You are on page 1of 17

‫النظرية املاركسية يف العالقات الدولية‬

‫‪Marxism Theorizing in International Relations‬‬


‫تعد ﺍﻤﻟﺎﺭكسية التقليدية من بني ﺃﻫﻡ ﺍﻤﻟﺩﺍﺭﺱ ﻲﻓ ﺍلعﻼﻗﺎﺕ ﺍﻤﻟﻔسﺭﺓ لـﺒعﺽ ﺍلﻅـﻭﺍﻫﺭ‬
‫ﺍلﺩﻭليـة كﺎﻹﻤﺒﺭيﺎلية ‪ Imperialism‬ﻭﺍلﺼﺭﺍﻉ ﺍلﺩﻭﻲﻟ ‪International conflits‬‬
‫من ﺍلﺯﺍﻭية ﺍﻻﻗتﺼﺎﺩية‪ ،‬ومن منظريهﺎ‪ :‬كﺎﺭل مﺎركس ‪ ،Karl Marx‬ﻓﺭيﺩﺭيﻙ ﺃجنلز‬
‫‪ Frederick angles‬ﻭﺠﻭﻥ ﻫﻭﺒسﻭ ‪ John a-Hobson‬ﻭﺭﻭﺯﺍ‬
‫لﻭكسﺒورغ ‪ ،rosa Luxembourg‬لين ــيﻥ ﻓﻼﺩيﻤي ــﺭ ‪ Vladimir Léni ،‬ﺍخل‪.‬‬
‫وﻗد احنﺼرت دراسة العﻼﻗﺎت الدولية ﻲﻓ التنﺎﻓس اﻤﻟستدمي بني اﻻجتﺎﻫﺎت النظرية الثﻼثة‪ :‬اﻻجتﺎه‬
‫الواﻗعي واﻻجتﺎه الليرباﻲﻟ واﻻجتﺎه اﻤﻟﺎركسي (أو الراديكﺎﻲﻟ على حد تعﺒري ‪،)Steven Walt‬‬
‫غري أن اﻻجتﺎه اﻤﻟﺎركسي بقي ﻗﺎبعﺎ على ﻫﺎمش حقل التنظري للعﻼﻗﺎت الدولية‪ ،‬بينﻤﺎ شهد‬
‫ازدﻫﺎرا ورواجﺎ واسعني ﻲﻓ حقل الدراسﺎت اﻤﻟتعلقة ابﻻﻗتﺼﺎد السيﺎسي الدوﻲﻟ؛ حيث يسود‬
‫اﻻعتقﺎد أبن كﺎرل مﺎركس يعترب أول منظر ﻲﻓ اﻻﻗتﺼﺎد السيﺎسي‪ ،‬وذلك من خﻼل كسره‬
‫لشوكة اﻻﻗتﺼﺎد الكﻼسيكي القﺎئم أسﺎسﺎ على الﻔﺼل بني مﺎ اصطلح عليه مﺎركس ابلنية‬
‫الﻔوﻗية والﺒنية التحتية‪ ،‬ﻓقد كرس مﺎركس جزءا كﺒريا من جهده النظري لتﺠسري اهلوة بني‬
‫الﺒنيتني‪ ،‬وذلك بربطهﻤﺎ معﺎ ﻲﻓ إطﺎر “اﻻﻗتﺼﺎد السيﺎسي”‪ ،‬وﻗد جﺎدل مﺎركس مطوﻻ أبن‬
‫الﺒنية التحتية (عﻼﻗﺎت اﻹنتﺎج) ﻫي اليت تشكل الﺒنية الﻔوﻗية (العﻼﻗﺎت السيﺎسية)‪ ،‬وليس‬
‫العكس‪.‬‬
‫مفهوم النظرية املاركسية‪:‬‬
‫ﻫي مذﻫب اندى به مﺎركس واجنلز وتروتسكي وكذلك ستﺎلني وتعين الدعوة اىل التﻔكري والﻔهم‬
‫لكل مﺎ يدور حولنﺎ ﻲﻓ اجملتﻤع وﻫي تركز على الﺼراع بني الطﺒقﺎت اﻤﻟكونة للﻤﺠتﻤع الﺒشري‪،‬‬
‫ﻓهي تركز على الﺒعد الﺼراعي ﻲﻓ العﻼﻗﺎت الدولية اعتﻤﺎدا على العوامل اﻻﻗتﺼﺎدية‪.‬‬
‫تكتسي اﻤﻟقﺎربة اﻤﻟﺎركسية أمهيتهﺎ العلﻤية ﻲﻓ تﻔسري العﻼﻗﺎت الدولية من خﻼل الدور الذي‬
‫لعﺒته ﻲﻓ مرحلة احلرب الﺒﺎردة اليت شكلت ﻓيهﺎ اﻤﻟﺎركسية‪ ،‬إيديولوجية مواجهة للغرب الرأمسﺎﻲﻟ‪،‬‬
‫حيث اعتﻤدت جمﻤوعة من الدول‪ ،‬وعلى رأسهﺎ اﻻحتﺎد السوﻓيﺎيت والﺼني والدول اﻤﻟنضوية‬
‫حتت مﺎ مسي ابﻤﻟعسكر اﻻشرتاكي‪ ،‬اﻤﻟقﺎربة اﻤﻟﺎركسية ﻲﻓ سيﺎسﺎهتﺎ الدولية وﻲﻓ تعﺎملهﺎ مع الغرب‬
‫الرأمسﺎﻲﻟ‪ ،‬وأوجدت بذلك توازان حقيقيﺎ ﻲﻓ اﻤﻟنتظم الدوﻲﻟ‪ .‬إذ تنظر اﻤﻟقﺎربة اﻤﻟﺎركسية إىل‬
‫العﻼﻗﺎت الدولية على أهنﺎ عﻼﻗﺎت ﻫيﻤنة واستغﻼل انجتة عن السيﺎسﺎت اﻻمربايلية التوسعية‬
‫للرأمسﺎلية التوسعية‪.‬‬
‫مناذج العالقات الدولية وفق املقاربة املاركسية‬
‫‪ )1‬عﻼﻗﺎت تربط بني اﻤﻟراكز الرأمسﺎلية القﺎئﻤة على التقسيم اﻻﻗتﺼﺎدي للعﺎمل‪ ،‬وﻫي‬
‫اﻻحتكﺎرات‪.‬‬
‫‪ )2‬نظرا حلﺎجتهﺎ إىل توسيع نطﺎق استغﻼهلﺎ‪ ،‬وتﺼريف الرأمسﺎل اﻤﻟرتاكم لديهﺎ‪ ،‬تقوم الدول‬
‫الرأمسﺎلية بتقسيم العﺎمل ﻓيﻤﺎ بينهﺎ‪ ،‬لكن ﻫذا التقسيم ﻻ يﺼﻤد أمﺎم تضخم الرأمسﺎلية‬
‫وحﺎجتهﺎ لتوسيع نطﺎق استغﻼهلﺎ‪ ،‬ممﺎ يؤدي إىل تضﺎرب مﺼﺎحل ﻫذه الدول اليت تقوم‬
‫إىل احلرب والسﻼح حلسم اﻤﻟﺼﺎحل‪ ،‬وﻫو مﺎ حدث ﻲﻓ احلرب العﺎﻤﻟية األوىل‪.‬‬
‫كﻤﺎ جند إىل جﺎنب ﻫذين النﻤوذجني‪ ،‬منوذج العﻼﻗﺎت الدولية النﺎمجة عن مواجهة اﻻمربايلية‪،‬‬
‫واليت حتدث بني الدول الرأمسﺎلية‪ ،‬اليت تزحف على ابﻗي الدول والشعوب من أجل استغﻼهلﺎ‪،‬‬
‫وبني حركﺎت التحرر الوطين‪ ،‬اليت تقﺎوم اﻻستغﻼل واهليﻤنة والتعسف‪ ،‬وابلتﺎﻲﻟ ﻓﺎن ﻫذه احلروب‬
‫حروب عﺎدلة تشنهﺎ الدول اﻤﻟستعﻤرة واﻤﻟستغلة ضد الدول الرأمسﺎلية‪ ،‬وﻲﻓ ﻫذا السيﺎق يقول‬
‫لينني‪ ”:‬إذا أعلن اﻤﻟغرب احلرب على ﻓرنسﺎ‪ ،‬وإذا أعلنت اهلند احلرب على اجنلرتا… ﻓﺎن ﻫذه‬
‫احلروب ﻫي حروب عﺎدلة ودﻓﺎعية” ‪.‬‬
‫تطور املاركسية‬
‫وعرﻓت اﻤﻟقﺎربة اﻤﻟﺎركسية تطورا ﻲﻓ ﻗراءهتﺎ للعﻼﻗﺎت الدولية‪ ،‬انسﺠﺎمﺎ مع التحوﻻت اليت يعرﻓهﺎ‬
