You are on page 1of 179

‫اقتصاد اإلعالم والمعرفة‬

‫د‪ .‬لؤي الزعبي‬

‫‪4102‬‬

‫‪1‬‬
‫المحتويات‬

‫الوحدة األولى‪ .‬ماهية اإلنتاج واقتصاد اإلعالم‪.‬‬

‫الوحدة الثانية‪ .‬اقتصاد الصحافة المطبوعة‪.‬‬

‫الوحدة الثالثة‪ .‬اقتصاد السينما‪.‬‬

‫الوحدة الرابعة‪ .‬اقتصاد الراديو والتلفزيون‪.‬‬

‫الوحدة الخامسة‪ .‬اقتصاد اإلعالم اإللكتروني والجديد‪.‬‬

‫الوحدة السادسة‪ .‬اقتصاد اإلعالن واإلنترنت‪.‬‬

‫الوحدة السابعة‪ .‬ماهية اقتصاد المعرفة‪.‬‬

‫الوحدة الثامنة‪ .‬طبيعة اقتصاد المعرفة ومكوناته وخصـائصه‪.‬‬

‫الوحدة التاسعة‪ .‬اقتصاد المعرفة والتنمية االقتصادية والبشرية‪.‬‬

‫الوحدة العاشرة‪ .‬إشكاليات اقتصاد المعرفة وتحدياته‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫‪Contents‬‬
‫الوحدة األولى‪ :‬ماهية اإلنتاج واقتصاد اإلعالم ‪4 ....................................................................................................‬‬

‫الوحدة الثانية‪ :‬اقتصاد الصحافة المطبوعة ‪22.......................................................................................................‬‬

‫الوحدة الثالثة‪ :‬اقتصاد السينما ‪33......................................................................................................................‬‬

‫الوحدة الرابعة‪ :‬اقتصاد الراديو والتلفزيون ‪73..........................................................................................................‬‬

‫الوحدة الخامسة‪ :‬اقتصاد اإلعالم اإللكتروني والجديد ‪31...........................................................................................‬‬

‫الوحدة السادسة‪ :‬اقتصاد اإلعالن واإلنترنت ‪57......................................................................................................‬‬

‫الوحدة السابعة‪ :‬ماهية اقتصاد المعرفة ‪122..........................................................................................................‬‬

‫الوحدة الثامنة‪ :‬طبيعة اقتصاد المعرفة ومكوناته وخصـائصه ‪127.................................................................................‬‬

‫الوحدة التاسعة‪ :‬اقتصاد المعرفة والتنمية االقتصادية والبشرية ‪141................................................................................‬‬

‫الوحدة العاشرة‪ :‬إشكاليات اقتصاد المعرفة وتحدياته ‪164...........................................................................................‬‬

‫‪3‬‬
‫الوحدة األولى‪ :‬ماهية اإلنتاج واقتصاد اإلعالم‬

‫اإلنتاج واشكالية المصطلح‬

‫اإلنتاج في مفهوم علوم اال تصال‬

‫المنتج واشكالية المصطلح‬

‫شجرة وارفة في غابة غ ّناء‬

‫مبررات االهتمام بدراسة اقتصاديات اإلعالم وتحليلها‬

‫أو ًال‪ :‬ضخامة االستثمار في مجال اإلعالم‬

‫ثانياً‪ :‬دخول الدول والحكومات في النشاط االقتصادي لإلعالم‬

‫ثالثاً‪ :‬صعوبة مشاكل اإلنتاج في اإلعالم‬

‫ما هي اقتصاديات اإلعالم واالتصال؟‬

‫صناعة وسائل اإلعالم‬

‫صناعة باقتصاد مميز‬

‫المنطق الصناعي لوسائل اإلعالم‬

‫األول‪ -‬منطق النشر‬

‫الثاني‪ -‬منطق البث (التدفق)‬

‫مصـادر تمـويل وسائل اإلعالم‬

‫‪ -0‬اإلعالن‬

‫‪ -4‬مبيعات البرامج‬

‫‪4‬‬
‫‪ -3‬رعاية المؤسسات‬

‫‪ -2‬دعم الحكومة أو القطاع الخاص‬

‫ملخص الوحدة األولى‪:‬‬

‫تتحدث الوحدة عن موضوع اإلنتاج والمنتج ومفهومهما ودورهما في علوم اإلعالم واالتصال‪ ،‬حيث ال‬
‫اقتصاد دون إنتاج‪ ،‬وحيث اإلعالم هو الداعم األساسي القتصاديات العالم‪ ،‬ألنه صناعة متكاملة في‬
‫عصرنا الحاضر‪ .‬وثمة مبررات وأسباب موضوعية لالهتمام بدراسة اقتصاديات اإلعالم وتحليلها‪ ،‬منها‪:‬‬
‫ضخامة االستثمار في مجال اإلعالم ودخول الدول الحكومات في النشاط االقتصادي لإلعالم باعتبار‬
‫أن صناعة اإلعالم فرضت نفسها كاقتصاد حيوي ومميز‪ .‬وهذا االقتصاد يخضع لمنطقي النشر والبث‬
‫بحكم طبيعة وسائل اإلعالم المختلفة التي تمتلك مصادر عديدة لتمويلها‪ ،‬مثل‪ :‬اإلعالن ومبيعات البرامج‬
‫ورعاية المؤسسات والدعم الحكومي أو دعم القطاع الخاص‪.‬‬

‫األهداف التعليمية للوحدة األولى‪:‬‬

‫أن يفهم الطالب العالقة المنطقية بين اإلنتاج واالقتصاد عامة وفي اإلعالم خاصة‪.‬‬

‫أن يدرك الطالب المبررات واألسباب الموضوعية لالهتمام بدراسة اقتصاديات اإلعالم وتحليلها‪.‬‬

‫أن يستوعب الطالب أسباب وكيفية تحول صناعة اإلعالم إلى اقتصاد حيوي ومميز في المجتمعات‬
‫الحديثة‪.‬‬

‫أن يفهم الطالب آلية تمويل وسائل اإلعالم المختلفة ومصادرها باعتبار ذلك عصب العملية اإلعالمية‪.‬‬

‫اإلنتاج واشكالية المصطلح‪:‬‬

‫إن مصطلح إنتاج ‪ production‬من المصطلحات التي يختلف في تحديد مفهومها الكثيرون نظ ًار التساع‬
‫دائرة استخدامه‪ ،‬إذ يشمل أنشطة عديدة اقتصادية وصناعية وزراعية وحيوانية وحرفية وعلمية وفنية‬

‫‪7‬‬
‫واتصالية إعالمية‪ ،‬بل وكثي اًر ما يأتي الخالف نتيجة رؤية سياسية أو إيديولوجية معينة تعطي المصطلح‬
‫مفهومًا مختلفًا طبقًا لكل اتجاه‪ ،‬وجاءت أوسع التعريفات لتجعل من اإلنتاج كل نشاط أسهم في إشباع‬
‫الحاجات اإلنسانية‪ ،‬وهذا أوضح ما يكون في حالة الزارع والخباز أو البناء أو الخياط؛ فإن نشاطهم‬
‫يتمخض عن سلعة تشبع حاجتنا إلى الغذاء أو الوقاء أو الكساء‪ ،‬ولكنه يصدق أيضًا بالنسبة للعامل في‬
‫مصنع اآلالت‪ ،‬أو التاجر أو الطبيب أو المعلم أو الممثل أو الموسيقي‪ ،‬حيث يسهم كل هؤالء جميعًا في‬
‫إشباع حاجة أو أخرى بطريقة مباشرة أو غير مباشرة‪ .‬غير أن تعريف اإلنتاج لم يكن دائمًا بهذا الشمول‪،‬‬
‫فالطبيعيون في القرن الثامن عشر كانوا يقصرون اإلنتاج على الصناعة والتجارة من دائرته‪ ،‬وبعض‬
‫االشتراكيين يقصرون اإلنتاج على الزراعة والصناعة‪ ،‬وينظرون بارتياب إلى التجارة والخدمات بأنواعها‬
‫غير أن هذا التضييق ال يستند إلى أسس مقبولة‪.‬‬

‫وتتسع دائرة المصطلح أيضًا عندما يتضمن كل نواحي اإلنتاج المادي الذي يحصل عليه اإلنسان كنتيجة‬
‫مباشرة لعمل ما‪ .‬إن إنتاج الخبرات المادية هو أساس حياة المجتمع البشري في كل درجة من درجات‬
‫التطور‪ ،‬وعليه فاإلنتاج مفهوم واسع جداً‪ .‬إن تعاطي الناس أنواعاً ملموسة من اإلنتاج منها البستنة‬
‫(زراعة الفواكه في البساتين)‪ ،‬وتربية المواشي‪ ،‬وزراعة الحقول‪ ،‬وزراعة الخضار هي أنواع من اإلنتاج‬
‫الزراعي‪ ،‬واستخدام الفحم والنفط والغاز هو من ميدان صناعة االستخراج (التعدين)‪ ،‬أما إنتاج اآلالت‬
‫وسائر وسائل العمل فتقوم به الصناعات الثقيلة‪.‬‬

‫اإلنتاج في مفهوم علوم االتصال‪:‬‬

‫أما في مجال علوم االتصال فيذهب المصطلح بصفة عامة إلى تحويل الفكرة إلى منتج نهائي ‪a‬‬
‫‪ finished product‬مثل كتاب أو مسرحية أو فيلم سينمائي أو برنامج منوعات أو تمثيلية تلفزيونية أو‬
‫إذاعية أو حملة إعالنية‪ ،‬ويطلق أيضًا على جميع العمليات الالزمة إلنتاج برامج للراديو أو التلفزيون أو‬
‫اإلعالنات التجارية من الفكرة وكتابة النص وتوزيع األدوار ‪ Casting‬والتجارب الجافة ‪ rehearsing‬ثم‬
‫التسجيل‪ .‬وفي السينما يشير المصطلح إلى جميع الخطوات الالزمة إلنتاج فيلم سينمائي‪ .‬وهكذا يمكن أن‬
‫نطلق المصطلح بصفة عامة‪ ،‬على عملية تنظيم العمل في الفيلم أو البرنامج أو التمثيلية‪ ،‬وتنسيق العمل‬
‫بين العناصر الفنية المختلفة المشاركة في التنفيذ من حجز المعدات‪ ،‬واقامة المناظر‪ ،‬واختيار المواقع‪،‬‬
‫اء داخل‬
‫والحصول على التصريحات‪ ،‬ومراقبة عمليات التحضير والتصوير‪ ،‬وتحقيق مطالب المخرج سو ً‬
‫األستوديو أم خارجه‪ ،‬وتسهيل المعوقات والصعوبات في حدود الميزانية المقررة‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫المنتج ‪ producer‬واشكالية المصطلح أيضاً‪:‬‬

‫وجاءت إشكالية المصطلح إنتاج ‪ production‬لتشمل المنتج ‪ producer‬ذاته‪ ،‬أي القائم باإلنتاج طبقاً‬
‫لنوع النشاط اإلنتاجي‪ ،‬فالمزارع منتج‪ ،‬والصانع منتج‪ ،‬والحرفي منتج‪ ،‬واألديب منتج‪ ،‬والفنان منتج‪ ،‬إلى‬
‫آخر القائمة‪ .‬وفي النطاق الرأسمالي‪ ،‬يعد صاحب رأس المال هو المنتج الرئيس‪ ،‬فهو الذي يملك وسائل‬
‫اإلنتاج‪ ،‬وهو الذي يقوم بتشغيل العامل أو المزارع أو أصحاب الحرف‪ .‬وينسب اإلنتاج بصفة عامة إلى‬
‫صاحب رأس المال‪ :‬فورد‪ ،‬سبينسر‪ ،‬هارولدز‪ ،‬فاإلنتاج إنتاج الشركة أو المؤسسة‪ ،‬وان كان من الممكن‬
‫أن تحسب إمكانية كل عامل أو أي يد عاملة أخرى‪ ،‬وقد يكون هناك إنتاج تعاوني أو إنتاج لمؤسسات أو‬
‫مشروعات حكومية في إطار المجتمع الرأسمالي‪.‬‬

‫أما في النظم االشتراكية‪ ،‬فالدولة عادة تمتلك كل وسائل اإلنتاج‪ ،‬فهي المنتج األساس حتى في مجال‬
‫الفنون‪ ،‬مثل المسرح والسينما والراديو والباليه‪ ،‬بل السيرك أيضاً‪ ،‬وقد يكون لها إنتاج تعاوني وملكية‬
‫تعاونية‪ ،‬وقد تصل ببعض النظم االشتراكية في مرونتها إلى إطالق المشروعات الفردية مع وجود رقابة‬
‫من الدولة‪ .‬وهناك دول تجمع بين الملكيات الرأسمالية والملكيات العامة والملكيات المشتركة والملكيات‬
‫التعاونية‪ ،‬والمنتج هنا صاحب رأس المال الفردي‪ ،‬فرداً أو شركة أو الدولة في ملكيتها العامة للمشروعات‬
‫اإلنتاجية أو الملكيات المشتركة في حالة دخول شركاء مع الدولة في عمليات اإلنتاج‪.‬‬

‫أما في النواحي االتصالية اإلعالمية فيشير المصطلح في لغة المسارح األميركية‪ -‬على سبيل المثال ‪-‬‬
‫إلى الشخص أو األشخاص المسؤولين عن تمويل العمل المسرحي من الناحية المالية التنظيمية واإلدارية‬
‫والحرفية‪ ،‬وعاد ًة ما يقوم بذلك المنت ج بالتعاون مع المؤلف والمخرج والممثلين والحرفيين المسرحيين‪ ،‬أما‬
‫في المجال المسرحي في المملكة المتحدة فإن المصطلح يشير إلى المخرج المنوط به إخراج المسرحية‪.‬‬

‫وفي النواحي االتصالية أيضاً يشير المصطلح إلى الشخص المسؤول مسؤولية كاملة عن أي إنتاج‬
‫للراديو أو التلفزيون أو المسرح أو اإلعالنات التجارية‪ ،‬وهذا يطلق على الشخص الذي يقوم بالتمويل‬
‫الخاص بعملية اإلنتاج‪ ،‬وكذلك على الشخص المسؤول من الناحية اإلدارية والمالية والفنية واختيار‬
‫مجموعة من العاملين في اإلنتاج ‪ production team‬وعن اإلنتاج ذاته من ناحية اختيار المخرج‬
‫والممثلين والتوزيع وتحديد ساعات اإلنتاج ‪ ،production hours‬باإلضافة إلى مسؤوليته القانونية أمام‬
‫الجهات المعنية‪ ،‬واذا كان المخرج هو المسؤول عن الحصول عن المنتج النهائي كعمل فني إبداعي‪،‬‬

‫‪3‬‬
‫فمن البديهي أن يكون هناك تفاهم تام بين المنتج وبين المخرج‪ ،‬وقد يطلق المنتج يد المخرج بحرية تامة‬
‫في جميع خطوات التنفيذ بشرط االلتزام بالميزانية المحددة لإلنتاج‪.‬‬

‫شجرة وارفة في غابة غ ّناء‪:‬‬

‫لم يعد اإلعالم ذلك النشاط التقليدي المعني بنقل الرسائل اإلعالمية من مرسل إلى مستقبل فيما أطلق‬
‫عليه االتصال الخطي‪ ،‬بل أضحى نشاطًا واسعًا ومؤث ًار على المتلقي وموجهًا لسلوكه حتى عرف بـ‬
‫االتصال الدائري ‪ Circular Communication‬وبذلك اتسع المعنى ليشمل قطاعات المجتمع وأنشطته‬
‫المختلفة‪ ،‬وعلى رأسها النشاط االقتصادي‪ .‬ولما تطورت تقنية االتصال بفعل استخدام األقمار‬
‫االصطناعية (‪ )Satellites‬وشبكة المعلومات الدولية (‪ )Internet‬ونشطت حركة المعلومات توسعت‬
‫معها على قدم المساواة اقتصاديات العالم‪.‬‬

‫إذاً‪ ،‬يمكننا الجزم بأن اإل عالم هو الداعم األساس القتصاديات العالم‪ ،‬ومن جهة ثانية فإن اإلعالم نفسه‬
‫قد أصبح صناعة متكاملة في عصرنا الحاضر مثلها مثل الصناعات األخرى‪ ،‬وهذا يتأتى بسبب قدرة‬
‫وسائل االتصال على التأثير على حركة المجتمع بما تمتلكه من إمكانات تقنية ونفوذ واسع مكنها ألن‬
‫تكون سلطة لها دورها السياسي واالقتصادي والثقافي واالجتماعي‪.‬‬

‫لكي تستمر وسائل االتصال في أداء مهامها ال بد لها أن ترتكز على قاعدة اقتصادية قوية ألن هذه‬
‫الوسائل بحاجة إلى نفقات كبيرة تتمثل في الكادر البشري والمعدات وأنظمة االستقبال واإلرسال‪...‬الخ‪.‬‬

‫ونظ ًار ألن وسائل اإلعالم تعمل في سوق مشترك وفق مفهوم تدفق المعلومات عليها أن ترتقي إلى‬
‫مستوى المنافسة‪ ،‬وهذا يتطلب الكثير من الجهد‪ ،‬األمر الذي أضفى عليها الطابع التجاري‪ ،‬وبالتالي‬
‫تسعى وسائل اإلعالم واالتصال في كل دولة ألن تتميز على وصيفاتها‪ ،‬فكان عليها أن توفر الكادر‬
‫البشري والتقنية المتطورة‪ ،‬وتقدم نفسها للجمهور من خالل مادة مؤثرة تعرضها وفق منهجية علمية‪.‬‬

‫مبررات االهتمام بدراسة اقتصاديات اإلعالم وتحليلها‪:‬‬

‫أخذ رجال االقتصاد يلحون على ضرورة الوقوف على النظم المالية واالقتصادية التي تطبقها مؤسسات‬
‫اإلعالم من أجل الوصول إلى أفضل البدائل في التشغيل االقتصادي لهذه المؤسسات‪ ،‬وظهر علم جديد‬

‫‪5‬‬
‫اء كانت هادفة‬
‫هو اقتصاديات اإلعالم الذي يعنى باألسس التي تحكم األنشطة اإلعالمية المختلفة‪ ،‬سو ً‬
‫للربح أم الخدمة العامة‪.‬‬

‫وقد صاحب هذا االهتمام اهتمام بدراسات الجدوى من إنشاء شبكات إرسال جديدة وتقديم البرامج وتطورها‬
‫واستخدام األقمار الصناعية وغير ذلك‪ ،‬كما صاحبه تطبيق دراسات عن الكلفة والعائد والفاعلية‬
‫والدراسات المعتمدة على تحليل النظم وغيرها‪.‬‬

‫إن فهم اإلعالم ودراسته مطلب رئيس إذ يستلزم اإللمام باألبعاد والزوايا المختلفة لإلعالم‪ .‬فهناك الزاوية‬
‫اإلحصائية التي تبين لنا تجريبياً معامالت االرتباط في الحقل اإلعالمي‪ ،‬وهناك الزاوية التاريخية التي‬
‫تعنى بدراسة التطور التاريخي للظواهر اإلعالمية‪ ،‬وكذا الزاوية القانونية التي ندرس من خاللها‬
‫التنظيمات اإلعالمية من الوجهة القضائية‪ ،‬أما الزاوية االقتصادية فهي تقوم أساساً على دراسة وسائل‬
‫اإلعالم من الناحية اإلدارية‪ ،‬بمعنى تحقيق أهداف هذه الوسائل في حيز النشاط االقتصادي الذي‬
‫يستهدف إشباع الحاجات اإلنسانية‪.‬‬

‫وهذه الزاوية االقتصادية ال يمكن أن تعيش حقيق ًة بمعزل عن تلك الزوايا األخرى‪ ،‬ألن االقتصاد ال يفهم‬
‫بدون التاريخ واإلحصاء والقانون‪.‬‬

‫إن جوانب االهتمام األساسية للزاوية االقتصادية تتركز حول إنتاج اإلعالم وتوزيعه واستهالكه‪ .‬وهنا سؤال‬
‫مهم‪ :‬هل يمكن تقييم اإلعالم بالتحليل االقتصادي؟ ولإلجابة عن هذا السؤال نقول‪ :‬إنه مادامت الحاجة‬
‫إلى إنتاج اإلعالم قائمة‪ ،‬وخاصة مع توافر العوامل الثالثة التقليدية لإلنتاج‪ ،‬وهي‪ :‬المادة الخام والعمل‬
‫ورأس المال في إنتاج الصحيفة أو اإلذاعة أو التلفاز أو الكتاب أو الوسائل الفضائية الحديثة‪ ،‬فإن تتبع‬
‫منهج التحليل االقتصادي ينطبق على اإلعالم‪.‬‬

‫إن موضوع اقتصاديات اإلعالم خرج إلى الوجود مع ثورة االتصال والن مو السريع لصناعة اإلعالم‪ .‬فلم‬
‫يكن الموضوع مثار االهتمام في اإلعالم والدراسات اإلعالمية قديماً‪ ،‬ألن تكلفة اإلعالم قبل اختراع‬
‫الطباعة‪ ،‬ثم اختراع المذياع والتلفاز لم تكن شيئاً يستحق البحث‪ .‬لقد كان االهتمام قديماً بالشكل المثالي‬
‫أو بمحتوى الرسالة‪ ،‬بحيث كان يغلب على ما عداه‪ .‬أما اليوم فإن االهتمام بالشكل المادي وبتكلفة‬
‫الرسالة اإلعالمية يقف إلى جانب االهتمام بمضمونها كتفاً بكتف‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫ومن ثم خرجت دراسات اقتصاديات اإلعالم من علوم‪ :‬اإلعالم‪ ،‬واالقتصاد‪ ،‬واإلدارة لتبين لنا كيف ينتج‬
‫اإلعالم‪ ،‬وكيف يخزن‪ ،‬وكيف يسوق‪ ،‬وكيف يستخدم‪.‬‬

‫إن دارس اإلعالم يالحظ أن اقتصاديات اإلعالم لم تحظ باهتمامات علماء االقتصاد‪ ،‬وكأن اقتصاديات‬
‫اإلعالم ال تشغل إال بيتاً متواضعاً في مدينة االقتصاد الواسعة‪ .‬لذلك‪ ،‬شهد الربع األخير من القرن‬
‫العشرين دراسات واهتمامات بدأت في التعمق والدراسة وتحليل اقتصاديات اإلعالم‪ ،‬ولعل أهم أسباب هذا‬
‫التعمق ما يلي‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬ضخامة االستثمار في مجال اإلعالم‪:‬‬

‫مما يوضح لنا ضخامة االستثمارات في الصحافة‪ ،‬وعلى سبيل المثال‪ ،‬بلغت أرباح صحيفة واحدة وهي‬
‫نيويورك تايمز األمريكية ‪ 3..1‬مليون دوالر في عام واحد‪ ،‬كما بلغت حصيلتها من اإلعالنات في السنة‬
‫نفسها ‪ 371‬مليون دوالر‪ ،‬وقد وصل معدل التوزيع اليومي لهذه الصحيفة ‪ 381‬ألف نسخة‪ ،‬أما العدد‬
‫األسبوعي الذي يصدر يوم األحد فقد بلغ معدل توزيعه مليونًا و‪ 311‬ألف نسخة‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬دخول الدول والحكومات في النشاط االقتصادي لإلعالم‪:‬‬

‫إن وسائل اإلعالم كغيرها من بعض القطاعات ال تزال تعتمد على إعانات الدولة والممولين أو بعض‬
‫الداعمين المقربين من الحكومة‪ ،‬من أجل االستم اررية في السوق‪ .‬وتمارس كثير من الدول والحكومات‬
‫االحتكار‪ ،‬كما القوى االقتصادية الكبرى في العديد من الدول‪ ،‬على المؤسسات اإلعالمية والمعلومات‪.‬‬

‫ثالثاً‪ :‬صعوبة مشاكل اإلنتاج في اإلعالم‪:‬‬

‫إن مشاكل اإلنتاج في إعالم البلدان الرأسمالية تختلف إلى حد كبير عن مشاكل اإلنتاج في البلدان‬
‫االشتراكية‪ ،‬وكالهما يختلف في مشاكله اإلنتاجية عن المشاكل التي يواجهها اإلعالم في البلدان النامية‪.‬‬
‫لقد تبين أن األخذ بالجديد من التق نية في نطاق الصحافة يؤدي إلى توفير ثلثي القوى العاملة وأكثر من‬
‫نصف التكلفة النقدية‪ .‬لهذه األسباب وغيرها كان التعمق في دراسة اقتصاديات اإلعالم وتحليلها ضرورياً‪،‬‬
‫فالعصر الحديث بثورة معلوماتية وتقنية وعولمة اقتصادية وكوكبية كونية ونهضة حاسوبية وقنوات‬
‫فضائية يؤكد أهمية العناية باإلعالم ووسائله من جميع النواحي‪ ،‬وخاصة الجانب االقتصادي‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫واذا كان األمر كذلك في الدول المتقدمة‪ ،‬فاألمر غير ذلك في غيرها من الدول‪ .‬إن المسؤولين ورجال‬
‫اء في النظام أم المعارضة‪ ،‬لم يحملوا أية رؤية‬
‫اإلعالم وأصحاب القرار السياسي في العالم الثالث سو ً‬
‫اقتصادية لوسائل اإلعالم واالتصال‪ ،‬وكان االعتماد واالهتمام فقط بالجانبين السياسي – االجتماعي‬
‫والثقافي‪ .‬لقد كانوا أسيري فكرة واهمة هي أن وسائل اإلعالم هي مجرد أدوات للنشر والبث والدعاية‪.‬‬

‫مع بداية األلفية الثالثة‪ ،‬أصبح موضوع اقتصاديات اإلعالم واالتصال في العالم الثالث فرعاً جديداً له‬
‫تواجد وضرورة في العلوم االقتصادية‪ ،‬علمًا أن ظهور األبعاد االقتصادية تم في األربعينيات من خالل‬
‫الصناعة السينمائية في أمريكا‪ ،‬وظهر هذا البعد في أوروبا في الستينيات‪ ،‬ثم أخي اًر في بعض بلدان العالم‬
‫الثالث مع بداية األلفية الثالثة أي منذ عام ‪ ،.111‬حيث ترسخ الجانب االقتصادي وفرض قوانينه‪.‬‬

‫ومن الجانب التعليمي واألكاديمي‪ ،‬فإن أغلب طالب تخصص اإلعالم واالتصال ال يهتم بموضوع‬
‫اقتصاديات وسائل اإلعالم واالتصال‪ ،‬ويفضلون البحث في إشكاليات تتعلق بالسياسة واإليديولوجيات‬
‫والرأي العام‪ ،‬ومن هنا تأتي أهمية هذا المقرر‪.‬‬

‫إضافة إلى أن الحديث عن الجانب االقتصادي في هذه المؤسسات ال يزال غائبًا في الثقافة العربية‪ ،‬إذ‬
‫يعد ربط المؤسسات اإلعالمية بالمال واالقتصاد – بالنسبة لبعضهم‪ -‬عيبًا وعا ًار‪.‬‬

‫ما هي اقتصاديات اإلعالم واالتصال؟‬

‫تعرف اقتصاديات اإلعالم بأنها فرع من فروع االقتصاد التطبيقي الذي يدرس‪ :‬اإلنتاج‪ ،‬التوزيع‪،‬‬
‫االستهالك‪.‬‬

‫والمقصود باإلنتاج هو عملية تنظيم العمل في البرنامج‪ ،‬والتنسيق بين العناصر الفنية المشاركة في‬
‫التنفيذ‪ ،‬وتسهيل كل المعوقات والصعوبات في حدود الميزانية المقررة‪ .‬ويدخل ضمن هذا المفهوم كل‬
‫النفقات المادية والفنية والتقنية والبشرية‪ ،‬وتتفاوت اإلمكانيات حسب طبيعة الوسائل وفق ما يتوفر لها من‬
‫موارد وبيئة عمل‪.‬‬

‫أما التوزيع فهو قدرة القائم باالتصال على توصيل المادة اإلعالمية للجمهور‪ .‬ويدخل ضمن ذلك توصيل‬
‫الصحف للقارئ عن طريق استخدام الوسائل التي تتمثل في السيارات والطائرات وغيرها‪ ،‬وتوصيل الخدمة‬

‫‪11‬‬
‫اإلذاعية عن طريق الموجات األثيرية‪ ،‬والخدمة التلفزيونية عن طريق األقمار االصطناعية‪ ،‬واتاحة خدمة‬
‫اإلنترنت‪.‬‬

‫واالستهالك يعني مدى قبول الجمهور لمحتوى وسائل اإلعالم وشكل الرسائل المقدمة‪ .‬ويتطلب هذا‬
‫محتوى ما تقدمه الوسائل علينا الكثير‬
‫ً‬ ‫جهداً كبي اًر يختلف باختالف طبيعة الوسائل‪ ،‬فلكي يقبل الجمهور‬
‫من العمل ليس فيما يختص بالمضمون فحسب‪ ،‬إنما بالنسبة لشكل المادة وقالبها أيضًا‪ ،‬وهذان هما قطبا‬
‫المادة اإلعالمية التي تتطلب فهمًا واسعًا للوسائل وجمهو ًار يرتقي إلى مستوى الدراسة والتمحيص‪.‬‬

‫صناعة وسائل اإلعالم‪:‬‬

‫يمكن تصوير صناعة وسائل اإلعالم باعتبارها سلسلة من األنشطة الفرعية‪ ،‬مترابطة الحلقات يأخذ‬
‫بعضها برقاب بعض‪ ،‬ويهيمن عليها نشاط رئيس يختلف من وسيلة إعالم إلى أخرى‪ .‬فالنشاط الرئيس في‬
‫الصحافة المكتوبة هو النشر‪ ،‬أما في اإلذاعة والتلفزيون فهو البرمجة‪ ،‬أما األنشطة األمامية فهو ما‬
‫يتعلق بجميع المعلومات أو ما يمثل المحتوى عامة‪ :‬األنباء‪ ،‬الصور‪ ،‬اإلعالنات‪ ،‬وهذا تشترك فيه‬
‫الصحافة المكتوبة والتلفزيون واإلذاعة‪ .‬وهناك أنشطة أمامية أخرى تخص اإلذاعة والتلفزيون مثل إنتاج‬
‫البرامج اإلذاعية وا لتلفزيونية والمواد السمعية البصرية المختلفة‪ ،‬األشرطة‪ ،‬التحقيقات‪ ،‬المنتجات اإلخبارية‬
‫والثقافية والمواد العلمية الخيالية واإلعالنية ‪...‬إلخ‪ .‬وكذا اإلنتاج الفني‪ :‬الحفالت الموسيقية‪ ،‬األلعاب‬
‫باإلضافة إلى األفالم السينمائية‪ ،‬فكل هذه األنشطة يمكن أن تسند إلى مؤس سات أخرى غير المؤسسات‬
‫التي تقوم بالبرمجة‪ .‬وكذلك الشأن بالنسبة إلى األنشطة الخلفية‪ :‬الطباعة والتوزيع بالنسبة إلى الصحف‬
‫والبث الهرتزي األرضي أو عبر األقمار االصطناعية‪ ،‬أو التوزيع عبر الكابل (التلفزيون السلكي) بالنسبة‬
‫إلى التلفزيون‪ ،‬فكلها أنشطة يمكن أن تقوم ب ها مؤسسات أخرى‪ .‬وفي آخر السلسلة يوجد الجمهور الذي‬
‫يتجه إليه كل النشاط‪ :‬قراء الصحافة ومشاهدو التلفزيون ومستمعو اإلذاعة‪.‬‬

‫هذه البنية الصناعية لنشاط وسائل اإلعالم ثابتة تقريبًا‪ ،‬وال يمكن أن تتغير إال بحدوث طفرة تكنولوجية‬
‫باهرة تعدل البنية الصناعية بإلغاء بعض الحلقات (أو بإضافة حلقات جديدة)‪ ،‬أو تغير محتوى النشاط‬
‫داخل كل حلقة من حلقات السلسلة‪ .‬يتمثل جوهر هذا الطرح في القول بأن ما يحدد أية وسيلة إعالم في‬
‫المجتمع الحديث هو تضافر ثالثة مستويات‪ :‬سياسي وصناعي (تكنولوجي) واقتصادي‪ .‬ويقدم هذا الطرح‬
‫تفسير نشأة أية وسيلة إعالم والتحوالت التي تط أر عليها‪ ،‬وهو طرح متميز يحاول تفسير جوانب التطور‬

‫‪12‬‬
‫أو القصور في وسائل اإلعالم في المجتمعات الصناعية المعروفة بالمجتمعات الديمقراطية‪ .‬غير أن‬
‫افتراض أن المستوى السياسي هو المحدد النهائي لتطور وسائل اإلعالم‪ ،‬وأن المستويين اآلخرين‬
‫التكنولوجي واالقتصادي‪ ،‬هما مستويان ثانويان مكمالن فقط‪ ،‬هو افتراض يحتاج إلى فحص وتمحيص‬
‫خارج نطاق البلد المصنعة‪.‬‬

‫صناعة باقتصاد مميز‪:‬‬

‫الذي يؤكد أن اإلعالم أصبح صناعة لها اقتصادها المميز العديد من الشواهد مثل‪:‬‬

‫‪ .3‬هي أصبحت سلعة مثلها مثل أي سلعة أخرى تتوافر فيها شروط السلطة التي يطلقها االقتصاديون‬
‫وهي الخمسة إم (‪ :)5 M‬المال ‪ ،Money‬األيدي العاملة ‪ ،Man Power‬المواد الخام ‪،Material‬‬
‫اآلالت‪ ، Machines‬اإلدارة ‪.Management‬‬

‫‪ ..‬تشترك أهداف المنتج اإلعالمي مع أهداف أي سلعة أو منتج آخر مع التأكيد على الخصوصية‬
‫المتعلقة بمضمون الرسالة اإلعالمية ووظائفها تجاه الفرد والمجتمع‪ ،‬فهناك هدف إشباع الحاجة إلى‬
‫المعرفة وتحقيق الربحية أو العائد باعتباره مقياس إنتاجية أي صناعة‪.‬‬

‫‪ .1‬إن إدارة مؤسسة إعالمية تعد نشاطًا إبداعيًا إداريًا‪ ،‬واذا نظرنا للواقع نجد أن كثي ًار من مديري‬
‫الصحف هم من المبدعين ومن منتجي الفكر‪.‬‬

‫‪ .3‬إن مديري وسائل اإلعالم تنطبق عليهم صفة مديري المؤسسات اإلعالمية الذين يتولون مهمة تهيئة‬
‫البيئة اإلدارية المالئمة‪ ،‬والتي تجعل جهود الجماعة موجهة نحو تحقيق أهداف العمل الجماعي‪ ،‬حتى‬
‫تخرج الصحيفة كسلعة مادية أو خدمة ملموسة تهدف لتحقيق الربح‪.‬‬

‫‪ . 1‬التغييرات الواسعة التي حدثت في طبيعة العالقات المهنية واالجتماعية بين فئات العاملين في‬
‫المؤسسة اإلعالمية من مالك وصحفيين واداريين وأهمية إعادة التوازن في هذه العالقة بعد دخول عناصر‬
‫جديدة غريبة عن الروح اإلعالمية مثل المبرمجين ألجهزة الحاسوب والمنظمين‪.‬‬

‫‪ . 6‬تعاظم دور االقتصاد في الصناعة اإلعالمية مع تزايد االتجاه نحو خصخصة النشاط اإلعالمي على‬
‫المستويين العالمي والمحلي‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫المنطق الصناعي لوسائل اإلعالم‪:‬‬

‫فرق الباحثون منذ الثمانينات بين منطقين مختلفين يحكمان سير صناعات وسائل اإلعالم‪ ،‬ثم فرقوا بين‬
‫هذه الصناعات بداللة هذين المنطقين‪ .‬ويجدر بنا‪ ،‬في هذا المقام‪ ،‬أن نبدأ بضبط معنى مصطلح منطق‬
‫في سياق تحليل نظرية الصناعات اإلعالمية التي يشكل فيها مقولة محورية‪ .‬وتحليل مقولة المنطق‬
‫الصناعي هنا يعني الحديث عن مستويين متمايزين‪ :‬مستوى بنية الصناعة ومستوى تنظيمها‪.‬‬

‫فأولهما‪ :‬يعني الشروط الهيكلية التي تحدد متغيرات عمل األطراف الفاعلة في قطاع معين في فترة‬
‫تاريخية محددة‪ ،‬فهو يشير هنا بالتحديد إلى القواعد التي توجه هيكلة وسير قطاع صناعي معين‪ ،‬والتي‬
‫تحدد خصوصيات عمليات اإلبداع واإلنتاج وتمفصلها‪ ،‬وصيغة الصالحية‪ ،‬واستهالك المنتجات الثقافية‪.‬‬
‫فالمنطق هنا‪ ،‬يحدد قواعد العمل (اللعبة) بين مختلف األطراف بصرف النظر عن إرادتهم‪ ،‬أي أنه يصف‬
‫االتجاهات الكبرى للصناعة في لحظة معينة‪.‬‬

‫ثانيهما‪ :‬هو األشكال الغالبة لتبضيع الثقافة وتصنيعها في لحظة تاريخية معينة‪ ،‬وهي نتيجة الرتباط‬
‫معين بين وظائف اإلنتاج والبرمجة (أو النشر) والبث (أو التوزيع)‪ .‬ويتم التمييز عادةً بين منطق النشر‬
‫ومنطق البث‪ ،‬فمصطلح (المنطق) هنا يجمع بين المعنيين معًا‪ :‬أي الشروط الهيكلية وأشكال المؤسسة‬
‫الناجمة عنها‪.‬‬

‫األول‪ -‬منطق النشر‪:‬‬

‫يحكم منطق النشر إنتاج المواد الثقافية‪ ،‬وأنماط صالحيتها معًا‪ .‬وتسمح تقنيات اإلنتاج‪ ،‬في هذا‬
‫اء (إيجا ًار) للمستهلكين مباشرًة‪ ،‬ومن أهم أمثلة‬
‫المنطق‪ ،‬بإنتاج نسخ من عمل معين وتسويقها بيعًا أو كر ً‬
‫الصناعات القائمة على منطق النشر صناعة الكتاب وصناعة الشريط المسموع وشريط الفيديو‪ ،‬وصناعة‬
‫الصورة المكبرة‪ ،‬واألسطوانة المضغوطة‪...‬‬

‫دور الناشر‪:‬‬

‫يلعب الناشر في هذه الصناعات جميعًا دو اًر مركزيًا‪ ،‬فهو الذي يجمع بين وظيفة اإلبداع الفكري‪ ،‬واإلنتاج‬
‫المادي (الصنع)‪ ،‬والنسخ الصناعي لألعمال الثقافية‪ .‬فهو يختار المشاريع واألعمال التي يقدمها للنشر‬

‫‪14‬‬
‫والتسويق من بين فهرس متعدد األسماء والعناوين من المؤلفين وأعمالهم المقترحة‪ ،‬ويتحمل مخاطرها‬
‫جزئيًا أو كليًا‪.‬‬

‫ووظيفة النشر مهمة جدًا‪ :‬تتمثل في اختيار األعمال وتصنيعها وتسويقها‪ ،‬ويكمن مصدر الصعوبة في‬
‫عشوائية الطلب على المنتجات الثقافية‪ ،‬إذ يتعين على الناشر أن يوازن على األقل بين األعمال الفاشلة‬
‫واألعمال الناجحة ليضمن توازن المؤسسة‪.‬‬

‫الثاني‪ -‬منطق البث (التدفق)‪:‬‬

‫يحكم منطق البث أو التدفق عرض المنتجات بواسطة البث الجماهيري‪( ،‬فبدالً من إعادة نسخ النموذج‬
‫األصلي لعمل معين عدة مرات أو توزيعه يتم بثه في وقت واحد إلى عدد كبير من المستهلكين)‪ .‬وهو‬
‫المنطق الذي يحكم نشاط التلفزيون أو اإلذاعة‪ ،‬حيث يتم عرض البرنامج نفسه‪ ،‬بواسطة البث على‬
‫جمهور واسع‪ ،‬ال على شكل نسخ فردية قابلة لالمتالك‪ ،‬ويتم استهالكه في الوقت نفسه الذي يبث فيه‪.‬‬

‫دور القائم بالبث أو المبرمج‪:‬‬

‫الوظيفة األساسية‪ ،‬المماثلة لوظيفة الناشر في صناعة النشر‪ ،‬هي هنا وظيفة المبرمج‪ .‬ومهمة المبرمج‬
‫األساسية هي بناء شبكة برامج يمكنها أن تجتذب اهتمام أكبر قدر من المستمعين أو المشاهدين خالل‬
‫أطول فترة ممكنة‪ ،‬ولذلك يحاول المبرمج أن يبني شبكة برامجية توافق وقت العائالت‪ ،‬وجدول انشغاالتها‪.‬‬

‫هدف البرمجة‪ ،‬وفاء الجمهور‪:‬‬

‫عادةً ما يتم عرض المواد اإلعالمية ومواد التسلية والترفيه في الوقت نفسه لتلبية هذا المطلب‪ :‬جذب أكبر‬
‫عدد من المستمعين أو المشاهدين أطول فترة ممكنة‪.‬‬

‫يقع منطق الصحافة في منزلة بين المنطقين السابقين‪ ،‬ففي الصحافة يتم تدوين محتوى غير مادي على‬
‫مرتكز مادي غير معمر‪ ،‬بل عابر هو الصحيفة‪ ،‬ويتم تجديد النموذج في فترة قصيرة جدًا‪ ،‬فينسخ ويوزع‬
‫على نطاق واسع وبأقصى سرعة ممكنة‪ .‬ويتم ذلك في ظروف إنتاج مغايرة تمامًا لما هو عليه األمر في‬
‫المنطقين السابقين‪.‬‬

‫مصـادر تمـويل وسائل اإلعالم‪:‬‬

‫‪17‬‬
‫تعتمد وسائل اإلعالم على أنواع مختلفة من مصادر التمويل من أهمها‪:‬‬

‫‪ -0‬اإلعالن‪:‬‬

‫الذي يع ًد بحق المصدر األهم لمعظم وسائل اإلعالم ومؤسساته‪ ،‬وأحيانًا بعد الدعم الحكومي والخاص‪.‬‬

‫اإلعالن أحد األشكال الرئيسة لترويج المبيعات الذي يستهدف تعريف مجموعات المستهلكين بالسلع‬
‫والخدمات وخصائصها ومميزاتها وحث المستهلكين واقناعهم باتخاذ خطوات استهالكية معينة وفق‬
‫األهداف التسويقية األساسية‪ .‬وال شك أن اإلعالن الجيد يحقق زيادة في كمية المبيعات من السلعة‪،‬‬
‫وبذلك يحقق خفضا في تكلفة اإلنتاج‪ ،‬ومن ثم يؤدي على المدى الطويل إلى خفض سعر بيع السلعة‬
‫للمستهلك‪ .‬وعليه فإن كل مبلغ يصرف على اإلعالنات يصب في االستثمارات التي تدر أرباحاً حاضرة‬
‫ومستقبلية‪.‬‬

‫لقد أصبح اإلعالن أحد معالم المجتمع الحديث الذي ال يمكن االستغناء عنه‪ .‬يقول أرمان ماتالر في‬
‫كتابه (إمبراطورية اإلعالن)‪ :‬إن االهتمام المتزايد باإلعالن كفن ينسينا أنه أيضًا صناعة يزداد ثقلها يومًا‬
‫بعد يوم‪ ،‬ومؤسسة قائمة بذاتها‪ ،‬حيث يشارك اإلعالن في كل الظواهر التي تزخر بها القطاعات‬
‫ال عن الدور الذي أصبح يلعبه في المضاربات المالية التي تجري على الصعيد‬
‫االقتصادية المختلفة‪ ،‬فض ً‬
‫العالمي‪.‬‬

‫إن معركة السيطرة على شبكات اإلعالن ووكاالتها تواكب معركة السيطرة على الشركات التجارية‬
‫والصناعية عابرة القارات من أجل الحصول على نصيب األسد من السوق العالمي‪ .‬وعليه‪ ،‬يمكننا التأكيد‬
‫على أن اإلعالن هو الداعم األساس القتصاديات وسائل اإلعالم‪.‬‬

‫‪ -4‬مبيعات البرامج‪:‬‬

‫تقوم بعض وسائل االتصال ببيع برامجها‪ ،‬ولكن هذا يتطلب أن تكون لهذه الوسائل قدرة مهنية ومادية‬
‫وتقنية تمكنها من تقديم برامج منافسة تستطيع من خاللها زيادة دخلها‪.‬‬

‫‪ -3‬رعاية المؤسسات‪:‬‬

‫‪16‬‬
‫تقوم بعض المؤسسات برعاية البرامج اإلذاعية أو التلفزيونية أو غيرها مقابل قيمة تدفعها للمحطـة‪،‬‬
‫والغرض من مثل هذه البرامج هو اإلعالن عن سلع أو خدمات تقدمها تلك المؤسسات‪ ،‬وعليه يمكن‬
‫القول بأن هناك مصالح مشتركة بين المؤسسة والمحطة‪.‬‬

‫‪ -2‬دعم الحكومة أو القطاع الخاص‪:‬‬

‫من المعلوم أن هناك كثي ًار من محطات الراديو والتلفزيون والصحف ومواقع اإلنترنت لها ارتباط بالقطاع‬
‫العام أو القطاع الخاص‪ ،‬وحسب ما تمليه تلك العالقة ي مكن أن تقدم الحكومة أو مؤسسات القطاع‬
‫الخاص الدعم للمؤسسات اإلعالمية‪ ،‬وقد يكون ذلك الدعم دعماً مالياً مباش ًار‪ ،‬أو في شكل مساعدات‬
‫وتسهيالت‪.‬‬

‫كثي ًار ما يؤدي اعتماد وسائل اإلعالم على مصادر تمويل بعينها إلى أن تتحول مصادر التمويل هذه إلى‬
‫فاعل مؤثر في محتوى تلك الوسائل وربما سياساتها‪ ،‬ويؤدي هذا غالباً إلى بعض السلبيات‪:‬‬

‫تراجع تحقيق الوظائف‪:‬‬

‫قد تخضع مؤسسات اإلعالم لإلغراءات المالية على حساب ما تقدمه من مضمون‪ ،‬وتجنح لضغوط‬
‫اإلعالن وسيطرة المؤسسات الضخمة‪.‬‬

‫استغالل األطفال في اإلعالن التجاري‪:‬‬

‫وهي تمثل ضغطًا على األسرة لشراء سلع ربما تكون غيــر ضرورية‪ ،‬بل ربما ضارة‪.‬‬

‫استخدام أساليب الجذب اإلعالمي‪:‬‬

‫كثي اًر ما يحتوي اإلعالن التجاري على ما يسمى بأساليب الجذب‪ ،‬وهي تتمثل في ممارسة الخداع‪،‬‬
‫التضليل‪ ،‬اإلغراء‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫المصادر والمراجع المستخدمة في الوحدة األولى‬

‫‪ -‬عبد المجيد شكري‪ ،‬تكنولوجيا االتصال الجديد في إنتاج البرامج في الراديو والتلفزيون‪ ،‬دار الفكر‬
‫العربي‪ ،‬مدينة نصر‪.3996 ،‬‬

‫‪ -‬مجذوب بخيت محمد توم‪ ،‬اقتصاديات اإلعالم‪ ،‬مركز الخبراء للتدريب‪ ،‬السودان‪ .6 ،‬أغسطس‪،‬‬
‫‪..131‬‬

‫‪ -‬أحمد إسماعيل حجي‪ ،‬اقتصاديات التربية والتخطيط‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار الفكر العربي‪..11. ،‬‬

‫‪ -‬زيد بن محمد الرماني‪ ،‬اقتصاد اإلعالم‪ ،‬أسرار وأخبار‪ ،‬ط ‪ ،3‬الرياض‪ ،‬مكتبة الرشد ناشرون‪..111 ،‬‬

‫‪ -‬عاشور فني‪ ،‬اقتصاديات وسائل اإلعالم المرئية والمسموعة‪ ،‬اتحاد إذاعات الدول العربية‪ ،‬تونس‪،‬‬
‫‪..13.‬‬

‫‪ -‬محمد سيد محمد‪ ،‬اقتصاديات اإلعالم‪ ،‬مكتبة كمال الدين‪ ،‬القاهرة‪.3979 ،‬‬

‫‪15‬‬
‫نماذج عن أسئلة من الوحدة األولى‬

‫مما يؤكد أن اإلعالم أصبح صناعة لها اقتصادها المميز‪:‬‬

‫‪ – A‬تشترك أهداف المنتج اإلعالمي مع أهداف سلع معينة ومحددة‪.‬‬

‫‪ – B‬إن سلعة اإلعالم متميزة ليست مثل أي سلعة أخرى‪.‬‬

‫‪ - C‬إن إدارة مؤسسة إعالمية تع ّد نشاطاً إبداعياً‪.‬‬

‫‪ – D‬ال تعد إدارة مؤسسة إعالمية نشاطًا إبداعيًا بل آليًا‪.‬‬

‫ربما تتحول مصادر تمويل وسائل اإلعالم إلى‪:‬‬

‫‪ - A‬أداة ضاغطة تخضع مؤسسات اإلعالم لمشيئتها‪.‬‬

‫‪ - B‬فاعل مؤثر في محتوى تلك الوسائل‪.‬‬

‫‪ - C‬فاعل مؤثر في سياسات الوسائل‪.‬‬

‫‪ - D‬كل اإلجابات صحيحة‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫الوحدة الثانية‪ :‬اقتصاد الصحافة المطبوعة‬

‫مقدمة‬

‫موارد الصحيفة ومصادر تمويلها‬

‫أوالً – التوزيع‬

‫ثانياً‪ -‬اإلعالنات‬

‫ثالثاً– الطباعة التجارية‬

‫رابعاً– استثمار بعض أقسام المؤسسة الصحفية ألغراض استثمارية‬

‫خامساً‪ -‬المرتجعات ومخلفات ورق الطباعة‬

‫سادساً‪ -‬الدعم المشروع ومصادر تمويل أخرى‬

‫‪ -‬دعم مباشر‬

‫‪ -‬دعم غير مباشر‬

‫مصروفات أو عناصر تكاليف الصحيفة‬

‫‪ -0‬المصروفات الثابتة أو شبه الثابتة‬

‫‪ -4‬مصروفات متغيرة‬

‫‪ -3‬استثمارات جديدة‬

‫تقسيمات تكاليف اإلصدار‬

‫أو ًال‪ -‬تكاليف قبل اإلصدار‬

‫‪22‬‬
‫ثانياً‪ -‬تكاليف اإلصدار الدوري‬

‫‪ -0‬تكاليف التحرير‬

‫‪ -4‬تكاليف الطباعة‬

‫‪ -3‬تكاليف التسويق‬

‫‪ -2‬تكاليف أخرى‬

‫‪ -0‬تكاليف مرتبطة بالصحيفة‬

‫‪ -.‬تكاليف مرتبطة بالصحفيين‬

‫‪ -1‬تكاليف مرتبطة بمقر الصحفيين‬

‫‪ -3‬تكاليف مرتبطة بمعدات المؤسسة الصحفية‬

‫‪ -1‬تكاليف مرتبطة بأعمال التطوير والتحديث‬

‫‪ -6‬تكاليف مرتبطة بأنشطة أخرى‬

‫‪ -7‬الضرائب بأنواعها‬

‫‪21‬‬
‫ملخص الوحدة الثانية‪:‬‬

‫في الحديث عن اقتصاد الصحافة المطبوعة‪ ،‬تتنوع موارد الصحيفة ومصادر تمويلها‪ ،‬وتأتي أهم هذه‬
‫الموارد من التوزيع‪ ،‬واإلعالنات‪ ،‬والطباعة التجارية‪ ،‬واستثمار بعض أقسام المؤسسة الصحفية ألغراض‬
‫اء المشروع منه أم غير‬
‫استثمارية‪ ،‬ومرتجعات الصحف‪ ،‬ومخلفات ورق الطباعة‪ ،‬وأيضًا الدعم سو ً‬
‫المشروع‪ .‬وتتنوع مصروفات أو عناصر تكاليف الصحيفة بين مصروفات ثابتة أو شبه ثابتة ومصروفات‬
‫متغيرة واستثمارات جديدة لحساب الصحيفة‪ .‬وبالنسبة لتكاليف اإلصدار فثمة ما هو قبل اإلصدار مثل‬
‫تكاليف الحصول على ترخيص الصحيفة‪ ،‬تكاليف شراء أو استئجار مبنى‪ ،‬تكاليف االشتراك بصحف‬
‫ومجالت ووكاالت أنباء ‪...‬الخ‪ ،‬وتكاليف اإلصدار الدوري مثل تكاليف التحرير والطباعة والتسويق‪،‬‬
‫وتكاليف أخرى مرتبطة بالصحفيين‪ ،‬وبمعدات المؤسسة الصحفية‪ ،‬وبأعمال التطوير والتحديث‪.‬‬

‫األهداف التعليمية للوحدة الثانية‪:‬‬

‫أن يدرك الطالب أهمية العوامل االقتصادية في إنشاء الصحف المطبوعة واستمرار عملها‪.‬‬

‫أن يعرف الطالب بدقة تفاصيل أنواع تمويل الصحافة المطبوعة ومصادرها‪ ،‬وضرورة ذلك لوجود‬
‫واستمرار الصحيفة‪.‬‬

‫أن يعرف الطالب بدقة مجمل تفاصيل عناصر الصحافة المطبوعة وتكاليفها‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫مقدمة‪:‬‬

‫كما أن الظروف الخاصة باستثماراتها وطرق إدارتها يضيفان عليها صورة فريدة مميزة مقارنة بباقي‬
‫القطاعات اإلنتاجية والصناعية‪ ،‬فالصحف منتج صناعي ذو طبيعة خاصة يستهلك سريعًا (سريعة التلف‬
‫والسيما اليومية منها أو النصف يومية)‪ ،‬لذلك ينبغي أن تباع على وجه السرعة‪ ،‬وما لم تبع يتسبب ذلك‬
‫زيادة في نسبة المرتجعات وزيادة في أعباء التخزين‪.‬‬

‫وعدد الصفحات‪ ،‬ونوعية الطباعة‪ ،‬وسعر المطبوعة‪ ،‬ومجال توزيعها الجغرافي‪ ،‬وطرق التوزيع‪ ،‬والنظام‬
‫االقتصادي السائد في بلد صدور الصحيفة‪...‬الخ كل ذلك يحدد مصروفات الصحيفة ومواردها‪ .‬وحتى‬
‫اء بزيادتها أم بتقليل‬
‫تضمن الصحف استمرار صدورها عليها أن تعدل ميزانها التجاري لحساب الموارد سو ً‬
‫نسبة المصروفات بما يعبر عنه اقتصاديًا بالميزان التجاري الرابح‪.‬‬

‫موارد الصحيفة ومصادر تمويلها‪:‬‬

‫تسعى المؤسسة الصحفية إلى تحقيق رسالة الصحافة في توعية الرأي العام وتثقيفه وتوجيهه كهدف‬
‫رئيسي لها‪ ،‬وفي سبيل القيام بهذا الدور اإلعالمي الكبير‪ ،‬يجب أن تكون المؤسسة الصحفية في مركز‬
‫مالي يحقق لها االستقالل االقتصادي‪ ،‬ولن تتمكن المؤسسة الصحفية من الوصول إلى هذا االستقالل‪،‬‬
‫إال إذا كانت تحقق ربحًا يمكنها من االستمرار في إصدار صحفها‪ ،‬وتطوير الخدمة الصحفية بها‪،‬‬
‫ومسايرة التطور العلمي والتكنولوجي في صناعة الصحافة في العالم‪ ،‬دون االعتماد على مصادر خارجية‬
‫قد تقيد من حريتها‪.‬‬

‫وحتى تتمكن المؤسسة الصحفية من أداء رسالتها ومجابهة مسؤولياتها تجاه العاملين فيها والمجتمع‪ ،‬فإنها‬
‫تقوم ببعض األعمال التي تمكنها من تغطية تكاليف إصدار صحفها وتحقيق الربح‪ ،‬وأهم هذه األعمال‬
‫بيع المساحات اإلعالنية‪ ،‬ونشاط الطباعة التجارية‪ ،‬والتوزيع للغير من باقي الناشرين والكتاب والمؤسسات‬
‫الصحفية‪ ،‬وال يمكن فصل هذه األنشطة‪ ،‬في حقيقة األمر‪ ،‬عن الغرض األساسي الذي قامت من أجله‬
‫المؤسسة الصحفية‪ ،‬فتحقيق الربح في هذه المنشآت من خالل القيام بهذه األعمال التجارية ليس هدفاً في‬
‫حد ذاته‪ ،‬ولكنه وسيلة لتحقيق هدف آخر‪ ،‬وهو تحقيق رسالة الصحافة وضمان حريتها واستقالل‬
‫المؤسسة الصحفية اقتصادياً‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫قسم بعض المختصين ومنهم حسنين عبد القادر‪ ،‬ومحمد الرفاعي موارد الصحيفة إلى ثالثة مصادر‬
‫مشروعة‪ ،‬ومصدران غير مشروعين (سنتطرق إليهما الحقًا)‪ ،‬أما المصادر المشروعة فهي‪:‬‬

‫‪ -‬التوزيع واالشتراكات‪.‬‬

‫‪ -‬اإلعالنات‪.‬‬

‫‪ -‬عملية الطباعة التجارية لحساب اآلخرين‪.‬‬

‫أوالً– التوزيع‪:‬‬

‫التوزيع الحلقة التالية النتهاء عمليات المراحل اإلنتاجية للمطبوعات‪ ،‬لكنه ليس الحلقة النهائية في العملية‬
‫االتصالية‪ ،‬فهو ضمنًا خطوة من خطوات التسويق‪ .‬والتوزيع بالفهم العام وظيفة إدارية (قد تناط بالناشر‬
‫أو بآخرين)‪ ،‬ولكنه في الفهم الخاص وظيفة إعالمية تحتاج إلى تضافر جهود طاقم المؤسسة الناشرة‬
‫بجميع أف اردها مع جهود مسوقين وموزعين محترفين‪ ،‬وما يرتبط بذلك من متغيرات منها ما هو صحفي‬
‫بشقيه المهني واإلنتاجي وبكفاية البنية التحتية الالزمة لتوزيع المطبوعات والظروف المشجعة أو المعوقة‬
‫لتلك العمليات‪.‬‬

‫تسويق الصحف وعالقتها بأرقام التوزيع‪:‬‬

‫على الرغم من شيوع كلمة بيع الصحف على عملية وصول الصحف إلى قرائها‪ ،‬إال أن بعض‬
‫االقتصاديين يرون أن كلمة التسويق أكثر دقةً ‪ ،‬فهم ينظرون إلى التوزيع على أنه مجرد انتقال مادي‬
‫للسلعة من المنتج (المؤسسة الصحفية) إلى المستهلك (القارئ)‪ ،‬ويشمل هذا االنتقال وظائف عديدة‪.‬‬

‫وللتوزيع طرق عدة أهمها‪:‬‬

‫التوزيع لمراكز أو نقاط البيع مباشرًة‪ ،‬وأيضًا لبائعي الصحف الجوالين‪.‬‬

‫التوزيع من خالل االشتراك الدوري‪ ،‬السنوي أو نصف السنوي أو الفصلي‪ ،‬الذي يمكن أن يمد الصحيفة‬
‫ال‪.‬‬
‫بمورد معين حتى لو كان قلي ً‬

‫التوزيع غير المباشر أو التوزيع التعاوني عن طريق شخص أو مؤسسة مختصة بتوزيع المطبوعات‬
‫بحسب اتفاق بين الصحيفة وهذه المؤسسة‪.‬‬
‫‪24‬‬
‫فالتوزيع على تواضعه وتذبذبه في الجزائر‪ ،‬على سبيل المثال‪ ،‬كان قاد اًر على ضمان تغطية التكاليف‬
‫العامة بحسب أحسن جاب الله بلقاسم في كتابه (اقتصاد الصحافة ووسائل اإلعالم)‪.‬‬

‫ثانياً‪ -‬اإلعالنات‪:‬‬

‫نشير بدايةً إلى أن اإلعالنات تشكل المصدر األكثر أهمية لجميع وسائل اإلعالم التقليدي واإللكتروني‪.‬‬

‫بدأت اإلعالنات تغزو المجال الصحفي على نحو مكثف بدءاً من عام ‪3831‬م‪ ،‬ولمدة طويلة احتلت‬
‫إعالنات األدوية‪ ،‬والسيما أدوية السعال ودهانات الروماتيزم مساحة كبيرة‪ ،‬وجنى منها متعهدو اإلعالنات‬
‫أرباحاً ال بأس بها‪ .‬أثناء الحرب األهلية األمريكية استغلت و ازرة المالية الصحف لإلعالن عن بيع سندات‬
‫الحرب‪ ،‬ومع زيادة عدد المهاجرين إلى أمريكا واالزدهار النسبي في الصناعة وفتح مدارس جديدة زاد‬
‫عدد القراء‪ ،‬وظهر الكرتون الملون المصور ليجتذب مئات اآلالف من القراء‪ ،‬ومع نهاية القرن التاسع‬
‫عشر أخذت الصحف ترسل مندوبيها للبحث عن األخبار واإلعالنات بدالً من انتظارها لتأتي إلى‬
‫الصحف‪ ،‬ثم برزت إعالنات التدخين بقوة‪ ،‬وعند صدور أول تقرير طبي عن منظمة الصحة العالمية‬
‫يحذر من أخطار التدخين‪ ،‬كشرت شركات التدخين عن أنيابها لتدافع عن موقفها آنذاك‪ ،‬وكادت أن‬
‫تنتصر لوال تدخل عشرات األطباء الذين انتصروا للحقيقة‪ ،‬وأجبروا مصنعي التبغ اإلشارة إلى مضار‬
‫التدخين (التدخين يضر بالصحة – التدخين سبب رئيسي ألمراض سرطان الرئة – و ازرة الصحة تحذر‬
‫من أضرار التدخين‪...‬الخ)‪.‬‬

