You are on page 1of 62

‫مبنــى مبهــر‬

‫مبنى مبهـــــر‬
‫ت�أمالت حول البناء املعماري ملكتبة الإ�سكندرية‬

‫�إ�سماعيل �رساج الدين‬

‫‪2007‬‬
‫مكتبة الإ�سكندرية بيانات الفهر�سة‪� -‬أثناء ‪ -‬الن�رش (فان)‬
‫�رساج الدين‪� ،‬إ�سماعيل‪1944- ،‬‬
‫مبنى مبهر‪ :‬ت�أمالت حول البناء املعماري ملكتبة الإ�سكندرية ‪� /‬إ�سماعيل �رساج الدين – الإ�سكندرية‪ :‬مكتبة الإ�سكندرية‪،‬‬
‫‪2007‬‬
‫�ص‪� .‬سم‪.‬‬
‫تدمك ‪978-977-6163-70-6‬‬
‫‪ .1‬مكتبة الإ�سكندرية اجلديدة‪ .2 .‬املكتبات ‪ --‬م�رص ‪ --‬الإ�سكندرية‪ .3 .‬املكتبات ‪ --‬مباين‪� .‬أ‪ .‬العنوان‪.‬‬
‫‪2007329637‬‬ ‫ديوي – ‪727.809621‬‬

‫‪ISBN 978-977-6163-70-6‬‬
‫رقم الإيداع ‪2007/5444‬‬
‫©‪ 2007‬مكتبة الإ�سكندرية‪ .‬جميع احلقوق حمفوظة‬
‫اال�ستغالل غري التجاري‬
‫مت �إنتاج املعلومات الواردة يف هذا املن�شور لال�ستخدام ال�شخ�صي واملنفعة العامة لأغرا�ض غري جتارية‪ ،‬وميكن �إعادة‬
‫�إ�صدارها كلها �أو جزء منها �أو ب�أية طريقة �أخرى‪ ،‬دون �أي مقابل ودون ت�صاريح �أخرى من مكتبة الإ�سكندرية‪ .‬و�إمنا‬
‫نطلب الآتي فقط‪:‬‬
‫• يجب على امل�ستغلني مراعاة الدقة يف �إعادة �إ�صدار امل�صنفات‪.‬‬
‫• الإ�شارة �إىل مكتبة الإ�سكندرية ب�صفتها "م�صدر" تلك امل�صنفات‪.‬‬
‫• ال يعترب امل�صنف الناجت عن �إعادة الإ�صدار ن�سخة ر�سمية من املواد الأ�صلية‪ ،‬ويجب �أال ين�سب �إىل مكتبة الإ�سكندرية‪،‬‬
‫بدعم منها‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫و�أال ي�شار �إىل �أنه مت‬
‫اال�ستغالل التجاري‬
‫يحذر �إنتاج ن�سخ متعددة من املواد الواردة يف هذا املن�شور‪ ،‬كله �أو جزء منه‪ ،‬بغر�ض التوزيع �أو اال�ستغالل التجاري‪،‬‬
‫�إال مبوجب �إذن كتابي من مكتبة الإ�سكندرية‪ .‬وللح�صول على �إذن لإعادة �إنتاج املواد الواردة يف هذا املن�شور‪ ،‬يرجى‬
‫االت�صال مبكتبة الإ�سكندرية‪� ،‬ص‪.‬ب‪ 138 .‬ال�شاطبي‪ ،‬الإ�سكندرية‪ ،21526 ،‬م�رص‪.‬‬
‫الربيد الإلكرتوين‪secretariat@bibalex.org :‬‬

‫ت�صميم و�إخراج‪ :‬حممد جمعه‬


‫طبع يف م�رص‬
‫‪ 5000‬ن�سخة‬
‫املحتــويــات‬

‫ت�أمالت حول البناء املعماري ملكتبة الإ�سكندرية‬


‫‪11‬‬ ‫مقــدمة‬
‫‪15‬‬ ‫منظور نقـدي‬
‫‪17‬‬ ‫املبنى كبنـاء معمـاري‬
‫‪23‬‬ ‫املبنى يف �سياق مادي‬
‫‪25‬‬ ‫املبنى يف �سياق ثقايف‬
‫‪27‬‬ ‫املبنى يف �سيـاق دويل‬
‫‪29‬‬ ‫املبنى يف �إطار حملي‪� /‬إقليمي‬
‫‪31‬‬ ‫وختاما‪ :‬املبنى يف �إطار فكري‬

‫‪35‬‬ ‫جممع ثقايف �ضخم ينب�ض باحلياة‬


‫‪49‬‬ ‫الت�صميمات املعمارية‬
‫املعماريون‬
‫جمموعة �سنوهيتا‪ /‬حمزة‬
‫(الرنويج)‪ :‬كريج دايكريز‪ ،‬كري�ستوف كابيللري‪ ،‬كييتيل‬
‫تريدل ثور�سن (املعماريون الرئي�سيون)؛ �سنوهيتا �أ‪�.‬س‪،.‬‬
‫(م�رص)‪ :‬حممد �رشك�س‪ ،‬رئي�س ق�سم العمارة‪ ،‬حمزة‬
‫و�رشكاه‪ ،‬م�رص‪.‬‬

‫املهند�سون‬
‫حمزة و�رشكاه‪ ،‬م�رص‪ :‬ممدوح حمزة (رئي�س جمل�س‬
‫الإدارة وخبري الهند�سة اجليوتقنية)؛ م�شهور غنيم‬
‫و�أحمد ر�شاد (مهند�سا الإن�شاءات)؛ �إبراهيم هالل (مهند�س‬
‫كهرباء)؛ علي عمر (مهند�س ميكانيكا)؛ حم�سن عبده‬
‫(مهند�س ال�رصف ومكافحة احلريق)؛ طارق يا�سني‬
‫(مهند�س املوقع)‪.‬‬

‫اال�ست�شـاريون‬
‫ر�سوم اجلدار‪ :‬يورون �سان�س (الرنويج)؛‬
‫التكاليف الإدارية واملوا�صفات‪� :‬شومان �سميث (اململكة‬
‫املتحدة)؛‬
‫ت�صميم الإ�ضاءة‪ :‬ليخت ديزاين ‪�( Lichtdesign‬أملانيا)؛‬
‫ال�صوت‪ :‬ملتيكون�سلت ‪( Multiconsult‬الرنويج)؛‬
‫احلريق والأمان‪ :‬وارينجتون لأبحاث احلريق‬
‫‪( Warrington Fire Research‬اململكة املتحدة)؛‬
‫الت�أمني‪� :‬ستيوارت هيلمز (اململكة املتحدة)‪.‬‬

‫املقـاولون‬
‫راديو تريفي (�إيطاليا)؛ املقاولون العرب ( م�رص)؛ بالفور‬
‫بيتي (اململكة املتحدة)‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫إحياء جلزءٍ‬
‫يعد م�رشوع مكتبة الإ�سكندرية � ً‬
‫جميعا من الرتاث الثقايف والعلمي‬
‫ً‬ ‫عزيزٍ علينا‬
‫للإن�سانية جمعاء‪ .‬ميكن للمعتقدات ال�سيا�سية‬
‫�أن تفرق بني الدول‪ ،‬كما ميكن للم�صالح‬
‫االقت�صادية املت�ضاربة �أن تفرق بني ال�شعوب‪،‬‬
‫دائما ما تقرب الثقافة بينهم‪.‬‬
‫ولكن يف النهاية ً‬
‫و�إننا ليحدونا الأمل يف �أن تقوم مكتبة‬
‫الإ�سكندرية اجلديدة بدورها يف تعزيز‬
‫الثقافة والعلوم‪ ،‬ويف ن�رش العلم واملعرفة‪،‬‬
‫والتفاهم‬ ‫للحوار‬ ‫معق ً‬
‫ال‬ ‫كونها‬ ‫ويف‬
‫جميعا‪.‬‬
‫ً‬ ‫بهدف خلق م�ستقبل �أف�ضل لنا‬

‫�سوزان مبارك‬
‫رئي�س جمل�س �أمناء مكتبة الإ�سكندرية‬

‫‪7‬‬
‫جائزة �أغا خان للعمارة ‪.2004‬‬
‫ت�أمالت حول البناء املعماري ملكتبة الإ�سكندرية‬
‫امليناء ال�رشقي التاريخي‬

‫الكورني�ش‬
‫‪6‬‬

‫‪5‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪2‬‬ ‫‪4‬‬
‫‪1‬‬

‫سعيد‬
‫ور�‬
‫عب‬
‫�شار‬

‫‪ -1‬المبنى الرئي�سي للمكتبة‬


‫‪ -2‬مركز الم�ؤتمرات‬
‫‪ -3‬القبة ال�سماوية‬
‫‪� -4‬ساحة الح�ضارات‬
‫‪� -5‬أ�شجار الزيتون ب�ساحة الح�ضارات‬
‫‪ -6‬كوبري الم�شــاة‬

