You are on page 1of 739

1

‫‪2‬‬

‫الطبعة األولى‬

‫‪1440‬هـ‪2019/‬م‬
3
4
‫‪5‬‬

‫خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه اهلل‬


‫ملك المملكة العربية السعودية‪.‬‬
6
‫‪7‬‬

‫صاحب السمو الملكي األمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز حفظه اهلل‬


‫ولي عهد المملكة العربية السعودية‪.‬‬
8
‫‪9‬‬

‫ُخالصة تاريخ نجران‬

‫إهـــــداء‬

‫إلى قبائلنا يام وهمدان‪ ،‬وجميع أهل نجران (متعلمين‪ ،‬ومثقفين‪،‬‬


‫ومسؤولين‪ ،‬ووجهاء‪ ،‬وأعيان‪ ،‬ممن يحرصون على دراسة تاريخهم‬
‫وحضارهتم ذات الماضي المجيد‪ ،‬والحاضر المشرق‪ ،‬والمستقبل الزاهر بإذن‬
‫آمًل أن يكون ناف ًعا ومفيدً ا للدارسين‬
‫اهلل‪ .‬إليكم جمي ًعا أهدي كتابي هذا‪ً ،‬‬
‫والباحثين يف تاريخ وأدب وفكر وحضارة منطقة نجران‪ ،‬ولبنة يف بناء صرحها‬
‫الحضاري المرتقب بإذن اهلل تعالى‪.‬‬
‫واهلل الهادي إلى سواء السبيل‬

‫جمع وإعداد‪:‬‬
‫عبد اهلل بن عبد الرحمن الهمداين‬
‫‪1440‬هـ‪2019/‬م‬
10
‫‪11‬‬

‫الـمقدمـة‬

‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬


‫الحمد هلل رب العالمين‪ ،‬والصًلة والسًلم على أشرف األنبياء‬
‫والمرسلين‪ ،‬سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين‪.‬‬
‫أما بعد‪:‬‬
‫فهذه الدراسة أو البحث والمصنف يف جمع وتأليف كتابي هذا يمثل‬
‫حلقة مهمة من حلقات تاريخ نجران(‪ )1‬يف القرن الثاين عشر‪ ،‬وما بعده‪ ،‬ونسعى‬
‫إلى سد القليل من الثغرات يف تاريخ نجران‪ ،‬فاإلخباريون الذين دونوا أنباء‬
‫تلك المدة لم يهتموا إال باألحداث العسكرية (الغزو والسلب والنهب)؛ ألن‬
‫تلك المرحلة يف نظرهم هي مرحلة عسكرية انتقالية‪ ،‬عمل فيها سادة المذهب‬
‫اإلسماعيلي على تحقيق حلم العودة إلى اليمن مما جعل الباحثين المحدثين‬
‫ال يعيرون اهتما ًما كل ًّيا لقضايا المجتمع‪ ،‬وظلت بالتالي عديدٌ من قضايا‬

‫ً‬
‫مجهوال قرونًا طويلة حتى على أبنائه‪ ،‬وبسبب المفاهيم الخاطئة أحجم كل‬ ‫(‪َ )1‬ظل تاريخ نجران‬
‫صاحب بحث محاولة سرب أغوار تاريخ هذا البلد‪ .‬وقد استمر تأثير هذه المفاهيم حتى عهد قريب‪،‬‬
‫مما أ َّدى إلى عزوف الباحثين عن اإلقدام على كشف المجهول من تاريخ نجران‪ ،‬وإظهار الجوانب‬
‫المشرقة يف تاريخه‪ ،‬والتي نعتقد أنه ليس يف تاريخه جوانب غير مشرقة‪ ،‬فلقد أثبت ما كشفه البحث‬
‫التاريخي من جوانب تاريخ المنطقة حتى اآلن أنه مشرق ناصع‪ ،‬أما ما لم يكشف‪ ،‬فإنه سيكون أكثر‬
‫إشرا ًقا بإذن اهلل عز وجل‪.‬‬
‫‪12‬‬

‫التاريخ النجراين مضببة ومغيبة؛ لعجز المظان عن تقديم االستفسارات التي‬


‫يطرحها الباحثون‪.‬‬
‫لحة للكشف عن بعض خبايا تلك المرحلة‪ ،‬ومن‬
‫الم َّ‬
‫من هنا تأيت الدعوة ُ‬
‫شأن ذلك المسعى أن يفتح المجال أمام الباحثين يف حقل التاريخ النجراين‬
‫لتخطي الحاجز الذي وضعه اإلخباريون‪ ،‬وذلك بالتحديث المنهجي‪،‬‬
‫والتعامل مع مصادر حديثة‪ ،‬وقراءهتا على ضوء ما وصلت إليه المناهج من‬
‫تطور‪ ،‬وإثارة تساؤالت حول قضايا أغفلتها المصادر التاريخية‪.‬‬
‫وأغلب المؤلفات التاريخية سطحية‪ ،‬ال تتسم يف الواقع بأهمية علمية‪،‬‬
‫وبعض المؤرخين يقتصرون ‪ -‬عاد ًة ‪ -‬على سرد األحداث التاريخية دون أن‬
‫يمحصوا مضامينها السياسية واالجتماعية‪ ،‬والم َّطلع على مراجع التاريخ قادر‬
‫على االلتفات إلى نقاط خفية يمكن أن يمر هبا الباحثون األكاديميون مرور‬
‫الكرام‪.‬‬
‫ٍ‬
‫بشيء من‬ ‫ولم يرتك تاريخ منطقة كما ترك تاريخ منطقة نجران‪ ،‬فلم يحظ‬
‫كامًل‪ ،‬وحسبي من وراء‬ ‫ً‬
‫إهماال ً‬ ‫قديما وحدي ًثا‪ ،‬فقد أهمل‬
‫التسجيل والتدوين ً‬
‫ذلك أجر المجتهد‪.‬‬
‫ميسرة وخالية من‬
‫ولم تكن دراستي لتاريخ نجران بعد القرن الثاين عشر َّ‬
‫المصاعب ‪ ،‬فمادته التاريخية مبعثرة ومشتتة وشحيحة‪ ،‬وذلك بسبب أن‬
‫‪13‬‬

‫ً‬
‫معزوال عن المراكز‬ ‫قليما‬
‫نجران لم يظهر فيه مؤرخون بارزون حيث أصبح إ ً‬
‫الفكرية المشهورة يف الجزيرة العربية‪ ،‬مثل‪ :‬الحجاز ونجد وعسير والمخًلف‬
‫السليماين‪.‬‬
‫ويبدو أن هناك سب ًبا آخر‪ ،‬وهو أن أسرة المكارمة (وهم فرقة إسماعيلية)‬
‫خرجت من اليمن بأسباب حروب بينهم وبين أئمة اليمن قد استحوذوا على‬
‫نجران‪ ،‬ومعارضون للسلطات المركزية المجاورة‪ ،‬وال يريدون االختًلط‬
‫بالمذاهب اإلسًلمية األخرى‪.‬‬
‫ومن الدالئل على حبهم للعزلة(‪ :)1‬ما نقله فؤاد حمزة يف كتابه «يف بًلد‬
‫عسير»‪ ،‬والمطبوع سنة ‪1370‬هـ عند مقابلته للداعي‪ :‬حسين بن أحمد‬
‫علي المكرمي حادثة أول قدوم‬
‫المكرمي‪ ،‬والمتوىف يف الطائف بقوله‪َ « :‬س َر َد َّ‬
‫مكرمي لنجران‪ ،‬وهو محمد بن إسماعيل المكرمي»(‪ ،)2‬ثم كتب لي خًلصة‬

‫دائما‪ ،‬يقول حسن بن هاشم المكرمي‪ ،‬والذي مثَّل المكارمة يف مقابلة‬


‫(‪ )1‬المكارمة يرغبون يف العزلة ً‬
‫األمير عبدالعزيز بن مساعد مع مشايخ يام يف أهبا عام ‪1350‬هـ‪« :‬بأهنم قوم ‪ -‬أي‪ :‬المكارمة ‪-‬‬
‫مبعثرون يف الشتات‪ ،‬وأهنم منعزلون ألنفسهم‪ ،‬وال يزورون أحدً ا»‪ .‬انظر‪ :‬كتاب مرتفعات الجزيرة‬
‫العربية‪ ،‬هاري سانت جون فليبي‪.)658 /2( ،‬‬
‫(‪ )2‬عند قدوم أول المكارمة إلى نجران‪ ،‬وهو‪ :‬محمد بن إسماعيل المكرمي‪ ،‬اعتربته قبيلة يام (قطير)؛‬
‫شخصا نزل بجوار قبيلة ما من قبائل يام بنجران‪ ،‬وذلك‬
‫ً‬ ‫وقانون القطير‪ ،‬أو ُعرف القطير هو يخص‬
‫بسبب خوفه من شيء ما‪ ،‬أو كان مطرو ًدا من ديرته بسبب فعل ارتكبه‪ ،‬أو ليس له جماعة‪ ،‬ويقوم‬
‫هذا الشخص بالبحث عن أحد بطون القبائل التي لها قوة وسلف وعرف‪ ،‬وبعد إيوائه يعترب دمه‬
‫=‬
‫‪14‬‬

‫وافية نقلها من كتاب جامع لتاريخ األئمة اإلسماعيليين‪ ،‬ودعاهتم‪ ،‬وأعمالهم‬


‫يف مدة الدعوة‪ ،‬ولكنه رفض أن يطلعني على أصل كتاب التاريخ الذي عنده‬
‫ٍ‬
‫سلف‪ ،‬وفهمت أن سبب امتناعه عن‬ ‫مع أنه قديم‪ ،‬ويتناقله الدعاة خل ًفا عن‬
‫إطًلعي عليه يعود إلى أن ما فيه عائدٌ لشئون باطنية محضة‪ ،‬وقاعدة أهل‬
‫الباطن يف اإلسًلم‪ :‬المحافظة على أسرار معتقداهتم‪ ،‬وعدم إطًلع األجانب‬
‫عنهم عليها‪.‬‬
‫وما أ حاول جمعه عن مادة تاريخ نجران خًلل تلك الفرتة قد تكون‬
‫أساسا يعتمد عليها‪ ،‬فالبحث والدراسة تعين من يريد االستزادة يف ذلك‪،‬‬
‫ً‬
‫واحتاج المساعدة من الجميع‪ ،‬وأرجو أن يكون النقد العلمي السليم سب ًبا يف‬

‫استكمال ما ُأغفل أو أهمل‪ ،‬فما زال طالب العلم ً‬


‫عالما‪ ،‬ومتى ظن أنه قد علم‪،‬‬
‫فقد جهل‪ ،‬واهلل الموفق للصواب‪.‬‬

‫= وماله مصونًا من القبيلة التي نزل بجوارها‪ ،‬ويشمله ما يشملهم‪ ،‬وما ضره ضرهم‪ .‬وهو يختلف‬
‫عند قبائل يام عن «الجار»؛ حيث يعترب القطير ذا مكانة مرموقة أكثر من الجار‪ .‬انظر‪ :‬كتاب هذه‬
‫بًلدنا‪( ،‬ص‪ )41‬تأليف‪ /‬صالح بن محمد بن جابر آل مريح‪.‬‬
‫‪15‬‬

‫كلمات ومعانيها‪:‬‬
‫استخدم مؤرخو القرون السابقة يف اليمن والمخًلف السليماين بعض‬
‫الكلمات ذوات أصول أعجمية‪ ،‬وبعض الكلمات الغربية‪ ،‬أو نادرة االستعمال‬
‫اليوم‪ ،‬ومن ذلك‪:‬‬
‫‪1‬ـ محطة‪ :‬مجموعة من الجند جندوا للحرب‪ ،‬وهي مرادفة لكلمة‬
‫«جيش»‪.‬‬
‫نادرا‬
‫‪2‬ـ الرتبة‪ :‬مجموعة من الجند أقل عد ًدا من المحطة‪ ،‬وتستخدم ً‬
‫كمرادفة‬
‫لكلمة «المحطة»‪ ،‬وعاد ًة ما توكل لها مهمة حراسة المدن ‪ ،‬والقًلع‪،‬‬
‫والحصون‪.‬‬
‫‪3‬ـ الخليفة‪ ،‬خليفة الزمن‪ :‬إمام اليمن‪.‬‬
‫الر َبش‪ :‬الفوضى واالضطراب األمني‪.‬‬
‫‪4‬ـ َّ‬
‫‪5‬ـ التربيش‪ ،‬والتشويش‪ :‬إثارة الفوضى‪.‬‬
‫‪6‬ـ الزَّالج‪ :‬أعطيات الجند ومرتباهتم المقطوعة‪.‬‬
‫‪7‬ـ َج َوامك‪ :‬مرتبات الجند ومكافأهتم الدورية‪ ،‬وهي ذات أصل فارسي‪.‬‬
‫‪8‬ـ معاليم‪ ،‬تقاديم‪ :‬المرتبات واألعطيات المستمرة بشكل دوري‪.‬‬
‫‪9‬ـ بندر‪ :‬ميناء‪ ،‬وهي كلمة ذات أصل فارسي‪.‬‬
‫‪10‬ـ الشام (شامي)‪ :‬جهة الشمال عمو ًما‪ ،‬عكسها‪ :‬يماين الشيء‪ ،‬وهو‬
‫‪16‬‬

‫أسلوب متبع عند مؤرخي ذلك العصر؛ كعبد الرحمن البهكلي(‪ ،)1‬ولطف اهلل‬
‫جحاف(‪.)2‬‬
‫‪11‬ـ الصنو‪ :‬األخ‪.‬‬
‫‪12‬ـ خط‪ :‬رسالة‪ ،‬توجيهات‪.‬‬
‫‪13‬ـ الكتب‪ :‬الرسائل‪.‬‬
‫‪14‬ـ ُع َّقال‪ :‬قادة أو كبار القوم‪ ،‬أو أصحاب الرأي‪ ،‬وأهل الحل والعقد‪.‬‬
‫الج ْرس‪ :‬الجرح‪َ .‬جرسوه‪ ،‬أي‪ :‬جرحوه‪.‬‬
‫‪15‬ـ َ‬
‫‪16‬ـاألهواش‪ :‬األنعام‪.‬‬

‫(‪ )1‬هو المؤرخ عبدالرحمن بن حسن بن علي البهكلي‪ ،‬ولد سنة ‪1148‬هـ‪ ،‬وأخذ عن علماء عصره‪،‬‬
‫ورحل إلى مدينة زبيد‪ ،‬فأخذ هبا عن محمد بن أحمد الحازمي وغيره‪ ،‬ورحل إلى الحرمين‪ ،‬وهو‬
‫الذي كتب إليه محمد بن أحمد الحفظي القصيدة المشهورة‪« :‬هام َّ‬
‫الشجي»‪ ،‬يدعوه وأهل‬
‫عبدالوهاب‪ ،‬أ َّلف كتبًا منها‪ :‬خًلصة العسجد‬
‫َّ‬ ‫المخًلف السليماين إلى قبول دعوة الشيخ‪ :‬محمد بن‬
‫يف دولة الشريف محمد بن أحمد‪ ،‬ونزهة الظريف‪ ،‬وغيرها‪ ،‬وتولى القضاء يف أبي عريش‪ ،‬وتويف‬
‫سنة ‪1224‬هـ عن ‪76‬سنة تقريبًا‪ .‬انظر‪ :‬ترجمته يف البدر الطالع للشوكاين (‪ ،)323 ،322 /1‬وعقود‬
‫الدرر‪ ،‬لعاكش ‪ -‬مخطوط (ص‪ ،)83‬ونيل الوطر لزبارة الصنعاين‪( ،‬ص‪.)27 ،26/2‬‬
‫(‪ )2‬لطف اهلل بن أحمد بن لطف اهلل جحاف (‪1243 - 1189‬هـ‪1828 - 1775/‬م)‪ ،‬أديب وشاعر‬
‫وفقيه‪ ،‬و مؤرخ‪ ،‬صنعاين المولد والدار والمنشأ والوفاة‪ ،‬أخذ العلوم والفقه واللغة عن الشيخ‬
‫متصًل بكبار رجال‬
‫ً‬ ‫كثيرا من العلوم‪ ،‬والزمه ومدحه وكاتبه‪ ،‬وكان‬
‫أيضا ً‬
‫الشوكاين‪ ،‬وأخذ عنه ً‬
‫الدولة‪ ،‬منهم اإلمام «المتوكل أحمد»‪ ،‬وله مؤلفات مخطوطة معروفة‪ ،‬ومن أشهرها كتاب‬
‫«المرتقى إلى المنتقى» شرح به «منتقى ابن تيمية»‪ ،‬والديباج‪ ،‬ورجال الدولة‪ ،‬ودرر نحور الحور‬
‫العين‪ ،‬وفنون الجنون يف جنون الفنون‪ ،‬وغيرها‪ .‬انظر‪ :‬الشوكاين‪ :‬البدر الطالع (ص‪،)60/2‬‬
‫الشجني‪ :‬يف التقصار‪ ،‬خ (ق‪.)126‬‬
‫‪17‬‬

‫‪17‬ـ َّ‬
‫الشريج‪ :‬القطعة الكبيرة من األرض الزراعية‪.‬‬
‫صباحا‪.‬‬
‫ً‬ ‫‪18‬ـ َص َباح‪ :‬مفاجأة العدو بالهجوم‬
‫ليًل‪.‬‬
‫‪19‬ـ ال َب َيات‪ :‬مفاجأة العدو بالهجوم ً‬
‫‪20‬ـ المطرح‪ :‬المكان أو المحل أو المعسكر‪ ،‬ومطرحهم‪ ،‬أي‪:‬‬
‫معسكرهم‪.‬‬
‫‪21‬ـ السنجق‪ :‬يعني المنطقة أو المقاطعة‪ ،‬وهي كلمة تركية يف‬
‫األساس‪.‬‬
‫‪22‬ـ الجبخانة ‪ :‬مخزن مواد الحرب من بارود وقنابل وسًلح‪ ،‬وهي‬
‫كلمة تركية‪.‬‬
‫‪23‬ـ الطوبجية‪ :‬فرقة المدفعية‪ ،‬أو سًلح المدفعية‪.‬‬
‫‪24‬ـ التعشيرة‪ :‬إطًلق النار يف الهواء للمناورة‪ ،‬وإشعار الطرف اآلخر‬
‫بالقوة والكثرة‪.‬‬
‫‪25‬ـ أحمر‪ُ :‬عملة قيمتها تساوي الريال تقري ًبا‪ .‬واألحمر‪ :‬عملة عثمانية‪.‬‬
‫‪26‬ـ زر‪ :‬عملة محل َّية يف نجد‪.‬‬
‫‪27‬ـ قرش‪ :‬عملة شائعة التداول‪ ،‬وجمعه‪ :‬قروش‪.‬‬
‫‪28‬ـ ِمشخص‪ :‬عملة قيمتها أكثر من األحمر‪ ،‬وأكثر من الريال‪ ،‬وجمعها‪:‬‬
‫مشاخصة‪.‬‬
‫‪29‬ـ سلخ محرم‪ :‬هناية محرم‪.‬‬
‫‪18‬‬

‫‪30‬ـ الكنى المتعارف عليها يف اليمن والملتصقة بأسماء الذكور(‪:)1‬‬


‫‪1‬ـ محمد‪ ،‬يكنى بالعزي‪ ،‬أو عز الدين‪.‬‬
‫‪2‬ـ عبد اهلل‪ ،‬يكنى بالفخري‪ ،‬أو فخر الدين‪.‬‬
‫‪3‬ـ علي‪ ،‬يكنى بالجمالي‪ ،‬أو جمال الدين‪.‬‬
‫‪4‬ـ حسين وحسن‪ ،‬يكنيان بالشريف‪ ،‬أو شرف الدين‪.‬‬
‫‪5‬ـ قاسم‪ ،‬يكنى بالعلم‪ ،‬أو علم الدين‪.‬‬
‫‪6‬ـ إسماعيل‪ ،‬يكنى بالضياء‪ ،‬أو ضياء الدين‪.‬‬
‫‪7‬ـ أحمد‪ ،‬يكنى بالصفي‪ ،‬أو صفي الدين‪.‬‬
‫‪8‬ـ يحيى‪ ،‬يكنى بالعماد‪ ،‬أو عماد الدين‪.‬‬
‫‪9‬ـ عبدالسًلم‪ ،‬عبدالرحمن‪ ،‬عبدالعزيز‪ ،‬وما يلحق من األسماء الشبيهة‬
‫يكنى بالوجيه‪ ،‬أو وجيه الدين‪.‬‬
‫‪10‬ـ إبراهيم‪ ،‬يكنى الصارم‪ ،‬أو صارم الدين‪.‬‬

‫(‪ )1‬مخطوطة‪« :‬الجوهرة المنيرة يف جمل من عيون السيرة»‪ ،‬وهي للسيد العًلمة فخر اإلسًلم‬
‫المطهر بن محمد بن المنتصر الهادوي الجرموزي ‪ ،‬تحقيق‪ :‬الدكتورة‪ :‬أمة الملك إسماعيل الثور‬
‫(ص‪.)1145‬‬
‫‪19‬‬

‫الموقع الجغرايف‪:‬‬
‫‪20‬‬

‫‪1‬ـ الموقع(‪:)1‬‬

‫الرحالة األوروبيين يف مقدمتهم‪( :‬كاريستين نيبور)‪ ،‬وهو َّأول َمن‬


‫(‪ )1‬لقد توافد على نجران عدد من َّ‬
‫كثيرا من مشاهداته‪،‬‬
‫أشار إلى نجران أثناء زيارته للجزيرة العربية عام ‪1207‬هـ‪1792/‬م‪ .‬وقد ذكر ً‬
‫وله كتاب بعنوان «وصف أقاليم شبه الجزيرة العربية» ترجمة‪ :‬مازن صًلح‪ ،‬وطبع بدار االنتشار‬
‫ببيروت‪ ،‬عام ‪2013‬م‪ .‬وقد قال يف حديثه عن الداعي المكرمي يف نجران يف ذلك الوقت‪ ،‬وهو‬
‫الداعي (‪ )36‬عبد اهلل بن علي بن هبة اهلل بن إبراهيم بن محمد المكرمي‪ ،‬والذي تولى الرئاسة يف‬
‫(‪19‬رمضان ‪1195‬هـ‪18/‬سبتمرب ‪1781‬م)‪ ،‬وتويف يف ‪ 17‬ذو القعدة ‪1225‬هـ‪ 14 /‬ديسمرب‬
‫‪1810‬م)‪ ،‬فقال عنه‪ « :‬فقد كان يبيع الجنة‪ ،‬وكلما ارتفع المبلغ المدفوع‪ ،‬نال الفرد مكانة رفيعة‬
‫فيها‪ ،‬وكان األشخاص البسطاء والمتطيرون يشرتون منه هذه البطاقات التي لن ُتلحق هبم الضرر‪،‬‬
‫حسب رأيهم حتى وإن كانت غير مفيدة يف هذه األثناء‪ ،‬كانوا يعلقون ً‬
‫آماال كثير ًة على هذا الموضوع‬
‫فعًل حتى توزيع السماء»‪ .‬انظر‪( :‬ص‪ ،)245‬ثم تبعه الرحالة‬
‫يف حال كان اهلل قد منح المكرمي ً‬
‫الفرنسي (جوزيف هاليفي)‪ ،‬الذي كان أول من زار نجران من الرحالة األوروبيين عام‬
‫‪1287‬هـ‪1870/‬م؛ موفدً ا من وزارة المعارف الفرنسية‪ ،‬وتم َّكن من جمع ما يقارب (‪ً )686‬‬
‫نقشا‬
‫من منطقة جنوب الجزيرة العربية‪ ،‬وقام بنشر مقالة عن رحلته إلى نجران عام ‪1877‬م؛ ثم زارها‬
‫(هاري سانت جون فيلبي) الشهير بـ (عبداهلل فيلبي) عام ‪1355‬هـ‪1936/‬م‪ ،‬وكشف عن أكثر من‬
‫(‪ً )132‬‬
‫نقشا يف أرجائها‪ ،‬وأعد عنها دراسته القيمة التي تناولت‪ :‬آثارها‪ ،‬وتضاريسها‪ ،‬وسكاهنا‪،‬‬
‫وضمنها كتابه القيم‪« :‬النجود العربية»‪ ،‬وقد أعادت مكتبة العبيكان بالرياض طباعته يف‬
‫َّ‬ ‫وأحوالها‪،‬‬
‫نسخة جديدة تحت عنوان‪« :‬مرتفعات الجزيرة العربية»‪ ،‬وقد أعاد (فيلبي) زيارته لنجران عام‬
‫‪1371‬هـ‪1951/‬م‪ ،‬وكان يرافقه كل من‪( :‬كونزاك ريكمان) و(فيليب ليبنز)؛ وقد قام (ليبنز)‬
‫بتسجيل التفاصيل العلمية لزيارة الوفد إلى نجران يف كتابه‪« :‬رحلة استكشافية يف وسط الجزيرة‬
‫المفصل يف تاريخ العرب قبل اإلسًلم»‪ .)138 /1( ،‬وكتاب‬
‫َّ‬ ‫العربية»‪ ،‬انظر‪ :‬كتاب د‪ /‬جواد علي‪« :‬‬
‫نجران محمد أبو ساق‪( ،‬ص‪ .)16‬طبعة ‪2013‬م ‪ -‬طبع طوى للثقافة والنشر واإلعًلم ‪ -‬لندن‪،‬‬
‫ونجران يف كتابات الرحالة‪ ،‬يف كتاب نجران منطلق القوافل‪ ،‬تأليف‪ :‬أ‪ .‬د‪ .‬عبد الرحمن الطيب‬
‫األنصاري‪ ،‬أ‪ .‬صالح بن محمد جابر آل مريح‪( .‬ص‪ ،)33‬وكتاب يف بًلد عسير‪ ،‬فؤاد حمزة‪،‬‬
‫(ص‪ ،)167‬وكتاب نجران يف أطوار التاريخ‪ ،‬ط‪1404 ،1‬هـ‪ ،‬محمد بن أحمد العقيلي‪( ،‬ص‪.)11‬‬
‫‪21‬‬

‫(‪)1‬‬
‫يف الجزء الجنوبي الغربي من المملكة العربية‬ ‫تقع منطقة نجران‬
‫السعودية‪ ،‬أي‪ :‬يف األطراف الشرقية لمنطقة الدرع العربي التي تمتد عرب‬
‫المنطقة الواسعة حتى أقصى جنوب الجزيرة‪ ،‬وذلك على خط الطول (‪،43‬‬
‫ً‬
‫شماال تقري ًبا‪.‬‬ ‫‪ )52‬شر ًقا‪ ،‬وخط العرض (‪)20 ،17‬‬
‫ويحد منطقة نجران(‪ )2‬من الغرب‪ :‬منطقة عسـير‪ .‬ومن الشـرق‪ :‬المنطقة‬
‫الشــــرقيـة‪ .‬ومن الشــ ـمـال منطقـة الريـاض‪ .‬ومن الجنوب‪ :‬الجمهوريـة اليمنيـة‪،‬‬
‫ويتبع منطقـة (نجران) يف تشــــكيلهـا الحـديـث عـدَّ ة محـافظـات‪ ،‬هي‪ :‬محـافظـة‬

‫(‪ )1‬األهمية التاريخية لنجران‪ :‬فقد كانت نجران معرتكًا بين الرومان‪ ،‬واألحباش‪ ،‬وملوك اليمن‪ ،‬وكانت‬
‫ملتقى حضارات‪ ،‬واسرتاحة للقوافل‪ ،‬عندما كانت همزة وص ٍل بين (معين)‪ ،‬المملكة العظمى‪،‬‬
‫و(مملكة الفاو)‪ ،‬وكان الصراع بين الفرس والرومان على اليمن على أشده‪ ،‬وكانت لها أهمية يف‬
‫البعوث الرومانية؛ فيقال‪ :‬وصلنا نجران‪ ،‬وانطلقنا من نجران‪ ...‬إلخ‪ .‬انظر‪« :‬كتاب نجران‬
‫وأصحاب األخدود يف ضوء القرآن والسنة والتاريخ»‪ ،‬تأليف‪ :‬الدكتور‪ :‬زاهر بن عواض األلمعي‬
‫(ص‪ ،)40‬وكتاب «نجران»‪ ،‬محمد آل هتيلة‪( ،‬ص‪ ،)79 - 75‬وكتاب حركة الشعر يف نجران يف‬
‫الجاهلية وصدر اإلسًلم‪ ،‬فائزة رداد عزيز العتيبي‪( ،‬ص‪ ،)16‬وموسوعة المملكة العربية‬
‫السعودية‪.)5/5( ،‬‬
‫(‪ُ )2‬س ِّميت نجران هبذا االسم نسب ًة إلى نجران بن زيدان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان؛ ألنه‬
‫كان أول من عمرها ونزلها‪ ،‬ويمكن أن يستخدم هذا المصطلح نفسه للداللة على المكان ووادي‬
‫نجران على حد سواء‪ .‬انظر‪ :‬البًلذري‪ ،‬أبو الحسن أحمد بن يحيى‪ ،‬فتوح البلدان (ج‪،)79/1‬‬
‫وياقوت الحموي‪ ،‬شهاب الدين أبو عبداهلل‪ ،‬معجم البلدان‪( ،‬ج‪)266/5‬؛ والحميدي‪ ،‬محمد بن‬
‫عبدالمنعم‪ ،‬الروض المعطار يف خير األقطار‪ ،‬تحقيق‪ :‬إحسان عباس‪( ،‬ج‪ ،)573 /1‬وعبداهلل بن‬
‫عبدالعزيز البكري‪ ،‬معجم ما استعجم‪ ،)1299/4( ،‬وكتاب الكلبي؛ هشام بن محمد بن السائب‪،‬‬
‫نسب معد واليمن الكبير‪( ،‬ج‪.)364/1‬‬
‫‪22‬‬

‫شــــرورة‪ ،‬ومحـافظـة حبونـا‪ ،‬ومحـافظـة يـد ـم ة(‪ ،)1‬ومحـافظـة بـدر الجنوب(‪،)2‬‬

‫(‪ )1‬محافظة يدمة‪ :‬سميت هبذا االسم نسبة إلى بئر قديمة تقع غرب المحافظة تغذي أهالي المحافظة‬
‫قديما‪ ،‬ومحافظة يدمة من المحافظات الشمالية لمدينة نجران‪ ،‬وتبعد عنها ‪182‬كم‪ ،‬ويحدها‬
‫بالماء ً‬
‫من الشمال منطقة عسير‪ ،‬ومن الجنوب محافظة ثار‪ ،‬ومن الغرب منطقة عسير‪ ،‬وسلسلة جبال‬
‫عسير‪ ،‬ومن الشرق محافظة وادي الدواسر‪ ،‬ويتبع لمحافظة يدمة المراكز التالية‪( :‬أبرق شرقة‪،‬‬
‫ومركز العزيزية‪ ،‬ومركز الخالدة‪ ،‬والوجيد‪ ،‬ومنادي‪ ،‬والمندفن‪ ،‬وسلوة‪ ،‬وسلطانة‪ ،‬والسبيل)‪ ،‬وكل‬
‫للمحافظة‪ ،‬وهي‪( :‬اللجام‪ ،‬وال ُعرف‪،‬‬
‫يضم العديد من ال ُه ُجر والقرى‪ ،‬التَّابعة ُ‬ ‫ٍ‬
‫مركز من هذه المراكز ُّ‬
‫ووسط ‪ ،‬والصحن‪ ،‬والصليعاء‪ ،‬والجفرة‪ ،‬والكوكب‪ ،‬والمشقح‪ ،‬ونعوان‪ ،‬والزملة‪ ،‬والصالحية)‪،‬‬
‫وتوجد بمحافظة يدمة محمية عروق بني معارض‪ ،‬وهي‪ :‬تقع شمال منطقة نجران عند التقاء الحافة‬
‫للربع الخالي مع الجزء الجنوبي لنهاية سلسلة جبال طويق؛ وتمتد على مساحة ‪11980‬‬
‫الغرب َّية َّ‬
‫كيلومرتًا مرب ًعا‪.‬‬
‫تتميز المحميَّة بتنوع بيئاهتا الطبيعية بين جبال وهضاب جير َّية متق ِّطعة‪ ،‬ووديان وكثبان رملية تعترب‬
‫نماذج طبيع َّية مهمة لمحم َّية ذات أنماط حماية متعددة‪ .‬تعد المحم َّية آخر المواطن التي شوهد فيها‬
‫َ‬
‫المها العربي يف شبه الجزيرة العربية قبيل انقراضه عام ‪1979‬م‪ .‬وإلى جانب ما يذكر عن سابق‬
‫وجود المها العربي وظبي اآلدمي وظبي العفري السعودي والوعل والنَّعام العربي وطيور الحبارى‬
‫والضبع‬ ‫فيها‪ ،‬فإنَّها ال تزال ُتؤوي أنواعًا عديد ًة من الحيوانات؛ منها األرنب الربي والوبر ِّ‬
‫والذئب َّ‬
‫الرمال وغيرها‪.‬‬ ‫المخ َّطط والقط َّ‬
‫الرملي وثعلب ِّ‬
‫(‪ )2‬تقع محافظة بدر الجنوب‪ :‬يف الشمال الغربي لمنطقة نجران‪ ،‬وبمساحة تقدر بـ (‪ )4200‬كيلو مرت‬
‫مربع‪ ،‬وبمسافة تقدر بـ (‪ )160‬كيلو مرت عن مدينة نجران‪ ،‬وعلى خط طول ‪47‬و ‪ 52‬وخطي عرض‬
‫‪19‬و‪ ،20‬وعلى ارتفاع يصل (‪ 3000‬قدم) عن سطح البحر‪ ،‬وهي إحدى المحافظات التابعة‬
‫إلمارة منطقة نجران‪ ،‬ويحدها من الغرب والشمال محافظة ظهران الجنوب التابعة لمنطقة عسير‪،‬‬
‫ومن الشرق محافظة حبونا‪ ،‬ومحافظة ثار‪ ،‬ومن الجنوب مركز عاكفة وبئر عسكر التابعتين لنجران‪،‬‬
‫وقد تأسست إمارة بدر الجنوب سنة ‪1353‬هـ‪ ،‬وكان أول أمير لها هو‪ :‬محمد الصالح الرشيد‬
‫المحفوظي العجمي‪ ،‬وهي بذلك تعد ثاين إمارة بعد اإلمارة الرئيسة يف نجران باإلضافة إلى إدارة‬
‫=‬
‫‪23‬‬

‫= للمالية يرأسها إبراهيم بن حسون‪ .‬انظر‪ :‬كتاب «كاريزما الذكريات»‪ ،‬يحيى بن حمدان بن‬
‫محيريق‪( ،‬ص‪.)19‬‬
‫وهي هبذا الموقع تحتل المكان المناسب‪ ،‬وقد ساعدها موقعها بأن تكون نقطة اتصال للقوافل‬
‫التجارية القديمة من اليمن‪ ،‬ونجران‪ ،‬والمتجهة إلى بًلد قحطان‪ ،‬ونجد‪ ،‬والحجاز‪ ،‬وبيشة‪،‬‬
‫وكذلك القوافل اآلتية من تلك الجهات‪.‬‬
‫وقد قال الشاعر الدكتور‪ :‬غازي القصيبي عندما زارها يف عام ‪1402‬هـ‪:‬‬
‫بأشواق المحب إلى الحبيب‬ ‫أتينـاكم بأشـــــواق القلـــــوب‬
‫ونحن غرامنا بدر الجــنـــوب‬ ‫بدرا يف األعـالـي‬
‫تحب الناس ً‬
‫عدد السكان‪ )21( :‬ألف نسمة‪ ،‬وكانت يف السابق هي عاصمة قبائل يام‪ ،‬ففيها تعقد مؤتمراهتم‪ ،‬ومنها‬
‫تنطلق غزواهتم‪ ،‬كما تعرضت يف السابق لعدة حروب وغزوات نتيجة لكوهنا هي العاصمة‪.‬‬
‫ويتبع لمحافظة بدر الجنوب المراكز والقرى التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬مركز هدادة‪ -2 .‬مركز الخانق‪ -3 .‬مركز الرحاب‪ -4 .‬مركز لدمة‪ .‬مركز الرحاب شرق‬
‫المحافظة ويبعد عنها ‪ 42‬كيلو مرتًا‪ ،‬ويضم قرى السًلمة‪ ،‬وخضيران‪ ،‬والجد ِّيدة‪ ،‬وفرعة‪ ،‬وغيرها‪،‬‬
‫بينما يقع مركز «لدمة» غرب المحافظة بحوالي ‪ 40‬كيلو مرتًا محاذ ًيا لمحافظة ظهران الجنوب‬
‫التابعة لمنطقة عسير‪ ،‬ويضم قرى المرتجم‪ ،‬والحجف‪ ،‬والنَّهماء‪ ،‬والنَّظارة‪َّ ،‬‬
‫والشبكة‪ ،‬وترتبط لدمة‬
‫بخط حديث‪ .‬انظر‪( :‬زيارة إدارة وأعضاء موسوعة ‪ Qpedia‬العالم َّية لمحافظة بدر الجنوب‬
‫(‪..html10903http://www.qpedia.org/topics/‬‬
‫اآلثار‪ :‬قصر الثغر‪ :‬هو عبارة عن قصر أمر ببنائه اإلمام‪ :‬سعود بن عبدالعزيز (سعود الكبير) عام‬
‫(‪ 1221‬هـ)‪ ،‬أثناء (وقعة بدر)‪ ،‬وقد بناه عبدالوهاب أبو نقطة‪ ،‬ووضع بداخله حامية تقدر بخمس‬
‫مئة رجل‪ ،‬وهو قصر فريد بني على شكل القصور العسيرية ‪ ،‬وتصميمه نادر‪ ،‬عليه سور‪ ،‬وبه بئر ماء‬
‫ترتبط مع القصر بواسطة نفق يمر من تحت األرض‪ ،‬وكذلك برج للمراقبة والحماية‪ .‬وقد بني‬
‫أسفل القصر بالصخور واألحجار بارتفاع ثًلثة أمتار تقريبًا‪ ،‬وهو موجود اآلن‪ ،‬وما زال على حاله‬
‫الذي بني عليها‪ .‬انظر‪« :‬صورة القصر» (ص‪ ،)620‬وكذلك يف كتاب «هذه بًلدنا نجران»‪ ،‬صالح‬
‫بن محمد بن جابر آل مريح‪( ،‬ص‪ .)49‬قصبة المضمار‪ :‬وهي برج قديم مبني من الطين يف‬
‫المحافظة‪ ،‬تم ترميمه وتجديده حديثًا‪ ،‬وتحيط به بعض البيوت الطينية القديمة‪ .‬القشلة‪ :‬عبارة عن‬
‫برج حربي بني على قمة جبل يسمى القهرة يتوسط البلد‪ ،‬وهي بمثابة استطًلع وإنذار مبكر‬
‫ومراقبة‪.‬‬
‫‪24‬‬

‫ومــحــافــظــة ثــار(‪ ،)1‬ومــحــافــظــة خــبــاش(‪ )2‬إلــى جــانــب الــعــديــد مــن‬

‫المحافظات التابعة لمنطقة نجران‪ ،‬تقع يف الجهة َّ‬


‫الشمالية من منطقة نجران‪،‬‬ ‫(‪ُ )1‬محافظة ثار‪ :‬هي إحدى ُ‬
‫الشرقية َّ‬
‫والشمالية محافظة يدمه‪ ،‬ومن‬ ‫وتبعد عنها ما يقارب ‪ 120‬كيلومرتًا‪ ،‬يحدُّ ها من الجهتين َّ‬
‫الجهة الغربية محافظة بدر الجنوب‪ ،‬ومن الجهة الجنوبية محافظة حبونا‪ ،‬وتنقسم المحافظة إلى‬
‫ٍ‬
‫مركز من هذه‬ ‫والصفاح‪ ،‬وقطن‪ ،‬والمحمد َّية‪ ،‬والجوشن‪ ،‬وحمى‪ ،‬وكل‬
‫ِّ‬ ‫ست َِّة مراكز‪ ،‬وهي‪ :‬ثجر‪،‬‬
‫والرحبة‪ ،‬والخرماء‪،‬‬ ‫الرابية‪َّ ،‬‬
‫للمحافظة‪ ،‬وهي‪َّ :‬‬ ‫يضم العديد من ال ُه ُجر والقرى‪ ،‬التَّابعة ُ‬ ‫ُّ‬ ‫المراكز‬
‫وبُصر‪ ،‬والنَّبعة‪ ،‬والحنكان‪ ،‬وثار القديمة‪ ،‬و ُيقدّ ر عدد س ّكاهنا بـ ‪ 30‬ألف نسمة‪ .‬ولموقع ُمحافظة‬
‫ألن القوافل التّجارية‬‫وخاصة من النَّاحية االقتصاد َّية‪ ،‬وذلك َّ‬ ‫َّ‬ ‫مر التَّاريخ‪،‬‬‫خاصة على ِّ‬ ‫َّ‬ ‫ثار أهم َّية‬
‫القديمة‪ ،‬كانت تنزل بالقرب من آبار‬
‫ويمر‬ ‫الشمالية َّ‬
‫الشرقية من الجزيرة العرب ّية‪ُّ ،‬‬ ‫قسم يتَّجه إلى الجهة َّ‬‫حمى التَّاريخ َّية‪ ،‬ثم تنقسم إلى قسمين‪ٌ :‬‬ ‫َّ‬
‫بكل‬‫ويمر ٍّ‬ ‫هذا القسم من قرية الفاو‪ ،‬والقسم ال َّثاين يتَّجه إلى الجهة َّ‬
‫الشمالية الغرب َّية من الجزيرة العربية‪ُّ ،‬‬
‫وأخيرا بمصر‪ُ .‬يعدُّ مركز حمى‬
‫ً‬ ‫المكرمة‪ ،‬والمدينة المنورة‪ ،‬والعًل‪ ،‬وبًلد الشام‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫من جرش‪ ،‬وم َّكة‬
‫حمى‬ ‫يضم آبار ّ‬
‫أهم المواقع األثر َّية فيها؛ وذلك ألنَّه ُّ‬
‫الشرقية من المحافظة من ِّ‬ ‫الشمالية َّ‬
‫الواقع يف الجهة َّ‬
‫التي يصل عمرها إلى ‪ 5‬آالف سنة‪ ،‬كما يحتوي على العديد من النُّقوش القديمة واآلثار‪.‬‬
‫)‪ (2‬محافظة خباش‪ :‬تقع محافظة خباش على بُعد ‪80‬كم شرق منطقة نجران يف جنوب غرب المملكة‬
‫وس ِّميت هذه المحافظة‬ ‫الحدودي مع الجمهور ّية اليمن ّية‪ُ ،‬‬
‫ّ‬ ‫العربية السعودية بالقرب من الشريط‬
‫بخباش نسبة إلى جبل قرن خباش الذي يقع يف جنوب المحافظة‪ ،‬و ُيسميه أهل نجران عاد ًة باسم‬
‫منقع نجران بسبب تواجد المياه فيه بكثرة‪ .‬تبلغ مساحة هذه المحافظة ‪ 18000‬كم ‪ ،‬ومن‬
‫الشرق محافظة شرورة‪ ،‬والغرب محافظة حبونا‪ ،‬ومن ّ‬
‫الشمال‬ ‫المحافظات التي تحيط هبا‪ :‬من ّ‬
‫الطبيعي؛ ألهنا تلتقي مع صحراء الربع‬
‫ّ‬ ‫محافظة ثار‪ ،‬ومن الجنوب اليمن‪ ،‬وتتميز المحافظة بجمالها‬
‫ٍ‬
‫الخالي‪ ،‬فبين كثباهنا الرملية يقع سيل نجران‪ ،‬وسرعان ما تتحول هذه الرمال إلى غطاء أخضر‬
‫تقصده اإلبل للرعي‪ ،‬ويقصده كذلك هواة التنزه خًلل موسم الشتاء‪.‬‬
‫المراكز اإلدارية يف محافظة خباش‪:‬‬
‫الس َلم‪،‬‬
‫‪( -1‬الخرعاء)‪ :‬تبعد مسافة ‪20‬كم عن المحافظة‪ ،‬وتتبع لها قرى الحايرة البيضاء‪ ،‬وحايرة َّ‬
‫وتصًلل‪ ،‬وحبل العاضة‪ ،‬والحجف‪ ،‬والوطي‪.‬‬
‫‪ -2‬مركز أبو شداد (النقيحاء)‪ :‬يبعد ‪50‬كم عن المحافظة‪ ،‬وأبرز القرى قرية‪ :‬عرق الحصن‪ ،‬والخزوز‪،‬‬
‫وعرق السيول‪ ،‬وعرق الفرس‪ ،‬وهجال نجران‪.‬‬
‫=‬
‫‪25‬‬

‫المراكز(‪ ،)1‬وتبلغ مساحة منطقة نجران حوالي (‪)36،5000‬كم‪.)2(2‬‬

‫= ‪ -3‬مركز أم الوهط‪ :‬يبعد مسافة ‪100‬كم عن المحافظة‪ ،‬ويتبع له الجبل‪ ،‬والمشاح‪ ،‬والعارض‪.‬‬
‫ويضم جبا عير نجران‪ ،‬والساقية‪ ،‬وعرق ابن‬
‫ُّ‬ ‫‪ -4‬مركز المحياش‪ :‬يبعد مسافة ‪100‬كم عن المحافظة‪،‬‬
‫ماضي‪.‬‬
‫ويضم اليتمة‪ ،‬والخريطة‪ ،‬وبني شعيطة‪،‬‬
‫ُّ‬ ‫‪ -5‬مركز هويمل‪ :‬يبعد مسافة ‪150‬كم عن المحافظة‪،‬‬
‫والحاوي‪ ،‬والحجا‪.‬‬
‫ويضم حرجة جويز‪ ،‬وأم القردان‪ ،‬وعرق‬
‫ُّ‬ ‫‪ -6‬مركز أبو شديد‪ :‬يبعد مسافة ‪40‬كم عن المحافظة‪،‬‬
‫الثمام‪ ،‬والزبارة‪ ،‬والفرشة‪.‬‬
‫معالم محافظة خباش‪:‬‬
‫الدولي‪ ،‬وإحدى البوابات الرئيسة للعبور من السعودية إلى‬
‫ُّ‬ ‫الحدودي‬
‫ُّ‬ ‫‪ -1‬منفذ الخضراء وهو‪ :‬المنفذ‬
‫ويضم هذا المنفذ‪ :‬المراكز الجمركيَّة‪ ،‬واألمنية‪ ،‬والصحيَّة‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫اليمن‪،‬‬
‫‪ -2‬حوض الوجيد‪ُ :‬يعترب هذا الحوض أكرب مستودع للمياه الجوفية‪ ،‬ويقع يف مركز النقيحاء‪ ،‬وتولي‬
‫الدولة لهذا الحوض ُج َّل اهتمامها؛ ألنه ّ‬
‫يزود منطقة نجران بالمياه الجوفية الصالحة للشرب‪،‬‬
‫وتتميز أراضي هذه المحافظة بأن تربتها صالحة للزراعة‪ ،‬وتوفر المياه فيها‪ ،‬وهتتم المحافظة بزراعة‬
‫الرملي القادم من صحراء الربع‬
‫ِّ‬ ‫الصحراوي أو‬
‫ِّ‬ ‫الخضروات‪ ،‬واألشجار الكبيرة لوقف الزحف‬
‫الخالي يف أطراف المحافظة‪.‬‬
‫(‪ )1‬أما عدد المراكز التابعة إلمارة منطقة نجران هي‪ )63( :‬مركزً ا‪ ،‬منها (‪ )26‬مركزً ا يف الفئة (أ) و(‪)37‬‬
‫مركزً ا يف الفئة (ب)‪ ،‬والمراكز التابعة لديوان األمارة يف الفيصلية (نجران) هي‪ :‬بئر عسكر‪،‬‬
‫والخضراء‪ ،‬والعريسة‪ ،‬والمشعلية‪ ،‬وأبو السعود‪ ،‬والحضن‪ ،‬ورجًلء‪ ،‬وأبو ثامر‪ ،‬والموفجة‪،‬‬
‫ومراطة‪ ،‬وشعب بران‪ ،‬وعاكفة‪ ،‬وأبو الرشاش‪ ،‬وريمان‪ ،‬والجلدة‪.‬‬
‫(‪ )37‬مركزً ا يف الفئة (ب)‪ .‬انظر‪ :‬كتاب «القول المكتوب يف تاريخ الجنوب»‪ ،‬تأليف‪ :‬أ‪.‬د‪ .‬غيثان بن‬
‫علي بن جريس‪.)186/3( ،‬‬
‫(‪ )2‬لمزيد من التفصيًلت انظر‪« :‬األطلس التاريخي للمملكة العربية السعودية» (منشورات دارة الملك‬
‫عبد العزيز‪1419،‬هـ ‪1999‬م) (ص‪ ،)216‬وما بعدها‪ ،‬ونجران دراسة تاريخية حضارية (ص‪،)23‬‬
‫وكتاب يف بًلد عسير‪ ،‬فؤاد حمزة‪( ،‬ص‪ ،)181‬وكتاب آثار منطقة نجران وزارة المعارف‪ ،‬وكتاب‬
‫نجران يف أطوار التاريخ‪ ،‬ط‪1:1404‬هـ‪ ،‬محمد بن أحمد العقيلي‪( ،‬ص‪.)50 - 48‬‬
26
‫‪27‬‬

‫‪2‬ـ التضاريس‪:‬‬
‫ويمكن تقسيم تضاريس منطقة نجران إلى ثالثة أنواع‪ ،‬وهي على النحو‬
‫التالي‪:‬‬
‫ٍ‬
‫جهات‪ ،‬هي‪:‬‬ ‫المنطقة الجبلية ‪ :‬تحيط الجبال بمنطقة نجران من ثًلث‬
‫الغرب والشمال والجنوب‪ ،‬وتتميز تلك المناطق باعتدال مناخها صي ًفا‪ ،‬كما‬
‫أن حولها عدة قرى‪ ،‬من أشهرها‪ :‬بدر الجنوب وحبونا(‪ ،)1‬ويدمه‪ ،‬وثار‪ .‬وأهم‬

‫(‪ )1‬محافظة حبونا‪:‬هي إحدى محافظات منطقة نجران‪ ،‬وتبعد عنها حوالي مئة كيلومرت‪ ،‬وتتوسط أربع‬
‫محافظات‪ ،‬مما جعلها تنعم بتوفير جميع الخدمات‪ ،‬وتقع على ضفاف وادي حبونا شمال مدينة‬
‫نجران‪ ،‬وهو ثاين أكرب األودية بعد وادي نجران‪ .‬ويبلغ عدد سكاهنا عشرين ألف نسمة‪ ،‬وتنقسم إلى‬
‫أربعة مراكز تتكون من عدة قرى‪ ،‬وهي‪ :‬مركز الجفة‪ ،‬والحرشف‪ ،‬ومركز الحصينية‪ ،‬ومركز المجمع‪.‬‬
‫تشتهر حبونا بوجود القًلع والنقوش واآلثار القديمة‪ ،‬ولعل أشهرها‪ :‬قلعة الخليف بالحرشف هي‬
‫بيت مبني من الطين‪ ،‬يرجع تاريخ إنشائها إلى ما قبل ثًلثة قرون‪ ،‬وتتميز بوضوح معالمها ومًلمحها‬
‫التاريخية القديمة رغم مرور مئات السنين عليها‪ ،‬حيث يشعر الناظر إليها بدهشة كبيرة من طريقة رفع‬
‫الحجارة واألخشاب المبنية منها‪ ،‬والتي ما زالت متماسكة شامخة على سطح ذلك الجبل الضخم‬
‫(ح َبونن)‬
‫قديما بمسمى َ‬
‫المبنية عليه‪ .‬ووجود نقوش قديمة بعرام الواقع بوادي بطاء‪ ،‬وقد عرفت حبونا ً‬
‫بفتح الحاء والباء‪ ،‬حيث ذكرها الهمداين يف كتابه «صفة جزيرة العرب»‪ ،‬يف عدة مواضع فقال‪« :‬ويتقدم‬
‫يف شوكان من أعلى وادي نجران فيسقيه‪ ،‬وينتهي يف الغائط‪ ،‬ثم يعرتض بين نجران وتثليث أودية مثل‬
‫وادعة وبلد يام وبلد زبيد وبلد سنحان وبلد جنب»‪( ،‬ص‪ ،)164‬ويف موضع‬ ‫حبونن وغيره من بًلد ِ‬
‫ثم بلدهم يطرد عليها ناحية الحجاز‬ ‫آخر قال‪« :‬بلد يام‪ :‬ليام وطن بنجران نصف ما مع َهمدَ ان منها‪َّ ،‬‬
‫وس َمنَان‪ ،‬فإلى ما يصالي خليف دكم من أعالي حبونن»‪،‬‬ ‫إلى حدود زُ َبيد وهند من ناحية حارة ومًلح‪َ ،‬‬
‫أيضا‪« :‬وخطمة بئر بالرمل دون العارض‪ ،‬احتفرها عبد اهلل بن الربيع المداين يف‬ ‫(ص‪ ،)226‬كما قال ً‬
‫عصر أبي العباس السفاح‪ ،‬والرباق ماء بأعلى وادي ثار‪ ،‬والزَّ َّيادية بحبونن‪ ،‬والحصينية أسفل منها‬
‫واله َرار والبرتاء هذه أعداد‬
‫على شط الوادي دون النه َّية هنية حبونن‪ ،‬والربيع أسفل نجران ومذود َ‬
‫أيضا‪« :‬وأما محجتها السفلى فمن العرب يف شئيز صيهد‬ ‫شمالي بًلد بني الحارث»‪( ،‬ص‪ ،)228‬وذكر ً‬
‫=‬
‫‪28‬‬

‫األودية هي‪ :‬وادي نجران‪ ،‬والذي يمتد من الغرب إلى الشرق بطول يزيد على‬
‫(‪ )150‬كم‪ ،‬وعرض يرتاوح بين (‪ )5:2‬كم يف بعض األماكن‪ ،‬وهذا الوادي‬
‫تأيت سيوله من جبال اليمن الشمالية عرب منفذين رئيسين‪ ،‬هما‪( :‬شوك‬
‫وال ُعرض)‪ ،‬يجتمعان قبل المضيق يف المكان المقام فيه السد حال ًيا غرب‬
‫الموفجة‪ ،‬وترفده عدة روافد بعد خروجه من الموفجة‪ ،‬منها‪ :‬الثافرة‪،‬‬
‫ِ‬
‫ولحي‪ ،‬والمعين‪ ،‬وشعب بران‪ ،‬وهنوقة(‪ ،)1‬والعجمة‪ ،‬وأبا‬ ‫وحمضين‪،‬‬
‫والحج‪ ،‬وسقام‪ ،‬وعقرم‪ ،‬وظِلم‪ُّ ،‬‬
‫والشرفة وغيرها‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫الرشاش‪ ،‬وذي ِحمي‪،‬‬
‫يسمى بـ «رملة يام»(‪.)3()2‬‬
‫حيث يستمر حتى يصب يف رمال الربع الخالي فيما َّ‬

‫= إلى نجران شبة من ثمانية أيام‪ ،‬ثم من نجران حبونن‪ ،‬وهو واد يغيب من بلد يام من ناحية َسمنان‪،‬‬
‫وهي كثير األرطى‪ ،‬وبه بئر الربيع الحارثي جاهلية‪ ،‬وحبونن بكسر الحاء من مناهل العرب المشهورة‪،‬‬
‫وكذلك بئر الربيع بن عبداهلل من نجران على مرحلة لمن قصدها من حضرموت ومأرب»‪،‬‬
‫(ص‪ .)305‬ويتبع لمحافظة حبونا المراكز التالية‪ :‬مركز المجمع‪ ،‬والحصينية‪ ،‬والحرشف‪ ،‬والجفة‪.‬‬
‫(‪ )1‬نهوقة‪ :‬واد متسع أول ما يلي نجران من جهة السراة‪ ،‬وبينها وبين جبل رير الضخم الذي يشرف على‬
‫مدينة األخدود‪ ،‬يف أعًله إلى اليمن تقع جنوبي نجران‪ .‬البًلدي‪ ،‬بين مكة وحضرموت‪،‬‬
‫(ص‪.)192‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬كتاب «نجران»‪ ،‬محمد أبو ساق (ص‪ ،)95‬وكتاب «نجران الحديثة»‪ ،‬السيد الماحي‪،‬‬
‫(ص‪ ،)111‬وكتاب «جغرافية المملكة العربية السعودية إقليم جنوب غرب المملكة»‪ ،‬تأليف‬
‫الدكتور‪ :‬عبد الرحمن صادق الشريف (ص‪ ،)404 -400‬وكتاب «حركة الشعر يف نجران يف‬
‫الجاهلية وصدر اإلسًلم»‪ ،‬فائزة رداد عزيز العتيبي‪( ،‬ص‪.)18 ،17‬‬
‫(‪ )3‬ويمكن تقسيم وادي نجران إلى ثالثة أقسام‪ ،‬هي‪:‬‬
‫األول‪ :‬من جبل أبي همدان ورعوم والعان إلى الموفجة غر ًبا‪ .‬ويعرف بـ (علو نجران)‪.‬‬
‫=‬
‫‪29‬‬

‫المنطقة السهلية‪:‬‬
‫تقع وسط المنطقة على الضفتين الشمالية والجنوبية لوادي نجران‪،‬‬
‫ٍ‬
‫مجموعة من القرى القديمة ذات المياه الوفيرة‪ ،‬وتنتشر هبا‬ ‫وهي عبارة عن‬
‫المزارع‪ ،‬وخاصة مزارع النخيل‪.‬‬
‫المنطقة الصحراوية‪:‬‬
‫وهي تمثل الجزء الواقع شرق مدينة نجران‪ ،‬وتسمى «رملة يام»‪ ،‬والذي‬
‫تمثله صحراء الربع الخالي‪ ،‬وينتهي فيه وادي نجران‪ ،‬ووادي حبونا‪ ،‬ومن أهم‬
‫مدنه‪ :‬شرورة(‪.)1‬‬
‫األودية يف نجران‪:‬‬
‫وادي نجران‪ :‬وسبق اإلشارة إليه‪.‬‬
‫قديما بحبونن(‪ ،)2‬يوازي وادي نجران من‬
‫ً‬ ‫وادي حبونا‪ :‬الذي يعرف‬

‫= والثاين‪ :‬من الجبال المذكورة إلى هناية دحضة‪ ،‬والقابل شر ًقا‪ ،‬يعرف بـ(وسط نجران)‪.‬‬
‫والثالث‪ :‬من الوسط وشرق يعرف بـ (أسفل نجران)‪ .‬انظر‪ :‬كتاب «القول المكتوب يف تاريخ‬
‫الجنوب»‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،‬تأليف‪ :‬أ‪.‬د‪ .‬غيثان بن علي بن جريس‪( ،‬ص‪.)252 ،251‬‬
‫(‪ )1‬انظر‪ :‬كتاب «نجران منطلق القوافل»‪ ،‬تأليف‪ :‬أ‪ .‬د‪ .‬عبد الرحمن الطيب األنصاري‪ ،‬أ‪ .‬صالح بن‬
‫محمد جابر آل مريح‪ .‬ومجلة العرب‪ )22 - 12-11( ،‬الجماديان ‪1408‬هـ ‪ -‬كانون ثاين‪/‬شباط‬
‫(يناير‪/‬فرباير) ‪1988‬م تحت عنوان (رحلة يف بًلد يام)‪.‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬كتاب «يف بًلد عسير»‪ ،‬فؤاد حمزة‪( ،‬ص‪ ،)168‬وكتاب «صفة جزيرة العرب»‪ ،‬تأليف‪ :‬لسان اليمن‬
‫الحسن بن أحمد بن يعقب الهمداين‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد بن علي األكوع‪( ،‬ص‪،)304،228،226،164‬‬
‫وكتاب «اليمن الخضراء مهد الحضارة»‪ ،‬تأليف‪ :‬محمد بن علي األكوع‪( ،‬ص‪،)164 ،163‬‬
‫ط‪2:1402‬هـ ‪1982 -‬م‪.‬‬
‫‪30‬‬

‫الشمال‪ ،‬تأيت سيوله من جبال قحطان‪ ،‬ووادعة غر ًبا عرب منفذين هما‪ :‬كهًلن‬
‫ومطارة يف «القرن»(‪ ،)1‬ويعرف من بدايته بـ «صيحان»‪ ،‬وترفده عدة روافد بعد‬
‫خروجه من القرن‪ ،‬وتشكل وادي حبونا منها‪ :‬شكًللة وحًلل‪ ،‬وتلتقي‬
‫بالمجمع‪ ،‬هذا من الجهة الجنوبية‪ ،‬أما الشمالية فيرفده وادي بدر الذي يصب‬
‫متجها شر ًقا‪ ،‬ويرفده وادي ثار الذي يتحد معه‬
‫ً‬ ‫فيه عند شعيب «قاب»‪ ،‬ويستمر‬
‫الج ِزم الذي يصب يف السواد‪ ،‬ويجتمع مع وادي تريمة‪،‬‬
‫شر ًقا عمود الرحبة‪ ،‬ثم َ‬
‫ويصبان م ًعا يف وادي حبونا‪ ،‬ثم ترفده من الجنوب روافد عرقان وصخي‪،‬‬
‫وتستمر حتى تلتقي مع وادي نجران يف الرملة(‪.)2‬‬
‫وادي بدر الجنوب‪ :‬يبدأ من العشة الشمالية الغربية‪ ،‬ويتجه إلى الجنوب‬
‫الشرقي حتى يصب يف «قاب»‪ ،‬وعلى ضفتيه تتناثر قرى وحاضرة بدر من‬
‫شماال حتى الحمضة جنو ًبا(‪.)3‬‬
‫ً‬ ‫المضمار‬
‫(‪ )1‬القرن‪ :‬من القرى القديمة‪ ،‬والتي ُه ِ‬
‫ج َرت يف وقتنا الحاضر‪ ،‬وذلك بسبب وعورة الطرق إليها‪ ،‬وبُعد‬
‫الخدمات عنها‪ ،‬وهي من القرى المشهورة القديمة‪ ،‬ومن مواطن العجمان السابقة‪ ،‬فهي قريبة من‬
‫مطارة وكهًلن التي عرفت بغاباهتا ومياهها العذبة‪ ،‬وتبعد عن محافظة بدر الجنوب بـ (‪ )16‬كيلو‬
‫مرتًا تقريبًا‪.‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬كتاب «جغرافية المملكة العربية السعودية إقليم جنوب غرب المملكة»‪ ،‬تأليف الدكتور عبد‬
‫الرحمن صادق الشريف‪( ،‬ص‪ ،)409 - 407‬وكتاب «رحًلت يف عسير»‪ ،‬تأليف‪ :‬يحيى إبراهيم‬
‫األلمعي‪( ،‬ص‪ ،)149‬وكتاب «يف بًلد عسير»‪ ،‬فؤاد حمزة‪( ،‬ص‪ ،)168‬وكتاب «اليمن الخضراء‬
‫مهد الحضارة»‪ ،‬األكوع‪( ،‬ص‪ ،)151‬راجع مجلة العرب‪ )22 - 12-11( ،‬الجماديان ‪1408‬هـ‪.‬‬
‫(‪ )3‬كتاب جغرافية المملكة العربية السعودية إقليم جنوب غرب المملكة‪ ،‬تأليف‪ :‬الدكتور‪ :‬عبدالرحمن‬
‫صادق الشريف‪( ،‬ص‪ ،)411 - 409‬وكتاب «رحًلت يف عسير»‪ ،‬تأليف‪ :‬يحيى إبراهيم األلمعي‪،‬‬
‫=‬
‫‪31‬‬

‫وادي ثار ‪ :‬يبدأ من الجبال الغربية بموازاة وادي حبونا من الشمال‪ ،‬وله‬
‫عدة روافد‪ ،‬ويتجه إلى الجنوب الشرقي حتى يلتقي بوادي حبونا شرق عمود‬
‫الرحبة‪.‬‬
‫وادي وسط‪ :‬وادي طِلحام‪ ،‬وادي الصحن‪ ،‬وادي ال ِّل َجام(‪ ،)1‬وادي‬
‫الحبط‪ ،‬وادي الحجر‪ ،‬وذ ّمبه‪ ،‬وكلها تجتمع يف الشغايا وسنح على أطراف‬
‫الرملة‪.‬‬
‫‪3‬ـ المناخ‪:‬‬
‫(‪)2‬‬
‫والربع الخالي بمناخها‬ ‫تتميز (نجران) باستثناء منطقة شرورة‬

‫= (ص‪ ،)149‬وكتاب محمد الخالدي الشرعبي‪« ،‬البادية بين عراقة الماضي وأصالة الحاضر»‪،‬‬
‫(ص‪.)1150‬‬
‫(‪ )1‬كان يعرف ب َعبالِم‪ :‬وهو وادي كبير من أودية يدمة‪ ،‬ويطلق عليه ً‬
‫أيضا (اللجام)‪ ،‬وقد ورد ذكره يف‬
‫«وصف المحجة» (ص‪« ،)343‬صفة جزيرة العرب» للهمداين‪ ،‬وال يزال يحتفظ باسمه القديم‪.‬‬
‫السعودية‪ ،‬تبعد عن مدينة نجران ثًلثمائة‬
‫(‪ )2‬محافظة شرورة‪ :‬تقع يف الجهة الجنوب َّية للمملكة العربية ُّ‬
‫وخمسين كيلو مرتًا‪ ،‬وعن وادي الدواسر خمسمائة وخمسة وثًلثين كيلو مرتًا‪ ،‬وتتميَّز هذه المدينة‬
‫الصحراوية؛ حيث ُتعترب من المنافذ الربّية بين جمهورية اليمن والمملكة العربية ّ‬
‫السعودية‪،‬‬ ‫بال ّطبيعة ّ‬
‫و ُتعترب شرورة من المدن التي تتبع إدار ًّيا منطقة نجران‪ ،‬وتتبع لشرورة المراكز التالية‪( :‬حمراء نثيل‪،‬‬
‫أم غوير‪ ،‬ومجة‪ ،‬وقلمة خجيم‪ ،‬والمنخلي‪ ،‬وقلمة سلطان‪ ،‬وأم غارب‪ ،‬والحًلة‪ ،‬وهبجة‪،‬‬
‫والمعاطيف‪ ،‬ومسلية‪ ،‬واألخاشيم‪ .‬ومركز الوديعة‪ ،‬ومنفذ الوديعة‪ ،‬والكناور‪ ،‬وتماين)‪ .‬ال ّطبيعة‬
‫الجغرافية لمدينة شرورة تشتهر التَّضاريس يف شرورة بال ّطبيعة ّ‬
‫الصحراوية؛ حيث تعترب أراضيها‬
‫تم استوطان مدينة شرورة بداي ًة من قبل القبائل البدوية التي تمتلك‬
‫السبب َّ‬
‫صالحة للرعي‪ ،‬ولهذا ّ‬
‫األغنام والمواشي‪ ،‬ومن هذا نستنتج أ َّن مدينة شرورة لم تكن مقصدً ا أو طري ًقا للقوافل‬
‫=‬
‫‪32‬‬

‫المعتدل صي ًفا‪ ،‬ودافئ شتا ًء‪ ،‬حيث تبلغ درجة الحرارة العظمى ‪ 40‬درجة‬
‫مئوية‪ ،‬والصغرى ‪ 3‬درجات مئوية‪ ،‬والمتوسطة ‪ 24‬درجة مئوية‪ ،‬تب ًعا‬
‫الختًلف الفصول وتباين المناطق بين المرتفعات والمنخفضات‪ ،‬وتشتد‬
‫الربودة يف المناطق الجبلية يف فصل الشتاء‪ ،‬وتسقط األمطار يف فصل الربيع‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫والصيف‬

‫قديما من اليمن إلى الحجاز؛ ألنّها منطقة فقيرة ال حياة فيها‪ ،‬بل كانت‬
‫تمر ً‬‫= التّجارية التي كانت ُّ‬
‫أيضا بمدينة شرورة‬
‫تتجمع فيها األمطار يف األودية‪ ،‬وال تصلح كطريق لعبور القوافل منها‪ ،‬وتحيط ً‬
‫ّ‬
‫قديما‬
‫ً‬ ‫الرعاة يف شرورة‬
‫استقر ّ‬
‫ّ‬ ‫الصخور واألحجار النّارية‪ .‬األهميّة الحاليّة لمدينة شرورة بعد أن‬
‫ّ‬
‫لرعي اإلبل واألغنام التي كانت أساس حياهتم وثروهتم الماد ّية‪ ،‬نمت المنطقة رويدً ا رويدً ا‪،‬‬
‫استقر العديد من النّاس يف شرورة‪ ،‬وتم توفير‬
‫َّ‬ ‫وتجمعت فيها؛ حيث‬
‫َّ‬ ‫وجذبت الكثير من القبائل‬
‫وتم االستقرار فيها‪ ،‬فالبعض جاء إلى‬
‫الخدمات‪ ،‬وأصبحت مدينة‪ ،‬وبدأت الهجرة إلى شرورة‪َّ ،‬‬
‫السياسية القريبة من اليمن مثل قبائل حضر موت‪ ،‬ويستوطنها قبائل كثيرة؛‬
‫شرورة بسبب الحدود ّ‬
‫استقر يف شرورة بسبب اهتمامهم‬
‫ّ‬ ‫منها‪ :‬آل كثير‪ ،‬وهند‪ ،‬والصيعر‪ ،‬والكرب‪ ،‬وآل بريك‪ .‬والبعض‬
‫بالتّجارة مثل قبائل همام ويافع‪ .‬ونذكر أ َّن شرورة يسكنها الكثير من الذين خدموا يف الجيش‬
‫والقطاعات العسكرية األخرى‪.‬‬
‫(‪ )1‬انظر‪ :‬كتاب «دخول نجران يف العهد السعودي»‪( ،‬دراسة تاريخية وثائقية)‪ ،‬د‪ .‬علوي عمر فريد‪،‬‬
‫وكتاب نجران اآلثار والتاريخ‪ ،‬فًلح شيبان‪ ،‬الطبعة األولى‪.‬‬
‫‪33‬‬

‫(الباب األول)‬

‫الفصل األول‪ :‬دخول قبيلة همدان يف اإلسالم‪.‬‬

‫لم يقتصر الرسول ‪ ‬يف دعوة أهل نجران ومن حولهم من قبائل اليمن‬
‫على تلك السرية التي أرسلها تحت قيادة خالد بن الوليد‪ ،‬وإنما حث خالد بن‬
‫الوليد أن يتوغل يف أرض اليمن الواقعة إلى الجنوب من بًلد نجران‪ ،‬وقد فعل‬
‫ٍ‬
‫أشهر‪ ،‬لكنهم لم يستجيبوا له‪،‬‬ ‫ذلك‪ ،‬واستمر يدعوهم إلى اإلسًلم لمدة ستة‬
‫وبقوا على وثنيتهم‪ ،‬وهذا الصحابي (الرباء بن عازب ‪ )‬يروي لنا‪ ،‬فيقول‪:‬‬
‫كنت فيمن خرج مع خالد بن الوليد‪ ،‬فأقمنا ستة أشهر ندعوهم إلى اإلسًلم‪،‬‬
‫فلم يجيبوه‪ ،‬ثم َّ‬
‫إن رسول اهلل ‪ ‬بعث علي بن أبي طالب‪ ،‬وأمره أن يقفل خالدً ا‬
‫رجًل ممن كان مع خالد‪ ،‬أحب أن يعقب مع علي‪ ،‬فليعقب معه‪ .‬قال الرباء‪:‬‬
‫إال ً‬
‫علي‪ ،‬فلما دنونا من القوم‪ ،‬خرجوا إلينا‪ ،‬ثم تقدم فصلى‬
‫فكنت فيمن عقب مع ٍّ‬
‫بنا علي‪ ،‬ثم صفنا ص ًّفا واحدً ا‪ ،‬ثم تقدم بين أيدينا‪ ،‬وقرأ عليهم كتاب رسول اهلل‬
‫علي إلى رسول اهلل ‪ ‬بإسًلمهم‪ ،‬فلما قرأ‬
‫‪ ،‬فأسلمت همدان جمي ًعا‪ ،‬فكتب ٌّ‬
‫خر ساجدً ا‪ ،‬ثم رفع رأسه فقال‪« :‬السالم على همدان»‬
‫رسول اهلل ‪ ‬الكتاب‪َّ ،‬‬
‫ثًلث مرات(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬كتاب «نشأة الدولة اإلسًلمية»‪ ،‬الدكتور‪ :‬عون الشريف قاسم‪( ،‬ص‪ )226‬و(ص‪ ،)347‬فقد‬
‫=‬
‫‪34‬‬

‫إسالم أهل نجران‪:‬‬


‫كانت النصرانية منتشرة بين طوائف من أهل نجران‪ ،‬ويعتنقها خاصة‬
‫الطبقة العليا من أصحاب السلطة يف البًلد‪ ،‬ورغم ذلك فقد َّ‬
‫ظل من بين‬
‫السكان من تمسك بوثنيته‪ ،‬واستمر على شركه وعبادته لألوثان‪ ،‬ويتضح لنا‬
‫ذلك من خًلل ما سطرته المصادر عن بداية دعوة الرسول ‪ ‬ألهل نجران‬
‫للدخول يف اإلسًلم‪ ،‬فقد أرسل رسول اهلل ‪ ‬يف شهر ربيع األول من السنة‬
‫العاشرة للهجرة (‪631‬م) سري ًة بقيادة خالد بن الوليد قوامها أربعمائة رجل‪،‬‬
‫وكانت السيادة بنجران بيد بني الحارث بن كعب(‪ )1‬المذحجيين(‪.)2‬‬

‫= ذكر المؤلف مبايعة قيس بن مالك األرحبي للنبي ‪ ‬وهو بمكة‪ ،‬وقد كتب له الرسول ‪ ‬عهده‬
‫على قومه همدان وهم‪ ...( :‬شاكر‪ ،‬ووادعة‪ ،‬ويام‪ ،‬ومرحبة‪ ،‬وداالن‪ ،‬وخارف‪ ،‬وعذر‪ ،‬وحجور)‪،‬‬
‫وأطعمه ث ًلثمائة فرق من خيوان‪ ،‬مائتان زبيب‪ ،‬وذرة شطران‪ ،‬ومن عمران الجوف‪ ،‬مائة فرق بر‪،‬‬
‫جارية أبدً ا من مال اهلل‪ .‬المصادر‪ :‬ابن سعد‪ ،)73 /2( :‬أسد الغابة‪( :‬ج‪ ،)224 /4‬واإلصابة‪:‬‬
‫(ج‪ ،)518 /3‬وحميد اهلل رقم (‪ ،)112‬والدرر المفاخر يف أخبار العرب األواخر‪( :‬ص‪.)35‬‬
‫(‪ )1‬قبيلة بني الحارث بن كعب‪ ،‬من القبائل العربية التي حكمت نجران قرونًا عديد ًة منذ قبل اإلسًلم‪،‬‬
‫وخًلل العصر اإلسًلمي المبكر والوسيط‪ .‬وظهر يف هذه القبيلة أعًلم كثيرون برعوا يف السياسة‬
‫والحروب‪ ،‬ويف األدب والشعر واللغة‪.‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬ابن خياط‪( ،‬ص‪ ،)94‬والبًلذري‪ ،‬أنساب‪(:‬ج‪ ،)384/1‬وابن عبد الرب‪( ،‬ج‪،)429/2‬‬
‫والواقدي‪( :‬ج‪ ،)883/3‬وابن سعد‪( :‬ج‪ ،)329/1‬والطربي‪( :‬ج‪ ،)126/2‬وابن األثير‪ ،‬الكامل‪:‬‬
‫(المفصل يف تاريخ‬
‫َّ‬ ‫(ج‪ ،)199/2‬وابن كثير‪ ،‬البداية والنهاية‪ ،)105 - 103 /5( ،‬د‪ .‬جواد علي‪:‬‬
‫العرب قبل اإلسًلم)‪ )189 ،188 /4( ،‬وكتاب «الحياة العلمية يف نجران يف صدر اإلسًلم»‪،‬‬
‫عوض عبداهلل سعد‪( ،‬ص‪ ،)36‬انظر‪ :‬كتاب «نجران يف أطوار التاريخ»‪ ،‬محمد بن أحمد العقيلي‬
‫(ص‪.)88‬‬
‫‪35‬‬

‫وقد أمر الرسول ‪ ‬خالدً ا بأن يدعوهم إلى اإلسًلم قبل أن يقاتلهم ثًلثة‬
‫أيامٍ‪ ،‬فإن استجابوا له‪ ،‬فليقم بينهم ليعلمهم ويفهمهم أساسيات ما جاء به‬
‫اإلسًلم‪ ،‬وإن لم يستجيبوا‪ ،‬فليحارهبم(‪.)1‬‬
‫وعندما وصلت سرية خالد إلى نجران‪ ،‬بعث الركبان يضربون يف كل‬
‫ٍ‬
‫وجه‪ ،‬يدعون الناس إلى اإلسًلم‪ ،‬ويقولون‪ :‬يا أيها الناس‪ ،‬أسلموا تسلموا‪،‬‬
‫فأسلموا‪ ،‬ال سيما بعض بني الحارث بن كعب‪ ،‬إال النصارى‪ ،‬فإهنم ظلوا على‬
‫ديانتهم‪ ،‬ثم قام خالد بن الوليد ومن معه من المسلمين بينهم يعلموهنم شرائع‬
‫اإلسًلم‪.‬‬
‫وبعد إسًلم بني الحارث بن كعب أهل نجران يف ذلك الوقت‪ ،‬ذهب‬
‫خالد بن الوليد يكتب إلى النبي ‪ ‬بإسًلمهم‪:‬‬
‫ثم كتب خالد إلى رسول اهلل ‪« :‬بسم اهلل الرحمن الرحيم‪ ،‬لمحمد‬
‫النبي رسول اهلل ‪ ‬من خالد بن الوليد‪ ،‬السًلم عليك يا رسول اهلل ورحمة اهلل‬
‫وبركاته‪ ،‬فإنِّي أحمد إليك اهلل الذي ال إله إال هو‪ ،‬أما بعدُ ‪ ،‬يا رسول اهلل‪ ،‬صلى‬
‫اهلل عليك‪ ،‬فإنك بعثتني إلى بني الحارث بن كعب‪ ،‬وأمر َتني إذا أتي ُتهم َّأال‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬الطربي (ج‪.)126/3‬‬


‫‪36‬‬

‫ِ‬
‫ُأقاتلهم ثًلث َة أيام‪ ،‬وأن َ‬
‫أدعوهم إلى اإلسًلم‪ ،‬فإن أسلموا‪ ،‬أقمت فيهم‪ ،‬و َق ُ‬
‫بلت‬
‫منهم‪ ،‬وع َّلم ُتهم معالم اإلسًلم‪ ،‬وكتاب اهلل وسن َة نب ِّيه‪ ،‬وإن لم يسلموا قاتلتهم‪،‬‬
‫ُ‬
‫رسول اهلل صلى‬ ‫وإين قدمت إليهم فدعو ُتهم إلى اإلسًلم ثًلثة أيام‪ ،‬كما أمرين‬
‫وبعثت فيهم ُركبانًا‪ ،‬قالوا‪ :‬يا بني الحارث‪ ،‬أسلِموا تسلموا‪،‬‬
‫ُ‬ ‫اهلل عليه وسلم‪،‬‬
‫أظه ِرهم‪ ،‬آ ُمرهم بما أ َم َرهم اهلل به‪ ،‬وأهناهم‬
‫فأسلموا‪ ،‬ولم ُيقاتلوا‪ ،‬وأنا مقيم بين ُ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫إلي‬
‫وسنَّة النبي ‪ ‬حتى يكتب َّ‬ ‫عما هناهم اهلل عنه‪ ،‬و ُأع ِّلمهم معال َم اإلسًلم‪ُ ،‬‬
‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬والسًلم عليك يا رسول اهلل ورحمة اهلل‬ ‫ُ‬
‫وبركاته»(‪.)1‬‬
‫النبي ‪ ‬يكتب إلى خالد بن الوليد‪:‬‬
‫وجه إليه الخطاب التالي‪« :‬بسم اهلل الرحمن‬ ‫ويروى أن الرسول ‪َّ ‬‬
‫ٍ‬
‫محمد النبي رسول اهلل‪ ،‬إلى خالد بن الوليد‪:‬‬ ‫الرحيم‪ ،‬من‬
‫فإن‬
‫السالم عليك‪ ،‬فإنِّي أحمد إليك اهلل الذي ال إله إال هو‪ ،‬أما بعد‪َّ :‬‬
‫أن بني الحارث بن كعب قد أسلموا قبل أن‬ ‫كتابك جا َءين مع رسولك‪ ،‬يخبر َّ‬
‫تُقاتِلهم‪ ،‬وأجابوا إلى ما دعوتهم إليه من اإلسالم‪ ،‬وشهدوا أن ال إله إال اهلل‪،‬‬
‫فبشرهم ِ‬
‫وأنذ ْرهم‪،‬‬ ‫وأن محمدً ا عبداهلل ورسوله‪ ،‬وأن قد هداهم اهلل ُبهداه‪ْ ِّ ،‬‬
‫َّ‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬كتاب «نشأة الدولة اإلسًلمية على عهد رسول اهلل ‪ ،»‬عون الشريف قاسم‪ ،‬الطبعة الثالثة‬
‫‪1411‬هـ ‪1991 -‬م‪( ،‬ص‪ ،)343 ،161‬وكتاب‪« :‬مجموعة الوثائق السياسية للعهد النبوي‬
‫والخًلفة الراشدة»‪ ،‬محمد حميد اهلل‪( ،‬ص‪.)166 ،165‬‬
‫‪37‬‬

‫وأقبِل ول ُيقبِل معك وفدُ هم‪ ،‬والسالم عليك ورحمة اهلل وبركاته»(‪.)1‬‬
‫فأقبل خالد بن الوليد إلى رسول اهلل ‪ ،‬وأقبل معه وفد بني الحارث بن‬
‫كعب؛ ومنهم‪ :‬قيس بن الحصين ذو الغصة(‪ ،)2‬ويزيد بن عبد المدان‪ ،‬ويزيد‬
‫بن المحجل‪ ،‬وعبداهلل بن قراد الزيادي‪ ،‬وشداد بن عبيد اهلل القناين‪ ،‬وعمرو بن‬
‫عبداهلل الضبابي‪.‬‬
‫فلما قدموا على رسول اهلل ‪ ،‬ورآهم قال‪َ « :‬من هؤالء القوم الذين‬
‫َّ‬
‫كأنهم رجال الهند؟»‪ .‬قيل‪ :‬يا رسول اهلل‪ ،‬هؤالء بنو الحارث بن كعب‪ ،‬فلما‬
‫وقفوا على رسول اهلل ‪ ‬س َّلموا عليه‪ ،‬وقالوا‪ :‬نشهد أنك رسول اهلل‪ ،‬وأن ال إله‬
‫إال اهلل‪ ،‬فقال رسول اهلل ‪« :‬وأنا أشهد أن ال إله إال اهلل‪ ،‬وأين رسول اهلل»‪ ،‬وأ َّمر‬
‫قيسا‪ ،‬ثم رجعوا‪ ،‬فلم يمكثوا يف قومهم إال أربعة أشهر حتى تويف رسول‬
‫عليهم ً‬
‫اهلل ‪.)3(‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬كتاب «نشأة الدولة اإلسًلمية على عهد رسول اهلل ‪ ،»‬عون الشريف قاسم‪ ،‬الطبعة الثالثة‬
‫‪1411‬هـ ‪1991 -‬م‪( ،‬ص‪ ،)162‬وكتاب‪« :‬مجموعة الوثائق السياسية للعهد النبوي والخًلفة‬
‫الراشدة»‪ ،‬محمد حميد اهلل‪( ،‬ص‪.)166‬‬
‫فارسا من ذوي المرباع‪ ،‬أي كان‬ ‫ٍ‬
‫(‪ )2‬سمي بذي الغصة‪ ،‬لغصة كانت تعرتيه يف حلقه حين يتكلم‪ ،‬وكان ً‬
‫يأخذ ربع الغنيمة التي يغتنمها قومه يف حروهبم مع غيرهم؛ حضرها أم لم يحضرها‪ .‬انظر‪ :‬ابن‬
‫هشام‪« ،)241/4( ،‬المفصل يف تاريخ العرب قبل اإلسًلم»‪ ،‬د‪ .‬جواد علي‪ ،)537/3( ،‬وكتاب‬
‫«نشأة الدولة اإلسًلمية على عهد رسول اهلل ‪ ،»‬عون الشريف قاسم‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪1411‬هـ ‪-‬‬
‫‪1991‬م‪( ،‬ص‪ ،)162‬و«العقد الفريد»‪ ،‬البن عبدربه (‪.)399/3‬‬
‫(‪ )3‬المفصل يف تاريخ العرب قبل اإلسًلم‪ ،‬د‪ .‬جواد علي‪( ،‬ج‪.)537/3‬‬
‫‪38‬‬

‫وقد عرف بنو الحارث يف الجاهلية بالشجاعة واإلقدام‪ ،‬وشدة البأس‪،‬‬


‫والصرب يف الحروب‪ ،‬فما حارهبم أحدٌ إال انتصروا عليه‪ ،‬كذلك اشتهروا بالكرم‬
‫والعدالة وطيب األخًلق والتعاون فيما بينهم‪ ،‬والرسول ‪ ‬يعرف ما تواتر‬
‫عنهم من تلك الصفات‪ ،‬فأراد أن يقف على ذلك بنفسه‪ ،‬ويعرف سر‬
‫انتصاراهتم يف الحروب‪ ،‬فواصل الحديث معهم بقوله‪« :‬بِ َم كنتم تغلبون َمن‬
‫قاتلكم يف الجاهلية؟»‪ .‬قالوا‪ :‬لم نكن نغلب أحدً ا‪ ،‬فقال رسول اهلل ‪« :‬بل قد‬
‫كنتم تغلبون َمن قاتلكم»‪ .‬قالوا‪ :‬يا رسول اهلل‪ ،‬كنا نغلب َمن قاتلنا‪ ،‬أنَّا كنا‬
‫نجتمع وال نتفرق‪ ،‬وال نبدأ أحدً ا بظلم‪ .‬قال‪« :‬صدقتم»(‪.)1‬‬
‫وقد عاد وفد نجران إلى بًلده بعد زيارته للمدينة المنورة‪ ،‬ومقابلة‬
‫الرسول الكريم ‪.‬‬
‫فقد كان الرسول ‪ ‬يعلم مدى حاجة النجرانيين إلى َمن يبصرهم‬
‫بدينهم‪ ،‬و ُيف ِّقههم فيه‪ ،‬ويفسر لهم ما جاء يف الكتاب والسنة من التعاليم‪ ،‬وكيفية‬
‫أخذ الصدقات‪ ،‬وإقامة الحدود بين الناس‪ ،‬فأرسل لهذه المهمة أحد صحابته‬
‫وزوده بكتاب إلى أهل نجران‪،‬‬
‫‪ ،‬وهو‪ :‬عمرو بن حزم الخزرجي األنصاري‪َّ ،‬‬
‫قال فيه‪:‬‬

‫(‪ )1‬الطربي‪ ،)128/3( ،‬وابن هشام‪ ،)501/4( ،‬وابن كثير‪ ،‬البداية والنهاية ‪ ،)57/5( ،‬وأسد الغابة‪:‬‬
‫(‪ ،)518/5‬والطبقات الكربى‪ ،‬البن سعد (‪.)528/5‬‬
‫‪39‬‬

‫بيان من اهلل ورسوله‪:‬‬


‫«بسم اهلل الرحمن الرحيم‪ ،‬هذا ٌ‬
‫َّبي‬ ‫( ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ) [املائدة‪]1:‬‬
‫عقدٌ من محمد الن ِّ‬
‫لعمرو بن َحزْم حين بعثه إلى اليمن‪ ،‬أمره بتقوى اهلل يف أمره ك ِّله‪َّ ،‬‬
‫فإن اهلل مع‬
‫ِّ‬
‫بالحق كما أمر به اهلل‪ ،‬وأن‬ ‫الذين اتقوا‪ ،‬والذين هم محسنون‪ ،‬وأمره أن يأخذ‬

‫يبشر الناس بالخير‪ ،‬ويأمرهم به‪ ،‬ويع ِّلم الناس القرآن‪ُ ،‬‬
‫ويف ِّقههم يف الدين‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫يمس أحد القرآن إال وهو طاهر‪ ،‬ويخبر الناس بالذي لهم‪،‬‬
‫وينهى الناس‪ ،‬وال ُّ‬
‫فإن اهلل ع ّز ّ‬
‫وجل‬ ‫وبالذي عليهم‪ ،‬ويلين للناس يف ِّ‬
‫الحق‪ ،‬ويشتدُّ عليهم يف الظلم‪َّ ،‬‬
‫كره الظلم‪ ،‬ونهى عنه‪.‬‬
‫ِّ‬
‫ويبشر الناس‬ ‫وقال‪ ( :‬ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽﯾ) [هود‪]18:‬‬

‫وينذر بالنار وبعملها‪ ،‬ويستألف الناس حتى يتفقهوا يف الدين‪،‬‬


‫بالجنة وبعملها‪ُ ،‬‬
‫الحج وسنُّته وفريضته‪ ،‬وما أمر اهلل به يف الحج األكبر‬
‫ِّ‬ ‫معالم‬
‫َ‬ ‫ويعلم الناس‬
‫والحج األصغر‪ ،‬وهو ال ُع ْمرة‪ ،‬وينهى الناس أن يصلي أحدٌ يف ثوب واحد‬
‫صغير‪ ،‬إال أن يكون ثو ًبا واحدً ا يثني َط َرفه على عاتقه‪ ،‬وينهى أن يحتبي أحد يف‬
‫ثوب واحد ُيفضي بفرجه إلى السماء‪ ،‬وينهى أال يعقص أحدٌ شعر رأسه إذا عفا‬
‫يف قفاه‪ ،‬وينهى إذا كان بين الناس هيج عن الدعاء إلى القبائل والعشائر‪ ،‬وليكن‬
‫يدع إلى اهلل‪ ،‬ودعا إلى القبائل‬
‫دعاؤهم إلى اهلل وحده ال شريك له‪ ،‬فمن لم ُ‬
‫والعشائر‪ ،‬فل ُيق َّطعوا بالسيف حتى يكون دعاؤهم إلى اهلل وحده ال شريك له‪،‬‬
‫ويأمر الناس بإسباغ الوضوء؛ وجوههم وأيديهم إلى المرافق‪ ،‬وأرجلهم إلى‬
‫‪40‬‬

‫وجل‪ ،‬وأمرهم بالصالة‬ ‫ّ‬ ‫الكعبين‪ ،‬ويمسحون برؤوسهم كما أمرهم اهلل ع ّز‬
‫لوقتها‪ ،‬وإتمام الركوع والخشوع‪ ،‬ويغلس بالفجر‪ ،‬ويهجر بالهاجرة حين ت َِميل‬
‫الشمس‪ ،‬وصالة العصر والشمس يف األرض مدبرة‪ ،‬والمغرب حين يقبل‬
‫تؤخر حتى تبدو النجوم يف السماء‪ ،‬والعشاء َّأول الليل‪ ،‬ويأمر‬
‫الليل‪ ،‬وال َّ‬
‫بالسعي إلى الجمعة إذا نودي لها‪ ،‬والغسل عند الرواح إليها‪ ،‬وأمره أن يأخذ‬
‫َّ‬
‫من الغنائم خمس اهلل‪ ،‬وما كتب على المؤمنين يف الصدقة من العقار ُعشر ما‬
‫سقى البعل(‪ ،)1‬وما سقت السماء ومما سقى الغرب نصف العشر‪ ،‬ويف ِّ‬
‫كل‬
‫كل عشرين من اإلبل أربع شياه‪ ،‬ويف ِّ‬
‫كل أربعين من‬ ‫عشر من اإلبل شاتان‪ ،‬ويف ِّ‬
‫كل ثالثين من البقر تبيع؛ َج َذ ٌع أو َج َذ َعةٌ‪ ،‬ويف ِّ‬
‫كل أربعين من‬ ‫البقر بقرة‪ ،‬ويف ِّ‬
‫الغنم سائمة شاةٌ‪ ،‬فإنها فريضة اهلل التي افترض اهلل ع ّز ّ‬
‫وجل على المؤمنين يف‬
‫ين‬
‫يهودي أو نصرا ٍّ‬
‫ٍّ‬ ‫خير له‪ ،‬وأنه َم ْن أسلم من‬
‫خيرا‪ ،‬فهو ٌ‬
‫الصدقة‪ ،‬فمن زاد ً‬
‫ودان دين اإلسالم‪ ،‬فإنه من المؤمنين‪ ،‬له مثل ما لهم‪،‬‬
‫خالصا من نفسه‪َ ،‬‬
‫ً‬ ‫إسالما‬
‫ً‬
‫يهوديته‪ ،‬فإنه ال ُي ْفتَن عنها‪،‬‬
‫َّ‬ ‫ومن كان على نصران َّيته أو‬
‫وعليه مثل ما عليهم‪َ ،‬‬
‫كل حال ٍم ذكر أو أنثى‪ ،‬حر أو عبد‪ ،‬دينار ٍ‬
‫واف‪ ،‬أو عرضه ثيا ًبا‪ ،‬فمن أ َّدى‬ ‫وعلى ِّ‬
‫ٌ‬ ‫ٍّ‬
‫عدو هلل ولرسوله‬
‫ومن منع ذلك فإنه ٌّ‬
‫وذمة رسوله‪َ ،‬‬
‫ذمة اهلل‪َّ ،‬‬
‫ذلك‪ ،‬فإن له َّ‬

‫(‪ )1‬البعل من األرض‪ :‬هو ما شرب بعروقه من غير سقي السماء‪.‬‬


‫‪41‬‬

‫وللمؤمنين جمي ًعا»(‪.)1‬‬


‫واستمر عمرو بن حزم وال ًيا على منطقة نجران بكاملها ‪ -‬حيث كان ابن‬
‫َّ‬
‫أميرا على بني الحارث فقط ‪ -‬طيلة عهد رسول اهلل ‪.)2(‬‬
‫الحصين ً‬
‫نصارى نجران‪:‬‬
‫أما نصارى نجران الذين ظلوا على مسيحيتهم‪ ،‬ولم يدخلوا يف اإلسًلم‬
‫موجها إلى‬
‫ً‬ ‫مع َمن دخل من أهل نجران‪ ،‬فقد بعث إليهم رسول اهلل ‪ ‬كتا ًبا‬
‫أساقفتهم‪ ،‬قال فيه‪ « :‬بسم اهلل‪ ،‬من محمد رسول اهلل إلى أساقفة نجران‪ :‬بسم‬
‫اهلل‪ ،‬فإين أحمد إليكم إله إبراهيم‪ ،‬وإسماعيل‪ ،‬وإسحاق‪ ،‬ويعقوب‪ ،‬أما بعد‪:‬‬
‫ذلكم فإنِّي أدعوكم إلى عبادة اهلل من عبادة العباد‪ ،‬وأدعوكم إلى والية اهلل من‬
‫والية العباد‪ ،‬فإن أنتم أبيتم فالجزية‪ ،‬وإن أبيتم آذنتكم بالحرب‪ ،‬والسًلم»(‪.)3‬‬
‫ومن خًلل هذا الكتاب ب َّين لهم الرسول ‪ ‬ما يجب عمله‪ ،‬وهو عبادة‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬نص هذا الكتاب يف ابن هشام (‪ ،)242 ،241/4‬والطربي‪ ،)129 ،128/3( ،‬وابن خلدون‬
‫تاريخ‪ ،)474 - 473/2( ،‬وحميد اهلل (ص‪ ،)208 ،207‬وكتاب «نشأة الدولة اإلسًلمية على‬
‫عهد رسول اهلل ‪ ،»‬عون الشريف قاسم‪( ،‬ص‪ .)321 ،320‬الطبعة الثالثة ‪1411‬هـ ‪1991 -‬م‪،‬‬
‫(ص‪.)161‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬كتاب «نجران»‪ ،‬د‪ .‬محمد أبو ساق‪( ،‬ص‪ ،)72‬وكتاب «نجران يف أطوار التاريخ»‪ ،‬محمد بن‬
‫أحمد العقيلي‪( ،‬ص‪.)89‬‬
‫(‪ )3‬الشجاع (ص‪ ،)138 - 136‬اليعقوبي التاريخ‪ ،)81/2( ،‬الفقي‪( ،‬ص‪ ،)254‬ابن كثير‪ ،‬البداية‬
‫والنهاية‪ ،)57/5( ،‬وكتاب «نشأة الدولة اإلسًلمية على عهد رسول اهلل‪ ،»‬عون الشريف قاسم‪،‬‬
‫(الطبعة الثالثة ‪1411‬هـ ‪1991 -‬م‪( ،‬ص‪.)321 ،320‬‬
‫‪42‬‬

‫اهلل وحده ال شريك له‪ ،‬فإن لم يرضوا هبذا‪ ،‬فإن عليهم دفع الجزية‪ ،‬فإن امتنعوا‬
‫عن هذا‪ ،‬فليس بينهم وبين المسلمين إال الحرب‪.‬‬
‫وبعد وصول كتاب رسول اهلل ‪ ‬إليهم‪ ،‬علموا جد َّية الرسول ‪ ‬يف‬
‫مطلبه‪ ،‬فقاموا بإرسال ٍ‬
‫وفد من أعياهنم إلى الرسول ‪ ‬ليناقشوه‪ ،‬ويعرفوا‬
‫حقيقة األمور منه مباشر ًة(‪.)1‬‬
‫عالما بنبوة الرسول ‪ ،‬فقد قال‬
‫ً‬ ‫ويظهر أن بعض أفراد الوفد كان‬
‫زعيمهم الروحي أبو الحارث بن علقمة ألخيه كرز بن علقمة بشكل صريح‬
‫وواضح‪ ،‬وذلك من ترجمة ابن سعد‪ ،‬فيقول عنه‪« :‬كان أسقفهم وإمامهم‪،‬‬
‫قدر‪ ،‬فعثرت به بغلته‪ ،‬فقال أخوه‪ :‬تعس األبعد‬
‫وصاحب مدارسهم‪ ،‬وله فيهم ٌ‬
‫رجًل من‬
‫‪ -‬يريد رسول اهلل ‪ - ‬فقال أبو الحارث‪ :‬بل تعست أنت‪ ،‬أتشتم ً‬
‫المرسلين؟ إنه الذي َّ‬
‫بشر به عيسى‪ ،‬وإنه لفي التوراة‪ ،‬قال‪ :‬فما يمنعك من‬
‫دينه؟ قال‪ :‬شرفنا هؤالء القوم‪ ،‬وأكرمونا‪ ،‬ومولونا‪ ،‬وقد أبوا إال خًلفه ‪ -‬يقصد‬
‫صعرا حتى يقدم المدينة المنورة‪،‬‬
‫ً‬ ‫الروم(‪ - )2‬فحلف أخوه كرز أال يثني له‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬كتاب «نجران يف أطوار التاريخ»‪ ،‬محمد بن أحمد العقيلي‪( ،‬ص‪.)87 ،83‬‬
‫(‪ )2‬يبدو من هذا الخرب أن ملوك الروم كانوا على اتصال بنصارى اليمن‪ ،‬وأهنم كانوا يساعدون‬
‫أساقفتهم‪ ،‬ويمولوهنم ويرسلون إليهم العطايا والهبات‪ ،‬وقد أمدوهم بالبنائين والعمال وبالمواد‬
‫الًلزمة لبناء الكنائس يف نجران وغيرها‪ .‬انظر‪ :‬كتاب «نجران مدينة السياحة والتاريخ»‪ ،‬أمين محمد‬
‫عثمان‪( ،‬ص‪ ،)42‬انظر‪ :‬كتاب «الحياة العلمية يف نجران يف صدر اإلسًلم»‪ ،‬رسالة ماجستير‪،‬‬
‫=‬
‫‪43‬‬

‫فيؤمن به(‪ ،)1‬ومضى يضرب راحلته ويقول‪:‬‬


‫وضينُها‬‫إليك يغدو َقلِ ًقا ِ‬
‫َ‬
‫ُمعت َِر ًضا يف َبطن ِ َها َجني ُنها‬
‫ُمخال ِ ًفا ِدين الن ََّصارى دينها»(‪.)2‬‬
‫وقد أسلم من الوفد السيد(‪ )3‬والعاقب(‪ )4‬بعد مقابلتهما للرسول ‪ ‬يف‬
‫المدينة المنورة‪.‬‬
‫وعند مقابلتهم الرسول ‪ ،‬دارت بينهم مناقشات عديدة حول السيد‬
‫المسيح عيسى ابن مريم ‪ ،‬وحول اإلسًلم‪ ،‬ثم دعاهم الرسول ‪ ‬إلى‬
‫اإلسًلم‪ ،‬فقال السيد العاقب‪« :‬إنَّا قد أسلمنا قبلك‪ ،‬فقال‪ :‬كذبتما‪ ،‬يمنعكما‬
‫من اإلسًلم ثًلث‪ :‬أكلكما الخنزير‪ ،‬وعبادتكما الصليب‪ ،‬وقولكما‪ :‬هلل ولد‪.‬‬

‫= إعداد‪ :‬عوض عبداهلل سعد آل ناحي‪( ،‬ص‪ ،)18‬وكتاب‪« :‬الحياة االقتصادية يف نجران خًلل‬
‫القرن األول الهجري السابع الميًلدي»‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬إعداد‪ :‬فاطمة بنت ضيف اهلل بن حسين‬
‫العبدلي‪( ،‬ص‪.)28‬‬
‫(‪ )1‬انظر‪ :‬ابن سعد‪ ،)165 ،164/1( ،‬والذهبي التاريخ‪ ،)587/1( ،‬وابن كثير‪ ،‬البداية والنهاية‪،‬‬
‫(‪ )60/5‬الطبعة الثامنة‪.‬‬
‫(‪ )2‬ابن سعد‪ ،)165/1( ،‬انظر‪ :‬كتاب الحياة العلمية يف نجران يف صدر اإلسًلم‪ ،‬عوض عبداهلل سعد‪،‬‬
‫(ص‪.)65‬‬
‫(‪ )3‬السيد‪ :‬األيهم هو صاحب رحلهم‪ ،‬وكان من ذوي السن ومن الشخصيات المحرتمة عند أهل‬
‫نجران‪ ،‬وهو من يتولى الشؤون المالية؛ من جمع اإلعانات والهبات للكنيسة‪ ،‬والنذر وغيرها‪.‬‬
‫(‪ )4‬العاقب‪ :‬هو عبد المسيح بن دارس الكندي رئيس وفد نجران المعروف بعقله ودهائه‪ ،‬وتدبيره‪،‬‬
‫وعمله رئاستهم وتدبير أمورهم‪ ،‬واإلشراف على السياسة الداخلية والخارجية‪.‬‬
‫‪44‬‬

