Professional Documents
Culture Documents
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن سلسلة الابحاث الجامعية و الاكاديمية العدد 30 مارس 2020
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن سلسلة الابحاث الجامعية و الاكاديمية العدد 30 مارس 2020
3
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
4
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
5
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
الدكتو ر إدريس الشبلي :مستشار بمحكمة االستئناف بالعيون و أستاذ زائر بكلية العلوم القانونية ابن زهر أكادير…………..مشرفا
الدكتور إدريس الحياني :أستاذ التعليم العالي بكلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ابن زهر أكادير…………….عضوا
الدكتور إسماعيل أبو ياسين :أستاذ التعليم العالي بكلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ابن زهر أكادير….…..عضوا
السـنة الجـامعيـة
2018-2019
6
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
7
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
يقول اهلل تعالى ﴿ :و ق ل اعملوا فسيرى اهلل عملكم و رسوله و المؤمنون﴾
َر ِ
ض﴾ ِ
اس فَيَ ْمكث في ْاْل ْ
و في قوله عز و جل ﴿فَأَمَّا الزَّبَد فَيَذْ َهب جفَاء ۖ َوأَمَّا َما يَنفَع النَّ َ
سورة الرع د اآلية 71 :
إه داء:
الحمد اهلل على إحسانه والشكر له على توفيقه ومنه ونشهد أن ال إله إال اهلل وحده ال شريك له
تعظيما لشأنه ونشهد أن سيدنا ونبينا محمد عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى اهلل عليه
وعلى آله وأصحابه وأتباعه وسلم.
إلى التي وهبت ف لذة كبدها كل العطاء والحنان ..إلى التي صبرت على كل شيء التي
الرعاية وكانت سندي في الشدائد ..إلى أم ي جزاها اهلل عني خير الجزاء في
رعتني حق ّ
الدارين.
إلى رمز الرجولة والتضحية ..إلى من دفعني إلى العلم و به ازداد اإلفتخار
إلى الذين نقول لهم ،بشراكم قول رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم:
" إن الحوت في البحر ،والطير في السماء ،ليصلون على معلم الناس الخير"
8
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
ش كر وع رف ان
يقول الحق في محكم كتابه ﴿ رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي
﴾ سورة النمل اآلية .71 وأن أعمل صالحا ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين
رواه البخاري في اْلدب ق ال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ﴿ :ال يشكر اهلل من لم يشكر النلس ﴾
المنفرد ،،حديث صحيح صححه اْللباني.
بع د شكر اهلل سبح انه و تعالى على منه و توفي قه لنا إلتمام هذا العمل ،أتقدم بجزي ل الشكر إلى
ال والدين الغ اليين الذين أع انوني و شجعوني على االستمرار في مسيرة العلم والنجاح و التمييز.
كما أزجي الشكر ف ائقه والثناء أجلّه إلى من شرفني بإشرافه و تأطيره على رسالتي فضيلة الدكتور " أحمد قيلش " بصبره
الكبير علي ولتوجيهاته العلمية النيرة التي ال تقدر بثمن أثناء مشواري العلمي بالماستر و اإلجازة ،و اْلستاذ الجليل "محمد زنون "
الذي لن تكفي كلمات هذه الرسالة إليف ائه حقه من الثناء و التقدير؛ كما أتقدم بخالص الشكر إلى الدكتور " إدريس الشبلي "
الذي كان له الدور الكبير في إتمام هذا العمل ،و التي ساهمت توجيهاته بشكل كبير في إتمامه و استكماله؛ و أيضا ال يفوتني
أن أتوجه بخالص شكري وتقديري إلى كل من الدكتورين الجليلين " إدريس الحياني " و " إسماعيل أبو ياسين " على قبولهم
مناقشة هذه الرسالة و إبداء مالحظاتهم القيمة إلخراجه في حلته الجديدة ،
و أيضا أتقدم بجزيل الشكر :إل ى كل من س اعدني من قريب أو من بعي د على إنج از وإتمام ه ذا العمل.
9
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
– 2أبريل – 2281
10
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
:سنة س
:جزء ج
:طبعة ط
:فقرة ف
:صفحة ص
11
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
م قدم ة
اعتمدت الدول إلرساء أنظمتها و استتباب األمن بشتى مظاهره داخل مجتمعاتها إلى
وضع قوانين تحكم سلوك األفراد و الجماعات ،عالوة على إحداث مؤسسات تعمل على
تأطير المواطنين و معه ضمان احترام القانون الموضوع من قبل المؤسسات الحاكمة ،وذلك
كله يبرز االستراتيجية الوطنية للدولة المتجهة إلى وضع تصور للعالقة التعاقدية بين الحاكم
و المحكوم ،و في هذا الصدد فإن تعدد المؤسسات القانونية المساهمة بدورها تروم ضمان
حقوق األفراد و حرياتهم و تحصين تعامالتهم ،و من بين هذه المؤسسات التي أرست
دعائمها المملكة المغربية نجد السلطة القضائية ،1فإذا كان قضاة األحكام هم المسئولون عن
_1أكد دستور المملكة المغربية السادس ،بمثابة الظهير الشريف رقم 11111.1الصادر في 72من شعبان 1347الموافق
ل 7.يوليو 7111بتنفيذ نص الدستور ،و المنشور بالجريدة الرسمية عدد 4.93مكرر بتاريخ 7.شعبان 1347الموافق
ل 41يوليو ،7111على استقالل السلطة القضائية في الباب السابع منه ،و أيضا على تمام االستقاللية عن السلطتين
التشريعية و التنفيذية ،و أن الملك هو الضامن الستقاللها حسب الفصل 112منه ،و ذلك في نطاق النظام الدستوري
للمملكة القائم على أساس فصل السلط و تعاونها و توازنها حسب الفقرة الثانية من الفصل األول منه.
للتوسع راجع بهذا الخصوص كل من :
-محمد الداودي ،استقالل السلطة القضائية (بين التنصيص القانوني و متطلبات التطبيق) ،مقالة منشورة بمجلة
القانون المدني ،العدد الثالث لسنة ،7119ص .731
-محمد بوكرمان ،استقالل السلطة القضائية بين المعايير الدولية و القوانين الوطنية و الممارسة العملية ،مقالة
منشورة بمجلة المعيار ،تصدرها هيئة المحامين بفاس ،العدد الثامن و األربعون ،دجنبر ،7117ص .194
أحمد حرمة ،بعض المحطات اإلصالحية الكبرى في مسار العدالة المغربية ،مقالة منشورة بمجلة المعيار، -
تصدرها هيئة المحامين بفاس ،العدد الثاني و الخمسون ،لسنة ،7119ص .14
-رشيد عدنان و منير الحجاجي ،أي إصالح لمنظومة العدالة بالمغرب؟ قراءة في ميثاق إصالح القطاع ومخرجاته
التشريعية ،مقالة منشورة بالمجلة المغربية للدراسات القانونية االقتصادية ،العدد االفتتاحي ،يناير ،7119ص
174و ما يليها.
-حكيم التوزاني ،الوثيقة الدستورية المغربية لسنة :7111البحث في إمكانية القطع مع الممارسات التقليدية تأسيسا
لدستور االنتقال الديمقراطي ،مقالة منشورة بمجلة األبحاث و الدراسات القانونية ،العدد األول ،يناير-مايو ،7114
ص 71.و ما يليها.
12
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
التطبيق العادل للقانون في مختلف القضايا المعروضة أمامهم ،فإن األمر ال يختلف مطلقا
بالنسبة للنيابة العامة 2الحريصة على تطبيق القانون و إتباع التعليمات القانونية الصادرة عن
السلطة التي يتبعون لها كمبدأ دستوري ،3و هذه األخيرة التي تستمد صالحياتها بموجب
قانوني المسطرة المدنية 4و المسطرة الجنائية 5و أيضا نصوص خاصة كما هو الحال
بالنسبة قوانين المهن القانونية و القضائية.6
-فوزي بنعزي ،حقوق اإلنسان في الخطاب السياسي المغربي و سمو المؤسسات الوطنية لمواجهة المتغيرات
الداخلية و الخارجية ،مقالة منشورة بمجلة العلوم القانونية ،العدد التاسع لسنة ،7112ص 9.و ما يليها.
-يوسف الزوجال ،المداخل الدستورية من أجل تأهيل منظومة العدالة بالمغرب ،مقالة منشورة بمجلة المنارة ،العدد
السادس ،أبريل ،7113ص 142و ما يليها.
-البشير زريقي ،القضاء و حماية الحريات العامة ،مقالة منشورة بمجلة البحوث :فقهية – قانونية – قضائية ،العدد
الرابع ،يونيو ،7114ص .144
_2يدخل قضاة النيابة العامة في ضمن تكوين المحاكم ببلدنا ،في كل من المحاكم االبتدائية و محاكم االستئناف و محكمة
النقض ،إضافة إلى المحاكم المتخصصة باستثناء المحاكم اإلدارية بدرجتيها األولى و الثانية ،وفقا لقوانين التنظيم القضائي
للمملكة.
_3ينص الفصل 111من دستور 7111على أنه " :ال يلزم قضاة األحكام إال بتطبيق القانون ،و ال تصدر أحكام
القضاء إال على أساس التطبيق العادل للقانون.
يجب على قضاة النيابة العامة تطبيق القانون ،كما يتعين عليهم االلتزام بالتعليمات الكتابية القانونية الصادرة عن السلطة
التي يتبعون لها".
_4الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 11231332المؤرخ في 11رمضان 14.3الموافق ل 72شتنبر 1.23بالمصادقة
على نص قانون المسطرة المدنية ،و المنشور بالجريدة الرسمية عدد 4741مكرر ،بتاريخ 41شتنبر ،1.23ص .7231
_5الظهير الشريف رقم 11171744صادر في 74رجب 1374الموافق ل 4أكتوبر 7117بتنفيذ القانون رقم 77111
المتعلق بالمسطرة الجنائية ،و المنشور بالجريدة الرسمية عدد 4122بتاريخ ،7114/11/41ص .414
_6من خالل دراستنا الرصينة تبين لنا أن تحديد مفهوم المهن القانونية و القضائية ،يجد ارتباكا و تجاذبا في اآلراء الفقهية
و كذلك بعض التعريفات الموضوعة من القضاء المغربي ،و على اعتبار أن كافة القوانين المهن التي سنها المشرع
المغربي ،اتفقت على اعتبارها مهنا حرة مستقلة ،و هي بعيدة عن التنظيم الوظيفي و التبعية اإلدارية للسلطة التنفيذية ،لكن
هذا الجدل راجع باألساس إلى طبيعة المهام الموكولة ألشخاص المهن القانونية و القضائية ،بين اعتبارها مهنا مساعدة
للقضاء في صناعة العدل من جهة ،كما هو الحال بالنسبة لكل من المحاماة و للعدول و المفوضين القضائيين والخبراء
القضائيين والتراجمة و النساخة و التي هي كلها أحد أضالع أسرة القضاء إضافة إلى كتابة الضبط التابعة لو ازرة العدل ،و
بين اعتبارها مهنا حرة قانونية من جهة أخرى ذات طبيعة التوثيقية كمهنة التوثيق إضافة إلى خطة العدالة بالرغم من
صراحة المادة األولى المنظمة لهذه المهنة ،فهذا الجدل المحسوم قانونا في غالية طبيعة هذه المهن المكونة لمنظومة
13
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
والتشريع المغربي لم يعرف نظام النيابة العامة 7كمؤسسة قائمة الذات إال عندما احتك
بأوروبا عن طريق فرض الحماية على المغرب ،فهذا النظام يعد من ضمن التراث القانوني
الذي حملته فرنسا باعتبارها دولة حامية للمغرب ابتداء من معاهدة فاس المبرمة في 03
مارس ،9191ذلك أن القضاء اإلسالمي لم يعرف هذه المؤسسة إلى أن دخلت أول مرة إلى
المغرب بمقتضى ظهير 91غشت 9190المتعلق بالتنظيم القضائي للحماية الفرنسية
بالمغرب ،و قد اختلف المفكرون القانونيون حول تاريخ ظهور هذه المؤسسة ،لكن بعضهم
اتفق على أن ظهورها يرجع إلى القرن الرابع عشر مستندين في ذلك على الرسالة الملكية
للملك فيل يب الخامس الموجهة إل وكالء المحاكم الفرنسية ،و التي تضمنت أم ار ملكيا من
هذا األخير بالمنع من االنتصاب كطرف في الدعاوى التي ال تمس بمصالحه وحقوقه.8
أما في وقتنا الحاضر ف قد شهد المغرب إصالحات تهم السلطة القضائية و باألساس
جهاز النيابة العامة ،حيث عمل على فك ارتباطها بالسلطة التنفيذية بشكل مطلق أي عن
العدالة ببالدنا ،كرس تفاوتات تشريعية في تبعيتها الرقابية أو التأديبية لو ازرة العدل ،أو للهيئات و المجالس المهنية ،و وحدة
المراقبة التي يفرضها القضاء سواء من جهة النيابة العامة و كذلك قضاء الموضوع والقانون.
لنجد أيضا أن ممارسي هذه المهن و في ظل وحدة المهام و تقديم الخدمة القانونية و القضائية للمواطن ،أصبح االختالف
يبرز هو اآلخر على الصفة المخولة قانونا ،حيث سبق لو ازرة العدل إصدار منشور عدد .9س 7المؤرخ في 7نونبر
7114باعتبارها المشرفة حاليا على كافة المهن كما يوضح ذلك منشور رئيس النيابة العامة الصادر سنة ،7112وذلك
في موضوع احترام الموثقين و العدول للصفة القانونية المخولة لهم ،حيث لوحظ استعمال صفتهم زيادة على اعتبارها توثيقا
عدليا أو عصريا و هو ما يخالف القوانين المنظمة لهاتين المهنتين.
لنخرج بتعريف محدد لهذه المهن مفاده " :تعتبر المهن القانونية و القضائية مهنا حرة مستقلة منظمة بمقتضى القوانين
الخاصة بها ،و التي تكتسي في جوهر مهامها طبيعة مساعدة للقضاء بالرغم من اختالف المهام المسندة لكل مهنة على
حدى ،و المحددة في سبع مهن :المحاماة؛ التوثيق؛ خطة العدالة؛ المفوضين القضائيين؛ الخبراء القضائيين؛ التراجمة
المحلفين؛ مهنة النساخة".
_7النيابة العامة مصطلح يطلق في النظام القضائي المغربي على فئة من رجال القضاء ،يوحدهم جميعا السلك القضائي
ويشملهم النظام األساسي القضاء الظهير الشريف بمثابة قانون الصادر في 41جمادى الثانية 4141والموفق 41
24/03/20بتنفيذ القانون التنظيمي رقم .411644
_8حليمة المغاري ،التنظيم القضائي المغربي وفق آخر المستجدات القانونية ،الطبعة الثانية لسنة ،7112مطبعة قرطبة-
أكادير ،ص 144و ما يليها.
14
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
وزير العدل ،9و ذلك بعد إصدار القانون 11.33و المتعلق بنقل اختصاصات السلطة
الحكومية المكلفة بالعدل إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بصفته رئيسا للنيابة
العامة ،10و بسن قواعد تنظيم رئاسة النيابة العامة ،11و ذلك إيمانا من المشرع المغربي من
إزالة أي مداخل لشبهة تقاطع السياسي مع القضائي ،12إضافة إلى مرجعيات أخرى متعددة
فرضتها الظرفية الحالية ببالدنا ،13و التي ارتقت بالمغرب إلى مصاف الدول الرائدة والداعمة
لالستقالل التام للسلطة القضائية عن السلطتين التشريعية و القضائية وذلك بإرادة ملكية
حكيمة لجاللة الملك محمد السادس.14
و لعل إصالح نظام القضاء بالمغرب و تطوير أساليب سيره ال يهتم فقط بالمحاكم
والقضاة والموظفين اإلداريين و التقنيين ،و إنما أولى المشرع المغربي عناية مهمة لباقي
مكونات أسرة العدالة من المهن القانونية والقضائية ،و التي تساهم بدورها على كافة
15
المستويات في تصريف العدالة و مساعدة القضاء في تحقيق األمن القانوني و القضائي
_9راجع بهذا الخصوص :عبد الكبير طبيح ،ما هي السلطة التي تتبع لها النيابة العامة؟ ،مقالة منشورة بالمجلة المغربية
لنادي قضاة ،العدد األول ،دجنبر ،7117ص .132
_10للتوسع بخصوص تنظيم رئاسة النيابة العامة راجع :لطيفة الداودي ،دراسة في قانون المسطرة الجنائية المغربية وفق
آخر التعديالت إلى غاية سنة ،7112الطبعة السابعة لسنة ،7112المطبعة و الوراقة الوطنية-مراكش ،ص.121
_11المنشور بالجريدة الرسمية عدد ،9914بتاريخ 72ذو الحجة 1342و الموافق ل 12سبمتمبر .7112
_12مح مد الهيني ،مداخل إزالة شبهة تقاطع السياسي مع القضائي :استقالل النيابة العامة عن وزير العدل نمودجا؟ ،مقالة
منشورة بمجلة اإلشعاع ،مجلة قانونية تصدر هن هيئة المحامين بقنيطرة ،العدد ،34يونيو ،7114ص 143و ما يليها.
_13عبد العالي العضراوي ،مأسسة رئاسة النيابة العامة ،مقالة منشورة بمجلة المعيار ،تصدرها هيئة المحامين بفاس ،العدد
الرابع و الخمسون ،أبريل ،711.ص 111و ما يليها.
_14للتوسع راجع :عبد الكريم الطالب ،جهود المغفور له الملك الحسن الثاني في التكريس الدستوري و المؤسساتي
الستقالل القضاء ،مقالة منشورة بمجلة محاكمة ،العدد ،19أبريل-يونيو ،711.ص 11و ما يليها.
_15عبد المجيد غميجة ،مبدأ األمن القانوني و ضرورة األمن القضائي ،عرض مقدم في إطار الندوة المنظمة من طرف
الودادية الحسنية للقضاة بمنسبة المؤتمر الثالث عشر للمجموعات اإلفريقية لإلتحاد العالمي للقضاة ،بالدار البيضاء بتاريخ
72مارس ،7112عن مديرية الدراسات و التعاون و التحديث بو ازرة العدل ،ص 4و ما يليها.
15
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
وتكريس الحكامة القضائية ،16األمر الذي يفسر اهتمامه الكبير بهذه المهن الحرة ،وذلك من
خالل مراجعة القوانين المنظمة لمهنهم في مسلسل تحديث المنظومة القانونية ،ووعيا منه أن
صناعة العدالة وجعل القضاء في خدمة المواطن و أداء الخدمة القضائية على الوجه
الحسن ،ال يتحمل مسؤوليتها القاضي لوحده ،و إنما تساهم فيه مجموعة من المتدخلين
المساعدين له ،والذين يتفاوت دورهم في ذلك بحسب موقع كل واحد منهم.17
و من بين هذه نجد ممارسي المهن القانونية و القضائية التي عمل المشرع المغربي
19
ومهنة المفوضين القضائيين 18
على تنظيمها تنظيما قانونيا ،نجذ كل من المحاماة
_16تعتبر الحكامة القضائية ضرورة ملحقة لبناء دولة الحق و القانون و تحقيق التنمية و تعزيز النجاعة القضائية ،والتي
تروم التفعيل األمثل للترسانة القانونية التي يتوفر عليها المغرب في ضل دستور ،7111و ذلك بجعل السلطة القضائية
مستقلة و نزيهة و فعالة لضمان الحقوق المكرسة ،و ترتبط الحكامة القضائية بمجموعة من القواعد و اإلجراءات باإلضافة
إلى التدبير السليم لطرق التنظيم المعتمدة في الشأن القضائي ،و التي تكتسي أهمية إستراتجية في منظومة إصالح العدالة،
بالنظر إلى دورها الفريد في تقديم الخدمة العمومية للمتقاضين وفق المعايير المعمول بها وطنيا و دوليا.
راجع كل من :
-عبد الحق دهبي ،الحكامة القضائية ،مقالة منشورة بمجلة محاكمة ،العدد المزدوج 11-.لمارس/مايو ،7119
ص.9.
-يوسف الزوجال ،موقع الحكامة القضائية في الدستور المغربي ،مقالة منشورة بمجلة الرقيب ،العدد الثالث ،نونبر
،7113ص 112و ما يليها.
_17راجع كل من :
نورة غزالن الشنيوي ،التوجهات الكبرى لإلصالح الشامل و العميق لمنظومة العدالة ،التنظيم القضائي في ضوء -
مستجدات سنة ،7119الطبعة األولى لسنة ،7119مطبعة األمنية-الرباط ،ص .144
-عبد الكريم الطالب ،التنظيم القضائي المغربي ،الطبعة الخامسة لسنة ،7112مطبعة النجاح الجديدة-الدار
البيضاء ،ص 129
_18ظهير شريف رقم 3....3.3صادر في 0.من شوال 0.( 3201أكتوبر )0...بتنفيذ القانون رقم 0....المتعلق
بتعديل القانون المنظم لمهنة المحاماة .المنشور بالجريدة الرسمية الجريدة الرسمية رقم 4921الصادرة في 9نوفمبر
.7112
_19ظهير شريف رقم 1119174صادر في 14من محرم 13( 1372فبراير )7119بتنفيذ القانون رقم 21114بتنظيم
مهنة المفوضين القضائيين ،المنشور بالجريدة الرسمية عدد 4311بتاريخ فاتح صفر 7( 1372مارس ،)7119ص
.44.
16
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
و التي اقتصرت دراستنا على اإلحاطة بهم في عالقة بتدخل النيابة 21
و العدول 20
والموثقين
و مهنة النساخة.24 23
و الخبراء القضائيين 22
العامة ،إلى جانب كل التراجمة المحلفين
و قد أكد التشريع المهني المغربي المنظم للمهن موضوع دراستنا ،على تحديده لجملة
من الضوابط و األحكام الواجب إتباعها و استحضارها من قبل المهني ،أثناء أدائه لمهمته
و المفوض القضائي، 25
المنوط القيام بها من قبل كل من المحامي و الموثق و العدل
بمسؤولية و أمانة وكذلك في احترام ألصول و أعراف و تقاليد هذه المهن الموضوعة من
قبل األجهزة المهنية المسيرة لها و الساهرة على حفظها ،و تجنب كل ما من شأنه اإلطاحة
بعراقة و نبل رسالة هذه المهن المفوضة إليها من قبل الدولة ،خدمة للمتقاضين بشكل خاص
و لكافة المواطنين بشكل أعم ،و كذلك إتقاءا لكل محاسبة أو إثارة للمسؤولية المهنية
_20ظهير شريف رقم 1.11.1.1صادر في 52من ذي الحجة 55( 1345نوفمبر )5111بتنفيذ القانون رقم
45.11المتعلق بتنظيم مهنة التوثيق ،و المنشور بالجريدة الرسميةعدد 2115بتاريخ 5.ذو الحجة 53( 1345
نوفمبر ،)5111ص .2111
_21ظهير شريف رقم 1.11.21صادر في 12من محرم 13( 135.فبراير )5111بتنفيذ القانون رقم 11.14
المتعلق بخطة العدالةالجريدة الرسمية عدد 2311بتاريخ فاتح صفر 5( 135.مارس ،)5111ص .221
_22ظهير شريف رقم 1.11.15.صادر في 51من ربيع األول 55(1355يونيو )5111بتنفيذ القانون رقم 21.11
المتعلق بالتراجمةالمقبولين لدى المحاكم الجريدةالرسميةعدد3115بتاريخ 5.ربيع اآلخر 11( 1355يوليو ،)5111
ص.15.4
_23ظهير شريف رقم 1.11.151صادر في 51من ربيع األول 55(1355يونيو )5111بتنفيذ القانون رقم 45.00
المتعلق بالخبراء القضائيين والمنشور الجريدة الرسمية عدد 3115بتاريخ 5.ربيع اآلخر 11( 1355يوليو ،)5111
ص.1515
_24ظهير شريف رقم 3..3.302صادر في 01من ربيع األول 00(3200يونيو )0..3بتنفيذ القانون رقم 21...
المتعلق بتنظيم مهنة النساخة الجريدة الرسمية عدد 213.بتاريخ 03ربيع اآلخر 31( 3200يوليو ،)0..3ص .3.82
_ 25شهد المغرب تحوال عميقا في سبيل إصالح خطة العدالة ،كمهنة عريقة متجدرة في التاريخ المغربي ،و ذلك بعد أن
أصدر جاللة الملك محمد السادس أوامره ،يومه 77يناير ،7112بناء على فتوى المجلس العلمي األعلى الذي أجاز للمرأة
و مكنها من ممارسة مهنة العدول بعد أن كانت حك ار على الرجال ،ليتم وضع حد للخالف الفقهي و القانوني الذي استمر
لسنوات طويلة في هذا الشأن.
للتوسع راجع :أسيا أيت علي ،المرأة و مهنة التوثيق العدلي بين الفقه اإلسالمي و التشريع المغربي ،الجزء األول ،الطبعة
األولى لسنة ،711.مكتبة دار السالم-الرباط ،ص .74
17
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
القانونية في أبعادها المدنية و التأديبية و الجنائية حسب خطورة الفعل الخارق للقانون
المهني المغربي ،و لعل مطلب التخليق يبقى أيضا مطلبا مهما يستدعي القطع مع كافة
الممارسات الالمهنية التي قد يأتيها استثناء بعض الممارسين الذين ال يستحضرون الضمير
المسئول و المهني ،و أيضا الوازع الديني و القيم األخالقية ،األمر الذي لم يفت على
المغرب أن قطع فيه أشواطا كبيرة لمحاربة الفساد و تخليق منظومة العدالة ببالدنا ،مما قد
يشكل معه مستقبال إلى زعزعة الثقة المشروعة في هذه الفئة القريبة إلى القضاء كمرفق
عمومي له وظيفته العظيمة في صيانة الحقوق والحريات.26
وتبعا لذلك فإن العنصر الذي يتحكم في الثقة التي يوليها المواطنون والشركاء األجانب
لنظام حكم معين ،ويساهم بشكل فعلي في التنمية االقتصادية والعدالة االجتماعية من خالل
اإلحساس باألمن واالعتقاد الراسخ بأن القانون يطبق على الجميع وبشكل عادل ال يعرف
اإلسثناء ،و عليه فقد عمل المشرع المغربي على إنفاذ هذا الدور بواسطة تفعيل الرقابة
القانونية اإلدارية أو القضائية أو المهنية المفروضة على المهن و هيئاتها الخاصة بها ،حيث
جعلها متعددة ،كما هو الحال بالنسبة للمؤسسات الرقابية اإلدارية كو ازرة العدل و و ازرة المالية
و غيرها ،إضافة إلى مؤسسات قضائية كالنيابة العامة التي مكنها المشرع المغربي من عديد
الصالحيات و المهام إلى جانب غرفة المشورة ذات االختصاص التأديبي و أيضا القضاء
الزجري و المدني وفقا لما سنأتي على دراسة غاياته و حدوده ،كما ال يفوت التأكيد على
دور الرقابة المهنية التي تفرضها الهيئات و المجالس المهنية ،من خالل إحياء الضمير
_26للتوسع راجع :عبد العزيز بنزاكور ،قيم و أخالقيات المهن القضائية ،مقالة منشورة بمجلة المحاكم المغربية ،تصدرها
هيئة المحامين بالدار البيضاء ،العدد ،141يناير/فبراير ،7119ص .71
18
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
و في ضل تنامي أدوار النيابة العامة في شتى المجاالت القضائية ،و تعدد مهامها
بين القضائية أو الشبه القضائية أو اإلدارية ،فإن المشرع المغربي استحضر من خالل فرض
رقابة من نوع خاص على المهن القانونية و القضائية عن طريق القضاء الواقف ،تراعي في
ذلك المصلحة العليا للدولة التي فوضت اختصاصاتها و نقلته إلى هذا القطاع المهني
الخاص ،فهذه المراقبة في أبعادها تفرض نفسها أيضا صونا لحقوق المتقاضين والحد من
تشكيل هذه المهن ألي ضغط على لسلطة القضائية نفسها.29
إن أهمية موضوع بحثنا المتعلق بحدود رقابة النيابة العامة على المهن القانونية
والقضائية من المنطلق المدني ذو الطبيعة الرقابية و كذلك من الجانب التكاملي بين
النطاقين التأديبي والزجري ،تكمن في اعتباره من أهم موضوعات القانون الخاص ،وذلك
راجع لكون الدراسة فيه تمزج بين عديد القوانين المؤطرة له في شقها الموضوعي وأيضا
المسطري ،إضافة إلى ما يكتسيه األمر من تالقح مع جدل المنظور الفقهي و تطبيقات
العمل القضائي.
_27للتوسع في دور الهيئات و المجالس المهنية راجع :محمد النجاري ،أية مقاربة لألنظمة الداخلية للمجالس المهنية بما
فيها مهنة التوثيق؟ ،مجلة المعيار تصدرها هيئة المحامين بفاس ،العدد التاسع و األربعون ،يونيو ،7114ص .11
_28للتوسع راجع أيضا :عبد اهلل الزيدي ،هيئات المحامين بين الواقع و آفاق المستقبل ،أحد المواضيع المعروضة على
المؤتمر السابع و العشرون لجمعية هيئات المحامين بالمغرب ،المنظم من قبل هيئة المحامين لدى محكمتي االستئناف
بأكادير و العيون ،بأكادير أيام 72/72/79مايو ،7111ص.41
_29محمد اإلدريسي العلمي المشيشي ،المسطرة الجنائية :المؤسسات القضائية ،الجزء األول ،ط ،1..1مطبعة المعارف
الجديدة ،ص .124
19
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
و من جهة أخرى فإن محاولة تسليط الضوء على األدوار الموكولة لجهاز النيابة
العامة بمقتضى قوانين هذه المهن ذات الطبيعة الحرة و مدى تمازجه مع اإلطار العام
للقواعد العامة من جهة االختصاص لهذا الجهاز ،األمر الذي يضفي أهمية خاصة من
حيث التشريع المهني و ذلك فيما أحسن المشرع المغربي منحه لهذه األخيرة من أدوار بارزة
وعيا منه ،لضمان تطبيق و احترام القواعد القانونية وتوفير األمن المهني لممارسيها و أيضا
األمن القانوني و االجتماعي للمتعاملين معها.
ال ريب أن رغبتنا الملحة في االطالع على أدوار النيابة العامة في القضايا المرتبطة
بالمهن القانونية و القضائية ،دفعتنا لمحاولة الوقوف على المكانة الهامة التي أوالها المشرع
المغربي للنيابة العامة في جانب تدخلها و معه فرض رقابة وازنة لحسن إنفاذ القانون المهني
كما أوجبه القانون ،و أيضا فإن تعدد مجاالت تدخل النيابات العامة بمحاكم مملكتنا تبقى
متعددة و متشابكة المساطر و األدوار ،األمر الذي طرح بذهننا و بقوة عن جدوى هذا
التدخل لبيان نطاقه و حدوده القانونية و القضائية.
فموضوع مراقبة النيابة العامة على المهن الحرة ذات الطبيعة القانونية و القضائية ،لم
ينل مكانته في الدراسات القانونية الحديثة رغم أهميته الكبرى ،فالميدان اإلجرائي المهني
يخلو من الكتابة في هذا الموضوع الشائك ،عدا بعض الكتابات العامة بطبيعتها والشارحة
لقانون المسطرة المدنية و الجنائية ،فهذا النقص في الخزانة القانونية المغربية دفعنا إلى
الخوض فيه لعلنا نهتدي فيه إلى إنارة البحوث و أيضا القراء لفتح مجاالت البحث لباحثين
آخرين.
20
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
أنظمتها القانونية ،و كذلك محاولة لربط جميع مناحي هذا التدخل المؤسساتي في أبعاده
الرقابية و التأديبية و الزجرية ،فكلها أمور دفعتنا إلى محاولة بسط توازن تدخل القضاء
الواقف لحفظ النظام العام المهني ،و حتى ال يبقى االقتصار على النظريات الفقهية ومواقف
كل جهة على حدى ذات نظرة خاصة ،فإن أساس الدراسة القانونية تقتضي إيجاد العالقة
الترابطية بين كافة المتدخلين في منظومة العدالة ،فيبقى تناول أحكامه التطبيقية أم ار
ضروريا لقياس مدى تطبيق القواعد القانونية على أرض الواقع و مدى جودتها في ظل
التطور السريع للمجتمع المغربي.
و ال يخفى علينا أيضا أنه نظ ار لألدوار الكثيرة الملقاة على كاهل النيابة العامة التي
تعنى بتطبيق القانون و الحفاظ على ضمان احترام إرادة التشريع ،فإن األمر قد يشهد بعض
االختالالت و اإلشكاالت العملية أثناء التنزيل قد ترجع إلى عدة مسببات حاولنا تسليط
الضوء عليها من خالل هذا العمل العلمي الجاد.
و أخي ار يبقى أهم دافع الختيار موضوعنا هو شغفنا و حبنا الكبير للمادة العلمية في
شقها القانوني ،و أيضا في االطالع على أكبر عدد ممكن من الكتابات القانونية في جميع
مناحيها التنظيمية و من خاللها الشق المتعلق بالمهن القانونية و القضائية ،فلم نتردد مطلقا
في اختياره كمجال مستقبلي بإذن اهلل أوال و كذلك كموضوع للبحث ،بالرغم من مزجنا بين
تخصصنا في المادة الجنائية و كافة الجوانب األخرى ذات الطبيعة المدنية التي ال يمكن
الفصل بينهما ،فالنظرة السليمة للقانون تقتضي اإللمام بجميع جوانبه و مناحيه حسب رأينا،
و معه ففعال نجذ أن موضوعنا يستحق أن يكون موضوعا للرسالة الجامعية المحترمة
لضوابطها األكاديمية.
21
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
تكمن إشكالية البحث في الوقوف على حدود التدخل الرقابي و التأديبي و الزجري
للنيابة العامة في ضوء التشريع المهني المغربي ،لكل من مهن المحاماة؛ والتوثيق؛
وخطة العدالة؛ والمفوضين القضائيين ،في ظل المتغيرات الراهنية التي تشهدها بالدنا
وآفاقها.
و هذا اإلشكال الرئيس الذي يتفرع عنه جملة من التساؤالت التالية نجملها في التالي:
ما الغاية التي دفعت المشرع المغربي وراء عمله على فرض الرقابة -
المؤسساتية في شخص القضاء الواقف على المهن القانونية والقضائية ؟
إلى أي حد مكن تدخل النيابة العامة من ضمان األمن المهني و زرع -
الطمأنينة و األمن المرفقي للمتعاملين معها ؟
أي أثر للتحوالت التشريعية المتمثلة في استقالل السلطة القضائية بموجب -
دستور 0.33و الذي تمخض عنه فك ارتباط النيابة العامة عن السلطة الحكومية المكلفة
بالعدل بمقتضى القانون 11.33الذي نقلت بموجبه سلطات اإلشراف على النيابة العامة من
وزير العدل إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بصفته رئيسا للنيابة العامة ،ومعه
ضمان التدخل المؤسساتي الرقابي على كل من مهنة المحاماة والتوثيق وخطة العدالة و
المفوضين القضائيين موضوع دراستنا ؟
مدى نجاعة تدخل النيابة العامة في مسطرة تأديب أشخاص المهن القانونية -
و القضائية ،و دورها في ضمان استقرار ثقة المتعاملين معها ؟
هل يشكل تمركز صالحيات المراقبة و التأديب بيد النيابة العامة إخالال -
للتوازن في تحقيق الغاية المرجوة لحفظ األمن المهني للهيئات و المجالس المهنية ،و ما
موقف هذه األخيرة من ذلك ؟
22
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
أي دور للقضاء التأديبي باعتباره سلطة للتأديب و الزجر في حماية المهن -
وضمان نجاعة أدائها ؟
هل لخصوصية تعدد المقتضيات الزجرية القانونية المتصلة بصفة المهن -
القانونية و القضائية ،أثر إيجابي أم سلبي على مزجها بين صفة الموظف العمومي في
تطبيقات العمل القضائي ؟
ما الداعي الذي جعل المشرع المغربي يوفر حماية قانونية في شقها اإلجرائي -
أثناء إثارة المسؤولية الجنائية المهنية في مهنة دون األخرى ،أثناء تحريك الدعوى العمومية
ضد كل من المحامي و المفوض القضائي و الموثق و العدل و ما يتبعه خالل مرحلة
البحث التمهيدي أو التحقيق اإلعدادي أو أثناء المحاكمة؟
هل تؤدي المتابعة الجنائية إلى تحريك المتابعة و العكس صحيح ،و مدى -
ارتباط االثنين على إثارة المسؤولية القانونية ألشخاص المهن القانونية و القضائية موضوع
دراستنا ؟
فكل هذه التساؤالت الفرعية تخدم اإلشكالية الرئيسية لبحثنا و المتمثلة في قياس وظيفة تدخل
النيابة العامة في قوانين المهن موضوع دراستنا ،و التي تظهر أيضا خالل عنوان بحثنا.
ارتأينا في هذه الدراسة ،اعتماد المنهج التحليلي و الوصفي من أجل الوقوف على كافة
المقتضيات القانونية المنظمة لكل من مهن المحاماة و التوثيق و المفوضين القضائيين
والمتعلق بخطة العدالة و استقرائها ،ببعد نظر مستفيض مرتبط بالكتابات الفقهية الحديثة في
هذا الجانب ،و كذلك األمر فيما اتصل بأحدث ما صدر عن محاكم الموضوع المغربية و
من خاللها توجهات محكمة النقض ،قصد توضيح الغموض سواء على مستوى قانون
الموضوع أو القانون اإلجرائي.
23
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
و كذلك فقد انصب عملنا هذا على اعتماد منهج استقرائي استنباطي قصد الوقوف
على جزئيات القراءة المتأنية و ربط امتداد الدور الهام للنيابة العامة بكافة مراقبة من مرحلة
المراقبة مرو ار بمرحلة التأديب و وصوال إلى الزجر و إيقاع الجزاء الجنائي ضد كل الخارجين
عن قواعد الضبط المهني ،و ما تثيره من إشكاالت أو عملية.
و في ضوء كل هذه االعتبارات فإن هذه الدراسة تقتضي أن نقسمها إلى فصلين كما
اآلتي:
الفصل اْلول :حدود التدخل الرق ابي و التأديبي للنيابة العامة على المهن
الق انونية والقضائية
24
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
الفصل اْلول:
25
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
عمد المشرع المغربي من خالل سنه للضوابط الخاصة بالمهن القانونية و القضائية
لكل من مهنة المحاماة و التوثيق و العدول و المفوضين القضائيين ،إلى وضع جملة من
األحكام الخاصة بتنظيم المجال المهني الخاص المرتبط بالعدالة ببلدنا المغرب ،و ما
صاحب ذلك من تطورات جاءت على مستوى مواكبة اإلصالح الشامل و العميق لمنظومة
العدالة ،و هو ما دفع به إلى منح النيابة العامة باعتبارها الشخص المعنوي العام الواجب
عليه الحرص على تطبيق القانون في مختلف المجاالت و الحفاظ على النظام العام والحفاظ
على مصالح المجتمع ،30وعلى الخصوص النظام العام المهني المرتبط أساسا بما تقدمه هذه
المهن من خدمات للمجتمع ،والمرتبطة أساسا بإنتاج العدالة و توفير مناخ االستقرار
المعامالتي لألفراد ،لغاية مثلى تتجلى في توفير األمن القانوني و المساهمة في األمن
القضائي و كذلك األمن التعاقدي.
و في ذلك يظهر الدور البارز للنيابة العامة في مراقبة المهن القانونية و القضائية،
بدءا بعمل الرقابة القبيلة و البعدية على كل من المحامي و المفوض القضائي كمهن
مساعدة للسلطة القضائية حسب المفهوم الجديد ،المكرس للمبدأ الدستوري للقضاء كسلطة
قضائية مستقلة تمام االستقالل عن السلطة التنفيذية و التشريعية بموجب الفصل 112منه
دستور 7.يوليو ،7111و أيضا كل من مهنتي التوثيق و خطة العدالة التي هي بطبيعتها
مهن حرة توثيقية.
و هذا كله ما استحضار كون هذا األخير لم يعمد إلى تصنيف أي مرحلة من مراحل
التدخل الرقابي القبلي أو البعدي في ضوء قوانين المهن القانونية و القضائية موضوع
دراستنا ،و إنما يبقى األمر بار از أثناء محاولة استقراء مراحل التدخل الرقابي لجهاز النيابة
_30عبد اهلل أحمد أحمد عبد القادر الملحاني ،اإلصالح القضائي للسلطة القضائية –المغرب و اليمن نموذجا ،-أطروحة
لنيل الدكتوراه في القانون الخاص وحدة التكوين و البحث في القانون المدني ،كلية العلوم القانونية و االقتصادية
واالجتماعية مراكش ،جامعة القاضي عياض ،السنة الجامعية ،7117/7111ص .729
26
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
العامة على هذه المهن إضافة إلى جهات أخرى ،و ما منحه المشرع المغربي من صالحيات
و مهام ذات طبيعة خاصة تسترعي البحث في خصوصياته التي تميز كل قانون مهني عن
اآلخر ،مع المرور بما أكد عليه العمل القضائي و أيضا اجتهادات محكمة النقض المغربية
في هذا الصدد (المبحث األول).
و من جهة ثانية يأتي االمتداد بين الدور الرقابي للنيابة العامة متصال بمرحلة تفعيل
مسطرة التأديب أثناء إثارة المسؤولية التأديبية المهنية ألصحابها ،و ما يصاحبه من
خصوصيات قانونية ذات البعد الموضوعي و المسطري ،و أيضا ما قد يعتريه من إشكاالت
قانونية و عملية أثناء تفعيل المقتضيات القانونية المتصلة بعمل النيابة العامة في كل من
قوانين المحاماة والمفوضين القضائيين و الموثقين و العدول موضوع دراستنا ،سواء باعتبار
النيابة العامة جهة للمتابعة أو جهة لإلحالة على سلطات التأديب ،و أيضا ما خوله المشرع
المغربي لها من مساطر متصلة بالطعون و أيضا بتبليغ أو تنفيذ المقرر التأديبي ضمانا
لألمن المهني لهذه المهن و للمتعاملين معها (المبحث الثاني).
27
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
يأتي التأكيد على أن المشرع المغربي أثناء تنظيمه للمهن القانونية و القضائية التي
نحن بصدد دراستها ،لم يميز بين المراحل القبلية أو البعدية لحضور النيابة العامة كدور في
مراقبة كل من المحامي و المفوض القضائي الموثق و العدل ،بل فقط أولى لها صالحية
المراقبة إلى جانب الجهات المهنية و التنفيذية المتمثلة في و ازرة العدل والعاملة على بسط
أوجه هذه المراقبة في شتى تجلياتها سواء بشكل قبلي أو بعدي ،لكن يأتي أخدنا بهذا التقسيم
لمحاولة دراسة طبيعة حضور النيابة العامة في مراقبة الخطوات األولى لتنفيذ هذه القوانين
المنظمة للمهن القانونية القضائية و تنزيل مؤسساتها من جهة ،أو أيضا من خالل ما
تضطلع به في جميع المراحل الالحقة للولوج الفعلي للمهني الجديد إلى ما يصاحبه أثناء
الممارسة الفعلية كنوع من التدخل ذو الطابع القبلي كذلك (الفقرة األولى).
أما من جهة التدخل البعدي للنيابة العامة في ظل قوانين المهن القانونية و القضائية،
فيأتي بار از في أغلب قوانين هذه المهن التي نحن بصدد دراستها ،و هذا ما فيه إال تأكيد
على رغبة المشرع المغربي على ضمان األمن المهني لممارسيها و تسييج زمن مزاولة المهنة
وتحمل أعبائها ،و الذين يشكلون جزءا ال يتج أز من منظومة العدالة و أسرتها في النظام
القضائي المغربي ببالدنا ،و هو ما سنأتي على تفصيله في (الفقرة الثانية).
المطلب األول :مظاهر الرقابة القبلية للنيابة العامة على المهن القانونية
والقضائية
إن الحديث عن تدخل النيابة العامة من خالل ما منحه لها المشرع المغربي من سلطة
رقابية على المهن القانونية و القضائية ،في سبيل الحرص التشريعي على ضمان األمن
28
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
من جهة ،و أيضا نحو تكريس التعاون بين الدولة والهيئات المهنية من خالل ما 31
المهني
تتمتع به من صالحيات ،لكن ويالحظ من جهة التدخل القبلي فإن المشرع المغربي حافظ
على طابع التدخل القبلي مع مراعاة خصوصية كل مهنة و مرحلة إخراج قانونها المنظم،
إلبراز التدخل القبلي لهذه األخيرة سواء بالحرص على تنزيل القانون وتنفيذه و ما منحه
المشرع المغربي من دور للنيابة العامة بموجبه ،كما هو الحال بالنسبة لقانون التوثيق أثناء
مرحلة تنزيله ة تنفيذه ،أو من خالل الولوجية األولى للمترشحين المقبولين في هذه المهن إلى
قضاء فترة التمرين،كما هو الحال بالنسبة لمهنة المحاماة وما يصاحبها من أدوار ذات
الطبيعة اإلنضمامية.
الفقرة األولى :صالحيات النيابة العامة في المراقبة القبلية على المحامي و المفوض
القضائي
إن أهمية الدور الذي تضطلع به النيابة العامة في القانون المنظم لمهنة المحاماة –
رقم -0....وفقا للتحديد التشريعي المؤسس لصالحيات تدخلها بموجبه ،و يظهر ذلك جليا
أثناء مراقبتها لمرحلة الولوجية إلى هذه المهنة ،بدءا بمرحلة ما بعد النجاح في مباراة المهنة،
أو أثناء تقديم طلب التقييد بجدول إحدى الهيئات المحامين بالمغرب (أوال) ،األمر الذي ال
يقل أهمية عن ما سنه المشرع المغربي في التقنين الخاص المنظم لمهنة المفوضين
القضائيين بمثابة القانون رقم .3..1و المرسوم التطبيقي المصاحب لتفعيل أحكامه ،الذي
يتضح من خاللهما معا الدور الرقابي القبلي لجهاز النيابة العامة خالل مرحلة الولوج للمهنة
(ثانيا).
_ 31يأتي تكريس هذا المفهوم من منطلق زاوية نضرنا ،بالرجوع لما قمنا به من دراسة في هذا البحث و أيضا لما يشكله
األمن كضلع من أضالع ضمان السلم و األمن االجتماعي و أيضا كجزء ال يتجزء من مقومات النظام العام إلى جانب
السكينة العامة و األمن العام ،لكن و من خالل ما جاء به المشرع من نصوص خاصة منظمة لهذه المهن يتضح من
خالله األهمية الكبرى التي أولتها الدولة و مؤسساتها – (البرلمان :التشريع +و ازرة العدل و النيابة العامة :التنفيذ و المراقبة)
و حرصها على التدخل كلما اقتضى األمر ذلك للحفاظ على األمن المهني لهذه الشريحة التي لها من األهمية الكبرى في
منظومة العدالة و في مساعدة السلطة القضائية وفق ما أكد عليه دستور المملكة المغربية لسنة .7111
29
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
أوال :مراقبة النيابة العامة لمرحلة الولوج إلى مهنة المحاماة
يأتي الدور الرئيسي الذي تضطلع به النيابة العامة في المراقبة القبلية خالل مرحة
الولوج إلى مهنة المحاماة ،و ذلك من خالل إجراء بحث أولي حول المرشح الناجح في
امتحان مزاولة المهنة ،قصد تقييده في الئحة التمرين ،32حيث يتقدم المترشح بطلب التسجيل
بإحدى هيئات المحامين بالمغرب إلى نقيب الهيئة التي ينوي قضاء مدة التمرين بها ،فيلتمس
هذا األخير-أي النقيب -بإحالة ملف الطلب المقدم له إلى الوكيل العام للملك بمحكمة
االستئناف التابعة لها الهيئة ،الذي له من الوسائل و اإلمكانيات ما ال يوجد لدى الهيئة ،و
ذلك قصد البحث في أخالق المترشح الناجح ،عن طريق بمختلف الوسائل الممكنة ،33حيث
يقوم الوكيل العام بإحالة الملف على الشرطة القضائية و على السلطة المحلية لمحل سكناه،
_32حيث نصت المادة 11من القانون 72112المنظم لمهنة المحاماة " :يقد طلب الترشيح للتقييد في الئحة المحامين
المتمرنين إلى نقيب الهيئة التي ينوي المترشح قضاء مدة التمرين بها ،و ذلك خالل شهري مارس و أكتوبر من كل سنة.
يرفق الطلب وجوبا بما يلي :
.1الوثائق المثبة لتوفر المترشح على الشروط المنصوص عليها في المادة الخامسة أعاله؛
. 7سند التزام صادر عن محام مقيد بالجدول منذ خمس سنوات على األقل ،و حاصل على إذن كتابي مسبق من النقيب
يتعهد بمقتضاه ،أن يشرف على تمرين المترشح بمكتبه وفق القواعد المهنية.
يمكن للنقيب ،تعيين هذا المحامي ،عند االقتضاء.
يجري مجلس الهيئة بحث حول أخالق المترشح بجميع الوسائل التي يراها مناسبة.
يبت المجلس في الطلبات المستوفية لكافة الوثائق و عناصر البحث خالل أجل ال يتعدى أربعة أشهر من تاريخ تقديم
الطلب؛
ال يتخذ مقرر بالرفض إال بعد االستماع للمترشح من طرف مجلس الهيئة ،أو بعد انصرام أجل خمسة عشرة يوما على
التوصل باالستدعاء في عنوانه المدلى به من طرفه ،أو تعذر ذلك؛
يبلغ مقرر القبول أو الرفض إلى المترشح ،و إلى الوكيل العام للملك ،داخل أجل خمسة عشر يوما من صدوره.
يعتبر الطلب مرفوضا في حالة عدم تبليغ مقرر المجلس خالل الخمسة عشر يوما التالية النتهاء األجل المحدد للبت في
الطلب".
_ 33عادل عقا و الجاللي " ،دور النيابة العامة في مراقبة المهن القضائية ،بحث نهاية التمرين للملحقين القضائيين بالمعهد
العالي للقضاء ،الفوج ،49لسنة ،711.17111ص .9
30
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
و حين توصله بالنتيجة يحيلها على مجلس الهيئة ،34على أن ال تتعدى المدة القانونية
إجماال للبت في الطلب من قبل الهيئة أجل أربعة أشهر إلصدار قرار القبول أو الرفض،
على أن يتم إبالغ كل من المترشح و الوكيل العام للملك بالقرار المذكور داخل أجل خمسة
عشر يوما ،35حتى يتسنى تبليغ الوكيل العام بيوم انعقاد جلسة القسم.36
و استكماال لما تقدم ،فإن حضور النيابة العامة أيضا أثناء ولوجية المحامي المتمرن
يكون بحقها في الطعن في المقرر الصادر عن الهيئة في حال تبين لها وجود شائبة حول
المترشح ،و في ذلك صدر قرار لمحكمة النقض المؤرخ في 1غشت ،370.33حيث تقدم
طالب النقض –المترشح -بمقاله الرامي إلى عدم احترام مقتضيات الفصل 42من القانون
الجنائي و المادة 84.من قانون المسطرة الجنائية بشأن تقادم الحكم النهائي الصادر بحقه
من أجل متابعة جنحية ،و جاء في حيثيات القرار تقدم الوكيل العام للملك لدى محكمة
االستئناف بطنجة لدى غرفة المشورة ،بمقال يرمي إلى الطعن في القرار الصادر عن هيئة
المحامين بنفس الدائرة القضائية بشأن تقييد المعني بالئحة التمرين ،بانيا طعنه على سلبية
_34و يبقى أجل البحث غير محدد كإجراء وقتي من قبل الوكيل العام للملك لدى محكمة االستئناف ،فبمجرد ما يتوصل
بطلب إجراء البحث حول المترشح يحيله فو ار على جهات البحث و التحري المختصة في أجل قد يحدد من قبل الوكيل
العام أو يأمر بإعداد هذه البحث في أقرب اآلجال الممكنة وفقا للسلطة التقديرية الممنوحة له في تدبير الزمن القضائي
للملفات المحالة عليه ،خاصة أن المشرع المغربي قيد أجل البت في الطلب في أمد أربعة أشهر ،خصوصا أن هذه الجهة
و لها صالحيات متعددة ،و خاصة الدور الرئيسي و اإلنضمامي وفقا للمواد من 9إلى 11من قانون المسطرة المدنية،
أيظا بموجب نصوص خاصة كما هو الحال بالنسبة للقانون المنظم لمهنة المحاماة ،التي لها بطبيعة هذا القانون دور
رئيسي في أغلب المقتضيات المعلقة به،
_ 35بحيث يعتبر جزاء عدم تبليغ مقرر المجلس بشأن قبول أو رفض تسجيل طلب الترشيح داخل أجل 14يوم من يوم
البت في الطلب بمثابة رفض.
_36حيث أكدت المادة 17من ق.م في فقرتها الثالثة على حضور الوكيل العام للملك لدى محكمة االستئناف لجلسة
القسم التي يرأسها الرئيس األول ،و كذا نقيب الهيئة الذي يتولى تقديم المترشحين المقبولين رسميا في الئحة التمرين لدى
هيئته.
_37قرار صادر عن محكمة النقض بتاريخ .غشت ،7111في الملف المدني رقم ،7111/9/1/1144و المنشور
سلسلة إصدارات المكتب الفني لمحكمة النقض – مهنة المحاماة في ضوء ق اررات محكمة النقض ،-العدد الرابع ،لسنة
،7112ص .31
31
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
نتائج البحث المجرى حول المترشح ،بحيث سبق أن صدر في حقه حكم قضائي نهائي
بإدانته من أجل الغش في االمتحانات و انتحال هوية الغير من خالل استعمال وثيقة تخص
الغير و التسبب في ضرر للشواهد المعتمدة التي تسلمها الدولة ،و قضى الحكم السابق
بمعاقبته بغرامة قدرها 3...درهم ،و أن العقوبة و بالرغم من تقادمها فهي منافية للشروط
العامة المنصوص عليها بموجب المادة الخامسة من القانون 0....المنظم لمهنة
المحاماة ،38و به بقائها حائلة دون االستجابة لطلب التقييد بالئحة التمرين.
األمر الذي سايرته غرفة المشورة لمحكمة االستئناف السابق ذكرها ،باستبعادها لتقادم
الحكم النهائي ،مؤسسة ذلك على المادة الخامسة من القانون ،0....و معه الركون لكون
األفعال منافية و مخالفة لمبادئ الشرف و المروءة و األخالق و حسن السلوك وفقا لشروط
المادة الخامسة المذكورة ،و معه أيدت محكمة النقض القرار المذكور في كون المحكمة لم
تخرق القواعد القانونية المحتج بخرقها ،وقضت برفض طلب الطاعن -المترشح -و تحميله
الصائر.
و من جهة أخرى يأتي حضور النيابة العامة أيضا أثناء مرحلة التسجيل بالجدول،
وذلك بعد أن يتم تقديم الطلب من المحامي المتمرن الذي استكمل مدة التمرين المحددة في
ثالث سنوات ،39و للمعفى من شهادة األهلية قانونا ،40بحيث يتم تبليغ مقرر قبول التسجيل
_38نصت المادة 4من القانون 72112المنظم لمهنة المحاماة على أنه " :يشترط في المترشح لمهنة المحاماة:
..
_ 4أن ال يكون مدانا قضائيا أو تأديبيا بسبب ارتكابه أفعاال منافية للشرف و المروءة أو حسن السلوك و لو رد اعتباره.
."..
_39حيث نصت المادة 13من ق.م " :تستغرق مدة التمرين ثالث سنوات يقوم المحامي المتمرن خاللها بااللتزامات
التالية:
. 1الممارسة بصفة فعلية في مكتب محام يتوفر على الشروط و األقدمية المحددة في المادة 11أعاله؛ ( 4سنوات على
األقل)؛
.7الحضور في الجلسات بالمحاكم؛
.4المواظبة على الحضور في ندوات التمرين و المشاركة في أشغالها".
32
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
في الجدول المذكور إلى المعني باألمر و إلى الوكيل العام للملك داخل أجل أقصاه 34يوما
من صدوره.41
فأجابت محكمة النقض على أن الوسيلة األولى و الوحيدة ،بصحة ما عابه الطاعن
على القرار ،حيث أن العبرة في النصوص بغاياتها و مقاصدها ،و عليه فإن المادة 3.من
33
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
القانون 0....نصت على إعفاء القضاة الذين قضوا ثماني سنوات على األقل في ممارسة
القضاء و قدماء القضاة من الدرجة الثانية أو من درجة تفوقها بعد قبول استقالتهم أو إحالتهم
على التقاعد ما لم يكن ذلك لسبب تأديبي ،و كون الحالتين أعاله جاءت لتحدد الحد األدنى
و األعلى ،و بالتالي يدخل في نطاق هذه المادة العزل و كافة الحاالت األخرى التي يغادر
فيها القاضي من الدرجة الثانية سلك القضاء دون إدانة قضائية أو تأديبية محصورة في
الشروط العامة للولوج لمهنة المحاماة ،كما هو مؤكد بمقتضى المادة 4من نفس القانون ،و
عليه فكون الفعل المتخذ بسببه العزل و إن كان يدخل في دائرة األفعال التي تخل بواجب
التحفظ للقاضي ،من خالل اتخاذ موقف ذو صبغة سياسية منافي مع مهنة القضاء ،فهو ال
يتنافى مع مهنة المحاماة ،و بالتالي ال يدخل ضمن نطاق األفعال المخلة بانخراط الطاعن
بالنقض ،و به تكون المحكمة المصدرة للقرار المطعون فيه خارقة للقانون و عرضت قرارها
للنقض.43
و من خالل ما تقدم يتضح لنا جليا طبيعة الدور األساسي للوكيل العام الذي يكتسي
طابعا رقابيا إجرائيا ،و ذلك بموجب ما أقره المشرع المغربي أثناء تنظيمه لمهنة المحاماة،
إلى جانب الهيئة الخاصة بالمحامين ،بضرورة تبليغها بالطلبات المقدمة لها من المترشحين
الناجحين ل لولوج لهذه المهنة الشريفة ،وأفرد لها حق الطعن في مقررات الهيئة بهذا
الخصوص ،خصوصا في هذه المرحلة القبيلة و المهمة بالنسبة للحياة المهنية للمحامي.
_ 43فقضت محكمة النقض بنقض القرار المطعون فيه و بإحالة القضية على نفس المحكمة لتبث فيه وفقا للقانون.
34
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
حين الترسيم الفعلي ألداء المهام كنوع من الرقابة القبلية ،إلى أن تم تدارك ذلك من خالل
المرسوم التطبيقي لتفعيل أحكام القانون السالف الذكر الصادر سنة .440...
و يأتي دور النيابة العامة في هذه المرحلة القبلية على وجه الخصوص في ما أكدت
عليه المادة 4من المرسوم السالف الذكر ،إذ يتضح ذلك من خالل فترة التكوين التي
يقضيها المتدرب بالمعهد العالي للقضاء ،و التي يخضع فيها لمراقبة الوكيل العام للملك لدى
محكمة االستئناف خالل المدة الزمنية المحددة في ستة أشهر في محكمة أو لدى مفوض
قضائي ،45بجميع الطرق التي يراها مفيدة للبحث حول سيرة المتدرب و مدى حسن أهليته
األخالقية لتحمل األعباء المهنية.
و إلى جانب ذلك فإن حضور النيابة العامة أيضا يبقى أساسيا و فعليا ،و ذلك من
خالل تركيب اللجنة المشرفة على المباراة و كذا اختبار نهاية التكوين ،46بعضوية أربعة
_44يتعلق األمر بالمرسوم رقم 71121427الصادر في 72من شوال 72( 137.أكتوبر )7112بتطبيق أحكام القانون
رقم 21114بتنظيم مهنة المفوضين القضائيين ،و المنشور بالجريدة الرسمية عدد 4922بتاريخ فاتح ديسمبر ،7112ص
.34.2
_45جاء نص المادة 4من المرسوم التطبيقي ألحكام القانون 21114بمثابة القانون المنظم لمهنة المفوضين القضائيين
لتؤكد على أنه " :يقضي المتدرب فترة التكوين التي تحدد في ستة أشهر بالمعهد العالي للقضاء ،و بتنسيق مع مديرية
الشؤون المدنية.