‫‪10‬‬
‫مقـدمـة‬
‫رائعا على امل�ستويني‬
‫ً‬ ‫بناء معمار ًّيا‬
‫ي�ستحق مبنى مكتبة الإ�سكندرية ‪ -‬الذي يعد ً‬
‫الت�صميمي واملعماري ‪ -‬الدرا�سة والت�أمل‪.‬‬
‫تتمتع املكتبة مبوقع ممتاز يطل على امليناء ال�رشقي التاريخي بالإ�سكندرية‪،‬‬
‫وهو نف�س موقع مكتبة الإ�سكندرية القدمية وق�رص البطاملة امللكي‪ .‬وي�ضم جممع‬
‫قائما قبل �إن�شاء‬
‫ً‬ ‫املكتبة ثالثة عنا�رص �أ�سا�سية‪ ،‬هي‪ :‬مركز امل�ؤمترات الذي كان‬
‫املكتبة‪ ،‬والقبة ال�سماوية‪ ،‬ومبنى املكتبة اجلديدة‪ .‬ويتم الربط بني تلك العنا�رص‬
‫حتت الأر�ض �أ�سفل �ساحة احل�ضارات‪ ،‬لتكون هذا املجمع الثقايف اخلدمي‬
‫الكبري‪.‬‬
‫وتكمن فكرة ت�صميم املبنى يف ربط مبنى املكتبة الدائري بالقبة ال�سماوية التي‬
‫ت�شكل دائرة �أ�صغر‪ ،‬بحيث يحدث مركز امل�ؤمترات تواز ًنا يف ال�صورة العامة‬
‫ككل‪ .‬وتظهر �ساحة احل�ضارات ‪ -‬التي تربط بني مكونات هذا املجمع الثقايف‪-‬‬
‫مفتوحة‪ ،‬حتيطها �أ�شجار الزيتون ت�أكي ًدا على قيم ال�سالم واالنفتاح على الآخر‬
‫واحلوار والعقالنية والتفاهم‪ .‬يحيط مببنى مكتبة الإ�سكندرية من اخلارج جدار‬
‫جميل من حجر اجلرانيت‪ُ ،‬نق�شت عليه �أحرف من �أبجديات العامل (حوايل ‪120‬‬
‫لغة)‪ .‬ويخرتق هذا املجمع الثقايف الكبري كوبري �أنيق للم�شاة ميتد يف امل�ستوى‬
‫الثاين من املكتبة‪ ،‬يربط بني مبنى اجلامعة يف الركن اجلنوبي ال�رشقي والبحر يف‬
‫الركن ال�شمايل الغربي‪.‬‬
‫يرتفع اجلانب اجلنوبي من املبنى (املواجه ل�شارع بور�سعيد) لي�سمح بر�ؤية‬
‫ممتدة للقبة ال�سماوية والبحر من خالل مبنى املكتبة‪ .‬وتتكون القبة ال�سماوية من‬
‫دائرة معلقة يتخللها �رشائط من اللون الأزرق لي ً‬
‫ال للرتكيز على القبة ال�سماوية‬
‫كمكون رئي�سي يف امل�شهد العام‪.‬‬
‫توجد ثالثة مداخل للمجمع الثقايف للمكتبة من �ساحة احل�ضارات‪� ،‬أحدها ملركز‬
‫�شخ�صا‪ ،‬وثالث قاعات‬
‫ً‬ ‫امل�ؤمترات حيث القاعة الكربى التي تت�سع حلوايل ‪1638‬‬
‫�شخ�صا‪ ،‬وقاعتني‬
‫ً‬ ‫�صغرية خمتلفة الأبعاد �أ�سفل القاعة الكربى‪ ،‬تت�سع لـ ‪650‬‬
‫للمعار�ض‪ ،‬وعدد من الكافيرتيات‪ ،‬وبع�ض غرف االجتماعات امللحقة‪ .‬يرتبط‬

‫‪11‬‬
‫القبة ال�سماوية التي ت�أخذ �شكل دائرة معلقة يتخللها �رشائط من اللون الأزرق ليالً‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫مركز امل�ؤمترات ببقية املجمع الثقايف للمكتبة من �أ�سفل �ساحة احل�ضارات‪ .‬وقد‬
‫موجودا بالفعل وقت �إن�شاء املكتبة‪ ،‬وهنا نرى االختالف‬
‫ً‬ ‫كان مركز امل�ؤمترات‬
‫الكلي بني ت�صميم مبنى مركز امل�ؤمترات ومبنى املكتبة‪ .‬وقد متكن مبنى املكتبة‬
‫من احتواء مبنى مركز امل�ؤمترات وي�ساعد على ا�ستكمال خ�صائ�صه‪ ،‬كما يربط بني‬
‫م�ساحاته‪.‬‬
‫يقع املدخل الثاين �أ�سفل القبة ال�سماوية‪ ،‬تلك الكرة املعلقة التي يربطها ب�ساحة‬
‫احل�ضارات �أربع قنوات‪ .‬وبجواره يقع مدخل قاعة اال�ستك�شاف املخ�ص�صة للأطفال‬
‫وقاعات العر�ض‪ .‬ويف امل�ستوى الثاين �أ�سفل �ساحة احل�ضارات يقع متحف تاريخ‬
‫العلوم‪.‬‬
‫�أما املدخل الثالث فيقع عند املبنى الرئي�سي للمكتبة‪ ،‬املبنى الذي �أفرد من‬
‫�أجله �أغلب هذا املقال‪ .‬ت�ضم �ساحة احل�ضارات �أعما ًال فنية ونحتية‪ ،‬حيث يرتفع‬
‫متثال "بروميثيو�س حامل ال�شعلة" و�سط �أ�شجار الزيتون‪ ،‬كما يقف التمثال ال�ضخم‬
‫لبطليمو�س الثاين �شاخمً ا يف مدخل املكتبة من ناحية �شارع بور�سعيد‪.‬‬
‫من داخل الهيكل الدائري لبناء املكتبة‪ ،‬ميكن فهم فكرة ت�صميم املبنى ب�سهولة؛‬
‫حيث يف�صل ممر اخلدمات الرئي�سي بني قاعات القراءة واخلدمات املكتبية من‬
‫ناحية‪ ،‬واخلدمات الإدارية والبحثية من ناحية �أخرى‪.‬‬
‫تعد م�ساحة املبنى ال�شا�سعة من �أهم العوامل املميزة له‪ ،‬حيث يبلغ حميط الدائرة‬
‫رتا‪ .‬ويت�ألف املبنى من ‪ 11‬طابقًا‪.‬وقد ال ن�شعر بامل�ساحة ال�شا�سعة‬
‫حوايل ‪ 160‬م ً‬
‫ريا‬
‫للمبنى مع وجود �أربعة طوابق حتت الأر�ض‪ .‬فمن اخلارج‪ ،‬يبدو املبنى �صغ ً‬
‫ن�سب ًّيا‪ ،‬وي�شعر الزائرون بالألفة مع االقرتاب من املبنى‪.‬‬
‫ينعك�س دور املياه املحيطة باملبنى يف عدة جوانب‪ .‬فاملياه حتيط به من عدة‬
‫زوايا‪ ،‬وتظهر كو�سيط يف�صل املبنى عن بقية املناطق املجاورة له‪ ،‬فيظهر على‬
‫�شكل مبنى "عائم"‪ ،‬فيما عدا ناحية �ساحة احل�ضارات‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫�سقف املكتبة‪ ،‬وقد مت ت�صميمه ب�شكل فريد ي�شبه ال�رشيحة الإلكرتونية‪ ،‬ويظهر انعكا�سه على املياه املحيطة باملبنى‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫منظور نقـدي‬
‫تظهر املكتبة على �شكل قر�ص دائري مائل‪ .‬وترمز هذه ال�صورة �إىل قر�ص ال�شم�س‬
‫البازغ‪ .‬وقد كان لقر�ص ال�شم�س �إيحاءات خمتلفة يف الأ�ساطري امل�رصية القدمية‪ .‬ففكرة‬
‫قر�ص ال�شم�س البازغ تالئم ظهور منارة جديدة للعلوم واملعرفة‪ .‬كما يوحي تكوين‬
‫�سطح املبنى الفريد من نوعه بع�رص احلا�سب الآيل‪ .‬لكنني لن �أ�سهب يف هذه اجلزئية‪،‬‬
‫منهجا �آخر‪ ،‬حيث �س�أتناول فن‬
‫ً‬ ‫بل �س�أتركها خليال الزائرين والقراء‪� .‬إال �إنني �س�أتبع‬
‫العمارة من �أكرث من منظور‪ ،‬ومن هنا ينبغي ر�ؤية املبنى وتناوله معمار ًّيا من خالل‬
‫اجلوانب التالية‪:‬‬
‫املبنى كبناء معماري‪ :‬يتناول هذا اجلانب الأداء الوظيفي للمبنى وجوانبه‬
‫اجلمالية‪ .‬فقد مت ا�ستخدام عوامل امل�ساحات والإ�ضاءة واملواد والألوان وجميع‬
‫مفردات التحليل املعماري لرتجمة املبنى وو�ضعه يف �إطار مادي وجتريبي‪.‬‬
‫املبنى يف �سياق مادي‪ :‬يتناول هذا اجلانب تناغم �أوتنافر املبنى‪� ،‬سواء ب�شكل‬
‫متعمد �أو غري متعمد مع كل ما يحيط به‪ ،‬وت�أثري ذلك على الر�ؤية العامة للت�صميم‬
‫�سواء كانت طبيعية �أو من �صنع‬
‫ً‬ ‫�سل ًبا �أو �إيجا ًبا‪ .‬فعالقة املبنى بالبيئة من حوله‪،‬‬
‫الإن�سان قد ت�ؤدي �إما �إىل �إبراز الت�صميم �أو �إهداره‪.‬‬
‫املبنى يف �سياق ثقايف‪� :‬إن "مالئمة" الت�صميم لل�سياق الثقايف يعرب عنه �إرث من‬
‫الأمناط املوجودة بالفعل من خالل تاريخ املجتمع‪.‬‬
‫املبنى يف �سياق دويل‪ :‬يتناول هذا اجلانب ال�شق الإبداعي يف �إطار ال�شبكة الدولية‬
‫التي ت�ضم خمتلف االجتاهات والأ�ساليب واملدار�س والأفكار‪ ،‬كما يتناول مدى‬
‫�إ�سهامه يف ذلك احلوار‪� ،‬إما من خالل تعزيزه �أو عن طريق طرح ابتكارات جديدة‪.‬‬
‫املبنى يف �إطار فكري حملي‪� /‬إقليمي‪� :‬إمكانية م�ساهمة املكتبة يف تعزيز احلوار‬
‫والفكر من خالل �أهل الفكر والعلماء على م�ستوى املنطقة ب�أ�رسها‪ .‬وال يعد ذلك‬
‫جمرد انعكا�س لل�سياق الدويل‪ ،‬بل �إن هذا الإطار ُيعنى �أكرث بالق�ضايا التي تخ�ص‬
‫املنطقة‪ ،‬والتي قد يكون لها �أ�صداء دولية يف الوقت ذاته‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫الرباعة الفنية التي تظهر يف توزيع امل�ساحات‪ ،‬حتى قبل �أن ندخل املبنى‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫�إن تطبيق هذا النوع من النقد املعماري على هذا املبنى املتميز هو �أمر بناء‪ .‬فتلك‬
‫الر�ؤية النقدية املو�ضوعية ترثي ر�ؤيتنا للجانب الفني لهذا البناء املعماري الفريد‪.‬‬
‫ف�إن النقد املو�ضوعي هو مبثابة من�شور‪ ،‬يتيح للناظر �أن يلم بكل �ألوان الطيف كمكونات‬
‫للون الأبي�ض املتمثل يف ال�ضوء‪ ،‬وهذا �أحد �إبداعات العمل الفني‪ .‬فهو يظهر الأبعاد‬
‫واجلوانب اخلفية التي تتيح ر�ؤية �أو�ضح للم�شاهدين والزائرين‪� ،‬سواء تقبلوا وجهة‬
‫النظر النقدية �أو مل يتقبلوها‪.‬‬