‫قاال‪ :‬فمن أبو عيسى؟ وكان الرسول ‪ ‬ال يعجل حتى يأمره ربه»(‪ ،)1‬ثم قال‪:‬‬
‫«هو عبد اهلل ورسوله»‪ ،‬فقال أسقفهم أبو الحارث‪« :‬تعالى اهلل عما قلت‪ ،‬وهل‬
‫رأيت ولدً ا من غير َذك ٍَر»‪.‬‬
‫وجل قوله‪ ( :‬ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ‬
‫ّ‬ ‫عز‬
‫وقد أنزل اهلل ّ‬
‫ﮤﮥ ﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕ‬
‫ﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦ‬
‫ﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲ‬

‫ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ)(‪.)2‬‬
‫وقد تراجعوا عن مباهلة الرسول ‪ ،‬وقال أسقفهم أبو الحارث للرسول‬
‫‪ :‬ال نباهلك‪ ،‬فأنت على دينك‪ ،‬ونحن على ديننا‪ ،‬فقال رسول اهلل ‪« :‬إذن‪،‬‬
‫أبيتم المباهلة‪ ،‬فأسلموا‪ ،‬يكن لكم ما للمسلمين‪ ،‬وعليكم ما عليهم»‪ ،‬فرفضوا‪،‬‬
‫فقال الرسول ‪« :‬إذن‪ ،‬أحاربكم»‪ ،‬فقالوا‪ :‬نصالحك على َّأال تغزونا‪ ،‬وال‬
‫تخيفنا‪ ،‬وال تردنا عن ديننا‪ ،‬على أن نؤدي إليك كل عام ألفي حلة(‪ ،)3‬أل ًفا يف‬
‫صفر‪ ،‬وأل ًفا يف رجب‪.‬‬

‫(‪ )1‬البًلذري‪ ،‬فتوح‪( ،‬ص‪ ،)75‬وابن سعد (ج‪ ،)357/1‬وكذلك اليعقوبي‪ ،‬التاريخ (ج‪ ،)82/2‬وابن‬
‫كثير يف التفسير (ج‪.)377 - 376/1‬‬
‫(‪ )2‬سورة آل عمران‪ ،‬من (‪.)61 - 58‬‬
‫درهما من الفضة‪ ،‬انظر‪ :‬البًلذري‪ ،‬الفتوح‪( ،‬ص‪.)76‬‬
‫ً‬ ‫(‪ )3‬الحلة تساوي األوقية‪ ،‬ووزن األوقية أربعون‬
‫‪45‬‬

‫و َقبِ َل الرسول ‪ ‬الصلح معهم‪ ،‬وكتب بذلك كتا ًبا أوضح فيه شروط‬
‫هذا الصلح‪ ،‬وكان نصه كما يلي‪:‬‬
‫«بسم اهلل الرحمن الرحيم‪ ،‬هذا ما كتب النبي محمد رسول اهلل ‪ ‬ألهل‬
‫ٍ‬
‫ثمرة‪ ،‬ويف كل َصفراء‪ ،‬و َبيضاء‪ ،‬ورقيق‪،‬‬ ‫كمه يف كل‬
‫نجران‪ :‬إذا كان عليهم ُح ُ‬
‫فأفضل ذلك عليهم‪ ،‬وترك ذلك كله لهم‪ ،‬على ألفي ُحلة من ُحلل األواقي‪ :‬يف‬
‫كل رجب ألف ُحلة‪ ،‬ويف كل صفر ألف ُحلة‪ ،‬كل ُحلة أوقية من الفضة‪ ،‬فما‬
‫زادت على الخراج‪ ،‬أو َن َق َصت عن األواقي فبالحساب‪ ،‬وما قضوا من درع‪ ،‬أو‬
‫خيل‪ ،‬أو ِركاب‪ ،‬أو ُعروض ُأ ِخ َذ منهم بالحساب‪ .‬وعلى نجران مؤنة ُر ُسلي‬
‫ومتعتهم ما بين عشرين يو ًما فما دون ذلك‪ ،‬وال ُيح َبس ُر ُسلي فوق ٍ‬
‫شهر‪،‬‬
‫بعيرا‪ ،‬إذا كان كيد باليمن‬ ‫وعليهم عار َّية ثًلثين در ًعا‪ ،‬وثًلثين َف ً‬
‫رسا‪ ،‬وثًلثين ً‬
‫ذو مغدرة(‪ ،)1‬وما َهلك مما أعاروا ُر ُسلي من دروع‪ ،‬أو خيلٍ‪ ،‬أو ِر ٍ‬
‫كاب‪،‬أو‬
‫ُعروض فهو ضمين على ُر ُسلي حتى يؤ ُّدوه إليهم‪ .‬ولنجران وحاشيتها جوار‬
‫حم ٍد النبي رسول اهلل على أموالهم‪ ،‬وأنفسهم‪ ،‬وم َّلتهم‪ ،‬وغائبهم‪،‬‬ ‫ِ‬
‫اهلل‪ ،‬وذ َّمة ُم َّ‬
‫وشاهدهم وعشيرهتم‪ ،‬وبِ َيعهم ِّ‬
‫وكل ما تحت أيديهم من قليل أو كثير‪ ،‬ال ُيغ ِّير‬
‫أس ُقف من أسقف َّيته‪ ،‬وال راهب من رهبانيته‪ ،‬وال كاهن من كهانته‪ ،‬وليس‬
‫حشرون‪ ،‬وال ُي َ‬
‫عشرون‪ ،‬وال يطأ أرضهم‬ ‫عليهم ربية وال د ُم جاهلية‪ ،‬وال ُي َ‬

‫(‪ )1‬ذو مغدرة‪ ،‬أي‪ :‬إذا كان كيد بغدر منهم‪.‬‬


‫‪46‬‬

‫جيش‪ ،‬و َمن سأل منهم ح ًّقا‪ ،‬فبينهم النصف غير ظالمين‪ ،‬وال مظلومين‪ ،‬و َمن‬
‫ِ‬
‫بظلم آخر‪ ،‬وعلى‬ ‫أكل ر ًبا من ذي َقبل‪ ،‬فذمتي منه بريئة‪ ،‬وال َ‬
‫يؤخذ رجل منهم‬
‫ما يف هذا الكتاب جوار اهلل‪ ،‬وذمة محمد النبي رسول اهلل حتى يأيت اهلل بأمره‪،‬‬
‫ما نصحوا وأصلحوا ما عليهم‪ ،‬غير مثقلين بظلم»‪.‬‬
‫شهد أبو سفيان بن حرب(‪ ،)1‬وغيًلن بن عمر‪ ،‬ومالك بن عوف من بني‬
‫نصر‪ ،‬واألقرع بن حابس الحنظلي والمغيرة‪ ...‬وكتب كتاب رسول اهلل ‪ ‬إلى‬
‫علي بن أبي طالب ‪.(2( ‬‬
‫أهل نجران ُّ‬

‫(‪ )1‬لماذا ُيشهد الرسول صلى اهلل عليه وسلم أبا سفيان بن حرب‪ ،‬ويكتب ذلك علي بن أبي طالب رضي‬
‫يجب ما قبله‪ ،‬فهو من سادات قريش‬
‫ُّ‬ ‫اهلل عنه؟! أال يعني ذلك أنه أسلم‪ ،‬وقبل إسًلمه‪ ،‬واإلسًلم‬
‫المعروفين عند قريش وعند قبائل العرب‪ .‬بخًلف أقوال المذهب اإلسماعيلي التي تقول‪ :‬إنه أسلم‬
‫نفا ًقا وخو ًفا من الرسول صلى اهلل عليه وسلم! وأن الرسول صلى اهلل عليه وسلم يعلم كذبه ونفاقه‪،‬‬
‫فهل من وضع هذه األقوال يف كتب المذهب أعلم أم الرسول صلى اهلل عليه وسلم؟!‬
‫الكاتب والمؤرخ يجب أن يكون منص ًفا‪ ،‬ويمعن النظر‪ ،‬و ُيع ِمل العقل يف تمحيص بعض الروايات‬
‫التي ُأد ِخلت لسبب معين‪.‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬كتاب «نجران تاريخ وإنسان» (ص‪ )36 - 35‬تأليف‪ :‬محمد طحنون‪ ،‬مؤسسة الرحاب‬
‫الحديثة‪ ،‬الطبعة األولى‪2015 :‬م‪ ،‬وكتاب البداية والنهاية‪( :‬ج‪ ،)61 - 57/5‬البًلذري‪ ،‬فتوح‬
‫(ص‪ ،)76‬اليعقوبي تاريخ (ج‪ ،)83/2‬ابن سعد (ج‪ .)358/1‬وكتاب السيرة النبوية‪ ،‬البن هشام‪:‬‬
‫(ج‪ ،)180/4‬وكتاب نجران األرض والناس والتاريخ‪ ،‬تأليف‪ :‬سيد ماحي‪( ،‬ص‪،)23 - 22‬‬
‫وكتاب نجران منطلق القوافل‪ ،‬تأليف‪ :‬أ‪.‬د‪ .‬عبدالرحمن الطيب األنصاري‪ ،‬أ‪ .‬صالح بن محمد آل‬
‫مريح‪( ،‬ص‪ ،)31 ،30‬وكتاب نشأة الدولة اإلسًلمية على عهد رسول اهلل ‪ ،‬عون الشريف قاسم‪،‬‬
‫الطبعة الثالثة ‪1411‬هـ ‪1991 -‬م‪( ،‬ص‪ ،)314 ،313‬انظر‪ :‬كتاب قبائل نجران على الموقع‪:‬‬
‫=‬
‫‪47‬‬

‫فلما استخلف علي بن أبي طالب ‪ ،‬وذهب إلى العراق‪ ،‬جاء إليه‬
‫أسقف نجران ومعه كتاب يف أدم أحمر‪ ،‬قال‪« :‬أسألك يا أمير المؤمنين خط‬
‫يدك‪ ،‬وشفاعة لسانك‪ ،‬لما رددنا إلى بًلدنا»‪ ،‬فأبى علي بن أبي طالب أن‬
‫يردهم‪ ،‬وقال‪« :‬ويحك! إن عمر كان رشيد األمر»(‪ ،)1‬ويذكر أن عمر ‪‬‬
‫أجًلهم؛ ألهنم كانوا يمارسون الربا؛ وألنه خشي خطرهم العسكري على‬
‫المسلمين‪ ،‬وكانوا قد اتخذوا الخيل والسًلح يف بًلدهم‪ ،‬فأجًلهم عن نجران‬
‫اليمن‪ ،‬وأسكنهم بنجران العراق(‪ ،)2‬ثم كتب لهم الخليفة علي بن أبي طالب‬
‫‪ ‬كتا ًبا يف العاشر من جمادى اآلخر سنة (‪37‬هـ‪657/‬م) قال فيه‪« :‬بسم اهلل‬
‫الرحمن الرحيم‪ ،‬هذا كتاب من عبداهلل (علي بن أبي طالب) أمير المؤمنين‬
‫ألهل النجرانية(‪ ،)3‬إنكم أتيتموين بكتاب نبي اهلل ‪ ‬فيه شرط لكم على أنفسكم‬

‫= ‪ ،)najran.cc@gmail.com www.najran.cc‬لمجلة قبائل نجران على شبكة اإلنرتنت‪،‬‬


‫(ص‪1432( ،)30‬هـ ‪2011 -‬م‪ .‬النسخة العاشرة)‪.‬‬
‫(‪ )1‬انظر‪ :‬كتاب نشأة الدولة اإلسًلمية على عهد رسول اهلل ‪ ،‬عون الشريف قاسم‪ ،‬الطبعة الثالثة‬
‫‪1411‬هـ ‪1991 -‬م‪( ،‬ص‪.)130‬‬
‫(‪ )2‬أبو يوسف‪( ،‬ص‪ ،)74‬معجم البلدان‪ ،‬وياقوت الحموي‪ ،‬رسم (نجران) (‪.)269/5‬‬
‫عمرها مسيحيو نجران اليمن على أثر جًلئهم من الجزيرة‬
‫(‪ )3‬النجرانية‪ :‬اسم بلدة بجوار الكوفة‪َّ ،‬‬
‫سموها باسم بلدهم األصلي نجران‪.‬‬
‫العربية يف عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي اهلل عنه‪ ،‬وقد َّ‬
‫ياقوت‪ ،)757/4( ،‬انظر‪ :‬كتاب مفصل العرب واليهود يف التاريخ‪ ،‬بقلم الدكتور‪ :‬أحمد ُسسة‪،‬‬
‫(ص‪ ،)877‬وهناك مواضع عرفت باسم نجران يف بًلد البحرين‪ ،‬والشام‪ .‬وقال محمد بن أحمد‬
‫العقيلي يف معجمه‪« :‬نجران‪ :‬بلدة كانت ناحية ضمد»‪ ،‬لعله أراد القصر الذي بناه الحسين بن علي‬
‫=‬
‫‪48‬‬

‫وأموالكم‪ ،‬وإنِّي وفيت لكم بما كتب لكم محمد ‪ ‬وأبو بكر وعمر‪ ،‬فمن أتى‬
‫ِ‬
‫فليف لهم‪ ،‬وال يضاموا‪ ،‬وال يظلموا‪ ،‬وال ينتقص حق‬ ‫عليهم من المسلمين‪،‬‬
‫من حقوقهم»(‪.)1‬‬
‫الفصل الثاين‪:‬‬
‫دخول (يام) إلى نجران‪ ،‬وبداية استيطانهم‪:‬‬
‫عند فتح نجران يف عهد الرسول ‪ ،‬لم يذكر فيه شيء عن قبيلة يام‪ ،‬وال‬
‫حتى همدان (األم)‪ ،‬فسكانه بنو الحارث بن كعب القبيلة المذحجية القوية‬
‫المعروفة‪ ،‬والتي تنحدر من زيد بن كهًلن(‪ ،)2‬وكانت بنو الحارث بن كعب‬
‫عليه حتى القرن السابع(‪.)3‬‬

‫= يف ‪18‬رمضان ‪1257‬هـ‪1841/‬م‪ ،‬وفيه يقول العقيلي يف معجمه السابق‪« :‬اسم قصر كان بناه أمير‬
‫المنطقة‪ :‬الحسين بن علي بن حيدر يف شمال غربي أبي عريش‪ ،‬قد دثر قبل عهدنا الحاضر‪ ،‬ولم‬
‫يبق منه إال أثر موضعه»‪ ،‬ويف «عقد الجمان» للعمراين‪ ،‬قال عاكش‪« :‬سقى تربة نجران فيها مبكر من‬
‫المزن يسقى سوحها نافع السحب» ورقة ‪ .15‬انظر‪ :‬كتاب نشر الثناء الحسن‪ ،‬إلسماعيل بن محمد‬
‫الوشلي‪ ،‬تحقيق‪ :‬إبراهيم أحمد المقحفي‪( ،‬ص‪.)39‬‬
‫(‪ )1‬نفس الكتاب والصفحة السابقة‪.‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬ابن الكلبي‪ ،‬نسب معد‪ )268/1( ،‬وما بعدها‪ ،‬وابن حزم‪( ،‬ص‪ )416‬وما بعدها‪ ،‬ابن‬
‫خلدون‪ ،‬تاريخ‪.)307 - 306/2( ،‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬كتاب بين مكة وحضرموت‪ ،‬تأليف‪ :‬عاتق بن غيث البًلدي الحربي‪( ،‬ص‪ ،)231‬وكتاب‬
‫جعفر بن ُعلبة الحارثي‪ ،‬سيرته وما تبقى من شعره‪ ،‬جمع وتحقيق‪ ،‬د‪ .‬عباس بن هاين الجراخ‪،‬‬
‫(ص‪ ،)7‬وكتاب «نجران والنصرانية األولى»‪ ،‬تأليف‪ :‬محمد آل هتيلة‪( ،‬ص‪ ،)123‬الطبعة األولى‬
‫‪1436‬هـ‪2015/‬م‪ ،‬الناشر‪ :‬مطابع الدار العربية‪ ،‬بيروت ‪ -‬لبنان‪ ،‬تاريخ ابن خلدون (‪.)307/2‬‬
‫‪49‬‬

‫ويقول صاحب كتاب‪« :‬نجران‪ ..‬تاريخ وإنسان»‪ ،‬تحت عنوان‪( :‬سكان‬


‫نجران القديمة)‪ ،‬فيقول‪« :‬وظلت عشيرة آل عبد المدان بن الحارث التي‬
‫تنتسب إلى قبيلة مذحج تتعاقب السيادة والرئاسة يف نجران حتى القرنين‬
‫الثامن والتاسع الهجريين ‪ -‬الرابع عشر والخامس عشر الميًلديين ‪ -‬ثم‬
‫تًلشت ولم يعد لها ِذكر»(‪.)1‬‬
‫وبنو الحارث بن كعب بطن من بطون قبيلة مذحج العريقة التي كانت‬
‫تحتل يف عصر ما قبل اإلسًلم بقع ًة كبير ًة من األرض‪ ،‬فقد امتد نفوذها من‬
‫نجران إلى شبوة وسيف البحر يف أقصى الجنوب‪.‬‬
‫ومذحج قبيلة عربية قحطانية عدَّ ها ابن الكلبي جمجمة من جماجم‬
‫تفرع من هذه القبيلة‬
‫العرب‪ ،‬وهي قبيلة ذات شأن يف الجاهلية واإلسًلم‪ ،‬وقد َّ‬
‫ٍ‬
‫وجمرات للعرب‪ ،‬ومن بطون هذه القبيلة‪:‬‬ ‫َخلق عظيم كانوا بطونًا وأفخا ًذا‬
‫مراد بن مذحج‪ ،‬وعنس بن مذحج‪ ،‬ولميس بن مذحج‪ ،‬وسعد العشيرة‪ ،‬وبنو‬
‫الحارث بن كعب الذين سكنوا نجران(‪.)2‬‬
‫وقد جاء يف «تاريخ الطربي» من أنه وصل خرب وفاة الرسول ‪ ‬إلى‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬كتاب نجران تاريخ وإنسان‪ ،‬تأليف‪ :‬محمد طحنون آل دغرير‪( ،‬ص‪ ،)26‬الطبعة األولى‬
‫‪2015‬م‪ ،‬وكتاب قبائل نجران على الموقع‪1432( :‬هـ ‪2011 -‬م‪ .‬النسخة العاشرة‪( ،‬ص‪،)23‬‬
‫لمجلة قبائل نجران على شبكة اإلنرتنت ‪.)www.najran.cc najran.cc@gmail.com‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬نسبهم يف‪( :‬نسب معد واليمن الكبير لهشام أبي المنذر بن محمد السائب الكلبي المتوىف عام‬
‫‪ 204‬هـ)‪ ،‬وكتاب حركة الشعر يف نجران يف الجاهلية وصدر اإلسًلم‪ ،‬فائزة رداد عزيز العتيبي‪،‬‬
‫(ص‪.)58 -35‬‬
‫‪50‬‬

‫نجران‪ ،‬وأن َمن هبا من بني األفعى(‪ )1‬أربعون أل ًفا(‪ )1‬األمة التي كانوا هبا قبل‬

‫(‪ )1‬قصة أوالد نزار بن معد مع األفعى الجرهمي ‪ :‬ذك ََر عدة من الرواة أخبار العرب أن نزار بن معد ولد‬
‫له أربعة أوالد‪ :‬إياد‪ ،‬وبه كان يكنى‪ ،‬وأنمار ‪ -‬وبجيلة وخثعم‪ ...‬فلما حضرت نزار الوفاة‪ ،‬دعا بنيه‬
‫بجارية له شمطاء‪ ،‬فقال إلياد‪ :‬هذه الجارية وما أشبهها من مالي فلك‪ ،‬ثم أخذ بيد ُم َضر‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ودعا‬
‫فأدخله قبة له حمراء من أ َدمٍ‪ ،‬ثم قال‪ :‬هذه القبة وما أشبهها من مالي فلك‪ ،‬ثم أخذ بيد ربيعة وقال‬
‫ِ‬
‫والخبَاء األسود وما أشبههما من مالي فلك‪ .‬ثم أخذ بيد أنمار‪ ،‬وقال له‪:‬‬ ‫له‪ :‬هذه الفرس األد َه ُم‬
‫هذه ال َبد َرة والمجلس وما أشبهها من مال فلك‪ ،‬فإن أشكلت عليكم هذه القسمة فأ ُتوا األفعى بن‬
‫األفعى الجرهمي ‪ -‬وكان ملك نجران ‪ -‬حتى يقسم بينكم َوتراضوا بقسمته‪ ،‬فلم يلبث نزار إال‬
‫قليًل حتى هلك‪ ،‬وأشكلت القسمة على ولده‪ ،‬فركبوا رحالهم‪ ،‬ثم قصدوا نحو األفعى‪ ،‬حتى إذا‬ ‫ً‬
‫بعير‪ ،‬فقال إياد‪ :‬إن هذا البعير‬ ‫ٍ‬
‫وليلة من أرض نجران‪ ،‬وهم يف َم َفازة‪ ،‬إذا هم بأثر ٍ‬ ‫كانوا منه على يو ٍم‬
‫الذي َت َرو َن أثره أعور‪ ،‬فقال أنمار‪ :‬وإنه ألبرت‪ .‬قال ربيعة‪ :‬وإنه ألز َو ُر‪ .‬قال مضر‪ :‬وإنه لشرود‪ ،‬فلم‬
‫يلبثوا أن رفع إليهم راكب توضع به راحلته‪ ،‬فلما غشيهم قال لهم‪ :‬هل رأيتم من بعير ضال يف‬
‫وجهكم؟ قال إياد‪ :‬أكان بعيرك أعور؟ قال‪ :‬فإنه ألعور‪ .‬قال أنمار‪ :‬أكان بعيرك أبرت؟ قال‪ :‬فإنه ألبرتز‬
‫قال ربيعة‪ :‬أكان بعيرك أزور؟ قال‪ :‬فإنه ألزور‪ .‬قال مضر‪ :‬أكان بعيرك شرو ًدا؟ قال‪ :‬إنه لشرود‪ ،‬ثم‬
‫قال لهم‪ :‬فأين بعيري؟ ُد ُّلونِي عليه‪ .‬قالوا‪ :‬واهلل ما أحسسنا لك ببعير‪ ،‬وال رأيناه‪ ،‬قال‪ :‬أنتم أصحاب‬
‫بعيرا‪ ،‬فتبعهم حتى قدموا نجران‪ ،‬فلما أناخوا‬
‫بعيري‪ ،‬وما أخطأتم من نعته شيئًا‪ .‬قالوا‪ :‬ما رأينا لك ً‬
‫بباب األفعى استأذنوا عليه‪ ،‬فأذن لهم‪ ،‬فدخلوا‪ ،‬وصاح الرجل من وراء الباب‪ :‬أيها الملك‪ ،‬هؤالء‬
‫أخذوا بعيري‪ ،‬ثم حلفوا أهنم ما رأوه‪ ،‬فدعا به األفعى‪ ،‬فقال‪ :‬ما تقول؟ فقال‪ :‬أيها الملك‪ ،‬هؤالء‬
‫ذهبوا ببعيري وهم أصحابه‪ ،‬فقال لهم األفعى‪ :‬ما تقولون؟ قالوا‪ :‬رأينا يف سفرنا هذا إليك أ َث َر ٍ‬
‫بعير‪،‬‬
‫فقال إياد‪ :‬إنه ألعور‪ .‬قال‪ :‬وما يدريك أنه أعور؟ قال‪ :‬رأيته مجتهدً ا يف َرعي الكأل من شق قد لحسه‪،‬‬
‫والشق اآلخر و ٍ‬
‫اف كثير االلتفاف لم يمسه‪ ،‬فقلت‪ :‬إنه أعور‪ .‬وقال أنمار‪ :‬رأيته يرمي ببعره مجتم ًعا‪،‬‬ ‫َ‬
‫ولو كان أهلب لمصع به‪ ،‬فعلمت أنه أبرت‪ .‬فقال ربيعة‪ :‬رأيته أثر إحدى يديه ثابتًا واآلخر فاسدً ا‪،‬‬
‫الملتف الغض‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫فعلمت أنه أز َور‪ ،‬وقال مضر‪ :‬رأيته يرعى الشقة من األرض‪ ،‬ثم يتعدَّ اها فيمر بالكأل‬
‫فًل ينهش منه حتى يأيت ما هو أرق منه‪ ،‬فعلمت أنه َش ُرود‪ ،‬فقال األفعى‪ :‬صدقوا‪ ،‬قد أصابوا أثر‬
‫=‬
‫‪51‬‬

‫= بعيرك‪ ،‬وليسوا بأصحابه‪ ،‬التمس بعيرك‪ ،‬ثم قال األفعى للقوم‪ :‬من أنتم؟ فأخربوه بحالهم‪،‬‬
‫فرحب هبم‪ ،‬وحياهم ثم قال‪ :‬ما خطبكم؟ فقصوا عليه قصة أبيهم‪ .‬قال األفعى‪ :‬وكيف‬
‫وانتسبوا إليه‪َّ ،‬‬
‫إلي وأنتم على ما أرى؟ قالوا‪ :‬أمرنا بذلك أبونا‪ ،‬ثم أمر هبم‪ ،‬فأنزلوا‪ ،‬وأمر خاد ًما له على‬
‫تحتاجون َّ‬
‫دار الضيافة أن يحسن إليهم‪ ،‬ويكرم َمث َواهم وإلطافهم بأفضل ما يقدر عليه‪ ،‬ثم أمر وصي ًفا له من‬
‫بعض خدمه ظري ًفا أديبًا‪ ،‬فقال له‪ :‬انظر‪ :‬كل كلمة تخرج من أفواههم فأتِنِي هبا‪ ،‬فلما نزلوا بيت‬
‫الضيافة‪ ،‬أتاهم ال َقه َر َما ُن بقرص من شهد‪ ،‬فأكلوا وقالوا‪ :‬ما رأينا شهدً ا أعذب وال أحسن وال أشد‬
‫حًلو ًة منه‪ ،‬فقال إياد‪ :‬صدقتم‪ ،‬لوال أن نحله ألقاه يف هامة َجبَّار‪ ،‬فوعاها الغًلم‪ ،‬فلما حضر غداؤهم‬
‫لحما‪ ،‬وال أسمن‬
‫مشوية فأكلوها‪ ،‬وقالوا‪ :‬ما رأينا شواء أجود وال أرخص ً‬ ‫وجيء بالشواء‪ ،‬فإذا بشاة ِ‬
‫منه‪ ،‬فقال أنمار‪ :‬صدقتم لوال أنه ُغذي بلبن كلبة‪ .‬ثم جاءهم بالشراب فلما شربوا قالوا‪ :‬ما رأينا‬
‫خمرا أرق‪ ،‬وال أعذب‪ ،‬وال أصفى‪ ،‬وال أطيب رائح ًة منه‪ ،‬فقال ربيعة‪ :‬صدقتم لوال أن كرمها نَبَ َت‬
‫ً‬
‫على قرب‪ .‬ثم قالوا‪ :‬ما رأينا ً‬
‫منزال أكرم قرى‪ ،‬وال أخصب َرح ًًل من هذا الملك‪ .‬قال مضر‪ :‬صدقتم‬
‫لوال أنه لغير أبيه‪ .‬فذهب الغًلم إلى األفعى‪ ،‬فأخربه بما كان منهم‪ ،‬فدخل األفعى على أمه‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫أقسمت عليك إال ما أخربتني من أنا؟ ومن أبي؟ فقالت‪ :‬يا بني‪ ،‬إن أباك األفعى الذي ُتدعَى له كان‬
‫ً‬
‫شيخا قد أثقل‪ ،‬فخشيت أن يخرج هذا الملك عنا أهل البيت‪ ،‬وقد كان قدم إلينا شاب من أبناء‬
‫الملوك‪ ،‬فدعوته إلى نفسي‪ ،‬فعلق ُت بك منه‪ ،‬ثم بعث إلى القهرمان‪ ،‬فقال‪ :‬أخربين عن الشهد الذي‬
‫بعثت به إلى هؤالء النفر ما خطبه؟ قال‪ :‬إنا أخربنا بدَ بر يف طف فبعثت إليه من َي ُش ُ‬
‫وره‪ ،‬فأخربوين‬
‫أهنم هجموا على عظام نخرة منكرة يف ذلك الطف‪ ،‬فإذا النحل قد عسلت يف جمجمة من تلك‬
‫العظام‪ ،‬فأتوا بعسل لم أر مثله‪ ،‬فقدمته إلى القوم لجودته‪ ،‬ثم بعث إلى صاحب مائدته‪ ،‬فقال‪ :‬ما‬
‫هذه الشاة التي َشويتها لهؤالء القوم؟ قال‪ :‬إنِّي بعثت إلى الراعي أن ابعث إلي بأحسن ٍ‬
‫شاة عندك‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫إلي‪ ،‬وما سألته عنها‪ ،‬فبعث إلى الراعي أن أعلمني خرب الشاة‪ .‬قال‪ :‬إهنا أول ما ولدت من‬
‫فبعث هبا َّ‬
‫السخلة بِ ِ‬
‫ج َراء الكلبة‪،‬‬ ‫غنمي عام أول‪ ،‬فماتت أمها‪ ،‬فبقيت‪ ،‬وكانت كلبة لي قد وضعت‪ ،‬ف َأنست َّ‬
‫فكانت ترضع من الكلبة مع ِج َرائها‪ ،‬فلم أجد يف غنمي مثلها‪ ،‬فبعثت هبا إليك‪ ،‬ثم بعث إلى صاحب‬
‫الشراب‪ ،‬فقال‪ :‬ما هذا الخمر الذي سقيت لهؤالء القوم؟ قال‪ :‬من حبة كَرم نبتت غرستها على قرب‬
‫أبيك‪ ،‬فليس يف العرب مثل شراهبا‪ ،‬فقال األفعى‪ :‬ما هؤالء القوم؟ إن هم إال شياطين‪ ،‬ثم أحضرهم‬
‫فقال‪ :‬ما خطبكم؟ ُق ُّصوا علي قصتكم‪ ،‬فقال إياد‪ :‬إن أبي جعل لي خادمة شمطاء‪ ،‬وما أشبهها من‬
‫=‬
‫‪52‬‬

‫بني الحارث‪.‬‬
‫* أصحاب األخدود‪« :‬الذي َينزل عليهم كل ليلة سبعون ألف َم َلك‪،‬‬

‫يس ِّلمون عليهم‪ ،‬ثم ال يعودون إليها أبدً ا»‪ ،‬والذين َّ‬
‫تم حرقهم من ذي نواس‬ ‫َ‬
‫حرق المؤمنين من نصارى نجران(‪.)2‬‬
‫الكافر الملحد الذي َّ‬
‫س‪ :1‬هل نصارى نجران الذين تم حرقهم من بني األفعى؟ أو من بني‬
‫إياد؟ أو من بني الحارث؟ ألَ َّن همدان بمن فيها «يام» ما زالت يف موطنها‬

‫غنما برشاء فهي لك ورعاؤها مع الخادم‪ .‬قال أنمار‪ :‬إن أبي جعل لي‬ ‫= ماله‪ ،‬فقال‪ :‬إن أباك ترك ً‬
‫الرقة والحرث واألرض‪ ،‬فقال‬ ‫ِ‬
‫بدرة ومجلسه وما أشبههما من ماله‪ ،‬قال‪ :‬فلك ما ترك أبوك من ِّ‬
‫خيًل‬
‫فرسا أدهم‪ ،‬وبيتًا أسود‪ ،‬وما أشبههما من ماله‪ .‬قال‪ :‬فإن أباك ترك ً‬‫ربيعة‪ :‬إن أبي جعل لي ً‬
‫ٍ‬
‫وسًلحا‪ ،‬فهي لك وما فيها من عبيد‪ ،‬فسمي ربيعة الفرس‪ ،‬فقال مضر‪ :‬إ َّن أبي جعل لي قب ًة‬ ‫ُده ًما‪،‬‬
‫ً‬
‫إبًل حمراء‪ ،‬فهي لك‪ ،‬وما أشبهها من‬
‫حمراء من أ َدم‪ ،‬وما أشبههما من ماله‪ ،‬فقال‪ :‬إن أباك ترك ً‬
‫ماله‪ ،‬فصارت لمضر اإلبل والقبة الحمراء‪ ،‬والذهب‪ ،‬فسمي مضر الحمراء‪ ،‬وكانوا على ذلك مع‬
‫أخوالهم جرهم بمكة‪ ،‬فأصابتهم سنة أهلكت الشاء وعامة اإلبل‪ ،‬وبقيت الخيل‪ ،‬وكان ربيعة يغزو‬
‫عليها‪ ،‬و َي ِص ُل إخوته‪ .‬انظر‪ :‬كتاب نجران الواحة واإلنسان‪ ،‬عبداللطيف طاهر العًلقي‪( ،‬ص‪،)75‬‬
‫المفصل يف تاريخ العرب قبل اإلسًلم‪ ،‬د‪ .‬جواد علي‪ ،)536/3( ،‬وكتاب الكلبي؛ هشام‬
‫َّ‬ ‫وكتاب‬
‫بن محمد بن السائب‪ ،‬نسب معد واليمن الكبير (‪.)134/1‬‬
‫(نقًل عن الطربي)‪ ،‬وكتاب نجران‬
‫(‪ )1‬انظر‪ :‬العقيلي كتاب نجران يف أطوار التاريخ‪( ،‬ص‪ً )89 ،41‬‬
‫تاريخ وإنسان‪ ،‬تأليف‪ :‬محمد طحنون‪( ،‬ص‪ ،)21‬الطبعة األولى ‪2015‬م‪ ،‬وتاريخ ابن خلدون‬
‫المفصل يف تاريخ‬
‫َّ‬ ‫(‪ ،)306/2‬وصبح األعشى يف صناعة اإلنشاء‪ ،‬للقلقشندي (‪ ،)43/5‬وكتاب‬
‫العرب قبل اإلسًلم‪ ،‬د‪ .‬جواد علي (‪.)536/3‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬كتاب نجران وأصحاب األخدود يف ضوء الكتاب والسنة والتاريخ‪ ،‬تأليف‪ :‬د‪ .‬زاهر بن عواض‬
‫األلمعي‪( ،‬ص‪.)43 - 42‬‬
‫‪53‬‬

‫األصلي شمال صنعاء عند الجبل المسمى «جبل يام»(‪)1‬؟‬


‫* عندما أرسل الرسول ‪ ‬خالد بن الوليد إلى نجران‪ ،‬وجد هبا بني‬
‫(‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫الحارث‬
‫* أرسل الرسول ‪ ‬علي بن أبي طالب رضي اهلل عنه لدعوة القبائل‬
‫اليمنية لإلسًلم‪ ،‬وعندما سمعت قبائل اليمن بمسيرة علي بن أبي طالب‬
‫نحوها‪ ،‬استعدت لقتاله‪ ،‬وعند وصوله أوائل بًلد اليمن‪ ،‬جمع رجاله‪ ،‬فصلى‬
‫هبم‪ ،‬ثم حثهم على قتال المشركين‪ ،‬و َمن يحارب اهلل ورسوله من أهل اليمن‪،‬‬
‫ثم واجه بعض القبائل اليمنية‪ ،‬فأنذرها‪ ،‬وقرأ عليهم كتاب النبي ‪ ،‬فأسلمت‬
‫همدان كلها يف ذلك اليوم(‪ ،)3‬فكتب علي بن أبي طالب إلى النبي ‪ ‬يخربه‬
‫شكرا هلل‪ ،‬ثم‬
‫ً‬ ‫وخر ساجدً ا‬
‫بإسًلم همدان‪ ،‬فحمد النبي ‪ ‬اهلل‪ ،‬وأثنى عليه‪َّ ،‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪« :‬صفة جزيرة العرب» تأليف‪ :‬لسان اليمن الحسن بن أحمد بن يعقوب الهمداين (ص‪،)217‬‬
‫تحقيق محمد بن علي األكوع الحوالي‪ ،‬مكتبة اإلرشاد‪ ،‬صنعاء ط‪1429( :2‬هـ‪2008/‬م)‪.‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬الطربي‪ ،)126/3( ،‬والبًلذري‪ ،‬أنساب‪ ،)384/1( ،‬وكتاب نجران الحديثة‪ ،‬تأليف‪ :‬سيد‬
‫المفصل يف تاريخ العرب قبل اإلسًلم‪ ،‬د‪ .‬جواد علي‪،)536/3( ،‬‬
‫َّ‬ ‫ماحي‪( ،‬ص‪ ،)23‬وكتاب‬
‫وكتاب الحياة االقتصادية يف نجران خًلل القرن األول الهجري السابع الميًلدي‪ ،‬رسالة ماجستير‪،‬‬
‫إعداد‪ :‬فاطمة بنت ضيف اهلل بن حسين العبدلي‪( ،‬ص‪.)28‬‬
‫(‪ )3‬للمزيد عن قبيلة همدان‪ ،‬انظر‪ :‬ابن الكلبي‪ ،‬نسب معد (‪ ،)509/2‬وما بعدها‪ ،‬وابن حزم‪( ،‬ص‪392‬‬
‫‪ ،)395،475-‬وما بعدها‪ ،‬وابن سعد‪ ،)340/1( ،‬وما بعدها‪ ،‬والهمداين‪( ،‬ص‪211 ،105 - 96‬‬
‫‪.)249 - 246 ،214 -‬‬
‫‪54‬‬

‫جلس وقال‪ :‬السًلم على همدان ثًلث مرات(‪.)1‬‬


‫مالحظة(‪:)2‬‬
‫* ذكر صاحب كتاب «نجران الحديثة»(‪ ،)3‬بقوله‪« :‬وقد قرأت‬
‫إلدريس بن حسن العبشمي يف كتابه المخطوط «نزهة األخبار وروضة‬
‫األفكار»‪ ،‬أن قبائل نجران‪ ...‬التي يقطن معظمها مناطق الجنوب يف الجزيرة‬
‫العربية‪ ،‬من شمال صنعاء حتى نجران»‪.‬‬
‫* يقول الشافعي عندما تولى القضاء يف «نجران»‪ ،‬ونائ ًبا لوالي مكة‪« :‬ثم‬

‫(‪ )1‬الطربي‪ ،‬تاريخ األمم والملوك (‪ ،)132 /3‬ابن خلدون‪ ،‬تاريخ بن خلدون (‪ .)475 /2‬للمزيد‪،‬‬
‫انظر‪ :‬ابن كثير‪ ،‬البداية (‪ ،)94/3‬وكتاب نجران الحديثة‪ ،‬تأليف‪ :‬سيد ماحي (ص‪.)26‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬كتاب «نجران والنصرانية األولى»‪« :‬ينبغي أن يكون الكاتب صاد ًقا بعيدً ا عن الكذب‬
‫والتدليس‪ ،‬وخلط األوراق»‪ ،‬ففي فقرة إسًلم بني الحارث بن كعب‪ ،‬ذكر المؤلف‪ :‬إسًلم بني‬
‫الحارث وقصة خالد بن الوليد معهم‪ ،‬ثم أدخل عليها رواية إسًلم همدان على يد علي بن أبي‬
‫طالب رضي اهلل عنه مباشرةً‪ ،‬ثم أدخل أمر الرسول ‪ ‬لعلي بأخذ جزية أهل نجران‪ ،‬وصدقاهتم‪،‬‬
‫وكأنَّهم يف مكان واحد‪ ،‬وزمن واحد‪ ،‬وهذا فيه تدليس على العامة‪ .‬والقول الصحيح هو‪« :‬ما تم‬
‫بيانه يف الفقرات السابقة‪ ،‬وبيان إسًلم همدان‪ ،‬وإسًلم أهل نجران‪ ،‬ومتى دخلت يام إلى نجران‬
‫ً‬
‫تاريخا»‪ ،‬انظر‪ :‬كتاب‬ ‫بعيدً ا عن خلط األوراق والكذب على العامة‪ ،‬وليس الكذب هو من يصنع لنا‬
‫«الحياة العلمية يف نجران يف صدر اإلسًلم»‪ ،‬عوض عبداهلل سعد‪( ،‬ص‪ ،)57‬هامش رقم (‪،)5‬‬
‫وذلك بقوله‪« :‬ويبدو أن مهمته ‪ -‬علي بن أبي طالب ‪ - ‬اقتصرت على زيارة نجران ألخذ ما‬
‫جمعه عمال نجران المقيمين من زكاة المسلمين‪ ،‬وجزية أهل الكتاب»‪.‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬كتاب نجران الحديثة‪ ،‬تأليف‪ :‬سيد ماحي‪( ،‬ص‪.)24‬‬
‫‪55‬‬

‫و ِّليت نجران وهبا بنو الحارث‪ ،‬وموالي ثقيف‪ ،)1(»...‬وكان ذلك يف هناية القرن‬
‫الثاين للهجرة (‪179‬هـ)‪ ،‬ولكن الهمداين ‪ -‬جاء يف القرن الرابع(‪ - )2‬يقول‪ :‬ليام‬
‫وطن يف نجران‪ ،‬نصف ما مع همدان(‪ ،)3‬وظهر من حروب(‪ )4‬الهادي(‪ )5‬يف آخر‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬تفصيًلت هذا النص‪ ،‬البيهقي (‪ ،)107 ،106 /1‬أبو نعيم‪ ،)77 ،76 /9( ،‬أبو حاتم الرازي‪،‬‬
‫أداب‪( ،‬ص‪ ،)33 ،32‬كتاب الشافعي [حياته وعصره ‪ -‬آراؤه وفقهه]‪ ،‬لإلمام محمد أبو زهرة‪،‬‬
‫(ص‪.)21‬‬
‫(‪ )2‬مات الهمداين بعد ‪344‬هـ‪ ،‬انظر‪ :‬كتاب صفة جزيرة العرب‪ ،‬الطبعة الثانية ‪1429‬هـ ‪2008 -‬م‪،‬‬
‫تحقيق‪ :‬محمد بن علي األكوع الحوالي مكتبة اإلرشاد‪ ،‬صنعاء‪( ،‬ص‪.)31‬‬
‫(‪« )3‬صفة جزيرة العرب»‪ ،‬تأليف‪ :‬لسان اليمن الحسن بن أحمد بن يعقوب الهمداين (ص‪،)226‬‬
‫تحقيق محمد بن علي األكوع الحوالي‪ ،‬مكتبة اإلرشاد‪ ،‬صنعاء‪ .‬ط‪1429( :2‬هـ‪2008/‬م)‪.‬‬
‫(‪ )4‬إن الدارس للصًلت بين بًلد نجران وصعدة منذ القرن (‪12 - 3‬هـ‪18/‬م)‪ ،‬يجد أن الصراعات‬
‫والحروب كانت مستمر ًة بينهم‪ ،‬ودوافع تلك الحروب عقدية واقتصادية‪ ،‬فالدولة الزيدية يف صعدة‬
‫وصنعاء كانت ترغب مد نفوذها الزيدي على نجران‪ ،‬وأهل نجران لم يرضوا بذلك‪ ،‬حيث كانوا‬
‫سنة (شوافع) قبل دخول اإلسماعيلية عليهم‪ .‬كما أن األئمة الزيديين كانوا يتطلعون للسيطرة على‬
‫نجران لما تتمتع به من ثروات زراعية وحيوانية وغيرها‪ .‬أما الخراب الذي كان يصيب أرض نجران‬
‫مستمرا يف مزارع‬
‫ًّ‬ ‫بسبب تلك الحروب‪ ،‬فهو يتفاوت من حكم إما ٍم آلخر‪ ،‬إال أن الدمار والتلف كان‬
‫وعقارات النجرانيين؛ أل َّن الزيديين عندما يصلون إلى ديار نجران‪ ،‬يجدون مقاومات عنيفة من أهل‬
‫البًلد‪ ،‬فًل يتورعون من إحراق مزارعهم‪ ،‬وهدم منازلهم وأسواقهم؛ نكاي ًة هبم‪ ،‬وتأدي ًبا لهم‪ .‬ابن‬
‫جريس‪( :‬ج‪.)129 ،128/15‬‬
‫الرس أحد جبال‬ ‫(‪ )5‬اإلمام يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم الحسني العلوي الرسي ‪ -‬نسب ًة إلى َّ‬
‫القبلة قرب المدينة ‪ُ -‬ولِدَ بالمدينة سنة ‪220‬هـ‪ ،‬وكان يسكن الفرع شمال المدينة مع بعض عمومته‬
‫كثيرا من الكتب يف العقيدة‪ .‬دعته‬‫مغوارا‪ ،‬وقد أ َّلف ً‬
‫ً‬ ‫عالما ورعًا ً‬
‫عادال شجاعًا‬ ‫وأقربائه‪ .‬كان فقي ًها ً‬
‫همدان إلى اليمن ‪ -‬وهمدان نصرة آل البيت من أيام اإلمام علي ‪ -‬فتوجه إلى اليمن‪ ،‬ونزل‬
‫=‬
‫‪56‬‬

‫ٍ‬
‫وكلمة‬ ‫القرن الثالث أن ياما ووادعة وغيرها من بطون همدان‪ ،‬كانت ذات ٍ‬
‫وزن‬ ‫ً‬
‫يف نجران‪ ،‬تكاد تساوي وزن بني الحارث»‪.‬‬
‫يقول صاحب كتاب «هذه بًلدنا ‪ -‬نجران»‪ ،‬تأليف‪ :‬صالح بن محمد بن‬
‫جابر آل مريح‪ ،‬عن دخول همدان إلى نجران‪« :‬ثم توالت األحداث على منطقة‬
‫سهل الطريق أمام بطون عديدة من‬
‫عف بنو الحارث بن كعب مما َّ‬
‫وض َ‬
‫نجران‪َ ،‬‬
‫همدان إلى الدخول إلى نجران يف القرن الثالث الهجري‪ ،‬وأصبح لهذه القبائل‬
‫باإلضافة إلى وادعة وزن وكلمة يف نجران تساوي وزن الحارث بن كعب‪ ،‬وقد‬
‫دخلت همدان إلى نجران بسبب قرهبا منها من حيث الموقع‪ ،‬وأخذت‬
‫بالزحف على نجران‪ ،‬ولكن ٍ‬
‫ببطء‪ ،‬مستغلة ضعف بني الحارث بن كعب الذين‬
‫ضعفت مقاومتهم‪ ،‬وأصبحت «يام» كلها يف هناية القرن الثالث تسكن منطقة‬
‫نجران»(‪.)1‬‬
‫س‪ :1‬كيف دخلت يام‪ ،‬واستوطنت يف نجران؟‬

‫= صعدة واتخذها قاعد ًة له‪ ،‬وعاضدته همدان‪ ،‬وناصبته بنو الحارث العداء‪ ،‬وملك معظم اليمن‪،‬‬
‫مرارا‪ ،‬وخطب له يف مكة سبع سنين‪ ،‬وضربت السكة باسمه‪ ،‬وخوطب بأمير‬
‫وفتح نجران‪ ،‬وقاتلها ً‬
‫المؤمنين‪ ،‬ولقب بالهادي إلى الحق‪ .‬انظر‪ :‬حروب الهادي يف نجران‪ ،‬كتاب سيرة الهادي يحيى بن‬
‫الحسين‪ ،‬لعلي بن محمد بن عبيد اهلل العلوي‪ ،‬تحقيق الدكتور‪ :‬شهيل زكار‪ ،‬بيروت ‪ -‬لبنان‬
‫‪1392‬هـ (ص‪ .)168‬راجع كتاب رجمة ‪ -‬نجران دراسة تاريخية ‪ -‬محمد آل هتيلة (ص‪.)130‬‬
‫(‪( )1‬ص‪.)18‬‬
‫‪57‬‬

‫التمدد الطبيعي لالستيطان(‪:)1‬‬


‫‪1‬ـ القبائل تتأثر منازلها بالتمدد واالنكماش‪ ،‬وهذا يتأثر بقوة أو ضعف‬
‫القبائل المجاورة‪ ،‬وكانت مذحج بما فيها بنو الحارث قد انتشرت واتسعت‬
‫ديارها‪ ،‬فشاخت وبدا عليها الوهن‪ ،‬وانطفأت جمرهتا‪ ،‬ولما كانت ديار همدان‬
‫«يام» غير بعيدة عن نجران‪ ،‬وكانت قوية‪ ،‬فقد بدأ زحفها فيما يبدو عند دخول‬
‫اإلسًلم ‪ -‬حيث إهنا أسلمت وهي خارج نجران – فزحفت‪ ،‬وال شك أن ذلك‬
‫كان بطي ًئا‪ ،‬وأنه لقي مقاومة من بني الحارث‪ ،‬إال أنه ما جاء القرن الثالث حتى‬
‫َفرضت همدان وجودها‪ ،‬ونزلت «يام» كلها نجران‪ ،‬وأصبحت شبه منفصلة‬
‫ديارا وعصبية عن بقية بطون همدان‪ ،‬ثم إن همدان زيدية‪ ،‬ولعل لهذا‬
‫ً‬
‫دورا يف ابتعاد «يام» عن أصلها(‪.)2‬‬
‫االختًلف المذهبي ً‬
‫‪ 2‬ـ عندما جاء اإلسًلم‪ ،‬جعل الناس شركاء يف الماء والكأل‪ ،‬وهذا يعني‬
‫أن لمن شاء من همدان أن ينتجع دار مذحج‪ ،‬والعكس وارد‪ ،‬وكانت يام‬
‫ووادعة بادية‪ ،‬فانساحت إلى فًلة نجران‪ ،‬فأحاطت به كما يظهر من وقائعها‬
‫مع الهادي‪ ،‬ومن َث َّم أخذت تتوطن نجران‪ .‬ويظهر أن «يام» يف عهد الهمداين‬

‫(‪ )1‬يقول صاحب كتاب‪« :‬البادية بين عراقة الماضي وأصالة الحاضر»‪ ،‬محمد الخالد الشرعبي‪،‬‬
‫(‪ ،)1143 ،1142/2‬عن زمن دخول قبائل يام إلى نجران‪« :‬وكان دخول يام إلى نجران نتيجة‬
‫انكماش قبائل مذحج وبني الحارث بسبب ضعفها‪ ،‬وكان ذلك يف القرن الثالث للهجرة‪ ،‬حيث‬
‫نزلت يام بأكملها يف نجران‪ ،‬وانفصلت عن بقية همدان‪ ،‬وذلك لعدة أسباب‪.»...‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬كتاب «بين مكة وحضرموت»‪ ،‬تأليف‪ :‬عاتق بن غيث البًلدي الحربي‪( ،‬ص‪.)232 ،231‬‬
‫‪58‬‬

‫(‪)1‬‬
‫قد استوطنت كلها نجران‬
‫الفصل الثالث‪ :‬قبائل يام‪.‬‬
‫«يام» قبيلة عربية كبيرة تسكن شبه جزيرة العرب يف منطقة نجران‪ ،‬وتمتد‬
‫إلى نجد‪ ،‬واألحساء والكويت وقطر واإلمارات العربية المتحدة‪ ،‬وتعود‬
‫أصولها إلى قبيلة حاشد(‪ )2‬من همدان المشهورة يف جنوب الجزيرة العربية‪،‬‬
‫وهي (أي‪ :‬همدان) تنقسم إلى فرعين‪ ،‬هما‪ :‬حاشد وبكيل(‪ ،)3‬و«يام» هي‬
‫إحدى القبائل العربية الشهيرة يف جزيرة العرب‪ ،‬وقد نالت شهرهتا منذ العصر‬
‫الجاهلي بالشجاعة واإلقدام‪ ،‬حيث كانت «يام» يف الجاهلية تدعى بـ«قتلة‬

‫(‪« )1‬صفة جزيرة العرب» تأليف‪ :‬لسان اليمن الحسن بن أحمد بن يعقوب الهمداين (ص‪ ،)162‬تحقيق‬
‫محمد بن علي األكوع الحوالي‪ ،‬مكتبة اإلرشاد‪ .‬صنعاء‪ .‬ط‪1429( :2‬هـ‪2008/‬م)‪ ،‬انظر‪:‬‬
‫حروب الهادي يف نجران‪ ،‬كتاب «سيرة الهادي يحيى بن الحسين»‪ ،‬لعلي بن محمد بن عبيد اهلل‬
‫العلوي‪ ،‬تحقيق الدكتور‪ :‬شهيل زكار‪ ،‬بيروت ‪ -‬لبنان ‪1392‬هـ (ص‪ .)168‬راجع كتاب رجمة ‪-‬‬
‫نجران دراسة تاريخية ‪ -‬محمد آل هتيلة (ص‪.)130‬‬
‫(‪ )2‬حاشد‪ :‬إحدى كربيات قبائل همدان‪ .‬وحاشد أخو بكيل‪ ،‬وهما ابنا ُج َشم بن خيران بن نوف‪ .‬وبًلد‬
‫حاشد واسعة تمتد من شمال صنعاء إلى بًلد َصعدَ ة‪ ،‬وعن ذلك يقول الهمداين‪ ...« :‬وبلد َه َمدَ ان‬
‫ما بين صنعاء وصعدة وهو منقسم بخط ع ََرضي‪ ،‬فشرقية لبكيل وغربية لحاشد‪ .‬ويف قسم بكيل بًلد‬
‫لحاشد‪ ،‬ويف قسم حاشد بًلد لبكيل‪.»...‬اهـ‪ .‬وتنقسم حاشد إلى أربعة بطون هي‪ :‬بنو ُص َريم‪،‬‬
‫وع َذر‪ .‬وقد انتشرت قبائل حاشد اآلن يف عموم مناطق اليمن‪ .‬انظر‪:‬‬‫ارف‪ ،‬والعصيمات‪ِ ،‬‬ ‫وخ ِ‬
‫َ‬
‫ُ َ‬
‫الهمداين‪ ،‬صفة جزيرة العرب (ص‪ ،)217‬والحجري‪ ،‬مجموع بلدان اليمن (‪،)226 - 213/2‬‬
‫والمقحفي‪ ،‬معجم البلدان (‪.)392 - 389/1‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬كتاب بين مكة وحضرموت‪ ،‬عاتق بن غيث البًلدي (ص‪.)125‬‬
‫‪59‬‬

‫جباهنا»؛ ويف اإلسًلم بـ«يام ِ‬


‫القرى»‪ ،‬أي‪ :‬إكرام الضيف واإلحسان إليه(‪.)2()1‬‬
‫نسب «يام» يف الجاهلية‪:‬‬
‫يقول الهمداين‪:‬‬
‫كرا‪ ،‬فولد جشم ً‬
‫دوءال (ويخفف فيقال‪:‬‬ ‫«وأولد يام بن «أصبا» جشم ومذ ً‬
‫ذهًل والنمر ‪ -‬وسلم َة بن‬
‫الدؤول)‪ ،‬وصع ًبا‪ ،‬فولد دؤول سلمة‪ ،‬فولد سلمة ً‬
‫سلمة‪ ،‬فمن بني ذهل الحكم بن عبدالرحمن بن الحارث بن عبدالكريم‬
‫(‪)3‬‬
‫«جخدب» بن ذهل بن الحارث بن ذهل‪ ،‬كان من فرسان يوم َدير الجماجم‬
‫وزبيد بن الحارث بن عبد الكريم الفقيه‪ ،‬وطلحة بن مصرف بن عمرو بن كعب‬
‫أئمة‬
‫بن جخدب بن معاوية بن سعد بن الحارث بن ذهل الفقيه‪ ،‬وكان من َّ‬
‫القراء (انظر‪ :‬الفصل األول ‪ -‬الباب الرابع ‪ -‬من أعًلم قبيلة يام عرب التاريخ)‬

‫(‪ )1‬اإلكليل (‪.)71 - 68/10‬‬


‫(‪ )2‬يقول الكاتب يحيى بن إبراهيم األلمعي رحمه اهلل يف كتابه «رحًلت يف عسير» بعد زيارته لنجران‬
‫وصف كرم وطيبة وأصالة أهل نجران‪ ،‬فيقول‪« :‬أهالي نجران كرماء‬
‫يف ‪1388/8/5‬هـ‪ ،‬وهو ُي ِّ‬
‫نبًلء‪ ،‬ولهم عادات حسنة يف استقبال الضيوف‪ ،‬والمبالغة يف إكرامهم‪ ،‬وتقديم الخدمات لهم‪،‬‬
‫القادم إليهم يتبادرون يف إقرائه‪ ،‬ويقدمون له كل ما من شأنه التخفيف عليه من وحشة الغربة حتى‬
‫إنه ليشعر بأنه بين أهله وعشيرته‪ ،‬وهذه ظاهرة َق َّل أن تجدها يف مجتم ٍع من المجتمعات األخرى‪،‬‬
‫وال أبالغ إذا قلت بأنني قد وجدت فيهم الروح العالية المثالية‪ ،‬والسيما عند الموظفين‪ ،‬وسكان‬
‫نجران األصليين» (ص‪.)148‬‬
‫(‪ )3‬دير الجماجم‪ :‬موضع قرب الكوفة كانت به معارك ضارية بين عبدالرحمن بن األشعث وبين‬
‫الحجاج‪ ،‬والوقعة معروفة ومشهورة يف كتب التاريخ‪.‬‬
‫‪60‬‬

‫العزى بن سبع بن نمر بن ذهل الشاعر الجاهلي‪ ،‬وابنه‬


‫من هذا الكتاب‪ ،‬وعبد َّ‬
‫أيضا‪ ،‬وهو القائل‪:‬‬
‫العزى شاعر ً‬
‫مدرك بن عبد َّ‬
‫وأرحب حتى ينفد الرتب ناقله‬ ‫وأنى لكــــم أن تبلغوا مجد يأمنا‬
‫قديما وأعلى هضبها وأطـــاولِه‬
‫ً‬ ‫فهم أصل همدان الوثيق وفرعها‬
‫ومن «يام»‪ :‬ال َع َّقار بن سليل بن ذهل بن مالك بن الحارث بن ذهل بن‬
‫سلمة بن دؤول بن جشم بن يام قاتل مشجعة الجعفي‪ ،‬وكان سبب ذلك أن‬
‫(‪)2‬‬
‫بًلد يام أجدبت‪ ،‬فنجع الع َّقار إلى بًلد ُجعف(‪ )1‬وكان بين يام وجعف ولث‬
‫وصلة‪ ،‬فكانت جعف إذا أجدبت‪ ،‬رعت بًلد يام‪ ،‬وإذا أجدبت يام‪ ،‬رعت بًلد‬
‫ُجعف‪ ،‬فلما نزل الع َّقار بًلد ُجعف‪ ،‬حال مشجعة بن المجمع بن مالك بن‬
‫كعب بن عوف بن حزيم بن جعفي بن سعد (ابن سعد العشيرة بن مذحج)‪،‬‬
‫بينه وبين الرعي‪ ،‬فقال الع َّقار‪ :‬فأين العهد فيما بيننا؟ قال له مشجعة‪َ :‬لجفنة من‬
‫(‪)3‬‬
‫إلي من عهد يام‪ ،‬فقال له‪ :‬أال جعلته ساخنًا! ثم انطلق إلى‬
‫َّ‬ ‫أحب‬ ‫بارد‬ ‫حيس‬
‫امرأة رجل من ُجعف كانت تبيع الخمر‪ ،‬وكان يقال لزوجها‪ :‬ذيبان بن بادية‬
‫كان له عندها (أي‪ :‬الع َّقار) فرس مرهون على أربعة أبعرة‪ ،‬فضمن لها أن يبعث‬

‫(‪ُ )1‬جعف‪ :‬مساكنهم يف شمال اليمن‪ ،‬ولهم بقية إلى اليوم (ص‪ ،)69‬اإلكليل يف معارف همدان وأنساهبا‬
‫(ج‪.)69/10‬‬
‫(‪ )2‬ولث‪ ،‬أي‪ :‬عهد‪.‬‬
‫(‪ )3‬الجفنة‪ :‬إيناء من خشب معروفة‪ .‬والحيس‪ :‬التمر المنزوع منه النواة مع السمن واألقط‪.‬‬
‫‪61‬‬

‫إليها باألبعرة‪ ،‬وسألها أن تعطيه الفرس‪ ،‬ففعلت‪ ،‬فأخذ الفرس فركبه‪ ،‬وقد كان‬
‫قد بعث بماله(‪ )1‬مع خدمه‪ ،‬ثم أتى مشجعة‪ ،‬ومعه حربة‪ ،‬فطعنه هبا‪ ،‬فأخرجها‬
‫ركضا‪ ،‬فقال يف ذلك الع َّقار‬
‫من بين كتفيه فقتله‪ ،‬فتبادرت إليه جعف‪ ،‬فسبقهم ً‬
‫شعرا‪:‬‬
‫ً‬
‫إال األمائر واألقطــاع والـــدرس‬ ‫الجعفي باقيـــــــــة‬
‫ِّ‬ ‫لم يبق يف خرب‬
‫فإهنم من نفوس القــوم قد يئسوا‬ ‫ر ِّدي إليك جمال الحي فاحتملوا‬
‫(‪)2‬‬
‫لما رأونــا نمشـــــــي يف ديارهـــم كما تمشي الجمال الجلة الشمس‬
‫مثل الليوث عــدت يو ًما لمعتــرك عند اللقــــاء وتقصيد القنا حــرس‬
‫بالبيض تضرب ها ًما فوقها القنس‬ ‫ال يسمع الصوت منا غير غمغمة‬
‫يف الفعل منها فلم تدنس كما دنسوا‬ ‫أمــا حليلة ذيبان فقـــــــد كرمــت‬
‫من فوق أعيط يف لحظاته شـــوس‬ ‫جادت بما ُسئلت لما رأت جزعـي‬
‫كأهنا حين جازت صدره قبـــــــس‬ ‫منحت مشجعة الجعفي مرهفـــة‬
‫هيهات من طالبيه ذاك ما التمسوا‬ ‫ظلــت كرائم جعفي تـطيـف بـها‬
‫أيضا‪:‬‬
‫وقال ً‬
‫نحـن بنو يام ونحــن الدفعـه‬

‫(‪ )1‬أي‪ :‬بابله وسرحه‪.‬‬


‫(‪ )2‬الجلة‪ :‬الكثرة‪ ،‬الجمال الشمس‪ :‬هي الصعبة الركوب النافرة‪ ،‬وتقصيد القنا‪ :‬تكسيره‪ .‬والقنا‪:‬‬
‫الرماح‪.‬‬
‫‪62‬‬

‫مقاعسا وصعصعه‬
‫ً‬ ‫سائل بنا‬
‫وسيد الحي الرئيس مشجعه‬
‫(‪)1‬‬
‫ذات غرار مدرعه‬
‫منحته َ‬
‫جـــادت لــــه َمن َّية مـفــ َّجعه‬
‫وقد يدَّ عي بنو هند قتل مشجعة‪ ،‬والخرب ما ذكرناه‪ ،‬وإنما سمي الع َّقار؛‬
‫ألنه شهد وقعة كانت لهمدان وبعض أعدائهم‪ ،‬فحلف أال يقتل يف ذلك اليوم‬

‫فارسا‪ ،‬ضربه ضرب ًة خفيف ًة حتى عقر ً‬


‫نحوا من ثًلثين‬ ‫أحدً ا‪ ،‬فجعل كلما لقي ً‬
‫فارسا‪ ،‬فسمي يف ذلك الع َّقار‪.‬‬
‫ً‬
‫وأولد َمذكر يام «هربة و َمواجد‪ ،‬وهم األحًلف‪ ،‬وألغز‪ :‬زنة األحمر»‪،‬‬
‫فتحالفا على الغز‪ ،‬فولد مواجد اإلسلوم وبغيضة وجحد ًبا ورفدة‪ ،‬منهم عبيدة‬
‫بن األجدع من بني سلمان بن حبيب بن مواجد الفقيه‪ ،‬وحبيب بن مواجد ممن‬
‫شهد حرب خوالن(‪ ،)2‬والوازع بن معاوية بن مالك بن أحزم بن هربة بن مذكر‬
‫الشاعر‪ ،‬ومنهم الحارث بن موزع كان شري ًفا‪ ،‬ومن يام بيت يقال لهم‪ :‬آل ذي‬

‫(‪ )1‬مقاعس وصعصعة‪ :‬من أسماء الرجال‪ .‬والغرار‪ :‬حديدة قاطعة‪ .‬مدرعة‪ :‬هي لباس على الظهر‬
‫والجوانب مشقوق المقدم من الصدر‪ ،‬ومعناه‪ :‬كساه مدرعة من الدم‪.‬‬
‫(‪ )2‬خوالن‪ :‬مخًلف من مخاليف اليمن منسوب إلى خوالن بن عمرو بن الحاف بن قضاعة بن مالك‬
‫بن عمرو بن مرة بن زيد بن مالك بن حمير بن سبأ‪ ،‬فتح هذا المخًلف يف سنة ثًلث أو أربع عشرة‬
‫يف أيام عمر بن الخطاب رضي اهلل عنه‪ ،‬وأميره يعلى بن منبه‪ ،‬وقتل‪ .‬ويف خوالن كانت النار التي‬
‫تعبدها اليمن‪ ،‬ويجوز أن يكون خوالن فعًلن من الخول‪ ،‬وهو األتباع‪( .‬معجم البلدان ‪.)407/2‬‬
‫‪63‬‬

‫حاجة وبنو مقاحف (بطن يف جنب)‪ ،‬ومن يام سمير الفرسان وهو مختلس‬
‫حباشة عمرو بن معدي كرب‪ ،‬وذلك أن عمرو بن معد كرب لما غزا خوالن‪،‬‬
‫فدخل الحقل‪ ،‬وفض حصن غنم وجل األموال‪ ،‬واجتاح الضنين‪ ،‬قدم تلك‬
‫عميه سعد وشهاب‪ ،‬فعرض لهما سمير يف جمع يام فقتلهما وعدة‬
‫الغنائم مع َّ‬
‫معهما من بني ُزبيد‪ ،‬وأخذ ما كان يف أيديهما‪ ،‬فبعث عمرو إلى سمير يتوعده‪،‬‬
‫فقال سمير يف ذلك‪:‬‬
‫إلي بظهر الغيب ً‬
‫قوال مرجما؟‬ ‫أيرسل عمرو بالوعيد سفاهـــ ًة‬
‫َّ‬
‫عليـــه وقد رام اللقاء فأحجما‬ ‫ل ُيسمع أقـوا ًما بمـا ليس مقـــد ًما‬
‫وعجل وال تجعله منك هتمما‬
‫ِّ‬ ‫سميرا فًلقه‬
‫ً‬ ‫فإن شئت أن تلقى‬
‫صمـــما‬
‫هم باألمر َّ‬
‫حم ًّيا إذا ما َّ‬ ‫فسوف تًلقيـــه كم ًّيا مدجــــ ًجا‬
‫بعميك اللذيـن تقدَّ مـــا‬
‫كفعلي َّ‬ ‫معجًل‬
‫ً‬ ‫فإن تلقني أصبحك مو ًتا‬
‫فتنظر يو ًما ذا صواعق مظلما‬ ‫فسوف ُأ َ‬
‫ريك الموت يا عمرو جهر ًة‬
‫أيضا‪ :‬أبو حشيش الجواد‪ ،‬وهو القائل لبعض بني عمه يف‬
‫ومن «يام» ً‬
‫شيء كان بينهم‪:‬‬
‫و َدعاين واغًل حيث أغل‬ ‫قل لهذين كًل زا َدكمــــا‬
‫وبعده الشهد بألبان اإلبل‬ ‫رب زاد قد أكلنـــــا طي ًبا‬
‫ال وال كان لذا الزاد علل‬ ‫ثم لم يشهده مثلي لكما‬
‫خيرا فأنِل‬
‫فإذا ما نلـــــت ً‬ ‫إنمـا الزاد لمـــن يبذلــــه‬
‫‪64‬‬

‫ال تقولن عسى‪ ،‬وال‪ ،‬و َلعل‬ ‫إنما حظك منه ذكــــــــره‬
‫ومن شعراء «يام»‪ :‬عاصم بن األسفع‪ ،‬والشرقي بن عمرو‪ ،‬وكانت «يام»‬
‫تدعى يف الجاهلية‪« :‬قتلة جباهنا»‪ ،‬ويف اإلسًلم «يام ِ‬
‫القرى»‪.‬‬
‫وكان فيهم جبان يف الجاهلية يقال له‪« :‬أنيب»‪ ،‬فحلفوا أال يولد له ولد‬
‫فيهم أبدً ا‪ ،‬وحلفوا على قتله‪ ،‬فقال لهم ٌ‬
‫رجل منهم‪َ :‬ويحكم! اخصوه وال‬
‫تقتلوه‪ ،‬فإنه ال يولد له ولد إذا كان خص ًّيا‪ ،‬فًل تحنثوا يف أيمانكم‪ ،‬فشاع يف‬
‫همدان‪ ،‬فكرهت أن تذهب «يام» هبذا الذكر دوهنم‪ ،‬فقالوا لهم‪ :‬خذوا من كل‬
‫سهما‪ ،‬فارموه بجميع السهام‪ ،‬وإال حلنا بينكم وبينه‪ ،‬فأجابوهم إلى ذلك‪،‬‬
‫قبيلة ً‬
‫ٍ‬
‫بسهم‪ ،‬ثم صيروه هد ًفا‪ ،‬فجعلوا يرمونه ويقولون‪:‬‬ ‫فبعث إليهم من كل ٍ‬
‫قبيلة‬
‫(‪)1‬‬‫حتى يوارى نصله يف ِ‬
‫نشب‬ ‫هلل سـهــم مــــا نبا عن أن َي ِ‬
‫ب‬
‫ومر فتى من أهل الكوفة بالحجاج‪ ،‬وهو يعرض الجيش‪ ،‬فأعجبه‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫َّ‬
‫ممن أنت يا فتى؟ قال‪ :‬أنا من قوم لم يكن فيهم جبان‪ .‬قال الحجاج‪ :‬إ ًذا‪ ،‬أنت‬

‫حق؛ ألن الشجاعة والجبن والكرم والبخل مواهب من‬ ‫(‪ )1‬وهذا الفعل من الظلم؛ ألنه ٌ‬
‫قتل للنفس بغير ٍّ‬
‫يما‪ ،‬والعكس‬
‫اهلل تعالى‪ ،‬وليست كسبًا لإلنسان‪ ،‬فقد ُينجب الجبان شجاعًا‪ ،‬و ُينجب البخيل كر ً‬
‫صحيح‪ ،‬وقد قيل لرسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ :‬أيكون المؤمن جبانًا؟ فقال‪« :‬نعم»‪ ،‬فقيل له‪:‬‬
‫بخيًل؟ فقال‪« :‬نعم»‪ ،‬فقيل له‪ :‬أيكون المؤمن كذابًا؟ فقال‪« :‬ال»‪ ،‬أخرجه اإلمام‬
‫ً‬ ‫أيكون المؤمن‬
‫مالك يف الموطأ (‪( )990/2‬ح‪ .)1795‬ومع أن المؤمن قد يتصف بالجبن إال أهنا صفة ذميمة‪،‬‬
‫وكان الرسول صلى اهلل عليه وسلم يتعوذ منها دبر كل صًلة‪ .‬صحيح البخاري‪ ،‬كتاب الجهاد‬
‫والسير‪ ،‬باب ما يتعوذ من الجبن (ح‪ )2667‬من كتاب أعًلم قبيلة (يام) ورواهتا‪ ،‬أ‪.‬د‪ .‬مسفر سعيد‬
‫لسلوم‪ ،‬الطبعة األولى‪1434 ،‬هـ ‪2013 -‬م‪( ،‬ص‪.)10‬‬
‫‪65‬‬

‫من «يام»؟ قال‪ :‬أنا منهم(‪.»)1‬‬


‫بطون قبيلة يام(‪:)2‬‬
‫وقبيلة «يام» تتكون من ثًلثة بطون‪ ،‬وهم‪:‬‬
‫‪1‬ـ آل فاطمة‪ ،‬وكبيرها «جابر بن حسين أبو ساق»(‪ ،)3‬وينتسبون إلى‬
‫«واصل بن مذكر بن يام»‪.‬‬
‫‪2‬ـ مواجد‪ ،‬وكبيرهم «جابر بن نصيب»‪ ،‬ونسبتهم إلى (مواجد بن مذكر‬
‫بن يام)‪.‬‬
‫‪3‬ـ جشم‪ ،‬وكبيرهم (سلطان بن منيف)(‪ ،)4‬وينتسبون إلى (جشم بن يام)‪.‬‬

‫كامًل من كتاب اإلكليل يف معارف همدان وأنساهبا (ج‪،)71 - 68 /10‬‬


‫(‪ )1‬تم تنزيل نسب يام بالنص ً‬
‫تعليق وتحقيق‪ :‬محمد بن علي بن حسين األكوع الحوالي‪ ،‬الناشر مكتبة اإلرشاد ‪ -‬صنعاء‪ ،‬طبعة‬
‫‪1429‬هـ ‪2008 -‬م‪ ،‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬تاريخ المخًلف السليماين‪ ،‬تأليف‪ :‬محمد بن أحمد العقيلي‬
‫(ص‪ )138‬هامش (‪ ،)1‬وكتاب نجران الواحة واإلنسان‪ ،‬عبد اللطيف طاهر العًلقي (ص‪،)22‬‬
‫انظر‪ :‬مجلة العرب‪ ،‬الجزء العاشر‪ ،‬السنة الثانية‪ ،‬ربيع الثاين‪1388 ،‬هـ‪( ،‬تموز ‪1968‬م)‪( ،‬ص‪954‬‬
‫‪.)958 -‬‬
‫(‪ )2‬راجع مجلة العرب عن يام وفروعها (ج‪ 3‬و‪ 4‬س‪ ،)17‬رمضان وشوال ‪1402‬هـ‪( .‬حزيران وتموز‬
‫يونيو ‪ -‬يوليو) ‪1982‬م‪( ،‬ص‪.)236 - 224‬‬
‫(‪ )3‬نسبه هو‪ :‬جابر بن حسين بن مانع بن علي بن جابر بن مانع بن زاهر بن شري بن محمد بن حمد بن‬
‫زيد بن سالم‪ ،‬انظر‪ :‬كتاب «بين مكة وحضرموت»‪ ،‬تأليف‪ :‬عاتق بن غيث البًلدي الحربي‪،‬‬
‫(ص‪.)353‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬كتاب نجران‪ ،‬لمحمد أبو ساق‪( ،‬ص‪ ،)127 -125‬وكتاب المخًلف السليماين‪/1( ،‬‬
‫‪ ،)138‬لمحمد أحمد العقيلي‪.‬‬
‫‪66‬‬

‫عناصر سكانية من غير قبيلة يام‪:‬‬


‫وتوجد يف نجران قبائل وبطون ليست من يام‪ ،‬منها ما هو همداين وغير‬
‫همداين‪.‬‬
‫هي ثالث قبائل‪ ،‬بعضها منضم إلى بطون من يام‪:‬‬
‫‪1‬ـ وادعة(‪ ،)1‬وهي غير وادعة الشام المنضمة إلى قحطان‪ ،‬وليست وادعة‬
‫اليمن‪ ،‬بل قسم منها‪ ،‬إذ انقسمت وادعة إلى‪ :‬وادعة الشام‪ ،‬ووادعة اليمن‪،‬‬
‫ووادعة نجران‪ ،‬وهم متحضرون يف البلد‪ ،‬ومن فروعهم‪ ،‬آل دغرير‪ ،‬وآل‬
‫غصنة‪ ،‬وآل تيسان‪.‬‬
‫‪2‬ـ آل عباس‪ ،‬ومن فروعهم‪ :‬آل حيدر‪ ،‬وآل نعمان‪ ،‬وآل حريد‪ ،‬وآل‬
‫ُعقيل‪ ،‬وآل جمهور‪ ،‬ورئيس هذا الفرع ابن حيدر‪ .‬وتنضم آل عباس إلى‬
‫اإلسلوم بن مواجد بن مذكر بن يام‪ ،‬فيسمون (منصور)‪ ،‬وهو اسم وضعوه‬
‫لًلجتماع‪ ،‬وليس بنسب‪.‬‬
‫‪3‬ـ آل ُّ‬
‫الش َهي‪ :‬يف نجران‪ ،‬ويتبعون بني جشم يام‪.‬‬
‫األشراف ذوو ناصر‪ :‬فرع من األشراف الحسنيين‪ ،‬جاءوا من الجوف‬

‫(‪ )1‬نسب وادعة‪ :‬وادعة بن عمرو بن عامر بن ناشج بن دافع بن مالك بن جشم بن حاشد بن ُجشم بن‬
‫حربان بن نوف بن همدان‪.‬‬
‫‪67‬‬

‫باليمن يف زمن متقدم(‪ ،)1‬وينتهي نسبهم إلى القاسم الرسي‪ ،‬وبنوه اليوم على‬
‫جيًل‪ ،‬أي أن لهم من الزمن بعد نزول نجران قرابة (‪ )500‬خمسمائة‬
‫(‪ً )12‬‬
‫سنة‪.‬‬
‫وتتفرع إلى ثًلثة فروع‪ ،‬هم‪:‬‬
‫عبداهلل بن ناصر‪ ،‬ويقال لذريته‪ :‬آل حمد بن عبداهلل بن ناصر‪ ،‬وآل‬
‫محسن بن ناصر‪ ،‬وآل ياسين بن ناصر‪.‬‬
‫وتفرع من آل محسن‪ :‬آل حمد بن محسن بن ناصر‪ ،‬وآل ِهدران بن‬
‫محسن بن ناصر‪ ،‬وسكنهم قرية خبيئة‪ ،‬قرب صنعاء األشراف‪ .‬أما آل ياسين‬
‫ففيهم فرعان‪ :‬آل حمد بن ُعجيم بن ياسين‪ ،‬وآل علي بن ُعجيم بن ياسين‪،‬‬
‫وقرية آل ياسين (صنعاء)(‪ ،)2‬إحدى قرى نجران‪ ،‬ويقال لهم‪ :‬أشراف صنعاء‪.‬‬
‫أما حمد بن ناصر فانقسموا إلى‪ :‬آل عبداهلل‪ ،‬وآل راكان‪.‬‬
‫وقريتهم عويرة يف نجران‪ ،‬ويقال لهم‪ :‬أشراف عويرة(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬وقد دخلت نجران يف سنة ‪941‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬كتاب «غاية األماين يف أخبار القطر اليماين» تأليف‪ :‬يحيى‬
‫بن الحسين بن القاسم بن محمد بن علي (ص‪ ،)677‬وكتاب «بين مكة وحضرموت» لعاتق بن‬
‫غيث البًلدي الحربي (ص‪.)134‬‬
‫(‪ )2‬هم يعتنقون المذهب اإلسماعيلي‪ ،‬خًلف أشراف عويرة‪ ،‬انظر‪« :‬عاتق البًلدي بين مكة‬
‫وحضرموت»‪( ،‬ص‪.)135 ،134‬‬
‫(‪ )3‬وهم يعتنقون المذهب الزيدي‪ ،‬والذي تغير إلى االثني عشرية مثل (إيران)‪ ،‬انظر‪ :‬نفس صفحة‬
‫المصدر السابق‪.‬‬
‫‪68‬‬

‫أسر متحضرة‪:‬‬
‫الفئة األولى‪ :‬وهي ‪ -‬غال ًبا ‪ -‬من أسر أو عشائر صغيرة جاءت إلى نجران‬
‫من داخل الجزيرة العربية‪ ،‬وبشكل متفرق‪ ،‬ولفرتات زمنية متباعدة‪ ،‬وقد‬
‫ٍ‬
‫مختلف‪ ،‬وإن كان طلب الرزق هو السبب الرئيس‬ ‫ٍ‬
‫لسبب‬ ‫جاءت كل منها‬
‫مر العصور غنية بالزراعة‪،‬‬
‫لًلستقرار يف نجران‪ ،‬فقد كانت نجران وعلى ِّ‬
‫ومنطقة جاذبة للحرفيين مما جعل نجران مشهور ًة بصناعاهتا وحرفها‪ ،‬وهي‬
‫شبه مكتفية بما تحتاجه من المنتوجات الحرفية والصناعية(‪.)1‬‬
‫ومن هذه األُ َسر‪:‬‬
‫‪1‬ـ آل ُص َمع‪.‬‬
‫‪2‬ـ آل الخيوان‪.‬‬
‫‪3‬ـ آل رجب‪.‬‬
‫‪4‬ـ آل سحاق‪.‬‬
‫‪5‬ـ آل مقبول‪.‬‬
‫‪6‬ـ الدواسر‪ ،‬جاءوا من وادي الدواسر(‪.)2‬‬
‫الفئة الثانية‪ :‬وهي فئة اجتماعية تعود يف الغالب إلى أصول أفريقية‪،‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬كتاب نجران‪ ،‬محمد أبو ساق‪( ،‬ص‪.)127 -125‬‬


‫(‪ )2‬انظر‪ :‬كتاب «بين مكة وحضرموت رحًلت ومشاهدات»‪ ،‬المقدم‪ :‬عاتق بن غيث البًلدي‪،‬‬
‫(ص‪.)135 - 125‬‬
‫‪69‬‬

‫جاءت منذ القدم بطرق متعددة‪ ،‬فقد كانت تجارة الرقيق رائجة يف الجزيرة‬
‫مركزا من مراكز تلك التجارة‪ ،‬وذلك لقرهبا من‬
‫ً‬ ‫العربية‪ ،‬وقد كانت نجران‬
‫اليمن‪ ،‬وتوفر فرص العمل الكثيرة فيها‪.‬‬
‫(نسب المكارمة)‬
‫الفصل الرابع‪( :‬من الباب األول)‪ :‬تسلسل دعاة المذهب اإلسماعيلي‪:‬‬
‫بداية ظهور المكارمة هي مع محمد بن الفهد المكرمي(‪ ،)1‬حيث‬
‫انقسمت المستعلية الطيبية (البهرة) إلى (سليمانية وداودية)‪ ،‬وكان مؤسس‬

‫(‪ )1‬وهو‪( :‬محمد بن الفهد بن صًلح بن داود التآمر بن محمد بن عبد اهلل بن عمر بن علي بن صبيح بن‬
‫حسان بن مكرم بن سبأ بن حمير األصغر بن المنتهب بن عمرو بن عًلق بن ذي أبين بن ذي يقدم‬
‫بن الصوار بن عبد شمس بن وائل بن الغوث بن حيدان بن قطر بن غريب بن زهير بن أيمن بن‬
‫الهميسع بن حمير األكرب بن يشجب بن يعرب بن قحطان)‪ ،‬من كتاب «يف بًلد عسير»‪ ،‬تأليف‪ :‬فؤاد‬
‫حمزة ط‪1388( :2‬هـ‪1968 /‬م)‪ ،‬وهذا النسب الذي أمًله الداعي حسين بن أحمد المكرمي وهو‬
‫الداعي الـ(‪ )47‬على فؤاد حمزة وزير خارجية المملكة العربية السعودية يف ذلك الحين‪ ،‬والمؤلف‬
‫المعروف‪ .‬وعلى افرتاض صحة ما أورده علماء األنساب األوائل‪ ،‬فإن النسب السابق يحمل الكثير‬
‫من األخطاء‪ ،‬إما بإنقاص بعض األسماء‪ ،‬أو يف الخطأ يف كتابتها‪ ،‬وكذا بالنسبة لحمير األصغر‪ ،‬فهو‬
‫ال يأيت من هذا الفرع‪ ،‬كما أ َّن عدد األشخاص المذكورين من محمد بن الفهد إلى قحطان إذا ما‬
‫أضفنا إليهم بقية النسب حتى اآلن‪ ،‬يجعل هذه السلسلة أقل بحوالي عشرين طبق ًة من سًلسل‬
‫أنساب األسر الحميرية المقاربة لها‪ .‬عن هذه المًلحظات انظر‪ :‬الهمداين‪ ،‬أبو محمد اإلكليل‬
‫(ج‪ ،)2‬وكتاب إسماعيلية اليمن السليمانية‪ ،‬حمود زايد نوفل‪( ،‬ص‪ ،)71‬وكتاب صحيفة الصًلة‬
‫اإلسماعيلية‪ ،‬لمؤلفها‪ :‬المنصوب سيد نصر اهلل‪( ،‬ص‪ ،)687‬المطبوع يف حيدر آباد‪ ،‬سنة‬
‫(‪1390‬هـ)‪ ،‬وقد وضع اسمه يف صحيفة الصًلة مع أسماء الدعاة تحت عنوان‪« :‬األسماء الشريفة»‪،‬‬
‫(وهو لم يكن داعيًا مطل ًقا‪ ،‬ولم َّ‬
‫يتول رئاسة الدعوة)‪.‬‬
‫‪70‬‬

‫السليمانية هو سليمان بن الحسن بن يوسف بن سليمان الهندي(‪ ،)1‬وخلفه‬


‫صغيرا‪ ،‬أوصى به والده إلى محمد بن الفهد المكرمي‪،‬‬
‫ً‬ ‫ولده جعفر(‪ ،)2‬وكان‬
‫والذي تزوج أمه‪ ،‬فانتقلت الدعوة إلى اليمن‪ ،‬وقد تقلد جعفر الدعوة يف‪:‬‬
‫(‪25‬رمضان ‪1005‬هـ‪12/‬مايو ‪1597‬م)‪ ،‬وهو الداعي الـ(‪ ،)28‬وابن مؤسس‬
‫المذهب السليماين)‪ ،‬ومات المكرمي‪ ،‬واستمر جعفر يف الدعوة إلى أن مات‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬سمط الحقائق‪ ،‬علي حنظلة‪ .‬مقدمة المحقق‪ ،)17( :‬وكتاب تاريخ المذاهب الدينية يف اليمن‪.‬‬
‫د‪ /‬أيمن فؤاد‪ ،)169( :‬وكتاب كنز الولد‪ ،‬إبراهيم الحامدي‪ ،‬مقدمة المحقق‪ ،)28( :‬واإلسماعيلية‬
‫وفرقها حقائق ووثائق‪ ،‬لعبد الرحمن المجاهد‪( ،‬ص‪ ،)245‬وكتاب اإلسماعيلية بين الحقائق‬
‫واألباطيل‪ ،‬لهاشم عثمان‪( ،‬ص‪ ،)30‬وكتاب الحركات الباطنية يف العالم اإلسًلمي‪ ،‬الدكتور‬
‫محمد أحمد الخطيب‪( ،‬ص‪ ،)72‬وكتاب معجم التاريخ اإلسماعيلي‪ ،‬تأليف‪ :‬فرهاد دفرتي‪،‬‬
‫ترجمة سيف الدين القصير‪( ،‬ص‪ ،)298‬وكتاب سيرة اإلمام يحيى وبناء الدولة اليمنية الحديثة‪،‬‬
‫تأليف‪ :‬عبد الكريم بن أحمد مطهر‪( ،‬ص‪ ،)36‬وكتاب صحيفة الصًلة اإلسماعيلية‪ ،‬لمؤلفها‪:‬‬
‫المنصوب سيد نصر اهلل‪( ،‬ص‪ ،)687‬المطبوع يف حيدر آباد‪ ،‬سنة (‪1390‬هـ)‪ ،‬وكتاب مرتفعات‬
‫الجزيرة العربية‪ ،)683/2( ،‬هاري سانت جون فيلبي‪ ،‬مكتبة العبيكان‪.‬‬
‫(‪ )2‬جعفر بن سليمان بن الحسن‪ ،‬من الدعاة المطلقين لفرقة البهرة السليمانية‪ ،‬انظر‪ :‬تاريخ الدعوة‬
‫اإلسماعيلية‪ ،‬لمصطفى غالب‪ ،‬جدول رقم (‪ ،)3‬واإلسماعيليون (كشف األسرار ونقد األفكار)‪،‬‬
‫لعادل سالم‪( ،‬ص‪ ،)382‬وكتاب اإلسماعيليون‪ :‬تاريخهم وعقائدهم‪ ،‬تأليف‪ :‬فرهاد دفرتي‬
‫(ص‪ ،)497‬وكذلك كتاب معجم التاريخ اإلسماعيلي‪ ،‬تأليف‪ :‬فرهاد دفرتي‪ ،‬ترجمة سيف الدين‬
‫القصير‪( ،‬ص‪ ،)298‬وصحيفة الصًلة اإلسماعيلية‪ ،‬لمؤلفها‪ :‬المنصوب سيد نصر اهلل‪،‬‬
‫(ص‪ ،)687‬المطبوع يف حيدر آباد‪ ،‬سنة (‪1390‬هـ)‪ ،‬وكتاب مرتفعات الجزيرة العربية‪،‬‬
‫(‪ ،)683/2‬هاري سانت جون فيلبي‪ ،‬مكتبة العبيكان‪.‬‬
‫‪71‬‬

‫يف (‪29‬ربيع ثاين ‪1050‬هـ‪18/‬أغسطس ‪1640‬م)‪ ،‬ودفن يف طيبة(‪.)1‬‬


‫فخلفه أخوه علي(‪ ،)2‬وقد تولى رئاسة الدعوة يف (‪ 1‬شعبان ‪1050‬هـ‪/‬‬
‫‪25‬أكتوبر ‪1640‬م) الذي انتقل بالدعوة إلى الهند مرة أخرى‪ ،‬وتويف يف (‪18‬‬
‫شعبان ‪1088‬هـ‪16/‬أكتوبر ‪1677‬م) يف أحمد أباد الهند(‪ ،)3‬وهو الداعي‬
‫الـ(‪ ،)29‬وكان له دور كبير يف تأسيس الفرقة السليمانية‪ ،‬ومواجهة خصومها‬

‫(‪ )1‬طيبة‪ :‬قرية مطلة على منطقة القابل‪ ،‬شمال صنعاء‪ ،‬تشتهر بالحصون والقًلع‪ ،‬وكان اسمها القديم‪:‬‬
‫(دروم)‪ ،‬انظر‪ :‬معجم البلدان والقبائل اليمنية‪ ،‬للمقحفي‪ ،)968/1( :‬وكتاب نجران األرض‬
‫والناس والتاريخ‪ ،‬تأليف‪ :‬سيد الماحي‪( ،‬ص‪ ،)29‬وكتاب نجران يف أطوار التاريخ‪ ،‬محمد بن‬
‫أحمد العقيلي‪( ،‬ص‪ ،)124‬وكتاب نجران تاريخ وإنسان‪ ،‬محمد طحنون‪( ،‬ص‪،)56،123‬‬
‫وكتاب نجران‪ ،‬محمد أبو ساق‪( ،‬ص‪ ،)126‬وكتاب من مذكرات تركي بن محمد بن تركي‬
‫الماضي‪( ،‬ص‪ ،)420‬وكتاب يف بًلد عسير‪ ،‬فؤاد حمزة‪( ،‬ص‪ ،)173‬وكتاب مرتفعات الجزيرة‬
‫العربية‪( ،‬ج‪ ،)682/2‬هاري سانت جون فيلبي‪ ،‬مكتبة العبيكان‪.‬‬
‫(‪ )2‬علي بن سليمان بن الحسن‪ .‬من الدعاة المطلقين لفرقة البهرة السليمانية وهو مؤلف كتاب‪:‬‬
‫«إسعاف الطالب يف جمع المطالب»‪ ،‬وكتاب حياة األحرار وحبائل األحبار‪ ،‬وقد رتبه يف ثمانية‬
‫فصًل‪ ،‬وذلك يف تاريخ الرابع من شهر رجب من السنة الثانية والخمسين بعد األلف‪،‬‬
‫ً‬ ‫وعشرين‬
‫والمنسوخ بخط‪ :‬عبد الطيب بن الحاج محمد يف‪1286/7/1 :‬هـ يف حصن مناخة باليمن‪ ،‬تويف‬
‫عام ‪1088‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬تاريخ الدعوة اإلسماعيلية‪ ،‬لمصطفى غالب‪ ،‬جدول رقم‪ ،)3( :‬وكتاب‬
‫اإلسماعيليون «كشف األسرار ونقد األفكار» لعادل سالم‪( ،‬ص‪ ،)382‬وكتاب معجم التاريخ‬
‫اإلسماعيلي‪ ،‬تأليف‪ :‬فرهاد دفرتي‪ ،‬ترجمة سيف الدين القصير‪( ،‬ص‪ ،)298‬وكتاب صحيفة‬
‫الصًلة اإلسماعيلية‪ ،‬لمؤلفها‪ :‬المنصوب سيد نصر اهلل‪( ،‬ص‪ ،)687‬المطبوع يف حيدر آباد‪ ،‬سنة‬
‫(‪1390‬هـ)‪.‬‬
‫(‪ )3‬كتاب العتيبي‪( ،‬ص‪ ،)41‬وكتاب إسماعيلية اليمن السليمانية‪ ،‬حمود زايد نوفل‪( ،‬ص‪،)264‬‬
‫وكتاب اإلسماعيليون‪ :‬تاريخهم وعقائدهم‪ ،‬تأليف‪ :‬فرهاد دفرتي (ص‪.)496‬‬
‫‪72‬‬

‫(الداودية)‪ ،‬وتأليف الكتب‪ ،‬ومنها‪( :‬إسعاف الطالب يف جمع المطالب)‪.‬‬


‫(‪)1‬‬
‫‪ 30‬ـ ثم تولى بعده إبراهيم بن محمد بن الفهد بن صًلح المكرمي‬
‫رئاسة الدعوة‪ ،‬وهو الداعي الـ(‪ )30‬يف تسلسل دعاة المذهب وكان ذلك يف‪:‬‬
‫(‪ 18‬شعبان ‪1088‬هـ‪16/‬أكتوبر ‪1677‬م)‪ ،‬وهو أول داعية للمكارمة‪ ،‬ولد يف‬
‫أحمد أباد بالهند‪ ،‬وهو األخ من األم للداعيين الهنديين السابقين له‪ :‬جعفر‪،‬‬
‫وعلي ابني سليمان‪ ،‬وهو الذي نقل الدعوة إلى اليمن مر ًة أخرى إلى بلدة‬
‫(‪)2‬‬
‫طيبة‪ ،‬وبعد عودته إلى اليمن سجنه المتوكل على اهلل إسماعيل يف شهارة‬
‫واستقر فيها حتى وفاته‪ ،‬يف (‪17‬‬
‫َّ‬ ‫‪ 14‬سنة‪ ،‬ثم أطلقه‪ ،‬وعاد إلى طيبة‬
‫صفر‪1094‬هـ‪ 15/‬فرباير ‪1683‬م)‪ ،‬ودفن يف طيبة‪ ،‬وقد ذكر أحد المؤرخين‬
‫أنه رجع عن المذهب اإلسماعيلي أثناء سجنه‪ ،‬يقول المؤرخ‪ ...« :‬وقبض‬

‫(‪ )1‬هو أول داعية للمكارمة‪ ،‬وهو من الدعاة المطلقين لسليمانية‪ ،‬انظر‪ :‬كتاب تاريخ الدعوة‬
‫اإلسماعيلية‪ ،‬لمصطفى غالب‪ ،‬جدول رقم‪ ،)3( :‬وكتاب الكويتي اإلسماعيليون (كشف األسرار‬
‫ونقد األفكار)‪ ،‬لعادل سالم‪( ،‬ص‪ ،)382‬وكتاب نجران يف أطوار التاريخ‪ ،‬محمد بن أحمد‬
‫العقيلي‪( ،‬ص‪ ،)124‬وكتاب اإلسماعيليون‪ :‬تاريخهم وعقائدهم‪ ،‬تأليف‪ :‬د‪ /‬فرهاد دفرتي‬
‫(ص‪ ،)496‬وكذلك كتاب معجم التاريخ اإلسماعيلي‪ ،‬تأليف‪ :‬د‪ /‬فرهاد دفرتي‪ ،‬ترجمة سيف‬
‫الدين القصير‪( ،‬ص‪ ،)298‬وكتاب مختصر تاريخ اإلسماعيلية‪ ،‬د‪ /‬فرهاد دفرتي‪( ،‬ص‪،)341‬‬
‫وصحيفة الصًلة اإلسماعيلية‪ ،‬لمؤلفها‪ :‬المنصوب سيد نصر اهلل‪( ،‬ص‪ ،)687‬المطبوع يف حيدر‬
‫آباد‪ ،‬سنة (‪1390‬هـ)‪ ،‬وكتاب خًلصة العسجد‪ ،‬عبدالرحمن البهكلي (ص‪.)131‬‬
‫معقًل لهم ويحتمون فيه‪.‬‬
‫ً‬ ‫كثيرا ما كان يتخذه األئمة الزيدية‬
‫(‪ )2‬شهارة‪ :‬حصن مشهور من بًلد األهنوم‪ً ،‬‬
‫الحجري مجموع اليمن وقبائلها (‪.)460/2‬‬
‫‪73‬‬

‫على المكرمي وصنوه(‪ ،)1‬فحبسه يف شهارة المحروسة باهلل أكثر من اثنتي‬


‫عشرة سنة‪ ،‬وقد أظهر مع بقائه الرباءة من الباطنية‪ ،‬وكذا مما ال يعرف اإلمام‬
‫عليه السًلم صدق توبته‪ ،‬وهو اآلن يف شهارة المحروسة باهلل يف تاريخ اثنين‬
‫ٍ‬
‫لكثير من أهل هذا المذهب الرجوع عنه‪،‬‬ ‫وسبعين وألف (‪1661‬م)‪ ،‬وظهر‬
‫والتوبة منه‪ ،‬بمعنى ظهر عليهم أثرها‪ ،‬وانتشر عنهم ِذكرها‪ ،‬وإن كان قد أظهروا‬
‫جمي ًعا ذلك‪ ،‬فمنهم األمير جعفر بن علي الداعي من بني األنف(‪ )2‬وأمراؤهم‬
‫المشهورون‪ ،‬فإنه رجع وتاب وباينهم»(‪.)3‬‬
‫وقد بقي هذا المنصب الوراثي منذ ذلك الحين يف أسرة المكارمة‪ ،‬ولم‬

‫وصنوا ٌن‪ ،‬واألنثى ِصنوة‪ .‬يقال‪ :‬فًلن ِصنو‬


‫(‪ )1‬صنو الرجل‪ :‬األخ الشقيق والعم واالبن‪ ،‬والجمع أصناء ِ‬

‫فًلن أي‪ :‬أخوه‪ .‬وأصل ِصنو إنما هو يف النَّخل‪ .‬أي‪ :‬أن تطلع نخلتان أو ثًلث من أصل واحد‪.‬‬
‫انظر‪ :‬الجوهري‪ ،‬الصحاح‪ ،)1748/2( ،‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،)295/8( ،‬الفيروز آبادي‪،‬‬
‫القاموس المحيط‪( ،‬ص‪ ،)1198‬إبراهيم أنيس‪ ،‬المعجم الوسيط‪.)552/1(،‬‬
‫(‪ )2‬هناك أكثر من شخصية من بني األنف عارضوا دعاة المكارمة‪ ،‬وانضموا إلى دعاة الهنود الداؤدية‪،‬‬
‫تعبيرا عن سخطهم بعد أن خرجت الدعوة منهم وصارت بأيدي‬
‫ً‬ ‫ولعل معارضتهم تلك كانت‬
‫المكارمة‪ .‬انظر‪ :‬كتاب إسماعيلية اليمن السليمانية‪ ،‬حمود زائد نوفل‪( ،‬ص‪.)74‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬كتاب «تحفة األسماع واألبصار بما يف سيرة المتوكلية من غرائب األخبار»‪ ،‬تأليف‪ :‬العًلمة‬
‫المؤرخ المطهر بن محمد بن أحمد بن عبد اهلل الجرموزي (‪1076 - 1003‬هـ)‪ ،‬دراسة‬
‫وتحقيق‪:‬عبد الحكيم عبد المجيد الهجري المجلد األول‪( ،‬ص‪ ،)309‬وكتاب خًلصة العسجد‪،‬‬
‫عبدالرحمن البهكلي‪( ،‬ص‪.)47 ،46‬‬
‫‪74‬‬

‫يخرج عنهم إال يف حاالت نادرة واستثنائية(‪.)1‬‬


‫‪ 31‬ـ فخلفه حفيده‪ ،‬محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن محمد بن الفهد‬
‫بن صًلح المكرمي‪ ،‬وقد تولى رئاسة المذهب اإلسماعيلي يف (‪17‬‬
‫صفر‪1094‬هـ‪ 15/‬فرباير ‪1683‬م) وتويف يف (‪ 26‬ربيع أول‪1129‬هـ‪/‬‬
‫‪10‬مارس ‪1717‬م)‪ ،‬ودفن يف نجران‪ ،‬وهو الداعي الـ(‪ )31‬يف تسلسل دعاة‬
‫المذهب السليماين‪ ،‬تولى رئاسة الدعوة بعد جده إبراهيم‪ ،‬وهو الذي تجدد‬
‫بينه وبين المهدي صاحب المواهب(‪ )2‬خًلف أدى إلى ترحيله خارج طيبة‪،‬‬
‫فهرب إلى الحديدة ‪ ،‬ومنها أبحر إلى القنفذة(‪ ،)3‬حيث إنه قد عقد العزم على‬

‫(‪ )1‬الداعي الـ(‪ )41‬الحسن بن إسماعيل شبام‪ ،‬والداعي الـ(‪ )45‬علي محسن شبام‪ ،‬والداعي الـ (‪)46‬‬
‫غًلم حسين بن فرحات الهندي‪ .‬هؤالء الدعاة الثًلثة ليسوا من المكارمة‪ ،‬انظر‪ :‬كتاب العقد‬
‫الممتاز يف أخبار هتامة والحجاز‪ ،‬مقبل بن عبد العزيز الذكير‪( ،‬ص‪ ،)20‬وكتاب بيان عن العًلقات‬
‫بين المملكة العربية السعودية واإلمام يحيى حميد الدين‪ ،‬وزارة الخارجية السعودية‪( ،‬ص‪.)174‬‬
‫(‪ )2‬اإلمام المهدي محمد بن أحمد بن الحسين المعروف صاحب المواهب‪ .‬خًلصة العسجد‪،‬‬
‫(ص‪.)238‬‬
‫(‪ )3‬كتاب تاريخ المخًلف السليماين‪ ،‬تأليف‪ :‬محمد بن أحمد العقيلي (ص‪ ،)1112‬وكتاب دور آل‬
‫المتحمي يف مد نفوذ الدولة السعودية األولى يف عسير وما جاورها‪ ،‬تأليف‪ :‬أحمد يحيى أحمد آل‬
‫فائع (ص‪ ،)139‬وكتاب مرتفعات الجزيرة العربية‪ ،‬فليبي‪ ،)686 ، 685/2( ،‬وكتاب نجران يف‬
‫أطوار التاريخ‪ ،‬محمد أحمد العقيلي‪( ،‬ص‪.)127 -124‬‬
‫والقنفذة‪ :‬إحدى المواين الرئيسة لبًلد هتامة والسراة على ساحل البحر األحمر‪ ،‬وهي تقع بين مكة‬
‫المكرمة وجازان‪ ،‬وهي إلى مكة أقرب حيث تبعد عنها (‪300‬كم) تقريبًا‪.‬‬
‫للمزيد انظر‪ :‬شرف الربكايت الرحلة اليمانية (ص‪ ،)67،133 - 46‬وكتاب عاتق البًلدي‪ ،‬بين مكة‬
‫=‬
‫‪75‬‬