‫يستخدم المعلنون وسائل اإلعالم إليصال الرسائل التجارية إلى جمهور مستهدف‪ ،‬وتعتمد وسائل اإلعالم‬
‫بدرجات متفاوتة على بيع المساحات اإلعالنية لتغطية أنشطتها اإلعالمية األخرى‪ ،‬ويسهم اإلعالن على‬
‫نحو مباشر في تمويل الصحف بنسبة كبيرة من ميزانيتها‪ ،‬تصل إلى كامل الميزانية في الصحف‬
‫اإلعالنية (التي توزع مجانًا)‪ ،‬وفي الصحف العامة تحتل جزءاً ليس بالقليل من عدد صفحاتها‪ ،‬ويمكن‬
‫االستدالل على أهمية اإلعالن بوصفه مصد ًار من مصادر التمويل من خالل حجم اإلنفاق ونصيب كل‬
‫وسيلة إعالمية منه‪ .‬ففي إحصائية أجرتها شركة ماكان إريكسون ‪ McCann Erickson‬عام ‪ 3971‬م‬
‫حول حصة وسائل اإلعالم من اإلعالنات األمريكية كان نصيب الصحف ‪ ،%.9.8‬والتلفزيون ‪38.8‬‬
‫‪ ،%‬والراديو ‪ ،%7.3‬والمجالت ‪ ،%1.8‬والوسائل األخرى ‪.%19.3‬‬

‫‪27‬‬
‫استجر ظهور التلفزيون وشيوعه القراء والمعلنين من الحصة اإلجمالية للصحف والمجالت والسيما العامة‬
‫في أواخر ستينيات وأوائل سبعينيات القرن الماضي‪ .‬وبالوقت نفسه أعقب هذه المدة ميالد العديد من‬
‫الصحف والمجالت ذات القدرة التنافسية‪ ،‬وغالبًا ما يتزامن ظهور وسائط جديدة بتهديد ينذر بإزاحة وسائط‬
‫اإلعالم السابقة بدرجة أو بأخرى‪.‬‬

‫وقدر اإلنفاق اإلعالني عام ‪ .113‬بـ ـ ‪ .11.7‬بليون دوالر‪ ،‬وكان نصيب التلفزيون ‪ ،%...1‬والبريد‬
‫المباشر ‪ ،%39.8‬والصحف ‪ ،%39.1‬والراديو ‪ ،%7.7‬والصفحات الصفراء ‪ ،%1.7‬والمجالت‬
‫أخير الشبكة العنكبوتية مع الوسائل اإلعالمية األخرى ‪.%3.8‬‬
‫‪ ،%3.7‬و اً‬

‫وبظهور الوسائل اإللكترونية والسيما اإلنترنت التي استقطبت شريحة من القراء والسيما الشباب‪ ،‬وبالتالي‬
‫المعلنين‪ ،‬تأثرت أرقام توزيع الصحف بهذا المستحدث‪ ،‬ولعل ما شهدته ‪ MSN‬من إقبال حققت ما نسبته‬
‫‪ %38‬أرباحًا من عوائد اإلعالنات عام ‪.111‬م‪ ،‬وحققت نيويورك تايمز ديجيتال ما نسبته ‪ %39.8‬من‬
‫عوائد اإلعالنات في الربع الثالث من عام ‪.113‬م‪ .‬وازداد اإلنفاق اإلعالني في الواليات المتحدة على‬
‫شبكة اإلنترنت بنسبة ‪ %31.8‬منذ منتصف عام ‪.113‬م وحتى منتصف ‪.111‬م‪.‬‬

‫وتعد اإليرادات اإلعالنية المصدر الثاني من مصادر تمويل الصحف (باستثناء الصحف اإلعالنية التي‬
‫توزع مجانًا إذ يعد اإلعالن مصدر تمويلها األساسي‪ ،‬وربما يكون الوحيد) على الرغم من تراجع حصة‬
‫الصحف من اإلنفاق اإلعالني لمصلحة وسائل االتصال اإللكترونية وانخفاض حصة كل صحيفة (مجلة)‬
‫نتيجة زيادة عدد الصحف والمجالت الصادرة‪ .‬من المهم االنتباه إلى أن قيمة المساهمات اإلعالنية في‬
‫المؤسسات الصحفية تتوقف على حجم اإلنفاق اإلعالني على المستوى الوطني‪ ،‬ومستوى التقدم الصناعي‬
‫الذي حققه المجتمع‪ ،‬وخصائصه االستهالكية‪ ،‬واعتماده على الوسائل اإلعالنية ‪ -‬اإلعالمية‪ .‬في حين‬
‫تعتمد صحف أخرى على اإلعالن في حدود ضيقة للغاية‪ ،‬وبعضها ال ينشر إعالنات على اإلطالق وهي‬
‫نادرة جداً اليوم‪.‬‬

‫وتبلغ نسبة مساهمة الموارد اإلعالنية في المجتمعات الرأسمالية ما يقرب من نصف موارد الصحيفة أو‬
‫ال‪ .‬وقد أسس الصحفي الفرنسي أميل دي جيرارديان لنظرية أصبحت فيما بعد أساس كل مشروع‬
‫أكثر قلي ً‬
‫صحفي ناجح‪ ،‬عندما نادى وطبق مقولة‪ :‬إذا بيعت الصحف بثمن قليل سيرفع من عدد النسخ المباعة‬

‫‪26‬‬
‫وكلما ارتفع هذا العدد ازداد إقبال المعلنين وارتفع سعر اإلعالن‪ ،‬ونادى أيضًا بمقولة ال ربح تجاري‬
‫للصحيفة إال عن طريق جلب المزيد من اإلعالنات ورفع سعرها‪.‬‬

‫ويرى بعض الباحثين أن نسخة من صحيفة أوروبية مثالية تحقق ربحًا يصل إلى ‪ 1.1.‬يورو نجد أن‬
‫‪ %1.66‬من األرباح يأتي من اإليرادات اإلعالنية في اليوم المثالي‪ .‬وحين يوضع اإلعالن في الحسبان‬
‫يغطي أكثر من ‪ %61‬من إجمالي األرباح‪ ،‬وذلك بعد حذف نفقات التسويق‪ ،‬واذا أضفنا تكاليف الطباعة‬
‫وورق الصحف نجد أن العديد من الصحف ال تجني أرباحًا يمكن تثمينها من نشاطات التوزيع بل تعتمد‬
‫على اإلعالن لجني األرباح‪.‬‬

‫وتباع اإلعالنات في الصحف بالسطر ‪ /‬عمود أو سم ‪ /‬عمود‪ ،‬أو بأقسام الصفحة ربع – نصف – ثلث‬
‫– ثمن – صفحة كما هو الحال في المجالت‪ ،‬وتحدد مساحة اإلعالن سعر نشره إضافة إلى عمر‬
‫الصحيفة وتاريخها وجودة طباعتها وورقها ومستوى تطور الصحيفة وعدد قرائها ونوعيتهم‪ ،‬وعدد النسخ‬
‫المطبوعة والموزعة منها ومجال تغطيتها الجغرافي ودورية صدورها‪ ...‬وغيرها من العوامل المرتبطة‬
‫باإلعالن نفسه‪ ،‬خدمي‪ ،‬اجتماعي‪ ،‬ثقافي‪ ...‬وعدد مرات نشره‪.‬‬

‫ومن جانب آخر يمكن أن يسهم اإلعالن بزيادة األرباح عندما ترتفع أجور نشره‪ ،‬ففي بعض الحاالت‬
‫يطلب المعلن نشر إعالنه بصورة مستعجلة‪ ،‬ففي هذه الحالة من الممكن إضافة ‪ %11‬من قيمة‬
‫اإلعالن‪ ،‬كما تزيد قيمة اإلعالن إذا نشر ملوناً ‪ ،‬أو طبع على ورق خاص‪ ،‬أو اختار المعلن صفحة ما‬
‫أو زاوية محددة‪ ،‬فالصفحات األولى واألخيرة يدفع عنها سعر أكبر بضعفين أو ثالثة أضعاف ما ينشر‬
‫في صحيفة داخلية‪.‬‬

‫ثالثاً– الطباعة التجارية‪:‬‬

‫تستثمر بعض المؤسسات الصحفية مطابعها في أغراض تجارية عديدة (إذا كان وضع المؤسسة‬
‫التشريعي يسمح بذلك)‪ ،‬ويعد هذا النشاط من موارد الصحيفة ألسباب عدة منها‪:‬‬

‫‪ -3‬تفوق مطابع المؤسسات الصحفية ووفرة إمكاناتها‪.‬‬

‫‪ -.‬تعمل المؤسسات الصحفية كجزء من مشروع متكامل يقدم خدمة طباعية من ألفها إلى يائها‪.‬‬

‫‪ -1‬قدرة المطابع الصحفية على اإلنجاز السريع لمختلف األعمال الطباعية‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫‪ -3‬قدرة المطابع الصحفية على األفرخ واللفافات الورقية‪ ،‬وهو ما تعجز عن تنفيذه المطابع الصغيرة‪.‬‬

‫‪ -1‬اتساع نطاق األعمال الطباعية نتيجة التطور الثقافي واإلداري في العالم‪.‬‬

‫وتختلف نسبة مساهمة هذا النشاط في اقتصاديات الصحف على حجم األعمال التي تستطيع تأديتها‪،‬‬
‫والجودة المأمولة‪ ،‬ورغبة اآلخرين في التعامل مع المؤسسة الصحفية‪ ،‬وتنوع الخدمات الطباعية الذي يبدأ‬
‫ال‬
‫بطباعة الصحف لآلخرين وطباعة الكتب والدفاتر ومطبوعات العالقات العامة والمواد اإلعالنية وصو ً‬
‫إلى المطبوعات المكتبية الصغيرة كالتقاويم وغيرها‪.‬‬

‫رابعاً– استثمار بعض أقسام المؤسسة الصحفية ألغراض استثمارية‪:‬‬

‫ي عمد الكثير من الصحف في العالم إلى استثمار بعض أقسامها ألغراض استثمارية بهدف الحصول على‬
‫دخل مضاف إلى المؤسسة الصحفية‪ ،‬يستثمر خالله جهود العاملين وخبرتهم‪ ،‬والتقنية عالية المستوى‪،‬‬
‫ولربط المتعاملين بالمؤسسة بطرق عدة‪ ،‬مما يعزز من موقف المؤسسة الصحفية ويحسن من صورتها في‬
‫المجتمع الذي تصدر به‪ .‬وهذا المورد جديد في بعض المؤسسات ولم تدخله مؤسسات أخرى‪ ،‬ويرتبط هذا‬
‫النشاط عضويًا باألنشطة الصحفية كالترجمة والتأليف والنشر في فروع العلم المختلفة‪ ،‬واصدار المالحق‪،‬‬
‫وبيع األخبار من خالل وكالة متخصصة بجمع موضوعات تحريرية ومعالجتها وارسالها (الفائض عن‬
‫اإلنتاج التحريري) وطرح برامج تدريب متخصصة صحفية أو مجاورة‪ ،‬أو تأجير بعض صفحات الصحيفة‬
‫أو الصحف التي تصدر عن المؤسسة لجهة معينة ولمدة زمنية يتفق عليها مقابل أجر يتفق عليه‪.‬‬

‫وتختلف نسبة مساهمة هذه الموارد في اقتصاديات الصحف من مؤسسة صحفية ألخرى‪ ،‬فتشكل نسبة‬
‫مؤثرة في موارد بعض الصحف‪ ،‬وال تكاد تذكر أو تكون معدومة في مؤسسات أخرى‪.‬‬

‫خامساً‪ -‬المرتجعات ومخلفات ورق الطباعة‪:‬‬

‫تمثل المرتجعات أحد أبرز مصادر تمويل الصحيفة‪ ،‬وتباع مرتجعات الصحف بالميزان الستخدامها في‬
‫أعمال التغليف وغير ذلك‪ ،‬وفي بعض الدول تباع إلى معامل الورق ليعاد تصنيعها من جديد‪.‬‬

‫سادساً‪ -‬الدعم المشروع ومصادر تمويل أخرى‪:‬‬

‫‪25‬‬
‫تتعدد صور مساعدة الدولة للصحافة بتعدد طبيعة العالقة المتبادلة بين األوضاع القانونية للصحافة‬
‫وحريتها‪ ،‬وطبيعة النظام االقتصادي االجتماعي السائد في بلد إصدار الصحيفة‪ ،‬وتأخذ المساعدات التي‬
‫تقدمها الدول للصحافة أشكاالً متعددة‪:‬‬

‫‪ -‬دعم مباشر‪:‬‬

‫تقديم دعم مالي أو تقني مباشرة (بالتمويل المباشر أو باسترداد المعدات الطباعية أو نقلها جوًا داخل‬
‫البالد دون مقابل)‪ ،‬أو إمداد صحف الصف الثاني بمواد إعالنية‪ ،‬أو اشتراكات‪ ،‬أو تعفى من دفع حصة‬
‫التوزيع لمدة من الزمن (توزيع مجاني)‪.‬‬

‫‪ -‬دعم غير مباشر‪:‬‬

‫اتباع سياسات ضريبية والسيما في المشروعات الصحفية كمنح دعم يتمتع بإعفاءات ضريبية أو‬
‫تخفيضها‪ ،‬أو إعفاء الصحف من الرسوم الجمركية على كل إنتاجها الصحفي أو بعضه كالورق المستورد‬
‫ومستلزمات الطباعة‪ ،‬أو تقديم تخفيضات للصحف في أسعار خدمات النقل البري والجوي والبحري‬
‫وتخفيضات في أسعار االتصاالت الهاتفية السلكية والالسلكية‪ ،‬أو حماية صناعة ورق الصحف (إن كان‬
‫ينتج محليًا) أو إعفاء وارداته من الضرائب‪ ،‬أو المساعدة في تحديث المطابع‪ ،‬أو تقديم قروض ميسرة‬
‫بفائدة بسيطة ألعمال التطوير والتحديث‪.‬‬

‫ومن أشكال الدعم الحكومي المشروع في أثناء التأسيس أو خالل الصدور تمد الحكومة يد المساعدة إلى‬
‫الصحف إذا تعرضت ألزمة ما تهدد مستقبلها في الصدور وتعرقل تأدية رسالتها االجتماعية‪.‬‬

‫كما تتلقى بعض الصحف دعمًا غير مشروع من مصادر عديدة داخلية وخارجية‪ ،‬ويعد هذا الدعم موردًا‬
‫مشبوهاً يعرض بعضه الصحيفة للمسائلة القانونية‪ ،‬وقد تصل جزاءات بعض هذه الجرائم إلى سحب‬
‫الترخيص نهائياً‪ .‬ومن المصادر غير المشروعة نجد‪:‬‬

‫‪ - 0‬المساعدات المالية من الدول األجنبية التي تستغل الصحيفة ألغراض الدعاية لها‪.‬‬

‫اء من الداخل أو من الخارج‪ ،‬من الحكومات أو الهيئات األهلية أو األفراد‪.‬‬


‫‪ - 4‬الرشوة سو ً‬

‫‪29‬‬
‫كما تتلقى الصحف بعض أشكال الدعم المشروع في هيئة تبرعات من منظمات أو شركات أو مواطنين‬
‫على أن تتم في إطار قانوني معلن يسمح لها بتلقي هذه التبرعات‪.‬‬

‫وبعضهم اآلخر يحقق موارد من أنشطة أخرى كبيع األسهم وش ارئها في سوق البورصة‪ ،‬وجني أرباح‬
‫أموال المؤسسة المودعة في البنوك‪ ،‬وتأجير أراضي أو أمكنة تملكها الصحيفة داخل المدينة أو خارجها‪،‬‬
‫ورعاية معارض فنية‪ ،‬وتشجيع أصحاب الفعاليات االقتصادية واالجتماعية على طرح سلع بأسعار‬
‫مشجعة في بعض المواسم تكون الصحيفة شريكًا في الحصول على بعض األرباح‪ ،‬أو السعي إلى جني‬
‫عائدات من أن شطة سياحية كدخول مجال االستثمار السياحي‪ ...‬أو موارد من أنشطة وخدمات عقارية‬
‫تسهم بها الصحيفة‪...‬‬

‫مصروفات أو عناصر تكاليف الصحيفة‪:‬‬

‫تنحصر مصروفات الصحيفة بحسب حسنين عبد القادر ومحمد الرفاعي في ثالثة أنواع رئيسة هي‪:‬‬

‫‪ -0‬المصروفات الثابتة أو شبه الثابتة‪:‬‬

‫أهمها أجور العاملين (المحررين والفنيين‪ )...‬وأقسام التأمين‪ ،‬وايجارات المباني إن كانت مؤجرة‪ ..‬وهو‬
‫نوع من المصروفات ال يتأثر بارتفاع أرقام توزيع الصحيفة أو انخفاضه أو بكمية المطبوع‪ ،‬أو بكمية‬
‫اإلعالن في الصحيفة من عدمه‪.‬‬

‫‪ -4‬مصروفات متغيرة‪:‬‬

‫وأهمها ثمن الورق وأحب ار الطباعة والضرائب ونفقات التوزيع‪ .‬ويمكن ضغط هذه المصروفات في حال‬
‫انخفاض التوزيع‪ ،‬وبعضها يتجه عكسيًا أي أنها تزيد في حالة انخفاض التوزيع‪.‬‬

‫‪ -3‬استثمارات جديدة‪:‬‬

‫تتمثل بالتوسع في المباني أو اإلنشاءات الجديدة‪ ،‬وأعمال التطوير التقني لتطوير أداء الخدمات‬
‫الصحفية‪.‬‬

‫تقسيمات تكاليف اإلصدار‪:‬‬

‫‪32‬‬
‫أوالً‪ -‬تكاليف قبل اإلصدار‪:‬‬

‫هي مجموع التكاليف التي يتحملها الناشر قبل الشروع بإصدار العدد األول من صحيفته أو مجلته‪ ،‬ومن‬
‫أهمها‪:‬‬

‫‪ -3‬تكاليف إجراء الدراسات العلمية‪.‬‬

‫‪ -.‬تكاليف إبرام العقود‪.‬‬

‫‪ -1‬تكاليف شراء مبنى أو استئجاره‪.‬‬

‫‪ -3‬تكاليف شراء التجهيزات المكتبية‪.‬‬

‫‪ -1‬تكاليف االشتراك بصحف ومجالت ووكاالت أنباء‪.‬‬

‫‪ -6‬تكاليف فارق السعر بين االشتراك والبيع المباشر‪.‬‬

‫‪ -7‬تكاليف الحصول على الترخيص‪.‬‬

‫ثانياً‪ -‬تكاليف اإلصدار الدوري‪:‬‬

‫‪ -0‬تكاليف التحرير‪:‬‬

‫يقصد بتكاليف التحرير مجموع المصروفات الالزمة لتشغيل هذا النشاط بدءًا من جمع المادة الصحفية‬
‫ومعالجتها ونشرها وحفظها‪ ...‬وفق رؤية صحفية معينة تتأثر بالمناخ العام لبلد إصدار الصحيفة‪،‬‬
‫والصحف المنافسة‪ ،‬وتخصص ومهارة كتابها (الصحفيين العاملين بها أو الكتاب من خارج الصحيفة)‬
‫وكفاية األقسام المعاونة للتحرير‪ ،‬وقراء الصحيفة‪ ،‬وبالتالي معلنيها وبالتالي تسويقها‪ .‬مما سيكون له أثر‬
‫بارز على اقتصاديات الصحيفة‪ ،‬فترصد اإلدارة الصحيفة لهذا النشاط نصيبًا من مواردها للنهوض به‪،‬‬
‫فهو يمثل العمود الفقري في العمل الصحفي برمته‪ ،‬وعليه يتوقف مستوى الصحيفة بين القراء وفي السوق‬
‫الصحفية‪.‬‬

‫وتتوزع تكاليف التحرير الصحفي في المؤسسة الصحفية على‪:‬‬

‫‪ -3‬تكاليف الخدمات ومستلزمات اإلنتاج التحريري‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫‪ -.‬أجور المشتغلين في التحرير‪.‬‬

‫‪ -1‬تكاليف إجراء الدراسات‪.‬‬

‫‪ -3‬تكاليف إدارة الشؤون التحريرية‪.‬‬

‫‪ -1‬تكاليف شراء معدات التحرير وصيانتها واصالحها‪.‬‬

‫وعلى الرغم م ن أن هذا النشاط من أنشطة المؤسسة الصحفية يمثل جوهر العملية الصحفية‪ ،‬لكنه ال‬
‫يستقطب الكثير من إجمالي اإلنفاق العام للصحيفة إذا ما قورن بغيره من المصروفات‪ ،‬وأثبتت التجارب‬
‫الواقعية أن العالقة بين تكاليف التحرير وسعر بيع النسخة عالقة عكسية‪ ،‬بمعنى أنه كلما ارتفعت تكاليف‬
‫التحرير انخفض سعر النسخة الواحدة من الصحيفة أو المجلة‪ ،‬وهو االتجاه الذي تنحو نحوه الصحف‬
‫والمجالت على نطاق عالمي‪ .‬فاستقطاب كت اب يتمتعون بسمعة مرموقة بين القراء‪ ،‬وزيادة رواتب‬
‫الصحفيين العاملين في المطبوعة وحوافزهم‪ ،‬سيدفعهم إلى إنتاج تحريري نوعي‪ .‬صحيح أن تكاليف‬
‫التحرير زادت‪ ،‬لكن بالوقت نفسه زاد الطلب على الصحيفة (التوسع في إصدار األعداد وزيادة اإلنفاق‬
‫على التحرير تعادل ارتفاع أرقام التوزيع)‪ ،‬وهو ما يعني انخفاض نسبة المرتجعات وبالوقت نفسه‬
‫استقطاب المزيد من المواد اإلعالنية وارتفاع أسعارها‪ ،‬أي تكالي ف تحرير النسخة الموزعة من مطبوعة‬
‫تزيد بانخفاض الموزع منها وتنخفض بزيادته‪ .‬فاإلنفاق على النشاط التحريري ستنعكس بمزايا ايجابية‬
‫على كل المطبوعة‪.‬‬

‫‪ -4‬تكاليف الطباعة‪:‬‬

‫تعد تكاليف الطباعة الجزء األكثر تكلف ًة في صناعة الصحافة‪ ،‬وتستقطب الجزء األكبر من حجم اإلنفاق‬
‫العام للمؤسسة الصحفية‪ ،‬ويعود ذلك ألسباب عدة منها‪:‬‬

‫‪ -‬ارتفاع أسعار المطابع الصحفية‪.‬‬

‫‪ -‬ارتفاع تكاليف تشغيل المعدات األساسية والملحقة في المطابع الصحفية‪.‬‬

‫‪ -‬ارتفاع أسعار الحبر وسوء التخزين‪.‬‬

‫‪ -‬تذبذب أسعار الورق‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫‪ -‬ارتفاع نسبة الفاقد في الورق‪.‬‬

‫‪ -‬ارتفاع أعداد العاملين‪.‬‬

‫وتتوزع تكاليف الطباعة في المؤسسة الصحفية على‪:‬‬

‫‪ -0‬تكاليف الخدمات ومستلزمات اإلنتاج الطباعي‬

‫ورق‪ ،‬أحبار‪ ،‬مواد كيميائية‪ ،‬أفالم‪ .‬ويعد الورق العنصر األكثر كلفة في صناعة الصحف‪.‬‬

‫‪ -4‬أجور العمالة في المطابع وما يلحق بها من أقسام‪.‬‬

‫‪ -3‬تكاليف دراسات الجدوى‪.‬‬

‫‪ -2‬تكاليف إدارة العملية الطباعية‪.‬‬

‫‪ -3‬تكاليف التسويق‪:‬‬

‫هي مجموع التكاليف التي تتحملها المؤسسة الصحفية لنقل وتوزيع وبيع وتحصيل قيمة المباع من نسخ‬
‫الصحيفة‪ ،‬وتتعدد أشكال تكاليف التسويق ومنها‪:‬‬

‫‪ -3‬تكاليف بحوث التسويق‪.‬‬

‫‪ -.‬تكاليف تسويق الصحيفة‪.‬‬

‫‪ -1‬تكاليف تسويق المساحات اإلعالنية للمعلنين وأصحاب الفعاليات االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬لنشر‬
‫إعالناتهم في المساحات التي تحددها إدارة التحرير من حيث المساحة والموقع‪.‬‬

‫‪ -3‬تكاليف نقل المرتجعات وتخزينها وحفظها‪ ،‬وهي تكاليف تتناسب عكسًا مع حجم المبيعات‪ ،‬فكلما زاد‬
‫حجم المبيعات انخفضت تكاليف التعامل مع المرتجعات نقالً وحفظاً وتخزينًا‪.‬‬

‫‪ -1‬تكاليف الترويج للمبيعات‪ ،‬وسبل رفع أرقام التوزيع وتنشيط الطلب‪.‬‬

‫وتختلف تكاليف التسويق من صحيفة ألخرى طبقًا لحجم خطط التسويق‪ ،‬ومدى توافر الخبرات داخل‬
‫الصحيفة إلجراء البحوث‪ ،‬وان كانت خطط التسويق موجهة للخارج أو لداخل البالد‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫‪ -2‬تكاليف أخرى‪ :‬يمكن حصر هذه التكاليف بأنشطة عدة منها‪:‬‬

‫‪ -0‬تكاليف مرتبطة بالصحيفة‪ :‬كتكاليف األعداد الموزعة مجانًا للصحفيين ورجال الفكر وأساتذة‬
‫الجامعات أو من تختصهم هيئة التحرير‪ ،‬والنسخ المرسلة إلى دار الكتب أو المكتبات العامة‬
‫والسفارات‪ ...‬فضالً عن نفقات إيصالها – تكاليف النقل الجوي والبري للصحف – صندوق الصحفيين‪...‬‬

‫‪ -4‬تكاليف مرتبطة بالصحفيين‪ :‬المهمات‪ ،‬مصروفات الصناديق االجتماعية‪ ،‬الرعاية الصحية‪ ،‬بدل‬
‫السكن‪ ،‬بدل اتصاالت‪ ،‬بدل مواصالت‪ ،‬بدل سفر‪ ،‬ترفيه‪ ..‬رعاية‪ ،‬التأمين على الحياة في حال سفر‬
‫الصحفيين إلى مناطق الحروب واالشتباكات‪ ،‬تكاليف النقل الجوي والبري للصحفيين‪.‬‬

‫‪ -3‬تكاليف مرتبطة بمقر الصحفيين‪ :‬تكاليف استهالك المباني واألثاث وتحديثها‪ ،‬نفقات محروقات‬
‫للسيارات وتدفئة المباني والكهرباء (مازوت وبنزين وكهرباء)‪ ،‬شراء مواد مستهلكة‪ ،‬نفقات الحماية واألمن‪.‬‬

‫‪ -2‬تكاليف مرتبطة بمعدات المؤسسة الصحفية‪ :‬تكاليف الطباعة في أكثر من مكان‪ ،‬شراء المعدات‬
‫التقنية والسيارات واستهالكها وتحديثها‪ ،‬تكاليف شراء معدات التصوير والتحضير الطباعي وأجهزة‬
‫التحميض والمحاليل الكيميائية‪.‬‬

‫‪ -5‬تكاليف مرتبطة بأعمال التطوير والتحديث‪ :‬بدل إحالل تقني‪ ،‬تكاليف تطوير اإلصدار‪.‬‬

‫‪ -6‬تكاليف مرتبطة بأنشطة أخرى‪ :‬تكاليف البريد والمراسالت وأنشطة العالقات العامة الخارجية‪،‬‬
‫تكاليف أعمال التحصيل والمراجعة‪.‬‬

‫‪ -7‬الضرائب بأنواعها‪ :‬إن لم تكن الصحف معفاة من الضرائب‪ ،‬ومنها الضرائب العقارية على المباني‪،‬‬
‫الضريبة على األرباح‪ ،‬الضرائب على اإلعالنات‪ ،‬ضرائب القيمة المضافة (تعفى منها الصحف في كثير‬
‫من دول العالم)‪ ،‬ضرائب عربات النقل‪.‬‬

‫العالقة بين موارد الصحيفة ومصروفاتها معادلة ينبغي على اإلدارة الصحفية حلها‪ ،‬ونجاح اإلدارة في‬
‫تحقيق التوازن بين المصروفات واإليرادات بما يضمن استمرار عمل المؤسسة الصحفية وما يصدر عنها‬
‫من منشورات مؤشر على نجاح اإلدارة ونجاح المؤسسة الصحفية ككل‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫المراجع والمصادر المستخدمة في الوحدة الثانية‬

‫‪ -‬محمد خليل الرفاعي وبطرس حالق‪ ،‬إدارة الصحف واقتصادياتها‪ ،‬منشورات جامعة دمشق‪ ،‬مركز‬
‫التعليم المفتوح‪..116 ،‬‬

‫‪ -‬حسن توفيق حسن‪ ،‬اقتصاديات صناعة الصحافة‪ ،‬كتاب األهرام االقتصادي‪ ،‬القاهرة‪.3991 ،‬‬

‫‪ -‬حسنين عبد القادر‪ ،‬إدارة الصحف‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪.396. ،‬‬

‫‪ -‬بيير ألبير‪ ،‬الصحافة ‪ ،‬ت‪ ،‬فاطمة عبد اهلل محمود‪ ،‬الهيئة المصرية للكتاب‪ ،‬القاهرة‪.3987 ،‬‬

‫‪ -‬محمد سيد محمد‪ ،‬اقتصاديات اإلعالم‪ ،‬المؤسسة الصحفية‪ ،‬مكتبة كمال الدين‪ ،‬القاهرة‪.3979 ،‬‬

‫‪ -‬طه محمود طه‪ ،‬وسائل االتصال الحديثة وأبعاد جديدة للقرن العشرين‪ ،‬مجلة عالم الفكر‪ ،‬مجلد ‪،33‬‬
‫العدد الثاني‪ ،‬الكويت‪.3981 ،‬‬

‫‪ -‬أحسن جاب الله بلقاسم‪ ،‬اقتصاد الصحافة ووسائل اإلعالم‪ ،‬الجزائر‪..133 ،‬‬

‫‪37‬‬
‫نماذج عن أسئلة من الوحدة الثانية‬

‫لتوزيع الصحف طرق عدة منها‪:‬‬

‫‪ – A‬التوزيع غير المباشر أو التوزيع التعاوني لبائعي الصحف الجوالين‪.‬‬

‫‪ - B‬التوزيع لبائعي الصحف الجوالين‪.‬‬

‫‪ - C‬التوزيع من خالل االشتراك الدوري اليومي‪.‬‬

‫‪ - D‬التوزيع التعاوني عن طريق مؤسسة مختصة ببيع المطبوعات‪.‬‬

‫ت ّعد الطباعة التجارية من موارد الصحيفة ألسباب عدة منها‪:‬‬

‫‪ - A‬تفوق فرق العمل في المؤسسات الصحفية ووفرة إمكاناتها‪.‬‬

‫‪ - B‬تعمل المؤسسات الصحفية كجزء من مشروع غير متكامل يقدم خدمة الطباعة التجارية‪.‬‬

‫‪ - C‬قدرة المطابع الصحفية على تنفيذ ما تعجز عنه المطابع الصغيرة‪.‬‬

‫‪ -D‬قدرة الصحف على اإلنجاز السريع لمختلف األعمال اإلعالمية‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫الوحدة الثالثة‪ :‬اقتصاد السينما‬

‫مقدمة‬

‫اإلنتاج السينمائي‬

‫االقتصاد وصناعة السينما‬

‫دراسة الجدوى االستثمارية واالقتصادية لصناعة الفيلم‬

‫البنى التحتية لصناعة السينما‬

‫منشآت األعمال السينمائية‬

‫عناصر التكاليف اإلنتاجية للفيلم‬

‫أو ًال‪ :‬عناصر التكاليف المباشرة‬

‫(المرتبطة بعملية الخلق واإلبداع والتصنيع الفني للفيلم)‪.‬‬

‫‪ - 3‬األجور (المباشرة)‬

‫‪ - .‬الخامات (المباشرة)‬

‫‪ - 1‬المصروفات الخدمية (المباشرة)‬

‫ثانياً‪ :‬عناصر التكاليف (غير المباشرة)‬

‫‪ - 3‬األجور (غير المباشرة)‬

‫‪ -.‬الخامات (غير المباشرة)‬

‫‪ - 1‬المصروفات الخدمية (غير المباشرة)‬

‫عناصر التكاليف التسويقية‬

‫‪33‬‬
‫تكاليف اإلعالنات في الوسائل المختلفة‬

‫عناصر التكاليف اإلدارية‬

‫أوالً‪ :‬التكاليف اإلدارية الخاصة بالفيلم‬

‫ثانياً‪ :‬نصيب الفيلم من التكاليف اإلدارية العامة لشركة اإلنتاج‬

‫السينما والمجمعات الصناعية المتكاملة‬

‫عالقة اقتصاديات السينما بالجوانب االقتصادية األخرى‬

‫ارتباطات كلية‬

‫ارتباطات جزئية‬

‫ارتباطات نوعية‬

‫ارتباطات تشريعية‬

‫ارتباطات معلوماتية‬

‫اقتصاد السينما‪ ...‬نموذج فرنسي‬

‫السينما ورأس المال‪ ...‬نموذج أمريكي‬

‫أهمية السينما لالقتصاد الوطني‬

‫وسائل اإلعالم ركيزة مهمة في اقتصاد السينما‬

‫اقتصاد مشتق ورديف القتصاد السينما‬

‫‪35‬‬
‫ملخص الوحدة الثالثة‪:‬‬

‫ابتداء من دراسة الجدوى االستثمارية‬


‫ً‬ ‫إن اقتصاد وصناعة السينما يتمحور حول اإلنتاج السينمائي‬
‫واالقتصادية لصناعة الفيلم‪ ،‬والذي يحتاج إلى بنى تحتية كمنشآت األعمال السينمائية‪ ،‬عناصر التكاليف‬
‫ً‬
‫اإلنتاجية المتنوعة المباشرة وغير المباشرة مثل (األجور والخامات والمصروفات الخدمية)‪ ،‬وعناصر‬
‫التكاليف التسويقية مثل (تكاليف اإلعالنات)‪ ،‬وعناصر التكاليف اإلدارية مثل (التكاليف اإلدارية الخاصة‬
‫بالفيلم ونصيب الفيلم من التكاليف اإلدارية العامة لشركة اإلنتاج)‪.‬‬

‫تطرقنا في الوحدة الثالثة أيضًا إلى السينما والمجمعات الصناعية المتكاملة‪ ،‬وعالقة اقتصاديات السينما‬
‫بالجوانب األخرى مثل العالقة مع البنوك والمصارف وغيرها من جهات التمويل‪ ،‬والتطورات العلمية في‬
‫مجاالت اإلدارة واالستثمار وأساليب التكنولوجيا المتطورة وتطبيقاتها‪ ،‬وما يتعلق بتطبيق التشريعات‬
‫والقوانين الخاصة باإلنتاج السينمائي مثل قوانين األجور والمعاشات والمكافآت‪ ..‬الخ‪ ،‬وما يتعلق‬
‫باالعتماد على مختلف مصادر البيانات وقواعدها خاصة في حال اإلنتاج السينمائي الوثائقي‪.‬‬

‫تطرقنا أيضا إلى بعض النماذج القتصاد السينما مثل النموذج الفرنسي واألمريكي‪ ،‬متحدثين عن أهمية‬
‫السينما لالقتصاد الوطني‪.‬‬

‫األهداف التعليمية للوحدة الثالثة‪:‬‬

‫أن يدرك الطالب أهمية العوامل االقتصادية في إنشاء السينما وانتاج األفالم واستمرار عملها‪.‬‬

‫أ ن يعرف الطالب بدقة تفاصيل أنواع ومصادر تمويل السينما وضرورة ذلك لوجود الفن السابع واستمراره‪.‬‬

‫أن يعرف الطالب بدقة مجمل تفاصيل عناصر األعمال السينمائية وتكاليفها‪.‬‬

‫انتهاء بعائدات العروض السينمائية وما‬


‫ابتداء من فكرة الفيلم و ً‬
‫ً‬ ‫أن يلم الطالب بآلية صناعة وانتاج السينما‬
‫يرافق ذلك من نشاطات أخرى السيما حضور الجمهور وتوزيع األفالم من خالل الوسائط المختلفة‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫مقدمة‪:‬‬

‫لم يأخذ موضوع االقتصاد السينمائي في الماضي االهتمام نفسه كما هو حاصل اليوم رغم أن السينما‬
‫أصبحت منذ عقود طويلة أم ًار مشتركًا يتقاسمه الجميع‪.‬‬

‫إن اقتصاد السينما يبرز كاهتمام رئيس يشمل الحسابات والميزانيات‪ ،‬والتقنيات والتجهيزات‪ ،‬والتفاوض‬
‫بين الفاعلين االقتصاديين السينمائيين‪ ،‬والصاالت الجديدة أو التي تم تحديثها‪ ،‬ومع ذلك فإن الميدان‬
‫االقتصادي للسينما ال يمكن حصره بذلك وكفى‪ ،‬ألنه يشمل بالضرورة جمهور المشاهدين‪ ،‬والنشاطات‬
‫المهنية السينمائية المتنوعة‪ ،‬واستراتيجية الشركات اإلنتاجية والسياسة الثقافية المعتمدة من قبل السلطات‬
‫العامة‪.‬‬

‫إيضاحًا لذلك‪ ،‬ال يمكن عزل اقتصاد السينما عن تاريخ الفن السينمائي وتطوراته‪ ،‬كما أن جمهور‬
‫المشاهدين يطرح مسألة تحليل تلقي األفالم لديه‪ ،‬بينما تتعلق اجتماعات المهنة السينمائية بالمبدعين‬
‫العاملين في ميدانها؟ وأخي اًر فإن إستراتيجية الشركات ترتبط بالمنافسة والتسويق السينمائي‪ ،‬في حين أن‬
‫السياسة الثقافية تتناول اإلجراءات التي تقوم بها الدولة لتنمية اإلنتاج السينمائي الوطني ووقايته‪.‬‬

‫من هنا تقوم م عالجة موضوع اقتصاديات السينما عبر األسئلة المتعددة التي يطرحها كل منا بعد‬
‫مشاهدته لفيلم ما‪ ،‬كيف يقد م الفيلم للجمهور؟ كيف يتم تنظيم المجال السينمائي؟ ما هي األعمال التي‬
‫تقوم بها السلطات العامة؟ والحقيقة‪ ،‬أنه عند مشاهد فيلم في صالة سينمائية أو على شاشة التلفزيون‪ ،‬أو‬
‫اء احتسبنا ذلك أم‬
‫عبر شريط تلفزيوني مسجل‪ ،‬فإ ن الجمهور إلى جانب كونه مستهلكاً هو فاعل أيضًا سو ً‬
‫ال‪ ،‬بمعنى أنه يشكل حلق ًة أساسي ًة ال في اقتصاد السينما وحسب‪ ،‬إنما أيضًا في الثقافة السينمائية‪ .‬من‬
‫هنا‪ ،‬من األفضل أن نعرف «السلسلة االقتصادية» إن صح التعبير‪ ،‬إنتاجًا‪ ،‬وتوزيعاً‪ ،‬واستثما اًر‪ ،‬ورهانات‪.‬‬

‫اإلنتاج السينمائي‪:‬‬

‫بشكل عام‪ ،‬فإن مهنة اإلنتاج السينمائي هي المهنة التي يحمل القائمين عليها أمانة الحفاظ على أموال‬
‫الممولين السينمائيين بتوظيفها التوظيف االقتصادي األمثل في مجال إنتاج األفالم وخاص ًة الروائية‪.‬‬
‫وبعبارة أخرى هي المهنة المسؤولة عن الحفاظ على رؤوس أموال المنتجين السينمائيين باستثمارها‬
‫االستثمار االقتصادي والفني السليم في مجال إنتاج األفالم بما يكفل استمرارهم في السوق السينمائية ألن‬

‫‪42‬‬
‫القائمين عليها ينوبون عن هؤالء الممولين في استثمار أموالهم في هذا المجال المتخصص وهو إدارة‬
‫إنتاج األفالم‪.‬‬

‫ويسعى العاملون في هذه المهنة إلى‪:‬‬

‫العمل على تحقيق التوازن بين االعتبارات الفنية واالعتبارات االقتصادية‪ ،‬وذلك على مستوى مراحل‬
‫ابتداء من مرحلة دراسة الجدوى االقتصادية المسبقة إلى مرحلة العرض الجماهيري للفيلم بصاالت‬
‫ً‬ ‫اإلنتاج‬
‫العرض السينمائي على أن يكون ذلك دون تغليب ألي من هذين االعتبارين على اآلخر‪ .‬وذلك ألنه في‬
‫حالة تغليب االهتمام مثالً باالعتبارات االقتصادية (التجارية) سيترتب على ذلك تأثير سلبي على مستوى‬
‫الجودة الفنية والفكرية لألفالم مما سينعكس أيضًا على المستوى العام لصناعة السينما وعلى سمعتها‬
‫ومستقبلها‪ ،‬وبالتالي على اقتصادياتها على المدى البعيد‪ .‬ومن ناحية أخرى فإنه في حالة تغليب‬
‫االعتبارات الفنية بالقدر الذي يمكن أن يؤثر على جماهيرية الفيلم‪ ،‬فإن ذلك سيؤثر سلباً على اقتصاديات‬
‫الفيلم‪ ،‬وبالتالي على اقتصاديات صناعة السينما عامة‪.‬‬

‫وهكذا نرى أن مهنة اإلنتاج السينمائي تتمثل أهميتها بشكل عام في أنها المهنة ذات النظرة الشمولية‬
‫العامة للعمل السينمائي‪ ،‬والهادفة إلى مراعاة كل أبعاده الفنية واالقتصادية بشكل متوازن لما فيه الصالح‬
‫العام للفيلم ولصناعة السينما ولفريق العمل الفني القائم على صناعة الفيلم من خالل القدرة على تعميق‬
‫العالقة فيما بين أعضاء هذه المهن كفريق عمل متكامل‪.‬‬

‫االقتصاد وصناعة السينما‪:‬‬

‫تخضع صناعة السينما لسائر الشروط المتعلقة بالجدوى االقتصادية شأنها في ذلك شأن كل المشروعات‬
‫اإلنتاجية الصناعية‪ ،‬ويمكن التعامل مع صناعة ال سينما على أساس اعتبارات أن المشروع السينمائي‬
‫يهدف إلى إنتاج سلع وخدمات سينمائية‪ ،‬يمكن التعامل معها عن طريق التخزين أو البيع لألطراف‬
‫الراغبة باستهالكها‪ .‬وتجدر اإلشارة إلى أن السلع والخدمات السينمائية‪ ،‬التي ينتجها المشروع السينمائي‪،‬‬
‫تخضع لكل العمليات اإلجرائية االقتصادية المتعلقة بعمليات البيع والشراء‪ ،‬وفقاً لقوانين العرض والطلب‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫إن السوق السينمائي ليس مجرد التعامل مع األفالم السينمائية‪ ،‬وانما في كل مكان يرتبط بعمليات‬
‫صناعة السينما‪ ،‬من إنتاج سينمائي‪ ،‬وتسويق سينمائي‪ ،‬إضافة إلى االستهالك السينمائي‪ ،‬وتندرج ضمن‬
‫دائرة التعامل التسويقي السينمائي‪:‬‬

‫المعدات واألجهزة والوسائط السينمائية‪.‬‬

‫القوة البشرية السينمائية‪ ،‬بما يشمل الكتاب السينمائيين والممثلين والفنيين‪.‬‬

‫الخدمات السينمائية‪ :‬وتشمل خدمات المونتاج والمكساج والدوبالج وغيرها‪.‬‬

‫الوسائط السينمائية‪ :‬وتشمل أنشطة الوكالء واألطراف التي تقوم بخدمات الدعاية واإلعالن‪.‬‬

‫االستهالك السينمائي‪ :‬ويشمل أنشطة دور العرض السينمائي واألجهزة ووسائط العرض السينمائي‪.‬‬

‫دراسة الجدوى االستثمارية واالقتصادية لصناعة الفيلم‪:‬‬

‫كمرحلة أولى‪ ،‬تتم دراسة الجدوى االستثمارية واالقتصادية للقيم المراد إنتاجها قبل الدخول في أي عملية‬
‫إنتاج سينمائي‪ ،‬ذلك أن دراسة الجدوى االستثمارية واالقتصادية تشكل بالضرورة عنصر األمان والضمان‬
‫للوقوف على آفاق وامكانيات نجاح الفيلم‪ ،‬وضمانة أال يتعرض االستثمار السينمائي لإلخفاق أو الخسارة‪،‬‬
‫أي محاولة ضمان أن عائدات الفيلم لن تكون بأي حالة من األحوال أقل م ن تكاليفه‪.‬‬

‫ولذلك فدراسة الجدوى تعبر عن التقييم االقتصادي واالجتماعي المسبق لفكرة إنتاج فيلم جديد قبل صدور‬
‫قرار البدء في اإلنتاج الفعلي‪ ،‬وذلك تخفيفاً لحجم المخاطرة‪ ،‬وتأمينًا ألموال الممولين السينمائيين والحفاظ‬
‫عليها من الضياع‪.‬‬

‫ودراسة الجدوى االستثمارية واالقتصادية هي أداة موضوعية سليمة تفيد أصحاب شركات اإلنتاج‬
‫السينمائي في التحقق فيما إذا كانت هناك جدوى أم ال ستعود عليها من االتجاه إلنتاج هذا الفيلم موضوع‬
‫السيناريو المعروض عليها‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫من أبرز خصائص وسمات دراسة الجدوى االستثمارية للفيلم‪ ،‬نجد اآلتي‪:‬‬

‫على مستوى التحليل الجزئي‪ ،‬ترصد دراسة الجدوى‪ ،‬عناصر األجور المشتريات‪ ،‬واإليجارات‪ ،‬والرسوم‪،‬‬
‫والمدفوعات‪ ،‬وغيرها من عناصر التكلفة المباشرة وغير المباشرة لكل ما يتعلق بالمدخالت والمخرجات‪.‬‬

‫على مستوى التحليل الكلي‪ ،‬ترصد دراسة الجدوى الجوانب الرقابية واألبعاد القيمية‪ ،‬وعناصر التسويق‬
‫الخاصة‪ ،‬ومدى إمكانية أن يتم توزيع الفيلم وجعله يحقق أهدافه بنجاح‪.‬‬

‫على مستوى الموازنة العامة النهائية بين المدخالت والمخرجات‪ ،‬والتكاليف والعائدات ترصد دراسة‬
‫الجدوى‪ ،‬مدى إمكانية الحصول على أكبر مخرجات بأقل مدخالت ممكنة‪ ،‬واسقاط ذلك على الجوانب‬
‫المالية‪ ،‬بحيث يتم إنفاق أقل ما يمكن من أجل الحصول على أكبر عائد مالي ممكن‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬يتعين عدم البدء في اتخاذ أي خطوة تنفيذية للبدء في تصوير مشاهد الفيلم إال بعد التحقق والتأكد‬
‫مسبقاً وبشكل قاطع وموثوق به من إمكانية تدبير المتطلبات التمويلية كافة من السيولة النقدية الالزمة‬
‫لمواجهة كل تكاليف الفيلم إنتاجه وتسويقه‪ .‬ويتأتى ذلك إما من خالل مصدر التمويل الذاتي‪ ،‬أي بتدبير‬
‫المتطلبات التمويلية كافة للفيلم بالكامل من األموال الخاصة للقائمين على إنتاجه‪ ،‬أو من خالل تدبير‬
‫جزء من إجمالي المتطلبات التمويلية للفيلم كتمويل ذاتي جزئي من أموال القائمين على إنتاجه‪ ،‬ثم‬
‫تستكمل باقي المتطلبات التمويلية للفيلم من مصادر التمويل التقليدية األخرى المتعارف عليها‪ ،‬وذلك‬
‫حسب إجمالي الميزانية التقديرية المبدئية المتوقعة للفيلم التي يتولى إعدادها مدير اإلنتاج السينمائي‬
‫المرشح إلدارة إنتاج هذا الفيلم في هذه المرحلة من دراسة الجدوى‪.‬‬

‫يوجد – على سبيل المثال‪ -‬الكثير من الوسطاء والشركات االستثمارية المختصة بتسويق اإلنتاج‬
‫السينمائي وفقًا لدراسات الجدوى االستثمارية التي يتم إعدادها من قبل هؤالء الوسطاء‪ ،‬وهذه الشركات‪،‬‬
‫وخبراء دراسات الجدوى المختصة بالصناعة السينمائية‪.‬‬

‫البنى التحتية لصناعة السينما‪:‬‬

‫مثلما تقوم األنشطة الصناعية على البنى التحتية الصناعية‪ ،‬يقول الباحث السينمائي عبد المعين الموحد‪،‬‬
‫إن لصناعة السينما ‪ -‬التي تمثل صناعة قائمة بذاتها ضمن فروع المجاالت الصناعية ‪ -‬بناها التحتية‬

‫‪43‬‬
‫ا لخاصة بها‪ ،‬والتي تمثل األساس الذي يقدم اإلسناد لقوام عملية اإلنتاج والتصنيع السينمائي‪ ،‬ومن أمثلة‬
‫ذلك نجد‪ ،‬االستوديوهات‪ ،‬أجهزة الحاسوب المزودة بالبرامج الخاصة بمعالجة األفالم والتصوير واإلخراج‬
‫والمونتاج والمكساج والدوبالج وغير ذلك‪.‬‬

‫وأيضاً نجد المنشات الصناع ية المتخصصة التي تقوم بتصنيع المستلزمات التي تدخل في صناعة‬
‫السينما‪ ،‬مثل صناعة أشرطة األفالم‪ ،‬والكاميرات‪ ،‬وأجهزة اإلضاءة‪ ،‬والمواد والمحاليل الكيميائية التي‬
‫تستخدم في المعالجة‪ .‬وفي مجال إعداد العناصر البشرية‪ ،‬نجد أن البنية التحتية السينمائية تتضمن‬
‫الكليات ا لجامعية والمعاهد والمراكز المتخصصة بالتعليم والتدريب السينمائي‪ ،‬وغير ذلك مما يتعلق‬
‫باالعتبارات الخاصة بإعداد العناصر والكوادر ذات المهارة العالية والمتخصصة في مختلف المجاالت‬
‫السينمائية‪.‬‬

‫منشآت األعمال السينمائية‪:‬‬

‫برزت منشآت األعمال السينمائية المتخصصة باألنشطة السينمائية بشكل متواز مع منشآت األعمال‬
‫التجارية والزراعية‪ ،‬وغيرها‪ ،‬وتعمل هذه المنشآت على غرار طريقة المنشآت األخرى‪ ،‬وبالذات فيما يتعلق‬
‫بإدارة المشروع السينمائي من لحظة الفكرة السينمائية وجدواها االقتصادية مرو ًار بمرحلة تنفيذ الفيلم‬
‫انتهاء بمرحلة التوزيع والبيع‪.‬‬
‫السينمائي و ً‬

‫برزت منشآت األعمال السينمائية في االقتصاديات الغربية الرأسمالية‪ ،‬وعلى وجه الخصوص في‬
‫االقتصاد األميركي‪ ،‬حيث استطاعت هذه المنشآت إحراز المزيد من التقدم والمكاسب‪ ،‬من جراء سهولة‬
‫اندماجها في اقتصاد السوق الرأسمالي األميركي ودورته االقتصادية‪.‬‬

‫حققت منشات األعمال السينمائية – أي الشركات السينمائية األولى أرباحًا هائلة ألصحابها‪ ،‬وقد أدى‬
‫ذلك إلى خلق شعور عام لدى أصحاب رؤوس األموال في البلدان الغربية‪ ،‬بأن االستثمار في المجال‬
‫السينمائي هو المنجم الذي يدر عليهم أرباحاً طائلةً‪ ،‬ولم يقتصر األمر على األفراد األثرياء فحسب بل‬
‫دخلت المجال الشركات والبنوك والمصارف‪ .‬وكان من جراء الطلب على الفن السينمائي‪ ،‬أن تزايدت‬
‫واشتعلت المنافسة بين رؤوس األموال‪ ،‬مما أدى إلى ارتفاع أجور كبار الممثلين والنجوم‪ ،‬والى ارتفاع‬
‫المكافآت المالية للكتاب السينمائيين والمخرجين والمصورين‪ ،‬وغيرهم من أصحاب المهارات في المجال‬
‫السينمائي‪ ،‬ولم يعد هذا العمل في مجال السينما يتطلب االحتراف والتفرغ الكامل‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫في االقتصاديات الغربية‪ ،‬تتسم منشآت األعمال السينمائية بالطابع االستثماري الخاص المملوك لألفراد‬
‫والشركات‪ ،‬ونجد هذا النمط من الشركات في أم يركا والبلدان األوروبية وغيرها من البلدان التي تقوم‬
‫اقتصادياتها على نظام اقتصاد السوق الحر‪ ،‬لكن في البلدان التي تعتمد نظام االقتصاد المركزي‪ ،‬مثل‬
‫الصين وكوبا وغيرها من البلدان االشتراكية‪ ،‬فإن منشآت األعمال السينمائية‪ ،‬تكون ضمن القطاع العام‬
‫المملوك حص ًار لل دولة‪ ،‬أما في البلدان ذات االقتصاد المختلط الذي يجمع بين وجود القطاع العام‬
‫المملوك للدولة والقطاع الخاص المملوك لألفراد والشركات وغيرها‪ ،‬فإن منشآت األعمال تكون مختلطة‬
‫أيضًا‪ ،‬بحيث توجد منشآت أعمال سينمائية ومملوكة بالكامل للدولة‪ ،‬وتنطوي تحت لواء القطاع العام‪.‬‬
‫وبالنسبة لمنشآت األعمال السينمائية المملوكة للقطاع الخاص‪ ،‬فهي تعمل ضمن شروط المنافسة السائدة‬
‫في االقتصاد واألسواق‪.‬‬

‫عناصر التكاليف اإلنتاجية للفيلم‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬عناصر التكاليف المباشرة‪:‬‬

‫(المرتبطة بعملية الخلق واإلبداع والتصنيع الفني للفيلم)‪.‬‬

‫‪ - 0‬األجور (المباشرة)‪:‬‬

‫المخرج‪ -‬األبطال‪ -‬الدوبلير ‪ -‬األدوار الثانوية‪ -‬المجاميع (الكومبارس)‪ -‬مدير اإلضاءة ‪ -‬التصوير‪-‬‬
‫مصمم الديكور‪ -‬مصمم المالبس‪ -‬منسق المناظر‪ -‬مسجل الصوت‪ -‬مهندس الصوت‪-‬مونتير‬
‫النيجاتيف‪ -‬مركب الفيلم‪ -‬مونتير بوزتيف‪ -‬مؤلف الموسيقى التصويرية‪ -‬مخرج المعارك‪-‬مخرج الخدع‪-‬‬
‫خبير المفرقعات‪ -‬مصمم التتر‪ -‬مصمم االستعراضات‪ -‬نجوم االستعراضات‪-‬الموسيقيون‪ -‬ماكيير‪-‬‬
‫كوافير‪ -‬الكالكيت‪.‬‬

‫‪ - 4‬الخامات (المباشرة)‬

‫الديكورات‪ -‬المالبس‪ -‬اإلكسسوارات‪ -‬خام الفيلم ‪ -‬نيجاتيف صورة‪ -‬بوزتيف نسخة عمل ‪ -‬شرائط ربع‬
‫بوصة ‪ -‬ماجنتيك‪ -‬نيجاتيف صوت ( أوبتكال )‪ -‬خام استاندرد‪ -‬جيالتين وكلك ‪ -‬أطعمة ومشروبات‬
‫متنوعة للتصوير‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫‪ - 3‬المصروفات الخدمية (المباشرة)‬

‫‪ -‬تكاليف خدمات االستوديوهات‪ - :‬إيجار البالتوهات ‪ -‬خدمات المونتاج‪ -‬خدمات معامل التحميض ‪-‬‬
‫خدمات الصوت والمكساج ‪ -‬إيجار أماكن تصوير مختلفة داخل االستوديوهات (الحارة ‪ -‬الحديقة ‪-‬‬
‫الشوارع ‪ -‬المكاتب)‪-‬إيجار أماكن تصوير خارجية (شقق ‪ -‬فيالت ‪ -‬مالهي ‪ -‬حدائق وغيرها) ‪-‬‬
‫القصة والسيناريو‪ -‬إيجار سيارات للتصوير‪ -‬إيجار إكسسوارات ‪ -‬إيجار مالبس‪ -‬إيجار حيوانات ‪-‬‬
‫إيجار كاميرات ومعدات تصوير واضاءة إضافية‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬عناصر التكاليف (غير المباشرة)‪:‬‬

‫‪ - 0‬األجور (غير المباشرة)‪:‬‬

‫مدير إنتاج ‪ -‬منفذ إنتاج ‪ -‬مساعد إنتاج ‪ -‬مساعد مخرج أول ‪ -‬مساعد مخرج ثاني ‪ -‬مساعد مصور‪-‬‬
‫منفذ ديكور‪ -‬مساعدو اإلكسسوار ‪ -‬عامل مالبس ‪ -‬عاملة مالبس ‪ -‬مساعد مسجل صوت ‪ -‬مساعد‬
‫ماكيير ‪ -‬مساعد كوافير ‪ -‬ريجيسير ‪ -‬مساعد ريجيسير ‪ -‬بدالت غذاء للعاملين في الفيلم‪.‬‬

‫‪ -4‬الخامات (غير المباشرة)‪:‬‬

‫بليدج (منظفات) ‪ -‬مشابك ‪ -‬أحبال – بيروسول (مواد كيماوية ومبيدات للحشرات) ‪ -‬دبابيس ‪ -‬مسامير‬
‫‪ -‬سلك ‪ -‬أدوات كهرباء – شيكرتون (صمغ والصق)‪.‬‬

‫‪ - 3‬المصروفات الخدمية (غير المباشرة)‪:‬‬

‫إيجار سيارات انتقال العاملين بالفيلم ‪ -‬إيجار عربات لنقل معدات وأجهزة التصوير واإلضاءة‬
‫‪ -‬أقساط تأمين ضد األخطار التي يتعرض لها الفيلم ‪ -‬فوائد القروض‪.‬‬

‫عناصر التكاليف التسويقية‪:‬‬

‫تكاليف اإلعالنات في الوسائل المختلفة‪:‬‬

‫‪46‬‬
‫التلفزيون ‪ -‬اإلذاعة ‪ -‬المجالت ‪ -‬الجرائد ‪ -‬األفيشات – الملصقات (البوسترات) – المطبوعات –‬
‫مستندات ‪ -‬هدايا مختلفة ‪ -‬عمولة توزيع الفيلم ‪ -‬ألبومات الصور الفوتوغرافية ‪ -‬المصور الفوتوغرافي ‪-‬‬
‫تكاليف نقل الفيلم على شرائط فيديو ‪ -‬مصروفات توزيع أخرى متنوعة‪.‬‬

‫عناصر التكاليف اإلدارية‪:‬‬

‫أو ًال‪ :‬التكاليف اإلدارية الخاصة بالفيلم‪:‬‬

‫الرسوم ومصروفات الرقابة ‪ -‬أدوات كتابية ‪ -‬مصاريف كتابة وتصوير نسخ السيناريو‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬نصيب الفيلم من التكاليف اإلدارية العامة لشركة اإلنتاج‪:‬‬

‫إيجار مقر الشركة ‪ -‬أجور اإلداريين والماليين والسكرتارية ‪ -‬كهرباء ‪ -‬مياه ‪ -‬تليفون ‪ -‬فاكس‬
‫‪ -‬مطبوعات وسجالت ‪ -‬الحراسة والنظافة ‪ -‬المحاسب القانوني‪.‬‬

‫السينما والمجمعات الصناعية المتكاملة‪:‬‬

‫التطورات السينمائية التي حدثت في فترة نصف القرن الماضي والتي أعقبت الحرب العالمية الثانية‪ ،‬أدت‬
‫إلى ظهور التخصص كميزة نوعية في األنشطة الصناعية‪ ،‬بحسب الباحث السينمائي عبد المعين‬
‫الموحد‪ ،‬بحيث أصبحت المصانع أكثر تخصصاً في إنتاج األنواع المحدودة من السلع والخدمات‪.‬‬

‫التخصص أدى إلى إعادة هيكلة القطاعات الصناعية‪ ،‬وفقًا لمبدأ تكامل األنشطة الصناعية‪ ،‬وتبعًا لذلك‬
‫أصبحت هناك صناعات تعتمد مدخالتها ال على المواد الخام األولية‪ ،‬وانما على المواد المصنعة بواسطة‬
‫األطراف التجميعية‪ ،‬وعلى هذا النحو ظهر ما يعرف بالصناعات التجميعية‪ ،‬مثل صناعة السيارات‬
‫وغيرها من الصناعات التي تحصل على مدخالتها من القطاعات الصناعية األخرى‪.‬‬

