Professional Documents
Culture Documents
مجلة عدالة العدد 11 للسنة الثالثة 2020
مجلة عدالة العدد 11 للسنة الثالثة 2020
1
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
2
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
اشراف وتنسيق:
د ابراهيم اشويعر د .المصطفى الغشام الشعيبي
العدد :الحادي عشر للسنة الثالثة من مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية
مالحظة :المواد المنشورة في المجلة تعبر عن آراء أصحابها ،وال تمثل رأي المجلة.
3
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
مـجلة عدالة
للدراسات القانونية والقضائية
مدير المجلة
:دكتور في الحقوق د .المصطفى الغشام الشعيبي
4
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
اللجنة العلمية
:أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بالدار البيضاء (القانون الخاص) د .محمد الكشبور
:أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بالرباط (القانون الخاص) د .عبد السالم فيغو
:أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بوجدة (القانون الخاص) د .ادريس الفاخوري
:أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بطنجة ( القانون العام) د .محمد يحيا
:أستاذة التعليم العالي بكلية الحقوق بطنجة (القانون الخاص) دة .وداد العيدوني
:أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بطنجة (القانون العام) د .محمد العمراني بوخبزة
:أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بتطوان (القانون الخاص) د أحمد الوجدي
:أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بالرباط (القانون الخاص) د .عبد الرحمان الشرقاوي
:أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بطنجة (القانون الخاص) د .عبد هللا أشركي أفقير
:قاضية سابقة وأستاذة زائرة بكلية الحقوق بطنجة (القانون الخاص) دة .رشيدة أحفوض
:أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بفاس (القانون الخاص) د .محمد بوزالفة
:أستاذ التعليم العالي بكلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بسطات د .امحمد أقبلي
:مستشار بمحكمة النقض (القانون الخاص) د .حسن فتوخ
:أستاذ التعليم العالي بالكلية المتعددة التخصصات بالناظور (القانون الخاص) د .أحمد خرطة
:أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بطنجة (القانون الخاص) د .أمين اعزان
:أستاذ التعليم العالي بجامعة عبد المالك السعدي (القانون الخاص) د .إبراهيم الهراوة
:أستاذ التعليم العالي مؤهل بكلية الحقوق بتطوان (القانون الخاص) د .نور الدين الفقيهي
:أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بسطات (القانون الخاص) د .كريم الصبونجي
:أستاذ التعليم العالي مؤهل بالكلية المتعددة التخصصات بالناظور (القانون د .نجيم اهتوت
الخاص) (القانون الخاص)
:أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بالرباط (القانون الخاص) د .عبد المهيمن حمزة
:أستاذ القانون الخاص بالكلية المتعددة التخصصات بالراشدية. د .حميد اليسسفي
:دكتور في الحقوق عضو المركز المغربي للدراسات القانونية والقضائية د .يوسف أديب
محام متمرن بهيئة المحامين لدى محاكم االستئناف بأكادير كلميم والعيون
(قانون خاص
:أستاذة التعليم العالي بكلية الحقوق بمكناس –جامعة المولى إسماعيل (قانون دة .منية بنمليح
عام)
:دكتور في القانون العام أستاذ زائر بكلية المتعددة التخصصات بالعرائش د .خليل اللواح
دكتور في الحقوق أستاذ زائر بكلية الحقوق ومحامي بهيئة الجديدة د .مصطفى بن شريف
قواعد النشر
.1مجلةةة عدالةةة للدراسةةات القانونيةةة والقضةةائيةي مجلةةة علميةةة أكاديميةةة محكمةةة تهةةتم
باألبحاث والدراسات القانونية والقضائية بأسلوب علمي أكاديمي موثق.
.2يجب أن ترسل المقاالت وجوبا في شكل مرفق عبر البريد اإللكتروني للمج لة ال مدون
أد ناه وي شترط أن ي كون الم قال مكتو با ببر نامج Microsoft Wordبن سق ( RTFنوع ال خط
بالعرب ية Traditional Arabicمقا سه 11 :ي أ ما الل غة األجنب ية ف نوع ال خط Times :
New Romainمقاسه)12 :ي ويجب ان ترقم الصفحات ترقيما تسلسليا.
5
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
.3تر فق ال مادة المقدمةة للن شر بن بذة عةن ال سيرة الذات ية للباحةث مت ضمنة أ سمه باللغةة
العربية وبالحروف الالتينية.
.4يجب أن توثق مادة النشر كما يلي:
-بالن سبة للك تب :ا سم المؤ لف ي ع نوان الك تابي دار الن شر (النا شر)ي م كان الن شر و سنة
النشري ورقم الصفحة.
-بالنسبة للمجالت :إسم المؤلفي ع نوان الم قالي ع نوان المج لةي ال عددي م كان الن شر و سنة
النشري ورقم الصفحة.
-بالنسةةبة لمراجةةن األنترنيةةت :إسةةم المؤلةةفي قعنةةوان المقةةالقي تةةارين التصةةفحي العنةةوان
اإللكتروني كامال (يشمل الملف)
.1يجب أال يكون البحث المراد نشره قد سبق ن شره في مج لة أ خرى وأن يتم يز بال جدة
واألصالة واحترامه لمنهجية البحث العلمي األكاديمي وأصوله العلمية المتعارف عليها
.6االهتمام بالمقال المراد نشره وذلك بتصحيح األخطاء اإلمالئية واللغوية والتقن ية ت حت
طائلة عدم قبول المادة المقدمة للنشر.
.7ضرورة و ضن ال هوامش أ سفل كل صفحة و كل م قال وردت هوام شه في آ خره ي عد
غير مقبول للنشر.
.8يمكةن للمجلةةة إذا رأت ضةةرورة لةةذلك إجةةراء بعةض التعةةديالت الشةةكلية علةةى المةةادة
المقدمة دون المساس بجوهرهاي والمجلة غير ملزمة برد المقاالت غير المقبولة للنشر.
.9تعبر مضامين المواد المنشورة في المجلة عن آراء أصحابهاي وال تمثل رأي المجلة.
.11تخضن جم ين الم قاالت المر سلة للمج لة للتق ييم والتح كيم من التنب يه ع لى أن كل م قال
يخالف شروط النشري لن يؤخذ بهي والمجلة غير معنية بإعالم صاحب المقال بذلك.
.11ترسةةل جميةةن المقةةاالت والمةةواد القانونيةةة والقضةةائية العلميةةة المةةراد نشةةرها وتوجةةه
المراسالت عن طريق البريد اإللكتروني للمجلة .revueadala@gmail.com
.12نشةةر المقةةاالت واألبحةةاث فةةي المجلةةة يةةتم مجانةةاي ويمكةةن اإلشةةتراك للحصةةول علةةى
مجموعة من الخدمات التالية
.13مجلة عدالة للدراسات القانون ية والق ضائية مج لة علم ية محك مة تع نى بن شر الدرا سات
واألبحاث القانونية والقضائية مجانا.
.14يمكةةن طلةةب اإلشةةتراك بالمجلةةة عبةةر مراسةةلتنا علةةى البريةةد اإللكترونةةي للمجلةةة
revueadala@gmail.comوت ضمن ر سوم اإل شتراك ال سنوي الح صول ع لى ال خدمات
التالية :
نسخة من اصدارات المجلة سواء االلكترونية او الورقية
شهادة النشر والوعد بالنشر
العضوية في اللجنة االستشارية للمجلة
شهادة تحكيم المقال موقن من طرف محكم معتمد عضو اللجنة العلمية للمجلة.
6
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
دراسات وأبحاث
خصوصية الجزاء الزجري للجريمة االستهالكية في مرحلة تكوين العقد ________ 002
7
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
وفاء بونكاب
دكتوره في القانون الخاص
مقدمة :
تعد المفاوضات الجماعية من أهم المستجدات التي عرفتها مدونة الشغل كآلية
جديدة لتحسين ظروف العمل ي و تحديد شروطه ي و تنظيم العالقات بين المشغلين و
األجراء ي باإلضافة إلى تنظيمها للعالقات بين المشغلين والمنظمات المهنية من جهة
ي و بين منظمة أو عدة منظمات نقابية لألجراء األكثر تمثيالي فالمفاوضات الجماعية
أصبحت من أهم الوسائل البديلة لتفادي نزاعات الشغل الجماعية ي و تكريس السلم
االجتماعي داخل المقاولة وتعد أيضا من أهم الوسائل لخلق القواعد التي تحكم
عالقات الشغل كما يساهم نجاح المفاوضة الجماعية في تأسيس عالقات مهنية
مستقرة وتحقيق التوازن في عالقات الشغل بين األجراء و المشغلين لتحقيق
االستقرار والسلم الذي ينعكس إيجابا على العاملين و على دورة اإلنتاج.
1ـ نص العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ،الصادر بتاريخ ،0811في الفقرة الثالثة من مادته ال ،35على أن
تكون لكل مواطن ،دون أي تمييز ،مجموعة من الحقوق ،منها أن تتاح له ،على قدم المساواة عموما مع سواه ،فر صة تق لد
الوظائف العامة في بلده .ومن جانبه ،نص اإلعالن العالمي للتقدم االجتماعي والتنمية ،الصادر عن األ مم المت حدة في 00
دجنبر ،0818في مادته السادسة ،ع لى أن اإلن ماء والت قدم االجت ماعي وكرا مة ال شخص اإلن سانية يقت ضيان أن يُكف ل ل كل
إنسان حق العمل وحرية اختيار العمل.
2ـ ينص الفصل 20من الدستور المغربي لسنة 3100بأن "تعمل الدولة والمؤس سات العموم ية والجما عات التراب ية ع لى
تعبئة كل الوسائل المتاحة لتيسير أسباب استفادة المواطنات والمواطنين على قدم المساواة من الحق في :الشغل وا لدعم من
طرف السلطات العمومية في البحث عن منصب شغل أو في التشغيل الذاتي".
2
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
إن المفاوضات الجماعية تعد وسيلة فعالة لتسوية المنازعات الجماعية و تحسين
ظروف العمل ي باعتبارها أسلوب مباشر للحوار و النقاش بين طرفي المنازعة
الجماعية ي حيث يلتقي ممثلو العمال من صاحب العمل لتبادل اآلراء و اقتراح
الحلول الممكنة لحل النزاع المطروح ي و على الرغم من أن مسالة تحديد المفاهيم و
التعاريف من اختصاص الفقه و القضاء فإن المشرع المغربي و المقارن قام
بتعريف المفاوضة الجماعية .3و هكذا يذهب المشرع المغربي إلى تعريفها في
المادة 22من مدونة الشغل على أنها :ق المفاوضة الجماعية هي الحوار الذي
يجري بين ممثلي المنظمات النقابية لألجراء األكثر تمثيال أو االتحادات النقابية
لألجراء األكثر تمثيال من جهة ي و بين مشغل أو عدة مشغلين أو ممثلي المنظمات
المهنية للمشغلين من جهة أخرى بهدف :
3ـ مريم براهمي ،الوسائل البديلة ل حل نزا عات ال شغل "نزا عات ال شغل نموذ جا" ر سالة لن يل دب لوم الما ستر في ال قانون
الخاص ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية طنجة ،السنة الجامعية ،3103 3100ص .83
11
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
أو منظمتهم النقابيةي إذا كان أي منهما يتمتن بصفة النقابة أو المنظمة األكثر تمثيالي
في سبيل حل نزاعات الشغل في جو يطبعه حماية حقوق األجراء والمشغلين
وحماية المقاولة من جهة أخرى.
لقد عرفت منظمة العمل الدولية من خالل المادة الثانية من اتفاقية الشغل الدولية
رقم 154لسنة 1281بأنها المفاوضات 4التي تجري بين صاحب العمل أو
مجموعة من أصحاب األعمال ي أو واحدة أو أكثر من منظمات أصحاب األعمال
من جهة و بين منظمة عمال أو أكثر من جهة أخرى 5و ذلك بهدف تحديد شروط
العمل و أحكام االستخدام وأيضا تنظيم العالقات بين أصحاب العمل و العمال ي
وتنظيم العالقات بين أصحاب األعمال أو منظماتهم و بين منظمة أو منظمات عمال
.6
ولقد عملت هذه االتفاقية على سد الفراغ الذي شاب االتفاقيات الدولية األخرى ي
و استجابت إلحدى األهداف التي أعلن عنها إعالن فالديلفيا الصادر لسنة 7 1244ي
لكنه انعكس سلبا على تطوير المفاوضة الجماعية االختيارية في إطار التشريعات
المحلية من مفاوضة اجتماعية تهدف إلى إبرام اتفاقية جماعية ي إلى مفاوضة
جماعية تسعى إلى مناقشة الحلول الممكنة لجمين العراقيل التي تواجهها عالقات
الشغلي و هنا يجب التمييز بين المفاوضة االجتماعية و المفاوضة الجماعية حسب
المضمون ي فكلما كان موضوع التفاوض السعي إلى إبرام اتفاقية جماعية إال و كنا
4ـ تعتبر االتفاقية الدولية للشغل رقم 88أول اتفاقية حول المفاو ضة الجماع ية باعتبار ها إ حدى الم بادئ و األ هداف ال تي
تمسك بها المنتظم الدولي في إعالن فيالدفيا و عمل على تفعيلها اإلعالن الدولي للشغل الصادر عن منظمة العمل الدولية و
الذي جعل من المفاوضة الجماعية إحدى الحقوق الملز مة أخالق يا لجم يع حكو مات ا لدول األع ضاء في المنظ مة ب ما في ها
الدول التي لم تصادق على االتفاقيات الدولية الصادرة في هذا الشأن .
5ـ هشام درقاوي ،الوسائل السلمية لحل نزاعات الشغل الجماعية ورهانات الحوار االجتماعي ،أطروحة لنيل الدكتوراه في
القانون الخاص ،جامعة محمد األول ،كلية الحقوق وجدة ،السنة الجامعية3118 ،ـ ،3101ص .02
6ـ مريم براهمي ،الوسائل البديلة لحل نزاعات الشغل "نزاعات الشغل نموذجا"مرجع سابق ،ص .83
7ـ إ عالن فيالدلف يا ال صادر عن ال مؤتمر ال عام لمنظ مة الع مل خالل دور ته ال 31في ماي ،0833بمدي نة فيالدلف يا في
الوال يات المت حدة األمريك ية ،وا لذي ي قر في ماد ته الثان ية ب حق الع مل لجم يع الب شر ،أ يا كا نت أ عراقهم أو معت قداتهم أو
أجناسهم ،بهدف تحقيق رفاهيتهم المادية وتقدمهم الروحي في ظروف توفر لهم الحرية والكرامة واألمن االقتصادي وتكافؤ
الفرص ،وجعل توفير حق العمل هدفا أساسيا لكل السياسات الوطن ية والدول ية ،وال سيما في الم يدان االقت صادي وال مالي،
ودعا إلى التشغيل الكامل ورفع المستوى المعيشي لألفراد.
11
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
بصدد مفاوضة اجتماعية ي في حين إذا اتسن نطاق التفاوض دون إن يحدد أطرافه
أفق في إبرام اتفاقية اجتماعية كنا أمام مفاوضة جماعية.8
لقد أوجب المشرع المغربي عند افتتاح المفاوضة الجماعية مجموعة من
اإلجراءات الشكلية التي تضفي عليها طابن الجدية حتى يمكن اكتشاف نية األطراف
الحقيقية و مدى رغبتهم في انطالق المفاوضة أم الي و يجب على كل طرف يرغب
في فتح المفاوضة الجماعية أن يوجه للطرف اآلخر إخطارا بذلك عن طريق رسالة
مضمونة من اإلشعار بالتوصل ي و يجب على الطرف اآلخر أن يجيب داخل أجل
سبعة أيام من تارين توصله باإلخطار و ذلك أيضا برسالة مضمونة من اإلشعار
بالتوصل قي واألمر هنا يتعلق بالحالة التي ال يجيب فيها الطرف المطالب بالتفاوض
بعد مرور أجل سبعة أيام ي وهو أمر لم تنص عليه المدونة مما يوحي بأن المفاوضة
الجماعية غير إلزامية يأما في الحالة التي يتفق فيها الطرفان على بدء عملية
المفاوضة الجماعية بحيث حرصت المدونة على التعجيل بها إذ قررت أن تجرى
داخل أجل 15يوم الموالية لتارين توصل الطرف الراغب في المفاوضة الجماعية
بموافقة الطرف الثاني .9
وقد حرصت المدونة كذلك على أال تأخذ المفاوضة الجماعية وقتا طويال قد
يرهق الطرفين و يؤدي إلى فشلها بحيث حددت فترة إنجازها في خمسة عشر يوما
من تارين انطالقها .أما من حيث مرحلة مباشرة المفاوضة الجماعية فقد سمحت
8ـ أصدرت منظمة العمل الدولية ،منذ تأسيسها عام ، 0808العديد من االتفاقيات والتوصيات في مخت لف م جاالت الع مل،
حتى بات يعرف هناك ما يسمى بالشرعية الدولية لحقوق العمل والعمال ،والتي تكاد تكون ملزمة للجميع ،حكومات وعماال
بناء منظمة العمل الدولية .وقد
أساس ِ
ِ حجر
ِ ورجال أعمال" ،إذا أردت السالم فازرع العدل" ،هكذا نقشت تلك الكلمات على
حرص دستور المنظمة على تأكيد ه ذا المعنى ،فجاء فيه" :ال سبيل إلى إقامة سالم عالمي ودائم إال على أساس من العدا لة
االجتماعية" ،باعتبار أن العدل االجتماعي مقرون بتوفير الشغل والحماية من البطالة وشرط الزم الستقرار السالم الدولي،
فالشغل شرط أساسي الستمرار الحياة وتقدمها.
9ـ تنص المادة 85من مدونة الشغل على ما يلي :
تجرى المفاوضة الجماعية بصورة مباشرة على المستويات التالية :
-مستوى المقاولة :بين المشغل وبين نقابات األجراء األكثر تمثيال بالمقاولة؛
-مستوى القطاع :بين المشغل أو المنظمات المهنية للمشغلين وبين المنظمات النقابية لألجراء األكثر تمثيال بالقطاع؛
-المستوى الوطني :بين المنظمات المهنية للمشغلين وبين المنظمات النقابية لألجراء األكثر تمثيال على المستوى الوطني.
12
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
مدونة الشغل عند بداية مرحلة التفاوض للطرفين المتفاوضين أن يعينا ممثلين لهما
و اشترطت أن يتم هذا التمثيل كتابة لتفادي أي نزاع محتمل في هذا الباب ي كما
سمحت باالستعانة بمستشارين من اختيارهما ولم تحدد نوعيتهم و عددهمي أما على
مستوى دورية المفاوضة الجماعية ي فقد استقرت مدونة الشغل على الدورية السنوية
سواء تعلق األمر بالمستوى الوطني أم بالمستوى القطاعي أم على مستوى المقاولةي
وفي إطار حرص المدونة على نجاح عملية المفاوضات أوجبت على الطرفين
المتفاوضين تقديم جمين البيانات المطلوبةي كما أوجبت على السلطات الحكومية
المكلفة بالشغل أو السلطة الحكومية المعنية طرح جمين اإلحصائيات والبيانات
االقتصادية واالجتماعية والتقنية وغيرها على أنظار أطراف المفاوضات الجماعيةي
كما ألزمت المدونة ضرورة تدوين نتائج المفاوضة في محضر أو اتفاق يوقعه
األطراف من أجل اطالع السلطة الحكومية عليه.
وفيما يتعلق بأطراف المفاوضة الجماعية تعد المنظمات النقابية للعمال طرفا
في ذلك إذ تنص المادة 25من مدونة الشغل على أن :ق تجري المفاوضة الجماعية
بصورة مباشرة على المستويات التالية
13
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
لألجراء قد عرفت جدال سواء على مستوى المنظمات النقابية 10أو على مستوى
عالقة هذه األخيرة بالحكومة عند اختيارها للمركزيات النقابية التي تحظى بحق
المفاوضة الجماعية على المستوى الوطني ي أو عند اختيارها للطرف النقابي الذي
يمثل المغرب في المنتديات الدولية.
ومن جهة أخرى يعد مندوبو األجراء من بين أطراف المفاوضة إذ يتم انتخاب
مندوبي األجراء في جمين المؤسسات التي تشغل اعتياديا ما ال يقل عن عشرة
أجراء دائميني و يتكلف هؤالء المندوبون بتقديم جمين الشكايات المتعلقة بظروف
الشغل أو تشرين الشغل أو عقد الشغل أو اتفاقية الشغل الجماعية إلى المشغل
باإلضافة إلى إحالة الشكايات التي استمر الخالف بشأنها إلى العون المكلف بتفتيش
الشغل .
كما خولت أيضا مدونة الشغل الممثلون النقابيون باعتبارهم طرفا في
المفاوضات :حسب المادة 425من مدونة الشغل فإن النقابة األكثر تمثيلية على
الصعيد الوطني هي النقابة التي تحصل على % 6على األقل من مجموع مقاعد
مندوبي األجراء المنتخبين في القطاع العمومي والخاص و كذا االستقالل الفعلي
للنقابة و قدرتها التعاقدية ي أما بالنسبة لتحديد النقابة األكثر تمثيال على مستوى
المقاولة ي فيجب الحصول على نسبة % 35على األقل من مجموع مقاعد مندوبي
األجراء المنتخبين على صعيد المقاولة أو المؤسسة و كذا القدرة التعاقدية في للنقابة
.
نظرا لكون الحكومة يرجن إليها األمر في تنفيذ االتفاقيات و نتائج المفاوضات
الجماعية التي يخرج بها الفرقاء االجتماعيين فإن المشرع المغربي كان لزاما عليه
عليها كطرف ثالث في المفاوضة الجماعية الوطنية و 11
أن ينص في مدونة الشغل
10ـ إ ن المفاوضة على مستوى المقاولة ال يمكن لأل جراء أن يكو نوا أطرا فا في ها إال من خالل نقا باتهم سواء تع لق األ مر
بوجود نقابة وح يدة أو األكثر تمثيال .حيث أن اشتراط المشرع لضرورة وجود تنظيم نقابي يمثل األجير ,فيه نوع من تشجيع
األجراء لالنخراط في منظمات نقابية تدافع عن حقوقهم وتسعى لتحسين أوضاعه عن طريق التفاوض بالنيابة عنه.
11ـ تنص المادة 010من مدونة الشغل :
14
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
ذلك في المادة 26منهاي كما يقن على عاتق الحكومة مهمة تسهيل سريان المفاوضة
الجماعية و هو ما نصت عليه المادة : 22ق توفر السلطة الحكومية المكلفة بالشغل
أو السلطة الحكومية المعنية للطرفين المتفاوضين إحصائيات البيانات االقتصادية و
االجتماعية و التقنية و غيرها لتسهيل إجراء المفاوضة الجماعية قي ويرأس هذا
المجلس الزير المكلف بالشغل أو من يمثله و يتكون من ممثلين اإلدارة و ممثلين
عن المنضمات المهنية للمشغلين و المنضمات النقابية لألجراء و يمكن لرئيس
المجلس أن يدعو للمشاركة في أشغاله كل شخص يراعي في اختياره ما يتمتن به
من كفاءات في مجال اختصاصات المجلس.12
تعد نزاعات الشغل إحدى المظاهر المميزة للمجتمعات المعاصرة ي حيث أن
عالقة الشغل هي عالقة قانونية تحمل بين ثناياها بوادر الخالف ي وهذا أمر طبيعي
باعتبار المصالح المختلفة والمتضاربة بين أطراف العالقة الشغلية ي مما ترتب عليه
تدخل المشرع لتنظيم العالقة وخلق آليات قانونية للحوار لفض مختلف النزاعات
القابلة لالندالع في أية لحظة ي وبالتالي خلق فضاء توافقي في إطار تقنيات
المفاوضة الجماعية بين أطراف العالقة سواء على مستوى القانوني والتنظيمي أو
على المستوى االقتصادي واالجتماعيي وهكذا فقط جاء الكتاب السادس من مدونة
الشغل تحت عنوان تسوية نزاعات الشغل الجماعية البديلة لفض النزاعات من
مصالحه وتحکيم ي وهذا األخير يعتبر بمثابة الوسيلة التي تهدف إلى وضن حد
يحدث لدى السلطة الحكومي ة المكلفة بالشغل مجلس تحت اسم "مجلس المفاوضة الجماعية" ،يعهد إليه بما يلي :
-تقديم اقتراحات من أجل تنمية المفاوضة الجماعية؛
-تقديم اقتراحات بشأن تشجيع إبرام اتفاقيات الشغل الجماعية ،وتعميمها ،والسيما بالن سبة للم قاوالت ال تي ت شغل ما يز يد
عن مائتي أجير ،سواء على الصعيد الوطني أو القطاعي؛
-إعطاء الرأي حول تفسير بنود اتفاقية شغل جماعية كلما طلب منه ذلك؛
-دراسة الجرد السنوي لحصيلة المفاوضة الجماعية.
12ـ تنص المادة 013من مدونة الشغل على :
يرأس مج لس المفاو ضة الجماع ية ا لوزير المك لف بال شغل أو من يمث له ،ويت كون من ممث لين عن اإلدارة ،وممث لين عن
المنظمات المهنية للمشغلين ،والمنظمات النقابية لألجراء.
يمكن لرئيس المجلس أن يدعو للم شاركة في أ شغاله كل شخص يرا عى في اخت ياره ما يتم تع به من ك فاءات في م جال
اختصاصات المجلس.
15
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
للنزاع الجماعي من طرف شخص أو هيئة أجنبية عنه ي وذلك بمقتضى قرار ملزم
ي كما أنه الوسيلة التي تساعد من خالل قراراتها في إبرام االتفاقات الجماعية التي
يعجز طرفاها عن التوصل إليها بمفردهما .
وتتجلى مرحلة الصلح باعتبارها مرحلة ضرورية يتعين على المنظمات النقابية
سلوكها للحد من النزاعات ي كما تبرز أهميته في كونه يشكل أهم الوسائل البديلة
ولقد تناولته مدونة الشغل في الفصول 551إلى 566من مدونة الشغلي والتحكيم
أيضا من جهة إذ تؤطر مسطرة التحكيم مقتضی قواعد مسطرية وأخرى موضوعية
ي من قبيل القانون رقم المتعلق بالتحكيم والوساطة االتفاقية ي وكذا قانون الشغل رقم
. 65.22وبشكل أدق فالتحكيم هو إجراء اختياري يعتمده الطرفان المتنازعان
بمحض إرادتهما كوسيلة لحل النزاع القائم بينهما .ويقتضي هذا اإلجراء انتقائهما
معا لطرف محايد من غير القضاء يوكالن إليه أمر الفصل في النزاع .وهو ما
سوف نتطرق إليه في هذا المبحث.
أن المشرع خصص الكتاب السادس من مدونة الشغل لموضوع نزاعات الشغل
الجماعيةي وذلك من خالل المواد 542إلى 585من مدونة الشغل؛ حيث تطرق
لمسطرتي المصالحة والتحكيم كآليتين لتسوية نزاعات الشغل الجماعيةي نشير في
هذا السياق إلى أن المشرع لم يتطرق لمسطرة الوساطة كآلية لتسوية نزاعات الشغل
الجماعيةي إن دور مفتشية الشغل في المصالحة في نزاعات الشغل الجماعية يبرز
بشكل جلي إذ باستقراء المادة 551من مدونة الشغلي نجد أنها قد أشارت لعدة
مستويات للمصالحةي وقد أوكل المشرع المغربيي على غرار مجموعة من القوانين
المقارنةي مهمة المصالحة إلى هيئات متعددة بالنظر إلى رقعة النزاعي فإذا كان
الخالف يشمل أكثر من مقاولةي فإن محاولة التصالح أمام المندوب اإلقليمي المكلف
16
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
بالشغلي أما إذا كان النزاع يشمل مقاولة واحدة فإن محاولة التصالح تجرى أمام
العون المكلف بتفتيش الشغل.13
فعلى مستوى المقاولة نصت المادة 552من مدونة الشغل على أنه إذا كان
الخالف الجماعي ال يتعدى مقاولة واحدة ي فإن محاولة التصالح تجري أمام العون
المكلف بتفتيش الشغل .و هكذا أضاف المشرع لمفتشي الشغل عالوة على
االختصاص الموكول لهم بمقتضى المادة 532المتعلق بإجراء محاوالت التصالح
في مجال نزاعات الشغل الفردية ي اختصاصا آخر أشمل و اعقد يتعلق بحل
النزاعات الشغل الجماعية لذلك فإن التعديل المستحدث بمقتضى مدونة الشغل و
الذي أشرك مفتشي الشغل في تدبير و حل الخالفات الجماعية ي يعتبر تعديال موفقا
بالنظر إلى خبرة هذه الفئة من الموظفين و قربهم من الفرقاء االجتماعيين مما
يؤهلهم أكثر من غيرهم للتعاطي من هذا النوع من النزاعات و إذا كان المشرع قد
حدد اختصاص مفتش الشغل في حل النزاع الجماعي القائم على مستوى مقاولة
واحدة ي أما الحالة الثانية ي التصالح على مستوى أكثر من مقاولة .فقد جاء في
الفقرة األولى من المادة 552من مدونة الشغل على أنه قإذا كان الخالف الجماعي
يهم أكثر مقاولة ي فإن محاولة التصالح تجري أمام المندوب المكلف بالشغل لدى
العمالة أو اإلقليمق .هذا االختصاص الذي يعني أن النزاع الجماعي الذي يهم عدة
مقاوالت ينبغي أن يخول النظر فيه إلى المندوب اإلقليمي .
13ـ في حا لة ف شل م سطرة الم صالحة أ مام إدارة ال شغل ي م كن ل هذه األخ يرة ر فع ال نزاع أ مام اللج نة اإلقليم ية للب حث
والمصالحة .وبالعودة للمادة 552من مدونة الشغل نجدها قد نصت على أنه “تحدث لدى كل عما لة أو إق ليم ،لج نة ت سمى
اللجنة اإلقليمية للبحث والمصالحة يترأسها عامل العمالة أو اإلقليم ،تتكون بالتساوي من ممثلين عن اإلدارة وعن المنظمات
المهنية للمشغلين ،والمنظمات النقابية لألجراء األكثر تمثيال ،على أن يتولى كتابتها المندوب اإلقليمي المكلف بالشغل”.
17
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
وقد يختلف األمر بين ما إذا كانت المقاوالت المتعددة توجد في دائرة ترابية
واحدة بحيث يعود النظر فيها إلى المندوب اإلقليمي للشغل بالدائرة الموجودة فيها ي
أما إذا كانت هذه المقاوالت موزعة على أكثر من إقليم ي فإن معالجتها يجب أن
تختلف بين ما إذا كان األمر يتعلق بمجموعة اقتصادية واحدة و نزاع جماعي واحد
ي فاألمر هنا ينبغي أن يعود للمندوب اإلقليمي الذي يوجد في دائرته المقر
االجتماعيي أما إذا كان األمر يتعلق بمقاوالت مختلفة ي فإن األمر يجب أن يعود إلى
المندوبين اإلقليميين على مستوى دوائرهم حتى ولو تعلق األمر بنزاع جماعي واحد
نظرا لكون كل واحد منهم أقرب إلى المشاكل المطروحة على مستوى مقاولته من
غيره دون إغفال واجب التنسيق المعمول به إداريا و الذي يتم مباشرة من هؤالء
المندوبين أو على مستوى اإلدارة المركزية.
إذا حصل أن امتد النزاع الجماعي للشغل إلى عدة أقاليم أو عماالت أو إلى
مجموع التراب الوطنيي وكذا إذا لم يحصل اتفاق أو تصالح بين األطراف أمام
اللجنة اإلقليمية للبحث والمصالحةي فإن النزاع يحال مباشرة إلى اللجنة الوطنية
للبحث والمصالحةي يرفن النزاع الشغل الجماعي مباشرة أمام نظر اللجنة الوطنية
للبحث والمصالحةي وذلك إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق على مستوى اللجنة اإلقليمية
للبحث والمصالحة.بمساءلة المادة 161من مدونة الشغل فإن اللجنة الوطنية للبحث
والمصالحة تتدخل في النزاع الجماعي في حالتين هما :إذا امتد نزاع الشغل
الجماعي إلى عدة عماالت أو أقاليم أو إلى مجموع التراب الوطنيي وإذا لم يحصل
أي اتفاق بين أطراف النزاع أمام اللجنة اإلقليمية للبحث و المصالحة.وتتكون هذه
اللجنةي من رئيس ممثال في وزير الشغل أو من ينوب عنهي باإلضافة أنها تتكون
بالتساوي من ممثلين عن اإلدارة والمنظمات المهنية للمشغليني وممثلين عن
المنظمات النقابية لألجراء األكثر تمثيالي كما نصت المادة 164من مدونة الشغلي
على أنه يحق لرئيس اللجنة استدعاء أي شخص يرى فائدة في حضورهي بالنظر لما
يتمتن به من كفاءات في مجال اختصاص اللجنة ويتولى كتابة أشغال هذه اللجنة
18
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
رئيس مصلحة تفتيش الشغل لدى الوزارةي والمالحظ أن المشرع المغربي قد انتبه
للحالة التي قد يمتد فيها النزاع إلى مجموع التراب الوطني أو إلى عدة أقاليم أو
عماالتي ومادام النزاع يكون على امتداد التراب الوطني فقد تقرر إحداث اللجنة
الوطنية للبحث والمصالحةي تكون ممثلة على المستوى الوطني.14
14ـ محمد المكي :الصلح في نزاعات الشغل بين التشريع والقضاء ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص ،جام عة
محمد الخامس ـ السويسي ،السنة الجامعية ،3118/3118 :ص .022
15ـ محمد سعيد جرندي :التصالح والتحكيم كوسائل بديلة لتسوية نزاعات الشغل الجماعية الندوة الجهو ية الحاد ية ع شرة،
احتفاء بالذكرى الخمسينية لتأسيس المجلس األعلى 3-0يونيو ،3112ص .021
16ـ إن نزعات الشغل الجماعية تعتب ر مسألة حساسة نظرا لألضرار الوخيمة التي تصيب االقتصاد الوطني وما يسببه ذ لك
في العديد من المعضالت االجتماعية ،فإن المشرع مدعو لتحري الدقة لتفادي أي غموض في النصوص القانونية والمتعلقة
بتسوية نزاعات الشغل الجماعية.
12
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
ولقد نصت المادة 568من مدونة الشغل على أنه ق يعهد بإجراء التحكيم الى
حكم يختاره األطراف باتفاق بينهم ي ضمن قائمة حكام تصدر بقرار الوزير المكلف
بالشغل و يتم استدعاء الئحة الحكام اعتمادا على اقتراحات المنظمات المهنية
للمشغلين و المنظمات النقابية لألجراء األكثر تمثيال ي يراعى عند وضن الئحة
الحكام ما للشخص من سلطة معنوية ي و ماله من كفاءات و اختصاصات في
21
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
المجال االقتصادي و االجتماعيي و تضيف المادة 562على أنه إذا تعذر توصل
األطراف الى اتفاق على اختيار الحكم ي ألي سبب كان ي فإن الوزير المكلف
بالشغل ي يعين حكما من نفس القائمة المذكورة في المادة 568أعاله ي في أجل
ثمانية و أربعين ساعةي ولما كان اختيار الحكام المعتمدين لحل نزاعات الشغل
الجماعية يتم ضمن قائمة حكام معدة سلفا يصدرها الوزير المكلف بالتشغيل.
ومن جهة أخرى فإن مدونة الشغل لم تتضمن أي مقتضى يفيد تضمين المقرر
التحكيمي شكليات معينة ي وبالرجوع إلى قانون المسطرة المدنية ي فإننا نجد الحكم
التحكيمي ي يجب أن يكون مكتوبا ويتضمن بيانا موجزا الدعاءات األطراف ونقط
النزاع التي تناولها والمنطوق الذي بت فيهي إضافة إلى السماء المحكمين وتحديد
هويتهم وعناوينهم وتارين ومكان إصدار الحكم التحكيميي أما الحكم التحكيم في
إطار مدونة الشغل الجماعية فأغلب التشريعات المقارنة تترك للمحكم الحرية في
تحديد المقرر الصادر عنه ي سواء قدمه في شكل تقرير أو في شكل يقترب من شكل
األحكام القضائية وهو االتجاه الغالب .
وباستقراء بعض فصول مدونة الشغل يتضح جليا أن المشرع اعتمد المسطرة
الكتابية فيما يتعلق بتسوية نزاعات الشغل الجماعية ي وهو ما يتأكد من خالل الفصل
563الذي ينص على تحرير محضر يثبت ما وصل إليه األطرف عند ختام جلسات
الصلح ي والفصل 574في فقرته الثانية التي يتبين منه بشكل ضمني أن المشرع
يشترط كتابة القرار التحكيمي حين ألزم الحكم بضرورة تبليغ الحكم وتعليله يوهذا
ال يتأتى إال بمقرر تحكيمي مكتوبي والفصل 577الذي ينص على ضرورة إرفاق
الطعن في القرار التحكيمي بنسخة من القرار المطعون فيه تحت طائلة عدم القبول
.17
17ـ بدر األمراني علوي ،التحكيم في نزاعات ال شغل الجماعية والفردية ،رسالة لنيل الماستر في ال قانون ال خاص ،جام عة
سيدي محمد بن عبد هللا ،كلية الحقوق فاس ،السنة الجامعية ,3101 3105ص .58
21
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
خاتمة :
ومن جهة أخرى على مستوى نزاعات الشغل الجماعية ي فإن أهمية الوسائل
البديلة انطالقا من االتفاقية الجماعية ثم المفاوضة باإلضافة إلى الصلح و التحكيم
تقتضي من النقابات المهنية لألجراء و المأجورين على السواء التكيف من إكراهات
العمل النقابي و ما تستتبعه من ضرورة القبول بالحرية النقابية و الحق في
اإلضراب .لذلك فإن هذه المنظمات مطالبة بالفصل بين النقابي و السياسي كما هي
مطالبة بإعادة هيكلتها التنظيمية بشكل يتوافق من قواعد الديمقراطية التي تتبناها في
مرجعيتها وأهدافها الحقيقية .
22
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
نجاة الناجي
باحثة بسلك الدكتوراه
بكلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ـ طنجة ـ
مــقــدمــة
تعتبر الشرطة القضائية هي إحدى األجهزة التي أوكل إليها المشرع التثبت من
الجرائم وجمن األدلة عنها وإيقاف مرتكبيهاي وهي بذلك أول سلطة تباشر عملية
البحث والتحري واإليقاف وتقوم بأدوار ووظائف تمهيدية تسبق إجراءات المحاكمة
والتحقيق اإلعدادي .ويتجلى دور جهاز الشرطة القضائية باعتباره من أهةم الدعائم
األساسية التي تستند عليه العدالة الجنائيةي ذلك أن األبحاث التمهيدية التي يقوم بها
يكون لها دور فاعل في تحقيق محاكمة عادلة و عدالة فعالة.
وينتمي أعضاء الشرطة القضائية بالمغرب إلى جهات إدارية مختلفة فمنهم من
ينتمي إلى سلك القضاءي و منهم من ينتمي إلى جهات إدارية مختلفةي ومن أجل
تحقيق الفعالية المرجوة في عمل الضابطة القضائيةي نص المشرع المغربي في
إطار المادة 27من قانون المسطرة الجنائية18ي حيث جعل أصناف من الموظفين
واألعوان المكلفين ببعض مهام الشرطة القضائيةي تتصل بمهام اختصاصات كل
منهم بصفة أساسيةي وذلك بحكم موقعهم وارتباطهم الوظيفي بالمجاالت التي يخول
لهم القيام بهذه المهام.
18الظه ير ال شريف ر قم 0.13.355ال صادر في 35من ر جب 2 ( 0332أك توبر ) 3113بتنف يذ ال قانون ر قم 33.10
المتعلق بالمسطرة الجنائية ،الجريدة الرسمية عـدد 5128بتاريخ 32ذي القعدة 21 ( 0332يناير ،) 3112ص .205 :
23
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
وإن ضابط الشرطة القضائية كسائةر الموظفين العموميين قةد يرتبك خةالل
مم ارسته لمهامةه خةطةأ من شأنه تعريضه إلى المسائلة من قبل رؤسائه المشرفين
عليه إداريا وكةذا القضائييني وإذا كان الفعل المرتكب يعتبر جريمة فةإن الملف
يحال على النيابة العامة من أجل إقةرار المتابعة الجنائية طبقا للقانون.
تأسيسا على األهمية السالفة الذكري تبرز إشكالية رئيسية للموضوع تتمثل في
تجليات مـأسسة التشريع المغربي لقواعد المسؤوليـات المثارة إبــان إخالل ضابط
الشرطة القضائية بقواعد المهنة ؟
وإن فيما مقابل اإلخةالل المرتكب من طرف ضابط الشرطة القضائية تةثةار في
حقه مسؤولية جنائية ومدنية ( المبحث األول )ي كما يمكن أن تةثةار في حقه
مسؤولية إدارية وتأديبية (المبحث الثاني ).
إن ضباط الشرطة القضائية وأثناء قيامهم بوظائفهم قد يرتكبون بعض األفعال
واالخالالت التي تتجاوز األخطار المهنيةي لتكتسي أفعاال جرمية تمس بحريات
وحقوق األفةراد مما يؤدي إلى إثةارة المسؤولية الجنائية ( المطلب األول )ي وكةذا
المسؤولية المدنية ( المطلب الثاني ).
24
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
إن األفعال واإلختالالت التي يرتكبها ضباط الشرطة القضائية وأعةوانهم قةد
تتجاوز حةد األخةطةاء المذكورة لتكتسي أشكاال تمس بحريات أو حقوق األفراد
ويتجاوز بالتالي حدود ما يسمح به القانوني مما يؤدي إلى إثةارة المسؤولية الجنائية
التي تتحقق من الناحية العملية عن كل الجرائم التي يرتكبونها أثناء ممارستهم
أو 19
لمهامهم أو بمناسبة ممارستهم لها والمنصوص عليها في القانون الجنائي
المسطرة الجنائيةي أو بعض القوانين الخاصة.20
ويقصد بالمسؤولية الجنائية الةتةزام شخص بما تعهد القيام به أو االمتناع عنه
حتى إذا أخةل بتعهده تةعةرض للمساءلة عةن نكوثهي فيلتزم عةنةدمةا بتحمل نتائج
هةذا النةكةوث.