‫النظﺎم الدوﻲﻟ‪ ،‬حيث أن توسع عﻼﻗﺎت اﻹنتﺎج الرأمسﺎلية بعد اهنيﺎر اﻻحتﺎد السوﻓيﺎيت‪ ،‬أصﺒحت‬
‫الرأمسﺎلية النظﺎم اﻻﻗتﺼﺎدي السﺎئد ﻲﻓ العﺎمل‪ ،‬وتوزع الرأمسﺎل العﺎﻤﻟي بني مركز مهيﻤن ومتقدم‪،‬‬
‫وحميط متخلف وﻓقري‪ ،‬يرتﺒطﺎن بعﻼﻗﺎت تﺒعية انجتة عن امتﻼك اﻤﻟركز (الدول اﻤﻟتقدمة) للرأمسﺎل‬
‫والقوة اﻻﻗتﺼﺎدية‪ ،‬ﻲﻓ حني أن دول احمليط الرأمسﺎﻲﻟ (الدول اﻤﻟتخلﻔة) ﻓقرية وﻻ تتوﻓر على‬
‫اﻗتﺼﺎد ﻗوي مستقل‪ ،‬ممﺎ جيعلهﺎ مرتﺒطة ابﻤﻟركز وخﺎضعة له‪ ،‬حبكم أن اﻤﻟركز ﻫو النواة األسﺎسية‬
‫ﻲﻓ النظﺎم الرأمسﺎﻲﻟ‪ ،‬تتحكم ﻓيه مﺼﺎحل الدول الﺼنﺎعية الكربى والشركﺎت اﻤﻟتعددة اجلنسية‪.‬‬
‫وإذا كﺎنت اﻤﻟﺎركسية الكﻼسيكية‪ ،‬مع مﺎركس واجنلس ولينني‪ ،‬أو مﺎ يعرف ابﻤﻟﺎركسية‬
‫األرتوذكسية‪ ،‬مل هتتم كثريا ابلعﻼﻗﺎت الدولية‪ ،‬حيث أولت األمهية الكربى إىل الﺼراع الطﺒقي‪،‬‬
‫واﻻ نكﺒﺎب على حتليل عﻼﻗﺎت اﻹنتﺎج وإﻓرازاهتﺎ وآليﺎت التغيري داخل كل جمتﻤع على حدا‪،‬‬
‫ﻓإن ﻫذا ﻻ يلغي الﺒعد العﺎﻤﻟي واألممي ﻲﻓ التحليل اﻤﻟﺎركسي‪ ،‬وذلك ميكن مﻼمسته من خﻼل‬
‫النداء الذي اﻓتتح به مﺎركس واجنلس الﺒيﺎن الشيوعي عﺎم ‪ ،1848‬وﻫو نداء ” اي عﻤﺎل العﺎمل‬
‫احتدوا”‪ ،‬وﻲﻓ ﻫذا اﻹعﻼن يتﺒني إدراك مﺎركس للﺒعد العﺎﻤﻟي للﺼراع بني الربجوازية الربوليتﺎرية‪.‬‬

‫أمهية النظرية املاركسية يف جمال العالقات الدولية‬


‫أسهم اﻻجتﺎه اﻤﻟﺎركسي ﻲﻓ إثراء حقل التنظري للعﻼﻗﺎت الدولية‪ ،‬وتظهر ﻗوة ﻫذا اﻹٌسهﺎم‬
‫من خﻼل مﺎ يلي‪:‬‬
‫▪ أوﻻ‪ :‬كسر اهليﻤنة األورو‪-‬أمريكية على حقل العﻼﻗﺎت الدولية‪ :‬تدعم اﻹحﺼﺎئيﺎت‬
‫بشكل ﻗوي إدعﺎء ‪ Hoffmann‬سنة ‪ 1971‬أبن العﻼﻗﺎت الولية ﻫي علم‬
‫اجتﻤﺎع أمريكي‪ ،‬ذلك ألن معظم علﻤﺎء العﻼﻗﺎت الدولية ﻫم أمريكيون أو يعﻤلون‬
‫ﻲﻓ الوﻻايت اﻤﻟتحدة‪[ ،‬أو أهنم أوروبيون ﻫﺎجروا إىل الوﻻايت اﻤﻟتحدة وحﺼلوا على‬
‫اجلنسية األمريكية]‪ .‬ومن األمور الواضحة كذلك‪ ،‬يشري كريس براون‪ ،‬أن النظرايت‬
‫السﺎئدة حول العﻼﻗﺎت الدولية يغلب عليهﺎ أن تنشأ ﻲﻓ اﻤﻟنﺎطق الغنية والقوية من‬
‫العﺎمل وليس ﻲﻓ األجزاء الﻔقرية والضعيﻔة‪.‬‬
‫ويذﻫب بروان إىل أن ﻫنﺎك وجهة نظر خﺎصة ابجلنوب ‪a view point‬‬
‫‪ from the south‬ومل تنشأ ﻲﻓ الغرب (أورواب والوﻻايت اﻤﻟتحدة) وﻻ ﻲﻓ‬
‫الشﻤﺎل (الدول اﻤﻟتقدمة)‪ .‬تتﻤثل وجهة النظر القﺎدمة من اجلنوب ﻲﻓ النظرايت‬
‫الﺒنيوية‪/‬اﻤﻟﺎركسية ﻲﻓ العﻼﻗﺎت الدولية‪ ،‬واليت هتدف – على حنو مﺎ رأينﺎ – إىل‬
‫وصف تﺒعية دول اجلنوب لدول الشﻤﺎل‪ .‬وﻫذه النظرايت ﻫي الوحيدة اليت نشأت‬
‫ﻲﻓ اجلنوب (العﺎمل الثﺎلث) من بني نظرايت العﻼﻗﺎت الدولية احلديثة‪.‬‬
‫▪ اثنيﺎ‪ :‬القدرة اﻤﻟستﻤرة لنظرية التﺒعية على تﻔسري معضلة التنﻤية ‪dilemma of‬‬
‫‪ development‬ﻲﻓ الدول األﻗل تطورا ‪Less Developed‬‬
‫‪.Countries‬‬
‫▪ اثلثﺎ‪ :‬القدرة اﻤﻟستﻤرة لنظرية النظﺎم – العﺎمل على وصف وتﻔسري انقسﺎم النظﺎم‬
‫التﺠﺎري العﺎﻤﻟي اجلديد (ﻲﻓ ظل ﻗيﺎم منظﻤة التﺠﺎرة العﺎﻤﻟية)‪ ،‬حيث ميكن إعﺎدة‬
‫رسم صورة النظﺎم التﺠﺎري العﺎﻤﻟي اجلديد ابستعﻤﺎل متغريي اﻤﻟركز واحمليط‪ ،‬مع‬
‫مراعﺎة ﻫذه اﻤﻟعطيﺎت اجلديدة‪:‬‬
‫أ‪ -‬حتول اﻻحتﺎد األورويب ضﻤن القﺎرة األوروبية ومنطقة احلوض اجلنويب للﺒحر‬
‫اﻤﻟتوسط‪ ،‬واليﺎابن ضﻤن منطقة جنوب وجنوب شرق آسيﺎ إىل مراكز‬
‫جديدة‪.‬‬
‫ب‪ -‬حتول األطراف التقليدية من طور التﺒعية للﻤركز الوحيد (الوﻻايت اﻤﻟتحدة)‬
‫إىل طور التﺒعية جملﻤوعة متعددة ومتنﺎﻓسة من اﻤﻟراكز‪ .‬ونﻔرتض ﻫنﺎ وجود‬
‫جمﻤوعة ـ ولو حمدودة ـ من اﻤﻟنﺎطق اليت ستقع ﻲﻓ نقﺎط تقﺎطع بني أكثر من‬
‫مدار‪ ،‬نتيﺠة لكوهنﺎ حمل تنﺎﻓس شديد بني أكثر من مركز (منطقيت مشﺎل‬
‫أﻓريقيﺎ والشرق األوسط بني اﻻحتﺎد األورويب والوﻻايت اﻤﻟتحدة‪ .‬منطقة‬
