطات
االقتصادية ،وبالشكل الذي يتم من خالله توسيع القدرة اإلنتاجية وزيادة اإلنتاج ،وكذلك تجديد النشاطات
هذه ،وبالشكل الذي يؤدي إلى زيادة إنتاجيتها وانتاجها.
إن التقنيات الجديدة التي يتضمنها اقتصاد المعرفة ،وبالذات ما يتصل منها بالمعلومات واالتصاالت
وتقنياتها تؤدي إلى ضمان حسن استخدام الموارد والقدرات اإلنتاجية المتاحة من خالل توفير القدرات
ال أكبر وأكفأ للطاقات اإلنتاجية وبما يقود إلى زيادة
البشرية واإلدارية المتطورة ،وبما يحقق استغال ً
إنتاجياتها وزيادة اإلنتاج.
االستثمار يعني استخدام المدخرات النقدية والعينية لتكوين أصول رأسمالية تستخدم في إنتاج السلع
والخدمات ،وهذه األصول ال أرسمالية لم تعد مجرد موجودات ثابتة فقط أي مادية ،وانما امتدت في اقتصاد
المعرفة لتضمن في االستثمار المعرفة من أجل تكوين رأس المال المعرفي إلنتاج منتجات معرفية ،وهي
في جزء مهم منها منتجات غير مادية كالبرامج والتصاميم وغيرها ،والتي تتصل بمضامين اقتصاد
المعرفة .وهو األمر الذي أدى إلى تحول هيكلي في تكوين رأس المال ،بحيث أصبح يتضمن إضافة إلى
االستثمار المادي والملموس لتكوين الموجودات الرأسمالية الثابتة آالت وتجهيزات وغيرها ،قد اًر مهمًا من
179
االستثمار غير المادي وغير الملموس لتكوين أصول رأسمالية غير مادية وغير ملموسة تسهم في توسيع
اإلنتاج وزيادة اإلنتاجية ،ومن ثم زيادة اإلنتاج واإلسهام في تحقيق نمو أكبر لالقتصاد.
من المعلوم أن االستثمار يسهم في زيادة الطاقة اإلنتاجية لالقتصاد من خالل األصول الرأسمالية الجديدة
التي يضيفها االستثمار إلى الخزين الرأسمالي لالقتصاد ،وبالشكل الذي يتيح التوسع في اإلنتاج ونموه.
ومما الشك فيه أن المجاالت التي تمثلها التقنيات المتقدمة التي يتضمنها اقتصاد المعرفة تتيح القيام
باستثمارات جديدة من خالل استخدام هذه التقنيات الجديدة في القيام بالنشاطات االقتصادية وتوسيعها،
وبالشكل الذي يحقق زيادة اإلنتاج ونمو االقتصاد .كما أن االستثمار يسهم في تجديد الطاقة اإلنتاجية
بإحالل أصول رأسمالية محل األصول الرأسمالية التي تتعرض لالندثار نتيجة استخدامها وارتباطًا بعمرها
اإلنتاجي من ناحية ،وكفاءة استخدامها من ناحية أخرى ،وكذلك التي تتعرض لالندثار نتيجة تقادمها
الزمني .واألهم في اقتصاد المعرفة هو االستثمار الذي يتم من خالله التعويض عن األصول الرأسمالية
بإحالل أصول رأسمالية أحدث وأكثر تقدماً وتطو اًر.
إن االستثمار دالة للربح ،أي أن الربح يعتمد على االستثمار ،وأن الربح دالة على التقدم التكنولوجي،
ولذلك فإن التقنيات ال متقدمة تحفز على االستثمار وبالذات في المجاالت المعرفية ،والتي يتم من خاللها
تكوين رأس مال معرفي يسهم في تحقيق أرباح مرتفعة ،ومن خالل توسيع النشاطات التي سيستخدم فيها
رأس المال المعرفي ،سيتحقق إنتاج منتجات معرفية تحقق األرباح المرتفعة هذه.
أفرز اقتصاد المعرفة وما يتضمنه من وسائل وأساليب وتقنيات متقدمة العديد من المضامين واآلثار على
العمل ،ويتمثل هذا في الجوانب التالية:
إن التكنولوجيا عامة والمتقدمة منها خاصة أدت وتؤدي إلى تقليل الجهد العضلي وبدرجة كبيرة وتقليل
ساعات العمل وتوفير وقت فراغ وراحة أكبر.
أدى استخدام التقنيات المتقدمة إلى إحالل العمل الفكري والعقلي محل العمل العضلي وبدرجة كبيرة.
التقنيات المتقدمة واألساليب والوسائل التي ترافق استخدامها في إطار اقتصاد المعرفة أدت إلى تغيير
العالقة بين العامل وصاحب العمل والعمل الذي يؤديه ،بحيث برزت أنماط جديدة لممارسة العمل.
162
ارتفاع دخول العاملين الذين ي تاح لهم العمل في النشاطات التي يتم استخدام التقنيات واألساليب المتقدمة
فيها.
نظ ًار الرتباط أداء العمل فيه بمستوى معارف ومهارات أعلى ،وحصولهم على دخول أعلى ارتباطًا
بمستويات معارفهم ومهاراتهم األعلى ،وهو األمر الذي يحفز على تطويرها ،وبذلك تزداد معارف العاملين
ومهاراتهم وتتطور بشكل مستمر ،وما يرافقه من زيادة مستويات معيشتهم وتحسينها.