تشتمل هذه الفترة على :
أ)طور للدراسات و األشغال التطبيقية بالمعهد العالي للقضاء مدته ثالثة أشهر ،يرمي إلى تأهيله لمزاولة مهنة مفوض
قضائي بواسطة تعليم خاص ،يشمل على الخصوص المقتضيات القانونية المتعلقة بتنظيم مهنة المفوضين القضائيين
والقواعد المسطرية المتعلقة بالتبليغ و بإجراءات تنفيذ األوامر و األحكام و الق اررات و العقود و السندات التي لها قوة
تنفيذية ،و كذا مختلف اإلجراءات القضائية األخرى؛
ب) تدريب مدته ثالثة أشهر بكتابة ضبط محاكم االستئناف ،و بمكاتب مفوضين قضائيين تحدد باقتراح من رئيس الهيئة
الوطنية للمفوضين القضائيين أو من ينوب عنه.
ال تصرف للمتدرب أي أجرة خالل قترة التكوين.
يجري التكوين تحت إشراف المعهد العالي للقضاء طيلة فترة التكوين و كذا تحت مراقبة الوكيل العام للملك خالل مدة مقام
المتدرب في محكمة أو لدى مفوض قضائي".
_46نصت المادة 11من نفس المرسوم التطبيقي على ما يلي " :تتركب اللجنة المشرفة على المباراة و اختبار نهاية
التكوين من :
35
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
وكالء عامين للملك لدى محاكم االستئناف بتعيين من وزير العدل ،47و أيضا فقد حددت
ضمن اللجنة المنصوص عليها في المادة 1من القانون 48
المادة 30من نفس المرسوم
13...على عضوية الوكيل العام للملك لدى محكمة االستئناف ،التي يستشيرها وزير العدل
عند منحه للترخيص بمزاولة المهنة فعليا.49
و هنا يطرح إشكال تنازع االختصاص في اإلشراف على المهن القانونية والقضائية،
خصوصا ما جاء كمستجد متعلق بنقل اختصاصات السلطة الحكومية المكلفة بالعدل من
وزير العدل إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بصفته رئيسا للنيابة العامة ،و ذلك
بموجب القانون 11.33الصادر سنة .500.33
36
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
_51يقصد بالمنشور :كتاب ينشر على جميع الجهات ،و على نطاق واسع ،تفسي ار لق اررات أو تنبيها لتعليمات سابقة ،فهو
وث يقة إدارية تحتوي على ق اررات أو أوامر أو تعليمات تنشر كاملة أو ملخصة و تداع على جميع الموظفين و المستخدمين
للعلم بها و اتباعها ،و يطلق عليها كذلك باسم الدوريات.
للتوسع راجع :يوسف أدريرو ،المنشور :مفهومه و طبيعته القانونية ،مقالة منشورة بمجلة القضاء اإلداري ،العدد ،4
صيف/خريف ،7114ص .49
_52وفقا ألحكام الباب السابع منه ،و على الخصوص الفصل 112منه الذي جاء فيه " :السلطة القضائية مستقلة عن
السلطتين التشريعية و عن السلطة التنفيذية.
الملك هو الضامن الستقالل السلطة القضائية".
_53و من منظورنا الشخصي فإن ما جاء به المنشور الصادر عن رئييس النيابة العامة بخصوص توضيح سلطة اإلشراف
على مهنة المفوض القضائي ،تستدعي وفقا ألحكام القانون المنظم للمهنة ،لما فيه من تداخل بين سلطة وزير العدل و
صالحيات النيابة العامة ،و تبعية ل منهما لسلطة مستقلة ،تقتضي على الدوام استحضار المبدأ الدستوري المكرس بموجب
الفصل األول من دستور 7.يوليو ، 7111المؤكد في فقرته الثانية على فصل السلط لكن في نطاق التعاون و التشارك و
التوازن بينها.
37
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
و يمكن القول على أن طبيعة الدور الذي تلعبه النيابة العامة أثناء مراقبتها للولوجية
لمهنة المفوض القضائي كدور ثانوي ،ال يقل أهمية عن ما جاء خالل مراحل المواكبة
التشريعية الخاصة بتقنين المهن القضائية ،كما هو الحال عند إخراج القانون 0....المنظم
لمهنة المحاماة ،و كذلك األمر بالنسبة للقانون 10..1المنظم لمهنة التوثيق ،اللذين تبرز
من خاللهما قوة حضور النيابة العامة في المراقبة القبلية على المهنيين.54
يأتي الحديث عن مدى حضور النيابة العامة أساسيا من قبلنا ،لمحاولة البحث في
القوانين المنظمة لكل من التوثيق العصري بموجب القانون رقم ( 10..1أوال) ،و ذلك من
خالل حرص المشرع المغربي على تفعيل الدور الرقابي القبلي أثناء إخراج هذا القانون وما
يأتي بعده من مراقبة سابقة لمرحلة مراقبة أدائه لعمله على أكمل وجه وفقا للضوابط
القانونية ،و هو األمر نفسه بالنسبة للتوثيق العدلي (ثانيا) الذي يلعب دو ار فاعال في تفعيل
القواعد المتصلة بالمعامالت الختالفها و توثيق الحقوق الشخصية كذلك من خالل القانون
،5538..1كمهن ذات طبيعة حرة و المهام التوثيقية ،مع مراعاة خصوصية التدخل و
التنظيم المراد إب ارزه.
_ 54يبقى مآل المقارنة بينا أثناء الحديث عن المراقبة القبلية للنيابة العامة على مهنة المفوض القضائي ،خصوصا أن هذا
ا لقانون جاء بعد مخاض تشريعي و في مرحلة أساسية للرقي باألعوان القضائيين و منحهم الدور األساسي لتفعيل المهام
الرئيسية لتب ليغ و تنفيذ مختلف المساطر القانونية التي يرجع لهم االختصاص فيها ،إال أنه و من جاب المقارنة يبقى الدور
التي تقوم به النيابة العامة في مراقبتها لهذه المهنة في مراحلها األولى القبلية ضيقا ،كدور ابتغى م ورائه المشرع المغربي
بقاء هذه المهنة تحت مراقبة و إشراف و ازرة العدل بشكل رئيسي ،في انتظار ما ستأتي به المتغيرات التشريعية من جديد.
_55للتوسع راجع :سليمان أدخول ،المدخل لدراسة الطبيعة القانونية لعمل العدول في مجال الحقوق العينية ،الطبعة األولى
لسنة ،7112دار السالم-الرباط.11 ،
38
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
أوال :غاية الدور القبلي للنيابة العامة في تفعيل مقتضيات القانون 90.23
عمل المشرع المغربي و منذ سنه للقانون 10..1المنظم لمهنة التوثيق ،إلى محاولة
إبالء النيابة العامة هامشا أكبر من خالل األدوار الهامة التي تختص بها إلى جاب العديد
من الجهات األخرى الغير القضائية ،محاولة منه إلى فرض نوع من الرقابة على سير عمل
الموثق.
_56جاءت المادة 147من القانون 4711.لتؤكد على أنه " :تنسخ مقتضيات الظهير الشريف الصادر في 11شوال
3 ( 1434مايو )1.74المتعلق بتنظيم مهنة التوثيق باستثناء الفصل 4.فيما يتعلق منه بتنظيم صدوق التأمين
للموثقين و تمويله".
_57حيث أكدت الفقرة األخيرة من نفس المادة على الجزاء التشريعي الصريح و ذلك من خالل .. " :يدلي كل موثق،
تحت مسؤوليته ،داخل أجل ثالثين يوما من تاريخ نشر هذا القانون بالجريدة الرسمية ،يتصريح أمام الوكيل العام للملك لدى
محكمة االستئناف التي يوجد بدائرتها مقر مكتب الموثق" ... ،
39
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
توفرها ،58كان لزاما أن يأتي الدور األولي للنيابة العامة إلخضاع نوع من الرقابة األولية
على من سيلج لهذه المهنة ،و ذلك حرصا على تمام العملية المسطرية التي ستقوم النيابة
العامة من خاللها بالبحث حول سيرة المترشح ومدى توافر أهليته األخالقية و حسن سلوكه
داخل وسطه االجتماعي ،لغاية مثلى تتجلى في الحرص على حسن سير الوسط المهني
للموثقين.
و جهة أخرى فقد لعبت النيابة العامة دو ار هاما في تشكيل المجلس الوطني و أيضا
المجالس الجهوية للموثقين إلى جانب جهات قضائية أخرى ،حيث جعلها المشرع المغربي
ضمن اللجنة الخاصة الساهرة على اإلشراف في تأسيس هذه األخيرة وفقا لما أتى في
المادتين 301و 31.من نفس القانون المنظم لمهنة التوثيق ،59و التي بعد قيامها بالمتعين
ستنحل بقوة القانون.60
40
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
بطبيعته 61
و من زاوية أخرى و بحثا منا حضور النيابة العامة في التشريع التوثيقي
ليؤكد على 62
الرقابية القبلية ،فقد جاء المرسوم التطبيقي ألحكام القانون المنظم لمهنة التوثيق
عضوية النيابة العامة في اللجنة المشرفة على المباراة و كيفية عملها.63
وأيضا فإن الوكيل العام للملك لدى محكمة االستئناف هو من يحدد مكتب التمرين
وذلك باقتراح من رئيس المجلس الجهوي للموثقين ،و كذلك األمر عند طلب تغيير المكتب
خالل فترة التمرين من طرف المتمرن أو الموثق المشرف على المتمرن ،64الذي يبقى تحت
تسهر هذه اللجنة تحت إشراف الرئيس األول لنفس المحكمة و الوكيل العام للملك لديها ،أو من ينوب عنهما عند
االقتضاء ،على اتخاذ جميع اإلجراءات الرامية إلى انتخاب رئيس و أعضاء المجلس الوطني للموثقين باستثناء رؤساء
المجالس الجهوية ،وفقا للمقتضيات المنصوص عليها في هذا القانون".
_60وفق نص المادة 141من نفس القانون.
_61قصدنا بالتشريع التوثيقي مجمل ما جاء به المشرع بدءا من القانون 4711.و كافة المراسيم الالحقة إلصداره.
_62المرسوم رقم 71171274صادر في 74من ربيع اآلخر 2 ( 1343مارس )7114بتطبيق القانون رقم 4711.
المتعلق بتنظيم التوثيق ،الصادر في الجريدة الرسمية عدد 9134بتاريخ 14أبريل .7114ص .4123
_63حيث صت المادة 4من المرسوم التطبيقي على أنه " :تشرف على مباراة االنخراط في مهنة التوثيق لجنة تتكون من
:
-مدير الشؤون المدنية ممثال عن وزير العدل و –الحريات -بصفته رئيسا؛
-مدير الشؤون الجنائية و العفو؛
-اثنين من الرؤساء األولين لمحاكم االستئناف؛
-اثنين من الوكالء العامين للملك لدى محاكم االستئناف؛
-قاضييين من الدرجة األولى على األقل؛
-رئيس المجلس الوطني للموثقين؛
-ستة موثقين يقترحهم رئيس المجلس الوطني للموثقين؛
-يعين رئيس و أعضاء اللجنة و نوابهم بقرار لوزير العدل و –الحريات.-
يمكن لرئيس اللجنة أن يستعين بالعدد الكافي من القضاة و الموثقين إضافة إلى أعضاء اللجنة ،للقيام بتصحيح االختبار
الكتابي و اإلشراف على ا الختبار الشفوي ،كما يمكن له أن يستعين بالعدد الكافي من الموظفين و الموثقين للقيام بالحراسة.
يقوم رئيس الغرفة الوطنية للموثقين بالمهام المسندة إلى رئيس المجلس الوطني للموثقين بمقتضى هذه المادة حتى انتخابه".
_64وفقا لنص المادة 11من المرسوم التطبيقي لسنة .7114
41
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
65
مراقبة الوكيل العام للملك و أيضا بإشراف من الموثق و رئيس المجلس الجهوي للموثقين
خالل فترة التمرين الممتدة ألربع سنوات بمراحلها.66
أما بالنسبة لمرحلة التعيين الرسمي الذي ترجع صالحية تعيينه و تحديد مقر عمله
و باقتراح من وزير العدل ،بعد إبداء اللجنة المكلفة – اللجنة -33 67
بقرار لرئيس الحكومة
بإبداء رأيها في تعيين الموثق أو نقله أو إعفائه أو إعادة تعيينه و أيضا اختصاص البت في
المتابعات التأديبية للموثقين و المتمرنين ،و التي تضم من بين أعضائها الوكيل العام للملك
لدى محكمة االستئناف أو نائبه.68
لتأتي بعدها مرحلة أداء اليمين وفق نص المادة 31من القانون ،10..1الذي يكون
الوكيل العام للملك لمقر التعيين حاض ار بجلسة القسم التي يترأسها الرئيس األول لمحكمة
االستئناف ،و كذا رئيس المجلس الجهوي للموثقين الذي يتولى تقديم المترشح الناجح،69
الذي يكون على الموثق إيداع توقيعه الكامل لدى محكمتي االستئناف و االبتدائية التابع
لهما مقر عمله ترابيا ،في محضر خاص يضاف إلى الوثائق المكونة لملف المعني الخاص
به و بمساره المهني لدى النيابة العامة ،لتتولى هذه األخيرة إحالة نسخة منه بإرسالية إلى
وزارة العدل ،ب مصلحة مهنة التوثيق لقسم مساعدي القضاء و المهن القانونية و القضائية
بمديرية الشؤون المدنية.70
42
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
ثانيا :ثانوية الدور القبلي للنيابة العامة في مراقبة العدل
يأتي حديثنا عن القانون المنظم لمهنة العدول التي كان إصداره سنة ،0..8الذي ال
نجد ضمن ثنايا مواده ما يشير إلى أي دور قبلي للنيابة العامة في مراقبة العدل أثناء ولوجه
إلى مهنة التوثيق العدلي حسب إرادة المشرع المغربي ،حيث بقي هذا االختصاص لكل من
و قاضي التوثيق و الهيئات المهنية التي تضطلع بذلك ،لكن و مع ذلك فإن 71
و ازرة العدل
المعمول به سابقا قبل إصدار القانون النافد إلى حد اآلن ،و الذي كانت المسطرة المتبعة
في الولوج إلى المهنة موضحة بموجب المنشور الوزاري عدد 4.3المؤرخ في 31مايو
،3131و الذي كان بموجبه توجه طلبات الترشيح إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة
االستئناف لمكان إقامة المترشح قصد د ارستها ،مرفقة بالوثائق المنصوص عليها بهذا
المنشور ،الذي يتولى من خالله إعداد تقرير يوضح فيه رأيه بشأن ما تم إفادته به من
أبحاث حول سيرة المترشح و حسن سيرته و سلوكه و مدى استقامته ،على أن يوجه الملف
إلى و ازرة العدل بمديرية الشؤون المدنية.72
لكن هذه المسطرة لم يعد العمل بها نافذا و ذلك بعد إصدار الظهير الشريف رقم
3..3.110الصادر بتاريخ 33رجب 32.0الموافق ل 8مايو 31.0بتنفيذ القانون رقم
33..3المنظم خطة العدالة و تلقي الشهادات و تحريرها ،73الذي تاله مؤخ ار القانون
_71حيث أكد مرسوم المتعلق بتحديد اختصاصات و تنظيم و ازرة العدل ،الصادر 11أبريل ،7111و المنشور بالجريدة
الرسمية عدد 4.31بتاريخ 4ماي ،7111ص ،7323في المادة األولى منه على السهر على تنفيذ االختصاصات
المخولة بمقتضى القانون ،و منها قوانين مساعدي القضاء.
_72رشيد بوهدي " ،دور النيابة العامة في القضايا المدنية –دراسة تأصيلية و تحليلية في ضوء قانون المسطرة المدنية و
القوانين الخاصة ،"-رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص تخصص القانون المدني المعمق ،كلية العلوم القانونية و
االجتماعية و االقتصادية ابن زهر ،جامعة ابن زهر أكادير ،الموسم الجامعي ،7112/7119ص .24
_73هذا الظهير الذي تم تغييره بالقانون 131.4الصادر بتنفيذ الظهير الشريف رقم 11.41111المؤرخ في 79يونيو
،1..4و الذي تم نسخه بالظهير الشريف رقم 1119149الصادر بتاريخ 13فبراير 7119بتنفيذ القانون ،19114وفق ما
جاء في المادة 24من القانون الحالي.
43
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
38..1المتعلق بخطة العدالة ،و الذي عمد المشرع المغربي به إلى تقليص دور النيابة
العامة في مجال المراقبة القبلية على العدول ،مانحا بذلك مهمة الرقابة الفعلية القبلية إلى
و ازرة العدل وفقا للمادة 2.من نفس القانون التي تبقى إجراءاتها مبهمة إلى حين إصدار
نص تنظيمي في هذا الصدد.74
لكن و كنوع من المراقبة االحتياطية للنيابة العامة على العدل ،فقد أشار المرسوم
أي بعد سنتين على إصدار القانون ،38..1على أن 75
التطبيقي الصادر في سنة 0...
تحديد عدد العدول و المكاتب العدلية هو من اختصاص وزير العدل بقرار ،لكن بعد استشارة
من اللجنة التي تنعقد بمقر و ازرة العدل في تاريخ يحدده كذلك هذا األخير ،والمكونة من
ممثل للنيابة العامة بالدائرة اإلستئنافية يعينهم كذلك ،إضافة إلى أعضاء آخرين وفق نص
المادة 0من المرسوم السابق الذكر.76
إضافة لذلك فإن النيابة العامة تبقى حاضرة بموجب قانون المهنة ،من خالل تكوين
اللجنة الخاصة باإلشراف على تنظيم المباراة التي حددتها المادة 4من قانون خطة العدالة
والمحال عليها بموجب هذا المرسوم في مادته ،4و يبقى كذلك حضور الوكيل العام للملك
المعين من وزير العدل في اللجنة الخاصة بتقديم مقترحاتها بشأن كل إخالل منسوب للعدل
خالل فترة التمرين المحددة في السنة الكاملة ،77و يقتصر دوره النيابة العامة على عملها بعد
_74أكد المادة 31من القانون 19114على أنه " :يخضع العدل في مزاولة عمله لمراقبة وزير العدل و القاضي المكلف
بالتوثيق.
تحدد اإلجراءات الخاصة بالمراقبة بنص تنظيمي".
_75مرسوم رقم 71121422صادر في 72من شوال 137.الموافق ل 72أكتوبر ،7112بتطبيق أحكام القانون رقم
19114المتعلق بخطة العدالة ،الصادر بالجريدة الرسمية عدد 4922بتاريخ فاتح ديسمبر ،7112ص .3314
_ 76على أن تعقد اجتماعها بحضور أربعة من أعضائها على األقل بمن فيهم مدير الشؤون المدنية رئيسا ممثال لوزير
العدل ،وفق المادة 4من نفس المرسوم التطبيقي.
_77حسب الفقرة األولى من المادة 2من القانون .19114
44
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
توصها بطلب إجراء بحث خاص كما هو الحال بالنسبة لباقي المهن القانونية والقضائية ،و
تقديمها لملتمس أداء اليمين.
و بالرغم من أن المادة 3.لم تنص على مكنة حضور الوكيل العام للجلسة الخاصة
بأدا ء القسم بمحكمة االستئناف كحضور ذو طبيعة شكلية ،و اقتصرت على حضور رئيس
المجلس الجهوي للعدول لتلك الدائرة اإلستئنافية التي يتبع لها المجلس كما هو الحال بالنسبة
لمهنة المفوض القضائي ،78و هذا األمر الذي نجد أن المشرع المغربي قد نص عليه في
كنوع من المقارنة للتشريع المهني 79
القانون المنظم لمهنة المحاماة و القانون المنظم للتوثيق
الخاص.
و عليه فحتى ما قد يتواجد لدى النيابة العامة من معطيات حول العدل في الملف
الممسوك لديها الخاص بكل عدل لن يتضمن بوثائقه سوى قرار التعيين و ملتمس أداء
اليمين ونسخة من محضره ،80باإلضافة إلى ما قد يضاف إليه خالل المسيرة المهنية للعدل
من متابعات تأديبية أو متابعات زجرية تحضر خاللهما النيابة العامة بدورها الرقابي المهم
وفق ما سنأتي على دراسته الحقا.
إال أنه و من جهة أخرى ال تقل أهمية على ما سبق دراسته ،فقد تم التأكيد على عدم
تأثر المهام التي تضطلع بها النيابة العامة على استقالليتها عن السلطة التنفيذية
باألساس ،81حسب المتغيرات الهيكلية التي عرفها المغرب من فصل بين السلط كما جاء
45
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
بذلك دستور 0.33للمملكة ،حيث أكد المنشور الصادر عن رئيس النيابة العامة في
موضوع اإلشعار بقضايا المهن ،في شقه المتعلق بتوضيح انتقال اإلشراف على هذه األخيرة
إلى النيابة العامة أم بقائها وفق ما هو معمول به سابقا في تبعيتها لو ازرة العدل ،حيث أكد
البند الثالث من هذا المنشور ،82على بقاء التبعية في المراقبة و اإلشراف على العدول
كاختصاص للو ازرة المكلفة بقطاع العدل إضافة للقاضي المكلف بالتوثيق ،و السيما بأحقيتها
وفقا للقانون بمنح الترخيص لمزاولة المهنة أثناء مرحلة الولوج أو إعفائه من ممارستها ،وهذا
ما فيه إلى استحضار لروح التعاون بين السلطتين في إطار قانون منظم لهذا المجال ،و وفقا
للمادة 4.من قانون خطة العدالة ،83كما هو الحال أثناء مراقبة العدل المتمرن خالل فترة
السنة التي يقضيها أثناء التكوين.84
االتجاه الثاني :هذا التوجه الذي غلب الصفة اإلدارية للنيابة العامة على صفتها القضائية ،و دليله على ذلك أن -
هذه األخيرة تخضع للتسلسل الرئاسي للسلطة الحكومية المكلفة بالعدل ،خالفا لقضاء الحكم.
االتجاه الثالث :يتوسط في أمره بين االتجاهين السالفين ،حيث يرى أن هناك إمكانية إلعتماد حل وسط بين -
الرأيين ،و الذي يقوم على كون النيابة العامة و إن كانت في جوهرها تابعة للسلطة القضائية من حيث التنظيم و
المهام ،إال أنه ال يمكن غض النظر عن عالقتها الوطيدة بو ازرة العدل الممثلة للسلطة التنفيذية ،و هي بذلك
قضاء من نوع خاص يربط المهام القضائية بنظيرتها اإلدارية.
جمال األشهب ،استقالل القضاء :تحوالت جديدة ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص وحدة الطفولة وقضاء
األحداث ،كل ية العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية طنجة ،جامعة عبد المالك السعدي ،السنة الجامعية
،7117/7111ص .24
_ 82و الذي قد سبقت اإلشارة إليه في الشق المتعلق بالمراقبة القبلية للنيابة العامة على المفوض القضائي ،لكن هذا األمر
ال يعفينا من إعادة التطرق إليه وفق منظور مقارباتي آخر متصل بمهنة خطة العدالة.
_83نصت المادة 41من خطة العدالة على " :يشعر الوكيل العام للملك وزير العدل و القاضي المكلف بالتوثيق ،و كذا
المجلس الجهوي للعدول ،بكل مقرر صادر في حق العدل".
_84القانون 44112الذي جاءت مواده مالئمة وفقا للباب السابع من دستور ،7111و أيضا لما تاله من إصدار للقانون
التنظيمي المتعلق بالمجلس األعلى للسلطة القضائية ،رقم 111114في مواده 99و ،111وأيضا القانون التنظيمي رقم
119114الخاص بالنظام األساسي للقضاة ،الصادرين سنة ،7119بعد حلول الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض
بصفته رئيسا للنيابة العامة مكان وزير العدل في اإلشراف على هذه النيابة العامة و على قضاتها.
46
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
مما يعطينا معه هذا األمر انطباعا أوليا على أن النيابة العامة قد منحها المشرع دو ار
ثانويا في المراقبة القبلية ،بطبيعة تدخلية بعدية فقط في كل ما يتعلق بمسطرة التأديب أو ما
ينسب للعدل من إخالالت ذات طبيعة جنائية ،و هذا على خالف ما جاء بعد إصدار هذا
القانون.
يكمن فحوى عملنا على تقسيم المراقبة كعمل تضطلع به النيابة العامة ،بدأ من
المنطلق القبلي منذ ولوج المهني أو منذ العمل على تنزيل القوانين الخاصة بالمهني من
جهة ،لنمر إلى المراقبة ذات الطبيعة البعدية التي ابتغى من ورائها المشرع الحرص على
ضمان صيرورة المرفق المهني لمساعدي القضائي و للمهن الحرة ،ليضح وفقا ما سبق لنا
دراسته اختالف هذه الصالحية بين البروز و الخفوت.
لنصل إلى ما بعد التفعيل التشريعي و ما بعد الولوج الفعلي للمهنيين ،و بالضبط
مرحلة أداء المهام و ما يصاحبه من رقابة من قبل النيابة العامة أساسا و أجهزة أخرى قد
تختلف طبيعتها مهنية كانت أو إدارية للكل من مهنتي المحاماة و المفوضين القضائيين في
تقسيم أول ،ثم الموثقين و العدول في إطار ثان ،و هو ما سنأتي على بسطه في هذا
المطلب.
الفقرة األولى :تجليات الرقابة البعدية للنيابة العامة على كل من المحامي و المفوض
القضائي
إن في الحديث عن دور النيابة العامة في حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية
والقضائية كما هو الشأن بالنسبة للمحامي و المفوض القضائي ،يقتضي الوقوف على طبيعة
هذا الدور حسب قانون كل من المهنتين ،و كذا موقف العمل القضائي في معالجة بعض
47
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
و عليه فإن تقسيمنا جاء وفقا للتطرق (أوال) للمراقبة البعدية للنيابة العامة للمحامي
أثناء أدائه لمهامه ،ثم المرور (ثانيا) لمهنة المفوض القضائي كذلك.
يأتي الحديث عن المرحلة البعدية لتدخل النيابة العامة من خالل القانون المنظم لمهنة
المحاماة ،بعد استكمال سائر المراحل األولية لقبول ترشيحه إلى حين انتهاء مرحلة التمرين،
ليأتي بعدها الحديث عن أهم ما منحه المشرع المغربي من صالحيات للنيابة العامة ذات
طبيعة رقاب ية على المحامي الرسمي أثناء ممارسته للمهنة ،حيث نجد أن ما هو متعلق
قصد 85
بحسابات المحامين ،التي يمكن للوكيل العام للملك أن يتقدم بطلب إلى نقيب الهيئة
إجراء تحقيق لحساب محام و أيضا ليقوم هو أو من ينيبه لهذا الغرض بالتحقق من وضعية
الودائع التي لديه ،على أن يشعره بنتيجته.86
فقد أوجب القانون على المحامي أن يقوم بتقييد و ضبط كل الحسابات النقدية
والسندات والقيم التي تسلمها جراء العمليات المنجزة من قبله ،و ذلك في دفتر خاص
بالحسابات اليومية المعد لهذا الغرض الممنوح له من قبل الهيئة ،و الذي وافق على نموذج
له أو المؤشر من النقيب.87
_85يبقى االختصاص األول فيما يتعلق بإجراء األبحاث حول حسابات المحامي واإلطالع على دفاتر حسابات المحامي
مرة كل سنة على األقل ،لكن المشرع أضاف نوعا من الرقابة الخارجية عن اإلطار المهني من خالل مؤسسة النيابة العامة
في شخص الوكيل العام للملك لدى محكمة االستئناف التابع مقرها ترابيا للهيئة ،وفق ما أكدته المادة 49من نفس القانون.
_86حسب ما جاء في المادة 49من القانون 72112
_87عادل عقا و الجاللي ،مرجع سابق ،ص .1.
48
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
و من الواجبات الملقاة على المحامي ما نصت عليه المادة 42من قانون المهنة،
كون أنها تمنع على هذا األخير عدم تسلم أي نقود أو سندات أو ودائع أو قيم دون وصل
مرقم له نظير ،يتضمن البيانات المتعلقة باسمه و اسم الطرف الذي قام بالدفع أو التسليم
في قرار لها 89
وموجبه و تاريخه و كيفية أدائه ،88و هو األمر الذي أكدته محكمة النقض
صادر بتاريخ 03فبراير 0.32في الملف اإلداري رقم ،0.31/3/2/0088حيث تقدم
الوكيل العام للملك بآسفي بتاريخ 1شتنبر ،0.30بطعن ضد قرار مجلس هيئة المحامين
بآسفي ،الذي تقرر بعد بت غرفة المشورة بنفس المحكمة بإصدار عقوبة تأديبية في حق
محام لنفس الهيئة و توقيفه لمدة سنة ،و ذلك من أجل التصرف في وديعة و االحتفاظ بها
أكثر من المدة المحددة قانونا ،فقضت بموجبه بتأييد العقوبة التأديبية مع تعديله بخفض مدة
التوقيف إلى عشرة أشهر ،و أكدت محكمة التفسير-محكمة النقض -على أن ما دأب عليه
اجتهادها فيما يتعلق بمخالفة االحتفاظ بالوديعة ،اعتبارها من المخالفات المستمرة التي ال
تتقادم إال من تاريخ اكتشافها ال من تاريخ ارتكابها ،90وفق ما عابه الطاعن بشأن خرق هذا
المقتضى الوارد في المادة 82من قانون المهنة ،و قضت محكمة النقض برفض الطلب.
متعلق 91
و تتمة لما سبق ذكره ،فإن ما جاء به المشرع المغربي عند إفراده لباب خاص
بالتوقف أو االنقطاع عن مزاولة المهنة من القانون ،0....أكد على حضور النيابة العامة
أثناء وجود مانع معترض من المحامي في ممارسته لمهامه سواء كان مانعا خاصا و معه
يتوجب عليه إخبار النقيب بذلك ،أو مانعا ذات صلة مخالفة مهنية صدرت فيه حقه ،لما في
49
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
هذه اآللية المسطرية من ضمان لحقوق و مصالح موكلي المحامي المنقطع عن العمل،92
ليأتي بعده تدخل الوكيل العام للملك الذي له أن يتقدم بطلب إلى النقيب قصد وضع حد
لنيابة المحامي بعد رفع المانع في ملف ممسوك لديه ،93لكي يقوم النقيب بتعيين المحامي
النائب للمعني ،إن لم يكن للمحامي تعيينه بدل عنه لتسير وتصريف أشغال المكتب إلى
حين زوال المانع إن كان مؤقتا.94
أما فيما يتعلق كذلك بالتغاضي عن التقييد في الجدول ،فللوكيل العام للملك أن يتقدم
95
بطلبه إلى مجلس الهيئة التي يزاول بها المحامي الذي أسقطت عليه إحدى الحاالت
المسموح بها باتخاذ هذا اإلجراء الذي يضطلع بها مجلس الهيئة كاختصاص أصيل ،الذي
يقوم بتبليغ المحامي المعني و الوكيل العام للملك بق ارره بهذا الخصوص داخل أجل 34يوم
من صدوره ،96لكن يبقى الحديث عن جدوى الطلب المقدم من قبل ممثل النيابة العامة لكون
أن الحاالت الواردة ال تظهر أي إخالل خطير قد يوجب تدخل النيابة العامة في هذا الصدد،
إال في الحالة الثالثة المتعلقة بحالة تعذر ممارسة المهنة لعارض مؤثر صحي قد يؤثر على
أهليته.
50
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
ثانيا :المراقبة البعدية للنيابة العامة على أعمال المفوضين القضائيين
يأتي الدور الهام الذي يقوم به المفوض القضائي من خالل المساهمة في إنتاج العدالة
من خالل أدائه لمهمتين لهما من الدرجة الكبرى من األهمية ،تتجلى في التبليغ والتنفيذ
لألوامر و األحكام القضائية ،97مما استرعى المشرع المغربي من ضرورة ربطها بالمراقبة
والتفتيش لمواكبة مدى سالمة قيامه باختصاصه على أكمل وجه ،98فنجد على أن هذه
المراقبة ترجع أساسا لرئيس المحكمة االبتدائية التي يزاول المفوض القضائي مهامه بمقرها،
على أن له مكنة انتداب أحد القضاة للقيام بهذه العملية ،و التي يبقى الهدف منها التحقق
من شكليات اإلجراءات المنجزة و مدى احترامها آلجالها المحددة ،و أيضا سالمة تداول
األموال و القيم الممسوكة لديه جراء مباشرته لعمله ،99كما مكن المشرع المغربي أعوان إدارة
الضرائب من القيام بمراقبة المفوض القضائي ،بعد التقدم بطلب موجه إلى رئيس المحكمة
االبتدائية حسب تفسير المادة 11من القانون ،.3..1و يأتي حضور النيابة العامة كنوع
من الرقابة االحتياطية األولية عند وجود أي إخالل مهني منسوب له ،والتي يحرر بموجبها
الرئيس محض ار و يحيله على وكيل الملك الذي يقوم بإجراء بحث في األمر.
ليتضح بعد ذلك الدور الجلي لوكيل الملك لدى المحكمة االبتدائية أثناء مراقبة للمفوض
القضائي التابع مقر عمله لها ،و ذلك من خالل القيام بتفتيش مكتبه مرة كل سنة على األقل
و كلما اقتضت الضرورة ذلك ،100كأن يصل إلى علمه بشكاية ضده تخبره بوجود إخالالت
51
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
خطيرة ،و التي تمكنه بعد ذلك من اإلطالع على كل ما قد يراه من ملفات و استجواب
المعني بشأنها ،و هو ما قد يفرض نوعا من الحضور المفاجئ عليه.101
و إن تبين له من خالل تحرياته وجود إخالالت مهنية خطيرة ،تعين عليه إيقاف
المفوض القضائي عن العمل لمدة ال تتجاوز أمد الشهرين ،ثم تحريك المتابعة التأديبية في
حقه وفق المؤكد بالمادة 12من القانون ،.3..1على أن يشعر بذلك وزير العدل بما اتخذه
من إجراءات ،102و التي يتضح من خالله طبيعة سلطة الرقابة الممنوحة للنيابة العامة خالل
مرحلتي المراقبة و التفتيش ،و معه أيضا الحرص على تخليق جو العمل من خالل ما سبق
بيانه ،لما يكرس معه الخضوع للضوابط القانونية و األخالقية.103
و كذلك فإن النيابة العامة تبقى حاضرة بدورها الرقابي و ذلك عند إجراء عملية
التصفية للمشاركة المنتهية العقد بين المفوضين القضائيين المتشاركين ،و ذلك بحضور
وكيل الملك لدى المحكمة االبتدائية التي يمارس فيها المتشاركون مهامهم كمقر عمل ،إلى
جانب عضوين من الجهة التمثيلية للهيئة الجهوية لهيئة إضافة إلى المعنيين باألمر.104
52
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
و من جانب آخر يطرح التساؤل حول إمكانية طعن النيابة العامة في النظام الداخلي
الجهوية للمفوضين القضائيين ،لكون التشريع الخاص بالمهنة لم يتطرق لهذه 105
للهيئات
و ال تبليغها بهذا الخصوص ،كما هو األمر بالنسبة القانونين المتعلقين بكل من 106
النقطة
الموثقين و العدول ،و هو عكس ما جاء به القانون 0....المنظم لمهنة المحاماة وبالضبط
في الفصل 13منه الخاص بتنظيم هيئات المحامين بالمغرب ،سواء عند وضعه أو تعديله؟
فجوابنا مستند في هذه النقطة على قرار قضائي صادر عن غرفة المشورة بمحكمة
االستئناف بمراكش في قرار لها عدد 1.الصادر بتاريخ 0.33/.4/.2في الملف رقم
،121./3308/3.و الذي جاء في حيثياته أن الطعن المقدم من الوكيل العام للملك في
النظام الداخلي المطعون فيه جزئيا في بنوده الصادر عن الهيئة الوطنية للمفوضين
القضائيين باعتبارها مكلفة بتسيير مرفق عام ،يوافق ما ينطبق معه على عملها هذا صفة
القرار اإلداري المراد تطبيقه على الصعيد الوطني ،و أن المشرع قد أسند النظر في الطعون
المتعلقة بالق اررات اإلدارية إلى جهة القضاء اإلداري ،لتصرح بذلك بعدم اختصاصها للنظر
في الطعن المقدم من طرف الوكيل العام للملك لديها.107
و من خالله أمكننا القول على أن المادة 34من المرسوم التطبيقي ،قيدت على النيابة
العامة إمكانية التدخل الرقابي بنص القانون ،بعد تنصيصها على تبليغ النظام الداخلي
بصراحة نص القانون ،كما هو األمر بالنسبة للمادة 0.من نفس المرسوم التي تحث الهيئة
_105للتوسع بخصوص تحديد مفهوم النظام الداخلي و نشأته و طبيعته القانونية ،راجع :الطيب بن المقدم ،النظام الداخلي
لهيئات الحامين بالمغرب-نظام هيئة المحامين بالرباط نموذجا ،-مقالة منشورة بمجلة رسالة المحاماة ،العدد 13دجنبر
.71 ،1...
_106أيظا خلو المرسوم التطبيقي ألحكام القانون 21114المنظم لمهنة المفوضين القضائيين الصادر في 72أكتوبر
،7112إلى جانب القانون نفسه.
_ 107محمد النجاري " ،أية مقاربة تشريعية لألنظمة الداخلية للمجالس المهنية بما فيها مهنة التوثيق؟ " ،مقالة منشورة بمجلة
المعيار –مجلة تصدر عن هيئة المحامين بفاس ،-العدد ،3.لسنة يونيو .12 ،7114
53
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
الوطنية للمفوضين القضائيين على ضرورة تبليغ محاضر انتخاب رئيسها إلى الوكيل العام
للملك لمحكمة االستئناف بالرباط داخل أجل 34يوم الموالية لهذه االنتخابات.
الفقرة الثانية :مراقبة النيابة العامة لسير عمل مكاتب الموثقين و العدول
يأتي الحديث عن المراقبة التي تضطلع بها النيابة العامة أثناء مراقبتها على مهنة
التوثيق حاضرة بقوة و بشكل مشدد وفق ما جاء به القانون 10..1إلى جانب جهات أخرى
ذات طبيعة إدارية أو مهنية كنظام مختلط (أوال) ،في حين يبقى الدور على مراقبة العدل
الرسمي قاص ار على تبليغها بعملية انتخاب رئيس المجلس الوطني للعدول ،في ظل هيمنة
و ازرة العدل و قضاء التوثيق (ثانيا).
فعملية المراقبة ال يمكن االستغناء عنها في ميدان التوثيق العدلي أو العصري ،لكون
هذا المبدأ هو معيار الستمرار توفير األمن التعاقدي و ضابط للتشبث بتقاليد وأعراف هاتين
المهنتين العريقتين.108
يسبقنا القول إلى أن مهنة التوثيق ونظ ار لحداثة القانون الصادر المنظم لها ،و أيضا
لخلفية إدخالها كمهنة لصون األمن التعاقدي منذ االستعمار إلى حدود الساعة ،109مستمدا
بكونها ذات بعد عصري، 110
إياه من التشريع الفرنسي ،تم بموجب ذلك التأكيد فقهيا
وبخصوصيات تفردها تميي از عن العدل الموثق ،فغني عن البيان أن ما كان معموال به سابقا
إبان نفاذ ظهير 2مايو ،3104أن الموثق يخضع بمناسبة مزاولته لمهامه إلى رقابة النيابة
_ 108عبد اهلل روحمات ،مهام القاضي المكلف بالتوثيق بين النظر و التطبيق ،دار السالم للطباعة و النشر و التوزيع-
الرباط ،الطبعة الثانية لسنة ،7112ص.111
_109عبد المجيد بوكير ،التوثيق العصري المغربي ،دار السالم -الرباط ،الطبعة الثانية لسنة ،7111ص .1.3
_110محمد الربيعي ،األحكام الخاصة بالموثقين و المحررات الصادرة عنهم-دراسة في ضوء مستجدات قانون 19114
المتعلق بخطة العدالة و قانون 4711.المتعلق بالتوثيق ،مكتبة المعرفة -مراكش ،الطبعة الثالثة ،7112ص .74
54
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
العامة في شخص وكيل الملك ،كمراقبة دورية في السنة على األقل بتفقد صناديق الموثقين
و حاالت األمانات المودعة لديه.111
و بعد مرور قرابة .8سنة ،أي بعد نفاذ القانون 10..1المنظم لمهنة التوثيق ،أفرد
المشرع المغربي بابا خاصا متعلق بالمراقبة ضمن القسم الرابع المعنون بالمراقبة
والتأديب ،112عن طريق النيابة العامة في شخص الوكيل العام للملك كنوع من المراقبة
القضائية البعدية خالل المسار المهني للموثق الرسمي ،ليتم التأكيد على مقابل القانون أعاله
في المادة 48منه ،التي نصت على خضوع الموثقين فكل ما يتعلق بعملهم و رقابة مدى
إلى مراقبة مزدوجة لكل من الوكيل العام للملك لدى محكمة 113
احترامهم لقانون المهنة
االستئناف -أو من ينيبه ،-المتواجد مقر عمل الموثق الخاضع للرقابة ،و أيضا إلى الو ازرة
المكلفة بالمالية ،كرقابة إدارية بطبيعتها ،على أن تجرى هذه العملية بحضور رئيس المجلس
الجهوي للموثقين أو من ينيب عنه لهذه الغاية ،إضافة للرقابة التي يقوم بها المجلس
الجهوي.114
وقد جاء التدقيق في تحديد مهام الوكيل العام للملك أثناء قيامه بعملية المراقبة هاته،
وذلك ما أكدته المواد 83و 8.و 81من قانون التوثيق ،حيث يضطلع بمهام مراقبة
المحفوظات و السجالت النظامية و سجالت المحاسبة ،و أيضا عمله على مراجعة صناديق
الموثقين مرة كل سنة على األقل مع التأشير عليها جميعها و تأريخها بيوم إجراء العملية،
وذلك في أي وقت يحدده و لو بصفة مفاجئة مع االستعانة بمن يساعده في ذلك ،ثم ليحضر
_111حسب الفقرة السادسة من الفصل 41من ظهير 3مايو ،1.74المنسوخ بالقانون 4711.النافذ حاليا.
_112و ذلك من المادة 94إلى 21من القانون اآلنف ذكره في المتن.
_ 113و ذلك في كل ما يخص عملياتهم الحسابية أو األموال و القيم المودعة لديهم ،أو التي لهم عليها والية حسابية ،وكافة
العقود المنجزة من قبلهم ،وكذلك مدى احترامهم للقانون المهني الخص بهم .وفق المؤكد بموجب المادة 94من القانون
.4711.
_ 114و ذلك من خالل قيام المجلس الجهوي بعمليات المراقبة عن طريق لجنة مهنية خاصة تضم رئيس المجلس الجهوي و
موثقين لهم من األقدمية ما يعادل خمس سنوات على األقل ،منتخبين لهذه الغاية ،حسب نص الفقرة األخيرة من المادة .94
55
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
بعد ذلك الدور اإلزدواجي بين الوكيل العام إلى جانب ممثلي و ازرة المالية ،من خالل القيام
بعمليات البحث و التفتيش و حق االطالع على كافة منجزات العمليات الممارسة من قبل
الموثق ،و المفيدة لهم في عملهم ،و بالمقابل يلزم هذا األخير بالرد على كافة التساؤالت
المطروحة عليه من قبل هذه الجهات ،و االستجابة لما تقتضيه ضرورة اإلجراء المنجز.115
و في حالة كان منجز عملية المراقبة كل من و ازرة المالية أو لجنة المجلس الجهوي،
فإنه يتوجب عليهما رفع تقرير بما تم انجازه إلى الوكيل العام للملك ،مع اإلشارة لما قد يتخلل
هذا اإلجراء من مخالفات مضبوطة ،على أنه إن تبينت جديتها أو خطورتها ،وجب اإلشعار
استعجاال بإخطار كل من الوكيل العام للملك و رئيس المجلس الجهوي ،وان اقتضى األمر
رئيس المجلس الوطني كذلك.116
و قد تشدد المشرع المغربي أثناء إضفاءه نوعا من الحماية القصوى على الحقوق
تالفيا لوقوعها في أيد 117
المالية الممسوكة لدى الموثق ،كما فعلت جل التشريعات المقارنة
غير آمنة ،و هو األمر الذي قد يخل بالمهنة و مهنييها في حالة سقوطهم في المحظور.
_115فؤاد السابقي " ،المسؤولية التأديبية للموثق على ضوء القانون 4711.و العمل القضائي ،رسالة لنيل دبلوم الماستر
في قانون العقود و العقار ،كلية العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية وجدة ،جامعة محمد األول ،السنة الجامعية
،7114/7113ص .14
_116المادتين 21و 21من نفس القانون.
_ 117حيث نجد كل التشريعات الخاصة بتنظيم مهنة التوثيق في كل من النمسا و بلجيكا و كرواتيا و اسبانيا و هنغاريا،
تسند هذه صالحية مراقبة الودائع الممسوكة من لدن الموثقين إلى الجهات المهنية لوحدها ،في حين أن المشرع الفرنسي
أسند هذا االختصاص للجنة مزدوجة كاألجهزة المهنية و القضائية ،أما بالنسبة للمشرع اليوناني فقد منح هذا الختصاص
لإلدارة الضريبية و السلطة اإلدارية المختصة و القضاء ،أما من جانب المشرع اإليطالي فقد حدد إسنادها إلى و ازرة العدل
و األجهزة المهنية ،ف حين ذهبت تشريعات كل من ألمانيا و هوالندا و سويس ار إلى منحه إلى سلطة الوصاية أو السلطة
العامة.
للمزيد من التوسع راجع :عبد اهلل درميش" ،أخالقيات مهنة التوثيق و سلطة التنظيم" ،مقالة منشورة بمجلة رحاب المحاكم،
العدد الثالث ،لسنة ديسمبر ،711.ص .49
56
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
ثانيا :مراقبة سير عمل الموثق العدلي
إن حديثنا عن الدور الرقابي على مهنة العدل الموثق ،يقتضي منا دراسة من خالل
منظور تحليلي بنوع من المقارنة كما رأينا سابقا ،حيث أن التعديل الذي طال نظيره في
الممارسة -الموثق العصري -صدر مؤخ ار بعد دستور ،0.33و معه فاستقراءا لمضامين
القانون 38..1المنظم خطة العدالة ،نجذ خلو هذا األخير من حضور جهاز النيابة العامة
أثناء الممارسة الفعلية للعدول ،و هذا ما اتجهت إليه إرادة المشرع حيث أبقت دور المراقبة
منحص ار للقاضي المكلف بالتوثيق كنوع من المراقبة القضائية ،118إضافة إلى إسناد اإلشراف
من القانون 119
لكل من و ازرة العدل ومجالس الهيئات الجهوية وفقا للمادتين 2.و41
،38..1فانتظار ما ستسفر عنه المتغيرات التشريعية من جديد في المستقبل القريب.120
و كذلك فقد أكد المرسوم التطبيقي ألحكام القانون المتعلق بخطة العدالة ،121بدءا من
المادة 13المحددة الختصاص وزير العدل في تكليف قاضي للتوثيق أو أكثر بقرار في دائرة
لكل محكمة ابتدائية ،و لكن اإلشكال المطروح هو بشأن االختصاص في التعيين؟ المتأرجح
بين وزير العدل و المجلس األعلى للسلطة القضائية؟
_118حيث أكدت المادة 42من المرسوم التطبيقي ،على صالحية قاضي التوثيق اإلطالع على كنانيش الجيب والمذكرات
الخاصة بالحفظ و الوثائق التي تحت عهدة العدل ،إضافة مراقبة هذا األخير لتصرفات العدول التابعين لدائرته باستمرار ،و
أيضا تفتيش مكاتبهم مرة كل سنة على األقل ..
_119لتؤكد المادة 44على أن الهيئة الوطنية للعدول -مع مراعاة المهام المحتفظ بها لرئيسها ،-تتولى إبداء رأيها في
بشان الشكايات الموجهة ضد العدول ،و كذا فيما تعرضه النيابة العامة عليها من إخالالت منسوبة للعدل ،و هذا األمر
الذي سنلحق على دراسته الرتباطه بسلطة التأديب التي تمارسها النيابة العامة على العدول.
_ 120و هذا ما فيه إال مواكبة لتوحيد الرؤية لدى المشرع المغربي أثناء تنظيمه للمهن القضائية ،خدمة للقضاء و العدالة
ببالدنا ،حيث يبقى عليه احترام الفصل بين السلط وفقا للفصل 112من الدستور و بسط رقابة النيابة العامة على المهن
القضائية ككل في مراحلها األولى ،كما هو األمر بالنسبة للقانونين المنظمين لمهنة المحاماة و الموثقين وفق ما سبق لنا
دراسته.
_121في الباب الرابع منه المعنون بمراقبة خطة العدالة.
57
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
و ذلك بعد نفاذ القانون التنظيمي للمجلس األعلى للسلطة القضائية رقم 3...31في
02مارس ،1220.38حيث جاءت المادة 83منه لتقر على أن تعيين المسؤولين القضائيين
بمختلف محاكم المملكة هو اختصاص للمجلس ،و هو ما قد يتعارض مع نص المادة 13
من المرسوم التطبيقي ألحكام خطة العدالة المشار إليه أعاله.123
مما يستدعي معه األمر تعديال على أحكام هذه المادة لتتالءم مع المتغيرات الحالية
التي تلت إخراج القانون ،1243...31بعد تنصيب أعضائه من طرف جاللة الملك بتاريخ
8أبريل ،0.33و هو ما يقتضي حسب رأينا أن يتم الحرص على إخراج مشروع قانون
جديد منظم لخطة العدالة ،يمنح فيه التوازن بين السلطة القضائية و السلطة التنفيذية في
إعمالها لسلطة الرقابة القبلية ،كما هو الحال إلى كل من القانونين 0....و القانون 10..1
ا لمنظمين على التوالي لمهنتي المحاماة و التوثيق ،مع استحضار رقابة النيابة العامة ضمانا
لما يبتغيه المشرع المغربي وراء سنه للقوانين المهنية من رقابة قبلية وبعدية سابقة لمسطرة
التأديب أو الزجر.
و معه يبقى فقط للنيابة العامة بموجب القانون المتعلق بخطة العدالة ،حق الطعن في
انتخاب رئيس الهيئة الوطنية للعدول في شخص الوكيل العام للملك لدى محكمة االستئناف
بالرباط ،بعد أن يتم تبليغها بمحاضر انتخاب هذا األخير داخل أجل 34يوم الموالية لهذه
االنتخابات كآلية من آليات المراقبة البعدية.
_122المنشور بالجريدة الرسمية عدد 9349بتاريخ 9رجب 1342الموافق ل 13أبريل ،7119ص .4134
_ 123و هذا ما فيه إال ضرب في التنصيص الدستوري المؤكد على استقاللية السلطة القضائية عن السلطة التنفيذية وفق
ما أكده الفصل 112من الدستور.
_124فقد تقدمت و ازرة العدل بمشروع قانون رقم 42112يقضي بموجبه بتغيير مقتضيات المادتين 12.و 127من قانون
الم سطرة المدنية النافذ حاليا ،بشأن منح اختصاص تعيين القضاة المكلفين بالزواج و القضاة المكلفين بشؤون القاصرين
بقرار للرئيس المنتدب للمجلس األعلى للسلطة القضائية لمدة ثالث سنوات بدل وزير العدل ،دون القاضي المكلف بالتوثيق.
58
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
إن غاية المشرع من القانون الذي يقره هو وضع إطار تنظيمي ينسج و يؤطر
العالقات بين األطراف داخل المجتمع ،على نحو يحقق األمن و االستقرار في المعامالت
باعتبارهما أساسا للعدل ،و هو األمر الذي يجد ارتباطه الوثيق بقوانين المهن القانونية
والقضائية موضوع دراستنا ،خصوصا لما في التأديب من دور أساسي للحفاظ على التماسك
المهني ألفراده بشكل خاص و للمتعاملين معهم على الوجه العام .125
و عليه فإنه لم يفت للمشرع المغربي على ضرورة حرصه على إبقاء الطرف العام
الممثل للدولة –أي النيابة العامة -في مجال التأديب ضد كل إخالل مهني يكتسي طبيعة
تأديبية ،و الذي يأتي في ميزان يتوسط في درجته بين المسؤولية المدنية و المسؤولية الجنائية
بشتى مظاهرها.
و قد جاءت مهام النيابة العامة في مرحلة إثارة المسؤولية التأديبية ألشخاص المهن
القانونية و القضائية موزعة من خالل أدوراها التي تلي سلطة المراقبة ،لتمتد إلى سلطة
البحث و تحريك المسطرة التأديبية ضدهم تارة ،و بين باعتبارها-أي النيابة العامة -جهة
لإلحالة على سلطات التأديب في كل هذه االختالالت المنسوبة ألشخاص هذه المهن،
والممتدة كذلك إلى صالحيات أخرى تتجلى في ممارستها للطعون في المقررات التأديبية
الصادرة ،مرو ار إلى ما يلحق ذلك من عمليات متعلقة بالتنفيذ و التبليغ ،و ما يصاحبها من
خصوصيات مميزة لكل مهنة على حدى بموجب القوانين المنظمة لها.
_125مجلة منبر النيابة العامة ،العدد الخامس لسنة ،7114تصدرها النيابة العامة لدى محكمة النقض ،دراسة بعنوان "
قراءة في المادة 27من القانون المنظم لمهنة المحاماة و المادة 47من القانون المنظم لمهنة الخبراء القضائيين" ،ص
.44
59
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
المطلب األول :صالحيات النيابة العامة أثناء جريان المسطرة التأديبية
خول المشرع المغربي للنيابة العامة صالحيات عديدة أثناء تفعيل المسطرة التأديبية
ضد كل من المحامي و المفوض القضائي و الموثق و العدل محل دراستا ،كما هو الشأن
لباقي المهن األخرى –الناسخ ،الترجمان ،الخبير -األمر الذي يضفي طبيعة خاصة ،سواء
باعتبارها جهة للمتابعة وأيضا جهة لإلحالة على السلطة التأديبية ،و كذلك لما منحه التشريع
المهني في حقها بالمقرر التأديبي مرو ار بالسهر على تنفيذه ،مع مراعاة ما جاء به كل قانون
مهني على حدى.
عمل المشرع المغربي على منح النيابة العامة صالحية إجراءات األبحاث في كل
إخالل منسوب ألشخاص المهن القانونية و القضائية ،أثناء تحريك المسطرة التأديبية ضدهم،
وهو ما سنعمل على التطرق له أثناء محاولة استقراء قوانين كل من مهنتي المحاماة
والمفوضين القضائيين (أوال) ،ثم المرور بالمهن التوثيقية أي الموثقين و العدول (ثانيا).
60
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
.1تحريك النيابة العامة للدعوى التأديبية ضد المحامي
األمر الذي ال نجد فيه اختالفا لدى المشرع المغربي بالنسبة لجهة التحريك المتمثلة في
الوكيل العام للملك لدى محكمة االستئناف كجهة إحالة إلى نقيب الهيئة ،إلى جانب مجلس
الهيئة نفسها ضد المحامي المتابع تأديبيا ،وذلك كلما تعلق األمر بمخالفة القانون أو لقانون
تنظيمي متصل باألول ،أو ألعراف و قواعد المهنة أو ألي إخالل بالمروءة والشرف على
وجه اإلطالق ال الحصر.130
_126كمجلس نقابة المحامين ،أو بطلب من رئيس محكمة النقض أو رئيس المحكمة اإلدارية العليا ،أو رئيس محكمة
القضاء اإلداري .وفق المادة 3.0من قانون المحاماة المصري.
محمد عبد اهلل حمود " ،المسؤولية التأديبية للمحامي في القانون اإلماراتي و المقارن" ،مجلة الشريعة و القانون ،العدد
الحادي و العشرون ربيع الثاني ،3204الموافق ل يونيو ( ،0..2جهة اإلصدار غير معروفة بعد البحث) ،ص .028
_127وفق المادة 92منه ،حيث تحرك الدعوى التأديبية بناءا على طلب رئيس النيابة العامة أو وزير العدل أو النائب
العام ،أو بناءا على شكوى خطية من المدعي أو من قبل محام.
_128أكدت المادة 111من قانون المحاماة العراقي ،على تحريك الدعوى التأديبية يأتي إما بقرار من رئيس اإلدعاء العام
أو من مجلس النقابة.
_ 129نفس األمر بالنسبة كذلك لقانون المحاماة اإلماراتي المؤكد على أن تحريك الدعوى التأديبية ضد المحامي عند وقوع
اخالل بالواجب المهني ،أو بشكوى مقدمة إلى لجنة قبول المحامين بو ازرة العدل ،وفقا للمادتين 39و 32من القانون
المذكور.
_130وفق ما جاء في المادة 92من قانون المحاماة المغربي ،و ما هو مستشف أن تأكيد المشرع المغربي على عدم
حصر األفعال المخالفة و الموجبة للمساءلة التأديبية سواء الواردة في قانون المهنة أو في نصوص قانونية متفرقة.
61
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
على عكس سلطة المتابعة الموكولة للنقيب و التي تم تقيدها بتوصله بشكاية من
إحدى الجهتين المحيلتين سواء الوكيل العام للملك أو المتضرر ،131و الذي يكون له اتخاذ
مقرر معلل بالمتابعة أو الحفظ داخل أجل وقتي محدد في ثالثة أشهر و إال اعتبر بمثابة
قرار للحفظ عند فوات األمد الزمني المحدد للبث ،بالرغم من أن له الحق في التماس أجل
سواء كانت سلطة اإلحالة هي الوكيل العام أو مجلس الهيئة.133 132
إضافي عند االقتضاء
على أن يكون للوكيل العام للملك حق الطعن في قرار الحفظ المتخذ من النقيب
اإليجابي أو السلبي بعد تبليغه ،134لكن في حالة لم يلتمس النقيب أجال إضافيا للبت في
الشكاية ،فيحق للوكيل العام أنذاك الطعن في المقرر الضمني بالحفظ وفقا للقانون ،و قد أكد
قرار لمحكمة النقض أنه ال يجوز االكتفاء بتوجيه إرسالية إلى النيابة العامة من طرف النقيب
_131يبقى اإلطار القانوني المنظم للشكاية المقدمة في مواجهة المحامين ،و التي تأتي من قبل المشتكي هي المادة .4
من قانون المحاماة ،التي يتكون ملفها لدى النيابة العامة من :من أصل نسخة من الشكاية ،الوثائق المبررة لها ،ملتمس
النيابة العامة ،كتاب إخباري لمديرية الشؤون المدنية التابع مقرها لمركزية و ازرة العدل بالرباط ،كتاب إخباري للنقيب بمآال
الشكاية ،ملتم س نقيب هيئة المحامين التابع لها مقر مكتب المحامي المشتكى به ،على أن تحال الشكاية للبحث بمجرد
إطالع الوكيل العام للملك عليها و اتخاذ قرار المتابعة أو الحفظ ،و في حالة المتابعة يفتح لها ملف و يحال على غرفة
المشورة بمحكمة االستئناف بعد اإلدالء بالتقرير المنجز من قبل النقيب.
الشرقي حراث ،الدليل العملي إلجراءات التقاضي أمام المحاكم ،طبعة ،7119مطبعة األمنية-الرباط ،ص .13
_132تفسير المقتضى القانوني للمادة 92فقرته الثانية ،أكدته المادة 114من النظام الداخلي لهيئة المحامين بأكادير
المصادق عليه بتاريخ 7111/19/11و النافذ حاليا ،على إمكانية التماس أجل إضافي من النقيب لإلجابة على الشكاية
الموجهة ضد المحامي المتابع تأديبيا.