" إذا نسب لباشا أو خليفة أو لعامل أو رئيس دائرة أو قائد أو لضابط شرطة
قضائية من غير القضاة المشار إليهم في المواد السابقة ارتكابه لجناية أو جنحة أثناء
مزاولة مهامهي فإن الرئيس األول لمحاكم االستئناف المعروضة عليه القضية من
طرف الوكيل العام للملكي يقرر ما إذا كان يقتضي األمر إجراء البحثي وفي حالة
اإليجاب يعين مستشارا مكلفا بالتحقيق بمحكمته.21
19ظه ير شريف ر قم 0.58.302صادر في 38ج مادى الثان ية 31 ( 0283نونبر ) 0813بالم صادقة ع لى مجمو عة
القانون الجنائي .الجريدة الرسمية عدد 3131مكرر بتاريخ 03محرم 5 ( 0282يونيو ،) 0812ص .0352 :
20ميلود غالب :عمل النيابة العامة بين الواقع والقانون ،الجزء الثاني :تسيير ومراقبة أعمال ال شرطة الق ضائية ،الطب عة
األولى ،3111مطبعة فولوكي ،تزنيت ،ص .033 :
21سعاد حميدي – أحمد قيلش – مجيدي السعدية – محمد زنون :الشرح العملي لقانون المسطرة الجنائية ،مطب عة األمن ية
– الرباط ،دار النشر :فضاء آدم للنشر و التوزيع ،المطب عة و الورا قة الوطن ية – مراكش ،الطب عة الراب عة ،3108ص :
.32
25
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
وإذا تعلق األمر بجناية فإن المستشار المكلف بالتحقيق يصدر أمرا باإلحالة إلى
غرفة الجناياتي أما إذا تعلق األمر بجنحة فإنه يحيل القضية إلى محكمة ابتدائية
غير التي يزاول المتهم مهامه بدائرتها.
إذا كان ضابط الشرطة القضائية مةؤهةال لمباشرة وظيفته في مجموعة تراب
المملكةي فإن االختصاص يرجن إلى محكمة النقض حسب الكيفيات المنصوص
عليها في المادة .261
يمكن للطرف المدني التدخل لةدى هيئة الحكم ضمن الشروط المحددة في
المادتين 311و 311بةعةده ".
ومن ضمن الجرائم التي قد يرتكبها ضباط الشرطة القضائية أثناء مزاولتهم
لمهامهم ويترتب على إثةرها إثارة مسؤوليتهم الجنائية نذكر :
ويعاقب بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات وبغرامة من ألف درهم إلى
خمسين ألف درهم إذا كان مبلغ الرشوة أقل من مائة درهمي وأما إذا كان مبلغ
22ينص الفصل 338من القانون الجنائي المغربي على أنه " :يعد مرتكبا لجريمة الرشوة ،ويعاقب بالحبس من سنة إ لى
ثالث س نوات وبغرامة من خمسة آالف درهم إلى مائة ألف درهم؛ كل عامل أو مستخدم أو مو كل بأجر أو بمقا بل ،من أي
نوع كان طلب أو قبل عرضا أو وعدا ،أو طلب أو تسلم هبة أو هدية أو عمولة أو خصما أو مكافأة ،مباشرة أو عن طر يق
وسيط ،دون موافقة مخدومه ودون علمه ،وذلك من أجل القيا م بعمل أو االمتناع عن عمل من أعمال خدمته أو عمل خارج
عن اختصاصاته الشخصية ولكن خدمته سهلته أو كان من الممكن أن تسهله .وإذا كانت قيمة الرشوة تفوق مائة أ لف در هم
تكون عقوبة السجن من خمس سنوات إلى عشر سنوات ،والغرامة من مائة ألف درهم إلى مليون درهم ،دون أن تقل قيمتها
عن قيمة الرشوة المقدمة أو المعروضة ".
26
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
ا لرشوة يفوق ذلك يعاقب مرتكب الجريمة بالسجن من خمس سنوات إلى عشر
سنوات وغرامة من خمسة آالف درهم إلى مائة ألف درهم.
يقصد بالتعذيب كما عرفه الفصل 231-1من القانون الجنائي المغربي " :كل
فعل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد جسدي أو نفسي يرتكبه عمدا موظف عمومي أو
يحرض عليه أو يوافق عليه أو يسكت عنهي في حق شخص لتخويفه أو إرغامه أو
إرغام شخص آخر على اإلدالء بمعلومات أو بيانات أو اعتراف بهدف معاقبته على
عمل ارتكبه أو يشتبه في أنه ارتكبه هو أو شخص آخري أو عندما يلحق مثل هذا
األلم أو العذاب ألي سبب من األسباب يقوم على التمييز أيا كان نوعه .وال يعتبر
تعذيبا األلم أو العذاب الناتج عن عقوبات قانونية أو المترتب عنها أو المالزم لها ".
وقد يعاقب بالسجن المؤبد إذا ارتكب التعذيب ضةد قاصر دون سن 18سنةي أو
ضد شخص يعاني من وضعية صعبة بسبب كبر سنه أو بسبب مرض أو إعاقة أو
بسبب نقص بةدني أو نفسي على أن تكون هذه الوضعية ظاهرة أو معروفة لدى
الفاعلي أو ضد امرأة حامل إذا كان حملها بينا.
أمةا إذا نتج عن التعذيب موت دون نية إحداثه يعاقب بالسجن من عشرين إلى
ثالثين سنةي وفي حالة توفر سبق اإلصرار أو استعمال السالح تكون العقوبة السجن
المؤبد.
27
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
يعاقب التجريد من الحقوق الوطنية ضابط الشرطة القضائية الذي يتدخل في
أعمال السلطة التشريعيةي وذلك بإصةداره نظم تشتمل على نصوص تشريعية وإما
بتعطيل أو تةوقيف تنفيذ قانون أو أكثري أو الةذي يتدخل في المسائل المخولة
للسلطات اإلداريةي وذلك إمةا بإصدار نظم متعلقة بهذه المسائلي وإما بمنن تنفيذ
أوامر اإلدارةي كما جاء في مضمون الفصل 23237من القانون الجنائي المغربي.
تنص الفقرة األولى من الفصل 231من ق.ج على ما يلي " :كل قاض أو
موظف عموميي أو أحد رجال أو مفوضي السلطة العامة أو القوة العمومية يدخلي
بهذه الصفةي مسكن أحد األفرادي رغم عدم رضائهي في غير األحوال التي قررها
القانوني يعاقب بالحبس من شهر إلى سنة وغرامة من مائتين إلى خمسمائة درهم.
وتطبق أحكام الفقرة الثانية من الفصل 221على الجريمة المنصوص عليها في هذا
الفصل ".
وعليهي واستنادا على المقتضيات أعاله يعتبر منتهكا لحرمة المسكن ضابط
الشرطة القضائية الذي يدخل إلى مسكن أحدهم بصفته تلك دون موافقته .ما لم يكن
هذا الةدخول تم في إطار حالة التلبس ووفقا للةشةروط الةمةنةصةوص عةليها في
من ق.م.جي حيث أنه في هذه الحالة يمكن له دخةول 26
و62 25
و61 24
الةمةواد 19
مسكنه رغم عةدم رضائه بقوة القانون.
أمةا إذا كان األمر يتعلق بإطار البحث الةتةمةهةيةدي فال يمكن لضابط الشرطة
القضائية دخول المنازل بدون موافقة صريحة من الشخص الذي ستجري عمليات
التفتيش بمنزلهي ويجب لةزومةا تضمين هذه الموافقة في تصريح مكتوب بخط يد
المعني باألمر .27وإذا ما تم خةرق هذه المقتضيات والشروط سواء في حالة البحث
" إذا كان نوع الجناية أو الجنحة مما يم كن إثبا ته بح جز أوراق وو ثائق أو أ شياء أ خرى في حوزة أ شخاص ي ظن أن هم
شاركوا في الجريمة ،أو يحوزون مستندات أو أشياء تتعلق باألفعال اإلجرامية ،فإن ضابط الشرطة القضائية ينتقل فورا إلى
منزل هؤالء األشخاص ليجري فيه طبقا للشروط المحددة في المادتين 11و 13تفتيشا يحرر محضرا بشأنه.
وفيما عدا حاالت المس بأمن الدو لة أو إذا تع لق األ مر بجري مة إرهاب ية ،فال ي حق إال ل ضابط ال شرطة الق ضائية وم عه
األشخاص المشار إليهم في المادة 11وحـدهم االطالع على األوراق أو المستندات قبل القيام بحجزها.
وفيما عـدا حاالت المس بأمن الدولة ،فال يحق إال لضابط الشرطة القضائية ومعه األشخاص المشار إليهم في ال مادة 11
وحدهم االطالع على األوراق أو المستندات قبل القيام بحجزها.
إذا تعين إجراء التفتيش في أماكن مـعـدة الستعمال مهني يشغلها شخص يـلـزمه القانون بكتمان السر المهني ،فعلى ضابط
الشرطة القضائية أن يشعر النيابة العامة المختصة وأن يتخذ مسبقا جميع التدابير لضمان احترام السر المهني.
إذا كان التفتيش أو الحجز سيجري بمكتب محام ،يتولى القيام به قاض من قضاة النيابة العامة بمحضر نقيب المحامين أو
من ينوب عنه أو بع د إشعاره بأي وسيلة من الوسائل الممكنة.
تحصى األشياء والوثائق المح جوزة فـورا وت لف أو تو ضع في غالف أو و عاء أو كيس وي ختم علي ها ضابط ال شرطة
القضائية .إذا استحال ذلك ،فـإن ضابط الشرطة القضائية يختم عليها بطابعه.
إذا تعذر إحصاء األشياء المحجوزة على الفور ،فإن ضابط الشرطة القضائية يختم عليها مؤقتا إلى حين إحصائها والختم
النهائي عليها.
تتم هذه اإلجراءات بحضور األشخاص الذين حضرا التفتيش ،ويحرر ضابط الشرطة القضائية مح ضرا ب ما قام به من
عمليات ".
25نصت المادة 11من قانون المسطرة الجنائية على ما يلي :
" يطب ق ما يلي ،مع مراعاة مقتضيات المادة السابقة :
أوال :إذا كان التف تيش سيجري بم نزل شخص ي شتبه في م شاركته في الجري مة ،و جب أن يتم التف تيش بح ضور هذا
الشخص أو ممث له ،فإن ت عذر ذ لك و جب ع لى ضابط ال شرطة الق ضائية ان ي ستدعي شاهدين لح ضور التف تيش من غ ير
الموظفين الخاضعين لسلطته.
ثانيا :إذا كان التفتيش سيجري في م نزل شخص من الغ ير يحت مل أن ي كون في حياز ته م ستندات أو أ شياء ل ها عال قة
باألفعال اإلجرامية ،فإنه يجب حضور هذا الشخص لعملية التفتيش ،وإذا تعذر ذلك وجب أن يجري التف تيش طب قا ل ما جاء
في الفقرة السابقة تحضر هذا التفتي ش في جميع األحوال امرأة ينتدبها ضابط ال شرطة الق ضائية لتف تيش الن ساء في األ ماكن
التي يوجدن بها.
ثال ثا :يم كن ل ضابط ال شرطة الق ضائية أن ي ستدعي أي شخص ل سماعه ،إذا ت بين له أن بو سع هذا ال شخص أن ي مده
بمعلومات حول األفعال أو األشياء أو الوثائق المحجوزة ،وأن يرغمه على الحضور في حالة امتناعه بعد إذن النيابة العامة.
رابعا :توقع محاضر العمليات من طرف األشخاص الذين أجري التفتيش بمنازلهم أو من ي مثلهم أو ال شاهدين ،أو ي شار
في المحضر إلى امتناعهم عن التوقيع أو اإلبصام أو تعذره ".
26نصت المادة 13من قانون المسطرة الجنائية على ما يلي :
" ال يمكن الشروع في تفتيش المنازل أو معاينتها قبل الساعة السادسة صباحا وبعد الساعة التاسعة ليال ،إال إذا طلب ذلك
رب المنزل أو وجهته استغاثة من داخله ،أو في الحاالت االستثنائية التي ينص عليها القانون .غير أن العمليات التي ابتدأت
في ساعة قانونية يمكن مواصلتها دون توقف.
ال تطبق هذه المقتضيات إذا تعين إجراء التفتيش في محالت يمارس فيها عمل أو نشاط ليلي بصفة معتادة.
إذا تعلق األمر بجريمة إرهابية واقتضت ذلك ضرورة البحث أو حالة االستعجال القصوى أو إذا كان يخشى اندثار األدلة
فإنه يمكن الشر وع في تفتيش المنازل أو معاينتها بصفة استثنائية قبل الساعة السادسة صباحا أو بعد التاسعة ليال بإذن كتابي
من النيابة العامة ".
27يـرد استثناء على هذه القاعدة إذا تعلق األمر بجريمة إرهابية وامتنع الشخص ا لذي سيجري التف تيش أو الح جز بمنز له
عن إعطاء موافقته أو تع ذر الحصول عليها ،فإنه يمكن إ جراء العمل يات ال مذكورة في الف قرة األو لى من هذه ال مادة بإذن
كتابي من النيابة العامة بحضور الشخص المعني باألمر وفي حالة امتناعه أو ت عذر ح ضوره فبح ضور شخ صين من غ ير
مرؤوسي ضابط الشرطة القضائية.
22
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
الةتةمةهةيةدي أو في حالة التلبس فإن ضابط الشرطة القضائية يعرض نفسه للمساءلة
الجنائية ولعقوبة قد تصل إلى سنة حبس.28
لكن إذا أثبت أنه تصرف بناء على أمر صادر من رؤسائه في مادة تدخل في
نطاق اختصاصهم ويوجب عليه طاعتهمي فإنه يتمتن بعذر معف من العقابي وفي
هذه الحالة تطبق العقوبة على الرئيس الذي أصدر األمر وحده.
وإذا كان العمل التحكمي أو المساس بالحرية الفردية قد ارتكب أو أمةر به
لغرض ذاتي أو بقصد إرضاء أهواء شخصيةي طبقت العةقةوبة المقةررة في
الفةصول 436إلى ." 441
وفي هذا اإلطار ولةزجر االعتقال التحكمي يعاقب التجريد من الحقوق الوطنية
ضابط الشرطة القضائية الذي يرفض أو يهمل االستجابة لطلب وجه إليه يرمي إلى
28محمد فقير :قانون المسطرة الجنائية و العمل القضائي المغربي ،الطبعة الثالثة ،3102ص .088 :
31
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
وتجدر اإلشارة أن االعتقال التحكمي تنتج عنه مسؤولية مدنية شخصية على
عاتق ضابط الشرطة القضائية مرتكب االعتقال.
إلى جانب المسؤولية الجنائية التي قةد يتعرض لها ضابط الشرطة القضائية قد
تثار أيضا في حقه مسؤولية مدنية .ويقصد بالمسؤولية المدنية حالة الشخص الةذي
ارتكب أمةرا يستوجب إلةزامه بتعويض مةا سببه من ضرر للغير.
ويتحمل ضابط الشرطة القضائية المسؤولية المدنية وفةقةا للقواعد العامة عن
األضرار المادية والمعنوية التي يلحةقةونها بالغير أثناء مزاولتهم لمهامهمي حيث
يمكن للمتضرر أن يطالب بالتعويض إما عن طريق الدعوى المدنية التابعة ( الفقرة
األولى )ي أو في إطار أحكام المسؤولية التقصيرية ( الفقرة الثانية ).
إذا كانت المسطرة المدنية تعنى بالةدعةاوى والنزاعات المدنيةي فإن المسطرة
الجنائية بةدورهةا ال تعنى إال بالدعاوى الجنائية .هةذا هةو األصلي إال أن هناك نوعا
من الدعاوى المدنية يرتبط ارتباطا وثيةقةا بالةدعوى العمومية ويتحةد مةعةها في
المصدر الذي هةو الجريمة التي تسببت في الضرر الخاص والذي سمح القانون
29نصت المادة 332من القانون الجنائي المغربي على ما يلي " :كل موظف عمومي ،أو أحد ر جال ال قوة العموم ية ،أو
مفوضي السلطة العامة المكلفين بالشرطة القضائية أو اإلدارية ،يرفض أو يهمل االستجابة لطلب وجه إليه يرمي إلى إثبات
حالة اعتقال تحكمي غير مشروع ،سواء في األمكنة أو المحالت المخصصة لالعتقال ،أو في أي مكان آخر ولم ي قدم د ليال
على أنه قد أبلغه إلى السلطة الرئاسية ،يعاقب بالتجريد من الحقوق الوطنية ".
31
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
بعرضها استثناء على القضاء الةزجري لينظر في تعويض الضرر30ي وهذا ما
يسمى بالدعوى المدنية التابعة.
إذا اختار المتضرر سلوك الطريق الجنائي في إطار الدعوى المدنية التابعةي
فإن مطالبته تخضن لمقتضيات المواد من 348إلى 316من قانون المسطرة
الجنائيةي ولكي تسمن دعواه المدنية يحب عليه التقيد بالشروط التالية: 31
-أال يكون قةد سبق لةه أن انتصب طرفا مدنيا أمام قاضي التحقيق.
-تحديد المطالب المدنية بمقتضى مذكرة مرفقة بصورة لةوصل أداء الرسم
القضائي الجزافيي أو تقديم مطالبة بتصريح شفهي يسجله كاتب الضبط بالجلسة
ويةنةذره ألداء الةرسم القضائي.
-إذا كان المتضرر قاصرا أو ليست له أهلية ممارسة حقوقه المدنية فيجب أن
يقيد الدعوى من يمثله قانونا.
إلى جانب المطالبة بالتعويض أمةام القضاء الزجريي قد منح المشرع للمتضرر
الحق في المطالبة بالتعويض أمام القضاء المدني في إطةار المسؤولية التقصيرية.
30عبد السالم بنحدو :الوجيز في شرح المسطرة الجنائية المغربية ،مطبعة اسبارطيل – طنجة ،الطبعة ،3103ص .51 :
31سعاد حميدي – أحمد قيلش – مجيدي السعدية – محمد زنون :الشرح العملي لقانون المسطرة الجنائية ،مطب عة األمن ية
– الرباط ،مرجع سابق ،ص .50 :
32ينص الف صل 331من ال قانون الج نائي المغر بي ع لى أ نه " :الجنا يات المعا قب علي ها في الف صل 335ت نتج عن ها
مسؤولية مدنية شخصية على عاتق مرتكبها كما تنتج عنها مسؤولية الدولة مع احتفاظها بالحق في الرجوع على الجاني ".
33ينص الفصل 335من القانون الجنائي المغربي على أنه :
" كل قاض ،أو موظف عمومي ،أو أحد رجال أو مفوضي السلطة أو القوة العمومية يأمر أو يباشر بنفسه عمال تحكم يا،
ماسا بالحريات الشخصية أو الحقوق الوطنية لمواطن أو أكثر يعاقب بالتجريد من الحقوق الوطنية.
لكن إذا أثبت أنه تصرف بناء على أمر صادر من رؤسائه في مادة تدخل في نطاق اختصاصهم ويو جب عل يه طاعتهم،
فإنه يتمتع بعذر معف من العقاب ،وفي هذه الحالة تطبق العقوبة على الرئيس الذي أصدر األمر وحده.
وإذا كان العمل التحكمي أو المساس بالحرية الفردية قد ارتكب أو أمر به لغرض ذاتي أو بقصد إرضاء أهواء شخصية،
طبقت العقوبة المقررة في الفصول 321إلى ." 331
32
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
إن مسؤولية ضابط الشرطة القضائية المدنية الشخصية تخضن للنظرية العامة
للمسؤولية التقصيرية التي تستلةزم وجةود عالقة سببية بينهما.34
وعليهي فةإن المتضرر من إخةالل ضابط الشرطة القضائية يمكنه أن يقدم أمام
القضاء المدني لطلب التعويض في إطةار أحكام المسؤولية التقصيرية المنظمة طبقا
لمقتضيات الفصلين 3579و 3681من قانون االلتزامات والعقود.
إال أنه عندما تةثةار مسؤولية الدولة وجةب التمييز بين األخطاء المصلحية
واألخطاء الشخصية.
34سعاد حميدي – أحمد قيلش – مجيدي السعدية – محمد زنون :الشرح العملي لقانون الم سطرة الجنائ ية ،مر جع سابق،
ص .32 :
35نص الفصل 28من ق.ل.ع على أن " :الدولة والبلديات مسؤولية عن األضرار الناتجة مباشرة عن تسيير إدارتها وعن
األخطاء المصلحية لمستخدميها ".
-الظهير الشريف الصادر في 8رمضان 0220الموافق لـ 03غشت 0803المتعلق بقانون االلتزامات والعقود.
36نص الفصل 81من ق.ل.ع ع لى أن " :م ستخدمو الدو لة والب لديات م سؤولون شخ صيات عن األ ضرار النات جة عن
تدليسهم أو عن األخطاء الجسيمة الواقعة منهم في أداء وظائفهم .وال تجوز مطالبة الدولة والبلديات بسبب هذه األضرار ،إال
عند إعسار الموظفين المسؤولين عنها ".
33
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
فالخطأ المصلحي هةو الةذي يرتكبه ضابط الشرطة القضائية وينسب إلى الدولة
باعتباره موظف تابعا لهاي هذا الخطأ الذي يصدره إما أثناء تأديته لوظيفته أو
بسببهاي شريطة أن تكون العالقة السببية قائمة بين الخطأ والوظيفةي وأن الوظيفة
هي السبب المباشر للخطأ وإال سقطت مسؤولية الدولة.
أما الخطأ الشخصي فهو الةذي ينسب إلى ضابط الشرطة القضائية شخصيا
والةذي يتحمل فيه مسؤولية شخصية كاملة متى ارتكبه خارج وظيفتهي أو في حالة
األخطاء الجسيمة التي يةرتكبها ضابط الشرطة القضائية أثناء قيامه بوظيفتهي وفي
هذه الحالة تةرفةن الدعوى بشكل مباشر في حق ضابط الشرطة القضائية المتسبب
في الضرر .وال يمكن رفةعةهةا ضةد الدولة إال في حالة إعسار هةذا األخير من حفظ
حةق الدولة في الرجوع إليه كما هو منصوص عليه في الفصل 81من قانون
االلتزامات والعقود.37
وفي هةذا السيةاق اعتبرت المحكمة االبتدائية بطنجة في حكمها أن " :سلوك
الموظف الةذي ال يقوم على درجة معينة من الفطنة والتبصر ويتجاوز في عمله
الةحةدود القانونية وينساق وراء أهةوائةه الشخصية إلى درجة تجعل عمل الموظفي
منفصال عن واجبات وظيفته يعتبر خطأ جسيما يستوجب مساءلته شخصيا ".38
إن ضباط الشرطة القضائية على غرار المسؤوليات التي سبق وأشرنا إليها
والتي تثار في حقهم بمناسبة قيامهم بوظائفهمي هناك مسؤوليات أخرى يتحملونها كل
حسب اإلخالل المرتكب من طرفهمي وبالتالي سنتناول المسؤولية اإلدارية لضباط
الشرطة القضائية في المطلب األولي تليها مسؤوليتهم التأديبية في المطلب الثاني.
37سعاد حميدي – أحمد قيلش – مجيدي السعدية – محمد زنون :الشرح العملي لقانون الم سطرة الجنائ ية ،مر جع سابق،
ص .53 :
38حكم عـدد 812بتاريخ 0883/15/18صـادر عن المحكمة االبتدائية بطنجة.
34
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
اإلنةةذار.
الةتةوبيةن.
الةحةذف من الئحة الةتةرقةي.
االنةحةدار من الطبقة.
القهقرة من الةرتبة.
الةعةزل من غير تةوفةيةق حةق التقاعةد.
35
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
-إنةةذار.
-الةتةوبين.
39ظه ير شريف ر قم 0.18.302صادر في 8رب يع األول 32 ( 0320فبرا ير ) 3101يتع لق بالمدير ية العا مة لأل من
ا لوطني والن ظام األسا سي ل موظفي األ من ا لوطني .الجر يدة الر سمية عـدد 5802ب تاريخ 03رب يع األول ( 0320فاتح
مارس ،) 3101ص .100 :
-مرسوم رقم 3.01.85صادر في 8ربيع اآلخر 31 ( 0320مارس ) 3101بشأن النظام األسا سي ال خاص ب موظفي
األمن الوطني .الجريدة الرسمية عـدد 5838بتاريخ 31ربيع اآلخر 03 ( 0320أبريل ،) 3101ص .3352 :
36
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
بحكم طبيعة المهام الجسيمة لضباط الشرطة القضائية المرتبطة أساسا بحقوق
وحريةات األفرادي تعمل الجهات التي ينتمون إليها على مراقبة والوقوف على
اإلخالل الصادر منهم وتوقين عقوبات في حقهم.40
و تعرف المسؤولية التأديبية بأنها صالحية فةاعةل المخالفة التأديبية ألن يتحمل
تبعة سلوك صةدر عنه.41
وإذا كانت المسؤولية التأديبية تجد مصدرهةا في قانون المسطرة الجنائيةي فإن
المسؤولية اإلدارية تجد أساسها في الشق الخاص بالعقوبات المنصوص عليها في
قانون الوظيفة العمومية 42والنظام األساسي لإلدارة التي ينتمي إليها الموظف.
إدارة ال ينظمها قانون خاص ينص على عقوبات إداريةي فإنه يخضن للعقوبات
المنصوص عليها في النظام األساسي العام للوظيفة العموميةي أمةا إذا كان ضابط
الشرطة القضائية ينتمي إلى إدارة ينظمها قانون خاص متعلق بالتأديب فةإنةه يخضن
إلى تلك العقوبات اإلدارية المنصوص عليها في هةذا األخيري وكنموذج لهذه
القوانين الخاصة باإلدارات نةذكةر على سبيل المثال المسؤولية اإلدارية لضباط
الشرطة القضائية التابعين للمديرية العامة لألمن الوطني حيث يخضعون للعقوبات
اإلدارية المنصوص عليها في الظهير الشريف رقم 1.19.213المتعلق بالمديرية
العامة لألمن الوطني والنظام األساسي لموظفي األمن الوطني.
ففيما يخص العقوبات المنصوص عليها النظام األساسي العام للوظيفة العمومية
فقد نص عليها الفصل 66من الظهير السالف الةذكةري حيث جةاء فيه :
ق تشتمل العقوبات التأديبية المطبقة على الموظفين على ما يأتيي وهي مرتبة
حسب تةزايةد الةخةطةورة :
اإلنةةذار.
الةتةوبيةن.
الةحةذف من الئحة الةتةرقةي.
االنةحةدار من الطبقة.
القهقرة من الةرتبة.
الةعةزل من غير تةوفةيةق حةق التقاعةد.
الةعةزل المصحوب بتوقيف حةق التقاعةد.
أمةا فيما يخص العقوبات اإلدارية لضباط الشرطة القضائية التابعين للمديرية
العامة لألمن الوطني فهي نفس العقوبات تقريبا المنصوص عليها في قانون الوظيفة
العموميةي وقد نصت عليها مقتضيات المادة 21من الظهير الشريف رقم
1.19.213المتعلق بالمديرية العامة لألمن الوطني والنظام األساسي لموظفي
األمن الوطنيي وتةتةوزع إلى ثةالث مجموعات :
المجموعة األولى
اإلنةةذار. -
الةتةوبيةن. -
المجموعة الثانية
المجموعة الثالثة
غير أنه إذا كانت األفعال التي تةوبةن بها الموظف إداريا هي نفسها األفعال التي
توبن بها جنائيا وصدر حكم نهائي حائز لقوة الشيء المقضي به قاضي ببراءته
يقتضي من المديرية العامة لألمن الوطني وضن حد ألي متابعة تأديبية في حق
الموظفي وهذا ما ذهبت إليه محكمة االستئناف اإلدارية بالرباط في قرار صادر
عنها حيث جاء فيه :
" ...حيث إنه ولئن كانت وسائل اإلثبات في الميدان الجنائي تختلف عنها في
الميدان التأديبيي إنه حينما تكون األفعال التي توبن بها الموظف جنائيا هي نفسها
التي توبن بها تأديبياي فةإن الحكم النهائي الحائز لقوة الشيء المقضي به القاضي
ببراءته يقتضي من اإلدارة وضةن حةد ألي متابعة تأديبية في حقهي فباألحرى
إصةدار قةرار إداري بمعاقبته .وحيث أن تجاهل اإلدارة المطلوبة في الطعن الحكم
القضائي المذكور رغةم توضيحها للمبررات التي اعتمدتها في إصةدار الةقةرار
المطعون فيهي والمتمثل في ع زل الطاعني يجعل هذا القرار متسما بتجاوز السلطة
لعيب انعدام السبب وموجبةا لإللغةاء ".46
45الف قرة األو لى من ال مادة 32من الظه ير ال شريف ر قم 0.18.302المتع لق بالمدير ية العا مة لأل من ا لوطني والن ظام
األساسي العام لموظفي األمن الوطني.
46قرار صادر عن محكمة االستئناف اإلدارية بالرباط عـدد 555المؤرخ بتاريخ 35/12/3112للم لف عـدد .25/12/5
أورده :
-السكروحي عبد هللا :رقابة القضاء على أعمال الشرطة القضائية ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص ،ماستر
الم هن القانون ية والق ضائية ،جام عة ع بد الما لك ال سعدي ،كل ية الع لوم القانون ية واالقت صادية واالجتماع ية ،طن جة ،ال سنة
الجامعية .3101 – 3105 :ص 28
41
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
ويحق للموظف المتابن االطةالع على ملفه التأديبي كةمةا يحق لةه تعيين مةحةام
لةمةؤازرتهي وفي هةذا الصدد أكةدت المحكمة اإلدارية بالرباط في حكمها تحت عةدد
13/7111/399بين الطاعةن في القرار موظف المديرية العامة لألمن الوطني
من جهةي وبين السيد المدير العام لألمن الوطني من جهة أخرىي حيث جاء فيه " :
أنه بةرجةوع المحكمة لةوثائق الملف لةم يثبت احترام اإلدارة المطلوبة في الطعن
للضمانات القانونية التي يمنحها القانون للموظف .ذلك أن المدعي عليها أسست
قةرار الةعةزل على قيام المدعي بأفةعةال جنائية في حين لةم تةقةن متابعته بهذا
الةشةأن أمةام القضاء المختصي للةبةت فيها بحكم فةاصةلي فةضةال عةن انعةقةاد
المجلس التأديبي بشكل فوري يةوم وقةوع األفةعةال المنسوبة للةطةاعةني دون تمكينه
من تجهيز دفةاعةهي طبقا للفصل 67من النظام األساسي للوظيفة العموميةي الةذي
ينص على أن للةمةوظةف المتابن الةحةق في أن يطلن على ملفه الشخصي بتمامه
وعلى جمين الةوثائق الملحقة بهي كةل ذلك يجعل قةرار الةعةزل بشكل سةابةق متابعة
مةخةالةفةا للةقةانةون 47
زجةريةي ودون احترام حةقةوق الةدفةاع الةمةكةرسةة دستوريا
ومةوجةبةا لإللةغةاء ".48
خـاتـمـة :
ال بد لكل زرع من حصادي وال بد لكل بحث أثةمةر وانتهى من نتيجة وخالصةي
وحصاد زرعنا الذي هو نتيجة وخالصة هذه الدراسة تتمثل في أن المشرع المغربي
حرص أشد الحرص على صيانة المحاكمة العادلة وصةون حقوق وحريات األفراد
وذلك بتشييد صرح البراءة التي هي األصل في المشتبه فيه ودعةم حقوق الدفاع
وتخويلهم لم جموعة من الحقوق التي تصب في مجال تمكينهم من الدفاع عن
براءتهمي ومما ال شك في أن الوصول إلى هةذا المبتغى يبقى رهينا بمدى إيجاد
47ظه ير شريف ر قم 0.00.80صادر في 32من شعبان 38 ( 0323يولـ يـو ) 3100بتنف يذ نص الد ستور .الجر يدة
الرسمية عدد 5813مكرر بتاريخ 38شعبان 21 ( 0323يوليو ،) 3100ص .2111 :
48حكم صادر عن المحكمة اإلدارية بالرباط تحت عـدد 02/2001/288بتاريخ .3103/10/32
41
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
قواعد قانونية وآليات عملية لمراقبة أعمال ضباط الشرطة القضائية من جهة وربط
مسؤوليتهم الجسيمة بالمحاسبة من جهة أخرى.
ومن بين النقط التي تم استخالصها من هةذا البحث والمتمثلة فيما يلي :
42
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
هشام عاللي
أستاذ بجامعة القاضي عياض بمراكش
مقدمة
إذا كانت ظاهرة الهجرة كظاهرة إنسانية وطبيعية قد استطاعت إلى حد ما
تحقيق نوع من الرفاهية واالستقرار االقتصادي للمهاجرين المغاربة في بلدان
إقامتهمي فإنها بالمقابل ساهمت إلى حد كبير في احتدام النزاعات بشأن تطبيق
قوانينهم الشخصية في مجال األحوال األسريةي سيما عندما يتعلق األمر بالنزاعات
الدولية المرتبطة بزواج المختلط49ي التي تربط بين بلدين يسود أحدهما نظام قانوني
علماني يجعل من عهود ومواثيق حقوق اإلنسان مرجعيته المتبناة في صياغة
القوانين األسريةي وبين نظام قانوني ديني يكرس نظريات أسرية مستوحاة من الفقه
اإلسالمي.50
من هذا المنطلق رفضت بلدان اإلقامة الكثير من المؤسسات القانونية األسرية
المضمنة في قانون األحوال الشخصية المغربيي واعتبرتها متعارضة من النظام
العام السائد فوق أقاليمهاي كما أن المغرب رفض بدوره االعتراف بأي حق اكتسب
.49الزواج المختلط هو كل زواج يبرم سواء بالمغرب أو بال خارج بين شخ صين أ حدهما يح مل الجن سية المغرب ية واأل خر
جنسية دولة أجنبية .محمد الكشبور :قراءة في الزواج الم ختلط ،المج لة المغرب ية للدرا سات الدول ية ،أع مال ال ندوة الدول ية
المنظمة من طرف جامعة مح مد األول بو جدة أ يام 05-3-02مارس 3113عدد خاص أك توبر 3112ص .2وع لى هذا
األساس فإن الزواج المختلط ينبني على االنتماء الوطني أي على عنصر اختالف الجنسية ال على أساس االنتماء الديني.
. 50منير شعيبي :قانون األ سرة المغر بي أ مام الق ضاء األور بي ،أ ية إمكان ية للتطب يق ،ر سالة لن يل دب لوم الدرا سات العل يا
المعمقة في القانون الخاص ،وحدة التكوين والبحث قانون األ سرة والطفو لة ،جام عة سيدي مح مد بن ع بد هللا كل ية الع لوم
القانونية واالقتصادية واالجتماعية فاس .السنة الجامعية 3111-3115ص .3
43
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
بناءا على القواعد القانونية لتلك البلدان من قبل رعاياهي نظرا لما فيه من تعارض
من األسس التي يقوم عليها النظام العام في المجتمن المغربي.51
وتعد مؤسسة الطالق من أكثر المؤسسات التي تجسد هذا التنازع بين
القوانيني بل وتشكل ميدانا خصبا يكشف تنازع الحضارات والثقافات واالختالفات
التشريعية للدولي وهو ما انعكس سلبا على تنظيم طالق المهاجرين المغاربةي
وتجلى ذلك من خالل رفض القضاء األوربي تطبيق القانون الوطني للمهاجرين
على هذه المؤسسةي أو من خالل رفضه السماح بتنفيذ األحكام الصادرة عن القضاء
المغربي بخصوصها فوق التراب األوربي.52
ولت جاوز هذه االكراهات كان ال بد من صدور قانون ينظم أحوال األسرة
المغربيةي يعتمد مقاربة ثنائية تحافظ على التزاوج بين روح االنفتاح وبين التشبث
بجذور األصالة المستمدة من الدين اإلسالم كمكون حضاري ال محيد عنهي ويتعلق
المتعلق بمدونة األسرة الذي حاول من 53
األمر بصدور القانون رقم 71– 13
خالله المشرع تنظيم وضعية األسرة المغربيةي ليس فقط داخل أرض الوطن بل
حتى تلك المقيمة بالخارجي من خالل تبسيط إجراءات زواجها وفقا لقوانين الدول
التي تقيم فيهاي ثم التنصيص في صلب هذا القانون على مقتضيات هامة تتعلق بتنفيذ
األحكام األجنبية الصادرة بإنهاء الرابطة الزوجية فوق التراب الوطني.54
. 51كما هو الشأن مثال بالنسبة للطالق االنفرا دي الموقع من طرف الزوج الذي ي عد مؤس سة غ ير مقبو لة في أورو با ع لى
اعتبار أنها تكرس عدم المساواة بين الرجل والمرأة ،بل وتجعل المرأة في مرت بة دن يا ،و هو ما ي خالف الم بادئ ال تي ي قوم
عليها المجتمع األوربي .محمد الوهابي :طالق المغاربة أمام القضاء األوروبي إشكاالت التطبيق وأفاق التنفيذ ،رسالة لنيل
دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص ،و حدة الت كوين والب حث قانون األ سرة المغر بي والم قارن ،جام عة ع بد
المالك السعدي كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية طنجة السنة الجامعية 3112-3111ص . 1
.52محمد الوهابي :طال ق المغاربة أمام القضاء األوروبي إشكاالت التطبيق وأفاق التنفيذ ،م س ص .2
.53الظهير الشريف رقم 0.13.33الصادر في 03ذي الحجة 0333هـ الموافق لـ 2فبرا ير 3113بتنف يذ ال قانون ر قم -12
21بمثابة مدونة لألسرة والمنشور بالجريدة الرسمية عدد 5083بتاريخ 5فبراير ،3113ص.308 :
54سعاد األخريسي :من مدونة األحوال الشخصية إلى مدونة األسرة ،الطبعة األولى مطبعة النجاح الجديدة البيضاء 3115
ص .082
44
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
بالتاليي فما مدى إمكانية تطبيق قانون األسرة المغربي أمام القضاء
األوروبي عند طالق المغاربة بالخارج؟ (المبحث األول) وما هي اآلثار التي تترتب
عن إنهاء الرابطة الزوجية الناتجة عن الزواج المختلط؟ (المبحث الثاني).
إن أول ما يتعين على القاضي القيام به عند النظر في طلب انحالل الرابطة
الزوجية في إطار الزواج المختلطي هو تحديد القانون الواجب التطبيق وفقا لقاعدة
اإلسناد الوطنيةي إذا كان أحد طرفي من مواطني الدولة التي يعرض النزاع على
قضائها . 55وألن المشرع المغربي يرجح اعتماد الجنسية أساسا لتحديد القانون
الواجب التطبيق في مسائل األسرة أخذا بمبدأ شخصية القوانيني بمعنى أن القوانين
وضعت أصال لألشخاص ويجب أن تتبعهم أينما وجدوا .56بالتالي يعتبر إسناد
األحوال الشخصية للقانون الوطني للطرفيني قانون الجنسيةي من المبادئ ذات السبق
التاريخي في التطبيق سواء من خالل العرف الدولي أو القانون الوضعي.57
.55شايل لطيفة :ظاهرة الزواج المختلط في المغرب أسبابها ونتائجها على األسرة ،مجلة البحوث العدد األول مارس 3113
ص088
.56صالح الدين جمال ا لدين :مشكالت حضانة األطفال في زواج األجانب دراسة مقارنة ،مطبعة دار الفكر الجامعي القاهرة
طبعة 3113ص 81
. 57الحسين والقيد و العبدوني أحمد :ا لزواج الم ختلط في دول الم غرب العر بي ،مج لة الم يادين ،ال عدد 5سنة 0881ص
.018
45
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
إال أنه قد ال يكون متيسرا من الناحية العلمية أن يحل ضابط الجنسية مشكل
التنازع في كل الحاالت بناء على معيار موحدي عندما يتعلق األمر بزوجين من
جنسيتين مختلفتين61ي لهذا اتجهت بعض التشريعات إلى إخضاع العالقات الزوجية
إلى قانون واحدي من ذلك المشرع المصري الذي أخضن الطالق الناتج عن الزواج
المختلط لقانون الزوج62ي وهو نفس موقف المشرع األردني63ي أما بالنسبة للقانون
المغربيي فقد نص الفصل التاسن من ظهير الوضعية المدنية لألجانب على أنه
˝ للفرنسيين واألجانب الحق في أن يطلبوا الطالق والفصل الجسمانيي طبقا للشروط
. 58القانون الدولي الخاص البلجيكي بتاريخ 0أكتوبر 3113
.59القانون الهولندي بتاريخ 35مارس 0880
. 60منير شعيبي :قانون األسرة المغربي أمام القضاء األوربي ،أية إمكانية للتطبيق ،م س ،ص 01
. 61استأذنا الحسين بلحساني :الموجز في القانون الدولي الخاص ،مطبعة الجسور وجدة السنة 3112/3113ص 021
.62تنص الفقرة الثانية من المادة 02من القانون المدني المصري على أنه ˝ أما الطالق فيسري عل يه قانون ا لزوج و قت
الطالق ويسري على التطليق واالنفصال قانون الدولة التي ينتمي إليها وقت رفع الدعوى˝.
. 63تنص الفقرة الثانية من المادة 03من القانون المدني األردني على أنه˝ أ مـا ال طالق ،في سري عل يه قانون الدو لة ال تي
ينتمي إليها الزوج وقت الطالق ،ويسري على التطليق واالنفصال قانون الدولة التي ينتمي إليها الزوج وقت رفع الدعوى˝
46
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
إال أن التعديالت المتالحقة على قاعدة اإلسنادي تجاوزت ظهير الوضعية المدنية
لألجان بي خصوصا أن المغرب أبرم اتفاقيات ثنائية في هذا المجالي ومنها االتفاقية
المغربية الفرنسية67ي التي أخذت بنفس المبدأ المتعارف عليه في القانون الدولي
الخاصي الذي يقضي بخضوع األشخاص فيما يتعلق بأحوالهم الشخصية لقانونهم
الوطني68ي األمر الذي يعني بالضرورةي إخضاع الجالية المغربية المقيمة بفرنسا
إلى مدونة األسرة المغربية فيما يخص أحوالها الشخصيةي وعليه نصت الفقرة
األولى من المادة التاسعة من االتفاقية المذكورة على أنه قينحل الزواج وفقا لقانون
إحدى الدولتين التي ينتمي إليها الزوجان يوم تقييد الطلبق.