‫جنويب شرق آسيﺎ بني اليﺎابن والوﻻايت اﻤﻟتحدة…)‪.‬‬
‫▪ رابعﺎ‪ :‬تﻔسري الكيﻔية اليت يهيﻤن هبﺎ العﺎمل اﻻﻗتﺼﺎدي على بقية العوامل اﻤﻟؤثرة ﻲﻓ‬
‫العﻼﻗﺎت الدولية‪ ،‬وﻫي العﻼﻗة اليت أتكدت وترسخت أكثر بعد هنﺎية احلرب‬
‫الﺒﺎردة‪.‬‬
‫▪ خﺎمسﺎ‪ :‬اﻻجتﺎه اﻤﻟﺎركسي والعوﻤﻟة‪ :‬إىل أنه ﻻ ميكن اعتﺒﺎر أي حتليل حول العوﻤﻟة‬
‫حتليﻼ كﺎمﻼ بدون أخذ النظرايت اﻤﻟﺎركسية بعني اﻻعتﺒﺎر‪ .‬وأبعد من ذلك ﻓهﻤﺎ‬
‫يذﻫﺒﺎن إىل أن كﺎرل مﺎركس يعترب ﻲﻓ حقيقة األمر أول منظر حول العوﻤﻟة‪.‬‬
‫ﻓإذا كﺎنت العوﻤﻟة تعرب عن العﻤليﺎت اليت حتدث ﻓيهﺎ التﻔﺎعﻼت اﻻجتﻤﺎعية جبﻤيع‬
‫أنواعهﺎ وبشكل متزايد بدون اعتﺒﺎر للحدود الوطنية للدول‪ ،‬األمر الذي جعل العﺎمل‬
‫يﺼﺒح جمﺎﻻ اجتﻤﺎعيﺎ واحدا ﻻ حدود له نسﺒيﺎ‪ ،‬وإذا كﺎنت تعرب عن اﻻندمﺎج‬
‫اﻤﻟتزايد لﻼﻗتﺼﺎدايت الوطنية‪ ،‬واﻹدراك اﻤﻟتنﺎمي للرتابط الﺒيئي‪ ،‬وانتشﺎر الشركﺎت‬
‫واحلركﺎت اﻻجتﻤﺎعية واﻤﻟنظﻤﺎت الدولية اليت تعﻤل على نطﺎق عﺎﻤﻟي… ﻓإن بوسع‬
‫اﻤﻟﺎركسيني رﻓض أي ادعﺎء أبن ﻫذه اﻤﻟظﺎﻫر ﻫي مظﺎﻫر جديدة‪ ،‬بل ﻫي – على‬
‫حد تعﺒري – ‪ Christopher Chase-Dunn‬جمرد مظﺎﻫر ﻻستﻤرار‬
‫اﻻجتﺎﻫﺎت اليت كﺎنت لﻔرتة طويلة تراﻓق منو وتوسع الرأمسﺎلية‪ .‬ويﺒقى أن األمر‬
‫الوحيد اجلديد ﻲﻓ كل ذلك ﻫو نشوء إدراك متزايد هلذه اﻤﻟظﺎﻫر‪ ،‬غري أن اﻤﻟﺎركسيني‬
‫يؤكدون دائﻤﺎ أبن الﻔهم العﻤيق هلذه التطورات جيب أن يندرج ﻲﻓ إطﺎر ﻓهم السيﺎق‬
‫الذي جتري ﻓيه العﻤليﺎت الﺒنيوية النﺎشطة ضﻤن النظﺎم – العﺎمل (وولرشتني مثﻼ‬
‫يذﻫب إىل أن نزع الشرعية عن الدولة ذات السيﺎدة ﻫو مرتﺒط ابألزمة الراﻫنة ﻲﻓ‬
‫النظﺎم – العﺎمل احلديث)‪.‬‬
‫ويذﻫب اﻤﻟﺎركسيون إىل أن اختﺎذ موﻗف ﻻ اترخيي وغري نقدي جتﺎه العوﻤﻟة يعﻤي‬
‫بﺼريتنﺎ عن رؤية الكيﻔية اليت تﺼﺒح معهﺎ اﻹشﺎرة اﻤﻟتزايدة إىل العوﻤﻟة يومﺎ بعد يوم‬
‫جزءا من أيديولوجية النخﺒة اﻤﻟهيﻤنة على النظﺎم – العﺎمل الراﻫن‪ ،‬وﻻ ميكن مواجهة‬
‫مثل التربيرات األيديولوجية لوضع سيﺎسﺎت عﺎﻤﻟية ختدم مﺼﺎحل رجﺎل األعﻤﺎل‬
‫الرأمسﺎليني إﻻ من خﻼل ﻓهم أوسع نطﺎﻗﺎ للعﻼﻗة اليت حتكم الﺒنيتني السيﺎسية‬
‫واﻻﻗتﺼﺎدية للنظﺎم – العﺎﻤﻟي‪.‬‬
‫ويﺒقى أن اﻹدراك األعﻤق الذي يعرضه اﻤﻟنظرون اﻤﻟﺎركسيون يكﻤن ﻲﻓ أنه ليس‬
‫ﻫنﺎك شيء طﺒيعي أو حتﻤي ابلنسﺒة للنظﺎم – العﺎمل احلﺎﻲﻟ الذي يقوم على أسﺎس‬
‫السوق العﺎﻤﻟية‪ ،‬ﻓهو مثله مثل النظم التﺎرخيية األخرى مجيعﺎ مآله ﻲﻓ النهﺎية إىل‬
‫السقوط‪ ،‬وﻲﻓ عﺒﺎرة مؤثرة‪ ،‬يقولون أن اﻤﻟهﻤة اليت تواجهنﺎ اآلن ليست ﻗﺒول حتﻤية‬
‫النظﺎم الراﻫن‪ ،‬بل وضع األسس لنظﺎم – عﺎمل جديد‪ ،‬أكثر عدﻻ وأكثر إنسﺎنية‪.‬‬
‫▪ سﺎدسﺎ‪ :‬اﻻجتﺎه اﻤﻟﺎركسي ﻻ يلهم ﻓقط اﻻجتﺎﻫﺎت النظرية مﺎ بعد الوضعية‪ ،‬ولكنه‬
‫كذلك كﺎن ومﺎزال – ويﺒدو أنه سيﺒقى – يلهم أغلب احلركﺎت اﻻجتﻤﺎعية‬
‫اﻤﻟنﺎﻫضة للعوﻤﻟة عرب العﺎمل‪ ،‬ويكﻔي أن نلقي نظرة ﻓﺎحﺼة سريعة على أدبيﺎت ﻫذه‬
‫احلركﺎت لنﻼحظ أهنﺎ ﻻ تشكل إﻻ امتدادا لليسﺎر اﻤﻟﺎركسي اﻤﻟعروف اترخييﺎ‬
‫مبنﺎﻫضة اآلاثر الﺒنيوية السيئة للنظﺎم الرأمسﺎﻲﻟ العﺎﻤﻟي على الشعوب اﻤﻟهﻤشة‬
‫(الطرﻓية‪/‬احمليطية)‪ ،‬وبذلك يﺼﺒح من اﻤﻟستسﺎغ أن نقرأ األطروحﺎت الرائﺠة اليوم‬
‫من ﻗﺒيل أن “العوﻤﻟة ﻫي أعلى مراحل الرأمسﺎلية”‪ ،‬على غرار أطروحة لينني التﺎرخيية‬
‫حول “اﻹمربايلية كـأعلى مراحل الرأمسﺎلية”‪.‬‬
‫االنتقادات املوجهة للنظرية املاركسية‪:‬‬
‫تعرضت النظرية اﻤﻟﺎركسية التقليدية جملﻤوعة انتقﺎدات منهﺎ‪:‬‬
‫‪ .1‬تركيز إﻫتﻤﺎم اﻤﻟﺎركسيني ﻲﻓ الﺒيئة الداخلية للﻤﺠتﻤع الواحد‪ ،‬اعتقﺎدا منهم أبن التحوﻻت‬
‫الكربى تﺒدأ من تنﺎﻗضﺎت اجملتﻤع الواحد‪.‬‬
‫‪ .2‬عدم ﻓﺼلهم بني السيﺎسة الداخلية والسيﺎسة اخلﺎرجية للدولة‪ ،‬وابلتﺎﻲﻟ جتﺎﻫلهم للﺒيئة‬