_ 133و بمفهوم المخالفة فإن عدم توصل النقيب بالشكاية فال يحق له المتابعة ،و يبقى اختصاصا لمجلس الهيئة ،وفقا
للمادة 9.من قانون المهنة و المادة .2من النظام الداخلي لهيئة المحامين بمراكش.
محمد بلهاشمي التسولي " ،رسالة المحامي عبر التاريخ" الجزء الثاني مسؤولية المحامي ،الطبعة األولى ،7111المطبعة و
الوراقة الوطنية-مراكش،ص .711
و هو أيضا ما أكدته غرفة المشورة لمحكمة االستئناف بمراكش بشأن تقييد سلطة تحريك الدعوى التأديبية من قبل النيابة
بإحالة النيابة العامة أو بتقديم شكاية له ،وذلك في القرار رقم ،241في الملف عدد ،424./1173/7111المؤرخ في
، 7117/13/74المنشورة بمجلة المحاكم المغربية الصادرة عن هيئة الدار البيضاء ، ،العدد ،132يوليو/غشت ،7114
ص .122
_134قصدنا بالمقرر اإليجابي :الصادر من النقيب بالحفظ المحترم ألجله المحدد في ثالث أشهر ،أما المقرر السلبي فهو
الفائت أجله المحدد للبث فيه من النقيب.
62
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
المتضمنة فقط لجواب المحامي المشتكى به دون بته في الشكاية ،135سواء في أجلها أو بعد
مروره.
و من جهة أخرى نجذ إلى جانب النقيب باعتباره جهة للمتابعة ،نجد مجلس الهيئة
الذي له أن يضع تلقائيا يده على أي إخالل مهني مرتكب من طرف المحامي المعني
بعد الطعن المقدم لها من 137
باألمر ،136و أيضا غرفة المشورة لدى محكمة االستئناف
الوكيل العام بشأن إلغاء مقرر الحفظ الصادر عن النقيب و إحالة الملف على المجلس
على أن يتم تبليغ الوكيل العام للملك 138
لمواصلة المتابعة المتخدة ضد المحامي المخالف
بالمقرر التأديبي في أجل 34يوم من صدوره.
لتأتي بعد ذلك المسطرة الخاصة بمتابعة النقيب التي خص بها المشرع المغربي الوكيل
العام للملك لدى محكمة النقض لوحده ،كنوع من االمتياز في المتابعة ضد شخص موكول
له تمثيل الهيئة في كل ما يتعلق بالمهنة ،إما بشكل تلقائي أو بناءا على شكاية متوصل
بها ،139على أن تحال المتابعة إلى محكمة االستئناف غير تلك التي توجد بها الهيئة التي
يتمي إليها النقيب المتابع تأديبيا.140
_135قرار لمحكمة النقض رقم 0.1/0المؤرخ في 31مايو 0.38في الملف اإلداري رقم ،0.32/3/2/0241المنشور
بسلسلة إصدارات المكتب الفني لمحكمة النقض " مهنة المحاماة في ضوء ق اررات محكمة النقض" م.س ،ص .003
_136المادة 9.من القانون .72112
_137التي سنأتي على دراستها بشكل مفصل الحقا.
_138وفقا للمادتين 92و 21من القانون .72112
_139المادة 27من القانون 72112الواقع استدراك الخطأ الواقع بنص المادة في الجريدة الرسمية عدد 4922المؤرخة في
فاتح ديسمبر ،7112ص .331.
_ 140و تبقى فلسفة المشرع وراء مسطرة اإلحالة على محكمة استئناف أخرى غير التي يزاول النقيب بدائرة نفوذها مهامه و
سلطته و اختصاصاته على الهيئة ،لما في ذلك من ضمان لللحياد و رفع للحرج عن المجلس التأديبي ،لكن كان كذلك
على المشرع أن يمدد المسطرة لتسري على أعضاء المجلس كذلك ،لما في ذلك من توفير لضمانات للمحاكمة العادلة وفق
ما أقره دستور .7111
للمزيد راجع :محمد شهبون " ،التأديب " ،مقالة منشورة بمجلة المحاماة التي تصدرها جمعية هيئات المحامين بالمغرب،
عدد مزدوج ،43-44أبريل 7111ص .27
63
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
وجوابا عليه فال شك أن التفسير السليم و األقرب للصواب هو اختصاص الوكيل العام
للملك لدى محكمة االستئناف كما ذهبت عليه سائر مساطر التأديب ضد المحامين في
األحوال العادية.
و قد أكد القانون المنظم لمهنة المفوضين القضائيين في المادة 18منه ،على أن وكيل
الملك له سلطة واسعة في تحريك الدعوى التأديبية ضد المفوض القضائي تلقائيا ،وذلك بناءا
على ما يكتشفه من إخالالت مهنية خطيرة أثناء القيام بعملية تفتيش مكاتبهم ،142و كذلك ما
قد يتوصل به من جهات أخرى ،يأتي في مقدمتها التقرير المقدم من طرف رئيس المحكمة
64
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
االبتدائية وفقا للفقرة الثالثة من المادة 11من نفس القانون المذكور ،و أيضا التقارير التي
تنجزها كل من الهيئة الوطنية للمفوضين القضائيين و من المجلس الجهوي للمفوضين
القضائيين بشأن اإلخالالت المنسوبة للمفوضين القضائيين و تقديم أرائهما حول ما تم
عرضه عليهما من قبل رئيس المحكمة أو من وكيل الملك ،143و كذلك مدخل الشكاية ضد
المفوض القضائي المخالف المقدمة من أحد المتعاملين مع األخير.144
و من خالله يتضح على أن السلطة التقديرية التي يتمتع بها وكيل الملك كجهة
رئيسية أثناء تقديره للفعل الخطير المخل بالمهنة و الذي يشكل مخالفة تأديبية تستدعي
المتابعة ،و معه تكوين قناعته بشأن اتخاذ قرار المتابعة يتبعها مباشرة اإلحالة على غرفة
145
المشورة بالمحكمة االبتدائية التي يقع بدائرتها مقر مكتب المفوض القضائي المتابع تأديبيا
و كذلك سلطة اإليقاف المؤقت عن العمل كما سنرى ذلك الحقا ،أو اتخاذ مقرره بحفظ
الشكاية.
و بين المخالفات المهنية المخلة بالواجب المهني التي لم يعمد المشرع المغربي على
حصرها و إنما تركها على وجه اإلطالق ،نجذ مخالفة عدم سحب المفوض القضائي
لطيات التبليغ من مكتب التنسيق التابع للمحكمة االبتدائية مقر مكتبه ،كتكليف أوجبه القانون
بموجب الفقرة الثانية من المادة 34من القانون ،.3..1و ذلك راجع لالختصاص المنوط
لهذه المهنة قصد تسليم استدعاءات التقاضي لألطراف ،و المقررة بموجب قانون المسطرة
146
المدنية و بنصوص قانونية خاصة ،و قد جاء في وقائع حكم للمحكمة االبتدائية لمراكش
_143المادتين 14و 49م المرسوم التطبيقي ألحكام القانون 21114المنظم لمهنة المفوضيين القضائيين.
_ 144يوسف أقصبي " ،المسؤولية التأديبية و المدنية للمفوض القضائي ،طبعة ،7113دار السالم للطباعة و النشر
والتوزيع -الرباط ،ص .31
_145المادة 42من القانون .21114
_146حكم رقم 12صادر عن غرفة المشورة للمحكمة اإلبتدائية بمراكش ،بتاريخ ،711./11/14في الملف رقم
، 1922/1/711.و المنشور بالمجلة المغربية للدراسات القانونية و القضائية ،العدد الثاني ،المطبعة و الوراقة الوطنية
الداوديات-مراكش ،الطبعة األولى لسنة ،7111ص .444
65
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
ثانيا :سلطات النيابة العامة أثناء تفعيل مسطرة التأديب ضد المهن التوثيقية
ال جدال أن النيابة العامة تلعب دو ار حاسما أثناء تفعيل المسطرة التأديبية ضد المهن
التوثيقية و ذلك بموجب القوانين المنظمة لكل من مهنتي التوثيق و خطة العدالة ،إال أن
المشرع المغربي أفرد جملة من الخصوصيات التي تميز كل مهنة على حدى و أوجه تدخلها
في هذا الشأن عند كل مخالفة مهنية قد يأتيها الموثق أو العدل ،148و هو ما سنأتي على
ذكره بالنسبة للموثق ( )3و العدل ( )0لبحث مدى احتواء التشريع التوثيقي و كفايته بهذا
الخصوص و أيضا طرح جملة اإلشكاالت القانونية و العملية التي قد تصادف ذلك.
_147حيث نصت المادة 41في فقرتها الثانية على أنه " :يمنع على المفوض القضائي أن يحجم عن تقديم المساعدة
الواجبة للقضاء و المتقاضين بدون عذر مقبول ،كما يمنع على المفوضين القضائيين التواطؤ لنفس الغاية".
_148للتوسع راجع :نور الدين بزدي ،المسؤولية المدنية و التأديبية للعدول و الموثقين على ضوء التشريع المغربي ،رسالة
لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص ،كلية العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية مكناس ،جامعة
موالي إسماعيل ،السنة الجامعية ،7111/711.ص .23
66
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
.1إجراءات تحريك المتابعة التأديبية ضد الموثق
يأتي الحديث األهم في ظل حداثة القانون المنظم للتوثيق بالمغرب النافذ سنة ،0.33
عن ما أقرته التشريعات التأديبية المقارنة بخصوص الجهات الموكول لها تحريك الدعوى
التأديبية ،فاألصل يبقى هو الشكاية من المتضرر المتعامل مع المهني الممارس للعمل
التوثيقي ،149أما االستثناء فهو متمثل في اإلحالة الذاتية الممنوحة للقضاء التأديبي كما هو
الحال بالنسبة لرفع الدعوى ضد الموثقين من طرف النيابة العامة كما سار على ذلك التشريع
التوثيقي الجزائري.150
و قد أكد القانون 10..1أن المسطرة عادة ما تأتي عن طريق شكاية ضد موثق توجه
إلى الوكيل العام للملك بمحكمة االستئناف المتواجد بمقرها مكتب المتابع بشأن المخالفة
التأديبية ،و أيضا بموجب التقرير المنجز من طرف الوكيل العام للملك أو من ينوب عنه
كجهة للمراقبة ،151أو بملتمس رئيس المجلس الجهوي المقدم إلى الوكيل العام ،152غير أن
ا إلشكال الذي قد يطرح حسب رأينا حول قوة حضور النيابة العامة في مسطرة التأديب ضد
الموثق المتابع مقارنة بالمجالس الجهوية للموثقين ،و التي يكون لها الدور الهام في تمحيص
الشكايات قبل أن يتم توجيهها مباشرة إلى الوكيل العام للملك المختص مكانيا ،حيث يبقى
لهذه المجالس دور تقريري فقط ،153حيث تم التأكيد على مكنة إبداء رأي المجلس الجهوي
_149لبنى الوزاني ،المسؤولية التأديبية للموثق على ضوء العمل القضائي ،الطبعة األولى لسنة ،7111دار السالم-الرباط،
ص .21
__150بلحو نسيم " ،المسؤولية القانونية للموثق" ،أطروحة مقدمة لنيل شهادة الدكتورة ،في الحقوق ،تخصص القانون
الجنائي ،كلية الحقوق و العلوم السياسية-قسم الحقوق ،-جامعة محمد خيضر بسكرة ،السنة الجامعية ،7114/7113ص
.171
_151الفقرة الثانية من المادة 21من القانون .4711.
_152المادة 23من نفس القانون.
_153وفقا للمادتين ..و المادة 173الموضحة لالختصاصات المنوطة بالهيئة الوطنية للموثقين و المجلس الجهوي
للموثقين على التوالي ،بشأن إبداء النظر في الشكايات الموجهة إليهما من الوكيل العام للملك ضد الموثقين المتابعين ،مع
تحديد ألجل الرد في 41يوم للمجلس الجهوي.
67
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
في الشكايات المحالة من الوكيل العام و داخل أجل محدد في ثالثة أشهر من تاريخ
التوصل ،وان لم يتم احترام األجل القانوني يعتبر عدم الرد بمثابة منح الضوء األخضر
لسلطة المالئمة باتخاذها ما تراه مالئما.154
لتأتي بعد ذلك بعد في حالة تأكيد متابعة الموثق المخالف من قبل الوكيل العام للملك،
بعد إنجاز األبحاث المتطلبة وفقا للقانون ،155العمل على توجيه تقرير معزز بالوثائق
الالزمة إلى وزير العدل قصد عرض األمر على اللجنة المحددة بموجب المادة 33من نفس
القانون كجهة تبت في تأديب الموثقين ،وأيضا إخبار المجلس الجهوي بقرار المتابعة،156
على أنه في حالة تعلق األمر بموثق متابع عضو بهذه اللجنة ،فقد أكدت المادة .3من
القانون 10..1على وجوب انسحابه من عضويتها و حلول موثق آخر محله.
و حسما في الجدال الذي قد يثار بخصوص عالقة النيابة العامة بو ازرة العدل في ظل
المتغيرات الحالية التي عرفها المغرب ،بنقل صالحية إشراف وزير العدل على قضاة النيابة
العامة إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بصفته رئيسا للنيابة العامة بموجب
القانون ،11.33فقد سبقت لنا اإلشارة إلى دورية رئيس النيابة العامة بشأن إشعار بقضايا
المهن الصادرة بتاريخ 0يناير 0.3.و الموجهة ألعضاء النيابات العامة بالمملكة ،فقد تم
التأكيد على بقاء سلطة الرقابة على المهن القانونية و القضائية للسلطة الحكومية المكلفة
68
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
بالعدل ،مما يتحتم معه العمل على إشعار و ازرة العدل بكل إخالل منسوب للموثق و
بالمتابعات المقامة ضدهم فضال لإلشعارات الموجهة للمجالس الجهوية ،و بالتالي فال تأثير
و ال تأثر في هذا الجانب على كال السلطتين و إنما هو بحث في سبل التعاون وفقا للقانون
و وفقا للمبدأ الدستوري الراسخ.157
و هو األمر نفسه المعمول به سابقا قبل إخراج القانون 10..1حيث أصدر وزير
العدل منشور موجها إلى الوكالء العامين للملك يحثهم على إفادته بكل متابعة صادرة منهم
ضد الموثقين تأديبية كانت أو زجرية ،حتى تتمكن و ازرة العدل من مواكبة عملهم و مدى
التزامهم بأخالقيات المهنة و المقتضيات المنظمة لها.158
إن القول بمصداقية المهنة و شعور الممارسين و المتعاملين معها بالطمأنينة ،ال
يتحقق إال بوجود نظام تأديبي يضمن أيضا للعدل توفير إجراءات تأديبية عادلة ،محترمة
لحقوقه كممارس اعتراه النقص أثناء مزاولته لعمله ،و تمكينه من حقوق الدفاع عن نفسه من
جهة ،و ما يضمن للدولة أيضا ممارسة حقها في مراقبة نشاطات هذه المهنة ،واحالة العدول
المتابعين على الجهات التأديبية عن طريق ممثلة المجتمع-أي النيابة العامة.159-
و يأتي حضور النيابة العامة في شخص الوكيل العام للملك لدى محكمة االستئناف
كجهة للمتابعة و للبحث في المسطرة التأديبية ،و عليه فقد جاء التأكيد على ضمانة مهمة
_157وفقا لدستور 7.يوليو 7111في المادة األولى منه فقرتها الثانية ،و أيضا الباب السابع منه.
_158دورية عدد 74س 4الصادرة عن و ازرة العدل مديرية الشؤون الجنائية و العفو بتاريخ 9مايو .711.
_159كلمة المجلس الجهوي لعدول دائرة محكمة االستئناف بمراكش حول " مهنة التوثيق العدلي بين مشاكل الحاضر وآفاق
المستقبل" ،اليوم الدراسي المنظم من طرف محكمة االستئناف بمراكش و المجالس و الهيئات المهنية الجهوية بمراكش لكل
من المحامين و الموثقين و العدول و المفوضين القضائيين و الخبراء ،المؤرخ في 74فبراير 7114في موضوع " تأهيل
المهن القضائية و القانونية" مواكبة للحوار المحلي حول اإلصالح الشامل و العميق لمنظومة العدالة ،ص .177
69
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
تتمثل في إجراء البحث األولي بخصوص أي شكاية موجهة ضد عدل لوجود إخالالت مهنية
تحت اإلشراف المباشر للوكيل العام أو من ينوب عنه ،160على أنه و في إطار قاعدة
التسلسل الرئاسي يمكن للوكيل العام أن يحيل ملف البحث في المخالفة التأديبية على وكيل
الملك األقرب ترابيا و المتواجد بدائرته مكتب العدل المتابع ،161على أن يستأنس ممثل
النيابة العامة برأي القاضي المكلف بالتوثيق التابع لدائرة نفوذ العدل المتابع ما لم يكن جهة
تحريك المتابعة ،162و أيضا برأي المجلس الجهوي للعدول بدائرة محكمة االستئناف الكائن
بمقر العدل المتابع ترابيا كجهة لتحريك الدعوى التأديبية تعمل على إشعار قاضي التوثيق و
الوكيل العام للملك بكل اإلخالالت المهنية ،وأيضا إبداء رأيها فيما يعرض على النيابة العامة
من إخالالت ،163و الذي يحيل وجوبا على لجنة الشؤون العلمية و القانونية للدراسة و إبداء
التي 164
الرأي التي تنعقد بدعوة من رئيسها في أجل 1أيام التابعة للهيئة الوطنية للعدول
بدورها ترفع تقريرها إلى الوكيل العام إلى إلبداء رأيها بشأن كل إخالل مهني لعدل متابع.165
وعليه فقد تم التأكيد بموجب النظام الداخلي للهيئة الوطنية للعدول ارتباط رأي المجلس
الجهوي برأي المجلس الوطني إلبداء رأيهما بشأن المتابعة الجارية ضد العدل ،مع التأكيد
على وجوب اإلحالة فور توصل المجلس الجهوي للعدول بطلب أخذ رأيه من قبل الوكيل
العام للملك ،ليكون معه الربط سليما و موافقا بين مجموعة من المقتضيات القانونية الواردة
70
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
في القانون 38..1و بين األنظمة الداخلية للمجالس الجهوية و أيضا المجلس الوطني،
على أن يكون في األخير للنيابة اتخاذ مقررها إما بالحفظ أو المتابعة واحالة المتابع إلى
جهة التأديب القضائية-غرفة المشورة لدى محكمة االستئناف المكونة من خمس أعضاء-
المعين العدل بدائرتها الترابية.166
كما إن المادة 23قد جاءت صريحة بخصوص اعتبار النيابة العامة كجهة إحالة
والتي هي بمثابة فاتحة للمتابعة في مواجهة العدل ،دون اعتبارها كذلك في طور البحث
األولي بشأن الشكاية.167
كان لزاما بعد حديثنا عن كافة المراحل التي تمر بها المسطرة التأديبية و ما يصاحبه
من تدخل للنيابة العامة بهذه الخصوص ،التطرق آلثار هذه الممارسة ،سواء من منطلق ما
71
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
يصاحب مرحلة البحث التأديبية من قبل النيابة العامة ،كاإليقاف المؤقت للمهني المتابع
تأديبيا (أوال) ،ثم ما يعقبه من إحالة من هذه األخيرة على سلطات التأديب من أجل إيقاع
الجزاء التأديبي (ثانيا).
أوال :تدرج سلطة اإليقاف المؤقت للنيابة العامة في قوانين المهن القانونية
والقضائية
أكد المشرع المغربي على وحدة النظام التأديبي و قواعده في ظل قوانين المهن القانونية
والقضائية ،مع إفراد بعض الخصوصيات التي تتميز بها هذه المهن عن بعضها البعض،
خصوصا ما تعلق بسلطة النيابة العامة في ممارسة اإليقاف المؤقت للمهني المتابع كأثر
ناتج عن بدأ الخصومة التأديبية ،كما هو الحال بالنسبة لكل من المحامي والمفوض
القضائي و الموثق والعدل ،و التي ال عالقة لها بالتوقيف كعقوبة تأديبية جاءت في سائر
قوانين المهن القانونية و القضائية وال عن المانع المؤقت أو الدائم للممارسة المهنية.
فبالنسبة للقانون 0....المنظم لمهنة المحاماة ،فقد جاء التأكيد على أن صالحية
إيقاف المحامي عن ممارسة المهنة هو لمجلس الهيئة لوحده الذي يتخده بموجب مقرر معلل
بأغلبية أعضائه ،إما تلقائيا أو بطلب من النقيب أو الوكيل العام للملك ،170على أن ال
تتجاوز مدة المنع المؤقت سنة كاملة ما لم يكن المعني معتقال على ذمة متابعة جنائية ومنه
يتضح قوة مجالس هيئات بمنحها لصالحية إيقاع اإليقاف المؤقت و أيضا رفعه بنفس
الشروط ،إما تلقائيا أو بطلب من المعني ،و هذا راجع كذلك لما يلعبه من أدوار أساسية في
تخليق المهنة و الحفاظ على األجواء الصحية للممارسة المهنية للمحامين ،و حتى إن جاءت
72
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
ا لمتابعة من قبل النقيب أو المحالة بطلب من الوكيل العام للملك ،171و في حالة زاول
المحامي الموقف مؤقتا خالل فترة التوقيف التأديبي نشاط مهني ،فإنه معرض للمتابعة
الجنائية بانتحال صفة طبقا للفصل 1.3من مجموعة القانون الجنائي.172
_171على أنه ينتهي مفعول المنع المؤقت بقوة القانون عند التصريح ببراءة المحامي تأديبيا ،ليكون على المجلس المجلس
البت داخل أجل 3أشهر من تاريخ تبليغها بمقتضيات المقرر القضائي التأديبي نهائيا الذي استنفذ طرق الطعن و التقاضي
القانوني ،و إال يرفع المنع المؤقت بقوة القانون عند فوات األجل المحدد.
_172و هو ما أكده القرار رقم 727/11الصادر عن المجلس األعلى -محكمة النقض -المؤرخ في 11فبراير ،711.
في الملف الجنائي رقم ،12424/9/11/7112المنشور بسلسلة إصدارات محكمة النقض لمهنة المحاماة في ضوء محكمة
النقض ،م.س ،ص .797
_173ليكون لألخير المطالبة برفع اإليقاف المؤقت عن العمل داخل أجل الشهر من تبليغه بقرار التوقيف لدى غرفة
المشورة بالمحكمة االبتدائية لتبت هذه األخيرة كاختصاص إلى جانب اعتبارها جهة للبت في الدعاوى التأديبية ضد
المفوض القضائي لها داخل أجل الشهر من تاريخ وضع الطلب.
_174المادة 43من القانون 21114المنظم لمهنة المفوضين القضائيين.
_175عادل عقا و الجياللي ،م.س ،ص .49
73
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
فاالنتقاد ،حيث تمت المناداة بإسناد سلطة اإليقاف المؤقت لرئيس المحكمة لما له 176
الفقهي
من دور في أعمال الرقابة على أعمال المفوض القضائي.177
و من جانب القانون 10..1المنظم لمهنة التوثيق ،فقد أكد على أن صالحية التوقيف
المؤقت بيد الوكيل العام للملك حص ار و ذلك ما تم فتح أي متابعة جدية ضد موثق بشأن
و أيضا إذا تبين 178
مخالفة مهنية تأديبية ألسباب مهنية أو لسبب اعتقاله لجنحة أو جناية
له كسلطة للرقابة و التفتيش بعد إجراء عملياتها وجود اخالالت خطيرة مهنية موجبة لإلحالة
على السلطة التأديبية ،لكن المشرع المغربي قيد من هذه الصالحية بضرورة الحصول على
إذن من وزير العدل بصفته رئيسا للجنة المحددة بموجب المادة ،17933تجدر اإلشارة إلى
أنه تم تسجيل 11متابعة تأديبية ضد الموثقين من قبل النيابة العامة سنة 0.33وفق ما
جاء به تقرير رئيس النيابة العامة.180
أما موقف القانون 38..1المنظم لخطة العدالة ،فقد جاء مشابها لنظيره المتعلق
بتنظيم مهنة التوثيق ،الذي منح سلطة اإليقاف المؤقت لنفس الجهة-الوكيل العام للملك-
74
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
و بتشابه القيد المتعلق بإذن وزير العدل الذي ال يشكل حسب رأينا أي إشكال بالنسبة التخاذ
هذا القرار ضد العدل كلما فتحت متابعة ضده ،لكن األمر المستشف أن سلطة الرقابة
الفعلية لو ازرة العدل تظهر جليا على المهن التوثيقية بشكل رئيسي.
و من جهته على يكون للعدل الموقوف حق طلب تسوية وضعية اإليقاف المؤقت،181
قبل مرور أجل 1أشهر من تاريخ اإليقاف الفعلي من الوكيل العام للملك ،وفي بمفهوم
المخالفة استئنافه لمهامه بقوة القانون ،كما أن استقالته ال تحول دون متابعته عن األفعال
الغير المتقادمة المرتكبة قبل استقالته.182
ثانيا :مركز النيابة العامة أثناء ممارسة صالحية اإلحالة على الجهات التأديبية
يتميز التشريع المغربي المنظم للمهن القانونية و القضائية بتنوع الجهات التي يرجع لها
تأديب المخالفين للنظم و للقوانين الخاصة بالمهن ،و المخلين بواجباتهم و التزاماتهم الملقاة
عليهم أثناء قيامهم بعملهم ،و تختلف السلطة التأديبية بموجب القوانين المهنية المغربية بين
جهة قضائية-غرفة المشورة ،-و جهات مهنية للمهن -نقيب المحامين ومجلس الهيئة
المحامين ،-و جهات إدارية -اللجنة 33التي يرأسها و ازرة العدل ،-والتي يرجع لها
اختصاص البت و تطبيق الجزاء التأديبي المنصوص عليه بموجب القانون المهني ،و من
جانبه فإن المشرع المغربي أوكل للنيابة العامة صالحيات عديدة لكن بدرجة متفاوتة بين
قوانين المهن موضوع دراستنا ،و هو الذي سنعمل على بسطه في هذا المحور.183
_181األمر الذي توضح ال من منطلق المقارنة مع القانون 21114المنظم لمهنة المفوضيين الذي نص علي ذلك صراحة
على عكس القانون 19114قيد الدراسة ،و وفقا للمادة 32فقرتها الثانية.
_182المادتين 33و 34من خ.ع.
_183أحيل القارئ الكريم على مرجع مهم بالرغم من عدم اعتماده في هذا المحور :إدريس بلمحجوب ،ندوة وطنية لمواكبة
أشغال الحوار الوطني حول إصالح منظومة العدالة ،المحور الرابع :تخليق المنظومة القضائية ،الجزء الخاص بتخليق
المهن المساعدة للقضاء :الموثقون – العدول – المفوضون القضائيون – الخبراء – التراجمة ،المنعقدة بمحكمة اإلستئناف
بالرباط( ،دون ذكر تاريخ إنعقاد الندوة) ،مرجع متوفر إلكترونيا.
75
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
.1موقع النيابة العامة كجهة إحالة في ضوء القانون 02.22
إن الحديث عن قانون المحاماة المغربي الذي أحدث نوعا من االزدواجية في البت
لسلطة التأديب و ذلك من خالل مزج النظام القضائي والنظام المهني-الشبه القضائي،184
الذي هو في نفس الوقت المجلس التأديبي 185
فبالنسبة إلى الدرجة األولى :مجلس الهيئة
الذي يتكون من النقيب الممارس و النقيب السابق و نقيب سابق واحد بالنسبة إلى النقابات
التي يقل عدد المحامين بها 2..عضو ،و من نقيبين سابقين بالنسبة لباقي الهيئات على
أساس العدد المشكل للهيئة،186على أن ينعقد بأغلبية ثلثي أعضائه إذا ما اجتمع لديه من
العناصر ما يكفي لتحريك المتابعة إما لوشاية أو إشاعة أو بعد حفظ النقيب للشكاية.187
و الذي يجري تحقيقا حضوريا بعد استدعاء المحامي المتابع ليوم انعقاد المجلس
التأديبي لكي يبت في أجل أقصاه ستة أشهر بدءا من تاريخ اإلحالة عليه أو من تاريخ
وضع اليد تلقائيا مع تمتيعه بجميع الضمانات القانونية الممنوحة له في مسطرة التأديب،وكما
نجد أيضا النقيب كسلطة للبحث و كجهة للمتابعة الذي يجري بحثا في الشكايات المحالة
ليحيل بدوره على المجلس 188
عليه و يستفسر في شأنها المحامي المرتكب للخطأ المهني
التأديبي للهيئة في حالة المتابعة ،هذان األخيران اللذان يمثالن مجلس الهيئة لمدة ثالث
_184وفق ما تبناه المجلس األعلى -محكمة النقض حاليا ،-في القرار عدد ،992في الملف اإلداري عدد
7113/1/3/944المؤرخ في ،711./2/1و المنشور بمجلة الرقيب العدد الرابع ،ليونيو ،7119ص .191و الذي أكد
في منطوقه على أن هيئة المحامين و هي تنظر في قضية تأديبية ضد محام تكون هيئة شبه قضائية و تكون بعيدة عن
الجهاز اإلداري،
_ 185والتي تأتي إلى جانب مؤسسات الهيئة الثالث وهي كل من الجمعية العامة و النقيب ،المادة 29من النظام الداخلي
لهيئة المحامين اكادير و العيون و كلميم.
_186وفقا للمادة .1من القانون .72112
_187المادة 119من النظام الداخلي لهيئة المحامين بأكادير.
_188يقصد بالخطأ المهني حسب المادة 114من النظام الداخلي لهيئة المحامي بأكادير :كل مخالفة للمبادئ األساسية
التي تقوم عليها المحاماة ،أو لمقتضيات القانون المنظم لها ،أو لظاهما الداخلي ،أو لألعراف و التقاليد المهنية ،يرتكبها
محام و لو كان في حالة تغاض أو استقالة و تعلق األمر بأفعال سابقة لقبولها ،تكون خطأ مهنيا و تعرض مرتكبها
للمتابعة أمام المجلس بصفته مجلسا تأديبيا".
76
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
يبدأ تولي المهام الفعلي لهما من فاتح يناير الموالي لعملية االنتخاب ،190و يتحدد 189
سنوات
فيما يحيله الوكيل العام للملك من مدخل حضور النيابة العامة تجاه السلطة التأديبية
شكايات على النقيب في مواجهة محام كمرحلة قبلية للبت في المخالفة سواء بالحفظ أو
المتابعة ،191ثم كذلك األمر بالنسبة لمجلس الهيئة الذي يصدر مقرره بالحفظ أو بالمتابعة
ضد المحامي المنسوب إليه اإلخالل المهني بعد التحقق من 192
بإصدار العقوبة التأديبية
عدم تقادمها،193على أن يتم تبليغ الوكيل العام للملك بالمقرر المتخذ الذي ال يشارك النقيب
في إصداره إال إذا تساوت األصوات.194
أما بالنسبة للدرجة الثانية للبت كجهة قضائية في قانون المحاماة ،تتجلى في غرفة
بمحكمة االستئناف العادية التي تمارس أيضا دور السلطة التأديبية عن طريق 195
المشورة
77
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
ليطرح التساؤل حول ما أفضت إليه الهيئة العليا للحوار الوطني حول إصالح منظومة
العدالة ،في الميثاق الصادر سنة ،0.31الذي يعد بمثابة خارطة الطريق خصوصا لتحديث
الترسانة التشريعية للمهن القانونية و القضائية و تعزيز تخليق منظومة العدالة كهدف
رئيسي ،تفرع عنه في التوصية رقم ،21حضور الوكيل العام للملك أو نائبه في المجلس
199
التأديبي للمحامين دون إشراكه في المداوالت أو اتخاذ القرار؟
أغلى جانب ذلك نجد أن غرفة المشورة في النظام القضائي المغربي تتميز أيضا بالسرعة في البت في القضايا المعروضة
عليها في كل القضايا التي تدخل في اختصاصها كما هو الحال بالنسبة لقضايا التأديب بشكل عام وفق االختصاص
المسند لها ،و أيضا خاصية جوازية المسطرة الشفوية أو الكتابية أمامها.
للتوسع أكثر راجع :إدريس الشبلي " ،غرفة المشورة في النظام القضائي المغربي ،بحث نهاية التدريب بالمعهد العالي
للقضاء ،لسنة ،7113/7117ص .14
_ 196سنأتي على تفصيل طرق الطعن المقدمة من قبل الوكيل العام للملك في القانون المنظم لمهنة المحاماة الحقا.
_ 197محمد شهبون " ،تخليق مهنة المحاماة من خالل نظام التأديب" مقالة منشورة بمجلة الملف العدد 12،ألكتوبر
،7111ص .112
و المنشور أيضا في مجلة المحاكم المغربية التي تصدرها هيئة المحامين بالدار البيضاء ،عدد مزدوج 179و 172لسنة
،7111تحت عنوان" الضمانات األساسية في مجال تأديب المحامي" ،لنفس صاحب المقالة ،ص.79
_198وفق ما أكدته محكمة النقض في قرارها عدد ،24في الملف المدني عدد ،7114/1/3/1.الصادر بتاريخ 72يناير
،7119المنشور في نشرة ق اررات محكمة النقض الغرفة اإلدارية ،السلسلة ،9العدد ،41ص.21
_199حسب الهدف الفرعي الثاني المتعلق بتعزيز مبادئ الشفافية و المراقبة و المسؤولية في المهن القضائية من ميثاق
إصالح منظومة العدالة.
78
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
األمر الذي توجس منه خيفة بعض المحامون ،200خصوصا في فائدة حضور النيابة
العامة أثناء انعقاد المجالس التأديبية ،و حسب رأيينا فهذا راجع إلى محاولة تحديث الترسانة
المنظمة لمهنة المحاماة و بسط أوجه التدخل الرقابي فقط في مراحل التأديب حتى يكرس
معه األمر نوعا من الشفافية في المصداقية في إنزال الجزاء التأديبي من زمالئه في المجلس
ضد الزميل المخالف.
.0اعتبار النيابة العامة جهة إحالة في ضوء القوانين 21.29و 10.29و 90.23
و بخصوص كل من مهنتي المفوضين القضائيين و العدول ،فقد وحد كل من القانونين
.3..1و 38..1جهة البت القضائية المتمثلة في غرفة المشورة إليقاع العقوبة التأديبية
لكن مع اختالف االختصاص االبتدائي و اإلستئنافي ،حيث يرجع النظر في البت في
تأديبات العدول لمحكمة االستئناف-غرفة المشورة الخماسية األعضاء -201بعد إحالة
المتابعة من قبل الوكيل العام لدى نفس المحكمة التابع لها مقر تعيين نفوذ مكتبه ترابيا،202
و ذلك باستدعاء األطراف المعنية لسماع مالحظاتهم و تلقي الملتمسات للنيابة العامة بشأن
اإلخالالت المرتكبة من طرف العدل المتابع ،203التي تطبق قواعد المسطرة العادية للمتابعة
و عند تحققها من وجود اإلخالل تطبيق الجزاء التأديبي ،204في حين يرجع البت في تأديبات
المفوضين القضائيين لغرفة المشورة -الثالثية األعضاء -لدى المحكمة االبتدائية التي يقع
_ 200خالد خالص ،حضور النيابة العامة في المجال التأديبي للمحامين ،مقالة منشورة بمجلة المحاكم المغربية تصدرها
هيئة المحامين بالدار البيضاء ،عدد 144يوليوز/غشت ،7119ص .74.
_ 201يمكن القول فعال على أن التشكيلة الخماسية توفر ضمانة أكثر بدل التشكيلة الثالثية التي نجدها بغرفة المشورة
للمحكمة االبتدائية فيما يتعلق بالبت في تأديب المفوض القضائي على سبيل المثال ،ال سيما إن كان أحد المستشارين سبق
له أن تكلف بشؤون التوثيق أو القاصرين بصفة خاصة أو قضاء األسرة بصفة عامة.
العلمي الحراق ،م.س ،ص .17.
_202المادة 39من القانون .19114
_203المادة 32من نفس القانون.
_204المادة 34من نفس القانون.
79
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
و من جهة أخرى فإن القانون 10..1المنظم لمهنة التوثيق ،نص على أن سلطة
أو من ينوب عنه إلى جانب أعضاء اللجنة 211
التأديب إدارية بامتياز برئاسة وزير العدل
اآلتية تحديد أعضائها بموجب المادة ،33حيث يرجع لها النظر في المتابعات التأديبية
المثارة من الوكيل العام للملك إم ا تلقائيا أو المحالة عليه بملتمس من رئيس المجلس
الجهوي ،212و التي يتعين على اللجنة اإلدارية المذكورة أن تبت في أقرب أجل متاح لها
80
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
بمقر و ازرة العدل وفق المسطرة الواردة في المادتين .0و .1من نفس القانون ،213و يتم
النطق بالمقرر التأديبي بأغلبية أصوات الحاضرين الستة على األقل بمن فيهم الرئيس.214
و معه يمكن القول على أن دور هذه اللجنة يبقى دو ار تقريريا ،215و هو لتوجه محمود
ألغى به صالحية غرفة المشورة وفق ظهير 2مايو 3104بدرجتيها االبتدائية
واإلستئنافية ،216تفاديا للتضارب القضائي الذي قد يحصل بين قضاة التأديب بمحاكم
بالمملكة و معه تركيز سلطة التأديب في جهة واحدة مركزية.217
_213و من أمثلة ذلك المقرر عدد ،7112/7.في الملف عدد 12/7.1م –غير منشور -الصادر عن و ازرة العدل بتاريخ
7112/14/77بمقرها في الرباط ،حيث جاءت متابعة الوكيل العام للملك لدى محكمة االستئناف بأكادير للموثق المتواجد
مقره بإنزكان ،و ذلك من أجل عدم إسداء النصح و إبرام عقود شقق غير قابلة للتفويت يتوقف بيعها على القيام بإجراءات
رفع اليد و أيضا عدم إنجاز اإلجراءات الضرورية ل لتقييد في السجالت العقارية لضمان فعالية العقد و حجيته طبقا للمواد
43و 42و 32من القانون ، 4711.و بعد استدعاء المعني أمام اللجنة و منح دفاعه المحامي كل الضمانات الكافية
للدفاع عن موكله ،وبعد اعتراف المعني بما نسب إليه ،و اطالع اللجنة على وثائق الملف ،قررت مؤاخدة الموثق بمدينة
إنزكان من أجل ما نسب إليه من مخالفات و معاقبته بعقوبة العزل.
_214المادتين 37و 34من المرسوم التطبيقي ألحكام القانون رقم 4711.المتعلق بتنظيم مهنة التوثيق الصادر يوم 2
مارس ،7114و المنشور بالجريدة الرسمية عدد 9134بتاريخ 14أبريل ،7114ص .4123
_215فؤاد السابقي " ،المسؤولية التأديبية للموثق في ضوء القانون 4711.و العمل القضائي" ،رسالة لنيل دبلوم الماستر
في قانون العقود و العقار ،كلية العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية بوجدة ،جامعة محمد األول ،السنة الجامعية
،7114/7113ص .43
_216إدريس الشبلي ،م.س.44 ،
_217بالرغم من ما جاء في ميثاق إصالح منظومة العدالة لسنة 7114في التوصية رقم 41بشأن إحداث هيئة قضائية و
مهنية مختلطة لكل من مهنة المفوضين القضائيين و العدول و الموثقين و الخبراء القضائيين و التراجمة المحلفين ،والتي
ستعنى بالبت في الملفا ت التأديبية لهؤالء المهنيين ،على درجتين بالمحاكم االبتدائية و االستئناف ،و المكونة أعضائها من
4قضاة من بينهم الرئيس و ممثلي عن المهنة المعنية و هو األمر الذي قد يشكل معه عودة إلى نظام التأديب القضائي
بالنسبة للموثقين ،على اعتبار هذا الميثاق ما هو إلى خارطة الطريق ببالدنا إلصالح منظومة العدالة.
81
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
يأتي الحديث عن مرحلة إصدار المقرر التأديبي و ما خوله المشرع المغربي للنيابة
العامة في ممارسة الطعون باعتبارها طرفا رئيسيا في الدعوى التأديبية وما أقره المشرع
المغربي في هذا الصدد من خصوصيات تميزه عن األحوال العادية (الفقرة األولى).
أما فيما يتعلق بتنفيذ العقوبات التأديبية فعنوان العدالة هو نفاذ ما قضى به قضاتها
و نفذ العدل على صاحبه و من ضمنه المخالف لقواعد 218
وتوصل صاحب الحق بحقه
وأعراف المهن القانونية و القضائية موضوع دراستنا ،مع اختالف درجات الجزاء التأديبي
الوارد في القوانين المهنية و ما صاحبها من آثار حين التنفيذ على أشخاصها وأيضا على
المهن(الفقرة الثانية).
مكن المشرع المغربي مقتضى القانون النيابة العامة من ممارسة الطعون كما سبق لنا
القررات القضائية المعزز بها بحثنا ،أن الوكيل العام
التطرق في مجمل دراستنا لمجموعة من ا
كنوع من الرقابة على أعمال مجالس 219
للملك يملك حق الطعن في المجاالت التنظيمية
هيئات المحامين ،و هو نفس األمر بالنسبة للمجالس الجهوية و الوطنية للمفوضين
القضائيين وفق ما سبقت اإلشارة إليه في أعمال الرقابة البعدية التي تمارسها النيابة العامة،
و خصوصا من خالل مسطرة الطعون .لذا فإننا سنعمل على ربط دراستنا بمسطرة التأديب
مباشرة و دور النيابة العامة في تفعيل الطعن باالستئناف أو النقض لكل من مهنة المحاماة
82
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
و المفوض القضائي و أيضا مختلف أنواع الطعون األخرى التي أقرها القانون (أوال) ،ثم
بالنسبة للموثقين و العدول كمهن توثيقية كمهن قانونية حرة (ثانيا).
أوال :مركز النيابة العامة كجهة للطعن في قانوني المحاماة و المفوضين القضائيين
أجازت بعض القوانين العربية المنظمة لمهنة المحاماة ،حق النيابة العامة في الطعن
باالستئناف في الق اررات التأديبية الصادرة عن المجالس التأديبية إلى جانب المحامي المحكوم
222
والكويتي 221
عليه تأديبيا ،220كما هو الحال بالنسبة لكل من المشرع المصري
واإلماراتي ،223و التي اتفقت جميعها على منح النيابة العامة حق الطعن باالستئناف ضد
المقررات الصادرة عن المجالس التأديبية ذلك في أجل 34يوم من يوم إصداره بالنسبة
للنيابة العامة ،و من تاريخ تبليغه للمحامي المؤدب.224
أكد المشرع المغربي في قانون المحاماة على أن ممارسة الطعون هي في صميم تدخل
النيابة العامة ،حيث تم منح الوكيل العام للملك حق الطعن باالستئناف أمام الجهة القضائية
المختصة غرفة المشورة -مع اإلعفاء من أداء الرسوم القضائية وفقا للفقرة الثانية من المادة
13و المأخوذة على إطالقها في جميع الطعون ،225حيث نجد أنه ال يمكن الطعن باألساس
_ 220كمال عبد الواحد الجوهري ،قواعد المسؤولية التأديبية و الجنائية والمدنية في مجال تأدية أعمال المحاماة بسبب
مخالفة قانون المهنة و اإلخالل بواجباتها و تقاليدها و الحط من قدرها-دراسة تطبيقية في التشريع و القضاء في كل من
مصر ودولة الكويت ،الطبعة األولى ،7114المركز القومي لإلصدارات القانونية-القاهرة ،ص .474
_221المادة 114من قانون المحاماة المصري.
_222المادة 33من قانون المحاماة الكويتي.
_223المادة 49من قانون المحاماة اإلماراتي.
_224محمد عبد اهلل حمود ،م.س ،ص .74.
_225و هو ما أكدته محكمة النقض في قرار لها رقم 124الصادر في الملف اإلداري رقم ،7111/1/3/422المؤرخ في
71فبراير ،7114و المنشور بسلسلة إصدارات المكتب الفني لمحكمة النقض لمهنة المحاماة ،م،.س ،ص .732
83
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
في القرار التأديبي الصادر عن النقيب القاضي بالمتابعة ،وانما يكون للوكيل العام للملك لدى
محكمة االستئناف الطعن في مقرر النقيب بالحفظ الصريح أو الضمني و المجلس التأديبي
في كل أحواله ،بعد مرور أجل 34يوم من تبليغه له أو من يوم اتخاذه ،226بواسطة مقال
يودع لدى كتابة ضبط محكمة االستئناف.227
أنه قد ال يتم إبالغ الوكيل العام للملك بتاريخ القرار الضمني 228
لكن يرى بعض الفقه
و يومه المحدد قصد بدأ سريان أجل 34سواء من النقيب أو المجلس التأديبي ليقوم األخير
بتقديم طعنه بعد فوات أجل البت ،فصحيح إذا أن األمر قد يشكل ضربا في روح المسؤولية
و المصداقية و إحقاق التعاون بين هاتين الجهتين– القضائية و المهنية -الساهرتين على
تخليق المهنة إن تحقق ذلك على أرض الواقع ،لكن العمل القضائي كرس توجها رائدا لسد
فراغ النص القانوني للمادتين 83و 3.و معه تحديد يوم بدأ األجل بالنسبة للوكيل العام
للملك لكي يتقدم باالستئناف ،و ذلك حيث اعتبرت محكمة النقض في نفس القرار الوارد
أعاله ،أن العبرة في احتساب بدء أجل القرار الضمني بعدم المؤاخذة هو بتاريخ إحالة قرار
المتابعة من الن قيب على مجلس الهيئة ،و كذلك األمر بالنسبة لقرار مجلس الهيئة بعد
بمرور ستة أشهر على قرار اإلحالة عليه من غرفة المشورة دون بته وفقا للمادة 8.من
القانون 0....المنظم لمهنة المحاماة.
84
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
في 229
أيضا للوكيل العام للملك إلى جانب المحامي المخالف حق الطعن بالنقض
المقرر الصادر عن غرفة المشورة الخماسية األعضاء لدى محكمة االستئناف داخل أجل
شهر من تبليغه ،سواء قضى بتأييده أو إلغائه أو تعديله كنوع من التصدي الممنوح لمحاكم
االستئناف كقاعدة عامة ،230أما من جانب المحامي المعني فال يمكن له الطعن بالنقض في
قرار اإلحالة على مجلس الهيئة من قبل غرفة المشورة لمواصلة المتابعة التأديبية بناءا على
استئناف النيابة العامة للحفظ الضمني ،و ذلك راجع لكونه ق ار ار غير نهائي لم يحسم في أمر
المتابعة الجارية ضده.231
في حين ال يكون للوكيل العام للملك الحق في الطعن في المقرر الصادر عن النقيب
أمام المتعلق بتحديد األتعاب و أدائها و في قرار اإلذن للمحامي باالحتفاظ بملف القضية،
لما له حساسية بين المحامي و موكله-النائب و المنوب عنه -و الذي يصدره الرئيس األول
عنه لوحده كقضاء فردي استثناء على القضاء الجماعي 232
لمحكمة االستئناف أو من ينوب
_ 229حيث يخضع الطعن بالنقض ضد الق اررات الصادرة عن غرفة المشورة بمحكمة االستئناف للشروط و القواعد اآلجال
الواردة في قانون المسطرة المدنية-المادة 2منه -وفقا للمادة .2من قانون المحاماة.
_230المادة 139من ق.م.م.
_231وفق ما أكده المجلس األعلى-محكمة النقض -في ق ارره عدد 21في الملف اإلداري رقم ،711./1/3/1717
والمنشور بمجلة القبس المغربية ،العدد الثالث ،يوليو ،7117ص .491
_ 232بالرغم من عدم إشارة نص المادة لهذا األمر فهو ال يطرح أي إلشكال و ال يشكل أي تجاوز من القضاة لسلطتهم
بمفهوم المادة 427من ق.م.م ،و معه فإن عدم إشارة نص المادة لذلك يجعل سلطة التفويض القضائية متاحة للرئيس
األول لكي ينيب عه نائبه .وفق ما أكده المجلس األعلى-محكمة النقض حاليا -في قرار له عدد .21المؤرخ في
7114/1./72في الملف التجاري عدد ،7114/1/4/724و المنشور بمحلة قضاء المجلس األعلى عدد مزدوج 94/93
ص .7.7
و أيضا لدى :نورالدين التائبو " ،قانون مهنة المحاماة و العمل القضائي على ضوء آخر التعديالت الجديدة" ،طبعة أولى
،7112مطبعة دار النشر المغربية الدار البيضاء ،ص .142
85
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
لمحكمة االستئناف ،233بمقتضى أمر معلل وفق مسطرة حضورية و تواجهية بينهما و ما قد
يتطلبه األمر من أبحاث.234
أما من جانب مركز النيابة العامة في ممارسة الطعون وفق القانون .3..1المنظم
لمهنة المفوضين القضائيين ،فال نجد لألمر اختالف بالنسبة للطعن باالستئناف في المقررات
التأديبية الصادر عن غرفة المشورة الثالثية األعضاء لدى المحكمة االبتدائية والتي تضم
أيضا حضور وكيل الملك أو من ينوب عنه لجلسة البت وجوبا ،235والذي تستأنفه النيابة
العامة أما غرفة المشورة لدى محكمة الدرجة الثانية في أجل محدد في 34يوم من تاريخ
النطق و بنفس األجل من تاريخ تبليغ المفوض القضائي ،و ذلك وفق إجراءات الطعن
باالستئناف الواردة في القانون .3..1و في قانون المسطرة المدنية.236
و معه يتضح لنا الدور الهام الذي تضطلع به النيابة العامة بمركز قانوني جد قوي،
فهي من لها سلطة المراقبة و أيضا المتابعة ،كما أن المشرع المغربي ألزمها بالحضور
بجلسات التأديب ،أضف إلى ذلك ما نحن بصدد دراسته المتعلق حضورها بعد إصدار الحكم
التأديبي من أجل استئنافه ،لكن األمر الذي لم يتم اإلشارة إليه هو إمكانية ممارسة الطعن
بالنقض في المقرر التأديبي الصادر عن غرفة المشورة لدى محكمة االستئناف لكل من
النيابة العامة و المفوض القضائي المخالف بالرغم من عدم اإلشارة إلى ذلك في قانون
المهنة؟
_233الفقرة األولى من الفصل 2من ظهير 14يوليو 1.23المتعلق بالتنظيم القضائي للمملكة.
_234المادة .9من نفس القانون.
_235المادة 4.من القانون .21114
_236المادة 31من القانون .21114
86
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
و حسب رأينا فجوابا على هذه النقطة ،يتضح أن المشرع أحال على قانون المسطرة
المدنية بخصوص إجراءات الطعن باالستئناف و هو األمر نفسه الذي نقول بشأنه أن
اإلحالة جاءت شاملة على مقتضيات قانون المسطرة المدنية بخصوص الطعن بالنقض ،لما
توفره محكمة النقض من ضمانة قانونية للجهات الطاعنة ذات المصلحة في طعنها ،وهو
األمر الذي أكدته هذه المحكمة في قرارها عدد 38.في الملف اإلداري عدد
،0.38/0/2/3.2.و المؤرخ في 1مارس ،0.33حيث قضت بنقض القرار المطعون فيه
الصادر عن محكمة االستئناف للدار البيضاء التي قضت بتأييد عقوبة التوبيخ التي
أصدرتها غرفة المشورة االبتدائية ،و ذلك بشأن عدم امتثاله الستدعاء النيابة العامة واإلخالل
بمقتضيات المادة 08من القانون .3..1المتمثلة في التأخر في إرجاع طيات التبليغ إلى
كتابة الضبط ،و " لئن كان على المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه لم تتحقق من كون
الملف ال يتوفر على أي دليل يثبت علم المتابع بتوفر مكتب التبليغ على طيات في اسمه و
إحجامه على سحبها و ال ما يفيد تبليغه من طرف مكتب التبليغ له بواسطة سجل التداول
مرقم الصفحات و موقع م رئيس المحكمة االبتدائية ،يكون قرارها غير مرتكز على أساس
ناقص التعليل المنزل منزلة انعدامه".237
يأتي كهدف أسمى تصبو إليه جل التشريعات و القوانين ،تحقيق العدالة و اإلنصاف و
الحرص على ضمان احترام المتقاضي لمؤسسة القضاء ،و عليه فقد عمل المشرع المغربي
_237قرار عدد 191صادر عن محكمة النقض في الدعاوى التأديبية بتاريخ .مارس ،7112في الملف اإلداري عدد
،7119/7/3/1131المنشور بنشرة ق اررات محكمة النقض – الغرفة اإلدارية ،-العدد ،49ص ..4
87
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
كغيره من التشريعات الحديثة على وضع عدة وسائل كفيلة لتحقيق هذا الهدف ،ومن بينها
طرق الطعن في األحكام.238
فبالنسبة للقانون 10..1المتعلق بالتوثيق ،فقد نسخ ما كان سابقه المنظم لهذه المهنة
قد منحه للنيابات العامة بصراحة النص بشأن الطعن في المقررات التأديبية الصادرة عن
كقضاء عادي ،حيث حلت 239
غرفتي المشورة االبتدائية و اإلستئنافية كنظام قضائي للتأديب
محلها اللجنة اإلدارية التابعة لو ازرة العدل في البت في المتابعات ضد الموثقين وفقا للمادة
أما بالنسبة للطعون فقد حددت المادة .2إمكانية الطعن في 33من نفس القانون،
المقررات التأديبية و التي ال يكون له أثر واقف لنفاذ المقرر التأديبي ،و إنما يمكن المطالبة
الذي بإيقاف تنفيذه وفقا لقواعد القانون 23.1.المحدث للقضاء اإلداري المتخصص،
أصبح جهة للبت في الطعون بدرجات المحاكم اإلدارية األولى و الثانية و الغرفة اإلدارية
لمحكمة النقض مع العلم أن الطعن بالنقض ال يوقف التنفيذ وفق أصل القاعدة العامة لقانون
المسطرة المدنية ،إال ما استثني بنص المادة 183من هذا القانون.240
و قد أحسن المشرع ما فعل بخصوص منح ضمانة اإللغاء للقضاء اإلداري نظ ار
لمرونة التعامل المعروف في إصدار مقرراته من حفاظه على الحقوق و الحريات من جهة،
و أيضا لطبيعة الجهة مصدرة القرار التأديبي ،فكل قرار قد يصدر عنها لعيب شكلي أو
انحراف في السلطة أو النعدام التعليل أو مخالفة للقانون كان معه للموثق المتضرر التقدم
_ 238عبد الكريم الطالب " ،الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية دراسة في ضوء مستجدات مسودة مشروع ،"7114
الطبعة الثامنة_ يوليو ،7119مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء ،ص .734
_239إدريس الشبلي ،م.س ،ص .49
_240للمزيد من التفصيل راجع :العلمي الحراق ،م.س ،ص .127
88
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
بالطعن فيه أمام هذه المحكمة داخل أجل 8.يوما ،241و أكثر من ذلك استفادته من اإلعفاء
من أداء الرسم القضائي لطلب اإللغاء.242
و لكون طرفي الخصومة في دعوى التأديب هما الموثق المعني باألمر والوكيل العام
للملك و أن ممارسة الطعن من أحدهما تستوجب رفعه ضد الطرف الثاني صراحة ،و ذلك
لها صادر في 0.34/.3/34في الملف اإلداري عدد 243
ما أكدته محكمة النقض في قرار
،0.32/3/2/0131و أكدت أيضا على أن مقال النقض الذي لم يرفع في مواجهة الوكيل
العام للملك لدى محكمة االستئناف الذي كان طرفا أصيال في الدعوى التأديب ضد الموثق
وفقا للمادتين 11و 14من ظهير 2مايو ،3104مما يكون معه التصريح بعدم القبول
للطعن المقدم ،و لما كانت المادة 312من نص القانون 10..1تؤكد على نفاذ هذا القانون
بعد نشره بسنة حيز التنفيذ ،فقد اعتمدت محكمة النقض على مقتضيات الظهير المنسوخ
لتؤكد حضور النيابة العامة طرف أصلي في الدعاوى التأديبية للموثقين مما يعني حقهم في
ممارسة الطعون.
و لتوضيح ما سبق اإلشارة إليه في اعتمادنا على قرار محكمة النقض بشأن تاريخ
العمل بالقانون الجديد المنظم لمهنة التوثيق ،و كذا احتساب تاريخ المتابعة كفيصل في
لمحكمة النقض مساي ار و متمما 244
تطبيق النص السابق على الالحق ،نورد ق ار ار آخر
للتوجه السابق ،حيث صدر عن الغرفة اإلدارية في الملف عدد 3.3/3بتاريخ
89
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
0.34/.3/01قرار أكد على أن ضرورة احترام أجل السنة بدءا من تاريخ 0.33/33/02
الذي هو تاريخ النشر بالجريدة الرسمية إلى حين 0.30/33/02الذي هو تاريخ النفاذ
الفعلي للقانون ،10..1مما يكون معه القرار التأديبي الصادر عن الجهة القضائية
التأديبية-غرفة المشورة -سليما و مطابقا للقانون لعدم نفاذ القانون الجديد ،و لما كانت
المتابعة و الحكم االبتدائي قد وقعت في ظل القانون الملغى فيظالن محتفظان باآلثار
القانوني ،و معه تكو الوسيلة المقدمة من الوكيل العام للملك لدى محكمة االستئناف بالرباط
بصفته طاعنا على غير أساس ،فقت محكمة النقض برفض الطلب.
و من جهة أخرى ذات الصلة بالقانون 38..1المتعلق بخطة العدالة ،و مدى بروز
دور النيابة العامة كجهة للطعن ،حيث تم إعفاء الطعن المقدم من طرف الوكيل العام للملك
لدى محكمة االستئناف من أداء الرسوم القضائية و من المحامي ،سواء تعلق األمر بالطعن
باالستئناف أو النقض ،246مما قد يدل أن األمر عكس الطعن الذي قد يأتي عليه العدل
المحكوم عليه بشأن أداء الرسوم القضائية و إمكانية تنصيب محام في إطار حقوق الدفاع.
90
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
كما أن الطعن بالنقض المقدم من الوكيل العام للملك و من العدل المحكوم عليه
تمارس وفقا للشروط و القواعد و اآلجال العادية الواردة في قانون المسطرة المدنية،ليطرح
التساؤل بشأن فلسفة المشرع المغربي وراء حرمان العدول من درجة ثانية للتقاضي بالطعن
باالستئناف ،لما فيه من هدر لضمانات التقاضي على درجتين وضرب في ضمانات
المحاكمة التأديبية العادلة كغيرها من المهن المساعدة للقضاء،أو كما فعل مع الموثقين
بالتنصيص على إمكانية رفع دعوى إلغاء القرار التأديبي الصادر عن الجهة اإلدارية أمام
المحكمة اإلدارية ،األمر الذي يستدعي العمل على إخراج قانون بحلة جديدة تراعي األمن
الوظيفي للتوثيق العدلي وفق المعايير المعتمدة دوليا.
