You are on page 1of 184

‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫فعالية المفاوضات الجماعية في حل نزاعات الشغل ________ وفاء بونكاب‬

‫المسؤولية القانونية لضباط الشرطة القضائية ______________ نجاة الناجي‬

‫إشكالية إنهاء الرابطة الزوجية في الزواج المختلط _________هشام عاللي‬

‫دور السجل العدلي في حسن سيرة األشخاص الذاتيين‬

‫و االعتباريين _____________________________________ الشرقي الحراث‬

‫قراءة في المخطط اإلستراتيجي‪ 0201- 0212‬إلدارة‬

‫الجمارك والضرائب غير المباشرة ______________________ فاطمة العسري‬

‫خصوصية الجزاء الزجري للجريمة االستهالكية في‬

‫مرحلة تكوين العقد _______________________________الحسين الشماخ‬

‫مؤسسة مندوبي األجراء ومحدودية المهام _____________عثمان الوجدي‬

‫أصل البراءة كضابط لمحاكمة عادلة ____________________ منعم اليزيدي‬

‫‪1‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫‪2‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية‬


‫العدد الحادي عشر للسنة الثالثة ‪0202‬‬

‫اشراف وتنسيق‪:‬‬
‫د ابراهيم اشويعر‬ ‫د‪ .‬المصطفى الغشام الشعيبي‬

‫الطبعة‪ :‬األولى ‪0202‬‬

‫العدد‪ :‬الحادي عشر للسنة الثالثة من مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية‬

‫اإليداع القانوني ‪20019PE0031 :‬‬

‫‪ISSN : 2665-8232‬‬ ‫ردمد ‪:‬‬

‫توزيع‪ :‬دار السالم للطباعة والنشر والتوزيع ‪ -‬الرباط‬

‫مالحظة‪ :‬المواد المنشورة في المجلة تعبر عن آراء أصحابها‪ ،‬وال تمثل رأي المجلة‪.‬‬

‫جميع الحقوق محفوظة ‪0202‬‬

‫لمجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية‬

‫‪3‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫مـجلة عدالة‬
‫للدراسات القانونية والقضائية‬

‫مدير المجلة‬
‫‪ :‬دكتور في الحقوق‬ ‫د‪ .‬المصطفى الغشام الشعيبي‬

‫رئيس تحرير المجلة‬


‫‪ :‬دكتور في الحقوق‬ ‫د‪ .‬إبراهيم اشويعر‬

‫‪4‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫اللجنة العلمية‬
‫‪ :‬أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بالدار البيضاء (القانون الخاص)‬ ‫د‪ .‬محمد الكشبور‬
‫‪ :‬أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بالرباط (القانون الخاص)‬ ‫د‪ .‬عبد السالم فيغو‬
‫‪ :‬أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بوجدة (القانون الخاص)‬ ‫د‪ .‬ادريس الفاخوري‬
‫‪ :‬أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بطنجة ( القانون العام)‬ ‫د‪ .‬محمد يحيا‬
‫‪ :‬أستاذة التعليم العالي بكلية الحقوق بطنجة (القانون الخاص)‬ ‫دة‪ .‬وداد العيدوني‬
‫‪ :‬أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بطنجة (القانون العام)‬ ‫د‪ .‬محمد العمراني بوخبزة‬
‫‪ :‬أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بتطوان (القانون الخاص)‬ ‫د أحمد الوجدي‬
‫‪ :‬أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بالرباط (القانون الخاص)‬ ‫د‪ .‬عبد الرحمان الشرقاوي‬
‫‪ :‬أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بطنجة (القانون الخاص)‬ ‫د‪ .‬عبد هللا أشركي أفقير‬
‫‪ :‬قاضية سابقة وأستاذة زائرة بكلية الحقوق بطنجة (القانون الخاص)‬ ‫دة‪ .‬رشيدة أحفوض‬
‫‪ :‬أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بفاس (القانون الخاص)‬ ‫د‪ .‬محمد بوزالفة‬
‫‪ :‬أستاذ التعليم العالي بكلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بسطات‬ ‫د‪ .‬امحمد أقبلي‬
‫‪ :‬مستشار بمحكمة النقض (القانون الخاص)‬ ‫د ‪ .‬حسن فتوخ‬
‫‪ :‬أستاذ التعليم العالي بالكلية المتعددة التخصصات بالناظور (القانون الخاص)‬ ‫د‪ .‬أحمد خرطة‬
‫‪ :‬أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بطنجة (القانون الخاص)‬ ‫د‪ .‬أمين اعزان‬
‫‪ :‬أستاذ التعليم العالي بجامعة عبد المالك السعدي (القانون الخاص)‬ ‫د‪ .‬إبراهيم الهراوة‬
‫‪ :‬أستاذ التعليم العالي مؤهل بكلية الحقوق بتطوان (القانون الخاص)‬ ‫د‪ .‬نور الدين الفقيهي‬
‫‪ :‬أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بسطات (القانون الخاص)‬ ‫د‪ .‬كريم الصبونجي‬
‫‪ :‬أستاذ التعليم العالي مؤهل بالكلية المتعددة التخصصات بالناظور (القانون‬ ‫د‪ .‬نجيم اهتوت‬
‫الخاص) (القانون الخاص)‬
‫‪ :‬أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بالرباط (القانون الخاص)‬ ‫د‪ .‬عبد المهيمن حمزة‬
‫‪ :‬أستاذ القانون الخاص بالكلية المتعددة التخصصات بالراشدية‪.‬‬ ‫د‪ .‬حميد اليسسفي‬
‫‪ :‬دكتور في الحقوق عضو المركز المغربي للدراسات القانونية والقضائية‬ ‫د‪ .‬يوسف أديب‬
‫محام متمرن بهيئة المحامين لدى محاكم االستئناف بأكادير كلميم والعيون‬
‫(قانون خاص‬
‫‪ :‬أستاذة التعليم العالي بكلية الحقوق بمكناس –جامعة المولى إسماعيل (قانون‬ ‫دة‪ .‬منية بنمليح‬
‫عام)‬
‫‪ :‬دكتور في القانون العام أستاذ زائر بكلية المتعددة التخصصات بالعرائش‬ ‫د‪ .‬خليل اللواح‬
‫دكتور في الحقوق أستاذ زائر بكلية الحقوق ومحامي بهيئة الجديدة‬ ‫د‪ .‬مصطفى بن شريف‬

‫قواعد النشر‬

‫‪ .1‬مجلةةة عدالةةة للدراسةةات القانونيةةة والقضةةائيةي مجلةةة علميةةة أكاديميةةة محكمةةة تهةةتم‬
‫باألبحاث والدراسات القانونية والقضائية بأسلوب علمي أكاديمي موثق‪.‬‬
‫‪ .2‬يجب أن ترسل المقاالت وجوبا في شكل مرفق عبر البريد اإللكتروني للمج لة ال مدون‬
‫أد ناه وي شترط أن ي كون الم قال مكتو با ببر نامج ‪ Microsoft Word‬بن سق ‪ ( RTF‬نوع ال خط‬
‫بالعرب ية ‪ Traditional Arabic‬مقا سه‪ 11 :‬ي أ ما الل غة األجنب ية ف نوع ال خط ‪Times :‬‬
‫‪ New Romain‬مقاسه‪)12 :‬ي ويجب ان ترقم الصفحات ترقيما تسلسليا‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫‪ .3‬تر فق ال مادة المقدمةة للن شر بن بذة عةن ال سيرة الذات ية للباحةث مت ضمنة أ سمه باللغةة‬
‫العربية وبالحروف الالتينية‪.‬‬
‫‪ .4‬يجب أن توثق مادة النشر كما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬بالن سبة للك تب‪ :‬ا سم المؤ لف ي ع نوان الك تابي دار الن شر (النا شر)ي م كان الن شر و سنة‬
‫النشري ورقم الصفحة‪.‬‬
‫‪ -‬بالنسبة للمجالت‪ :‬إسم المؤلفي ع نوان الم قالي ع نوان المج لةي ال عددي م كان الن شر و سنة‬
‫النشري ورقم الصفحة‪.‬‬
‫‪ -‬بالنسةةبة لمراجةةن األنترنيةةت‪ :‬إسةةم المؤلةةفي قعنةةوان المقةةالقي تةةارين التصةةفحي العنةةوان‬
‫اإللكتروني كامال (يشمل الملف)‬
‫‪ .1‬يجب أال يكون البحث المراد نشره قد سبق ن شره في مج لة أ خرى وأن يتم يز بال جدة‬
‫واألصالة واحترامه لمنهجية البحث العلمي األكاديمي وأصوله العلمية المتعارف عليها‬
‫‪ .6‬االهتمام بالمقال المراد نشره وذلك بتصحيح األخطاء اإلمالئية واللغوية والتقن ية ت حت‬
‫طائلة عدم قبول المادة المقدمة للنشر‪.‬‬
‫‪ .7‬ضرورة و ضن ال هوامش أ سفل كل صفحة و كل م قال وردت هوام شه في آ خره ي عد‬
‫غير مقبول للنشر‪.‬‬
‫‪ .8‬يمكةن للمجلةةة إذا رأت ضةةرورة لةةذلك إجةةراء بعةض التعةةديالت الشةةكلية علةةى المةةادة‬
‫المقدمة دون المساس بجوهرهاي والمجلة غير ملزمة برد المقاالت غير المقبولة للنشر‪.‬‬
‫‪ .9‬تعبر مضامين المواد المنشورة في المجلة عن آراء أصحابهاي وال تمثل رأي المجلة‪.‬‬
‫‪ .11‬تخضن جم ين الم قاالت المر سلة للمج لة للتق ييم والتح كيم من التنب يه ع لى أن كل م قال‬
‫يخالف شروط النشري لن يؤخذ بهي والمجلة غير معنية بإعالم صاحب المقال بذلك‪.‬‬
‫‪ .11‬ترسةةل جميةةن المقةةاالت والمةةواد القانونيةةة والقضةةائية العلميةةة المةةراد نشةةرها وتوجةةه‬
‫المراسالت عن طريق البريد اإللكتروني للمجلة ‪.revueadala@gmail.com‬‬
‫‪ .12‬نشةةر المقةةاالت واألبحةةاث فةةي المجلةةة يةةتم مجانةةاي ويمكةةن اإلشةةتراك للحصةةول علةةى‬
‫مجموعة من الخدمات التالية‬
‫‪ .13‬مجلة عدالة للدراسات القانون ية والق ضائية مج لة علم ية محك مة تع نى بن شر الدرا سات‬
‫واألبحاث القانونية والقضائية مجانا‪.‬‬
‫‪ .14‬يمكةةن طلةةب اإلشةةتراك بالمجلةةة عبةةر مراسةةلتنا علةةى البريةةد اإللكترونةةي للمجلةةة‬
‫‪ revueadala@gmail.com‬وت ضمن ر سوم اإل شتراك ال سنوي الح صول ع لى ال خدمات‬
‫التالية ‪:‬‬
‫‪ ‬نسخة من اصدارات المجلة سواء االلكترونية او الورقية‬
‫‪ ‬شهادة النشر والوعد بالنشر‬
‫‪ ‬العضوية في اللجنة االستشارية للمجلة‬
‫شهادة تحكيم المقال موقن من طرف محكم معتمد عضو اللجنة العلمية للمجلة‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫دراسات وأبحاث‬

‫فعالية المفاوضات الجماعية في حل نزاعات الشغل_______________________ ‪8‬‬

‫المسؤولية القانونية لضباط الشرطة القضائية _________________________ ‪32‬‬

‫إشكالية إنهاء الرابطة الزوجية في الزواج المختلط ______________________ ‪32‬‬

‫دور السجل العدلي في حسن سيرة األشخاص الذاتيين و االعتباريين____________ ‪23‬‬

‫قراءة في المخطط اإلستراتيجي‪ 3130-3102‬إلدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة ‪88‬‬

‫خصوصية الجزاء الزجري للجريمة االستهالكية في مرحلة تكوين العقد ________ ‪002‬‬

‫مؤسسة مندوبي األجراء ومحدودية المهام __________________________ ‪038‬‬

‫أصل البراءة كضابط لمحاكمة عادلة _____________________________ ‪050‬‬

‫‪7‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫فعالية المفاوضات الجماعية في حل نزاعات الشغل‬

‫وفاء بونكاب‬
‫دكتوره في القانون الخاص‬
‫مقدمة ‪:‬‬

‫تعتبر المفاوضة الجماعية من أهم العناصر لتحريك و تنشيط قانون الشغل‬


‫والعالقات المهنية إذ تستطين أن تمنح الفرقاء االجتماعيين شبه استقاللية في إيجاد‬
‫أنظمة تنظم عالقاتهم ي كما تساعد في تحسين شروط الحياة العملية و المهنية للعمال‬
‫داخل المؤسسة عن طريق تنظيم العمل و تحديد ساعاته ي و الوقاية من حوادث‬
‫الشغل باإلضافة إلى األمور المتعلقة باألجوري وتكسي العالقات الجماعية ‪,‬أهمية‬
‫بالغة الخطورة بحيث قد تؤثر على االستقرار والسلم االجتماعيين وقد تخلق آثارا‬
‫سلبية على الحركية االقتصادية واالستثمار مما ينعكس على فرص الشغل والتشغيل‬
‫في نهاية المطافي ولقد أوجد المشرع المغربي في هذا الصدد عدة آليات قانونية‬
‫يمكن من خاللها الوصول إلى هذه الغاية من أهمها المفاوضة الجماعيةي هاته‬
‫األخيرة التي تعتبر إحدى المستجدات التي جاءت بها مدونة الشغلي قد عرفت الفقرة‬
‫األولى من المادة ‪ 22‬من مدونة الشغل المغربي قالمفاوضة الجماعية بأنها الحوار‬
‫الذي يجري بين ممثلي المنظمات النقابية لألجراء األكثر تمثيال أو االتحادات النقابية‬
‫لألجراء األكثر تمثيال من جهةي وبين مشغل أو عدة مشغلين أو ممثلي المنظمات‬
‫المهنية للمشغلين من جهة أخرى‪ .‬ق‬

‫وتظهر أهمية الموضوع في كون المفاوضة الجماعية آلية من اآلليات القانونية‬


‫المساهمة بشكل كبير في استقرار عالقات الشغل الجماعية وبالتالي فتح الباب نحو‬
‫تقدم وتنمية اقتصادية واجتماعية‪.‬ي ولقد قطعت المفاوضة الجماعية عدة مراحل إلى‬
‫اليوم حيث أنه نتيجة للتوجهات الجديدة للمشرع والمتمثلة أساسا في رغبته في‬
‫‪8‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫تكريس أنظمة ومبادئ قانونية تساير التطورات االقتصادية واالجتماعية التي‬


‫أصبحت تعيشها البالد تحت ضغط العولمة والتطورات االقتصادية الدولية بما فيها‬
‫من ايجابيات وسلبيات تستدعي التصدي لها لمسايرة ركب التطور الذي يعرفه‬
‫المجتمن الدولي‪ 1‬من األسباب التي دفعت بالمشرع إلى إصدار مدونة الشغل الجديدة‬
‫والتي من بين ما جاءت به إحداث مجموعة من آليات التشاور والتفاوض لحل‬
‫نزاعات الشغل التي تنشا بين المشغل واألجير في سبيل تكريس السلم واألمن‬
‫االجتماعي وتحقيق التنمية االقتصادية‪2‬ي ومن هنا يطرح اإلشكال التالي ‪ :‬إلى أي‬
‫حد استطاعت المفاوضات الجماعية تحقيق النجاعة في حل نزاعات الشغل؟‬

‫المبحث األول ‪ :‬دور المفاوضات الجماعية في تكريس السلم االجتماعي‬

‫تعد المفاوضات الجماعية من أهم المستجدات التي عرفتها مدونة الشغل كآلية‬
‫جديدة لتحسين ظروف العمل ي و تحديد شروطه ي و تنظيم العالقات بين المشغلين و‬
‫األجراء ي باإلضافة إلى تنظيمها للعالقات بين المشغلين والمنظمات المهنية من جهة‬
‫ي و بين منظمة أو عدة منظمات نقابية لألجراء األكثر تمثيالي فالمفاوضات الجماعية‬
‫أصبحت من أهم الوسائل البديلة لتفادي نزاعات الشغل الجماعية ي و تكريس السلم‬
‫االجتماعي داخل المقاولة وتعد أيضا من أهم الوسائل لخلق القواعد التي تحكم‬
‫عالقات الشغل كما يساهم نجاح المفاوضة الجماعية في تأسيس عالقات مهنية‬
‫مستقرة وتحقيق التوازن في عالقات الشغل بين األجراء و المشغلين لتحقيق‬
‫االستقرار والسلم الذي ينعكس إيجابا على العاملين و على دورة اإلنتاج‪.‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬المفاوضات الجماعية في التشريع المغربي والمقارن‬

‫‪1‬ـ نص العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية‪ ،‬الصادر بتاريخ ‪ ،0811‬في الفقرة الثالثة من مادته ال‪ ،35‬على أن‬
‫تكون لكل مواطن‪ ،‬دون أي تمييز‪ ،‬مجموعة من الحقوق‪ ،‬منها أن تتاح له‪ ،‬على قدم المساواة عموما مع سواه‪ ،‬فر صة تق لد‬
‫الوظائف العامة في بلده‪ .‬ومن جانبه‪ ،‬نص اإلعالن العالمي للتقدم االجتماعي والتنمية‪ ،‬الصادر عن األ مم المت حدة في ‪00‬‬
‫دجنبر ‪ ،0818‬في مادته السادسة‪ ،‬ع لى أن اإلن ماء والت قدم االجت ماعي وكرا مة ال شخص اإلن سانية يقت ضيان أن يُكف ل ل كل‬
‫إنسان حق العمل وحرية اختيار العمل‪.‬‬
‫‪2‬ـ ينص الفصل ‪ 20‬من الدستور المغربي لسنة ‪ 3100‬بأن "تعمل الدولة والمؤس سات العموم ية والجما عات التراب ية ع لى‬
‫تعبئة كل الوسائل المتاحة لتيسير أسباب استفادة المواطنات والمواطنين على قدم المساواة من الحق في‪ :‬الشغل وا لدعم من‬
‫طرف السلطات العمومية في البحث عن منصب شغل أو في التشغيل الذاتي"‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫إن المفاوضات الجماعية تعد وسيلة فعالة لتسوية المنازعات الجماعية و تحسين‬
‫ظروف العمل ي باعتبارها أسلوب مباشر للحوار و النقاش بين طرفي المنازعة‬
‫الجماعية ي حيث يلتقي ممثلو العمال من صاحب العمل لتبادل اآلراء و اقتراح‬
‫الحلول الممكنة لحل النزاع المطروح ي و على الرغم من أن مسالة تحديد المفاهيم و‬
‫التعاريف من اختصاص الفقه و القضاء فإن المشرع المغربي و المقارن قام‬
‫بتعريف المفاوضة الجماعية ‪ .3‬و هكذا يذهب المشرع المغربي إلى تعريفها في‬
‫المادة ‪ 22‬من مدونة الشغل على أنها ‪ :‬ق المفاوضة الجماعية هي الحوار الذي‬
‫يجري بين ممثلي المنظمات النقابية لألجراء األكثر تمثيال أو االتحادات النقابية‬
‫لألجراء األكثر تمثيال من جهة ي و بين مشغل أو عدة مشغلين أو ممثلي المنظمات‬
‫المهنية للمشغلين من جهة أخرى بهدف ‪:‬‬

‫‪ -‬تحديد و تحسين ظروف الشغل و التشغيل ‪.‬‬

‫تنظيم العالقات بين المشغلين و األجراء‬

‫‪ -‬تنظيم العالقات بين المشغلين أو منظماتهم من جهة و بين منظمة أو عدة‬


‫منظمات نقابية لألجراء األكثر تمثيال من جهة أخرى ق‬

‫يتضح من خالل مقتضيات هذه المادة أن المشرع المغربي في تعريفه‬


‫للمفاوضة الجماعية أشار لعناصرها سواء من حيث تحديد أطرافها أو تحديد‬
‫مضمونها ي أو من حيث تحديد مجاالتها و التي تتعلق بمجموع شروط و ظروف‬
‫الشغلي وتجدر اإلشارة إلى أن المشرع المغربي استمد هذا التعريف من مقتضيات‬
‫المادة الثانية من اتفاقية الشغل الدولية رقم ‪ 154‬لسنة ‪ 1281‬بشان تشجين المفاوضة‬
‫الجماعية إال أنه و على غرار هذه االتفاقية أخرج التجمن الفعلي لألجراء من نطاق‬
‫المفاوضة الجماعيةي فاألجراء مهما كان عددهم ي ال يمكنهم أن يكونوا طرفا في أية‬
‫مفاوضات جماعية ي سواء من مشغلهم أو من منظمته المهنيةي إال من خالل نقابتهم‬

‫‪ 3‬ـ مريم براهمي‪ ،‬الوسائل البديلة ل حل نزا عات ال شغل "نزا عات ال شغل نموذ جا" ر سالة لن يل دب لوم الما ستر في ال قانون‬
‫الخاص‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية طنجة‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،3103 3100‬ص ‪.83‬‬
‫‪11‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫أو منظمتهم النقابيةي إذا كان أي منهما يتمتن بصفة النقابة أو المنظمة األكثر تمثيالي‬
‫في سبيل حل نزاعات الشغل في جو يطبعه حماية حقوق األجراء والمشغلين‬
‫وحماية المقاولة من جهة أخرى‪.‬‬

‫لقد عرفت منظمة العمل الدولية من خالل المادة الثانية من اتفاقية الشغل الدولية‬
‫رقم ‪ 154‬لسنة ‪ 1281‬بأنها المفاوضات‪ 4‬التي تجري بين صاحب العمل أو‬
‫مجموعة من أصحاب األعمال ي أو واحدة أو أكثر من منظمات أصحاب األعمال‬
‫من جهة و بين منظمة عمال أو أكثر من جهة أخرى‪ 5‬و ذلك بهدف تحديد شروط‬
‫العمل و أحكام االستخدام وأيضا تنظيم العالقات بين أصحاب العمل و العمال ي‬
‫وتنظيم العالقات بين أصحاب األعمال أو منظماتهم و بين منظمة أو منظمات عمال‬
‫‪.6‬‬

‫ولقد عملت هذه االتفاقية على سد الفراغ الذي شاب االتفاقيات الدولية األخرى ي‬
‫و استجابت إلحدى األهداف التي أعلن عنها إعالن فالديلفيا الصادر لسنة ‪7 1244‬ي‬
‫لكنه انعكس سلبا على تطوير المفاوضة الجماعية االختيارية في إطار التشريعات‬
‫المحلية من مفاوضة اجتماعية تهدف إلى إبرام اتفاقية جماعية ي إلى مفاوضة‬
‫جماعية تسعى إلى مناقشة الحلول الممكنة لجمين العراقيل التي تواجهها عالقات‬
‫الشغلي و هنا يجب التمييز بين المفاوضة االجتماعية و المفاوضة الجماعية حسب‬
‫المضمون ي فكلما كان موضوع التفاوض السعي إلى إبرام اتفاقية جماعية إال و كنا‬

‫‪ 4‬ـ تعتبر االتفاقية الدولية للشغل رقم ‪ 88‬أول اتفاقية حول المفاو ضة الجماع ية باعتبار ها إ حدى الم بادئ و األ هداف ال تي‬
‫تمسك بها المنتظم الدولي في إعالن فيالدفيا و عمل على تفعيلها اإلعالن الدولي للشغل الصادر عن منظمة العمل الدولية و‬
‫الذي جعل من المفاوضة الجماعية إحدى الحقوق الملز مة أخالق يا لجم يع حكو مات ا لدول األع ضاء في المنظ مة ب ما في ها‬
‫الدول التي لم تصادق على االتفاقيات الدولية الصادرة في هذا الشأن ‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ هشام درقاوي‪ ،‬الوسائل السلمية لحل نزاعات الشغل الجماعية ورهانات الحوار االجتماعي‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في‬
‫القانون الخاص‪ ،‬جامعة محمد األول ‪ ،‬كلية الحقوق وجدة‪ ،‬السنة الجامعية‪3118 ،‬ـ ‪ ،3101‬ص ‪.02‬‬
‫‪ 6‬ـ مريم براهمي‪ ،‬الوسائل البديلة لحل نزاعات الشغل "نزاعات الشغل نموذجا"مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.83‬‬
‫‪ 7‬ـ إ عالن فيالدلف يا ال صادر عن ال مؤتمر ال عام لمنظ مة الع مل خالل دور ته ال‪ 31‬في ماي ‪ ،0833‬بمدي نة فيالدلف يا في‬
‫الوال يات المت حدة األمريك ية‪ ،‬وا لذي ي قر في ماد ته الثان ية ب حق الع مل لجم يع الب شر‪ ،‬أ يا كا نت أ عراقهم أو معت قداتهم أو‬
‫أجناسهم‪ ،‬بهدف تحقيق رفاهيتهم المادية وتقدمهم الروحي في ظروف توفر لهم الحرية والكرامة واألمن االقتصادي وتكافؤ‬
‫الفرص‪ ،‬وجعل توفير حق العمل هدفا أساسيا لكل السياسات الوطن ية والدول ية‪ ،‬وال سيما في الم يدان االقت صادي وال مالي‪،‬‬
‫ودعا إلى التشغيل الكامل ورفع المستوى المعيشي لألفراد‪.‬‬
‫‪11‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫بصدد مفاوضة اجتماعية ي في حين إذا اتسن نطاق التفاوض دون إن يحدد أطرافه‬
‫أفق في إبرام اتفاقية اجتماعية كنا أمام مفاوضة جماعية‪.8‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬مسطرة وأطراف المفاوضات الجماعية‬

‫لقد أوجب المشرع المغربي عند افتتاح المفاوضة الجماعية مجموعة من‬
‫اإلجراءات الشكلية التي تضفي عليها طابن الجدية حتى يمكن اكتشاف نية األطراف‬
‫الحقيقية و مدى رغبتهم في انطالق المفاوضة أم الي و يجب على كل طرف يرغب‬
‫في فتح المفاوضة الجماعية أن يوجه للطرف اآلخر إخطارا بذلك عن طريق رسالة‬
‫مضمونة من اإلشعار بالتوصل ي و يجب على الطرف اآلخر أن يجيب داخل أجل‬
‫سبعة أيام من تارين توصله باإلخطار و ذلك أيضا برسالة مضمونة من اإلشعار‬
‫بالتوصل قي واألمر هنا يتعلق بالحالة التي ال يجيب فيها الطرف المطالب بالتفاوض‬
‫بعد مرور أجل سبعة أيام ي وهو أمر لم تنص عليه المدونة مما يوحي بأن المفاوضة‬
‫الجماعية غير إلزامية يأما في الحالة التي يتفق فيها الطرفان على بدء عملية‬
‫المفاوضة الجماعية بحيث حرصت المدونة على التعجيل بها إذ قررت أن تجرى‬
‫داخل أجل ‪ 15‬يوم الموالية لتارين توصل الطرف الراغب في المفاوضة الجماعية‬
‫بموافقة الطرف الثاني ‪.9‬‬

‫وقد حرصت المدونة كذلك على أال تأخذ المفاوضة الجماعية وقتا طويال قد‬
‫يرهق الطرفين و يؤدي إلى فشلها بحيث حددت فترة إنجازها في خمسة عشر يوما‬
‫من تارين انطالقها ‪ .‬أما من حيث مرحلة مباشرة المفاوضة الجماعية فقد سمحت‬
‫‪8‬ـ أصدرت منظمة العمل الدولية‪ ،‬منذ تأسيسها عام ‪ ، 0808‬العديد من االتفاقيات والتوصيات في مخت لف م جاالت الع مل‪،‬‬
‫حتى بات يعرف هناك ما يسمى بالشرعية الدولية لحقوق العمل والعمال‪ ،‬والتي تكاد تكون ملزمة للجميع‪ ،‬حكومات وعماال‬
‫بناء منظمة العمل الدولية‪ .‬وقد‬
‫أساس ِ‬
‫ِ‬ ‫حجر‬
‫ِ‬ ‫ورجال أعمال‪" ،‬إذا أردت السالم فازرع العدل"‪ ،‬هكذا نقشت تلك الكلمات على‬
‫حرص دستور المنظمة على تأكيد ه ذا المعنى‪ ،‬فجاء فيه‪" :‬ال سبيل إلى إقامة سالم عالمي ودائم إال على أساس من العدا لة‬
‫االجتماعية"‪ ،‬باعتبار أن العدل االجتماعي مقرون بتوفير الشغل والحماية من البطالة وشرط الزم الستقرار السالم الدولي‪،‬‬
‫فالشغل شرط أساسي الستمرار الحياة وتقدمها‪.‬‬
‫‪9‬ـ تنص المادة ‪ 85‬من مدونة الشغل على ما يلي ‪:‬‬
‫تجرى المفاوضة الجماعية بصورة مباشرة على المستويات التالية ‪:‬‬
‫‪ -‬مستوى المقاولة ‪ :‬بين المشغل وبين نقابات األجراء األكثر تمثيال بالمقاولة؛‬
‫‪ -‬مستوى القطاع ‪ :‬بين المشغل أو المنظمات المهنية للمشغلين وبين المنظمات النقابية لألجراء األكثر تمثيال بالقطاع؛‬
‫‪ -‬المستوى الوطني ‪ :‬بين المنظمات المهنية للمشغلين وبين المنظمات النقابية لألجراء األكثر تمثيال على المستوى الوطني‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫مدونة الشغل عند بداية مرحلة التفاوض للطرفين المتفاوضين أن يعينا ممثلين لهما‬
‫و اشترطت أن يتم هذا التمثيل كتابة لتفادي أي نزاع محتمل في هذا الباب ي كما‬
‫سمحت باالستعانة بمستشارين من اختيارهما ولم تحدد نوعيتهم و عددهمي أما على‬
‫مستوى دورية المفاوضة الجماعية ي فقد استقرت مدونة الشغل على الدورية السنوية‬
‫سواء تعلق األمر بالمستوى الوطني أم بالمستوى القطاعي أم على مستوى المقاولةي‬
‫وفي إطار حرص المدونة على نجاح عملية المفاوضات أوجبت على الطرفين‬
‫المتفاوضين تقديم جمين البيانات المطلوبةي كما أوجبت على السلطات الحكومية‬
‫المكلفة بالشغل أو السلطة الحكومية المعنية طرح جمين اإلحصائيات والبيانات‬
‫االقتصادية واالجتماعية والتقنية وغيرها على أنظار أطراف المفاوضات الجماعيةي‬
‫كما ألزمت المدونة ضرورة تدوين نتائج المفاوضة في محضر أو اتفاق يوقعه‬
‫األطراف من أجل اطالع السلطة الحكومية عليه‪.‬‬

‫وفيما يتعلق بأطراف المفاوضة الجماعية تعد المنظمات النقابية للعمال طرفا‬
‫في ذلك إذ تنص المادة ‪ 25‬من مدونة الشغل على أن ‪ :‬ق تجري المفاوضة الجماعية‬
‫بصورة مباشرة على المستويات التالية‬

‫‪ -‬المستوى المقاولة ‪ :‬بين المشغل و بين نقابات األجراء األكثر تمثيال‬


‫بالمقاولة‪.‬‬

‫مستوى القطاع ‪ :‬بين المشغل أو المنظمات المهنية للمشغلين و بين المنظمات‬


‫النقابية لألجراء األكثر تميد بالقطاع ‪.‬‬

‫‪ -‬المستوى الوطني ‪ :‬بين المنظمات المهنية للمشغلين و بين المنظمات النقابية‬


‫لألجراء األكثر تمثيال على المستوى الوطني ق ومن خالل هذه المادة نالحظ أن‬
‫المشرع المغربي حدد بشكل حاسم األطراف المفاوضة على كافة مستويات‬
‫التفاوض وطنيا و قطاعيا و على مستوى المقاولة كذلك ي لتفادي الخالفات و‬
‫اإلشكاالت التي تطرح المنظمات على مستوى الحوار االجتماعي ‪ .‬فالتمثيلية النقابية‬

‫‪13‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫لألجراء قد عرفت جدال سواء على مستوى المنظمات النقابية ‪10‬أو على مستوى‬
‫عالقة هذه األخيرة بالحكومة عند اختيارها للمركزيات النقابية التي تحظى بحق‬
‫المفاوضة الجماعية على المستوى الوطني ي أو عند اختيارها للطرف النقابي الذي‬
‫يمثل المغرب في المنتديات الدولية‪.‬‬

‫ومن جهة أخرى يعد مندوبو األجراء من بين أطراف المفاوضة إذ يتم انتخاب‬
‫مندوبي األجراء في جمين المؤسسات التي تشغل اعتياديا ما ال يقل عن عشرة‬
‫أجراء دائميني و يتكلف هؤالء المندوبون بتقديم جمين الشكايات المتعلقة بظروف‬
‫الشغل أو تشرين الشغل أو عقد الشغل أو اتفاقية الشغل الجماعية إلى المشغل‬
‫باإلضافة إلى إحالة الشكايات التي استمر الخالف بشأنها إلى العون المكلف بتفتيش‬
‫الشغل ‪.‬‬

‫كما خولت أيضا مدونة الشغل الممثلون النقابيون باعتبارهم طرفا في‬
‫المفاوضات ‪ :‬حسب المادة ‪ 425‬من مدونة الشغل فإن النقابة األكثر تمثيلية على‬
‫الصعيد الوطني هي النقابة التي تحصل على ‪ % 6‬على األقل من مجموع مقاعد‬
‫مندوبي األجراء المنتخبين في القطاع العمومي والخاص و كذا االستقالل الفعلي‬
‫للنقابة و قدرتها التعاقدية ي أما بالنسبة لتحديد النقابة األكثر تمثيال على مستوى‬
‫المقاولة ي فيجب الحصول على نسبة ‪ % 35‬على األقل من مجموع مقاعد مندوبي‬
‫األجراء المنتخبين على صعيد المقاولة أو المؤسسة و كذا القدرة التعاقدية في للنقابة‬
‫‪.‬‬

‫نظرا لكون الحكومة يرجن إليها األمر في تنفيذ االتفاقيات و نتائج المفاوضات‬
‫الجماعية التي يخرج بها الفرقاء االجتماعيين فإن المشرع المغربي كان لزاما عليه‬
‫عليها كطرف ثالث في المفاوضة الجماعية الوطنية و‬ ‫‪11‬‬
‫أن ينص في مدونة الشغل‬

‫‪10‬ـ إ ن المفاوضة على مستوى المقاولة ال يمكن لأل جراء أن يكو نوا أطرا فا في ها إال من خالل نقا باتهم سواء تع لق األ مر‬
‫بوجود نقابة وح يدة أو األكثر تمثيال‪ .‬حيث أن اشتراط المشرع لضرورة وجود تنظيم نقابي يمثل األجير ‪,‬فيه نوع من تشجيع‬
‫األجراء لالنخراط في منظمات نقابية تدافع عن حقوقهم وتسعى لتحسين أوضاعه عن طريق التفاوض بالنيابة عنه‪.‬‬
‫‪11‬ـ تنص المادة ‪ 010‬من مدونة الشغل ‪:‬‬
‫‪14‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫ذلك في المادة ‪ 26‬منهاي كما يقن على عاتق الحكومة مهمة تسهيل سريان المفاوضة‬
‫الجماعية و هو ما نصت عليه المادة ‪ : 22‬ق توفر السلطة الحكومية المكلفة بالشغل‬
‫أو السلطة الحكومية المعنية للطرفين المتفاوضين إحصائيات البيانات االقتصادية و‬
‫االجتماعية و التقنية و غيرها لتسهيل إجراء المفاوضة الجماعية قي ويرأس هذا‬
‫المجلس الزير المكلف بالشغل أو من يمثله و يتكون من ممثلين اإلدارة و ممثلين‬
‫عن المنضمات المهنية للمشغلين و المنضمات النقابية لألجراء و يمكن لرئيس‬
‫المجلس أن يدعو للمشاركة في أشغاله كل شخص يراعي في اختياره ما يتمتن به‬
‫من كفاءات في مجال اختصاصات المجلس‪.12‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬الصلح والتحكيم كآلية بديلة لحل نزاعات الشغل‬

‫تعد نزاعات الشغل إحدى المظاهر المميزة للمجتمعات المعاصرة ي حيث أن‬
‫عالقة الشغل هي عالقة قانونية تحمل بين ثناياها بوادر الخالف ي وهذا أمر طبيعي‬
‫باعتبار المصالح المختلفة والمتضاربة بين أطراف العالقة الشغلية ي مما ترتب عليه‬
‫تدخل المشرع لتنظيم العالقة وخلق آليات قانونية للحوار لفض مختلف النزاعات‬
‫القابلة لالندالع في أية لحظة ي وبالتالي خلق فضاء توافقي في إطار تقنيات‬
‫المفاوضة الجماعية بين أطراف العالقة سواء على مستوى القانوني والتنظيمي أو‬
‫على المستوى االقتصادي واالجتماعيي وهكذا فقط جاء الكتاب السادس من مدونة‬
‫الشغل تحت عنوان تسوية نزاعات الشغل الجماعية البديلة لفض النزاعات من‬
‫مصالحه وتحکيم ي وهذا األخير يعتبر بمثابة الوسيلة التي تهدف إلى وضن حد‬

‫يحدث لدى السلطة الحكومي ة المكلفة بالشغل مجلس تحت اسم "مجلس المفاوضة الجماعية"‪ ،‬يعهد إليه بما يلي ‪:‬‬
‫‪ -‬تقديم اقتراحات من أجل تنمية المفاوضة الجماعية؛‬
‫‪ -‬تقديم اقتراحات بشأن تشجيع إبرام اتفاقيات الشغل الجماعية‪ ،‬وتعميمها‪ ،‬والسيما بالن سبة للم قاوالت ال تي ت شغل ما يز يد‬
‫عن مائتي أجير‪ ،‬سواء على الصعيد الوطني أو القطاعي؛‬
‫‪ -‬إعطاء الرأي حول تفسير بنود اتفاقية شغل جماعية كلما طلب منه ذلك؛‬
‫‪ -‬دراسة الجرد السنوي لحصيلة المفاوضة الجماعية‪.‬‬
‫‪12‬ـ تنص المادة ‪ 013‬من مدونة الشغل على ‪:‬‬
‫يرأس مج لس المفاو ضة الجماع ية ا لوزير المك لف بال شغل أو من يمث له‪ ،‬ويت كون من ممث لين عن اإلدارة‪ ،‬وممث لين عن‬
‫المنظمات المهنية للمشغلين‪ ،‬والمنظمات النقابية لألجراء‪.‬‬
‫يمكن لرئيس المجلس أن يدعو للم شاركة في أ شغاله كل شخص يرا عى في اخت ياره ما يتم تع به من ك فاءات في م جال‬
‫اختصاصات المجلس‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫للنزاع الجماعي من طرف شخص أو هيئة أجنبية عنه ي وذلك بمقتضى قرار ملزم‬
‫ي كما أنه الوسيلة التي تساعد من خالل قراراتها في إبرام االتفاقات الجماعية التي‬
‫يعجز طرفاها عن التوصل إليها بمفردهما ‪.‬‬

‫وتتجلى مرحلة الصلح باعتبارها مرحلة ضرورية يتعين على المنظمات النقابية‬
‫سلوكها للحد من النزاعات ي كما تبرز أهميته في كونه يشكل أهم الوسائل البديلة‬
‫ولقد تناولته مدونة الشغل في الفصول ‪ 551‬إلى ‪ 566‬من مدونة الشغلي والتحكيم‬
‫أيضا من جهة إذ تؤطر مسطرة التحكيم مقتضی قواعد مسطرية وأخرى موضوعية‬
‫ي من قبيل القانون رقم المتعلق بالتحكيم والوساطة االتفاقية ي وكذا قانون الشغل رقم‬
‫‪ . 65.22‬وبشكل أدق فالتحكيم هو إجراء اختياري يعتمده الطرفان المتنازعان‬
‫بمحض إرادتهما كوسيلة لحل النزاع القائم بينهما ‪ .‬ويقتضي هذا اإلجراء انتقائهما‬
‫معا لطرف محايد من غير القضاء يوكالن إليه أمر الفصل في النزاع ‪.‬وهو ما‬
‫سوف نتطرق إليه في هذا المبحث‪.‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬األجهزة المتدخلة في تفعيل الصلح‬

‫أن المشرع خصص الكتاب السادس من مدونة الشغل لموضوع نزاعات الشغل‬
‫الجماعيةي وذلك من خالل المواد ‪542‬إلى‪ 585‬من مدونة الشغل؛ حيث تطرق‬
‫لمسطرتي المصالحة والتحكيم كآليتين لتسوية نزاعات الشغل الجماعيةي نشير في‬
‫هذا السياق إلى أن المشرع لم يتطرق لمسطرة الوساطة كآلية لتسوية نزاعات الشغل‬
‫الجماعيةي إن دور مفتشية الشغل في المصالحة في نزاعات الشغل الجماعية يبرز‬
‫بشكل جلي إذ باستقراء المادة ‪ 551‬من مدونة الشغلي نجد أنها قد أشارت لعدة‬
‫مستويات للمصالحةي وقد أوكل المشرع المغربيي على غرار مجموعة من القوانين‬
‫المقارنةي مهمة المصالحة إلى هيئات متعددة بالنظر إلى رقعة النزاعي فإذا كان‬
‫الخالف يشمل أكثر من مقاولةي فإن محاولة التصالح أمام المندوب اإلقليمي المكلف‬

‫‪16‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫بالشغلي أما إذا كان النزاع يشمل مقاولة واحدة فإن محاولة التصالح تجرى أمام‬
‫العون المكلف بتفتيش الشغل‪.13‬‬

‫باإلضافة ألخذ المشرع المغربي بمسطرة المصالحة على مستوييني عون‬


‫التفتيش وكذا المندوب اإلقليمي المكلف بالشغلي وذلك بحسب اتساع أو ضيق نزاع‬
‫الشغل الجماعيي فقد نصت مدونة الشغل على إضافة مستوى ثالث للمصالحة يتم‬
‫أمام لجان البحث والمصالحة سواء اإلقليمية أو الوطنية‪.‬‬

‫فعلى مستوى المقاولة نصت المادة ‪ 552‬من مدونة الشغل على أنه إذا كان‬
‫الخالف الجماعي ال يتعدى مقاولة واحدة ي فإن محاولة التصالح تجري أمام العون‬
‫المكلف بتفتيش الشغل ‪ .‬و هكذا أضاف المشرع لمفتشي الشغل عالوة على‬
‫االختصاص الموكول لهم بمقتضى المادة ‪ 532‬المتعلق بإجراء محاوالت التصالح‬
‫في مجال نزاعات الشغل الفردية ي اختصاصا آخر أشمل و اعقد يتعلق بحل‬
‫النزاعات الشغل الجماعية لذلك فإن التعديل المستحدث بمقتضى مدونة الشغل و‬
‫الذي أشرك مفتشي الشغل في تدبير و حل الخالفات الجماعية ي يعتبر تعديال موفقا‬
‫بالنظر إلى خبرة هذه الفئة من الموظفين و قربهم من الفرقاء االجتماعيين مما‬
‫يؤهلهم أكثر من غيرهم للتعاطي من هذا النوع من النزاعات و إذا كان المشرع قد‬
‫حدد اختصاص مفتش الشغل في حل النزاع الجماعي القائم على مستوى مقاولة‬
‫واحدة ي أما الحالة الثانية ي التصالح على مستوى أكثر من مقاولة ‪ .‬فقد جاء في‬
‫الفقرة األولى من المادة ‪ 552‬من مدونة الشغل على أنه قإذا كان الخالف الجماعي‬
‫يهم أكثر مقاولة ي فإن محاولة التصالح تجري أمام المندوب المكلف بالشغل لدى‬
‫العمالة أو اإلقليمق‪ .‬هذا االختصاص الذي يعني أن النزاع الجماعي الذي يهم عدة‬
‫مقاوالت ينبغي أن يخول النظر فيه إلى المندوب اإلقليمي ‪.‬‬

‫‪ 13‬ـ في حا لة ف شل م سطرة الم صالحة أ مام إدارة ال شغل ي م كن ل هذه األخ يرة ر فع ال نزاع أ مام اللج نة اإلقليم ية للب حث‬
‫والمصالحة‪ .‬وبالعودة للمادة ‪ 552‬من مدونة الشغل نجدها قد نصت على أنه “تحدث لدى كل عما لة أو إق ليم‪ ،‬لج نة ت سمى‬
‫اللجنة اإلقليمية للبحث والمصالحة يترأسها عامل العمالة أو اإلقليم‪ ،‬تتكون بالتساوي من ممثلين عن اإلدارة وعن المنظمات‬
‫المهنية للمشغلين‪ ،‬والمنظمات النقابية لألجراء األكثر تمثيال‪ ،‬على أن يتولى كتابتها المندوب اإلقليمي المكلف بالشغل‪”.‬‬
‫‪17‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫وقد يختلف األمر بين ما إذا كانت المقاوالت المتعددة توجد في دائرة ترابية‬
‫واحدة بحيث يعود النظر فيها إلى المندوب اإلقليمي للشغل بالدائرة الموجودة فيها ي‬
‫أما إذا كانت هذه المقاوالت موزعة على أكثر من إقليم ي فإن معالجتها يجب أن‬
‫تختلف بين ما إذا كان األمر يتعلق بمجموعة اقتصادية واحدة و نزاع جماعي واحد‬
‫ي فاألمر هنا ينبغي أن يعود للمندوب اإلقليمي الذي يوجد في دائرته المقر‬
‫االجتماعيي أما إذا كان األمر يتعلق بمقاوالت مختلفة ي فإن األمر يجب أن يعود إلى‬
‫المندوبين اإلقليميين على مستوى دوائرهم حتى ولو تعلق األمر بنزاع جماعي واحد‬
‫نظرا لكون كل واحد منهم أقرب إلى المشاكل المطروحة على مستوى مقاولته من‬
‫غيره دون إغفال واجب التنسيق المعمول به إداريا و الذي يتم مباشرة من هؤالء‬
‫المندوبين أو على مستوى اإلدارة المركزية‪.‬‬

‫إذا حصل أن امتد النزاع الجماعي للشغل إلى عدة أقاليم أو عماالت أو إلى‬
‫مجموع التراب الوطنيي وكذا إذا لم يحصل اتفاق أو تصالح بين األطراف أمام‬
‫اللجنة اإلقليمية للبحث والمصالحةي فإن النزاع يحال مباشرة إلى اللجنة الوطنية‬
‫للبحث والمصالحةي يرفن النزاع الشغل الجماعي مباشرة أمام نظر اللجنة الوطنية‬
‫للبحث والمصالحةي وذلك إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق على مستوى اللجنة اإلقليمية‬
‫للبحث والمصالحة‪.‬بمساءلة المادة ‪ 161‬من مدونة الشغل فإن اللجنة الوطنية للبحث‬
‫والمصالحة تتدخل في النزاع الجماعي في حالتين هما‪ :‬إذا امتد نزاع الشغل‬
‫الجماعي إلى عدة عماالت أو أقاليم أو إلى مجموع التراب الوطنيي وإذا لم يحصل‬
‫أي اتفاق بين أطراف النزاع أمام اللجنة اإلقليمية للبحث و المصالحة‪.‬وتتكون هذه‬
‫اللجنةي من رئيس ممثال في وزير الشغل أو من ينوب عنهي باإلضافة أنها تتكون‬
‫بالتساوي من ممثلين عن اإلدارة والمنظمات المهنية للمشغليني وممثلين عن‬
‫المنظمات النقابية لألجراء األكثر تمثيالي كما نصت المادة ‪ 164‬من مدونة الشغلي‬
‫على أنه يحق لرئيس اللجنة استدعاء أي شخص يرى فائدة في حضورهي بالنظر لما‬
‫يتمتن به من كفاءات في مجال اختصاص اللجنة ويتولى كتابة أشغال هذه اللجنة‬

‫‪18‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫رئيس مصلحة تفتيش الشغل لدى الوزارةي والمالحظ أن المشرع المغربي قد انتبه‬
‫للحالة التي قد يمتد فيها النزاع إلى مجموع التراب الوطني أو إلى عدة أقاليم أو‬
‫عماالتي ومادام النزاع يكون على امتداد التراب الوطني فقد تقرر إحداث اللجنة‬
‫الوطنية للبحث والمصالحةي تكون ممثلة على المستوى الوطني‪.14‬‬

‫نظمت المادة ‪ 164‬من مدونة الشغل عمل اللةةةجنة الوطنيةةةة للبةةحث‬


‫والمصةةالحةيحيث تبدأ المصالحة باستدعاء كل شخص يتمتن بكفاءات عالية في‬
‫مجال اختصاص اللجنةي كما يتولى كتابة اللجنة رئيس مصلحة التفتيشيوال يتم ذلك‬
‫إال بعد عرض النزاع عليها من قبل رئيس اللجنة اإلقليمية للبحث والمصالحةي وذلك‬
‫من خالل المواد ‪ 118‬إلى ‪ 161‬من مدونة الشغل بخصوص مسطرة ومهام هذه‬
‫اللجنة ‪.15‬وبالحديث عن المقتضيات المنظمة لعمل اللجنة اإلقليمية للبحث‬
‫والمصلحةي فإنها نفسها تجري على اللجنة الوطنية للبحث والمصالحةي وقد جاء في‬
‫الفقرة الثانية من المادة ‪ 166‬أنه تباشر هذه اللجنة مهامهاي وفقا للمسطرة المقررة‬
‫لعمل اللجنة اإلقليمية للبحث والمصالحة في المواد ‪ 118‬و‪ 119‬و‪ 161‬و‪ 161‬من‬
‫مدونة الشغل‪.‬‬
‫المعلوم أن المشرع منح اللجنة اإلقليمية أجل ‪ 6‬أيام إلتمام محاولة المصالحةي‬
‫وهو األمر نفسه ينطبق على اللجنة الوطنية للبحث والمصالحةي ونحن ندعو‬
‫المشرع منح مزيد من الوقت لهذه اللجنةي خاصة وأن النزاع يشمل قطاعات واسعة‬
‫تهم التراب الوطني‪.16‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬نجاعة التحكيم في تسوية نزاعات الشغل‬

‫‪14‬ـ محمد المكي ‪ :‬الصلح في نزاعات الشغل بين التشريع والقضاء‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص‪ ،‬جام عة‬
‫محمد الخامس ـ السويسي‪ ،‬السنة الجامعية‪ ،3118/3118 :‬ص ‪.022‬‬
‫‪15‬ـ محمد سعيد جرندي ‪ :‬التصالح والتحكيم كوسائل بديلة لتسوية نزاعات الشغل الجماعية الندوة الجهو ية الحاد ية ع شرة‪،‬‬
‫احتفاء بالذكرى الخمسينية لتأسيس المجلس األعلى ‪ 3-0‬يونيو ‪ ،3112‬ص ‪.021‬‬
‫‪16‬ـ إن نزعات الشغل الجماعية تعتب ر مسألة حساسة نظرا لألضرار الوخيمة التي تصيب االقتصاد الوطني وما يسببه ذ لك‬
‫في العديد من المعضالت االجتماعية‪ ،‬فإن المشرع مدعو لتحري الدقة لتفادي أي غموض في النصوص القانونية والمتعلقة‬
‫بتسوية نزاعات الشغل الجماعية‪.‬‬
‫‪12‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫مسطرة التحكيم جاءت متممة لمسطرة البحث و المصالحة بحيث نص المشرع‬


‫في المادة ‪ 567‬على أنه إذا لم يحصل أي اتفاق أمام اللجنة اإلقليمية للبحث و‬
‫المصالحة و أمام اللجنة الوطنية ي أو إذا بقي خالف بشان بعض النقط ي أو إذا‬
‫تخلف األطراف أو احدهم عن الحضور يمكن للجنة المعنية إحالة النزاع الجماعي‬
‫للشغل إلى التحكيم بعد موافقة أطراف النزاعي عند التمعن في المادة المذكورة نجد‬
‫أن المشرع يشترط موافقة أطراف النزاع قبل إحالة النزاع الجماعي على التحكيم‬
‫مما يثير نقاشا حول مدى إجبارية التحكيم في نزاعات الشغل الجماعية مادام النزاع‬
‫ال يعرض على الهيئة التحكيمية إال مشفوعا بموافقة مسبقة من طرف الفرقاء‬
‫االجتماعييني و الحقيقة أن إجبارية التحكيم تعود إلى طبيعة النزاع الجماعي الذي‬
‫يختلف من حيث طبيعته و امتداده و آثاره عن نزاعات الشغل الفردية ‪ .‬ذلك أنه إذا‬
‫كان للطرفين المتنازعين في القضايا العادية سواء كانت تجارية أو مدنية الحرية‬
‫الكاملة في سلوك التحكيم كوسيلة بديلة أو االلتجاء الى القضاء لحل النزاع القائم‬
‫بينهما ي فان الفرقاء االجتماعيين في مجال نزاعات الشغل الجماعية ال يملكون هذه‬
‫الحرية بحيث ال يستطيعون االختيار بين اآلليات البديلة لحل مشاكلهم سواء في‬
‫إطار المفاوضة او االتفاقية او المصالحة او التحكيم و بين اللجوء إلى القضاء ي و‬
‫إنما يكون اختيارهم محصورا بين االستمرار في التفاوض في أفق إيجاد حل شامل‬
‫أو جزئي و اللجوء إلى اإلضراب من ما يستتبن ذلك من احتقان اجتماعي و شلل‬
‫اقتصادي قد يصيب وحدة إنتاجية أو وحدات قطاعية أو االقتصاد الوطني برمته و‬
‫يلقي بآثاره السلبية على الجمين أجراء إن كانوا أو مأجورين ‪.‬‬

‫ولقد نصت المادة ‪ 568‬من مدونة الشغل على أنه ق يعهد بإجراء التحكيم الى‬
‫حكم يختاره األطراف باتفاق بينهم ي ضمن قائمة حكام تصدر بقرار الوزير المكلف‬
‫بالشغل و يتم استدعاء الئحة الحكام اعتمادا على اقتراحات المنظمات المهنية‬
‫للمشغلين و المنظمات النقابية لألجراء األكثر تمثيال ي يراعى عند وضن الئحة‬
‫الحكام ما للشخص من سلطة معنوية ي و ماله من كفاءات و اختصاصات في‬

‫‪21‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫المجال االقتصادي و االجتماعيي و تضيف المادة ‪ 562‬على أنه إذا تعذر توصل‬
‫األطراف الى اتفاق على اختيار الحكم ي ألي سبب كان ي فإن الوزير المكلف‬
‫بالشغل ي يعين حكما من نفس القائمة المذكورة في المادة ‪ 568‬أعاله ي في أجل‬
‫ثمانية و أربعين ساعةي ولما كان اختيار الحكام المعتمدين لحل نزاعات الشغل‬
‫الجماعية يتم ضمن قائمة حكام معدة سلفا يصدرها الوزير المكلف بالتشغيل‪.‬‬

‫ومن جهة أخرى فإن مدونة الشغل لم تتضمن أي مقتضى يفيد تضمين المقرر‬
‫التحكيمي شكليات معينة ي وبالرجوع إلى قانون المسطرة المدنية ي فإننا نجد الحكم‬
‫التحكيمي ي يجب أن يكون مكتوبا ويتضمن بيانا موجزا الدعاءات األطراف ونقط‬
‫النزاع التي تناولها والمنطوق الذي بت فيهي إضافة إلى السماء المحكمين وتحديد‬
‫هويتهم وعناوينهم وتارين ومكان إصدار الحكم التحكيميي أما الحكم التحكيم في‬
‫إطار مدونة الشغل الجماعية فأغلب التشريعات المقارنة تترك للمحكم الحرية في‬
‫تحديد المقرر الصادر عنه ي سواء قدمه في شكل تقرير أو في شكل يقترب من شكل‬
‫األحكام القضائية وهو االتجاه الغالب ‪.‬‬

‫وباستقراء بعض فصول مدونة الشغل يتضح جليا أن المشرع اعتمد المسطرة‬
‫الكتابية فيما يتعلق بتسوية نزاعات الشغل الجماعية ي وهو ما يتأكد من خالل الفصل‬
‫‪ 563‬الذي ينص على تحرير محضر يثبت ما وصل إليه األطرف عند ختام جلسات‬
‫الصلح ي والفصل ‪ 574‬في فقرته الثانية التي يتبين منه بشكل ضمني أن المشرع‬
‫يشترط كتابة القرار التحكيمي حين ألزم الحكم بضرورة تبليغ الحكم وتعليله يوهذا‬
‫ال يتأتى إال بمقرر تحكيمي مكتوبي والفصل ‪ 577‬الذي ينص على ضرورة إرفاق‬
‫الطعن في القرار التحكيمي بنسخة من القرار المطعون فيه تحت طائلة عدم القبول‬
‫‪.17‬‬

‫‪ 17‬ـ بدر األمراني علوي ‪ ،‬التحكيم في نزاعات ال شغل الجماعية والفردية‪ ،‬رسالة لنيل الماستر في ال قانون ال خاص‪ ،‬جام عة‬
‫سيدي محمد بن عبد هللا ‪ ،‬كلية الحقوق فاس‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ,3101 3105‬ص ‪.58‬‬
‫‪21‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫خاتمة ‪:‬‬

‫تبقى المصالحة والتحكيم من أهم الوسائل السلميةي لتسوية نزعات الشغل‬


‫الجماعية والتي تبنتها معظم التشريعات المقارنةي وتعتبر األسلوب األكثر انتشارا‬
‫وقبوال من طرف الفرقاء االجتماعيين لما لها من فعالية على جمين المستويات‬
‫سواء االقتصادية أو االجتماعيةي كما أن هدف التشريعات في جل البلدان العربية‬
‫إضفاء الطابن السلمي على العالقات المهنيةي وذلك من أجل إقامة السلم االجتماعي‬
‫وتحقيق التنمية االقتصادية وتشجين جلب االستثمارات الداخلية والخارجية‪.‬‬

‫ومن جهة أخرى على مستوى نزاعات الشغل الجماعية ي فإن أهمية الوسائل‬
‫البديلة انطالقا من االتفاقية الجماعية ثم المفاوضة باإلضافة إلى الصلح و التحكيم‬
‫تقتضي من النقابات المهنية لألجراء و المأجورين على السواء التكيف من إكراهات‬
‫العمل النقابي و ما تستتبعه من ضرورة القبول بالحرية النقابية و الحق في‬
‫اإلضراب ‪ .‬لذلك فإن هذه المنظمات مطالبة بالفصل بين النقابي و السياسي كما هي‬
‫مطالبة بإعادة هيكلتها التنظيمية بشكل يتوافق من قواعد الديمقراطية التي تتبناها في‬
‫مرجعيتها وأهدافها الحقيقية ‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫المسؤولية القانونية لضباط الشرطة القضائية‬

‫نجاة الناجي‬
‫باحثة بسلك الدكتوراه‬
‫بكلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ـ طنجة ـ‬

‫مــقــدمــة‬

‫تعتبر الشرطة القضائية هي إحدى األجهزة التي أوكل إليها المشرع التثبت من‬
‫الجرائم وجمن األدلة عنها وإيقاف مرتكبيهاي وهي بذلك أول سلطة تباشر عملية‬
‫البحث والتحري واإليقاف وتقوم بأدوار ووظائف تمهيدية تسبق إجراءات المحاكمة‬
‫والتحقيق اإلعدادي‪ .‬ويتجلى دور جهاز الشرطة القضائية باعتباره من أهةم الدعائم‬
‫األساسية التي تستند عليه العدالة الجنائيةي ذلك أن األبحاث التمهيدية التي يقوم بها‬
‫يكون لها دور فاعل في تحقيق محاكمة عادلة و عدالة فعالة‪.‬‬

‫وينتمي أعضاء الشرطة القضائية بالمغرب إلى جهات إدارية مختلفة فمنهم من‬
‫ينتمي إلى سلك القضاءي و منهم من ينتمي إلى جهات إدارية مختلفةي ومن أجل‬
‫تحقيق الفعالية المرجوة في عمل الضابطة القضائيةي نص المشرع المغربي في‬
‫إطار المادة ‪ 27‬من قانون المسطرة الجنائية‪18‬ي حيث جعل أصناف من الموظفين‬
‫واألعوان المكلفين ببعض مهام الشرطة القضائيةي تتصل بمهام اختصاصات كل‬
‫منهم بصفة أساسيةي وذلك بحكم موقعهم وارتباطهم الوظيفي بالمجاالت التي يخول‬
‫لهم القيام بهذه المهام‪.‬‬

‫‪ 18‬الظه ير ال شريف ر قم ‪ 0.13.355‬ال صادر في ‪ 35‬من ر جب ‪ 2 ( 0332‬أك توبر ‪ ) 3113‬بتنف يذ ال قانون ر قم ‪33.10‬‬
‫المتعلق بالمسطرة الجنائية‪ ،‬الجريدة الرسمية عـدد ‪ 5128‬بتاريخ ‪ 32‬ذي القعدة ‪ 21 ( 0332‬يناير ‪ ،) 3112‬ص ‪.205 :‬‬
‫‪23‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫وإن ضابط الشرطة القضائية كسائةر الموظفين العموميين قةد يرتبك خةالل‬
‫مم ارسته لمهامةه خةطةأ من شأنه تعريضه إلى المسائلة من قبل رؤسائه المشرفين‬
‫عليه إداريا وكةذا القضائييني وإذا كان الفعل المرتكب يعتبر جريمة فةإن الملف‬
‫يحال على النيابة العامة من أجل إقةرار المتابعة الجنائية طبقا للقانون‪.‬‬

‫ويحظى موضوع المسؤولية القانونية لضباط الشرطة القضائية بأهمية بالغةي‬


‫وذلك على المستوى العملي بالخصوصي على اعتبار أنه يناقش مختلف المسؤوليات‬
‫التي تثار في جانبهم إبان إخاللهم بواجبهم مما يثير مسؤوليتهم التي تختلف حسب‬
‫نوع اإلخالل والضرر الذي نتج عن ذلك اإلخةالل‪.‬‬

‫تأسيسا على األهمية السالفة الذكري تبرز إشكالية رئيسية للموضوع تتمثل في‬
‫تجليات مـأسسة التشريع المغربي لقواعد المسؤوليـات المثارة إبــان إخالل ضابط‬
‫الشرطة القضائية بقواعد المهنة ؟‬

‫وإن فيما مقابل اإلخةالل المرتكب من طرف ضابط الشرطة القضائية تةثةار في‬
‫حقه مسؤولية جنائية ومدنية ( المبحث األول )ي كما يمكن أن تةثةار في حقه‬
‫مسؤولية إدارية وتأديبية (المبحث الثاني )‪.‬‬

‫المبحث األول ‪ :‬المسؤولية الجنائية والمدنية لضباط الشرطة القضائية‬

‫إن ضباط الشرطة القضائية وأثناء قيامهم بوظائفهم قد يرتكبون بعض األفعال‬
‫واالخالالت التي تتجاوز األخطار المهنيةي لتكتسي أفعاال جرمية تمس بحريات‬
‫وحقوق األفةراد مما يؤدي إلى إثةارة المسؤولية الجنائية ( المطلب األول )ي وكةذا‬
‫المسؤولية المدنية ( المطلب الثاني )‪.‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬المسؤولية الجنائية لضباط الشرطة القضائية‬

‫‪24‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫إن األفعال واإلختالالت التي يرتكبها ضباط الشرطة القضائية وأعةوانهم قةد‬
‫تتجاوز حةد األخةطةاء المذكورة لتكتسي أشكاال تمس بحريات أو حقوق األفراد‬
‫ويتجاوز بالتالي حدود ما يسمح به القانوني مما يؤدي إلى إثةارة المسؤولية الجنائية‬
‫التي تتحقق من الناحية العملية عن كل الجرائم التي يرتكبونها أثناء ممارستهم‬
‫أو‬ ‫‪19‬‬
‫لمهامهم أو بمناسبة ممارستهم لها والمنصوص عليها في القانون الجنائي‬
‫المسطرة الجنائيةي أو بعض القوانين الخاصة‪.20‬‬

‫ويقصد بالمسؤولية الجنائية الةتةزام شخص بما تعهد القيام به أو االمتناع عنه‬
‫حتى إذا أخةل بتعهده تةعةرض للمساءلة عةن نكوثهي فيلتزم عةنةدمةا بتحمل نتائج‬
‫هةذا النةكةوث‪.‬‬

‫وإن إثا رة المسؤولية الجنائية وتحريك مسطرة المتابعة في حق ضابط الشرطة‬


‫القضائية تخضن لمسطرة خاصة نص عليها قانون المسطرة الجنائية في المادة‬
‫‪ 268‬التي نصت على ما يلي ‪:‬‬

‫" إذا نسب لباشا أو خليفة أو لعامل أو رئيس دائرة أو قائد أو لضابط شرطة‬
‫قضائية من غير القضاة المشار إليهم في المواد السابقة ارتكابه لجناية أو جنحة أثناء‬
‫مزاولة مهامهي فإن الرئيس األول لمحاكم االستئناف المعروضة عليه القضية من‬
‫طرف الوكيل العام للملكي يقرر ما إذا كان يقتضي األمر إجراء البحثي وفي حالة‬
‫اإليجاب يعين مستشارا مكلفا بالتحقيق بمحكمته‪.21‬‬

‫‪ 19‬ظه ير شريف ر قم ‪ 0.58.302‬صادر في ‪ 38‬ج مادى الثان ية ‪ 31 ( 0283‬نونبر ‪ ) 0813‬بالم صادقة ع لى مجمو عة‬
‫القانون الجنائي‪ .‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 3131‬مكرر بتاريخ ‪ 03‬محرم ‪ 5 ( 0282‬يونيو ‪ ،) 0812‬ص ‪.0352 :‬‬
‫‪ 20‬ميلود غالب ‪ :‬عمل النيابة العامة بين الواقع والقانون‪ ،‬الجزء الثاني ‪ :‬تسيير ومراقبة أعمال ال شرطة الق ضائية‪ ،‬الطب عة‬
‫األولى ‪ ،3111‬مطبعة فولوكي‪ ،‬تزنيت‪ ،‬ص ‪.033 :‬‬
‫‪ 21‬سعاد حميدي – أحمد قيلش – مجيدي السعدية – محمد زنون ‪ :‬الشرح العملي لقانون المسطرة الجنائية‪ ،‬مطب عة األمن ية‬
‫– الرباط‪ ،‬دار النشر ‪ :‬فضاء آدم للنشر و التوزيع‪ ،‬المطب عة و الورا قة الوطن ية – مراكش‪ ،‬الطب عة الراب عة ‪ ،3108‬ص ‪:‬‬
‫‪.32‬‬
‫‪25‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫وإذا تعلق األمر بجناية فإن المستشار المكلف بالتحقيق يصدر أمرا باإلحالة إلى‬
‫غرفة الجناياتي أما إذا تعلق األمر بجنحة فإنه يحيل القضية إلى محكمة ابتدائية‬
‫غير التي يزاول المتهم مهامه بدائرتها‪.‬‬