. 64أح مد الزو كاغي :ت نازع ال قوانين في الز مان درا سة في ال قانون ا لدولي ال خاص المغر بي ،من شورات جمع ية تنم ية
البحوث والدراس ات القضائية ،الطبعة األولى ص 333
. 65أستاذنا الحسين بلحساني :م س ،ص 022
. 66إذا كان الزوجان من جنسيتين مختلفتين ،يجب احترام القانونين معا في التطبيق ،وقد أكدت محكمة اال ستئناف بالر باط
هذا االت جاه ح يث ن صت ع لى أ نه ˝ م تى كان الزو جان مختل فين الجن سية فإن الت نازع بين قانونيه ما المتعل قين باألحوال
الشخصية يجب أن يفصل فيه بإضافة أحدهما إلى اآلخر أي بتطبيقهما معا ،بشكل يؤدي إلى إعطاء كل من القانونين حصته
من التطب يق˝ .قرار صادر عن محك مة اال ستئناف بالر باط ب تاريخ 03ي ناير ، 0833أ شار إل يه أح مد الزو كاغي :ت نازع
القوانين في الزمان ،م س ،ص 353
أحمد الزوكاغي :م س ،ص 352
.67الظهير الشريف قم 0.82.082ال صادر ب تاريخ 03نونبر 0881المن شورة بالجر يدة الر سمية عدد 2801ب تاريخ 2
أكتوبر 0882ص 820
. 68أحمد الزوكاغي :تنازع القوانين في الزمان ،م س ،ص 352
47
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
قانون األسرة المغربي من طرف القضاء األوروبي69ي حيث سمحت هذه االتفاقية
باالعتراف بسلطة وقرارات المحاكم المغربية فيما يخص حاالت الطالق وفقا
للفصول من 11إلى 14من هذه االتفاقية.
إال أن الواقن يؤكد أن هذا الحل لم يحقق النتائج المرجوة منهي خاصة وأن
القضاء الفرنسي لم يستقر على موقف موحد وهو بصدد تطبيق نصوص االتفاقية
المذكورةي فتارة كان يقضي بتطبيق قانون األحوال الشخصية المغربي طبق لما
أشارت إليه المادة التاسعةي وتارة أخرى كان يتجاهل وجود االتفاقية من أساسها
وينتصر لنةزعتةه الوطنية ومن ثم تطبيق القانون الفرنسي70ي مبررا ذلك بضرورة
الحفاظ على المصالح االجتماعية وتحقيق استقرار األسرة ومراعاة الشعور
االجتماعي العام في دولهم.71
هذا الوضن يتمثل سببه الرئيسي في تأثر القضاء الفرنسي بفكرة النظام العام
الدولي السائد في أوروباي الذي يستند على مفاهيم وقيم إنسانية وحقوقيةي تتماشى
والتوجهات الحديثة في مجال حماية حقوق اإلنسان72ي مما يجعل التصور الفرنسي
للنظام العام يتعارض من مختلف القضايا األسرية في النظام القانوني المغربي73ي
يضاف إلى ذلك أن العديد من نصوص االتفاقية المغربية الفرنسية يطبعها الغموض
. 69وهذا استثناء من القاعدة العامة المنصوص عليها في الفصل 201من القانون المدني الفرنسي التي تنص على أنه ˝ تتم
إجراءات الطالق عبر قاضي فرنسي عندما يكون الزوجان حاملين للجنسية الفرنسية ،وي كون أ حدهما ح مال ل ها ،أو ي كون
محل إقامتهما بفرنسا ˝
. 70أح مد زو كاغي :ح صيلة االتفاق ية المغرب ية الفرن سية المؤر خة ب تاريخ 01غ شت 0880والمتعل قة بحا لة األ شخاص
واألسرة والتعاون القضائي ،مجلة المناهج العدد الثاني 3113ص .13
. 71جمال الطاهري :مراعاة اإلقامة بالخارج كمحدد للضبط في مدونة األسرة ،عام من التطبيق الحصيلة واألفاق ،أ شغال
الندوة الوطنية المنعقدة بكلية الحقوق بوجدة يومي 08-02فبراير 3115من شورات مجمو عة الب حث في ال قانون واأل سرة
سلسلة الندوات العدد األول ،ص 031
. 72عبد الوهاب المريني :كيف يتم استقبال القوانين المغربية في الخارج في حالة المنازعات القضائية األسرية ،منشورات
الجمعية المغربي للدفاع عن حقوق اإلنسان ،سلسلة لنكسر الصمت ،عدد الثالث السنة 3110-ص .33
. 73عبد الخالق أحمدون :الزواج والطالق في مدونة األسرة دراسة مقارنة مع أحكام الفقه اإلسالمي وقوانين دول المغرب
العربي واالتفاقيات الدولية ،مطبعة طوب بريس ،الرباط ،الطبعة األولى 3113ص .513
48
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
وإذا كان تطبيق القانون المغربي من طرف القضاء األوروبي على الروابط
األسري ة للجالية المغربية المقيمة بالديار األوروبيةي يجد أساسه في ضوابط اإلسناد
المقررة في قوانين الدول التي ينتمي إليها هذا القضاءي وكذا في مختلف االتفاقيات
التي أبرمتها هذه الدول من المغرب في مجال األحوال الشخصية .75فما هو األساس
الذي يتم االستناد عليه الستبعاد قانون األسرة المغربي باعتباره القانون الواجب
التطبيق؟
74إن هذه االتفاقية لم تحدد المق صود باآلثار الشخصية للزواج ،وكذا المقصود بحالة األشخاص ،فضال على أنها لم تتطرق
للقانون الواجب تطبيقه على النسب ،نفس الشيء بالنسبة للقانون الواجب التطبيق ع لى األ موال الم شتركة كأثر من اآل ثار
المالية للزواج.
– - Paul Decroux,: la convention franco-marocaine, journal du droit International n° 4
1985p89
. 75محمد الوهابي :طالق المغاربة أمام القضاء األوروبي إشكاالت التطبيق وأفاق التنفيذ ،م س ،ص 33
. 76مح مد نا صر مت يوي م شكوري :محا ضرات في ال قانون ا لدولي ال خاص ،مطب عة الم عارف الجد يدة ال سنة الجامع ية
3111-3115ص .55
. 77محمد فؤاد كحيحلي :النظام العام المغربي وتنفيذ األحكام األجنبية ،مجلة القصر العدد 1سنة 3113ص .20
. 78موسى عبود :الوجيز في القانون الدولي الخاص المغربي ،مطبعة المركز الثقافي العربي الدار البيضاء الطبعة األولى
0883ص 331
42
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
هكذا فالنظام العام األوربي الذي يجد مرجعيته في االتفاقيات الدولية لحقوق
اإلنساني التي ترفض أي قيد أو شرط يحد من حرية الزواج أو يمس بمبدأ المساواة
بين الجنسيني جعل العديد من المؤسسات األسرية التي لها عالقة بالروابط األسرية
للجالية المغربيةي والموسومة بالصبغة الدينية أو تكرس انعدام المساواة من وجهة
النظر األوروبية79ي يتم استبعادها بذريعة معارضتها للنظام العام األوروبي
ومستلزمات حقوق اإلنسان.80
ومن جملة القرارات القضائية التي تبين مدى تدخل النظام العام األوروبي
في إقصاء القانون المغربي واإلجهاز على حقه في حكم األحوال الشخصية للجالية
المغربية المقيمة في أورباي نجد قرار محكمة النقض الفرنسية صادر في 31يناير
1991ي والذي جاء فيه ˝يستنتجي من جهةي من التوفيق بين الفقرة األولى من المادة
13من االتفاقية الفرنسية المغربية لة 11غشت 1981وبين المقطن ب من المادة
16من اتفاقية 1أكتوبر 1917أن األحكام المغربية المثبتة أو المعلنة عن انحالل
الرابطة الزوجية ال يتمخض عنها في فرنسا أي أثر إال إذا كان الطرف المدعى
عليه قد استدعي أو تم تمثيله بكيفية صحيحةي ومن جهة ثانيةي يستخلص من المادة
الخامسة من البروتوكول المؤرخة بة 22نونبر 1984رقم 7من االتفاقية
األوروبية المتعلقة بحقوق اإلنساني أن الزوجين يعامالن على قدم المساواة بالنسبة
للحقوق والمسؤوليات عند انحالل الرابطة الزوجيةي األمر الذي يترتب عليه عدم
إمكانية االعتراف في فرنسا بالطالق االنفرادي الصادر بصورة غير
إلى أن ˝ الطالق المعلن عنه قد وقن الصريح 82
حضورية˝81وجاء في قرار أخر
بأنه رجعيي الشيء الذي يتعارض من النظام العام الذي يقضي لمساواة التامة بين
. 79هشام بركادة :وضعية الطفل المغرب ي في المهجر ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المتخصصة في الشريعة ،و حدة
الشريعة والقانون ،جامعة سيدي محمد بن عبد هللا ،كلية الشريعة فاس ،السنة الجامعية 3115-3113ص .81
80. Jean Deperez : ˝le droit international privé à travers les livres ˝ Revue juridique ; politique
et économique du Maroc N° 5 / 1979 p 265
. 81أحمد زوكاغي :القضاء الفرنسي وانحالل الرابطة الزوجية بين الغاربة المهاجرين في فرنسا ،مطب عة الكرا مة الر باط
3112ص .25
. 82قرار محكمة النقض الفرن سية الغر فة األو لى ب تاريخ 2نونبر 0882المج لة االنتقاد ية لل قانون ا لدولي ال خاص ال عدد
االول 0883ص 235أشار إليه أحمد زوكاغي :القضاء الفرنسي والجالية المغربية ،مطبعة دار السالم الرباط ص 21
51
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
الزوجين ˝ وفي قرار أخر83جاء فيه ˝إن إسناد التطليق لسبب غير مقرر في القانون
الفرنسي يعتبر متعارضا من النظام العام فيها وذلك حفاظا على المصالح االجتماعية
في الدولة وتحقيق استقرار األسرة˝ وفي قرار أخر صادر عن نفس المحكمة جاء
فيه قحسب قاعدة التنازع فإن طالق الزوجين األجنبيين يجب أن يخضن لقانونها
الوطني المشترك لكن إذا لم يتوفر للقضاة المعلومات الكافية عن هذا القانوني فإنهم
يطبقون القانون الفرنسيق84ي وفي قرار أخر عن محكمة النقض الفرنسية بتارين
نجد هذه األخيرة قد رفضت االعتراف بالطالق الواقن بالمغرب 85
2114-12-17
بين زوجين مغربيين لكونه يكرس الالمساواة بين الجنسين عند انحالل الرابطة
الزوجيةي ومن ثم اعتباره مخالفا للنظام العام الدولي .وقد استندت محكمة النقض
الفرنسية في تبرير موقفها هذا بأن سلطة القاضي حسب مدونة األسرة منحصرة في
تحديد المستحقات المالية المترتبة على الطالق مادام أن اعتراض الزوجة على هذا
الطالق ليس له أثر قانونيي وهو ما يشكل خرقا للفصل 1من البروتوكول رقم 7
الصادر في 22نونبر 1984الملحق باالتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسانق.
إن ما يمكن التأكيد عليهي هو أن المنحى الذي سلكته محكمة النقض الفرنسية في
إيجاد تقنية جديدة الستبعاد القانون المغربي المختص بموجب قواعد اإلسناد في
القانون الفرنسي أو في اتفاقية 11غشت 1981ي إن كان يدل على شيء فإنما يدل
على االختالف المفاهيمي للمساواة بيت الثقافتين المغربية اإلسالمية والغربية
األوروبيةي فرغم المجهود المبذول على مستوى مدونة األسرة ومالئمة مقتضياتها
من مقتضيات االتفاقيات الدولية لحقوق اإلنساني إال أنه يبقى غير كافي ليرقى إلى
.83قرار أشار إليه إبراهيم احمد إبراهيم :القانون الواجب التطبيق على الزواج المختلط ،المجلة المغربية للدراسات الدولية
أعمال الندوة الدولية المنظمة من طرف جامعة محمد األول بوجدة أيام 05-3-02مارس 3113عدد خاص أك توبر 3112
ص12
. 84أورده إبراهيم بحماني :تنازع القوانين في مادة األحوال الشخصية بصفة عامة وبين المغرب وفرنسا خاصة ،التقر ير
السنوي للمجلس األعلى 3111ص .31
.85أنظر الموقع االلكتروني التالي :أطلع عليه بتاريخ 3131.18.15
Cass-civil – 17 février 2004 arrêt n° 259 / 02-15-766. Http.www.courdeCassation.fr
51
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
إضافة الى ذلك فإن التوافد المكثف للجاليات األجنبية على هذه الدول87ي
خلق لديها صعوبات تتعلق بمركزة القوانين األجنبية في نظامها القانونيي ذلك أن
القاضي األوربي أصبح من الصعب عليه مسايرة زخم القوانين األجنبية الواردة
عليه لالستحواذ على االختصاص .88لذلك بدأ التفكير جديا في البحث عن تقنيات
قانونية لمواجهة القانون األجنبيي فكان أن أصبح يأخذ بضابط الموطن أو اإلقامة
االعتيادية في الدول ذات التقليد العريق في شخصية القوانين مثل فرنساي إيطالياي
ألمانياي هولنداي بلجيكا وإسبانيا أي انه أصبح يستحوذ على المجال التقليدي
للجنسية.89
هكذا فحل التنازع باإلسناد إلى ضابط الموطن90ي يتم عن طريق تحديد مقر
الشخصي سعيا الى إيجاد الحل المثالي لتنازع القوانيني والوصول إلى معرفة
القانون األنسب لحكمهاي هذا الضابط انتقل من الفقه األلماني91ي إلى مختلف األنظمة
القانونية المقارنة التي أضحى فيها الموطن يشكل عنصر اإلسناد الرئيسي في مجال
األحوال الشخصية92ي وهكذا نص الفصل األول من القانون الهولندي الصادر
بتارين 1981/3/21على أنه قيطبق على الطالق والفصل الجسماني.
. 86محمد الوهابي :طالق المغاربة أمام القضاء األوروبي إشكاالت التطبيق وأفاق التنفيذ ،م س ،ص31
. 87محمد الوهابي :طالق المغاربة أمام القضاء األوروبي إشكاالت التطبيق وأفاق التنفيذ ،م س ،ص 31
.88منير الشعبي :م س ،ص 80
. 89موحى ولحسن ميموني :وضعية األ سرة المغرب ية في ضوء ت طورات ضوابط اإل سناد ،مج لة الم لف ال عدد 3شتنبر
3113ص .012
.90يم كن تعر يف ال موطن باال ستناد إ لى عن صرين اث نين ،أوال :عن صر مادي و هو اإلقا مة في م كان م عين ع لى و جه
االستمرار ،وعنصر معنوي وهو اتجاه نية الشخص إلى اتخاذ هذا المكان م قرا دائ ما له .ف موطن ال شخص إذا هو الم كان
الذي يفترض وجوده فيه على الدوام .والغالب أن يكون ه ذا المحل هو مكان اإلقامة المعتادة .فهمي مح مد ك مال :الجن سية،
الموطن ،مركز األجانب ،مادة التنازع ،مؤسسة الثقافة الجامعية القاهرة الطبعة الثانية ،0880 ،ص .353
. 91يجد ضابط الموطن أصله التاريخي عند الفقيه األلماني سافيني ح يث كا نت نق طة ال بدء ع نده ،هي ا لبالد ال تي ور ثت
ال قانون الرو ماني و سادت في ها الديا نة الم سيحية ويجمع ها اال شتراك ال قانوني ،أي تربط ها و حدة الثقا فة القانون ية والف كر
القانوني وتكون فكرة العدالة عندها واحدة .عز الدين عبد هللا :القانون الدولي الخاص ،في تنازع القوانين ،الجزء الثاني دار
النهضة العربية ،الطبعة السادسة 0818ص .38
.92منير شعبي :م س ،ص 83
52
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
فوفقا لهذه الفصل يكون قانون األسرة المغربيي هو القانون الواجب التطبيق
على الطالق الحاصل بين زوجين مغربييني أما طالق الزيجات المختلطة التي
يكون فيها أحد الزوجين هولنديا واآلخر مغربياي فإن على القاضي الهولندي أن
يطبق بشأنه أحكام القانون الهولنديي الذي هو قانون اإلقامة االعتيادية.93
هذاي ويبقى أهم تعديل عرفه تطور ضوابط اإلسناد في اتجاه األخذ بضابط
الموطني هو ذلك الذي دشنه القانون المدني الفرنسي بموجب تعديل سنة 1971
حيث أصبح الفصل 311من القانون المدني الفرنسي ينص في فقرته الثانية على
أن ق خضوع الطالق أو االنفصال الجسماني للقانون الفرنسي عندما يكون موطن
الزوجين داخل التراب الفرنسي بغض النظر عن جنسيتهماق فهذا الفصل تضمن
مصادرة صريحة للقانون الوطني للزوجين المغربيين المقيمان بفرنساي على اعتبار
أن طالقهم سيخضن حتما للقانون الفرنسيي وهو األمر الذي أشارت إليه االتفاقية
المغربية الفرنسية ل 11غشت 1981ي في مادتها 11والتي نصت على أنه قإذا
كان الزوجان من جنسية واحدة إلحدى الدولتين فيمكن لمحاكم هذه الدولة أن تكون
أيضا مختصة أيا كان موطن الزوجينق وهو ما يعني أن االختصاص سيعود للقانون
المغربي حتى ولو كان الزوجان مقيمان معا بفرنساي لكن شريطة عرض النزاع
على المحاكم المغربيةي ألن استعمال هذا الفصل لعبارة "أيضا" معناه أن النزاع قد
يعرض أيضا على المحاكم الفرنسيةي وفي هذه الحالة سيتم تطبيق القانون الفرنسي
باعتباره قانون القاضي94ي وهكذا فقد رفضت محكمة النقض الفرنسية في قرار لها
بتارين 17ماي 1993قبول االعتراف بطالق واقن بالمغرب معتبرة أن نكاح
. 93محمد الوهابي :طالق المغاربة أمام القضاء األوروبي إشكاالت التطبيق وأفاق التنفيذ ،م س ،ص21
.94منير شعيبي :م س ،ص 83
53
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
الزوجين المغربيين اللذين اكتسبا الجنسية الفرنسية واستقرا في فرنسا ال يجوز أن
ينحل إال وفق القانون الفرنسي.95
بالتاليي فإن تطبيق قانون الموطن على الجالية المغربية بهذا الشكلي من
طرف المحاكم األوروبية قد يخلق العديد من األوضاع الشاذة بين أفراد الجالية
المغربية المقيمة بأوروباي وذلك من قبيل اعتبار طرفي العالقة الزوجية مطلقين وفقا
لقانون إحدى البلديني واعتبارهما زوجين وفقا لقانون البلد اآلخري من ما يترتب عن
هاتين الوضعيتين من آثار وخيمة يكون الخاسر األول واألخير فيها هم أفراد الجالية
المغربية المقيمين في أوروبا.96
ومن بين النماذج القانونية األوروبية التي اعتمدت ضابط اإلرادة في
األحوال الشخصية نجد القانون الهولندي الصادر بتارين 21مارس 1981الذي
بنص في فصله األول على أن قالقانون الهولندي يطبق في مادة الطالق والفصل
الجسماني في حالة اتفاق األطراف على اختيارهي أو في حالة المطالبة بتطبيقه من
قبل أحد األطرافي رغم معارضة الطرف اآلخرق وهكذا جاء في حكم صادر عن
95 - cass civ 17/05/ 1993 JDI N°1 Année 1994 pp 115 – 12أشار إليه محمد وهابي :م س ،ص 20
. 96وفي هذا اإل طار ي قول األ ستاذ بيل يه ،من غ ير المنط قي والمع قول أن يفت قد ال شخص صفة ا لزوج أو األب أو اال بن
لمجرد انتقاله عبد الحدود من منطقة إلى أخرى:
-Pierre Mayer: droit international privé 4éme Edition، Paris 1991 p 17.
.97محمد وهابي :م س ،ص 20
. 98منير شعيبي :م س ،ص 011
54
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
محكمة أمستردام بتارين 28غشت 1991ق ...إن المدعية تطلب أن تحكم المحكمة
بالطالق بين الطرفين وذلك للتأزم الذي أصاب العالقة بينهما ...وبما أن المدعية
تسكن أكثر من 12شهر بهولندا لهذا يعطى الحق للقاضي الهولندي للحسم في
النازلة ...والمدعية اختارت تطبيق القانون الهولندي للحسم في النازلةي واعتبارا
ألن المدعى عليه لم يعارض هذا االختيار بتطبيق القانون الهولنديق.99
يثير طالق المغاربة بالخارج عدة إشكاليات عملية بسبب تباين النظام
القانوني األسري المغربي القائم على األسس الشرعية عن نظيره الغربي األوروبي
ذو الطابن العلمانيي فرغم المجهودات التي بذلها المغرب لخلق جسور التوصل بين
النظامين سواء من خالل مقتضيات مدونة األسرة أو االتفاقيات الثنائية التي عمل
على إبرامهاي فإن الوقن العملي أفرز بعض اإلشكاليات مما دفن إلى القول بضرورة
بذل المزيد من الجهود سواء على المستوى التشريعي والقضائيي لتذليل العقبات
القانونية التي توجه الجالية المغربية المقيمة بالخارج وضمان اندماج أفضل لها في
بلدان اإلقامة.
. 99جميلة أوحيدة :تنازع قوانين الطالق بين المغرب وهولندا ،مجلة الن ساء ودو لة ال حق وال قانون ،ال عدد األول ،3113
ص .031
.100محمد الوهابي :م س ،ص 22
55
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
ولعلى أهم اإلشكاليات التي يطرحا طالق المغاربة بالخارجي تلك المتعلقة
بقضايا النفقة واألموال المشتركة (المطلب األول) إضافة إلى قضايا اإلرث
والحضانة (المطلب الثاني).
إذا كانت مقتضيات مدونة األسرة جاءت واضحة فيما يخص موضوع
النفقةي وحددت أسبابها في الزوجية والقرابة وااللتزام101ي بالتالي فال مجال للحديث
في القانون المغربي عن وجوب النفقة على األب لصالح أبناءه ˝الطبيعيين˝ الناتجين
عن عالقة غير شرعية (المعاشرة الحر)ي كما هو الشأن بالنسبة لبعض الدول
الغربيةي التي تعترف بها بل لها تفضيل على عقد الزواج102ي وتقر للخليلة وأبنائها
بنفس الحقوق المعترف بها لصالح الزوجة واألبناء الشرعيين.103
هكذاي فعند إبرام عقد زواج في شكله المدني دون مراعاة الشروط الواردة
في مدونة األسرةي وينتج عن هذه الزواج أبناء يعترف التشرين األوروبي بنسبهم
دوت التشرين المغربيي مما يجعل القضاء المغربي يرفض هذا النوع من الروابط
إللحاق النسب وذلك بحجة مخالفة النظام العام المغربي الذي ال يعترف إال بالنسب
والمشاكل التي تنجم عن هذا النسب تتجلى بصفة خاصة في نفقة األبناءي إذ
قد يصدر حكم عن القاضي األجنبي يقضي بنفقة االبن الطبيعيي مما قد يطرح معه
مسألة منح هذا الحكم الصيغة التنفيذية من طرف القاضي المغربيي ومن الطبيعي
أن يرفض القضاء المغربي هذا الحكم بدعوى مخالفتها للنظام العام بصورة ال
تشوبها شائبة.106
إذن فإن طالق المغاربة في الخارج من شأنه أن يثير عدة إشكاالتي لعل
أهمها يتجلى في تمسك القاضي األجنبي بتطبيق قانونه الوطني على حساب
مقتضيات قانون الزوجين (رغم أن الفقرة األولى من المادة الثانية من مدونة األسرة
تجعل من مقتضياتها ذات تطبيق شخصي)ي استنادا إلى أن هذا القانون ال يضمن
الحد األدنى الالزم لنفقة القاصريني الشيء الذي يستوجب معه تطبيق القانون الذي
يتالءم ومصلحة الطفل .107كما أن مجرد حكم القاضي المغربي بمبلغ زهيد كنفقة
للزوجة أو األبناءي قد يتخذ كحجة لعدم تذييله بالصيغة التنفيذية على أساس أن في
ذلك خرقا لمقتضيات النظام العامي حيث جاء في قرار لمحكمة النقض
الفرنسية108على أن ˝ القانون الذي ال يقرر تعويضا أو نفقة للزوجة أو تعويضا
لصالحها في حالة الطالقي يعتبر متعارضا بكيفية جلية من النظام العام الفرنسيي
ويتعين استبعاده وتطبيق القانون الفرنسي بدال منه˝.
وإذا كان الدفن بالنظام العام غالبا ما يثار بمناسبة االعتراف بالطالق الصادر
عن المحاكم المغربية أمام القضاء األجنبيي فإن المادة الثامنة من اتفاقية الهاي
المؤرخة في 2أكتوبر 1973المتعلقة بالقانون المطبق على الطالق يسري بالنسبة
لآلثار المالية الناجمة عن انحالل الرابطة الزوجيةي هذا يعني بأن القضاء األجنبي
هو الذي يكون مختصا بتحديد النفقة بالنسبة لألبناء حينما يقن الطالق أمام محاكمهي
فإنه الشك سيعمل على تطبيق قانونه على آثار هذا الطالق ومن ضمنها النفقة109ي
إلى أن ˝ القواعد المتعلقة 110
وفي هذا الصدد ذهبت محكمة استئناف فرساي
بالواجبات و الحقوق الخاصة بكل زوج من الزوجين المنصوص عليها في المواد
212وما بعدها من التقنين المدني خاصة تلك المتعلقة بالمساهمة في أعباء الزواج
يتعين تطبيقها تطبيقا إقليماي كما أن االتفاقية الفرنسية المغربية المؤرخة ب 11
غشت 1981لم تخرج عن المبدأ المذكوري فيما إذا كانت اإلقامة االعتيادية للدائن
بالنفقة موجودة في فرنسا˝
إضافة إلى أن القانون األجنبي قد يتدخل لحسم النزاع في مسألة النفقة على
أساس أن القانون الواجب التطبيق هو قانون اإلقامة االعتيادية للدائن بالنفقة111ي أما
إذا اكتسب الزوجان المغربيان جنسية دولة اإلقامةي فإن القاضي األجنبي سيعمل
الى أنه˝ 112
على تطبيق قانونه الوطنيي حيث ما ذهبت إليه محكمة النقض الفرنسية
ال يمكن حل الرابطة القائمة بين الزوجين اللذين أصبحا من جنسية فرنسية واللذين
يستقران في فرنسا إال وفقا للقانون الفرنسي˝ وهكذا فإذا كانت محكمة جنسية
الزوجيني اللذين يت خذان من الدولة األجنبية التي اكتسبا جنسيتها موطنا معتاد لهما
هي المختصة في حل الرابطة الزوجيةي فإنه من البديهي أن تكون مختصة في
تحديد النفقة باعتبارها من أهم أثار الطالق.
.109عبد الجبار بهم :الزواج الم ختلط بين الف قه وال قانون ،درا سة تحليل ية مقار نة ،ر سالة لن يل دب لوم الدرا سات العل يا في
الشريعة ،وحدة الشريعة والقانون ،جامعة سيدي محمد بن عبد هللا كل ية ال شريعة ب فاس ال سنة الجامع ية ،0885-0883ص
.552
. 110أشار إليه أحمد الزوكاغي :القضاء الفرنسي والجالية المغربية ،م س ،ص 030
.111المادة 32من االتفاقية المغربية الفرنسية ل 01غشت 0880
. 112قرار أشار إليه احمد الزوكاغي :القضاء الفرنسي والجالية المغربية ،م س ،ص002
58
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
معظم تشريعات البلدان العربية ومن ضمنها المغرب ال إذا كانت
تتضمن نصوصا خاصة باألنظمة المالية بين األزواجي على أساس أن الذمة المالية
لكل واحد من الزوجين في ظل أحكام الشريعة اإلسالميةي تنفصل عن ذمة الزوج
اآلخر . 113فإن األمر يبقى على خالف ذلك بالنسبة لتشريعات دول أوروبا التي
خصصت مقتضيات دقيقة لتأطير النظام المالي بين األزواجي كما هو الشأن بالنسبة
للتشرين الفرنسي الذي يضن عدد من األنظمة رهن إشارة المقبلين على الزواج.114
هذا االختالف في القواعد المنظمة للروابط المالية بين المنظومة القانونية
المغربية والمنظومة األوربيةي كان سببا في خلق العديد من اإلشكاالت للجالية
المغربية المقيمة في الديار األوروبيةي حيث إن القضاء األوروبي كثيرا ما كان
يطبق القواعد المضمنة في قانونه الوطني على طالق هذه الجالية وآثاره .ومن
ضمنها األموال المشتركة بين الزوجيني خاصة من غياب النصوص المتعلقة
بمصير هذه األموال في التشرين المغربي وكذا غياب اتفاق بين الزوجين ي مما
يعني أنهما سيخضعان لمبدأ اتحاد الذمةي والشك أن القرارات الصادرة في هذا
الشأن على الجالية المغربية ستبقى دون تنفيذ بالمغرب115ي حيث جاء في قرار
هذه النقطةي والذي يعتبر أن األصل هو أن لكل من الزوجين ذمة مالية مستقلة.
وال يقف اإلشكال عند هذا الحدي بل إن الطالق الصادر في الخارج والذي
يتضمن كأثر من أثاره اقتسام األموال المكتسبة أثناء فترة الزوجية بين الزوجين -
دون وجود اتفاق مسبق على ذلك -سيؤدي والشك إلى رفض تذييل الحكم بالصيغة
التنفيذية لمخالفة النظام العامي ولكن الغريب في األمر أن يتم تذييل الحكم بالصيغة
التنفيذية في شقه المتعلق بإنهاء الرابطة الزوجية فقط دون الشق اآلخر المتعلق
باقتسام األموالي وهذا ما ذهب إليه قسم قضاء األسرة بوجدة .120لكن السؤال الذي
يطرح هل هذا التوجه القضائي سليم من الوجهة القانونية؟
تجدر اإلشارة الى أن هناك من يرى121ي بأن األمر يشكل خرقا للفصل
431122من قانون المسطرة المدنية الذي تحيل عليه المادة 128من مدونة
األسرةي والذي يوجب على رئيس المحكمة أن تتحقق من عدم مساس أي محتوى
من محتويات الحكم بالنظام العامي في حين يرى أخر123ي أنه ال مانن من إعطاء
الصيغة التنفيذية للحكم األجنبي في شق منه دون الشق األخري بعد تحقق المحكمة
من توافر الشروط التي يتطلبها القانوني وبالتالي فنرى أن ما ذهب إليه االتجاه
الثاني منطقياي ألن القول بعد منح الحكم -في شقه المتعلق بإنهاء الرابطة الزوجية -
الصيغة التنفيذية سيؤدي إلى إفراز مواقف شاذةي حيث سيكون كل من الزوجين
مطلق أمام القضاء األجنبي والحال أنه العكس أمام القضاء الوطنيي وهذا األمر ال
يخلو من عدة إشكاليات قد يفرزها هذا الوضن الشاذي وبالتالي فإنه ليس هناك ما
يمنن من تذيل الجزء القاضي بإنهاء العالقة الزوجية ويرفض تذييل الشق المتعلق
بوجوب اقتسام األموال المشتركة بين الزوجين إذا كان بها ما يخالف النظام العام
المغربي.
بالتالي فإنه متى تحددت الطبيعة القانونية للحضانةي وجب البحث عن
القانون الذي يكون أكثر مالئمة للتطبيق بحسب هذه الطبيعة الخاصةي فمادامت
الحضانة التزام مصدره القانوني فإن القانون الواجب التطبيق يرتبط بتحليل عناصر
العالقة وصوال إلى تحديد ضابط اإلسنادي وهو ما يمكن التوصل إليه بتحديد صاحب
الحق في الحضانة إذا كان أولى أن يطبق قانون الحاضن أم المحضون.125
هناك من يرىي بأن الحضانة إذا كانت تعتبر كأثر من اآلثار الناتجة عن
النسب فإن القانون الواجب التطبيق عليها هو القانون الذي أبرم في ظله عقد
الزواجي وذلك استنادا إلى أن الحضانة في حد ذاتها تعتبر من آثار الزواج الذي
. 124صالح الدين جمال الدين :مشكالت حضانة األطفال في زواج األجانب ،م س ،ص 82
. 125صالح الدين جمال الدين :م س ،ص 82
62
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
انتهى بالطالق أو التطليق بين الزوجين126ي لكن هناك من يرى بأن الحضانة ال
يمكن أن تخضن في التطبيق إلى أحكام قانون األسرة الذي نشأ في ظله عقد الزواجي
ألن هذه األسرة أصبحت غير قائمة بعد انتهاء هذا العقدي ومن ثم فإن القانون
الواجب التطبيق هو قانون الزوج والذي هو في نفس الوقت قانون جنسية الطفل.127
يمكن القول بأن القانون الواجب التطبيق هو قانون جنسية الطفل أو قانون
موطنهي طبقا لمبدأ ˝المصلحة الفضلى للطفل˝ المنصوص عليها في اتفاقية حقوق
الطفل لسنة 1989ي واحتياطيا قانون جنسية الحاضن إذا كان يحقق للمحضون
مصلحة أكبري وهذا ما اتجه إليه القضاء التونسي إذ أسند الحضانة للحاضن على
أساس مصلحة الصغير وتقديمها على كل مصلحة أخرى وعدم تمسكه بامتياز
أن ˝ األم أحق بالحضانة ولئن 128
الديانة أو الجنسية حيث جاء في قرار تعقيبي
كانت كتابية إال أنه متى تبين أن في حضانتها خطرا على المحضون فإن حق
الحاضنة يصبح متعارضا من حق الصغير ألن المعتبر في الحضانة هو مصلحة
الصغير˝ وجاء في قرار آخر تعقيبي 129أن ˝ إسناد حضانة الصغير لوالدته ليس فيه
ما يتأذى به النظام العامي سيما وأن األمر من مشموالت عالقة قانونية ذات طابن
دولي يتعلق بحضانة طفل قاصر مصلحته تكون هي األولى ˝.
هكذا يتبين أنه رغم االختالف في جنسية األبويني والذي من شأنه أن
يؤدي إلى التباين في شروط إسناد الحضانة إلى أحد الطرفين أو إسقاطها عن
الطرف اآلخر130ي فإن القضاء التونسي رجح ضابط المصلحة الفضلى للطفلي ولم
. 126هشام علي صادق :مركز ال قانون األجن بي أ مام الق ضاء ا لوطني ،درا سة مقار نة في تطب يق ال قانون األجن بي أ مام
محكمة الموض وع ،رقابة المحكمة العليا على تفسيره ونسخه ،منشأة المعارف باإلسكندرية ،0818ص.515
. 127محمد التغدويني :تنازع القوانين ،مطبعة فاس بريس ،الطبعة األولى 3113ص .352
.128قرار تعقيبي مدني عدد 18532مؤرخ في 03جان 3111أشار إليه عن أحمد الورفلي :ا لزواج الم ختلط وم صلحة
المحضون ،لمحة عامة مجلة القضاء والتشريع ،عدد 0ابريل 3113ص 015
.129قرار تعقيبي مدني 2381صادر بتاريخ 3مارس 3111أشار إليه عن أحمد الورفلي :م س ،ص 011
. 130حمدي عبد الرحمان :بعض المشكالت الناتجة عن الزواج المختلط ،المجلة المغربية للدراسات الدولية أعمال ال ندوة
الدولية المنظمة من طرف جامعة محمد األول بوجدة أيام 05-03-02مارس 3113عدد خاص اكتوبر 3112ص 21
63
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
يسقط الحضانة عن األم متذرعا بالخوف من تربية المحضون على غير دين األب
المسلم.131
وإذا كانت المقتضيات التي تسند الحضانة على أساسها لألب132ي ال تثير
مشاكل في المغرب خاص إذا كان األبناء بحوزتهي فإن األمر غير ذلك عندما يكون
هؤالء األبناء بحوزة األمي فإذا تمسك األب بالحكم المغربي أمام محاكم الدولة التي
تنتمي إليها األمي فإن القاضي األجنبي ال يتردد في إعالن رفضه لتنفيذ هذا الحكمي
وقد يصدر حكم معاكس يخول الحضانة لألم.
. 131تسقط الحضانة طبقا ألحكام المادة 022من مدونة األسرة المغربي ،إذا كان هناك خوف من ترب ية المح ضون ع لى
غير ديانة أبيه ،وهذا بطبيعة الحال إذا كانت األم على غير دين األب المسلم.
. 132وهكذا فإن المشرع المغربي أسند الحضانة في حالة ال طالق لألم ثم لألب ثم ألم األم ،وذ لك طب قا لل مادة 020من
مدونة األسرة.
.133تنص المادة 028من مدونة األسرة على أنه ˝ يمكن للمحكمة بناء ع لى ط لب من النيا بة العا مة ،أو النا ئب ال شرعي
للمحضون ،أن ت ضمن في قرار إسناد الحضانة ،أو في قرار الحق ،منع السفر بالمحضون إلى خارج المغرب ،دون موافقة
نائبه الشرعي.
تتولى النيابة العامة تبليغ الجهات المختصة مقرر المنع ،قصد اتخاذ اإلجراءات الالزمة لضمان تنفيذ ذلك.
في حالة رفض الموافقة على السفر بالمحضون خارج المغرب ،يمكن اللجوء إلى قاضي المستعجالت الستصدار إذن بذلك.
ال يستجاب لهذا الطلب ،إال بعد التأكد من الصفة العرضية للسفر ،ومن عودة المحضون إلى المغرب˝
.134قـرار عــدد 383بتـاريخ 3115-01-3ملــف شــرعي 3115 0/3/218أشـار إليــه صــالح الـدين الطــاوس :زيــارة
المحضون دراس ة مقارنة ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون ال خاص و حدة الت كوين والب حث ت شريعات
األسرة والهجرة جامعة محمد األول كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية وجدة السنة الجامعية 3118-3112ص
:28
64
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
تعمد مختلف التشريعات إلى التفرقة بين الميراث في المنقول والميراث في
العقاري وتخص كل واحد منها بقاعدة إسناد مختلفة عن اآلخري إذ تنص الفقرة الثانية
من المادة الثالثة من القانون المدني الفرنسي على إخضاع العقارات المتواجدة
بفرنسا للقانون الفرنسيي غير أن مقتضيات هذه المادة يم استبعادها بشأن العقارات
المتواجدة بالخارج والتي تخضن لقانون موقعها.138
وفيما يتعلق بالقانون الدولي الخاص المغربي فقد نصت المادة 18من ظهير
12غشت 1913المتعلقة بالوضعية المدنية لألجانب على أنه˝ يخضن توارث
المنقوالت واألصول الموجودة داخل منطقة الحماية الفرنسية بالمغرب لقانون الدولة
و التي ينتسب إليها المورث فيما يعد إلى تعيين الورثة والترتيب الذي يرثون
بمقتضاه واألنصبة العائدة إلى كل واحد منهم والمقادير التي يتعين هم إرجاعها إلى
التركة والمقدار الذي يجوز الموروث أن يتصرف به على وجه الوصية والمقدار
الذي يجب حفظه للورثة˝.
فمن خالل هذه المادة يتضح أن القانون الدولي الخاص ال يميز بين الميراث في
المنقول والميراث في العقار ي إذ يخضعهما لقاعدة إسناد واحدة وهي جنسية المتوفى
ال بضابط موقن المال كما هو معمول به بالنسبة لألحوال العينيةي ألن هذه القاعدة
هي قاعدة شخصية ال عينيةي إذ تربط التوارث بالقانون الوطني للشخص ال بقانون
الدولة التي توجد فيها هذه األموال أي القانون العينيي بالتالي إخضاع التركة لقانون
جنسية المورثي دونما أن يحدد وقت االعتداد بالقانون الشخصي استنادا على ضابط
الجنسيةي بخالف التشريعات األخرى المقارنة التي حسمت المسألة واعتدت بجنسية
تلك هي جنسيته األصليةي 139
المورث وقت الوفاة حتى ولو لم تكن بالفعل جنسيته
فلو اكتسب شخص ما جنسية أخرى وحدث وأن فقد أو جرد من األولى فلن يعتد إال
بجنسيته الثانية التي توفي عليها.140
Henri BATIFFOL et Paul LABARDE : Droit international privé, Librairie général de .138
droit et de jurisprudence, T1, 7ème édition, 1981
.139تنص المادة 08من القانون المدني السوري على أنه ˝ يسري على الميراث والوصية وسائر التصرفات المضافة إلى
ما بعد الموت قانون المورث أو الموصي أو المتصرف وقت موته˝
.140سلمى األزرق ،حنان ابكريم :الموار يث والو صايا في ل قانون ا لدولي ال خاص المغر بي ،درا سة مقار نة ،أن ظر المو قع
أطلع عليه بتاريخ 3131.01.03 االلكتروني التاليwww.droitetentreprise.com.،
66
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
علما أنه في حال قيام نزاع بشأن تعدد جنسية المتوفىي فإنه يتم الرجوع
لقواعد التنازع في الجنسية وغالبا ما يتقرر في هذا الشأن قانون الجنسية الفعليةي
على أن˝ القانون الواجب 141
حيث جاء في حكم لمحكمة االستئناف بالدار البيضاء
التطبيق في حالة الهالك المتعدد الجنسياتي هو قانون جنسيته الفعلية˝ غير أن ذلك
لن يكون له محل متى كانت إحدى الجنسيات المتنازع حولها هي الجنسية المغربية
إذ يتوجب على القاضي والحالة هاته ترجيح الجنسية المغربية.142
هكذاي فإذا كان القانون الوطني للمورث هو القانون الواجب التطبيق إعماال
للمادة 18من ظهير 1913ي إال أنه أحيانا قد يتبين للقاضي أن قواعد هذا القانون
تتعارض من المبادئ والقيم التي يقوم عليها نظام مجتمن دولته143ي مما يثير مسألة
الدفن بالنظام العامي نتيجة لقيام أحكام المواريث في الدول العربية على أسس دينيةي
مما يؤدي إلى تعطيل قاعدة اإلسناد الخاصة بالميراث كلما خالف القانون األجنبي
المختص أحكام الشريعة اإلسالمية.