‫تأثرت صناعة السينما‪ ،‬باعتبارها صناعة متخصصة‪ ،‬بالتطورات الصناعية المتعلقة بالتخصص والتكامل‬
‫كثير‪ ،‬وتأسيسًا على ذلك نجد أن صناعة السينما تحصل على احتياجاتها األولية‪ ،‬وبالذات فيما يتعلق‬
‫ًا‬
‫بالمعدات واألجهزة‪ ،‬من القطاعات الصناعية األخرى‪ .‬وعليه أصبحت صناعة السينما تضم سلسلة من‬
‫الصناعات الفرعية التي تغذيها بالمدخالت‪ ،‬ومن أبرز هذه الصناعات الفرعية نجد‪:‬‬

‫مصانع األفالم‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫مصانع الكيماويات التي تقوم بإعداد المواد الكيميائية الالزمة لمعالجة األفالم‪.‬‬

‫معامل التحميض ومعالجة األفالم السينمائية‪.‬‬

‫مصانع أجهزة التصوير والكاميرات‪.‬‬

‫معامل معالجة األفالم المصورة ألغراض المونتاج والمكساج والدوبالج‪.‬‬

‫معامل صنع اإلكسسوارات والديكور‪.‬‬

‫معامل الخياطة وتجهيز المالبس واألزياء‪.‬‬

‫واضافةً إلى هذه المعامل والمصانع‪ ،‬توجد العديد من األنشطة الصناعية األخرى التي تسهم بشكل أو‬
‫بآخر في مدخالت صناعة السينما‪ .‬هذا وبسبب عمليات التنظيم الصناعي التي هدفت إلى تقليل‬
‫التكاليف وكسب الوقت وتحقيق المزيد من التركيز‪ ،‬ظهرت عملية التجميع الصناعي للوحدات والمعامل‬
‫التي تعتمد على بعضها بعضاً في تبادل المنتجات‪ .‬وهكذا ظهرت فكرة مشروعات الحاضنات الصناعية‪،‬‬
‫وهي عبارة عن مناطق صناعية متخصصة‪ ،‬وعلى خلفية مشروعات الحاضنات الصناعية ظهرت‬
‫المجمعات الصناعية الكبيرة المتخصصة بمجال صناعة السينما‪ ،‬وهي مجمعات تتكون من المصانع‬
‫والمعامل التي يتم استهالك منتجاتها في مجال صناعة السينما‪ .‬وتعد مدينة هوليود المتخصصة بصناعة‬
‫السينما بمثابة أكبر مجمع في العالم لحاضنات صناعة السينما‪ ،‬إضافة إلى المرافق الخدمية األخرى التي‬
‫تقدم الدعم والمساندة لهذه الصناعة‪.‬‬

‫عالقة اقتصاديات السينما بالجوانب األخرى‪:‬‬

‫بسبب الحقيقة البديهية المعروفة والقائلة بترابط الظواهر االقتصادية‪ ،‬فإن اقتصاديات السينما ال تمثل‬
‫كيانًا معروفاً‪ ،‬وانما ترتبط تمام االرتباط بالجوانب والظواهر االقتصادية واالجتماعية والعلمية والقانونية‬
‫األخرى‪ ،‬وبهذا الخصوص يمكن أن نشير‪ ،‬بحسب الباحث عبد المعين الموحد‪ ،‬إلى هذه االرتباطات على‬
‫النحو التالي‪:‬‬

‫ارتباطات كلية‪ :‬يرتبط قطاع صناعة السينما بمستوى التطور االقتصادي‪ ،‬وفي البلدان المتطورة ذات‬
‫البنى التحتية المتطورة نجد أن قطاع صناعة السينما متطور‪ ،‬وذلك ألن السينمات ليست مثل الزراعة‬

‫‪45‬‬
‫والصناعة وغيرها‪ ،‬وهي وان كانت ترتبط بالصناعة والتجارة وغيرها‪ ،‬فإن صناعة السينما تتميز‬
‫بخصوصيتها وذلك لجهة ارتباطها‪ ،‬وربما اعتمادها على مزايا اقتصادية ال تتوافر إال في البلدان ذات‬
‫االقتصاديات المتطورة‪ ..‬كذلك‪ ،‬ترتبط صناعة السينما بمستويات االقتصاد الكلي‪ ،‬مثل مستوى الدخل‬
‫وتوزيع الخدمات‪ ،‬ونشاط األسواق‪ ،‬وتوافر رأس المال‪ ،‬والمهارات البشرية‪ ،‬إضافة لذلك‪ ،‬ال بد من توافر‬
‫بيئة طبيعية‪ ،‬اجتماعية غنية بالتنوع والتعدد‪ ،‬بحيث تكون قادرة على تلبية احتياجات صناعة السينما‬
‫المتعلقة بالموارد االقتصادية‪ ،‬وأيضًا المتعلقة بالموارد البشرية والطبيعية‪.‬‬

‫ارتباطات جزئية‪ :‬ترتبط منشآت األعمال السينمائية‪ ،‬العامة والخاصة على السواء‪ ،‬بمنشآت األعمال‬
‫العامة والخاصة الناشطة في المجاالت األخرى‪ ،‬وعلى سبيل المثال لجهة الحصول على التمويل ترتبط‬
‫منشآت األعمال السينمائية بالبنوك والمصارف وغيرها من الجهات المانحة للتمويل‪ ،‬ولجهة الحصول‬
‫على الخدمات ترتبط منشآت األعمال السينمائية بالمنشآت الخدمية مثل شركات ومؤسسات الكهرباء‬
‫واالتصاالت والنقل وغيرها‪.‬‬

‫االرتباطات الجزئية لقطاع صناعة السينما‪ ،‬ومنشآت األعمال السينمائية المنضوية تحت لوائه‪ ،‬وهي‬
‫ارتباطات تقوم على أساس تبادل السلع والخدمات والمزايا والمنافع‪ ،‬ومصدر هذه االرتباطات هو ظاهرة‬
‫التخصص في مجال تقديم السلع والخدمات‪ .‬على سبيل المثال تقوم منشآت اإللكترونيات بتزويد منشآت‬
‫األعمال السينمائية بأجهزة التصوير واإلضاءة‪ ،‬وتقوم شركات الكمبيوتر بتزويد الشركات السينمائية‬
‫بأجهزة الحاسوب وبرامج الكمبيوتر الخاصة باحتياجات صناعة السينما‪ ،‬وغير ذلك‪.‬‬

‫ارتباطات نوعية‪ :‬ونجد هذه االرتباطات أكثر تجسداً داخل منشآت األعمال السينمائية‪ ،‬وتتمثل هذه‬
‫االرتباطات في استفادة هذه المنشآت من التطورات العلمية في مجاالت اإلدارة واالستثمار وأساليب‬
‫التكنولوجيا المتطورة وتعميماتها في مجال العمل‪ ،‬وحاليًا تطبق وتعمم منشآت األعمال السينمائية كل‬
‫األساليب العلمية المتعارف عليها كأساليب معيارية لالستخدام والتعميم جنبًا إلى جنب وبأعلى المواصفات‬
‫المطبقة بها في منشآت األعمال األخرى‪.‬‬

‫ارتباطات تشريعية‪ :‬تلتزم منشآت األعمال السينمائية بتطبيق كل قوانين التشريعات الرسمية السائدة‬
‫والنافذة في بنية العمل وانفاذها‪ ،‬وحاليًا نجد كل منشأة تلتزم بتطبيق تشريعات وقوانين البلد الذي تعمل‬
‫ضمنه‪ ،‬في كل ما يتعلق بأنشطتها وفعاليتها‪ ،‬مثل قوانين األجور والمعاشات والمكافآت والعطالت‬

‫‪49‬‬
‫الرسمية والنظم واآلداب العامة‪ ،‬وتستوي في ذلك كل المنشآت بما في ذلك الفروع التي توجد في بلد‬
‫وتوجد رئاستها في بلدان أخرى‪ ،‬وذلك بحيث يكون االلتزام حص ًار بقوانين وتشريعات البلد التي توجد‬
‫ضمنه المنشأة‪.‬‬

‫ارتباطات معلوماتية‪ :‬من غير الممكن وربما من المستحيل أن تعتمد منشأة األعمال السينمائية على‬
‫قاعدة بياناتها المستقلة في كل شيء بمعزل عن المنشآت السينمائية األخرى وغير السينمائية‪ .‬لتوضيح‬
‫ذلك نشير إلى أن انفتاح األفالم السينمائية على كل جوانب الحياة‪ ،‬جعل هناك ضرورة الزمة الستعانة‬
‫قطاع السينما بالبيا نات والمعلومات واألرشيف الخاص بالقطاعات األخرى‪ ،‬وعلى سبيل المثال في حال‬
‫األفالم الوثائقية الطبية‪ ،‬ال بد من االستعانة بمعلومات الجهات الطبية المتخصصة واستخدام المواد‬
‫ال أو‬
‫األرشيفية المتاحة لديها‪ ،‬وينطبق على ذلك األفالم السينمائية األخرى‪ ،‬المتعلقة بالطيران مث ً‬
‫المجاالت الحربية والتاريخية وغير ذلك‪.‬‬

‫اقتصاد السينما‪ ...‬نموذج فرنسي‪:‬‬

‫تارك ًة وراءها المسارح‪ ،‬والحفالت الموسيقية والمتاحف والمكاتب‪ ،‬الدراسات اإلحصائية تشير إلى أن‬
‫‪ %61‬من الفرنسيين يشاهدون فيلمًا سينمائيًا على األقل مرة واحدة في السنة‪ .‬هكذا يمكن القول بوضوح‬
‫أن الفرنسيين‪ ،‬على سبيل المثال‪ ،‬يقيمون عالقة قوية مع السينما تعبر عن اهتمامهم بها وحبهم لها إذ‬
‫تكفي اإلشارة إلى أن ‪ 391‬مليون تذكرة سينمائية قد بيعت عام ‪ ،.113‬أي أن مؤشر التردد على‬
‫الصاالت هو بنسبة ‪ %1,1‬من مجمل الفرنسيين‪ ،‬واذا كان هذا المؤشر واحدًا من أعلى المؤشرات‬
‫بالنسبة للبلدان األوروبية فإن األميركيين واالستراليين يتجاوزون هذا المؤشر ليصل إلى ‪ 1,3‬بالنسبة‬
‫لألميركيين والى ‪ 6,3‬بالنسبة لالستراليين‪.‬‬

‫وبطبيعة الحال فإن هذا يحمل آثا اًر اقتصادية‪ ،‬ففي عام ‪ .113‬صرفت كل أسرة فرنسية ‪ 37‬يورو‬
‫للسينما مقابل ‪ 3.3‬يورو لالشتراك التلفزيوني و‪ 381‬يورو للتسجيالت التلفزيونية‪ .‬واذا كان نصيب‬
‫السينما أضعف من غيره فهو بسبب انتشار األفالم خارج الصاالت‪ ،‬أي عن طريق القنوات التلفزيونية أو‬
‫األشرطة المسجلة‪ .‬لكننا أمام ظاهرة جديدة وهي أن السينما أصبحت في كل مكان‪ ،‬بحيث أن مبالغ‬
‫استهالك األفالم عبر مختلف وسائل عرضها قد تصل إلى ‪ 1‬مليارات سنويًا‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫وعند التطرق إلى «حياة الفيلم» فكل فيلم هو مشروع مكلف جداً بدءاً من شراء حقوق المؤلف لقصة أو‬
‫ال إلى دفع أجور الممثلين والتقنيين‪ ،‬تكفي اإلشارة هنا إلى أن‬
‫مسرحية ومرو ًار بالكتابة السينمائية ووصو ً‬
‫تكاليف الفيلم الواحد تتراوح بين ‪ 1‬مستويات دنيا فعلياً‪:‬‬

‫‪ 3 - )3‬مليون يورو‬

‫‪ 31 - 1 - ).‬ماليين يورو‬

‫‪ 31 - )1‬ماليين يورو فأكثر‬

‫وهذا المشروع ال يتوقف عند مرحلة اإلنتاج‪ ،‬إذ البد من تسويته بعدها‪ ،‬بعرضه على الموزعين الذين‬
‫ساهموا منذ عام ‪ 3911‬بنصيب مالي في إنتاج الفيلم‪ .‬ومنذ عام ‪ 3986‬فإن القنوات التلفزيونية الفرنسية‬
‫تدخل في المشاركة بتكاليف اإلنتاج مقابل حق البث المستبق‪.‬‬

‫وتشكل المهرجانات السينمائية جزءًا من حياة الفيلم ألنها ليست مكانًا للقاء األسرة السينمائية والموزعين‬
‫وحسب‪ ،‬وانما هي أيضاً مكان لتقديم الجوائز وتعريف الجمهور باألفالم وتوسيع حظوظ عرضها في‬
‫الصاالت‪ .‬من هنا تحرص فرنسا على مهرجان كان السنوي ومشاركتها في بقية المهرجانات السينمائية‬
‫البارزة وتصدير أفالمها لغايات اقتصادية وثقافية معًا‪.‬‬

‫هكذا فمنذ الموقف الذي أصبحت فيه السينما رهانًا اقتصاديًا وثقافيًا‪ ،‬فإن الدولة أعطته اهتمامًا منفردًا‪.‬‬
‫وهذا االهتمام المنفرد يعود إلى مشكالت متعددة يفرزها القطاع السينمائي بالوقت نفسه‪ .‬فهناك ‪1.111‬‬
‫شخص يعملون في هذا القطاع‪ ،‬بينما يتوجه عدد من المنتجين نحو بلدان أوروبية جنوبية أو نحو أوروبا‬
‫الشرقية ألخذ المناظر بغية التخفيف من تكاليف اإلنتاج‪.‬‬

‫السينما ورأس المال‪ ...‬نموذج أمريكي‪:‬‬

‫تعد صناعة السينما من األنشطة باهظة التكاليف‪ ،‬خاصةً وأن إعداد األفالم السينمائية يحتاج إلى الكثير‬
‫ال استثمارياً يجتذب‬
‫وبناء عليه‪ ،‬أصبح اإلنتاج السينمائي يمثل مجا ً‬
‫ً‬ ‫من المتطلبات والمستلزمات المتنوعة‪،‬‬
‫ليس األفراد فحسب‪ ،‬وانما المؤسسات والشركات المالية الكبرى‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫لعب تطور السينما األميركية دو اًر كبي ًار في تحويل صناعة السينما من مجرد أنشطة استثمارية محدودة‬
‫يتم تمويلها بواسطة رؤوس األموال المباشرة وغير المباشرة‪ ،‬إلى مجرد رواج الطلب على صاالت العرض‬
‫السينمائي‪ ،‬وتزايد أعداد الجمهور‪ ،‬وتزايد طلب الصاالت على األفالم‪ ،‬األمر الذي دفع بدوره شركات‬
‫اإلنتاج السينمائي إلى تن شيط إنتاجها من األفالم السينمائية القصيرة والمتوسطة والطويلة‪ ،‬ولم تعد النخبة‬
‫السينمائية تتكون حص ًار من الممثلين والمخرجين والمصورين‪ ،‬إنما من رجال األعمال الذين أخذوا يشيدون‬
‫االستوديوهات السينمائية الضخمة‪ ،‬واألعداد الكبيرة من دور العرض السينمائي‪ .‬وأسهم تأسيس هوليود‬
‫باجتذاب رؤوس األموال من شتى أنحاء العالم‪ ،‬وبالذات األطراف أصحاب رؤوس األموال الكبيرة‪ ،‬والتي‬
‫وجدت في هوليود مالذًا من مخاطر الكساد االقتصادي العالمي‪.‬‬

‫تتعدد أنواع اإلنتاج في صناعة السينما األمريكية؛ من اإلنتاج بميزانيات ضخمة وطاقم ضخم‪ ،‬إلى‬
‫الميزانيات الصغيرة والطاقم الضخم‪ ،‬إلى ميزانية وطاقم صغيرين‪.‬‬

‫وبالنسبة لمصادر تمويل األفالم األمريكية‪ ،‬تحتل الكيانات السينمائية الكبرى (هوليوود) إحدى كفتي‬
‫الميزان‪ ،‬أما الكفة األخرى فتشمل شركات اإلنتاج المستقل‪ ،‬المتخصصون‪ ،‬فالبنوك‪ ،‬التمويل‬
‫األجنبي‪...‬الخ‪ ،‬حيث وصلت نسبة عدد األفالم الروائية الطويلة التي تساهم فيها هوليوود ‪ %3..1‬من‬
‫مجمل األفالم المطروحة بالواليات المتحدة‪ ،‬أي ما يقارب نصف األفالم المنتجة‪ ،‬أما نصيب أفالم‬
‫هوليوود من إيرادات دور العرض فتشكل ما نسبته ‪ ،% 9.‬فيما تشكل ‪ % 8‬نصيب باقي الصناعات‬
‫السينمائية األخرى‪ ،‬من باقي الواليات المتحدة أو الدول األجنبية‪.‬‬

‫أهمية السينما لالقتصاد الوطني‪:‬‬

‫تسعى بعض الدول المتقدمة وباهتمام بالغ إلى تشجيع قطاع السينما العالمية‪ ،‬هذا القطاع المهم الذي‬
‫أسهم في دعم اقتصادها من خالل توفير مليارات الدوالرات سنويًا‪ ،‬ويرى بعض الخبراء في هذا المجال‬
‫أن ذلك الدعم سيؤثر ولو بشكل نسبي على إنعاش االقتصاد‪ ،‬وخاصة بعد تأثر العديد من دول العالم‬
‫باألزمة المالية التي أثرت سلباً على االقتصاد العالمي‪ ,‬وقد تجلى ذلك بشكل واضح بعد النجاحات التي‬
‫حققتها بعض األفالم العالمية الحائزة على العديد من الجوائز‪ .‬فقد أعلنت استديوهات "بارامونت بيكتشرز"‬
‫األميركية أنها حققت العام الماضي إيرادات قياسية بقيمة ‪ 1,37‬مليارات دوالر بفضل األفالم الستة عشر‬
‫التي أصدرتها في ‪ .133‬على مستوى العالم‪ ،‬وأوضحت "باراماونت" التابعة لمجموعة "فياكوم" األميركية‬

‫‪72‬‬
‫أن السوق األميركية أمنت لها ‪ 3,96‬مليار دوالر‪ ،‬إلى جانب اإليرادات القياسية التي حققتها في الخارج‬
‫والتي بلغت قيمتها ‪ 1,.3‬مليار دوالر‪.‬‬

‫إال أن الصناعة السينمائية تعاني صعوبات كثيرة‪ ،‬حيث بدأ عدد المشاهدين بعد الفترة الذهبية للسينما‬
‫بالتناقص‪ ،‬ولم يتم تصحيح هذه الوضعية إال بعد اتخاذ إجراءات متنوعة في تحديث الصاالت وتوزيعها‪،‬‬
‫وفي حماية اإلنتاج السينمائي في كل بلد من المنافسة‪ ،‬وفي تقديم المساعدات للقطاع السينمائي بمجمله‪.‬‬

‫وال بد من تشجيع اإلنتاج السينمائي في البلدان كافة «اآلسيوية واإلفريقية والمغربية‪ ،‬أو فيما يتعلق بأفالم‬
‫الشرق األوسط وأوروبا الشرقية»‪ ،‬حيث يمكن الحصول على مساعدة لدعم األعمال التي يقوم بها‬
‫أصحاب الصاالت في تحديثها وتجهيزها‪.‬‬

‫وسائل اإلعالم ركيزة مهمة في اقتصاد السينما‪:‬‬

‫لم تعد العروض السينمائية حك اًر على صاالت السينما‪ ،‬بل أصبح في غاية اليسر والسهولة ألي شخص‬
‫أن يمتلك مكتبته السينمائية الخاصة في المنزل بعدما تمكن من اقتناء األجهزة الخاصة بـ ‪Cinema‬‬
‫‪ home‬أو السينما المنزلية‪ .‬فمن الممكن لألشخاص اقتناء األفالم المسجلة على أشرطة الفيديو أو على‬
‫األقراص المدمجة ‪ CD‬و‪ DVD‬أو على أي نوع من التقنيات مثل الفالش ميموري‪ .‬وقد ساعد وجود هذا‬
‫النوع من المكتبات السينمائية انتشار وسهولة الحصول على تقنيات الوسائل واألجهزة السمعية والبصرية‬
‫المختلفة التي ال يتطلب تركيبها وتشغيلها أي خبرة أو جهد‪.‬‬

‫ال بأول‬
‫كثير القنوات التلفزيونية الفضائية التي تبث األفالم السينمائية أو ً‬
‫من جانب آخر‪ ،‬ازدادت وتنوعت ًا‬
‫لحظة إنتاجها أو بعد إنتاجها بوقت قصير وعلى مدار األيام والسنين‪ .‬وحصد كثير من هذه القنوات نسبًا‬
‫مرتفعة من متابعة المشاهدين‪ .‬والبد لكل ذلك أن يؤثر على اقتصاد السينما من حيث المردودات‬
‫والعائدات المادية‪ .‬فدورة حياة الفيلم السينمائي تبدأ من خالل العرض بصاالت السينما‪ ،‬وتنتهي بالعرض‬
‫على شاشات التلفزيون مرو اًر ببيع نسخ على األقراص المدمجة ‪ CD‬و‪ DVD‬وبالتبادل الثقافي بين الدول‬
‫وغيرها من وسائل البيع والترويج‪.‬‬

‫تنشر وسائل اإلعالم الفرنسية‪ ،‬على سبيل المثال‪ ،‬كل أسبوع تصنيف األفالم التي يتردد عليها‬
‫المواطنون‪ ،‬وعدد األفالم التي تم إنتاجها‪ ،‬والنجاحات التي يحظى بعضها بالقياس إلى بعضها اآلخر‪،‬‬

‫‪73‬‬
‫ووقائع النقد السينمائي حولها‪ ،‬ووضعية السوق السينمائية‪ ،‬ولقد وصل األمر حداً بحيث أن لغة‬
‫اإلحصاءات حول السينما تبدو كأنها خطاب سينمائي بحد ذاته‪ .‬إن األرقام االقتصادية تتغلب على‬
‫النزعة الجمالية للسينما في حين أن األفالم الجديدة كل سنة تطرد من الذاكرة ما سبقها من أفالم‪.‬‬

‫اقتصاد مشتق ورديف القتصاد السينما‪:‬‬

‫دخلت التكنولوجيا الجديدة بقوة إلى المجال السينمائي فحولته إلى صناعة مثيرة في قدرتها وأدائها‪،‬‬
‫وخاصة مع تطور السينما الرقمية‪ ،‬وهذا بدأ يحدث تغييرات مهمة تسهم في تغيير وضع السينما‬
‫التكنولوجي واالقتصادي‪.‬‬

‫منذ سنوات يقوم اإلنترنت بدور الوسيلة الجديدة لتوزيع األفالم السينمائية وعرضها وتخزينها حيث يمكن‬
‫لألشخاص تحميل ما يريدون من أفالم ومشاهدتها على حواسيبهم الشخصية مقابل مبالغ زهيدة من‬
‫المال‪ ،‬مما يعرض اقتصاد السينما التقليدي إلى مخاطر عديدة‪ .‬وتتابع استوديوهات هوليوود كل ذلك‬
‫بحذر لما فيه من تأثير في مستقبل صناعة األحالم وتوزيعها وتسويقها‪.‬‬

‫وتقوم السينما المنزلية من جانبها أيضًا بتغيير المعادلة االقتصادية للسينما ومشتقاتها لجهة عدم ذهاب‬
‫الجمهور إلى الصاالت‪ ،‬وبالتالي مدى صمود هذه الصاالت واستمرار نشاطها‪.‬‬

‫‪74‬‬
‫المصادر والمراجع المستخدمة في الوحدة الثالثة‬

‫‪ -3‬عبد المعين الموحد‪ ،‬التسويق السينمائي‪ ،‬منشورات و ازرة الثقافة‪ ،‬المؤسسة العامة للسينما‪ ،‬دمشق‪،‬‬
‫سورية‪..119 ،‬‬

‫‪ -.‬بيير غرا‪ ،‬اقتصاديات السينما‪ .‬باريس‪ ،‬دفاتر السينما‪ ..111 ،‬انظر موقع‪،‬‬

‫‪http://www.albayan.ae/paths/books/‬‬

‫‪ -1‬سيادة النموذج السينمائي األمريكي‪ ،‬انظر موقع‪:‬‬

‫ديوان العرب‪www.diwanalarab.com/spip.php?article12572 ،‬‬

‫‪77‬‬
‫نماذج عن أسئلة من الوحدة الثالثة‬

‫إن مهنة اإلنتاج السينمائي هي المهنة التي يحمل القائمون عليها أمانة الحفاظ على‪:‬‬

‫‪ – A‬أموال الممث لين السينمائيين بتوظيفها التوظيف االقتصادي األمثل‪.‬‬

‫‪ - B‬الحفاظ على رؤوس أموال المخرجين السينمائيين باستثمارها االستثمار االقتصادي والفني‬
‫السليم‪.‬‬

‫‪ - C‬أموال الممولين السينمائيين ورؤوس أموال المنتجين السينمائيين بتوظيفها واستثمارها‪.‬‬

‫‪ - D‬أموال المتخصصين في إدارة إنتاج األفالم السينمائية‪.‬‬

‫تع ّد دراسة الجدوى االستثمارية واالقتصادية في اإلنتاج السينمائي‪:‬‬

‫‪ - A‬عنصر أمان للوقوف على آفاق وامكانيات عرض الفيلم‪.‬‬

‫‪ - B‬ضمانة كي ال يتعرض االستثمار السينمائي لإلخفاق‪.‬‬

‫‪ - C‬محاولة ضمان أن تكاليف الفيلم لن تكون بأي حالة من األحوال أقل من عائداته‪.‬‬

‫‪ - D‬تعبير عن التقييم االقتصادي واالجتماعي الالحق لفكرة إنتاج فيلم جديد‪.‬‬

‫‪76‬‬
‫الوحدة الرابعة‪ :‬اقتصاد الراديو والتلفزيون‬

‫صناعة وسائل اإلعالم المرئية والمسموعة‬

‫اإلنتاج في الراديو التلفزيون‬

‫مفهوم اإلنتاج التلفزيوني‬

‫أهمية اإلنتاج التلفزيوني للمؤسسات‬

‫عناصر اإلنتاج التلفزيوني‬

‫‪ .3‬العناصر البشـرية‬

‫‪ ..‬العناصر التقنيـة‬

‫‪ .1‬العناصر المالية واإلدارية‬

‫منطق اقتصاد وسائل اإلعالم المرئية والمسموعة‬

‫تكلفة المنتجات اإلعالمية المرئية والمسموعة‬

‫دور التكنولوجيا الحديثة في تحسين اإلنتاج وتخفيض التكاليف‬

‫أوالً‪ -‬في مجال اإلنتاج اإلذاعي‬

‫ثانياً‪ -‬في مجال اإلنتاج التلفزيوني‬

‫التطبيقات االقتصادية المستحدثة‬

‫مقومات اقتصاديات اإلعالم التلفزيوني في الواليات المتحدة األمريكية‬

‫‪73‬‬
‫ملخص الوحدة الرابعة‪:‬‬

‫تعد صناعة وسائل اإلعالم المرئية والمسموعة من أوسع االنتاجات اإلعالمية وأكثرها تنوعاً وحضو اًر‬
‫على الساحة اإلعالمية‪ ،‬وينسحب هذا بالتالي على اقتصاد الراديو والتلفزيون الذي يشهد تطو ًار متزايدًا‪،‬‬
‫وخاص ًة مع ازدياد أعداد القنوات التلفزيونية الفضائية‪ .‬إن اإلنتاج المرئي والمسموع أو السمعي البصري‬
‫هو عماد اقتصاد اإلذاعة والتلفزيون إضافة إلى ما يرافقه من نشاطات التمويل والبيع والتوزيع ‪...‬الخ‪.‬‬

‫بالنسبة لعناصر اإلنتاج التلفزيوني فهي متنوعة بين بشـرية وتقنيـة ومالية وادارية‪ ،‬حيث يفرض منطق‬
‫اقتصاد وسائل اإلعالم المرئية والمسموعة اللجوء إلى عناصر اإلنتاج هذه‪ ،‬وهذا يفرض بدوره دراسة‬
‫تكلفة المنتجات اإلعالمية المرئية والمسموعة‪ .‬وتلعب التكنولوجيا الحديثة دو ًار مهمًا في تحسين اإلنتاج‬
‫وتخفيض التكاليف‪ .‬وكمثال عن كل ما سبق قمنا بالتعريف بمقومات اقتصاديات اإلعالم التلفزيوني في‬
‫الواليات المتحدة األمريكية‪.‬‬

‫األهداف التعليمية للوحدة الرابعة‪:‬‬

‫أن يدرك الطالب أهمية العوامل االقتصادية في عملية اإلنتاج اإلذاعي والتلفزيوني (وخاصة التلفزيوني)‬
‫وكيفية استمرارها‪.‬‬

‫أن يفهم الطالب بدقة ووضوح تفاصيل أنواع تمويل اإلذاعة والتلفزيون ومصادره‪ ،‬وضرورة ذلك لوجود‬
‫واستمرار وجود الراديو والفن الثامن‪.‬‬

‫أن يعرف الطالب بدقة جميع تفاصيل عناصر األعمال المرئية والمسموعة وتكاليفها‪.‬‬

‫أن يلم الطالب بآلية صناعة المواد السمعية البصرية‪ ،‬وخاصة المرئية (التلفزيون) وانتاج البرامج‬
‫انتهاء بعائدات بيع المواد المنتجة وتوزيعها‪.‬‬
‫ابتداء من فكرة البرنامج‪ ،‬و ً‬
‫ً‬ ‫التلفزيونية‬

‫أن يدرك الطالب أهمية دور التكنولوجيا الحديثة في تحسين اإلنتاج اإلذاعي والتلفزيوني‪ ،‬وأثر ذلك في‬
‫تخفيض النفقات والتكلفة‪.‬‬

‫‪75‬‬
‫صناعة وسائل اإلعالم المرئية والمسموعة‪:‬‬

‫اء مرئية أم مسموعة أم مقروءة فإننا نتحدث عن صناعة‬


‫عند البحث في اقتصاديات وسائل اإلعالم سو ً‬
‫هذه الوسائل‪ ،‬حيث تطور البحث في صناعة وسائل اإلعالم المرئية والمسموعة امتدادًا لنظرية‬
‫الصناعات الثقافية‪ ،‬فهو ال يكاد ينفصل عنها‪ ،‬وذلك منذ نهاية السبعينيات من القرن العشرين عبر‬
‫مؤلفات عدة‪ ،‬ثم توسعت البحوث في إطار فرق بحث جامعية أو مؤلفات جامعية‪ ،‬ميزها الجمع بين‬
‫حقول الثقافة واالتصال واإلعالم من منظور اقتصادي‪.‬‬

‫يمكن تصوير صناعة وسائل اإلعالم المرئية والمسموعة باعتبارها سلسلة من األنشطة الفرعية‪ ،‬مترابطة‬
‫الحلقات يأخذ بعضها برقاب بعض‪ ،‬ويهيمن عليها نشاط رئيس يختلف من وسيلة إعالم إلى أخرى‪.‬‬
‫فالنشاط الرئيس في اإلذاعة والتلفزيون هو البرمجة – كما ذكرنا سابقًا ‪ -‬أما األنشطة األمامية فهو ما‬
‫يتعلق بجمع المعلومات‪ ،‬أو ما يمثل المحتوى عامة‪ :‬األنباء‪ ،‬الصور‪ ،‬اإلعالنات‪...‬الخ‪ ،‬وهذا تشترك فيه‬
‫الصحافة المكتوبة والتلفزيون واإلذاعة‪ ،‬وهناك أنشطة أمامية أخرى تخص اإلذاعة والتلفزيون مثل إنتاج‬
‫البرامج اإلذاعية والتلفزيونية والمواد السمعية البصرية المختلفة‪ ،‬األشرطة‪ ،‬التحقيقات‪ ،‬المنتجات اإلخبارية‬
‫والثقافية والمواد العلمية الخيالية واإلعالنية ‪.. .‬الخ‪ .‬وكذا اإلنتاج الفني‪ :‬الحفالت الموسيقية‪ ،‬األلعاب‪،‬‬
‫باإلضافة إلى األفالم السينمائية‪ ،‬وكل هذه األنشطة يمكن أن تسند إلى مؤسسات أخرى غير المؤسسات‬
‫التي تقوم بالبرمجة‪.‬‬

‫وكذلك الشأن بالنسبة إلى األنشطة الخلفية‪ :‬البث الهرتزي األرضي أو عبر األقمار اإلصطناعية‪ ،‬أو‬
‫التوزيع عبر الكابل (التلفزيون السلكي) بالنسبة إلى التلفزيون‪ ،‬فكلها أنشطة يمكن أن تقوم بها مؤسسات‬
‫أخرى‪ .‬وفي آخر السلسلة يوجد الجمهور الذي يتجه إليه كل النشاط‪ :‬مشاهدو التلفزيون ومستمعو‬
‫اإلذاعة‪.‬‬

‫هذه البنية الصناعية لنشاط وسائل اإلعالم المرئية والمسموعة ثابتة تقريبًا‪ ،‬وال يمكن أن تتغير إال بحدوث‬
‫طفرة تكنولوجية باهرة تعدل البنية الصناعية بإلغاء بعض الحلقات (أو بإضافة حلقات جديدة)‪ ،‬أو تغير‬
‫محتوى النشاط داخل كل حلقة من حلقات السلسلة‪.‬‬

‫اإلنتاج في الراديو والتلفزيون‪:‬‬

‫‪79‬‬
‫اإلنتاج في الراديو والتلفزيون عبارة عن تحويل الفكرة الخالقة المصاغة فنيًا على الورق إلى هيئة نص‬
‫‪ scripted programme‬أو شبه نص ‪ semi- scripted programme‬غير مسموع وغير مرئي‬
‫والمخطط لها مسبقاً‪ ،‬إلى مادة مسجلة على شريط تسجيل صوتي ‪ audio‬بالنسبة للراديو أو شريط الفيديو‬
‫‪ video‬مغناطيسي بالنسبة للتلفزيون‪ ،‬بحيث تكون تلك المادة صالحة للبث ‪ aired‬طبقاً لمعايير محددة‬
‫مقبولة ثقافيًا وفنيًا وسياسيًا وأيديولوجيًا‪ ،‬إنه باختصار شديد‪ ،‬عبارة عن عملية تحويل الفكرة إلى منتج‬
‫نهائي ‪ finished product‬قابل للبث عن طريق الراديو أو التلفزيون‪ ،‬أما المنتج ‪ producer‬فهو‬
‫الشخص المسؤول مسؤولية كاملة عن هذا اإلنتاج‪.‬‬

‫لم تعد تنحصر مهمة التلفزيون‪ ،‬كأداة اتصال في عصر التقدم العلمي والتكنولوجي‪ ،‬في كونه أداة‬
‫للتسجيل ووصف األحداث المحلية والدولية‪ ،‬أو في كونه مجرد وسيلة لنقل األخبار المصورة‪ ،‬ونقلها حي ًة‬
‫على الهواء مباشرًة عبر األقمار الصناعية‪ ،‬بل في قدرته على اإلقناع والتأثير والسيطرة‪ ،‬وكونه قوة ال‬
‫يستهان بها تدخل في مجال إعادة صياغة اإلنسان‪.‬‬

‫وايماناً بذلك الدور قامت الحكومات والمؤسسات بعمل القنوات والبرامج التلفزيونية التي تخدم أهداف‬

‫وطموحات تلك الجهات‪ ،‬وأسست على ضوئه مراكز اإلنتاج التلفزيوني‪ ،‬ليصبح اإلنتاج التلفزيوني صناعةً‬
‫مهمة ثقافيًا ورابحة اقتصاديًا‪ ،‬فيما إذا عرفنا كيف ننتج وماذا ننتج‪ ،‬وكيف يجب أن يوظف هذا اإلنتاج‬
‫ويتم توزيعه‪ .‬لذا تعددت وتنوعت المؤسسات العامة والخاصة في العالم التي تعمل من أجل تحقيق ذلك‪.‬‬

‫مفهوم اإلنتاج التلفزيوني‪:‬‬

‫يمكن ت وضيح مفهوم اإلنتاج التلفزيوني بشكل مبسط بأنه يعني مجموعة الخطوات التخطيطية والتنفيذية‬
‫وبناء على هذا المفهوم تكمن‬
‫ً‬ ‫المختلفة التي تؤدي إلى تحويل الفكرة إلى برنامج تلفزيوني يمكن بثه‪،‬‬
‫أهميته في كونه يتضمن معظم الخطوات والعوامل المؤدية إلى عمل البرنامج التلفزيوني‪ ،‬وتحقيق الهدف‬
‫منه‪ ،‬بدءًا بتحديد احتياجات الجمهور‪ ،‬واعداد الفكرة‪ ،‬وتحديد الهدف من البرنامج والجمهور المستهدف‪،‬‬
‫وتحديد القالب التلفزيوني المناسب‪ ،‬ومن ثم اإلخراج وتقييم العمل‪.‬‬

‫وعلى ضوء ذلك ارتبط البرنامج الناجح بوجود إنتاج تلفزيوني متميز ذي إمكانيات مادية وفيرة (ميزانية‬
‫العمل)‪ ،‬وكذلك ضعف البرنامج هو نتيجة طبيعية لضعف اإلنتاج أو ضعف في بعض أج ازئه‪ ،‬وضعف‬
‫اإلمكانيات المادية سيكون على األغلب سببًا في ذلك‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫أهمية اإلنتاج التلفزيوني للمؤسسات‪:‬‬

‫تعمل الكثير من المؤسسات‪ ،‬والمراكز اإلعالمية‪ ،‬وبخاصة التي تدرك أهمية دور اإلنتاج في إنجاح‬
‫منتجها التلفزيوني‪ ،‬على االستعانة بكوادر إنتاجية متميزة‪ ،‬وقادرة على إيصال رسالتها لجمهورها‬
‫المستهدف‪ ،‬وتقديم الدعم البشري والمالي والتقني له ليحقق أهدافاً يمكن أن نلخصها في التالي‪:‬‬

‫‪ -3‬بناء صورة ذهنية جيدة للمؤسسة‪.‬‬

‫‪ -.‬تفعيل أنشطة المؤسسات في التعليم والتدريب‪.‬‬

‫‪ -1‬اإلسهام في التثقيف والتوجيه‪.‬‬

‫‪ -3‬المساهمة في التوثيق اإلعالمي ألنشطة المؤسسات المختلفة‪.‬‬

‫‪ -1‬كسب مردودات مادية من خالل بيع البرامج المنتجة واإلعالنات‪.‬‬

‫عناصر اإلنتاج التلفزيوني‪:‬‬

‫تحدد عناصر اإلنتاج في ضوء األهداف والخطط المراد تحقيقها‪ ،‬كما يمثل حجم المؤسسة وطبيعة‬
‫أنشطتها دو ًار مهماً في رسم خطة اإلنتاج التلفزيوني في المؤسسات العامة‪ ،‬ووفقًا لهذا المنظور يتم‬
‫االستعانة بكوادر بشرية‪ ،‬وتزويده بالتجهيزات التقنية الالزمة لتحقيق هذه األهداف‪ ،‬وتتكون عناصر‬
‫اإلنتاج مما يلي‪:‬‬

‫‪ .0‬العناصر البشـرية‪ ،‬ومنها‪:‬‬

‫‪ -‬المخرج (‪.)Director‬‬

‫‪ -‬المعد وكاتب السيناريو )‪.(Script writer‬‬

‫‪ -‬مدير اإلنتاج (‪.)Production manager‬‬

‫‪ -‬المصور (‪.)Camera man‬‬

‫‪ -‬مهندس الصوت (‪.)Sound engineer‬‬

‫‪61‬‬
‫‪ -‬مهندس اإلضاءة (‪.)Lighting engineer‬‬

‫‪ -‬فني المونتاج (‪.)Editor‬‬

‫‪ -‬مهندس الديكور(‪.)Setting engineer‬‬

‫‪ -‬أخصائي مكياج (‪.)Make up specialist‬‬

‫‪ .4‬العناصر التقنيـة‪ ،‬ومنها‪:‬‬

‫‪ -‬الكاميرات وملحقاتها‪.‬‬

‫‪ -‬اإلضاءة والمرشحات‪.‬‬

‫‪ -‬الصــوت‪.‬‬

‫‪ -‬المونتــاج‪.‬‬

‫‪ .3‬العناصر المالية واإلدارية‪:‬‬

‫يتطلب العمل اإلذاعي والتلفزيوني‪ ،‬والتلفزيوني بخاصة‪ ،‬تكاليف مالية باهظة مقارنة بغيره من الوسائل‪،‬‬
‫ويعود ذلك لطبيعة عناصره وكثرة خطوات مراحله‪ ،‬لذا عمدت كثير من المؤسسات الخاصة باإلنتاج إلى‬
‫ت وفير طاقم إنتاجي مخصص للمسائل المالية والمصروفات على تلك األعمال‪ ،‬ويتم ذلك عبر وضع‬
‫ميزانيات ببنود معروفة كاستئجار المعدات وأجور الفنانين ومكافأة العاملين وايجار المواقع والسفر‬
‫والتنقالت وغيرها من البنود التي تكون في مجملها ما يعرف بميزانية البرنامج‪ ،‬ثم ترصد ليتم صرفها وفقًا‬
‫لما هو مرسوم لها‪ .‬وال يتوقف األمر عند هذا الحد بل يجب أن يدعم ذلك بتسهيل إداري لمراحل اإلنتاج‬
‫المختلفة‪ ،‬والتي تتطلب في بعض األحيان شروطًا صعب ًة إلتمام متطلب إنتاجي كتصوير لقطات معينة‬
‫يصعب الوصول إليها‪ .‬ويجب أن تتفهم اإلدارة العليا في المؤسسة هذه المطالب بشكل جيد ليتم تقديم‬
‫عمل يتواءم مع تطلعات المؤسسات ذاتها‪.‬‬

‫منطق اقتصاد وسائل اإلعالم المرئية والمسموعة‪:‬‬

‫‪62‬‬
‫يشترط نشاط وسائل اإلعالم عامة‪ ،‬والمرئية والمسموعة خاصة‪ ،‬تطبيق القواعد الصناعية بشكل واضح‪:‬‬
‫االستثمارات الضخمة في وسائل اإلنتاج والبث واالستقبال وتقسيم العمل التقني والفني المتقدم جدًا‪،‬‬
‫واستخدام طرق إنتاج يغلب عليها عنصر رأس المال‪ ،‬واعتماد أحدث التقنيات الدقيقة‪ ،‬ويتطلب ذلك كله‬
‫سوقاً واسعةً وطلبًا نشيطاً متجدداً يسمح بجلب االستثمارات وتطوير اإلبداع الثقافي واإلنتاج الفكري‬
‫واإلعالمي القادر على المنافسة‪ ،‬ويقف ذلك وراء الحركية اإلعالمية والثقافية في البلدان الصناعية‪،‬‬
‫ويمثل رهانات تكنولوجية وصناعية وتجارية كبرى في سياق عالقات دولية جديدة تلعب فيها تلك الحركية‬
‫اإلعالمية والثقافية دو اًر نشيطًا‪.‬‬

‫إن ما يصنع كل تلك الحيوية في وسائل اإلعالم عامالن‪ :‬التصنيع والسوق‪ ،‬فتصنيع وسائل اإلعالم‬
‫عامة والمرئية والمسموعة خاصة ‪ ،‬سمح بتطوير القدرات اإلنتاجية التي تضمن بدورها مرونة العرض‬
‫الالزمة لمواجهة الطلب المتزايد كميًا‪ ،‬والمتجدد المتنوع نوعيًا‪ ،‬والمتغير بسرعة‪ .‬أما منطق السوق فقد‬
‫سمح بتكييف المنتجات وتنويعها طبقًا لالحتياجات الحقيقية والمتجددة للمجتمع‪.‬‬

‫إن حركية وسائل اإلعالم واالتصال في البالد المصنعة إنما يقف وراءها منطق تسويقي ذكي يعمل على‬
‫دراسة احتياجات السوق‪ ،‬وفهمها‪ ،‬والتنبؤ بتغيراتها والتحسب لمواجهة الطلب المتجدد وفقاً لحركية المجتمع‬
‫التي تحددها‪ ،‬جزئيًا‪ ،‬حركية وسائل اإلعالم نفسها‪ .‬وقد شهد العالم كيف تقف شبكات اإلعالم واالتصال‬
‫في البالد الصناعية جنبًا إلى جنب مع المؤسسات االقتصادية الكبرى التي صنعت نهاية القرن العشرين‪،‬‬
‫وترسم مالمح القرن الجديد‪.‬‬

‫تكلفة المنتجات اإلعالمية المرئية والمسموعة‪:‬‬

‫تتميز تكلفة إنتاج المواد المرئية والمسموعة ببنية خاصة‪ ،‬كما تتميز ببعض السمات االقتصادية التي‬
‫تميزها عن المنتجات الصناعية العادية‪ ،‬وهذه السمات هي‪:‬‬

‫ارتفاع العمل الذهني‪.‬‬

‫ارتفاع تكلفة النموذج األصلي‪.‬‬

‫انعدام التكلفة الحدية‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫رغم اختالف شروط اإلنتاج بين البلدان فإن هناك بعض العناصر االقتصادية التي تتكرر في معظم‬
‫البلدان وهي‪:‬‬

‫هناك عالقة مباشرة بين تكلفة المنتج وموقعه في شبكة برامج القناة أو المحطة المبرمجة‪ ،‬فهذا الموقع في‬
‫البرمجة يحدد مستوى عائدات البرنامج‪ ،‬وبالتالي مستوى مردوديته ضمن مجموع الشبكة البرامجية‪.‬‬

‫هناك نوع من التجانس بين تكلفة الدقيقة الواحدة ونوع المنتج المرئي المسموع‪ .‬ففي معظم الحاالت نجد‬
‫أن تكلفة المنتجات القابلة للتخزين أعلى بكثير من تكلفة المنتجات غير القابلة للتخزين‪ ،‬حيث تقل تكلفة‬
‫الدقيقة الواحدة من الشريط الوثائقي (‪ .88‬دوال اًر أمريكياً) عن تكلفة الدقيقة من المجلة اإلخبارية‬
‫التلفزيونية (‪ 311‬دوال ًار أمريكيًا)‪ .‬وفي كل الحاالت تظل تكلفة الدقيقة الواحدة من األفالم السينمائية‬
‫الطويلة أعلى من غيرها‪ ،‬وهي تتراوح بين ‪ 11‬ألف دوالر في نيجيريا‪ ،‬و ‪ 61‬ألف دوالر في الهند‪ .‬ويرى‬
‫الباحثون أن لألمر عالقة بسعة السوق واإلقبال على قاعات السينما (حالة الهند ومصر)‪ ،‬وفي حالة‬
‫ضعف هذين المعطيين يتعين اللجوء إلى التمويل العمومي أو الحكومي (ليتوانيا) أو إلى التعاون‬
‫الخارجي (بوركينا فاسو) واإلنتاج المشترك (كولومبيا) ‪.‬‬

‫في معظم الحاالت يتم إنتاج الفيلم التلفزيوني الخيالي من قبل القناة التي تبثه مما يؤدي إلى تخفيض‬
‫تكلفة الوسائل التقنية‪ ،‬أما األشرطة الوثائقية فال تتوفر على أسواق مهيكلة في هذه البلدان‪ ،‬فهي تتوقف‬
‫على اإلنتاج الذي تموله الجهات العم ومية (غير الخاصة) فيتم إنتاجها خاصة من قبل القنوات العمومية‬
‫ومن تمويل الجهات شبه العمومية مثل الجمعيات والمنظمات الدولية‪ ،‬وعبر اإلنتاج المشترك‪ ،‬وبمساعدة‬
‫أنظمة الدعم العمومية‪ ،‬مما يترتب عليه عدم ارتباط التكلفة بسعر السوق‪.‬‬

‫دور التكنولوجيا الحديثة في تحسين اإل نتاج وتخفيض التكاليف‪:‬‬

‫أوالً‪ -‬في مجال اإلنتاج اإلذاعي‪:‬‬

‫ال شك أن التكنولوجيا اإلعالمية أحدثت تحسنًا كبي ًار وملموسًا في اإلنتاج اإلذاعي‪ ،‬وخاصة بعد دخول‬
‫اإلرسال اإلذاعي مجال األقمار الصناعية‪ ،‬فأصبح يصل إلى أعداد كبيرة في أرجاء مختلفة من العالم‬
‫وبوضوح تام متغلباً على التشويش والضوضاء‪ .‬وبفضل األقمار الصناعية قدمت اإلذاعة برامجها مباشرة‬
‫للمستمعين في منازلهم متضمن ًة كمًا كبي ًار من معلومات وبرامج الترفيه‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫وأتاحت هذه التكنولوجيا للراديو جودة صوتية فائقة ومجاالت واسعة ومساحات شاسعة من العالم يصل‬
‫إليها بوضوح وسهولة وي سر‪ ،‬وأصبح ممكنًا اآلن إطالق أقمار صناعية ال عالقة لها بالقنوات التلفزيونية‬
‫فهي تختص بالقنوات الصوتية (أي بمحطات الراديو أو اإلذاعات المسموعة وحدها)‪.‬‬

‫ومن التحسينات أيضاً ما أ دخل من تقنيات أخرى طورت من التقنيات السابقة‪ ،‬ومن ذلك أن التسجيل‬
‫للمواد اإلعالمية أصبح يسجل على أسطوانة ليزر ‪ CD‬أو ‪ DVD‬بعد أن كان يسجل على أسطوانة‬
‫عادية‪ ،‬ومن ثم على أشرطة كاسيت‪.‬‬

‫ومن التحسينات إدخال نظام الستريو‪ ،‬وكذلك ما يسمى بـنظام التسجيل واالستماع الرباعي الذي يساعد‬
‫على تطوير عمليات تسجيل الدراما اإلذاعية التي يمكن اآلن تسجيلها وسماعها بواسطة صوت مجسم‬
‫وكأنه منبعث من جهتين أو أكثر‪ ،‬ومن ذلك‪ -‬أيضًا‪ -‬دخول الهاتف والفاكس ووسائل التواصل‬
‫االجتماعي واإلنترنت عامة كوسائل فاعلة لربط الجمهور بالمرسل‪ ،‬وخاصة في البرامج التي ترتبط به‬
‫ارتباطًا مباش ًار كمناقشة قضية مهمة تتطلب رأي الجمهور‪ ،‬أو سماع استفساراته‪ ،‬أو مشاركته في الحوار‬
‫والمناقشة‪.‬‬

‫ومنذ عدة سنوات ظهر راديو اإلنترنت بما يتمتع به من مميزات‪ ،‬حيث أنه يتيح للمستخدم استقبال عدد ال‬
‫حصر له من المحطات اإلذاعية‪ ،‬فإجمالي المحطات التي تبث برامجها مباشرة عبر شبكة اإلنترنت تتزايد‬
‫سريعًا بما فيها قنوات رسمية وأخرى خاصة وثالثة ال توجد فقط إال من خالل اإلنترنت‪ ،‬ومن ناحية أخرى‬
‫تساعد تكنولوجيا التواصل مع شبكة اإلنترنت من خالل البث الالسلكي على متابعة كل برامج اإلذاعة‬
‫المتوافرة على الشبكة‪ ،‬أي أن ننتقل بواسطة الكومبيوتر إلى أي مكان‪ ،‬ونستقبل اإلذاعة التي نحب أو‬
‫نرغب في سماعها‪.‬‬

‫كما تستخدم المؤسسات اإلعالمية الهاتف الجوال كوسيط إعالمي جديد لتوزيع المضامين اإلعالمية‬
‫ال بذاته له‬
‫التلفزيونية واإلذاعية واإلخبارية‪ .‬ويمكن بالتالي اعتبار الهاتف الجوال وسيطًا إعالميًا مستق ً‬
‫خصوصياته التحريرية واالقتصادية‪ ،‬وبهذا المعنى يمثل الهاتف الجوال الوسيط اإلعالمي الخامس بعد‬
‫الصحافة المكتوبة واإلذاعة والتلفزيون واإلنترنت‪ .‬وتستثمر اإلذاعة خصوصيات الهاتف الجوال لتوفير‬
‫تطبيقات تحريرية (كخدمات األخبار العاجلة) والستحداث خدمات بمقابل‪ ،‬تسهم في تنويع مصادر تمويلها‬
‫مثل (تحميل الرنات)‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫كل ما سبق يتي ح الفرصة أكثر للمعلنين للوصول إلى أوسع جمهور ممكن ما ينعكس بالفوائد المالية على‬
‫اإلذاعات‪.‬‬

‫ثانياً‪ -‬في مجال اإلنتاج التلفزيوني‪:‬‬

‫تؤدي التكنولوجيا اإلعالمية دو اًر مهمًا في تحسين اإلنتاج التلفزيوني ما جعله من أهم الوسائل اإلعالمية‬
‫التي تحوز على رضا الجمهور في أي مكان في العالم بما أضفت عليه تلك التكنولوجيا من مزايا أهمها‬
‫السرعة والجذب واإلثارة والتنوع وامكان استرجاع ما فاته من معلومات أو أخبار أو نحو ذلك‪.‬‬

‫ال ومضمونًا‪،‬‬
‫كثيرة هي التقنيات التي أدخلت في مجال التلفزيون‪ ،‬وحسنت من اإلنتاج اإلعالمي شك ً‬
‫اء بجيليها القديم أم الجديد ال تزال هي الوسيط الوحيد الذي يستطيع تغذية نظام البث‬
‫ومنها‪ :‬الكامي ار سو ً‬
‫عادة من صورة وصوت‪ ،‬ولم يتغير في الجيل الجديد للكامي ار‬
‫ً‬ ‫التلفزيوني بالمعلومات المطلوبة والمتكون‬
‫إال في األنماط الشكلية التالية‪:‬‬

‫‪ -3‬التقليل من استخدام الديكور بسبب تواجد الكامي ار في موقع الحدث‪ ،‬الستخدام مختلف المرئيات‬
‫اإللكترونية كخلفيات للقطات والمشاهد‪ ،‬مما يساعد كثي ًار في توفير تكاليف التصوير واإلنتاج‪.‬‬

‫‪ -.‬المحدودية لحركة الكامي ار‪ ،‬خاصة وان معظم البرامج غير الدرامية أصبحت تنقل بواسطة األقمار‬

‫الصناعية ومن مواقع إنتاجها مباشرة إلى منزل المستقبل لها بواسطة الصحن الالقط‪ ،‬مما يساعد أيضاً‬
‫في توفير تكاليف اإلنتاج‪.‬‬

‫‪ -1‬استخدام البث الحي المباشر لنقل المؤتمرات الصحفية المهمة‪ ،‬حيث أصبح بإمكان المشاهد أن ينتقل‬
‫من دولة إلى أخرى ليتحدث مع المعنيين بخصوص قضية ما وهو في مكتبه أو في منزله‪ ،‬مما يساعد‬
‫أيضًا في توفير تكاليف اإلنتاج لجهة تخفيض نفقات السفر والتنقل واإلقامة للقائمين على اإلنتاج‪.‬‬

‫وحول عالقة اإلنترنت بالبث التلفزيوني‪ ،‬فإن العالم يشهد زيادة متنامية لحاجات االتصال على صعيد‬
‫التطبيقات الجديدة الخاصة بالشبكة‪ ،‬فدخول اإلنترنت في هذا المجال أتاح لمستخدمي الحاسوب الحصول‬
‫على خدمة متطورة ال تقتصر على االستماع إلى البث الحي للقنوات التلفزيونية فقط‪ ،‬لكنها تشمل طلب‬

‫‪66‬‬
‫االستماع إلى برامج ومواد إعالمية محددة يتم بثها على الفور للمشترك دون انتظار مواعيد البث المقررة‬
‫لهذه البرامج‪.‬‬

‫وتتفاعل المؤسسات اإلع المية بأشكال مختلفة وبدرجات متفاوتة مع هذه التحوالت‪ .‬بعضها انفتح على‬
‫هذا الحراك الجديد‪ ،‬واستثمر اإلنترنت وأدواته بشكل خالق كإحدى آليات التحديث الشامل تكنولوجيًا‬
‫وبرامجيًا واقتصاديًا‪ .‬ومن أسباب التحول إلى البث اإلذاعي والتلفزيوني عبر اإلنترنت االنخفاض في‬
‫أسعار بطاقات االشتراك في اإلنترنت‪ .‬وكل ما سبق يسهم في خفض نفقات البث وتكاليفه‪.‬‬

‫وقد لعب البث التلفزيوني عبر اإلنترنت دو اًر في تحسين اإلنتاج التلفزيوني ما جعله من أهم الوسائل‬
‫اإلعالمية التي تحوز على رضا الجمهور‪.‬‬

‫التطبيقات االقتصادية المستحدثة‪:‬‬

‫تمثل مواقع الويب آليات مهمة الستحداث وتنويع مصادر تمويل للهيئة اإلذاعية‪ .‬ومن هذه المصادر‬
‫خلق الفضاءات التجارية لعرض المنتجات ذات الصلة‪ ،‬وبيع الملفات الموسيقية والرنات‪ ،‬واالشتراك في‬
‫الخدمات اإلخبارية‪ ،‬وبيع برامج األرشيف‪ ،‬واستقطاب المعلنين عبر آليات اإلعالن اإللكتروني بأشكاله‬
‫المختلفة بما في ذلك الفيديو‪.‬‬

‫مقومات اقتصاديات اإلعالم التلفزيوني في الواليات المتحدة األمريكية‪:‬‬

‫إن نجاح اإلعالم التلفزيوني في المجتمع األمريكي منذ انطالقه في أوائل القرن العشرين لم يأت من فراغ‪،‬‬
‫بل جاء نتيجة طبيعية لتضافر عوامل عدة تتعلق بالترابط الوثيق بين المؤسسات اإلعالمية التلفزيونية‬
‫ممثل ًة في شبكات التلفزيون األمريكية الثالث والمؤسسات االقتصادية العاملة في المجتمع نفسه‪.‬‬

‫فقد أثبتت الدراسات المتتالية التي أجريت حول التلفزيون في الواليات المتحدة أن هذه الشبكات إما أن‬
‫تكون مملوكة للقطاع الخاص‪ ،‬كما هو الحال في شبكة ‪ NBC‬المملوكة بنسبة ‪ % 81‬لشركة (جنرال‬
‫إلكتريك)‪ ،‬أو أن هناك مصالح مشتركة مع تلك الشركات‪ ،‬كما هو الحال بين شبكة (‪ )CNN‬وشركة‬
‫(مايكروسوفت) وشركة (تايم وورنر)‪ ،‬وهذا الترابط الوثيق يسهم بشكل أو بآخر في توفير التمويل الكافي‬
‫للشبكات التلفزيونية من خ الل اإلعالن‪ ،‬ورعاية البرامج‪ ،‬أو حتى من خالل الدعم المباشر‪ ،‬ولعل معدالت‬

‫‪63‬‬
‫اإلعالن العالية التي تظهر على شاشات التلفزيون في الواليات المتحدة تشير بشكل ال يقبل الشك إلى‬
‫حجم تدفق التمويل الذي تتلقاه تلك الشبكات العمالقة التي ترتبط بها‪.‬‬

‫وهناك سبب ثان يتعلق بكون ع ملية البرمجة في الشبكات التلفزيونية األمريكية تتم بالتناغم مع العملية‬
‫اإلعالنية التي تستند إلى بث اإلعالنات خالل البرامج األكثر شعبية لدى الجماهير‪ ،‬وهذا يعني أن‬
‫بناء على نتائج دراسات ميدانية تقوم بها‬
‫موضوعات البرامج وصيغها تخضع ألذواق الجماهير‪ ،‬وذلك ً‬
‫شركات أبحاث السوق لصالح المؤسسات اإلعالنية لمعرفة مدى تغلغل برامج التلفزيون في أوساط‬
‫الجماهيـر‪.‬‬

‫أما السبب الثالث فيتعلق باالتساع الهائل لسوق اإلعالن األمريكية‪ ،‬حيث أن قوة االقتصاد األمريكي‬
‫المستند إلى السوق الحرة في التعامالت التجارية ارتبطت تقليدياً بصناعة اإلعالن التي هي جزء ال يتج أز‬
‫من الصناعة اإلعالمية‪.‬‬

‫ومن هنا فقد غدا هذا الثالوث (اإلعالم‪ ،‬اإلعالن‪ ،‬االقتصاد) يشكل بنية صلبة تستند إليها القنوات‬
‫التلفزيونية المختلفة في عملها‪.‬‬

‫وعليه تظهر لنا ضخامة اإليرادات التي تحصل عليها وسائل اإلعالم وما تحدثه من تأثيرات عميقة من‬
‫قبل الشركات المنتجة في توجهات وسائل اإلعالم ومواقفها‪ ،‬وذلك لما تشكله من مورد مهم لتلك الوسائل‬
‫وبالشكل الذي يؤثر في حياديتها في نقل األحداث وتناول القضايا المختلفة‪ ،‬فأفرغت الكثير من وسائل‬
‫اإلعالم من المضامين التي تحمل الحقيقة‪ ،‬وتنهض بواقع الجمهور‪ ،‬وتخدم قضاياه‪ ،‬وأصبحت أداة في‬
‫خدمة الممولين والمعلنين والترويج ألهدافهم الربحية‪ ،‬مما أثر سلبًا في مصداقية الكثير من هذه الوسائل‬
‫بعد أن تحولت إلى إمبراطوريات اقتصادية ضخمة‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫المراجع والمصادر المستخدمة في الوحدة الرابعة‬