إلى درجة أصبحت فيه النيابة العامة نفسها في شخص الوكيل العام للملك هي التي
تقدم الطعن بالنقض إلى جانب العدل المعني ،بعد أن أصدرت محكمة االستئناف بخريبكة
ق ار ار تأديبيا يقضي على األخير بعقوبة اإلقصاء المؤقت عن العمل لمدة سنة و نصف
فوق المدة القانونية الواردة بالمادة 21و المحددة في السنة فقط ،مما يجعل القرار المطعون
فيه خارقا للنص القانوني المحتج به و بتجاوز السلطة المحددة في المادة 1.0من قانون
المسطرة المدنية ،247فقض ت محكمة النقض بإبطال القرار المطعون فيه و إحالة الملف من
جديد على محكمة االستئناف بالرباط للبت فيه طبقا للقانون.248
اختلفت القوانين المنظمة للمهن سواء المهن المساعدة للقضاء ،كالمحاماة أو المفوض
القضائي أو المهن التوثيقية المتمثلة في العدول أو التوثيق ،بخصوص الجهة التأديبية بين
_247هذا المقتضى الذي أصبح معطال حاليا بعد أن أصبحت النيابة العامة مستقلة عن و ازرة العدل ،بموجب القانون
.44112
_248قرار الغرفة اإلدارية (القسم األول) بمحكمة النقض رقم ،231/1المؤرخ في ،7114/14/12في الملف اإلداري رقم
،714/1/3/4و المنشور ب" المستحدث في قضاء الغرفة اإلدارية بمحكمة النقض في منازعات المهن القانونية والقضائية،
م.س ،ص .174
91
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
من أقر قضائيتها أو إداريتها أو منحها للهيئات المهنية وفق ما سبق لنا دراسته ،لكن
الحديث عن التنفيذ المتعلق بالمقررات الصادرة عن تلك الجهات و دور النيابة العامة في
إيقاع العقوبة التأديبية ،يبقى موحدا بنص القاعدة العامة المتعلقة بتنفيذ األحكام احتياطا ،أو
أساسا ما أكدته عليه القوانين المهنية بنص خاص بشأن تنفيذ الجزاء التأديب و ما للنيابة
العامة من دور في ذلك (أوال) ،و هو ما يرتب آثا ار سواء على المهني المعاقب تأديبيا بشكل
خاص أو على المهنة بشكل عام أو حتى على الغير(ثانيا).
أوال :اختالف قوانين المهن حول اعتبار النيابة العامة جهة لتنفيذ للمقررات التأديبية
بحثا عن دور النيابة العامة في تنفيذ المقررات التأديبية في قوانين المهن القانونية
القضائية بشأن ما قضت به من عقوبات ضد المخالفين للنظم و القوانين و األعراف
المهنية ،فقد أكد قانون المحاماة المغربي على أن عملية التنفيذ يتوالها النقيب عند إصدار
عقوبتي اإليقاف و التشطيب الجدول أو التمرين و ذلك بعد استدعائه ،لكي يتخلى المعني
ليتحدد أجل التنفيذ 249
عن ممارسة أي عمل له اتصال بالمهنة أو استغالل لتلك الصفة
االختياري في شهر ،250و بعد ذلك تأتي مسطرة تبليغ الوكيل العام للملك لدى محكمة
االستئناف التابعة لها الهيئة المسجل بها المعني في حالة تنفيذه طوعا ،251أما في حالة
العكس فينتقل النقيب إلى مكتبه مستعينا بالنيابة العامة للقيام بعملية التنفيذ ،ليتضح أن
_249انتحال صفة كجريمة نصت عليها القانون الجنائي في الفصل ،421تتحقق بالنسبة للمحامي عند ممارسة المحامي
لنشاط مهني أثناء التوقيف التأديبي ،األمر الذي يجعل هذه الجريمة ثابتة في حقه.
قرار صادر عن المجلس األعلى-محكمة النقض حاليا -عدد 11/727المؤرخ في 11فبراير ،711.في الملف الجنائي
عدد 7112/11/9/12424منشور بمجلة قضاء محكمة النقض عدد ،21ص .377
_250المادة 21من القانون .72112
_ 251تساءل بعض الفقه حول الفراغ التشريعي المتعلق معاينة انتهاء فترة العقوبة المؤقتة كما هو األمر بالنسبة لعقوبة
اإليقاف لمدة ال تزيد عن 4سنوات وفق المادة 97من قانون المهنة ،واعطاء أمر بالترخيص باستئناف العمل وأيضا عن
الجهة التي ستمنحه ،حيث يبقى األمر أقرب إلى النقيب نفسه الذي له من الصالحيات ما تمكنه من اإلشراف على حسن
سير العمل داخل هيئته.
للتوسع أكثر راجع :محمد بلهاشمي التسولي ،م.س 722 ،و ما يليها.
92
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
تدخل النيابة العامة في عملية تنفيذ المقرر التأديبي تختلف بين التنفيذ االختياري أو
الجبري.252
على أن يكون لمجلس الهيئة الحق في أن يأمر بالتنفيذ المعجل بقوة القانون للمقرر
التأديبي و ذلك في حالة إصداره هو كجهة للتأديب ،لعقوبتي اإليقاف عن الممارسة أو
التشطيب و ذلك متى ارتكب إخالل خطير يمس بقدسية المهنة و حرمتها ،ليحق للمعني
طلب إيقاف التنفيذ أمام غرفة المشورة عند تقدمه بطعن في المقرر التأديبي.253
أما من جهة القانون .3..1المنظم لمهنة المفوضين القضائيين ،فقد جاءت عبارة
نص المادة 2.في فقرتها الرابعة ،لتؤكد فعليا على أن وكيل الملك لدى المحكمة االبتدائية
هو الجهة الوحيدة المختصة بتنفيذ المقرر التأديبي النهائي الصادر عن غرفة المشورة كجهة
للتأديب بدرجتيها االبتدائية أو اإلستئنافية ،أو الذي تم نقضه و إبرامه بالرغم من أن النقض
ال يوقف التنفيذ وفق القواعد العامة لفراغ هذا القانون من تنظيم الطعن بالنقض.
أما بالنسبة للقانون 10..1المنظم لمهنة التوثيق حيث يستفاد من مقتضيات المسطرة
التأديبية التي تتبعها اللجنة المنصوص عليها في المادة ،33و لكون المسطرة حضورية
إلى 255
باألصل ،254و أيضا اضطالع الوكيل العام للملك بمهمة تبليغ المقرر التأديبي
الموثق المحكوم عليه بالعقوبة التأديبية ،256فإن عملية التنفيذ جاءت لتؤكد بوجوب التخلي
عن ممارسة أي عمل من أعمال المهنة و ذلك تحت طائلة الجزاء الجنائي الوارد في الفصل
1.3المتعلق بانتحال صفة كجنحة ضبطية ،والذي يعاقب عن ذلك من ثالثة أشهر إلى
_252حرص دستور 7111على منح موقع التنفيذ كقاعدة دستورية بموجب المادة 179الفقرة الثانية منه ،و كمبدأ ال بد
من استحضاره على الدوام.
_253المادة 94من القانون .72112
_254المادة 27من القانون .4711.
_255المادة 24من نفس القانون.
_256المادة 24من نفس القانون.
93
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
لنختم بالقانون 38..1المنظم لخطة العدالة ،الذي جاء بتنظيم مسطرة التنفيذ المتعلقة
بالمقررات التأديبية محتشما حيث نجد لألمر فراغا بمقتضى هذا القانون ،و معه يمكن
التساؤل حول جهة التنفيذ ،هل هي النيابة العامة على اعتبار أنها سلطة اإلحالة على جهة
التأديب-قضاء الموضوع-أي غرفة المشورة بمحكمة االستئناف و أيضا سي ار على ما ذهبت
إليه قوانين المهن القانونية و القضائية ،أم هي جهة البت محكمة االستئناف قسم التنفيذ
المدني أم المجلس الجهوي للعدول؟
و حسب رأينا و نظ ار لهذا الفراغ التشريع ،أمكننا القول أن الوكيل العام للملك هو
الجهة المؤهل ة لتنفيذ المقرر التأديبي لكونه هو من يعمل على تبليغ هذا المقرر نفسه إلى
وزير العدل و القاضي المكلف بالتوثيق و كذا المجلس الجهوي للعدول وفقا للمادة 4.من
نفس القانون ،و هو األمر الذي سار عليه القانون المنظم لمهنة المفوضين القضائيين رقم
.3..1الصادر في نفس سنة إخراج هذا القانون ،38..1الذي مكن هذه الصالحية لوكيل
الملك وفق ما سبق اإلشارة إليه.
ثانيا :آثار تنفيذ العقوبات التأديبية على أشخاص المهن القانونية و القضائية
إن الحديث عن األثر القانوني الذي يخلفه إصدار العقوبة التأديبية على المسار المهني
ألشخاص المهن القانونية و القضائية ،خصوصا العقوبات المشددة كالعزل النهائي أو
اإليقاف المؤقت ،فقد عمد المشرع المغربي على توحيد العقوبة التأديبية مع اختالف بسيط
94
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
في تسميتها و هذا راجع لخصوصية كل مهنة على حدى ،لكن بالنسبة للعقوبات المشددة
فكل من القوانين 4711.و 72112و 19114و 21114اتفقت على عقوبتي إنهاء مسار
المهني بشكل ال رجعة فيه ،و ذلك في حالة اإلخالل الخطير بواجبات المهنة ،فسماه كل
و قانون المحاماة بالتشطيب من الجدول أو 258
من قانون التوثيق و خطة العدالة بالعزل
الئحة التمرين ،259و قانون مهنة المفوضين القضائيين بالسحب النهائي لرخصة مزاولة
المهنة.260
أما بالنسبة للحديث عن تبعات سلوك المسطرة التأديبية ضد المحامي بعد مؤاخذته
كآثار عليه خصوصا بالنسبة لعقوبتي اإليقاف المؤقت أو التشطيب ،فقد حددها القانون
و ال 261
المنظم للمهنة في حالة المؤاخذة :في عدم إمكانية التسجيل بجدول أي هيئة أخرى
حتى الئحة التمرين لكون الشروط العامة أوجبت عدم صدور متابعة تأديبية ضد المترشح
للولوج للمهنة ،262و معه الحد من ممارسة المهنة و الصفة المهنية ،و عدم الترشح لمجلس
الهيئة أو لمنصب النقيب ،263إلى جانب جميع اآلثار األخرى التي تنتج عن تنفيذ العقوبة
التأديبية ،264مع منحه حق رد االعتبار لمحو العقوبة التأديبية لكل من اإلنذار أو التوبيخ
بعد مرور ثالث سنوات أو اإليقاف ألقل من سنة بعد خمس سنوات من تاريخ التنفيذ و
عشرة سنوات إن تجاوز اإليقاف سنة.265
95
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
و من جانب الحديث عن قانون التوثيق فإن آثار العقوبة التأديبية على الموثق ،تتجلى
في تخليه عن الممارسة الفعلية ،و عند عزله فيتوجب عليه عن التوقف بشكل نهائي و عن
منح نفسه صفة موثق تحت طائلة المسائلة الجنائية ،266على أن يتقدم الوكيل العام للملك أو
رئيس المجلس الجهوي للموثقين بملتمس إلى الرئيس األول لمحكمة االستئناف المعين
بدائرتها الموثق الموقف أو المعزول ،تعيين من يحل محله لتسيير المكتب مؤقتا من بين
كنوع من األثر الممتد إلى الغير بالنسبة للعقوبة 267
الموثقين التابعين لنفس الدائرة القضائية
التأديبية ،ليقوم المعني بتسليم جميع أصول العقود و سجالت المحاسبة و كافة
تحت طائلة الجزاء الزجري المحدد في الحبس من 1أشهر إلى سنة و غرامة 268
المحفوظات
من 0.....إلى 2.....درهم أو إحدى العقوبتين .على أن ترجع إليه بعد انتهاء مدة
اإليقاف التأديبي و ذلك بحضور الوكيل العام للملك أو من ينوب عنه لهذه العملية إلى
جانب جهات أخرى.269
أما بالنسبة للمفوض القضائي فإن لإليقاف المؤقت السابق اتخاذه من قبل وكيل الملك
و المحدد أجله األقصى في الشهرين ،أثر على تنفيذ عقوبة السحب المؤقت لرخصة مزاولة
المهنة عند النطق بها من طرف قضاء التأديب ،و معه على المخالف المستفيد من هذا
االمتياز القانوني ،270كما أن انتهاء أمد العقوبة الوقتية ضد المفوض القضائي يمنح له حق
استئناف عمله تلقائيا مع إشعار رئيس المحكمة االبتدائية التابع مقر مكتبه.
و هو نفس المقتضى الذي أكده القانون 38..1المتعلق بخطة العدالة ،بالنسبة ألثر
نطق غرفة المشورة بعقوبتي العزل أو اإلقصاء المؤقت عن العمل لمدة ال تتجاوز السنة ،قبل
96
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
انصرام مدة ثالثة أشهر على قرار اإليقاف المؤقت المتخذ من طرف الوكيل العام للملك
تحريك المتابعة ،و عليه فيتم احتساب المدة المتبقية لإليقاف المؤقت ضمن مدة عقوبة
اإلقصاء المؤقت مع احتساب المدة السابقة ،أما بالنسبة لعقوبة العزل فإن أثرها يمتد إلى
حين تنفيذ العقوبة.271
97
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
الفصل الثاني:
حدود التدخل الزجري للنيابة
العامة ضد أشخاص المهن الق انونية
والقضائية
98
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
مما ال شك فيه أن خلفية المشرع المغربي كانت واضحة وراء منح النيابة العامة الدور
األصيل في تحريك الدعوى العمومية و كل ما يتبع ذلك من صالحيات أساسية في أطوار
البحث التمهيدي أو التحقيق اإلعدادي أو أثناء المحاكمة و بعدها ،و هذا راجع باألساس،
لكون التشريع الجنائي اإلجرائي المغربي ينهج النظام المختلط الذي يزاوج بين النظام
اإلتهامي الصرف و النظام التفتيشي ،إال أن الوجه العام المتبع لهذا الجهاز تتخلله
خصوصيات مسطرية تفرض معها احترام موضوعية القواعد الجنائية المتصلة بإثارة
المسؤولية الجنائية ألشخاص المهن القانونية و القضائية.
_ 272و كذلك أخذا بعين االعتبار للحماية الجنائية لهذه المهن لكل ما يشكل مساسا أو انتحاال من قبل األغيار.
99
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
و إلى جانب ذلك يأتي دورنا أيضا في محاولة البحث عن بعض الجرائم ذات الطبيعة
الخاصة التي تميز هذه المهن عن بعضها البعض من منطلق خصوصية المهام ،دون
إغفال لمحاولة مزج بعض الجوانب اإلجرائية أثناء الحديث عن الجرائم و العقوبات المقررة
ألشخاص المهن القانونية و القضائية ،و كذلك ما قد يأتي بنوع من التقاطع مع المسطرة
التأديبية لما قد يكون لها من أثر ،و من جهة أخرى محاولة بسط الحديث عن المسؤولية
الجنائية المقررة ألشخاص المهن القانونية و القضائية و أيضا ما ابتغى المشرع المغربي من
وراء سنه لمقتضيات حمائية لهذه المهن (المطلب الثاني).
100
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
أكدت قوانين المهن القانونية و القضائية موضوع دراستنا على وضع إطار زجري
خاص بها ،لردع أشخاصها عند مخالفة لكل سلوك يشكل فعل مجرما بموجب هذا اإلطار
الخاص ،و بحثا عن خصوصية التجريم و العقاب التي قد يأتيها أحد أشخاص المهن
موضوع دراستنا نظ ار للصفة المهنية التي يتمتعون بها ،كما هو الحال بالنسبة لجريمة
السمسرة وجريمة انتحال صفة (أوال) دون الغير وفق مواضع خاصة سنأتي على ذكرها،
ومنها ما يرجع كمقتضى زجري خاص بكل مهنيي على حدى ترجع نظ ار لطبيعة المهام التي
يزاوله كل منهم (ثانيا).
101
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
أوال :جريمتي السمسرة و انتحال الصفة المرتكبة من أشخاص المهن القانونية
والقضائية
اتفقت قوانين المهن القانونية و القضائية موضوع دراستنا على التنصيص الصريح
التي قد 275
بالنسبة لجريمة سمسرة الزبناء و انتحال صفة من قبل المهني نفسه دون الغير
يأتيها أثناء قيامهم بعمله ،276وذلك بوضع إطار تجريمي خاص بهذا المهني لما فيه من
حماية قصوى للمهنة أساسا ،و كذلك لكل من سولت له نفسه كمهني اإلساءة إليها أو
المساس بهيبتها و دورها الفاعل و الحيوي في صناعة العدالة و الحفاظ على األمن القانوني
و القضائي و أيضا التعاقدي.
و هذا ما فيه إال إبراز لمدى عمل المشرع المغربي على قيامه بدوره الردعي عن
طريق سن مقتضيات زجرية ضمن هذه القوانين الخاصة تؤكد على الحماية التشريعية للمهن
من خالل شرعية التجريم والعقاب كمبدأ أساسي يقوم عليه القانون الجنائي.
_275و هو األمر المؤكد وفقا لتأصيل الفصول من 1إلى 17من مجموعة القانون الجنائي المغربي ،كمبادئ عامة راسخة
منذ ستينيات القرن الماضي و على رأسها مبدأ شرعية التجريم و العقاب.
و من جهة أخرى يرى الفقه الجنائي المغربي على أن القصد بهذا المبدأ هو وجوب الخضوع الصريح للفعل أو االمتناع
لنص من نصوص التجريم حتى يمكن اعتباره فعال مجرما سواء عن طريق مجموعة القانون الجنائي أو القوانين الجنائية
التكميلية حتى يتسنى إضفاء صبغة المشروعية ،أي مبدأ النصية.
عبد الواحد العلمي ،شرح القانون الجنائي المغربي-القسم العام ،الطبعة السابعة ،لسنة ،7119مطبعة النجاح الجديدة-الدار
البيضاء ،ص .23
_276بالرغم من أن هذا األمر المتعلق بالمقتضيات الزجرية الخاصة بتلكم الجريمتين يشمل أيضا الغير أساسا و ليس فقط
المهنيين نفسهم ،إال أن تطرقنا لهذا الشق سيأتي من خالل الحديث بإسهاب عن الحماية الجنائية المقررة قانونا للمهن
القانونية و القضائية بشكل عام من منطلق اإلطار الموضوعي الجنائي الذي قد يأتي على ارتكابه الغير ،وهذا من شأنه أن
يشكل مساسا بهذه المهن و حسن سير قيامها في صناعة العدالة و توفير مناخ األمن القضائي أو القانوني ،و إبراز مدى
توفق المشرع المغربي في هذه المسألة الحقا.
102
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
.1ارتكاب الممارس لجريمة السمسرة:
_ 277إن الحديث عن جريمة سمسرة الزبناء و جلبهم من قبل أشخاص المهن القانونية و القضائية ال يعفينا من محاولة
الحديث عن الجانب المدني لهذا العقد-أي عقد السمسرة -من منطلق التأصيل القانوني و الذي يعد من بين العقود الشائعة
االنتشار على جميع األصعدة و المنشطة للمعامالت المدنية أو التجارية ،و قد جاء تنظيمه عن طريق أقدم تشريع للمملكة
المغربية أال و هو القانون التجاري الصادر بتاريخ 17غشت ،1.14ليليه انتشاره في باقي القوانين ذات الصلة .أخذا
بعين االعتبار نسخ الظهير السالف الذكر وفق نص المادة 244من القانون 141.4المتعلق بمدونة التجارة الصادرة في
فاتح غشت .1..9
== للمزيد راجع :نورة غزالن الشنيوي ،الوسيط في العقود الخاصة –العقود المدنية والتجارية و البنكية على ضوء
المستجدات التشريعية و االجتهادات القضائية في القانون المدني و قانون األعمال -ج ،1الطبعة األولى لسنة ،7112
مطبعة األمنية-الرباط ،ص 319و ما يليها.
ليأتي حديثنا عن الجانب الزجري الذي يمنع و يجرم ممارسة هذا النشاط المهني لتعارضه مع طبيعة الخدمات المقدمة و
أيضا لخصوصية المجال المهني المنضوي ضمن لواء منظومة العدالة كما هو الحال بالنسبة لكافة المهن القانونية و
القضائية (المحاماة؛ المفوض القضائي؛ العدل؛ الموثق) ذات االحتكاك المباشر بالسلطة القضائية و لما في هذا التجريم
من ضمانات حمائية أيضا للمتعاملين معهم من متقاضين أو متعاقدين.
_278حيث نصت المادة .1من القانون 4711.لتؤكد على أنه " :يمنع على الموثق القيام مباشرة أو بواسطة الغير بأي
عمل يدخل في نطاق سمسرة الزبناء أو جلبهم.
يعاقب على مخالفة مقتضيات الفقرة السابقة بالحبس من سنتين إلى أربع سنوات و بالغرامة من 711111إلى 311111
درهم مع مراعاة العقوبات التأديبية التي قد تطبق على الموثق سواء كان الفاعل أصليا أو مساهما أو مشاركا".
_279تنص من المادة 111من القانون 72112على أنه يعاقب المحامي الذي ثبت عليه القيام بنفس الفعل بصفته فاعال
أصليا أو مشاركا بالعقوبة نفسها بالحبس من سنتين إلى أربع سنوات و بغرامة من 711111إلى 311111درهم ،ما لم تك
األفعال معاقبا عليها بعقوبة أشد.
103
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
سمسرة جلب الزبناء من قبل المحامي أو الموثق ،280وأيضا األمر بالنسبة للعقوبة لهذه
الجنحة التأديبية التي جاءت موحدة من سنتين إلى أربع سنوات و بغرامة من 711111إلى
311111درهم ،و هذا ما األمر جاء أشد من المقتضى الزجري المجرم لنفس الفعل بموجب
القانون المنظم لمهنة المفوضين القضائيين في مادته 42منه ،281والتي عاقب فيها المشرع
المغربي بثالثة أشهر إلى سنة حبسا و بغرامة من 4..إلى 3....درهم كجنحة
ضبطية ،282و بشكل أقل وضوحا في النص القانوني الذي لم يفرق بين المهني و الغير،إذ
جاء التجريم على سبيل اإلطالق دون تحديد أو تمييز بين صاحب الصفة-المفوض
القضائي أو الغير ،عكس ما تناوله كل من القانون 0....و 10..1بشكل دقيق لهذه
الجريمة ضد المحامي و الموثق.283
ثم ليأتي بعد ذلك التدرج العقابي مخففا أكثر مما سبق ذكره بالنسبة لكل من مهن
المحاماة و التوثيق و المفوض القضائي عند تجريمه لفعل السمسرة ،وفق ما جاء في
المقتضى الزجري الوارد في القانون 38..1المنظم لمهنة خطة العدالة ،أوالهما في المادة
02منظمة لتجريم فعل جلب الزبناء و سمسرتهم ،كفعل منفصل عن أوله من خالل القيام
بإشهار يستهدف جلبهم دون ما جاء محددا بموجب المادة 38من نفس القانون من وسائل
لإلشهار المسموح بها قانونا ،284لتؤكد المادة 04من نفس القانون على استم اررية تحصين
_280إضافة للمنع الصريح للموثق وفقا للمادة 43من القانون المنظم للتوثيق التي تمنع عليه اللجوء إلى سمسرة الزبناء ،و
معه لم تدع له أي مجال للجهل بالمنع و أيضا بالزجر.
_281تنص المادة 43من القانون " 21114يعاقب كل شخص يقوم بسمسرة الزبناء أو جلبهم لفائدة المفوض القضائي
بثالثة أشهر إلى سنة حبسا و بغرامة من 411إلى 11111درهم".
_282يأتي التصنيف التشريعي كما هو مؤكد بموجب الفصل 111من القانون الجنائي.
_283للتوسع راجع :المهدي بوي ،اإلطار القانوني لمسؤولية الموثق العصري على ضوء القانون ،4711.رسالة لنيل
دبلوم الماستر في القانون الخاص لماستر العقار و التنمية ،كلية العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية طنجة ،جامعة
عبد المالك السعدي ،السنة الجامعية ،7114/7113ص .22
_284المادة 19من القانون 19114المنظم لخطة العدالة .
104
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
المهنة و حمايتها من أعمال السمسرة و جلب الزبناء ،285و ذلك ضد كل عدل أدين و ثبت
مكتسب لقوة الشيء المقضي به ،287ارتكاب هذه 286
في حقه بمقتضى مقرر قضائي
بعقوبة حبسية ذات الحدين تتراوح بين ستة 288
الجريمة كفاعل أصلي أو مشارك أو مساهم
_285العلمي الحراق ،الوجيز في شرح القانون المتعلق بخطة العدالة م.س ،ص .21
_286حدد المشرع المغربي مفهوم المقرر القضائي وفقا للفقرة الثالثة من المادة 493من ق.م.ج التي عرفت لنا المقرر
القضائي بأنه .. " :كل حكم أو قرار أو أمر صادر عن هيئة قضائية".
_ 287حفظا لمبدأ قرينة البراءة بعد توجيه االتهام بمقتضى فعل يشكل جريمة بمقتضى القانون المهني أو القانون الجنائي
سواء من سلطة االتهام-النيابة العامة ،أو من المحكمة ضد هذا العدل المنتمي لهذه المهنة القانونية و التوثيقية و كذلك
مختلف المهن القانونية و القضائية األ خرى ،الذي حرص المشرع الدستوري على دسترة هذا المبدأ بمقتضى الفصل 11.
من دستور 7.يوليو ،7111بالرغم من سبقية التنصيص التشريعي الداخلي بموجب المادة األولى من القانون 77111
ألكتوبر سنة 7117و جعله على إطالقه بتجريد و عمومية دون تخصيص لفئة على أخرى.
و هذا ما فيه إال حرص المغرب على التعهد بما تقتضيه المواثيق الدولية من مبادئ و حقوق و واجبات و العزم والتأكيد
على التشبت بحقوق اإلنسان كما هو متعارف عليه دوليا ،خصوصا لتوفير ضمانات المحاكمة العادلة ،كما هو الشأن
بالنسبة لما نص عليه اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان في لمادته 11و أيضا المادة 13من العهد الدولي الخاص
بالحقوق المدنية و السياسية لسنة .1.99
للمزيد راجع :أحمد قيلش و آخرون ،الشرح العملي لقانون المسطرة الجنائية ،ط الثالثة لسنة ،7112مطبعة األمنية-الرباط،
ص .43
_288حرص المشرع الجنائي المغربي من خالل مجوعة القانون الجنائي على وضع مبادئ راسخة طبعها نوع من الجمود
منذ ستينات القرن الماضي (سنة 1.97ميالدية) إلى حدود يومنا هذا (سنة ،)711.بالتنصيص على تحديد الفعل
اإلجرامي الذي يأتي المجرم سواء كان فاعال أصليا أو مساهما أو مشاركا سواء للجرائم الواردة في الكتاب الثالث منه ،أو
التي سبقته(مثال ظهير 1111111.12المتعلق بالمياه و الغابات الساري النفاذ) أو ما تلى إصداره كما هو الحال بالنسبة
لقوانين المهن القانونية و القضائية ،و ذلك في كل فعل مرتكب من أشخاص هؤالء المهن يشكل جريمة وفقا للمقتضى
الزجري الوارد بقوانينهم الخاصة ،و التي تسري عليه مبادئ القانون الجنائي من الفصل 1إلى 197منه ،و من بينها ما
جاء محددا في الفصول 172و 17.للتمييز بين المساهمة و المشاركة ،خصوصا فعل المشاركة في جريمة معاقب عليها
لممتهن أحد المهن التي قمنا بدراسة مدى خضوعها لرقابة النيابة العامة ،المتمثلة في المحاماة والمفوض القضائي و
الموثق و العدل ،سواء كجنحة أو جناية دون المخالفات ،حيث تتجلى خصوصية صفة هذا المهني كظرف للتشديد من
العقوبة و خصوصا في الجرائم التي جاءت تجريمها بمقتضى القانون الجنائي ،و هذا راجع لما أكدته المادة 141فقرتها
الثانية .و هي عملية باألساس تلعب فيها النيابة العامة دو ار توجيهيا لهيئة الحكم قبل اإلحالة عند تكييفها للفعل الجرمي
بناءا على األساس المتابعة و توجيه اإلتهام كما هو الحال بالنسبة لجنحة السمسرة ،و أيضا تحديدها للمركز القانوني لهذا
المهني المتابع ،هل هو فاعل أصلي أم مشارك أم مساهم في هذه الجريمة وفقا لتوافر صورهما المحددة ،ليتأتى بعد ذلك
لقضاء التحقيق عند إلتماس التحقيق أو لهيئة الحكم عند اإلحالة سواء كانت المتابعة في حالة سراح أو في حالة اعتقال،
105
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
أشهر إلى سنتين و غرامة مالية من 4..إلى 04..درهم ،كأقل تخفيف بالنسبة للعقوبة
مقارنة مع ما سبق بيانه بالنسبة للمهن األخرى موضع دراستنا.
ليأتي الرد حسب رأينا على أن األمر يتعدى ذلك بشأن تفعيل هذا المقتضى الزجري
ضدهم ،حيث أحالت كافة قوانين المهن القانونية والقضائية إحالة صريحة ال ضمنية بشأن
هذا الجرم مع توحيد العقوبة ،و ذلك بموجب نص المادة 11من قانون المحاماة في حالة
الحق في إعادة البحث لتحديد المركز القانوني لألطراف كمساهمين أو مشاركين بالرغم من أن المشرع المغربي قد وحد
جانب العقوبة و ساواها بصراحة الفصول الواردة في قوانين المهن القانونية والقضائية.
_289الفصل 421من ق.ج.
_ 290منح المشرع المغربي النيابة العامة سلطة االتهام باعتبارها الجهة األصلية لتحريك الدعوى العمومية و أيضا تمثيل
المجتمع و تطبيق القانون.
106
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
االستم اررية في أداء العمل من قبل المحامي ،292والمادة 44من القانون المنظم لمهنة
المفوضين القضائيين ذات الشمولية والعمومية في التجريم دون تحديد بين الغير أو المفوض
القضائي نفسه عكس نص المادة سالفة الذكر ،293أما بالنسبة للمهن التوثيقية فإن المادة .1
من قانون التوثيق جاءت كنص خاص و صريح متعلق بانتحال الصفة عند مخالفة الموثق
لقرار العزل أو اإليقاف بعد مرحلة صدور المقرر التأديبي في حقه ،294وليس في مرحلة
القرار القبلي المتخذ في حقه من قبل الوكيل العام للملك بشأن اإليقاف المؤقت سواء أثناء
والذي لم يرتب عليه المشرع أي جزاء صريح ،عكس فرضية 295
المتابعة التأديبية أو الجنائية
االستم اررية في ممارسة المهنة الواردة في قوانين كل من المحاماة و المفوضين القضائيين و
خطة العدالة ،حيث جاء المقتضى الزجري مقتص ار على األغيار دون الموثقين.296
و لكن مكنة العودة لألساس العام للتجريم قصد متابعة صاحب الصفة بانتحال الصفة
تبقى واردة حسب رأينا قبل النطق بالقرار التأديبي أيضا ،لما فيه من تأكيد على حرص
النيابة العامة على التطبيق السليم ل لقانون و تفعيل المتابعة الجنحية ضد الموثق وهذا كله
في حالة عدم االستجابة لقرار اإليقاف المؤقت كما هو الحال بالنسبة لمرحلة ما بعد النطق
واحالته على جهة االختصاص الجنحي ،أي وكيل الملك لدى المحكمة 297
بالعقوبة التأديبية
االبتدائية المتواجد فيه مقر عمله الذي هو نفسه مكان ارتكاب الجريمة.298
107
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
و من جهة أخرى فالقانون المتعلق بخطة العدالة في الفقرة األخيرة من المادة 01
جاءت لتؤكد على أن تطبيق الفصل 1.3من القانون الجنائي ضد العدل يكون في حالة
االستم اررية في مزاولة المهنة التي جاءت شاملة ألي صورة قد تتحقق معها هذه الجريمة
سواء كان العدل متابعا تأديبيا و اتخذ في حقه وكيل الملك ،299أو بعد النطق بالمقرر
التأديبي خصوصا في عقوبتي العزل و اإلقصاء المؤقت و معه قيام العدل باالستمرار في
عمله ،أو مشاركته للغير في فعل االنتحال وفق ما هو مؤكد بنص المادة 01فقرتها الثالثة.
و منه يأتي القول على أن ارتكاب جريمة انتحال صفة بعناصرها التكوينية و الثابتة
في حق كل من المحامي أو المفوض القضائي أو الموثق أو العدل ،هي متحققة وفقا
لحاالت ومواضع محددة حص ار ،و التي تختلف تمام االختالف عن الغير الذي يكفي في
الفصل 2.الذي هو مقتضى زجري ال يقبل التوسع و ال التفسير كمبدأين راسخين تقوم عليهما القاعدة الجنائية بخصوص
شرعية الجريمة و العقوبة و التدبير الوقائي ،حيث أن القاضي ملزم بالتفسير الضيق ال أن يخلق نصا جديدا و إنما يوضح
النص الساري النفاذ.
للمزيد و التوسع بشأن التفسير الضيق للنص الجنائي راجع :أحمد قيلش و آخرون ،الوجيز في شرح القانون الجنائي،
طبعة ،7119مطبعة األمنية-الرباط ،ص .73
_298التي تؤكد أيضا على ما جاء في المادة 33من قانون المسطرة الجنائية بشأن االختصاص المحلي لوكيل الملك
لمكان ارتكاب الجريمة أو لمكان محل اإلقامة أو مكان إلقاء القبض ،لكن و الرتباط المتابعة بجريمة انتحال الصفة من قبل
الموثق بمرحلة سريان المسطرة التأديبية و ذلك باتخاذ الوكيل العام لقرار اإليقاف المؤقت فهو الجهة التي له سلطة المتابعة
التأديبية لكنه ال يرجع له االختصاص في الجنح و إنما فقط في الجنح المرتطبة بالجنايات ،و عليه فإن سلطته باإلشراف
على قضاة النيابة العامة داخل الدائرة اإلستئنافية ككل ،تمنح له سلطة توجيه تعليماته لوكيل الملك المختص وفقا للفقرة
الرابعة من المادة 3.من نفس القانون وفقا لسلطة المالئمة و أيضا طبيعة التسلسل الرئاسي الذي يميز هذا الجهاز
القضائي ،و في نضرنا هذه خ صوصية تميز ذوي المتابعات الجارية ضد المهن القانونية و القضائية ،لكن ال يثار أي
اختالف بشأن االختصاص في تحريك الدعوى العمومية الذي هو أساس المادة 33نفسها.
_ 299نص الفصل يعاقب على هذه الجريمة بالنسبة لألغيار و أيضا العدول الذين لهم الصفة للمزاولة لكن مع وجود المانع
وفقا للحالة الثانية الواردة في المادة 74من القانون ،19114و التي جاء فيها .." :أو مستمر في مزاولتها ."..
108
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
حقه ثبوت الفعل الجرمي لعمومية تطبيق القاعدة الجنائية كمبدأ،300و التي قد تأتي في حالة
وجود مانع قانوني يحول دون مزاولة المهني لعمله و تتخذ ثالث صور:
حالة المنع المؤقت المتخذ من قبل النيابة العامة لجريان المسطرة التأديبية:
أي في حالة سريانها و الزم ذلك ممارسة المهني لعمله و عدم استجابته لمآل مركزه
القانوني-أي حالة اإليقاف المؤقت -الذي حددته له النيابة العامة -الوكيل العام للملك لكل
و وكيل الملك بالنسبة للمفوض القضائي ،302-و معه 301
من الموثق أو العدل أو للمحامي
يكون بموجبه مآل تفعيل المتابعة الزجرية ممكنا لتوافر األركان التامة لهذه الجريمة في حقه،
و تحريك النيابة العامة للدعوى العمومية وبسط مراقبتها لما بعد المتابعة التأديبية من خالل
_ 300أخذنا بهذا الطرح بخصوص عمومية تطبيق القاعدة الجنائية الموضوعية ،هو طرح نقطة أساسية مفادها كون المشرع
المغربي وضع إطا ار تجريميا عاما هو مجموعة القانون الجنائي يطبق على كافة من هم في إقليم المملكة حسب الفصل
17منه مع وجود استثناءات ،لكن األمر قد يكون عكس ما قد يأتي على به المقتضى الزجري الخاص الذي يطبق فقط
على الفئة المقصودة وراء هذا التشريع الخاص كما هو الحال بالنسبة لقوانين المهن القانونية والقضائية.
و هذا ما فيه في نظرنا إال تحديد و تدقيق لمبدأ التجريم و العقاب الذي يقرره التشريع الجنائي المغربي سواء الوارد في
مجموعة القانون الجنائي أو النصوص الخاصة األخرى على السواء ،و هذا األمر الذي ال يمكن إنزاله منزلة االستثناءات
في التطبيق وفقا للفصل 11من مجموعة القانون الجنائي ،كما هو األمر بالنسبة لحصانة الملك الدائمة وفقا للفصل 39
من الدستور و الفصل 93الخاص بالحصانة المؤقتة المقرونة باستثناء إبداء رأي يجادل فيه يجادل في النظام الملكي أو
اإلخالل الواجب للملك أو الدين اإلسالمي ،لكون هذا المقتضى الزجري يطبق فقط على فئة خاصة يعنيها هذا القانون
بأحكامه كما هو الحال لقوانين المهن القانونية و القضائية.
و هذا ما فيه إال تأكيد على وجود استثناء عن مبدأ اإلقليمية في التطبيق ،كما هو الحال بالنسبة لمتابعة المحامي مثال
وغيره من أشخاص المهن القانونية و القضائية بجريمة انتحال الصفة لوجود مانع قانوني أو بجريمة سمسرة الزبناء وجلبهم
أو غيرها من األفعال التي سن لها المشرع المغربي نصا موضوعيا للتجريم و العقاب بنص خاص أو يحيل بموجبه على
نص القانون الجنائي.
_ 301بالنسبة للمحامي فالتوقيف المؤقت في المسطرة التأديبية تأتي فقط بطلب من الوكيل العام يوجه لمجلس الهيئة بصفته
سلطة للمتابعة وللتأديب ذات سيادة و قوة ابتغاها المشرع أساسا وفقا للمادة 99من القانون 72112و ذلك عند كل متابعة
زجرية مقامة ضد محام ،عكس ما جاء في المادة 22من القانون 4711.و المادة 43من القانون 21114والمادة 32
من القانون 19114كصالحية أصيلة للنيابة العامة.
_ 302للوقوف على اتخاذ قرار اإليقاف المؤقت راجع ما تم تناوله أثناء الحديث في المسطرة التأديبية في المبحث الثاني من
الفصل األول.
109
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
تحريك الدوى العمومية بخصوص المتابعة الجنحية ،303و في ذلك قد سبق للمجلس
األعلى-محكمة النقض حاليا -أن أصدر ق ار ار بتاريخ 33فبراير لسنة ،0..1عدده 3/030
في الملف الجنائي عدد ،3.4.1/8/3./0..1و أكد على كون أي ممارسة قد يأتيها
المحامي تدخل ضمن المهام المنوطة بمهنته و المحددة بالقانون ،ضدا على قرار قضائي
صادر في حقه قضى بالتوقيف ،فهو يشكل جريمة انتحال صفة ،و معه فهو موجب
لمتابعته.304
حالة قيام جريمة انتحال الصفة في حق الصادر في حقه عقوبة تأديبية نهائية:
كما أكد المشرع المغربي بإدراجه بنص صريح هو الفصل .1من قانون التوثيق،
وأيضا ما يستشف من باقي النصوص الزجرية المؤطرة لجريمة انتحال الصفة ذات الصلة
بصاحب الصفة نفسه في باقي قوانين المهن موضوع دراستنا ،305و ذلك عند النطق بعقوبتي
العزل الذي هو نفسه التشطيب أو اإليقاف و كذلك اإلقصاء ،كما جاء في تحديد العقوبات
ذات الطابع المشدد و المطبقة على أشخاص المهن القانونية و القضائية موضوع دراستنا،
ليكون االختالف في المصطلح راجعا لخصوصية كل مهنة على حدى و تبقى الغاية موحدة
و الكامنة في أثرها الذي هو التوقيف النهائي عن مزاولة المهنة نظ ار الرتكاب المخل خطأ
جسيما يستدعي حرمانه بشكل نهائي من ممارستها ،و عليه فإن تحقق هذه الحالة يقتضي
توافر ه ذا الشرط الجوهري لتحقق قيام جريمة انتحال صفة المكتملة العناصر المكونة لها ،و
_ 303سيأتي الحقا محاولة تفصيلنا لهذا الطرح حول مدى توقف المتابعة التأديبية لنظيرتها الزجرية ضد أشخاص المهن
القانونية و القضائية موضوع دراستنا.
_304قرار صادر عن المجلس األعلى عدد ،11/727المؤرخ في ،711./17/11في الملف الجنائي عدد
،711./11/9/12424و المنشور بمجلة المقال ،العدد ،7لسنة .7111
_305قصدنا في ذلك أشخاص المهن القانونية و القضائية :المحامي و المفوض القضائي و الموثق و العدل و الناسخ
(المادة 31تعاقب الناسخ نفسه في حالة استم ارره بالممارسة بالرغم من وجود أحد أسباب المنع) ،و هذا عكس
الترجمان(المادة 33اقتصرت على الغير) وأيضا الخبير المدرج في الجدول (المادة 91اقتصرت على الخبراء الغير
ال مدرجين و الغير) ،التي جاء كافة قوانينهم على إدراج نص تجريم فعل انتحال الصفة ضدهم.
110
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
ذلك في حالة بعدية لقرار التوقيف النهائي لكل نشاط قد يأتي عليه هذا الشخص المجرد من
الصفة المهنية و المعتبر في حكم الغير.
إن الحديث عن األساس القانوني المعتمد من قبل النيابة العامة لتحريك الدعوى
العمومية قصد متبعة أحد أشخاص المهن القانونية و القضائية موضوع دراستنا ،يأتي وفقا
لما أقره المشرع المغربي من مهام يختص بها كل مهني على حدى ،كما هو الشأن بالنسبة
لكل المحامي ا لذي يأتي أساسا مهمة الترافع أمام القضاء سواء بالنيابة أو المؤازة ،و كذلك
المفوض القضائي الذي له مهمة تنفيذ و تبليغ المقررات القضائية كمساعد للقضاء ،وأيضا
المهن التوثيقية الحرة كالموثق و العدل اللذين يحرصان على ضمان األمن التعاقدي
لألطراف من خالل كل ما يضطلعان عليه من مهام.
_ 306تعتبر هذه الحالة من الموجبات القانونية التي تقترن المتابعة الجنحية بنظيرتها التأديبية ،و التي سنأتي على تفصيلها
الحقا.
111
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
األمر الذي فرض معه على المشرع إدراج نطاق تجريمي خاص وارد في النص
المنظم لهذه المهن يراعي فيه خصوصية هذه المهن ،حيث ال يمكن تطبيق نص زجري إال
على هذا المهني دون غيره من المهن األخرى ،و التي سنأتي للحديث عن كل جريمة متعلقة
بأحد هذه المهن موضوع الدراسة وفقا لهذه الخصوصية التي ارتأينا أن لها طبيعة خاصة في
التطبيق ترجع لطبيعة المهام المسندة لهم ،307أو لطبيعة الحرص على عملية اإلشهار
وتعميم التعاقد القانوني بالنسبة لكل من المفوض القضائي و العدل و الموثق دون المحامي.
_307على أن أقتصر في حديثي على كل من المفوض القضائي و الموثق و العدل ،دون المحامي ،الذي ارتأيت الحديث
عن جرائم الجلسات التي قد يأتي على ارتكابها بمناسبة قيامه بمهامه ،و هذا راجع لكون أساس التجريم وارد في قانون
المسطرة الجنائية باألساس دون قانون المهنة ،وفقا لما سآتي على بيانه الحقا.
_308حيث نصت المادة 41من القانون 21114على أنه " :يمنع على المفوض القضائي بصفة شخصية أو بواسطة
الغير:
-أن تكون له أي مصلحة في قضية يباشر فيها مهامه؛
-أن يرصد لحسابه أمواال يكون قد اؤتمن عليها؛
-أن يشارك في المزايدات المتعلقة باألشياء المكلف ببيعها أو يقبل مشاركة أو عرض زوجه أو أصوله أو فروعه؛
-أن يقتني حقوقا منازعا فيها باشر إحدى إجراءاتها و ذلك لنفسه أو لحساب زوجه أو أصوله أو فروعه أو أقاربه إلى
الدرجة الرابعة.
و يجب عليه أن يودع بصندوق المحكمة المبالغ التالية في أجل ثمانية أيام من تاريخ تسلمها:
-1األموال الناضة المستخلصة من طرفه لدى مدين أو المسلمة منه طوعا للتحرر من ديته؛
-7المبالغ المستخلصة من الحجوز لدى الغير؛
-4المبالغ الناتجة عن بيع المنقوالت المادية".
أما نص المادة 47فقد أكد على أنه " :يمنع على المفوض القضائي تحت طائلة بطالن اإلجراء و تعرضه للمتابعة ،أن
يباشر أي إجراء لنفسه أو لحساب زوجه أو أصوله أو فروعه أو أقاربه إلى الدرجة الثالثة".
112
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
من وجوب إيداع المبالغ المالية لكل العمليات التنفيذية بموجب السندات التنفيذية ذات
الصبغة القضائية بصندوق المحكمة في أجل .أيام ،تحت طائلة المتابعة الجنائية من قبل
النيابة العامة و المعاقبة قضائيا بالحبس من شهر إلى سنتين و غرامة من 3....درهم إلى
3.....درهم أو إحدى العقوبتين فقط ،ما لم يكن فعله ذاك يشكل جرما له عقوبة أشد
بموجب القانون الجنائي ،و أيضا ما قد يرتبط معه من تفعيل المسطرة التأديبية في حقه و
النطق بعقوبات تأديبية.309
و ارتباطا بخصوصية الجريمة التي قد يأتيها المفوض القضائي أثناء أدائه لمهامه ،فقد
أتى وضع جزاء لكل الموانع التي حددها المشرع المغربي بموجب القانون .3..1والتي يأتي
األصل في نص التجريم بما تم زجره من أفعال و تروك قد يأتيها المفوض القضائي ،310لكن
األمر ال يتوقف عن د هذا األمر بل تم التأكيد على أن إتيان هذا األخير ألحد األفعال إن
شكل أحد العناصر التكوينية من أركان مادية و معنوية منصوص عليها في القانون الجنائي
مع احترام غاية تطبيق هذا النص في حالة تشديد العقوبة فقط ،ليرجع األصل في التجريم و
العقاب الرتكاب هذه الموانع للقانون المنظم للمهنة كتأكيد على خصوصية هذه الجريمة التي
ال يمكن بأي حال من األحوال تطبيقها على أحد أشخاص المهن القانونية و القضائية
األخرى.
311
و من جهة أخرى فقد أكد المشرع المغربي بموجب المادة 0.من القانون .3..1
على أن كل ما قد يتجاوز أجرة المبلغ الثابت المستحق لإلنجاز المفوض القضائي للعمليات
المنوطة به يعرضه للمتابعة الجنائية بموجب الفصل 021من مجموعة القانون الجنائي،
113
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
المحدد لجريمة الغدر ،312كنوع من الزجر الوارد في قانون المهنة والمحال على التجريم و
العقاب الوارد في القانون الجنائي.
_313حسب المادة 2الظهير الشريف رقم 3.33.33.من القانون 11...المتعلق بمدونة الحقوق العينية التي جاء فيها
على أنه :
" يجب أن تحرر -تحت طائلة البطالن -جميع التصرفات المتعلقة بنقل الملكية أو بإنشاء الحقوق العينية األخرى أو نقلها
أو تعديلها أو إسقاطها وكذا الوكاالت الخاصة بها بموجب محرر رسمي ،أو بمحرر ثابت التاريخ يتم تحريره من طرف
محام مقبول للترافع أمام محكمة النقض ما لن ينص قانون خاص على خالف ذلك.
يجب أن يتم توقيع العقد المحرر من طرف المحامي والتأشير على جميع صفحاته من األطراف ومن الجهة التي حررته.
تصحح إمضا ءات األطراف من لدن السلطات المحلية المختصة ويتم التعريف بإمضاء المحامي المحرر للعقد من لدن
رئيس كتابة الضبط بالمحكمة االبتدائية التي يمارس بدائرتها".
114
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
باللوحة البيانية الموضوعة خارج البناية ،317كركن مادي لهذه الجريمة مع ركن معنوي متمثل
في القصد الجنائي و النية اإلجرامية بالعزم على ارتكاب هذا الفعل من قبل العدل و الموثق
المعنيين وفقا لقانونيهما المنظمين لمهنتيهما.
حيث جاء الزجر بالعقوبة المالية فقط بالنسبة للموثق عند مخالفة األحكام الخاصة
باللوحة بالعقاب بغ ارمة من 3.0..درهم إلى 4....درهم كصورة أولى ،و كذلك على فعل
مخالفة أحكام ذات الصلة بإحداث الموقع اإللكتروني بغرامة من 0....درهم إلى 3.....
درهم كصورة ثانية لهذه الجريمة ،أما بالنسبة للعدل فإن المشرع لم يكن واضحا في زجره
لجريمة اإلشهار التي يأتيها العدل لكون التداخل بين نص المادة 02وافقه أيضا تجريم
السمسرة المرتكبة من هذا األخير ،و بالتالي جاء نطاق العقاب في المادة 04موحدا في
العقوبة مع السمسرة أيضا ،و هذا ما نتج عنه تشديد في العقوبة عكس الموثق ،وجاءت
سالبة للحرية بالحبس من شهر إلى ستة أشهر أو بغرامة من 3....درهم إلى 0.4..
درهم ،لكن حسن ما فعل المشرع المغربي بإضفاء الخيار بين العقوبة الحبسية والمالية
للقاضي الجنائي الذي عليه أيضا مراعاة نوع الجريمة و خطورتها لما في من تفريد
للعقاب ،318لكون االزدواجية التي نهجها المشرع في العقوبة و توحيدها بالنسبة للجريمتين
معا ،ال يالءم جريمة اإلشهار كجريمة بسيطة ال تستدعي النطق بالعقوبة السالبة للحرية،319
_317حيث جاء التأكيد في كل من قرار وزير العدل رقم .2211.الصادر بتاريخ 2أبريل 711.للعدل و القرار الوزيري
رقم 17131.9الصادر بتاريخ 9ديسمبر 7117بالنسبة للموثق ،بخصوص تحديد اللوحة البيانية بشكل يراعي الضوابط
القانونية ذات الصلة بهاتين المهنيتين و ما ابتغاه المشرع المغربي من حرص على إبعاد و د أر كل الشبهات ذات الصلة
بعملية اإلشهار و معه زجر كل مهني توثيقي قد يقع في المحظور.
_318ينص الفصل 131من مجموعة القانون الجنائي على أنه " :للقاضي السلطة التقديرية في تحديد العقوبة وتفريدها
في نطاق الحدين األدنى و األقصى المقررين في القانون المعاقب على الجريمة ،مراعيا في ذلك خطورة الجريمة المرتكبة
من جهة ،و شخصية الجريمة من جهة أخرى".
_319للتوسع راجع:
-العلمي الحراق ،الوجيز في شرح القانون المتعلق بخطة العدالة ،م.س ،ص 21
-العلمي الحراق ،الوثيق في شرح قانون التوثيق ،م.س ،ص .12.
115
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
و بالتالي فإن العناصر التكوينية لهده الجريمة بالنسبة للعدل اقتصرت على صورة ركن
مادي يتجلى في القيام عمدا بأي نوع من اإلشهار كيفما كان نوعه مع مراعاة المادة 38من
نص القانون المنظم للمهنة.
ليطرح التساؤل حول مدى إمكانية تطبيق العقوبة األشد الواردة بموجب نص المادة
332من القانون 13...المتعلق بتحديد تدابير لحماية المستهلك ،320التي تعاقب بغرامة
من 4.....درهم إلى 04.....درهم ،عند اإلشهار الكاذب و اإلشهار المقارن وفقا لما
أوردته أحكام المادتين 03و 00من نص هذا القانون ،321و هذا راجع لمبدأ الوصف األشد
المؤكد على التعدد 322
للفعل القابل ألوصاف متعددة حسب الفصل 33.من القانون الجنائي
323
المعنوي ،و معه طرح مكنة المقتضى الزجري األشد؟
ليأتي جوابنا على اإلشكال مخالفا للتوجه الباحث بشأن اعتماد معيار الوصف األشد،
حيث اتجهنا إلى اعتماد معيار الوصف الواحد القانوني الوارد فقط القانون المهني الخاص
بالتوثيق و خطة العدالة ،لكون المقتضى الزجري المتعلق بجريمة اإلشهار لكل من القانونين
موضوع الدراسة و التحليل ،لم يورد األخذ بالوصف األشد من طرف القاضي الزجري و هي
أيضا إرادة المشرع ،و لو أراد ألتجه لذلك صراحة كما فعل بموجب الفقرة الثانية من المادة
111من قانون المحاماة ،324و معه ال يمكن تحميل هذه النصوص الزجرية أكثر من ما ال
_320ظهير شريف رقم 1111114صادر في 13من ربيع األول 1347الموافق ل 12فبراير 7111بتنفيذ القانون رقم
41112القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك ،و المنشور بالجريدة الرسمية عدد 4.47بتاريخ 4جمادى األولى 1347
الموافق ل 2أبريل ،7111ص .1127
_321المادة 71و المادة 77من القانون .41112
_322ينص الفصل 112من القانون الجنائي " :الفعل الواحد الذي يقبل أوصافا متعددة يجب أن يوصف بأشدها ".
_ 323عبد الحق مغار ،المسؤولية الجنائية لموثقي المحررات الرسمية ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في العلوم الجنائية ،كلية
العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية مراكش ،جامعة القاضي عياض ،الموسم الجامعي ،ص .29
_324جاء التأكيد في الفقرة الثانية من المادة 111من القانون 72112على التعدد المعنوي لوصف فعل السمسرة ،وذلك
عن إن وجود مقتضى زجري أشد من جهة العقوبة من ما هو منصوص عليه في هذه الفقرة و التي تقول ،على أنه " :
116
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
تتحمله نظ ار لضيق التفسير كقاعدة أساسية جنائية ،وكذلك لكون طبيعة الجرم المرتكب من
العدل أو الموثق ليس فيه جوهره مساس بالغير أكثر من مساسه بالمهن و حرمتها و ما
افرده المشرع المغربي من حماية زجرية لكل من يخالف أحكام وطرق اإلشهار المحددة،
والتي ال تشكل إشها ار كاذبا أو إشها ار مقارنا وفق أحكام المادتين 71و 77من القانون
،41112لنجد باألساس تناقضا في نطاق تطبيق هذا القانون وفقا لمادته األولى التي تتحدد
في إعالم المستهلك المستفيد من الخدمات ذات الطبيعة االستهالكية و شروط إشهارها ،التي
ال نجد لها توافقا و العمل التوثيقي الممارس من الموثق و العدل عند إشهاره لهذه الخدمة
بشكل غير قانوني يستدعي الزجر و تطبيق نصوص قانون المهن التوثيقية من القاضي
الجنائي على المخالفين ذوي الصفة.
الفقرة الثانية :خصوصية الجزاء المطبق على أشخاص المهن القانونية و القضائية
يأتي تطرقنا لصنف اإلجرام المتصل بالمحررات الرسمية الصادرة عن أشخاص المهن
القانونية والقضائية موضوع دراستنا دون غيره من الجرائم األخرى ،كصنف جرائم األموال
المعروضة أكثر على القضاء الزجري ،نظ ار لخصوصية هذا النوع ومدى خطورته على
األمن التعاقدي لألطراف من جهة المهن التوثيقية و أيضا المحرر ثابت التاريخ المحرر من
طرف المحامي المقبول للترافع أمام محكمة النقض ،وكذلك ما يصدر عن المفوض القضائي
من محررات ذات االتصال بعمليات التبليغ والتنفيذ و ما منحه قانونه المهني من صالحيات
المتأرجحة بين الرسمية و العرفية.
و تجدر اإلشارة إلى أن كل ما سيأتي بيانه جاء بالدراسة والتحليل لكل من الركن
القانوني و الركن المادي لجريمة التزوير الواقعة على المحررات التي يأتيها كل من أشخاص
يعاقب المحامي الذي ثبت عليه القيام بنفس الفعل ،بصفته فاعال أصليا أو مشاركا ،بالعقوبة نفسها ما لم تكن األفعال
معاقبا عليها بعقوبة أشد".
117
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
المهن القانونية والقضائية موضوع دراستنا ،إال أن التأكيد على الركن المعنوي لهذه الجريمة
المعتبرة في حكم الجرائم العمدية ،والتي تستوجب على مرتكبها توافر القصد الجنائي والنية
اإلجرامية ،األمر الذي يترتب عنه تغير الحقيقة الذي يختلف في كونه ضرر مادي أو
معنوي (أوال).
أما من جهة الجزاء الجنائي المتصل اإلجراءات الجنائية ذات الصلة بمبادئ و أسس
و الذي قد يطبق على المحامي كجزء من أسرة القضاء و المنخرط 325
المحاكمة العادلة
ضمن منظومة المهن القانونية والقضائية و ما اتصل به كأثر متمثل في الجزاء اإلجرائي،
دون باقي المهن األخرى نظ ار لطبيعة المهام التي يأتيها ،فالمالحظ أن المشرع المغربي
استعمل أسلوب اإلحالة على الجزاء الجنائي الوارد في القانون الجنائي أساسا ،كما هو الحال
بالنسبة لجرائم اإلخالل بسير الجلسات أو إفشاء السر المهني جرائم الجلسات أو كان مرجعا
لإلحالة على نص القانون الجنائي كما هو الحال بالنسبة إلفشاء للسر المهني (ثانيا)
لم يدع المشرع المغربي أي مجال للشك بخصوص التشديد من معاقبة كل من سولت
له نفسه من أشخاص المهن القانونية والقضائية في حالة إتيانهم لفعل مجرم أال وهو
المتصل بمحرر رسمي أو عرفي لما فيه من مساس بالثقة العامة ،وأيضا لما فيه 326
التزوير
من مساس بهذه المحررات الصادرة عنهم و إخفاء للحقيقة عمدا لغرض الخداع بوقائع كاذبة
_325أكد دستور 7.يوليو 7111على الرقي بضمانات المحاكمة العادلة لما في ذلك من توفير ألهم الضمانات
األساسية لجميع أطرافها بحفظ سرية المتابعة و إجراءاتها الجنائية في كل مراحلها مع إلزام أطرافها بذلك ،و أيضا بحفظ
هيبة القضاء و مراعاة النظم حسن سير الجلسات الجنائية ،من قبل المحامي موضوع دراستنا كسائر أطراف الخصومة
الجنائية ،و احتراما لمبدأ قرينة البراءة.
_326عرف المشرع المغربي جريمة التزوير في الفصل 441من القانون الجنائي بأنه " :تزوير األوراق هو تغيير الحقيقة
فيها بسوء نية ،تغيي ار من شأنه أن يسبب ضر ار متى وقع في محرر بإحدى الوسائل المنصوص عليها في القانون".
118
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
وفقا لما نص عليه ظهير القانون الجنائي ،هذا األمر الذي 327
و غير صحيحة تجاه الغير
يشكل ميزة أساسية لنا على الخصوص أثناء التطرق لسياسة التجريم والعقاب التي نهجها
المشرع المغربي تجاه المهن القانونية و القضائية األربعة موضوع دراستنا وما أفرده من
خصوصية موحدة أثناء التجريم و العقاب في هذه الجريمة على الخصوص ،وهذا راجع
لكونه منح صالحية التحرير لهم جميعا مع اختالف الغاية والمهمة المنوطة بكل مهنة على
حدى ،و هذا مراعاة لخصوصية التنظيم من جهة و لتوحيد القاعدة الجنائية الموضوعية
المتعلقة بالتزوير.328
و لم ينتظر المشرع المغربي كثي ار لتوحيد التجريم و العقاب بين كل من الموثق والعدل
والمحامي و المفوض القضائي عند ارتكابهم لجريمة تزوير المحررات الرسمية الصادرة عنهم
إلى حدود سنة ،0.31و الذي جاء بالقانون رقم 11.3.القاضي بتغيير وتتميم مجموعة
ليؤكد على أن المحامي المقبول للترافع أما محكمة النقض والمؤهل 329
القانون الجنائي
لتحرير العقود الثابتة التاريخ طبقا للمادة 2من مدونة الحقوق العينية ،330هو اآلخر داخل
في إطار التجريم والعقاب إلى جانب العدل والموثق و ذلك حسب الفصل 3-141من نفس
_327عبد الواحد العلمي ،شرح القانون الجنائي المغربي-القسم الخاص ،الطبعة الثامنة لسنة ،7119مطبعة النجاح
الجديدة-الدار البيضاء ،ص .193
_328واآلتي التنصيص على هذه الجرائم ضمن الفرع الثالث المتعلق بتزوير األوراق الرسمية و العرفية من الباب السادس
المتعلق بالتزوير والتزييف واالنتحال من الكتاب الثالث المحدد للجرائم و عقوبتها من مجموعة القانون الجنائي ،المتعلقة
بتزوير المحررات الرسمية أو العرفية موضوع دراستنا.