ومن تطبيقات الدفن بالنظام العام في مجال اإلرثي نذكر القرار الصادرة
عن القضاء المصري في قضية رفعتها زوجة لبنانية مسيحية الديانة ضد ورثة
زوجها اللبناني المسلمي إذ قررت محكمة النقض المصرية ما يلي :قولئن كانت
مسائل المواريث والوصايا تدخل طبقا للمادة 17من التقنين المدني لقانون المورث
أو الموصيي فإنه متى كان القانون الواجب التطبيق أجنبياي فإن تطبيقه يكون
مشروطا بعدم مخالفة أحكامه للنظام العام واآلداب العامة في مصر وفقا لما تقتضيه
المادة 28من التقنين المدني144ي ولما كان الثابت من أوراق الملف أن المطعون
علها مسيحية ال ديانة .ومن تم تختلف ديانتها عن المستوفىي وكان من المقرر وضعا
. 141قرار محك مة اال ستئناف با لدار البي ضاء ب تاريخ 0888/3/02م لف مدني عدد 83/0158من شور بمج لة الم حاكم
المغربية عدد 15-13ص 0212
. 142أستاذنا الحسين بلحساني :الموجز في القانون الدولي الخاص ،م س ،ص 028
. 143زاير فاطمة الزهراء' :النظام ال عام في النزا عات الدول ية الخا صة المتعل قة باألحوال الشخ صية ،مذكرة لن يل شهادة
الماجستير في القانون الدولي الخاص ،كلية الحقوق و العلوم السياسية بتلمسان ،السنة الجامعية ،3100-3101ص032
.144تنص المادة 38من القانون المدني المصري على أنه '' ال يجوز تطبيق أحكام قانون أجنبي عينته النصوص ال سابقة،
إذا كانت هذه األحكام مخالفة للنظام العام واآلداب في مصر''.
67
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
لنص المادة 16من قانون المواريث رقم 88لسنة 1451943أن اختالف الدين من
موانن اإلرثي فإنه إذا كان الحكم المستأنف قد قضى بتوثيقهاي فإنه يكون قد أخطأ
في تطبيق القانون مما يستوجب نقضه ق.146
تجدر اإل شارة إلى أن الفقه اختالف حول حكم اختالف القانون األجنبي
الواجب التطبيق عن قانون القاضي من حيث بيان الورثة واألنصبةي فهناك اتجاه
يرى أنه إذا كان أطراف التركة المورث و الورثة أجانب غير مسلمين فهنا ال يعد
القانون األجنبي مخالفا للنظام العامي ألن تنظيم التركات بين األجانب غير المسلمين
يرتبط بالتنظيم االجتماعي و االقتصادي لكل دولةي و هو بالتالي يختلف من دولة
إلى أخرى147ي بينما يرى أخر بأنه إذا كان أطراف التركة المورث والورثة مسلمين
فإن القانون األجنبي ال يعد مخالفا للنظام العام من حيث بيان الورثة وأنصبتهمي ألن
مجرد االختالف ما بين القانونين من حيث بيان الورثة ومراتبهم ودرجاتهم
وأنصبتهم وحاالت الحجب…ال يتوفر معه الدافن لألخذ باستبعاد هذا القانوني ألن
النظم االجتماعية للدول اإلسالمية ال يمكن أن تتأثر إال إذا كان هذا القانون يسمح
ببنت المتوفى بالحصول على نصيب مواز للولد أو نصيب أكبر منهي فإنه آنذاك يتم
استبعاد القانوني ألنه يكون قد مس في جوهر إحدى األحكام المستقاة من القرآن
الكريم 148ي أما االتجاه الثالث فيرى بأن النظام العام ما هو إال دفن استثنائي ال يثار
إال عند المساس الصارخ بالمبادئ الجوهرية التي يقوم عليها مجتمن دولة القاضيي
فإذا كان القانون األجنبي يساوي بين الذكر واألنثى وكان أطراف النزاع غير
. 145تنص المادة 01من قانون رقم 88لسنة 0832بشأن المواريث ،على أنه ‘‘ال توارث بين مسلم وغير مسلم‘‘
.146قرار محكمة ا لنفض الم صرية ر قم 28ل سنة ،0888مك تب ف ني 05ب تاريخ ،18-10-3113المج لة العرب ية للف قه
والقضاء ،عدد 28ص .83
. 147صالح الدين جمال الدين :تنازع القوانين دراسة مقار نة بين ال شريعة وال قانون ،مطب عة دار الثقا فة للن شر والتوز يع
الطبعة األولى ،3118ص 330
. 148صالح الدين جمال الدين :تنازع القوانين دراسة مقارنة بين الشريعة والقانون ،م س ،ص.330
68
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
مسلميني فإنه ال مجال للدفن بالنظام العام في مواجهة القانون األجنبيي ألنه من غير
المعقول تطبيق أحكام الشريعة اإلسالمية على أطراف ال يمتون لها بأية صلة.149
وإذا كان التوارث بين المسلم وغير المسلم مساسا بالنظام العام في جل
الدول العربيةي ومنها بطبيعة الحال المغرب حيث جاء في قرار لمحكمة النقض
وهي تبت في قضية ميراث إسباني الجنسية مقيم في المغرب تقدمت من خاللها
زوجته بدعوى لالعتراف بكونها هي الوارثة الوحيدة للمتوفى طبقا للفصول 912
و 931و 931و 944و 941من القانون المدني اإلسبانيي التي تخول لها الحق
في اإلرث ولو كانت وريثته الوحيدةي وكان حُكم المحكمة االبتدائية بطنجة قد بت
في طلبها ذاك و الذي كانت قد دعمته بشاهدين اثنين معترفا لها بحقها في اإلرثي
إال أن النيابة العامة في المحكمة االبتدائية استأنفت الحكم االبتدائي ليصدر قرار
استئنافي آخر يُلغي الحكم االبتدائي الذي اعترف لها بصفتها كزوجة للمتوفىي
وبالتالي أحقيتها في الميراثي بعلة أن القول بكون الطاعنة هي الوارثة الوحيدة
لزوجها الهالك مسألة مخالفة للنظام العام المغربيي دون أن تعلل حكمها تعليال كافيا
ومقنعا كما أشار إلى ذلك الفصل 341من قانون المسطرة المدنيةي ودون أن
تراعي كون أن المعنيين باألمري الهالك وزوجتهي هم أجنبيان .وبالتالي يخضعان
للقواعد المنصوص عليها في الفصل 3و 18من ظهير الوضعية المدنية لألجانب
والفرنسيين بالمغرب لسنة 1913ي وبالتالي خضوعها للقانون اإلسباني الذي يُجيز
للزوجة ولو كانت الوريثة الوحيدة أن ترث فيهي وال يوجد في نظيره من القانون
المغربي ما يمنن توارث الزوجة في زوجها الهالكي فلها في ذلك إما الربن ()1/4
أو ( )1/8بحسب األحوالي لذلك فإن المسلك الذي سارت عليه محكمة االستئناف
_.149محمد وليد المصري :الوجيز في شرح القانون الدولي الخاص ،مطبعة دار الثقافة للنشر و التوزيع ،الطبعة الثانية
،3100ص .332
62
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
بإلغائها للحكم االبتدائي كونه مخالف للنظام العام غير مبني على أساسي وهو ما
يجعله عُرضة للنقض.150
فإنه على العكس من ذلك في الدول الغربية كفرنسا مثالي فكل قانون ينص
على هذا المانن يعد مخالفا للنظام العام الفرنسيي ألنه قائم بذلك على أساس التمييز
الديني وهذا ما لم تقبل به المحاكم الفرنسية التي تستبعد القانون اإلسالمي الذي
ينص على عدم األهلية للميراث بسبب اختالف الدين.151
وعليه فالبد للقاضي أن يقبل االختالف بين قانونه الوطني والقانون األجنبي
ألنه يعالج أوضاع ذات طابن دوليي تفرض نوعا من الليونة والمرونة على أساس
أن أهداف القانون الدولي الخاص هي في عمقها أهدافها انسانيةي وتدعو الى قبول
قيم وثقافة اآلخر وليس نبذها.152
خاتمة
تأسيسا على ما سبقي يمكن القول بأن الزواج المختلط وما ينتج عنه من
أثار قانونية أوقن الكثير من التشريعات المقارنة في تنازع دائمي على الرغم من
االتفاقيات الثنائية التي أبرمت للتخفيف من هذا التنازعي إال أنها أفرغت من محتواها
نظرا لالختالف في القواعد المطبقة على األحوال األسرية للطرف المغربي ذات
المصدر الديني والقواعد العالمية األممية التي تتبناها بدون تحفظ قوانين األسرية
للطرف األجنبي خصوصا األوروبي.
لذا نرى أن المسؤولية اليوم ملقاة على عاتق القضاء األجنبي – األوربي منه
على وجه التحديد-في حسن التعامل من المقتضيات الجديدة لمدونة األسرةي وعدم
.150قرار صادر عن محك مة ا لنقض في 3105/18/33ت حت عدد 3/281في الم لف ال شرعي،180/3/0/3103 :
أشارت إليه سلمى األزرق ،حنان ابكريم :المواريث والوصايا في القانون الدولي الخاص المغربي ،مرجع سابق
151
. Cour de cassation, chambre civil 1, audience publique, du Mardi 17 Novembre 1964
أ شارت إل يه سلمى األزرق ،ح نان اب كريم :الموار يث والو صايا في ال قانون publié au Bulletin officiel N°505.
الدولي الخاص المغربي ،مرجع سابق
152
. Canivet (Guy) : « la convergence des systèmes juridiques du point de vue du Droit privé
Français », R.I.D.C, 2003, pp : 7-22.
71
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
استبعاد تطبيق أحكامها لمجرد فقط االنتصار لقضائه الوطنيي دون االكتراث بما
يمكن أن ينتج عن هذا التصرف من أوضاع سلبية في المراكز القانونية للجالية
المغربية المقيمة بالخارج.
وإذا كان الزواج المختلط قد أثار إشكاليات عملية عديدة فإننا نقترح ما
يلي:
إعادة النظر في ظهير الوضعية المدنية للفرنسيين واألجانب بالمغرب
الصادر عام 1913لمسايرة المستجدات التي يعرفها المغرب.
تليين مبدأ النظام العام خاصة وأن مدونة األسرة المغربية اعترف بالحكم
األجنبي الصادر في قضايا األحوال األسرية طبقا للمادة 128من مدونة األسرة.
71
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
يعتبر السجل العدلي من أهم الوثائق اإلدارية التي تعتمدها المؤسسات العمومية
التابعة للدولة وكذا المؤسسات الخاصة في التوظيف يباعتباره يتعلق بالحالة
الجنائيةي ويعكس السوابق القضائية لألفراد الذاتيين واإلعباريين.
هذا فضال على النقاش الدائر حول تأثير الغرامات المتعلقة بمخالفة حالة
الطوارئ وكذا التدابير اإلحترازية (عدم ارتداء الكمامة – وعدم احترام التباعد )
- 153في ظل غياب سجل عدلي رقمي بالمنظومة القضائية بالمغرب ،فإن أغلب المحاكم تجد صعوبة كبيرة في إثبات حا لة
العود ،وتسطير المتابعة بشأن ذلك ،بالنظر إلى كون النيابة العامة تلجأ إلى توجيه إنابة قضائية إلى المحكمة التي يقطن بها
المعني باألمر من أجل موافاتها بالبطاقة رقم 13وهو ما من ش أنه أن يعطل تحريك المتابعات وتسطير حالة العود ،وغالبا
ما يتم التغاضي عن أتبات حالة العود لكون اإلنابة القضائية لم يتم اإلستجابة إليها على اعتبار أن النظر في المتابعات ينبغي
أن يتم داخل آجال محددة .للمزيد راجع :
-هشام مالطي :السجل العدلي الرقمي ،مداخلة في الندوة المنعقدة عن بعد والمنظمة من قبل كلية الحقوق بمكناس .
- 154نظم المشرع الجنائي العود في الفصول من 053إلى 011من ق ج .وينص الفصل 053من ق ج ع لى أن" يعت بر
في حالة عود ،طبقا للشروط الم قررة في الف صول التال ية ،من يرت كب جري مة ب عد أن ح كم عل يه بح كم حائز ل قوة ال شيء
المحكوم به ،من أجل جريمة سابقة".
للمزيد حول دوافع العود القانوني :يراجع:
-مح مد اإلدري سي العل مي المشي شي :دوا فع ال عود ال قانوني :م قال من شور بمج لة ال شؤون الق ضائية ،ال عدد 12فبرا ير
..3131ص .31
72
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
على حسن سيرة األشخاص الذاتيين وبالتالي يحول ذلك دون ممارسة الوظائف
العمومية ..
ويتكون السجل العدلي من سجل عدلي وطني تابن لوزارة العدليوسجل عدلي
محلي تابن لجمين المحاكم اإلبتدائية 155يتشكل من البطاقة رقم 1كأصل .كما
يتشكل السجل العدلي من البطاقتين 2و 3كنسن طبق األًصل للبطاقة رقم . 1
فما هي إجراءات السجل العدلي بنوعيه الوطني والمحلي ؟ وأين تتجلى مظاهر
تأثير السجل العدلي على حسن سيرة 156األشخاص الذاتيين و اإلعتباريين؟ .
هذا ما سنحاول مناقشته من خالل تقسيمنا لهذا البحث إلى مطلبين :سنتحدث
في ( المطلب األول ) عن إجراءات السجل العدلي من خالل البطاقة رقم . 1وفي(
المطلب الثاني ) سنتحدث عن إجراءات البطاقتين رقم 2و. 3
قسم المشرع السجل العدلي إلى سجل عدلي مركزي يسلم إلى أشخاص محددين
على سبيل الحصري وإلى سجل عدلي محلي يسلم إلى األشخاص المزدادين
بالمغرب بناء على طلبهمي ووفق إجراءات شكلية خاصة لكل منهما.
نظم المشرع المغربي السجل العدلي في قانون المسطرة الجنائية وقسمه إلى
نوعين :سجل عدلي خاص باألشخاص الذاتيين (أوال) وسجل عدلي خاص
باألشخاص اإلعتباريين(ثانيا) .
يتميز السجل العدلي في قانون المسطرة الجنائية باإلزدواجية ي بين سجل عدلي
وطني ( )1وبين سجل عدلي محلي (. )2
يتمركز السجل العدلي الوطني مكانيا بوزارة العدل بالرباط يوبالضبط بمديرية
الشؤون الجنائية والعفو التي تشرف على إجراءاته .
74
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
158
مسك بطائق السجل العدلي لألشخاص المعنوية
يتولى إدارة مركز السجل العدلي الوطني أحد القضاة العاملين بوزارة العدل .
ويمسك مركز السجل العدلي الوطني بطائق تسمى البطاقة رقم 1للسجل العدلي
وتسلم منها بيانات أو ملخصات تدعى البطائق رقم 2أو رقم 3بالنسبة لألشخاص
المولودين خارج المملكة ولألشخاص المعنوية.159
يتمركز السجل العدلي المحلي في جمين المحاكم اإلبتدائية بالمملكة يمن خالل
تخصيص مكب خاص بالسجل العدلي بها ي باستثناء المحكمة الزجرية بالدار
البيضاء يحيث خصصت قسم خاص بعيدا عن المحكمة تتجلى مهمته في تضمين
وتسليم السجل العدلي(رقم )3وكذا البطاقة رقم . 12
ويتولى مركز السجل العدلي المحلي مسك السجالت العدلية لجمين األشخاص
مهما كانت جنسيتهم المولودين بدائرة المحكمة المحددة.160
وتمسك مراكز السجل العدلي المحلي يبطائق تسمى البطاقة رقم 1للسجل
العدلي وتسلم حسب الشروط المحددة في المادة 661وما يليها يبيانات أو ملخصات
منها تدعى البطائق رقم 2أو رقم. 161 3
وغاية ذلك معرفة الطرف اآلخر الذي هو الشركة يوالذي قد يؤتمن على أموال
وأشغال ومصالح الشركاء والزبائن..على اعتبار أن اإلقتصاد ينبني على الثقة
وحسن النوايا..
وإذا كان السجل العدلي المتعلق بالشخص الذاتي يقتصر على هذا األخير
الشخص فحسبيفإن السجل العدلي المتعلق بالشخص اإلعتباري ينجز لفائدة
المعنوي ( )1ولفائدة مسيري الشركة (.)2
164
كل حكم بعقوبة زجرية يصدر على شخص معنوي
كل تدبير من التدابير وكل إغالق ولو كان جزئيا أو مؤقتا
أو أي 165
كل تدبير يقضي بالمنن من حق أو بسقوطه أو انعدام أهلية
تدبير يحد من أحد الحقوق
كل مصادرة تطال شخصا معنويا ولو كانت نتيجة لعقوبة حكم بها على
شخص ذاتي مسير لهي
األحكام بالتصفية القضائية وسقوط األهلية التجارية.166
وبعد إنجازها وتوقيعها من طرفه يحيلها إلى ممثل النيابة العامة بنفس المحكمة
الذي يطلن عليها ويوقعها ثم يقوم كاتب الضبط بتوجيهها إلى وكيل الملك بالمحكمة
اإلبتدائية المزداد بها المحكوم عليه. 181
وبعد التوصل بها تسجل في سجل البطاقات يويتم إحالتها إلى رئيس كتابة
الضبط لتضمينها وتحرير البطاقة رقم 1ونظائرها.
وتبقى البطاقة رقم 1هي األصل في تحديد جمين العقوبات المترتبة في مواجهة
المحكوم عليه.
بداية نشير إلى أنه لتسهيل عملية الضبط والبحث فإن مكاتب السجل العدلي
وفيما يخص كل شخص حسب 182
ترتب البطاقة رقم 1حسب الحروف الهجائية
تارين اإلدانة أو الحكم.183
- 182هذا عندما كانت تحرر في نموذج ورقة مقوى – لون أبيض – وترتب حسب الحروف من الحرف –أ – إلى الحرف
– ي – فمثال يتم تجميع جميع األشخاص الذين تبتدئ األحرف األ ولى من أسمائهم العائلية في م لف وا حد .وكل ما تم ت قديم
طلب من أحدهم يبتدئ الحرف األول من اسمه العائلي بحرف الميم .يذهب المكلف بالسجل العدلي مباشرة إلى المجموعة –
م -إال أنه ومنذ سنة 3102أصبحت المحاكم تشتغل بطريقة إلكترونية في تضمين البطا قات ،ك ما أ صبح بإم كان ال شخص
المزداد مثال في الدار البيضاء ويشتغل في طنجة أصبح بإمكانه سحب البطاقة رقم 12من المحكمة االبتدائية بطنجة عوض
الذهاب إلى الدار البيضاء .من خالل ملء مطبوع بمجموعة من البيانات وإرسالها عبر تطبيق ية خا صة في األنترن يت إ لى
المحكمة التي ازداد بدائرتها من أ جل إنجازها وتوقيعها إلكترونيا وإرجاعها إلى م صدرها ق صد سحبها من طرف المع ني
باألمر.
أما الحالة الثانية التي حددها المشرع وهي المتعلقة بحصر جميع المدانين حسب تاريخ إدانتهم ..يراجع المادة 152من ق م
ج.
- 183راجع المادة 152من ق م ج .
-184أثير نقاش – في و سائل التوا صل اإلجت ماعي – حول الغرا مة المتعل قة ب عدم ار تداء الكما مة و عدم اح ترام التبا عد
والمقدرة في 211درهم كغرامة تصالحية إذا تم أدائها فورا .هل يجب تضمينها في البطاقة رقم .2؟
ن شير بدا ية إ لى أن المر سوم ب قانون ر قم 512.31.3ال صادر ب تاريخ 3131/18/12ا لذي عدل المر سوم ب قانون ر قم
383.31.3المتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات اإلعالن عنها وذلك بإضافة مادة راب عة م كررة
،تتيح إمكانية إجراء مصالحة بين الضابط أو العون الذي يعاين الجنحة من جهة ،والشخص الذي ارتكبها من ج هة أ خرى
،مقابل األداء الفوري لغرامة تصالحي ة جزافية قدرها ثالثمائة درهم .وتتم اإلشارة إلى األداء في المحضر ،الذي تسلم نسخة
منه للمخالف ،وتعتبر تلك النسخة بمثابة وصل باألداء .
= كما نص التعديل كذلك ،أنه في حالة عدم األداء الفوري للغرامة التصالحية يحال المحضر على النيابة العامة داخل أ جل
أربع وعشرين ساعة .
72
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
-المقررات الصادرة بناء على مسطرة غيابية والمقررات الصادرة بالعقوبة في
غيبة المحكوم عليه والتي لم يطعن فيها بالتعرض.
تنص المادة 3مكررة على ما يلي " :يمكن أن تكون المخال فات ألح كام الف قرة األو لى من ال مادة الراب عة أ عاله مو ضوع
مصالحة تتم بأداء غرامة تصالحية جزافية قدرها ثالثمائة ( ) 211درهم يؤديها المخالف فورا بناء على اقتراح من الضابط
أو العون محرر المحضر ،وذلك مقابل وصل باألداء.
يشار في المحضر إلى أداء مبلغ الغرامة .يقوم المحضر مقام الوصل.
وفي حالة عدم األداء الفوري للغرامة التصالحية الجزافية ،يحال المحضر إلى النيابة العامة المختصة داخل 33ساعة من
تاريخ معاينة المخالفة .
يترتب على أداء الغرامة التصالحية الجزافية عدم تحريك الدعوى العمومية ".
وبتاريخ 3131/18/02صدر بالجريدة الرسمية عدد 1818المرسوم رقم 523.31.3لتطبيق أحكام المادة الرابعة المكررة
من المرسوم بقانون رقم 3.31.383المشار إليه أعاله .ووضعت إجراءات مسطرية جديدة تتمثل فيما يلي :
األداء خالل أجل 33ساعة من تار يخ معاينة المخالفة ،بدل األداء الفوري المقرر في المادة الراب عة الم كررة من المر سوم
بقانون .
تسليم نسخة من المحضر من طرف الضابط أو العون الذي يعاين المخالفة إلى المخالف ،،يحدد له فيها المصلحة األمنية أو
مركز الدرك الملكي الذي تم في دائرته معاينة المخالفة حسب الحالة ،والذي ي جب عل يه أداء الغرا مة به .وذ لك خال فا ل ما
قرره القانون من اعتبار نسخة المحضر تسلم فقط في حالة األداء ،لكي تكون بمثابة وصل أداء.
كما يجوز للنيابة العامة في حالة عرض محضر اإلمتناع علي ها أن تط بق مقت ضيات ال صلح الج نائي المن صوص عل يه في
المادة 30من قانون المسطرة الجنائية ،والتي تسمح بالتصالح في مثل هذه الحالة مع المخالف ،مقابل أداء غرامة ال تتجاوز
151درهم ،وهو نصف الحد األقصى للغرامة المقررة في المادة 3من المرسوم بقانون .مع التذكير أن هذا اإلجراء يتطلب
موافقة المخالف .وأن من شأن ذلك كذلك إيقاف سير الدعوى العمومية ،وتجنب صدور ح كم ق ضائي من المم كن أن يق يد
بالسجل العدلي للشخص المدان .
للمزيد راجع :
دورية رئيس النيابة العامة رقم /28ر ن ع /د وتاريخ . 3131/18/02
لذلك فان البطاقة رقم 0تسجل فيها المقررات الصادرة باإلدانة عن أية محكمة زجرية من أجل جناية أو جنحة ،وعليه فإن
الغرامة التصالحية الجزافية التي تم تأديتها من طرف المخالف ال زالت لم تصل إلى ن ع ،وبالتالي فقد تم تأديتها بناء على
المرسوم المتعلق بحالة الطوارئ ،ولم يصدر بشأنها حكم في الموضوع .بخالف الغرامة التي يتم الحكم بها ع لى الم خالف
في حالة االمتن اع عن أدائها حيث تعرض ع لى المحك مة وي صدر في شانها ح كم من طرف المحك مة المخت صة ،وبال تالي
تسجل في البطاقة رقم ... 0حيث يتم العمل في هذه الحالة بالقواعد العامة لقانون المسطرة الجنائية.
على اعتبار أن الغرامة التصالحية هي عقوبة صادرة عن هيئة غير قضائية كما هو الح ال بخصوص الغرامات الت صالحية
في إطار مخالفات السير .فهي ال تسجل في البطاقة رقم 0ألنها تؤدى فورا .وعندما يحال المحضر ع لى النيا بة العا مة يتم
حفظها .وال يتم تحريك الدعوى العمومية....
أما بخصوص اإلشكال المتعلق بعدم ارتداء الكمامة من قبل األطفال إلى حدود 03سنة ،فان وزارة الصحة تؤكد على أنه ال
داع الرتدائها من طرف هؤالء األطفال على اعتبار أن نسبة إصابتهم تبقى ضئيلة جدا مقار نة مع ك بار ال سن .غ ير أ نه ال
يمكن تغريمهم بعقوبة الغرامة لكون هذه األخيرة هي عقو بة شخ صية تطبي قا لم بدأ شخ صية العقو بة .لكو نه ال زال حدث
ولكون الولي ال يمكن أن نحمله عقوبة زجرية .
غير أن المالحظ هو أن المشرع لم يحين مبالغ الغرامات المنصوص عليها في القانون الجنائي منذ ، 0813بحيث أن مبلغ
311درهم مثال في سنة 0813ليس هو ن فس المب لغ ون فس القي مة في الو قت الحا ضر،بل ه ناك تغي يرات وت حوالت في
األسعار والمواد ....وال يعقل أن الغرامة التي تتجاوز 0311درهم تتحول إلى جنحة ضبطية وتؤثر بالتالي ع لى الو ضعية
الجنائية للمعني باألمر.
ومن هذا المنطلق ندعو المشرع إلى رفع قيمة هذا المبلغ إلى 01.111درهم ،أي مادون هذا المبلغ يعتبر مخالفة ،وما فوقه
يعتبر جنحة حماية لألشخا ص الذين يرتكبون مخالفات عن غير قصد ،وحماية لسجلهم العدلي .
- 185المشار إليها في المادة 511أعاله،
81
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
-المقررات المعلنة للتصفية القضائية والعقوبات التي يحكم بها على مسيري
المقاولة وسقوط األهلية التجارية.
يحرر البطاقة رقم 1المتعلقة بكل مقرر من المقررات المنصوص عليها في
المادة 618من ق م ج كاتب الضبط بالمحكمة التي بتت في القضية أو التي يقن
بدائرتها مقر الهيئة التأديبية التي اتخذت المقررات التأديبية.187
كما تحرر البطاقة رقم 1التي تثبت مقررا تأديبيا صادرا عن سلطة إدارية
يتضمن أو يترتب عنه فقدان األهلية يمن طرف كاتب الضبط بمركز السجل العدلي
بالمحكمة التي ولد بدائرتها الشخص المعني باألمر يأو بمصلحة السجل العدلي
بالمحكمة التي ولد بدائرتها الشخص المعني باألمريأو بمصلحة السجل العدلي
المركزي إذا كان الشخص المذكور مولودا خارج المملكة يوذلك بناء على إشعار
من السلطة اإلدارية الصادر عنها المقرر توجهه إلى المركز المعني داخل 11يوما
من صدور المقرر.
وإذا تعلق األمر بالعفو أو باستبدال عقوبة بأخرى أو بالتخفيض منها أو
بإلغائهايفيع هد إلى كاتب الضبط بالمحكمة التي أصدرت العقوبة بتحرير البطاقة أو
األوراق المغيرة لمضمن البطاقة رقم.1
وإذا كان األمر يتعلق بقابلية العفو في قضايا التصفية القضائية والتصديق على
المصالحة بين المدين وغرمائه يعهد ذلك إلى كاتب الضبط بالمحكمة التي بتت في
النازلة .
188
وإذا تعلق األمر بإلغاء المقرر التأديبي
ب -مديري السجون والمشرفين الرؤساء :إذا كان األمر يتعلق بتوارين انتهاء
العقوبات البدنية وإلغاء قرارات اإلفراج المقيد بشروط ي
ت -أمناء الخزائن العامين المكلفين بالدفن و األداءات و قباض وزارة المالية
الخصوصيين والقبضة الماليين وكتاب الضبط بالمحاكم :إذا كان األمر يتعلق بأداء
الغرامة.
ج –وزارة الداخلية :فيما يخص البطاقة رقم 1التي تتضمن مقررا بطرد
أجنبي فتحرر داخل أجل 11يوما من صدور المقرر من طرف وزارة الداخلية
وتوجه إلى:
- 188المشار إليه في الفقرة األولى من المادة 111من ق م ج يعهد األمر إلى كا تب ال ضبط لدى المحك مة الوا قع بدائرتها
مقر السلطة اإلدارية التي قامت باإلشعار.
- 189راجع المادة 660من ق م ج .
82
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
السلطة التي أصدرت مقررات بتوقيف عقوبة أو إلغاء توقيفها إذا كان
األمر يرجن إلى مثل هذه المقررات.
النيابة العامة لدى المحكمة التي بتت في طلب رد اإلعتبار.190
-داخل أجل خمسة عشر يوما من صيرورة المقرر نهائيا في حالة صدوره
حضورياي
-بعد مرور خمسة عشر يوما من تارين تبليغ المقرر الصادر غيابياي
-داخل خمسة عشر يوما من صدور المقرر بالعقوبة بناء على مسطرة
غيابيةي
ويشهد وكيل الملك بصحة هذه البطائق بعد التأكد من محتواها يوتستعمل على
الخصوص لتطبيق العقوبات في حالة العود وإللغاء إيقاف التنفيذ وكذا لتمكين
مختلف اإلدارات من منن المتابعين من ولوج أسالك الوظائف العمومية و اإلنخراط
في القوات المسلحة الملكية.191
طبقا للمادة 661من ق م ج فإن البطاقة رقم 1تضاف إليها التغييرات المتعلقة
بما يلي :
- 190راجع المادة 113من ق م ج .وفي هذه الحالة فإن النيابة العامة عند ما يتم تبليغها بنسخة من رد االعت بار من طرف
الغرفة الجنحية فإنها تراسل وكيل الملك بالمحكمة اإلبتدائ ية المتوا جد ب ها م كان ازد ياد ال شخص "بك تاب" يف يد أن المع ني
باألمر تم رد اعتباره ،وأنه يستوجب تضمين منطوق القرار بالبطاقة رقم 0الخاصة بالسجل العدلي .من أجل توجي هه إ لى
رئيس كتابة الضبط.
كما توجه نسخة من نفس المقرر إلى والي األمن لإلخبار.
تسحب البطاقة رقم 1من السجل العدلي وتتلف في الحاالت اآلتية :
- 192تطبيقا لمقت ضيات الف صل 030من الظه ير ال شريف ر قم 0-51-321ال مؤرخ في 1رب يع ال ثاني 0221موا فق 01
نونبر 0851بمثابة قانون العدل العسكري،
-193وفقا للفقرة األولى من المادة 111أعاله،
- 194راجع المادة 110من ق م ج.
84
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
وتجب اإلشارة تلقائيا من طرف كاتب الضبط في البطاقة رقم 1إلى رد
اإلعتبار بحكم القانون 197ي بمجرد ما يصير حقا مكتسبا.198
ويوجه هذا النظير إلى اإلدارة العامة لألمن الوطني – مصلحة التعريف
الشخصي والتبادل الدولي بالرباط -قصد اإلخبار -وال يجوز اإلطالع على مضمون
هذا النظير إال من قبل السلطات القضائية ومصالح الشرطة والدرك الملكي.
199
تحال أيضا على هذه اإلدارة نظائر البطائق المتضمنة للتغييرات
200
الالحقة.
وتسحب النظائر من سجل اإلدارة العامة لألمن الوطني وفق الحاالت المذكورة
في البطاقة رقم.2011
إلى وزير العدل قصد إرساله بالطريقة الديبلوماسية يما لم 203
يوجه هذا النظير
204
تنص اإلتفاقيات على طريقة أخرى.
يوجه وزير العدل إلى مركز السجل العدلي الوطني أو المركز المحلي المختص
ما يتوصل به من السلطات األجنبية من المعلومات عن أحكام باإلدانة.
تقوم هذه المعلومات مقام البطاقة رقم 1يوتحفظ في السجل العدلي إما بأصلها
205
وإما بتضمين محتوياتها في إحدى المطبوعات القانونية الشكل.
206
ال يشار إلى هذه اإلشعارات في البطاقة الحاملة رقم . 3
- 202يحرر من طرف كاتب الضبط بو حدة التنف يذ الز جري ب كل من المحك مة اإلبتدائ ية ومحك مة اإل ستئناف .ي حال ع لى
النيابة العامة قصد اإلطالع والتوقيع .ثم توجه إلى وزير العدل -مديرية الشؤون الجنائية والعفو-قسم السجل العدل -ت حت
اإلشراف بواسطة إرسالية مرفقة بالبطاقة رقم . 0ويوجه النظير إلى المدير العام لإلدارة العامة لألمن الوطني بالرباط قصد
اإلخبار .
- 203ما يؤخذ على السجل العدلي بخصوص التبادل الدولي أنه يتم ب شكل ور قي في الو قت ا لذي ت ستعمل ا لدول األورب ية
السجل العدلي الرقمي كبلجيكا وفرنسا واسبانيا ..راجع :
-هشام مالطي :السجل العدلي الرقمي :مداخلة في الندوة المنع قدة عن ب عد والمنظ مة من طرف كل ية الح قوق بمك ناس
.يونيو .3131
- 204المادة 125من ق م ج .
- 205المادة 121من ق م ج
- 206المادة 122من ق م ج.
86
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
تعتبر البطاقة رقم 12نسخة للنص الكامل لمختلف البطائق رقم 1المتعلقة
بشخص واحد.
-أعضاء النيابة العامة وقضاة التحقيق والقضاة والمدير العام لألمن الوطني
-رؤساء المحاكم التجارية بقصد إضافتها إلى إجراءات التصفية القضائية
-السلطات العسكرية فيما يخص الشبان الذين يرغبون في التجنيد بالقوات
المسلحة الملكية
-المصلحة المكلفة بالحرية المحروسة فيما يخص األحداث الموضوعين تحت
مراقبتها
-اإلدارات العمومية للدولة المعروضة عليها إما طلبات التوظيف في وظائف
عمومية أو اقتراحات لمنح شارات فخرية أو التزامات تخص سمسرة بعض
األشغال أو سمسرة صفقات عمومية أو قصد القيام بمتابعات تأديبية أو لفتح مؤسسة
للتعليم الخاص.
-السلطات المختصة بإعداد اللوائح اإلنتخابية أو للفصل في المنازعات
الخاصة بممارسة حق من الحقوق اإلنتخابية.
غير أن المقررات المتعلقة باألحداث الجانحين ال ينص عليها إال في البطائق
رقم2يالتي تسلم للقضاة وللمصلحة المكلفة بالحرية المحروسة المشار إليها أعاله
207
باستثناء أية سلطة أو إدارة عمومية أخرى.
يتعين على السلطة التي تقوم بتحرير البطاقة رقم 2في حالة عدم توفرها على
ما يثبت هوية الشخص يأن تدرج في البطاقة بصفة بارزة عبارة :هوية غير
محققة على اعتبار أن المسؤول على مصلحة السجل العدلي ليس له ما يفيد التثبت
من الوضعية الجنائية للمعني باألمر.
في الحالة التي ال تتوفر فيها مصلحة السجل العدلي على البطاقة رقم 1في
السجل العدلي لشخص من األشخاص تسلم البطاقة رقم 2المتعلقة به حاملة للعبارة
اآلتية :ال شيء.208
يقوم كاتب الضبط في هذه الحالة بملء مطبوع البطاقة رقم 2تتضمن ملخص
األحكام والقرارات المضمنة بالبطاقة رقم 1بكل دقة .ويوجهها إلى الجهة المعنية
عبر إرسالية موقعة ومختومة.
تعتبر البطاقة رقم 3من أهم بطائق السجل العدلي يلكونها أكثر الوثائق طلبا
من الجمهور.
وتتضمن البطاقة رقم 13بيانا باألحكام الصادرة بعقوبات سالبة للحرية عن
إحدى محاكم المملكة من أجل جناية أو جنحة يوينص فيها صراحة على أن الغرض
منها ينحصر فيما ذكر.
وال تدرج في هذه البطاقة إال العقوبات من النوع المشار إليه أعاله والتي لم يقن
محوها بسبب رد اإلعتبار ولم تأمر المحكمة في شأنها بإيقاف التنفيذي ما لم تصدر
في هذه الحالة األخيرة عقوبة جديدة تقضي بحرمان الشخص المعني باألمر من
اإلستفادة من هذا التدبير.209
الشخص المقيم بالخارج :إذا كان الشخص مقيما أو مستقرا بالخارج يفإن
البطاقة رقم 3تطلب وتوجه إليه بواسطة السلطات الدبلوماسية والقنصلية عند
211
اإلقتضاء.
- 1المكلفين بتحرير البطاقة رقم 3وتوقيعها
يتحقق مركز السجل العدلي من هوية الشخص ويحرر البطاقة رقم 3وفقا لما
نص عليه في المادة 666من ق م ج .غير أنه يكتفي بوضن سطر منحرف على
البطاقة إذا كانت البيانات التي تتضمنها البطاقة رقم 1ال يجوز إدراجها بالبطاقة
رقم.3
وبعد إنجاز البطاقة رقم 3من طرف كاتب الضبط يوقعها هذا األخيريثم
للتأشير عليها أو تعرض على القاضي المكلف بمركز 212
يعرضها على وكيل الملك
213
السجل العدلي الوطني ويضن عليها طابعه.
- 2كيفية الحصول على البطاقة رقم 3ورقيا والكترونيا
أ -بالنسبة للسجل العدلي الوطني
تسحب البطاقة رقم 13بعد اإلدالء ب:
طلب السجل العدلي من المعني باألمر أو وكيله بتوكيل رسمي خاص
صورة من بطاقة التعريف الوطنية أو صورة من جواز السفر
تنبر من فئة 11دراهم.
يقدم الطلب إلى مصلحة السجل العدلي بمديرية الشؤون الجنائية والعفو بوزارة
العدل
وبعد اإلنجاز يحال على القاضي المكلف لإلطالع والتوقين .
من اإلشارة أن البطاقة رقم 3تطلب لألشخاص المقيمين بالخارج بواسطة
السلطات الدبلوماسية والقنصلية عند االقتضاء.
ب -بالنسبة للسجل العدلي المحلي
السجل العدلي كباقي الوثائق اإلدارية يمكن أن يطرأ عليه تعديل فيما يخص
تصحيح بيان مضمن في السجل العدلي يإما من الشخص الذي يوجد في بطاقته
215
رقم 1البيان المطلوب تصحيحه وإما تلقائيا من النيابة العامة.
- 214حاليا وفي جميع المحاكم " تقريبا "أصبح طالب السجل العدلي يؤدي رسم قضائي قدره 01دراهم بدل تقديم تنبر..أما
إذا رغب في أكثر من سجل عدلي ،كطلب 12نسخ منه فيؤدي 21درهما 01،دراهم عن كل سجل عدلي.
21
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
يقدم الطلب في شكل مقال إلى رئيس المحكمة التي أصدرت المقرري وبعد أن
رئيس المحكمة النيابة العامة على المقال يكلف عند اإلقتضاء قاضيا يقوم 216
يطلن
بتقديم تقرير في الموضوع.
يمكن للهيئة المعروض عليها المقال أن تقوم أو تأمر بالقيام بجمين إجراءات
التحقيق التي تراها ضرورية يبما في ذلك األمر بإحضار الشخص الذي أشار مقدم
المقال إلى أن العقوبة صدرت في حقه.
يعرض طلب تعديل السجل العدلي على غرفة المشورة التي تقضي إما
برفض الطلب وإما بقبول الطلب .
وإذا تم قبول الطلب تأمر الهيئة بأن يثبت مقررها في طرة وثيقة المقرر المشار
إليه في طلب التصحيح يويوجه ملخص هذا المقرر إلى مركز السجل العدلي بقصد
تعديل البطاقة رقم 218 1ي
يتحمل المصاريف الشخص الذي كان سببا في اإلتهام الخاطئ وذلك إذا
219
استدعي إلى الجلسة يفإن لم يستدع أو كان معسرا تحملت الخزينة المصاريف.
وفي حالة حدوث نزاع بشأن رد اإلعتبار بحكم القانون يأو إذا طرأت صعوبات
حول تفسير عفو شاملي فإن األمر يعرض على غرفة المشورة بعد تقديم طلب إلى
رئيس المحكمة التي أصدرت الحكم في شكل مقال. 220
- 220حيث تطبق نفس اإلجراءات المسطرية المنصوص عليها في المادة 123من ق م ج .راجع المادة 123من ق م ج
- 221راجع المادة 181من ق م ج .
- 222راجع المادة 182من ق م ج.
23
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
ويتعين أن يبين في كل بطاقة رقم 1تتعلق بشخص ذاتي يسير شخصا معنويا:
ويجب أن يثبت فيها بأحرف بارزة اسم الشخص المعنوي الذي يعتبر الشخص
الذاتي من بين مسيريه والمهمة المنوطة به داخل هذا الشخص المعنوي.225
- 223يتعين على كل هيئة قضائية أو كل سلطة أصدرت إحدى العقوبات أو التدابير المقررة في المادة 128أعاله ،أن تشعر
بها خالل أجل 05يوما مركز السجل العدلي الوطني بوزارة العدل .المادة 183من ق م ج.
- 224راجع المادة 180من ق م ج .