‫عبد الباسط محمد عبد الوهاب‪ ،‬استخدامات تكنولوجيا االتصال في اإلنتاج اإلذاعي والتلفزيوني‪ ،‬دراسة‬
‫تطبيقية وميدانية‪ ،‬المكتب الجامعي الحديث‪ ،‬القاهرة‪..111 ،‬‬

‫نبيل الجردي‪ ،‬دراسات إعالمية‪ ،‬الكويت‪ ،‬منشورات ذات السالسل‪.3991 ،‬‬

‫عاشور فني‪ ،‬اقتصاديات وسائل اإلعالم المرئية المسموعة‪ ،‬تونس‪ ،‬سلسلة بحوث ودراسات إذاعية‪،‬‬
‫‪..13.‬‬

‫سامي الشريف‪ ،‬ومحمد مهني‪ ،‬اإلخراج اإلذاعي والتلفزيوني‪ ،‬مركز جامعة القاهرة للتعليم المفتوح‪،‬‬
‫‪..113‬‬

‫مجذوب بخيت محمد توم‪ ،‬اقتصاديات اإلعالم‪ ،‬قدم إلى مركز الخبراء للتدريب‪ ،‬السودان‪ .6 ،‬أغسطس‪،‬‬
‫‪..131‬‬

‫‪ -‬خالد زعموم والسعيد أبو معيزة‪ ،‬التفاعلية في اإلذاعة‪ ،‬أشكالها ووسائلها‪ ،‬منشورات اتحاد إذاعات‬
‫جامعة الدول العربية‪ ،‬تونس‪..11. ،‬‬

‫‪ -‬الصادق الحمامي‪ ،‬اإلذاعة في عصر الشبكات‪ ،‬نماذج جديدة‪ ,‬نسخة ويب غير مؤرخة‪.‬‬

‫‪ -‬رضا النجار‪ ،‬شبكة اإلنترنت وتوظيفها لدى الهيئات اإلذاعية والتلفزيونية العربية‪ ,‬اتحاد إذاعات‬
‫الدول العربية‪..11. ,‬‬

‫‪ -‬محمد سالمة‪ ،‬راديو اإلنترنت‪ ،‬مجلة الفن اإلذاعي‪ ،‬العدد ‪ ،.111 ،074‬عن موقع‪:‬‬
‫‪.www.egyptradio.tv‬‬

‫‪69‬‬
‫نماذج عن أسئلة من الوحدة الرابعة‬

‫إن ما يصنع الحيوية في وسائل اإلعالم عامالن‪ ،‬بحسب ما ورد في الكتاب‪ ،‬هما‪:‬‬

‫‪ – A‬التصنيع والجمهور‪.‬‬

‫‪ - B‬التصنيع والسوق‪.‬‬

‫‪ – C‬اإلبداع والسوق‪.‬‬

‫‪ – D‬اإلنتاج واإلبداع‪.‬‬

‫تتميز تكلفة إنتاج المواد المرئية والمسموعة بسمات اقتصادية تميزها عن المنتجات‬
‫الصناعية العادية‪ ،‬منها‪:‬‬

‫‪ - A‬ارتفاع العمل الذهني وتكلفة النموذج األصلي‪.‬‬

‫‪ - B‬انعدام تكلفة النموذج األصلي‪.‬‬

‫‪ - C‬انعدام التكلفة الحدية والعمل الذهني‪.‬‬

‫‪ -D‬ارتفاع تكلفة النموذج األصلي وارتفاع التكلفة الحدية‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫الوحدة الخامسة‪ :‬اقتصاد اإلعالم اإللكتروني والجديد‬

‫التكنولوجيا والمال وراء ظهور اإلعالم الجديد‬

‫من مظاهر اإلعالم الجديد‬

‫اقتصاد أدوات وسائل اإلعالم الجديد‬

‫الهاتف المحمول واإلعالم الجديد‪ ...‬إشكاليات‬

‫اقتصاد أدوات وسائل اإلعالم اإللكتروني‬

‫أوالً‪ :‬المواقع اإللكترونية‬

‫أبرز موارد المواقع اإللكترونية وايراداتها‬

‫ثانياً‪ :‬الرسائل اإللكترونية‬

‫اقتصاد الصحافة اإللكترونية‪ :‬مواقع الصحف على اإلنترنت‬

‫تسعير إعالنات صحف اإلنترنت‬

‫‪ -‬أنماط عرض اإلعالن التي تقوم ‪CMP,s‬‬

‫‪ -‬تسعير اإلعالنات باالعتماد على النقر والولوج‬

‫‪ -‬طريقة التفاعل (التأثير المتبادل)‬

‫المردودية االقتصادية للصحافة اإل لكترونية‬

‫صعوبات تواجه الصحافة اإللكترونية‬

‫‪31‬‬
‫ما بين الصحف الورقية واإللكترونية‬

‫أخيراً وليس آخراً‬

‫ملخص الوحدة الخامسة‪:‬‬

‫يعد اقتصاد اإلعالم اإللكتروني واإلعالم الجديد من أحدث االقتصادات اإلعالمية‪ ،‬حيث أن التكنولوجيا‬
‫والمال وراء ظهور هذا النوع من اإلعالم‪ .‬ويندرج تحت أدوات اإلعالم اإللكتروني واإلعالم الجديد العديد‬
‫من الوسائل والتطبيقات مثل الهاتف المحمول وخاصة الذكية منها‪ ،‬اإلنترنت‪ ،‬المواقع اإللكترونية‪،‬‬
‫الصحف اإللكترونية‪ ،‬الرسائل اإللكترونية‪ .‬وتعد اإلعالنات من أبرز موارد هذه الوسائل وايراداتها‪ ،‬وثمة‬
‫طرق خاصة لتسعير إعالنات صحف اإلنترنت تختلف عن الطرق التقليدية‪ .‬وتعاني الكثير من الصحف‬
‫اإللكترونية صعوبات مادية تتعلق بتمويله ا وتسديد مصاريفها وعدم وجود عائد مادي ثابت أو شبه ثابت‪،‬‬
‫ولكن مع زيادة االهتمام باإلعالم اإللكتروني ازدادت أعداد من يرعون صناعته ويدعمونها‪ ،‬ومع ذلك‬
‫تواجه الصحافة اإللكترونية صعوبات تهدد استمرارها‪ .‬وبالرغم من ذلك تبقى تكلفة إطالق أي موقع‬
‫إلكتروني هي أقل من إنشاء أي وسيلة إعالم تقليدية‪.‬‬

‫األهداف التعليمية للوحدة الخامسة‪:‬‬

‫أن يدرك الطالب أهمية العوامل المختلفة‪ ،‬وخاص ًة االقتصادية في ظهور اإلعالم اإللكتروني واإلعالم‬
‫الجديد‪.‬‬

‫أن يفهم الطالب ماهية أنواع ومصادر تمويل اإلعالم اإللكتروني الضروري لوجوده واستم ارره‪.‬‬

‫أن يعرف الطالب مستلزمات اقتصاد اإلعالم اإللكتروني واإلعالم الجديد من أدوات وتجهيزات‬
‫وتطبيقات‪.‬‬

‫أن يدرك الطالب أهمية التكنولوجيا الحديثة وتطبيقاتها في صناعة وتحسين اإلعالم اإللكتروني واإلعالم‬
‫الجديد‪ ،‬وأثر ذلك في تخفيض النفقات والتكلفة بالنسبة للمستهلك أو المستخدم‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫أن يعي الطالب طبيعة اقتصاد اإلعالم اإللكتروني وتكاليفه مقارن ًة بطبيعة اقتصاد اإلعالم التقليدي‬
‫وتكاليفه‪.‬‬

‫التكنولوجيا والمال وراء ظهور اإلعالم الجديد‪:‬‬

‫وراء ظاهرة اإلعالم الجديد عوامل تقنية واقتصادية وسياسية يمكن تلخيصها فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -3‬العامل التقني المتمثل في التقدم الهائل في تكنولوجيا الكمبيوتر وتجهيزاته وبرمجياته‪ ،‬وتكنولوجيا‬
‫االتصاالت‪ ،‬والسيما فيما يتعلق باألقمار الصناعية وشبكات األلياف الضوئية‪ ،‬فقد اندمجت هذه العناصر‬
‫التكنولوجية في توليفات اتصالية عدة إلى أ ن أفرزت شبكة اإلنترنت التي تشكل حاليًا وسيطًا يحوي‬
‫بداخله جميع وسائط االتصال األخرى المطبوعة والمسموعة والمرئية‪ ،‬وكذلك الجماهيرية والشخصية‪.‬‬

‫‪ -4‬العامل االقتصادي المتمثل في عولمة االقتصاد‪ ،‬وما يتطلبه من إسراع حركة السلع ورؤوس‬

‫األموال‪ ،‬وهو ما يتطلب بدوره اإلسراع في تدفق المعلومات‪ ،‬وليس هذا لكون المعلومات قاسماً مشتركاً‬
‫يدعم جميع النشاطات االقتصادية دون استثناء‪ ،‬بل لكونها سلعة اقتصادية في حد ذاتها تتعاظم‬
‫أهميتها يوماً بعد يوم‪.‬‬

‫‪ -1‬العامل السياسي المتمثل في االستخدام المتزايد لوسائل اإلعالم من قبل القوى السياسية بهدف إحكام‬
‫قبضتها على سير األمور والمحافظة على استقرار موازين القوى في عالم شديد االضطراب زاخر‬
‫بالصراعات والتناقضات‪.‬‬

‫ومن مظاهر اإلعالم الجديد‪:‬‬

‫‪ -3‬تسهيل الحصول على المعلومات وهي ال تزال جديدة من مصادرها المباشرة‪ ،‬فبمجرد نقرة على شاشة‬
‫الكمبيوتر ينتقل القارئ من موقع إلى موقع أينما أراد على وجه األرض‪ ،‬ويق أر عن أي موضوع يشاء وبأي‬
‫لغة يفهم‪.‬‬

‫‪ -.‬تسهيل إيصال المعلومات إلى الجمهور دون تحكم من الحكام المستبدين أو غيرهم وتوفير المعلومات‬
‫الصحيحة هو أول خطوات التغيير‪ ،‬وقد كان احتكار الحكام للمعلومات في الماضي من أهم الوسائل‬
‫التي يحتمون بها‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫‪ -1‬التمكن من إيصال الرسالة اإلعالمية دون تدخل موجه من أباطرة اإلعالم الذين اعتادوا التصرف في‬
‫المعلومات التي تصلهم وصياغتها واخراجها بالطريقة التي تخدمهم على حساب المرسل األصلي‬
‫ورسالته‪.‬‬

‫‪ -3‬رخص ثمن االتصاالت بل ومجانيتها في أغلب األحوال مما يجعلها متاحة للجميع‪ ،‬وال مجال‬
‫الحتكارها من طرف الحكومات القمعية أو الشركات االحتكارية‪ .‬ومن فوائد رخص ثمن االتصاالت‬
‫إشراك عامة الناس في المعلومات‪.‬‬

‫اقتصاد أدوات وسائل اإلعالم الجديد‪:‬‬

‫الهاتف المحمول واإلعالم الجديد‪ ...‬إشكاليات‪:‬‬

‫يعد المحمول اليوم وسيلة اتصالية مفيدة لمن يحتاجها أو يدركها‪ .‬لكن أن يصل اليوم إلى أيدي أطفال‬
‫المدارس االبتدائية والى أطفال مرحلة ما قبل التعليم األساسي (دور الحضانة) فهذا يعد كارثة‪ ...‬لذلك‬

‫إ ن قطاع المحمول أو االتصاالت (ظاهرة المحمول) صار اليوم من القطاعات المرتكزة على الصناعات‬
‫التقنية وشبه التقنية‪ ،‬وذلك من أجل الدفع القوي لصالح المجاالت التي تتطلب ارتكا اًز على المعرفة التي‬
‫من شأنها التأثير اإليجابي على االقتصاديات المتقدمة‪ .‬فالهواتف النقالة وصلت إلى أدق زوايا وحركات‬
‫اإلنسان‪ ،‬يكتب ويسجل ويصور من خالل استخدامه ككمبيوتر والدخول منه على اإلنترنت‪ ،‬ويمكن إجراء‬
‫العمليات الحسابية عليه‪ ،‬ومن خالله يمكن سماع كل البرامج العملية والتسلية (الترفيهية)‪ .‬ولكنه سوف‬
‫يفقدنا الكثير من الوقت الذي يمكن االستمتاع به في القراءة والعبادة‪ ،‬واذا كان المحمول يعد وسيلة ثقافية‬
‫لتحسين عملية التواصل فإنه يمنع اإلنسان من االعتماد على اآلخرين كونه يرسخ الخصوصية دون‬
‫العمومية‪ .‬ولهذا زادت أرباح شركات االتصاالت والمعلومات بخطوات أسرع مما كنا نشهده في الشركات‬
‫العاملة في قطاع الصناعة والزراعة التقليدية‪ ،‬وعليه أصبح قطاع الخدمات في مجال االتصاالت حيويًا‬
‫وفعاالً‪.‬‬

‫إننا نتعامل اليوم مع المحمول واإلنترنت بوصفهما ظاهرة اجتماعية‪ ،‬وقد أضحى كذلك بالفعل بمعايير‬
‫متعددة للظاهرة االجتماعية وهي‪:‬‬

‫‪34‬‬
‫‪ -3‬االنتشار الواسع‪.‬‬

‫‪ -.‬الداللة االجتماعية الثقافية التي أصبحت مرتبطة به‪.‬‬

‫‪ -1‬الضغوط االجتماعية واالقتصادية والثقافية والسيكولوجية التي تدفع فئات متنوعة إلى االنخراط في‬
‫جماعة أصحاب المحمول للمسايرة أو االستمتاع بالدالالت والرموز االجتماعية ذاتها‪.‬‬

‫‪ -3‬تحقيق التوازن النفسي واالجتماعي كون هذا الجهاز أصبح بمثابة ظاهرة اجتماعية وليس ثقافية‬
‫اجتماعية‪.‬‬

‫‪ -1‬إن المحمول أصبح رم ًاز اجتماعيًا كونه بات لديه قدرة على التصنيف االجتماعي‪.‬‬

‫لكن ما هو الحال لمن ال عمل لهم‪ ،‬ويحملون المحمول الذي يكلفهم الكثير من ميزانياتهم ومصروفهم‬
‫الشخصي‪ ،‬والذي أصبح يمثل لديهم صورة من صور عدة تتمثل في‪:‬‬

‫‪ -0‬التسلية والترفيه‪ :‬وخاصة لقطاع الشباب بصورة عامة في تبادل كلمات الحب والغزل والعالقات‪.‬‬

‫‪ -4‬التصنيف والتميز االجتماعي‪ :‬من خال ل رسم صورة وهمية للذات لدى الشعب لتزييف الحقيقة عن‬
‫انتمائهم االجتماعي‪ ،‬وحل المشكالت الخاصة بهم كافة (على الصعيد النفسي)‪ ،‬كون أن حيازتهم لهذا‬
‫الجهاز يحقق إشباعًا سيكولوجيًا زائفًا بمجرد حيازته واظهاره في الشارع أو في المناسبات أو في العمل أو‬
‫في النادي أو المقهى‪ ،‬لذا فهو يحقق لدى بعض الفئات التوازن النفسي الموهوم والمصطنع بالتميز‬
‫والمساواة مع اآلخرين‪.‬‬

‫‪ -3‬النهم االستهالكي ‪ :‬لدى الفئات التي صعدت الهرم االقتصادي (الطفيلية الجديدة) التي نبتت من قاع‬
‫المجتمع‪ ،‬والتي التصقت بثقافة الحرمان الطويلة التي عاشتها هذه الطبقة‪ ،‬ومن ثم فقد ولد هذا الحرمان‬
‫النهم االستهالكي‪.‬‬

‫‪ -2‬التفاعل االجتماعي‪ :‬سهل هذا الجهاز عملية التفاعل االجتماعي‪ ،‬فالمحمول مخصص للتكلم بكل‬
‫أنواع الموضوعات المشتركة بين الناس مع مالحظة أن لغة الحوار حاليًا وفي العديد من الدول تسقط‬
‫الحديث في السياسة من حساباتها‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫وفي ظل هذا التطور المتنامي للتكنولوجيا لم يعد المحمول فقط وسيلة تواصل اجتماعي‪ ،‬بل أصبح وسيلة‬
‫إعالمية‪ ،‬وظهرت صحافة الهاتف المحمول كشكل من أشكال اإلعالم الجديد واستقبال األخبار وتحريرها‬
‫عن طريقه‪ ،‬وأصبح بفعل التطور التكنولوجي كمبيوت اًر متنقالً بل وبميزات أقوى‪ ،‬لكن اإلدمان الذي ولده‬
‫الجلوس وبيدنا المحمول نتصفح مواقع التواصل االجتماعي لساعات طويلة ال ينتهي بآثار إيجابية‬
‫كالترفيه والحصول على المعلومات‪ ،‬بل له أضرار صحية (ال مجال هنا لذكرها) وآثار اقتصادية على‬
‫األسرة والمجتمع لما يتطلب كل ذلك من تكاليف مادية‪.‬‬

‫اقتصاد أدوات وسائل اإلعالم اإللكتروني‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬المواقع اإللكترونية‪:‬‬

‫لقد بدا لظاهر العيان في البداية أن وسائل اإلعالم التقليدية لجأت إلى اإلنترنت مجبرًة على ذلك ال رغبةً‬
‫منها نتيجة لمعرفتها بمنافع دخولها في هذا المجال وفوائده‪ ،‬وذلك للوصول إلى فئة من الجمهور شعرت‬
‫بأنها تتسرب من بين أيديها لتصبح من جمهور هذه الوسيلة الجديدة‪ .‬لكن ما هو مقدار التكاليف التي‬
‫تكبدتها وسائل اإلعالم التقليدية نتيجة لدخولها هذا المجال وتشكيلها ما أصبح يعرف بالصحافة أو‬
‫اإلعالم اإللكتروني‪.‬‬

‫إن تكاليف بناء موقع على الشبكة العنكبوتية ال تكاد تذكر قياسًا إلى التكلفة التي تتكبدها وسائل اإلعالم‬
‫اء في آالت الطباعة بالنسبة للصحافة المطبوعة أم في‬
‫التقليدية‪ ،‬عدا عن تكاليف الصيانة المستمرة سو ً‬
‫أدوات البث والمعالجة لدى الراديو والتلفزيون‪.‬‬

‫فبالنسبة للصحافة‪ :‬فإنها تتخلص من تكاليف الطباعة وأسعار الورق التي تتزايد بشكل مستمر في حال‬
‫انتقلت إلى النشر بالصيغة اإللكترونية‪.‬‬

‫أما الراديو فإنه يوفر أجهزة البث عندما يستخدم اإلنترنت‪ ،‬ولكنه بالوقت نفسه يبث لكل أنحاء العالم عن‬
‫طريق الشبكة‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫التلفزيون‪ :‬له خصوصية تحتم عليه أن تكون اإلنترنت مجرد ساحة من ساحاته وقد دخلها بقوة‪ ،‬والتلفزيون‬
‫ليس بحاجة لكي ينتقل إلى البث عن طريق الشبكة ألنه وبكل بساطة ملك وسائل اإلعالم ورفيق األسرة‬
‫وطفلها المدلل‪.‬‬

‫أبرز موارد المواقع اإللكترونية وايراداتها‪:‬‬

‫لقد اتجهت الشركات التجارية في السنوات األخيرة اتجاهًا كبي ًار نحو اإلعالن عن خدماتها ومنتجاتها على‬
‫الشبكة العنكبوتية آخذةً بالحسبان الفئة الواسعة التي سيطرت عليها اإلنترنت وأسرتها في عالمها‬
‫اإللكتروني‪ ،‬باإلضافة لما توفره اإلنترنت من إمكانية شراء السلع والخدمات مباشرةً فور مشاهدة اإلعالن‬
‫والضغط عليه ليقود المتصفح إلى الموقع الخاص بالشركة‪ ،‬وهو ما يسمى بالتسوق عن طريق اإلنترنت‪.‬‬

‫إن هذا االتجاه من قبل الشركات التجارية جعل من إعالناتها موردًا غنيًا بالنسبة للصحافة اإللكترونية‬
‫يفوق في كثير من األحيان ما تحصله بعض التلفزيونات حتى من إعالناتها‪ .‬فالموقع اإللكتروني األكثر‬
‫شعبيةً وتصفحًا يعد بيئة خ صبة بالنسبة للشركات التجارية حتى تزرع إعالناتها على صفحاته‪.‬‬

‫وقد يحسم األمر في المنافسة بين المواقع اإلعالمية اإللكترونية لصالح المواقع األكثر تطو اًر من الناحية‬
‫التقنية واألكبر حجمًا على مستوى المضمون‪ ،‬أي في الغالب األكثر تكلفةً اقتصاديًا‪ ،‬ولذلك قد يتخلى‬
‫ال جمهور عن وسائل اإلعالم المألوفة له لصالح وسائل أخرى لها القدرة على مده بالمعلومات التي يرغب‬
‫فيها أكثر من وسائل أخرى‪ ،‬ولن يتأتى ذلك إال بتكريس مصروفات معتبرة‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬الرسائل اإللكترونية‪:‬‬

‫أثر تبادل الرسائل اإللكترونية على سوق شراء أوراق كتابة الرسائل وظروف الرسائل والطوابع البريدية‪،‬‬
‫فالجيل الجديد ليس عنده الوقت الكافي ليمسك بالقلم ويكتب خطاباً منذ أن اكتشف نعمة الرسائل‬
‫اإللكترونية‪ ،‬وألنه وببساطة ال يجد الوقت ليهب إلى دائرة البريد ليبعث برسالة‪ .‬وتلك اللعنة طالت الكتاب‬
‫والصحفيين‪ ،‬ففي السابق كان الصحفي يكتب موضوعاته ويبي ض مقابالته الصحفية بخط يديه‪ ،‬أما اآلن‬
‫فقد تخلى عن اقتناء األقالم كثي اًر وعوضها بالتنضيد والطبع من خالل جهاز الكومبيوتر‪ ،‬وبدل البحث‬
‫عن الدفاتر ليسجل فيها أخباره الصحفية صار يبحث عن آخر التطورات في عالم اكتشاف الحروف‪،‬‬
‫وطبع ما ترده من أخبار وارسالها إلى أصقاع الدنيا عبر البريد اإللكتروني‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫سابقًا‪ ،‬منحت تقنية الصحافة المكتوبة عملية رجع الصدى )‪ (feed back‬إمكانات حقيقية لم تكن متوفرة‬
‫من قبل بوسائل اإلعالم‪ ،‬وخاصة بالنسبة للصحافة‪ ،‬وبات الحديث ممكنًا عن تفاعل بين الصحف والقراء‬
‫بعد أن ظلت العالقات محدودة وهامشية طيلة عمر الصحافة الورقية‪ ،‬ويمكن أن يجد متصفح مواقع‬
‫الصحف اإللكترونية حقوالً خاصةً في شتى الصفحات تتضمن الطلب من القارئ أن يبدي رأيًا حول‬
‫موضوع المنشور‪ ،‬أو يكتب تعليقًا حوله‪ ،‬وفي حال قيام المستخدم بذلك سيظهر تعليقه فو ًار على موقع‬
‫الصحيفة‪ ،‬حيث أصبح بإمكان المستخدمين في أي مكان اإلطالع عليه‪ ،‬وتشمل هذه اإلمكانية بطبيعة‬
‫الحال رسائل القراء التي تنتشر فورياً على صفحات الصحيفة اإللكترونية‪.‬‬

‫اقتصاد الصحافة اإللكترونية‪ :‬مواقع الصحف على اإلنترنت‪:‬‬

‫يظهر من مستويات إفادة الصحف من اإلنترنت أهمية اإلعالن بالنسبة لهذه الصحف‪ ،‬كما هي الحال‬
‫للوسائل اإلعالمية المختلفة‪ ،‬حيث تتلخص مستويات اإلفادة هذه بما يلي‪:‬‬

‫‪ )3‬كمصدر للمعلومات‪.‬‬

‫‪ ).‬كوسيلة اتصال‪.‬‬

‫‪ )1‬كوسيلة اتصال تفاعلي‪.‬‬

‫‪ )3‬كوسيط للنشر الصحفي‪.‬‬

‫ال للصحيفة‪.‬‬
‫‪ )1‬كوسيط إعالني يضيف دخ ً‬

‫‪ )6‬كأداة لتسويق الخدمات التي تقدمها المؤسسة الصحفية من خالل إنشاء موقع أو أكثر يقدم معلومات‬
‫أساسية عن تطورها وانجازاتها‪.‬‬

‫‪ )7‬تقدم خدمات معلوماتية من خالل تحول المؤسسة الصحفية إلى مزود بالخدمات للمشتركين‪ ،‬وتقديم‬
‫خدمات التصميم‪ ،‬واصدار الصحف والنشرات لحساب الغير مقابل مردود مالي متفق عليه‪.‬‬

‫دخل مفهوم الصحافة اإللكترونية على مجتمعاتنا لسهولة استخدام اإلنترنت والتطور الهائل الذي حصل‬
‫عليه في مجال التقنيات الحديثة‪ ،‬فاكتسبت الصحافة اإللكترونية أهمي ًة بالغة في حياتنا السياسية‬
‫واالجتماعية واالقتصادية وفي جميع نواحي الحياة‪ ،‬وقد تطورت تكنولوجيا االتصاالت بشكل هائل نتيجة‬

‫‪35‬‬
‫التطور التقني وانتشار المعلومات بسرعة فائقة استطاعت أن تعبر القارات‪ ،‬وتتخطى الحدود بمجرد‬
‫الضغط على أزرار الكمبيوتر‪.‬‬

‫وبتطور الشبكة العنكبوتية اتسع المجال أمام الصحفيين لدخول هذا العالم الجديد‪ ،‬وأصبحت لديهم القدرة‬
‫الفائقة على اكتساب المعلومة بسرعة عجيبة بعدما كان الصحفي يعاني من استالم المعلومة‪ ،‬والخبر‬
‫وتكلفة الوقت والجهد‪ ،‬فتطور عمل الصحفيين بالشبكة‪ ،‬وازدادت أعدادهم‪ ،‬وتنوعت مجاالتهم‪ ،‬ولكن ينظر‬
‫إلى الصحفي في اإلنترنت بتقدير واهتمام أقل من نظيره في الصحافة التقليدية التي لها نقابة خاصة بها‪،‬‬
‫وهذا ال يمنع أن صحف اإلنترنت في تطور دائم وبسرعة فائقة‪ ،‬وكل يوم تظهر تطبيقات وتقنيات جديدة‬
‫لتحديد سعر اإلعالن في صحف اإلنترنت الذي يعد أهم مصادر تمويلها‪.‬‬

‫ال يقتصر وجود مواقع الصحف على اإلنترنت على الصحف الكبيرة فحسب‪ ،‬بل إن هناك أعداداً كبيرًة‬
‫من الصحف المتوسطة والصغيرة الحجم أيضاً‪ ،‬ورغم أن حوالي نصف تلك المواقع خاصة بالصحف‬
‫األميركية‪ ،‬يليها البريطانية بحوالي ‪ %31‬فقط من إجمالي الصحف األميركية‪ ،‬ثم الصحف الكندية‪ ،‬مع‬
‫ذلك نجد أن أعداد الصحف اإللكترونية من أطراف العالم األخرى في تزايد مستمر‪ ،‬بل إننا نجد مواقع‬
‫كثيرة لصحف دول نامية تفتقد إلى كثير من مقومات البنية التحتية الالزمة لإلنترنت‪.‬‬
‫لم يقتصر االختالف فقط على حجم مواقع تلك الصحف ولغاتها‪ ،‬ولكنه يشمل أيضًا اختالفًا في نماذج‬
‫العمل المستخدمة عليها‪ ،‬ومن أمثلة المواقع الضخمة تلك الخاصة بصحف‬
‫‪ .USA Today, Wall Street Journal , New York Times‬من ناحية أخرى نجد الصحيفة‬
‫األولى تطبق النموذج األكثر انتشا ًار للدخل والمتمثل في عرض صفحاتها على اإلنترنت مجانًا‬
‫للمستخدمين معتمدة على دخلها من اإلعالنات والتجارة اإللكترونية‪ ،‬بينما في المقابل تعد صحيفة ‪Wall‬‬
‫‪ Street Journal‬من الصحف القليلة التي تمكنت من النجاح من فرض نموذج يعتمد على الحصول‬
‫من المستخدمين على مبلغ اشتراك شهري للدخول على موقعها على اإلنترنت‪.‬‬

‫تسعير إعالنات صحف اإلنترنت‪:‬‬

‫مقارنة بوسائل اإلعالن الشائعة تعد عملية تسعير إعالنات صحف اإلنترنت صعبة‪ ،‬وقد ظهرت طرق‬
‫عدة لذلك أهمها‪:‬‬

‫‪39‬‬
‫‪ -‬تسعير اإلعالنات باالعتماد على النقر والولوج‪ :‬تسعير اإلعالنات القائم على النقر والولوج هو‬
‫محاولة لتطوير طريقة أكثر قابلية للحساب‪ ،‬حيث يعتمد المبلغ المدفوع لإلعالن بواسطة اليافطة على‬
‫عدد المرات الفعلية التي ينقر فيها الزائر عليها‪ .‬لكن نسبة قليلة فقط من قراء صحف اإلنترنت ينقرون‬
‫على اليافطات‪ ،‬إذ أثبتت إحصائية أن ‪ % 3‬فقط من قراء صحف اإلنترنت ينقرون على اليافطات عندما‬
‫تعرض عليهم ألول مرة‪.‬‬

‫‪ -‬طريقة التفاعل (التأثير المتبادل)‪ :‬على الرغم من أن الدفع القائم على أساس "النقر والولوج" يضمن‬
‫التعرض إلى إعالنات الهدف إال أنه ال يضمن أن الزائر أحب اإلعالن‪ ،‬وال تضمن حتى أنه قضى وقتًا‬
‫ذا قيمة في مشاهدته‪ ،‬لذا تقترح طريقة التفاعل وهي طريقة تفاعل جديدة يعتمد التسعير فيها على مقدار‬
‫ما يتفاعل الزائر مع اإلعالن الهدف‪ ،‬وقياس التفاعل يجري باالعتماد على المدة الزمنية المستغرقة في‬
‫مشاهدة اإلعالن‪ ،‬أو على عدد الصفحات التي جرى ولوجها من اإلعالن الهدف‪ ،‬أو عدد الزيارات‬
‫المتكررة لإلعالن‪.‬‬

‫ويمكن إيجاز السمات االقتصادية للصحافة اإللكترونية كاآلتي‪:‬‬

‫‪ -0‬التكاليف المالية للبث اإللكتروني للصحف عبر شبكة اإلنترنت أقل بكثير مما هو مطلوب إلصدار‬
‫صحيفة ورقية‪ ،‬فهي ال تحتاج إلى توفير المباني والمطابع والورق ومستلزمات الطباعة‪ ،‬ناهيك عن‬
‫متطلبات التوزيع والتسويق‪ ،‬والعدد الكبير من الموظفين والمحررين والعمل‪.‬‬

‫‪ -4‬لجوء معظم الصحف اإللكترونية إلى التمويل من خالل اإلعالنات‪ ،‬وقد أصبح اإلعالن المتكرر‬
‫على كل صفحة في الصحيفة اإللكترونية المسمى بإعالن اليافطة )‪ (Banner‬هو مصدر الدخل الرئيس‬
‫لهذه الصحف‪.‬‬

‫‪ -3‬فرضت الصحافة اإللكترونية واقعاً مهنياً جديداً فيما يتعلق بالصحفيين وامكانياتهم وشروط عملهم‪،‬‬
‫وقد أصبح المطلوب من الصحفي المعاصر أن يكون ملمًا باإلمكانات التقنية‪ ،‬وبشروط الكتابة لإلنترنت‬
‫وللصحافة اإللكترونية كوسيلة تجمع بين نمط الصحافة‪ ،‬ونمط التلفزيون المرئي‪ ،‬ونمط الحاسوب‪ ،‬وأن‬
‫يضع في حسبانه أيضاً عالمية هذه الوسيلة وسعة انتشارها‪ ،‬وما يرافق ذلك من اعتبارات تتجاوز المهني‬

‫‪52‬‬
‫إلى األخالقي في تحديد المضامين وطريقة عرضها‪ ،‬واعتبارات اقتصادية ومالية فيما يخص أساليب‬
‫العمل واألجور والتعويضات المالية‪.‬‬

‫المردودية االقتصادية للصحافة اإل لكترونية‪:‬‬

‫تعاني الكثير من الصحف اإللكترونية صعوبات مادية تتعلق بتمويلها وتسديد مصاريفها وعدم وجود عائد‬
‫مادي لها من خالل اإلعالنات‪ ،‬كما هي الحال في الصحافة الورقية حيث أن المعلن ال يزال يشعر بعدم‬
‫الثقة في الصحافة اإللكترونية‪.‬‬

‫يقول أحد المحررين في صحيفة ميدل إيست اإللكترونية‪ :‬نحن ال نمتلك صحيفة مطبوعة‪ ،‬نعم‪ ،‬يعني‬
‫ذلك أننا ال نطبع وال نوزع وال ننتظر إيرادات من المبيعات‪ .‬فلألسف ال توجد لدينا مبيعات‪ ،‬وكل‬
‫المحاوالت التي سعت إلى الحصول على دخل من مبيعات الصحافة إلكترونية باءت بالفشل‪ .‬لكننا أيضًا‬
‫نصرف أقل‪ ،‬فالنفقات األساسية في اإلعالم اإللكتروني هي البشر‪ :‬ال ورق‪ ،‬وال حبر‪ ،‬وال شحن‪ ،‬وال‬
‫توزيع‪ ،‬وال مرتجع‪ .‬المهمة في البداية كانت صعبة‪ ،‬والصحافة اإللكترونية في البداية كانت مهمة‬
‫انتحارية‪ ،‬فال يوجد لديك عدد من الجريدة تأخذه للمعلن المحتمل‪ ،‬ولكن كان هناك دائمًا أشخاص‬
‫من وقف إلى جانبنا حتى صار أمام المعلن المحتمل شاشة‬
‫ينظرون إلى أبعد من الحاضر‪ ،‬هؤالء ْ‬
‫كمبيوتر يتصفحها ما إ ن تدخل إليه لتحادثه‪ .‬وزاد االهتمام اآلن باإلعالم اإللكتروني‪ ،‬وزاد معه عدد من‬
‫يرعون صناعته الناشئة ويدعمونها‪ .‬في هذه الموازنة الحساسة بين الدخل واإلنفاق كنا نربح دائمًا‪.‬‬

‫صعوبات تواجه الصحافة اإللكترونية‪:‬‬

‫تواجه الصحافة اإللكترونية صعوبات كثيرة بعضها مالي‪ ،‬ومن أهمها‪:‬‬

‫تعاني صحف إلكترونية كثيرة صعوبات مادية تتعلق بتمويلها وتسديد مصاريفها‪.‬‬

‫غياب التخطيط وعدم وضوح الرؤية المتعلقة بمستقبل هذا النوع من اإلعالم‪.‬‬

‫ندرة الصحفي اإللكتروني‪.‬‬

‫عدم وجود عائد مادي للصحافة اإللكترونية من خالل اإلعالنات‪ ،‬كما هي الحال في الصحافة الورقية‪،‬‬
‫حيث أن المعلن ال يزال يشعر بعدم الثقة بالصحافة اإللكترونية‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫غياب األنظمة واللوائح والقوانين‪ ،‬علمًا أنها في حاجة ماسة إليها‪.‬‬

‫ما بين الصحف الورقية واإللكترونية‪:‬‬

‫إذا كانت التقنية الجديدة قادرة على تغيير طرق توزيع الصحف واألخبار وقادرة على استخدام اإلنترنت‬
‫أيضًا‪ ،‬وا ن كان بنسب كبيرة تختلف عن الورقية‪ ،‬إال أنها لن تستطيع استبدال المؤسسات الصحفية الكبرى‬
‫التي تقوم بجمع األخبار واستقصائها وتحريرها؛ فمن دونها لن توجد محتويات للتوزيع على اإلطالق‪.‬‬
‫ولكن حتى لو استمرت عائدات الصحف اإللكترونية في النمو بالمعدالت الحالية نفسها‪ ،‬فإنها لن تستطيع‬
‫اللحاق بركب الصحف المطبوعة حتى سنة ‪ ،.137‬وذلك على افتراض أن الصحف المطبوعة ستظل‬
‫تنمو بالنسبة الحالية نفسها بمقدار ‪ % 1‬فقط سنويًا‪ .‬ولكن من الناحية الواقعية ال يزال أمام الصحف‬
‫اإللكترونية سنوات عدة حتى تصل إلى مجال التنافس مع اقتصادات اإلعالم القديم الممثل في الصحف‬
‫المطبوعة والتلفاز‪ .‬وحتى في ظل انخفاض تكاليف توزيعها مقارن ًة بالصحف‪ ،‬وبالرغم من أن عدد قراء‬
‫الصحف في تناقص ‪ ،‬إال أن معدالت استهالك المعلومات يتزايد‪ .‬وقد ذكر تقرير مؤسسة "نيمان" الذي‬
‫يصدر بصفة دورية عن مؤسسة نيمان للدراسات الصحفية التابع لجامعة هارفارد أن كل المؤسسات‬
‫الصحفية تقريبًا في العالم أصبح لها اليوم مواقع على اإلنترنت‪ ،‬وقد أصبح اإلنترنت إضافة جديدة إلى‬
‫قدراتها وخصائصها في جذب جماهير جديدة وشركات جديدة لوضع إعالناتها في تلك المواقع‪.‬‬

‫ولكن تبقى نكهة استخدام الصحف المطبوعة رم اًز بعيداً عن االنقراض‪.‬‬

‫أخيراً وليس آخراً‪:‬‬

‫إن هيمنة الشركات التجارية على ساحة اإلنترنت أفاد اإلعالم اإللكتروني من حيث مده باإلعالنات التي‬

‫شكلت بالنسبة له شريان الحياة الذي ساعده على النمو ضمن هذه البيئة الخصبة‪ ،‬حتى وصل حدوداً‬
‫ال بأسلوبه وأخباره‪ ،‬وحتى في المواقع التابعة لوسائل إعالم تقليدية أصبحت على مر‬
‫جعلت منه مستق ً‬
‫الزمن مستقلة عن إدارة الوسيلة في طاقم تحريرها ومراسليها وأخبارها التي تحقق سبقًا في بعض األحيان‬
‫حتى على الوسيلة األم نفسها‪.‬‬

‫وقد برعت الوسائل اإلعالمية التقليدية في االستفادة من هذه الوسيلة الجديدة واستغاللها للحاق بجمهورها‬
‫المفتون بها‪ ،‬بل واكتساب جمهور جديد خلقت معه نوعاً من التفاعلية المفتقدة في طريقة عرضها‬

‫‪52‬‬
‫األساسية‪ ،‬وتواءمت في صياغتها ألخبارها وتوقيت بثها على الشبكة مع عادات التعرض المختلفة في‬
‫الويب عنها في الوسائل التقليدية‪.‬‬

‫ال ننسى‪ ،‬أن تكلفة إطالق أي موقع إلكتروني هي أقل من إنشاء أي وسيلة إعالم تقليدية‪ ،‬وهذه من أهم‬
‫ميزات اإلعالم اإللكتروني‪.‬‬

‫المصادر والمراجع المستخدمة في الوحدة الخامسة‬

‫‪ -‬شاشة فارس‪ ،‬اقتصاديات وسائل اإلعالم اإللكترونية‪ ،‬المؤتمر العلمي األول (وسائل اإلعالم‬
‫وزرة التعليم العالي‬
‫والمجتمع)‪ ،‬بالتعاون مع مخبر التغيير االجتماعي والعالقات العامة في الجزائر‪ ،‬ا‬
‫والبحث العلمي‪ ،‬جامعة محمد خيضر بسكرة‪..131 ،‬‬

‫‪ -‬الصحافة اإل لكترونية‪ ،‬ورقة بحثية مقدمة في المؤتمر الرابع للصحفيين في مصر‪ .1 ،‬أيلول ‪..111‬‬

‫‪ -‬زيد منير سليمان‪ ،‬الصحافة اإللكترونية‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪ ،‬دار أسامة‪..118 ،‬‬

‫‪ -‬عبد األمير الفيصل‪ ،‬الصحافة اإل لكترونية في الوطن العربي‪ ,‬دار الشروق‪ ،‬رام اهلل‪..116 ,‬‬

‫‪ -‬يورك برس‪ ،‬تصميم موقعك وبناؤه على الويب‪ ,‬مكتبة لبنان‪ ,‬بيروت‪( ,‬د ت)‪.‬‬

‫‪ -‬سعود صالح كاتب‪ ,‬اإلعالم الجديد واإلعالم القديم ‪ ,‬جدة‪ ,‬شركة المدينة المنورة للطباعة والنشر‪ ،‬جدة‬
‫السعودية‪..117 ،‬‬

‫‪ -‬سميرة شيخاني‪ ,‬اإلعالم الجديد في عصر المعلومات‪ ,‬مجلة جامعة دمشق‪ ،‬المجلد ‪ ،.6‬العدد األول‬
‫والثاني‪..131 ,‬‬

‫‪ -‬حسين عبد الجبار‪ ,‬اتجاهات اإلعالم الحديث والمعاصر‪ ,‬دار أسامة للنشر والتوزيع‪ ,‬عمان‪ ،‬األردن‪,‬‬
‫‪..118‬‬

‫‪53‬‬
‫‪ -‬إبراهيم األخرس‪ ,‬اآلثار االقتصادية واالجتماعية لثورة االتصاالت وتكنولوجيا المعلومات‪ ،‬اإلنترنت‬
‫والمحمول نموذجاً‪ ,‬دار الكتاب العربي‪ ,‬مصر‪ ،‬القاهرة‪ ،‬إيتراك‪..118 ,‬‬

‫نماذج عن أسئلة من الوحدة الخامسة‬

‫من مظاهر اإلعالم الجديد‪:‬‬

‫‪ – A‬تسهيل الحصول على المعلومات رغم تأخرها من مصادرها المباشرة‪.‬‬

‫‪ - B‬تسهيل إيصال المعلومات إلى الجمهور دون تحكم الحكام والقائمين باالتصال‪.‬‬

‫‪ - C‬رخص ثمن االتصاالت بل ومجانيتها دائماً‪.‬‬

‫‪ - D‬التمكن من إيصال الرسالة اإلعالمية رغم التدخل الموجه من أباطرة اإلعالم‪.‬‬

‫قد يحسم األمر في المنافسة بين المواقع اإلعالمية اإل لكترونية لصالح‪:‬‬

‫‪ - A‬المواقع األكثر تطو ًار من الناحية التقنية واألقل تكلف ًة اقتصاديًا‪.‬‬

‫‪ - B‬المواقع األكبر حجمًا على مستوى الشكل‪.‬‬

‫‪ - C‬المواقع األقل تكلفةً اقتصاديًا‪.‬‬

‫‪ -D‬المواقع التي لها القدرة على مد الجمهور بالمعلومات‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫الوحدة السادسة‪ :‬اقتصاد اإلعالن واإلنترنت‬

‫أهمية صناعة اإلعالن‬

‫التسويق واإلعالن‬

‫مستقبل العائدات اإلعالنية في مختلف الوسائط اإلعالمية‬

‫اإلعالنات وألعاب الفيديو‬

‫طرق تحديد مخصصات اإلنفاق اإلعالني‬

‫‪ -0‬تحديد الميزانية كنسبة من المبيعات السابقة‬

‫‪ -4‬تحديد الميزانية كنسبة من المبيعات المتوقعة‬

‫‪ -3‬تحديد الميزانية كنسبة من األرباح‬

‫‪ -2‬تحديد الميزانية اعتماداً على طريقة الوحدة المباعة‬

‫‪ -5‬تحديد الميزانية على ضوء األهداف المتوخاة‬

‫‪ -6‬تحديد الميزانية على ضوء نسبة اإلعالن في مجال السلعة‬

‫‪ -7‬تحديد الميزانية على أساس ما يصرفه المنافسون‬

‫‪ -8‬تحديد الميزانية حسب سهم السوق‬

‫‪ -01‬تحديد الميزانية بناء على أسس عدة‬

‫اإلعالن مصدر تمويل اإلنترنت‬

‫اإلعالم التقليدي وتحديات شبكة اإلنترنت‬

‫‪ -0‬التحدي االقتصادي‬

‫‪57‬‬
‫‪ -4‬التحدي المهني‬

‫طرق اإلعالن على صفحات الويب‬

‫أوالً‪ -‬اليافطات‬

‫ثانياً‪ -‬اإلعالن المدفوع‬

‫ثالثاً‪ -‬الشاشة الومضية الخاطفة لألبصار‬

‫رابعاً‪ -‬استئجار حيز أو بقعة‬

‫خامساً‪ -‬اإلعالنات الخاصة عبر اإلنترنت‬

‫مستقبل اقتصاد اإلنترنت‬

‫‪56‬‬
‫ملخص الوحدة السادسة‪:‬‬

‫إذا كان اإلعالن هو من أهم مصادر التمويل بالنسبة لمعظم وسائل اإلعالم‪ ،‬فاإلعالن نفسه يمتلك‬
‫اقتصاده الخاص به‪ ،‬وتزداد أهمية اقتصاد اإلعالن إذا ما ترافق مع اقتصاد اإلنترنت‪ .‬لذلك تحدثنا في‬
‫هذه الوحدة عن أهمية صناعة اإلعالن وخاص ًة اإلعالن عبر اإلنترنت‪ ،‬فتطرقنا إلى التسويق واإلعالن‬
‫والى مستقبل العائدات اإلعالنية في مختلف الوسائط اإلعالمية والى اإلعالنات وألعاب الفيديو والى‬
‫طرق تحديد مخصصات اإلنفاق اإلعالني‪ ،‬ووجدنا أن اإلعالن هو مصدر التمويل الرئيس لإلنترنت‪،‬‬
‫فحددنا طرق اإلعالن على صفحات الويب ألهمية ذلك‪ .‬وعرضنا في هذه الوحدة للتحديات االقتصادية‬
‫والمهنية التي تواجه شبكة اإلنترنت بوجود اإلعالم التقليدي متحدثين أيضًا عن مستقبل اقتصاد اإلنترنت‬
‫ومؤكدين أن اقتصاد اإلنترنت العالمي بمجمله يعد بمثابة اقتصاد دولة من الدول‪ ،‬وهي الدولة الخامسة‬
‫عالمياً خلف اقتصادات أمريكا والصين والهند واليابان‪.‬‬

‫األهداف التعليمية للوحدة السادسة‪:‬‬

‫أن يدرك الطالب أهمية اإلعالن كمصدر مهم من مصادر تمويل وسائل اإلعالم من جهة‪ ،‬ومن جهة‬
‫أخرى أهمية مصادر تمويل وتكاليف اإلعالن نفسه ككائن له اقتصاده الخاص به‪.‬‬

‫أن يفهم الطالب ماهية العائدات اإلعالنية لمختلف الوسائل والضرورية لوجودها واستمرارها‪.‬‬

‫أن يعرف الطالب بالتفصيل الدقيق طرق تحديد مخصصات اإلنفاق اإلعالني‪ ،‬كيف ولماذا‪.‬‬

‫أن يعرف الطالب بالتفصيل الدقيق طبيعة اإلعالن على صفحات الويب وطرقه‪.‬‬

‫أن يدرك الطالب أهمية العالقة الوثيقة ‪ -‬المتبادلة والمتكاملة ‪ -‬بين اإلعالن واإلنترنت‪.‬‬

‫أن يعي الطالب طبيعة وتكاليف اقتصاد اإلعالن واقتصاد اإلنترنت اللذين يحددان وبشكل كبير آفاق‬
‫اقتصادات أخرى في مجاالت اإلعالم والتكنولوجيا الحديثة‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫إمبراطورية اإلعالن‪:‬‬

‫يشكل اإلعالن جزءًا من نظام اإلنتاج والتوزيع إذ يحتاج صانعو السلع ومقدمو الخدمات إلى إعالم الناس‬
‫بما يقدمون إليهم وتذكيرهم به من آن آلخر‪ .‬وهذا النمط من اإلعالم يفيد اقتصاد اإلنتاج‪ ،‬فهو ضروري‬
‫للمستهلكين حتى يتمكنوا من تحديد ما يناسبهم من االختيارات المعروضة عليهم‪.‬‬

‫ففي التاريخ القريب‪ ،‬في عام ‪ ،3988‬تم إنفاق ما يقرب من ‪ .11‬مليار دوالر في ميدان اإلعالن‪،‬‬
‫ودارت التقديرات للعام ‪ 3991‬حول ‪ .61‬مليار دوالر‪ .‬وقبل ذلك‪ ،‬قال تيودور ليفيت صاحب نظرية‬
‫تكتل األسواق وحمالت التسويق والمعروفة بنظرية تنميط االستهالك عام ‪ :3981‬إن مفتاح نجاح‬
‫استثمار األسواق العالمية يكمن في ترويج سلع موحدة النمط في جميع أنحاء العالم‪ .‬وهذا يعني تعميم‬
‫خبرة الشركات عابرة القارات والحدود أمثال كوكا كوال‪ ،‬ماكدونالدز‪.‬‬

‫فحينما تتم السيطرة على شبكة شركات مثل كوكا كوال‪ ،‬ماكدونالدز لها مئات الفروع‪ ،‬وتشكل إمبراطوريات‬
‫ال تغرب عنها الشمس‪ ،‬يكون اإلغراء شديداً لكون العالم كله سوقاً واحدة‪ .‬هذه هي الفكرة التي وضعها‬
‫ليفيت‪ ،‬وعملت شركة سالتشي وساتشي‪ ،‬على استخدامها في نشر إستراتيجيتها لبناء تجمعات كبرى تضم‬
‫وكاالت إعالن المستقبل‪.‬‬

‫أهمية صناعة اإلعالن‪:‬‬

‫تدر صناعة اإلعالن وتدور مليارات الدوالرات سنويًا‪ ،‬وتتنامى االستثمارات فيها يومًا بعد آخر‪ ،‬وال ريب‬
‫أن هذه الصناعة أصبحت تقف بقوة وراء استثمار وسائل اإلعالم بالشكل الذي نراها عليه‪ ،‬بصفة‬
‫اإلعالن كممول رئيسي لهذه الوسائل‪ ،‬التي ما كان لها أن تستمر لوال الدخل المتأتي من المساحات‬
‫واألوقات اإلعالنية‪ .‬وليس صحيحًا أن اإلعالن أسهم في ارتفاع أسعار السلع‪ ،‬بحسب الباحث أحمد‬
‫العمار‪ ،‬بل على العكس تمامًا‪ ،‬يساعد اإلعالن في تخفيض تكاليف السلعة‪ ،‬من خالل تمكين المعلن من‬
‫الوصول إلى أكبر قدر ممكن من المستهلكين‪ ،‬ما يجعل تكلفة الوحدة المباعة أقل‪ ،‬نتيجة الرتفاع وتيرة‬
‫اإلنتاج‪ ،‬وزيادة الطلب على السلع‪ ،‬وهناك من السلع التي نرى إعالناتها بشكل دائم‪ ،‬ونرى أن أسعارها‬
‫أصبحت منخفضة إذا ما قيست بمرحلة ما قبل اإلعالن‪ ،‬أي أن اإلعالن أسهم بشكل واضح في‬
‫انخفاضها‪ ،‬بالمقابل هناك العديد من السلع التي ال نرى لها أي نشاط إعالني‪ ،‬أو أن لها نشاطًا محدوداً‪،‬‬
‫ومع ذلك تصنف من السلع الغالية في السوق‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫وغالبا ما يدلل على أهمية صناعة اإلعالن من خالل مثال الدجاجة واإلوزة‪ ،‬حيث يقول أحدهم‪ :‬عندما‬
‫تبيض الدجاجة‪ ،‬فإنها تصيح وتمأل الغابة صراخًا‪ ،‬فيعرف الجميع أنها قد باضت‪ ،‬بينما تبيض اإلوزة‬
‫صامتة‪ ،‬وبالتالي فإن أحدًا ال يعرف أنها قد باضت‪ ،‬لذا نجد أن الناس يأكلون بيض الدجاج في حين ال‬
‫أحد يستهلك بيض اإلوز‪ .‬وهو مثل معبر‪ ،‬ويلخص الحاجة لإلعالن باعتباره الوسيلة األشهر إلخبار‬
‫الناس بوصول أو ابتكار منتجات أو خدمات أو أفكار جديدة‪ ،‬حتى باتت حصة المعلن من الصوت‬
‫(اإلعالن) تتحدد وتتناسب مع حصته من السوق ( ‪.)Marketing Share of Voice Share of‬‬

‫التسويق واإلعالن‪:‬‬

‫في عصر السماوات المفتوحة وتحول العالم إلى ما يشبه القرية الكونية سادت المادة اإلعالنية‪ ،‬ونمت قيم‬
‫االستهالك في العالم بأسره‪ ،‬وهو اتجاه عززه اإلعالم لتسويق المنتجات على نطاق عالمي‪ ،‬فظهرت‬
‫العالمات التجارية العالمية والمنتجات العالمية وأسلوب الحياة العالمي‪ ...‬ينتج ويسوق على أنه األسلوب‬
‫األمثل ‪.‬‬

‫عندما عرض الطبيب الفرنسي (هنري دوبان) المدير السابق لهيئة بحوث الغذاء والطعام األفريقية دراسته‬
‫حول العوامل المؤثرة في أنماط التغذية‪ ،‬بين أن اإلعالن يؤدي دو ًار كبي ًار بهذا الشأن‪ ،‬وذكر أنه في أثناء‬
‫زيارته لساحل العاج رأى السيدات يسقين أبناءهن القهوة‪ ،‬وهم في سن مبكرة ال تتجاوز أعمار الرضع‬
‫العشرين شه ًار‪ ،‬وبسؤاله السيدات عن ذلك استغربن السؤال‪ ،‬واستهجن جهله‪ ،‬وردت إحداهن عليه‪ :‬أال‬
‫تشاهد وتسمع وتق أر وسائل اإلعالم التي تعرض أن البن ماركة ‪ ....‬يجعل الرجال أكثر قوة‪ ،‬والنساء أكثر‬
‫ذكاء‪ .‬وفيما بعد تبين أن شركة األطعمة المنتجة للبن أنفقت عام ‪3.1 ،3979‬‬
‫مرحاً‪ ،‬واألطفال أكثر ً‬
‫مليون دوالر على هذا اإلعالن لوحده‪ ،‬وأن هذا اإلنفاق يفوق ميزانية منظمة الصحة العالمية في ذلك‬
‫العام‪.‬‬

‫على الرغم من المساحة والزمن القليلين الذين يقدم بهما اإلعالن إال أنه يحمل الكثير من القيم‪ .‬ومع‬
‫تعاظم اإلنفاق العالمي على اإلعالن‪ ،‬وتجاوزه الحدود حتى كاد يصبح إعالناً عالميًا (بمعنى غربي‬
‫ال عن تك ارره في‬
‫المميزات وأمريكي الطبيعة) يعرض بطريقة تفوق قدرة المتلقي على مقاومة الغواية‪ ،‬فض ً‬
‫القناة الواحدة والقنوات المتعددة مرات عدة يوميًا‪ ...‬يجعله يمارس كل أدوار اإلعالم الظاهرة‪ ،‬فيغرس‬
‫قيماً‪ ،‬ويهدم أخرى‪ ،‬ويحل قيماً محل أخرى‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫مستقبل العائدات اإلعالنية في مختلف الوسائط اإلعالمية‪:‬‬

‫أصدرت شركة الدراسات األمريكية (‪ )v s s‬تقريرها السنوي عن وسائل اإلعالم لعام ‪ ،.117‬ويعد هذا‬
‫التقرير من أبرز ما ينشر حول الموضوع في أمريكا‪ .‬ولعل أهم ما ورد فيه توقع بأن تكون قيمة‬
‫اإلعالنات الخاصة بوسائل اإلعالم اإللكترونية‪ ،‬أي بمواقع اإلنترنت‪ ،‬أعلى من قيمة اإلعالنات المنشورة‬
‫في وسائل اإلعالم المطبوعة‪ ،‬وذلك اعتبا اًر من سنة ‪ ..133‬وقد أتى هذا التوقع في ظل التراجع الذي‬
‫تشهده عائدات إعالنات وسائل اإلعالم المطبوعة األمريكية‪ .‬وتوقعت الدراسة بأن تتنامى قيمة عائدات‬
‫إعالنات وسائل إعالم اإلنترنت بنسبة تزيد على‪ %.3‬سنوياً بين‪ .117‬و‪ ،.133‬لتصل هذه القيمة إلى‬
‫‪ 6.‬بليون دوالر سنة ‪ ..133‬بينما ال تزيد قيمة إعالنات اإلعالم المطبوع عن‪ 61‬بليون دوالر عام‬
‫‪ . .133‬وتبقى إعالنات وسائل اإلعالم السمعية البصرية من إذاعة وتلفزيون يتم بثه عبر األقمار‬
‫االصطناعية محتلة الصدارة من إجمالي إعالنات وسائل اإلعالم‪ ،‬حيث ينتظر أن تبلغ قيمتها ‪ 68‬بليون‬
‫دوالر أميركي سنة ‪..133‬‬

‫يعيش اإلنسان اآلن في عصر المعلومات الذي طالما بشر به العديد من الخبراء والدارسين‪ ،‬وعليه فإن‬
‫الحصول على المعلومات يعد شرطًا أساسياً من شروط النجاح في قطاعات األعمال المختلفة‪ ،‬مع‬
‫ضرورة اختيار وسائط اإلعالم المناسبة إليصال هذه المعلومات إلى الجهات المعنية‪ .‬والمعلومات‬
‫التجارية واإلعالنية ما هي إال جزء من المعلومات الشاملة التي تعد من مستلزمات هذا العصر‪ .‬وقد‬
‫باتت وسائل اإلعالم اإللكترونية هي الوسائل المناسبة في عالم اليوم لمواكبة هذا العصر‪.‬‬

‫اإلعالنات وألعاب الفيديو‪:‬‬

‫ال ينشر المعلنون إعالناتهم في أية وسيلة إعالمية بل إن الذي يهمهم هو أن تصل إعالناتهم إلى أوسع‬
‫شريحة ممكنة من الزبائن‪ ،‬لذا راحوا يستخدمون جميع الوسائل المتاحة ومنها ألعاب الفيديو‪ ،‬وبصورة‬
‫خاصة تلك التي يتم توزيعها عبر شبكة اإلنترنت‪.‬‬

‫واإلعالنات ضمن األلعاب الفيديوية مماثلة لإلعالنات التي تنشر في السينما‪ ،‬بمعنى أنها ليست إعالنات‬
‫(صريحة)‪ ،‬مثل اإلعالنات التي تبث على الشاشات التلفزيونية أو تنشر في الصحافة المكتوبة‪ ،‬وانما هي‬
‫كناية عن مشاهد لمنت ج ما يظهر في الفيلم أو اللعبة الفيديوية‪ ،‬مثالً سيارة من نوع محدد يستعملها بطل‬
‫الفيلم أو اللعبة‪ ،‬أو اإلعالنات على لوحات تظهر في المشاه ْد‪ .‬ولقد أتاح الجيل الجديد من األلعاب‬

‫‪92‬‬
‫الفيديوية التي يتم توزيعها عبر شبكة اإلنترنت إطالق حمالت إعالنية متجددة‪ ،‬حيث يمكن أن يتم تبديل‬
‫اإلعالنات بصورة دورية حسب المقتضيات‪.‬‬

‫هذا وقد بلغت قيمة عائدات اإلعالنات على ألعاب الفيديو ‪ 11‬مليون دوالر في الواليات المتحدة‬
‫األمريكية العام ‪ ،.116‬وهي قيمة يمكن أن تعد متواضعة إلى حد ما‪ .‬على أن شركة األبحاث التسويقية‬
‫‪ parks associates‬تتوقع أن تشهد السنوات القادمة تناميًا قوياً في هذه العائدات‪ ،‬بحيث تصل قيمتها‬
‫إلى نحو ‪ 811‬مليون دوالر أميركي في الواليات المتحدة األميركية وحدها في غضون خمس سنوات‪،‬‬
‫ومن هنا تبرز أهمية قياس اإلقبال على هذه األلعاب على نحو دقيق ال لبس فيه‪.‬‬

‫طرق تحديد مخصصات اإلنفاق اإلعالني‪:‬‬

‫من الخطأ النظر إلى اإلنفاق اإلعالني في المنشأة على أنه يدخل في باب التبذير‪ ،‬وتحميلها نفقات في‬
‫غنى عنها‪ ،‬بل ال بد من االعتماد على اإلعالن كاستثمار إستراتيجي بعيد األمد يتعلق بصورة المنشأة‬
‫لدى المستهلكين‪ ،‬وبخطط الشركة البعيدة كبقائها في السوق مثالً‪ ،‬وأيضًا كاستثمار تكتيكي مرحلي يتعلق‬
‫بأهداف قصيرة ومحدودة‪ ،‬مثل الدخول إلى أسواق خارجية‪ ،‬أو طرح منتجات وخدمات جديدة‪ ،‬وهنا نحتاج‬
‫الستخدام أنواع عديدة من اإلعالنات التعريفية والتذكيرية وغيرها‪.‬‬