_329ظهير شريف رقم 111.133صادر في 3رجب 1331الموافق ل 11مارس 711.بتنفيذ القانون رقم 44112
القاضي بتتميم مجموعة القانون الجنائي ،و المنشور بالجريدة الرسمية عدد 9294المؤرخة في 12رجب 1331الموافق ل
74مارس ،711.ص .1917
_ 330تنص المادة السالفة الذكر على أن للمحامي المقبول للترافع أمام محكمة النقض صالحية تحرير العقود الثابتة التاريخ
بشأن جميع التصرفات ذات الصلة بنقل الملكية أو إنشاء الحقوق العينية األخرى أو نقلها أو تعديلها أو إسقاطها وفقا
للقانون إلى جانب الموثق و العدل –المحرر الرسمي ،-مع ضرورة إتباع مسطرة التوقيع و التأشير و التصحيح والتعريف
باإلمضاء وفقا لنص الفقرتين الثانية و الثالثة لنفس المادة 3من القانون .4.112
119
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
_331جاء الفصل 1-44.من ق.ج كمستجد حالي بموجب المادة الثانية من القانون المغير و المتمم لمجموعة القانون
الجنائي رقم 44112ليؤكد على أنه " :استثناءا من أحكام الفصل 442أعاله ،يعاقب بالعقوبات المقررة في الفصلين 447
و 444من هذا القانون ،كل محام مؤهل قانونا لتحرير العقود الثابتة التاريخ طبقا للمادة 3من القانون رقم 4.112المتعلق
بمدونة الحقوق العينية ،ارتكب أحد األفعال المنصوص عليها في الفصلين المذكورين".
_ 332يأتي التمييز بين التزوير المادي و المعنوي ،على أن األول يقصد به تغيير الحقيقة في محرر قائم فعال عن طريق
الحذف لبنوده أو بالمحو أو الكشط أو تعديل بعض البنود باإلضافة أو بزيادة الكتابة لم يتضمنها المحرر عند تحريره سابقا،
و أيضا عن طريق خلق محرر لم يكن موجودا من قبل بالمرة و نسبة ما جاء به إلى الغير.
أما الثاني فهو تغيير الحقيقة بسوء نية و اآلتية في جوهر المحرر أو المتصلة بظروف تحريره ،عن طريق تضمين الموثق
أو العدل أو المحامي أو الموظف العمومي أو القاضي التفاقات تخالف ما اتفق عليه ،أو أماله األطراف عليه ،أو بتأكيد
وقائع يعلم على أنها غير صحيحة أو بإدالئه لما يخالف الواقع عن كذب لما حصل أمامه في حين أنه لم يقع ،أو بغيير
عمدي في التصريحات التي يتلقاها.
عبد الواحد العلمي ،القسم الخاص ،م.س ،ص .127
_333تم التأكيد بموجب الفصل 441من ق.ج أن الضرر هو من العناصر األساسية لقيام جريمة التزوير في المحررات
الرسمية إلى جانب الوسائل المادية التي هي نفسها المؤكدة على الركنين المادي و المعنوي لهذه الجريمة ،و هو ما أكده
قضاء المجلس األعلى -محكمة النقض حاليا -في أحد ق ارراته المؤكدة على أن كل جرائم التزوير و النصب و خيانة
األمانة ال تتم عناصرها إال بحدوث الضرر.
قرار صادر هن المجلس األعلى بتاريخ 1.22/4/1تحت عدد 234في الملف عدد ،31.11منشور :محمد بلفقير،
مجموعة القانون الجنائي و العمل القضائي المغربي ،الطبعة الرابعة ،لسنة ،7112مطبعة النجاح الجديدة-الدار البيضاء،
ص.719
ليتأكد سير محكمة النقض على نفس التوجه و بشكل أوضح ،حيث جاء في قرار لها أنه " :ليس من الضروري في جريمة
التزوير أن يحصل الضرر فعال بل يكفي أن يكون من شأن التزوير أن يسبب ضر ار "..
قرار صادر عن محكمة النقض بتاريخ 7114/1./1.عدد 9.1في الملف الجنحي عدد 14/3/9/9314منشور بنفس
مؤلف المرجع السابق المشار له في هذه اإلحالة ،ص .712
_334أي كل القاضي أو الموظف العمومي أو الموثق أو العدل دون المحامي المترافع أمام محكمة النقض.
120
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
التاريخ داخلة في نطاق الفصل 14.من مجموعة القانون الجنائي المتعلق بتزوير المحرر
العرفي.335
و من جانب العقوبة فقد عمد المشرع المغربي على التخفيض من العقوبة السجنية ذات
الحد الواحد -المؤبد -اآلتي التنصيص عليها في كل من الفصلين 140و 141من
مجموعة القانون الجنائي ،لكنه احتفظ بالتوحيد بالنسبة للعقوبة لكال الفصلين ،بعقوبة سجنية
ذات حدين بين عشر إلى عشرين سنة و غرامة مالية بين 3......إلى 0......درهم،
و هذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن كل مساس بالمحرر الرسمي أو الثابت التاريخ
من جهة محرره وفقا للعناصر التكوينية المحددة لهذه الجريمة و بالطرق المحددة في
الفصلين السالفي الذكر ،336ال يجب التساهل معه في العقاب علبه بالرغم من النزول عن
الحد األقصى السابق.
_335أكد الفصل 442من ق.ج على أنه " :من ارتكب بإحدى الوسائل المشار إليها في الفصل 443تزوي ار في محرر
عرفي ،أو حاول ذلك ،يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات و غرامة من مائتين و خمسين إلى ألفي درهم.
و يجوز عالوة على ذلك ،أن يحكم عليه بالحرمان من واحد أو أكثر من الحقوق المشار إليها في الفصل 31و بالمنع من
اإلقامة مدة ال تزيد على خمس سنوات".
_336حيث تتحدد طرق التزوير المادي الواردة في الفصل 447من ق.ج في :
-1وضع توقيعات مزورة.
-7تغيير المحرر أو الكتابة أو التوقيع.
-4وضع أشخاص-وهميين -وفقا للتعديل الجديد بدل مصطلح –موهومين ،-أو استبدال أشخاص بآخرين.
-3كتابة إضافية أو مقحمة في السجالت أو المحررات العمومية بعد تمام تحريرها أو اختتامها.
أما بالنسبة لطرق التزوير المعنوي الواردة في الفصل 444من نفس القانون فهي محددة في:
-1كتابة المحامي أو الموثق أو العدل و الفاعلين اآلخرين المحددين حصرا ،التفاقات تخالف ما رسمه أو أماله األطراف
المعينون.
-7بإثبات صحة وقائع يعلم الفاعل أنها غير صحيحة.
-4بإثبات الفاعل لوقائع على أنها اعترف بها لديه أو حدثت أمامه بالرغم من عدم حصول ذلك.
-3بحذف أو تغيير عمدي في التصريحات المتلقاة.
للمزيد من التوضيح بخصوص صور كل من التزوير المادي و المعنوي راجع :عبد الواحد العلمي ،القسم الخاص ،م.س،
الصفحات من 127إلى .121
121
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
هذا دون ما نص عليه الفصل 142من نفس القانون الخاص أيضا بتزوير المحررات
الرسمية أو العمومية و المرتكب من قبل الغير ،337و دون من أشير لهم حصر في السابق،
حيث جاء بتحديد العقوبة بين عشر إلى عشرين سنة سجنا أيضا و هو نفس التحديد الذي
جاء به مستجد القانون 11.3.بالنسبة للعقوبة السجنية دون المالية ،و هذه الجريمة التي قد
يأتي على ارتكابها المفوض القضائي كذلك ،لما له من صالحية محددة بموجب قانون
المهنة و ذلك من تحرير لمحاضر ذات صلة بكافة العمليات المنجزة من قبله.
_337و المحددة طرق التزوير الواردة في نص الفصل 443من القانون الجنائي ،التي نجذ أن منها ما هو مادي و منها ما
هو معنوي ،في كل محرر رسمي أو عمومي ،أو عرفي أو تجاري أو بنكي-إحالة الفصول 442و 442من ق.ج على
هذه الصور أيضا ،-و هي:
-1فعل التزييف أو التحريف في الكتابة أو التوقيع(.التزوير المادي)
-7اصطناع اتفاقات أو تضمينات أو التزامات أو إبراء أو إضافتها في تلك المحررات بعد تحريرها( .التزوير المادي)
-4إضافة أو حذف أو تحريف الشروط أو التصريحات أو الوقائع التي خصصت تلك المحررات إلثباتها أو اإلدالء بها.
(تزوير مادي و معنوي)
-3خلق أشخاص وهميين أو استبدال أشخاص بآخرين( .تزوير مادي و معنوي).
للتوسع راجع :عبد الواحد العلمي ،القسم الخاص ،ص من 127إلى .122
_338قرار صادر عن محكمة النقض عدد 322/1في الملف جنائي رقم 7114/3.92المؤرخ في 71مايو ،7113
والمنشور بسلسلة إصدارات المكتب الفني لمحكمة النقض" ،مهنة المفوض القضائي في ضوء ق اررات محكمة النقض" ،العدد
الخامس ،لسنة ،7112مطبعة األمنية-الرباط ،ص .747
و أيضا تم نشره :بسلسلة فقه القضاء الجنائي ،منشورات مجلة العلوم القانونية ،بعنوان ":المنازعات الجنائية على ضوء
المستجدات التشريعية و االجتهادات القضائية" ،العدد األول ،لسنة ،7114مطبعة األمنية-الرباط ،توزيع مكتبة الرشاد-
سطات ،ص .31.
لكن مع تناقض سنة القرار لألمانة وفق اآلتي :القرار عدد 322/1المؤرخ في ،7113/14/71في الملف الجنحي عدد
.7113/3.92
122
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
القانون الجنائي و ليس الفصل 140من نفس القانون حسب حيثيات القرار بعد قيام محكمة
بإعادة التكييف وفقا للقانون ،340و الذي أدى 339
الموضوع التي هي المحكمة العسكرية
بموجبه إلى تغييب الرسمية عن المحرر المنجز من قبل هذا األخير و معه فساد أساسه
القانوني المعتمد الختالف الطرق المحددة في الفصلين 140و 142من نفس القانون لعدم
بحث األخيرة عن العناصر التكوينية المشكلة لزورية المحرر وفق الفصل .142
هذا الخلط الواقع لهذه األخيرة وفقا لحيثيات القرار أجابت عنه محكمة النقض بقاعدة
فريدة مفادها " ..أن ه ال يجب الخلط بين حجية المحرر الذي ينجزه المفوض القضائي التي
يمكن أن تضفيها عليه محكمة الموضوع التي تنظر في النزاع المعني به ،وبين دراسة مدى
توفر عناصر التزوير المتابع به الذي يعرض على المحكمة الزجرية ،وما ذكر أدى إلى
اضطراب و غموض في تعليل المحكمة مما جعله ناقص التعليل الموازي النعدامه ،فضال
عن أنه ال ينتج منه أن المحكمة أبرزت كل العناصر القانونية للجناية موضوع اإلدانة".
مما يؤكد على أن المتابعة بموجب الفصل 142من القانون الجنائي هي األنسب
لصفة المفوض القضائي ،كمهنة حرة ال تناسب صفة الموظف العمومي من جهة ،وبالتالي
لم يكن ألساس الفصل 140من نفس القانون أي ارتكاز قانوني و الذي يوازي انعدام التعليل
القانوني ،لكون جناية التزوير في المحرر الرسمي غير مناسبة لفعل المفوض القضائي ،لكن
يبقى توجه محكمة الموضوع في هذا الجانب في محله بالرغم من نقض القرار النعدام
_339نظ ار لكون أحد المتهمين دركي ،و بالتالي تم نقل اختصاص النظر في جناية التزوير إلى المحكمة العسكرية ،وهذا
قبل إصدار القانون 3...31المتعلق بالقضاء العسكري ،بمثابة الظهير الشريف رقم 3.32.3.3الصادر في 33صفر
3218الموافق ل 3.ديسمبر ،0.32و المنشور بالجريدة الرسمية عدد 8100المؤرخ في 1ربيع األول 3218الموافق
لفاتح يناير ، 0.34كون المادة الرابعة منه تؤكد على عدم اختصاص المحكمة العسكرية للنظر في جرائم الحق العام
المرتكبة من قبل العسكريين أو شبه العسكريين سواء كانوا فاعلين أصليين أو مساهمين أو مشاركين.
_340تم التأكيد على هذه المكنة بموجب المادة 347من قانون المسطرة الجنائية ،حيث تم منح غرف الجنايات صالحية
تكييف األفعال المحالة عليها و أن تطبق عليها النصوص الجنائية المتالئمة مع نتيجة بحث القضية بالجلسة ،و هذا ما
فيه إال تأكي د على أنها هذه األخيرة ال ترتبط بتكييف الجرائم المحالة عليها من قضاة التحقيق أو من النيابة العامة.
123
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
التعليل بعدم البحث في العناصر التكوينية للفصل ،142و هذا راجع ليس فقط لعدمية صفة
وفقا لنص القرار المطعون فيه بالنقض ،و إنما 341
الموظف العمومي عن المفوض القضائي
إلضفاء الصبغة الرسمية على المحرر المنجز من قبل األخير.342
لكن تجدر اإلشارة على أن مسودة مشروع القانون الجنائي ،تداركت نقص إيراد
المفوضين القضائيين ضمن التحديد الوارد حص ار بموجب الفصلين 140و 141من القانون
الجنائي الحالي ،343و معه التأكيد بشكل قطعي بموجب القانون على رسمية المحررات
الصادرة عن المفوض القضائي.
و في األخير ال سعنا القول إال أن التأكيد على أن عناصر الركن المادي لجريمة
تزوير المحرر الرسمي ،344الذي يأتيها أحد أشخاص المهن القانونية و القضائية موضوع
دراستنا ،أي كل من المحامي و الموثق و العدل و المفوض القضائي ،تتحدد في عناصر
أساسية تتمثل:
شرط الصفة المتحقق لدى هذه المهن القانونية و القضائية ،مع األخد بعين -3
االعتبار الحصر الوارد في الفصلين 140و 141دون 142من القانون الجنائي؛
غاية تغيير الحقيقة الواردة في المحرر الرسمي؛ -0
_ 341بالرغم من أن األمر له ما يبرره و ما قد يخالفه في كون المهن القانونية و القضائية تكتسب صفة الموظف العمومي
بمفهوم القانون الجنائي ،األمر الذي سنأتي على تفصي له أثناء الحديث عن المسؤولية الجنائية ألشخاص المهن القانونية و
القضائية موضوع دراستنا في المطلب الثاني من هذا المبحث.
_ 342مما عرض القرار الصادر عن المحكمة العسكرية الدائمة للقوات المسلحة الملكية بالرباط للنقض و اإلبطال ،و إحالة
القضية و طالب النقض فيها على نفس المحكمة لتبت فيها من جديد طبقا للقانون في هذه النقطة األساسية و التي ستؤكد
على رسمية المفوض القضائي و بهيئة أخرى و تحميل الخزينة العامة المصاريف القضائية ،وفقا لمنطوق القرار.
_343مسودة القانون الجنائي رقم 11114المؤرخة بتاريخ 41مارس ،7114لالطالع عليها راجع موقع و ازرة العدل:
/https://www.justice.gov.maإطلع عليه بتاريخ 14 :يوليو .711.
_ 344إدريس الحياني و محمد هنوش" ،دروس مختصرة في القانون الجنائي الخاص المغربي" ،طبعة ،711.مكتبة
قرطبة-أكادير ،توزيع دار العرفان-أكادير ،ص 22و ما يليها.
124
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
ثانيا :تعلق الجزاء المسطري بنظيره الجنائي عند خرق المحامي لمبدأ سرية البحث و التحقيق
و سعيا من المشرع المغربي على للتأكيد على أن الحقوق و الحريات تصان بالمساطر
أكثر من قانون الموضوع ،فنجد أن ما له صلة بالجزاء الجنائي اآلتي التنصيص عليه في
قانون المسطرة الجنائية ،والذي قد يكون موضوع متابعة جنائية ضد المحامي باعتباره أحد
المهن القانونية و القضائية التي له مهمة المؤازرة و النيابة وتمثيل األطرف في القضايا
الزجرية في سائر مراحل الخصومة الجنائية سواء في مراحل ما قبل و أثناء وبعد المحاكمة،
باعتبارها مهنة حرة ومستقلة وأيضا بكونها جزء من أسرة القضاء ،فقد جاء التأكيد على أن
مرحلة الولوجية إلى المحاماة تتأتى بأداء القسم قبل التقييد في الئحة التمرين و الذي أكدته
المادة 30من قانون المهنة على الحفاظ على السر المهني ،346وأيضا فهذا ما أكده المادة
_ 345إن كتمان السر المهني واجب أخالقي قبل أن يكون واجبا قانونيا ،و لذلك تدخل المشرع المغربي لسن قوانين زجرية
تكفل الضمانات القانونية لحماية األسرار ،األمر الذي ينعكس إيجابا في حماية المجتمع برمته أشخاصا ومؤسسات.
للتوسع أكثر راجع :المكادي بنعيسى ،السر المهني لدى المحامي بين اإلفشاء الممنوع و اإلفشاء المباح ،مقالة منشورة
بمجلة المناظرة تصدر عن هيئة المحامين بوجدة ،عدد مزدوج ،71/1.شتنير ،7112ص 11و ما يليها.
_346حسب المادة 17من القانون 72112المنظم لمهنة المحاماة ،و من باب التذكير أن كافة المهن القانونية و القضائية
المنظمة بموجب القانون ،تطلب المشرع المغربي أداء القسم الخاص بكل مهنة على حدى ،كما هو الحال بالنسبة للموثقين
(المادة 14من القانون ،)4711.العدول (المادة 11من القانون ،)19114المفوضين القضائيين(المادة 11من القانون
125
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
18كواجبات ملقاة عليه أساسا ،وعليه فال بد منه أن يحترم سرية جميع المساطر المتصلة
بالقضايا الزجرية ،347وأيضا المنع الصريح من نشر أي مستندات أو وثائق أو م ارسالت ،و
في كافة مراحل الخصومة 348
كذلك الحفاظ على كل المستخرجات المتصلة بموكليه
الجنائية.349
،)21114الخبراء القضائيون (المادة 12من القانون ،)34111التراجمة المقبولين لدى المحاكم(المادة 73من القانون
،)41111مهنة النساخة (المادة .من القانون ( ،)3.111المادة 3من المرسوم 71111324الصادر في 13سبتمبر
7111المتعلق بالنظام األساسي الخاص بكتابة الضبط.
_ 347تعد السرية إلى جانب التدوينية و الغيابية و الحرية في اإلثبات من الركائز التي يتأسس عليها النظام التنقيبي أو
التحقيقي باعتباره أحد األنظمة الجنائية ،و الذي تحتكر فيه الدولة مهمة القضاء الجنائي باألساس و احتكار الخصومة
الجنائية ،و هو عكس ما تبناه النظام اإلتهامي الذي يقوم على العلنية في جميع إجراءات الخصومة بين أطرافها ،أي
المتضرر من المجني عليه و الجاني ،المنحصرة عليهم زاوية الخصومة دون القضاء الذي له سلطة الفصل و تمحيص
اإلدعاءات ثم اعمال القانون الجنائي في حق من نقصت حججه ،وفقا لمسطرة شفاهية و حضورية ،و من المآخذ التي
توجهت لهذا النظام المتعلق بالسرية هو إمكانية إتالف األدلة و إخفاءها نظ ار لعلنية كافة اإلجراءات تجاه الخصوم ،ليأتي
بعد ذلك نظام يزاوج بين النظامين سمي بالمختلط و هو ما تبناه المشرع المغربي بموجب قانون المسطرة الجنائية ،و التي
يظهر من خالل مرحلتي البحث التمهيدي و التحقيق اإلعدادي (المادة 14من ق.م.ج) أن السرية هي المسيطرة على هذه
المرحلة ،مما أكد على سيطرة النظام التنقيبي عليه.
للتوسع أكثر راجع :عبد الواحد العلمي ،نفس المرجع السابق ،ص 94إلى .21
_348نص المادة 49من القانون .72112
_349و يرى بعض الفقه على أن من شروط التزام المحامي بمبدأ السرية ،كونها مشروعة و كذلك تجلب المصلحة للعميل
أثناء كتمان الواقعة أيضا ،إلى جانب أن القانون قد يضفى نطاقا يحصر بموجبه عدد األشخاص المخول لهم اإلطالع على
ما خفي على العموم.
للتوسع راجع :مصطفى أحمد عبد الجواد حجازي ،التزام المحامي بالحفاظ على أسرار العميل-دراسة فقهية قضائية مقارنة
في القانون المصري و الفرنسي ،-طبعة ،7114دار النهضة العربية-القاهرة ،ص .34
و أيضا :عمر لحجوبي ،المسؤولية المدنية للمحامي في التشريع المغربي ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة-شعبة
القانون الخاص وحدة التكوين و البحث في القانون المدني ،كلية العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية مراكش،
جامعة القاضي عياض ،السنة الجامعية ،7114/7117ص .111
و كذلك :حفيظ الصافي ،مسؤولية المحامي الجزء األول المسؤولية المدنية ،مطبعة الهداية-تطوان ،طبعة ،7117ص
.99
126
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
وقد رتب المشرع المغربي جزاءا جنائيا محاال عليه بموجب قانون المسطرة الجنائية إلى
مجموعة القانون الجنائي ،و ذلك في حالة مخالفة مبدأ السرية لكل شخص مساهم في
التحري عن الجريمة و معاينتها ،350كما هو الحال الشأن بالنسبة للمحامي باعتباره متدخال
أساسيا لضمان حق الدفاع ،لكن األمر قد يطرح جملة من اإلشكاالت إبان تفعيل هذا الجزاء
و الذي قد ال ينسجم و منطق تحريك الدعوى العمومية ضد المدافع نفسه (أي المحامي)،351
عن من هو في حكم المتابعة الجنائية من قبل النيابة العامة(المتهم) بمنطق المؤازرة ،أو
كذلك النيابة عن الطرف المدني.
127
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
و من المعلوم أن المشرع المغربي رتب جزاءات صريح ذات طبيعة مسطرية في هذا
القانون ،والتي تختلف حسب نوع هذه اإلجراءات وطبيعتها وأيضا آثارها القانونية ،حيث
وجزاء عدم 356
عمل الفقه الجنائي355إلى تقسيمها ألربع جزاءا تتمثل في :جزاء البطالن
القبول357و جزاء السقوط358و جزاء االنعدام ،359و أما جهة أخرى تتصل بدراستنا فقد أوجد
المشرع المغربي كذلك جزاءات ذات طبيعة موضوعية يمكن ترتيبها عند خرق القواعد
المسطرية ،و التي قد تتخذ شكل الجزاء الجنائي أو المدني أو اإلداري،360كما هو الحال
بالنسبة لخرق مبدأ السرية من كل المتدخلين في مرحلتي البحث و التحقيق ،وعاقب على كل
من يخالفه بعقوبة حبسية من شهر إلى ستة أشهر وغرامة من ألف ومائتين إلى عشرين ألف
_ 355عبد الواحد العلمي ،شروح في القانون الجديد المتعلق بالمسطرة الجنائية-الجزء األول ،-الطبعة السابعة ،لسنة
،7112مطبعة النجاح الجديدة-الدار البيضاء ،ص .3.
_ 356يعتبر البطالن أهم إجراء إجرائي رتبه المشرع المغربي في حاالت خرق القواعد المسطرية الجنائية ،و ذلك تخلف
شروط قانونية أوجبها القانون لصحته ،و قد خص 43مادة به في هذا القانون.
للتوسع راجع :عبد الواحد العلمي ،م.س ،ص 3.و .44
_ 357بالنسبة لجزاء عدم القبول فهو نتاج غياب الشروط المستقلة عن الشروط التي أوجب القانون تحققها قبل اإلجراء نفسه
بالرغم من صحته ،و هو ما يترتب توقف األثر إلى حين استيفاء شروط صحة اإلجراء و المفروضة إلتخاذه .كما هو
الحال بالنسبة لقيود تحريك الدعوى العمومية ،مثاله قيد الشكاية في جرائم الشكايات :الفصول (3.1
432/477/444/321/32./ق.ج و الفصلين 412/419من مدونة التجارة).
عبد الواحد العلمي ،نفس المرجع السابق 91 ،و ما يليها
أحمد قيلش و آخرون ،الشرح العملي لقانون المسطرة الجنائية م،س ،ص 14.و .191
_ 358يتأسس السقوط كجزاء مسطري على الحرمان من مباشرة حق إجرائي معين ،نظ ار لغياب الشروط و الضوابط المتطلبة
قانونا لمباشرته بالرغم من خلوه من أي عيب مسطري ،و من األمثلة المقربة سقوط الحق في ممارسة الطعون لفوات األجل
الكامل المحدد لتقديمه.
للتوسع راجع :عبد الواحد العلمي ،نفس لمرجعه الوارد سابقا ،ص .97
_ 359يقصد باالنعدام هو كل إجراء تأسس على عيب جسيم لحقه ،و الذي يترتب عليه عدم الوجود الفتقاده ألحد عناصره
األساسية و المنزل منزلة عدم األخذ به و الغير المعترف به و لن يكون من المجدي عرضه على القضاء لتأكيد هذا
االنعدام ،و مثاله إصدار قضاء الحكم لمقرر باإلدانة أو البراءة بالرغم من وفاة المتهم.
عبد الواحد العلمي ،نفس المرجع السابق ،ص .93
_360عبد الواحد العلمي ،نفس المرجع أعاله ،ص 93و ما يليها.
128
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
_361نصت الفقرة األولى من الفصل 339من ق.ج .. " : .و كل شخص يعتبر من األمناء على األسرار ،بحكم مهنته
أو وظيفته ،الدائمة أو المؤقتة ،إذا أفشى س ار أودع لديه ،و ذلك في غير األحوال التي يجيز فيها القانون أو يوجب عليه
التبليغ عنه ،يعاقب بالحبس من شهر إلى ستة أشهر و غرامة من ألف و مائتين إلى عشرين ألف".. .
_362قرار صادر عن المجلس األعلى -محكمة النقض حاليا -المؤرخ في 7112/12/7.تحت عدد 214/1في الملف
رقم ،13442/12المنشور :محمد بلفقير ،م.س ،ص .729
_ 363و في ذلك أيضا ذهبت أغلب التشريعات العربية و من بينها المشرع السعودي فيما اتصل بدور المحامي في الدعاوى
الجنائية ،في نظام اإلجراءات الجنائية.
للتوسع راجع :سليمان بن عبد العزيز الغزي ،المركز القانوني للمحامي في النظام السعودي-دراسة تأصيلية مقارنة
تطبيقية ،-أطروحة مقدمة استكماال لمتطلبات الحصول على درجة دكتوراه الفلسفة في العلوم األمنية ،كلية الدراسات العليا-
قسم العدالة الجنائية ،جامعة نايف العربية للعلوم األمنية-الرياض ،لسنة ،7112ص .773
_364المادتين 99و 21منق.م.ج ،المؤكدة على مكنة تمتيع المشتبه من ضمانة االتصال بمحاميه أثناء الوضع في
الحراسة النظرية من طرف ضابط الشرطة القضائية العادي.
129
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
لكن األمر يختلف بالنسبة لمرحلة التحقيق اإلعدادي ،365حيث أن المركز القانوني
للمحامي تقوى شيئا ما ،و ذلك لما أكده المشرع المغربي على وجوب استحضار عديد
الضمانات القانونية المتصلة بحق الدفاع في حالة استعانة المتهم أو الطرف المدني
بمحاميهما ،366بالرغم من عدم إلزامية حضور هذا األخير قانونا ،367و الذي نجد فيه تشابها
مع النطاق السابق الذكر المتعلق بالبحث التمهيدي في هذه النقطة.
_365أقر المشرع المغربي عند افتتاحه للقسم الثالث من الكتاب األول من قانون المسطرة الجنائية ،في الباب األول منه
المعنون باألحكام العامة ،على أن التحقيق يتأرجح بين اإللزامية و االختيارية ،حيث نصت المادة 24منه أن اإللزامية
محددة في الجنايات المعاقبة عليها باإلعدام و السجن المؤبد و أيضا المحددة أمد الجناية في 41سنة كحد أقصى لحدي
العقوبة ،و في جنايات األحداث ،و في الجنح بنص خاص بالرغم من عدم وجودها ،لكون آخر مقتضى خاص ينص على
إلزامية التحقيق في الجنح هو نص المادة 142من القانون 47114المتعلق بمدونة السير المنشور بالجريدة الرسمية عدد
4273بتاريخ 74مارس ،7111ص ،7192و ذلك في حوادث السير المميتة ،والذي عدل بموجب القانون 119113
المنشور بالجريدة الرسمية عدد ،93.1بتاريخ 11غشت ،7119ص ،4294و معه لم تعد اإللزامية في التحقيق في
الجنح بأي نص خاص.
أما في نطاق االختيارية في التحقيق فإن نص المادة 24دائما من ق.م.ج ،يكون فيما عدا ذلك من الجنايات و في جنح
األحداث و في الجنح التي يصل الحد األقصى للعقوبة المقررة 4سنوات أو أكثر.
و في كال الحالتين فالتحقيق يتوقف على ملتمس النيابة العامة وفقا للمادة 23من نفس القانون ،حتى في الشكاية المباشرة
وفقا للمادة ..4
_ 366إن تقوية المركز القانوني لحضور المحامي في مرحلة التحقيق اإلعدادي بدرجة أكثر من مرحلة البحث والتحري أما
الضابطة القضائية و النيابة العامة ،راجع أيضا لكون غاية المشرع حين تتابع مراحل الدعوى العمومية ،قد ألزم حضور
المحامي في حاالت محددة عند اإلحالة على قضاء الحكم الذي يتصف بعلنية الجلسات كمبدأ معاكس لمراحل ما قبل
المحاكمة ،و قد أكدت المادة 419من ق.م.ج أن مؤازرة المحامي تكون إلزامية في الجنايات أمام غرفة الجنايات ،وأيضا
في جنح محددة هي :جنح األحداث و جنح المتهمين المصابون بعاهات قد تخل بحقوق الدفاع و كذلك في حاالت الصم
أو البكم أو العمى ،و في األحوال التي يكون فيها المتهم معرضا لإلبعاد ،و أيضا حالة الفقرة 3من المادة 417من نفس
القانون المتعلقة بحالة تدهور الحالة الصحية للمتهم لدرجة ل تسمح له بالحضور ليوم الجلسة ،و تاله وجود أسباب خطيرة
ال تسمح بتأجيل القضي ة فإن المؤازرة تكون إلزامية عند ارتكاب هذا المتهم لجنحة ،و عليه فإن حضور المحامي يكون
إلزاميا للجلسة التنقلية التي يستنطق فيه األخير من قبل قاض تعينه المحكمة يساعده كاتب الضبط بمقتضى مقرر معلل.
إلى درجة أن حاالت اإللزامية تؤكد أنه يتعين على رئيس الجلسة في حالة تخلف محامي المتهم عن حضور المناقشات أو
رفض القيام بمهمته أو وضع حدا لها ،و كذلك في حالة عدم تعيينه ،أن يعينه له.
أما حاالت االختيارية في تنصيب الدفاع فتكون فيما دون ذلك في سائر مراحل المسطرة ،حيث يحق للمتهم أن يتصل
بمحاميه ،و أيضا لدفاعه حق االطالع عل ى الملف و الحصول على نسخ من وثائق الملف على نفقته ،و هذا راجع لعلنية
الجلسات ،عكس السرية المتصلة بالتحقيق ،حيث لم توضح المادة 14.في الفقرتين 4و 3إمكانية تصوير وثائق ملف
130
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
التحقيق ،مما طرح إشكاال عمليا بشأن سرية ملف التحقيق ضد المحامي ،الذي سبق لنا معالجته و تناوله في إحدى
الهوامش السابقة ضمن نفس هذه الفقرة.
_367حيث أكدت المادة 143من ق.م.ج على حضور المحامي عند استنطاق قاضي التحقيق للمتهم و في عند مواجهته
مع الغير ،و هذا عند قيام األخير بإشعار المتهم بحقه في اختيار محامي محدد ،أو يعينه هو بناءا على طلبه ،مما يتأكد
أن إلزامية تنصيب المحامي غير واردة ،و في حالة تعيينه أو حضوره فيحق له حضور االستنطاق األولي و التفصيلي ،و
هو ما أكده قضاء محكمة النقض في أحد ق ارراته الرائدة ،بخصوص ضرورة إشعار قاضي التحقيق المتهم بالضمانات
القانونية المؤكدة وفقا لنص المادة ،و من بينها إشعاره بحقه في اختيار محام أو يعينه هو بناءا على طلب المتهم ،و ذلك
تحت طائلة بطالن أإلجراء و اإلجراءات الموالية.
قرار صادر عن المجلس األعلى-محكمة النقض حاليا -بتاريخ 24/4/19عدد 3344في الملف عدد ،29219منشور:
محمد بلفقير ،م.س ،ص .172
مع ما تم تأكيده أيضا من وجوبية نصية لنفس المادة على قاضي التحقيق باالستجابة لطلب المحامي الرامي إلى إخضاع
المتهم السابق وضعه رهن تدابير الحراسة النظرية لفحص طبي.
أما بالنسبة لمنع قاضي التحقيق اتصال المتهم مع الغير الوارد في المادة 149لمدة 11أيام ،فهو ال يسري على المحامي
كقيد خاص ،و إنما تبقى حرية االتصال هي األصل و في جميع الجرائم بدون استثناء.
ليتأكد كذلك لنا بموجب المادة 14.من نفيس القانون أنه عند تعيين تمتيع المتهم بضمانة حضور المحامي معه ،فال
يجوز استنطاقه إال بحضوره و استدعائه بيومين على األقل لتاريخ جلسة التحقيق ،ما لم يتم إشعار المحامي بتاريخها في
الجلسة السابقة و بعد إثبات األمر في محضر الجلسة ،و قد أكد قرار آخر لمحكمة النقض على ضرورة احترام آجل
االستدعاء تحت طائلة بطالن هذا اإلجراء و ما يليه من إجراءات.
قرار صادر عن المجلس األعلى-محكمة النقض حاليا -المؤرخ في 21/17/73تحت عدد ،124المنشور :محمد بلفقير،
م.س ،ص .141
كما ال يجوز مواجهة المتهم و الطرف المدني إال عند حضور دفاعهما ما لم يتنازال عنه ،و كذلك أوجبت نفس المادة على
وضع ملف القضية رهن إشارة محامي المتهم و محامي الطرف المدني ،قبل كل استنطاق أو استماع بيوم واحد على
األقل ،لكن اإلشكال المثار هو أحقية المحامي من تصوير وثائق ملف التحقيق ،حيث أكد قضاء المجلس األعلى-محكمة
النقض حاليا -على أن القانون سمح لألطراف أو دفاعهم حق اإلطالع على ملف القضية و ليس تصوير وثائقه ،قرار
صادر بتاريخ 11/12/12تحت عدد 41212في الملف الجنحي عدد ،129942منشور بمجلة قضاء المجلس األعلى
عدد 92ص 444و ما يليها ،و أيضا لدى :محمد بلفقير ،م.س ،ص .141
لكن ما جرى به عمليا أن ما يسمح بتصويره من طرف قضاة التحقيق بالمملكة لفائدة المحامين هو محاضر الضابطة
القضائية ،دون ما يصاحب عمليات التحقيق اإلعدادي إلى حين إصدار األمر بانتهاء التحقيق ،و هنا يطرح إشكال كون
الدفاع طرفا في كافة إجراءات البحث و التحقيق ،حين االستعانة به ،و بالتالي ال يمكن مواجهته بسرية وثائق التحقيق
واجراءاته ،مما يقتضي معه األمر منح هامش أكبر للتعاون بين مكونات العدالة ،حيث أن المادة 1من قانون المهنة تؤكد
على اعتبار المحامي جزءا من أسرة القضاء.
لكن األمر كل ما منحه المشرع المغري من ضمانات متصلة بحق الدفاع للمتهم أو الطرف المدني يتوقف على نص المادة
131التي أكدت بأداة النفي ،أنه ال يمكن للمحامي أن يتناول الكلمة إال بإذن من قاضي التحقيق و فقط لتوجيه األسئلة في
131
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
ليطرح التساؤل حول مواجهة قاضي التحقيق لمحامي المتهم أو الطرف المدني بمبدأ
سرية التحقيق و حرمانه من الحضور لجلسات التحقيق ،و هل منح المشرع المغربي لقاضي
التحقيق هذه الصالحية أم قيدها ،و ما هو الجزاء الذي قد يترتب عن ذلك ؟
ليأتي الجواب على أن المحامي ملزم بكتمان السر المهني وفقا لقانون المهنة ،368وقد
رتب المشرع جزاءا جنائيا عند مخالفة األخير له كما سبقت اإلشارة ،و أيضا لكونه ضمانة
و أيضا بموجب قانون المسطرة 369
قانونية من ضمانات المحاكمة العادلة المؤكدة دستوريا
الجنائية خصوصا مرحلة التحقيق اإلعدادي ،وخير ما نستند عليه ما أكده قضاء الموضوع
حيث نص القرار الصادر عن الغرفة اإلستعجالية بمحكمة االستئناف بالرباط في الملف عدد
1/0../83بتاريخ ،0.../.3/02أن المشرع المغربي جعل سرية التحقيق جزءا من السر
المهني ،و هو األمر الذي يمتد إلى كل ما سمعه المحامي أو أقره أو شاهده أو عاينه خالل
مزاولته لمهنته.370
سائر مراحل اإلستنطاق أو االستماع أو المواجهة ،و إن رفض األخير ذلك فما للدفاع فيسجل بحضر التحقيق أو يرفق
نص تساؤالته لهذا المحضر ،لتضح مدى محدودية دور الدفاع في مرحلة التحقيق بشكل ال يدع أي مجال للشك في تبني
هذا التوجه من طرفنا.
_368إن اإللتزام بالسرية واجب تفرضه اإللتزامات األخالقية و أعرافها الملقاة على الكل المنتسبين للمهنة المحاماة ،وذلك
ألن أصول المهنة و تقاليدها تحتم على المحامي عدم خيانة ثقة موكليه من خالل الحفاظ على كافة المعامالت والوثائق
التي يتوصل بها لغاية توضيح مالبسات القضايا التي ينوب فيها أو يؤازر.
للتوسع راجع :نور الدين الناصري ،اإللتزام بالسر المهني ( األطباء ،المحامون ،الموظفون ،العموميون) مقالة منشورة بمجلة
الملف ،العدد الخامس ،يناير ،7114ص .117
و أيضا :الحسين صبير ،المسؤولية المدنية للمحامي ،كلية العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية أكادير ،رسالة لنيل
دبلوم الماستر في القانون المدني المعمق ،جامعة ابن زهر ،السنة الجامعية ،7112/7119ص .97
_369وفقا للفصل 171الذي أكد في فقرته الثانية أن .. " :حقوق الدفاع مضمونة أمام جميع المحاكم".
_370قرار عدد 44صادر عن الغرفة اإلستعجالية بمحكمة االستئناف بالرباط ،بتاريخ 7112/12/73في الملف عدد
،4/711/92المنشور :نور الدين التائبو ،قانون مهنة المحاماة و العمل القضائي على ضوء التعديالت الجديدة ،م.س،
ص.99
132
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
أما من جهة الجزاء المترتب في حالة استبعاد دفاع المتهم أو الطرف المدني من
جلسات التحقيق ،يبقى منافيا لما أكدته المادة 32.من قانون المسطرة الجنائية ،بالرغم من
عدم وضوحية هذه المادة ،حيث تصدت محكمة النقض لقرار صادر عن الغرفة الجنحية
القاضي بتأييد قرار قاضي التحقيق بعدم جواز حضور محامي المطالبة بالحق المدني
لجلسات استنطاق المتهمين تفصيليا ،و أن األمر يخالف نص المادة السالفة الذكر ،مما
يستتبع معه بطالن محاضر تلك اإلستنطاقات المنجزة في غياب دفاعها.372
و هذا ما فيه إال تأكيد على أن ما سبق لنا تناوله بخصوص الجزاء الجنائي المحتمل
تطبيقه على المحامي عند مخالفة لمبدأ السرية ،قد راعى بخصوصه المشرع المغربي
من جهة ،و كذلك باعتبار المحامي ضمانة قانونية للدفاع وما 373
استحضار حصانة الدفاع
له من دور في هذا الجانب من جهة أخرى ،و معه قد ال يحتمل تطبيق الجزاء الجنائي عليه
لوجود جزاء مسطري سابق باألساس ،إال في حالة اإلخالل الخطير الذي قد يشكله إفشاء
المحامي لسرية مرحلتي البحث و التحقيق معا ،و أن حصر حالة إفشاء سر اإلجراءات
_371قرار صادر عن المجلس األعلى-محكمة النقض حاليا -بتاريخ 74/4/14تحت عدد 4443في الملف عدد
،11412/13المنشور :محمد بلفقير ،م.س ،ص .141
_372قرار صادر عن المجلس األعلى-محكمة النقض حاليا -بتاريخ 1./7/74تحت عدد 17/717في الملف عدد
،2.17/19و المنشور عند :محمد بلفقير ،م.س ،ص .141
_373المادة 42من القانون المنظم للمحاماة ،التي سنأتي على دراستها عند الحديث عن جرائم الجلسات في الحقا.
133
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
المسطرية تكون عند إفشاء األسرار لكل شخص ال صلة له بعمل البحث والتحقيق على وجه
التحديد.374
إن فكرة المسؤولية الجنائية من المنطلق العام ،تجد ارتباطها الوثيق بالعقوبة أو الجزاء
الجنائي حسب رأي بعض الفقه ،375حيث أن هذا األخير هو بمثابة األثر القانوني المترتب
عن ارتكاب الجريمة ،و معه يتأتى تحمل الفاعل للجزاء المفروض بنصية القاعدة القانونية
آخر أكد على أنه ال مجال لربط فكرتي 376
الجنائية بشكل متالزم و مؤكد ،إال توجها فقهيا
المسؤولية الجنائية و العقاب ، ،وهذا راجع لالختالف الجوهري الظاهر بشكل جلي بين
النظامين ،377حيث يأتي االختالف بين المسؤولية الجنائية و الجزاء الجنائي حسب هذا
التوجه الفقهي ،أن جوهر األولى تقوم على تأثيم إرادة الفاعل الذي اختار عن حرية إتيان
_ 374كما تجدر اإلشارة إلى أن األنظمة الداخلية لهيئات المحامين بالمغرب قد أكدت كذلك على التزام المحامي بسرية
التحقيق الجنائي و أن ال يفشي أي معلومة ذات اتصال باألمر ،وفقا للمادة 33من النظام الداخلي لهيئة المحامين لدى
محكمتي االستئناف بأكادير و العيون ،و المادة 4.من النظام الداخلي لهيئة المحامين بمراكش.
محمد بلهاشمي التسولي ،م.س ،ص .142
_375كل من الفقهاء " :استيفاني" و "شاركورودسكي" و "يافيج".
للتوسع أكثر راجع :عبد الواحد العلمي ،القسم العام ،م.س ،ص .474
_ 376لم يأتي التذكير برواد االتجاه الفقهي الثاني ،راجع :عبد الواحد العلمي ،القسم العام ،م.س ،ص .473
_377بالرغم من إق ارره-التوجه الفقهي الثاني -لما جاء به االتجاه الفقهي األول ،كون أن ارتكاب الجريمة هو شرط لقيام
مساءلة الفاعل جنائيا و توقيع العقاب ،و أن المسؤولية و الجزاء لهما نفس الغاية لمنع الجريمة و فرض احترام القانون
واالنضباط داخل المجتمع.
عبد الواحد العلمي ،القسم العام ،م.س ،ص .473
134
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
سلوك منع المشرع إتيانه ،عكس جوهر الجزاء الجنائي-العقوبة -الذي هو ليس إال مجرد
إجراء أو تدبير قهري مفروض تقوم المحكمة بتوقيعه في حق الفاعل،
لكن هذا االختالف بين التوجهين قد ال يجد صداه لكون المحكمة قد تقضي بالمساءلة
الجنائية لكن دون تطبيق للجزاء تطبق الجزاء.
أما من جهة المشرع المغربي فنجد أن له رؤية مؤيدة للتوجه الفقهي الثاني دون
ا ألول ،حيث أكد على التمييز بين المسؤولية الجنائية و العقوبة ،و قد جاء التأكيد الصريح
عند إق ارره لألعذار القانونية المعفية كليا أو جزئيا ،378و كذلك بتأكيد ضمني من حيث
التنظيم القانوني عن طريق الفصل بين نظام المسؤولية الجنائية من الفصول 310إلى
،32.وبين نظام العقوبة من الفصول 32إلى 8.من القانون الجنائي.
لكن األمر قد ال يجد اختالفا أثناء الحديث عن المسؤولية الجنائية المهنية ،التي يمكن
تعريفها أنها " :االلتزام القانوني الذي يحتوي على تحمل الممارس المهني للعقاب نتيجة إتيانه
لعمل أو امتناع يشكل جريمة وقت ممارسته الفعلية بموجب النصوص الجنائية المجرمة لهذا
الفعل و المتعددة المصادر" ،379و عليه فإن محاولة البحث عن خصوصية ،و طبيعة
وهل عمل المشرع الجنائي المغربي أثناء وضعه لإلطار المسؤولية الجنائية للمهنيين،
الجنائي الذي بموجبه تثار المسؤولية الجنائية لكل من المحامي و المفوض القضائي والعدل
و الموثق ،على إفراد خصوصية ذات طبيعة موضوعية ،أمام تنوع مصادر القاعدة الجنائية
المجرمة للسلوكيات الخارجة عن قواعد الضبط االجتماعي من قبل أشخاص المهن القانونية
_378حسب الفصول من 134إلى 134من ق.ج ،و عرف الفصل 134األعذار القانونية بقوله " :األعذار هي حاالت
محددة في القانون على سبيل الحصر ،يترتب عليها ،مع ثبوت الجريمة و قيام المسؤولية ،أن يتمتع المجرم إما بعدم
العقاب ،إذا كانت أعذا ار معفية ،و إما بتخفيض العقوبة‘ ،ذا كانت أعذا ار مخفضة".
_ 379نبيل فرحان حسين الشنطاوي ،المسؤولية القانونية الناتجة عن ممارسة المهن الحرة –دراسة مقارنة ،-أطروحة لنيل
درجة الدكتوراه في الحقوق وحدة قانون األعمال شعبة القانون الخاص ،كلية العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية
الدار البيضاء ،جامعة الحسن الثاني-عين الشق ،السنة الجامعية ،7113/7114ص .497
135
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
إن محاولة البحث عن مكامن خصوصية التنظيم القانوني المتصل بإثارة المسؤولية
الجنائية ألشخاص المهن القانونية و القضائية موضع دراستنا ،يقتضي العمل على تسليط
الضوء على بعض النقط األساسية التي تهم غاية بحثنا ،دون ما قد يتصل بالمبادئ العامة
األخرى المتصلة بالمسؤولية الجنائية كما هو الحال بالنسبة لعوارض األهلية كأحكام تنصرف
للمجرم ،و ما اتصل بتفريد العقوبة و ما يؤثر فيها ،حيث سنقف في (الفقرة األولى) ،على
الحديث عن
حدد المشرع المغربي شروطا عامة متعلقة بإثارة المسؤولية الجنائية ،و كذلك أكد على
ضرورة انتفاء موانع المسؤولية الجنائية ،و التي تتجلى في توافر اإلدراك و التمييز حسب
الفصل 310من القانون الجنائي من جهة ،و يقصد باإلدراك توافر الشخص على ملكة
العقل التي تؤهله و تجعله قاد ار على العلم بأفعاله و معه يستطيع اإلحاطة باألمور وأحداثها
ليستطيع التمييز بينها و العلم بعواقبها و تقدير نتائجها ،381أما المقصود بالتمييز فهو القدرة
فهم ماهية الفعل و طبيعته و معه توقع آثاره ،ليصبح الشخص البالغ بذلك آهال للمساءلة
الجنائية حسب الفصل 32.من نفس القانون.382
136
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
أما من جهة أخرى فإن تحقق الشرط الثاني المتمثل في حرية اإلرادة يبقى أساسيا،
والتي يقصد بها قدرة الشخص على المفاضلة بين األمور و اتخاذ ق ارراته ،و تشكل بالنسبة
للجاني أحد البواعث الدافعة الرتكاب الجريمة أو المانعة الرتكابها ،و بالتالي فهي قدرة
الشخص على مقاومة الدوافع المؤدية إلى ارتكاب الفعل المجرم و جعل تصرفه منسجما مع
القانون ،384أضف إلى ذلك كله ضرورة تحقق شرط انتفاء موانع المسؤولية الجنائية
كالعاهات العقلية.385
هذا األمر الذي يبقى مفترضا باألساس بالنسبة ألشخاص المهن القانونية و القضائية
لينحصر معرض القول على إبراز خصوصية هذه الشروط على الوجه الخاص المتعلقة
بإثارة المسؤولية الجنائية ألشخاص المهن القانونية و القضائية موضوع دراستنا (أوال) ،وأيضا
_ 383محمد اإلدريسي العلمي المشيششي ،دراسة حول مالئمة مشروع القانون الجنائي مع المبادئ و القواعد المعتمدة في
منظومة حقوق اإلنسان ،سلسلة إصدارات المجلس الوطني لحقوق اإلنسان ،طبعة ،7117مطبعة المعارف الجديدة-الرباط،
ص ..4
_ 384عبد الحق مغار ،المسؤولية الجنائية لموثقي المحررات الرسمية العقارية ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون
الخاص ،تخصص العلو الجنائية ،كلية العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية مراكش ،جامعة القاضي عياض ،السنة
الجامعية ،7114/7113 ،ص .1.
_385عمل المشرع المغربي على إيضاحها و تحديدها بموجب الفصول من 143إلى 142من ق.ج.
137
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
محاولة بحث مدى صلة صفة الموظف العمومي بهؤالء المهنيين من زاوية القانون الجنائي
(ثانيا).
إن إثارة المسؤولية الجنائية ضد الشخص الطبيعي بشكل عام دون الشخص
المعنوي ،386تتوقف أساسا على توافر شروط ثالث لقيامها وهي :أن يكون الفعل مجرما،
و أن ينسب ماديا لفاعله ،ثم ارتكاب هذا األخير لفعلته عن إرادة و وعي ،387وهو األمر
الذي ال نجد له اختالفا شاسعا بالنسبة إلثارة المسؤولية الجنائية لكل من المحامي و
و العدل و باقي المهن األخرى ،إال أن األمر ما فيه إال 388
المفوض القضائي و الموثق
إضفاء لخصوصية ذات طبيعة قانونية أكدها المشرع المغربي بموجب النصوص الخاصة
لهذه المهن ،لتتمثل لنا شروط قيام المسؤولية الجنائية المهنية كاآلتي:
_ 386إن من أهم ما يشترط لقيام المسؤولية الجنائية للشخص الطبيعي هو توافر اإلدراك و التمييز لديه ،حتى يتسنى
مساءلة هذا األخير عن األفعال أو النواهي التي يأتيها ليشكل بذلك جريمة قائمة األركان وفقا للقانون الجنائي ،لكن األمر
هنا ال ينطبق على األشخاص المعنوية كالشركات و الجمعيات التي ال تتوفر على إرادة الفعل بإدراك و تمييز ،بالرغم من
الجدل الفقهي حول مدى ربط المساءلة الجنائية مع الشخص المعنوي ،و الذي حسمه المشرع المغربي بموجب الفصل 172
من مجموعة القانون الجنائي المتصل بجانب الجزاء العقابي.
للتوسع أكثر راجع :عبد الواحد العلمي ،القسم العام ،م.س ،ص .449
كما ال يفوتنا التذكير على أن الشركات المدنية المهنية للمحاماة ،تكتسب الشخصية المعنوية ،و معه يمكن القول بمكنة
إثارة المسؤولية الجنائية لها ضمنيا وفقا للفصل ،172بالرغم من عدم تنصيص هذا القانون على ذلك ،حسب المادة 4من
القانون رقم 7.112الصادر بتاريخ 71أكتوبر ،7112و المنشور بالجريدة الرسمية عدد 4921بتاريخ 9نوفمبر ،7112
ص .3142
للتوسع و المقارنة راجع :سمية أبو فاطمة ،شركة المحاماة المدنية-دراسة مقارنة ،-رسالة لنيل درجة الدكتورة في الحقوق،
جامعة طانطا-مصر ،السنة الجامعية (غير مذكورة) ،ص .414
_387محمد بلهاشمي التسولي ،الجزء الثاني ،م.س ،ص .444
_388للتوسع بشأن المسؤولية الجنائية للموثق راجع :عمر أوتيل ،التوثيق و دوره في استقرار المعامالت العقارية على
ضوء مدونة الحقوق العينية ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون العقود و العقار ،كلية العلوم القانونية و االقتصادية
واالجتماعية وجدة ،جامعة محمد األول ،الموسم الجامعي ،7114/7117ص .121
138
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
.1كون الفعل المرتكب من المهني مجرما في أحد مصادر التجريم و العقاب المتعددة؛
يعتبر تعدد مصادر التجريم أهم خصوصية تميز إثارة المسؤولية الجنائية ألشخاص
المهن القانونية و القضائية و الذي يتأرجح في غالبية األمر بين نص القانون الجنائي،
و النص الخاص المنظم للمهنة الذي يأتي بمقتضيات زجرية حمائية للمهنة جنائيا ،إضافة
لنصوص زجرية أخرى ،لتبقى الغاية من هذه التعددية في التجريم الحرص على تقويم
اإلخالالت التي من شأنها المساس بحرمة المهن و مصداقيتها من طرف مهنييها أنفسهم،
و لما فيه أيضا من تطبيق للمبدأ العام لشرعية التجريم و العقاب ،حيث ال يسوغ مؤاخدة أي
مهني من أشخاص المهن القانونية والقضائية بفعل ال يعد جريمة بصريح القانون ،وال كذلك
معاقبته بعقوبات لم يقررها القانون ،389سواء كان ذلك بالقانون الجنائي أو قانون المهنة أو
كذلك النصوص الخاصة األخرى.
لكن األمر الذي يجب التأكيد عليه أن الخصوصية القانونية للنص الزجري الخاص
بالمهن ال يأتي في غالبية األحوال على تحديد الجريمة و عقوبتها ،كما هو الحال بالنسبة
لجريمة انتحال صفة عندما يرتكبها المهني نفسه وفق شرط سبق لنا بيانها ،390و الواردة
فيها .391حيث أحال بموجبه المشرع على نص المادة 1.3من القانون الجنائي ،عكس ما
393
والمفوض القضائي 392
هو عليه األمر لجريمة سمسرة الزبناء أو جلبهم لكل من المحامي
_389استقينا مضمون الفصل 4من ق.ج الذي ينص على أنه " :ال يسوغ مؤاخدة أحد على فعل ال يعد جريمة بمقتضى
القانون و ال معاقبته بعقوبات لم يقررها القانون".
_390راجع الفقرة األولى من المطلب األول من المبحث األول لهذا الفصل.
_391و ذلك في كل من :
-1نص المادة 2.من القانون 4711.بالنسبة للموثق و التي أتى التجريم صريحا.
-7نص المادة 74من القانون 19114بالنسبة للعدل المشارك في هذه الجريمة.
-4نص المادة 44من القانون 21114بالنسبة للمفوض القضائي الذي زاول مهامه دون ترخيص.
-3نص المادة ..من القانون 72112بالنسبة للمحامي المستمر في مزاولة مهامه.
_392المادة 111فقرتها .7
_393ضمنيا حسب المادة 43من القانون .21114
139
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
و الموثق ،395الذي حدد أركان الجريمة و وضع عقوبتها بموجب النص المهني 394
و العدل
الخاص نفسه ،و هذا راجع الرتباط الجريمة بالظرف الشخصي لمرتكبها والمتمثل في صفته
كمهني.
397
متصل بمقتضى زجري خاص وارد مدونة تحصيل الديون العمومية 396
ليثار تساؤل
بخصوص إمكانية تحريك المتابعة الجنائية ضد كل من الموثق و العدل والمحامي،
ذات العقوبة السالبة الحرية الموقوفة ،المنصوص عليها 398
بخصوص جنحة افتعال العسر
والذي قد يقع عليهم 400
في المادة .4منه ،399باعتبارهم محررين للعقود الناقلة للملكية
140
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
بموجبه إبراء ذمتهم المالية ،كمساعدين إلدارة الضرائب في استخالص الرسوم الجبائية
المفروضة قانونا ،401كمشاركين متواطئين في الجريمة عن سوء النية402؟
ليأتي التساؤل حول العقوبة األولى الموقوفة التنفيذ إن قضت بها المحكمة التي وضع لها المشرع جزاء االنعدام حسب نص
الفصل 49من ق.ج ،و ذلك في حالة ارتكاب الموثق أو العدل على سبيل المثال لجنحة افتعال العسر داخل أجل 4
سنوات حسب النص الخاص من القانون 141.2المادة 29منه ،هل تنفذ العقوبة األولى قبل الثانية دون إدماج وفقا للفقرة
4من نص الفصل 49من ق.ج ،أم أن القصد هنا هو نفاذ العقوبة الحبسية للجريمة الثانية لوحدها ؟
_400المادة 3من القانون 4.112بمثابة مدونة الحقوق العينية.
_401رشيد الناصري ،مسؤولية الموثقين و من في حكمهم في إطار مدونة تحصيل الديون العمومية ،مقالة منشورة بمجلة
المرافعة تصدرها هيئة المحامين بأكادير العدد ،77غشت ،7113ص .41
_402وفقا للفصل 17.من القانون الجنائي المحددة للحاالت الثالث األولى المحددة ألفعال المشاركة في الجريمة،
_403حسب المادة .4من القانون 141.2التي نصت فقرتها األولى " :في حالة انتقال ملكية عقار أو تفويته ،يتعين على
العدول والموثقين أو كل شخص يمارس مهام توثيقية ،أن يطالبوا باإلدالء لهم بشهادة مسلمة من مصالح التحصيل تثبت
أداء حصص الضرائب و الرسوم المثقل بها العقار برسم السنة التي تم فيها انتقال ملكيته أو تفويته ،و كذا السنوات
السابقة ،و ذلك تحت طائلة إلزامهم بأدائها على وجه التضامن مع الملزم ." ..
_404حسب المادة 17.و 141من مدونة تحصيل الديون العمومية.
_405وفقا للفصلين 11.و 171من ق.ج ،و هو عكس التعدد المعنوي الوارد في الفصل 112من نفس القانون.
_406راجع نص المادة 749من ق.م.ج.
141
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
خيانة األمانة ،407ضد العدل و الموثق والمحامي باعتبارهم حارسين قضائيين عند كل
اختالس أو تبديد بسوء نية لهذه األموال العمومية.