‫اخلﺎرجية للﻤﺠتﻤع‪ ،‬وﻲﻓ ذلك يقول ﻓﻼدميري لينيني‪" :‬ليس ﻫنﺎك ﻓكرة أخطر وأشد‬
‫ضررا من الﻔكرة اﻤﻟتﻤثلة ﻲﻓ ﻓﺼل السيﺎسة الداخلية عن السيﺎسة اخلﺎرجية"‪.‬‬
‫‪ .3‬يهتم التنظري ﻲﻓ العﻼﻗﺎت الدولية جبوانب أخرى إضﺎﻓة للﺠﺎنب اﻻﻗتﺼﺎدي‪ ،‬الذي يُعد‬
‫حمور تﻔسري اﻤﻟﺎركسيني للظواﻫر اﻤﻟختلﻔة‪.‬‬
‫‪ .4‬عدم إﻤﻟﺎم اﻤﻟﺎركسيني ابلظواﻫر الدولية واﻗتﺼﺎرﻫم على ظﺎﻫريت "اﻹمربايلية" و"الﺼراع‬
‫الطﺒقي"‪ ،‬وجعلهﻤﺎ كﻤتغريين أسﺎسيني ﻲﻓ حتليلهم من خﻼل اعتﺒﺎرﻫم الطﺒقة كﻔﺎعل‬
‫(‪ )Actor‬واﻹمربايلية كقوة حمﻔزة (‪.)Motive‬‬
‫‪ .5‬رغم أن العﻼﻗﺎت الدولية ﻫي عﻼﻗﺎت بني الدول‪ ،‬ﻓإن اﻤﻟﺎركسيني التقليديني ينكرون‬
‫دور الدولة‪ ،‬بل ويذﻫﺒون إىل حد دعوهتم بضرورة زوال الدولة معتربين أن الﺼراع ليس‬
‫صراعﺎ دوليﺎ (أي بني الدول)‪ ،‬وإمنﺎ صراع طﺒقي بني الطﺒقة الربجوازية وطﺒقة الربوليتﺎراي‬
‫وﻫو صراع آيديولوجي‪ -‬إﻗتﺼﺎدي‪.‬‬
‫‪ .6‬اﻹنتقﺎدات اليت طﺎلت "حتﻤية" لينني حول ربطه مﺎ بني الرأمسﺎلية واﻹمربايلية‪ ،‬حيث‬
‫يﻔرتض أن الدولة الرأمسﺎلية ينتج عنهﺎ حتﻤﺎ اﻤﻟﻤﺎرسﺎت اﻹمربايلية‪ ،‬ولكن الواﻗع يُﺒني‬
‫أن الدول الرأمسﺎلية مل تكن كلهﺎ إمربايلية‪ ،‬كﻤﺎ أن الدول اﻹمربايلية مل تكن كلهﺎ رأمسﺎلية‬
‫ابلضرورة‪ ،‬وﻫو مﺎ شكك ﻲﻓ صدق ﻫذا اﻻﻓرتاض ومﺎ ترتب عليه من تﻔسريات‬
‫وحتليﻼت‪.‬‬
‫وكﻤﺎ متت اﻹشﺎرة للدور الﺒﺎرز الذي أداه تيﺎر اﻹمربايلية على الﻔكر اﻤﻟﺎركسي بشكل خﺎص‬
‫حيث استقى العديد من اﻤﻟﻔكرين واﻻﻗتﺼﺎديني من تيﺎر الإلمربايلية وطوروا عليه أﻓكﺎرا جديدة‬
‫وتﻔسريات خمتلﻔة‪ ،‬متثلت بتيﺎر رﻓض التﺒعية‪ Dependency Theory-‬والذي يندرج‬
‫حتت مﺎ سيعرف ﻻحقﺎ بـ التنظري النيو‪-‬مﺎركسي‪.‬‬
‫انعكاسات هناية احلرب الباردة على االجتاه املاركسي يف العالقات الدولية‬
‫‪ -1‬مظﺎﻫر انﺒعﺎث اﻤﻟﺎركسية‬
‫أدت هنﺎية احلرب الﺒﺎردة واهنيﺎر اﻻحتﺎد السوﻓيييت واﻤﻟعسكر الشيوعي ﻲﻓ أورواب الشرﻗية عﻤومﺎ‪،‬‬
‫إضﺎﻓة إىل اﻻنتﺼﺎر العﺎﻤﻟي لرأمسﺎلية السوق احلرة‪ ،‬إىل اﻻﻓرتاض أبن الﻔكر اﻤﻟﺎركسي سيرتاجع‬
‫إىل الظل‪ ،‬خﺎصة مع مﺎ بدا انه استسﻼم األحزاب الشيوعية الﺼﺎمدة ﻲﻓ الﺼني‪ ،‬ﻓييتنﺎم‪ ،‬كواب‬
‫وكوراي الشﻤﺎلية للﻤنطق اﻻﻗتﺼﺎدي للسوق‪ .‬ﻓقد كﺎن ذلك مؤشرا ﻗواي على أن الشيوعية‬
‫اﻤﻟﺎركسية مل تعد توﻓر الﺒديل اجلذاب عن الرأمسﺎلية الليربالية‪ .‬ﻲﻓ ﻫذا اخلﺼوص يقدم‬
‫‪ Stephen Hobden & Richard Wyn Jones‬حﺠﺠﺎ ﻗوية تﻔند ﻫذا‬
‫اﻻﻓرتاض‪ ،‬حيث جيﺎدﻻن أبن هنﺎية التﺠربة السوﻓييتية وﻓشلهﺎ ﻲﻓ تقدمي نﻔسهﺎ كﺒديل حﺎسم‬
‫للرأمسﺎلية رمبﺎ يكون ﻗد أدى إىل أزمة ﻲﻓ النظرية اﻤﻟﺎركسية‪ ،‬غري أنه بعد عشر سنوات‪ ،‬ظهر‬
‫ﻫنﺎك مﺎ يشﺒه اﻻنﺒعﺎث ﻲﻓ األطروحﺎت اﻤﻟﺎركسية ‪.renaissance of marxism‬‬
‫يقدم ‪ Hobden & Jones‬سﺒﺒني ﻤﻟﺎ أمسيﺎه ابنﺒعﺎث اﻤﻟﺎركسية‪ ،‬مهﺎ‪:‬‬
‫‪ o‬أوﻻ‪ :‬اعتقﺎد الكثري من اﻤﻟﺎركسيني بوجود نوع من اﻻحنراف ﻲﻓ التﺠربة السوﻓييتية‪.‬‬
‫ﻓﻤﺒﺎشرة بعد ثورة أكتوبر‪ ،‬أعلن العديد من اﻤﻟﺎركسيني وﻻءﻫم لإلحتﺎد السوﻓيييت على‬
‫أنه أول وطن للعﻤﺎل ‪ .the first Workers’ State‬واستﻤر ﻫذا الوﻻء رغم‬
‫اﻤﻟﻤﺎرسﺎت الﻔﺎسدة لستﺎلني على اﻤﻟستوى احمللي وعلى اﻤﻟستوى اخلﺎرجي ﻓيﻤﺎ تعلق‬
‫جبﻤهورايت اﻻحتﺎد ﻲﻓ شرق أورواب‪ .‬لقد سﺎد اﻻﻗتنﺎع أبن اﻻشرتاكية القﺎئﻤة ابلﻔعل ﻲﻓ‬
‫اﻻحتﺎد ﻻ متثل اليوتوبيﺎ الشيوعية اليت وعد هبﺎ مﺎركس‪ ،‬وعليه ﻓﻤنهم من أخذ على‬
‫عﺎتقه مهﻤة اﻻنتقﺎد الﺼريح لﻼحتﺎد السوﻓيييت‪ ،‬ومنهم من اكتﻔى ابلﺼﻤت على أمل‬
‫أن يتحسن أداء اﻻحتﺎد‪ .‬ومع اهنيﺎر الكتلة الشرﻗية واهنيﺎر اﻻحتﺎد السوﻓيييت‪ ،‬عﻤل‬
‫اﻤﻟﺎركسيون على إعﺎدة ﻓتح النقﺎش حول إمكﺎنيﺎت توجيه اجلدل النظري ﻤﻟﺼلحة‬
‫أطروحﺎت مﺎركس بدون اللﺠوء إىل تربير أﻓعﺎل احلكومﺎت اليت تدعي التزامهﺎ بتلك‬