‫إذا كان ضابط الشرطة القضائية مةؤهةال لمباشرة وظيفته في مجموعة تراب‬
‫المملكةي فإن االختصاص يرجن إلى محكمة النقض حسب الكيفيات المنصوص‬
‫عليها في المادة ‪.261‬‬

‫يمكن للطرف المدني التدخل لةدى هيئة الحكم ضمن الشروط المحددة في‬
‫المادتين ‪ 311‬و‪ 311‬بةعةده "‪.‬‬

‫ومن ضمن الجرائم التي قد يرتكبها ضباط الشرطة القضائية أثناء مزاولتهم‬
‫لمهامهم ويترتب على إثةرها إثارة مسؤوليتهم الجنائية نذكر ‪:‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬جريمة الرشوة‬

‫طبقا لمقتضيات الفصل ‪ 248‬من القانون الجنائي‬ ‫‪22‬‬


‫يعد مرتكبا لجريمة الرشوة‬
‫المغربيي من طلب أو قبل عرضا أو وعةدا أو طلب أو تسلم هبة أو هةدية أو أية‬
‫فائدة أخرى من أجل القيام بعمل من أعمال وظيفته بصفته قاضيا أو موظفا عموميا‬
‫أو متوليا مركزا نيابيا أو االمتناع عن هذا االمتناع عن هذا العملي سواء كان عمال‬
‫مشروعا أو غير مشروع‪...‬‬

‫ويعاقب بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات وبغرامة من ألف درهم إلى‬
‫خمسين ألف درهم إذا كان مبلغ الرشوة أقل من مائة درهمي وأما إذا كان مبلغ‬

‫‪ 22‬ينص الفصل ‪ 338‬من القانون الجنائي المغربي على أنه ‪ " :‬يعد مرتكبا لجريمة الرشوة‪ ،‬ويعاقب بالحبس من سنة إ لى‬
‫ثالث س نوات وبغرامة من خمسة آالف درهم إلى مائة ألف درهم؛ كل عامل أو مستخدم أو مو كل بأجر أو بمقا بل‪ ،‬من أي‬
‫نوع كان طلب أو قبل عرضا أو وعدا‪ ،‬أو طلب أو تسلم هبة أو هدية أو عمولة أو خصما أو مكافأة‪ ،‬مباشرة أو عن طر يق‬
‫وسيط‪ ،‬دون موافقة مخدومه ودون علمه‪ ،‬وذلك من أجل القيا م بعمل أو االمتناع عن عمل من أعمال خدمته أو عمل خارج‬
‫عن اختصاصاته الشخصية ولكن خدمته سهلته أو كان من الممكن أن تسهله‪ .‬وإذا كانت قيمة الرشوة تفوق مائة أ لف در هم‬
‫تكون عقوبة السجن من خمس سنوات إلى عشر سنوات‪ ،‬والغرامة من مائة ألف درهم إلى مليون درهم‪ ،‬دون أن تقل قيمتها‬
‫عن قيمة الرشوة المقدمة أو المعروضة "‪.‬‬
‫‪26‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫ا لرشوة يفوق ذلك يعاقب مرتكب الجريمة بالسجن من خمس سنوات إلى عشر‬
‫سنوات وغرامة من خمسة آالف درهم إلى مائة ألف درهم‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬جريمة التعذيب‬

‫يقصد بالتعذيب كما عرفه الفصل ‪ 231-1‬من القانون الجنائي المغربي ‪ " :‬كل‬
‫فعل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد جسدي أو نفسي يرتكبه عمدا موظف عمومي أو‬
‫يحرض عليه أو يوافق عليه أو يسكت عنهي في حق شخص لتخويفه أو إرغامه أو‬
‫إرغام شخص آخر على اإلدالء بمعلومات أو بيانات أو اعتراف بهدف معاقبته على‬
‫عمل ارتكبه أو يشتبه في أنه ارتكبه هو أو شخص آخري أو عندما يلحق مثل هذا‬
‫األلم أو العذاب ألي سبب من األسباب يقوم على التمييز أيا كان نوعه‪ .‬وال يعتبر‬
‫تعذيبا األلم أو العذاب الناتج عن عقوبات قانونية أو المترتب عنها أو المالزم لها "‪.‬‬

‫ويعاقب بالسجن من خمس إلى عشرة سنة وغرامة من ‪ 11.111‬إلى‬


‫‪ 31.111‬درهم ضابط شرطة القضائية الذي مارس على شخص التعذيب‪.‬‬

‫وقد يعاقب بالسجن المؤبد إذا ارتكب التعذيب ضةد قاصر دون سن ‪ 18‬سنةي أو‬
‫ضد شخص يعاني من وضعية صعبة بسبب كبر سنه أو بسبب مرض أو إعاقة أو‬
‫بسبب نقص بةدني أو نفسي على أن تكون هذه الوضعية ظاهرة أو معروفة لدى‬
‫الفاعلي أو ضد امرأة حامل إذا كان حملها بينا‪.‬‬

‫أمةا إذا نتج عن التعذيب موت دون نية إحداثه يعاقب بالسجن من عشرين إلى‬
‫ثالثين سنةي وفي حالة توفر سبق اإلصرار أو استعمال السالح تكون العقوبة السجن‬
‫المؤبد‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫الفقرة الثالثة ‪ :‬الجرائم المتعلقة بتجاوز السلطات اإلدارية الختصاصاتها‬

‫يعاقب التجريد من الحقوق الوطنية ضابط الشرطة القضائية الذي يتدخل في‬
‫أعمال السلطة التشريعيةي وذلك بإصةداره نظم تشتمل على نصوص تشريعية وإما‬
‫بتعطيل أو تةوقيف تنفيذ قانون أو أكثري أو الةذي يتدخل في المسائل المخولة‬
‫للسلطات اإلداريةي وذلك إمةا بإصدار نظم متعلقة بهذه المسائلي وإما بمنن تنفيذ‬
‫أوامر اإلدارةي كما جاء في مضمون الفصل ‪ 23237‬من القانون الجنائي المغربي‪.‬‬

‫الفقرة الرابعة ‪ :‬جريمة انتهاك حرمة مسكن الغير‬

‫تنص الفقرة األولى من الفصل ‪ 231‬من ق‪.‬ج على ما يلي ‪ " :‬كل قاض أو‬
‫موظف عموميي أو أحد رجال أو مفوضي السلطة العامة أو القوة العمومية يدخلي‬
‫بهذه الصفةي مسكن أحد األفرادي رغم عدم رضائهي في غير األحوال التي قررها‬
‫القانوني يعاقب بالحبس من شهر إلى سنة وغرامة من مائتين إلى خمسمائة درهم‪.‬‬
‫وتطبق أحكام الفقرة الثانية من الفصل ‪ 221‬على الجريمة المنصوص عليها في هذا‬
‫الفصل "‪.‬‬

‫وعليهي واستنادا على المقتضيات أعاله يعتبر منتهكا لحرمة المسكن ضابط‬
‫الشرطة القضائية الذي يدخل إلى مسكن أحدهم بصفته تلك دون موافقته‪ .‬ما لم يكن‬
‫هذا الةدخول تم في إطار حالة التلبس ووفقا للةشةروط الةمةنةصةوص عةليها في‬
‫من ق‪.‬م‪.‬جي حيث أنه في هذه الحالة يمكن له دخةول‬ ‫‪26‬‬
‫و‪62‬‬ ‫‪25‬‬
‫و‪61‬‬ ‫‪24‬‬
‫الةمةواد ‪19‬‬
‫مسكنه رغم عةدم رضائه بقوة القانون‪.‬‬

‫‪ 23‬ينص الفصل ‪ 322‬من القانون الجنائي المغربي على أنه ‪:‬‬


‫" يعاقب بالتجريد من الحقوق الوطنية كل من ارتكب من رجال القضاء أو ضباط الشرطة أحد األفعال اآلتية ‪:‬‬
‫‪ - 0‬التدخل في أعمال السلطة التشريعية‪ ،‬وذلك إما بإصدار نظم تشتمل على نصوص تشريعية‪ ،‬وإ ما بتعط يل أو توق يف‬
‫تنفيذ قانون أو أكثر‪.‬‬
‫‪ - 3‬التدخل في المسائل المخولة للسلطات اإلدارية‪ ،‬وذلك إما بإصدار نظم متعلقة ب هذه الم سائل‪ ،‬وإ ما بم نع تنف يذ أوا مر‬
‫اإلدارة "‪.‬‬
‫‪ 24‬نصت المادة ‪ 58‬من قانون المسطرة الجنائية على ما يلي ‪:‬‬
‫‪28‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫أمةا إذا كان األمر يتعلق بإطار البحث الةتةمةهةيةدي فال يمكن لضابط الشرطة‬
‫القضائية دخول المنازل بدون موافقة صريحة من الشخص الذي ستجري عمليات‬
‫التفتيش بمنزلهي ويجب لةزومةا تضمين هذه الموافقة في تصريح مكتوب بخط يد‬
‫المعني باألمر‪ .27‬وإذا ما تم خةرق هذه المقتضيات والشروط سواء في حالة البحث‬

‫" إذا كان نوع الجناية أو الجنحة مما يم كن إثبا ته بح جز أوراق وو ثائق أو أ شياء أ خرى في حوزة أ شخاص ي ظن أن هم‬
‫شاركوا في الجريمة‪ ،‬أو يحوزون مستندات أو أشياء تتعلق باألفعال اإلجرامية‪ ،‬فإن ضابط الشرطة القضائية ينتقل فورا إلى‬
‫منزل هؤالء األشخاص ليجري فيه طبقا للشروط المحددة في المادتين ‪ 11‬و‪ 13‬تفتيشا يحرر محضرا بشأنه‪.‬‬
‫وفيما عدا حاالت المس بأمن الدو لة أو إذا تع لق األ مر بجري مة إرهاب ية‪ ،‬فال ي حق إال ل ضابط ال شرطة الق ضائية وم عه‬
‫األشخاص المشار إليهم في المادة ‪ 11‬وحـدهم االطالع على األوراق أو المستندات قبل القيام بحجزها‪.‬‬
‫وفيما عـدا حاالت المس بأمن الدولة‪ ،‬فال يحق إال لضابط الشرطة القضائية ومعه األشخاص المشار إليهم في ال مادة ‪11‬‬
‫وحدهم االطالع على األوراق أو المستندات قبل القيام بحجزها‪.‬‬
‫إذا تعين إجراء التفتيش في أماكن مـعـدة الستعمال مهني يشغلها شخص يـلـزمه القانون بكتمان السر المهني‪ ،‬فعلى ضابط‬
‫الشرطة القضائية أن يشعر النيابة العامة المختصة وأن يتخذ مسبقا جميع التدابير لضمان احترام السر المهني‪.‬‬
‫إذا كان التفتيش أو الحجز سيجري بمكتب محام‪ ،‬يتولى القيام به قاض من قضاة النيابة العامة بمحضر نقيب المحامين أو‬
‫من ينوب عنه أو بع د إشعاره بأي وسيلة من الوسائل الممكنة‪.‬‬
‫تحصى األشياء والوثائق المح جوزة فـورا وت لف أو تو ضع في غالف أو و عاء أو كيس وي ختم علي ها ضابط ال شرطة‬
‫القضائية‪ .‬إذا استحال ذلك‪ ،‬فـإن ضابط الشرطة القضائية يختم عليها بطابعه‪.‬‬
‫إذا تعذر إحصاء األشياء المحجوزة على الفور‪ ،‬فإن ضابط الشرطة القضائية يختم عليها مؤقتا إلى حين إحصائها والختم‬
‫النهائي عليها‪.‬‬
‫تتم هذه اإلجراءات بحضور األشخاص الذين حضرا التفتيش‪ ،‬ويحرر ضابط الشرطة القضائية مح ضرا ب ما قام به من‬
‫عمليات "‪.‬‬
‫‪ 25‬نصت المادة ‪ 11‬من قانون المسطرة الجنائية على ما يلي ‪:‬‬
‫" يطب ق ما يلي‪ ،‬مع مراعاة مقتضيات المادة السابقة ‪:‬‬
‫أوال ‪ :‬إذا كان التف تيش سيجري بم نزل شخص ي شتبه في م شاركته في الجري مة‪ ،‬و جب أن يتم التف تيش بح ضور هذا‬
‫الشخص أو ممث له‪ ،‬فإن ت عذر ذ لك و جب ع لى ضابط ال شرطة الق ضائية ان ي ستدعي شاهدين لح ضور التف تيش من غ ير‬
‫الموظفين الخاضعين لسلطته‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬إذا كان التفتيش سيجري في م نزل شخص من الغ ير يحت مل أن ي كون في حياز ته م ستندات أو أ شياء ل ها عال قة‬
‫باألفعال اإلجرامية‪ ،‬فإنه يجب حضور هذا الشخص لعملية التفتيش‪ ،‬وإذا تعذر ذلك وجب أن يجري التف تيش طب قا ل ما جاء‬
‫في الفقرة السابقة تحضر هذا التفتي ش في جميع األحوال امرأة ينتدبها ضابط ال شرطة الق ضائية لتف تيش الن ساء في األ ماكن‬
‫التي يوجدن بها‪.‬‬
‫ثال ثا ‪ :‬يم كن ل ضابط ال شرطة الق ضائية أن ي ستدعي أي شخص ل سماعه‪ ،‬إذا ت بين له أن بو سع هذا ال شخص أن ي مده‬
‫بمعلومات حول األفعال أو األشياء أو الوثائق المحجوزة‪ ،‬وأن يرغمه على الحضور في حالة امتناعه بعد إذن النيابة العامة‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬توقع محاضر العمليات من طرف األشخاص الذين أجري التفتيش بمنازلهم أو من ي مثلهم أو ال شاهدين‪ ،‬أو ي شار‬
‫في المحضر إلى امتناعهم عن التوقيع أو اإلبصام أو تعذره "‪.‬‬
‫‪ 26‬نصت المادة ‪ 13‬من قانون المسطرة الجنائية على ما يلي ‪:‬‬
‫" ال يمكن الشروع في تفتيش المنازل أو معاينتها قبل الساعة السادسة صباحا وبعد الساعة التاسعة ليال‪ ،‬إال إذا طلب ذلك‬
‫رب المنزل أو وجهته استغاثة من داخله‪ ،‬أو في الحاالت االستثنائية التي ينص عليها القانون‪ .‬غير أن العمليات التي ابتدأت‬
‫في ساعة قانونية يمكن مواصلتها دون توقف‪.‬‬
‫ال تطبق هذه المقتضيات إذا تعين إجراء التفتيش في محالت يمارس فيها عمل أو نشاط ليلي بصفة معتادة‪.‬‬
‫إذا تعلق األمر بجريمة إرهابية واقتضت ذلك ضرورة البحث أو حالة االستعجال القصوى أو إذا كان يخشى اندثار األدلة‬
‫فإنه يمكن الشر وع في تفتيش المنازل أو معاينتها بصفة استثنائية قبل الساعة السادسة صباحا أو بعد التاسعة ليال بإذن كتابي‬
‫من النيابة العامة "‪.‬‬
‫‪ 27‬يـرد استثناء على هذه القاعدة إذا تعلق األمر بجريمة إرهابية وامتنع الشخص ا لذي سيجري التف تيش أو الح جز بمنز له‬
‫عن إعطاء موافقته أو تع ذر الحصول عليها‪ ،‬فإنه يمكن إ جراء العمل يات ال مذكورة في الف قرة األو لى من هذه ال مادة بإذن‬
‫كتابي من النيابة العامة بحضور الشخص المعني باألمر وفي حالة امتناعه أو ت عذر ح ضوره فبح ضور شخ صين من غ ير‬
‫مرؤوسي ضابط الشرطة القضائية‪.‬‬
‫‪22‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫الةتةمةهةيةدي أو في حالة التلبس فإن ضابط الشرطة القضائية يعرض نفسه للمساءلة‬
‫الجنائية ولعقوبة قد تصل إلى سنة حبس‪.28‬‬

‫الفقرة الخامسة ‪ :‬جريمة االعتقال التحكمي‬

‫ينص الفصل ‪ 211‬من القانون الجنائي المغربي ‪:‬‬

‫" كل قاضي أو موظف عموميي أو أحد رجال أو مفوضي السلطة أو القوة‬


‫العمومية يأمر أو يباشر بنفسه عمال تحكمياي ماسا بالحريات الشخصية أو الحقوق‬
‫الوطنية لمواطن أو أكثر يعاقب بالتجريد من الحقوق الوطنية‪.‬‬

‫لكن إذا أثبت أنه تصرف بناء على أمر صادر من رؤسائه في مادة تدخل في‬
‫نطاق اختصاصهم ويوجب عليه طاعتهمي فإنه يتمتن بعذر معف من العقابي وفي‬
‫هذه الحالة تطبق العقوبة على الرئيس الذي أصدر األمر وحده‪.‬‬

‫وإذا كان العمل التحكمي أو المساس بالحرية الفردية قد ارتكب أو أمةر به‬
‫لغرض ذاتي أو بقصد إرضاء أهواء شخصيةي طبقت العةقةوبة المقةررة في‬
‫الفةصول ‪ 436‬إلى ‪." 441‬‬

‫و يمكن أن يأخذ هذا العمل التحكمي إحدى الصور التالية ‪:‬‬

‫‪ -‬الحجز المرتكب من طرف ضابط الشرطة القضائية بدون وجةه حةق‪.‬‬


‫‪ -‬عدم احترام المدة القانونية المحددة للوضن تحت الحراسة النظرية‪.‬‬
‫‪ -‬التوقيف واالعتقال بمكان غير مخصص لالعتقال‪.‬‬

‫وفي هذا اإلطار ولةزجر االعتقال التحكمي يعاقب التجريد من الحقوق الوطنية‬
‫ضابط الشرطة القضائية الذي يرفض أو يهمل االستجابة لطلب وجه إليه يرمي إلى‬

‫‪ 28‬محمد فقير ‪ :‬قانون المسطرة الجنائية و العمل القضائي المغربي‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪ ،3102‬ص ‪.088 :‬‬
‫‪31‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫من القانون الجنائي‬ ‫‪29‬‬


‫إثبات حالة االعتقال التحكمي طبقا لمقتضيات الفصل ‪227‬‬
‫المغربي‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة أن االعتقال التحكمي تنتج عنه مسؤولية مدنية شخصية على‬
‫عاتق ضابط الشرطة القضائية مرتكب االعتقال‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬المسؤولية المدنية لضباط الشرطة القضائية‬

‫إلى جانب المسؤولية الجنائية التي قةد يتعرض لها ضابط الشرطة القضائية قد‬
‫تثار أيضا في حقه مسؤولية مدنية‪ .‬ويقصد بالمسؤولية المدنية حالة الشخص الةذي‬
‫ارتكب أمةرا يستوجب إلةزامه بتعويض مةا سببه من ضرر للغير‪.‬‬

‫ويتحمل ضابط الشرطة القضائية المسؤولية المدنية وفةقةا للقواعد العامة عن‬
‫األضرار المادية والمعنوية التي يلحةقةونها بالغير أثناء مزاولتهم لمهامهمي حيث‬
‫يمكن للمتضرر أن يطالب بالتعويض إما عن طريق الدعوى المدنية التابعة ( الفقرة‬
‫األولى )ي أو في إطار أحكام المسؤولية التقصيرية ( الفقرة الثانية )‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬الـدعـوى الـمـدنـيـة الـتـابـعـة‬

‫إذا كانت المسطرة المدنية تعنى بالةدعةاوى والنزاعات المدنيةي فإن المسطرة‬
‫الجنائية بةدورهةا ال تعنى إال بالدعاوى الجنائية‪ .‬هةذا هةو األصلي إال أن هناك نوعا‬
‫من الدعاوى المدنية يرتبط ارتباطا وثيةقةا بالةدعوى العمومية ويتحةد مةعةها في‬
‫المصدر الذي هةو الجريمة التي تسببت في الضرر الخاص والذي سمح القانون‬

‫‪ 29‬نصت المادة ‪ 332‬من القانون الجنائي المغربي على ما يلي ‪ " :‬كل موظف عمومي‪ ،‬أو أحد ر جال ال قوة العموم ية‪ ،‬أو‬
‫مفوضي السلطة العامة المكلفين بالشرطة القضائية أو اإلدارية‪ ،‬يرفض أو يهمل االستجابة لطلب وجه إليه يرمي إلى إثبات‬
‫حالة اعتقال تحكمي غير مشروع‪ ،‬سواء في األمكنة أو المحالت المخصصة لالعتقال‪ ،‬أو في أي مكان آخر ولم ي قدم د ليال‬
‫على أنه قد أبلغه إلى السلطة الرئاسية‪ ،‬يعاقب بالتجريد من الحقوق الوطنية "‪.‬‬
‫‪31‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫بعرضها استثناء على القضاء الةزجري لينظر في تعويض الضرر‪30‬ي وهذا ما‬
‫يسمى بالدعوى المدنية التابعة‪.‬‬

‫إذا اختار المتضرر سلوك الطريق الجنائي في إطار الدعوى المدنية التابعةي‬
‫فإن مطالبته تخضن لمقتضيات المواد من ‪ 348‬إلى ‪ 316‬من قانون المسطرة‬
‫الجنائيةي ولكي تسمن دعواه المدنية يحب عليه التقيد بالشروط التالية‪: 31‬‬

‫‪ -‬أال يكون قةد سبق لةه أن انتصب طرفا مدنيا أمام قاضي التحقيق‪.‬‬
‫‪ -‬تحديد المطالب المدنية بمقتضى مذكرة مرفقة بصورة لةوصل أداء الرسم‬
‫القضائي الجزافيي أو تقديم مطالبة بتصريح شفهي يسجله كاتب الضبط بالجلسة‬
‫ويةنةذره ألداء الةرسم القضائي‪.‬‬
‫‪ -‬إذا كان المتضرر قاصرا أو ليست له أهلية ممارسة حقوقه المدنية فيجب أن‬
‫يقيد الدعوى من يمثله قانونا‪.‬‬

‫من القانون الجنائي المغربي على أن‬ ‫‪32‬‬


‫وفي هذا اإلطةار نص الفصل ‪226‬‬
‫تنتج عنها مسؤولية مدنية شخصية على‬ ‫‪33‬‬
‫الجنايات المعاقب عليها في الفصل ‪221‬‬
‫عاتق مرتكبها كما تنتج عنها مسؤولية الدولة من احتفاظها بالحق في الةرجوع إلى‬
‫الجاني‪.‬‬

‫إلى جانب المطالبة بالتعويض أمةام القضاء الزجريي قد منح المشرع للمتضرر‬
‫الحق في المطالبة بالتعويض أمام القضاء المدني في إطةار المسؤولية التقصيرية‪.‬‬

‫‪ 30‬عبد السالم بنحدو ‪ :‬الوجيز في شرح المسطرة الجنائية المغربية‪ ،‬مطبعة اسبارطيل – طنجة‪ ،‬الطبعة ‪ ،3103‬ص ‪.51 :‬‬
‫‪ 31‬سعاد حميدي – أحمد قيلش – مجيدي السعدية – محمد زنون ‪ :‬الشرح العملي لقانون المسطرة الجنائية‪ ،‬مطب عة األمن ية‬
‫– الرباط‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.50 :‬‬
‫‪ 32‬ينص الف صل ‪ 331‬من ال قانون الج نائي المغر بي ع لى أ نه ‪ " :‬الجنا يات المعا قب علي ها في الف صل ‪ 335‬ت نتج عن ها‬
‫مسؤولية مدنية شخصية على عاتق مرتكبها كما تنتج عنها مسؤولية الدولة مع احتفاظها بالحق في الرجوع على الجاني "‪.‬‬
‫‪ 33‬ينص الفصل ‪ 335‬من القانون الجنائي المغربي على أنه ‪:‬‬
‫" كل قاض‪ ،‬أو موظف عمومي‪ ،‬أو أحد رجال أو مفوضي السلطة أو القوة العمومية يأمر أو يباشر بنفسه عمال تحكم يا‪،‬‬
‫ماسا بالحريات الشخصية أو الحقوق الوطنية لمواطن أو أكثر يعاقب بالتجريد من الحقوق الوطنية‪.‬‬
‫لكن إذا أثبت أنه تصرف بناء على أمر صادر من رؤسائه في مادة تدخل في نطاق اختصاصهم ويو جب عل يه طاعتهم‪،‬‬
‫فإنه يتمتع بعذر معف من العقاب‪ ،‬وفي هذه الحالة تطبق العقوبة على الرئيس الذي أصدر األمر وحده‪.‬‬
‫وإذا كان العمل التحكمي أو المساس بالحرية الفردية قد ارتكب أو أمر به لغرض ذاتي أو بقصد إرضاء أهواء شخصية‪،‬‬
‫طبقت العقوبة المقررة في الفصول ‪ 321‬إلى ‪." 331‬‬
‫‪32‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬الدعوى المدنية في إطار المسؤولية التقصيرية‬

‫إن مسؤولية ضابط الشرطة القضائية المدنية الشخصية تخضن للنظرية العامة‬
‫للمسؤولية التقصيرية التي تستلةزم وجةود عالقة سببية بينهما‪.34‬‬

‫وعليهي فةإن المتضرر من إخةالل ضابط الشرطة القضائية يمكنه أن يقدم أمام‬
‫القضاء المدني لطلب التعويض في إطةار أحكام المسؤولية التقصيرية المنظمة طبقا‬
‫لمقتضيات الفصلين ‪ 3579‬و‪ 3681‬من قانون االلتزامات والعقود‪.‬‬

‫ولسلوك الطريق المدني في إطةار أحكام المسؤولية التقصيرية يجب مراعاة‬


‫الشروط التالية ‪:‬‬

‫‪ -‬أن يكون المدعي تعرض شخصيا لضرر جسماني أو مادي أو معنوي‬


‫تسببت فيه الجريمة مباشرة‪.‬‬
‫‪ -‬ال يجوز للمتضرر الذي أقةام دعواه لدى المحكمة المدنية المختصة أن يقيمها‬
‫لةدى المحكمة الزجرية‪.‬‬
‫‪ -‬البت في الدعوى المدنية في إطار المسؤولية التقصيرية رهين بصدور حكم‬
‫نهائي في الةدعوى العمومية من طرف المحكمة الزجرية‪.‬‬

‫ناهيك عن التقدم بطلب في الموضوع إلى المحكمة المدنية مستوفيا لشروطه‬


‫الشكلية وبواسطة محامي من أداء الرسوم القضائية‪.‬‬

‫إال أنه عندما تةثةار مسؤولية الدولة وجةب التمييز بين األخطاء المصلحية‬
‫واألخطاء الشخصية‪.‬‬
‫‪ 34‬سعاد حميدي – أحمد قيلش – مجيدي السعدية – محمد زنون ‪ :‬الشرح العملي لقانون الم سطرة الجنائ ية‪ ،‬مر جع سابق‪،‬‬
‫ص ‪.32 :‬‬
‫‪ 35‬نص الفصل ‪ 28‬من ق‪.‬ل‪.‬ع على أن ‪ " :‬الدولة والبلديات مسؤولية عن األضرار الناتجة مباشرة عن تسيير إدارتها وعن‬
‫األخطاء المصلحية لمستخدميها "‪.‬‬
‫‪ -‬الظهير الشريف الصادر في ‪ 8‬رمضان ‪ 0220‬الموافق لـ ‪ 03‬غشت ‪ 0803‬المتعلق بقانون االلتزامات والعقود‪.‬‬
‫‪ 36‬نص الفصل ‪ 81‬من ق‪.‬ل‪.‬ع ع لى أن ‪ " :‬م ستخدمو الدو لة والب لديات م سؤولون شخ صيات عن األ ضرار النات جة عن‬
‫تدليسهم أو عن األخطاء الجسيمة الواقعة منهم في أداء وظائفهم‪ .‬وال تجوز مطالبة الدولة والبلديات بسبب هذه األضرار‪ ،‬إال‬
‫عند إعسار الموظفين المسؤولين عنها "‪.‬‬
‫‪33‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫فالخطأ المصلحي هةو الةذي يرتكبه ضابط الشرطة القضائية وينسب إلى الدولة‬
‫باعتباره موظف تابعا لهاي هذا الخطأ الذي يصدره إما أثناء تأديته لوظيفته أو‬
‫بسببهاي شريطة أن تكون العالقة السببية قائمة بين الخطأ والوظيفةي وأن الوظيفة‬
‫هي السبب المباشر للخطأ وإال سقطت مسؤولية الدولة‪.‬‬

‫أما الخطأ الشخصي فهو الةذي ينسب إلى ضابط الشرطة القضائية شخصيا‬
‫والةذي يتحمل فيه مسؤولية شخصية كاملة متى ارتكبه خارج وظيفتهي أو في حالة‬
‫األخطاء الجسيمة التي يةرتكبها ضابط الشرطة القضائية أثناء قيامه بوظيفتهي وفي‬
‫هذه الحالة تةرفةن الدعوى بشكل مباشر في حق ضابط الشرطة القضائية المتسبب‬
‫في الضرر‪ .‬وال يمكن رفةعةهةا ضةد الدولة إال في حالة إعسار هةذا األخير من حفظ‬
‫حةق الدولة في الرجوع إليه كما هو منصوص عليه في الفصل ‪ 81‬من قانون‬
‫االلتزامات والعقود‪.37‬‬

‫وفي هةذا السيةاق اعتبرت المحكمة االبتدائية بطنجة في حكمها أن ‪ " :‬سلوك‬
‫الموظف الةذي ال يقوم على درجة معينة من الفطنة والتبصر ويتجاوز في عمله‬
‫الةحةدود القانونية وينساق وراء أهةوائةه الشخصية إلى درجة تجعل عمل الموظفي‬
‫منفصال عن واجبات وظيفته يعتبر خطأ جسيما يستوجب مساءلته شخصيا "‪.38‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬المسؤولية اإلدارية والتأديبية لضباط الشرطة القضائية‬

‫إن ضباط الشرطة القضائية على غرار المسؤوليات التي سبق وأشرنا إليها‬
‫والتي تثار في حقهم بمناسبة قيامهم بوظائفهمي هناك مسؤوليات أخرى يتحملونها كل‬
‫حسب اإلخالل المرتكب من طرفهمي وبالتالي سنتناول المسؤولية اإلدارية لضباط‬
‫الشرطة القضائية في المطلب األولي تليها مسؤوليتهم التأديبية في المطلب الثاني‪.‬‬

‫‪ 37‬سعاد حميدي – أحمد قيلش – مجيدي السعدية – محمد زنون ‪ :‬الشرح العملي لقانون الم سطرة الجنائ ية‪ ،‬مر جع سابق‪،‬‬
‫ص ‪.53 :‬‬
‫‪ 38‬حكم عـدد ‪ 812‬بتاريخ ‪ 0883/15/18‬صـادر عن المحكمة االبتدائية بطنجة‪.‬‬
‫‪34‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬المسؤولية اإلدارية لضباط الشرطة القضائية‬

‫يسأل ضباط الشرطة القضائية عن األخةطةاء اإلدارية التي يرتكبةونةهةا طبقا‬


‫للقوانين واألنظمة الةداخلية الةجةاري بها العملي وتتجلى آثةةار العقوبات اإلدارية في‬
‫تةأثيةرهةا على الحياة اإلداريةة ألعةضةاء الشرطة القضائية المخالفين‪.‬‬

‫فبالنسبة للضباط السامين للشرطة القضائية الةذيةن يةتةوفةرون على الصفة‬


‫القضائيةي فةيةرجةن أمةر النظر في المخالفات المهنية – اإلدارية – التي يرتكةبونةها‬
‫إلى المجلس األعلى للسلطة القضائية‪.‬‬

‫أمةا بةاقةي ضباط الشرطة القضائية والموظفين واألعةوان الةذيةن يقةومةون‬


‫ببعض مهام الشرطة القضائيةي فةإنهم يخضعون للعقوبات التأديبية الةواردة في‬
‫الفصل ‪ 66‬من ظهير ‪ 24‬فبراير ‪1918‬ي وهةي مرتبة حسب خطورتها على‬
‫الشكل اآلتةي ‪:‬‬

‫‪ ‬اإلنةةذار‪.‬‬
‫‪ ‬الةتةوبيةن‪.‬‬
‫‪ ‬الةحةذف من الئحة الةتةرقةي‪.‬‬
‫‪ ‬االنةحةدار من الطبقة‪.‬‬
‫‪ ‬القهقرة من الةرتبة‪.‬‬
‫‪ ‬الةعةزل من غير تةوفةيةق حةق التقاعةد‪.‬‬

‫وهناك عقوبتين أضافتهما الفقرة الثانية من نفس الفصل وهةمةا ‪:‬‬

‫‪ ‬الةحةرمةان المؤقت من كةل أجةرة باستثناء التعويضات العائلية لةمةدة ال‬


‫تةتةجةاوز ستة أشةهةر‪.‬‬
‫‪ ‬اإلحةالة الحتمية على الةتةقةاعةد‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫وقد قسم الظهير الشريف رقم ‪ 1.19.213‬المتعلق بالنظام األساسي للمديرية‬


‫في فصله‬ ‫‪39‬‬
‫العامة لألمن الوطني والنظام األساسي لموظفي األمن الوطني‬
‫العشريني والعقوبات إلى ثةالث طبقات ‪:‬‬

‫‪ ‬الطبقة األولى تشتمل على الةعةقةوبةات التالية ‪:‬‬

‫‪ -‬إنةةذار‪.‬‬
‫‪ -‬الةتةوبين‪.‬‬

‫‪ ‬الطبقة الثانية تشتمل على الةعةقةوبةات التالية ‪:‬‬

‫‪ -‬الةحةذف من الئحة الةتةرقةي‪.‬‬


‫‪ -‬اإلنةزال من الرتبة‪.‬‬
‫‪ -‬الةتةوقيف عن العمل لةمةدة أدنةاهةا ‪ 11‬يةومةا وأقصاها ‪ 6‬أشهر‪.‬‬

‫‪ ‬الطبقة الثالثة تشتمل على الةعةقةوبةات التالية ‪:‬‬

‫‪ -‬اإلحةالة على التقاعةد الحتمي‪.‬‬


‫‪ -‬الةعةزل‪.‬‬

‫ويمكن إنةةذار ضابط الشرطة القضائية الةمةخةالةف أو توبيةخةه بةمةوجةب قةرار‬


‫مةعةلةل للسلطة المختصة بةعةد استفسار المعني باألمر ودون الةرجوع إلى المجلس‬
‫التأديبي‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬المسؤولية التأديبية لضباط الشرطة القضائية‬

‫‪ 39‬ظه ير شريف ر قم ‪ 0.18.302‬صادر في ‪ 8‬رب يع األول ‪ 32 ( 0320‬فبرا ير ‪ ) 3101‬يتع لق بالمدير ية العا مة لأل من‬
‫ا لوطني والن ظام األسا سي ل موظفي األ من ا لوطني‪ .‬الجر يدة الر سمية عـدد ‪ 5802‬ب تاريخ ‪ 03‬رب يع األول ‪ ( 0320‬فاتح‬
‫مارس ‪ ،) 3101‬ص ‪.100 :‬‬
‫‪ -‬مرسوم رقم ‪ 3.01.85‬صادر في ‪ 8‬ربيع اآلخر ‪ 31 ( 0320‬مارس ‪ ) 3101‬بشأن النظام األسا سي ال خاص ب موظفي‬
‫األمن الوطني‪ .‬الجريدة الرسمية عـدد ‪ 5838‬بتاريخ ‪ 31‬ربيع اآلخر ‪ 03 ( 0320‬أبريل ‪ ،) 3101‬ص ‪.3352 :‬‬
‫‪36‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫بحكم طبيعة المهام الجسيمة لضباط الشرطة القضائية المرتبطة أساسا بحقوق‬
‫وحريةات األفرادي تعمل الجهات التي ينتمون إليها على مراقبة والوقوف على‬
‫اإلخالل الصادر منهم وتوقين عقوبات في حقهم‪.40‬‬

‫و تعرف المسؤولية التأديبية بأنها صالحية فةاعةل المخالفة التأديبية ألن يتحمل‬
‫تبعة سلوك صةدر عنه‪.41‬‬

‫فةكةمةا سةلةف الةذكةر إن العقوبات التي تصدرهةا الغرفة الجنحية في حةق‬


‫ضباط الشرطة القضائية والموظفين المكلفين ببعض مهام الشرطة القضائية ال‬
‫تعفيهم من العقوبات اإلدارية التي يتعرضون لها من طرف السلطة اإلدارية‬
‫الخاضعين لهاي على كةل األخطاء التي يرتكبونها أثناء ممارسة مهامهم كشةرطة‬
‫قضائية‪.‬‬

‫وإذا كانت المسؤولية التأديبية تجد مصدرهةا في قانون المسطرة الجنائيةي فإن‬
‫المسؤولية اإلدارية تجد أساسها في الشق الخاص بالعقوبات المنصوص عليها في‬
‫قانون الوظيفة العمومية‪ 42‬والنظام األساسي لإلدارة التي ينتمي إليها الموظف‪.‬‬

‫ولةوقوع الجريمة التأديبية وبالتالي إثةارة المسؤولية اإلداريةي يشترط أن يكون‬


‫الةفةعةل المعاقب عليه قد ارتكبه موظف له رابطة وظيفية باإلدارة‪ .‬وهذا ما يدفن‬
‫بالقول بةأن نظام التأديب اإلداري هةو نةظةام طائفي أي أنه يتعلق بطائفة معينة في‬
‫المجتمن على عكس النظام العقابي الةذي يتصف بالعمومية والشمول‪.43‬‬

‫وتختلف العقوبات اإلدارية الصادرة في حةق ضباط الشرطة القضائية‬


‫بةاختالف اإلدارات التي ينتمون إليها‪ .‬فةإذا كان ضباط الشرطة القضائية ينتمي إلى‬
‫‪ 40‬عبد السالم بنحدو ‪ :‬الوجيز في شرح المسطرة الجنائية المغربية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.13 :‬‬
‫‪ 41‬الح سن البوعي سي ‪ :‬تحر يك ا لد عوى العموم ية من طرف المت ضرر عن طر يق اال ستدعاء المبا شر‪ ،‬مطب عة الن جاح‬
‫الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬ص ‪.018 :‬‬
‫‪ 42‬ظهير شريف رقم ‪ 0.58.118‬صادر بتاريخ ‪ 33‬فبراير ‪ 0858‬بمثابة القانون األساسي العام للوظيفة العمومية كما و قع‬
‫تغييره وتتميمه‪ .‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 3223‬بتاريخ ‪ 30‬رمضان ‪ 00 ( 0222‬أبريل ‪ ،) 0858‬ص ‪.803 :‬‬
‫‪ 43‬قوسم غوثي ‪ :‬مبدأ التناسب في الجزاءات التأديبية والرقابة القضائية عليه‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬أطروحة لن يل ا لدكتوراه في‬
‫القانون الخاص‪ ،‬جامعة بلقايد‪ ،‬الجزائر‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،3103 – 3100 :‬ص ‪.58 :‬‬
‫‪37‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫إدارة ال ينظمها قانون خاص ينص على عقوبات إداريةي فإنه يخضن للعقوبات‬
‫المنصوص عليها في النظام األساسي العام للوظيفة العموميةي أمةا إذا كان ضابط‬
‫الشرطة القضائية ينتمي إلى إدارة ينظمها قانون خاص متعلق بالتأديب فةإنةه يخضن‬
‫إلى تلك العقوبات اإلدارية المنصوص عليها في هةذا األخيري وكنموذج لهذه‬
‫القوانين الخاصة باإلدارات نةذكةر على سبيل المثال المسؤولية اإلدارية لضباط‬
‫الشرطة القضائية التابعين للمديرية العامة لألمن الوطني حيث يخضعون للعقوبات‬
‫اإلدارية المنصوص عليها في الظهير الشريف رقم ‪ 1.19.213‬المتعلق بالمديرية‬
‫العامة لألمن الوطني والنظام األساسي لموظفي األمن الوطني‪.‬‬

‫ففيما يخص العقوبات المنصوص عليها النظام األساسي العام للوظيفة العمومية‬
‫فقد نص عليها الفصل ‪ 66‬من الظهير السالف الةذكةري حيث جةاء فيه ‪:‬‬

‫ق تشتمل العقوبات التأديبية المطبقة على الموظفين على ما يأتيي وهي مرتبة‬
‫حسب تةزايةد الةخةطةورة ‪:‬‬

‫‪ ‬اإلنةةذار‪.‬‬
‫‪ ‬الةتةوبيةن‪.‬‬
‫‪ ‬الةحةذف من الئحة الةتةرقةي‪.‬‬
‫‪ ‬االنةحةدار من الطبقة‪.‬‬
‫‪ ‬القهقرة من الةرتبة‪.‬‬
‫‪ ‬الةعةزل من غير تةوفةيةق حةق التقاعةد‪.‬‬
‫‪ ‬الةعةزل المصحوب بتوقيف حةق التقاعةد‪.‬‬

‫وهةنةاك عقوبتان تكتسيان صبغة خصوصيةي وهةمةا الةحةرمةان المؤقت من‬


‫كةل أجةرة باستثناء التعويضات العائلية وذلك لةمةدة ال تتجاوز ستة أشهري واإلحةالة‬
‫الحتمية على التقاعد وال يمكن إصةدار هذه العقوبة األخيرة إال إذا كان الموظف‬
‫مستوفيا للةشةروط المقررة في تشرين التقاعد‪.‬‬
‫‪38‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫ويجوز للموظف الةذي صةدرت في شأنه عقوبة تأديبية والةذي لم يةقةن‬


‫إخةراجةه من أسالك اإلدارة أن يةقةدم للةوزير الةذي ينتهي إليه طلبا يلتمس فيه أن ال‬
‫يبقى في ملفه أي أثةر للعقوبة الصادرة عليهي وذلك بةعةد مرور خمس سنوات إذا‬
‫كان األمةر يتعلق بإنةذار أو بتوبين وعشر سنوات في غير هذه العقوبات‪ .‬وإذا‬
‫أصبحت سيرة الموظف العامة مرضية بعد العقوبة الصادرة عليهي فةإنةه يستجاب‬
‫لطلبه ويبت الوزير في ذلك بعد استشارة المجلس التأديبي ويعاد تكوين الملف في‬
‫صورته الجديدة‪.44‬‬

‫أمةا فيما يخص العقوبات اإلدارية لضباط الشرطة القضائية التابعين للمديرية‬
‫العامة لألمن الوطني فهي نفس العقوبات تقريبا المنصوص عليها في قانون الوظيفة‬
‫العموميةي وقد نصت عليها مقتضيات المادة ‪ 21‬من الظهير الشريف رقم‬
‫‪ 1.19.213‬المتعلق بالمديرية العامة لألمن الوطني والنظام األساسي لموظفي‬
‫األمن الوطنيي وتةتةوزع إلى ثةالث مجموعات ‪:‬‬

‫‪ ‬المجموعة األولى‬

‫اإلنةةذار‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫الةتةوبيةن‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪ ‬المجموعة الثانية‬

‫الةحةذف من الئحة الةترقةي‪.‬‬ ‫‪-‬‬


‫اإلنةزال من الرتبة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫التوقيف المؤقت عن العمل لمدة أدنةاهةا ‪ 11‬يوما وأقصاها ‪ 6‬أشهر‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫اإلنةزال من الدرجة‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪ ‬المجموعة الثالثة‬

‫‪ 44‬الفصل ‪ 25‬من النظام األساسي العام للوظيفة العمومية‪.‬‬


‫‪32‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫اإلحةالةة إلى التقاعد الحتمي‪.‬‬ ‫‪-‬‬


‫الةةعةةزل‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫وتعتبر المسطرة التأديبية التي تةصةدر من خاللها المديرية العامة لألمن‬


‫الوطني العقوبات اإل دارية مستقلة عن الةدعوى الجنائية المقامة ضةد ضابط الشرطة‬
‫القضائية سواء تةعةلةق األمةر بمخالفته اللتزاماته المهنية أو بجريمة من جرائم‬
‫الةحةق العام‪.45‬‬

‫غير أنه إذا كانت األفعال التي تةوبةن بها الموظف إداريا هي نفسها األفعال التي‬
‫توبن بها جنائيا وصدر حكم نهائي حائز لقوة الشيء المقضي به قاضي ببراءته‬
‫يقتضي من المديرية العامة لألمن الوطني وضن حد ألي متابعة تأديبية في حق‬
‫الموظفي وهذا ما ذهبت إليه محكمة االستئناف اإلدارية بالرباط في قرار صادر‬
‫عنها حيث جاء فيه ‪:‬‬

‫" ‪ ...‬حيث إنه ولئن كانت وسائل اإلثبات في الميدان الجنائي تختلف عنها في‬
‫الميدان التأديبيي إنه حينما تكون األفعال التي توبن بها الموظف جنائيا هي نفسها‬
‫التي توبن بها تأديبياي فةإن الحكم النهائي الحائز لقوة الشيء المقضي به القاضي‬
‫ببراءته يقتضي من اإلدارة وضةن حةد ألي متابعة تأديبية في حقهي فباألحرى‬
‫إصةدار قةرار إداري بمعاقبته‪ .‬وحيث أن تجاهل اإلدارة المطلوبة في الطعن الحكم‬
‫القضائي المذكور رغةم توضيحها للمبررات التي اعتمدتها في إصةدار الةقةرار‬
‫المطعون فيهي والمتمثل في ع زل الطاعني يجعل هذا القرار متسما بتجاوز السلطة‬
‫لعيب انعدام السبب وموجبةا لإللغةاء "‪.46‬‬

‫‪ 45‬الف قرة األو لى من ال مادة ‪ 32‬من الظه ير ال شريف ر قم ‪ 0.18.302‬المتع لق بالمدير ية العا مة لأل من ا لوطني والن ظام‬
‫األساسي العام لموظفي األمن الوطني‪.‬‬
‫‪ 46‬قرار صادر عن محكمة االستئناف اإلدارية بالرباط عـدد ‪ 555‬المؤرخ بتاريخ ‪ 35/12/3112‬للم لف عـدد ‪.25/12/5‬‬
‫أورده ‪:‬‬
‫‪ -‬السكروحي عبد هللا ‪ :‬رقابة القضاء على أعمال الشرطة القضائية‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص‪ ،‬ماستر‬
‫الم هن القانون ية والق ضائية‪ ،‬جام عة ع بد الما لك ال سعدي‪ ،‬كل ية الع لوم القانون ية واالقت صادية واالجتماع ية‪ ،‬طن جة‪ ،‬ال سنة‬
‫الجامعية ‪ .3101 – 3105 :‬ص ‪28‬‬
‫‪41‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫ويحق للموظف المتابن االطةالع على ملفه التأديبي كةمةا يحق لةه تعيين مةحةام‬
‫لةمةؤازرتهي وفي هةذا الصدد أكةدت المحكمة اإلدارية بالرباط في حكمها تحت عةدد‬
‫‪ 13/7111/399‬بين الطاعةن في القرار موظف المديرية العامة لألمن الوطني‬
‫من جهةي وبين السيد المدير العام لألمن الوطني من جهة أخرىي حيث جاء فيه ‪" :‬‬
‫أنه بةرجةوع المحكمة لةوثائق الملف لةم يثبت احترام اإلدارة المطلوبة في الطعن‬
‫للضمانات القانونية التي يمنحها القانون للموظف‪ .‬ذلك أن المدعي عليها أسست‬
‫قةرار الةعةزل على قيام المدعي بأفةعةال جنائية في حين لةم تةقةن متابعته بهذا‬
‫الةشةأن أمةام القضاء المختصي للةبةت فيها بحكم فةاصةلي فةضةال عةن انعةقةاد‬
‫المجلس التأديبي بشكل فوري يةوم وقةوع األفةعةال المنسوبة للةطةاعةني دون تمكينه‬
‫من تجهيز دفةاعةهي طبقا للفصل ‪ 67‬من النظام األساسي للوظيفة العموميةي الةذي‬
‫ينص على أن للةمةوظةف المتابن الةحةق في أن يطلن على ملفه الشخصي بتمامه‬
‫وعلى جمين الةوثائق الملحقة بهي كةل ذلك يجعل قةرار الةعةزل بشكل سةابةق متابعة‬
‫مةخةالةفةا للةقةانةون‬ ‫‪47‬‬
‫زجةريةي ودون احترام حةقةوق الةدفةاع الةمةكةرسةة دستوريا‬
‫ومةوجةبةا لإللةغةاء "‪.48‬‬

‫خـاتـمـة ‪:‬‬

‫ال بد لكل زرع من حصادي وال بد لكل بحث أثةمةر وانتهى من نتيجة وخالصةي‬
‫وحصاد زرعنا الذي هو نتيجة وخالصة هذه الدراسة تتمثل في أن المشرع المغربي‬
‫حرص أشد الحرص على صيانة المحاكمة العادلة وصةون حقوق وحريات األفراد‬
‫وذلك بتشييد صرح البراءة التي هي األصل في المشتبه فيه ودعةم حقوق الدفاع‬
‫وتخويلهم لم جموعة من الحقوق التي تصب في مجال تمكينهم من الدفاع عن‬
‫براءتهمي ومما ال شك في أن الوصول إلى هةذا المبتغى يبقى رهينا بمدى إيجاد‬

‫‪ 47‬ظه ير شريف ر قم ‪ 0.00.80‬صادر في ‪ 32‬من شعبان ‪ 38 ( 0323‬يولـ يـو ‪ ) 3100‬بتنف يذ نص الد ستور‪ .‬الجر يدة‬
‫الرسمية عدد ‪ 5813‬مكرر بتاريخ ‪ 38‬شعبان ‪ 21 ( 0323‬يوليو ‪ ،) 3100‬ص ‪.2111 :‬‬
‫‪ 48‬حكم صادر عن المحكمة اإلدارية بالرباط تحت عـدد ‪ 02/2001/288‬بتاريخ ‪.3103/10/32‬‬
‫‪41‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫قواعد قانونية وآليات عملية لمراقبة أعمال ضباط الشرطة القضائية من جهة وربط‬
‫مسؤوليتهم الجسيمة بالمحاسبة من جهة أخرى‪.‬‬

‫ومن بين النقط التي تم استخالصها من هةذا البحث والمتمثلة فيما يلي ‪:‬‬

‫‪ -‬إثةةارة المسؤولية القانونية في مواجهة ضباط الشرطة القضائية ( المسؤولية‬


‫الجنائية والمسؤولية المدنية والمسؤولية اإلدارية والمسؤولية التأديبية )ي وذلك أثناء‬
‫ممارستهم لمهامهم أو بمناسبة ممارستهم لها لجريمة منصوص عليها في القانون‬
‫الجنائي أو المسطرة الجنائيةي أو بعض القوانين الخاصة‪.‬‬

‫‪ -‬إثةارة المسؤولية المدنية لتعويض الطرف المتضرر عن إخالل ضابط‬


‫الشرطة القضائيةي و التي تتم إمةا عن طريق الدعوى المدنية التابعة أو الدعوى‬
‫المدنية‪.‬‬

‫وإن إقةرار المسؤولية الشخصية لضابط الشرطة القضائية عن اإلخالالت التي‬


‫يرتكبها أثناء القيام بمهامه أو بسببهاي سيدعم دون شك عملية تخليف المرفق العامي‬
‫و يكرس الضمانات الممنوحة أثناء مرحلة ما قبل المحاكمة‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫إشكالية إنهاء الرابطة الزوجية في الزواج المختلط‬

‫هشام عاللي‬
‫أستاذ بجامعة القاضي عياض بمراكش‬

‫مقدمة‬

‫إذا كانت ظاهرة الهجرة كظاهرة إنسانية وطبيعية قد استطاعت إلى حد ما‬
‫تحقيق نوع من الرفاهية واالستقرار االقتصادي للمهاجرين المغاربة في بلدان‬
‫إقامتهمي فإنها بالمقابل ساهمت إلى حد كبير في احتدام النزاعات بشأن تطبيق‬
‫قوانينهم الشخصية في مجال األحوال األسريةي سيما عندما يتعلق األمر بالنزاعات‬
‫الدولية المرتبطة بزواج المختلط‪49‬ي التي تربط بين بلدين يسود أحدهما نظام قانوني‬
‫علماني يجعل من عهود ومواثيق حقوق اإلنسان مرجعيته المتبناة في صياغة‬
‫القوانين األسريةي وبين نظام قانوني ديني يكرس نظريات أسرية مستوحاة من الفقه‬
‫اإلسالمي‪.50‬‬

‫من هذا المنطلق رفضت بلدان اإلقامة الكثير من المؤسسات القانونية األسرية‬
‫المضمنة في قانون األحوال الشخصية المغربيي واعتبرتها متعارضة من النظام‬
‫العام السائد فوق أقاليمهاي كما أن المغرب رفض بدوره االعتراف بأي حق اكتسب‬

‫‪ .49‬الزواج المختلط هو كل زواج يبرم سواء بالمغرب أو بال خارج بين شخ صين أ حدهما يح مل الجن سية المغرب ية واأل خر‬
‫جنسية دولة أجنبية‪ .‬محمد الكشبور‪ :‬قراءة في الزواج الم ختلط‪ ،‬المج لة المغرب ية للدرا سات الدول ية‪ ،‬أع مال ال ندوة الدول ية‬
‫المنظمة من طرف جامعة مح مد األول بو جدة أ يام ‪ 05-3-02‬مارس‪ 3113‬عدد خاص أك توبر ‪ 3112‬ص‪ .2‬وع لى هذا‬
‫األساس فإن الزواج المختلط ينبني على االنتماء الوطني أي على عنصر اختالف الجنسية ال على أساس االنتماء الديني‪.‬‬
‫‪ . 50‬منير شعيبي‪ :‬قانون األ سرة المغر بي أ مام الق ضاء األور بي‪ ،‬أ ية إمكان ية للتطب يق ‪ ،‬ر سالة لن يل دب لوم الدرا سات العل يا‬
‫المعمقة في القانون الخاص‪ ،‬وحدة التكوين والبحث قانون األ سرة والطفو لة‪ ،‬جام عة سيدي مح مد بن ع بد هللا كل ية الع لوم‬
‫القانونية واالقتصادية واالجتماعية فاس‪ .‬السنة الجامعية ‪3111-3115‬ص ‪.3‬‬
‫‪43‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫بناءا على القواعد القانونية لتلك البلدان من قبل رعاياهي نظرا لما فيه من تعارض‬
‫من األسس التي يقوم عليها النظام العام في المجتمن المغربي‪.51‬‬

‫وتعد مؤسسة الطالق من أكثر المؤسسات التي تجسد هذا التنازع بين‬
‫القوانيني بل وتشكل ميدانا خصبا يكشف تنازع الحضارات والثقافات واالختالفات‬
‫التشريعية للدولي وهو ما انعكس سلبا على تنظيم طالق المهاجرين المغاربةي‬
‫وتجلى ذلك من خالل رفض القضاء األوربي تطبيق القانون الوطني للمهاجرين‬
‫على هذه المؤسسةي أو من خالل رفضه السماح بتنفيذ األحكام الصادرة عن القضاء‬
‫المغربي بخصوصها فوق التراب األوربي‪.52‬‬

‫ولت جاوز هذه االكراهات كان ال بد من صدور قانون ينظم أحوال األسرة‬
‫المغربيةي يعتمد مقاربة ثنائية تحافظ على التزاوج بين روح االنفتاح وبين التشبث‬
‫بجذور األصالة المستمدة من الدين اإلسالم كمكون حضاري ال محيد عنهي ويتعلق‬
‫المتعلق بمدونة األسرة الذي حاول من‬ ‫‪53‬‬
‫األمر بصدور القانون رقم ‪71– 13‬‬
‫خالله المشرع تنظيم وضعية األسرة المغربيةي ليس فقط داخل أرض الوطن بل‬
‫حتى تلك المقيمة بالخارجي من خالل تبسيط إجراءات زواجها وفقا لقوانين الدول‬
‫التي تقيم فيهاي ثم التنصيص في صلب هذا القانون على مقتضيات هامة تتعلق بتنفيذ‬
‫األحكام األجنبية الصادرة بإنهاء الرابطة الزوجية فوق التراب الوطني‪.54‬‬

‫‪ . 51‬كما هو الشأن مثال بالنسبة للطالق االنفرا دي الموقع من طرف الزوج الذي ي عد مؤس سة غ ير مقبو لة في أورو با ع لى‬
‫اعتبار أنها تكرس عدم المساواة بين الرجل والمرأة‪ ،‬بل وتجعل المرأة في مرت بة دن يا‪ ،‬و هو ما ي خالف الم بادئ ال تي ي قوم‬
‫عليها المجتمع األوربي‪ .‬محمد الوهابي‪ :‬طالق المغاربة أمام القضاء األوروبي إشكاالت التطبيق وأفاق التنفيذ‪ ،‬رسالة لنيل‬
‫دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص‪ ،‬و حدة الت كوين والب حث قانون األ سرة المغر بي والم قارن‪ ،‬جام عة ع بد‬
‫المالك السعدي كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية طنجة السنة الجامعية ‪ 3112-3111‬ص ‪. 1‬‬
‫‪ .52‬محمد الوهابي‪ :‬طال ق المغاربة أمام القضاء األوروبي إشكاالت التطبيق وأفاق التنفيذ‪ ،‬م س ص ‪.2‬‬
‫‪ .53‬الظهير الشريف رقم ‪ 0.13.33‬الصادر في ‪ 03‬ذي الحجة ‪0333‬هـ الموافق لـ‪ 2‬فبرا ير ‪ 3113‬بتنف يذ ال قانون ر قم ‪-12‬‬
‫‪ 21‬بمثابة مدونة لألسرة والمنشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 5083‬بتاريخ ‪ 5‬فبراير ‪ ،3113‬ص‪.308 :‬‬
‫‪ 54‬سعاد األخريسي‪ :‬من مدونة األحوال الشخصية إلى مدونة األسرة‪ ،‬الطبعة األولى مطبعة النجاح الجديدة البيضاء ‪3115‬‬
‫ص ‪.082‬‬
‫‪44‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫بالتاليي فما مدى إمكانية تطبيق قانون األسرة المغربي أمام القضاء‬
‫األوروبي عند طالق المغاربة بالخارج؟ (المبحث األول) وما هي اآلثار التي تترتب‬
‫عن إنهاء الرابطة الزوجية الناتجة عن الزواج المختلط؟ (المبحث الثاني)‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬تنازع االختصاص الدولي في الطالق‬

‫إن االحتكام للقضاء األجنبي في إطار النزاعات األسرية تحكمه قاعدة‬


‫أساسية في مجال تنازع القوانيني وهي أن األشخاص يخضعون في مجال أحوالهم‬
‫الشخصية إلى قوانينهم الوطنيةي أي قوانين الدول التي يحملون جنستها (المطلب‬
‫األول)ي إال أنه أحيانا قد يتم استبعاد القانون الوطني من حكم الروابط األسرية‬
‫الخاصة (المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬القانون الواجب التطبيق‬

‫إن أول ما يتعين على القاضي القيام به عند النظر في طلب انحالل الرابطة‬
‫الزوجية في إطار الزواج المختلطي هو تحديد القانون الواجب التطبيق وفقا لقاعدة‬
‫اإلسناد الوطنيةي إذا كان أحد طرفي من مواطني الدولة التي يعرض النزاع على‬
‫قضائها‪ . 55‬وألن المشرع المغربي يرجح اعتماد الجنسية أساسا لتحديد القانون‬
‫الواجب التطبيق في مسائل األسرة أخذا بمبدأ شخصية القوانيني بمعنى أن القوانين‬
‫وضعت أصال لألشخاص ويجب أن تتبعهم أينما وجدوا‪ .56‬بالتالي يعتبر إسناد‬
‫األحوال الشخصية للقانون الوطني للطرفيني قانون الجنسيةي من المبادئ ذات السبق‬
‫التاريخي في التطبيق سواء من خالل العرف الدولي أو القانون الوضعي‪.57‬‬

‫‪ .55‬شايل لطيفة‪ :‬ظاهرة الزواج المختلط في المغرب أسبابها ونتائجها على األسرة‪ ،‬مجلة البحوث العدد األول مارس ‪3113‬‬
‫ص‪088‬‬
‫‪ .56‬صالح الدين جمال ا لدين‪ :‬مشكالت حضانة األطفال في زواج األجانب دراسة مقارنة‪ ،‬مطبعة دار الفكر الجامعي القاهرة‬
‫طبعة ‪ 3113‬ص ‪81‬‬
‫‪ . 57‬الحسين والقيد و العبدوني أحمد‪ :‬ا لزواج الم ختلط في دول الم غرب العر بي‪ ،‬مج لة الم يادين‪ ،‬ال عدد ‪ 5‬سنة ‪ 0881‬ص‬
‫‪.018‬‬
‫‪45‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫وهو ما يتضح من خالل المادة الثالثة من القانون الدولي الخاص‬


‫البلجيكي‪58‬ي التي تنص على خضوع األشخاص فيما يخص حالتهم إلى قانون الدولة‬
‫التي يحملون جنسيتهاي والمادة ‪ 117‬من القانون المدني االسباني التي تقضي‬
‫بإخضاع الطالق إلى القانون الوطني المشترك للزوجيني والفصل الثالث من القانون‬
‫المدني الفرنسي الذي يقضي بإخضاع الحالة الشخصية لقانون الوطنيي والفصل‬
‫األول من القانون الهولندي‪59‬ي الخاص بحكم تنازع القوانين في مادة انحالل الزواج‬
‫و الفصل الجسمانيي والذي جعل أسباب الطالق و االنفصال الجسماني ينبغي‬
‫اإلسناد فيها إلى القانون الوطني المشترك في حالة ما إذا كان للزوجين جنسية‬
‫مشتركة‪.‬‬

‫يتضح إذن أن األنظمة القانونية في معظم الدول األوروبيةي تتبنى الجنسية‬


‫كضابط إسناد في مجال األحوال الشخصيةي األمر الذي يفيد بأن الجالية المغربية‬
‫المقيمة فوق تراب هذه الدول تخضن في مجال أحولها الشخصية لقانونها الوطني‬
‫أي القانون المغربي‪.60‬‬

‫إال أنه قد ال يكون متيسرا من الناحية العلمية أن يحل ضابط الجنسية مشكل‬
‫التنازع في كل الحاالت بناء على معيار موحدي عندما يتعلق األمر بزوجين من‬
‫جنسيتين مختلفتين‪61‬ي لهذا اتجهت بعض التشريعات إلى إخضاع العالقات الزوجية‬
‫إلى قانون واحدي من ذلك المشرع المصري الذي أخضن الطالق الناتج عن الزواج‬
‫المختلط لقانون الزوج‪62‬ي وهو نفس موقف المشرع األردني‪63‬ي أما بالنسبة للقانون‬
‫المغربيي فقد نص الفصل التاسن من ظهير الوضعية المدنية لألجانب على أنه‬
‫˝ للفرنسيين واألجانب الحق في أن يطلبوا الطالق والفصل الجسمانيي طبقا للشروط‬
‫‪ . 58‬القانون الدولي الخاص البلجيكي بتاريخ ‪ 0‬أكتوبر ‪3113‬‬
‫‪ .59‬القانون الهولندي بتاريخ ‪ 35‬مارس ‪0880‬‬
‫‪ . 60‬منير شعيبي‪ :‬قانون األسرة المغربي أمام القضاء األوربي‪ ،‬أية إمكانية للتطبيق‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪01‬‬
‫‪ . 61‬استأذنا الحسين بلحساني‪ :‬الموجز في القانون الدولي الخاص‪ ،‬مطبعة الجسور وجدة السنة ‪ 3112/3113‬ص ‪021‬‬
‫‪ .62‬تنص الفقرة الثانية من المادة ‪ 02‬من القانون المدني المصري على أنه ˝ أما الطالق فيسري عل يه قانون ا لزوج و قت‬
‫الطالق ويسري على التطليق واالنفصال قانون الدولة التي ينتمي إليها وقت رفع الدعوى˝‪.‬‬
‫‪ . 63‬تنص الفقرة الثانية من المادة ‪ 03‬من القانون المدني األردني على أنه˝ أ مـا ال طالق‪ ،‬في سري عل يه قانون الدو لة ال تي‬
‫ينتمي إليها الزوج وقت الطالق‪ ،‬ويسري على التطليق واالنفصال قانون الدولة التي ينتمي إليها الزوج وقت رفع الدعوى˝‬
‫‪46‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫المقررة في قوانينهم الوطنية˝ي إذن فالمقصودة في إطار هذا النص ˝بقوانينهم‬


‫الوطنية˝ي هي قوانين الدولة التي ينتمي إليها كل زوج من الزوجين المتنازعين عن‬
‫طريق رابطة الجنسية‪64‬ي لذلك فإن القانون الوطني للشخص يوم مباشرة الدعوى‬
‫هو الذي يحكم الطالق‪65‬ي وعليه فال عبرة بمقتضى هذا الظهير بموطن الزوج أو‬
‫بالموطن المشترك للزوجيني ذلك أن القانون الوطني الذي يخضن له الحق في‬
‫الطالق أو االنفصال الجسماني هو القانون الوطني الجاري به العمل تارين إقامة‬
‫الدعوى‪.66‬‬

‫إال أن التعديالت المتالحقة على قاعدة اإلسنادي تجاوزت ظهير الوضعية المدنية‬
‫لألجان بي خصوصا أن المغرب أبرم اتفاقيات ثنائية في هذا المجالي ومنها االتفاقية‬
‫المغربية الفرنسية‪67‬ي التي أخذت بنفس المبدأ المتعارف عليه في القانون الدولي‬
‫الخاصي الذي يقضي بخضوع األشخاص فيما يتعلق بأحوالهم الشخصية لقانونهم‬
‫الوطني‪68‬ي األمر الذي يعني بالضرورةي إخضاع الجالية المغربية المقيمة بفرنسا‬
‫إلى مدونة األسرة المغربية فيما يخص أحوالها الشخصيةي وعليه نصت الفقرة‬
‫األولى من المادة التاسعة من االتفاقية المذكورة على أنه قينحل الزواج وفقا لقانون‬
‫إحدى الدولتين التي ينتمي إليها الزوجان يوم تقييد الطلبق‪.‬‬