تتيح مضامين اقتصاد المعرفة والتقنيات واألساليب التي تستخدم في إطاره زيادة إنتاجية العامل وزيادة
دخله وتحسين مستويات حياته ،ويتيح التطور والتجديد والتنويع في النشاطات االقتصادية -وبالذات ما
يرتبط منها بالتقنيات المتقدمة -الفرصة واإلمكانية لالنتقال المهني والمهاراتي ،بحيث يتم االنتقال من
ال.
المهارات األدنى إنتاجيةً ودخالً إلى المهن والمهارات األعلى إنتاجية ودخ ً
إ ن االنتقال من اقتصاد الصناعة القائم على الماديات إلى اقتصاد المعرفة القائم على النقيض الالمادي،
يحمل في طياته نقالت نوعية حادة للغاية تبلغ من شدة حدتها درجة التضاد التام في كثير من األحوال،
و"كفاتح للشهية" نورد تاليًا أمثلة ثالثة لهذا التضاد تاركين أمر تفاصيلها ،هي وغيرها ،لما يتضمنه السرد
في الفقرات التالية:
بينما تنضب الموارد المادية مع استهالكها تنمو الموارد المعرفية كلما زاد استهالكها.
تزيد قيمة المنتج المادي مع الندرة وقلة الطلب ،في حين تزداد قيمة المنتج المعرفي مع وفرته وشيوع
استخدامه.
باختصار شديد ،إن اقتصاد المعرفة أو االقتصاد الجديد هو االقتصاد المعتمد على المعرفة،
حيث تحقق المعرفة الجزء األعظم من القيمة المضافة ،ومفتاح المعرفة هو اإلبداع والتكنولوجيا ،بمعنى
أن االقتصاد يحتاج إلى المعرفة ،وكلما زادت كثافة المعرفة في مكونات العملية اإلنتاجية زاد النمو
االقتصادي.
161
المصادر والمراجع المستخدمة في الوحدة التاسعة
-طالل محرز إسماعيل ،مجتمع المعرفة ،مركز الدراسات اإلستراتيجية ،دمشق ،سورية..131 ،
-جمال داوود سلمان ،اقتصاد المعرفة ،دار اليازوري ،عمان ،األردن..119 ،
-محمد جبار طاهر الشمري ،دور اقتصاد المعرفة في تحقيق النمو االقتصادي ،رسالة ماجستير،
جامعة الكوفة..111،
-هديل عزيز دراز ،المعلومات والمعرفة ودورها في التنمية االقتصادية( ،د ن)( ،د م ن)( ،د ت).
-ربحي مصطفى عليان ،اقتصاد المعلومات ،دار الصفاء للنشر والتوزيع ،عمان ،األردن- .119 ،
..131
-سلوى بدري البخيتان ،اقتصاديات المعرفة كمفهوم جديد في ظل تكنولوجيا المعلومات ،منشورات
جامعة دمشق.4119 ،
-فليح حسن خلف ،اقتصاد المعرفة ،الطبعة األولى ،جدار للكتاب العلمي ،عمان ،األردن..117 ،
-أحمد عبد الونيس ،مدحت أيوب ،اقتصاد المعرفة ،مركز دراسات وبحوث الدول النامية ،القاهرة،
..116
-يوسف أحمد إبراهيم ،التعليم وتنمية الموارد البشرية في ظل االقتصاد المبني على المعرفة ،مركز
اإلمارات للدراسات والبحوث اإلسترتيجية..113 ،
-عماد عبد الوهاب صباغ ،علم المعلومات ،دار الثقافة للنشر والتوزيع ،عمان ،األردن.0998 ،
162
-Extrait de ph, Aghion et E,Cohen, Education et croissance, Rapport de CAE,
la documentation françiase, pp. 19,20
المعرفة هي:
163
الوحدة العاشرة :إشكاليات اقتصاد المعرفة وتحدياته
-براءات االختراع
-المنشورات العلمية
العولمة
164
-تكريس ثقافة االستهالك
-إفالس الشركات
-إشكاليات القياس
-الكساد المعلوماتي
-الفجوة الرقمية
خامساً -انحياز تكنولوجيا المعلومات اقتصادياً لمصلحة القوي على حساب الضعيف
167
ملخص الوحدة العاشرة:
القتصاد المعرفة مستلزمات أساسية مثل العمل على خلق رأس المال البشري وتطويره بنوعية عالية ،وله
حوامل أساسية يمكن التعبير عنها بمؤشرات مثل مؤشرات العلم والتكنولوجيا ،الموارد البشرية ،نشر
تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت والعولمة .يجب أن تتسم إدارة اقتصاد المعرفة بالقدرة على تركيز
الجهود إليجاد األدوات واآلليات الالزمة إلحداث تغيرات في التكلفة ورفع الكفاءة واإلنتاجية ،وفي الوقت
ذاته تفجير طاقات اإلبداع واالبتكار لدى األشخاص الذين تعتمد عليهم المؤسسة ،وأيضًا القدرة على
تطوير رأس المال الفكري وادارته .أما المضامين األساسية للعولمة في اقتصاد المعرفة فتتمثل في حرية
حركة رؤوس األموال ،وخاص ًة مع توفر االتصال اإللكتروني ،حرية حركة وانتقال السلع والخدمات،
خصخصة النشاط االقتصادي ،تحديد درجة تدخل الدول بأدنى وأضيق نطاق ممكن .وعن إشكاليات
اقتصاد المعرفة وتحدياته فهي عديدة مثل تكريس البطالة وهجرة األدمغة ،تكريس ثقافة االستهالك،
إفالس الشركات ،عدم القدرة على ضبط المنتجات ،الكساد المعلوماتي والفجوة الرقمية ،وبالتالي الفجوة
المعرفية ،ولهذا أسباب اقتصادية عديدة منها :ارتفاع كلفة توطين تكنولوجيا المعلومات ،التهام األسواق
المتعددة الجنسيات لألسواق المحلية ،كلفة الملكية الفكرية وانحياز تكنولوجيا المعلومات اقتصاديًا
لمصلحة القوي على حساب الضعيف.