‫األطروحﺎت‪ .‬ومن جهة أخرى‪ ،‬ﻓقد أدى اهنيﺎر اﻻحتﺎد السوﻓيييت إعﺎدة تقييم أعﻤﺎل‬
‫مﺎركس بدون حﺼرﻫﺎ ﻲﻓ األيديولوجيﺎ اﻤﻟﺎركسية اللينينية‪ ،‬كأيديولوجيﺎ خﺎصة ابلدولة‬
‫السوﻓييتية؛ وﻫذا مهم جدا‪ ،‬ألن الكثري من اﻤﻟﻔﺎﻫيم واﻤﻟﻤﺎرسﺎت طﺎﻤﻟﺎ مت أخذﻫﺎ على‬
‫أهنﺎ عقﺎئد مﺎركسية رغم أهنﺎ مل ترد إطﻼﻗﺎ ﻲﻓ كتﺒﺎت مﺎركس‪ ،‬يشﻤل ذلك “اﻤﻟركزية‬
‫الدميقراطية ‪ democratic centralism‬واﻻﻗتﺼﺎد اﻤﻟوجه مركزاي ‪centrally‬‬
‫‪.directed command economy‬‬
‫‪ o‬اثنيﺎ‪ :‬وﻫو األكثر أمهية‪ ،‬أن النظرية اﻻجتﻤﺎعية اﻤﻟﺎركسية تتضﻤن جمﻤوعة من األدوات‬
‫التحليلية القوية اليت أﻓرزت حتليﻼ حمكﻤﺎ للرأمسﺎلية كنﻤط إنتﺎج‪ ،‬وﻻ يوجد إىل اليوم‬
‫حتليل آخر يﻔوﻗه إحكﺎمﺎ ودﻗة‪ .‬ﻫنﺎك اعتقﺎد أبن اﻻنتشﺎر اﻤﻟتزايد ﻤﻟيكﺎنيزمﺎت السوق‬
‫ﻲﻓ خمتلف جوانب حيﺎتنﺎ جيعل من حتليل مﺎركس للدينﺎميكية الرأمسﺎلية والتنﺎﻗضﺎت‬
‫اﻤﻟﻼزمة هلﺎ مﺼدرا للﺠدل أبن اﻤﻟﺎركسية تﺒقى نظرية ذات درجة عﺎلية من اﻤﻟوثوﻗية ﻲﻓ‬
‫وﻗتنﺎ احلﺎضر‪ .‬ويقرتح ‪ Hobden & Jones‬حتليل مﺎركس ألزمة النظﺎم الرأمسﺎﻲﻟ‬
‫كنﻤوذج لقوة النظرية اﻤﻟﺎركسية‪ .‬ﻓﻔي ظل األدبيﺎت الكﻼسيكية [ﻗﺒل مﺎركس] ظل‬
‫اﻻعتقﺎد سﺎئدا أبن األسواق احلرة دائﻤﺎ تنزع حنو وضع التوازن‪ ،‬وابلتﺎﻲﻟ ﻓهي مستقرة‬
‫بشكل متأصل‪ ،‬غري أن التﺠﺎرب احلديثة أثﺒتت أن اﻤﻟﺎركسية العﺎﻤﻟية مستﻤرة ﻲﻓ التعرض‬
‫لألزمﺎت اليت تﻔرز آاثرا سيئة على حيﺎة األﻓراد عرب العﺎمل (اهنيﺎر أسواق الﺼرف عﺎم‬
‫‪ 1987‬واألزمة اﻤﻟﺎلية اآلسيوية مع هنﺎية التسعينيﺎت)؛ ابلنسﺒة ﻤﻟﺎركس‪ ،‬ﻫذه األزمﺎت‬
‫والنتﺎئج اﻹنسﺎنية الﺒغيضة النﺎمجة عنهﺎ تﺒقى متأصلة ومﻼزمة للنظﺎم الرأمسﺎﻲﻟ ﻲﻓ حد‬
‫ذاته‪.‬‬
‫يﺒقى أن ‪ Hobden & Jones‬ﻲﻓ معﺎجلتهﻤﺎ ﻤﻟظﺎﻫر انﺒعﺎث اﻤﻟﺎركسية خﻼل القرن احلﺎﻲﻟ‪،‬‬
‫مل ينكرا كون التﺎريخ مل يكن رحيﻤﺎ بﺒعض األطروحﺎت اﻤﻟﺎركسية األخرى ‪ ،‬خﺎصة ﻓيﻤﺎ تعلق‬
‫أبطروحﺎت مﺎركس حول حتﻤية القضﺎء على الرأمسﺎلية‪ ،‬على غرار مﺎ حدث لإلﻗطﺎعية‪ ،‬وحتﻤية‬
‫حدوث ذلك على يد اﻻشرتاكية‪ ،‬ﻓقد ثﺒت أن ﻫنﺎك نوعﺎ من عدم النضج ﻲﻓ ﻫذه األطروحﺎت‪.‬‬
‫وﻲﻓ اﻤﻟقﺎبل يؤكد ‪ Hobden & Jones‬أبن الﻔشل ﻲﻓ بنﺎء جمتﻤعﺎت بديلة بنﺎء على أﻓكﺎر‬
‫مﺎركس‪ ،‬ﻻ ينﻔي كون اﻤﻟنظومة النظرية اليت طورﻫﺎ مﺎركس وأتﺒﺎعه حول حتليل النظﺎم الرأمسﺎﻲﻟ‬
‫تﺒقى ذات ﻓﺎئدة كﺒرية ﻲﻓ عﺎمل هتيﻤن عليه األسواق احلرة‪.‬‬
‫‪ -2‬النﻔوذ اﻤﻟﺎركسي ﻲﻓ اﻻجتﺎﻫﺎت النظرية مﺎ بعد الوضعية (النظرية النقدية اﻻجتﻤﺎعية كنﻤوذج)‬
‫يتﻤتع اﻻجتﺎه اﻤﻟﺎركسي بنﻔوذ ﻗوي ﻲﻓ مﺎ يعرف ابﻻجتﺎﻫﺎت النظرية مﺎ بعد الوضعية‬
‫‪ postpositivist‬جبﻤيع تنويعﺎهتﺎ‪ ،‬ﻓنﺠد تيﺎرات يسﺎرية داخل النظرية النسوية‬
‫‪ ،fiminism‬وتيﺎرات يسﺎرية داخل النظرية مﺎ بعد احلداثية ‪ ،postmodernism‬وتﺒقى‬
‫النظرية النقدية اﻻجتﻤﺎعية ‪ social critical theory‬لـ “روبرت كوكس ‪Robert‬‬
‫‪ ”Cox‬األكثر أتثرا ابألطروحﺎت اﻤﻟﺎركسية ﻲﻓ العﻼﻗﺎت الدولية‪ ،‬خﺎصة إذا عرﻓنﺎ أن ﻫذه‬
‫األخرية تطورت ضﻤن مﺎ يعرف مبدرسة ﻓرانكﻔورت‪ ،‬اليت ضﻤت بقﺎاي اليسﺎر من اﻤﻟﻔكرين‬
‫األﻤﻟﺎن‪ .‬ﻫذا بدون أن نغﻔل اﻹشﺎرة إىل التأثر اﻤﻟﺎركسي الواسع على أدبيﺎت اﻻﻗتﺼﺎد السيﺎسي‬
‫الدوﻲﻟ ‪.international Political Economy‬‬
‫وابلعودة إىل النقدية اﻻجتﻤﺎعية‪ ،‬ﻓقد تطورت أسﺎسﺎ ﻲﻓ إطﺎر الﻔلسﻔة اﻤﻟﺎركسية‪ ،‬اليت تﻔرتض‬
‫وجود عﻼﻗة جدلية صراعية بني الطﺒقﺎت األضعف والطﺒقة اﻤﻟهيﻤنة اجتﻤﺎعيﺎ‪ ،‬كﻤﺎ شكل‬
‫اﻻﻓرتاض اﻤﻟﺎركسي بوجود دور لعﺎملي الثقﺎﻓة واﻹيديولوجيﺎ ﻲﻓ حتديد أشكﺎل العﻼﻗة اﻻجتﻤﺎعية‬
‫وأمنﺎط الﺼراع الطﺒقي داخل اجملتﻤع مرجعية لواحدة من أﻫم األطروحﺎت النقدية‪ ،‬وﻫي عﻼﻗة‬
‫اﻤﻟﺼلحة والقوة إبنتﺎج اﻤﻟعرﻓة النظرية‪ ،‬وﻫنﺎ نقف إىل عﺒﺎرة روبرت كوكس واسعة اﻻﻗتﺒﺎس‪،‬‬