‫يتبين من خالل مقتضيات المادة التاسعة من االتفاقية المغربية الفرنسيةي أن‬


‫واضعيها كان في نيتهم تبني قواعد إسناد مرنةي من شأنها تقوية حظوظ تطبيق‬

‫‪ . 64‬أح مد الزو كاغي‪ :‬ت نازع ال قوانين في الز مان درا سة في ال قانون ا لدولي ال خاص المغر بي‪ ،‬من شورات جمع ية تنم ية‬
‫البحوث والدراس ات القضائية‪ ،‬الطبعة األولى ص ‪333‬‬
‫‪ . 65‬أستاذنا الحسين بلحساني‪ :‬م س‪ ،‬ص ‪022‬‬
‫‪ . 66‬إذا كان الزوجان من جنسيتين مختلفتين‪ ،‬يجب احترام القانونين معا في التطبيق‪ ،‬وقد أكدت محكمة اال ستئناف بالر باط‬
‫هذا االت جاه ح يث ن صت ع لى أ نه ˝ م تى كان الزو جان مختل فين الجن سية فإن الت نازع بين قانونيه ما المتعل قين باألحوال‬
‫الشخصية يجب أن يفصل فيه بإضافة أحدهما إلى اآلخر أي بتطبيقهما معا‪ ،‬بشكل يؤدي إلى إعطاء كل من القانونين حصته‬
‫من التطب يق˝‪ .‬قرار صادر عن محك مة اال ستئناف بالر باط ب تاريخ ‪ 03‬ي ناير ‪ ، 0833‬أ شار إل يه أح مد الزو كاغي‪ :‬ت نازع‬
‫القوانين في الزمان‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪353‬‬
‫أحمد الزوكاغي‪ :‬م س‪ ،‬ص ‪352‬‬
‫‪ .67‬الظهير الشريف قم ‪ 0.82.082‬ال صادر ب تاريخ ‪ 03‬نونبر ‪ 0881‬المن شورة بالجر يدة الر سمية عدد ‪ 2801‬ب تاريخ ‪2‬‬
‫أكتوبر ‪ 0882‬ص ‪820‬‬
‫‪ . 68‬أحمد الزوكاغي‪ :‬تنازع القوانين في الزمان‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪352‬‬
‫‪47‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫قانون األسرة المغربي من طرف القضاء األوروبي‪69‬ي حيث سمحت هذه االتفاقية‬
‫باالعتراف بسلطة وقرارات المحاكم المغربية فيما يخص حاالت الطالق وفقا‬
‫للفصول من ‪ 11‬إلى ‪ 14‬من هذه االتفاقية‪.‬‬

‫إال أن الواقن يؤكد أن هذا الحل لم يحقق النتائج المرجوة منهي خاصة وأن‬
‫القضاء الفرنسي لم يستقر على موقف موحد وهو بصدد تطبيق نصوص االتفاقية‬
‫المذكورةي فتارة كان يقضي بتطبيق قانون األحوال الشخصية المغربي طبق لما‬
‫أشارت إليه المادة التاسعةي وتارة أخرى كان يتجاهل وجود االتفاقية من أساسها‬
‫وينتصر لنةزعتةه الوطنية ومن ثم تطبيق القانون الفرنسي‪70‬ي مبررا ذلك بضرورة‬
‫الحفاظ على المصالح االجتماعية وتحقيق استقرار األسرة ومراعاة الشعور‬
‫االجتماعي العام في دولهم‪.71‬‬

‫هذا الوضن يتمثل سببه الرئيسي في تأثر القضاء الفرنسي بفكرة النظام العام‬
‫الدولي السائد في أوروباي الذي يستند على مفاهيم وقيم إنسانية وحقوقيةي تتماشى‬
‫والتوجهات الحديثة في مجال حماية حقوق اإلنسان‪72‬ي مما يجعل التصور الفرنسي‬
‫للنظام العام يتعارض من مختلف القضايا األسرية في النظام القانوني المغربي‪73‬ي‬
‫يضاف إلى ذلك أن العديد من نصوص االتفاقية المغربية الفرنسية يطبعها الغموض‬

‫‪ . 69‬وهذا استثناء من القاعدة العامة المنصوص عليها في الفصل ‪ 201‬من القانون المدني الفرنسي التي تنص على أنه ˝ تتم‬
‫إجراءات الطالق عبر قاضي فرنسي عندما يكون الزوجان حاملين للجنسية الفرنسية‪ ،‬وي كون أ حدهما ح مال ل ها‪ ،‬أو ي كون‬
‫محل إقامتهما بفرنسا ˝‬
‫‪ . 70‬أح مد زو كاغي‪ :‬ح صيلة االتفاق ية المغرب ية الفرن سية المؤر خة ب تاريخ ‪ 01‬غ شت ‪ 0880‬والمتعل قة بحا لة األ شخاص‬
‫واألسرة والتعاون القضائي‪ ،‬مجلة المناهج العدد الثاني ‪ 3113‬ص ‪.13‬‬
‫‪ . 71‬جمال الطاهري‪ :‬مراعاة اإلقامة بالخارج كمحدد للضبط في مدونة األسرة‪ ،‬عام من التطبيق الحصيلة واألفاق‪ ،‬أ شغال‬
‫الندوة الوطنية المنعقدة بكلية الحقوق بوجدة يومي ‪ 08-02‬فبراير ‪ 3115‬من شورات مجمو عة الب حث في ال قانون واأل سرة‬
‫سلسلة الندوات العدد األول‪ ،‬ص ‪031‬‬
‫‪ . 72‬عبد الوهاب المريني‪ :‬كيف يتم استقبال القوانين المغربية في الخارج في حالة المنازعات القضائية األسرية‪ ،‬منشورات‬
‫الجمعية المغربي للدفاع عن حقوق اإلنسان‪ ،‬سلسلة لنكسر الصمت‪ ،‬عدد الثالث السنة‪ 3110-‬ص ‪.33‬‬
‫‪ . 73‬عبد الخالق أحمدون‪ :‬الزواج والطالق في مدونة األسرة دراسة مقارنة مع أحكام الفقه اإلسالمي وقوانين دول المغرب‬
‫العربي واالتفاقيات الدولية‪ ،‬مطبعة طوب بريس‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة األولى ‪ 3113‬ص ‪.513‬‬
‫‪48‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫واللبسي اللذين يجعالن من مقتضياتها عرضة لعدة تأويالت قد تعصف بالدور‬


‫المنوط بها‪.74‬‬

‫وإذا كان تطبيق القانون المغربي من طرف القضاء األوروبي على الروابط‬
‫األسري ة للجالية المغربية المقيمة بالديار األوروبيةي يجد أساسه في ضوابط اإلسناد‬
‫المقررة في قوانين الدول التي ينتمي إليها هذا القضاءي وكذا في مختلف االتفاقيات‬
‫التي أبرمتها هذه الدول من المغرب في مجال األحوال الشخصية‪ .75‬فما هو األساس‬
‫الذي يتم االستناد عليه الستبعاد قانون األسرة المغربي باعتباره القانون الواجب‬
‫التطبيق؟‬

‫المطلب الثاني‪ :‬استبعاد القانون الواجب التطبيق‬

‫يعتبر الدفن بالنظام العام من المبادئ المكرسة في جمين التشريعات الوطنيةي‬


‫بحيث ال يجوز تطبيق القانون األجنبي إذا كانت أحكامه تتعارض واألسس التي يقوم‬
‫علي ها النظام العام في دولة القاضيي ألن النظام العام هو صمام األمان الذي يعتمد‬
‫عليه لحماية األسس الجوهرية في دولة القاضي‪76‬ي فالمشرع الوطني عندما يسمح‬
‫بتطبيق نصوص أجنبية داخل بلدهي فهو ال يمنح توقيعا على بياض لمشرعي دول‬
‫العالم‪ .77‬مما يعني أن الطالق الناتج عن الزواج المختلط الذي يخضن لقانون أحد‬
‫الزوجيني إن كان يتعارض من النظام العام في قانون دولة القاضيي فإنه يؤدي إلى‬
‫استبعاد القانون األجنبي المختص الذي تحدده قاعدة اإلسناد في قضايا األسرة‪.78‬‬

‫‪74‬إن هذه االتفاقية لم تحدد المق صود باآلثار الشخصية للزواج‪ ،‬وكذا المقصود بحالة األشخاص‪ ،‬فضال على أنها لم تتطرق‬
‫للقانون الواجب تطبيقه على النسب‪ ،‬نفس الشيء بالنسبة للقانون الواجب التطبيق ع لى األ موال الم شتركة كأثر من اآل ثار‬
‫المالية للزواج‪.‬‬
‫– ‪- Paul Decroux,: la convention franco-marocaine, journal du droit International n° 4‬‬
‫‪1985p89‬‬
‫‪ . 75‬محمد الوهابي‪ :‬طالق المغاربة أمام القضاء األوروبي إشكاالت التطبيق وأفاق التنفيذ‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪33‬‬
‫‪ . 76‬مح مد نا صر مت يوي م شكوري‪ :‬محا ضرات في ال قانون ا لدولي ال خاص‪ ،‬مطب عة الم عارف الجد يدة ال سنة الجامع ية‬
‫‪ 3111-3115‬ص ‪.55‬‬
‫‪ . 77‬محمد فؤاد كحيحلي‪ :‬النظام العام المغربي وتنفيذ األحكام األجنبية‪ ،‬مجلة القصر العدد ‪ 1‬سنة ‪ 3113‬ص ‪.20‬‬
‫‪ . 78‬موسى عبود‪ :‬الوجيز في القانون الدولي الخاص المغربي‪ ،‬مطبعة المركز الثقافي العربي الدار البيضاء الطبعة األولى‬
‫‪ 0883‬ص ‪331‬‬
‫‪42‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫هكذا فالنظام العام األوربي الذي يجد مرجعيته في االتفاقيات الدولية لحقوق‬
‫اإلنساني التي ترفض أي قيد أو شرط يحد من حرية الزواج أو يمس بمبدأ المساواة‬
‫بين الجنسيني جعل العديد من المؤسسات األسرية التي لها عالقة بالروابط األسرية‬
‫للجالية المغربيةي والموسومة بالصبغة الدينية أو تكرس انعدام المساواة من وجهة‬
‫النظر األوروبية‪79‬ي يتم استبعادها بذريعة معارضتها للنظام العام األوروبي‬
‫ومستلزمات حقوق اإلنسان‪.80‬‬

‫ومن جملة القرارات القضائية التي تبين مدى تدخل النظام العام األوروبي‬
‫في إقصاء القانون المغربي واإلجهاز على حقه في حكم األحوال الشخصية للجالية‬
‫المغربية المقيمة في أورباي نجد قرار محكمة النقض الفرنسية صادر في ‪ 31‬يناير‬
‫‪1991‬ي والذي جاء فيه ˝يستنتجي من جهةي من التوفيق بين الفقرة األولى من المادة‬
‫‪ 13‬من االتفاقية الفرنسية المغربية لة ‪ 11‬غشت ‪ 1981‬وبين المقطن ب من المادة‬
‫‪ 16‬من اتفاقية ‪ 1‬أكتوبر ‪ 1917‬أن األحكام المغربية المثبتة أو المعلنة عن انحالل‬
‫الرابطة الزوجية ال يتمخض عنها في فرنسا أي أثر إال إذا كان الطرف المدعى‬
‫عليه قد استدعي أو تم تمثيله بكيفية صحيحةي ومن جهة ثانيةي يستخلص من المادة‬
‫الخامسة من البروتوكول المؤرخة بة ‪ 22‬نونبر ‪ 1984‬رقم ‪ 7‬من االتفاقية‬
‫األوروبية المتعلقة بحقوق اإلنساني أن الزوجين يعامالن على قدم المساواة بالنسبة‬
‫للحقوق والمسؤوليات عند انحالل الرابطة الزوجيةي األمر الذي يترتب عليه عدم‬
‫إمكانية االعتراف في فرنسا بالطالق االنفرادي الصادر بصورة غير‬
‫إلى أن ˝ الطالق المعلن عنه قد وقن الصريح‬ ‫‪82‬‬
‫حضورية˝‪81‬وجاء في قرار أخر‬
‫بأنه رجعيي الشيء الذي يتعارض من النظام العام الذي يقضي لمساواة التامة بين‬

‫‪ . 79‬هشام بركادة‪ :‬وضعية الطفل المغرب ي في المهجر‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المتخصصة في الشريعة‪ ،‬و حدة‬
‫الشريعة والقانون‪ ،‬جامعة سيدي محمد بن عبد هللا‪ ،‬كلية الشريعة فاس‪ ،‬السنة الجامعية ‪ 3115-3113‬ص ‪.81‬‬
‫‪80. Jean Deperez : ˝le droit international privé à travers les livres ˝ Revue juridique ; politique‬‬
‫‪et économique du Maroc N° 5 / 1979 p 265‬‬
‫‪ . 81‬أحمد زوكاغي‪ :‬القضاء الفرنسي وانحالل الرابطة الزوجية بين الغاربة المهاجرين في فرنسا‪ ،‬مطب عة الكرا مة الر باط‬
‫‪ 3112‬ص ‪.25‬‬
‫‪ . 82‬قرار محكمة النقض الفرن سية الغر فة األو لى ب تاريخ ‪ 2‬نونبر ‪ 0882‬المج لة االنتقاد ية لل قانون ا لدولي ال خاص ال عدد‬
‫االول ‪ 0883‬ص ‪ 235‬أشار إليه أحمد زوكاغي‪ :‬القضاء الفرنسي والجالية المغربية‪ ،‬مطبعة دار السالم الرباط ص ‪21‬‬
‫‪51‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫الزوجين ˝ وفي قرار أخر‪83‬جاء فيه ˝إن إسناد التطليق لسبب غير مقرر في القانون‬
‫الفرنسي يعتبر متعارضا من النظام العام فيها وذلك حفاظا على المصالح االجتماعية‬
‫في الدولة وتحقيق استقرار األسرة˝ وفي قرار أخر صادر عن نفس المحكمة جاء‬
‫فيه قحسب قاعدة التنازع فإن طالق الزوجين األجنبيين يجب أن يخضن لقانونها‬
‫الوطني المشترك لكن إذا لم يتوفر للقضاة المعلومات الكافية عن هذا القانوني فإنهم‬
‫يطبقون القانون الفرنسيق‪84‬ي وفي قرار أخر عن محكمة النقض الفرنسية بتارين‬
‫نجد هذه األخيرة قد رفضت االعتراف بالطالق الواقن بالمغرب‬ ‫‪85‬‬
‫‪2114-12-17‬‬
‫بين زوجين مغربيين لكونه يكرس الالمساواة بين الجنسين عند انحالل الرابطة‬
‫الزوجيةي ومن ثم اعتباره مخالفا للنظام العام الدولي‪ .‬وقد استندت محكمة النقض‬
‫الفرنسية في تبرير موقفها هذا بأن سلطة القاضي حسب مدونة األسرة منحصرة في‬
‫تحديد المستحقات المالية المترتبة على الطالق مادام أن اعتراض الزوجة على هذا‬
‫الطالق ليس له أثر قانونيي وهو ما يشكل خرقا للفصل ‪ 1‬من البروتوكول رقم ‪7‬‬
‫الصادر في ‪ 22‬نونبر ‪ 1984‬الملحق باالتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسانق‪.‬‬

‫إن ما يمكن التأكيد عليهي هو أن المنحى الذي سلكته محكمة النقض الفرنسية في‬
‫إيجاد تقنية جديدة الستبعاد القانون المغربي المختص بموجب قواعد اإلسناد في‬
‫القانون الفرنسي أو في اتفاقية ‪ 11‬غشت ‪1981‬ي إن كان يدل على شيء فإنما يدل‬
‫على االختالف المفاهيمي للمساواة بيت الثقافتين المغربية اإلسالمية والغربية‬
‫األوروبيةي فرغم المجهود المبذول على مستوى مدونة األسرة ومالئمة مقتضياتها‬
‫من مقتضيات االتفاقيات الدولية لحقوق اإلنساني إال أنه يبقى غير كافي ليرقى إلى‬

‫‪ .83‬قرار أشار إليه إبراهيم احمد إبراهيم‪ :‬القانون الواجب التطبيق على الزواج المختلط‪ ،‬المجلة المغربية للدراسات الدولية‬
‫أعمال الندوة الدولية المنظمة من طرف جامعة محمد األول بوجدة أيام ‪ 05-3-02‬مارس‪ 3113‬عدد خاص أك توبر ‪3112‬‬
‫ص‪12‬‬
‫‪ . 84‬أورده إبراهيم بحماني‪ :‬تنازع القوانين في مادة األحوال الشخصية بصفة عامة وبين المغرب وفرنسا خاصة‪ ،‬التقر ير‬
‫السنوي للمجلس األعلى ‪ 3111‬ص ‪.31‬‬
‫‪ .85‬أنظر الموقع االلكتروني التالي‪ :‬أطلع عليه بتاريخ ‪3131.18.15‬‬
‫‪Cass-civil – 17 février 2004 arrêt n° 259 / 02-15-766. Http.www.courdeCassation.fr‬‬

‫‪51‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫مفهوم المساواة المضمن في االتفاقية األوروبية لحقوق اإلنساني والذي من شأنه‬


‫إقناع القضاء األوربي بتطبيق قانون األسرة المغربي‪.86‬‬

‫إضافة الى ذلك فإن التوافد المكثف للجاليات األجنبية على هذه الدول‪87‬ي‬
‫خلق لديها صعوبات تتعلق بمركزة القوانين األجنبية في نظامها القانونيي ذلك أن‬
‫القاضي األوربي أصبح من الصعب عليه مسايرة زخم القوانين األجنبية الواردة‬
‫عليه لالستحواذ على االختصاص‪ .88‬لذلك بدأ التفكير جديا في البحث عن تقنيات‬
‫قانونية لمواجهة القانون األجنبيي فكان أن أصبح يأخذ بضابط الموطن أو اإلقامة‬
‫االعتيادية في الدول ذات التقليد العريق في شخصية القوانين مثل فرنساي إيطالياي‬
‫ألمانياي هولنداي بلجيكا وإسبانيا أي انه أصبح يستحوذ على المجال التقليدي‬
‫للجنسية‪.89‬‬
‫هكذا فحل التنازع باإلسناد إلى ضابط الموطن‪90‬ي يتم عن طريق تحديد مقر‬
‫الشخصي سعيا الى إيجاد الحل المثالي لتنازع القوانيني والوصول إلى معرفة‬
‫القانون األنسب لحكمهاي هذا الضابط انتقل من الفقه األلماني‪91‬ي إلى مختلف األنظمة‬
‫القانونية المقارنة التي أضحى فيها الموطن يشكل عنصر اإلسناد الرئيسي في مجال‬
‫األحوال الشخصية‪92‬ي وهكذا نص الفصل األول من القانون الهولندي الصادر‬
‫بتارين ‪ 1981/3/21‬على أنه قيطبق على الطالق والفصل الجسماني‪.‬‬

‫‪ -‬القانون الوطني المشترك إذا كان الزوجان من جنسية مشتركة‬

‫‪ . 86‬محمد الوهابي‪ :‬طالق المغاربة أمام القضاء األوروبي إشكاالت التطبيق وأفاق التنفيذ‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪31‬‬
‫‪ . 87‬محمد الوهابي‪ :‬طالق المغاربة أمام القضاء األوروبي إشكاالت التطبيق وأفاق التنفيذ‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪31‬‬
‫‪ .88‬منير الشعبي‪ :‬م س‪ ،‬ص ‪80‬‬
‫‪ . 89‬موحى ولحسن ميموني‪ :‬وضعية األ سرة المغرب ية في ضوء ت طورات ضوابط اإل سناد‪ ،‬مج لة الم لف ال عدد ‪ 3‬شتنبر‬
‫‪ 3113‬ص ‪.012‬‬
‫‪ .90‬يم كن تعر يف ال موطن باال ستناد إ لى عن صرين اث نين‪ ،‬أوال‪ :‬عن صر مادي و هو اإلقا مة في م كان م عين ع لى و جه‬
‫االستمرار‪ ،‬وعنصر معنوي وهو اتجاه نية الشخص إلى اتخاذ هذا المكان م قرا دائ ما له‪ .‬ف موطن ال شخص إذا هو الم كان‬
‫الذي يفترض وجوده فيه على الدوام‪ .‬والغالب أن يكون ه ذا المحل هو مكان اإلقامة المعتادة‪ .‬فهمي مح مد ك مال‪ :‬الجن سية‪،‬‬
‫الموطن‪ ،‬مركز األجانب‪ ،‬مادة التنازع‪ ،‬مؤسسة الثقافة الجامعية القاهرة الطبعة الثانية‪ ،0880 ،‬ص ‪.353‬‬
‫‪ . 91‬يجد ضابط الموطن أصله التاريخي عند الفقيه األلماني سافيني ح يث كا نت نق طة ال بدء ع نده‪ ،‬هي ا لبالد ال تي ور ثت‬
‫ال قانون الرو ماني و سادت في ها الديا نة الم سيحية ويجمع ها اال شتراك ال قانوني‪ ،‬أي تربط ها و حدة الثقا فة القانون ية والف كر‬
‫القانوني وتكون فكرة العدالة عندها واحدة‪ .‬عز الدين عبد هللا‪ :‬القانون الدولي الخاص‪ ،‬في تنازع القوانين‪ ،‬الجزء الثاني دار‬
‫النهضة العربية‪ ،‬الطبعة السادسة ‪ 0818‬ص ‪.38‬‬
‫‪ .92‬منير شعبي‪ :‬م س‪ ،‬ص ‪83‬‬
‫‪52‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫‪ -‬قانون اإلقامة االعتياديةي إذا لم يكن للزوجين جنسية مشتركةق‬

‫فوفقا لهذه الفصل يكون قانون األسرة المغربيي هو القانون الواجب التطبيق‬
‫على الطالق الحاصل بين زوجين مغربييني أما طالق الزيجات المختلطة التي‬
‫يكون فيها أحد الزوجين هولنديا واآلخر مغربياي فإن على القاضي الهولندي أن‬
‫يطبق بشأنه أحكام القانون الهولنديي الذي هو قانون اإلقامة االعتيادية‪.93‬‬

‫هذاي ويبقى أهم تعديل عرفه تطور ضوابط اإلسناد في اتجاه األخذ بضابط‬
‫الموطني هو ذلك الذي دشنه القانون المدني الفرنسي بموجب تعديل سنة ‪1971‬‬
‫حيث أصبح الفصل ‪ 311‬من القانون المدني الفرنسي ينص في فقرته الثانية على‬
‫أن ق خضوع الطالق أو االنفصال الجسماني للقانون الفرنسي عندما يكون موطن‬
‫الزوجين داخل التراب الفرنسي بغض النظر عن جنسيتهماق فهذا الفصل تضمن‬
‫مصادرة صريحة للقانون الوطني للزوجين المغربيين المقيمان بفرنساي على اعتبار‬
‫أن طالقهم سيخضن حتما للقانون الفرنسيي وهو األمر الذي أشارت إليه االتفاقية‬
‫المغربية الفرنسية ل ‪ 11‬غشت ‪1981‬ي في مادتها ‪ 11‬والتي نصت على أنه قإذا‬
‫كان الزوجان من جنسية واحدة إلحدى الدولتين فيمكن لمحاكم هذه الدولة أن تكون‬
‫أيضا مختصة أيا كان موطن الزوجينق وهو ما يعني أن االختصاص سيعود للقانون‬
‫المغربي حتى ولو كان الزوجان مقيمان معا بفرنساي لكن شريطة عرض النزاع‬
‫على المحاكم المغربيةي ألن استعمال هذا الفصل لعبارة "أيضا" معناه أن النزاع قد‬
‫يعرض أيضا على المحاكم الفرنسيةي وفي هذه الحالة سيتم تطبيق القانون الفرنسي‬
‫باعتباره قانون القاضي‪94‬ي وهكذا فقد رفضت محكمة النقض الفرنسية في قرار لها‬
‫بتارين ‪ 17‬ماي ‪ 1993‬قبول االعتراف بطالق واقن بالمغرب معتبرة أن نكاح‬

‫‪ . 93‬محمد الوهابي‪ :‬طالق المغاربة أمام القضاء األوروبي إشكاالت التطبيق وأفاق التنفيذ‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪21‬‬
‫‪ .94‬منير شعيبي‪ :‬م س‪ ،‬ص ‪83‬‬
‫‪53‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫الزوجين المغربيين اللذين اكتسبا الجنسية الفرنسية واستقرا في فرنسا ال يجوز أن‬
‫ينحل إال وفق القانون الفرنسي‪.95‬‬

‫بالتاليي فإن تطبيق قانون الموطن على الجالية المغربية بهذا الشكلي من‬
‫طرف المحاكم األوروبية قد يخلق العديد من األوضاع الشاذة بين أفراد الجالية‬
‫المغربية المقيمة بأوروباي وذلك من قبيل اعتبار طرفي العالقة الزوجية مطلقين وفقا‬
‫لقانون إحدى البلديني واعتبارهما زوجين وفقا لقانون البلد اآلخري من ما يترتب عن‬
‫هاتين الوضعيتين من آثار وخيمة يكون الخاسر األول واألخير فيها هم أفراد الجالية‬
‫المغربية المقيمين في أوروبا‪.96‬‬

‫وأمام اإلشكاالت التي ترتبت عن التطبيق السلبي لضابط الموطني بدأ‬


‫القضاء األوربي يعتمد على ضوابط إسناد بديلة من قبيل ضابط اإلرادة‪97‬ي بحيث‬
‫يسمح هذا المبدأ لألطراف المعنية بحق التقرير في المسائل المتعلقة بأحوالهم‬
‫الشخصيةي األمر الذي من شأنه مراعاة مصالح الجالية المغربية المقيمة بأروباي إذ‬
‫يأخذ بعين االعتبار رأي هذه األخيرة في قاعدة التنازع التي تحكم روابطهما‬
‫العائليةي وذلك بتخويل األطراف المعنية الحق في اختيار إما قانونهم الوطني أو‬
‫قانون إقامتهم االعتيادية كقانون واجب التطبيق على أحوالهم الشخصية‪.98‬‬

‫ومن بين النماذج القانونية األوروبية التي اعتمدت ضابط اإلرادة في‬
‫األحوال الشخصية نجد القانون الهولندي الصادر بتارين ‪ 21‬مارس ‪ 1981‬الذي‬
‫بنص في فصله األول على أن قالقانون الهولندي يطبق في مادة الطالق والفصل‬
‫الجسماني في حالة اتفاق األطراف على اختيارهي أو في حالة المطالبة بتطبيقه من‬
‫قبل أحد األطرافي رغم معارضة الطرف اآلخرق وهكذا جاء في حكم صادر عن‬

‫‪ 95 - cass civ 17/05/ 1993 JDI N°1 Année 1994 pp 115 – 12‬أشار إليه محمد وهابي ‪ :‬م س‪ ،‬ص ‪20‬‬
‫‪ . 96‬وفي هذا اإل طار ي قول األ ستاذ بيل يه‪ ،‬من غ ير المنط قي والمع قول أن يفت قد ال شخص صفة ا لزوج أو األب أو اال بن‬
‫لمجرد انتقاله عبد الحدود من منطقة إلى أخرى‪:‬‬
‫‪-Pierre Mayer: droit international privé 4éme Edition، Paris 1991 p 17.‬‬
‫‪ .97‬محمد وهابي‪ :‬م س‪ ،‬ص ‪20‬‬
‫‪ . 98‬منير شعيبي‪ :‬م س‪ ،‬ص ‪011‬‬
‫‪54‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫محكمة أمستردام بتارين ‪ 28‬غشت ‪ 1991‬ق‪ ...‬إن المدعية تطلب أن تحكم المحكمة‬
‫بالطالق بين الطرفين وذلك للتأزم الذي أصاب العالقة بينهما‪ ...‬وبما أن المدعية‬
‫تسكن أكثر من ‪ 12‬شهر بهولندا لهذا يعطى الحق للقاضي الهولندي للحسم في‬
‫النازلة‪ ...‬والمدعية اختارت تطبيق القانون الهولندي للحسم في النازلةي واعتبارا‬
‫ألن المدعى عليه لم يعارض هذا االختيار بتطبيق القانون الهولنديق‪.99‬‬

‫يتضح إذن من كل ما سبق أن القضاء األوروبيي غالبا ما يعمد إلى استبعاد‬


‫القانون المغربيي من حكم الطالق الحاصل أمامه بين زوجين من جنسية مغربيةي‬
‫مستندا في ذلك على مجموعة من المبررات المرتبطة بالنظام العام الدولي في‬
‫أوروبا من جهةي وحركية ضوابط اإلسناد من جهة أخرىي وهو ما ساهم في تأزم‬
‫الوضعية القانونية واالجتماعية للمهاجرين المغاربة‪.100‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬أثار الطالق في الزواج المختلط‬

‫يثير طالق المغاربة بالخارج عدة إشكاليات عملية بسبب تباين النظام‬
‫القانوني األسري المغربي القائم على األسس الشرعية عن نظيره الغربي األوروبي‬
‫ذو الطابن العلمانيي فرغم المجهودات التي بذلها المغرب لخلق جسور التوصل بين‬
‫النظامين سواء من خالل مقتضيات مدونة األسرة أو االتفاقيات الثنائية التي عمل‬
‫على إبرامهاي فإن الوقن العملي أفرز بعض اإلشكاليات مما دفن إلى القول بضرورة‬
‫بذل المزيد من الجهود سواء على المستوى التشريعي والقضائيي لتذليل العقبات‬
‫القانونية التي توجه الجالية المغربية المقيمة بالخارج وضمان اندماج أفضل لها في‬
‫بلدان اإلقامة‪.‬‬

‫‪ . 99‬جميلة أوحيدة‪ :‬تنازع قوانين الطالق بين المغرب وهولندا‪ ،‬مجلة الن ساء ودو لة ال حق وال قانون‪ ،‬ال عدد األول ‪،3113‬‬
‫ص ‪.031‬‬
‫‪ .100‬محمد الوهابي‪ :‬م س‪ ،‬ص ‪22‬‬
‫‪55‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫ولعلى أهم اإلشكاليات التي يطرحا طالق المغاربة بالخارجي تلك المتعلقة‬
‫بقضايا النفقة واألموال المشتركة (المطلب األول) إضافة إلى قضايا اإلرث‬
‫والحضانة (المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬الحقوق المالية‬

‫رغم المجهودات المبذولة من طرف المشرع المغربي لتذليل الصعوبات‬


‫القانونية واالجتماعية التي يثيرها طالق المغاربة بالخارجي فةةإن قةةضايا النفةةقة‬
‫(الفقرة األولى) واألمةوال المشتركة ال تزال تطرح عدة إشكاالت (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬النفقة‬

‫إذا كانت مقتضيات مدونة األسرة جاءت واضحة فيما يخص موضوع‬
‫النفقةي وحددت أسبابها في الزوجية والقرابة وااللتزام‪101‬ي بالتالي فال مجال للحديث‬
‫في القانون المغربي عن وجوب النفقة على األب لصالح أبناءه ˝الطبيعيين˝ الناتجين‬
‫عن عالقة غير شرعية (المعاشرة الحر)ي كما هو الشأن بالنسبة لبعض الدول‬
‫الغربيةي التي تعترف بها بل لها تفضيل على عقد الزواج‪102‬ي وتقر للخليلة وأبنائها‬
‫بنفس الحقوق المعترف بها لصالح الزوجة واألبناء الشرعيين‪.103‬‬
‫هكذاي فعند إبرام عقد زواج في شكله المدني دون مراعاة الشروط الواردة‬
‫في مدونة األسرةي وينتج عن هذه الزواج أبناء يعترف التشرين األوروبي بنسبهم‬
‫دوت التشرين المغربيي مما يجعل القضاء المغربي يرفض هذا النوع من الروابط‬
‫إللحاق النسب وذلك بحجة مخالفة النظام العام المغربي الذي ال يعترف إال بالنسب‬

‫‪ . 101‬الفقرة الثانية من المادة ‪ 082‬من مدونة األسرة‬


‫‪ .102‬محمد الشافعي‪ :‬األسر ة في فرنسا دراسات قانونية وحاالت شاذة‪ ،‬المطبعة والوراقة الوطن ية مراكش الطب عة األو لى‬
‫‪ 3110‬ص‪28‬‬
‫‪ . 103‬بدر حافظي‪ :‬الوضعية القانونية لألسرة للجالية المغربي المقيمة في أوربا ومستجدات مدونة األسرة‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم‬
‫الدراسات العليا المتخصصة في الشريعة وحدة الشريعة وا لقانون‪ ،‬جامعة سيدي محمد بن عبد هللا كلية الشريعة فاس‪ ،‬السنة‬
‫الجامعية ‪ 3115 – 3113‬ص‪38‬‬
‫‪56‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫من مدونة األسرة إضافة للحالة‬ ‫‪104‬‬


‫الشرعيي طبقا لمقتضيات المادة ‪114‬‬
‫المنصوص عليها في المادة ‪ 116105‬من المدونة‪.‬‬

‫والمشاكل التي تنجم عن هذا النسب تتجلى بصفة خاصة في نفقة األبناءي إذ‬
‫قد يصدر حكم عن القاضي األجنبي يقضي بنفقة االبن الطبيعيي مما قد يطرح معه‬
‫مسألة منح هذا الحكم الصيغة التنفيذية من طرف القاضي المغربيي ومن الطبيعي‬
‫أن يرفض القضاء المغربي هذا الحكم بدعوى مخالفتها للنظام العام بصورة ال‬
‫تشوبها شائبة‪.106‬‬

‫إذن فإن طالق المغاربة في الخارج من شأنه أن يثير عدة إشكاالتي لعل‬
‫أهمها يتجلى في تمسك القاضي األجنبي بتطبيق قانونه الوطني على حساب‬
‫مقتضيات قانون الزوجين (رغم أن الفقرة األولى من المادة الثانية من مدونة األسرة‬
‫تجعل من مقتضياتها ذات تطبيق شخصي)ي استنادا إلى أن هذا القانون ال يضمن‬
‫الحد األدنى الالزم لنفقة القاصريني الشيء الذي يستوجب معه تطبيق القانون الذي‬
‫يتالءم ومصلحة الطفل‪ .107‬كما أن مجرد حكم القاضي المغربي بمبلغ زهيد كنفقة‬
‫للزوجة أو األبناءي قد يتخذ كحجة لعدم تذييله بالصيغة التنفيذية على أساس أن في‬
‫ذلك خرقا لمقتضيات النظام العامي حيث جاء في قرار لمحكمة النقض‬
‫الفرنسية‪108‬على أن ˝ القانون الذي ال يقرر تعويضا أو نفقة للزوجة أو تعويضا‬
‫لصالحها في حالة الطالقي يعتبر متعارضا بكيفية جلية من النظام العام الفرنسيي‬
‫ويتعين استبعاده وتطبيق القانون الفرنسي بدال منه˝‪.‬‬

‫‪ .104‬تنص المادة ‪ 053‬على أنه ˝يثبت نسب الولد بفراش الزوجية‬


‫‪ -‬إذا ولد لستة أشهر من تاريخ العقد وأمكن االتصال سواء أكان العقد صحيحا أم فاسدا‬
‫‪-‬إذا ولد خالل سنة من تاريخ الفراق˝‪.‬‬
‫‪ .105‬تنص الفقرة األولى من المادة ‪ 051‬على أنه ˝ إذا تمت الخطوبة‪ ،‬وحصل االيجاب والقبول وحالت ظروف قاهرة دون‬
‫توثيق عقد الزواج وظهر حمل بالمخطوبة‪ ،‬ينسب للخاطب للشبهة إذا توافرت الشروط˝‬
‫‪ .106‬محمد الوهابي‪ :‬م س‪ ،‬ص ‪10‬‬
‫‪ .107‬قرار رقم ‪ 283‬بتاريخ ‪ 0821/18/31‬منشور بمجلة قضاء المجلس األعلى‪ ،‬العدد ‪ 31‬السنة ‪ ،0881‬ص ‪02‬‬
‫‪ . 108‬قرار محكمة النقض الفرنسية صادر ب تاريخ ‪ 01‬يول يو ‪ 0883‬أورده ‪H‬ح مد الزو كاغي‪ :‬الق ضاء الفرن سي والجال ية‬
‫المغربية‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪33‬‬
‫‪57‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫وإذا كان الدفن بالنظام العام غالبا ما يثار بمناسبة االعتراف بالطالق الصادر‬
‫عن المحاكم المغربية أمام القضاء األجنبيي فإن المادة الثامنة من اتفاقية الهاي‬
‫المؤرخة في ‪ 2‬أكتوبر ‪ 1973‬المتعلقة بالقانون المطبق على الطالق يسري بالنسبة‬
‫لآلثار المالية الناجمة عن انحالل الرابطة الزوجيةي هذا يعني بأن القضاء األجنبي‬
‫هو الذي يكون مختصا بتحديد النفقة بالنسبة لألبناء حينما يقن الطالق أمام محاكمهي‬
‫فإنه الشك سيعمل على تطبيق قانونه على آثار هذا الطالق ومن ضمنها النفقة‪109‬ي‬
‫إلى أن ˝ القواعد المتعلقة‬ ‫‪110‬‬
‫وفي هذا الصدد ذهبت محكمة استئناف فرساي‬
‫بالواجبات و الحقوق الخاصة بكل زوج من الزوجين المنصوص عليها في المواد‬
‫‪ 212‬وما بعدها من التقنين المدني خاصة تلك المتعلقة بالمساهمة في أعباء الزواج‬
‫يتعين تطبيقها تطبيقا إقليماي كما أن االتفاقية الفرنسية المغربية المؤرخة ب ‪11‬‬
‫غشت ‪ 1981‬لم تخرج عن المبدأ المذكوري فيما إذا كانت اإلقامة االعتيادية للدائن‬
‫بالنفقة موجودة في فرنسا˝‬

‫إضافة إلى أن القانون األجنبي قد يتدخل لحسم النزاع في مسألة النفقة على‬
‫أساس أن القانون الواجب التطبيق هو قانون اإلقامة االعتيادية للدائن بالنفقة‪111‬ي أما‬
‫إذا اكتسب الزوجان المغربيان جنسية دولة اإلقامةي فإن القاضي األجنبي سيعمل‬
‫الى أنه˝‬ ‫‪112‬‬
‫على تطبيق قانونه الوطنيي حيث ما ذهبت إليه محكمة النقض الفرنسية‬
‫ال يمكن حل الرابطة القائمة بين الزوجين اللذين أصبحا من جنسية فرنسية واللذين‬
‫يستقران في فرنسا إال وفقا للقانون الفرنسي˝ وهكذا فإذا كانت محكمة جنسية‬
‫الزوجيني اللذين يت خذان من الدولة األجنبية التي اكتسبا جنسيتها موطنا معتاد لهما‬
‫هي المختصة في حل الرابطة الزوجيةي فإنه من البديهي أن تكون مختصة في‬
‫تحديد النفقة باعتبارها من أهم أثار الطالق‪.‬‬

‫‪ .109‬عبد الجبار بهم‪ :‬الزواج الم ختلط بين الف قه وال قانون‪ ،‬درا سة تحليل ية مقار نة‪ ،‬ر سالة لن يل دب لوم الدرا سات العل يا في‬
‫الشريعة‪ ،‬وحدة الشريعة والقانون‪ ،‬جامعة سيدي محمد بن عبد هللا كل ية ال شريعة ب فاس ال سنة الجامع ية ‪ ،0885-0883‬ص‬
‫‪.552‬‬
‫‪ . 110‬أشار إليه أحمد الزوكاغي‪ :‬القضاء الفرنسي والجالية المغربية‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪030‬‬
‫‪ .111‬المادة ‪ 32‬من االتفاقية المغربية الفرنسية ل ‪ 01‬غشت ‪0880‬‬
‫‪ . 112‬قرار أشار إليه احمد الزوكاغي‪ :‬القضاء الفرنسي والجالية المغربية‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪002‬‬
‫‪58‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬األموال المكتسبة‬

‫معظم تشريعات البلدان العربية ومن ضمنها المغرب ال‬ ‫إذا كانت‬
‫تتضمن نصوصا خاصة باألنظمة المالية بين األزواجي على أساس أن الذمة المالية‬
‫لكل واحد من الزوجين في ظل أحكام الشريعة اإلسالميةي تنفصل عن ذمة الزوج‬
‫اآلخر‪ . 113‬فإن األمر يبقى على خالف ذلك بالنسبة لتشريعات دول أوروبا التي‬
‫خصصت مقتضيات دقيقة لتأطير النظام المالي بين األزواجي كما هو الشأن بالنسبة‬
‫للتشرين الفرنسي الذي يضن عدد من األنظمة رهن إشارة المقبلين على الزواج‪.114‬‬
‫هذا االختالف في القواعد المنظمة للروابط المالية بين المنظومة القانونية‬
‫المغربية والمنظومة األوربيةي كان سببا في خلق العديد من اإلشكاالت للجالية‬
‫المغربية المقيمة في الديار األوروبيةي حيث إن القضاء األوروبي كثيرا ما كان‬
‫يطبق القواعد المضمنة في قانونه الوطني على طالق هذه الجالية وآثاره‪ .‬ومن‬
‫ضمنها األموال المشتركة بين الزوجيني خاصة من غياب النصوص المتعلقة‬
‫بمصير هذه األموال في التشرين المغربي وكذا غياب اتفاق بين الزوجين ي مما‬
‫يعني أنهما سيخضعان لمبدأ اتحاد الذمةي والشك أن القرارات الصادرة في هذا‬
‫الشأن على الجالية المغربية ستبقى دون تنفيذ بالمغرب‪115‬ي حيث جاء في قرار‬

‫‪ . 113‬أحمد الزوكاغي‪ :‬تنازع القوانين في الزمان‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.332‬‬


‫‪ .114‬تجدر اال شارة إ لى أن الم شرع الفرن سي ‪ ،‬ي ضع عددا من األنظ مة ر هن إ شارة المقب لين ع لى ا لزواج‪ :‬ن ظام ا شتراك‬
‫المن قوالت والمكت سبات‪ ( Communauté de meubles et acquêts‬الف صول من‪ 0388‬إلى من‪ 0513‬ال قانون ال مدني)‪،‬‬
‫اال شتراك ال شامل‪( Communauté universelle‬الف صل‪ ،)0531‬انف صال األ موال‪ ( Séparation de biens‬الف صول‬
‫من ‪ 0521‬إلى ‪ ،)0530‬نظام المساهمة في المكتسبات‪( Participation aux acquêts‬الفصول من ‪ 0518‬إ لى ‪،)0580‬‬
‫هذه األنظمة يتم تبنيها عبر إبرام عقد‪ ،‬في حالة عدم وجود عقد يخضع األزواج الفرنسيون لنظام اال شتراك المقت صر ع لى‬
‫المكتسبات‪ ( Communauté réduite aux acquêts‬الفصول من ‪ 0311‬إلى ‪ ،)0380‬هذا النظام األخير حل محل نظام‬
‫االشتراك في المكتسبات والمنقوالت‪ ،‬ا لذي كان ي شكل الن ظام ال قانوني ق بل صدور قانون ‪ 02‬يول يوز ‪ 0815‬بمقت ضاه تم‬
‫إدخال مجموعة من التعديالت على النظام المالي الفرنسي‪ .‬فاألزواج الفرنسيون ل هم كا مل ال صالحية في اخت يار أ حد هذه‬
‫األنظمة‪ ،‬إما مباشرة عبر إبرام عقد يحددون من خالله النموذج الذي اختاروه‪ ،‬وإما بصفة غير مباشرة ع ند عدم إ برام أي‬
‫عقد مما يعني الخضوع المباشر للنظام القانوني (نظام االشتراك المقتصر على المكتسبات)‪ ،‬كما بإم كانهم ال مزج بين هذه‬
‫األنظمة‪ ،‬مثال الجمع بين نظام انفصال األموال ونظام اشتراك األموال عبر تبني ن ظام انف صال األ موال م صحوب ب شركة‬
‫المكتسبات ‪ Société d’acquêts‬كما يمكنهم اختيار نظام غير منصوص عليه في القانون الفرنسي (مبتكر أو أجنبي)‪.‬‬
‫‪ -‬للمزيد حول مسألة اختيار النظام المالي راجع‪:‬‬
‫‪Rieg(Alfred) et Lots (François) et Rieg (Philippe) : « Technique des régimes matrimoniaux »,‬‬
‫‪collection de l’institut national de formation notariale, 3ème édition, 1993, litec, paris, 9-15.‬‬
‫‪ .115‬محمد الوهابي‪ :‬م س‪ ،‬ص ‪18‬‬
‫‪52‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫بأنه‪ ″‬لما اعتبرت المحكمة األجنبية األموال المشتركة بين‬ ‫‪116‬‬


‫لمحكمة النقض‬
‫الزوجيني في حين أن القانون المغربي يعتبر ذمة الزوجين منفصلة فهو بذلك مخالفا‬
‫للنظام العام المغربي‪ ″‬وما قيل على القضاء المغربي يمكن قوله عن القضاء‬
‫األوروبيي الذي كان يرفض تذييل األحكام المغربية بناءا على فصل األموالي على‬
‫اعتبار أن القانون المغربي يتعارض من مبادئ وأهداف القانون الدولي الخاص‬
‫المقارني وذلك لكونه يكرس امتياز العقيدة في الروابط األسرية المالية‪.117‬‬
‫ولتجاوز هذه اإلشكاالت المرتبطة بالنظام المالي على مستوى الروابط‬
‫الدولية الخاصةي جاءت مدونة األسرة المغربية بمقتضيات جديدة في المادة ‪ 49‬تبيح‬
‫من خاللها للزوجين إمكانية االتفاق بينهما في وثيقة مستقلة عن عقد الزواج على‬
‫كيفية تدبير واستثمار أموالهاي وتحديد نصيب كل واحد منهماي وتوزين مصاريف‬
‫الحياة الزوجيةي كما أن هذا العقد قد يتضمن إحصاء أموال كل واحد من الزوجيني‬
‫وتوزين مصاريف الحياة الزوجيةي وكذا تقرير القواعد التي يمكن أن تطبق عند‬
‫انتهاء المعاشرة الزوجية‪.118‬‬
‫بالتالي فمن مصلحة الزوجين المغربيين المقيمين في الديار الفرنسية مثال‬
‫إبرام العقد المنصوص عليه في المادة ‪ 49‬من مدونة األسرة ي وذلك تالفيا ألي‬
‫إشكال قد يطرح فيما بعدي أو اختيار أحد األنظمة المالية االتفاقية الةةتي يخولها‬
‫الةةقانون المدني الفرنسي للزوجين لتحديد كيفية تنظيم روابطهمةةةا الةمالية‪119‬ي ألنه‬
‫في حالة عدم إبرام العقد المنصوص عليه في المادة ‪ 49‬من المدونةي وعدم تعيين‬
‫أي نظام من األنظمة المالية بمقتضى القانون الفرنسيي سوف يؤدي األمر إلى‬
‫اقتسام األموال بين الزو جين وفق نظام األموال المشتركةي وذلك إذا ما تم الطالق‬
‫على التراب الفرنسيي هذا األخير الذي يتناقض ومفهوم النظام العام المغربي في‬
‫‪ .116‬قـرار رقـم ‪ 328‬بتــاريخ ‪ 3115/13/31‬أشـار إليــه إبـراهيم بحمــاني‪ :‬العمـل القضــائي فـي قضــايا األسـرة مرتكزاتــه‬
‫ومستجداته‪ ،‬المجلد الثاني تذييل األحكام والعقود االجنبية بالصيغة التنفيذية‪ ،‬مكتبة دار السالم الرباط طبعة ‪ 3118‬ص ‪12‬‬
‫‪ .117‬منير شعيبي‪ :‬م س‪ ،‬ص ‪.58‬‬
‫‪ . 118‬عبد الكبير العلوي المدغري‪ :‬المرأة بين أحكام الفقه والدعوة إ لى التغي ير‪ ،‬مطب عة ف ضالة المحمد ية‪ ،‬الطب عة األو لى‬
‫‪ 0888‬ص ‪.28‬‬
‫‪ . 119‬رشيد داودي‪ :‬العالقات المالية بين ا لزوجين و فق مدو نة األ سر‪ ،‬ر سالة لن يل دب لوم الدرا سات العل يا المعم قة شعبة‬
‫القانون الخاص وحدة التكوين والبحث في قانون األسرة المغربي والمقارن جامعة عبد المالك السعدي كلية العلوم القانون ية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية طنجة السنة الجامعية ‪ 3111/3115‬ص ‪052‬‬
‫‪61‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫هذه النقطةي والذي يعتبر أن األصل هو أن لكل من الزوجين ذمة مالية مستقلة‪.‬‬
‫وال يقف اإلشكال عند هذا الحدي بل إن الطالق الصادر في الخارج والذي‬
‫يتضمن كأثر من أثاره اقتسام األموال المكتسبة أثناء فترة الزوجية بين الزوجين ‪-‬‬
‫دون وجود اتفاق مسبق على ذلك ‪ -‬سيؤدي والشك إلى رفض تذييل الحكم بالصيغة‬
‫التنفيذية لمخالفة النظام العامي ولكن الغريب في األمر أن يتم تذييل الحكم بالصيغة‬
‫التنفيذية في شقه المتعلق بإنهاء الرابطة الزوجية فقط دون الشق اآلخر المتعلق‬
‫باقتسام األموالي وهذا ما ذهب إليه قسم قضاء األسرة بوجدة‪ .120‬لكن السؤال الذي‬
‫يطرح هل هذا التوجه القضائي سليم من الوجهة القانونية؟‬
‫تجدر اإلشارة الى أن هناك من يرى‪121‬ي بأن األمر يشكل خرقا للفصل‬
‫‪ 431122‬من قانون المسطرة المدنية الذي تحيل عليه المادة ‪ 128‬من مدونة‬
‫األسرةي والذي يوجب على رئيس المحكمة أن تتحقق من عدم مساس أي محتوى‬
‫من محتويات الحكم بالنظام العامي في حين يرى أخر‪123‬ي أنه ال مانن من إعطاء‬
‫الصيغة التنفيذية للحكم األجنبي في شق منه دون الشق األخري بعد تحقق المحكمة‬
‫من توافر الشروط التي يتطلبها القانوني وبالتالي فنرى أن ما ذهب إليه االتجاه‬
‫الثاني منطقياي ألن القول بعد منح الحكم ‪ -‬في شقه المتعلق بإنهاء الرابطة الزوجية ‪-‬‬
‫الصيغة التنفيذية سيؤدي إلى إفراز مواقف شاذةي حيث سيكون كل من الزوجين‬
‫مطلق أمام القضاء األجنبي والحال أنه العكس أمام القضاء الوطنيي وهذا األمر ال‬
‫يخلو من عدة إشكاليات قد يفرزها هذا الوضن الشاذي وبالتالي فإنه ليس هناك ما‬
‫يمنن من تذيل الجزء القاضي بإنهاء العالقة الزوجية ويرفض تذييل الشق المتعلق‬
‫بوجوب اقتسام األموال المشتركة بين الزوجين إذا كان بها ما يخالف النظام العام‬
‫المغربي‪.‬‬

‫‪ .120‬حكم رقم ‪ 15/2388‬بتاريخ ‪ 3111/2/1‬في الملف عدد ‪ 11/835‬غير منشور‬


‫‪ . 121‬سفيان ادريوش‪ :‬كيف ن قرأ مقت ضيات تنف يذ األح كام األجنب ية ع لى ضوء ال مادة ‪ 038‬من مدو نة األ سرة من شورات‬
‫مجموعة البحث في القانون واألسرة سلسلة الندوات العدد األول ص ‪333/330‬‬
‫‪ . 122‬تم تغيير وتتميم الفصل ‪ 321‬أعاله‪ ،‬بمقتضى المادة الفريدة من القانون رقم ‪ 10.08‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف‬
‫ر قم ‪ 0.08.008‬ب تاريخ ‪ 2‬ذي الح جة ‪ 8( 0331‬أغ سطس ‪ ،)3108‬الجر يدة الر سمية عدد ‪ 1812‬ب تاريخ ‪ 33‬ذو الح جة‬
‫‪ 31( 0331‬أغسطس ‪ ،)3108‬ص ‪.5882‬‬
‫‪ . 123‬الطيب برادة‪ :‬التنفيذ الجبري في التشريع المغربي‪ ،‬شركة بابل للطبع والنشر والتوزيع الرباط ‪ 0888‬ص‪53‬‬
‫‪61‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الحضانة واإلرث‬


‫من أهم ما يمكن أن يترتب عن الطالق الناتج عن الزواج المختلطي ويكون‬
‫محال للتنازع بين التشريعين المختلفين (المغربي واألجنبي) مسألة الحضانةي بحيث‬
‫لم تنص جل القوانين على قاعدة إسناد صريحة بشأن تحديد القانون الواجب التطبيق‬
‫لتنظيم الحضانة في العالقات المختلطة (الفقرة األولى) وباعتبار عنصر الدين‬
‫يكتسي أهمية خاصة في مجال اإلرثي فما هي القواعد التي يخضن لها التوارث في‬
‫إطار الزواج المخلط؟ (الفقرة الثانية)‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬الحضانة‬

‫الحضانة هي واجب لحفاظ على الطفل من الهالك والضياعي وهي من أهم‬


‫أثار الطالق الناتج عن الزواج المختلطي إذ لم تنص قوانين الدول العربية ومن بينها‬
‫المغرب فضال على القانون الفرنسي على قاعدة إسناد صريحة بشأن مسألة تحديد‬
‫القانون الواجب التطبيق لتنظيم الحضانة في العالقات المختلطةي مما أفرز تباين في‬
‫أراء الفقهاء وأحكام القضاء حول ترجيح القانون الشخصي ألحد األطراف عن‬
‫غيره من القوانين ذات الصلة بالنزاع‪.124‬‬

‫بالتالي فإنه متى تحددت الطبيعة القانونية للحضانةي وجب البحث عن‬
‫القانون الذي يكون أكثر مالئمة للتطبيق بحسب هذه الطبيعة الخاصةي فمادامت‬
‫الحضانة التزام مصدره القانوني فإن القانون الواجب التطبيق يرتبط بتحليل عناصر‬
‫العالقة وصوال إلى تحديد ضابط اإلسنادي وهو ما يمكن التوصل إليه بتحديد صاحب‬
‫الحق في الحضانة إذا كان أولى أن يطبق قانون الحاضن أم المحضون‪.125‬‬

‫هناك من يرىي بأن الحضانة إذا كانت تعتبر كأثر من اآلثار الناتجة عن‬
‫النسب فإن القانون الواجب التطبيق عليها هو القانون الذي أبرم في ظله عقد‬
‫الزواجي وذلك استنادا إلى أن الحضانة في حد ذاتها تعتبر من آثار الزواج الذي‬

‫‪ . 124‬صالح الدين جمال الدين‪ :‬مشكالت حضانة األطفال في زواج األجانب‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪82‬‬
‫‪ . 125‬صالح الدين جمال الدين‪ :‬م س‪ ،‬ص ‪82‬‬
‫‪62‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫انتهى بالطالق أو التطليق بين الزوجين‪126‬ي لكن هناك من يرى بأن الحضانة ال‬
‫يمكن أن تخضن في التطبيق إلى أحكام قانون األسرة الذي نشأ في ظله عقد الزواجي‬
‫ألن هذه األسرة أصبحت غير قائمة بعد انتهاء هذا العقدي ومن ثم فإن القانون‬
‫الواجب التطبيق هو قانون الزوج والذي هو في نفس الوقت قانون جنسية الطفل‪.127‬‬

‫يمكن القول بأن القانون الواجب التطبيق هو قانون جنسية الطفل أو قانون‬
‫موطنهي طبقا لمبدأ ˝المصلحة الفضلى للطفل˝ المنصوص عليها في اتفاقية حقوق‬
‫الطفل لسنة ‪1989‬ي واحتياطيا قانون جنسية الحاضن إذا كان يحقق للمحضون‬
‫مصلحة أكبري وهذا ما اتجه إليه القضاء التونسي إذ أسند الحضانة للحاضن على‬
‫أساس مصلحة الصغير وتقديمها على كل مصلحة أخرى وعدم تمسكه بامتياز‬
‫أن ˝ األم أحق بالحضانة ولئن‬ ‫‪128‬‬
‫الديانة أو الجنسية حيث جاء في قرار تعقيبي‬
‫كانت كتابية إال أنه متى تبين أن في حضانتها خطرا على المحضون فإن حق‬
‫الحاضنة يصبح متعارضا من حق الصغير ألن المعتبر في الحضانة هو مصلحة‬
‫الصغير˝ وجاء في قرار آخر تعقيبي‪ 129‬أن ˝ إسناد حضانة الصغير لوالدته ليس فيه‬
‫ما يتأذى به النظام العامي سيما وأن األمر من مشموالت عالقة قانونية ذات طابن‬
‫دولي يتعلق بحضانة طفل قاصر مصلحته تكون هي األولى ˝‪.‬‬

‫هكذا يتبين أنه رغم االختالف في جنسية األبويني والذي من شأنه أن‬
‫يؤدي إلى التباين في شروط إسناد الحضانة إلى أحد الطرفين أو إسقاطها عن‬
‫الطرف اآلخر‪130‬ي فإن القضاء التونسي رجح ضابط المصلحة الفضلى للطفلي ولم‬

‫‪ . 126‬هشام علي صادق‪ :‬مركز ال قانون األجن بي أ مام الق ضاء ا لوطني‪ ،‬درا سة مقار نة في تطب يق ال قانون األجن بي أ مام‬
‫محكمة الموض وع‪ ،‬رقابة المحكمة العليا على تفسيره ونسخه‪ ،‬منشأة المعارف باإلسكندرية ‪ ،0818‬ص‪.515‬‬
‫‪ . 127‬محمد التغدويني‪ :‬تنازع القوانين‪ ،‬مطبعة فاس بريس‪ ،‬الطبعة األولى ‪ 3113‬ص ‪.352‬‬
‫‪ .128‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ 18532‬مؤرخ في ‪ 03‬جان ‪ 3111‬أشار إليه عن أحمد الورفلي‪ :‬ا لزواج الم ختلط وم صلحة‬
‫المحضون‪ ،‬لمحة عامة مجلة القضاء والتشريع‪ ،‬عدد ‪ 0‬ابريل ‪ 3113‬ص ‪015‬‬
‫‪ .129‬قرار تعقيبي مدني ‪ 2381‬صادر بتاريخ ‪ 3‬مارس ‪ 3111‬أشار إليه عن أحمد الورفلي‪ :‬م س‪ ،‬ص ‪011‬‬
‫‪ . 130‬حمدي عبد الرحمان‪ :‬بعض المشكالت الناتجة عن الزواج المختلط‪ ،‬المجلة المغربية للدراسات الدولية أعمال ال ندوة‬
‫الدولية المنظمة من طرف جامعة محمد األول بوجدة أيام ‪ 05-03-02‬مارس ‪ 3113‬عدد خاص اكتوبر ‪ 3112‬ص ‪21‬‬
‫‪63‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫يسقط الحضانة عن األم متذرعا بالخوف من تربية المحضون على غير دين األب‬
‫المسلم‪.131‬‬

‫وإذا كانت المقتضيات التي تسند الحضانة على أساسها لألب‪132‬ي ال تثير‬
‫مشاكل في المغرب خاص إذا كان األبناء بحوزتهي فإن األمر غير ذلك عندما يكون‬
‫هؤالء األبناء بحوزة األمي فإذا تمسك األب بالحكم المغربي أمام محاكم الدولة التي‬
‫تنتمي إليها األمي فإن القاضي األجنبي ال يتردد في إعالن رفضه لتنفيذ هذا الحكمي‬
‫وقد يصدر حكم معاكس يخول الحضانة لألم‪.‬‬

‫وتفديا للمشاكل التي قد تحدث نتيجة رفض أحد األطراف الخضوع‬


‫لمقتضيات الحكم الصادر بشأن الحضانة وحق الزيارةي فإن مدونة األسرة نظمت‬
‫مسألة السفر بالمحضون خارج المغرب طبقا لمقتضيات المادة ‪179133‬ي ولم تسمح‬
‫به إال إذا توفرت ضمانات لحمايته وإلرجاعه حيث جاء في قرار لمحكمة‬
‫على أنهق أن المطلوبة ليس لها محل بالمغرب وأنها تحمل الجنسية‬ ‫‪134‬‬
‫النقض‬
‫الهولندية وليست لديها أية ضمانة لحماية المحضون إال انه بالرغم من ذلك فان‬
‫المحكمة مصدر ة القرار قضت بتأييد الحكم االبتدائي القاضي بتسليم المحضون إلى‬
‫المطلوبة مرة واحدة في األسبوع دون تحديد مكان هذه الزيارة وال تقييد هذا التسليم‬
‫باتخاذ إجراءات لحماية المحضون وضمان عودته إلى المغرب محل إقامة حاضنه‬
‫ووليه الشرعي طبقا لمواد ‪ 186-184-179‬من مدونة األسرة ق‪.‬‬

‫‪ . 131‬تسقط الحضانة طبقا ألحكام المادة ‪ 022‬من مدونة األسرة المغربي‪ ،‬إذا كان هناك خوف من ترب ية المح ضون ع لى‬
‫غير ديانة أبيه‪ ،‬وهذا بطبيعة الحال إذا كانت األم على غير دين األب المسلم‪.‬‬
‫‪ . 132‬وهكذا فإن المشرع المغربي أسند الحضانة في حالة ال طالق لألم ثم لألب ثم ألم األم‪ ،‬وذ لك طب قا لل مادة ‪ 020‬من‬
‫مدونة األسرة‪.‬‬
‫‪ .133‬تنص المادة ‪ 028‬من مدونة األسرة على أنه ˝ يمكن للمحكمة بناء ع لى ط لب من النيا بة العا مة‪ ،‬أو النا ئب ال شرعي‬
‫للمحضون‪ ،‬أن ت ضمن في قرار إسناد الحضانة‪ ،‬أو في قرار الحق‪ ،‬منع السفر بالمحضون إلى خارج المغرب‪ ،‬دون موافقة‬
‫نائبه الشرعي‪.‬‬
‫تتولى النيابة العامة تبليغ الجهات المختصة مقرر المنع‪ ،‬قصد اتخاذ اإلجراءات الالزمة لضمان تنفيذ ذلك‪.‬‬
‫في حالة رفض الموافقة على السفر بالمحضون خارج المغرب‪ ،‬يمكن اللجوء إلى قاضي المستعجالت الستصدار إذن بذلك‪.‬‬
‫ال يستجاب لهذا الطلب‪ ،‬إال بعد التأكد من الصفة العرضية للسفر‪ ،‬ومن عودة المحضون إلى المغرب˝‬
‫‪ .134‬قـرار عــدد ‪ 383‬بتـاريخ ‪ 3115-01-3‬ملــف شــرعي ‪ 3115 0/3/218‬أشـار إليــه صــالح الـدين الطــاوس‪ :‬زيــارة‬
‫المحضون دراس ة مقارنة‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون ال خاص و حدة الت كوين والب حث ت شريعات‬
‫األسرة والهجرة جامعة محمد األول كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية وجدة السنة الجامعية ‪ 3118-3112‬ص‬
‫‪:28‬‬
‫‪64‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬اإلرث‬

‫تولت مدونة األسرة تنظيم الميراث وقواعده في الكتاب السادس من المادة‬


‫‪ 321‬إلى ‪391‬ي وتعتبر مقتضيات هذه المواد من المبادئ العامةي وقد عرفته المادة‬
‫‪ 323‬بأنه ق انتقال حق بموت مالك بعد تصفية التركة لمن استحقه شرعا بال تبرع‬
‫وال معارضةقي وتعتبر الزوجية أحد األسباب الموجبة لإلرث‪ 3‬شريطة اتحاد الديني‬
‫بذلك فإذا تزوج مسلم بزوجة كتابية يهودية أو مسيحية فزواجه يعد صحيحا مرتبا‬
‫لكافة آثارهي غير أنه يمنن من التوارث بينهماي حيث نصت المادة ‪ 332‬من مدونة‬
‫األسرة على أنهق ال توارث بين مسلم وغير مسلمي وال بين من نفي الشرع نسبهق‬
‫وهذا تكريسا لما أجمن عليه علماء المسلمين من أنه ال توارث بين المسلم وغير‬
‫المسلم مصداقا لقوله تعالى ق ولن يجعل للكافرين على المؤمنين سبيال‪135‬ق ولما هو‬
‫ثابت من حيث الرسول صلى هللا وعليه وسلم ق ال يرث المسلم الكافر وال الكافر‬
‫علما أن هناك من يرىي بأنه للمسلم أن يرث الكافر دون أن يكون لهذا‬ ‫‪136‬‬
‫المسلمق‬
‫األخير الحق في أن يرث المسلمي وذلك قياسا على جواز نكاح المسلمين الكتابيات‬
‫دون أن يكون ذلك ممكنا بالنسبة للكتابيين‪.137‬‬

‫إذن كيف يتم تنظيم اإلرث في إطار القانون الدولي الخاص؟‬

‫تعمد مختلف التشريعات إلى التفرقة بين الميراث في المنقول والميراث في‬
‫العقاري وتخص كل واحد منها بقاعدة إسناد مختلفة عن اآلخري إذ تنص الفقرة الثانية‬
‫من المادة الثالثة من القانون المدني الفرنسي على إخضاع العقارات المتواجدة‬

‫‪ .135‬سورة النساء اآلية ‪030‬‬


‫‪ .136‬رواه البخاري ومسلم وأبو داوود‬
‫‪ . 137‬ابن رشد القرطبي األندلسي‪ :‬بداية المجت هد ونها ية المق صد‪ ،‬مطب عة دار الك تب العلم ية ب يروت لب نان الطب عة الثان ية‬
‫‪ 3111‬ص ‪523‬‬
‫‪65‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫بفرنسا للقانون الفرنسيي غير أن مقتضيات هذه المادة يم استبعادها بشأن العقارات‬
‫المتواجدة بالخارج والتي تخضن لقانون موقعها‪.138‬‬

‫وفيما يتعلق بالقانون الدولي الخاص المغربي فقد نصت المادة ‪ 18‬من ظهير‬
‫‪ 12‬غشت ‪ 1913‬المتعلقة بالوضعية المدنية لألجانب على أنه˝ يخضن توارث‬
‫المنقوالت واألصول الموجودة داخل منطقة الحماية الفرنسية بالمغرب لقانون الدولة‬
‫و التي ينتسب إليها المورث فيما يعد إلى تعيين الورثة والترتيب الذي يرثون‬
‫بمقتضاه واألنصبة العائدة إلى كل واحد منهم والمقادير التي يتعين هم إرجاعها إلى‬
‫التركة والمقدار الذي يجوز الموروث أن يتصرف به على وجه الوصية والمقدار‬
‫الذي يجب حفظه للورثة˝‪.‬‬

‫فمن خالل هذه المادة يتضح أن القانون الدولي الخاص ال يميز بين الميراث في‬
‫المنقول والميراث في العقار ي إذ يخضعهما لقاعدة إسناد واحدة وهي جنسية المتوفى‬
‫ال بضابط موقن المال كما هو معمول به بالنسبة لألحوال العينيةي ألن هذه القاعدة‬
‫هي قاعدة شخصية ال عينيةي إذ تربط التوارث بالقانون الوطني للشخص ال بقانون‬
‫الدولة التي توجد فيها هذه األموال أي القانون العينيي بالتالي إخضاع التركة لقانون‬
‫جنسية المورثي دونما أن يحدد وقت االعتداد بالقانون الشخصي استنادا على ضابط‬
‫الجنسيةي بخالف التشريعات األخرى المقارنة التي حسمت المسألة واعتدت بجنسية‬
‫تلك هي جنسيته األصليةي‬ ‫‪139‬‬
‫المورث وقت الوفاة حتى ولو لم تكن بالفعل جنسيته‬
‫فلو اكتسب شخص ما جنسية أخرى وحدث وأن فقد أو جرد من األولى فلن يعتد إال‬
‫بجنسيته الثانية التي توفي عليها‪.140‬‬