‫السفر إلى الهند‪ ،‬ولكن الظروف لم تساعده‪ ،‬فانتقل إلى نجران بدر‬
‫الجنوب(‪.)1‬‬
‫يقول مؤلف كتاب «نجران الحديثة»‪« :‬وقد كانت بدر الجنوب هي الحد‬
‫مركزا لهم‪ ،‬فعمروها‬
‫الفاصل بين قبائل يام وقبائل قحطان‪ ،‬واتخذها المكارمة ً‬
‫ببناءات طينية تتميز بدقة الهندسة‪ ،‬وبديع التصميم‪ ،‬ويسكن وادي بدر‬
‫الجنوب قبائل المضمار‪ ،‬وهم من قبيلة آل أحمد بن فاضل من مذكر»(‪،)2‬‬

‫= واليمن‪( ،‬ص‪ ،)169 - 109‬وكتاب مصادر تاريخ الجزيرة العربية يف تركيا‪ ،‬سهيل صابان‬
‫(الرياض‪ .‬مكتبة الملك فهد الوطنية‪1423 ،‬هـ‪2002/‬م) (ص‪ )67‬وما بعدها‪.‬‬
‫(‪ )1‬ذكرت بعض المصادر التاريخية أن (بدر) كانت تسمى الجمعة‪ ،‬وأن محمد بن إسماعيل المكرمي‬
‫هو الذي غير اسمها تيمنًا بب لدته بالهند‪ ،‬واسمها‪( :‬بدر باغ بومباي)‪ ،‬وذلك يف القرن الثاين عشر‪،‬‬
‫والحقيقة أن هذا الكًلم غير صحيح فقد ذكر الهمداين يف كتابه «صفة جزيرة العرب» (ص‪،)226‬‬
‫وهو يف القرنين الثالث والرابع الهجريين (التاسع والعاشر الميًلديين) بأن‪« :‬ليام وطن بنجران‪،‬‬
‫نصف ما مع همدان منها‪ ...‬حبونن‪ ،‬وبدر وصيحان وقابل نجران وهدادة والحظيرة بأعلى‬
‫حبونن»‪ ،‬وقد ذكرت هبذا االسم‪(:‬بدر) عند مرور األميرين القاسم ومحمد ابني جعفر بن اإلمام‬
‫العياين (ق‪4‬هـ‪ /‬ق‪11‬م)‪ ،‬انظر‪ :‬كتاب القول المكتوب يف تاريخ الجنوب‪ ،‬عسير ونجران‪،‬‬
‫(ص‪ ،)334‬فقد ذكروا مرورهما بـ (بدر) يف نجران ثم سنحان فشريف فعبيدة حتى دخًل إلى بًلد‬
‫شهران‪ ،‬واستقرا يف وادي ترج على وادي بيشة‪ ،‬وكتاب البيان يف تاريخ جازان وعسير ونجران‪،‬‬
‫تأليف‪ :‬عبد الواحد محمد دالل‪ ،‬هامش (ص‪ ،)72‬وكتاب سيرة اإلمام يحيى وبناء الدولة اليمنية‬
‫الحديثة‪ ،‬تأليف‪ :‬عبد الكريم بن أحمد مطهر‪( ،‬ص‪ ،)190‬وكتاب العًلقات السعودية اليمنية‪ ،‬أ‪.‬‬
‫د‪/.‬محمد سعيد منشط الشعفي‪ ،‬ط‪ :‬األولى ‪1414‬هـ‪( ،‬ص‪ ،)170‬وكتاب بين مكة وحضرموت‪،‬‬
‫عاتق بن غيث البًلدي الحربي‪( ،‬ص‪.)132 - 131‬‬
‫(‪ )2‬كتاب نجران الحديثة‪ ،‬تأليف‪ :‬سيد الماحي‪( ،‬ص‪ ،)113‬وموسوعة المملكة العربية السعودية‪،‬‬
‫(‪.)149/5‬‬
‫‪76‬‬

‫وكان أهالي نجران على مذهب اإلمام الشافعي(‪ ،)1‬وكان هناك قلة اعتنقوا‬
‫اإلسماعيلية منذ عصر الدولة الصليحية‪ ،‬والدويًلت التي ورثتها مذهب ًّيا مثل‬
‫بعض بني حاتم الهمدانية‪ ،‬ولكن الغالبية سنة شوافع‪ ،‬ونجران سنية على مر‬
‫العصور‪ ،‬وما اإلسماعيلية إال مذهب طارئ اعتنقه أقلية(‪ ،)2‬وهذا المستشرق‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬كتاب من مذكرات تركي بن محمد بن تركي الماضي‪( ،‬ص‪ ،)420‬وكتاب بين مكة‬
‫وحضرموت‪ ،‬عاتق بن غيث البًلدي‪( ،‬ص‪ ،)336‬وكتاب نجران يف أطوار التاريخ‪ ،‬محمد بن‬
‫المستَبصر‪ ،‬البن المجاور‪( ،‬ص‪ ،)209‬وكتاب السراج‬
‫أحمد العقيلي‪( ،‬ص‪ ،)123‬وكتاب تاريخ ُ‬
‫المنير يف سيرة أمراء عسير‪ ،‬تأليف‪:‬عبداهلل بن مسفر بن علي‪( ،‬ص‪ ،)147‬ط‪1398( :1‬هـ)‪ ،‬الناشر‬
‫مؤسسة الرسالة بيروت‪ ،‬وكتاب نجران دراسة تاريخية حضارية‪ ،‬تأليف‪ :‬أ‪ .‬د غيثان بن علي بن‬
‫جريس‪ ،‬الطبعة األولى‪ :‬لعام ‪1425‬هـ ‪2004 -‬م‪( ،‬ص‪ ،)391 ،111‬وكذلك الكتاب‬
‫(ج‪ ،)128/15‬وكتاب البيان يف تاريخ جازان وعسير ونجران‪ ،‬تأليف‪ :‬عبد الواحد محمد دالل‪،‬‬
‫(ص‪ )17‬هامش رقم‪ ،)2(:‬وكتاب دور آل المتحمي يف مد نفوذ الدولة السعودية األولى يف عسير‬
‫وما جاورها‪ ،‬تأليف‪ :‬أحمد يحيى أحمد آل فائع‪( ،‬ص‪ ،)139‬وكتاب يف القرون اإلسًلمية‬
‫الوسيطة‪ ،‬أ‪ .‬د‪ .‬عبداهلل بن محمد أبو داهش‪( ،‬ص‪ ،)66‬وكتاب مرتفعات الجزيرة العربية‪،‬‬
‫(‪ ،)683/2‬هاري سانت جون فيلبي‪ ،‬مكتبة العبيكان‪ ،‬وكتاب تاريخ هتامة والسراة (ق‪ - 1‬ق‪/10‬‬
‫ق‪16 - 7‬م) المسمى تاريخ الجنوب‪( :‬الباحة وعسير‪ ،‬جازان ونجران)‪ ،‬تأليف‪ :‬أ‪.‬د‪ /.‬غيثان بن‬
‫علي بن جريس‪ ،)353/2( ،‬وكتاب القول المكتوب يف تاريخ الجنوب ‪ -‬عسير ونجران ‪-‬‬
‫تأليف‪:‬أ‪.‬د‪/.‬غيثان بن علي بن جريس‪ ،)341/3( ،‬وموسوعة المملكة العربية السعودية‪،‬‬
‫(‪ ،)140/5‬وكتاب القول المكتوب يف تاريخ الجنوب ‪ -‬عسير ونجران ‪ -‬تأليف‪:‬أ‪.‬د‪/.‬غيثان بن‬
‫علي بن جريس‪ ،)55/8( ،‬وكتاب‪( :‬رؤية اليمن بين حبشوش وهاليفي)‪ ،‬حييم بن يحيى بن سالم‬
‫الفتيحي وحبشوش‪ ،‬وجزيف هالي‪ ،‬مركزالبحوث والدراسات اليمني‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫‪1412‬هـ‪1992/‬م‪( ،‬ص‪ ،)163‬وكتاب الشيعة السعوديون‪ ،‬إبراهيم الهطًلين‪( ،‬ص‪.)199‬‬
‫(‪ )2‬ويف الوقت الحاضر الشائع والفكرة العامة إن أهل نجران ويام عمو ًما إسماعيلية وهذا تعميم وخطأ‬
‫كبير‪ ،‬وهي فكرة غير صحيحة‪.‬‬
‫‪77‬‬

‫(جون لويس بور كهارت)(‪ )1‬ينقل صورة واقعية يف ذلك الوقت البعيد عن أهل‬
‫أيضا المستوطنون‬
‫نجران‪ ،‬فيقول‪« :‬وبني يام هؤالء منهم البدو‪ ،‬ومنهم ً‬
‫(الحضر)‪ ...‬يف حين نجد السواد األعظم من البدو هم من أتباع المذهب‬
‫السني‪ ،‬وإن شئت فقل‪ :‬مسلمون أصوليون»(‪.)2‬‬
‫(‪)3‬‬
‫حيث ارتحل الداعي‬ ‫واستمر الداعي يف بدر إلى عام (‪1119‬هـ)‬
‫(محمد بن إسماعيل) إلى الشط(‪ )4‬وحل بالدرب والمعروف يف ذلك الوقت‬
‫أثر يف وقتنا الحاضر ‪ -‬وأقام هناك‬
‫يبق له ٌ‬
‫وعمر هناك مسجدً ا – لم َ‬
‫بـ(حيان)‪َّ ،‬‬
‫ثًلث سنين‪ ،‬وبعد ذلك ارتحل إلى نجران‪ ،‬وقد أشار إليه الفقيه جابر بن مانع‬

‫(‪ُ )1‬ولد بوركهارت يف لوزان بسويسرا عام ‪1784‬م ‪ ،‬ودرس العربية والدين اإلسًلمي يف بريطانيا‪ .‬وأوفدته‬
‫عمق دراسته يف حلب ‪ ،‬ودرس القبائل هناك‪ ،‬واشتهر باكتشاف بيرتا‬ ‫الرابطة الربيطانية إلى َّ‬
‫الشرق ؛ ثم َّ‬
‫ثم سافر إلى مصر‪ ،‬ومن هناك سافر إلى الحجاز؛‬
‫التي كانت عاصمة لألنباط ومركز تجارة القوافل‪َّ .‬‬
‫مكة عام ‪1814‬م‪ .‬ثم عاد منها إلى مصر يف العام التالي‪ .‬و ُتويف بالقاهرة سنة ‪1817‬م‪،‬‬
‫حيث وصل إلى َّ‬
‫ُ‬
‫و ُدفن يف مقربة المسلمين‪َّ .‬‬
‫ولعل أوىف ترجمة له تلك التي كتبها روبن بيدول يف كتابه الذي ترجم‬
‫عنوانه‪«:‬رحالة يف الجزيرة العربية»‪ ،‬والذي ُطبع يف لندن عام ‪1976‬م‪.‬‬
‫َّ‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬كتاب ترحال يف الجزيرة العربية‪ ،‬تأليف‪ :‬جون لويس بوركهارت‪ ،‬ترجمة وتقديم‪ :‬صربي‬
‫محمد حسن‪( ،‬ص‪.)251‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬كتاب نجران تاريخ وإنسان‪ ،‬تأليف‪ :‬محمد طحنون‪( ،‬ص‪.)79‬‬
‫(‪ )4‬شط لسلوم‪ :‬شط الوادي كشط النهر‪( .‬ولسلوم قبيلة من يام يتكونون من خمسة أفخاذ‪ :‬آل صليع‪،‬‬
‫وآل عامر‪ ،‬والخضرة‪ ،‬وآل قريع‪ ،‬وبني هميم‪ ،‬وشيخهم ابن قعوان)‪ ،‬وهذه القرية يف وسط وادي‬
‫حبونا‪ ،‬وأصبحت هذه القرية تسمى (حبونا)‪ ،‬انظر‪ :‬كتاب بين م َّكة وحضرموت‪( ،‬ص‪،)204‬‬
‫المقدم‪ :‬عاتق بن غيث البًلدي الحربي‪.‬‬
‫‪78‬‬

‫بن قطيان آل نصيب‪ ،‬والمتوىف سنة ‪1140‬هـ بعمارة الحصن المقابل لسلوة‪،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫و«العان» وهو آثار محل قديم كان مأوى‬ ‫وهو باسم قبيلة آل العرجاء‬
‫وسماه قصر (سعدان)‪ ،‬ولهم حصن يف طيبة هبذا‬
‫َّ‬ ‫فعمره‬
‫للسراق والهوام‪َّ ،‬‬
‫االسم‪ ،‬وانتقل إليه‪ ،‬وكان ذلك يف ‪ 26‬ذي الحجة من عام ‪1122‬هـ(‪.)3()2‬‬

‫(‪ )1‬قبيلة آل العرجاء‪ :‬من قبائل الوعلة‪ ،‬وهم أوالد محمد بن سليمان بن وعيل‪ ،‬ولقب (آل العرجاء)‬
‫نسب ًة أل ِّمهم من قبيلة قحطان‪ُ ،‬عرف عنهم الشجاعة والفروسية‪ ،‬ولهم عدود (أبيار مياه مطوية) مثل‪:‬‬
‫حمى‪ ،‬والوجيد‪ ،‬والزفر‪ ،‬وقد برز منهم مشايخ وقادة حروب‪ ،‬مثل‪ :‬مجحود بن علي العرجاين‪،‬‬
‫ومجهار‪.‬‬
‫نقًل عن مخطوطة (جًلء‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬كتاب نجران تاريخ وإنسان‪ ،‬تأليف‪ :‬محمد طحنون‪( ،‬ص‪ً ،)79‬‬
‫األفكار) لمحمد بن عبداهلل بن سليمان المكرمي‪ ،‬انظر‪ :‬كتاب قبائل نجران على الموقع‪:‬‬
‫‪ ،)www.najran.ccnajran.cc@gmail.com‬لمجلة قبائل نجران على شبكة اإلنرتنت‪،‬‬
‫(ص‪1432( ،)63‬هـ ‪2011 -‬م‪ .‬النسخة العاشرة)‪.‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬كتاب تاريخ الدعوة اإلسماعيلية‪ ،‬لمصطفى غالب‪ ،‬جدول رقم‪ ،)3( :‬وكتاب الكويتي‬
‫اإلسماعيليون (كشف األسرار ونقد األفكار)‪ ،‬لعادل سالم‪( ،‬ص‪ ،)382‬وكتاب صحيفة الصًلة‬
‫اإلسماعيلية (ص‪ ،)685‬واإلسماعيلية وفرقها حقائق ووثائق‪ ،‬لعبد الرحمن المجاهد‪( ،‬ص‪،)246‬‬
‫وكتاب إسماعيلية اليمن السليمانية‪ ،‬حمود زايد نوفل (ص‪ ،)265‬وقد حدد دخول المكرمي لنجران‬
‫بين (‪1109‬هـ ‪1111 -‬هـ)‪( ،‬ص‪ ،)79‬وكتاب أسرار الباطنية‪ ،‬تأليف‪ :‬محمد بن مالك الحمادي‪،‬‬
‫تحقيق‪ :‬محمد بن حسين األكوع‪ ،‬مركز الدراسات والبحوث اليمني‪ ،‬صنعاء (ص‪ ،)29 - 25‬وكتاب‬
‫يف بًلد عسير‪ ،‬فؤاد حمزة‪( ،‬ص‪ ،)186 ،174‬وكتاب نجران األرض والناس والتاريخ‪ ،‬تأليف‪ :‬سيد‬
‫الماحي‪( ،‬ص‪ ،)29‬وكتاب تاريخ المخًلف السليماين‪ ،‬محمد بن أحمد العقيلي‪( ،‬ج‪- 1112 /2‬‬
‫‪ ،)1113‬وكتاب دور آل المتحمي يف مدِّ نفوذ الدولة السعودية األولى يف عسير وما جاورها‪ ،‬تأليف‪:‬‬
‫أحمد بن يحيى آل فائع‪( ،‬ص‪ ،)238‬وكتاب نجران‪ ،‬محمد أبو ساق‪( ،‬ص‪ ،)126‬وكتاب نجران‬
‫تاريخ وإنسان‪ ،‬تأليف‪ :‬محمد طحنون‪( ،‬ص‪ ،)56‬وكتاب اإلسماعيليون‪ :‬تاريخهم وعقائدهم‪،‬‬
‫=‬
‫‪79‬‬

‫وهناك رواية أخرى أن طريقه كانت عن طريق (قرية القرن)‪ ،‬ثم وادي‬
‫مرورا بوادي مطارة وكهًلن‪ ،‬ثم الشط‪ ،‬ثم وادي الحبناء‪ ،‬ثم سرو‬
‫ً‬ ‫صيحان‬
‫(المرحى)‪ ،‬ثم نزل يف قرية هدادة‪ ،‬ثم اتجه‬
‫َّ‬ ‫شكًللة‪ ،‬ثم فرع الجبل‪ ،‬ثم سرو‬
‫مرورا بما يسمى يف‬
‫ً‬ ‫إلى نجران عن طريق حزم الشرى‪ ،‬ثم الغثمة‪ ،‬ثم استمر‬
‫وقتنا الحاضر بـ(بئر عسكر)‪ ،‬ثم اتجه يمينًا مع الطريق النازل طريق (مغرة)‪،‬‬
‫وهو طريق القوافل القديم‪ ،‬وعند وصوله إلى نجران أشار إليه جابر بن مانع‬
‫بن قطيان آل نصيب بعمارة الحصن المقابل لسلوة‪ ،‬وهو باسم قبيلة آل‬
‫العرجاء‪.‬‬
‫‪ 32‬ـ الداعي هبة اهلل بن إبراهيم بن محمد بن الفهد المكرمي‪ ،‬تولى‬
‫رئاسة المذهب اإلسماعيلي يف ‪ 26‬ربيع أول ‪1129‬هـ‪10/‬مارس‪1717‬م‪،‬‬
‫وتويف يف ‪ 25‬صفر ‪1160‬هـ‪ 8/‬مارس‪1747‬م‪ ،‬ودفن يف (سلوة نجران)‪ ،‬وهو‬

‫= تأليف‪ :‬د‪ /‬فرهاد دفرتي‪ ،‬ترجمة‪ :‬سيف الدين القصير (ص‪ ،)497‬وكذلك كتاب معجم التاريخ‬
‫اإلسماعيلي‪ ،‬تأليف‪ :‬د‪ /‬فرهاد دفرتي‪ ،‬ترجمة‪ :‬سيف الدين القصير‪( ،‬ص‪ ،)298‬وكتاب مختصر‬
‫تاريخ اإلسماعيلية‪ ،‬د‪ /‬فرهاد دفرتي‪( ،‬ص‪ ،)341‬وكتاب البيان يف تاريخ جازان وعسير ونجران‪،‬‬
‫تأليف‪ :‬عبد الواحد محمد دالل‪( ،‬ص‪ )17‬هامش رقم‪ ،)2( :‬وكتاب مرتفعات الجزيرة العربية‪،‬‬
‫فليبي‪ ،)686/2( ،‬وقد ذكر فليبي يف شعب بران بقوله‪( :‬يوجد‪ ...‬توقيعات عديدة لشخصيات‬
‫مكرمية يعود تاريخها للقرن الثاين عشر الهجري‪ .‬كان أول تاريخ رأيته هو (‪1107‬هـ) (‪1696‬م) بينما‬
‫كان آخرها هو (‪1171‬هـ) أو (‪1758‬م)‪ ،‬انظر‪( :‬ج‪ ،)526/1‬وكتاب دخول نجران يف العهد‬
‫السعودي‪ ،‬د‪ .‬علوي عمر بن فريد‪( ،‬ص‪ ،)42‬وكتاب نجران يف أطوار التاريخ‪ ،‬ط‪1،1404‬هـ‪ ،‬محمد‬
‫بن أحمد العقيلي‪( ،‬ص‪.)127 - 124 ،113‬‬
‫‪80‬‬

‫عم محمد بن إسماعيل‪ ،‬وخليفته‪ ،‬استنجد به ولده علي الساكن بطيبة‪ ،‬فأنجده‬
‫واستغل الفرصة اإلمام المنصور الحسين بن المتوكل‪ ،‬وحالفهم ضد أعدائه‬
‫(‪)2‬‬
‫تقديرا لهم أهنم نصروه‪ ،‬لكنه‬
‫ً‬ ‫من آل القاسم‪ ،‬ووعدهم بحراز(‪ )1‬والحيمة‬
‫مقررا‬
‫ً‬ ‫نكث بعهده مما أدى إلى حروب بينهم انتهت بإعطائهم بعض ما كان‬
‫(‪)4‬‬
‫ابن‬ ‫لهم‪ ،‬ويف عهده حدثت أول هنب لتهامة(‪ ...( ،)3‬وهنبوا بيت الفقيه‬
‫مًل مستكثر ًة من ال ُع ُرض والدراهم‬
‫الحديدة؛ وأخذوا ُج ً‬
‫ُعجيل‪ ،‬وبندر ُ‬
‫والبهائم‪ .‬ولما ان َصرفوا راجعين إلى نجران‪ ،‬جاءت طريقهم على (مور)‪،‬‬
‫َ‬
‫وأرسل من يستدعيهم له‪ ،‬وأجابوا مناديه‪ ،‬ول َّبوا داعي ُه؛‬ ‫فأحس هبم َّ‬
‫الشريف‪،‬‬ ‫َّ‬

‫(‪َ )1‬ح َراز‪ :‬بًلد معروفة خصبة ذات جبال منيعة ووعرة غرب صنعاء‪ ،‬ما بين صنعاء والحديدة‪ ،‬بعض‬
‫أهلها من الطائفة اإلسماعيلية‪.‬‬
‫(‪ )2‬الحيمة‪ :‬بًلد واسعة غربي صنعاء‪ ،‬وهي منقسمة لقسمين الحيمة الداخلية والحيمة الخارجية وهي‬
‫كثيرة الخيرات‪.‬‬
‫ً‬
‫شماال إلى عدن‬ ‫(‪ )3‬تهامة‪ :‬وهي السهول المحاذية للساحل الشرقي للبحر األحمر‪ .‬وتبدأ من العقبة‬
‫جنوبًا‪ .‬ويقال لها‪ :‬هتامة بصيغة الجمع‪ ،‬وقيل‪ :‬إهنا سميت «هتامة» النخفاض أرضها وشدة حرارهتا‪.‬‬
‫وتنقسم إلى عدَّ ة أقسام‪ ،‬هتامة الحجاز‪ ،‬وهتامة عسير‪ ،‬وهتامة اليمن‪ .‬انظر‪ :‬العقيلي‪ ،‬تاريخ المخًلف‬
‫السليماين‪ ،)62/1( ،‬والمقحفي‪ ،‬معجم البلدان‪ ،)243/1( ،‬وخًلصة العسجد (للبهكلي)‬
‫(ص‪.)41‬‬
‫تم أول هنب لبيت الفقيه من قبائل يام عام‪1142( :‬هـ‪1729/‬م)‪ ،‬انظر‪ :‬كتاب مئة عام من تاريخ‬
‫(‪َّ )4‬‬
‫اليمن الحديث‪ ،‬الدكتور‪ :‬حسين عبداهلل العمري‪( ،‬ص‪ ،)99 ،98‬انظر‪ :‬كتاب قبائل نجران على‬
‫الموقع‪ ،)www.najran.ccnajran.cc@gmail.com :‬لمجلة قبائل نجران على شبكة‬
‫اإلنرتنت‪( ،‬ص‪1432( ،)65‬هـ ‪2011 -‬م‪ .‬النسخة العاشرة)‪.‬‬
‫‪81‬‬

‫(الموقص)‪،‬‬ ‫َفت َّ‬


‫َقوى هبم على بني الحارث‪ ،‬ودخل بًلدهم‪ ،‬ثم وقع حرب ُ‬
‫والصغار)(‪ ،)1‬وكانت بقيادة ولده‬
‫َّ‬ ‫فكانت الدائرة عليهم‪ ،‬و ُأنزل هبم ُّ‬
‫الذل‬
‫إسماعيل‪ ،‬وهو أول الدعاة الذين عقدوا تحال ًفا مع أشراف (أبي عريش) يف‬
‫عام ‪1156‬هـ‪1743 /‬م(‪( ،)2‬كان الشريف محمد بن أحمد قد تحالف مع يام‬
‫منذ سنة ‪1155‬هـ‪1742/‬م‪ ،‬وبفضل مساعدة يام وتأييدهم له‪ ،‬استطاع‬
‫الشريف محمد السيطرة على المخًلف‪ ،‬وطرد عمه الشريف حوذان‪.‬‬
‫كما تمتع باستقًلل ذايت واسع يف عًلقته بصنعاء‪ ،‬ولم تدم هذه العًلقة‬
‫الطيبة بين الطرفين‪ ،‬إذ فقد الشريف محمد تأييد يام له؛ وذلك بسبب اغتيال‬
‫عمه حوذان الذي كانت قد ضمنت حياته‪ ،‬ولم تلبث العًلقات بين نجران‬
‫وأبي عريش أن تر َّدت‪ ،‬ومنذ سنة ‪1176‬هـ‪1762/‬م‪ ،‬أصاب الشريف محمد‬
‫اإلفًلس بسبب ما بذله لشراء تأييد قبائل قحطان(‪ ،)3‬وبكيل وغيرها من‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬كتاب خًلصة العسجد‪ ،‬عبدالرحمن بن أحمد البهكلي‪( ،‬ص‪ ،)132 ،131‬وكانت‬
‫يف‪1156(:‬هـ)‪.‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬كتاب إسماعيلية اليمن السليمانية «المكارمة»‪ ،‬تأليف‪ :‬حمود زايد نوفل‪( ،‬ص‪،)101‬‬
‫وصحيفة الصًلة اإلسماعيلية‪ ،‬لمؤلفها‪ :‬المنصوب سيد نصر اهلل‪( ،‬ص‪ ،)687‬المطبوع يف حيدر‬
‫آباد‪ ،‬سنة (‪1390‬هـ)‪ ،‬وكتاب تاريخ المخًلف السليماين‪ ،‬محمد بن أحمد العقيلي‪( ،‬ص‪.)393‬‬
‫(‪ )3‬بعض المؤرخين يصف قبائل يام بالمرتزقة‪ ،‬فلماذا لم يوصف غيرهم هبذا الوصف؟‪ .‬وإذا نظرنا‬
‫مظهرا من مظاهر القوة والشجاعة‬
‫ً‬ ‫إلى معايير ذلك العصر الذين يعتربون احرتاف القتال‬
‫دليًل على قوهتم‬
‫والفروسية؛ حيث كانت (يام) تحرتف القتال المنظم تحت رايات ثًلث‪ ،‬وهذا ً‬
‫=‬
‫‪82‬‬

‫القبائل؛ لحماية نفسه من هتديد قبائل يام التي أصبحت معادي ًة له)(‪.)1‬‬
‫[حوادث سنة ‪1142‬هـ‪ 1729/‬م]‬
‫هجوم يام والمكارمة على بيت الفقيه‪:‬‬
‫[قد] ذكر بما َّ‬
‫حل بمدينة بيت الفقيه على يد قبائل يام من نجران يف سنة‬
‫‪1142‬هـ‪1729/‬م بعد أن فتحت لهم قبائل «حاشد» الطريق‪ ،‬وانضم إليهم‬
‫أحمد بن محمد أبو منصور صاحب ذيبين(‪)2‬؛ قال‪:‬‬
‫ُص َّكـــــت بأخبــــار يام فيه ُ‬
‫آذان‬ ‫َو َهل ن َِسي أحدٌ (بيت الفقيه) َو َقد‬
‫وص ُ‬
‫بيان‬ ‫م ًاال وكم سبِيت ُخود ِ‬ ‫كم َعزيز أذلـــــــو ُه وكَم َج َحفـــوا‬
‫ٌ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫أخبار َقد كانوا‬ ‫المو ِ‬
‫اطن يف‬ ‫ِ‬ ‫فالنظم َيع َج ُز َعن َحص ٍر لِ َما َد َخلت‬
‫م َن َ‬ ‫ُ‬
‫وكان المنصور حسين حين بلغه العدوان على بيت الفقيه قد أرسل‬
‫ٍ‬
‫ومدد عاج ٍل من صنعاء‪ ،‬وتمكنت هذه العساكر من اإليقاع بقبائل يام‬ ‫بعساكر‬
‫يف موضع يقال له‪ :‬المحمرة من أطراف هتامة‪ ،‬واستعادوا ما سلبوه بعد أن‬

‫= وكفايتهم معنو ًيا وماد ًّيا ‪ -‬وإال لما كان استعان هبم غيرهم ‪ -‬وهذا فيه مدح لهم يف بيئة لم تكن‬
‫تعرف أو تفهم إال لغة القوة‪ ،‬ولم تكن تقدر يف ذلك الوقت إال القوة‪ ،‬والقوة وحدها؛ وهذا ينايف‬
‫وصف (االرتزاق) الذي يراد منه لمز قبائل يام‪.‬‬
‫(‪ )1‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬نزهة الظريف يف سيرة أوالد الشريف‪ ،‬عبدالرحمن البهكلي‪ ،‬دراسة وتحقيق‪ :‬سعد بن‬
‫مبارك بن سعد‪( ،‬ص‪ ،)78 ،77‬وكتاب‪ :‬خًلصة العسجد‪( ،‬ص‪ ،)55 ،54‬وكتاب‪ :‬العًلقات بين‬
‫أمراء أبي عريش وأمراء عسير‪ ،‬الصميلي‪( ،‬ص‪ ،)24‬وكتاب‪ :‬تاريخ المخًلف السليماين ‪ -‬يف ظل‬
‫حكم أسرة آل خيرات‪ ،‬تحقيق ودراسة‪ :‬فؤاد عبدالوهاب الشامي‪( ،‬ص‪.)59 ،58‬‬
‫(‪ )2‬بلدة يف اليمن‪.‬‬
‫‪83‬‬

‫هزمت يام(‪.)1‬‬
‫‪33‬ـ الداعي إسماعيل بن هبة اهلل بن إبراهيم بن محمد بن الفهد‬
‫المكرمي(‪ ،)2‬تولى رئاسة المذهب اإلسماعيلي يف (‪ 25‬صفر ‪1160‬هـ‪8 /‬‬
‫مارس ‪1747‬م)‪ ،‬وتويف يف (‪ 16‬صفر ‪1184‬هـ‪11/‬يونيو ‪1770‬م)‪ ،‬ودفن يف‬
‫(سلوة نجران)‪ .‬شهدت الطائفة يف عهده أشهر حمًلهتا‪ ،‬وأبعدها جهة‪ ،‬حيث‬
‫أرسل أخاه حسن إلى حضرموت يف عام (‪1171‬هـ‪1758/‬م)‪ ،‬ثم أرسله يف‬
‫عام (‪1178‬هـ‪ 1764/‬م) للحائر(‪.)3‬‬
‫[حوادث سنة ‪1162‬هـ‪1749/‬م]‬
‫قتل الشريف حوذان بن محمد بن أحمد آل خيرات(‪:)4‬‬

‫(‪ )1‬كتاب‪ :‬مئة عام من تاريخ اليمن الحديث‪ ،‬حسين عبداهلل العمري‪( ،‬ص‪ ،)98‬وكتاب‪ :‬نجران تاريخ‬
‫وإنسان‪ ،‬محمد بن طحنون‪( ،‬ص‪ ،)81‬وكتاب‪ :‬عسير يف عهد الملك عبدالعزيز‪ ،‬ودورها السياسي‬
‫واالقتصادي والعسكري‪ ،‬محمد عبد اهلل آل زلفة‪( ،‬ص‪.)458‬‬
‫تم النقل‬
‫(‪ )2‬هو صاحب كتاب (مزاج التسنيم يف التأويل) والذي عني به وصححه‪( ،‬شرتوطمان) وقد َّ‬
‫عن النسخة الخ ِّطية ‪ ،76‬والمحفوظة يف مكتبة امربوسيانه ميًلنو‪.‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬مشاركاته يف غزو المخًلف السليماين كتاب‪[ :‬تاريخ المخًلف السليماين]‪ ،‬محمد بن أحمد‬
‫العقيلي‪( ،‬ص‪ ،)404 ،401،403 ،400‬وكتاب‪ :‬جبال فيفا وبني مالك‪ ،‬أ‪.‬د عبداهلل بن أحمد‬
‫الفيفي‪ ،‬ص‪ ،]52 ،44[:‬وكتاب‪ :‬إسماعيلية اليمن السليمانية‪ ،‬حمود زايد نوفل‪( ،‬ص‪،175‬‬
‫‪ ،)176‬وكتاب‪ :‬خًلصة العسجد‪ ،‬عبدالرحمن البهكلي‪( ،‬ص‪.)277 ،276 ،255‬‬
‫(‪ )4‬الشريف حوذان (‪1163 - ...‬هـ)‪ :‬هو الشريف حوذان بن محمد بن أحمد آل خيرات الحسني‪ ،‬من‬
‫ذوي الهمم العالية والطموحات السامية‪ ،‬تط َّلع إلمارة المخًلف السليماين بعد وفاة أخيه أحمد بن‬
‫=‬
‫‪84‬‬

‫بعد حروب بين الشريف األمير (محمد)‪ ،‬وعمه األمير (حوذان)‪،‬‬


‫ً‬
‫متخذا من المروة قاعد ًة له‪ ،‬ويشن الغارات‬ ‫استمرت مدة طويلة‪ ،‬كان حوذان‬
‫على أطراف المخًلف الجنوبية‪ ،‬فشكا المسارحة على األمير محمد من عمه‬
‫(حوذان)‪ ،‬فأمرهم بقتله‪ ،‬وأرغم (آل خيرات) على الرباءة منه‪( .‬اضطر األمير‬
‫حوذان تحت هذا اإلرهاب إلى الرحيل إلى نجران‪ ،‬وااللتجاء إلى المكارمة‪،‬‬
‫فأكرمه رئيسهم القاضي (إسماعيل المكرمي)(‪ ،)1‬وأخذ يف مكاتبة األمير‬
‫محمد ساع ًيا يف الصلح بينهما حتى توفق إلى ذلك‪ ،‬وأخذ العهود والمواثيق‬
‫ً‬
‫استقباال حسنًا‪،‬‬ ‫على األمير لعمه‪ ،‬وبعثه مع ٍ‬
‫وفد من رؤساء (يام)‪ ،‬فاستقبلهم‬
‫وأظهر لهم استعداده بالوفاء‪ ،‬وقيامه بالعهد الذي قطعه للمكرمي بالعفو عن‬

‫= محمد (‪1154 - ...‬هـ)‪ ،‬فسبقه إليها ابن أخيه األكرب محمد بن أحمد بن محمد آل خيرات (‪...‬‬
‫والخاصة‪ ،‬وحين‬
‫َّ‬ ‫‪1184 -‬هـ)؛ حيث بادر بتصدر اإلمارة بعد وفاة والده مباشرة وانقاد له العا َّمة‬
‫هم بمنازعته فلم يتمكن يف بداية األمر‪ ،‬لكنه مع ذلك لم يستسلم لألمر‬
‫علم الشريف حوذان بذلك َّ‬
‫دب بينه وبين ابن أخيه صراع على إمارة المخًلف السليماين طال أمده‬
‫الحادث؛ حيث لم يلبث أن َّ‬
‫حتى استطاع أن يقصي ابن أخيه عن إمارة المخًلف ويتوالها لمدَّ ة عام كامل‪ ،‬لكن ابن أخيه ما‬
‫عمه عن اإلمارة بالكلية‪،‬‬
‫عمه حوذان بعد معارك ومًلحم طويلة فأقصى َّ‬
‫لبث أن اسرت َّد اإلمارة من ِّ‬
‫َّ‬
‫وظل الصراع بين الشريف (حوذان) وابن أخيه الشريف (محمد بن أحمد) حتى انتهى بقتل‬
‫الشريف حوذان غيلة بمدينة أبي عريش يف عام‪1163( :‬هـ)‪ .‬انظر‪ :‬تفاصيل ذلك الصراع يف كتاب‪:‬‬
‫خًلصة العسجد (للبهكلي) (ص‪ ،)208 - 117،199‬وكتاب المخًلف السليماين‪ ،‬محمد بن‬
‫أحمد العقيلي‪.)401 - 400 ،395/1( ،‬‬
‫(‪ )1‬هو‪ :‬الداعي إسماعيل بن هبة اهلل بن إبراهيم بن محمد بن الفهد المكرمي رقم‪ ،)33( :‬انظر‪ :‬ترجمته‬
‫يف الصفحة السابقة‪.‬‬
‫‪85‬‬

‫عمه‪ ،‬وكان قد صمم على غير ذلك‪ ،‬واستعد بقو ٍم من أهل الجوف لقتل عمه‬
‫ِغيل ًة(‪.)1‬‬
‫التنفيذ‪ :‬أخذ بعد مغادرة الوفد يدبر المكائد للتخلص من عمه‪ ...‬وبعد‬
‫مسلما‪ ،‬وكان قد دبر األمير مع الجوفيين‪،‬‬
‫ً‬ ‫ذلك بأيام دخل عمه عليه كعادته‬
‫وبعد أن سلم واستقر به المجلس‪ ،‬قرب األمير‪ ،‬أشار األمير إلى أحد الجوفيين‬
‫إشار ًة خفيةً‪ ،‬فتقدم الجويف موريا أنه يريد السًلم على األمير حوذان‪ ،‬وتناول‬
‫يده‪ ،‬وانكب على إهبامه بفمه حتى أباهنا أو كادت‪ ،‬ثم دفعه إلى الحائط فدفعه‬

‫وهب واق ًفا‪َّ ،‬‬


‫وهم أن ينتضي سيفه‪ ،‬فلم تمكنه يمناه الدامية‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫األمير حوذان‬
‫فانتضاه بيسراه‪ ،‬وطعن الجويف‪ ،‬والتفت قاصدً ا ابن أخيه فضربه هذا بحد سيفه‬
‫على ُأ ِّم رأسه‪ ،‬فخر مغش ًّيا عليه‪ ،‬ثم طعنه آخر حتى فاضت نفسه‪ ،‬وهبذه الطريقة‬
‫الغادرة الممقوتة قضى على (عمه) يف مجلسه‪ ،‬ثم تولى أحد أقربائه إخراج‬
‫جثمانه من الدار‪ ،‬وتجهيزه ومواراته‪ ،‬تغشاه اهلل برحمته‪ ،‬وذلك يف ‪10‬رمضان‬
‫‪1163‬هـ‪1750/‬م(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬المصدر‪ :‬المخًلف السليماين‪ ،‬محمد بن أحمد العقيلي‪ ،)400 /1( ،‬وكتاب‪ :‬خًلصة العسجد‪،‬‬
‫عبدالرحمن البهكلي‪( ،‬ص‪ ،)198‬وكتاب‪ :‬نجران تاريخ وإنسان‪ ،‬محمد طحنون آل دغرير‪( ،‬ص‪.)94‬‬
‫(‪ )2‬المصدر‪ :‬المخًلف السليماين‪ ،‬محمد بن أحمد العقيلي‪ ،)400 /1( ،‬وكتاب‪ :‬خًلصة العسجد‪،‬‬
‫عبدالرحمن البهكلي‪( ،‬ص‪ ،)205 - 202‬وكتاب‪ :‬نجران تاريخ وإنسان‪ ،‬محمد طحنون آل‬
‫دغرير‪( ،‬ص‪.)95‬‬
‫‪86‬‬

‫المكرمي الثائر‪:‬‬
‫علم المكرمي بقتل األمير لعمه‪ ،‬وكان هو المتعهد لحوذان‪ ،‬والضامن‬
‫له على وفاء األمير‪ ،‬فنزل على رأس يام إلى المخًلف السليماين ‪ -‬وإهنا‬
‫لفرصة طيبة لمثله يف أن يظهر بمظهر الوفاء‪ ،‬ويمأل وطابه من الغنائم ‪ -‬وصل‬
‫المكرمي مدينة حرض‪ ،‬وقتل عاملها علي بن أحمد أخا األمير محمد‪ ،‬وم َّثل‬
‫به أشنع تمثيل؛ العتقاده أنه السبب يف مقتل الشريف حوذان‪ ،‬ثم والى تقدُّ مه‬
‫(‪)1‬‬
‫صوب أبي عريش‪ ،‬ويف الطريق إليها كتب إلى رؤساء المخًلف َّ‬
‫بأن اإلمام‬
‫قد عزل األمير‪ ،‬فاستبشر الجميع وسارعوا إلى تقديم األطعمة والذبائح‬
‫للمكرمي وقومه‪ ،‬وأقبلوا على الرتحيب به ومقابلته‪ ،‬ووفد عليه فارس بن‬
‫أحمد القبطي صاحب المعنق بالضيافة‪ ،‬وسار بصحبتهم إلى أبي عريش‪،‬‬
‫وذلك يف شهر رمضان عام ‪1163‬هـ‪1750/‬م‪.‬‬
‫ومر المكرمي من شرق مدينة أبي عريش يف حملته‪ ،‬وقد َّفر أكثر أهلها‬
‫تحصن يف القلعة‪ .‬عسكر المكرمي قبلي‬
‫إلى جهة صبيا وغيرها‪ ،‬أما األمير فقد َّ‬
‫مدينة أبي عريش بين أبي عريش والعقدة‪ ،‬وغادوه وراوحوه بالغارات‪ ،‬وأقاموا‬
‫على حصاره إلى شهر القعدة‪ ،‬وتم الصلح بينه وبين المكرمي على‪:‬‬
‫عفوا عن جميع أهالي المخًلف الذين أعانوا المكرمي‪.‬‬
‫‪1‬ـ أن ُيصدر ً‬

‫(‪ )1‬إمام صنعاء؛ ألن المخًلف كان يتبع اإلمام يف صنعاء‪.‬‬


‫‪87‬‬

‫‪2‬ـ أن يدفع للمكرمي مبل ًغا من المال‪.‬‬


‫‪3‬ـ أن يقرر رات ًبا شهر ًّيا ألبناء عمه المقتول‪ ،‬وبعد ذلك عاد المكرمي إلى‬
‫نجران(‪.)1‬‬
‫[حوادث سنة ‪1169‬هـ‪1755/‬م]‬
‫قتال قبيلة بني شعبة‪:‬‬
‫تجهز األمير لقتال قبيلة بني شعبة‪ ،‬واستعان‬
‫ويف عام ‪1169‬هـ‪1755/‬م َّ‬
‫بقبائل يام الذين هم عمدته يف حروبه مع أهل المخًلف فوافوه‪ ،‬ويف نصف‬
‫محرم سار إلى الدرب على الطريق العليا إلى أن هزمهم ودخل مدينتهم‪ ،‬وكان‬
‫النتصاره هيبة يف أرجاء المخًلف(‪.)2‬‬
‫[حوادث سنة ‪1171‬هـ‪1758/‬م]‬
‫الداعي يرسل حسن بن هبة اهلل لغزو حضرموت‪:‬‬
‫يقول صاحب كتاب «تاريخ حضرموت»(‪« :)3‬ويف سنة ‪1171‬هـ‪ ،‬إحدى‬
‫السنة‬
‫وسبعين ومائة وألف يوم الثًلثاء ‪ 12‬شهر ذي الحجة‪ ...‬فلما كان يف َّ‬

‫(‪ )1‬المصدر‪ :‬المخًلف السليماين‪ ،‬محمد بن أحمد العقيلي‪ ،)401 /1( ،‬وكتاب‪ :‬خًلصة العسجد‪،‬‬
‫عبدالرحمن البهكلي‪( ،‬ص‪ ،)208‬وكتاب‪ :‬نجران تاريخ وإنسان‪ ،‬محمد طحنون آل دغرير‪( ،‬ص‪.)96‬‬
‫(‪ )2‬المصدر‪ :‬المخًلف السليماين‪ ،‬محمد بن أحمد العقيلي‪.)403 ،402 /1( ،‬‬
‫وحديثة»‪ ،‬سالم بن محمد‬ ‫ِ‬
‫قديمة َ‬
‫المسمى‪ :‬بال ُعدَّ ة المفيدَ ة الجام َعة لتواريخ َ‬
‫(‪ )3‬انظر‪« :‬تاريخ حضرموت ُ‬
‫بن سالم ابن حميد الكندي‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبداهلل بن محمد الحبشي‪.)315 ،304،314/1( ،‬‬
‫‪88‬‬

‫المذكورة قبل وفاته‪ ،‬جاءت جيوش من القبلة قائدها المكرمي(‪ )1‬وأظنُّه من‬
‫فتحصن سيدنا الحبيب الحسن المذكور‬
‫َّ‬ ‫قبائل حام(‪ )2‬إلى الجهة الحضرمية‪،‬‬
‫يف محل بالعرضة النجدي شرقي المحرتقة‪ ...‬وكان سبب خروجه إلى ذلك‬
‫المحل إتيان المكرمي من قبائل صنعاء(‪ )3‬من أهل البدعة بجيش عظيم اسمه‪:‬‬
‫هبة اهلل‪ ،‬وكان صاحب َجدَ ٍل‪ ،‬يلتقي بعلماء الجهة الحضرمية ويناظرهم‬
‫وتحصنوا من‬
‫َّ‬ ‫السواد انتقلوا من محًلهتم‪،‬‬
‫ويمتحنهم بالمسائل‪ ،‬حتَّى إن أهل َّ‬
‫جيوش ذلك المبتدع يف الحصون والجبال‪ ،‬وصالحه غالب قبائل الجهة‬

‫الحضرمية خو ًفا من سطوته‪ ...‬وكان من سخف ذلك المبتدع ُّ‬


‫وتمرده أنه يقتل‬
‫األنفس المؤمنة‪ ،‬ويشير إلى أنه يبيع الجنَّة بذرا ٍع هناك يف محلته‪ ،‬فإذا مات‬
‫ميت‪ ،‬جيء إلى عنده‪ ،‬ويطلبون منه لذلك الميت كذا وكذا ذراع من الجنة‪،‬‬
‫ٌ‬
‫فيكتب يف كاغد قوله تعالى‪ ( :‬ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ‬
‫ﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩ‬
‫ﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶ‬

‫ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ )(‪ )4‬اآلية‪.‬‬

‫(‪ )1‬يعني‪ :‬حسن بن هبة اهلل المكرمي‪.‬‬


‫(‪ )2‬والصواب (يام)‪ .‬والحقيقة أن هناك خلط يف نسب المكارمة؛ فليس لهم صلة يف نسب يام‪ ،‬وال‬
‫يلتقون فيه من قريب وال من بعيد‪ ،‬وال يلتقون حتى يف همدان أصل يام‪.‬‬
‫(‪ )3‬كان حسن بن هبة اهلل المكرمي قد أتى من نجران بدر الجنوب‪ ،‬وليس من صنعاء‪.‬‬
‫(‪ )4‬سورة التوبة ‪ ،‬آية رقم‪.)111( :‬‬
‫‪89‬‬

‫رجًل مات أبوه‪ ،‬وكان‬


‫ويقول لهم‪ :‬اجعلوه يف كفنه وبدنه‪ .‬حتى بلغنا أن ً‬
‫حاذ ًقا بذلك المبتدع‪ ،‬فجاء إليه وقال‪ :‬مرادي كذا ذراع من الجنة للوالد‪ ،‬فكتب‬
‫له مثل ما يكتب لمثله‪ ،‬وس َّلم إليه كذا وكذا ً‬
‫قرشا‪ ،‬فدفن والده‪ ،‬وأبقى‬
‫المكتوب عنده‪ ،‬ثم جاء إلى عند ذلك المبتدع‪ ،‬وقال له‪َ :‬ر َجعت الحوالة من‬
‫إلي دراهمي‪ ،‬فسقط يف يد ذلك المبتدع‬
‫عن الوالد‪ ،‬وهذا ما كتبته‪ ،‬فأرجع َّ‬
‫وارتبش(‪ )1‬غاية‪ ،‬وقال له‪ :‬اسرت الحال‪ ،‬وهاك دراهمك وفوقها دراهم من‬
‫متعززا يف البدعة‪ ،‬لما وصل إلى سيؤون‪ ،‬وجلس يف‬
‫ً‬ ‫عندي‪ ،‬وكان هبة اهلل‬
‫المسمى المسلمات‪ ،‬فخرج إلى عنده سيدنا الحبيب‬
‫َّ‬ ‫المحل الذي شرقي البلد‬
‫فلما دخل عليه أحرم بنحو مائة ركعة‪،‬‬
‫الصايف‪َّ ،‬‬
‫العًلمة اإلمام سقاف بن محمد َّ‬
‫َّ‬
‫فص َّلى الحبيب سقاف ما شاء اهلل حتَّى انتقل هبة اهلل من صًلته‪ ،‬فناظره سيدنا‬
‫الحبيب سقاف‪ ،‬وأفحمه غاية‪ ،‬فكفى اهلل الناس شر ذلك المبتدع‪ ،‬وسار من‬
‫الجهة الحضرمية بعد مدة»(‪.)2‬‬
‫َّ‬
‫وألن حضرموت إقليم واسع‪ ،‬فمن الصعوبة إحكام السيطرة عليه من‬

‫(‪ )1‬ارتبش باأللف وإسكان الراء‪ :‬انزعج خو ًفا من الفضيحة‪.‬‬


‫وحديثة»‪ ،‬سالم بن محمد‬ ‫ِ‬
‫قديمة َ‬
‫المسمى‪ :‬بال ُعدَّ ة المفيدَ ة الجام َعة لتواريخ َ‬
‫(‪ )2‬انظر‪« :‬تاريخ حضرموت ُ‬
‫بن سالم بن حميد الكندي‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبداهلل بن محمد الحبشي‪ ،)315 ،304،314/1( ،‬وكتاب‪:‬‬
‫دخول نجران يف العهد السعودي‪( ،‬دراسة تاريخية وثائقية)‪ ،‬د‪ .‬علوي عمر فريد‪( ،‬ص‪،)87‬‬
‫وكتاب‪ :‬يف بًلد عسير‪ ،‬فؤاد حمزة‪( ،‬ص‪ ،)174‬وكتاب حضرموت تاريخ الدولة الكثيرية ‪ ،‬تأليف‪:‬‬
‫محمد بن هاشم تريم ‪( ،‬ص‪ ، )156 ،155‬وكتاب الوسيلة المع ّظمة المجربة لتفريج الهموم‬
‫وكشف الكروب والغموم ‪ ،‬تأليف‪ :‬محمد بن زين بن سميط ‪( ،‬ص‪. )28 ،27‬‬
‫‪90‬‬

‫قوة خارجية‪ ،‬فقد رجع حسن بن هبة اهلل المكرمي هو وجيشه بعد أن خسروا‬
‫الكثير من األموال(‪.)1‬‬
‫[حوادث سنة ‪1172‬هـ‪1759/‬م]‬
‫إسماعيل بن هبة اهلل المكرمي ُمسترفدً ا للشريف(‪:)2‬‬
‫«وفيها‪ :‬وصل القاضي إسماعيل بن هبة اهلل المكرمي إلى حضرة‬
‫الشريف‪ ،‬ومعه جماعة من أوالده وبني أخيه وافدً ا و ُمسرتفدً ا له يف ديون لحقته‬
‫لقبائل يام بسبب تجهيزه ألجناد [منهم] صحبت أخيه حسن بن هبة اهلل إلى‬
‫بًلد حضرموت قصدً ا لتملكها‪ ،‬فرجعوا ولم يقفوا منهم على طائ ٍل سوى أهنم‬
‫ً‬
‫أمواال عظيمة‪...‬‬ ‫خسروا‬
‫ولما وصل القاضي المكرمي إلى الشريف‪َ ،‬قبِله وأكرم ُن ُزله؛ وقضى‬ ‫َّ‬
‫أكثر َدين ِ ِه أو كله؛ محافظ ًة على الوفاء‪ ،‬ومكافأ ًة له‪ ،‬فأقام بحضرة الشريف حتى‬
‫دخلت سنة ثًلث وسبعين‪ ،‬ثم عاد إلى نجران»(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬عبد الرحمن بن الحسن البهكلي‪ ،‬خًلصة العسجد‪( ،‬ص‪ ،)235 ، 15‬وكتاب‪ :‬الفرق والمذاهب‬
‫يف حضرموت‪ ،‬أكرم مبارك عصيان‪( ،‬ص‪ ،)230‬وكتاب‪ :‬نشر محاسن األوصاف‪( ،‬ص‪.)163‬‬
‫(‪ )2‬هذه الحادثة لم ترد يف كتاب نجران‪ ..‬تاريخ وإنسان‪ ،‬لصاحبه‪ :‬محمد طحنون‪ ،‬رغم أن أكثر نقوالته‬
‫يتجرد من الهوى والعاطفة وحظوظ‬
‫من كتاب (خًلصة العسجد)‪ ،‬والباحث المنصف يجب أن َّ‬
‫النفس‪ ،‬فينقل بصدق وأمانة جميع الحوادث له أو عليه‪.‬‬
‫(‪ )3‬المصدر‪ :‬كتاب‪ :‬خًلصة العسجد‪ ،‬عبد الرحمن بن الحسن البهكلي‪( ،‬ص‪ ،)236 ،235‬راجع‬
‫كتاب‪ :‬إسماعيلية اليمن السليمانية «المكارمة»‪ ،‬حمود زايد نوفل‪( ،‬ص‪.)102‬‬
‫‪91‬‬

‫[حوادث سنة ‪1174‬هـ‪1761/‬م]‬


‫غزو ( َف ْيفا)‪:‬‬

‫ثم غزا ( َفيفا) أمير (المخًلف ُّ‬


‫السليماين)‪( ،‬الشريف محمد بن أحمد بن‬
‫خيرات الحسني) بجيش من يام‪ ،‬استدعى األمير قبائل (يام)‪ ،‬وسار هبم لغزو‬
‫قبيلة بني شعبة‪ ،‬ويف عودته ترجح غزو جبل ( َفيفا)‪ ،‬وعندما وصل قاعدة الجبل‬
‫األشم‪ ،‬وصله رسل شيخ جبل ( َفيفا) قاسم بن أحمد الملقب بالمعكوي‪،‬‬
‫موضحا أنه لم يحصل من سكان الجبل ما يستدعي الغزو‬
‫ً‬ ‫راج ًيا منه المسالمة‪،‬‬
‫والتأديب‪ ،‬فلم يلتفت األمير إلى رجائه‪ ،‬وقام بالتعبئة الحربية‪ ،‬وقسم الجند‬
‫ثًلثة ٍ‬
‫فرق على الوجه اآلتـي‪:‬‬
‫‪1‬ـ القسم األول‪ ،‬وطلع من الجانب الغربي‪.‬‬
‫‪2‬ـ القسم الثاين‪ ،‬وطلع من الجانب القبلي‪.‬‬
‫‪3‬ـ القسم الثالث‪ ،‬وطلع من الجانب الجنوبي‪.‬‬
‫على أن يكون االجتماع يف رأس الجبل‪.‬‬
‫َو ْصف حال أهل الجبل‪ :‬كان أهل الجبل يف ٍ‬
‫حال من البداوة والتوحش‬
‫والضراوة فوق الوصف‪ ،‬سًلحهم أعواد الشجر المرب َّية المحدودة األطراف‬
‫سًلحا بدائ ًّيا آخر‪ ،‬وهو الوضف‬
‫ً‬ ‫بما يفوق حدَّ وذالقة الرماح‪ ،‬ويستعملون‬
‫‪92‬‬

‫بالحجارة‪ ،‬فًل تكاد تخطئ وضفة أحدهم الغرض(‪.)1‬‬


‫تقدم قوات األمير‪:‬‬
‫صعدت قوات األمير على الرتتيب السابق‪ ،‬واستطاعت الفرقتان الغربية‬
‫والشمالية يف المرحلة األولى التغلب على قوة الجبل المقابلة لهما‪ ،‬وبعد أن‬
‫جهة بتلك الحراب‬‫ٍ‬ ‫تجمع أهل الجبل عليها من كل‬‫الحت بوادر النصر‪َّ ،‬‬
‫المنون‪،‬‬
‫الخشبية التي َمن طعن هبا‪ ،‬انكسرت يف جسمه‪ ،‬فإن لم تورده حياض َ‬
‫أبقته يف عذاب أليم‪ ،‬وألم مستطير حتى يدركه التسمم والموت البطيء بعد أن‬
‫رموهم بالوضف التي تفلق الرؤوس‪ ،‬وتدين األحياء من الرموس(‪ ،)2‬فاهنزمت‬
‫كل ٍ‬
‫فرقة من جهتها‪ ،‬ولم َيسلم منهما إال األقل‪ ،‬وأما الفرقة الجنوبية فقتل‬
‫فمن سلم من القتل‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫جانب‪َ ،‬‬ ‫دليلها‪ ،‬فضلت وأطبق عليها أهل الجبل من كل‬
‫تردى يف مهاوي مزالق ذلك الجبل األشم إلى مهاوي الهًلك‪ ،‬وغنم الفيفيون‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬جبال فيفا وبني مالك‪ ،‬أ‪.‬د عبداهلل بن أحمد الفيفي (ص‪ ،)44،52‬وكتاب‪ :‬تاريخ‬
‫المخًلف السليماين‪ ،‬محمد بن أحمد العقيلي‪ ،)404 ،403/1( ،‬وكتاب‪ :‬إسماعيلية اليمن‬
‫السليمانية‪ ،‬حمود زايد نوفل‪( ،‬ص‪ ،)176 ،175‬وكتاب‪ :‬خًلصة العسجد‪ ،‬عبدالرحمن البهكلي‪،‬‬
‫(ص‪ ،)277 ،276 ،255‬وكتاب‪ :‬نجران تاريخ وإنسان‪ ،‬محمد طحنون آل دغرير‪( ،‬ص‪،)103‬‬
‫وكتاب‪ :‬تاريخ المخًلف السليماين ‪ -‬يف ِّ‬
‫ظل حكم أسرة آل خيرات‪ ،‬تحقيق ودراسة‪ :‬فؤاد‬
‫عبدالوهاب الشامي‪( ،‬ص‪ ،)62‬وكتاب‪ :‬قبائل نجران على الموقع‪:‬‬
‫(‪ ،)www.najran.ccnajran.cc@gmail.com‬لمجلة‪ :‬قبائل نجران على شبكة اإلنرتنت‪،‬‬
‫(ص‪1432( ،)81‬هـ ‪2011 -‬م‪ .‬النسخة العاشرة)‪.‬‬
‫(‪ )2‬معنى الرموس‪ :‬القبور‪.‬‬
‫‪93‬‬

‫جميع أسلحة الجيش تقري ًبا‪ ،‬فلم يسع األمير إال الرحيل عائدً ا إلى أبي عريش‪.‬‬
‫[حوادث سنة ‪1175‬هـ‪1761/‬م]‬
‫نزول قبائل يام لألخذ بالثأر من أهل ( َف ْيفا)‪ :‬نزل القاضي إسماعيل‬
‫المكرمي(‪ )1‬على رأس جموع «يام» لألخذ بثأر أصحاهبم من أهل جبل ( َفيفا)‪،‬‬
‫فخ َّيم قرب مدينة أبي عريش‪ ،‬فخرج إليه األمير محمد بن أحمد الستقباله‪،‬‬
‫ٍ‬
‫احرتاس من اآلخر‪ ،‬وطلب المكرمي‬ ‫والرتحيب بمقدمه‪ ،‬وكان ٌّ‬
‫كل منهما على‬
‫مكرها‪ ،‬وبعد‬
‫ً‬ ‫من األمير الخروج معهم لقتال أهل ( َفيفا)‪ ،‬ووافقه األمير‬
‫وصولهم إلى الجبل وصعودهم‪ ،‬منوا هبزيمة منكر ًة أشد خسارة يف األرواح‬
‫من األولى(‪.)2‬‬
‫المكرمي‬
‫َ‬ ‫ويقول صاحب كتاب «خالصة العسجد»‪[« :‬فلم] َيخ ُلص‬
‫ً‬
‫محموال على أعناق الرجال بعد أن قاسى مشق ًة جسيمةً‪ ،‬ورأى‬ ‫بنفسه إال‬
‫أخف من المرة‬
‫َّ‬ ‫خطو ًبا فادح ًة ُمضيمةً‪ ،‬ولكنه لسرعة الفرار كان القتل فيهم‬
‫أخف ً‬
‫حاال وشأنًا‪ ،‬وإن كان الحكم متحدً ا يف‬ ‫ُّ‬ ‫األولى؛ فهذه بالنظر إلى تلك‬
‫كون الهزيمة تورث مذل ًة وهوانًا‪ ،‬فلما أيقن المكرمي بعدم القدرة على الجبل‪،‬‬

‫(‪ )1‬هو‪ :‬الداعي (الثالث والثًلثون) إسماعيل بن هبة اهلل بن إبراهيم بن محمد بن الفهد المكرمي‪،‬‬
‫راجع ترجمته‪( ،‬ص‪ )83‬من هذا الكتاب‪.‬‬
‫(‪ )2‬المرجع‪ :‬كتاب تاريخ المخًلف السليماين‪ ،‬محمد بن أحمد العقيلي‪ ،)404 ،403/1( ،‬وكتاب‬
‫نجران تاريخ وإنسان‪ ،‬محمد طحنون آل دغرير‪( ،‬ص‪.)104‬‬
‫‪94‬‬

‫قوض خيامه‪ ،‬وارتحل‪ ،‬وقد ُسلبت جميع آالت دولته من الرايات والطيلسان‪،‬‬
‫َّ‬
‫وأثاثه المختص به من النحاس ونحوه حتى البغلة التي يركبها يف أغلب‬
‫األحيان‪ ،‬وقنع من الغنيمة باإلياب‪ ،‬وقهقر بضرب أصدرته عن تلك األطواد‬
‫والشعاب‪ .‬ولم يكن قد صدر من ٍ‬
‫أحد من أهل هذه الجهات بعد وقعة العقدة‬
‫يف بني يام مثل ما صدر من أهل هذا الجبل الذي هو من شوامخ األعًلم‪ .‬وظفر‬
‫أميرا يطيعه‬
‫المعكوي بجميع آالت المكرمي وأثاثه‪ ،‬وأصبح يف الجبل ً‬
‫ابن ُ‬
‫فضًل عن إناثه»(‪.)1‬‬
‫أكابر ذكوره ً‬
‫[حوادث سنة ‪1175‬هـ‪1761/‬م]‬
‫وصول عساكر من «يام» من غير واسطة المكرمي‪:‬‬
‫خًلف بين الشريف وبين بني حسن‪ ،‬كتب الشريف إلى‬
‫ٌ‬ ‫عندما حصل‬
‫المكرمي يطلب منه‪ ...‬فلما أيس منه‪ ،‬كتب إلى ُع َّقال(‪ )2‬يام من غير واسطة‬
‫بمن يستطيع من عسكر‬
‫المكرمي أنه َمن أراد منكم الوصول للخدمة‪ ،‬فليصل َ‬
‫من غير رأي المكرمي‪ ،‬فلم يصل إليه إال جماعة قليلون من جشم خاصةً‪،‬‬

‫لكنهم ال يقضون شي ًئا من الوطر‪ ،‬فتل َّقاهم لمطابقتهم غرضه‪َّ ،‬‬


‫فلما بلغ‬

‫(‪ )1‬المصدر‪ :‬كتاب خًلصة العسجد‪ ،‬عبدالرحمن البهكلي‪( ،‬ص‪ ،)276‬وكتاب قبائل نجران على‬
‫الموقع‪ ،)www.najran.ccnajran.cc@gmail.com( :‬لمجلة‪ :‬قبائل نجران على شبكة‬
‫اإلنرتنت‪( ،‬ص‪1432( ،)81‬هـ ‪2011 -‬م‪ .‬النسخة العاشرة)‪.‬‬
‫(‪ُ )2‬ع َّقال‪ :‬قادة‪ ،‬أو كبار القوم‪ ،‬أو أصحاب الرأي وأهل ِّ‬
‫الحل والعقد‪.‬‬
‫‪95‬‬

‫ٍ‬
‫سابقة‬ ‫ٍ‬
‫بعهود‬ ‫المكرمي نزولهم‪ ،‬كتب إلى الشريف يلومه على قبولهم‪ ،‬ويذكره‬
‫حرض‬ ‫بينهم‪ ،‬منها أنه ال يقبل أحدً ا من بني يام إال إذا جاءه ٍ‬
‫برأي منه‪ ....‬ثم َّ‬
‫على الشريف يف ردهم‪ ،‬فأجاب عليه َّ‬
‫بأن هؤالء يف حكم األضياف‪ ،‬وأن الرد‬
‫لهم قبيح‪ ،‬ال يليق باإلنصاف‪ ،‬فلم يقبل منه المكرمي هذه المعاذير‪ ،‬بل أرسل‬
‫إليه َمن يتهدده ويتمنن عليه بما سبق له معه من االجتهاد والمناصرة على‬
‫األضداد‪ ،‬إلى غير ذلك من اإلبراق واإلرعاد‪ .‬وأفهم فحوى خطابه أنه إذا لم‬
‫يطاوعه إلى ما أراد‪ ،‬حصل منه الشر‪ ،‬وال ير ُّده عن ذلك را ٌّد‪ ،‬فلم يلتفت‬
‫الشريف إلى شيء من إبراقه وإرعاده‪ ،‬وال ساعده إلى قضاء مراده‪ ،‬بل أبقى‬
‫تلك الطائفة يف حضرته غير ٍ‬
‫مبال بانطًلق شقشقته(‪.)1‬‬
‫[حوادث سنة ‪1176‬هـ‪ 1762/‬م]‬
‫حصار المكرمي ألبي عريش(‪:)2‬‬
‫ثم رفع المكرمي(‪ )3‬إلى الخليفة(‪ )4‬بالمتَّفق؛ ولعله طابق غرضه لسبب‬

‫(‪ )1‬المصدر‪ :‬كتاب‪ :‬خًلصة العسجد‪ ،‬عبدالرحمن البهكلي‪( ،‬ص‪ ،)279 ،278‬وكتاب‪ :‬تاريخ‬
‫المخًلف السليماين ‪ -‬يف ِّ‬
‫ظل حكم أسرة آل خيرات ‪ -‬تحقيق ودراسة‪ :‬فؤاد عبدالوهاب الشامي‪،‬‬
‫(ص‪.)63‬‬
‫(‪ )2‬المصدر‪ :‬كتاب‪ :‬خًلصة العسجد‪ ،‬عبدالرحمن البهكلي‪( ،‬ص‪.)293‬‬
‫(‪ )3‬الداعي‪ :‬هو إسماعيل بن هبة اهلل المكرمي‪.‬‬
‫(‪ )4‬الخليفة‪ :‬هو اإلمام الزيدي المهدي لدين اهلل العباس بن حسين القاسم‪ ،‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬قبائل نجران‬
‫على الموقع‪ ،)www.najran.ccnajran.cc@gmail.com( :‬لمجلة‪ :‬قبائل نجران على‬
‫شبكة اإلنرتنت‪( ،‬ص‪1432( ،)83‬هـ ‪2011 -‬م النسخة العاشرة)‪.‬‬
‫‪96‬‬

‫ما جرى تلك الجواري التي تستبق‪.‬‬


‫مقر ًرا لما فعل‪ ،‬وبعد‬
‫ووصل جواب المكرمي من اإلمام [إمام صنعاء] ِّ‬
‫ٍ‬
‫مكان أقرب منه‪،‬‬ ‫قرب المكرمي من ذلك الموضع الذي كان فيه إلى‬
‫أيام قًلئل ُ‬
‫فضاق الحصار على المدينة‪ ،‬ورفعت ُ‬
‫بكيل إلى أصحاهبم بما جرى عليهم من‬
‫ٍ‬
‫حصار‪ ،‬وطلبوا منهم النزول لألخذ بالثأر‪.‬‬ ‫القتل‪ ،‬وما هم فيه من‬
‫ٌ‬
‫قتال على أطراف مدينة أبي عريش(‪ :)1‬تقدَّ م جماع ٌة من فرسان «يام» إلى‬
‫طرف المدينة‪ ،‬فنادوا بأعلى الصوت للنزول‪ ،‬فخرج إليهم جماع ٌة من‬
‫األشراف على سبيل االستعجال‪ ،‬فالتقى الخيًلن‪ ،‬وتجاوال يف ذلك الميدان‪،‬‬
‫ٍ‬
‫بجراحات انتهت بالسًلمة‪.‬‬ ‫وأصيب أكثر األشراف‬
‫انفصال يام(‪:)2‬‬
‫ولم يزل الخوف مع المكرمي وبني يام‪( ،‬والخشية تتزايد عليهم من‬
‫غارة بكيل يف بعض األيام)‪ ،‬حتى كان ليلة الثًلثاء السابعة عشر من شهر رجب‬
‫الحرام [‪1176‬هـ]‪ ،‬فقوض المكرمي الخيام‪ ،‬وانصرف هار ًبا منهز ًما هزيم ًة ال‬
‫بعضا من أثقالهم عرب ًة لألنام‪ ،‬فلما تحقق‬
‫تليق بذلك المقام‪ ،‬حتى لقد تركوا ً‬
‫هم بلحاقهم‪ ،‬ولكن لم يتم َّكن من ذلك؛ ألهنم لم‬
‫للشريف خرب انفصالهم‪َّ ،‬‬
‫فورا‪ ،‬فبلغني أهنم وصلوا نجران‬
‫يصبحوا إال بقرية «حرض»‪ ،‬ثم خرجوا منها ً‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬خًلصة العسجد‪ ،‬عبدالرحمن البهكلي‪( ،‬ص‪.)294‬‬


‫(‪ )2‬المصدر‪ :‬كتاب‪ :‬خًلصة العسجد‪ ،‬عبدالرحمن البهكلي‪( ،‬ص‪.)295 ،294‬‬
‫‪97‬‬

‫خامس يوم خروجهم أو سادسه‪ ،‬فكأهنم خشوا اعرتاض بكيل لهم‪ ،‬وكانت‬
‫هذه مِنَّ ًة من اهلل سبحانه على عباده(‪.)1‬‬
‫انفصال بكيل‪« :‬وبعد [خروج] بني يام‪ ،‬شرع الشريف يف تزليج(‪ )2‬بكيل‪،‬‬
‫وقد لحقه من المغارم ما تعجز عن التعبير عنه ألسنة األقًلم‪ ،‬فإهنم بقوا‬
‫ٍ‬
‫أشهر‪ ،‬فاجتاحوا ما عنده من النقود والطعام‪ ،‬ولكنه لم‬ ‫بحضرته نحو سبعة‬
‫مقهورا لم يظفر بحسن‬
‫ً‬ ‫يحفل بذلك حتى قضى المرام‪ ،‬ورجع عنه خصمه‬
‫الختام»(‪.)3‬‬

‫الرحالة نيبور يقيم يف أيام هذه األحداث بمدينة اللحية‪ ،‬فذكر ما جرى بالمخًلف السليماين‪،‬‬
‫(‪ )1‬كان َّ‬
‫فأتى بتفسير آخر لسرعة انصراف بني يام؛ قال‪( :‬فشاع الخرب بأن شيخ قبيلة قحطان دخل بًلد‬
‫نجران‪ ،‬وهذا ما اضطر الشيخ المكرمي إلى الرجوع السريع)‪ ،‬ولعله يأيت باحث يف المستقبل َيظهر‬
‫له ما لم تسعفنا به المصادر الموجودة بين أيدينا لهذه الحادثة‪( .‬انظر‪Niebuhr , :‬‬
‫‪ ،):Description 2, p. 107‬وكتاب قبائل نجران على الموقع‪:‬‬
‫(‪ ،)www.najran.ccnajran.cc@gmail.com‬لمجلة‪ :‬قبائل نجران على شبكة إلنرتنت‪،‬‬
‫(ص‪1432( ،)83‬هـ ‪2011 -‬م النسخة العاشرة)‪.‬‬
‫(‪ )2‬تزليج هي‪ُ :‬أعطيات الجند مرتباهتم المقطوعة‪.‬‬
‫(‪ )3‬المصدر‪ :‬كتاب‪ :‬خًلصة العسجد‪ ،‬عبدالرحمن البهكلي‪( ،‬ص‪.)295‬‬
‫‪98‬‬

‫[حوادث سنة ‪1178‬هـ‪ 1764/‬م]‬


‫معركة الحائر عام ‪1178‬هـ(‪:)1‬‬
‫ثم قاد حسن بن هبة اهلل المكرمي حمل ًة أخرى إلى نجد لألخذ بثأر‬
‫العجمان من الدولة السعودية الناشئة يف عام (‪1178‬هـ)‪ ،‬وكانت قبيلة‬
‫العجمان يسكنون مع أصل قبيلتهم «يام» يف الجنوب(‪ ،)2‬ثم نزحوا إلى نجد يف‬
‫شرق الجزيرة العربية‪ ،‬وكان نزوح قبيلة العجمان على أرجح األقوال يف هناية‬
‫القرن الثاين عشر الهجري يف عام (‪1130‬هـ ـ ‪1718‬م) بعد دخول المكرمي‬

‫(‪ )1‬انفرد ابن لعبون يف ذكر التفاصيل حول خسائر وقعة [الحائر] دون غيره‪ ،‬وهي عند ابن بشر (عنوان‬
‫نصا كما يبدو من ابن لعبون‪ .‬ذكر ابن لعبون مصدر معلوماته بقوله‪:‬‬
‫المجد‪( ،‬ج‪ )94/2‬بتفاصيلها ًّ‬
‫«أخربنا سليمان بن محمد بن ماجد»‪ ،‬أما ابن بشر فلم يذكر مصدره لهذه المعلومة أو اسم من أخربه‬
‫عن الوقعة واكتفى بقوله‪« :‬أخربنا من حضر تلك الوقعة»‪ ،‬ويف موقعين آخرين‪« :‬و ُذكِر لي»‪ .‬انظر‪:‬‬
‫تاريخ ابن لعبون‪( ،‬ص‪ ،)479‬هامش رقم واحد‪.‬‬
‫(‪ )2‬أماكنهم السابقة قرب «بدر الجنوب» معروفة ومعلومة عند أهل المنطقة ومنها‪( :‬صلبان عجيم يف‬
‫مطارة قرب (القرن) يف بداية وادي صيحان)‪ ،‬يقول صاحب كتاب‪ :‬البداوة بين عراقة الماضي‬
‫وأصالة الحاضر‪ ،‬محمد الخالد الشرعبي‪« :‬وهناك قرى قديمة شبه مهجورة منها‪ :‬كهًلن ومطارة‬
‫وهي قرب بدر الجنوب ومنها آبار معروفة منها الحصينية وسلوى‪ .‬وهناك آبار قديمة للعجمان‬
‫صارت اليوم شبه قرى سكنها غيرهم من قبائلهم‪ ،‬واليزال هناك منهم آل سفران‪ ،‬ومن تلك اآلبار‪:‬‬
‫بئر عجيم‪ ،‬وبئر فايد‪ ،‬وبئر أم الحمام‪ ،‬وبئر أم حجر‪ ،‬وبئر كهًلن‪ ،‬وكلها تعود للعجمان َ‬
‫قبل‬
‫خروجهم من نجران‪ ،‬بًلد يام‪ .‬ويوجد قصر مشيد برأس جبل قرب تلك اآلبار ُينسب إلى شقيق‬
‫عجيم ووعيل المدعو (غصن) وذلك قبل أن يرحل إلى جبل الريث‪ ،‬ويسمى‪ :‬قصر (غصن)‪،‬‬
‫وال يزال حتى اليوم‪ ،‬وهو غير مسكون» (ص‪ ،)1149‬راجع كتاب‪ :‬صفحات من تاريخ الخرصان‪،‬‬
‫د‪ .‬عبدالعزيز بن سعود العجمي‪( ،‬ص‪.)187‬‬
‫‪99‬‬

‫[بعضا] من القبيلة قد نزح قبل القرن الثاين‬


‫ً‬ ‫إلى نجران(‪ ،)1‬وال يمنع ذلك أن‬
‫جماعة من العجمان‪ ،‬وتخلف‬‫ٍ‬ ‫عشر‪ ،‬كما أشار إلى ذلك ابن بسام عن نزوح‬
‫مطية محمد بن علي بن حدجة يف عنيزة‪ ،‬وأقام عند بني خالد‪ ،‬وصار راع ًيا‬
‫عندهم‪ ...‬ورزق بأربعة أبناء‪ ،‬وصار يف غير وقت العمل دائم الجلوس عند‬
‫باب بيته‪ ،‬فل َّقبوه‪ :‬أبا الحصين‪ ،‬فأقام عندهم حتى خرج منهم بأوالده‪ ،‬واشرتى‬
‫بلدة الرس من آل صقية من الوهبة من بني تميم‪ ،‬وكان ذلك يف عام ‪970‬هـ(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬الدرر المفاخر‪( ،‬ص‪ ،)92‬تعليق عن نجران بالحاشية‪ ،‬وكتاب لمع الشهاب يف سيرة محمد بن عبد‬
‫الريكي‪( ،‬ص‪َ ،)122‬د َر َسه وحققه وع َّلق عليه‪ ،‬أ‪.‬د‪ .‬عبد‬
‫الوهاب‪ ،‬تأليف‪ :‬حسن بن جمال أحمد ِّ‬
‫َّ‬
‫اهلل الصالح العثيمين‪1426( ،‬هـ‪2005/‬م) دارة الملك عبدالعزيز‪ ،‬وكتاب العجمان وزعيمهم‬
‫راكان بن حثلين‪ ،‬تأليف‪ :‬أبو عبد الرحمن بن عقيل الظاهري‪( ،‬ص‪ ،)33‬وكتاب تاريخ قبيلة‬
‫العجمان‪ ،‬دراسة وثائقية‪ ،‬تأليف‪ :‬د‪ .‬سلطان بن خالد بن حثلين‪ ،‬أستاذ مساعد قسم الدراسات‬
‫اإلسًلمية والعربية‪ ،‬جامعة الملك فهد للبرتول والمعادن الظهران‪ ،‬ود‪ .‬زكريا كورشون أستاذ‬
‫مشارك يف التاريخ الحديث‪ ،‬جامعة مرمرة إسطنبول‪( ،‬ص‪ ،)42 ،21‬وكتاب البيان يف تاريخ جازان‬
‫وعسير ونجران‪ ،‬تأليف‪ :‬عبد الواحد محمد دالل‪( ،‬ص‪ )17‬هامش رقم‪ ،)2( :‬وكتاب لهجة‬
‫العجمان يف الكويت‪ ،‬شريفة المعتوق‪( ،‬ص‪ ،)43‬وكتاب عسير يف عهد الملك عبد العزيز‪ ،‬د‪.‬‬
‫محمد آل زلفة‪( ،‬ص‪ ،)174‬وكتاب نجران‪ ،‬محمد أبو ساق‪( ،‬ص‪ ،)173‬وكتاب القول المكتوب‬
‫يف تاريخ الجنوب‪ ،‬أ‪.‬د‪ .‬غيثان بن علي بن جريس‪ ،)61/8( ،‬وكتاب من أخبار القبائل يف نجد‪ ،‬فائز‬
‫بن موسى البدراين الحربي‪( ،‬ص‪ ،)277‬وكتاب‪ ،‬تاريخ اإلحساء السياسي‪1913 – 1818( :‬م)‪،‬‬
‫للدكتور‪ :‬محمد عرابي نخلة‪ ،‬الناشر‪ :‬منشورات ذات السًلسل‪ ،‬الطبعة األولى‪:‬‬
‫‪1400‬هـ‪1980/‬م‪( ،‬ص‪ ،)112‬راجع كتاب‪ :‬صفحات من تاريخ الخرصان‪ ،‬د‪ .‬عبدالعزيز بن‬
‫سعود العجمي‪( ،‬ص‪.)187‬‬
‫(‪ )2‬حمد بن إبراهيم بن عبداهلل الحقيل‪ /‬كنز األنساب ومجمع اآلداب‪( .‬ص‪ ،)59 - 58‬انظر‪ :‬كتاب‪:‬‬
‫=‬
‫‪100‬‬

‫ويذكر (سادلير) بأن العجمان رحلوا إلى جهات األحساء يف آخر القرن الثاين‬
‫عشر الهجري(‪.)1‬‬

‫والعجمان كما نقل صاحب كتاب «العجمان وزعيمهم راكان بن‬


‫حثلين» ألبي عبدالرحمن بن عقيل الظاهري(‪ً )2‬‬
‫نقًل عن ابن جمران العجمي‬
‫بقوله‪« :‬هم أبناء مرزوق بن علي الملقب بـ (عجيم) بسبب لثغة (عجمة)(‪ )3‬يف‬

‫لسانه‪ ،‬وقد َغ َلب لقب عجيم على اسم «علي» هذا‪َ ،‬‬
‫وجمعهم (عجمان)‬
‫وواحدهم (عجمي)‪ ،‬وهم بطن من «يام» من همدان من قحطان بن هود عليه‬
‫السًلم‪ ،‬ونسبهم هو‪ :‬علي (عجيم) بن هشام من ولد الغز بن مذكر بن يام بن‬

‫= تاريخ قبيلة العجمان‪ ،‬دراسة وثائقية‪ ،‬تأليف‪ :‬د‪ .‬سلطان بن خالد بن حثلين‪ ،‬ود‪ .‬زكريا كورشون‪،‬‬
‫(ص‪ ،) 21‬وكتاب‪ :‬العجمان وزعيمهم راكان بن حثلين‪ ،‬تأليف‪ :‬أبو عبد الرحمن بن عقيل‬
‫الظاهري‪ ،‬الطبعة الثانية ‪1416‬هـ ‪1996 -‬م‪( ،‬ص‪.)45‬‬
‫(‪ )1‬كتاب‪ :‬رحلة عرب الجزيرة العربية‪ ،‬فورسرت سادلير ‪ -‬ترجمة‪ :‬أنس الرفاعي ‪ -‬إشراف سعود بن‬
‫جمران‪( ،‬ص‪ .)211 ،21‬وقد بسطت العجمان نفوذها على األحساء بعد معركة ‪ -‬مناخ الرضيمة‬
‫‪ -‬عام ‪1238‬هـ‪ ،‬مع أمراء آل "عريعر" واستقرت يف وسطها‪ ،‬ونزلت قبيلة آل ُم َّرة يف ناحيتها‬
‫الجنوبية يف أطراف الرمال‪ ،‬وفيما بين األحساء وشبه جزيرة قطر‪ .‬انظر‪ :‬حمد الجاسر‪ :‬المعجم‬
‫الجغرايف يف البًلد العربية ‪ -‬المنطقة الشرقية ‪ -‬القسم األول‪( ،‬ص‪ ،)58‬وكتاب إسماعيلية اليمن‬
‫السليمانية‪ ،‬حمود زايد نوفل (ص‪ ،)223‬وكتاب العجمان وزعيمهم راكان بن حثلين ألبي‬
‫عبدالرحمن بن عقيل الظاهري (ص‪.)57 - 55‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪( :‬ص‪.)227‬‬
‫(‪« )3‬الدرر المفاخر» (ص‪( )61 - 54‬حاشية)‪ ،‬وكتاب‪ :‬صفحات من تاريخ الخرصان‪ ،‬د‪ .‬عبدالعزيز‬
‫بن سعود الضبان العجمي‪( ،‬ص‪.)35‬‬
‫‪101‬‬

‫أصبا بن دافع بن مالك بن جشم بن حاشد بن جشم بن حربان(‪ )1‬بن نوف بن‬
‫همدان بن مالك بن زيد بن أوسله بن ربيعة بن الخيار بن مالك بن زيد بن‬
‫كهًلن بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان بن هود عليه السًلم(‪.)2‬‬
‫كانت مساكنهم مع أبناء عمومتهم «يام» يف نجران‪ ،‬ثم زحفوا إلى نجد‬
‫يف حدود عام ‪1130‬هـ هم وإخواهنم آل ُم َّرة(‪ )3‬بن جشم بن يام‪ ،‬ثم اشتعلت‬
‫الحرب بينهم وبين األميرين محمد وماجد آل عريعر يف معركة الرضيمة عام‬
‫‪1238‬هـ‪ ،‬وهزموهما‪ ،‬وبسطوا يدهم على األحساء منذ ذلك التاريخ‪ .‬أما أبناء‬
‫شقيقه وبير بن علي (عجيم) بن هشام بن الغز بن مذكر بن يام‪ ،‬فعددهم قليل‬
‫رجًل‪ ،‬وقد تخلفوا يف العارض إلى هذا اليوم‪ ،‬أما‬
‫ً‬ ‫جدًّ ا ال يتجاوز عشرين‬
‫(وعيل) بن هشام شقيق عجيم‪ ،‬فقد تكاثر نسله‪ ،‬وتخلفوا يف نجران إلى هذا‬
‫اليوم‪ ،‬ويسمون (رجال وعيل)‪ ،‬وشقيقهم الثالث (غصن) بن هشام‪ ،‬ذريته يف‬
‫جبل الريث غرب أهبا»(‪ ،)4‬يقول محقق كتاب الدرر المفاخر يف أخبار العرب‬

‫(‪ )1‬يقول الدكتور‪ :‬عبدالعزيز بن سعود بن عبدالرحمن الضبان العجمي‪ ،‬صاحب كتاب‪« :‬صفحات‬
‫من تاريخ الخرصان»‪« :‬أن االسم الصحيح هو (خيوان)»‪ ،‬انظر‪( :‬ص‪.)29 ،28‬‬
‫(‪ )2‬وقد عارض الدكتور‪ :‬عبدالعزيز بن سعود الضبان وصل قحطان هبود عليه السًلم بماشرة واستشهد‬
‫بشواهد كثيرة‪ ،‬انظر‪ :‬المصدر السابق‪( ،‬ص‪.)31 ،30‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬نسب وديار قبيلة (آل ُم َّرة) مجلة‪« :‬العرب» ج‪ - 7‬السنة الرابعة ‪ -‬محرم ‪1390‬هـ‪/‬إبريل‬
‫‪1970‬م‪( ،‬ص‪ ،)623 - 610‬وكتاب‪ :‬الدرة يف أخبار آل ُم َّرة‪ ،‬تأليف‪ :‬محمد بن راشد آل عذبة‬
‫المري ‪ ،‬وكتاب الدرر المفاخر‪ ،‬محمد البسام التميمي‪ ،‬تحقيق‪ :‬سعود بن غانم الجمران (ص‪.)92‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬العجمان وزعيمهم راكان بن حثلين ألبي عبدالرحمن بن عقيل الظاهري (ص‪.)227‬‬
‫‪102‬‬

‫األواخر‪ ،‬لمحمد البسام التميمي‪ ،‬سعود بن غانم الجمران العجمي‪،‬‬


‫ص(‪( :)93‬والعجمان حنبليون على مذهب اإلمام أحمد بن حنبل طيب اهلل‬
‫ثراه ومن أهل السن والجماعة منذ األزل)‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫وأما سبب إعًلن الحرب على الدرعية‪ ،‬فإنه لما عاد األمير عبد العزيز‬
‫من غزوته التي قام هبا على سدير‪ ،‬عند وصوله إلى رغبة‪َ ،‬ور َدته األخبار بأن‬
‫جماع ًة من قبيلة العجمان المنتسبة إلى (يام) من همدان القحطانية قد تجاوزت‬
‫قتًل وهن ًبا(‪ ،)2‬فجدَّ األمير عبد العزيز يف‬ ‫على ٍ‬
‫فريق من قبيلة سبيع‪ ،‬وأوسعتها ً‬
‫طلبهم‪ ،‬فأدرك العجمان بموضع يقال له‪ِ :‬‬
‫(قذ َلة)(‪ )3‬تقع بين بلد القويعية‬

‫(‪ )1‬عبدالعزيز بن محمد بن سعود هو‪ :‬أحد أئمة الدولة السعودية األولى‪ ،‬بويع باإلمامة عام‬
‫‪1179‬هـ‪1765/‬م بعد موت والده‪ ،‬ويف عهده امتدَّ نفوذ الدولة السعودية األولى ليشمل نجدً ا‪،‬‬
‫والحجاز‪ ،‬وعسير‪ ،‬والمخًلف السليماين‪ ،‬واألحساء وكان عهد هذا اإلمام موصو ًفا بالرخاء‬
‫واألمن واالستقرار‪ ،‬اغتيل يرحمه اهلل يف شهر رجب من عام ‪1218‬هـ‪1803/‬م وهو يصلي صًلة‬
‫العصر يف مسجد الطريف بالدرعية‪ .‬انظر سيرته لدى‪ :‬ابن بشر‪ ،‬عثمان بن عبداهلل‪ ،‬عنوان المجد يف‬
‫تاريخ نجد‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبدالرحمن بن عبداللطيف آل الشيخ‪ ،‬دارة الملك عبدالعزيز‪ ،‬الرياض‪،‬‬
‫‪1402‬هـ‪1982/‬م‪ ،)264/1( ،‬وما بعدها‪.‬‬
‫عبدالوهاب»‪ ،‬المؤلف‪ :‬مجهول‪،‬‬
‫َّ‬ ‫(‪ )2‬ذكر صاحب كتاب «كيف كان ظهور شيخ اإلسًلم محمد بن‬
‫دراسة وتحقيق وتعليق‪ :‬الدكتور‪ :‬عبداهلل بن الصالح العثيمين‪( ،‬ص‪ )63 ،62‬أن سبب معركة‬
‫رجًل‪ ،‬ومن‬
‫الحائر هو غزو من أهل اليمن صادفهم عبدالعزيز وانتصر عليهم وأوثق منهم ثمانين ً‬
‫جملتهم‪ :‬ابن أخت حسن بن هبة اهلل المكرمي‪ ،‬ويسمى يوسف‪( ،‬وهذا القول قد خالف جميع‬
‫كتب المؤرخين)‪.‬‬
‫تسمى قدي ًما الهلباء‪ ،‬تقع شرق مدينة القويعية‪.‬‬
‫وتسمى‪ :‬حدبا قذلة‪ ،‬صحراء مستوية كانت َّ‬
‫َّ‬ ‫(‪ )3‬قِ ْذلَة‪:‬‬
‫ابن جنيدل‪ ،‬عالية نجد‪ ،)362/1( ،‬انظر‪ :‬كتاب‪« :‬الخرب والعيان يف تاريخ نجد»‪ ،‬خالد بن محمد‬
‫=‬
‫‪103‬‬

‫والنفود‪ ،‬فأحاط هبم بجيشه‪ ،‬وطلب إليهم إعادة ما استولوا عليه من األموال‪،‬‬
‫فأبوا عليه ذلك‪ ،‬وأظهروا له استعدادهم لقتاله‪ ،‬فخاض معهم معرك ًة َقتل منهم‬
‫رجًل‪ ،‬منهم ابن طهيمان‪ ،‬و َأ َسر منهم نحو مئتين وأربعين‪ ،‬واستولى‬
‫خمسين ً‬
‫فرسا من خيولهم باإلضافة إلى ما كان معهم من المال والسًلح‪،‬‬
‫على خمسين ً‬
‫فانطلق َمن نجا من العجمان إلى نجران مستصرخين بأهلها‪ ،‬فأرسل الداعي‬
‫رقم‪ )33( :‬إسماعيل بن هبة اهلل المكرمي‪ ،‬أخاه حسن بن هبة اهلل على رأس‬
‫جيش بلغ عددهم [أل ًفا] ومئتي مقاتلٍ‪ ،‬فوصل بجيشه يف ربيع الثاين (‪1178‬هـ ـ‬
‫(‪)1‬‬
‫وعسكر‬ ‫أيلول ‪1764‬م)‪ ،‬إلى حائر سبيع (الواقع بين الخرج والرياض)‬
‫ٍ‬
‫عندئذ اضطرت الدرعية‬ ‫حولها‪ ،‬وحاصر أهلها و َمن كان فيها من أهل الدرعية‪،‬‬
‫ٍ‬
‫آالف لمقابلة جيش أهل نجران‪ ،‬وكان‬ ‫أن تخرج قوة عسكرية عددها أربعة‬
‫بقيادة األمير‪ :‬عبدالعزيز بن محمد بن سعود‪ ،‬وقد أوصاه الشيخ محمد بن عبد‬

‫= الفرج‪ ،‬تحقيق ودراسة‪ :‬عبدالرحمن بن عبداهلل الشقير‪( ،‬ص‪ ،)225‬وكتاب الفاخري‪ ،‬تأليف‪:‬‬
‫محمد بن عمر الفاخري المتوىف سنة ‪1277‬هـ‪ ،‬دراسة وتحقيق وتعليق‪ :‬أ‪.‬د‪.‬عبداهلل بن يوسف‬
‫الشبل‪ ،‬طبعة الدارة‪( ،‬ص‪ ،)139‬وكتاب‪ :‬تاريخ قبيلة العجمان دراسة وثائقية‪ ،‬تأليف‪ :‬د‪ .‬سلطان‬
‫بن خالد بن حثلين‪ ،‬ود‪ .‬زكريا كورشون‪( ،‬ص‪ ،)42 ، 29‬وكتاب‪ :‬حياة الشيخ محمد بن عبد‬
‫الوهاب‪ ،‬تأليف‪ :‬حسين خلف الشيخ خزعل‪( ،‬ص‪ ،)249 ،248‬وموسوعة المملكة العربية‬
‫َّ‬
‫السعودية‪.)152/5( ،‬‬
‫كيًل‪ .‬انظر‪ :‬كتاب الفاخري‪ ،‬تأليف‪:‬‬
‫(‪ )1‬حائر سبيع‪ :‬يقع إلى الجنوب من الرياض‪ ،‬على بُعد ثًلثين ً‬
‫محمد بن عمر الفاخري المتوىف سنة ‪1277‬هـ‪ ،‬دراسة وتحقيق وتعليق‪:‬أ‪.‬د‪.‬عبداهلل بن يوسف‬
‫الشبل‪ ،‬طبعة الدارة‪( ،‬ص‪.)103‬‬
‫‪104‬‬

‫سرا بالوصية اآلتية‪ِ « :‬سر له هبذا الجيش‪ ،‬ونازله وال تحاربه حتى يقع‬
‫ًّ‬
‫(‪)1‬‬
‫الوهاب‬
‫خيرا من وراء قتال هؤالء القوم‪ ،‬ما تقول يف ٍ‬
‫ناس‬ ‫بيننا الصلح‪ ،‬فإنِّي ال أتوسم ً‬
‫مسكنهم اليمن‪ ،‬ويدخلون يف قلب نجد يف هذا العدد القليل مع إهنم عرفوا‬
‫شوكتنا‪ ،‬فلم يبالوا هبا؟ فإياك والحرب معهم‪ ،‬وإنما أمرتك بالخروج إليهم حتى‬
‫ال يختلف علينا‪ ،‬فيقال‪ :‬ضعف أمر الدعوة‪ ،‬وهابوا الحرب مع رجل يامي»(‪.)2‬‬
‫ولما وصل األمير عبدالعزيز بقواته إلى حائر سبيع‪ ،‬لم يمهله جيش‬
‫َّ‬
‫مستعمًل البنادق‪ ،‬ثم رأى‬
‫ً‬ ‫نجران لًلستعداد والتفكير‪ ،‬بل داهمه بالقتال‬

‫علي بن محمد بن أحمد بن راشد بن بريد‪ ،‬الوهيبي‪،‬‬


‫الوهاب بن سليمان بن ّ‬
‫(‪ )1‬اإلمام محمد بن عبد َّ‬
‫التميمي‪ُ ،‬ولد عام ‪1115‬هـ‪ ،‬بالعيينة على مسافة حوالي ‪45‬كم شمال الرياض‪ ،‬من بيت علم‪ ،‬وقد‬
‫دفعه طموحه العلمي إلى الرحلة يف طلب المزيد من طلب العلم‪ ،‬فرحل إلى المدينة المنورة‪،‬‬
‫والبصرة‪ ،‬واألحساء‪ ،‬وخًلل إقامته يف تلك البلدان كان يناقش علماءها يف مسائل عديدة‪ ،‬ومنها ما‬
‫يشوب العقيدة من بدع وخرفات‪ ..‬ثم عاد إلى نجد ليعلن دعوته‪ ..‬تويف ‪1206‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬ابن غنام‬
‫روضة األفكار‪.)30 - 25/1( ،‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬العجمان وزعيمهم راكان بن حثلين‪ ،‬تأليف‪ :‬أبو عبد الرحمن بن عقيل الظاهري‪،‬‬
‫الطبعة الثانية ‪1416‬هـ ‪1996 -‬م‪( ،‬ص‪ ،)51 - 50‬الريكي‪ :‬لمع الشهاب‪( ،‬ص‪ ،)90 ،89‬راجع‬
‫كتاب إسماعيلية اليمن السليمانية‪ ،‬حمود زايد نوفل‪( ،‬ص‪ ،)199‬وكتاب اإلمام محمد بن سعود‬
‫وجهوده يف تأسيس الدولة السعودية األولى تأليف‪ :‬الدكتور‪ :‬عبدالرحمن بن علي العريني‬
‫الوهاب‪ ،‬تأليف‪ :‬حسن بن جمال‬
‫(ص‪ ،)202،203‬وكتاب لمع الشهاب يف سيرة محمد بن عبد َّ‬
‫در َسه وحققه وعلق عليه‪ ،‬أ‪.‬د‪.‬عبد اهلل الصالح العثيمين‪،‬‬
‫الريكي‪( ،‬ص‪َ ،)90‬‬
‫أحمد ِّ‬
‫(‪1426‬هـ‪2005/‬م) دارة الملك عبدالعزيز‪ ،‬وكتاب‪ :‬تاريخ البًلد العربية السعودية‪ ،‬تأليف‪:‬‬
‫الدكتور‪ :‬منير العجًلين‪ ،‬دار الكتب العربي‪ ،)158/1( ،‬وكتاب‪ :‬حياة الشيخ محمد بن عبد‬
‫الوهاب‪ ،‬تأليف‪ :‬حسين خلف الشيخ خزعل‪( ،‬ص‪.)250 ،249‬‬
‫‪105‬‬

‫المكرمي أن استعمال هذا السًلح يف المعركة مع جيش الدرعية ال يجدي‬


‫نصرا سري ًعا‪ ،‬فأمر أتباعه باستعمال السيوف‪ ،‬فاست ُّلوها من‬
‫نف ًعا‪ ،‬وال يقرر ً‬
‫وكروا هبا على جيش الدرعية‪ ،‬فألحقوا به هزيم ًة منكر ًة بعد أن قتلوا‬
‫األغماد‪ُّ ،‬‬
‫ِ‬
‫وفر الباقون(‪ .)3‬وبعد‬ ‫منه أربعمائة رجل ‪ ،‬و ُأس َر مئتان وعشرون ً‬
‫(‪)2‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫أسيرا ‪َّ ،‬‬
‫هذه المعركة ارتحل المكرمي من حائر سبيع‪ ،‬ونزل بالقرب من قصر‬
‫(ال َغ َذ َوانية)(‪ )4‬القريب من الدرعية استعدا ًدا الحتًللها‪.‬‬
‫«فأخذت ترد عليه الهدايا والرسائل من صاحب الرياض وغيره من‬
‫أعداء الدرعية‪ ،‬يحرضونه على احتًلل الدرعية‪ ،‬ويعدونه المساعدة بالرجال‬

‫(‪ )1‬يف تاريخ ابن لعبون‪( :‬خمسمائة)‪( ،‬ص‪.)478‬‬


‫(‪ )2‬يف تاريخ ابن لعبون‪( :‬ثًلثمائة وخمسون)‪( ،‬ص‪.)478‬‬
‫(‪ )3‬إ َّن الخربة العسكرية والتاريخ القتالي والشجاعة التي عرف وتميز هبا رجال يام‪ ،‬والمذكورة يف كتب‬
‫التاريخ والسير قد تكون سببًا مقن ًعا وطبيعيًا يف انتصار أهل نجران على قوات الدرعية‪ .‬انظر‪ :‬كتاب‪:‬‬
‫إبراهيم الهطًلين‪ ،‬الشيعة السعوديون‪( ،‬ص‪.)203‬‬
‫(‪ )4‬الغ ََذ َوانَية‪ :‬شعيب يقع يف غرب الرياض يسيل على الباطن بين أم قصر والسويدي‪ .‬وذكر ابن خميس‬
‫قصرا (قصر الغ ََذ َوانَية) للضغط على دهام بن‬
‫أن اإلمام عبدالعزيز بن محمد بن سعود ابتنى به ً‬
‫أيضا‪ :‬إن ذلك القصر كان مركزً ا إلحدى سرايا اإلمام عبدالعزيز بن محمد بن سعود‬
‫دواس‪ ،‬وقال ً‬
‫بقيادة محمد بن غشيَّان الذي جعل يكر منه على جيش المكرمي بعد هزيمة الحائر‪ .‬انظر‪ :‬ابن‬
‫خميس‪ ،‬المعجم الجغرايف للبًلد السعودية ‪ -‬معجم اليمامة ‪ .)217/2( -‬وكتاب الفاخري‪،‬‬
‫تأليف‪ :‬محمد بن عمر الفاخري المتوىف سنة ‪1277‬هـ‪ ،‬دراسة وتحقيق وتعليق‪:‬أ‪.‬د‪ .‬عبداهلل بن‬
‫يوسف الشبل‪ ،‬طبعة الدارة‪( ،‬ص‪ ،)137‬وكتاب حياة الشيخ محمد بن عبد الوهاب‪ ،‬تأليف‪ :‬حسين‬
‫خلف الشيخ خزعل‪( ،‬ص‪.)250،251‬‬
‫‪106‬‬

‫واألموال‪ ،‬كما كتب إليه صاحب األحساء يخربه بقدومه إليه»(‪.)1‬‬


‫أما الدرعية‪ ،‬فقد أوفدت فيصل بن سهيل(‪( )2‬شيخ قبيلة الظفير) إلى‬
‫صاحب نجران؛ ليعرض له استعدادها للتفاوض معه لعقد صلحٍ ‪ ،‬فوافق‬
‫المكرمي بعد أن اشرتط عليها أن تطلق سراح األسرى الذين عندها من قبيلة‬
‫فتم الصلح على هذه الشروط‪ ،‬وعقدوا بينهم اتفاقية(‪)3‬عدم‬
‫العجمان‪َّ ،‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬العجمان وزعيمهم راكان بن حثلين‪ ،‬تأليف‪ :‬أبو عبد الرحمن بن عقيل الظاهري‪،‬‬
‫الطبعة الثانية ‪1416‬هـ ‪1996 -‬م‪( ،‬ص‪ ،)52‬وكتاب‪ :‬تاريخ ابن غنام‪ ،)770 ،769/2( ،‬وكتاب‬
‫عنوان المجد يف تاريخ نجد‪ ،‬تأليف‪ :‬الشيخ عثمان بن عبداهلل بن بشر‪ ،)95/1( ،‬وكتاب لمع‬
‫الريكي‪( ،‬ص‪َ ،)92‬د َرسه‬
‫الشهاب يف سيرة محمد بن عبد الوهاب‪ ،‬تأليف‪ :‬حسن بن جمال أحمد ِّ‬
‫وحققه وعلق عليه‪ ،‬أ‪.‬د‪ .‬عبد اهلل الصالح العثيمين‪1426( ،‬هـ‪2005/‬م) دارة الملك عبدالعزيز‪،‬‬
‫الوهاب‪ ،‬تأليف‪ :‬حسين خلف الشيخ خزعل‪( ،‬ص‪.)251‬‬
‫وكتاب حياة الشيخ محمد بن عبد َّ‬
‫(‪ )2‬ورد اسمه (فيصل بن شهيل بن سًلمة بن مرشد بن سويط شيخ الظفير) يف تاريخ ابن لعبون‪( ،‬ص‪،)480‬‬
‫وكتاب تحفة المشتاق يف أخبار نجد والحجاز والعراق‪ ،‬عبداهلل محمد البسام‪( ،‬ص‪.)116‬‬
‫(‪ )3‬وقد ق ام ابن سويط باالتصال بحاكم نجران‪ ،‬وجرت مفاوضات غير مباشرة بين الطرفين [كان هو‬
‫وسيط فيها]‪ ،‬أسفرت عن عقد صلح بينهما يتضمن البنود التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬االنسحاب الكامل للجيش النجراين وعودته إلى بًلده‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يطلق الطرفان األسرى الموجودين لديهما‪ ،‬فيُطلق اإلمام محمد بن سعود أسرى موقعة قذلة‬
‫من العجمان‪ ،‬ويطلق المكرمي أسرى موقعة الحائر من السعوديين‪.‬‬
‫‪َ -3‬د َفع قادة الدرعية مبلغًا ماليًّا قدره أربعمائة‪ ،‬وقيل‪ :‬خمسمائة أحمر نقد ذهبي‪ ،‬وكذلك عشرين‬
‫فرسا هدية لحاكم نجران‪.‬انظر‪ :‬ابن غنام (‪ ،)67 ،66/1‬ابن بشر (‪ ،)58،59/1‬الرويكي‬
‫ومائة ً‬
‫(‪ ،)43 ،40‬البسام (ص‪ ،)116‬العثيمين (‪ ،)99،100 /1‬عبد الرحيم عبد الرحمن‪ :‬الدولة‬
‫السعودية األولى (‪ ،)172 ،89‬عبداللطيف بن دهيش‪.)25 ،24( :‬‬
‫راجع كتاب‪ :‬اإلمام محمد بن سعود وجهوده يف تأسيس الدولة السعودية األولى‪ ،‬تأليف‪ :‬الدكتور‬
‫عبدالرحمن بن علي العريني‪.‬‬
‫‪107‬‬