‫من هنا‪ ،‬كان تحديد مخصصات واضحة ومدروسة لإلنفاق اإلعالني على أساس فصلي أو نصف سنوي‬
‫أو سنوي أم ًار في غاية األهمية‪ ..‬ومن المتعارف عليه في هذا اإلطار أن هناك طرق عدة لتحديد‬
‫مخصصات هذا اإلنفاق‪ ،‬بحسب الباحث أحمد العمار‪ ،‬وهي كما يلي‪:‬‬

‫‪ -0‬تحديد الميزانية كنسبة من المبيعات السابقة‪:‬‬

‫بناء على مبيعات فترة سابقة‪ ،‬وغالباً ما تكون سنة‪ ،‬وتحتسب الميزانية كنسبة‬
‫تحدد ميزانية اإلعالن هنا ً‬
‫مئوية من مبيعات العام السابق‪ ( ،‬جرت العادة أن تتراوح هذه النسبة بين ‪ % 31–8‬مع مراعاة جملة‬
‫ظروف تتعلق بالمنشأة والسوق وطبيعة األهداف المخططة)‪ ،‬وتختلف هذه النسبة باختالف الموقف‬
‫اإلعالني لكل منشأة‪ .‬من عيوب هذه الطريقة أنها تنظر إلى اإلعالن على أنه نتيجة للمبيعات وليس‬
‫العكس‪ ،‬ومع أن المصروف على اإلعالن يؤثر في حجم المبيعات‪ ،‬وكذلك يؤدي األخذ بهذه الطريقة إلى‬
‫تقليل اإلنفاق على اإلعالن أو المبالغة فيه خالفًا لما قد يكون مطلوبًا‪.‬‬

‫‪91‬‬
‫‪ -4‬تحديد الميزانية كنسبة من المبيعات المتوقعة‪:‬‬

‫بناء على المبيعات المتوقعة لسنة الحملة نفسها‪ ،‬وتقترب هذه‬


‫وتحتسب ميزانية اإلعالن في هذه الطريقة ً‬
‫الطريقة من طريقة التقدير على أساس الهدف‪ ،‬وميزة هذه الطريقة أنها تنظر إلى األمام وليس إلى‬
‫الخلف‪ ،‬كما هو الحال في الطريقة السابقة‪.‬‬

‫‪ -3‬تحديد الميزانية كنسبة من األرباح‪:‬‬

‫ويمكن أن تحتسب ميزانية اإلعالن‪ ،‬حسب هذه الطريقة‪ ،‬كنسبة من أرباح العام السابق أو أرباح العام‬
‫ال عن كون هذه الطريقة تكرس‬
‫القادم‪ ،‬ولهذه الطريقة عيوب ومزايا الطريقتين السابقتين نفسيهما‪ ،‬فض ً‬
‫مفهوماً خاطئًا عن اإلعالن بوصفه عبئًا على المنشأة‪ ،‬ويحرمها بعضًا من مواردها أو يبددها‪.‬‬

‫‪ -2‬تحديد الميزانية اعتماداً على طريقة الوحدة المباعة‪:‬‬

‫وتحسب في هذه الطريقة تكلفة إنتاج الوحدة الواحدة من السلعة‪ ،‬ثم تضاف إليها التكلفة المتوقعة لتسويقها‬
‫واإلعالن عنها‪ ،‬ثم يضرب ما يصرف على اإلعالن لسلعة واحدة بعدد السلع المتوقع بيعها‪ ،‬ليشكل الناتج‬
‫النهائي ميزانية اإلعالن‪ .‬مثال‪:‬‬

‫شركة تنتج أحد معاجين األسنان‪:‬‬

‫‪ -‬تكلفة إنتاج السلعة ‪ 1‬رياالت‬

‫‪ -‬تكلفة التسويق المتوقع لاير واحد (نصفها لإلعالن‪ ،‬أي بواقع نصف لاير لكل وحدة)‬

‫‪ -‬المبيعات المتوقعة مليون وحدة خالل العام‬

‫‪ -‬فتكون ميزانية اإلعالن كاألتي‪:‬‬

‫‪ 111.111 = 1.11 × 3.111.111‬لاير‬

‫وميزة هذه الطريقة أنها تعتبر اإلعالن جزءًا من السلعة ذاتها‪ ،‬وبالتالي ذا قيمة اقتصادية‪ ،‬ويقدم منافع‬
‫إضافية‪ .‬ونجاح هذه الطريقة مرتبط بالتقدير الصائب والموضوعي لتكاليف اإلعالن‪.‬‬

‫‪92‬‬
‫‪ -5‬تحديد الميزانية على ضوء األهداف المتوخاة‪:‬‬

‫وتعد هذه الطريقة من أفضل الطرق المستخدمة لتحديد ميزانية اإلعالن‪ ،‬حيث تعتمد على تحديد الهدف‬
‫اإلعالني‪ ،‬ومن ثم تحديد المتطلبات المالية الالزمة لتحقيق الهدف‪ .‬وتتميز هذه الطريقة بنظرتها لإلعالن‬
‫ال‪ ،‬أو الحصول‬
‫كوسيلة لتحقيق هدف‪ ،‬فقد يكون الهدف تحقيق زيادة في المبيعات مقدارها (‪ )%.1‬مث ً‬
‫على حصة من السوق مقدارها (‪ ،) %31‬أو بيع عدد ( ‪ ) 111.111‬وحدة من السلعة خالل عام‪.‬‬

‫‪ -6‬تحديد الميزانية على ضوء نسبة اإلعالن في مجال السلعة‪:‬‬

‫ال نسبة‬
‫تصلح هذه الطريقة في الدول التي تتوافر فيها نسب إنفاق إعالني لبعض الصناعات‪ ،‬فمث ً‬
‫اإلعالن في الواليات المتحدة لصناعات مثل السيارات واألطعمة واألواني المنزلية ال تتجاوز( ‪) %33‬‬
‫من إجمالي مبيعات الصناعة‪.‬‬

‫‪ -7‬تحديد الميزانية على أساس ما يصرفه المنافسون‪:‬‬

‫يجب في هذه الحالة التعرف على ما ينفقه المنافسون‪ ،‬وفي حال عدم توافر رقم دقيق‪ ،‬فإنه يتم تقدير ذلك‬
‫على ضوء ما ينشر وي بث من إعالنات‪ ،‬ما دامت أسعار الوسائل اإلعالنية معروفة‪.‬‬

‫‪ -8‬تحديد الميزانية حسب سهم السوق‪:‬‬

‫تحتاج طريقة تحديد الميزانية بهذه الطريقة إلى معلومات عن سهم السوق (‪ )Share Market‬لكل سلعة‬
‫من السلع المنافسة‪ ،‬وبالتالي مجموع المبالغ التي يصرفها المنافسون على اإلعالن‪ ،‬فإذا كان أحد منتجي‬
‫الحليب الطازج في البلد يرغب في الحصول على ( ‪ ) %31‬من سوق الحليب في البلد‪ ،‬وتوافرت له‬
‫المعلومة االفتراضية التالية‪:‬‬

‫مجموع ما ي صرف من إعالنات الحليب الطازج في البلد سنوياً‪:‬‬

‫‪( .1.111.111‬عشرون مليون) لاير‪.‬‬

‫فإنه سيحدد ميزانية اإلعالن لديه بـ ( ‪ ) %31‬من هذا المبلغ‪ ،‬أي مليوني لاير‪.‬‬

‫‪ -9‬الطرق الكمية‪:‬‬

‫‪93‬‬
‫وهنا يتم الحصول على كمية اإلنفاق اإلعالني عبر معادالت حسابية‪ ،‬وفي هذا الصدد هناك نموذج‬
‫( ‪ ،) Longman‬ونموذج ( ‪.) Vidale Wolfe‬‬

‫‪ -01‬تحديد الميزانية بناء على أسس عدة‪:‬‬

‫وتجمع هذه الطريقة بي ن طريقتين أو أكثر من الطرق السابقة‪ ،‬والهدف من ذلك هو الحصول على أكبر‬
‫نسبة من اإليجابيات مع تجنب أكبر قدر من السلبيات‪.‬‬

‫إذًا ‪ ،‬نستطيع القول‪ :‬إن اإلعالن أصبح صناعة متطورة‪ ،‬لها مبرراتها ولها فوائدها على الصعد كافة‪،‬‬
‫وبات من الطبيعي أن يتأثر اإلعالن بالنمو االقتصادي العام لبلد من البلدان‪ ،‬وهو أمر طبيعي‪ ،‬إذ كلما‬
‫زادت معدالت النمو ارتفع حجم اإلنفاق اإلعالني‪ ،‬من خالل السعي إلنتاج سلع جديدة وتطوير أخرى‬
‫قديمة‪ ،‬وزادت فرص التشغيل‪ ،‬وقلت البطالة‪ ،‬وانعكس ذلك كله على القوى الشرائية للمستهلكين‪.‬‬

‫اإلعالن مصدر تمويل اإلنترنت‪:‬‬

‫يعد اإلعالن مصدر تمويل اإلنترنت وهو يمتاز بـ‪:‬‬

‫قدرة هذه اإلعالنات على الوصول إلى عدد كبير جداً من المشترين المحتملين في شتى بقاع األرض‪.‬‬

‫اإلعالنات على الشبكة أرخص أحيانًا بالمقارنة مع إعالنات الوسائل التقليدية كالتلفاز والصحف والراديو‪.‬‬

‫تتيح خدمة الويب لإلعالنات التحكم بدرجة وضوح النصوص والصوت والصورة لالستفادة منها بفاعلية‪.‬‬

‫يتنامى استخدام اإلنترنت بسرعة كبيرة‪.‬‬

‫تستطيع اإلعالنات على الويب أن تكون أكثر فاعليةً أو تكون موجهةً إلى مجموعات أو أفراد ذوي‬
‫اهتمامات خاصة‪.‬‬

‫إن مصدر الدخل الرئيس لمواقع الصحف اإللكترونية هو من اإلعالن المتكرر على كل صفحة‪ ،‬وهو ما‬
‫يسمى بإعالن الالفتة‪ ،‬وقد جربت طرق عديدة الحتساب قيمة اإلعالن‪ ،‬منها أن يتم دفع مبلغ لوسيلة‬
‫اإلعالن كلما نقر المستخدم على المساحة اإلعالنية طلبًا لمزيد من المعلومات‪ ،‬إال أن هذا األنموذج لم‬
‫ينتج إال أعداداً قليلة فقط من المتصفحين تقوم بالنقر على الالفتة اإلعالنية ليتم توجيهها إلى موقع‬
‫المعلن‪ ،‬ولهذا فقد تم اعتماد نظام آخر إلى جانب األول يعتمد على محاسبة المعلن عن كل ألف صفحة‬
‫‪94‬‬
‫يتم تصفحها‪ ،‬وبالتالي رؤية اإلعالن عليها‪ ،‬وهو ما اصطلح على تسميته الكلفة لكل ألف صفحة‪ ،‬وقد‬
‫يبدو هذا األسلوب بسيطًا وحتى بدائيًا‪ ،‬إال أن حقيقة األمر هي غير ذلك فاإلعالن على اإلنترنت يعطي‬
‫المعلن سيطرة بين وسائل اإلعالن األخرى إليصال رسالته للمستهلك‪ ،‬فهو يستطيع أن يطلب أال يظهر‬
‫إعالنه إال لمتصفحين قادمين من األردن أو من أمريكا أو من أي بلد آخر‪ ،‬كما أن ه يستطيع أن يطلب‬
‫إظهار اإلعالن لفئة عمرية محددة‪ ،‬أو للذكور دون اإلناث أو للمهتمين بالرياضة ال لقارئ األخبار‬
‫السياسية‪ ،‬ويتم ذلك باستخدام بروتوكوالت التعريف بالمستخدم من خالل مزودي خدمة الربط بالشبكة‬
‫ومن خالل قوائم التسجيل‪.‬‬

‫اإلعالم التقليدي وتحديات شبكة اإلنترنت‪:‬‬

‫من ضمن التحديات التي تطرحها شبكة اإلنترنت على وسائل اإلعالم التقليدية‪ ،‬والتي تكاد تمسح كامل‬
‫المجاالت الحياتية لهذه الوسائل نجد‪:‬‬

‫التحدي االقتصادي‪:‬‬

‫إن التنافس بين وسائل اإلعالم التقليدية على خبرة اإلعالن التجاري قديم في الزمن ومتعدد األطوار‪.‬‬
‫وهاهو طرف جديد يبرز على الساحة الختطاف القراء والمستمعين والمشاهدين جالبًا معهم اإلعالنات‬
‫التجارية مقلصًا بذلك المداخيل والعائدات العادية لوسائل اإلعالم التقليدية‪.‬‬

‫صحيح أن نسبة اإلعالن التجاري على اإلنترنت ما زالت خجولة نوعاً ما‪ ،‬ولكن تطور خدماتها وتحسنها‬
‫– خاصة منها التفاعلية – ينبئ بتصاعد مضطرد في الميزانيات المخصصة لإلعالن التجاري على‬
‫اإلنترنت‪.‬‬

‫التحدي المهني‪:‬‬

‫ما هي استعماالت اإلنترنت داخل الهيئات اإلذاعية أو التلفزيونية؟‬

‫تنحصر األجوبة في االتجاهات التالية‪:‬‬

‫اإلنترنت كمصدر للمعلومات‪.‬‬

‫اإلنترنت كوسيلة إنتاج للمعلومات‪.‬‬

‫‪97‬‬
‫اإلنترنت كوسيلة بث وتفاعل مع المشاهدين‪.‬‬

‫اإلنترنت كوسيلة لعرض الخدمات التجارية الجديدة غير المعهودة التي على الهيئات ابتكارها عالوة على‬
‫اإلعالن التجاري‪.‬‬

‫وقد تستوجب هذه الخدمات تحالفات مع شركات وقطاعات أخرى ليس لها عالقة باإلعالم‪.‬‬

‫طرق اإلعالن على صفحات الويب‪:‬‬

‫يتموضع اإلعالن الترويجي على شبكة اإلنترنت في أعلى مواقع الويب على شكل صور متحركة لها آلية‬
‫ربط‪ ،‬بحيث إذا نقر المستخدم على اإلعالن يتم إرسالها فو ار إلى الموقع المعلن‪ ،‬ورسوم ‪ gif‬المتحركة هي‬
‫صور متعددة تعطي إحساسًا بالحركة عند تشغيلها‪ ،‬ويمكن مشاهدتها أثناء الدوران‪ ،‬وتتقاضى الشركات‬
‫المختصة باإلعالن عموالت أو نسب من المبيعات وفقا لعدد مرات مشاهدة اإلعالن‪ ،‬وقد تكون‬
‫اإلعالنات في بعض األحيان مجانية‪ .‬أما طرق اإلعالن على صفحات الويب فهي كما يلي‪:‬‬

‫أوالً‪ -‬اليافطات‪ :‬إن اإلعالن باليافطات هو أكثر األشكال استخداماً في صحف اإلنترنت فهي موجودة في‬
‫كل مكان تقريبًا على الويب‪ ،‬ويجب أن ال يتجاوز حجم ملف صورة اإلعالن ‪ 31‬كيلو بايت‪ ،‬فكلما كان‬
‫الملف صغي ًار كان تحميله أسرع‪ ،‬ولهذا يعير مصممي اليافطات الكثير من االهتمام لحجم الصورة‪ ،‬ألن‬
‫فترات التحميل الطويلة قد تفقد المشاهد أو المستخدم صبره‪ ،‬فيغير الصفحة قبل أن يظهر اإلعالن‬
‫ال‪.‬‬
‫كام ً‬

‫وفي الحالة النموذجية يحتوي اإلعالن على نص قصير‪ ،‬أو رسالة بيانية قصيرة لإلعالن عن المنتج‪.‬‬

‫يوجد نوعان من اليافطات يافطة الكلمة المفتاحية ‪ keyword banner‬واليافطة العشوائية ‪randon‬‬
‫‪ ،banner‬تظهر يافطة الكلمة المفتاحية عندما نطلب كلمة محددة مسبقًا من محركات البحث‪ ،‬وهذا‬
‫فعال للشركات التي تريد تضييق مجال هدفها أكثر‪ ،‬بينما اليافطات العشوائية تستخدم للشركات التي تريد‬
‫تقديم منتجاتها الجديدة‪.‬‬

‫هناك طرق عدة لوضع يافطة إعالن على صحف اإلنترنت‪ ،‬والطرق األكثر شيوعاً هي‪:‬‬

‫‪96‬‬
‫مبادلة اليافطات ‪ :panner swapping‬تعني مبادلة اليافطات أن الشركة (أ) توافق على إظهار يافطة‬
‫ال مباش ًار بين المواقع‪ ،‬ففي كل‬
‫للشركة (ب) مقابل إظهار األخيرة لإلعالن (أ)‪ .‬وتمثل هذه الطريقة اتصا ً‬
‫مرة يجري فيها الولوج إلى صفحة الويب (ب) فإن اليافطة (أ) سوف تظهر مانحاً الفرصة لموقع صحيفة‬
‫اإلنترنت (أ) للظهور‪.‬‬

‫تبادل اليافطات ‪ :panner exchange‬في كثير من األحيان ال تعمل مبادلة اليافطات بسبب تحقق‬
‫ال‬
‫شرط التناظر‪ ،‬غير أنه إذا كان هناك شركات عدة معنية باألمر فإن إيجاد أمر التوافق يكون أيسر‪ ،‬فمث ً‬
‫في حالة شركات عدة بافتراض أن (أ) تستطيع إظهار يافطة (ب)‪ ،‬في حين ال تستطيع األخيرة إظهار‬
‫يافطة (أ) بشكل مناسب لكن بإمكانها إظهار يافطة (ج)‪ ،‬وهذه األخيرة تعمل على إظهار يافطة (أ)‪.‬‬

‫معظم المبادالت تعرض نسبة اعتماد بحدود ‪ 3:.‬هذا يعني أنه من أجل كل يافطتين تظهران على‬
‫موقعك فإن يافطتين تظهر مرة واحدة‪.‬‬

‫ثانياً‪ -‬اإلعالن المدفوع ‪ : paid advertising‬إن شراء حيز أو مساحة إعالنية ليافطة على اإلنترنت‬
‫هو مشابه تماماً لشراء مساحة إعالنية في الوسائل التقليدية‪ ،‬ومع ذلك ففي كثير من الحاالت يعد هذا‬
‫الخيار أغلى من الوسائل التقليدية‪ ،‬أضف إلى ذلك أنك على اإلنترنت محدود بحجم اإلعالن وكمية‬
‫المحتوى (النص والرسوم البيانية)‪ ،‬وهذه الحدود هي لضمان عدم نفاذ صبر المشاهدين‪-‬المستخدمين‬
‫بانتظار أن يظهر اإلعالن ومغادرتهم الموقع قبل الظهور بالكامل‪.‬‬

‫ثالثاً‪ -‬الشاشة الومضية الخاطفة لألبصار‪ :‬الشاشة الومضية هي صفحة ابتدائية لموقع تستخدم لخطف‬
‫انتباه المستخدم أو إلخبار المستخدم ماهي نوعية البرمجيات الالزمة لمشاهدة الموقع‪ .‬الميزة التنافسية‬
‫للصفحة الومضية أنها تقدم معلومات وافية وشاملة باستخدام الوسائط المتعددة في زيارة واحدة‪.‬‬

‫رابعاً‪ -‬استئجار حيز أو بقعة‪ :‬تقدم محركات البحث عادةً مكاناً أو بقعةً من صفحات الويب لصفحة‬
‫اإلنترنت الستئجارها من أي شركة‪ ،‬ومدة اإليجار تعتمد على نص العقد بين موقع الويب للمضيف‬

‫‪93‬‬
‫والمستأجر‪ ،‬وخالفاً لليافطات التي تظهر بأوقات متفرقة فإن مكان اإلعالن يبقى مكانه على الدوام‪ ،‬ومن‬
‫عادة ما‬
‫ً‬ ‫ثم فإن التنافس على تلك البقعة سوف يقل‪ .‬وسيئات هذا النوع من اإلعالن هي أن حجم اإلعالن‬
‫يكون صغي ًار ومحدوداً‪ ،‬األمر الذي يتسبب بعدم مالحظته من قبل المتفرجين‪-‬المستخدمين كما أن كلفته‬
‫تكون عالية جداً‪.‬‬

‫خامساً‪ -‬اإلعالنات الخاصة عبر اإلنترنت‪ :‬تعتمد هذه الطريقة على أساليب توظيف المعلومات المخزنة‬
‫بناء على طلب مستخدمين معينين‪ ،‬وسيتم تخصيص‬
‫بشكل مكثف ليتم بثها في أوقات محددة‪ ،‬أو ً‬
‫اإلعالنات لهؤالء المستخدمين بما في ذلك تقديم المعلومات الشخصية‪ ،‬مثل اسم المستخدم‪ ،‬وتصميم‬
‫الصور في اإلعالن لتناسب ذوق هذا المستخدم وسلوكه‪ ،‬كما ويمكن أن يتلقى المستخدم تحية خاصة‬
‫عند زيارته ألحد مواقع الويب‪ .‬وتصمم اإلعالنات بألوان خاصة ت ناسب أذواق الرجال والنساء وسلوكهم‬
‫الشرائي‪ ،‬مما يعطي انطباعًا بأن موقع الويب يتفاعل مع المستخدم بشكل شخصي‪.‬‬

‫مستقبل اقتصاد اإلنترنت‪:‬‬

‫ستزداد بشكل مطرد أعداد مستخدمي اإلنترنت في السنوات ا لقليلة القادمة بمعدالت قياسية في بلدان‬
‫العالم الثالث‪ ،‬كما في البلدان المتقدمة‪ ،‬وستزداد مع مرور األيام أعداد مستخدمي مختلف تكنولوجيا‬
‫االتصال الحديثة‪ ،‬السيما الهواتف الذكية مما يضاعف فرص بث اإلعالنات من قبل المعلن وفرص‬
‫التعرض لإلعالنات من قبل الجمهور‪ .‬في بحث نشرته مجموعة بوسطن لالستشارات – ‪The Boston‬‬
‫‪ Consultancy Group‬في شهر آذار عام ‪ .133‬بعنوان‪ :‬اقتصاد اإلنترنت وتأثيره على اقتصادات‬
‫دول مجموعة العشرين الكبار (‪ ،)G-20‬جاء أن‪ :‬العالم اآلن يشهد المرور بفترة انتقالية عالمية للعصر‬
‫الرقمي‪ ،‬ونهضة تنموية اقتصادية مختلفة عن كل النهضات االقتصادية التي شهدها العالم منذ الثورة‬
‫الصناعية‪ ،‬حيث سيكون من الصعب تجاهل مكونات اقتصاد اإلنترنت وما تحمله ثورة اإلنترنت من قيم‬
‫مضافة جديدة وثروات متنوعة للناس أوسع وأغنى مما جلبته أي تنمية اقتصادية للبشرية منذ الثورة‬
‫الصناعية‪.‬‬

‫وجاء في البحث نفسه أن اقتصاد اإلنترنت العالمي سيساهم بأكثر من ‪ 3..‬ترليون دوالر في الناتج‬
‫المحلي لدول مجموعة العشرين ‪ G-20‬بحلول العام ‪..136‬‬

‫‪95‬‬
‫يقول داڤيد دين الشريك في مجموعة بوسطن لالستشارات وأحد كتاب بحث اقتصاد اإلنترنت وتأثيره على‬
‫اقتصادات دول مجموعة العشرين‪ :‬لو اعتبرنا اقتصاد اإلنترنت العالمي بمجمله بمثابة اقتصاد دولة ما‪،‬‬
‫فإن ذلك سيشير إلى أنها الدولة الخامسة عالمياً خلف اقتصادات أمريكا والصين والهند واليابان‪ .‬أي أنه‬
‫سيضع اقتصاد دولة (صناعية ضخمة) مثل ألمانيا خلفه في الترتيب‪ .‬وتعد المملكة المتحدة من أكثر‬
‫الدول استفادة من اإلنترنت التي تؤثر كثي ًار على اقتصادها‪.‬‬

‫أخي ًار‪ ،‬إن هيمنة الشركات التجارية على ساحة اإلنترنت لم يمنع اإلعالم اإللكتروني من االستفادة كثي ًار‬
‫من حيث مده باإلعالنات التي شكلت وتشكل بالن سبة له شريان الحياة الذي ساعده على النمو ضمن هذه‬
‫ال بأسلوبه وأخباره‪ ،‬وحتى المواقع التابعة لوسائل‬
‫البيئة الخصبة‪ ،‬حتى وصل حدوداً جعلت منه مستق ً‬
‫إعالم تقليدية أصبحت على مر الزمن مستقلة عن إدارة الوسيلة في طاقم تحريرها ومراسليها وأخبارها‬
‫التي تحقق سبقًا في بعض األحيان حتى على الوسيلة األم نفسها‪.‬‬

‫‪99‬‬
‫المصادر والمراجع المستخدمة في الوحدة السادسة‬

‫‪ -‬سعد الطائي‪ ،‬اقتصاديات اإلعالم في مجتمعات ما بعد الصناعة‪ ،‬من االحتكارات اإلعالمية إلى‬
‫اإلمبراطوريات االقتصادية‪..133 ،‬‬

‫‪ -‬محمد خليل الرفاعي‪ ،‬تقنيات اإلعالم‪ ،‬منشورات جامعة دمشق‪ ،.117 ،‬ص ‪. .83‬‬

‫‪ -‬محمد خليل الرفاعي‪ ،‬دور اإلعالم في العصر الرقمي في تشكيل قيم األسرة العربية‪ ،‬مجلة جامعة‬
‫دمشق‪ ،‬المجلد ‪ ،23‬العدد األول والثاني ‪.2211,‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬ا‪ .‬م‪ ،‬اإلعالنات الفورية عبر اإلنترنت قد تترك انعكاسات سلبية على الصحافة المكتوبة‪ ،‬مجلة‬
‫الكمبيوتر واالتصاالت واإللكترونات‪ ،‬العدد ‪ ،3‬مج‪ ،36‬حزيران‪ ،‬دار الصياد‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.3999 ،‬‬

‫‪ -‬نبيل عبده‪ ،‬نحو تفوق إعالنات اإلنترنت على إعالنات الصحافة المطبوعة في الغرب‪ ،‬مجلة‬
‫الكمبيوتر واالتصاالت واإللكترونات‪ ،‬العدد ‪ ،9‬مج ‪ ،.3‬تشرين الثاني‪ ،‬دار الصياد‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪،‬‬
‫‪..117‬‬

‫‪ -‬ناريمان دبوس‪ ،‬ألعاب الكمبيوتر تدخل ميدان التنافس اإلعالني عبر اإلنترنت‪ ،‬مجلة الكمبيوتر‬
‫واالتصاالت واإللكترونات‪ ،‬العدد ‪ ،8‬مج ‪ ،.3‬تشرين األول‪ ،‬دار الصياد‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪..117 ،‬‬

‫‪ -‬عبد األمير الفيصل‪ ،‬الصحافة اإللكترونية في الوطن العربي‪ ,‬دار الشروق‪ ،‬رام اهلل‪..116 ,‬‬

‫‪ -‬طارق الخير وعلي الخضر وآخرون‪ ،‬مبادئ التسويق‪ ،‬مطبعة الروضة‪ ،‬ط ‪ ،1‬دمشق‪..118 ،‬‬

‫‪ -‬مجموعة بوسطن لالستشارات ( ‪ ،)The Boston Consultancy Group‬اقتصاد اإلنترنت وتأثيره‬


‫على اقتصادات دول مجموعة العشرين الكبار (‪ ،)G-20‬آذار‪ ،.133 ،‬انظر موقع‪:‬‬
‫‪/http://www.bcg.com‬‬

‫نماذج عن أسئلة من الوحدة السادسة‬

‫‪122‬‬
‫يع ّد شرطاً أساسياً من شروط النجاح في قطاعات األعمال المختلفة‪:‬‬

‫‪ – A‬االتصال بكل أشكاله‪.‬‬

‫‪ - B‬الحصول على المعلومات‪.‬‬

‫‪ – C‬إنشاء موقع إلكتروني‪.‬‬

‫‪ - D‬اإلعالن‪.‬‬

‫يجب النظر إلى اإلنفاق اإلعالني في المنشأة‪:‬‬

‫‪ - A‬على أنه استثمار تقني مرحلي‪.‬‬

‫‪ - B‬على أنه استثمار استراتيجي متوسط األمد‪.‬‬

‫‪ - C‬على أنه يحمل المنشأة نفقات في غنى عنها‪.‬‬

‫‪ - D‬على أنه استثمار تكتيكي مرحلي واستراتيجي طويل األمد‪.‬‬

‫‪121‬‬
‫الوحدة السابعة‪ :‬ماهية اقتصاد المعرفة‬

‫مالمح ظهور اقتصاد المعرفة‬

‫ما هي المعلومات وما فرقها عن المعرفة؟‬

‫أنواع المعرفة‬

‫‪-0‬المعرفة اإلدراكية أو المعرفة ماذا‬

‫‪-4‬المعرفة السببية أو معرفة لماذا‬

‫‪-3‬المعرفة اإلجرائية معرفة كيف‬

‫‪ -2‬معرفة من‬

‫اقتصاد المعرفة‬

‫مفهوم اقتـصاد المعــرفة‬

‫بين مصطلحي‪ :‬اقتصاد المعرفة واالقتصاد القائم على المعرفة‬

‫نشأة اقتصـاد المعرفة‬

‫التحول األول‪ :‬المجتمع الزراعي أو اقتصاد الطبيعة‬

‫‪122‬‬
‫التحول الثاني‪ :‬المجتمع الصناعي أو اقتصاد اآللة‬

‫التحول الثالث‪ :‬المجتمع المعرفي أو اقتصاد المعرفة‬

‫من االقتصاد الصناعي إلى اقتصاد المعرفة‬

‫‪ -0‬مصدر تكوين الثروة‬

‫‪ -4‬تطور الرأسمال البشري‬

‫‪ -3‬التغييرات والتحسينات المضافة‬

‫عناصر االقتصاد المعرفي‬

‫سمات االقتصاد المعرفي‬

‫مكونات االقتصاد المعرفي‬

‫‪ -0‬أنواع السلع المعرفية‬

‫‪ -4‬حوامل السلع المعرفية‬

‫فوائد االقتصاد المعرفي‬

‫منظومة اقتصاد المعرفة وركائز منظومة االقتصاد‬

‫مفهوم القيمة‬

‫مفهوم الملكية‬

‫عالقة اإلنتاج باالستهالك‬

‫عالقة العرض بالطلب‬

‫نمط اإلدارة‬

‫‪123‬‬
‫ملخص الوحدة السابعة‪:‬‬

‫شهدت العقود األخيرة من القرن العشرين ظهور اقتصاد المعلومات ومالمح ظهور اقتصاد المعرفة التي‬
‫تتميز بأنواع عديدة مثل المعرفة اإلدراكية والسببية واإلجرائية‪ .‬وكانت نشأة اقتصـاد المعرفة مبنية على‬
‫ثالثة تحوالت بثالثة اقتصادات كبرى في المجتمع اإلنساني من المجتمع الزراعي أو اقتصاد الطبيعة إلى‬
‫المجتمع الصناعي أو اقتصاد اآللة‪ ،‬ثم إلى المجتمع المعرفي أو اقتصاد المعرفة واالقتصاد القائم على‬
‫المعرفة‪ .‬من سمات االقتصاد المعرفي‪ :‬االستثمار في الموارد البشرية باعتبارها رأس المال الفكري‬
‫والمعرفي‪ ،‬انتقال النشاط االقتصادي إلى إنتاج الخدمات المعرفية وصناعتها‪ ،‬توظيف تكنولوجيا‬
‫المعلومات واالتصاالت بفاعلية‪ ،‬االستخدام الكثيف للمعرفة العلمية والمعرفة العملية وتحول المعلومة إلى‬
‫سلعة‪ .‬ومن فوائد اقتصاد المعرفة أنه يرغم المؤسسات على التجديد واإلبداع واالستجابة الحتياجات‬
‫البشر‪ ،‬وله أثر مهم في تحديد النمو واإلنتاج والتوظيف وغير ذلك‪.‬‬

‫األهداف التعليمية للوحدة السابعة‪:‬‬

‫أن يعي الطالب ماهية اقتصاد المعرفة وأسباب نشوئه وتطوره‪.‬‬

‫أن يعي الطالب منطق التحول من االقتصاد الصناعي إلى اقتصاد المعرفة وآفاق هذا التحول‪.‬‬

‫أن يدرك الطالب أهمية اقتصاد المعرفة باعتباره االقتصاد الجديد المنافس لكل االقتصادات واألكثر‬
‫حضو اًر‪.‬‬

‫أن يدرك الطالب األهمية الكبرى للموارد البشرية وللمعلومات باعتبارهما رأس المال الفكري والمعرفي‪.‬‬

‫‪124‬‬
‫مالمح ظهور اقتصاد المعرفة‪:‬‬

‫يعود تاريخ الكتابة عن اقتصاد المعرفة إلى بداية الثمانينات من القرن الماضي‪ ،‬حيث نشرت منذ ذاك‬
‫الحين وحتى اآلن العديد من الدراسات واألبحاث العلمية والمقاالت التي تتحدث عن دور وأهمية المعرفة‬
‫والعلم والتعلم في االقتصاد‪ ،‬أو ما يسمى باقتصاد المعرفة ‪ :Knowledge economy‬وهذا نتيجة‬
‫للتطورات الهائلة التي حصلت في مجال انتشار تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت‪ ،‬مع نهاية القرن‬
‫العشرين وبداية القرن الحادي والعشرين أو ما يسمى بالثورة العلمية التكنولوجية المعاصرة‪ .‬وظهرت نتيجة‬
‫لذلك مفاهيم ومصطلحات جديدة في عالم االقتصاد مثل‪ :‬االقتصاد الرقمي‪ ،‬والتجارة اإللكترونية‪،‬‬
‫والحكومة اإللكترونية‪ ،‬والفائض المعرفي‪ ،‬والقيمة المضافة للمعرفة‪ ،‬ومجتمع المعلومات‪ ،‬واقتصاد‬
‫المعرفة‪ ،‬حيث ترك ز هذه المصطلحات على دور المعرفة ورأس المال البشري وأهميتهما في تنمية‬
‫المجتمعات المعاصرة‪.‬‬

‫لقد أجري الكثير من الدراسات حول اقتصاد المعرفة خالل العقود األخيرة من القرن العشرين‪ ،‬وهي‬
‫كتابات لم تكن تشير مباشرة إلى اقتصاد المعرفة كمصطلح واضح المعالم‪ ،‬إال أنها تدور في فلكه من‬
‫حيث األفكار واآلراء‪ .‬وربما يكون مارك بورات عام ‪ ٧٧١١‬أول من كتب عن اقتصاد المعرفة‪ ،‬وذلك‬
‫حينما كتب عن اقتصاد المعلومات وأبعاده وكيفية قياسه‪ ،‬ثم جاء رومر في عام ‪ ٧٧٩١‬الذي ناقش‬
‫النظريات النيو كالسيكية التي ت عتبر الطبيعة ورأس المال والعمل والتنظيم أهم عناصر اإلنتاج‪ ،‬وبين أنه‬
‫في الوقت الراهن أصبح هناك عنصر آخر يكتسب أهمية أكبر في زيادة الناتج المحلي لكثير من الدول‬
‫المتقدمة‪ ،‬ويتمثل هذا العنصر في مدى انتشار المعرفة ووسائل االتصاالت والتكنولوجيا‪ ،‬فراح يقترح ما‬
‫يسمى باقتصاد المعرفة الذي يقوم أساسًا على المعرفة كأهم عنصر إنتاج‪.‬‬

‫ما هي المعلومات وما فرقها عن المعرفة؟‬

‫إن عملية إنتاج المعرفة اإلنسانية تتم بواسطة أسلوبين‪:‬‬

‫ال ال‬
‫األول‪ :‬االستنباط الذي يمكن اإلنسان من استنباط المعرفة باالعتماد على مفردات منطقية مسبقة‪ ،‬مث ً‬
‫يمكن الوصول إلى تلك المدينة إال عبر البحر إذ ال توجد خطوط جوية أو برية‪ .‬هذا المثال البسيط‬
‫يوضح معنى االستدالل وطريقته في إنتاج المعرفة‪ ،‬وقد سيطر هذا األسلوب في إنتاج المعرفة على‬

‫‪127‬‬
‫مناهج التفكير منذ فالسفة اإلغريق اليونانيين‪ ،‬وقد طور فالسفة المسلمين المناهج اليونانية‪ ،‬وأدخلوا‬
‫الجانب التجريبي (االستقراء)‪.‬‬

‫الثاني‪ :‬االستقراء‪ :‬أي أن إنتاج المعرفة يقوم على االستقراء‪ ،‬أي على التجربة الملموسة‪ ،‬وعلى استقراء‬
‫النتيجة من عدد كبير من المشاهدات المحسوسة التي يمكن لإلنسان قياسها ودراستها واحصائها‪.‬‬
‫فاالستقراء هو األسلوب التجريبي الملموس والمحسوس والقائم على تحصيل العلوم من خالل التجربة‬
‫والممارسة‪ .‬ولذا فإن االستقراء يعتمد على العلوم الطبيعية واالجتماعية وعلى مفاهيم اإلحصاء التي‬
‫تتحدث عن االحتماالت‪ ،‬واالستقراء يتطور مع تطور ال تجارب اإلنسانية في مختلف العلوم‪.‬‬

‫ومنذ أن ركزت المناهج العلمية على الجانب االستقرائي في إنتاج المعرفة ‪ -‬دون إغفال جانب االستنباط‬
‫بطبيعة الحال ‪ -‬فإن عملية إنتاج المعرفة تطورت بصورة متالحقة‪ ،‬وخلقت العصر الحديث والذي يعرف‬
‫بعصر المعرفة‪.‬‬

‫فعصر المعلومات هو عصر وجود وسائل تكنولوجيا المعلومات كالكمبيوتر واألقمار الصناعية والهواتف‬
‫النقالة وغيرها‪ ...‬إال أن هذه جميعها ال تكون عصر معرفة دون وجود اإلنسان الحر والمتمكن من إرادته‬
‫والمستمر في إبداعه‪ ،‬ولذا فإن إضافة اإلنسان المحترف والمتمرس والواعي لعصر المعلومات هو الذي‬
‫يخلق عصر المعرفة‪.‬‬

‫والمؤكد أن أهمية الجانب المعرفي يكمن في أن أكثر من نصف اإلنتاج في الدول المتقدمة يعتمد على‬
‫االقتصاد المعرفي‪ ،‬ذلك ا القتصاد القائم على العامل اإلنساني المتداخل والمسيطر والمستخدم لتكنولوجيا‬
‫المعلومات‪.‬‬

‫وهناك فرق رئيس بين الذي يشغل هذا االقتصاد المعرفي والفرد الذي اعتمد عليه االقتصاد الصناعي‪،‬‬
‫بعده اقتصادًا يعتمد على رأس المال وعنصر العمل‪ .‬أما االقتصاد المعرفي فيعتمد على أصحاب‬
‫المهارات (وليس أصحاب األموال) وأصحاب العقول العلمية‪ ،‬وهؤالء ليسوا عماالً أو موظفين‪ ،‬إنما هم‬
‫كثير من المشتغلين في المعرفة وللمعرفة سيملكون‬
‫يشتغلون في المعرفة‪ ،‬ومع استمرار التطور فإن ًا‬
‫الشركات التي يديرونها ‪ ،rgerloono-rewrow‬أو أنهم سيتحولون إلى مستشارين غير مرتبطين بشركة‬
‫واحدة فقط‪.‬‬

‫‪126‬‬
‫وقبل التحدث عن نشأة هذا المصطلح وأهميته وأهدافه وكل التفاصيل المتعلقة به سنلقي لمحة عن أنواع‬
‫المعرفة وكيفية إدارة المعرفة‪.‬‬

‫أنواع المعرفة‪:‬‬

‫تختلف أنواع المعرفة تبعاً الختالف مصادرها‪ ،‬وآلية المشاركة فيها وتبادلها‪ ،‬والغاية من تطبيقها‪،‬‬
‫ال عن اختالف وجهات نظر الباحثين الذين درسوها‪ .‬ويمكن تصنيفها ضمن أربعة أنواع‬
‫وأهدافها‪ ،‬فض ً‬
‫وهي‪:‬‬

‫‪ -0‬المعرفة اإلدراكية أو معرفة ماذا‪:‬‬

‫وهي التي تذهب إلى ما بعد المهارات األساسية وتحقيق الخبرة العليا في معرفة الموضوع ونطاق‬
‫المشكلة‪ ،‬وتعبر عن المعرفة حول الحقائق التي يمكن تمييزها‪.‬‬

‫‪ -4‬المعرفة السببية أو معرفة لماذا‪:‬‬

‫وهي المعرفة التي تتطلب فهمًا أعمق للعالقات البينية عبر مجاالت المعرفة‪ ،‬وهذه المعرفة تتطلب‬
‫منظور ل لنظم وبناء إطار للمعرفة يمكن االعتماد عليه في اتخاذ الق اررات النشطة في السياقات المعقدة‬
‫اً‬
‫وغير المؤكدة‪ ،‬وهي المعرفة حول المبادئ والقوانين‪.‬‬

‫‪ -3‬المعرفة اإلجرائية معرفة كيف‪:‬‬

‫هي المعرفة العملية التي تتعلق بمعرفة كيفية عمل األشياء أو القيام بها‪ ،‬وهي تطابق المعرفة الشائعة‪،‬‬
‫أي إنها المهارات القابلة لتنفيذ مهمة معينة بنجاح‪.‬‬

‫‪ -2‬معرفة من‪ :‬وهي المعلومات حول من يعرف ماذا‪ ،‬أو من يعرف كيفية أداء ماذا؟‬

‫هذا فيما يخص أنواع المعرفة حسب تصنيف عدد من الباحثين‪ ،‬أما إدارة المعرفة فيمكن الحديث عنها‬
‫من خالل عمل المؤسسات والدور الذي تلعبه في اإلدارة الصحيحة للمؤسسة من خالل إدارة المعرفة‪،‬‬
‫وهي حصول المؤسسات في سياق أعمالها على معلومات في شكل تقارير‪ ،‬ووثائق‪ ،‬ورسائل البريد‬
‫اإللكتروني‪ ،‬ودراسات ونتائج بحوث‪ ،‬وبيانات حول المنتجات والخدمات‪ ،‬وجميع االتصاالت من جميع‬
‫المصادر‪ .‬وتشكل بعض المعلومات جزءًا من العمليات الطبيعية للمؤسسة‪ ،‬ويتم استالم بعض المعلومات‬

‫‪123‬‬
‫دون طلبها‪ .‬وبالتالي يتم إنتاج واستالم كم هائل من المعلومات‪ ،‬ويمكن القول بأن المؤسسة ينهال عليها‬
‫معلومات بعضها ضروري‪ ،‬وبعضها يتم إنتاجه داخليًا‪ ،‬وبعضها يتم استالمه دون طلبه‪ ،‬مما يؤدي إلى‬
‫غرق المؤسسات بالمعلومات‪ .‬ويمكن أن ندعو مثل هذا الوضع بالحمل الزائد للمعلومات‪ .‬ففي هذا البحر‬
‫من المعلومات‪ ،‬يكون لدينا معلومات مفيدة وضرورية إلدارة ومراقبة العمليات الجارية‪ ،‬ويكون لدينا‬
‫معلومات ذات قيمة الستخدامها في المستقبل‪ ،‬على الرغم من أنه قد ال يكون لها فائدة في الوقت الحالي‪.‬‬
‫إضافةً إلى ذلك‪ ،‬يكون لدينا في بركة المعلومات المؤسسية كمية ضخمة من المعلومات عديمة الفائدة‪،‬‬
‫وهو ما يمكن تسميته بالفوضى‪ .‬وفي المؤسسات التقليدية‪ ،‬قد تكون المعلومات ‪ /‬المعرفة المكتسبة والتي‬
‫يتم إنشاؤها من قبل المؤسسة معلومات ‪ /‬معرفة مجمعة جزئيًا بأفضل األحوال‪ .‬ويكمن الهدف من اإلدارة‬
‫المنهجية للمعرفة في الحصول على هذه المعرفة التنظيمية وادارتها‪.‬‬

‫اقتصاد المعرفة‪:‬‬

‫يعد اقتصاد المعرفة فرعًا جديدًا من فروع العلوم االقتصادية ظهر في اآلونة األخيرة‪ ،‬ويقوم على فهم‬
‫جديد أكثر عمقاً لدور المعرفة ورأس المال البشري في تطور االقتصاد ودور المجتمع‪.‬‬

‫يقوم اقتصاد المعرفة على معطيات العلم والتكنولوجيا‪ ،‬أو ما يعرف باالستخدام الكثيف للمعرفة ومفرزات‬
‫هذه المعرفة من تقنيات ذكية وتحويلها إلى مردود اقتصادي يتظاهر بنمو مطرد يفوق كثي اًر النمو‬
‫االقتصادي التقليدي‪ ،‬في حال وجود عقول تعمل في المخابر‪ ،‬وتجرب وتكتشف وتخترع‪ ،‬وفي حال وجود‬
‫من يتلقف هذه االكتشافات ويحولها إلى مشاريع اقتصادية‪ .‬فاألمر إذًا ال يتوقف عند إغراق السوق‬
‫باالختراعات واالكتشافات والبراءات‪ ،‬بل البد أن تجد هذه البراءات طريقها إلى قلب اقتصاد المعرفة‪.‬‬

‫ويعرف بعض االقتصاديين اقتصاد المعرفة على أنه االقتصاد الذي يقوم على أساس إنتاج هذه المعرفة‬
‫واستخدام نتائجها وثمارها وانجازاتها‪ ،‬أو باألحرى استهالكها بالمعنى االقتصادي لمفهوم االستهالك‪،‬‬
‫وبذلك تشكل المعرفة بمفهومها الحديث جزءًا أساسيًا من ثروة المجتمع المتطور ومن رفاهيته االجتماعية‪.‬‬

‫وثمة تعريف يقرن اقتصاد المعرفة باقتصاد المنتجات الذكية‪ ،‬أي أن هذه المنتجات هي بعض مالمح‬
‫اقتصاد المعرفة القائم على تكتل المعلومات وتراكمها في جهاز الكمبيوتر‪ ،‬والذي يقوم بدوره بتحليلها‬
‫وتنسيقها ليتعاطى مع أحداث الواقع بما يتناسب معها تماماً‪ ،‬كما يتعاطى معها اإلنسان الراشد‪.‬‬

‫‪125‬‬
‫وهناك تعريف آخر يقرن اقتصاد المعرفة بالمعلومات واألفكار التي تعد المفتاح لهذا االقتصاد‪ ،‬فتكنولوجيا‬
‫المعلومات هي العنصر المحرك وعنصر االستثمار الذي يجب أن ينهض ويستمر للحفاظ على التطورات‬
‫الهائلة التي حدثت في االقتصاد العالمي واستمرارها‪.‬‬

‫مفهوم اقتـصاد المعــرفة‪:‬‬

‫لقد استخدمت تسميات عدة لتدل على اقتصاد المعرفة كاقتصاد المعلومات‪ ،‬واقتصاد اإلنترنت‪ ،‬واالقتصاد‬
‫الرقمي‪ ،‬واالقتصاد االفتراضي‪ ،‬واالقتصاد اإللكتروني‪ ،‬واالقتصاد الشبكي‪ ،‬واقتصاد الالملموسات‪...‬الخ‪،‬‬
‫وكل هذه التسميات إنما تشير في كليتها إلى اقتصاد المعرفة‪ .‬وفي الغالب تستخدم بطريقة متبادلة‪ ،‬مما‬
‫يبين أن مسالة تحديد تعريف جامع مانع لهذا االقتصاد لم تلق إجماعًا بعد بين أوساط الباحثين‬
‫والمنظرين‪ ،‬وعليه سنحاول عرض أهم تلك التعريفات على سبيل المثال ال الحصر‪:‬‬

‫اقتصاد المعرفة هو نظام اقتصادي يمثل فيه العلم الكيفي والنوعي عنصر اإلنتاج األسا س والقوة الدافعة‬
‫إلنتاج الثروة‪.‬‬

‫اقتصاد المعرفة هو ذلك االقتصاد الذي يعمل على زيادة نمو معدل اإلنتاج بشكل مرتفع على المدى‬
‫الطويل بفضل استعمال تكنولوجيا اإلعالم واالتصال‪.‬‬

‫أما التقرير االستراتيجي العربي فقد عرفه كما يلي‪ :‬اقتصاد المعرفة هو اقتصاد جديد فرضته طائفة جديدة‬
‫من األنشطة المرتبطة بالمعرفة وتكنولوجيا المعلومات‪ ،‬ومن أهم مالمحه التجارة اإللكترونية‪.‬‬

‫أما جمال سالمي فقد عرفه بأنه‪ :‬نمط اقتصادي متطور قائم على االستخدام واسع النطاق للمعلوماتية‬
‫وشبكة اإلنترنت في مختلف أوجه النشاط االقتصادي‪ ،‬وخاص ًة في التجارة اإللكترونية‪ ،‬مرتك ًاز بقوة على‬
‫المعرفة واإلبداع والتطور التكنولوجي خاص ًة ما يتعلق بتكنولوجيا اإلعالم واالتصال‪.‬‬

‫أما منظمة التعاون والتنمية االقتصادية فعرفته بأنه‪ :‬ذلك االقتصاد المبني أساسًا على إنتاج ونشر‬
‫واستخدام المعرفة والمعلومات‪.‬‬

‫وعرف برنامج األمم المتحدة اإلنمائي عام ‪ .111‬االقتصاد المعرفي بأنه‪ :‬نشر المعرفة وانتاجها‬
‫وتوظيفها بكفاية في جميع مجاالت النشاط المجتمعي االقتصادي والمجتمع المدني والسياسة والحياة‬

‫‪129‬‬
‫الخاصة وصوالً لترقية الحالة اإلنسانية باطراد‪ ،‬أي إقامة التنمية اإلنسانية‪ ،‬ويتطلب األمر بناء القدرات‬
‫البشرية الممكنة والتوزيع الناجح للقدرات البشرية‪.‬‬

‫ومن خالل ما سبق‪ ،‬يمكن أن نصل بالقول إلى أن اقتصاد المعرفة هو ذلك االقتصاد الذي ينتج عن‬
‫تقدم المعلومات بعد العصر الصناعي‪ ،‬وهو فرع جديد من فروع العلوم االقتصادية يقوم على فهم جديد‬
‫لدور المعرفة ورأس المال البشري في تطور االقتصاد وتقدم المجتمع‪ ،‬وهو االقتصاد الذي تحقق فيه‬
‫المعرفة الجزء األعظم من القيمة المضافة‪ ،‬فهو يقوم على أساس تكنولوجيا المعلومات واالتصال‬
‫باعتبارها نقطة االنطالق له‪ ،‬أي أن المعرفة هي العنصر الوحيد في العملية اإلنتاجية‪ ،‬والمعلومات‬
‫والمعرفة هي المنت ج الوحيد في هذا االقتصاد‪ ،‬وأن المعلومات وتكنولوجياتها تشكل وتحدد أساليب اإلنتاج‬
‫وفرص التسويق ومجاالتها‪.‬‬

‫وقد شهد مفهوم اقتصاد المعرفة تطو ًار كبي ًار في العقود القليلة الماضية مع اتساع استخدام شبكة اإلنترنت‬
‫والتجارة اإللكترونية والدفع اإللكتروني‪ ،‬ويقوم هذا االقتصاد على وجود بيانات يتم تطويرها إلى معلومات‪،‬‬
‫ومن ثمة إلى معرفة وحكمة في اختيار األنسب من بين الخيارات الواسعة التي يتيحها اقتصاد المعرفة‪،‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن أول استخدام لمصطلح اقتصاد المعرفة ومجتمع المعرفة ‪Knowledge‬‬
‫‪ Society and Economy‬كان في الفصل الثاني عشر ‪ Knowledge Economy‬من كتاب‪:‬‬
‫‪ ،Peter Drucker: The Age of Discontinuity‬وكثي ًار ما تستخدم مصطلحات متعددة للتأكيد‬
‫على جوانب مختلفة القتصاد المعرفة منها مجتمع المعلومات واالقتصاد‪ ،‬واالقتصاد الرقمي‪ ،‬وشبكة‬
‫االقتصاد الجديد أو اقتصاد المعرفة وثورة المعلومات‪.‬‬

‫وهنا وجب التمييز بين مستويين أو داللتين مختلفتين لتعبيري اقتصاد المعرفة واالقتصاد القائم ‪ -‬أو‬
‫المبني ‪ -‬على المعرفة‪ ،‬مشيرة إلى أن الداللة األولى لتعبير اقتصاد المعرفة هي ما يتعلق باقتصاديات‬
‫اء من حيث التكاليف العملية المعرفية أم الذهنية مثل تكاليف البحوث‬
‫عمليات المعرفة ذاتها‪ ،‬سو ً‬
‫والتطوير‪ ،‬أو تكاليف إدارة األعمال االستشارية ‪،‬أو إعداد الخبراء وتدريبهم من جهة‪ ،‬وبين العائد أو‬
‫اإليراد الناتج من هذه العملية لكونها عملية اقتصادية مجردة من جهة أخرى‪ ،‬أما الداللة الثانية لتعبير‬
‫االقتصاد القائم على المعرفة فهي تذهب إلى معنى أكثر اتساعًا ورحاب ًة بحيث تشمل حجم قطاعات‬
‫اء كان نشاطاً سلعيًا أم خدميًا عينيًا‬
‫المعرفة والمعلومات واالستشارات الذهنية داخل نسيج االقتصاد‪ ،‬سو ً‬
‫أم نقديًا‪.‬‬

‫‪112‬‬
‫ولو أردنا تقديم تعريف مختصر القتصاد المعرفة ألمكننا القول بأنه ذلك االقتصاد الذي يشكل فيه إنتاج‬
‫المعرفة وتوزيعها واستخدامها المحرك الرئيسي لعملية النمو المستدام ولخلق الثروة وفرص التوظيف في‬
‫كل المجاالت‪ .‬إنه يقوم على أساس إنتاج المعرفة‪ ،‬أي خلقها واستخدام ثمارها وانجازاتها‪ ،‬بحيث تشكل‬
‫اء ما يعرف بالمعرفة الصريحة التي تشتمل على قواعد البيانات والمعلومات والبرمجيات‬
‫هذه المعرفة (سو ً‬
‫وغيرها‪ ،‬أم المعرفة الضمنية التي يمثلها األفراد بخبراتهم ومعارفهم وعالقاتهم وتفاعالتهم) مصد ًار رئيسًا‬
‫لثروة المجتمع ورفاهيته‪.‬‬

‫بين مصطلحي‪ :‬اقتصاد المعرفة واالقتصاد القائم على المعرفة‪:‬‬

‫ينقسم اقتصاد مجتمع المعرفة إلى فرعين‪ :‬اقتصاد قائم على المعرفة لكون المعرفة مقومًا حيويًا ال غنى‬
‫عنه في كل القطاعات االقتصادية‪ ،‬واقتصاد المعرفة ذاتها بصفتها قطاعاً اقتصاديًا قائمًا بذاته‪ ،‬له‬
‫أصوله وخصومه‪ ،‬وتكنولوجيته المحورية‪ ،‬وصناعاته المغذية‪ ،‬وشبكات توزيعه المحلية والعالمية‪،‬‬
‫ومنتجاته الوسيط ة والنهائية‪ ،‬ويشمل ذلك على سبيل المثال‪ :‬أصول البرمجيات‪ ،‬وب ارءات االختراع‪،‬‬
‫وقواعد المعارف‪ ،‬ومنتجات صناعة المحتوى من نشر طباعي والكتروني‪ ،‬وانتاج تلفزيوني واعالمي‪،‬‬
‫وخدمات االستشارات ومرافق المعلومات‪.‬‬

‫لقد عبر بعض االقتصاديين عن اقتصاد المعرفة بداللة أخرى أال وهي‪ :‬االقتصاد القائم على المعرفة أو‬
‫االقتصاد المبني على المعرفة‪ ،‬ولكن بحكم تسارع التحوالت االقتصادية والتطورات التكنولوجية فقد عمل‬
‫بعض الباحثين االقتصاديين على إعادة النظر والتمييز بين هاتين الداللتين المختلفتين للمصطلح‪:‬‬

‫الداللة األولى‪ :‬االقتصاد المعرفي ه و ما يتعلق باقتصاديات عمليات المعرفة ذاتها‪ ،‬أي إنتاج المعرفة‬
‫اء من حيث تكاليف العملية المعرفية‪ ،‬مثل تكاليف البحث‬
‫وصناعتها وعمليات البحث والتطوير‪ ،‬سو ً‬
‫والتطوير‪ ،‬أم تكاليف إدارة األعمال واالستشارة‪ ،‬أم إعداد الخبراء وتدريبهم من جهة‪ ،‬وبين العائد أو اإليراد‬
‫الناتج عن هذه العملية لكونها عملية اقتصادية مجردة مثلها مثل اقتصاديات الخدمة السياحية أو الفندقية‬
‫أو غيرها من جهة أخرى‪.‬‬

‫الداللة الثانية‪ :‬تعبير االقتصاد القائم على المعرفة ينصب إلى معنى أكثر اتساعًا ورحاب ًة‪ ،‬بحيث تشمل‬
‫في داللته حجم قطاعات المعرفة والمعلومات واالستثمارات داخل نسيج االقتصاد‪ ،‬وكذلك مدى تغلغل‬
‫المعرفة والتكنولوجيا في األنشطة اإلنتاجية‪.‬‬

‫‪111‬‬
‫فاالقتصاد القائم على المعرفة يعد مرحلة متقدمة من االقتصاد المعرفي‪ ،‬أي أنه يعتمد على تطبيق‬
‫االقتصاد المعرفي في مختلف األنشطة االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬مثل التزاوج بين تكنولوجيا المعلومات‬
‫مع قطاعات متعددة كاالتصاالت‪ ،‬مثل‪( :‬تشخيص األمراض عن بعد‪ ،‬إجراء العمليات الجراحية عن بعد‪،‬‬
‫اإلنتاج عن بعد‪ ،‬عقد المؤتمرات عن بعد‪ )...‬كلها تجعل االقتصاد مبنياً على المعرفة والعلم‪ ،‬فالدول‬
‫الصناعية الكبرى التي استفادت من منجزات الثورة العلمية التكنولوجية‪ ،‬وسخرتها في صناعات تولد لها‬
‫معارف ومكتشفات جديدة وتقنيات متطورة‪ ،‬قد وصلت إلى مرحلة االقتصاد المبني على المعرفة‪ ،‬أو ما‬
‫يمكن أن نسميه مرحلة ما بعد االقتصاد المعرفي‪ ،‬أما الدول التي تسعى إلى إنتاج المعرفة من ابتكار‬
‫المعرفة واكتسابها ونشرها واستعمالها وتخزينها‪ ،‬فهي مازالت في طور االقتصاد المعرفي‪.‬‬

‫نشأة اقتصـاد المعرفة‪:‬‬

‫سوف نعمد لفهم نشأة اقتصاد المعرفة إلى الولوج إلى تلك المراحل الثالث التي ميزت تطور المجتمعات‬
‫البشرية‪ ،‬أو ما يطلق عليها اصطالحًا تسمية "التحوالت الثالثة"‪ ،‬من المجتمع الزراعي إلى المجتمع‬
‫الصناعي وصوالً إلى المجتمع المعرفي‪.‬‬

‫التحول األول‪ :‬المجتمع الزراعي أو اقتصاد الطبيعة‪:‬‬

‫قد يشكل وصف المرحلة التي اعتمد فيها اإلنسان بشكل أساس على الطبيعة بالتحول األول بعض من‬
‫التحفظ‪ ،‬كون اإلنسان ومنذ نزوله على األرض كان يعتمد على الطبيعة ومواردها بشكل تلقائي‪ ،‬وبذلك‬
‫فليست مرحلة المجتمع الزراعي من هذه الزاوية تحوالً‪ ،‬بل هي امتداد طبيعي‪ ،‬ونتاج فطري للسلوك‬
‫البشري‪.‬‬

‫هذا من ناحية علم التاريخ البشري عامة‪ ،‬ولكن للتأريخ االقتصادي معايير أخرى اعتمد عليها لوصف‬
‫مرحلة ما بالثورة الزراعية‪ ،‬والتي أنجبت مجتمعها الزراعي لكونها التحول األول‪ ،‬فخالل قرون طويلة من‬
‫الزمن لم يتشكل بالمفهوم االقتصادي ذلك التكتل البشري الذي قد يعد مجتمعًا يحمل في طياته بذور‬
‫ال ومبعث ًار‪ ،‬والنشاط االقتصادي كان معدومًا وال يتجاوز‬
‫نموذج اقتصادي متكامل‪ ،‬فعدد السكان كان قلي ً‬
‫حدود االكتفاء الفردي‪.‬‬

