You are on page 1of 3

‫مفهوم البيروقراطية‪: 

‬‬
‫يتكون مصطلح البيروقراطية من مقطعين األول (‪ )Bureau‬ويعني "المكتب" والمقطع الثاني‪)Cracy(  ‬‬
‫ونعني‪ $‬به الحكم‪ ،‬وعليه فالبيروقراطية تعني "حكم المكتب"‪ .‬كما أنها تعتبر من المصطلحات‪ $‬األكثر تداول‬
‫في عصرنا هذا وتعني‪" $‬مجموعة الموظفين النظامين بالمعنى المحدد وبصفة خاصة في الوظائف العليا"‪.‬‬
‫كما يحمل مصطلح البيروقراطية مفهوم متناقض ‪ :‬األول يدل على التنظيم األكثر فعالية في حالة اإلخالص‪.‬‬
‫وما يهمنا هي البيروقراطية بمعناها‪  ‬العلمي والذي يقصد به التنظيم القائم على مجموعة من المبادئ التي‬
‫تسمح بتحقيق أهداف محددة انطالقا من إمكانات بشرية ومادية محددة للقيام باإلعمال المطلوبة‪ .‬والثاني‪ $‬يدل‬
‫على كل الصفات السيئة المرتبطة باإلدارة من روتين وعجز وكثرة اللوائح واإلجراءات‪.‬‬

‫‪ -1‬نموذج‪  WEBER ‬للبيروقراطية ‪:‬‬


‫قام عالم االجتماع )‪ WEBER (1864 – 1920‬بتصميم‪ $‬نموذج متكامل لفهم عمل المؤسسات والذي يمثل‬
‫نقطة االنطالق لبروز نظرية علمية في دراسة ظاهرة التنظيم و البحث في السبل األكثر فعالية‪ .‬وشهدت‬
‫تلك الفترة مجموعة من التحوالت في انتقال المجتمعات من النشاط الزراعي إلى بناء مؤسسات صناعية‬
‫كبيرة الحجم تستخدم‪  ‬عدد كبير من العمال وتعتمد‪ $‬أسلوب اإلنتاج الكبير‪ ،‬وأطلق على هذه المنظمات‬
‫البيروقراطية ليصف به عمل الجهاز اإلداري وكيفية تأثيره على سلوك وأداء العمال‪ ،‬و بمعنى آخر كيف‬
‫يمكن الوصول إلى تحقيق الفعالية في مجال التنظيم‪  ،‬و التي حسب ‪ WEBER‬تحقق من خالل تطبيق‪$‬‬
‫البيروقراطية و التي تعني النموذج المثالي للتنظيم‪ ،‬حيث تصف ما يجب أن يكون عليه سلوك الفرد داخل‬
‫المؤسسة و يتحقق ذلك من خالل تقسيم العمل و التخصص كقاعدة ذهبية لتحقيق الفعالية التنظيمية و توزيع‬
‫السلطة إضافة إلى ذلك مجموعة من الخصائص تتمثل فيما يلي‪:‬‬
‫‪         -‬تقسيم العمل ‪ +‬التخصص‪.‬‬
‫‪         -‬هيكلة هرمية تحدد السلطة و االتصاالت من األعلى إلى األسفل‪.‬‬
‫‪         -‬العالقات بين العمال تأخذ الطابع الرسمي و ال دور للعالقات الشخصية‪.‬‬
‫‪         -‬االلتحاق بالوظيفة على أساس المعرفة العلمية و القدرات التسييرية‪.‬‬
‫‪         -‬مجموعة من القواعد و اللوائح التي توضح مجرى كل عملية إدارية‪.‬‬
‫‪         -‬مجموعة الضوابط المحددة للواجبات والمسؤوليات‪ $‬لكل وظيفة في الهرم التنظيمي‪ .‬وحسب‬
‫‪ WEBER‬تسمح هذه الطريقة بالوصول إلى أعلى مستوى من الفعالية التنظيمية من خالل الدقة والسرعة‬
‫واالستقرار واالستمرارية والوضوح مع الخضوع الكامل للرؤساء الذين يتمتعون بالسيطرة القانونية‪.‬‬