أن يعي الطالب المستلزمات والحوامل األساسية القتصاد المعرفة كونها العمود الفقري لهذا االقتصاد.
أن يعي الطالب المضامين األساسية للعولمة في اقتصاد المعرفة لوثوق العالقة وأهميتها بين العولمة
واقتصاد المعرفة.
أن يعي الطالب مختلف إشكاليات اقتصاد المعرفة وتحدياته ،مثل تكريس البطالة وهجرة األدمغة والكساد
المعلوماتي والفجوة الرقمية ،وبالتالي الفجوة المعرفية لما لهذه اإلشكاليات والتحديات من أهمية كبرى على
مسار اقتصاد المعرفة.
أن يفهم األسباب االقتصادية للفجوة الرقمية لعالقة ذلك بفجوة المعرفة.
166
اقتصاد المعرفة مستلزمات أساسية:
أوالً :إعادة هيكلة اإلنفاق العام وترشيده ،واجراء زيادة حاسمة في اإلنفاق المخصص لتعزيز المعرفة
ابتداء من المدرسة االبتدائية وصوالً إلى التعليم الجامعي مع توجيه اهتمام مركز للبحث العلمي .وتجدر
ً
اإلشارة هنا إلى أن إنفاق الواليات المتحدة في ميدان البحث العلمي واالبتكارات يزيد على إنفاق الدول
األخرى مجتمعة مما يسهم في جعل االقتصاد األمريكي األكثر تطو ًار وديناميكيةً في العالم .بلغ إنفاق
الدول الغربية في هذا المجال ٩١١مليار دوالر عام ،٢١١١وكانت حصة الواليات المتحدة منها ٧٩١
مليار.
ثانياً :وارتباطًا بما سبق ،العمل على خلق رأس المال البشري وتطويره بنوعية عالية ،وعلى الدولة خلق
المناخ المناسب للمعرفة التي أصبحت عنص ًار من عناصر اإلنتاج ،وليست ترفًا فكريًا.
ثالثاً :أدرك المستثمرون والشركات أهمية اقتصاد المعرفة ،والمالحظ أن الشركات العالمية الكبرى (العابرة
للقوميات خاصة ) تساهم في تمويل جزء من تعليم العاملين لديها ورفع مستوى تدريبهم وكفاءتهم،
وتخصص جزءًا مهمًا من استثماراتها للبحث العلمي واالبتكار ..الخ .
يقوم اقتصاد المعرفة على حوامل أساسية يمكن إيجازها كما يلي:
وهذه تشمل حوامل ثانوية هي :األبحاث والتطوير ،وبراءات االختراع ،والمنشورات العلمية ،وميزان
المدفوعات التكنولوجي.
-البحث العلمي والتطوير :وينظر إلى دوره من خالل اإلنفاق المخصص له ،وخاصة اإلنفاق المقدم من
الدولة والشركات والمنظمات ،والسيما المخصص منه للتعليم العالي والجامعات .ومن المؤكد أن هذه
اإلنفاقات عالية في الدول المتقدمة ،وتصل حتى ٪ ١من الناتج المحلي ،بينما تنخفض في الدول العربية
إلى أدنى من ،٪ ٧وغالبًا أجزاء من الواحد بالمائة.
163
-براءات االختراع :تعكس براءات االختراع االكتشافات العلمية التي يمكن تحويلها إلى مشاريع صناعية
والى تكنولوجيا بما يسهم مساهمة فعالة في اقتصاد المعرفة .ومن المعروف أن الدول المتقدمة تحتل
المواقع المتقدمة من حيث عدد براءات اختراعاتها ،في حين تحتل البلدان العربية المواقع المتأخرة .
-المنشورات العلمية :وهي مؤشر على األبحاث المنجزة ،وتقاس قيمة هذه األبحاث بمدى تكرارها في
المراجع العلمية ،ونشرها في مجالت علمية محكمة عالية المستوى ،والسيما مجلتي الطبيعة والعلوم
األمريكية.
-ميزان المدفوعات التكنولوجي :ويعكس حقوق الملكية الفردية والخدمات اإلدارية المقدمة واالمتيازات.
ويقاس هذا المؤشر من خالل معامالت عدة تتمثل في التعليم والتدريب ،ومخزون رأس المال البشري،
واالستثمار في رأس المال البشري المرتبط بدوره باإلجراءات والوقت ،وتعكس هذه المؤشرات جميعها توفر
نسبة عالية تساير حركية التعلم والتطوير من خالل التعلم والتدريب المستمر واتباع الدورات الترميمية.
وهذه تقدم ميزات نوعية تكمن في در أرباح كبيرة ،وازدهار صناعات جديدة ،وخلق وظائف جديدة ،وهي
بذلك تحتل مكانة جوهرية في اقتصاد المعرفة ،إذ تقوم على االبتكار المكثف وابتكار خدمات في مجمل
االقتصاد ،وهي داعمة لترميز المعارف.