- 225راجع المادة 183من ق م ج .
24
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
-الترتيب باألقدمية :يعتمد على هذا الترتيب إذا تعددت البطائق الخاصة
بشخص معنوي أو بشخص ذاتي مسير لشخص معنوي .حيث ترتب حسب أقدم
226
تارين بطاقة.
خاتمة
- 226يراجع المادة 185من ق م ج .
- 227خاصة منها المكلفة باإلشراف على المهن المختلفة.
- 228عند تقديمهم طلبات اإلدراج في السجل.
- 229التي تتلقى عروضا تتعلق بالتزامات أو سمسرة أشغال أو سمسرة صفقات عمومية.
- 230يراجع المادة 181من ق م ج
25
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
وانطالقا من هذه األهمية فقد أخضعها االمشرع إلجراءات خاصة بحيث ال
تسلم إال
في حدود معينة وألشخاص معدودين حصرا بالنظر لخطورتها يولكونها دليال
وحجة وقرينة قانونية تحوز قوة الشيء المقضي به يويعتمد عليها في التوظيف في
القطاع العام والخاص .
كما أن اإلدارة القضائية عملت على تسهيل خدمة سحبها من خالل انجاز
تطبيقية إلكترونية خاصة بها تسمح لطالبها الحصول عليها في وقت وجيزي دون
التقيد بمكان معين ي وهو إنجاز عمل على احترام مفهوم تقريب اإلدارة من المواطن
.
إال أنه من كل ذلك فإن الطريقة الكالسيكية المعتمدة من قبل وزارة العدل
بخصوص اإلزدواجية في السجل العدلي بين الوطني والمحلي هي طريقة أصبحت
متجاوزة تبعا لروح الدستور والخطابات الملكية التي تحت دائما على تقريب اإلدارة
من المواطن يوتفعيل الجهوية .
كما أن طريقة إنجاز البطاقات ال تزال تشوبها العديد من اإلكراهات منها :
-من حيث الحيز المكاني :ذلك أن جمين المحاكم باستثناء بعضها (كالمحكمة
اإلبتدائية بالدار البيضاء والمحكمة اإلبتدائية بالفقيه بن صالح ) يعتمدون على
تخصيص مكاتب داخل المحكمة تسهر على تضمين البطاقة رقم 13وهو ما من
شأنه أن يخلق نوع من اإلكتظاض ي ونوع من عدم انسيابية الولوج ي والتأخير
26
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
وتبعا للثورة الرقمية التي اجتاحت جمين اإلدارات العمومية والخاصة فإن
الوزارة المعنية (وزارة العدل) مدعوة إلى التفكير ق بجدية ق في وضن منصة
إلكترونية خاصة بالسجل العدلي ي وتبادل البطاقات ي و اإلعتماد على سجل عدلي
رقمي واحد يتوفر على جمين البيانات والسوابق الخاصة باألشخاص الذاتيين
المزدادين داخل المغرب وخارجه وكذا األشخاص المعنويين توفيرا للجهد والتكلفة.
27
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
فاطمة العسري
دكتورة في القانون الخاص
مقدمــــة:
في ظل توسين المهام المنوطة بها تسعى إدارة الجمارك والضرائب غير
المباشرة إلى التحسين المستمر للخدمات المقدمة ولالستجابة لتطلعات زبنائها.إذ
تسهر على القيام باإلجراءات الالزمة من أجل حماية االقتصاد الوطنيي في إطار
رؤية شاملة استباقية تأخذ بعين االعتبار تطورات المحيط االقتصادي
واالجتماعي.231
إذ تنبثق الخطط اإلستراتيجية إلدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة من
خالل تحليل يدمج بعدين اثنيني هما تشخيص شامل لنقاط القوة والضعف من جهةي
وتحديد الفرص والمخاطر التي ينطوي عليها محيطها من جهة أخرىي وكذا
األوراش األولية للسنوات القادمةي وينبني على تحليل تلتقي من خالله انتصارات
شريحتيني أطر وموظفيها وأعوان إدارة الجمارك والفاعلين االقتصاديين والشركاء
المؤسساتيين والخواص وكذا السياق الوطني الدولي.
كلمة السيد المدير العام لإلدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة ،التقرير السنوي لإلدارة الجمارك لسنة .3108 231
28
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
من خالل هذا التقديم سيتم تسليط الضوء في هذا الموضوع على منهجية
ومراحل التي تم من خاللها إعداد المخطط اإلستراتيجي ( 2121-2117المبحث
األول) وكذلك على أهم األهداف المسطرة والنتائج المحصل عليها (المبحث الثاني).
في إطار العمل على إعداد مسودة إستراتيجية إدارة الجمارك والضرائب غير
من المنجزة سابقاتها عكس على والتي 2121-2117 المباشرة
) (CABINET DOLOITTEتميزت هذه األخيرة بإنجازها من 232
طرف
طرف إدارة الجمارك بمواردها وكفاءتها الداخليةي وتندرج هذه اإلستراتيجية في
إطار استكمال المشارين المدرجة في المخطط االستراتيجي السابق من األخذ بعين
االعتبار تطورات المشهد االقتصادي واالجتماعي وتطور اختصاصات إدارة
الجمارك.
سوف نتطرق في هذا المبحث األول إلى منهجية إعداد مسودة المخطط
اإلستراتيجي (المطلب األول) وكذلك مراحل إنجاز وإعداد هذا المخطط (المطلب
الثاني).
اعتمدت إدار ة الجمارك والضرائب غير المباشرة منهجية جديدة لتصميم وتتبن
مخططها اإلستراتيجي ألفق 2121تكمن التجربة في إطار تدبير إستراتيجيتها
األخيرة وفق مقاربة تشاركية .إذ تمحورت منهجية العمل في إعداد المخطط
االستراتيجي من خالل التشخيص وإعداد المخطط االستراتيجي تم تصميم المخطط.
: 232CABINET DOLOITTEشركة خدمات مهنية تقدم خدما ت المراجعة لتدقيق الحسابات والضرائب واالستشارات
المالية وإدارة المخاطر يقع مقرها الرئيسي في نيويورك :الواليات المتحدة األمريكية.
22
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
مكن التشخيص االستراتيجي الذي يسلط الضوء على نقاط قوة وضعف إدارة
الجماركي من معرفة العوامل الداخلية والخارجية التي من شأنها تحديث اإلدارة
وكذا األوراش ذات األولوية ونقط الضعف الواجب معالجتها في أفق سنة .2121
-تشخيص على المستوى الداخلي شمل سبن مواضن لتحديد نقط قوة وضعف
اإلدارة من تسليط الضوء على السياق العام لتحديد المخاطر والفرص المتاحة.233
كذلك عقد ندوة لتبادل اآلراء بغية تحديد مجاالت التطور لضمان نجاح عملية
االنتقال من مرحلة التشخيص إلى مرحلة التصميم الفعلي للمخطط اإلستراتيجي :
دعي أكثر من 61مسؤوال من المساهمين الفعليين في تنفيذ اإلستراتيجية للمشاركة
في ندوة كبرى لتبادل اآلراء امتدت أشغالها على مدى يوميني كما تم إشراك
مجموعة من األطر الجدد إضافة إلى بعض المسؤولين السابقين بغية إغناء النقاش
برؤى جديدة لجمارك .2342121
وقد خلصت هذه الورشات إلى تحديد المبادرات والمشارين اإلستراتيجية التي
من شأنها أن تساعد اإلدارة على تجاوز نقاط الضعف التي تم تشخيصها وكذا
معالجة القضايا المتعلقة بمهام اإلدارة وكيفية تسييرها.
233في هذا اإلطار تم تنظيم 08ورشة ع مل بق يادة خ براء عر فت م شاركة 023من أ عوان وم سئولي الج مارك "التقر ير
السنوي لإلدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة.
234تمحورت هذه الندوة التي تضمنت عدة ورشات عمل حول وضع تصور استراتيجي جديد لإلدارة الجمارك باعتماد تقنية
"المق هى ال عالمي" ال تي تم كن من تحف يز الن قاش وت شجيع ت بادل األف كار حول الخال صات العا مة والمهن ية المنبث قة عن
التشخيص االستراتيجي.
111
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
وقد عهد في هذا الصدد إلى لجنة القيادة مهمة دراسة المبادرات والمشارين
المقترحة والمصادقة على الخريطة اإلستراتيجية لفترة .2121-2117وكذا اختيار
الشعار الذي يترجم الرؤية اإلستراتيجية لإلدارة خالل هذه الفترة.
تمر عملية إعداد وإنجاز المخطط االستراتيجي من البداية وحتى االعتمادي بعدد
من المراحل بدءا من اإلعداد والتي يتم خاللهاتشكيل فريق معين من طرف اإلدارة
حيث يعهد إلى قادة المشارين المعينين من لجنة القيادة والذين تم تكليفهم بهاته المهمة
من خالل قرسالة تعاقدق مقننة من طرف السيد المدير العام بوضن مواثيق المشارين
اإلستراتيجية.
تم في هذا العدد تسطير ثالثة مراحل إلنجاز مسودة إستراتيجية إدارة الجمارك
2121وذلك كاآلتي.
111
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
-مارس 2117وتم خالل هذه المرحلة تأهيل وتصميم المشارين وذلك من
خالل:
يونيو 2117وتم من خالل هذه المرحلة تأهيل وتصميم المشارين وذلك من
خالل:
-وعموما يمكن إجمال مراحل إعداد وإنجاز المخطط االستراتيجي فيما يلي:
مرحلة التخطيط :وتشمل هذه المرحلة أشغال إعداد ميثاق المشروع من طرف
الرئيسي حيث تنظم هذه الوثيقة هيكلة المشروع بالكامل عبر تمحيص الخطوات
األساسية والتدابير المرافق لها ووضن جدولة زمنية دقيقة أخذت بعين االعتبار
تدخالت مختلف المشارين اإلستراتيجية وكذا تحديد النتيجة المتوقعة لكل مرحلة
والمخرج النهائي المتوقن.
وبعد التطرق إلى الجوانب التقنية والفنية والمالية للمشروع يتم اختيار فريق
العمل من تحديد مسؤوليات كل فرد وكذا جدول مفصل للمدة الزمنية لتنفيذ المهام
المنوطة بهاي وعند استكمال هذه التحضيرات يعرض ميثاق المشروع على أنظار
الراعي لإلغناء والمصادقة.
تخص هذه المرحلة إنجاز كافة التدابير المبرمجةي وذلك بناء على التفضيل
الفني والمالي والبرمجة الزمنية لهاي أما فيما يخص المتابعة فتجرى على مستويين
عملي واستراتيجي وتعمد في ذلك على آليات تشمل معايير لتقسيم بشكل مستمري
وتمكن هذه العملية من استخالص وتقديم التوصيات الضرورية والحلول الناجعة
بغية ضمان التقويم المستمر والحصول على النتائج المتوخاة في نهاية المطاف.236
-وفي إطار التحضير لبسط المشروعي يسهر رئيس المشروع والفريق لنشر
مخرجات المشروع خالل الصعيدين الجهوي والمحليي أما فيما يخص مواكبة
التغيير فيقوم رئيس المشروع ببرمجة حصص تكوين بالنسبة لمستعملي مخرجات
المشروع كما يتم اختيار مواقن نموذجية للقيام بتجربة أولى نتائج المشروع وتقييمها
وكذا تصحيح ما من شأنه الرفن من جودة المخرجات قبل العمل األخير على نشرها
وتعميميها على جمين الوحدات المعنية ويرافقهذا التدبير اهتمام مستمر بالتواصل
حول المشروع من باقي أعوان الجمارك المعنيين وكذا شركاء اإلدارة المؤسساتيين.
-مرحلة إنهاء المشروع :توثق هذه المرحلة لبسط جمين المخرجات المنتظرة
وتفضي إلى تقديم تقرير نهائي يقيم النتائج المحصلة بالنظر إلى تلك المتوخاة عند
انطالق األشغال .كما تتضمن عقد اجتماعات من رؤساء المشاريني لتتبن التدابير
البعدية المتخذة للسهر على استعمال المخرجات وضمان تحقيق األهداف الشمولية
للمشروع.
-مكن إطار حوكمة المشارين من ضمان تطبيق طريقة عمل وقيادة المشروع
وفق منهجية موحدة تسمح بتحديد أدوار ومسؤوليات جمين المتدخلين وهدف تسهيل
التبادل بينهم وتسيير اتخاذ القرار.
لجنة القيادة والتوجيه :وتشمل هيئة لتبادل اآلراء واألفكار بين السيد المدير
العام ورعاة المشارين حين يتكون أفرادها من السيد المدير العام وإدارة الجمارك
والضرائب غير المباشرة والسادة المدراء المركزيين والمدراء الجهويين وتعد
اجتماعات هذه اللجنة خالل فترة التحضير للمخطط االستراتيجي بمعدل مرة كل
شهرين .ومن بين المسؤوليات الموكلة لهذه اللجنةي اتخاذ القرارات والتوجيهات
اإلستراتيجية لمخطط إدارة الجماركي حيث تتولى التحكيم بخصوص نقط االختالف
المعروضة عليها والمصادقة على المخرجات الرئيسية للمشارين كما تتابن نتائج
بسط المشارين على المستوى الجهوي والمحلي.
لجنة تتبع اإلستراتيجية :تشمل هذه اللجنة رؤساء األقسام بحكم تجربتهم
ودرايتهم بمجمل األشغال مما يمكنهم من لعب دور المراجن التقنيةي وكذا مدير
المشروع االستراتيجي وعليه تتبن المشارين وأحيانا رؤساء المشارين.
وتسهر لجنة تتبن اإلستراتيجية على القيادة التنفيذية لإلستراتيجية وتحيل نقاط
التحكم إلى لجنة القيادة والتوجيه كما تلعب دور هيئة لتبادل اآلراء واألفكاري أما فيما
يخص عقد االجتماعات فيستجيب لنفس وتيرة اجتماعات لجنة القيادة والتوجيهي من
إمكانيات عقد اجتماعات استثنائية عند الضرورة.
114
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
لجنة المشروع :وتنكب على تتبن أشغال المشروعي خاصة تقييم مستوى تقدم
اإلنجازاتي مراقبة احترام برنامج العملي تقسيم المؤشرات والمخاطر....ي وتعقد
لجنة المشارين التي تتكون من رئيس المشروعي أعضاء فريق العمل وخلية تتبن
مشارين اجتماعاتها كل ثالثة أشهري غير أنها تكثف من وثيرة اجتماعاتها خالل
المرحلة األولى النطالق استراتيجية من أجل مواكبة المشارين.
قمن أجل جمارك حديثة وفعالةق هو شعار إدارة الجمارك والضرائب غير
المباشرة الذي تحمل كلماته عدة دالالت.
قجمارك حديثة وفعالةق هو شعار إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة التي
تحمل كلماته عدة دالالت.
ق جمارك حديثةق تؤكد استعدادها للمضي قدما في عملية تحديث وظائفها من
أجل توفير مزيد من التسميات وتجريد اإلجراءات من طابعها المادي.
قجمارك فعالةق تلتزم بضمان خدمة جمركية ترتقي لمستوى التطلعات في ظل
بيئة تعرف تغييرا مستمرا.
-يستند المخطط االستراتيجي على خمسة أهداف إستراتيجية قائمة على عشرين
مشروع يتوخى من خالل تحقيقها إضفاء تحسينات ملموسة في عدة مجاالت تلتزم
إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة من خالل تنفيذ مخططها اإلستراتيجي إلى
تحقيقها.
في إطار تكريس مبدأ الحكامة الجيدة التزمت إدارة الجمارك بتحقيق نقله نوعية
تهم تدبير أساليب تدبيرها بغية اإلستجابة لتطلعات زبنائهاي وفي هذا الصدد عملت
اإلدارة من خالل مخططها اإلستراتيجي من جهة على تعزيز نظام المراقبة الداخلية
من أجل معالجة أفضل للمخاطر وأداء األمثل لهياكلها وفقا للقوانين والمساطير
الجاري بها العملي ومن جهة أخرى يتم االشتغال على تعزيز الالمركزية من خالل
تفويض المزيد من الصالحيات للمديريات الجهوية من أجل تقديم خدمات محلية
تستجيب لمتطلبات المتعامليني كما تسعى إدارة الجمارك تبوء الزيادة على الصعيد
الجهوي واالستفادة بشكل كامل من الفرص االقتصادية للدول اإلفريقية وكذا تأهيل
ومواكبتها للجمارك اإلفريقية خاصة في مجال تبادل الخيرات.
هذا كما يتم إيالء اهتمام خاص بتثمين الرأسمال البشري عبر سن نظام أساسي
خاص وموحد لجمين موظفي الجمارك يتماشى من خصوصية العمل الجمركيي
كما يستفيد أعوان الجمارك في إطار هذه اإلستراتيجية من إنشاء معهد جديد
للتكوين الجمركي يستجيب لمعايير الجودة في مجال التكويني كما تواصل اإلدارة
116
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
الفقرة الثانية :تحسين فعالية المراقبة لتسريع المرور عبر الجمرك واستباق
تغيرات المحيط
وعيا منها بأن التوفيق بين المراقبة وتأمين الحدود من جهة وتسهيل وتسرين
المرور عبر الجمرك من جهة أخرى يتطلب اعتماد طرق أخرى لتدخل أكثر
فعاليةي تعمد اإلدارة على تعزيز تحليل المخاطر وتطوير المراقبة المشتركة من
اإلدارات األخرى كالمديرية العامة للضرائب من أجل تحقيق طفرة نوعية في هذا
المجالي كما يتم العمل على تحسين فعالية مراقبة موحدة تخص النقل الجوي والبري
والبحري واعتماد نظام االستهداف واالنتقائيةي موازاة من ذلك تولي اإلدارة اهتماما
خاصا لالحتواء عمليات التهريب والحد من تأثيرها من خالل تنمية االستخبار
واالستهدافي وكذا خلق فيلق وضعي لمكافحة الغش والتهريبي إضافة إلى تعزيز
التعاون من بعض المتدخلين بالمراكز الحدودية.238
وظائف متوفرة بنظام قبدرق ومخصصة لموظفي الجمارك حتى يتسنى لهم الولوج
إليها عبر األجهزة النقالة أثناء ممارسة عملهم خارج المكاتب.239
أما على مستوى استباق متغيرات المحيط اعتبرت إدارة الجمارك من خالل
مخططها 2121أن مالءمة المساطر الجمركية من متغيرات المحيط إحدى أهم
الركائز التي يجب العمل عليهاي وفي هذا السياق تستمر إدارة الجمارك والضرائب
غير المباشرة في تكييف مساطرها من أجل األخذ بعين االعتبار الصعوبات التي
يواجهها الفاعلون االقتصاديون وكذا تحسين وتسهيل انسيابية المرور عبر الجمرك
بالجهات التي تعرف نشاطا جمركيا مهما أو خصائص وظيفية معينة (طنجة
المتوسط -الدار البيضاء-ميناء النواصري ميناء أكادير) كما تعمل اإلدارة على
تطوير أنشطتها عبر استخدام التكنولوجيا الجديدة وتعزيز قدرات ووسائل عمل
الموارد البشريةي من أجل تحسين تدبير نظام القبول المؤقت للسيارات وتحديث
الضرائب غير المباشرة.
239الت قرير السنوي إلدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة لسنة . 3108
118
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
فعلى مستوى الحكامة تطلب نجاح اإلصالحات التي شرعت فيها إدارة
الجمارك قيادة صارمة ودعما متجددا من خالل تشارك جمين المستويات الهرمية
في سلسلة القيادة بدءا من التدبير االستراتيجي إلى المتابعة العلمية مرورا بالمراقبة
الداخلية.240
حيث ارتفن معدل التنفيذ بنسبة %68في غضون عامين ويعزى هذا األداء إلى
جمين فرق العمل المعنية بالمشاريني ويعزز أيضا هذا األداء بإطار حكامة المشارين
الذي يتمحور حول:
-إذ يتم قياس أداء الهياكل التنظيمية من خالل قدرتها على تحقيق لألهداف
المسطرة مسبقا وكذا أداء مهامها بالتدبير الفعال للموارد المتاحة واحتواء العقبات.
-في إطار التعاون الدولي واصلت إدارة الجمارك تنوين شركتها من الدول
العربية واإلفريقية واألسيوية وبالتالي تتبن المسار الذي سطره المغرب والتوجيهات
االستراتيجية للبالد من أجل تعزيز الديبلوماسية االقتصادية والتعاون بين دول
الجنوبي فخالل سنة 2118كان لإلدارة الجمارك حضور قوي في عمل األجهزة
الرئيسية لمنظمة الجمارك العالميةي كما استقبلت في أكثوبر 2116وفدا من
الطوغو جاء لإلستعالم عن تجربة الجمارك المغربية كما شهد عام 2119مشاركة
نشطة لإلدارة الجمارك في أشغال أبرز أجهزة المنظمة العالمية للجمارك والهيئات
التابعة لها.
الفقرة الثانية :نتائج تحسين فعالية المراقبة وتسريع المرور عبر الجمرك
واستباق تغيرات المحيط.
-بفضل رقمنة معظم اإلجراءات الجمركية وكذا ربط االتصال البيني من بعض
شركاءها إذ تتوفر إدارة الجمارك على نظام معلوماتي غني بالمعطيات التي منة
شأنها أن تساعد في المراقبة الجمركيةي حيث وصال نسبة التخليص الجمركي سنة
2118عن طريق القبول من أجل المطالبة %81وهو األمر الذي يستدعي
تطبيق المراقبة البعدية ووفقا لمقاربة قائمة على تحليل المخاطري باإلضافة إلى ذلك
تم سنة 2119خلف مركز لإلشراف الميداني على مستوى اإلدارة العامةي مما
مكن من توفير مراقبة على مدار الساعة وطوال أيام األسبوع.242
أما على مستوى التسهيل وتجريد المساطر من طابعها الماديي فبعد نجاح
المرحلة األولية للتوقين اإللكتروني للتصاريح الوحيدة للسن ) (DUMالمتعلقة
بعمليات التقريب بموجب األنظمة االقتصادية الجمركية والتي تم إطالقها سنة
2117ي فقد تم تعميم هذا اإلجراء على بقية اإلجراءات في 18يناير .2432118
كما سيظل فاتح يناير يوما تاريخيا في سجالت الجمارك المغربية حيث أفضت
عملية التجريد المادي الكلي لمسار التخليص الجمركي إلى تعميم التخلي عن اإليداع
242تم تنفيذ 811مهمة مراقبة بعدية سنة ، 3108التقرير السنوي لإلدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة لسنة .3108
243التقرير السنوي إلدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة لسنة . 3108
111
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
المادي والمفضل وكذا الوثائق الملحقة به بالنسبة لجمين األنظمة الجمركية ذلك بعد
أن كان التجريد المادي سنة 2118مقتصرا فقط على إجراءات التقريب.
خــاتمــــة
إن المستوى الحكماتي التي وصلت إليه إدارة الجمارك والضرائب الغير
المباشرة اليوم يعكس امتالكها ألدوات التخطيط السليم عن طريق حسن تخطيطها
لالستراتيجيات التي تعمل بها وحسن استغالل مواردها المتاحة وكفاءاتها من اجل
تحديد األهداف ومتابعة التنفيذ الصارم لتحقيقها.
فشعار الذي رفعته إدارة الجمارك والضرائب الغير المباشرةقمن أجل جمارك
حديثة وفعالةق ترجمته بامتياز على ارض الواقن في أقل من نصف المدة المسطرة
لهذا المخطط الشيء الذي يعكس المستوى الحكماتي التي وصلت إليه هذه اإلدارة
خالل السنوات األخيرة.
حيت ستظل هذه السنوات األخيرة راسخة في ذاكرة الجمارك المغربية من
حيث هذا التحول الجذري الذي غير من شكل العالقة التي تربط بين الجمركي
والفاعل االقتصادي أو من يمثلهي حيث أصبحت هذه العالقة أكثر افتراضيه بعد ما
111
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
كانت مبنية باألساس على الحضور الفعلي الشيء الذي يبعث برسائل مطمئنه من
طرف هذه اإلدارة الحديثه والفعالة خاصة في مثل هذه الظروف العالمية وما
يطرحه تفشي فيروس كرونا المستجد من تحديات أمام هذه اإلدارة.
112
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
الحسين الشماخ
باحث في العلوم القانونية
-تخصص قانون األعمال -فاس
مقـــدمــة:
تعد مرحلة تكوين العقد من المحطات األساسية التي يمر منها العقد
االستهالكييومن أجل حماية المستهلك اقتضت الضرورة تحصين هذه المرحلة
بمجموعة من االلتزامات القانونية التي تشكل قطب الرحى للحماية المرجوة أثناء
إبرام العقديودعم قدرة المستهلك على مكافحة كافة االختالالت العقدية التي قد
بين المتعاقدينيلكون 244
تواجهه في أية لحظة وحين .ومن ثمي تأسيس عقد متوازن
مبدأ التوازن العقدي أصبح من أهم المبادئ القانونية التي أتت على أنقاض مبدأ
سلطان اإلرادة وما عرفه من مساوئيإنه نظرة حديثة ومتجددة تسعى إلى تصحيح
وتعديل العالقة بين طرفي العقدي من منطلق أن مبادئ العقد الصحيحة ال يمكن أن
تنكشف أمام النظرة الضيقة للعقدي والتي تعتبره مجرد صراع بين طرفين متناحرين
كل يحاول فرض إرادته على اآلخر.
- 244العقد المتوازن )" :(contrat égalitaireعقد يبرم بين طرفين -أو أكثر -في وضعيتين مت كافئتين ويتمت عان بنفس
مستوى
المعرفة التقنية لمحل التعاقد ،من ذلك مثال :العالقة العقدية التي تربط بين شخصين محترفين.
ــ للتوسع أكثر يرجع إلى :ــ الحسين الشماخ ،الحماية القانونية لمرحلة تكوين العقد ـ الع قد اال ستهالكي نموذ جا ،-ر سالة
لنيل شهادة
الماستر في القانون الخاص ،كلية الحقوق فاس.3103-3102 ،
113
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
-245بتول صراوة عبادي ،التضليل اإلعالني التجاري ،الطبعة األولى ،منشوراتالحلبي الحقوقية ،3100،ص.088 :
-246مجيدة الزياني ،الحماية الجنائية لتكوين العقود المدنية ،أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه،جامعة الحسن الثاني ،كلية العلوم
القانونية
واالقتصادية واالجتماعية عينالشق -بالدار البيضاء،3112-3111 ،ص.32 :
-247منير قاسم صالح الجياللي ،حماية المستهلك بين القوانين العامة والخاصة -أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص
بوجدة،
،3103-3102ص.8 :
-248وفي نظر الفقيه الفرنسي M. Carbonnierأن هدف النظام العام الح مائي االقت صادي هو حما ية ال طرف ال ضعيف
اقتصاديا
في بعض العقود المدنية.
, N°, 116. 0818M. le Doyen Carbonnier, droit civil. T. II.-
ــأوره- :حسن عبد المومن ،العقد والجزاء الجنائي -دراسة مقارنة ،-دار النهضة العربية ،0882،ص.015 :
114
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
وانطالقا من المزايا التي يتسمبها هذا الجزاء وما يحققه من فوائد لبناء تصرف
قانوني متوازني فإن اإلشكال الذي يثار هنا هو:ةة مدى كفاية المقتضيات
المنظمةلهذه المرحلة في ضمان حماية زجرية فعالة تتماشى وخصوصية التصرفات
االستهالكية؟
لتوضيح ذلكي سنعمل على إبراز تجليات جزاء اإلخالل بتوفير المعلومات قبل
التعاقد (المحوراألول)،على أن نردفهابمدى فعالية هذا الجزاء في حماية المستهلك
من البيوع المحظورة (المحورالثاني)من خالل الوقوف على مواطن الضعف والقوة
في البعد الزجر ي المعتمد حتى يتسنى لنا إماطة اللثام عن القيمة المضافة للحماية
الزجرية الموظفة في هذه المرحلة.
المحور األول :مدى فعالية جزاء اإلخالل بتوفير المعلومات قبل التعاقد
إن تبصير المستهلك كما مر بنا آنفا يعني إحاطته بكافة المعلومات المتعلقة
بالسلن والخدمات المطروحة في السوقي لكن المالحظ أن الوسائل المتدخلة في
طريقة العرض على المتلقي من شأنها أن تجذبه عن طريق إبراز المحاسن والمزايا
الجيدة للسلعة دون التنبيه إلى المخاطر واألضرار التي قد تحدثهاي أو إغفال بعض
التي من المفترض أن تشملها السلعة أو الخدمة. 249
الخصائص الفنية
لذلكي فنتيجة لجهل المستهلك بهذه األمور تدخل المشرع لوضن آليات كفيلة
بحمايته قبل التعاقد وعززها بجزاءات زجرية صارمة عن كل مخالفة لهذه الحدود.
ويستهدف الدور الوظيفي للجزاء الجنائي بصفة أساسية في حماية رضاء
المستهلكمن خالل تجريم اإلخالل بااللتزام باإلعالم (فقرة أولى)،وأيضا المعاقبة
عن كل إشهار مضلل ال يتسم بالموضوعية والشفافية (فقرة ثانية).
إن ضعف الجزاء المدني في توفير الحماية الكافية لجمهور المستهلكين جعل
المشرع يردفه بجزاء زجريتكميلي يساهم في حماية المتلقي من كل إخالل قد يأتي
به المهني.
وإلعطاء فاعلية أكثر لاللتزام باإلعالم والتأكيد على حماية المستهلكي عمل
المشرع على تجريم مخالفة اإلعالم قبل التعاقد وعاقب عليه بغرامة من 2111
درهم إلى 1111درهمي250وجريمة اإلخالل باإلعالم قد تكون جريمة إيجابية عن
طريق تمكين المستهلك من إعالم ناقص أو غير صحيحي كما قد تكون جريمة سلبية
من خالل امتناع المهني عن التزامه باإلعالم قبل التعاقد.
251
وفي هذا السياقي قد سبق و أن قررت المحكمة االبتدائية البن جرير
مؤاخذة المورد الذي قام بعرض مادة الخرقوم في أكياس ال تحمل تارين اإلنتاج
وتارين انتهاء الصالحيةي حيث آخذته من أجل ما نسب إليه بغرامة نافذة قدرها
1111درهم من تحميله الصائر وتحديد مدة اإلجبار في األدنى.
والمالحظ أن الجزاء المعتمد أعاله ال يتماشى من الوظيفة التكميلية التي ينبغي
أن يلعبها الجزاء الزجريي وذلك ما يتضح من خالل الوقوف على:
أ -الغرامات الزهيدة التي ال ترقى إلى حجم التجاوزات التي قد تمس حقوق
ونفس الشيء ينطبق على االلتزام باإلعالم االلكتروني المجرم في 252
المستهلكي
في الفصل 6 254
ق.م.م .وهذا عكس ما ذهب إليه المشرع الفرنسي 253
المادة 177
من قانون الثقة في االقتصاد الرقمي،حيث نجده تشدد في العقوبة عن إخالل المهني
بالتزامه باإلعالم وعاقبه بسنة حبسا وغرامة مالية تصل إلى 71111أورو.
-250المادة 371ق.ح.م "يعاقب بغرامة من 3111إ لى 5111در هم ع لى مخال فات أح كام الق سم ال ثاني من هذا ال قانون
والنصوص
المتخذة لتطبيقه".
-251حكم صادر عن ابتدائية ابن جرير رقم ،128-0313بتاريخ 3118-12-08غير منشور.
-252أمين أعزان -تقييم المقتضيات الجنائية لقانون حماية المستهلك ،مجلة الدفاع العدد ،3100 ،1ص.053 :
-253المادة 377ق.ح.م "يعاقب على مخالفات أحكام المواد 38و 21و 23بغرامة من 0311إلى 01111درهم.
-254عبد الرحمان البازي،حماية المستهلك في العقد االلكتروني -رسالة لنيل شهادة الماستر،جامعة محمد األول ،كلية العلوم
القانونية
واالقتصادية ،وجدة ،3103،ص.32 :
116
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
ب -أن المشرع لم ينصعلى حالة العود في العقد االستهالكي العادي وهذا ما
يكرس محدودية المادة 173ق .ح .م.ي كما أن هذا القصور قد يشجن المهنيين على
اغتنام الفرصة واالستفادة منهذا الفراغ.
أما بخصوص العقد الرقمي – االلكتروني -نجد المشرع رغم توظيفه لحالة
العود اكتفى بمضاعفة الغرامة في الوقت الذي كان عليه أن يعاقب بسلب الحرية
كلما كان هناك عود في الجريمة حتى ال يتم إهدار حقوق المستهلكين في هذه
المرحلة.
هذا من العلم بأن االلتزام باإلعالم قبل التعاقد يشكل العمود الفقري في بناء
عالقة تعاقدية سليمة ومتكافئة .لذاي حق لنا القول بأن التأطير الضيق لجريمة
اإلخالل باإلعالم ال يحقق األمن القانوني المنتظري وبالتالي ال يخدم االنتظارات
المشروعة للمستهلك في مرحلة تكوين العقد.
-255محمد بودالي ،حماية المستهلك في القانون المقارن -دراسة مقارنة مع ال قانون الفرن سي ،دار الك تاب ال حديث ،بدون
طبعة،
سنة ،3111ص.021 :
117
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
-256لالطالعأكثر على جرائم الغش يرجى العودة إلى :مريم سرغيني شيب ،الحماية الجنائية للمستهلك من خالل ظهير زجر
الغش
في البضائع ،بحث لنيل شهادة الماستر ،كلية الحقوق فاس،3118-3112 ،ص 13 :وما بعدها.
257
- L’ARTICLE 121- 6 «…Les pratiques commerciales trompeuses sont punies des peines
prévues
Aupremier alinéa de l’article L. 213-1. L'amende peut être portée à 50 % des dépenses
De la publicitéou de la pratique constituant le délit. Les dispositions de l'article
L. 213-6
Prévoyant la responsabilité pénale des personnes morales sont applicables à ces
Infraction… ».
258
- Brigitte Hess-Fallon- ANNE- marie Simon, droit des affaires, 18 édition, 2009, p: 149.
- ERIC BAZIN - droit de la consommation, Gualini Lextenso, édition 2011, p : 102.
118
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
فرغم أهمية الغرامات المنصوص عليها فإن هذه الحماية تبقى قاصرة وفي
حاجة إلى إعادة تعزيزها بجزاءات إضافية تخرجها من محدوديتها ووهنها.
إن االكتفاء بعقوبات أصلية لتحقيق وظيفة الجزاء الزجري في ردع مرتكبي
هذه الجرائم يبقى قاصرا عن ذلكي ولتدعيم هذا الجزاء كان البد من توظيف جزاء
تكميلي يسعى لسد نقص الغرامات الماليةي بيد أنه رغم أهمية العقوبات اإلضافية
وما لها من أدوار إيجابية في منن الجريمة االستهالكية إال أن المشرع لم يعممها
بخصوص جريمة اإلشهار المضللي وربطها بحالة انعدام وجود عناصر لتبرير
موضوعية اإلعالني وهذا ما يدل في اعتقادنا على انعدام بعد الرؤية في كيفية
توظيف الجزاء الجنائي بطريقة ناجعة.
وعليهي فبالرجوع إلى المادة 171يتضح لنا أنها جعلت الجزاء اإلضافي
يتأرجح بين الوجوب والجواز.بحيث جعلته وجوبيا في حالة الحكم باإلدانة من خالل
وجوازيا في إمكانية 259
أمر المحكمة بنشر أو تعليق المقرر القضائي أو بهما معاي
األمر بنشر إعالن أو عدة إعالنات استدراكية أو األمر بوقف اإلشهار المضلل.
وهذه العقوبات هي جزاءات تشهيرية تمس بأحد أهم عناصر المعلني وهي
سمعته ومركزه التجاريي وهو ما ينعكس سلبا على ثقة الجمهور فيه فيمتنن عن
التعامل معهي كما أن نشر الحكم الصادر بإدانة المعلن يمثل رسالة موجهة إلى جمين
260
المعلنين اآلخرين بعدم اللجوء إلى الكذب والتضليل وإال تعرضوالنفس المصير.
ال غرو أن هذا الجزاء – العقوبات اإلضافية -يحقق وظيفة وقائية تتماشى من
جرائم االستهالك في هذه المرحلةي بحيث تعد دعامة أساسية في تحقيق جزاء فعال
-259المادة 371ق .ح .م " ...تأمر المحكمة في حالة اإلدانة ،بنشر أو تعليق المقرر القضائي أو بهما معا".
-260زكرياء البو شوكي ،الحما ية الجنائ ية للم ستهلك ،ر سالة لن يل دب لوم الما ستر ،جام عة ع بدالمالك ال سعدي ،كل ية الع لوم
القانونية
واالقتصادية ،طنجة ،3112-3111 ،ص.33 :
112
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
لردع المعلنيني غيرأن المشرع لم يجعله جزاء وجوبيا في كافة حاالتهي وهذا فيه
تضييق وإضعاف للعقوبات الزجرية بشكل يسلب منها دورها الوظيفي التكميلي.
إذا ثبت ما سبق ذكرهي يمكن القول إنالمشرع ظل وفيا لألهداف التي رسمها
ظهير زجر الغش في البضائني لكونه لم يأتي فقط لحماية المستهلكين ضحايا
اإلشهار المضلل والمقارني بل أيضا لحماية التجار من المنافسة غير
المشروعة.وبالتالي يكون المشرع قد حاول أن يوفق بين مختلف المصالح الرائجة
في هذه الفترةي وإن كان ذلك على حساب مصالح المستهلكين.
المحور الثاني :مدى فعالية جزاء البيوع المحظورة في تكريس الشفافية أثناء
التعاقد
إن حظر الممارسات الممنوعة التي تطبن العالقات التعاقدية تقتضي بالضرورة
اللجوء إلى وسائل تحمي هذا المتعاقد من االستدراج غير المشروع والمحافظة على
سالمة رضائه قبل إقدامه على أي تصرف استهالكي.
وعليهي فإن الغاية من منن وتجريم العديد من أنواع البيوعي هو لضمان النزاهة
التي يجب أن تسود المناخ التعاقدي261إلعادة تصحيح المراكز القانونية للمتعاقديني
وذلك عبر توظيف الجزاء الزجري بطريقة نفعية للحد من هذه الممارسات سواء
تعلق األمر بجريمة البين الهرمي (فقرة أولى) ،وكذا بجريمة البيوع ذات الطابن
االستغاللي "البيع االستغاللي"(فقرة ثانية).
-261مجيدة الزياني ،الحماية الجنائية لتكوين العقود المدنية… ،أطروحةسابقة ،ص.238 :
121
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
"دون اإلخال ل بالعقوبات األشدي يعاقب على مخالفة أحكام المادة 18بالحبس
من شهر إلى سنة وبغرامة من 21.111إلى 41.111درهم ...ق.
عالوة على ذلكي يمكن الحكم على مرتكب المخالفة بإرجاع المبالغ التي تم
دفعها من قبل الزبناء غير الراضين دون أن يكون له حق الرجوع على الذين
توصلوا بالسلعة.
يمكن للمحكمة أن تأمر بتعليق حكمها أو نشره على نفقة المحكوم عليه بالكيفية
التي تقررها".
وعليهي يتضح أن المشرع وظف جزاء سلب الحرية في هذه الجريمة بحيث
جعل العقوبة األصلية ذات نطاق مزدوج تتمثل في سلب الحرية من جهة والغرامات
المالية من جهة ثانية.
إال أن ما يثار في هذا الصدد هو :هل تقبل هذه الجريمة تكييفا أشد؟ أو بعبارة
أخرى مدى إمكانية االستناد على جريمة النصب؟
قبل اإلجابة عن ذلك البد من اإلشارة إلى أن المشرع المغربي سبق له أن كيف
هذه الجريمة بجريمة النصب من خالل تنصيصه في الفقرة الثانية من الفصل
الثاني من قانون 1913الذي جرم آنذاك قوسيلة تكاثر الزبناء بقوله قتطبق إن
اقتضى الحال زيادة على ذلك العقوبات المنصوص عليها في الفصل 411من
القانون الجنائي الفرنسي...أو المنصوص عليه في الفصل 314من الظهير
المحتوي على القانون الجنائي المغربيق .من ثمي فإن المشرع هنا قد أشار إلى
تشديد العقوبة بشكل صريح لما حدد المادة القانونية المعتمدة في هذا التكييفي وهذا
عكس قانون حماية المستهلك الذي تحفظ عن ذلك واكتفى بإشارة ضمنية قدون
اإلخالل بالعقوبات األشدق.
121
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
وقد ذهب بعض الباحثين262إلى القول بأن مضمون هذه الجريمة يختلف عن
المض مون المتعارف عليه لجريمة النصب والذي يقوم على المساس بالذمة المالية
للضحية.وبخصوص المساس بمصالح الضحية فإن جريمة النصب تتطلب االستيالء
ومثال ذلك 263
على المال متى قام الجاني بتصرف يمس مصالحه أو مصالح غيرهي
عرض منتوجات أو خدمات على المستهلك من إغرائه للحصول بالمجان على
منتوجات شرط توظيفه لسندات أو جمعه الشتراكات الجمهوري من خالل ذلك يوقن
264
المستهلك في شباك النصبي وهذا يتماشى من الفقرة الثانية من الفصل 043
ق.ج.م .التي شددت العقوبة كلما كان مرتكب الجريمة أحد األشخاص الذي استعانوا
بالجمهور في إصدار سندات أو أي أوراق مالية أخرى ...كما أنه يستفاد من هذه
المادة أن النصب جريمة شكلية يكتفى فيها بإتيان الفعل.
على ضوء ما تقدمي يتبين لنا أن االعتماد على جريمة النصب يمثل حماية
هامةي لكن األخذ بحرفية الفصل 043يصعب خاصة وأنه ال ينسجم من خصوصية
265
جريمة البين الهرميي الشيء الذي يفرض التوسن في جريمة النصب.