‫‪ -2‬أنواع السلطات حسب‪: WEBER ‬‬


‫يميز ‪ WEBER‬بين ثالث أنواع من السلطات و التي تعبر أيضا عن أشكال تنظيمية ممكنة‪ ‬و تتمثل في ‪:‬‬

‫‌أ)‪   ‬الشكل الكارزمتي‪ : ‬والذي يؤسس على الخصائص الفردية والخارقة للمسير‪ ،‬وفي‪ $‬هذا الشكل فإن‬
‫بقاء التنظيم يتوقف على مدى إمكانية تعويض هذا النوع من المسيرين والتي تكون من األشياء النادرة‪،‬‬
‫والتي ارتبطت بنظريات القيادة‪.‬‬
‫‌ب)‪ ‬الشكل التقليدي‪ : ‬يقوم على أساس التقاليد واألعراف االجتماعية السائدة والمسير يملك سلطة‬
‫مرتبطة بالمكانة االجتماعية التي ورثها‪.‬‬
‫‌ج)‪  ‬الشكل العقالني‪ : ‬و التي يكتسبها المسير من القواعد و اإلجراءات المسماة بالبيروقراطية‪ ،‬وتمارس‬
‫السلطة بواسطة إجراءات غير شخصية و تتميز بـ ‪:‬‬

‫النشاطات هي واجبات رسمية منظمة و موزعة على األفراد‪.‬‬ ‫‪‬‬


‫وضع مجموعة من القواعد و اإلجراءات التي تضبط و تحدد التخصص‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫توزع‪ $‬السلطة الرشيدة على أصحاب الواجبات‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫تطلب السلطة بناء هرمي من األعلى إلى األسفل‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫لتحقيق العقالنية و الرشادة يتطلب المعرفة و المهارة‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫وبتوفر‪ $‬مجموعة هذه الخصائص يمكن تحقيق الفعالية التنظيمية على مستوى‪ $‬المؤسسة‪.‬‬

‫‪ -3‬الدراسات المعدلة لنظرية البيروقراطية ‪:‬‬


‫ظهرت مجموعة من الدراسات االنتقادية لنظرية البيروقراطية تنظر لظاهرة التنظيم على أنها ليست فقط‬
‫مجموعة أفراد وإنما مجموعة من العالقات بين األفراد " ظهور‪ $‬مصطلح الجماعة " ومنه‪    ‬ال يمكن تحقيق‬
‫الفعالية بالمنطق السابق الذكر‪ .‬لذلك ارتأت إدخال مجموعة من التعديالت لتكييف‪ $‬البيروقراطية مع عناصر‬
‫العملية التنظيمية‪.:‬‬

‫فركز‪ ) R.MERTON ( $‬على العنصر البشري كمتغير‪ $‬في تحديد السلوك البيروقراطي و منه زيادة‬ ‫‪‬‬
‫الفعالية التنظيمية حيث الحظ ما يلي ‪:‬‬

‫‪   -‬استقرار السلوك الفردي يؤدي إلى جمود التنظيم‪.‬‬


‫‪   -‬التمسك باألنظمة و القواعد يؤدي إلى تغلب الوسيلة على الغاية‪.‬‬
‫‪   -‬ال يمكن تعميم السلوكات الختالف المكان و الزمان و البيئة‪.‬‬
‫‪ -‬لتحقيق الرقابة البد من التعاون مع األفراد‪ ،‬باعتبار أن اإلدارة العليا هي المسؤولة على تحديد الواجبات و‬
‫المسؤوليات‪ .‬هذا‪  ‬يجعل من األفراد‪  ‬مسؤولين عن نتائج المحققة‪.‬‬