العولمة:
بما تمثله من حركة رؤوس األموال وانتقالها عن طريق عمليات التعامل في األسواق المالية ،وعمليات
اإلقراض واالقتراض ،وحرية حركة السلع والخدمات عن طريق تحرير التجارة وتحويل النشاط االقتصادي
من القطاع العام إلى القطاع الخاص وتحديد تدخل الدول.
تتضمن العولمة في ظل اقتصاد المعرفة استخدام العديد من األدوات والوسائل والصيغ التي تستخدم في
فرض التوجه نحو العولمة ،والتي يتمثل أهمها في الجانب االقتصادي موضوع البحث ،ما يلي:
165
حرية حركة رؤوس األموال وانتقالها عن طريق عمليات التعامل في األسواق المالية والنقدية ،وعمليات
اإلقراض واالفتراض من خالل المؤسسات المالية والمصرفية منها خاصة ،وعن طريق االستثمار في
المشروعات ،خاصة وأن هذه الحركة اتسعت وازدادت بشكل كبير وواسع في اقتصاد المعرفة نتيجة
التطور التقني الواسع والمتسارع في الوسائل واألدوات التي من خاللها يتم هذا االنتقال ،وتوفر االتصال
واالنخفاض الحاد في كلفته وسرعته الفائقة ،وبالذات من خالل التعامل اإللكتروني والتمويل اإللكتروني
واالتصال اإللكتروني عبر اإلنترنت والفاكس وغيره.
حرية حركة السلع والخدمات وانتقالها عن طريق تحرير التجارة بشقيها تجارة التصدير وتجارة االستيراد
المنظورة وغير المنظورة وباستخدام الوسائل التقنية المتقدمة التي يتيحها اقتصاد المعرفة ،وبالشكل الذي
ال من السوق اإلقليمية أو القومية أو الوطنية ،وبالذات من خالل التجارة
يجعل السوق عالميًا بد ً
اإللكترونية.
تحويل النشاط االقتصادي من القطاع العام إلى الخاص من خالل عمليات الخصخصة التي يتم األخذ
بها في معظم دول العالم ،تماشيًا مع اتجاهات العولمة في ظل اقتصاد المعرفة الذي يتم في إطار
رأسمالي يعتمد أساساً في عمله على آلية السوق القائمة على الملكية الخاصة للنشاطات االقتصادية ،وهو
األمر الذي يحرم الدول النامية واألقل تطو ًار من خالل اإلمكانات التي يمكن أن يوفرها القطاع العام
لتطويرها من ناحية ،ولتحقيق ومراعاة الجوانب االجتماعية فيها من ناحية أخرى ،مقارنةً بالقطاع الخاص
الذي قد ال يستطيع تحقيق ذلك بحكم إمكاناته المحدودة من ناحية ،وبحكم ارتباطه بالقطاع الرأسمالي في
اقتصادات الدول المتقدمة ،وألنه يستهدف أساسًا تحقيق أقصى ربح ممكن ،بدون مراعاة كافية للجوانب
االجتماعية ولعملية تطوير االقتصاد المحلي من ناحية أخرى.
تحديد درجة تدخل الدول بأدنى وأضيق نطاق ممكن خالل العمل على توفير حرية أكبر للقيام بالنشاطات
االقتصادية وممارستها عن طريق إتاحة العمل للقطاع الخاص للقيام بها دون إعاقة وتدخل من الدولة،
وهو األمر الذي يحرم الدول النامية من اإلمكانية التي يوفرها عمل الدولة في تالفي األضرار والمساوئ
التي يمكن أن تحصل نتيجة عمل القطاع الخاص عند قيامه بالنشاطات االقتصادية.
169
فالركن األول منظومة االقتصاد الوطني :والذي يتضمن الناتج المحلي اإلجمالي ،حصة الفرد من الناتج
اإلجمالي المحلي ،دليل الفقر البشري (نسبة مئوية) عدد السكان ،نسبة التوظيف في الصناعة ،نسبة
التوظيف في الخدمات فضالً عن متغيرات أخرى.
أما الركن الثاني البنية التحتية للمعلومات واالتصاالت :فيتضمن عدد الهواتف التقليدية لكل 3111
مواطن ،عدد الهواتف المحمولة لكل 3111مواطن ،عدد الحواسيب لكل 3111مواطن ،عدد مضيفات
اإلنترنت لكل 3111مواطن ،توفر الحكومة اإللكترونية ،اإلنفاق على أدوات المعلومات واالتصاالت
كنسبة من الناتج اإلجمالي المحلي ،عدد مستخدمي اإلنترنت ،كلفة اإلنترنت ،استخدام اإلنترنت في
التجارة واألعمال ،الدخول إلى اإلنترنت في المدارس ،وغيرها من المتغيرات التي تختص بالبنية التحتية
للمعلومات واالتصاالت.
والركن الثالث منظومة التعليم :ويتضمن دليل التعليم ،معرفة القراءة والكتابة لدى الكبار ،حجم االلتحاق
بالمدارس المتوسطة ،اإلنفاق على التعليم (نسبة من الناتج اإلجمالي المحلي) ومتغيرات أخرى.
وي تضمن الركن الرابع االبتكار والقدرة التنافسية :دليل التنمية البشرية ،العاملون في البحث والتطوير لكل
مليون نسمة ،مستوى تدريب الكوادر ،التعاون البحثي بين الجامعات والشركات ،توافق التعليم الجامعي مع
متطلبات االقتصاد ،هجرة العقول العلمية ،دليل اإلنجاز التقني ،حجم اإلنفاق الخاص على البحث
والتطوير ،حجم تصدير التقنيات المتقدمة من صادرات اإلنتاج فضالً عن متغيرات أخرى.