-262مجيدة الزياني ،الحماية الجنائية لتكوين العقود المدنية… ،أطروحة سابقة ،ص212 :
-263محمد العروصي ،الحماية الجنائية من اإلعالنات التج ارية الخادعة ،المجلة المغربية لقانون األعمال والمقاوالت ،عدد
،2يناير
،3115ص.30:
-264الفصل 145ق.ج.م "يعد مرتكبا لجريمة النصب ،ويعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وغرا مة من خم سمائة
إلى خمسة
آالف درهم ...وترفع عقوبة الحبس إلى الضعف والحد األقصى للغرامة إل ى مائة ألف درهم ،إذا كان مرتكب الجريمة أ حد
األشخاص
الذين استعانوا بالجمهور."..
-265مجيدة الزياني ،الحماية الجنائية لتكوين العقود المدنية… ،أطروحة سابقة ،ص.212 :
266
-Voir- l’article 313-1, 313-7, 313-8 de droit pénal.
267
-Mekouar Sanae-La protection pénal du consommateur, dans la phase Précontractuelle,
op, cit,
122
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
إلى السج لمدة خمس سنوات وغرامة مالية تتراوح ما بين 211.111و
268
371.111أورو.
عالوة على ذلكي قد أتاح المشرع إمكانية الحكم بإرجاع المبالغ المدفوعة غير
أن المالحظ بخصوص هذه الفقرة هو أن المشرع أعطى للقاضي السلطة التقديرية
بشأنهاي في الوقت الذي كان عليه أن ينص على ضرورة إرجاعها أي إلزاميتهاي
إضافة إلى ذلك نعتقد أن المشرع وقن له الخلط لكون المطالبة بإرجاع المبالغ يحكم
بها القاضي المدني وليس وضعها بين يد القاضي الزجريي وهذا في نظرنا يجافي
مبادئ العدالةي خاصة في الحالة التي يقوم المستهلك بالدفن دون توصله بالسلعة أو
غير راضي عن هذا التصرفي وهذا يعني إثراء ذمة المهني بدون سبب مشروع
على حساب المستهلك.
أما بخصوص العقوبة اإلضافية نجد أن قانون حماية المستهلك جعل من الجزاء
الجوازي مسارا له في تحقيق هذه الحمايةي من العلم بالدور الذي يلعبه كلما كان
وجوبيا في الحد من هذه الجرائم.
يعد البين االستغاللي من الممارسات التجارية التي نشطت بشكل كبير في
الظرفية األخيرة نتيجة طغيان هاجس الربح على نزاهة المعامالت التجارية بفعل
استغالل غريزة المستهلكين بشكل تعسفيي وأمام هذه البيوع غير المشروعة كان
ضروريا أن يتدخل المشرع بجزاءات ردعية لحماية وضعية المستهلك سواء في
البين بالمكافأة (أوال) ،وكذا أثناءاستغالل الضعف أو الجهل (ثانيا).
P: 60.
268
- l’article 122-7«…Sans préjudice de l'application, le cas échéant, des peines prévues aux
articles
313-1, 313-7 et 313-8 du code pénal, toute infraction à la présente section sera punie
D’une amendede 4 500 euros et d'un emprisonnement d'un an… ».
123
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
وتكمن الغاية من هذا الجزاء في تفادي قيام المستهلك باقتناء منتوج أو سلعة أو
خدمة معينة على أساس رغبة تافهة للحصول على مكافأة من دون إعطاء أهمية
لمعيار الجودة والثمني269كما أن هذا الجزاء يرتد إلى التوظيف السلبي لحلول
المشكلة االستهالكية من طرف المهني التي تجعله يختار أقرب السبل للوصول إلى
أهدافه الربحية .لذاي علينا أن نتساءل عن مدى فعالية هذا الجزاء؟
إجابة منا عن ذلكي سواء من الناحية القانونية أو االجتماعيةي يمكن القول بأنه:
أ – من الناحية القانونية :يبقى هذا التأطير معقدا نوعا ما خاصة وأن المشرع
في المادة 16ق.ح.م .لم يجرم كافة الهدايا أو الجوائز المعروضة على المستهلك
بقدر ما
ق...ما عدا إذا 270
اكتفى بتلك التي ال تتصل بنفس المنتوج المبيني وذلك بقوله
كانت مماثلة للمنتوجات أو الخدمات محل البين أو الخدمة...ق.وهذا يعني أن الجزاء
هنا ال يلحق نوعين من المكافأة وهما:
-269بوعبيد عباسي ،حماية المستهلك على ضوء قانون حرية األسعار والمنافسة ،المجلة المغربية لقانون واقتصاد التنم ية،
العدد ،38
،3113ص.81 :
-270أنظر :المادة 15ق.ج.م.
124
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
النوع األول :الذي تتخذ فيه المكافأة شكل منتوجات أو خدمات مماثلة لمحل
البين.
-271السيد محمد السيد عمران،حماية المستهلك أثناء تكوين العقد –دراسة مقارنة ــ،دار النشر المعارف باإلسكندرية ،سنة
،0881
ص.21 :
-272محمد بودالي ،حماية المستهلك في القانون المقارن ،...مرجع سابق ،ص.333 :
-273انظر المادة 384ق.ح.م.
125
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
أو استغل أهواءه أو عدم خبرته ليحصل منه على التزام ...وعاقبه بالحبس من ستة
أشهر إلى ثالث سنوات وغرامة من 211درهم إلى 2111درهمقي وغرض
المشرع من هذا الجزاء هو مقاومة األفعال االستغاللية التي تقترب من جريمة
النصب لحماية جمهور المستهلكين.
وفي ذات التوجه ذهب المشرع الفرنسي274من خالل تجريمه الستغالل ضعف
الشخص الذي لم يكن قادرا على تقييم نطاق االلتزامات التي اتخذت أو الكشف عن
الحيل المبذولة إلقناعه.
ونظ را للتشابه بين مضمون كل من النص الجنائي وكذا الوارد في قانون حماية
المستهلكي فإنه يمكن تصور تنازع في التكييف بين النصين والذي يتم حله باألخذ
بالوصف األشد الوارد في قانون االستهالكي هذا األخير تصل العقوبة فيه إلى خمس
وأمام 275
سنوات حبسا بينما ينص قانون العقوبات على جزاء قدره ثالث سنواتي
هذا الوضن فإنه من الضرورة بمكان التنسيق بين النصين لتحقيق الغرض من حظر
276
هذه الجريمة والعقاب عليها.
وتجدر اإلشارةي إلى أن المادة 190من قانون االستهالك تنص على أن
األحكام الجنائية الواردة بهذا القانون ال تطبق إال إذا تعذر تكييف األفعال المعاقب
عليها تكييفا جنائيا أشدي فهذه المادة تؤسس لألمن القانوني للمستهلكي ذلك ألن
القانون الجنائي يجب أن يحقق وظيفته الردعيةي لكون الغرامات المعتمدة ال ترقى
274
- L’article 122-8/2«Les personnes physiques déclarées coupables encourent également à
titre de
Peinescomplémentaires l'interdiction, suivant les modalités prévues par l'article 131-
27 duCodepénal, soitd'exercer une fonction publique ou d'exercer l'activité
Professionnelle… ».
275
-محمد بودالي،حماية المستهلك في القانون المقارن،...مرجع سابق ،ص.335 :
276
- Voir:Jean calais- Auloy- FRANK Steinmetz,droit de la consommation,Édition 7
Dalloz,
2006.p: 186 et 187.
126
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
إذا اتضح هذاي قلنابأن جزاء البيوع ذات الطابن االستغاللي لم يفي بالغرض
بحيث اعتمد من خالله المشرع على غرامات هزيلةي أما بخصوص جزاء سلب
الحرية المعتمد يبقى جزاء فعااليبيد أن المشرع سلب هذا الجزاء واكتفى
بغراماتمحدودة من جهةي كما انه أعطى للقاضي الجنائي حق الخيار بين العقوبة
األكثر فائدةي وهذا يعني أنه يمكن للقاضي أن يركن إلى الحكم بغرامات زهيدة ال
تحقق المأمول من فلسفة التجريم والعقابي وهذا ال يخدم مصلحة المستهلك كما ال
يتماشى من أمنه القانوني والقضائي المنشودين.
خــاتـمـة:
نستنتج مما سلف ذكرهي أهمية الدور الوظيفي الذي يلعبه الجزاء
الزجري في الجرائم االستهالكية المتعلقة بمرحلة تكوين العقدي بحيث تميز الجزاء
الزجري في هذه الدراسةبطابعهالتكميلي من الجزاء المدني بما يحقق التوازن
المفترض في العالقة التعاقدية.
بيد أنه يمكن القوليإن العنوان المعطى لهذا القسم األخير والمتعلق بالعقوبات
الزجرية 277ال يعبر عن المضمون المعتمد في النصوصي خاصة الخلط بين الجنحة
والمخالفة من حيث المفهومي إذ نجد المشرع يتحدث عن المخالفة رغم أنناأمام
جنحة.
128
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
عثمان الوجدي
منتدب قضائي
بالمحكمة االبتدائية بطنجة
باحث في القانون الخاص
مقدمة
يُقصد بمندوبي األجراءي مجموعة من ممثلي األجراءي يتم انتخابهم من طرف
األجراء أنفسهمي بُغية تنفيذ مهام تروم الدفاع عن مصالحهم المهنية واالجتماعيةي
وتفعيل المشاركة العمالية داخل المقاولةي جنبا إلى جنب من المشغل.
وتكمن أهمية هذه المؤسسة التمثيليةي في أنها صوت األجراء لدى المشغلي
والوسيلة التي يراهن عليها المشرع والمشغل واألجراء على السواء إلرساء السلم
االجتماعي وتقوية عالقات الشغل داخل المقاولة.
وقد عهد المشرع المغربي لمندوبي األجراء بالعديد من المهام على صعيد
المقاولةي أغلبها استشاريةي تتوزع ما بين مهام ذات طابن نزاعيي وما بين مهام
تنظيمية.
وبالرغم من محاوالت المشرع منذ 1962ي سنة صدور أول قانون منظم
لمؤسسة مندوبي األجراء278ي إلى سنة 2113وصدور مدونة الشغل279ي تمكين
مندوب األجراء من مها م أوسني إال أنها ظلت مهاما محل انتقادي وأنها ال ترقى إلى
مستوى المشاركة الفعلية في إعداد نظام الشغل بشكل جماعيي خاصة من ميالد
مؤسسة الممثل النقابي كمؤسسة موازية احتكرت أهم االختصاصات التمثيلية.
- 278ظهير عدد 1.61.116المتعلق بتمث يل الم ستخدمين بالم قاوالت ،من شور في الجر يدة الر سمية (الن شرة العا مة) عدد
3103الصادر بتاريخ 38جمادى األولى 38( 0283أكتوبر )0813ص .3115
- 279القانون رقم 15-88المتعلق بمدونة الشغل الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 0.12.083بتاريخ 03ر جب 0333
( 00شتنبر ،)3112ج .ر (النشرة العامة) عدد ،5012بتاريخ 02شوال 8( 0333دجنبر ،)3112ص.2818
122
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
هل فعال يجب ترقية بعض المهام من المستوى االستشاري إلى المستوى التقريري؟
أليس في تدعيم مهام هذه المؤسسة التمثيلية مزاحمة لمؤسسة الممثل النقابي؟
وكيف يمكن تأهيل هذه المؤسسة العمالية وتمكينها دون الصدام من مؤسسة المشغل؟
وألنها مهام تغطي مختلف موضوعات وقضايا الشغلي فسيتم حصر الموضوع
ونحن بصدد االجابة عن أسئلتهي في شقين أساسييني الشق التنازعي والشق
التنظيميي وذلك من خالل مطلبين أساسيين؛ نتناول في (المطلب األول) المهام
التمثلية لمندوبي األجراء في القضايا النزاعيةي وفي (المطلب الثاني) المهام
االستشارية لمندوبي األجراء في القضايا التنظيمية.
131
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
وعليهي سيتم مناقشة إشكالية تقديم مندوب األجراء للشكايات الفردية دون
المطالب الجماعية (أوال)ي ثم طرح إشكالية تداخل المهام بين مندوبي األجراء
والممثلين النقابيين (ثانيا)ي قبل تناول حضور مندوب األجراء لجلسة االستماع
(ثالثا).
نصت الفقرة األولى من المادة 432من مدونة الشغل على أن مهمة مندوبي
األجراء تتمثل في تقديم جمين الشكايات الفرديةي المتعلقة بظروف الشغل الناتجة عن
تطبيق تشرين الشغل أو عقد الشغلي أو اتفاقية الشغل الجماعية أو النظام الداخليي
إلى المشغلي إذا لم تقن االستجابة لها مباشرة.
كما أن الفقرة ُذيّلت بعبارة قإذا لم تقن االستجابة لها مباشرةق بما يوحي بإمكانية
رفض المشغل استقبال مندوب األجراء ما لم يتقدم األجير بنفسه في مرحلة أولى
بتقديم شكايته شخصيا إلى المشغلي وربما هذا التوجه التشريعي مر ّدهُ لفقدان الثقة أو
التواصل أحيانا بين األجراء ومندوبيهمي وهو نفس التوجه الذي نهجه المشرع
131
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
المغربي في المادة 62المتعلقة بمسطرة االستماعي حيث منح لألجير الخيار بين
حضور المندوب بجانبه أو االستغناء عنه.280
وعلى كل حالي فإنه في حالة تقديم الشكايات ولم يستجب لها المشغلي فمندوب
األجراء هو المكلف برفعها لمفتش الشغل طبقا للفقرة األخيرة من المادة .432
في 282
الحقيقةي أن هذا اإلشكال تعود جذوره من ظهور أول مركز نقابي مغربي
21مارس 1911ي والذي أعقبه رد فعل مقابل من سلطات الحماية بتأسيس أو
نظام متعلق بمندوبي األجراء بمقتضى ظهير 16شتنبر 1911ي بهدف مزاحمة
النقابة المغربيةي وتحييد العمال المغاربة عن االنخراط بهاي وأعطت هذا النظام
العمالي اختصاصات شبيهة باالختصاصات النقابيةي لكنها تقلصت بعد االستقاللي
إلى أن تم حذف مهمة تقديم المطالب الجماعية للعمالي من مدونة الشغلي والتي
ظلت من مهام الممثل النقابيي في محاولة جادة من المشرع في خلق فيصل بين
مهام المؤسستيني خاصة وأنه في خطابه للمشغل شدد في المادة 473على ضرورة
- 280وهو الخيار الذي كان على الم شرع أن يدعمه بخيار إضافي بيد األجير ،بأن يختار من األ جراء من يدع مه و يؤازره
في جلسة االستماع ،أو حتى سن خيار االستعانة بمحامي.
- 281وجاء في الفصل الثاني منه:
تحدد مأمورية مندوبي المستخدمين فيما يلي:
-أن يقدموا إلى ر ئيس المؤس سة جم يع المطا لب الشخ صية أو الجماع ية المتعل قة باألجور وباأل صناف المهن ية وبتطب يق
تشريع الشغل بوجه عام والتي لم يسو أمرها بصفة مباشرة؛
-أن يرفعوا المطالب المذكورة في حالة خالف إلى العون المكلف بتفتيش الشغل.
- 282االتحاد المغربي للشغل (.)UMT
132
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
وبالعودة للمادة 432من مدونة الشغل والتي حددت مهام مندوبي األجراءي
في تقديم شكايات األجراء الفردية إلى المشغلي والتي تقابلها المادة 1-2313من
قانون العمل الفرنسي283ي نجد أن التشرين الفرنسي الذي يعتبر المصدر التاريخي
للتشرين المغربيي يتحدث عن تقديم الشكايات الفردية والجماعية 284على السواء.
وبصفة عامةي فال ضير في منح المندوبين حق تقديم هذه المطالب الجماعيةي
بالنظر إلى أنها ال تصطدم بالمهام المنوطة للممثل النقابي طبقا لمقتضيات المادة
471من مدونة الشغل285ي مادام أن المندوب ال يفتح نقاشات وحوارات وإجراء
مفاوضات في المطالب وال يُدافن عنهاي بل يقف عند حدود رفعها للمشغلي كما أنه
سيُساير التطور الذي عرفته تمثيلية األجراء في التشريعات المقارنة في تجاه
دمقرطة المؤسسات المتواجدة داخلها .286
ثالثا :حضور مندوب األجراء لجلسة االستماع
تنص الفقرة األولى من المادة 62من مدونة الشغل على أنه ق يجبي قبل فصل
األجيري أن تتاح له فرصة الدفاع عن نفسه باالستماع إليه من طرف المشغل أو من
ينوب عنه بحضور مندوب األجراء أو الممثل النقابي بالمقاولة الذي يختاره األجير
بنفسهي وذلك داخل أجل ال يتعدى ثمانية أيام ابتداء من التارين الذي تبين فيه ارتكاب
الفعل المنسوب إليه287ق.
وبالتمعن في الفقرة أعالهي يبدو أنها مقتضيات مسطرية ملزمة نصاي غير أنها
خالية من ترتيب أي جزاء حيال من لم يحترمها288ي بالرغم من أن القضاء المغربي
يشدد كثيرا في العديد من قراراته وأحكامه على وجوب احترام المشغل لمسطرة
الفصل.289
- 287وهي نفس المقتضيات التي نص عليها المشرع الفرن سي من خالل ال مادتين 0-0223و 3-0223من قانون الع مل
الفرنسي:
- L1332-1 : « Aucune sanction ne peut être prise à l'encontre du salarié sans que celui-ci soit
» informé, dans le même temps et par écrit, des griefs retenus contre lui.
- L1332-2 : « Lorsque l'employeur envisage de prendre une sanction, il convoque le salarié
en lui précisant l'objet de la convocation, sauf si la sanction envisagée est un avertissement ou
une sanction de même nature n'ayant pas d'incidence, immédiate ou non, sur la présence dans
l'entreprise, la fonction, la carrière ou la rémunération du salarié.
Lors de son audition, le salarié peut se faire assister par une personne de son choix
appartenant au personnel de l'entreprise.
Au cours de l'entretien, l'employeur indique le motif de la sanction envisagée et recueille les
explications du salarié.
La sanction ne peut intervenir moins de deux jours ouvrables, ni plus d'un mois après le jour
» fixé pour l'entretien. Elle est motivée et notifiée à l'intéressé.
- 288فقد جاء في إحدى قرارات محكمة النقض:
" إنه أمام عدم احترام المطالبة لمسطرة الفصل التأديبي المنصوص عليها في المادة 13و ما يليها من مدونة الشغل وال تي
تعتبر إلزامية رغم عدم ترتيب أي جزاء على عدم احترامها والتي تستلزم إتاحة الفرصة لألجير الدفاع عن نفسه باالستماع
إليه بمحضر مندوب للعمال أو ممثل نقابي يختاره األجير بنف سه في حا لة ارتكا به خ طأ يعت بره الم شغل ج سيما و مواجه ته
بالخطأ المنسوب إليه ،فإن الطرد الذي تعرض له المطلوب يعتبر تعسفيا".
-قرار عدد 301ال مؤرخ في ، 3103-13-13م لف اجت ماعي عدد ،3101/0/5/853 :ع مر أزو كار ،ق ضاء محك مة
النقض في مدونة الشغل ،الجزء الثاني ،الدار البيضاء ،مطبعة النجاح الجديدة ،الطبعة االولى ،3102ص .03
- 289جاء في أحد قرارات محكمة النقض:
" لكن حيث أنه لما كانت النازلة تخضع لمقتضيات مدونة الشغل فقد أوجبت هذه المقتضيات على الم شغل وق بل ات خاذ
قرار الفصل في حق األج ير القترا فه أخ طاء يعتبر ها ج سيمة اح ترام جم لة إ جراءات حددتها ال مادة 13من المدو نة بد ًء
باالتماع إلى األجير أو من ينوب عنه لحضور مندوب األجراء أو الممثل النقابي و ذلك داخل أجل ثمانية أيام من تاريخ تبين
وقوع الفعل مع تحرير محضر في الموضوع يوقعه الطرفان و تسلم نسخة منه لألجير و أخرى لمفتش الشغل ،وهذه مرحلة
سابقة على مرحلة إيقاع الطرد"..
-قرار عدد ،0105صادر بتاريخ 35غشت ،3100في الملف االجتماعي عدد ،3101/0/5/283ع مر أزو كار ،ق ضاء
محكمة النقض في مدونة الشغل ،الجزء الرابع ،الدار البيضاء ،مطبعة النج اح الجديدة ،الطبعة االولى ، 3103ص .31
والمالحظ أن المحاكم المغربية ب مخت لف درجات ها تولي اهتما ما كب يرا لم سطرة الف صل ،فن جد ب عض األح كام ت شرح
وتوضح المسطرة الواجب اتباعها وباألخص حضور ممثلي األجراء فيها ،ومن ذلك ما قضت به المحكمة االبتدائية بطنجة
في حكم صادر بتاريخ في 8مايو ،3108ورد فيه:
134
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
فعلى المشرع أن يدعم هذا التقارب في أقرب تعديل يطال المدونةي خاصة وهو
يدرك ما قد ينجم عنه من تفهم من لدن المشغل لحقيقة الوضن وللظروف المحيطة
التي دفعت األجير الرتكاب ما ارتكبه من خطأي إذ ال تستبعد في هذه الحالة غلبة
نزعة التسامح لدى المشغل إن واكبتها قناعة باالعتذار الصادق لألجير المخطئ.290
" و حيث أنه تطبيقا لمادة 13وما بعده ا من مدونة الشغل ،فإنه يجب قبل اتخاذ قرار الفصل في حق األجير إتاحة الفرصة
له للدفاع عن نفسه باالستماع اليه من طرف الم شغل أو من ي نوب ع نه بح ضور م ندوب األ جراء أو المم ثل الن قابي ا لذي
يختاره األجير ،وذلك داخل أجل ال يتعدى ثمانية أيام ابتداء من التاريخ الذي تبين فيه ارتكاب افعل المنسوب إل يه ،و ي حرر
محضر في الموضوع من قبل إدارة المقاولة يوقعه الطرفين وت سلم ن سخة م نه لألج ير ،وإذا ر فض أ حد ال طرفين ات مام أو
إجراء المسطرة يتم الل جوء لم فتش ال شغل ،ك ما ي جب أن ي سلم له م قرر الف صل يدا ب يد مقا بل و صل أو بوا سطة ر سالة
مضمونة مع إشعار بالتوصل ،داخل أجل ثماني وأربعين ساعة من تاريخ ات خاذ الم قرر ال مذكور ،وتو جه ن سخة م نه إ لى
العون المكلف بتف تيش ال شغل ،ع لى أن يت ضمن م قرر الف صل األ سباب الم بررة الت خاذه و تاريخ اال ستماع لألج ير مرف قا
بالمحضر المشار اليه في المادة 13أعاله.
وحيث تبين لل محكمة من خالل ما راج بجلسة البحث أن المدعية بعد أن أخبرتها المدعى عليها بحقها في إح ضار من
يؤازرها خالل جلسة االستماع إليها اختارت الحضور رفقة المفوض القضائي اال أن المدعى علي ها لم ت سمح له بمرافقت ها
أثناء الجلسة حسب الثابت من محضر المعاينة المدلى به من طرفه ا ،كما أكدت أنه تم االستماع لها دون حضور من تختاره
لمؤازرتها ،إال أنه بالرجوع لمحضر جلسة االستماع ومحضر المعاينة الخاص بالوقائع المدلى بها من طرف المدعى عليها
فقد ورد بهما أن المدعية تم االستماع اليها و كانت مؤازرة بمندوب األجراء " محمد و ".وهو األمر الذي نفته المدعية كما
نفته شاهدة المدعى عليها " إنصاف أ ".مما يثبت معه أن " محمد و ".الذي حضر جسة ابحث إنما أحضرته المدعى علي ها
و لم تختره لمدعية و أنه تم منعها من إحضار من يؤازرها خالل هذه الجلسة م ما يعت بر م عه أن اال ستماع ل ها كان مخال فا
لمقتضيات الفقرة من المادة 13من مدونة الشغل.
..
وحيث أنه و الحالة ما ذاك فإن المحكمة تكون في حل من مناقشة مبررات الفصل وذلك ع مال ب ما سار عل يه اجت هاد
محكمة النقض في العدد من قراراتها من بين ها ال قرار عدد 388ال صادر ب تاريخ 08مارس 3118في الم لف عدد 388
3112/والذي أكد على أن عدم تطبيق مسطرة الطرد من اع مل يُغ ني المحك مة عن الب حث في صحة أ سباب ال طرد من
العمل ،و تبعا لذلك يبقى ما تعرض له المدعي من فصل مشوبا بالتعسف وعدم المشروعية ويكون محقا في طلب التعويض
في إطار قانون الشغل".
-حكم عدد 3108/0088في الملف االجتماعي عدد ( 0510/02/318غير منشور).
- 290فريدة المحمودي ،إشكالية ممارسة الحق في الشغل على ضوء قانون ال شغل المغر بي ،أطرو حة لن يل ا لدكتوراه في
القانون الخاص ،جامعة محمد الخامس كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بالدارالبيضاء ،السنة الجامعية -3111
، 3110ص .338
135
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
تم الحديث في الفقرة السابق عن األدوار التي يضطلن بها مندوب األجراء في
قضايا ذات النزاع الفرديي كتقديمه للشكايات الفردية لألجراءي وحضوره لجلسة
االستماع في قضايا الفصل الفرديي أيضا لمندوب األجراء مهام أخرى يتقلدها في
قضايا ذات صبغة جماعيةي وذات صلة بالمقاولة ككلي كاستشارته عند كل فصل
جماعي (أوال) ومهام متعلقة بصعوبات المقاولة (ثانيا).
- 291الم الحظ أن هذه المادة ،قد وسعت أسباب الف صل من اقت صادية ،إ لى أ سباب أ خرى تكنولوج ية أو هيكيل ية أو ب سبب
اإلغالق ،بل فتحتها على أسباب "تماثلها" ،قد تضرب المقاولة ،وهي أسباب قد يُصطلح عليها بأسباب إعادة التن ظيم ،غ ير
أن ها بالمقا بل ح صرت هذه الم سطرة في الم قاوالت "التج ار ية ،أو ال صناعية ،أو في اال ستغالالت الفالح ية أو الغابو ية
وتوابع ها ،أو في م قاوالت ال صناعة التقليد ية" و من تم ا ستثنت التعاون يات الفالح ية والجمع يات بمخت لف أنواع ها ،و كذا
مقاوالت أو مؤسسات أخرى كمؤسسة المهن الحرة ما لم تكن ذات طابع تجاري ،كما استثنت المنظمات المهنية النقابية التي
تشغل العمال ..الخ
-راجع محمد المعاشي ،المقاوالت ..وخرق المسطرة القانونية لطرد االجير ،مقال منشور بموقع " خريبكة أون الين":
www.khouribga-online.com
اطلع عليه بتاريخ 08 :نونبر.3131
136
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
ومن المادة أعالهي نجد أن الفقرة األولى منها قد لخصت مسطرة االستشارة في
قيام المشغل بإخبار مندوبي األجراءي عزمه على فصل األجراءي واستشارتهم
والتدارس معهم في مسألة الفصل وحيثياتها.292
بينما لم تستثن مقتضيات الفقرة الثانية من نفس المادةي مندوبي األجراء من
االستشارة بل والتفاوض معهمي من أن مسألة التفاوض غالبا ما ترتبط بالممثل
النقابيي والسبب في ذلك هو فسح المجال لهذه الهيئة التمثيلية لإلدالء بآرائها وسماع
اقتراحاتها التي من شأنها التخفيف من وطأة الفصل وآثاره السلبيةي وبالسبل الكفيلة
بإعادة إدماج األجراء المزمن فصلهم بمناصب شغل أخرى.
ومن ذلك يبقى دور مندوبي األجراء في قضايا اإلنهاء ألسباب اقتصادية أو
تكنولوجية أو هيكلية بصفة عامةي دورا تكميليا ال غيري فمسألة إبالغهم ال تقدم وال
تؤخر في مسائل الفصلي واستشارتهم ال تعدو أن تكون استجابة تشريعيةي قبل
العودة إلى دورهم األصيل في إيصال المعلومة لمن يهمهم األمر من األجراءي اللهم
إذ كان المشغل فعال يروم وبجدية البحث من األطراف عن سبل التقليل من تبعات
الفصل.293
وتتقلص أهمية استشارة مندوبي األجراء في الفصل الجماعي294ي عند تجاوز
عدد أجراء المقاولة خمسين أجيراي حيث تحل لجنة المقاولة295ي والتي يتقاسم
- 292المشرع الجزائري ( طبقا للمادة 85من ال قانون ) 03-28أ لزم الم شغل ق بل ال شروع في أي ت سريح ل سبب تنظي مي
اتباع إجراءات محددة كاآلتي :
-تخفيض ساعات العمل أو تقليص التوقيت؛
-العمل المتقطع؛
-اإلحالة على التقاعد؛
-نقل المستخدمين إلى مؤسسات مستخدمة أخرى؛
-التسريح للتقليل من عدد العمال.
ولم يترك المشرع الجزائري للمشغل الحرية في إعمال تلك التدابير ،و إنما ألزمه بتقديم طلب إ لى م فتش الع مل الم ختص
إقليميا للحصول على إذن منه.
-عطاء هللا بوحميدة ،التسريح لسبب اقتصادي :مفهومه ،اجرءاته وآثاره ،الجزا ئر ،د يوان المطبو عات الجامع ية،3118 ،
ص .033
André TARBYL,Un nouveau droit de la formation: Pour les entreprises et pour les - 293
192 et 193 . salariés,Paris , L’Harmattan, Juin 2005, p
- 294وأمام األهمية الدنيا لحضور مندوبي األجراء في إجراءات الفصل ال فردي ،مقار نة مع نظ يره الج ماعي ،ي حدث في
الواقع أن يلتف المشغل على مسطرة الفصل ،فيُجري فيها فصال فرديا يخفي في مضمونه إعفاء جماعيا ،وهنا ن جد ال قانون
137
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
تركيبتها ثالثة أطراف؛ مندوبين لألجراء وممثل أو ممثلين نقابيين عند وجودهما
باإلضافة إلى المشغل أو من ينوب عنه.296
تجب االشارة بداية أنه لم يكن لألجراء بصف عامة وال لممثليهم على
الخصوص دور كبير في الحياة القانونية للمقاولةي إذ لم يكن لهم في ظل القانون
القديم (ظهير 29أكتوبر )1962أي مقتضى يحتم استشارتهم أو إعالمهم بما
يحدث للمقاولة من صعوبات سوى اعتبارهم دائنين كغيرهم.
وظلت مؤسسة مندوبي األجراءي تفتقر إلى نصوص قانونية خاصة وصريحة
تم ّكنها من الحضور الفعّال في إطار هذه المساطري ومن ذلك يمكن االستئناس
باجتهادات قضائية منحتها حق طلب فتح مسطرة معالجة صعوبات المقاولةي
واالستماع إليهم ولو على سبيل الجواز297ي وبالقوانين المقارنة التي حثت على
استشارتهم.298
الفرنسي ،ال يُعتد بالمعيار العددي للقول بأن الفصل فردي أو جماعي ،فإعفاء أجير واحد ال يم كن و صفه بال ضرورة ع لى
أنه إعفاء فردي ،إذ قد يصنف إعفاء جماعيا وتطبق بشأنه المقتضيات المتعلقة باالعفاء الجماعي.
وهنا تُطرح مرة أخرى إشكالية تداخل االختصاصات الموكولة إلى مندوب األجراء وتلك المنوطة بالممثل النقابي ،في حالة
إعفاء عدة أجراء ،إعفاء قد يكون فرديا وليس جماعيا ،ولحل هذا اإلشكال ،يرى بعض الفقه ،أنه يجب التمييز بين أن يكون
اإلعفاء جماعيا ذو سبب واحد وأن يكون فرديا بتعدد األسباب مع تعدد مرتكبيها ،فارتكاب عدة أجراء أخطاء ج سيمة أث ناء
اإلضراب ،يرتب مجموعة من اإلعفاءات الفردية.
-راجع فاطمة حداد ،اإلعفاء ألسباب تكنولوجية أو هيكلية أو اقتصادية وإغالق المقاوالت –دراسة مقارنة ، -أطروحة لنيل
الدكتوراه في القانون الخاص ،جامعة الح سن ال ثاني -عين ال شق ،-كل ية الع لوم القانون ية واالقت صادية واالجتماع ية با لدار
البيضاء ،السنة الجامعية ،3115-3113ص 321وما بعدها.
- 295الفقرة الثالثة من المادة 11من م ش.
- 296المادة 315من م ش.
- 297ففي قرار المجلس األعلى عدد 0131المؤرخ في 32دجنبر ، 0882ملف اجتماعي عدد ،85/3/0328جاء فيه:
"حيث يبدو أن القضاء فعال قد تصدى لهذا الحيف تجاه هذه الفئة وقضى بأ نه ليس ه ناك ما يم نع الع مال إ ما ب صفتهم
الشخ صية أو من خالل ممث ليهم تحر يك م سطرة معال جة ال صعوبات إ ما في شكل م قال افت تاحي ل لدعوى بإخ بار ر ئيس
المحكمة التجارية أو النيابة العامة بها بالوضعيىة السلبية للمقاولة ،وذلك أثناء فتح مسطرة المعالجة يمكن للمحكمة التجارية
أثناء البت في طلب المعالجة أن تستمع لكل شخص تبين لها أن أقواله مفيدة دون أن يتمسك بالسر المه ني ،ك ما يمكن ها أن
تطلب من كل شخص من ذوي الخبرة إبداء رأيه في األمر على أن ت بت خالل خم سة ع شر يو ما من ر فع ا لدعوى ،و في
إطار تفعيل المحكمة التجارية لسلطتها التقديرية يمكنها أن تستمع لمندوبي األجراء ،غير ان هذه اإلمكانية ت ظل ع لى سبيل
الجواز ليس إال" .
138
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
لكن من توالي التعديالت التي عرفها قانوني الشغل (مدونة الشغل وبخاصة
مادتها )66والتجارة (مدونة التجارة 299وبخاصة كتابها الخامس)300ي أصبح مركز
هذه التمثيليات العمالية يتقوىي وصار لها حق تلقي المعلومة وإبداء الرأي وإسداء
المشورة.
وعلى العمومي فلقد أضحى اليوم تمثيل األجراء في حياة المقاولةي وفي مساطر
صعوباتها يتم من خالل مؤسستي مندوبي األجراء ولجنة المقاولة كأكثر األجهزة
التمثيلية لألجراء شيوعا بالمقاوالت المغربية301ي وأصبح رئيس المحكمة التجارية
يستشيرهم ويتلقى معلومات وشروحات من شأنها إعطاؤه صورة صحيحة عن
الوضعية االقتصادية والمالية للمقاولةي بُغية تكوين قناعة وصورة صادقة وصحيحة
عن وضعية المقاولة التي تشهد وقائن قد تُخ ّل باستمراريتها واستقرارها 302ي وهذا
-هشام الزاهير ،تعامل القضاء مع عقود الشغل في نطاق صعوبات المقاولة ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات المتخص صة في
القانون الخاص – وحدة المهن القضائية والقانونية – السنة الجامعية ،3111-3115جامعة محمد الخامس –السويسي كل ية
العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بالرباط ،ص.12
298
.- L1233-85 et 1233-30.
"- David JACOTOT, L'intervention des représentants du personnel en cas de " grand
2014, p 424 et 425. licenciement collectif dans une entreprise en difficulté, Dr. soc, n°5, Mai
- 299القانون رقم 15.25المتعلق بمدونة التجارةي الصادر بتنفيذه ظهير شريف رقم 1.26..83صادر في 15من رب يةن
األول ( 1411فاتح غشت )1226ج .ر( .النشرة العامة) ع 4418الصادرة بتارين 12جمادى األولى 4 (1417أكتوبر
) 1226ص .2187
- 300تم نسن وتعويض الكتاب الخامس أ عالهي بمقت ضى ال مادة األو لى من ال قانون ر قم 73.17بن سن وت عويض الك تاب
الخامس من القانون رقم 15.25المتعلق بمدونة التجارةي فيما يخص مساطر صعوبات المقاو لةي ال صادر بتنف يذه الظه ير
ال شريف ر قم 1.18.26ب تارين 2شعبان 12( 1432أبر يل )2118ي ج .ر (الن شرة العا مة) ع 6667ب تارين 6شعبان
23( 1432أبريل )2118ي ص .2345
- 301وتبقى مؤسسة مندوبي األجراءي األكثر حضورا بالمقاولة المغربيةي خاصة بالمقاوالت الصغرىي ف في ب حث وط ني
حول المقاوالت قامت به المندوبية السامية للتخطيط سنة 2112ي تتكون بنية المقاوالت بالمغرب من %23من الم قاوالت
الصغيرة والصغرى جدا والمتوسطةي في حين تمثل المقاوالت الكبرى حوالي .%7
ك ما أن الظه ير المتع لق بالنقا بات المهن ية ال ي لزم األ جراء والم شغلين ع لى تأ سيس النقا بات المهن ية وت قديم م طالبهم
بواسطتهاي إذ ابتدأ الفصل الثاني من ظه ير 16يول يوز 1257بقال جوازق في تأسي سهاي و هو ن فس ال جواز ن جده مط لن
المادة 328م ن مدونة الشغلي لتمأل مؤسسة مندوبي األجراء هذا الفراغي باعتبارها النواة األولى ألي تأسيس نقابي.
راجن بهذا الخصوص:
-الظهير الشريف رقم 1.57.112بشأن النقابات المهنية ي الصادر بالجريدة الرسمية (النشرة العامة) عدد 2341ي ب تارين
31غشت 1257ي ص.1237
-دنيا مباركةي المشاركة العمالية في تسيير المؤسسة الشغليةي المجلة المغربية لالقت صاد وال قانوني ال عدد5ي مايو 2112ي
ص.74
- 302كريم آيت بال ،استمرارية المقاولة في إطار التسوية القضائية على ضوء العمل الق ضائي ،الر باط ،مكت بة دار ال سالم
والتوزيع ،الطبعة األولى ،3118 ،ص .035 للطباعة والنشر
132
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
ما نصت عليه المادة 112من مدونة التجارة التي عددت االشخاص الذين يتصل
بهم رئيس المحكمة بُغية االطالع على المعلومات التي توضح له الوضعية
االقتصادية التي عليها المقاولةي ومن بينهم ممثلو األجراء.
لكن ما المقصود بممثلي األجراء هنا؟ ولماذا؟
المقصود بهم مندوبو األجراءي المنتخبون ديموقراطيا من طرف أجراء
المقاولةي والذين يفترض فيهم القدرة على إطالع السنديك بكل المعطيات االجتماعية
للمقاولة بما يُمليه عليهم ضميرهم وغيرتهم على المقاولة.303
وبمراجعة المادة 622من مدونة التجارة 304ي يتالشى أمامنا ذاك الدور
اإلستشاري الذي تميزت به مؤسسة مندوبي األجراءي ليتبلور أمامنا دور جديدي هو
الدور التشاركيي حيث يساهم مندوبو األجراء في تحديد مصير المقاولةي إذ ألزمت
المادة المذكورة المحكمة باالستماع إلى مندوبي األجراء قصد التعرف على وضعية
األجراء داخل المقاولة وهي تبحث عن الحلول الكفيلة بإخراجها من أزمتها المالية
واالقتصاديةي فمندوب األجراء يبقى هو اليد اليمنى للسنديك المعيّن من طرف
المحكمة خالل إعداد هذا األخير لتقرير الموازنة المالية واإلقتصادية واإلجتماعيةي
وهو الذي يزوده بكافة المعلومات المتعلقة بمالية المقاولة والوضعية اإلدارية
والمالية لألجراء من خالل تقرير شامل للحصيلة االجتماعية الذي يعده المندوب.
وبالمقابل كان النص القديم للمادة 167من مدونة التجارة المغربية305ي يُعطي
للمحكمة السلطة التقديرية في اإلستماع لكل شخص يتبين لها أن أقواله مفيدة قبل
البت في الحكم القاضي بفتح المسطرةي ومن بينهم مندوبو األجراء بحكم معرفتهم
بو ضعية المقاولة المالية واالقتصاديةي لكن المحكمة بالمقابل غير ملزمة باالستماع
إليهم وذلك الستعمال المشرع المغربي لعبارة قيمكنهاقي قبل أن يتم تعديل المقتضى
التشريعي من خالل المادة 622من مدونة التجارة.
ومن جهة أخرىي نجد المادة 112من مدونة التجارة306ي قد ع ّددت األطراف
الذين يتعيّن على المحكمة التجارية أن تسمن أقولهم فيما يخص فتح المسطرة قبل
إصدار الحكم القاضي باختيار المالئم لوضعية المقاولةي ومن بينهم مندوبو األجراءي
وال يقف دور المندوبين هناي بل يمتد إلى مسطرة التسوية والتصفية القضائية.
وعند مخطط التفويتي ألزم المشرع السنديك عند تلقيه للعروض الخاصة بتفويت
المقاولة موضوع التسوية القضائيةي أن يتحقق من احترام العرض المقدم لمستوى
التشغيل وآفاقه حسب النشاط المعني بحسب نص المادة 636من مدونة
التجارة307ي إضافة إلى إخبار ممثلي األجراء بمضمون ذلك العرض باعتبار
األجراء هم الضحية األولى إن توقفت المقاولة نهائيا عن نشاطهاي أو إن تم إهمالهم
- 306جاء في الفقرة األولى من المادة 553من مدونة الت جارة " يم كن لرئيس المحك مة ،بالرغم من أي مقت ضى ت شريعي
مخالف ،أن يطلع على كل المعلومات التي من شأنها إع طاء صورة صحيحة عن و ضعية المقاو لة االقت صادية والمال ية،
وذلك عن طريق مراقب الحسابات ،إن وجد ،أو ممثلي األجراء أو إدارات الدولة وباقي أشخاص القانون العام أو مؤسسات
االئتمان والهيئات المعتبرة في حكمها أو الهيئات المالية أو أي جهة أخرى".
في مخطط التفويتي لتعلق حياتهم ومصدر رزقهم المتمثل في األجر على المقاولة
.308
لإلجابة عن هذه األسئلةي سيتم إبراز أهم مظاهر مشاركة مندوبي األجراء في
تنظيم الشغل في فقرة أولىي قبل مناقشة قيمة المشاركة في عضوية في لجان
استشارية في فقرة ثانية.