‫ً‬
‫وأمواال‬ ‫االعتداء‪ ،‬فأهدت إليه الدرعية مئ ًة وعشرين ً‬
‫فرسا من جياد الخيل‪،‬‬
‫تم إطًلق أسرى العجمان(‪.)1‬‬
‫كثيرةً‪ ،‬فقبل هداياها‪ ،‬ورجع بعد أن َّ‬
‫يقول عبدالرحمن بن ناجي بن قعوان يف رسالة له إلى المقدم عاتق بن‬
‫غيث البالدي الحربي‪ ،‬وقد ضمنها كتابه «بين مكة وحضرموت» (ص‪)128‬‬
‫بقوله‪« :‬إن شيخة مواجد كانت يف ابن قعوان‪ ،‬وكانت بينه وبين آل سعود‬
‫مواثيق وعهود(‪ ،)2‬فلما غزا محمد علي الدرع َّية‪ ،‬وساعدته «يام» [ليس غزوة‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬تاريخ ابن غنام‪ ،)770 ،769 /2( ،‬وكتاب‪ :‬عنوان المجد يف تاريخ نجد ‪ ،‬تأليف‪:‬‬
‫الشيخ عثمان بن عبداهلل بن بشر‪( ،‬ص‪ ،)96 - 93‬وكتاب‪ :‬البيان يف تاريخ جازان وعسير ونجران‪،‬‬
‫تأليف‪ :‬عبد الواحد محمد راغب دالل‪ ،)69 ،68 ،18/2( ،‬وكتاب‪ :‬إسماعيلية اليمن السليمانية‪،‬‬
‫تأليف‪ :‬حمود زايد نوفل‪( ،‬ص‪ ،)210 - 197‬والعريني‪ :‬اإلمام محمد بن سعود‪( ،‬ص‪،)206‬‬
‫وكتاب‪ :‬تاريخ المملكة العربية السعودية‪ ،‬تأليف‪ :‬الدكتور‪ :‬عبداهلل بن صالح العثيمين‪ ،‬ص ‪:‬‬
‫(‪ ،)108 ،107‬وكتاب‪ :‬دور آل المتحمي يف مد نفوذ الدولة السعودية األولى يف عسير وما جاورها‪،‬‬
‫تأليف‪ :‬أحمد يحيى أحمد آل فائع‪( ،‬ص‪ ،)139‬وكتاب‪ :‬نجران‪ ،‬محمد أبوساق‪( ،‬ص‪،174‬‬
‫‪ ،) 175‬وكتاب‪ :‬لمع الشهاب يف سيرة محمد بن عبد الوهاب‪ ،‬تأليف‪ :‬حسن بن جمال أحمد‬
‫الريكي‪( ،‬ص‪َ ،)91‬د َرسه وحققه وعلق عليه‪ ،‬أ‪.‬د‪.‬عبد اهلل الصالح العثيمين‪1426( ،‬هـ‪2005/‬م)‬
‫ِّ‬
‫دارة الملك عبدالعزيز‪ ،‬وكتاب‪ :‬تاريخ البًلد العربية السعودية‪ ،‬تأليف‪ :‬الدكتور‪ :‬منير العجًلين‪ ،‬دار‬
‫الوهاب‪ ،‬تأليف‪ :‬حسين خلف‬
‫الكتب العربي‪ ،)159/1( ،‬وكتاب‪ :‬حياة الشيخ محمد بن عبد َّ‬
‫الشيخ خزعل‪( ،‬ص‪ ،)251‬وكتاب‪ :‬نجران تاريخ وإنسان‪ ،‬محمد طحنون‪( ،‬ص‪.)107‬‬
‫توسعت خارج نجد‪ ،‬ولم تملك يف هذا التاريخ‬
‫(‪ )2‬الحقيقة هي‪ :‬أن الدولة السعودية األولى لم تكن قد َّ‬
‫حتى الرياض ولم يكن لها عًَلقات تاريخية مع أهل نجران‪ ،‬ولكن السبب الحقيقي هو‪ :‬أن بنيان‬
‫مشهورا‪ ،‬وكان اجتماع الجيش الغازي يف الحصينية‪ ،‬وعندما علم‬
‫ً‬ ‫فارسا‬
‫بن مهذل الصقور كان ً‬
‫حسن بن هبة اهلل المكرمي عدم وجوده قال‪ :‬لن نتحرك حتى يأيت (بنيان)‪ ،‬وقد كان يف الربع الخالي‬
‫=‬
‫‪108‬‬

‫محمد علي للدرعية‪ ،‬ولكن هي غزوة الحائر يف عام (‪1178‬هـ ـ ‪1764‬م)]‬


‫تخ َّلف ابن قعوان عنها‪ ،‬فعين المكرمي حسن بن هبة اهلل ابن نصيب على‬
‫مواجد كافة‪ ،‬ومن يومها تحولت (شيخة) مواجد إلى آل نصيب»(‪.)1‬‬
‫[حوادث سنة ‪1179‬هـ‪ 1765/‬م]‬
‫الصلح بين الشريف ويام والخروج على آل عبس‪:‬‬
‫تم الصلح بين الشريف وبني يام‪ ،‬فطلبهم للنزول؛ قصد‬
‫«فيها‪َّ :‬‬
‫يتم له بنزول (قحطان قصدٌ ‪ ،‬وال مرام)(‪،)2‬‬
‫االستنصار هبم على آل عبس لما لم َّ‬
‫فعزموا على إجابته‪ ،‬ولم يتهيأ لهم سلوك طريقهم المألوفة لحيلولة بكي ٍل‬
‫دوهنا‪ ،‬فأجمل رأي الشريف أن يفتح لهم طري ًقا من وادي بيش(‪ ،)3‬فساروا فيها‬
‫ٍ‬
‫عبس‪ ،‬فنفروا‪ ،‬ولم يقابلوه‬ ‫حتى وصلوا إليه‪ ،‬فتل َّقاهم‪ ،‬وخرج هبم على آل‬

‫كامًل مما أزعج بعض المشايخ‪ .‬وهذا هو سبب‬ ‫= يف رحلة صيد‪ ،‬وقد َّ‬
‫تأخر الجيش تقريبًا أسبوعًا ً‬
‫رجوعهم وعدم مشاركتهم‪ .‬وقد فقدوا رئاستهم على قبائلهم بإحًلل غيرهم مكاهنم‪.‬‬
‫فو ِضع شيخ مكانه‬
‫(‪ )1‬هناك من وقع له نفس األمر عندما تخلف عن تلك الغزوة وهو شيخ معروف‪ُ ،‬‬
‫على القبيلة كافة واستمر ذلك إلى يومنا هذا‪.‬‬
‫(‪ )2‬قام الشريف باستدعاء قبائل قحطان يف عام ‪1177‬هـ‪1763/‬م من أجل تأديب قبيلة عبس‪ ،‬ولكنه‬
‫صلحا ورجع إلى أبي عريش‪ .‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬المخًلف السليماين ‪ ،‬محمد‬
‫ً‬ ‫لم يظفر هبم فعقد معهم‬
‫بن أحمد العقيلي‪( ،‬ص‪.)405 ،404‬‬
‫(‪ )3‬وادي بيش‪ :‬من أشهر وأكرب أودية هتامة المخًلف السليماين وترفده عدد من الوديان األخرى‬
‫كيًل يف عرض أكثر من خمسة أكيال‪،‬‬
‫والشعاب ويقدر ما يسقيه من أرض زراعية بأكثر من ستين ً‬
‫وتقع على ضفتيه الشمالية والجنوبية عدد من المدن والقرى‪ ،‬من أهمها‪ :‬مدينة بيش التي تسمت‬
‫باسم الوادي‪.‬‬
‫‪109‬‬

‫بقتال‪ ،‬وال ظفر ٍ‬


‫بأحد منهم لتفرقهم يف الجبال»(‪.)1‬‬ ‫ٍ‬

‫‪34‬ـ الداعي حسن بن هبة اهلل بن إبراهيم بن محمد المكرمي‪ :‬تولى‬


‫رئاسة المذهب اإلسماعيلي يف (‪ 16‬صفر ‪1184‬هـ ـ ‪ 11‬يونيو‪1770‬م)‪،‬‬
‫وتويف يف (‪ 12‬جماد أول ‪1189‬هـ‪ 11 /‬يوليو ‪1775‬م)‪ ،‬وهو من أشهر دعاة‬
‫المكارمة الذين خرجوا مع قبائل يام يف حمًلت عدة‪ ،‬حيث قادهم يف تلك‬
‫الحمًلت التي كان يرسلها أخوه «إسماعيل» الداعي الذي كان قبله‪ ،‬ولما‬
‫تولى واصل قيادهتا على سالف عهده‪ ،‬حيث إن قبائل «يام» قد امتهنوا أعمال‬
‫فضًل عن أهنا كانت‬ ‫كمصدر ٍ‬
‫رزق لهم‪ً ،‬‬ ‫ِ‬ ‫الغزو من مئات السنين‪ ،‬وتأصلت فيهم‬
‫تعترب من مظاهر الفروسية بمعايير ذلك العصر‪ ،‬وهي تشبع رغبتهم يف امتشاق‬
‫الحسام‪ ،‬والضرب والنزال(‪ ،)2‬وقد مات يف طريق عودته من نجد‪ ،‬ودفن يف‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬خًلصة العسجد‪ ،‬عبدالرحمن البهكلي‪( ،‬ص‪.)315‬‬


‫طوعهم لهذه الحكومة الرشيدة (حكومة خادم الحرمين الشريفين حفظه اهلل)‪،‬‬
‫(‪ )2‬فالحمد هلل الذي َّ‬
‫فاستكانوا وأطاعوا‪ ،‬وبذلوا لها الوالء‪ ،‬وانتظموا يف سلك رعيتها مستكينين‪ ،‬مسئولين عن األمن يف‬
‫مواطنهم والمسالك والدروب المؤدية إليهم‪ ،‬فانساب إليهم رزقهم رغدً ا من غير أعمال الغزوا‬
‫والسلب والتي امتهنها أجدادنا ُ‬
‫منذ مئات السنين‪ ،‬والفضل يف ذلك يرجع إلى اهلل سبحانه وتعالى‪،‬‬
‫ثم لتطبيق الشرع من هذه الحكومة الرشيدة فلله الحمد‪[ ،‬وأهل نجران عامة ورجال يام خاصة‬
‫كابرا عن كابر]‪ ،‬وقد بذل الملك عبد‬
‫بالصدق والوفاء بالعهود والمواثيق‪ ،‬وهذا شيء أخذوه ً‬
‫عرفوا ِّ‬
‫العزيز رحمه اهلل جهو ًدا يف منع الغزو بين القبائل ومحاربة الفوضى والصراعات القبلية التي كانت‬
‫ضاربة أطناهبا يف ِّ‬
‫كل صقع من أصقاع البًلد‪.‬‬
‫‪110‬‬

‫نجران(‪.)1‬‬
‫[حوادث سنة ‪1184‬هـ‪ 1770/‬م]‬
‫غزو يام للمخالف السليمانـي‪:‬‬
‫(‪)2‬‬
‫إلى األمير محمد بن أحمد آل‬ ‫كتب حسن بن هبة اهلل المكرمي‬
‫خيرات(‪ )3‬بوفاة أخيه إسماعيل بن هبة اهلل طال ًبا منه تجديد العًلقات‪،‬‬
‫واستمرار الصداقة التقليدية‪ ،‬فر َّد عليه معز ًيا ومواس ًيا‪ ،‬ولم ُي ِشر يف جوابه إلى‬
‫ما يشم منه رائحة الرغبة يف تجديد العًلقات‪ ،‬واستمرار الصداقة‪ ،‬فحز ذلك‬
‫يف نفس المكرمي‪ ،‬وأخذ يف تأليب يام‪ ،‬وحشد جموعهم لغزو المخًلف ليرى‬
‫خطرا من أسًلفه الذين تم َّلقت‬
‫ً‬ ‫لهذا األمير الذي استهان بطلبه أنه أشد‬
‫عواطفهم األمراء آل الخيرات‪ ،‬ومن جملتهم هذا األمير نفسه‪.‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬فلكس ما نجان الفرنسي‪ :‬تاريخ الدولة السعودية األولى‪( .‬ص‪ ،)259،260‬وكتاب تاريخ‬
‫المملكة العربية السعودية‪ ،‬عبداهلل بن صالح العثيمين‪( ،‬ص‪ ،)114‬انظر‪ : :‬كتاب‪ :‬بين مكة‬
‫وحضرموت‪ ،‬للمقدم‪ :‬عاتق بن غيث البًلدي الحربي‪( ،‬ص‪ ،)128‬انظر‪ :‬مشاركاته يف غزو‬
‫المخًلف السليماين‪ ،‬كتاب‪« :‬تاريخ المخًلف السليماين»‪( ،‬ص‪.)408 ،407 ،406‬‬
‫(‪ )2‬حسن بن هبة اهلل المكرمي‪ ،‬هو صاحب الحائر وهو الداعي رقم (‪ )34‬يف سلسلة دعاة المذهب‪.‬‬
‫(‪ )3‬الشريف محمد بن أحمد آل الخيرات‪1184 - ...( :‬هـ)‪ :‬ثاين أمراء أسرة آل الخيرات بالمخًلف‬
‫السليماين؛ فقد تولى إمارة المخًلف بعد وفاة والده المؤسس‪ :‬أحمد بن محمد آل خيرات‪- ...(:‬‬
‫‪ 1154‬هـ)‪ :‬الذي كان أول أمراء أسرة آل خيرات بالمخًلف‪ ،‬فهو مؤسس إمارة آل خيرات التي‬
‫توارثها أبناؤه من بعده‪ ،‬وكان خلفه (علمنا) الشريف محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد آل خيرات‬
‫أميرا شجاعًا‪ ،‬حاز ًما‪ ،‬استطاع مقاومة الفتن‪ ،‬والقًلقل الداخلية والخارجية التي واجهته‪ ،‬ويف‬
‫ً‬
‫عمه الشريف (حوذان)‪.‬‬
‫مقدمتها صراعه الطويل مع ِّ‬
‫‪111‬‬

‫كان آل خيرات ‪ -‬كما مر بك ‪ُّ -‬‬


‫جل اعتمادهم يف تركز نفوذهم وتثبيت‬
‫سلطتهم على أهل الشحر والحضارم يف أول إمارهتم‪ ،‬ومن بعدها على يام‪،‬‬
‫ولم يستعينوا بأهل المخًلف الذين هم أهل البًلد إال يف النادر‪ ،‬ومع غيرهم‪،‬‬
‫لهذا عندما تواردت األخبار بنزول يام‪ ،‬بعث رسله الستدعاء قبائل بكيل‪ ،‬ويف‬
‫أول عام ‪1184‬هـ‪1770/‬م بدأت جموعهم تتوافد لتلبية ندائه حتى بلغ‬
‫عددهم ثًلثة آالف مقاتل‪ .‬ويف ربيع ‪1184‬هـ‪1770/‬م نزلت يام بقيادة حسن‬
‫وقتًل‪ ،‬واستاقوا‬
‫بن هبة اهلل المكرمي إلى حرض‪ ،‬وعاثوا يف البًلد سل ًبا وهن ًبا ً‬
‫ففر‬
‫المواشي‪ ،‬وهنبوا األموال‪ ،‬واعتدوا على النساء‪ ،‬وانداحوا يف سهول هتامة‪َّ ،‬‬
‫السكان من حرض إلى أبي عريش‪ ،‬واألمير يف أبي عريش مرتدد يف الخروج‬
‫حتى وافته القبائل التي استدعاها عًلو ًة على بكيل‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫‪1‬ـ وادعة وعبيدة‪.‬‬
‫‪2‬ـ سحار ووائلة‪.‬‬
‫‪3‬ـ بكـــــــــيل‪.‬‬
‫وهنض هبم وبقبائل بكيل من أبي عريش إلى موضع يسمى‪« :‬حرف‬
‫ٍ‬
‫كطليعة‪ ،‬فبلغ األمير‪ ،‬فظن أن قبيلة‬ ‫إبراهيم»‪ ،‬ويف أثناء ذلك تقدم قوم من يام‬
‫يام قاصدة مخالفته إلى أبي عريش‪ ،‬فانتدب جماعة من الفرسان بعضهم من‬
‫النعامية‪ ،‬ومن غيرهم؛ ليعلموه خربهم‪ ،‬ووجهة سيرهم‪ ،‬وعند طرف قرية‬
‫فارسا‪ ،‬ومعهم عدد‬
‫البدوي فاجأهتم طليعة يام‪ ،‬وهي ال تتعدى الخمسة عشر ً‬
‫‪112‬‬

‫من الركائب وخيل األمير مثل عددهم‪ ،‬فنشب بينهما القتال‪ ،‬فاهنزم أصحاب‬
‫الملح‪،‬‬
‫األمير‪ ،‬وأسر بعضهم‪ ،‬عند ذلك هنض األمير من حرف إبراهيم إلى ُ‬
‫فوق وادي تعشر‪ ،‬ومنه عزم على أن يعسكر يف ِ‬
‫(المحصام)‪ ،‬فقطع عليهم خط‬
‫الرجعة إلى نجران‪ ،‬فتنبه المكرمي‪ ،‬فعبأ رجاله قبل أن ينفذ األمير خطته‪.‬‬
‫التعبئـــة‪:‬‬
‫َع َّبأ المكرمي رجاله جناحين وقلب؛ كاآليت‪:‬‬
‫‪1‬ـ قبيلة مواجد‪.‬‬
‫‪2‬ـ قبيلة جشم‪.‬‬
‫‪3‬ـ قبيلة آل فاطمة‪.‬‬
‫وسارت شمال مدينة حرض حتى جاوزت مسيل الوادي‪.‬‬
‫وع َّبأ األمير رجاله على الوجه اآليت‪:‬‬
‫‪1‬ـ وادعة وعبيدة يف مقابل مواجد بقيادة ابنه أحمد بن محمد‪.‬‬
‫‪2‬ـ بكيل يف مقابل جشم بقيادة أخيه الحسن بن أحمد‪.‬‬
‫‪3‬ـ سحار ووائلة و َمن يف طبقتهم يف مقابل آل فاطمة بقيادة ابنه حيدر‪.‬‬
‫دارت رحا المعركة‪ ،‬فاهنزمت مواجد‪ ،‬وكثر فيها القتل‪ ،‬وأصيب حسن‬
‫ٍ‬
‫برصاصة يف ركبته(‪ ،)1‬وكذلك تراجعت جشم‪ ،‬أما آل فاطمة فقد‬ ‫المكرمي‬

‫(‪ )1‬يقول صاحب كتاب‪ :‬خًلصة العسجد‪ ،‬عبدالرحمن البهكلي‪( ،‬ص‪ ،)364‬بقوله‪...« :‬وأصيب معه‬
‫=‬
‫‪113‬‬

‫هزمت من أمامها من سحار ووائلة‪ ،‬وطاردهتم إلى وراء مخيم األمير محمد ‪-‬‬
‫الذي انسحب منه قبل ذلك بدقائق‪ -‬وهنبت آل فاطمة جميع ما يف مخيم‬
‫األمير‪ ،‬وبعد ذلك عادت بكيل ووادعة‪ ،‬فشاهدت مخيم األمير محمد خال ًيا‪،‬‬
‫فاستنقذوا ما أمكنهم إنقاذه‪ ،‬ولم تغب شمس ذلك اليوم الخميس الموافق ‪27‬‬
‫جمادى األولى إال وبعض المنهزمين يف ساحة أبي عريش‪ ،‬وقد ُقدِّ ر عدد‬
‫القتلى من الفريقين بـ ‪ 500‬قتيلٍ‪.‬‬
‫ودخل األمير نفسه مدينة أبي عريش يوم السبت الموافق ‪ 29‬جمادى‬
‫األولى‪.‬‬
‫[لم ِ‬
‫يرو لنا المؤرخ كيف ُهزمت وادعة وعبيدة يف آخر األمر أمام قبيلة‬
‫كرت قبيلة جشم على بكيل فهزمتها وأسرت قائدها‬
‫مواجد‪ ،‬وال كيف َّ‬
‫الشريف الحسن بن أحمد‪ ،‬ولكن أتى بما يدل على ذلك]‪.‬‬
‫فقال‪ :‬ومما يدل دالل ًة واضح ًة على أن كفة يام هي الراجحة ما يأيت‪:‬‬
‫‪1‬ـ أن الحسن بن أحمد قائد بكيل وغيرهم‪ ،‬قد ُأ ِس َر يف المعركة‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ أن شمس يوم الخميس لم تغرب يوم المعركة إال وبعض المنهزمين‬
‫يف ساحة أبي عريش‪.‬‬
‫‪3‬ـ وصول األمير يف صباح اليوم الثاين للمعركة إلى أبي عريش‪.‬‬

‫= ابنه عباس بن حسن‪ ،‬ونُقل إلى قلعة حرض‪ ،‬فتعلل هبا أيا ًما حتى قضى نحبه ‪ ،‬و ُقتل من المكارمة‬
‫هبة اهلل بن القاضي إسماعيل‪ ،‬وكثير من فقهاء يام وكربائهم يصعب حصرهم بالتفصيل»‪.‬‬
‫‪114‬‬

‫‪4‬ـ بقاء المكرمي يف مدينة حرض إلى أواخر شهر رجب تلك السنة(‪.)1‬‬
‫[حوادث سنة ‪1189‬هـ‪ 1775/‬م]‬
‫معركة ضرما يف (نجد)‪:‬‬
‫ٍ‬
‫سنوات من معركة الحائر‪ ،‬كانت الدولة السعودية أحسن‬ ‫بعد مضي تسع‬
‫حاال من حالهم يف معركة الحائر‪ ،‬حيث تم َّكنوا من السيطرة على الرياض‪،‬‬
‫ً‬
‫وهزيمة جيوش األحساء‪ ،‬ويف عام (‪1187‬هـ ـ ‪1773‬م)‪ ،‬أرسل زيد بن زامل‪،‬‬
‫رئيس بلدة الدلم إلى المكرمي يستحثه على المسير لحرب الدولة السعودية‪،‬‬
‫وتم االتفاق على ثًلثين أل ًفا (‪( )2‬من العملة المتداولة‬
‫وقد وعده بالمال‪َّ ،‬‬
‫(‪)3‬‬
‫لديهم)‪ ،‬ويف عام (‪1189‬هـ ـ ‪1775‬م)‪ ،‬أقبل حسن بن هبة اهلل المكرمي‬

‫(‪ )1‬المصدر‪ :‬كتاب المخًلف السليماين‪ ،‬محمد بن أحمد العقيلي‪ ،)408 - 405 /1( ،‬وكتاب‪:‬‬
‫خًلصة العسجد‪ ،‬عبدالرحمن البهكلي‪( ،‬ص‪ ،)367 - 352‬وكتاب‪ :‬نجران تاريخ وإنسان‪،‬‬
‫محمد بن طحنون آل دغرير‪( ،‬ص‪.)114 ،113 ،112‬‬
‫(‪ )2‬فلكس ما نجان الفرنسي‪ :‬تاريخ الدولة السعودية األولى‪( ،‬ص‪ ،)257‬ابن بشر‪ :‬عنوان المجد‪،‬‬
‫(‪ ،)121 ،120/1‬ابن غنام‪ :‬تاريخ نجد‪( ،‬ص‪ ،)140‬وكتاب‪ :‬إسماعيلية اليمن السليمانية‪ ،‬حمود‬
‫زايد نوفل‪( ،‬ص‪ ،)208‬وكتاب‪ :‬تاريخ المملكة العربية السعودية‪ ،‬عبداهلل بن صالح العثيمين‪،‬‬
‫(ص‪.)113‬‬
‫(‪ )3‬حسن بن هبة اهلل المكرمي يف معركة الحائر األولى لم يكن هو الداعي للمذهب‪ ،‬فقد ذهب للحائر‬
‫مرسًل من أخيه الداعي رقم (‪( :)33‬إسماعيل بن هبة اهلل المكرمي)‪ ،‬ويف الحائر الثانية (ضرما) هو‬
‫ً‬
‫الداعي رقم(‪)34‬؛ حيث استلم رئاسة المذهب اإلسماعيلي يف‪16( :‬صفر ‪1184‬هـ ‪-‬‬
‫‪11‬يونيو‪1770‬م)‪ ،‬واسمه الحقيقي هو‪ :‬حسن وليس الحسن كما ورد يف صحائف المذهب‬
‫اإلسماعيلي القديمة؛ حيث إن بعض المؤرخين يسجلونه الحسن‪ ،‬وهذا خطأ‪.‬‬
‫‪115‬‬

‫انضم إليه من أهل نجد‪ ،‬ورافقهم أهل وادي الدواسر‪ ،‬وبعض‬


‫َّ‬ ‫بأتباعه‪ ،‬وبمن‬
‫أهالي الخرج و َمن حولهم‪ .‬وقد ذكر صاحب كتاب «تاريخ الدولة السعودية‬
‫األولى» بقوله‪« :‬وأرسل يف الوقت نفسه مبعو ًثا إلى صاحب نجران يطلب منه‬
‫بإعانة ٍ‬
‫مالية‪ ،‬لكن صاحب نجران أراد أن‬ ‫ٍ‬ ‫أن يأتـي لمحاربة عبدالعزيز‪ ،‬ووعده‬
‫يعرف مقدار تلك اإلعانة‪ .‬ويف عام (‪1187‬هـ ـ ‪1773‬م)‪ ،‬طلب زيد بن زامل‬
‫من صاحب نجران أن يعجل بالمسير‪ ،‬وأكد له أنه سيدفع له المال نقدً ا‪ ،‬وأعاد‬
‫قائًل له‪ :‬أن يسأل سيده‪ :‬كم من آالف‬
‫مساعد صاحب نجران تنبيه البعوث ً‬
‫َ‬
‫شرط أن يكون لديه‬ ‫السكك سيقدم له‪ ،‬فأجاب األمير بأنه سيدفع له ‪ 30‬أل ًفا‪،‬‬
‫ضمان‪ ،‬فأرسل إليه صاحب نجران واحدً ا من خاصة ضباطه‪ ،‬وعندما وصلت‬
‫هذه الرهينة إلى وجهتها‪ ،‬فرض زامل المبلغ المتفق عليه على البًلد‪ ،‬وأرسله‬
‫إلى نجران»(‪ ،)1‬وقد أرسل له حاكم األحساء بطين بن عريعر(‪ )2‬الذي خلف‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬تاريخ الدولة السعودية األولى‪ ،‬وحمًلت محمد علي على الجزيرة العربية‪ ،‬تأليف‪:‬‬
‫فليكس مانجان‪ ،‬ترجمه وعلق عليه‪ :‬أ‪ .‬د‪ .‬محمد خير محمود البقاعي‪( ،‬ص‪ ،)254‬و كتاب‬
‫الفاخري‪ ،‬تأليف‪ :‬محمد بن عمر الفاخري المتوىف سنة ‪1277‬هـ‪ ،‬دراسة وتحقيق وتعليق‪:‬‬
‫أ‪.‬د‪.‬عبداهلل بن يوسف الشبل‪ ،‬طبعة الدارة‪( ،‬ص‪ ،)146‬وكتاب‪ :‬القول المكتوب يف تاريخ‬
‫الجنوب‪ ،‬أ‪.‬د‪ .‬غيثان بن علي بن جريس‪ ،)62/8( ،‬وكتاب‪ :‬حياة الشيخ محمد بن عبد الوهاب‪،‬‬
‫تأليف‪ :‬حسين خلف الشيخ خزعل‪( ،‬ص‪ ،)286 ،285‬وكتاب‪ :‬من أخبار القبائل يف نجد‪ ،‬فائز بن‬
‫موسى البدراين الحربي‪( ،‬ص‪ ،)196‬وكتاب‪ :‬ابن لعبون‪( ،‬ص‪.)514 ،513‬‬
‫(‪ )2‬بطين بن عريعر‪1189 - 1188( :‬هـ‪1775 - 1774 /‬م)‪ ،‬تولى الحكم خل ًفا لوالده عريعر ‪ ،‬على‬
‫=‬
‫‪116‬‬

‫والده بستة آالف بندقية‪ ،‬وثًلثمائة جمل محملة بالقمح واألرز والتمر(‪ .)1‬نزل‬
‫المكرمي بجنده يف الحائر‪ ،‬المكان الذي سبق ونزل فيه‪ ،‬يف هجومه األول على‬
‫نجد(‪ ،)2‬حيث تًلحقت بق َّية جنوده‪ ،‬وجرى ٌ‬
‫قتال بينهم وبين أهل الحائر‪،‬‬
‫متجها نحو ضرما‪،‬‬
‫ً‬ ‫وقطع بعضهم من نخيلهم‪ ،‬ثم صالحهم‪ ،‬ورحل عنهم‬
‫وكان أهلها قد استعدوا له‪ ،‬وحصنوا مدينتهم‪ ،‬فنشب بينهم ٌ‬
‫قتال أكثر فيه أهل‬
‫ٌ‬
‫اشتباك مع جيش‬ ‫ضرما الرمي بالبنادق من بين النخل واألشجار‪ ،‬بل حصل‬
‫عبدالعزيز بن محمد بن سعود‪ ،‬والوقعة معروفة بوقعة ضرما‪ ،‬وكان فيها أسرى‬
‫من جيش حسن بن هبة اهلل‪ ،‬ومن ضمن هؤالء مجحود بن علي العرجاين‪،‬‬
‫والذي عرف الدعوة السلفية يف سجن الدرعية‪ ،‬وخرج داع ًيا لها(‪ ،)3‬وقد أدى‬

‫مما أدى إلى قيام أخوية دجين وسعدون بقتله خن ًقا‪.‬‬


‫= بًلد األحساء‪ ،‬ويقال‪ :‬إنه سيئ السيرة‪َّ ،‬‬
‫األحسائي‪ :‬تحفة المستفيد‪ .)227 ،226/1( ،‬انظر‪ :‬العجًلين‪( ،‬ص (ج‪ ،)68 - 67/2‬وكتاب‪:‬‬
‫البيان يف تاريخ جازان وعسير ونجران‪ ،‬تأليف‪ :‬عبد الواحد محمد راغب دالل‪.)19 ،18 /2( ،‬‬
‫(‪ )1‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬تاريخ الدولة السعودية األولى‪ ،‬وحمًلت محمد علي على الجزيرة العربية‪ ،‬تأليف‪:‬‬
‫فليكس مانجان (الفرنسي)‪ ،‬ترجمه وعلق عليه‪ ،‬أ‪ .‬د‪ .‬محمد خير محمود البقاعي‪( ،‬ص‪،)256‬‬
‫وكتاب‪ :‬إسماعيلية اليمن السليمانية (المكارمة)‪ ،‬تأليف‪ :‬حمود زايد نوفل‪( ،‬ص‪.)208‬‬
‫(‪ )2‬يسمي بعضهم هذه المعركة بمعركة الحائر الثانية‪.‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬تعريف‪ :‬مجحود بن علي العرجاين صفحة (‪ )506‬من هذا الكتاب‪( .‬ولعل من أبرز آثار هذه‬
‫الدعوة اإلصًلحية يف أهل نجران أنه تأثر نفر منهم بمبادئ هذه الدعوة السلفية؛ فقد كان الشيخ‪:‬‬
‫عبداهلل بن سرور اليامي من أشهر العلماء السلفيين فيما بعد؛ إذ أقبل على أمراء عسير حين ذاك‪،‬‬
‫وأصبح من أبرز علمائهم يف النصف األول من القرن الثالث عشر الهجري؛ فقد وصفه الحسن بن‬
‫=‬
‫‪117‬‬

‫ذلك إلى هزيمة مهاجميهم‪ ،‬وعودهتم كل إلى منطقته(‪ ،)1‬وكان حسن بن هبة‬
‫ٍ‬
‫بمرض‪ ،‬واشتد عليه وطأته‪ ،‬فأمر قواته‬ ‫اهلل قائد جيش نجران قد أصيب‬
‫باالنسحاب‪ ،‬ولم يعد بمقدوره االستواء على ظهر الحصان أثناء عودته‪ ،‬وقد‬

‫= أحمد عاكش بأنه‪ ...‬وقال‪« :‬من ح َّفاظ كتاب اهلل العزيز‪ ،‬ومن الذين أخذوا عن الحسن بن خالد‬
‫الحازمي (العلم)‪ .‬وكذلك الشيخ‪ :‬سالم بن حسين بن مشري الصقور اليامي»‪ ،‬انظر‪ :‬حوادث‬
‫سنة(‪1222‬هـ)‪( ،‬ص‪ )156‬من هذا الكتاب‪ .‬وذلك ي ُّ‬
‫دل على حقيقة أثر هذه الدعوة السلفية يف‬
‫أهل نجران من حيث إقبال أبنائهم على قبول هذه الدعوة ونصرهتا‪ .‬انظر‪ :‬كتاب أ‪.‬د‪ .‬عبداهلل بن‬
‫الوهاب يف الفكر واألدب بجنوب‬ ‫اهش‪« :‬أثر دعوة الشيخ محمد بن عبد َّ‬ ‫محمد بن حسين أبو د ِ‬
‫َ‬
‫الجزيرة العربية»‪ ،‬الطبعة األولى ‪1405‬هـ ‪1985 -‬م‪( ،‬ص‪ ،)131 ،130‬وكتاب رسالتا‪ :‬ابن‬
‫مجثل والحفظي يف حال أحمد بن إدريس المغربي‪ ،‬للدكتور‪ :‬عبداهلل بن محمد أبو داهش‪،‬‬
‫(ص‪.)39 ،37 ،16‬‬
‫(‪ )1‬ابن بشر‪ :‬عنوان المجد يف أخبار نجد‪ ،)126 ،125/1( ،‬وكتاب‪ :‬ابن غنام تاريخ نجد‪( ،‬ص‪-141‬‬
‫‪ ،)142‬وكتاب‪ :‬تاريخ الدولة السعودية األولى‪ ،‬وحمًلت محمد علي على الجزيرة العربية‪،‬‬
‫تأليف‪ :‬فليكس مانجان (الفرنسي)‪ ،‬ترجمه وعلق عليه‪ ،‬أ‪ .‬د‪ .‬محمد خير محمود البقاعي‪،‬‬
‫(ص‪ ،) 257‬وكتاب‪« :‬الخرب والعيان يف تاريخ نجد»‪ ،‬خالد بن محمد الفرج‪ ،‬تحقيق ودراسة‪:‬‬
‫عبدالرحمن بن عبداهلل الشقير‪( ،‬ص‪ ،)227‬وكتاب‪ :‬قبائل نجران على الموقع‪:‬‬
‫(‪ ،)www.najran.ccnajran.cc@gmail.com‬لمجلة‪ :‬قبائل نجران على شبكة اإلنرتنت‪،‬‬
‫(ص‪1432( ،)89‬هـ ‪2011 -‬م‪ .‬النسخة العاشرة)‪.‬‬
‫‪118‬‬

‫تفاقمت حالته‪ ،‬ومات يف الطريق قبل أن يصل إلى نجران(‪.)2()1‬‬


‫‪35‬ـ الداعي عبد العلي بن الحسن بن إسماعيل بن إبراهيم بن محمد بن‬

‫(‪ )1‬استدراك ومعلومة‪(:‬العجمان) الذين بقوا يف نجد بقوا على صلح وبيعة بعد معركة الحائر ‪1178‬هـ‪،‬‬
‫وصاروا قادة جيوش ونسب ومصاهرة‪ ،‬وزبن عندهم يف غار عليّة اإلمام تركي بن عبداهلل مؤسس‬
‫الدولة الثانية‪ ،‬ومن أبرز القادة يف الدولة السعودية األولى حزام بن عامر من آل زعاق آل حبيش قاد‬
‫جيوش الدولة السعودية األولى يف فتح المخًلف السليماين عرف بحزام العجماين أي العجمي‪.‬‬
‫انظر‪ :‬كتاب‪ :‬نفح العود يف سيرة دولة الشريف حمود‪ ،‬تأليف‪ :‬عبد الرحمن البهكلي‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد‬
‫بن أحمد العقيلي‪( ،‬ص‪ .)110 ،107 ،106 ،101‬مطبوعات‪ ،‬دارة الملك عبد العزيز‪ ،‬وكتاب‬
‫آللئ الدرر يف تراجم رجال القرن الثالث عشر‪ ،‬تأليف‪ :‬أحمد بن محمد بن أحمد الشعفي قاضي‬
‫محكمة بالغازي‪( ،‬ص‪ .)196‬يقول صاحب كتاب تاريخ قبيلة العجمان دراسة وثائقية‪ ،‬د‪ .‬سلطان‬
‫بن خالد بن حثلين‪« :‬ولقد وقف العجمان إلى جانب اإلمام تركي بن عبداهلل يف الفرتة ما بين أفول‬
‫نجم الدولة السعودية األولى وميًلد الدولة السعودية الثانية‪ ،‬فعندما هزمت القوات المصرية جيش‬
‫الدرعية تركها اإلمام تركي بن عبداهلل وقصد آل شامر من بادية العجمان‪ ،‬وأقام عندهم وتزوج بنت‬
‫غيدان بن جازع بن علي فولدت له ولد أسماه جلوي؛ ألنه ولد يف جلوته من بلده‪ .‬وقام العجمان‬
‫رجًل‬
‫بمناصرة اإلمام تركي حتى استعاد حكم آبائه وأجداده» (ص‪ ،)49‬انظر‪ :‬كتاب‪« :‬الستون ً‬
‫خالدو ِّ‬
‫الذكر»‪ ،‬عبدالرحمن بن سليمان الرويشد‪( ،‬ص‪ ،)120‬وكتاب‪« :‬اإلمام تركي بن عبداهلل‬
‫ومحررها»‪ ،‬الدكتور‪ :‬منير العجًلن‪( ،‬ص‪.)65‬‬
‫ّ‬ ‫بطل نجد‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬تاريخ الدولة السعودية األولى‪ ،‬وحمًلت محمد علي على الجزيرة العربية‪ ،‬تأليف‪:‬‬
‫فليكس ما نجان (الفرنسي)‪ ،‬ترجمه وعلق عليه‪ ،‬أ‪ .‬د‪ .‬محمد خير محمود البقاعي‪( ،‬ص‪،)257‬‬
‫وكتاب‪ :‬تاريخ المملكة العربية السعودية‪ ،‬عبداهلل بن الصالح العثيمين‪( ،‬ص‪ ،)114‬وموسوعة‬
‫المملكة العربية السعودية‪ ،)154/5( ،‬وكتاب‪ :‬نجران تاريخ وإنسان‪ ،‬محمد بن طحنون‪،‬‬
‫(ص‪ ،)116 - 115‬وكتاب‪ :‬قبائل نجران على الموقع‪:‬‬
‫(‪ ،)www.najran.ccnajran.cc@gmail.com‬لمجلة‪ :‬قبائل نجران على شبكة اإلنرتنت‪،‬‬
‫(ص‪1432( ،)89‬هـ ‪2011 -‬م‪ .‬النسخة العاشرة)‪.‬‬
‫‪119‬‬

‫الفهد المكرمي(‪ ،)1‬تولى رئاسة المذهب اإلسماعيلي يف‪ 12( :‬جماد أول‬
‫‪1189‬هـ‪11 /‬يوليو ‪1775‬م)‪ ،‬وتويف يف (‪ 29‬رمضان ‪1195‬هـ‪18/‬‬
‫سبتمرب‪1781‬م)‪ ،‬دفن يف (طيبة)‪ ،‬من ساكني طيبة الذين لم يغادروها‪ ،‬تعرض‬
‫لسجن من اإلمام المنصور الحسن بن المتوكل قبل توليه الدعوة‪ ،‬ثم صار‬
‫داع ًيا‪ ،‬ومكث يف طيبة حتى وفاته‪.‬‬
‫وبشأن سجن عبد العلي المكرمي‪ ،‬فإن المصادر التاريخية تذكر أن‬
‫اإلمام بعد أن عقد العزم على انتزاع كل ما تحت يد المكارمة من قطع عنو ًة‬
‫قرر سجن أهل طيبة‪ ،‬من‬
‫بعد وفاة علي بن هبة اهلل؛ ألنه صاحب االتفاق معه‪َّ -‬‬
‫أوالد علي بن هبة اهلل وأخيه الحسن وعبد العلي وغيرهم‪ .‬فلما بلغهم ذلك‪،‬‬
‫قرروا الرحيل إلى نجران‪ ،‬ومن َث َّم العودة بقوة من قبائل يام ألَخذ ما كان لهم‬
‫من قطعٍ‪ ،‬ما عدا عبد العلي‪ ،‬الذي لم يذهب معهم‪ ،‬ولما علم اإلمام برحيل‬
‫زج بعبد العلي يف سجن غمدان(‪ ،)2‬وقام هبدم دور‬
‫المكارمة عن طيبة‪َّ ،‬‬

‫(‪ )1‬وقد ذكر صاحب كتاب نجران تاريخ وإنسان‪ ،‬محمد طحنون‪( ،‬ص‪ ،)86‬بقوله‪« :‬هو سيدنا عبد‬
‫العلي بن الحسن بن إسماعيل بن إبراهيم المكرمي وقال مخاط ًبا قيده أي ‪ -‬عبد العلي ‪( -‬بلغز‬
‫عجيب)»‪ .‬ثم ذكر أبيات من قصيدة وكان هنايتها هذا البيت‪:‬‬
‫يارب عبدك عبد العين فارحمه‬ ‫ولي إله تعالى ال يضيعني‬
‫والعين هي علي بن أبي طالب ‪ ‬يف المذهب ‪ ،‬وهذا شرك باهلل تعالى !!!‪ .‬انظر‪ :‬كتاب مزاج‬
‫التسنيم‪ ،‬للداعي‪ :‬إسماعيل بن هبة اهلل بن إبراهيم بن محمد بن الفهد المكرمي (ص‪.)201‬‬
‫(‪ُ )2‬غ ْم دَ ان‪ :‬قصبة صنعاء األثرية‪ ،‬تتكون من أربعة عشر طاب ًق ا بنيت بجوار جامع صنعاء‪ ،‬كانت‬
‫=‬
‫‪120‬‬

‫المكارمة يف طيبة‪ .‬وتذكر المصادر اإلمامية واإلسماعيلية أن جيش المكارمة‬


‫القادم من نجران لنجدة من بصعفان‪ ،‬قد تمكنوا من هزيمة خصومهم‪ ،‬وبعدها‬
‫خرجوا من صعفان باتجاه الحديدة‪ ،‬وقد هنبوها عند وصولهم لها‪ ،‬ثم قام‬
‫جيش المكارمة بإحراق العديد من العشش يف الغانمية‪ ،‬من قرى هتامة‪،‬‬
‫ودخلوا اللح َّية وأحرقوها(‪.)1‬‬
‫(وساطة الشريف بين يام واإلمام)‪:‬‬
‫«فيها‪ :‬احرتكت يام مع (المكارمة) للنُّزول على بًلد اإلمام مر ًة أخرى‪،‬‬
‫وتوسط الحال بينهم وبين اإلمام‪ ،‬وحسم‬
‫َّ‬ ‫فتل َّقاهم الشريف إلى أطراف بًلده‪،‬‬
‫مادة الخًلف والخصام‪ ،‬وأرجع اإلمام لهم بعض اإلقطاع مما طابت به‬
‫وص ُل َحت عليه أمورهم‪ .‬وأكَّد الشريف بينه وبينهم المواثيق‪ ...‬فالتأم‬
‫نفوسهم‪َ ،‬‬

‫= تستعمل من قِب َل ملوك اليمن‪ ،‬وتسرج لهم فيها السرج‪ ،‬وقد استعملها بعض أئمة الزيدية‬
‫كسجن لهم‪ .‬انظر‪ :‬الروض المعطار (ص ‪ ،) 429‬وصبح األعشى ( ‪ ،) 40/5‬اإلكليل‬
‫(‪ ،) 12/8‬معجم ما استعجم‪ ،) 1002 / 3 ( :‬البلدان اليمانية (ص ‪ ،) 219‬سيرة اإلمام يحيى‬
‫بن محمد حميد الدين (ص‪ ،) 35‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬قبائل نجران على ا لموقع‪:‬‬
‫(‪ ،)www.najran.ccnajran.cc@gmail.com‬لمجلة قبائل نجران على شبكة اإلنرتنت‪،‬‬
‫(ص‪1432( ،)89‬هـ ‪ 2011 -‬م‪ .‬النسخة العاشرة)‪.‬‬
‫(‪ )1‬تاريخ دعاة المكارمة‪( :‬ق‪193‬أ ‪196 -‬ب)؛ وكتاب‪ :‬تاريخ اليمن‪ ،‬أبو طالب (ص‪،)492 ،491‬‬
‫وصحيفة الصًلة اإلسماعيلية‪ ،‬لمؤلفها‪ :‬المنصوب سيد نصر اهلل‪( ،‬ص‪ ،)687‬المطبوع يف حيدر‬
‫آباد‪ ،‬سنة (‪1390‬هـ)‪.‬‬
‫‪121‬‬

‫حا ُل ُهم وا َّتحد»(‪.)1‬‬


‫تعبيرا عن استيائهم‬
‫وكان سبب قيامهم بأعمال النهب واإلحراق يف هتامة ً‬
‫من موقف اإلمام المنصور الحسين نحوهم بعد أن حاول إخراجهم من‬
‫صعفان‪ ،‬والتي كانت ضمن مناطقهم‪ ،‬المقررة َوفق مواثيق ِصي َغت بينهم‬
‫وبينه(‪.)2‬‬
‫[حوادث سنة ‪1190‬هـ‪ 1776/‬م]‬
‫خروج يام وال َقتْلة التي حصلت لها‪:‬‬
‫«وفيها‪ :‬خرجت قبائل يام من نجران‪ ،‬فمرت ببًلد سحار(‪ ،)3‬واعتدت‬
‫على بداوهتا َفنَ َّكفت(‪ )4‬سحار عند قومها‪ ،‬وكان القوم قد بلغوا إلى حدود هتامة‬
‫منه‪ ،‬فكمنت لها سحار بال ُّطرق‪ ،‬فلما رجعوا‪ ،‬لم تشعر طائف ٌة من يام إال بالقتل‬
‫والضرب والنهب‪ ،‬فاشتدت يام‪ ،‬فلم تنفعها الشدة‪ ،‬وتمكنت سحار منهم‪،‬‬
‫فسلبوهم جميع ما أجلبوا به من األطماع‪ ،‬وشردوهم ومزقوهم كل ممزق‪،‬‬
‫كبيرا من يام رأى امرأ ًة من سحار‪ ،‬فقال لها‪ :‬أنا يف ِذمتك‪ ،‬فأنزلته‬
‫حتى اشتهر أن ً‬
‫عن فرسه‪ ،‬وأدخلته بيتها‪ ،‬وكان بين يديه مخًلة مملوءة ذه ًبا وفض ًة ُ‬
‫[وحل ًّيا]‪،‬‬

‫(‪ )1‬المصدر‪ :‬كتاب‪ :‬خًلصة العسجد‪ ،‬عبدالرحمن البهكلي‪( ،‬ص‪.)135‬‬


‫(‪ )2‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬يف بًلد عسير‪ ،‬فؤاد حمزة‪( ،‬ص‪ ،)175‬وكتاب‪ :‬نجران‪ ،‬محمد أبو ساق‪( ،‬ص‪،)205‬‬
‫وكتاب‪ :‬تاريخ المخًلف السليماين‪.)393/1( ،‬‬
‫(‪ )3‬سحار‪ :‬قبيلة ومنطقة مركزها مدينة َصعدة‪.‬‬
‫(‪ )4‬نكَّفت‪ :‬التجأت إلى قبيلتها تطلب العون والمساعدة على َمن عاداها‪.‬‬
‫‪122‬‬

‫وأهنا دعت ولدً ا لها‪ ،‬وأغوته بالمال‪ ،‬فتقدم ً‬


‫أوال‪ ،‬فذبح الرجل‪ ،‬وأخذ ماله‬
‫وفرسه»(‪.)1‬‬
‫[حوادث سنة ‪1190‬هـ‪ 1776/‬م]‬
‫يام تنهب مدينة أبي عريش‪:‬‬
‫«ويف يوم األربعاء الموافق ‪ 11‬ربيع اآلخر ‪1190‬هـ ـ الموافق ‪30‬مايو‬
‫‪1776‬م‪ ،‬قرر الياميون هنب السوق والمدينة‪ ،‬ويف ضحوة النهار وقد اكتظ‬
‫السوق بالمتسوقين من أرجاء المخًلف‪ ،‬لم يشعر الناس إال هبجوم الياميين‬
‫تأهب أهل‬
‫يف أطراف السوق‪ ،‬وقيامهم بالسلب والسطو‪ ،‬وسرعان ما َّ‬
‫الحوانيت يف حزم بضاعتهم‪ ،‬والقيام للدفاع‪.‬‬
‫شعر الياميون بفشل خطتهم‪ ،‬ولم يكن قد تحصلوا إال على بعض‬
‫المواشي‪ ،‬فكفوا وأعادوها‪ ،‬وتقدم رؤساؤهم باالعتذار من أعيان المدينة‬
‫ووجهائها بأن ما وقع هو بدون اطًل ٍع أو ٍ‬
‫علم منهم‪ ،‬وأنه من بعض سفهائهم‪،‬‬
‫وأعادوا المنهوب‪ ،‬فسكنت النفوس‪ ،‬وساد االطمئنان‪ ،‬وفتحت الحوانيت‬
‫والمتاجر‪ ،‬وأخذت حركة السوق يف مجراها الطبيعي‪ ،‬وأقبل المتسوقون من‬
‫أهل البوادي يف قضاء حاجاهتم‪ ،‬ومغادرة السوق‪ ،‬فما راعهم إال شبوب النار‬
‫يف البيوت القريبة من السوق‪ ،‬وهجوم الياميين على المتاجر والحوانيت‬

‫(‪ )1‬المصدر‪ :‬كتاب درر نحور الحور العين‪ ،‬تأليف‪ :‬لطف اهلل بن أحمد جحاف‪( ،‬ص‪.)39‬‬
‫‪123‬‬

‫مصحو ًبا بإطًلق الرصاص‪ ،‬وإشهار السًلح األبيض‪ ،‬والناس على غير ُأهبة‪،‬‬
‫وال سابق استعداد بعد أن اطمأنوا إلى تعهدات رؤساء القوم‪ ،‬واستمر السطو‬
‫والسلب والنهب من بعد العصر إلى نصف الليل‪ ،‬وقد شوهد (أحمد بن‬
‫إسماعيل المكرمي)(‪ )1‬بنفسه يباشر أعمال السلب والنهب مع غيره من رؤساء‬
‫يام‪ ،‬وقد كانت صدمة شديدة على أهل المدينة أفقدهتم روح المقاومة‪ ،‬وقادة‬
‫الرأي من األشراف قابعون يف دورهم لم يحرك [أحدٌ ] منهم ساكنًا‪ ،‬يشاهدون‬
‫الحرائق والسلب والنهب‪.‬‬
‫ويقول صاحب «نزهة الظريف» تعلي ًقا على موقفهم يف ذلك الحادث ما‬
‫ن َُّصه‪« :‬وجميع َمن عليه المعول من أوالد الشريف‪ٌّ ،‬‬
‫كل منهم جالس يشاهد‬
‫المخدَّ رات(‪ ،)2‬ووقوع كل‬
‫الحريق يف المدينة‪ ،‬ويرون النهب الفظيع‪ ،‬وكشف ُ‬
‫أمر شنيعٍ‪ ،‬فلم يصدر من ٍ‬
‫أحد منهم ما ُيج ِّلي غمةً‪ ،‬أو يكشف مهم ًة»(‪.)3‬‬ ‫ٍ‬

‫[حوادث سنة ‪1191‬هـ‪ 1777/‬م]‬


‫خروج يام إلى صعدة‪:‬‬
‫«وفيها‪ :‬تجمعت قبائل يام أهل نجران‪ ،‬وقصدوا صعدة؛ لعلمهم باتحاد‬

‫(‪ )1‬هو أحمد بن إسماعيل بن هبة اهلل انظر‪ :‬ترجمته يف صفحة رقم‪ )231( :‬من هذا الكتاب‪.‬‬
‫ثم صار ُّ‬
‫كل ما‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المخدَّ رات هي‪ :‬ذات ( ُ‬
‫الخدُ ور) والخد ُر‪ :‬ست ٌر ُي َمدُّ للجارية يف ناحية البيت‪َّ ،‬‬ ‫(‪ )2‬النساء ُ‬
‫ِ‬
‫دار‪ ،‬و َأخاد ُير‪ :‬جمع الجمع‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ور و َأخ ٌ‬ ‫واراك من بَيت ونحوه خد ًرا‪ .‬والجمع‪ُ :‬خدُ ٌ‬
‫(‪ )3‬المصدر‪ :‬كتاب المخًلف السليماين‪ ،‬محمد بن أحمد العقيلي‪( ،‬ص‪ ،)414‬وكتاب‪ :‬نزهة الظريف‪،‬‬
‫(ص‪.)117 - 115‬‬
‫‪124‬‬

‫أمرهم مع قبائل سحار‪ ،‬وقد َق َصصنَا عليك يف العام األول ما كان من سحار‬
‫إليهم‪ ،‬ولما حاصروا صعدة‪ ،‬وقاربوا تسلمها‪َ ،‬جنَح أهلها إلى مصالحتهم‪،‬‬
‫قروشا فرانصة(‪ ،)1‬ثم ألقى اهلل بينهم العداوة‬
‫ً‬ ‫فاشرتطوا عليهم ثمانية آالف‬
‫والبغضاء‪ ،‬فتفاشلوا وافتتنوا ذات بينهم‪ ،‬وعادوا بخفي ُحنين»(‪.)2‬‬
‫[حوادث سنة ‪1191‬هـ‪ 1777/‬م]‬
‫نزول يام للمخالف السليماين‪:‬‬
‫(‪)3‬‬
‫بأخبار نزول (يام)‪ ،‬سارع بالعودة إلى أبي‬ ‫بمجرد أن علم األمير‬
‫عريش‪ ،‬ومكث هبا بادي القلق‪ ،‬مشبوب االهتمام‪ ،‬ويف أثناء ذلك اصطدم‬
‫بعض جنوده من الياميين الدائمي اإلقامة مع بعض أهالي المدينة‪ ،‬ف ُقتل أحد‬
‫انتظارا للفرصة المواتية‪ .‬ووصل المكرمي‬
‫ً‬ ‫الياميين‪ ،‬فكظم رفقاؤه غيظهم‬

‫(‪ )1‬القرش‪ :‬كان يف السابق إما أن يكون من النَّقد المضروب يف النمسا‪ ،‬والمعروف إلى اليوم يف بعض‬
‫مناطق الجزيرة العربية بالريال الفرنسي (أو الفرانصي)‪ ،‬أو أن يكون الريال المعروف حين ذاك‬
‫بالريال المشط المضروب يف إسبانيا‪ .‬انظر‪Raymond, Artisans et Commercant du ( :‬‬
‫‪.)40– 20Caire au xvllle siècle, l,P.‬‬
‫(‪ )2‬المرجع‪ :‬كتاب‪ :‬درر نحور الحور العين‪ ،‬لطف اهلل بن أحمد جحاف‪( ،‬ص‪ ،)49‬وكتاب ‪ :‬نجران‪...‬‬
‫تاريخ وإنسان‪ ،‬محمد بن طحنون آل دغرير‪( ،‬ص‪ ،)120‬كتاب‪ :‬قبائل نجران على الموقع‪:‬‬
‫(‪ ،)www.najran.ccnajran.cc@gmail.com‬لمجلة قبائل نجران على شبكة اإلنرتنت‪،‬‬
‫(ص‪1432( ،)92‬هـ ‪2011 -‬م‪ .‬النسخة العاشرة)‪.‬‬
‫(‪ )3‬األمير‪ :‬محمد بن أحمد الخيرايت‪.‬‬
‫‪125‬‬

‫حسن بن علي المكرمي(‪ ،)1‬وعسكر يف (شعب مشرف)‪ ،‬ثم انتقل إلى قرية‬
‫(العقدة)‪ ،‬ومنها قام بالغارات والسلب والسطو على قرى جازان‪ ،‬ووادي‬
‫ٍ‬
‫بشيء من المال‪ ،‬فأخذوه‪ ،‬وانصرفوا‬ ‫ضمد حتى اضطر األمير إلى اسرتضائهم‬
‫إلى جهة اليمن للسلب والنهب(‪.)2‬‬
‫[حوادث سنة ‪1192‬هـ‪ 1778/‬م]‬
‫استعانة األمير علي بن محمد الخيراتي بيام‪:‬‬
‫«تولى شئون اإلمارة علي بن محمد‪ ،‬وأخذ يف العمل على محاولة هتدئة‬
‫األمور‪ ،‬ثم خرج إلى الوعظات ‪-‬كانت تابعة لإلمارة المناطة هبم‪ -‬وعاد منها‬
‫إلى (حرض)‪ ،‬وهناك قابله جماعة من يام‪ ،‬فاصطحبهم إلى أبي عريش‪ ،‬ثم‬
‫وأخيرا عاد إلى أبي عريش يف عام ‪1192‬هـ‪1778/‬م»(‪.)3‬‬
‫ً‬ ‫إلى بيش فاليمن‪،‬‬
‫[حوادث سنة ‪1192‬هـ‪ 1778/‬م]‬
‫القتال بين أهل أبي عريش ويام‪:‬‬
‫«يف جمادى اآلخرة ‪1192‬هـ‪1778/‬م‪ ،‬نجمت الفتنة بين يام ‪-‬حاشية‬

‫(‪ )1‬هو‪ :‬الحسن بن علي بن هبة اهلل بن إبراهيم بن محمد بن الفهد المكرمي‪ ،‬راجع ترجمته‪:‬‬
‫(ص‪.)235‬‬
‫(‪ )2‬المصدر‪ :‬كتاب‪ :‬نجران تاريخ وإنسان‪ ،‬محمد طحنون آل دغرير‪( ،‬ص‪ ،)120‬وكتاب‪ :‬تاريخ‬
‫المخًلف السليماين‪ ،‬محمد بن أحمد العقيلي‪.)416/1( ،‬‬
‫(‪ )3‬المصدر‪ :‬كتاب‪ :‬نجران تاريخ وإنسان‪ ،‬محمد طحنون آل دغرير‪( ،‬ص‪ ،)120‬وكتاب‪ :‬تاريخ‬
‫المخًلف السليماين‪ ،‬محمد بن أحمد العقيلي‪.)417/1( ،‬‬
‫‪126‬‬

‫األمير وجنده‪ -‬وبين أهل أبي عريش‪ ،‬قام يام وقد َأنِسوا من أنفسهم القوة‬
‫ٍ‬
‫بشخص زعموا أنه هو الذي قتل رفيقهم‬ ‫بمطالبة األمير بتمكينهم من القود‬
‫زج األمير بالمتهم يف‬ ‫ً‬
‫ونزوال عند إرادهتم‪َّ ،‬‬ ‫اليامي يف عهد األمير أحمد‪،‬‬
‫وتعهد لهم بتسليمه إذا لم يرضهم أهل المدينة يف دم رفيقهم‪ ،‬فضجت‬
‫السجن‪َّ ،‬‬
‫المدينة‪ ،‬وأرسلوا من يراجع األمير يف غلطته‪ ،‬فقال عليهم بمراضاة يام‪ ،‬فاضطر‬
‫ٍ‬
‫بتعويض‬ ‫األهالي إلى بذل أكثر من الدية ليام‪ ،‬فاشتط هؤالء يف الطلب‪ ،‬وطالبوا‬
‫ٍ‬
‫معقول‪ ،‬فرفض أهل أبي عريش طلبهم‪ ،‬وعند ذلك طلب‬ ‫غير مستطاعٍ‪ ،‬وال‬
‫ً‬
‫ونزوال على إرادهتم أ َم َر األمير‬ ‫الياميون من األمير تسليمهم المتهم للقود به‪،‬‬
‫بتسليمهم الرجل المتهم‪ .‬استلم الياميون المتهم‪ ،‬وقادوه للقود منه بدون‬
‫شرعي‪ ،‬فأسرع وجهاء المدينة إلى األمير راجين إرجاء‬ ‫ٍ‬
‫إثبات‬ ‫ٍ‬
‫محاكمة‪ ،‬وال‬
‫ٍّ‬
‫التنفيذ‪ ،‬فأمر بسجنهم‪ ،‬عندها تجمهر أهل المدينة‪ ،‬وساروا يف شبه مظاهرة‬
‫صاخبة‪ ،‬ورابطوا قري ًبا من الجامع بحيث يشرفون على ساحة التنفيذ‪ ،‬وما‬
‫راعهم إال إقبال يام بالرجل‪ ،‬وإيقافه يف وسط الساحة‪ ،‬وتنفيذ رغبتهم‪ ،‬فطوح‬
‫السيف برأسه‪ ،‬فأطلق المتظاهرون النار‪ ،‬ونشب القتال‪.‬‬
‫المعركة‪ :‬ابتدأت المعركة من أول النهار إلى بعد صًلة الظهر‪ ،‬واضطر‬

‫أهل المدينة إلى التحصن يف البيوت الحجر‪ ،‬ومنها َأصلوا الياميين ً‬


‫نارا حاميةً‪،‬‬
‫فأراد الياميون لما نالهم من حرارة الشمس والعطش الدخول إلى بيوت‬
‫األمراء (آل خيرات)‪ ،‬فظن هؤالء أهنم يريدون الهجوم على بيوهتم‪ ،‬ف َأصلوهم‬
‫‪127‬‬

‫ُشوا ًظا من رصاص البنادق‪ ،‬فوقعوا بين نارين‪ ،‬وتحرج موقفهم‪ ،‬فانسحبوا إلى‬
‫خارج المدينة‪ ،‬فخرج أهل المدينة لمطاردهتم‪ ،‬وقد بلغ عدد القتلى من يام يف‬
‫قتيًل‪ ،‬ورحلوا من يومهم إلى نجران»(‪.)1‬‬
‫تلك المعركة ‪ً 40‬‬
‫[حوادث سنة ‪1193‬هـ‪ 1779/‬م]‬
‫استعانة األمير يحيى بن محمد بيام‪:‬‬
‫هنوض أخيه يحيى بن محمد الستعادة اإلمارة‬
‫ُ‬ ‫«وقد زاد الحالة سو ًءا‬
‫مستعينًا بيام الذين وافاه منهم ألف مقاتل‪ ،‬وهنا نشب بين أهل أبي عريش‬
‫المؤيدين لألمير أحمد وبين يام أنصار األمير يحيى بن محمد‪ ...‬وازداد تفاقم‬
‫الفتنة بين األمير أحمد وأخيه األمير يحيى بن محمد يف وسط مدينة أبي‬
‫عريش‪ ،‬شعر األول بأن أكثر أسرته تؤيد أخاه يحيى‪ ،‬فأحرق ح َّيهم المسمى‬
‫(الديرة)‪ ،‬وبعد ذلك وردت األوامر من صنعاء بتولية األمير يحيى‪ ،‬فسلم إليه‬
‫األمير أحمد اإلمارة»(‪.)2‬‬
‫‪36‬ـ الداعي عبداهلل بن علي بن هبة اهلل بن إبراهيم بن محمد بن الفهد‬

‫(‪ )1‬المرجع‪ :‬كتاب‪ :‬المخًلف السليماين‪ ،‬محمد بن أحمد العقيلي‪( ،‬ص‪ ،)418 ،417‬وكتاب‪:‬‬
‫نجران‪ ...‬تاريخ وإنسان‪ ،‬محمد بن طحنون آل دغرير‪( ،‬ص‪.)121،122‬‬
‫(‪ )2‬المرجع‪ :‬كتاب‪ :‬المخًلف السليماين‪ ،‬محمد بن أحمد العقيلي‪( ،‬ص‪ ،)424 ،423‬وكتاب‪:‬‬
‫نجران‪ ...‬تاريخ وإنسان‪ ،‬محمد بن طحنون آل دغرير‪( ،‬ص‪.)121‬‬
‫‪128‬‬

‫المكرمي(‪ ،)1‬تولى رئاسة المذهب اإلسماعيلي يف‪ 29( :‬رمضان‬


‫‪1195‬هـ‪ 18/‬سبتمرب ‪1781‬م)‪ ،‬وتويف يف‪ 17( :‬ذو القعدة ‪1225‬هـ‪14/‬‬
‫ديسمرب ‪1810‬م)‪ ،‬ودفن يف‪( :‬صوابة بدر)‪ .‬ويف عهده شهدت نجران‬
‫المحاوالت المتكررة إلدخالها ضمن مناطق الدعوة السلفية‪ ،‬حيث إنه قد‬
‫دخل فيها أحد مشايخ نجران‪ ،‬وهو‪( :‬سالم بن حسين بن مشري الصقور)‪،‬‬
‫وكانت وقعة ٍ‬
‫(بدر) مع أبي نقطة يف زمنه‪.‬‬
‫[حوادث سنة ‪1199‬هـ‪ 1784/‬م]‬
‫غزو قبائل يام لعسير‪:‬‬
‫«ثم وقعت [لقبائل يام] معركة مع األمير محمد بن أحمد اليزيدي‬
‫وقواته من عسير وشهران وقحطان عام ‪1199‬هـ‪1784/‬م‪ ،‬وهزمتهم قوات‬
‫عسير‪ ،‬فعادوا أدراجهم إلى نجران‪ ،‬ويبدو أن هذه الهزيمة‪ ،‬وانضواء بلدان‬

‫الرحالة األوروبي‪( :‬كارستين نيبور) عند زيارته لنجران عام‪1207( :‬هـ‬


‫َّ‬ ‫(‪ )1‬وهو الذي وصفه‬
‫‪ 1792/‬م)‪ ،‬وهذا الكًلم موجود يف كتابه‪« :‬وصف أقاليم شبه الجزيرة العربية»‪ ،‬وقد طبع الكتاب‬
‫بدار االنتشار ببيروت عام‪2013( :‬م) وذلك بقوله‪« :‬فقد كان يبيع الجنة‪ ،‬وكلما ارتفع المبلغ‬
‫المدفوع‪ ،‬نال الفرد مكانة رفيعة فيها‪ ،‬وكان األشخاص البسطاء والمتطيرون يشرتون منه هذه‬
‫البطاقات التي لن تلحق هبم الضرر‪ ،‬حسب رأيهم حتى وإن كانت غير مفيدة يف هذه األثناء‪ ،‬كانوا‬
‫فعًل حتى توزيع السماء»‪،‬‬ ‫يعلقون ً‬
‫آماال كثيرة على هذا الموضوع يف حال كان اهلل قد منح المكرمي ً‬
‫انظر‪( :‬ص‪ ،)245‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬نجران محمد أبو ساق‪( ،‬ص‪ ،)16‬طبعة ‪2013‬م ‪ -‬طبع طوى‬
‫للثقافة والنشر واإلعًلم ‪ -‬لندن‪ ،‬وصحيفة الصًلة اإلسماعيلية‪ ،‬لمؤلفها‪ :‬المنصوب سيد نصر اهلل‪،‬‬
‫(ص‪ ،)687‬المطبوع يف حيدر آباد‪ ،‬سنة (‪1390‬هـ)‪.‬‬
‫‪129‬‬

‫عسير تحت لواء الدولة السعودية أزال الخطر النجراين على الدرعية»(‪.)1‬‬
‫[حوادث سنة ‪1202‬هـ‪1788 /‬م]‬
‫خروج الداعي‪ :‬عبداهلل المكرمي إلى وادي الدواسر‪:‬‬
‫قاد الداعي‪ :‬عبداهلل بن علي بن هبة اهلل المكرمي(‪ )2‬بنفسه حمل ًة إلى‬
‫وادي الدواسر‪ ،‬فقد سار ومعه قبائل يام يف عام‪1202( :‬هـ‪1788 /‬م)‪ ،‬إلى‬
‫وادي الدواسر‪ ،‬ملب ًيا نداء َمن دعاه‪ ،‬ونزل على الرجبان والوداعين‪ ،‬فأعاد‬
‫مقدمه الثقة يف نفوسهم بالنصر‪ ،‬وعقب وصوله قام بمنازلة الحنابجة‬
‫(المناصرين من الدواسر للدولة السعودية)‪ ،‬وطال ذلك النِّزال بينهم‪ ،‬وأقام‬
‫على ذلك زمنًا لم يستطع فيه أن ينال منهم‪ ،‬فأدرك أن مقامه يف وادي الدواسر‬
‫ال ُيجدي نف ًعا‪ ،‬فقد ترسخت قوة الدعوة السلفية فيهم‪ ،‬ومن العبث االستمرار‬
‫يف القتال‪ ،‬فما كان منه إال الرحيل(‪ ،)3‬وقد أثار رحيله مخاوف الدواسر‬
‫المعارضين الذين دعوه لنصرهتم‪ ،‬وعند ذلك ُأسقط يف أيديهم‪ ،‬ولم يكن منهم‬
‫إال الرضوخ والدخول يف الدعوة السلفية(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬المصدر‪ :‬دراسات من تاريخ عسير‪ ،‬محمد بن عبداهلل آل زلفة‪( ،‬ص‪ ،)19 ،18‬وكتاب‪ :‬البيان يف‬
‫تاريخ جازان وعسير ونجران‪ ،‬تأليف‪ :‬عبدالواحد محمد راغب دالل‪.)70/2( ،‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬ترجمته يف الصفحة السابقة‪.‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬قبيلة الدواسر‪ ،‬بادي بن فيحان بن مصري الدوسري‪ ،‬فقد ذكر هذه الحادثة (ص‪،155‬‬
‫‪.)446 ،156‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬عنوان المجد يف تاريخ نجد‪ ،‬ابن بشر‪( ،‬ص‪ ،)165/1‬وكتاب‪ :‬تاريخ ابن غنام‪،‬‬
‫=‬
‫‪130‬‬

‫[حوادث سنة ‪1209‬هـ‪ 1794/‬م]‬


‫خروج يام إلى وادي َم ْور(‪:)1‬‬
‫«وفيها‪ :‬خرجت يام‪ ،‬ووصلت إلى َمور‪ ،‬والعامل على الزيدية(‪ )2‬يف تلك‬
‫األيام‪ :‬علي يحيى سرور‪ ،‬فبعث اإلمام عليهم جماع ًة من حاشد يف نحو ألفين‪،‬‬
‫فالتقوا واحرتبوا‪ ،‬وكانت الدائرة على حاشد‪ ،‬فإنه ُقتِ َل منهم نحو المائة‪،‬‬

‫و َأ َسرت يام منهم َخل ًقا‪ ،‬وسلبوهم السًلح وجميع الخزانة من َّ‬
‫السوق والسياق‬
‫والمتاع وال ُق َراش»(‪.)3‬‬
‫[حوادث سنة ‪1210‬هـ‪ 1795/‬م]‬
‫نزول يام إلى تهامة‪:‬‬
‫«نزول قبائل يام إلى هتامة يف مطلع عام ‪1210‬هـ‪1795/‬م‪ ،‬فس َّير‬
‫المنصور جماعات بلغت ثًلثة آالف مقاتل على رأسهم من حاشد السادة بيت‬

‫= (ص‪ ،)168‬وكتاب‪ :‬فلكس ما نجان الفرنسي‪ :‬تاريخ الدولة السعودية األولى‪( ،‬ص‪،)281‬‬
‫وكتاب‪ :‬إسماعيلية اليمن السليمانية‪ ،‬حمود زايد نوفل‪( ،‬ص‪ ،)211‬وكتاب‪ :‬تاريخ المملكة‬
‫العربية السعودية‪ ،‬تأليف‪ :‬عبداهلل الصالح العثيمين‪.)157 - 155/1( ،‬‬
‫(‪ )1‬وادي َم ْور‪ :‬ميزاب هتامة األعظم‪ ،‬ومن أودية اليمن الكبار‪ ،‬ينحدر من السفوح الغربية من جبال‬
‫اليمن جهة األهنوم حتى يصب قرب اللحية يف البحر األحمر‪ ،‬انظر‪ :‬صفة جزيرة العرب‪،‬‬
‫(ص‪.)123‬‬
‫(‪ )2‬الزيدية‪ :‬من مدن شمال الحديدة‪ ،‬وهي الفاصلة بين عمالة ال ُّلحيّة وعمالة بيت الفقيه‪.‬‬
‫(‪ )3‬المرجع‪ :‬كتاب‪ُ :‬درر نحور الحور العين‪ ،‬تأليف‪ :‬لطف اهلل بن أحمد جحاف‪( ،‬ص‪ ،)355‬وكتاب‪:‬‬
‫نجران‪ ...‬تاريخ وإنسان‪ ،‬محمد بن طحنون آل دغرير‪( ،‬ص‪.)124‬‬
‫‪131‬‬

‫أبي ُمنصر وبنو األحمر‪ ،‬ومن بكيل آل جزيًلن‪ ،‬وقاد الجميع عامل الزيدية‬
‫علي بن يحيى سرور‪ ،‬ووقعت مناجزات تقهقرت على أثرها يام إلى‬
‫نجران»(‪.)1‬‬
‫[حوادث سنة ‪1210‬هـ‪ 1795/‬م]‬
‫ملحمة يام‪:‬‬
‫«وفيها‪ :‬خرجت قبائل يام قاصدة لتهامة‪ ،‬فس َّير اإلمام عليهم عبداهلل‬
‫جوهر بقبائل ذي حسين‪ ،‬فالتقوا‪ ،‬وقامت بينهم الحرب‪ ،‬فكانت ملحم ًة ذهب‬
‫فيها كثير من يام‪ ،‬وصارخ ذو حسين يقول هذه بما جرى يف قتلة حاشد العام‪،‬‬
‫و َأ َسر ذو حسين جماع ًة منهم‪ ،‬فعادت يام نحو وادي نجران»(‪.)2‬‬
‫[حوادث سنة ‪1210‬هـ‪ 1795/‬م]‬
‫ابن قرملة ُي ِغ ُير على أهل نجران‪:‬‬
‫« وفيها غزا مبارك بن هادي بن قرملة إلى ناحية نجران‪ ،‬فأغار على‬
‫عربانه‪ ،‬فحصل قتال وطعان‪ ،‬فاهنزمت البوادي‪ ،‬و َقتَل منهم الثًلثين ً‬
‫رجًل‪،‬‬
‫فرسا‪ ،‬وعزل األخماس‪،‬‬
‫وأخذ جميع أموالهم‪ ،‬ومن الخيل أربعة عشر ً‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬مائة عام من تاريخ اليمن‪ ،‬للدكتور‪ :‬حسين بن عبداهلل العمري‪( ،‬ص‪ ،)117‬وكتاب‪:‬‬
‫نجران‪ ...‬تاريخ وإنسان‪ ،‬محمد بن طحنون آل دغرير‪( ،‬ص‪.)124‬‬
‫(‪ )2‬المرجع‪ :‬كتاب‪ُ :‬درر نحور الحور العين‪ ،‬تأليف‪ :‬لطف اهلل بن أحمد جحاف‪( ،‬ص‪.)381‬‬
‫‪132‬‬

‫وأرسلها إلى عبدالعزيز»(‪.)1‬‬


‫[حوادث سنة ‪1210‬هـ‪ 1795/‬م]‬
‫نزول يام إلى تهامة‪:‬‬
‫ٍ‬
‫جماعات من حاشد‬ ‫«وفيها نزلت قبائل يام على هتامة‪ ،‬فس َّير اإلمام‬
‫نحوا‬
‫نصر‪ ،‬وبني األحمر‪ ،‬ومن بكيل آل جزيًلن‪ ،‬فكانوا ً‬
‫كالسادة بيت أبي ُم َّ‬
‫من خمس عشرة مائة‪ ،‬وكان األمير عليهم علي بن يحيى ُسرور‪ ،‬وكاتبه عبداهلل‬
‫بن علي الحيمي‪ ،‬فساروا إلى ال ُّلح َّية‪ ،‬واألمير علي بن يحيى هنالك‪ ،‬ووالية‬
‫(‪)2‬‬
‫الزيدية إليه‪ ،‬فوصلت يام إلى َح َرض‪ ،‬فخرج األمير علي بن يحيى من البندر‬
‫(‪)3‬‬
‫الو َريور‪ ...‬فأقدمت يام إلى مطرحه‪ ،‬فقامت‬
‫إلى الجامعي‪ ،‬وأقام مطرحه برب ُ‬
‫الحرب على ٍ‬
‫ساق‪ ،‬وقتل من الفريقين عدة‪ ،‬ثم كانت الهزيمة يف جند اإلمام‬
‫إلى مدينة َمور‪ ،‬ويف اليوم الثاين وصلت زيادة اإلمام فيهم من بني األحمر‪،‬‬
‫والنقيب حسين َش ِوط‪ ...‬والنقيب ابن ِعمران‪ ،‬والنقيب ال َعنِز‪ ،‬وآخرون [نحو]‬
‫خمس عشرة مائة‪َ ،‬فنَدهبم علي بن يحيى على اإلقدام على يام‪ ،‬فقهقرت منهم‬

‫(‪ )1‬المصدر‪ :‬كتاب‪ :‬عنوان المجد يف تاريخ نجد‪ ،‬عثمان بن عبداهلل بن بشر‪ ،)214/1( ،‬انظر‪ :‬مجلة‬
‫الدارة‪ ،‬العدد الرابع شوال ‪1432‬هـ‪ ،‬السنة السابعة والثًلثين‪( ،‬ص‪.)167‬‬
‫(‪ )2‬البندر‪ :‬كلمة فارسية‪ ،‬وجمعها‪ :‬بنادر‪ ،‬ولها عدة معان منها المدينة البحرية أو الساحلية‪.‬‬
‫(‪ )3‬طرح‪ :‬بمعنى َّ‬
‫حل‪ ،‬أو عسكر أو خيم‪ .‬ومطرحهم‪ :‬أي معسكرهم‪.‬‬
‫‪133‬‬

‫األقدام‪ ،‬وطالبوا بالزالج(‪ ،)1‬وقد أخذوه من اإلمام‪ ،‬وتفاشل األمر‪ ،‬ويام‬


‫بمحل ُيعرف بـ (كتف السيد)‪ ،‬وحصلت الفرتة من جانب أصحاب الدولة‬
‫خمسة عشر يو ًما‪ ،‬ويام هنالك مناظرة‪ ،‬ولما َلم َتر كيدً ا‪ ،‬رجعت إلى‬
‫نجران»(‪.)2‬‬
‫[حوادث سنة ‪1211‬هـ‪ 1796/‬م]‬
‫خروج يام إلى تهامة‪:‬‬
‫ألف‬
‫[سرورا] ‪ ،‬وكان معه ٌ‬
‫ً‬ ‫«كان األمير عبداهلل جوهر قد خلف األمير‬
‫وخمس ٍ‬
‫مئة من قبائل ذي حسين‪ ،‬وآل عفراء‪ ،‬وآل الشايف‪ ،‬فهزمتهم يام و َمن‬
‫نفرا‬
‫معهم من جند الدولة‪ ،‬وكانت األسرى يف ذي حسين نحو مائتين وسبعين ً‬
‫أخذت يام سًلحهم ومتاعهم‪ ،‬واهنزم األمير عبداهلل جوهر يف جنده‪ ،‬فسارت‬
‫يام إلى الجامعي(‪ )3‬فانتهبوها‪ ،‬وإلى الوعضات وما واالها فانتهبوها‪ ،‬وعادوا‬
‫إلى بًلدهم»(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬الزَّالج‪ :‬مصطلح ُيقصد به ما كان يعطيه الحاكم لقاصديه من كبار مشايخ القبائل‪ .‬كما يقصد به‬
‫أيضا‪ :‬مبلغ من المال كان الحكام وخاصة األئمة يدفعونه للكبار من مشايخ القبائل كلما قصدوهم‬
‫ً‬
‫اسرتضا ًء لهم وتأل ًفا لقلوهبم‪( .‬وهم هنا يطلبون منهم المقابل المادي)‪.‬‬
‫(‪ )2‬المرجع‪ :‬كتاب‪ُ :‬درر نحور الحور العين‪ ،‬تأليف‪ :‬لطف اهلل بن أحمد جحاف‪( ،‬ص‪،)374،375‬‬
‫وكتاب‪ :‬نجران‪ ...‬تاريخ وإنسان‪ ،‬محمد بن طحنون آل دغرير‪( ،‬ص‪.)126 ،125‬‬
‫(‪ )3‬الجامعي‪ :‬مركز إداري من مديرية ال ُّلحيَّة‪ُ ،‬س ِّمي باسم قبيلة بني جامع من قبائل ع ّ‬
‫َك‪.‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬مائة عام من تاريخ اليمن‪ ،‬الدكتور‪ :‬حسين بن عبداهلل العمري‪( ،‬ص‪ ،)117‬وكتاب‪:‬‬
‫نجران‪...‬تاريخ وإنسان‪ ،‬محمد بن طحنون آل دغرير‪( ،‬ص‪.)125‬‬
‫‪134‬‬

‫خروج يام إلى تهامة مرة أخرى‪« :‬وفيها‪ :‬خرجت يام‪ ،‬وقصدت هتامة‪،‬‬
‫فبلغت ال ُق َطيع(‪ ،)1‬وهنبوا أمواله‪ ،‬وهنبوا من وجدوه‪ ،‬وقتلوا وعاثوا‪ ،‬وأسروا‬
‫السيد أحمد بن سليمان صاحب القطيع‪ ،‬وهنبوا أمواله‪ ،‬وكانت جماهير‬
‫وعادوا»(‪.)2‬‬
‫[حوادث سنة ‪1213‬هـ‪ 1798/‬م]‬
‫قتلة يف يام ببيت الفقيه‪:‬‬
‫«وفيها‪ :‬خلع فتح سعيد المجزبي شهر شوال عن بيت الفقيه ابن‬
‫العجيل‪ ،‬وكانت (يام) قد خرجت‪ ،‬وانتهبوا إلى بيت الفقيه‪ ،‬ودخلوها‬
‫وأحرقوا عشاشها‪ ،‬وانتهبوا من أطرافها‪ ،‬وكان فتح سعيد قد رتبها‪،‬‬
‫نفرا من يام‬
‫[وانفتحت] الحرب بينهم وبينه‪ ،‬فانجلت قتلة عن مائة وسبعين ً‬
‫بعد أن كانوا قد ضبطوا بعض المدينة‪ ،‬فخرجوا من يوم ثاين‪ ،‬ول َع َّل ذلك كان‬
‫آخر العام األول»(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬ال ُقطَيْع‪ :‬بلدة جوار خط الطريق الذاهب من ُ‬


‫الحديدة إلى باجل‪.‬‬
‫(‪ )2‬المرجع‪ :‬كتاب ُدرر نحور الحور العين‪ ،‬تأليف‪ :‬لطف اهلل بن أحمد جحاف‪( ،‬ص‪ ،)392‬وكتاب‪:‬‬
‫نجران‪ ...‬تاريخ وإنسان‪ ،‬محمد بن طحنون آل دغرير‪( ،‬ص‪.)125‬‬
‫(‪ )3‬كتاب‪ُ :‬درر نحور الحور العين‪ ،‬تأليف‪ :‬لطف اهلل بن أحمد جحاف‪( ،‬ص‪.)408‬‬
‫‪135‬‬

‫[حوادث سنة ‪1213‬هـ‪ 1798/‬م]‬


‫دخول يام إلى الدريهم‪:‬‬
‫«ويف هذا العام خرجت قبيلة (يام)‪ ،‬وبلغوا إلى الدريهم(‪ ،)1‬فاستقروا به‪،‬‬
‫وهنبوا البًلد جميعها‪ ،‬والت َّفت الزرانيق عليهم‪ ،‬فبغتوهم إلى الدريهم‪ ،‬ووقعت‬
‫ٍ‬
‫بجماعات منهم‪ ،‬وأرادوا االنتصاف‪،‬‬ ‫بينهم قتلة عظيمة‪ ،‬وعادوا البًلد‪ ،‬فنزلوا‬
‫أمواال منها‪ ،‬وعادوا بًلدهم»(‪.)3‬‬
‫ً‬ ‫فدخلوا زبيد(‪ ،)2‬وهنبوا‬
‫[حوادث سنة ‪1214‬هـ‪ 1799/‬م]‬
‫خروج يام إلى َح ْيس‪:‬‬
‫«وفيها تغ َّيرت أحوال التهائم‪ ،‬ولم يرض الرعية لصالح بن عبداهلل‬
‫األموي‪ ،‬وحصلت الموحشة بينه وبينهم‪ ،‬وخرجت قبيلة يام‪ ،‬ووصلت إلى‬
‫نحوا من ثًلثة أشهر‪ ،‬وعادوا منها»(‪.)4‬‬
‫َحيس‪ ،‬وانتهبوها‪ ،‬وأقاموا ببًلدها ً‬

‫(‪ )1‬الدريهم‪ :‬البلدة الواقعة بالغرب الشمالي من بيت الفقيه‪ ،‬وهي اليوم مديرية من مديريات الحديدة‪.‬‬
‫(‪ )2‬زبيد‪ :‬مدينة يمنية ذات تاريخ سياسي وعلمي واجتماعي عريق‪ ،‬تقع يف سهل هتامة‪ ،‬إلى الجنوب‬
‫من ميناء الحديدة أسسها (محمد بن زياد) سنة ‪ 204‬يف القرن الثالث الهجري‪ ،‬وكانت تعترب قاعدة‬
‫هتامة اليمن وعاصمتها السياسية‪ .‬انظر‪ :‬معجم البلدان‪ ،)181/3( ،‬ومعجم المدن والقبائل اليمنية‬
‫(ص‪.)366‬‬
‫(‪ )3‬كتاب‪ُ :‬درر نحور الحور العين‪ ،‬تأليف‪ :‬لطف اهلل بن أحمد جحاف‪( ،‬ص‪ ،)408‬وكتاب‪ :‬نجران‪...‬‬
‫تاريخ وإنسان‪ ،‬محمد بن طحنون آل دغرير‪( ،‬ص‪.)126‬‬
‫(‪ )4‬كتاب‪ُ :‬درر نحور الحور العين‪ ،‬تأليف‪ :‬لطف اهلل بن أحمد جحاف‪( ،‬ص‪ ،)460‬وكتاب‪ :‬نجران‪...‬‬
‫تاريخ وإنسان‪ ،‬محمد بن طحنون آل دغرير‪( ،‬ص‪.)126‬‬
‫‪136‬‬

‫[حوادث سنة ‪1215‬هـ‪ 1800/‬م]‬


‫هجوم قبائل يام على مناطق َح ْيس وزبيد‪:‬‬
‫«أما بعد‪ :‬فإنه لما كان سنة ‪1215‬هـ‪ ،‬خرجت يام من نجران‪ ،‬وكان‬
‫ٍ‬
‫يومئذ‪ :‬عبداهلل بن نصيب‪ ،‬وجابر بن مانع‪ ،‬وهما بقية‪ ،...‬ثم‬ ‫المقدمي فيهم‬
‫(‪)1‬‬
‫ينهبون ويقتلون يف الناس حتى وصلوا الجبل‬ ‫توجهوا إلى جهة اليمن‬
‫الج َبيل‪،‬‬
‫المسمى بالتصغير‪ُ :‬‬
‫وهو قبلي مدينة حيس(‪ )2‬المحمية باهلل تعالى‪ ،‬وحال بينهم وبين المدينة‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ طرحوا من‬ ‫الماء النافذ إلى البحر من جهة الوادي المسمى بالفواهة‪،‬‬
‫الجبيل إلى باب ال َّل َفج‪ ،‬فما كان من الوالد السيد الجليل أحمد بن حسين‬
‫النعمي إال الخروج من المدينة إلى جبل ُد َباس(‪ )3‬اليماين‪ ،‬ويام المذكورين بعد‬
‫أن قطع الماء توجهوا إلى الجبل المذكور‪[،‬وحصلت] الحرب بينهم وبين‬
‫أهل ُد َباس‪ .‬وقتل الوالد السيد أحمد بن حسين النعمي شهيدً ا ‪ -‬رحمه اهلل‬
‫تعالى‪ -‬وقتل ُق َريش‪ ،‬وهنبوا الرجل الصالح الحاج محمد الحضرمي‪ ،‬والشيخ‬
‫عبداهلل الحساين‪ ،‬وطائفة من المسلمين‪ .‬ثم توجهوا إلى جبل الرباشا إلى ٍّ‬
‫محل‬

‫(‪ )1‬جهة اليمن‪ :‬يريد جنوبًا‪ ،‬وكل ما هو شمال (شام)‪.‬‬


‫(‪ )2‬مدينة َحيْس‪ :‬مدينة مشهورة من هتامة جنوبي زبيد‪ ،‬وهي مركز الناحية‪ ،‬ويسقيها وادي نخلة‪.‬‬
‫(‪ )3‬جبل ُدباس‪ :‬من ناحية جبل راس‪ ،‬تابع قضاء زبيد‪ ،‬وهو مشهور بعسله (الدُّ باسي)‪ ،‬ويقع شرق‬
‫الطريق المؤدي إلى مدينة تعز‪.‬‬
‫‪137‬‬

‫فيه يسمى الداخلة‪ ،‬وهنبوا جمل ًة من أهل حيس وغيرهم‪ ،‬ولم يصلوا المدينة‬
‫ٍ‬
‫يومئذ الت َُّري َبة(‪ )2‬وهنبوها‪ .‬ثم توجهوا‬ ‫(‪)1‬‬
‫أبدً ا‪ ،‬ثم توجهوا إلى جهة َزبِيد‪ ،‬وقبضوا‬
‫وظلما‪ ،‬حسبنا اهلل‬
‫ً‬ ‫إلى أرض الشام(‪ )3‬بعد أن قتلوا جمل ًة من أهل اليمن عدوانًا‬
‫ونعم الوكيل»(‪.)4‬‬
‫[حوادث سنة ‪1215‬هـ‪ 1800/‬م]‬
‫غزو الدولة السعودية األولى لنجران‪:‬‬
‫«وفيها‪ :‬بعث عبدالعزيز(‪ )5‬نحو اثني عشر أل ًفا يقصدون قبيلة يام إلى‬
‫نجران فساروا‪ ،‬فجاءت العيون إلى يام تخربهم‪ ،‬فسار من يام ثًلثة آالف‪،‬‬
‫(‪)6‬‬
‫فنزلوا هنقة‬

‫(‪ )1‬وقبضوا‪ :‬استولوا‪.‬‬


‫(‪ )2‬الت َُّر ْيبَة‪ :‬قرية قرب زبيد‪.‬‬
‫(‪ )3‬الشام‪ :‬شمال زبيد‪.‬‬
‫(‪ )4‬المصدر‪ :‬حوليات النعمي التهامية من تاريخ اليمن‪ ،‬تحقيق ودراسة‪ :‬الدكتور حسين بن عبداهلل‬
‫العمري‪( ،‬ص‪.)32 ،31 ،30‬‬
‫(‪ )5‬عبدالعزيز بن محمد بن سعود (الدولة السعودية األولى)‪.‬‬
‫(‪ )6‬نهقة‪ :‬يقصد (الخنقة)‪ ،‬وهي‪ :‬شمال بدر الجنوب يف بًلد قحطان‪ ،‬وهي على طريق الحاج اليمني‬
‫ثم جزعت منه يف وادي نحيات‪،‬‬
‫«ثم وادي منع َّ‬
‫قديما‪ .‬يقول الهمداين يف «صفة جزيرة العرب»‪َّ :‬‬
‫ً‬
‫تمر بالبًلد اآلتية‪( :‬نجران‪ ،‬حبونا‪ ،‬المجمع‪ ،‬الخانق‪ ،‬بدر‬
‫وهي الخنقة» (ص‪ ،)262‬وهذه الطريق ُّ‬
‫الجنوب‪ ،‬وادي الفيض‪ ،‬الخبت‪ ،‬الخنقة‪ ،‬شعب الشيث‪ ،‬المحوي‪ ،‬بني مطابية‪ ،‬جوار قرن‬
‫السويدة‪ ،‬المصلولة‪ ،‬طريب‪ ،‬وادي يعرى (شهران)‪ ،‬بيشة‪ ،‬رنية‪ ،‬تربة‪ ،‬الطائف) نقلت هذا عن‬
‫(وهبي الحريري)‪.‬‬
‫‪138‬‬

‫بدرا عن المصاول‪،‬‬
‫وبينها وبين نجران ثًلث مراحل‪ ،‬وهي تحجب ً‬
‫فجاءت طريق النجديين مخالفةً‪ ،‬فلم تشعر قبيلة يام إال وقد قيل لهم‪ :‬إن‬
‫فتنحوا عن بدر‪،‬‬
‫فكروا بالغارة‪ ،‬فبلغ أهل نجد‪َّ ،‬‬ ‫المكرمي قد ُحوصر ٍ‬
‫ببدر‪ُّ ،‬‬
‫فتبعهم يام‪ ،‬فتصافوا قري ًبا من هنقة ليلة السابع والعشرين من رجب‪ ،‬واشتدت‬
‫قبائل نجد‪ ،‬فدهموا أيا ًما إلى قريب بدر‪ ،‬فجاءهتم زيادة‪ ،‬فكانت الدائرة على‬
‫قبائل نجد‪َ ،‬غنِم فيها أهل نجران أربعمائة ذلول مو َق ٍ‬
‫رة ميرة وزانة وعبي‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫فكروا راجعين»(‪.)1‬‬
‫حساوي‪ُّ ،‬‬
‫[حوادث سنة ‪1215‬هـ‪ 1800/‬م]‬
‫دخول يام إلى مدينة زبيد‪:‬‬
‫« وفيها‪ :‬سارت قبيلة يام كالتي قبلها من األعوام‪ ،‬وقصدوا هتامة اليمن‪،‬‬
‫العائد حكمها إلى اإلمام‪ ،‬فأظهروا‪ ...‬من السبي‪ ...‬والقتل‪ ،‬وعاملوا أهل‬
‫ٍ‬
‫بشيء‬ ‫اإلسًلم معاملة الكفرة ال ِّلئام‪ ،‬ورفعت إلى الدولة أعمالهم‪ ،‬فلم يعبئوا‬
‫منها‪ ،‬وكانت قبيلة يام إذا مرت بمحل دمرته‪ ،‬وأخذت محاسن ما فيه من‬
‫األموال والقماش‪ ،‬وكانت طريقهم على الحضارية(‪ ،)2‬فقتلوا أهلها‪ ،‬وانتهبوا‬
‫ما هبا من األموال‪ ...‬وهذه المحلة قريب الضحي‪ ،‬ثم ساروا‪ ،‬وأرادوا دخول‬

‫(‪ )1‬كتاب‪ُ :‬درر نحور الحور العين‪ ،‬تأليف‪ :‬لطف اهلل بن أحمد جحاف‪( ،‬ص‪ ،)478‬وكتاب‪ :‬نجران‪...‬‬
‫تاريخ وإنسان‪ ،‬محمد بن طحنون آل دغرير‪( ،‬ص‪.)127 ،126‬‬
‫(‪ )2‬الحضارية‪ :‬منطقة من أعمال مديرية باجل‪.‬‬
‫‪139‬‬

‫(‪)1‬‬
‫كبيرا‪ ،‬فلم‬
‫وهبا األمير محمد وفد اهلل‪ ،‬وكان قد رتبها ترتي ًبا ً‬ ‫بيت الفقيه‬
‫يستطيعوا‪ ،‬وساروا إلى هتامة اليمن‪ ،‬وانتهبوا بالطرق ما وجدوه‪َ ،‬و َسبوا النساء‪،‬‬
‫السير إلى زبيد فحصروها‪ ،‬ودخلوها وما حولها‪ ،‬فضموا أشتات‬
‫وانتهى هبم َّ‬
‫المتاع والمال النقدي والحلي‪ ،‬ف َأعوزهم َحمله‪ ،‬فتخ َّيروا أحسنه‪ ،‬وسلطوا‬
‫على ما ال طاقة لهم بحمله النار»(‪.)2‬‬
‫[حوادث سنة ‪1216‬هـ‪ 1801/‬م]‬
‫عودة يام للهجوم يف موسم التمر‪:‬‬
‫«ولما كان سنة ‪1216‬هـ خرجوا يام من نجران إلى جهة اليمن‪ ،‬ووصلوا‬
‫ٍ‬
‫يومئذ أهل حيس يف أوان خريف التمر‪ ،‬فهرب َمن‬ ‫إلى نخل السحارى(‪ ،)3‬وفيه‬
‫كان يف النخل‪ ،‬فما كان توجههم َّإال إلى جهة البحر‪ ،‬فد َّلهم واحد من أهل‬
‫خير‪ ،‬فًل غفر اهلل له‪ -‬بطريق يف وسط البحر عارية‬
‫ال َبحر ‪ -‬من الذين ال فيهم ٌ‬
‫عن ُغز ِر الماء ممدودة من جهة المشرق إلى جهة المغرب‪ ،‬وعن يمين وشمال‬
‫هواء‪ ،‬فكان َمن ضل عن الطريق‪ /‬سقط فمات‪ .‬والحال أن الذين ماتوا يف‬

‫(‪ )1‬بيت الفقيه‪ :‬بلدة يمنية ساحلية تقع شمال مدينة زبيد على بعد حوالي ‪35‬كم‪ُ ،‬س ِّميت هبذا االسم‬
‫نسبة إلى الفقيه أحمد بن موسى بن ُعجيل المتوىف سنة ‪690‬هـ ‪1291 -‬م‪.‬‬
‫(‪ )2‬كتاب‪ُ :‬درر نحور الحور العين‪ ،‬تأليف‪ :‬لطف اهلل بن أحمد جحاف‪( ،‬ص‪ ،)483‬وكتاب‪ :‬نجران‪...‬‬
‫تاريخ وإنسان‪ ،‬محمد بن طحنون آل دغرير‪( ،‬ص‪.)127‬‬
‫ُ‬
‫والخوخة فيها نخيل «معجم الحجري»‬ ‫الس َحارى‪ :‬بلدة يف ساحل البحر األحمر ما بين المخا‬
‫(‪ِّ )3‬‬
‫(‪.)416/3‬‬
‫‪140‬‬

‫ٍ‬
‫وصغير‪،‬‬ ‫نفس كما بلغ تحقي ًقا بالمعاينة ما بين ٍ‬
‫كبير‬ ‫وسط البحر قدر أربع مائة ٍ‬

‫ذكر وأنثى‪ ،‬واستأسروا منهم جملةً‪ ،‬وتوجهوا إلى نجران‪ ،‬فًل رحم اهلل َمن‬
‫د َّلهم‪ ،‬وال غفر ليام‪ ،‬وال رحمهم دنيا وآخرة‪ ،‬وسميت الجربوبة من ذلك اليوم‪،‬‬
‫نسأل اهلل العافية والسًلمة من كل بلية»(‪.)1‬‬
‫[حوادث سنة ‪1216‬هـ‪ 1801/‬م]‬
‫خروج يام إلى التهائم‪:‬‬
‫تحركت قبيلة يام‪ ،‬وقصدت التهايم‪ ،‬فعاثوا هبا‪ ،‬وانتهكوا‬
‫«وفيها‪َّ :‬‬
‫الحرمات‪ ،‬وهنبوا األموال‪ ،‬واسرتقوا النساء والصبيان‪ ،‬وعملوا من فضائح‬
‫األمور من‪ ،...‬واإلحراق‪ ،‬ما ال ُيعلم َوصفه إال الذي يعلم ما تك ُّن الصدور‪،‬‬
‫المشتهيات»(‪.)2‬‬
‫وعادوا وقد أوقروا حمائلهم من جميع ُ‬
‫[حوادث سنة ‪1219‬هـ‪ 1804/‬م]‬
‫مواالة يام يف حراز لإلمام‪:‬‬
‫«وفيها‪ :‬جنح علي محمد شبام و َمن وااله من قبائل يام على مواالة‬
‫مكرا منهم وخدا ًعا‪ ،‬فتس َّلم منهم‬
‫اإلمام‪ ،‬وأفصحوا عن نزولهم من الحصون ً‬

‫(‪ )1‬المصدر‪ :‬حوليات النعمي التهامية من تاريخ اليمن‪ ،‬تحقيق ودراسة‪ :‬الدكتور حسين بن عبداهلل‬
‫العمري‪( ،‬ص‪.)34 ،33‬‬
‫(‪ )2‬كتاب‪ُ :‬درر نحور الحور العين‪ ،‬تأليف‪ :‬لطف اهلل بن أحمد جحاف‪( ،‬ص‪ ،)492‬وكتاب‪ :‬نجران‪...‬‬
‫تاريخ وإنسان‪ ،‬محمد بن طحنون آل دغرير‪( ،‬ص‪.)129‬‬
‫‪141‬‬