‫املبنى كبنـاء معمـاري‬


‫مما يثري الده�شة �أن املبنى يف جممله بناء معماري ب�سيط‪ .‬فبالرغم من م�ساحته‬
‫ال�شا�سعة‪� ،‬إال �أن الزائر ال ي�شعر بتلك امل�ساحة عند الدخول من املدخل الرئي�سي‬
‫للمبنى‪ .‬ويف الداخل ي�أتي االنتقال �إىل امل�ساحات الأكرب ب�شكل تدريجي‪ .‬وتت�سم‬
‫ال�ساحة الداخلية للمكتبة بالب�ساطة ال�شديدة التي ال توحي بفخامة املكان من الداخل‪.‬‬
‫بعد عبور الأبواب املغلقة عند مدخل املكتبة �إىل الداخل‪ ،‬ي�شعر الزائر بامل�ساحة‬
‫ال�شا�سعة التي حتيط به‪.‬‬
‫وباالقرتاب �أكرث من القاعة الرئي�سية‪ ،‬ت�ضفي الإ�ضاءة الطبيعية غري املبا�رشة‬
‫خا�صا على امل�شهد‪ .‬وعلى بعد خطوات من املدخل‪،‬‬
‫ًّ‬ ‫جوا‬
‫والإ�ضاءة التي وزعت بعناية‪ًّ ،‬‬
‫تظهر ال�رشفة التي �سميت با�سم كاليماخو�س (ال�شاعر الهلين�ستي العظيم‪ ،‬الذي و�ضع‬
‫�أول بيان منظم عن مقتنيات املكتبة القدمية و�صنفها ح�سب املو�ضوع وا�سم امل�ؤلف‪،‬‬
‫وبذلك اعترب �أبا علوم املكتبات)‪ .‬وبالنظر من خالل زجاج ال�رشفة على قاعة االطالع‬
‫الرئي�سية باملكتبة‪ ،‬ي�شعر الزائر باالنبهار من م�ساحتها و�أناقتها وروعتها‪ .‬من �رشفة‬
‫كاليماخو�س تقودنا ال�سالمل �إىل قاعة االطالع‪ ،‬ومن املده�ش حقًّا �أن الإح�سا�س‬
‫متاما عنه من ال�رشفة‪ .‬يعد هذا التوزيع للم�ساحات داللة على‬
‫ً‬ ‫مب�ساحة القاعة يختلف‬
‫قدرة معمارية فائقة ت�ؤثر يف الزائرين من الناحيتني الفكرية والوجدانية‪ .‬من ناحية‬
‫�أخرى‪ ،‬يت�أثر الزائر ب�شكل �سطح املبنى‪ ،‬والأعمدة الأنيقة‪ ،‬والكتب واملعرو�ضات‪،‬‬
‫في�شعر �أنه يقف يف و�سط م�ساحة هائلة ت�أ�رس الزائر والقارىء على حد �سواء‪ .‬وعلى‬
‫الرغم من امل�ساحات ال�شا�سعة لقاعة االطالع‪ ،‬ف�إن موهبة املعماريني ومهارة‬