‫“النظرية دائﻤﺎ ﻫي من أجل شخص مﺎ وخلدمة ﻫدف مﺎ”‪ .‬وحسب النقديني ﻓإن الظﺎﻫرة‬
‫اﻻجتﻤﺎعية تﻔهم ﻲﻓ سيﺎﻗهﺎ التﺎرخيي ‪ ،‬وابلتﺎﻲﻟ ﻓإنه ميكن مﻼحظة أتثري واضح للﻤﺎركسية على‬
‫النظرية النقدية‪.‬‬
‫والنظرية النقدية تسﻤى عﺎدة ابلنظرية الغرامشية اجلديدة ألهنﺎ تستلهم بعض أﻓكﺎرﻫﺎ من‬
‫إسهﺎمﺎت اﻤﻟﻔكر اﻹيطﺎﻲﻟ أنطونيو غرامشي‪ ،‬الذي سﺎﻫم – عل حنو مﺎ رأينﺎ – ﻲﻓ شرح ﻓكرة‬
‫اهليﻤنة واليت تعين عنده ﻓرض السيطرة على الغﺎلﺒية وﻗﺒول الوضع القﺎئم الذي هتيﻤن عليه الطﺒقة‬
‫اﻤﻟهيﻤنة‪ .‬واهليﻤنة ﻻ تقوم إﻻ من خﻼل اﻹيديولوجيﺎ اليت ﻫي عﺒﺎرة عن منظومة ﻓكرية حتدد‬
‫أشكﺎل الﺒىن واﻤﻟﻤﺎرسﺎت اﻻجتﻤﺎعية ﻲﻓ اجملتﻤع‪ ،‬واليت جتعل من ﻫيﻤنة القوى الرأمسﺎلية وأمنﺎط‬
‫العﻼﻗﺎت اليت تﻔرضهﺎ أمرا غري مثري التسﺎؤل ‪.‬‬
‫وﻗد أشران إىل أن النقدية اﻻجتﻤﺎعية تطورت ﻲﻓ إطﺎر مﺎ يعرف مبدرسة ﻓرانكﻔورت اليت انﺒثقت‬
‫عن اﻤﻟﺎركسية ﻲﻓ أﻤﻟﺎنيﺎ بعد احلرب العﺎﻤﻟية األوىل‪ .‬وﻗد ﻫ ــدﻓت ﻫـذه اﻤﻟدرسة إىل توسيع إطﺎر‬
‫الﻔكر النقدي اﻤﻟﺎركسي ليشﻤل جمﺎﻻت اجتﻤﺎعية أخرى مل تشﻤلهﺎ الدراسﺎت اﻤﻟﺎركسية اليت‬
‫كﺎنت تركز ﻓقط على الطﺒقﺎت وعﻼﻗﺎت السيطرة واهليﻤنة داخل اجملتﻤع‪ ،‬لتدرس ﻗضﺎاي أخرى‬
‫أمههﺎ أثر السلطة على الﻼوعي اجلﻤﺎعي‪ ،‬وأمنﺎط اهليﻤنة السيﺎسية ﻲﻓ الظواﻫر اﻻجتﻤﺎعية اليت‬
‫ﻻ تﺒدو ﻓيهﺎ ﻫذه اهليﻤنة واضحة‪ ،‬أو تلك اليت يعتقد أن اهليﻤنة غﺎئﺒة ﻓيهﺎ متﺎمﺎ‪.‬‬
‫ومن أﻫم مظﺎﻫر النﻔوذ اﻤﻟﺎركسي ﻲﻓ النقدية اﻻجتﻤﺎعية‪ ،‬تﻔنيد النقديني لإلدعﺎء الواﻗعي‬
‫ابستقﻼلية احلقل األكﺎدميي ممﺎ جيعل العﻤل التنظريي ﻲﻓ منأى عن النقد والتﻤحيص ‪ ،‬حيث‬
‫يتسﺎءل النقديون عن أي من الﺒحوث ميكن أن تكون جمردة من اﻤﻟﺼﺎحل اﻤﻟﺎدية‪ ،‬خﺎصة ﻲﻓ‬
‫الوﻻايت اﻤﻟتحدة أين اﻤﻟيزانية اﻤﻟخﺼﺼة للﺒحوث ﻲﻓ اﻤﻟيدان األمين مثﻼ تﻔوق ميزانية دول‬
‫أخرى‪ ،‬مﺎ جعل األحبﺎث األمريكية تسﺠل ﻫيﻤنة كﺒرية حقل العﻼﻗﺎت الدولية‪.‬‬
‫املاركسية اجلديدة‬
‫تقرتب النظرية اﻤﻟﺎركسية اجلديدة ﻲﻓ رؤيتهﺎ للعﻼﻗﺎت الدولية من اﻤﻟدرسة الواﻗعية اجلديدة‪ ،‬حيث‬
‫تركز كل منهﻤﺎ على حتليل بنية النظﺎم الدوﻲﻟ‪ ،‬وختتلﻔﺎن ﻲﻓ نظرهتﻤﺎ داخل تلك الﺒنية ﻓﻔي حني‬
‫تنطلق الواﻗعية اجلديدة من منظﺎر ميزان القوى‪ ،‬وحتﺎﻓظ اﻤﻟﺎركسية على منظورﻫﺎ اﻤﻟﺎدي‬
‫اﻻﻗتﺼﺎدي وﻓق منطق من ميلك ومن ﻻ ميلك‪ ،‬مرتكزة على جمﻤوعة من القواعد‪:‬‬
‫‪ o‬حتليل العﻼﻗﺎت الدولية انطﻼﻗﺎ من بنية النظﺎم الدوﻲﻟ اﻤﻟﺎدية اﻻﻗتﺼﺎدية‪.‬‬
‫‪ o‬استخدام اﻤﻟدخل التﺎرخيي ﻲﻓ التحليل‪.‬‬
‫‪ o‬ﻫيﻤنة الدول الغنية على الدول الﻔقرية وإعﺎﻗتهﺎ لنﻤوﻫﺎ‪.‬‬
‫‪ o‬ترﻓض وضع اﻻﻗتﺼﺎد ضﻤن مﺎ عرف ﻲﻓ الواﻗعية ابلسيﺎسﺎت الدنيﺎ‪ ،‬بل جعلته مرتكزﻫﺎ‬
‫األول‪.‬‬
‫وتركز النظرايت اﻤﻟﺎركسية اجلديدة وﻲﻓ مقدمتهﺎ نظرية النظﺎم العﺎﻤﻟي على ﻓكرة اﻤﻟركز واألطراف‪،‬‬
‫إذ تنظر إىل الوضع الدوﻲﻟ القﺎئم بعد عﺎم ‪ 1990‬عرب منظﺎر "دولة مركز ﻗوية مهيﻤنة استغﻼلية‬
‫متﻤثلة ﻲﻓ الوﻻايت اﻤﻟتحدة‪ ،‬ودول غنية حتيط هبﺎ‪ ،‬وأطراف تكون موضع استغﻼل القوى‬
‫العﺎﻤﻟية"‪ ،‬وتﺒين وﻓق ذلك حتليﻼهتﺎ السيﺎسية‪.‬‬
‫واذا كﺎنت اﻤﻟﺎركسية ترى أن الدول الرأمسﺎلية حتﺎرب بعضهﺎ كنتيﺠة لﺼراعهﺎ الدائم من أجل‬
‫الربح‪ ،‬كﻤﺎ أهنﺎ حتﺎرب الدول اﻻشرتاكية ألهنﺎ ترى ﻓيهﺎ بذور ﻓنﺎئهﺎ‪ ،‬وابﻤﻟقﺎبل‪ ،‬ﻓإن النظرية‬
‫النيومﺎركسية "التﺒعية" تركز على العﻼﻗﺎت بني القوى الرأمسﺎلية األكثر تطورا والدول األﻗل تطورا‪،‬‬
‫إذ ترى أن األوىل أصﺒحت أكثر غىن ابستغﻼل مستعﻤراهتﺎ مدعومة ﻲﻓ ذلك بتحﺎلف غري‬
‫مقدس مع الطﺒقﺎت احلﺎكﻤة للدول السﺎئرة ﻲﻓ طريق النﻤو‪ .‬وﻫكذا‪ ،‬ﻓإن احلل ﻲﻓ نظرﻫﺎ يكﻤن‬
‫ﻲﻓ اﻹطﺎحة هبذه النخب الطﻔيلية وأتسيس حكومﺎت ثورية تلتزم بتنﻤية ذاتية‪.‬‬
‫ﻲﻓ الواﻗع‪ ،‬لقد مت دحض اﻓرتاضﺎت كلتﺎ النظرتني (اﻤﻟﺎركسية والنيومﺎركسية) حىت ﻗﺒل هنﺎية احلرب‬