- 308رشيد الشائب ،األجير بين خصوصيات مدو نة ال شغل وأ هداف الك تاب ال خامس من مدو نة الت جارة ،ال ندوة الجهو ية
التاسعة ال تي نظ مت بم قر محك مة اال ستئناف بأ كادير يومي 5و 1يول يوز 3112في إ طار االحت فاء با لذكرى الخم سينية
لتأسيس المجلس األعلى ،تحت عنوان " :عقود العمل والمنازعات االجتماعية من خالل اجتهادات المج لس االع لى " ،ص
.303
142
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
تنص الفقرة األولى من المادة 138من مدونة الشغل على أنه يجب على كل
مشغلي يشغل اعتياديا ما ال يقل عن عشرة أجراءي أن يضن خالل السنتين المواليتين
لفتح المقاولة أو المؤسسةي نظاما داخلياي بعد اطالع مندوبي األجراء والممثلين
النقابيين بالمقاولة عند وجودهمي عليهي وأن يوجهه إلى السلطة الحكومية المكلفة
بالشغل من أجل الموافقة عليه.
ومن النص أعالهي يتضح أن وضن النظام الداخلي للمقاولة من صميم
اختصاصات المشغلي وإعمال لسلطته التنظيميةي غير أن المشرع ألزمهي بضرورة
إطالع مندوبي األجراءي مما ال يمكن الحديث معه عن تفعيل حقيقي للمشاركة
العمالية في تنظيم المقاولة في ظل عدم اإلشارة إلى إمكانية أو جواز إشراك ممثلي
األجراء في تحضير هذا النظام وصياغة مضامينهي وحصر دورهم في اإلطالع
كإجراء شكليي دون طرح فرضية رفض المندوب لبعض مقتضياته مثال.
نفس اإلشكال يُطرح عند إقدام المشغل على تعديل النظام الداخليي الذي يظل
معه دور مندوبي األجراء محصورا في اإلطالع واالستشارة.
إن إشراك مندوبي األجراء في التحضير لمضامين ومقتضيات النظام الداخلي
للمقاولةي وتعديلها هو األسلوب التشاركي الحقي القادر على خلق التوازن المنشود
في العالقة الشغلية.
ثانيا :المشاركة في تنظيم مدد الشغل
143
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
وإذا ما أراد المشغل اللجوء إلى استدراك ساعات الشغل الضائعة بسبب يوم
عطلة فعليه أيضا استشارة مندوبي األجراءي واستنفاذ كافة شروط المادة 227من
مدونة الشغل.310
كذلكي ال يمكن للمشغل اإلنقاص من ساعات الشغل عند حدوث أزمة اقتصادية
عابرة لمقاولته أو لظروف طارئة خارجة عن إرادته -كظرف جائحة كورونا الذي
نعيشه اليوم-ي إال بعد استشارة مندوبي األجراء إذا كانت مدة اإلنقاص ال تتجاوز
ستين يوما في السنةي أما إذا تجاوزتها فعلى المشغل الدخول معهم في مفاوضات
للوصول إلى اتفاق في الموضوعي وعند الفشل في التوصل إلى اتفاق ُرفن األمر إلى
عامل العمالة .311
العطلة كفترة راحةي كما هي ضرورية بالنسبة لألجير بدنيا واجتماعياي فهي ال
تقل أهمية بالنسبة للمشغلي إذ أن األجير كلما أخذ قسطا من الراحةة الذهنيةة
والبدنيةة كلما كانت المردوديةةة والعطاء أكثر بفضل الحماس والقوة المتجدديني
- 309المادة 085من م .ش.
- 310و شروط ال مادة 332هي أن ت ستدرك ت لك ال ساعات خال ل الثال ثين يو ما الموال ية ل تاريخ ت لك العط لة ،وأال يبا شر
االستدراك في اليوم الذي يجب أن يستفيد فيه األجير من راحته األسبوعية ،وال أن يؤدي ذلك إلى ت جاوز مدة ال شغل ع شر
ساعات في اليوم.
- 311المادة 085من م .ش.
144
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
ومن تم الزيادة في اإلنتاج واألرباح بالنسبة للمشغلي ومهمة أيضا بالنسبة للمشغل
من حيث إعادة ترتيب أموره التنظيمية على مستوى المقاولة عند مرورها بظروف
صعبةي كالظرف الوبائي الناتج عن تفشي وباء كورونا.
وقد منح المشرع المغربي األجير عطال تتخلّل مدة الشغلي منها ما هو
أسبوعي (المادة 216من مدونة الشغل وما بعدها)ي ومنها ما هو سنوي ( من المادة
231الى المادة 268من المدونة).
وإذا كان المشغل قد مُنح سلطة التحكم في تنظيمها بحسب مصلحة المقاولةي فقد
ألزمه المشرع بضرورة استشارة المنظمات المهنية للمشغلين والمنظمات النقابية
لألجراء األكثر تمثيالي في حالة الراحة االسبوعية بالتناوب(م )218وبمندوبي
األجراء والممثلين النقابيين عند وجودهم عند تحديد العطلة السنوية (م )241ي
وبإخبار العون المكلف بتفتيش الشغل عن الكيفية التي نظم بها الراحة
األسبوعية.312
كما اشترط المشرع المغربي على المشغل استشةارة المنظمةات المهنيةةة
للمشغليني والمنظمات النقابية لألجراء األكثر تمثيالي والتي يُعد مندوب األجراء
عضوا فيهاي عند تحديد الفترات التي ال يمكن لألجراء الذين يشتغلون في
االستغالالت الفالحية والغابوية وتوابعهاي االستفادة خاللها من العطلة السنوية
المؤدى عنها.313
وبالرغم من أن مسألة اإلستشارة هنا ال تعدو أن تكون إجراء شكليا ال يُحدث
خرقا بالسلطة التنظيمية للمشغلي إال أن أهميتها الواقعية تكمن في التنظيم الحسن
للمقاولةي إذ أن دور الهيئات الممثلة في هذه المسألة دور تشاركي أكثر منه
استشاري في تنظيم العطل وعدم حصول خلل في المسار العام للمقاولة ولمردوديتها
وانتاجيتهاي وضمان استمرارها بوتيرة عمل ال تتأثر بكثرة التغيبات.
الفقرة الثانية :قيمة المشاركة في عضوية في لجان استشارية
- 312مرسوم عدد 3.13.502الصادر في 01من ذي القعدة 38( 0335دجنبر )3113بتنظيم الراحة األسبوعية ،ج .ر( .
النشرة العامة) ع 5328بتاريخ 30ذو القعدة 2( 0335يناير ،)3115ص . .02
- 313المادة 333من م .ش.
145
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
حدد المشرع المغربي عدد األجراء الممثلين في لجنة المقاولة في اثنيني يتم
انتدابهم لهذه المهمة من طرف مندوبي األجراء بالمقاولة عبر اإلنتخاب314ي
دون أن يستفيض في شرح طريقة هذا االنتخابي ومن يقوم به وكيف يتم؟
وإذا كانت مسألة الترشح لهذه المهمة التمثيلية من طرف المندوبين هي على
سبيل االختياري فإن تواجدهم باللجنة مسألة إجباريةي ال يُمكن أن تقوم لجنة
المقاولة دون توجدهم بتشكيلتها.
ويُشكل تواجد مندوبي األجراء بلجنة المقاولةي واحدة من الصور البارزة
للمشاركة العمالية في اتخاذ القرارات التنظيمية بالمقاولةي ولو على سبيل
االستشارةي كما أنها مظهر ديموقراطي عمالي فريد من نوعهي حيث يمكن
لألجير المشاركة في تنظيم وتدبير المقاولة عبر سلسلة ديموقراطية تبدأ من
اختياره الحر لمرشح له في اإلنتداب العمالي عبر االنتخاب315ي مرورا بانتخاب
المندوبين المنتقين لمندوبين اثنين يمثالن الصوت العمالي عبر صناديق
اإلقتراعي قبل جلوس األخيرين على نفس الطاولة من المشغل أو من ينوب عنه
إلسماع رأي األجراء واقتراحاتهم فيما يخص القضايا التنظيمية للمقاولة.
ونرى في األخير بأن المعيار العددي المعتمد في تشكيل لجنة القاولةي وإن
كان يصب في صالح التمثيلية العماليةي إال أن تواجد المشغل على رأس هرم
تشكيلتهاي يُضعف من قيمتها وفعاليتهاي لذلك فمن المنطقي أن يزداد عدد األجراء
باللجنة اطرادا من ازدياد حجم المقاولة وكثافتها البشريةي إسو ًة ببعض التشريعت
المقارنة.316
وبقراءة نص المادة 466من مدونة الشغل نجد أن من أهم المهام التي
تضطلن بها لجنة المقاولةي تتمثل في:
التغييرات الهيكلية والتكنولوجية للمقاولة؛
الحصيلة االجتماعية للمقاولة عند إقرارها؛
االستراتيجية اإلنتاجية للمقاولة ووسائل رفن المردودية؛
وضن مشارين اجتماعية لفائدة األجراء والسهر على تنفيذها؛
برنامج التدرج والتدريب من أجل اإلدماج المهني ومحو األمية
والتكوين المستمر لألجراء.
- 316نصت المادة 022من مدونة الشغل الموريتانية (قانون رقم 102 -3113صادر ب تاريخ 11يول يو 3113المت ضمن
مدونة الشغل)
" تتألف اللجنة االستشارية للمؤسسة من رئيس المؤسسة أو نائبه رئيسا لها واألعضاء الممثلين للعمال.
عدد أعضاء اللجنة االستشارية محدد كالتالي:
– 0بالنسبة لألطر والمهندسين :عضو أصلي وعضو احتياطي.
– 3بالنسبة لمسيري الشغل والعمال الذين في حكمهم ،عضو أصلي وعضو احتياطي.
– 2بالنسبة للعمال أو المستخدمين تبعا لعددهم:
من :511– 351ثالثة أعضاء أصليين وثالثة أعضاء احتياطيين.
أكثر من :0111 – 510أربعة أعضاء أصليين وأربعة أعضاء احتياطيين.
أكثر من : 0111خمسة أعضاء أصليين وخمسة أعضاء احتياطيين.
المادة :023انتخاب أعضاء اللجنة االستشارية
ينتخب أعضاء اللجنة االستشارية من طرف عمال كل مؤسسة ،أو عند االقتضاء ،من طرف عمال كل منشأة.
مدة عضويتهم سنتان ويجوز إعادة انتخابهم.
ويجري االنتخاب باالقتراع السري وفي مظروف ،واالقتراع هو اقتراع القائمة ذو دورتين مع التمثيل النسبي.
وفي الدورة االنتخابية األولى ،يتم إعداد كل قائمة من طرف المنظمات النقابية المهن ية األك ثر تم ثيال في المؤس سة أو ع ند
االقتضاء في المنشأة بالنسبة لكل فئة من العمال.
وإذا كان عدد الناخبين أقل من نصف المسجلين ،تجري دورة انتخابية ثانية يجوز فيها للناخبين أن يقترعوا على قوائم غ ير
القوائم المقدمة من طرف المنظمات النقابية.
وتسند المقاع د طبقا للمتمثل النسبي وتسند المقاعد الباقية حسب أعلى معدل من األصوات".
147
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
ومن خالل هذه المهام التي وصفها المشرع بالحرف بأنها استشارية ال
تقريريةي فإنها مهام يُرام منها المساعدة على التنظيمي الفتقادها لمناط السلطة
التنظيمية المتمثل في قالقدرة على التقريرق والذي تبقى من اختصاص المشغل.
ثانيا :العضوية في لجنة السالمة وحفظ الصحة
من المهام التي يمكن أن اعتبارها أصيلة لدى مندوبي األجراءي السهر على
حسن تطبيق المقتضيات القانونية المتعلقة بالصحة والسالمة حماية لألجراءي وإبداء
الرأي حول مخططات الصحة والسالمة بالمقاولة بالنسبة للمشغلي لذلك كان بديهيا
أن تكون هذه الهيئة التمثيلية ضمن تركيبة لجنة السالمة وحفظ الصحة والتي نصت
عليها المادة ( 337الفقرة الخامسة) من مدونة الشغل والتي جاءت كاآلتي:
ق تتكون لجنة السالمة وحفظ الصحة من:
المشغل أو من ينوب عنهي رئيسا؛
رئيس مصلحة السالمةي وعند عدم وجودهي مهندس أو إطار تقني يعمل
بالمقاولة؛ يعينه المشغل؛
طبيب الشغل بالمقاولة؛
مندوبين اثنين لألجراء يتم انتخابهما من قبل المندوبين المنتخبين؛
ممثل أو ممثلين نقابيين اثنين بالمقاولة عند وجودهما.ق .317
وقد عددت المادة 338من مدونة الشغلي مجمل المهام المعهودة للجنة السالمة
وحفظ الصحةي ومن أهمها ما جاء بفقراتها السادسة والسابعة والثامنة كاآلتي:
ق -اإليعاز باتخاذ كل المبادرات التي تهم على الخصوص مناهج الشغلي وطرقهي
وانتقاء المعداتي واختيار األدواتي واآلالت الضرورية للشغل المالئمة للشغل؛
وهي مهامي أغلبها يتمحور حول ابداء آراء واقتراحات واإليعاز باتخاذ
مبادراتي وهي كلها تدخل في خانة األعمال االستشارية التي لن يُتقنها عضو من
أعضاء اللجنة أكثر من أعضاء هيئة مندوبي األجراء.
خاتمة
يمكن التأكيد من جهةي على أهمية مندوبي األجراء بالمقاولةي كمؤسسة حيوية
وفاعلة في تأمين السلم االجتماعيي ودعم استقرار واستمرار المقاولةي ثم التأكيد من
جهة ثانية على أهمية المهام الموكولة لهاي والتي تنسحب إلى شقيني مهام متعلقة
بالقضايا النزاعيةي سواء القضايا الفردية لألجراءي أو قضايا المقاولة بصفة عامةي
ومهام ذات طابن تنظيميي سواء تلك التي يُنفذها المندوبون كمؤسسة مستقلةي أو تلك
التي يُنجزونها كأعضاء داخل لجان المقاولة.
لكن أمام االنتقادات الحادة التي طالت هذه المؤسسة التمثيليةي وقصور مهامهاي
التي تظل في أغلبها استشارية بعيدة عن أي مشاركة عمالية حقيقية في اتخاذ
القراراتي يمكن الخروج باستنتاج مفادهي أن مهام مندوبي األجراء المتعلقة بالقضايا
النزاعية خاصة المرتبطة بالفصل الفردي أو الجماعيي فعال تظل مهاما ناقصةي
تحتاج لدعم تشريعي .أما المهام التنظيميةي فال نرى أنها تحتاج لتعديالت تشريعية
جوهريةي بقدر ما تحتاج إلى تفعيل للمقتضيات القانونية ذات الصلةي بالنظر إلى أن
أغلبها تمارس تحت السلطة التنظيمية للمشغل.
وأمام النقص المعرفي والحقوقي الذي يعانيه أغلب المناديبي ناهيك عن عدم
كفاية الحماية القانونية المرصودة لهمي نرى بضرورة استحداث هيئة وطنية أو لجان
جهوية تؤطر مناديب األجراء قانونيا وتعمل على تكوينهم ثقافيا وقانونيا وحقوقياي
في أُفق إعدادهم وتأهيلهم لتقلد مهام أكثر تأثيراً في العالقة الشغلية في شقيها الفردي
والجماعيي كالمشاركة في صياغة اتفاقية الشغل الجماعية والعضوية في لجنة
تسوية النزاعات الجماعية إقليميا ووطنيا.
151
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
منعم اليزيدي
"باحث بماستر التقنيات البديلة لحل المنازعات ـ المحمدية"
مقدمة:
قد ال يختلف اثنان بغض النظر عن انتمائهم الوطني أو الدينيي اإلثنيي األصل
االجتماعيي السن أو الجنس حول ضرورة المحاكمة العادلة كمطلب كل الشعوب
التي تضن نفسها في مصاف الدول المتحضرةي فإذا كان تقدم أي دولة يقاس بتقدمها
المادي والتكنولوجيي فإن معيار تحضر أي مجتمن أو دولة يقاس بمعيار العدلي
319
ولهذا يقول ابن خلدون في مقدمته قالعدل أساس العمرانق.
لهذا لم تعد مسألة التفكير في إيجاد قواعد قانونية تكرس مفهوم المحاكمة
العادة شأنا داخليا حبيس الحدود الجغرافية لدولة معينةي بل ضرورة عالمية وجدت
نفسها في أحضان اتفاقيات دولية رسمت الحدود األدنى لمعايير المحاكمة العادلة.
و عليه وجد المشرع المغربي نفسه أمام خياريني إما أن يغلق حدوده ويقطن
عالقاته الدولية ويسن قوانين ال تستمد مرجعيتها من الصكوك الدوليةي وإما أن ينفتح
على محيطه الخارجي وبالتالي االنخراط في العولمة القانونيةي وعلى وجه التحديد
االنخراط في منظومة حقوق اإلنساني وبالتالي مالءمة قوانينه الداخلية من المعايير
الدولية المتصلة بموضوع حقوق اإلنسان.
فإذا كان البعض قد عرف حقوق اإلنسان بأنها تلك القواعد والمعايير الدولية
التي تساعد على حماية جمين بني اإلنسان بهذا الوصف (وليس كمواطن لدولة ما)ي
319وداد العيدون يي المبادئ المؤطرة للقضاء وحقوق التقاضي في التشرين المغربي واالتفاقيات الدوليةي مقال منشور بمجلة
عدالة للدراسات القانونية والقضائيةي طبعة 2112ي ص .52
151
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
فإن المحاكمة العادلة كمصطلح يصعب وضن مفهوم له موحد بين مختلف
التشريعات الوطنية الختالف النظم السياسية االقتصادية واالجتماعية من دولة
ألخرىي فما قد يعتبر مساواة في مجتمن يرفن شعار التحرر بدون ضوابط تؤطرهي
قد ال يعتبر كذلك في مجتمن له مرجعية أخالقية أو دينية تضن ضوابط لمفهوم
المساواة.
ويمكن إرجاع مبادئ المحاكمة العادلة إلى موضوعين أساسييني أولهما المبادئ
المتعلقة بأجهزة الدولةي وعلى رأسها الجهاز القضائيي وثانيهما المبادئ المرتبطة
بالمركز القانوني للمتهم لتأتي في طليعة هذه المبادئ321ي قمبدأ أصل البراءةق.
وهذا يجسد لنا القيمة القانونية ألصل البراءةي والغاية المتوخاة منها والمتمثلة
في صياغة نصوص قانونية تستحضر في مضمونها البراءة كأصلي مما دفن
320كتاب جماعيي عولمة القانوني مطبعةالمركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصاديةي
طبعة 2121ي ص 25
321محمد اإلدريسي العلمي المشيشيي مالءمة قانون المسطرة الجنائية من مبادئ حقوق اإلنساني منشورات المجلس
الوطني لحقوق اإلنساني بدون ذكر سنة الطبني ص 26
152
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
المشرع الدستوري إلى تنزيل هذا المبدأ في القوانين العاديةي وقصدي هنا قانون
المسطرة الجنائية وتحديدا المادة األولىي حيث اعتبرت ذات المادة المتهم أو المشتبه
فيه بريئا إلى أن تثبت إدانته.322
فإذا كان أصل البراءة إن على المستوى الدولي أو على الصعيد الوطني سواء
في دستور المملكة أو قانون المسطرة الجنائية لم يضعوا تعريفا لهذاي تاركين للفقه
أمر تحديدهي فمن بين التعاريف المسندة إلى مبدأ البراءة كأصلنجد أنها تعني
افتراض براءة كل فرد مهما كان وزن األدلة أو قوة الشكوك التي تحوم حوله أو
تحيط بهي كما يعرفها البعض اآلخر على أنها :الصلة الضرورية التي ينشئها القانون
بين وقائن معينةي فنستخلص الواقعة المجهولة بناء على معطيات معلومة.323
لهذا جاز القوألن الفلسفة التي بنيت عليها المسطرة الجنائية المتمثلة في إقامة
عالقة توازن بين حق الدولة في الزجر والعقاب وحق الفرد في محاكمة عادلةي
ترتكز على مبدأ البراءة كأصلي وبالتالي ال يمكن اتخاذ أي إجراء أو أمر في حق
المشتبه فيه أو المتهم إال انطالقا من أصل البراءةي واستحضارا لهذا المبدأ في
مختلف أطوار المحاكمة الجنائية.
صحيح أن مصطلح ققرينة البراءةق قد ظهر بهذه الصياغة أول مرة في
اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان بعد الثورة الفرنسية لسنة 1789حسب بعض الفقه
لكن من حيث جوهر المصطلح فالنظام الجنائي اإلسالمي قرر هذا 324
الفرنسيي
المبدأ ما يزيد عن 14قرني وليس القصد هنا ان نزكي الشريعة اإلسالميةي وإنما
لنبين قيمة هذا المبدأ في نظامنا القانوني والقضائيي ألن المشرع الدستوري نفسه
أكد وإن بصياغة أوسني على ضرورة استحضار قوانين المملكة وهويتها الوطنية
322ظهير شريف رقم 1.12.255صادر في 25من رجب 3( 1423أكتوبر )0211بتنفيذ القانون رقم 22.11المتعلق
بالمسطرة الجنائيةي منشور بالجريدة الرسمية عدد 5178بتارين 27ذي القعدة 03(1423يناير )2113ص 315
323محمد أمين زيان .فؤاد جحيشي دسترة قرينة البراءة بين حتمية النص وإشكالية التكريس دراسة مقارنة بين القانونين
الجزائري والمغربييمقال منشور بمجلة حقوق اإلنسان -العام الرابن -العدد :24نوفمبر 2117ي ص15
324
Edith Guilhermont, QU'APPELLE-T-ON « PRÉSOMPTION D'INNOCENCE » ?, Editions A.
Pédone | « Archives de politique criminelle », 2007/1 n° 29 |, page 44
153
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
الراسخةي وهذا يجعل المشرع عندنا بمنأى عن أي تحفظ متعلق باالتفاقيات ذات
الصلة بأصل البراءة.325
لهذا فأهمية أصل البراءة ال تتوقف عند صياغتها في كتاب تمهيديي بل في
مدى استحضار هذه األخير في مختلف مراحل المحاكمة من قبل واضن المسطرة
الجنائيةي ولما كان القضاء هو المجسد للنصوص القانونية في حياة الفرد والمجتمن
والمكلف بتطبيقها التطبيق العادل فأصل البراءة كمبدأ يجب أال يفارق ذهنه إن صح
التعبير وهو يبت في قضايا تتسم بالطابن الجنائي.
كل هذا يقتضي منا طرح تساؤالت لها من الدقة والعمق ما يحملنا للبحث عن
اإلجابة عنها بين ثنايا مقتضيات المسطرة الجنائيةي والتجسيد العملي لهذه
المقتضيات من قبل القضاء .وبالتالينتساءل عن مدى تكريس أصل البراءة لمفهوم
المحاكمة العادلة؟ وهل المشرع عندنا كان وفيا لمبدأ البراءة كأصل في إطار
مقتضيات قانون المسطرة الجنائية؟ وهل كان القضاء على درجة من الوعي
بمضمون أصل البراءة واستحضارها في مقرراته القضائية؟
325محمد عطويي قرينة (البراءة) أو أصالة (البراءة وآثارها على التوقيف تحت النظر والحبس االحتياطي وإقناع
المحكمة)ي مجلة المحاميي العدد / 23ديسمبر 2114ي ص 11
154
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
والواقن أن هذا المبدأ الذي استهل به قانون المسطرة الجنائية المغربي (المادة
) 1يختزل كل الحقوق المقررة للمتهم أو المشتبه فيهي فهو ال يعتبر بريئا إلى حين
إدانته من قبل القضاء فقطي وإنما ينبغي إدانته في إطار محاكمة عادلة تتوفر فيها
كامل الشروط المتعارف عليها في المحاكمة العادلة من طرف محكمة تتمتن
326
باالستقالل ومكونة وفقا للقانون.
إن أولى المالحظات التي يمكن إبداؤها بخصوص المادة أعالهي هو أن
البراءة األصلية ليست حبيسة مرحلة من مراحل المحاكمة بل يتعين استحضارها
من قبل مختلف الهيئات المتدخلة في كل مراحل المحاكمة الجنائية.
لتبقى المالحظة الثانية مرتبطة بكون ماإذا كان قانون المسطرة الجنائية
عندنا قد قرر أن البراءة هي األصلي فإن االستثناء الوارد عليها المتمثل في اإلدانةي
326كتاب جماعي تحت إشراف د .محمد جالل السعيدي تأمالت حول المحاكمة العادلة-الجزء الثاني-منشور بمكتبة النجاح
بالدار البيضاءي ماي 2112ي 12
155
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
يتعين إثباته بمحاكمة توصف بالعادلةي ولعل العبارة األخيرة تقتضي من المشرع
المسطري المغربي أن يكرسها عبر نصوص قانونية ويترجمها القضاء إلى واقن
ملموس.
أما المالحظة الثالثة ففحواها أن مبدأ البراءة األصليةي وإن كنا نستحسن
الموقف التشريعي الواضح من تكريس المبدأ المذكوري فالمالحظ أن القانون
الفرنسي قد ذهب إلى أبعد من ذلك بتبنيهي وفي إطار فصل تمهيديي لمقاربة
مسطرية جديدة ال تعمل فقط على التنصيص على هذا المبدأي ولكن بتكريس أهم
327
تجلياتهي حتى يصبح وبالملموس بأن كل قواعد المسطرة الجنائية معنية به.
ولعل الذي حدا بنا لمقارنة مبدأ قرينة البراءة واختيار قانون المسطرة الجنائية
الفرنسي دون غيره هو كون هذا األخير المرجن المادي لقانون المسطرة الجنائية
عندناي ألن موقف المشرع المغربي حقيقة يتسم بنوع من الغرابةي ففي الوقت الذي
كان على مشرع المسطرة الجنائية أن ينهج موقف قانون المسطرة الجنائية الفرنسي
عدل عن ذلك.
وما يزكي قولنا أعاله هو أننا الزلنا ننتظر من المشرع التدخل بنص صريح
وحسم الخالف حول مسألة مدى مشروعية التعويض في حالة االعتقال االحتياطي
غير المبرري أو الذي يأخذ شكل التعسف في إيقاعه.328
صحيح أن واضن قانون المسطرة الجنائية حاول أن يجسد مبدأ أصل البراءة
في مختلف أطوار المحاكمة الجنائية وإن بشكل محدود.
327فريد السمونيي المعين في المادة الجنائية لولوج المهن القضائية واألمنية-الجزء الثاني -بدون ذكر المطبعة وسنة
الطبني ص 116 .115
328محمد أحدافي التكلفة االقتصادية والحقوقية لنظام االعتقال االحتياطيي من أجل حكامة قضائية رشيدةي مقال منشور
بمجلة العلوم الجنائيةي العدد الثانيي السنة 2115ي ص 71
156
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
ففي إطار مرحلة االستدالالت يالحظ تقييد النيابة العامة وضباط -1
الشرطة القضائية بجملة من االلتزاماتي انطالقا من أصل البراءة التي تصاحب
المشتبه فيه أوالضنين حسب األحوال.
ولعل السمة المشتركة بين مختلف إجراءات البحث التمهيدي غلبة الطابن
الوجوبي على أحكامهي ففي المادة 17من ق.م.ج فإن ضابط الشرطة القضائية ملزم
في إطار حجز األشياء التي لها عالقة بالجريمةي بأن يعرض على المشتبه في
مشاركته في الجريمة (جناية أو جنحة) األشياء محل الحجزي وليس االعتراف بها
كما كان عليه األمر في الفقرة األخيرة من الفصل 19من ظهير 1919/2/11قبل
329
إلغائه والمقابل للمدة 17من ق.م.ج الحاليةي
وشتان بين عرض الحجج على المشتبه فيه قصد التعرف عليها وبين االعتراف
بها كما كان في النص السابقي وكأن الحالة األخيرة قد توحيإلى حد ما أن أصل
البراءة التي مازالت تصاحب المشتبه فيه قد أصبحت استثناء مادام ضابط الشرطة
القضائية يطلب من المشتبه فيه االعتراف بتلك الحجج حبيسة الحجزي مادام لم
يصدر حكم نهائي باإل دانةي بخالف العرض (عرض األشياء المجوزة قصد التعرف
عليها) الذي يفيد أن األمر لم يحسم بعد بخصوص انتساب تلك األشياء المحجوزة
للمشتبه فيهي وهو موقف يستحسن من قبل المشرع عندنا.
وانطالقا دائما من ذات المبدأ فقد أحاط المشرع عندنا إجراء تفتيش المنازل
بقيود تشكل بالمقابل ضمانات قانونية للمشتبه فيهي ألن أصل البراءة مازال قائما ولم
يثبت عكسه بمقرر اإلدانة بحكم نهائيي حتى وإن تعلق األمر بجريمة تلبسية وفق
منطوق المادة 16من ق.م.ج.
329عبد الواحد العلمييشرح في القانون الجديد المتعلق بالمسطرة الجنائية-الجزء األول -مطبعة النجاح الجديدةي الطبعة
الرابعة 2114ي ص 412.413
157
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
بالرجوع إلى مقتضيات المادة 66رغم التحفظ الكبير على مقتضياتها من قبل
العديد من الفقه فيما يتصل بخرق حقوق المشتبه فيه ولعل أبرزها الحق في الحرية
وحقوق الدفاعي فقد حاول المشرع المسطري عندنا أن يجعل تدبير الحراسة
النظريةي إجراء يتسم بنوع من االستثناء حينما خول لضابط الشرطة القضائية أمر
اتخاذه في حالة ما إذا تطلبت ضرورة البحث ذلكي من تعقيبنا على المدلول الواسن
331
لعبارة ضرورة البحث.
ألنه ال يجوز تجريد الفرد من حريته إال بناء على األسباب التي يحددها القانون
وطبقا لإلجراءات المقررة فيه.
ولهذا يتعين أن تكون القوانين الوطنية التي تجيز القبض واالحتجاز (كتدبير
الحراسة النظرية) وتلك التي تحدد إجراءات القبض واالحتجاز متالئمة من المعايير
332
الدولية.
لذا يستوجب على ضابط الشرطة القضائية القاضي بتدبير الحراسة النظريةي
والمشرف عليها (النيابة العامة) أن يميز بين وضن الشخص تحت الحراسة النظرية
والتي يتعين اللجوء إليها استثناء ال يتوسن في تفسيره وال يقاس عليه ما دمنا أمام
براءة لم يثبت عكسها بعدي وبين اإلجراءات التي تصاحب تدبير الحراسة النظرية
من مدة الوضن وإشعار عائلة المتهم واالستعانة بحامي التي تفرض على الهيئات
القائمة بالبحث التمهيدي ان تتقيد بها في أوسن نطاقي ألننا أمام براءة تعتبر هي
األصل.
وبالتالي فالموضوع تحت تدبير الحراسة النظرية شخص برئ بكل ما تحمل
هذه العبارة من دالالت تتصل باحترام حقوق الفرد باعتباره إنساني وتلزم القضاء
أن يفسر مقتضيات قانون المسطرة الجنائية فيما يتصل بموضوع الحراسة النظرية
لمصلحة المشتبه فيهي استحضارا لمبدأ أصل البراءة.
333الحبيب بيهيي شرح قانون المسطرة الجنائية الجديدي -الجزء األول-مطبعة النجاح الجديدةي الطبعة األولى 2114ي 226
334عبد الواحد العلميي شروح في القانون الجديد المتعلق بالمسطرة الجنائية-الجزء الثاني -مطبعة المعارف الجديدة
الرباطي الطبعة الثانية 2112ي ص 26
152
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
إذا كان مشرع المسطرة الجنائية قد نص على الطبيعة االستثنائية تجسيدا لمبدأ
البراءة كأصلي فقاضي التحقيق يتعين عليه إعماله (المراقبة القضائية واالعتقال
االحتياطي) عند الضرورة التي ال محيد عنهاي خاصة االعتقال االحتياطي الذي
يفرض على قاضي التحقيق أن يلجأ إليه عند نفاذ تدابير المراقبة القضائيةي أو حسب
تعبير بعض الفقه ببالدنا فقد جعل المشرع تدبير االعتقال االحتياطي تدبيرا استثنائيا
في إطار نظام استثنائي عام كرسته نفس المقتضيات أعاله .ويستمر نفس الفقه في
عرض تصوره بخصوص االعتقال االحتياطيي بحيث يتعين اللجوء في البداية إلى
تطبيق تدبير الوضن تحت المراقبة القضائيةي ويستحسن في هذا اإلطار أن يكون
االعتقال حال ال يتم اللجوء إليه إال للضرورات القصوى للغاية.
وما يعضد قوله هذا هو كون المشرع قدعمد في الباب التاسن من قانون
المسطرة الجنائية إلى تنظيم الوضن تحت المراقبة القضائية باألولوية على نظام
االعتقال االحتياطي في المواد من 119وما يليهاي وهذا ما يستشف أن المشرع
حينما قدم تدبير المراقبة انصرفت نيته إلى أولوية تطبيق الوضن تحت المراقبة من
تصنيف حاالت اللجوء إلى اعتقال المتهمي وعدم التوسن فيها انسجاما من تنصيصه
في المادة األولى من نفس القانون على أصل البراءةي تحت طائلة تغيير الطبيعة
االستثنائية لالعتقالي وتحويله إلى مبدأ عام والحرية استثناء.335
لهذا فأصل البراءة أقوى ما يكون متجليا في هذه المرحلةي فإذا كان اإلثبات في
نطاق الدعوى العمومية وسيلة إلقرار وقائن تؤكد البراءة أو تقضي باإلدانة وذلك
335محمد أحدافي التكلفة االقتصادية والحقوقية لنظام االعتقال االحتياطيي من أجل حكامة قضائية رشيدةي م.سي ص .42
51
161
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
وفقا للطرق التي حددها القانوني فإن األمر يستدعي من المشرع عندنا تنظيما خاص
قي قانون المسطرة الجنائية.
مما دعا المشرع عندنا إلى توسين سلطة القاضي في توجيه الدعوى وما يتعلق
336
بها من أدلة بما يكفل التطبيق السليم ألحكام القانون وصوال إلى الحكم العادل.
فلما كانت البراءة تقضي كأصل أن الماثل أمام قضاء الحكم ال زال يتمتن
بالبراءة رغم قوة األدلة ضدهي كان يتوجب على المشرع الجنائي المسطري أن
يسلك منهجا مغايرا عما نهجه المشرع المدني بذات الموضن.
لهذا فالمشرع عندنا ولكيال تبقى أصل البراءة وفق مضمون المادة األولى من
ق.م.جي مجرد مبدأ نظري ال يتجسد في مقتضيات المحاكمة الجنائيةي عمل على
ترجمته في هذه المرحلة في مسألتين هامتين:
المسألة األولى :تحمل النيابة العامة عبء اإلثباتي ألن أهم ما يترتب على
أصل البراءةي أن المتهم ال يتحمل إثبات براءتهي ألنها مفترضةي وإنما تتحملها
النيابة العامة التي توجهها حسب المادة 268من ق.م.جي وهذا أمر منطقي ألنه ال
يمكن أن نطلب من المتهم المفترضة براءته أن يثبتها ألنها موجودة منذ الوالدة وال
تنتفى إال بإدانة نهائية خضعت لمعايير المحاكمة العادلة.
ويترتب أيضا على أصل البراءةي أن تمسك المتهم بوجه من أوجه الدفاع كتوفر
مانن من موانن المسؤولية (ارتكاب الجريمة في حالة جنون مثال)ي يجعل المحكمة
ملزمة بتمحيص الدفني بل إن القانون ال يمنن المحكمة من أن تثير ذلك تلقائياي بما
لها من سلطة في البحث عن الحقيقةي ألنها تنطلق من حقيقة مفادها أن البراءة أصل.
336عماد خليل إسماعيلي قرينة البراءة المفترضة في اإلثبات الجنائيي أطروحة قدمت الى جامعة سانت كلمنتس العالمية
وهي جزءمن متطلبات الحصول على شهادة دكتوراه فلسفة في القانون الجنائيي جامعة سانت كلمنتس العالمية فرع بغدادي
السنة الجامعية 2113ي ص 24 .25
161
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
المسألة الثانية :هي أن الحكم الصادرة باإلدانةي يجب أن يبنى على الحزم
واليقيني ال على الظن والتخميني أو الشك والترددي ومن واجب المحكمة تبعا لذلكي
إذا لم يحصل لديها اليقين بثبوت التهمةي ونسبتها إلى المتهمي أن تحكم بالبراءة مادام
المتهم يعتبر بريئا حتى تثبت إدانتهي ومادام الشك ال يصلح سندا لنفي أصل البراءة.
أما األحكام القاضية بالبراءةي فقد تنتج من الشك في ثبوت التهمةي حيث يحكم
بالبراءة لفائدة الشكي وبالتالي فالبراءة لفائدة الشك هي نتيجة من نتائج قاعدة قالشك
ألنه كما سبق وأن أشرناي فأصل البراءة يعتبر مبدأ تتفرع 337
يفسر لفائدة المتهمق
عنه ضمانات تؤسس لمحاكمة عادلة.
وعليه فإذا كان دور قاضي التحقيق هو البحث عن الحقيقة أي عن أدلة اإلثبات
وأدلة النفي في آن واحدي فقاضي الحكم يقتصر دور في حدود بيان مدى اقتناعه بأي
338
منها.
لهذا نستنتج أن أصل البراءة ليس مبدأ نظريا يبقى حبيس المادة األولى من
قانون المسطرة الجنائيةي بل يتعين أن تتجلى البراءة عبر كل مراحل المحاكمةي بل
زيادة على هذا على مختلف األجهزة المتدخلة في مسلسل المحاكمة أن تستحضر
البراءة كأصل عند غموض النص أو غيابه.
قبل أن نبرز مدى انعكاس أصل البراءة على مفهوم المحاكمة العادلةي يتوجب
علينا أن نرسم مالمح المحاكمة العادلةي ألن وضن تعريف لهذه األخيرة يصعب إن
337الحبيب بيهيي شرح قانون المسطرة الجنائية الجديدي الجزء األول -م.سي ص 225 .224
338محمد عطويي قرينة (البراءة) أو أصا لة (البراءة وآثارها على التوقيف تحت النظر والحبس االحتياطي وإقناع
المحكمة)ي م.سي ص 21
162
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
لم يكن أقرب إلى االستحالةي وما يعزز رأينا هذا هو كون االتفاقيات الدولية لم تضن
مفهوم للمحاكمة العادلة واكتفت بالتنصيص على مبادئ ومعايير تشكل حد أدنى
يتعين توفرها في محاكمة جنائية حتى توصف بالعدل.
إذا نظرنا إلى التعريف الوارد أعاله نجده قد حدد المحاكمة العادلة في شقيني
الشق األول عبارة عن جانب نظري يتجلى لنا في تلك المعايير الدولية الواجب
تضمينها في التشريعات الوطنية لكل دولة تطبيقا لواجب المالءمةي وشق تطبيقي
يظهر في مدى استقاللية وقدرة السلطة القضائية على تطبيق تلك المعايير وبالتالي
تجسيد المحاكمة العادلة واقعيا عبر مقررات قضائية تترجم لنا الشق النظري إلى
واقن ملموس.
ألنه ال فائدة ترجى من نصوص قانونية يدور فحواها حول مبادئ تؤسس
للمحاكمة العادلةي تبقى حبيسة نفسها دون أن يلمس المجتمن وجودها في واقعه.
وبالتالي فإن كان لنا من مالحظات حول التعريف أعاله فهي كالتالي:
-حدد التعريف أعاله معايير المحاكمة العادلة وفق المرجعية الدولية دون
اشتراط مالءمتها من التشرين الوطنيي ألن القاضي ال يحق له تطبيق قاعدة غير
مقننة قانوناي وإال أصبحنا أمام عدم شرعية اإلجراء.
-حتى إذا افترضنا أن التعريف أعاله قد اتجه قصده نحو تقديم المواثيق
الدولية كأولوية في التطبيقي حتى وإن نص الدستور نفسه على سمو االتفاقيات
339يوسف سراري الحق في محاكمة عادلةي مقال منشور بالمجلة المغربية في الفقه والقضاء-العدد األول2115 -ي 125
163
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
الدولية على التشريعات الوطنية فهذا مقيد بشروط لعل أهمهاي شرط مالءمة التشرين
الوطني من ما تتطلبه المصادقةي وبالتالي فالمغرب ما زال يتحفظ على بعض من
هذه االتفاقيات وهذا بتصورنا عين الصوابي ألن المشرع الدستوري واع تمام
الوعي بأهمية احترا المعايير الدولية ألحكام الدستور وقوانين المملكة والهوية
الراسخة وإال أصبحنا أما إلغاء سيادة الدولةي ألن مصادقة المغرب على االتفاقيات
الدولية يوجب عليها أن تأخذ بعين االعتبار الثوابت المكونة للهوية الوطنية
الراسخةي تلك الهوية التي أسس لها المشرع الدستوري في الفقرة الثانية من
التصديري وحماها بمقتضيات الفصل 171عندما استثنى أحكامها من أية مراجعةي
وبالتالي يتضح أن هناك قيودا قد تعترض مسألة المصادقة علىاالتفاقيات الدوليةي
340
وعليه فسمو االتفاقيات سمو وقتي وليس مطلق.
ليس المقصود من الحفاظ على الهوية الوطني أال يالئم المغرب تشريعاته
الوطنية من المعايير الدولية ذات الصلةبالمحاكمة العادلةي وانما الغاية اتجهت نحو
الحفاظ على هذه الهويةي من المصادقة على االتفاقيات الدولية التي ال يشكل إخالال
بنطاق أحكام الدستور وهويتها الوطنية الراسخةي هذا إذا استحضرنا حقيقة مفادها
أن أغلب االتفاقيات الدولية ال تتعارض من جوهر الهوية الوطنية الراسخة.