‫‪17‬‬
‫بالنظر من �رشفة كاليماخو�س‪ ،‬ي�ستطيع زوار املكتبة ر�ؤية قاعة االطالع البديعة‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫الإن�شائيني قد اجتمعت لإ�ضفاء اجلاذبية والب�ساطة والطابع الإن�ساين على املكان‪ ،‬من‬
‫خالل تق�سيم قاعة االطالع ال�شا�سعة �إىل �سبعة م�ستويات‪ ،‬يف كل منها م�ساحة لالطالع‬
‫وم�ساحة لرفوف الكتب‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل مكتب ا�ستعالمات‪ .‬كما راعى الت�صميم توزيع‬
‫امل�ساحات يف كل م�ستوى بال�شكل الذي يوفر الراحة للقراء والزائرين‪.‬‬
‫�صنفت الكتب‬
‫وقد مت توزيع حمتوى املكتبة وخدماتها على امل�ستويات ال�سبعة‪ ،‬حيث ُ‬
‫وفقًا لت�صنيف ديوي الع�رشي‪ .‬كما يوجد يف كل م�ستوى مكاتب للخدمات املرجعية‬
‫وغرف بحثية‪.‬‬
‫يف امل�ستوى الأول (البدروم الرابع)‪ ،‬وهو �أكبـر امل�ستويات م�ساحة‪ ،‬جند املواد‬
‫املرجعية واخلرائط والدوريات واجلرائد واملونوجرافات‪ .‬كما يوجد به مكتب‬
‫ا�ستعالمات خا�ص بـ"ركن امل�ستثمر"‪ ،‬وهي خدمة تقدمها املكتبة ملجتمع الأعمال‬
‫بالإ�سكندرية‪� .‬أما اجلزء املتبقي من املونوجرافات فيوجد يف البدروم الثالث والدور‬
‫الثاين‪ ،‬حيث مت و�ضعها ت�صاعد ًّيا وفقًا لنظام ديوي‪.‬‬
‫وقد مت تخ�صي�ص امل�ستوى الثاين (البدروم الثالث) ملقتنيات املكتبة وروادها‪،‬‬
‫بالإ�ضافة �إىل مركز لتنمية املهارات البحثية واملعلوماتية‪ ،‬وهو عبارة عن معمل للحا�سب‬
‫الآيل خم�ص�ص لتعليم �سال�سة املعلومات واملهارات الأ�سا�سية يف جمال تكنولوجيا‬
‫املعلومات‪ .‬كما يوجد به مكتبة متخ�ص�صة للفنون واملواد ال�سمعية والب�رصية‪.‬‬
‫�أما امل�ستوى الثالث (البدروم الثاين) في�ضم مكتبة متخ�ص�صة للكتب النادرة‪ .‬وعلى‬
‫ُبعد ب�ضعة �أقدام يقع امل�ستوى الرابع (البدروم الأول) حيث يوجد جمموعة من املعار�ض‬
‫الدائمة ومتحف املخطوطات‪ .‬ويربط هذا امل�ستوى معظم �أجزاء هذا املجمع الثقايف‬
‫�أ�سفل �ساحة احل�ضارات‪ .‬كما يحوي الكثري من م�ساحات العر�ض‪� ،‬إىل جانب متحف‬
‫الآثار الذي ميكن الو�صول �إليه من ال�سالمل مبدخل املكتبة الرئي�سي‪ ،‬ومتحف تاريخ‬
‫العلوم الذي يقع �أ�سفل القبة ال�سماوية يف البدروم الثالث‪ ،‬وميكن الو�صول �إليه فقط من‬
‫خالل البدروم الأول عند مدخل القبة ال�سماوية‪ .‬كما يحتوي على عر�ض البانوراما‬
‫احل�ضارية وهو �أكرب عر�ض يف العامل يقدم من خالل ت�سع �شا�شات تفاعلية‪ ،‬والفي�ستا‬
‫وهو عر�ض افرتا�ضي لتطبيقات العلوم والتكنولوجيا‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫تت�صل قاعتا اجتماعات ال�رشاع باجلزئني الإداري والبحثي باملكتبة‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫امل�ستوى اخلام�س (عند مدخل املكتبة من �ساحة احل�ضارات) خم�ص�ص خلدمات‬
‫اال�ستعارة والع�ضوية وحجز �أجهزة الكمبيوتر واملعلومات العامة‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل‬
‫�أرفف الكتب املفتوحة والوحدات املزودة ب�أجهزة كمبيوتر و�أر�شيف الإنرتنت‪.‬‬
‫تقدم املكتبة خدمات عديدة جلميع روادها‪ .‬وقد مت تنظيم اخلدمات بحيث تكون �سهلة‬
‫الو�صول‪ .‬على �سبيل املثال‪ ،‬تقع مكتبة طه ح�سني للمكفوفني و�ضعاف الب�رص يف م�ستوى‬
‫ميا للكاتب‬
‫مدخل املكتبة لت�سهيل دخول املكفوفني‪ .‬وقد جاءت ت�سمية تلك املكتبة تكر ً‬
‫والأديب واملعلم امل�رصي الكبري طه ح�سني‪ ،‬الذي �سيظل م�صدر �إلهام لكل مب�رص‪،‬‬
‫ليذكرهم مبا ميكن �أن يحققه املكفوفون من �إجنازات‪.‬‬
‫�أما امل�ستوى ال�ساد�س (الدور الأول) فهو خم�ص�ص بالكامل للمونوجرافات وقاعات‬
‫االطالع الهادئة‪ .‬وعلى اجلانب الآخر من ممر اخلدمات الرئي�سي‪ ،‬يوجد مدخل املراكز‬
‫البحثية‪ ،‬واملكتبات املتخ�ص�صة للن�شء (من �سن ‪ )16-12‬والطفل (من �سن ‪،)11-6‬‬
‫وغرفة خم�ص�صة جلمعيات �أ�صدقاء املكتبة حول العامل؛ حيث ميكن الو�صول �إليها مبا�رشة‬
‫أي�ضا مقر اجلمعية‬
‫من مدخل املكتبة الرئي�سي من خالل ال�سالمل‪ .‬كما يوجد يف هذا امل�ستوى � ً‬
‫امل�رصية لأ�صدقاء مكتبة الإ�سكندرية‪.‬‬
‫امل�ستوى ال�سابع (الدور الثاين) خم�ص�ص بالكامل ملكتبة �إيداع املطبوعات واخلدمات‬
‫املتعلقة بها‪.‬‬
‫فوق هذه امل�ستويات ال�سبعة توجد قاعتان للندوات مت�صلتان باجلزء الإداري والبحثي‬
‫باملكتبات من خالل معربين‪.‬‬
‫تعد الإجنازات الإن�شائية للمكتبة على نف�س القدر من �أهمية ت�صميمها املعماري‪:‬‬
‫فال�سطح املائل للمكتبة ي�سمح بدخول ال�ضوء الطبيعي‪ ،‬كما يقاوم الريح‪ ،‬وتظهر الأعمدة‬
‫الأنيقة الرفيعة وك�أنها "كاتدرائية كتب"‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل احلائط اجلداري الذي يعد‬
‫رتا حتت م�ستوى البحر‪.‬‬
‫الأكرب على م�ستوى العامل‪ ،‬واملبنى الذي ميتد �إىل نحو ‪ 18‬م ً‬
‫جناحا معمار ًّيا فح�سب‪.‬‬
‫ً‬ ‫ريا‪ ،‬ولي�س‬
‫جناحا هند�س ًّيا كب ً‬
‫ً‬ ‫يعترب هذا‬

‫‪21‬‬
‫اجلدار اجلرانيتي اجلميل الذي يحيط مببنى املكتبة من اخلارج‪ ،‬منقو�شة عليه �أحرف من ‪� 120‬أبجدية يف العامل‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫تت�سم املواد امل�ستخدمة يف البناء بالب�ساطة‪ .‬كما �صمم الأثاث ب�أكمله من اخل�شب‬
‫اخلال�ص‪ .‬وتتنا�سب مكونات املبنى مع بع�ضها البع�ض‪ ،‬بحيث تظهر الأجزاء املختلفة‬
‫للمبنى جمتمعة يف �صورة �أف�ضل مما تظهر به كل واحدة منها على حدة‪.‬‬
‫وقد كانت املالحظات حول الت�صميم املعماري الفريد لذلك ال�رصح الكبري قليلة‪ ،‬نذكر‬
‫منها عدم ا�ستخدام �سقف املبنى يف جتارب بيئية لال�ستفادة من الطاقة ال�شم�سية؛ كذلك‬
‫متوقعا‪� ،‬إال �أنه متت �إ�ضافة‬
‫ً‬ ‫احلاجة �إىل مزيد من املن�ش�آت باملبنى ب�شكل يفوق ما كان‬
‫تلك اخلدمات �إىل الت�صميم يف مراحل التنفيذ‪ .‬كذلك زيادة عدد قاعات العر�ض يف ظل‬
‫ريا كانت زيادة حجم اخلدمات ملواكبة‬ ‫تنامي حمتوى املكتبة من القطع الفنية‪ .‬و�أخ ً‬
‫الت�صميم الرائع للمبنى والأعداد الكبرية من الزائرين؛ حيث و�صل عددهم خالل ال�سنوات‬
‫الأربع الأوىل بعد االفتتاح �إىل حوايل ثالثة ماليني زائر‪ ،‬وهو عدد يف تزايد م�ستمر كل‬
‫عام‪ .‬وب�صفة عامة‪ ،‬تعد تلك النقاط غري ذات �أهمية �إذا ما قورنت بالإجنازات الكبرية‬
‫املتمثلة يف هذا املبنى‪ .‬رمبا يكون �أف�ضل ما �أ�صف به مبنى املكتبة هو كونه ي�ستحق عن‬
‫جدارة ا�سم "مكتبة الإ�سكندرية العظيمة"‪.‬‬
‫املبنى يف �سياق مادي‬
‫يعد مبنى مكتبة الإ�سكندرية مبنى مبهر بحق‪ ،‬ويعترب دعامة ملنطقة ميكن �أن نقول‬
‫عنها �إنها من �أجمل بقاع العامل‪ :‬امليناء ال�رشقي التاريخي بالإ�سكندرية‪ .‬ومما ي�ؤ�سف‬
‫له �أنه مل يتم تطوير املنطقة املحيطة باملكتبة �أو االهتمام بها بالقدر الكايف الذي يتيح‬
‫ربط املكتبة باملباين التي تقع يف اجلوار‪� ،‬سواء �أكانت طبيعية �أو من �صنع الإن�سان؛‬
‫ويجري التخطيط لتنفيذ هذا التطوير يف ال�سنوات القليلة القادمة‪ ،‬حيث يتم حال ًّيا العمل‬
‫على �إن�شاء فندق خم�س جنوم خلدمة زوار املكتبة وامل�شاركني يف م�ؤمتراتها‪.‬‬
‫تعد بانوراما امليناء القدمي بحق من املناظر الطبيعية املتميزة‪ ،‬فمنظر اخلليج مبياهه‬
‫الهادئة ي�سرتعي النظر وت�سرتيح له العني‪ .‬فهو لي�س باخلليج متناهي الكرب �أو ال�صغر‪،‬‬
‫�إمنا ي�شعر الزائر بالراحة و"الألفة"‪ .‬ومن ثم‪ ،‬ينبغي �أن يكون امليناء ال�رشقي نقطة‬
‫حمورية لل�سياحة يف الإ�سكندرية‪ .‬ومن هذا املنطلق �ست�صبح مكتبة الإ�سكندرية مبثابة‬
‫املغناطي�س �أو "املر�سى" الذي يجمع حوله الزائرين‪ .‬و�إنه من الطبيعي �إذن ربط املكتبة‬
‫مبنطقة ال�سل�سلة وبالتطورات ال�سياحية واملرافق اخلدمية املحيطة بها‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫�إطاللة من فوق �سقف املكتبة على منطقة ال�سل�سلة والبحر‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫اهتماما فعل ًّيا بحركة املرور‪ ،‬مبا‬
‫ً‬ ‫كما ينبغي �أن تت�ضمن خطة التطوير احل�ضاري‬
‫يف ذلك �أماكن انتظار ال�سيارات واحلافالت‪ ،‬و�إمكانية تطوير العربات التي جترها‬
‫ترفيها‪ .‬وال ينبغي �أن تكون‬
‫ً‬ ‫اخليول للزائرين ممن يرغبون يف الذهاب يف نزهة �أكرث‬
‫احلاجة املا�سة ملزيد من اخلدمات على ح�ساب اجلودة‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فقد �أر�سى مبنى‬
‫املكتبة اجلديدة قاعدة‪ ،‬من حيث املفهوم والتنفيذ‪ ،‬للت�صميم والتف�صيل‪.‬‬