تتسم اإلدارة الرش يدة في اقتصاد المعرفة بالقدرة على تركيز الجهود إليجاد األدوات واآلليات الالزمة
إلحداث تغيرات في التكلفة ورفع الكفاءة واإلنتاجية ،وفي الوقت ذاته تفجير طاقات اإلبداع واالبتكار
والحماس لدى األشخاص الذين تعتمد عليهم المؤسسة.
وتمثل هذه القدرة جوهر تطوير رأس المال الفكري وادارته ،وتنطوي أيضًا على المعايير التي يمكن
باستخدامها قياس رأس المال البشري وادارته .وثمة اهتمام متزايد بضرورة قياس وادارة رأس األصول غير
الملموسة بما فيها األصول الفكرية والمعارفية مصحوبًا بانتقاد متنام لألساليب المحاسبية الشائعة اآلن،
والتي ت فترض أن األصول الملموسة فقط هي التي تولد الثروة ،في الوقت الذي تعزى فيه الفروقات بين
132
القيمة السوقية والقيمة المحاسبية إلى رأس المال الفكري ،وهو يمثل األصول غير الملموسة التي تدعم
القيمة وامكانيات النمو .وتشمل رأس األصول غير الملموسة معرفة الثقافات والتاريخ والسياسات والتقنيات
واألسواق والزبائن واحتياجاتهم والقوانين واألنظمة واالقتصاديات واللغات واألفكار والمقترحات وعادات
الشعوب المختلفة وثقافاتها .إن معايير القياس المستقاة من الممارسات المحاسبية الموروثة من العصر
السابق لم تعد كافية لتوفير مؤشرات تؤدي إلى خلق قيمة على النحو األمثل ،فالقياس هو ضرورة ال
يمكن االستغناء عنها إلدارة الموارد بطريقة فعالة .والوقت اآلن مناسب لتطوير مقاييس مالئمة تدفع
باألداء إلى األمام وتتمخض عن الوصول إلى تقديرات يعتمد عليها للقيمة االقتصادية التي يتوقع أن
تضيفها توصيات تحسين األداء ورفعه.
وتتألف إدارة المعرفة من العمليات التي تهدف من كسب المعرفة أو استخدامها تحقيق مردود اقتصادي
ملموس ،وعليه يتألف نظام إدارة المعلومات من العمليات والتقنيات التي يتم توظيفها في ضوء رؤيا
إستراتيجية للمؤسسة ،بحيث توفر المعرفة العلمية والتطبيقية الالزمة لحل المشكالت التي تعترض
العاملين في دائرتها .ويقيم هذا النظام عالقات جدلية مع الثقافة واإلستراتيجية السائدة في البيئة التي يقيم
فيها وسالسل القيم السائدة في البنية االقتصادية فيستمد منها موارده ،ويحدد معالم آليات التعامل مع
تفاصيلها الدقيقة مما يثمر عنه االرتقاء بالرأسمال البشري ،وتعميق المعرفة بموارد المعلومات المتاحة
لضمان القدرة على التنافس واالستمرار في الوقوف بمكان الصدارة.
نستطيع أن نستنتج مدى أهمية الدور الذي تلعبه إدارة المعرفة في وصول أي مجتمع معرفي إلى اقتصاد
المعرفة ،حيث أنه عندما نقوم بإنتاج المعارف نصبح بحاجة إلى تنظيمها وترتيبها وادارتها حتى تظهر
بأحسن صورة وأسهل شكل للتعامل ،وعندما ترتب هذه المعارف وتنظم تحت إدارة جيدة نستطيع القول أن
هذا المجتمع أصبح بإمكانه االنتقال من شكل االقتصاد المادي القائم على السلع المادية من زراعات
وصناعات ونفط وغيره إلى شكل أرقى وهو اقتصاد المعرفة ،بحيث يصبح التعامل مع سلع معلوماتية
معرفية تعتمد على التكنولوجيا والتطور العلمي ،وبذلك يستفيد منها ماديًا ومعرفيًا ،حيث أنه عندما يبيع
أي منت ج معلومات أي شكل من أشكال مصادر المعلومات باستخدام التكنولوجيا الحديثة من بريد
إلكتروني وانترنت وغيرها يستفيد منها مادياً ،وكذلك يفيد المستهلك فكرياً ومعرفيًا ،وبذلك نستطيع القول
إن إدارة هذه المعارف أدت إلى اقتصادها.
131
إشكاليات اقتصاد المعرفة وتحدياته:
تتعدد إشكاليات اقتصاد المعرفة وتحدياته ،فمنها ما تعد إشكاليات وتحديات مباشرة ،ومنها ما تعد غير
مباشرة ،أو يمكن تصنيفها على أنها إشكاليات وتحديات على المستوى الجزئي أو على المستوى الكلي،
وبكل األحوال سنحاول مناقشة بعض تلك اإلشكاليات والتحديات التي نجدها أكثر أهمية مثل:
-إفالس الشركات.
-إشكاليات القياس.
-الكساد المعلوماتي.
-الفجوة الرقمية.