‫الﺒﺎردة‪ .‬أمﺎ ابلنسﺒة لألوىل‪ ،‬ﻓإن اتريخ التعﺎون اﻻﻗتﺼﺎدي والعسكري الوثيق بني القوى‬
‫الﺼنﺎعية اﻤﻟتقدمة‪ ،‬أظهر أن الرأمسﺎلية ﻻ حتتم اﻻنقيﺎد حنو التنﺎزع‪ ،‬وابﻤﻟقﺎبل‪ ،‬ﻓإن اﻻنشقﺎﻗﺎت‬
‫الكﺒرية اليت شهدﻫﺎ العﺎمل الشيوعي مع هنﺎية احلرب الﺒﺎردة‪ ،‬أظهرت أن اﻻشرتاكية ﻻ تقوم دومﺎ‬
‫بتعزيز اﻻنسﺠﺎم‪.‬‬
‫ومع استسﻼم اﻤﻟﺎركسية ﻹخﻔﺎﻗﺎهتﺎ اﻤﻟتعددة‪ ،‬اجته منظروﻫﺎ ﻻستعﺎرة مﻔﺎﻫيم وتﺼورات من‬
‫أدبيﺎت مﺎ بعد احلداثة‪ ،‬خﺎصة من التيﺎر النقدي ﻲﻓ األدب والعلوم اﻻجتﻤﺎعية‪ .‬ﻫذه اﻤﻟقﺎربة‬
‫اليت تقوم على اﻤﻟنهج التﻔكيكي أبدت تشكيكهﺎ ﻲﻓ مسﺎعي الليرباليني والواﻗعيني لتعﻤيم‬
‫اﻓرتاضﺎهتم‪ ،‬إذ ركز رواد ﻫذا اﻻجتﺎه اجلديد على أمهية اللغة واخلطﺎب ﻲﻓ تشكيل احملﺼﻼت‬
‫اﻻجتﻤﺎعية‪ ،‬إﻻ أن اﻗتﺼﺎرﻫم على نقد اﻤﻟنظورات السﺎئدة دون تقدمي بدائل إجيﺎبية جعلهم‬
‫جمرد أﻗلية منشقة طيلة الثﻤﺎنينيﺎت‪.‬‬
‫رؤية املاركسية اجلديدة للعالقات الدولية يف املرحلة الراهنة‬
‫تركز النظرايت اﻤﻟﺎركسية اجلديدة وﻲﻓ مقدمتهﺎ نظرية النظﺎم العﺎﻤﻟي على ﻓكرة اﻤﻟركز واألطراف‪،‬‬
‫إذ يقرءون الوضع الدوﻲﻟ القﺎئم بعد عﺎم ‪ 1990‬بدولة مركز ﻗوية مهيﻤنة استغﻼلية متﻤثلة ﻲﻓ‬
‫الوﻻايت اﻤﻟتحدة‪ ،‬ودول غنية حتيط هبﺎ‪ ،‬وأطراف تكون موضع استغﻼل القوى العﺎﻤﻟية‪ ،‬ويﺒنون‬
‫وﻓق ذلك حتليﻼهتم السيﺎسية‪.‬‬
‫وميكن تلخيص واﻗع العﻼﻗﺎت الدولية ﻲﻓ اﻤﻟرحلة الراﻫنة ‪-‬حسب اﻤﻟﺎركسيني اجلدد ابلنقﺎط‬
‫التﺎلية‪:‬‬
‫‪ .1‬ﻫيﻤنة القوة العظﻤى األمريكية على نطﺎق كوين واستعﻤﺎل القوة واﻹﻓراط ﻲﻓ استعﻤﺎهلﺎ‬
‫ﻲﻓ العﻼﻗﺎت الدولية‪ .‬إن إدارة بوش اﻻبن‪ ،‬بﺼﻔتهﺎ ممثلة للقطﺎع اﻤﻟعومل من رأس اﻤﻟﺎل‬
‫اﻤﻟﺎﻲﻟ والشركﺎت متعددة اجلنسيﺎت أو عﺎبرة األوطﺎن واجملﻤع الﺼنﺎعي العسكري‬
‫(األسلحة والنﻔط والطﺎﻗة) ﻗد أطلقت العنﺎن ﻤﻟذﻫب الواﻗعية اﻤﻟتطرﻓة ﻲﻓ عﻼﻗﺎهتﺎ مع‬
‫العﺎمل‪ ،‬من خﻼل استخدام ّﻗوهتﺎ القومية اهلﺎئلة‪ ،‬من اجل الدﻓﺎع عن مﺼﺎحلهﺎ احليوية‬
‫واجليوسرتاتيﺠية ﻲﻓ خمتلف أحنﺎء الكرة األرضية (أكثر من ‪ 60‬ركن مظلم ﻲﻓ العﺎمل)‪.‬‬
‫‪ .2‬بدء عﻤلية تكوين شرحية أو طﺒقة اجتﻤﺎعية على مستوى دوﻲﻟ‪ ،‬تتﻤﺎثل وتتشﺎبك‬
‫اﻤﻟﺼﺎحل الطﺒقية للعنﺎصر اﻤﻟكونة هلﺎ‪ ،‬واليت تتحكم هبﺎ أيديولوجية انزية‪-‬ﻓﺎشية جديدة‪،‬‬
‫مﺼﻤﻤة على لعب أي دور يضﻤن هلﺎ امتيﺎزاهتﺎ ومﺼﺎحلهﺎ على حسﺎب بقية الﺒشرية‪،‬‬
‫ضﺎربة بعرض احلﺎئط كل اﻤﻟﺒﺎدئ اﻹنسﺎنية واألخﻼﻗية واألدبية‪ .‬إن ﻫذا الواﻗع ﻗد أوجد‬
‫األسﺎس لتشكيل التحﺎلف ابألحرى التكﺎلب السيﺎسي العسكري بني خمتلف القوى‬
‫من غربية وشرﻗية وكﺒرية وصغرية حتت زعﺎمة الوﻻايت اﻤﻟتحدة‪.‬‬
‫‪ .3‬تﺒلور ظﺎﻫرة جديدة لﻼنﺼهﺎر اﻤﻟتكﺎمل والشﺎمل بني األصولية السلﻔية اﻤﻟسيحية‬
‫(مذﻫب بوش) واألصولية السلﻔية اليهودية (مذﻫب شﺎرون)‪ .‬إن ﻫذا اﻻنﺼهﺎر‬
‫األيديولوجي‪-‬الديين ﻫو الذي يﻔسر مستوى التداخل العضوي والسيﺎسي واﻻﻗتﺼﺎدي‬
‫واألديب والعسكري بني اﻹدارتني‪ ،‬وتقﺎسم وتكﺎمل الوظﺎئف بينهﻤﺎ ﻲﻓ خمتلف‬
‫السﺎحﺎت وﻓقﺎ ﻤﻟﺼلحة وإمكﺎنيﺎت كل منهﻤﺎ‪.‬‬
‫‪ .4‬اللﺠوء إىل شكل اﻻستعﻤﺎر القدمي‪ .‬ويشكل ﻫذا األمر نكوصﺎ أيديولوجيﺎ وسيﺎسيﺎ‬
‫للرأمسﺎلية اﻤﻟتطورة جدا‪ .‬إن التدخل العسكري واحتﻼل بلدان مستقلة وذات سيﺎدة‬
‫وأعضﺎء ﻲﻓ األمم اﻤﻟتحدة من ﻗﺒل الوﻻايت اﻤﻟتحدة األمريكية وحلﻔﺎئهﺎ الرئيسيني‪ ،‬ليس‬
‫إﻻ حمﺎولة لﻔرض العوﻤﻟة اللربالية اجلديدة على بقية الﺒشرية‪ ،‬أي عسكرة العوﻤﻟة حسب‬
‫ﻗول مسري أمني‪.‬‬
‫‪ .5‬عدوان جﺎمح على الشرعية الدولية وﻫيئﺎهتﺎ ومنظﻤﺎهتﺎ ومؤسسﺎهتﺎ ﻲﻓ حمﺎولة لضﻤﺎن‬
‫عﺼﻤة مطلقة لإلمرباطورية من أي عقﺎب‪ ،‬وتكريس الداروينية وﻗﺎنون الغﺎب ﻲﻓ اجملتﻤع‬
‫الﺒشري وﻲﻓ العﻼﻗﺎت الدولية‪ .‬لكن لكل ﻗوة حدود تﻼزمهﺎ‪.‬‬