‫املبنى يف �سياق ثقايف‬


‫يعد مبنى املكتبة مبنى غري تقليدي‪ ،‬لي�س له نظري يف �أي مكان �آخر يف م�رص‪ .‬ويعد‬
‫ت�صميم املبنى جتدي ًدا و�إ�ضافة حقيقية للعمارة من حيث ال�شكل وامل�ضمون‪ .‬ولقد ت�أثر‬
‫الزائرون واملعماريون على حد �سواء ب�أناقة الت�صميم وب�ساطته‪ .‬ومما ال �شك فيه �أن‬
‫هذا الت�صميم املبتكر �سي�ضيف الكثري للأجيال القادمة من املعماريني‪.‬‬
‫كان ُبعد الت�صميم عن حماكاة الأمناط القدمية يف الت�صميم والأ�شكال التقليدية يف‬
‫العمارة‪ ،‬خماطرة بحق‪ .‬وقد جنحت املكتبة يف تفادي النقل املتحجر لأ�شكال املا�ضي‬
‫وعدم مالئمتها الثقافية‪ .‬و�أطلقت املكتبة العنان البتكارات كثرية‪ ،‬بعدم الوقوع �أ�سرية‬
‫لنمط فكري واحد‪.‬‬
‫�إن النجاح الذي حققه املبنى ما هو �إال �إدانة لاللت�صاق الدائم باملا�ضي وتفا�صيله‪،‬‬
‫وهو النمط التاريخي الذي انتقده الكثري ل�سطحيته وعدم مالئمته لروح الع�رص‪ ،‬والذي‬
‫ن�أمل �أن يكون يف طريقه �إىل الزوال‪ .‬يف هذا ال�صدد‪ ،‬ميكن لهذا املبنى �أن ي�صبح نقلة‬
‫ثقافية لها ت�أثري على النطاق املحلي‪ ،‬مما ي�ساعد املعماريني على اكت�ساب قدر من العمق‬
‫يف فهم املعاين التي يحملها تراثها بطريقة ت�ساعدهم على االبتكار ب�أ�سلوب يالئم اليوم‬
‫والغد‪ ،‬والتحرر من اخلوف من التخلي عن الأ�شكال املعمارية القدمية وتفا�صيلها حتى‬
‫ال يعتربهم البع�ض بال جذور‪.‬‬
‫ً‬
‫ارتباطا وثيقًا بنمط العمارة الإ�سالمية‪ .‬ففي‬ ‫�إن مبنى مكتبة الإ�سكندرية مرتبط‬
‫�أجزاء كثرية من قاهرة املماليك‪ ،‬يوجد العديد من املباين الكبرية ذات ت�صميمات‬
‫رائعة‪ ،‬يتم الدخول �إليها من خالل بوابات �صغرية �أو جانبية ال تك�شف عن امل�ساحات‬

‫‪25‬‬
‫�صورة تظهر حجم قاعة االطالع بتدرجها االن�سيابي وروعتها‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫احلقيقية للمكان‪ ،‬مما يتيح فر�صة لال�ستكت�شاف‪ .‬تظهر هذه الر�ؤية بو�ضوح يف ت�صميم‬
‫مكتبة الإ�سكندرية‪ .‬فالزائر قد ال يدرك امل�ساحة احلقيقية للمبنى عند دخوله من املدخل‬
‫الرئي�سي‪ ،‬كما يعد بهو املكتبة مبثابة نقلة �إىل امل�ساحات الداخلية ال�شا�سعة‪ .‬وتعد رحلة‬
‫االكت�شاف‪ ،‬التي تبد�أ مع دخول الزائر �إىل املبنى حيث يكت�شف عظمة القاعة الكربى‬
‫ب�أعمدتها الأنيقة و�أ�ضوائها الباهرة‪ ،‬مبثابة �إعادة قراءة يف ذلك الرتاث املعماري‬
‫القدمي؛ حيث املدخل الب�سيط الذي ال ينبئ بعمق وحجم العمارة الداخلية‪ ،‬كما يف مدر�سة‬
‫ال�سلطان ح�سن؛ فهنا ي�ستعيد املعماري الرتاث يف �صورة ع�رصية تبهر الزائر وتغر�س فيه‬
‫فل�سفة العمارة القائمة على التدرج بالإن�سان من الب�ساطة �إىل العمق الفكري واملكاين‪.‬‬
‫�إنها احتفالية بالبنائني الذين ع�شقوا ت�صميماتهم واعتنوا بكل تف�صيلة �صغرية وكبرية‪.‬‬

‫املبنى يف �سيـاق دويل‬


‫ميكن القول �إن ت�صميم املبنى يت�سم باحلداثة ولكن ب�أ�سلوب خمتلف‪ .‬يف حني كانت‬
‫احلداثة �إحدى ال�سمات الرئي�سية للعمارة يف القرن الع�رشين‪ ،‬وحل حملها ما بعد احلداثة‬
‫يف �أواخر القرن الع�رشين‪� ،‬إال �إن هذا البناء الرائع قد �أحيا تلك الأفكار ونقلها‪ ،‬بل‬
‫�أ�ضاف �إليها �أي�ضا‪ .‬كما تعترب املكتبة مثل �سائر املباين العظيمة التي مت �إن�شا�ؤها‬
‫يف حقب خمتلفة؛ من جناح �أملانيا يف معر�ض بر�شلونة الذي قام بت�صميمه و�إن�شائه‬
‫املعماري (ميي�س فان دير روه) يف عام ‪� ،1927‬إىل �شالالت فرانك لويد رايت التي‬
‫مرورا بدار �أوبرا (بيجورن �أوتزون) ب�سيدين التي‬
‫ً‬ ‫يرجع تاريخها �إىل عام ‪،1936‬‬
‫تعود �إىل الثمانينيات؛ فكل تلك الأماكن ال ترتبط بفرتة زمنية حمددة‪ ،‬بل تالئم كافة‬
‫الأماكن والع�صور‪ .‬ومثل كل تلك املباين التي تعد عالمات يف تاريخ العمارة‪� ،‬ست�صبح‬
‫مكتبة الإ�سكندرية مع مرور الزمن من الكال�سيكيات‪.‬‬
‫يف وقت انت�رشت فيه ظاهرة "املهند�سني املعماريني ذوي الب�صمة املميزة" وزادت‬
‫�أهمية ال�شكل على املحتوى‪ ،‬يعترب جناح جمموعة من املعماريني من ال�شباب حديثي‬
‫اخلربة يف تنفيذ هذا املبنى وجودة الت�صميم الذي قدموه‪ ،‬مبثابة حت ٍّد للنمط ال�سائد‬
‫وجناحا �ساحقًا‪.‬‬
‫ً‬ ‫ريا‪،‬‬
‫وللأ�ساليب املعمارية املتبعة‪ .‬فهذا يعد حتد ًيا كب ً‬