يؤدي التوجه نحو العقول المبدعة في اقتصاد المعرفة إلى االستغناء عن العمالة غير المبدعة ،وبالتالي
تكريس جيش من العاطلين عن العمل .فمن الناحية العلمية المباشرة تحل اآلالت والتجهيزات محل القوة
البدنية كجزء من منظومة اقتصاد المعرفة ،ومن ناحية أخرى يشكل الموهوبون والحاصلون على تأهيل
علمي رفيع القسم اآلخر الذي يخطط ويصمم ويبتكر ،بينما يخرج العاملون الذين لم يحصلوا على التأهيل
المناسب من سوق العمل ،وبالتالي يكرسون أنواعاً أخرى من المشكالت االقتصادية واالجتماعية وحتى
الفكرية .ومما يثير االهتمام في ضوء ما ذكرناه ،أن العديد من الوظائف -من وجهة نظر أخرى – ال
تجد من يملؤها (على األقل في الواليات المتحدة) ،ولعل قطاع تقنيات المعلومات هو القطاع األكبر الذي
يصارع إليجاد المواهب والطاقات ،وبالنظر إلى الطاقات التي يخرجها نظام التعليم في مجاالت تقنية
المعلومات ي عتقد أن قطاع العمال سيعاني ليجد المجموعة الصحيحة من المهارات ،لذلك إذا نقصت
132
المهارات في بلد ما فيمكن إيجاد الطاقات المناسبة في أي مكان في العالم واالستفادة منها ،وذلك من
خالل الشبكات اإللكترونية والتعاون االفتراضي مما يقود إلى إشكالية جديدة تكمن في استنزاف الطاقات
البشرية من البلدان النامية أو التي ال يمكنها توفير الشروط المناسبة لمبدعيها إلى البلدان المتقدمة ،األمر
الذي يزيد من حدة الفجوة ما بين دول العالم.
إن من أهم سمات اقتصاد المعرفة هو التكيف الموسع لموافقة رغبات الزبائن .فقد سادت في العصر
الصناعي عقلية اإلنتاج الجماهيري ،حيث يتم اإلنتاج بكميات كبيرة ومواصفات موحدة ،في حين نجد أن
الميزة التنافسية في اقتصاد المعرفة لم تعد تقوم على اإلنتاج المكثف والتسويق المكثف والتوزيع المكثف
والسياسات الموحدة ،بل يكمن في تحديد خصوصية كل مستهلك ،وهذا ما يسمى warr
grrbewolaboegالذي يبحث عن إنتاج أشياء جديدة وخدمات مصممة خصيصاً الحتياجات ورغبات
خاصة لدى المستهلكين األمر الذي يشكل أحد دعامات تكريس االستهالك بالرغم من إيجابياتها
االقتصادية ،إذ أن اقتصاد المعرفة يجاري رغبة المستهلكين الفطرية الدائمة لالستهالك ،ويحاول قياس
تلك الرغبات واإلنتاج تبعًا لها ،األمر الذي يشكل قدرة جديدة على قيادة المجتمعات وتوجيهها بطرق
جديدة يجدها الكثير من الباحثين طرقًا غير إيجابية.
إفالس الشركات:
إن دخول الشركات صغيرة ومتوسطة الحجم في منافسة حادة مع الشركات العمالقة ،باإلضافة إلى
انخفاض التكلفة الحدية لإلنتاج إلى حدود بعيدة تؤدي إلى خفض األسعار ،وبالتالي انخفاض األرباح إلى
حدود يجعل من الشركات التي ال تملك الرأسمال الفكري والمادي الكافي -الذي يجعلها تتغير بسرعة
تتناسب وواقع بيئة اقتصاد المعرفة -عرضةً لإلفالس كما حدث مع شركات التقانة التي أوحت للكثير
من االقتصاديين بتسمية اقتصاد المعرفة باقتصاد الفقاعة .وطالما أن عائدات اقتصاد المعرفة رهن
بالحالة اإلبداعية واالبتكارية فإن هذا يعطي الشركات حق االحتكار والتحكم ،ويزيد من العائدات بشكل
أساسي ،إال أنه من جهة أخرى يهدد تلك الشركات باالندثار مع أول حالة إخفاق إبداعية أو ابتكارية.
133
إن طبيعة المنتجات المعرفية وخاصة المنتجات المعرفية المحضة التي يسهل تناقلها ونسخها بسهولة
عبر شبكة اإلنترنت كالبرمجيات وملفات الفيديو ،وكذلك إمكانيات الشبكة الواسعة باإلضافة إلى اتساع
رقعة السوق وما تخلقه من تحديات كحماية الملكية الفكرية والض ارئب والرسوم الجمركية ،كلها تجعل من
الصعب التحكم بتلك المنتجات وضبطها ،األمر الذي يمكن أن يؤدي إلى خسائر جمة بالنسبة إلى
الشركات واألشخاص المبدعين .ف من الصعب الوثوق بإمكانية ضبط أحد تلك المنتجات بمجرد إتاحته
على الشبكة ،ومن ناحية أخرى فإن قانون تزايد العوائد جراء انخفاض التكلفة الحدية التي تقرب من
الصفر أدى إلى دفع شركات المعرفة الرقمية إلى االتجاه نحو تبني النسخ المجانية كسياسة تسويقية
جديدة األمر الذي يعني القفز على حقوق الملكية الفكرية.
إشكاليات القياس:
رغم أن الكثير من االقتصاديين يعمدون إلى استخدام بعض المؤشرات المعروفة لقياس اقتصاد المعرفة
التي أتينا على ذكر بعضها إال أن معايير القياس الحقيقية التي تخص بيئة اقتصاد المعرفة مازالت غير
متوفرة أو لنقل غير ناضجة بما فيه الكفاية ،وربما يعود ذلك إلى جوهر المعرفة الذي يصعب التعامل مع
المؤشرات الكمية المباشرة ،وال يستدل عليها غالباً إال عن طريق آثارها وما يمكن أن تفعله .ولعل معظم
المعايير والمؤشرات المستخدمة في االقتصاد التقليدي لم تستطع اإلحاطة بأعمال بيئة اقتصاد المعرفة،
فال األنظمة وال القواعد المحاسبية وال الدول المالية استطاعت أن تقدم قياسات حقيقية ألعمال اقتصاد
المعرفة.