‫‪112‬‬
‫وعندما بدأت تتجلى مالمح تكتالت بشرية منظمة تعتمد على نشاط الزراعة كأساس لتوفير ما تحتاج إليه‬
‫ليسد ضرورياتها من الحاجيات اليومية من خالل دورة نشاط اقتصادي زراعي منظمة‪ ،‬بدأ عمداء التأريخ‬
‫االقتصادي مسارهم في التدوين‪ ،‬كون تلك المرحلة هي الثورة الزراعية التي أنجبت مجتمعها الزراعي‬
‫بوصفه التحول األول في ظل اقتصاد الطبيعة‪.‬‬

‫وبدأت هذه الثورة أول ما بدأت على ضفاف األنهار الكبرى في المنطقة القريبة من المنطقة االستوائية ‪-‬‬
‫نهر النيل ودجلة والفرات واإلندوس والجانح ونهر الغانج والنهر األصفر (أو هوانغ هو) ‪ -‬حيث التربة‬
‫ا لخصبة والمتجددة‪ ،‬وبذلك تشكلت لدى تلك المجتمعات ظروف تالءمت بوجه خاص مع وصف المجتمع‬
‫الزراعي‪ ،‬وهي الحقبة التي سماها المؤرخون بثورة العصر الحجري الحديث‪ ،‬والتي دامت على مدى آالف‬
‫السنين منذ العام ‪ 31‬آالف قبل الميالد‪.‬‬

‫وقد اقترن ذلك التحول إلى المجتمعات الزراعية المستقرة (بعد أن كانت المجتمعات زراعية ومبعثرة‬
‫ومتنقلة عبر مناطق األرض) بالتسارع في زيادة المهارات التقنية‪ ،‬ومن ثم اتسع نطاق تشكيل الحجر‬
‫لصناعة األدوات واألسلحة‪ ،‬وازداد أسلوب صناعتها صقالً‪ .‬كذلك فإن امتالك حيوانات أليفة عزز من‬
‫مهارات تحويل صوف الماشية إلى ألياف لصناعة النسيج‪ ،‬وأدى التقدم في استخدام النار والتحكم فيها‬
‫إلى ابتكار القمائن واألفران لصناعة اآلجر والسيراميك‪ ،‬ثم بعد ذلك لتشكيل المعادن‪ ،‬وتهيأت لإلنسان‬
‫تقنيات صناعة األدوات المعدنية واستخراج المعادن من خاماتها الطبيعية‪ ،‬ثم تشكيلها على هيئة أدوات‬
‫وغير ذلك مما يريد من مصنوعات‪ ،‬وهكذا أصبحت المجتمعات البشرية في وضع يمهد لحدوث تحول‬
‫عميق آخر ينتقل بها إلى بداية المجتمعات الحضارية عبر اقتصاد اآللة من خالل الثورة الصناعية‪.‬‬

‫التحول الثاني‪ :‬المجتمع الصناعي أو اقتصاد اآللة‪:‬‬

‫تجمع الكثير من الدراسات التاريخية على أن عملية االنتقال عبر التحولين األول والثاني (من الزراعة إلى‬
‫الصناعة) كان نتاجًا طبيعيًا لحزمة من األسباب تمحور أهمها حول‪:‬‬

‫تضخم عدد السكان في المناطق اآلهلة‪.‬‬

‫محدودية المصادر الطبيعية وعجزها عن توفير الكميات الكافية من ضروريات العيش‪.‬‬

‫التمايز الشديد للمناطق اآلهلة من حيث المزايا الطبيعية المتوفرة‪.‬‬

‫‪113‬‬
‫تعقد أنماط الحياة‪ ،‬وبروز رغبات أخرى لم يكن الناس يحسون بها من قبل‪.‬‬

‫ظهور العديد من مصادر الطاقة الجديدة‪.‬‬

‫وكان ضروريًا على سكان تلك الحقبات من الزمن‪ ،‬اللجـوء إلى ما يمكن أن يصطلح عليه بعملية التصنيع‬
‫بدل عمليات الزراعة والصيد‪ ،‬ولن يكون استعمال مصطلح التصنيع نافذ المعنى إن لم نقرنه بمفهوم‬
‫اآللة‪ ،‬فاآللـة أساس المصنع‪ ،‬والمصنع عمود الصناعة‪ ،‬والصناعة تحدد معدالت التصنيع ومستوياته‪،‬‬
‫والتصنيع أنجب مجتمعه الصناعي الذي يحتوي بين طياته اقتصاده الميكانيكي‪.‬‬

‫التحول الثا لث‪ :‬المجتمع المعرفي أو اقتصاد المعرفة‪:‬‬

‫لقد شكلت الحرب العالمية الثانية نقطة انعراج في مسيرة البشرية جمعاء‪ ،‬فبمجرد وصفها حربًا فقد تسببت‬
‫في تغيير الكثير من وقائع العالم ومظاهره‪ ،‬واقتصادياً وبعد النظر إليها كقدر حل بالبشرية‪ ،‬يعدها الكثير‬
‫من المختصين نقطة التحول الثالث‪ ،‬والذي تمثل في الثورة العلمية أو التكنولوجية أو المعرفية‪ .‬ومن أهم‬
‫ما ميز هذا التحول عما سبقه‪ ،‬نذكر النقاط التالية‪:‬‬

‫اندماج العلوم في منظومات اإلنتاج‪ ،‬وتحول المعرفة إلى قوة منتجة‪.‬‬

‫تقلص المسافة الفاصلة بين ميالد االختراع وتطبيقه على أرض الواقع‪ :‬ففي حين كان الفارق بين ظهور‬
‫االختراعات وتجسيدها على واقع الحياة العامة للناس يحتاج إلى سنين طويلة من الزمن‪ ،‬أصبح ذلك‬
‫الفارق في ظل الثورة المعرفية ال يتعدى بأقصى تقدير عدداً من السنوات‪ .‬فلم تمض سوى خمس سنوات‬
‫على اكتشاف الترانزستور حتى عم استعماله صناعياً‪ ،‬كما أن الدارة المتكاملة لم تحتج سوى لثالث‬
‫سنوات لتدخل سوق اإلنتاج والحياة العامة للناس‪.‬‬

‫تحول نمط اإلنتاج العلمي والتقني‪ ،‬من مرحلة اإلبداع الفردي خالل القرنين ‪ 38‬و ‪ 39‬إلى مرحلة اإلنتاج‬
‫الجماعي والمؤسساتي خالل القرن العشرين‪ ،‬بمعنى أنه خالل التحولين األول والثاني كان األفراد هم‬
‫أساس االختراع واالبتكار‪ ،‬أما في ظل التحول الثالث فقد أصبحت المؤسسات والجامعات والجمعيات‬
‫العلمية‪...‬الخ هي الرائدة في إنتاج الصناعات االبتكارية والتكنولوجية‪.‬‬

‫طغيان الطابع األوتوماتيكي على وسائل اإلنتاج ودوراته‪ :‬فخالل مرحلة الزراعة كانت وسائل اإلنتاج ال‬
‫تتعدى حدود بعض األدوات البسيطة‪ ،‬وبظهور الصناعة تحولت تلك األدوات إلى آالت ضخمة تعمل‬

‫‪114‬‬
‫بمصادر الطاقة التقليدية كالفحم والبخار‪ ،...‬ولكن الثورة المعرفية طورت تلك اآلالت‪ ،‬وأدخلت ما يدعى‬
‫بالعقول اإللكترونية ضمن نظام التشغيل لآللة‪ ،‬فأصبح نظام تشغيلها أوتوماتيكيًا دون الحاجة إلى كثير‬
‫من اليد العاملة‪.‬‬

‫السيطرة على الالمتناهيات الثالثة‪ :‬فقد مكنت التكنولوجيا من التحكم في ثالثة المتناهيات هي‪:‬‬

‫السيطرة على الالمتناهيات في الصغر‪ :‬سواء في الطبيعة الجامدة كالذرة واإللكترون‪...‬الخ‪ ،‬أم في‬
‫الطبيعة الحية كالخلية والجينات والشفرات الوراثية‪ ...‬الخ‪.‬‬

‫السيطرة على الالمتناهيات في الكبر‪ :‬مثل غزو الفضاء‪ ،‬ونشر األقمار الصناعية فيه‪...‬الخ‪.‬‬

‫السيطرة على الالمتناهيات في التعقيد‪ :‬ويقصد بها السيطرة الذاتية الكاملة على اآلالت ودورات اإلنتاج‬
‫عن طريق األتمتة والحواسيب‪...‬الخ‪ ،‬وكذلك السيطرة على التفاعالت المعقدة للنسق االجتماعي عن‬
‫طريق شبكات المعلومات واالتصال‪.‬‬

‫من االقتصاد الصناعي إلى اقتصاد المعرفة‪:‬‬

‫هناك مجموعة من العوامل التي توض ح االنتقال من االقتصاد الصناعي إلى اقتصاد المعرفة‪ ،‬حيث يحدد‬
‫العديد من الباحثين أبعادًا عدة للتحول من االقتصاد الصناعي إلى اقتصاد المعرفة من خالل‪:‬‬

‫‪ -0‬مصدر تكوين الثروة‪ :‬طالما أن االستثمار في اقتصاد المعرفة يكمن في عقول العاملين والمفكرين‬
‫والمخططين‪ ،‬فإن المعرفة تعد مصد ًار غنيًا ومتجدداً يرفد عمليات اإلنتاج ويغذيها‪ ،‬ويشكل أساس تكوين‬
‫الثروة في بيئة عمل اقتصاد المعرفة‪.‬‬

‫‪ -4‬تطور الرأسمال البشري‪ :‬لقد تطور مفهوم التوجه نحو العنصر البشري في العملية اإلنتاجية‪ ،‬فمن‬
‫الحاجة إلى القوة البدنية (كممثل للعنصر البشري)‪ ،‬إلى الحاجة إلى بعض الميزات التي يمكن أن يحملها‬
‫العنصر البشري والتي تستثمر في جوانب إدارية‪ ،‬إلى الحاجة إلى القدرات الذهنية (المعارف الضمنية‬
‫والكامنة) فيه‪ ،‬والتي أمست من أهم األشياء المطلوبة في العنصر البشري عند الحديث عن اقتصاد‬
‫المعرفة‪ .‬لذلك فإن مفهوم العمالة تطور من العمال اليدويين والحرفيين وأصحاب الياقات الزرقاء أثناء‬
‫الثورة الصناعية‪ ،‬إلى الموظفين اإلداريين والمشرفين في مرحلة ما بعد الثورة الصناعية أصحاب الياقات‬

‫‪117‬‬
‫البيضاء‪ ،‬إلى المفكرين والمصممين والمبتكرين أصحاب الياقات الذهبية‪ ،‬والذين أصبحوا أهم عناصر‬
‫اإلنتاج في بيئة عمل اقتصاد المعرفة‪.‬‬

‫‪ -3‬التغييرات والتحسينات المضافة‪ :‬يؤسس اقتصاد المعرفة لنظرية اقتصادية جديدة‪ ،‬تختلف في كثير‬
‫من مبادئها عن النظرية االقتصادية التقليدية‪ ،‬وبالتالي فإن الكثير من أسس النظرية االقتصادية المتعلقة‬
‫ال (نماذج‬
‫باالقتصاد الصناعي أصبحت مهددة باالندثار‪ ،‬حيث يعمل الذكاء الصنعي أو االصطناعي مث ً‬
‫الحوسبة المتقدمة في الصناعة) على إحداث تغييرات جذرية في مستويات مختلفة من االقتصاد‬
‫الصناعي‪ ،‬إذ إن بإمكانه أن يقدم دائمًا الحل األمثل للعملية اإلنتاجية بالسرعة والوقت المطلوبين‪ ،‬مما‬
‫ينعكس على ترشيد الخيارات والق اررات وجميع العمليات‪ ،‬مما يعني اقتصاداً صناعيًا أكثر مرونةً وايرادًا‪.‬‬
‫إذ إن استخدام التقانات الحديثة والذكاء الصنعي يؤدي إلى خفض التكاليف في ‪ ٪ ٩٧‬من المؤسسات‬
‫والشركات‪ ،‬ويؤدي إلى تحسين صنع القرار في ‪ ٪ ٩١‬منها‪ ،‬وكذلك تحسين اإلنتاجية في ‪ ٪ ١٧‬من تلك‬
‫الشركات‪ ،‬حسب تقرير إحدى الدراسات‪ ،‬انظر الشكل رقم (‪.)3‬‬

‫مقارنة بين اقتصاد مجتمع المعرفة واقتصاد عصر الصناعة‬

‫اقتصاد مجتمع المعرفة‬ ‫عنصر‬ ‫اقتصاد عصر الصناعة‬


‫المقارنة‬

‫مفهوم القيمة رباعية متمثلة في هذه الثنائية مضافاً إليها القيمة‬ ‫ثنائية قيمة المنفعة وقيمة التبادل‬
‫الرمزية وقيمة المعلومات‪.‬‬
‫أصول تحفظ بقيمتها وان لم تستخدم‬
‫أصول تفقد قيمتها وان لم تستخدم‪.‬‬

‫الملكية الفكرية التي يصعب تحديدها وحمايتها‪.‬‬ ‫مفهوم‬ ‫الملكية المادية التي يسهل حصرها وتوثيقها‬
‫الملكية‬ ‫وحمايتها‪.‬‬
‫رأس المال الذهني وسطوة الرأسماليين الذهنيين‪.‬‬
‫رأس المال المادي وسطوة أصحاب رؤوس‬
‫األموال‪.‬‬

‫وفرة كثرة العرض تزيد من القيمة‪.‬‬ ‫العرض‬ ‫الندرة وقلة العرض والطلب تزيد من القيمة‪.‬‬
‫والطلب‬
‫التركيز على تنمية الطلب (تكنولوجيا قادرة على تلبية‬ ‫التركيز على جانب العرض (تكنولوجيا تعرض ما‬

‫‪116‬‬
‫أي طلب)‪.‬‬ ‫تقدر عليه)‪.‬‬

‫اقتصاد قائم على طور "إعادة اإلنتاج"‪.‬‬ ‫عالقة‬ ‫اقتصاد قائم على طور اإلنتاج‪.‬‬
‫المنتج‬
‫نماء الموارد المعرفية مع زيادة االستهالك‪.‬‬ ‫نضوب الموارد المالية مع زيادة االستهالك‪.‬‬
‫بالمستهلك‬
‫االستهالك عن بعد‪ ،‬الخدمات تقدم للمستخدم من‬ ‫المستهلك لصيق بالمنتج‪ ،‬المستهلك يذهب إلى‬
‫موقعه‪.‬‬ ‫مقدم الخدمة‪.‬‬

‫على أساس المحتمل والممكن‪.‬‬ ‫تقييم األداء‬ ‫على أساس القائم بالعمل‪.‬‬
‫االقتصادي‬
‫الطاقة المعرفية الكامنة ‪Knowledge‬‬ ‫السعة اإلنتاجية ‪productive capacity‬‬

‫‪potential‬‬ ‫مقومات التوسع‪ :‬خطوط إنتاج ومنافذ بيع‪..‬‬

‫البنية التحتية (من شبكات معلومات وقواعد ومعارف‬


‫وبحوث وتطويرها)‪.‬‬

‫شبكية دينامية تجمع بين مركزية اإلنتاج والتوزيع وال‬ ‫نمط اإلدارة‬ ‫إدارة مركزية هرمية استاتية‪.‬‬
‫مركزية السيطرة‪.‬‬ ‫والتنظيم‬
‫تنظيمات فعلية‪.‬‬
‫تنظيمات خائلية ‪virtual‬‬
‫إنتاج جملي (كتلي) ‪mass production‬‬
‫إنتاج ال كتلي ‪Demassified‬‬
‫زيادة القدرة التنافسية‪.‬‬
‫التنافس مع التعاون)‪(co- petition‬‬

‫الشكل رقم (‪)1‬‬

‫المصدر‪ :‬نبيل علي ونادية حجازي‪ ،‬الفجوة الرقمية‪ ،‬رؤية عربية لمجتمع المعرفة‪ ،‬سلسلة عالم المعرفة‪ ،‬العدد ‪،138‬‬
‫الكويت ‪..111‬‬

‫عناصر االقتصاد المعرفي‪:‬‬

‫من جملة تلك العناصر‪:‬‬

‫‪ -‬بنية تحتية مجتمعية داعمة‪.‬‬

‫‪113‬‬
‫‪ -‬الربط الواسع ذو الحزمة العريضة‪.‬‬

‫‪ -‬الوصول إلى اإلنترنت‪.‬‬

‫‪ -‬مجتمع تعلم‪.‬‬

‫‪ -‬عمال وصناع معرفة لديهم‪ :‬معرفة‪ ،‬قدرة على التساؤل‪ ،‬والربط‪.‬‬

‫‪ -‬منظومة بحث وتطوير فاعلة‪.‬‬

‫سمات االقتصاد المعرفي‪:‬‬

‫نظ اًر لخصوصية اقتصاد المعرفة وما يتضمنه من معطيات مميزة‪ ،‬فإنه يمتاز ببعض الخصائص من‬
‫جملتها‪:‬‬

‫‪ -‬االستثمار في الموارد البشرية كونها رأس المال الفكري والمعرفي‪.‬‬

‫‪ -‬االعتماد على القوى العاملة المؤهلة والمتخصصة‪.‬‬

‫‪ -‬انتقال النشاط االقتصادي من إنتاج السلع وصناعتها إلى إنتاج الخدمات المعرفية وصناعتها‪.‬‬

‫‪ -‬اعتماد التعلم والتدريب المستمرين واعادة التدريب‪.‬‬

‫‪ -‬توظيف تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت (‪ )ict‬بفاعلية‪.‬‬

‫‪ -‬تفعيل عمليات البحث والتطوير كمحرك للتغيير والتنمية‪.‬‬

‫‪ -‬ارتفاع الدخل لصناع المعرفة كلما ارتفعت وتنوعت مؤهالتهم وخبراتهم وكفايتهم‪.‬‬

‫‪ -‬عقود العمل هي أكثر مرونة ومؤقتة ومرتبطة بالمهمة‪.‬‬

‫‪ -‬االستخدام الكثيف للمعرفة العلمية والمعرفة العملية المتطورة عالية التقنية وتوظيفها في أداء النشاط‬
‫االقتصادي لتحقيق أعلى نتائج متوقعة‪.‬‬

‫ال أساسياً في تقييم الشركة المالي‪.‬‬


‫‪ -‬لم تعد الموجودات الفيزيائية للشركة تشكل عام ً‬

‫‪115‬‬
‫‪ -‬لم يعد كبر حجم الشركة يتطلب زيادة في التكاليف‪ ،‬وبالتالي يحد األرباح‪.‬‬

‫‪ -‬لم يعد هناك مواقع مالية أو تقنية تمنع النفاذ للمعلومات‪.‬‬

‫‪ -‬لم يعد تأسيس شركات عالمية يتطلب استثمارات مالية ضخمة‪.‬‬

‫‪ -‬تحول المعلومة إلى سلعة يمكن االتجار بها‪.‬‬

‫‪ -‬أصبح للمعلومة قيمة تبادلية وقيمة استعمالية‪.‬‬

‫مكونات االقتصاد المعرفي‪:‬‬

‫‪ -0‬أنواع السلع المعرفية‪:‬‬

‫‪ -‬المعارف العلمية‪ :‬التقنية الفنية اإلبداعية السياسية التاريخية‪...‬الخ‪.‬‬

‫‪ -‬المعارف األكاديمية‪ :‬تبادل المعارف األكاديمية عبر الجامعات‪.‬‬

‫‪ -‬المعارف اإلعالمية‪ :‬وهي كل ما يختص بإيصال األخبار واإلعالن بكل أشكاله‪.‬‬

‫‪ -4‬حوامل السلع المعرفية‪:‬‬

‫الراديو– التلفاز‪ -‬الكاسيت‪ -‬الجريدة‪ -‬المجلة – الكمبيوتر‪ -‬األقراص المرنة والمدمجة‪ -‬المجلة‬
‫اإللكترونية‪ -‬النشر اإللكتروني واإلنترنت‪.‬‬

‫فوائد االقتصاد المعرفي‪:‬‬

‫من خالل الدراسات الميدانية واألكاديمية التي قام بها الباحثون في هذا المجال معتمدين على قدرة أي بلد‬
‫في االستفادة من اقتصاد المعرفة من أجل الوصول إلى قمة اإلبداع معتمدين على التعليم من جهة‬
‫واالستخدام األمثل والعقالني للتكنولوجيا الحديثة المواكبة ألي زمان ومكان‪ ،‬يمكن تلخيص فوائد االقتصاد‬
‫المعرفي بما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬االقتصاد المعرفي يدعم مرحلة الطفولة المبكرة نظ ًار للتأثير القوي واالستعداد للتعلم منذ بداية العمر‪.‬‬

‫‪ -‬تحسين نوعية الخدمات الضرورية لمرحلة الطفولة المبكرة‪.‬‬

‫‪119‬‬
‫‪ -‬تحقيق تغيرات وتحسينات أساسية وضرورية للمستقبل‪.‬‬

‫‪ -‬تحقيق مخرجات ونواتج تعليمية مرغوبة وجوهرية‪.‬‬

‫‪ -‬يعطي المستهلك ثقة أكبر وخيارات أوسع‪.‬‬

‫‪ -‬يصل إلى كل محل تجاري ومكتب وادارة ومدرسة‪.‬‬

‫‪ -‬يحقق التبادل إلكترونيًا‪.‬‬

‫‪ -‬يغير الوظائف القديمة ويستحدث وظائف جديدة‪.‬‬

‫‪ -‬يقوم على نشر المعرفة وتوظيفها وانتاجها في المجاالت جميعها‪.‬‬

‫‪ -‬يرغم المؤسسات كافة على التجديد واإلبداع واالستجابة الحتياجات المستهلك أو المستفيد من الخدمة‪.‬‬

‫‪ -‬له أثر في تحديد‪ :‬النمو‪ ،‬واإلنتاج‪ ،‬والتوظيف‪ ،‬والمهارات المطلوبة‪.‬‬

‫منظومة اقتصاد المعرفة والتغيرات الجذرية التي طرأت على ركائز منظومة االقتصاد‪:‬‬

‫تناول الباحث نبيل علي منظومة اقتصاد المعرفة مرك ًاز على التغيرات الجذرية التي طرأت على الركائز‬
‫األساسية التي تقوم عليها منظومة االقتصاد‪ ،‬والتي نوجزها هنا بداللة مجموعة من النقالت النوعية‪:‬‬

‫مفهوم القيمة‪ :‬النقلة من ثنائية قيمتي التبادل والمنفعة إلى رباعية تشمل – عالوة على ذلك الثنائية‬
‫التقليدية – قيمة المعلومات والقيمة الرمزية‪ ،‬كذلك المتعلقة بالهوية الثقافية على سبيل المثال‪.‬‬

‫مفهوم الملكية‪ :‬النقلة من الملكية المادية التي يسهل حصرها وتوثيقها وحمايتها إلى الملكية الفكرية التي‬
‫يصعب تحديدها وحمايتها‪.‬‬

‫عالقة اإلنتاج باالستهالك‪ :‬النقلة من نضوب الموارد المالية مع زيادة استهالكها إلى عكس ذلك فيما‬
‫يخص الموارد المعرفية التي تنمو مع زيادة استهالكها‪ ،‬إضافة إلى النقلة النوعية من نمط اقتصادي قائم‬
‫على طور اإلنتاج إلى نمط اقتصادي قائم على طور إعادة اإلنتاج‪ ،‬من األمثلة استنساخ البرامج ووسائط‬
‫الموسيقى واألفالم وخالفها‪.‬‬

‫‪122‬‬
‫عالقة العرض بالطلب‪ :‬النقلة من التركيز على جانب العرض (حيث كان الوضع فيما مضى أن تعرض‬
‫التكنولوجيا كل ما في وسعها أن تنجزه) إلى التركيز على جانب الطلب‪ ،‬بعد أن أمست التكنولوجيا ذات‬
‫قدرة إنجاز هائلة‪ ،‬وليس كل ما في وسعها أن تنجزه يمكن لألسواق أن تستوعبه‪ ،‬حيث يتوقف ذلك على‬
‫توافر الطلب االجتماعي عليها‪.‬‬

‫نمط اإلدارة‪ :‬النقلة من إدارة ذات نمط مركزي تقوم على سريان السلطة من أعلى إلى أسفل إلى إدارة‬
‫ذات نمط ال مركزي يتصاعد فيه قدر السلطات‪ ،‬ومن ثم المسؤوليات من أسفل إلى أعلى‪ ،‬وذلك بعد أن‬
‫أضحى أداء المنشآت رهناً إلبداع عمالتها ال صرامة إدارتها‪.‬‬

‫من زاوية أخرى نظ ًار إلى اعتماد اقتصاد المعرفة‪ ،‬كما أوردنا سابقًا‪ ،‬على طور إعادة اإلنتاج أي استنساخ‬
‫السلع والخدمات من دون استهالك مزيد من المواد وطاقة العمل أو لنقل استهالك قدر طفيف منها‪ ،‬لذا‬
‫وفقاً لما يراه الكثيرون فقد أصبحت التنافسية‪ ،‬في هذا االقتصاد الالمادي‪ ،‬تعتمد على ما يتعذر استنساخه‬
‫من أمور أساسية من قبيل العناصر االبتكارية في التصميم واإلنتاج والتسويق‪ ،‬أو عوامل ثانوية من قبيل‬
‫سرعة العثور على المعلومات‪ ،‬وتقديم الدعم للمتلقي‪ ،‬لكي يصبح أكثر قدرة على تأويل المعلومات‬
‫واكتشاف ما تحمله في ثناياها من معرفة ذات مغزى‪.‬‬

‫‪121‬‬
‫المصادر والمراجع المستخدمة في الوحدة السابعة‬

‫‪ -‬باسم غدير غدير‪ ،‬اقتصاد المعرفة‪ ،‬شعاع للنشر والعلوم‪ ،‬حلب‪ ،‬سورية‪..131 ،‬‬

‫‪ -‬جمال داوود سلمان‪ ،‬اقتصاد المعرفة‪ ،‬دار اليازوري‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪..119 ،‬‬

‫‪ -‬هديل عزيز دراز‪ ،‬المعلومات والمعرفة ودورها في التنمية االقتصادية‪( ،‬د ن)‪( ،‬د م ن)‪( ،‬د ت)‪.‬‬

‫‪ -‬أحمد بالل‪ ،‬مالمح اقتصاد المعرفة العربي أفق المستقبل‪ ،‬دار طالس‪ ،‬دمشق‪ ،‬سورية‪..13. ،‬‬

‫‪ -‬هاشم الشمري‪ ،‬االقتصاد المعرفي‪ ،‬دار الصفاء للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪..118 ،‬‬

‫‪ -‬ربحي مصطفى عليان‪ ،‬اقتصاد المعلومات‪ ،‬ط ‪ ،3‬دار الصفاء للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪،‬‬
‫‪..119‬‬

‫‪ -‬محمد جبار طاهر الشمري‪ ،‬دور اقتصاد المعرفة في تحقيق النمو االقتصادي‪ ،‬رسالة ماجستير‪،‬‬
‫جامعة الكوفة‪..111 ،‬‬

‫‪ -‬أروى أبو بكر مبارك بكران‪ ،‬اقتصاد المعرفة وتأثيره في تغيير البنية االقتصادية في الجمهورية‬
‫اليمنية‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬عدن‪..116 ،‬‬

‫‪ -‬عيسى خليفي وكمال منصوري‪ ،‬البنية التحتية القتصاد المعارف في الوطن العربي‪ ،‬الواقع واآلفاق‪،‬‬
‫الملتقى الدولي حول المعرفة الركيزة الجديدة والتحدي التنافسي للمؤسسات االقتصادية‪ ،‬كلية العلوم‬
‫االقتصادية والتسيير‪ ،‬جامعة بسكرة‪ ،‬الجزائر‪ 31-3. ،‬نوفمبر ‪..111‬‬

‫‪-‬عبد الرحمان الهاشمي وفائزة عزاوي‪ ،‬المنهج واقتصاد المعرفة‪ ،‬دار المسيرة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪،‬‬
‫األردن‪ ،‬الطبعة األولى‪..117 ،‬‬

‫‪ -‬عبد الخالق فاروق‪ ،‬اقتصاد المعرفة في العالم العربي‪ ،‬مشكالته وأفق تطوره‪ ،‬ط ‪ ،3‬إصدار مكتب‬
‫نائب رئيس مجلس الوزراء لشؤون اإلعالم‪ ،‬شركة أبو ظبي للطباعة والنشر‪ ،‬أبو ظبي‪ ،‬اإلمارات العربية‬
‫المتحدة‪..111 ،‬‬

‫‪122‬‬
‫‪ -‬عماد عبد الوهاب صباغ‪ ،‬علم المعلومات‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪.3998 ،‬‬

‫‪ -‬نبيل علي ونادية حجازي‪ ،‬الفجوة الرقمية‪ ،‬رؤية عربية لمجتمع المعرفة‪ ،‬سلسلة عالم المعرفة‪ ،‬العدد‬
‫‪ ،138‬الكويت‪..111 ،‬‬

‫‪ -‬آر‪ .‬أيه‪ .‬بوكانان‪ ،‬ترجمة شوقي جالل‪ ،‬اآللة قوة وسلطة‪ ،‬التكنولوجيا واإلنسان منذ القرن ‪ 08‬حتى‬
‫الوقت الحاضر‪ ،‬عالم المعرفة‪ ،‬العدد ‪ ،.19‬المجلس الوطني للثقافة والفنون واآلداب‪ ،‬الكويت‪..111 ،‬‬

‫‪ -‬سلمان رشيد سلمان‪ ،‬البعد االستراتيجي للمعرفة‪ ،‬مركز الخليج لألبحاث‪ ،‬دبي‪ ،‬اإلمارات العربية‬
‫المتحدة‪..113 ،‬‬

‫‪123‬‬
‫نماذج عن أسئلة من الوحدة السابعة‬

‫من سمات االقتصاد المعرفي‪:‬‬

‫‪ – A‬االستثمار في الموارد التقنية كونها رأس المال الفكري والمعرفي‪.‬‬

‫ال أساسياً في تقييم الشركة المالي‪.‬‬


‫‪ - B‬تشكل الموجودات الفيزيائية للشركة عام ً‬

‫‪ - C‬لم يعد هناك مواقع مالية أو تقنية تمنع النفاذ للمعلومات‪.‬‬

‫‪ - D‬يتطلب كبر حجم الشركة زيادة في التكاليف وبالتالي يحد األرباح‪.‬‬

‫مما ميز التحول إلى المجتمع المعرفي أو اقتصاد المعرفة‪:‬‬

‫‪ - A‬انفصال العلوم عن منظومات اإلنتاج‪.‬‬

‫‪ - B‬طغيان الطابع األوتوماتيكي على وسائل اإلنتاج ودوراته‪.‬‬

‫‪ - C‬إلغاء المسافة الفاصلة بين ميالد االختراع وتطبيقه على أرض الواقع‪.‬‬

‫‪ - D‬تحول نمط اإلنتاج العلمي والتقني من مرحلة اإلبداع الجماعي إلى مرحلة اإلنتاج‬
‫الفردي‪.‬‬

‫‪124‬‬
‫الوحدة الثامنة‪ :‬طبيعة اقتصاد المعرفة ومكوناته وخصـائصه‬

‫سمات االقتصـاد المعرفي وخصـائصه‬

‫خصائص االقتصاد المعرفي مقارنة باالقتصاد التقليدي‬

‫مؤشرات اقتصاد المعـرفة‬

‫مؤشر البحث والتطوير‬

‫مؤشر التعليم والتدريب‬

‫مؤشر تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت‬

‫مؤشر البنية األساسية للحواسيب‬

‫أهــداف اقتصـاد المعلومات (المعرفة)‬

‫سمات اقتصـاد المعرفة‬

‫خصائص اقتصاد المعرفة‬

‫السمات األساسية القتصاد المعرفة‬

‫القوى الدافعة القتصاد المعرفة‬

‫مكونات نظام اقتصاد المعرفة‬

‫‪ -0‬عمليات المعرفة‬

‫‪ -4‬المعرفة بأنواعها‬

‫‪ -3‬األصول البشرية والالملموسات‬

‫‪ -2‬الخصائص والقواعد الجدد‬

‫‪127‬‬
‫كفاءات اقتصاد المعرفة‬

‫ملخص الوحدة الثامنة‪:‬‬

‫يتسم اقتصاد المعرفة بالقدرة على توليد واستخدام المعرفة وعلى االبتكار‪ ،‬ومن سماته أيضًا االستثمار في‬
‫رأس المال المعرفي واال عتماد على الجهد الفكري (الالملموسات) بدرجة أساسية والرقمية كونها المحرك‬
‫األساسي لالقتصاد المعرفي‪ .‬وفي الحديث عن مختلف مؤشرات اقتصاد المعـرفة‪ ،‬وجدنا أنه كلما اهتمت‬
‫الدول بالبحث والتعليم وبتكنولوجيا المعلومات واالتصاالت زادت إمكانية انضمامها إلى االقتصاد الجديد‪،‬‬
‫اقتصاد المعرفة‪ .‬تتركز القوى الدافعة القتصاد المعرفة في العولمة وثورة المعلومات ‪ -‬التي كان من‬
‫ثمراتها زيادة كبيرة في اإلنتاج وزيادة العاملين في مجال المعلومات ‪ -‬وانتشار الشبكات الحاسوبية وربطها‬
‫مع شبكة اإلنترنت‪.‬‬

‫األهداف التعليمية للوحدة الثامنة‪:‬‬

‫أن يعرف الطالب بالتفصيل الدقيق طبيعة اقتصاد المعرفة وخصائصه ومكوناته ومنطقه‪.‬‬

‫‪-‬أن يتمكن من التمييز بين خصائص اقتصاد المعرفة وخصائص االقتصاد التقليدي من خالل المقارنة‬
‫بينهما‪.‬‬

‫أن يعرف الطالب مؤشرات اقتصاد المعـرفة وأهمية توافرها لدخول الدول في اقتصاد المعرفة أو االقتصاد‬
‫الجديد‪.‬‬

‫‪-‬أن يستوعب الطالب القوى الدافعة القتصاد المعرفة والمتمثلة في العولمة وثورة المعلومات وانتشار‬
‫الشبكات الحاسوبية وربطها مع شبكة اإلنترنت‪.‬‬

‫‪126‬‬
‫سمات االقتصـاد المعرفي وخصـائصه‪:‬‬

‫يتسم اقتصاد المعرفة بالقدرة على توليد المعرفة واستخدامها‪ ،‬أو بمعنى آخر القدرة على االبتكار‪ ،‬إذ ال‬
‫يمثل فقط المصدر األساس للثروة‪ ،‬وانما يعد أساس الميزة النسبية المكتسبة في االقتصاد الجديد‪،‬‬
‫فالمعرفة هي الوسيلة األساسية لتحقيق كفاءة عمليات اإلنتاج والتوزيع وتحسين نوعية اإلنتاج وكميته‪،‬‬
‫اء بالنسبة للمستهلكين أم المنتجين‪ ،‬وبشكل عام يتميز‬
‫وفرص االختيار بين السلع والخدمات المختلفة سو ً‬
‫االقتصاد المبني على المعرفة باآلتي‪:‬‬

‫ال تمثل المسافات أيًا كانت أبعادها أي عائق أمام عملية التنمية االقتصادية‪ ،‬أو االتصال‪ ،‬أو التعليم‪ ،‬أو‬
‫نجاح المشروعات‪ ،‬أو االندماج الكامل في المجتمع بشكل عام‪.‬‬

‫إن المعرفة متاحة بشكل متزايد لألفراد كافة‪ ،‬ويتم توفيرها بصورة تتوافق واالحتياجات الفردية واالجتماعية‬
‫بما يمك ن كل فرد من اتخاذ الق اررات بصورة أكثر حكمة في مجاالت الحياة كافة‪.‬‬

‫إن كل فرد في المجتمع ليس مجرد مستهلك للمعلومات‪ ،‬ولكنه أيضًا صانع أو مبتكر لها‪.‬‬

‫إن اقتصاد المعرفة اقتصاد منفتح على العالم‪ ،‬ألنه ال يوجد اقتصاد يمكنه خلق المعرفة واحتكارها دون‬
‫أن يشارك أو يستورد المعارف الجديدة من اآلخرين‪ ،‬كما أن المناخ االقتصادي على المستوى الكلي في‬
‫االقتصاد المبني على المعرفة يجب أن يكون مشجعاً لالستثمار في المعرفة والمعلومات والقدرة على‬
‫االبتكار‪ ،‬وهو أمر في غاية األهمية‪ ،‬ألن ضمان ديمومة االقتصاد المبني على المعرفة يقتضي ضرورة‬
‫تشجيع االستثمار في المستقبل‪ ،‬والذي قد تكون معدالت العائد عليه منخفضة أو محدودة‪ ،‬ولذا تحتاج‬
‫مثل هذه المجاالت إلى دعم السياسة االقتصادية في الدول التي تسعى نحو تحقيق االقتصاد المبني على‬
‫المعرفة‪.‬‬

‫وبناء عليه تكون سمات اقتصاد المعرفة وخصائصه‪:‬‬

‫العولمة ‪.Globalization‬‬

‫التكيف الموسع لموافقة رغبات الزبائن ‪Mass Customization‬‬

‫نقص الكوادر والمهارات ‪Staff/Skill Shortage‬‬

‫‪123‬‬
‫التركيز على خدمة المستهلك ‪Customer Services Emphasis‬‬

‫خدمة "الخدمة الذاتية" ‪Service Self-Service‬‬

‫التجارة اإللكترونية ‪Electronic Commerce‬‬

‫ويرى الخضيري أن اقتصاد المعرفة يتميز بما يلي‪:‬‬

‫تجدد المصادر المعرفية ونموها وازديادها وعدم نضوجها سواء باالستعمال أم باالحتفاظ‪ ،‬بل بمرور الزمن‬
‫وتعدد االستخدام تزداد المصادر المعرفية وتتراكم مجاالتها‪.‬‬

‫تجدد الحاجة إليه والرغبة والطلب على منتجاته المعرفية التي تدخل في كل نشاط‪ ،‬وفي كل عمل‪ ،‬وفي‬
‫كل وظيفة وبشكل متصاعد إلى درجة يمكن القول باستحالة قيام نشاط ما بدون المعرفة‪.‬‬

‫ومن خالل استعراضنا لخصائص اقتصاد المعرفة وسماته‪ ،‬يمكننا أن نلخص أهم السمات التي تميز‬
‫االقتصاد المعرفي عن االقتصاد التقليدي على شكل مقارنة من خالل عرض الجدول التالي‪ ،‬انظر الشكل‬
‫رقم (‪:).‬‬

‫خصائص االقتصاد المعرفي مقارنة باالقتصاد التقليدي‪:‬‬

‫االقتصاد المعرفي‪:‬‬ ‫االقتصاد التقليدي‪:‬‬

‫‪ -‬االستثمار في رأس المال المعرفي‪.‬‬ ‫‪ -‬االستثمار في رأس المال المادي‪.‬‬

‫‪ -‬االعتماد على الجهد الفكري (الالملموسات) بدرجة‬ ‫‪ -‬االعتماد عل الجهد العضلي (الملموسات) بدرجة‬
‫أساسية في االقتصاد المعرفي‪.‬‬ ‫أساسية في االقتصاد التقليدي‪.‬‬

‫‪ -‬ديناميكية األسواق والتي تعمل في ظل تنافسية مفتوحة‪.‬‬ ‫‪ -‬استقرار األسواق في ظل منافسة تتحكم فيها ‪-‬‬
‫غالباً ‪ -‬البيروقراطية السلطوية‪.‬‬

‫‪ -‬الميكنة أو المكننة ‪ Mechanisation‬هي المحرك ‪ -‬الرقمية ‪ Digitization‬هي المحرك األساسي لالقتصاد‬


‫المعرفي‪.‬‬ ‫األساسي لالقتصاد الصناعي‪.‬‬

‫‪ -‬يهدف االقتصاد المعرفي إلى وضع قيمة حقيقية لألجور‬ ‫‪ -‬يهدف االقتصاد التقليدي إلى التوظيف الكامل‬

‫‪125‬‬
‫والتوسع في استخدام القوى العاملة ذات المهارات العالية‬ ‫للقوى العاملة دون تحديد مهارات مميزة ألداء العمل‪.‬‬
‫التي تتفاعل مع التعليم والتدريب المستمر‪.‬‬

‫‪ -‬إنه اقتصاد وفرة‪ ،‬حيث تزداد موارده (المعرفة) بكثرة‬ ‫‪ -‬إنه اقتصاد ندرة‪ ،‬حيث تنضب موارده بكثرة‬
‫االستخدام‪.‬‬ ‫االستخدام‪.‬‬

‫‪ -‬خضوع االقتصاد المعرفي لقانون تزايد العوائد (تناقص‬ ‫‪ -‬خضوع االقتصاد الزراعي لقانون تناقص العوائد‬
‫التكاليف) مع االستمرار في االستخدام‪.‬‬ ‫(تزايد التكاليف)‪ ،‬واالقتصاد الصناعي لقانون ثبات‬
‫العوائد (ثبات التكاليف) مع االستمرار في االستخدام‪.‬‬

‫‪ -‬العالقات بين اإلدارة والقوى العاملة في االقتصاد‬ ‫‪ -‬العالقات بين اإلدارة والقوى العاملة في االقتصاد‬
‫المعرفي تتسم بعدم االستقرار‪ ،‬إذ ينتفي مبدأ التوظيف مدى‬ ‫التقليدي تتسم باالستقرار‪.‬‬
‫الحياة‪.‬‬

‫‪ -‬العالقة بين قطاعات األعمال والدولة في االقتصاد‬ ‫‪ -‬العالقة بين قطاعات األعمال والدولة غير متكافئة‪،‬‬
‫المعرفي قائمة على التحالف والتعاون‪.‬‬ ‫إذ تفرض الدولة سيطرتها وتصدر أوامرها طبقاً‬
‫لمتطلبات الدولة وتوجهاتها االقتصادية‪.‬‬

‫‪ -‬ليس مقيداً بزمان أو مكان‪.‬‬ ‫‪ -‬مقيد بزمان ومكان‪.‬‬

‫الشكل رقم (‪)4‬‬

‫المصدر‪ :‬علي بن حسن يعن اهلل القرني‪ ،‬متطلبات التحول التربوي في مدارس المستقبل الثانوية بالمملكة العربية‬
‫السعودية في ضوء تحديات اقتصاد المعرفة ‪ ،‬رسالة دكتوراه في اإلدارة التربوية والتخطيط‪ ،‬قسم اإلدارة والتخطيط‪ ،‬كلية‬
‫التربية‪ ،‬جامعة أم القرى‪ ،‬المملكة العربية السعودية‪ ،.119 ،‬ص‪.39 ،‬‬

‫مؤشرات اقتصاد المعـرفة‪:‬‬

‫أنشأ البنك الدولي ما يعرف بـ "منهجية تقييم اقتصاد المعرفة ‪(Knowledge assessment‬‬
‫)‪ Methodology‬وهي عبارة عن مؤشرات الهدف منها مساعدة الدول على تحديد الفرص والتحديات في‬
‫عملية التحول إلى اقتصاد المعرفة‪ ،‬وتضم هذه المنهجية ‪ 319‬مؤشرات (أو متغيرات) مقسمة على أربعة‬
‫أسس أو ركائز لقياس أداء الدول في مجال اقتصاد المعرفة‪ ،‬وهذا المقياس يمتد من درجة الصفر (‪)1‬‬

‫‪129‬‬
‫إلى درجة عشرة (‪ ،)31‬وكلما اقترب المؤشر من العشرة كان ذلك دليالً على مستوى أفضل من اقتصاد‬
‫المعرفة‪ ،‬ويبين أن الدولة في الطريق الصحيح من التحول إلى اقتصاد المعرفة‪ ،‬وكلما اقترب المؤشر من‬
‫الصفر كان ذلك دليالً على أن الدولة مازالت في بداية الطريق‪.‬‬

‫ولمعرفة إمكانية انضمام الدول ضمن هذا االقتصاد الجديد‪ ،‬والذي يرتكز بدرجة كبيرة على الثورة والثروة‬
‫المعرفية‪ ،‬ال بد من التطرق إلى بعض المؤشرات‪ ،‬والتي سنحاول إجمالها فيما يلي‪:‬‬

‫مؤشر البحث والتطوير‪:‬‬

‫تشكل بيانات األبحاث والتطوير المؤشرات األساسية القتصاد المعرفة‪ ،‬حيث يتم استخدام مؤشرين‬
‫أساسيين هما‪ :‬النفقات المخصصة لألبحاث والتطوير وفريق العمل المستخدم ألعمال األبحاث والتطوير‪،‬‬
‫هذه األبحاث تخضع منذ مدة طويلة لعملية جمع منظمة ومعيارية للبيانات مما يسمح بإجراء تحاليل‬
‫ديناميكية ومقارنات دولية‪.‬‬

‫مؤشر التعليم والتدريب‪:‬‬

‫إن للموارد البشرية أهمية كبرى في عمل النشاطات االقتصادية وتنميتها وتطويرها‪ ،‬خاصة في ظل‬
‫اقتصاد المعرفة وما يتضمنه من تقنيات متقدمة‪ ،‬إال أن المؤشرات المعروفة جدًا لدراسة هذا البعد من‬
‫اقتصاد المعرفة ما تزال قليلة‪ ،‬وذلك يعود من جهة إلى نقص األعمال في هذا المجال‪ ،‬ومن جهة أخرى‬
‫إلى صعوبة قياس كفاءات األفراد مباشرة‪.‬‬

‫ولمؤشرات الموارد البشرية مصدران رئيسان على قدر كبير من األهمية‪ ،‬وهما البيانات المتعلقة بالتعليم‬
‫والتدريب‪ ،‬والبيانات المتعلقة بالكفاءات أو بمهن العمال‪.‬‬

‫وتسمح المؤشرات القائمة على البيانات المتعلقة بالتعليم والتدريب بتقييم المعارف والمهارات أو (الرأسمال‬
‫البشري) المتكسبة خالل العملية الرسمية للتعليم‪ ،‬وتسمح هذه المؤشرات أيضًا بتقييم المخزون واالستثمار‬
‫في الرأسمال البشري‪ .‬ت جمع إحصاءات التعلم على قاعدة دولية من قبل منظمة التعاون والتنمية‬
‫االقتصادية‪ ،‬واليونسكو‪ ،‬وادارة اإلحصاء في المجموعة األوروبية‪ ،‬وهي تتوافر عادةً لبضعة أعوام‪ ،‬ويعد‬
‫هذا المؤشر على درجة عالية من األهمية لما له من تأثير مباشر على ثورة التكنولوجيا والمعرفة من‬

‫‪132‬‬
‫حيث زيادة نسبة المتخصصين في مجاالت المعرفة المختلفة‪ ،‬وبالتالي زيادة اإلنتاجية‪ ،‬كما أن مؤشر‬
‫التعليم والتدريب يسمح بتقديم المخزون واالستثمار في الرأسمال البشري‪.‬‬

‫مؤشر تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت‪:‬‬

‫يعد مؤشر نشر تكنولوجيا المعلوم ات واالتصاالت على قدر كبير من األهمية خاصة مع تزامن الوقائع‪،‬‬
‫حيث التقى االقتصاد القائم على المعرفة بقاعدة تكنولوجية مالئمة‪ ،‬وهذا ما أدى إلى تعزيز مشترك بين‬
‫ازدهار النشاطات المكثفة في المعرفة واإلنتاج ونشر التكنولوجيا الجديدة‪ ،‬ولهذه األخيرة ثالثة تأثيرات في‬
‫االقتصاد‪ ،‬وهي‪:‬‬

‫أنها تسمح بدر أرباح إنتاجية خاصة في مجال المعالجة‪ ،‬التخزين وتبادل المعلومات‪.‬‬

‫تعزز تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت الجديدة ظهور صناعات جديدة وازدهارها مثل‪ :‬وسائل اإلعالم‬
‫المتعددة‪ ،‬التجارة اإللكترونية‪ ،‬الجداول اإللكترونية‪...‬الخ‪.‬‬

‫أنها تحث على اعتماد نماذج تنظيمية أصلية بهدف استخدام أفضل لإلمكانيات الجديدة لتوزيع المعلومات‬
‫ونشرها‪.‬‬

‫وقد وضع مؤتمر األمم المتحدة للتجارة والتنمية لتكنولوجيا المعلومات واالتصاالت‪ ،‬مجموعة من‬
‫المؤشرات تتيح بناء القدرات في تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت بين البلدان‪ ،‬وهذا استنادًا إلى مجموعة‬
‫من المعايير التي بموجبها تتيح لصانعي القرار والسياسة استنباط سياسات مناسبة ومالئمة لوضع خطط‬
‫عمل مستقبلية‪.‬‬

‫مؤشر البنية األساسية للحواسيب‪:‬‬

‫ويدخل ضمن هذا المؤشر كل العمليات ذات العالقة بالحواسيب‪ ،‬خاص ًة إذا ما تعلق األمر بعدد‬
‫الحواسيب لكل ألف نسمة من السكان ومستخدمي شبكة اإلنترنت‪ ،‬إذ يعبر عدد مصنفي اإلنترنت عن‬
‫مدى حضور البلد في اإلنترنت‪ ،‬والمصنف هو اسم مجال له عنوان مسجل في بروتوكول اإلنترنت مرتبط‬
‫به‪ ،‬فاالسم (‪ )FR‬يدل على أن المضيف من فرنسا‪ .‬وفي معظم األحيان تنتهي باألسماء ( ‪COM.‬‬
‫‪ )NET‬وفي أغلب مجاالت اإلنترنت تنتهي بـ‪ )EDU( :‬مما يدل على أن الموقع تعليمي أو على صلة‬
‫بمؤسسة تعليمية‪.‬‬

‫‪131‬‬
‫أهــداف اقتصـاد المعلومات (المعرفة)‪:‬‬

‫ابتداء‪ ،‬ترتكز اقتصاديات المعلومات على ثالثة أعمدة جوهرية هي الحصول على البيانات ومعالجتها من‬
‫ً‬
‫خالل نظم المعلومات والمحتوى المعلوماتي الذي يمثل مخرجات هذه النظم‪ ،‬وشبكات االتصاالت التي‬
‫تمثل قنوات تدفقات البيانات من مصادرها إلى النظم‪ ،‬وتدفق المعلومات من النظام إلى الجهات المستفيدة‬
‫منها‪.‬‬

‫قبل الحديث عن األهداف التي يسعى إلى تحقيقها علم اقتصاديات المعلومات نرى أنه من الضروري‬
‫اإلجابة عن التساؤالت التالية‪:‬‬

‫ماذا تنتج ؟ أي ما هي المعلومات التي يرغب المستفيدون في إنتاجها وبأي كميات؟‬

‫كيف تنتج؟ أي ما هي المعلومات التي يمكن اتباعها في إنتاج هذه المعلومات؟‬

‫لمن تنتج؟ أي تحديد الجهات المستفيدة من هذه المعلومات وآلية توزيع هذه المعلومات إلى الجهات؟‬

‫في ضوء اإلجابة عن التساؤالت المذكورة أعاله يمكن تحديد أهداف علم اقتصاديات المعلومات على‬
‫النحو اآلتي‪:‬‬

‫‪ -3‬تحديد احتياجات الجهات المستفيدة من المعلومات لتلبيتها‪ ،‬وتتصف هذه االحتياجات بأنها احتياجات‬
‫متنوعة ومختلفة ومتطورة ومتجددة باستمرار‪.‬‬

‫‪ -.‬تحديد الجهات التي تقوم بتوليد المعلومات في إطار دراسات السوق والعرض والطلب‪.‬‬

‫‪ -1‬تحديد أسلوب توليد هذه المعلومات وانتاجها على النحو الذي يكفل نجاح االستثمار في المعلومات‪،‬‬
‫ويحقق االستثمار األفضل للموارد المتاحة في إطار هذا االستثمار‪.‬‬

‫سمات اقتصـاد المعرفة‪:‬‬

‫يتمتع اقتصاد المعرفة بسمات عدة أهمها‪:‬‬

‫‪ -3‬مرونة فائقة وقدرة على التطويع والتكيف مع المتغيرات والمستجدات الحياتية التي يتسارع معدل‬
‫تغيرها ويتكاثف حجم تأثيرها‪.‬‬

‫‪132‬‬
‫‪ -.‬يملك القدرة الفائقة على التجدد والتواصل الكامل مع غيره من االقتصادات التي أصبحت تتوق إلى‬
‫االندماج فيه‪ ،‬حتى أنه يصعب فصله عنها‪ ،‬أو الحديث عنه من دونها‪ ،‬أو اإلشارة إليها من دون أن‬
‫يكون له موقف منها‪.‬‬

‫‪ -1‬يملك القدرة على االبتكار وايجاد وتوليد وتوالد منتجات فكرية ومعرفية وغير معرفية جديدة تماماً لم‬

‫تكن تعرفها األسواق من قبل‪ ،‬ثم يساعد على خلق وايجاد المنتجات غير المسبوقة واألكثر إشباعًا واقناعاً‬
‫للمستهلك والموزع والمتعامل معه وفيه وبه‪.‬‬

‫‪ -3‬مجاالت خلق القيمة المضافة فيه متعددة ومتنوعة وممتدة ومتجددة وذوات طبيعة تزامنية متدفقة‪،‬‬
‫وهي إن كانت تناسبية المضمون والمحتوى فإنها في الوقت ذاته ثرية وغنية‪ ،‬وتكاد تكون ال نهائية‪،‬‬
‫وتعطي تأثيرها الحافز على مجاالت هذا االقتصاد كافة‪.‬‬

‫‪ -1‬ال توجد موانع للدخول إليه وال توجد أبواب مغلقة عليه‪ ،‬بل هو اقتصاد مفتوح بالكامل‪ ،‬ومن ثم ال‬
‫توجد فواصل زمنية أو عقبات مكانية أمام من يرغب بالتعامل معه وبه‪ ،‬بل كل الذي يحتاج إليه معرفة‬
‫عقلية وارادة تشغيلية‪ ،‬ووعي كامل بأبعاد هذا االقتصاد وجوانبه‪ ،‬ومسؤوليته االلتزام التقاني بكل ما فيه‬
‫واحترام دقيق لحقوق األطراف المختلفة‪.‬‬

‫‪ -6‬إن اقتصاد المعرفة قائم على ذاته وقائم على عالقاته مع االقتصاديات األخرى‪ ،‬وهو بعالقاته‬
‫وارتباطاته دائم الحركة ودائم البحث عن أصحاب العقول الخالقة‪ ،‬ومن ثم فإن الصراع عليها يعتمد على‬
‫قدرة المشروعات ونظم المعلومات على جذب هذه العقول وتوظيفها‪.‬‬

‫خصائص اقتصاد المعرفة‪:‬‬

‫يتسم اقتصاد المعرفة بالميزات التالية‪:‬‬

‫‪ -3‬االبتكار‪ ،‬ويعني إيجاد نظام فع ال من الروابط التجارية مع المؤسسات األكاديمية وغيرها من مراكز‬
‫البحوث القادرة على مواكبة ثورة المعلومات المتنامية واستثمارها وتكييفها مع االحتياجات المحلية‪.‬‬

‫‪ -.‬التعليم وهو أساسي في العملية اإلنتاجية والتنافسية االقتصادية‪ ،‬ولهذا يتعين على الجهات المعنية أن‬
‫توفر اليد الماهرة والمبدعة‪ ،‬وأن تجد الكادر القادر على دمج التكنولوجيا في العمل‪ ،‬وال يتحقق ذلك إال‬
‫بتطوير المناهج التعليمية وتحديثها‪ ،‬والمثابرة على تأمين برامج التعلم مدى الحياة‪.‬‬

‫‪133‬‬
‫‪ -1‬البنية التحتية المبنية على أساس تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت تسهل نشر واستثمار المعلومات‪،‬‬
‫وتكيفها لصالح االحتياجات المختلفة‪.‬‬

‫‪ -3‬توف ير الحوافز االقتصادية القوية ضمن أطر قانونية واضحة لها دور كبير في عملية اإلنتاج والنمو‪،‬‬
‫على أن يكون من أهداف هذه الحوافز جعل تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت أكثر تواف ًار وأسهل‬
‫استخداماً‪ ،‬وأن تعمل على تخفيض التعريفات الجمركية على منتجات التكنولوجيا وزيادة القدرة التنافسية‬
‫للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة‪.‬‬

‫السمات األساسية القتصاد المعرفة‪:‬‬

‫ينفرد اقتصاد المعرفة بسمات تميزه عن االقتصاديات التقليدية السابقة‪ ،‬الصناعية والزراعية من حيث‬
‫التقنيات والعلم والهدف ومصدر الطاقة وطبيعة اإلنتاج‪.‬‬

‫يمكن أن تفهم سمات اقتصاد المعرفة التي يمكن أن نوجزها بما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬االستخدام الكثيف للمعرفة العلمية‪.‬‬

‫ال للجهد العضلي‪ ،‬بل واحالل العمل الفكري عالي المستوى محل‬
‫‪ -‬االعتماد على رأس المال الفكري بدي ً‬
‫العمل الفكري األدنى‪ ،‬بحيث ي ثار تنافس مستمر بين ما هو قائم وما يمكن أن يكون مما يقود إلى حركة‬
‫فكرية مستمرة‪.‬‬

‫‪ -‬يقت ضي اقتصاد المعرفة إمكانات ضخمة سواء في مجال البحوث أم مجاالت التقنيات الذكية‪.‬‬

‫‪ -‬تحقيق عائد استثماري مرتفع نظ ًار للتنافس والتفرد من قبل مجموعات محددة قد تحتكر السوق‪.‬‬

‫‪ -‬تحقيق قيمة مضافة مرتفعة لتمركز المعرفة في مجموعات محددة من ذوات القدرات عالية المستوى‪.‬‬

‫‪ -‬يحقق اقتصاد المعرفة تناقصاً في التكاليف‪ ،‬وبالتالي زيادة في العوائد نظ اًر الختصار الوقت واحتكار‬
‫المعرفة من قب ْل أصحاب الكفاءات العالية‪.‬‬

‫بالتغيرت المتسارعة نظ اًر لحصول اكتشافات متتابعة ومتسارعة‪.‬‬


‫ا‬ ‫‪ -‬يتسم اقتصاد المعرفة‬

‫‪134‬‬
‫القوى الدافعة القتصاد المعرفة‪:‬‬

‫القوى الدافعة الرئيسة التي لها القدرة على تغيير قواعد التجارة والقدرة التنافسية في ظل اقتصاد المعرفة‬
‫هي‪:‬‬

‫* العولمة ‪ :nletalolaboeg‬أي أن تصبح األسواق والمنتجات أكثر عالمي ًة‪.‬‬

‫* ثورة المعلومات ‪ :egdewwaboeg igerloono‬والتي كان من ثمراتها زيادة كبيرة في اإلنتاج‪،‬‬


‫وأصبحت بشكل واضح أكثر اعتمادًا على المعلومات والمعارف‪ .‬فنسبة كبيرة من العمال في الدول‬
‫المتقدمة يعملون في مجال المعلومات ‪ ،rewrowr ogdewwaboeg‬والذين صاروا يستخدمون رؤوسهم أكثر‬
‫من استخدام أيديهم‪.‬‬

‫* انتشار الشبكات الحاسوبية ‪ :gewkrbow gobrewrogn‬وربطها مع شبكة اإلنترنت‪ ،‬جعل العالم قري ًة‬
‫واحدةً فعالً ال قوالً‪.‬‬

‫ومؤخ اًر ازدادت عمليات إنتاج وتطوير السلع والخدمات على أنواعها‪ ،‬وصارت في أكثر األحيان تباع‬
‫وتشرى من خالل الشبكات اإللكترونية‪ ،‬مما زاد الحاجة إلى تعلم واستيعاب كيفية استخدام التكنولوجيا‬
‫الجديدة وتطبيقاتها‪ ،‬وقد أسهمت هذه القوى أيضًا في توسع اإلنتاج العالمي وازدياده بسبب العوامل طويلة‬
‫األمد التالية‪:‬‬

‫‪ -‬تحرير السياسات االقتصادية وتالشي الحدود بين البلدان‪ ،‬األمر الذي أفسح المجال أمام كل أنواع‬
‫االستثمار األجنبي المباشر وغير المباشر وزيادة التشابكات الرأسمالية المختلفة‪.‬‬

‫‪ -‬التغيرات التكنولوجية السريعة وانخفاض تكاليف المواصالت واالتصاالت جعل من الممكن اقتصاديًا‬
‫إجراء تكامل بين النشاطات االقتصادية المتباعدة جغرافيًا‪.‬‬

‫‪ -‬المنافسة المتزايدة حفزت الشركات على اتباع طرق مستحدثة لزيادة نشاطاتها االقتصادية بما في ذلك‬
‫إيجاد أسواق جديدة وتغيير أماكن اإلنتاج وغير ذلك بهدف االختصار من الوقت واإلقالل من التكاليف‪.‬‬

‫مكونات نظام اقتصاد المعرفة‪:‬‬

‫‪137‬‬
‫‪ -0‬عمليات المعرفة‪ :‬اإلنشاء والتقاسم والتعلم والتطبيق واعادة االستخدام والخدمات سواء كانت معرفية‬
‫كما في االستشارات‪ ،‬أم كثيفة المعرفة كالجامعات والمستشفيات‪ ،‬أم المساندة بالمعرفة كما في برامج‬
‫تطوير إنتاجية العمل المعرفي‪ ،‬تحسين وارد العمل المعرفي‪ ،‬تحسين إنتاجية العمل المعرفي‪.‬‬