-أما المالحظة الثالثة فتبنى على كون التعريف أعاله قد حصر مفهوم
المحاكمة العادلة كما وردت في االتفاقيات الدوليةي وهذا األمر لم يسلكه المشرع
الدستوري في دستور 2111حينما لجأ للتفصيل في بعض األحكام المكونة لمفهوم
المحاكمة العادلةي من العلم أن المشرع الدستوري نفسه نص في التصدير على سمو
االتفاقيات الدولية على التشريعات الوطنيةي فهذا يعني أن مسألة شمولية أحكام
االتفاقيات والمعاهدات الدوليةي ومدى إمكانية جعلها لوحدها مؤطر لمفهوم المحاكمة
العادلةي يمكن أن ينطوي على مخاطر كثيرةي وبالتالي نص على إمكانية الطعن في
340عبد الحكيم الحكماويي قراءة في مالمح المحاكمة العادلة في ضوء االتفاقيات الدولية والدستور المغربي لسنة 2111ي
مقال منشور بمجلة القضاء والقانوني العدد 61 :سنة 2112ي 15وما بعدها
164
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
دستورية بعض المقتضيات القانونية التي تمس بالحقوق والحريات والتي صودق
عليها وتمت مالءمة التشريعات الوطنية من مقتضياتها وفق ما ذكري لذلك حسن فعل
المشرع الدستوري لما لجأ إلى فكرة التفصيل في بعض المبادئ المؤسسة للمحاكمة
341
العادلة.
لذلك يمكن الخلوص أن المحاكمة العادلة هي تلك المعايير الدولية التي تؤسس
لمحاكمة جنائية عادلةي بشكل ال تتنافى (المعايير الدولية) من نطاق أحكام الدستوري
وقوانين المملكةي وهويتها الوطنية الراسخةي وتنزيل هذه المبادئ الدستورية على
مستوى التشريعات الوطنيي لتطبيقها من فبل سلطة قضائية مختصة ومستقلة.
فاألصل أن االنسان يولد بريئا ويظل بريئاي وال تنتقص براءته إال بحكم قضائي
يؤكد اإلدانة بفعل إجراميي وهذا يستوجب إقامة الدليل الدامغ الذي ال يدع مجاال
342
للشك من طرف سلطة االدعاء.
ولعل السؤال الجوهري يدور حول كيفية انعكاس قرينة البراءة على مفهوم
المحاكمة العادلة؟
إن مقتضيات المادة األولى ترمز بشكل صريح إلى أن مبدأ أصل البراءة يعتبر
الضابط لكل الضمانات األخرى السارية المفعول بمختلف أطوار المحاكمة الجنائية.
341عبد الحكيم الحكماويي قراءة في مالمح المحاكمة العادلة في ضوء االتفاقيات الدولية والدستور المغربي لسنة 2111ي
م.سي ص 17
342نوال أفقيري قراءة في أهم المبا دئ الدستورية لضمان المحاكمة العادلةي مقال منشور بمجلة العلوم الجنائيةي العدد الثاني
2115ي ص 134
165
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
فإذا ك ان أصل البراءة ال ينتفى إال بحكم نهائي نتيجة محاكمة عادلةي فهذا معناه
أن قصد المشرع المسطري جعل المبدأ أعاله مرتبا لكل الضمانات المنصوص
عليها في مقتضيات المسطرة الجنائية اآلتية بعدهي فإذا كان ضابط الشرطة القضائية
فهو 343
مضطر إلجراء تفتيش عن أشياء تشكل في حد ذاتها دالئل إثباتي
مدعو(الهيئات المكلفة بالتفتيش) إلى استحضار أصل البراءة عند قيامها بهذا
اإلجراء ألنها في كل األحوال تتعامل من شخص مازال ضمن سياج البراءةي
فضابط الشرطة القضائية ملزم بتطبيق النص القانوني بما يتالءم من جوهر أصل
البراءة خاصة عند غموض النص.
و قد رتب القانون على عدم احترام اإلجراءات المنصوص عليها في المواد 19
و 61و 62من ق.م.ج بطالن اإلجراء المعيب وما يترتب عنه من إجراءاتي وهذا
ما يعكس لنا جوهر أصل البراءة ألن المشرع المسطري الجنائي ما زال يتعامل من
المشتبه فيه بمنطق البراءة.
لكن األمر يختلف حينما يتعلق التفتيش ببعض الجرائم الخارجة عن هذه الحماية
إذا تعلق األمر بجريمة إرهابيةي او جرائم المخدرات طبقا للفصل 11من ظهير
فإذا كان من المستساغ قبول هذا االستثناء بخصوص جرائم 344
1974/1/12ي
المخدرات مادام أن هذه الجرائم يسهل التحقق من فاعلها باإلضافة ألهمية الضبط
الفجائي للمشتبه فيه وهو في حالة تلبسي فاألمر غير مستساغ عقال وقانونا في
الجريمة اإلرهابيةي ويشكل خرق سافر ألصل البراءة وفق المبررات التالية:
المبرر األول :ما يؤخذ على جريمة اإلرهاب صعوبة وضن تعريف لها ليس
فقط وطنيا بل على المستوى الدوليي هذا إذا استحضرنا أيضا غياب محددات دقيقة
ترسم لنا الركن المادي لهذه الجريمةي مكتفيا بعبارات لها من التوسن والشمولية في
343يونس العياشيي المحاكمة العادلة بين النظرية والتطبيق على ضوء المواثيق والمعاهدات الدولية والعمل القضائيي
سلسلة رسائل نهاية تدريب الملحقين القضائييني العدد 4يناير 2112ي ص 33
344يونس العياشيي المحاكمة العادلة بين النظرية والتطبيق على ضوء المواثيق والمعاهدات الدولية والعمل القضائيي
م.سي 64
166
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
تحديد جوهرها ما يجعل مهمة القضاء صعبة في هذه المسألة (ولعل عبارة تهديد
النظام العامي والمصالح العليا واألساسية للدولة لكفيل بتأكيد صحة ما بيناه
345
أعاله).
المبرر الثاني :استعمال المشرع عندنا لعبارات اعتبرها ذات المشرع مبرر
للجوء إلى هذا التفتيش االستثنائي إن صح التعبير تتسم بالعمومية لدرجة يصعب
على الفقه والقضاء ضبط مفهومها أو وضن ضوابط لتحديدهاي من قبيل ضرورة
346
البحث أو حالة االستعجال القصوى أو في حالة الخوف من اندثار األدلة.
المبرر الثالث :هذا االستثناء يشكل أيضا انتهاك صارخ ألصل البراءةي ألن
المجتمن ممثال في النيابة العامة ال زال يتعامل من شخص مهما كان الوصف الذي
أطلق عليه (مشتبه فيه أو متهم) بريئا بمقتضى القانون أو الطبيعة ألنه حق وجد قبل
أن يوجد القانون الوضعيي هذا إذا استحضرنا أن االستثناء ال يقاس عليه وال يتوسن
في تفسيره.
أبضا حدد المشرع عندنا مجموعة من الضمانات التي تلزم ضابط الشرطة
القضائية باحترامها في حالة وضن المشتبه فيه قيد الحراسة النظرية من رقابة
تمارسها النيابة العامة على أماكن الوضن تحت الحراسةي وجوب التقيد بالمدة
المحددة للوضن تحت الحراسة النظرية ثم التأكد من الوضن الصحي لهؤالء
األشخاص محل الحراسةي ألننا في كل األحوال وحتى إن اقتضى األمر لضرورات
البحث وضن المشتبه فيه فهذه الضمانات غير قابلة للتنازل أو التجزيءي دائما وفق
نفس المنطق ما زلنا أمام أصل براءة لم تنتفي بمقرر نهائي يحوز في جوهره
محاكمة عادلة.
لذلك يرى أحد الممارسين في الحقل القضائي وعن صواب أن ما أوجبته المادة
66من قانون المسطرة الجنائية بعد تتميمها وتعديلها بالقانون 11/31ي على ضابط
الشرطة القضائية من إخبار للشخص الموضوع تحت الحراسة النظريةي فورا
وبكيفية يفهمهاي بدواعي اعتقاله وبحقه في التزام الصمت واالستفادة من مساعدة
قانونيةي واالتصال بأحد األقرباء وتعيين محامي أو طلب تعيينه في إطار المساعدة
القضائيةي ما هو إال تنزيل للمادة 23من دستور 347.2111ألن كل الضمانات
المشار إليها آنفا تلخصها أصل البراءةي لكون ضابط الشرطة القضائية ما زال
يتعامل من شخص لم تنتزع براءته وفق المشار إليه أعاله.
فإذا كانت غاية المحاكمة العادلة توجب على القاضي المحقق أن يلعب دور
الحكم الباحث عن الحقيقة وعن األدلة سواء كانت لفائدة المتهم أو ضدهي348وبالتالي
فتصورنا ألصل ا لبراءة تفرض على قاضي التحقيق أن يستحضر هذه المبدأ من
بداية ملتمس النيابة العامة أو الشكاية المباشرة حسب األحوال إلى غاية اتخاذ إما
قرار اإلحالة أو الحفظ أو عدم االختصاصي وهذا ما يجعل قاضي التحقيق يضمن
التطبيق السليم للنصوص القانونية.
أما أثناء مرحلة المحاكمة ودائما في إطار مدى تأثير أصل البراءة على ضمان
محاكمة عادلةي فعلى القاضي الجنائي أن يطبق جوهر النص القانوني وليس التطبيق
الحرفي للنص وهذا ما أكده الفصل 111من الدستوري 349وبالتالي فتطبيق روح
النص القانوني توجب على القاضي الجنائي أن يستبعد محاضر الضابط القضائية
في الجنح من دائرة القوة الثبوتية مادامت األحكام القاضية إن باإلدانة أو البراءة
تصدر وفق االقتناع الوجداني للقاضيي حين تعارض تلك المحاضر من قوته
الثبوتية.
347محمد بفقيري قانون المسطر الجنائية والعمل القضائي المغربيي مطبعة النجاح الجديدةي الطبعة الرابعة 2114ي ص
348يونس العياشيي المحاكمة العادلة بين النظرية والتطبيق على ضوء المواثيق والمعاهدات الدولية والعمل القضائيي م.ني
ص 66
349نص الفصل 111من دستور المملكة لسنة 2111ق ال يلزم قضاة األحكام بتطبيق القانون وال تصدر أحكام القضاة إال
على أساس التطبيق العادل للقانونق
168
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
ولعل محكمة النقض جسدت هذا المبدأ حينما قضت بأن األصل في اإلنسان
البراءة إلى أن يثبت العكس طبقا للمادة األولى من ق.م.جي وأن الشك يفسر لفائدة
350
المتهم.
بقي أن نشير في ختام هذه النقطة عن درجة انعكاس أصل البراءة على ضمان
المحاكمة العادلة في حالة الطوارئ التي تهدد حياة األمة (كحالة الحربي أو كوارث
طبيعية أوما يدخل في حكم هذين الحالتين ) ...ألن حالة الطوارئ تسمح للدول بعدم
التقيد (ببعض) االلتزامات القانونية بمجال حقوق اإلنسان.
فقد وضعت شروط إلعالن حالة الطوارئ منها أن تكون التدابير المتخذة بشأنها
مؤقتة وال تقوم على أساس التمييز بسبب العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين
أو األصل االجتماعيي ثم إشعار الدولة للدول األطراف في العهد الدولي للحقوق
المدنية والسياسية بحالة الطوارئ وإشعار ثاني في التارين الذي ينتهي فيه هذا
الظرف الطارئ.
فإنه وحسب ذات المادة من نفس العهد قد نصت على استثناء بعض الحقوق من
هذا التقييدي وبالتالي فهناك بعض الحقوق ال يجوز تقييدها بأي حال من األحوال ولو
في أحلك الظروف ومن ذلك الحق في الحياة وحق اإلنسان في عدم التعرض
للتعذيبي واستمرار أصل البراءة في السريان وحق اإلنسان في أاليدان بفعل لم يكن
وعليه ال يمكن االحتجاج بحالة الطوارئ وانتهاك 351
وقت ارتكابه يشكل جريمةي
مبدأ أصل البراءة تحت ذريعة الظروف االستثنائية التي تمر منها الدولة.
350أورده ذ محمد بوفقير في كتابهي قانون المسطرة الجنائية والعمل القضائي المغربيي حينما قضت محكمة النقض
ب أناألحكامالقضائيةتبنىعلىاليقينوليسعلىمجردالظنوالتخمينيوالمحكمةلماقضتبإلغاءالحكماالبتدائيفيماقضىبهمنإدانةالمطلوبمنأجلح
يازةوترويجونقلوصنعوتحوياللمخدراتوخرقاألحكامالمتعلقةبحركةوحيازةالمخدراتداخاللدائرةالجمركيةياعتماداعلىإنكارهالتا
موخلوالملفمنأيةوسيلةإثباتقانونيةتفيداقترافهاألفعااللمشكلةللعناصرالتكوينيةللجنحالمذكورةيإضافةإلىقناعتهاالجازمةبعدمتورط
همنخاللماراجونوقشأمامهايتكونقدراعتجميعماعرضعليهابمافيهالكفايةفيإطارالسلطةالمخولةلهايوجاءقرارهامعلالتعليالكافيا.
قرار صادر عن محكمة النقض بتارين 2115/14/22تخت عدد 778في الملف الجنحي عدد .15/7/6/2275
351يونس العياشيي المحاكمة العادلة بين النظرية والتطبيق على ضوء المواثيق والمعاهدات الدولية والعمل القضائيي م.ني
16
162
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
من هنا نخلص إلى حقيقة قانونية مفادها أن أصل البراءة ال ينحصر دورها في
التمييز بين الشخص البريء من عدمه (المدان) وفق معيار الحكم النهائيي بل يمتد
أثرها إلى تكريسها لمحاكمة عادلةي أو إن صح التعبير هو اعتبارها صمام األمان
لمفهوم المحاكمة العادلةي غير أن أداء هذا الدور يحتم على المشرع عندنا التنظيم
الدقيق لهذا المبدأ.
قد يختلط لدى البعض منا سواء كان دارس في المجال القانوني أو مهتم بالشأن
الحقوقي أن صياغة النصوص القانونية تتم بشكل غير متناسقي أو بمعنى آخر أن
كل مادة من مواد قانون المسطرة الجنائية تصاغ بمفردها خارج المنطق الذي بنيت
عليه المسطرة الجنائيةي وهذا هو تصور المشرع عندناي ولعل الذي يزكي ما قلناه
محدودية تجليات أصل البراءة على مستوى النص القانوني (أوال) مما انعكس سلبا
على المقررات القضائية الصادرة عن القضاء الجنائي (ثانيا)
إذا انطلقنا من مقتضيات المادة األولى من قانون المسطرة الجنائية نجدها تنص
على أن ق كل متهم أو مشتبه فيه بارتكاب جريمة يعتبر بريئا إلى أن تثبت إدانته
بمقرر مكتسب لقوة الشيء المقضي بهي بناء على محاكمة عادلة تتوفر فيها كل
171
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
الضمانات القانونيةي أو كما سماها البعض وعن صواب بكون أصل البراءة يشكل
352
ركيزة حقيقية للمسطرة الجنائية.
حسب بعض الفقه المغربي يرى أن جوهر هذا النص يقرر مبدأ البراءة
األصلية طبقا لما جاء في المادة 14من العهد الدولي المتعلق بالحقوق المدنية
والسياسيةي والمادة 11من اإلعالن العالمي لحقوق اإلنساني لكن صياغته وتفسيره
الحرفي قد يبتعد عن المضمون الدقيق ألصل البراءةي وحسب نفس الفقه أن استعمال
عبارة قيعتبر بريئاق تعني أنه في الحقيقة غير بريءي وإنما يسري عليه حكم
البريءي تجاوزاي ولضرورة ممارسة الدعوى بشكل موضوعيي أو يمتعه القانون
بقرينة البراءةي والقرينة مجرد مؤشر أو عالمة قابلة للزوال.
ويذهب الفقه ذاته نحو التمييز بين قرينة البراءة التي تعبر عن منحة أو امتياز
يستفيد منه الشخص وال يجسد وضعا حقيقيا قائماي وهذا ما سلكته المادة األولىي
بينما أصل البراءة تقرر حقيقة قائمة هي أن كل شخص بريء وبالتالي فهي ال
تشكل منحة يمنحها القانون بل حق وجد حتى قبل أن يوجد القانوني ألنه حق طبيعي
ال يجزئ وال يقيد في أي حال من األحوال.
ومن غير المستبعد أن يلعب هذا العامل النفسي دورا مؤثرا في االستعمال
الخاطئ لبعض اإلجراءات التي يقررها قانون المسطرة الجنائية مثل الحراسة
النظرية واالعتقال االحتياطي وتدابير المراقبة القضائيةي تلك التدابير التي يتبين فيما
بعد أنها لم تكن في محلهاي وأنها تترتب فقط عن الخوف الزائد من إفالت الشخص
من العقاب.
352
« Faute avouée, à moitié pardonnée » : la procédure alternative deيCHARLES DEVILLERS
reconnaissance préalable de culpabilité, vers une meilleure Justice ?mémoire pour
Faculté de droit et de criminologie, Universitéيl’obtention d’un science criminologie
page 10يcatholique de Louvain, Année académique 2017-2018
171
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
ويتابن الفقه أعاله تحليله لمقتضيات نفس المادة المومأ لها سلفاي أنه وبصرف
النظر عن عيب استعمال قرينة البراءة في محل البراءة األصلية كما سبقت مناقشتهي
يثير نص المادة األولى أيضا صعوبة أخرى تتعلق بحصر أو تحديد المستفيدين من
البراءة وذلك في المتهم والمشتبه فيهي ومن المعروف في االصطالح القانوني أن
المتهم هو من ينسب إليه قاضي التحقيق جناية معينةي والمشتبه فيه هو المشكوك في
أمره بصفة عامةي ومعنى هذا أن الضنين الذي يمكن أن يتابن بجنحة ومرتكب
المخالفة غير مشمولين بالبراءة بصفة صريحةي وال يبقى ذلك جائزا إال في حالة
إدخالهما في خانة المشكوك فيهي وهذه الرؤية تتعرض للنقد ألن حالة االشتباه
محصورة في مرحلة البحث من طرف الشرطة القضائيةي وبالتالي فالمتهم بجناية
يعتبر بريئاي والمشتبه أمام الشرطة يعتبر بريئا لكن الضنين ومرتكب المخالفة ال
يستفيدان من أصل البراءة.
ولتجنب الوقوع في المشكل يستحسن صياغة النص بأسلوب يبرر أصل البراءة
بدون غموضي بالنسبة لكل الذين يتعرضون إلجراء من إجراءات المسطرة
الجنائيةي وذلك مباشرة بالقول:قكل شخص بريء إلى أن يصدر ضده حكم قضائي
بإدانتهي ويكتسب ذلك الحكم قوة الشيء المقضي به بناء على محاكمة عادلةي تتوفر
فيها كل الضمانات القانونيةي ويترتب عن اإلخالل بطالن المسطرةق.353
ودائما في سياق الخرق التشريعي ألصل البراءة وتعامل المشرع عندنا من
الشخص بمنطق اإلدانةي فقد ترجمه في مقتضيات المادة 66ق.م جي فيما يخص
حقوق الدفاع في مرحلة البحث التمهيديي فرغم تنصيص المشرع في ذات المادة
على حق المشتبه فيه في طلب تعيين محام في إطار المساعدة القضائية إال أن
تطبيق هذا المقتضى ال زال غائبا إن لم نقل مغيبا رغم مرور تقريبا ما يزيد عن 8
سنوات من تارين تتميم تعديل المادة 66ي وكأن هذا المقتضى الوارد بالمادة السالف
353محمد اإلدريس ي العلمي المشيشيي مالءمة قانون المسطرة الجنائية من مبادئ حقوق اإلنساني منشورات المجلس
الوطني لحقوق اإلنساني م.سي ص 64وما بعدها
172
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
اإلشارة إليها ولد ميتاي في حين نجد في القانون الفرنسي أنه إذا لم يكن بإمكان
الشخص الموضوع تحت الحراسة النظرية تعيين محام أو إذا تعذر االتصال
بالمحامي المختاري يمكن أن يلتمس الشخص أن يعين له المحامي تلقائيا من طرف
النقيبي ويقن إخبار هذا األخير بأية وسيلة وبدون أجل.
باإلضافة لذلك فإن الصياغة التي أتت بها الفقرة السابعة من م 66ق.م.ج
تضمنت عبارة فضفاضة تفرغها من الغاية التي ترمي إليهاي فالمشرع المغربي في
هذه الفقرة نص على ما يلي قيتم االتصال بالمحامي قبل انتهاء نصف المدة األصلية
للحراسة النظريةق فهده العبارة تحتمل أكثر من تأويل وال تعير أي حقيقة من قبل
المشرع عندنا إلقرار هذا الحق صراحة بمجرد وضن المشتبه فيه تحت الحراسة
النظرية رغم خطورة هذه المرحلة وما يترتب على اإلجراءات التي تباشر فيها من
تأثير على المراحل الالحقةي354وكان األحرى على واضن المسطرة الجنائية أن يقلد
المشرع الفرنسيالذي خول ومنذ بداية الحراسة النظرية وأيضا بعد مرور عشرين
355
ساعة يمكن للشخص أن يطلب إجراء مقابلة من محام حسب المادة .4-63
وإن هذه الصياغة تخول للنيابة العامة صالحيات واسعة في إعطاء ترخيص
باالتصال من عدمه إلى حين مرور نصف المدة األصليةي بل زيادة عن ذلك فنفس
المادة تمنح للنيابة العامة إمكانية تأجيل اتصال الشخص بمحاميه بصفة استثنائية
عندما يتعلق األمر بجناية إلى ما بعد مرور إثني عشر ( )12ساعة ابتداء من انتهاء
نصف المدة األصلية للحراسة النظريةي إذا اقتضتها ضرورة البحثي ليبقى التساؤل
المطروح يدور فحواه حول المقصود بضرورة البحث؟ وعن ضوابطها؟
وما يجعل موقف المشرع عندنا يخرج من نطاق التفكير المنظم إلى دائرة
العشوائية هو حينما نص في الفقرة التاسعة من المادة 66ق.م.جي على صالحيات
354الحسن بكاري المحاكمة العادلة على ضوء المستجدات الدستورية وتعديالت قانون المسطرة الجنائيةي مقال منشور
بمجلة الملف مجلة قانونيةي العدد /21فبراير 2113ي ص 74
355فريد السمونيي المعين في المادة الجنائية لولوج المهن القضائية واألمنية-الجزء الثاني -م.سي ص 21
173
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
النيابة العامة في تأخير االتصال بالمحامي لمدة 48ساعة ابتداء من انتهاء المدة
األصلية كلما تعلق األمر بجريمة إرهابية أو بالجرائم المنصوص عليها في المادة
118من ق.م.ج.
وإذا كان هذا التأخير قد ال يطرح إشكاال كبيرا كلما تعلق األمر بجرائم
اإلرهاب أو جرائم أمن الدولة باعتبار أن التمديد في هذا النوع من الجرائم يكون
لمدة 96ساعة بحيث تبقى إمكانية االتصال واردةي فإن التأخير لمدة 48ساعة
يمكن أن يؤدي حتما إلى منن اتصال المحامي بالمشتبه فيه بصفة نهائية إذا تعلق
األمر بالجرائم العادية التي تضمنتها المادة 118ق.م.ج (القتلي الصحةي
356
المخدرات )...ألن فترة التمديد في هذا النوع من الجرائم ال تتجاوز 24ساعة.
وما حملنا على القيام بهذه المقارنة بين النظامين (المغربي والفرنسي) ليس تقدم
أو رقي النظام القانوني الفرنسي أو الالتيني على وجه العموم فيما يتصل بموضوع
بحثناي بل يرجن إلى مصدر القوانين الفرنسية لنظيره المغربيي فما دام المشرع
يستقي جل قوانينه من القانون الفرنسي األولى به أن يقتفي أثره في محاسن النص
وليس في مساوئه فقط.
وبالتالي جاز لنا اعتبار مقتضيات المادة 66من ق.م.ج فيما يتعلق بحقوق
الدفاع خرق ظاهر ألصل البراءةي ألن المتأمل في المقتضيات المومأ إليها أعاله
يجد المشرع عندنا يتعامل من المشتبه فيه وكأنه أدين بحكم قاطني فال يوجد مبرر
لكل هذا التخوف حسب اعتقاد المشرعي والخروج عن منطق التوازن بين حقين
أحدهما عام يمثله المجتمن وآخر خاص مرتبط بحق الفرد في محاكمة عادلة الذي
بنيت عليه فلسفة المسطرة الجنائية.
356الحسن بكاري المحاكمة العادلة على ضوء المستجدات الدستورية وتعديالت قانون المسطرة الجنائيةي م.سي ص.74
75
174
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
صحيح أن أصل البراءة ليس حق مطلقي بمعنى ال يرد عليه أي استثناءي لكن
هذا االستثناء يبقى ضيق يتمثل في صدور حكم نهائي باإلدانة بناء على محاكمة
فبدل أن يتعامل المشرع من األصلي ينطلق هذا األخير من االستثناء 357
عادلةي
رغم عدم توفر شروطه مما ينعكس سلبا على جوهر نصوص قانون المسطرة
الجنائيةي ويضعنا أمام محاكمة يصعب القول بعدالتها
أما بانتقالنا لمرحلة التحقيق اإلعدادي فإن أهم المقتضيات التي تعبر عن انتهاك
المشرعألصل البراءة تلك االحكام المتصلة باالعتقال االحتياطيي فإذا كان نفس
المشرع قد أضفى على هذا التدبير وصف االستثنائي المادة 119من ق.م.جي لكن
مضمون هذا التدبير يجعله أصال والقيام بالتحقيق في حالة سراح استثناءي ولعل مرد
ذلك يعود ألسباب عدة من بينها استعمال مشرع المسطرة جي مصطلحات تتسم
بالع مومية لدرجة أنها صعبت على الفقه والقضاء ضبطها من قبيل النظام العام فهذا
األخير استعصى على الفقه وضعه ضمن مفهوم موحدي أو لمبررات متعلقة بسير
التحقيقي فقد يبدو للوهلة األولى وجيهاي خاصة حينما يلجأ إليه قاضي التحقيق كآلية
من شأنها الحيلولة دون فرار المتهم من وجه العدالةي لكنه غير صالح لتبرير اللجوء
إلى اعتقال المتهم في جمين الحاالتي إذ ال يجب أن ننسى أن التمسك بهذا المنطقي
يضفي في عمق األشياء طابن اإلدانة على المتهم رغم أنه لم يعرض على المحاكمةي
وما يزيد األمر سوء كون المشرع عندنا لم ينص بنص صريح على الحق في
ا لتعويض الناتج على االعتقال االحتياطي في حالة الحكم باإلدانةي أو اتخاذ قرار
358
عدم المتابعة.
357
Marine POUIT,Les atteintes à la présomption d’innocence en droit pénal de fond,
Université Paris II Panthéon - Assas Master II Droit pénal et sciences pénales Dirigé par
Monsieur le Professeur Yves MAYAUD, année 2013, page 14
358محمد أحدافي التكلفة االقتصادية والحقوقية لنظام االعتقال االحتياطيي من أجل حكامة قضائية رشيدةي م.سي ص32
وما بعدها.
175
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
أما حين ننطلق من أصل البراءة وحرية القاضي في تكوين قناعته فالمسألة
واضحة وال ت حتاج إلى بياني فاالنطالق من المبدأ األول يرتب آليا المبدأ الثانيي
غير أن المشرع عندنا لم يلتزم ال بمبدأ أصل البراءة وال بحرية القاضي في تكوين
قناعتهي حينما أعطى لبعض المحاضر حجية مطلقة ال يمكن الطعن في مضمونها
كالمحاضر 360
إال بالزور وال تقبل غير هذه الوسيلة المادة 292من ق.م.ج
المنجزة في إطار (مدونة الجماركي ومخالفات المياه والغابات )...ليشرع لنا
التساؤل حول مدى أهمية حرية االقتناع لدى القاضي الجنائي في إصدار األحكام.
فإذا كان المقصود بحرية االقتناعي أن القاضي الجنائي يحكم بحسب ما اطمأن
إليه ضميرهي وهو ما عبر عنه المشرع عندنا في المادة 286من ذات القانون361ي
فالحقيقة أن ضابط الشرطة القضائية هو من يصدر األحكام ودور القاضي متوقف
على تالوتها فقطي فهل هذا يعني أن المتهم قد ال يوقن على المحاضر تحت ضغط
اإلكراه أو بسبب التعذيب الممارسي وكأن البراءة كأصل تحولت إلى استثناء ما دام
مصير المتهم في بعض المحاضر معروف مسبقا فقط ننتظر خروجه إلى حيز
الوجود.
وبالتالي فإذا كان قانون المسطرة الجنائية لم يكن وفيا ألصل البراءة في
نصوصه القانونيةي فهذا األمر له انعكاسه السلبي على ضمان محاكمة عادلةي لهذا
359محمد عبد النباويي ضمانات المحاكمة العادلة مرحلة جمن االستدالالتي م.سي ص 24
360المادة 222من قانون المسطرة الجنائية
361الحبيب بيهيي شرح قانون المسطرة الجنائية الجديدي الجزء األول -م.سي ص 286
176
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
كنا ننتظر من القضاء أن يسد تلك الثغرات من خالل مقرراتهم القضائية مادام
القضاء يجب عليه التطبيق العادل للقانوني فهل كان القضاء الجنائي عندنا على
وعي تام بمضمون أصل البراءة؟ ومدى تجسيد المقررات القضائية لهذا األصل؟
على مستوى مرحلة البحث التمهيدي وبالتحديد إجراء الحراسة النظرية نجد
القضاء عندنا متمثل في محكمة النقض موقفه يعبر عن غرابة ال تحتاج ال لتأكيدها
أو البرهنة عليها فهو (محكمة النقض) يرى بأنه حتى ولو نص المشرع على مدة
الحراسة لمدة 48ساعة فإن احتفاظ الضابطة القضائية بالمشبوه فيه -والمتهم بريء
إلى أن تثبت إدانته -ولو لسنة أو لعدة سنوات ال يهمي ما يهم هو أن المحضري
واألدلة كلها منتجة بالنسبة للدعوى العمومية.
وترسيخا لتوجهه الغريب أكد المجلس األعلى سابقا (محكمة النقض حسب
التسمية الحالية) وفي أكثر من مناسبة على أن القواعد المتعلقة بالوضن تحت
الحراسة النظرية لم يقررها القانون تحت طائلة البطالن وعليه فال يمكن أن يترتب
عن خرقها تلك النتيجة إال إذا ثبت عدم مراعاتها جعل البحث عن الحقيقة وإثباتها
مشوبين بعيوب في الجوهر.
وقد قررت محكمة النقض بأن للنيابة العامة الحق في تمديد الوضن تحت
الحراسة النظرية رغم بقاء المشبوه فيه بمخفر الضابطة مدة تقارب السنة بل إن
المجلس األعلى تجاوز كل التبريرات الممكنة وأضفى كما لو كان هو نفسه المشرع
قحسب تعبير بعض الفقهق طابن المشروعية على اعتقاالت تحكمية خارج إطار ما
177
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
ينص عليه القانون حينما قال قبأن تجاوز المدة ال يمكن أن يؤدي إلى البطالن ولو
362
تجاوزت السنة.
وهو ما عبر عنه المجلس األعلى في موضن آخر حينما اعتبر أن القواعد
المتعلقة بالوضن تحت الحراسة النظرية غير مقرر تحت طائلة البطالن وعليه ال
يمكن أن يترتب عنها بطالن المسطرة إال إذا ثبت أن عدم احترامها جعل البحث عن
الحقيقة وإثباتها مشوبين بعيوب في الجوهري قرار صادر بتارين .1971/1/26
وفي قرار آخر اعتبرت نفس المحكمة أنه لئن كان قانون المسطرة الجنائية في
الفصلين 66و 81منه قد حدد مدة الوضن تحت الحراسة النظريةوعبر على ذلك
بصيغة الوجوب فإنه لم يرتب جزاء البطالن على عدم احترام ذلك كما فعل بالنسبة
للمقتضيات المنصوص عليها في بعض الفصولي(المادة األول م 61و62وو64
و61منه) إذ قد يتعذر تقديم الشخص في الوقت المحدد ألسباب تتعلق بالبحث كما
هو الحال في النازلة التي تطلبت القيام بالعديد من المعاينات وليس في هذا ما يمكن
363
اعتباره خرقا لحقوق الدفاع أو مسا بحريات األفراد.
يبرر المجلس األعلى توجهه هذا بكون المادة 66لم ترتب جزاء كما فعل
ذات المشرع من تفتيش المنازلي فالغريب هنا أن هذا التبرير يشكل حجة عليه
وليس ح جة لهي مادام أن إمكانية القياس متحققة هنا التحاد العلة فكل من تفتيش
المنازل والحراسة النظرية يرتبطان بحقوق أساسية للمشتبه فيهي بل األولى تطبيقه
على الحراسة النظرية ألن المسألة تتعلق بالحق في الحرية باعتباره حقا طبيعيا ال
يقيد إال في حالت استثنائية جدا وطبقا للقانوني وبالتالي فتوجه محكمة النقض يشكل
365
خرقا ألحكام الفصل 23من دستور .2111
حتى على فرض عدم انتباه محكمة النقض لمقتضيات المادة 711من
ق.م.ج رغم صراحتها أو الفصل 23من الدستوري فاالنطالق من جوهر المادة
من ق.م.جي ونقصد أصل الباءة واستحضاره من لدن قضاء محكمة 366
األولى
النقض عندنا يجعلها بمنأى عن التوجه أعالهي ألن هذه األخيرة حسب منطوق المادة
أعاله ال زالت أمام بريء بمقتضى الطبيعة وبحكم القانوني وعليه فأي تأويل لنص
قانوني أو إجراء من إجراءات المسطرة الجنائية يتعين أن تنطلق فيه من المبدأ
أعالهي (أصل البراءة)ي ألن التوجه أعاله يضعنا أمام فرضية واحدة هو أن محكمة
النقض تعتبر الشخص الموضوع قيد الحراسة النظرية مدان.
-إذا انطلقنا من فرضية رغم عدم صحتها كون المشرع لم يتجه قصده نحو
ترتيب جزاء على مخالفة المدة أعاله وهذا مستبعد عقال وقانونا وفق المومأ إليه
سلفاي فالقضاء وظيفته في هذه الحالة أن يصلح هذا العيب ألن القضاء في جمين
األحوال مدعو لتطبيق جوهر النص القانوني واالبتعاد عن حرفية النص وفق
367
منطوق الفصل 111من الدستور.
أما بخصوص مرحلة التحقيق وعلى وجه الخصوص تدبير االعتقال االحتياطي
قد ال نبالغ إن قلنا أن القضاء ببالدنا (قضاء التحقيق) حول هذا التدبير من استثناء ال
يلجأ إليه إال في حاالت ضيقة جدا وال يتوسن في تفسيره أو يقاس عليهي إلى أصل
يعطى األمر بإنفاذه حسب مزاج قاضي التحقيق وهواه في تأويله لمقتضيات هذا
التدبيري ولعل ما يؤكد صواب ما قلناه هي االحصائيات التي كشف عنها المرصد
المغربي للسجوني حيث وصل عدد المعتلين احتياطيا في سنة 2112ي 32ألف و
626معتقال احتياطياي من مجموع عدد السجناء الذي يصل إلى 71ألف و 621
368
سجينا في شتنبر .2112
وبالتالي فهذا يعطينا تصور واضح عن حجم الممارسة القضائية غير السليمة
ببالدناي فإذا كان المشرع قد أسبغ صراحة على االعتقال االحتياطي وصف التدبير
االستثنائي قفال يجب اللجوء إليه إال عند الضرورة القصوى وليس بطريقة آليةق
غير أن الممارسة القضائية لألسف ال تتوافق بالضرورة ما يقضي به صراحة
أحكام قانون المسطرة الجنائية.
وفي مجمل األحوالي ال يمكن تبرير اعتقال متهم على أساس فرضيات أثبتت
عدم صحتها مثل احتمال انتقامه من المجتمن أو فرارهي أو سعيه إلى تبديد وسائل
اإلثباتي فمن غير المقبول االعتداء على الحريات الفردية بسبب االحتماالتي األمر
الذي ال يجب أن يمنحنا القوة لالعتراف بأنه حقا مجرد تدبير استثنائيي لكن وهذا
هو األهم يجب تغيير مضمون الممارسة القضائية ألجل ترجمة هذه الطبيعة
369
االستثنائية وتأكيدها تطبيقا وعمال.
على الرغم من أن محكمة النقض كانت تقضي بين الفينة واألخرى بوجوب
لألسف 370
إبراز مبررات االعتقال االحتياطيي قرار صادر بتارين 1991/4/11
فقضاة التحقيق ال يلتزمون باجتهادات محكمة النقض من العلم أن االجتهاد القضائي
368هذه اإلحصائيات أوردها محمد العروصييفي مقاله بعنوان العمل ألجل المنفعة العامة وفقا لمسودة مشروع القانون
الجنائيي منشور بمجلة العلوم الجنائيةي العدد الثاني 2115ي ص 118في الهامش
369محمد أحدافي التكلفة االقتصادية والحقوقية لنظام االعتقال االحتياطيي من أجل حكامة قضائية رشيدةيم.سي ص .44
45
370قرار صادر عن المجلس األعلى بتارين 1221/4/25تحت عدد 3487أورده د .محمد بوفقيري في كتابه قانون
المسطرة الجنائية والعمل القضائي المغربيي م.سي ص141
181
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
يشكل إحدى مصادر التشرين التكميليةي تحت دريعة وهي على أية حال غير
مستساغة عقال ومنطقا منح قاضي التحقيق سلطات واسعة تحرره من أي قيد يرد
371
عليها.
بقي لنا أن نشير في آخر هذه الدراسة إلى مسألة الحجية المطلقة لمحاضر
الجنح المنصوص عليها في 292من ق.م ج فهذه األخيرة تثير حقيقة تناقض بين
ذات المشرعيفواضن قانون م.ج نص على حرية اإلثبات في المادة الجنايةي
وارتباطا بذات الموضوع منن كل اعتراف تم انتزاعه بالعنف أو اإلكراه (م 293
ق.م.ج) لتأتي الممارسة القضائية وتكرس هذا االنتهاك للحق في محاكمة عادلة.
حيث جاء في قرار المجلس األعلى بأن المحاضر التي تحرر من طرف
شخصين من رجال الجمارك في المسائل الماليةي يوثق بها إلى أن يدعى فيها
بالزوري ولهذا الغرض يتعرض للنقض الحكم الذي اعتبر محضرا من هذا النوع
باطالي استنادا إلى إثبات ما يخالفه بشهادة الشهود والقرائن.372
إن المادة المومأ إليها أعاله تضعنا أمام مجموعة من االستفسارات أهمها:
إذا كان قانون المسطرة الجنائية قد قرر حرية اإلثبات وأن الحكم او القرار
الجنائي القاضي باإلدانة ال يصدر إال بناء على قناعة تامة ال يشوبها شكي فالمالحظ
هنا ان الموظفين المكلفين بتحرير المحاضر في الحقيقة هم من يتكلفان بإصدار
األحكام وينحصر دور القاضي فقط في تالوة هذا الحكم مادام أن المحضر سالف
الذكر يحوز حجية مطلقة وال يمكن الطعن فيه إال بالزور.
إذا انطلقنا من فرضية أن المحضر أعاله يتضمن تعزيز براءة المتهمي
واعتراف هذا األخير بارتكابه للجريمة فالقاضي في هذه الحالة ملزم باإلعالن عن
البراءةي رغم ثبوت اإلدانة في حق المتهم أعاله.
371محمد أحدافي التكلفة االقتصادية والحقوقية لنظام االعتقال االحتياطيي من أجل حكامة قضائية رشيدةي م .ني ص 53
372قرار عدد 1811بتارين 24نونبر 1277أورده د .الحبيب بيهي في هامش كتابه شرح قانون المسطرة الجنائية الجديد
-الجزء األول-م.سي ص 311
181
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
كما يتضح الطابن الالمعقولي لهذا النوع من المحاضري لكونها تنطوي على
حجية مطلقةي تهدم مبدأ حرية اإلثبات وحرية االقتناعي في حين أن محررها ليس
معص وم من الخطأي مما يجعل التساؤل مطروحاي حول السبب الذي دفن المشرع
ألن يضفي هذه الحجية المطلقة على هذا النوع من المحاضري علما بأن مسطرة
373
االدعاء بالزور مسطرة معقدةي وليس لها حظوظ لتفنيد محتوى المحضر.
صحيح أن هذه الجرائم تكتسي طابن اقتصادي وبالتالي يصعب إثباتها بشهادة
الشهود أو القرائني لكن ما يعزز مخاوفنا ان هذه المحاضر تتم في سرية تامة بناء
على النظام التفتيشي المقرر في مرحلة البحث التمهيدي.
أيضا للقضاء دور في تكريس هذا االنتهاك الملموس ألصل البراءة حينما ال
يكلف نفسه عناء البحث عن الحقيقة عندما يتعلق االمر بمحاضر الجنح المنصوص
عليها في الفصل 291ق.م.ج وهي تتعلق بالجنح والمخالفات.374
خاتمة:
373محمد اإلدريسي العلمي المشيشيي مالءمة قانون المسطرة الجنائية من مبادئ حقوق اإلنساني منشورات المجلس
الوطني لحقوق اإلنساني م.سي ص 221
374الفصل 221من قانون المسطرة الجنائية
182
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
الصلة بأصل البراءة هو تأثيرها السلبي على القضاء عندناي الذي عليه ان يستحضر
مسألتان أساسيتان وهو يبت في قضية جنائية:
والمسألة الثانية :ان يطبق قاض الحكم النص القانوني تطبيقا عادالي بمعنى أدق
ان يطبق القاضي روح النص القانوني.
من هنا نخلص إلى تساؤل نرجو أن يكون موضوع أبحاث أخرى والمتمحور
حول موقف مسودة مشروع قانون المسطرة الجنائية من مبدأ أصل البراءة ومدى
تجاوز سلبيات النصوص سالفة الذكر؟
183
مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد / 11السنة الثالثة 0202
184