إن تدفق األموال فيما يخص االستثمارات الجديدة في اقتصاد المعرفة -والتي تحقق عائدات كبيرة
تكرسها القيم المضافة الكبيرة التي تفوق كل العائدات المتحققة من القطاعات األخرى -سيخلق مشكالت
تتعلق بإهمال الشركات الكبيرة للكثير من االستثمارات في القطاعات األخرى ،وهذا يخلق مشكالت على
مستوى االقتصاد الكلي ،وبالتالي يظهر الخلل في التوازن مابين القطاعات.
الكساد المعلوماتي:
ذلك الطوفان المعلوماتي ،وخاصة على المستوى االستهالكي المباشر ،يضع المتصفح في مأزق حقيقي
تفرضه الخيارات غير المنتهية التي توازي بإشكاليتها ندرة البدائل ،األمر الذي دعا بعض المفكرين إلى
134
تسمية اقتصاد المعرفة باقتصاد الفقاعة – كما ذكرنا آنفاً -ونتيجة لذلك تتشكل ردود الفعل العكسية التي
يمكن أن تقود إلى ما نسميه (الكساد المعلوماتي) ،وكأن األزمات االقتصادية تعود لتظهر بمظاهر جديدة
حسب طبيعة المجتمعات ودرجة تطورها.
الفجوة الرقمية:
م صطلح الفجوة الرقمية هو استكمال لمصطلح الفجوة التقنية مع التركيز على آخر مستجدات العلوم،
وخاصة ما يتعلق منها بالمنتجات المعرفية المحضة كالبرمجيات وغيرها بالتوازي مع حاملها األساس
شبكة اإلنترنت ،وهو يشير إلى الهوة ما بين البلدان النامية والبلدان المتقدمة في قدرتها على النفاذ إلى
مصادر المعرفة والمعلومات مترادفًا مع القدرة على استغاللها وتوظيفها .لكن هذا التطور السريع
للتكنولوجيا خاصةً تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت سيؤدي إلى توسيع الفجوة الرقمية بين الذين يملكون
التكنولوجيا والذين ال يملكونها ،رغم أنه يمثل ثورة متصاعدة ألن الفوارق في هذه التكنولوجيا واستعماالتها
بدأت تتجلى من خالل العديد من المؤشرات التكنولوجية الحديثة .وان خطورة الفجوة الرقمية ال تتعلق
بانعكاساتها التلقائية المباشرة على الدخل بقدر ما تتعلق باالنعكاسات على النفوذ ،والتي تعود بسلسلة من
االنعكاسات السلبية المتصاعدة على األمن والصحة والتعليم والعالقات اإلنسانية والدخول وعدالة
الطموحات ،وكذلك على الحق اإلنساني في اإلبداع وفي االستفادة من المعلومات.
أوالً -ارتفاع كلفة توطين تكنولوجيا المعلومات :رغم اال نخفاض الكبير في أسعار ت .م .ص (تكنولوجيا
المعلومات واالتصاالت) الخاصة بالمستخدم النهائي ،فإن كلفة توطينها محليًا في ارتفاع مستمر نظ ًار
لألسباب التالية:
ارتفاع كلفة إنشاء البنى التحتية الخاصة في إقامة شبكات اتصاالت النطاق العريض Broad band
ذات السعة العالية لتبادل البيانات باستخدام األلياف الضوئية وما يكافئها.
ارتفاع كلفة تطوير محتوى عالي الجودة خاصة فيما يتعلق بالمحتوى اإلعالمي ومحتوى تطبيقات
الوسائط المتعددة.
137
على الرغم من انخفاض سعر الكمبيوتر الشخصي والمعدات الشخصية األخرى لتكنولوجيا المعلومات
كالهواتف وأجهزة الفاكس وآالت نسخ الصور وما شابه ،إال أن سرعة اإلهالك غير الفني تقلل كثي ًار من
هذه الميزة االقتصادية.
زيادة ميزانية التعليم نتيجة التوسع في إدخال ت .م .ص في مستويات التعليم المختلفة.
ثانياً -تكتل الكبار والضغط على الصغار :تشهد حاليًا صناعة المعلومات حركة نشطة للتكتل من قبل
الكبار ،مما يضيق الخناق على الصغار في الكثير من المجاالت إلى حد االستبعاد الكامل من حلبة
المنافسة ،ومن أبرز مالمح هذا التكتل:
تكتل اقتصادي على مستوى المؤسسات من خالل التكامل األفقي والرأسي ،وتكثيف رأس المال.
تواصل اقتصادي كبير بين الدول المتقدمة عن طريق التجارة اإللكترونية والمؤسسات ونشاط األعمال بها
من خالل طور التعامل الذي يرمز إليه بـ:
( (B2b) Business- to- Businessوهو التواصل الذي ينمو بمعدالت متزايدة ،مما يضعف وبشدة
الموقف التنافسي لمؤسسات الدول النامية ،وذلك بالطبع عالوةً على التكتالت االقتصادية ما بين الدول
المتقدمة ،التي تؤدي بصورة مباشرة وغير مباشرة إلى تفتيت الدول النامية إلى كيانات صغيرة تدور في
فلك هذه التكتالت العمالقة.