‫‪Henri BATIFFOL et Paul LABARDE : Droit international privé, Librairie général de .138‬‬
‫‪droit et de jurisprudence, T1, 7ème édition, 1981‬‬
‫‪ .139‬تنص المادة ‪ 08‬من القانون المدني السوري على أنه ˝ يسري على الميراث والوصية وسائر التصرفات المضافة إلى‬
‫ما بعد الموت قانون المورث أو الموصي أو المتصرف وقت موته˝‬
‫‪ .140‬سلمى األزرق‪ ،‬حنان ابكريم‪ :‬الموار يث والو صايا في ل قانون ا لدولي ال خاص المغر بي‪ ،‬درا سة مقار نة‪ ،‬أن ظر المو قع‬
‫أطلع عليه بتاريخ ‪3131.01.03‬‬ ‫االلكتروني التالي‪www.droitetentreprise.com.،‬‬
‫‪66‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫علما أنه في حال قيام نزاع بشأن تعدد جنسية المتوفىي فإنه يتم الرجوع‬
‫لقواعد التنازع في الجنسية وغالبا ما يتقرر في هذا الشأن قانون الجنسية الفعليةي‬
‫على أن˝ القانون الواجب‬ ‫‪141‬‬
‫حيث جاء في حكم لمحكمة االستئناف بالدار البيضاء‬
‫التطبيق في حالة الهالك المتعدد الجنسياتي هو قانون جنسيته الفعلية˝ غير أن ذلك‬
‫لن يكون له محل متى كانت إحدى الجنسيات المتنازع حولها هي الجنسية المغربية‬
‫إذ يتوجب على القاضي والحالة هاته ترجيح الجنسية المغربية‪.142‬‬

‫هكذاي فإذا كان القانون الوطني للمورث هو القانون الواجب التطبيق إعماال‬
‫للمادة ‪ 18‬من ظهير ‪1913‬ي إال أنه أحيانا قد يتبين للقاضي أن قواعد هذا القانون‬
‫تتعارض من المبادئ والقيم التي يقوم عليها نظام مجتمن دولته‪143‬ي مما يثير مسألة‬
‫الدفن بالنظام العامي نتيجة لقيام أحكام المواريث في الدول العربية على أسس دينيةي‬
‫مما يؤدي إلى تعطيل قاعدة اإلسناد الخاصة بالميراث كلما خالف القانون األجنبي‬
‫المختص أحكام الشريعة اإلسالمية‪.‬‬

‫ومن تطبيقات الدفن بالنظام العام في مجال اإلرثي نذكر القرار الصادرة‬
‫عن القضاء المصري في قضية رفعتها زوجة لبنانية مسيحية الديانة ضد ورثة‬
‫زوجها اللبناني المسلمي إذ قررت محكمة النقض المصرية ما يلي‪ :‬قولئن كانت‬
‫مسائل المواريث والوصايا تدخل طبقا للمادة ‪ 17‬من التقنين المدني لقانون المورث‬
‫أو الموصيي فإنه متى كان القانون الواجب التطبيق أجنبياي فإن تطبيقه يكون‬
‫مشروطا بعدم مخالفة أحكامه للنظام العام واآلداب العامة في مصر وفقا لما تقتضيه‬
‫المادة ‪ 28‬من التقنين المدني‪144‬ي ولما كان الثابت من أوراق الملف أن المطعون‬
‫علها مسيحية ال ديانة‪ .‬ومن تم تختلف ديانتها عن المستوفىي وكان من المقرر وضعا‬

‫‪ . 141‬قرار محك مة اال ستئناف با لدار البي ضاء ب تاريخ ‪ 0888/3/02‬م لف مدني عدد ‪ 83/0158‬من شور بمج لة الم حاكم‬
‫المغربية عدد ‪ 15-13‬ص ‪0212‬‬
‫‪ . 142‬أستاذنا الحسين بلحساني‪ :‬الموجز في القانون الدولي الخاص‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪028‬‬
‫‪. 143‬زاير فاطمة الزهراء‪' :‬النظام ال عام في النزا عات الدول ية الخا صة المتعل قة باألحوال الشخ صية‪ ،‬مذكرة لن يل شهادة‬
‫الماجستير في القانون الدولي الخاص‪ ،‬كلية الحقوق و العلوم السياسية بتلمسان‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،3100-3101‬ص‪032‬‬
‫‪ .144‬تنص المادة ‪ 38‬من القانون المدني المصري على أنه '' ال يجوز تطبيق أحكام قانون أجنبي عينته النصوص ال سابقة‪،‬‬
‫إذا كانت هذه األحكام مخالفة للنظام العام واآلداب في مصر''‪.‬‬
‫‪67‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫لنص المادة ‪ 16‬من قانون المواريث رقم ‪ 88‬لسنة ‪ 1451943‬أن اختالف الدين من‬
‫موانن اإلرثي فإنه إذا كان الحكم المستأنف قد قضى بتوثيقهاي فإنه يكون قد أخطأ‬
‫في تطبيق القانون مما يستوجب نقضه ق‪.146‬‬

‫تجدر اإل شارة إلى أن الفقه اختالف حول حكم اختالف القانون األجنبي‬
‫الواجب التطبيق عن قانون القاضي من حيث بيان الورثة واألنصبةي فهناك اتجاه‬
‫يرى أنه إذا كان أطراف التركة المورث و الورثة أجانب غير مسلمين فهنا ال يعد‬
‫القانون األجنبي مخالفا للنظام العامي ألن تنظيم التركات بين األجانب غير المسلمين‬
‫يرتبط بالتنظيم االجتماعي و االقتصادي لكل دولةي و هو بالتالي يختلف من دولة‬
‫إلى أخرى‪147‬ي بينما يرى أخر بأنه إذا كان أطراف التركة المورث والورثة مسلمين‬
‫فإن القانون األجنبي ال يعد مخالفا للنظام العام من حيث بيان الورثة وأنصبتهمي ألن‬
‫مجرد االختالف ما بين القانونين من حيث بيان الورثة ومراتبهم ودرجاتهم‬
‫وأنصبتهم وحاالت الحجب…ال يتوفر معه الدافن لألخذ باستبعاد هذا القانوني ألن‬
‫النظم االجتماعية للدول اإلسالمية ال يمكن أن تتأثر إال إذا كان هذا القانون يسمح‬
‫ببنت المتوفى بالحصول على نصيب مواز للولد أو نصيب أكبر منهي فإنه آنذاك يتم‬
‫استبعاد القانوني ألنه يكون قد مس في جوهر إحدى األحكام المستقاة من القرآن‬
‫الكريم‪ 148‬ي أما االتجاه الثالث فيرى بأن النظام العام ما هو إال دفن استثنائي ال يثار‬
‫إال عند المساس الصارخ بالمبادئ الجوهرية التي يقوم عليها مجتمن دولة القاضيي‬
‫فإذا كان القانون األجنبي يساوي بين الذكر واألنثى وكان أطراف النزاع غير‬

‫‪ . 145‬تنص المادة ‪ 01‬من قانون رقم ‪ 88‬لسنة ‪ 0832‬بشأن المواريث‪ ،‬على أنه ‘‘ال توارث بين مسلم وغير مسلم‘‘‬
‫‪ .146‬قرار محكمة ا لنفض الم صرية ر قم ‪ 28‬ل سنة ‪ ،0888‬مك تب ف ني ‪ 05‬ب تاريخ ‪ ،18-10-3113‬المج لة العرب ية للف قه‬
‫والقضاء‪ ،‬عدد ‪ 28‬ص ‪.83‬‬
‫‪ . 147‬صالح الدين جمال الدين‪ :‬تنازع القوانين دراسة مقار نة بين ال شريعة وال قانون‪ ،‬مطب عة دار الثقا فة للن شر والتوز يع‬
‫الطبعة األولى ‪ ،3118‬ص ‪330‬‬
‫‪ . 148‬صالح الدين جمال الدين‪ :‬تنازع القوانين دراسة مقارنة بين الشريعة والقانون‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.330‬‬
‫‪68‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫مسلميني فإنه ال مجال للدفن بالنظام العام في مواجهة القانون األجنبيي ألنه من غير‬
‫المعقول تطبيق أحكام الشريعة اإلسالمية على أطراف ال يمتون لها بأية صلة‪.149‬‬

‫وإذا كان التوارث بين المسلم وغير المسلم مساسا بالنظام العام في جل‬
‫الدول العربيةي ومنها بطبيعة الحال المغرب حيث جاء في قرار لمحكمة النقض‬
‫وهي تبت في قضية ميراث إسباني الجنسية مقيم في المغرب تقدمت من خاللها‬
‫زوجته بدعوى لالعتراف بكونها هي الوارثة الوحيدة للمتوفى طبقا للفصول ‪912‬‬
‫و ‪ 931‬و ‪ 931‬و ‪ 944‬و ‪ 941‬من القانون المدني اإلسبانيي التي تخول لها الحق‬
‫في اإلرث ولو كانت وريثته الوحيدةي وكان حُكم المحكمة االبتدائية بطنجة قد بت‬
‫في طلبها ذاك و الذي كانت قد دعمته بشاهدين اثنين معترفا لها بحقها في اإلرثي‬
‫إال أن النيابة العامة في المحكمة االبتدائية استأنفت الحكم االبتدائي ليصدر قرار‬
‫استئنافي آخر يُلغي الحكم االبتدائي الذي اعترف لها بصفتها كزوجة للمتوفىي‬
‫وبالتالي أحقيتها في الميراثي بعلة أن القول بكون الطاعنة هي الوارثة الوحيدة‬
‫لزوجها الهالك مسألة مخالفة للنظام العام المغربيي دون أن تعلل حكمها تعليال كافيا‬
‫ومقنعا كما أشار إلى ذلك الفصل ‪ 341‬من قانون المسطرة المدنيةي ودون أن‬
‫تراعي كون أن المعنيين باألمري الهالك وزوجتهي هم أجنبيان‪ .‬وبالتالي يخضعان‬
‫للقواعد المنصوص عليها في الفصل ‪ 3‬و‪ 18‬من ظهير الوضعية المدنية لألجانب‬
‫والفرنسيين بالمغرب لسنة ‪1913‬ي وبالتالي خضوعها للقانون اإلسباني الذي يُجيز‬
‫للزوجة ولو كانت الوريثة الوحيدة أن ترث فيهي وال يوجد في نظيره من القانون‬
‫المغربي ما يمنن توارث الزوجة في زوجها الهالكي فلها في ذلك إما الربن (‪)1/4‬‬
‫أو (‪ )1/8‬بحسب األحوالي لذلك فإن المسلك الذي سارت عليه محكمة االستئناف‬

‫‪ _.149‬محمد وليد المصري ‪ :‬الوجيز في شرح القانون الدولي الخاص‪ ،‬مطبعة دار الثقافة للنشر و التوزيع‪ ،‬الطبعة الثانية‬
‫‪ ،3100‬ص ‪.332‬‬
‫‪62‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫بإلغائها للحكم االبتدائي كونه مخالف للنظام العام غير مبني على أساسي وهو ما‬
‫يجعله عُرضة للنقض‪.150‬‬

‫فإنه على العكس من ذلك في الدول الغربية كفرنسا مثالي فكل قانون ينص‬
‫على هذا المانن يعد مخالفا للنظام العام الفرنسيي ألنه قائم بذلك على أساس التمييز‬
‫الديني وهذا ما لم تقبل به المحاكم الفرنسية التي تستبعد القانون اإلسالمي الذي‬
‫ينص على عدم األهلية للميراث بسبب اختالف الدين‪.151‬‬

‫وعليه فالبد للقاضي أن يقبل االختالف بين قانونه الوطني والقانون األجنبي‬
‫ألنه يعالج أوضاع ذات طابن دوليي تفرض نوعا من الليونة والمرونة على أساس‬
‫أن أهداف القانون الدولي الخاص هي في عمقها أهدافها انسانيةي وتدعو الى قبول‬
‫قيم وثقافة اآلخر وليس نبذها‪.152‬‬

‫خاتمة‬
‫تأسيسا على ما سبقي يمكن القول بأن الزواج المختلط وما ينتج عنه من‬
‫أثار قانونية أوقن الكثير من التشريعات المقارنة في تنازع دائمي على الرغم من‬
‫االتفاقيات الثنائية التي أبرمت للتخفيف من هذا التنازعي إال أنها أفرغت من محتواها‬
‫نظرا لالختالف في القواعد المطبقة على األحوال األسرية للطرف المغربي ذات‬
‫المصدر الديني والقواعد العالمية األممية التي تتبناها بدون تحفظ قوانين األسرية‬
‫للطرف األجنبي خصوصا األوروبي‪.‬‬
‫لذا نرى أن المسؤولية اليوم ملقاة على عاتق القضاء األجنبي – األوربي منه‬
‫على وجه التحديد‪-‬في حسن التعامل من المقتضيات الجديدة لمدونة األسرةي وعدم‬

‫‪ .150‬قرار صادر عن محك مة ا لنقض في ‪ 3105/18/33‬ت حت عدد ‪ 3/281‬في الم لف ال شرعي‪،180/3/0/3103 :‬‬
‫أشارت إليه سلمى األزرق‪ ،‬حنان ابكريم‪ :‬المواريث والوصايا في القانون الدولي الخاص المغربي‪ ،‬مرجع سابق‬
‫‪151‬‬
‫‪. Cour de cassation, chambre civil 1, audience publique, du Mardi 17 Novembre 1964‬‬
‫أ شارت إل يه سلمى األزرق‪ ،‬ح نان اب كريم‪ :‬الموار يث والو صايا في ال قانون ‪publié au Bulletin officiel N°505.‬‬
‫الدولي الخاص المغربي‪ ،‬مرجع سابق‬
‫‪152‬‬
‫‪. Canivet (Guy) : « la convergence des systèmes juridiques du point de vue du Droit privé‬‬
‫‪Français », R.I.D.C, 2003, pp : 7-22.‬‬

‫‪71‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫استبعاد تطبيق أحكامها لمجرد فقط االنتصار لقضائه الوطنيي دون االكتراث بما‬
‫يمكن أن ينتج عن هذا التصرف من أوضاع سلبية في المراكز القانونية للجالية‬
‫المغربية المقيمة بالخارج‪.‬‬
‫وإذا كان الزواج المختلط قد أثار إشكاليات عملية عديدة فإننا نقترح ما‬
‫يلي‪:‬‬
‫‪ ‬إعادة النظر في ظهير الوضعية المدنية للفرنسيين واألجانب بالمغرب‬
‫الصادر عام ‪ 1913‬لمسايرة المستجدات التي يعرفها المغرب‪.‬‬
‫‪ ‬تليين مبدأ النظام العام خاصة وأن مدونة األسرة المغربية اعترف بالحكم‬
‫األجنبي الصادر في قضايا األحوال األسرية طبقا للمادة ‪ 128‬من مدونة األسرة‪.‬‬

‫‪ ‬ابرام اتفاقيات ثنائية من ضرورة تفعيل التعاون القضائي في مجال األسرة‬


‫من الدول التي تعرف تواجد للمغاربة وتكون جوابا على المشاكل العملية التي‬
‫تعرفها حاليا الجالية‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫دور السجل العدلي في حسن سيرة األشخاص الذاتيين و‬


‫االعتباريين‬

‫الشرقي حراث دكتور في الحقوق‬


‫ـ منتدب قضائي لدى محكمة اإلستئناف ـ بسطات‬

‫يعتبر السجل العدلي من أهم الوثائق اإلدارية التي تعتمدها المؤسسات العمومية‬
‫التابعة للدولة وكذا المؤسسات الخاصة في التوظيف يباعتباره يتعلق بالحالة‬
‫الجنائيةي ويعكس السوابق القضائية لألفراد الذاتيين واإلعباريين‪.‬‬

‫فهو وثيقة مهمة في مسطرة رد اإلعتبار القضائيي واإلفراج المقيد‬


‫بشروطي والعفو‪ .‬و يتم اإلعتماد عليه في إثبات‪ 153‬حالة العود‪. 154‬‬

‫ونظر ألهميته فقد أفرد له المشرع الجنائي ‪ 32‬مادة في قانون المسطرة‬


‫الجنائية ابتداء من المادة ‪ 614‬إلى المادة ‪. 686‬وهو عدد قكبيرق من المواد حددت‬
‫مختلفة األحكام العامة المنظمة له‪.‬‬

‫هذا فضال على النقاش الدائر حول تأثير الغرامات المتعلقة بمخالفة حالة‬
‫الطوارئ وكذا التدابير اإلحترازية (عدم ارتداء الكمامة – وعدم احترام التباعد )‬

‫‪ - 153‬في ظل غياب سجل عدلي رقمي بالمنظومة القضائية بالمغرب ‪،‬فإن أغلب المحاكم تجد صعوبة كبيرة في إثبات حا لة‬
‫العود ‪ ،‬وتسطير المتابعة بشأن ذلك ‪،‬بالنظر إلى كون النيابة العامة تلجأ إلى توجيه إنابة قضائية إلى المحكمة التي يقطن بها‬
‫المعني باألمر من أجل موافاتها بالبطاقة رقم ‪ 13‬وهو ما من ش أنه أن يعطل تحريك المتابعات وتسطير حالة العود ‪ ،‬وغالبا‬
‫ما يتم التغاضي عن أتبات حالة العود لكون اإلنابة القضائية لم يتم اإلستجابة إليها على اعتبار أن النظر في المتابعات ينبغي‬
‫أن يتم داخل آجال محددة‪ .‬للمزيد راجع ‪:‬‬
‫‪ -‬هشام مالطي ‪ :‬السجل العدلي الرقمي ‪،‬مداخلة في الندوة المنعقدة عن بعد والمنظمة من قبل كلية الحقوق بمكناس ‪.‬‬
‫‪ - 154‬نظم المشرع الجنائي العود في الفصول من ‪ 053‬إلى ‪ 011‬من ق ج ‪ .‬وينص الفصل ‪ 053‬من ق ج ع لى أن" يعت بر‬
‫في حالة عود ‪،‬طبقا للشروط الم قررة في الف صول التال ية ‪ ،‬من يرت كب جري مة ب عد أن ح كم عل يه بح كم حائز ل قوة ال شيء‬
‫المحكوم به ‪ ،‬من أجل جريمة سابقة"‪.‬‬
‫للمزيد حول دوافع العود القانوني ‪ :‬يراجع‪:‬‬
‫‪ -‬مح مد اإلدري سي العل مي المشي شي ‪ :‬دوا فع ال عود ال قانوني‪ :‬م قال من شور بمج لة ال شؤون الق ضائية ‪ ،‬ال عدد ‪ 12‬فبرا ير‬
‫‪..3131‬ص ‪.31‬‬
‫‪72‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫على حسن سيرة األشخاص الذاتيين وبالتالي يحول ذلك دون ممارسة الوظائف‬
‫العمومية ‪..‬‬

‫ويتكون السجل العدلي من سجل عدلي وطني تابن لوزارة العدليوسجل عدلي‬
‫محلي تابن لجمين المحاكم اإلبتدائية‪ 155‬يتشكل من البطاقة رقم ‪ 1‬كأصل ‪ .‬كما‬
‫يتشكل السجل العدلي من البطاقتين ‪ 2‬و‪ 3‬كنسن طبق األًصل للبطاقة رقم ‪. 1‬‬

‫فما هي إجراءات السجل العدلي بنوعيه الوطني والمحلي ؟ وأين تتجلى مظاهر‬
‫تأثير السجل العدلي على حسن سيرة‪ 156‬األشخاص الذاتيين و اإلعتباريين؟ ‪.‬‬

‫هذا ما سنحاول مناقشته من خالل تقسيمنا لهذا البحث إلى مطلبين ‪ :‬سنتحدث‬
‫في ( المطلب األول ) عن إجراءات السجل العدلي من خالل البطاقة رقم ‪. 1‬وفي(‬
‫المطلب الثاني ) سنتحدث عن إجراءات البطاقتين رقم ‪ 2‬و‪. 3‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬إجراءات السجل العدلي‬

‫قسم المشرع السجل العدلي إلى سجل عدلي مركزي يسلم إلى أشخاص محددين‬
‫على سبيل الحصري وإلى سجل عدلي محلي يسلم إلى األشخاص المزدادين‬
‫بالمغرب بناء على طلبهمي ووفق إجراءات شكلية خاصة لكل منهما‪.‬‬

‫بين ما هو مركزي يوبين ما هو محلي ‪.‬‬ ‫‪157‬‬


‫وهي مسطرة تتميز باالزدواجية‬
‫ويترتب عنها تضمين نسن من البطاقات ذات األرقام ‪ 1‬و‪ 2‬و‪ 3‬تهم األشخاص‬
‫الذاتيين واألشخاص اإلعتباريين ‪.‬‬

‫‪ - 155‬يتم تعيينها بقرار لوزير العدل‪.‬‬


‫‪ - 156‬وثيقة ح سن ال سي رة تط لق ع لى الوثي قة ال تي ت منح من طرف األ من ا لوطني ‪،‬وي ضمن في ها جم يع البيا نات المتعل قة‬
‫بالمعني باألمر إذا سبق وأن تم االستماع إليه في قضية معينة‪.‬‬
‫تسلم من طرف المصلحة األمنية المتواجدة بالدائرة التي يقطن بها المعني باألمر‪.‬‬
‫‪ - 157‬في ظل التدابير التي أصبحت تعمل ب ها أغلب اإلدارات العمومية والمتعلقة بتحويل ما هو مركزي إلى محلي انسجاما‬
‫مع الخطابات الملكية ‪ ،‬وانسجاما مع تفعيل الجهوية ‪..‬لذلك فإن العمل بهذه اإلزدواجية أ صبح أ مرا مت جاوزا ي ستدعي من‬
‫المشرع إعادة النظر فيه ‪،‬وجعله سجال واحدا يطلب ويطلع عليه من خالل الولوج إلى منصة الكترونية خاصة به‪.‬‬
‫‪73‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫وبناء عليه سنتحدث في هذا المطلب عن إجراءات السجل العدلي الخاص‬


‫باألشخاص الذاتيين‬

‫واألشخاص االعتباريين قالفقرة األولى ق ثم سنتحدث عن مسطرة إنجاز‬


‫البطاقتين رقم ‪ 2‬و ‪ 3‬في قالفقرة الثانيةق‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪:‬السجل العدلي الخاص باألشخاص الذاتيين واالعتباريين‬

‫نظم المشرع المغربي السجل العدلي في قانون المسطرة الجنائية وقسمه إلى‬
‫نوعين ‪ :‬سجل عدلي خاص باألشخاص الذاتيين (أوال) وسجل عدلي خاص‬
‫باألشخاص اإلعتباريين(ثانيا) ‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬السجل العدلي الخاص باألشخاص الذاتيين‬

‫يتميز السجل العدلي في قانون المسطرة الجنائية باإلزدواجية ي بين سجل عدلي‬
‫وطني (‪ )1‬وبين سجل عدلي محلي (‪. )2‬‬

‫‪ ) 1‬السجل العلي الوطني‬

‫يتمركز السجل العدلي الوطني مكانيا بوزارة العدل بالرباط يوبالضبط بمديرية‬
‫الشؤون الجنائية والعفو التي تشرف على إجراءاته ‪.‬‬

‫يختص مركز السجل العدلي الوطني ب‪:‬‬

‫‪ ‬مراقبة المراكز المحلية‬


‫‪ ‬مسك سجل عدلي خاص باألشخاص المولودين خارج المملكة من غير‬
‫اعتبار لجنسيتهم ي‬

‫‪74‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫‪158‬‬
‫‪ ‬مسك بطائق السجل العدلي لألشخاص المعنوية‬

‫يتولى إدارة مركز السجل العدلي الوطني أحد القضاة العاملين بوزارة العدل ‪.‬‬

‫ويمسك مركز السجل العدلي الوطني بطائق تسمى البطاقة رقم ‪ 1‬للسجل العدلي‬
‫وتسلم منها بيانات أو ملخصات تدعى البطائق رقم ‪ 2‬أو رقم ‪ 3‬بالنسبة لألشخاص‬
‫المولودين خارج المملكة ولألشخاص المعنوية‪.159‬‬

‫‪:2‬السجل العدلي المحلي‬

‫يتمركز السجل العدلي المحلي في جمين المحاكم اإلبتدائية بالمملكة يمن خالل‬
‫تخصيص مكب خاص بالسجل العدلي بها ي باستثناء المحكمة الزجرية بالدار‬
‫البيضاء يحيث خصصت قسم خاص بعيدا عن المحكمة تتجلى مهمته في تضمين‬
‫وتسليم السجل العدلي(رقم ‪ )3‬وكذا البطاقة رقم ‪. 12‬‬

‫ويتولى مركز السجل العدلي المحلي مسك السجالت العدلية لجمين األشخاص‬
‫مهما كانت جنسيتهم المولودين بدائرة المحكمة المحددة‪.160‬‬

‫وتسند إدارة السجل العدلي المحلي ألحد قضاة النيابة العامة‪.‬‬

‫وتمسك مراكز السجل العدلي المحلي يبطائق تسمى البطاقة رقم ‪ 1‬للسجل‬
‫العدلي وتسلم حسب الشروط المحددة في المادة ‪ 661‬وما يليها يبيانات أو ملخصات‬
‫منها تدعى البطائق رقم ‪ 2‬أو رقم‪. 161 3‬‬

‫ثانيا ‪ :‬السجل العدلي الخاص باألشخاص اإلعتباريين‬

‫‪ - 158‬المنصوص عليها في المواد ‪ 182‬من ق م ج‪.‬‬


‫‪ - 159‬راجع المادة ‪ 151‬من ق م ج‪.‬‬
‫‪ - 160‬طبقا للفقرة األولى من هذه المادة ‪.‬‬
‫‪ - 161‬راجع المادة ‪ 151‬من ق م ج ‪.‬‬
‫‪75‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫فكما يتم تضمين العقوبات الجنائية أو الجنحية في بطاقة السجل العدلي‬


‫لألشخاص الذاتيين ييتم أيضا تضمين العقوبات المحكوم بها على األشخاص‬
‫اإلعتباريين ‪.‬‬

‫وكما تطلب اإلدارات العمومية معرفة وضعية السوابق القضائية والحالة‬


‫الجنائية لألشخاص الذاتيين من أجل توظيفهم أو منحهم األوسمة‪...‬فإنها تطلب أيضا‬
‫الحالة الجنائية لألشخاص اإلعتبارية التي تعتزم إبرام عقود معها من أجل القيام‬
‫بعمل معين أو إبرام صفقة خاصة‪.‬‬

‫وغاية ذلك معرفة الطرف اآلخر الذي هو الشركة يوالذي قد يؤتمن على أموال‬
‫وأشغال ومصالح الشركاء والزبائن‪..‬على اعتبار أن اإلقتصاد ينبني على الثقة‬
‫وحسن النوايا‪..‬‬

‫وتهدف مجموعة بطائق األشخاص المعنوية إلى جمن المعلومات المنصوص‬


‫عليها في المادة ‪ 681‬من ق م ج والمتعلقة بالعقوبات أو التدابير الصادرة سواء في‬
‫حق األشخاص المعنويين أو في حق األشخاص الذاتيين الذين يسيرونها‪.162‬‬

‫وإذا كان السجل العدلي المتعلق بالشخص الذاتي يقتصر على هذا األخير‬
‫الشخص‬ ‫فحسبيفإن السجل العدلي المتعلق بالشخص اإلعتباري ينجز لفائدة‬
‫المعنوي (‪ )1‬ولفائدة مسيري الشركة (‪.)2‬‬

‫‪:1‬المقررات المطلوب تضمينها بالبطاقة رقم ‪1‬ضد األشخاص المعنوية‬

‫يضمن بالبطاقة رقم ‪ 11‬المتعلقة باألشخاص اإلعتباريين‪:‬‬


‫‪ ‬كل حكم بعقوبة جنائية ضد شخص معنوي‪163‬صادرة عن محكمة‬
‫زجرية أو إدارية‬

‫‪ - 162‬المادة ‪ 128‬من ق م ج ‪.‬‬


‫‪ - 163‬ينص الفصل ‪ 0-023‬من م شروع ال قانون الج نائي ع لى أ نه " ال شخص اإلعت باري ال ي كون م سؤوال إال من خالل‬
‫أجهزة وممثليه أو مديريه"‪.‬‬
‫‪76‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫‪164‬‬
‫‪ ‬كل حكم بعقوبة زجرية يصدر على شخص معنوي‬
‫‪ ‬كل تدبير من التدابير وكل إغالق ولو كان جزئيا أو مؤقتا‬
‫أو أي‬ ‫‪165‬‬
‫‪ ‬كل تدبير يقضي بالمنن من حق أو بسقوطه أو انعدام أهلية‬
‫تدبير يحد من أحد الحقوق‬
‫‪ ‬كل مصادرة تطال شخصا معنويا ولو كانت نتيجة لعقوبة حكم بها على‬
‫شخص ذاتي مسير لهي‬
‫‪ ‬األحكام بالتصفية القضائية وسقوط األهلية التجارية‪.166‬‬

‫‪: 2‬المقررات المطلوب تضمينها بالبطاقة رقم ‪1‬ضد مسيري األشخاص‬


‫المعنوية‬

‫يضمن بالبطاقة رقم ‪ 11‬المتعلقة بمسيري األشخاص اإلعتباريين‪:‬‬


‫‪ ‬األحكام الصادرة بمعاقبة مسيري األشخاص المعنوية يولو بصفة‬
‫شخصية‬
‫‪167‬‬
‫‪ ‬مخالفات التشرين الجبائي والجمركي واإلقتصادي‬
‫‪ ‬مخالفة قانون الصرف واألحكام الصادرة بسبب ارتكابهم لجنايات أو‬
‫أو جرائم الشيك‬ ‫‪170‬‬
‫أو خيانة األمانة‬ ‫‪169‬‬
‫أو النصب‬ ‫‪168‬‬
‫جنح السرقة‬
‫يأو الجرائم الخاصة‬ ‫‪173‬‬
‫أو استعماله‬ ‫‪172‬‬
‫أو التزوير‬ ‫‪171‬‬
‫بدون مؤونة‬

‫‪ - 164‬راجع المواد ‪ 255- 253 – 228‬من مدونة التجارة ‪.‬‬


‫‪ - 165‬راجع المواد من ‪ 235‬إلى ‪ 252‬من مدونة التجارة ‪.‬‬
‫‪ - 166‬كجرائم التفالس ‪ :‬راجع المواد ‪ 233-233-230‬من مدونة التجارة ‪ .‬راجع أيضا الفصول ‪ 551‬إلى ‪ 518‬من ال قانون‬
‫الجنائي‪.‬‬
‫‪ - 167‬تنص الفقرة األولى من المادة ‪ 228‬من مدونة التجارة في باب العقوبات المالية على أنه " حينما يظهر من خالل سير‬
‫مسطرة التسوية أو التصفية القضائية في مواجهة شركة تجارية تقضي في باب األصول ‪ .‬يمكن للمحكمة في حا لة ح صول‬
‫خطأ في التسيير ساهم في هذا النقص ‪،‬أن تقر تحميله ‪،‬كليا أو جزئيا ‪ ،‬تضامنيا أم ال ‪،‬لكل المسيرين أو للبعض منهم فقط ‪"..‬‬
‫راجع أيضا ‪ :‬المواد ‪ 231- 228‬م المدونة‪ .‬راجع أيضا العقوبات الزجرية في المواد ‪ 251- 255- 253‬من مدونة التجارة‪.‬‬
‫راجع أيضا ‪:‬‬
‫المادة ‪ 252‬من مدونة التجارة ‪.‬‬
‫‪ -03‬طبقا للفصل ‪ 515‬من القانون الجنائي ‪.‬‬
‫‪ - 169‬طبقا للفصل ‪531‬من القانون الجنائي‬
‫‪ -170‬طبقا للفصل ‪ 532‬من القانون الجنائي‬
‫‪ -171‬المواد ‪ 208-208-201-212‬من مدونة التجارة ‪.‬‬
‫‪ -172‬طبقا للفصل من القانون الجنائي‬
‫‪77‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫أو الغش ‪176‬وبصفة‬ ‫‪175‬‬


‫يأو اختالس األموال العامة‬ ‫‪174‬‬
‫بالسجل التجاري‬
‫عامة كل جريمة تتعلق باألموال‪.‬‬
‫ويشار في السجل العدلي لألشخاص المعنوية ومسيريها إلى التغييرات الالحقة‬
‫‪177‬‬
‫المنصوص عليها في المادة ‪ 661‬من ق م ج ‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬إجراءات البطاقة رقم ‪1‬‬

‫سنحاول أن نتحدث عن إجراءات البطاقة رقم ‪ 11‬من حيث مفهومها والجهات‬


‫المكلفة بإنجازها (أوال) ومن حيث آجال تحريرها والتبادل الدولي بشأنها (ثانيا ) ‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬مفهوم البطاقة قم ‪ 1‬ونظائرها‬

‫الذي يشتغل بوحدة‬ ‫‪178‬‬


‫البطاقة رقم ‪ 1‬هي وثيقة رسمية ينجزها كاتب الضبط‬
‫بالمحكمة التي انتهى بها الملف وأصبح حائزا لقوة الشيء‬ ‫‪179‬‬
‫التنفيذ الزجري‬
‫المقضي به يتتضمن بيانات خاصة بالمتهم من حيث هويته يوالتهمة الموجهة‬
‫إليهيوالحكم الصادر في حقه وتاريخه ورقمه وتارين التبليغ‪... 180‬‬

‫وبعد إنجازها وتوقيعها من طرفه يحيلها إلى ممثل النيابة العامة بنفس المحكمة‬
‫الذي يطلن عليها ويوقعها ثم يقوم كاتب الضبط بتوجيهها إلى وكيل الملك بالمحكمة‬
‫اإلبتدائية المزداد بها المحكوم عليه‪. 181‬‬

‫‪ -173‬طبقا للفصل من القانون الجنائي‬


‫‪ - 174‬راجع ‪ :‬المواد ‪ 053-11-15-13-13‬من مدونة التجارة ‪.‬‬
‫‪ -175‬طبقا للفصل ‪ 332 – 330‬من القانون الجنائي‬
‫‪ -176‬طبقا للفصل ‪ 8- 2- 0‬من القانون رقم ‪ 02-82‬المتعلق بالزجر عن الغش في البضائع ‪.3100/13/08‬‬
‫‪ - 177‬وتسري في حقها مقتضيات المادة ‪ 112‬من ق م ج ‪.‬راجع المادة ‪ 128‬من ق م ج ‪.‬‬
‫‪ - 178‬تمأل من طرف مصلحة كتابة ال ضبط و فق الن موذج ‪ 31115‬وت حال ع لى النيا بات العا مة ال تي تحيل ها بدورها ع لى‬
‫مكاتب السجل العدلي قصد ترتيبها حسب الحروف الهجائية وحسب تواريخ الحكم‪.‬‬
‫‪ - 179‬وهو قسم خاص بتنفيذ القضايا الزجرية سواء تعلق األمر بتنفيذ العقوبات الحبسية أو السجنية النافذة بعد حيازتها لقوة‬
‫الشيء المقضي به ‪،‬أو تنفيذ الغرامات المالية ‪،‬و الصوائر والمصاريف القضائية ‪،‬وكذا اإلكراه البدني في الديون العموم ية‬
‫والديون الخصوصية ‪.‬وقد أطلق عليه اسم وحدة التبل يغ والتنف يذ في أوا خر سنة ‪ 3103‬بمقت ضى الر سالتين ا لدوريتين ‪12‬‬
‫و‪. 13‬وتاريخ‬
‫‪ - 180‬وقد نظمها المشرع وخصص لها ثمانية مواد من المادة ‪ 152‬إلى المادة ‪ 113‬من ق م ج ‪.‬‬
‫‪ - 181‬تحت إشراف الوكيل العام للملك بها ‪.‬‬
‫‪78‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫وبعد التوصل بها تسجل في سجل البطاقات يويتم إحالتها إلى رئيس كتابة‬
‫الضبط لتضمينها وتحرير البطاقة رقم ‪ 1‬ونظائرها‪.‬‬

‫وتبقى البطاقة رقم ‪ 1‬هي األصل في تحديد جمين العقوبات المترتبة في مواجهة‬
‫المحكوم عليه‪.‬‬

‫أ ‪ -‬المقررات التي يستوجب إقامتها في البطاقة رقم ‪1‬‬

‫بداية نشير إلى أنه لتسهيل عملية الضبط والبحث فإن مكاتب السجل العدلي‬
‫وفيما يخص كل شخص حسب‬ ‫‪182‬‬
‫ترتب البطاقة رقم ‪ 1‬حسب الحروف الهجائية‬
‫تارين اإلدانة أو الحكم‪.183‬‬

‫وتستوجب إقامة البطاقة رقم ‪ 1‬المقررات اآلتية ‪:‬‬

‫– المقررات الصادرة باإلدانة عن أية محكمة زجرية من أجل جناية أو‬


‫‪184‬‬
‫جنحة‬

‫‪ - 182‬هذا عندما كانت تحرر في نموذج ورقة مقوى – لون أبيض – وترتب حسب الحروف من الحرف –أ – إلى الحرف‬
‫– ي – فمثال يتم تجميع جميع األشخاص الذين تبتدئ األحرف األ ولى من أسمائهم العائلية في م لف وا حد ‪.‬وكل ما تم ت قديم‬
‫طلب من أحدهم يبتدئ الحرف األول من اسمه العائلي بحرف الميم‪ .‬يذهب المكلف بالسجل العدلي مباشرة إلى المجموعة –‬
‫م‪ -‬إال أنه ومنذ سنة ‪ 3102‬أصبحت المحاكم تشتغل بطريقة إلكترونية في تضمين البطا قات ‪ ،‬ك ما أ صبح بإم كان ال شخص‬
‫المزداد مثال في الدار البيضاء ويشتغل في طنجة أصبح بإمكانه سحب البطاقة رقم ‪ 12‬من المحكمة االبتدائية بطنجة عوض‬
‫الذهاب إلى الدار البيضاء ‪.‬من خالل ملء مطبوع بمجموعة من البيانات وإرسالها عبر تطبيق ية خا صة في األنترن يت إ لى‬
‫المحكمة التي ازداد بدائرتها من أ جل إنجازها وتوقيعها إلكترونيا وإرجاعها إلى م صدرها ق صد سحبها من طرف المع ني‬
‫باألمر‪.‬‬
‫أما الحالة الثانية التي حددها المشرع وهي المتعلقة بحصر جميع المدانين حسب تاريخ إدانتهم ‪..‬يراجع المادة ‪ 152‬من ق م‬
‫ج‪.‬‬
‫‪ - 183‬راجع المادة ‪ 152‬من ق م ج ‪.‬‬
‫‪ -184‬أثير نقاش – في و سائل التوا صل اإلجت ماعي – حول الغرا مة المتعل قة ب عدم ار تداء الكما مة و عدم اح ترام التبا عد‬
‫والمقدرة في ‪ 211‬درهم كغرامة تصالحية إذا تم أدائها فورا ‪.‬هل يجب تضمينها في البطاقة رقم ‪.2‬؟‬
‫ن شير بدا ية إ لى أن المر سوم ب قانون ر قم ‪ 512.31.3‬ال صادر ب تاريخ ‪ 3131/18/12‬ا لذي عدل المر سوم ب قانون ر قم‬
‫‪ 383.31.3‬المتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات اإلعالن عنها وذلك بإضافة مادة راب عة م كررة‬
‫‪،‬تتيح إمكانية إجراء مصالحة بين الضابط أو العون الذي يعاين الجنحة من جهة ‪ ،‬والشخص الذي ارتكبها من ج هة أ خرى‬
‫‪،‬مقابل األداء الفوري لغرامة تصالحي ة جزافية قدرها ثالثمائة درهم ‪ .‬وتتم اإلشارة إلى األداء في المحضر ‪،‬الذي تسلم نسخة‬
‫منه للمخالف ‪،‬وتعتبر تلك النسخة بمثابة وصل باألداء ‪.‬‬
‫= كما نص التعديل كذلك ‪،‬أنه في حالة عدم األداء الفوري للغرامة التصالحية يحال المحضر على النيابة العامة داخل أ جل‬
‫أربع وعشرين ساعة ‪.‬‬
‫‪72‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫‪ -‬المقررات الصادرة بناء على مسطرة غيابية والمقررات الصادرة بالعقوبة في‬
‫غيبة المحكوم عليه والتي لم يطعن فيها بالتعرض‪.‬‬

‫‪ -‬المقررات الصادرة في حق األحداث الجانحين‪.185‬‬

‫‪ -‬المقررات الصادرة باإلدانة من اإلعفاء من العقوبة ‪.‬‬

‫تنص المادة ‪ 3‬مكررة على ما يلي ‪ " :‬يمكن أن تكون المخال فات ألح كام الف قرة األو لى من ال مادة الراب عة أ عاله مو ضوع‬
‫مصالحة تتم بأداء غرامة تصالحية جزافية قدرها ثالثمائة (‪ ) 211‬درهم يؤديها المخالف فورا بناء على اقتراح من الضابط‬
‫أو العون محرر المحضر‪ ،‬وذلك مقابل وصل باألداء‪.‬‬
‫يشار في المحضر إلى أداء مبلغ الغرامة ‪.‬يقوم المحضر مقام الوصل‪.‬‬
‫وفي حالة عدم األداء الفوري للغرامة التصالحية الجزافية ‪،‬يحال المحضر إلى النيابة العامة المختصة داخل ‪ 33‬ساعة من‬
‫تاريخ معاينة المخالفة ‪.‬‬
‫يترتب على أداء الغرامة التصالحية الجزافية عدم تحريك الدعوى العمومية "‪.‬‬
‫وبتاريخ ‪ 3131/18/02‬صدر بالجريدة الرسمية عدد ‪ 1818‬المرسوم رقم ‪ 523.31.3‬لتطبيق أحكام المادة الرابعة المكررة‬
‫من المرسوم بقانون رقم ‪ 3.31.383‬المشار إليه أعاله ‪.‬ووضعت إجراءات مسطرية جديدة تتمثل فيما يلي ‪:‬‬
‫األداء خالل أجل ‪ 33‬ساعة من تار يخ معاينة المخالفة ‪،‬بدل األداء الفوري المقرر في المادة الراب عة الم كررة من المر سوم‬
‫بقانون ‪.‬‬
‫تسليم نسخة من المحضر من طرف الضابط أو العون الذي يعاين المخالفة إلى المخالف ‪،،‬يحدد له فيها المصلحة األمنية أو‬
‫مركز الدرك الملكي الذي تم في دائرته معاينة المخالفة حسب الحالة ‪،‬والذي ي جب عل يه أداء الغرا مة به ‪.‬وذ لك خال فا ل ما‬
‫قرره القانون من اعتبار نسخة المحضر تسلم فقط في حالة األداء ‪،‬لكي تكون بمثابة وصل أداء‪.‬‬
‫كما يجوز للنيابة العامة في حالة عرض محضر اإلمتناع علي ها أن تط بق مقت ضيات ال صلح الج نائي المن صوص عل يه في‬
‫المادة ‪ 30‬من قانون المسطرة الجنائية ‪،‬والتي تسمح بالتصالح في مثل هذه الحالة مع المخالف ‪،‬مقابل أداء غرامة ال تتجاوز‬
‫‪ 151‬درهم ‪،‬وهو نصف الحد األقصى للغرامة المقررة في المادة ‪ 3‬من المرسوم بقانون ‪.‬مع التذكير أن هذا اإلجراء يتطلب‬
‫موافقة المخالف ‪ .‬وأن من شأن ذلك كذلك إيقاف سير الدعوى العمومية ‪،‬وتجنب صدور ح كم ق ضائي من المم كن أن يق يد‬
‫بالسجل العدلي للشخص المدان ‪.‬‬
‫للمزيد راجع ‪:‬‬
‫دورية رئيس النيابة العامة رقم ‪/28‬ر ن ع ‪/‬د وتاريخ ‪. 3131/18/02‬‬
‫لذلك فان البطاقة رقم ‪ 0‬تسجل فيها المقررات الصادرة باإلدانة عن أية محكمة زجرية من أجل جناية أو جنحة ‪ ،‬وعليه فإن‬
‫الغرامة التصالحية الجزافية التي تم تأديتها من طرف المخالف ال زالت لم تصل إلى ن ع ‪،‬وبالتالي فقد تم تأديتها بناء على‬
‫المرسوم المتعلق بحالة الطوارئ ‪،‬ولم يصدر بشأنها حكم في الموضوع ‪.‬بخالف الغرامة التي يتم الحكم بها ع لى الم خالف‬
‫في حالة االمتن اع عن أدائها حيث تعرض ع لى المحك مة وي صدر في شانها ح كم من طرف المحك مة المخت صة ‪،‬وبال تالي‬
‫تسجل في البطاقة رقم ‪... 0‬حيث يتم العمل في هذه الحالة بالقواعد العامة لقانون المسطرة الجنائية‪.‬‬
‫على اعتبار أن الغرامة التصالحية هي عقوبة صادرة عن هيئة غير قضائية كما هو الح ال بخصوص الغرامات الت صالحية‬
‫في إطار مخالفات السير ‪.‬فهي ال تسجل في البطاقة رقم ‪ 0‬ألنها تؤدى فورا ‪.‬وعندما يحال المحضر ع لى النيا بة العا مة يتم‬
‫حفظها‪ .‬وال يتم تحريك الدعوى العمومية‪....‬‬
‫أما بخصوص اإلشكال المتعلق بعدم ارتداء الكمامة من قبل األطفال إلى حدود ‪ 03‬سنة ‪،‬فان وزارة الصحة تؤكد على أنه ال‬
‫داع الرتدائها من طرف هؤالء األطفال على اعتبار أن نسبة إصابتهم تبقى ضئيلة جدا مقار نة مع ك بار ال سن ‪.‬غ ير أ نه ال‬
‫يمكن تغريمهم بعقوبة الغرامة لكون هذه األخيرة هي عقو بة شخ صية تطبي قا لم بدأ شخ صية العقو بة ‪ .‬لكو نه ال زال حدث‬
‫ولكون الولي ال يمكن أن نحمله عقوبة زجرية ‪.‬‬
‫غير أن المالحظ هو أن المشرع لم يحين مبالغ الغرامات المنصوص عليها في القانون الجنائي منذ ‪ ، 0813‬بحيث أن مبلغ‬
‫‪ 311‬درهم مثال في سنة ‪ 0813‬ليس هو ن فس المب لغ ون فس القي مة في الو قت الحا ضر‪،‬بل ه ناك تغي يرات وت حوالت في‬
‫األسعار والمواد ‪....‬وال يعقل أن الغرامة التي تتجاوز ‪ 0311‬درهم تتحول إلى جنحة ضبطية وتؤثر بالتالي ع لى الو ضعية‬
‫الجنائية للمعني باألمر‪.‬‬
‫ومن هذا المنطلق ندعو المشرع إلى رفع قيمة هذا المبلغ إلى ‪ 01.111‬درهم ‪،‬أي مادون هذا المبلغ يعتبر مخالفة ‪ ،‬وما فوقه‬
‫يعتبر جنحة حماية لألشخا ص الذين يرتكبون مخالفات عن غير قصد ‪ ،‬وحماية لسجلهم العدلي ‪.‬‬
‫‪ - 185‬المشار إليها في المادة ‪ 511‬أعاله‪،‬‬
‫‪81‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫‪ -‬المقررات التأديبية الصادرة عن السلطة القضائية أو عن سلطة إدارية فيما إذا‬


‫ترتب عنها فقدان لألهلية أو نصت على هذا الفقدان‪.‬‬

‫‪ -‬المقررات المعلنة للتصفية القضائية والعقوبات التي يحكم بها على مسيري‬
‫المقاولة وسقوط األهلية التجارية‪.‬‬

‫‪ -‬قرارات الطرد المتخذة ضد األجانب‪.‬‬

‫‪ -‬المقررات الصادرة بسقوط الوالية األبوية أو بسحب الحقوق المرتبطة بها‬


‫‪186‬‬
‫كال أو بعضا‪.‬‬

‫‪ - 2‬المكلفون بإنجاز البطاقة رقم ‪1‬ونظائرها‬


‫أ ‪ -‬كاتب الضبط‬

‫يحرر البطاقة رقم ‪ 1‬المتعلقة بكل مقرر من المقررات المنصوص عليها في‬
‫المادة ‪ 618‬من ق م ج كاتب الضبط بالمحكمة التي بتت في القضية أو التي يقن‬
‫بدائرتها مقر الهيئة التأديبية التي اتخذت المقررات التأديبية‪.187‬‬

‫كما تحرر البطاقة رقم ‪ 1‬التي تثبت مقررا تأديبيا صادرا عن سلطة إدارية‬
‫يتضمن أو يترتب عنه فقدان األهلية يمن طرف كاتب الضبط بمركز السجل العدلي‬
‫بالمحكمة التي ولد بدائرتها الشخص المعني باألمر يأو بمصلحة السجل العدلي‬
‫بالمحكمة التي ولد بدائرتها الشخص المعني باألمريأو بمصلحة السجل العدلي‬
‫المركزي إذا كان الشخص المذكور مولودا خارج المملكة يوذلك بناء على إشعار‬
‫من السلطة اإلدارية الصادر عنها المقرر توجهه إلى المركز المعني داخل ‪ 11‬يوما‬
‫من صدور المقرر‪.‬‬

‫‪ -186‬راجع المادة ‪ 158‬من ق م ج ‪.‬راجع أيضا الفصل ‪ 88‬من القانون الجنائي‪.‬‬


‫‪ - 187‬المشار إليها في البندين رقم ‪ 5‬و‪ 2‬من المادة ‪ 158‬من ق م ج‪.187‬راجع الفقرة األولى من المادة ‪ 158‬من ق م ج ‪.‬‬
‫‪81‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫وإذا تعلق األمر بالعفو أو باستبدال عقوبة بأخرى أو بالتخفيض منها أو‬
‫بإلغائهايفيع هد إلى كاتب الضبط بالمحكمة التي أصدرت العقوبة بتحرير البطاقة أو‬
‫األوراق المغيرة لمضمن البطاقة رقم‪.1‬‬

‫وإذا كان األمر يتعلق بقابلية العفو في قضايا التصفية القضائية والتصديق على‬
‫المصالحة بين المدين وغرمائه يعهد ذلك إلى كاتب الضبط بالمحكمة التي بتت في‬
‫النازلة ‪.‬‬

‫‪188‬‬
‫وإذا تعلق األمر بإلغاء المقرر التأديبي‬

‫ب ‪ -‬مديري السجون والمشرفين الرؤساء‪ :‬إذا كان األمر يتعلق بتوارين انتهاء‬
‫العقوبات البدنية وإلغاء قرارات اإلفراج المقيد بشروط ي‬
‫ت ‪ -‬أمناء الخزائن العامين المكلفين بالدفن و األداءات و قباض وزارة المالية‬
‫الخصوصيين والقبضة الماليين وكتاب الضبط بالمحاكم ‪ :‬إذا كان األمر يتعلق بأداء‬
‫الغرامة‪.‬‬
‫ج –وزارة الداخلية ‪ :‬فيما يخص البطاقة رقم ‪ 1‬التي تتضمن مقررا بطرد‬
‫أجنبي فتحرر داخل أجل ‪ 11‬يوما من صدور المقرر من طرف وزارة الداخلية‬
‫وتوجه إلى‪:‬‬

‫‪ ‬السجل العدلي المركزي‬


‫‪ ‬السجل العدلي بمكان الوالدة إن كان الصادر في حقه المقرر مولودا‬
‫‪189‬‬
‫بالمغرب‪.‬‬
‫‪ ‬وزير الداخلية فيما يرجن للمقررات الصادرة بإلغاء أو إيقاف مفعول‬
‫مقررات طرد األجانب‪.‬‬

‫‪ - 188‬المشار إليه في الفقرة األولى من المادة ‪ 111‬من ق م ج يعهد األمر إلى كا تب ال ضبط لدى المحك مة الوا قع بدائرتها‬
‫مقر السلطة اإلدارية التي قامت باإلشعار‪.‬‬
‫‪ - 189‬راجع المادة ‪ 660‬من ق م ج ‪.‬‬
‫‪82‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫‪ ‬السلطة التي أصدرت مقررات بتوقيف عقوبة أو إلغاء توقيفها إذا كان‬
‫األمر يرجن إلى مثل هذه المقررات‪.‬‬
‫‪ ‬النيابة العامة لدى المحكمة التي بتت في طلب رد اإلعتبار‪.190‬‬

‫ثانيا ‪:‬آجال إنجاز البطاقة رقم ‪1‬‬

‫تقام البطاقة رقم ‪: 1‬‬

‫‪ -‬داخل أجل خمسة عشر يوما من صيرورة المقرر نهائيا في حالة صدوره‬
‫حضورياي‬

‫‪ -‬بعد مرور خمسة عشر يوما من تارين تبليغ المقرر الصادر غيابياي‬

‫‪ -‬داخل خمسة عشر يوما من صدور المقرر بالعقوبة بناء على مسطرة‬
‫غيابيةي‬

‫ويشهد وكيل الملك بصحة هذه البطائق بعد التأكد من محتواها يوتستعمل على‬
‫الخصوص لتطبيق العقوبات في حالة العود وإللغاء إيقاف التنفيذ وكذا لتمكين‬
‫مختلف اإلدارات من منن المتابعين من ولوج أسالك الوظائف العمومية و اإلنخراط‬
‫في القوات المسلحة الملكية‪.191‬‬

‫‪ - 1‬التغييرات المضافة إلى البطاقة رقم ‪1‬‬

‫طبقا للمادة ‪ 661‬من ق م ج فإن البطاقة رقم ‪ 1‬تضاف إليها التغييرات المتعلقة‬
‫بما يلي ‪:‬‬

‫‪ - 190‬راجع المادة ‪ 113‬من ق م ج ‪.‬وفي هذه الحالة فإن النيابة العامة عند ما يتم تبليغها بنسخة من رد االعت بار من طرف‬
‫الغرفة الجنحية فإنها تراسل وكيل الملك بالمحكمة اإلبتدائ ية المتوا جد ب ها م كان ازد ياد ال شخص "بك تاب" يف يد أن المع ني‬
‫باألمر تم رد اعتباره ‪،‬وأنه يستوجب تضمين منطوق القرار بالبطاقة رقم ‪ 0‬الخاصة بالسجل العدلي‪ .‬من أجل توجي هه إ لى‬
‫رئيس كتابة الضبط‪.‬‬
‫كما توجه نسخة من نفس المقرر إلى والي األمن لإلخبار‪.‬‬

‫‪ - 191‬راجع المادة ‪ 111‬من ق م ج ‪.‬‬


‫‪83‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫‪ -‬األوامر الملكية القاضية بالعفو من العقوبة كليا أو جزئيا أو استبدال عقوبة‬


‫بأخرى ي‬
‫قرارات اإلفراج المقيد بشروط‬ ‫‪192‬‬
‫‪ -‬المقررات الصادرة بتوقيف تنفيذ عقوبة‬
‫وقرارات العدول عن هذا اإلفراج‪.‬‬
‫‪ -‬مقررات إيقاف تنفيذ العقوبة ومقررات رد اإلعتبار القانوني أو القضائي‬
‫ومقررات إنهاء اإلقصاءي‬
‫‪ -‬المقررات الصادرة بإلغاء أو توقيف قرارات طرد األجانبي‬
‫‪ -‬إلغاء المقررات المنصوص عليها في البند ‪ 8‬من المادة ‪ 618‬من هذا‬
‫القانوني‬
‫‪193‬‬
‫‪ -‬المقررات الصادرة بإلغاء مقرر تأديبي يتضمن فقدانا ألهلية ‪.‬‬
‫‪ -‬كل مقرر يصدر بتغيير أو إنهاء العقوبات أو التدابير المنصوص عليها في‬
‫‪194‬‬
‫المادتين ‪ 618‬و‪661‬أعاله‪.‬‬

‫ح ‪ -‬حاالت سحب البطاقة رقم‪ 1‬من السجل العدلي وإتالفها‬

‫تسحب البطاقة رقم ‪ 1‬من السجل العدلي وتتلف في الحاالت اآلتية ‪:‬‬

‫‪ -‬عند وفاة صاحب البطاقةي‬


‫‪ -‬في حالة محو العقوبة المضمنة في البطاقة محوا تاما على إثر العفو‬
‫الشاملي‬
‫‪ -‬في حالة حصول المعني باألمر على مقرر بإلغاء مضمون السجل العدليي‬
‫‪ -‬إذا تخلص المحكوم عليه من المسطرة الغيابية المقررة في حقه أو في حالة‬
‫تعرض المحكوم عليه على الحكم الصادر غيابيا أو في حالة إبطال محكمة النقض‬
‫للمقرر‪.195‬‬

‫‪ - 192‬تطبيقا لمقت ضيات الف صل ‪ 030‬من الظه ير ال شريف ر قم ‪ 0-51-321‬ال مؤرخ في ‪1‬رب يع ال ثاني ‪ 0221‬موا فق ‪01‬‬
‫نونبر ‪ 0851‬بمثابة قانون العدل العسكري‪،‬‬
‫‪ -193‬وفقا للفقرة األولى من المادة ‪ 111‬أعاله‪،‬‬
‫‪ - 194‬راجع المادة ‪ 110‬من ق م ج‪.‬‬
‫‪84‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫‪ -‬إذا أمرت هيئة قضائية لألحداث بحذف البطاقة رقم ‪.1961‬‬

‫وتجب اإلشارة تلقائيا من طرف كاتب الضبط في البطاقة رقم ‪ 1‬إلى رد‬
‫اإلعتبار بحكم القانون‪ 197‬ي بمجرد ما يصير حقا مكتسبا‪.198‬‬

‫‪ -3‬نظير البطاقة رقم ‪1‬‬

‫عند تحرير البطاقة رقم ‪ 1‬ييحرر في نفس الوقت نظير(نموذج ‪ )41168‬من‬


‫جمين البطائق رقم ‪ 1‬الناصة على عقوبة سالبة للحرية من أجل جناية أو جنحة من‬
‫تأجيل التنفيذ أو عدمه‪.‬‬

‫ويوجه هذا النظير إلى اإلدارة العامة لألمن الوطني – مصلحة التعريف‬
‫الشخصي والتبادل الدولي بالرباط‪ -‬قصد اإلخبار‪ -‬وال يجوز اإلطالع على مضمون‬
‫هذا النظير إال من قبل السلطات القضائية ومصالح الشرطة والدرك الملكي‪.‬‬

‫‪199‬‬
‫تحال أيضا على هذه اإلدارة نظائر البطائق المتضمنة للتغييرات‬
‫‪200‬‬
‫الالحقة‪.‬‬

‫وتسحب النظائر من سجل اإلدارة العامة لألمن الوطني وفق الحاالت المذكورة‬
‫في البطاقة رقم‪.2011‬‬

‫‪: 4‬التبادل الدولي للبطاقة رقم ‪1‬‬

‫‪ - 195‬تطبيقا لمقتضيات المواد ‪ 511‬و‪ 521‬و‪،520‬‬


‫‪ - 196‬تطبيقا للمادة ‪ 512‬من ق م ج ‪.‬‬
‫‪ - 197‬المنصوص عليه في الباب الثاني من القسم الثالث من الكتاب السادس من هذا القانون‬
‫‪ - 198‬راجع المادة ‪ 112‬من ق م ج‪.‬‬
‫‪ - 199‬عمليا فإنه نادرا ما يحال على النيابة العامة نظير من البطا قة ر قم ‪ 0‬يت ضمن التغي يرات الالح قة بالو ضعية الجنائ ية‬
‫للمعني باألمر‪.‬‬
‫‪ - 200‬وفقا للمادة ‪ 110‬أعاله‪،‬‬
‫‪ - 201‬راجع المادة ‪ 113‬من ق م ج ‪.‬‬
‫‪85‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫نظير من البطاقة رقم‪ 1‬بشأن كل عقوبة سالبة للحرية أو بالغرامة‬ ‫‪202‬‬


‫يحرر‬
‫تصدر من أجل جناية أو جنحة ضد أجنبي ينتمي ألحد األقطار المبرم معها التبادل‬
‫الدولي‪.‬‬

‫إلى وزير العدل قصد إرساله بالطريقة الديبلوماسية يما لم‬ ‫‪203‬‬
‫يوجه هذا النظير‬
‫‪204‬‬
‫تنص اإلتفاقيات على طريقة أخرى‪.‬‬

‫يوجه وزير العدل إلى مركز السجل العدلي الوطني أو المركز المحلي المختص‬
‫ما يتوصل به من السلطات األجنبية من المعلومات عن أحكام باإلدانة‪.‬‬

‫تقوم هذه المعلومات مقام البطاقة رقم ‪ 1‬يوتحفظ في السجل العدلي إما بأصلها‬
‫‪205‬‬
‫وإما بتضمين محتوياتها في إحدى المطبوعات القانونية الشكل‪.‬‬

‫ويجب أن يضمن في البطاقة رقم‪ 2‬المخصصة للقضاة والسلطات العسكرية‬


‫بيان األحكام الصادرة باإلدانة الموجهة في شأنها اإلشعارات المنصوص عليها في‬
‫المادة السابقة ‪.‬‬

‫‪206‬‬
‫ال يشار إلى هذه اإلشعارات في البطاقة الحاملة رقم ‪. 3‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬إجراءات البطاقة رقم ‪ 2‬و‪3‬‬

‫‪ - 202‬يحرر من طرف كاتب الضبط بو حدة التنف يذ الز جري ب كل من المحك مة اإلبتدائ ية ومحك مة اإل ستئناف ‪ .‬ي حال ع لى‬
‫النيابة العامة قصد اإلطالع والتوقيع ‪.‬ثم توجه إلى وزير العدل ‪ -‬مديرية الشؤون الجنائية والعفو‪-‬قسم السجل العدل ‪ -‬ت حت‬
‫اإلشراف بواسطة إرسالية مرفقة بالبطاقة رقم ‪. 0‬ويوجه النظير إلى المدير العام لإلدارة العامة لألمن الوطني بالرباط قصد‬
‫اإلخبار ‪.‬‬
‫‪ - 203‬ما يؤخذ على السجل العدلي بخصوص التبادل الدولي أنه يتم ب شكل ور قي في الو قت ا لذي ت ستعمل ا لدول األورب ية‬
‫السجل العدلي الرقمي كبلجيكا وفرنسا واسبانيا ‪..‬راجع ‪:‬‬
‫‪ -‬هشام مالطي ‪ :‬السجل العدلي الرقمي ‪ :‬مداخلة في الندوة المنع قدة عن ب عد والمنظ مة من طرف كل ية الح قوق بمك ناس‬
‫‪.‬يونيو ‪.3131‬‬
‫‪ - 204‬المادة ‪ 125‬من ق م ج ‪.‬‬
‫‪ - 205‬المادة ‪ 121‬من ق م ج‬
‫‪ - 206‬المادة ‪ 122‬من ق م ج‪.‬‬
‫‪86‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫سنتحدث في هذا المطلب عن البطاقة رقم ‪ 2‬من حيث إنجازها وتسليمها (‬


‫الفقرة األولى ) ثم سنتحدث عن البطاقة رقم ‪ 3‬الخاصة باألشخاص الذاتيين‬
‫واإلعتبارين (الفقرة الثانية )‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬البطاقة رقم ‪2‬‬

‫تعتبر البطاقة رقم‪ 12‬نسخة للنص الكامل لمختلف البطائق رقم ‪ 1‬المتعلقة‬
‫بشخص واحد‪.‬‬

‫وتسلم هذه البطاقة للجهات اآلتية‪:‬‬

‫‪ -‬أعضاء النيابة العامة وقضاة التحقيق والقضاة والمدير العام لألمن الوطني‬
‫‪ -‬رؤساء المحاكم التجارية بقصد إضافتها إلى إجراءات التصفية القضائية‬
‫‪ -‬السلطات العسكرية فيما يخص الشبان الذين يرغبون في التجنيد بالقوات‬
‫المسلحة الملكية‬
‫‪ -‬المصلحة المكلفة بالحرية المحروسة فيما يخص األحداث الموضوعين تحت‬
‫مراقبتها‬
‫‪ -‬اإلدارات العمومية للدولة المعروضة عليها إما طلبات التوظيف في وظائف‬
‫عمومية أو اقتراحات لمنح شارات فخرية أو التزامات تخص سمسرة بعض‬
‫األشغال أو سمسرة صفقات عمومية أو قصد القيام بمتابعات تأديبية أو لفتح مؤسسة‬
‫للتعليم الخاص‪.‬‬
‫‪ -‬السلطات المختصة بإعداد اللوائح اإلنتخابية أو للفصل في المنازعات‬
‫الخاصة بممارسة حق من الحقوق اإلنتخابية‪.‬‬
‫غير أن المقررات المتعلقة باألحداث الجانحين ال ينص عليها إال في البطائق‬
‫رقم‪2‬يالتي تسلم للقضاة وللمصلحة المكلفة بالحرية المحروسة المشار إليها أعاله‬
‫‪207‬‬
‫باستثناء أية سلطة أو إدارة عمومية أخرى‪.‬‬

‫‪ - 207‬راجع المادة ‪ 115‬من ق م ج ‪.‬‬


‫‪87‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫أوال ‪:‬تسليم البطاقة رقم ‪2‬‬

‫نظرا ألهمية البطاقة رقم ‪ 2‬وما تتضمن من معلومات حيث يتم‬


‫اإلعتماد عليها كوثيقة حاسمة في توظيف األشخاص في المؤسسات العمومية‬
‫والخاصة وأجهزة األمن الوطني والدرك الملكي والقوات المسلحة الملكية ‪..‬وبحكم‬
‫هذه األهمية فإنه يستوجب على كاتب الضبط عند تسليمها التحلي باليقظة والتركيز‬
‫والتريث والبحث بعناية ‪...‬والتحقق من هوية الشخص الذي يعنيه األمر يمن‬
‫اإلستعانة بالبطاقة الوطنية إن وجدت ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬حاالت عدم التوفر على بعض البيانات‬


‫‪ - 1‬حالة عدم التوفر على ما يثبت الهوية‬

‫يتعين على السلطة التي تقوم بتحرير البطاقة رقم ‪ 2‬في حالة عدم توفرها على‬
‫ما يثبت هوية الشخص يأن تدرج في البطاقة بصفة بارزة عبارة ‪ :‬هوية غير‬
‫محققة على اعتبار أن المسؤول على مصلحة السجل العدلي ليس له ما يفيد التثبت‬
‫من الوضعية الجنائية للمعني باألمر‪.‬‬

‫‪ -2‬حالة عدم التوفر على البطاقة رقم ‪1‬‬

‫في الحالة التي ال تتوفر فيها مصلحة السجل العدلي على البطاقة رقم ‪ 1‬في‬
‫السجل العدلي لشخص من األشخاص تسلم البطاقة رقم ‪ 2‬المتعلقة به حاملة للعبارة‬
‫اآلتية ‪:‬ال شيء‪.208‬‬

‫‪ -3‬حالة التوفر على البطاقة رقم ‪1‬‬

‫‪ - 208‬راجع المادة ‪ 111‬من ق م ج ‪.‬‬


‫‪88‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫يقوم كاتب الضبط في هذه الحالة بملء مطبوع البطاقة رقم ‪ 2‬تتضمن ملخص‬
‫األحكام والقرارات المضمنة بالبطاقة رقم ‪ 1‬بكل دقة ‪.‬ويوجهها إلى الجهة المعنية‬
‫عبر إرسالية موقعة ومختومة‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬البطاقة رقم ‪33‬‬