‫وصول ِ ُحوا على ثًلث عشرة مائة‬


‫األمير يحيى بن محسن حنش رهائن‪ُ ،‬‬
‫قرش»(‪.)1‬‬
‫[حوادث سنة ‪1220‬هـ‪1805 -1825/‬م]‬
‫فك الحصار عن حصن شبام بحراز‪:‬‬
‫جهز ً‬
‫جيشا إلى حراز‪ ،‬وأ َّمر عليهم عبدً ا‬ ‫واإلمام يف تلك األيام قد كان َّ‬
‫[ميسورا] ‪ ،‬وكانت حراز قد تغلبت على قلعته رجال يام على يد رجل‬
‫ً‬ ‫يسمى‬
‫من أهل حراز يقال له‪( :‬علي شبام)‪ ،‬فبلغ (ميسور) إلى حراز‪ ،‬وتعسر عليه‬
‫إقامة الجند‪ ،‬ولم يصل إليه مد ٌد من الدولة‪ ،‬فتفرقت األجناد‪ ،‬وعاد إلى حيث‬
‫لم يبلغ المرام‪ ،‬وعند ذلك أعادت الدولة إلى التجهيز‪ ،‬وأعد له رجال من بكيل‬
‫وهم عمدة رجالهم‪ ،‬وأمر الفقيه الماجد الرئيس يحيى بن محسن حنش‪ ،‬وكان‬
‫من رؤساء الدولة‪ ،‬ومن أهل القول يف حزم الخًلفة‪ ،‬فتوجه إلى (حراز) على‬
‫أن يناجز المتغلبين على قلعة شبام حراز‪ ،‬وإضافة شبام إلى حراز لتخرج عن‬
‫(شبام كوكبان)(‪ ،)2‬وهذا الحصن ‪-‬أعني‪ :‬شبام حراز‪ -‬حصن من معاقل اليمن‬
‫الحصينة‪ ،‬وقد تغلب عليه الفقيه (علي شبام) وجماعة من رجال يام(‪)3‬؛‬

‫(‪ )1‬المصدر‪ :‬كتاب‪ُ :‬درر نحور الحور العين‪ ،‬تأليف‪ :‬لطف اهلل بن أحمد جحاف‪( ،‬ص‪ ،)614‬وكتاب‪:‬‬
‫نجران‪ ...‬تاريخ وإنسان‪ ،‬محمد بن طحنون آل دغرير‪( ،‬ص‪.)129‬‬
‫(‪ )2‬شبام كوكبان‪ :‬مدينة شمال غرب صنعاء‪ ،‬وطريقها من ضلع همدان‪.‬‬
‫(‪ )3‬لعله يقصد‪ :‬استعادوا الحصن وأنه لهم فهم من شيده وبناه‪ ،‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬نجران‪ ...‬تاريخ وإنسان‪،‬‬
‫محمد بن طحنون آل دغرير‪( ،‬ص‪.)137‬‬
‫‪142‬‬

‫التحادهم يف النِّحلة‪ ،‬فتوجه (يحيى محسن) إلى (حراز)‪ ،‬واستقر بحصن من‬
‫الضل َفاع‪ ،‬وهو يقابل حصن (شبام) على رؤية العين‪،‬‬
‫حصونه المنيفة يسمى‪ِّ :‬‬
‫(الضل َفاع)‪ ،‬وعلم أهل حصن شبام أن معه‬
‫وحين استقر يحيى بن محسن يف ِّ‬
‫ً‬
‫رجاال ربما يغلبون يف نكايتهم المقصود‪.‬‬
‫كتب (علي شبام) ومن معه إلى (يام)‪ ،‬وهم طارحون يف أعالي القحري‬
‫وأسافل حراز‪ ،‬وطلبوا منهم المناصرة على (ابن حنش)‪ ،‬ود َّلهم على عورة‬
‫حصن الضلفاع‪ ،‬فغزا من يام نحو الخمسمائة‪ ،‬وفيهم أغلب عقالهم‪ ،‬ووصلوا‬
‫تحت الضلفاع يف الليل‪ ،‬وقد ساعدهم جماعة من أهل الحصن من الرعية‪،‬‬
‫حباال من ٍ‬
‫جهة ما فيها أحدٌ من العسكر‪ ،‬وكان (ابن حنش) وقومه‬ ‫ودلوا إليهم ً‬
‫ٌ‬
‫طارق‪ ،‬ويام‪ ،‬من وصل إليه‬ ‫ٍ‬
‫غفلة‪ ،‬وعدم تي ُّقظ أن يطرقهم يف ذلك الحصن‬ ‫يف‬
‫الحبل‪ ،‬تمسك به وطلع‪ ،‬ولم يزالوا على هذا الحال حتى اجتمع منهم خلق‬
‫كثير‪ ،‬فصاحوا يف رحبة الحصن‪ ،‬فحصل الفشل مع العسكر الذي فيه‪ ،‬وثبت‬
‫جماعة من ذوي محمد من بكيل‪ ،‬وملكت يام جميع معاقل الحصن‪ ،‬ثم فتحوا‬
‫ٍ‬
‫جماعة‬ ‫الباب لمن بقي منهم‪ ،‬فدخلوا‪ ،‬وانحاز (يحيى بن محسن حنش) إلى‬
‫من ذوي محمد يف زاوية حتى طلب األمان يف الخروج بسًلم‪ ،‬وهنبت يام كل‬
‫ما كان مع ابن حنش‪ ،‬ولم ينج إال بنفسه‪ ،‬وانحاز إلى محل بين (الحيمة)‬
‫و(حراز)‪ ،‬ورفع أمره إلى صنعاء ينتظر ما يأمر به‪ ،‬وانتهى أمره إلى أن عاد إلى‬
‫‪143‬‬

‫صنعاء(‪.)1‬‬
‫[حوادث سنة ‪1220‬هـ‪1805/‬م]‬
‫غزو النعمان بن الوليد لنجران (بدر)(‪:)2‬‬
‫توجه النعمان بن الوليد من حضرة سعود بن عبدالعزيز(‪ )3‬إلى‬
‫وفيها َّ‬
‫نجران‪ ،‬فحط على المكرمي ٍ‬
‫ببدر‪ ،‬فبعث المكرمي إلى الوادي [وادي نجران]‬

‫مستغيرا‪ ،‬فجاءته الغارة‪ ،‬وتصافوا للحرب‪ ،‬فانكسر َجمع النعمان وو َّلى ً‬


‫مدبرا‬ ‫ً‬
‫بعد أن أخذت يام أكثر أمتعتهم وأسلحتهم‪ ،‬وكانوا قد بعثوا إلى َمن بنجران‬
‫وكرت جموع‬
‫وهتامة من يام‪ ،‬وكانوا قد تأهبوا للمسير‪ ،‬فجاءهم الخرب بالنصر‪َّ ،‬‬
‫عظيما‪ ،‬وعاهدوا اهلل‬
‫ً‬ ‫وعمروا به در ًبا‬
‫محًل‪َّ ،‬‬
‫أخرى على نجران‪ ،‬وتملكوا ببدر ًّ‬
‫َّ‬
‫[أال] يخرجوا منه حتى تذعن تلك الجموع من نجران للدخول يف الدين‪،‬‬

‫(‪ )1‬المرجع‪ :‬نفح العود يف سيرة دولة الشريف حمود‪ ،‬للعًلمة الشيخ‪ :‬عبدالحمن بن أحمد البهكلي‪،‬‬
‫تحقيق‪ :‬محمد بن أحمد العقيلي‪( ،‬ص‪ ،)187 ،186‬وكتاب‪ :‬نجران‪ ...‬تاريخ وإنسان‪ ،‬محمد بن‬
‫طحنون آل دغرير‪( ،‬ص‪ ،)138 ،137‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬نجران يف أطوار التاريخ‪ ،‬محمد بن أحمد‬
‫العقيلي‪( ،‬ص‪.)118 - 114‬‬
‫(‪ )2‬وبعد إمعان النظر يف هذه الرواية‪ ،‬والتي تفرد هبا لطف اهلل جحاف‪ .‬وهذا يشير إلى تحامل المؤلف‬
‫على الدولة السعودية والدعوة اإلصًلحية‪ ،‬وكذلك لم يرد يف جميع المصادر المعاصرة سواء‬
‫النجدية أو الحجازية أو مصادر المخًلف السليماين واليمن‪ ،‬قائد من قادة الدولة السعودية اسمه‪:‬‬
‫النعمان بن الوليد‪ ،‬أو حتى النعمي بن الوليد‪.‬‬
‫(‪ )3‬تعريف بسعود بن عبدالعزيز‪( ،‬ص‪ )145‬من هذا الكتاب هامش رقم‪.)1( :‬‬
‫‪144‬‬

‫ومازالوا به حتى كانت الفتنة بينهم وبين أهل نجران يف العام اآليت(‪.)1‬‬
‫[حوادث سنة ‪1220‬هـ‪1805/‬م]‬
‫استعانة يام بأهل صعفان‪:‬‬
‫خبـر بأن أهل نجران أرسلوا إلى من بصعفان(‪ )2‬أن الغارة الغارة‪،‬‬
‫ووصل ٌ‬
‫نفرا‪ ،‬وقصدوا قاع هتامة مظهرين أهنم قاصدون لحمود‪،‬‬
‫فسار منهم ستون ً‬
‫فًلقاهم جماعة من أصحاب أبي نقطة‪ ،‬فبلغنا أهنم قتلوا عن آخرهم‪ ،‬واشتد‬
‫الحصار على من بنجران من الموهبة(‪ )3‬المتتابعة بعد بسر بن أرطأة وقومه‪،‬‬
‫حجرا‪ ،‬حتى قيل لنا‪ :‬إهنا‬
‫ً‬ ‫وأنه بلغ القدح الطعام بنجران خمسة عشر ً‬
‫قرشا‬
‫مالت طوائف من نجران إلى الدخول يف معاهدة سعود‪ ،‬غير أهنم رأوا ما المراد‬
‫أن دينوا‪ ،‬وإذا هم يطلبوهنم الحلقة من البنادق والسيوف والدروع‪ ،‬فانثنوا‬
‫آخرا(‪.)4‬‬
‫بشدة‪ ،‬وعادوا للقتال ً‬

‫(‪ )1‬المصدر‪ :‬كتاب‪ُ :‬درر نحور الحور العين‪ ،‬تأليف‪ :‬لطف اهلل بن أحمد جحاف‪( ،‬ص‪ ،)625‬وكتاب‪:‬‬
‫نجران‪ ...‬تاريخ وإنسان‪ ،‬محمد بن طحنون آل دغرير‪( ،‬ص‪.)138‬‬
‫(‪ )2‬صعفان‪ :‬من جبال َح َراز‪ ،‬يقع بالقرب من مدينة مناخة‪.‬‬
‫(‪ )3‬الموهبة‪ :‬يقصد أتباع دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب اإلصًلحية‪ ،‬وهذا اللقب مع غيره من‬
‫الوهابية ُيطلقها خصوم تلك الدعوة‪.‬‬
‫األلقاب‪ ،‬مثل‪َّ :‬‬
‫(‪ )4‬المصدر‪ :‬كتاب‪ُ :‬درر نحور الحور العين‪ ،‬تأليف‪ :‬لطف اهلل بن أحمد جحاف‪( ،‬ص‪ ،)652‬وكتاب‪:‬‬
‫نجران‪ ...‬تاريخ وإنسان‪ ،‬محمد بن طحنون آل دغرير‪( ،‬ص‪.)139‬‬
‫‪145‬‬

‫[حوادث سنة ‪1221‬هـ‪1806/‬م]‬


‫اإلمام سعود بن عبدالعزيز(‪ )1‬يس ِّير حمل ًة على بدر‪:‬‬
‫لقد اتفقت المصادر التاريخية المعاصرة لهذه الحادثة على الرغم من‬
‫اختًلف تفصيًلهتا‪ ،‬وتاريخ وقوعها‪ ،‬فهي الحملة التي قام هبا األمير عبدالوهاب‬
‫بن عامر المتحمي أمير عسير(‪ )2‬بأمر اإلمام سعود بن عبدالعزيز على نجران‪.‬‬
‫وقد ذكرها ابن بشر يف حوادث سنة ‪1220‬هـ‪1805/‬م‪ ،‬أن اإلمام سعود‬
‫بن عبدالعزيز أمر عبدالوهاب بن عامر‪ ،‬ورعاياه من عسير‪ ،‬وألمع‪ ،‬وسنحان‪،‬‬
‫وفهاد بن شكبان(‪ )3‬ورعاياه من بيشة وغيرها‪ ،‬وأهل وادي الدواسر‬
‫ووادعة‪َّ ،‬‬

‫(‪ )1‬اإلمام سعود بن عبدالعزيز بن محمد بن سعود‪ُ ،‬ولد يف الدرعية عام ‪1165‬هـ‪1752/‬م‪ ،‬تولى‬
‫قوهتا‬
‫الحكم بعد وفاة والده عام ‪1218‬هـ‪1803/‬م‪ ،‬ويف عهده بلغت الدولة السعودية أقصى ّ‬
‫ُ‬
‫وا ّتساعها؛ حيث تمكنت يف عهده من بسط نفوذها على الحجاز‪ ،‬وأجزاء من اليمن‪ ،‬ومناطق عدة‬
‫من الخليج العربي وقد كان اإلمام سعود على جانب كبير من الدهاء‪ ،‬والشجاعة‪ ،‬والحكمة‪ ،‬كما‬
‫الهمة‪ ،‬والثبات يف الحروب‪ ،‬له معرفة بالحديث‪ ،‬والتفسير‪ ،‬والفقه‬
‫وصفه ابن بشر باليقظة‪ ،‬وبُعد َّ‬
‫عبدالوهاب‪ُ ،‬تويف يف ‪ 11‬جمادى األولى من عام‬
‫َّ‬ ‫اكتسبها من دراسته على يد الشيخ محمد بن‬
‫‪1229‬هـ‪1814 /‬م‪ .‬انظر‪ :‬ابن بشر‪.)342،364/1( ،‬‬
‫عبدالوهاب بن عامر المتحمي الرفيدي العسيري‪ ،‬المعروف بأبي نقطة‪ ،‬تولى إمارة عسير من‬
‫َّ‬ ‫(‪ )2‬هو‬
‫سنة ‪1217‬هـ حتى ‪1224‬هـ َّ‬
‫توالها بعد وفاة أخيه محمد سنة (‪1217‬هـ)‪ ،‬ومدة حكمه سبع‬
‫سنوات‪ .‬األعًلم (‪ ،)183/4‬والمقتطف من تاريخ اليمن (‪ ،)259‬انظر‪ :‬المخًلف السليماين‬
‫للعقيلي‪( ،‬ص‪.)528‬‬
‫(‪ )3‬فهاد بن سالم بن محمد بن شكبان الرمثين‪ ،‬من قبيلة شهران من أهل بيشة من قرية الدحو‪َّ ،‬‬
‫واله‬
‫اإلمام عبدالعزيز بن محمد بن سعود إمارة بيشة ورئاستها بعد وفاة والده سنة ‪1239‬هـ‪.‬‬
‫‪146‬‬

‫ومن تبعهم يف نحو ثًلثين ألف مقاتل بالتوجه إلى نجران‪ ،‬فسار هبم األمير‬
‫عبدالوهاب‪ ،‬ونزل (ببدر)‪ ،‬ووقعت بينهم معارك ُقتِ َل فيها كثير من قوم األمير‬
‫عبدالوهاب‪ ،‬ومن أهل الدواسر‪ ،‬وممن قتل منهم‪ :‬أمير الوداعين إبراهيم بن‬
‫مبارك بن عبدالهادي‪ ،‬وإدريس بن حويل وغيرهم‪ ،‬ثم أمر عبدالوهاب قواته‬
‫قصر يف ٍ‬
‫بدر لحصار أهلها‪ ،‬والتضييق عليهم‪ ،‬ووضع فيه كل ما يحتاج إليه‬ ‫ببناء ٍ‬

‫المرابطون‪ ،‬ثم رجع الجميع إلى أوطاهنم(‪.)1‬‬


‫وقد حدد يف هذه الرواية تاريخ تلك الوقعة بسنة ‪1220‬هـ ‪1805‬م‪ ،‬كما‬
‫أن ابن بشر بالغ يف أعداد القوات السعودية‪ ،‬حيث قدَّ رها بثًلثين أل ًفا‪ ،‬ثم إذا‬
‫ٍ‬
‫لجيش بمثل هذا العدد َّأال تكون له كلمة فاصلة مع‬ ‫صح هذا العدد‪ ،‬فهل ُيعقل‬
‫قوات أهل نجران وأعدادها القليلة‪ ،‬ولجوء عبدالوهاب لبناء قصر لحصار‬
‫أهالي بدر‪ ،‬والتضييق عليهم(‪.)2‬‬
‫قليًل عن رواية ابن‬
‫أما رواية المؤرخ عبدالرحمن البهكلي‪ ،‬فتختلف ً‬
‫بشر‪ ،‬فقد جعل ذلك الهجوم تحت حوادث سنة ‪1221‬هـ‪1806/‬م‪ ،‬وذكر أن‬
‫(‪)3‬‬
‫كتب لألمير عبدالوهاب يطلب منه المدد ضد‬ ‫صالح بن يحيى ال ُعلفي‬

‫(‪ )1‬تاريخ ابن لعبون‪( ،‬ص‪ ،)629 ،628‬وابن بشر‪ ،‬عنوان المجد يف تاريخ نجد‪.)289،290/1( ،‬‬
‫(‪ )2‬راجع مجلة الدارة‪ ،‬العدد الرابع شوال ‪1432‬هـ‪ ،‬السنة السابعة والثًلثون‪( ،‬ص‪،)184 -173‬‬
‫د‪ .‬أحمد بن يحيى آل فائع‪.‬‬
‫(‪ )3‬صالح بن يحيى ال ُعلفي‪ :‬صاحب بيت الفقيه‪ ،‬دخل تحت طاعة الدولة السعودية األولى بعد أن‬
‫=‬
‫‪147‬‬

‫الشريف حمود‪ ،‬فصادف ذلك أن عبدالوهاب يف نجران ومعه قوات كثيرة كان‬
‫يعتقد أنه يأخذ بأقل منها‪ ،‬لكنه لقي مقاومة شديدة‪ ،‬وأقام بعرصة(‪ )1‬نجران [يف‬
‫ٍ‬
‫بدر] نحو شهر‪ ،‬وعمر قلعة عظيمة‪ ،‬وأدخل إليها الماء‪ ،‬واحتفر هناك حفائر‬
‫داخل القلعة‪ ،‬وجمع لها من رتبة(‪ )2‬وخواص قومه‪ ،‬وأ َّمر عليهم يحيى بن‬
‫ناشع(‪ ،)3‬وجمع لهم من الزاد ما يكفيهم ستة أشهر‪ ،‬ثم انصرف(‪.)4‬‬
‫جحاف لهذه الحملة‪ ،‬فتختلف عن سابقاهتا من حيث تاريخ‬
‫أما رواية َّ‬
‫كثيرا من قصص‬
‫وقوعها‪ ،‬وكثير من تفصيًلهتا وأحداثها‪ ،‬وقد أدخل عليها ً‬
‫الخيال‪ ،‬والتي ال تتوافق مع الواقع‪ ،‬وقام بنسج تلك القصص (البعيدة عن‬
‫الصواب)‪ ،‬وقد تبعه المؤرخ يف وقتنا الحاضر‪ :‬محمد طحنون آل دغرير‬
‫الوادعي من أهل نجران‪ ،‬وطبع كتابه‪« :‬نجران‪ ،‬تاريخ وإنسان» يف عام‬
‫(‪2015‬م)‪ ،‬وهذا ال ُيعفيه من معرفة الحقيقة واستقصائها‪ ،‬حيث إن القصر يف‬

‫= أقنعه الشريف غالب بن مساعد بذلك‪ ،‬عن طريق تبعيته ألمير عسير عبدالوهاب المتحمي‪ ،‬لكن‬
‫الشريف حمو ًدا لم يدعه وشأنه‪ .‬عن تلك الحوادث راجع‪ ،‬البهكلي‪ ،‬نفح العود‪( ،‬ص‪- 233‬‬
‫‪)235‬؛ وجحاف‪ ،‬درر نحور الحور‪( ،‬ص‪.)642 -640‬‬
‫(‪ )1‬العرصة‪ :‬كل بقعة واسعة بين الدور ليس فيها بناء‪ .‬المصدر‪ :‬الفيروزآبادي‪( ،‬ص‪.)560 -559‬‬
‫نادرا كمرادفة لكلمة المحطة‪ .‬وعادة‬
‫(‪ )2‬الرتبة‪ :‬مجموعة من الجند أقل عد ًدا من المحطة‪ .‬وتستخدم ً‬
‫ما توكل لها مهمة حراسة المدن‪ ،‬والقًلع‪ ،‬والحصون‪.‬‬
‫(‪ )3‬يحيى بن ناشع الشهري‪ ،‬وهو أحد قواد عبدالوهاب وفقهائهم‪ ،‬ومن أهل الرأي فيهم‪ .‬انظر‪ :‬كتاب‬
‫نفح العود (ص‪.)241‬‬
‫(‪ )4‬المرجع السابق‪( ،‬ص‪.)241 ،237‬‬
‫‪148‬‬

‫وظاهر للعيان‪ ،‬والسور والبئر والربج‬


‫ٌ‬ ‫الحمضة جنوب (بدر الجنوب) موجود‪،‬‬
‫الذي وضع لحماية القصر ومحيطه‪.‬‬
‫وجميع أهل المنطقة تعرف (القصر)‪ ،‬وهو مشهور يعرفه اآلباء‬
‫واألجداد‪ .‬وهذا القصر عبارة عن مبنى من أربعة أدوار‪ ،‬وضع الدور األول من‬
‫الحجر على شكل البيوت العسيرية حتى يقوم بحماية من بداخله –‬
‫واألحجار‪ -‬على ارتفاع أكثر من ثًلثة أمتار‪ ،‬ووضع بداخل الدور األسفل‬
‫تم توصيله بنفق خاص من‬
‫غرف ومستودعات للطعام والمؤن العسكرية‪ ،‬ثم َّ‬
‫تحت القصر إلى بئر الماء‪ ،‬والتي ُوضعت بشكل هندسي بديع‪ ،‬ثم وضع سور‬
‫خارجي مبني من الحجارة الكبيرة‪ ،‬ووضع برج للمراقبة من األحجار‪ ،‬وقد‬
‫ُع ِم َل بشكل دائري تتخلله بعض الفتحات لحماية القصر ومحيطه‪ ،‬ولكن سرد‬
‫جحاف لتلك القصص الخيالية قد يكون وافقت شي ًئا يف نفس (محمد‬
‫طحنون)‪ ،‬ففرح هبا‪.‬‬
‫جحاف روايته تحت حوادث سنة ‪1223‬هـ‪1808/‬م‪ ،‬يف أنه‬
‫وقد أورد َّ‬
‫بدرا‪ ،‬فتقدم‬ ‫خلق ٍ‬
‫كثير‪ ،‬ونزلوا ً‬ ‫يف هذا العام أغارت (الموهبة)(‪ )1‬على نجران يف ٍ‬

‫عبدالوهاب اإلصًلحية‪ ،‬وهذا اللقب مع غيره من‬


‫َّ‬ ‫(‪ )1‬الموهبة‪ :‬يقصد أتباع دعوة الشيخ محمد بن‬
‫الوهابية ُيطلقها خصوم تلك الدعوة‪.‬‬
‫األلقاب مثل‪َّ :‬‬
‫‪149‬‬

‫(‪)2‬‬
‫من اليامية ‪ 1500‬مقاتل‪ ،‬وسألوا المكرمي(‪ )1‬عن قدومهم‪ ،‬فقال‪ :‬الطالع‬
‫يحكم َّ‬
‫بأال يظهر منكم حرب حتى تبلغ رجالهم حمى السور‪ ،‬قال‪ :‬فلما وصلوا‬
‫السور‪ ،‬خرجوا عليهم‪ ،‬فوقعت الهزيمة على أهل سنحان‪ ،‬فبلغ ذلك سعود‪،‬‬
‫فجهز عليهم قبائله شمر إلى األحساء‪ ،‬إلى شهران‪ ،‬إلى عسير وألمع‪ ،‬إلى‬
‫جميع الحجاز والدواسر‪ ،‬ونفذ عليهم األمراء‪ ،‬وألزمهم المسير على رأي عبد‬
‫بدر آخر شهر جمادى اآلخرة‪ ،‬فداروا على ٍ‬
‫بدر‬ ‫الوهاب‪ ،‬فسار هبم‪ ،‬فنزلوا على ٍ‬

‫جحاف عن‬
‫من جميع جهاته‪ .‬وقيل‪ :‬إن جملتهم مئة ألف‪ .‬وبعد ذلك تحدث َّ‬
‫تفصيًلت المعارك والمواجهات التي حصلت بينهم‪ ،‬حيث كانت الحرب‬
‫ً‬
‫سجاال بين الطرفين‪ ،‬ومع طول الحرب أمر عبدالوهاب ببناء درب (قصر)‬
‫[والموصوف آن ًفا] يف الحمضة أمام قصر آل هضبان(‪ ،)3‬فأشاده ‪ ،‬وبنى‬
‫محارس ومتارس‪ ،‬ونصب به مدفعين عظيمين‪ ،‬ثم أمر أن يرتبوه بخمسمائة‬

‫(‪ )1‬الداعي‪ :‬عبداهلل بن علي بن هبة اهلل بن إبراهيم بن محمد المكرمي‪ ،‬هو الداعي رقم‪ )36( :‬يف سلسلة‬
‫دعاة المذهب‪ .‬راجع ترجمته (ص‪ )127‬من هذا الكتاب‪.‬‬
‫(‪ )2‬هل كان يتعامل بالتنجيم؟!‪ .‬انظر‪« :‬رسالة السحر والعزائم وماهية الكهانة والزجر والفال والغيب‬
‫والرقي وكيفية أفعال سر الطلسمات الباقيات‪( ،».....‬ص‪ ،)536 ،535‬الرسالة العاشرة من‬
‫ُ‬
‫رسائل إخوان الصفاء وخًلن الوفاء تأليف‪ ،‬اإلمام المستور‪ /‬أحمد بن عبداهلل بن محمد بن‬
‫إسماعيل‪ ،‬تحقيق الدكتور‪ /‬مصطفى غالب‪ ،‬دار األندلس للطباعة والنشر والتوزيع‪.‬‬
‫(‪ )3‬آل هضبان‪ :‬من شيوخ قبائل الوعلة المعروفين يف المنطقة‪ ،‬وقد سكن أحدهم (القصر)‪ ،‬واستمر‬
‫يتوارثه أبناؤه وأحفاده إلى عصرنا الحاضر‪ ،‬وما زال القصر شامخ البنيان هبيئته المذكورة حتى‬
‫وقتنا الحاضر‪.‬‬
‫‪150‬‬

‫جحاف أن‬
‫منهم‪ ،‬وأن يجعلوا فيه الكفاية التامة من السًلح والزاد‪ ،‬ومما ذكره َّ‬
‫القوات النجرانية كانت تستخدم السحر(‪ ،)1‬فًل يصل إليهم الرصاص‪ ،‬وذكر‬
‫أن الحرب قد اشتدت تلك األيام‪ ،‬وألحقت بالقوات السعودية خسائر كبيرة‬
‫كبيرا‪ ،‬ثم تحدث عن استمرار القوات‬
‫يف األرواح‪ ،‬كما أسروا منهم عد ًدا ً‬
‫النجرانية يف حصار القوات السعودية الموجودة يف القصر‪ ،‬حتى جاء سيل‬
‫عظيم ودخله‪ ،‬فاجتحف أكثر الزاد والسًلح‪ ،‬وانتشر المرض بين القوات‬
‫المرابطة به‪ ،‬فمات منهم كثير‪ ،‬عند ذلك طلبوا األمان على أن يكون خروجهم‬
‫يف وجه القاضي يوسف بن علي بن هبة اهلل المكرمي (الداعي السابع‬
‫والثًلثين)‪ ،‬فوافق اليامية على ذلك‪ ،‬ولما خرج َمن يف القصر‪ ،‬لم يزد عددهم‬
‫عن المئة‪ ،‬وكانوا خمسمائة‪ ،‬فأكرمهم اليامية يومين‪ ،‬وبعث القاضي برسالة‬
‫إلى سعود يقول فيها‪ :‬وأما الدرب فكما قال تعالى‪ ( :‬ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ‬

‫ﮰ) ‪.‬‬
‫(‪)2‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬نجران‪ ...‬تاريخ وإنسان‪ ،‬محمد طحنون‪( ،‬ص‪.)143‬‬


‫(‪ )2‬لقد قام المؤرخ‪ :‬جحاف بسرد هذه القصص من خياله!! فلم يبعث المكرمي برسالة إلى اإلمام‬
‫ً‬
‫شامخا بعد ‪220‬سنة تقريبًا‪ ،‬ثم‬ ‫سعود بن عبدالعزيز‪ ،‬ولم يتم هدم القصر كما ذكر‪ ،‬فما زال القصر‬
‫نفسه عناء‬
‫تبعه المؤرخ‪ :‬محمد طحنون يف كتابه‪( :‬نجران‪ ..‬تاريخ وإنسان)‪ ،‬بنقلها دون أن يكلف َ‬
‫البحث والتدقيق يف رواية جحاف؛ حيث لم يكن له جهد واضح من حيث تحليل المعلومات أو‬
‫تفسيرها أو التدقيق فيها مع أن هذه الحادثة وردت يف مصادر متعددة فلم يحرص على تطبيق‬
‫المنهج العلمي‪ ،‬ولم يو ِّظف معلوماته لما يخدم عنوان كتابه‪ .‬فلو أنه باحثًا مدركًا لوقف على (قصر‬
‫=‬
‫‪151‬‬

‫ويمكن القول يف هذه الرواية‪ :‬إن جحا ًفا وضعها تحت حوادث سنة‬
‫‪1223‬هـ‪1808 /‬م‪ ،‬كعادته وعدم دقته يف إيراد تواريخ كثير من األحداث التي‬
‫تطرق إليها يف كتابه‪ ،‬وكذلك فإن المصادر القريبة من الحدث مثل البهكلي‪،‬‬
‫َّ‬
‫أشارت إلى أهنا وقعت قبل ذلك التاريخ‪.‬‬
‫فمثًل‪:‬‬
‫مشوشة‪ ،‬وفيها كثير من التداخًلت وعدم الدقة‪ً ،‬‬
‫جحاف َّ‬
‫ورواية َّ‬
‫وأيضا‬
‫لم يخربنا عن مصير جيش عبدالوهاب‪ ،‬وال كيف انسحب من بدر‪ً ،‬‬
‫تتسم بالمبالغة الواضحة يف ذكر أعداد القوات السعودية‪ ،‬حيث قدَّ رهم بمئة‬
‫ألف‪ ،‬كما أنه لم َيث ُبت أن هناك قوات من شمر واألحساء والحجاز شاركت يف‬
‫حرب نجران ‪ -‬بدر‪ -‬وهذا يزيد من تشويش تلك الرواية‪ ،‬ثم ذكر أن القصر‬
‫تم هدمه وإزالته‪ ،‬وهذا غير صحيح‪ ،‬فهو موجود كما هو‪ ،‬واختلق من القصص‬
‫َّ‬
‫الدرامية التي تخالف الواقع‪ ،‬ثم ذكر دخول السيل إلى القصر‪ ،‬وموضع القصر‬
‫والسور الحجري المرتفع عن بطن الوادي يكذب تلك الرواية‪.‬‬
‫وهناك رواية أخرى للحادثة نفسها جديرة باإلثبات‪ ،‬وهي رواية سيد‬
‫ماحي التي نقلها من إحدى المخطوطات القديمة يف مدينة نجران‪ ،‬وهي ‪-‬كما‬
‫ذكر‪ -‬مخطوطة بًل عنوان‪ ،‬وذكر أهنا موجودة ضمن مكتبة الشيخ علي بن‬

‫= الثغر) الذي وصفه المؤرخ اليمني‪ :‬جحاف بأنه ال أثر له وال رسم‪ .‬ووجوده اليوم برهانًا قاط ًعا‬
‫ودليًل ناص ًعا على نفي تلك األوهام‪.‬‬
‫ً‬
‫‪152‬‬

‫حسين المكرمي(‪.)1‬‬
‫أما الرواية فتقول‪« :‬إنه كان هناك يف عام ‪1222‬هـ‪ ،‬حاكم لبًلد عسير‪،‬‬
‫قصرا‬
‫ً‬ ‫ُيسمى‪( :‬أبا نقطة)‪ ،‬غزا نجران‪ ،‬فاحتل (بدر الجنوب)‪ ،‬وبنى له فيها‬
‫فخما يسمى‪( :‬الثغر)(‪ ،)2‬وذلك يف قرية (الحمضة) المجاورة (لبدر الجنوب)‪،‬‬
‫ً‬
‫وكان الحاكم الموجود يف بدر حينذاك هو‪ :‬عبداهلل بن علي بن هبة اهلل‬
‫المكرمي‪ ،‬وكان كبير السن‪ ،‬وله أخ اسمه يوسف(‪ )3‬يقوم بأعماله‪ ،‬ويقال‪ :‬إن‬
‫الياميين َأ َبوا على أنفسهم هذه النكاية‪ ،‬فجهزوا أنفسهم بالجنود والعتاد‪،‬‬
‫وزحفوا على (بدر الجنوب)‪ ،‬فقاتلوا جنود (أبي نقطة) حتى أبادوهم يف مدة‬
‫وفر منهم من بقي إلى بًلد عسير حيث يقيم (أبو‬
‫خمسة عشر يو ًما تقري ًبا‪َّ ،‬‬
‫نقطة)‪ ،‬وحتى اآلن يوجد يف (بدر الجنوب) ‪-‬وهي يف شمال نجران‪ -‬آثار رسم‬
‫لقصر أبي نقطة المسمى (الثغر)(‪[ ،)4‬بل هو موجود بكامله‪ ،‬ولم يتم تدميره‬
‫كما ذكر صاحب الكتاب](‪.)5‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬نجران األرض والناس والتاريخ‪ ،‬تأليف‪ :‬سيد ماحي‪( ،‬ص‪.)26‬‬
‫(‪ )2‬ورد يف كتاب‪« :‬عسير والتاريخ وانحراف المسار»‪ ،‬لمنصور بن أحمد بن منصور العسيري‪« :‬أن‬
‫اسمه‪( :‬قصر المملح)» (ص‪.)651‬‬
‫(‪ )3‬الداعي‪ :‬يوسف بن علي بن هبة اهلل بن إبراهيم بن محمد بن الفهد المكرمي‪ ،‬راجع‪ :‬ترجمته‪،‬‬
‫(ص‪ )160‬من هذا الكتاب‪.‬‬
‫(‪ )4‬المصدر‪ :‬كتاب‪ :‬نجران األرض والناس والتاريخ‪ ،‬تأليف‪ :‬سيد ماحي‪( ،‬ص‪.)27 ،26‬‬
‫(‪ )5‬صاحب الكتاب هو صحفي من القاهرة‪ ،‬تم التعاون معه يف تأليف كتاب‪« :‬نجران األرض والناس‬
‫=‬
‫‪153‬‬

‫أيضا كسابقاهتا تحتاج إلى الوقوف عندها‪ ،‬فقد حدد‬


‫وهذه رواية ً‬
‫صاحب المخطوط تاريخ تلك الحملة بسنة ‪1222‬هـ‪1807/‬م‪ ،‬وهذا يختلف‬
‫عن جميع المصادر السابقة‪ ،‬كما قال‪َّ :‬‬
‫إن أول عم ٍل قام به عبدالوهاب هو‬
‫قصرا‪ ،‬وهذا ال يتوافق وسير األحداث الواردة يف‬
‫احتًلل بدر‪ ،‬وأنه ابتنى له ً‬
‫المصادر المعاصرة‪ ،‬فمن غير المتوقع أن يقف اليامية مكتويف األيدي حتى‬
‫وأيضا ذكر أن اليامية أبادوا قوات األمير‬
‫ً‬ ‫قصرا‪.‬‬
‫ً‬ ‫بدرا‪ ،‬ويبتني هبا‬
‫يحتل ً‬
‫عبدالوهاب يف نحو خمسة عشر يو ًما‪ ،‬وهذه تحتاج إلى إعادة ٍ‬
‫نظر‪ ،‬فالكاتب‬
‫يسجل ما يملى عليه من ِق َبل أهل المنطقة؛ ألنه غريب عن المنطقة وتاريخها‪،‬‬
‫وما ذكره يخالف ما أشارت إليه المصادر السابقة جمي ًعا التي أشارت إلى أن‬
‫القوات السعودية بالفعل لقيت مقاومة عنيفة‪ ،‬وأنه مع طول الحرب اضطر‬
‫األمير لبناء القصر‪ ،‬ومغادرة نجران‪.‬‬
‫وقد ذكر المؤرخون تواريخ مختلفة عن تلك الحملة‪ ،‬وهي كما يلي‪:‬‬
‫‪1‬ـ جعلها ابن بشر سنة‪1220 :‬هـ‪1805/‬م‪.‬‬
‫‪2‬ـ حددها البهكلي بسنة‪1221 :‬هـ‪1806/‬م‪.‬‬
‫نقًل عن المخطوط المجهول بسنة ‪1222‬هـ‪/‬‬
‫‪3‬ـ حددها الماحي ً‬
‫‪1806‬م‪.‬‬

‫= والتاريخ»‪ ،‬وال يعلم عن الحقيقة شيئًا‪ ،‬وهو يكتب ما يمليه عليه أهل المنطقة‪ ،‬وكما يقال‪ :‬أهل‬
‫مكة أدرى بشعاهبا‪ ،‬لكن هناك من ال يريد إظهار الحقيقة وكشفها لألجيال‪.‬‬
‫‪154‬‬

‫جحاف بسنة‪1223 :‬هـ‪1808/‬م‪.‬‬


‫‪4‬ـ حددها َّ‬
‫وبنا ًء على استعراض الروايات السابقة‪ ،‬وموازنة األحداث بعضها‬
‫ٍ‬
‫ببعض‪ ،‬فمن المرجح أن تلك الحملة كانت سنة ‪1221‬هـ‪1806/‬م‪ ،‬اعتما ًدا‬
‫على ما ذكره البهكلي‪ ،‬وذلك لمعاصرته ولقربه من أحداث المخًلف‬
‫السليماين‪ ،‬ونجران واليمن التي استوجبت من صالح بن يحيى ال ُعلفي‬
‫االستنجاد باألمير عبدالوهاب المتحمي سنة‪1221( :‬هـ‪1806/‬م)‪ ،‬للوقوف‬
‫معه يف وجه الشريف حمود (أبي مسمار) أمير المخًلف السليماين‪ ،‬وتأكيد‬
‫صالحا استنجد باألمير عبدالوهاب يف تلك السنة(‪ ،)1‬بينما األمير‬
‫ً‬ ‫جحاف أن‬
‫َّ‬
‫ٍ‬
‫سعود‪ ،‬كما‬ ‫عبدالوهاب كان يف سنة ‪1220‬هـ‪1805/‬م‪ ،‬يف الحجاز بأمر اإلمام‬
‫ذكر ذلك ابن بشر‪.‬‬
‫ومن المًلحظ مبالغة المصادر الموجودة‪ ،‬وعدم دقتها يف سرد أحداث‬
‫تلك الحرب ووقائعها‪ ،‬فهناك مصادر تبالغ يف عدد القوات السعودية‪ ،‬ومصادر‬
‫تبالغ يف إبادة تلك القوات على يد القوات النجرانية‪ ،‬وكًلهما غير ٍ‬
‫دقيق‪ ،‬وما‬
‫يمكن قوله يف ذلك هو أن القوات السعودية لقيت مقاوم ًة عنيف ًة ً‬
‫فعًل من‬
‫القوات النجرانية‪ ،‬لكنها لم تكن بتلك الصورة المبالغ فيها‪ ،‬بدليل أنه بعد‬
‫تراجع القوات الرئيسة مع األمير عبدالوهاب‪ ،‬استبقى حامي ًة لحصار بدر‬

‫جحاف‪( ،‬ص‪.)641 -640‬‬


‫(‪ )1‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬درر نحور الحور العين‪ ،‬لطف اهلل بن أحمد ّ‬
‫‪155‬‬

‫الجنوب‪ ،‬فهل ُيعقل أن ُيباد جيش ويف الوقت نفسه يستبقي حامي ًة لحصار البلد‬
‫المنتصر‪.‬‬
‫[حوادث سنة ‪1222‬هـ‪1807/‬م]‬
‫نزول يام أرض تهامة‪:‬‬
‫ٍ‬
‫جرار‬ ‫ٍ‬
‫بجيش‬ ‫ووصلت األخبار بنزول هتامة‪ ،‬وكان حمود(‪ )1‬قد عسكر‬
‫من بكيل وحاشد وبًلد األهنوم‪ ،‬واستعد عد ًة عظيمةً‪ ،‬ولكنه لم يكن له نصر‬
‫يف ذلك إال بعودة حسين بن أحمد(‪.)2‬‬
‫يقول صاحب كتاب «نفح العود يف سيرة دولة الشريف حمود»‪« :‬عندما‬
‫نزلت قبائل يام يف سنة ‪1222‬هـ‪ ،‬وكان يعلم(‪ )3‬باتفاقهم مع إمام صنعاء‪ ،‬فأخذ‬
‫ً‬
‫أوال يف بذل المال يف استمالتهم إال أن ما أعطاهم اإلمام ووعدهم من العطاء‬
‫كان أكرب‪ ،‬فأخذ موقف الحذر‪ ،‬وراح يصاولهم ويجاولهم على ُبعد حتى إنه‬
‫لم يأخذ بثأر قتل ابن أخيه (يحيى بن علي فارس)؛ طم ًعا لهم بعقاب يوم‬

‫(‪ )1‬هو حمود بن محمد بن أحمد الخيرايت‪ ،‬كنِّي بأبي مسمار‪ ،‬لمسمار وقع يف رقبته يف إحدى معاركه‬
‫عبدالوهاب يف‬
‫َّ‬ ‫الحربية‪ .‬ولد سنة ‪1170‬هـ‪ ،‬وتويف سنة ‪1233‬هـ‪َ ،‬قبِ َل دعوة الشيخ محمد بن‬
‫أميرا على هذه‬ ‫أميرا على المخًلف السليماين‪ ،‬وقد َّ‬
‫ظل من بعد ذلك ً‬ ‫‪1217‬هـ‪ ،‬فأصبح بموجبها ً‬
‫المنطقة حتى عام ‪1233‬هـ؛ حيث ُتويف بقرية المًلحة من عسير‪ .‬انظر‪ :‬ترجمته‪ :‬يف كتاب‪ :‬نفح‬
‫العود لعبدالرحمن بن أحمد البهكلي‪( ،‬ص‪.)70‬‬
‫(‪ )2‬كتاب‪ُ :‬درر نحور الحور العين‪ ،‬تأليف‪ :‬لطف اهلل بن أحمد جحاف‪( ،‬ص‪ ،)706‬وكتاب‪ :‬نجران‪...‬‬
‫تاريخ وإنسان‪ ،‬محمد بن طحنون آل دغرير‪( ،‬ص‪.)141‬‬
‫(‪ )3‬يقصد األمير‪ :‬حمود بن محمد بن أحمد الخيرايت‪.‬‬
‫‪156‬‬

‫مفسد‪ .‬وأخذ يتعقبهم بجيشه وهو القادر على االشتباك معهم‪ ،‬وإنما كان ال‬
‫يجزم بالفوز‪ ،‬فطاول األمر معهم حتى تمكن من بذل المال والسياسة يف تفريق‬
‫جموعهم»(‪.)1‬‬
‫[حوادث سنة ‪1222‬هـ‪1807/‬م]‬
‫انضمام أحد مشايخ نجران‪ :‬سالم بن حسين آل مشري (من آل حمد بن‬
‫حش الصقور اليامي للحكومة السعودية)‪:‬‬
‫«كان الحدث األكثر أهمي ًة يف فرتة الهجوم السعودي على نجران‪ :‬دخول‬
‫أحد مشايخ يام‪ ،‬وهو‪ :‬سالم بن حسين‪ ،‬يف صف السعوديين‪ .‬وكان له حصن‬
‫ٍ‬
‫طارئ‪ ...‬وقد أمر‬ ‫منيع‪ ،‬وبه بئر يف وادي نجران‪ ،‬مأله بالمؤن استعدا ًدا ألي‬
‫المكرمي يام بالتوجه على درب سالم بن حسين‪ ،‬فحطت عليه محاصر ًة له‬
‫ثًلثة أشهر‪ ،‬وتمكنت بعدها من اقتحامه‪ ،‬وطرد َمن فيه‪ ،‬واالستيًلء على جميع‬
‫محتوياته‪1219( ...‬هـ‪1804 /‬م)(‪.)2‬‬

‫كان انضمام سالم بن حسين إلى السعوديين حد ًثا ًّ‬


‫مهما ال نعرف‬

‫(‪ )1‬كتاب‪ :‬نفح العود يف سيرة دولة الشريف حمود‪( ،‬ص‪.)76‬‬


‫(‪ )2‬كتاب‪ُ :‬درر نحور الحور العين‪ ،‬تأليف‪ :‬لطف اهلل بن أحمد جحاف‪( ،‬ص‪[ ،)731‬وقد أخذ‬
‫المكرمي نخيل سالم بن حسين ومزارعه لنفسه]‪ ،‬انظر‪ :‬المصدر نفسه‪( ،‬ص‪.)731‬‬
‫‪157‬‬

‫أسبابه(‪ ،)1‬أكان صاحبه قد اعتنق مبادئ الدعوة السلفية(‪ ،)2‬وصار من أتباع‬


‫ً‬
‫أمواال إلغرائه باالنضمام إليهم‪ ،‬أم أن موقفه ذاك‬ ‫عقيدهتم‪ ،‬أم أهنم دفعوا له‬
‫علما بأن بعض البطون البدوية‬
‫كان إعًلنًا عن معارضته لسلطة المكرمي‪ً ،‬‬
‫كانت قد دخلت ضمن أنصار الدعوة السلفية‪ ،‬وهم ذاهتم َمن أرسل إليهم‬
‫سعود رسالة يف عام‪1229( :‬هـ‪1814 /‬م)‪ ،‬وأرسل لقبض الزكاة منهم يف عام‬
‫(‪1229‬هـ‪1814 /‬م»(‪.)3‬‬

‫الوهاب رحمه اهلل‪ ،‬وأنه‬


‫(‪ )1‬األسباب هي‪ :‬معرفة عقيدة السلف الصالح ومعرفة منهج محمد بن عبد َّ‬
‫على منهج كتاب اهلل وسنة رسوله صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬فاتبعه هو وكثير من قومه‪ ،‬وأكرب شاهد على‬
‫ذلك‪ ،‬أنه ما زال من قبيلة الصقور اليوم أعداد ال يستهان هبا على مذهب أهل السنة والجماعة ‪ ،‬وهلل‬
‫الحمد‪.‬‬
‫(‪ )2‬السلفية‪ :‬هي حركة هتدف إلى االلتزام بما جاء به السلف الصالح ‪-‬الرسول صلى اهلل عليه وسلم‬
‫وصحابته رضي اهلل عنهم‪ -‬وما نقل عنهم يف صحاح كتب الحديث‪ ،‬من أقوال وأفعال‪ ،‬ونبذ ما‬
‫سوى ذلك‪.‬‬
‫(‪ )3‬من كتاب إسماعيلية اليمن السليمانية‪ ،‬تأليف‪ :‬حمود زايد نوفل‪( ،‬ص‪ ،)218‬وكتاب ابن بشر‪:‬‬
‫عنوان المجد يف تاريخ نجد‪ ،)354/1( ،‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬نجران تاريخ وإنسان‪ ،‬تأليف‪ :‬محمد‬
‫طحنون‪( ،‬ص‪ ،)142‬وكتاب‪ :‬نجران األرض والناس والتاريخ‪ ،‬سيد الماحي‪( ،‬ص‪.)27‬‬
‫‪158‬‬

‫درب سالم بن حسين آل مشري الصقور‪ ،‬وتظهر خلفه هضبة مشري‪ ،‬وهو اسمها إلى اليوم‪.‬‬

‫[حوادث سنة ‪1223‬هـ‪1808/‬م]‬


‫يام تغزو فج حرض‪:‬‬
‫ويف يوم الخميس ثالث شهر ذي الحجة‪ ،‬وصلت قبائل يام إلى فج‬
‫َح َرض لمطالب لهم عند حمود‪ ،‬فأرسل عليهم علي بن حيدر وحسن بن خالد‬
‫أميرين يف الفاف من قبائل هتامة والجبال‪ ،‬فلما دنت يام من بجيلة(‪َّ ،)1‬فرت‬
‫عساكر حمود إلى الزهراء(‪ ،)2‬فسارت يام على أثرهم‪ ،‬وكبيرها جابر بن مانع‪،‬‬

‫(‪ )1‬بجيلة‪ :‬قرية كبيرة يف جنوب الزُّ هرة‪ ،‬ويقع شمالها‪ :‬مجرى وادي مور‪.‬‬
‫(‪ )2‬الزهراء‪ :‬تسمى اآلن‪ :‬الزهرة على اسم الكوكب المعروف‪ ،‬مدينة يف وادي مور‪ ،‬اختطها الشريف‬
‫حمود سنة ‪1220‬هـ‪ ،‬ويرجح بعضهم‪ :‬أهنا أقدم من ذلك‪ ،‬وهي على بُعد ‪ 40‬كلم شرق اللحية من‬
‫هتامة اليمن‪.‬‬
‫‪159‬‬

‫ٍ‬
‫لموجود عثرةً‪ ،‬فراسلهم‬ ‫وانتهى سيرهم إلى الوعضات(‪ ،)1‬فنزلوا هبا ال ُيقيلون‬
‫حمود بعد ذلك وبعث لهم بمال‪ ،‬فبتُّوا القول معه على تسليم ثًلثين أل ًفا‬
‫فرانصة‪ ،‬فرضي‪ ،‬وجاءه خط من سالم بن جبعان وأوالد نصيب‪ ،‬وأبى جابر‬
‫بن مانع من ذلك‪ ،‬وقالوا له‪ :‬يا جابر‪ ،‬ال بد أن توافقنا على المصلحة‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫امضوا إليه لقبضها‪ ،‬وأما أنا فًل أبرح حتى أقيم أمر الدين‪ ،‬فإين غير راغب يف‬
‫دينه الجديد‪ ،‬ولي إمام بصنعاء ال أحيد عن مواالته‪ ،‬فسار ابن جبعان وأوالد‬
‫نصيب إلى حمود يف جم ٍع من قومهم على رأي جابر بن مانع‪ ،‬فظهر لحمود‬
‫خديعتهم له‪ ،‬فأبى من تسليم ذلك والصلح معهم حتى يأيت جابر بن مانع‪،‬‬
‫فخرجوا عن مقامه وهم على رأي جابر(‪.)2‬‬
‫[حوادث سنة ‪1225‬هـ‪1810/‬م]‬
‫الشريف حمود يرسل قبيلة يام لحرب الزرانيق‪:‬‬
‫«ولما كان سنة ‪1225‬هـ‪َ ،‬قدم الشريف حمود بن محمد يام على‬
‫الزرانيق ‪ ،‬وحصلت الحرب بينهما‪ ،‬فلما ُغلِ َ‬
‫(‪)3‬‬
‫ب َشي ُخهم الهبة علي‪ ،‬أحرق‬

‫(‪ )1‬ديار الواعظات يف وادي مور‪.‬‬


‫(‪ )2‬المرجع‪ :‬كتاب‪ُ :‬درر نحور الحور العين‪ ،‬تأليف‪ :‬لطف اهلل بن أحمد جحاف‪( ،‬ص‪،)752 ،751‬‬
‫وكتاب‪ :‬نجران‪ ...‬تاريخ وإنسان‪ ،‬محمد بن طحنون آل دغرير‪( ،‬ص‪.)147‬‬
‫(‪ )3‬الزرانيق‪ :‬من أشهر قبائل هتامة‪ ،‬ونسبهم يف األشاعرة‪ ،‬وهم يف األصل‪ :‬قبائل المعازبة الوارد ذكرهم‬
‫يف تاريخ بني رسول وغيرهم‪ .‬ومساكنهم ما بين وادي ِر َمح ووادي ذؤال وما بين البحر األحمر‬
‫وجبال ريمة‪ ،‬وأهم قراهم بيت الفقيه (الحجري ‪.)394/2‬‬
‫‪160‬‬

‫الجبخانة(‪ )1‬على أوالده و َمن يف القلعة‪ ،‬وخرج وقتل‪َ ،‬حسبِي اهلل من هذه‬
‫المظالم‪ ،‬فًل رحمه اهلل‪ ،‬آمين‪ ،‬وراحت جملة من يام‪ ،‬وصارت العداوة من‬
‫ذلك الحين بينهما إلى حال التاريخ‪ ،‬واهلل أعلم»(‪.)2‬‬
‫‪ 37‬ـ الداعي يوسف بن علي بن هبة اهلل بن إبراهيم بن محمد بن الفهد‬
‫المكرمي‪ ،‬تولى رئاسة المذهب اإلسماعيلي يف (‪ 17‬ذو القعدة ‪1225‬هـ‪14 /‬‬
‫ديسمرب ‪1810‬م)‪ ،‬وتويف يف‪ 9( :‬رجب ‪1234‬هـ‪ 4 /‬مايو ‪1819‬م)‪ ،‬ودفن يف‪:‬‬
‫(صوابة بدر)‪ .‬كان قد بدأ ممارسة نشاطه عند أخيه عبد اهلل بن علي؛ لكرب سنه‪،‬‬
‫وعدم قدرته على الخروج يف الكثير من الغزوات التي قاموا هبا‪ ،‬وكان له‬
‫حروبه يف هتامة‪ ،‬كما أرسل قبائل يام يف عام‪1232( :‬هـ) لمساندة أرحب عند‬
‫حرهبم مع إمام صنعاء(‪.)3‬‬
‫يقول صاحب كتاب «نجران» محمد أبو ساق‪« :‬تشير بعض المصادر‬
‫إلى أن الياميين توغلوا يف أرض اليمن‪ ،‬وأخضعوا مناطق بداخلها لحكمهم‪،‬‬

‫الجبَخَ انة‪ :‬مخزن مواد الحرب من بارود وقنابل وسًلح‪ ،‬وهي كلمة (تركية)‪.‬‬
‫(‪َ )1‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬حوليات النُّعمي التهامية‪ ،‬تحقيق ودراسة‪ :‬الدكتور‪ :‬حسين بن عبداهلل العمري‪،‬‬
‫(ص‪.)46‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬البيان يف تاريخ جازان وعسير ونجران‪ ،‬تأليف‪ :‬عبد الواحد راغب دالل‪( ،‬ص‪،)75/2‬‬
‫وكتاب‪ :‬يف بًلد عسير‪ ،‬فؤاد حمز‪( ،‬ص‪ ،)175‬وكتاب‪ :‬نجران األرض والناس والتاريخ تأليف‪:‬‬
‫السيد الماحي‪( ،‬ص‪ ،)29 ،28‬وصحيفة الصًلة اإلسماعيلية‪ ،‬لمؤلفها‪ :‬المنصوب سيد نصر اهلل‪،‬‬
‫(ص‪ ،)687‬المطبوع يف حيدر آباد‪ ،‬سنة (‪1390‬هـ)‪ ،‬وكتاب‪ :‬مرتفعات الجزيرة العربية‪،‬‬
‫(ص‪ ،)686/2‬هاري سانت جون فيلبي‪ ،‬مكتبة العبيكان‪.‬‬
‫‪161‬‬

‫عام (‪1229‬هـ) كمنطقة صعفان غربي مسار‪ ،‬من أعمال (مناخة)(‪ ،)1‬ونصبوا‬
‫عليها أمراء وجنو ًدا من أهل نجران‪ ،‬وذلك يف وقت (يوسف بن علي بن هبة‬
‫اهلل المكرمي)‪ ،‬الذي و َّلى عليها ابن أخيه (الحسين بن الحسين بن علي‬
‫واستمرتا‬
‫َّ‬ ‫المكرمي)‪ ،‬كما أخضعوا منطقتي (حراز) و(الحيمة) غربي صنعاء‪،‬‬
‫يف يدهم إلى ما بعد عام (‪1268‬هـ)»(‪ ،)2‬وقد كان موال ًيا لألتراك‪ ،‬وتحت‬
‫أمرهم‪ ،‬وله مكاتبات ومراسًلت معهم‪ ،‬ويف إحدى الوثائق(‪ )3‬يقولون عنه‪:‬‬
‫«حيث إن سيد يوسف بن علي‪ ،‬من السادات الكرام‪ ،‬وأمير نجران‪ ،‬أظهر‬
‫حميته اإلسًلمية‪ ،‬وطاعته إلى الذات الشاهانية‪ ،‬بمكاتباته ومراسًلته‬
‫الدائمة»‪ ،‬وهو يلتقي مع حسن بن هبة اهلل صاحب «الحائر» يف هبة اهلل بن‬

‫(‪ )1‬مناخة‪ :‬متوسطة على الطريق بين الحديدة وصنعاء‪ ،‬وهي مثل جبل حراز يف ذرى جبال منيعة جدًّ ا‬
‫بين الساحل يف الغرب وبين صنعاء يف الشرق‪ ،‬وللدعاة منازل ضخمة البناء ذات طبقات متعددة‬
‫مقامة يف مواضع منيعة‪ ،‬وعليها أبراج متينة للدفاع عنها‪ .‬من مذكرات سليمان شفيق كمال باشا‪،‬‬
‫الحلقة الثالثة والعشرون‪ ،‬د‪ .‬عبداهلل بن سالم بن موسى القحطاين‪1413 ،‬هـ‪1992/‬م‪( ،‬ص‪،280‬‬
‫‪.)281‬‬
‫نقًل عن كتاب «البيان يف تاريخ جازان‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬نجران‪ ،‬تأليف‪ :‬محمد أبو ساق‪( ،‬ص‪ً ،)202‬‬
‫وعسيرونجران»‪ ،‬لعبد الواحد محمد راغب دالل‪.)75/2( ،‬‬
‫(‪ )3‬وثيقة رقـم (‪ ،)9‬مصدر الوثيقة‪ :‬الوثائق القومية ‪ -‬القاهرة‪ .‬وحدة حفظها‪ :‬بحر برا‪ .‬رقمها يف وحدة‬
‫الحفظ‪ ،)117( :‬تاريخها‪ 27 :‬رجب ‪1232‬هـ‪12/‬يونيه ‪1817‬م‪ ،‬موضوعها‪ :‬االستيًلء على‬
‫هتامة‪ ،‬حتى هناية (بيشة)‪.‬‬
‫‪162‬‬

‫إبراهيم(‪.)1‬‬
‫‪ 38‬ـ الداعي الحسين بن الحسين بن علي بن هبة اهلل بن إبراهيم بن‬
‫محمد المكرمي‪ ،‬تولى رئاسة المذهب اإلسماعيلي يف‪ 9( :‬رجب ‪1234‬هـ‪/‬‬
‫‪ 4‬مايو‪1819‬م)‪ ،‬وتويف يف (‪ 9‬رجب ‪1241‬هـ‪ 17/‬فرباير ‪1826‬م)‪ ،‬ودفن يف‪:‬‬
‫عمه يوسف‪ ،‬وهو َمن سار بقبائل يام إلى‬
‫(صعفان حراز)‪ .‬تولى الدعوة بعد ِّ‬
‫أرحب للحرب معهم ضد اإلمام‪ ،‬وقد نال ثقة قبائل عسير حتى إهنم طلبوا مع‬
‫أهل نجران من محمد علي باشا(‪ )2‬توليته على عسير(‪ً )3‬‬
‫بدال عن شريف مكة‬
‫محمد بن عون(‪ ،)4‬وكان له حروب يف هتامة‪ ،‬وقد مات يف آخر خروجٍ له يف‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬من وثائق تاريخ شبه الجزيرة العربية يف العصر الحديث‪ ،‬المجلد الثاين‪ ،‬من وثائق‬
‫الدولة السعودية األولى يف عصر محمد علي‪1234 - 1222 ،‬هـ‪1819 - 1807/‬م‪( ،‬ص‪.)585‬‬
‫(‪ )2‬محمد علي باشا‪ُ :‬ولد يف مدينة قولة من بًلد مقدونية‪ ،‬وذلك سنة ‪1182‬هـ‪1769/‬م‪ ،‬تويف والده‬
‫وهو صغير‪ ،‬فربَّاه عم له‪ ،‬عمل يف بداية حياته بتجارة الدخان‪ ،‬ثم جاء مع جنود الدولة العثمانية‬
‫ثم واليًا لمصر بعد ما اكتسب ثقة السلطان‬
‫الذين قدموا لمحاربة الفرنسيين‪ ،‬وعين قائد فرقة‪َّ ،‬‬
‫العثماين‪ ،‬تويف بالقاهرة يف ‪13‬رمضان سنة ‪1265‬هـ‪/‬الثاين من أغسطس سنة ‪1849‬م‪ ،‬و ُدفن يف‬
‫الجامع الذي بناه يف قلعة صًلح الدين األيوبي بالقاهرة‪.‬عائض بن خزام الروقي‪ :‬حروب محمد‬
‫علي يف الشام وأثرها يف شبه الجزيرة العربية‪ ،‬جامعة أم القرى‪1419 ،‬هـ‪( ،‬ص‪.)15‬‬
‫(‪ )3‬المصدر‪ :‬دار الوثائق القومية ‪ -‬القاهرة‪ .‬وحدة حفظها‪ :‬دفرت رقم (‪ )10‬معية تركي‪ .‬رقمها يف وحدة‬
‫الحفظ‪ .)368( :‬تاريخها‪23 :‬ذي الحجة ‪1237‬هـ‪10/‬سبتمرب ‪1822‬م‪ .‬موضوعها‪ :‬أمر صادر‬
‫إلى‪ :‬محافظ مكة المكرمة‪ .‬وثيقة رقم (‪( ،)6‬ص‪.)180‬‬
‫(‪ )4‬محمد بن عبد المعين بن عون تولى أمارة الحجاز من عام ‪1243‬هـ إلى أن تويف عام ‪1274‬هـ‪ ،‬وقد‬
‫وطد األمر له وآلل عون يف الحجاز بعد قيامه بمعارك وغزوات عديدة تخللتها فرتات انقطاع يعود‬
‫األمر فيها إلى بعض األمراء من آل زيد بموجب التكاليف السلطانية‪.‬‬
‫‪163‬‬

‫تلك الحروب‪ ،‬ونقل إلى صعفان حراز؛ لقرهبا منهم‪ .‬ويلتقي مع حسن بن هبة‬
‫اهلل صاحب الحائر يف هبة اهلل بن إبراهيم بن محمد(‪.)1‬‬
‫[حوادث سنة ‪1235‬هـ‪1820/‬م]‬
‫خروج يام إلى بندر ال ُّلحية‪:‬‬
‫«وفيها‪ :‬خرجت يام [اإلسماعيلية]‪ ،‬وانتهبوا بندر ال ُّلحية‪ ،‬وهربوا أهلها‬
‫وبحرا‪ ،‬وذهبت فيها [أموال] ال تعدُّ ‪ ،‬وأفقروا أهلها وأضعفوهم‪ ،‬وجعلها‬
‫ً‬ ‫َب ًّرا‬
‫اإلمام إلى الشيخ أحمد الكلفوت»(‪.)2‬‬
‫وثيقة رقم (‪:)2‬‬
‫«‪ ...‬ورد بعد عدة أيام إلى مكة لطرف عبدكم َه َذا‪ ،‬رجل من (أبي‬
‫عريش)‪ ،‬وأفاد أنَّه نزل مقدار أربعة آالف من العساكر‪ ،‬من (قبيلة يام)‪ ،‬يف‬
‫جهات (أبي عريش)‪ ،‬وأخذوا يطالبون بعوائدهم القديمة بإلحاحٍ ‪ ،‬وبدأوا‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬عبد الرحيم محمد علي‪( ،‬ص‪ ،)54 -53‬وكتاب إسماعيلية اليمن السليمانية‪ ،‬حمود زايد‬
‫نوفل‪( ،‬ص‪ ،)230،90‬وكتاب يف بًلد عسير‪ ،‬فؤاد حمز‪( ،‬ص‪ ،)175‬وصحيفة الصًلة‬
‫اإلسماعيلية‪ ،‬لمؤلفها‪ :‬المنصوب سيد نصر اهلل‪( ،‬ص‪ ،)687‬المطبوع يف حيدر آباد‪ ،‬سنة‬
‫(‪1390‬هـ)‪ ،‬وكتاب‪ :‬نجران األرض والناس والتاريخ‪ ،‬السيد الماحي‪( ،‬ص‪ ،)29 ،28‬وكتاب‪:‬‬
‫نقًل عن كتاب‪« :‬البيان يف تاريخ جازان وعسير‬
‫نجران‪ ،‬تأليف‪ :‬محمد أبو ساق‪( ،‬ص‪ً ،)202‬‬
‫ونجران»‪ ،‬لعبد الواحد محمد راغب دالل‪.)75/2( ،‬‬
‫(‪ )2‬المصدر‪ :‬كتاب حوليات يمانية‪ ،‬تحقيق ودراسة‪ :‬عبداهلل بن محمد الحبشي‪( ،‬ص‪.)39‬‬
‫‪164‬‬

‫ينهبون القرى المتصرفة وساروا‪ ،‬نحو (لحية)‪ ،‬و(حديدة)‪.)1(»...‬‬


‫[حوادث سنة ‪1237‬هـ‪1822/‬م]‬
‫خروج يام لمدينة زبيد‪:‬‬
‫«لم َتسلم هتامة خًلل الفرتة من هجمات قبائل يام‪ ،‬وبخاصة عندما كان‬
‫العمال من الضعفاء‪ .‬فمن ذلك هجومها يف ذي القعدة ‪1237‬هـ‪/‬أغسطس‬
‫‪1822‬م بقيادة حسن المكرمي(‪ )2‬على مدينة زبيد‪ ،‬ف ُنهب كل ما يملكه أهلها‬
‫ٍ‬
‫ورخيص‪ ،‬وكان عاملها فتح اهلل عبد المهدي»(‪.)3‬‬ ‫من ٍ‬
‫غال‬
‫ويقول صاحب «حوليات النعمي التهامية»‪« :‬ولما كان يوم الخميس‬
‫على خمسة عشر يف شهر القعدة الحرام سنة ‪1237‬هـ‪ ،‬دخلوا (يام) مدينة زبيد‬
‫المحمية باهلل تعالى‪ ،‬وفيها يومئذ فتح اهلل عبد المهدي‪ ،‬وعليهم يومئذ مقدم ًّيا‬
‫حسن المكرمي‪ ،‬وكان دخولهم ما بين باب ال ُقر ُتب وباب النخل‪ ،‬وأخذوا‬
‫جميع ما فيها من المال والذهب والفضة‪ ،‬وجميع ذلك مما ال يحصى‪ ،‬وال‬

‫(‪ )1‬المصدر‪ :‬دار الوثائق القومية ‪ -‬القاهرة‪ .‬وحدة حفظها‪ :‬محفظة (‪ )7‬بحر برا‪ .‬رقمها يف وحدة‬
‫الحفظ‪ .)209( :‬تاريخها‪16 :‬جماد اآلخرة ‪1235‬هـ‪31/‬مارس ‪1820‬م‪ .‬موضوعها‪ :‬إلى موطئ‬
‫أقدام حضرة صاحب الدولة والرأفة والمرحمة موالي ولي النعم طال بقاؤه وثيقة رقم (‪،)6‬‬
‫(ص‪.)180‬‬
‫(‪ )2‬هو‪ :‬الداعي الحسن بن محمد بن حسن بن هبة اهلل المكرمي‪ ،‬راجع ترجمته يف (ص‪ )180‬من هذا‬
‫الكتاب‪.‬‬
‫(‪ )3‬المرجع‪ :‬كتاب‪ :‬مائة عام من تاريخ اليمن‪ ،‬الدكتور‪ :‬حسين بن عبداهلل العمري‪( ،‬ص‪،)233‬‬
‫وكتاب‪ :‬نجران تاريخ وإنسان‪ ،‬محمد طحنون آل دغرير‪( ،‬ص‪.)151‬‬
‫‪165‬‬

‫ٍ‬
‫بمقياس‪ ...‬إلخ»(‪.)1‬‬ ‫يعد‪ ،‬وال يقاس‬
‫[حوادث سنة ‪1238‬هـ‪1823/‬م]‬
‫العجمان تستنجد بإخوانهم يام يف معركة الرضيمة(‪:)2‬‬
‫معركة الرضيمة‪ ،‬عام (‪1238‬هـ‪1823/‬م)‪ ،‬كانت بين العجمان وبين‬
‫ٍ‬
‫أشهر يف موقع يسمى الرضيمة‪،‬‬ ‫ابن عريعر ونوخ العجمان البن عريعر ثًلثة‬
‫شماال من الرياض‪ ،‬وأسباب ذلك(‪ )3‬أن ابن عريعر ذبح عشرين من آل‬
‫ً‬ ‫تقع‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬حوليات النعمي التهامية‪ ،‬الدكتور‪ :‬حسين بن عبداهلل العمري‪( ،‬ص‪ ،)76‬وكانت‬
‫مشاركته بتاريخ‪1237/1/15( :‬هـ‪1822/‬م)‪.‬‬
‫(‪ )2‬الرضيمة‪ :‬موضع معروف يف هضبة العرمة‪ ،‬تقع شمال الرياض‪ ،‬ويقول صاحب كتاب قاموس‬
‫البادية‪ ،‬شاهر بن محسن المطيري‪( ،‬ص‪ )322‬يف تعريف موقعها‪« :‬تقع شمال شعيب (وادي)‬
‫الشوكي تجاور النفوذ من الغرب يف مضارب قبيلة سبيع»‪.‬‬
‫(‪ )3‬يقول صاحب كتاب قاموس البادية‪ ،‬شاهر بن محسن المطيري‪( ،‬ص‪« :)324 ،323‬إن أسباب‬
‫حرم على الناس بيض الحبارى‪ ،‬ويف هذه األثناء جاء عشرة‬
‫معركة الرضيمة هي‪ :‬أن ماجد بن عريعر َّ‬
‫من قبيلة العجمان يف ٍ‬
‫سفرة عابرة‪ ،‬ومعهم من ال ينتمي إلى قبيلتهم‪ ،‬وآثروا تناول بيض الحبارى‬
‫حين وجدوه وتابعوا طريقهم‪ .‬وشاء اهلل إن مروا الشيخ ماجد بن عريعر وباتوا عنده تلك الليلة‪،‬‬
‫سرا ماجد بن عريعر عما فعله رفاق الدرب وحتى تخشى‬
‫وغلب على مرافقهم طبعه السيئ وأخرب ًّ‬
‫الناس سطوته وتأخذ تحذيره على محمل الجدِّ قتل التسعة‪ ،‬ولم يشد وثاق العاشر حتى يمكنه من‬
‫الهرب وذلك النتشار الخرب يف اإلرجاء‪ ،‬وقال أحدهم بعد قتل التسعة‪ :‬ركبن من العجمان ر ّبي‬
‫رماهم مثل الجلب ص ّكوا عليه القصاصيب‪ ،‬وانتظرت قبيلة العجمان ألخذ الثأر وجاءت الفرصة‬
‫سانحة عندما تفرغت قبيلة مطير من حرب أبانات ثم العمار والمربع‪ ،‬وتقدمت لطلب المساعدة‬
‫أيضا‪ :‬إن‬
‫وتم ذلك‪ ،‬ويقال‪ :‬إن شيخ قبيلة العجمان يف تلك الفرتة هو جريس بن جلبان الذي يقال ً‬
‫قائًل قصيدته‪:‬‬
‫ماجد بن عريعر سجنه قبل هذا واستنجد يف (العوباء) زوجة ماجد بن عريعر ً‬
‫=‬
‫‪166‬‬

‫ٍ‬
‫واحد منهم‪ ،‬وقال له‪ :‬اذهب‬ ‫ٍ‬
‫سبب‪ ،‬وأبقى على حياة‬ ‫شامر من العجمان بدون‬
‫إلى قومك‪ ،‬وأبلغهم بذلك‪ ،‬فلما علم العجمان بذلك‪ ،‬قرروا المقاطعة معه‪،‬‬
‫شخصا يحشون للخيل‪،‬‬
‫ً‬ ‫وبعد ذلك سنحت لهم الفرصة‪ ،‬وعثروا على سبعين‬
‫ومعهم حماية من الفرسان والخيل يقال لهم‪ :‬الجنب‪ ،‬فشنوا عليهم العجمان‬
‫ٍ‬
‫شخص‪ ،‬وأرسلوه ليرد الخرب إلى ابن عريعر‪،‬‬ ‫غار ًة قتلوهم‪ ،‬وأبقوا على حياة‬
‫وبعد ذلك حدثت الحروب بينهم‪ ،‬وحدث ما حدث من أمرهم‪ ،‬وكان ابن‬
‫حاكما لجميع القبائل‪ ،‬والعجمان طلبوا النجدة من‬
‫ً‬ ‫عريعر يف ذلك الوقت‬
‫الدويش‪ ،‬وكان باألرطاوية‪ ،‬فشرط الدويش على العجمان بأن يعطوه الطوال‪،‬‬

‫من واهج يف الصـــــــدر له زفير‬ ‫= تكفون يا ظفــــــــــران ودي نغنـــي‬


‫ما كني إال واقــــــــع كســــــــــير‬ ‫شهرين ساهر ماهنيـــــــــــت بنومي‬
‫مكان كره وللرجــــــــال خطيــر‬ ‫يف مقعد ما جــــــــــــاين إال محمـــد‬
‫رب كريـــــــــم وعـــــــــالي قدير‬ ‫وأنا برجــــــــــــو واحـــــــــد ما غيره‬
‫وسجن بًل ما جوب كيف يصير‬ ‫يفرج على المسجون من غير واجب‬
‫أنا سرتكن يوم الغداف تطيــــــــر‬ ‫تكفن يالخفرات ما تطلقنــــــــــــــــي‬
‫بنت الشيوخ وزوجة األميـــــــــر‬ ‫وين الذي يتعب على والديهـــــــــــا‬
‫ولهـــــــــــــــا وجاه كامل وتقدير‬ ‫مهره أصيلة من مراكب حاكـــــــــــم‬
‫وأرجي من اهلل يأيت البشيـــــــــــر‬ ‫وأنا بما يقسم من الشيــــــــخ راضي‬
‫على نبي ألمته نذيـــــــــــــــــــــــر‬ ‫وصًلة ربي عد ما َّ‬
‫هل المطـــــــــــر‬
‫ابن فردوس‪( ،‬ص‪.)191‬‬
‫‪167‬‬

‫وهي اللهابة والقرعا واللصافة(‪ ،)1‬وطلب الودايع‪ ،‬وهي الشرف إبل ابن عريعر‬
‫أيضا طلب فلو العمود‪ ،‬وأعطوه ما أراد‪ ،‬وهم قصدهم ليس الطمع‪،‬‬
‫الخاصة‪ً ،‬‬
‫بل القضاء على ابن عريعر وحكمه‪ ،‬واحتموا بالسهول‪ ،‬وأرسلوا إلى الدواسر‪،‬‬
‫وطلب ابن قويد على العجمان الريشة المعروفة ببيت ابن عريعر بالظلة(‪،)2‬‬

‫وأعطوه ما أراد‪ ،‬واستمرت الحرب‪ ،‬ولكنهم لم يقدروا على ابن عريعر‪،‬‬


‫ٍ‬
‫برسول يستنجد بقبائل نجران‪ ،‬وهي مذكر ويام(‪،)3‬‬ ‫فأرسل العجمان‬
‫وتم لهم النصر بحضورهم‪ ،‬ومن القبائل التي معه قبيلة سبيع‪،‬‬
‫وحضروا‪َّ ،‬‬
‫وأميرهم مسلم بن مجفل‪ ،‬والمستشار له سلطان األدغم‪ ،‬ويوجد شخص‬
‫ي دعى ابن نوال وهو رجل طيب‪ ،‬وفارس مشهور‪ ،‬وأحب أن يشير على ابن‬
‫مجفل أن ينفصل عن ابن عريعر‪ ،‬ويذهبون إلى ديارهم يف الجنوب‪ ،‬وأتاهم يف‬
‫نصف الليل على جواده والناس نيام‪ ،‬ونادى مسلم بن مجفل على الدالل‪،‬‬

‫(‪ )1‬هذه مناهل للمياه يف الصمان‪ ،‬كانت تحت نفوذ ابن عريعر‪ ،‬ثم صارت مل ًكا لقبيلة مطير بعد‬
‫اشرتاكهم يف مناخ الرضيمة‪ ،‬وقد اشرتطت على العجمان أن تكون لها يف حالة سقوط ابن عريعر‪.‬‬
‫انظر‪ :‬كتاب‪ :‬صفة جزيرة العرب للهمداين‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد بن عبداهلل بن بليهد النجدي‪( ،‬ص‪،378‬‬
‫‪ ،)379‬طبعة ‪1953‬م‪ ،‬مطبعة السعادة مصر‪ ،‬ويقول صاحب كتاب‪« :‬ما تقارب سماعه وتباينت‬
‫أمكنته وبقاعه» تأليف‪ :‬محمد بن عبداهلل بليهد‪ ،‬تحقيق‪ :‬أ‪.‬د‪ .‬محمد بن سعد بن حسين‪،‬‬
‫(ص‪« :)143‬وهي أربعة مناهل جنوبيها اللهابة ثم القرعاء ثم اللصافة‪ ...‬إلخ»‪.‬‬
‫(‪ )2‬وهي راية األمير ابن عريعر‪.‬‬
‫(‪ )3‬وقد شارك يف معركة الرضيمة‪( :‬آل مرة ومذكر وقبائل الوعلة)‪ ،‬راجع‪ :‬كتاب‪ :‬الدرة يف أخبار قبيلة آل مرة‪،‬‬
‫تأليف‪ :‬محمد بن راشد بن علي آل عذبة المري‪( ،‬ص‪ ،)102‬وكتاب‪ :‬ديوان بن فردوس‪( ،‬ص‪.)275‬‬
‫‪168‬‬

‫فل َّباه وحضر له‪ ،‬وقال‪ :‬ما تريد يا ابن نوال؟ فقال له‪ :‬عندي لك رأي‪ ،‬فماذا‬
‫تقول؟ فإن هذا ابن عريعر‪ ،‬وقد جمع الناس جميعهم‪ ،‬وهؤالء العجمان‬
‫استنجدوا ببعض القبائل‪ ،‬وأرسلوا إلى أهل الجنوب‪ ،‬ونحن أصبحنا بينهم‪،‬‬
‫جراء‬
‫وسلبت نساؤنا‪ ،‬فما هو صًلحنا من َّ‬
‫وذبحت رجالنا‪ ،‬وأخذت أموالنا‪ُ ،‬‬
‫ذلك‪ ،‬فالرأي أن نذهب إلى ديارنا‪ ،‬ونرتك تلك الحرب الطاحنة‪ ،‬فقام شخص‬
‫نائم يف البيت لم ُيع َلم عنه‪ ،‬وهو سلطان األدغم‪ ،‬فقال‪ :‬أنت ابن نوال؟ فقال له‪:‬‬
‫نعم‪ ،‬هو ذاك‪ .‬قال‪ :‬هل هذا هو الرأي الذي عندك؟ فقال‪ :‬نعم‪ .‬قال‪ :‬أنت مكفي‬
‫من ذلك‪ ،‬ولوال حشمة صاحب البيت ألهنتك إهان ًة تنزل بقدرك‪ ،‬فقال‪ :‬أرجو‬
‫المعذرة إذا لم يصلح هذا الرأي‪ ،‬فركب جواده‪ ،‬ورجع من حيث أتى‪ ،‬فجاءت‬
‫األفزاع عن نجران صابغين جميع الخيل بالنيل األسود‪ ،‬فرجعت خيل ابن‬
‫عريعر مهزومةً‪ ،‬فسألهم‪ :‬ماذا حصل لكم ذلك اليوم؟ فقالوا‪ :‬لقد أتانا قوم‬
‫كف‪،‬‬
‫بكف على ٍّ‬
‫خيلهم سود‪ ،‬ويرتدون المًلبس السوداء‪ ،‬وهم غرباء‪ ،‬فصفق ٍّ‬
‫فقالوا‪ :‬ما بك أيها األمير؟ فقال‪ :‬لقد جاء أهل نجران‪ ،‬ويف الصباح سارت‬
‫الجموع عليهم‪ ،‬وهجمت على ابن عريعر هجو ًما هزم فيه جنود ابن عريعر‪،‬‬
‫وذبح سلطان األدغم‪ ،‬وعدد من فرسان سبيع‪ ،‬ولما صفوا سبيع لحالهم‪،‬‬
‫اجتمعوا إلى أميرهم مسلم بن مجفل‪ ،‬فأتاهم ابن نوال على جواده‪ ،‬فقال له‬
‫األمير مسلم‪ :‬تفضل يا ابن نوال‪ ،‬وأسمعنا ما عندك من القصائد‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫سأسمعكم هذه األبيات‪:‬‬
‫‪169‬‬

‫ٍ‬
‫غرس تسقى بماهـا‬ ‫وال حدّ كم‬ ‫و َّلوا سبـيـــع التمــر ما حدكم لــــوم‬
‫والـلي ورا نجران قاده سنـاهـا‬ ‫طحتوا ٍ‬
‫بنار صلــوها يطرح الحــــوم‬
‫وعيونكم بالشب ز َّيــن دواهــا‬ ‫يذوب على الصوم‬
‫مشروبكم شري َّ‬
‫ودور لسيات الخطر لين جاها‬ ‫أشقر يدور الحـــرب كـنـه من الروم‬
‫فصفق دالله ابن مجفل‪ ،‬ونثرها على الضوء‪ ،‬وقال‪ :‬ال عادت جيتك لنا‬
‫يا ابن نوال‪ ،‬لقد أردنا أن تسلينا‪ ،‬فجمعت علينا همومنا(‪.)1‬‬
‫ويقول صاحب كتاب «تحفة المستفيد بتاريخ األحساء يف القديم‬
‫ٍ‬
‫ثمان‬ ‫والجديد» لمحمد بن عبداهلل آل عبد القادر يقول‪« :‬يف رجب من سنة‬
‫ٍ‬
‫وألف خرج ماجد بن عريعر‪ ،‬ومعه بنو خالد‪ ،‬وجماعة من‬ ‫وثًلثين ومائتين‬
‫عنزة ‪-‬رئيسهم مغيليث بن هذال وجماعة من قبيلة سبيع‪ -‬وقصد فيصل‬
‫الدويش وقبيلة العجمان‪ ،‬والتقى الجمعان يف «الرضيمة»‪ ،‬فاقتتلوا ً‬
‫قتاال‬
‫شديدً ا‪ ،‬ثم وقعت الهزيمة على ماجد بن عريعر‪ ،‬ومن معه‪ ،‬وتركوا جميع ما‬
‫وممن ُقتِ َل ذلك اليوم‪ :‬مغيليث بن هذال‪ ،‬وقتل‬
‫معهم من األموال والذخائر‪َّ ،‬‬
‫من قبيلة مطير حباب بن قحيصان‪ ،‬وكان من الرجال الدهاة المقربين لدى‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬العجمان وزعيمهم راكان بن حثلين ألبي عبدالرحمن بن عقيل الظاهري (ص‪- 55‬‬
‫‪ ،) 57‬وكتاب‪ :‬تاريخ قبيلة العجمان‪ ،‬دراسة وثائقية‪ ،‬تأليف‪ :‬د‪ .‬سلطان بن خالد بن حثلين‪ ،‬ود‪.‬‬
‫زكريا كورشون‪( ،‬ص‪.)46 ،45‬‬
‫‪170‬‬

‫اإلمام سعود بن عبد العزيز»(‪.)1‬‬


‫هذه قصيدة عبالن المصراين العجمي يف دعوة قبائل يام يف الرضيمة(‪:)2‬‬
‫أال يا سعد دنوا معاويد ضــمـــر عيرات من حدب الظهور النجايب‬
‫سود المدامع من ُعمان منـتـبـــه ما وقفت فـي كـل ســـوق جــًليب‬
‫روحت بكم سفن مع الـغـبـــة قفتها هــبــــايــــب‬
‫كنها مع الفرجة ليا َ‬
‫وإال كما ريم مع الجو هـــــرب قد حققت شوف العرب بالحبـايب‬
‫من فوقها اللي ما يهيبون فرجـه فهود الزراج وبايــقــيـــن الــزرايـب‬
‫مصاقيل جم ومعاويد غـــــــربه مناعير ال شبــت ضــوي لـــهـــايب‬
‫(‪)3‬‬
‫نص الركايب ُغلمة زايديـــــــــة يا نعم من تلفى عليه الركــايـــب‬
‫ضوي الحرايب‬
‫َّ‬ ‫هشين بشين على العسر والقسا وفرسان ال شبت‬
‫من كان مضيوم فيزبن بجــالهم حتى تقطع منه كــل الطــــًليـــــب‬
‫وأيضا الركايب نصها صلب جدنا وسلم على الشبــان مع كل شايب‬
‫ً‬

‫(‪ )1‬انظر‪( :‬ص‪ ،)257 ،256‬وكتاب‪ :‬تاريخ اإلحساء السياسي‪ ،‬للدكتور‪ :‬محمد عرابي نخلة‪،‬‬
‫(ص‪.)50‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬ديوان ابن فردوس‪( ،‬ص‪.)266 ،265‬‬
‫يمر على ديار الدواسر‪ ،‬فأحب أن يذكر خصالهم‬
‫(‪ )3‬أرسل قصيدته مع ولده سعد‪ ،‬وكان الرسول سوف ُّ‬
‫يف هذه القصيدة‪ .‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬ابن فردوس‪( ،‬ص‪ ،)266 ،265‬وكتاب‪ :‬العجمان وزعيمهم راكان‬
‫بن حثلين‪ ،‬أبو عبدالرحمن بن عقيل الظاهري‪( ،‬ص‪ ،)39 ،38‬وكتاب شعراء يام‪ ،‬مهدي بن مسفر‬
‫بن مانع آل راكه‪( ،‬ص‪.)96‬‬
‫‪171‬‬

‫إال وسم سيوفهم له سبـــايــــب‬ ‫يامية يشكي المًليل حريبهـــــم‬


‫لعزيمة ندعي لـهـــا كـــل غايـب‬ ‫إن سألوا َعنَّا فنطلب حضورهم‬
‫ومن فوق زلبات مناها الهذايب‬ ‫على مزاغيف ومطارق القـــنــــا‬
‫ومنها عشا طير ومنها جنــايـــب‬ ‫وياما غدا يف دقلنا من أشـمــــرة‬
‫زيزوم سلفان يخسر القرايـــــب‬ ‫ويا ما غدا يف دقلنا من مجــ ّرب‬
‫مثل السباع اللي عشاها هنايــب‬ ‫وجموعنا ال دبرت لزوم تنثــني‬
‫ما حن هبافين المناسب ضرايب‬ ‫هواشم نسل الشريف المعرب‬
‫يف معتكل يوم لعجــه صــًليــب‬ ‫مــــن سبنا سبه وليه والث لـــه‬
‫أعداد ما تنثر حقوق السحـايـب‬ ‫هذا وصلى اهلل على سيد المًل‬
‫[حوادث سنة ‪1239‬هـ‪1824/‬م]‬
‫خروج يام إلى تهامة‪:‬‬
‫«ويف هذا العام‪ :‬خرجت [قبائل] يام‪ ،‬ومعهم الحسن بن محمد‬
‫المكرمي(‪ ،)1‬وإسماعيل بن محمد المكرمي(‪ )2‬إلى هتامة على العبد المذكور‬
‫الخنفور عقيب ذلك‪ ،‬وجرى بينهما وقائع‪ ،‬وأحرقوا العشش الخارجية يف‬
‫قتًل وإحرا ًقا»(‪.)3‬‬
‫نفوس ال ُتحصى ً‬
‫ٌ‬ ‫الحديدة‪ ،‬وذهبت‬

‫(‪ )1‬هو الداعي رقم‪ ،)40(:‬الحسن بن محمد بن حسن بن هبة اهلل‪ .‬انظر‪ :‬ترجمته‪( ،‬ص‪.)180‬‬
‫(‪ )2‬هو الداعي رقم‪ ،)39(:‬إسماعيل بن محمد حسن بن هبة اهلل انظر ترجمته‪( ،‬ص‪.)173‬‬
‫(‪ )3‬المصدر‪ :‬كتاب حوليات يمانية‪ ،‬تحقيق ودراسة‪ :‬عبداهلل بن محمد الحبشي‪( ،‬ص‪.)48‬‬
‫‪172‬‬

‫[حوادث سنة ‪1240‬هـ‪1825/‬م]‬


‫خروج يام لمدينة صبيا‪:‬‬
‫«ويف عام ‪1240‬هـ‪1825/‬م ثار أهل صبيا على عاملهم الحسين بن‬
‫علي‪ ،‬وحاصروه يف قلعتها‪ ،‬وكان األمير(‪ )1‬غائ ًبا يف جهة الشقيق‪ ،‬فعاد أثناء‬
‫الحصار‪ ،‬فشعر أهل صبيا بحراجة موقفهم‪ ،‬وإنما أدركوا َأن ال فائدة من‬
‫الرتدد‪ ،‬فصمموا على قتاله‪ ،‬فرأى األمير أن السياسة تقضي بالعمل على‬
‫ترضيتهم بعزل ابنه‪ ،‬فقبل أهل صبيا‪ ،‬وفاءوا إلى السكينة‪ ،‬وبعد ذلك أرسل‬
‫مبيحا لهم غزو صبيا ومخًلفها‪ .‬خف الياميون الستجابته‪...‬‬
‫الستدعاء (يام) ً‬
‫فلم يشعر أهل صبيا إال بنزولهم عن طريق بيش ‪-‬وهم على غير ُأهبة‪ ،‬وال‬
‫سابق استعداد‪ -‬فهبوا على تلك الحال للدفاع عن أنفسهم‪ ،‬فلم ُتجد‬
‫مقاومتهم‪ ،‬فوطئهم الياميون‪ ،‬وقتلوا الكثير منهم‪ ،‬وانتهبوا أموالهم‪ ،‬وذلك يف‬
‫صفر عام ‪1240‬هـ‪1825/‬م»(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬األمير‪ :‬علي بن حيدر الخيرايت‪.‬‬


‫(‪ )2‬المصدر‪ :‬تاريخ المخًلف السليماين‪ ،‬محمد بن أحمد العقيلي‪ ،)506 /1( ،‬وكتاب الديباج‬
‫الخسرواين‪( ،‬ص‪ ،)268 - 263‬تأليف‪ :‬الحسن بن أحمد بن عاكش الضمدي‪ ،‬تحقيق‪ :‬إسماعيل‬
‫بن محمد البشري‪.‬‬
‫‪173‬‬

‫[حوادث سنة ‪1241‬هـ‪1825/‬ـ ‪1826‬م]‬


‫[هزيمة يام يف الحديدة‪ ،‬وغالء يف األسعار‪:]..‬‬
‫(‪)1‬‬
‫الحديدة‪ ،‬وحصلت‬
‫ُ‬ ‫«ولما كان سنة ‪1241‬هـ‪ ،‬دخلت يام طرق بندر‬
‫فيهم قتلة عظيمة‪ ،‬وكسروا وطرحوا على الزرانيق‪ ،‬وفعلوا فيهم قتلة عظيمة‪،‬‬
‫ٍ‬
‫حينئذ بمكة المشرفة‪ ،‬وفيها حصل الغًلء بسعر‬ ‫وولوا مكسورين‪ ،...،‬وأنا‬
‫الطعام‪ ،‬وكان ثًلث ِك َيل بريال َحيسي‪ ،‬ويف مكة المشرفة كذلك‪ ،‬وأنا يومئذ‬
‫بمكة‪ ،‬ومات فيها من مات من الجوع والعطش‪ ،‬وعاش من عاش‪ ،‬نسأل اهلل‬
‫العافية والسًلمة من كل بلية»(‪.)2‬‬
‫‪39‬ـ الداعي إسماعيل بن محمد بن حسن بن هبة اهلل بن إبراهيم بن محمد‬
‫المكرمي(‪ ،)3‬تو َّلى رئاسة المذهب اإلسماعيلي يف (‪ 9‬رجب ‪1241‬هـ‪17/‬‬
‫فرباير‪1826‬م)‪ ،‬وتويف يف (‪ 10‬صفر ‪1256‬هـ‪ 13/‬أبريل ‪1840‬م)‪ ،‬ودفن يف‬
‫(بدر)‪ ،‬وهو حفيد حسن بن هبة اهلل صاحب الحائر األولى والثانية‪ ،‬يف عهده كانت‬

‫(‪ )1‬بندر‪ :‬ميناء‪ .‬وهي ذات أصل فارسي‪.‬‬


‫(‪ )2‬حوليات النعمي التهامية من تاريخ اليمن‪ ،‬تحقيق ودراسة‪ :‬الدكتور‪ :‬حسين بن عبداهلل العمري‪،‬‬
‫(ص‪ )81‬وكتاب‪ :‬مائة عام على تاريخ اليمن‪ ،‬الدكتور حسين بن عبداهلل العمري‪( ،‬ص‪،)233‬‬
‫وكتاب‪ :‬نجران‪ ...‬تاريخ وإنسان‪ ،‬محمد بن طحنون آل دغرير‪( ،‬ص‪.)151‬‬
‫(‪ )3‬ذكر له مشاركات يف غزو هتامة سنة ‪1240‬هـ‪ ،‬برفقة أخيه الحسن بن محمد المكرمي‪ ،‬وقاموا‬
‫قتًل وحر ًقا‪ ،‬انظر‪ :‬كتاب‪:‬‬
‫بإحراق العشش الخارجية يف الحديدة‪ ،‬وذهبت نفوس ال تحصى ً‬
‫حوليات يمانية‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبداهلل محمد الحبشي‪( ،‬ص‪.)48‬‬
‫‪174‬‬

‫سيطرة المكارمة على حراز كاملة‪ ،‬حيث أرسل أخاه وخليفته الحسن وذلك يف‬
‫عام (‪1255‬هـ‪1839/‬م)‪ ،‬وهو بداية السيطرة على حراز‪ ،‬ومن َث َّم محاولة‬
‫التوسع خارجها‪ ،‬وقبل هذا التاريخ كان لحراز والة مبعوثون من األئمة الزيدية‪،‬‬
‫يقتسمون حكم البًلد واإلسماعيلية‪ ،‬ويدير أولئك الوالة دفة الصراع ضد‬
‫اإلسماعيلية‪ ،‬وهم الموكلون بجمع عائدات البًلد الخاضعة لهم‪ ،‬وكانوا‬
‫يجربون األهالي على دفع الواجبات(‪.)1‬‬
‫[حوادث سنة ‪1244‬هـ‪ 1828/‬م]‬
‫خروج يام لحراز‪:‬‬
‫«تجمعت أعداد كبيرة [من قبيلة يام] يف عام ‪1244‬هـ‪1828/‬م‪،‬‬
‫وتوجهت إلى َح َراز الجبلية الصعبة‪ ،‬والواقعة على منتصف الطريق بين صنعاء‬
‫والحديدة‪ ،‬وقامت هبجوم‪ ،‬واحتلت بعض القرى فيها»(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬إسماعيلية اليمن السليمانية‪ ،‬حمود زايد نوفل‪( ،‬ص‪ ،)146 - 145‬وكتاب‪ :‬يف بًلد‬
‫عسير‪ ،‬فؤاد حمز‪( ،‬ص‪ ،)175‬وصحيفة الصًلة اإلسماعيلية‪ ،‬لمؤلفها‪ :‬المنصوب سيد نصر اهلل‪،‬‬
‫(ص‪ ،)687‬المطبوع يف حيدر آباد‪ ،‬سنة (‪1390‬هـ)‪.‬‬
‫(‪ )2‬المصدر‪ :‬كتاب‪ :‬مائة عام على تاريخ اليمن‪ ،‬للدكتور حسين بن عبداهلل العمري‪( ،‬ص‪،)233‬‬
‫وكتاب‪ :‬نجران‪ ...‬تاريخ وإنسان‪ ،‬محمد بن طحنون آل دغرير‪( ،‬ص‪ ،)154‬وكتاب‪ :‬حوليات‬
‫يمانية‪ ،‬تحقيق ودراسة‪ :‬عبداهلل محمد الحبشي‪( ،‬ص‪.)50‬‬
‫‪175‬‬

‫[حوادث سنة ‪1254‬هـ‪ 1838/‬م]‬


‫خروج يام لغزو تهامة(‪:)1‬‬
‫«يف أثناء ذلك االستقرار النسبي الذي ساد البًلد التهامية يف عهد الوالي‬
‫إبراهيم باشا‪ ،‬لم يشعر إال وقد وافته األخبار بتحرك يام لغزو هتامة ‪-‬عن طريق‬
‫بيش‪ ،‬فانتدب األمير الحسين بن علي(‪ )2‬مع قوة من األلبان األتراك لصدهم‪،‬‬
‫فتقدم األمير بتلك القوة إلى أبي عريش‪ ،‬وهناك قابل والده‪ ،‬ثم تقدم إلى صبيا‪،‬‬
‫والياميون قد عسكروا يف قرية العدايا‪ ،‬ومنها خرج لقتالهم‪ ،‬فلم يشعروا إال‬
‫هبجومه بتلك القوة المجهزة باألسلحة الحديثة ‪-‬يف ذلك العصر‪ -‬من المدافع‬
‫والرشاشات والبنادق‪ ،‬فو َّلوا األدبار‪ ،‬وتشتت جمعهم أشتا ًتا بعد أن حصد‬
‫منهم الكثير»(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬وقد ذكرت يف كتاب‪ :‬الديباج الخسرواين‪ ،‬أهنا يف سنة (‪1251‬هـ)‪ ،‬انظر‪( :‬ص‪ ،)335 – 333‬تأليف‪:‬‬
‫الحسن بن أحمد بن عاكش الضمدي‪ ،‬تحقيق‪ :‬إسماعيل بن محمد البشري‪.‬‬
‫عامًل‬
‫ً‬ ‫(‪ )2‬الحسين بن علي بن حيدر الخيرايت‪ ،‬من أمراء األشراف آل خيرات‪ ،‬ولد يف ‪1215‬هـ‪ ،‬كان‬
‫أيام والده على صبيا‪ ،‬ثم على الزُّ هرة‪ ،‬ثم انتدبه إبراهيم باشا لمقاتلة يام سنة ‪1251‬هـ‪ ،‬فقاتلهم‬
‫وانتصر عليهم‪ ،‬ولما غادر إبراهيم باشا تسلم منه الحسين زمام األمور‪ ،‬وذلك سنة ‪1256‬هـ‪،‬‬
‫يقر واليته‪ ،‬فسيطر على هتامة‪ ،‬وأظهر العداء‬
‫وأرسل له السلطان عبدالمجيد العثماين بمرسوم ّ‬
‫للربيطانيين يف عدن‪ ،‬فما كان منهم إال أن ضغطوا على العثمانيين لنفيه وإبعاده فنفي إلى األستانة‪،‬‬
‫واستقر هبا إلى أن ُتويف سنة ‪1272‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬عاكش (الديباج‬
‫َّ‬ ‫ثم عاد إلى م َّكة المكرمة‪،‬‬
‫الخسرواين)‪ ،‬وعقود الدرر (‪ ،)357/1‬ونيل الوطر (‪ ،)389/1‬واألعًلم للزركلي (‪.)248/2‬‬
‫(‪ )3‬المصدر‪ :‬كتاب‪ :‬المخًلف السليماين‪ ،‬محمد بن أحمد العقيلي‪ ،)510 ،509/1( ،‬وكتاب‪ :‬نجران‬
‫=‬
‫‪176‬‬

‫[حوادث سنة ‪1255‬هـ‪1839/‬م]‬


‫خروج يام إلى تهامة‪:‬‬
‫خرجت قبائل يام التي منها‪ ...‬إسماعيلية (المكارمة) يف مطلع عام‬
‫‪1255‬هـ‪1839/‬م برئاسة القاضي أحمد بن محمد المكرمي(‪ ،)1‬ومعه من‬
‫العقال قادة القبائل مانع بن جابر‪ ،‬وآل نصيب‪ ،‬وانضمت إليهم قبائل جشم‬
‫وتوجهت من أقصى الشمال مهاجم ًة لتهامة نتيجة‬
‫َّ‬ ‫والعجمان(‪ )2‬وآل فاطمة‪،‬‬
‫ٍ‬
‫شديد يف مناطقهم(‪ .)3‬ويف هتامة واجهتهم عساكر مصرية أرسلها‬ ‫ٍ‬
‫وجدب‬ ‫ٍ‬
‫قحط‬
‫الوالي المصري إبراهيم يكن‪ ،‬وجعل على رأسها الشريف حسين بن علي‬

‫= تاريخ وإنسان‪ ،‬محمد طحنون آل دغرير‪( ،‬ص‪ ،)154‬وكتاب‪ :‬نشر الثناء الحسن‪ ،‬إلسماعيل بن‬
‫محمد الوشلي‪ ،‬تحقيق‪ :‬إبراهيم أحمد المقحفي‪( ،‬ص‪ ،)32،33‬وكتاب‪ :‬تاريخ عسير يف الماضي‬
‫والحاضر‪ ،‬هاشم بن سعيد النعمي‪( ،‬ص‪ ،)242‬وكتاب‪ :‬أخبار عسير ‪ ،‬ابن مسفر‪( ،‬ص‪،)98‬‬
‫وكتاب‪ :‬الديباج الخسرواين‪( ،‬ص‪ ،)335 - 333‬تأليف‪ :‬الحسن بن أحمد بن عاكش الضمدي‪،‬‬
‫تحقيق‪ :‬إسماعيل بن محمد البشري‪.‬‬
‫(‪ )1‬هو أحمد بن محمد بن حسن بن هبة اهلل‪ ،‬وهو حفيد حسن بن هبة اهلل واألخ الشقيق للداعيان رقم‪:‬‬
‫(‪ ،) 39،40‬ولم يستلم منصب يف المذهب‪ ،‬ما عدا مشاركاته يف بعض الغزوات‪ .‬انظر‪ :‬مشاركاته‪:‬‬
‫يف كتاب‪ :‬عدن والسياسة الربيطانية‪ ،‬للدكتور‪ :‬فاروق عثمان أباظة‪( ،‬ص‪ ،)118‬وكتاب‪ :‬نيل‬
‫الوطر‪ ،‬لزبارة‪( ،‬ص‪ ،)389/1‬وكتاب‪ :‬مئة عام من تاريخ اليمن الحديث‪ ،‬الدكتور‪ :‬حسين عبداهلل‬
‫العمري‪( ،‬ص‪ ،)285 ،284‬وكتاب‪ :‬حوليات يمانية‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبداهلل بن محمد الحبشي‪،‬‬
‫(ص‪ ،)90‬وكتاب‪ :‬نجران‪ ...‬تاريخ وإنسان‪ ،‬محمد بن طحنون آل دغرير‪( ،‬ص‪.)154‬‬
‫(‪ )2‬يحتمل أهنم قبائل الوعلة؛ ألن قبائل العجمان يف هذا التاريخ يف األحساء ونجد‪.‬‬
‫(‪ )3‬كتاب‪ :‬حوليات يمانية‪ ،‬تحقيق ودراسة‪ :‬عبداهلل بن محمد الحبشي‪( ،‬ص‪.)91‬‬
‫‪177‬‬