.0أن ينسب للمهني الفعل المجرم أثناء قيامه بعمله و ليس خارجه :
بادئ حديثنا بخصوص نسبة الفعل الجرمي لمهنيي المهن القانونية والقضائية ليس
انصرافه اإلثبات الفعل المرتكب بوسائل اإلثبات ضد فاعله وفقا لقانون المسطرة الجنائية،408
و إنما يتصل بإبراز خصوصية زمن ارتكاب الجريمة من صاحب الصفة كشرط لتحقق
المسؤولية الجنائية المهنية ،أي بإتيان المحامي والعدل و المفوض القضائي و الموثق
الرتكاب جريمة أثناء مزاولته لمهامه و بموجبها ،409و ذلك لغاية رئيسية تتمثل في ضرورة
تحقق شرط ارتكاب الفعل أثناء القيام بالمهام إلثارة المسؤولية الجنائية المهنية.410
و هذا االختالف بين الحالة العادية لنسبة الجرم لمرتكبه في غير أوقات العمل وبين
411
نسبة الجرم للمهني أثناء قيامه بعمله ،راجع باألساس حسب رأي الفقه الجنائي المقارن
_407أكدت المادة 43.منق.ج " :ترفع عقوبة خيانة األمانة إلى الحبس من سنة إلى خمس سنوات و الغرامة من مائتين
إلى خمسة آالف درهم ،في الحاالت اآلتية:
-إذا ارتكبها عدل أو حارس قضائي أو قيم أو مشرف قضائي ،و ذلك أثناء قيامه بوظيفته أو بسببها ."..
_ 408لم نشأ التطرق لإلثبات الجنائي إلى حين المبحث الثاني من هذا الفصل المتعلق بالخصوصية المسطرية ،التي أفرد
فيها المشرع المغربي الجنائي ألشخاص المهن القانونية و القضائية ،بضمانات مسطرية خاصة سنأتي للحديث عليها في
المبحث الثاني الموالي.
_409عبد المجيد بوكير ،المسؤولية القانونية للموثقين العصريين بين ظهير رابع مايو 1.74و مشروع القانون 4711.
المتعلق بتنظيم مهنة التوثيق و بإحداث هيئة وطنية للموثقين ،مقالة منشورة بمجلة القانون المغربي ،العدد 1.يونيو
،7117مطبعة دار السالم-الرباط ،ص .34
_410بالرغم من أن بحثنا في هذه الجزئية لم نستطع الوصول لموقف الفقه الجنائي المغربي أو المقارن ،و اقتصرنا على
توضيح األمر بجزئياته التي تظهر لنا خصوصية زمن ارتكاب الجريمة بالنسبة ألشخاص المهن القانونية والقضائية و
المتصل بساعة أداء المهام أو بمناسبتها.
_411قمنا باستنباط التوجه الفقهي لكل من كأحد رواد الفقه الجنائي "Carnelutti" :و" ،" bindingu Von LizsT
للتوسع أكثر راجع :محمد العروصي ،المختصر في شرح القانون الجنائي المغربي-الجزء األول ،الطبعة األولى لسنة
،7114مطبعة مرجان-مكناس ،ص .27
142
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
لسعي القانون الجنائي لالستقالل و لفك االرتباط عن القانون المدني و على الخصوص
القوانين المهنية على سبيل المثال ،حيث أصبح األول هو من يتدخل لفرض الحماية لقواعد
القانون المدني ،لغاية توفير استقرار المعامالت و التصرفات القائمة ،إال أن للقانون الجنائي
ذاتيته الخاصة.
و عليه فال يكفي فقط تحقق أركان الجريمة المتصلة بصفة المهني لكي يعاقب عليها
بموجب قانونه الخاص ،أو الرتباط الجرائم الواردة في القانون الجنائي بمجال عمله كما سبق
لنا التطرق لبعض صورها ،و إنما يجب التأكد من صلة الفعل الجرمي بمجال اشتغال
المهني من قبل القضاء الزجري ،كما هو الحال بالنسبة للمحامي و الموثق والمفوض
القضائي و العدل موضوع دراستنا ،و ما في األمر إال ربط بين صلة الجريمة و الجزاء
المناسب.412
لكن اإلجابة على هذا اإلشكال ،ال يمكن النظر له من زاوية ضرورة تحقق حاالت
على سبيل المثال لقيام كافة الجرائم التي قد يأتيها المهنيون من أجل تحديد زمن 413
التلبس
ارتكاب الجريمة بشكل دقيق ،و إنما يكفي فقط التمييز بين كل من الجرائم التي يرتكبها
هؤالء المهنيين بموجب أدائه لواجباتهم و صالحية قيامهم بعملهم سواء كان السلوك مجرما
في النص المهني الخاص أوفي القانون الجنائي ،وبين نظيرتها من الجرائم األخرى التي قد
يأتيها أي شخص ال صفة له ،حيث يبقى مناط الجدل منحص ار على الج ارئم الواردة فقط في
القانون الجنائي و أيضا صفة مرتكب الفعل.
لنصل إلى ضرورة التمييز بين صورة ارتكاب الجريمة بمناسبة أداء المهام و صورة
ارتكاب الجرم خارجه ،فعلى سبيل المثال جنحة خيانة األمانة التي يرتكبها المحامي بدون أن
يكون لألمر صلة بعمله ،و بين الحالة التي يكون فيها هذا المحامي مرتكبا لنفس الجريمة
_412للتوسع أكثر فيما يتعلق بتحديد المسؤولية الجنائية في مظهرها العام ،راجع :محمد العروصي ،م.س ،ص .17.
_413التي حددها المشرع المغربي بموجب المادة 49من قانون المسطرة الجنائية.
143
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
بمناسبة قيامه لعمله ،لكن األمر الواضح هو من جهة الجرائم األخرى التي ال يمكن بأي
حال من األحوال أن تكون لها صلة بصفة المهني و بمهامه ،ومثاله ما اتصل على سبيل
416
أو االتجار في المخدرات 415
أو جرائم قانون السير 414
المثال بجرائم السكر العلني
كنصوص خاصة زجرية ،إلى جانب الجرائم الواردة في مجموعة القانون الجنائي األخرى
التي ال تتطلب صفة المهني كركن لقيامها.
لنختم أن األمر كله ذو اتصال وثيق بالسلطة التقديرية للقاضي الجنائي فيما يتعلق
ولخطورة جرمه المرتكب ،419من منطلق 418
بنظام تفريد عقوبة المهني ،417مراعاة لشخصيته
الفصل 310من القانون الجنائي الذي لم يميز بموجبه المشرع الجنائي المغربي بين صاحب
الصفة و غيره بل تحدث بأسلوب الجمع "كل شخص".
_414المرسوم الملكي رقم 273199الصادر 11شعبان 1422الموافق 13نونبر 1.92بمثابة قانون متعلق بالمعاقبة
على السكر العلني ،و المنشور بالجريدة الرسمية عدد 7224الصادر بتاريخ 1.شعبان 1.22الموافق 77نونبر
،1.92ص .7434
_415القانون ،47114السابق التطرق له.
_416ظهير شريف بمثابة قانون رقم 11241727بتاريخ ربيع الثاني 14.3الموافق 71مايو 1.23المتعلق بزجر اإلدمان
على المخدرات السامة و وقاية المدمنين على هذه المخدرات ،و المنشور بالجريدة الرسمية عدد 4713بتاريخ 13جمادى
األولى 14.3الموافق 4يونيو ،1.23ص .1474
_ 417و هذا مفاده في األصل أن العقوبة ال توقع إال على الشخص المحكوم عليه بها بمقتضى حكم قضائي دون سواه،
نور الدين العمراني ،شرح القسم العام من القانون الجنائي المغربي ،طبعة ،7117مطبعة وراقة سلجلماسة -مكناس ،ص
.714
_ 418و قد أكد الفقه الجنائي المغربي ،على حدود تطبيق النص الجنائي من حيث المكان دون الزمان الذي نحن بصدد
الحديث عنه و الذي ال نقصد به مبدأ عدم رجعية النص الجنائي حسب الفصل 3من ق.ج ،فمبدأ التطبيق من حيث
المكان يتأثر من حيث تطبيقه بأربعة مبادئ هي :مبدأ إقليمية النص الجنائي ،مبدأ عينية النص الجنائي ،مبدأ عالمية
النص الجنائي ،ثم مبدأ شخصية النص الجنائي.
للمزيد راجع :عبد الواحد العلمي ،القسم العام ،م.س ،ص ..4
أما من حيث الزمان ،فقد يرجع األمر بصفة الشخص المخل بواجبه المهني و الذي ستثار مسؤوليته الجنائية أثناء قيامه
بعمله و حصول الفعل المجرم قانونا.
_419حسب الفصل 131من ق.ج.
144
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
.9اعتبار عمدية الجرائم التي يرتكبها المحامي أو المفوض القضائي و العدل و الموثق :
على تقسيم المسؤولية الجنائية بوجه عام إلى قسمين من 420
عمل بعض الفقه
المسؤولية ،أوله قائم على المسؤولية العمدية و ثانيها مسؤولية غير عمدية ،إال أن هذه
األخيرة تبقى مستبعدة بشكل مطلق بالنسبة ألشخاص المهن القانونية و القضائية عكس
بعض المهن األخرى كاألطباء ،ليتأكد على أن المسؤولية الجنائية المهنية لها طابع عمدي
باألساس حيث تتنوع كل هذه الجرائم المرتكبة في النطاق المهني بين ما يكون تصنيفه راجعا
في أوله للطابع المشترك في التجريم لكل من المحامي والمفوض القضائي والموثق و العدل
كما هو الحال بالنسبة لجرائم تزوير المحررات أو جريمة إفشاء السر المهني كما سبق لنا
التطرق لهما،أما النطاق الثاني فهو ما اتصل بالتجريم الخاص لكل مهنة على حدى دون
األخرى ،كما هو الحال بالنسبة لجرائم الجلسات بالنسبة للمحامي ،421و هذا راجع
لخصوصية المهام و الصالحيات ،و كلها جرائم اعتبرها المشرع المغربي عمدية بصفة عامة
يأتيها المهني أثناء مزاولته لعمله.
422
لكن اإلشكال المثار هو القول بأن جوهر الركن المعنوي المتمثل في القصد الجنائي
بالنسبة للمهن موضوع دراستنا هو بمثابة ركن مفترض فهو أمر 424
والعام 423
بنوعية الخاص
145
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
في نوع من الخطورة والزجم بنسبة الجرم لصاحب الصفة ،إن اتبعنا مضمون الفصل 311
من القانون الجنائي فقرته األولى425؟
و حسما لكل جدل فأكد قضاء محكمة النقض على عند تفسير العام للنص أعاله ،أن
عنصر العمد هو عنصر معنوي تستخلصه المحكمة من وقائع القضية ووثائق ملفها و من
تصريحات األطراف ،426كما أن إثباته سوء النية من النية اإلجرامية يقع أيضا على قضاء
الموضوع استخالصه من الوقائع المعروضة عليه و أن ال رقابة لمحكمة النقض عليه.427
فالمشرع الجنائي و خالل سنه للمقتضى الزجري الخص أو العام الذي يمكن بموجبه
إثارة المسؤولية الجنائية المهنية ،لم يشر و بصريح النص القانوني إلى أن الركن المعنوي
مفترض ،مما يؤكد على أن نسبة احتمال وقوع الخطأ المهني هي واردة كذلك ،بالرغم من أن
أشخاص المهن القانونية و القضائية ،لهم من الكفاءة و الدراية بالقانون أكثر من غيرهم،
لنختم و نخلص أن اإلجابة على هذا اإلشكال ستكون بطرح تساؤل بخصوص الحماية
القانونية بموجب النص المهني الخاص ضد كل خطأ مفترض قد يقع أثناء قيام المحامي أو
المفوض القضائي أو الموثق أو العدل أثناء بعمله ،و الذي لن ينزل منزلة الجريمة الغير
العمدية428؟ و ما مدى تضييق مجال السلطة التقديرية للقاضي الجنائي بوضع معايير
محددة في هذا الخصوص ،حيث يبقى على القاضي الجنائي عبئ إثبات تحقق الخطأ
_ 424أما القصد الجنائي الخاص فهو حسب رأينا :توجه إرادة الجاني إلى تحقيق غاية خاصة بنية إشباع رغبته الخاصة
جراء فعلته المجرمة قانونا.
_425نص الفصل 144من ق.ج فقرته األولى " :الجنايات و الجنح ال يعاقب عليها إال إذا ارتكبت عمدا".
_426قرار صادر عن المجلس األعلى –محكمة النقض حاليا -بتاريخ 14/1/12تحت عدد .93في الملف الجنحي عدد
،11/1.147منشور :محمد بلفقير ،مجموعة القانون الجنائي و العمل القضائي المغربي ،م.س ،ص .111
_427قرار صادر عن المجلس األعلى _ محكمة النقض حاليا -بتاريخ 13/7/12تحت عدد ./7..في الملف عدد
،14/1139.منشور :محمد بلفقير ،م.س ،ص .111
_ 428و من الجرائم التي غيب فيها المشرع المغربي الركن المعنوي نجذ :القتل الخطأ (الفصل 347ق.ج) و اإليذاء الخطأ
( الفصل 344ق.ج) و جرائم إضراب النار عن غير عمد (الفصل 344ق.ج) و في المخالفات دون بعض الحاالت وفقا
للفقرة األخيرة من الفصل 144من ق.ج.
146
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
الجنائي العمدي من عدمه ،429بالرغم من الصعوبة الواقعية التي يتميز بها اإلنسان الذي ال
يطلع على سريرته إال خالقه سبحانه و تعالى.
ثانيا :جدلية نسبة صفة الموظف العمومي ألشخاص المهن القانونية و القضائية
و عليه فالقول حسب رأينا هو استقالليتها التامة والحرة في ممارسة المهام المنوطة بها،
بالرغم من االختالف الطفيف بين هذه المهن القانونية و القضائية المتعلق باعتبارات راجعة
لطبيعة المهام ،كالقول أن المحاماة مهنة حرة قانونية وقضائية و جزء من أسرة القضاء،432
و أن العدول والموثقين هما مهنتان حرتان ذات الطبيعة التوثيقية في المهام ،433وأن
147
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
المفوضين القضائيين مهنة حرة و مستقلة مساعدة للقضاء ،434إلى جانب التأكيد أن كل
نشاط أو ممارسة من شأنه المساس باستقاللية و حرية هذه المهن كما هو الحال بالنسبة
للوظيفة العمومية ،تعتبر حالة تنافي صريحة توجب إيقاع العقوبة التأديبية على مرتكبها.435
لكن اإلشكال المراد الوصول إليه هو زاوية تحديد مفهوم الموظف العمومي في القانون
الجنائي الجامد المبادئ و الغير المواكب لتطور القوانين المهنية الحرة ،و الذي يختلف عن
المؤكد 437
من القانون األساسي العام للوظيفة العمومية 436
ما جاء بموجب الفصل الثاني
على الوضعية القارة والخضوع لرتب السلم اإلداري ،و لم يفت هذا الظهير تحديد نطاق
تطبيق هذا القانون من حيث األشخاص ،و الذي ال أساس لربطه أيضا بقوانين المهن
من ظهير ،314.حيث جاء الفصل 438
القانونية والقضائية كما تأكد بموجب الفصل الرابع
002من القانون الجنائي غامضا و غير دقيقا لتحديد نطاق التجريم والعقاب من حيث
نسبة صفة الموظف العمومي ألشخاص المهن القانونية و القضائية ،وذلك من بقوله أن كل
من يساهم في خدمة الدولة معهود له في حدود مهام و صالحيات مؤطرة قانونا لمباشرة
وظيفته فهو داخل في نطاق الجزاء المشدد للموظف العمومي بما في ذلك المهن القانونية و
القضائية.
148
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
و ال بد لنا من التأكيد أساسا على رفع الجدل هو قانوني بامتياز حسب رأينا ،والذي
ينتظر المزيد من التدقيق للحسم في المفهوم الجنائي للموظف العمومي ،و ذلك أن نطاق
التشابه والترابط راجع باألساس لمعيار الصفة المهنية ،فهذا األمر هو األمر الحاسم كشرط
باألساس وفقا 439
خاص إلثارة المسؤولية الجنائية المهنية والتي تراعي وقت ارتكاب الجريمة
للفقرة الثانية من الفصل 002من القانون الجنائي ،440سواء كان الفاعل موظفا عموميا أو
مهنيا من أشخاص المهن القانونية والقضائية ،و أيضا فنجذ على أن الجرائم التي يأتيها
أشخاص المهن القانونية و القضائية هي نفسها جرائم الموظف العمومي.
لكن و بالرغم من ذلك فالمشرع الجنائي المغربي ،لم يحسم شرعية التجريم والعقاب
شيئا ما بشكل يفصل فيه بين صفة الموظف العمومي و صفة أشخاص المهن القانونية
والقضائية سواء بموجب القانون الجنائي أو النص المنظم لهذه المهن ،فمن حيث األول أكد
مثال على صراحة الفصل بين الصفتين وعلى الحصر من حيث تطبيق كما هو الحال
بالنسبة للفصلين 140و 140من القانون الجنائي المتعلقتين بجريمة تزوير المحررات
الرسمية ،441حيث نجد أن كل من القاضي والموظف العمومي و الموثق والعدل والمحامي –
الذي يدخل في نطاق الغير حسب 442
كمستجد -هم المنعيون ،دون المفوض القضائي
الفصل 142من نفس القانون ،و قد أكد آخر توجه لقضاء محكمة النقض لسنة 0.32نفي
صفة الموظف العمومي عنه-المفوض القضائي -بخصوص جرائم التزوير ،443و يبقى آخر
_ 439راجع ما سبق لنا تناول بخصوص الشروط الخاصة بإثارة المسؤولية الجنائية المهنية للفئات موضوع دراستنا في هذا
المطلب.
_440تنص الفقرة الثانية من الفصل 002منق.ج " :و تراعى صفة الموظف العمومي في وقت ارتكاب الجريمة ،ومع
ذلك فإن هذه الصفة تعتبر باقية له بعد انتهاء خدمته ،إذا كانت هي التي سهلت له ارتكاب الجريمة أو مكنته من تنفيذها".
_441سبق لنا التطرق ل جرائم المحررات الرسمية في المطلب األول من هذا المبحث و الفصل نفسه.
_ 442بالرغم من أن مسودة مشروع القانون الجنائي ،قد حسمت في األمر ،راجع ما سبق لنا التطرق في المطلب األول من
هذا المبحث.
_443و ذلك بعد تأكيد محكمة النقض أن األساس القانوني المعتمد لمتابعة المفوض القضائي هو الفصل 443من ق.ج و
ليس الفصلين 447و 444من نفس القانون.
149
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
توجه لمحكمة النقض بهذا الشأن لسنة 0.3.نافيا صفة الموظف العام عن مهنة المحاماة
بشكل قطعي و صريح.444
أما من جانب القوانين المهنية فهي مكمن الجدل في حد ذاته ،حيث أن المشرع
المغربي يتبع أحيانا لزجره لكل ما يخالف الضوابط القانونية عندما يأتيه أحد أشخاص المهن
القانونية و القضائية باإلحالة على التجريم المتصل بصفة الموظف العمومي كجزاء جنائي
مكتمل األركان ،والوارد في القانون الجنائي ،وعلى سبيل المثال جريمة الغدر التي قد يرتكبها
المفوض القضائي و اآلتي التأكيد صراحة عليها في الفقرة األخيرة من المادة 0.من قانون
المهنة.445
لكن الض بابية المثيرة للجدل لدى الفقه و العمل القضائي من حيث نسبة صفة الموظف
العمومي من عدمه ،ربما قد ترجع إلى نهج المشرع المغربي لمنهج الجزاء الجنائي الضمني
و المحال على التجريم العام المتصل بالموظف العمومي ،و الذي ال يحيل بشكل رئيس على
المقتضى التجريمي عند مخالفة ما يقع على أشخاص المهن القانونية والقضائية من
أعباء ،446كما هو الحال بالنسبة للموثق المرتكب لنفس الجريمة –جريمة الغدر الفصل
،-021حيث لم يضع المشرع المغربي الجزاء بصراحة النص القانوني حسب المادة 38من
قرار صادر عن محكمة النقض رقم ،322/1بتاريخ 71مايو ،7113في الملف الجنائي رقم ،3.92/7114منشور
بسلسة إلصدارات المكتب الفني لمحكمة النقض ،مهنة المفوض القضائي في ضوء ق اررات محكمة النقض ،م.س ،ص
.747
_444قرار صادر عن محكمة النقض عدد ،1441/2الغرفة الجنائية القسم الثامن ،المؤرخ في ،7112/2/19في الملف
الجنحي عدد ،7112/2/9/143.1غير منشور
_ 445التي أكدت على الحقوق المالية للمفوضين القضائيين ،و أن كل خرق للطريقة القانونية الستخالص األجرة القانونية
يشكل جريمة غدر حسب الفصل 734من القانون الجنائي.
_446عمل المشرع المغربي على تشديد عقوبة جرائم األموال –العامة -التي يرتكبها الموظف العمومي (الفصول 731إلى
،) 732و لكن األمر يبقى محتمل التطبيق هذا الجزاء الجنائي المشدد إن جاء التنصيص صريحا بموجب النص المهني
الخاص ضد الموثق أو العدل أو المفوض القضائي أو المحامي ،لكون النص الجنائي العام حدد على سبيل التحديد جهة
تطبيق جزاء جرائم االختالس-مال عام أو خاص -و الغدر على الموظفين العموميين و القضاة لوحدهم.
للتوسع أكثر راجع :محمد األمين ،م.س ،ص 49و ما يليها.
150
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
قانون المهنة ،447و ترك مهمة تقدير الفعل الجرمي و جزائه الجنائي من خالل نص القانون
الجنائي بأركانه القانونية بيد سلطة قاضي التكييف الجنائي.
أما من جانب امتياز الحماية الجنائية ألشخاص المهن القانونية و القضائية ،كمعيار
لنفي أو نسبة صفة الموظف العمومي ،فقد تم التأكيد على حماية مرحلة أداء الواجب المهني
وتحصينه جنائيا ،و ذلك في كل من قانون المحاماة في المادة ،4488.إلى جانب المادة 03
من القانون الخاص بمهنة المفوض القضائي ،449و نفس األمر بالنسبة للمهن التوثيقية بدءا
بالعدل في المادة 08من القانون المنظم لخطة العدالة ،450و الموثق في المادة 10من
القانون المتعلق بالتوثيق ،451وعليه فإن حرص المشرع كان في محله لوعيه بمدى أهمية
وجسامة المهام المقدمة من هذه المهن الحرة أو المساعدة للقضاء.
و لئن كانت هذه الحماية الجنائية للمهن القانونية و القضائية لم ترد بصراحة نص
الفصلين المتعلقين بحماية الموظف العمومي جنائيا ،فبقراءة متأنية و تحليلية نجذ أن الفصل
081من مجموعة القانون الجنائي ،452قد حدد العنف اللفظي بإحدى وسائله المحددة ،تجاه
كل رجال القضاء أو الموظفين العموميين أو أفراد القوة العمومية رؤساء ومرؤوسين،
المرتكب من الغير بغرض إهانة هذا الموظف العمومي و المس بشرفه أو شعوره أو االحترام
الواجب لشخصه،و هو األمر نفسه إن وجهت اإلهانة ضد هيئات المهن القانونية
_447تنص المادة 19من القانون 4711.على أنه " :ال يحق للموثق –تحت طائلة المتابعة التأديبية و الزجرية -أن
يتقاضى أكثر من أتعابه ،و مما أداه عن األطراف من صوائر مثبتة".
_448راجع المادة 91من القانون .72112
_449راجع المادة 72من القانون .21114
_450أنظر المادة 79من القانون .19114
_451أنظر المادة .7من القانون .4711.
_452حددت العقوبة في الفصل 794من ق.ج بالنسبة لإلهانة اللفظية في الحبس من شهر إلى سنة و غرامة من مائتين
و خمسين إلى خمسة آالف درهم ،إلى جانب مكنة إتباعها بعقوبة إضافية من المحكمة تتمثل في نشر الحكم و إعالنه
على نفقة الجانح في حدود الحد األقصى للغرامة.
151
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
والقضائية ،453أما عندما تصل درجة اإلهانة لالعتداء و اإليذاء المادي الملموس جسديا
تجاه أشخاص المهن القانونية والقضائية موضوع دراستنا فإن المشرع شدد من العقوبة بدءا
من ثالثة أشهر إلى أقصى حد هو اإلعدام إن ترتب على العنف موت الضحية إن توفرت
نية إحداثه .454
لنخلص على أن المهن القانونية و القضائية لم يتم إيرادها ضمن نطاق األشخاص
المتمتعين بالحماية الجنائية ليتأكد على أن التحديد الوارد لألشخاص المحددة في هذا الفصل
لم تأتي على سبيل الحصر ،حيث جاءت الحماية الجنائية بموجب النص الخاص المهني،
ومنه فال مجال بالقول أن للمهن القانونية و القضائية صفة موظفين عموميين ،وانما لهم فقط
امتياز الحماية الجنائية بالنص الخاص المهني الذي بدوره لم يؤكد هذا األمر المحيل على
المقتضى الزجري الحمائي ذوي الصفة المهنية الحرة ،455لما لهذه المهن من دور تشاركي
في خدمة المواطن و خدمة الدولة في نفس الوقت.456
152
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
الفقرة الثانية :الصفة المهنية الحرة بين قيام الجريمة و تشديد العقوبة
يتأكد جليا أثناء البحث و محاولة بسط األسباب المؤثرة في العقوبة ،من منطلق
خصوصيات المسؤولية الجنائية التي أقرت بخضوعها لتأثيرات و أسباب قد تنصرف لشخص
المجرم ،و بعضها قد يرجع إلى الظروف المحيطة بالجريمة ،و هو ما يصطلح عليه
بالجانب الشخصي والموضوعي للمسؤولية الجنائية.457
فشخصية المسؤولية الجنائية الذي أخد به المشرع المغربي إلى جانب شخصية العقوبة،
والتي يقصد به أن المسؤولية الجنائية ال تنصرف إال لمن يأتي شخصيا إحدى الوقائع
مع افتراض أهليته.459 458
المحددة بموجب الفصل 310من مجموعة القانون الجنائي
فاألمر كله منحصر على الصفة الخاصة بالمهن القانونية و القضائية ،فقد المشرع
المغربي عمل على حصر تطبيق األعذار القانونية المعفية من العقاب جزئيا أو كليا بموجب
النص المجرم و المعاقب على الفعل ،و الذي ال يجد صداه في المقتضيات الزجرية الواردة
في قوانين هذه المهن ،و معه يتضح أن المشرع الجنائي المغربي عمل على إبقائها في
النطاق العام للتجريم و العقاب من جهة ،إال أنه من جهة أخرى فإن الصفة المهنية التي
يتمتع بها كل من المحامي و المفوض القضائي و العدل و الموثق و سائر باقي المهن
460
القانونية و القضائية إلى جانب المهن األخرى الحرة ،تضفي نوعا من التفريد في العقوبة
_457أحمد قيلش و آخرون ،الوجيز في شرح القانون الجنائي العام ،طبعة ،7119مطبعة األمنية-الرباط ،ص .2.
_458ينص الفصل 147من ق.ج " :كل شخص سليم العقل قادر على التمييز يكون مسؤوال شخصيا عن :
الجرائم التي يرتكبها.
الجنايات أو الجنح التي يكون مشاركا في ارتكابها.
محاوالت الجنايات
محاوالت بعض الجنح ضمن الشروط المقررة في القانون للعقاب عليها.
وال يستثنى من هذا المبدأ إال الحاالت التي ينص فيها القانون صراحة على خالف ذلك".
_459عبد الواحد العلمي ،القسم العام ،م.س ،ص 441و .447
_ 460يأتي الحديث على أن مفهوم تفريد العقوبة ،هو كون العقوبة غير قارة و إنما هي في ميزان الحد األدنى واألقصى
حسب ظروف مرتكب الجريمة و شخصيته (كما هو األمر بالنسبة للصفة المهنية) ،و كذلك تأثر هذه األخيرة بمالبسات
153
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
المقررة لهؤالء (أوال) ،و على الخصوص فهي تأتي لتشديد العقوبة لكون من أؤتمن على
القيام بواجبه من هذه المهن متطلب فيه البقاء بعيدا عن الشبهة لكل سلوك خارج عن قواعد
الضبط االجتماعي سواء تم إيراده بمجموعة القانون الجنائي أو في النص المهني الخاص
(ثانيا).
سبق لنا تمييز صفة الموظف العمومي عن الصفة المهنية الحرة ،و أيضا القول على
أن المهن القانونية و القضائية (موضوع دراستنا) مكنها المشرع المغربي من ميزة االستقاللية
و من االعتبار الحر بأداء المهام ،بالرغم من االختالف الجوهري الطفيف بينها ،بكونها إما
مهن قانونية و قضائية حرة (المحامي) ،أو مهن قانونية حرة ذات طبيعة توثيقية (العدل و
الموثق) أو كمهن حرة مساعدة للقضاء (المفوض القضائي) ،لكن الطرح موضوع دراستنا
يأتي للحديث عن مدى تطلب هذه الصفة المهنية لقيام أساس المتابعة الجنائية لكل فعل
زجره المشرع الجنائي المغربي.
و بما أن المقتضيات الزجرية الواردة في القوانين المنظمة لهذه المهن ال تثير أي
إشكال ،سواء جاء نطاقه صريحا كما هو الحال بالنسبة لكافة األفعال المجرمة بموجبها،461
ارتكاب الفعل و مدى الخطر الذي قد يهدد المجتمع ،و التي تبقى بيد القاضي في إطار سلطته التقديرية و اقتناعه
الوجداني.
للمزيد بشأن خصائص العقوبات راجع:
أحمد قيلش و آخرون ،القانون الجنائي العام ،م.س ،ص .112 -
-أحمد قيلش و آخرون ،علم اإلجرام و العقاب ،طبعة ،7113مكتبة فضاء آدم للنشر و التوزيع-مراكش ،ص
.142
-نور الدين العمراني ،م.س ،ص .714عبد الواحد العلمي ،القسم العام ،م.س ،ص 314و ما يليها.
154
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
أو التي يكون جزاؤها الجنائي محيال على القانون الجنائي بموجبها ،462إال أن األمر قد
يختلف بالنسبة لنطاق الجرائم الواردة في مجموعة القانون الجنائي ،و التي تارة ما تؤكد على
شرط الصفة باألساس لقيام الجريمة و عناصرها التكوينية ،463و تارة تترك نطاق الزجر عاما
دون قيد الصفة لقيام الفعل الجرمي المرتكب من المهني أثناء قيامه بمهامه أو بمناسبته.
و قد أحسن المشرع المغربي عندما أكد على أن قيام الجريمة من قبل الموظف
العمومي ،له عنصر زمني محدد ،لكن الخصوصية الزمنية المهمة هو امتدادها كجرائم
مستمرة إن كانت هذه الصفة هي التي سهلت له ارتكاب أو مكنته من تنفيذ الفعل المجرم ،و
لو بعد انتهاء خدمته لسبب من األسباب.464
كما أن طبيعة المهام التي يزاولها أشخاص المهن القانونية و القضائية تبقى هي
المعيار األساسي في تحديد مسؤوليته الجنائية ،فكافة االلتزامات الملقاة عليهم تشكل ركيزة
قيام المتابعة الجنائية بتحريك النيابة العامي للدعوى العمومية إلى جانب المتضرر ،فهي
بمثابة أساس لقيام المسؤولية الجنائية ضد كل من العدل و الموثق و المفوض القضائي،
التي تعتبر ظرفا للتشديد من العقوبة ضدهم وفقا ما سنأتي على ذكره.
_462كما هو الحال بالنسبة لجريمة انتحال الصفة من قبل صاحب الصفة ،و التي سبق لنا تناولها.
_463مثاله جريمة تزوير المحرر الرسمي لكل من المحامي و العدل و الموثق.
_464الفقرة الثانية من الفصل 773من ق.ج.
_465و هي من األسباب التي ترفع العقوبة ،و نجذ إلى جانبها لحالة العود المحددة كنظام قانوني متصل بتفريد العقوبة
أيضا ،بموجب مجموعة القانون الجنائي من الفصول 143إلى ، ،191أو أيضا عند تحقق تعدد الجناة أيضا.
للتوسع راجع :عبد الواحد العلمي ،القسم العام ،م.س ،ص .134
155
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
اآلثار المرتبطة بها فقد أوالها اهتماما كبي ار سواء على المستوى الموضوعي أو اإلجرائي،466
حيث يبرز تحديدها الموضوعي للقانون وحده لكل ظرف مشدد مرتبط بالجنح أو
الجنايات.467
و ارتباطا بكون الصفة هي من أحد المظاهر التي تمثل لنا ظرفا للتشديد ،فإن جانب
الخصوصية المتعلقة أساسا بالمسؤولية الجنائية أكد على مبدأ تعلق التشديد بشخص مرتكب
حسب الفصل 31.من مجموعة القانون 470
الجرم دون من شاركه أو ساهم معه في ارتكابه
الجنائي ،و التي تتصل بكل المالبسات المرافقة الرتكاب الجريمة وزمنها و ظروفها غير
العادية ،لما فيه إال خروج عن خاصية المساواة في العقوبة الذي يستوجب التجريد و
العمومية بالرغم من اختالف المراكز القانونية لمرتكبي األفعال المجرمة داخل المجتمع.471
_466وفقا لما سنأتي على تناوله بخصوص خصوصية المتابعة الجنائية ضد أشخاص المهن القانونية و القضائية.
_467الفصل 144من ق.ج.
_ 468يرى الققه الجنائي المغربي أن المقصود بالجزاء الجنائي هو كل أقره المشرع المغربي من عقوبات و تدابير وقائية
كأثر مباشر للتصدي للجريمة ،كرد فعل من الدولة التي تحتكر كليا مهمة تشريعه و كذلك تنفيذه.
للمزيد راجع :عبد الواحد العلمي ،شروح في القانون الجديد المتعلق بالمسطرة الجنائية-الجزء األول ،م.س ،ص .41
_469للتوسع حول مبررات تشديد الجزاء بالنسبة لموثقي المحررات الرسمية ،راجع :عبد الحق مغار ،م.س 41 ،وما
يليها.
_470أحمد قيلش و آخرون ،القسم العام ،م.س ،ص 11.
_471أحمد قيلش و آخرون ،القسم العام ،م.س ،ص .112
156
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
و المالحظ من خالل استقراء مضامين المقتضيات الزجرية التي سبق لنا تناولها،
والمشكلة للجزاء الجنائي ضد أشخاص المهن القانونية و القضائية ،أن كل من القوانين
المنظمة لتلك المهن ليعمل المشرع الجنائي المغربي على تشديد العقوبة لصفة المهني
بموجب قانونه الخاص ،و ال حتى ما له عالقة ببعض الجنح بنص اإلحالة بموجب النص
المنظم للمهنة كإفشاء السر المهني أو انتحال الصفة ،و إنما ترك ذلك لنص القانون الجنائي
باألساس كما هو الحال بالنسبة لجرائم التزوير المتصلة بالمحررات الرسمية أو جريمة الغدر
كجنايات بصفته تلك أثناء مزاولته لمهامه و ليس كموظف عمومي ،472وانما فقط من جانب
المماثلة في العقوبة كظرف مشدد راجع لصفتهم تلك.
ولنجد بالخصوص أن ما أكده المشرع المغربي من ظروف تشديد ترجع لصفة مرتكبها
في جرائم األموال الواردة في الباب التاسع من نفس القانون يتمثل أساسا في جريمة خيانة
أساسا المؤكدة على التشديد لصفة المهني ألشخاص المهن لكل من المحامي أو 473
األمانة
العدل أو الموثق بحكم وظيفتهم باعتبارهم حارسين للودائع ،دون الجرائم األخرى كالنصب أو
_ 472بالرغم من أن المشرع المغربي توسع في تفسير مفهوم الموظف العمومي ،إال أننا ال نوافق على منح صفة الموظف
العمومي من الجانب الزجري للمهن القانونية و القضائية ،و ذلك وفقا لما سبق لنا دراسته و تحليله أثناء الحديث عن تلك
الجدل ية ،لما فيه من مصلحة عامة و خاصة بهذه المهن ذات الطبيعة الحرة .اللهم فقط إن كان التشديد آتيا بإحالة النص
المهني و ليس األخد بتفسير القاعدة الموضوعية الجامد تفسي ار مخالفا لمبدأها ،و لما قد يترتب عليه من مزاجية أثناء
التطبيق و التأويل القضائي.
_473تعد جريمة خيانة األمانة انتهاكا لحق ملكية الغير عن طريق خيانة عنصر الثقة ،لغاية دفعت المشرع المغربي على
غرار باقي التشريعات الوطنية من أجل التصدي لهذه الجريمة.
للتوسع راجع :سناء الشايب ،الحماية الجنائية للعقود المدنية ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في المنازعات و المهن القانونية،
كلية العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية أكادير ،جامعة ابن زهر ،السنة الجامعية ،7112/7112ص ..7
157
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
و ال 476
وفقا للفصل 2-432من القانون الجنائي 475
أو غسل األموال 474
عدم تنفيذ عقد
فتشديد العقوبة فعال ،هو راجع لطبيعة المهام المسند القيام بها من طرف أشخاص
المهن القانونية و القضائية و هو ما يرجح كفة الصفة المهنية على صفة الموظف العمومي
لما فيه من خصوصية الحقة بالقانون المتعلق بهذه المهن القانونية و القضائية ،والتي يقصد
بها-أي الصفة المهنية -حسب رأينا" :478يعد مهنيا من المهن القانونية والقضائية عند
تطبيق أحكام التشريع الجنائي ،كل ذا صفة مهنية من هذه المهن الحرة والمستقلة التي
نظمها القانون وحدد اختصاصاتها ،و عهد ألشخاصها القيام بمهام مساعدة للقضاء أو بمهام
توثيقية مقابل أجر محدد أو غير محدد ،إسهاما منها في تحقيق األمن القانوني والقضائي و
_474حسب نص الفصل 441من ق.ج و الذي جاء فيه " :من تسلم مقدما مبلغا من أجل تنفيذ عقد ،ثم رفض تنفيذ هذا
العقد أو رد تلك المبالغ المسبقة ،دون عذر مشروع ،يعاقب بالحبس من شهر إلى ستة أشهر و غرامة من مائتين إلى
مائتين و خمسين درهما".
_ 475كما هو الحال بالنسبة للموثق في التشريع الجنائي الفرنسي ،الذي عاقب هذا األخير عند ارتكابه لجريمة غسيل
األموال و التي يخلو منها تشريعنا المغربي ،حيث تشدد المشرع الجنائي الفرنسي بموجب قانون المسطرة الجنائية بموجب
الفصل 7-473البند األول منه ،عن عقوبة الجريمة األصلية ،بالسجن ل 11سنوات و غرامة مالية تصل 241ألف
أورو.
راجع :خليل الخيامي ،طبيعة القواعد الزجرية في قوانين المهن القضائية – التوثيق العصري و المحاماة نمودجا ،-رسالة
لنيل دبلوم الماستر -لماستر المنظومة الجنائية و الحكامة األمنية ،كلية العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية
أكادير ،جامعة ابن زهر ،الموسم الجامعي ،7112/7112ص .49
_ 476و الذي يبقى أقرب للتطبيق على المهن التوثيقية كالمحامي و الموثق و العدل ،و الذي ينص الفصل 3_423من
ق.ج على أنه " :ترفع عقوبات الحبس و الغرامة إلى الضعف:
-عندما ترتكب الجرائم باستعمال التسهيالت التي توفرها مزاولة نشاط مهني؛."..
_477وفقا للفصلين 419و 412من مدونة التجارة .الظهير الشريف رقم 11.9124الصادر في 14من ربيع األول
1312الموافق بفاتح أغسطس 1..9بتنفيذ القانون رقم ،141.4و المنشور بالجريدة الرسمية بتاريخ 1.جمادى األولى
1312الموافق ل 4أكتوبر ،1..9عدد ،3312ص .7122
_ 478محاولة منا لوضع تعريف جامع و مانع مشابهه لما أورده المشرع المغربي بموجب الفصل 773من ق.ج ،يميز
صفة أشخاص المهن القانونية و القضائية عند صفة الموظف العمومي ،حسب التشريع الجنائي المغربي.
158
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
التعاقدي لألفراد داخل المجتمع ،و تراعى هذه الصفة المهنية مبدأ زمن ارتكاب الجريمة ولو
بعد انتهاء الخدمة إن كانت هي التي سهلت له ارتكاب الفعل".
و من جانب تطبيقات العمل القضائي المغربي فقد تم التأكيد على أنه و بالرغم هذا
االعتبار الراجع للصفة المهنية ،فهذا ال يعني على أنهم لن يتم تمتيعهم بظروف للتخفيف
المتصلة بتفريد العقوبة و الراجع في أمر تقديرها لقضاء الموضوع نظ ار لظروفهم الشخصية
أو لعدمية السوابق ،479و معه القول بتمتيعهم بالظروف القضائية المخففة ،بالرغم من أن
المشرع شدد العقوبة المقررة لتلك الجرائم التي يأتيها أشخاص المهن القانونية و القضائية و
ذلك لصفتهم تلك وفقا لتحديد القانون ،480و هو ما أكدته محكمة النقض-481المجلس األعلى
سابقا -في الملف جنحي رقم 3131/8/1/0...الصادر بتاريخ 1.سبتمبر .."،0..1أن
المحكمة المصدرة للقرار ضد المفوض القضائي والتي قضت بتأييد الحكم االبتدائي القاضي
باإلدانة من أجل جنحة خيانة األمانة و عدلت العقوبة المحكوم بها تكون قد استعملت
سلطتها التقديرية المخولة لها قانونا و عللت ظروف التخفيف عندما متعت بها المطلوب
بالقول بانعدام سوابقه ولظروفه االجتماعية ،"..و معه األخد بآخر ما أدرج كتدرج حسب
بالرغم من صفة المفوض القضائي كمهني. 482
الفصل 383من القانون الجنائي
لكن األمر يختلف بالنسبة لجريمة النصب حيث لم يتطلب فيها األخد بالصفة المتصلة
بأحد أشخاص المهن القانونية و القضائية و إنما صفة التجارية للقول بتشديد العقوبة،483
159
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
وهو ما أكده قرار لقضاء محكمة النقض متصل بارتكاب محام لها ،بتاريخ 3./.3/30تحت
عدد 28في الملف الجنحي عدد ،3032./8/3./33ليؤكد على أن " ..تهمة النصب
تكون ثابتة في حق المحامي الذي ثبت تسلمه مبلغا ماليا قصد التدخل لتخفيض العقوبة
الحبسية المحكوم بها مستغال مهنته كمحام إليقاع المشتكي في الغلط بتأكيدات خادعة دفعت
به إلى تسليمه المبلغ المالي المذكور ،484"..دون اعتبار للصفة المهنية عكس ما أقره
المشرع المغربي بالنسبة لجريمة خيانة األمانة المشددة بصريح الفصل 423من نفس
القانون.485
صحيحة أو استغالل ماكر لخطأ وقع فيه غيره ،و يدفعه بذلك إلى أعمال تمس مصالحه أو مصالح الغير المالية بقصد
الحصول على منفعة مالية له أو لشخص آخر.
و ترفع عقوبة الحبس إلى الضعف و الحد األقصى للغرامة إلى مائة ألف درهم ،إذا كان مرتكب الجريمة أحد األشخاص
الذين استعانوا بالجمهور في إصدار أسهم أو سندات أو أذونات أو حصص أو أي أوراق مالية متعلقة بشركة أو مؤسسة
تجارية أو صناعية".
_484قرار صادر عن محكمة النقض بتاريخ 7./7/17تحت عدد 73./11في الملف الجنائي عدد ،14327/11منشور
بمجلة الملف عدد ،71ص 194و ما بليها ،و لدى :محمد بلفقير ،مجموعة القانون الجنائي و العمل القضائي المغربي،
م.س ،ص .449
_485إدريس الحياني ،م.س ،ص .124
160
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
المطلب األول :الخصوصيات اإلج ارئية للمتابعة الجنائية تجاه المهنيين أثناء
البحث التمهيدي
أكد المشرع المغربي على الدور البارز للنيابة العامة أثناء مرحلة البحث التمهيدي
بموجب قانون المسطرة الجنائية ،فهي الجهة الرئيسية التي تعمل على تسيير الدعوى
العمومية وتتبع كافة المراحل التي قد تصل إليها ،لكن الحديث عن المهن يقتضي استحضار
نوع من الخصوصية قد تجد أساسها بموجب القوانين المنظمة لها أو بموجب المرجع
األساسي المتمثل في قانون المسطرة الجنائية المغربي.
و قد عملنا على محاولة اإلحاطة بهذا الجانب من خالل التطرق إلى خصوصية
اإلقامة والتحريك تجاه المهن القانونية و القضائية من قبل النيابة العامة أساسا ،و أيضا
طرح إشكال ارتباطه أثرهما على مسطرة اإليقاف المؤقت ،و أيضا ما منحه المشرع المغربي
من صالحيات للهيئات و المجالس المهنية أثناء هذه المرحلة و طبيعة تدخلها (الفقرة
161
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
الفقرة األولى :خصوصية إقامة و تحريك الدعوى العمومية تجاه أشخاص المهن
القانونية والقضائية
أوال :أثر ممارسة النيابة العامة لمسطرة إليقاف المؤقت على سير الدعوى العمومية
أكد قانون المسطرة الجنائية على أن اإلطار العام المسطري المرتبط بتوقيع العقوبة
على مرتكب الجريمة يترتب عنه آثار متعددة ،فاألثر األول يتمثل في إقامة الدعوى العمومية
لتطبيق الجزاء الجنائي وأيضا إقامة الدعوى المدنية التابعة قصد المطالبة بالتعويض عن
الضرر الذي له عالقة سببية مباشرة بالفعل الجرمي ،486أما من جانب الجهاز المحرك لها-
أي النيابة العامة -و الممثل للمجتمع في إيقاعه ،فقد منحها المشرع المغربي سلطة أصيلة
إلقامة هذه األخيرة و السهر على تطبيق القانون ،487و معه منحها حق تحريكها بممارسة
كافة األبحاث المرتبطة به ا و ما يلحق ذلك من مراحل قبل و أثناء و بعد المحاكمة كآثار
الحقة إلثارة المسؤولية الجنائية المهنية ،و ذلك في كل ما يصل إلى علمها من مخالفات
162
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
و لئن كانت عملية التثبت أساسية في فحص مشروعية المتابعة الجنائية من خالل
كافة مهام البحث و التحري التي يشرف عليه القضاء الواقف-النيابة العامة ،-فال شك أن
عملية فحص مالئمة المتابعة يقتضي منها العمل على تكييف الفعل المرتكب و ربطه
بأساسه القانوني المجرم له حتى يتسنى له إحالة النظر على القضاء الجالس ،490لكن
الخصوصية الجلية و المتصلة بفحص مشروعية اإلقامة قبل التحريك في مواجهة أشخاص
المهن القانونية و القضائية ،تتمثل في ما أقره المشرع المغربي من أدوار أخرى لها من األثر
على المسار المهني ككل لهذه المهن ،كأعمال للرقابة ،و كذلك إبان تحريك المتابعة التأديبية
وفقا للقوانين المنظمة لكل من مهن المحاماة و المفوض القضائي والموثق و العدل.
و عليه فإن هذا األمر جاء ليؤكد على أن أثر ارتكاب الفعل الجرمي الذي يأتي عليه
أحد هؤالء المهنيين ،يعطي للنيابة العامة إضافة إلى حقها في إقامة و تحريك الدعوى
العمومية ،استتباعه بمكنة إيقاف المهني مؤقتا عن مزاولة مهامه كأثر الحق بالمتابعة
الزجرية ،و التي أقرها المشرع المغربي كصالحية للوكيل العام للملك لدى محكمة االستئناف
_488يقصد باألسلوب التقديري :األسلوب الذي ال يفرض على النيابة العامة تحريك الدعوى العمومية في كل ما تتلقاه
كمداخل لتحريكها كالشكايات أو الوشايات أو المحاضر تفيد اقتراف جريمة من طرف شخص ما ،و لكن لها سلطة تقديرية
في التحريك من عدمه.
و الذي يقابله األسلوب القانوني و الذي يقصد به :النهج الذي يوجب على النيابة العامة تحريك الدعوى العمومية بمجرد
علمها بارتكاب الجريمة ضد مرتكبها و المنسوبة إليه بمحاضر أو تقارير أو بوشاية أو شكاية ،و بالرغم من عدم كفاية أدلة
اإلدانة ،حيث يبقى مجرد الشك موجب للمتابعة.
للتوسع راجع :عبد الواحد العلمي ،شرح في القانون الجديد المتعلق بالمسطرة الجنائية-الجزء األول ،م.س ،ص .114
_489حسب الفقرة األولى من المادة 31من ق.م.ج و الفقرة الرابعة من المادة 3.منه ،لكل من وكيل الملك و الوكيل
العام للملك.
_490أحمد الخمليشي ،شرح قانون المسطرة الجنائية ،الطبعة األولى لسنة ،1.24مكتبة المعارف-الرباط ،ص .72
163
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
بالنسبة لما تم تأكيده بموجب المادة 2.من قانون خطة العدالة491وأيضا المادة 3.من
قانون التوثيق ،492والمادة 88من قانون المحاماة الذي يقدم بموجبه هذا األخير طلبا لمجلس
الهيئة ،493إضافة للمادة 12من القانون المنظم لمهنة المفوضين القضائيين الذي أفردها
كصالحية متصلة بالمركز القانوني للمهني المتابع 494
لوكيل الملك لدى المحكمة االبتدائية
جنائيا.
لكن اإلشكال المثار بهذا الخصوص ،هو مدى إمكانية أو وجوبية تفعيل إجراء اإليقاف
المؤقت من قبل النيابة العامة عند كل إخالل ذو طبيعة جرمية يأتي على ارتكابه أحد
أشخاص المهن القانونية والقضائية؟ و هل يتطلب األمر تحقق درجة معينة من الخطورة
الجرمية حتى يتسنى ترتيب هذا األثر؟
ليأتي القول على أن المشرع المغربي و بموجب القوانين المنظمة لمهنة المحاماة
والمفوضين القضائيين وخطة العدالة ثم التوثيق ،أكد على أن األمر يرجع للسلطة التقديرية
قصد تقدير خطورة الفعل الجرمي المرتكب كمعيار غير مقيد للنيابة العامة، 495
لهذه األخيرة
وهذا راجع لكون هاته القوانين أتت بهذه المكنة على سبيل الجواز و ليس اإللزام ،وبالتالي
فإن األمر مرتبط تحققه بما قد يأتيه المهني من أفعال منافية للضوابط المهنية نظ ار لموقعه
_491حسب الفقرة األولى من المادة 32من القانون 19114التي جاء فيها " :يمكن للوكيل العام للملك -كلما فتحت
متابعة تأديبية ،أو جنحية أو جنائية ،ضد عدل -أن يوقفه مؤقتا عن عمله بإذن من وزير العدل".
_492المادة 22من القانون .4711.
_493المادة 99من القانون .72112
_494بالرغم من عدد صراحة المادة 43من القانون ،21114التي جاءت بمصطلح اإلخالل الخطير دون بيان لطبيعته
التأديبية أو الجنحية أو الجنائية ،و التي ربطته بتحريك المتابعة التأديبية دون الزجرية.
_495باختالف مركزها في تفعيل هذا األثر ،أي الوكيل العام للملك بالنسبة لكل من العدول و الموثقين ،و وكيل الملك
بالنسبة للمفوضين القضائيين ،و مجلس الهيئة بالنسبة للمحامين ،الذي يتقدم بموجبه الوكيل العام للملك بطلب فقط يوجه
لهذا األخير.
164
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
الذي يفترض فيه التحلي بالنزاهة واالستقامة و التقييد بأعراف و ضوابط المهنة و االبتعاد
عن المحظور ،هذا مع التأكيد على قرينة البراءة األصلية.496
و معه تبرز أهمية وقوف ممثل النيابة العامة على دراسة الوقائع واألفعال المنسوبة
لهذا المهني أساسا كمرحلة سابقة تربط بين اإلقامة و التحريك للمتابعة الزجرية ،نظ ار للصفة
المهنية التي تميزه عن سائر األفراد ليتخد ما يراه مالئما سواء بالمتابعة و اإلحالة على
قاضي التحقيق أو قاضي الحكم أو اتخاذ قرار الحفظ النعدام العنصر الجرمي ،فهذا األمر
ل ه القانون المهني تنظيما قانونيا و هذا راجع لكون المشرع المغربي قد أخد ال يجد
باألسلوب التقديري في المتابعة بخصوص إلزامية اإليقاف تزامنا مع المتابعة الزجرية ،وهو
ما سبب نوعا من التباين أثناء الممارسة العملية بين اتسام هذه العملية بالبطء أو السرعة في
اتخاذ قرار تحريك الدعوى العمومية من عدمه ،دون الوقوف على التثبت من وجود قرائن
كافية للمتابعة الجنائية.
_496وفقا للمادة 1من ق.م.ج التي تجد مبدأها الدستوري في الفصل 11.من دستور .7111
_497منشور عدد 14س 7الصادر عن و ازرة العدل قسم مساعدي القضاء بمديرية الشؤون المدنية ،بتاريخ 74مارس
7117بالرباط ،في موضوع متابعة المفوضين القضائيين أمام القضاء الجنائي.
165
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
و هو نفس األمر الذي جاء تأكيده بالنسبة لمهنة خطة العدالة ،بعد أن أصبحت
الشهادات اللفيفية تؤرق عمل أشخاص هذه المهنة ،حيث تعتمد النيابات العامة عليها كسند
موجب لتحريك الدعوى العمومية ،مما دفع بالهيئة الوطنية إلى إصدار بيان استنكاري في
المتابعات القضائية ضد العدول ،و الموجه إلى و ازرة العدل باعتبارها جهة إشراف على
النيابة العامة فيما اتصل بتنفيذ السياسة الجنائية قبل متم السابع من أكتوبر لسنة ،4980.33
وفقا للدورية الصادرة عن مديرية الشؤون الجنائية و العفو التابعة لو ازرة العدل.499
إلى درجة أن أثر المتابعات على المهن القانونية و القضائية ،دفع بو ازرة العدل إلى
توجيه منشور آخر ذا صلة مهنة المحاماة ،500يؤكد على عمل النيابات العامة بالمحاكم
العادية الزجرية القيام بإشعار و ازرة العدل بوقائع قضايا هذه المتابعة الزجرية معززة بوجهة
نظرها قبل اتخاذ أي قرار يقضي بمتابعة المحامين.
مما خلق معه األمر نوعا من الخضوع للتسلسل الرئاسي ،أثناء العمل القضائي للنيابة
العامة بخصوص تحريك الدعوى العمومية ضد أشخاص المهن القانونية و القضائية وعلى
آخر لوزير العدل سنة 0.3. 501
الخصوص مهنة المحاماة ،و هو ما أكده منشور
_ 498و هذا قبل نقل صالحية وزير العدل في اإلشراف على النيابة العامة إلى الويل العام للملك بصفته رئيسا لهذه األخيرة
بموجب القانون ، 44112بالرغم من حسمنا في مسألة عدم تأثر إشراف و ازرة العدل حاليا فيما يتعلق بمراقبة المهن القانونية
و القضائية وفقا لمنشور رئيس النيابة العامة المؤرخ في 0يناير ،0.3.و كون هذا التوجه هو األنسب و األسلم تأكيدا لما
نصت عليه مختلف المقتضيات المنظمة لهذه المهن و مراسيمها التطبيقية ،وفقا لما سبق لنا تحليله في الفصل األول من
هذا البحث.
_499دورية عدد 74س 4بتاريخ 14سبتمبر ،7112الصادرة عن مديرية الشؤون الجنائية و العفو التابعة لو ازرة العدل،
الموجهة إلى النيابة العامة للمحاكم االبتدائية و االستئناف ،حول المتابعات المثارة في حق العدول ،و الذي أكد على موافاة
الو ازرة المكلفة بقطاع العدل بآراء النيابات العامة بهذا الخصوص على وجه االستعجال ،قصد العمل على عقد يوم دراسي
في الموضوع.
_500دورية عدد 14س 4بتاريخ فاتح يونيو ،7111من مديرية الشؤون الجنائية و العفو التابعة لو ازرة العدل ،والموجهة
إلى الوكالء العامين للملك و وكالء الملك بالمحاكم العادية الزجرية ،المتعلق بمتابعة السادة المحامين.
_501منشور صادر عن وزير العدل و الحريات ،عدد 9س 4المؤرخ في 74فبراير 7117بالرباط ،الموجه إلى النيابات
العامة بالمحاكم الزجرية ،حول الشكايات المقدمة في مواجهة السادة المحامين.
166
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
بخصوص بطء معالجة الشكايات الموجهة ضد المحامين بخصوص الشيكات بدون مؤونة،
و معه المطالبة بتسريع وثيرة البت داخل أجل معقول مع احترام المسطرة القانونية ،و هو
آخر متصل بالموثقين 502
نفس األمر نفسه المتخذ بعد إصدار منشور وزاري سنة 0.30
بخصوص التسريع من عملية المعالجة للشكايات المتخذة ضدهم ،و على الخصوص ما
اتصل بالتزوير ،ومعه العمل على اتخاذ القرار المناسب و المالئم داخل أجل معقول.
أما بالنسبة آلجال اإليقاف المؤقت ألشخاص المهن موضوع دراستنا ،حيث عمل
المشرع المغربي على تحديدها بموجب قوانين هذه المهن ،وذلك في حالة تحريك النيابة
العامة للمتابعة الجنائية ضدهم ،لكنه أبرز نوعا من التباين الراجع لخطورة الجريمة ،حيث
أكد في القانون المنظم لمهنة المحاماة على أنه ال يمكن أن تتجاوز مدة اإليقاف سنة
إن توبع المحامي في حالة سراح ،504لكن تجاوز هذه المدة قد يتحقق في حالة 503
كاملة
متابعة النيابة العامة له في حالة اعتقال دون األخذ بعين االعتبار لنوع الجريمة ،كما أن
انتهاء مفعول اإليقاف يكون بقوة القانون بمجرد التصريح ببراءته بالرغم من عدم نهائية
المقرر لعدم التوضيح التشريعي بهذا الخصوص ،505و يبقى لمجلس الهيئة وحده حق رفع
المنع المؤقت إما تلقائيا أو بطلب من المحامي المتابع جنائيا.506
_502رسالة دورية صادرة عن وزير العدل و الحريات ،عدد 121س 4بتاريخ 41مارس ،7117الموجهة إلى النيابات
العامة بالمحاكم الزجرية ،بخصوص البث في الشكايات المقدمة في مواجهة السادة الموثقين.
_503أكدت المادة 111من قانون المحاماة على أنه " :تكون جميع اآلجال المنصوص عليها في هذا القانون كاملة ،فال
يحتسب اليوم األول الذي أنجز فيه اإلجراء ،و ال اليوم األخير الذي ينتهي فيه األجل.
إذا صادف اليوم األخير يوم عطلة ،امتد األجل إلى أول يوم عمل بعده".
_504الفقرة الرابعة من المادة 99من القانون .72112
_505الفقرة السادسة من المادة 99من القانون .72112
_506الفقرة الخامسة من المادة 99من نفس القانون.
167
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
لتحديد أجل اإليقاف المؤقت عند تحريك النيابة العامة للدعوى العمومية ضد الموثق والعدل
إلى حين الفصل في المتابعة بالبراءة أو اإلدانة من طرف القضاء الجنائي ،فإن تعلق األمر
بجنحة ماسة بشرف المهنة لكالهما فأجل اإليقاف المؤقت محدد في أربعة أشهر ،ما لم
تقضي المحكمة ببرائتهما قبل هذا التاريخ ،507أما في حالة كان للفعل المرتكب من العدل أو
الموثق صبغة الجناية فإن اإليقاف المؤقت يستمر على أن ال تتعادى مدته سنة أو قبلها
أو الحكم ببرائته في الموضوع.509 508
حين إصدار األمر بعدم المتابعة أو اتخاذ قرار بالحفظ
األمر الذي تعاكسه المادة 12من القانون المنظم لمهنة المفوضين القضائيين ،510التي
لم يميز فيها المشرع المغربي تعلق اإليقاف المؤقت بين حاالت تحريك النيابة العامة للدعوى
العمومية في الجنح أو الجنايات و كذلك تحريكها للمتابعة التأديبية ،و حدد مدة اإليقاف
المؤقت عن العمل في أجل الشهرين في جميع األحوال ،مع أن هذه الصالحية ممنوحة
حص ار لوكيل الملك لكن األمر ال يطرح أي إشكال إن تعلق األمر بجناية نظ ار للتسلسل
الرئاسي الذي يميز النيابة العامة.511
_507المادة 32فقرتها الخامسة من القانون ،19114و المادة 22فقرتها التاسعة من القانون .4711.