‫تعتبر البطاقة رقم ‪ 3‬من أهم بطائق السجل العدلي يلكونها أكثر الوثائق طلبا‬
‫من الجمهور‪.‬‬

‫وتتضمن البطاقة رقم ‪ 13‬بيانا باألحكام الصادرة بعقوبات سالبة للحرية عن‬
‫إحدى محاكم المملكة من أجل جناية أو جنحة يوينص فيها صراحة على أن الغرض‬
‫منها ينحصر فيما ذكر‪.‬‬

‫وال تدرج في هذه البطاقة إال العقوبات من النوع المشار إليه أعاله والتي لم يقن‬
‫محوها بسبب رد اإلعتبار ولم تأمر المحكمة في شأنها بإيقاف التنفيذي ما لم تصدر‬
‫في هذه الحالة األخيرة عقوبة جديدة تقضي بحرمان الشخص المعني باألمر من‬
‫اإلستفادة من هذا التدبير‪.209‬‬

‫أوال ‪:‬األشخاص المسموح لهم سحب البطاقة رقم ‪3‬‬


‫يسمح لألشخاص اآلتية أسماؤهم حصرا سحب البطاقة رقم ‪ 13‬وهم ‪:‬‬
‫‪ ‬المعني باألمر‪ :‬حيث ال يمكن أن يطلب البطاقة رقم ‪ 3‬إال الشخص المعني‬
‫بها وبعد إدالئه بما يثبت هويتهيو ال يمكن تسليمها لغيره إال بناء على توكيل رسمي‬
‫خاص‪.210‬‬
‫‪ ‬الشخص المعنوي‪ :‬حيث ال يمكن أن يطلب البطاقة رقم ‪ 3‬إال من طرف‬
‫الممثل القانوني للشخص المعنوي الذي عليه أن يدلي بما يثبت صفته هذهيويقدم‬
‫الطلب إلى القاضي المكلف بالسجل العدلي المركزي‪.‬‬

‫‪ - 209‬المادة ‪ 112‬من ق م ج ‪.‬‬


‫‪ - 210‬أو بطلب من المحامي ‪.‬‬
‫‪82‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫‪ ‬الشخص المقيم بالخارج ‪ :‬إذا كان الشخص مقيما أو مستقرا بالخارج يفإن‬
‫البطاقة رقم ‪ 3‬تطلب وتوجه إليه بواسطة السلطات الدبلوماسية والقنصلية عند‬
‫‪211‬‬
‫اإلقتضاء‪.‬‬
‫‪ - 1‬المكلفين بتحرير البطاقة رقم ‪ 3‬وتوقيعها‬
‫يتحقق مركز السجل العدلي من هوية الشخص ويحرر البطاقة رقم ‪ 3‬وفقا لما‬
‫نص عليه في المادة ‪ 666‬من ق م ج ‪ .‬غير أنه يكتفي بوضن سطر منحرف على‬
‫البطاقة إذا كانت البيانات التي تتضمنها البطاقة رقم‪ 1‬ال يجوز إدراجها بالبطاقة‬
‫رقم‪.3‬‬
‫وبعد إنجاز البطاقة رقم ‪ 3‬من طرف كاتب الضبط يوقعها هذا األخيريثم‬
‫للتأشير عليها أو تعرض على القاضي المكلف بمركز‬ ‫‪212‬‬
‫يعرضها على وكيل الملك‬
‫‪213‬‬
‫السجل العدلي الوطني ويضن عليها طابعه‪.‬‬
‫‪ - 2‬كيفية الحصول على البطاقة رقم ‪ 3‬ورقيا والكترونيا‬
‫أ‪ -‬بالنسبة للسجل العدلي الوطني‬
‫تسحب البطاقة رقم ‪ 13‬بعد اإلدالء ب‪:‬‬
‫طلب السجل العدلي من المعني باألمر أو وكيله بتوكيل رسمي خاص‬
‫صورة من بطاقة التعريف الوطنية أو صورة من جواز السفر‬
‫تنبر من فئة ‪11‬دراهم‪.‬‬
‫يقدم الطلب إلى مصلحة السجل العدلي بمديرية الشؤون الجنائية والعفو بوزارة‬
‫العدل‬
‫وبعد اإلنجاز يحال على القاضي المكلف لإلطالع والتوقين ‪.‬‬
‫من اإلشارة أن البطاقة رقم ‪ 3‬تطلب لألشخاص المقيمين بالخارج بواسطة‬
‫السلطات الدبلوماسية والقنصلية عند االقتضاء‪.‬‬
‫ب‪ -‬بالنسبة للسجل العدلي المحلي‬

‫‪ - 211‬راجع المادة ‪ 118‬من ق م ج ‪.‬‬


‫‪ - 212‬أو أحد نوابه‪.‬‬
‫‪ - 213‬بعد أن يضع عليها تأشيرة صندوق المحكمة بأداء رسم قضائي ‪ 01‬دراهم‪.‬المادة ‪ 121‬من ق م ج‪.‬‬
‫‪21‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫تسلم البطاقة رقم ‪ 13‬بعد تقديم ‪:‬‬


‫‪ ‬طلب السجل العدلي من المعني باألمر أو وكيله بتوكيل رسمي خاص‬
‫‪ ‬صورة من بطاقة التعريف الوطنية أو صورة من جواز السفر‬
‫‪ ‬تنبر من فئة ‪11‬دراهم‪.214‬‬
‫‪ ‬يقدم الطلب إلى الموظف المكلف بمكتب السجل العدلي يوبعد اإلنجاز‬
‫يحال على ممثل النيابة العامة لإلطالع والتوقين من إمضاء كاتب‬
‫الضبط‪.‬‬
‫ويمكن تقديم طلب الحصول على البطاقة رقم ‪ 3‬من السجل العدلي المحلي عن‬
‫طريق االنترنيت عبر الموقن االلكتروني ‪.‬‬
‫‪WWW.CASIERJUDICIAIRE.JUSTIC.GOV.MA‬‬
‫يتم ذلك من خالل ملء اإلستمارة المتواجدة بالشباك اإللكتروني لطلب السجل‬
‫العدلي‪.‬‬
‫تتبن التعليمات التي يبينها الرابط اإللكتروني ‪.‬‬
‫وبعد التوصل بالمعلومات الكترونيا توجهقالمحكمة التي ولد بدائرتها المعني‬
‫باألمر (سطات مثال) النسخة المنجزة من البطاقة رقم ‪ 3‬للسجل العدلي إلى المحكمة‬
‫التي تم اختيارها كمكان للسحب ي(الدار البيضاء مثال) بعد أن تم توقيعها إلكترونيا‬
‫من قبل ممثل النيابة العامة وكاتب الضبط ‪.‬‬
‫يراجن المعني باألمر المحكمة التي قدم إليها الطلب قصد تسلم البطاقة رقم ‪3‬‬
‫وأداء رسم قضائي قيمته ‪ 11‬دراهم بصندوق المحكمة التي سلمته البطاقة‪.‬‬
‫‪ -2‬تعديل السجل العدلي‬

‫السجل العدلي كباقي الوثائق اإلدارية يمكن أن يطرأ عليه تعديل فيما يخص‬
‫تصحيح بيان مضمن في السجل العدلي يإما من الشخص الذي يوجد في بطاقته‬
‫‪215‬‬
‫رقم‪ 1‬البيان المطلوب تصحيحه وإما تلقائيا من النيابة العامة‪.‬‬

‫‪ - 214‬حاليا وفي جميع المحاكم " تقريبا "أصبح طالب السجل العدلي يؤدي رسم قضائي قدره ‪ 01‬دراهم بدل تقديم تنبر‪..‬أما‬
‫إذا رغب في أكثر من سجل عدلي ‪،‬كطلب ‪ 12‬نسخ منه فيؤدي ‪ 21‬درهما ‪ 01،‬دراهم عن كل سجل عدلي‪.‬‬
‫‪21‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫أ‪ -‬مسطرة تقديم طلب تعديل السجل العدلي‬

‫يقدم الطلب في شكل مقال إلى رئيس المحكمة التي أصدرت المقرري وبعد أن‬
‫رئيس المحكمة النيابة العامة على المقال يكلف عند اإلقتضاء قاضيا يقوم‬ ‫‪216‬‬
‫يطلن‬
‫بتقديم تقرير في الموضوع‪.‬‬

‫يمكن للهيئة المعروض عليها المقال أن تقوم أو تأمر بالقيام بجمين إجراءات‬
‫التحقيق التي تراها ضرورية يبما في ذلك األمر بإحضار الشخص الذي أشار مقدم‬
‫المقال إلى أن العقوبة صدرت في حقه‪.‬‬

‫تجري المناقشات ثم يصدر المقرر في غرفة المشورة‪.217‬‬

‫ب ‪ -‬مسطرة البت في طلب التعديل‬

‫يعرض طلب تعديل السجل العدلي على غرفة المشورة التي تقضي إما‬
‫برفض الطلب وإما بقبول الطلب ‪.‬‬

‫فإذا تم رفض الطلب يحكم على الطالب بأداء المصاريف القضائية‪.‬‬

‫وإذا تم قبول الطلب تأمر الهيئة بأن يثبت مقررها في طرة وثيقة المقرر المشار‬
‫إليه في طلب التصحيح يويوجه ملخص هذا المقرر إلى مركز السجل العدلي بقصد‬
‫تعديل البطاقة رقم ‪218 1‬ي‬

‫يتحمل المصاريف الشخص الذي كان سببا في اإلتهام الخاطئ وذلك إذا‬
‫‪219‬‬
‫استدعي إلى الجلسة يفإن لم يستدع أو كان معسرا تحملت الخزينة المصاريف‪.‬‬

‫‪ - 215‬راجع المادة ‪ 120‬من ق م ج ‪.‬‬


‫‪ - 216‬أي يتم إشعار النيابة العامة بنسخة من المقال‪.‬‬
‫‪ - 217‬المادة ‪ 123‬من ق م ج ‪.‬‬
‫‪ - 218‬مع مراعاة البند رقم‪ 2‬من المادة ‪ 112‬أعاله‪.‬‬
‫‪ - 219‬المادة ‪ 122‬من ق م ج ‪.‬‬
‫‪22‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫وفي حالة حدوث نزاع بشأن رد اإلعتبار بحكم القانون يأو إذا طرأت صعوبات‬
‫حول تفسير عفو شاملي فإن األمر يعرض على غرفة المشورة بعد تقديم طلب إلى‬
‫رئيس المحكمة التي أصدرت الحكم في شكل مقال‪. 220‬‬

‫ثانيا‪ :‬بطائق األشخاص اإلعتباريين‬


‫ينجز بشأن الشخص اإلعتباري المحكوم عليه بطاقة خاصة به (‪ )1‬وبطاقة‬
‫خاصة بمسيرييه (‪.)2‬‬
‫‪: 1‬البطائق المحررة للشخص اإلعتباري‬
‫إذا صدرت عقوبة على شخص معنوي أو على شخص ذاتي بصفته مسيرا‬
‫لشخص معنوي ي تحرر ‪:‬‬
‫‪ -‬بطاقة رقم ‪ 1‬خاصة بالشخص المعنوي‬
‫‪ -‬بطاقة رقم ‪ 1‬خاصة لكل واحد من المسيرين لشؤون الشخص المعنوي‬
‫المزاولين لمهامهم في يوم ارتكاب الجريمة ‪.‬‬
‫غير أنه ال يشار إلى العقوبات والتدابير الصادرة في حق الشخص المعنوي في‬
‫‪221‬‬
‫البطاقة رقم ‪ 3‬الخاصة بمسيريه‪.‬‬
‫ويجب أن يبين في كل بطاقة تتعلق بشخص معنوي ياسم الشخص المعنوي‬
‫ومقره االجتماعي ونوعه القانوني وتارين ارتكاب الجريمة وتارين العقوبة المحكوم‬
‫بها أو التدابير المتخذة وكذلك نوعها وأسبابها‪.‬‬
‫يجب أن تثبت فيها بأحرف بارزة أسماء مسيري الشخص المعنوي يفي يوم‬
‫إرتكاب الجريمة أو إرتكاب األفعال المؤدية إلى اتخاذ التدبير‪.222‬‬
‫‪: 2‬البطائق المحررة لمسيري الشخص المعنوي‬
‫إذا صدرت عقوبة بصفة شخصية على أحد مسيري شخص معنوي من أجل‬
‫الجرائم المنصوص عليها في البند الخامس من المادة ‪ 223679‬من ق م ج فتحرر‪:‬‬

‫‪ - 220‬حيث تطبق نفس اإلجراءات المسطرية المنصوص عليها في المادة ‪ 123‬من ق م ج ‪.‬راجع المادة ‪ 123‬من ق م ج‬
‫‪ - 221‬راجع المادة ‪ 181‬من ق م ج ‪.‬‬
‫‪ - 222‬راجع المادة ‪ 182‬من ق م ج‪.‬‬
‫‪23‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫بطاقة رقم ‪ 1‬خاصة في اسم هذا المسير‬


‫بطاقة رقم ‪ 1‬خاصة في اسم الشخص المعنوي‬
‫غير أنه ال يشار إلى العقوبات والتدابير الصادرة في حق مسير الشخص‬
‫‪224‬‬
‫المعنوي في البطاقة رقم ‪ 3‬الخاصة بهذا الشخص المعنوي‪.‬‬

‫ويتعين أن يبين في كل بطاقة رقم ‪ 1‬تتعلق بشخص ذاتي يسير شخصا معنويا‪:‬‬

‫‪ ‬هوية هذا الشخص‬


‫‪ ‬تارين ارتكاب الجريمة‬
‫‪ ‬تارين العقوبة المحكوم بها أو التدبير المتخذ‬
‫‪ ‬نوع العقوبات وأسبابهما‪.‬‬

‫ويجب أن يثبت فيها بأحرف بارزة اسم الشخص المعنوي الذي يعتبر الشخص‬
‫الذاتي من بين مسيريه والمهمة المنوطة به داخل هذا الشخص المعنوي‪.225‬‬

‫أ ‪-‬حفظ البطائق الخاصة باألشخاص المعنوية‬

‫تحفظ البطائق الخاصة باألشخاص المعنوية من جهة والبطائق المتعلقة‬


‫بمسيريها من جهة أخرىيحسب الصنف المنتمية إليه وفقا للترتيب األبجدي أو‬
‫األقدميةي‬

‫‪ -‬الترتيب األبجدي ‪ :‬ويتعلق بترتيب البطائق حسب الصنف المنتمية إليه‬


‫الشركةيابتداء بالحرف األول السم الشركة ‪ :‬أ‪-‬ب‪....-‬أو أسماء مسيريها‪.‬‬

‫‪ - 223‬يتعين على كل هيئة قضائية أو كل سلطة أصدرت إحدى العقوبات أو التدابير المقررة في المادة ‪ 128‬أعاله‪ ،‬أن تشعر‬
‫بها خالل أجل ‪ 05‬يوما مركز السجل العدلي الوطني بوزارة العدل ‪ .‬المادة ‪ 183‬من ق م ج‪.‬‬
‫‪ - 224‬راجع المادة ‪ 180‬من ق م ج ‪.‬‬
‫‪ - 225‬راجع المادة ‪ 183‬من ق م ج ‪.‬‬
‫‪24‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫‪ -‬الترتيب باألقدمية‪ :‬يعتمد على هذا الترتيب إذا تعددت البطائق الخاصة‬
‫بشخص معنوي أو بشخص ذاتي مسير لشخص معنوي ‪.‬حيث ترتب حسب أقدم‬
‫‪226‬‬
‫تارين بطاقة‪.‬‬

‫ب‪ -‬إجراءات تسليم البطاقة رقم ‪ 2‬المتعلقة بشخص إعتباري أو بمسير‬


‫شخص إعتباري‬

‫يمكن أن تسلم البطاقة رقم ‪ 2‬إلى ‪:‬‬

‫‪ ‬قضاة النيابة العامة‬


‫‪ ‬قضاة التحقيق‬
‫‪ ‬المدير العام لألمن الوطني‬
‫‪ ‬القيادة العليا للدرك الملكي‬
‫‪ ‬رؤساء مختلف المحاكم‬
‫‪ ‬الهيئات القضائية‬
‫‪227‬‬
‫‪ ‬اإلدارات العمومية‬
‫‪ ‬رؤساء المحاكم التجارية‬
‫‪228‬‬
‫‪ ‬القضاة المكلفين بالسجل التجاري‬
‫‪ ‬مجلس القيم المنقولة فيما يخص األشخاص المعنوية الخاضعة لمراقبته‬
‫‪229‬‬
‫‪ ‬سائر اإلدارات العمومية للدولة والجماعات المحلية‬
‫‪ ‬كما يمكن أن تسلم البطائق رقم ‪ 3‬طبقا لمقتضيات المادة ‪ 668‬من ق م‬
‫ج‪. 230‬‬

‫خاتمة‬
‫‪ - 226‬يراجع المادة ‪ 185‬من ق م ج ‪.‬‬
‫‪ - 227‬خاصة منها المكلفة باإلشراف على المهن المختلفة‪.‬‬
‫‪ - 228‬عند تقديمهم طلبات اإلدراج في السجل‪.‬‬
‫‪ - 229‬التي تتلقى عروضا تتعلق بالتزامات أو سمسرة أشغال أو سمسرة صفقات عمومية‪.‬‬
‫‪ - 230‬يراجع المادة ‪ 181‬من ق م ج‬
‫‪25‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫يتضح من خالل ما سبق أن وثيقة السجل العدلي سواء المقدمة لألشخاص‬


‫الذاتيين أو لألشخاص اإلعتباريين تبقى من أهم الوثائق اإلدارية المحددة للسوابق‬
‫القضائية ي والحالة الجنائية‪.‬‬

‫وانطالقا من هذه األهمية فقد أخضعها االمشرع إلجراءات خاصة بحيث ال‬
‫تسلم إال‬

‫في حدود معينة وألشخاص معدودين حصرا بالنظر لخطورتها يولكونها دليال‬
‫وحجة وقرينة قانونية تحوز قوة الشيء المقضي به يويعتمد عليها في التوظيف في‬
‫القطاع العام والخاص ‪.‬‬

‫كما أن اإلدارة القضائية عملت على تسهيل خدمة سحبها من خالل انجاز‬
‫تطبيقية إلكترونية خاصة بها تسمح لطالبها الحصول عليها في وقت وجيزي دون‬
‫التقيد بمكان معين ي وهو إنجاز عمل على احترام مفهوم تقريب اإلدارة من المواطن‬
‫‪.‬‬

‫إال أنه من كل ذلك فإن الطريقة الكالسيكية المعتمدة من قبل وزارة العدل‬
‫بخصوص اإلزدواجية في السجل العدلي بين الوطني والمحلي هي طريقة أصبحت‬
‫متجاوزة تبعا لروح الدستور والخطابات الملكية التي تحت دائما على تقريب اإلدارة‬
‫من المواطن يوتفعيل الجهوية ‪.‬‬

‫كما أن طريقة إنجاز البطاقات ال تزال تشوبها العديد من اإلكراهات منها ‪:‬‬

‫‪ -‬من حيث الحيز المكاني‪ :‬ذلك أن جمين المحاكم باستثناء بعضها (كالمحكمة‬
‫اإلبتدائية بالدار البيضاء والمحكمة اإلبتدائية بالفقيه بن صالح ) يعتمدون على‬
‫تخصيص مكاتب داخل المحكمة تسهر على تضمين البطاقة رقم ‪ 13‬وهو ما من‬
‫شأنه أن يخلق نوع من اإلكتظاض ي ونوع من عدم انسيابية الولوج ي والتأخير‬

‫‪26‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫الملحوظ في تسليم البطاقات ‪ .‬لذلك فالمطلوب تخصيص قسم خاص منعزل ن‬


‫المحكمة يسهر على تضمين وتسليم البطاقات ألصحابها ‪.‬‬
‫‪ -‬من حيث تكوين الموارد البشرية ‪ :‬غالبا ما يتم إغفال اقتراح مواضين تتعلق‬
‫بإجراءات السجل العدلي في برامج التكوين ي بحيث أن العديد من الموظفين‬
‫المكلفين بتسليم السجل العدلي يعتمدون على مجهودهم الذاتي أو إستشارة أقدم‬
‫الموظفين معهم في اإلدارة يوهو أمر ال يحقق الفعالية والنجاعة بحيث إن نقص‬
‫إحدى البيانات هو نتيجة هذا اإلشكال ‪.‬‬
‫‪ -‬من حيث تسريع وثيرة إنجاز البطاقات وإحالتها على الجهة المختصة ‪:‬‬
‫بالنظر لخطورة هذه الوثيقة التي تترتب عنها آثار خاصة على الوضعية الجنائية‬
‫لألشخاص ي فإن العديد من األفراد المحكوم عليهم بعقوبات سالبة للحرية يتسلمون‬
‫السجل العدلي بعبارة ال شيء ي نتيجة عد م تحرير البطاقات في وقتها المحدد (‪11‬‬
‫يوم)‪ .‬ألسباب كثيرة منها ‪ :‬كثرة عدد الملفات المحكومة نهائيا ‪ -‬قلة عدد الموظفين‬
‫الذين يشتغلون في الشعبة المكلفة ‪ -‬غياب تطبيقية إلكترونية خاصة – اإلعتماد على‬
‫الطريقة الكالسيكية في إحالة البطاقات على المحاكم المعنية من خالل البريد‬
‫العادي‪..‬‬

‫وتبعا للثورة الرقمية التي اجتاحت جمين اإلدارات العمومية والخاصة فإن‬
‫الوزارة المعنية (وزارة العدل) مدعوة إلى التفكير ق بجدية ق في وضن منصة‬
‫إلكترونية خاصة بالسجل العدلي ي وتبادل البطاقات ي و اإلعتماد على سجل عدلي‬
‫رقمي واحد يتوفر على جمين البيانات والسوابق الخاصة باألشخاص الذاتيين‬
‫المزدادين داخل المغرب وخارجه وكذا األشخاص المعنويين توفيرا للجهد والتكلفة‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫قراءة في المخطط اإلستراتيجي‪-0202‬‬


‫‪ 0200‬إلدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة‬

‫فاطمة العسري‬
‫دكتورة في القانون الخاص‬

‫مقدمــــة‪:‬‬

‫في ظل توسين المهام المنوطة بها تسعى إدارة الجمارك والضرائب غير‬
‫المباشرة إلى التحسين المستمر للخدمات المقدمة ولالستجابة لتطلعات زبنائها‪.‬إذ‬
‫تسهر على القيام باإلجراءات الالزمة من أجل حماية االقتصاد الوطنيي في إطار‬
‫رؤية شاملة استباقية تأخذ بعين االعتبار تطورات المحيط االقتصادي‬
‫واالجتماعي‪.231‬‬

‫إذ تنبثق الخطط اإلستراتيجية إلدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة من‬
‫خالل تحليل يدمج بعدين اثنيني هما تشخيص شامل لنقاط القوة والضعف من جهةي‬
‫وتحديد الفرص والمخاطر التي ينطوي عليها محيطها من جهة أخرىي وكذا‬
‫األوراش األولية للسنوات القادمةي وينبني على تحليل تلتقي من خالله انتصارات‬
‫شريحتيني أطر وموظفيها وأعوان إدارة الجمارك والفاعلين االقتصاديين والشركاء‬
‫المؤسساتيين والخواص وكذا السياق الوطني الدولي‪.‬‬

‫لذلك فإن اإلشكالية المحورية للموضوع تتمثل في األهداف التي سطرها‬


‫المخطط وكذا النتائج المتحصل عليها بعد مرور ما يقارب األربن سنوات منذ‬
‫اإلشتغال بهاي وفي ظل الخصوصية التي تميز بها عن سابقيه والتي تميزت بإعداده‬
‫من طرف مسئولي وأطر إدارة الجمارك بمواردها وكفاءتها الداخلية الشيء الذي‬
‫يحتم علينا كذلك التطرق إلى منهجية حياته وإعداد هذا المخطط‪.‬‬

‫كلمة السيد المدير العام لإلدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة‪ ،‬التقرير السنوي لإلدارة الجمارك لسنة ‪.3108‬‬ ‫‪231‬‬

‫‪28‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫من خالل هذا التقديم سيتم تسليط الضوء في هذا الموضوع على منهجية‬
‫ومراحل التي تم من خاللها إعداد المخطط اإلستراتيجي ‪( 2121-2117‬المبحث‬
‫األول) وكذلك على أهم األهداف المسطرة والنتائج المحصل عليها (المبحث الثاني)‪.‬‬

‫المبحث األول ‪ :‬منهجية ومراحل إعداد المخطط اإلستراتيجي ‪.2321-2312‬‬

‫في إطار العمل على إعداد مسودة إستراتيجية إدارة الجمارك والضرائب غير‬
‫من‬ ‫المنجزة‬ ‫سابقاتها‬ ‫عكس‬ ‫على‬ ‫والتي‬ ‫‪2121-2117‬‬ ‫المباشرة‬
‫)‪ (CABINET DOLOITTE‬تميزت هذه األخيرة بإنجازها من‬ ‫‪232‬‬
‫طرف‬
‫طرف إدارة الجمارك بمواردها وكفاءتها الداخليةي وتندرج هذه اإلستراتيجية في‬
‫إطار استكمال المشارين المدرجة في المخطط االستراتيجي السابق من األخذ بعين‬
‫االعتبار تطورات المشهد االقتصادي واالجتماعي وتطور اختصاصات إدارة‬
‫الجمارك‪.‬‬

‫سوف نتطرق في هذا المبحث األول إلى منهجية إعداد مسودة المخطط‬
‫اإلستراتيجي (المطلب األول) وكذلك مراحل إنجاز وإعداد هذا المخطط (المطلب‬
‫الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬منهجية إعداد مسودة المخطط اإلستراتيجي‬

‫اعتمدت إدار ة الجمارك والضرائب غير المباشرة منهجية جديدة لتصميم وتتبن‬
‫مخططها اإلستراتيجي ألفق ‪ 2121‬تكمن التجربة في إطار تدبير إستراتيجيتها‬
‫األخيرة وفق مقاربة تشاركية‪ .‬إذ تمحورت منهجية العمل في إعداد المخطط‬
‫االستراتيجي من خالل التشخيص وإعداد المخطط االستراتيجي تم تصميم المخطط‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬التشخيص وإعداد المخطط االستراتيجي‪.‬‬

‫‪ : 232CABINET DOLOITTE‬شركة خدمات مهنية تقدم خدما ت المراجعة لتدقيق الحسابات والضرائب واالستشارات‬
‫المالية وإدارة المخاطر يقع مقرها الرئيسي في نيويورك‪ :‬الواليات المتحدة األمريكية‪.‬‬
‫‪22‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫مكن التشخيص االستراتيجي الذي يسلط الضوء على نقاط قوة وضعف إدارة‬
‫الجماركي من معرفة العوامل الداخلية والخارجية التي من شأنها تحديث اإلدارة‬
‫وكذا األوراش ذات األولوية ونقط الضعف الواجب معالجتها في أفق سنة ‪.2121‬‬

‫إذ تم إعداد هذا التشخيص عبر مرحلتين‪:‬‬

‫‪-‬تشخيص على المستوى الداخلي شمل سبن مواضن لتحديد نقط قوة وضعف‬
‫اإلدارة من تسليط الضوء على السياق العام لتحديد المخاطر والفرص المتاحة‪.233‬‬

‫‪-‬تشخيص على المستوى الخارجي إلغناء الرؤية الداخلية لإلدارة بتصور‬


‫محيطها الخارجي وذلك عبر إجراء ‪ 16‬لقاء من أهم الشركاء الخواص‬
‫والمؤسساتيين‪.‬‬

‫كذلك عقد ندوة لتبادل اآلراء بغية تحديد مجاالت التطور لضمان نجاح عملية‬
‫االنتقال من مرحلة التشخيص إلى مرحلة التصميم الفعلي للمخطط اإلستراتيجي ‪:‬‬
‫دعي أكثر من ‪ 61‬مسؤوال من المساهمين الفعليين في تنفيذ اإلستراتيجية للمشاركة‬
‫في ندوة كبرى لتبادل اآلراء امتدت أشغالها على مدى يوميني كما تم إشراك‬
‫مجموعة من األطر الجدد إضافة إلى بعض المسؤولين السابقين بغية إغناء النقاش‬
‫برؤى جديدة لجمارك ‪.2342121‬‬

‫وقد خلصت هذه الورشات إلى تحديد المبادرات والمشارين اإلستراتيجية التي‬
‫من شأنها أن تساعد اإلدارة على تجاوز نقاط الضعف التي تم تشخيصها وكذا‬
‫معالجة القضايا المتعلقة بمهام اإلدارة وكيفية تسييرها‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬تصميم المخطط اإلستراتيجي‬

‫‪ 233‬في هذا اإلطار تم تنظيم ‪ 08‬ورشة ع مل بق يادة خ براء عر فت م شاركة ‪ 023‬من أ عوان وم سئولي الج مارك "التقر ير‬
‫السنوي لإلدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة‪.‬‬
‫‪ 234‬تمحورت هذه الندوة التي تضمنت عدة ورشات عمل حول وضع تصور استراتيجي جديد لإلدارة الجمارك باعتماد تقنية‬
‫"المق هى ال عالمي" ال تي تم كن من تحف يز الن قاش وت شجيع ت بادل األف كار حول الخال صات العا مة والمهن ية المنبث قة عن‬
‫التشخيص االستراتيجي‪.‬‬
‫‪111‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫أسفر العمل الجماعي المتعلق بوضن أسس اإلستراتيجية الجديدة عن مقترحات‬


‫غنية ومتنوعة تم إفرازها وتنظيمها من أجل تحديد األهداف اإلستراتيجية‬
‫والمبادرات والمشارين ذات األولوية القابلة للتنفيذ والتي تعد بتقدم ملموس وذلك في‬
‫إطار توجيهات السيد المدير العام والتي تمحورت حول تعزيز دور الجمارك في‬
‫تنزيل البرنامج الحكومي والرفن من مستوى نجاعة األداء في مختلف المصالح‬
‫الجمركية‪.‬‬

‫وقد عهد في هذا الصدد إلى لجنة القيادة مهمة دراسة المبادرات والمشارين‬
‫المقترحة والمصادقة على الخريطة اإلستراتيجية لفترة ‪ .2121-2117‬وكذا اختيار‬
‫الشعار الذي يترجم الرؤية اإلستراتيجية لإلدارة خالل هذه الفترة‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬مراحل وإعداد المخطط االستراتيجي‪.‬‬

‫تمر عملية إعداد وإنجاز المخطط االستراتيجي من البداية وحتى االعتمادي بعدد‬
‫من المراحل بدءا من اإلعداد والتي يتم خاللهاتشكيل فريق معين من طرف اإلدارة‬
‫حيث يعهد إلى قادة المشارين المعينين من لجنة القيادة والذين تم تكليفهم بهاته المهمة‬
‫من خالل قرسالة تعاقدق مقننة من طرف السيد المدير العام بوضن مواثيق المشارين‬
‫اإلستراتيجية‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬مراحل إعداد المخطط االستراتيجي‬

‫تم في هذا العدد تسطير ثالثة مراحل إلنجاز مسودة إستراتيجية إدارة الجمارك‬
‫‪ 2121‬وذلك كاآلتي‪.‬‬

‫‪-‬أبريل ‪ 2116‬تم في هذه المرحلة التشخيص وإعداد المخطط االستراتيجي‬


‫وذلك من خالل‪:‬‬

‫تنظيم ورشات للتشخيص على المستوى الداخلي‪.‬‬

‫‪111‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫‪-‬مارس ‪ 2117‬وتم خالل هذه المرحلة تأهيل وتصميم المشارين وذلك من‬
‫خالل‪:‬‬

‫‪-‬تحديد المشارين ذات األولوية‪.235‬‬

‫‪-‬المصادقة على المخطط االستراتيجي ‪.2121-2117‬‬

‫‪-‬اختيار شعار يترجم الرؤية اإلستراتيجية لإلدارة‬

‫‪-‬إعداد مواثيق المشارين‪.‬‬

‫يونيو ‪ 2117‬وتم من خالل هذه المرحلة تأهيل وتصميم المشارين وذلك من‬
‫خالل‪:‬‬

‫‪-‬تنظيم ندوات لبسط المفاهيم‬

‫‪-‬عقد اجتماعات للجنة المسيرة للتتبن والتحكيم‪.‬‬

‫‪-‬تنظيم ندوات لتنفيذ المشارين على مستوى المصالح الخارجية‬

‫‪-‬مواكبة وتتبن المشارين من طرف خلية تتبن المشارين‪.‬‬

‫‪-‬وعموما يمكن إجمال مراحل إعداد وإنجاز المخطط االستراتيجي فيما يلي‪:‬‬

‫مرحلة التخطيط ‪ :‬وتشمل هذه المرحلة أشغال إعداد ميثاق المشروع من طرف‬
‫الرئيسي حيث تنظم هذه الوثيقة هيكلة المشروع بالكامل عبر تمحيص الخطوات‬
‫األساسية والتدابير المرافق لها ووضن جدولة زمنية دقيقة أخذت بعين االعتبار‬
‫تدخالت مختلف المشارين اإلستراتيجية وكذا تحديد النتيجة المتوقعة لكل مرحلة‬
‫والمخرج النهائي المتوقن‪.‬‬

‫‪235‬التقرير السنوي إلدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة لسنة ‪. 3102‬‬


‫‪112‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫وبعد التطرق إلى الجوانب التقنية والفنية والمالية للمشروع يتم اختيار فريق‬
‫العمل من تحديد مسؤوليات كل فرد وكذا جدول مفصل للمدة الزمنية لتنفيذ المهام‬
‫المنوطة بهاي وعند استكمال هذه التحضيرات يعرض ميثاق المشروع على أنظار‬
‫الراعي لإلغناء والمصادقة‪.‬‬

‫مرحلة التنفيذ والمتابعة والتحكيم‪:‬‬

‫تخص هذه المرحلة إنجاز كافة التدابير المبرمجةي وذلك بناء على التفضيل‬
‫الفني والمالي والبرمجة الزمنية لهاي أما فيما يخص المتابعة فتجرى على مستويين‬
‫عملي واستراتيجي وتعمد في ذلك على آليات تشمل معايير لتقسيم بشكل مستمري‬
‫وتمكن هذه العملية من استخالص وتقديم التوصيات الضرورية والحلول الناجعة‬
‫بغية ضمان التقويم المستمر والحصول على النتائج المتوخاة في نهاية المطاف‪.236‬‬

‫‪-‬وفي إطار التحضير لبسط المشروعي يسهر رئيس المشروع والفريق لنشر‬
‫مخرجات المشروع خالل الصعيدين الجهوي والمحليي أما فيما يخص مواكبة‬
‫التغيير فيقوم رئيس المشروع ببرمجة حصص تكوين بالنسبة لمستعملي مخرجات‬
‫المشروع كما يتم اختيار مواقن نموذجية للقيام بتجربة أولى نتائج المشروع وتقييمها‬
‫وكذا تصحيح ما من شأنه الرفن من جودة المخرجات قبل العمل األخير على نشرها‬
‫وتعميميها على جمين الوحدات المعنية ويرافقهذا التدبير اهتمام مستمر بالتواصل‬
‫حول المشروع من باقي أعوان الجمارك المعنيين وكذا شركاء اإلدارة المؤسساتيين‪.‬‬

‫‪-‬مرحلة إنهاء المشروع‪ :‬توثق هذه المرحلة لبسط جمين المخرجات المنتظرة‬
‫وتفضي إلى تقديم تقرير نهائي يقيم النتائج المحصلة بالنظر إلى تلك المتوخاة عند‬
‫انطالق األشغال‪ .‬كما تتضمن عقد اجتماعات من رؤساء المشاريني لتتبن التدابير‬
‫البعدية المتخذة للسهر على استعمال المخرجات وضمان تحقيق األهداف الشمولية‬
‫للمشروع‪.‬‬

‫‪ 236‬التقرير السنوي إلدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة لسنة ‪. 3108‬‬


‫‪113‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬تتبع اإلستراتيجية‬

‫‪-‬مكن إطار حوكمة المشارين من ضمان تطبيق طريقة عمل وقيادة المشروع‬
‫وفق منهجية موحدة تسمح بتحديد أدوار ومسؤوليات جمين المتدخلين وهدف تسهيل‬
‫التبادل بينهم وتسيير اتخاذ القرار‪.‬‬

‫‪-‬كما ضم آليات ووسائل لتدبير المخطط االستراتيجي ككل والمشارين المنبثقة‬


‫منه كل على حدة إذ تتمثل هيأت القيادة في كل من‪:‬‬

‫لجنة القيادة والتوجيه‪ :‬وتشمل هيئة لتبادل اآلراء واألفكار بين السيد المدير‬
‫العام ورعاة المشارين حين يتكون أفرادها من السيد المدير العام وإدارة الجمارك‬
‫والضرائب غير المباشرة والسادة المدراء المركزيين والمدراء الجهويين وتعد‬
‫اجتماعات هذه اللجنة خالل فترة التحضير للمخطط االستراتيجي بمعدل مرة كل‬
‫شهرين‪ .‬ومن بين المسؤوليات الموكلة لهذه اللجنةي اتخاذ القرارات والتوجيهات‬
‫اإلستراتيجية لمخطط إدارة الجماركي حيث تتولى التحكيم بخصوص نقط االختالف‬
‫المعروضة عليها والمصادقة على المخرجات الرئيسية للمشارين كما تتابن نتائج‬
‫بسط المشارين على المستوى الجهوي والمحلي‪.‬‬

‫لجنة تتبع اإلستراتيجية‪ :‬تشمل هذه اللجنة رؤساء األقسام بحكم تجربتهم‬
‫ودرايتهم بمجمل األشغال مما يمكنهم من لعب دور المراجن التقنيةي وكذا مدير‬
‫المشروع االستراتيجي وعليه تتبن المشارين وأحيانا رؤساء المشارين‪.‬‬

‫وتسهر لجنة تتبن اإلستراتيجية على القيادة التنفيذية لإلستراتيجية وتحيل نقاط‬
‫التحكم إلى لجنة القيادة والتوجيه كما تلعب دور هيئة لتبادل اآلراء واألفكاري أما فيما‬
‫يخص عقد االجتماعات فيستجيب لنفس وتيرة اجتماعات لجنة القيادة والتوجيهي من‬
‫إمكانيات عقد اجتماعات استثنائية عند الضرورة‪.‬‬

‫‪114‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫خلية تتبع المشاريع ‪ :‬وتسهر على التحقيق من مالئمة محتوى المشارين‬


‫لألهداف اإلستراتيجية المسطرة خالل انطالق اإلستراتيجية وكذا تحديد الئحة‬
‫الم خاطر والتدابير الواجب اتخاذها للرفن من مستوى تقدم هذه المشارين كما تقوم‬
‫بإعداد ملخص عن تقدم كل مشروع على حدة لعرضه على لجنة القيادة‬
‫والتوجيه‪.237‬‬

‫لجنة المشروع ‪ :‬وتنكب على تتبن أشغال المشروعي خاصة تقييم مستوى تقدم‬
‫اإلنجازاتي مراقبة احترام برنامج العملي تقسيم المؤشرات والمخاطر‪....‬ي وتعقد‬
‫لجنة المشارين التي تتكون من رئيس المشروعي أعضاء فريق العمل وخلية تتبن‬
‫مشارين اجتماعاتها كل ثالثة أشهري غير أنها تكثف من وثيرة اجتماعاتها خالل‬
‫المرحلة األولى النطالق استراتيجية من أجل مواكبة المشارين‪.‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬األهداف اإلستراتيجية للمخطط والنتائج المتحصل عليها‪.‬‬

‫قمن أجل جمارك حديثة وفعالةق هو شعار إدارة الجمارك والضرائب غير‬
‫المباشرة الذي تحمل كلماته عدة دالالت‪.‬‬

‫قجمارك حديثة وفعالةق هو شعار إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة التي‬
‫تحمل كلماته عدة دالالت‪.‬‬

‫ق جمارك حديثةق تؤكد استعدادها للمضي قدما في عملية تحديث وظائفها من‬
‫أجل توفير مزيد من التسميات وتجريد اإلجراءات من طابعها المادي‪.‬‬

‫قجمارك فعالةق تلتزم بضمان خدمة جمركية ترتقي لمستوى التطلعات في ظل‬
‫بيئة تعرف تغييرا مستمرا‪.‬‬

‫‪ 237‬التقرير السنوي إلدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة لسنة ‪. 3108‬‬


‫‪115‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫‪-‬إذ يتمحور المخطط االستراتيجي ‪ 2121-2117‬حول هذا الشعار ويستند‬


‫على مجموعة من األهداف (المطلب األول) يتوخى من خاللها على أرض الواقن‬
‫(المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬أهداف المخطط االستراتيجي‬

‫‪-‬يستند المخطط االستراتيجي على خمسة أهداف إستراتيجية قائمة على عشرين‬
‫مشروع يتوخى من خالل تحقيقها إضفاء تحسينات ملموسة في عدة مجاالت تلتزم‬
‫إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة من خالل تنفيذ مخططها اإلستراتيجي إلى‬
‫تحقيقها‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬تحسين الحكامة باإلدارة وتحسين قدرتها‬

‫في إطار تكريس مبدأ الحكامة الجيدة التزمت إدارة الجمارك بتحقيق نقله نوعية‬
‫تهم تدبير أساليب تدبيرها بغية اإلستجابة لتطلعات زبنائهاي وفي هذا الصدد عملت‬
‫اإلدارة من خالل مخططها اإلستراتيجي من جهة على تعزيز نظام المراقبة الداخلية‬
‫من أجل معالجة أفضل للمخاطر وأداء األمثل لهياكلها وفقا للقوانين والمساطير‬
‫الجاري بها العملي ومن جهة أخرى يتم االشتغال على تعزيز الالمركزية من خالل‬
‫تفويض المزيد من الصالحيات للمديريات الجهوية من أجل تقديم خدمات محلية‬
‫تستجيب لمتطلبات المتعامليني كما تسعى إدارة الجمارك تبوء الزيادة على الصعيد‬
‫الجهوي واالستفادة بشكل كامل من الفرص االقتصادية للدول اإلفريقية وكذا تأهيل‬
‫ومواكبتها للجمارك اإلفريقية خاصة في مجال تبادل الخيرات‪.‬‬

‫هذا كما يتم إيالء اهتمام خاص بتثمين الرأسمال البشري عبر سن نظام أساسي‬
‫خاص وموحد لجمين موظفي الجمارك يتماشى من خصوصية العمل الجمركيي‬
‫كما يستفيد أعوان الجمارك في إطار هذه اإلستراتيجية من إنشاء معهد جديد‬
‫للتكوين الجمركي يستجيب لمعايير الجودة في مجال التكويني كما تواصل اإلدارة‬

‫‪116‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫سياستها الخاصة بتوسين مجال التدبير التوقعي للوظائف والمهارات ليشمل‬


‫إجراءات تهم تأطير أعوان الجمارك قبل رؤسائهم والعمل على إعداد الخلفي أما‬
‫على مستوى المنازعات فقد تم التركيز على تحسين قدرات اإلدارة الخاصة بتدبير‬
‫المنازعات من خالل مراجعة آلية التدبير ومعالجة النصوص القانونية المنظمة لهذا‬
‫المجال‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬تحسين فعالية المراقبة لتسريع المرور عبر الجمرك واستباق‬
‫تغيرات المحيط‬

‫وعيا منها بأن التوفيق بين المراقبة وتأمين الحدود من جهة وتسهيل وتسرين‬
‫المرور عبر الجمرك من جهة أخرى يتطلب اعتماد طرق أخرى لتدخل أكثر‬
‫فعاليةي تعمد اإلدارة على تعزيز تحليل المخاطر وتطوير المراقبة المشتركة من‬
‫اإلدارات األخرى كالمديرية العامة للضرائب من أجل تحقيق طفرة نوعية في هذا‬
‫المجالي كما يتم العمل على تحسين فعالية مراقبة موحدة تخص النقل الجوي والبري‬
‫والبحري واعتماد نظام االستهداف واالنتقائيةي موازاة من ذلك تولي اإلدارة اهتماما‬
‫خاصا لالحتواء عمليات التهريب والحد من تأثيرها من خالل تنمية االستخبار‬
‫واالستهدافي وكذا خلق فيلق وضعي لمكافحة الغش والتهريبي إضافة إلى تعزيز‬
‫التعاون من بعض المتدخلين بالمراكز الحدودية‪.238‬‬

‫كما تعتزم اإلدارة من خالل مخططها االستراتيجي على التجريد الكامل‬


‫لإلجراءات الجمركية من طابعها المادي عبر تفعيل التوقين اإللكترونيي وإدماج‬
‫النسن اإللكترونية للمستندات والوثائق المرفقة بالتصريح الجمركيي وإغناء النظام‬
‫المعلوماتي الجمركي بالبيانات المتوفرة لدى شركاء اإلدارة باإلضافة إلى تجريد‬
‫مختلف الوثائق والتراخيص المقدمة من طرف الجمارك من طابعها الماديي كما يتم‬
‫إنجاز مشروع قالجمارك عبر الوسائط المتنقلةق الخاص بتطوير تطبيقات تتضمن‬

‫‪ 238‬التقرير السنوي إلدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة لسنة ‪. 3108‬‬


‫‪117‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫وظائف متوفرة بنظام قبدرق ومخصصة لموظفي الجمارك حتى يتسنى لهم الولوج‬
‫إليها عبر األجهزة النقالة أثناء ممارسة عملهم خارج المكاتب‪.239‬‬

‫أما على مستوى استباق متغيرات المحيط اعتبرت إدارة الجمارك من خالل‬
‫مخططها ‪ 2121‬أن مالءمة المساطر الجمركية من متغيرات المحيط إحدى أهم‬
‫الركائز التي يجب العمل عليهاي وفي هذا السياق تستمر إدارة الجمارك والضرائب‬
‫غير المباشرة في تكييف مساطرها من أجل األخذ بعين االعتبار الصعوبات التي‬
‫يواجهها الفاعلون االقتصاديون وكذا تحسين وتسهيل انسيابية المرور عبر الجمرك‬
‫بالجهات التي تعرف نشاطا جمركيا مهما أو خصائص وظيفية معينة (طنجة‬
‫المتوسط‪ -‬الدار البيضاء‪-‬ميناء النواصري ميناء أكادير) كما تعمل اإلدارة على‬
‫تطوير أنشطتها عبر استخدام التكنولوجيا الجديدة وتعزيز قدرات ووسائل عمل‬
‫الموارد البشريةي من أجل تحسين تدبير نظام القبول المؤقت للسيارات وتحديث‬
‫الضرائب غير المباشرة‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬النتائج المتحصل عليها‬

‫شهد المخطط االستراتيجي ‪ 2121-2117‬لإلدارة والجمارك والضرائب غير‬


‫المباشرة من خالل النتائج المتحصل عليها نسبة تنفيذ عالية شارفت على بلوغ‬
‫أهدافها سنتتين تقريبا قبل الموعد المسطري إذ يرجن هذا اآلداء إلى مجموعة‬
‫العوامل التي أدى تظافرها إلى تنفيذ معظم المشارين التي تشكل المخطط‬
‫االستراتيجي في نصف المدة تقريبا وذلك بفضل االنخراط الفعلي لكافة المسؤولين‬
‫والتتبن العارم لتنفيذ المشاريني واإلبالغ السرين عن العقبات والبحث الجدي عن‬
‫الحلول لتجاوزهاي عالوة على التعاون الفعال من الشركاء الرئيسيين لإلدارة‬
‫وسنستعرض من خالل هذا المطلب أهم النتائج المحصل عليها‪:‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬نتائج تحسين الحكامة باإلدارة وتحسين قدرتها‪.‬‬

‫‪239‬الت قرير السنوي إلدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة لسنة ‪. 3108‬‬
‫‪118‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫فعلى مستوى الحكامة تطلب نجاح اإلصالحات التي شرعت فيها إدارة‬
‫الجمارك قيادة صارمة ودعما متجددا من خالل تشارك جمين المستويات الهرمية‬
‫في سلسلة القيادة بدءا من التدبير االستراتيجي إلى المتابعة العلمية مرورا بالمراقبة‬
‫الداخلية‪.240‬‬

‫حيث ارتفن معدل التنفيذ بنسبة ‪ %68‬في غضون عامين ويعزى هذا األداء إلى‬
‫جمين فرق العمل المعنية بالمشاريني ويعزز أيضا هذا األداء بإطار حكامة المشارين‬
‫الذي يتمحور حول‪:‬‬

‫‪-‬القيادة على أعلى مستوى هرمي التخاذ القرارات‪.241‬‬

‫‪-‬المشاركة الفعالة للشركاء‪.‬‬

‫‪-‬تتبن حازم وتقييم مستمر لإلنجازات‪.‬‬

‫‪-‬إذ يتم قياس أداء الهياكل التنظيمية من خالل قدرتها على تحقيق لألهداف‬
‫المسطرة مسبقا وكذا أداء مهامها بالتدبير الفعال للموارد المتاحة واحتواء العقبات‪.‬‬

‫‪-‬في إطار التعاون الدولي واصلت إدارة الجمارك تنوين شركتها من الدول‬
‫العربية واإلفريقية واألسيوية وبالتالي تتبن المسار الذي سطره المغرب والتوجيهات‬
‫االستراتيجية للبالد من أجل تعزيز الديبلوماسية االقتصادية والتعاون بين دول‬
‫الجنوبي فخالل سنة ‪ 2118‬كان لإلدارة الجمارك حضور قوي في عمل األجهزة‬
‫الرئيسية لمنظمة الجمارك العالميةي كما استقبلت في أكثوبر ‪ 2116‬وفدا من‬
‫الطوغو جاء لإلستعالم عن تجربة الجمارك المغربية كما شهد عام ‪ 2119‬مشاركة‬
‫نشطة لإلدارة الجمارك في أشغال أبرز أجهزة المنظمة العالمية للجمارك والهيئات‬
‫التابعة لها‪.‬‬

‫‪ 240‬التقرير السنوي إلدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة لسنة ‪.3108‬‬


‫‪ 241‬تميزت سنة ‪ 3108‬بإدخال مؤشر جديد يهدف إلى تعزيز المراقبة الهرمية‪ ،‬من أجل الرفع من المراقبة الداخلية‪ ،‬التقرير‬
‫السنوي لإلدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة لسنة ‪.3108‬‬
‫‪112‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫‪-‬كما تميزت سنة ‪ 2119‬بافتتاح معهد التدريب الجمركي الجديد بنسليمان‬


‫بتارين ‪ 18‬أكتوبر ‪ 2119‬أمام الموظفين الجدد البالغ عددهم ‪ 416‬لالستفادة من‬
‫تكوين أولي لمدة تسعة أشهر بالتناوب بين التدريب العسكري والجمركيي كما‬
‫احتضن المعهد الجديد مجموعة من الدورات التكوينية لفائدة موظفي الجمارك‬
‫وموظفي الهيئات الشريكة‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬نتائج تحسين فعالية المراقبة وتسريع المرور عبر الجمرك‬
‫واستباق تغيرات المحيط‪.‬‬

‫‪-‬بفضل رقمنة معظم اإلجراءات الجمركية وكذا ربط االتصال البيني من بعض‬
‫شركاءها إذ تتوفر إدارة الجمارك على نظام معلوماتي غني بالمعطيات التي منة‬
‫شأنها أن تساعد في المراقبة الجمركيةي حيث وصال نسبة التخليص الجمركي سنة‬
‫‪ 2118‬عن طريق القبول من أجل المطالبة ‪ %81‬وهو األمر الذي يستدعي‬
‫تطبيق المراقبة البعدية ووفقا لمقاربة قائمة على تحليل المخاطري باإلضافة إلى ذلك‬
‫تم سنة ‪ 2119‬خلف مركز لإلشراف الميداني على مستوى اإلدارة العامةي مما‬
‫مكن من توفير مراقبة على مدار الساعة وطوال أيام األسبوع‪.242‬‬

‫أما على مستوى التسهيل وتجريد المساطر من طابعها الماديي فبعد نجاح‬
‫المرحلة األولية للتوقين اإللكتروني للتصاريح الوحيدة للسن )‪ (DUM‬المتعلقة‬
‫بعمليات التقريب بموجب األنظمة االقتصادية الجمركية والتي تم إطالقها سنة‬
‫‪2117‬ي فقد تم تعميم هذا اإلجراء على بقية اإلجراءات في ‪ 18‬يناير ‪.2432118‬‬

‫كما سيظل فاتح يناير يوما تاريخيا في سجالت الجمارك المغربية حيث أفضت‬
‫عملية التجريد المادي الكلي لمسار التخليص الجمركي إلى تعميم التخلي عن اإليداع‬

‫‪ 242‬تم تنفيذ ‪ 811‬مهمة مراقبة بعدية سنة ‪ ، 3108‬التقرير السنوي لإلدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة لسنة ‪.3108‬‬
‫‪ 243‬التقرير السنوي إلدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة لسنة ‪. 3108‬‬
‫‪111‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫المادي والمفضل وكذا الوثائق الملحقة به بالنسبة لجمين األنظمة الجمركية ذلك بعد‬
‫أن كان التجريد المادي سنة ‪ 2118‬مقتصرا فقط على إجراءات التقريب‪.‬‬

‫‪-‬عملت إدارة الجمارك في يناير ‪ 2119‬على إنشاء صيغة محمولة من نظام‬


‫التخليص الجمركي قبدرق حيث يفضل تزويدهم بلوحات إلكترونية أصبح بإمكان‬
‫موظفي الجمارك في الميدان يلجوا وبطريقة آمنة إلى خصائص الوظيفة قبدرق‬
‫حتى وإن كانوا خارج مكاتبهمي األمر الذي سيمكن معالجة التصاريح (المراقبةي‬
‫التصفيةي رفن اليد‪ )....‬بشكل آنيي وبالتالي تسرين وثيرة المرور بالجمرك‪.‬‬

‫خــاتمــــة‬

‫إن المستوى الحكماتي التي وصلت إليه إدارة الجمارك والضرائب الغير‬
‫المباشرة اليوم يعكس امتالكها ألدوات التخطيط السليم عن طريق حسن تخطيطها‬
‫لالستراتيجيات التي تعمل بها وحسن استغالل مواردها المتاحة وكفاءاتها من اجل‬
‫تحديد األهداف ومتابعة التنفيذ الصارم لتحقيقها‪.‬‬

‫إذ تعتبر استراتيجيات إدارة الجمارك بوصفها مجموعة من القرارات‬


‫والنظم اإلدارية التي تحدد رؤية اإلدارة على األمدين المتوسط والطويل مكونا‬
‫أساسيا من مكونات الحكامه الجيدة بهذه اإلدارة‪.‬‬

‫فشعار الذي رفعته إدارة الجمارك والضرائب الغير المباشرةقمن أجل جمارك‬
‫حديثة وفعالةق ترجمته بامتياز على ارض الواقن في أقل من نصف المدة المسطرة‬
‫لهذا المخطط الشيء الذي يعكس المستوى الحكماتي التي وصلت إليه هذه اإلدارة‬
‫خالل السنوات األخيرة‪.‬‬

‫حيت ستظل هذه السنوات األخيرة راسخة في ذاكرة الجمارك المغربية من‬
‫حيث هذا التحول الجذري الذي غير من شكل العالقة التي تربط بين الجمركي‬
‫والفاعل االقتصادي أو من يمثلهي حيث أصبحت هذه العالقة أكثر افتراضيه بعد ما‬
‫‪111‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫كانت مبنية باألساس على الحضور الفعلي الشيء الذي يبعث برسائل مطمئنه من‬
‫طرف هذه اإلدارة الحديثه والفعالة خاصة في مثل هذه الظروف العالمية وما‬
‫يطرحه تفشي فيروس كرونا المستجد من تحديات أمام هذه اإلدارة‪.‬‬

‫‪112‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫خصوصية الجزاء الزجري للجريمة االستهالكية في مرحلة تكوين العقد‬

‫الحسين الشماخ‬
‫باحث في العلوم القانونية‬
‫‪ -‬تخصص قانون األعمال‪ -‬فاس‬

‫مقـــدمــة‪:‬‬

‫تعد مرحلة تكوين العقد من المحطات األساسية التي يمر منها العقد‬
‫االستهالكييومن أجل حماية المستهلك اقتضت الضرورة تحصين هذه المرحلة‬
‫بمجموعة من االلتزامات القانونية التي تشكل قطب الرحى للحماية المرجوة أثناء‬
‫إبرام العقديودعم قدرة المستهلك على مكافحة كافة االختالالت العقدية التي قد‬
‫بين المتعاقدينيلكون‬ ‫‪244‬‬
‫تواجهه في أية لحظة وحين‪ .‬ومن ثمي تأسيس عقد متوازن‬
‫مبدأ التوازن العقدي أصبح من أهم المبادئ القانونية التي أتت على أنقاض مبدأ‬
‫سلطان اإلرادة وما عرفه من مساوئيإنه نظرة حديثة ومتجددة تسعى إلى تصحيح‬
‫وتعديل العالقة بين طرفي العقدي من منطلق أن مبادئ العقد الصحيحة ال يمكن أن‬
‫تنكشف أمام النظرة الضيقة للعقدي والتي تعتبره مجرد صراع بين طرفين متناحرين‬
‫كل يحاول فرض إرادته على اآلخر‪.‬‬

‫‪ - 244‬العقد المتوازن )‪" :(contrat égalitaire‬عقد يبرم بين طرفين ‪ -‬أو أكثر‪ -‬في وضعيتين مت كافئتين ويتمت عان بنفس‬
‫مستوى‬
‫المعرفة التقنية لمحل التعاقد‪ ،‬من ذلك مثال‪ :‬العالقة العقدية التي تربط بين شخصين محترفين‪.‬‬
‫ــ للتوسع أكثر يرجع إلى‪ :‬ــ الحسين الشماخ ‪ ،‬الحماية القانونية لمرحلة تكوين العقد ـ الع قد اال ستهالكي نموذ جا‪ ،-‬ر سالة‬
‫لنيل شهادة‬
‫الماستر في القانون الخاص‪ ،‬كلية الحقوق فاس‪.3103-3102 ،‬‬
‫‪113‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫وتثمينا من المشرع للجهود المبذولة في مجال االستهالك ورغبة منه في‬


‫تحصين المراكز القانونية وتحقيق االنتظارات المشروعة للمستهلكيني اقتضت‬
‫المصلحة العامة‬
‫ضرورة تدخل القانون الجنائي في عقود االستهالكي من منطلق أن أصالة‬
‫التالقح بين القانونيين المدني والجنائي عميقة إلى حد التداخل واالنصهار في بعض‬
‫بغية توفير البعد الحمائي المنشود في هذه المرحلة نظرا لما تعرفه من‬ ‫‪245‬‬
‫األحياني‬
‫اضطراب اقتصاديوليست فقط مجرد اعتداء على مصالح األفراد‪ .‬لذاي فإنها قد تقود‬
‫إلى تقرير الجزاء الجنائي الذي يصبح ضروريا إلى جانب الجزاء المدني الذي ال‬
‫يعد لوحده كافيا‪ 246‬في هذه الفترة‪.‬‬
‫وعليهي فقد أضحى تدخل الجزاء الجنائي في التصرفات االستهالكية ضرورة‬
‫لكونه يمثل الحماية التي‬ ‫‪247‬‬
‫ملحة لتحقيق أهداف النظام العام االقتصادي الحمائيي‬
‫يطمئن إليها المشرع حينما يقدرعدم كفاية الحماية المقررة للمستهلك في فروع‬
‫‪248‬‬
‫القانون األخرى والسيما القانون المدني‪.‬‬
‫وعالوة على ذلكي يلعب الجزاء الجنائي مجموعة من األدوارالوظيفية التي‬
‫تجمن بين الطابن الردعي بالضرب على أيدي المهنيين المخليني وكذا الدور‬
‫التكميلي من الجزاء المدني للسعي نحو تخليق مرحلة تكوين العقد االستهالكي‪.‬‬

‫‪ -245‬بتول صراوة عبادي‪ ،‬التضليل اإلعالني التجاري‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬منشوراتالحلبي الحقوقية‪ ،3100،‬ص‪.088 :‬‬
‫‪ -246‬مجيدة الزياني‪ ،‬الحماية الجنائية لتكوين العقود المدنية‪ ،‬أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه‪،‬جامعة الحسن الثاني‪ ،‬كلية العلوم‬
‫القانونية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية عينالشق ‪ -‬بالدار البيضاء‪،3112-3111 ،‬ص‪.32 :‬‬
‫‪ -247‬منير قاسم صالح الجياللي‪ ،‬حماية المستهلك بين القوانين العامة والخاصة‪ -‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص‬
‫بوجدة‪،‬‬
‫‪ ،3103-3102‬ص‪.8 :‬‬
‫‪ -248‬وفي نظر الفقيه الفرنسي‪ M. Carbonnier‬أن هدف النظام العام الح مائي االقت صادي هو حما ية ال طرف ال ضعيف‬
‫اقتصاديا‬
‫في بعض العقود المدنية‪.‬‬
‫‪, N°, 116. 0818M. le Doyen Carbonnier, droit civil. T. II.-‬‬
‫ــأوره‪- :‬حسن عبد المومن‪ ،‬العقد والجزاء الجنائي‪ -‬دراسة مقارنة ‪ ،-‬دار النهضة العربية‪ ،0882،‬ص‪.015 :‬‬
‫‪114‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫وانطالقا من المزايا التي يتسمبها هذا الجزاء وما يحققه من فوائد لبناء تصرف‬
‫قانوني متوازني فإن اإلشكال الذي يثار هنا هو‪:‬ةة مدى كفاية المقتضيات‬
‫المنظمةلهذه المرحلة في ضمان حماية زجرية فعالة تتماشى وخصوصية التصرفات‬
‫االستهالكية؟‬

‫لتوضيح ذلكي سنعمل على إبراز تجليات جزاء اإلخالل بتوفير المعلومات قبل‬
‫التعاقد (المحوراألول)‪،‬على أن نردفهابمدى فعالية هذا الجزاء في حماية المستهلك‬
‫من البيوع المحظورة (المحورالثاني)من خالل الوقوف على مواطن الضعف والقوة‬
‫في البعد الزجر ي المعتمد حتى يتسنى لنا إماطة اللثام عن القيمة المضافة للحماية‬
‫الزجرية الموظفة في هذه المرحلة‪.‬‬

‫المحور األول‪ :‬مدى فعالية جزاء اإلخالل بتوفير المعلومات قبل التعاقد‬
‫إن تبصير المستهلك كما مر بنا آنفا يعني إحاطته بكافة المعلومات المتعلقة‬
‫بالسلن والخدمات المطروحة في السوقي لكن المالحظ أن الوسائل المتدخلة في‬
‫طريقة العرض على المتلقي من شأنها أن تجذبه عن طريق إبراز المحاسن والمزايا‬
‫الجيدة للسلعة دون التنبيه إلى المخاطر واألضرار التي قد تحدثهاي أو إغفال بعض‬
‫التي من المفترض أن تشملها السلعة أو الخدمة‪.‬‬ ‫‪249‬‬
‫الخصائص الفنية‬
‫لذلكي فنتيجة لجهل المستهلك بهذه األمور تدخل المشرع لوضن آليات كفيلة‬
‫بحمايته قبل التعاقد وعززها بجزاءات زجرية صارمة عن كل مخالفة لهذه الحدود‪.‬‬
‫ويستهدف الدور الوظيفي للجزاء الجنائي بصفة أساسية في حماية رضاء‬
‫المستهلكمن خالل تجريم اإلخالل بااللتزام باإلعالم (فقرة أولى)‪،‬وأيضا المعاقبة‬
‫عن كل إشهار مضلل ال يتسم بالموضوعية والشفافية (فقرة ثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬جزاء اإلخالل باإلعالم قبل التعاقد‬


‫‪ -249‬نصيف محمد حسين‪ ،‬النظرية العامة في الحماية الجنائية للمستهلك‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،0888 ،‬ص‪.005 :‬‬
‫‪115‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫إن ضعف الجزاء المدني في توفير الحماية الكافية لجمهور المستهلكين جعل‬
‫المشرع يردفه بجزاء زجريتكميلي يساهم في حماية المتلقي من كل إخالل قد يأتي‬
‫به المهني‪.‬‬
‫وإلعطاء فاعلية أكثر لاللتزام باإلعالم والتأكيد على حماية المستهلكي عمل‬
‫المشرع على تجريم مخالفة اإلعالم قبل التعاقد وعاقب عليه بغرامة من ‪2111‬‬
‫درهم إلى ‪ 1111‬درهمي‪250‬وجريمة اإلخالل باإلعالم قد تكون جريمة إيجابية عن‬
‫طريق تمكين المستهلك من إعالم ناقص أو غير صحيحي كما قد تكون جريمة سلبية‬
‫من خالل امتناع المهني عن التزامه باإلعالم قبل التعاقد‪.‬‬

‫‪251‬‬
‫وفي هذا السياقي قد سبق و أن قررت المحكمة االبتدائية البن جرير‬
‫مؤاخذة المورد الذي قام بعرض مادة الخرقوم في أكياس ال تحمل تارين اإلنتاج‬
‫وتارين انتهاء الصالحيةي حيث آخذته من أجل ما نسب إليه بغرامة نافذة قدرها‬
‫‪ 1111‬درهم من تحميله الصائر وتحديد مدة اإلجبار في األدنى‪.‬‬
‫والمالحظ أن الجزاء المعتمد أعاله ال يتماشى من الوظيفة التكميلية التي ينبغي‬
‫أن يلعبها الجزاء الزجريي وذلك ما يتضح من خالل الوقوف على‪:‬‬
‫أ‪ -‬الغرامات الزهيدة التي ال ترقى إلى حجم التجاوزات التي قد تمس حقوق‬
‫ونفس الشيء ينطبق على االلتزام باإلعالم االلكتروني المجرم في‬ ‫‪252‬‬
‫المستهلكي‬
‫في الفصل ‪6‬‬ ‫‪254‬‬
‫ق‪.‬م‪.‬م‪ .‬وهذا عكس ما ذهب إليه المشرع الفرنسي‬ ‫‪253‬‬
‫المادة ‪177‬‬
‫من قانون الثقة في االقتصاد الرقمي‪،‬حيث نجده تشدد في العقوبة عن إخالل المهني‬
‫بالتزامه باإلعالم وعاقبه بسنة حبسا وغرامة مالية تصل إلى ‪ 71111‬أورو‪.‬‬