‫‪27‬‬
‫حتيط املياه مببنى املكتبة من عدة زوايا‪ ،‬فيبدو ك�أنه مبنى "عائم" منف�صل عن املناطق املحيطة به‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫املبنى يف �إطار حملي‪� /‬إقليمي‬
‫يعد ت�صميم املبنى عالمة وا�ضحة وجريئة فيما يتعلق باجلدل الدائر حول "عالقة‬
‫احلداثة بالأ�صالة"‪ .‬ففي كل منتدى من املنتديات التي تناق�ش العمارة وعالقتها بواقعنا‬
‫املعا�رص‪ ،‬دائما ما يتم تق�سيم الق�ضايا حمل النقا�ش �إىل ما هو "تقليدي" (عادة ما ُيعرف‬
‫من منظور �إ�سالمي �أو فرعوين) وما هو "حديث" (عادة ما يقدم على �أنه منفر‪ ،‬وغري‬
‫�آدمي)‪ .‬ويف بع�ض الأحيان‪ ،‬ي�أخذ النقا�ش طريقًّا �آخر‪ ،‬وهو اعتبار كل ما هو حديث‬
‫مرتبطا بالعلوم والتكنولوجيا والتقدم‪ ،‬فال ميكن �أن نظل نحيا يف املا�ضي‪ .‬ال يعد هذا‬
‫التق�سيم خاطئا من الناحية الفنية والنقدية فح�سب‪ ،‬بل هو �أ�سلوب فكري غري بناء‪ .‬وتعترب‬
‫هذه املناق�شات غري ذات قيمة؛ ملا حتويه من �أفكار مكررة‪ ،‬و�أقاويل و�أدلة عديدة لدعم‬
‫وجهات النظر واملواقف امل�سبقة‪ .‬كما تعد ه ّدامة لأنها تثري التعاطف وتعقد املواقف‬
‫�أكرث مما هي عليه‪.‬‬
‫ويعد ذلك اجلدل غري �صحيح من الناحية الفنية‪ ،‬لأنه ي�ستند �إىل التب�سيط الزائد للق�ضية‬
‫والذي تنطوي عليه تلك املواقف املنق�سمة‪ .‬وك�أنه ميكن اختزال الن�سيج الرثي الذي‬
‫متثله احل�ضارة الإ�سالمية �إىل جمرد �شكل تقليدي (�أو موقف تقليدي يف اجلدل)‪� ،‬أو �أن‬
‫احلداثة – وهي مفهوم متطور �شديد التعقيد ويرتبط ارتباطا وثيق ًا باملعا�رصة ‪ -‬ميكن‬
‫ت�صويره على �أنه كيان واحد يغطي الواقع امل�رصي املعا�رص‪ ،‬بل �أكرث من ذلك مبا ميتد‬
‫من املغرب �إىل �إندوني�سيا ومن ال�صني �إىل �إفريقيا‪.‬‬
‫�سليما من وجهة النظر النقدية‪ ،‬لأنه ال يعتمد على �أدوات‬
‫ً‬ ‫كما ال يعد النقا�ش الدائر‬
‫النقد التي ت�ساعد على فهم �أعمق للأمور‪ .‬ودون هذا الفهم املتعمق‪ ،‬لن نحرز �أي تقدم‬
‫�أكرث من ذلك اجلدل الرتيب واملتكرر وال�شاق‪.‬‬
‫منوذجا للفن املعماري ال�صحيح بكل ما حتمله الكلمة‬
‫ً‬ ‫من هنا‪ ،‬متثل مكتبة الإ�سكندرية‬
‫من معنى‪ .‬فال يوجد باملكتبة �أي تقليد للأعمدة الفرعونية �أو الأقوا�س الإ�سالمية‪ .‬كما‬
‫ال يوجد باملبنى �أية زخارف يونانية �أو رومانية‪ ،‬وذلك لأن املكتبة مبنى معا�رص‬
‫معا�رصا يرجع �إىل املواد‬
‫ً‬ ‫يتعلق بامل�ستقبل �أكرث من تعلقه باملا�ضي‪ .‬وكونه مبنى‬
‫امل�ستخدمة فيه وارتباطه بامل�ستقبل من خالل ب�ساطة الت�صميم وجر�أته‪ ،‬والرباعة يف‬

‫‪29‬‬
‫جر�أة الت�صميم وب�ساطته‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫توزيع امل�ساحات‪ ،‬وكيفية �إدارة الإ�ضاءة الطبيعية وال�صناعية‪ .‬فاملبنى ميثل ا�ستجابة‬
‫للربنامج امل�ستقبلي‪ ،‬وحتد ًيا للحواجز الإقليمية‪ ،‬وتطلعا للر�ؤى امل�ستقبلية‪ .‬كما يت�سم‬
‫بالأناقة وروعة الت�صميم الذي يتما�شى مع الأفكار الإن�سانية‪ ،‬التي تنادي بتحرير‬
‫العقول �سع ًيا وراء املعرفة‪.‬‬

‫وختاما‪ :‬املبنى يف �إطار فكري‬


‫دائما ما يقودنا �إىل �إعادة التفكري يف املغزى الذي‬
‫ً‬ ‫�إن الفكر املعماري العظيم‬
‫يكمن وراء هذا الفكر‪ ،‬وهذا بكل ت�أكيد ينطبق على مبنى املكتبة‪ .‬ف�إن روعة الت�صميم‬
‫املعماري تذكرنا ب�أن املعمار يحمل �أكرث من كونه �شكال �أو جمرد م�ضمون‪ ،‬بل قد ميتد‬
‫�إىل �أكرث من ذلك من خالل ن�رش فكرة بعينها‪ .‬و�أعتقد �أن الزائرين �سيتفقون معي يف‬
‫الر�أي ب�أن املبنى يعرب عما يجب �أن نحمله من م�شاعر نحو املراكز الثقافية‪ .‬كما �أنه من‬
‫خالل هذا الت�صميم الرائع ينادي بتحرير العقول ‪ ...‬وي�ساعد على االبتكار والو�صول‬
‫�إىل كل ما فيه خري الإن�سانية ‪ ...‬ويعزز قيم احلوار واالنفتاح على الآخر‪ .‬هذا هو ما‬
‫ميكن �أن يحققه الإبداع املعماري‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫جممع ثقايف �ضخم ينب�ض باحلياة‬
‫جممع املكتبة يعج بالزائرين من م�رص وكافة �أنحاء العامل‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫مركزا للتميز يف �إنتاج ون�رش املعرفة‪،‬‬
‫ً‬ ‫ت�سعى مكتبة الإ�سكندرية اجلديدة �إىل �أن تكون‬
‫وملتقى للحوار والتفاهم بني ال�شعوب واحل�ضارات‪ .‬وتهدف لإعادة �إحياء روح املكتبة‬
‫القدمية بحيث تكون‪:‬‬
‫• نافذة العامل على م�رص‬
‫• نافذة م�رص على العامل‬
‫• �أداة فعالة يف مواجهة حتديات الع�رص الرقمي‬
‫مركزا للحوار بني ال�شعوب واحل�ضارات‬
‫ً‬ ‫•‬
‫وحتقيقًا لتلك الأهداف‪ ،‬ال تقت�رص مكتبة الإ�سكندرية على كونها جمرد مكتبة‪ ،‬بل هي‬
‫جممع ثقايف متكامل ي�ضم‪:‬‬
‫• مكتبة قادرة على ا�ستيعاب ماليني الكتب؛‬
‫• �أر�شيفًا للإنرتنت؛‬
‫• �ست مكتبات متخ�ص�صة‪ )1( :‬للفنون والو�سائط املتعددة واملواد ال�سمعية والب�رصية‪،‬‬
‫(‪ )2‬للمكفوفني‪ )3( ،‬للأطفال‪ )4( ،‬للن�شء‪ )5( ،‬للميكروفيلم‪ )6( ،‬للكتب النادرة‬
‫واملجموعات اخلا�صة؛‬
‫• ثالثة متاحف‪ )1( :‬للآثار‪ )2( ،‬للمخطوطات‪ )3( ،‬لتاريخ العلوم؛‬
‫• قبة �سماوية؛‬
‫• قاعة ا�ستك�شاف لتعريف الأطفال بالعلوم؛‬
‫• بانوراما ح�ضارية (وهي معروفة با�سم ‪ ،)CULTURAMA‬وهو عر�ض تفاعلي‬
‫قام ب�إعداده مركز توثيق الرتاث احل�ضاري والطبيعي‪ ،‬ويقدم على ت�سع �شا�شات‬
‫تفاعلية هي الأوىل من نوعها يف العامل‪ .‬وقد ح�صلت "البانوراما احل�ضارية"‬
‫على براءة االخرتاع‪ ،‬كما نالت العديد من اجلوائز‪ .‬يقدم الربنامج فر�صة‬