ثالثاً -التهام األسواق المتعددة الجنسيات لألسواق المحلية :تقوم إستراتيجية التسويق للشركات المتعددة
الجنسية العاملة في مجال ت .م .ص عامة ،وشركات تطوير البرمجيات بصفة خاصة ،على توزيع
منتجاتها ،وخدماتها خارج الحدود شاملة السوق العالمية على اتساعها ،وذلك من خالل ما يعرف بأسلوب
التطويع لمطالب األسواق المحلية localizationتاركة الفتات لشركات التطوير المحلية لتضمر تدريجياً
في تآكل أسواقها.
رابعاً -كلفة الملكية الفكرية :ستضيف الملكية الفكرية أعباء ثقيلة على فاتورة التنمية المعلوماتية ،خاصة
في ظل االتفاقيات ،والتشريعات الملزمة لمنظمة التجارة العالمية (الغات سابقاً) ،التي يسعى من لهم
السلطة عليها إلى توسيع نطاق حماية الملكية الفكرية ليشمل االكتشافات العلمية أيضًا (اكتشاف الجينات
136
المسببة لألمراض الوراثية على سبيل المثال) ،وهو ما تكافحه منظمات المجتمع المدني بكل ما في
وسعها من جهد لكي تظل المعرفة متاحة للجميع ،فقد أسهمت أجيال البشر جميعًا في صنعها.
خامساً -انحياز تكنولوجيا المعلومات اقتصادياً لمصلحة القوي على حساب الضعيف :تحابي
التكنولوجيا ،عادةً ،األكثر تقدمًا واألكثر استخدامًا لها على حساب األقل تقدمًا واألقل استخدامًا ،ومن
أمثلة ذلك:
تتناسب كلفة االتصال عكسيًا مع مستوى الدخل ،فكلفتها في بنغالديش على سبيل المثال أضعاف كلفتها
في الواليات المتحدة األميركية.
تصمم منتجات ت .م .ص وخدماتها تلبية لمطالب مستخدمي الدول المتقدمة ،وغالبًا ما تأتي كثير من
مواصفات هذه المنتجات وامكاناتها غير ذات أهمية بالنسبة إلى مستخدميها في الدول النامية ،ومعظم
حزم البرامج الجاهزة ال توفر الوسائل التي تمكن المستخدم من أن ينتقي منها ما يلبي حاجته فقط ،وعليه
أن يتحمل مهام إضافية ال تعنيه من قريب أو بعيد ،وليس في نية الشركات العالمية المنتجة لهذه الحزم
إنتاج نسخ منها على مقاس الفئات المتعددة من مستخدمي الدول النامية.
عادةً ما ي حرم مستخدمو ت .م .ص في الدول النامية من شراء معدات مستخدمة بأسعار زهيدة إذا ما
قورنت بالجديدة ،كما يحدث كثي ًار في الدول المتقدمة ،وذلك لعدم توفر وسائل الصيانة الالزمة ،وتعذر
الحصول على قطع الغيار.
133
المصادر والمراجع المستخدمة في الوحدة العاشرة
-جمال داوود سلمان ،اقتصاد المعرفة ،دار اليازوري ،عمان ،األردن..119 ،
-هاشم الشمري ،االقتصاد المعرفي ،دار الصفاء للنشر والتوزيع ،عمان ،األردن..118 ،
-سليمان غزالة مصطفى ،اقتصاد المعرفة ودوره في عملية التنمية( ،د ن)..119 ،
-طالل محرز إسماعيل ،مجتمع المعرفة ،مركز الدراسات اإلستراتيجية ،دمشق ،سورية..131 ،
-هديل عزيز دراز ،المعلومات والمعرفة ودورها في التنمية االقتصادية( ،د ن)( ،د م ن)( ،د ت).
-أحمد بالل ،مال مح اقتصاد المعرفة العربي أفق المستقبل ،دار طالس ،دمشق ،سورية..13. ،
-هدى زوير الدعمي ،االقتصادي المعرفي وانعكاساته على التنمية البشرية ،دار جرير ،عمان،
األردن ،الرياض ،السعودية..131 ،
-حسناء سليمان ،دور إدارة المعرفة في اقتصاد المعرفة( ،د ن)..116 ،
-باسم غدير غدير ،اقتصاد المعرفة ،شعاع للنشر والعلوم ،حلب ،سورية..131 ،
-بيتر دراكر ،مجتمع ما بعد الرأسمالية ،ترجمة صالح بن معاذ المعيوف ،مركز البحوث في معهد
اإلدارة العامة في المملكة العربية السعودية ،الرياض..113 ،
-تقرير التنمية اإلنسانية العربية للعام ،.111نحو إقامة مجتمع المعرفة ،برنامج األمم المتحدة
اإلنمائي ،الصندوق العربي لإلنماء االقتصادي واالجتماعي ،عمان..111 ،
-نبيل علي ونادية حجازي ،الفجوة الرقمية ،رؤية عربية لمجتمع المعرفة ،عالم المعرفة ،العدد ،138
الكويت ..111
-نجم عبود نجم ،إدارة المعرفة ،المفاهيم واإلستراتيجيات والعمليات ،مؤسسة الوراق للنشر والتوزيع،
عمان..111 ،
135
نماذج عن أسئلة من الوحدة العاشرة
– Aإعادة هيكلة اإلنفاق العام ومضاعفته واجراء تخفيض حاسم في اإلنفاق المخصص
لتعزيز المعرفة.
-----انتهى -----
139