‫‪ -250‬المادة ‪ 371‬ق‪.‬ح‪.‬م "يعاقب بغرامة من ‪ 3111‬إ لى ‪ 5111‬در هم ع لى مخال فات أح كام الق سم ال ثاني من هذا ال قانون‬
‫والنصوص‬
‫المتخذة لتطبيقه"‪.‬‬
‫‪ -251‬حكم صادر عن ابتدائية ابن جرير رقم ‪ ،128-0313‬بتاريخ ‪ 3118-12-08‬غير منشور‪.‬‬
‫‪ -252‬أمين أعزان‪ -‬تقييم المقتضيات الجنائية لقانون حماية المستهلك‪ ،‬مجلة الدفاع العدد ‪ ،3100 ،1‬ص‪.053 :‬‬
‫‪ -253‬المادة ‪ 377‬ق‪.‬ح‪.‬م "يعاقب على مخالفات أحكام المواد ‪ 38‬و‪ 21‬و‪ 23‬بغرامة من ‪ 0311‬إلى ‪ 01111‬درهم‪.‬‬
‫‪ -254‬عبد الرحمان البازي‪،‬حماية المستهلك في العقد االلكتروني‪ -‬رسالة لنيل شهادة الماستر‪،‬جامعة محمد األول‪ ،‬كلية العلوم‬
‫القانونية‬
‫واالقتصادية‪ ،‬وجدة ‪ ،3103،‬ص‪.32 :‬‬
‫‪116‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫ب‪ -‬أن المشرع لم ينصعلى حالة العود في العقد االستهالكي العادي وهذا ما‬
‫يكرس محدودية المادة‪ 173‬ق‪ .‬ح‪ .‬م‪.‬ي كما أن هذا القصور قد يشجن المهنيين على‬
‫اغتنام الفرصة واالستفادة منهذا الفراغ‪.‬‬
‫أما بخصوص العقد الرقمي – االلكتروني‪ -‬نجد المشرع رغم توظيفه لحالة‬
‫العود اكتفى بمضاعفة الغرامة في الوقت الذي كان عليه أن يعاقب بسلب الحرية‬
‫كلما كان هناك عود في الجريمة حتى ال يتم إهدار حقوق المستهلكين في هذه‬
‫المرحلة‪.‬‬
‫هذا من العلم بأن االلتزام باإلعالم قبل التعاقد يشكل العمود الفقري في بناء‬
‫عالقة تعاقدية سليمة ومتكافئة‪ .‬لذاي حق لنا القول بأن التأطير الضيق لجريمة‬
‫اإلخالل باإلعالم ال يحقق األمن القانوني المنتظري وبالتالي ال يخدم االنتظارات‬
‫المشروعة للمستهلك في مرحلة تكوين العقد‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬جزاء اإلشهار المضلل والمقارن‬


‫أمام الدور التحريضي لإلشهار وتزايد خطورته ظهرت الحاجة إلى تنظيمه‬
‫ويعد الجزاء الزجري من اآلليات‬ ‫‪255‬‬
‫لدرء مظاهر التعسف التي تزامنت معهي‬
‫الموظفة في هذا التنظيم والتي أراد لها المشرع أن تكون ذات بعد تكميلي حمائي‬
‫يخرجه من طائفة العقوبات الجنائية الصارمة لالرتقاء به إلى جزاء يتماشى من‬
‫منظومة األعمالي من خالل عقوبات مرنة يغلب عليها طابن الغرامات المالية بشكل‬
‫يدعو إلى التساؤل عن دور هذه الغرامات في تحقيقها للبعد الحمائي المنشود في هذه‬
‫المرحلة؟‬
‫وعليهي فإن تحديد القيمة المضافة لهذه العقوبة تقتضي التأمل في الجزاء المعتمد‬
‫من قبل المشرعي بحيث يتضح أنه وظف منطق االزدواجية من حيث الجزاء بتمييزه‬
‫بين جريمة اإلشهار المضلل وبين جريمة االمتناع عن اإلدالء بوسائل تبرير‬

‫‪ -255‬محمد بودالي‪ ،‬حماية المستهلك في القانون المقارن‪ -‬دراسة مقارنة مع ال قانون الفرن سي‪ ،‬دار الك تاب ال حديث‪ ،‬بدون‬
‫طبعة‪،‬‬
‫سنة ‪،3111‬ص‪.021 :‬‬
‫‪117‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫موضوعية اإلشهاري وتتجلى هذه االزدواجية في اعتماده لنوعين من الجزاء يدور‬


‫بين جزاءات أصلية (أوال) وأخرى إضافية تتأرجح بين الجواز والوجوب (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬الجزاء األصلي‪.‬‬


‫اعتمد المشرع الغرامة كعقوبة أصلية على من يرتكب فعال من األفعال‬
‫المنصوص عليها في المادتين ‪ 21‬و‪ 22‬ق‪.‬ح‪.‬م‪ .‬بحيث عاقبت المادة ‪ 174‬على‬
‫ذلك بغرامة تتراوحمابين ‪ 11.111‬و‪ 211.111‬درهمي وما يالحظ على هذه المادة‬
‫هو أنها لم تميز بين اإلشهار المضلل واإلشهار المقارن من حيث الجزاء من جهةي‬
‫كما أنها رفعت من الغرامة كلما كان المخالف شخصا معنويا‪ .‬إضافة إلى ذلكي‬
‫قامت بتوحيد الجزاء بين ثبوت اإلشهار المضلل والحالة التي يمتنن فيها المهني عن‬
‫اإلدالء بعناصر تبرير موضوعية اإلعالن‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارةي إلى أنه بوجود هذه الغرامات في قانون االستهالك رقم ‪-31‬‬
‫‪ 18‬يكون المشرع قد تجاوز العيوب التي كان يعرفها الفصل ‪ 11‬من ظهير زجر‬
‫في البضائن المتمثل في ضعف الغراماتي إال أن ما نعيب عنه هو غياب‬ ‫‪256‬‬
‫الغش‬
‫العقوبات السالبة للحرية في مثل هذه الجرائم‪.‬‬
‫‪257‬‬
‫وهذا عكس ما ذهب إليه المشرع الفرنسي الذي عاقب في المادة ‪121-6‬‬
‫عن اإلعالن المضلل والمقارن بجزاء وصل إلى سنتين حسباي وغرامة قدرها‬
‫‪258‬‬
‫‪ 37111‬أوروي ويمكن رفن الغرامة إلى نصف نفقات اإلشهار ‪.%11‬‬

‫‪-256‬لالطالعأكثر على جرائم الغش يرجى العودة إلى‪ :‬مريم سرغيني شيب‪ ،‬الحماية الجنائية للمستهلك من خالل ظهير زجر‬
‫الغش‬
‫في البضائع‪ ،‬بحث لنيل شهادة الماستر‪ ،‬كلية الحقوق فاس‪،3118-3112 ،‬ص‪ 13 :‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪257‬‬
‫‪- L’ARTICLE 121- 6 «…Les pratiques commerciales trompeuses sont punies des peines‬‬
‫‪prévues‬‬
‫‪Aupremier alinéa de l’article L. 213-1. L'amende peut être portée à 50 % des dépenses‬‬
‫‪De la publicitéou de la pratique constituant le délit. Les dispositions de l'article‬‬
‫‪L. 213-6‬‬
‫‪Prévoyant la responsabilité pénale des personnes morales sont applicables à ces‬‬
‫‪Infraction… ».‬‬
‫‪258‬‬
‫‪- Brigitte Hess-Fallon- ANNE- marie Simon, droit des affaires, 18 édition, 2009, p: 149.‬‬
‫‪- ERIC BAZIN - droit de la consommation, Gualini Lextenso, édition 2011, p : 102.‬‬
‫‪118‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫فرغم أهمية الغرامات المنصوص عليها فإن هذه الحماية تبقى قاصرة وفي‬
‫حاجة إلى إعادة تعزيزها بجزاءات إضافية تخرجها من محدوديتها ووهنها‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الجزاء اإلضافي‬

‫إن االكتفاء بعقوبات أصلية لتحقيق وظيفة الجزاء الزجري في ردع مرتكبي‬
‫هذه الجرائم يبقى قاصرا عن ذلكي ولتدعيم هذا الجزاء كان البد من توظيف جزاء‬
‫تكميلي يسعى لسد نقص الغرامات الماليةي بيد أنه رغم أهمية العقوبات اإلضافية‬
‫وما لها من أدوار إيجابية في منن الجريمة االستهالكية إال أن المشرع لم يعممها‬
‫بخصوص جريمة اإلشهار المضللي وربطها بحالة انعدام وجود عناصر لتبرير‬
‫موضوعية اإلعالني وهذا ما يدل في اعتقادنا على انعدام بعد الرؤية في كيفية‬
‫توظيف الجزاء الجنائي بطريقة ناجعة‪.‬‬
‫وعليهي فبالرجوع إلى المادة ‪ 171‬يتضح لنا أنها جعلت الجزاء اإلضافي‬
‫يتأرجح بين الوجوب والجواز‪.‬بحيث جعلته وجوبيا في حالة الحكم باإلدانة من خالل‬
‫وجوازيا في إمكانية‬ ‫‪259‬‬
‫أمر المحكمة بنشر أو تعليق المقرر القضائي أو بهما معاي‬
‫األمر بنشر إعالن أو عدة إعالنات استدراكية أو األمر بوقف اإلشهار المضلل‪.‬‬
‫وهذه العقوبات هي جزاءات تشهيرية تمس بأحد أهم عناصر المعلني وهي‬
‫سمعته ومركزه التجاريي وهو ما ينعكس سلبا على ثقة الجمهور فيه فيمتنن عن‬
‫التعامل معهي كما أن نشر الحكم الصادر بإدانة المعلن يمثل رسالة موجهة إلى جمين‬
‫‪260‬‬
‫المعلنين اآلخرين بعدم اللجوء إلى الكذب والتضليل وإال تعرضوالنفس المصير‪.‬‬
‫ال غرو أن هذا الجزاء – العقوبات اإلضافية‪ -‬يحقق وظيفة وقائية تتماشى من‬
‫جرائم االستهالك في هذه المرحلةي بحيث تعد دعامة أساسية في تحقيق جزاء فعال‬

‫‪ -259‬المادة ‪ 371‬ق‪ .‬ح‪ .‬م "‪ ...‬تأمر المحكمة في حالة اإلدانة‪ ،‬بنشر أو تعليق المقرر القضائي أو بهما معا"‪.‬‬
‫‪ -260‬زكرياء البو شوكي‪ ،‬الحما ية الجنائ ية للم ستهلك‪ ،‬ر سالة لن يل دب لوم الما ستر‪ ،‬جام عة ع بدالمالك ال سعدي‪ ،‬كل ية الع لوم‬
‫القانونية‬
‫واالقتصادية‪ ،‬طنجة‪ ،3112-3111 ،‬ص‪.33 :‬‬
‫‪112‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫لردع المعلنيني غيرأن المشرع لم يجعله جزاء وجوبيا في كافة حاالتهي وهذا فيه‬
‫تضييق وإضعاف للعقوبات الزجرية بشكل يسلب منها دورها الوظيفي التكميلي‪.‬‬
‫إذا ثبت ما سبق ذكرهي يمكن القول إنالمشرع ظل وفيا لألهداف التي رسمها‬
‫ظهير زجر الغش في البضائني لكونه لم يأتي فقط لحماية المستهلكين ضحايا‬
‫اإلشهار المضلل والمقارني بل أيضا لحماية التجار من المنافسة غير‬
‫المشروعة‪.‬وبالتالي يكون المشرع قد حاول أن يوفق بين مختلف المصالح الرائجة‬
‫في هذه الفترةي وإن كان ذلك على حساب مصالح المستهلكين‪.‬‬

‫المحور الثاني‪ :‬مدى فعالية جزاء البيوع المحظورة في تكريس الشفافية أثناء‬
‫التعاقد‬

‫إن حظر الممارسات الممنوعة التي تطبن العالقات التعاقدية تقتضي بالضرورة‬
‫اللجوء إلى وسائل تحمي هذا المتعاقد من االستدراج غير المشروع والمحافظة على‬
‫سالمة رضائه قبل إقدامه على أي تصرف استهالكي‪.‬‬
‫وعليهي فإن الغاية من منن وتجريم العديد من أنواع البيوعي هو لضمان النزاهة‬
‫التي يجب أن تسود المناخ التعاقدي‪261‬إلعادة تصحيح المراكز القانونية للمتعاقديني‬
‫وذلك عبر توظيف الجزاء الزجري بطريقة نفعية للحد من هذه الممارسات سواء‬
‫تعلق األمر بجريمة البين الهرمي (فقرة أولى)‪ ،‬وكذا بجريمة البيوع ذات الطابن‬
‫االستغاللي "البيع االستغاللي"(فقرة ثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬جزاء جريمة البيع الهرمي‬


‫كلما توافرت عناصر جريمة البين الهرمي إال واستلزم ذلك إيقاع جزاء زجري‬
‫لضبط هذه العالقة العقديةي وقد جرم المشرع البين الهرمي بمقتضى المادة ‪183‬‬
‫ق‪.‬ح‪.‬م‪:‬‬

‫‪ -261‬مجيدة الزياني‪ ،‬الحماية الجنائية لتكوين العقود المدنية…‪ ،‬أطروحةسابقة‪ ،‬ص‪.238 :‬‬
‫‪121‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫"دون اإلخال ل بالعقوبات األشدي يعاقب على مخالفة أحكام المادة ‪ 18‬بالحبس‬
‫من شهر إلى سنة وبغرامة من ‪ 21.111‬إلى ‪ 41.111‬درهم ‪...‬ق‪.‬‬
‫عالوة على ذلكي يمكن الحكم على مرتكب المخالفة بإرجاع المبالغ التي تم‬
‫دفعها من قبل الزبناء غير الراضين دون أن يكون له حق الرجوع على الذين‬
‫توصلوا بالسلعة‪.‬‬
‫يمكن للمحكمة أن تأمر بتعليق حكمها أو نشره على نفقة المحكوم عليه بالكيفية‬
‫التي تقررها"‪.‬‬
‫وعليهي يتضح أن المشرع وظف جزاء سلب الحرية في هذه الجريمة بحيث‬
‫جعل العقوبة األصلية ذات نطاق مزدوج تتمثل في سلب الحرية من جهة والغرامات‬
‫المالية من جهة ثانية‪.‬‬
‫إال أن ما يثار في هذا الصدد هو‪ :‬هل تقبل هذه الجريمة تكييفا أشد؟ أو بعبارة‬
‫أخرى مدى إمكانية االستناد على جريمة النصب؟‬

‫قبل اإلجابة عن ذلك البد من اإلشارة إلى أن المشرع المغربي سبق له أن كيف‬
‫هذه الجريمة بجريمة النصب من خالل تنصيصه في الفقرة الثانية من الفصل‬
‫الثاني من قانون ‪ 1913‬الذي جرم آنذاك قوسيلة تكاثر الزبناء بقوله قتطبق إن‬
‫اقتضى الحال زيادة على ذلك العقوبات المنصوص عليها في الفصل ‪ 411‬من‬
‫القانون الجنائي الفرنسي‪...‬أو المنصوص عليه في الفصل ‪ 314‬من الظهير‬
‫المحتوي على القانون الجنائي المغربيق‪ .‬من ثمي فإن المشرع هنا قد أشار إلى‬
‫تشديد العقوبة بشكل صريح لما حدد المادة القانونية المعتمدة في هذا التكييفي وهذا‬
‫عكس قانون حماية المستهلك الذي تحفظ عن ذلك واكتفى بإشارة ضمنية قدون‬
‫اإلخالل بالعقوبات األشدق‪.‬‬

‫‪121‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫وقد ذهب بعض الباحثين‪262‬إلى القول بأن مضمون هذه الجريمة يختلف عن‬
‫المض مون المتعارف عليه لجريمة النصب والذي يقوم على المساس بالذمة المالية‬
‫للضحية‪.‬وبخصوص المساس بمصالح الضحية فإن جريمة النصب تتطلب االستيالء‬
‫ومثال ذلك‬ ‫‪263‬‬
‫على المال متى قام الجاني بتصرف يمس مصالحه أو مصالح غيرهي‬
‫عرض منتوجات أو خدمات على المستهلك من إغرائه للحصول بالمجان على‬
‫منتوجات شرط توظيفه لسندات أو جمعه الشتراكات الجمهوري من خالل ذلك يوقن‬
‫‪264‬‬
‫المستهلك في شباك النصبي وهذا يتماشى من الفقرة الثانية من الفصل ‪043‬‬
‫ق‪.‬ج‪.‬م‪ .‬التي شددت العقوبة كلما كان مرتكب الجريمة أحد األشخاص الذي استعانوا‬
‫بالجمهور في إصدار سندات أو أي أوراق مالية أخرى‪ ...‬كما أنه يستفاد من هذه‬
‫المادة أن النصب جريمة شكلية يكتفى فيها بإتيان الفعل‪.‬‬

‫على ضوء ما تقدمي يتبين لنا أن االعتماد على جريمة النصب يمثل حماية‬
‫هامةي لكن األخذ بحرفية الفصل ‪ 043‬يصعب خاصة وأنه ال ينسجم من خصوصية‬
‫‪265‬‬
‫جريمة البين الهرميي الشيء الذي يفرض التوسن في جريمة النصب‪.‬‬

‫وفي نفس السياق نجد المشرع الفرنسي بدوره في المادة ‪266122-2‬عاقب‬


‫مرتكب هذه الجريمة بغرامة ‪ 4111‬أوروي والحبس لمدة سنة واحدةي كما أنه يمكن‬
‫في قضايا االحتيال التي تصل عقوبتها‬ ‫‪267‬‬
‫تطبيق عقوبات بموجب القانون الجنائي‬

‫‪ -262‬مجيدة الزياني‪ ،‬الحماية الجنائية لتكوين العقود المدنية…‪ ،‬أطروحة سابقة‪ ،‬ص‪212 :‬‬
‫‪ -263‬محمد العروصي‪ ،‬الحماية الجنائية من اإلعالنات التج ارية الخادعة‪ ،‬المجلة المغربية لقانون األعمال والمقاوالت‪ ،‬عدد‬
‫‪ ،2‬يناير‬
‫‪ ،3115‬ص‪.30:‬‬
‫‪ -264‬الفصل ‪ 145‬ق‪.‬ج‪.‬م "يعد مرتكبا لجريمة النصب‪ ،‬ويعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وغرا مة من خم سمائة‬
‫إلى خمسة‬
‫آالف درهم‪ ...‬وترفع عقوبة الحبس إلى الضعف والحد األقصى للغرامة إل ى مائة ألف درهم‪ ،‬إذا كان مرتكب الجريمة أ حد‬
‫األشخاص‬
‫الذين استعانوا بالجمهور‪."..‬‬
‫‪ -265‬مجيدة الزياني‪ ،‬الحماية الجنائية لتكوين العقود المدنية…‪ ،‬أطروحة سابقة‪ ،‬ص‪.212 :‬‬
‫‪266‬‬
‫‪-Voir- l’article 313-1, 313-7, 313-8 de droit pénal.‬‬
‫‪267‬‬
‫‪-Mekouar Sanae-La protection pénal du consommateur, dans la phase Précontractuelle,‬‬
‫‪op, cit,‬‬
‫‪122‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫إلى السج لمدة خمس سنوات وغرامة مالية تتراوح ما بين ‪ 211.111‬و‬
‫‪268‬‬
‫‪ 371.111‬أورو‪.‬‬

‫عالوة على ذلكي قد أتاح المشرع إمكانية الحكم بإرجاع المبالغ المدفوعة غير‬
‫أن المالحظ بخصوص هذه الفقرة هو أن المشرع أعطى للقاضي السلطة التقديرية‬
‫بشأنهاي في الوقت الذي كان عليه أن ينص على ضرورة إرجاعها أي إلزاميتهاي‬
‫إضافة إلى ذلك نعتقد أن المشرع وقن له الخلط لكون المطالبة بإرجاع المبالغ يحكم‬
‫بها القاضي المدني وليس وضعها بين يد القاضي الزجريي وهذا في نظرنا يجافي‬
‫مبادئ العدالةي خاصة في الحالة التي يقوم المستهلك بالدفن دون توصله بالسلعة أو‬
‫غير راضي عن هذا التصرفي وهذا يعني إثراء ذمة المهني بدون سبب مشروع‬
‫على حساب المستهلك‪.‬‬
‫أما بخصوص العقوبة اإلضافية نجد أن قانون حماية المستهلك جعل من الجزاء‬
‫الجوازي مسارا له في تحقيق هذه الحمايةي من العلم بالدور الذي يلعبه كلما كان‬
‫وجوبيا في الحد من هذه الجرائم‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬جزاء جريمة البيوع ذات الطابع االستغاللي"البيع االستغاللي"‪.‬‬

‫يعد البين االستغاللي من الممارسات التجارية التي نشطت بشكل كبير في‬
‫الظرفية األخيرة نتيجة طغيان هاجس الربح على نزاهة المعامالت التجارية بفعل‬
‫استغالل غريزة المستهلكين بشكل تعسفيي وأمام هذه البيوع غير المشروعة كان‬
‫ضروريا أن يتدخل المشرع بجزاءات ردعية لحماية وضعية المستهلك سواء في‬
‫البين بالمكافأة (أوال)‪ ،‬وكذا أثناءاستغالل الضعف أو الجهل (ثانيا)‪.‬‬

‫‪P: 60.‬‬
‫‪268‬‬
‫‪- l’article 122-7«…Sans préjudice de l'application, le cas échéant, des peines prévues aux‬‬
‫‪articles‬‬
‫‪313-1, 313-7 et 313-8 du code pénal, toute infraction à la présente section sera punie‬‬
‫‪D’une amendede 4 500 euros et d'un emprisonnement d'un an… ».‬‬
‫‪123‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫أوال‪ :‬جزاء جريمة البيع أو الخدمة مع المكافأة‪.‬‬


‫نظرا لخطورة هذا البين جرمه المشرع المغربي في المادة ‪ 182‬آخذا بعين‬
‫االعتبار إضراره بالمصلحتين العامة والخاصةي بحيث أكدت هذه المادة على أنه‬
‫قيعاقب على مخالفات أحكام المادتين ‪ 16‬و‪ 17‬والنصوص المتخذة لتطبيقها بغرامة‬
‫من ‪ 1.211‬درهم إلى ‪ 11.111‬درهمي وفي حالة العود ترفن الغرامة إلى‬
‫الضعف‪...‬ق‪.‬‬

‫وتكمن الغاية من هذا الجزاء في تفادي قيام المستهلك باقتناء منتوج أو سلعة أو‬
‫خدمة معينة على أساس رغبة تافهة للحصول على مكافأة من دون إعطاء أهمية‬
‫لمعيار الجودة والثمني‪269‬كما أن هذا الجزاء يرتد إلى التوظيف السلبي لحلول‬
‫المشكلة االستهالكية من طرف المهني التي تجعله يختار أقرب السبل للوصول إلى‬
‫أهدافه الربحية‪ .‬لذاي علينا أن نتساءل عن مدى فعالية هذا الجزاء؟‬

‫إجابة منا عن ذلكي سواء من الناحية القانونية أو االجتماعيةي يمكن القول بأنه‪:‬‬
‫أ – من الناحية القانونية‪ :‬يبقى هذا التأطير معقدا نوعا ما خاصة وأن المشرع‬
‫في المادة ‪ 16‬ق‪.‬ح‪.‬م‪ .‬لم يجرم كافة الهدايا أو الجوائز المعروضة على المستهلك‬
‫بقدر ما‬
‫ق‪...‬ما عدا إذا‬ ‫‪270‬‬
‫اكتفى بتلك التي ال تتصل بنفس المنتوج المبيني وذلك بقوله‬
‫كانت مماثلة للمنتوجات أو الخدمات محل البين أو الخدمة‪...‬ق‪.‬وهذا يعني أن الجزاء‬
‫هنا ال يلحق نوعين من المكافأة وهما‪:‬‬

‫‪ -269‬بوعبيد عباسي‪ ،‬حماية المستهلك على ضوء قانون حرية األسعار والمنافسة‪ ،‬المجلة المغربية لقانون واقتصاد التنم ية‪،‬‬
‫العدد ‪،38‬‬
‫‪ ،3113‬ص‪.81 :‬‬
‫‪ -270‬أنظر‪ :‬المادة ‪ 15‬ق‪.‬ج‪.‬م‪.‬‬
‫‪124‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫النوع األول‪ :‬الذي تتخذ فيه المكافأة شكل منتوجات أو خدمات مماثلة لمحل‬
‫البين‪.‬‬

‫النوع الثاني‪ :‬المكافأة في شكل مبالغ مالية كقسيمة الشراء وغيرها‪...‬‬

‫ب ـــ من الناحية االجتماعية‪ :‬نجد أن ما جاء به المشرع قليل الفعالية كعدم‬


‫شدة الزجر والردع الذي صاحب المادة ‪ 182‬ق‪.‬ح‪ .‬م‪ .‬وعلى حد قول الفقيه‬
‫قيجب أن يملك المجرم كثير من الخيار في أال يرتكب الجريمة‬ ‫‪271‬‬
‫‪Garraud‬‬
‫وإال عوقبقي أكثر من ذلك فالمهني عندما يضن مقارنة بين الجزاء المفروض عليه‬
‫وبين الفائدة الربحية التي يحصل عليها سينتهي به األمر في آخر المطاف إلى‬
‫االستمرار في ممارسة مثل هذه األنشطة‪.‬‬
‫فإذا كان جزاء هذه الجريمة قد أبان عن عدم فعاليته‪ .‬فماذا عن جزاء جريمة‬
‫استغالل الضعف أو الجهل؟‬

‫ثانيا‪ :‬جزاء جريمة استغالل الضعف أو الجهل‪.‬‬


‫لقد رأينا سابقا أن المستهلكين بصفة عامة هم في وضعية ضعف بالنسبة‬
‫للمهنيين ومن بين المستهلكين من هو أشد ضعفا لعوامل شخصية‪ :‬ككبر السن ؛‬
‫الم رضي كما يحدث أنيستغل المهني هذه الوضعية إلرغام المستهلك على القيام‬
‫‪272‬‬
‫بشراء غير ذي فائدة أو بشروط باهضة‪.‬‬
‫ومن أجل ذلك ابتدع المشرع المغربي جريمة استغالل الضعف أو الجهل‬
‫فعاقب عليها بالحبس من شهر إلى خمس سنوات وبغرامة من ‪ 1211‬إلى‬
‫كما أنه عاقب عليها في مجموعة القانون الجنائي في الفصل‬ ‫‪273‬‬
‫‪ 11.111‬درهمي‬
‫‪ 112‬ق‪ .‬ج‪.‬م‪ .‬الذي جرم كل من ق استغل قاصرا أو بالغا فاقدا األهلية أو محجورا‬

‫‪ -271‬السيد محمد السيد عمران‪،‬حماية المستهلك أثناء تكوين العقد –دراسة مقارنة ــ‪،‬دار النشر المعارف باإلسكندرية‪ ،‬سنة‬
‫‪،0881‬‬
‫ص‪.21 :‬‬
‫‪ -272‬محمد بودالي‪ ،‬حماية المستهلك في القانون المقارن‪ ،...‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.333 :‬‬
‫‪ -273‬انظر المادة ‪ 384‬ق‪.‬ح‪.‬م‪.‬‬
‫‪125‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫أو استغل أهواءه أو عدم خبرته ليحصل منه على التزام‪ ...‬وعاقبه بالحبس من ستة‬
‫أشهر إلى ثالث سنوات وغرامة من ‪ 211‬درهم إلى ‪ 2111‬درهمقي وغرض‬
‫المشرع من هذا الجزاء هو مقاومة األفعال االستغاللية التي تقترب من جريمة‬
‫النصب لحماية جمهور المستهلكين‪.‬‬

‫وفي ذات التوجه ذهب المشرع الفرنسي‪274‬من خالل تجريمه الستغالل ضعف‬
‫الشخص الذي لم يكن قادرا على تقييم نطاق االلتزامات التي اتخذت أو الكشف عن‬
‫الحيل المبذولة إلقناعه‪.‬‬

‫ونظ را للتشابه بين مضمون كل من النص الجنائي وكذا الوارد في قانون حماية‬
‫المستهلكي فإنه يمكن تصور تنازع في التكييف بين النصين والذي يتم حله باألخذ‬
‫بالوصف األشد الوارد في قانون االستهالكي هذا األخير تصل العقوبة فيه إلى خمس‬
‫وأمام‬ ‫‪275‬‬
‫سنوات حبسا بينما ينص قانون العقوبات على جزاء قدره ثالث سنواتي‬
‫هذا الوضن فإنه من الضرورة بمكان التنسيق بين النصين لتحقيق الغرض من حظر‬
‫‪276‬‬
‫هذه الجريمة والعقاب عليها‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارةي إلى أن المادة ‪ 190‬من قانون االستهالك تنص على أن‬
‫األحكام الجنائية الواردة بهذا القانون ال تطبق إال إذا تعذر تكييف األفعال المعاقب‬
‫عليها تكييفا جنائيا أشدي فهذه المادة تؤسس لألمن القانوني للمستهلكي ذلك ألن‬
‫القانون الجنائي يجب أن يحقق وظيفته الردعيةي لكون الغرامات المعتمدة ال ترقى‬

‫‪274‬‬
‫‪- L’article 122-8/2«Les personnes physiques déclarées coupables encourent également à‬‬
‫‪titre de‬‬
‫‪Peinescomplémentaires l'interdiction, suivant les modalités prévues par l'article 131-‬‬
‫‪27 duCodepénal, soitd'exercer une fonction publique ou d'exercer l'activité‬‬
‫‪Professionnelle… ».‬‬
‫‪275‬‬
‫‪ -‬محمد بودالي‪،‬حماية المستهلك في القانون المقارن‪،...‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.335 :‬‬
‫‪276‬‬
‫‪- Voir:Jean calais- Auloy- FRANK Steinmetz,droit de la consommation,Édition 7‬‬
‫‪Dalloz,‬‬
‫‪2006.p: 186 et 187.‬‬
‫‪126‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫إلى مستوى الخروقات التي يرتكبها الموردين‪.‬خاصةأن الهدف المتوخى من الحظر‬


‫والتجريم هو حماية رضا المستهلك في العقد بضمان الحرص على التوازن العقدي‬
‫المنشود بين الطرفين‪.‬‬

‫إذا اتضح هذاي قلنابأن جزاء البيوع ذات الطابن االستغاللي لم يفي بالغرض‬
‫بحيث اعتمد من خالله المشرع على غرامات هزيلةي أما بخصوص جزاء سلب‬
‫الحرية المعتمد يبقى جزاء فعااليبيد أن المشرع سلب هذا الجزاء واكتفى‬
‫بغراماتمحدودة من جهةي كما انه أعطى للقاضي الجنائي حق الخيار بين العقوبة‬
‫األكثر فائدةي وهذا يعني أنه يمكن للقاضي أن يركن إلى الحكم بغرامات زهيدة ال‬
‫تحقق المأمول من فلسفة التجريم والعقابي وهذا ال يخدم مصلحة المستهلك كما ال‬
‫يتماشى من أمنه القانوني والقضائي المنشودين‪.‬‬

‫خــاتـمـة‪:‬‬

‫نستنتج مما سلف ذكرهي أهمية الدور الوظيفي الذي يلعبه الجزاء‬
‫الزجري في الجرائم االستهالكية المتعلقة بمرحلة تكوين العقدي بحيث تميز الجزاء‬
‫الزجري في هذه الدراسةبطابعهالتكميلي من الجزاء المدني بما يحقق التوازن‬
‫المفترض في العالقة التعاقدية‪.‬‬

‫بيد أنه يمكن القوليإن العنوان المعطى لهذا القسم األخير والمتعلق بالعقوبات‬
‫الزجرية ‪277‬ال يعبر عن المضمون المعتمد في النصوصي خاصة الخلط بين الجنحة‬
‫والمخالفة من حيث المفهومي إذ نجد المشرع يتحدث عن المخالفة رغم أنناأمام‬
‫جنحة‪.‬‬

‫من هناي يجب إعادة النظر في المقاربة الزجرية المعتمدة من خالل‪:‬‬

‫‪ -277‬أنظر‪ :‬القسم العاشر من قانون حماية المستهلك رقم ‪.20-18‬‬


‫‪127‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫‪ -1‬الرفن من الغرامات المالية؛‬


‫‪ -2‬التنصيص على عقوبات إضافية وجوبيةي باعتبارها ركيزة جد فعالة في‬
‫هذه المرحلةي خاصة وأنها تتصل بوضعية الشخص االعتباري في السوقي كما أنها‬
‫قد تهدد مكانته االقتصاديةي ونعتقد أن هذا يتماشى من طبيعة الجرائم االستهالكية‬
‫ذات النكهة االقتصادية‪.‬‬

‫‪128‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫مؤسسة مندوبي األجراء ومحدودية المهام‬

‫عثمان الوجدي‬
‫منتدب قضائي‬
‫بالمحكمة االبتدائية بطنجة‬
‫باحث في القانون الخاص‬

‫مقدمة‬
‫يُقصد بمندوبي األجراءي مجموعة من ممثلي األجراءي يتم انتخابهم من طرف‬
‫األجراء أنفسهمي بُغية تنفيذ مهام تروم الدفاع عن مصالحهم المهنية واالجتماعيةي‬
‫وتفعيل المشاركة العمالية داخل المقاولةي جنبا إلى جنب من المشغل‪.‬‬

‫وتكمن أهمية هذه المؤسسة التمثيليةي في أنها صوت األجراء لدى المشغلي‬
‫والوسيلة التي يراهن عليها المشرع والمشغل واألجراء على السواء إلرساء السلم‬
‫االجتماعي وتقوية عالقات الشغل داخل المقاولة‪.‬‬

‫وقد عهد المشرع المغربي لمندوبي األجراء بالعديد من المهام على صعيد‬
‫المقاولةي أغلبها استشاريةي تتوزع ما بين مهام ذات طابن نزاعيي وما بين مهام‬
‫تنظيمية‪.‬‬

‫وبالرغم من محاوالت المشرع منذ ‪1962‬ي سنة صدور أول قانون منظم‬
‫لمؤسسة مندوبي األجراء‪278‬ي إلى سنة ‪ 2113‬وصدور مدونة الشغل‪279‬ي تمكين‬
‫مندوب األجراء من مها م أوسني إال أنها ظلت مهاما محل انتقادي وأنها ال ترقى إلى‬
‫مستوى المشاركة الفعلية في إعداد نظام الشغل بشكل جماعيي خاصة من ميالد‬
‫مؤسسة الممثل النقابي كمؤسسة موازية احتكرت أهم االختصاصات التمثيلية‪.‬‬

‫‪ - 278‬ظهير عدد ‪ 1.61.116‬المتعلق بتمث يل الم ستخدمين بالم قاوالت‪ ،‬من شور في الجر يدة الر سمية (الن شرة العا مة) عدد‬
‫‪ 3103‬الصادر بتاريخ ‪ 38‬جمادى األولى ‪ 38( 0283‬أكتوبر ‪ )0813‬ص ‪.3115‬‬
‫‪ - 279‬القانون رقم ‪ 15-88‬المتعلق بمدونة الشغل الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 0.12.083‬بتاريخ ‪ 03‬ر جب ‪0333‬‬
‫(‪ 00‬شتنبر ‪ ،)3112‬ج‪ .‬ر (النشرة العامة) عدد ‪ ،5012‬بتاريخ ‪ 02‬شوال ‪ 8( 0333‬دجنبر ‪ ،)3112‬ص‪.2818‬‬
‫‪122‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫ليُطرح السؤال الجوهري في الموضوع عن ما مدى محدودية هذه المهام؟ وعنه‬


‫تتفرع أسئلة موازية من قبيل‪:‬‬

‫هل فعال يجب ترقية بعض المهام من المستوى االستشاري إلى المستوى التقريري؟‬

‫أليس في تدعيم مهام هذه المؤسسة التمثيلية مزاحمة لمؤسسة الممثل النقابي؟‬

‫وكيف يمكن تأهيل هذه المؤسسة العمالية وتمكينها دون الصدام من مؤسسة المشغل؟‬

‫وألنها مهام تغطي مختلف موضوعات وقضايا الشغلي فسيتم حصر الموضوع‬
‫ونحن بصدد االجابة عن أسئلتهي في شقين أساسييني الشق التنازعي والشق‬
‫التنظيميي وذلك من خالل مطلبين أساسيين؛ نتناول في (المطلب األول) المهام‬
‫التمثلية لمندوبي األجراء في القضايا النزاعيةي وفي (المطلب الثاني) المهام‬
‫االستشارية لمندوبي األجراء في القضايا التنظيمية‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬المهام التمثيلية لمندوبي األجراء في القضايا النزاعية‬

‫يبرز حضور مندوبو األجراء في القضايا ذات الطابن النزاعيي على‬


‫مستويين؛ على مستوى النزاعات الفردية الناشئة بين األجير والمشغلي حيث يتكلف‬
‫مندوبو األجراءي بتقديم الشكايات الفرديةي المتعلقة بظروف الشغل إلى المشغلي‬
‫باإلضافة إلى حضور ومؤازرة األجراء خالل جلسة االستماعي وعلى مستوى‬
‫المقاولةي من حيث استشارتهم عند كل فصل يعتزم المشغل القيام بهي ألسباب‬
‫تنظيمية في الغالب اعترضت المقاولةي سواء كانت تكنولوجية أو هيكلية أو‬
‫اقتصادية أو بسبب اإلغالقي ناهيك عن مركزهم في قضايا صعوبات المقاولة‪.‬‬
‫وانطالقا من ذلكي يمكن تناول هذا المطلب بداية بإبراز مهام مندوب األجراء‬
‫المتعلقة بقضايا األجراء الفردية (الفقرة األولى) قبل استعراض مهامه المتعلقة‬
‫بقضايا المقاولة (الفقرة الثانية)‬
‫الفقرة األولى‪ :‬مهام مندوب األجراء المتعلقة بقضايا األجراء الفردية‬

‫‪131‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫حصر المشرع المغربي مهمة مندوبي األجراء في رفن شكايات األجراء‬


‫توسين في مطالبهم غير النزاعيةي وخصصها في الشكايات‬
‫ٍ‬ ‫الفردية للمشغل دون‬
‫الفردية دون المطالب الجماعيةي حيث أوكلت األخيرة للممثل النقابيي مما يطرح‬
‫إشكالية تداخل المهام بين مندوبي األجراء والممثلين النقابييني كما سن إمكانية‬
‫حضور مندوب األجراء ومؤازرته لألجير المتخذ في حقه عقوبة تأديبية خالل‬
‫مسطرة االستماع‪.‬‬

‫وعليهي سيتم مناقشة إشكالية تقديم مندوب األجراء للشكايات الفردية دون‬
‫المطالب الجماعية (أوال)ي ثم طرح إشكالية تداخل المهام بين مندوبي األجراء‬
‫والممثلين النقابيين (ثانيا)ي قبل تناول حضور مندوب األجراء لجلسة االستماع‬
‫(ثالثا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬تقديم مندوب األجراء للشكايات الفردية دون المطالب الجماعية‬

‫نصت الفقرة األولى من المادة ‪ 432‬من مدونة الشغل على أن مهمة مندوبي‬
‫األجراء تتمثل في تقديم جمين الشكايات الفرديةي المتعلقة بظروف الشغل الناتجة عن‬
‫تطبيق تشرين الشغل أو عقد الشغلي أو اتفاقية الشغل الجماعية أو النظام الداخليي‬
‫إلى المشغلي إذا لم تقن االستجابة لها مباشرة‪.‬‬

‫وباستقراء الفقرة أعالهي نجدها تتحدث عن الشكايات كمصطلح ينحصر في‬


‫مجال النزاعاتي وال تتحدث عن المطالب التي قد تنسحب إلى مطالب تنظيمية‬
‫واقتراحية أوسن‪.‬‬

‫كما أن الفقرة ُذيّلت بعبارة قإذا لم تقن االستجابة لها مباشرةق بما يوحي بإمكانية‬
‫رفض المشغل استقبال مندوب األجراء ما لم يتقدم األجير بنفسه في مرحلة أولى‬
‫بتقديم شكايته شخصيا إلى المشغلي وربما هذا التوجه التشريعي مر ّدهُ لفقدان الثقة أو‬
‫التواصل أحيانا بين األجراء ومندوبيهمي وهو نفس التوجه الذي نهجه المشرع‬

‫‪131‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫المغربي في المادة ‪ 62‬المتعلقة بمسطرة االستماعي حيث منح لألجير الخيار بين‬
‫حضور المندوب بجانبه أو االستغناء عنه‪.280‬‬

‫وعلى كل حالي فإنه في حالة تقديم الشكايات ولم يستجب لها المشغلي فمندوب‬
‫األجراء هو المكلف برفعها لمفتش الشغل طبقا للفقرة األخيرة من المادة ‪.432‬‬

‫وبالحديث عن المطالبي فقد حصر المشرع المغربي تقديم المطالب الجماعية‬


‫للممثل النقابي دون مندوب األجراءي في تراجن واضح عما كان منصوص عليه‬
‫والذي كان يمنح هذه المهمة لمندوب األجراء وأيضا‬ ‫‪281‬‬
‫بظهير ‪ 29‬أكتوبر ‪1962‬‬
‫في ظل مشروع مدونة الشغل قبل أن يتم حذف هذا المقتضىي وهو ما يُبرز‬
‫بوضوح حذر المشرع المغربي من تداخل المهام بين مندوبي األجراء والممثلين‬
‫النقابيين‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬إشكالية تداخل المهام بين مندوبي األجراء والممثلين النقابيين‬

‫في‬ ‫‪282‬‬
‫الحقيقةي أن هذا اإلشكال تعود جذوره من ظهور أول مركز نقابي مغربي‬
‫‪ 21‬مارس ‪1911‬ي والذي أعقبه رد فعل مقابل من سلطات الحماية بتأسيس أو‬
‫نظام متعلق بمندوبي األجراء بمقتضى ظهير ‪ 16‬شتنبر ‪1911‬ي بهدف مزاحمة‬
‫النقابة المغربيةي وتحييد العمال المغاربة عن االنخراط بهاي وأعطت هذا النظام‬
‫العمالي اختصاصات شبيهة باالختصاصات النقابيةي لكنها تقلصت بعد االستقاللي‬
‫إلى أن تم حذف مهمة تقديم المطالب الجماعية للعمالي من مدونة الشغلي والتي‬
‫ظلت من مهام الممثل النقابيي في محاولة جادة من المشرع في خلق فيصل بين‬
‫مهام المؤسستيني خاصة وأنه في خطابه للمشغل شدد في المادة ‪ 473‬على ضرورة‬

‫‪ - 280‬وهو الخيار الذي كان على الم شرع أن يدعمه بخيار إضافي بيد األجير‪ ،‬بأن يختار من األ جراء من يدع مه و يؤازره‬
‫في جلسة االستماع‪ ،‬أو حتى سن خيار االستعانة بمحامي‪.‬‬
‫‪ - 281‬وجاء في الفصل الثاني منه‪:‬‬
‫تحدد مأمورية مندوبي المستخدمين فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬أن يقدموا إلى ر ئيس المؤس سة جم يع المطا لب الشخ صية أو الجماع ية المتعل قة باألجور وباأل صناف المهن ية وبتطب يق‬
‫تشريع الشغل بوجه عام والتي لم يسو أمرها بصفة مباشرة؛‬
‫‪ -‬أن يرفعوا المطالب المذكورة في حالة خالف إلى العون المكلف بتفتيش الشغل‪.‬‬
‫‪ - 282‬االتحاد المغربي للشغل (‪.)UMT‬‬
‫‪132‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫اتخاذ اإلجراءات المالئمة حتى ال يُستعمل تواجد المندوبين المنتخبين كوسيلة‬


‫إلضعاف دور الممثلين النقابيين من جهةي وحتى يتم تشجين التعاون بين هاتين‬
‫المؤسستين الممثلتين لألجراء من جهة أخرى‪.‬‬

‫وبالعودة للمادة ‪ 432‬من مدونة الشغل والتي حددت مهام مندوبي األجراءي‬
‫في تقديم شكايات األجراء الفردية إلى المشغلي والتي تقابلها المادة ‪ 1-2313‬من‬
‫قانون العمل الفرنسي‪283‬ي نجد أن التشرين الفرنسي الذي يعتبر المصدر التاريخي‬
‫للتشرين المغربيي يتحدث عن تقديم الشكايات الفردية والجماعية‪ 284‬على السواء‪.‬‬
‫وبصفة عامةي فال ضير في منح المندوبين حق تقديم هذه المطالب الجماعيةي‬
‫بالنظر إلى أنها ال تصطدم بالمهام المنوطة للممثل النقابي طبقا لمقتضيات المادة‬
‫‪ 471‬من مدونة الشغل‪285‬ي مادام أن المندوب ال يفتح نقاشات وحوارات وإجراء‬
‫مفاوضات في المطالب وال يُدافن عنهاي بل يقف عند حدود رفعها للمشغلي كما أنه‬
‫سيُساير التطور الذي عرفته تمثيلية األجراء في التشريعات المقارنة في تجاه‬
‫دمقرطة المؤسسات المتواجدة داخلها ‪.286‬‬
‫ثالثا‪ :‬حضور مندوب األجراء لجلسة االستماع‬

‫تنص الفقرة األولى من المادة ‪ 62‬من مدونة الشغل على أنه ق يجبي قبل فصل‬
‫األجيري أن تتاح له فرصة الدفاع عن نفسه باالستماع إليه من طرف المشغل أو من‬

‫‪- L2313-1: "Les délégués du personnel ont pour mission: 283‬‬


‫‪1° De présenter aux employeurs toutes les réclamations individuelles ou collectives relatives‬‬
‫‪aux salaires, à l'application du code du travail et des autres dispositions légales concernant la‬‬
‫‪protection sociale, la santé et la sécurité, ainsi que des conventions et accords applicables‬‬
‫"‪dans l'entreprise.‬‬
‫‪- Nadège MAYER et Jean-Pierre WILLEMS , op.cit, p 46 et 47.‬‬
‫‪ - 284‬سامي عبد هللا الدريعي‪ ،‬ضوابط فصل العامل ألسباب اقتصادية في القانون الفرنسي‪ ،‬الكويت‪ ،‬مجلس النشر العل مي‪،‬‬
‫جامعة الكويت‪ ،3113 ،‬ص ‪ 011‬و ‪.012‬‬
‫‪ - 285‬جاء في هذه المادة على أن يعهد إلى الممثل النقابي داخل المقاولة‪ ،‬بالمهام التالية‪:‬‬
‫‪ -‬تقديم الملف المطلبي للمشغل أو من ينوب عنه؛‬
‫‪ -‬الدفاع عن المطالب الجماعية وإجراء المفاوضات حولها؛‬
‫المساهمة في إبرام االتفاقيات الجماعية‪.‬‬
‫‪ - 286‬ميمون الواكيلي‪ ،‬المقاولة ب ين حرية التدبير ومبدأ استقرار الشغل‪ ،‬الجزء األول‪ :‬المقاولة وحر ية ال تدبير‪( ،‬أطرو حة)‬
‫الدار البيضاء‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،3118 ،‬ص ‪.085‬‬
‫‪133‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫ينوب عنه بحضور مندوب األجراء أو الممثل النقابي بالمقاولة الذي يختاره األجير‬
‫بنفسهي وذلك داخل أجل ال يتعدى ثمانية أيام ابتداء من التارين الذي تبين فيه ارتكاب‬
‫الفعل المنسوب إليه‪287‬ق‪.‬‬

‫وبالتمعن في الفقرة أعالهي يبدو أنها مقتضيات مسطرية ملزمة نصاي غير أنها‬
‫خالية من ترتيب أي جزاء حيال من لم يحترمها‪288‬ي بالرغم من أن القضاء المغربي‬
‫يشدد كثيرا في العديد من قراراته وأحكامه على وجوب احترام المشغل لمسطرة‬
‫الفصل‪.289‬‬

‫‪ - 287‬وهي نفس المقتضيات التي نص عليها المشرع الفرن سي من خالل ال مادتين ‪ 0-0223‬و ‪ 3-0223‬من قانون الع مل‬
‫الفرنسي‪:‬‬
‫‪- L1332-1 : « Aucune sanction ne peut être prise à l'encontre du salarié sans que celui-ci soit‬‬
‫» ‪informé, dans le même temps et par écrit, des griefs retenus contre lui.‬‬
‫‪- L1332-2 : « Lorsque l'employeur envisage de prendre une sanction, il convoque le salarié‬‬
‫‪en lui précisant l'objet de la convocation, sauf si la sanction envisagée est un avertissement ou‬‬
‫‪une sanction de même nature n'ayant pas d'incidence, immédiate ou non, sur la présence dans‬‬
‫‪l'entreprise, la fonction, la carrière ou la rémunération du salarié.‬‬
‫‪Lors de son audition, le salarié peut se faire assister par une personne de son choix‬‬
‫‪appartenant au personnel de l'entreprise.‬‬
‫‪Au cours de l'entretien, l'employeur indique le motif de la sanction envisagée et recueille les‬‬
‫‪explications du salarié.‬‬
‫‪La sanction ne peut intervenir moins de deux jours ouvrables, ni plus d'un mois après le jour‬‬
‫» ‪fixé pour l'entretien. Elle est motivée et notifiée à l'intéressé.‬‬
‫‪ - 288‬فقد جاء في إحدى قرارات محكمة النقض‪:‬‬
‫" إنه أمام عدم احترام المطالبة لمسطرة الفصل التأديبي المنصوص عليها في المادة ‪ 13‬و ما يليها من مدونة الشغل وال تي‬
‫تعتبر إلزامية رغم عدم ترتيب أي جزاء على عدم احترامها والتي تستلزم إتاحة الفرصة لألجير الدفاع عن نفسه باالستماع‬
‫إليه بمحضر مندوب للعمال أو ممثل نقابي يختاره األجير بنف سه في حا لة ارتكا به خ طأ يعت بره الم شغل ج سيما و مواجه ته‬
‫بالخطأ المنسوب إليه‪ ،‬فإن الطرد الذي تعرض له المطلوب يعتبر تعسفيا"‪.‬‬
‫‪ -‬قرار عدد ‪ 301‬ال مؤرخ في ‪ ، 3103-13-13‬م لف اجت ماعي عدد ‪ ،3101/0/5/853 :‬ع مر أزو كار‪ ،‬ق ضاء محك مة‬
‫النقض في مدونة الشغل‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الطبعة االولى ‪ ،3102‬ص ‪.03‬‬
‫‪ - 289‬جاء في أحد قرارات محكمة النقض‪:‬‬
‫" لكن حيث أنه لما كانت النازلة تخضع لمقتضيات مدونة الشغل فقد أوجبت هذه المقتضيات على الم شغل وق بل ات خاذ‬
‫قرار الفصل في حق األج ير القترا فه أخ طاء يعتبر ها ج سيمة اح ترام جم لة إ جراءات حددتها ال مادة ‪ 13‬من المدو نة بد ًء‬
‫باالتماع إلى األجير أو من ينوب عنه لحضور مندوب األجراء أو الممثل النقابي و ذلك داخل أجل ثمانية أيام من تاريخ تبين‬
‫وقوع الفعل مع تحرير محضر في الموضوع يوقعه الطرفان و تسلم نسخة منه لألجير و أخرى لمفتش الشغل‪ ،‬وهذه مرحلة‬
‫سابقة على مرحلة إيقاع الطرد‪"..‬‬
‫‪ -‬قرار عدد ‪ ،0105‬صادر بتاريخ ‪ 35‬غشت ‪ ،3100‬في الملف االجتماعي عدد ‪ ،3101/0/5/283‬ع مر أزو كار‪ ،‬ق ضاء‬
‫محكمة النقض في مدونة الشغل‪ ،‬الجزء الرابع‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬مطبعة النج اح الجديدة‪ ،‬الطبعة االولى ‪ ، 3103‬ص ‪.31‬‬
‫والمالحظ أن المحاكم المغربية ب مخت لف درجات ها تولي اهتما ما كب يرا لم سطرة الف صل‪ ،‬فن جد ب عض األح كام ت شرح‬
‫وتوضح المسطرة الواجب اتباعها وباألخص حضور ممثلي األجراء فيها‪ ،‬ومن ذلك ما قضت به المحكمة االبتدائية بطنجة‬
‫في حكم صادر بتاريخ في ‪ 8‬مايو ‪ ،3108‬ورد فيه‪:‬‬
‫‪134‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫كما أن المشرع لم يوضح معنى ومغزى حضور مندوب األجراء جلسة‬


‫االستماعي ولم يمنحه مهاما محددة إبان الجلسةي ولو على سبيل الحوار ال‬
‫المفاوضةي على اعتبار وأن الحوار أضحى اليوم مظهرا من مظاهر الديموقراطية‬
‫الداخلية للمقاوالتي ونوع من أنواع التقارب بين أطراف العالقة الشغلية‪.‬‬

‫فعلى المشرع أن يدعم هذا التقارب في أقرب تعديل يطال المدونةي خاصة وهو‬
‫يدرك ما قد ينجم عنه من تفهم من لدن المشغل لحقيقة الوضن وللظروف المحيطة‬
‫التي دفعت األجير الرتكاب ما ارتكبه من خطأي إذ ال تستبعد في هذه الحالة غلبة‬
‫نزعة التسامح لدى المشغل إن واكبتها قناعة باالعتذار الصادق لألجير المخطئ‪.290‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬دور مندوبي األجراء في القضايا النزاعية المتعلقة بالمقاولة‬

‫" و حيث أنه تطبيقا لمادة ‪ 13‬وما بعده ا من مدونة الشغل‪ ،‬فإنه يجب قبل اتخاذ قرار الفصل في حق األجير إتاحة الفرصة‬
‫له للدفاع عن نفسه باالستماع اليه من طرف الم شغل أو من ي نوب ع نه بح ضور م ندوب األ جراء أو المم ثل الن قابي ا لذي‬
‫يختاره األجير‪ ،‬وذلك داخل أجل ال يتعدى ثمانية أيام ابتداء من التاريخ الذي تبين فيه ارتكاب افعل المنسوب إل يه‪ ،‬و ي حرر‬
‫محضر في الموضوع من قبل إدارة المقاولة يوقعه الطرفين وت سلم ن سخة م نه لألج ير‪ ،‬وإذا ر فض أ حد ال طرفين ات مام أو‬
‫إجراء المسطرة يتم الل جوء لم فتش ال شغل ‪ ،‬ك ما ي جب أن ي سلم له م قرر الف صل يدا ب يد مقا بل و صل أو بوا سطة ر سالة‬
‫مضمونة مع إشعار بالتوصل‪ ،‬داخل أجل ثماني وأربعين ساعة من تاريخ ات خاذ الم قرر ال مذكور‪ ،‬وتو جه ن سخة م نه إ لى‬
‫العون المكلف بتف تيش ال شغل‪ ،‬ع لى أن يت ضمن م قرر الف صل األ سباب الم بررة الت خاذه و تاريخ اال ستماع لألج ير مرف قا‬
‫بالمحضر المشار اليه في المادة ‪ 13‬أعاله‪.‬‬
‫وحيث تبين لل محكمة من خالل ما راج بجلسة البحث أن المدعية بعد أن أخبرتها المدعى عليها بحقها في إح ضار من‬
‫يؤازرها خالل جلسة االستماع إليها اختارت الحضور رفقة المفوض القضائي اال أن المدعى علي ها لم ت سمح له بمرافقت ها‬
‫أثناء الجلسة حسب الثابت من محضر المعاينة المدلى به من طرفه ا‪ ،‬كما أكدت أنه تم االستماع لها دون حضور من تختاره‬
‫لمؤازرتها‪ ،‬إال أنه بالرجوع لمحضر جلسة االستماع ومحضر المعاينة الخاص بالوقائع المدلى بها من طرف المدعى عليها‬
‫فقد ورد بهما أن المدعية تم االستماع اليها و كانت مؤازرة بمندوب األجراء " محمد و‪ ".‬وهو األمر الذي نفته المدعية كما‬
‫نفته شاهدة المدعى عليها " إنصاف أ‪ ".‬مما يثبت معه أن " محمد و‪ ".‬الذي حضر جسة ابحث إنما أحضرته المدعى علي ها‬
‫و لم تختره لمدعية و أنه تم منعها من إحضار من يؤازرها خالل هذه الجلسة م ما يعت بر م عه أن اال ستماع ل ها كان مخال فا‬
‫لمقتضيات الفقرة من المادة ‪ 13‬من مدونة الشغل‪.‬‬
‫‪..‬‬
‫وحيث أنه و الحالة ما ذاك فإن المحكمة تكون في حل من مناقشة مبررات الفصل وذلك ع مال ب ما سار عل يه اجت هاد‬
‫محكمة النقض في العدد من قراراتها من بين ها ال قرار عدد ‪ 388‬ال صادر ب تاريخ ‪ 08‬مارس ‪ 3118‬في الم لف عدد ‪388‬‬
‫‪ 3112/‬والذي أكد على أن عدم تطبيق مسطرة الطرد من اع مل يُغ ني المحك مة عن الب حث في صحة أ سباب ال طرد من‬
‫العمل‪ ،‬و تبعا لذلك يبقى ما تعرض له المدعي من فصل مشوبا بالتعسف وعدم المشروعية ويكون محقا في طلب التعويض‬
‫في إطار قانون الشغل‪".‬‬
‫‪ -‬حكم عدد ‪ 3108/0088‬في الملف االجتماعي عدد ‪ ( 0510/02/318‬غير منشور)‪.‬‬
‫‪ - 290‬فريدة المحمودي‪ ،‬إشكالية ممارسة الحق في الشغل على ضوء قانون ال شغل المغر بي‪ ،‬أطرو حة لن يل ا لدكتوراه في‬
‫القانون الخاص‪ ،‬جامعة محمد الخامس كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بالدارالبيضاء‪ ،‬السنة الجامعية ‪-3111‬‬
‫‪ ، 3110‬ص ‪.338‬‬
‫‪135‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫تم الحديث في الفقرة السابق عن األدوار التي يضطلن بها مندوب األجراء في‬
‫قضايا ذات النزاع الفرديي كتقديمه للشكايات الفردية لألجراءي وحضوره لجلسة‬
‫االستماع في قضايا الفصل الفرديي أيضا لمندوب األجراء مهام أخرى يتقلدها في‬
‫قضايا ذات صبغة جماعيةي وذات صلة بالمقاولة ككلي كاستشارته عند كل فصل‬
‫جماعي (أوال) ومهام متعلقة بصعوبات المقاولة (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬استشارة مندوب األجراء عند كل فصل جماعي‬

‫تنص المادة ‪ 66‬من مدونة الشغل على ما يلي‪:‬‬

‫قيجب على المشغل في المقاوالت التجاريةي أو الصناعيةي أو في االستغالالت‬


‫الفالحية أو الغابوية وتوابعهاي أو في مقاوالت الصناعة التقليدية الذي يشغل اعتياديا‬
‫عشرة أجراء أو أكثري والذي يعتزم فصل األجراءي كال أو بعضاي ألسباب‬
‫تكنولوجية أو هيكلية أو ما يماثلهاي أو ألسباب اقتصاديةي أن يبلغ ذلك لمندوبي‬
‫األجراء والممثلين النقابيين بالمقاولة عند وجودهم قبل شهر واحد على األقل من‬
‫تارين الشروع في مسطرة الفصلي وأن يزودهم في نفس الوقت بالمعلومات‬
‫الضرورية التي لها عالقة بالموضوعي بما فيها أسباب الفصلي وعدد وفئات‬
‫األجراء المعنييني والفترة التي يعتزم فيها الشروع في الفصل‪.‬‬
‫ويجب عليه أيضا استشارتهمي والتفاوض معهم من أجل تدارس اإلجراءات‬
‫التي من شأنها أن تحول دون الفصلي أو تخفف من آثاره السلبيةي بما فيها إمكانية‬
‫إعادة اإلدماج في مناصب شغل أخرىق‪.291‬‬

‫‪ - 291‬الم الحظ أن هذه المادة‪ ،‬قد وسعت أسباب الف صل من اقت صادية‪ ،‬إ لى أ سباب أ خرى تكنولوج ية أو هيكيل ية أو ب سبب‬
‫اإلغالق‪ ،‬بل فتحتها على أسباب "تماثلها"‪ ،‬قد تضرب المقاولة‪ ،‬وهي أسباب قد يُصطلح عليها بأسباب إعادة التن ظيم‪ ،‬غ ير‬
‫أن ها بالمقا بل ح صرت هذه الم سطرة في الم قاوالت "التج ار ية‪ ،‬أو ال صناعية‪ ،‬أو في اال ستغالالت الفالح ية أو الغابو ية‬
‫وتوابع ها‪ ،‬أو في م قاوالت ال صناعة التقليد ية" و من تم ا ستثنت التعاون يات الفالح ية والجمع يات بمخت لف أنواع ها‪ ،‬و كذا‬
‫مقاوالت أو مؤسسات أخرى كمؤسسة المهن الحرة ما لم تكن ذات طابع تجاري‪ ،‬كما استثنت المنظمات المهنية النقابية التي‬
‫تشغل العمال‪ ..‬الخ‬
‫‪ -‬راجع محمد المعاشي‪ ،‬المقاوالت ‪ ..‬وخرق المسطرة القانونية لطرد االجير‪ ،‬مقال منشور بموقع " خريبكة أون الين"‪:‬‬
‫‪www.khouribga-online.com‬‬
‫اطلع عليه بتاريخ‪ 08 :‬نونبر‪.3131‬‬
‫‪136‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫ومن المادة أعالهي نجد أن الفقرة األولى منها قد لخصت مسطرة االستشارة في‬
‫قيام المشغل بإخبار مندوبي األجراءي عزمه على فصل األجراءي واستشارتهم‬
‫والتدارس معهم في مسألة الفصل وحيثياتها‪.292‬‬
‫بينما لم تستثن مقتضيات الفقرة الثانية من نفس المادةي مندوبي األجراء من‬
‫االستشارة بل والتفاوض معهمي من أن مسألة التفاوض غالبا ما ترتبط بالممثل‬
‫النقابيي والسبب في ذلك هو فسح المجال لهذه الهيئة التمثيلية لإلدالء بآرائها وسماع‬
‫اقتراحاتها التي من شأنها التخفيف من وطأة الفصل وآثاره السلبيةي وبالسبل الكفيلة‬
‫بإعادة إدماج األجراء المزمن فصلهم بمناصب شغل أخرى‪.‬‬
‫ومن ذلك يبقى دور مندوبي األجراء في قضايا اإلنهاء ألسباب اقتصادية أو‬
‫تكنولوجية أو هيكلية بصفة عامةي دورا تكميليا ال غيري فمسألة إبالغهم ال تقدم وال‬
‫تؤخر في مسائل الفصلي واستشارتهم ال تعدو أن تكون استجابة تشريعيةي قبل‬
‫العودة إلى دورهم األصيل في إيصال المعلومة لمن يهمهم األمر من األجراءي اللهم‬
‫إذ كان المشغل فعال يروم وبجدية البحث من األطراف عن سبل التقليل من تبعات‬
‫الفصل‪.293‬‬
‫وتتقلص أهمية استشارة مندوبي األجراء في الفصل الجماعي‪294‬ي عند تجاوز‬
‫عدد أجراء المقاولة خمسين أجيراي حيث تحل لجنة المقاولة‪295‬ي والتي يتقاسم‬

‫‪ - 292‬المشرع الجزائري ( طبقا للمادة ‪ 85‬من ال قانون ‪ ) 03-28‬أ لزم الم شغل ق بل ال شروع في أي ت سريح ل سبب تنظي مي‬
‫اتباع إجراءات محددة كاآلتي ‪:‬‬
‫‪ -‬تخفيض ساعات العمل أو تقليص التوقيت؛‬
‫‪ -‬العمل المتقطع؛‬
‫‪ -‬اإلحالة على التقاعد؛‬
‫‪ -‬نقل المستخدمين إلى مؤسسات مستخدمة أخرى؛‬
‫‪ -‬التسريح للتقليل من عدد العمال‪.‬‬
‫ولم يترك المشرع الجزائري للمشغل الحرية في إعمال تلك التدابير‪ ،‬و إنما ألزمه بتقديم طلب إ لى م فتش الع مل الم ختص‬
‫إقليميا للحصول على إذن منه‪.‬‬
‫‪ -‬عطاء هللا بوحميدة‪ ،‬التسريح لسبب اقتصادي‪ :‬مفهومه‪ ،‬اجرءاته وآثاره‪ ،‬الجزا ئر‪ ،‬د يوان المطبو عات الجامع ية‪،3118 ،‬‬
‫ص ‪.033‬‬
‫‪André TARBYL,Un nouveau droit de la formation: Pour les entreprises et pour les - 293‬‬
‫‪192 et 193 . salariés,Paris , L’Harmattan, Juin 2005, p‬‬
‫‪ - 294‬وأمام األهمية الدنيا لحضور مندوبي األجراء في إجراءات الفصل ال فردي‪ ،‬مقار نة مع نظ يره الج ماعي‪ ،‬ي حدث في‬
‫الواقع أن يلتف المشغل على مسطرة الفصل‪ ،‬فيُجري فيها فصال فرديا يخفي في مضمونه إعفاء جماعيا‪ ،‬وهنا ن جد ال قانون‬
‫‪137‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫تركيبتها ثالثة أطراف؛ مندوبين لألجراء وممثل أو ممثلين نقابيين عند وجودهما‬
‫باإلضافة إلى المشغل أو من ينوب عنه‪.296‬‬

‫ثانيا‪ :‬مهام مندوبي األجراء في قضايا صعوبات المقاولة‬

‫تجب االشارة بداية أنه لم يكن لألجراء بصف عامة وال لممثليهم على‬
‫الخصوص دور كبير في الحياة القانونية للمقاولةي إذ لم يكن لهم في ظل القانون‬
‫القديم (ظهير ‪ 29‬أكتوبر ‪ )1962‬أي مقتضى يحتم استشارتهم أو إعالمهم بما‬
‫يحدث للمقاولة من صعوبات سوى اعتبارهم دائنين كغيرهم‪.‬‬

‫وظلت مؤسسة مندوبي األجراءي تفتقر إلى نصوص قانونية خاصة وصريحة‬
‫تم ّكنها من الحضور الفعّال في إطار هذه المساطري ومن ذلك يمكن االستئناس‬
‫باجتهادات قضائية منحتها حق طلب فتح مسطرة معالجة صعوبات المقاولةي‬
‫واالستماع إليهم ولو على سبيل الجواز‪297‬ي وبالقوانين المقارنة التي حثت على‬
‫استشارتهم‪.298‬‬