‫حيدر مع بعض رجاله‪ ،‬ووقعت بين الطرفين معارك تمكن معها الشريف‬
‫حسين من إرغامهم على اإلدبار(‪ ،)1‬وصولح بعضهم بالمال(‪.)2‬‬
‫[حوادث سنة ‪1255‬هـ‪1839/‬م]‬
‫رفع ظلم الوزراء وجورهم عن أهل حراز‪:‬‬
‫«توجه نحو ألفين من مكارمة يام إلى حراز بعد أن تراسلوا مع أصحاب‬
‫قسم منهم مع يام يف المذهب [اإلسماعيلي]‪ .‬وكان‬
‫المنطقة الذين يشرتك ٌ‬
‫سلوك أهل حراز يف الغالب هو رد فع ٍل لما َّ‬
‫حل بإخواهنم يف همدان على يد‬
‫الناصر يف العام السابق‪ ،‬باإلضافة إلى ما يفيدنا صاحب الحوليات (بأن أهل‬
‫حراز ما لقيوهم يام َّإال من شدة ما ناهبم من جور العمال والوزراء حتى هانوا‬
‫وأغلظوا عليهم‪ ،‬فهان عليهم‪ ...‬وأقبلوا لطاعتهم بالسر والعًلنية!)‪ ،‬وهرب‬
‫عامل الناصر‪ ،‬الفقيه محمد أحمد الحيمي‪ ،‬فتبعته يام وانتهبوه‪ ،‬ولما وصلت‬
‫األخبار إلى صنعاء أرسل الناصر جماع ًة من أتباعه بقيادة األمير خير الذي‬
‫وصل ومن معه إلى الحيمة القريبة من حراز‪ ،‬وربما تب َّين له صعوبة لقاء يام‬

‫(‪ )1‬كتاب‪ :‬عدن والسياسة الربيطانية‪ ،‬للدكتور‪ :‬فاروق عثمان أباظة‪ ،)118( :‬وزبارة‪ :‬نيل الوطر‪:‬‬
‫(‪.)389/1‬‬
‫(‪ )2‬المصدر‪ :‬كتاب مئة عام من تاريخ اليمن الحديث‪ ،‬للدكتور‪ :‬حسين عبداهلل العمري‪( ،‬ص‪،284‬‬
‫‪ ،)285‬وكتاب‪ :‬حوليات يمانية‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبداهلل بن محمد الحبشي‪( ،‬ص‪ ،)91‬وكتاب‪ :‬نجران‪...‬‬
‫تاريخ وإنسان‪ ،‬محمد بن طحنون آل دغرير‪( ،‬ص‪.)154‬‬
‫‪178‬‬

‫المتحالفة مع حراز والمقيمين بين ظهرانيهم‪ ،‬فعاد بخفي حنين»(‪.)1‬‬


‫ويف الوثائق يقول‪ ...« :‬فوصلتنَا أخبار مِن «بًلد يام» أن المكارمة َمشوا‬
‫مِن (بدر) بًلدهم إلى (نجران) بًلد يام‪ ،‬وأهنم يف همة جمع وحركة كبيرة‪،‬‬
‫وظاهرهتم إلى اإلمام صاحب (صنعاء) حصل منه َتعدٍّ يف طرف المكارمة‪.)2(»...‬‬
‫[حوادث سنة ‪1256‬هـ‪1840/‬م]‬
‫مقتل الناصر عبداهلل بن حسن‪:‬‬
‫« وكان قد التقى الناصر ومن معه هبمدان ووقعت حرب شديدة هزمت‬
‫فيها همدان‪ ،‬وقطعت رؤوس من قتًلها أرسل هبا الناصر إلى صنعاء‪ ،‬فعلقت‬
‫على باب شعب‪.)3(...‬‬
‫ويف اليوم التاسع من ربيع األول كانت بعض عساكر قد سبقته إلى‬
‫(سيان) على بعد ‪ 25‬كيلو مرتًا جنو ًبا من صنعاء‪ ،‬إال أنه ً‬
‫بدال من أن يلحق هبا‬
‫متنزها يف وادي ظهر ربما قبل أن يبدأ‬
‫ً‬ ‫مقررا‪ ،‬ع َّن له أن يمضي يومه‬
‫ً‬ ‫كما كان‬
‫رحل ًة شاق ًة لم يكن يدري كم تطول‪ ،‬ومدى نتائجها‪ ،‬وقد فوجئ أصحابه هبذا‬

‫(‪ )1‬المصدر‪ :‬كتاب مئة عام من تاريخ اليمن الحديث‪ ،‬للدكتور‪ :‬حسين عبداهلل العمري‪( ،‬ص‪،)285‬‬
‫وكتاب‪ :‬حوليات يمانية‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبداهلل بن محمد الحبشي‪( ،‬ص‪ ،)91‬وكتاب‪ :‬نجران ‪ ...‬تاريخ‬
‫وإنسان‪ ،‬محمد بن طحنون آل دغرير‪( ،‬ص‪.)155‬‬
‫(‪ )2‬مصدر الوثيقة‪ :‬دار الوثائق القومية ‪ -‬القاهرة‪ .‬وحدة حفظها‪ :‬محفظة رقم (‪ )267‬عابدين‪ .‬رقمها‬
‫يف وحدة الحفظ‪ )5( :‬حمراء‪ .‬تاريخها‪6 :‬جماد اآلخرة ‪1255‬هـ‪17/‬أغسطس ‪1839‬م‪.‬‬
‫موضوعها‪ :‬رسالة من حيدر بن حسين إلى أحمد باشا‪( .‬ص‪.)430‬‬
‫(‪ )3‬باب من أبواب صنعاء‪.‬‬
‫‪179‬‬

‫تم حيث أمضى الناصر وخواصه سحابة يومهم يف الوادي‪،‬‬


‫القرار الذي َّ‬
‫وتناولوا طعام الغداء يف دار الحجر‪ ،‬ثم مع العصر خرج الناصر و َمن معه‬
‫عائدين إلى صنعاء‪ ،‬ويظهر أن [اإلسماعيلية] من يام وأهل الوادي ظنوا خط ًأ‬
‫أن زيارة الناصر المفاجئة واستعداداته يف صنعاء خدعة لها ٌ‬
‫شأن هبم‪ ،‬فأعدوا‬
‫ٍ‬
‫شعب تحيط به بعض الجبال‪ ،‬وتسيطر عليه‪،‬‬ ‫له كمينًا عند مدخل الوادي يف‬
‫وكان وصل إلى علم الناصر ما دبر‪ ،‬ونصح بالعودة من طريق قرية القابل من‬
‫الجانب اآلخر لدار الحجر‪ ،‬إال أنه لم ُيصغ إلى ذلك‪ ،‬ولم يكد يصل مع‬
‫حاشيته إلى قرب الضربة يف مخرج الوادي حتى أطلقت نيران البنادق عليهم‪،‬‬
‫ٍ‬
‫رصاصات‪ ،‬وقتل أحد خدمه‪ ،‬وفشل حرسه وأصحابه‪،‬‬ ‫فأصيب الناصر بثًلث‬
‫فرجع هار ًبا ببعض َمن معه إلى دار الحجر‪ ،‬وانقض عليه المهاجمون ينهبون‬
‫الخيل واألسلحة‪ ،‬وتجمعت القبائل‪ ،‬فتب َّين لهم أن الناصر لم يقتل‪ ،‬وأن‬
‫إقدامهم على ذلك سيكلفهم الكثير‪ ،‬فقرروا اللحاق به إلى الدار للخًلص‬
‫تم‬
‫منه‪ ،‬فالنتيجة واحدة‪ ،‬ويكونون على األقل قد انتقموا ألنفسهم منه‪ ،‬وهكذا َّ‬
‫الهجوم على الدار‪ ،‬ولم يجدوا دفا ًعا جد ًّيا‬
‫من داخلها‪ ،‬فتمكنوا من الوثوب على الناصر المثخن بجراحاته‪،‬‬
‫وذبحوه وحملوا رأسه بعد أن قتلوا من كان معه‪.)1(»...‬‬

‫(‪ )1‬المصدر‪ :‬كتاب مئة عام من تاريخ اليمن الحديث‪ ،‬الدكتور‪ :‬حسين عبداهلل العمري‪( ،‬ص‪،178‬‬
‫‪ ،)286‬وكتاب‪ :‬نجران تاريخ وإنسان‪ ،‬محمد طحنون‪( ،‬ص‪ ،)159‬وكتاب‪ :‬حوليات يمانية‪،‬‬
‫تحقيق‪ :‬عبداهلل محمد الحبشي‪( ،‬ص‪ ،)93 ،92‬وزبارة‪ :‬نيل الوطر‪.)73،226/2( ،‬‬
‫‪180‬‬

‫[حوادث سنة ‪1256‬هـ‪1840/‬م]‬


‫خروج يام واستيالؤهم على حراز‪:‬‬
‫ُ‬
‫الخ َباشي‬ ‫«وفيها‪ :‬خرجت يام‪ ،‬وملكوا مدينة حراز‪ ،‬وقتلوا‬
‫األخضري(‪ ،)1‬وأخذوا ما معه‪ ،‬واهلل أعلم»(‪.)2‬‬
‫‪40‬ـ الداعي الحسن بن محمد بن حسن بن هبة اهلل بن إبراهيم بن محمد‬
‫بن الفهد المكرمي‪ ،‬تولى رئاسة المذهب اإلسماعيلي يف‪ 10( :‬صفر‬
‫‪1256‬هـ‪ 13 /‬أبريل ‪1840‬م)‪ ،‬وتويف يف (‪ 12‬ربيع أول ‪1262‬هـ‪ 10 /‬مارس‬
‫‪1846‬م)‪ ،‬ودفن يف‪( :‬بدر الجنوب)‪ ،‬يف عهده قتل إسماعيلية اليمن بمشاركة‬
‫الزيدية وهمدان الناصر عبداهلل بن الحسن بن أحمد يف وادي ظهر لتعديه على‬
‫أتباع المذهب يف همدان‪ ،‬وتقطيع رؤوس أسرى الحرب من همدان‪ ،‬وتعليقها‬
‫على باب شعب [من أبواب صنعاء](‪ ،)3‬وكانت للحسن بن محمد الكثير من‬
‫الحروب يف هتامة قبل أن يصبح داع ًيا‪ ،‬وبعده ضد األشراف يف المخًلف‬

‫(‪ )1‬الخباشي األخضري‪ :‬لعله من حصن األخضر الواقع بجبل ملحان المقابل غربًا لحراز‪.‬‬
‫(‪ )2‬المصدر‪ :‬كتاب حوليات النُّعمي التهامية‪ ،‬تحقيق ودراسة‪ :‬الدكتور‪ :‬حسين بن عبداهلل العمري‪،‬‬
‫(ص‪.)131‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬حوليات يمانية‪( ،‬ص‪ ،)93 ،92 ،89‬وكتاب‪ :‬عودة األتراك ودخول صنعاء‪( ،‬ص‪،)9‬‬
‫وكتاب‪ :‬مئة عام من تاريخ اليمن الحديث‪ ،‬للدكتور‪ :‬حسين عبداهلل العمري‪( ،‬ص‪.)178‬‬
‫‪181‬‬

‫السليماين‪ ،‬وجيش محمد علي باشا‪ ،‬ثم األتراك(‪ ،)1‬وهو حفيد حسن بن هبة‬
‫(‪)3‬‬
‫‪.‬‬ ‫اهلل صاحب الحائر األولى والثانية(‪ ،)2‬وهو شقيق الداعي الذي قبله‬
‫[حوادث سنة ‪1258‬هـ‪1842/‬م]‬
‫كتب أهل َح َراز تصل إلى إمام صنعاء تطلب الخالص من المكرمي‪:‬‬
‫كتب من أهل حراز بأهنم لإلمام طائعون‪،‬‬
‫«ويف خًلل ذلك وصلت ٌ‬
‫خًلصا من المكرمي ويام‪ ،‬فأراد أن‬
‫ً‬ ‫وألمره سامعون‪ ،‬وبه مستغيثون‪ ،‬ويطلبون‬
‫يختربهم‪ ،‬هل هم صادقون‪ ،‬فطلب منهم شي ًئا من المال‪ ،‬فأرسلوه‪ ،‬فلما علم‬
‫صدقهم‪َ ،‬طلب العساكر من أرحب وهمدان‪ ،‬وعقالهم الهجام‪ ،‬وابن سنان‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬مشاركته يف كتاب (الديباج الخسرواين)‪ ،‬للحسن بن أحمد عاكش الضمدي‪ ،‬تحقيق ودراسة‪:‬‬
‫أ‪.‬د‪ .‬إسماعيل بن محمد البشري‪( ،‬ص‪ )372‬يف تاريخ (‪1257‬هـ) يف المخًلف السليماين‪.‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬مرتفعات الجزيرة العربية‪ ،‬هاري سانت جون فيلبي‪.)687 ،686/2( ،‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬إسماعيلية اليمن السليمانية‪ ،‬حمود زايد نوفل‪( ،‬ص‪،)286 ،269 ،145 ،85،133‬‬
‫كتاب‪ :‬يف بًلد عسير‪ ،‬فؤاد حمز‪( ،‬ص‪ ،)175‬وصحيفة الصًلة اإلسماعيلية ‪ ،‬لمؤلفها‪ :‬المنصوب‬
‫سيد نصر اهلل‪( ،‬ص‪ ،)687‬المطبوع يف حيدر آباد‪ ،‬سنة (‪1390‬هـ)‪.‬‬
‫وقد ذكر له مشاركات يف غزو هتامة سنة ‪1240‬هـ‪ ،‬برفقة أخيه‪ :‬إسماعيل بن محمد المكرمي‪،‬‬
‫تًل وحر ًقا‪ ،‬انظر‪ :‬كتاب‪:‬‬
‫وقاموا بإحراق العشش الخارجية يف الحديدة‪ ،‬وذهبت نفوس ال تحصى ق ً‬
‫حوليات يمانية‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبداهلل محمد الحبشي‪( ،‬ص‪ ،)48‬وكذلك يف نفس الكتاب‪ :‬شارك يف غزو‬
‫هتامة سنة ‪1255‬هـ وبرفقته‪ :‬مانع بن جابر آل نصيب وقبائل جشم والعجمان‪ ،‬وآل فاطمة‪ ،‬ووقع‬
‫كثيرا‪( ،‬ص‪ ،)91‬راجع‪ :‬كتاب‬ ‫بينهم وبين األتراك وقائع وأخذوا هتامة‪ ،‬وسلم لهم إبراهيم باشا ً‬
‫ماال ً‬
‫مئة عام من تاريخ اليمن الحديث‪ ،‬للدكتور‪ :‬حسين عبداهلل العمري‪( ،‬ص‪ ،)284‬وذكر مشاركاته‬
‫يف غزو المخًلف السليماين‪ ،‬يف كتاب‪ :‬الديباج الخسرواين يف أخبار أعيان المخًلف السليماين‪،‬‬
‫(ص‪.)372‬‬
‫‪182‬‬

‫والح َّباري‪ ،‬والنقيب علي الهمداين وجهزهم‪ ،‬ووصلوا إلى الحيمة‪ ،‬وطلبوا‬
‫َ‬
‫وصول أهل حراز‪ ،‬فوصلوا وأطلعوهم إلى حراز‪ ،‬وفتحوا البيوت‪ ،‬وسلموا‬
‫(‪)1‬‬
‫والكفاية لألجناد‪ ،‬ووقعت الحرب‪ ،‬وقتلت نفوس قليلة من‬ ‫الضيف‬
‫الفريقين»(‪.)2‬‬
‫[حوادث سنة ‪1258‬هـ‪1842/‬م]‬
‫تحصن المكارمة يف َح َراز‪:‬‬
‫«[و] المكارمة قد تحصنوا يف المعاقل‪ ،‬وشدُّ وا بناها مثل شبام وحصن‬
‫(سعدان) المحاذي لشبام‪ ،‬وحصن (كاهل)‪ ،‬وجمعوا إليها األموال والخزائن‬
‫العظيمة‪ ،‬وكانوا يف َحرهبم القليل منهم يساوي عشرة أمثالهم‪ ،‬ولو قتلوا جميع‬
‫ما اكرتثوا؛ لقناعتهم بعدم الفشل‪ ،‬ولضمانة َس ِّيدهم لهم الجنة‪ ،‬وأرسلوا يام‬
‫إلى هتامة‪ ،‬استدعوا قبائلهم‪ ،‬ووصلوا ودخلوا يف حصن (أكمة الخير)‪ ،‬وحطوا‬
‫أصحاب اإلمام عليهم نحو عشرين يو ًما‪ ،‬فلم يرهتفوا(‪ )3‬يام وبعد‪/‬ص َن ُعوا لهم‬
‫حيلة البارود‪ ،‬وأحرقوا دار ذلك الحصن فيها من رؤساء يام نحو عشرين‪ ،‬فلما‬
‫قرحت الدار بالبارود‪ ،‬أظهر يام َّ‬
‫الشجاعة‪ ،‬وقرحوا بالبنادق‪ ،‬ويف الباطن‬

‫(‪ )1‬أي‪ :‬نفقات الضيف‪.‬‬


‫(‪ )2‬المصدر‪ :‬كتاب‪ :‬حوليات يمانية‪ ،‬تحقيق‪ /‬عبداهلل محمد الحبشي‪( ،‬ص‪.)109‬‬
‫(‪ )3‬لم يضعفوا وال خافوا‪.‬‬
‫‪183‬‬

‫وهيوا(‪ ،)1‬لكن ما يظهر فيهم‪ ،‬وآخر األمر َّ‬


‫أن أصحاب اإلمام أرسلوا لسوق‬
‫وسياق ومحتاجات من الوزير‪ ،‬واألمير عبدالنَّصراين‪ ،‬فلم يلتفتوا إليهم‪ ،‬وبقوا‬
‫ولما تي َّقن أهل حراز عدم الخارج من عند اإلمام‪ ،‬وأفعال‬
‫يف حراز مطيعين‪َّ ،‬‬
‫العبد اللعين بالنَّاس‪ ،‬ندموا على ما صنعوا‪ ،‬وقطعوا ما كان يسلموا ألصحاب‬
‫اإلمام‪ ،‬فارتفعوا من حراز وعاملهم القيري‪ ،‬ورجعوا العسكر يخاطبوه يف‬
‫عسكرهتم(‪ )2‬وآخره‪َّ ،‬لزموه معهم‪ ،‬وتًلشى األمر وأمر المكرمي بخراب دور‬
‫الذين َفتَحوا بيوهتم‪ ،‬وناصروا اإلمام‪ ،‬وق َّطع أبناءهم َ‬
‫وش َّردهم من أوطاهنم‪،‬‬
‫ووصل بنو الحيمي صنعاء يستغيثون باإلمام‪ ،‬فلم يلتفت إليهم»(‪.)3‬‬
‫[حوادث سنة ‪1260‬هـ‪ 1844/‬م]‬
‫استعانة األشراف بيام‪:‬‬
‫«وبعد أن وصلت الشريف حسين بشائر االستيًلء على ريمة(‪َ ،)4‬ع َقد‬
‫األلوية ألقربائه‪ ،‬وكان منهم الشريفان هزاع وأبو طالب‪ ،‬وأمر جيشه بالمسير‬
‫حيث كان هو يف المؤخرة التي يتأ َّلف جنودها من يام‪ ،‬فاستولى على حيس‪،‬‬

‫(‪ )1‬من الوهي وهو الضعف‪.‬‬


‫(‪ )2‬أي‪ :‬أجرهتم على العسكرة‪.‬‬
‫(‪ )3‬المصدر‪ :‬كتاب‪ :‬حوليات يمانية‪ ،‬تحقيق ودراسة‪ :‬عبداهلل محمد الحبشي‪( ،‬ص‪.)111 ،110‬‬
‫(‪ )4‬ريمة‪ :‬بلدة كبيرة بالجنوب الشرقي من الحديدة بمسافة ‪70‬كيلو مرتا‪ ،‬ويف الجانب الغربي من‬
‫صنعاء‪.‬‬
‫‪184‬‬

‫وقضى هبا أيام عيد األضحى»(‪.)1‬‬


‫‪ 41‬ـ الداعي‪ :‬الحسن بن إسماعيل بن محسن شبام‪ ،‬تولى رئاسة‬
‫المذهب اإلسماعيلي يف (‪ 12‬ربيع أول ‪1262‬هـ‪ 10 /‬مارس ‪1846‬م)‪،‬‬
‫وتويف يف (‪ 4‬صفر ‪1289‬هـ‪ 13/‬أبريل ‪1872‬م)‪ ،‬ودفن يف الحديدة‪ .‬صاحب‬
‫حصن عتارة(‪ ،)2‬وأصله من حاشد من بطن يعرف بشبام‪ ،‬استطاع بمساندة‬
‫أتباعه من اإلسماعيلية توسيع رقعة النفوذ اإلسماعيلي يف جبال اليمن‬
‫المحيطة بحراز‪ ،‬حيث سيطر على الحيمة(‪ ،)3‬ووصل إلى حفاش‪ ،‬وإلى آنس‪،‬‬
‫أن هنايته وضعها األتراك بعد دخولهم األخير إلى اليمن‪ ،‬ومات يف‬ ‫إال َّ‬
‫فرتة ٍ‬
‫قليلة من َأسره‪ ،‬وكان من المقرر إرساله إلى عاصمة الدولة‬ ‫«الحديدة» بعد ٍ‬

‫العثمانية‪ ،‬وذلك يف عام (‪1289‬هـ)(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬المرجع‪ :‬كتاب‪ :‬مئة عام من تاريخ اليمن الحديث‪ ،‬الدكتور‪ :‬حسين عبداهلل العمري‪( ،‬ص‪،310‬‬
‫‪ ،)311‬وكتاب‪ :‬نجران تاريخ وإنسان‪ ،‬محمد طحنون‪( ،‬ص‪.)159‬‬
‫(‪ )2‬حصن عتارة‪ :‬يف قرية عتارة يف بًلد حراز‪ ،‬وهي على الطريق ما بين مناخة والحجيلة‪« .‬معجم‬
‫الحجري» (خ) (‪.)10/3‬‬
‫(‪ )3‬وكان ذلك يف صفر سنة (‪1277‬هـ‪1860/‬م)‪ ،‬انظر‪ :‬تاريخ الحرازي‪( :‬فرتة الفوضى وعودة األتراك‬
‫إلى صنعاء)‪ ،‬السفر الثاين‪( ،‬ص‪.)65‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬إسماعيلية اليمن السليمانية‪ ،‬حمود زايد نوفل‪( ،‬ص‪ ،)148،269 ،147 ،85‬وكتاب‪:‬‬
‫يف بًلد عسير‪ ،‬فؤاد حمز‪( ،‬ص‪ ،)175‬وصحيفة الصًلة اإلسماعيلية‪ ،‬لمؤلفها‪ :‬المنصوب سيد‬
‫نصر اهلل‪( ،‬ص‪ ،)687‬المطبوع يف حيدر آباد‪ ،‬سنة (‪1390‬هـ)‪ ،‬وكتاب‪ :‬مرتفعات الجزيرة العربية‪،‬‬
‫هاري سانت جون فيلبي‪ )686/2( ،‬مكتبة العبيكان‪ ،‬وكتاب‪« :‬فرتة الفوضى وعودة األتراك إلى‬
‫=‬
‫‪185‬‬

‫[حوادث سنة ‪1264‬هـ‪1848/‬م]‬


‫إنقاذ الشريف الحسين من األَ ْسر‪ ،‬وسقوط مدينة زبيد‪:‬‬
‫«بعد َأسر األمير [الحسين بن علي حيدر]‪ ،‬ظل القسم الشمالي تحت‬
‫إدارة ابنه األمير محمد بن الحسين‪ ،‬ولم يكن يف مقدوره أثناء تلك األحداث‬
‫أكثر من المحافظة على البًلد‪ ،‬والتحفز للدفاع‪ ،‬بالطبع لم يهن على االبن بقاء‬
‫ٍ‬
‫شيء للقيام‬ ‫أبيه يف األَسر‪ ،‬ورأى أنه البد من القيام بعمل سريع‪ ،‬إنما أعوزه كل‬
‫بذلك العمل‪ ،‬فليس للموقف إال حليفهم األمير عائض [أمير عسير] الذي قد‬
‫خارجي مقابل الخراج السنوي الذي يدفعونه‬ ‫ٍ‬
‫اعتداء‬ ‫تعهد بحمايتهم من كل‬
‫ٍّ‬
‫فتم الرأي بين األمير وأبناء عمه على إرسال عامل اللحية علي بن‬
‫لخزينته‪َّ ،‬‬
‫وفعًل توجه إليه‪ ،‬ومكث لديه بره ًة من الوقت‪،‬‬
‫ً‬ ‫محمد(‪ )1‬إلى األمير عائض‪،‬‬

‫= صنعاء»‪ ،‬السفر الثاين من تاريخ الحرازي «رياض الرياحين»‪ ،‬تحقيق ودراسة‪ :‬الدكتور‪ :‬حسين‬
‫عبداهلل العمري‪( ،‬ص‪ ،)130‬وذلك عام ‪1279‬هـ‪( ،‬ص‪.)66،130 ،65‬‬
‫(‪ )1‬عند حسين بن عبداهلل العمري‪ ،‬صاحب كتاب‪ :‬مائة عام من تاريخ اليمن الحديث‪ ،‬أن الذي توجه إلى‬
‫نجران هو أخاه‪ :‬حسن بن علي بن محمد بن حيدر‪ ،‬انظر‪( :‬ص‪ .)325‬بعض المصادر تشير إلى أن ابنة‬
‫الشريف ذهبت بنفسها إلى نجران وعقرت حصاهنا كتعبير واضح بطلب نجدة قبائل يام بإنقاذ والدها‬
‫وحليفهم التقليدي‪ ،‬ومن هذه المصادر كتاب‪« :‬الروض البسام» محمد بن لطف اهلل‪( ،‬ص‪ .)39‬ولكن‬
‫جميع المصادر والوثائق األخرى ِّ‬
‫تشكك يف مثل هذه الرواية بما فيها مجموعة آل أبو ساق الخاصة‪،‬‬
‫ووثائق أرشيف رئاسة الوزراء بإستانبول‪ ،‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬تطور األوضاع السياسية يف جنوب غرب الجزيرة‬
‫العربية ‪ ،‬د‪ .‬محمد بن عبداهلل آل زلفة‪( ،‬ص‪ ،)72 ،71‬انظر‪ :‬إلى الوثيقة رقم‪( )9( :‬ص‪ )594‬والوثيقة‬
‫رقم‪( )18( :‬ص‪ )614‬من هذا الكتاب‪.‬‬
‫‪186‬‬

‫فلم يظفر بنتيجة‪ ،‬فاستأذنه يف السماح له بالتوجه إلى نجران لًلستعانة بيام يف‬
‫تخليص األمير من األسر‪ ،‬فلم يأذن له َّإال بالعودة إلى هتامة فقط‪ ،‬فعاد إلى أبي‬
‫عريش‪ ،‬ويف شهر صفر ‪1264‬هـ توجه إلى نجران بطريق حرض»(‪.)1‬‬
‫االستعانة بقبائل يام‪ :‬وصل علي بن محمد إلى نجران‪ ،‬وطلب من يام‬
‫بواسطة المكارمة النزول معه إلى هتامة الستخًلص األمير‪ ،‬فل َّبوا داعيه‪ ،‬وسار‬
‫معه منهم جيش كامل ال ُعدَّ ة(‪ )2‬إلى أن وصل هبم األمير محمد بن حسين يف‬
‫مدينة الزيدية‪ ،‬فعقد له األمير لواء القيادة عليهم‪ ،‬وتقدم هبم إلى زبيد كما تقدم‬
‫عامل الحديدة الحسين بن محمد بمن لديه من الجنود‪ ،‬والتقى بأخيه‪ ،‬واتحد‬
‫الجيشان‪ ،‬وزحفا على مدينة زبيد‪ ،‬وتم االستيًلء على المدينة ليلة الثًلثاء غرة‬
‫جمادى األولى ‪1264‬هـ‪1848/‬م‪ ،‬ومن َث َّم أخذا يف مفاوضة الحراس الذين‬
‫يف حراستهم األمير األسير‪ ،‬والعمل على استمالتهم على تسليمه مقابل مبل ٍغ‬
‫من المال‪ ،‬ويف يوم الثًلثاء الموافق ‪ 8‬جمادى األولى‪ ،‬خرج األمير من معتقله‪،‬‬
‫فاستقبله أبناء أخيه بحفاوة بالغة‪ ،‬واستقر يف مخيم الجيش المنقذ له‪ ،‬وتولى‬

‫(‪ )1‬المصدر‪ :‬كتاب‪ :‬المخًلف السليماين‪ ،‬محمد بن أحمد العقيلي‪( ،‬ص‪ ،)521 ،518‬وكتاب‪ :‬نجران‬
‫تاريخ وإنسان‪ ،‬محمد طحنون آل دغرير‪( ،‬ص‪ ،)160‬وكتاب‪ :‬مئة عام من تاريخ اليمن الحديث‪،‬‬
‫الدكتور‪ :‬حسين عبداهلل العمري‪( ،‬ص‪.)326 - 324‬‬
‫(‪ )2‬ذكر صاحب كتاب‪ :‬تطور األوضاع السياسية يف جنوب غرب الجزيرة العربية‪ ،‬د‪ .‬محمد بن عبداهلل‬
‫آل زلفة‪( ،‬ص‪ :)72‬أن جيش نجران خمسة آالف مقاتل‪.‬‬
‫‪187‬‬

‫قيادته‪ ،‬واستولى على المخا(‪ )1‬يف آخر شهر شعبان ‪1264‬هـ‪1848/‬م»(‪.)2‬‬


‫[حوادث سنة ‪1267‬هـ‪1851/‬م]‬
‫حميد الدين يغزو حراز سنة ‪1267‬هـ‪:‬‬
‫ً‬
‫مشغوال يف أنس‪ ،‬فاهتبل‬ ‫«كان إمام صنعاء الهادي بن حسين [بن أحمد]‬
‫الفرصة معارضه محسن بن أحمد الذي كان يف ذي مرمر‪ ،‬فجهز ً‬
‫جيشا بقيادة‬
‫يحيى حميد الدين‪ ،‬وأرسله من صنعاء إلى الحيمة لطرد المكارمة‪ ،‬واالستيًلء‬
‫طويًل حتى سئمت القبائل‪ ،‬وعادت إلى‬
‫ً‬ ‫على الحيمة‪ ...‬ودامت الحرب بينهما‬
‫بًلدها»(‪.)3‬‬

‫المخا‪ :‬بفتح الميم والخاء‪ :‬مدينة مشهورة‪ ،‬وميناء مهم على ساحل البحر األحمر تقع غرب مدينة‬
‫(‪َ )1‬‬
‫قديما‪( :‬موزا)‪ ،‬وتعترب إحدى محافظاهتا‪ ،‬وكانت لها أدوار‬
‫كيًل‪ ،‬وكانت تسمى ً‬
‫تعز‪ ،‬وتبعد عنها ‪ً 95‬‬
‫تاريخية‪ ،‬واشتهرت بتصدير (البُ ّن)‪ .‬انظر‪ :‬معجم المدن والقبائل اليمنية‪ ،‬إلبراهيم المقحفي‪،‬‬
‫(ص‪ ،)368 ،367‬ومجموع بلدان اليمن وقبائلها لمحمد بن أحمد الحجري‪.)695 ،694/2( ،‬‬
‫(‪ )2‬المصدر‪ :‬كتاب‪ :‬المخًلف السليماين‪ ،‬محمد بن أحمد العقيلي‪( ،‬ص‪ ،)521 ،518‬وكتاب‪ :‬نجران‬
‫تاريخ وإنسان‪ ،‬محمد طحنون آل دغرير‪( ،‬ص‪ ،)160‬وكتاب‪ :‬مئة عام من تاريخ اليمن الحديث‪،‬‬
‫الدكتور‪ :‬حسين عبداهلل العمري‪( ،‬ص‪.)326 - 324‬‬
‫(‪ )3‬المرجع‪ :‬كتاب‪« :‬فرتة الفوضى وعودة األتراك إلى صنعاء»‪ ،‬السفر الثاين من تاريخ الحرازي‬
‫«رياض الرياحين»‪ ،‬تحقيق ودراسة‪ :‬الدكتور‪ :‬حسين عبداهلل العمري‪( ،‬ص‪ )70‬الحاشية‪ ،‬وكتاب‪:‬‬
‫نجران تاريخ وإنسان‪ ،‬محمد طحنون‪( ،‬ص‪.)164‬‬
‫‪188‬‬

‫[حوادث سنة ‪1272‬هـ‪1856/‬م]‬


‫لجوء الشريف الحسن بن الحسين إلى نجران‪:‬‬
‫«أما األمير الشرعي ألبي عريش (الحسن بن الحسين)(‪ ،)1‬فقد ظل‬
‫متوار ًيا حتى َق َفل األمير محمد بن عائض عايدً ا إلى عسير‪ ،‬فتوجه إلى نجران‬
‫يطلب مساعدة قبائل الياميين على استعادة إمارة أبي عريش‪ .‬ويف ليلة السادس‬
‫من شهر ذي القعدة سنة ‪ ،1273‬وصل الحسن بن الحسين وجنده النجرانيون‬
‫إلى طرف المدينة‪ ،‬فسقط يف يد الحسن بن محمد‪ ،‬فًل هو على إخًلصه البن‬
‫عائض‪ ،‬فيضم إليه الحامية وينهض برجاله القليلين‪ ،‬والحامية العسيرية‬
‫للمقاومة‪ ،‬وال أهل المدينة معه‪ ،‬فيشدون أزره‪ ،‬فقد انضموا إلى أميرهم‬
‫الحسن بن الحسين‪.‬‬
‫بعث ٍ‬
‫ثًلثة‬ ‫سبيًل إال أن يكتب للحسن بن الحسين‪ ،‬ويطلب إليه َ‬
‫فلم ير له ً‬
‫من رؤساء النجرانيين للتفاهم؛ ظنًّا منه أنه سيتمكن من استمالتهم إليه‪ ،‬فبعث‬
‫بثًلثة من رؤساء النجرانيين تحت جنح الظًلم‪ ،‬فوصلوا إلى تحت‬ ‫ٍ‬ ‫إليه الحسن‬
‫(‪)2‬‬
‫المتحصن فيه‪ ،‬ونزل إليهم‪ ،‬وأخذ التفاهم معهم‪ ،‬ومحاولة‬
‫ِّ‬ ‫حصنه الشامخ‬
‫استمالتهم‪ ،‬وذكَّرهم بوعدهم أهنم متى وصلوا إلى أبي عريش تخلفوا عن‬

‫(‪ )1‬الحسن بن الحسين بن علي الخيرايت‪.‬‬


‫(‪ )2‬الشامخ‪ :‬حصن من حصون الخيراتيين‪ ،‬بناه الحسن بن محمد بن علي بن حيدر‪ ،‬كان يقع جنوب‬
‫مشتمًل على قًلع متعددة‪ ،‬محصنًا تحصينًا جيدً ا‪.‬‬
‫ً‬ ‫مدينة أبي عريش‪ ،‬وكان‬
‫‪189‬‬

‫الحسن بن حسين وولوه‪ ،‬ووعدهم بجزيل العطاء‪ ،‬فلم يصغوا إلغرائه‪،‬‬


‫ورفضوا االنضمام إليه‪ ،‬وأفهموه أهنم ال يتخذون بمن وصل إليهم‪ ،‬ونزلوا معه‬
‫بديًل‪ ،‬ففارقهم وصعد حصنه‪.‬‬
‫ً‬
‫فًل أهل المدينة معه‪ ،‬وال الحامية العسيرية يف صفه‪ ،‬وال أهل نجران‬
‫أجابوه‪ ،‬ودخل الحسن بن حسين المدينة من غرهبا‪ ،‬وعلمت الحامية‬
‫العسيرية‪ ،‬فأطلقوا ثًلث قذائف من مدف ٍع لديهم‪ ،‬ثم توقفوا‪ ،‬وأوعز الحسن‬
‫بن حسين إلى رئيس النجرانيين علي بن حسن المكرمي(‪ )1‬بأن يتصل بالحسن‬
‫بن محمد ويستميله الدخول يف الطاعة‪ ،‬فلم تنجح المحاولة‪ ،‬وبفشلها اعتصم‬
‫الحسن بن محمد يف حصنه الشامخ مع حاشيته‪ ،‬وبدأ يف إطًلق النيران على‬
‫ٍ‬
‫وسيلة‬ ‫الحسن بن حسين وجيشه النجرانيين‪ .‬ورأى الحسن بن حسين أن خير‬
‫لمضائقته وإخضاعه هو االستيًلء على البئر المحاذية لحصنه الشامخ‪ ،‬والتي‬
‫هي المورد للحصن و َمن فيه‪ ،‬والتي لم يجعل عليها الحماية الكافية‪ ،‬وبينما‬
‫معتز بمناعة حصنه‪ ،‬وما استعدَّ به من المؤن والذخيرة التي يعتقد أنه‬
‫هو ٌّ‬
‫اعتما ًدا عليها يمكنه الصمود أيا ًما حتى يرغم خصمه على االنسحاب من‬
‫محلق يف سماء أمله‪ ،‬فإذا هو يسمع مناد ًيا من أهل المدينة‬
‫ٌ‬ ‫المدينة‪ ،‬وبينما هو‬
‫قائًل بأن سري ًة من معسكر النجرانيين متقدمة لًلستيًلء على البئر‪،‬‬
‫يحذره ً‬

‫(‪ )1‬هو‪ :‬علي بن الحسن بن محمد المكرمي‪ ،‬راجع ترجمته‪( ،‬ص‪.)193‬‬


‫‪190‬‬

‫ً‬
‫فحاال أمر بإغًلق أبواب الحصن‪ ،‬وأمر بأخذ موقع الدفاع حوله‪ .‬زحف‬
‫النجرانيون نحو البئر والحصن‪ ،‬فما قربوا منه حتى تصدى لهم جيران الحصن‬
‫جندي من رجال المكرمي‪ ،‬وحز رأسه‪ ،‬ورفع على‬‫ٌّ‬ ‫من أهل المدينة‪َ ،‬و ُقتِ َل‬
‫قليًل عن مرمى‬
‫عمود‪ ،‬فساء ذلك المكرمي‪ ،‬وأغاظه‪ ،‬فأمر جماعته بالرتاجع ً‬
‫ليًل على البيوت والمساجد القريبة من‬
‫النيران‪ ،‬وعندما دجى الظًلم‪ ،‬استولى ً‬
‫حصن الشامخ‪ ،‬ولم يشعر الحسن بن محمد يف الصباح إال والنار تطلق على‬
‫الحصن من كل جانب‪ ،‬وأحكم عليه الحصار حتى لم يتمكن واردهم من‬
‫ورود البئر‪ .‬وعندما اشتد عليه الضيق‪ ،‬أخذ يف مكاتبة الحسن بن حسين يف‬
‫طلب األمان‪ ،‬فاشرتط عليه ما يأيت‪:‬‬
‫‪ -1‬الدخول يف الطاعة‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يقوم بإخراج الحامية العسيرية من حصن دار النصر‪.‬‬
‫‪ -3‬أن يقدم اثنين من إخوانه رهنًا يبقيان يف معسكر الحسن بن الحسين‬
‫إلى أن يقوم بإخراج الحامية»(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬المخًلف السليماين‪ ،‬محمد بن أحمد العقيلي‪( ،‬ص‪ ،)573 -570‬وكتاب‪ :‬نجران‬
‫تاريخ وإنسان‪ ،‬محمد طحنون‪( ،‬ص‪ ،)165 ،164‬وكتاب‪ :‬الدُّ ُّر الثمين يف ذكر المناقب والوقائع‬
‫ألمير المسلمين‪ ،‬حسن بن أحمد عاكش‪( ،‬ص‪.)147 -142‬‬
‫‪191‬‬

‫[حوادث سنة ‪1277‬هـ‪1861/‬م]‬


‫قمع بني جبر لبغيهم على الناس‪:‬‬
‫األخبار بتعدِّ ي المكرمي الحسن بن إسماعيل‬
‫ُ‬ ‫يف شهر صفر‪ :‬جاءت‬
‫شبام(‪ )1‬إلى الحيمة‪ ،‬واستولى على ِ‬
‫الحج َرة وما واالها‪ ،‬استدعاه أهل البًلد‬
‫بسبب ال ُبغاة من بني َجبر [من قبائل خوالن] الذين يف َمف َحق لما صدر منهم‬
‫التعدي إلى أهل البًلد والمسافرين طلبوا منهم مجابي (ضريبة) زياد ًة على‬
‫المعتاد‪ ،‬وكانوا يف ابتداء األمر ُرت َبة(‪ )2‬من َلدى عامل البًلد‪ ،‬فوقعت منهم‬
‫ُ‬
‫المكرمي‬
‫َ‬ ‫الخيانة‪ ،‬وكانوا موضوعين يف َم َح ِّل األمانة‪ ،‬وقد حاصرهم أصحاب‬
‫حتى امتثلوا للصلح على حكمه‪ ،‬والبًلد اإلمامية فارغة من العمال‪ ،‬وما ثمة‬
‫مانع إال ال َعجز‪ ،‬وعدم التدبر‪ ،‬وضعف العزيمة‪ ،‬ووزراء اإلمام ال يهتدون(‪.)3‬‬
‫ٌ‬
‫[حوادث سنة ‪1278‬هـ‪1862/‬م]‬
‫فشل قبائل بني َج ْبر يف طرد مكارمة الحيمة سنة ‪1278‬هـ‪:‬‬
‫استعان محسن بن ناصر بقبائل بني جرب‪ ،‬وتوجه منهم بعصابة المرة‬
‫وتوجهت عصابة أخرى‪ ،‬ووقفوا يف سهام‬
‫َّ‬ ‫األولى‪ ،‬ورجعوا على أعقاهبم‪،‬‬

‫(‪ )1‬الداعي رقم‪ )41(:‬راجع ترجمته‪( :‬ص‪ )184‬من هذا الكتاب‪.‬‬


‫نادرا كمرادفة لكلمة المحطة‪ .‬وعادة‬
‫(‪ )2‬الرتبة‪ :‬مجموعة من الجند أقل عد ًدا من المحطة‪ .‬وتستخدم ً‬
‫ما توكَل لها مهمة حراسة المدن‪ ،‬والقًلع‪ ،‬والحصون‪.‬‬
‫(‪ )3‬المرجع‪ :‬كتاب‪ :‬السفر الثاين من تاريخ الحرازي «رياض الرياحين»‪ ،‬تحقيق ودراسة‪:‬‬
‫الدكتور‪ :‬حسين عبداهلل العمري‪( ،‬ص‪ ،)65‬وكتاب‪ :‬نجران تاريخ وإنسان‪ ،‬محمد طحنون‪،‬‬
‫(ص‪.)166 ،165‬‬
‫‪192‬‬

‫ُ‬
‫ونسأل اهلل اللطف بجميع‬ ‫ومطارح يام‪ ،‬وأهل البًلد على من كان يف َعانِز(‪،)1‬‬
‫عباده‪ .‬وهنض من كان يف (سهام) من بني جرب ومن تبعهم حتى انتهوا إلى وادي‬
‫الربح التي فيها قبائل يام‪ ،‬فقابلوهم بسهام‬
‫َمف َحق‪ ،‬وزعموا أهنم يدخلون بيت ّ‬
‫الرصاص‪ ،‬وأحربوهم حرب من ال ُيرجي السًلمة‪ ،‬ثم َخ َرجوا إليهم بالسًلح‪،‬‬
‫َّ‬
‫فهزموا بني َجبر حتى أدخلوهم سوق َمف َحق‪ ،‬وسقط قتلى كثيرون من بني‬
‫وتعقب بعد ذلك الصلح‪ ،‬وهو أسلم للجميع(‪.)2‬‬
‫َ‬ ‫جرب‪،‬‬
‫[حوادث سنة ‪1278‬هـ‪ 1862/‬م]‬
‫فك حصار القدمة وقرية الحجرة بالحيمة سنة ‪1278‬هـ‪:‬‬
‫يف شهر ربيع اآلخر‪ :‬رجع‪ ...‬يحيى بن محمد األبيض‪ ،‬والشيخ محمد‬
‫خلق‬
‫بن أحمد أبو جابر إلى الحيمة‪ ،‬واجتمع إليهم من قبائل خوالن وأرحب ٌ‬
‫كثير‪ ،‬واجتمع عليهم أهل الحيمة‪ ،‬وثارت الحرب بينهم‪ ،‬وسقط قتلى من‬
‫ٌ‬
‫الجهتين‪ ،‬فآل األمر إلى محاصرة‪ ...‬يحيى يف ال ُقدمة‪ ،‬والشيخ محمد أبو جابر‬
‫ولما ضاق‬
‫يف قرية الحجرة‪ ،‬وسرت قبائل بني جرب وغيرهم يف الحليمة‪َّ .‬‬
‫المجال بأهل الحيمة كاتبوا المكرمي الذي يف حراز‪ ،‬وأرسلوا إليه الرهائن من‬

‫(‪ )1‬عانز‪ :‬جبل واسع يشتمل على حصون وقرى عديدة من بًلد الحيمة الخارجية‪ ،‬ويقع جنوب‬
‫مفحق‪ ،‬و ُيطل جنوبًا على وادي سهام‪.‬‬
‫(‪ )2‬المصدر‪ :‬السفر الثاين من تاريخ الحرازي «رياض الرياحين»‪ ،‬للدكتور‪ :‬حسين عبداهلل‬
‫العمري‪( ،‬ص‪ ،)114‬وكتاب‪ :‬نجران تاريخ وإنسان‪ ،‬محمد طحنون‪( ،‬ص‪.)166‬‬
‫‪193‬‬

‫أبنائهم وإخواهنم‪ ،‬وساعدهم على ذلك‪ ،‬ووعدهم إلى شهر جمادى أول‪ .‬ويف‬
‫شهر جمادى أول‪ ،‬وصلت قبائل يام من حراز‪ ،‬وأميرهم يحيى بن علي‬
‫اليعربي إلى بر الحيمة‪ ،‬وأخرجوا المحاصرين يف قرية الحجرة وال ُقدمة؛ يحيى‬
‫بن محمد‪ ،‬والشيخ محمد أبو جابر‪ ،‬و َمن صحبهم من القبائل‪ ،‬ورجع يحيى‬

‫والشيخ محمد أبو جابر على َأعقاهبما‪َّ ،‬‬


‫وتفرقت ُ‬
‫قبائل َيام يف البًلد‪ ،‬وعادت يف‬
‫الحيمة بقية من القبائل يف معاقل َينتظروا ُم َصا َل َحتهم بشيء من المال(‪.)1‬‬
‫َ‬
‫[حوادث سنة ‪1278‬هـ‪ 1862/‬م]‬
‫نزول المكرمي إلى الحيمة سنة ‪1278‬هـ‪:‬‬
‫(‪)2‬‬
‫«ويف شهر رجب وصل المكرمي علي بن الحسن بن محمد المكرمي‬

‫(‪ )1‬المرجع‪ :‬كتاب‪ :‬السفر الثاين من تاريخ الحرازي «رياض الرياحين»‪ ،‬تحقيق ودراسة‪ :‬الدكتور‪:‬‬
‫حسين عبداهلل العمري‪( ،‬ص‪ ،)104 -101‬وكتاب‪ :‬نجران تاريخ وإنسان‪ ،‬محمد طحنون‪،‬‬
‫(ص‪.)167 ،166‬‬
‫(‪ )2‬علي بن الحسن بن محمد بن حسن بن هبة اهلل المكرمي‪ ،‬ووالده هو الداعي رقم‪ )40( :‬يف تسلسل‬
‫دعاة المذهب‪ ،‬ذكر يف حروب (الحيمة) يف عام ‪1279 - 1278‬هـ‪1862 -1861/‬م‪ ،‬ولم يستلم‬
‫مرسًل من‬
‫ً‬ ‫وأميرا على (الحيمة)‪ ،‬وكان‬
‫ً‬ ‫منصب من مناصب المذهب‪ ،‬غير مشاركاته يف الغزوات‪،‬‬
‫الداعي رقم (‪ )41‬يف تسلسل دعاة المذهب اإلسماعيلي الحسن بن إسماعيل بن محسن شبام‪،‬‬
‫وقد ذكرته بعض المصادر التاريخية‪ ،‬انظر‪ :‬كتاب‪« :‬فرتة الفوضى وعودة األتراك إلى صنعاء»‪،‬‬
‫السفر الثاين من تاريخ الحرازي «رياض الرياحين»‪ ،‬تحقيق ودراسة‪ :‬الدكتور‪ :‬حسين عبداهلل‬
‫العمري‪( ،‬ص‪ ،)111،130 ،109‬وكتاب‪ :‬تاريخ اليمن المسمى فرجة الهموم والحزن‪ ،‬يف‬
‫حوادث وتاريخ اليمن‪( ،‬ص‪ ،)102‬وكتاب‪ :‬نجران تاريخ وإنسان‪ ،‬محمد طحنون آل دغرير‪،‬‬
‫=‬
‫‪194‬‬

‫الحيمة ومعه زهاء خمس عشرة مائة من يام‪ ،‬ونصب المظلة‪ ،‬والعذبتين‪،‬‬

‫للرع َّية‪ ،‬وأظهر ال ُقوة بكثرة األَحمال من البارود َّ‬


‫والرصاص‬ ‫وأظهر العداء َّ‬
‫محاص َرة‬
‫َ‬ ‫والسياق من َلدَ ى الداعي الذي يف َح َراز‪ ،‬ولم يزل الجند يف‬
‫والسوق ّ‬
‫َّ‬
‫لبني َجبر الذين َق َبضوا معاقل يف البًلد‪ ،‬وقد وقعت بينهم وبين يام وقعات‪،‬‬
‫وأخرج البعض‪ ،‬وظل اآلخرون محاصرين‪ ...‬هذا خرب المكرمي‪.‬‬
‫باق يف (كَوكَبان)(‪ ،)1‬والكتب‬ ‫وأما اإلمام المنصور ُحسين الهادي‪ ،‬فهو ٍ‬
‫َ‬
‫من وزيره إلى األقطار يأمرهم بالطاعة‪ ،‬والكثير من الناس يقولون بإ َما َمتِ ِه‪،‬‬
‫َ‬
‫ويقبلون طريقته القديمة والحديثة‪ ،‬ولم يحصل من اإلمامين للمسلمين فًلح‪،‬‬
‫وال ظهر من ِ‬
‫أحدهما يف البًلد نجاح‪ ،‬وقبائل َيام َت ُّ‬
‫دب يف البًلد دبيب العقارب‪،‬‬ ‫َ‬
‫والناس يف َهرج و َمرج‪ ،‬غنم ال راعي لها‪ ،‬والذئاب تدور َحو َلها‪ ،‬ونسأل اهلل‬
‫ِ‬
‫بعباده وبًلده آمين»(‪.)2‬‬ ‫اللطف‬

‫= (ص‪ ،)167‬وشارك عام‪1272( :‬هـ‪1856/‬م) يف أحداث أبو عريش‪ ،‬راجع كتاب‪ :‬المخًلف‬
‫السليماين‪( ،‬ص‪.)573 - 570‬‬
‫(‪ )1‬كوكبان‪ :‬حصن ومدينة جميلة فوق الجبل الذي على سفحه مدينة شبام‪ ،‬وهي تبعد عن صنعاء‬
‫بـ ‪36‬كم إلى الشمال الغربي منها‪.‬‬
‫(‪ )2‬المصدر‪ :‬السفر الثاين من تاريخ الحرازي «رياض الرياحين»‪ ،‬للدكتور‪ :‬حسين عبداهلل العمري‪،‬‬
‫(ص‪ ،)109‬وكتاب‪ :‬نجران تاريخ وإنسان‪ ،‬محمد طحنون‪( ،‬ص (‪.)167‬‬
‫‪195‬‬

‫[حوادث سنة ‪1278‬هـ‪1862/‬م]‬


‫علي بن الحسن المكرمي يكمل سيطرته على حصون الحيمة‪ ،‬ومناطق‬
‫أخرى‪:‬‬
‫الحيمة‪ ،‬وأخرج الذين يف‬
‫المكرمي علي بن الحسن‪ ،‬فقد استكمل َ‬
‫َ‬ ‫«وأما‬
‫ُر َخمة(‪ ،)1‬وتقدم َجي ُشه لحصار محسن بن ناصر الذي يف جبل عانز(‪،)2‬‬
‫وأحاطت األجناد بجبل عانز‪ ،‬وحاصروا بني جبر يف ِ‬
‫الحص ِن الذي عمر‬ ‫َ‬
‫محسن صرب‪ ،‬وأوقعوا بأصحابه الذين يف طاعته‪ ،‬وقتلوهم قتل ًة واحدةً‪ ،‬وجزوا‬
‫رؤوسهم‪ ،‬وأرسلوا هبا إلى الداعي إلى َح َراز‪ ،‬وصلبت يف َمنَاخة‪ ،‬وأغار عساكر‬
‫المكرمي‪ ،‬واستولوا على جميع جبل َعانِز‪ ،‬وسهام‪ ،‬و َعابة حتى بلغوا إلى بيت‬
‫(‪)3‬‬
‫الصبار‪،‬‬
‫وحاص ُروا َمن بقي يف َمف َحق ‪ ،‬ويف حصن َّ‬
‫َ‬ ‫الس ِّيد عطية يف بًلد آنس‪،‬‬
‫وحصن ابن صرب و َعضد قبائل يام الرعايا الذين تحت وطأته من أهل حراز‬
‫والحيمة»(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬رخمة‪ :‬بلدة وحصن يف الشرق الشمالي من مدينة ذمار بمسافة خمسة كيلومرتا‪.‬‬
‫(‪ )2‬جبل عانز‪ :‬من ناحية الحيمة الخارجية وأعمال حراز‪ ،‬فيه قرى وحصون ومزارع‪( ،‬الحجري‪:‬‬
‫‪.)4/3‬‬
‫(‪ )3‬مفحق‪ :‬بلد وحصن من ناحية الحيمة الخارجية من بًلد حراز والحصون األخرى المذكورة يف‬
‫المنطقة نفسها‪.‬‬
‫(‪ )4‬المصدر‪ :‬السفر الثاين من تاريخ الحرازي «رياض الرياحين»‪ ،‬للدكتور‪ :‬حسين عبداهلل العمري‪،‬‬
‫(ص‪ ،)111‬وكتاب‪ :‬نجران تاريخ وإنسان‪ ،‬محمد طحنون‪( ،‬ص‪ ،)168 ،167‬وكتاب‪ :‬بلوغ‬
‫المرام يف شرح مسك الختام‪ ،‬حسين بن أحمد العرشي‪( ،‬ص‪.)75 ،74‬‬
‫‪196‬‬

‫[حوادث سنة ‪1279‬هـ‪1863/‬م]‬


‫فك حصار أهل عراص ببالد يريم سنة ‪1279‬هـ‪:‬‬
‫[فرقةً] من يام إلى َع َراص قدر‬ ‫(‪)1‬‬
‫ويف شهر رمضان‪ :‬أن َف َذ المكرمي‬
‫ثًلثمائة رامٍ‪ ،‬وأ َّمر عليهم مكرمي «لفك الحصار عن ذي صارف الذي فرضه‬
‫عليها حسين بن يحيى عباد»‪ ،‬واجتازوا من بًلد أنس وبًلد يريم حتى دخلوا‬
‫عراص‪ ،‬ووقعت بينهم وبين أصحاب حسين بن يحيى عباد صاحب خبان‬
‫وقعات‪ ،‬وسقط قتلى من الجيشين‪ ،‬ومنهم جماعة من ذي محمد(‪ )2‬كانوا مع‬
‫وعمر‬
‫حسين بن يحيى بن عباد‪ ،‬وكان قد ض َّيق على أهل عراص المسالك‪َّ ،‬‬
‫ثنتين نوب َفوق َقر َية ذي صارف‪ .‬وقد كان رهن أهل عراص من أبنائهم عند‬
‫ابن عباد‪ ،‬فمع وصول يام ضاقت أحوال أصحاب ابن عباد‪ ،‬واشتد ِ‬
‫الح َص ُار‬
‫على َمن يف النوب‪ ،‬وآل األمر إلى خروجهم منها‪ ،‬وكانت شامخة ال ُبنيان(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬الداعي‪ :‬الحسن بن إسماعيل بن محسن شبام‪ ،‬الداعي‪( :‬الواحد واألربعون)‪ ،‬ترجمته‪( :‬ص‪.)184‬‬
‫(‪ )2‬ذو محمد‪ :‬فرع من فروع بكيل‪ ،‬وهم ذو محمد بن غيًلن‪ ،‬ويسكنون برط وما حولها‪ ،‬ولهم فروع‬
‫كثيرة (الحجري‪ ،‬مجموع البلدان‪.)109/1( ،‬‬
‫(‪ )3‬المصدر‪ :‬السفر الثاين من تاريخ الحرازي «رياض الرياحين»‪ ،‬للدكتور‪ :‬حسين عبداهلل العمري‪،‬‬
‫(ص‪ ،)135 ،134‬وكتاب‪ :‬نجران تاريخ وإنسان‪ ،‬محمد طحنون‪( ،‬ص‪.)166‬‬
‫‪197‬‬

‫[حوادث سنة ‪1280‬هـ‪ 1864/‬م]‬


‫قبيلة دهم تغزو نجران‪:‬‬
‫جاءت األخبار بأن قبيلة دهم تتجهز وتستعد لغزو نجران‪ ،‬فلما بلغ‬
‫ٍ‬
‫زعيم من زعماء دهم‪،‬‬ ‫ً‬
‫رسوال إلى هضبان‬ ‫الخرب قبيلة يام أهل نجران‪ ،‬أرسلوا‬
‫وطلبوا منه أن يثني قبيلة دهم عن غزو نجران‪ ،‬ولكنه رد أنه ال يستطيع منعهم‬
‫ما داموا قد استعدوا‪ ،‬وظهر ذلك بينهم‪ ،‬فلما وصلوا أطراف نجران يف مكان‬
‫يسمى‪( :‬الخليف)‪ ،‬تلقتهم قبائل يام‪ ،‬ونشب القتال‪ ،‬وآل األمر إلى هزيمة قبيلة‬
‫وتم َأسر البعض منهم(‪.)1‬‬
‫دهم‪َّ ،‬‬
‫يقول الشاعر حمير بن فارس بن شلة الفهادي يف معركة الخليف‪:‬‬
‫جاينا يا ابن الكــــــرام‬ ‫أيش علمـك بالعــًلم‬
‫جايكم نبغا الصــًلح‬ ‫قال أنا من صبيان يام‬
‫يف مطاليق الرجـــــال‬ ‫كن حديثي يف المضال‬
‫ثم تكامل بالنجـــــاح‬ ‫مثل دبس يوم ســــــال‬
‫مثل بحــر مستــديـــر‬ ‫قالوا إنحن من كثيـــــر‬
‫يف المحاجر والبياح‬ ‫وبه الزم قد نـغـــيــــــر‬
‫فعلهم يجلي الغسام‬ ‫قال توكم صبيان يــام‬

‫(‪ )1‬المصدر‪ :‬كتاب‪ :‬نجران تاريخ وإنسان‪ ،‬محمد طحنون آل دغرير‪( ،‬ص‪ )169‬ورواية حمدان بن‬
‫محيريق آل فهاد‪ ،‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬شعراء يام‪ ،‬مهدي بن مسفر بن مانع آل راكه‪( ،‬ص‪.)87‬‬
‫‪198‬‬

‫مثل عد ما يــــــمـــــــــاح‬ ‫كنــَّهــــــم ِو ٍ‬


‫رد حـيــــام‬
‫فعلهم سوء من َّكــــــــــــر‬ ‫البتي صبــيــان مــــذكر‬
‫مروية روس الرمـــــــاح‬ ‫عــجـــهــم غيم مع َّكـــر‬
‫هل صباوين وخـــيـــــل‬ ‫البتــــي تـــرثـــــة وعيل‬
‫يف المناشي يــــــوم الح‬ ‫كنــــهــــم بـراق لـــيـــل‬
‫اقتضينــــا كل ديـــــــــن‬ ‫(‪)1‬‬
‫يوم قدَّ منا حسيــــــــن‬
‫يوم يف وجهه فــــــــًلح‬ ‫يوم مـــــا يرضى بشيـن‬
‫عرفج(‪ )3‬خًل الولـيــــف‬ ‫(‪)2‬‬
‫عقب ملقا يف الخليف‬
‫لين يدعي بالصــــًلح‬ ‫وذاك ما جوب الحفيف‬
‫مــن على قباء شنـوف‬ ‫جـــاء حــليمان(‪ )4‬يـزوف‬
‫يف ظهورهم الصحـاح‬ ‫معجبه ضرب السيــوف‬
‫والتًَّلهم يف السليـــــل‬ ‫وابـــن رزقـــان(‪)5‬غلـيـــل‬

‫(‪ )1‬حسين بن مانع بن زاهر آل جابر جد آل أبو ساق‪.‬‬


‫(‪ )2‬الخليف‪ :‬مكان جنوب شرق نجران‪ ،‬وقعت فيه معركة بين قبيلة دهم من بكيل الهمدانية وبين‬
‫قبيلة يام من حاشد الهمدانية‪.‬‬
‫(‪ )3‬عرفج‪ :‬من شيوخ قبيلة دهم‪.‬‬
‫(‪ )4‬ابن حليمان‪.‬‬
‫(‪ )5‬ابن رزقان‪ :‬من قبيلة آل رزق‪.‬‬
‫‪199‬‬

‫مضرب الرزقي(‪ )1‬قراح‬ ‫من على غوج طويـــــــل‬


‫من على قباء عنــــــــود‬ ‫كن أقبيبان(‪ )2‬هـــــــــدود‬
‫ال هبد يف الحلـــق راح‬ ‫مأخذ سيف وعـــــــــــود‬
‫يا لمجحود(‪ )3‬ضمــــود‬ ‫يا وجودي بالوجـــــــود‬
‫وهم مقاويد الصـًلح‬ ‫هم مقابيس الحــــــروب‬
‫يوم هي و َّفت قدرهم‬ ‫ليت أخو فارة(‪ )4‬حضرهم‬
‫البـتــــي ســــم ذحاح‬ ‫ما تـجـــــ َّمـــل من قربهم‬
‫[حوادث سنة ‪1281‬هـ‪1865/‬م]‬
‫غزو ابن حيدر اليامي لبالد آنس‪:‬‬
‫الس ِنة المذكورة وقعت فتنة يف بًلد آنس يف مخًلف‬
‫يف شهر رجب من َّ‬
‫الحروب مت َك ِّ‬
‫ررةً‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫بني سعد بين ابن حيدر اليامي وأهل البًلد‪ ،‬ولم َت َزل‬
‫واجتمعت المخاليف على جند ابن حيدر‪ ،‬وا َّتقت أنفسهم من دخول يام‬
‫الوقعات على ُجند ابن َحيدَ ر‪ ،‬وسقط منهم‬
‫بًلدهم‪ ،‬وكانت الدائر ُة يف جميع َ‬
‫قتلى زياد ًة على مائة قتيل‪ ،‬ومن أهل البًلد أقل من قتلى يام‪ ،‬وآل األمر إلى‬

‫(‪ )1‬الرزقي‪ :‬نسبة لقبيلة آل رزق من مواجد بن مذكر‪.‬‬


‫(‪ )2‬قبيبان من قبيلة آل فهاد ومن شيوخها يلقب بابن بدره‪.‬‬
‫(‪ )3‬آل مجحود شيوخ قبيلة آل العرجاء‪.‬‬
‫(‪ )4‬ابن فارة من قبيلة آل عبدان من آل غيدان‪.‬‬
‫‪200‬‬

‫ور َج ُعوا على‬ ‫ٍ‬


‫قرش‪َ ،‬‬ ‫الم َعاقِل و َتف ِري ِغ البًلد‪ ،‬وصالحوهم بألفي‬
‫إخراجهم من َ‬
‫أع َقابِ ِهم إلى َصعفان(‪ )1‬خائبين(‪.)2‬‬
‫[حوادث سنة ‪1283‬هـ‪ 1867/‬م]‬
‫سعود بن فيصل(‪ )3‬يستعين بيام أهل نجران (‪1283‬هـ)(‪.)4‬‬
‫وحين فشل سعود بن فيصل يف الحصول على معونة عسكرية من محمد‬
‫بن عائض‪ ،‬توجه إلى نجران حيث رحب به رئيسها وأيده‪ ،‬ولم يكن ذلك‬
‫الموقف غير متوقع من الرئيس(‪ )5‬النجراين‪ ،‬فقد كان ال يتعاطف مع الحكم‬
‫السن َّية التي نادى هبا الشيخ محمد بن عبد‬
‫السعودي القائم على أساس العقيدة ُّ‬
‫الوهاب‪ ،‬ولع َّله رأى تشجيع انقسامات داخل األسرة السعودية مما يضعف‬

‫(‪ )1‬صعفان‪ :‬جبل مشهور بالقرب من مناخة من بًلد حراز يف غربي صنعاء‪ ،‬يرتفع ثًلثة آالف مرتا عن‬
‫سطح البحر‪ ،‬وهو جبل غني بالزروع‪ .‬انظر‪ :‬المقحفي‪ ،‬معجم البلدان والقبائل اليمنية‪.)910/1( ،‬‬
‫(‪ )2‬المصدر‪ :‬السفر الثاين من تاريخ الحرازي «رياض الرياحين»‪ ،‬للدكتور‪ :‬حسين عبداهلل العمري‪،‬‬
‫(ص‪ ،)160‬وكتاب‪ :‬نجران تاريخ وإنسان‪ ،‬محمد طحنون‪( ،‬ص‪.)170‬‬
‫(‪ )3‬اإلمام سعود بن فيصل بن تركي بن عبداهلل‪1291 - ...( :‬هـ)‪ُ :‬ولد ونشأ بالرياض وكان شجاعًا‬
‫مقدا ًما‪ ،‬ولما ُتويف والده ثار على أخيه (عبداهلل بن فيصل) فنشبت بينهما معارك كثيرة انتهت‬
‫باستيًلء سعود على الرياض واألحساء‪ ...‬وبسبب صراعهما على الحكم كانت هناية الدولة‬
‫مما أطمع الخصوم‪ .‬تويف سعود‬
‫السعودية الثانية؛ حيث تفرقت الديار النجدية إلى إمارات متصارعة َّ‬
‫بن فيصل عام ‪1291‬هـ‪ .‬األعًلم (‪.)92 -91/3‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬شبه الجزيرة العربية للزركلي‪( ،‬ص‪ ،)47‬وكتاب‪ :‬البادية بين عراقة الماضي وأصالة‬
‫الحاضر‪ ،‬محمد خالد الشرعبي العنزي‪.)469 ،468 /1( ،‬‬
‫(‪ )5‬أحمد بن إسماعيل المكرمي ‪ -‬الداعي الثاين واألربعين‪.‬‬
‫‪201‬‬

‫تمت بصلة القرابة‬


‫ذلك الحكم‪ .‬وكانت قبائل نجران يامية األصل‪ ،‬وهي لهذا ُّ‬
‫لقبيلة العجمان اليامية التي كانت عًلقتها بعبداهلل بن فيصل سيئةً‪ ،‬ثم وفدت‬
‫فئات من بعض القبائل‪ ،‬مثل‪ :‬العجمان‬
‫إلى سعود بن فيصل وهو يف نجران ٌ‬
‫وآل ُم َّرة‪ ،‬فتكونت لديه قوة شجعته على أن يسير هبا لمحاربة أخيه عبداهلل‪.‬‬
‫وانطلق من نجران إلى وادي الدواسر حيث لقيت حركته الكثير من النجاح‪،‬‬
‫فجهز‬ ‫ضمين إليه(‪ .)1‬وكان أخوه عبداهلل على ٍ‬
‫علم بتحركاته‪َّ ،‬‬ ‫وازداد عدد المن ِّ‬
‫كبيرا بقيادة أخيه محمد للوقوف يف وجه تقدُّ م سعود‪ .‬وتقابل األخوان‬ ‫ً‬
‫جيشا ً‬
‫وج ِر َح يف المعركة‪،‬‬
‫فه ِز َم سعود‪ُ ،‬‬
‫المع َت َلى ‪ُ ،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫محمد وسعود‪ ،‬بجيشيهما يف ُ‬
‫و ُقتِ َل كثير من أتباعه‪ ،‬وذلك سنة ‪1283‬هـ‪1866 /‬م‪ ،‬ثم سار سعود بعد‬
‫المع َت َلى إلى مواطن آل ُم َّرة‪ ،‬وظل عندهم حتى برئت جراحه‪ ،‬وبعد‬
‫هزيمته يف ُ‬
‫ذلك توجه إلى ُعمان(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬قبيلة الدواسر‪ ،‬بادي بن فيحان الدوسري‪( ،‬ص‪.)294‬‬


‫(‪ )2‬موقع جنوب نجد تقابل فيه جيش عبداهلل وسعود‪ ،‬وقد خسر فيه الطرفان العديد من القتلى‪ ،‬وكانت‬
‫الهزيمة فيها لجيش سعود‪ ،‬الذي جرح يف المعركة ففر إلى بادية االحساء؛ حيث لجأ إلى (آل ُم َّرة) الذين‬
‫ً‬
‫محاوال إيجاد حليف له هناك‪ .‬انظر‪:‬‬ ‫ثم ارتحل إلى الربيمي‪،‬‬
‫ضمدوا جراحه وأخفوه إلى حين بينهم‪َّ ،‬‬
‫َّ‬
‫كتاب‪ :‬تاريخ اإلحساء السياسي (‪1913 - 1818‬م)‪ ،‬للدكتور‪ :‬محمد عرابي نخله‪ ،‬الناشر‪ :‬منشورات‬
‫ذات السًلسل‪ ،‬الطبعة األولى‪1400 :‬هـ‪1980/‬م‪( ،‬ص‪.)144 - 139‬‬
‫(‪ )3‬المصدر السابق‪( ،‬ص‪.)144 - 139‬‬
‫‪fo.78/2174-Letter No. 6,Op. Cit., 20th. Jan. 1871 .‬‬
‫=‬
‫‪202‬‬

‫[حوادث سنة ‪1284‬هـ‪1868/‬م]‬


‫غزو يام للمخالف السليماين (جازان حال ًيا)‪:‬‬
‫«يف عام ‪1281‬هـ‪1864/‬م تقدم األتراك بقيادة أحمد باشا السليماين‬
‫الستخًلص أبي عريش‪ ،‬وتمكنوا من طرد الحامية العسيرية منه‪ ،‬ثم من بندر‬
‫جازان وجميع أنحاء المخًلف‪ ،‬وأقاموا محمد بن حسين بن علي بن حيدر‬
‫باسم قائم مقام‪ ،‬وقد استمر هذا على عمله إلى أن عزل يف عام‬
‫‪1284‬هـ‪1867/‬م بأخيه زيد بن حسين‪ ،‬ثم عزل األخير بحاكم تركي‪ ،‬فاتصل‬
‫آل خي رات بقبائل يام‪ ،‬وحثوهم على غزو المخًلف‪ ،‬فنزلت تعيث يف أرجائه‬
‫فسا ًدا‪ ،‬واقرتفت من السطو والسلب والقتل ما يفوق الوصف‪ ،‬وكان‬
‫معسكرهم الرئيسي يف صامطة‪ ،‬فبعث األتراك قوة تولت طردهم»(‪.)1‬‬
‫[حوادث سنة ‪1289‬هـ‪ 1872/‬م]‬
‫استيالء القوات التركية على َح َراز‪:‬‬
‫«ويف شهر مح َّرم من السنة المذكورة ‪-‬أعني سنة تس ٍع وثمانين‪ :‬جاءت‬
‫(‪)2‬‬
‫الحديدة‪ ،‬ووضعوا محاطهم‬
‫السلطانية إلى بندر ُ‬
‫األخبار بخروج األجناد ُّ‬

‫= انظر‪ :‬كتاب‪ :‬تاريخ المملكة العربية السعودية د‪ .‬عبداهلل بن صالح العثيمين‪،)310 ،309/1( ،‬‬
‫وكتاب‪ :‬الشيعة السعوديون‪ ،‬إبراهيم الهطًلين‪( ،‬ص‪.)206‬‬
‫(‪ )1‬المصدر‪ :‬كتاب‪ :‬المخًلف السليماين‪ ،‬محمد بن أحمد العقيلي‪( ،‬ص‪ ،)524‬وكتاب‪ :‬نجران‪..‬‬
‫تاريخ وإنسان‪ ،‬محمد طحنون‪( ،‬ص‪.)171‬‬
‫(‪ )2‬محاط‪ :‬جمع محطة‪ ،‬وهي مجموعة من الجند جندوا للحرب‪ .‬وهي مرادفة لكلمة‪ :‬جيش‪.‬‬
‫‪203‬‬

‫خارج الحديدة‪ ،‬وبقوا أيا ًما‪ .‬وبعد أيا ٍم من الشهر المذكور تقدم جماعة من‬
‫(‪)2‬‬
‫األجناد السلطانية إلى باجل(‪ ،)1‬وكت ُبوا إلى الدَّ اعي أحمد بن سماعيل شبام‬
‫المتو ِّلي لبًلد حراز والحيمة‪ ،‬فاعتذر بأعذار ال تنفع‪ ،‬ورتب البًلد‪ ،‬وبقي‬
‫يراسل إلى القبائل بالوصول إليه للجهاد‪ ،‬فلم يصل إليه أحد‪.‬‬
‫محرم‪َ :‬ع َزم أحمد بن حسن شبام‬
‫ويف يوم الخميس خامس عشر شهر َّ‬
‫ولد الدَّ اعي‪ ،‬ومعه جماعة من أشرار يام وهمدان قاصدين ُمحارشة(‪ )3‬األتراك‬
‫لمناوبة الحرب بعقل ضعيف‪ ،‬ولم يعلم أنَّهم اآلخذون لمم َل َكته ومملكة أبيه‪،‬‬
‫وإذا نزل القدر‪ ،‬عمي البصر! فوصلوا إلى القرب من وادي حار‪ ،‬وأظهروا‬
‫ٍ‬
‫شيء من الخيل أو البغال على األجناد السلطانية‪ ،‬فلم‬ ‫وأسروا يف أنفسهم بأخذ‬
‫ُّ‬
‫فلما علم األجناد‬ ‫ٍ‬
‫يمكنهم غير أخذ حصان واحد! وعادوا إلى محلهم‪َّ ،‬‬
‫السلطانية بذلك‪ ،‬قاموا وقعدوا‪ ،‬وأرعدوا وأبرقوا‪ ،‬ومشوا كأنَّهم الليوث‬
‫وسو َقها‪ ،‬والداعي ال‬
‫ُ‬
‫(‪)4‬‬
‫الحجيلة‬
‫َّ‬ ‫العوابس‪ ،‬وتقدَّ موا يف ذلك اليوم‪ ،‬وأخذوا‬
‫الح ِّث على ترتيب ُ‬
‫الحصون والبًلد بمن معه من رجال يام‪ ،‬وأمر أهل‬ ‫زال يف َ‬
‫البًلد برتتيب الطرقات وحفظها‪.‬‬

‫(‪ )1‬باجل‪ :‬بلدة معروفة من هتامة تقع بين حراز والحديدة تبعد عنها نحو‪5 :‬كم (الحجري‪ ،‬مجموع‬
‫البلدان‪.)101/2( ،‬‬
‫(‪ )2‬هو‪ :‬الداعي الحسن بن إسماعيل شبام‪ ،‬وليس أحمد بن إسماعيل‪.‬‬
‫(‪ )3‬محارشة‪ :‬مناوشة‪.‬‬
‫(‪ )4‬الحجيلة‪ :‬بين باجل غربًا ومناخة شر ًقا على الطريق القديمة‪.‬‬
‫‪204‬‬

‫وتعهد لهم‪،‬‬
‫َّ‬ ‫ويف ليلة الجمعة‪ :‬وصل إليهم علي بن حيدر من يام(‪،)1‬‬
‫و َد َّل ُهم على الطريق إلى وسط بًلد َح َراز‪ ،‬فمشوا معه من ِحين ِ ِهم‪ ،‬ولما وصلوا‬
‫إلى وسط البًلد‪ ،‬أصدقوا الوضع على الغائرين من المكارمة ويام‪ ،‬وبعض من‬
‫الحرب بين‬
‫ُ‬ ‫واستمرت‬
‫َّ‬ ‫أهل البًلد‪ ،‬وتل َّقاهم األتراك بنار المدافع والبنادق‪،‬‬
‫بالسمع والطاعة‬
‫الفريقين‪ ،‬وسقط قتلى كثيرون من الغائرين‪ ،‬وأجابت البًلد َّ‬
‫للسلطان‪ ،‬وأشعلوا المنارات‪ ،‬وبقي الدَّ اعي يف حصن عتارة(‪ ،)2‬ورتب ِحص َن‬
‫(‪)3‬‬
‫فلما اشتدَّ به‬
‫متوح ‪ ،‬وولدُ ه بقي يف مناخة يف بيت الدَّ ولة هو وجماعة من يام‪َّ ،‬‬
‫ُ‬
‫الحال‪ ،‬خرج بالخزنة التي يف مناخة‪ ،‬ولما سمع بذلك أجناد الداعي ومن لم‬
‫يدخل تحت الطاعة‪ ،‬تفاشلوا‪ ،‬وبقي األتراك محاصرين ل َعتَّارة أيام‪ ،‬وحصن‬
‫(‪)4‬‬
‫الرماية إلى عتَّارة بسهام‬
‫الرتبة وبقي هلل سبحانه‪ ،‬وال زالت ِّ‬
‫متوح هرب منه ُّ‬
‫المدافع أ َّيا ًما‪ ،‬واشتدت محاصرته‪ ،‬ولما ظ َّن الداعي الهًلك وعدم السًلمة‪،‬‬
‫السلطانية َمن توسط بصلح بعد وصول الباشا المع َّظم‬
‫توسط بينه وبين األجناد ُّ‬

‫(‪ )1‬علي بن قناص بن دمنان بن الحق آل م َعيُوف اليامي‪.‬‬


‫(‪ )2‬عتارة‪ :‬قرية من بًلد حراز وهبا حصن‪ ،‬وهي على الطريق ما بين مناخة والحجيلة «معجم الحجري»‬
‫(خ) (‪.)10/3‬‬
‫(‪ )3‬متْوح‪ :‬بسكون التاء‪ ،‬حصن يف رأس جبل صعفان من قضاء َحراز‪ ،‬وبه مركز ناحية صعفان‪.‬‬
‫نادرا كمرادفة لكلمة‪ :‬المحطة‪،‬‬
‫الرتبة‪ :‬هي مجموعة من الجند أقل عد ًدا من المحطة‪ .‬وتستخدم ً‬
‫(‪ُّ )4‬‬
‫وعادة ما توكل لها مهمة حراسة المدن‪.‬‬
‫‪205‬‬

‫سيد قومه أحمد ُمختار(‪ ،)1‬وطلب وصول الدَّ اعي إليه‪ ،‬وضرب له األمان‪،‬‬
‫المسودات(‪ )2‬الحاكية لما يف بيت‬
‫َّ‬ ‫فوصل إليه‪ ،‬وتل َّقاه بالقبول‪ ،‬وطلب منه‬
‫المال‪ ،‬فس َّلم الحافظية‪ ،‬ور َّتب األجناد السلطانية بحصن عتارة‪ ،‬وطلع محافظ‬
‫والحبوب الباقي بعدما أخذ‬
‫ُ‬ ‫أحضر جميع ما يف ُحصون الدَّ اعي من األموال‬
‫أهل البًلد من حصن متوح‪ ،‬ووجدوا من كتب الباطن َّية ما وجدوا‪ ،‬ووص ُلوا هبا‬
‫أمورا ُمخالف ًة‬
‫إلى الباشا أحمد ُمختار‪ ،‬فأطلع عليها من لديه‪ ،‬ووجدوا فيها ً‬
‫ولما علم‬ ‫َّ‬
‫للشريعة النَّبو َّية‪ ،‬وظهرت فضائح الباطن َّية‪ ،‬نعوذ باهلل من خزي الدُّ نيا‪َّ .‬‬
‫الباشا بحقيقة أمرهم‪َ ،‬صدَ ر بالدَّ اعي وولديه وجماعة من المكارمة وبعض‬
‫وه َلك‬
‫وو َص َل الداعي إلى الحديدة‪َ ،‬‬
‫(‪)3‬‬
‫ُك ُتبهم إلى األبواب ُّ‬
‫السلطانية ‪َ ،‬‬
‫بالموت‪ ،‬وولدُ ُه أحمد َه َل َك يف البحر(‪ ،)4‬و َد َخ َل من بقي‪ ،‬واستولى الباشا على‬

‫البًلد‪ ،‬ور َّتب المعاقل ُ‬


‫والح ُصون‪ ،‬ووصل إليه مشايخ َح َراز‪ ،‬وضرب األمان‬
‫يف البًلد‪ ،‬وكان ألخذ َح َراز يف ُق ُلوب الناس موقِ ٌع عظيم أرجفت لذلك جميع‬
‫أقطار اليمن‪ ،‬وهرب من يام زهاء نحو اثني عشر مئة إلى الحيمة‪ ،‬وتلقاهم أهل‬
‫الحيمة‪ ،‬وأخذوا أسلحتهم وأمتعتهم‪ ،‬وبقي جماعة من يام وعامل المكرمي‬

‫(‪ )1‬هو الوالي أحمد مختار باشا خلفه يف العام التالي إسماعيل حافظ باشا‪.‬‬
‫(‪ )2‬المسودات‪ :‬السجًلت واألصول‪.‬‬
‫(‪ )3‬إلى إستانبول‪ ،‬انظر‪ :‬كتاب‪« :‬اإلسماعي لية الفكرية»‪ ،‬إبراهيم بن حسين بن حاتم المكرمي‪( ،‬ص‪.)69‬‬
‫منتحرا‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫ً‬ ‫(‪ )4‬يقال‪ :‬إنه قذف بنفسه يف البحر‬
‫‪206‬‬

‫قهرا‪،‬‬ ‫يف حصن المنصورة فوق العر(‪ ،)1‬وحاصرهم أهل البًلد‪َ ،‬‬
‫وخ َر َجوا منها ً‬
‫وحفظ البًلد أه ُلها‪ ،‬وذهب الداعي بمملكته‪ ،‬وصار من الوجود إلى العدم‪،‬‬
‫در القائل‪:‬‬ ‫فكأنما ال غدا‪ ،‬وال راح‪ ،‬وال بقي للكبش يف البطاحِ نطاح! وهلل ُّ‬
‫و َعن َقلي ٍل َك َأ َّن ُ‬
‫الحك َم لم َي ُكــــــــــــ ِن‬ ‫َت َح َّك ُموا واستَطا ُلـــوا يف َتح ُّك ِم ِهم‬
‫باآلفات ِ‬
‫والم َح ِن‬ ‫ِ‬ ‫َلو َأنصفوا َأن ِصفـــوا ِ‬
‫َف َبغى َع َلي ُ‬
‫هم الدَّ ه ُر‬ ‫لكن َب َغـــــــوا‬ ‫َ‬
‫ب َع َلى الزمــــــــــ ِن‬ ‫اك وال َعت ٌ‬ ‫َه َذا بِ َذ َ‬ ‫الحال ُتن ِشدُ ُهم‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫ولسان‬ ‫ف َأص َبحوا‬
‫فهذه عاد ُة الدنيا‪ ،‬وانتقا ُلها من حال إلى َحال»(‪.)2‬‬
‫‪42‬ـ الداعي أحمد بن إسماعيل بن محمد بن حسن بن هبة اهلل بن إبراهيم‬
‫بن محمد المكرمي‪ ،‬تولى رئاسة المذهب اإلسماعيلي يف‪ 4( :‬صفر‬
‫‪1289‬هـ‪ 13/‬أبريل ‪1872‬م)‪ ،‬وتويف يف‪ 18( :‬جماد اآلخر ‪1306‬هـ‪ 20 /‬فرباير‬
‫‪1889‬م)‪ ،‬ودفن يف (بدر الجنوب)‪ ،‬كان الموكل بإدارة شؤون نجران أثناء تولي‬
‫الحسن بن إسماعيل شبام للدعوة‪ ،‬وبعد موت األخير صار الداعي‪ .‬وحسن بن‬

‫مؤخرا‪.‬‬
‫ً‬ ‫(‪ )1‬العر‪ :‬مركز الحيمة الداخلي‪ ،‬وحصن المنصورة جنوبه وقد هتدم‬
‫الح َرازي «رياض الرياحين»‪ ،‬للدكتور‪ :‬حسين عبداهلل العمري‪،‬‬
‫(‪ )2‬المصدر‪ :‬السفر الثاين من تاريخ َ‬
‫(ص‪ ،)174 ،173 ،172 ،171‬وكتاب‪ :‬نجران‪ ..‬تاريخ وإنسان ‪ ،‬محمد طحنون‪( ،‬ص‪،172‬‬
‫الرحالة األجانب‪ ،‬الدكتور‪ :‬أحمد قايد الصايدي‪( ،‬ص‪،)334‬‬
‫‪ ،)173‬راجع كتاب‪ :‬اليمن يف عيون َّ‬
‫وكتاب‪ :‬بلوغ المرام يف شرح مسك الختام‪ ،‬حسين بن أحمد العرشي‪( ،‬ص‪.)75‬‬
‫‪207‬‬

‫هبة اهلل صاحب الحائر األولى والثانية هو جده الثالث(‪.)1‬‬


‫‪43‬ـ الداعي عبداهلل بن علي بن محمد بن عبداهلل المكرمي‪ ،‬تولى رئاسة‬
‫المذهب اإلسماعيلي يف (‪ 18‬جمادى اآلخر ‪1306‬هـ‪ 20/‬فرباير ‪1889‬م)‪،‬‬
‫وتويف يف (‪ 30‬رجب ‪1323‬هـ‪ 30 /‬دسمرب ‪1905‬م) ودفن يف (جبل شهارة)‪.‬‬
‫من مكارمة طيبة الذين لم يخرجوا عنها حتى قام يحيى محمد حميد الدين‬
‫بالهجوم على طيبة‪ ،‬وطرد من فيها من المكارمة بعد أن دمرها ودك أسوارها‪.‬‬
‫ومن ضمن َمن َأ َسرهم‪ :‬الداعي عبد اهلل بن علي المكرمي‪ ،‬وساقه إلى‬
‫(‪)2‬‬
‫أسيرا‪ ،‬وقد أدى ذلك إلى خروج قبائل يام لنجدة الداعي غير أهنم‬
‫ً‬ ‫«شهارة»‬
‫أصيبوا هبزيمة زادت من عدد األسرى‪ ،‬وقد قضى الداعي نحبه يف محبسه(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬تاريخ المخًلف السليماين‪( ،‬ج‪ ،)520 /1‬وصحيفة الصًلة اإلسماعيلية‪ ،‬لمؤلفها‪:‬‬
‫المنصوب سيد نصر اهلل‪( ،‬ص‪ ،)687‬المطبوع يف حيدر آباد‪ ،‬سنة (‪1390‬هـ)‪ ،‬وكتاب‪ :‬يف بًلد‬
‫عسير‪ ،‬فؤاد حمزة‪( ،‬ص‪ ،)175‬وكتاب‪ :‬مذكرات تركي بن محمد الماضي‪( ،‬ص‪ ،)421‬وكتاب‪:‬‬
‫السفر الثاين من تاريخ الحرازي‪( ،‬ص‪.)171 ،65‬‬
‫معقًل لهم‪ ،‬ويحتمون‬
‫ً‬ ‫كثيرا ما كان يتخذه األئمة الزيدية‬
‫(‪ )2‬شهارة‪ :‬حصن مشهور من بًلد األهنوم‪ً ،‬‬
‫فيه‪ .‬الحجري مجموع اليمن وقبائلها (‪.)460/2‬‬
‫(‪ )3‬من كتاب‪ :‬نجران األرض والناس والتاريخ‪ ،‬تأليف‪ :‬سيد الماحي‪( ،‬ص‪ ،)34 - 31‬كتاب‪:‬‬
‫إسماعيلية اليمن السليمانية‪ ،‬حمود زايد نوفل‪( ،‬ص‪ ،)270‬كتاب‪« :‬اإلسماعيلية الفكرية»‪ ،‬إبراهيم‬
‫بن حسين بن حاتم المكرمي‪( ،‬ص‪ ،)71 ،70‬وهو صاحب مخطوطة «جنة الجنان»‪.‬‬
‫‪208‬‬

‫[حوادث سنة ‪1322‬هـ‪1904/‬م]‬


‫استنجاد مكارمة اليمن بقبائل يام‪:‬‬
‫«يقول الشيخ‪ :‬سالم بن سلطان بن منيف وله من العمر نيف وثمانون عا ًما‬
‫عاشها بين صخب المعارك‪ ،‬وصليل الخناجر والسيوف‪ ،‬وقد شارك يف غزوات‬
‫كثيرة‪ ،‬فيقول الشيخ‪( :‬يف عام ‪1322‬هـ تقري ًبا قمنا بغزوة شاقة من الغزوات‬
‫الكثيرة التي حضرناها‪ ،‬وذلك يف بًلد اليمن إثر استنجاد بعض المكارمة بنا‪ .‬فقد‬
‫علمنا أن جنود اإلمام يحيى قد حاصروا إخواننا من المكارمة‪ ،‬فقطعوا عنهم الزاد‬
‫والمياه‪ ،‬وأرادوا سلب أموالهم‪ ،‬وكانوا يف وادي ظهر(‪ )1‬باليمن‪ ،‬فما كان منَّا إال‬
‫واحد منا لغزو اليمن‪ ،‬فأعددنا حوالي خمسمائة مقاتل من رجال‬ ‫ٍ‬ ‫أن استعد كل‬
‫يام برئاسة والدي الشيخ سلطان بن حسن بن منيف مع الشيخ حمد بن حسين بن‬
‫مانع‪ ،‬والشيخ جابر بن مانع بن نصيب‪ ،‬وسافرنا عن طريق هتامة‪ ،‬فمررنا بوادي‬
‫سنحان وبًلد قحطان حتى وصلنا إلى حرض‪ ،‬فقابلنا يف الطريق قو ًما يتبعون‬
‫(أحمد هيج)(‪ ،)2‬فقاتلناهم حتى أهنينا عليهم وعلى ديارهم‪ ،‬ثم زحفنا حتى‬
‫وصلنا إلى باجل‪ ،‬ثم إلى مناخة‪ ،‬فانضم لنا فيها مئات من جيوش الرتك الذين‬
‫كانوا يف طريقهم لليمن لكي يخلصوا بعض األتراك من حصار مماثل‪ُ ،‬ف ِر َض‬

‫(‪ )1‬وادي ظهر‪ٍ :‬‬


‫واد يمني يقع يف شمال غرب العاصمة صنعاء ويبعد عنها بحوالي (‪14‬كيلومرتًا) تقريبًا‪،‬‬
‫وهو ٍ‬
‫واد كبير اشتهر منذ العصور القديمة‪ .‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬خًلصة العسجد‪( ،‬ص‪.)237‬‬
‫(‪ )2‬أحمد هيج زعيم قبيلة (الواعظات) يف هتامة‪.‬‬
‫‪209‬‬

‫عليهم من ِق َب ِل اإلمام‪.‬‬
‫وتقدمنا نحن والرتك‪ ،‬فاستولينا على (مفحق)(‪ ،)1‬ثم هجمنا على‬
‫(خميس مزيور) بجوار صنعاء‪ ،‬فاشتعلت فيها حرب شديدة استولينا بعدها‬
‫على المدينة‪ ،‬ثم تقدمنا فأخذنا (أبا عان)‪ ،‬وأمسينا يف قرية (بيت مهدم)‪،‬‬
‫واتقدت فيها نار القتال‪ ،‬لكننا يف النهاية استولينا على القرية بعد فقد بعضنا‪،‬‬
‫وتقدمنا إلى مدينة (بازل)‪ ،‬فدخلنا إليها بثًلثة جيوش‪ :‬جيش قبيلة جشم من‬
‫الجنوب‪ ،‬وقبيلة مواجد من الشمال‪ ،‬وقبيلة آل فاطمة من الوسط‪ ،‬وتقدمنا‬
‫داخل المدينة حتى إن جشم أزاحت أمامها كل ما اعرتضها إلى أن دخلت‬
‫صنعاء‪ ،‬لكن الحظ لم يساعدهم‪ ،‬إذ إهنم كانوا أضعف من مقاومة جنود‬
‫اإلمام‪ ،‬فحاصرهتم جيوش اإلمام يف صنعاء‪ ،‬وقطعوا عنهم الزاد والمياه‪ ،‬وكان‬
‫األتراك مع جيش جشم يف هذا الحصار‪ ،‬و ُيح َكى أن األتراك كانوا يذبحون‬
‫البغال‪ ،‬ويأكلوهنا من الجوع‪.‬‬
‫أما مصير مواجد وآل فاطمة‪ ،‬فقد كان غري ًبا‪ ،‬إذ دعا اإلمام شيوخنا‬
‫للتفاوض معهم يف (شبام كوكبان)‪ ،‬وكان على رأس هؤالء الشيوخ‪ :‬عبداهلل بن‬
‫أحمد المكرمي‪ ،‬اتفق معهم اإلمام على أن يبقوا معه للتفاوض حول مصير جشم‬
‫بشرط أن تذهب جيوشهم إلى نجران‪ ،‬وعدنا وإذا باإلمام يقبض على الشيوخ‪،‬‬

‫(‪ )1‬مفحق‪ :‬بلد وحصن من ناحية الحيمة الخارجية من بًلد حراز‪.‬‬


‫‪210‬‬

‫ويضعهم يف السجن‪ ،‬وكان هؤالء الشيوخ هم‪ :‬الوالد سلطان بن منيف‪ ،‬وحمد‬
‫بن حسين بن منيف‪ ،‬وسالم بن مانع بن القنا‪ ،‬وحسين بن حجاج‪ ،‬والشيخ حمد‬
‫بن حسين بن مانع آل جابر‪ ،‬وأخوه جابر بن حسين بن مانع آل جابر‪ ،‬والشيخ‬
‫عبداهلل بن أحمد المكرمي‪ ،‬والشيخ جابر بن مانع بن نصيب‪.‬‬
‫وقد كان اإلمام يعاملهم يف السجن معامل ًة قاسيةً‪ ،‬إذ إنه كان يكبلهم من‬
‫أيديهم وأقدامهم بالقيود الحديدية‪ ،‬وكانت جنوده تسقيهم من مياه الربك‬
‫القذرة‪ ،‬ويقدمون لهم األكل عبارة عن (كدم)‪ ،‬وهو من الذرة والشعير‪،‬‬
‫ومخبوز من عام أو أكثر‪ ،‬وعندما سجنت بعد ذلك كانوا يصرفون لنا (بقشة)‬
‫واحدة يف اليوم مقابل األكل والشرب والكساء (الريال الفرنسي ‪ 40‬بقشة)‪.‬‬
‫المهم بعد ذلك أن بعضهم مات يف السجن مثل‪ :‬ابن نصيب‪ ،‬والباقون‬
‫ظلوا يف السجن حتى استولت جيوش (أحمد فيضي) الرتكي على القطاعات‬
‫والبًلد التي كان اإلمام يحيى قد استولى عليها قبل ذلك من الرتك‪.‬‬
‫ٍ‬
‫بفكرة بمقتضاها يطلق اإلمام يحيى‬ ‫فتقدم أمير وقائد جيوش اإلمام‬
‫سراح الشيوخ‪ ،‬لكن اإلمام رفض ذلك إال بشرط‪ ،‬وهو أن يحل أوالدهم‬
‫مكاهنم يف السجن [كرهائن])(‪.)1‬‬

‫(‪« )1‬وكانت هذه سياسة اإلمام يحيى محمد حميد الدين يف أن يضع من ِّ‬
‫كل قبيلة أو طائفة لها قوة نافذة‬
‫رهائن من شيوخها أو ابنائهم حتى يضمن عدم انقًلهبم عليه»‪ .‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬نجران ‪ ..‬تاريخ‬
‫وإنسان‪ ،‬تأليف‪ :‬محمد طحنون‪( ،‬ص‪.)175‬‬
‫‪211‬‬

‫وجاءنا يف نجران جابر بن حسين آل مانع‪ ،‬وحمد بن حسين بن منيف‪،‬‬


‫وهم من السجناء‪ ،‬ثم رجعوا إلى اإلمام بأوالد الشيخ سلطان بن حسن بن‬
‫منيف‪ ،‬والشيخ حمد بن حسين بن جابر‪ ،‬وبنا ًء عليه توجهت أنا وعلي بن مانع‬
‫بن جابر‪ ،‬فوضعنا يف السجن‪ ،‬وأطلق سراح الشيوخ‪ ،‬وبقينا نعانـي من قسوة‬
‫السجن وبشاعته ست سنوات كاملة‪ ،‬ولم يطلق سراحنا إال بعد أن بدَّ لنا‬
‫بإخواننا كديسي بن سلطان بن منيف وحسين بن حمد بن جابر‪ ،‬إذ مكثوا يف‬
‫سجنهم تسع سنوات‪ ،‬وبدلهم بعد ذلك بأوالد أعمامهم حسن بن حمد بن‬
‫منيف وعلي بن علي بن عبد الرحمن آل جابر‪.‬‬
‫وبعد أربع سنوات تويف حسن بن حمد بن منيف يف سجنه‪ ،‬فسافر والدي‬
‫سلطان بن حسن‪ ،‬وطلب من اإلمام فك سراح علي بن علي آل جابر‪ ،‬فوافق‬
‫اإلمام‪ ،‬ورجع والدي بالسجين إلى نجران)»(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬المصدر‪ :‬كتاب‪ :‬نجران األرض والناس والتاريخ‪ ،‬السيد الماحي‪( ،‬ص‪ ،)34 - 30‬تم تحرير‬
‫كتاب‪ :‬نجران األرض والناس والتاريخ‪ ،‬يف‪1396/2/1( :‬هـ)‪ ،‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬نجران‪ ...‬تاريخ‬
‫وإنسان‪ ،‬تأليف‪ :‬محمد طحنون آل دغرير‪( ،‬ص‪ ،)175 ،174‬وكتاب‪ :‬دخول نجران يف العهد‬
‫السعودي‪( ،‬دراسة تاريخية وثائقية)‪ ،‬د‪ .‬علوي عمر فريد‪( ،‬ص‪.)89‬‬
‫‪212‬‬

‫[حوادث سنة ‪1322‬هـ‪ 1904/‬م]‬


‫استعانة األتراك بيام سنة ‪1322‬هـ‪:‬‬
‫وصلت لألتراك إمدادات كثيرة جمعت من مختلف المراكز‪ ،‬ولذلك‬
‫أرادوا فك الحصار عن صنعاء‪ ،‬ولكنهم لم يفلحوا‪ ،‬بعد ذلك وصلت قوة‬
‫هائلة من الجنود األتراك بقيادة رضا باشا إلى الحديدة‪ ،‬واتجهت إلى صنعاء‬
‫يف عدة كاملة‪ ،‬وانضمت إليها طائفة من رجال يام‪ ،‬فتلقاهم أصحاب اإلمام يف‬
‫الحيمة وبًلد البستان‪ ،‬وهنبوا ما كان معهم من زاد وسًلح واستسلمت قبائل‬
‫يام‪ ،‬وقدمت الطاعة ألصحاب اإلمام الذين ساقوهم إلى كوكبان‪ ،‬ولما وصلوا‬
‫إلى كوكبان‪ ،‬أمروهم بأن يطرحوا السًلح؛ إبقا ًء على أرواحهم(‪.)1‬‬
‫‪ 44‬ـ الداعي علي بن هبة اهلل بن حسين بن الحسين بن علي بن هبة اهلل‬
‫بن إبراهيم بن محمد المكرمي‪ ،‬تولى رئاسة المذهب اإلسماعيلي يف (‪30‬‬
‫رجب ‪1323‬هـ‪ 30 /‬دسمرب ‪1905‬م)‪ ،‬وتويف يف (‪ 27‬شعبان ‪1331‬هـ‪1 /‬‬
‫أغسطس ‪1913‬م)‪ ،‬ودفن يف (بدر الجنوب)(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬المصدر‪ :‬كتاب‪ :‬نجران‪ ...‬تاريخ وإنسان‪ ،‬تأليف‪ :‬محمد طحنون آل دغرير‪( ،‬ص‪.)175‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬إسماعيلية اليمن السليمانية‪ ،‬حمود زايد نوفل‪( ،‬ص‪ ،)270‬وصحيفة الصًلة‬
‫اإلسماعيلية‪ ،‬لمؤلفها‪ :‬المنصوب سيد نصر اهلل‪( ،‬ص‪ ،)687‬المطبوع يف حيدر آباد‪ ،‬سنة‬
‫(‪1390‬هـ)‪ ،‬وكتاب‪ :‬مذكرات تركي بن محمد الماضي‪( ،‬ص‪ ،)421‬وكتاب‪« :‬اإلسماعيلية‬
‫الفكرية»‪ ،‬إبراهيم بن حسين بن حاتم المكرمي‪( ،‬ص‪.)35‬‬
‫‪213‬‬

‫‪45‬ـ الداعي علي بن محسن بن حسين شبام‪ ،‬تولى رئاسة المذهب‬


‫اإلسماعيلي يف‪ 27( :‬شعبان ‪1331‬هـ‪ 1 /‬أغسطس ‪1913‬م)‪ ،‬وتويف يف (‪10‬‬
‫رجب ‪1355‬هـ‪ 27/‬سبتمرب ‪1936‬م)‪ ،‬ودفن يف (نجران المنصورة)‪ .‬حدث‬
‫ممثًل بدولة اإلمام يحيى حميد الدين‪ ،‬والمملكة‬
‫ً‬ ‫يف عهده التسابق اليمني‬
‫(‪)1‬‬
‫للسيطرة على نجران‪ ،‬والذي انتهى بضم نجران إلى‬ ‫العربية السعودية‬
‫المملكة العربية السعودية بعد أن طلب أهل نجران من الملك عبد العزيز بن‬
‫عبد الرحمن ‪-‬ط َّيب اهلل ثراه‪ -‬االنضمام إلى المملكة العربية السعودية(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬تم تعديل اسم المملكة من (المملكة الحجازية النجدية وملحقاهتا) إلى (المملكة العربية‬
‫السعودية)‪ ،‬وذلك برقم‪ )2716(:‬يف‪ 17‬جماد األولى سنة ‪1351‬هـ الموافق ‪18‬سبتمرب سنة‬
‫‪1932‬م‪ .‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬اإلمام العادل‪ ،)358/1( ،‬تأليف‪ :‬عبدالحميد الخطيب‪1419 ،‬هـ ‪-‬‬
‫‪1999‬م‪ ،‬دارة الملك عبدالعزيز‪ ،‬وكتاب‪ :‬تاريخ ملوك آل سعود‪ ،‬تأليف‪ :‬سعود بن هذلول آل‬
‫سعود‪( ،‬ص‪.)176‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬نجران األرض والناس والتاريخ‪ ،‬تأليف‪ :‬سيد الماحي‪( ،‬ص‪ ،)11‬وكتاب‪ :‬مذكرات‬
‫تركي بن محمد الماضي‪ ،‬العًلقات السعودية اليمنية‪( ،‬ص‪ ،)421‬وكتاب‪ :‬هذه بًلدنا عن‬
‫«نجران»‪( ،‬ص‪ ،)18‬صالح بن محمد آل مريح‪ ،‬وكتاب‪ :‬صحيفة الصًلة اإلسماعيلية‪ ،‬لمؤلفها‪:‬‬
‫المنصوب سيد نصر اهلل‪( ،‬ص‪ ،)687‬المطبوع يف حيدر آباد‪ ،‬سنة (‪1390‬هـ)‪ ،‬وكتاب‪ :‬بيان عن‬
‫العًلقات بين المملكة العربية السعودية واإلمام يحيى حميد الدين‪ ،‬وزارة الخارجية السعودية‪،‬‬
‫(ص‪ ،)174‬وكتاب‪ :‬مرتفعات الجزيرة العربية‪ ،‬هاري سانت جون فيلبي‪ )686/2( ،‬مكتبة‬
‫العبيكان‪.‬‬
‫‪214‬‬