‫‪ -4‬المعرفة بأنواعها‪ :‬الصريحة وهي موضع تكنولوجيا المعلومات والرقميات واإلنترنت‪ ،‬والضمنية هي‬
‫التي تبقى في رؤوس األفراد‪ ،‬وتعمل في تفاعالتهم السياقية‪ ،‬وكالهما ضروري في إنشاء الثروة في‬
‫اقتصاد المعلومات‪.‬‬

‫‪ -3‬األصول البشرية والالملموسات‪ :‬إذا كانت األرض هي قاعدة الثروة في االقتصاد الزراعي واآللة في‬
‫العصر الصناعي‪ ،‬فإن المعرفة والقوة الدماغية هي قاعدة الثروة في اقتصاد المعرفة‪ ،‬خاص ًة في عصر‬
‫يشهد ازديادًا في استخدام تكنولوجيا المعلومات والرقميات واإلنترنت‪ .‬وعليه‪ ،‬تتسم األصول البشرية‬
‫ال ال ملموسة‪ ،‬وهذا ما يجعل المعرفة بمثابة اقتصاد الالملموسات‪.‬‬
‫المتعلقة بالمعرفة بكونها أصو ً‬

‫‪ -2‬الخصائص والقواعد الجديدة‪ :‬إن المعرفة هي التي تمثل المورد والقاعدة في االقتصاد الجديد‪.‬‬
‫والمعرفة لها خصائص جديدة في مقدمتها إن األصول المادية أصول نهائية تستهلك باالستخدام وتخضع‬
‫ال وتوليدها بال حدود‬
‫للمبادلة‪ ،‬في حين أن أصول المعرفة هي أصول ال نهائية يمكن أن تبقى طوي ً‬
‫مادامت التكلفة الحدية أقرب إلى الصفر‪.‬‬

‫هذه الخصائص هي التي تجعل اقتصاد المعرفة يقوم على مبادئ وقواعد جديدة‪ ،‬في مقدمتها تزايد العوائد‬
‫بدالً من تناقصها‪ .‬يتضح مما سبق أن هذا النظام يرتكز على مرتكزات عدة أهمها‪:‬‬

‫‪ -0‬ملكية المعرفة‬

‫‪ -4‬األسواق المالية‬

‫‪ -3‬تدريب عمال المعرفة‬

‫‪ -2‬إرضاء الزبائن‬

‫‪ -5‬الحاجة للتعلم وظاهرة التوظيف‪.‬‬

‫كفاءات اقتصاد المعرفة‪:‬‬

‫‪136‬‬
‫أثار التطور الهائل لتكنولوجيا المعلومات واالتصال نقاشًا كبي ًار بين الباحثين حول الكفاءات التي يتطلبها‬
‫االقتصاد الحديث‪ ،‬حيث ظهرت للوجود وظائف جديدة ومتنوعة ومتخصصة‪ ،‬وارتفعت نسبة الوظائف‬
‫التي تتطلب كفاءات عالية‪ ،‬وقد أصبح للمهارة دور مهم ليس في القطاعات التي تعتمد على المعرفة‬
‫فحسب بل في كل القطاعات األخرى‪.‬‬

‫إن اقتصاد المعرفة يتطلب يداً عاملةً ذات كفاءة ومهارة عالية ومتخصصة وكذلك متنوعة‪ ،‬حيث يرى‬
‫بعض الباحثين أن معرفة القراءة والكتابة والحساب لم يعد كافيًا ألداء العمل‪ ،‬وكذلك بالنسبة للتعليم‬
‫النظامي‪ ،‬وقد ظهرت الحاجة إلى تحسين األداء الوظيفي‪ .‬ومن هذا المنطلق ظهرت المعاهد العالية‬
‫المتخصصة والتي أسهمت في تكوين العمال من أجل رفع مهاراتهم وزيادة كفاءتهم‪ ،‬وهنا ظهرت أنواع‬
‫جديدة من التعلم كالتعلم اإللكتروني والتعلم عن بعد والتعلم مدى الحياة ‪ ،Life long learning‬وكذلك‬
‫التدريب والكوتشينغ ‪ .coaching‬فاالستراتيجيات الحديثة ال تعتمد فقط على المتطلبات األساسية‬
‫كالمستوى التعليمي والشهادات المتحصل عليها‪ ،‬ولكنها تمتد إلى المهارات الشخصية‪ ،‬حيث بينت إحدى‬
‫البحوث حول معايير التوظيف في الواليات المتحدة األمريكية أن المعيار األساس هو مهارات التواصل‬
‫‪ intra-personal and communication skills‬تليها الخبرة والتجربة‪ .‬وبينت الدراسة أن مهارات‬
‫التواصل والقدرة على التعلم والعمل الجماعي ومهارات حل المشكالت هي من بين المعايير الرئيسة في‬
‫التوظيف في المملكة المتحدة ‪ ،‬فمهارات التواصل والتحفيز واألخذ بزمام المبادرة لها تأثير كبير داخل‬
‫المنظمات‪.‬‬

‫الكفاءات في أماكن العمل ‪ :workplace competencies‬تشير الكفاءات في أماكن العمل إلى‬


‫مجموعة المهارات التي تكمل المهارات األكاديمية أو التقنية‪ .‬وثمة أربع مهارات أساسية هي‪ :‬التجريد‬
‫‪ ،abstraction‬ونظام التفكير ‪ ،system thinking‬والتجريب ‪ experimentation‬والتعاون‬
‫‪ .collaboration‬وقد عرف قطاع الخدمات تغييرات تنظيمية كبيرة‪ ،‬وهذا ما جعله يوظف نسبة كبيرة من‬
‫العاملين في مجال المعرفة‪ .‬وقد أظهرت بعض الدراسات في الدول المتقدمة زيادة الطلب على هذه‬
‫الكفاءات‪ ،‬وهذا من أجل مواجهة التغيرات الحاصلة في المحيط من خالل قدرتها على التأقلم مع محيط‬
‫غير واضح المعالم ودائم التغير‪ ،‬وكذلك مع إجراءات العمل غير الروتينية والقدرة على تحمل المسؤوليات‬
‫واتخاذ أفضل الق اررات‪.‬‬

‫‪133‬‬
‫من وجهة نظر أخرى‪ ،‬تلعب اإلنترنت دو اًر رئيساً في اقتصاد المعرفة‪ ،‬خاصة فيما يتعلق بالمنتجات‬
‫الرقمية التي يمكن توزيعها عبر الشبكة‪ ،‬كالبرمجيات والكتب والتسجيالت الموسيقية والخدمات البنكية‬
‫والخدمات التعليمية واألغاني وأفالم الفيديو وما شابه‪ ،‬ومن أبرز المؤشرات على األهمية االقتصادية‬
‫لإلنترنت أنها أوجدت في الواليات المتحدة ما يزيد عن ‪ 1‬ماليين فرصة عمل بما يوازي ضعف قطاع‬
‫صناعة العقارات‪ ،‬وقد زاد اإلنفاق العالمي على صناعة ت‪ .‬م‪ .‬ص (تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت)‬
‫من ‪ .,.‬تريليون دوالر في العام ‪ 3999‬إلى ‪ 1‬تريليونات دوالر عام ‪ ،.111‬واذا نظرنا إلى حجم التجارة‬
‫اإللكترونية ما بين شركات األعمال )‪ (B2B‬فقد زادت من ‪ 3,.‬تريليون دوالر عام ‪ 3999‬إلى ‪31‬‬
‫تريليونات دوالر عام ‪ ،.111‬أما حجم التجارة اإللكترونية بين الشركات والمستهلك )‪ (B2C‬فقد زادت‬
‫خالل الفترة من ‪ 3999‬إلى ‪ .113‬من ‪ 91‬مليار دوالر إلى ‪ ..1‬مليار دوالر في العام ‪..113‬‬

‫لقد غيرت اإلنترنت بصورة جذرية من أسلوب عمل المؤسسات االقتصادية‪ ،‬واستحدثت نماذج جديدة‬
‫للقيام بنشاط األعمال‪ ،‬وهكذا امتزج اقتصاد المعرفة الذي يمثل بصورة تقريبية اقتصاد شق المحتوى‪ ،‬مع‬
‫ما يمكن أن نطلق عليه اقتصاد اإلنترنت الذي يمثل في هذه المنظومة االقتصادية الجديدة وبصورة‬
‫تقريبية أيضًا عنصر التوزيع القائم على شق االتصاالت‪.‬‬

‫وعلى أهميته‪ ،‬وكثرة ما نشر عنه‪ ،‬فما زال معظم جوانب اقتصاد المعرفة يكتنفه الغموض‪ ،‬ويفتقد خطابه‬
‫السائد إلى التأصيل النظري‪ ،‬وما زالت سلطة هذا الخطاب في قبضة مفكري اقتصاد العولمة‪ ،‬الذين ال‬
‫هم لهم إال إبقاء الحال على ما هي عليه حرصًا على مصالح القوى المهيمنة‪.‬‬

‫‪135‬‬
‫المصادر والمراجع المستخدمة في الوحدة الثامنة‬

‫‪ -‬ربحي مصطفى عليان‪ ،‬إدارة المعرفة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار الصفاء للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪،‬‬
‫‪..118‬‬

‫‪ -‬محسن أحمد الخضيري‪ ،‬اقتصاد المعرفة‪ ،‬مجموعة النيل العربية‪ ،‬القاهرة‪..113 ،‬‬

‫‪ -‬علي بن حسن يعن اهلل القرني‪ ،‬متطلبات التحول التربوي في مدارس المستقبل الثانوية بالمملكة‬
‫العربية السعودية في ضوء تحديات اقتصاد المعرفة‪ ،‬رسالة دكتوراه في اإلدارة التربوية والتخطيط‪ ،‬قسم‬
‫اإلدارة والتخطيط‪ ،‬كلية التربية‪ ،‬جامعة أم القرى‪ ،‬المملكة العربية السعودية‪..119 ،‬‬

‫‪ -‬مرال توتليان‪ ،‬مؤشرات اقتصاد المعرفة وموقع المرأة من تطورها‪ ،‬منشورات المعهد العربي للتدريب‬
‫والبحوث اإلحصائية‪ ،‬لبنان‪..116 ،‬‬

‫‪ -‬ربحي مصطفى عليان‪ ،‬اقتصاد المعلومات‪ ،‬دار ال صفاء للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪..119 ،‬‬

‫‪ -‬نبيل علي ونادية حجازي‪ ،‬الفجوة الرقمية‪ ،‬رؤية عربية لمجتمع المعرفة‪ ،‬عالم المعرفة‪ ،‬العدد‬
‫‪ ،138‬الكويت‪..111 ،‬‬

‫‪ -‬العشعاشي عبد الحق‪ ،‬وحوحو مصطفى‪ ،‬دور اقتصاد المعرفة في الحد من البطالة‪ ،‬قدم إلى المؤتمر‬
‫العالمي التاسع لالقتصاد والتمويل اإلسالمي‪ ،‬اسطنبول‪ ،‬تركيا‪31-9 ،‬سيبتمبر‪..131 ،‬‬

‫‪ -‬طالل محرز اسماعيل‪ ،‬مجتمع المعرفة‪ ،‬مركز الدراسات اإلستراتيجية‪ ،‬دمشق‪ ،‬سورية‪..131 ،‬‬

‫‪ -‬أحمد بالل‪ ،‬مالمح اقتصاد المعرفة العربي أفق المستقبل‪ ،‬دار طالس‪ ،‬دمشق‪ ،‬سورية‪..13. ،‬‬

‫‪139‬‬
‫نماذج عن أسئلة من الوحدة الثامنة‬

‫من أهداف علم اقتصاديات المعلومات‪:‬‬

‫‪ – A‬تحديد الجهات التي تقوم بتوليد المعلومات في إطار دراسة المنتجين للمعلومات‪.‬‬

‫‪ - B‬تحديد احتياجات الجهات المستفيدة من المعلومات‪.‬‬

‫‪ - C‬تحديد احتياجات الجهات المنتجة للمعلومات‪.‬‬

‫‪ - D‬تحديد أسلوب توليد وانتاج مصادر المعلومات‪.‬‬

‫من القوى الدافعة القتصاد المعرفة‪:‬‬

‫‪ - A‬ازدياد عمليات إنتاج وتطوير السلع والخدمات‪.‬‬

‫‪ - B‬العولمة بحيث أصبحت األسواق والمنتجات أكثر عالمي ًة‪.‬‬

‫‪ - C‬إنتاج الشبكات الحاسوبية‪.‬‬

‫‪ - D‬كل اإلجابات صحيحة‪.‬‬

‫‪142‬‬
‫الوحدة التاسعة‪ :‬اقتصاد المعرفة والتنمية االقتصادية والبشرية‬

‫محرك جديد للنمو االقتصادي‬

‫اقتصاد مفتوح‪ ...‬اقتصاد جديد‬

‫االقتصاد المبني على المعرفة‬

‫أهمية اقتصـاد المعـرفة‬

‫العـمالة في اقتصـاد المعرفة‬

‫تعريف العمل المعرفي‬

‫عمال المعرفة‬

‫العمل عن بعد ‪Telework‬‬

‫دور اقتصاد المعرفة في تحقيق النمو االقتصادي‬

‫دور اقتصاد المعرفة في خلق المؤسسات وتطويرها‬

‫إنشاء البنى التحتية لتفعيل تشارك المعرفة‬

‫التكنولوجيات الحديثة واإلنتاجية‬

‫البنية التحتية القتصاد المعرفة‬

‫المعرفة أهم مصادر الثروة والسلطة في عصر المعلومات‬

‫تكنولوجيا المعلومات واإلنترنت‬

‫عناصر االقتصاد المعرفي‬

‫‪ -١‬قوة بشرية مؤيدة‬

‫‪141‬‬
‫‪ -٢‬وجود مجتمع تعلم‬

‫‪ -٣‬توافر المنظومة بحث وتطوير فاعلة‬

‫‪ -٤‬تهيئة عمال معرفة وصناعها‬

‫‪ -٥‬إيجاد الربط اإللكتروني الواسع‬

‫‪ -١‬تأخذ المعرفة مصداقي ًة أكبر وتعدداً أوثق بالتواصل مع اآلخرين‬

‫تصنيف المعرفة‬

‫‪ -0‬معرفة المعلومة‬

‫‪ -4‬معرفة العلة‬

‫‪ -3‬معرفة الكيفية‬

‫‪ -2‬معرفة التقنية‬

‫فوائد االقتصاد المعرفي اقتصادياً واجتماعياً وتعليمياً‬

‫اقتصاد المعرفة في الدول المتقدمة‬

‫اقتصاد المعرفة في الدول النامية‬

‫دور اقتصاد المعرفة في التنمية البشرية‬

‫‪ - 0‬التعليم وتنمية الموارد البشرية‬

‫‪ - 4‬ارتفاع أعداد مستخدمي اإلنترنت والهواتف والحواسيب‬

‫اقتصاد المعرفة والمتغيرات االقتصادية‬

‫‪ -0‬اإلنتاج واإلنتاجية واقتصاد المعرفة‬

‫‪ -4‬االستثمار وتكوين رأس مال واقتصاد المعرفة‬

‫‪142‬‬
‫العمل واقتصاد المعرفة‬

‫ملخص الوحدة التاسعة‪:‬‬

‫يعد اقتصاد المعرفة المحرك الجديد للنمو االقتصادي والتنمية البشرية‪ ،‬فهو اقتصاد مفتوح يعتمد على نوع‬
‫مختلف من العمالة هي عمالة عمال المعرفة الذين يتخذون من رؤوسهم وأفكارهم أدوات للعمل الذي‬
‫ال عن بعد‪ ،‬حيث تعد المعرفة أهم مصادر الثروة والسلطة في عصر المعلومات‪،‬‬
‫يمكن أن يكمن عم ً‬
‫وبالتالي في عصر االقتصاد الجديد‪ .‬يلعب اقتصاد المعرفة دو اًر مهماً في تحقيق النمو االقتصادي من‬
‫خالل خلق المؤسسات وتطويرها وانشاء البنى التحتية لتفعيل تشارك المعرفة واستخدام التكنولوجيات‬
‫الحديثة‪ .‬تعد القوة البشرية المتخصصة ومجتمع التعلم المنظومة الفاعلة للبحث والتطوير من أبرز‬
‫عناصر االقتصاد المعرفي‪.‬‬

‫األهداف التعليمية للوحدة التاسعة‪:‬‬

‫أن يعي الطالب كيف يكون اقتصاد المعرفة اقتصادًا مفتوحًا ومحركًا جديدًا للنمو االقتصادي‪.‬‬

‫أن يدرك الطالب دور اقتصاد المعرفة في خلق المؤسسات والمجتمعات وتطويرها‪ ،‬ودوره في التعليم وفي‬
‫التنمية البشرية‪.‬‬

‫أن يعي الطالب أهمية اقتصـاد المعـرفة وطبيعة العـمالة في هذا االقتصـاد والقائمة على عمال المعرفة‪.‬‬

‫أن يدرك الطالب كيف ولماذا تكون المعرفة هي أهم مصادر الثروة والسلطة في عصر المعلومات‬
‫وتكنولوجيا المعلومات واإلنترنت‪.‬‬

‫أن يفهم الطالب عالقة اقتصاد المعرفة بالمتغيرات االقتصادية المختلفة‪ ،‬مثل اإلنتاج واالستثمار وتكوين‬
‫رأس المال والعمل‪...‬الخ‪.‬‬

‫‪143‬‬
‫محرك جديد للنمو االقتصادي‪:‬‬

‫حين كانت األرض والعمالة ورأس المال هي العوامل الثالثة األساسية لإلنتاج في االقتصاد القديم‪،‬‬
‫أصبحت األصول المهمة في االقتصاد الجديد هي المعرفة الفنية واإلبداع والذكاء والمعلومات‪ ،‬وصار‬
‫للذكاء المتجسد في برامج الحاسوب والتكنولوجيا عبر نطاق واسع من المنتجات أهمية تفوق أهمية رأس‬
‫المال أو المواد أو العمالة‪ ،‬وتقدر األمم المتحدة أن اقتصادات المعرفة تستأثر اآلن على (‪ )٪١‬من الناتج‬
‫المحلي اإلجمالي العالمي‪ ،‬وتنمو بمعدل (‪ )٪٧١‬سنويًا‪ ،‬وجدير بالذكر أن (‪ )٪١١‬من اإلنتاجية في‬
‫االت حاد األوربي هو نتيجة مباشرة الستخدام تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت وانتاجها‪ ،‬انظر الشكل رقم‬
‫(‪.)1‬‬

‫خصائص عصر المعلومات والعصور السابقة‬

‫المعلومات‬ ‫الصناعة‬ ‫الزراعة‬ ‫العصر‬

‫‪ – 3917‬إلى اليوم‬ ‫‪3917 - 3811‬‬ ‫ما قبل ‪3811‬‬ ‫الفترة الزمنية‬

‫العاملون في المعرفة‬ ‫عمال مصانع‬ ‫فالحون‬ ‫طبيعة العمل‬

‫أفراد ‪ /‬أفراد‬ ‫أفراد ‪ /‬آلة‬ ‫أفراد ‪ /‬أرض‬ ‫الشراكة‬

‫الشكل رقم (‪)3‬‬

‫عماد عبد الوهاب صباغ‪ ،‬علم المعلومات‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪ .3998 ،‬ص ‪.31‬‬

‫‪144‬‬
‫وبناء عليه‪ ،‬يقصد باقتصاد المعرفة أساساً أن تكون المعرفة هي المحرك الرئيس للنمو االقتصادي‪،‬‬
‫ً‬
‫واقتصادات المعرفة تعتمد على توافر تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت‪ ،‬وعلى العكس من االقتصاد‬
‫المبني على اإلنتاج التقليدي حيث تلعب المعرفة دو اًر أقل‪ ،‬وحيث يكون النمو مدفوعاً بعوامل اإلنتاج‬
‫التقليدية‪ ،‬أيضًا‪ ،‬فإن الموارد البشرية المؤهلة وذات المها ارت العالية‪ ،‬أو رأس المال البشري هي أكثر‬
‫األصول قيمة في االقتصاد الجديد المبني على المعرفة‪.‬‬

‫ويبدو واضحًا اليوم أننا إزاء تطور جديد من التطور المجتمعي يعتمد في سيطرته ونفوذه على المعرفة‬
‫عامة وعلى العلمية خاصة‪ ،‬مثلما يعتمد على كفاءة استخدام المعلومات في مجاالت الحياة كافة‪ ،‬حيث‬
‫يتعاظم فيه دور صناعة المعلومات بوصفها الركيزة األساس في بناء االقتصادات الحديثة‪ ،‬وتتعزز فيه‬
‫مكانة األنشطة المعرفية لتتبوأ أكثر األماكن حساسية وتأثي ًار في منظومة اإلنتاج االجتماعي‪ ،‬وغالبًا ما‬
‫يطلق على هذا التحول وبشكل غير دقيق عصر ثورة المعلومات‪ ،‬ألن المعلومات ال تشكل إال جزءًا من‬
‫الثورة المعرفية التي تقوم أساسًا على التقدم التكنولوجي في مجاالت البيولوجيا والفيزياء والكيمياء‬
‫واالتصاالت وغيرها‪.‬‬

‫الشك أن التطور األبرز في هذا المشهد هو ظهور نمط معرفي جديد يقوم على وعي أكثر عمقًا لدور‬
‫المعرفة والرأسمال البشري في تطور االقتصاد وتنمية المجتمع‪ ،‬وهو ما يطلق عليه اقتصاد المعرفة‪،‬‬
‫بحيث أصبحت المعرفة موردًا اقتصادياً يفوق بأهميته الموارد االقتصادية الطبيعية‪ ،‬بل إن القيمة المضافة‬
‫الناتجة عن العمل في التكنولوجيا كثيفة المعرفة تفوق بعشرات وربما مئات المرات القيمة المضافة الناتجة‬
‫عن العمل في الزراعة أو الصناعة التقليديتين‪ ،‬ويكفي إلقاء نظرة مقارنة على مساهمة القطاعات‬
‫االقتصادية والشركات التي تعمل في مجاالت الذكاء الصناعي والبرمجيات والتقانات الحيوية والزراعة‬
‫المعدلة وراثيًا وبعض أنواع العقاقير الحديثة‪ ،‬إضافةً إلى أجهزة االتصاالت وأنظمة التسلح‪ ،‬للتأكد من أن‬
‫المعرفة قد أدخلت المجتمعات المعاصرة في مرحلة ما بعد الصناعية‪ ،‬ونجم عن هذه التحوالت نتائج‬
‫وآثار مباشرة وبعيدة المدى أيضًا‪ ،‬فلم تعد المعرفة سلطة وقوة وحسب‪ ،‬بل أصبحت في أبرز مظاهرها‬
‫وتجلياتها في عالم اليوم‪ ،‬ولم يعد مفيدًا للدول التي تحاول تنمية اقتصادياتها وتحديثها واللحاق بركب‬
‫التقدم العلمي‪ ،‬أن تتجاهل هذه الحقائق أو أن تتردد في األخذ بناصيتها‪.‬‬

‫‪147‬‬
‫اقتصاد مفتوح‪ ...‬اقتصاد جديد‪:‬‬

‫أدت المعدالت المرتفعة للنمو التي اتسم بها اقتصاد المعلومات وصناعة تخليق المعرفة إلى أحداث طفرة‬
‫غير مسبوقة في الفكر االقتصادي بشكل كامل‪ ،‬وفي الفكر التنموي بشكل خاص‪ .‬ليس فقط لما أحدثه‬
‫من تغييرات هائلة في طبيعة العمليات االقتصادية‪ ،‬ولكن وهو األهم لما أنتجه وأحدثه من تغييرات في‬
‫أدوات اإلنتاج والتسويق والتمويل ووسائلها وطرقها وتنمية الكوادر البشرية‪ .‬ومع بروز فجر العولمة‪،‬‬
‫وظهور النظم التشابكية والمنظومات المفتوحة لإلنتاج االبتكاري واإلبداعي‪ ،‬أصبح االقتصاد المعرفي‬
‫اقتصاداً جديداً ذا طابع ال يستمد خصوصيته من اعتبارات الحاضر أو الماضي‪ ،‬ولكن من خصوصية‬
‫دوره الذي سيقوم به في المستقبل‪.‬‬

‫ويمتلك االقتصاد المعرفي القدرة على االبتكار وايجاد منتجات فكرية معرفية لم تكن تعرفها األسواق من‬
‫قبل وال توجد حواجز للدخول إليه‪ ،‬بل هو اقتصاد مفتوح‪ ،‬ومن ثم ال يوجد فواصل زمنية أو عقبات مكانية‬
‫أمام م ْن يرغب في التعامل معه‪ ،‬فالمعرفة أكثر األمور أهمي ًة وحيوي ًة للمشروعات والشركات بل وللبشر‬
‫كافة‪.‬‬

‫والمعرفة هي نتاج تفاعل حيوي ناجم عن تجارب معايشة حياتية واقعية وفعلية‪ ،‬وفي الوقت ذاته عن نتاج‬
‫معامل وأبحاث ودراسات‪ ،‬فالمعرفة لم تأت من فراغ بل تتولد من واقع حي معاش‪ .‬وهي ليست وقفًا على‬
‫شعب بذاته أو دولة بذاتها أو نظام بذاته‪ ،‬وليست حك ًار أو احتكا ًار لشركة أو لمشرع ما لها جنسية أو‬
‫قومية‪ ،‬بل هي مشاع متاح للجميع‪.‬‬

‫فالمعرفة مصدر قوة هائل يدفع إلى التقدم والى االرتقاء‪ ،‬وهي مصدر تهديد قوي وفرض نفوذ وهيمنة‬
‫يمارسها األقوياء بالمعرفة على الضعفاء نتيجة جهلهم‪.‬‬

‫إن الصراع العالمي في عالم األلفية الثالثة‪ ،‬لن يكون صراعًا على رأس المال أو المواد الخام الرخيصة أو‬
‫األسواق المفتوحة‪ ....‬بل إنه‪ ،‬وسيستمر لفترة طويلة‪ ،‬صراعاً على المعرفة ألنها هي التي ستصنع القوة‬
‫وتوفر المال وتخلق المواد الخام وتفتح األسواق‪ .‬بل إن المعرفة شكلت – وستستمر ‪ -‬اقتصاداً جديداً في‬
‫مجاالته وآلياته ونظمه التي تضم األنظمة التالية (نظم اإلنتاج المعرفية‪ ،‬نظم التسويق المعرفية‪ ،‬نظم‬
‫التمويل المعرفية‪ ،‬نظم الكوادر البشرية العاملة في مجال المعرفة‪.)....‬‬

‫‪146‬‬
‫إ ن هذه النظم المعرفية أدت إلى نشوء اقتصاد جديد قائم على الوعي اإلدراكي وامتالك زمام صنع‬
‫المستقبل‪.‬‬

‫االقتصاد المبني على المعرفة‪:‬‬

‫إن تنمية اقتصاد مبني على المعرفة‪ ،‬بات يفرض مجموعة من المتغيرات في طبيعة تنظيم السوق في‬
‫إطار محيط اقتصادي متعدد ومتميز أساسًا بمنافسة قوية‪ ،‬فاتباع سياسة إعادة الهيكلة من أجل الدفع‬
‫بالقوة التنافسية جعل كثي اًر من المؤس سات االقتصادية تتبع بعض اإلجراءات رغم سلبيتها االجتماعية‬
‫كالتقليص في حجم اليد العاملة ونسبتها‪ .‬ودفعت التغيرات إلى‪:‬‬

‫‪ -٧‬اعتماد االقتصاد على اليد العاملة المؤهلة والمتخصصة‪.‬‬

‫‪ -٢‬انتقال النشاط االقتصادي من إنتاج السلع إلى إنتاج الخدمات المبنية على المعرفة‬

‫‪-1‬تطابق األجر مع مستوى الكفاءة‪.‬‬

‫أهمية اقتصـاد المعـرفة‪:‬‬

‫لقد أصبح االقتصاد المعرفي الجديد واقعًا حيًا ملموسًا‪ ،‬وان كان يبدو للبعض أنه مازال تحت التكوين‬
‫والتشكيل‪ ،‬وأن هذا االقتصاد ينمو بمعدالت سريعة ويتفوق على االقتصادات األخرى كافة‪ ،‬وبشكل غير‬
‫مسبوق سواء من الناحية الكمية المحسوسة أم من الناحية النوعية الملموسة السيما في الدول المتقدمة‪،‬‬
‫أما في الدول األخرى‪ ،‬فإن قصور الرؤية المستقبلية حول االقتصاد المعرفي وآلياته وأهميته يؤثر في‬
‫مدى استفادتها من االقتصاد الجديد‪ ،‬رغم أن االقتصاد المعرفي يحقق الفوائد اآلتية‪:‬‬

‫‪ -3‬يرغم المؤسسات على التجديد واالبتكار‪.‬‬

‫‪ -.‬يقوم على نشر المعرفة وتوظيفها وانتاجها‪.‬‬

‫‪ -1‬يحقق التبادل إلكترونياً‪.‬‬

‫‪ -3‬يحقق مخرجات ونواتج تعليمية مرغوبة‪.‬‬

‫‪ -1‬يعطي المستهلك ثقة أكبر وخيارات أوسع‪.‬‬

‫‪143‬‬
‫وأخي اًر البد من القول‪ :‬إن المعرفة مصدر رئيس للقوة في الحاضر‪ ،‬وكذلك في المستقبل إن لم تكن هي‬
‫المصدر األهم في المستقبل‪ ،‬ومن ثم فإنها محور صناعات المستقبل‪ ،‬وسوف يحرص الجميع على‬
‫الحصول عليها‪.‬‬

‫العـمالة في اقتصـاد المعرفة‪:‬‬

‫‪ -0‬تعريف العمل المعرفي‪ :‬العمل المعرفي هو العمل الذي يتطلب مهارات إدراكية ‪cognitive skills‬‬
‫التي يتم استخدامها لتحديد المشكالت وحلها‪ ،‬ومعالجة المعلومة بطريقة خالقة إلضافة قيمة إلى‬
‫المنظمة‪.‬‬

‫‪ -4‬عمال المعرفة‪ :‬لقد ظهر مفهوم منشئي المعرفة ‪ ،knowledge workers‬أي أولئك العمال الذين‬
‫يشاركون بفعالية أكبر في االقتصاد القائم على المعرفة‪ ،‬على أساس أن كفاءاتهم تعكس بقوة الديناميكيات‬
‫الناشئة من التغير التكنولوجي والعولمة‪.‬‬

‫ال من‬
‫عامل المعرفة هو الشخص الذي يكون عمله باألساس فكريًا‪ ،‬إبداعيًا وغير روتيني‪ ،‬والذي يشمل ك ً‬
‫استخدام المعارف وانشائها‪.‬‬

‫يتميز اقتصاد المعرفة بزيادة الطلب على العمال المهرة في سوق العمل‪ ،‬وهذا ما أدى إلى ارتفاع‬
‫األجور‪ .‬وقد بين العديد من األبحاث أنه كلما زاد االعتماد على وسائل اإلنتاج التي تعتمد على المعرفة‬
‫بكثرة كتكنولوجيات اإلعالم واالتصال‪ ،‬زاد الطلب على العمال المهرة ذوي ال كفاءة‪ ،‬وكذلك فإن العمال‬
‫الذين يستخدمون التقنيات المتطورة‪ ،‬أو يعملون في شركات تعتمد على التكنولوجيا المتطورة‪ ،‬فإنهم‬
‫يتحصلون على رواتب مرتفعة‪ .‬وفي بعض األحيان‪ ،‬فإن إدخال التكنولوجيا يحسن من طرق اإلنتاج‪،‬‬
‫ويوفر في التكاليف‪ ،‬وبالتالي يحسن من إنتاجية المؤسسات‪ ،‬وهذه اإلنتاجية تقلص من العمالة في‬
‫المؤسسات الصناعية‪ ،‬ولكنها تشجع العمالة التي تزود هذه المؤسسات بهذه التكنولوجيات (قطاع‬
‫تكنولوجيات اإلعالم واالتصال)‪.‬‬

‫إن إدخال التكنولوجيا في الصناعات سوف يعمل على تغيير العمل في بعض القطاعات‪ ،‬وقد تكون‬
‫هناك أنشطة يمكن نقلها للخارج من أجل تخفيض التكاليف‪ ،‬حيث ظهر ما يسمى العمل عن بعد‪ ،‬ومن‬
‫أمثلة ذلك المبرمجون‪ ،‬وسوف يتأثر األفراد به أكثر من الشركات‪.‬‬

‫‪145‬‬
‫‪ -3‬العمل عن بعد ‪ :Telework‬من أبرز مميزات التطور التكنولوجي ظهور ما يسمى بالعمل عن بعد‪،‬‬
‫حيث يعرف على أنه عمل عن بعد يعتمد على تكنولوجيات اإلعالم واالتصال‪ ،‬ويمكن أن يكون مكان‬
‫العمل المكتب المنزلي‪ ،‬أو أثناء السفر أو في أي مكان آخر‪ ،‬وله خصوصيات حيث أن وقت عمله غير‬
‫محدد‪ ،‬أي أن له مهمة عليه القيام بها في مدة زمنية معينة‪ ،‬ويتميز بنوع خاص من العالقة التعاقدية مع‬
‫صاحب العمل‪.‬‬

‫دور اقتصاد المعرفة في تحقيق النمو االقتصادي‪:‬‬

‫أثبتت دراسة لـ ‪( UNCTAD‬مؤتمر األمم المتحدة للتجارة والتنمية) أن إدخال تكنولوجيات اإلعالم‬
‫واالتصال يحسن من إنتاجية المؤسسات‪ ،‬وكذلك يدخل تغييرات على الهيكل التنظيمي وهذا ال يتأتى إال‬
‫نتيجة للتفاعل مع تطورات المحيط‪ .‬إن تكنولوجيات اإلعالم واالتصال تسمح بتقليص تكاليف المعامالت‪،‬‬
‫وتخلق توازنًا أفضل بين العرض والطلب‪ ،‬وهو ما يحفز نمو أسواق جديدة‪ .‬وهذا االنخفاض في التكاليف‬
‫يسمح بزيادة األموال الموجهة لالستثمار‪ ،‬مما يسمح بخلق مؤسسات أكثر‪ ،‬وهذا ما يساعد في توظيف‬
‫أكبر لليد العاملة‪ ،‬وهي كذلك تسمح ببروز فرص اقتصادية جديدة عن طريق تسهيل تنويع السلع‬
‫والمنتجات المصدرة‪.‬‬

‫دور اقتصاد المعرفة في خلق المؤسسات وتطويرها‪:‬‬

‫يقوم اقتصاد المعرفة بدور مهم في خلق المؤسسات القائمة على المعرفة وعلى التكنولوجيات الحديثة‬
‫لإلعالم واالتصال وتطويرها‪:‬‬

‫‪ -0‬إنشاء البنى التحتية لتفعيل تشارك المعرفة‪ :‬إن وجود بنية تحتية فعالة يسمح للباحثين والمسيرين‬
‫والمواطنين بإمكانية إنشاء وتشارك المعارف بسرعة أكبر‪ ،‬واالستغالل األمثل لجميع هذه المعارف في‬
‫وقتها الفعلي من أجل تحقيق التنمية المستدامة والنمو االقتصادي‪ .‬فوتيرة تطوير البنية التحتية الالزمة‬
‫لبناء االقتصاد الرقمي والمعرفي مرتبطة أساسًا بالسرعة التي يتم بها تطوير البنية التحتية لالتصاالت‪.‬‬
‫فمن قبل‪ ،‬كان االحتفاظ بالمعارف فقط على مستوى الجامعات ومعاهد البحث‪ ،‬ولكن مع تطور‬
‫تكنولوجيات اإلعالم واالتصال أصبح الوضع أكثر تعقيدًا‪ ،‬فباإلضافة إلى توفيرها لوسائل تسهيل عمليات‬
‫اإلبداع والممارسات التنظيمية‪ ،‬فإن هذه التكنولوجيات تعمل على توفير نماذج جديدة من المعارف‪،‬‬
‫وكذلك خلق نماذج جديدة للتفكير‪.‬‬

‫‪149‬‬
‫‪ -4‬التكنولوجيات الحديثة واإلنتاجية‪ :‬ركزت العديد من الدراسات المتعلقة باقتصاد المعرفة على العالقة‬
‫بين التكنولوجيا وانتاجية العمل‪ ،‬حيث أن أهم الدراسات التي تطرقت إلى هذه العالقة كانت بسبب‬
‫االرتفاع النوعي في االستثمارات الموجهة للمعلومات خاصة في قطاع الخدمات‪ ،‬وقد تطرق الباحث‬
‫)‪ (Sitroh, 2002‬إلى دراسة العالقة ما بين قيمة االستثمارات في مجال تكنولوجيات اإلعالم واالتصال‬
‫ونمو إنتاجية العمل في الصناعات التحويلية األمريكية بين عامي ‪ 3971‬و‪ ،3999‬حيث توصل إلى‬
‫وجود عالقة إيجابية بين االستثمار في تكنولوجيا المعلومات ونمو اإلنتاجية‪ ،‬إذ إن هذه المؤسسات‬
‫استثمرت بكثافة في معظم تكنولوجيات المعلومات في أواخر‪ 3981‬و‪ ،3991‬وهو ما مكنها من تحقيق‬
‫أرباح معتبرة في أواخر‪.3991‬‬

‫فالنظرية االقتصادية التقليدية تعتبر أن النمو االقتصادي هو نتيجة لعوامل النمو المتمثلة في إنتاجية‬
‫العمل ونمو عرض العمل‪ ،‬فتحقيق النمو في إنتاجية العمل مرتبط أساسًا بالنمو في المدخالت اإلنتاجية‪،‬‬
‫مثل كثافة رأس المال ونوعية العمل‪ ،‬فكثير من منظري اقتصاد المعرفة يعتبرون أن االستثمار في‬
‫التكنولوجيات الحديثة من شأنه أن يسهم في تحقيق النمو من خالل خلق مصادر ربح جديدة في شكل‬
‫عوائد اقتصادية‪ ،‬وبالتالي فإن هذه التكنولوجيات أسهمت كثي ًار في تحقيق أهداف المنظمات المعاصرة‬
‫والمتمثلة في تلبية االحتياجات المتزايدة ألكبر عدد ممكن من العمالء بأقل التكاليف الممكنة‪.‬‬

‫البنية التحتية القتصاد المعرفة‪:‬‬

‫ينظر إلى هذا األمر النظرة التطبيقية البحتة‪ ،‬أي بعد أن تجلي المعرفة من خالل المعارف الصريحة‪،‬‬
‫ومن خالل تبلورها الكامل في أحد أهم تطبيقات اقتصاد المعرفة‪ ،‬التجارة اإللكترونية‪ ،‬وبالتالي فإن البنية‬
‫التحتية القتصاد المعرفة تت جلى بشكل أساس بما يحتاجه هذا االقتصاد من عناصر مادية وغير مادية‬
‫تؤدي بشكل أو بآخر إلى فعالية هذا االقتصاد‪ .‬وأكثر ما يحتاجه هذا االقتصاد من البنى التحتية في‬
‫الفترة الراهنة هو ما يتعلق بالبنى التحتية لشبكة اإلنترنت الدولية‪ ،‬ويحلو لبعضهم تسمية اقتصاد المعرفة‬
‫باقتصاد اإلنترنت كما سبق وذكرنا‪ ،‬وذلك بالنظر إلى أن اإلنترنت هو روح هذا االقتصاد والمحرك‬
‫األساس له‪.‬‬

‫يضم اقتصاد اإلنترنت باإلضافة إلى التجارة اإللكترونية‪:‬‬

‫‪ -٧‬البنى التحتية لشبكة اإلنترنت (الشركات المصنعة لتجهيزات االتصاالت والحواسيب والخدمات‪)..‬‬

‫‪172‬‬
‫‪ -٢‬البنى التحتية للتطبيقات والبرمجيات‪.‬‬

‫‪ - ٩‬التسويق والوسطاء‪ ،‬الشركات التي تسهل تالقي البائع والمشتري عبر الويب‪.‬‬

‫المعرفة أهم مصادر الثروة والسلطة في عصر المعلومات‪:‬‬

‫كان رأس المال يشتري المعرفة العلمية ويوظفها في خدمة خطوط إنتاجه الكثيفة في المراحل السابقة‬
‫جميعها بدءًا من الثورة الصناعية‪ .‬أما اليوم فإن المعرفة العلمية أو بعبارة أخرى (المعلومات) تحولت إلى‬
‫مصدر من مصادر الثروة‪ ،‬ولعله سيكون أحد أهم مصادرها في القرن الحادي والعشرين‪ ،‬فقد ظهرت في‬
‫النصف الثاني من القرن العشرين مجموعة من أقوى الشركات العالمية لم تستند في قوتها إلى أرصدتها‬
‫المالية أو إلى موجوداتها المادية من بناء أو تجهيزات أو آالت‪ ،‬بل استندت إلى الكفاءة التنظيمية لدى‬
‫اإلدارة ومجموعة العالقات والصالت والتطوير المستمر واإلبداع والطرح المستمر لمبادرات جديدة‪.‬‬

‫وكان أوضح مثال على هذا النموذج الجديد من شركات المستقبل‪ :‬شركة مايكروسوفت ومؤسسها بيل‬
‫غيتس الذي كان مبرمجًا متواضعًا في إمكاناته المادية‪ ،‬ولكنه يمتلك اإلبداع والقدرة على اإلدارة‪ ،‬وبذلك‬
‫استطاع أن ينتقل إلى مرتبة أغنى رجل في العالم‪ ،‬وتقدر ثروته اليوم بمئة مليار دوالر‪.‬‬

‫غير أن مايكروسوفت ليست الوحيدة فهناك ‪ ،eBI‬وشركة ‪ gCC‬في أمريكا‪ ،‬و‪ Brll‬في فرنسا‪ ،‬وهناك‬
‫صناعة برمجية م همة في الهند استطاعت أن تحصل على عقود تجاوزت خمسة مليارات دوالر في مجال‬
‫المساعدة في تصحيح برمجيات الشركات الغربية لتتالءم مع العام الحالي‪ ،‬وهناك بداية طيبة لصناعة‬
‫البرمجيات العربية في مصر تجاوزت وارداتها ثالثمئة مليون دوالر‪ .‬وكل هذه األعمال اعتمدت أساسًا‬
‫على رأس مال وحيد‪ :‬إنه اإلنسان بخبرته ومعرفته وعلمه‪.‬‬

‫تكنولوجيا المعلومات واإلنترنت‪:‬‬

‫إن تحدي المعرفة يمثل جوهر عصر المعلومات‪ ،‬وفي عصر المعلومات والمعرفة يشكل الكتاب وبنوك‬
‫المعلومات بأشكالها التقليدية الورقية واإللكترونية المنهل األساس للتعامل مع المعلومات والمعارف‬
‫وتناقلها‪.‬‬

‫‪171‬‬
‫فالعولمة تعتمد على االنفتاح التجاري والثقافي العالمي‪ ،‬واعتماداً على اإلنترنت واالتصاالت بشكل‬
‫خاص‪ ،‬ولكن تحديات العولمة يكمن في بناء الوسائل االقتصادية والثقافية التي تساعد في مواجهة‬
‫تأثيرات العولمة من جهة‪ ،‬وفي امتالك الوسائل والعلوم والخبرات التي تساعدنا في النجاح وتحقيق‬
‫الفاعلية في التعامل بوسائل وتكنولوجيا المعلومات واالتصاالت‪ ،‬وكل المفاهيم والوسائل الحديثة الفاعلة‬
‫في عصر العولمة والمعلومات‪.‬‬

‫يشهد االقتصاد اليوم تغي ًار عميقًا حيث اقتصاد العصر الصناعي ‪ egorrbwoal dno‬يتراجع بوتيرة‬
‫متسارعة لصالح اقتصاد عصر اإلنترنت ‪ .egbowgob dno enegewI‬ومثلما أحدث التحول من العهد‬
‫الزراعي إلى العهد الصناعي تغيرات جوهرية في أساليب تنظيم النشاط االقتصادي وادارته‪ ،‬فإن التحول‬
‫إلى عصر اإلنترنت كفيل تمامًا بتغيير وتحقيق أحداث جديدة‪ .‬هذا التغير سوق يؤثر على المصالح‬
‫التجارية ومؤسسات األعمال التي يتعين عليها أن تستوعبه‪ ،‬واألهم من ذلك أن تستثمره‪.‬‬

‫إ ن القرن الحادي والعشرين هو بحق عصر االقتصاد الرقمي ‪ ،Digibal Economy‬أو عصر اقتصاد‬
‫اإلنترنت ‪ ،egbowgob enegewI‬أو اقتصاد ثورة تكنولوجيا المعلومات‪.egdewwaboeg oonagelenI‬‬

‫عناصر االقتصاد المعرفي‪:‬‬

‫إن اقتصاد المعرفة ليس مبنيًا على القاعدة المعرفية فقط‪ ،‬ولكنه اقتصاد يتجاوب بالدرجة األولى مع‬
‫المتطلبات والمتغيرات في السوق العالمية‪ ،‬لذا فإنه يتكون من رزمة عناصر أساسية متكاملة ومترابطة‬
‫أبرزها‪:‬‬

‫‪ -١‬قوة بشرية مؤيدة‪ :‬المجتمع هو أكبر قاعدة لدعم اقتصاد المعرفة‪ ،‬فهو المستهلك لهذه المعرفة‪ ،‬وهو‬
‫المستفيد من ثمراتها‪ ،‬ولذلك كلما كان تأكيد المجتمع على هذه الفوائد واستحسانه لنتائجها كان مردودها‬
‫إيجابيًا من ناحية التقدم واإلبداع والتطور‪.‬‬

‫‪ -٢‬وجود مجتمع تعلم‪ :‬أي إن توافر ذلك المجتمع يعد أفضل البيئات لنمو اقتصاد المعرفة‪ ،‬فعلى األفراد‬
‫مسؤولية التطوير واإلبداع والتقدم‪ ،‬واذا لم تتهيأ للشباب فرص التعلم فإن اقتصاد المعرفة سيبقى متأخ ًار‬
‫عن التطور المرجو‪.‬‬

‫‪172‬‬
‫‪ -٣‬توافر منظومة فاعلة للبحث والتطوير‪ :‬إن توافر هذه المنظومة المتقدمة يشكل أحد المتطلبات‬
‫الضرورية القتصاد المعرفة‪ ،‬ألنه بغيرها يعني غياب التخطيط والتوجيه والتقويم والتطوير‪.‬‬

‫‪ -٤‬تهيئة عمال معرفة وصناعها‪ :‬أن يكون لديهم معرفة وقدرة على التساؤل والربط واالبتكار في‬
‫المجال المعرفي‪.‬‬

‫‪ -٥‬إيجاد الربط اإللكتروني الواسع‪ :‬إن المعرفة تحتاج إلى وسائل انتقال‪ ،‬وان بروز مفهوم اقتصاد‬
‫المعرفة ارتبط وجوده باإلنترنت وسهولة االتصال والوصول إليه‪ ،‬فإذا تحقق كل ذلك تحققت أولى‬
‫الخطوات نحو تنفيذ متطلبات اقتصاد المعرفة‪.‬‬

‫‪ -١‬تأخذ المعرفة مصداقي ًة أكبر وتعدداً أوثق بالتواصل مع اآلخرين في أنحاء العالم لنشر ثقافة مجتمع‬
‫التعلم فك اًر وتطبيقاً في المؤسسات المجتمعية المختلفة‪ ،‬ألن المعرفة في كنهها هي تفاعل المعلومات‬
‫واستخدامها وتنميتها وتأصيلها‪.‬‬

‫تصنيف المعرفة‪:‬‬

‫تعمل تكنولوجيا المعلومات ‪ eo‬مؤخ ًار على تصنيف المعرفة وتحويلها إلى سلع تؤثر بشكل مباشر في‬
‫عالم االقتصاد والمال على الشكل التالي‪:‬‬

‫‪ -0‬معرفة المعلومة‪ :‬أو معرفة ماذا ‪ ،rger raab‬وتشتمل على معرفة الحقائق‪ ،‬وهي أقرب إلى معرفة‬
‫المعلومات التقليدية كمعرفة الحقائق الطبية من قبل الطبيب‪ ،‬أو معرفة القوانين والشرائع من قبل المحامي‬
‫وهكذا‪.‬‬

‫‪ -4‬معرفة العلة‪ :‬أو معرفة لماذا ‪ ،rger raI‬وتشتمل على معرفة األسباب وراء الظواهر الطبيعية‬
‫واستثمارها لخدمة اإلنسان‪ ،‬وتكمن هذه المعرفة وراء التقدم العلمي والتكنولوجي والصناعي‪.‬‬

‫‪ -3‬معرفة الكيفية‪ :‬أو معرفة كيف ‪ ،rger aer‬وتشير هذه المعرفة إلى الخبرة في تنفيذ األشياء سواء‬
‫كانت إدارة الكادر البشري أم تشغيل األجهزة واآلالت‪ ،‬أم استخدامات التكنولوجيا المختلفة‪ ،‬وعادةً ما تكون‬
‫هذه المعرفة حك ًار على الشركات والمؤسسات (سر الصنعة)‪ ،‬ويحتاج الحصول عليها إلى آليات مختلفة‬
‫ومعقدة ومكلفة‪.‬‬

‫‪173‬‬
‫‪ -2‬معرفة التقنية‪ :‬أو معرفة من ‪ ،rger rae‬أي من يستطيع تنفيذ العمل‪ ،‬وهذه المعرفة تزداد أهمية‬
‫يومًا بعد يوم‪ ،‬من أجل معرفة من يستطيع انجاز العمل بدقة وسرعة وبأقل التكاليف‪.‬‬

‫الوصول إلى مرحلة التحكم بهذه األنواع األربعة من المعرفة يتم عبر طرق مختلفة‪ ،‬فمعرفة المعلومة‬
‫ومعرفة العلة يمكن الحصول عليهما من المراجع والمكتبات والمؤسسات التعليمية والتدريبية ومن قواعد‬
‫المعلومات‪ ،‬أما النوعان اآلخران فال يمكن الحصول عليهما إال بالخبرة والممارسة‪.‬‬

‫إن عملية تصنيف المعرفة وتخزينها رقميًا ونقلها عبر الشبكات الرقمية العالمية يجعلها تلعب دو ًار فعاالً‬
‫للغاية في مجال التنمية االقتصادية والثقافية واألمنية‪ ،‬وهذا ما يجعلنا أقرب من مجتمع المعلومات‪.‬‬

‫كما أن توفير المعرفة وتحويلها إلى معلومات يجعل من تكنولوجيا المعلومات ‪ eo‬أداة فاعلة من أجل‬
‫وضعها في متناول الجميع‪ ،‬السيما وأن شبكات المعلومات مثل اإلنترنت وغيرها تقرب المسافات‬
‫وتختصر الزمن وتقلل الك لفة‪ ،‬وبالتالي تؤثر في االقتصاد العالمي الذي يتحول بدوره إلى اقتصاد المعرفة‪.‬‬

‫فوائد االقتصاد المعرفي اقتصادياً واجتماعياً وتعليمياً‪:‬‬

‫تعتمد قدرة أي بلد في االستفادة من اقتصاد المعرفة على مدى السرعة التي يمكن من خاللها أن يتحول‬
‫إلى اقتصاد تعليمي‪ ،‬والتعليم ال يعني فقط استخدام التكنولوجيا الحديثة للوصول إلى المعرفة الشاملة‪،‬‬
‫وانما استخدامها لالتصال مع اآلخرين أيضًا من أجل اإلبداع‪ ،‬وقد عدد الباحثون مجموعة فوائد القتصاد‬
‫المعرفة منها‪:‬‬

‫‪ .٧‬االقتصاد المعرفي يدعم مرحلة الطفولة المبكرة نظ اًر للتأثير القوي واالستعداد للتعلم منذ بداية العمر‪،‬‬
‫فينجم عنه تحسين نجاح المتعلمين خالل مراحل التعليم‪.‬‬

‫‪ .٢‬تحسين نوعية الخدمات الضرورية لمرحلة الطفولة المبكرة‪.‬‬

‫‪ .1‬تحقيق التغيرات والتحسينات الضرورية واألساسية للمستقبل‪.‬‬

‫‪ .٤‬تحقيق مخرجات ونواتج تعليمية مرغوبة وجوهرية‪.‬‬

‫‪ .١‬يعطي المستهلك ثقة أكبر وخيارات أوسع‪.‬‬

‫‪ .١‬يحقق التبادل إلكترونيًا‪.‬‬


‫‪174‬‬
‫‪ .١‬يغير الوظائف القديمة ويستحدث وظائف جديدة‪.‬‬

‫‪ .٩‬يقوم على نشر المعرفة وتوظيفها وانتاجها‪.‬‬

‫‪ .٧‬يرغم المؤسسات على التجديد واالبتكار‪.‬‬

‫‪ .٧١‬له أثر في تحريك النمو واإلنتاج والتوظيف والمهارات‪.‬‬

‫اقتصاد المعرفة في الدول المتقدمة‪:‬‬

‫من بين األسباب التي أدت إلى استمرار النمو في الدول المتقدمة‪:‬‬

‫تطور نظامها التعليمي كمًا ونوعاً‪ ،‬والذي تضمن القضاء على األمية‪ ،‬وزيادة نسبة االلتحاق بالتعليم في‬
‫مراحله كافة‪ ،‬وتوفير متطلبات االرتفاع بنوعية هذا التعليم وربطه بدرجة أكبر بالمجاالت العملية وبواقع‬
‫ممارسة النشاطات وبالذات اإلنتاجية منها السلعية والخدمية‪ .‬وهو األمر الذي أسهم من خالله في إتاحة‬
‫المعرفة العلمية والعملية للجهات المختلفة وبالذات جهات العمل‪ ،‬وكذلك مؤسسات البحث العلمي‬
‫والتطوير التكنولوجي‪.‬‬

‫تطور مواردها البشرية وبالذات في جانبها النوعي‪ ،‬بتوفير معارف ومهارات وخبرات وقدرات بشرية عالية‬
‫المستوى يتاح بتوفيرها القدرة على توليد مضامين اقتصاد المعرفة ومعطياته بكفاءة عالية وفاعلية‪.‬‬

‫التأكيد على البحث والتطوير العلمي والتكنولوجي من خالل متطلباته ومستلزماته‪.‬‬

‫تطور النشاطات االقتصادية وتنوعها‪ ،‬والحجوم الكبيرة للمشاريع والشركات واستخدامها ألساليب ووسائل‬
‫وتقنيات متطورة وامتالكها إلمكانات ضخمة‪ .‬وال تتوقف هذه النشاطات االقتصادية عن الطلب الواسع‬
‫والمستمر للتقنيات المتقدمة التي يتضمنها اقتصاد المعرفة‪ ،‬والذي يحفز على التوسع في توليدها‪.‬‬

‫توفر البنية التحتية‪ ،‬وبالذات ما يتصل منها بالتقنيات المتقدمة كثيفة االستخدام للعلم والمعرفة‪ ،‬وبالشكل‬
‫الذي يوفر األساس لتوليد هذه التقنيات واستخدامها بكفاءة وفاعلية‪.‬‬

‫توفر البيئة والمناخ االجتماعي المالئم الذي يحفز على البحث العلمي والتطوير التكنولوجي من خالل‬
‫الحوافز المادية والمعنوية‪.‬‬

‫‪177‬‬
‫اقتصاد المعرفة في الدول النامية‪:‬‬

‫من بين األسباب التي أدت إلى ضعف قدرة اقتصاديات الدول النامية على االنتفاع من مضامين اقتصاد‬
‫المعرفة‪:‬‬

‫تمتاز بالضعف الكمي والنوعي للتعليم‪ ،‬وتركيزها على الجوانب التطبيقية‪ ،‬واالختالل في نظام التعليم‬
‫لصالح ا لمناطق الحضرية وعلى حساب المناطق الريفية بالشكل الذي ال يسهم من خالله التعليم في‬
‫توفير المعرفة العملية‪.‬‬

‫ضعف قدرتها على توليد مضامين اقتصاد المعرفة ومعطياته بسبب ضعف مواردها البشرية وبالذات في‬
‫جانبها النوعي‪ ،‬خاص ًة وأن اإلسهام في هذا الجانب يتطلب موارد بشرية عالية المستوى ومتخصصة‪،‬‬
‫وتتسم بالذكاء والفاعلية والقدرة على اإلبداع واالبتكار والتجديد‪.‬‬

‫محدودية نشاطاتها االقتصادية وضعف اإلمكانات البشرية والفنية والمادية المتاحة لدى الجهات المختصة‬
‫التي تتولى القيام بها‪ ،‬واتباعها في الغالب أساليب ووسائل غير متطورة ال تتناسب مع معطيات اقتصاد‬
‫المعرفة ومضامينه‪.‬‬

‫تحم ل كلف مرتفعة في استخدام التقنيات المتقدمة في الدول النامية إذا تم األخذ بالحسبان محدودية‬
‫الموارد والدخول في هذه الدول‪ ،‬دون أن يقابل ذلك تحقق عائد ونفع أو مردود يوازي ويغطي التكاليف‬
‫المرتفعة التي يتحملها الفرد والمجتمع‪.‬‬

‫ضعف إمكانات البحث والتطوير العلمي والتكنولوجي فيها‪ ،‬والتي تتصل بقدرات البحث األساسي منه‬
‫والتطبيقي بالذات نتيجة ضعف االهتمام بالبحوث العلمية والتكنولوجية النظرية منها والعملية وضعف‬
‫اإلنفاق عليها‪ ،‬وضعف النسبة من هذا اإلنفاق عليها إلى إجمالي اإلنفاق فيها أو إلى ناتجها القومي‪،‬‬
‫وكذلك ضعف درجة توفر العلماء والباحثين وبالذات الذين تتوفر لديهم المعارف والخبرات العملية‪ ،‬إضافة‬
‫إلى المعارف العملية وضعف توفر المؤسسات التي تقوم بذلك‪.‬‬

‫ضعف درجة توفر البنية التحتية في الدول النامية التي تسهم في توليد مضامين االقتصاد المعرفي‬
‫ومعطياته‪ ،‬كا الفتقار إلى العدد الكافي من أجهزة الحاسوب ووسائل االتصال وخدمات اإلنترنت‪.‬‬

‫‪176‬‬
‫عدم توفر البيئة االجتماعية المناسبة والمشجعة لتوليد التقنيات المتقدمة واستخدامها بكفاءة نظ اًر لضعف‬
‫الحوافز االجتماعية وضعف التقدير واالعتبار االجتماعي‪.‬‬

‫إن كل ما سبق يجعل استفادة الدول النامية من مضامين اقتصاد المعرفة ومعطياته محدودة‪ ،‬والتي ال‬
‫تتناسب والكلف العالية التي تتحملها في استخدام بعضها‪ ،‬وذلك نتيجة ضعف قدرتها على اإلسهام في‬
‫توليدها أي عرضها‪ ،‬وضعف قدرتها على توليد الطلب الذي يسهم بتوليد العرض‪ ،‬وبالتالي إعاقة انتفاعها‬
‫منها بما يحقق نموها وتطورها‪.‬‬

‫دور اقتصاد المعرفة في التنمية البشرية‪:‬‬

‫إن أعظم المهام األساسية للمعرفة هي إحداث عملية تنمية بشرية حقيقية تبدأ من عملية التربية والتعليم‬
‫والبحث‪ ،‬وهي عوامل للنمو في كل الدول مهما كان مستواها في التطور التكنولوجي‪.‬‬

‫وتحقق المعرفة آثارها في التنمية البشرية من خالل‪:‬‬

‫إعادة هيكلة مؤسسات البحث والتجريب جنبًا إلى جنب مع مؤسسات التعليم‪.‬‬

‫اإلسهام في تدعيم العقل البنائي الواعي من خالل عمليات التعلم الذاتي والتحاور عبر اللغات والقوميات‬
‫واألمم‪.‬‬

‫تنمية قدرات التشغيل الذاتي عبر وسائل االتصال وتكنولوجيا المعلومات‪ ،‬بل تحرير السوق الدولي ذاته‪.‬‬

‫المساواة في الحصول على الفرص المتكافئة في اكتساب المهارات المرغوبة‪.‬‬

‫إحداث ثورة في طرق وأساليب التعليم والتعلم‪.‬‬

‫التعليم عن بعد‪ ،‬تعليم الكبار أو ما يسمى تعليم مدى الحياة‪.‬‬

‫‪ - 0‬التعليم وتنمية الموارد البشرية‪:‬‬

‫يلعب التعليم دو ًار أساسياً في التنمية االقتصادية لكل دول العالم دون استثناء‪ ،‬إنه مفتاح االرتقاء بجودة‬
‫السلع والخدمات وتحسين اإلنتاجية‪ ،‬إنه السبيل نحو رفع مستويات التوظيف وبناء قوى ذات نوعية‬

‫‪173‬‬
‫مرتفعة‪ ،‬كما أنه السبيل نحو مستويات معيشية أفضل‪ ،‬لذلك ليس من المبالغة القول بأن قدر األمم في‬
‫المستقبل يصنع اآلن داخل الصفوف التعليمية‪.‬‬