‫الفرنسي‪ ،‬ال يُعتد بالمعيار العددي للقول بأن الفصل فردي أو جماعي‪ ،‬فإعفاء أجير واحد ال يم كن و صفه بال ضرورة ع لى‬
‫أنه إعفاء فردي‪ ،‬إذ قد يصنف إعفاء جماعيا وتطبق بشأنه المقتضيات المتعلقة باالعفاء الجماعي‪.‬‬
‫وهنا تُطرح مرة أخرى إشكالية تداخل االختصاصات الموكولة إلى مندوب األجراء وتلك المنوطة بالممثل النقابي‪ ،‬في حالة‬
‫إعفاء عدة أجراء‪ ،‬إعفاء قد يكون فرديا وليس جماعيا‪ ،‬ولحل هذا اإلشكال‪ ،‬يرى بعض الفقه‪ ،‬أنه يجب التمييز بين أن يكون‬
‫اإلعفاء جماعيا ذو سبب واحد وأن يكون فرديا بتعدد األسباب مع تعدد مرتكبيها‪ ،‬فارتكاب عدة أجراء أخطاء ج سيمة أث ناء‬
‫اإلضراب‪ ،‬يرتب مجموعة من اإلعفاءات الفردية‪.‬‬
‫‪ -‬راجع فاطمة حداد‪ ،‬اإلعفاء ألسباب تكنولوجية أو هيكلية أو اقتصادية وإغالق المقاوالت –دراسة مقارنة‪ ، -‬أطروحة لنيل‬
‫الدكتوراه في القانون الخاص‪ ،‬جامعة الح سن ال ثاني‪ -‬عين ال شق‪ ،-‬كل ية الع لوم القانون ية واالقت صادية واالجتماع ية با لدار‬
‫البيضاء‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،3115-3113‬ص ‪ 321‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ - 295‬الفقرة الثالثة من المادة ‪ 11‬من م ش‪.‬‬
‫‪ - 296‬المادة ‪ 315‬من م ش‪.‬‬
‫‪ - 297‬ففي قرار المجلس األعلى عدد ‪ 0131‬المؤرخ في ‪ 32‬دجنبر ‪ ، 0882‬ملف اجتماعي عدد ‪ ،85/3/0328‬جاء فيه‪:‬‬
‫"حيث يبدو أن القضاء فعال قد تصدى لهذا الحيف تجاه هذه الفئة وقضى بأ نه ليس ه ناك ما يم نع الع مال إ ما ب صفتهم‬
‫الشخ صية أو من خالل ممث ليهم تحر يك م سطرة معال جة ال صعوبات إ ما في شكل م قال افت تاحي ل لدعوى بإخ بار ر ئيس‬
‫المحكمة التجارية أو النيابة العامة بها بالوضعيىة السلبية للمقاولة‪ ،‬وذلك أثناء فتح مسطرة المعالجة يمكن للمحكمة التجارية‬
‫أثناء البت في طلب المعالجة أن تستمع لكل شخص تبين لها أن أقواله مفيدة دون أن يتمسك بالسر المه ني‪ ،‬ك ما يمكن ها أن‬
‫تطلب من كل شخص من ذوي الخبرة إبداء رأيه في األمر على أن ت بت خالل خم سة ع شر يو ما من ر فع ا لدعوى‪ ،‬و في‬
‫إطار تفعيل المحكمة التجارية لسلطتها التقديرية يمكنها أن تستمع لمندوبي األجراء‪ ،‬غير ان هذه اإلمكانية ت ظل ع لى سبيل‬
‫الجواز ليس إال‪" .‬‬
‫‪138‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫لكن من توالي التعديالت التي عرفها قانوني الشغل (مدونة الشغل وبخاصة‬
‫مادتها ‪ )66‬والتجارة (مدونة التجارة‪ 299‬وبخاصة كتابها الخامس‪)300‬ي أصبح مركز‬
‫هذه التمثيليات العمالية يتقوىي وصار لها حق تلقي المعلومة وإبداء الرأي وإسداء‬
‫المشورة‪.‬‬
‫وعلى العمومي فلقد أضحى اليوم تمثيل األجراء في حياة المقاولةي وفي مساطر‬
‫صعوباتها يتم من خالل مؤسستي مندوبي األجراء ولجنة المقاولة كأكثر األجهزة‬
‫التمثيلية لألجراء شيوعا بالمقاوالت المغربية‪301‬ي وأصبح رئيس المحكمة التجارية‬
‫يستشيرهم ويتلقى معلومات وشروحات من شأنها إعطاؤه صورة صحيحة عن‬
‫الوضعية االقتصادية والمالية للمقاولةي بُغية تكوين قناعة وصورة صادقة وصحيحة‬
‫عن وضعية المقاولة التي تشهد وقائن قد تُخ ّل باستمراريتها واستقرارها ‪302‬ي وهذا‬

‫‪ -‬هشام الزاهير‪ ،‬تعامل القضاء مع عقود الشغل في نطاق صعوبات المقاولة‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات المتخص صة في‬
‫القانون الخاص – وحدة المهن القضائية والقانونية – السنة الجامعية ‪ ،3111-3115‬جامعة محمد الخامس –السويسي كل ية‬
‫العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بالرباط‪ ،‬ص‪.12‬‬
‫‪298‬‬
‫‪.- L1233-85 et 1233-30.‬‬
‫"‪- David JACOTOT, L'intervention des représentants du personnel en cas de " grand‬‬
‫‪2014, p 424 et 425. licenciement collectif dans une entreprise en difficulté, Dr. soc, n°5, Mai‬‬
‫‪ - 299‬القانون رقم ‪ 15.25‬المتعلق بمدونة التجارةي الصادر بتنفيذه ظهير شريف رقم ‪ 1.26..83‬صادر في ‪ 15‬من رب يةن‬
‫األول ‪( 1411‬فاتح غشت ‪ )1226‬ج‪ .‬ر‪( .‬النشرة العامة) ع ‪ 4418‬الصادرة بتارين ‪ 12‬جمادى األولى ‪ 4 (1417‬أكتوبر‬
‫‪ ) 1226‬ص ‪.2187‬‬
‫‪ - 300‬تم نسن وتعويض الكتاب الخامس أ عالهي بمقت ضى ال مادة األو لى من ال قانون ر قم ‪ 73.17‬بن سن وت عويض الك تاب‬
‫الخامس من القانون رقم ‪ 15.25‬المتعلق بمدونة التجارةي فيما يخص مساطر صعوبات المقاو لةي ال صادر بتنف يذه الظه ير‬
‫ال شريف ر قم ‪ 1.18.26‬ب تارين ‪ 2‬شعبان ‪ 12( 1432‬أبر يل ‪)2118‬ي ج‪ .‬ر (الن شرة العا مة) ع ‪ 6667‬ب تارين ‪ 6‬شعبان‬
‫‪ 23( 1432‬أبريل ‪)2118‬ي ص ‪.2345‬‬
‫‪ - 301‬وتبقى مؤسسة مندوبي األجراءي األكثر حضورا بالمقاولة المغربيةي خاصة بالمقاوالت الصغرىي ف في ب حث وط ني‬
‫حول المقاوالت قامت به المندوبية السامية للتخطيط سنة ‪2112‬ي تتكون بنية المقاوالت بالمغرب من ‪ %23‬من الم قاوالت‬
‫الصغيرة والصغرى جدا والمتوسطةي في حين تمثل المقاوالت الكبرى حوالي ‪.%7‬‬
‫ك ما أن الظه ير المتع لق بالنقا بات المهن ية ال ي لزم األ جراء والم شغلين ع لى تأ سيس النقا بات المهن ية وت قديم م طالبهم‬
‫بواسطتهاي إذ ابتدأ الفصل الثاني من ظه ير ‪ 16‬يول يوز ‪ 1257‬بقال جوازق في تأسي سهاي و هو ن فس ال جواز ن جده مط لن‬
‫المادة ‪ 328‬م ن مدونة الشغلي لتمأل مؤسسة مندوبي األجراء هذا الفراغي باعتبارها النواة األولى ألي تأسيس نقابي‪.‬‬
‫راجن بهذا الخصوص‪:‬‬
‫‪ -‬الظهير الشريف رقم ‪ 1.57.112‬بشأن النقابات المهنية ي الصادر بالجريدة الرسمية (النشرة العامة) عدد ‪2341‬ي ب تارين‬
‫‪ 31‬غشت ‪1257‬ي ص‪.1237‬‬
‫‪ -‬دنيا مباركةي المشاركة العمالية في تسيير المؤسسة الشغليةي المجلة المغربية لالقت صاد وال قانوني ال عدد‪5‬ي مايو ‪2112‬ي‬
‫ص‪.74‬‬

‫‪ - 302‬كريم آيت بال‪ ،‬استمرارية المقاولة في إطار التسوية القضائية على ضوء العمل الق ضائي‪ ،‬الر باط‪ ،‬مكت بة دار ال سالم‬
‫والتوزيع‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،3118 ،‬ص ‪.035‬‬ ‫للطباعة والنشر‬
‫‪132‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫ما نصت عليه المادة ‪ 112‬من مدونة التجارة التي عددت االشخاص الذين يتصل‬
‫بهم رئيس المحكمة بُغية االطالع على المعلومات التي توضح له الوضعية‬
‫االقتصادية التي عليها المقاولةي ومن بينهم ممثلو األجراء‪.‬‬
‫لكن ما المقصود بممثلي األجراء هنا؟ ولماذا؟‬
‫المقصود بهم مندوبو األجراءي المنتخبون ديموقراطيا من طرف أجراء‬
‫المقاولةي والذين يفترض فيهم القدرة على إطالع السنديك بكل المعطيات االجتماعية‬
‫للمقاولة بما يُمليه عليهم ضميرهم وغيرتهم على المقاولة‪.303‬‬
‫وبمراجعة المادة ‪ 622‬من مدونة التجارة ‪304‬ي يتالشى أمامنا ذاك الدور‬
‫اإلستشاري الذي تميزت به مؤسسة مندوبي األجراءي ليتبلور أمامنا دور جديدي هو‬
‫الدور التشاركيي حيث يساهم مندوبو األجراء في تحديد مصير المقاولةي إذ ألزمت‬
‫المادة المذكورة المحكمة باالستماع إلى مندوبي األجراء قصد التعرف على وضعية‬
‫األجراء داخل المقاولة وهي تبحث عن الحلول الكفيلة بإخراجها من أزمتها المالية‬
‫واالقتصاديةي فمندوب األجراء يبقى هو اليد اليمنى للسنديك المعيّن من طرف‬
‫المحكمة خالل إعداد هذا األخير لتقرير الموازنة المالية واإلقتصادية واإلجتماعيةي‬
‫وهو الذي يزوده بكافة المعلومات المتعلقة بمالية المقاولة والوضعية اإلدارية‬
‫والمالية لألجراء من خالل تقرير شامل للحصيلة االجتماعية الذي يعده المندوب‪.‬‬
‫وبالمقابل كان النص القديم للمادة ‪ 167‬من مدونة التجارة المغربية‪305‬ي يُعطي‬
‫للمحكمة السلطة التقديرية في اإلستماع لكل شخص يتبين لها أن أقواله مفيدة قبل‬
‫البت في الحكم القاضي بفتح المسطرةي ومن بينهم مندوبو األجراء بحكم معرفتهم‬

‫‪ - 303‬هشام الزاهير‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.13‬‬


‫‪ -‬نعيمة الغاشي‪ ،‬وضعية عقود الشغل أثناء فترة إعداد الحل‪ ،‬المجلة المغربية لقانون األع مال والم قاوالت‪ ،‬ال عدد ‪،01‬‬
‫مايو ‪ ،3118‬ص ‪.23‬‬
‫‪ - 304‬تنص المادة ‪ 133‬من مدونة التجارة على ما يلي‪:‬‬
‫" تقرر المحكمة إما استمرار نشاط المقاولة أو تفويتها أو تصفيتها القضائية وذلك بناء على تقر ير ال سنديك وب عد اال ستماع‬
‫لرئيس المقاولة والمراقبين ومندوبي األجراء‪".‬‬
‫‪ - 305‬كانت هذه المادة تنص على ما يلي‪:‬‬
‫ق تبت المحكمة بشأن فتح المسطرة بعد استماعها لرئيس المقاولة أو استدعائه قانونيا للمثول أمام غرفة المشورة‪.‬‬
‫يمكنها أيضا االستماع لكل شخص يتبين لها أن أقواله مفيدة دون أن يتمسك بال سر المه نيي ك ما يمكن ها أن تط لب من كل‬
‫شخص من ذوي الخبرة إبداء رأيه في األمر‪.‬‬
‫تبت بعد خمسة عشر يوما على األكثر من رفن الدعوى إليهاق‪.‬‬
‫‪141‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫بو ضعية المقاولة المالية واالقتصاديةي لكن المحكمة بالمقابل غير ملزمة باالستماع‬
‫إليهم وذلك الستعمال المشرع المغربي لعبارة قيمكنهاقي قبل أن يتم تعديل المقتضى‬
‫التشريعي من خالل المادة ‪ 622‬من مدونة التجارة‪.‬‬
‫ومن جهة أخرىي نجد المادة ‪ 112‬من مدونة التجارة‪306‬ي قد ع ّددت األطراف‬
‫الذين يتعيّن على المحكمة التجارية أن تسمن أقولهم فيما يخص فتح المسطرة قبل‬
‫إصدار الحكم القاضي باختيار المالئم لوضعية المقاولةي ومن بينهم مندوبو األجراءي‬
‫وال يقف دور المندوبين هناي بل يمتد إلى مسطرة التسوية والتصفية القضائية‪.‬‬
‫وعند مخطط التفويتي ألزم المشرع السنديك عند تلقيه للعروض الخاصة بتفويت‬
‫المقاولة موضوع التسوية القضائيةي أن يتحقق من احترام العرض المقدم لمستوى‬
‫التشغيل وآفاقه حسب النشاط المعني بحسب نص المادة ‪ 636‬من مدونة‬
‫التجارة‪307‬ي إضافة إلى إخبار ممثلي األجراء بمضمون ذلك العرض باعتبار‬
‫األجراء هم الضحية األولى إن توقفت المقاولة نهائيا عن نشاطهاي أو إن تم إهمالهم‬

‫‪ - 306‬جاء في الفقرة األولى من المادة ‪ 553‬من مدونة الت جارة " يم كن لرئيس المحك مة‪ ،‬بالرغم من أي مقت ضى ت شريعي‬
‫مخالف‪ ،‬أن يطلع على كل المعلومات التي من شأنها إع طاء صورة صحيحة عن و ضعية المقاو لة االقت صادية والمال ية‪،‬‬
‫وذلك عن طريق مراقب الحسابات‪ ،‬إن وجد‪ ،‬أو ممثلي األجراء أو إدارات الدولة وباقي أشخاص القانون العام أو مؤسسات‬
‫االئتمان والهيئات المعتبرة في حكمها أو الهيئات المالية أو أي جهة أخرى"‪.‬‬

‫‪ - 307‬تنص المادة ‪ 121‬من م‪ .‬ت على ما يلي‪:‬‬


‫" يجب إبالغ السنديك بكل عرض داخل األجل الذي سبق له أن حدده وأعلم به المراقبين‪ .‬كما ي جب أن يف صل بين تاريخ‬
‫توصل السنديك بالعرض وبين الجلسة التي تنظر فيه خاللها المحكمة أجل مدته خمسة ع شر يو ما إال إذا ح صل ات فاق بين‬
‫رئيس المقاولة والسنديك والمراقبين‪.‬‬
‫يتضمن كل عرض اإلشارة إلى‪:‬‬
‫‪ .0‬التوقعات الخاصة بالنشاط والتمويل؛‬
‫‪ .3‬ثمن التفويت وكيفية سداده؛‬
‫‪ .2‬تاريخ إنجاز التفويت؛‬
‫‪ .3‬مستوى التشغيل وآفاقه حسب النشاط المعني؛‬
‫‪ .5‬الضمانات المقدمة ألجل ضمان تنفيذ العرض؛‬
‫‪ .1‬توقعات ببيع األصول خالل السنتين التاليتين للتفويت‪.‬‬
‫ترفق بالعرض الوثائق الخاصة بالسنوات المالية الثالث األخيرة للمقاولة‪ ،‬حينما يكون صاحب العرض ملزما بإعدادها‪.‬‬
‫يمكن للقاضي المنتدب أن يطلب شروحات تكميلية‪.‬‬
‫يخبر السنديك المراقبين وممثلي األجراء بمضمون العروض‪.‬‬
‫يعرض السنديك على المحكمة جميع العناصر التي تسمح بالتأكد من جدية العروض‪".‬‬
‫‪141‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫في مخطط التفويتي لتعلق حياتهم ومصدر رزقهم المتمثل في األجر على المقاولة‬
‫‪.308‬‬

‫المالحظ أن المشرع المغربيي حاول من خالل التحديثات والتعديالت التي طالت‬


‫مدونتي الشغل والتجارةي إشراك ممثلي األجراء وعلى الخصوص مندوبيهم في‬
‫مساطر صعوبات المقاولةي غير أن هذا اإلشراك لم يصل لمستوى المشاركة‬
‫العمالية الفاعلةي بقدر ماهو إخبار وإطالعي واستشارة على أبعد تقديري بينما تم‬
‫تغييبهم بشكل تام في مرحلة الوقاية الداخلية (المادتين ‪ 147‬و‪ 148‬من مدونة‬
‫التجارة)ي كمرحلة تحتاج لكاتم سر قادر على إحاطة المشغلين علما بكل إخالل قد‬
‫يمس المقاولة‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬المهام االستشارية لمندوبي األجراء في القضايا التنظيمية‬

‫حاول المشرع المغربي التوسين من اختصاصات وصالحيات مندوبي األجراء‬


‫في مدونة الشغلي مقارنة من ما كان عليه األمر في ظل ظهير ‪1962‬ي ونقلها من‬
‫مجرد حلقة وصل وربط بين األجراء والمشغلي إلى مستوى مشاركة المشغل في‬
‫سلطة اإلدارة والتنظيم من خالل المشاركة في عضوية لجان استشارية بالمقاولةي‬
‫بشكل يراعي مصالح األجراء من جهة ومصالح المقاولة من جهة ثانية‪.‬‬
‫فإلى أي حد نجحت هذه النقلةي في تقلدهم مهام مؤثرة على مستوى المقاولة؟ وما‬
‫مظاهرها؟ أم أنها ظلت مهاما استشارية محدودة التأثير؟‬

‫لإلجابة عن هذه األسئلةي سيتم إبراز أهم مظاهر مشاركة مندوبي األجراء في‬
‫تنظيم الشغل في فقرة أولىي قبل مناقشة قيمة المشاركة في عضوية في لجان‬
‫استشارية في فقرة ثانية‪.‬‬

‫الفقرة االولى‪ :‬أهم مظاهر مشاركة مندوبي األجراء في تنظيم الشغل‬

‫‪ - 308‬رشيد الشائب‪ ،‬األجير بين خصوصيات مدو نة ال شغل وأ هداف الك تاب ال خامس من مدو نة الت جارة‪ ،‬ال ندوة الجهو ية‬
‫التاسعة ال تي نظ مت بم قر محك مة اال ستئناف بأ كادير يومي ‪ 5‬و ‪ 1‬يول يوز ‪ 3112‬في إ طار االحت فاء با لذكرى الخم سينية‬
‫لتأسيس المجلس األعلى‪ ،‬تحت عنوان‪ " :‬عقود العمل والمنازعات االجتماعية من خالل اجتهادات المج لس االع لى "‪ ،‬ص‬
‫‪.303‬‬
‫‪142‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫يتجلى الشق التنظيمي المسموح به لهذه الهيئة التمثيليةي في مجمل اقتراحاتها‬


‫االستشارية المتعلقة بقضايا تهم وضن النظام الداخلي للمقاولةي وتنظيم ساعات‬
‫الشغل والعطلي بينما باقي االختصاصات فتنسحب نحو اإلطار االجتماعي المحض‬
‫المتعلق بتحسين ظروف الشغل والمستوى المعيشي واالجتماعي لألجراءي‬
‫واالشراف على بعض الخدمات االجتماعية لألجراء وذويهم‪.‬‬
‫أوال‪ :‬استشارة مندوبي األجراء عند وضع النظام الداخلي أو تعديله‬

‫تنص الفقرة األولى من المادة ‪ 138‬من مدونة الشغل على أنه يجب على كل‬
‫مشغلي يشغل اعتياديا ما ال يقل عن عشرة أجراءي أن يضن خالل السنتين المواليتين‬
‫لفتح المقاولة أو المؤسسةي نظاما داخلياي بعد اطالع مندوبي األجراء والممثلين‬
‫النقابيين بالمقاولة عند وجودهمي عليهي وأن يوجهه إلى السلطة الحكومية المكلفة‬
‫بالشغل من أجل الموافقة عليه‪.‬‬
‫ومن النص أعالهي يتضح أن وضن النظام الداخلي للمقاولة من صميم‬
‫اختصاصات المشغلي وإعمال لسلطته التنظيميةي غير أن المشرع ألزمهي بضرورة‬
‫إطالع مندوبي األجراءي مما ال يمكن الحديث معه عن تفعيل حقيقي للمشاركة‬
‫العمالية في تنظيم المقاولة في ظل عدم اإلشارة إلى إمكانية أو جواز إشراك ممثلي‬
‫األجراء في تحضير هذا النظام وصياغة مضامينهي وحصر دورهم في اإلطالع‬
‫كإجراء شكليي دون طرح فرضية رفض المندوب لبعض مقتضياته مثال‪.‬‬
‫نفس اإلشكال يُطرح عند إقدام المشغل على تعديل النظام الداخليي الذي يظل‬
‫معه دور مندوبي األجراء محصورا في اإلطالع واالستشارة‪.‬‬
‫إن إشراك مندوبي األجراء في التحضير لمضامين ومقتضيات النظام الداخلي‬
‫للمقاولةي وتعديلها هو األسلوب التشاركي الحقي القادر على خلق التوازن المنشود‬
‫في العالقة الشغلية‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬المشاركة في تنظيم مدد الشغل‬

‫‪143‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫يحق للمشغل في إطار ما يملكه من سلطة تنظيميةي توزين المدة السنوية‬


‫االجمالية للشغل‪309‬ي كما يمكنه تدبير زمن الشغل وتنظيمه بحسب ما تمر به‬
‫المقاولة من رخاء أو أزمات وما تتطلبه من استدراك أو تقليص في مدة الشغلي من‬
‫ربط هذا التدبير في جمين األحول بضرورة استشارة ممثلي األجراء‪.‬‬
‫وقد عالج المشرع المغربي مسألة استدراك ساعات الشغلي في المادتين ‪189‬‬
‫و‪ 227‬من مدونة الشغلي فتطرق في المادة األولى إلى حالة توقف الشغل جماعيا‬
‫في مؤسسة أو في جزء منها ألسباب عارضة أو لقوة قاهرةي حيث م ّكن المشغل من‬
‫استدراك ساعات الشغل الضائعة بعد استشارة مندوبي األجراء‪.‬‬

‫وإذا ما أراد المشغل اللجوء إلى استدراك ساعات الشغل الضائعة بسبب يوم‬
‫عطلة فعليه أيضا استشارة مندوبي األجراءي واستنفاذ كافة شروط المادة ‪ 227‬من‬
‫مدونة الشغل‪.310‬‬

‫كذلكي ال يمكن للمشغل اإلنقاص من ساعات الشغل عند حدوث أزمة اقتصادية‬
‫عابرة لمقاولته أو لظروف طارئة خارجة عن إرادته ‪-‬كظرف جائحة كورونا الذي‬
‫نعيشه اليوم‪-‬ي إال بعد استشارة مندوبي األجراء إذا كانت مدة اإلنقاص ال تتجاوز‬
‫ستين يوما في السنةي أما إذا تجاوزتها فعلى المشغل الدخول معهم في مفاوضات‬
‫للوصول إلى اتفاق في الموضوعي وعند الفشل في التوصل إلى اتفاق ُرفن األمر إلى‬
‫عامل العمالة ‪.311‬‬

‫ثالثا‪ :‬تنظيم العطل‬

‫العطلة كفترة راحةي كما هي ضرورية بالنسبة لألجير بدنيا واجتماعياي فهي ال‬
‫تقل أهمية بالنسبة للمشغلي إذ أن األجير كلما أخذ قسطا من الراحةة الذهنيةة‬
‫والبدنيةة كلما كانت المردوديةةة والعطاء أكثر بفضل الحماس والقوة المتجدديني‬
‫‪ - 309‬المادة ‪ 085‬من م‪ .‬ش‪.‬‬
‫‪ - 310‬و شروط ال مادة ‪ 332‬هي أن ت ستدرك ت لك ال ساعات خال ل الثال ثين يو ما الموال ية ل تاريخ ت لك العط لة‪ ،‬وأال يبا شر‬
‫االستدراك في اليوم الذي يجب أن يستفيد فيه األجير من راحته األسبوعية‪ ،‬وال أن يؤدي ذلك إلى ت جاوز مدة ال شغل ع شر‬
‫ساعات في اليوم‪.‬‬
‫‪ - 311‬المادة ‪ 085‬من م‪ .‬ش‪.‬‬
‫‪144‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫ومن تم الزيادة في اإلنتاج واألرباح بالنسبة للمشغلي ومهمة أيضا بالنسبة للمشغل‬
‫من حيث إعادة ترتيب أموره التنظيمية على مستوى المقاولة عند مرورها بظروف‬
‫صعبةي كالظرف الوبائي الناتج عن تفشي وباء كورونا‪.‬‬
‫وقد منح المشرع المغربي األجير عطال تتخلّل مدة الشغلي منها ما هو‬
‫أسبوعي (المادة ‪ 216‬من مدونة الشغل وما بعدها)ي ومنها ما هو سنوي ( من المادة‬
‫‪ 231‬الى المادة ‪ 268‬من المدونة)‪.‬‬
‫وإذا كان المشغل قد مُنح سلطة التحكم في تنظيمها بحسب مصلحة المقاولةي فقد‬
‫ألزمه المشرع بضرورة استشارة المنظمات المهنية للمشغلين والمنظمات النقابية‬
‫لألجراء األكثر تمثيالي في حالة الراحة االسبوعية بالتناوب(م ‪ )218‬وبمندوبي‬
‫األجراء والممثلين النقابيين عند وجودهم عند تحديد العطلة السنوية (م ‪)241‬ي‬
‫وبإخبار العون المكلف بتفتيش الشغل عن الكيفية التي نظم بها الراحة‬
‫األسبوعية‪.312‬‬
‫كما اشترط المشرع المغربي على المشغل استشةارة المنظمةات المهنيةةة‬
‫للمشغليني والمنظمات النقابية لألجراء األكثر تمثيالي والتي يُعد مندوب األجراء‬
‫عضوا فيهاي عند تحديد الفترات التي ال يمكن لألجراء الذين يشتغلون في‬
‫االستغالالت الفالحية والغابوية وتوابعهاي االستفادة خاللها من العطلة السنوية‬
‫المؤدى عنها‪.313‬‬
‫وبالرغم من أن مسألة اإلستشارة هنا ال تعدو أن تكون إجراء شكليا ال يُحدث‬
‫خرقا بالسلطة التنظيمية للمشغلي إال أن أهميتها الواقعية تكمن في التنظيم الحسن‬
‫للمقاولةي إذ أن دور الهيئات الممثلة في هذه المسألة دور تشاركي أكثر منه‬
‫استشاري في تنظيم العطل وعدم حصول خلل في المسار العام للمقاولة ولمردوديتها‬
‫وانتاجيتهاي وضمان استمرارها بوتيرة عمل ال تتأثر بكثرة التغيبات‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬قيمة المشاركة في عضوية في لجان استشارية‬

‫‪ - 312‬مرسوم عدد ‪ 3.13.502‬الصادر في ‪ 01‬من ذي القعدة ‪ 38( 0335‬دجنبر ‪ )3113‬بتنظيم الراحة األسبوعية‪ ،‬ج‪ .‬ر‪( .‬‬
‫النشرة العامة) ع ‪ 5328‬بتاريخ ‪ 30‬ذو القعدة ‪ 2( 0335‬يناير ‪ ،)3115‬ص ‪. .02‬‬
‫‪ - 313‬المادة ‪ 333‬من م‪ .‬ش‪.‬‬
‫‪145‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫يشارك مندوبو االجراء في عضوية بعض اللجان االستشارية للمقاولةي كلجنة‬


‫المقاولة ولجنة السالمة وحفظ الصحة ومن تم المشاركة في بعض مهامهاي لكنها في‬
‫المجمل تبقى مهاما استشارية ذات طابن تنظيمي وليست بتقريرية‪.‬‬
‫أوال‪ :‬العضوية في لجنة المقاولة‬

‫حدد المشرع المغربي عدد األجراء الممثلين في لجنة المقاولة في اثنيني يتم‬
‫انتدابهم لهذه المهمة من طرف مندوبي األجراء بالمقاولة عبر اإلنتخاب‪314‬ي‬
‫دون أن يستفيض في شرح طريقة هذا االنتخابي ومن يقوم به وكيف يتم؟‬
‫وإذا كانت مسألة الترشح لهذه المهمة التمثيلية من طرف المندوبين هي على‬
‫سبيل االختياري فإن تواجدهم باللجنة مسألة إجباريةي ال يُمكن أن تقوم لجنة‬
‫المقاولة دون توجدهم بتشكيلتها‪.‬‬
‫ويُشكل تواجد مندوبي األجراء بلجنة المقاولةي واحدة من الصور البارزة‬
‫للمشاركة العمالية في اتخاذ القرارات التنظيمية بالمقاولةي ولو على سبيل‬
‫االستشارةي كما أنها مظهر ديموقراطي عمالي فريد من نوعهي حيث يمكن‬
‫لألجير المشاركة في تنظيم وتدبير المقاولة عبر سلسلة ديموقراطية تبدأ من‬
‫اختياره الحر لمرشح له في اإلنتداب العمالي عبر االنتخاب‪315‬ي مرورا بانتخاب‬
‫المندوبين المنتقين لمندوبين اثنين يمثالن الصوت العمالي عبر صناديق‬
‫اإلقتراعي قبل جلوس األخيرين على نفس الطاولة من المشغل أو من ينوب عنه‬
‫إلسماع رأي األجراء واقتراحاتهم فيما يخص القضايا التنظيمية للمقاولة‪.‬‬

‫‪ - 314‬الفقرة الثالثة من المادة ‪ 315‬من م‪ .‬ش‪.‬‬


‫‪ - 315‬نصت المادة ‪ 321‬من م‪ .‬ش‪ ،‬ع لى أ نه ي جب أن ينت خب‪ ،‬و فق ل شروط القانون ية‪ ،‬م ندوبون عن األ جراء‪ ،‬في جم يع‬
‫المؤسسات التي تشغل اعتياديا ما ال يقل عن عشرة أجراء دائمين‪ ،‬كما خصصت مدونة الشغل بابا كامال (الباب الثاني من‬
‫القسم الثاني من الكتاب الثاث) ل لحديث عن مدة االنتداب و األهلية لالنتخاب والترشيح و تفصيل االجراءات االنتخابية‪.‬‬
‫وربما من أهم المقتضيات المتعلقة بانتخاب مندوبي االجراء هو ما ن صت عل يه ال مادة ‪ 328‬من المدو نة و ال تي لم ت سمح‬
‫ألصول المشغل وفروعه وإخوته وأصهاره المباشرين التر شح لمه مة م ندوبي األ جراء ( مع مالح ظة إغفا له تمد يد الم نع‬
‫لزوج المشغل)‪ ،‬وبذلك يغلق المشرع الباب لتسرب المشغل من خالل أفراد عائل ته ا لى ك فة األ جراء وخ لق الال توازن في‬
‫العالقة الشغلية بشكل يضر بمصالح وحقوق األجراء‪ ،‬كما أن السماح لهؤالء بالتر شح سيؤثر ب شكل أك بر في ت شكيل لج نة‬
‫المقاولة؛ حيث سيقتصر حضور ممثلي األجراء في الممثل النقابي في مواجهة المشغل وأفراد عائلته‪.‬‬
‫‪146‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫ونرى في األخير بأن المعيار العددي المعتمد في تشكيل لجنة القاولةي وإن‬
‫كان يصب في صالح التمثيلية العماليةي إال أن تواجد المشغل على رأس هرم‬
‫تشكيلتهاي يُضعف من قيمتها وفعاليتهاي لذلك فمن المنطقي أن يزداد عدد األجراء‬
‫باللجنة اطرادا من ازدياد حجم المقاولة وكثافتها البشريةي إسو ًة ببعض التشريعت‬
‫المقارنة‪.316‬‬
‫وبقراءة نص المادة ‪ 466‬من مدونة الشغل نجد أن من أهم المهام التي‬
‫تضطلن بها لجنة المقاولةي تتمثل في‪:‬‬
‫‪ ‬التغييرات الهيكلية والتكنولوجية للمقاولة؛‬
‫‪ ‬الحصيلة االجتماعية للمقاولة عند إقرارها؛‬
‫‪ ‬االستراتيجية اإلنتاجية للمقاولة ووسائل رفن المردودية؛‬
‫‪ ‬وضن مشارين اجتماعية لفائدة األجراء والسهر على تنفيذها؛‬
‫‪ ‬برنامج التدرج والتدريب من أجل اإلدماج المهني ومحو األمية‬
‫والتكوين المستمر لألجراء‪.‬‬

‫‪ - 316‬نصت المادة ‪ 022‬من مدونة الشغل الموريتانية (قانون رقم ‪ 102 -3113‬صادر ب تاريخ ‪ 11‬يول يو ‪ 3113‬المت ضمن‬
‫مدونة الشغل)‬
‫" تتألف اللجنة االستشارية للمؤسسة من رئيس المؤسسة أو نائبه رئيسا لها واألعضاء الممثلين للعمال‪.‬‬
‫عدد أعضاء اللجنة االستشارية محدد كالتالي‪:‬‬
‫‪– 0‬بالنسبة لألطر والمهندسين‪ :‬عضو أصلي وعضو احتياطي‪.‬‬
‫‪ – 3‬بالنسبة لمسيري الشغل والعمال الذين في حكمهم‪ ،‬عضو أصلي وعضو احتياطي‪.‬‬
‫‪– 2‬بالنسبة للعمال أو المستخدمين تبعا لعددهم‪:‬‬
‫من ‪ :511– 351‬ثالثة أعضاء أصليين وثالثة أعضاء احتياطيين‪.‬‬
‫أكثر من ‪ :0111 – 510‬أربعة أعضاء أصليين وأربعة أعضاء احتياطيين‪.‬‬
‫أكثر من ‪ : 0111‬خمسة أعضاء أصليين وخمسة أعضاء احتياطيين‪.‬‬
‫المادة ‪ :023‬انتخاب أعضاء اللجنة االستشارية‬
‫ينتخب أعضاء اللجنة االستشارية من طرف عمال كل مؤسسة‪ ،‬أو عند االقتضاء‪ ،‬من طرف عمال كل منشأة‪.‬‬
‫مدة عضويتهم سنتان ويجوز إعادة انتخابهم‪.‬‬
‫ويجري االنتخاب باالقتراع السري وفي مظروف‪ ،‬واالقتراع هو اقتراع القائمة ذو دورتين مع التمثيل النسبي‪.‬‬
‫وفي الدورة االنتخابية األولى‪ ،‬يتم إعداد كل قائمة من طرف المنظمات النقابية المهن ية األك ثر تم ثيال في المؤس سة أو ع ند‬
‫االقتضاء في المنشأة بالنسبة لكل فئة من العمال‪.‬‬
‫وإذا كان عدد الناخبين أقل من نصف المسجلين‪ ،‬تجري دورة انتخابية ثانية يجوز فيها للناخبين أن يقترعوا على قوائم غ ير‬
‫القوائم المقدمة من طرف المنظمات النقابية‪.‬‬
‫وتسند المقاع د طبقا للمتمثل النسبي وتسند المقاعد الباقية حسب أعلى معدل من األصوات‪".‬‬
‫‪147‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫ومن خالل هذه المهام التي وصفها المشرع بالحرف بأنها استشارية ال‬
‫تقريريةي فإنها مهام يُرام منها المساعدة على التنظيمي الفتقادها لمناط السلطة‬
‫التنظيمية المتمثل في قالقدرة على التقريرق والذي تبقى من اختصاص المشغل‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬العضوية في لجنة السالمة وحفظ الصحة‬

‫من المهام التي يمكن أن اعتبارها أصيلة لدى مندوبي األجراءي السهر على‬
‫حسن تطبيق المقتضيات القانونية المتعلقة بالصحة والسالمة حماية لألجراءي وإبداء‬
‫الرأي حول مخططات الصحة والسالمة بالمقاولة بالنسبة للمشغلي لذلك كان بديهيا‬
‫أن تكون هذه الهيئة التمثيلية ضمن تركيبة لجنة السالمة وحفظ الصحة والتي نصت‬
‫عليها المادة ‪( 337‬الفقرة الخامسة) من مدونة الشغل والتي جاءت كاآلتي‪:‬‬
‫ق تتكون لجنة السالمة وحفظ الصحة من‪:‬‬
‫‪ ‬المشغل أو من ينوب عنهي رئيسا؛‬
‫‪ ‬رئيس مصلحة السالمةي وعند عدم وجودهي مهندس أو إطار تقني يعمل‬
‫بالمقاولة؛ يعينه المشغل؛‬
‫‪ ‬طبيب الشغل بالمقاولة؛‬
‫‪ ‬مندوبين اثنين لألجراء يتم انتخابهما من قبل المندوبين المنتخبين؛‬
‫‪ ‬ممثل أو ممثلين نقابيين اثنين بالمقاولة عند وجودهما‪.‬ق ‪.317‬‬
‫وقد عددت المادة ‪ 338‬من مدونة الشغلي مجمل المهام المعهودة للجنة السالمة‬
‫وحفظ الصحةي ومن أهمها ما جاء بفقراتها السادسة والسابعة والثامنة كاآلتي‪:‬‬

‫ق ‪ -‬اإليعاز باتخاذ كل المبادرات التي تهم على الخصوص مناهج الشغلي وطرقهي‬
‫وانتقاء المعداتي واختيار األدواتي واآلالت الضرورية للشغل المالئمة للشغل؛‬

‫‪ -‬تقديم االقتراحات بشأن إعادة تأهيل المعاقين من أجراء المقاولة؛‬

‫‪ -‬إبداء الرأي حول سير المصلحة الطبية للشغل‪.‬ق‬

‫‪ - 317‬توافقها المادة ‪ 1-4613‬من قانون العمل الفرنسي‪.‬‬


‫‪148‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫وهي مهامي أغلبها يتمحور حول ابداء آراء واقتراحات واإليعاز باتخاذ‬
‫مبادراتي وهي كلها تدخل في خانة األعمال االستشارية التي لن يُتقنها عضو من‬
‫أعضاء اللجنة أكثر من أعضاء هيئة مندوبي األجراء‪.‬‬

‫خاتمة‬

‫يمكن التأكيد من جهةي على أهمية مندوبي األجراء بالمقاولةي كمؤسسة حيوية‬
‫وفاعلة في تأمين السلم االجتماعيي ودعم استقرار واستمرار المقاولةي ثم التأكيد من‬
‫جهة ثانية على أهمية المهام الموكولة لهاي والتي تنسحب إلى شقيني مهام متعلقة‬
‫بالقضايا النزاعيةي سواء القضايا الفردية لألجراءي أو قضايا المقاولة بصفة عامةي‬
‫ومهام ذات طابن تنظيميي سواء تلك التي يُنفذها المندوبون كمؤسسة مستقلةي أو تلك‬
‫التي يُنجزونها كأعضاء داخل لجان المقاولة‪.‬‬

‫لكن أمام االنتقادات الحادة التي طالت هذه المؤسسة التمثيليةي وقصور مهامهاي‬
‫التي تظل في أغلبها استشارية بعيدة عن أي مشاركة عمالية حقيقية في اتخاذ‬
‫القراراتي يمكن الخروج باستنتاج مفادهي أن مهام مندوبي األجراء المتعلقة بالقضايا‬
‫النزاعية خاصة المرتبطة بالفصل الفردي أو الجماعيي فعال تظل مهاما ناقصةي‬
‫تحتاج لدعم تشريعي‪ .‬أما المهام التنظيميةي فال نرى أنها تحتاج لتعديالت تشريعية‬
‫جوهريةي بقدر ما تحتاج إلى تفعيل للمقتضيات القانونية ذات الصلةي بالنظر إلى أن‬
‫أغلبها تمارس تحت السلطة التنظيمية للمشغل‪.‬‬

‫وما يعوق تفعيل المقتضيات القانونيةي هو ما يفرضه الواقن العملي من خروقات‬


‫داخل أسوار المقاولةي سواء من جانب المشغلي أو من جانب مندوب األجراء نفسهي‬
‫فقد يستغل األخير مركزه والحماية القانونية التي يخولها له القانون‪318‬ي فيبتز‬
‫المشغل لتحسين وضعه الماديي أو قد يستغل منصبه فيكون عونا وذراعا للمشغل‬
‫عوض ان يكون دعما وسندا لألجراء الذين انتخبوه واختاروه‪.‬‬
‫‪ - 318‬تنص المادة ‪ 352‬من م‪ .‬ش على أنه يجب أن يكون كل إجراء تأديبي‪ ،‬يعتزم المشغل اتخاذه في حق مندوب األجراء‪،‬‬
‫أصليا كان أو نائبا‪ ،‬موضوع مقرر ‪ ،‬يوافق عليه العون المكلف بتفتيش الشغل‪ ،‬إذا كان هذا اإلجراء يرمي إلى نقل المندوب‬
‫أو نائبه من مصلحة إلى أخرى‪ ،‬أو من شغل إلى آخر‪ ،‬أو إلى توقيفه عن شغله‪ ،‬أو فصله عنه‪.‬‬
‫‪142‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫وأمام النقص المعرفي والحقوقي الذي يعانيه أغلب المناديبي ناهيك عن عدم‬
‫كفاية الحماية القانونية المرصودة لهمي نرى بضرورة استحداث هيئة وطنية أو لجان‬
‫جهوية تؤطر مناديب األجراء قانونيا وتعمل على تكوينهم ثقافيا وقانونيا وحقوقياي‬
‫في أُفق إعدادهم وتأهيلهم لتقلد مهام أكثر تأثيراً في العالقة الشغلية في شقيها الفردي‬
‫والجماعيي كالمشاركة في صياغة اتفاقية الشغل الجماعية والعضوية في لجنة‬
‫تسوية النزاعات الجماعية إقليميا ووطنيا‪.‬‬

‫‪151‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫أصل البراءة كضابط لمحاكمة عادلة‬

‫منعم اليزيدي‬
‫"باحث بماستر التقنيات البديلة لحل المنازعات ـ المحمدية"‬

‫مقدمة‪:‬‬

‫قد ال يختلف اثنان بغض النظر عن انتمائهم الوطني أو الدينيي اإلثنيي األصل‬
‫االجتماعيي السن أو الجنس حول ضرورة المحاكمة العادلة كمطلب كل الشعوب‬
‫التي تضن نفسها في مصاف الدول المتحضرةي فإذا كان تقدم أي دولة يقاس بتقدمها‬
‫المادي والتكنولوجيي فإن معيار تحضر أي مجتمن أو دولة يقاس بمعيار العدلي‬
‫‪319‬‬
‫ولهذا يقول ابن خلدون في مقدمته قالعدل أساس العمرانق‪.‬‬

‫لهذا لم تعد مسألة التفكير في إيجاد قواعد قانونية تكرس مفهوم المحاكمة‬
‫العادة شأنا داخليا حبيس الحدود الجغرافية لدولة معينةي بل ضرورة عالمية وجدت‬
‫نفسها في أحضان اتفاقيات دولية رسمت الحدود األدنى لمعايير المحاكمة العادلة‪.‬‬

‫و عليه وجد المشرع المغربي نفسه أمام خياريني إما أن يغلق حدوده ويقطن‬
‫عالقاته الدولية ويسن قوانين ال تستمد مرجعيتها من الصكوك الدوليةي وإما أن ينفتح‬
‫على محيطه الخارجي وبالتالي االنخراط في العولمة القانونيةي وعلى وجه التحديد‬
‫االنخراط في منظومة حقوق اإلنساني وبالتالي مالءمة قوانينه الداخلية من المعايير‬
‫الدولية المتصلة بموضوع حقوق اإلنسان‪.‬‬

‫فإذا كان البعض قد عرف حقوق اإلنسان بأنها تلك القواعد والمعايير الدولية‬
‫التي تساعد على حماية جمين بني اإلنسان بهذا الوصف (وليس كمواطن لدولة ما)ي‬

‫‪319‬وداد العيدون يي المبادئ المؤطرة للقضاء وحقوق التقاضي في التشرين المغربي واالتفاقيات الدوليةي مقال منشور بمجلة‬
‫عدالة للدراسات القانونية والقضائيةي طبعة ‪2112‬ي ص ‪.52‬‬
‫‪151‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫من التجاوزات الخطيرة ضدهم في المجاالت السياسية والقانونية واالجتماعية‬


‫‪320‬‬
‫واالقتصاديةي ولعل من أبرزها الحق في محاكمة عادلة‪.‬‬

‫فإن المحاكمة العادلة كمصطلح يصعب وضن مفهوم له موحد بين مختلف‬
‫التشريعات الوطنية الختالف النظم السياسية االقتصادية واالجتماعية من دولة‬
‫ألخرىي فما قد يعتبر مساواة في مجتمن يرفن شعار التحرر بدون ضوابط تؤطرهي‬
‫قد ال يعتبر كذلك في مجتمن له مرجعية أخالقية أو دينية تضن ضوابط لمفهوم‬
‫المساواة‪.‬‬

‫لكن هذا ال يمنعنا من تحديد المعايير الواجبة التحقق في المحاكمة لتوصف‬


‫بالعادلةي وهي تلك المبادئ والمعايير التي يفترض أن تجد انعكاسها على مستوى‬
‫التشرين الوطنيي انطالقا من التزام الدول بضرورة العمل على مالءمة قوانينها‬
‫الداخليةي من المواثيق التي صادقت وانضمت إليهاي بصرف النظر عن الظروف‬
‫التاريخية واالجتماعية الضيقة التي تجري فيها المتابعة والمحاكمة‪.‬‬

‫ويمكن إرجاع مبادئ المحاكمة العادلة إلى موضوعين أساسييني أولهما المبادئ‬
‫المتعلقة بأجهزة الدولةي وعلى رأسها الجهاز القضائيي وثانيهما المبادئ المرتبطة‬
‫بالمركز القانوني للمتهم لتأتي في طليعة هذه المبادئ‪321‬ي قمبدأ أصل البراءةق‪.‬‬

‫ولما كان أصل البراءة إن صح التعبير ضمانة الضمانات في المحاكمة العادلة‬


‫فقد ارتقت إلى مصاف المبادئ الدستوريةي وهذا ما نص عليه الفصلين ‪ 23‬و‬
‫‪119‬من دستور المملكة لسنة ‪.2111‬‬

‫وهذا يجسد لنا القيمة القانونية ألصل البراءةي والغاية المتوخاة منها والمتمثلة‬
‫في صياغة نصوص قانونية تستحضر في مضمونها البراءة كأصلي مما دفن‬

‫‪320‬كتاب جماعيي عولمة القانوني مطبعةالمركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصاديةي‬
‫طبعة ‪2121‬ي ص ‪25‬‬
‫‪ 321‬محمد اإلدريسي العلمي المشيشيي مالءمة قانون المسطرة الجنائية من مبادئ حقوق اإلنساني منشورات المجلس‬
‫الوطني لحقوق اإلنساني بدون ذكر سنة الطبني ص ‪26‬‬
‫‪152‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫المشرع الدستوري إلى تنزيل هذا المبدأ في القوانين العاديةي وقصدي هنا قانون‬
‫المسطرة الجنائية وتحديدا المادة األولىي حيث اعتبرت ذات المادة المتهم أو المشتبه‬
‫فيه بريئا إلى أن تثبت إدانته‪.322‬‬

‫فإذا كان أصل البراءة إن على المستوى الدولي أو على الصعيد الوطني سواء‬
‫في دستور المملكة أو قانون المسطرة الجنائية لم يضعوا تعريفا لهذاي تاركين للفقه‬
‫أمر تحديدهي فمن بين التعاريف المسندة إلى مبدأ البراءة كأصلنجد أنها تعني‬
‫افتراض براءة كل فرد مهما كان وزن األدلة أو قوة الشكوك التي تحوم حوله أو‬
‫تحيط بهي كما يعرفها البعض اآلخر على أنها‪ :‬الصلة الضرورية التي ينشئها القانون‬
‫بين وقائن معينةي فنستخلص الواقعة المجهولة بناء على معطيات معلومة‪.323‬‬

‫لهذا جاز القوألن الفلسفة التي بنيت عليها المسطرة الجنائية المتمثلة في إقامة‬
‫عالقة توازن بين حق الدولة في الزجر والعقاب وحق الفرد في محاكمة عادلةي‬
‫ترتكز على مبدأ البراءة كأصلي وبالتالي ال يمكن اتخاذ أي إجراء أو أمر في حق‬
‫المشتبه فيه أو المتهم إال انطالقا من أصل البراءةي واستحضارا لهذا المبدأ في‬
‫مختلف أطوار المحاكمة الجنائية‪.‬‬

‫صحيح أن مصطلح ققرينة البراءةق قد ظهر بهذه الصياغة أول مرة في‬
‫اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان بعد الثورة الفرنسية لسنة ‪ 1789‬حسب بعض الفقه‬
‫لكن من حيث جوهر المصطلح فالنظام الجنائي اإلسالمي قرر هذا‬ ‫‪324‬‬
‫الفرنسيي‬
‫المبدأ ما يزيد عن ‪ 14‬قرني وليس القصد هنا ان نزكي الشريعة اإلسالميةي وإنما‬
‫لنبين قيمة هذا المبدأ في نظامنا القانوني والقضائيي ألن المشرع الدستوري نفسه‬
‫أكد وإن بصياغة أوسني على ضرورة استحضار قوانين المملكة وهويتها الوطنية‬
‫‪322‬ظهير شريف رقم ‪1.12.255‬صادر في ‪ 25‬من رجب‪ 3( 1423‬أكتوبر ‪)0211‬بتنفيذ القانون رقم‪ 22.11‬المتعلق‬
‫بالمسطرة الجنائيةي منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 5178‬بتارين ‪ 27‬ذي القعدة ‪ 03(1423‬يناير ‪ )2113‬ص ‪315‬‬
‫‪ 323‬محمد أمين زيان‪ .‬فؤاد جحيشي دسترة قرينة البراءة بين حتمية النص وإشكالية التكريس دراسة مقارنة بين القانونين‬
‫الجزائري والمغربييمقال منشور بمجلة حقوق اإلنسان‪ -‬العام الرابن‪ -‬العدد ‪ :24‬نوفمبر ‪2117‬ي ص‪15‬‬
‫‪324‬‬
‫‪Edith Guilhermont, QU'APPELLE-T-ON « PRÉSOMPTION D'INNOCENCE » ?, Editions A.‬‬
‫‪Pédone | « Archives de politique criminelle », 2007/1 n° 29 |, page 44‬‬
‫‪153‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫الراسخةي وهذا يجعل المشرع عندنا بمنأى عن أي تحفظ متعلق باالتفاقيات ذات‬
‫الصلة بأصل البراءة‪.325‬‬

‫لهذا فأهمية أصل البراءة ال تتوقف عند صياغتها في كتاب تمهيديي بل في‬
‫مدى استحضار هذه األخير في مختلف مراحل المحاكمة من قبل واضن المسطرة‬
‫الجنائيةي ولما كان القضاء هو المجسد للنصوص القانونية في حياة الفرد والمجتمن‬
‫والمكلف بتطبيقها التطبيق العادل فأصل البراءة كمبدأ يجب أال يفارق ذهنه إن صح‬
‫التعبير وهو يبت في قضايا تتسم بالطابن الجنائي‪.‬‬

‫كل هذا يقتضي منا طرح تساؤالت لها من الدقة والعمق ما يحملنا للبحث عن‬
‫اإلجابة عنها بين ثنايا مقتضيات المسطرة الجنائيةي والتجسيد العملي لهذه‬
‫المقتضيات من قبل القضاء‪ .‬وبالتالينتساءل عن مدى تكريس أصل البراءة لمفهوم‬
‫المحاكمة العادلة؟ وهل المشرع عندنا كان وفيا لمبدأ البراءة كأصل في إطار‬
‫مقتضيات قانون المسطرة الجنائية؟ وهل كان القضاء على درجة من الوعي‬
‫بمضمون أصل البراءة واستحضارها في مقرراته القضائية؟‬

‫كل هذه التساؤالت سنحاول اإلحاطة بها وفق الخطة التالية‪:‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬تجليات أصل البراءة لرسم حدود محاكمة عادلة‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬حدود تجلياتأصل البراءة بين النص والممارسة‪.‬‬

‫‪ 325‬محمد عطويي قرينة (البراءة) أو أصالة (البراءة وآثارها على التوقيف تحت النظر والحبس االحتياطي وإقناع‬
‫المحكمة)ي مجلة المحاميي العدد ‪ / 23‬ديسمبر ‪2114‬ي ص ‪11‬‬
‫‪154‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬تجليات أصل البراءة لرسم حدود محاكمة عادلة‪.‬‬

‫إذا كان المشرع المسطري نص على أصل البراءة في مستهل المسطرة‬


‫الجنائية فهذا يحمل داللة قوية على حتمية صياغة نصوص قانونية شكال ومضمونا‬
‫تستجيب لمفهوم أصل البراءة عبر تجليات هذه األخيرة في مختلف أطوار المحاكمة‬
‫الجنائية (أوال) األمر الذي يؤدي إلى انعكاس هذا المبدأ على مفهوم المحاكمة العادلة‬
‫(ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬تجليات أصل البراءة في مختلف أطوار المحاكمة الجنائية‪.‬‬

‫ورد مبدأ البراءةكأصل في المادة ‪ 11‬الفقرة األولى من اإلعالن العالمي لحقوق‬


‫اإلنسان وفي المادة ‪ 14‬من الفقرة الثانية من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية‬
‫والسياسيةي وتقرر المادتان بأن كل متهم بجريمة يعتبر بريئا إلى حين ثبوت إدانته‬
‫قانونا في إطار محاكمة عادلة‪.‬‬

‫والواقن أن هذا المبدأ الذي استهل به قانون المسطرة الجنائية المغربي (المادة‬
‫‪ ) 1‬يختزل كل الحقوق المقررة للمتهم أو المشتبه فيهي فهو ال يعتبر بريئا إلى حين‬
‫إدانته من قبل القضاء فقطي وإنما ينبغي إدانته في إطار محاكمة عادلة تتوفر فيها‬
‫كامل الشروط المتعارف عليها في المحاكمة العادلة من طرف محكمة تتمتن‬
‫‪326‬‬
‫باالستقالل ومكونة وفقا للقانون‪.‬‬

‫‪ ‬إن أولى المالحظات التي يمكن إبداؤها بخصوص المادة أعالهي هو أن‬
‫البراءة األصلية ليست حبيسة مرحلة من مراحل المحاكمة بل يتعين استحضارها‬
‫من قبل مختلف الهيئات المتدخلة في كل مراحل المحاكمة الجنائية‪.‬‬
‫‪ ‬لتبقى المالحظة الثانية مرتبطة بكون ماإذا كان قانون المسطرة الجنائية‬
‫عندنا قد قرر أن البراءة هي األصلي فإن االستثناء الوارد عليها المتمثل في اإلدانةي‬

‫‪ 326‬كتاب جماعي تحت إشراف د‪ .‬محمد جالل السعيدي تأمالت حول المحاكمة العادلة‪-‬الجزء الثاني‪-‬منشور بمكتبة النجاح‬
‫بالدار البيضاءي ماي ‪2112‬ي ‪12‬‬
‫‪155‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫يتعين إثباته بمحاكمة توصف بالعادلةي ولعل العبارة األخيرة تقتضي من المشرع‬
‫المسطري المغربي أن يكرسها عبر نصوص قانونية ويترجمها القضاء إلى واقن‬
‫ملموس‪.‬‬
‫‪ ‬أما المالحظة الثالثة ففحواها أن مبدأ البراءة األصليةي وإن كنا نستحسن‬
‫الموقف التشريعي الواضح من تكريس المبدأ المذكوري فالمالحظ أن القانون‬
‫الفرنسي قد ذهب إلى أبعد من ذلك بتبنيهي وفي إطار فصل تمهيديي لمقاربة‬
‫مسطرية جديدة ال تعمل فقط على التنصيص على هذا المبدأي ولكن بتكريس أهم‬
‫‪327‬‬
‫تجلياتهي حتى يصبح وبالملموس بأن كل قواعد المسطرة الجنائية معنية به‪.‬‬

‫ولعل الذي حدا بنا لمقارنة مبدأ قرينة البراءة واختيار قانون المسطرة الجنائية‬
‫الفرنسي دون غيره هو كون هذا األخير المرجن المادي لقانون المسطرة الجنائية‬
‫عندناي ألن موقف المشرع المغربي حقيقة يتسم بنوع من الغرابةي ففي الوقت الذي‬
‫كان على مشرع المسطرة الجنائية أن ينهج موقف قانون المسطرة الجنائية الفرنسي‬
‫عدل عن ذلك‪.‬‬

‫وما يزكي قولنا أعاله هو أننا الزلنا ننتظر من المشرع التدخل بنص صريح‬
‫وحسم الخالف حول مسألة مدى مشروعية التعويض في حالة االعتقال االحتياطي‬
‫غير المبرري أو الذي يأخذ شكل التعسف في إيقاعه‪.328‬‬

‫صحيح أن واضن قانون المسطرة الجنائية حاول أن يجسد مبدأ أصل البراءة‬
‫في مختلف أطوار المحاكمة الجنائية وإن بشكل محدود‪.‬‬

‫‪327‬فريد السمونيي المعين في المادة الجنائية لولوج المهن القضائية واألمنية‪-‬الجزء الثاني ‪ -‬بدون ذكر المطبعة وسنة‬
‫الطبني ص ‪116 .115‬‬
‫‪ 328‬محمد أحدافي التكلفة االقتصادية والحقوقية لنظام االعتقال االحتياطيي من أجل حكامة قضائية رشيدةي مقال منشور‬
‫بمجلة العلوم الجنائيةي العدد الثانيي السنة ‪2115‬ي ص ‪71‬‬
‫‪156‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫ففي إطار مرحلة االستدالالت يالحظ تقييد النيابة العامة وضباط‬ ‫‪-1‬‬
‫الشرطة القضائية بجملة من االلتزاماتي انطالقا من أصل البراءة التي تصاحب‬
‫المشتبه فيه أوالضنين حسب األحوال‪.‬‬

‫ولعل السمة المشتركة بين مختلف إجراءات البحث التمهيدي غلبة الطابن‬
‫الوجوبي على أحكامهي ففي المادة ‪ 17‬من ق‪.‬م‪.‬ج فإن ضابط الشرطة القضائية ملزم‬
‫في إطار حجز األشياء التي لها عالقة بالجريمةي بأن يعرض على المشتبه في‬
‫مشاركته في الجريمة (جناية أو جنحة) األشياء محل الحجزي وليس االعتراف بها‬
‫كما كان عليه األمر في الفقرة األخيرة من الفصل ‪ 19‬من ظهير ‪ 1919/2/11‬قبل‬
‫‪329‬‬
‫إلغائه والمقابل للمدة ‪ 17‬من ق‪.‬م‪.‬ج الحاليةي‬

‫وشتان بين عرض الحجج على المشتبه فيه قصد التعرف عليها وبين االعتراف‬
‫بها كما كان في النص السابقي وكأن الحالة األخيرة قد توحيإلى حد ما أن أصل‬
‫البراءة التي مازالت تصاحب المشتبه فيه قد أصبحت استثناء مادام ضابط الشرطة‬
‫القضائية يطلب من المشتبه فيه االعتراف بتلك الحجج حبيسة الحجزي مادام لم‬
‫يصدر حكم نهائي باإل دانةي بخالف العرض (عرض األشياء المجوزة قصد التعرف‬
‫عليها) الذي يفيد أن األمر لم يحسم بعد بخصوص انتساب تلك األشياء المحجوزة‬
‫للمشتبه فيهي وهو موقف يستحسن من قبل المشرع عندنا‪.‬‬

‫وانطالقا دائما من ذات المبدأ فقد أحاط المشرع عندنا إجراء تفتيش المنازل‬
‫بقيود تشكل بالمقابل ضمانات قانونية للمشتبه فيهي ألن أصل البراءة مازال قائما ولم‬
‫يثبت عكسه بمقرر اإلدانة بحكم نهائيي حتى وإن تعلق األمر بجريمة تلبسية وفق‬
‫منطوق المادة ‪ 16‬من ق‪.‬م‪.‬ج‪.‬‬

‫‪329‬عبد الواحد العلمييشرح في القانون الجديد المتعلق بالمسطرة الجنائية‪-‬الجزء األول‪ -‬مطبعة النجاح الجديدةي الطبعة‬
‫الرابعة ‪2114‬ي ص ‪412.413‬‬
‫‪157‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫أحاطت تفتيش المنازل بضوابط يتعين التقيد‬ ‫‪330‬‬


‫فمنطوق المادة ‪ 62‬من ق‪.‬م‪.‬ج‬
‫بها من قبيل احترام الوقت القانوني للتفتيشي ثم وجوب حضور بعض األشخاص‬
‫عملية التفتيش إلى جانب ضباط الشرطة القضائيةي ثم اتخاذ االحتياطات الالزمة‬
‫للمحافظة على السر المهنيي كل هذه الضوابط وغيرها تبررها باإلضافة لواجب‬
‫احترام حرمة المنازلي استحضار مبدأ أصل البراءةي ألن األجهزة المكلفة بالبحث‬
‫سواءالتلبسي أو (العادي حسب ما يصطلح عليها في األوساط الفقهية)ي ما زالت‬
‫تتعامل من شخص برئ في نظر القانون الذي اعترف له بهذا الحقي حتى وإن لم‬
‫يكن كذلك في نظر ضابط الشرطة القضائية أو النيابة العامة في حالة التلبس‪.‬‬

‫بالرجوع إلى مقتضيات المادة ‪ 66‬رغم التحفظ الكبير على مقتضياتها من قبل‬
‫العديد من الفقه فيما يتصل بخرق حقوق المشتبه فيه ولعل أبرزها الحق في الحرية‬
‫وحقوق الدفاعي فقد حاول المشرع المسطري عندنا أن يجعل تدبير الحراسة‬
‫النظريةي إجراء يتسم بنوع من االستثناء حينما خول لضابط الشرطة القضائية أمر‬
‫اتخاذه في حالة ما إذا تطلبت ضرورة البحث ذلكي من تعقيبنا على المدلول الواسن‬
‫‪331‬‬
‫لعبارة ضرورة البحث‪.‬‬

‫ألنه ال يجوز تجريد الفرد من حريته إال بناء على األسباب التي يحددها القانون‬
‫وطبقا لإلجراءات المقررة فيه‪.‬‬

‫ولهذا يتعين أن تكون القوانين الوطنية التي تجيز القبض واالحتجاز (كتدبير‬
‫الحراسة النظرية) وتلك التي تحدد إجراءات القبض واالحتجاز متالئمة من المعايير‬
‫‪332‬‬
‫الدولية‪.‬‬

‫لذا يستوجب على ضابط الشرطة القضائية القاضي بتدبير الحراسة النظريةي‬
‫والمشرف عليها (النيابة العامة) أن يميز بين وضن الشخص تحت الحراسة النظرية‬

‫‪330‬راجن المادة ‪ 62‬من قانون المسطرة الجنائية وما بعدها‬


‫‪ 331‬راجن المادة ‪ 66‬من قانون المسطرة الجنائية‬
‫‪332‬منظمة العفو الدوليةي دليل المحاكمة العادلةي مطبعة منظمة العفو الدوليةي الطبعة الثانية ‪2114‬ي ص‪31‬‬
‫‪158‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫والتي يتعين اللجوء إليها استثناء ال يتوسن في تفسيره وال يقاس عليه ما دمنا أمام‬
‫براءة لم يثبت عكسها بعدي وبين اإلجراءات التي تصاحب تدبير الحراسة النظرية‬
‫من مدة الوضن وإشعار عائلة المتهم واالستعانة بحامي التي تفرض على الهيئات‬
‫القائمة بالبحث التمهيدي ان تتقيد بها في أوسن نطاقي ألننا أمام براءة تعتبر هي‬
‫األصل‪.‬‬

‫وبالتالي فالموضوع تحت تدبير الحراسة النظرية شخص برئ بكل ما تحمل‬
‫هذه العبارة من دالالت تتصل باحترام حقوق الفرد باعتباره إنساني وتلزم القضاء‬
‫أن يفسر مقتضيات قانون المسطرة الجنائية فيما يتصل بموضوع الحراسة النظرية‬
‫لمصلحة المشتبه فيهي استحضارا لمبدأ أصل البراءة‪.‬‬

‫أما بخصوص مرحلة التحقيق اإلعدادي فأهم تجلياتأصل البراءة‬ ‫‪-2‬‬


‫ضمن مقتضيات هذه المرحلةي نجد أن المشرع المسطري نص نظريا على الطبيعة‬
‫االستثنائية لتدبيري الوضن تحت المراقبة القضائية واالعتقال االحتياطيي وهذا ما‬
‫ترجمته مقتضيات المادة ‪ 119‬من ق‪.‬م‪.‬جي بنصها على أن الوضن تحت المراقبة‬
‫القضائية واالعتقال االحتياطي تدبيران استثنائياني يعمل بهما في الجنايات‬
‫والجنح‪.333‬‬

‫فبغض النظرعن النقاش الفقهي حول ضرورة االعتقال االحتياطي من عدمه‬


‫بين من يقول بعدم اللجوء إليهي وجانب آخر يرى بإمكانية اللجوء إليه عند‬
‫الضرورةي‪ 334‬فقد أصبح ال الواقن اإلجرامي ببالدنا (الذي أصبحت الجريمة في‬
‫تصاعد مستمر)ي وال حتى خطورة بعض الجرائم والمجرين تستدعي اللجوء إليهي‬
‫لكن في أضيق الحدودوبشكل ال يتنافى من أصل البراءة‪.‬‬

‫‪ 333‬الحبيب بيهيي شرح قانون المسطرة الجنائية الجديدي ‪-‬الجزء األول‪-‬مطبعة النجاح الجديدةي الطبعة األولى ‪2114‬ي ‪226‬‬
‫‪ 334‬عبد الواحد العلميي شروح في القانون الجديد المتعلق بالمسطرة الجنائية‪-‬الجزء الثاني ‪ -‬مطبعة المعارف الجديدة‬
‫الرباطي الطبعة الثانية ‪2112‬ي ص ‪26‬‬
‫‪152‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫إذا كان مشرع المسطرة الجنائية قد نص على الطبيعة االستثنائية تجسيدا لمبدأ‬
‫البراءة كأصلي فقاضي التحقيق يتعين عليه إعماله (المراقبة القضائية واالعتقال‬
‫االحتياطي) عند الضرورة التي ال محيد عنهاي خاصة االعتقال االحتياطي الذي‬
‫يفرض على قاضي التحقيق أن يلجأ إليه عند نفاذ تدابير المراقبة القضائيةي أو حسب‬
‫تعبير بعض الفقه ببالدنا فقد جعل المشرع تدبير االعتقال االحتياطي تدبيرا استثنائيا‬
‫في إطار نظام استثنائي عام كرسته نفس المقتضيات أعاله‪ .‬ويستمر نفس الفقه في‬
‫عرض تصوره بخصوص االعتقال االحتياطيي بحيث يتعين اللجوء في البداية إلى‬
‫تطبيق تدبير الوضن تحت المراقبة القضائيةي ويستحسن في هذا اإلطار أن يكون‬
‫االعتقال حال ال يتم اللجوء إليه إال للضرورات القصوى للغاية‪.‬‬