‫[حوادث سنة ‪1336‬هـ‪ 1918/‬م]‬


‫استعانة اإلدريسي بيام وحاشد وبكيل سنة ‪1336‬هـ‪:‬‬
‫رأى اإلدريسي أن العبء قد ثقل على عاتق رجال قبائل المخًلف‬
‫السليماين‪ ،‬وهم عماد قوته‪ ،‬ودعامة حركته‪ ،‬فأحب أن يدخر شي ًئا من قواهم‬
‫لما يسفر عنه المستقبل‪ ،‬السيما ولديه من المادة ما يم ِّكنه من تجنيد (جيش)‬
‫من قبائل يام‪ ،‬وقبيلتي حاشد وبكيل‪ ،‬فاستدعوا‪ ،‬فأقبلت حشودهم‪ ،‬فبعثهم‬
‫إلى (وادي مور) تحت قيادة قائدين من رجال المخًلف؛ األول‪ :‬منصور بن‬
‫حمود أبو مسمار‪ .‬والثاين‪ :‬أحمد عبداهلل بن بكري(‪.)1‬‬
‫[حوادث سنة ‪1338‬هـ‪ 1920/‬م]‬
‫حملة سعد بن عفيصان(‪ )2‬على نجران‪:‬‬
‫كشفت لنا الوثائق الربيطانية تفاصيل حملة عسكرية قام هبا سعد بن‬
‫عفيصان بجانب األمير عبدالعزيز بن مساعد آل سعود(‪ )3‬إلى نجران إلخضاع‬

‫(‪ )1‬المصدر‪ :‬تاريخ المخًلف السليماين‪ ،‬محمد بن أحمد العقيلي‪ .)730/2( ،‬وكتاب‪ :‬نجران تاريخ‬
‫وإنسان‪ ،‬محمد بن طحنون‪( ،‬ص‪.)179 ،178‬‬
‫(‪ )2‬سعد بن عفيصان هو‪ :‬سعد بن سليمان بن سعد بن إبراهيم بن سليمان بن عفيصان‪ ،‬تولى إمارة‬
‫عسير يف عام ‪1341‬هـ لمدة تسعة أشهر يف وقت كان محفو ًفا بظروف عصيبة‪ ،‬وذلك عندما استعان‬
‫آل عائض بالشريف حسين‪ ،‬فأرسل إليهم مد ًدا استطاعوا به محاصرة قصر شدا وقذفه بالمدافع‪،‬‬
‫ثم ما لبث الجيش الحجازي أن تراجع وولى هار ًبا بعد وصول قوة بقيادة ابن جامع وابن جيفان؛‬
‫وقد تويف ابن عفيصان وهو أمير على أهبا عام ‪1342‬هـ‪.‬‬
‫(‪ )3‬وهو األمير عبدالعزيز بن مساعد بن جلوي بن تركي بن عبداهلل بن سعود‪ ،‬كان واحدً ا من فرسان آل‬
‫=‬
‫‪215‬‬

‫بعض القرى المناوئة‪...‬‬


‫وهذه الحملة جرت وقائعها بعد الحملة الكبيرة التي قادها األمير ابن‬
‫مساعد لضم منطقة عسير يف عام ‪1338‬هـ أو قبلها‪ .‬وجاء يف مذكرة عن الحالة‬
‫السياسية يف نجد كتبها المعتمد السياسي يف البحرين هـ‪ .‬دكسن (ميجر) عام‬
‫‪1920‬م‪ -‬النص التالي‪:‬‬
‫«‪ ...‬عبدالعزيز بن مساعد و(ابن عفيصان)‪ ،‬وهما من أمراء ابن سعود‪،‬‬
‫مؤخرا على وادي نجران‪ ،‬كانت الغارة ناجحة تما ًما‪ ،‬وأنتجت غنائم‬
‫ً‬ ‫أغارا‬
‫كثيرة جيء هبا يف العودة‪ ،‬وفيها ‪ 160‬عبدً ا البن سعود‪ .‬وبالمناسبة لقد احتلت‬
‫ثًلثة بلدان (لم يعرف أسماؤها)‪ ،‬وأحرقت‪ .‬وعبدالعزيز بن مساعد ابن عم‬
‫البن جلوي حاكم األحساء‪ ،‬وابن عم ابن سعود‪ ...‬وكانت الجماعة الغازية‬
‫مؤلفة من خمسة آالف رجل‪ ،‬وجرت الحركات عقا ًبا ألعمال عدوانية ضد‬

‫= سعود المغاوير‪ ،‬ويجتمع مع الملك عبدالعزيز يف الجد الثالث اإلمام تركي بن عبداهلل آل سعود‪،‬‬
‫ُولد سمو األمير عبدالعزيز بن مساعد عام ‪1303‬هـ ثم نشأ على معاين الرجولة والفروسية‪ ،‬وقد‬
‫رافق الملك عبدالعزيز يف فتح الرياض عام ‪1319‬هـ‪ ،‬وقاد الجيش الفاتح لعسير عام ‪1338‬هـ‪،‬‬
‫أميرا على منطقة حائل يف‬
‫وكان أول عمل إداري أسند إليه إمارة منطقة القصيم يف عام ‪1339‬هـ ثم ً‬
‫عام ‪1341‬هـ‪ ،‬ويف عام ‪1351‬هـ ُعيِّن قائدً ا عا ًما للقوات السعودية التي قضت على فتنة اإلدريسي‬
‫يف هتامة ثم عاد ليمارس عمله يف إمارة حائل حتى عام ‪1391‬هـ ثم انتقل إلى مدينة الرياض ليستقر‬
‫هبا يف أواخر حياته؛ وقد تويف بالرياض ـ رحمه اهلل ـ عام ‪1397‬هـ‪ ،‬بعد عمر حافل بالبطولة‬
‫والتضحية يف خدمة الوطن‪.‬‬
‫‪216‬‬

‫تجار نجديين‪.)1(»...‬‬
‫[حوادث سنة ‪1339‬هـ‪ 1921/‬م]‬
‫مبايعة الشيخ دكام بن منصر للملك عبد العزيز سنة ‪1339‬هـ(‪:)2‬‬
‫لقد بايع الشيخ دكام بن منصر شيخ قبيلة آل صليع أهل حبونا الملك‬
‫عبدالعزيز رحمه اهلل‪ ،‬وذلك يف عام‪1339( :‬هـ‪1921/‬م)‪ ،‬وكان له عًلقة مع‬
‫الملك عبدالعزيز رحمه اهلل‪ ،‬حيث إن الشيخ دكام بن منصر قد توجه من وادي‬
‫حبونا باتجاه الملك عبدالعزيز سنة (‪1339‬هـ) وكان برفقته (جخير بن‬
‫مرورا يف‬
‫ً‬ ‫حرتش)(‪ )3‬و(الشيخ ناجي بن مهدي بن قعوان الخضرة لسلوم)‬
‫أميرا لوادي الدواسر من قبل الملك عبدالعزيز‪،‬‬
‫طريقه بابن عفيصان الذي كان ً‬
‫وأخربه بأنه يريد مقابلة الملك عبدالعزيز‪ ،‬فبارك خطوته‪ ،‬ثم توجه إلى‬

‫(‪ )1‬المصدر‪ :‬نجدة فتحي صفوة‪ :‬الجزيرة العربية يف الوثائق الربيطانية‪ ،)387/5( ،‬راجع كتاب‪ :‬سعد‬
‫بن عفيصان‪ ..‬فارس يف خيالة التوحيد‪ ،‬تأليف‪ :‬ماجد بن محمد العايذي‪( ،‬ص‪.)114‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬ظاهرة األمن يف عهد الملك عبدالعزيز‪ ،‬تأليف‪ :‬عبدالعزيز بن محمد اإلحيدب‪،‬‬
‫(ص‪.)137 ،136 ،135‬والعدد (‪ )68‬من جريدة أم القرى ‪10‬شوال عام ‪1344‬هـ‪.‬‬
‫راجع‪ :‬صحيفة الجزيرة‪ :‬العدد‪ ،)9530( :‬األحد ‪12‬من رجب ‪1419‬هـ‪ /‬تشرين الثاين ‪1998‬م‪،‬‬
‫(ص‪ ،)10‬والعدد‪ )9573( :‬يوم االثنين ‪ 25‬من شعبان ‪1419‬هـ ‪14 -‬من ديسمرب (كانون األول)‬
‫‪1998‬م‪( ،‬ص‪ ،)10‬والعدد ‪ ،12106‬يوم األحد ‪18‬من شوال ‪1426‬هـ ‪ 20 -‬من نوفمرب (تشرين‬
‫الثاين) ‪2005‬م‪( ،‬ص‪.)41‬‬
‫(‪ )3‬هو الشيخ‪ :‬جخير بن حرتش آل رزق من مواجد مذكر (يام)‪ .‬ابن عمه عوض بن رحمة‬
‫شيخ قبيلة آل رزق اآلن‪ ،‬بمسمى (نائب القبيلة)‪.‬‬
‫‪217‬‬

‫الرياض‪ ،‬واتجه إلى مقر الملك عبدالعزيز رحمه اهلل‪ ،‬وعندها قابل وزيره‬
‫آنذاك (ابن جميعة)‪ ،‬وأخربه بأنه يريد مقابلة الملك‪ ،‬فأدخله إليه‪ ،‬وكان أول‬
‫شيخ من مشايخ يام يقابل الملك عبدالعزيز‪ ،‬فقابله‪ ،‬وقدم له الوالء والطاعة‬
‫هو وقبائله‪ ،‬ومكث يف ضيافة الملك عبدالعزيز عشرة أيام لقي فيها كل عزة‬
‫واحرتام وتقدير‪ ،‬ثم استأذن ليعود إلى قبائله‪ ،‬فأذن له الملك عبدالعزيز‪ ،‬وبعد‬
‫أن قدم الشيخ دكام بن منصر وقبائله الوالء والطاعة للملك‪ ،‬عاد إلى منطقة‬
‫رجًل سوف يحكم شبه الجزيرة‬
‫نجران‪ ،‬وقابل مشايخ يام‪ ،‬وأخربهم بأنه قابل ً‬
‫العربية من شمالها إلى جنوهبا‪ !..‬وقد بايع الملك عبدالعزيز قبل دخول نجران‬
‫يف الحكم السعودي بـ (‪ )14‬عام‪ ،‬فكان من ضمن رعايا الملك عبدالعزيز‪،‬‬
‫وأعطاه الملك األمان هو وجخير بن حرتش) و(الشيخ ناجي بن مهدي بن‬
‫قعوان الخضرة لسلوم ) (‪.)1‬‬
‫‪46‬ـ الداعي غًلم حسين بن فرحات علي الهندي‪ ،‬تولى رئاسة المذهب‬
‫اإلسماعيلي يف تاريخ‪ 10( :‬رجب ‪1355‬هـ‪ 27/‬سبتمرب ‪1936‬م)‪ ،‬وتويف يف‪:‬‬
‫(‪ 21‬صفر ‪1357‬هـ‪ 22 /‬أبريل ‪1938‬م)‪ ،‬وهو دا ٍع من الهند(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬نص الوثيقة‪( :‬ص‪ )253‬من هذا الكتاب‪.‬‬


‫(‪ )2‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬يف بًلد عسير‪ ،‬فؤاد حمزة‪( ،‬ص‪ ،)175‬وكتاب‪ :‬صحيفة الصًلة اإلسماعيلية‪،‬‬
‫لمؤلفها‪:‬المنصوب سيد نصر اهلل‪( ،‬ص‪ ،)687‬المطبوع يف حيدر آباد‪ ،‬سنة (‪1390‬هـ)‪ ،‬وكتاب‪:‬‬
‫إسماعيلية اليمن السليمانية «المكارمة» حمود زايد نوفل‪( ،‬ص‪ ،)271‬وكتاب‪ :‬مذكرات تركي‬
‫محمد الماضي‪( ،‬ص‪.)421‬‬
‫‪218‬‬

‫‪47‬ـ الداعي الشريف الحسين بن أحمد بن الحسن بن الحسين بن‬


‫الحسين بن أحمد بن محمد بن الفهد المكرمي‪ ،‬تولى رئاسة المذهب‬
‫اإلسماعيلي يف‪ 21( :‬صفر ‪1357‬هـ‪ 22 /‬أبريل ‪1938‬م) وتويف يف (‪18‬‬
‫شعبان ‪1358‬هـ‪ 13/‬أكتوبر ‪1939‬م)‪ ،‬ودفن يف (الطائف)‪ ،‬وهو من سكان‬
‫الطائف‪ ،‬وهو الذي التقى بفؤاد حمزة(‪ ،)1‬ومنحه بعض المعلومات عن‬
‫اإلسماعيلية(‪.)2‬‬
‫‪48‬ـ الداعي علي بن الحسين بن أحمد المكرمي‪ ،‬تولى رئاسة المذهب‬
‫اإلسماعيلي يف‪ 18( :‬شعبان ‪1358‬هـ‪ 13/‬أكتوبر ‪1939‬م)‪ ،‬وتويف يف (‪12‬‬
‫جماد أول ‪1396‬هـ‪ 11/‬مايو ‪1976‬م)‪ ،‬ودفن يف‪( :‬نجران)‪ ،‬وقد ذكر تركي‬
‫محمد الماضي أمير نجران السابق يف كتابه «مذكرات تركي بن محمد‬

‫(‪ )1‬فؤاد بن أمين بن علي حمزة‪ ،‬أبو سامر (‪1371 -1317‬هـ‪1951 -1899 /‬م)‪ ،‬كاتب‪ ،‬وباحث‪،‬‬
‫خاصا للملك عبدالعزيز‪ ،‬وتقدَّ م‬
‫مرتجما ًّ‬
‫ً‬ ‫ُولد وتعلم يف عبية بلبنان‪ ،‬كان ُيحسن اإلنجليزية ف ُعيِّن‬
‫مفوضا إلى باريس‪ ،‬ومنها إلى أنقرة‪ ،‬ثم‬
‫ً‬ ‫وزيرا‬
‫وزيرا للشؤون الخارجية‪ ،‬وأشخصه ً‬
‫عنده فجعله ً‬
‫مستشارا يف خدمة الملك‪ ،‬ومنح لقب سفير ثم وزير دولة‪ُ .‬تويف يف بيروت ودفن يف‬
‫ً‬ ‫استقر بعد ذلك‬
‫َّ‬
‫عبية‪ .‬و ُعبَيه‪ :‬من قرى لبنان‪ .‬الزركلي؛ خير الدين‪ ،‬األعًلم‪.)159/5( ،‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬يف بًلد عسير‪ ،‬فواد حمزة‪( ،‬ص‪ ،)173‬وكتاب‪ :‬إسماعيلية اليمن السليمانية ‪ ،‬حمود‬
‫زايد نوفل‪( ،‬ص‪ ،)77،82،271 ،8‬وكتاب‪ :‬صحيفة الصًلة اإلسماعيلية‪ ،‬لمؤلفها‪ :‬المنصوب‬
‫سيد نصر اهلل‪( ،‬ص‪ ،)687‬المطبوع يف حيدر آباد‪ ،‬سنة (‪1390‬هـ)‪ ،‬وكتاب‪ :‬مذكرات تركي بن‬
‫محمد الماضي‪( ،‬ص‪ ،)421‬وكتاب‪ :‬مرتفعات الجزيرة العربية ‪ ،)683/2( ،‬هاري سانت جون‬
‫فيلبي‪ ،‬مكتبة العبيكان‪.‬‬
‫‪219‬‬

‫الماضي» ‪ ،‬عن العًلقات السعودية اليمنية بقوله عن الداعي علي بن حسين‪:‬‬


‫«هو الداعي إلى اآلن‪ ،‬وجميع المكارمة األحياء الموجودين يف بدر ونجران‬
‫وشهارة يف اليمن أربعة أفخاذ‪ ،‬يجتمعون يف جدٍّ أعلى اسمه‪ :‬محمد بن الفهد‬
‫السابق ذكره يف سلسلة نسب المكارمة‪ ،‬ويسكن الداعي علي بن حسين‬
‫المكرمي يف خشيوة(‪ )1‬من أوطان نجران‪ ،‬ومعه جماعة من المكارمة؛ منهم‬
‫علي بن عبداهلل‪ ،‬وحسين بن الحسن‪ ،‬وغيرهم وبقية المكارمة متفرقون يف قرى‬
‫نجران‪ ،‬ويف وادي هدادة‪ ،‬ويف قرى ٍ‬
‫بدر منهم جماعة‪ ،‬وكل قرية يكون فيها أحدٌ‬
‫من المكارمة يكون الرئيس الديني عندهم‪ ،‬ويرأسهم يف صًلهتم يف بعض‬
‫األوقات»(‪.)2‬‬
‫‪ 49‬ـ الداعي الحسين بن الحسن بن عبد اهلل بن أحمد بن إسماعيل بن‬
‫محمد بن حسن بن هبة اهلل المكرمي‪ ،‬تولى رئاسة المذهب اإلسماعيلي يف‪:‬‬
‫(‪ 12‬جمادى أول ‪1396‬هـ‪ 11/‬مايو ‪1976‬م) وتويف يف‪ 13( :‬شعبان‬

‫قديما‬
‫ً‬ ‫(‪ )1‬قام بإنشاء قرية خشيوة الداعي‪ :‬حسين أحمد المكرمي عام ‪1337‬هـ‪ ،‬على أنقاض موق ًعا‬
‫خربًا عندما علم أن هبا آبار قديمة‪ ،‬وقد َذكر ذلك لصاحب كتاب‪« :‬يف بًلد عسير» فؤاد حمزة‪ ،‬انظر‪:‬‬
‫ص‪ )186‬بقوله‪« :‬وجدت تلك اآلبار غزيرة بعد إصًلحها»‪ ،‬وتسمى حاليًا حي‪( :‬المنصورة)‪،‬‬
‫انظر‪ :‬كتاب‪« :‬اإلسماعيلية الفكرية»‪ ،‬إبراهيم بن حسين بن حاتم المكرمي‪( ،‬ص‪.)129‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬يف بًلد عسير‪ ،‬فؤاد حمزة‪( ،‬ص‪ ،)190 ،175‬وكتاب‪ :‬صحيفة الصًلة اإلسماعيلية‪،‬‬
‫لمؤلفها‪ :‬المنصوب سيد نصر اهلل‪( ،‬ص‪ ،)687‬المطبوع يف حيدر آباد‪ ،‬سنة (‪1390‬هـ)‪ ،‬وكتاب‪:‬‬
‫مذكرات تركي بن محمد الماضي‪( ،‬ص‪ ،)421‬وكتاب‪ :‬نجران‪ ،‬محمد أبو ساق‪( ،‬ص‪.)283‬‬
‫‪220‬‬

‫‪1413‬هـ‪ 7/‬فرباير‪1993‬م) ودفن يف‪( :‬المنصورة بنجران)(‪.)2()1‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬صحيفة الصًلة اإلسماعيلية‪ ،‬لمؤلفها‪ :‬المنصوب سيد نصر اهلل‪( ،‬ص‪ ،)687‬المطبوع‬
‫يف حيدر آباد‪ ،‬سنة (‪1390‬هـ)‪ ،‬وكتاب‪ :‬إسماعيلية اليمن السليمانية‪ ،‬حمود زايد نوفل‪( ،‬ص‪.)272‬‬
‫(‪ )2‬عام ‪1413‬هـ وقعت أحداث داخل المجتمع اإلسماعيلي يف نجران‪ ،‬من أهمها وربما أخطرها على‬
‫الرتكيبة اإلسماعيلية‪ :‬ما حدث على أثر وفاة الداعي حسين بن الحسن بن عبداهلل المكرمي الذي‬
‫سبق وأن كتب وصيته بعد تسلمه شؤون الدعوة ببضعة أسابيع إال أنه قبل وفاته عام ‪1993‬م ‪-‬أي‪:‬‬
‫بعد اثني عشر عا ًما من وصيته األولى‪ -‬كَتب أو ُكتب له وصية أخرى يف آخر حياته‪ ،‬وهو على فراش‬
‫واضحا يف صياغة الوصية‪ ،‬بل أهنم هم الشهود الموقعون على ما جاء‬
‫ً‬ ‫المرض ويظهر دور أوالده‬
‫مما يدل على ارتباك يف إعداد‬ ‫فيها‪ ،‬وبعد الوفاة وإظهار الوصية اتضح أن َ‬
‫الختم وضع مقلو ًبا َّ‬
‫الوصية‪ ،‬وجاء يف الوصية الثانية (نص التنصيب) إشراك محسن بن علي بن حسين المكرمي يف‬
‫َ‬
‫مسؤول بيت المال وإدارة مكتب الداعي حسين بن الحسن‪،‬‬ ‫إدارة شؤون الدعوة‪ ،‬وكان محسن هذا‬
‫وكان أبيه وجده داعيان منفردان يف عصرهما‪ ،‬وكانت الوصية الثانية الملغومة بإقحام اسم محسن‬
‫كشريك أو مساعد يعاضد الداعي المنصوص عليه‪ ،‬وهو الحسين بن إسماعيل بن إسماعيل‬
‫اهد الوصية يتضح له َتكرار إضافة ألفاظ المثنى يف صياغة الوصية مثل‬
‫المكرمي‪ ،‬والذي َش َ‬
‫(عليهما‪ ،‬ويقيمان) مما كان سببًا يف إثارة النزاع والشقاق بين أبناء الطائفة‪ ،‬فمجموعة تؤيد موقف‬
‫أي إمًلء أو تدخل المساعدين‪،‬‬
‫الداعي المنصوص عليه‪ ،‬وهو الحسين بن إسماعيل الذي يرفض َّ‬
‫ويتمسك بح ِّقه يف تحديد األسماء ما دام أنه تم اختياره داعيًا بالنص‪.‬‬
‫ويف المقابل يذهب اآلخرون مع موقف محسن بن علي الذي يتمسك هو اآلخر بدوره يف إدارة‬
‫شؤون الدعوة كما جاء يف الوصية‪ ،‬بل إنه يذهب بتأويله للنص إلى أبعد من ذلك‪ ،‬ويقول باختياره‬
‫مستقبًل داعيًا خل ًفا لحسين بن إسماعيل‪ ،‬وعندما رجحت كفة الداعي حسين بن إسماعيل وس َّلم‬
‫ً‬
‫قليًل منهم ذهبوا مع محسن بن‬
‫وجهاء الدعوة واألتباع له األمر وبايعوه على السمع والطاعة إال ً‬
‫علي الغاضب والرافض لهذه النتيجة إال أنه رضخ لمطالب األكثرية وترك مركز الدعوة (خشيوة)‬
‫واستقر فيها ويتهم من أخصامه‬
‫َّ‬ ‫استجابة لضغوط وجهاء وأعيان الطائفة‪ ،‬وذهب إلى بعض أمًلكه‬
‫بأنه استولى على جزء كبير من األموال التي كانت تحت تصرفه بحكم مسؤوليته عن بيت مال‬
‫=‬
‫‪221‬‬

‫= الدعوة‪ ،‬بل ا َّتهموه بأشنع من ذلك وهو السحر‪ ،‬وقالوا‪ :‬إنه المد ِّبر ومعه ثمانية أشخاص قاموا‬
‫بعمل السحر للداعي حسين بن إسماعيل الذي هجر مسجد خشيوة األعظم ورحل لمسجد‬
‫المشهد يف دحضة‪ ،‬وتناول هذه الحادثة شاعر يف زمن الداعي الحسين بن إسماعيل وهو أحمد‬
‫عبداهلل ناجي األزهري وقالها على مسمع من الداعي‪:‬‬
‫َخريجِ َمر ُسـو ِم َبغيض ُم ِ‬ ‫بِت ِ‬ ‫ِ‬
‫ًلفق‬ ‫ـدوا‬
‫أفســـــــــ ُ‬ ‫َثًل َثة َره ٌط ُث ّم ستــ ٌة َ‬
‫الس َر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ين تطـــ ً‬ ‫المبِ ِ‬ ‫َت َعا َموا ع ِ‬
‫ائق‬ ‫وجاءوا بإفك ألقت َسا ِم َّ‬ ‫اوال‬ ‫الح ِّق ُ‬
‫َن َ‬
‫ِ‬
‫ذائـــق‬ ‫ولذت َمـــذا ًقا آسـ ًرا كل‬ ‫َّ‬ ‫ــها‬‫َوغ ََّرهتُ ُم الدُ نيَـا بِ َجميع ُح َطامـــ َ‬
‫َو َجاءوا بأس َحار ِعظام َخ َو ِار ِق‬ ‫واأل َذى‬‫أقـصى النِّكا َي ِة َ‬ ‫َتنَاهوا إلى َ‬
‫الر ُكـو ِع لنَاطِ ِق‬ ‫ِ‬
‫َوآخـــ َرا َر َقم يف ُّ‬ ‫يـل َحـب َل إ َل َهنـــا‬ ‫حسين بن إس ِ‬
‫ماع َ‬ ‫ُ َ ُ ُ‬
‫الرهط‪ :‬الثًلثة؛ ‪ -1‬محسن بن علي المكرمي‪ -2 .‬أحمد بن علي الجمالي المكرمي‪ -3 .‬عبداهلل‬
‫محمد المزحاين (العديني)‪.‬‬
‫وألهمية معرفة هؤالء الثًلثة ذكرناهم؛ ألهنم أصحاب النفوذ يف المعارضة الح ًقا فلما سمع‬
‫القصيدة الداعي الحسين بن إسماعيل قال‪ :‬هي «عين الحقيقة»‪ ،‬وبعد ثًلثة عشر سنة ظهر نزاع آخر‬
‫أصًل‪،‬‬
‫وبعكس المشكلة السابقة‪ ،‬فلم يكن بسبب صياغة الوصية‪ ،‬بل كان لعدم وجود الوصية ً‬
‫وبداية المشكلة ظهرت يف أوايل حزيران‪ /‬يونيو‪2005 /‬م ‪1426‬هـ مع وفاة الداعي المكرمي‬
‫الذي يأيت يف المرتبة الخمسين يف السلسلة الطيبية‪ ،‬ثم السليمانية الحسين بن إسماعيل يف نجران‬
‫عن عمر يناهز الثمانين عا ًما‪ ،‬وخًلل مراسم تشييعة والصًلة عليه قام علي وهو االبن الثاين وهو‬
‫أخ االبن األكرب محمد غير الشقيق له معلنًا أمام المصلين يف مسجد خشيوة عقب صًلة الفجر‬
‫وقال‪« :‬إن والدي ووالد الجميع أوصى بأن يكون عبداهلل محمد حسين خل ًفا له؛ ألنه خيرة الموجود‬
‫تم هبا هذا التنصيب أثارت غضب وشكوك مجموعة كبيرة من أتباع الدعوة‬
‫إال أن الطريقة التي َّ‬
‫وأعيان الطائفة‪ ،‬وأحدثت ً‬
‫شرخا جديدً ا يف كيان الطائفة ما زالت تتوالى تداعياته وستستمر وستكون‬
‫سب ًبا يف تحجيم تأثيرات الزعامات الدينية يف المستقبل‪ ،‬هذه الحالة االستثنائية يف تاريخ الطائفة‬
‫مما دفع بعض‬
‫المع ّين المنصوص عليه بوصية أ َّدت إلى وجود فراغ يف رأس الطائفة‪َّ ،‬‬
‫بسبب غياب ُ‬
‫الملمين بأبجديات التنصيب إلى التوجه نحو اليمن لمقابلة محمد وهو االبن األكرب للراحل‬
‫ِّ‬ ‫الفقهاء‬
‫الحسين بن إسماعيل وأقناعه بالعودة إلى نجران وتس ّلم موقع والده‪ ،‬إال أن محمدً ا المقيم يف اليمن‬
‫=‬
‫‪222‬‬

‫َ‬
‫يحظ بالحصول على الجنسية السعودية رفض تولي منصب والده بدون‬ ‫= ويحمل جنسيتها ولم‬
‫تنص على اختياره‪ .‬وأمام هذه المشكلة اضطرت أكثرية الطائفة وج ّلها من العا َّمة والفقهاء‬
‫وصية ُّ‬
‫التقليديين الذين حفظوا دعاء الراتب بالصحيفة دون اإللمام بمعرفة وصية التنصيب عن طريق‬
‫اإلمام المسترت بقبول كًلم االبن علي وهو أن عبداهلل محمد العديني خيرة الموجود وذهبوا إلى‬
‫أبعد من هذا اللفظ‪ ،‬وأطلقوا عليه لفظ الداعي المطلق‪ ،‬وكان علي يعمل يف داخل إدارة مكتب‬
‫الداعي ويسيطر على بيت المال وشؤون الدعوة خًلل فرتة مرض والده‪ ،‬وقام علي بن حسين‬
‫المنصب عبداهلل محمد حسين ثابت المزحاين أكثر من‬
‫َّ‬ ‫بحكم مسؤوليته عن بيت الدعوة بتسليم‬
‫مئتي مليون ريال ومجموعة من صكوك األراضي والعقارات لينتقل حق التصرف هبا إلى الداعي‬
‫الجديد كما أطلق عليه الح ًقا‪.‬‬
‫ورغم أن األمور عادت إلى حدٍّ ما إلى الهدوء إال أن المفاجأة الكربى تظهر بشكل حماسي معلنة‬
‫بانشقاقها عن ذلك التنصيب الغوغائي الذي تسمي أتباعه باألعراب‪ ،‬وقد ُل ِّقبت بالحزوبرية نسبة‬
‫للمتزعم لها فارس بن مرزاح الحزوبر يسانده مجموعة كبيرة من الفقهاء وأصحاب األقًلم فأنشأوا‬
‫المنتديات و أشغلوها بالقدح فيما يحصل يف الطائفة من أمور ال تنطلي على ذي عقل‪ ،‬وكانت‬
‫مطالبهم معقولة يف نظر المنهج اإلسماعيلي‪ ،‬وهي لم يكن يهمل الداعي الراحل حسين بن‬
‫إسماعيل قضية مصيرية بالنسبة للطائفة ويرتكها بدون وصية ويتهمون ابنه بإخفاء الوصية الحقيقية‬
‫واالستيًلء على جزء كبير من أموال بيت الدعوة التي كانت تحت إدارته هذه الشكوك والمواقف‬
‫علي بن حسين‬
‫مما أ َّدى إلى اهتامهم من ّ‬
‫كانت محركًا عند فرقة الحزوبرية المتحمسين يف الطائفة َّ‬
‫بن إسماعيل بتنفيذ عدة محاوالت الغتياله ! فاشتد غضب الحزوبرية وأوعزت ألخ علي غير‬
‫الشقيق وهو محمد يمني الجنسية برفع دعوى قضائية عن طريق وكيله هادي القحص بنجران بعد‬
‫اكتشافهم التزوير من قِ َبل أخيه علي يف ِّ‬
‫صك حصر األرث وأبعاده عنوة من الت َِّركة وحرمانه من‬
‫علي وأخوته األشقاء والشهود المشاركين‬ ‫ُ‬
‫نصيبه يف األرث الذي يقدر بمئات المًليين‪ ،‬وقد أدين ّ‬
‫قضائ ًيا يف عملية التزوير وتمت إدانتهم والحكم عليهم‪ ،‬والشاهدين هما كل من‪ :‬مهدي بن ناصر‬
‫بن صالح آل هتيلة من سكان البلد القديم‪ ،‬وعلي بن صالح بن علي آل رواس من سكان الحضن‪،‬‬
‫ومن خًلل مجريات األحداث أظهروا الحزوبريون يف المنتديات كشوفات حسابات مصرفية لعدد‬
‫من المكارمة منهم الداعي حسين بن إسماعيل والداعي العديني‪ ،‬وكانت األرصدة تقدر بالمًليين‬
‫=‬
‫‪223‬‬

‫= وهي حصيلة ما يجمعه الداعي من أتباعه تحت مسميات شرعية (نذور‪ ،‬زكاة‪ ،‬فطرة‪ ،‬فكاك نفس‪،‬‬
‫عقد نكاح‪ ،‬هبات من رجال أعمال‪....‬إلى آخره)‪ ،‬وال يقتصر جمع هذه األموال على نجران‪ ،‬بل‬
‫إن للداعي وكًلء يف ِّ‬
‫كل مكان يكثر فيه المنتسبين للطائفة؛ ففي اليمن والكويت والهند وباكستان‬
‫والمنطقة الشرقية شخص يسمى مقيم أو منصوب بمثابة الجابي‪ .‬ويكون الصرف من نجران لألتباع‬
‫يف ٍّ‬
‫كل من اليمن والهند؛ لضعف مواردهم االقتصادية وتطييب لخواطرهم يف مواالة الداعي‪.‬‬
‫استمر الحال والنزاع قائم واألمور تتجدد بكوارث يف داخل الطائفة‪ ،‬ومع ظهور وسائل التواصل‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫خفت صوت المنتديات وظهر الحراك جليًّا على قنوات التواصل االجتماعي‪.‬‬
‫ويف عام ‪1436‬هـ ُتويف الداعي الذي بدون نص وهو عبداهلل محمد العديني الشيخ القبلي للمكارمة‬
‫فاتبع أوال ُده طريقة علي بن حسين بن إسماعيل‪ ،‬وهي أن والدهم أوصى أن يكون خليفته أحمد بن‬
‫علي الجمالي المكرمي‪ ،‬ويكون علي بن حاسن المكرمي مساعدً ا ومعاونًا له؛ فتوسعت الهوة‬
‫وتوالت االنشقاقات وظهرت فرقة الشبامية يتزعمها الحاج علي بن علي شبام يسانده نخبة من‬
‫الفقهاء المتمكنين يف أقوامهم وبدأوا يحشدون ويحرضون ضد الجمالي ومنصوبه علي حاسن‬
‫وتصب يف مصلحة‬
‫ُّ‬ ‫حتى رأت الفرقة الحزوبرية أن مطالب الشباميون قريبة جدًّ ا من توجهاهتم‬
‫واحدة؛ فكانت النتيجة االنضمام وجعلت يف انضمامها مبدأ‪ :‬أن الشباميين يريدون التو ُّقف على‬
‫نص الداعي حسين بن إسماعيل وهو ُّ‬
‫الحل الوحيد والمًلذ األمين لحفظ الشتات والتفرقة فمالت‬ ‫ِّ‬
‫النص والضغط على المدعو علي بن حسين‬
‫وتوحدت يف قالب التوقف على ِّ‬
‫َّ‬ ‫الحزوبرية لهم‬
‫النص الحقيقي والمتهم يف إخفائه! وأن المدعيين أهنم ُدعاة مطلقين مثل العديني‬
‫المكرمي بإظهار ِّ‬
‫والجمالي والمنصوب علي بن حاسن الذي جعل نفسه داعيًا ال صحة لدعواهم‪ ،‬وأهنم مغتصبون‬
‫توحدت‬
‫حق‪ ،‬وعلى ضوء ذلك َّ‬
‫للرتبة وهدفهم طمس المذهب واالستيًلء على األموال بدون وجه ٍّ‬
‫الفرقتان ‪-‬الحزوبرية والشبامية‪ -‬ولملمت شتاهتا تحت قيادة علي بن علي شبام ساعية مع مرور‬
‫الزمن إلسقاط المغتصبين‪ ،‬إال أن الجانب اآلخر ‪ -‬وهم المكارمة ‪ -‬رموا بكل خًلفاهتم وأرادوا‬
‫توحيد صفهم ضد هؤالء الفرقتين حتى ال يفقدوا مكانتهم الدينية واالجتماعية داخل الم ّكون‬
‫النجراين‪.‬‬
‫حاول بعض المصلحين والوجهاء يف التقريب بين المتخاصمين‪ ،‬ونبذ الخًلفات وقطع صلة‬
‫حًل قد يكون هو الفيصل وهو المناظرة‬
‫الرحم والرباءات بين األتباع إال أن الشباميون وضعوا ًّ‬
‫=‬
‫‪224‬‬

‫= العلنية أمام أبناء الطائفة‪ ،‬إال أن الجانب اآلخر رفضها قطعيًّا فانتهى األمر ومالت الكفة مع‬
‫أصحاب شرط المناظرة وكسبوا الجولة‪ ،‬ويف الجهة المقابلة تيار حركي يسمى النشطاء الحقوقيين‪،‬‬
‫وهم المشتغلون بالعمل التنظيمي والشأن السياسي‪ ،‬ويندرج تحت حركتهم مجموعة التنظيمات‬
‫الدينية التجديدية واألحزاب السياسية العلمانية‪ ،‬وهم يحافظون على حضورهم الثقايف‬
‫واالجتماعي واإلعًلمي كأفراد‪ ،‬وال يستطيعون نقد فساد ما يحدث يف واقع البيت اإلسماعيلي‪،‬‬
‫راجع كتاب‪ :‬الشيعة السعوديون‪ ،‬إبراهيم الهطًلين‪( ،‬ص‪.)211 ،210‬‬
‫‪225‬‬

‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬


‫وما توفيقي إال باهلل‪ ،‬وبه نستعين على أمور الدنيا والدين‪.‬‬
‫الحمد هلل المفتتح بحمده ذكره الحكيم‪ ،‬الجاعل من التسبيح بحمده‬
‫إقامة كل حدٍّ من مخلفه يف مقامه على المنهج القويم؛ لتتم الرحمة‪ ،‬وتتم‬
‫النعمة‪ ،‬ذلك هو الفضل العظيم‪ ،‬أحمده‪ ،‬وأشهد أنه ال إله إال هو (المتنزه عن‬
‫كل صفة مبدعاته ومخرتعاته‪ ،‬حديثها والقديم)‪.‬‬
‫وأشهد له بما شهد لنفسه‪ ،‬وما شهد له المًلئكة وأولو العلم من بريته ما‬
‫قائما بالقسط ال إله إال هو‬
‫علمت ذلك‪ ،‬وما لم أعلم‪ ،‬وفوق كل ذي علم عليم ً‬
‫العزيز الحكيم‪ ،‬وأشهد أن محمدً ا عبده ورسوله المؤتمر بأمر ربه حيث قال‬
‫اهلل تعالى‪ ( :‬ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ )‪ ،‬صلى اهلل عليه وعلى (وصيه‬
‫النازل فيه‪ ( ،‬ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ))‪ ،‬وعلى فاطمة‬
‫الزهراء مشكاة نور كل عليم‪ ،‬وعلى أبنائها الحسن والحسين الجارية فيهم ويف‬
‫عقب المستقر منهما الكلمة الباقية يف العقب حقيقة معنى النعيم‪ ،‬وسلم على‬
‫(األئمة الطاهرين المتوارثين اإلمامة ولدً ا عقب والد سبب روحان ًّيا ونس ًبا‬
‫جسمان ًّيا حسبما كان منهم يف عالم األشباح واألظلة)‪ ،‬ذلك تقدير العزيز‬
‫العليم (وعلى موالنا‪ ،‬ووالي أمرنا وصاحب عصرنا الوارث للخًلفة عن آبائه‪،‬‬
‫والراقي إلى مقام التسديس من التسبيع بأمر عظيم)‪( ،‬وعلى أبواهبم وحججهم‬
‫ودعاهتم منهم لنا إليهم األدلة‪ ،‬ومعنى األهلة وحقيقة السًلليم)‪.‬‬
‫‪226‬‬

‫الرق‪ ،‬المخرجين لنا من العدم إلى‬ ‫ُ‬


‫(وخص اللهم ُدعاتنا المعتَقين لنا من ِّ‬
‫الوجود طو ًعا و ُك ً‬
‫رها بالتسليم)‪.‬‬
‫أما بعد‪ :‬فإنه لما كان من الواجب إقامة الخلف اقتدا ًء بسنة اهلل يف الذين‬
‫تحويًل‪ ،‬وقال موالنا المعز لدين اهلل عليه‬
‫ً‬ ‫خلوا من قبل‪ ،‬ولن تجد لسنة‬
‫السًلم‪ :‬لم يكن المؤمن مؤمنًا حتى يوجد مؤمنًا مثله‪ ،‬وعلى هذا جرت سلسلة‬
‫الدعاة الحق بعد استتار أئمتهم‪ ،‬فرأيت أن أؤدي واجبي‪ ،‬واألمانة التي يف عنقي‬
‫كما أمر اهلل سبحانه أن أقيم لي خليف ًة بعد وفايت‪ ،‬فقد أقمت ونصيت وأطلقت‬
‫بعد وفايت األخ الفاضل العالم العامل حسن األخًلق والشمائل بعد اإلشارة‬
‫من مقيمي يف ابتداء هجرة المدة المذكور األخ الشريف حسين بن إسماعيل بن‬
‫إسماعيل المكرمي فيما أقامني فيه والدي وسيدي وموالي الجمالي علي ابن‬
‫س ِّيدنا حسين بن أحمد المكرمي جزاه اهلل عنا أفضل الجزاء‪ ،‬وكافاه اهلل‬
‫بالحسنى يف الثًلث الجزائر اليمن والهند والسند‪ ،‬يدعو بعدي إلى اهلل على‬
‫ٍ‬
‫بصيرة‪ ،‬والموعظة الحسنة‪ ،‬يأمر بأوامر الكتاب والسنة الواجبة المستحسنة‪،‬‬
‫ويكون الولد (محسن بن علي) له معاون‪ ،‬ويقفا عند أوامرهما ال مبتد ًعا سال ًكا‬
‫مسالك أرباب المنة‪ ،‬ويتخلقا باألخًلق الحسنة‪ ،‬ويتأ َّدبا باآلداب الواردة‬
‫بالرسالة الموجزة الكافية يف شروط الدعوة الهادية بقدر االستطاعة ومبلغ‬
‫الطاقة‪ ،‬وال حول وال قوة إال باهلل ‪ ،‬ويسعا يف إيجاد الخلف كما جرت به السنة‬
‫الخلف‪ ،‬ووجب على المناصيب والحدود والمحدودين وكافة أبناء الدعوة‬
‫الهادية السليمانية الدخول تحت أمره وطاعته‪ ،‬والرضا والتسليم ليكمل لهم‬
‫‪227‬‬

‫اإليمان‪ ،‬ويقوموا ُخدَّ ا ًما للدعوة بخدمتها تحت أمره‪ ،‬ويكونوا جمي ًعا كما قال‬
‫اهلل تعالى‪ ( :‬ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ‬
‫ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ )‪.‬‬
‫وأسأل اهلل تعالى أن يعينه ويعاونه ويوفقه ويسدده ويلهمه ويرشده‪ ،‬وال إلى‬
‫نفسه يكله‪ ،‬ويحفظه من كل خطأ وزلل يف قوله وعمله ونيته‪ .....‬أن يميل إلى‬
‫الهواء يف تقديمه وتأخيره وحفظه ورفعه بحق سيدنا محمد وآله‪ ،‬وعلى اهلل‬
‫االتكال واالعتماد وتوحيده وعبادته‪ ،‬والدعاء إلى وليه غرضنا ومقصدنا الجميع‬
‫من مضى‪ ،‬ومن عاد‪ ،‬وال حول وال قوة إال باهلل العلي العظيم‪ ،‬وصلى اهلل على‬
‫سيدنا محمد وآله أفضل الصًلة والتسليم‪ ،‬وحرر بتاريخه يوم السبت أربعة عشر‬
‫شهر رجب األصب سنة ألف وأربع مائة وأربع ‪1404/7/14‬هـ بخط الحقير‬
‫إلى اهلل صالح عوض الصلول‪.‬‬
‫شاهد‪ /‬الولد علي حسين حسن المكرمي‪.‬‬
‫شاهد‪ /‬الولد حسن حسين حسن المكرمي‪.‬‬
‫قاله وأمًله‬
‫الحقير إلى اهلل الحسين بن الحسن بن عبداهلل األحمد‪.‬‬
‫الختم‪ /‬شيخ المكارمة‬

‫‪50‬ـ الداعي الحسين بن إسماعيل المكرمي‪ ،‬تولى رئاسة المذهب‬


‫اإلسماعيلي يف‪ 13( :‬شعبان ‪1413‬هـ‪ 7/‬فرباير‪1993‬م)‪ ،‬وتويف يف‪25( :‬‬
‫‪228‬‬

‫ربيع اآلخر ‪1426‬هـ‪ 2/‬يوليو ‪2005‬م)‪ ،‬ودفن يف‪( :‬قرية رجًل)(‪ ،)1‬حدث‬
‫خًلف يف صفوف اإلسماعيلية السليمانية أثناء تولي هذا الداعي‪ ،‬فقد اعتقد‬
‫محسن بن علي المكرمي منصوب الداعي السابق الحسين بن الحسن بأنه من‬
‫سيتولى منصب الدعوة بعد وفاة األخير غير أنه فوجئ وغيره من اإلسماعيلية‬
‫بأن الوصية نصت على حسين بن إسماعيل الذي لم يكن قري ًبا من الداعي‪،‬‬
‫وال حتى من ساكني نجران‪ ،‬وهو من مكارمة طيبة اليمن‪ ،‬لكنه كان قد هاجر‬
‫إلى نجران من فرتة طويلة‪ ،‬ويحمل الجنسية السعودية‪،‬‬
‫مما أدى إلى اعرتاض محسن بن علي المكرمي على تلك الوصية‪،‬‬
‫موكًل هبا‬
‫ً‬ ‫وطعن يف صحتها‪ ،‬وقام بنهب أموال الدعوة (بيت المال) التي كان‬
‫يف والية الداعي السابق‪ ،‬وأيده يف عمله ذاك بعض من اإلسماعيلية مما جعل‬
‫اإلسماعيلية ينقسمون إلى قسمين‪( :‬حسينية ومحسنية) نسب ًة إلى المتنافسين‪،‬‬
‫وقد رمى ٌّ‬
‫كل منهما اآلخر بالسحر‪ ،‬وقد تعرض محسن بن علي وألكثر من‬
‫مرة لمحاولة قت ٍل من أنصار الداعي حسين بن إسماعيل(‪.)2‬‬
‫‪ 51‬ـ الداعي عبداهلل بن محمد بن حسين بن ثابت بن إبراهيم بن عبداهلل‬
‫بن إسماعيل عبيد بن محمد المزحاين العديني (موطنًا)‪ ،‬من عزلة المزاحن يف‬
‫المه َزاع‪ -‬ممسى المرجامة‪ .‬تولى رئاسة المذهب اإلسماعيلي‬ ‫عدين ‪-‬قرية ِ‬

‫(‪ )1‬قرية رجًل‪ :‬من قرى نجران وهي مجاورة لقرية األخدود من الجهة الشرقية‪.‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬إسماعيلية اليمن السليمانية‪ ،‬حمود زايد نوفل‪( ،‬ص‪.)272‬‬
‫‪229‬‬

‫يف‪ 25( :‬ربيع اآلخر ‪1426‬هـ‪ 2 /‬يوليو ‪2005‬م)‪ ،‬وتويف يف‪( :‬عام‬
‫‪1436‬هـ‪ 7/‬أبريل‪2015‬م)‪ ،‬وأصله من مكارمة المزاحن عدين‪ ،‬تولى‬
‫منصب المنصوب يف المزاحن بعد رحيل المنصوب الذي قبله إلى نجران‪،‬‬
‫وهو عبد اهلل بن حامد‪ ،‬وكان رحيله من المزاحن إلى نجران يف أواخر عقد‬
‫السبعينيات‪ ،‬وخلفه يف منصب المنصوب الحاج‪ :‬حزام غانم‪ ،‬وكان المنصوب‬
‫للسليمانية يف المزاحن(‪ ،)1‬وقد استطاع (عبداهلل بن محمد بن حسين) أن يثبت‬
‫جدارته‪ ،‬ومع أنه كان من أنصار محسن بن علي المكرمي ضد الداعي السابق‬
‫(حسين بن إسماعيل المكرمي) إال أنه عاد‪ ،‬وطلب العفو‪ ،‬وقد قام الداعي‬
‫قادر على‬
‫حسين بن إسماعيل بامتحانه بالكثير من األعمال حتى أثبت أنه ٌ‬
‫تجاوزها‪ ،‬ولكن أمران جعًل من توليه الدعوة غير متقب ٍل من اإلسماعيلية يف‬
‫نجران‪ ،‬وهما‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ أن اإلسماعيلية يعتقدون بأن دعاة السرت يصل عددهم إلى (‪)51‬‬
‫فقط‪ ،‬ثم يظهر إمام الزمان‪ ،‬والذي يتولى مقاليد الدولة اإلسماعيلية‪.‬‬
‫‪2‬ـ أنه الداعي الوحيد الذي لم َّ‬
‫يتول بوصية خطية من سلفه‪ ،‬ومع أن أبناء‬
‫الداعي السابق قد شهدوا بأن والدهم قد نص عليه‪ ،‬ويعتقد بعض المكارمة أن‬

‫مما حدا بالداعي‪ :‬عبداهلل بن محمد‬


‫(‪ )1‬وقد أصبح الحاج‪( :‬حزام غانم) قعيدً ا ال يستطيع أداء مهامه؛ َّ‬
‫إلى تعيين أخيه‪ :‬دبوان بن محمد بن حسين‪ ،‬منصوبًا ً‬
‫بدال عن الحاج حزام غانم‪ .‬انظر‪ :‬كتاب‪:‬‬
‫اإلسماعيلية وفرقها حقائق ووثائق‪ ،‬لعبد الرحمن المجاهد‪( ،‬ص‪.)248‬‬
‫‪230‬‬

‫ذلك بتدبير من علي بن حسين المكرمي‪ ،‬ابن الداعي السابق‪ ،‬وأنه أخفى وصية‬
‫والده ليظل المسيطر على المذهب يف نجران‪ ،‬وأن عبداهلل بن محمد‪ ،‬قد تآمر‬
‫معه(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬إسماعيلية اليمن السليمانية‪ ،‬حمود زايد نوفل‪( ،‬ص‪ ،)274‬وكتاب‪ :‬اإلسماعيلية‬
‫وفرقها حقائق ووثائق‪ ،‬لعبد الرحمن المجاهد‪( ،‬ص‪.)248‬‬
‫‪231‬‬

‫الباب األول‪:‬‬

‫الفصل اخلامس‪ :‬تعريف ببعض املكارمة الذين شاركوا يف بعض الغزوات يف‬
‫اليمن أو املخالف السليماني‬

‫‪1‬ـ عباس بن أحمد بن إسماعيل بن هبة اهلل بن إبراهيم بن محمد بن الفهد‬


‫المكرمي‪ ،‬وهو حفيد الداعي رقم (‪ ،)33‬يف سلسلة دعاة المذهب اإلسماعيلي‪،‬‬
‫وقد ُذ ِك َر يف بعض المصادر التاريخية(‪ )1‬مشاركاته يف تلك الغزوات‪ ،‬ولم يستلم‬
‫منص ًبا يف المذهب‪ ،‬وإنما مشاركات يف بعض الغزوات فقط‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ أحمد بن إسماعيل بن هبة اهلل بن إبراهيم بن محمد بن الفهد‬
‫المكرمي‪ ،‬وهو ابن الداعي رقم (‪ ،)33‬يف سلسلة دعاة المذهب اإلسماعيلي‪،‬‬
‫والداعي حسن بن هبة اهلل صاحب معركة الحائر األولى والثانية هو (عمه)‪،‬‬
‫وقد ذكر يف بعض المصادر التاريخية(‪ ،)2‬ولم يستلم منص ًبا يف المذهب‪ ،‬وإنما‬
‫له مشاركات يف بعض الغزوات فقط‪.‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬كتاب‪[ :‬نفح العود يف سيرة دولة الشريف حمود]‪ ،‬تأليف‪ :‬عبدالرحمن البهكلي (ص‪،)233‬‬
‫وكانت مشاركاته بتاريخ (‪1222‬هـ)‪ ،‬وكذلك كتاب‪ :‬مخطوطة نفح العود يف أيام الشريف حمود‪،‬‬
‫(ص‪.)294‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬كتاب‪[ :‬نزهة الظريف يف سيرة أوالد الشريف]‪ ،‬عبدالرحمن بن حسن بن علي البهكلي‪،‬‬
‫(ص‪ ،)149 ،116 ،105‬وكتاب‪[ :‬تاريخ المخًلف السليماين] (ص‪.)404،414 ،401‬‬
232
‫‪233‬‬

‫‪3‬ـ القاضي عبداهلل بن يوسف بن علي بن هبة اهلل بن إبراهيم بن محمد‬


‫بن الفهد المكرمي‪ ،‬والده هو الداعي رقم (‪ )37‬يف سلسلة دعاة المذهب‬
‫اإلسماعيلي‪ ،‬يلتقي مع حسن بن هبة اهلل صاحب معركة الحائر األولى والثانية‬
‫يف هبة اهلل بن إبراهيم‪ .‬وكانت يف تاريخ (‪1269‬هـ)‪ ،‬ولم يستلم منص ًبا يف‬
‫المذهب‪ ،‬وإنما حصل له مشاركات يف بعض الغزوات فقط(‪.)1‬‬
‫‪4‬ـ علي بن الحسن بن محمد المكرمي‪ ،‬ذكرت مشاركاته يف الغزوات يف‬
‫كتاب‪« :‬الديباج الخسرواين» (ص‪ ،)436‬وهو ابن الداعي الحسن بن محمد‬
‫بن حسن بن هبة اهلل بن إبراهيم بن محمد بن الفهد المكرمي‪ .‬وقد تمرد على‬
‫(‪)2‬‬
‫يف عام (‪1287‬هـ‪/‬‬ ‫األتراك وقاومهم يف حراز‪ ،‬وتم أخذه من عسير‬
‫‪1870‬م)‪ ،‬ونفي إلى ودوين (من أراضي الدولة العثمانية يف أوروبا)‪ ،‬وجرت‬
‫مباحثات بشأن اإلفراج عنه عام (‪1291‬هـ‪1874/‬م)(‪.)3‬‬
‫‪ 5‬ـ أحمد بن حسن بن هبة اهلل بن إبراهيم بن محمد المكرمي‪ ،‬هو ابن‬

‫(‪ُ )1‬ذكِ َرت مشاركته يف كتاب‪[ .‬الديباج الخسرواين] (ص‪ ،)512 ،511 ،436‬وكتاب‪« :‬فرتة الفوضى‬
‫وعودة األتراك إلى صنعاء»‪ ،‬السفر الثاين من تاريخ الحرازي «رياض الرياحين»‪ ،‬للدكتور‪ :‬حسين‬
‫عبداهلل العمري‪( ،‬ص‪ ،)130‬وذلك عام ‪1279‬هـ‪.‬‬
‫(‪ )2‬ال تسعفنا المصادر التاريخية كيف تم أخذه من عسير‪ ،‬وال أسباب انتقاله إلى هناك‪ ،‬وهل كان ذهابه‬
‫نجدة ألمير عسير أو غير ذلك؟‪.‬‬
‫(‪ )3‬األرشيف العثماين‪ ،‬تصنيف ‪25867I.DH. 66,69.sy.874AYNIYAT DEFT.No.‬‬
‫وكذلك كتاب‪« ،‬فرتة الفوضى وعودة األتراك إلى صنعاء»‪ ،‬السفر الثاين من تاريخ الحرازي «رياض‬
‫الرياحين»‪ ،‬للدكتور‪ :‬حسين عبداهلل العمري‪( ،‬ص‪ ،)130‬وذلك عام ‪1279‬هـ‪( ،‬ص‪.)130‬‬
‫‪234‬‬

‫الداعي حسن بن هبة اهلل صاحب معركة الحائر األولى والثانية‪ ،‬والداعي رقم‬
‫(‪ ،)34‬يف سلسلة دعاة المذهب اإلسماعيلي‪ ،‬وقد ذكر أحمد بن الحسن يف‬
‫بعض المصادر التاريخية(‪ ،)1‬ولم يستلم منص ًبا يف المذهب‪ ،‬وإنما حصل له‬
‫مشاركات يف بعض الغزوات فقط‪.‬‬
‫‪6‬ـ حاتم بن أحمد بن إسماعيل بن هبة اهلل بن إبراهيم بن محمد‬
‫المكرمي‪ ،‬وهو حفيد الداعي رقم (‪ ،)33‬يف سلسلة دعاة المذهب‬
‫اإلسماعيلي‪ .‬وقد ُذكِ َر يف بعض المصادر التاريخية(‪ )2‬مشاركاته‪ ،‬ولم يستلم‬
‫منص ًبا يف المذهب‪ ،‬وإنما هي مشاركات يف بعض الغزوات فقط(‪.)3‬‬
‫‪ 8‬ـ الداعي عبداهلل بن علي بن هبة اهلل بن إبراهيم بن محمد المكرمي‪،‬‬
‫هو الداعي رقم‪ )36( :‬يف سلسلة دعاة المذهب‪ ،‬وحسن بن هبة اهلل صاحب‬
‫الحائر األولى والثانية هو (عمه) وقد ذكر عبداهلل بن علي يف حروب المخًلف‬
‫السليماين مشاركًا يف (‪1191‬هـ ـ ‪1777/2/9‬م)‪ ،‬وذكره صاحب كتاب «نزهة‬
‫الظريف»‪( ،‬ص‪ ،)150 ،149 ،141‬وتاريخ مشاركته يف‪1202( :‬هـ ‪-‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬كتاب‪« :‬نزهة الظريف يف سيرة أوالد الشريف»‪ ،‬عبدالرحمن بن حسن بن علي البهكلي‪،‬‬
‫(ص‪.)239 ،237 ،183 ،178 ،177‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬كتاب‪« :‬نفح العود يف سيرة دولة الشريف حمود»‪ ،‬تأليف‪ :‬عبدالرحمن البهكلي (ص‪،)233‬‬
‫بتاريخ (‪1222‬هـ)‪.‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬مشاركاته يف الغزو يف كتاب‪« :‬نزهة الظريف» (ص‪ )240 ،206‬وتاريخ مشاركته‪1202(:‬هـ‬
‫‪1787 /10/12 -‬م هـ)‪ ،‬يف حروب المخًلف السليماين‪.‬‬
‫‪235‬‬

‫‪1787/10/12‬م)‪.‬‬
‫‪9‬ـ الحسن بن علي بن هبة اهلل بن إبراهيم بن محمد المكرمي‪ ،‬وحسن‬
‫بن هبة اهلل صاحب معركة الحائر األولى والثانية هو (عمه)‪ ،‬وقد ذكر يف‬
‫حروب المخًلف السليماين‪ ،‬وتاريخ مشاركاته‪ ،‬ولم يستلم من مناصب‬
‫المذهب شي ًئا(‪.)1‬‬
‫‪10‬ـ محمد بن حسن بن هبة اهلل بن إبراهيم بن محمد المكرمي‪ ،‬وهو‬
‫ابن الداعي حسن بن هبة اهلل صاحب معركة الحائر األولى والثانية‪ ،‬والداعي‬
‫رقم (‪ ،)34‬يف سلسلة دعاة المذهب اإلسماعيلي‪ ،‬وقد ُذكِ َر يف بعض المصادر‬
‫التاريخية(‪ ،)2‬ولم يستلم منص ًبا يف المذهب‪ ،‬وإنما مشاركات يف بعض‬
‫الغزوات فقط‪.‬‬
‫‪11‬ـ علي بن أحمد بن حسن بن هبة اهلل بن إبراهيم بن محمد المكرمي‪،‬‬
‫حفيد الداعي حسن بن هبة اهلل‪ ،‬الداعي رقم (‪ ،)34‬يف سلسلة دعاة المذهب‬
‫اإلسماعيلي‪ ،‬وقد ُذكِ َر يف بعض المصادر التاريخية(‪ )3‬مشاركته‪ ،‬ولم يستلم‬

‫(‪ )1‬وكانت مشاركاته يف‪1191( :‬هـ ‪1777/2/9 -‬م)‪ ،‬وذكر يف كتاب‪« :‬نزهة الظريف»‪( ،‬ص‪،121‬‬
‫‪ ،)240 ،206 ،123 ،122‬وكتاب‪ :‬المخًلف السليماين‪ ،‬محمد بن أحمد العقيلي‪.)416/1( ،‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪« :‬نزهة الظريف يف سيرة أوالد الشريف محمد بن أحمد الحسني»‪ ،‬عبدالرحمن بن حسن بن‬
‫علي البهكلي‪ ،‬دراسة وتحقيق‪ :‬سعد بن مبارك بن سعد‪ ،‬لعام ‪1428‬هـ ‪1429 -‬هـ‪ ،‬رسالة ماجستير‬
‫غير منشورة‪ .‬انظر‪ :‬كتاب‪« :‬نزهة الظريف»‪( ،‬ص‪.)237 ،177‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬المصدر‪ :‬السابق‪( ،‬ص‪.)237‬‬
‫‪236‬‬

‫منص ًبا يف المذهب‪ ،‬وإنما مشاركات يف بعض الغزوات فقط‪.‬‬


‫‪ 12‬ـ عباس بن حسن بن هبة اهلل بن إبراهيم بن محمد المكرمي ابن‬
‫الداعي رقم‪ )34( :‬يف سلسلة دعاة المذهب اإلسماعيلي‪ ،‬وقد قتل أثناء مرافقة‬
‫والده يف حرب يام مع محمد بن أحمد الخيرايت يف المخًلف السليماين عام‬
‫(‪1184‬هـ ـ ‪1770‬م)‪ ،‬مقابل قبائل (وادعة وعبيدة‪ ،‬وسحار ووائلة‪،‬‬
‫وبكيل)(‪.)1‬‬
‫‪ 13‬ـ هبة اهلل بن إسماعيل بن هبة اهلل بن إبراهيم بن محمد المكرمي ابن‬
‫الداعي رقم‪ )33( :‬يف سلسلة دعاة المذهب اإلسماعيلي‪ ،‬وقد قتل أثناء مرافقة‬
‫عمه (حسن بن هبة اهلل) يف حرب يام مع محمد بن أحمد الخيرايت يف المخًلف‬
‫السليماين عام (‪1184‬هـ ـ ‪1770‬م)‪ ،‬مقابل قبائل (وادعة وعبيدة‪ ،‬وسحار‬
‫ووائلة‪ ،‬وبكيل)(‪.)2‬‬
‫‪ 14‬ـ علي بن هبة اهلل بن إبراهيم بن محمد هو أخو‪ :‬إسماعيل وحسن‬
‫أوالد هبة اهلل الداعي رقم‪ ،)33( :‬والداعي رقم‪ )34( :‬يف سلسلة دعاة‬
‫المذهب اإلسماعيلي‪ ،‬وهو الذي تم محاصرته يف حصن (افئدة) بطيبة يف‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬المخًلف السليماين‪ ،‬محمد بن أحمد العقيلي‪ ،)408 -405 /1( ،‬وخًلصة‬
‫العسجد‪ ،‬عبدالرحمن بن الحسن البهكلي‪( ،‬ص‪.)365 -361‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬المخًلف السليماين‪ ،‬محمد بن أحمد العقيلي‪ ،)408 -405 /1( ،‬وخًلصة‬
‫العسجد‪ ،‬عبدالرحمن بن الحسن البهكلي‪( ،‬ص‪.)365 -361‬‬
‫‪237‬‬

‫اليمن‪ ،‬والذي طلب من والده الداعي رقم‪ )32( :‬يف سلسلة دعاة المذهب‬
‫اإلسماعيلي‪ ،‬فأرسل له ً‬
‫جيشا بقيادة أخيه إسماعيل‪ ،‬وذلك عام ‪1143‬هـ‬
‫ـ‪1742‬م‪ ،‬وقد مات يف عصر اإلمام المنصور الحسين(‪.)1‬‬
‫‪15‬ـ أحمد بن الحسن بن إسماعيل بن محسن شبام(‪ ،)2‬وقد هلك يف‬
‫البحر عندما أخذه األتراك مع والده إلى تركيا‪ ،‬وذلك عام (‪1289‬هـ‪/‬‬
‫‪1871‬م)‪ ،‬حيث مات والده يف الحديدة قبل نقله إلى عاصمة الخًلفة الرتكية‪،‬‬
‫راجع تعريف الداعي رقم (‪ )41‬صفحة‪ )184( :‬من هذا الكتاب‪.‬‬
‫‪16‬ـ عبداهلل بن أحمد المكرمي مات مع الداعي (عبداهلل بن علي‬
‫المكرمي) الداعي (الثالث واألربعون)‪ ،‬يف سجن اليمن‪ ،‬وتويف الداعي يف (‪30‬‬
‫رجب ‪1323‬هـ‪ 30 /‬دسمرب ‪1905‬م)‪ ،‬ودفن يف (جبل شهارة)(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬نجران تاريخ وإنسان‪ ،‬محمد طحنون‪( ،‬ص‪ ،)83‬وكتاب‪ :‬المخًلف السليماين‪ ،‬محمد‬
‫بن أحمد العقيلي‪( ،‬ص‪ ،)393‬وكتاب‪ :‬خًلصة العسجد‪ ،‬عبدالرحمن البهكلي‪( ،‬ص‪،)135‬‬
‫وكتاب‪ :‬إسماعيلية اليمن السليمانية‪ ،‬حمود زايد نوفل‪( ،‬ص‪.)115 -111‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬فرتة الفوضى وعودة األتراك إلى صنعاء‪ ،‬السفر الثاين من تاريخ الحرازي‪( ،‬ص‪،)174‬‬
‫وكتاب‪ :‬نجران تاريخ وإنسان‪ ،‬محمد بن طحنون آل دغرير‪( ،‬ص‪.)173‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬نجران األرض والناس والتاريخ‪( ،‬ص‪ ،)31‬وكتاب‪ :‬نجران تاريخ وإنسان‪ ،‬محمد‬
‫طحنون آل دغرير‪( ،‬ص‪.)175‬‬
238
‫‪239‬‬

‫الباب الثاني‬
‫الفصل األول‪ :‬العالقات السياسية بني أهل جنران وآل سعود‬

‫(‪)1‬‬
‫(‪1250‬ـ ‪1254‬هـ‪1834/‬ـ‬ ‫ففي عهد اإلمام (فيصل بن تركي)‬
‫‪1839‬م) و(‪1259‬ـ ‪1282‬هـ‪1843/‬ـ ‪1865‬م) تجددت العًلقات السياسية‬
‫بين آل سعود وقبائل يام‪ ،‬قام اإلمام (فيصل) بتجديد عهود جده اإلمام (سعود‬
‫الكبير) إلى أهالي نجران‪ ،‬وهناك روابط تاريخية وصًلت أخوية وبالذات يف‬
‫عهد الدولتين السعوديتين األولى والثانية نورد هنا بعض الوثائق التي تثبت‬
‫ذلك‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫العهد الذي قطعه اإلمام سعود(‪ )2‬الكبير إلى أهل نجران وسائر (يام)‪:‬‬
‫« من سعود إلى جناب األشراف حسين بن ناصر وحسن دهشا وحمزة‬
‫ومحمد بن حسن وحسن أحمد ومقبل بن محمد وصالح بن عبداهلل وأحمد‬

‫(‪ )1‬اإلمام فيصل بن تركي بن عبداهلل بن محمد بن سعود بن محمد بن مقرن‪ ،‬ولد عام ‪1203‬هـ‪ ،‬تولى‬
‫اإلمامة يف عام ‪1250‬هـ بعد اغتيال والده اإلمام تركي‪ ،‬وقد نجح يف فرتة حكمه األول من تثبيت‬
‫الدولة وبسط سيطرهتا على وسط الجزيرة العربية وعلى غالب شرقيها مثل‪ :‬األحساء وقطر وأجزاء‬
‫واستمر حكمه األول حتى سنة ‪1254‬هـ حيث وقع يف األسر بعد معارك خاضها مع‬
‫َّ‬ ‫من ُعمان‪،‬‬
‫العثمانيين‪ ،‬وبعد خروجه من األسر سنة ‪1259‬هـ ابتدأ فرتة حكمه الثانية حتى وفاته ‪ -‬رحمه اهلل‬
‫‪ -‬عام ‪1282‬هـ‪ ،‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬سعد بن عفيصان‪ ..‬فارس يف خيالة التوحيد‪( ،‬ص‪.)28‬‬
‫(‪ )2‬اإلمام سعود بن عبدالعزيز بن محمد بن سعود‪ ،‬راجع ترجمته (ص‪ ) 145‬من هذا الكتاب‪.‬‬
‫‪240‬‬

‫معوض وأحمد علي بن شما وصالح بن حسين مجلي(‪ ،)1‬س َّلمهم اهلل من‬
‫اآلفات‪ ،‬واستعملهم بالباقيات الصالحات‪ .‬وبعده‪ :‬ألفا (قدم) علينا مقبل بن‬
‫عبداهلل‪ ،‬وأشرف على ما نحن عليه‪ ،‬وما ندعو إليه‪ ،‬وما نأمر به‪ ،‬وما ننهى عنه‪،‬‬
‫وياصف (يوصف) لكم من الرأس ما حمله شفو ًّيا‪ ،‬وما شهده أكثر مما يف‬
‫القرطاس (الورق) إن شاء اهلل‪ ،‬ونخربكم أنَّا متبعون‪ ،‬ال مبتدعون‪ ،‬نعبد اهلل‬
‫وحده ال شريك له‪ ،‬ونتبع رسوله ‪ ‬فيما يأمر به‪ ،‬وينهى عنه‪ ،‬ونقيم الفرائض‪،‬‬
‫ونجير من تحت يدنا على العمل‪ ،‬وننهى عن الشرك باهلل‪ ،‬وننهى عن البدع‬
‫والمحرمات‪ ،‬ونقيم الحدود‪ ،‬ونأمر بالمعروف‪ ،‬وننهى عن المنكر‪ ،‬ونأمر‬
‫بالعدل والوفاء بالعهود والمكاييل والموازين وبر الوالدين وصلة األرحام‪.‬‬
‫هذا صفة ما نحن عليه‪ ،‬وما ندعو الناس إليه‪ ،‬فمن أجاب وعمل بما ذكرناه‪،‬‬
‫فهو أخونا المسلم حرام المال والدم‪ ،‬ومن أبى قاتلناه حتى يدين بما ذكرناه‪،‬‬
‫وأنتم أخص الناس باتباع محمد ‪ ،‬والحق عليكم أكرب منه على غيركم‪،‬‬
‫واإلسًلم هو عزكم وشرفكم كما قال تعالى‪( :‬ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ‬

‫ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ)‪ ،‬فالمأمول‬
‫فيكم القيام والدعوة إلى اهلل؛ ألن الدعوة سبيل من اتبعه ‪ ‬قال تعالى‪( :‬ﮀ‬
‫ﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑ‬

‫(‪ )1‬هؤالء هم أشراف نجران وهم على المذهب الزيدي‪ ،‬راجع ترجمتهم يف (ص‪ ) 66‬من هذا الكتاب‪.‬‬
‫‪241‬‬

‫ﮒ ﮓ )‪ ،‬وقال تعالى‪ ( :‬ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ‬

‫ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ )‪ ،‬ونسأل اهلل أن يجعلنا وإياكم من الداعين‬


‫إليه‪ ،‬والمجاهدين يف سبيله؛ لتكون كلمته العليا‪ ،‬ودينه الظاهر‪ ،‬وصلى اهلل‬
‫على محمد وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫الختم‪ :‬الواثق باهلل سعود (‪.)1‬‬
‫وحينما قام اإلمام فيصل بن تركي باألمر‪ ،‬واستعاد أكثر البًلد التي كانت‬
‫ألجداده‪ ،‬أقبل عليه أهل نجران‪ ،‬وطلبوا منه تجديد عهد اإلمام سعود الكبير‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬العًلقات السعودية اليمنية من خًلل ما نشر يف جريدة المقطم المصرية‪ ،‬تأليف‪ :‬أ‪.‬د‪.‬‬
‫محمد سعيد منشط الشعفي‪( ،‬ص‪ ،)40 ،39‬وكتاب‪ :‬نجران يف أطوار التاريخ‪ ،‬محمد بن أحمد‬
‫العقيلي‪( ،‬ص‪ ،)135 -132‬وكتاب‪ :‬البيان يف تاريخ جازان وعسير ونجران‪ ،‬تأليف‪ :‬عبد الواحد‬
‫محمد راغب دالل‪( ،‬ص‪ ،)73،74‬وكتاب‪ :‬نفح العود يف سيرة الشريف ُح ُمود‪ ،‬تأليف‪:‬‬
‫عبدالرحمن بن أحمد البهكلي‪ ،‬دراسة وتحقيق‪ :‬محمد بن أحمد العقيلي‪( ،‬ص‪،)207 -206‬‬
‫وكتاب‪ :‬القول المكتوب يف تاريخ الجنوب‪ ،‬غيثان بن علي بن جريس‪ ،)64/8( ،‬انظر‪ :‬مجلة‬
‫الدارة‪ ،‬س(‪ )1‬مج (‪( )2‬الرياض جمادى األولى‪1395 ،‬هـ‪1975/‬م) (ص‪ ،)9 ،8‬وموسوعة‬
‫المملكة العربية السعودية‪ ،)157/5( ،‬وكتاب‪ :‬تاريخ المملكة العربية السعودية ماضيها‬
‫وحاضرها‪ ،‬تأليف‪ :‬صًلح الدين المختار‪( ،‬ص‪ ،)397 -396‬وكتاب‪« :‬الخرب والعيان يف تاريخ‬
‫نجد»‪ ،‬خالد بن محمد الفرج‪ ،‬تحقيق ودراسة‪ :‬عبدالرحمن بن عبداهلل الشقير‪( ،‬ص‪ ،)228‬وكتاب‪:‬‬
‫دور آل المتحمي يف مد نفوذ الدولة السعودية األولى يف عسير وما جاورها‪ ،‬تأليف‪ :‬أحمد يحيى آل‬
‫فائع‪( ،‬ص‪ ،)244‬وكتاب‪ :‬وزارة الخارجية السعودية‪( ،‬ص‪ ،)175 ،174‬وكتاب‪ :‬بيان عن‬
‫العًلقات بين المملكة العربية السعودية واإلمام يحيى حميد الدين‪ ،‬محمد بن عبداهلل آل زلفة‪،‬‬
‫(ص‪ ،)218 ،217‬وكتاب‪ :‬المعالم الجغرافية والتاريخية لمواقع الملك عبدالعزيز الحربية ‪،‬‬
‫دراسات ميداينة وتطبيقية‪ ،‬عمر بن غرامة العمروي‪.)533 ،532 /2( ،‬‬
‫‪242‬‬

‫وتأكيده‪ ،‬فحرر لهم عهدً ا بذلك‪ ،‬وهذا نصه(‪:)1‬‬


‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬
‫«من فيصل بن تركي إلى من يرى هذا الكتاب‪ ،‬بعد السًلم عليكم‬
‫ورحمة اهلل وبركاته‪ ،‬أما بعد‪ :‬فقد ألفى (قدم) علينا أحسن بن حمد بن منيف‬
‫وحسين بن مانع بن جابر وبأيديهم خط (كتاب) من مانع بن علي بن جابر‬
‫وعزان بن حسين بن بنيان‪ ،‬وأهنم مفوضينهم عن أنفسهم وعن رفاقتهم أهل‬
‫نجران الذي حاله حالهم‪ ،‬وطلبوا منا يكون الحال منا ومنهم واحد على طاعة‬
‫عدوا‪ ،‬ومن بغى (اعتدى) عليهم‪ ،‬وطلبوا منا‬
‫اهلل ورسوله‪ ،‬ونحن ما نصايف لهم ًّ‬
‫المساعدة ما ندخرها عنهم بجنود المسلمين‪ ،‬وصار العدو واحدً ا‪ ،‬والصديق‬
‫واحدً ا‪ ،‬وأعطيناهم على هذا عهد اهلل وأمانه‪ ،‬واهلل على ذلك كفيل‪ ،‬ولهم علينا‬
‫إن شاء اهلل اإلكرام والعز والقيام بواجبهم‪ ،‬ومن حاله حالهم وطوارفهم‬
‫(قوافلهم) آمنة يف بلدان المسلمين لهم ما لهم‪ ،‬وعليهم ما عليهم‪ ،‬وصلى اهلل‬

‫(‪ )1‬المرجع‪ :‬كتاب‪ :‬العًلقات السعودية اليمنية من خًلل ما نشر يف جريدة المقطم المصرية‪ ،‬تأليف‪ :‬أ‪.‬د‪.‬‬
‫محمد سعيد منشط الشعفي‪( ،‬ص‪ ،)41‬وجريدة أم القرى يف يوم الجمعة ‪1‬صفر سنة ‪1353‬هـ الموافق‬
‫‪25‬مايو سنة ‪1934‬م‪ .‬وثيقة رقم (‪ ،)153‬وكتاب‪ :‬عسير يف عهد الملك عبد العزيز‪ ،‬د‪ .‬محمد بن‬
‫عبداهلل آل زلفة‪( ،‬ص‪ ،)175‬وموسوعة المملكة العربية السعودية‪ ،)165/15( ،‬وكتاب‪ :‬تاريخ‬
‫المملكة العربية السعودية ماضيها وحاضرها‪ ،‬تأليف‪ :‬صًلح الدين المختار‪( ،‬ص‪،)398 - 397‬‬
‫وكتاب‪ :‬نجران تاريخ وإنسان‪ ،‬محمد طحنون‪( ،‬ص‪ ،)232 - 231‬وكتاب‪ :‬وزارة الخارجية‬
‫السعودية‪( ،‬ص‪ ،)176‬وكتاب‪ :‬بيان عن العًلقات بين المملكة العربية السعودية واإلمام يحيى حميد‬
‫الدين‪ ،‬محمد بن عبداهلل آل زلفة‪( ،‬ص‪ ،)219 ،218‬وكتاب‪ :‬المعالم الجغرافية والتاريخية لمواقع‬
‫الملك عبدالعزيز الحربية‪ ،‬دراسات ميداينة وتطبيقية‪ ،‬عمر بن غرامة العمروي‪.)534 ،533/2( ،‬‬
‫‪243‬‬

‫على محمد وآله وصحبه وسلم)‪.‬‬


‫الختم‪ :‬فيصل بن تركي‬
‫‪15‬شعبان سنة ‪1279‬هـ‪.‬‬

‫وثيقة رقم‪)2( :‬‬


‫وورد يف جريدة ُأ ِّم القرى العدد‪ )388( :‬هذا الخرب‪( :‬يف حج هذا العام ـ‬
‫‪1351‬هـ ـ وفد على جًللة الملك وفدٌ من أهل نجران مما يلي اليمن يحمل‬
‫وثيقة تاريخية مأثورة عن اإلمام (سعود بن عبدالعزيز بن محمد بن مقرن)‪،‬‬
‫(وهو المعروف عند المؤرخين بسعود الكبير) إلى كبار نجران‪ ،‬وطلبوا من‬
‫جًللة الملك أن يسير فيهم بموجبها‪ ،‬وأن يصدق عليها‪ ،‬ويقرها‪ ،‬فصدَّ ق عليها‬

‫وأقرها‪ ،‬وأجاز لهم جميع ما جاء فيها)(‪.)1‬‬


‫َّ‬

‫(‪ )1‬المصدر‪ :‬جريدة أم القرى‪ ،‬العدد (‪ ،)388‬يوم الجمعة ‪ 14‬محرم سنة ‪1351‬هـ ‪20 -‬مايو سنة‬
‫‪1932‬م‪.‬‬
‫‪244‬‬

‫وثيقة رقم (‪.)3‬‬

‫من عبد العزيز بن عبد الرحمن آل فيصل إلى من يرى هذا الكتاب‪ ،‬بعد‬
‫السًلم عليكم ورحمة اهلل وبركاته‪ ،‬وبعد ألفى (قدم) علينا جابر بن حسين بن‬
‫مانع آل جابر وبيده ورقة من جدي اإلمام فيصل رحمه اهلل‪ ،‬وطلب منا عليها‪،‬‬
‫وأعطيناه على ما فيها ومن حاله حالهم من أهل نجران‪ ،‬وإن حنا إن شاء اهلل ما‬
‫نرضى فيهم من جميع الحاالت كلها‪ ،‬وال ندخر نفعهم يف جميع ما يلزم قدر‬
‫اإلمكان‪ ،‬والعمدة على ما تقرر بينهم وبين طوارفنا ابن عسكر وغيره ‪-‬إن شاء‬
‫اهلل‪ -‬يكون معلو ًما‪ ،‬والسًلم ‪ 15‬سنة ‪1352‬هـ ـ رسالة الملك عبد العزيز إلى‬
‫‪245‬‬

‫رؤساء يام(‪.)1‬‬
‫وجه قوة‬
‫باإلضافة إلى هذا‪ ،‬فإن الملك عبد العزيز قبل استعادة «أهبا» َّ‬
‫إلى بلدة بدر يف نجران بقيادة ابن عبود القحطاين‪ ،‬فتم َّكن من ضبطها‪ ،‬وأخذ‬
‫العهد على المكرمي بأن يكون هو ومن معه صادقي الوالء لعبد العزيز‪ ،‬وبعد‬
‫دخول منطقة عسير تحت حكم الملك عبد العزيز وجه الملك عبدالعزيز قو ًة‬
‫بقيادة ابن معمر إلى «حبونه»‪ ،‬حيث قدمت الوالء(‪ ،)2‬كما أن الملك عبد‬
‫العزيز كان قد أكد سلطته المطلقة على بًلد يام ووادعة وأتباعهم بمقتضى‬
‫معاهدة ‪1338‬هـ‪1920/‬م مع محمد اإلدريسي(‪ )3‬لذلك‪ ،‬فًل غرابة يف أن‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬نجران‪ ،‬محمد أبو ساق‪( ،‬ص‪ )230‬وثيقة رقم ‪/14‬أ‪ ،‬وكتاب‪ :‬دخول نجران يف العهد‬
‫السعودي دراسة تاريخية وثائق ّية‪ ،‬تأليف‪ :‬د‪ .‬علوي عمر فريد‪( ،‬ص‪ ،)231‬وكتاب‪ :‬كنت مع عبد‬
‫العزيز‪ ،‬تأليف‪ :‬الدكتور‪ :‬عبد الرحمن بن سبيت السبيت وآخرون‪ ،‬الطبعة‪1415( 2 :‬هـ ‪-‬‬
‫‪1994‬م)‪( ،‬ص‪ ،)153 -150‬وكتاب‪ :‬نجران تاريخ وإنسان‪ ،‬محمد طحنون‪( ،‬ص‪.)242‬‬
‫(‪ )2‬المرجع كتاب‪ :‬وزارة الخارجية السعودية‪( ،‬ص‪ ،)177‬وكتاب‪ :‬بيان عن العًلقات بين المملكة‬
‫العربية السعودية واإلمام يحيى حميد الدين‪ ،‬محمد بن عبداهلل آل زلفة‪( ،‬ص‪ .)220‬راجع كتاب‪:‬‬
‫دخول نجران يف العهد السعودي‪« ،‬دراسة تاريخية وثائقية»‪ ،‬د‪ .‬علوي عمر فريد‪( ،‬ص‪،)102 ،97‬‬
‫وكتاب‪ :‬المعالم الجغرافية والتاريخية لمواقع الملك عبدالعزيز الحربية‪ ،‬دراسات ميداينة‬
‫وتطبيقية‪ ،‬عمر بن غرامة العمروي‪ ،)534/2( ،‬وكتاب‪ :‬الشيعة السعوديون‪ ،‬إبراهيم الهطًلين‪،‬‬
‫(ص‪.)208‬‬
‫(‪ )3‬وهذا نص المعاهدة‪ ...« :‬فصار الذي لإلمام عبد العزيز من القبائل جميع يام ووادعة ومن تبعهم‬
‫من بني جماعة وسحار وشر ّيف وقحطان ورفيدة‪ ...‬وما ذكر لعبد العزيز بن عبد الرحمن من‬
‫القبائل يف السراة وهتامة (ويام) وغيرهم فالمراد به قرى وبوادي يف جبل وسهل وعليهما يف ذلك‬
‫=‬
‫‪246‬‬

‫الوفد السعودي لمباحثات صنعاء سنة ‪1345‬هـ‪1926/‬م قد حرص على أن‬


‫البحث يف مسألة نجران يعدُّ منته ًيا‪ ،‬وال موجب إلعادة البحث فيه(‪.)1‬‬

‫= التناصح والتعاون وبذل الجهد فيما أوجب اهلل عليهما مما يلزم يف دين اإلسًلم فيمن تحت‬
‫أيديهما‪ »...‬نص المعاهدة‪ :‬كتاب‪ :‬البيان يف تاريخ جازان وعسير ونجران‪ ،‬تأليف‪ :‬عبد الواحد‬
‫محمد راغب دالل‪ ،)277 ،276/2( ،‬وكتاب‪ :‬عسير يف عهد الملك عبد العزيز‪ ،‬د‪ .‬محمد بن‬
‫عبداهلل آل زلفة‪( ،‬ص‪ ،)201‬وموسوعة المملكة العربية السعودية‪ ،)168 ،167/5( ،‬انظر‪ :‬كتاب‪:‬‬
‫تاريخ المملكة العربية السعودية ماضيها وحاضرها‪ ،‬تأليف‪ :‬صًلح الدين المختار‪( ،‬ص‪- 399‬‬
‫‪ ،)400‬وكتاب‪ :‬بيان عن العًلقات بين المملكة العربية السعودية واإلمام يحيى حميد الدين‪ ،‬وزارة‬
‫الخارجية السعودية‪ ،‬مكة المكرمة‪( ،‬ص‪ ،)7‬وكتاب‪ :‬بيان عن العًلقات بين المملكة العربية‬
‫السعودية واإلمام يحيى حميد الدين‪ ،‬محمد بن عبداهلل آل زلفة‪( ،‬ص‪ ،)221 ،220‬وكتاب‪:‬‬
‫المعالم الجغرافية والتاريخية لمواقع الملك عبدالعزيز الحربية‪ ،‬دراسات ميداينة وتطبيقية‪ ،‬عمر‬
‫بن غرامة العمروي‪.)536 ،535/2( ،‬‬
‫(‪ )1‬المرجع‪ :‬كتاب‪ :‬العًلقات السعودية اليمنية من خًلل ما نشر يف جريدة المقطم المصرية‪ ،‬تأليف‪:‬‬
‫أ‪.‬د‪ .‬محمد سعيد منشط الشعفي‪( ،‬ص‪ ،)41‬وكتاب‪ :‬البيان يف تاريخ جازان وعسير ونجران‪،‬‬
‫تأليف‪ :‬عبد الواحد محمد راغب دالل‪ ،)214/2( ،‬لقد فنَّد الوفد السعودي كذب وافرتاء اليمن‬
‫يف أحقيته يف نجران بأدلة تاريخية واضحة‪ .‬انظر‪ :‬الذكير‪ ،‬نسخة بغداد‪( ،‬ص‪.)59 -56‬‬
‫‪247‬‬

‫وثيقة رقم (‪)4‬‬


‫‪248‬‬

‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬


‫موجب ذلك ومقتضاه أن السادة المكارمة وأهل نجران يام بادية‬
‫وحاضرة اتفق جميع رؤسائهم منهم حسين بن أحمد المكرمي(‪ ،)1‬وسلطان‬
‫بن حسن بن منيف(‪ ،)2‬وجابر بن مانع(‪ ،)3‬وجابر بن حسين بن نصيب(‪،)4‬‬
‫ومهدي بن محمد بن قعوان(‪ ،)5‬وجابر بن دكام(‪ ،)6‬وغيرهم من أعيان يام‪،‬‬

‫(‪ )1‬المنصوب الحسين بن أحمد المكرمي سبق ترجمته‪( ،‬ص‪.) 218‬‬


‫(‪ )2‬هو‪ :‬سلطان بن حسن بن حمد بن حسن بن منيف بن محمد بن بطين بن عبدالرحمن بن سلطان‪،‬بن‬
‫سالم بن مقاتل بن صعيب بن هندي بن ضال بن جشم بن يام بن يصبع بن همدان بن زيد‪.‬شيخ‬
‫شمل قبائل جشم يام ويعد من الشخصيات المعروفة والمهمة يف منطقة نجران قبل الحكم‬
‫السعودي‪.‬انظر‪ :‬كتاب‪« : :‬مرتفعات الجزيرة»‪ ،‬هاري سانت جون فيلبي‪ ،‬راجعه وعلق عليه‪ :‬أ‪.‬د‪.‬‬
‫غيثان بن علي بن جريس‪ ،‬الناشر‪ :‬مكتبة العبيكان‪ ،‬الرياض‪ ،‬الطبعة األولى‪1426 ،‬هـ‪2005/‬م‪،‬‬
‫(ص‪.)469‬‬
‫(‪ )3‬هو جابر بن مانع بن علي بن جابر بن مانع بن زاهر بن شري بن محمد بن حمد بن زيد بن سالم آل‬
‫أبو ساق‪ ،‬وهو عم الشيخ جابر بن حسين أبو ساق شيخ قبائل آل فاطمة يام‪ ،‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬بين مكة‬
‫وحضرموت‪ ،‬تأليف‪ :‬عاتق بن غيث البًلدي الحربي‪( ،‬ص‪.)353‬‬
‫(‪ )4‬جابر بن حسين بن جابر بن منيع بن صمعان‪ ،‬بن حمد بن جابر بن علي بن قطيان بن نصيب بن غنيم بن‬
‫مهري بن علي بن حسن بن مواجد بن مذكر بن يام بن همدان بن زيد‪ ،‬شيخ قبائل مواجد يام‪.‬‬
‫(‪ )5‬مهدي بن محمد بن قعوان الخضرة لسلوم من مواجد ثم من مذكر وأسرة آل قعوان لهم مشيخة‬
‫ورئاسة لسلوم‪.‬‬
‫(‪ )6‬جابر بن دكام بن منصر آل صليع لسلوم من مواجد مذكر (يام)‪.‬‬
‫و(دكام) شيخ قبيلة آل صليع من لسلوم (يام) أهل حبونا‪ ،‬كان له من األوالد أربعة‪ ،‬منهم اثنان‬
‫خوالهما الحباب وهما (سع ّيد وعلي)‪ ،‬وكان له عًلقة مع الملك عبدالعزيز ‪ -‬رحمه اهلل ‪ -‬حيث‬
‫=‬
‫‪249‬‬

‫وأرسلوا بالنيابة عنهم وفدً ا مؤل ًفا من إبراهيم بن حسين المكرمي(‪ )1‬وصحبته‬

‫مرورا‬
‫ً‬ ‫توجه من وادي حبونا باتجاه الملك عبدالعزيز سنة ‪1339‬هـ‬
‫= إن الشيخ دكام بن منصر قد َّ‬
‫أميرا لوادي الدواسر من قبل الملك عبدالعزيز وأخربه بأنه يريد‬
‫يف طريقه بابن عفيصان الذي كان ً‬
‫ثم توجه إلى الرياض يرافقه الشيخ‪( :‬جخير بن حرتش آل‬
‫مقابلة الملك عبدالعزيز‪ ،‬فبارك خطوته َّ‬
‫رزق) والشيخ‪ :‬ناجي بن مهدي بن قعوان‪ ،‬وا َّتجه إلى مقر الملك عبدالعزيز ‪ -‬رحمه اهلل ‪ -‬وعندها‬
‫قابل وزيره آنذاك‪( :‬ابن جميعة) وأخربه بأنه يريد مقابلة الملك فأدخله إليه وكان أول شيخ من‬
‫مشايخ يام يقابل الملك عبدالعزيز فقابله وقدم له الوالء والطاعة هو وقبائله ومكث يف ضيافة الملك‬
‫عبدالعزيز عشرة أيام لقي فيها كل عزة واحرتام وتقدير‪ ،‬ثم استأذن ليعود إلى قبائله فأذن له الملك‬
‫عبدالعزيز وبعد أن قدَّ م الشيخ دكام بن منصر وقبائله الوالء والطاعة للملك عاد إلى منطقة نجران‬
‫رجًل سوف يحكم شبه الجزيرة العربية من شمالها إلى‬
‫ً‬ ‫وقابل مشايخ يام‪ ،‬وأخربهم بأنه قابل‬
‫جنوهبا‪!!..‬‬
‫وقد بايع الملك عبدالعزيز قبل دخول نجران يف الحكم السعودي بـ (‪ )14‬عام فكان من ضمن رعايا‬
‫الملك عبدالعزيز‪ ،‬وأعطاه الملك األمان هو وناجي بن مهدي بن قعوان ‪ ،‬وجخير بن حرتش‪ ،‬وقد‬
‫قتل (دكام) يف عام‪1344( :‬هـ) حيث حصلت له قصة عجيبة ذكرها صاحب كتاب‪ :‬ظاهرة األمن‬
‫يف عهد الملك عبدالعزيز‪ ،‬تأليف‪ :‬عبدالعزيز بن محمد اإلحيدب‪( ،‬ص‪.)137 ،136 ،135‬‬
‫وكذلك وردت يف العدد (‪ )68‬من جريدة أم القرى ‪ 10‬شوال عام ‪1344‬هـ راجع صحيفة الجزيرة‪:‬‬
‫العدد‪ ،)9530( :‬األحد ‪12‬من رجب ‪1419‬هـ‪ /‬تشرين الثاين ‪1998‬م‪( ،‬ص‪ ،)10‬والعدد‪:‬‬
‫(‪ )9573‬يوم االثنين ‪ 25‬من شعبان ‪1419‬هـ ‪14 -‬من ديسمرب (كانون األول) ‪1998‬م‪( ،‬ص‪،)10‬‬
‫انظر‪:‬ألحداث القصة‪( ،‬ص‪ )254‬من هذا الكتاب‪.‬‬
‫(‪ )1‬إبراهيم بن حسين المكرمي‪ ،‬هو من طائفة المكارمة تم إرساله مندوبًا عنهم‪ ،‬ولم يستلم منصبًا من‬
‫مناصب المذهب اإلسماعيلي‪.‬‬
‫‪250‬‬

‫من طرف ُع َّقال يام الشيخ حسين بن حيدر(‪ ،)1‬وناجي بن مهدي بن قعوان(‪،)2‬‬
‫ومحمد بن محيريق(‪ ،)3‬وأخوياهم‪.‬‬
‫ولما كان يوم الخميس الموافق ‪ 20‬من الشهر الجاري‪ ،‬وصل الوفد‬
‫َّ‬
‫المذكور إلى عبد العزيز بن عبداهلل العسكر(‪ ،)4‬وتخابروا معه‪ ،‬وقدموا ورقة‬
‫اعتمادهم المؤرخة يف ‪ 14‬شعبان سنة ‪1350‬هـ من رؤساء يام المذكورين‬

‫(‪ )1‬هو‪ :‬الشيخ حسين بن حيدر بن علي بن قناص بن دمنان بن الحق آل م َعيُوف اليامي‪ ،‬من مشايخ يام‬
‫من قبيلة آل الغز من قرية القرن بالقرب من بدر الجنوب‪ ،‬جده هو الذي ساعد األتراك يف الدخول‬
‫إلى حراز‪ ،‬انظر‪( :‬حوادث سنة ‪1289‬هـ‪ 1871/‬م)‪.‬‬
‫(‪ )2‬ناجي بن مهدي بن قعوان الخضرة لسلوم‪ ،‬هو‪ :‬شيخ شمل قبائل لسلوم‪ ،‬ولسلوم هم الخضرة‪ ،‬وآل‬
‫عامر‪ ،‬وآل صليع‪ ،‬وآل مفلح‪ ،‬وآل قريع‪ ،‬وبني هميم‪ ،‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬بين مكة وحضرموت‬
‫(ص‪.)128‬‬
‫(‪ )3‬محمد بن ناصر آل فهاد ويل َّقب بمحيريق‪ ،‬شاعر وفارس من فرسان قبائل يام ولد يف عام ‪1300‬هـ‪،‬‬
‫عرف بالكرم والشجاعة شارك يف العديد من المعارك‪ ،‬له مشاركات عديدة يف صدِّ الجيش اليمني‬
‫عند احتًلله لنجران وحبونا وبدر‪ ،‬أسر على أثرها من قبل الجيش اليمني وتم إعدامه يف أحد‬
‫سجون اليمن‪ ،‬وكانت مواقفه البطولية معروفة مشهودة لدى الجيش اليمني‪ ،‬وكانوا يقولون عنه‪:‬‬
‫«رجل من كبار األشرار ُيقال له‪ :‬محيريق» راجع يف ذلك مخطوطة‪« :‬الربق المتألق يف سيرة سيف‬
‫اإلسًلم إلى المشرق»‪ ،‬المؤلف‪ :‬محمد بن عبد الرحمن بن شرف الدين‪( ،‬ص‪ ،)158‬ومجلة‬
‫المختلف‪ :‬العدد (‪ )168‬يوليو ‪2005‬م‪.‬‬
‫(‪ )4‬هو عبدالعزيز بن عبداهلل بن إبراهيم العسكر ينتمي إلحدى األسر الكريمة يف المجمعة‪ ،‬تم تعيين‬
‫أميرا على عسير لمدة تسع سنوات‪ ،‬أي‪ :‬من سنة ‪1343‬هـ حتى‬ ‫ِ‬
‫والده من قبَل الملك عبدالعزيز ً‬
‫تويف سنة ‪1352‬هـ‪ ،‬حيث كان من رجاالت الملك عبدالعزيز المخلصين‪ ،‬وقد ُك ِّلف عبدالعزيز‬
‫أميرا يف أهبا ولمدة سنة‬
‫استمر ً‬
‫َّ‬ ‫العسكر بالقيام بإمارة مقاطعة عسير بالوكالة بعد وفاة والده‪ ،‬وقد‬
‫واحدة‪ ،‬ثم أعفي من منصبه‪.‬‬
‫‪251‬‬

‫أعًله‪ ،‬وضمنوها الشروط الواجبة من حسن الجوار والصداقة بين يام وبين‬
‫جًللة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل فيصل وطوارفه بكف األذى عن‬
‫المسلمين‪ ،‬وردع كل جاهل‪ ،‬والقومة التامة على المفسدين بين الطرفين‪،‬‬
‫وأمان السبل‪ ،‬وحقن الدماء‪ ،‬وعًلوة على ذلك إقرار واعرتاف الوفد المذكور‬
‫بما ذكر عن رضا وقبول‪ ،‬وتراب ًطا بذلك‪ ،‬وتضمنًا بتقوية الكفاالت‪ ،‬والوجيه‬
‫حسب ما شرحوه بورقة اعتمادهم‪ .‬وأما من جهة إبراهيم‬
‫على كل قبيلة َ‬
‫األسلومي(‪ )1‬و َمن معه‪ ،‬فقد التزم الوفد المذكور من طرفه بأمرين‪ :‬إما يصير‬
‫األسلومي دربه درب رجال ورؤساء يام ملتزمين متكفلين بقطعه من مسابلة‬
‫األسواق‪ ،‬ودخول األوطان خصوص نجران وتوابعه‪ ،‬وإعًلن قوامته حتى‬
‫يصير دربه درهبم يف كل ٍ‬
‫حال‪ ،‬فبموجب ذلك أجاز األمير عبدالعزيز العسكر‬
‫مطلوب يام‪ ،‬واالتفاق معهم بعد حصول الموافقة من الملك أ َّيده اهلل‪ ،‬وصدر‬
‫أمره الحالي بإجراء التنبيه على جميع رعاياه عن التعدي‪ ،‬ومخالفة المعاهدة‬

‫(‪ )1‬إبراهيم لسلومي‪ :‬شيخ من قبائل لسلوم مواجد وموطنه الحصينية الواقعة شرق وادي حبونا‪ ،‬وكان‬
‫رجًل شجاعًا مهابًا؛ لكثرة غزواته على جيرانه من القبائل المجاورة‪ ،‬يقول صاحب كتاب‪ :‬قبيلة‬
‫ً‬
‫الدواسر هو‪« :‬الشيخ إبراهيم بن محمد (ملحان) بن ناصر آل عامر لسلوم (شيخ مذكر ولسلوم)‬
‫وهذه المشيخة عرف قبائل الجوار (وعرف سائد) له عًلقة مودة مع الدواسر وباألخص الوداعين‬
‫كثير المغازي على قبائل نجد‪ ،‬وله حظ يف كسب اإلبل‪ ،‬ومن مناقبه‪ :‬أنه ال يأخذ الطرقي وال يأخذ‬
‫الراوي»‪( ،‬ص‪ ،)307‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬دخول نجران يف العهد السعودي‪ ،‬د‪ .‬علوي عمر فريد‪،‬‬
‫(ص‪.)102‬‬
‫‪252‬‬

‫المذكورة مع يام حاضرة وبادية‪ ،‬فعلى هذا صار االتفاق وااللتزام بين الوفد‬
‫المذكور المحررة أسماؤهم أعًله‪ ،‬وبين األمير عبد العزيز العسكر‪ ،‬وكان‬
‫ذلك بحضور الشيخين الكرام سليمان وناصر‪ ،‬وشهادة جماعة من المسلمين‪،‬‬
‫ممن حواه‬
‫منهم الشيخ ناصر بن ناصر بن مبخوت‪ ،‬وأحمد بن مفرح‪ ،‬وغيرهم َّ‬
‫مجلس األمير من الخدم وغيرهم‪ ،‬وكتبه عن أمر الطرفين شاهد به عبداهلل بن‬
‫علي بن مسفر؛ ليكون معلو ًما عند من يراه‪ ،‬وصلى اهلل على محمد وآله‬
‫وصحبه وسلم‪.‬‬
‫حرر يف ‪ 25‬شعبان سنة ‪1350‬هـ(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬دخول نجران يف العهد السعودي دراسة تاريخية وثائقيّة‪ ،‬تأليف‪ :‬د‪ .‬علوي عمر فريد‪،‬‬
‫(ص‪ ،)233‬وكتاب‪ :‬العًلقات السعودية اليمنية من خًلل ما نشر يف جريدة المقطم المصرية‪،‬‬
‫تأليف‪ :‬أ‪.‬د‪ .‬محمد سعيد منشط الشعفي‪( ،‬ص‪ ،)41‬وكتاب‪ :‬عسير يف عهد الملك عبد العزيز‪ ،‬د‪.‬‬
‫محمد بن عبداهلل آل زلفة‪( ،‬ص‪ ،)306 ،305 ،304 ،303‬وموسوعة المملكة العربية السعودية‪،‬‬
‫(‪ ،)169/15‬وكتاب‪ :‬نجران تاريخ وإنسان‪ ،‬محمد طحنون‪( ،‬ص‪ ،)236‬وكتاب‪ :‬السراج المنير‬
‫يف سيرة أمراء عسير‪ ،‬تأليف‪:‬عبداهلل بن مسفر بن علي‪( ،‬ص‪ ،)148 - 147‬ط‪1398( 1‬هـ)‪،‬‬
‫وكتاب‪ :‬وزارة الخارجية السعودية‪( ،‬ص‪ ،)183 - 179‬وكتاب‪ :‬بيان عن العًلقات بين المملكة‬
‫العربية السعودية واإلمام يحيى حميد الدين‪ ،‬محمد بن عبداهلل آل زلفة‪( ،‬ص‪.)226 -222‬‬
‫‪253‬‬