‫وعلى الرغم من أن عملية التحول إلى اقتصاد مبني على المعرفة تعني المزيد من الفرص في التوظيف‪،‬‬
‫فإن المشكلة األساسية تتمثل في أن هذه الوظائف تحتاج إلى مهارات وخبرات عالية‪ ،‬وعلى المؤسسات‬
‫في االقتصاد المبني على المعرفة تحويل نفسها إلى منظمات تعمل على تحسين عملية تراكم وتنمية‬
‫عمال المعرفة (‪ ،)knowledge workers‬وعلى العمال االرتقاء بمهارتهم وتوسيعها من خالل نظم‬
‫التعليم الرسمية وغير الرسمية‪.‬‬

‫‪ - 4‬ارتفاع أعداد مستخدمي اإلنترنت والهواتف والحواسيب‪:‬‬

‫تعد البنية التحتية للمعلومات واالتصاالت لبلد ما العامل األهم في تحديد قدرته على االنتقال إلى‬
‫االقتصاد المبني على المعرفة‪ ،‬وتشكل كثافة الخطوط الهاتفية الثابتة والنقالة وانتشار الحواسيب الشخصية‬
‫ومدى استخدام اإلنترنت أبرز أدوات المعرفة حالياً‪ .‬وتدل اإلحصائيات على أن أكثر من ‪ % 11‬من‬
‫الناتج المحلي اإلجمالي في الدول المتقدمة مبني على المعرفة‪.‬‬

‫اقتصاد المعرفة والمتغيرات االقتصادية‪:‬‬

‫إن اقتصاد المعرفة ومعطياته وما يرتبط به من تقنيات متقدمة ووسائل وأساليب متطورة يؤدي إلى إف ارزات‬
‫متنوعة ومتعددة ومتزايدة وبسرعة فائقة تؤثر على االقتصاد بمتغيراته ونشاطاته وقطاعاته‪ .‬وسنحاول‬
‫التركيز على أهم أبرز جوانب االقتصاد‪ ،‬والتي من أهمها الجوانب ذات الصلة باإلنتاج واإلنتاجية‬
‫واالستثمار وتكوين رأس المال والعمل‪.‬‬

‫‪ -0‬اإلنتاج واإلنتاجية واقتصاد المعرفة‪:‬‬

‫إن اقتصاد المعرفة وما يتضمنه من ثروة في المعلومات واالتصاالت وتقنياتها المتقدمة والتقنيات المتقدمة‬
‫األخرى في مجاالت عديدة ومتنوعة تسهم بشكل واضح وبدرجة كبيرة في تحقيق زيادة اإلنتاجية وفي‬
‫اإلنتاج من خالل ما يلي‪:‬‬

‫‪175‬‬
‫إن مضامين اقتصاد المعرفة تتيح تنوع النشاطات االقتصادية بدرجة كبيرة‪ ،‬واعتمادًا على التقنيات‬
‫المتطورة وبالشكل الذي يسمح بزيادة اإلنتاج‪ ،‬حيث يتسع اإلنتاج المعرفي المتصل بثروة المعلومات‬
‫واالتصاالت‪ ،‬والوسائل والبرمجيات والتقنيات المرتبطة بهما‪ ،‬وبحيث يصبح هذا اإلنتاج المتصل بالتقنيات‬
‫هذه جزءًا مهمًا ومتزايدًا من اإلنتاج ككل‪.‬‬

‫بروز سلع ومنتجات جديدة غير ملموسة‪ ،‬أي غير مادية تمثلها المنتجات المعرفية غير المادية المرتبطة‬
‫باألفكار والبرامج والتصميمات‪ ،‬ومنتجات الوسائل المتعددة والمشتقات المالية‪ ،‬والتي يمكن أن تستخدم‬
‫استخدامات وسطية ونهائية‪ ،‬وبالشكل الذي يحقق زيادة مهمة في اإلنتاج من خاللها‪.‬‬

‫ظهرت تقنيات جديدة متقدمة في مجاالت التكنولوجيا الحيوية‪ ،‬والهندسة الوراثية‪ ،‬والتقنيات الصيدالنية‬
‫والكيماوية والطبية‪ ،‬ومجاالت الفضاء والطاقة البديلة وغيرها‪ ،‬مما سمح القتصاد المعرفة أن يقوم‬
‫بنشاطات جديدة متنوعة وواسعة ترتبط بهذه التقنيات الجديدة وبما يسهم في زيادة اإلنتاج‪.‬‬

‫إن التقنيات الجديدة تتيح زيادة االستثمار الذي يتضمن استخدام هذه التقنيات في مجال عمل النشاطات‬
‫االقتصادية‪ ،‬وبالشكل الذي يتم من خالله توسيع القدرة اإلنتاجية وزيادة اإلنتاج‪ ،‬وكذلك تجديد النشاطات‬
‫هذه‪ ،‬وبالشكل الذي يؤدي إلى زيادة إنتاجيتها وانتاجها‪.‬‬

‫إن التقنيات الجديدة التي يتضمنها اقتصاد المعرفة‪ ،‬وبالذات ما يتصل منها بالمعلومات واالتصاالت‬
‫وتقنياتها تؤدي إلى ضمان حسن استخدام الموارد والقدرات اإلنتاجية المتاحة من خالل توفير القدرات‬
‫ال أكبر وأكفأ للطاقات اإلنتاجية وبما يقود إلى زيادة‬
‫البشرية واإلدارية المتطورة‪ ،‬وبما يحقق استغال ً‬
‫إنتاجياتها وزيادة اإلنتاج‪.‬‬

‫‪ -4‬االستثمار وتكوين رأس مال واقتصاد المعرفة‪:‬‬

‫االستثمار يعني استخدام المدخرات النقدية والعينية لتكوين أصول رأسمالية تستخدم في إنتاج السلع‬
‫والخدمات‪ ،‬وهذه األصول ال أرسمالية لم تعد مجرد موجودات ثابتة فقط أي مادية‪ ،‬وانما امتدت في اقتصاد‬
‫المعرفة لتضمن في االستثمار المعرفة من أجل تكوين رأس المال المعرفي إلنتاج منتجات معرفية‪ ،‬وهي‬
‫في جزء مهم منها منتجات غير مادية كالبرامج والتصاميم وغيرها‪ ،‬والتي تتصل بمضامين اقتصاد‬
‫المعرفة‪ .‬وهو األمر الذي أدى إلى تحول هيكلي في تكوين رأس المال‪ ،‬بحيث أصبح يتضمن إضافة إلى‬
‫االستثمار المادي والملموس لتكوين الموجودات الرأسمالية الثابتة آالت وتجهيزات وغيرها‪ ،‬قد اًر مهمًا من‬

‫‪179‬‬
‫االستثمار غير المادي وغير الملموس لتكوين أصول رأسمالية غير مادية وغير ملموسة تسهم في توسيع‬
‫اإلنتاج وزيادة اإلنتاجية‪ ،‬ومن ثم زيادة اإلنتاج واإلسهام في تحقيق نمو أكبر لالقتصاد‪.‬‬

‫من المعلوم أن االستثمار يسهم في زيادة الطاقة اإلنتاجية لالقتصاد من خالل األصول الرأسمالية الجديدة‬
‫التي يضيفها االستثمار إلى الخزين الرأسمالي لالقتصاد‪ ،‬وبالشكل الذي يتيح التوسع في اإلنتاج ونموه‪.‬‬
‫ومما الشك فيه أن المجاالت التي تمثلها التقنيات المتقدمة التي يتضمنها اقتصاد المعرفة تتيح القيام‬
‫باستثمارات جديدة من خالل استخدام هذه التقنيات الجديدة في القيام بالنشاطات االقتصادية وتوسيعها‪،‬‬
‫وبالشكل الذي يحقق زيادة اإلنتاج ونمو االقتصاد‪ .‬كما أن االستثمار يسهم في تجديد الطاقة اإلنتاجية‬
‫بإحالل أصول رأسمالية محل األصول الرأسمالية التي تتعرض لالندثار نتيجة استخدامها وارتباطًا بعمرها‬
‫اإلنتاجي من ناحية‪ ،‬وكفاءة استخدامها من ناحية أخرى‪ ،‬وكذلك التي تتعرض لالندثار نتيجة تقادمها‬
‫الزمني‪ .‬واألهم في اقتصاد المعرفة هو االستثمار الذي يتم من خالله التعويض عن األصول الرأسمالية‬
‫بإحالل أصول رأسمالية أحدث وأكثر تقدماً وتطو اًر‪.‬‬

‫إن االستثمار دالة للربح‪ ،‬أي أن الربح يعتمد على االستثمار‪ ،‬وأن الربح دالة على التقدم التكنولوجي‪،‬‬
‫ولذلك فإن التقنيات ال متقدمة تحفز على االستثمار وبالذات في المجاالت المعرفية‪ ،‬والتي يتم من خاللها‬
‫تكوين رأس مال معرفي يسهم في تحقيق أرباح مرتفعة‪ ،‬ومن خالل توسيع النشاطات التي سيستخدم فيها‬
‫رأس المال المعرفي‪ ،‬سيتحقق إنتاج منتجات معرفية تحقق األرباح المرتفعة هذه‪.‬‬

‫العمل واقتصاد المعرفة‪:‬‬

‫أفرز اقتصاد المعرفة وما يتضمنه من وسائل وأساليب وتقنيات متقدمة العديد من المضامين واآلثار على‬
‫العمل‪ ،‬ويتمثل هذا في الجوانب التالية‪:‬‬

‫إن التكنولوجيا عامة والمتقدمة منها خاصة أدت وتؤدي إلى تقليل الجهد العضلي وبدرجة كبيرة وتقليل‬
‫ساعات العمل وتوفير وقت فراغ وراحة أكبر‪.‬‬

‫أدى استخدام التقنيات المتقدمة إلى إحالل العمل الفكري والعقلي محل العمل العضلي وبدرجة كبيرة‪.‬‬

‫التقنيات المتقدمة واألساليب والوسائل التي ترافق استخدامها في إطار اقتصاد المعرفة أدت إلى تغيير‬
‫العالقة بين العامل وصاحب العمل والعمل الذي يؤديه‪ ،‬بحيث برزت أنماط جديدة لممارسة العمل‪.‬‬

‫‪162‬‬
‫ارتفاع دخول العاملين الذين ي تاح لهم العمل في النشاطات التي يتم استخدام التقنيات واألساليب المتقدمة‬
‫فيها‪.‬‬

‫نظ ًار الرتباط أداء العمل فيه بمستوى معارف ومهارات أعلى‪ ،‬وحصولهم على دخول أعلى ارتباطًا‬
‫بمستويات معارفهم ومهاراتهم األعلى‪ ،‬وهو األمر الذي يحفز على تطويرها‪ ،‬وبذلك تزداد معارف العاملين‬
‫ومهاراتهم وتتطور بشكل مستمر‪ ،‬وما يرافقه من زيادة مستويات معيشتهم وتحسينها‪.‬‬

‫تتيح مضامين اقتصاد المعرفة والتقنيات واألساليب التي تستخدم في إطاره زيادة إنتاجية العامل وزيادة‬
‫دخله وتحسين مستويات حياته‪ ،‬ويتيح التطور والتجديد والتنويع في النشاطات االقتصادية ‪ -‬وبالذات ما‬
‫يرتبط منها بالتقنيات المتقدمة ‪ -‬الفرصة واإلمكانية لالنتقال المهني والمهاراتي‪ ،‬بحيث يتم االنتقال من‬
‫ال‪.‬‬
‫المهارات األدنى إنتاجيةً ودخالً إلى المهن والمهارات األعلى إنتاجية ودخ ً‬

‫إ ن االنتقال من اقتصاد الصناعة القائم على الماديات إلى اقتصاد المعرفة القائم على النقيض الالمادي‪،‬‬
‫يحمل في طياته نقالت نوعية حادة للغاية تبلغ من شدة حدتها درجة التضاد التام في كثير من األحوال‪،‬‬
‫و"كفاتح للشهية" نورد تاليًا أمثلة ثالثة لهذا التضاد تاركين أمر تفاصيلها‪ ،‬هي وغيرها‪ ،‬لما يتضمنه السرد‬
‫في الفقرات التالية‪:‬‬

‫بينما تنضب الموارد المادية مع استهالكها تنمو الموارد المعرفية كلما زاد استهالكها‪.‬‬

‫ينمو سوق االقتصاد التقليدي بدفع العرض ‪.demand-driven‬‬

‫تزيد قيمة المنتج المادي مع الندرة وقلة الطلب‪ ،‬في حين تزداد قيمة المنتج المعرفي مع وفرته وشيوع‬
‫استخدامه‪.‬‬

‫باختصار شديد‪ ،‬إن اقتصاد المعرفة أو االقتصاد الجديد هو االقتصاد المعتمد على المعرفة‪،‬‬
‫حيث تحقق المعرفة الجزء األعظم من القيمة المضافة‪ ،‬ومفتاح المعرفة هو اإلبداع والتكنولوجيا‪ ،‬بمعنى‬
‫أن االقتصاد يحتاج إلى المعرفة‪ ،‬وكلما زادت كثافة المعرفة في مكونات العملية اإلنتاجية زاد النمو‬
‫االقتصادي‪.‬‬

‫‪161‬‬
‫المصادر والمراجع المستخدمة في الوحدة التاسعة‬

‫‪ -‬طالل محرز إسماعيل‪ ،‬مجتمع المعرفة‪ ،‬مركز الدراسات اإلستراتيجية‪ ،‬دمشق‪ ،‬سورية‪..131 ،‬‬

‫‪ -‬جمال داوود سلمان‪ ،‬اقتصاد المعرفة‪ ،‬دار اليازوري‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪..119 ،‬‬

‫‪ -‬محمد جبار طاهر الشمري‪ ،‬دور اقتصاد المعرفة في تحقيق النمو االقتصادي‪ ،‬رسالة ماجستير‪،‬‬
‫جامعة الكوفة‪..111،‬‬

‫‪ -‬هديل عزيز دراز‪ ،‬المعلومات والمعرفة ودورها في التنمية االقتصادية‪( ،‬د ن)‪( ،‬د م ن)‪( ،‬د ت)‪.‬‬

‫‪ -‬ربحي مصطفى عليان‪ ،‬اقتصاد المعلومات‪ ،‬دار الصفاء للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪- .119 ،‬‬
‫‪..131‬‬

‫‪ -‬سلوى بدري البخيتان‪ ،‬اقتصاديات المعرفة كمفهوم جديد في ظل تكنولوجيا المعلومات‪ ،‬منشورات‬
‫جامعة دمشق‪.4119 ،‬‬

‫‪ -‬فليح حسن خلف‪ ،‬اقتصاد المعرفة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬جدار للكتاب العلمي‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪..117 ،‬‬

‫‪ -‬أحمد عبد الونيس‪ ،‬مدحت أيوب‪ ،‬اقتصاد المعرفة‪ ،‬مركز دراسات وبحوث الدول النامية‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪..116‬‬

‫‪ -‬يوسف أحمد إبراهيم‪ ،‬التعليم وتنمية الموارد البشرية في ظل االقتصاد المبني على المعرفة‪ ،‬مركز‬
‫اإلمارات للدراسات والبحوث اإلسترتيجية‪..113 ،‬‬

‫‪ -‬عماد عبد الوهاب صباغ‪ ،‬علم المعلومات‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪.0998 ،‬‬

‫‪162‬‬
‫‪-Extrait de ph, Aghion et E,Cohen, Education et croissance, Rapport de CAE,‬‬
‫‪la documentation françiase, pp. 19,20‬‬

‫نماذج عن أسئلة من الوحدة التاسعة‬

‫المعرفة هي‪:‬‬

‫‪ – A‬نتاج تفاعل حيوي ناجم عن تجارب معايشة حياتية واقعية‪.‬‬

‫‪ - B‬نتاج معامل وأبحاث ودراسات‪.‬‬

‫‪ - C‬تتولد من واقع حي معاش وهي مشاع متاح للجميع‪.‬‬

‫‪ – D‬كل اإلجابات صحيحة‪.‬‬

‫من الفوائد التي يحققها االقتصاد المعرفي‪:‬‬

‫‪ - A‬يقوم على اكتشاف المعرفة وتوظيفها وانتاجها‪.‬‬

‫‪ – B‬يجبر المؤسسات على التجديد واالبتكار‪.‬‬

‫‪ - C‬يحقق التبادل آليًا وميكانيكياً‪.‬‬

‫‪ - D‬يحقق مخرجات ونواتج تعليمية متوفرة‪.‬‬

‫‪163‬‬
‫الوحدة العاشرة‪ :‬إشكاليات اقتصاد المعرفة وتحدياته‬

‫اقتصاد المعرفة مستلزمات أساسية‬

‫الحوامل األساسية القتصاد المعرفة‬

‫مؤشرات العلم والتكنولوجيا‬

‫‪ -‬البحث العلمي والتطوير‬

‫‪ -‬براءات االختراع‬

‫‪ -‬المنشورات العلمية‬

‫‪ -‬ميزان المدفوعات التكنولوجي‬

‫مؤشرات الموارد البشرية‬

‫مؤشرات نشر تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت‬

‫العولمة‬

‫المضامين األساسية للعولمة في اقتصاد المعرفة‬

‫المتغيرات المستخدمة في حساب دليل المعرفة واقتصادها‬

‫عالقة اإلدارة في اقتصاد المعرفة‬

‫دور إدارة المعرفة في اقتصاد المعرفة‬

‫إشكاليات اقتصاد المعرفة وتحدياته‬

‫‪ -‬تكريس البطالة وهجرة األدمغة‬

‫‪164‬‬
‫‪ -‬تكريس ثقافة االستهالك‬

‫‪ -‬إفالس الشركات‬

‫‪ -‬عدم القدرة على ضبط المنتجات‬

‫‪ -‬إشكاليات القياس‬

‫‪ -‬خلل بين القطاعات‬

‫‪ -‬الكساد المعلوماتي‬

‫‪ -‬الفجوة الرقمية‬

‫األسباب االقتصادية للفجوة الرقمية وبالتالي لفجوة المعرفة‬

‫أو ًال‪ -‬ارتفاع كلفة توطين تكنولوجيا المعلومات‬

‫ثانياً‪ -‬تكتل الكبار والضغط على الصغار‬

‫ثالثاً‪ -‬التهام األسواق المتعددة الجنسيات لألسواق المحلية‬

‫رابعاً‪ -‬كلفة الملكية الفكرية‬

‫خامساً‪ -‬انحياز تكنولوجيا المعلومات اقتصادياً لمصلحة القوي على حساب الضعيف‬

‫‪167‬‬
‫ملخص الوحدة العاشرة‪:‬‬

‫القتصاد المعرفة مستلزمات أساسية مثل العمل على خلق رأس المال البشري وتطويره بنوعية عالية‪ ،‬وله‬
‫حوامل أساسية يمكن التعبير عنها بمؤشرات مثل مؤشرات العلم والتكنولوجيا‪ ،‬الموارد البشرية‪ ،‬نشر‬
‫تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت والعولمة‪ .‬يجب أن تتسم إدارة اقتصاد المعرفة بالقدرة على تركيز‬
‫الجهود إليجاد األدوات واآلليات الالزمة إلحداث تغيرات في التكلفة ورفع الكفاءة واإلنتاجية‪ ،‬وفي الوقت‬
‫ذاته تفجير طاقات اإلبداع واالبتكار لدى األشخاص الذين تعتمد عليهم المؤسسة‪ ،‬وأيضًا القدرة على‬
‫تطوير رأس المال الفكري وادارته‪ .‬أما المضامين األساسية للعولمة في اقتصاد المعرفة فتتمثل في حرية‬
‫حركة رؤوس األموال‪ ،‬وخاص ًة مع توفر االتصال اإللكتروني‪ ،‬حرية حركة وانتقال السلع والخدمات‪،‬‬
‫خصخصة النشاط االقتصادي‪ ،‬تحديد درجة تدخل الدول بأدنى وأضيق نطاق ممكن‪ .‬وعن إشكاليات‬
‫اقتصاد المعرفة وتحدياته فهي عديدة مثل تكريس البطالة وهجرة األدمغة‪ ،‬تكريس ثقافة االستهالك‪،‬‬
‫إفالس الشركات‪ ،‬عدم القدرة على ضبط المنتجات‪ ،‬الكساد المعلوماتي والفجوة الرقمية‪ ،‬وبالتالي الفجوة‬
‫المعرفية‪ ،‬ولهذا أسباب اقتصادية عديدة منها‪ :‬ارتفاع كلفة توطين تكنولوجيا المعلومات‪ ،‬التهام األسواق‬
‫المتعددة الجنسيات لألسواق المحلية‪ ،‬كلفة الملكية الفكرية وانحياز تكنولوجيا المعلومات اقتصاديًا‬
‫لمصلحة القوي على حساب الضعيف‪.‬‬

‫األهداف التعليمية للوحدة العاشرة‪:‬‬

‫أن يعي الطالب المستلزمات والحوامل األساسية القتصاد المعرفة كونها العمود الفقري لهذا االقتصاد‪.‬‬

‫أن يعي الطالب المضامين األساسية للعولمة في اقتصاد المعرفة لوثوق العالقة وأهميتها بين العولمة‬
‫واقتصاد المعرفة‪.‬‬

‫أن يدرك الطالب أهمية دور إدارة المعرفة في اقتصاد المعرفة‪.‬‬

‫أن يعي الطالب مختلف إشكاليات اقتصاد المعرفة وتحدياته‪ ،‬مثل تكريس البطالة وهجرة األدمغة والكساد‬
‫المعلوماتي والفجوة الرقمية‪ ،‬وبالتالي الفجوة المعرفية لما لهذه اإلشكاليات والتحديات من أهمية كبرى على‬
‫مسار اقتصاد المعرفة‪.‬‬

‫أن يفهم األسباب االقتصادية للفجوة الرقمية لعالقة ذلك بفجوة المعرفة‪.‬‬

‫‪166‬‬
‫اقتصاد المعرفة مستلزمات أساسية‪:‬‬

‫يرى الباحثون أن القتصاد المعرفة مستلزمات أساسية أبرزها‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬إعادة هيكلة اإلنفاق العام وترشيده‪ ،‬واجراء زيادة حاسمة في اإلنفاق المخصص لتعزيز المعرفة‬
‫ابتداء من المدرسة االبتدائية وصوالً إلى التعليم الجامعي مع توجيه اهتمام مركز للبحث العلمي‪ .‬وتجدر‬
‫ً‬
‫اإلشارة هنا إلى أن إنفاق الواليات المتحدة في ميدان البحث العلمي واالبتكارات يزيد على إنفاق الدول‬
‫األخرى مجتمعة مما يسهم في جعل االقتصاد األمريكي األكثر تطو ًار وديناميكيةً في العالم‪ .‬بلغ إنفاق‬
‫الدول الغربية في هذا المجال ‪ ٩١١‬مليار دوالر عام ‪ ،٢١١١‬وكانت حصة الواليات المتحدة منها ‪٧٩١‬‬
‫مليار‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬وارتباطًا بما سبق‪ ،‬العمل على خلق رأس المال البشري وتطويره بنوعية عالية‪ ،‬وعلى الدولة خلق‬
‫المناخ المناسب للمعرفة التي أصبحت عنص ًار من عناصر اإلنتاج‪ ،‬وليست ترفًا فكريًا‪.‬‬

‫ثالثاً‪ :‬أدرك المستثمرون والشركات أهمية اقتصاد المعرفة‪ ،‬والمالحظ أن الشركات العالمية الكبرى (العابرة‬
‫للقوميات خاصة ) تساهم في تمويل جزء من تعليم العاملين لديها ورفع مستوى تدريبهم وكفاءتهم‪،‬‬
‫وتخصص جزءًا مهمًا من استثماراتها للبحث العلمي واالبتكار ‪..‬الخ ‪.‬‬

‫الحوامل األساسية القتصاد المعرفة‪:‬‬

‫يقوم اقتصاد المعرفة على حوامل أساسية يمكن إيجازها كما يلي‪:‬‬

‫مؤشرات العلم والتكنولوجيا‪:‬‬

‫وهذه تشمل حوامل ثانوية هي‪ :‬األبحاث والتطوير‪ ،‬وبراءات االختراع‪ ،‬والمنشورات العلمية‪ ،‬وميزان‬
‫المدفوعات التكنولوجي‪.‬‬

‫‪ -‬البحث العلمي والتطوير‪ :‬وينظر إلى دوره من خالل اإلنفاق المخصص له‪ ،‬وخاصة اإلنفاق المقدم من‬
‫الدولة والشركات والمنظمات‪ ،‬والسيما المخصص منه للتعليم العالي والجامعات‪ .‬ومن المؤكد أن هذه‬
‫اإلنفاقات عالية في الدول المتقدمة‪ ،‬وتصل حتى ‪ ٪ ١‬من الناتج المحلي‪ ،‬بينما تنخفض في الدول العربية‬
‫إلى أدنى من‪ ،٪ ٧‬وغالبًا أجزاء من الواحد بالمائة‪.‬‬

‫‪163‬‬
‫‪ -‬براءات االختراع‪ :‬تعكس براءات االختراع االكتشافات العلمية التي يمكن تحويلها إلى مشاريع صناعية‬
‫والى تكنولوجيا بما يسهم مساهمة فعالة في اقتصاد المعرفة‪ .‬ومن المعروف أن الدول المتقدمة تحتل‬
‫المواقع المتقدمة من حيث عدد براءات اختراعاتها‪ ،‬في حين تحتل البلدان العربية المواقع المتأخرة ‪.‬‬

‫‪ -‬المنشورات العلمية‪ :‬وهي مؤشر على األبحاث المنجزة‪ ،‬وتقاس قيمة هذه األبحاث بمدى تكرارها في‬
‫المراجع العلمية‪ ،‬ونشرها في مجالت علمية محكمة عالية المستوى‪ ،‬والسيما مجلتي الطبيعة والعلوم‬
‫األمريكية‪.‬‬

‫‪ -‬ميزان المدفوعات التكنولوجي‪ :‬ويعكس حقوق الملكية الفردية والخدمات اإلدارية المقدمة واالمتيازات‪.‬‬

‫مؤشرات الموارد البشرية‪:‬‬

‫ويقاس هذا المؤشر من خالل معامالت عدة تتمثل في التعليم والتدريب‪ ،‬ومخزون رأس المال البشري‪،‬‬
‫واالستثمار في رأس المال البشري المرتبط بدوره باإلجراءات والوقت‪ ،‬وتعكس هذه المؤشرات جميعها توفر‬
‫نسبة عالية تساير حركية التعلم والتطوير من خالل التعلم والتدريب المستمر واتباع الدورات الترميمية‪.‬‬

‫مؤشرات نشر تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت‪:‬‬

‫وهذه تقدم ميزات نوعية تكمن في در أرباح كبيرة‪ ،‬وازدهار صناعات جديدة‪ ،‬وخلق وظائف جديدة‪ ،‬وهي‬
‫بذلك تحتل مكانة جوهرية في اقتصاد المعرفة‪ ،‬إذ تقوم على االبتكار المكثف وابتكار خدمات في مجمل‬
‫االقتصاد‪ ،‬وهي داعمة لترميز المعارف‪.‬‬

‫العولمة‪:‬‬

‫بما تمثله من حركة رؤوس األموال وانتقالها عن طريق عمليات التعامل في األسواق المالية‪ ،‬وعمليات‬
‫اإلقراض واالقتراض‪ ،‬وحرية حركة السلع والخدمات عن طريق تحرير التجارة وتحويل النشاط االقتصادي‬
‫من القطاع العام إلى القطاع الخاص وتحديد تدخل الدول‪.‬‬

‫المضامين األساسية للعولمة في اقتصاد المعرفة‪:‬‬

‫تتضمن العولمة في ظل اقتصاد المعرفة استخدام العديد من األدوات والوسائل والصيغ التي تستخدم في‬
‫فرض التوجه نحو العولمة‪ ،‬والتي يتمثل أهمها في الجانب االقتصادي موضوع البحث‪ ،‬ما يلي‪:‬‬

‫‪165‬‬
‫حرية حركة رؤوس األموال وانتقالها عن طريق عمليات التعامل في األسواق المالية والنقدية‪ ،‬وعمليات‬
‫اإلقراض واالفتراض من خالل المؤسسات المالية والمصرفية منها خاصة‪ ،‬وعن طريق االستثمار في‬
‫المشروعات‪ ،‬خاصة وأن هذه الحركة اتسعت وازدادت بشكل كبير وواسع في اقتصاد المعرفة نتيجة‬
‫التطور التقني الواسع والمتسارع في الوسائل واألدوات التي من خاللها يتم هذا االنتقال‪ ،‬وتوفر االتصال‬
‫واالنخفاض الحاد في كلفته وسرعته الفائقة‪ ،‬وبالذات من خالل التعامل اإللكتروني والتمويل اإللكتروني‬
‫واالتصال اإللكتروني عبر اإلنترنت والفاكس وغيره‪.‬‬

‫حرية حركة السلع والخدمات وانتقالها عن طريق تحرير التجارة بشقيها تجارة التصدير وتجارة االستيراد‬
‫المنظورة وغير المنظورة وباستخدام الوسائل التقنية المتقدمة التي يتيحها اقتصاد المعرفة‪ ،‬وبالشكل الذي‬
‫ال من السوق اإلقليمية أو القومية أو الوطنية‪ ،‬وبالذات من خالل التجارة‬
‫يجعل السوق عالميًا بد ً‬
‫اإللكترونية‪.‬‬

‫تحويل النشاط االقتصادي من القطاع العام إلى الخاص من خالل عمليات الخصخصة التي يتم األخذ‬
‫بها في معظم دول العالم‪ ،‬تماشيًا مع اتجاهات العولمة في ظل اقتصاد المعرفة الذي يتم في إطار‬
‫رأسمالي يعتمد أساساً في عمله على آلية السوق القائمة على الملكية الخاصة للنشاطات االقتصادية‪ ،‬وهو‬
‫األمر الذي يحرم الدول النامية واألقل تطو ًار من خالل اإلمكانات التي يمكن أن يوفرها القطاع العام‬
‫لتطويرها من ناحية‪ ،‬ولتحقيق ومراعاة الجوانب االجتماعية فيها من ناحية أخرى‪ ،‬مقارنةً بالقطاع الخاص‬
‫الذي قد ال يستطيع تحقيق ذلك بحكم إمكاناته المحدودة من ناحية‪ ،‬وبحكم ارتباطه بالقطاع الرأسمالي في‬
‫اقتصادات الدول المتقدمة‪ ،‬وألنه يستهدف أساسًا تحقيق أقصى ربح ممكن‪ ،‬بدون مراعاة كافية للجوانب‬
‫االجتماعية ولعملية تطوير االقتصاد المحلي من ناحية أخرى‪.‬‬

‫تحديد درجة تدخل الدول بأدنى وأضيق نطاق ممكن خالل العمل على توفير حرية أكبر للقيام بالنشاطات‬
‫االقتصادية وممارستها عن طريق إتاحة العمل للقطاع الخاص للقيام بها دون إعاقة وتدخل من الدولة‪،‬‬
‫وهو األمر الذي يحرم الدول النامية من اإلمكانية التي يوفرها عمل الدولة في تالفي األضرار والمساوئ‬
‫التي يمكن أن تحصل نتيجة عمل القطاع الخاص عند قيامه بالنشاطات االقتصادية‪.‬‬

‫المتغيرات المستخدمة في حساب دليل المعرفة واقتصادها‪:‬‬

‫‪169‬‬
‫فالركن األول منظومة االقتصاد الوطني‪ :‬والذي يتضمن الناتج المحلي اإلجمالي‪ ،‬حصة الفرد من الناتج‬
‫اإلجمالي المحلي‪ ،‬دليل الفقر البشري (نسبة مئوية) عدد السكان‪ ،‬نسبة التوظيف في الصناعة‪ ،‬نسبة‬
‫التوظيف في الخدمات فضالً عن متغيرات أخرى‪.‬‬

‫أما الركن الثاني البنية التحتية للمعلومات واالتصاالت‪ :‬فيتضمن عدد الهواتف التقليدية لكل ‪3111‬‬
‫مواطن‪ ،‬عدد الهواتف المحمولة لكل ‪ 3111‬مواطن‪ ،‬عدد الحواسيب لكل ‪ 3111‬مواطن‪ ،‬عدد مضيفات‬
‫اإلنترنت لكل ‪ 3111‬مواطن‪ ،‬توفر الحكومة اإللكترونية‪ ،‬اإلنفاق على أدوات المعلومات واالتصاالت‬
‫كنسبة من الناتج اإلجمالي المحلي‪ ،‬عدد مستخدمي اإلنترنت‪ ،‬كلفة اإلنترنت‪ ،‬استخدام اإلنترنت في‬
‫التجارة واألعمال‪ ،‬الدخول إلى اإلنترنت في المدارس‪ ،‬وغيرها من المتغيرات التي تختص بالبنية التحتية‬
‫للمعلومات واالتصاالت‪.‬‬

‫والركن الثالث منظومة التعليم‪ :‬ويتضمن دليل التعليم‪ ،‬معرفة القراءة والكتابة لدى الكبار‪ ،‬حجم االلتحاق‬
‫بالمدارس المتوسطة‪ ،‬اإلنفاق على التعليم (نسبة من الناتج اإلجمالي المحلي) ومتغيرات أخرى‪.‬‬

‫وي تضمن الركن الرابع االبتكار والقدرة التنافسية‪ :‬دليل التنمية البشرية‪ ،‬العاملون في البحث والتطوير لكل‬
‫مليون نسمة‪ ،‬مستوى تدريب الكوادر‪ ،‬التعاون البحثي بين الجامعات والشركات‪ ،‬توافق التعليم الجامعي مع‬
‫متطلبات االقتصاد‪ ،‬هجرة العقول العلمية‪ ،‬دليل اإلنجاز التقني‪ ،‬حجم اإلنفاق الخاص على البحث‬
‫والتطوير‪ ،‬حجم تصدير التقنيات المتقدمة من صادرات اإلنتاج فضالً عن متغيرات أخرى‪.‬‬

‫عالقة اإلدارة في اقتصاد المعرفة‪:‬‬

‫تتسم اإلدارة الرش يدة في اقتصاد المعرفة بالقدرة على تركيز الجهود إليجاد األدوات واآلليات الالزمة‬
‫إلحداث تغيرات في التكلفة ورفع الكفاءة واإلنتاجية‪ ،‬وفي الوقت ذاته تفجير طاقات اإلبداع واالبتكار‬
‫والحماس لدى األشخاص الذين تعتمد عليهم المؤسسة‪.‬‬

‫وتمثل هذه القدرة جوهر تطوير رأس المال الفكري وادارته‪ ،‬وتنطوي أيضًا على المعايير التي يمكن‬
‫باستخدامها قياس رأس المال البشري وادارته‪ .‬وثمة اهتمام متزايد بضرورة قياس وادارة رأس األصول غير‬
‫الملموسة بما فيها األصول الفكرية والمعارفية مصحوبًا بانتقاد متنام لألساليب المحاسبية الشائعة اآلن‪،‬‬
‫والتي ت فترض أن األصول الملموسة فقط هي التي تولد الثروة‪ ،‬في الوقت الذي تعزى فيه الفروقات بين‬

‫‪132‬‬
‫القيمة السوقية والقيمة المحاسبية إلى رأس المال الفكري‪ ،‬وهو يمثل األصول غير الملموسة التي تدعم‬
‫القيمة وامكانيات النمو‪ .‬وتشمل رأس األصول غير الملموسة معرفة الثقافات والتاريخ والسياسات والتقنيات‬
‫واألسواق والزبائن واحتياجاتهم والقوانين واألنظمة واالقتصاديات واللغات واألفكار والمقترحات وعادات‬
‫الشعوب المختلفة وثقافاتها‪ .‬إن معايير القياس المستقاة من الممارسات المحاسبية الموروثة من العصر‬
‫السابق لم تعد كافية لتوفير مؤشرات تؤدي إلى خلق قيمة على النحو األمثل‪ ،‬فالقياس هو ضرورة ال‬
‫يمكن االستغناء عنها إلدارة الموارد بطريقة فعالة‪ .‬والوقت اآلن مناسب لتطوير مقاييس مالئمة تدفع‬
‫باألداء إلى األمام وتتمخض عن الوصول إلى تقديرات يعتمد عليها للقيمة االقتصادية التي يتوقع أن‬
‫تضيفها توصيات تحسين األداء ورفعه‪.‬‬

‫وتتألف إدارة المعرفة من العمليات التي تهدف من كسب المعرفة أو استخدامها تحقيق مردود اقتصادي‬
‫ملموس‪ ،‬وعليه يتألف نظام إدارة المعلومات من العمليات والتقنيات التي يتم توظيفها في ضوء رؤيا‬
‫إستراتيجية للمؤسسة‪ ،‬بحيث توفر المعرفة العلمية والتطبيقية الالزمة لحل المشكالت التي تعترض‬
‫العاملين في دائرتها‪ .‬ويقيم هذا النظام عالقات جدلية مع الثقافة واإلستراتيجية السائدة في البيئة التي يقيم‬
‫فيها وسالسل القيم السائدة في البنية االقتصادية فيستمد منها موارده‪ ،‬ويحدد معالم آليات التعامل مع‬
‫تفاصيلها الدقيقة مما يثمر عنه االرتقاء بالرأسمال البشري‪ ،‬وتعميق المعرفة بموارد المعلومات المتاحة‬
‫لضمان القدرة على التنافس واالستمرار في الوقوف بمكان الصدارة‪.‬‬

‫دور إدارة المعرفة في اقتصاد المعرفة‪:‬‬

‫نستطيع أن نستنتج مدى أهمية الدور الذي تلعبه إدارة المعرفة في وصول أي مجتمع معرفي إلى اقتصاد‬
‫المعرفة‪ ،‬حيث أنه عندما نقوم بإنتاج المعارف نصبح بحاجة إلى تنظيمها وترتيبها وادارتها حتى تظهر‬
‫بأحسن صورة وأسهل شكل للتعامل‪ ،‬وعندما ترتب هذه المعارف وتنظم تحت إدارة جيدة نستطيع القول أن‬
‫هذا المجتمع أصبح بإمكانه االنتقال من شكل االقتصاد المادي القائم على السلع المادية من زراعات‬
‫وصناعات ونفط وغيره إلى شكل أرقى وهو اقتصاد المعرفة‪ ،‬بحيث يصبح التعامل مع سلع معلوماتية‬
‫معرفية تعتمد على التكنولوجيا والتطور العلمي‪ ،‬وبذلك يستفيد منها ماديًا ومعرفيًا‪ ،‬حيث أنه عندما يبيع‬
‫أي منت ج معلومات أي شكل من أشكال مصادر المعلومات باستخدام التكنولوجيا الحديثة من بريد‬
‫إلكتروني وانترنت وغيرها يستفيد منها مادياً‪ ،‬وكذلك يفيد المستهلك فكرياً ومعرفيًا‪ ،‬وبذلك نستطيع القول‬
‫إن إدارة هذه المعارف أدت إلى اقتصادها‪.‬‬
‫‪131‬‬
‫إشكاليات اقتصاد المعرفة وتحدياته‪:‬‬

‫تتعدد إشكاليات اقتصاد المعرفة وتحدياته‪ ،‬فمنها ما تعد إشكاليات وتحديات مباشرة‪ ،‬ومنها ما تعد غير‬
‫مباشرة‪ ،‬أو يمكن تصنيفها على أنها إشكاليات وتحديات على المستوى الجزئي أو على المستوى الكلي‪،‬‬
‫وبكل األحوال سنحاول مناقشة بعض تلك اإلشكاليات والتحديات التي نجدها أكثر أهمية مثل‪:‬‬

‫‪ -‬تكريس البطالة وهجرة األدمغة‪.‬‬

‫‪ -‬تكريس ثقافة االستهالك‪.‬‬

‫‪ -‬إفالس الشركات‪.‬‬

‫‪ -‬عدم القدرة على ضبط المنتجات‪.‬‬

‫‪ -‬إشكاليات القياس‪.‬‬

‫‪ -‬خلل بين القطاعات‪.‬‬

‫‪ -‬الكساد المعلوماتي‪.‬‬

‫‪ -‬الفجوة الرقمية‪.‬‬

‫تكريس البطالة وهجرة األدمغة‪:‬‬

‫يؤدي التوجه نحو العقول المبدعة في اقتصاد المعرفة إلى االستغناء عن العمالة غير المبدعة‪ ،‬وبالتالي‬
‫تكريس جيش من العاطلين عن العمل‪ .‬فمن الناحية العلمية المباشرة تحل اآلالت والتجهيزات محل القوة‬
‫البدنية كجزء من منظومة اقتصاد المعرفة‪ ،‬ومن ناحية أخرى يشكل الموهوبون والحاصلون على تأهيل‬
‫علمي رفيع القسم اآلخر الذي يخطط ويصمم ويبتكر‪ ،‬بينما يخرج العاملون الذين لم يحصلوا على التأهيل‬
‫المناسب من سوق العمل‪ ،‬وبالتالي يكرسون أنواعاً أخرى من المشكالت االقتصادية واالجتماعية وحتى‬
‫الفكرية‪ .‬ومما يثير االهتمام في ضوء ما ذكرناه‪ ،‬أن العديد من الوظائف ‪ -‬من وجهة نظر أخرى – ال‬
‫تجد من يملؤها (على األقل في الواليات المتحدة)‪ ،‬ولعل قطاع تقنيات المعلومات هو القطاع األكبر الذي‬
‫يصارع إليجاد المواهب والطاقات‪ ،‬وبالنظر إلى الطاقات التي يخرجها نظام التعليم في مجاالت تقنية‬
‫المعلومات ي عتقد أن قطاع العمال سيعاني ليجد المجموعة الصحيحة من المهارات‪ ،‬لذلك إذا نقصت‬
‫‪132‬‬
‫المهارات في بلد ما فيمكن إيجاد الطاقات المناسبة في أي مكان في العالم واالستفادة منها‪ ،‬وذلك من‬
‫خالل الشبكات اإللكترونية والتعاون االفتراضي مما يقود إلى إشكالية جديدة تكمن في استنزاف الطاقات‬
‫البشرية من البلدان النامية أو التي ال يمكنها توفير الشروط المناسبة لمبدعيها إلى البلدان المتقدمة‪ ،‬األمر‬
‫الذي يزيد من حدة الفجوة ما بين دول العالم‪.‬‬

‫تكريس ثقافة االستهالك‪:‬‬

‫إن من أهم سمات اقتصاد المعرفة هو التكيف الموسع لموافقة رغبات الزبائن‪ .‬فقد سادت في العصر‬
‫الصناعي عقلية اإلنتاج الجماهيري‪ ،‬حيث يتم اإلنتاج بكميات كبيرة ومواصفات موحدة‪ ،‬في حين نجد أن‬
‫الميزة التنافسية في اقتصاد المعرفة لم تعد تقوم على اإلنتاج المكثف والتسويق المكثف والتوزيع المكثف‬
‫والسياسات الموحدة‪ ،‬بل يكمن في تحديد خصوصية كل مستهلك‪ ،‬وهذا ما يسمى ‪warr‬‬
‫‪ grrbewolaboeg‬الذي يبحث عن إنتاج أشياء جديدة وخدمات مصممة خصيصاً الحتياجات ورغبات‬
‫خاصة لدى المستهلكين األمر الذي يشكل أحد دعامات تكريس االستهالك بالرغم من إيجابياتها‬
‫االقتصادية‪ ،‬إذ أن اقتصاد المعرفة يجاري رغبة المستهلكين الفطرية الدائمة لالستهالك‪ ،‬ويحاول قياس‬
‫تلك الرغبات واإلنتاج تبعًا لها‪ ،‬األمر الذي يشكل قدرة جديدة على قيادة المجتمعات وتوجيهها بطرق‬
‫جديدة يجدها الكثير من الباحثين طرقًا غير إيجابية‪.‬‬

‫إفالس الشركات‪:‬‬

‫إن دخول الشركات صغيرة ومتوسطة الحجم في منافسة حادة مع الشركات العمالقة‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫انخفاض التكلفة الحدية لإلنتاج إلى حدود بعيدة تؤدي إلى خفض األسعار‪ ،‬وبالتالي انخفاض األرباح إلى‬
‫حدود يجعل من الشركات التي ال تملك الرأسمال الفكري والمادي الكافي‪ -‬الذي يجعلها تتغير بسرعة‬
‫تتناسب وواقع بيئة اقتصاد المعرفة ‪ -‬عرضةً لإلفالس كما حدث مع شركات التقانة التي أوحت للكثير‬
‫من االقتصاديين بتسمية اقتصاد المعرفة باقتصاد الفقاعة‪ .‬وطالما أن عائدات اقتصاد المعرفة رهن‬
‫بالحالة اإلبداعية واالبتكارية فإن هذا يعطي الشركات حق االحتكار والتحكم‪ ،‬ويزيد من العائدات بشكل‬
‫أساسي‪ ،‬إال أنه من جهة أخرى يهدد تلك الشركات باالندثار مع أول حالة إخفاق إبداعية أو ابتكارية‪.‬‬

‫عدم القدرة على ضبط المنتجات‪:‬‬

‫‪133‬‬
‫إن طبيعة المنتجات المعرفية وخاصة المنتجات المعرفية المحضة التي يسهل تناقلها ونسخها بسهولة‬
‫عبر شبكة اإلنترنت كالبرمجيات وملفات الفيديو‪ ،‬وكذلك إمكانيات الشبكة الواسعة باإلضافة إلى اتساع‬
‫رقعة السوق وما تخلقه من تحديات كحماية الملكية الفكرية والض ارئب والرسوم الجمركية‪ ،‬كلها تجعل من‬
‫الصعب التحكم بتلك المنتجات وضبطها‪ ،‬األمر الذي يمكن أن يؤدي إلى خسائر جمة بالنسبة إلى‬
‫الشركات واألشخاص المبدعين‪ .‬ف من الصعب الوثوق بإمكانية ضبط أحد تلك المنتجات بمجرد إتاحته‬
‫على الشبكة‪ ،‬ومن ناحية أخرى فإن قانون تزايد العوائد جراء انخفاض التكلفة الحدية التي تقرب من‬
‫الصفر أدى إلى دفع شركات المعرفة الرقمية إلى االتجاه نحو تبني النسخ المجانية كسياسة تسويقية‬
‫جديدة األمر الذي يعني القفز على حقوق الملكية الفكرية‪.‬‬

‫إشكاليات القياس‪:‬‬

‫رغم أن الكثير من االقتصاديين يعمدون إلى استخدام بعض المؤشرات المعروفة لقياس اقتصاد المعرفة‬
‫التي أتينا على ذكر بعضها إال أن معايير القياس الحقيقية التي تخص بيئة اقتصاد المعرفة مازالت غير‬
‫متوفرة أو لنقل غير ناضجة بما فيه الكفاية‪ ،‬وربما يعود ذلك إلى جوهر المعرفة الذي يصعب التعامل مع‬
‫المؤشرات الكمية المباشرة‪ ،‬وال يستدل عليها غالباً إال عن طريق آثارها وما يمكن أن تفعله‪ .‬ولعل معظم‬
‫المعايير والمؤشرات المستخدمة في االقتصاد التقليدي لم تستطع اإلحاطة بأعمال بيئة اقتصاد المعرفة‪،‬‬
‫فال األنظمة وال القواعد المحاسبية وال الدول المالية استطاعت أن تقدم قياسات حقيقية ألعمال اقتصاد‬
‫المعرفة‪.‬‬

‫خلل بين القطاعات‪:‬‬

‫إن تدفق األموال فيما يخص االستثمارات الجديدة في اقتصاد المعرفة ‪ -‬والتي تحقق عائدات كبيرة‬
‫تكرسها القيم المضافة الكبيرة التي تفوق كل العائدات المتحققة من القطاعات األخرى ‪ -‬سيخلق مشكالت‬
‫تتعلق بإهمال الشركات الكبيرة للكثير من االستثمارات في القطاعات األخرى‪ ،‬وهذا يخلق مشكالت على‬
‫مستوى االقتصاد الكلي‪ ،‬وبالتالي يظهر الخلل في التوازن مابين القطاعات‪.‬‬

‫الكساد المعلوماتي‪:‬‬

‫ذلك الطوفان المعلوماتي‪ ،‬وخاصة على المستوى االستهالكي المباشر‪ ،‬يضع المتصفح في مأزق حقيقي‬
‫تفرضه الخيارات غير المنتهية التي توازي بإشكاليتها ندرة البدائل‪ ،‬األمر الذي دعا بعض المفكرين إلى‬
‫‪134‬‬
‫تسمية اقتصاد المعرفة باقتصاد الفقاعة – كما ذكرنا آنفاً ‪ -‬ونتيجة لذلك تتشكل ردود الفعل العكسية التي‬
‫يمكن أن تقود إلى ما نسميه (الكساد المعلوماتي)‪ ،‬وكأن األزمات االقتصادية تعود لتظهر بمظاهر جديدة‬
‫حسب طبيعة المجتمعات ودرجة تطورها‪.‬‬

‫الفجوة الرقمية‪:‬‬

‫م صطلح الفجوة الرقمية هو استكمال لمصطلح الفجوة التقنية مع التركيز على آخر مستجدات العلوم‪،‬‬
‫وخاصة ما يتعلق منها بالمنتجات المعرفية المحضة كالبرمجيات وغيرها بالتوازي مع حاملها األساس‬
‫شبكة اإلنترنت‪ ،‬وهو يشير إلى الهوة ما بين البلدان النامية والبلدان المتقدمة في قدرتها على النفاذ إلى‬
‫مصادر المعرفة والمعلومات مترادفًا مع القدرة على استغاللها وتوظيفها‪ .‬لكن هذا التطور السريع‬
‫للتكنولوجيا خاصةً تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت سيؤدي إلى توسيع الفجوة الرقمية بين الذين يملكون‬
‫التكنولوجيا والذين ال يملكونها‪ ،‬رغم أنه يمثل ثورة متصاعدة ألن الفوارق في هذه التكنولوجيا واستعماالتها‬
‫بدأت تتجلى من خالل العديد من المؤشرات التكنولوجية الحديثة‪ .‬وان خطورة الفجوة الرقمية ال تتعلق‬
‫بانعكاساتها التلقائية المباشرة على الدخل بقدر ما تتعلق باالنعكاسات على النفوذ‪ ،‬والتي تعود بسلسلة من‬
‫االنعكاسات السلبية المتصاعدة على األمن والصحة والتعليم والعالقات اإلنسانية والدخول وعدالة‬
‫الطموحات‪ ،‬وكذلك على الحق اإلنساني في اإلبداع وفي االستفادة من المعلومات‪.‬‬

‫األسباب االقتصادية للفجوة الرقمية وبالتالي لفجوة المعرفة‪:‬‬

‫هناك أسباب اقتصادية عدة للفجوة الرقمية من أهمها‪:‬‬

‫أوالً‪ -‬ارتفاع كلفة توطين تكنولوجيا المعلومات‪ :‬رغم اال نخفاض الكبير في أسعار ت‪ .‬م‪ .‬ص (تكنولوجيا‬
‫المعلومات واالتصاالت) الخاصة بالمستخدم النهائي‪ ،‬فإن كلفة توطينها محليًا في ارتفاع مستمر نظ ًار‬
‫لألسباب التالية‪:‬‬

‫ارتفاع كلفة إنشاء البنى التحتية الخاصة في إقامة شبكات اتصاالت النطاق العريض ‪Broad band‬‬
‫ذات السعة العالية لتبادل البيانات باستخدام األلياف الضوئية وما يكافئها‪.‬‬

‫ارتفاع كلفة تطوير محتوى عالي الجودة خاصة فيما يتعلق بالمحتوى اإلعالمي ومحتوى تطبيقات‬
‫الوسائط المتعددة‪.‬‬

‫‪137‬‬
‫على الرغم من انخفاض سعر الكمبيوتر الشخصي والمعدات الشخصية األخرى لتكنولوجيا المعلومات‬
‫كالهواتف وأجهزة الفاكس وآالت نسخ الصور وما شابه‪ ،‬إال أن سرعة اإلهالك غير الفني تقلل كثي ًار من‬
‫هذه الميزة االقتصادية‪.‬‬

‫زيادة ميزانية التعليم نتيجة التوسع في إدخال ت‪ .‬م‪ .‬ص في مستويات التعليم المختلفة‪.‬‬

‫ثانياً‪ -‬تكتل الكبار والضغط على الصغار‪ :‬تشهد حاليًا صناعة المعلومات حركة نشطة للتكتل من قبل‬
‫الكبار‪ ،‬مما يضيق الخناق على الصغار في الكثير من المجاالت إلى حد االستبعاد الكامل من حلبة‬
‫المنافسة‪ ،‬ومن أبرز مالمح هذا التكتل‪:‬‬

‫تكتل اقتصادي على مستوى المؤسسات من خالل التكامل األفقي والرأسي‪ ،‬وتكثيف رأس المال‪.‬‬

‫تواصل اقتصادي كبير بين الدول المتقدمة عن طريق التجارة اإللكترونية والمؤسسات ونشاط األعمال بها‬
‫من خالل طور التعامل الذي يرمز إليه بـ‪:‬‬

‫(‪ (B2b) Business- to- Business‬وهو التواصل الذي ينمو بمعدالت متزايدة‪ ،‬مما يضعف وبشدة‬
‫الموقف التنافسي لمؤسسات الدول النامية‪ ،‬وذلك بالطبع عالوةً على التكتالت االقتصادية ما بين الدول‬
‫المتقدمة‪ ،‬التي تؤدي بصورة مباشرة وغير مباشرة إلى تفتيت الدول النامية إلى كيانات صغيرة تدور في‬
‫فلك هذه التكتالت العمالقة‪.‬‬

‫ثالثاً‪ -‬التهام األسواق المتعددة الجنسيات لألسواق المحلية‪ :‬تقوم إستراتيجية التسويق للشركات المتعددة‬
‫الجنسية العاملة في مجال ت‪ .‬م‪ .‬ص عامة ‪ ،‬وشركات تطوير البرمجيات بصفة خاصة‪ ،‬على توزيع‬
‫منتجاتها‪ ،‬وخدماتها خارج الحدود شاملة السوق العالمية على اتساعها‪ ،‬وذلك من خالل ما يعرف بأسلوب‬

‫التطويع لمطالب األسواق المحلية ‪ localization‬تاركة الفتات لشركات التطوير المحلية لتضمر تدريجياً‬
‫في تآكل أسواقها‪.‬‬

‫رابعاً‪ -‬كلفة الملكية الفكرية‪ :‬ستضيف الملكية الفكرية أعباء ثقيلة على فاتورة التنمية المعلوماتية‪ ،‬خاصة‬
‫في ظل االتفاقيات‪ ،‬والتشريعات الملزمة لمنظمة التجارة العالمية (الغات سابقاً)‪ ،‬التي يسعى من لهم‬
‫السلطة عليها إلى توسيع نطاق حماية الملكية الفكرية ليشمل االكتشافات العلمية أيضًا (اكتشاف الجينات‬

‫‪136‬‬
‫المسببة لألمراض الوراثية على سبيل المثال)‪ ،‬وهو ما تكافحه منظمات المجتمع المدني بكل ما في‬
‫وسعها من جهد لكي تظل المعرفة متاحة للجميع‪ ،‬فقد أسهمت أجيال البشر جميعًا في صنعها‪.‬‬

‫خامساً‪ -‬انحياز تكنولوجيا المعلومات اقتصادياً لمصلحة القوي على حساب الضعيف‪ :‬تحابي‬
‫التكنولوجيا‪ ،‬عادةً‪ ،‬األكثر تقدمًا واألكثر استخدامًا لها على حساب األقل تقدمًا واألقل استخدامًا‪ ،‬ومن‬
‫أمثلة ذلك‪:‬‬

‫تتناسب كلفة االتصال عكسيًا مع مستوى الدخل‪ ،‬فكلفتها في بنغالديش على سبيل المثال أضعاف كلفتها‬
‫في الواليات المتحدة األميركية‪.‬‬

‫تصمم منتجات ت‪ .‬م‪ .‬ص وخدماتها تلبية لمطالب مستخدمي الدول المتقدمة‪ ،‬وغالبًا ما تأتي كثير من‬
‫مواصفات هذه المنتجات وامكاناتها غير ذات أهمية بالنسبة إلى مستخدميها في الدول النامية‪ ،‬ومعظم‬
‫حزم البرامج الجاهزة ال توفر الوسائل التي تمكن المستخدم من أن ينتقي منها ما يلبي حاجته فقط‪ ،‬وعليه‬
‫أن يتحمل مهام إضافية ال تعنيه من قريب أو بعيد‪ ،‬وليس في نية الشركات العالمية المنتجة لهذه الحزم‬
‫إنتاج نسخ منها على مقاس الفئات المتعددة من مستخدمي الدول النامية‪.‬‬

‫عادةً ما ي حرم مستخدمو ت‪ .‬م‪ .‬ص في الدول النامية من شراء معدات مستخدمة بأسعار زهيدة إذا ما‬
‫قورنت بالجديدة‪ ،‬كما يحدث كثي ًار في الدول المتقدمة‪ ،‬وذلك لعدم توفر وسائل الصيانة الالزمة‪ ،‬وتعذر‬
‫الحصول على قطع الغيار‪.‬‬

‫‪133‬‬
‫المصادر والمراجع المستخدمة في الوحدة العاشرة‬

‫‪ -‬جمال داوود سلمان‪ ،‬اقتصاد المعرفة‪ ،‬دار اليازوري‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪..119 ،‬‬

‫‪ -‬هاشم الشمري‪ ،‬االقتصاد المعرفي‪ ،‬دار الصفاء للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪..118 ،‬‬

‫‪ -‬سليمان غزالة مصطفى‪ ،‬اقتصاد المعرفة ودوره في عملية التنمية‪( ،‬د ن)‪..119 ،‬‬

‫‪ -‬طالل محرز إسماعيل‪ ،‬مجتمع المعرفة‪ ،‬مركز الدراسات اإلستراتيجية‪ ،‬دمشق‪ ،‬سورية‪..131 ،‬‬

‫‪ -‬هديل عزيز دراز‪ ،‬المعلومات والمعرفة ودورها في التنمية االقتصادية‪( ،‬د ن)‪( ،‬د م ن)‪( ،‬د ت)‪.‬‬

‫‪ -‬أحمد بالل‪ ،‬مال مح اقتصاد المعرفة العربي أفق المستقبل‪ ،‬دار طالس‪ ،‬دمشق‪ ،‬سورية‪..13. ،‬‬

‫‪ -‬هدى زوير الدعمي‪ ،‬االقتصادي المعرفي وانعكاساته على التنمية البشرية‪ ،‬دار جرير‪ ،‬عمان‪،‬‬
‫األردن‪ ،‬الرياض‪ ،‬السعودية‪..131 ،‬‬

‫‪ -‬حسناء سليمان‪ ،‬دور إدارة المعرفة في اقتصاد المعرفة‪( ،‬د ن)‪..116 ،‬‬

‫‪ -‬باسم غدير غدير‪ ،‬اقتصاد المعرفة‪ ،‬شعاع للنشر والعلوم‪ ،‬حلب‪ ،‬سورية‪..131 ،‬‬

‫‪ -‬بيتر دراكر‪ ،‬مجتمع ما بعد الرأسمالية‪ ،‬ترجمة صالح بن معاذ المعيوف‪ ،‬مركز البحوث في معهد‬
‫اإلدارة العامة في المملكة العربية السعودية‪ ،‬الرياض‪..113 ،‬‬

‫‪ -‬تقرير التنمية اإلنسانية العربية للعام ‪ ،.111‬نحو إقامة مجتمع المعرفة‪ ،‬برنامج األمم المتحدة‬
‫اإلنمائي‪ ،‬الصندوق العربي لإلنماء االقتصادي واالجتماعي‪ ،‬عمان‪..111 ،‬‬

‫‪ -‬نبيل علي ونادية حجازي‪ ،‬الفجوة الرقمية‪ ،‬رؤية عربية لمجتمع المعرفة‪ ،‬عالم المعرفة‪ ،‬العدد ‪،138‬‬
‫الكويت ‪..111‬‬

‫‪ -‬نجم عبود نجم‪ ،‬إدارة المعرفة‪ ،‬المفاهيم واإلستراتيجيات والعمليات‪ ،‬مؤسسة الوراق للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫عمان‪..111 ،‬‬

‫‪135‬‬
‫نماذج عن أسئلة من الوحدة العاشرة‬

‫من المستلزمات األساسية القتصاد المعرفة‪:‬‬

‫‪ – A‬إعادة هيكلة اإلنفاق العام ومضاعفته واجراء تخفيض حاسم في اإلنفاق المخصص‬
‫لتعزيز المعرفة‪.‬‬

‫‪ - B‬العمل على خلق رأس المال المادي وتطويره وبنوعية عالية‪.‬‬

‫‪ - C‬تخصيص جزء ضئيل من استثمارات الشركات للبحث العلمي واالبتكار‪.‬‬

‫‪ – D‬كل اإلجابات خاطئة‪.‬‬

‫من أهم األسباب االقتصادية للفجوة الرقمية‪:‬‬

‫‪ - A‬انحياز تكنولوجيا المعلومات اجتماعياً وانسانياً لمصلحة القوي ضد الضعيف‪.‬‬

‫‪ - B‬انخفاض كلفة توطين تكنولوجيا المعلومات‪.‬‬

‫‪ - C‬التهام األسواق المتعددة الجنسيات لألسواق العالمية‪.‬‬

‫‪ - D‬ارتفاع كلفة الملكية الفكرية‪.‬‬

‫‪ -----‬انتهى ‪-----‬‬

‫‪139‬‬

You might also like