_508لم نجد في نص المادتين المتعلقتين بارتكاب العدل أو الموثق لجناية ،إشارة من قبل المشرع المغربي لحالة اتخاذ
النيابة العامة لقرار الحفظ ،و إنما اقتصر على حالة عدم المتابعة من قبل قضاء التحقيق أو البراءة أو اإلدانة لقضاء
الموضوع ،مما يحيلنا بالرجوع لصالحيات النيابة العامة بموجب قانون المسطرة الجنائية في مادته ،3.قصد إضفاء نوع
من التكامل اإلجرائي المتصل بتحريك الدعوى العمومية من قبل الوكيل العام للملك المختص نوعيا في الجنايات والجنح
المرتبطة بها ،بالرغم من خلة نص المادتين أعاله من ذلك.
_509المادة 32فقرتها السادسة من القانون ،19114و الفقرة العاشرة من المادة 22من القانون .4711.هذا دون تطرقنا
لحالة اإلدانة التي سنعمل على دراستها الحقا أثناء الحديث عن اإلشكاالت المرتبطة بالمتابعة الجنائية و اتصالها
بالتأديبية.
_510نصت الفقرة الثانية من المادة 43من القانون 21114على أنه " :إذا تبين لوكيل الملك من خالل تحرياته وقوع
إخالالت مهنية خطيرة ،أمكنه إيقاف المفوض القضائي مؤقتا عن العمل لمدة ال تتجاوز شهرين. ".. ،
_ 511تفيد هذه الخاصية أن كل عضو من أعضاء النيابة العامة مرؤوس و خاضع لرئيسه في حدود الدائرة القضائية التي
تدخل ضمن النطاق الترابي لها.
عبد الواحد العلمي ،شروح في القانون الجديد المتعلق بقانون المسطرة الجنائية -الجزء األول ،م.س ،ص ..2
168
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
ثانيا :طبيعة تدخل الهيئات و المجالس المهنية أثناء تحريك المتابعة الزجرية
تلعب الهيئات و المجالس المهنية دو ار في غاية األهمية ،من خالل الحرص على
توفير األمن المهني بكافة تجلياته و المهام المسندة إليها ،و فيما يتعلق بمرحلة إقامة أو
تحريك الدعوى العمومية من النيابة العامة لما في األمر من خصوصية تجاه أصحاب
الصفة المهنية ،كما هو الحال بالنسبة للمحامي أو المفوض القضائي أو الموثق أو العدل
أثناء إثارة مسؤوليتهم الجنائية.
و قد أكدت قوانين المهن القانونية و القضائية على أنه ال توجد أي مصلحة بخصوص
إقامة الدعوى العمومية ،و هو نفس األمر المؤكد بموجب قانون المسطرة الجنائية ،فقد
حددت المادة 4أن النيابة العامة هي التي تستفرد بمهمة اإلقامة و التحريك ،لكن فيما يتعلق
باإلقامة فقد أتاح المشرع المغربي حق إقامتها من قبل المتضرر و أيضا من الموظفون
المكلفون بذلك ،فالتفسير األقرب هو إسناد المشرع المغربي لهم القيام ببعض مهام الشرطة
القضائية و ليس جلها كما هو الحال بالنسبة لمهمة اإلقامة بموجب نصوص خاصة ،وفقا
لمضمون الفرع الرابع من الباب الثاني من القسم األول من الكتاب األول لهذا القانون.512
لكن أن األمر يختلف عندما نتحدث عن هذه الهيئات و المجالس المهنية باختالف
مثال لها دور أساسي و قوي كسلطة للتأديب في شخص 513
فاعلية أدوارها ،فهيئات المحامين
مجلس الهيئة ،وبالتالي فالمشرع المغربي لم يسند لها سلطة إقامة الدعوى العمومية وال حتى
ممارسة مجاالت إبداء الرأي بخصوص كل إخالل مهني ذو طبيعة زجرية منسوب للمحامي
وترك ذلك بيد النيابة العامة أساسا و كذلك للمتضرر ،514و ترك بيدها فقط سلطة اتخاذ
169
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
مقرر معلل بمنع المحامي من ممارسة عمله مؤقتا عندما يتقدم الوكيل العام للملك بطلب
إليها.515
أما من جانب المجالس الجهوية أو الوطنية لكل مهن العدول و المفوضين القضائيين
حسب قانونيهما المنظمين لهاتين المهنيتين ،516فقد جاء التأكيد على أن وحدة قرب
إصدارهما مكنتهما من تولي صالحية إبداء الرأي في كل إخالل ذو طبيعة زجرية أثناء
تحريك النيابة العامة أو المتضرر كجهات إلقامة و تحريك الدعوى العمومية قصد إثارة
المسؤولية الجنائية للعدل و المفوض القضائي ،و هذا راجع لكون الدور الذي تقوم به هذه
المجالس يكتسي طابعا رقابيا محضا ،و كذلك فأمر تحريك المتابعة التأديبية أو إيقاعها،
خصه المشرع المغربي للنيابة العامة و لغرفة المشورة حسب االختصاص ،517و بالتالي ال
نجد لألمر امتدادا عند الحديث عن إقامة الدعوى العمومية ،و لكن كل ما في األمر من
خصوصية هو منح المشرع المغربي لكل من المجلس الوطني و الجهوي للعدول ،صالحية
إبداء الرأي في كل ما من شأنه أن يشكل متابعة زجرية تحركها النيابة العامة ضد العدل
المتابع جنائيا و رفع تقرير بذلك إلى الوكيل العام للملك ،518و الذي لن يثير أي إشكال
كما أفرده المشرع المغربي في نص المادتين 31و 3. 519
بخصوص االختصاص النوعي
و الراجع لنوع الجريمة المرتكبة ،و هو األمر نفسه الذي ال نجد فيه اختالفا بخصوص مكنة
170
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
إبداء الرأي و رفع تقرير إلى النيابة العامة من قبل الهيئة الوطنية أو الجهوية للمفوضين
القضائين أثناء المتابعة الزجرية ضد المنتسب لهذه المهنة ،520لكن هذا الدور الرقابي
المعزز إلقامة الدعوى العمومية ضده يرجع كذلك لرئيس المحكمة االبتدائية فيه ،سلطة
تحرير تقرير لكل إخالل مهني قد يشكل فعال جرميا و المنسوب له و إحالته للنيابة العامة
كجهة للمتابعة الجنائية ،521و أيضا ال نجذ في األمر من اختالف بخصوص ما جاء به
القانون 4711.المنظم المهنة التوثيق ،و أوضح تمسك المشرع المغربي بالدور االستشاري
في إبداء الرأي بالنسبة للهيئة الوطنية للموثقين و مجالسها الجهوية كذلك في كل إخالل
كيفما كانت طبيعته و رفع تقرير للوكيل العام للملك بهذا الخصوص.
الفقرة الثانية :الضمانات اإلجرائية لمتابعة المهن القانونية و القضائية أثناء البحث
التمهيدي
يبقى الفرق جليا بين قوانين المهن القانونية و القضائية موضوع دراستنا كخصوصية
أولى بين هذه القوانين ،إضافة لما أقره المشرع المغربي من خصوصيات إجرائية أثناء مرحلة
البحث التمهيدي و التي تضطلع به النيابة العامة ،و عليه سنعمل على التطرق إلى
خصوصية هذه المساطر في بعدها القانوني (أوال) ،ثم المرور إلى الحديث عن مكنة تعلق
بعضها بالجزاء اإلجرائي كما هو الحال بالنسبة للتفتيش (ثانيا).
_520المادتين 14و 49من المرسوم التطبيقي ألحكام القانون 21114المنظم لمهنة المفوضين القضائيين ،الصادر بتاريخ
72أكتوبر .7112
_521وفقا للمادة 44من القانون ، 21114الذي يمنح لرئيس المحكمة االبتدائية سلطة الرقابة ،و بشكل مزدوج مع وكيل
الملك لدى نفس المحكمة ،و هو األمر الذي سبق لنا الحديث عن إبان التطرق للمراقبة البعدية على أعمال المفوض
القضائي في الفصل األول.
171
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
أوال :خصوصية مساطر متابعة المهنيين بين التنصيص التشريعي الصريح
والضمني.
خصص المشرع المغربي بموجب قانوني مهنتي التوثيق و المحاماة ،مقتضيات إجرائية
تؤكد و بشكل صريح النص القانوني على خصوصية متابعة المحامي و الموثق عند كل
بحث أو استماع أو اعتقال بشأن أي فعل جرمي ذو صلة بمزاولة المهنة ،حيث جاءت
المادة 4.من القانون 72112صريحة بقطعية إشعار النقيب أو من ينوب عنه أثناء
523
من قبل الضابطة القضائية 522
االستماع إليه قبل كل وضع رهن تدابير الحراسة النظرية
أثناء مرحلة االشتباه أو بعده باالعتقال من النيابة العامة ،524كما أن هذا البحث ال يكون إال
سواء في األحوال العادية أو التلبسية ،526و 525
من طرف النيابة العامة في شخص ممثلها
الوارد في نص المادة 42من نفس 527
بالرغم من تعارض األمر مع حصانة الدفاع
القانون ،528األمر الذي سبق أن طرح إشكاالت عملية عديدة أثناء تطبيق نص هذه المادة
_522حسب المادتين 99و 21من ق.م.ج التي أكدت على المدد القانونية الحراسة النظرية و يتجلى الفرق بين البحث
التمهيدي العادي والتبلسي بضرورة تقديم أمام النيابة العامة سواء في الجنحة أو الجناية ،ففي األحوال العادية تتحدد المدة
في في 32ساعة قابلة للتمديد ل 73ساعة ،أما إذا تعلق األمر بالمس بأمن الدولة الداخلي أو الخارجي فإن المدة تصبح
.9ساعة قابلة للتمديد مرة واحدة ،أما إن تعلق األمر بجريمة إرهابية فتصير المدة .9ساعة قابلة للتمديد مرتين ،و كل
األحوال فهي تقتضي حصول ضابط الشرطة القضائية على اإلذن الكتابي من وكيل الملك أو الوكيل العام حسب
اختصاصهما النوعي-أي الجنايات و الجنح المرتبطة بها بالنسبة للوكيل العام ،أو وكيل الملك بالنسبة للجنح.
_ 523ال نجذ في قانون المسطرة الجنائية أي إشارة لمفهوم الضابطة القضائية و إنما يبقى حصر هذا المفهوم بالنسبة
لضباط الشرطة العاديون أي المنتمين لألمن الوطني أو الدرك الملكي و لإلدارة العامة لمراقبة التراب الوطني المختصين
في الجرائم الواردة في المادة 112وفقا لما جاء في المادة 71من نفس القانون.
_524حسب الفقرة األولى من نص المادة 4.من القانون 72112التي جاء فيها " :ال يمكن اعتقال المحامي أو وضعه
تحت الحراسة النظرية ،إال بعد إشعار النقيب ،و يستمع إليه بحضور النقيب أو من ينتدبه لذلك".
_525حسب الفقرة الثانية من المادة 4.من قانون المحاماة.
_ 526عمل المشرع المغربي على تحديد حاالت التلبس بموجب قانون المسطرة الجنائية من خالل المادة 49منه.
_ 527للتوسع في منظور حصانة الدفاع راجع :حميد الوالي ،حصانة الدفاع في القانون المغربي ،مقالة منشورة بمجلة
المعيار ،تصدر عن هيئة المحامين بفاس ،العدد 34يونيو ،7111ص 72و ما يليها.
_528وفق تأكيد المادة المادة 42من القانون ،72112التي حصنت كل ما يصدر عن المحامي من أقوال أو كتابات أثناء
ممارسته لمعمله ،من تجريم إهانة المحكمة حسب نص الفصل 794من القانون الجنائي فقرته الثانية ،و أيضا مقتضيات
172
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
بعد نفاذ هذا القانون ،529األمر الذي استرعى اهتمام الو ازرة المكلفة بالعدل و التي بدورها
دعت إلى عقد ندوة ثقافية لتدارس اإلشكاليات المتصلة بتطبيق المادة موضوع دراستنا ،و
ذلك من خالل توجيهها لرسالة دورية صادرة عن مديرية الشؤون الجنائية والعفو بتاريخ 72
مايو ،530711.والموجهة إلى الرؤساء األولين لمحاكم االستئناف والوكالء العامين بها
و منه محاولة تسليط الضوء على الحلول 531
لغاية توحيد العمل القضائي بين محاكم المملكة
الناجعة أثناء تطبيق هذه المادة.
السب و القذف الواردة في الفصل 33من نفس القانون المحيل على المادة 29من القانون 14122المتعلق بقانون
الصحافة و النشر ،و فتحت فقط مكنة إثارة المتابعة التأديبية.
و هو األمر الذي سنعمل على التوسع فيه أثناء التطرق لصالحيات رئيس الجلسة في حفظ النظام و المشكل لجرائم
الجلسات.
_529و من جانب التشريع المقارن ،نجد أن المشرع المصري هو اآلخر أكد على ضمانات متابعة المحامي بموجب المادة
41من قانون المحاماة ،و التي جاء فيها على أن كل اعتقال أو تفتيش ال يكون إال بإخبار للنيابة العامة و ليس الحضور
كما أكد على ذلك المشرع المغربي ،أضف إلى ذلك فقد جاء التأكيد على أن على النيابة إشعار نقابة المحامين الفرعية قبل
الشروع في أي شكوى بوقت مناسب.
للتوسع راجع ،كمال عبد الواحد الجوهري ،م.س ،ص .22
_530رسالة دورية عدد 41س 4الصادرة عن و ازرة العدل -مديرية الشؤون الجنائية و العفو ،المؤرخة بتاريخ 72مايو
،711.في موضوع عقد ندوة ثقافية لتدارس اإلشكاليات التي تطرحها تطبيق المادة 4.من قانون المحاماة.
_ 531و قد أورت هذه الرسالة الدورية الصادرة عن مدير الشؤون الجنائية و العفو التابعة لو ازرة العدل -محمد عبد النباوي
الذي هو رئيس النيابة العامة حاليا و الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض و عضو من أعضاء المجلس األعلى للسلطة
القضائية حسب الفصل 114من الدستور ،-جملة من اإلشكاليات المحورية و هي:
-تحديد المقصود باالستماع ،و م دى ارتباط تطبيق هذه المادة من طرق الشرطة القضائية و النيابة العامة ،أم أن
األمر يتعدى ذلك لتطبيقها أمام قاضي التحقيق و أما هيئة الحكم.
ارتباط إشعار النقيب قبل كل وضع رهن تدابير الحراسة النظرية أو االعتقال في حالة التلبس أو في الحالة -
العادية.
-كيفية إشعار النقيب ،كتابة أم بالهاتف أم بالفاكس ،نظ ار لحالة االستعجال و الفورية في مسايرة اإلجراءات.
حالة تعذر إشعار النقيب و عدم تعيينه لمن يقوم مقامه. -
الجهة المتعين إشعارها بالنسبة لحالة تغيب النقيب أو غيابه عن الدائرة القضائية ،و كذلك الحالة التي يكون فيها -
مقر النقي ب بعيدا هن مكان إيداع المحامي رعن الحراسة النظرية أو االعتقال أو الذي ستتم بها عملية االستماع.
حالة وقوع الفعل الجرمي خارج الهيئة التي يزاول بها المحامي مهامه ،هل يشعر نقيبه أم نقيب الهيئة التي حل -
بها.
173
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
و هو أيضا ما أكده العمل القضائي في العديد من ق ارراته ،و التي نورد منها قرار
محكمة االستئناف بالدار البيضاء عدد 7114/27الصادر بتاريخ ،7114/19/13و الذي
جاء في تعليله .. " :ال يمكن اعتقال المحامي أو وضعه تحت الحراسة النظرية إال بعد
إشعار النقيب و يستمع إليه بحضور النقيب أو من ينتدبه ،و أن هذه المقتضيات تهم
المحامي الرسمي و حتى المحامي المتمرن".532
أما من جهة الموثق فقد أكدت صراحة المادة .7من قانون التوثيق هي األخرى على
أن اعتقال هذا األخير أو وضعه تحت الحراسة النظرية يتأتى بإشعار رئيس المجلس الجهوي
بذلك ،دون حصر هذه المهمة فيبد ممثل النيابة العامة كما فعل المشرع المغربي مع
المحامي ،و إن تعلق األمر برئيس هذا المجلس نفسه فان األمر يتطلب إشعار المجلس
الوطني للموثقين ،دون تأكيد على حضوره الشخصي لهذين األخيرين من عدمه حسب نص
المادة ،533لما في من مهمة التوثيق من دور مهم و كذلك من خطورة ،نظ ار لجسامة
المسؤولية الملقاة عليه ،فهي تبقى حسب بعض الفقه مهنة الظنون و التهم واالنزالقات ،مما
يستدعي منحها حرمة مهنية خاصة و إحاطتها بالحماية الالزمة ،فتمكين الموثق من ضمانة
174
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
_534العلمي الحراق ،الوثيق في شرح مهنة التوثيق ،م.س ،ص 1.1و .1.7
_535المادة 44من القانون ،19114و كذلك المادة 44من النظام الداخلي للهيئة الوطنية للعدول ،الذي أشار هو اآلخر
و بشكل ضمني إلشعار النيابة العامة لرئيس المجلس الجهوي في كل إخالل منسوب للعدل.
_536المادة 49من المرسوم التطبيقي ألحكام القانون .21114
175
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
رأينا ،537لكنها تبقى ضمانة أساسية لحفظ كرامة المهنيين وحفظا للسير العادي لعملهم و
لحرمة مهنهم.538
ليتقرر للنيابة العامة وفقا لسلطتها التقديرية صالحية متابعة المهني في حالة اعتقال أو
أو جناية ،540وإلتحاد 539
في حالة سراح ،وفقا الختالف نوع الجريمة و خطورتها من جنحة
مبررات المتابعة في حالة اعتقال إذا لم تتوافر في هذا المهني ضمانات كافية للحضور أو
لخطورة الجرم المرتكب من طرفه.
ثانيا :تعلق جزاء البطالن بخصوصية تفتيش مكاتب أشخاص المهن القانونية
و القضائية
لم يعمل المشرع المغربي على التأكيد على جهة القيام بتفتيش مكاتب المهن القانونية و
القضائية ،و من ضمنها مهنة المحاماة ،بإسنادها للنيابة العامة أثناء مرحلة البحث التمهيدي
فقط ،بل أكد على الجزاء الصريح عن اإلخالل بشكليات القيام بذلك تحت طائلة بطالن
إضافة للجزاء الجنائي لكل من خرق 541
اإلجراء المعيب و ما قد يترتب عنه من إجراءات
هذه المسطرة،542لكن األمر ورد بنوع من االزدواجية المؤكدة على احترام هذا اإلجراء في
القانون المنظم لمهنة المحاماة دون باقية المهن األخرى ،543حيث أكدت المادة 4.فقرتها
_537و هو األمر المستشف من الفقرة 13من المادة 99المتعلقة بالبحث التلبسي ،و الفقرة األخيرة من المادة 21من
نفس القانون المتعلقة بالحث التمهيدي في أحواله العادية.
_538محمد بلهاشمي التسولي ،ج ،7ص .119
_539المادتين 23و 424منق.م.ج.
_540المادة 24من ق.م.ج.
_541المادة 94من ق.م.ج.
_542حسب نص الفصل 741من ق.ج.
للتوسع راجع :أحمد قيلش و آخرون ،الشرح العملي لقانون المسطرة الجنائية ،م.س ،ص .111
_543حيث جاءت المادة .7من القانون 4711.من قانون التوثيق مثال لتؤكد على أحكام اإلفراغات المتصلة بمكاتب
الموثقين ،بإشعار المجلس الجهوي ،دون إجراء التفتيش بمناسبة إجراءات البحث التمهيدي في مواجهة الموثق المتابع من
أجل جنحة أو جناية.
176
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
الثانية من قانون المهنة على اإلسناد الصريح للقيام بعملية تفتيش مكتب المحامي أثناء
مرحلة البحث التمهيدي من قبل النيابة العامة لوحدها ،و الواردة أيضا في الفقرة الخامسة من
نص المادة 4.من قانون المسطرة الجنائية بشكل توضح حضوره الشخصي ،بالرغم من
لكون التحديد ورد بشكل خاص دون غيره 544
الحاالت التي تستلزم إجراء تحقيق إعدادي
وبحضور نقيب هيئة المحامين.545
عكس ما جاء بموجب نص قانون المسطرة الجنائية في مادته ،4.حيث جاء فيها أن
كل تفتيش في أماكن معدة لالستعمال المهني الذي تلزمه طبيعة عمله بكتمان السر المهني
كما هو الحال بالنسبة للموثق أو المفوض القضائي أو العدل كنوع من التدارك لما لم يرد في
النصوص المنظمة لهذه المهن ،و التي يرجع القيام به لضابط الشرطة القضائية بعد إشعاره
للنيابة العامة فقط دون الحصول على اإلذن المكتوب منه و دون حضور هذا األخير ،والذي
عليه أن يتخذ كل اإلجراءات الضرورية والتدابير الضامنة الحترام السر المهني بحيث يعمل
ما أمكن على أن يطلع لوحده على المحجوزات دون مساعديه باستثناء صاحب المكان،546
عكس جهة اإلسناد المنوطة لممثل النيابة العامة بالنسبة لتفتيش مكتب المحامي و التي
تستوجب حضوره ،وذلك في كل ما اتصل بحجز من شأنه أن يشكل وسائل لإلثبات الفعل
الجرمي المرتكب من جنايات و جنح يأتيها أشخاص هذه المهن موضوع دراستنا كأوراق
ووثائق أو المستندات أشياء أخرى في حوزتهم أو تثبت مشاركتهم في ذلك ،547على أن يتم
تحرير محضر بالعملية مع احترام مدد التفتيش المحددة بعد السادسة صباحا إلى التاسعة
177
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
مساءا إال في حالة بدء التفتيش في ساعته القانونية و تجاوزته ،والتي ال تدخل ضمن
االستثناءات المحددة لتجاوز المدد المحددة.548
كما أن امتداد عملية التفتيش قد تصل إلى منازل أشخاص المهن القانونية والقضائية،
وهذا ما لم تورد بشأنه القوانين المنظمة لهذه المهن أية خصوصية تذكر ،و بالتالي يبقى
الرجوع في ذلك أن تنزل منزلة المقتضيات العامة الواردة في قانون المسطرة الجنائية ،والتي
حددت ضوابط مهمة عند كل اشتباه بوجوب حضور الشخص المعني أو من يقطنون معه
أو من تربطه به قرابة ،و إن تعذر ذلك فعلى ضابط الشرطة القضائية العادي ،أن يستدعي
شاهدين لحضور التفتيش من غير الموظفين الخاضعين لسلطته ،أما إن كان هذا المهني
من الغير الغير المشتبه فيهم و المحتمل حيازته لمستندات أو أشياء ذا صلة باألفعال
الجرمية ،فقد أوجب المشرع ضرورة حضوره ،إال في حالة تعذر هذا الحضور لضرورة
قصوى ليتسنى لضابط الشرطة أن يستعين بالشاهدين األجنبيين ،549مع وجوب التزامه بسرية
األبحاث تحت طائلة الجزاء الجنائي الخاص بهذا الخرق و ليس عقوبة إفشاء السر المهني
الواردة في الفصل 339من القانون الجنائي العتباره غيرا ،والمحددة بعقوبة الحبس من شهر
واحد إلى ستة أشهر و غرامة مالية من 11711إلى 71111درهم.550
أما من جهة القانون المقارن ،فنجذ أن المشرع الفرنسي المسطرة الجنائية الفرنسي قد
أضاف إلى عملية تفتيش مكتب المحامي ،حالة معارضة النقيب أو من يمثله لعملية حجز
إحدى الوثائق أو األشياء الذي له حق اإلطالع عليها ،بدعوى عدم قانونية اإلطالع عليها
أثناء تفتيش مكتب المحامي المتهم ،على أن ينجز ممثل النيابة العامة محض ار خاصا
_548كما هو األمر بالنسبة ألماكن و محالت العمل التي لم يحدد طبيعته هل يدخل ضمن أعمال المهن الحرة أو األعمال
تجارية ،أو محالت النشاطات الليلية المعتادة ،و أيضا في الجرائم اإلرهابية حسب المادتين 91و 97من ق.م.ج ،أو
جرائم المخدرات التي تستوجب اإلذن الكتابي للقيام بتفتيش المساكن خارج مدة التفتيش األصلية.
_549المادة 91من ق.م.ج.
_550المادة 91من ق.م.ج.
178
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
ومستقال بذلك و يحيله على قاضي الحريات وفقا للمادة 4911من نفس القانون ،551و هو
ما تداركه مستجد مشروع قانون المسطرة الجنائية المغربي بنصه ضمن نص المادة 4.
فقرتها السادسة على صالحية االعتراض على عملية الحجز الغير القانونية التي يبت فيها
رئيس المحكمة المختصة و يتحقق من صحة االعتراض من عدمه.552
حيث يرى جانب من الفقه الجنائي المغربي ،553أن ضمانات التفتيش الممنوحة لمكاتب
هذه المهن الحرة و التي تقيد ممارسيها بحفظ السر المهني بموجب القانون ،ال بد من
تعميمها على كافة المهن ،مع تفعيل دور المجالس و الهيئات المهنية إلى جانب النيابة
العامة ،و منح النقباء و رؤساء المجالس صالحية إبداء المالحظات و طرح األسئلة ،إضافة
إلى عرض ما قد يفيد تقييد السر المهني ،لما فيه من فائدة أساسية تحفظ حقوق المتعاملين
مع هذه المهن.
المطلب الثاني :اآلثار الالحقة لتحريك النيابة العامة للمتابعة الزجرية ضد
المهن القانونية و القضائية
يقتضي كل ما سبق لنا تناوله بخصوص عمل النيابة العامة و امتداد دورها الزجري
على ما تم تأكيده أيضا من خصوصيات مسطرية متصلة بمتابعة أشخاص المهن القانونية
والقضائية ،التطرق المتداد تحريك النيابة العامة للدعوى العمومية بملتمس فتحها للتحقيق
اإلعدادي و صلته كذلك بأصحاب الصفة المهنية و كذلك ما يضطلع به قاضي التحقيق من
صالحيات و أيضا ما بعد ذلك أثناء مرحلة المحاكمة أمام قضاء الموضوع (الفقرة األولى)،
179
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
ثم بحث مدى تعلق المتابعة التأديبية و المتابعة الجنائية بجهة النيابة العامة كجهة للتحريك،
و كذلك آثر تحريك الدعوى العمومية على تحريك الدعوى التأديبية ضد أصحاب الصفة
المهنية (الفقرة الثانية).
إن غاية المشرع المغربي من منطلق القواعد اإلجرائية المنظمة لمراحل سير الدعوى
العمومية الواردة بموجب قانون المسطرة الجنائية ،تروم إلى كون مرحلة ما قبل المحاكمة
تشهد هيمنة النيابة العامة على تسيير أعمال البحث التمهيدي ،لكن األمر بالنسبة للتحقيق
اإلعدادي كمرحلة تتوسط البحث التمهيدي والمحاكمة لفصل سلطة المتابعة عن سلطة
-قضاة التحقيق -555المستقل عن 554
التحقيق ،تشهد حضور سلطة الضابط السامي الثالث
جهاز النيابة العامة و عن المحكمة و عن أطراف الخصومة الجنائية ،و قد عمل المشرع
المغربي على منحه صالحيات كبرى ذات طبيعة قضائية لتمحيص األدلة وتحديد معالم
وفق ما جاء به القسم الثالث من 556
الجريمة ومعه تقدير مدى نسبة الجرم إلى مرتكبه
180
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
557
الكتاب األول لنفس القانون ،و بحضور ثنائي بالمحاكم االبتدائية و محاكم االستئناف
(أوال).
يأتي تناول الدور األساس الذي يضطلع به قضاء الموضوع الجنائي ،سواء أثناء تقديره
للمسؤولية الجنائية ألشخاص المهن القانونية و القضائية ،من خالل ما أسنده المشرع
الجنائي المغربي لهذا األخير من سلطات و صالحيات ،558إلى دراسة مدى بسط رقابته
على التكييف القانوني للفعل الجرمي الذي أعطته النيابة العامة كسلطة اتهام وأيضا تقدير
وسائل اإلثبات في مواجهتهم ،559إضافة إلى ما أوكله المشرع المغربي لرئيس الجلسة لحفظ
نظامها و حسن سيرها و مدى فاعلية تطبيقه كجزاء ضد المحامي كأحد المهن القانونية
والقضائية موضوع دراستنا دون غيره من هذه المهن ،560نظ ار لخصوصية األدوار التي تقوم
بها و عدم صلتها بمهمة الترافع (ثانيا).
_ 557تبنى المشرع المغربي الجنائي المسطري ،ثنائية التحقيق منذ إخراجه للقانون 77111بتاريخ 4أكتوبر ،7114وذلك
لغاية أساسية لتوفير ظروف مثلى للمحاكمة العادلة و تدعيم مبادئ حقوق اإلنسان في المحاكمة الجنائية و حماية الحقوق
و الحريات وفق ديباجة القانون ،و ذلك راجعا الكتساء بعض الجنح خطورة كبيرة التي قد تتجاوز الخمس السنوات كحد
أقصى ،كما هو الحال بالنسبة للجرائم االقتصادية و جرائم التزوير ،و أيضا لعدم كفاية مدد الحراسة النظرية في إلظهار
الحقيقة و معه التأثير في نتائج األبحاث ،و بالتالي ارتأى المشرع المغربي إدخال مؤسسة قضاء التحقيق للمحاكم الوالية
العامة لتفعيل مبدأ التحقيق الجنحي اختيا ار أو إلزاما حسب نص المادة 24من نفس القانون ،بالرغم من كون اإللزام في
التحقيق لم يعد بموجب أي نص خاص ،و ترك بذلك للنيابة العامة التماس إجرائه.
_ 558محمد علي المطيري ،سلطة القاضي الجنائي في تقدير المسؤولية الجنائية للموثق و العدل ،مقالة منشورة بمجلة
المنبر القانوني ،العدد ،14أكتوبر ،7112ص .172
_559عاطف ايت تكنوين ،م.س ،ص .37
_560عائشة شالل و سلمى عمور ،القيود الواردة على سلطة النيابة العامة في تحريك الدعوى العمومية و العمل القضائي،
بحث نهاية التكوين بالمعهد العالي للقضاء ،سنة التكوين /7114/7114ص 22و ما يليها.
181
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
أوال :افتتاح التحقيق اإلعدادي بملتمس النيابة العامة ضد المهنيين
يأتي حضور قاضي التحقيق متأرجحا بين اإللزامية و االختيارية حسب ما أكدته المادة
لفتح 561
24من قانون المسطرة الجنائية حتى يتسنى للنيابة العامة تقديم ملتمسها الكتابي
التحقيق وجوبا ،562و المعتبر كطريق من طرق اتصال قاضي التحقيق بالقضايا إلى جانب
الشكاية المباشرة المصحوبة باالدعاء المدني حسب المادة .7من نفس القانون والمتوقفة
هي األخرى على ملتمس األخيرة.563
_561حسب المادة 23من ق.م.ج المؤكدة على أن إجراء التحقيق متوقف على تقديم النيابة العامة لملتمسها ،و لو كان
قاضي التحقيق يقوم بمهامه في حالة التلبس
_562فحتى ما جاء به المشرع المغربي بموجب المادة 24من ق.م.ج المتصلة بإجراءات البحث و التحري في حالة التلبس
بالجنح أو الجنايات ،أكدت على الملتمس المباشر اإلستعجالي عند حضور قاضي التحقيق و وكيل الملك و الوكيل العام
للملك لمسرح الجريمة و على تخلي أعضاء النيابة العامة بقوة القانون عن القضية و عن جميع األعمال المتصلة بالبحث
التمهيدي ،على أن يرسل كافة وثائق التحقيق وما أنجز من عمليات ،و أن األمر ال يخضع لسلطة النيابة العامة في تعيين
هذا األخير في هذه الحالة كما جاء وفقا للمادة .1من نفس القانون.
_563حسب ما جاء به مقتضيات المادتين .7و .4من ق.م.ج.
_564المادة 24من ق.م.ج.
_ 565حيث نجذ أن إجراءات التحقيق إما أن تنصب على األشياء أو األماكن أو على شخص المتهم أو غيره كما هو الحال
بالنسبة ألشخاص المهن القانونية و القضائية موضوع المتابعة الجنائية من قبل النيابة العامة.
للتوسع راجع :عبد الواحد العلمي ،شروح في القانون الجديد بالمسطرة الجنائية-الجزء الثاني ،مكتبة النجاح الجديدة-الدار
البيضاء ،الطبعة السادسة ،7112ص .31
182
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
و قد أكد العمل القضائي أن خرق هذا اإلجراء يترتب عليه إبطال اإلجراء المعيب وفقا
بالرغم من عدم كفايتها كجزاء صريح ،حيث 570
للمادة 241من قانون المسطرة الجنائية
صدر قرار عن الغرفة الجنحية للمحكمة االستئناف بأكادير رقم 1271الصادر بتاريخ 4
مارس ،711.و التي جاء في حيثياته .. " :أن عدم حضور النقيب أثناء استنطاق إلى
المحامي المتابع ،يجعل االعتقال تعسفيا ،ويوجب معه رفعه و إلغاء أمر قاضي التحقيق
المستأنف ،"..فقضت بإبطال أمر االعتقال االحتياطي و برفع حالة االعتقال و وضعته
تحت تدابير المراقبة القضائية نظ ار لخطورة األفعال المنسوبة له المتمثلة في جنحتي النصب
و خيانة األمانة و قصد لضمان حضوره.571
_566تنص الفقرة األولى المادة 147من ق.م.ج " :األمر باإليداع في السجن هو أمر يصدره قاضي التحقيق إلى رئيس
المؤسسة السجنية كي يتسلم المتهم و يعتقله اعتقاال احتياطيا".
أما المادة 124من نفس القانون فقد أكدت " :يمكن إصدار أمر باالعتقال االحتياطي في أي مرحلة من مراحل التحقيق،
و لو ضد متهم خاضع للوضع تحت المراقبة القضائية".
_ 567نص المادة جاء بمصطلح البحث بالنسبة للمحامي المعتقل ،لتؤكد على الضمانة أساسا دون المرحلة المسطرية ،لدقة
االرتباط االصطالحي ،و استبعادا لحالة المادة 24من ق.م.ج.
_568كنوع من المقارنة ذات البعد المستحضر لحقوق الدفاع ،راجع بهذا الخصوص الباب السابع المتعلق باستنطاق المتهم
و مواجهته مع الغير من القسم الثالث المتعلق بالتحقيق اإلعدادي من الكتاب األول من ق.م.ج.
_ 569عبد العالي المومني ،دور و صالحية النقيب من خالل تطبيق مقتضيات الفقرة األولى من المادة 4.من قانون
المحاماة(الجزء األول) ،مقالة منشورة بالمجلة القانونية للمحكمة االبتدائية بمكناس ،العدد المزدوج الثاني و الثالث لسنة
،711.الطباعة دار أبي رقراق ،ص .19
_570المادة 241من ق.م.ج.
_571قرار لمحكمة االستئناف بأكادير في الملف الجنحي عدد ،1271الصادر بتاريخ 14مارس ،711.و المنشور
بمجلة المحاكم المغربية العدد ،112يناير -فبراير ،711.التي تصدرها هيئة المحامين بالدار البيضاء ،ص .197
و كذلك المنشور لدى :نور الدين التائبو ،م.س ،ص .114
183
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
ليتأكد بموجب ما سبق ارتباط خصوصية حضور النقيب أثناء مرحلة التحقيق
اإلعدادي ضد المحامي دون باقي المهن األخرى موضوع دراستنا و التي ال تثير أي
خصوصية توجب استلزام مكنة الدفاع قبل كل استنطاق أو بعده ،و هذا راجع لطبيعة هذه
المهن واختالف مهامها و بالتالي تبقى مكنة إشعار قاضي التحقيق لرؤساء المجالس
والهيئات المهنية ،572إال أن األمر يجد خصوصيته بالنسبة لهذه المهن من خالل الوضع
تحت المراقبة القضائية كتدبير استثنائي معمول به في الجنايات أو في الجنح المعاقب عليها
بعقوبة سالبة للحرية ،573هو ما اتصل بالتدابير الثمان عشر الواردة في المادة 191من
الذي بموجبه يتخذ قاضي 574
قانون المسطرة الجنائية ،و بالخصوص التدبير رقم 13
التحقيق تدبير المنع من مزاولة المهنة575شريطة أال يتجاوز الشهرين تجدد خمس مرات يبلغ
شفهيا للمتهم ،ويسجل هذا التبليغ بمحضر ليبلغ للنيابة العامة في أجل 73ساعة ،وذلك في
حالة ارتكبت الجريمة أثناء ممارسة المهنة أو بمناسبتها أو تالفيا الرتكاب جريمة أخرى كنوع
من التحوط القبلي و الوقائي ،لكل المهن الحرة و التي تدخل ضمنها المهن القانونية
_572وفقا لضمنية المادة .7من القانون ،4711.و المادتين 23و 44من القانون ،19114و المادتين 14و 49من
المرسوم التطبيقي للقانون .21114
_573إلى جانب االعتقال االحتياطي ،حسب نص المادة 14.من ق.م.ج ،و المنظمة ألحكام الوضع تحت المراقبة
القضائية من الفصول 191إلى 123من ق.م.ج.
_574أورد البند 13من المادة 191منق.م.ج تدبي ار يتخذ قا ضي التحقيق و الذي يتصل اتصاال وثيقا بالمهن القانونية و
القضائية و الذي جاء فيه )13 " :عدم مزاولة بعض األنشطة ذات طبيعة مهنية أو اجتماعية أو تجارية ماعدا المهام
االنتخابية أو النقابية ،و ذلك في الحلة التي ترتكب فيها الجريمة أثناء ممارسة هذه األنشطة أو بمناسبتها ،أو إذا كان
يخشى ارتكاب جريمة جديدة لها عالقة بممارسة النشاط المعني ،غير أنه إذا تعلق األمر بعدم مزاولة مهنة المحاماة ،فإن
الوكيل العام للملك يحيل األمر بطلب من قاضي التحقيق على مجلس هيئة المحامين ،الذي يبث طبقا لمقتضيات المواد=
== من 91إلى 21من الق انون المنظم لمهنة المحاماة ،و في حالة عدم البت داخل أجل شهرين من تاريخ اإلحالة يعود
لقاضي التحقيق اتخاذ القرار بنفسه.
يمكن الطعن في قرار مجلس الهيئة طبقا ألحكام المادة .3و ما يليها إلى المادة .2من القانون المذكور".
و المالحظ أن مشروع قانون المسطرة الجنائية لذي أضاف التدبير رقم 1.المتعلق بالوضع تحت المراقبة القضائية ،ال
يزال يحتفظ بنفس مواد القانون المنظم لمهنة المحاماة الملغى ،و بالتالي وجب االنتباه و اإلشارة لذلك.
_ 575و المشابه لصالحية اإليقاف المؤقت التي هي بيد النيابة العامة منصوص عليها بموجب قوانين المهن موضوع
دراستنا.
184
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
والقضائية كالمفوض القضائي و الموثق و العدل والخبير و الترجمان والناسخ ،إلى جانب
576
المهن الحرة األخرى كالطب و الصيدلة ...
إال أن األمر بالنسبة لمحامي يثير خصوصية بروز سلطة مجالس هيئات المحامين
بقوة كسلطة للتأديب ،حيث ال يمكن لقاضي التحقيق أن يوقف المحامي المتابع إال باحترام
مقتضيات نص قانون المهنة ب ضرورة إحالة أمر منع المحامي من مزاولة المهنة إلى الوكيل
العام للملك لدى محكمة االستئناف ،ليحيله هذا األخير على مجلس الهيئة قصد إصدار
مقرر معلل باإليقاف بناء على طلب قاضي التحقيق بوضعه تحت المراقبة القضائية داخل
على أن يكون لقاضي التحقيق حق الطعن في 577
أجل شهرين من تاريخ توصله بالطلب
قرار مجلس الهيئة حين رفضه االستجابة لطلب اإليقاف المؤقت للمحامي إلى حين انتهاء
مسار تحريك الدعوى العمومية ،578و في حالة عدم احترام األجل يكون بعد ذلك لقاضي
التحقيق صالحية اتخاذ هذا التدبير ضد المحامي ثم يشعر الهيئة بذلك ،579و الذي يمكن له
إلغاء الوضع تحت المراقبة في أي وقت بشكل تلقائي أو بناءا على طلب من النيابة العامة
مرحل التحقيق.581
أو المتهم أو محاميه ،580و في أي مرحلة من ا
_576راجع كل من:
-عبد الواحد العلمي ج ،7ص 2.و ما يليها.
-أحمد قيلش و آخرون ،م.س ،ص .774
_577المادة 99من القانون .72112
_ 578فتح المشرع المغربي إمكانية فريدة بتقديم قاضي التحقيق كجهة مصدرة للوضع رهن تدابير المراقبة القضائية ،إلى
جانب المحامي المتهم كجهة مستفيدة من التدبير االستثنائي ،و كذلك الوكيل العام للملك بصفته الرقابية و التأديبية
والزجرية ،وفق المستفاد من منطوق المادة .3من القانون 72112المنظم للمحاماة ،قصد الطعن في حالة رفض مجلس
الهيئة االستجابة لطلبه أمام غرفة المشورة بمحكمة االستئناف ،بالرغم من األمر ال يستقيم من الناحية العملية ،لكون المشرع
المغربي أكد على أن البت محدد داخل أجل شهرين ،و نظ ار للمهام التي تثقل قضاة التحقيق بكثرة الملفات فإنه قد يكون
غنيا عن ممارسة الطعن في هذا القرار ،الذي ال مصلحة لمجلس الهيئة في حلة رفضه ،و إنما هو أكثر حفظا للمهني و
للمهنة من االعتقال االحتياطي السالب لحريته.
_579المادة 121من ق.م.ج.
_580الفقرات 4و 3و 4من المادة 191من ق.م.ج.
185
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
أما بالنسبة لما اتصل بتعلق إجراءات التحقيق باألماكن فقد جاء التأكيد على أن
التفتيش التي يقوم بها قاضي التحقيق ،فإن األمر برز جليا بالنسبة للمحامي المتابع دون
غيره من المهن األخرى موضوع دراستنا و بصريح النص القانوني ،582حيث استلزم المشرع
المغربي على قاضي التحقيق حضور نقيب المحامين أو من ينوب عنه أو بعد إشعاره بكافة
الوسائل الممكنة لحضور عملية تفتيش مكتب المحامي المتابع ،583و ذلك بموجب النص
الخاص المنظم للمهنة في مادته ،4.و أيضا في الفقرة األخيرة من المادة 114من قانون
المسطرة الجنائية ،مع اتخاذ كافة التدابير الالزمة لحفظ سرية عملية التحقيق لباقي األماكن
عمل األشخاص الملزمين بكتمان السر المهني كمكاتب الموثقين والعدول والمفوضين
القضائيين.584
أكد المشرع المغربي على أن المحاكم لها صالحية النظر في الجرائم التي قد ترتكب
خالل الجلسات ،و ذلك إما بموجب ملتمسات من النيابة العامة أو تلقائيا من طرف رئيس
_ 581للتوسع و المقارنة راجع :الهادي أبو بكر أبو القاسم ،سلطة قاضي التحقيق لألمر بمنع المحامي من مزاولة المهنة
في مشروع قانون المسطرة الجنائية ،مقالة منشورة بمجلة المحاكم المغربية ،تصدر عن هيئة المحامين بالدار البيضاء ،عدد
.4يوليو-غشت ،7117ص 27و ما يليها.
_582وفقا للتكامل النصي بين المادتين 4.و 114من ق.م.ج ،للتوسع راجع :عبد الواحد العلمي ،ج ،7م.س ،ص .21
_583ليتسنى لنا ال قول أن عدم تحديد وسيلة تحقق تبليغ النقيب بعملية تفتيش مكتب المحامي قصد حضوره أو من يمثله،
قد تثير إشكاال عمليا كما هو الحال بالنسبة للهاتف ،و لما ال أن يقع التبليغ وفق الطرق القانونية المنصوص عليه في
الفصول 42و 42و 4.من ق.م.م ،تالفيا لصراحة الجزاء اإلجرائي بشأن التفتيش.
للتوسع راجع :عبد اللطيف الناصري ،حصانة المحامي و تعزيز حقه في الدفاع و دورها في إحقاق المحاكمة العادلة ،مقالة
منشورة بمجلة المحاكم المغربية ،تصدر عن هيئة المحامين بالدار البيضاء ،عدد 112يناير-فبراير ،711.مطبعة سناد
ميلتي سرفس بريس-الدار البيضاء ،ص .14
_584تحت طائلة الجزاء الجنائي الوارد في المادة 114من ق.م.ج ،إضافة لترتيب الجزاء اإلجرائي ببطالن اإلجراء
المعيب.
186
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
الجلسة الذي له كذ لك صالحية إصدار أمر باإليداع في السجن أو إلقاء القبض عندما يكون
الفعل المرتكب من أي شخص يكتسي صبغة جنحية أو جنائية وفقا للقانون.585
لكن هنا يحضر الدور البارز الذي يضطلع به المحامي أمام القضاء من مرافعات أكد
القانون على كونها شفوية في القضايا الزجرية ،و استحضا ار لما قد يصدر عن هذا األخير
من أقوال أثناء أدائه لمهمة الترافع ،يطرح اإلشكال القانوني و العملي حول فرضية نسبة
جرائم الجلسات للمحامي؟
ليأتي التأكيد مسبقا بموجب قانون المحاماة ،على تحصين المحامي المترافع و عدم
مساءلته مساءلة جنائية ،ضد جرائم السب أو القذف أو اإلهانة ،بكل صوره من أقوال أو
كتابات أثناء مرافعاته أو مذكراته بما يضمن حق الدفاع ،586و الذي له أن يسلك كافة
الطرق المتاحة و الضامنة لهيبة المهنة و القضاء و وقارهما ،فهذا المنع جاء صريحا
و المحال عليها بموجب الفصل 333 587
بموجب القانون 29من قانون الصحافة و النشر
187
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
من مجموعة القانون الجنائي في كل ما اتصل بسب أو قذف تكامال مع قانون المهنة ،لكن
هذا ال يعفي من إمكانية متابعة هذا األخير تأديبيا.588
و قد أكد قانون المسطرة الجنائية المغربي ،على صيانة مرحلة المحاكمة و ضمان
هيبة القضاء و حسن سير الجلسات المنعقدة داخل المحاكم ،و عمل على منح رئيس
الجلسة سلطة حفظ نظامها بنوع من التدرج في الجزاء اإلج ارئي في مواجهة كل شخص
وليس المحامي فقط ،و ذلك لكل فعل مخل بحسن سير الجلسات ،و ذلك بطرد كل شخص
أو عدة أشخاص من الحاضرين ،الذين قد يعبرون عن مشاعرهم أو المحدثين إلضراب أو
ضوضاء بأي وسيلة كانت داخل القاعة ،589لكن إذا اكتسى الفعل وصف المخالفة فإن
لرئيس الجلية سلطة تحرير محضر في شأنها و القيام باستجواب المخالف مع االستماع
للشهود الحاضرين بها ،مع التطبيق الفوري للعقوبة بناءا على ملتمس النيابة العامة ،وتبقى
كذلك الخصوصية في عدم قابلية الحكم الصادر ألي طعن سواء عادي أو غير عادي.590
لكن تدخل النيابة العامة و تقييد سلطة رئيس المحكمة في التطبيق الفوري للجزاء
الجنائي ،أتى مقيدا عندما يشكل الفعل وصف جنحة أو جنائية ،حيث يبقى للهيئة القضائية،
صالحية تحرير محضر بالوقائع ،ثم إحالة الجاني أو الجانح فو ار بواسطة القوة العمومية
ومستندات القضية إلى النيابة العامة حسب اختصاصها.591
و عليه فإن هذه الفرضية تبقى مستبعدة جدا لكون المحامي يعتبر جزءا من أسرة
القضاء ،و يضطلع بمهمة الدفاع عن األطراف ،و يعتبر ضمانة قوية ألطراف الخصومة
الجنائية المتهمين ،و هذا ما فيه إال إضفاء لنوع من التوازن بين سلطة الدولة في إيقاع
_588حسب الفقرة األخيرة من المادة 42من القانون 72112المنظم لمهنة المحاماة ،و كذلك الفقرة األخيرة من المادة 29
من قانون الصحافة و النشر.
_589وفقا للمادة 442من ق.م.ج.
_590المادة 44.من ق.م.ج.
_591المادتين 491و 491من ق.م.ج.
188
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
العقاب وضمانات المحاكمة العادلة ،إال أن واجب المحامي كذلك يبقى حاض ار في ضرورة
إيصال رسالته النبيلة في حفظ الحقوق و الحريات و افتراض حسن نية المحامي دائما ،وهو
األمر الواجب على السلطات العمومية العمل على منح كافة الضمانات األساسية لحماية
حق الدفاع للمواطنين و المواطنين المغاربة و األجانب كما هو مكرس بموجب دستور 7.
يوليو ،7111و معه القول ضمان حصانة المحامي تجاه تطبيق الجزاء الجنائي المتعلق
بإهانة الهيئة القضائية أثناء الترافع حسب الفقرة الثانية من الفصل 794من مجموعة القانون
الجنائي.592
و قد أكد الميثاق العالمي لحقوق الدفاع في الفصل 14منه ،على أن المحامي يتمتع
بحصانة مدنية و جنائية و إدارية في خصوص مرافعاته الشفاهية أو الكتابية التي يلقيها عن
حسن نية بمناسبة مباشرته لعمله أمام هيئات المحكمة و أمام السلط العدلية واإلدارية.593
كما تجدر اإلشارة على أن قانون المسطرة المدنية ،أكد على أن إخالل المحامي
بحسن سير الجلسات ،جاء هو اآلخر محصنا لمركزه القانوني كدفاع ،و أبقى اختصاص
النظر فيما ينسب له من سب أو قذف أو إهانة لهيئة الحكم لمجلس الهيئة كأصل ،وفقا
مسطرة اإلحالة المعمول بها على النقيب و على الوكيل العام للملك التخاذ ما قد يكون الزما
نظ ار الكتساء فعله طبيعة تأديبية ،وفقا للفصلين 431من نفس القانون إن صدر اإلخالل
أمام محاكم االستئناف ،و كذلك أمام محكمة النقض بموجب الفصل 423منه ،كنوع من
التكامل القانوني الذي تداركه المشرع المغربي بموجب القانون 44111المعدل للنصين من
هذا القانون بعد أن كانت صالحية البت في اإلخالل قضائية .594و لما في تطبيق الجزاء
_592جاء في الفقرة الثانية من الفصل 794من ق.ج " :و إذا وقعت اإلهانة على واحد أو أكثر من رجال القضاء أو
األعضاء الحلفين في محكمة| ،أثناء الجلسة ،فإن الحبس يكون من سنة إلى سنتين".
_593للتوسع بخصوص حرية المرافعة بين اإلطالق و واجب االحترام راجع :خليل الخيامي ،م.س ،ص .111
_594راجع بهذا الخصوص :محمد بلهاشمي التسولي ،ج ، 7م.س ،ص .7.4
189
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
الجنائي من أثر على المهنة و على المحامي و على مساره المهني سواء بإثارة مسؤوليته
الجنائية أو كذلك مكنة متابعته تأديبيا أو جمعهما معا وفق ما سنأتي على تفصيله الحقا.
يأتي طرح ما ارتبط بتحريك الدعوى العمومية ضد أشخاص المهن القانونية والقضائية
موضوع دراستنا و ما خصه المشرع المغربي من خصوصيات لما فيه من ارتباط بالمتابعة
على أن ارتباط النظام الجنائي بالنظام التأديبي 595
التأديبية ،و قد جزم جانب من الفقه
مشابه لما هو عليه األمر بالنسبة للثاني مع النظام المدني ،خصوصا فيما اتصل في أثر
الحكم الجنائي و المقيد لهيئة التأديب فيما قضى به بالنسبة للوجود المادي للوقائع التي تكون
محال للمؤاخدة التأديبية و الجنائية ،و لمحاولة بسط موقف كل من قوانين كل من مهنة
المحاماة والمفوضين القضائيين و العدول و الموثقين و مدى ارتباطهما معا (أوال) ،و كذلك
موقف قضاء محكمة النقض في هذا الطرح (ثانيا).
أكد المشرع المغربي بموجب قوانين المهن القانونية و القضائية موضوع دراستنا على
توحيد موقفها ،بخصوص ربط المتابعة الجنائية إبان تحريك الدعوى العمومية من طرف
النيابة العامة ضد كل المحامي و العدل و الموثق ،إلى ربطها بتحريك المتابعة التأديبية
ضدهم ،و هو األمر نفسه أثناء سبقية تحريك المتابعة التأديبية على تحريك الدعوى العمومية
ضدهم.
190
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
حول جهة التحريك التأديبي كاختصاص مسند بموجب القانون ،حيث أن اإلشكال المطروح
متصل بكون هذه األخيرة قد يأتي تحريكها من قبل النيابة العامة كما هو األمر بالنسبة
لمهن التوثيق و خطة العدالة و المفوض القضائي أو من قبل مجلس الهيئة ،حيث أن
الخصوصية الجلية تتمثل في ما أكده المشرع المغربي بإسناده فقط صالحية اإلحالة لجهاز
النيابة العامة-الوكيل العام للملك لدى محاكم االستئناف -إلى جانب النقيب حسب القانون
وليس التحريك كما هو األمر بالنسبة لباقي المهن األخرى موضوع 596
المنظم لمهنة المحاماة
دراستنا المسند إلى الوكيل العام أو لوكيل الملك حسب الحاالت.597
191
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
إال أن كافة قوانين المهن القانونية و القضائية موضوع دراستنا أكدت على أن المتابعة
التأديبية ال تحول دون تحريك الدعوى العمومية من قبل النيابة العامة ،601دون القانون
المنظم لمهنة المفوضين الذي يخلو من هذا المقتضى التبعي و الرابط بين التأديب والزجر.
أما على مستوى األثر ،فقد جاء التأكيد التشريعي على كون التقادم المتعلق بالمتابعة
التأديبية يخضع لنظيره المتعلق بتقادم الدعوى العمومية ،602وفقا ما اتفقت عليه كافة قوانين
المهن موضوع دراستنا دون القانون المنظم لمهنة المفوضين القضائيين ،603إضافة إلى
خضوع الدعوى التأديبية لكل امتداد متصل بتقادم الدعوى العمومية من إجراءات كاالنقطاع
أو التوقف.604
أما فيما يتصل بممكنة الجمع بين إيقاع العقاب الزجري و التأديبي بشكل مزدوج ،فإن
هذه الحالة تتحقق عندما تجتم ع في الفعل صفة الجريمة و الصفة العقوبة التأديبية التي
يأتيها المحامي أو الموثق أو العدل أو المفوض القضائي إلى جانب المهن األخرى حيث يتم
تطبيقه على المهني لذات الفعل ،إال أن هذا األمر يصطدم بقاعدة جوهرية تتمثل في عقل
الجنائي للتأديبي ،605احتراما لما أكده المشرع المغربي من فصل لجهات إيقاع الجزاء بين
_601راجع بهذا الخصوص ما جاء في كل المادة 94من القانون 72112المنظم لمهنة المحاماة ،و المادة 39من القانون
19114من القانون المتعلق بخطة العدالة ،و المادة 24فقرتها الثانية من القانون 4711.المنظم لمهنة التوثيق.
_602وفقا للفقرة األولى للمادة 4من ق.م.ج التي جاء فيها :تتقادم الدعوى العمومية ،ما لم تنص قوانين خاصة على
خالف ذلك بمرور:
-خمس عشرة سنة ميالدية كاملة تبتدئ من يوم ارتكاب الجناية؛
-أربع سنوات ميالدية كاملة تبتدئ من يوم ارتكاب الجنحة؛
-سنة ميالدية كاملة تبتدئ من يوم ارتكاب المخالفة".
_603حسب المادة 93من قانون المحاماة و المادة 33من القانون المتعلق بخطة العدالة ،و المادة 29من قانون التوثيق،
مع ما يالحظ على القانون 21114المنظم لمهنة المفوضين القضائيين الذي يخلو من هذا المقتضى.
_604المادة 9من ق.م.ج ،و وفقا إلحالة القوانين المنظمة للمهن القانونية و القضائية موضوع دراستنا.
_ 605مفاد هذه القاعدة هو توقف سير الدعوى التأديبية إلى أن يتم الفصل في الدعوى العمومية المقامة أمام القضاء
الجنائي ،و هذه القاعدة التي يرجع جذورها التاريخية التي أقرتها جميع التشريعات الجنائية باعتبارها الزمة لحجية الحكم
الجنائي ،فمضمون هذه الحجية هو أن تتقيد جهة التأديب بالحكم الجنائي ،و هذا ما يوجب عليها انتظار صدور الحكم
192
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
سلطة التأديب و القضاء الجنائي ،و هو ما أكدته محكمة االستئناف بالرباط في أحد
الصادرة بتاريخ 12أبريل 1.2.بكون " قرار مجلس هيئة المحامين يمنع 606
ق ارراتها
المحامي مؤقتا من ممارسة المهنة اعتمادا على متابعة جنائية فال يمكن رفع هذا المنع
المتصل بالتأديب إال بعد البت في الدعوى العمومية".
ليأتي بعد ذلك الحديث عن مدى وجوب استتباع المتابعة التأديبية بعد نهائية المقرر
الجنائي ،هذا األمر الذي أكده المشرع المغربي بموجب قوانين المهن موضوع دراستنا ،حيث
يأتي يبق الحديث على ما أقرته المادة 99من قانون المحاماة ،على أنه يجب على مجلس
الهيئة أن يبت في موضوع الدعوى التأديبية بعد صدور الحكم الجنائي ياإلدانة داخل أجل
أقصاه أربعة أشهر من تبليغه ،و إال رفع المنع المؤقت على المحامي بقوة القانون ،إال أن
األمر يالنسبة ألثر اإليقاف المؤقت للمحامي يزول بقوة القانون عند نهائية الحكم القاضي
ببرائته.607
أما بالنسبة لكل من العدل و الموثق ،فقد أكد القانونين المنظمين للمهنتين ،على أنه
يتعين على الوكيل العام للملك بعد صدور حكم نهائي باإلدانة بخصوص كل فعل يشكل
جريمة احتراما لمبدأ شرعية التجريم و العقاب ،أن يحيل الدعوى التأديبية على سلطة
التأديب-أي اللجنة 11بالنسبة للموثقين و غرفة المشورة الخماسية األعضاء بمحكمة
االستئناف -للبت في المتابعة التأديبية ضدهما داخل أجل ثالثة أشهر ،608إال أن غموض
الجنائي النهائي و الغير القابل ألي طعن و الذي ال رجوع فيه ،و يشترط لتطبيق هذه القاعدة أن يكون الفعل الذي تتناوله
الدعوى التأديبية هو نفسه الذي تنصب عليه الدعوى الجنائية ،نظ ار لتعلقها بالنظام العام.
محمد الهيني ،قاعدة الجنائي يعقل التأديبي بين اإلدارة القاضية و القاضي اإلداري ،مقالة منشورة بمجلة العلوم القانونية،
العدد ،7لسنة ،7113ص .14
_606قرار صادر عن محكمة االستئناف بالرباط بتاريخ 12أبريل 1.2.المنشور بمجلة اإلشعاع ،العدد 771ص ،11.