‫‪ .6‬حمﺎولة إضﻔﺎء الﺼﺒغة الدينية على الﺼراعﺎت الدولية ﻻ سيﻤﺎ حرب الوﻻايت اﻤﻟتحدة‬
‫ضد “اﻹرﻫﺎب”‪ .‬ﻓﻤع اختﻔﺎء اخلطر األمحر نقلت الوﻻايت اﻤﻟتحدة حمور اﻤﻟواجهة‬
‫ضد اخلطر األخضر‪ ،‬حىت ﻫذه اللحظة‪ ،‬ورمبﺎ ﻻحقﺎ تنقله ضد اخلطر األصﻔر‪ .‬إهنﺎ‬
‫“عقدة اﻹشﺎرة الضوئية” اليت جﺎءت لتثأر لعقدة ﻓيتنﺎم‪ .‬إن نظرايت هنﺎية التﺎريخ‬
‫وصدام احلضﺎرات ليست إﻻ التعليل األيديولوجي والتربير النظري للرؤية الكﺎرثية للتﺎريخ‬
‫والﺒشرية‪ .‬وأكثر من ذلك ﻓإهنﺎ تﻔتقر إىل التواصل مع الﻔكر الغريب احلديث أي ﻓكر‬
‫النهضة والتنوير مبختلف مدارسه اﻤﻟثﺎلية واﻤﻟﺎدية‪ .‬إﻻ أهنﺎ تتقﺎطع مع األﻓكﺎر النﺎزية اليت‬
‫صﺎغهﺎ تريتشكه ونيتشه عندمﺎ حتداث عن حﺼرية القوة والعظﻤة ﻲﻓ احلضﺎرة الغربية ‪-‬‬
‫ﻲﻓ إطﺎرﻫﺎ اجلغراﻲﻓ والثقﺎﻲﻓ‪ -‬دون أي دور أو ارتﺒﺎط مع حضﺎرات عﺎﻤﻟية أخرى إذ انه‬
‫حسب صﺎموئيل ﻫنتينغتون “لديهﺎ جوﻫر واحد ﻻ يتغري‪ ،‬وﻫوية مطلقة على امتداد‬
‫القرون” ‪ .‬أمﺎ ﻓرانسيس ﻓوكوايمﺎ ﻓإنه لدى معﺎجلته “هنﺎية التﺎريخ” أو هنﺎية الﺼراع‬
‫حتول كﺎﻓة اجملتﻤعﺎت إىل اللربالية بل على‬ ‫األيديولوجي‪ ،‬يؤكد على انعدام ضرورة ّ‬
‫العكس يرﻓض مثل ﻫذا التﺠﺎنس‪ ،‬ويؤكد أن الﺒلدان اليت تنتﻤي ﻓقط إىل احلضﺎرة‬
‫الغربية ﻫي اليت جيب أن تؤكد سيطرهتﺎ على العﺎمل كله على ﻗﺎعدة السﺎدة والعﺒيد‪ ،‬ألن‬
‫بلدان العﺎمل الثﺎلث عﻤومﺎ ‪-‬حسب ﻓوكوايمﺎ‪ -‬ستكون مﺼدرا يهدد احلضﺎرة الغربية‪،‬‬
‫سواء من خﻼل شعﺎرات التطرف القومي أو الديين أو ابألوبئة واألمراض والتخلف‬
‫وابلتﺎﻲﻟ ﻻ بد من إخضﺎع العﺎمل الثﺎلث ابعتﺒﺎرﻫم “أعداء الغد”‪.‬‬
‫مﺼﺎدر ومراجع مهﻤة‬
‫ﻗﺎئﻤــة الـﻤراجع‬
‫‪ –1‬الكتب‪:‬‬
‫‪ 1-1-‬ابللغة العربية‪:‬‬
‫‪ )1‬اخلوﻲﻟ (ميىن طريف)‪ ،‬ﻓلسﻔة العلم ﻲﻓ القرن العشرين‪ :‬األصول‪ ،‬احلﺼﺎد واآلﻓﺎق‬
‫اﻤﻟستقﺒلية‪( ،‬الكويت‪ :‬اجمللس الوطين للثقﺎﻓة والﻔنون واآلداب‪)2000 ،‬‬
‫‪ )2‬براون (كريس)‪ ،‬ﻓهم العﻼﻗﺎت الدولية‪( ،‬ترمجة‪ ،‬مركز اخلليج لألحبﺎث)‪( ،‬اﻹمﺎرات‬
‫العربية اﻤﻟتحدة‪ :‬مركز اخلليج لألحبﺎث‪)2004 ،‬‬
‫‪ )3‬بيليس (جون) و مسيث (ستيف)‪ ،‬عوﻤﻟة السيﺎسة العﺎﻤﻟية‪( ،‬ترمجة مركز اخلليج‬
‫لألحبﺎث)‪( ،‬ديب‪ :‬مركز اخلليج لألحبﺎث‪ ،‬ط‪.)2004 ،1‬‬
‫‪ )4‬عﺒد هللا (عﺒد اخلﺎلق)‪ ،‬التﺒعية والتﺒعية السيﺎسية‪( ،‬بريوت‪ :‬مركز دراسﺎت الوحدة العربية‪،‬‬
‫‪)1996‬‬
‫‪ )5‬غﺎلربيث (جون كينيث)‪ ،‬اتريخ الﻔكر اﻻﻗتﺼﺎدي‪ :‬اﻤﻟﺎضي صورة احلﺎضر‪( ،‬ترمجة أمحد‬
‫ﻓؤاد بلﺒع)‪( ،‬الكويت‪ :‬اجمللس الوطين للثقﺎﻓة والﻔنون واآلداب‪) 2000 ،‬‬
‫‪ )6‬كريب (إاين)‪ ،‬النظرية اﻻجتﻤﺎعية‪ :‬من ابرسونز إىل ﻫﺎبرمﺎس‪( ،‬ترمجة‪ ،‬حمﻤد غلوم)‪،‬‬
‫(الكويت‪ :‬اجمللس الوطين للثقﺎﻓة والﻔنون واآلداب‪)1999 ،‬‬
‫‪ )7‬بوشنسكي (إ‪ .‬م‪ ،).‬الﻔلسﻔة اﻤﻟعﺎصرة ﻲﻓ أوروراب‪( ،‬ترمجة‪ ،‬عزت ﻗرين)‪( ،‬الكويت‪:‬‬
‫اجمللس الوطين للثقﺎﻓة والﻔنون واآلداب‪)1992 ،‬‬
‫‪ 1-2-‬ابللغة اإلجنليزية‪:‬‬
‫‪1. Baylis (John) & Smith (Steve), The Globalization of‬‬
‫‪World Politics: An Introduction to International‬‬
Relations, (New York: Oxford University Press, 2nd
Edition, 2001)
2. -Dougherty (James E.) & Pfaltzgraff (Robert L.),
Contending Theories of International Relations: A
comprehensive Survey (New York: Longman, Fifth
Edition, 2001)
3. Groom (A. J. R.) & Light (Margot), Contemporary
International relations: A Guide to Theory, (New
York: Pinter Publishers, 1994)
4. -Viotti (Paul) R. & Kauppi (Mark V.), International
Relations Theory: Realism, Pluralism, Globalism, and
Beyond (USA: Allyn & Bacon, 3rd Edition, 1999)

You might also like