‫وما يعضد قوله هذا هو كون المشرع قدعمد في الباب التاسن من قانون‬
‫المسطرة الجنائية إلى تنظيم الوضن تحت المراقبة القضائية باألولوية على نظام‬
‫االعتقال االحتياطي في المواد من ‪ 119‬وما يليهاي وهذا ما يستشف أن المشرع‬
‫حينما قدم تدبير المراقبة انصرفت نيته إلى أولوية تطبيق الوضن تحت المراقبة من‬
‫تصنيف حاالت اللجوء إلى اعتقال المتهمي وعدم التوسن فيها انسجاما من تنصيصه‬
‫في المادة األولى من نفس القانون على أصل البراءةي تحت طائلة تغيير الطبيعة‬
‫االستثنائية لالعتقالي وتحويله إلى مبدأ عام والحرية استثناء‪.335‬‬

‫لنصل إلى المرحلة األخيرة من مراحل المحاكمةي حيث يصاحبها‬ ‫‪-3‬‬


‫أصل البراءة في كل إجراءاتها التي تعتبر المرحلة الحاسمة للمراحل السابقةي فهي‬
‫ترجمة لما أسفر عنه البحث التمهيدي والتحقيق اإلعدادي‪.‬‬

‫لهذا فأصل البراءة أقوى ما يكون متجليا في هذه المرحلةي فإذا كان اإلثبات في‬
‫نطاق الدعوى العمومية وسيلة إلقرار وقائن تؤكد البراءة أو تقضي باإلدانة وذلك‬

‫‪ 335‬محمد أحدافي التكلفة االقتصادية والحقوقية لنظام االعتقال االحتياطيي من أجل حكامة قضائية رشيدةي م‪.‬سي ص ‪.42‬‬
‫‪51‬‬
‫‪161‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫وفقا للطرق التي حددها القانوني فإن األمر يستدعي من المشرع عندنا تنظيما خاص‬
‫قي قانون المسطرة الجنائية‪.‬‬

‫مما دعا المشرع عندنا إلى توسين سلطة القاضي في توجيه الدعوى وما يتعلق‬
‫‪336‬‬
‫بها من أدلة بما يكفل التطبيق السليم ألحكام القانون وصوال إلى الحكم العادل‪.‬‬

‫فلما كانت البراءة تقضي كأصل أن الماثل أمام قضاء الحكم ال زال يتمتن‬
‫بالبراءة رغم قوة األدلة ضدهي كان يتوجب على المشرع الجنائي المسطري أن‬
‫يسلك منهجا مغايرا عما نهجه المشرع المدني بذات الموضن‪.‬‬

‫لهذا فالمشرع عندنا ولكيال تبقى أصل البراءة وفق مضمون المادة األولى من‬
‫ق‪.‬م‪.‬جي مجرد مبدأ نظري ال يتجسد في مقتضيات المحاكمة الجنائيةي عمل على‬
‫ترجمته في هذه المرحلة في مسألتين هامتين‪:‬‬

‫‪ ‬المسألة األولى‪ :‬تحمل النيابة العامة عبء اإلثباتي ألن أهم ما يترتب على‬
‫أصل البراءةي أن المتهم ال يتحمل إثبات براءتهي ألنها مفترضةي وإنما تتحملها‬
‫النيابة العامة التي توجهها حسب المادة ‪ 268‬من ق‪.‬م‪.‬جي وهذا أمر منطقي ألنه ال‬
‫يمكن أن نطلب من المتهم المفترضة براءته أن يثبتها ألنها موجودة منذ الوالدة وال‬
‫تنتفى إال بإدانة نهائية خضعت لمعايير المحاكمة العادلة‪.‬‬

‫ويترتب أيضا على أصل البراءةي أن تمسك المتهم بوجه من أوجه الدفاع كتوفر‬
‫مانن من موانن المسؤولية (ارتكاب الجريمة في حالة جنون مثال)ي يجعل المحكمة‬
‫ملزمة بتمحيص الدفني بل إن القانون ال يمنن المحكمة من أن تثير ذلك تلقائياي بما‬
‫لها من سلطة في البحث عن الحقيقةي ألنها تنطلق من حقيقة مفادها أن البراءة أصل‪.‬‬

‫‪336‬عماد خليل إسماعيلي قرينة البراءة المفترضة في اإلثبات الجنائيي أطروحة قدمت الى جامعة سانت كلمنتس العالمية‬
‫وهي جزءمن متطلبات الحصول على شهادة دكتوراه فلسفة في القانون الجنائيي جامعة سانت كلمنتس العالمية فرع بغدادي‬
‫السنة الجامعية ‪2113‬ي ص ‪24 .25‬‬
‫‪161‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫‪ ‬المسألة الثانية‪ :‬هي أن الحكم الصادرة باإلدانةي يجب أن يبنى على الحزم‬
‫واليقيني ال على الظن والتخميني أو الشك والترددي ومن واجب المحكمة تبعا لذلكي‬
‫إذا لم يحصل لديها اليقين بثبوت التهمةي ونسبتها إلى المتهمي أن تحكم بالبراءة مادام‬
‫المتهم يعتبر بريئا حتى تثبت إدانتهي ومادام الشك ال يصلح سندا لنفي أصل البراءة‪.‬‬

‫أما األحكام القاضية بالبراءةي فقد تنتج من الشك في ثبوت التهمةي حيث يحكم‬
‫بالبراءة لفائدة الشكي وبالتالي فالبراءة لفائدة الشك هي نتيجة من نتائج قاعدة قالشك‬
‫ألنه كما سبق وأن أشرناي فأصل البراءة يعتبر مبدأ تتفرع‬ ‫‪337‬‬
‫يفسر لفائدة المتهمق‬
‫عنه ضمانات تؤسس لمحاكمة عادلة‪.‬‬

‫وعليه فإذا كان دور قاضي التحقيق هو البحث عن الحقيقة أي عن أدلة اإلثبات‬
‫وأدلة النفي في آن واحدي فقاضي الحكم يقتصر دور في حدود بيان مدى اقتناعه بأي‬
‫‪338‬‬
‫منها‪.‬‬

‫لهذا نستنتج أن أصل البراءة ليس مبدأ نظريا يبقى حبيس المادة األولى من‬
‫قانون المسطرة الجنائيةي بل يتعين أن تتجلى البراءة عبر كل مراحل المحاكمةي بل‬
‫زيادة على هذا على مختلف األجهزة المتدخلة في مسلسل المحاكمة أن تستحضر‬
‫البراءة كأصل عند غموض النص أو غيابه‪.‬‬

‫انطالقا من هذا نتساءل عن درجة تأثير أو إن صح التعبير عن مدى انعكاس‬


‫أصل البراءة على مفهوم المحاكمة العادلة؟‬

‫ثانيا‪ :‬انعكاس أصل البراءة على مفهوم المحاكمة العادلة‪.‬‬

‫قبل أن نبرز مدى انعكاس أصل البراءة على مفهوم المحاكمة العادلةي يتوجب‬
‫علينا أن نرسم مالمح المحاكمة العادلةي ألن وضن تعريف لهذه األخيرة يصعب إن‬

‫‪ 337‬الحبيب بيهيي شرح قانون المسطرة الجنائية الجديدي الجزء األول ‪ -‬م‪.‬سي ص ‪225 .224‬‬
‫‪338‬محمد عطويي قرينة (البراءة) أو أصا لة (البراءة وآثارها على التوقيف تحت النظر والحبس االحتياطي وإقناع‬
‫المحكمة)ي م‪.‬سي ص ‪21‬‬
‫‪162‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫لم يكن أقرب إلى االستحالةي وما يعزز رأينا هذا هو كون االتفاقيات الدولية لم تضن‬
‫مفهوم للمحاكمة العادلة واكتفت بالتنصيص على مبادئ ومعايير تشكل حد أدنى‬
‫يتعين توفرها في محاكمة جنائية حتى توصف بالعدل‪.‬‬

‫لذلك نجدمن يضن تعريفللمحاكمة العادلة انطالقا من الشروط الواجب توفرهاي‬


‫وذلك وفق شرطينيأولهما خضوعمسطرة المحاكمة لمعايير المحاكمة العادلة التي‬
‫وضعها المجتمن الدوليي وثانيهما أن تقوم بالمحاكمة وتنفيذ المواثيق الدولية سلطة‬
‫قضائية مستقلة‪.339‬‬

‫إذا نظرنا إلى التعريف الوارد أعاله نجده قد حدد المحاكمة العادلة في شقيني‬
‫الشق األول عبارة عن جانب نظري يتجلى لنا في تلك المعايير الدولية الواجب‬
‫تضمينها في التشريعات الوطنية لكل دولة تطبيقا لواجب المالءمةي وشق تطبيقي‬
‫يظهر في مدى استقاللية وقدرة السلطة القضائية على تطبيق تلك المعايير وبالتالي‬
‫تجسيد المحاكمة العادلة واقعيا عبر مقررات قضائية تترجم لنا الشق النظري إلى‬
‫واقن ملموس‪.‬‬

‫ألنه ال فائدة ترجى من نصوص قانونية يدور فحواها حول مبادئ تؤسس‬
‫للمحاكمة العادلةي تبقى حبيسة نفسها دون أن يلمس المجتمن وجودها في واقعه‪.‬‬

‫وبالتالي فإن كان لنا من مالحظات حول التعريف أعاله فهي كالتالي‪:‬‬

‫‪ -‬حدد التعريف أعاله معايير المحاكمة العادلة وفق المرجعية الدولية دون‬
‫اشتراط مالءمتها من التشرين الوطنيي ألن القاضي ال يحق له تطبيق قاعدة غير‬
‫مقننة قانوناي وإال أصبحنا أمام عدم شرعية اإلجراء‪.‬‬
‫‪ -‬حتى إذا افترضنا أن التعريف أعاله قد اتجه قصده نحو تقديم المواثيق‬
‫الدولية كأولوية في التطبيقي حتى وإن نص الدستور نفسه على سمو االتفاقيات‬

‫‪ 339‬يوسف سراري الحق في محاكمة عادلةي مقال منشور بالمجلة المغربية في الفقه والقضاء‪-‬العدد األول‪2115 -‬ي ‪125‬‬
‫‪163‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫الدولية على التشريعات الوطنية فهذا مقيد بشروط لعل أهمهاي شرط مالءمة التشرين‬
‫الوطني من ما تتطلبه المصادقةي وبالتالي فالمغرب ما زال يتحفظ على بعض من‬
‫هذه االتفاقيات وهذا بتصورنا عين الصوابي ألن المشرع الدستوري واع تمام‬
‫الوعي بأهمية احترا المعايير الدولية ألحكام الدستور وقوانين المملكة والهوية‬
‫الراسخة وإال أصبحنا أما إلغاء سيادة الدولةي ألن مصادقة المغرب على االتفاقيات‬
‫الدولية يوجب عليها أن تأخذ بعين االعتبار الثوابت المكونة للهوية الوطنية‬
‫الراسخةي تلك الهوية التي أسس لها المشرع الدستوري في الفقرة الثانية من‬
‫التصديري وحماها بمقتضيات الفصل ‪ 171‬عندما استثنى أحكامها من أية مراجعةي‬
‫وبالتالي يتضح أن هناك قيودا قد تعترض مسألة المصادقة علىاالتفاقيات الدوليةي‬
‫‪340‬‬
‫وعليه فسمو االتفاقيات سمو وقتي وليس مطلق‪.‬‬

‫ليس المقصود من الحفاظ على الهوية الوطني أال يالئم المغرب تشريعاته‬
‫الوطنية من المعايير الدولية ذات الصلةبالمحاكمة العادلةي وانما الغاية اتجهت نحو‬
‫الحفاظ على هذه الهويةي من المصادقة على االتفاقيات الدولية التي ال يشكل إخالال‬
‫بنطاق أحكام الدستور وهويتها الوطنية الراسخةي هذا إذا استحضرنا حقيقة مفادها‬
‫أن أغلب االتفاقيات الدولية ال تتعارض من جوهر الهوية الوطنية الراسخة‪.‬‬

‫‪ -‬أما المالحظة الثالثة فتبنى على كون التعريف أعاله قد حصر مفهوم‬
‫المحاكمة العادلة كما وردت في االتفاقيات الدوليةي وهذا األمر لم يسلكه المشرع‬
‫الدستوري في دستور ‪ 2111‬حينما لجأ للتفصيل في بعض األحكام المكونة لمفهوم‬
‫المحاكمة العادلةي من العلم أن المشرع الدستوري نفسه نص في التصدير على سمو‬
‫االتفاقيات الدولية على التشريعات الوطنيةي فهذا يعني أن مسألة شمولية أحكام‬
‫االتفاقيات والمعاهدات الدوليةي ومدى إمكانية جعلها لوحدها مؤطر لمفهوم المحاكمة‬
‫العادلةي يمكن أن ينطوي على مخاطر كثيرةي وبالتالي نص على إمكانية الطعن في‬

‫‪340‬عبد الحكيم الحكماويي قراءة في مالمح المحاكمة العادلة في ضوء االتفاقيات الدولية والدستور المغربي لسنة ‪2111‬ي‬
‫مقال منشور بمجلة القضاء والقانوني العدد‪ 61 :‬سنة ‪2112‬ي ‪ 15‬وما بعدها‬
‫‪164‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫دستورية بعض المقتضيات القانونية التي تمس بالحقوق والحريات والتي صودق‬
‫عليها وتمت مالءمة التشريعات الوطنية من مقتضياتها وفق ما ذكري لذلك حسن فعل‬
‫المشرع الدستوري لما لجأ إلى فكرة التفصيل في بعض المبادئ المؤسسة للمحاكمة‬
‫‪341‬‬
‫العادلة‪.‬‬

‫لذلك يمكن الخلوص أن المحاكمة العادلة هي تلك المعايير الدولية التي تؤسس‬
‫لمحاكمة جنائية عادلةي بشكل ال تتنافى (المعايير الدولية) من نطاق أحكام الدستوري‬
‫وقوانين المملكةي وهويتها الوطنية الراسخةي وتنزيل هذه المبادئ الدستورية على‬
‫مستوى التشريعات الوطنيي لتطبيقها من فبل سلطة قضائية مختصة ومستقلة‪.‬‬

‫إذا كان المشرع المسطري الجنائي قد نص في المادة ألولى من المسطرة‬


‫الجنائية على مبدأ أصل البراءةي فهذا يحمل داللة تكريس هذا المبدأ لمفهوم المحاكمة‬
‫العادلة‪.‬‬

‫فاألصل أن االنسان يولد بريئا ويظل بريئاي وال تنتقص براءته إال بحكم قضائي‬
‫يؤكد اإلدانة بفعل إجراميي وهذا يستوجب إقامة الدليل الدامغ الذي ال يدع مجاال‬
‫‪342‬‬
‫للشك من طرف سلطة االدعاء‪.‬‬

‫ولعل السؤال الجوهري يدور حول كيفية انعكاس قرينة البراءة على مفهوم‬
‫المحاكمة العادلة؟‬

‫إن مقتضيات المادة األولى ترمز بشكل صريح إلى أن مبدأ أصل البراءة يعتبر‬
‫الضابط لكل الضمانات األخرى السارية المفعول بمختلف أطوار المحاكمة الجنائية‪.‬‬

‫‪ 341‬عبد الحكيم الحكماويي قراءة في مالمح المحاكمة العادلة في ضوء االتفاقيات الدولية والدستور المغربي لسنة ‪2111‬ي‬
‫م‪.‬سي ص ‪17‬‬
‫‪342‬نوال أفقيري قراءة في أهم المبا دئ الدستورية لضمان المحاكمة العادلةي مقال منشور بمجلة العلوم الجنائيةي العدد الثاني‬
‫‪2115‬ي ص ‪134‬‬
‫‪165‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫فإذا ك ان أصل البراءة ال ينتفى إال بحكم نهائي نتيجة محاكمة عادلةي فهذا معناه‬
‫أن قصد المشرع المسطري جعل المبدأ أعاله مرتبا لكل الضمانات المنصوص‬
‫عليها في مقتضيات المسطرة الجنائية اآلتية بعدهي فإذا كان ضابط الشرطة القضائية‬
‫فهو‬ ‫‪343‬‬
‫مضطر إلجراء تفتيش عن أشياء تشكل في حد ذاتها دالئل إثباتي‬
‫مدعو(الهيئات المكلفة بالتفتيش) إلى استحضار أصل البراءة عند قيامها بهذا‬
‫اإلجراء ألنها في كل األحوال تتعامل من شخص مازال ضمن سياج البراءةي‬
‫فضابط الشرطة القضائية ملزم بتطبيق النص القانوني بما يتالءم من جوهر أصل‬
‫البراءة خاصة عند غموض النص‪.‬‬

‫و قد رتب القانون على عدم احترام اإلجراءات المنصوص عليها في المواد ‪19‬‬
‫و‪ 61‬و‪ 62‬من ق‪.‬م‪.‬ج بطالن اإلجراء المعيب وما يترتب عنه من إجراءاتي وهذا‬
‫ما يعكس لنا جوهر أصل البراءة ألن المشرع المسطري الجنائي ما زال يتعامل من‬
‫المشتبه فيه بمنطق البراءة‪.‬‬

‫لكن األمر يختلف حينما يتعلق التفتيش ببعض الجرائم الخارجة عن هذه الحماية‬
‫إذا تعلق األمر بجريمة إرهابيةي او جرائم المخدرات طبقا للفصل ‪ 11‬من ظهير‬
‫فإذا كان من المستساغ قبول هذا االستثناء بخصوص جرائم‬ ‫‪344‬‬
‫‪1974/1/12‬ي‬
‫المخدرات مادام أن هذه الجرائم يسهل التحقق من فاعلها باإلضافة ألهمية الضبط‬
‫الفجائي للمشتبه فيه وهو في حالة تلبسي فاألمر غير مستساغ عقال وقانونا في‬
‫الجريمة اإلرهابيةي ويشكل خرق سافر ألصل البراءة وفق المبررات التالية‪:‬‬

‫‪ ‬المبرر األول‪ :‬ما يؤخذ على جريمة اإلرهاب صعوبة وضن تعريف لها ليس‬
‫فقط وطنيا بل على المستوى الدوليي هذا إذا استحضرنا أيضا غياب محددات دقيقة‬
‫ترسم لنا الركن المادي لهذه الجريمةي مكتفيا بعبارات لها من التوسن والشمولية في‬

‫‪ 343‬يونس العياشيي المحاكمة العادلة بين النظرية والتطبيق على ضوء المواثيق والمعاهدات الدولية والعمل القضائيي‬
‫سلسلة رسائل نهاية تدريب الملحقين القضائييني العدد ‪ 4‬يناير ‪2112‬ي ص ‪33‬‬
‫‪ 344‬يونس العياشيي المحاكمة العادلة بين النظرية والتطبيق على ضوء المواثيق والمعاهدات الدولية والعمل القضائيي‬
‫م‪.‬سي ‪64‬‬
‫‪166‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫تحديد جوهرها ما يجعل مهمة القضاء صعبة في هذه المسألة (ولعل عبارة تهديد‬
‫النظام العامي والمصالح العليا واألساسية للدولة لكفيل بتأكيد صحة ما بيناه‬
‫‪345‬‬
‫أعاله‪).‬‬
‫‪ ‬المبرر الثاني‪ :‬استعمال المشرع عندنا لعبارات اعتبرها ذات المشرع مبرر‬
‫للجوء إلى هذا التفتيش االستثنائي إن صح التعبير تتسم بالعمومية لدرجة يصعب‬
‫على الفقه والقضاء ضبط مفهومها أو وضن ضوابط لتحديدهاي من قبيل ضرورة‬
‫‪346‬‬
‫البحث أو حالة االستعجال القصوى أو في حالة الخوف من اندثار األدلة‪.‬‬
‫‪ ‬المبرر الثالث‪ :‬هذا االستثناء يشكل أيضا انتهاك صارخ ألصل البراءةي ألن‬
‫المجتمن ممثال في النيابة العامة ال زال يتعامل من شخص مهما كان الوصف الذي‬
‫أطلق عليه (مشتبه فيه أو متهم) بريئا بمقتضى القانون أو الطبيعة ألنه حق وجد قبل‬
‫أن يوجد القانون الوضعيي هذا إذا استحضرنا أن االستثناء ال يقاس عليه وال يتوسن‬
‫في تفسيره‪.‬‬

‫أبضا حدد المشرع عندنا مجموعة من الضمانات التي تلزم ضابط الشرطة‬
‫القضائية باحترامها في حالة وضن المشتبه فيه قيد الحراسة النظرية من رقابة‬
‫تمارسها النيابة العامة على أماكن الوضن تحت الحراسةي وجوب التقيد بالمدة‬
‫المحددة للوضن تحت الحراسة النظرية ثم التأكد من الوضن الصحي لهؤالء‬
‫األشخاص محل الحراسةي ألننا في كل األحوال وحتى إن اقتضى األمر لضرورات‬
‫البحث وضن المشتبه فيه فهذه الضمانات غير قابلة للتنازل أو التجزيءي دائما وفق‬
‫نفس المنطق ما زلنا أمام أصل براءة لم تنتفي بمقرر نهائي يحوز في جوهره‬
‫محاكمة عادلة‪.‬‬

‫‪345Mohammed FADIL‬ي ‪Les règles de compétence nationale et internationale, en matière de‬‬


‫‪répression du financement du terrorisme‬ي‪revue de droit et des affaire‬ي‪n10/Aout/2016‬ي ‪page‬‬
‫‪189‬‬

‫‪346‬راجن المادة ‪ 62‬من قانون المسطرة الجنائية‬


‫‪167‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫لذلك يرى أحد الممارسين في الحقل القضائي وعن صواب أن ما أوجبته المادة‬
‫‪ 66‬من قانون المسطرة الجنائية بعد تتميمها وتعديلها بالقانون ‪11/31‬ي على ضابط‬
‫الشرطة القضائية من إخبار للشخص الموضوع تحت الحراسة النظريةي فورا‬
‫وبكيفية يفهمهاي بدواعي اعتقاله وبحقه في التزام الصمت واالستفادة من مساعدة‬
‫قانونيةي واالتصال بأحد األقرباء وتعيين محامي أو طلب تعيينه في إطار المساعدة‬
‫القضائيةي ما هو إال تنزيل للمادة ‪ 23‬من دستور ‪347.2111‬ألن كل الضمانات‬
‫المشار إليها آنفا تلخصها أصل البراءةي لكون ضابط الشرطة القضائية ما زال‬
‫يتعامل من شخص لم تنتزع براءته وفق المشار إليه أعاله‪.‬‬

‫فإذا كانت غاية المحاكمة العادلة توجب على القاضي المحقق أن يلعب دور‬
‫الحكم الباحث عن الحقيقة وعن األدلة سواء كانت لفائدة المتهم أو ضدهي‪348‬وبالتالي‬
‫فتصورنا ألصل ا لبراءة تفرض على قاضي التحقيق أن يستحضر هذه المبدأ من‬
‫بداية ملتمس النيابة العامة أو الشكاية المباشرة حسب األحوال إلى غاية اتخاذ إما‬
‫قرار اإلحالة أو الحفظ أو عدم االختصاصي وهذا ما يجعل قاضي التحقيق يضمن‬
‫التطبيق السليم للنصوص القانونية‪.‬‬

‫أما أثناء مرحلة المحاكمة ودائما في إطار مدى تأثير أصل البراءة على ضمان‬
‫محاكمة عادلةي فعلى القاضي الجنائي أن يطبق جوهر النص القانوني وليس التطبيق‬
‫الحرفي للنص وهذا ما أكده الفصل ‪ 111‬من الدستوري ‪349‬وبالتالي فتطبيق روح‬
‫النص القانوني توجب على القاضي الجنائي أن يستبعد محاضر الضابط القضائية‬
‫في الجنح من دائرة القوة الثبوتية مادامت األحكام القاضية إن باإلدانة أو البراءة‬
‫تصدر وفق االقتناع الوجداني للقاضيي حين تعارض تلك المحاضر من قوته‬
‫الثبوتية‪.‬‬

‫‪ 347‬محمد بفقيري قانون المسطر الجنائية والعمل القضائي المغربيي مطبعة النجاح الجديدةي الطبعة الرابعة ‪2114‬ي ص‬
‫‪348‬يونس العياشيي المحاكمة العادلة بين النظرية والتطبيق على ضوء المواثيق والمعاهدات الدولية والعمل القضائيي م‪.‬ني‬
‫ص ‪66‬‬
‫‪349‬نص الفصل ‪ 111‬من دستور المملكة لسنة ‪ 2111‬ق ال يلزم قضاة األحكام بتطبيق القانون وال تصدر أحكام القضاة إال‬
‫على أساس التطبيق العادل للقانونق‬
‫‪168‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫ولعل محكمة النقض جسدت هذا المبدأ حينما قضت بأن األصل في اإلنسان‬
‫البراءة إلى أن يثبت العكس طبقا للمادة األولى من ق‪.‬م‪.‬جي وأن الشك يفسر لفائدة‬
‫‪350‬‬
‫المتهم‪.‬‬

‫بقي أن نشير في ختام هذه النقطة عن درجة انعكاس أصل البراءة على ضمان‬
‫المحاكمة العادلة في حالة الطوارئ التي تهدد حياة األمة (كحالة الحربي أو كوارث‬
‫طبيعية أوما يدخل في حكم هذين الحالتين‪ ) ...‬ألن حالة الطوارئ تسمح للدول بعدم‬
‫التقيد (ببعض) االلتزامات القانونية بمجال حقوق اإلنسان‪.‬‬

‫فقد وضعت شروط إلعالن حالة الطوارئ منها أن تكون التدابير المتخذة بشأنها‬
‫مؤقتة وال تقوم على أساس التمييز بسبب العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين‬
‫أو األصل االجتماعيي ثم إشعار الدولة للدول األطراف في العهد الدولي للحقوق‬
‫المدنية والسياسية بحالة الطوارئ وإشعار ثاني في التارين الذي ينتهي فيه هذا‬
‫الظرف الطارئ‪.‬‬

‫فإنه وحسب ذات المادة من نفس العهد قد نصت على استثناء بعض الحقوق من‬
‫هذا التقييدي وبالتالي فهناك بعض الحقوق ال يجوز تقييدها بأي حال من األحوال ولو‬
‫في أحلك الظروف ومن ذلك الحق في الحياة وحق اإلنسان في عدم التعرض‬
‫للتعذيبي واستمرار أصل البراءة في السريان وحق اإلنسان في أاليدان بفعل لم يكن‬
‫وعليه ال يمكن االحتجاج بحالة الطوارئ وانتهاك‬ ‫‪351‬‬
‫وقت ارتكابه يشكل جريمةي‬
‫مبدأ أصل البراءة تحت ذريعة الظروف االستثنائية التي تمر منها الدولة‪.‬‬

‫‪ 350‬أورده ذ محمد بوفقير في كتابهي قانون المسطرة الجنائية والعمل القضائي المغربيي حينما قضت محكمة النقض‬
‫ب أناألحكامالقضائيةتبنىعلىاليقينوليسعلىمجردالظنوالتخمينيوالمحكمةلماقضتبإلغاءالحكماالبتدائيفيماقضىبهمنإدانةالمطلوبمنأجلح‬
‫يازةوترويجونقلوصنعوتحوياللمخدراتوخرقاألحكامالمتعلقةبحركةوحيازةالمخدراتداخاللدائرةالجمركيةياعتماداعلىإنكارهالتا‬
‫موخلوالملفمنأيةوسيلةإثباتقانونيةتفيداقترافهاألفعااللمشكلةللعناصرالتكوينيةللجنحالمذكورةيإضافةإلىقناعتهاالجازمةبعدمتورط‬
‫همنخاللماراجونوقشأمامهايتكونقدراعتجميعماعرضعليهابمافيهالكفايةفيإطارالسلطةالمخولةلهايوجاءقرارهامعلالتعليالكافيا‪.‬‬
‫قرار صادر عن محكمة النقض بتارين ‪ 2115/14/22‬تخت عدد ‪ 778‬في الملف الجنحي عدد ‪.15/7/6/2275‬‬
‫‪ 351‬يونس العياشيي المحاكمة العادلة بين النظرية والتطبيق على ضوء المواثيق والمعاهدات الدولية والعمل القضائيي م‪.‬ني‬
‫‪16‬‬
‫‪162‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫من هنا نخلص إلى حقيقة قانونية مفادها أن أصل البراءة ال ينحصر دورها في‬
‫التمييز بين الشخص البريء من عدمه (المدان) وفق معيار الحكم النهائيي بل يمتد‬
‫أثرها إلى تكريسها لمحاكمة عادلةي أو إن صح التعبير هو اعتبارها صمام األمان‬
‫لمفهوم المحاكمة العادلةي غير أن أداء هذا الدور يحتم على المشرع عندنا التنظيم‬
‫الدقيق لهذا المبدأ‪.‬‬

‫لتبقى التساؤالت التي من شأنها أن تشكل محور الدراسة في الفقرة‬


‫المواليةتتمحور حول مدى استيعاب المشرع المسطري الجنائي عندنا ألهمية هذا‬
‫الدور المنوط ألصل البراءة؟ وهل توفق المشرع عندنا في صياغة نصوص قانونية‬
‫تجسد لنا هذا مبدأ؟ وهل سار القضاء على درب المشرع واقتفى أثره حتى إذا كان‬
‫القضاء عندنا على علم بالطريق الخطأ التي يمشي عليها المشرع؟ أو لعل القضاء‬
‫أضل لطريق لوحده منتهكا بذلك أصل البراءة؟‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬حدود تجلياتأصل البراءة بين النص والممارسة‪.‬‬

‫قد يختلط لدى البعض منا سواء كان دارس في المجال القانوني أو مهتم بالشأن‬
‫الحقوقي أن صياغة النصوص القانونية تتم بشكل غير متناسقي أو بمعنى آخر أن‬
‫كل مادة من مواد قانون المسطرة الجنائية تصاغ بمفردها خارج المنطق الذي بنيت‬
‫عليه المسطرة الجنائيةي وهذا هو تصور المشرع عندناي ولعل الذي يزكي ما قلناه‬
‫محدودية تجليات أصل البراءة على مستوى النص القانوني (أوال) مما انعكس سلبا‬
‫على المقررات القضائية الصادرة عن القضاء الجنائي (ثانيا)‬

‫أوال‪ :‬حدود تجليات أصل البراءة على مستوى النص القانوني‪.‬‬

‫إذا انطلقنا من مقتضيات المادة األولى من قانون المسطرة الجنائية نجدها تنص‬
‫على أن ق كل متهم أو مشتبه فيه بارتكاب جريمة يعتبر بريئا إلى أن تثبت إدانته‬
‫بمقرر مكتسب لقوة الشيء المقضي بهي بناء على محاكمة عادلة تتوفر فيها كل‬

‫‪171‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫الضمانات القانونيةي أو كما سماها البعض وعن صواب بكون أصل البراءة يشكل‬
‫‪352‬‬
‫ركيزة حقيقية للمسطرة الجنائية‪.‬‬

‫حسب بعض الفقه المغربي يرى أن جوهر هذا النص يقرر مبدأ البراءة‬
‫األصلية طبقا لما جاء في المادة ‪ 14‬من العهد الدولي المتعلق بالحقوق المدنية‬
‫والسياسيةي والمادة ‪ 11‬من اإلعالن العالمي لحقوق اإلنساني لكن صياغته وتفسيره‬
‫الحرفي قد يبتعد عن المضمون الدقيق ألصل البراءةي وحسب نفس الفقه أن استعمال‬
‫عبارة قيعتبر بريئاق تعني أنه في الحقيقة غير بريءي وإنما يسري عليه حكم‬
‫البريءي تجاوزاي ولضرورة ممارسة الدعوى بشكل موضوعيي أو يمتعه القانون‬
‫بقرينة البراءةي والقرينة مجرد مؤشر أو عالمة قابلة للزوال‪.‬‬

‫ويذهب الفقه ذاته نحو التمييز بين قرينة البراءة التي تعبر عن منحة أو امتياز‬
‫يستفيد منه الشخص وال يجسد وضعا حقيقيا قائماي وهذا ما سلكته المادة األولىي‬
‫بينما أصل البراءة تقرر حقيقة قائمة هي أن كل شخص بريء وبالتالي فهي ال‬
‫تشكل منحة يمنحها القانون بل حق وجد حتى قبل أن يوجد القانوني ألنه حق طبيعي‬
‫ال يجزئ وال يقيد في أي حال من األحوال‪.‬‬

‫ومن غير المستبعد أن يلعب هذا العامل النفسي دورا مؤثرا في االستعمال‬
‫الخاطئ لبعض اإلجراءات التي يقررها قانون المسطرة الجنائية مثل الحراسة‬
‫النظرية واالعتقال االحتياطي وتدابير المراقبة القضائيةي تلك التدابير التي يتبين فيما‬
‫بعد أنها لم تكن في محلهاي وأنها تترتب فقط عن الخوف الزائد من إفالت الشخص‬
‫من العقاب‪.‬‬

‫‪352‬‬
‫‪ « Faute avouée, à moitié pardonnée » : la procédure alternative de‬ي‪CHARLES DEVILLERS‬‬
‫‪reconnaissance préalable de culpabilité, vers une meilleure Justice ?mémoire pour‬‬
‫‪ Faculté de droit et de criminologie, Université‬ي‪l’obtention d’un science criminologie‬‬
‫‪ page 10‬ي‪catholique de Louvain, Année académique 2017-2018‬‬
‫‪171‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫ويتابن الفقه أعاله تحليله لمقتضيات نفس المادة المومأ لها سلفاي أنه وبصرف‬
‫النظر عن عيب استعمال قرينة البراءة في محل البراءة األصلية كما سبقت مناقشتهي‬
‫يثير نص المادة األولى أيضا صعوبة أخرى تتعلق بحصر أو تحديد المستفيدين من‬
‫البراءة وذلك في المتهم والمشتبه فيهي ومن المعروف في االصطالح القانوني أن‬
‫المتهم هو من ينسب إليه قاضي التحقيق جناية معينةي والمشتبه فيه هو المشكوك في‬
‫أمره بصفة عامةي ومعنى هذا أن الضنين الذي يمكن أن يتابن بجنحة ومرتكب‬
‫المخالفة غير مشمولين بالبراءة بصفة صريحةي وال يبقى ذلك جائزا إال في حالة‬
‫إدخالهما في خانة المشكوك فيهي وهذه الرؤية تتعرض للنقد ألن حالة االشتباه‬
‫محصورة في مرحلة البحث من طرف الشرطة القضائيةي وبالتالي فالمتهم بجناية‬
‫يعتبر بريئاي والمشتبه أمام الشرطة يعتبر بريئا لكن الضنين ومرتكب المخالفة ال‬
‫يستفيدان من أصل البراءة‪.‬‬

‫ولتجنب الوقوع في المشكل يستحسن صياغة النص بأسلوب يبرر أصل البراءة‬
‫بدون غموضي بالنسبة لكل الذين يتعرضون إلجراء من إجراءات المسطرة‬
‫الجنائيةي وذلك مباشرة بالقول‪:‬قكل شخص بريء إلى أن يصدر ضده حكم قضائي‬
‫بإدانتهي ويكتسب ذلك الحكم قوة الشيء المقضي به بناء على محاكمة عادلةي تتوفر‬
‫فيها كل الضمانات القانونيةي ويترتب عن اإلخالل بطالن المسطرةق‪.353‬‬

‫ودائما في سياق الخرق التشريعي ألصل البراءة وتعامل المشرع عندنا من‬
‫الشخص بمنطق اإلدانةي فقد ترجمه في مقتضيات المادة ‪ 66‬ق‪.‬م جي فيما يخص‬
‫حقوق الدفاع في مرحلة البحث التمهيديي فرغم تنصيص المشرع في ذات المادة‬
‫على حق المشتبه فيه في طلب تعيين محام في إطار المساعدة القضائية إال أن‬
‫تطبيق هذا المقتضى ال زال غائبا إن لم نقل مغيبا رغم مرور تقريبا ما يزيد عن ‪8‬‬
‫سنوات من تارين تتميم تعديل المادة ‪66‬ي وكأن هذا المقتضى الوارد بالمادة السالف‬

‫‪353‬محمد اإلدريس ي العلمي المشيشيي مالءمة قانون المسطرة الجنائية من مبادئ حقوق اإلنساني منشورات المجلس‬
‫الوطني لحقوق اإلنساني م‪.‬سي ص ‪ 64‬وما بعدها‬
‫‪172‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫اإلشارة إليها ولد ميتاي في حين نجد في القانون الفرنسي أنه إذا لم يكن بإمكان‬
‫الشخص الموضوع تحت الحراسة النظرية تعيين محام أو إذا تعذر االتصال‬
‫بالمحامي المختاري يمكن أن يلتمس الشخص أن يعين له المحامي تلقائيا من طرف‬
‫النقيبي ويقن إخبار هذا األخير بأية وسيلة وبدون أجل‪.‬‬

‫باإلضافة لذلك فإن الصياغة التي أتت بها الفقرة السابعة من م ‪ 66‬ق‪.‬م‪.‬ج‬
‫تضمنت عبارة فضفاضة تفرغها من الغاية التي ترمي إليهاي فالمشرع المغربي في‬
‫هذه الفقرة نص على ما يلي قيتم االتصال بالمحامي قبل انتهاء نصف المدة األصلية‬
‫للحراسة النظريةق فهده العبارة تحتمل أكثر من تأويل وال تعير أي حقيقة من قبل‬
‫المشرع عندنا إلقرار هذا الحق صراحة بمجرد وضن المشتبه فيه تحت الحراسة‬
‫النظرية رغم خطورة هذه المرحلة وما يترتب على اإلجراءات التي تباشر فيها من‬
‫تأثير على المراحل الالحقةي‪354‬وكان األحرى على واضن المسطرة الجنائية أن يقلد‬
‫المشرع الفرنسيالذي خول ومنذ بداية الحراسة النظرية وأيضا بعد مرور عشرين‬
‫‪355‬‬
‫ساعة يمكن للشخص أن يطلب إجراء مقابلة من محام حسب المادة ‪.4-63‬‬

‫وإن هذه الصياغة تخول للنيابة العامة صالحيات واسعة في إعطاء ترخيص‬
‫باالتصال من عدمه إلى حين مرور نصف المدة األصليةي بل زيادة عن ذلك فنفس‬
‫المادة تمنح للنيابة العامة إمكانية تأجيل اتصال الشخص بمحاميه بصفة استثنائية‬
‫عندما يتعلق األمر بجناية إلى ما بعد مرور إثني عشر (‪ )12‬ساعة ابتداء من انتهاء‬
‫نصف المدة األصلية للحراسة النظريةي إذا اقتضتها ضرورة البحثي ليبقى التساؤل‬
‫المطروح يدور فحواه حول المقصود بضرورة البحث؟ وعن ضوابطها؟‬

‫وما يجعل موقف المشرع عندنا يخرج من نطاق التفكير المنظم إلى دائرة‬
‫العشوائية هو حينما نص في الفقرة التاسعة من المادة ‪ 66‬ق‪.‬م‪.‬جي على صالحيات‬

‫‪ 354‬الحسن بكاري المحاكمة العادلة على ضوء المستجدات الدستورية وتعديالت قانون المسطرة الجنائيةي مقال منشور‬
‫بمجلة الملف مجلة قانونيةي العدد ‪ /21‬فبراير ‪2113‬ي ص ‪74‬‬
‫‪355‬فريد السمونيي المعين في المادة الجنائية لولوج المهن القضائية واألمنية‪-‬الجزء الثاني ‪ -‬م‪.‬سي ص ‪21‬‬
‫‪173‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫النيابة العامة في تأخير االتصال بالمحامي لمدة ‪ 48‬ساعة ابتداء من انتهاء المدة‬
‫األصلية كلما تعلق األمر بجريمة إرهابية أو بالجرائم المنصوص عليها في المادة‬
‫‪ 118‬من ق‪.‬م‪.‬ج‪.‬‬

‫وإذا كان هذا التأخير قد ال يطرح إشكاال كبيرا كلما تعلق األمر بجرائم‬
‫اإلرهاب أو جرائم أمن الدولة باعتبار أن التمديد في هذا النوع من الجرائم يكون‬
‫لمدة ‪ 96‬ساعة بحيث تبقى إمكانية االتصال واردةي فإن التأخير لمدة ‪ 48‬ساعة‬
‫يمكن أن يؤدي حتما إلى منن اتصال المحامي بالمشتبه فيه بصفة نهائية إذا تعلق‬
‫األمر بالجرائم العادية التي تضمنتها المادة ‪ 118‬ق‪.‬م‪.‬ج (القتلي الصحةي‬
‫‪356‬‬
‫المخدرات‪ )...‬ألن فترة التمديد في هذا النوع من الجرائم ال تتجاوز ‪ 24‬ساعة‪.‬‬

‫وما حملنا على القيام بهذه المقارنة بين النظامين (المغربي والفرنسي) ليس تقدم‬
‫أو رقي النظام القانوني الفرنسي أو الالتيني على وجه العموم فيما يتصل بموضوع‬
‫بحثناي بل يرجن إلى مصدر القوانين الفرنسية لنظيره المغربيي فما دام المشرع‬
‫يستقي جل قوانينه من القانون الفرنسي األولى به أن يقتفي أثره في محاسن النص‬
‫وليس في مساوئه فقط‪.‬‬

‫وبالتالي جاز لنا اعتبار مقتضيات المادة ‪ 66‬من ق‪.‬م‪.‬ج فيما يتعلق بحقوق‬
‫الدفاع خرق ظاهر ألصل البراءةي ألن المتأمل في المقتضيات المومأ إليها أعاله‬
‫يجد المشرع عندنا يتعامل من المشتبه فيه وكأنه أدين بحكم قاطني فال يوجد مبرر‬
‫لكل هذا التخوف حسب اعتقاد المشرعي والخروج عن منطق التوازن بين حقين‬
‫أحدهما عام يمثله المجتمن وآخر خاص مرتبط بحق الفرد في محاكمة عادلة الذي‬
‫بنيت عليه فلسفة المسطرة الجنائية‪.‬‬

‫‪ 356‬الحسن بكاري المحاكمة العادلة على ضوء المستجدات الدستورية وتعديالت قانون المسطرة الجنائيةي م‪.‬سي ص‪.74‬‬
‫‪75‬‬
‫‪174‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫صحيح أن أصل البراءة ليس حق مطلقي بمعنى ال يرد عليه أي استثناءي لكن‬
‫هذا االستثناء يبقى ضيق يتمثل في صدور حكم نهائي باإلدانة بناء على محاكمة‬
‫فبدل أن يتعامل المشرع من األصلي ينطلق هذا األخير من االستثناء‬ ‫‪357‬‬
‫عادلةي‬
‫رغم عدم توفر شروطه مما ينعكس سلبا على جوهر نصوص قانون المسطرة‬
‫الجنائيةي ويضعنا أمام محاكمة يصعب القول بعدالتها‬

‫أما بانتقالنا لمرحلة التحقيق اإلعدادي فإن أهم المقتضيات التي تعبر عن انتهاك‬
‫المشرعألصل البراءة تلك االحكام المتصلة باالعتقال االحتياطيي فإذا كان نفس‬
‫المشرع قد أضفى على هذا التدبير وصف االستثنائي المادة ‪ 119‬من ق‪.‬م‪.‬جي لكن‬
‫مضمون هذا التدبير يجعله أصال والقيام بالتحقيق في حالة سراح استثناءي ولعل مرد‬
‫ذلك يعود ألسباب عدة من بينها استعمال مشرع المسطرة جي مصطلحات تتسم‬
‫بالع مومية لدرجة أنها صعبت على الفقه والقضاء ضبطها من قبيل النظام العام فهذا‬
‫األخير استعصى على الفقه وضعه ضمن مفهوم موحدي أو لمبررات متعلقة بسير‬
‫التحقيقي فقد يبدو للوهلة األولى وجيهاي خاصة حينما يلجأ إليه قاضي التحقيق كآلية‬
‫من شأنها الحيلولة دون فرار المتهم من وجه العدالةي لكنه غير صالح لتبرير اللجوء‬
‫إلى اعتقال المتهم في جمين الحاالتي إذ ال يجب أن ننسى أن التمسك بهذا المنطقي‬
‫يضفي في عمق األشياء طابن اإلدانة على المتهم رغم أنه لم يعرض على المحاكمةي‬
‫وما يزيد األمر سوء كون المشرع عندنا لم ينص بنص صريح على الحق في‬
‫ا لتعويض الناتج على االعتقال االحتياطي في حالة الحكم باإلدانةي أو اتخاذ قرار‬
‫‪358‬‬
‫عدم المتابعة‪.‬‬

‫‪357‬‬
‫‪Marine POUIT,Les atteintes à la présomption d’innocence en droit pénal de fond,‬‬
‫‪Université Paris II Panthéon - Assas Master II Droit pénal et sciences pénales Dirigé par‬‬
‫‪Monsieur le Professeur Yves MAYAUD, année 2013, page 14‬‬
‫‪358‬محمد أحدافي التكلفة االقتصادية والحقوقية لنظام االعتقال االحتياطيي من أجل حكامة قضائية رشيدةي م‪.‬سي ص‪32‬‬
‫وما بعدها‪.‬‬
‫‪175‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫والحال أن الفقرة السادسة من المادة ‪ 14‬من العهد الدولي للحقوق المدنية‬


‫والسياسية قررت حق كل شخص أوقعت به العقوبة بسبب حكم نهائي صادر عليه‬
‫من أجل جريمة الحق في التعويضي نتيجة الخطأ في تطبيق العدالة في حقه‪.‬‬

‫على هذا العهد وبالتالي تطرح هذه المسألة‬ ‫‪359‬‬


‫والواقن أن المغرب قد صادق‬
‫مدى التزام المغرب باالتفاقيات الدولية وسموها حقيقة على التشريعات الوطنية‪.‬‬

‫أما حين ننطلق من أصل البراءة وحرية القاضي في تكوين قناعته فالمسألة‬
‫واضحة وال ت حتاج إلى بياني فاالنطالق من المبدأ األول يرتب آليا المبدأ الثانيي‬
‫غير أن المشرع عندنا لم يلتزم ال بمبدأ أصل البراءة وال بحرية القاضي في تكوين‬
‫قناعتهي حينما أعطى لبعض المحاضر حجية مطلقة ال يمكن الطعن في مضمونها‬
‫كالمحاضر‬ ‫‪360‬‬
‫إال بالزور وال تقبل غير هذه الوسيلة المادة ‪ 292‬من ق‪.‬م‪.‬ج‬
‫المنجزة في إطار (مدونة الجماركي ومخالفات المياه والغابات‪ )...‬ليشرع لنا‬
‫التساؤل حول مدى أهمية حرية االقتناع لدى القاضي الجنائي في إصدار األحكام‪.‬‬

‫فإذا كان المقصود بحرية االقتناعي أن القاضي الجنائي يحكم بحسب ما اطمأن‬
‫إليه ضميرهي وهو ما عبر عنه المشرع عندنا في المادة ‪ 286‬من ذات القانون‪361‬ي‬
‫فالحقيقة أن ضابط الشرطة القضائية هو من يصدر األحكام ودور القاضي متوقف‬
‫على تالوتها فقطي فهل هذا يعني أن المتهم قد ال يوقن على المحاضر تحت ضغط‬
‫اإلكراه أو بسبب التعذيب الممارسي وكأن البراءة كأصل تحولت إلى استثناء ما دام‬
‫مصير المتهم في بعض المحاضر معروف مسبقا فقط ننتظر خروجه إلى حيز‬
‫الوجود‪.‬‬

‫وبالتالي فإذا كان قانون المسطرة الجنائية لم يكن وفيا ألصل البراءة في‬
‫نصوصه القانونيةي فهذا األمر له انعكاسه السلبي على ضمان محاكمة عادلةي لهذا‬

‫‪ 359‬محمد عبد النباويي ضمانات المحاكمة العادلة مرحلة جمن االستدالالتي م‪.‬سي ص ‪24‬‬
‫‪360‬المادة ‪ 222‬من قانون المسطرة الجنائية‬
‫‪ 361‬الحبيب بيهيي شرح قانون المسطرة الجنائية الجديدي الجزء األول ‪ -‬م‪.‬سي ص ‪286‬‬
‫‪176‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫كنا ننتظر من القضاء أن يسد تلك الثغرات من خالل مقرراتهم القضائية مادام‬
‫القضاء يجب عليه التطبيق العادل للقانوني فهل كان القضاء الجنائي عندنا على‬
‫وعي تام بمضمون أصل البراءة؟ ومدى تجسيد المقررات القضائية لهذا األصل؟‬

‫ثانيا‪ :‬حدود تجليات أصل البراءة على مستوى الممارسة القضائية‪.‬‬

‫إن البحث عن مدى استحضار القضاء الجنائي ألصل البراءة في مقرراتهم‬


‫القضائيةي يضعنا أمام ثالث نقط أساسية نحاول من خاللها اإلجابة عن األسئلة أعاله‬
‫حسب التسلسل الزمني للمحاكمة الجنائية‪.‬‬

‫على مستوى مرحلة البحث التمهيدي وبالتحديد إجراء الحراسة النظرية نجد‬
‫القضاء عندنا متمثل في محكمة النقض موقفه يعبر عن غرابة ال تحتاج ال لتأكيدها‬
‫أو البرهنة عليها فهو (محكمة النقض) يرى بأنه حتى ولو نص المشرع على مدة‬
‫الحراسة لمدة ‪ 48‬ساعة فإن احتفاظ الضابطة القضائية بالمشبوه فيه ‪-‬والمتهم بريء‬
‫إلى أن تثبت إدانته‪ -‬ولو لسنة أو لعدة سنوات ال يهمي ما يهم هو أن المحضري‬
‫واألدلة كلها منتجة بالنسبة للدعوى العمومية‪.‬‬

‫وترسيخا لتوجهه الغريب أكد المجلس األعلى سابقا (محكمة النقض حسب‬
‫التسمية الحالية) وفي أكثر من مناسبة على أن القواعد المتعلقة بالوضن تحت‬
‫الحراسة النظرية لم يقررها القانون تحت طائلة البطالن وعليه فال يمكن أن يترتب‬
‫عن خرقها تلك النتيجة إال إذا ثبت عدم مراعاتها جعل البحث عن الحقيقة وإثباتها‬
‫مشوبين بعيوب في الجوهر‪.‬‬

‫وقد قررت محكمة النقض بأن للنيابة العامة الحق في تمديد الوضن تحت‬
‫الحراسة النظرية رغم بقاء المشبوه فيه بمخفر الضابطة مدة تقارب السنة بل إن‬
‫المجلس األعلى تجاوز كل التبريرات الممكنة وأضفى كما لو كان هو نفسه المشرع‬
‫قحسب تعبير بعض الفقهق طابن المشروعية على اعتقاالت تحكمية خارج إطار ما‬

‫‪177‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫ينص عليه القانون حينما قال قبأن تجاوز المدة ال يمكن أن يؤدي إلى البطالن ولو‬
‫‪362‬‬
‫تجاوزت السنة‪.‬‬

‫وهو ما عبر عنه المجلس األعلى في موضن آخر حينما اعتبر أن القواعد‬
‫المتعلقة بالوضن تحت الحراسة النظرية غير مقرر تحت طائلة البطالن وعليه ال‬
‫يمكن أن يترتب عنها بطالن المسطرة إال إذا ثبت أن عدم احترامها جعل البحث عن‬
‫الحقيقة وإثباتها مشوبين بعيوب في الجوهري قرار صادر بتارين ‪.1971/1/26‬‬

‫وفي قرار آخر اعتبرت نفس المحكمة أنه لئن كان قانون المسطرة الجنائية في‬
‫الفصلين ‪ 66‬و‪ 81‬منه قد حدد مدة الوضن تحت الحراسة النظريةوعبر على ذلك‬
‫بصيغة الوجوب فإنه لم يرتب جزاء البطالن على عدم احترام ذلك كما فعل بالنسبة‬
‫للمقتضيات المنصوص عليها في بعض الفصولي(المادة األول م‪ 61‬و‪62‬وو‪64‬‬
‫و‪61‬منه) إذ قد يتعذر تقديم الشخص في الوقت المحدد ألسباب تتعلق بالبحث كما‬
‫هو الحال في النازلة التي تطلبت القيام بالعديد من المعاينات وليس في هذا ما يمكن‬
‫‪363‬‬
‫اعتباره خرقا لحقوق الدفاع أو مسا بحريات األفراد‪.‬‬

‫فإن كان ال بد لنا من مالحظات فهي كالتالي‪:‬‬

‫‪ ‬اجتهاد محكمة النقض من وجود نص يشكل خرقا لقاعدة ال اجتهاد من وجد‬


‫نصي وضربا لمبدأ الشرعية الذي هو أساس دولة الحق والقانون ما دام الكل يجب‬
‫أن يحتكم له ويمتثل لمقتضياته بما فيهم السلطة القضائيةي وهو ما نص عليه الفصل‬
‫‪ 711364‬من ق‪.‬م‪.‬ج قكل إجراء يأمر به هذا القانون ولم يثبت إنجازه على الوجه‬
‫القانوني يعد وكأنه لم ينجز‪...‬ق وعليه فالفصل أعاله صريح في عباراته وال يتطلب‬
‫جهد لتأويله‪.‬‬
‫‪362‬قرار عدد ‪ 1715‬بتارين ‪ 1276-12- 16‬أشار إليه محمد أحدافي شرح قانون المسطرة الجنائية الجديدي مطبعة وراقة‬
‫سجلماسةي الطبعة الثانية ‪2115/2114‬ي ص ‪436 .435‬‬
‫‪363‬قرار صار صادر عن المجلس األعلى بتارين ‪ 1286/3/25‬تحت عدد ‪ 2461‬أورده محمد بفقير في كتابهي قانون‬
‫المسطرة الجنائية والعمل القضائي المغربيي م‪.‬سي ‪27 .26‬‬
‫‪364‬المادة ‪ 751‬من قانون المسطرة الجنائية‪.‬‬
‫‪178‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫‪ ‬يبرر المجلس األعلى توجهه هذا بكون المادة ‪ 66‬لم ترتب جزاء كما فعل‬
‫ذات المشرع من تفتيش المنازلي فالغريب هنا أن هذا التبرير يشكل حجة عليه‬
‫وليس ح جة لهي مادام أن إمكانية القياس متحققة هنا التحاد العلة فكل من تفتيش‬
‫المنازل والحراسة النظرية يرتبطان بحقوق أساسية للمشتبه فيهي بل األولى تطبيقه‬
‫على الحراسة النظرية ألن المسألة تتعلق بالحق في الحرية باعتباره حقا طبيعيا ال‬
‫يقيد إال في حالت استثنائية جدا وطبقا للقانوني وبالتالي فتوجه محكمة النقض يشكل‬
‫‪365‬‬
‫خرقا ألحكام الفصل ‪ 23‬من دستور ‪.2111‬‬
‫‪ ‬حتى على فرض عدم انتباه محكمة النقض لمقتضيات المادة ‪ 711‬من‬
‫ق‪.‬م‪.‬ج رغم صراحتها أو الفصل ‪ 23‬من الدستوري فاالنطالق من جوهر المادة‬
‫من ق‪.‬م‪.‬جي ونقصد أصل الباءة واستحضاره من لدن قضاء محكمة‬ ‫‪366‬‬
‫األولى‬
‫النقض عندنا يجعلها بمنأى عن التوجه أعالهي ألن هذه األخيرة حسب منطوق المادة‬
‫أعاله ال زالت أمام بريء بمقتضى الطبيعة وبحكم القانوني وعليه فأي تأويل لنص‬
‫قانوني أو إجراء من إجراءات المسطرة الجنائية يتعين أن تنطلق فيه من المبدأ‬
‫أعالهي (أصل البراءة)ي ألن التوجه أعاله يضعنا أمام فرضية واحدة هو أن محكمة‬
‫النقض تعتبر الشخص الموضوع قيد الحراسة النظرية مدان‪.‬‬
‫‪ -‬إذا انطلقنا من فرضية رغم عدم صحتها كون المشرع لم يتجه قصده نحو‬
‫ترتيب جزاء على مخالفة المدة أعاله وهذا مستبعد عقال وقانونا وفق المومأ إليه‬
‫سلفاي فالقضاء وظيفته في هذه الحالة أن يصلح هذا العيب ألن القضاء في جمين‬
‫األحوال مدعو لتطبيق جوهر النص القانوني واالبتعاد عن حرفية النص وفق‬
‫‪367‬‬
‫منطوق الفصل ‪ 111‬من الدستور‪.‬‬

‫أما بخصوص مرحلة التحقيق وعلى وجه الخصوص تدبير االعتقال االحتياطي‬
‫قد ال نبالغ إن قلنا أن القضاء ببالدنا (قضاء التحقيق) حول هذا التدبير من استثناء ال‬

‫‪365‬راجن المفصل ‪ 23‬من دستور المملكة ‪2111‬‬


‫‪366‬المادة األولى من قانون المسطرة الجنائية‬
‫‪367‬الفصل ‪ 111‬من دستور المملكة لسنة ‪2111‬‬
‫‪172‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫يلجأ إليه إال في حاالت ضيقة جدا وال يتوسن في تفسيره أو يقاس عليهي إلى أصل‬
‫يعطى األمر بإنفاذه حسب مزاج قاضي التحقيق وهواه في تأويله لمقتضيات هذا‬
‫التدبيري ولعل ما يؤكد صواب ما قلناه هي االحصائيات التي كشف عنها المرصد‬
‫المغربي للسجوني حيث وصل عدد المعتلين احتياطيا في سنة ‪2112‬ي ‪ 32‬ألف و‬
‫‪ 626‬معتقال احتياطياي من مجموع عدد السجناء الذي يصل إلى ‪ 71‬ألف و ‪621‬‬
‫‪368‬‬
‫سجينا في شتنبر ‪.2112‬‬

‫وبالتالي فهذا يعطينا تصور واضح عن حجم الممارسة القضائية غير السليمة‬
‫ببالدناي فإذا كان المشرع قد أسبغ صراحة على االعتقال االحتياطي وصف التدبير‬
‫االستثنائي قفال يجب اللجوء إليه إال عند الضرورة القصوى وليس بطريقة آليةق‬
‫غير أن الممارسة القضائية لألسف ال تتوافق بالضرورة ما يقضي به صراحة‬
‫أحكام قانون المسطرة الجنائية‪.‬‬

‫وفي مجمل األحوالي ال يمكن تبرير اعتقال متهم على أساس فرضيات أثبتت‬
‫عدم صحتها مثل احتمال انتقامه من المجتمن أو فرارهي أو سعيه إلى تبديد وسائل‬
‫اإلثباتي فمن غير المقبول االعتداء على الحريات الفردية بسبب االحتماالتي األمر‬
‫الذي ال يجب أن يمنحنا القوة لالعتراف بأنه حقا مجرد تدبير استثنائيي لكن وهذا‬
‫هو األهم يجب تغيير مضمون الممارسة القضائية ألجل ترجمة هذه الطبيعة‬
‫‪369‬‬
‫االستثنائية وتأكيدها تطبيقا وعمال‪.‬‬

‫على الرغم من أن محكمة النقض كانت تقضي بين الفينة واألخرى بوجوب‬
‫لألسف‬ ‫‪370‬‬
‫إبراز مبررات االعتقال االحتياطيي قرار صادر بتارين ‪1991/4/11‬‬
‫فقضاة التحقيق ال يلتزمون باجتهادات محكمة النقض من العلم أن االجتهاد القضائي‬
‫‪ 368‬هذه اإلحصائيات أوردها محمد العروصييفي مقاله بعنوان العمل ألجل المنفعة العامة وفقا لمسودة مشروع القانون‬
‫الجنائيي منشور بمجلة العلوم الجنائيةي العدد الثاني ‪2115‬ي ص ‪ 118‬في الهامش‬
‫‪ 369‬محمد أحدافي التكلفة االقتصادية والحقوقية لنظام االعتقال االحتياطيي من أجل حكامة قضائية رشيدةيم‪.‬سي ص ‪.44‬‬
‫‪45‬‬
‫‪370‬قرار صادر عن المجلس األعلى بتارين ‪1221/4/25‬تحت عدد ‪ 3487‬أورده د‪ .‬محمد بوفقيري في كتابه قانون‬
‫المسطرة الجنائية والعمل القضائي المغربيي م‪.‬سي ص‪141‬‬
‫‪181‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫يشكل إحدى مصادر التشرين التكميليةي تحت دريعة وهي على أية حال غير‬
‫مستساغة عقال ومنطقا منح قاضي التحقيق سلطات واسعة تحرره من أي قيد يرد‬
‫‪371‬‬
‫عليها‪.‬‬

‫بقي لنا أن نشير في آخر هذه الدراسة إلى مسألة الحجية المطلقة لمحاضر‬
‫الجنح المنصوص عليها في ‪ 292‬من ق‪.‬م ج فهذه األخيرة تثير حقيقة تناقض بين‬
‫ذات المشرعيفواضن قانون م‪.‬ج نص على حرية اإلثبات في المادة الجنايةي‬
‫وارتباطا بذات الموضوع منن كل اعتراف تم انتزاعه بالعنف أو اإلكراه (م ‪293‬‬
‫ق‪.‬م‪.‬ج) لتأتي الممارسة القضائية وتكرس هذا االنتهاك للحق في محاكمة عادلة‪.‬‬

‫حيث جاء في قرار المجلس األعلى بأن المحاضر التي تحرر من طرف‬
‫شخصين من رجال الجمارك في المسائل الماليةي يوثق بها إلى أن يدعى فيها‬
‫بالزوري ولهذا الغرض يتعرض للنقض الحكم الذي اعتبر محضرا من هذا النوع‬
‫باطالي استنادا إلى إثبات ما يخالفه بشهادة الشهود والقرائن‪.372‬‬

‫إن المادة المومأ إليها أعاله تضعنا أمام مجموعة من االستفسارات أهمها‪:‬‬

‫‪ ‬إذا كان قانون المسطرة الجنائية قد قرر حرية اإلثبات وأن الحكم او القرار‬
‫الجنائي القاضي باإلدانة ال يصدر إال بناء على قناعة تامة ال يشوبها شكي فالمالحظ‬
‫هنا ان الموظفين المكلفين بتحرير المحاضر في الحقيقة هم من يتكلفان بإصدار‬
‫األحكام وينحصر دور القاضي فقط في تالوة هذا الحكم مادام أن المحضر سالف‬
‫الذكر يحوز حجية مطلقة وال يمكن الطعن فيه إال بالزور‪.‬‬
‫‪ ‬إذا انطلقنا من فرضية أن المحضر أعاله يتضمن تعزيز براءة المتهمي‬
‫واعتراف هذا األخير بارتكابه للجريمة فالقاضي في هذه الحالة ملزم باإلعالن عن‬
‫البراءةي رغم ثبوت اإلدانة في حق المتهم أعاله‪.‬‬
‫‪ 371‬محمد أحدافي التكلفة االقتصادية والحقوقية لنظام االعتقال االحتياطيي من أجل حكامة قضائية رشيدةي م‪ .‬ني ص ‪53‬‬
‫‪372‬قرار عدد ‪ 1811‬بتارين ‪ 24‬نونبر ‪ 1277‬أورده د‪ .‬الحبيب بيهي في هامش كتابه شرح قانون المسطرة الجنائية الجديد‬
‫‪-‬الجزء األول‪-‬م‪.‬سي ص ‪311‬‬
‫‪181‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫‪ ‬كما يتضح الطابن الالمعقولي لهذا النوع من المحاضري لكونها تنطوي على‬
‫حجية مطلقةي تهدم مبدأ حرية اإلثبات وحرية االقتناعي في حين أن محررها ليس‬
‫معص وم من الخطأي مما يجعل التساؤل مطروحاي حول السبب الذي دفن المشرع‬
‫ألن يضفي هذه الحجية المطلقة على هذا النوع من المحاضري علما بأن مسطرة‬
‫‪373‬‬
‫االدعاء بالزور مسطرة معقدةي وليس لها حظوظ لتفنيد محتوى المحضر‪.‬‬
‫‪ ‬صحيح أن هذه الجرائم تكتسي طابن اقتصادي وبالتالي يصعب إثباتها بشهادة‬
‫الشهود أو القرائني لكن ما يعزز مخاوفنا ان هذه المحاضر تتم في سرية تامة بناء‬
‫على النظام التفتيشي المقرر في مرحلة البحث التمهيدي‪.‬‬
‫‪ ‬أيضا للقضاء دور في تكريس هذا االنتهاك الملموس ألصل البراءة حينما ال‬
‫يكلف نفسه عناء البحث عن الحقيقة عندما يتعلق االمر بمحاضر الجنح المنصوص‬
‫عليها في الفصل ‪ 291‬ق‪.‬م‪.‬ج وهي تتعلق بالجنح والمخالفات‪.374‬‬

‫خاتمة‪:‬‬

‫وختاما نخلص إلى نتائج أساسية وهي أن المشرع ال زال إن صح التعبير‬


‫متخلفا عن المفهوم الجوهري ألصل البراءة واستحضارها في مختلف أطوار‬
‫المحكمةي وقد ال نبالغ إن قلنا أن المشرع عندنا ال زال يفتقد للجرأة الضرورية من‬
‫أجل االستقالل القانوني عن واضن القانون الفرنسي ألن ما يضن القانون الفرسي‬
‫من نصوص متعلقة بأصل البراءة وذات ارتباط بمفهوم المحاكمة العادلةي ونقصد‬
‫هنا قانون المسطرة الجنائية الفرنسيي يحتاج فيه واضن القانون المغربي إلى ما‬
‫يزيد عن ‪ 11‬سنواتي وما يزيد أهمية إعادة النظر في النصوص القانونية ذات‬

‫‪ 373‬محمد اإلدريسي العلمي المشيشيي مالءمة قانون المسطرة الجنائية من مبادئ حقوق اإلنساني منشورات المجلس‬
‫الوطني لحقوق اإلنساني م‪.‬سي ص ‪221‬‬
‫‪374‬الفصل ‪ 221‬من قانون المسطرة الجنائية‬
‫‪182‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫الصلة بأصل البراءة هو تأثيرها السلبي على القضاء عندناي الذي عليه ان يستحضر‬
‫مسألتان أساسيتان وهو يبت في قضية جنائية‪:‬‬

‫المسألة األولى‪ :‬أصل البراءة وفق المشار إليه أعاله‪.‬‬

‫والمسألة الثانية‪ :‬ان يطبق قاض الحكم النص القانوني تطبيقا عادالي بمعنى أدق‬
‫ان يطبق القاضي روح النص القانوني‪.‬‬

‫من هنا نخلص إلى تساؤل نرجو أن يكون موضوع أبحاث أخرى والمتمحور‬
‫حول موقف مسودة مشروع قانون المسطرة الجنائية من مبدأ أصل البراءة ومدى‬
‫تجاوز سلبيات النصوص سالفة الذكر؟‬

‫‪183‬‬
‫مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عدد ‪ / 11‬السنة الثالثة ‪0202‬‬

‫‪184‬‬

You might also like