‫‪35‬‬
‫زوار املكتبة وقد �أبهرتهم قاعة االطالع ال�ضخمة‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫لعر�ض طبقات متعددة من البيانات‪ ،‬حيث يقوم مقدم العر�ض بالنقر على عن�رص‬
‫معني للذهاب �إىل م�ستوى جديد من التف�صيل‪� .‬إنه عر�ض جذاب ومفيد‪ ،‬حيث‬
‫ي�ستعر�ض الرتاث امل�رصي منذ ‪ 5000‬عام وحتى يومنا باالعتماد على الو�سائط‬
‫املتعددة‪ .‬كما يلقي ال�ضوء على الرتاث امل�رصي القدمي والرتاث القبطي والرتاث‬
‫الإ�سالمي حيث يعر�ض مناذج لكل منها؛‬
‫• في�ستا (نظام التفاعل االفرتا�ضي يف تطبيقات العلوم والتكنولوجيا)‪ ،‬وهي بيئة‬
‫افرتا�ضية تفاعلية ت�سمح للباحثني بتحويل البيانات ثنائية الأبعاد �إىل مناذج حماكاة‬
‫ثالثية الأبعاد ميكن الدخول فيها‪ .‬يعترب نظام "في�ستا" �أداة عملية ميكن ا�ستخدامها يف‬
‫امل�شاهدة �أثناء البحث‪ ،‬وهي ت�ساعد الباحثني على معاي�شة مناذج حماكاة للظواهر‬
‫الطبيعية �أو اال�صطناعية‪ ،‬بد ًال من جمرد م�شاهدة نظام �أو بناء لنموذج طبيعي؛‬
‫• ت�سعة معار�ض دائمة‪ )1( :‬الإ�سكندرية عرب الع�صور (جمموعة حممد عو�ض)‪،‬‬
‫(‪ )2‬عامل �شادي عبد ال�سالم‪ )3( ،‬روائع اخلط العربي‪ )4( ،‬تاريخ الطباعة‪،‬‬
‫(‪ )5‬كتاب الفنان‪ )6( ،‬الآالت الفلكية والعلمية عند العرب يف القرون الو�سطى‪،‬‬
‫(‪ )7‬اخلزف وال�سرياميك (حميي الدين ح�سني‪ :‬م�شوار �إبداعي)؛ (‪� )8‬أعمال الفنان‬
‫عبد ال�سالم عيد‪ )9( ،‬الرتاث ال�شعبي العربي (جمموعة رعاية النمر وعبد الغني‬
‫ �أبو العينني)؛‬
‫• �أربع قاعات للمعار�ض الفنية امل�ؤقتة؛‬
‫مركزا للم�ؤمترات يت�سع لآالف الأ�شخا�ص؛‬
‫ً‬ ‫•‬
‫• �سبعة مراكز للبحث الأكادميي ت�شمل‪ )1( :‬املخطوطات‪ )2( ،‬توثيق الرتاث‪،‬‬
‫(‪ )3‬اخلطوط والكتابات‪ )4( ،‬املعلوماتية‪ )5( ،‬درا�سات الإ�سكندرية والبحر‬
‫املتو�سط‪ )6( ،‬الفنون‪ )7( ،‬البحث العلمي؛‬
‫• منتدى للحوار‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫جانب من امل�ؤمترات والندوات التي ت�ست�ضيفها مكتبة الإ�سكندرية‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫عددا من امل�ؤ�س�سات‪ ،‬هي‪:‬‬
‫كما ت�ست�ضيف مكتبة الإ�سكندرية ً‬
‫‪� -1‬أكادميية مكتبة الإ�سكندرية (‪)ABA‬؛‬
‫‪ -2‬املجموعة العربية لأخالقيات العلوم والتكنولوجيا (‪)ASEST‬؛‬
‫‪ -3‬م�ؤ�س�سة �أنا ليند للحوار بني الثقافات‪ ،‬وهي �أول م�ؤ�س�سة �أورو‪-‬متو�سطية يكون‬
‫مقرها خارج �أوروبا؛‬
‫‪ -4‬معهد درا�سات ال�سالم‪ ،‬التابع حلركة �سوزان مبارك الدولية للمر�أة من �أجل‬
‫ال�سالم؛‬
‫‪ -5‬م�رشوع �أبحاث مر�ض الت�ضخم الوراثي لع�ضلة القلب؛‬
‫‪ -6‬مركز رينيه جان ديبوي للقانون والتنمية؛‬
‫‪ -7‬املكتب العربي الإقليمي لأكادميية العلوم لدول العامل النامي (‪)TWAS‬؛‬
‫‪ -8‬املكتب الإقليمي لالحتاد الدويل جلمعيات املكتبات وم�ؤ�س�ساتها (‪)IFLA‬؛‬
‫‪� -9‬سكرتارية الوفود العربية لدى منظمة اليون�سكو؛‬
‫‪� -10‬شبكة ال�رشق الأو�سط و�شمال �إفريقيا لالقت�صاد البيئي (‪.)MENANEE‬‬
‫وقد �أ�صبح اليوم هذا ال�رصح العمالق حقيقة‪ ،‬حيث ي�ستقبل قرابة املليون زائر �سنو ًّيا‬
‫من �أطفال املدار�س والعلماء و�شباب الباحثني وال�سائحني‪ .‬وتعمل املكتبة على‬
‫تو�سيع مفهوم الثقافة‪ ،‬حيث تقوم �أق�سامها العديدة والن�شطة ‪ -‬مب�شاركة امل�رصيني‬
‫وغري امل�رصيني ‪ -‬بغزل ن�سيج يت�شابك فيه الفن واملو�سيقى والعلم والأدب‪ ،‬ويتمثل‬
‫يف ما يربو على ‪ 500‬حدث يقام �سنو ًّيا‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫قاعة االطالع متتلئ بالطالب والباحثني الذين ي�أتون لال�ستفادة من من�ش�آت املكتبة و�أدوات البحث التي توفرها‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫مكتبة الن�شء وحما�س �صناع امل�ستقبل‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫انبهار ال�سائحني مبجموعة �شادي عبد ال�سالم‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫جمموعة من الأطفال ين�صتون باهتمام �إىل املر�شدة يف الق�سم الفرعوين مبتحف الآثار‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫ال�ساعة ال�شم�سية املعرو�ضة يف �ساحة احل�ضارات تلفت انتباه الزائرين وتثري ف�ضولهم‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫�صورة حية ل�ساحة احل�ضارات املفتوحة‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫مكتبة الإ�سكندرية ح�صلت على جائزة �أغا خان للعمارة لعام ‪.2004‬‬
‫الت�صميمات املعمارية‬
‫مكاتب‬
‫ممر اخلدمات الرئي�سي‬

‫قاعة االطالع‬
‫‪6‬‬
‫‪6‬‬
‫‪1‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪4‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪3‬‬
‫‪2‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪2‬‬

‫‪2‬‬

‫‪6‬‬ ‫‪6‬‬
‫قاعة االطالع‬ ‫‪-1‬‬
‫‪5‬‬ ‫‪2‬‬ ‫خمازن الكتب‬ ‫‪-2‬‬
‫‪6‬‬ ‫املعمل الرقمي‬ ‫‪-3‬‬
‫مكاتب‬ ‫‪-4‬‬
‫‪6‬‬ ‫ممر اخلدمات الرئي�سي‬ ‫‪-5‬‬
‫�سلم هروب (طوارئ)‬ ‫‪-6‬‬

‫البـدروم الرابـع‬
‫‪7‬‬
‫‪6‬‬
‫‪9‬‬

‫‪1‬‬

‫‪9‬‬

‫‪9‬‬

‫‪5‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪6‬‬ ‫قاعة االطالع‬ ‫‪-1‬‬


‫خمازن الكتب‬ ‫‪-2‬‬
‫‪9‬‬ ‫‪9‬‬ ‫معامل التدريب‬ ‫‪-3‬‬
‫‪2‬‬
‫غرفة الكمبيوتر‬ ‫‪-4‬‬
‫‪8‬‬
‫‪3‬‬ ‫مكتبة الفنون والو�سائط املتعددة‬ ‫‪-5‬‬
‫‪4‬‬ ‫‪9‬‬ ‫مكاتب‬ ‫‪-6‬‬
‫‪9‬‬ ‫متحف تاريخ العلوم‬ ‫‪-7‬‬
‫ممر اخلدمات الرئي�سي‬ ‫‪-8‬‬
‫�سلم هروب (طوارئ)‬ ‫‪-9‬‬

‫البـدروم الثـالث‬
‫‪8‬‬

‫‪8‬‬
‫‪5‬‬

‫‪6‬‬
‫‪8‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪5‬‬ ‫‪5‬‬
‫‪5‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪3‬‬

‫‪8‬‬
‫‪5‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪7‬‬ ‫‪4‬‬
‫‪8‬‬
‫‪8‬‬ ‫قاعة االطالع‬ ‫‪-1‬‬
‫‪8‬‬ ‫خمازن الكتب‬ ‫‪-2‬‬
‫املطبعة‬ ‫‪-3‬‬
‫جراج ل�سيارات العاملني باملكتبة‬ ‫‪-4‬‬
‫مكاتب‬ ‫‪-5‬‬
‫الكتب النادرة‬ ‫‪-6‬‬
‫ممر اخلدمات الرئي�سي‬ ‫‪-7‬‬
‫�سلم هروب (طوارئ)‬ ‫‪-8‬‬