أودره :نبيل فرحان حسين الشنطاوي ،م.س ،ص .343
_607راجع المادة 99من القانون 72112من القانون المنظم لمهنة المحاماة.
_608راجع المادة 32من القانون 19114و المادة 22من القانون .4711.
193
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
القانون المنظم لمهنة المفوضين القضائيين بخصوص ارتباط المتابعة الجنائية بالمتابعة
التأديبية جاء مقتص ار فقط على استم اررية اإليقاف المؤقت في حالة توقف المتابعة التأديبية
على المتابعة الجنائية حسب المادة 44من هذا القانون.
ثانيا :موقف قضاء محكمة النقض من ربط المتابعة الزجرية بالمتابعة التأديبية
اختلف القضاء المغربي على مستوى محاكم الموضوع بخصوص ربط المسؤولية
التأديبية للجنائية ضد أشخاص المهن القانونية و القضائية ،و هو ما قابله قضاء محكمة
النقض بعملها على توحيد هذا االختالف ،بخصوص آثار المتابعة الجنائية الجنائية على
المتابعة التأديبية ضد أشخاص المهن الحرة موضوع دراستنا ،خصوصا فيما اتصل
بالمقررات الزجرية القاضية بالبراءة ،و كذلك األمر المتعلق كذلك بحجية الحكم الجنائي على
المتابعة التأديبية ومدى ارتباطهما.
فعلى مستوى محكمة النقض ،و ما تواتر عملها بخصوص حجية الحكم الجنائي أمام
قضاء التأديب و المتصل بالمهن القانونية والقضائية موضوع دراستنا ،فقد أكدت في أحد
الصادرة بتاريخ 7119/19/41المتعلقة بمفوض قضائي " على أن المتابعة 609
ق ارراتها
التأديبية إذا ما ارتكزت على مجموعة من الوقائع المادية الثابتة كافية إلدانة المتابع أمام
مجلس التأديبي حتى لو صدر حكم جنحي قاضي ببراءته بما نسب إليه بهذا الخصوص
الختالف وسائل اإلثبات في المخالفات المهنية عنه في الجرائم".
و معه يتأكد على أن نطاق تقيد سلطة التأديب بالحكم الجنائي ،قد ال يتأتى في حالة
الحكم ببراءة المعني ،و إنما ينبغي وضع الحدود المنطقية و العملية لهذا التقييد حيث ال
يكون ذلك إال إذا كانت البيانات التي يستند إليها الحكم الجنائي هي نفسها المطروحة على
_609قرار صادر عن محكمة النقض عدد ،1311/1بتاريخ ،7119/19/41في الملف اإلداري عدد ،149./3/1/19و
المنشور لدى :محمد بلفقير ،قضايا اإللغاء في قضايا الغرفة اإلدارية بمحكمة النقض من بداية سنة 7114إلى النصف
من سنة ،7112الطبعة األولى لسنة ،711.مطبعة النجاح الجديدة-الدار البيضاء ،ص .1.4
194
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
بساط سلطة التأديب كانت إدارية أو مهنية أو قضائية و ذلك قصد إعطاء الحكم
الواجب ،610لكون الخصوصية التي أكدتها محكمة النقض تتجلى في وسائل اإلثبات بالنسبة
للمخالفات التأديبية التي تختلف عن اإلثبات الجنائي و وسائله.
أما من جانب ربط المتابعة الجنائية بنظيرتها التأديبية و آثرها ،فقد أكدت محكمة
النقض في قرار آخر لها الصادرة تاريخ .مارس ،6117112على أن " المقرر أن
المخالفات المهنية المنسوية للمفوض القضائي مرتبطة بإخالله بواجبه المهني و ليس بمآل
المتابعة الجنائية الجارية في حقه ،و المحكمة لما قضت بمؤاخدة الطاعن و معاقبته تأديبيا
من أجل ما نسب إليه بعدما ثبت لها عدم إنجازه لإلجراءات المكلف بها وفقا للشكليات
المنظمة قانونا ،و تهاونه في ضبطها و توثيقها بالكيفية الواجبة التي تفرض الثقة بالنظر
لآلثار القانونية التي تترتب عن ذلك ،بصرف النظر عن مآل المتابعة الجنائية الجارية في
حقه ،يكون قرارها معلال بما فيه الكفاية".
و األمر الذي يؤكد على ربط المتابعة الجنائية بعد صدور المقرر الجنائي النهائي في
حق ال معني و الذي قضى بإدانته من أجل ما نسب بخصوص جناية التزوير في محرر
رسمي حسب الفصل 443من القانون الجنائي ،و الذي استتبعه قرار السحب النهائي
لرخصة مزاولة المهنة حسب المادة 42من قانون المهنة ،و نظ ار لخطورة الجرم الذي أدين
بموجبه ،كان لزاما استتباعه بعقوبة تأديبية مناسبة لخطورة الفعل الجرمي المرتكب من قبله
والذي يشكل إخالال بالثقة المهنية الواجب التقييد بها من قبل المعني.
195
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
خ اتم ة
فالدولة و من خاللها مؤسساتها العمومية تبقى ملزمة بضمان توفير الخدمات ذات
الصلة بالقضاء والعدالة لمواطنيها في إطار العقد االجتماعي الرابط بينهما ،و هو األمر
الذي قد يصطدم مع سندان الواقع المعاش الذي قد يخالف التوجه القانوني أحيانا إن كان
العيب في التشريع لعدم نجاعته أو فعاليته من جهة ،أو في غياب إرادة مواطنة وحقيقية
ترغب في الرفع من جودة الخدمة القضائية و القضاء على كافة الممارسات الالمهنية ،وهو
ما استدعى من واضعي التشريع و منفذيه و مفكريه العمل على فرض رقابة عامة من خالل
جهاز القضاء -أي القضاء الواقف -في شخص النيابة العامة على الوسط المهني داخل
196
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
منظومة القضاء ببالدنا ،قصد التدخل لبسط الرقابة على كل أنشطة ممارسي المهن القانونية
و القضائية ،و التي تدخل في زمرة المهن الحرة و المستقلة تمام االستقالل عن الوظائف
العمومية ،و هذا إضافة إلى كون عملية الرقابة تبقى مزدوجة بين هذه األخيرة و أجهزة
أخرى ذات طبيعة إدارية كما هو الحال بالنسبة للو ازرة الوصية على قطاع العدل ،و أيضا
المجالس و الهيئات المهنية المعنية بدورها في الحفاظ على هيبة هذه المهن و كذلك قيامها
بما يمكن أن يمكن من توفير األمن المهني لممارسيها.
و عليه فوعيا من المشرع المغربي و منه من السلطة العامة ،بعظمة المسؤولية الملقاة
على عاتقها بالحرص على تجويد التشريع المهني و ضمان مواكبته لمتطلبات المجتمع ونمو
وعيه القانوني ،و أيضا لما فيه من مسايرة لخطى المنتظم الدولي ،فقد أكد الدستور السادس
للمملكة المغربية على أن صيانة الحقوق و الحريات و إشاعة ثقافة حقوق اإلنسان و معه
الرفع من جودة الخدمات المقدمة من قبل من فوضت لهم الدولة القيام بمهام جسيمة ذات
الطبيعة القانونية و القضائية و التعاقدية في خدمة مواطنيها ،يبقى أهم نتاج يمكن الوصول
إليه كغاية يفرضها الواقع ،وذلك من خالل الحرص الدائم على مواكبة خصوصية المجتمع
المغربي و احترام ثوابته الدستورية ،عن طريق التحيين والتعديل المستمر للنصوص والقوانين
الضابطة لتغير عقلية المواطنين وتطورها في اتجاه يالءم متطلبات الخدمة القضائية
والقانونية المتعارف عليها ،و ذلك بجعل القضاء وأيضا جل المتدخلين في منظومة العدالة
يستدعي التشديد من الرقابة المؤسساتية في شخص ممثلة في خدمة المواطن ،مما
المجتمع-النيابة العامة ،-و بسط خطواتها و العمل على إنجاح كل مجهود في هذا الشأن
ودعمه ،و هو ما راعاه المغرب باالرتقاء بمرفق القضاء إلى سلطة مستقلة كمبدأ دستوري
رأى النور بموجب الفصل 112من نص الوثيقة الدستورية النافذة حاليا ،و أيضا ما سبقه أو
تزامن مع ذلك أو أعقبه من خطب و توصيات بذلك لجاللة الملك محمد السادس نصره اهلل
و أيده ،بدءا من الخطاب الملكي لذكرى ثورة الملك و الشعب ليوم 71غشت ،711.والذي
197
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
تجسد من خالله الورش الكبير إلصالح منظومة العدالة ببالدنا و ما وااله من إنجازات
وأيضا ما ينتظره من تحديات في هذا الجانب الهام.
و من خالل كل ما سبق بيانه في معرض قولنا ،فإننا دراستنا العميقة لهذا الموضوع
ولد بفكرنا جملة من المالحظات و االستنتاجات و المقترحات ذات االتصال الوثيق بأدوار
النيابة العامة الرقابية و التأديبية و الزجرية و معها كافة أبعادها و تصوراتها الدالة على
مكانة المهن القانونية و القضائية داخل المجتمع و تأثيره على النظام السيادي للدولة من
خالل الدور البارز المفوض لها لخدمة المواطن ،والتي يمكن إجمالها في اآلتي:
الحظنا أنه على مستوى المراقبة التي تضطلع به النيابة العامة على سواء في )1
مرحلته القبلية أو البعدية ،أن المشرع غالبا ما يتأثر بخصوصية كل مهنة على حدى وذلك
راجع أيضا للتدرج الزمني إلنفاذ قوانين المهن األربع (المحاماة؛ التوثيق؛ خطة العدالة؛
المفوضين القضائيين) ،بحيث نجذ أن هذا الجهاز القضائي له دور بارز في كل من مهنتي
المحاماة و التوثيق عكس ما هو عليه األمر بالنسبة لمهنتي المفوضين القضائيين و العدول،
حيث تأكد أن عملية المراقبة ليست بيد النيابة العامة لوحدها و إنما تشاركها جهات أخرى
كما هو األمر بالنسبة لو ازرة العدل و أيضا الهيئات المهنية وفقا لكل قانون مهني على
حدى.
الحظنا كذلك على أن المستجد األخير المتعلق باستقالل النيابة العامة ،كان )7
له األثر الحسن على مستوى تكريس استقالل السلطة القضائية وفق ما أكد عليه دستور 7.
يوليو ،7111وذلك بنقل صالحيات رئاسة النيابة العامة إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة
النقض بصفته رئيسا للنيابة العامة ،و الذي لم يرخي بظالله على نقل سلطة اإلشراف على
198
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
هذه المهن من السلطة الحكومية المكلفة بالعدل إلى رئاسة النيابة العامة ،وذلك وفق ما
أوضحه منشور رئيس النيابة العامة الصادر بهذا الخصوص لسنة ،7112في ظل جمود
التشريع المهني.
نجد أيضا على أنه على مستوى مرحلة التأديب يتأكد البروز الجلي للدور )4
الذي تقوم به النيابة العامة أثناء جريان المسطرة التأديبية ،سواء كانت جهة إحالة على
سلطات التأديب و باعتبارها أحيانا أخرى جهة للمتابعة و كذلك جهة للطعن في المقررات
التأديبية و أيضا جهة لتنفيذ هذه المقررات ،لكن مع اختالف جلي في رؤية المشرع المغربي
أثناء تنظيمه لكل من مهنة المحاماة و التوثيق وخطة العدالة و المفوضين القضائيين.
الحظنا أيضا أنه على مستوى تحديد األساس القانوني إلثارة المسؤولية )3
الجنائية ألشخاص المهن القانونية و القضائية موضوع دراستنا ،نجذ على أن المشرع اعتمد
تعددا في مصادر التجريم و العقاب و الذي يمكن بموجبه للنيابة العامة البحث عن األساس
القانوني لتكييف الفعل الجرمي مع النص القانوني الواجب التطبيق ،و التي تبقى من مهمة
النيابة العامة و أيضا قضاء التحقيق و قضاء الحكم.
الحظنا أيضا أن المشرع المغربي خلق جداال قانونيا و قضائيا حول نسبة )4
صفة الموظف العمومي ألشخاص المهن القانونية ،و هو األمر الذي ال يستقيم و طبيعة
هذه المهن الحرة و المستقلة ،التي تجد تنظيمها في قوانينها الخاصة بها ،مما طرح جدلية
الصفة بالنسبة للفقه و القضاء على حد السواء ،وذلك في تفسير المفهوم الواسع للموظف
العمومي الوارد في الفصل 773من القانون الجنائي.
الحظنا أيضا على أن المشرع المغربي تعامل بنوع من الالتوازن بين المهن )9
القانونية و القضائية موضوع دراستنا ،بحيث لم يوفر لها الضمانات اإلجرائية الكفيلة
بتحصينها و ضمان األمن المهني و القانوني و القضائي و االجتماعي للمتعاملين معها.
الحظنا أن المشرع المغربي لم يوسع من مداخل عمل هذه المهن على كافة )2
األصعدة ،بل و قلص من أدائه لمهامها على الوجه األكمل و مثاله مهنة المحاماة ،و مثاله
199
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
البارز ما جاء في القانون 77111المتعلق بقانون المسطرة الجنائية الذي بقي قاص ار وال
يعطي أدنى ضمانة حقيقية قد تترجم على أرض الواقع أثناء البحث التمهيدي أو التحقيق
اإلعدادي للمهتم الذي يكون في موازنة صعبة بين حق الدولة في إيقاع العقاب ،و بين
ضماناته الممنوحة خصوصا خالل أطوار الحراسة النظرية أو التحقيق اإلعدادي ،و معه
فهذا التقييد معيب و ال يحقق غايته المرجوة ،أضف إلى ذلك مرحلة المحاكمة التي قد ال
تستلزم اإلجبارية إال في ظل نطاق خاص محدد بموجب المادة 419نفس القانون ،و من
جهة أخرى فالتأكيد على هذا المعطى مؤكد في الجوانب األخرى التي وجب أن تمكن
المترافع من أداء مهمته في صيانة موكليه أمام المؤسسات و الجهات الرسمية كمرحلة أولية
سابقة.
تبين لنا أثناء الدراسة و البحث في موضوعنا ،أن هناك قصو ار تشريعيا وفقهيا )1
في تحديد مفهوم المهن القانونية و القضائية ،و الذي قمنا بتحديده و استنتاجه بوضع معايير
أساسية ساعدتنا على تحديده ،و التي تختلف بحسب طبيعة المهام القضائية أو الشبه
القضائية التي أوكل بموجبها المشرع المغربي بأدائها ،ف مهنة المحاماة والمفوض القضائي
تعتبر مهنة مساعدة للقضاء و هي جزء ال يتج أز من أسرة القضاء ،أما بالنسبة للتوثيق
وخطة العدالة فطبيعة مهامها تؤكد على اعتبارهما مهنتان قانونيتان ،و هذا كله ال يخرج عن
جوهر اعتبارهم مهنا حرة و مستقلة تتنافى مع الوظيفة العمومية.
من بين االستنتاجات التي خرجنا بها في بحثنا هذا ،كون المشرع المغربي )7
أضفى نوعا من الخصوصية القانونية أثناء عمل النيابة العامة على مراقبة النيابة العامة
للمهن القانونية و القضائية موضوع دراستنا ،إذ نجذ على أنه لم يعمل على إيالء مهمة
الرقابة حي از تطبيقيا كبي ار كنوع من الوقاية ،وخصوصا أن تفعيلها على أرض الواقع بنوع من
200
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
التحوط القبلي لجهاز النيابة العامة سيكون له األثر اإليجابي لتخليق هذه المهن ،تكريسا
لغايتها الهامة ،على خالف األمر بالنسبة لمرحلة التأديب و الزجر التي تعامل معها بنوع
من الحزم ،و هذا ما يالحظ في كثرة المتابعات في هذا الجانب بموجب آخر اإلحصائيات
الصادرة بهذا الشأن و الواردة بتقرير رئاسة النيابة العامة لسنة .7112
أيضا استنتجنا على أنه أثناء البحث في إشكالية محددات أدوار النيابة العامة، )4
فيما اتصل بالشق الرقابي البعدي ،أن تعيين قاضي التوثيق لم يط أر على نصه أي تعديل
مواكب للمرحلة التشريعية الحالية ،و معه بقاء الجمود التشريعي في هذا الشق الوارد نصه
في المرسوم التطبيقي المفعل للقانون 19114المتعلق بخطة العدالة في مادته 42المتصلة
بمراقبة مهنة خطة العدالة ،و الذي ال يالءم متطلبات استقاللية السلطة القضائية بموجب
دستور 7111و أيضا ما أعقبه من إصدار للقانونين التنظيميين لكل من المجلس األعلى
للسلطة القضائية رقم 111114والنظام األساسي للقضاة ،119114عكس ما أحسن المشرع
فعله بطرح مسودة قانون المسطرتين المدنية و الجنائية بخصوص تعيين القضاة المكلفين،
مما يستدعي معه األمر تعديال على أحكام هذه المادة لتتالءم مع المتغيرات الحالية التي
تلت إخراج القانون 3...31السالف الذكر ،بعد تنصيب أعضائه من طرف جاللة الملك
بتاريخ 8أبريل ،0.33و هو ما يقتضي حسب رأينا أن يتم الحرص على إخراج مشروع
قانون جديد منظم لخطة ا لعدالة ،يمنح فيه التوازن بين السلطة القضائية و السلطة التنفيذية
في إعمالها لسلطة الرقابة القبلية ،كما هو الحال إلى كل من القانونين 0....و القانون
10..1المنظمين على التوالي لمهنتي المحاماة و التوثيق ،مع استحضار رقابة النيابة
العامة ضمانا لما يبتغيه المشرع المغربي وراء سنه للقوانين المهنية من رقابة قبلية وبعدية
سابقة لمسطرة التأديب أو الزجر.
خلصنا أيضا على مستوى تفعيل دور المجالس و الهيئات المهنية ،أنه ال )3
يجب أن يبقى دورها مقتص ار على التنظيم و صيانة المهنة و الحفاظ على أعرافها وتقاليدها،
وانما وجب إسناد سلطة المراقبة والتأديب و كذا القيام بعملية البحث في المخالفات المهنية
201
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
المنسوبة إلى ممارسيها ،إلى جانب النيابة العامة بازدواجية شاملة لهذا البعد و التي سترخي
بظاللها إيجابا على صيانة المهنة و حفظ كرامتها و أيضا ضمان العالقة بينها و بين
مرتفقيها -أي المواطنين -عن طريق توفير الثقة المشروعة كمبدأ أساسي يقوم عليه األمن
القانوني والقضائي في ضوء الحكامة الجيدة ،كما هو الشأن بالنسبة لمهنة المحاماة الذي
منح لها المشرع سلطة التأديب ،دون غيرها من المهن األخرى التي قد تكون بموجبها سلطة
التأديب إما إدارية أو قضائية و ذلك قبل تفعيل رقابة قضاء المشورة ،و بالتالي وجب توحيد
هذا األمر مستقبال بإسناد سلطة التأديب إلى الهيئات و المجالس التأديبية كدرجة أولى
للتأديب.
و من جملة االستنتاجات المهمة التي توصلنا إليها أثناء البحث و التحليل )4
لمقتضيات المهن األربعة موضوع دراستنا في صلتها بدور جهاز النيابة العامة ،أن المشرع
المغربي تعامل بنوع من التباين التشريعي في ضوء قوانين المهن القانونية والقضائية موضوع
دراستنا ،إذ نجذ على أنه تارة ما يوفر الحماية القانونية الالزمة في بعدها الموضوعي
والمسطري أثناء إثارة المسؤولية القانونية المهنية لممارسيها ،و تارة أخرى ما يرخي بظالل
البعد التشريعي و التأخر في تجويد هذه القوانين ،و هذا األمر حسب رأينا قد يرجع ألسباب
متصلة بسنة إصدار القانون المهني و حداثته مقارنة بقوانين مهنية أخرى ،كما هو الحال
على سبيل المثال لقانوني مهنتي خطة العدالة و المفوضين القضائيين الواجب العمل على
إخراج إطار حديث يواكب متطلبات هاتين المهنتين ،كما فعل مع كل من مهنتي المحاماة
والتوثيق ،حتى ال يخلق نوعا من الميز و الالتوازن في المساواة في الضمانات المسطرية
والموضوعية في كافة أبعادها الرقابية و التأديبية والزجرية.
استنتجنا أيضا أنه ال بد من البحث و التنقيب على أسس و مقومات )9
المسؤولية الجنائية المهنية و تحديد ضوابطها القانونية ،حتى يتسنى فرز هذا المفهوم عن
المسؤولية الجنائية الواردة في القانون الجنائي ،تبعا لوجود خصوصية أساسية تتمثل في
الصفة المهنية الحرة للمهن القانونية و القضائية.
202
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
في مقدمة اقتراحاتنا الذي خرجنا بها أثناء دراسة موضوعنا حدود مراقبة النيابة )1
العامة للمهن القانونية و القضائية ،أنه ال بد من التدخل التشريعي إلدخال تعديالت
جوهرية على قوانين المهن القانونية و القضائية ككل ،حتى تناسب تطلعات المهنيين
و أيضا لما فيه من فائدة على المتعاملين معها ،حيث ال بد من أخد االعتبار لمرحلة
المراقبة و تفعيل أدو ار النيابة العامة للقيام بمهمة التفتيش الدوري بتنسيق مع رؤساء
المجالس و الهيئات المهنية الجهوية و الوطنية ،قصد إبالغها بكل العمليات
والم ساطر المجراة مع حقها في الطعن داخل أجل محدد ،كما هو الحال بالنسبة
لقانون المحاماة.
العمل على تعديل المرسوم التطبيقي ألحكام خطة العدالة في مادته 42فيما )7
يتعلق بتعيين قضاة التوثيق من قبل وزير العدل كمرحلة آنية ،و التي عرفت
وستعرف الجمود من إخراج القانون 111114المتعلق بالمجلس األعلى للسلطة
القضائية الذي له سلطة تعيين القضاة المكلفين ،إلى حين إخراج قانون لخطة العدالة
يواكب متطلبات العصر و معه إقبار دور قاضي التوثيق لما يشكله من عرقلة لسير
عمل الموثق العدلي كما نادت بذلك توصيات الندوة الوطنية لسنة .711.
حتى ال نصطدم بمزاجية التفسير القانوني أو التكييف القضائي من قبل النيابة )4
العامة في القضايا الزجرية المتصلة بالمهن القانونية و القضائية ،ال بد من مراجعة
المقتضيات المتصلة بجرائم الموظف العمومي الواردة في القانون الجنائي ،فطرحنا
يقتضي فصل جرائم الموظف العمومي على ذوي الصفة المهنية فصال تاما ،و معه
أيضا عمل المشرع المغربي على توضيح الغموض الجلي في هذا الجانب ،بحصر
نطاق مفهوم الموظف العمومي الوارد في الفصل 773و حصره على المنتسبين
للوظيفة العمومية ،لكون القاعدة الجنائية ال تقبل التوسع و ال التفسير الواسع.
203
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
نقترح وضع تحديد قانوني للمقصود بمفهوم المهن القانونية و القضائية ،وذلك )3
بسط التوضيح بين المهن المساعدة للقضاء و أيضا المهن الحرة التوثيقية وكذلك
المهن التي هي في مكانة أسرة القضاء كما هو الحال بالنسبة لمحاماة ،فمهمة
التعريف أصبحت حسب مهمة تشريعية أكثر منها فقهية أو قضائية.
نقترح وضع مدونة قانونية مهنية موحدة للمهن القانونية و القضائية ،توحد كافة )4
مظاهر الرقابة من قبل جهاز واحد و هو الهيئات و المجالس المهنية باألساس ثم
النيابة العامة بالدرجة نفسها ،دون إغفال و ازرة العدل كجهة ثانوية للمراقبة مع مراعاة
خصوصية المهام المسندة لكل مهنة على حدى.
إحداث لجنة وطنية تشاورية مكونة من كل من الوكيل العام للملك لدى محكمة )9
النقض بصفته رئيسا للنيابة العامة و الرئيس المنتدب للمجلس األعلى للسلطة
القضائية و وزير العدل ،إضافة إلى رئيس الجمعية الوطنية للمحامين بالمغرب وباقي
رؤساء المجالس الوطنية للمهن القانونية و القضائية ،قصد تدارس مخططات
تشاركية للرقي بالمهن و تجويدها و تخليقها ،لغاية إصالح منظومة العدالة ببالدنا.
إن مواكبة المحاور الكبرى لإلصالح الشامل و العميق لمنظومة العدالة ببالدنا )2
تقتضي التعجيل من إنفاذ أسسه الكبرى بإرادة وطنية موحدة لكافة المتدخلين لهذه
المهن القانونية و القضائية أساسا ،و كذلك األمر بالنسبة للمؤسسات والسلطات
العمومية ،و ذلك قصد تحسين الولوج و الرفع من جودة تكوين المترشحين الجدد لهذه
المهن ضمانا لتوفير الخدمة الواجبة للمواطن و أيضا تخليقها.
204
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
الئحة المراجع
.Iالكتب العامة
أحمد الخمليشي ،شرح قانون المسطرة الجنائية ،الطبعة األولى لسنة ،6881مكتبة )6
المعارف-الرباط.
أحمد قيلش و آخرون ،الشرح العملي لقانون المسطرة الجنائية ،الطبعة الثالثة لسنة )3
،3062مطبعة األمنية-الرباط.
أحمد قيلش و آخرون ،الوجيز في شرح القانون الجنائي الخاص ،طبعة ،3062 )2
مطبعة األمنية-الرباط.
أحمد قيلش و آخرون ،الوجيز في شرح القانون الجنائي العام ،طبعة ،3061مطبعة )4
األمنية-الرباط.
أحمد قيلش و آخرون ،علم اإلجرام و العقاب ،طبعة ،3064مكتبة فضاء آدم للنشر )1
والتوزيع-مراكش.
إدريس الحياني و محمد هنوش ،دروس مختصرة في القانون الجنائي الخاص )1
المغربي ،طبعة ،3068مكتبة قرطبة-أكادير ،توزيع دار العرفان-أكادير.
الشرقي حراث ،الدليل العملي إلجراءات التقاضي أمام المحاكم ،طبعة ،3061مطبعة )2
األمنية-الرباط.
حليمة المغاري ،التنظيم القضائي المغربي وفق آخر المستجدات القانونية ،الطبعة )8
الثانية لسنة ،3068مطبعة قرطبة-أكادير.
لطيفة الداودي ،دراسة في قانون المسطرة الجنائية المغربية وفق آخر التعديالت إلى )8
غاية سنة ،3062الطبعة السابعة لسنة ،3068المطبعة و الوراقة الوطنية-مراكش.
205
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
محمد اإلدريسي العلمي المشيشي ،دراسة حول مالئمة قانون المسطرة الجنائية مع )60
مبادئ حقوق اإلنسان ،منشورات المجلس الوطني لحقوق اإلنسان-سلسلة الدراسات ،طبعة ،3063
مطبعة المعارف الجديدة -الرباط.
محمد اإلدريسي العلمي المشيششي ،دراسة حول مالئمة مشروع القانون الجنائي مع )66
المبادئ و القواعد المعتمدة في منظومة حقوق اإلنسان ،سلسلة إصدارات المجلس الوطني لحقوق
اإلنسان ،طبعة ،3063مطبعة المعارف الجديدة-الرباط.
محمد اإلدريسي العلمي المشيشي ،المسطرة الجنائية :المؤسسات القضائية ،الجزء )63
األول ،ط ،6886مطبعة المعارف الجديدة-الرباط.
محمد العروصي ،المختصر في شرح القانون الجنائي المغربي-الجزء األول ،الطبعة )62
األولى لسنة ،3061مطبعة مرجان-مكناس.
محمد بلفقير ،قانون المسطرة الجنائية و العمل القضائي ،الطبعة الرابعة ،لسنة )64
،3062مطبعة النجاح الجديدة-الدار البيضاء.
محمد بلفقير ،مجموعة القانون الجنائي و العمل القضائي المغربي ،الطبعة الرابعة، )61
لسنة ،3062مطبعة النجاح الجديدة-الدار البيضاء.
محمد بلفقير ،قضايا اإللغاء في قضايا الغرفة اإلدارية بمحكمة النقض من بداية سنة )61
3061إلى النصف من سنة ،3062الطبعة األولى لسنة ،3068مطبعة النجاح الجديدة-الدار
البيضاء.
نور الدين العمراني ،شرح القسم العام من القانون الجنائي المغربي ،طبعة ،3063 )62
مطبعة وراقة سلجلماسة-مكناس.
نورة غزالن الشنيوي ،الوسيط في العقود الخاصة –العقود المدنية والتجارية و البنكية )68
على ضوء المستجدات التشريعية و االجتهادات القضائية في القانون المدني و قانون األعمال -الجزء
األول ،الطبعة األولى لسنة ،3062مطبعة األمنية-الرباط.
نورة غزالن الشنيوي ،التوجهات الكبرى لإلصالح الشامل و العميق لمنظومة العدالة، )68
التنظيم القضائي في ضوء مستجدات سنة ،3061الطبعة األولى لسنة ،3061مطبعة األمنية-الرباط.
206
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
عبد الكريم الطالب ،الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية ،دراسة في ضوء مستجدات )30
مسودة مشروع ،3061الطبعة الثامنة يوليو ،3061مطبعة النجاح الجديدة-الدار البيضاء.
عبد الكريم الطالب ،التنظيم القضائي المغربي ،الطبعة الخامسة لسنة ،3068مطبعة )36
النجاح الجديدة-الدار البيضاء.
عبد الواحد العلمي ،شرح القانون الجنائي المغربي-القسم الخاص ،الطبعة الثامنة )33
لسنة ،3061مطبعة النجاح الجديدة-الدار البيضاء.
عبد الواحد العلمي ،شرح القانون الجنائي المغربي-القسم العام ،الطبعة السابعة ،لسنة )32
،3061مطبعة النجاح الجديدة-الدار البيضاء.
عبد الواحد العلمي ،شروح في القانون الجديد المتعلق بالمسطرة الجنائية-الجزء )34
األول ،-الطبعة السابعة لسنة ،3068مطبعة النجاح الجديدة-الدار البيضاء.
عبد الواحد العلمي ،شروح في القانون الجديد بالمسطرة الجنائية-الجزء الثاني ،الطبعة )31
السادسة ،3068مكتبة النجاح الجديدة-الدار البيضاء.
.IIالكتب المتخصصة
أسيا أيت علي ،المرأة و مهنة التوثيق العدلي بين الفقه اإلسالمي و التشريع المغربي، )6
الجزء األول ،الطبعة األولى لسنة ،3068مكتبة دار السالم-الرباط.
العلمي الحراق ،الوثيق في شرح قانون التوثيق ،الطبعة األولى لسنة ،2282دار )2
السالم للطباعة و النشر و التوزيع-بالرباط.
العلمي الحراق ،الوجيز في شرح القانون المتعلق بخطة العدالة ،الطبعة الثانية لسنة )2
،3066دار السالم للطباعة و النشر و التوزيع-الرباط.
حفيظ الصافي ،مسؤولية المحامي الجزء األول المسؤولية المدنية ،طبعة ،3063 )4
مطبعة الهداية-تطوان.
نورالدين التائبو ،قانون مهنة المحاماة و العمل القضائي على ضوء آخر التعديالت )1
الجديدة ،طبعة أولى ،3068مطبعة دار النشر المغربية الدار البيضاء.
207
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
يوسف أقصبي ،المسؤولية التأديبية و المدنية للمفوض القضائي ،طبعة ،3064دار )1
السالم للطباعة و النشر و التوزيع -الرباط.
كمال عبد الواحد الجوهري ،قواعد المسؤولية التأديبية و الجنائية والمدنية في مجال )2
تأدية أعمال المحاماة بسبب مخالفة قانون المهنة و اإلخالل بواجباتها و تقاليدها و الحط من قدرها-
دراسة تطبيقية في التشريع و القضاء في كل من مصر ودولة الكويت ،الطبعة األولى ،3061المركز
القومي لإلصدارات القانونية-القاهرة.
لبنى الوزاني ،المسؤولية التأديبية للموثق على ضوء العمل القضائي ،الطبعة األولى )8
لسنة ،3066دار السالم-الرباط.
-دراسة في محمد الربيعي ،األحكام الخاصة بالموثقين و المحررات الصادرة عنهم )8
ضوء مستجدات قانون 61.02المتعلق بخطة العدالة و قانون 23.08المتعلق بالتوثيق ،-الطبعة
الثالثة ،3062مكتبة المعرفة-مراكش.
محمد بلهاشمي التسولي ،مسؤولية المحامي -رسالة المحامي عبر التاريخ ، -الجزء )60
الثاني الطبعة األولى ،3066المطبعة و الوراقة الوطنية-مراكش.
مصطفى أحمد عبد الجواد حجازي ،التزام المحامي بالحفاظ على أسرار العميل-دراسة )66
فقهية قضائية مقارنة في القانون المصري و الفرنسي ،-طبعة ،3061دار النهضة العربية-القاهرة.
عبد اهلل روحمات ،مهام القاضي المكلف بالتوثيق بين النظر و التطبيق ،الطبعة الثانية )63
لسنة ،3062دار السالم للطباعة و النشر و التوزيع -الرباط.
عبد المجيد بوكير ،التوثيق العصري المغربي ،دار السالم -الرباط ،الطبعة الثانية لسنة )62
.3060
سليمان محمد الطماوي ،القضاء اإلداري -قضاء التأديب دراسة مقارنة ،-الكتاب )64
األول ،القسم األول ،طبعة ،6882دار الفكر العربي-القاهرة.
سليمان أدخول ،المدخل لدراسة الطبيعة القانونية لعمل العدول في مجال الحقوق )61
العينية ،الطبعة األولى لسنة ،3068دار السالم-الرباط.
208
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
.Iالئحة اْلطاريح
إدريس الحياني ،نظرية البطالن في القانون المسطري المغربي-دراسة تحليلية في )6
قانوني المسطرتين المدنية والجنائية ،-أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص وحدة التكوين
والبحث :القانون المدني ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية الدار البيضاء ،جامعة الحسن
الثاني -عين الشق ،السنة الجامعية .3002/3003
بلحو نسيم ،المسؤولية القانونية للموثق ،أطروحة مقدمة لنيل شهادة الدكتورة ،في )3
الحقوق ،تخصص القانون الجنائي ،كلية الحقوق و العلوم السياسية-قسم الحقوق ،-جامعة محمد
خيضر بسكرة ،السنة الجامعية .3061/3064
نبيل فرحان حسين الشنطاوي ،المسؤولية القانونية الناتجة عن ممارسة المهن الحرة – )2
دراسة مقارنة ،-أطروحة لنيل درجة الدكتوراه في الحقوق وحدة قانون األعمال شعبة القانون الخاص،
كلية العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية الدار البيضاء ،جامعة الحسن الثاني-عين الشق،
السنة الجامعية .3004/3002
سليمان بن عبد العزيز الغزي ،المركز القانوني للمحامي في النظام السعودي-دراسة )4
تأصيلية مقارنة تطبيقية ،-أطروحة مقدمة استكماال لمتطلبات الحصول على درجة دكتوراه الفلسفة في
العلوم األمنية ،كلية الدراسات العليا-قسم العدالة الجنائية ،جامعة نايف العربية للعلوم األمنية-
الرياض ،لسنة .3008
سمية أبو فاطمة ،شركة المحاماة المدنية-دراسة مقارنة ،-رسالة لنيل درجة الدكتورة )1
في الحقوق ،جامعة طانطا-مصر ،السنة الجامعية (غير مذكورة).
عبد اهلل أحمد أحمد عبد القادر الملحاني ،اإلصالح القضائي للسلطة القضائية – )1
المغرب و اليمن نموذجا ،-أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص وحدة التكوين و البحث في
القانون المدني ،كلية العلوم القانونية و االقتصادية واالجتماعية مراكش ،جامعة القاضي عياض،
السنة الجامعية .3063/3066
209
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
.IIالئحة الرسائل
الحسين صبير ،المسؤولية المدنية للمحامي ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون المدني )6
المعمق ،كلية العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية أكادير ،جامعة ابن زهر ،السنة
الجامعية .3062/3061
المهدي بوي ،اإلطار القانوني لمسؤولية الموثق العصري على ضوء القانون ،23.08 )3
رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص لماستر العقار و التنمية ،كلية العلوم القانونية
و االقتصادية و االجتماعية طنجة ،جامعة عبد المالك السعدي ،السنة الجامعية
.3061/3064
جمال األشهب ،استقالل القضاء :تحوالت جديدة ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون )2
الخاص وحدة الطفولة وقضاء األحداث ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية و االجتماعية
بطنجة ،جامعة عبد المالك السعدي ،السنة الجامعية .3063/3066
نور الدين بزدي ،المسؤولية المدنية و التأديبية للعدول و الموثقين على ضوء التشريع )4
المغربي ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص ،كلية العلوم القانونية
و االقتصادية و االجتماعية مكناس ،جامعة موالي إسماعيل ،السنة الجامعية .3060/3008
عبد الحق مغار ،المسؤولية الجنائية لموثقي المحررات الرسمية العقارية ،رسالة لنيل دبلوم )1
الماستر في العلوم الجنائية ،كلية العلوم القانونية و االقتصادية واالجتماعية مراكش ،جامعة
القاضي عياض ،الموسم الجامعي .3061/3064
عاطف ايت تكنوين ،المسؤولية الجنائية للموثق ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون )1
الخاص تخصص العلوم الجنائية ،كلية العلوم القانونية و االقتصادية واالجتماعية مراكش،
جامعة القاضي عياض ،السنة الجامعية .3063/3066
عمر أوتيل ،التوثيق و دوره في استقرار المعامالت العقارية على ضوء مدونة الحقوق )2
العينية ،رسالة لنيل دبلوم الماستر تخصص قانون العقود والعقار ،كلية العلوم القانونية
واالقتصادية واالجتماعية وجدة ،جامعة محمد األول ،الموسم الجامعي .3062/3063
عمر لحجوبي ،المسؤولية المدنية للمحامي في التشريع المغربي ،رسالة لنيل دبلوم )8
الدراسات العليا المعمقة-شعبة القانون الخاص وحدة التكوين و البحث في القانون المدني،
كلية العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية مراكش ،جامعة القاضي عياض ،السنة
الجامعية .3002/3003
210
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
سعيد فراع ،تجربة المفوضين القضائيين في التنفيذ – دراسة تحليلية تقييمية ، -رسالة )8
لنيل دبلوم الماستر في القانون المدني المعمق-الفوج األول ،-كلية العلوم القانونية
واالقتصادية و االجتماعية أكادير ،جامعة ابن زهر ،الموسم الجامعي .3062/3061
سناء الشايب ،الحماية الجنائية للعقود المدنية ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في )60
المنازعات و المهن القانونية ،كلية العلوم القانونية و االقتصادية واالجتماعية أكادير ،جامعة
ابن زهر ،الموسم الجامعي .3068/3062
محمد بويلحن ،المسؤولية التأديبية و الجنائية للموثق في التشريع المغربي ،رسالة )66
لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص ،ماستر قوانين التجارة واألعمال ،كلية العلوم القانونية
و االقتصادية و االجتماعية وجدة ،جامعة محمد األول ،الموسم الجامعي .3062/3063
محمد الناصري ،المسؤولية الجنائية للموثق في ضوء القانون 23.08والقوانين )63
ذات الصلة ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون العقود والعقار ،كلية العلوم القانونية
واالقتصادية و االجتماعية وجدة ،جامعة محمد األول ،الموسم الجامعي .3061/3061
فؤاد السابقي ،المسؤولية التأديبية للموثق على ضوء القانون 23.08والعمل )62
القضائي ،رسالة لنيل دبلوم الماستر تخصص قانون العقود و العقار ،كلية العلوم القانونية
واالقتصادية و االجتماعية وجدة ،جامعة محمد األول ،السنة الجامعية .3061/3064
رشيد بوهدي ،دور النيابة العامة في القضايا المدنية –دراسة تأصيلية وتحليلية في )64
ضوء قانون المسطرة المدنية و القوانين الخاصة ،-رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون
الخاص تخصص القانون المدني المعمق ،كلية العلوم القانونية واالجتماعية و االقتصادية ابن
زهر ،جامعة ابن زهر أكادير ،الموسم الجامعي .3062/3061
خليل الخيامي ،طبيعة القواعد الزجرية في قوانين المهن القضائية -التوثيق العصري )61
والمحاماة نمودجا ،-رسالة لنيل دبلوم الماستر تخصص المنظومة الجنائية و الحكامة
األمنية ،كلية العلوم القانونية و االقتصادية واالجتماعية أكادير ،جامعة ابن زهر ،الموسم
الجامعي .3068/3062
211
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
إدريس الشبلي ،غرفة المشورة في النظام القضائي المغربي ،بحث نهاية التدريب )6
بالمعهد العالي للقضاء ،سنة التكوين .3004/3003
محمد بنعليلو ،واقع النيابة في المغرب بين الممارسة القضائية و ضمان الحقوق )3
والحريات ،بحث نهاية التدريب بالمعهد الوطني للدراسات القضائية ،الفوج (،38سنة التكوين غير
مذكورة).
تدخل النيابة العامة في القضايا المدنية – بين النصوص سنوسي هارون آدم، )2
القانونية وتوجه العمل القضائي -بحث نهاية التكوين بالمعهد العالي للقضاء ،سنة التكوين
.3062/3066
عادل عقا و الجاللي ،دور النيابة العامة في مراقبة المهن القضائية ،بحث نهاية )4
التكوين للملحقين القضائيين بالمعهد العالي للقضاء ،الفوج ،21سنة التكوين .3066/3008
عائشة شالل و سلمى عمور ،القيود الواردة على سلطة النيابة العامة في تحريك )1
الدعوى العمومية و العمل القضائي ،بحث نهاية التكوين بالمعهد العالي للقضاء ،سنة التكوين
.3061/3062
212
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
حميد الوالي ،حصانة الدفاع في القانون المغربي ،مقالة منشورة بمجلة المعيار ،تصدر )1
عن هيئة المحامين بفاس ،العدد ،42يونيو ،3060
حكيم التوزاني ،الوثيقة الدستورية المغربية لسنة :3066البحث في إمكانية القطع مع )2
الممارسات التقليدية تأسيسا لدستور االنتقال الديمقراطي ،مقالة منشورة بمجلة األبحاث
والدراسات القانونية ،العدد األول ،يناير-مايو .3062
طارق قاسمي ،المسؤولية التأديبية للعدول :دراسة في ضوء قانون التوثيق العدلي، )8
مقالة منشورة بالمجلة المغربية للدراسات القانونية والقضائية ،العدد االفتتاحي ،ليناير
.3061
يوسف الزوجال ،المداخل الدستورية من أجل تأهيل منظومة العدالة بالمغرب ،مقالة )8
منشورة بمجلة المنارة ،العدد السادس ،أبريل .3064
يوسف الزوجال ،موقع الحكامة القضائية في الدستور المغربي ،مقالة منشورة )60
بمجلة الرقيب ،العدد الثالث ،نونبر .3064
يوسف أدريرو ،المنشور :مفهومه و طبيعته القانونية ،مقالة منشورة بمجلة القضاء )66
اإلداري ،العدد ،2صيف/خريف .3062
محمد علي المطيري ،سلطة القاضي الجنائي في تقدير المسؤولية الجنائية للموثق )63
والعدل ،مقالة منشورة بمجلة المنبر القانوني ،العدد ،61أكتوبر .3068
محمد الهيني ،مداخل إزالة شبهة تقاطع السياسي مع القضائي :استقالل النيابة العامة )62
عن وزير العدل نمودجا؟ ،مقالة منشورة بمجلة اإلشعاع ،مجلة قانونية تصدر هن هيئة المحامين
بقنيطرة ،العدد ،42يونيو .3061
محمد الهيني ،قاعدة الجنائي يعقل التأديبي بين اإلدارة القاضية و القاضي اإلداري، )64
مقالة منشورة بمجلة العلوم القانونية ،العدد ،3لسنة .3064
محمد النجاري ،أية مقاربة لألنظمة الداخلية للمجالس المهنية بما فيها مهنة التوثيق؟، )61
مجلة المعيار تصدرها هيئة المحامين بفاس ،العدد التاسع و األربعون ،يونيو .3062
محمد شهبون ،تخليق مهنة المحاماة من خالل نظام التأديب ،مقالة منشورة بمجلة )61
الملف ،العدد ،62أكتوبر .3060
محمد شهبون ،التأديب ،مقالة منشورة بمجلة المحاماة التي تصدرها جمعية هيئات )62
المحامين بالمغرب ،عدد مزدوج ،14-12أبريل .3066
213
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
محمد عبد اهلل حمود ،المسؤولية التأديبية للمحامي في القانون اإلماراتي والمقارن، )81
مجلة الشريعة و القانون ،العدد الحادي و العشرون ربيع الثاني ،8221الموافق ل يونيو ،2222
(جهة اإلصدار غير معروفة بعد البحث).
محمد النجاري ،أية مقاربة تشريعية لألنظمة الداخلية للمجالس المهنية بما فيها مهنة )68
التوثيق؟ ،مقالة منشورة بمجلة المعيار ،مجلة تصدر عن هيئة المحامين بفاس ،العدد ،48يونيو
.3062
محمد هومير ،الموثق العصري :موظف عمومي؟ ،مقالة منشورة بالمجلة المغربية )30
لالقتصاد و القانون المقارن ،العدد ،43لسنة .3004
محمد الداودي ،استقالل السلطة القضائية (بين التنصيص القانوني ومتطلبات )36
التطبيق) ،مقالة منشورة بمجلة القانون المدني ،العدد الثالث لسنة .3061
محمد بوكرمان ،استقالل السلطة القضائية بين المعايير الدولية و القوانين الوطنية )33
والممارسة العملية ،مقالة منشورة بمجلة المعيار ،تصدرها هيئة المحامين بفاس ،العدد
الثامن و األربعون ،دجنبر .3063
مجلة منبر النيابة العامة ،العدد الخامس لسنة ،3061تصدرها النيابة العامة لدى )32
محكمة النقض ،دراسة بعنوان " قراءة في المادة 23من القانون المنظم لمهنة المحاماة
والمادة 23من القانون المنظم لمهنة الخبراء القضائيين".
نور الدين الناصري ،اإللتزام بالسر المهني ( األطباء ،المحامون ،الموظفون، )34
العموميون) مقالة منشورة بمجلة الملف ،العدد الخامس ،يناير .3001
عبد الكريم الطالب ،جهود المغفور له الملك الحسن الثاني في التكريس الدستوري )31
والمؤسساتي الستقالل القضاء ،مقالة منشورة بمجلة محاكمة ،العدد ،61أبريل-يونيو
.3068
عبد العالي العضراوي ،مأسسة رئاسة النيابة العامة ،مقالة منشورة بمجلة المعيار، )31
تصدرها هيئة المحامين بفاس ،العدد الرابع و الخمسون ،أبريل .3068
عبد العالي المومني ،دور و صالحية النقيب من خالل تطبيق مقتضيات الفقرة األولى )32
من المادة 18من قانون المحاماة (الجزء األول) ،مقالة منشورة بالمجلة القانونية للمحكمة االبتدائية
بمكناس ،العدد المزدوج الثاني و الثالث لسنة .3008
214
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
عبد اللطيف الناصري ،حصانة المحامي و تعزيز حقه في الدفاع و دورها في إحقاق )38
المحاكمة العادلة ،مقالة منشورة بمجلة المحاكم المغربية ،تصدر عن هيئة المحامين بالدار البيضاء،
عدد 668يناير-فبراير ،3008مطبعة سناد ميلتي سرفس بريس-الدار البيضاء.
عبد اهلل درميش ،أخالقيات مهنة التوثيق و سلطة التنظيم ،مقالة منشورة بمجلة رحاب )38
المحاكم ،العدد الثالث ،لسنة ديسمبر .3008
عبد المجيد بوكير ،المسؤولية القانونية للموثقين العصريين بين ظهير رابع مايو )20
6831و مشروع القانون 23.08المتعلق بتنظيم مهنة التوثيق و بإحداث هيئة وطنية للموثقين ،مقالة
منشورة بمجلة القانون المغربي ،العدد 68يونيو ،3063مطبعة دار السالم-الرباط.
عبد الحق دهبي ،الحكامة القضائية ،مقالة منشورة بمجلة محاكمة ،العدد المزدوج -8 )26
60لمارس/مايو .3061
عبد الكبير طبيح ،ما هي السلطة التي تتبع لها النيابة العامة؟ ،مقالة منشورة بالمجلة )23
المغربية لنادي قضاة ،العدد األول ،دجنبر .3063
عبد المجيد غميجة ،مبدأ األمن القانوني و ضرورة األمن القضائي ،عرض مقدم في )22
إطار الندوة المنظمة من طرف الودادية الحسنية للقضاة بمنسبة المؤتمر الثالث عشر للمجموعات
اإلفريقية لإلتحاد العالمي للقضاة ،بالدار البيضاء بتاريخ 38مارس ،3008عن مديرية الدراسات
والتعاون و التحديث بوزارة العدل.
عبد العزيز بنزاكور ،قيم و أخالقيات المهن القضائية ،مقالة منشورة بمجلة المحاكم )24
المغربية ،تصدرها هيئة المحامين بالدار البيضاء ،العدد ،610يناير/فبراير .3061
فوزي بنعزي ،حقوق اإلنسان في الخطاب السياسي المغربي و سمو المؤسسات )21
الوطنية لمواجهة المتغيرات الداخلية و الخارجية ،مقالة منشورة بمجلة العلوم القانونية،
العدد التاسع لسنة .3062
رشيد الناصري ،مسؤولية الموثقين و من في حكمهم في إطار مدونة تحصيل الديون )21
العمومية ،مقالة منشورة بمجلة المرافعة ،تصدرها هيئة المحامين بأكادير العدد ،33غشت .3064
رشيد عدنان و منير الحجاجي ،أي إصالح لمنظومة العدالة بالمغرب؟ قراءة في ميثاق )22
إصالح القطاع و مخرجاته التشريعية ،مقالة منشورة بالمجلة المغربية للدراسات القانونية
االقتصادية ،العدد اإلفتتاحي ،يناير .3061
خالد خالص ،حضور النيابة العامة في المجال التأديبي للمحامين ،مقالة منشورة )28
بمجلة المحاكم المغربية تصدرها هيئة المحامين بالدار البيضاء ،عدد 612يوليوز/غشت .3061
215
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
المجالت: -I
المجلة المغربية للدراسات القانونية و القضائية ،العدد االفتتاحي يناير لسنة .3061 )6
المجلة المغربية للدراسات القانونية و القضائية ،العدد الثاني ،المطبعة والوراقة الوطنية )3
الداوديات-مراكش ،الطبعة األولى لسنة .3060
216
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
المستحدث في قضاء الغرفة اإلدارية بمحكمة النقض في منازعات المهن القانونية )2
والقضائية ،منشورات المجلة المغربية لألنظمة القانونية و السياسية ،العدد، 2دجنبر .3068
مجلة القبس المغربية ،العدد الثالث ،يوليو .3063 )4
مجلة الرقيب العدد الرابع ،ليونيو .3061 )1
مجلة المحاكم المغربية العدد ،668يناير -فبراير ،3008التي تصدرها هيئة المحامين )1
بالدار البيضاء.
مجلة المحاكم المغربية التي تصدرها هيئة المحامين بالدار البيضاء ،عدد مزدوج 631 )2
و 632لسنة 3060
مجلة المحاكم المغربية الصادرة عن هيئة الدار البيضاء ، ،العدد ،642يوليو/غشت )8
.3061
مجلة المحاكم الغربية التي تصدرها هيئة المحامين بالدار البيضاء العدد 648لشتنبر، )8
أكتوبر .3061
مجلة المحاماة التي تصدرها جمعية هيئات المحامين بالمغرب ،عدد مزدوج ،14-12 )60
أبريل .3066
مجلة العلوم القانونية ،سلسلة فقه القضاء الجنائي ،العدد األول ،لسنة .3061 )66
مجلة المقال العدد الثاني ،لسنة .3060 )63
مجلة قضاء المجلس األعلى عدد مزدوج .11/14 )62
مجلة قضاء محكمة النقض عدد .26 )64
نشرة ق اررات محكمة النقض الغرفة اإلدارية ،السلسلة ،1العدد .20 )6
نشرة ق اررات محكمة النقض الغرفة اإلدارية ،السلسلة ،2العدد .21 )3
سلسلة إصدارات المكتب الفني لمحكمة النقض" ،مهنة المفوض القضائي في ضوء )2
ق اررات محكمة النقض" ،العدد الخامس ،لسنة .3068
سلسلة إصدارات المكتب الفني لمحكمة النقض – مهنة المحاماة في ضوء ق اررات )4
محكمة النقض ،-العدد الرابع ،لسنة .3062
217
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
218
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
الفهرس
مـقدمـة 63.............................................................................................................
الفصل األول :حدود التدخل الرقابي والتأديبي للنيابة العامة على المهن القانونية والقضائية 31.........
المبحث األول :دور النيابة العامة في مراقبة المهن القانونية و القضائية 38................................
المطلب األول :مظاهر الرقابة القبلية للنيابة العامة على المهن القانونية والقضائية 38...................
الفقرة األولى :صالحيات النيابة العامة في المراقبة القبلية على المحامي و المفوض القضائي 38.......
أوال :مراقبة النيابة العامة لمرحلة الولوج إلى مهنة المحاماة 20..............................................
الفقرة الثانية :الدور القبلي للنيابة العامة في مراقبة المهن التوثيقية 28.....................................
أوال :غاية الدور القبلي للنيابة العامة في تفعيل مقتضيات القانون 28............................ 23.08
المطلب الثاني :المراقبة البعدية للنيابة العامة في ضوء قوانين المهن القانونية والقضائية 42............
الفقرة األولى :تجليات الرقابة البعدية للنيابة العامة على كل من المحامي و المفوض القضائي 42......
ثانيا :المراقبة البعدية للنيابة العامة على أعمال المفوضين القضائيين 16...................................
الفقرة الثانية :مراقبة النيابة العامة لسير عمل مكاتب الموثقين و العدول 14................................
المبحث الثاني :بروز دور النيابة العامة أثناء إثارة المسؤولية التأديبية للمهن القانونية و القضائية
18.....................................................................................................................
المطلب األول :صالحيات النيابة العامة أثناء جريان المسطرة التأديبية 10...................................
219
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
أوال :متابعة النيابة العامة للمحامي و للمفوض القضائي في الدعوى التأديبية 10..........................
ثانيا :سلطات النيابة العامة أثناء تفعيل مسطرة التأديب ضد المهن التوثيقية 11..........................
الفقرة الثانية :اآلثار الالحقة لممارسة النيابة العامة لمسطرة التأديب 26.....................................
أوال :تدرج سلطة اإليقاف المؤقت للنيابة العامة في قوانين المهن القانونية والقضائية 23.................
ثانيا :مركز النيابة العامة أثناء ممارسة صالحية اإلحالة على الجهات التأديبية 21........................
.3اعتبار النيابة العامة جهة إحالة في ضوء القوانين 86.02و 61.02و 28.................. 23.08
المطلب الثاني :ممارسة النيابة العامة للطعون في المقرر التأديبي و آثار تنفيذه 83......................
الفقرة األولى :مجاالت الطعن في المقررات التأديبية الصادرة عن سلطات التأديب 83.......................
أوال :مركز النيابة العامة كجهة للطعن في قانوني المحاماة و المفوضين القضائيين82....................
ثانيا :ممارسة النيابة العامة للطعون في ضوء قوانين المهن التوثيقية 82...................................
أوال :اختالف قوانين المهن حول اعتبار النيابة العامة جهة لتنفيذ للمقررات التأديبية 83.................
ثانيا :آثار تنفيذ العقوبات التأديبية على أشخاص المهن القانونية و القضائية 84..........................
الفصل الثاني :حدود التدخل الزجري للنيابة العامة ضد أشخاص المهن القانونية و القضائية 88........
المبحث األول :خصوصية األساس القانوني إلثارة المسؤولية الجنائية للمهن القانونية و القضائية 600
المطلب األول :األساس القانوني لتحريك النيابة العامة للدعوى العمومية 606..............................
220
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
الفقرة األولى :المقتضيات الزجرية الواردة في قوانين المهن القانونية و القضائية 606.....................
أوال :جريمتي السمسرة و انتحال الصفة المرتكبة من أشخاص المهن القانونية والقضائية 603...........
حالة المنع المؤقت المتخذ من قبل النيابة العامة عن ممارسة المهنة لجريان مسطرة التأديب608..
حالة قيام جريمة انتحال الصفة في حق الصادر في حقه عقوبة تأديبية نهائية660.................
الفقرة الثانية :خصوصية الجزاء المطبق على أشخاص المهن القانونية و القضائية 662..................
أوال :متابعة أشخاص المهن القانونية و القضائية بجرائم تزوير المحررات 668.............................
ثانيا :تعلق الجزاء المسطري بنظيره الجنائي عند خرق المحامي لمبدأ سرية البحث و التحقيق 631....
المطلب الثاني :طبيعة المسؤولية الجنائية المهنية لممارسي المهن القانونية والقضائية 624.............
.1كون الفعل المرتكب من المهني مجرما في أحد مصادر التجريم و العقاب المتعددة 628...............
.2أن ينسب للمهني الفعل المجرم أثناء قيامه بعمله و ليس خارجه 643...................................
.3اعتبار عمدية الجرائم التي يرتكبها المحامي أو المفوض القضائي و العدل و الموثق 641............
ثانيا :جدلية نسبة صفة الموظف العمومي ألشخاص المهن القانونية و القضائية 642....................
الفقرة الثانية :الصفة المهنية الحرة بين قيام الجريمة و تشديد العقوبة 612.................................
221
العدد 30مارس 0202 سلسلة األبحاث الجامعية واألكاديمية
حدود مراقبة النيابة العامة للمهن القانونية و القضائية
المبحث الثاني :خصوصيات حضور النيابة العامة أثناء تفعيل القواعد المسطرية الجنائية 616.........
المطلب األول :الخصوصيات اإلجرائية للمتابعة الجنائية تجاه المهنيين أثناء البحث التمهيدي 616......
الفقرة األولى :خصوصية إقامة و تحريك الدعوى العمومية تجاه أشخاص المهن القانونية والقضائية
613...................................................................................................................
أوال :أثر ممارسة النيابة العامة لمسطرة إليقاف المؤقت على سير الدعوى العمومية 613.................
ثانيا :طبيعة تدخل الهيئات و المجالس المهنية أثناء تحريك المتابعة الزجرية618.........................
الفقرة الثانية :الضمانات اإلجرائية لمتابعة المهن القانونية و القضائية أثناء البحث التمهيدي 626......
أوال :خصوصية مساطر متابعة المهنيين بين التنصيص التشريعي الصريح والضمني623............... .
ثانيا :تعلق جزاء البطالن بخصوصية تفتيش مكاتب أشخاص المهن القانونية و القضائية 621.........
المطلب الثاني :اآلثار الالحقة لتحريك النيابة العامة للمتابعة الزجرية ضد المهن القانونية و القضائية
628...................................................................................................................
الفقرة األولى :خصوصيات المتابعة بين منطلق إجراءات التحقيق و صالحيات القضاء الجنائي680.....
ثانيا :أثر حصانة المحامي عند اإلخالل بحسن سير الجلسات 681..........................................
الفقرة الثانية :اإلشكاالت القانونية لربط المتابعة الجنائية بالمتابعة التأديبية 680...........................
ثانيا :موقف قضاء محكمة النقض من ربط المتابعة الزجرية بالمتابعة التأديبية 684.......................
خـاتمـة 681............................................................................................................
الفهرس 368..........................................................................................................
222