‫· أما ‪ GOULDNER‬فيركز على أعمال و سلوك التنظيم و أعضائه و ينطلق موضوع الرقابة‬ ‫‪‬‬
‫داخل الجهاز البيروقراطي‪ $‬كعامل من عوامل الفعالية ‪ :‬حيث يعتبر أن وضع القواعد و التعليمات التي تحدد‬
‫مجرى العمل ينجر عنها تقليص في هامش العالقات الشخصية بين أعضاء التنظيم‪ .‬والميل إلى تنميط‬
‫األعمال التي يقومون بها تؤدي إلى التقليل من حدة الصراع بين أعضاء الجماعة لكنها تؤدي إلى سلوكيات‬
‫غير مرغوبة تتمثل في قيام األفراد بالحد األدنى المطلوب منهم‪ .‬و يتجلى ذلك في شكل انخفاض إلنتاجية‬
‫األفراد‪ $‬و االبتعاد‪ $‬عن األهداف العامة المسطرة‪ ،‬مما يؤدي إلى ‪:‬‬

‫‪   -‬زيادة حدة الرقابة و اإلشراف‪ $‬على أعضاء التنظيم من قبل اإلدارة العليا‪.‬‬
‫‪   -‬انخفاض الروح المعنوية و درجة الوالء التنظيمي و تحقيق المنفعة الشخصية على حساب المنفعة‬
‫العامة‪.‬‬
‫والنتيجة ظهور الصراعات و عدم توازن‪  ‬تنظيمي و التي بدورها‪ $‬تؤثر على مستوى‪ $‬الفعالية المنتظرة‪.‬‬

‫أما ‪  Crozier‬فينظر‪ $‬لظاهرة البيروقراطية من زاوية التعقيد والروتين‪ $‬والجمود‪ $‬بشكل يؤثر على‬ ‫‪‬‬
‫الفعالية التنظيمية‪ ،‬انطالقا من انخفاض درجة والء الفرد و عدم إدراك األهداف المسطرة وانعزال‬
‫األفراد‪( $‬الشعور باألنانية ) مما يؤدي‪ $‬إلى سيادة المنافسة القاتلة باإلضافة إلى ذلك ‪:‬‬
‫‪   -‬تركيز السلطة في يد فئة قليلة في أعلى المستويات‪( $‬المركزية الشديدة)‪.‬‬
‫‪ -‬عدم وجود شبكة اتصال فعالة بين قمة و قاعدة التنظيم تؤثر على طبيعة و نوعية المعلومات المستعملة في‬
‫اتخاذ القرارات‪.‬‬
‫‪ -‬عدم تحمل الفرد المسؤولية بسبب عدم مشاركته في صياغة القرار انطالقا من اللوائح والقواعد المنظمة‬
‫للعمل‪ ،‬يؤدي إلى انخفاض اإلنتاجية‪.‬‬
‫‪   -‬زيادة حدة الرقابة و االلتزام بالقواعد و اإلجراءات‪ ،‬تؤدي بدورها إلى الجمود و خنق الطاقات اإلبداعية‬
‫لدى األفراد‪.‬‬
‫لذلك يعرف‪ Crozier $‬الروتين بالحلقة الجهنمية و بدورنا نعتبر الروتين كمحدد للفعالية‪  ‬التنظيمية داخل‬
‫الجهاز البيروقراطي‪.‬‬
‫ونستخلص‪  ‬من النموذج المثالي للبيروقراطية لـ ‪ WEBER‬والذي يقوم على الرشادة في سلوك األفراد‪$‬‬
‫كمتغير‪ $‬من متغيرات الفعالية التنظيمية‪ ،‬وجود مجموعة من الثغرات تنتقد الفرضيات التي يقوم عليها‬
‫النموذج المثالي و إمكانية تعديلها بكيفية تسمح بزيادة مستوى‪ $‬الفعالية بواسطة‪:‬‬
‫‪   -‬التركيز على العنصر البشري‪.‬‬
‫‪   -‬االهتمام بالتفاعل بين األفراد أو ما يعرف بالتنظيم الرسمي‪.‬‬
‫‪   -‬خلق توازن بين المركزية و الالمركزية في مجال تفويض السلطة و اتخاذ القرارات‪.‬‬
‫‪ -‬تؤدي مجموعة اإلجراءات واللوائح إلى الجمود لذلك يجب األخذ بعين االعتبار المتغيرات البيئية‪ -    ‬التي‬
‫أدت إلى ظهور‪ $‬النظرية الموقفية ‪.‬‬

You might also like