‫البـدروم الثـاني‬
‫‪13‬‬

‫‪15‬‬
‫‪16‬‬
‫‪17‬‬
‫‪17 14‬‬

‫‪12‬‬ ‫‪11‬‬

‫‪10‬‬

‫‪5‬‬

‫‪17‬‬
‫‪7‬‬
‫‪8‬‬ ‫‪19‬‬

‫‪9‬‬
‫‪6‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪16‬‬ ‫‪4‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -10‬البانوراما احل�ضارية‬ ‫‪5‬‬
‫‪3‬‬
‫‪18‬‬
‫قاعة االطالع‬ ‫‪-1‬‬
‫‪CULTURAMA‬‬ ‫‪17‬‬ ‫معر�ض (دائم)‬ ‫‪-2‬‬
‫‪18‬‬ ‫عامل �شادي عبد ال�سالم‬
‫‪ -11‬املركز ال�صحفي‬
‫‪ -12‬غرف اجتماعات‬ ‫‪18‬‬ ‫معر�ض (دائم)‬ ‫‪-3‬‬
‫‪ -13‬جراج‬ ‫‪18‬‬ ‫الإ�سكندرية عرب الع�صور‬
‫‪ -14‬القبة ال�سماوية‬ ‫(جمموعة حممد عو�ض)‬
‫‪ -15‬قاعة اال�ستك�شاف‬ ‫متحف املخطوطات‬ ‫‪-4‬‬
‫‪ -16‬معر�ض (دائم) االلآت الفلكية والعلمية عند‬ ‫مكاتب‬ ‫‪-5‬‬
‫العرب يف القرون الو�سطى‬ ‫‪19‬‬ ‫ڤي�ستا ‪VISTA‬‬ ‫‪-6‬‬
‫‪ -17‬ممر اخلدمات الرئي�سي‬ ‫متحف الآثار‬ ‫‪-7‬‬
‫‪� -18‬سلم هروب (طوارئ)‬ ‫معر�ض (دائم) حميي الدين ح�سني‬ ‫‪-8‬‬
‫‪ -19‬خمرج الطوارئ‬ ‫معر�ض (دائم) تاريخ الطباعة واخلط العربي‬ ‫‪-9‬‬

‫البـدروم األول‬
‫‪B‬‬ ‫‪A‬‬

‫‪10‬‬
‫‪9‬‬

‫‪7‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪10‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪6‬‬
‫‪3‬‬
‫‪5‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪ -1‬قاعة االطالع‬
‫‪ -2‬مكتبة طه ح�سني للمكفوفني‬
‫‪10‬‬ ‫‪4‬‬
‫‪10‬‬ ‫و�ضعاف الب�رص‬
‫‪� -3‬أر�شيف الإنرتنت‬
‫‪ -4‬خمازن الكتب‬
‫‪ -5‬مدخل كبار الزوار‬
‫‪ -6‬مدخل العاملني‬
‫‪ -7‬املدخل الرئي�سي‬
‫‪ -8‬مثلث كاليماخو�س‬
‫‪ -9‬قاعة الأوديتوريوم‬
‫‪� -10‬سلم هروب (طوارئ)‬

‫‪B‬‬ ‫‪A‬‬

‫المستوى األرضي (مدخل المكتبة)‬


‫‪5‬‬

‫‪3‬‬

‫‪4‬‬
‫‪7‬‬ ‫‪2 7‬‬

‫‪6‬‬
‫‪7‬‬
‫‪1‬‬
‫‪7‬‬ ‫‪7‬‬

‫قاعة االطالع‬ ‫‪-1‬‬


‫مكتبة الطفل‬ ‫‪-2‬‬
‫مكتبة الن�شء‬ ‫‪-3‬‬
‫كافيترييا‬ ‫‪-4‬‬
‫كوبري امل�شاة‬ ‫‪-5‬‬
‫ممر اخلدمات الرئي�سي‬ ‫‪-6‬‬
‫�سلم هروب (طوارئ)‬ ‫‪-7‬‬

‫الـدور األول‬
‫‪2‬‬

‫‪4‬‬ ‫‪4‬‬
‫‪2‬‬
‫‪3‬‬

‫‪4‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪4‬‬

‫قاعة االطالع‬ ‫‪-1‬‬


‫مكاتب‬ ‫‪-2‬‬
‫ممر اخلدمات الرئي�سي‬ ‫‪-3‬‬
‫�سلم هروب (طوارئ)‬ ‫‪-4‬‬

‫الـدور الثـاني‬
‫‪3‬‬
‫‪2‬‬ ‫‪5‬‬
‫‪5‬‬

‫‪4‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪5‬‬
‫‪5‬‬

‫قاعة اجتماعات ال�رشاع‬ ‫‪-1‬‬


‫مكاتب‬ ‫‪-2‬‬
‫قاعة نوبل‬ ‫‪-3‬‬
‫ممر اخلدمات الرئي�سي‬ ‫‪-4‬‬
‫�سلم هروب (طوارئ)‬ ‫‪-5‬‬

‫الدور الثـالث‬
‫‪4‬‬

‫‪2‬‬

‫‪1‬‬
‫‪4‬‬ ‫‪3‬‬
‫‪4‬‬

‫قاعة اجتماعات ال�رشاع‬ ‫‪-1‬‬


‫مكاتب‬ ‫‪-2‬‬
‫ممر اخلدمات الرئي�سي‬ ‫‪-3‬‬
‫�سلم هروب (طوارئ)‬ ‫‪-4‬‬

‫الدور الـرابع‬
‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪2‬‬
‫‪3‬‬
‫‪4‬‬
‫‪4‬‬

‫مكتب مدير املكتبة‬ ‫‪-1‬‬


‫غرفة اجتماعات‬ ‫‪-2‬‬
‫منطقة كبار الزوار‬ ‫‪-3‬‬
‫�سلم هروب (طوارئ)‬ ‫‪-4‬‬

‫الدور الخـامس‬
‫توجد م�ساحة �شا�سعة للتخزين حتت امل�ستويات املتدرجة بقاعة االطالع الرئي�سية‪ ،‬حيث حتيط بها جمموعة من الأعمدة‬
‫الر�شيقة وال�سقف املبهر للعني‪.‬‬

‫الق�سم ‪( A-A‬املواجه للغرب)‬

‫ت�أخذ القبة ال�سماوية �شكل دائرة معلقة يف الهواء من خالل �أربعة �أنفاق‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل متحف تاريخ العلوم‪ .‬وقد متت‬
‫جليا بالنظر �إىل الواجهة اخللفية‬
‫مراعاة خف�ض ارتفاع املبنى عن طريق �إن�شاء �أربعة �أدوار حتت الأر�ض‪ ،‬ويظهر ذلك ًّ‬
‫للمبنى‪ .‬كما مت ت�صميم ال�سقف مبيل لتقلي�ص امل�ساحة التي ي�شغلها املبنى‪.‬‬

‫الق�سم ‪( B-B‬املواجه لل�رشق)‬


‫‪B‬‬ ‫‪A‬‬

‫‪B‬‬ ‫‪A‬‬
‫مكتبة الإ�سكندرية هي �أكرث من جمرد ت�صميم‪.‬‬
‫�إ�سماعيل �رساج الدين‬

‫مدير مكتبة الإ�سكندرية‪ ،‬ورئي�س جمال�س �إدارات جميع املتاحف‬


‫واملراكز البحثية التابعة للمكتبة‪ .‬وهو �أ�ستاذ متميز بجامعة فاجينينجني‬
‫بهولندا‪ ،‬ورئي�س وع�ضو اللجان اال�ست�شارية لعدد من امل�ؤ�س�سات الأكادميية‬
‫والبحثية والعلمية والدولية ومنظمات املجتمع املدين‪ .‬وهو ع�ضو يف كل من املجمع العلمي امل�رصي‪،‬‬
‫و�أكادميية العلوم للعامل النامي ‪ ،TWAS‬والأكادميية الوطنية الهندية للعلوم الزراعية‪ ،‬والأكادميية‬
‫الأوروبية للعلوم والفنون‪ .‬وهو الرئي�س ال�سابق للمجموعة اال�ست�شارية للبحوث الزراعية الدولية‬
‫‪ ،)2000-1994( CGIAR‬وكان الرئي�س امل�ؤ�س�س لكل من ال�رشاكة العاملية للمياه ‪-1996( GWP‬‬
‫وهو برنامج متويلي للقرو�ض ال�صغرية‬ ‫‪CGAP‬‬ ‫‪ )2000‬واملجموعة اال�ست�شارية مل�ساعدة الفقراء‬
‫(‪ .)2000-1995‬كما توىل العديد من املنا�صب بالبنك الدويل‪ ،‬منها نائب املدير ل�شئون التنمية‬
‫البيئية واالجتماعية امل�ستدامة (‪ .)2000-1992‬وله ما يربو على خم�سني كتا ًبا ومونوجرافًا‪ ،‬و�أكرث‬
‫من مائتي ورقة بحثية يف مو�ضوعات عديدة؛ مثل التكنولوجيا احليوية والتنمية الريفية واال�ستدامة‬
‫و�أهمية العلم بالن�سبة للمجتمع‪ .‬وهو حا�صل على درجة البكالوريو�س يف الهند�سة من جامعة‬
‫القاهرة‪ ،‬ودرجتي املاج�ستري والدكتوراة من جامعة هارفارد‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل ‪ 19‬دكتوراة فخرية‪.‬‬

‫‪61‬‬

You might also like