‫عهد وأمان من الملك عبدالعزيز رحمه اهلل لدكام بن منصر آل صليع‪،‬‬


‫و(الشيخ ناجي بن مهدي بن قعوان الخضرة لسلوم)‪ ،‬وجخير بن حرتش آل‬
‫رزق يحتفظ به أحفادهم ‪ .‬وهذا نصه ‪« :‬بسم اهلل الرحمن الرحيم‬
‫من عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل فيصل إلى كل من يراه من طوارفنا‪،‬‬
‫السًلم عليكم ورحمة اهلل وبركاته‪ ،‬من طرف دكام بن منصر وناجي بن مهدي‬
‫وجخير بن حرتش طوارف لنا‪ ،‬هم ومن يتبعهم يف وجهي‪ ،‬وأمان اهلل من جميع‬
‫األمور الفائتة منهم‪ ،‬مدفونة وال لهم فيها معارض‪.‬‬
‫التوقيع ‪1339‬هـ»(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬ظاهرة األمن يف عهد الملك عبدالعزيز‪ ،‬تأليف‪ :‬عبدالعزيز بن محمد اإلحيدب‪،‬‬
‫(ص‪.)137 ،136 ،135‬والعدد (‪ )68‬من جريدة أم القرى ‪ 10‬شوال عام ‪1344‬هـ‪.‬‬
‫=‬
‫‪254‬‬

‫وهذه قصة دكام بن منصر‪( :‬ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ)‪.‬‬


‫جاء يف العدد ‪ 68‬من جريدة ُأ ِّم القرى ‪ 10‬شوال عام ‪1344‬هـ القصة‬
‫التالية بقلم مدير الجريدة يوسف ياسين‪:‬‬
‫مساء الرابع عشر من رمضان يممت الديوان العالي يف المعابدة‪،‬‬
‫فوصلته‪ ،‬دخلت مجلس جًللة الملك‪ ،‬فسلمت وجلست‪ ،‬وبينما أنا جالس‬
‫وجًللة الملك تعرض عليه األمور‪ ،‬وينظر فيها على عادته‪ ،‬ويصدر األوامر يف‬
‫بحسبه‪ ،‬وإذ دخل خادم من خدام جًللته‪ ،‬وتقدم وقبل جبهة جًللته‪،‬‬ ‫كل ٍ‬
‫أمر َ‬
‫ثم رجع ثم سمعت الحديث اآليت‪:‬‬
‫جًللة الملك يسأل‪ ،‬والخادم يجيب‪:‬‬
‫س‪ :‬متى وصلت؟‬
‫ج‪ :‬اآلن‪.‬‬
‫س‪ :‬هل أحضرهتم؟‬
‫ج‪ :‬نعم‪.‬‬
‫س‪ :‬وهل أحضرت الدراهم التي أخذوها من القتيل؟‬
‫ج‪ :‬نعم‪.‬‬

‫= راجع‪ :‬صحيفة الجزيرة‪ :‬العدد‪ ،)9530( :‬األحد ‪ 12‬من رجب ‪1419‬هـ‪ /‬تشرين الثاين‬
‫‪1998‬م‪( ،‬ص‪ ،)10‬والعدد‪ )9573( :‬يوم االثنين ‪ 25‬من شعبان ‪1419‬هـ ‪14 -‬من ديسمرب‬
‫(كانون األول) ‪1998‬م‪( ،‬ص‪ ،)10‬وهي مدونة يف دارة الملك عبدالعزيز وهي المرجع‪.‬‬
‫‪255‬‬

‫س‪ :‬كم لك غائ ًبا؟‬


‫ج‪ :‬شهرين ونصف الشهر‪.‬‬
‫ثم أمر جًللة الملك أن يرسل الفاعلين للشرع‪.‬‬
‫خرج (جرمان) من المجلس‪ ،‬ثم نظرت إلى جًللة الملك‪ ،‬وإذا به يشير‬
‫بسبابته إلى السماء‪ ،‬وهو يقول‪« :‬الحمد هلل‪ ،‬ليس بمقدوري وال بمقدور‬
‫جندي‪ ،‬ليس بقويت وال بقوة جندي أنه بقدرة اهلل وقوته وحده (ﭗ ﭘ‬

‫ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ)‪.‬‬
‫ثم حمد اهلل‪ ،‬وانصرف إلى أعماله‪.‬‬
‫خرجت من المجلس‪ ،‬وجعلت أفتش على جرمان‪ ،‬فلم أجده‪ ،‬وبعد أيام‬
‫يمر أمامي ويحييني وهو‬
‫قليلة بينما أنا واقف على باب المطبعة‪ ،‬لقيت جرمان ُّ‬
‫كيسا من (أدم)‪ ،‬فقلت له‪ :‬وما تحمل؟ فقال‪ :‬اثنين وأربعين‬
‫يحمل على كتفه ً‬
‫وثًلثمائة ريال فرنس ًّيا‪ ،‬وهي التي أخذها الذين أحضرهتم من الذين قتلوه‪ ،‬وها‬
‫إلي بعد‬
‫أنا أسير هبا إلى الشيخ ليقضي هبا‪ .‬فقلت له‪ :‬هل لك أن تعود َّ‬
‫رجوعك؟ فقال‪« :‬نعم»‪ ،‬فلم أنتظر غير قليل حتى عاد‪ ،‬فقلت له‪ :‬وما الخرب يا‬
‫علي خربًا عجي ًبا أنقله لل ُق َّراء كما‬
‫جرمان؟ فقال‪« :‬اسمع أعلمك»‪ ،‬ثم قص َّ‬
‫رواه‪ ،‬فإنه من أعجب األخبار يف هذا العصر‪ ،‬وهذا حديثه قال‪« :‬هناك اثنان من‬
‫أهل تثليث‪ ،‬أحدهما يدعى علي األوبير‪ ،‬والثاين فيصل‪ ،‬وهما أبناء عم شعوان‪،‬‬
‫وتثليث هذه ديار بعيدة يف حدود نجران من بًلد يام‪.‬‬
‫‪256‬‬

‫وهذان االثنان رأيا أمير يام (دكام األسلوم راعي حبانا(‪ ،))1‬فقتًله وأخذا‬
‫منه (‪ً )342‬‬
‫رياال فرنس ًّيا‪ ،‬ودكام هذا قد طلب األمان من الشيوخ (يعني‪ :‬جًللة‬
‫ولما وصل الخرب للشيوخ اهلل يسلمه‬
‫الملك)‪ ،‬وأ َّمنه وأدخله يف عداد رعيته‪َّ ،‬‬
‫وحملني كتا ًبا إلى شعوان يأمره فيه أن يسلمني القاتلين‪ ،‬فمشيت مدة‬
‫أرسلني َّ‬
‫خمسة وثًلثين يو ًما حتى وصلت المكان وهو بعيد‪ ،‬وقد مررت يف طريقي‬
‫على مئات القبائل حتى وصلت المكان المطلوب‪ ،‬ولما وصلته دفعت الكتاب‬
‫الذي أحمله إلى شعوان‪ ،‬والقاتلون أبناء عمه‪ ،‬فلما قرأه لم يقر له قرار‪ ،‬وأخذ‬
‫يعمل للقبض على الفاعلين‪ ،‬وكانا قد فرا إلى (شدا) من بًلد الحمضة ديرة آل‬
‫مسفر‪ ،‬فلم يمضي غير قليل من الزمن حتى أحضر الرجلين موثقي األكتاف‬
‫ومعهما الدراهم التي أخذاها من المقتول‪ ،‬فحملتهما على ذلول معي‪ ،‬وسرت‬
‫هبما أهنب األرض هن ًبا حتى وصلت يوم القيتني عند الشيوخ‪.‬‬
‫وصل جرمان من حديثه إلى هذا‪ ،‬ثم قام وانصرف وهو يعجب‬
‫الهتمامي هبذه الحادثة التي ال يعدها َّإال من قبيل الحوادث المعتادة‪.‬‬
‫ولقد حمدت اهلل على توفيقه لمثل هذا‪ ،‬ومتى عرف الناس مثل هذا‬
‫العصر يف جزيرة العرب؟ يجني الجانـي وهو على مسيرة خمسة وثًلثين يو ًما‬
‫من مركز الحكم يسير إليه خادم من عرض الخدم‪ ،‬ويحمل الجاين ويسير به‪،‬‬

‫(‪ )1‬يقصد‪ :‬حبونا التابعة لمنطقة نجران‪.‬‬


‫‪257‬‬

‫والجاين يف ٍ‬
‫منعة من عشيرته يقدم خاض ًعا طائ ًعا حتى يمثل أمام القضاء العدل‪،‬‬
‫فيقضي بأمره بما يف كتاب اهلل‪ ،‬فًل يربم له أنف‪ ،‬وال تستشيط نفس ح ًّقا أن هذا‬
‫إلحدى الكرب‪.‬‬
‫إن مثل هذا الحادث لتعجز الحكومات القوية عن مثله يف أطراف‬
‫المدن‪ ،‬وعلى بضع ساعات من مراكز الحكومة وبين شعب ال يجد وسيل ًة من‬
‫وسائل الدفاع‪ ،‬فكيف به والمسافة خمسة وثًلثون يو ًما بين قبائل وبطون‬
‫وأفخاذ لم تعرف الحكم‪ ،‬وكل فرد من أفرادها يطاول السماء يف شممه وميله‬
‫لًلستقًلل وهو شاكي السًلح‪ ،‬قوي الشكيمة‪ ،‬ولكن األمر توفيق من اهلل‪ ،‬ثم‬
‫اإلرادة والحزم‪ ،‬ومعرفة سياسة األمور هي التي تحفظ األمن يف هذه األرجاء‬
‫أشهرا عديدة يف الطول والعرض‪ ،‬وليس فيها‬
‫ً‬ ‫الواسعة الشاسعة التي تمتد‬
‫حارس‪ ،‬وال مسيطر‪ ،‬وإنا لنرجو أن يعم اهلل األمن واألمان يف جميع البلدان‬
‫العربية؛ لتكون شاهدً ا صاد ًقا يف أن العرب يف كل ظرف ومحيط أحق الناس‬
‫بإدارة شؤوهنم بأنفسهم‪ ،‬وأنه إذا كان رجالهم األكفاء هم الذين يتولون زعامة‬
‫األمة‪ ،‬وهم يديرون دفة األمور‪ ،‬يجيء النجاح‪ ،‬ويكون الخير(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬ظاهرة األمن يف عهد الملك عبدالعزيز‪ ،‬تأليف‪ :‬عبدالعزيز بن محمد اإلحيدب‪،‬‬
‫(ص‪.)137 ،136 ،135‬والعدد (‪ )68‬من جريدة أم القرى ‪ 10‬شوال عام ‪1344‬هـ‪.‬‬
‫راجع‪ :‬صحيفة الجزيرة‪ :‬العدد‪ ،)9530( :‬األحد ‪12‬من رجب ‪1419‬هـ‪ /‬تشرين الثاين‪1998‬م‪،‬‬
‫(ص‪ )10‬والعدد‪ )9573( :‬يوم االثنين ‪ 25‬من شعبان ‪1419‬هـ ‪14 -‬من ديسمرب (كانون األول)‬
‫=‬
‫‪258‬‬

‫العهد الثاين عام ‪1351‬هـ‪.‬‬


‫ووضوحا يف شهر ذي القعدة‬
‫ً‬ ‫وقد جدد العهد السابق بصورة أكثر جًل ًء‬
‫من عام ‪1351‬هـ‪ ،‬ففي ذلك الوقت عاد إلى «أهبا» األمير عبد العزيز بن مساعد‬
‫قائد القوات السعودية الذي أهنى قضية فتنة األدارسة يف جازان‪ ،‬فوفد عليه كبار‬
‫يام يف أهبا‪ ،‬وعاهدوه على السمع والطاعة‪ ،‬وعلى معاداة أعداء‬
‫جًللة الملك عبدالعزيز‪ ،‬ومصافاة أصدقائه بشروط معلومة واضحة‬
‫مبينة يف العهد اآليت‪:‬‬
‫وثيقة رقم (‪)156‬‬
‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬
‫ليعلم من يراه موجب ذلك ومقتضاه بأنا يا يام أهل نجران وتوابعه‬
‫المذكورة أسماؤنا أدناه حضرنا بمركز أهبا برفقة حسن بن هاشم المكرمي‬
‫باألصالة عن أنفسنا‪ ،‬ونائبين بالوكالة عن عشائرنا حاضرة وبادية‪ ،‬وذلك‬
‫لمواجهة األمير عبدالعزيز بن مساعد بن جلوي لتمكين روابط الصداقة‬
‫بالطاعة والنصح واالمتثال هلل ‪ ،‬ثم لجًللة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن‬
‫آل فيصل ‪-‬أيده اهلل‪ -‬ولجميع طوارفه بحسن المواصًلت‪ ،‬وكف األذى عن‬

‫= ‪1998‬م‪( ،‬ص‪ ،)10‬والكاتب يف جريدة الجزيرة هو‪ :‬حفيده سالم بن سعيد بن علي بن دكام آل‬
‫صليع‪ ،‬والعدد ‪ ،12106‬يوم األحد ‪18‬من شوال ‪1426‬هـ ‪20 -‬من نوفمرب (تشرين الثاين)‬
‫‪2005‬م‪( ،‬ص‪.)41‬‬
‫‪259‬‬

‫المسلمين‪ ،‬وردع كل جاهلٍ‪ ،‬والقومة على المفسد‪ ،‬واالجتهاد يف أمان السبل‪،‬‬


‫وحقن الدماء‪ ،‬وعًلو ًة على ذلك‪ ،‬نعرتف ونلتزم يا رجال يام عمو ًما بخمسة‬
‫شروط لجًللة الملك‪ ،‬ولجميع طوارف المسلمين التي شرطها علينا األمير‬
‫عبد العزيز بن مساعد‪ ،‬وهي كما يأيت أدناه‪:‬‬
‫أوال‪ :‬نحن ممتثلون بالصدق والنصح مع والية المسلمين‪.‬‬
‫ً‬
‫ثان ًيا‪ :‬نلتزم بعدم أحد يتعدى منا على المسلمين‪ ،‬ال من تباعتنا‪ ،‬وال من‬
‫يف بطوننا‪.‬‬

‫ثال ًثا‪ :‬أنه ما يتعدانا ٌّ‬


‫عدو على المسلمين‪.‬‬
‫راب ًعا‪ :‬أن من غزا من المسلمين ووطانا يريد عدو المسلمين إلى ورانا‬
‫مثل‪ :‬الصيعر ودهم وغيرهم أن جميع غزوات المسلمين آمنين منا يف مغزاهم‪،‬‬
‫ويف نكوفتهم‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬بخصوص إبراهيم األسلومي‪ ،‬حسب طلبه قد صدر له األمان‬
‫ً‬
‫من جًللة الملك‪ ،‬ومن األمير عبدالعزيز بن مساعد على سابقات اليوم‪ ،‬وأنه‬
‫يصير دربه دربنا يف كل ٍ‬
‫حال‪ ،‬فإن كان ما قبل فنحن يا رجال يام عمو ًما ملتزمون‬
‫يف األسلومي بأحد أمرين‪ :‬إما نقبضه وإال نحن المتكلفون والمسؤولون يف‬
‫جميع أمر يبدر منه على المسلمين‪.‬‬
‫فبموجب اعرتافنا والتزامنا هبذه الشروط‪ ،‬وأن جًللة الملك عبدالعزيز‬
‫أعطانا أمان اهلل‪ ،‬ثم أمان جًللته‪َّ ،‬‬
‫وأن لنا ما للمسلمين‪ ،‬وعلينا ما على‬
‫‪260‬‬

‫المسلمين‪ ،‬فقد ألقينا عهد اهلل وميثاقه على ما ذكر أعًله على يد منصوبه‬
‫عبدالعزيز العسكر‪ ،‬واهلل سبحانه وتعالى على ما نقول شاهد وكفيل‪ ،‬وكان‬
‫ذلك بحضور وشهادة جماعة من المسلمين‪ ،‬منهم الشيخ فيصل بن عبدالعزيز‬
‫آل مبارك‪ ،‬وسعيد بن دليم أبو لعثة‪ ،‬وعبداهلل دليم أبو لعثة‪ ،‬وعلى بن مشيبة‪،‬‬
‫وأحمد بن مفرح‪ ،‬والشيخ ناصر بن مبخوت‪ ،‬ومحمد بن ضاوي‪ ،‬والشيخ‬
‫قاسم بن أسعد من أهل فيفا‪ ،‬وحرر ذلك بتاريخ خامس من شهر ذي القعدة‬
‫لسنة ألف وثًلثمائة وواحد وخمسين من هجرة النبي صلى اهلل عليه وآله‬
‫وصحبه وسلم(‪.)1‬‬
‫أعيان آل فاطمة‪:‬‬
‫جابر بن حسين بن مانع‪.‬‬
‫وحسين بن جابر‪.‬‬
‫ومحمد بن حمد‪.‬‬
‫وعلي بن حسين سرار‪.‬‬
‫ورفعان بن عبدالرحمن‪.‬‬

‫(‪ )1‬المصدر‪ :‬كتاب‪ :‬بيان عن العًلقات بين المملكة العربية السعودية واإلمام يحيى حميد الدين‪،‬‬
‫د‪ .‬محمد عبداهلل زلفة‪( ،‬ص‪ ،)226 ،225 ،224‬وكتاب‪ :‬نجران‪ ..‬تاريخ وإنسان‪ ،‬محمد طحنون‬
‫آل دغرير‪( ،‬ص‪ ،)241 ،240 ،239‬وكتاب‪ :‬عسير يف عهد الملك عبدالعزيز‪ ،‬د‪ .‬محمد عبداهلل‬
‫زلفة‪( ،‬ص‪.)306 ،305‬‬
‫‪261‬‬

‫وذئب المهان‪.‬‬
‫محمد أمحيريق‪.‬‬
‫أعيان جشم‪:‬‬
‫أحسن بن سلطان بن منيف‪.‬‬
‫حسن بن زيد بن قريشة‪.‬‬
‫محمد بن حمد قريشة‪.‬‬
‫حسين بن حمد بن هتيلة‪.‬‬
‫حسن بن هاشم المكرمي (من المكارمة ليس له نسب يف يام)‪.‬‬
‫أعيان مواجد‪:‬‬
‫يحيى بن حسين بن نصيب‪.‬‬
‫محمد بن زيد‪.‬‬
‫يحيى بن ناجي‪.‬‬
‫(عكران عبداهلل حمران) محمد عبدالرحمن حمران‪.‬‬
‫شهود العهد كما ذكر أعًله‪:‬‬
‫الشيخ فيصل بن مبارك‪.‬‬
‫سعيد بن دليم‪.‬‬
‫عبداهلل بن دليم‪.‬‬
‫علي بن مشبب‪.‬‬
‫‪262‬‬

‫أحمد بن مفرح‪.‬‬
‫ناصر مبخوت‪.‬‬
‫محمد بن ضاوي‪.‬‬
‫قاسم أسعد‪.‬‬

‫وثيقة رقم (‪.)6‬‬


‫من عبدالعزيز بن عبد الرحمن آل فيصل إلى جناب اإلخوان الكرام‬
‫سلطان بن حسن بن منيف‪ ،‬والشيخ جابر بن حسين بن نصيب والشيخ حمد‬
‫بن مانع وكافة رجال يام سلمهم اهلل تعالى‪ ،‬السًلم عليكم ورحمة اهلل وبركاته‬
‫‪263‬‬

‫بعد ذلك‪ :‬بارك اهلل فيكم‪ ،‬طلب منا جابر بن حسين تبيين ما يف خواطرنا من‬
‫طرفكم‪ ،‬وتعرفون ما لنا طماعة يف نجران‪ ،‬وأن طماعتنا السكون والرحمة‬
‫للمسلمين‪ ،‬وأنا أعطيكم وجهي وأمان اهلل على أمور األول أنا ما نحملكم على‬
‫ما يخالف كتاب اهلل وسنة رسوله ‪ ،‬وأنا ال نطالب منكم غير تحكيم شريعة‬
‫محمد صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬وأن بًلدكم وأمركم وما أنتم عليه ساب ًقا أنكم‬
‫عليه ال نرضى فيكم وال عليكم من جميع أحد‪َّ ،‬‬
‫وأال يجيئكم غدر ضد ما‬
‫أمنكم عليه‪ ،‬وأنكم آمنون من جميع األمور كلها إال إنسان يتبين فيه عداوة‬
‫المسلمين‪ ،‬وال نجد من يقوم عليه من رفاقته وقبيلته حتى يكف آذاه‪ ،‬ويمشي‬
‫على طريق المشروع وغير ذلك عليكم اهلل‪ ،‬وأمان اهلل فيما ذكرنا لكم من جميع‬
‫شيء تحاذرون منه‪ ،‬هذا ما لزم تعريفه‪ ،‬والسًلم‪ 13 ،‬جمادى أول ‪1352‬هـ‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫الختم‪ :‬عبدالعزيز‬
‫* الطموح اليمني‪:‬‬
‫«بعد انتزاع اإلمام يحيى «صنعاء» من األتراك‪ ،‬وبعد هناية الحرب‬
‫العالمية األولى‪ ،‬ويف ‪ 30‬أكتوبر عام ‪1918‬م وقعت اتفاقية الهدنة بين الحلفاء‬
‫وتركيا‪ ،‬فألقت السًلح بموجبه تركيا‪ ،‬وخرجت من الحرب منهزمةً‪ ،‬وتعهدت‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬نجران تاريخ وإنسان‪ ،‬محمد طحنون‪( ،‬ص‪ ،)243‬وكتاب‪ :‬أ‪.‬د‪ .‬عبداهلل بن محمد بن‬
‫الوهاب يف الفكر واألدب بجنوب الجزيرة‬ ‫حسين أبو د ِ‬
‫اهش‪« :‬أثر دعوة الشيخ محمد بن عبد َّ‬ ‫َ‬
‫العربية»‪ ،‬الطبعة األولى ‪1405‬هـ ‪1985 -‬م‪( ،‬ص‪.)132‬‬
‫‪264‬‬

‫تركيا أن تسرتد جميع قواهتا العسكرية من بًلد العرب‪ ،‬وكان لها فيلقان‬
‫عسكريان يف اليمن؛ األ ول‪ :‬مقره صنعاء‪ ،‬وهو بقيادة اللواء توفيق باشا‪.‬‬
‫والثانـي‪ :‬يف منطقة عدن بقيادة اللواء علي سعيد باشا‪ ،‬ولم يرتددوا يف‬
‫االستسًلم‪ ،‬فانتقل الحكم يف اليمن إلى اإلمام يحيى حميد الدين(‪ .)1‬برزت‬
‫كقوة ناشئة يف جنوب الجزيرة العربية عام ‪1918‬م‪.‬‬
‫المملكة المتوكلية َّ‬
‫َّ‬
‫واستغل اإلمام يحيى وضع األدارسة وضعفهم‪ ،‬فاستولى على الحديدة‬
‫(‪)3‬‬
‫المدِّ السعودي القوي‬ ‫ً‬
‫شماال ‪ ،‬إال أنه توقف أمام َ‬ ‫واللح َّية والزيدية(‪ )2‬وميدي‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬العًلقات السعودية اليمنية‪.،‬أ‪.‬د‪.‬محمد سعيد منشط الشعفي‪( ،‬ص‪ ،)361‬وكتاب‪:‬‬
‫«دخول نجران يف العهد السعودي»‪( ،‬دراسة تاريخية وثائقية)‪ ،‬تأليف‪ :‬د‪ .‬علوي عمر فريد‪،‬‬
‫نص الصلح واالتفاقية بين اإلمام يحيى حميد الدين واألتراك‪ ،‬كتاب‪ :‬تاريخ‬
‫(ص‪ ،)100‬انظر إلى ِّ‬
‫اليمن المسمى ُفرجة الهموم والحزن يف حوادث وتاريخ اليمن‪ ،‬تأليف‪ :‬العًلمة الشيخ عبدالواسع‬
‫بن يحيى الواسعي اليماين‪ ،‬الطبعة الثالثة (‪1402‬هـ ‪1982 -‬م) (ص‪ ،)382 - 378‬الدار اليمنية‬
‫للنشر والتوزيع‪.‬‬
‫(‪ )2‬الزيدية‪ :‬من مدن هتامة شمال الحديدة‪ ،‬وهي الفاصلة بين عمالة ال ُّلحيّة وعمالة بيت الفقيه‪.‬‬
‫(‪ )3‬يف أواخر عهد محمد بن علي اإلدريسي كانت حدوده الجنوبية إلى الحديدة‪ ،‬وقد تخلت عنه‬
‫بريطانيا بعد الحرب العالمية األولى‪ ،‬فكانت إمارته مطم ًعا للمحيطين به من الشمال والجنوب؛‬
‫لذا ا َّتجه إلى الملك عبدالعزيز ليستمد منه القوة ولوضع حدٍّ لألطماع المحيطة به‪ ،‬فالعًلقة بينهما‬
‫بالو ِّد والمحبة والمواالت‪ ،‬وقد عقدت معاهدة بين الطرفين بتاريخ‪10( :‬صفر ‪1339‬هـ‪23/‬‬
‫تتسم ُ‬
‫أكتوبر ‪1920‬م) ومن ضمن المعاهدة تكون كل هذه األرض تدخل ضمن مطالبات الملك عبد‬
‫العزيز لخضوعها ساب ًقا للحكومة السعودية األولى فقد جاء هذا النص‪« :‬فحيث كان يف مملكة‬
‫محمد بن علي اإلدريسي من القبائل والبلدان ما هو يف ملك آل سعود ساب ًقا‪ ،‬تركه اإلمام عبد العزيز‬
‫=‬
‫‪265‬‬

‫الذي تمكن من ضم إمارة األدارسة إلى السعودية يف ‪ 24‬ربيع الثاين ‪1345‬هـ‬


‫ـ ‪ 21‬اكتوبر ‪1926‬م‪ ،‬واعرتاف اإلمام يحيى بسيادة آل سعود على إمارة‬
‫األدارسة‪ ،‬وكاد الوفد السعودي المفاوض يف صنعاء أن ينجح مع اإلمام يف‬
‫رسم الحدود بين البلدين لوال مشكلة نجران»(‪.)1‬‬

‫= ألجل محبته للخير‪ ،‬ومعاونته عليه‪ ،»...‬ولكن مات محمد علي اإلدريسي فاختلفت أسرته من‬
‫بعده؛ فأستولى يحيى حميد الدين على الحديدة حتى حرض ولم يجد مقاومة من األدارسة لتصدع‬
‫واهنيار البيت اإلدريسي‪ ،‬بسبب النزعات العائلية‪ ،‬وسوء اإلدارة‪ ،‬وبعد استيًلء حسن اإلدريسي‬
‫على الحكم وقع اتفاقية حماية مع الملك عبد العزيز لحماية ما تبقى من اإلمارة‪ ،‬وكانت يف ‪24‬ربيع‬
‫اآلخر ‪1345‬هـ‪31/‬أكتوبر‪1926‬م‪ ،‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬نجران الحديثة‪ ،‬تأليف‪ :‬سيد ماحي‪( ،‬ص‪،)49‬‬
‫وكتاب‪ :‬عسير يف عهد الملك عبد العزيز‪ ،‬د‪ .‬محمد بن عبداهلل آل زلفة‪( ،‬ص‪.)204 ،203‬‬
‫(‪ )1‬كتاب‪ :‬دخول نجران يف العهد السعودي‪( ،‬دراسة تاريخية وثائقية)‪ ،‬تأليف‪ :‬د‪ .‬علوي عمر فريد‪،‬‬
‫(ص‪ ،)104‬وكتاب‪ :‬مذكرات تركي محمد الماضي عن العًلقات السعودية اليمنية‪( ،‬ص‪-132‬‬
‫‪ ،)140‬انظر‪ :‬معاهدة سنة ‪1338‬هـ بين اإلمام عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود واإلمام محمد‬
‫علي اإلدريسي‪ ،‬ملحق رقم واحد (‪( )1‬ص‪ ،)373‬وكتاب‪ :‬العًلقات السعودية اليمنية‪ ،‬تأليف‪:‬‬
‫عبداهلل القباع‪1413 ،‬هـ ‪1992 -‬م‪ ،‬وملحق رقم (‪ )2‬نفس الكتاب‪( :‬ص‪ )375‬معاهدة مكة‬
‫المكرمة لعام ‪1926‬م بين جًللة الملك عبدالعزيز واإلدريسي‪ .‬والكتاب‪ :‬األخضر السعودي‪.‬‬
‫وثيقة رقم‪( ،)154( :‬ص‪ ،)178 -177‬وكتاب‪ :‬تاريخ المملكة العربية السعودية ماضيها‬
‫وحاضرها‪ ،‬تأليف‪ :‬صًلح الدين المختار‪( ،‬ص‪.)393‬‬
‫‪266‬‬

‫الباب الثاني‪:‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬الربقيات املتبادلة(‪:)1‬‬

‫إن موقف اإلمام يحيى من قضية األدارسة(‪ )2‬والتجاؤهم إليه‪ ،‬واعتذاره‬


‫عن تسليمهم مما دارت المخابرات بين الملكين‪ ،‬وكذلك موضوع تحديد‬
‫كل ذلك اقتضى بين الجهتين إرسال ٍ‬
‫وفد إلى صنعاء‪ ،‬إلهناء‬ ‫الحدود‪ُّ ،‬‬
‫الخًلفات السابقة والًلحقة بين الحكومتين‪ ،‬فتألف الوفد السعودي من حمد‬
‫السليمان الحمدان وكيل وزارة المالية وخالد أبو الوليد‪ ،‬وتركي محمد‬
‫الماضي‪.‬‬
‫وهذا األمر ألحد أعضاء الوفد بنصه الحريف‪:‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬من مذكرات تركي بن محمد الماضي عن العًلقات السعودية اليمنية‪( ،‬ص‪-133‬‬
‫‪ ،)219‬دار الشبل للنشر والتوزيع والطباعة ‪1417‬هـ‪ ،‬وكتاب‪ :‬المخًلف السليماين‪ ،‬تأليف‪:‬‬
‫محمد بن أحمد العقيلي‪( ،‬ج‪ )1110 -1035/2‬الطبعة الثالثة لعام ‪1410‬هـ‪1989 /‬م‪.‬‬
‫(‪ )2‬يف ‪ 5‬رجب عام ‪1351‬هـ‪1932/‬م قام الحسن اإلدريسي بحركة عصيان يف المنطقة‪ ،‬فاعتقل أمير‬
‫المنطقة السعودي يف جازان (فهد بن زعير)‪ ،‬ولكن الملك عبدالعزيز أرسل ً‬
‫جيشا إلعادة السيطرة‬
‫على جازان بسبب هذا التمرد‪ ،‬وقد وصلت تلك القوات وساندهتا قوات بقيادة خالد بن لؤي ثم‬
‫بقيادة ابنه سعد بعد وفاة والده يف الطريق‪ ،‬وقد جمع تلك القوات األمير‪ :‬عبدالعزيز بن مساعد بن‬
‫جلوي الذي تم َّكن من القضاء على التمرد بعد عدد من المعارك يف المنطقة‪ ،‬وأخذ بمطاردهتم حتى‬
‫دخلوا اليمن‪ ،‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬توحيد المملكة العربية السعودية‪ ،‬إعداد‪ :‬الدكتور‪ :‬محمد بن عبداهلل‬
‫السلمان‪( ،‬ص‪ ،)62‬وكتاب‪ :‬مختصر األطلس التاريخي للمملكة العربية السعودية‪ ،‬إعداد وتنفيذ‪:‬‬
‫دارة الملك عبدالعزيز‪ ،‬ط األولى ‪1424‬هـ ‪2004 -‬م‪( ،‬ص‪.)60‬‬
‫‪267‬‬

‫عدد ‪1019‬‬
‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‪ ،‬من عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل‬
‫سعود إلى جناب المكرم تركي بن محمد ماضي‪ ،‬سلمه اهلل‪ ،‬السًلم عليكم‬
‫ورحمة اهلل وبركاته‪ ،‬مع السؤال عن صحتكم‪ ،‬دمتم بخير‪ ،‬ونحن من فضل اهلل‬
‫بأتم الصحة والعافية واألمل تكون معلوماتكم متصل ًة إلينا تفيدنا بما يسر‪،‬‬
‫نحن من فضل اهلل بخير وعافية‪ ،‬وأخبار جهاتنا من كافة الوجوه مسرة‪ ،‬نحمد‬
‫اهلل على ذلك‪ ،‬ونرجوه دوام النعمة ومزيدها‪ ،‬هذا ما لزم‪ ،‬والسًلم‪ ،‬حرر يف‬
‫‪ 25‬ذي الحجة سنة ‪1351‬هـ‪1933/‬م الختم‪.‬‬
‫ملحق وسرور ‪ -‬إن شاء اهلل ‪ -‬لكتاب تركي بن ماضي رقم ‪ 1019‬يف‬
‫‪1351/12/25‬هـ‪1933/‬م فقد اطلعنا على ما ذكرتم بالتلغراف بارك اهلل‬
‫فيكم‪ ،‬ونسأل اهلل أن يذل كل عَدُ ٍّو لإلسًلم والمسلمين‪ ،‬وأن يذهب َمن فيه‬
‫الربع حمد وخالد‬
‫شر‪ ،‬وأنت ‪-‬إن شاء اهلل‪ -‬توكل على اهلل‪ ،‬وتمشي مع َّ‬
‫ٌّ‬
‫والتعليمات معهم‪ ،‬إن شاء اهلل إن اجتهادكم فيه بركة‪ ،‬وال بعدكم أسف على‬
‫شيء (الختم)‪.‬‬
‫التعليمات الصادرة للمندوبين والمفاوضين مع جًللة اإلمام يحيى‬
‫مقــــــدمة‪ :‬الذي يظهر من تصرفات اإلمام يحيى أنه مرتدد يف اتباع السياسة‬
‫الصريحة معنا‪ ،‬والتي ُسدَ اها و ُلح َم ُتها اإلخًلص وحسن النية‪ ،‬لذلك فإنه يف‬
‫الدرجة األولى من األهمية أن يسير الوفد يف عمله على قاعدتين أساسيتين‪:‬‬
‫‪268‬‬

‫‪1‬ـ التعرف على نواياه‪ ،‬وعمل ما يمكن إلقناعه بحسن نوايا جًللة‬
‫الملك تجاهه‪ ،‬وتجاه بًلده‪.‬‬
‫‪2‬ـ تجنُّب كل ٍ‬
‫أمر يثير شكوكه‪ ،‬أو يراه؛ سواء يف الحال أو المستقبل‪،‬‬
‫ويكون ذلك بإفهامه باألسباب التي َحدَ ت بجًللته إلى إرسال الوفد إليه‪،‬‬
‫وتجشم مشاق السفر وعناء الطريق للحضور إلى صنعاء‪ ،‬والسبب األساسي‬
‫على ما يظهر لنا هو توطيد الصداقة التي تأسست بين الجانبين بعد جبل‬
‫(ال ُع ِّر)(‪ )1‬واالتحاد على ما فيه عز العرب واإلسًلم‪ ،‬واالتفاق على كل ما من‬
‫شأنه أن يحفظ جزيرة العرب‪ ،‬ويؤلف بين أهلها‪.‬‬
‫‪2‬ـ العالقات‪:‬‬
‫إنه ‪ -‬وهلل الحمد والمنة ‪ -‬ال توجد بين البلدين أية أمور توجب الخًلف‪،‬‬
‫وأنه ليس لدى الوفد ما يقول؛ ألن ما تم بعد حوادث (ال ُعر)(‪ ،)2‬قد أظهرت‬
‫الصداقة بين الجانبين بأجلى مظاهرها‪ ،‬وقد عقدت بين الجانبين معاهدة‬

‫(‪ )1‬يف عام ‪1350‬هـ استولت قوات اإلمام يحيى على جبل (ال ُع ّر) التابع لألدارسة‪ .‬فاقرتح الملك‬
‫عبدالعزيز أن يناقش الموضوع وفدان من الطرفين السعودي واليمني‪ ،‬واجتمع الوفدان قرب‬
‫الجبل‪ ،‬لكنهما لم يتوصًل إلى اتفاق بشأنه‪ .‬فح َّكم اإلمام الملك عبدالعزيز يف القضية‪ .‬وبعد ذلك‬
‫أكَّد الملك عدم حق اليمن يف الجبل‪ ،‬لكنه تنازل عنه لإلمام إكرا ًما له‪ ،‬ورغبة يف السلم بين بلديهما‪.‬‬
‫انظر‪ :‬الذكير‪ ،‬نسخة بغداد‪( ،‬ص‪ ،)36‬وكتاب‪ :‬بيان عن العًلقات بين المملكة العربية السعودية‬
‫واإلمام يحيى حميد الدين‪ ،‬محمد بن عبداهلل آل زلفة‪( ،‬ص‪.)55 - 45‬‬
‫(‪ )2‬معاهدة ال ُع ِّر‪( ،‬ص‪ )269‬من هذا الكتاب‪.‬‬
‫‪269‬‬

‫صداقة بالربقيات التي ُت ِ‬


‫بود َلت بينهما‪ ،‬ثم من جهة أخرى تقدم جًللة الملك‬
‫إلى اإلمام يحيى باقرتاح مؤداه تقوية الصداقة واأللفة‪ ،‬والسعي للظهور بمظهر‬
‫االتحاد المتين الذي ال تنفصم عراه‪ ،‬ومع ذلك فقد أراد جًللته أن يوفد الوفد‬
‫حاضرا بين يدي اإلمام‪ ،‬ويطلع على ما عنده من‬
‫ً‬ ‫إلى صنعاء لكي يكون‬
‫اقرتاحات‪ ،‬خاصة بتقوية العًلقات وتأييدها‪ ،‬وأنه مستعد للمفاوضة فيها‪،‬‬
‫والبت يف كل ما يعود بالفائدة على صداقة الجانبين‪.‬‬
‫‪3‬ـ المعــــاهـدة‪:‬‬
‫إن المعاهد َة التي وقع عليها يف شعبان سنة ‪1350‬هـ‪1932/‬م‪ ،‬والتي‬
‫أبرمها جًللته وسيادة اإلمام‪ ،‬معاهد ٌة صالحةٌ‪ ،‬ال زالت قائمة‪ ،‬ونعده نحن‬
‫حريصا كذلك على بقائها‪ .‬وقد‬
‫ً‬ ‫بالمحافظة عليها‪ ،‬ونأمل أن سيادته يكون‬
‫حلت هذه المعاهدة نقطتين أساسيتين يمكن لو لم تكونا منتهيتين‪ ،‬أن تسبب‬
‫الخًلف ‪-‬ال سمح اهلل‪ -‬بيننا‪ ،‬وهما‪:‬‬
‫‪1‬ـ مسألة الحدود بين عسير السراة وعسير هتامة وبين اليمن‪.‬‬
‫ً‬
‫أعماال يف بًلد الفريق الواحد ضدَّ‬ ‫‪2‬ـ تسلم المجرمين الذين يرتكبون‬
‫الفريق اآلخر‪.‬‬
‫أما مسألة الحدود المشار إليها‪ ،‬فكما أشرنا أصبحت اآلن منتهيةً؛ َّ‬
‫ألن‬
‫المعاهدة أثبتت ذلك‪ ،‬وجاء قبول سيادة اإلمام يحيى بتحكيم جًللته بأن جبل‬
‫(ال ُع ِّر) لإلمام‪ ،‬ثم اعرتف سيادة اإلمام بأن ( َفيفا) و(بني مالك) تابعتان لجًللة‬
‫‪270‬‬

‫الملك‪ ،‬وجاء قبول سيادته قاط ًعا لألمر‪ ،‬وبا ًّتا فيه‪ ،‬وقاض ًيا هنائ ًّيا على أي ا ِّدعاء‬
‫كان بإمكانه تغيير الحدود‪ ،‬فالذي تحت يد جًللة الملك بالفعل هو لنا‪ ،‬والذي‬
‫ٍ‬
‫بشيء‬ ‫تحت يد اإلمام هو له‪ ،‬ولن نطالبه بشيء تحت يده‪ ،‬كما أنه لن يطالبنا‬
‫مما هو تحت يدنا‪ ،‬إال أنه من ًعا ألسباب النزاع‪ ،‬وقط ًعا ألبواب االختًلف‪َّ ،‬‬
‫فإن‬
‫جًللته رغب يف إدامة حسن التفاهم والصداقة مع اإلمام‪ ،‬وال يمانع تبديل‬
‫نصف قبيلة أو قبيلة بقبيلة‪ ،‬لكي يكون أفخاذ القبيلة الواحدة يف جهة واحدة‪.‬‬
‫أيضا يف تصحيح خط الحدود مع ذلك كضم‬
‫كما أن جًللته ال يمانع ً‬
‫شعيب إلى جانب‪ ،‬ومسيل إلى جانب آخر‪.‬‬
‫فإذا كان لإلمام رغبة يف ذلك‪َّ ،‬‬
‫فإن جًللته يوافق عليها مع الممنونية؛‬
‫ألهنا ترفع التنازع‪ ،‬وتمنع االختًلف بين بًلد منقسمة ما بين البلدين‪.‬‬
‫هذا إذا كان للمندوبين استناد على ما عندهم من معلومات عن الحدود‬
‫والقبائل يرون ذلك يف مصلحتنا‪ ،‬وإن كانوا ال يرون ذلك يف مصلحتنا‪،‬‬
‫فليأخذوا اقرتاح يحيى‪ ،‬ويرفع لجًللته مع بيان رأيهم يف ذلك‪.‬‬
‫وأما مسألة تسليم المجرمين التي ثبتت يف المعاهدة‪ ،‬فإننا نرى االحتفاظ‬
‫والتمسك هبا تما ًما كشرط أساسي إلدامة الثقة والعًلقات الحسنة‪ ،‬ولذلك‬
‫ٍ‬
‫بصراحة على‬ ‫فإننا نؤمل موقف سيادته يف هذا األمر مثل موقفنا‪ ،‬وأن يعلمنا‬
‫ذلك؛ ألن موقف سيادته يف حوادث اإلدريسي كان موق ًفا يناقض المعاهدة‪،‬‬
‫ٍ‬
‫بصراحة‪ ،‬ويبين لنا أمرين‪:‬‬ ‫وبنا ًء على ذلك فإننا نطالب منه أن يعرفنا رأيه‬
‫‪271‬‬

‫‪1‬ـ هل هو ُم َص ِّم ٌم على إنفاذ النص كما هو؟!‬


‫‪2‬ـ أو أنه ال يريد ذلك‪ ،‬ويرى إلغاءه‪ ،‬والسير على الطريقة التي سار عليها‬
‫(‪)1‬‬
‫وأتباعهم‪ ،‬أو األدارسة‬ ‫يف حوادث األدارسة‪ ،‬سواء تجاه (الدباغين)‬
‫أنفسهم‪.‬‬
‫‪4‬ـ الحدود واالعرتاف هبا‪:‬‬
‫ذكرنا فيما سبق كيف أن المعاهدة المعقودة‪ ،‬وحكم (ال ُع ِّر) قد حل‬
‫مسألة الحدود بين عسير واليمن‪ ،‬وذكرنا رأينا يف التعديل الذي ُيمكن الموافقة‬
‫عليه‪.‬‬
‫وأما حدودنا فيما وراء عسير من الداخل –الشرق‪ -‬فإهنا كذلك مبتوت‬
‫فيها منذ عام ‪1346‬هـ‪1927/‬م حينما زار ابن دليم‪ ،‬وابن ماضي اإلمام‪،‬‬
‫وأعلمناه بأن أهل (نجران) تابعون لنجد‪ ،‬وأهنم الزمون لنجد بموجب‬
‫الضرورة‪ ،‬كما َب َّلغنا ُه‪ ،‬وأن سيادة اإلمام وافق يف ذلك الوقت على أن ما كان‬
‫ً‬
‫شماال هو عائد لنا‪ ،‬وما كان من (وائلة) جنو ًبا فهو عائد له‪ ،‬حسب‬ ‫من نجران‬
‫تعديًل بسي ًطا‪،‬‬
‫ً‬ ‫النص المشار إليه يف المحضر‪ ،‬وعن إمكان تعديل الحدود‬

‫(‪ )1‬تم تشكيل حزب (األحرار الحجازي) بعد سيطرة الملك عبد العزيز ‪ -‬رحمه اهلل ‪ -‬على الحجاز‪،‬‬
‫بإيعاز من األمير عبداهلل بن الحسين أمير شرق األردن وبدعمه‪ ،‬وأسسته عائلة الدباغ والصبار‪،‬‬
‫وكان مقره يف األردن‪ ،‬وكان له فروع يف مصر واليمن والهند وغيرها‪ ،‬ولكن بحكمة وحنكة الملك‬
‫عبدالعزيز تم العفو عن جميع السعوديين المشاركين فيه والسماح بعودهتم إلى وطنهم‪ ،‬وبذلك تم‬
‫إهناء ذلك الحزب وأهدافه‪.‬‬
‫‪272‬‬

‫كشعب أو قبيلة أو ما شابه ذلك يف عسير‪ ،‬فإننا ال نمانع يف إجرائه يف نجران‪.‬‬


‫وعلى ٍّ‬
‫كل من الضرورة أن يكون موقف الوفد من هذا األمر ‪-‬أي‪ :‬أمر‬
‫واضحا‪ ،‬وأن يفهمه اإلمام‪ ،‬وهو أنه من المستحيل أن يتغير‬
‫ً‬ ‫الحدود‪ -‬جل ًّيا‬
‫موقفنا تجاه الحدود‪ ،‬برتك بًلد عسير ونجران‪ ،‬أو إنه كان قصد اإلمام أن يعيش‬
‫ٍ‬
‫بأمور ال يكون‬ ‫معنا معيشة الصداقة والتفاهم‪ ،‬فما عليه إال اإلقًلع عن التفكير‬
‫منها له نتيجة‪َّ ،‬‬
‫إن ما تحت أيدينا هو لنا لن نتنازل عنه‪ ،‬كما أننا ال نطالبه بأن‬
‫(الحديدة)‬
‫ُ‬ ‫يتنازل عما كان تاب ًعا لألدارسة قبل دخول قوات اإلمام إلى‬
‫و( َمي ِدي)‪.‬‬
‫َو َّ‬
‫إن الذي يوافق عليه هو التعديًلت البسيطة التي أشرنا إليها‪ ،‬المقصود‬
‫من ذلك‪ :‬أنكم تعرفون نواياه‪ ،‬إن كانت نواياه حسنةً‪ ،‬وقصده على أن يكون‬
‫وقت آخر‪ ،‬المقصود ال ُت َو ُّرو ُه ِشدَّ ًة توجب‬
‫الحالة كما هي‪ ،‬والكًلم يصير يف ٍ‬

‫الكدر والخًلف‪ ،‬وال ترتاخون يف ٍ‬


‫أمر يريده‪ ،‬وفيه مضرة علينا‪.‬‬
‫‪5‬ـ المعاهدة الجديدة‪ :‬قلنا‪ :‬إننا نرى المعاهدة الحالية أداة صالحة‪ ،‬وال‬
‫بأس من بقائها‪ ،‬ولكن ال نرى مان ًعا من عقد معاهدة أخرى يف حالة رغبة اإلمام‬
‫يحيى يف ذلك‪ ،‬ومن الموافق أن يرتك أمر اختيار ذلك إلى اإلمام نفسه‪ ،‬فإذا‬
‫كان راغ ًبا يف عقد معاهدة جديدة‪ ،‬فمن الضرورة معرفة الشكل‪ ،‬ونعرض يف‬
‫هذا الباب حالتين‪ ،‬هما‪:‬‬
‫‪1‬ـ العصرية التي تسير عليها الحكومات األوروبية يف عقد المعاهدات‪.‬‬
‫‪273‬‬

‫‪2‬ـ بقاء المعاهدة القديمة على حالها بعد تثبيتها‪.‬‬


‫فإن اختار الطريقة األولى‪ ،‬وهو ما ُن َر ِّج ُح ُه‪ ،‬فاطلبوا منه المشروع الذي‬
‫وعرفونا ن ََّص ُه برق ًّيا بعد تبديل ترتيب المواد حتى ال تنكشف الشفرة‪،‬‬
‫يقدمه‪ِّ ،‬‬
‫نص المشروع‪ ،‬فقدموا هذا له‪،‬‬
‫ويمكن حلها لكي نرى رأينا فيه‪ ،‬وقد وضعنا َّ‬
‫وستكون المخابرة متصل ًة بيننا لتعديل أو تبديل شيء من المواد‪.‬‬
‫‪6‬ـ االتحاد والتعاون‪:‬‬
‫أن الذي يظهر لنا من تصرفات اإلمام يحيى خًلل الوقائع اإلدريسية‬ ‫بما َّ‬
‫ٍ‬
‫جازمة‬ ‫ٍ‬
‫بصورة‬ ‫كثيرا على الثقة بنوايا المذكور المستقبلة‪ ،‬فإننا ال نرى‬
‫ال تشجع ً‬
‫ما يكون لًلتفاق الهجومي الدفاعي من قيمة عملية بيننا على فرض دخولنا فيه‬
‫معه‪ ،‬ومع ذلك فإننا يف حالة الدفاع عن سًلمة الجزيرة العربية‪ ،‬ال نرى مان ًعا‬
‫من قبول التعهد بما يأيت‪:‬‬
‫‪1‬ـ وضع ذلك يف المعاهدة‪ ،‬أو يف مكاتبة ملحقة يف المعاهدة‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ ويف حالة حصول اعتداء خارجي على بًلد أحد الفريقين الساميين‬
‫المتعاقدين يتعهد كل فريق بما يأيت‪:‬‬
‫(أ) الوقوف على الحياد التام‪.‬‬
‫(ب) المعاونة األدبية والمعنوية‪.‬‬
‫ويف حالة االعتداءات الداخلية يتعهد كل فريق بما يأيت‪:‬‬
‫(أ) اتخاذ التدابير الفعالة لعدم تمكين المعتدي من االستفادة من‬
‫أراضيه‪.‬‬
‫‪274‬‬

‫(ب) منع التجاء الًلجئين إلى بًلده‪.‬‬


‫(ج) منع رعاياه من االشرتاك مع المعتدين أو تشجيعهم أو تموينهم‪.‬‬
‫(د) منع اإلمدادات والذخائر والمؤن عنهم‪.‬‬
‫يفر منهم إلى بًلده أو طرده‪.‬‬
‫(هـ) تسليم من ُّ‬
‫‪7‬ـ التحكيم‪:‬‬
‫ال مانع لدينا مطل ًقا أن نتفق على إحالة كل خًلف يحصل بين الجانبين‬
‫على التحكيم الذي يصدر‪ ،‬ويوضع لذلك نص واضح يف المعاهدة (كتابة‬
‫ملحقة)‪ ،‬ويمكن االستعانة بالنصوص الواردة يف (بروتوكول) التحكيم‬
‫المعقود بيننا وبين حكومة العراق‪ ،‬والموجود يف آخر مجموعة المعاهدات‬
‫التي عندكم منها نسخة من قبل‪.‬‬
‫‪8‬ـ المؤتمر العربي يف بغداد‪:‬‬
‫َّ‬
‫إن على الوفد أن يتخابر مع اإلمام يحيى من أجل قضية المؤتمر العربي‬
‫المنوي عقده يف بغداد‪ ،‬أو أن يفهم أنه بالنظر إلى أنه وجًللة الملك هما‬
‫صحيحا‪ ،‬فإنه من الضروري أن يتبادال‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫استقًلال تا ًّما‬ ‫المستقًلن دون غيرهم‬
‫المعلومات يف كل األمور التي لها عًلقة بالعرب مستقبلهم‪ ،‬ولذلك فإننا نحب‬
‫أن نعلم موقف اإلمام يحيى تجاه المؤتمر العربي‪ ،‬وإننا نحب أن نكون وإياه‬
‫يدً ا واحد ًة رأ ًيا واحدً ا فيما يتعلق بشأنه(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬ابن ماضي‪( ،‬ص‪.)139‬‬


‫‪275‬‬

‫‪9‬ـ االعرتاف‪:‬‬
‫إذا طلب اإلمام أن نعرتف به بصفته مل ًكا على اليمن‪ ،‬فإنه ال مانع عندنا‬
‫من ذلك‪ ،‬على شرط أن يطلب هو ذلك‪ ،‬فإن لم يطلبه‪ ،‬فًل تفتحوا له بابه‪ ،‬أما‬
‫نصه فيكون كما يلي‪ :‬يعرتف حضرة صاحب الجًللة ملك اليمن بحضرة‬
‫صاحب الجًللة الملك عبد العزيز مل ًكا على المملكة العربية السعودية‪.‬‬
‫مالحظة مهمة‪:‬‬
‫تم االتفاق بينكم وبين يحيى على الحدود‪ ،‬فمن الضروري تثبيتها يف‬
‫إذا َّ‬
‫ٍ‬
‫مادة تكون يف المعاهدة‪ ،‬وال يمكن أن نعرتف ليحيى بملكه على اليمن قبل أن‬
‫يعرتف بالحدود‪ ،‬والحدود هي الموجودة يف محضر األحاديث التي بين تركي‬
‫أساسا‬
‫ً‬ ‫بن ماضي‪ ،‬ومحمد بن دليم‪ ،‬ومندوبي يحيى نراها البأس هبا؛ لتكون‬
‫للمادة يف المعاهدة‪.‬‬
‫مشروع معاهدة بين المملكة العربية السعودية وبين حكومة اإلمام‬
‫يحيى‪:‬‬
‫الحمد هلل نشكره‪ ،‬ونصلي ونسلم على خير أنبيائه الذي جاء بالهدى‬
‫ودين الحق‪ ،‬ونستفتح بالذي هو خير‪.‬‬
‫أما بعد‪ :‬فإن حضرة صاحب الجًللة ملك المملكة العربية السعودية‬
‫عبدالعزيز بن عبد الرحمن آل سعود‪ ،‬وحضرة صاحب الجًللة اإلمام يحيى‬
‫حميد الدين‪ ،‬رغب ًة منهما يف جمع كلمة األمة العربية اإلسًلمية‪ ،‬ورفع شأهنا‪،‬‬
‫‪276‬‬

‫ونظرا لضرورة تثبيت الحدود بين البلدين يف‬


‫ً‬ ‫وحفظ كرامتها واستقًللها‪،‬‬
‫شكل عهدي بعد أن تم القسم األول من ذلك االجتماع الذي عقد يف صنعاء‬
‫عام ‪1346‬هـ‪1927/‬م بين مندوبي الفريقين‪ ،‬وتم القسم اآلخر يف‬
‫المراجعات الربقية والتحريرية بتاريخ أيام جرى االختًلف على مسألة (ال ُع ِّر)‪.‬‬
‫وبنا ًء على االتفاقية التي عقدت بين مندوبي الفريقين‪ ،‬وحازت تصديق‬
‫الفريقين الساميين المتعاقدين‪ ،‬والمشتملة على ثمانية مواد‪ ،‬والملحقة‬
‫ونظرا لرغبة الفريقين‬
‫ً‬ ‫صورهتا يف صلب هذه المعاهدة‪ ،‬تثبيتًا لمفعولها الدائم‪،‬‬
‫يف إدامة السًلم بين بًلديهما ورغبتيهما يف أن يكونا عضدً ا واحدً ا أمام‬
‫المهمات المفاجئة من الداخل والخارج‪ ،‬ورغب ًة منهما يف سًلمة الجزيرة‬
‫العربية‪ ،‬فقد انتدب حضرة صاحب الجًللة ملك المملكة العربية السعودية‬
‫عبد العزيز عبدالرحمن الفيصل آل سعود‪ ،‬وانتدب حضرة صاحب السيادة‬
‫اإلمام يحيى حميد الدين مندوبين مفوضين عنهما‪ ،‬وبعد أن ا َّطلع كل من‬
‫المندوبين على أوراق المندوبين اآلخرين‪ ،‬فوجدت مطابق ًة لألصول‪ ،‬اتفقا‬
‫على المواد اآلتية‪:‬‬
‫المادة األولى‪:‬‬
‫يسود بين المملكة العربية السعودية‪ ،‬وبين المملكة اليمانية‪ ،‬وبين‬
‫دائم‪ ،‬وصداق ٌة خالصةٌ‪ ،‬ال يمكن اإلخًلل هبا‪.‬‬
‫سلم ٌ‬‫حكومتيهما ورعاياهما ٌ‬
‫ويتعهد الفريقان المتعاقدان أن َي ُح ًَّل بروح الود والصداقة جميع‬
‫َّ‬
‫‪277‬‬

‫المنازعات التي تقع بينهما‪ ،‬وأن يسود عًلقتهما روح اإلخاء اإلسًلمي العربي‬
‫يف سائر المواقف والحاالت‪.‬‬
‫المادة الثانية‪:‬‬
‫تؤسس بين البلدين عًلقات التمثيل السياسي والقنصلي‪ ،‬ويكون‬
‫للممثلين يف كل البلدين حقوق الصيانة التي تقضي هبا القواعد العربية‬
‫واإلسًلمية‪ ،‬وتتفق مع الحقوق الدولية‪.‬‬
‫المادة الثالثة‪:‬‬
‫يتعهد ٌّ‬
‫كل من الفريقين بأن يمنع بكل ما لديه من الوسائل استعمال بًلده‬
‫عدائي‪ ،‬أو االستعداد له ضدَّ بًلد اآلخر‪ ،‬وكل من يسعى‬
‫ٍّ‬ ‫قاعدة ألي عم ٍل‬
‫لذلك فإنه إن كان من رعايا الحكومة التي يعمل يف أراضيها‪ ،‬فحكومة البلد‬
‫تؤدبه أد ًبا بينًا‪ ،‬وتردعه رد ًعا شديدً ا‪ ،‬وإن كان من رعايا البلد اآلخر‪ ،‬فإنه يلقى‬
‫القبض عليه‪ ،‬ويسلم لحكومته التي يعمل ضدها‪ ،‬فتجازيه بما تقضي به‬
‫األحك ام الشرعية‪ ،‬وعلى الحكومة التي يقع ترتيب العدوان يف أراضيها أن‬
‫تخرب الحكومة األخرى يف الحال عن ذلك‪ ،‬وأن تجري المراجعات الربقية‬
‫والكتابية عند اللزوم التخاذ خطة مشرتكة رادعة ألعمال أولئك المجرمين‪.‬‬
‫المـادة الرابعة‪:‬‬
‫أي‬
‫يتعهد الفريقان الساميان المتعاقدان بأن يلجآ إلى التحكيم ألجل ِّ‬
‫نزا ٍع يقع بينهما‪ ،‬وأن يقبًل الحكم الذي يصدره الحكم‪ ،‬ويوضع للتحكيم‬
‫‪278‬‬

‫ترتيب مفصل يعين كيفية طلبه‪ ،‬وكيفية حصوله‪.‬‬


‫المادة الخامسة‪:‬‬
‫إن الفريقين الساميين اللذين تجمعهما الجامعة اإلسًلمية العربية أمتهما‬
‫شرا‪ ،‬وإهنما يعمًلن جهدهما ألجل ترقية‬ ‫ٍ‬
‫أمة واحدة‪ ،‬وإهنما ال ينويان بأحد ًّ‬
‫شئون أمتهما يف ظل الطمأنينة والسكون‪ ،‬وأهنما ال ينويان أ َّية نية تجاه أي أمة‬
‫كانت‪.‬‬
‫المادة السادسة‪:‬‬
‫يف حالة حصول اعتداء خارجي على بًلد أحد الفريقين الساميين‬
‫المتعاقدين يتعهد كل فريق بما يأيت‪:‬‬
‫‪1‬ـ الوقوف على الحياد‪.‬‬
‫‪2‬ـ المعاونة األدبية والمعنوية الممكنة‪.‬‬
‫يف حالة االعتداءات الداخلية يتعهد كل فريق‪:‬‬
‫‪1‬ـ اتخاذ التدابير الف َّعالة بعدم تمكين المعتدين من االستفادة من‬
‫أراضيه‪.‬‬
‫‪2‬ـ منع التجاء الًلجئين إلى بًلده‪.‬‬
‫‪3‬ـ منع رعاياه من االشرتاك مع المعتدين‪ ،‬أو تشجيعهم‪ ،‬أو تموينهم‪.‬‬
‫‪4‬ـ منع اإلمداد والذخائر والمؤن عن المعتدي‪.‬‬
‫يفر منهم إلى بًلده‪ ،‬أو طردهم إليها‪.‬‬
‫‪5‬ـ تسليم َمن ُّ‬
‫‪279‬‬

‫المادة السابعة‪:‬‬
‫يعقد بين الفريقين الساميين المتعاقدين اتفاق بريدي وبرقي لتسهيل‬
‫المواصًلت‪ ،‬وتزويد االتصال بين بًلديهما‪.‬‬
‫المادة الثامنة‪:‬‬
‫حررت هذه المعاهدة من نسختين‪ ،‬وتصبح نافذ ًة من تاريخ إبًلغ‬
‫الفريقين الساميين المتعاقدين بعضهما برق ًّيا باالطًلع على مواد هذه‬
‫المعاهدة‪ ،‬والموافقة عليها‪ ،‬ويجري تبادل قرارات اإلبرام بأسرع مدة ممكنة‬
‫يف المكان الذي يتفق عليه الفريقان‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫هذا النص الكامل لمشروع المعاهدة التي زود هبا الوفد مع التعليمات‬
‫السابقة‪ ،‬وتوجيه الوفد من مدينة (جازان) بتاريخ ‪ 10‬صفر ‪1352‬هـ‪1933/‬م‬
‫يف طريقه إلى صنعاء‪.‬‬
‫رحلة الوفد‪:‬‬
‫توجه الوفد من جازان‪ ،‬واجتاز الحدود إلى مدينة ميدي اليمنية‪ ،‬وبعد‬
‫الرتيث الوشيك تحرك ركبه إلى مواصلة رحلته‪ ،‬وشاهد يف أثناء طريقه‬
‫ابتهاجا بغزو نَجران‬
‫ً‬ ‫الزينات المنصوبة‪ ،‬واألعًلم المرفوعة واالحتفاالت‬
‫حتى يشاهد الوفد‪ ،‬و ُي َحاط مسب ًقا بالموضوع‪.‬‬
‫كانت رحلة الوفد من جازان ًّبرا على السيارات فواصل سفره إلى ميدي‪،‬‬
‫ثم اللح َّية‪ ،‬فـ (الزيدية) فـ (الحديدة) فـ (باجل)‪ ،‬ومن باجل ارتقى المرتفعات‬
‫‪280‬‬

‫الجبلية إلى (صنعاء) يف ‪16‬صفر سنة ‪1352‬هـ‪1933/‬م(‪.)1‬‬


‫االستقبال‪:‬‬
‫كريما‪ ،‬وأنزلوا يف ضيافة دار الضيافة‪ ،‬ثم تحدد‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫استقباال‬ ‫استقبل الوفد‬
‫مقابلة اإلمام فاستقبلهم يف قصره‪ ،‬وبعد التحية والسًلم على جًللته‪ ،‬قدم‬
‫الوفد كتاب جًللة الملك‪ ،‬فتناوله يف سرور‪ ،‬وأظهر لهم كريم اهتمامه‬
‫وابتهاجه(‪.)2‬‬
‫أشرنا من َقبل إلى ما شاهده الوفد ابتدا ًء من خروجه من مدينة ميدي من‬
‫مظاهر الزينة واألعًلم يف طريقهم‪ ،‬وعندما يسألون‪ ،‬يجيبهم المرافقون َّ‬
‫أن‬
‫ذلك بمناسبة االستيًلء على نجران‪ ،‬والحقيقة أن يف ذلك الوقت كان ابتداء‬
‫تقدم الجيش اإلمامي إلى بًلد نجران‪ ،‬وبعد ذلك تم َّكن من التوغل يف بعض‬
‫جهاته‪ ،‬واستعمال الشدة‪ ،‬وهدم بيوت بلدة َبدر‪ ،‬ونبش قبور المكارمة‪ ،‬ففر‬
‫المكرمي رئيس نجران‪ ،‬ومعه من معه من شيوخهم‪ ،‬فروا إلى الرياض(‪ )3‬وأخذ‬

‫(‪ )1‬المرجع المخًلف السليماين‪ ،‬محمد أحمد العقيلي‪ ،)1045 /2( ،‬ط‪.2‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬وزارة الخارجية السعودية «بيان عن العًلقات بين المملكة العربية السعودية واإلمام‬
‫يحيى بن حميد الدين»‪ ،‬عام (‪1353‬هـ)‪ ،‬مطبعة أم القرى‪( ،‬ص‪.)53 ،52‬‬
‫(‪ )3‬لم يذهب للرياض غير جابر بن حسين أبو ساق‪ ،‬والذي طلب من الملك عبد العزيز التدخل‬
‫ومساعدة أهل نجران يف صد هذا المعتدي‪ ،‬انظر‪ :‬إلى مناشدة جابر أبوساق للملك عبد العزيز ‪-‬‬
‫رحمه اهلل ‪( -‬ص‪ ) 400‬من هذا الكتاب‪ ،‬وكتاب‪ :‬كنت مع عبد العزيز‪ ،‬للدكتور‪ :‬عبد الرحمن بن‬
‫سبيت السبيت وآخرون‪( ،‬ص‪ ،)167 -144‬وقد ذكر صاحب كتاب‪ :‬أئمة اليمن بالقرن الرابع‬
‫=‬
‫‪281‬‬

‫الجيش يف مواالة تقدمه‪ ،‬يف حال أن هناك فري ًقا أقل من أهل نجران كانوا‬
‫موالين لإلمام(‪.)1‬‬
‫وبعد تلك المقابلة‪ ،‬انصرف الوفد إلى ُن ُزلهم‪ ،‬وكان نصيبهم شبه التَّر ِك‪،‬‬
‫و َق ِري َن اإلهمال‪ ،‬يتصل هبم بعض أعضاء حكومة اإلمام يتناوبون ويأخذون‬
‫معهم يف الحديث والمجاملة‪ ،‬ويعيدون على أسماعهم مطالب اإلمام‬
‫كتحصيل حاصل‪ ،‬وقول قائل‪ ،‬ويسمعون منهم إلى أن أصبح الوفد يف شبه‬
‫ملل‪ ،‬وعدم تصديق‪ ،‬أما الضيافة والعناية هبم وبأحوالهم فموسع عليهم‪ ،‬مع‬
‫المراقبة الشديدة‪ ،‬والتصنت والمًلحظة على كل حركاهتم وسكناهتم‬
‫وتحركاهتم‪ ،‬ومن يتصل هبم‪ ،‬إلى غير ذلك‪ ،‬وقطعت عنهم المخابرة‬
‫الًلسلكية فيما بينهم وبين الحجاز ونجد‪.‬‬
‫واإلنسان العادي يشعر بوطأة المراقبة وضغوطها على نفسيته من‬
‫شخص مثله‪ ،‬فكيف ٍ‬
‫بوفد له حصانته (الدبلوماسية)‪ ،‬وصفته الرسمية‪.‬‬
‫كان اإلمام ينتظر يف خًللها انتهاء جيشه من غزو نجران حتى يكون الوفد‬
‫والحكومة السعودية من ورائه أمام األمر الواقع‪.‬‬

‫= عشر للهجرة‪ ،‬للمؤلف‪ :‬محمد بن محمد بن يحيى ابن زبارة الحيني‪( ،‬ص‪ ،)314‬أنه َّفر الداعي‬
‫علي بن محسن شبام ومنصوبه الفقيه‪ :‬حسين بن أحمد إلى أهبا‪ ،‬وكذلك مخطوط‪« :‬الربق المتألق‬
‫يف رحلة موالنا سيف اإلسًلم إلى المشرق»‪ ،‬محمد بن عبدالرحمن بن شرف الدين‪( ،‬ص‪،)131‬‬
‫أن فرارهم كان إلى أهبا من بًلد عسير‪.‬‬
‫(‪ )1‬المرجع المخًلف السليماين‪ ،‬محمد أحمد العقيلي (‪ ،)1045 /2‬ط‪.2‬‬
‫‪282‬‬

‫وإنما الحكومة السعودية بدورها لم تكن يف غفلة‪ ،‬فهي على علم بأدق‬
‫فضًل عن حركة جيش بِ َعد َده و ُعدَ ِده‪ ،‬وقيادة‬
‫ً‬ ‫تحركات الحكومة المتوكلية‪،‬‬
‫ولي عهد اليمن نفسه لذلك الجيش‪.‬‬
‫ظل الوفد شهرين يف صنعاء يتعرض للمضايقة‪ ،‬وشبه اإلهمال والرقابة‬
‫على تحركاته‪ ،‬ومنع إرسال برقياته الصادرة‪ ،‬وحجب الربقيات الواردة له‪ ،‬وإذا‬
‫جاهزا بحجة خراب جهاز الًلسلكي‪.‬‬
‫ً‬ ‫احتج على ذلك كان االعتذار‬
‫وإزاء تلك الحالة‪ ،‬كتب رئيس الوفد (حمد السليمان) إلى أخيه وزير‬
‫المالية عبداهلل السليمان(‪:)1‬‬
‫األخ عبد اهلل السليمان‪...‬‬
‫سيدي‪ ،‬نرجوكم أن ترفعوا لجًللة الملك بأهنم منعوا سحب برقياتنا إلى‬
‫جًللته‪ ،‬وقد منعونا عن السفر‪ ،‬وال نعرف قصدهم نحونا‪ ،‬لكن نيتهم رديئة‪،‬‬
‫لئًل يشتبهوا ‪1352/4/4‬هـ‪1933/‬م‬
‫مختصرا؛ َّ‬
‫ً‬ ‫أردنا تعريفكم‬
‫حمد السليمان‬
‫وبوصول الكتاب أبرق جاللته لجاللة اإلمام البرقية اآلتية‪ :‬عدد ‪1676‬‬
‫يف ‪1352/4/12‬هـ‪1933/‬م‪ ،‬أرجو أن يكون األخ بأتم الصحة والعافية‪ ،‬ثم‬
‫يعلم األخ أننا لم نرسل الوفد الذي تقرر إرساله بيننا إليكم إال لحسم المواد‪،‬‬

‫(‪ )1‬تركي ابن ماضي‪( ،‬ص‪ ،)145‬العقيلي‪.)1046 /2( ،‬‬


‫‪283‬‬

‫وما يريح المسلمين‪ ،‬ويرغم أعداء الدين‪.‬‬


‫وكنا ننتظر يوم وصول الوفد أن تصلنا برقية منكم بوصوله‪ ،‬فلم تصل‪،‬‬
‫أقام الوفد تلك المدة الطويلة وكأن خواطرهم َضاقت‪ ،‬ونحن ما رأينا إلقامتهم‬
‫ملما بكم‪ ،‬نرجو أن‬
‫مفتوحا‪ ،‬وهو المرض الذي كان ًّ‬
‫ً‬ ‫فائدة‪ ،‬وكان باب العذر‬
‫تكونوا قد رزقتم الشفاء والعافية منه‪ .‬كذلك أمرناهم يبقون رغبتكم‪ ،‬وأبرقنا‬
‫لهم بواسطتكم برقية بذلك‪ ،‬لم َنر لها جوا ًبا‪.‬‬
‫ومع ذلك أمرناهم بامتثال أمركم يف البقاء‪ ،‬وكنَّا نؤملهم ونؤمل أنفسنا‬
‫بإهناء األمور بنجاحٍ ‪ ،‬ولآلن ال زلنا نؤمل أنفسنا بذلك‪ ،‬ولكن من تاريخ ‪25‬‬
‫أي برقية‪ ،‬فاستغربنا ذلك‪.‬‬
‫ربيع األول إلى اليوم الثامن من ربيع الثاين لم ن ََر منهم َّ‬
‫يعلم األخ أن أعضاء الوفد هؤالء ليس لهم جناية أو جنحة‪ ،‬وأن تتميم‬
‫األمور‪ ،‬وعدم تتميمها راجع إلى اهلل‪ ،‬ثم لكم‪ ،‬ونحن يف انتظار ما يقتضيه‬
‫نظركم بالمسلك الذي يسلكونه‪.‬‬
‫ولكن إهانة الوفد‪ ،‬وعدم مراجعتهم‪ ،‬شيء عجيب جدًّ ا؛ ألن هذا ال‬
‫بالس ِّر‪ ،‬وال‬
‫يسوغه مقامكم منَّا‪ ،‬وليس يف نظرنا موجب ال ماد ًّيا‪ ،‬وال معنو ًّيا‪ ،‬ال ِّ‬
‫بالعًلنية‪ ،‬ويقيننا أنه كذلك يف نظركم‪.‬‬
‫على أن المعاملة التي ُعومِ َل هبا المذكورون لم تعمل ال يف سابق الزمان‪،‬‬
‫وال الحقه‪ ،‬بين حكومات اإلسًلم وأمرائهم‪ ،‬السابقين والًلحقين‪ ،‬وال عند‬
‫األجانب‪.‬‬
‫‪284‬‬

‫لذلك‪ ،‬لم يبق للسكوت مجال‪ ،‬فاقتضى أن نعرف حقيقة مقاصدكم التي‬
‫نرجو أن تكون حسنةً‪ ،‬وفيها عز اإلسًلم والمسلمين‪ ،‬والثاين استنقاذ الوفد‬
‫أيضا‪ ،‬عافاكم اهلل(‪.)1‬‬
‫الذي ليس إلهانته موجب‪ ،‬وال النقطاع أخباره موجب ً‬
‫فأجاب جاللة اإلمام بالبرقية اآلتية بتاريخ ‪ 13‬ربيع الثاين ‪1352‬هـ‪/‬‬
‫‪1933‬م‪ :‬لم يكن ترك الجواب باإلفادات الربقية إليكم‪ ،‬إال ثق ًة باإلفادة إليكم‬
‫من وفدكم الكريم‪ ،‬وكان عذرنا ساب ًقا المرض الذي بلغ بنا إلى النهاية‪ ،‬وقد‬
‫َم َّن اهلل بالعافية‪ ،‬وبقي بقية نسأل اهلل زوالها‪.‬‬
‫وعند اشتداد مرضنا‪ ،‬كان من القاضي عبداهلل العمري من طلب حكماء‬
‫من حكومة مصر‪ ،‬ومن حكومة العراق‪ ،‬فوصلوا‪ ،‬وقد كان منهم البحث‪،‬‬
‫وشرعوا يف المعالجة لزوال العلة‪ ،‬واهلل هو الشافـي‪.‬‬
‫أ َّما ما أشرتم إليه من تأخير تلغرافات وفدكم إلى حضرتكم‪ ،‬فذلك‬
‫واقع‪ ،‬وكان قد رفع إلينا الوفد‪ ،‬وكان منا سؤال القاضي عبداهلل العمري‪ ،‬فأفاد‬
‫أن طائر الهواء(‪ )2‬الحديدي غير صالح‪ ،‬وأنه قد أرسل من صنعاء من يصلحه‪،‬‬
‫صحيحا‪.‬‬
‫ً‬ ‫وذلك‬
‫وكنَّا جلبنا قبل مدة طائر الهواء الذي بـ (تعز) ً‬
‫بدال عن الذي كان‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬بيان عن العًلقات بين المملكة العربية السعودية واإلمام يحيى حميد الدين‪،‬‬
‫محمد بن عبداهلل آل زلفة‪( ،‬ص‪ ،)96 ،95‬العقيلي‪ ،)1047 /2( ،‬ابن ماضي‪( ،‬ص‪.)147 ،146‬‬
‫(‪ )2‬طائر الهواء‪ :‬الربق الًلسلكي‪.‬‬
‫‪285‬‬

‫(بالحديدة)‪ ،‬وتأخر وجود المهندس لرتكيبه‪ ،‬واآلن العمل ٍ‬


‫جار يف إصًلح‬
‫األول‪ ،‬وطائر الهواء هذا كبير السن‪ ،‬وكثير األمراض والعلل‪.‬‬
‫وأما منع التلغرافات إليكم‪ ،‬فهذا األمر ال يكون قطع ًّيا‪ ،‬وقد توجه الوفد‬
‫إلى حضرتكم أمس الخميس‪ ،‬وحررنا إلى حضرتكم ما سرتونه إن شاء اهلل‪،‬‬
‫وقد كتبنا اآلن إلى (الحديدة) ليكون عرض طائر الهواء بالحديدة على الوفد‬
‫ليعرف الحقيقة‪ ،‬وكونوا من صداقتنا على ٍ‬
‫يقين ما دمنا على قيد الحياة‪ ،‬فليس‬
‫بيننا وبين حضرتكم إال ُّ‬
‫كل جميل‪ ،‬وهلل الحمد‪ ...‬والسًلم عليكم(‪.)1‬‬
‫وبوصولها أبرق له جاللة الملك البرقية اآلتية‪:‬‬
‫عدد ‪ 1766‬ربيع الثاين سنة ‪1352‬هـ‪1933 /‬م‪.‬‬
‫برقيتكم وصلت‪ ،‬وسرتنا صحتكم‪ ،‬الحقيقة واهلل المطلع أن مرضكم‬
‫مرض لنا؛ ألننا نحب كل شخص من العرب يهمه أمر اإلسًلم والعرب‪ ،‬أما‬
‫اعتذاركم من قبل برقيات الوفد فمقبول‪ ،‬وكما قيل‪ :‬كل ما يفعل المحبوب‬
‫محبوب‪ ،‬والوفد خدامكم‪ ،‬واألخ أخوكم‪ ،‬والمصلحة عائدة للجميع‪ ،‬ولكن‬
‫‪-‬واهلل‪ -‬ما يهمنا إال تعاطي أهل األغراض‪ ،‬أذناب األشرار الذين ما يخفون‬
‫عليكم باألمور بيننا وبينكم‪ ،‬ويصدروهنا عن مصادر بطرفكم‪ ،‬وإذا اطلعتم‬
‫على الجرائد‪ ،‬رأيتم حقيقة ما نقول‪.‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬وزارة الخارجية السعودية «بيان عن العًلقات بين المملكة العربية السعودية واإلمام‬
‫يحيى بن حميد الدين»‪ ،‬عام (‪1353‬هـ)‪ ،‬مطبعة أم القرى‪( ،‬ص‪.)60‬‬
‫‪286‬‬

‫فأما ما ذكرتم أنكم تداومون على صداقة أخيكم ما دمتم بقيد الحياة‪،‬‬
‫ٌ‬
‫مأمول فيكم‪ ،‬وأخوكم يعطيكم أمانًا على ذلك‪ ،‬ما زال األمر ما يحوج‬ ‫فهذا هو‬
‫للدفاع عن النفس والشرف‪ ،‬ولكن الذي أقوله لكم‪ ،‬وأؤكد لكم فيه‪ :‬أن ما‬
‫يكون بينكم وبيننا من االختًلف ال مصلحة لنا وال لكم فيه‪ ،‬وأن أصابع أهل‬
‫األغراض من الخارج والداخل تأخذ ذلك فرصة‪ ،‬وال يسعى بالخًلف بيننا‬
‫وبينكم إال شخصان؛ إما محب ُشؤم‪ ،‬أو عدو يفرح بالدوائر على الجميع‪،‬‬
‫وفكر بما قال الشاعر‪:‬‬
‫و َأحز ُم الناس من لم يرتكب ً‬
‫عمًل حتــى يــفـــكر ما تجنى عـــواقـبـــه‬
‫أحببت تقديم هذه الربقية‪:‬‬
‫‪1‬ـ الخرب عن صحتكم‪.‬‬
‫‪2‬ـ ما أحب تعطيل الجواب منا لكم‪.‬‬
‫وعندما يصل الوفد من جيزان‪ ،‬ويرفعون لنا أخباركم‪ ،‬وما أبديتموه لهم‪،‬‬
‫فنكتب الجواب بما يقتضيه الحال‪ ،‬عافاكم اهلل‪.‬‬
‫سفر الوفد إلى الحجاز‪:‬‬
‫بعد رفع كتاب حمد السليمان إلى أخيه عبد اهلل السليمان بتاريخ ‪ 4‬ربيع‬
‫ألح الوفد على رجال اإلمام ‪-‬باألخص وزيره‬
‫الثاين ‪1352‬هـ‪1933/‬م‪َّ ،‬‬
‫القاضي العمري‪ -‬يف رغبتهم مقابلة اإلمام للسماح لهم بالسفر‪ ،‬وهم يهدفون‬
‫من وراء ذلك إلى أمرين‪:‬‬
‫‪287‬‬

‫‪1‬ـ إما إحياء المفاوضة‪ ،‬والوصول إلى نتيجة سل ًبا أو إيجا ًبا‪.‬‬
‫‪2‬ـ أو السماح لهم بالعودة إلى حكومتهم يف حال تعذر ذلك‪.‬‬
‫ٍ‬
‫وكنتيجة إللحاحهم‪ ،‬سمح لهم سيادة اإلمام بالمقابلة‪ ،‬وتمت يف يوم‬
‫الثًلثاء الموافق ‪ 9‬ربيع الثاين‪َ ،‬و َل َّما لم يلمس الوفد أي بادرة نجاح‪ ،‬طلب‬
‫السماح له بالسفر إلى حكومتهم فوافقهم‪ ،‬وتوجه الوفد من صنعاء يف يوم‬
‫الخميس الموافق ‪ 11‬ربيع الثاين ‪1352‬هـ‪1933/‬م يحمل رسالة خطية من‬
‫اإلمام لجًللته هذا نصها‪:‬‬
‫يف ‪1352/4/12‬هـ‪1933/‬م‪..‬‬
‫وصل الوفد الكريم‪ ،‬ولم نجد فيه عي ًبا إال شدة التعصب واإلخًلص‬
‫لحضرتكم‪ ،‬وقد كان األخذ والرد بعد طول اإلقامة لمانع آثرنا‪ ،‬الذي بلغ بنا‬
‫النهاية وإلى اآلن‪ ،‬وآثاره باقية‪ ،‬وكان طلب حكماء من حكومتي مصر‬
‫والعراق‪ ،‬فوصلوا‪ ،‬ونأمل أن قد تشخصت لهم العلة‪ ،‬واهلل الشايف‪.‬‬
‫اعلموا ‪ -‬حرسكم اهلل‪ -‬أنه لم يكن بيننا وبين حضرتكم إال كلية الصداقة‬
‫والوداد‪ ،‬ونؤمل أنَّا سنلقى اهلل تعالى على ذلك‪.‬‬
‫وآخر ما كان عليه البناء بيننا وبين الوفد الكريم يف شأن األراضي التهامية‬
‫والعسيرية أن يكون بقاؤها كما هي عليه اآلن‪ ،‬ويف مسألة قتلى َت ُنومة(‪ )1‬أن‬

‫(‪ )1‬دافع الوفد السعودي عن عدم مسؤولية بًلدهم عن الحجاج اليمنيين برباهين واضحة أبرزها‬
‫=‬
‫‪288‬‬

‫يكون الخوض فيها للمراجعة بيننا وبينكم‪.‬‬


‫ويف شأن اإلدريسي جعلناه بوجهنا وذمتنا َّأال نساعده على شقاق‪ ،‬وال‬
‫نرضى له‪ ،‬فإن حدث منه حادث‪ ،‬ف َيدُ نا على يدكم عليه‪ ،‬وال نراه يحدث نفسه‬
‫بشقاق‪ ،‬فقد عرف قدر نفسه‪ ،‬وقدر أعوانه وأصحابه‪ ،‬وهو اآلن منقطع بنفسه‪،‬‬
‫قليًل لقلة المخصص له من حضرتكم‪ ،‬فباهلل‬ ‫شيء‪ ،‬ويشكو ً‬‫ٍ‬ ‫ال يخوض يف‬
‫تفضلوا بزيادة ألف ٍ‬
‫ريال له‪ ،‬ولعبد الوهاب‪ ،‬وعائًلهتم وحاشيتهم‪ ،‬فهم ذوو‬
‫ٍ‬
‫تكليف‪ ،‬ويعتادون كثرة اإلنفاق‪ ،‬فأفضلوا بتلك الزيادة‪.‬‬
‫أما مسألة يام ونجران يا حضرة الملك ‪-‬عافاكم اهلل‪ -‬فأنتم تعلمون أهنم‬
‫جزء من اليمن ما له مفصل‪ ،‬بل هم مصاصة قبائل اليمن‪ ،‬ونحن أوضحنا‬
‫لحضرتكم بما كتبناه‪ ،‬وعاد جوابكم بما هو المؤمل‪ ،‬فنرجوكم ثم نرجوكم أن‬
‫تغضوا النظر عنهم‪ ،‬وتحسنوا التدارك الستبقاء الصداقة والوداد بيننا وبينكم‪،‬‬
‫وال ضرر عليكم إن كان منَّا إصًلح أمر يام‪ ،‬وال نفع لكم إن تركناهم على ما‬
‫هم عليه من الفساد والهمجية(‪.)1‬‬
‫أخيرا بالوفد الكريم‪ ،‬وكانت المراجعة يف شأن المواد‬
‫ثم كان االتفاق ً‬

‫= استنكار الملك عبدالعزيز لما حدث ومعاقبة مرتكبيها وإعادة ما وجد مع الحجاج إليهم‪،‬‬
‫(ص‪ ،)128‬هامش رقم (‪ ،)2‬كتاب‪ :‬العًلقات بين المملكة العربية السعودية والمملكة المتوكلية‬
‫اليمنية يف عهد الملك عبدالعزيز‪.‬‬
‫(‪ )1‬وزارة الخارجية السعودية‪ :‬بيان عن العًلقات‪( ،‬ص‪.)62‬‬
‫‪289‬‬

‫األربع التي شملها كتابكم الكريم المرسل إلينا صحبة ابن ضاوي‪ ،‬وكان‬
‫اختيار الوفد تأخير الخوض يف شأن األربع المواد‪ ،‬حتى يكون وصولهم إلى‬
‫حضرتكم‪ ،‬وسيوضحون لكم إن شاء اهلل‪ ،‬وإذا تفضلتم باإلجابة عن هذا‬
‫الكتاب إلينا برق ًّيا‪ ،‬نحن ننتظر ذلك‪ ،‬وننشد ما قال ابن الدُّ َمينة‪:‬‬
‫فأفرح أم صيرتني يف شمالك‬ ‫أبن لي أيف يمنى يديك جعلتني‬
‫ودمتم محروسين‪ ،‬والسًلم عليكم ورحمة اهلل وبركاته(‪.)1‬‬
‫عدد ‪ 1859‬برقية من جاللة الملك إلى جاللة اإلمام يحيى بتاريخ‬
‫‪16‬ربيع الثاين ‪1352‬هـ ــ ‪1933‬م‬
‫تقدم لكم قبله برقية عرفناكم هبا أنه بوصول الوفد إلى جيزان‪ ،‬وإخبارهم‬
‫لنا بمضمون كتابكم‪ ،‬نراجعك بشأنه‪ ،‬وقد وردنا منهم اليوم برقية لم يذكروا‬
‫فيها إال خًلصة كتابكم‪ ،‬فلم يتضح لنا المعنى المقصود من الكتاب‪ ،‬وكان يف‬
‫غموضا يف المقصود‪ ،‬وقد أبرقنا لهم‬
‫ً‬ ‫الربقية بعض األغًلط التي جعلت‬
‫يرسلون نفس الكتاب إلينا‪ ،‬ألمرين‪:‬‬
‫األول‪ :‬الحرص على الصداقة وحسن المعاملة‪.‬‬
‫الثاين‪ :‬ظهر لنا من فحوى الكتاب أن بعض األمور العائدة لكم ملزمون‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬بيان عن العًلقات بين المملكة العربية السعودية واإلمام يحيى حميد الدين‪،‬‬
‫محمد بن عبداهلل آل زلفة‪( ،‬ص‪ ،)100 ،99‬وكتاب‪ :‬تاريخ المخًلف السليماين‪ ،‬محمد بن أحمد‬
‫العقيلي‪( ،‬ص‪ ،)1051‬وكتاب‪ :‬ابن ماضي‪( ،‬ص‪.)152‬‬
‫‪290‬‬

‫هبا يف الجزم فيها‪ ،‬واألمران اللذان من جهتنا‪ ،‬سواء المختلف فيها أو المقررة‬
‫ُت َؤجلوهنا‪ ،‬أو تقبلوهنا على حالها‪.‬‬
‫هذا الذي فهمناه من الخًلصة‪ ،‬لعله متى ورد الكتاب بنصه يظهر لنا غير‬
‫المعنى‪ ،‬ولكن رغب ًة منا يف تقوية الصًلت‪ ،‬وتدارك األمور من أمر ما تحمد‬
‫ٍ‬
‫بصيرة لًلستعداد يف الرد عليكم‪:‬‬ ‫عقباه‪ ،‬أحببنا مراجعتكم لنكون على‬
‫ٍ‬
‫ألحد‪ ،‬وأن األمور ليست‬ ‫أوال‪ :‬أخي‪ ،‬تفهمون أن الملك هلل ليس‬
‫ً‬
‫بالوراثة‪ ،‬ولو دامت لغيرك ما وصلت إليك‪.‬‬
‫ثان ًيا‪ :‬إن وراثتنا وآثارنا السابقة يف بعض األمور مفهومة ومعروفة عند كل‬
‫ٍ‬
‫شيء ليس‬ ‫الناس‪ ،‬ولكننا ال نطالب باألمور الفانية‪ ،‬وال نحب االعتداء على‬
‫ٍ‬
‫بخاف عليكم‪ ،‬كما تقدم‪ ،‬وقد‬ ‫بأيدينا‪ ،‬إن محبتنا للزين واالتفاق معكم ليس‬
‫أجبناكم لجميع ما بخاطركم يف السابق‪ ،‬ونرى ذلك فعل جميل يف محله‪،‬‬
‫وتقرب لًلئتًلف والمساعدة‪ ،‬ولكن يظهر لنا مع كل األسف أن القوم الذين‬
‫عملوا ما ال يخفى عليكم تدخلوا يف بعض المسائل‪ ،‬لتفاقم األمر لعلهم‬
‫يدركون بعض الشيء مما خسروه يف أعمالهم األولى‪ ،‬ولكن الحمد هلل‪ ،‬فقد‬
‫كان فيهم ما قاله صلوات اهلل وسًلمه عليه‪« :‬الحمد هلل الذي جعل آخر كيد‬
‫الشيطان الوسوسة»‪.‬‬
‫أخي‪ ،‬تعلمون بأننا ما ُنع َذ ُر من جهة اهلل‪ ،‬وال من جهة األمانة التي يف‬
‫رقابنا‪ ،‬وال من جهة الصداقة التي نقوم بالواجب‪ ،‬فإما ندرك المطلوب أو‬
‫‪291‬‬

‫نعذر‪ ،‬وتعلمون أن شرفكم وشرفنا وديننا ما يسعنا إزاءهم إال القيام بالًلزم‬
‫على أمر واضح‪ ،‬وبرهان ب ِّين‪ ،‬أرسلنا وفدنا وأعطيناه التعليمات الًلزمة‪،‬‬
‫وحصل أمران أحزننا أحدهما‪ ،‬وأسفنا لآلخر‪.‬‬
‫أما ما أحزننا‪ ،‬فهو اختًلل صحتكم‪ ،‬نسأل اهلل لنا ولكم العافية‪ ،‬وأما‬
‫أسفنا فهو التأخر وعدم االتفاق‪.‬‬
‫واآلن‪ ،‬فإن البنيان الذي على غير أساس وال ثقة‪ ،‬ما يصلح لديننا وال‬
‫شرفنا‪ ،‬ال منَّا وال منكم‪.‬‬
‫وكانت المراجعة بيننا وبينكم يف المطلوب لنا ومنا‪ ،‬وسنكون على‬
‫ويسر به الصديق‪،‬‬
‫ُّ‬ ‫قر ُه الدين والعرف العصري مما يرغم به العدو‪،‬‬
‫أساس ُي ُّ‬
‫فهذا الذي نطلبه‪ ،‬وهو مرادنا‪ ،‬فإن كانت األمور ما تحصل إال على الوجوه‬
‫الثًلثة اآلتية‪:‬‬
‫‪1‬ـ ال تحصل راحة وال طمأنينة‪ ،‬ال لنا‪ ،‬وال للرعايا‪.‬‬
‫‪2‬ـ يلقى كل شيطان مارد تعلة له بذلك‪.‬‬
‫‪3‬ـ نكون مضحك ًة لألجانب‪.‬‬
‫أمر أظنكم توافقوننا على أن عدمه خير من وجوده‪ ،‬فإن كان األخ‬
‫فهذا ٌ‬
‫على ما نعهده ويظنه المسلمون فيه‪ ،‬فنحن نحب ذلك‪ ،‬ونعاهد اهلل أن نجري‬
‫الًلزم باإلنصاف من جهتكم‪ ،‬وعدم الخيانة من جهتنا‪ ،‬ونربأ إلى اهلل أن نتكلم‬
‫بأمر غير مشروع‪ ،‬فليربهن األمر‪ ،‬وليعطنا الثقة التامة على التفاهم على‬
‫‪292‬‬

‫أساسات معلومة‪:‬‬
‫أولها‪ :‬مسألة الحدود واالتفاق على تثبيتها كما كانت يف السابق‪ ،‬إال َّ‬
‫أن‬
‫هناك لزو ًما لتعديل ضروري عائد للمصلحة بيننا وبينكم‪.‬‬
‫ثانيهما‪ :‬إبعاد كل مفسد بطرفكم يحدث مشكًلت بيننا وبينكم‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬مسألة (نجران) نفيدكم أننا ما نحب لهم والية‪ ،‬وليس هناك أمر‬
‫بيننا وبينهم‪ ،‬ال دين‪ ،‬وال مطمع‪ ،‬إنما هي مصالح ومضار بين الرعايا‪ ،‬ونحن‬
‫مستعدون أن نرتاجع فيما يحفظ مصالحنا ومصالحكم‪ ،‬ومصالح رعايانا‬
‫ورعاياكم بغير زيادة وال نقصان‪ ،‬وهذا الذي يراه أخوكم‪ ،‬وتسرتيح به النفس‪،‬‬
‫َفإن أجبتمونا على ذلك‪ ،‬فنحن مستعدون لألمر‪ ،‬فإما أن تبدي اقرتاحكم‬
‫بذلك‪ ،‬أو نبدي اقرتاحنا‪.‬‬
‫فإن كان األمر ال فائدة منه‪ ،‬وإنما كما ذكر أعًله‪ ،‬فإن المراوغة فيه شيء‬
‫يأباه الدين والشرع‪ ،‬وكما أن ألنفسنا علينا ح ًّقا‪ ،‬فإن لشرفكم ومقامكم علينا‬
‫ح ًّقا ً‬
‫أيضا‪ ،‬وذلك َّ‬
‫بأال نكتمكم شي ًئا‪ ،‬فإن أجبتمونا إلى ذلك‪ ،‬فهو الذي نراه‪،‬‬
‫ونحمد اهلل عليه‪ ،‬ونسأله تعالى َأن يوفقنا وإياكم كذلك‪ ،‬فإن كان غير ذلك‪ ،‬فًل‬
‫ِ‬
‫ب لكم من‬ ‫حول وال قوة إال باهلل‪ ،‬و ُنش ِهد اهلل أننا ال نحب االختًلف‪ ،‬و ُنح ُّ‬
‫الصًلح ما نحبه ألنفسنا‪ ،‬وأرجو من اهلل إن كان يعلم صدق ن َّيتنا لإلسًلم‬
‫والمسلمين‪ ،‬فأسأله أن ينصر دينه‪ ،‬و ُيعلِي كلمته‪ ،‬ويجعلنا وإياكم من أنصار‬
‫دينه‪ ،‬فإن كان يعلم عندنا ِضدَّ ذلك‪ ،‬فأسأله أن َمن كان يقصد الغش والخيانة‬
‫‪293‬‬

‫والمراوغة أن ينتقم منه ويخذله‪ ،‬ويكفي المسلمين شره‪.‬‬


‫َّ‬
‫إن أخاكم قد أكثر عليكم المقال‪ ،‬ولكن الشفقة ومحبة االتفاق حملني‬
‫على ذلك؛ لدفع المسئولية عني وعنكم‪ ،‬وجعلها على من تسبب وخالف‬
‫الخ َّط َة التي‬
‫األمر المشروع‪ ،‬ومصلحة المسلمين‪ ،‬وإنِّي أعاهد اهلل َّأال أ َت َعدَّ ى ُ‬

‫تشيرون عليها وأن أعاملكم بالمعاملة التي تعاملونني هبا وإين ال أبدَ أ ُكم ٍّ‬
‫بشر‬
‫إال أن يكون دفا ًعا عن الدين والشرف‪ ،‬وأسأله أن يوفقنا وإياكم للخير‪.‬‬
‫فأجاب اإلمام بالبرقية اآلتية‪1352/3/24 :‬هـ ‪1933 -‬م(‪.)1‬‬
‫ج‪ :‬كثير من برقيتكم لم يظهر لنا معناه‪ ،‬مع تكرار أخذها من ( َمي ِدي)‪،‬‬
‫ولكننا عرفنا المراد على اإلج َمال‪ ،‬والمراد أنه لم يكن بيننا وبين حضرتكم‬
‫عداوة‪ ،‬وال شقاق‪ ،‬بل صداقة ومودة ووفاق‪ ،‬ونعتقد أننا نموت على ذلك إن‬
‫شاء اهلل‪ ،‬وعسى َّأال يصل هذا إلى حضرتكم إال بعد وصول محررنا بعينه‪ ،‬ففيه‬
‫استكمال كل األطراف‪ ،‬بما يجمع بين الغرضين‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫فالحدود كما ذكرتم يف برقيتكم على ما كانت عليه‪ ،‬ومسألة (تنومة)‬

‫(‪ )1‬تاريخ المخًلف السليماين‪ ،‬محمد بن أحمد العقيلي‪( ،‬ص‪ )1054‬كتاب‪ :‬ابن ماضي‪( ،‬ص‪،)158‬‬
‫وكتاب‪ :‬بيان عن العًلقات بين المملكة العربية السعودية واإلمام يحيى حميد الدين‪ ،‬محمد بن‬
‫عبداهلل آل زلفة‪( ،‬ص‪.)103‬‬
‫للحج بعد سلوكهم طري ًقا غير آمن قد حذرهتم الحكومة السعودية من سلوك ذلك‬
‫ِّ‬ ‫(‪ )2‬قتلوا أثناء ذهاهبم‬
‫الطريق‪ ،‬وأخربهتم بمخاطره‪ ،‬ولكنهم أصروا على العبور من ذلك الطريق الخطير‪ ،‬فحصل ما كان‬
‫يخاف ويحذر منه‪.‬‬
‫‪294‬‬

‫َح ُّل َها من حضرتكم‪ ،‬ومسألة اإلدريسي قد جعلناه بوجهنا وذمتنا‪َّ ،‬أال نساعده‪،‬‬
‫وال نرضى له بأدنى شقاق‪ ،‬وإن كان منه شيء‪ ،‬فيدنا مع يدكم عليه‪ ،‬على أننا‬
‫ال نظن أن يحصل منه شيء قطع ًّيا‪ ،‬فًل تصدق من يعظم أمره‪ ،‬ورجونا من‬
‫حضرتكم أن تزيدوا يف مخصص اإلدريسي ألف ريال شهر ًّيا‪.‬‬
‫ويف مسألة يام رجوناكم أن تصرفوا النظر عنهم‪ ،‬فالمراجعة بما فيه‬
‫الصًلح والفًلح بيننا وبين حضرتكم‪ ،‬فهو من الزم الوداد‪.‬‬
‫ونظن أنه قد اتضح لكم ما لدينا لحضرتكم من الوالء‪ ،‬وأن كل ٍ‬
‫أمر‬
‫يخالف ذلك‪ ،‬ساقط لدينا ومبذول‪.‬‬
‫ولم يظهر لنا ما هو يوافقكم فيما كتبناه مع وفدكم الكريم‪ ،‬ونؤكد ما‬
‫مرة بأنا موالون لكم‪ ،‬غير مضمرين سو ًءا ما ُدمنا على‬
‫تقدم منا لحضرتكم غير َّ‬
‫قيد الحياة‪ ،‬إنما بعض األمور نرى إهمالها مع كلية الصداقة والوداد‪.‬‬
‫برقية من اإلمام يحيى‬
‫بتاريخ ‪1352/4 /18‬هـ ‪1933 -‬م(‪.)1‬‬
‫سرتنا برقيتكم إذ وافقت ما تنطبق عليه نيتنا‪ ،‬فالحمد هلل رب‬
‫ج‪ :‬لقد َّ‬
‫العالمين‪ ،‬وال سبيل ألشرار يسلكون به ما يكدر الصفو‪ ،‬والمنتظر وصول‬
‫جوابكم على ما حررناه لكم مع وفدكم الكريم والسًلم‪.‬‬

‫(‪ )1‬تاريخ المخًلف السليماين‪ ،‬محمد بن أحمد العقيلي‪( ،‬ص‪ ،)1055‬وكتاب‪ :‬من مذكرات تركي بن‬
‫ماضي‪( ،‬ص‪.)159‬‬
‫‪295‬‬

‫برقية من جاللة الملك إلى جاللة اإلمام‬


‫بتاريخ ‪1352/4/26‬هـ ـ ‪1933‬م‪.‬‬
‫أخي حفظك اهلل‪ ،‬تلقينا برقيتكم األولى والثانية‪ ،‬ونحن ‪-‬الحمد هلل‪-‬‬
‫علما بما ذكره األخ‪.‬‬
‫بحال الصحة‪ ،‬وأحطنا ً‬
‫أما برقيتنا السابقة‪ ،‬فالقصد منها االستفسار عن كيفية العمل ِّ‬
‫لحل المواد‬
‫المطلوبة بيننا وبينكم‪ ،‬وسواء ظهر المقصود لحضرة األخ مما كتبناه ساب ًقا أو‬
‫لم يظهر‪ ،‬فإننا نشرح لألخ ما عندنا يف المواضع المشار إليها‪ ،‬ونفرد لكل‬
‫موضوع برقية على حدة؛ ليسهل حلها‪ ،‬ويتوضح المقصود بصورة جلية‪ ،‬فإذا‬
‫تفصيًل وإجما ًال له‪.‬‬
‫ً‬ ‫وصل ذلك‪ ،‬فالنظر يف الجواب‬
‫أما ما أشار إليه األخ من المحافظة على الصداقة والوالء‪ ،‬وأن نكون‬
‫مطمئني الخاطر من ذلك‪ ،‬وأنه لن يكون بيننا شقاق أو عداوة‪َّ ،‬‬
‫فإن هذا متحقق‬
‫عندنا إن شاء اهلل‪ ،‬ودليلنا على ذلك تكرارنا على األخ بحسم المواد لتثبيت‬
‫دائم الصداقة‪ ،‬وتأمين راحة الجميع‪ ،‬ولي ُكن األخ مطمئن الخاطر‪ ،‬وليثق بأنه‬
‫ليس عندنا إال ما عندكم من المحبة والصداقة‪ ،‬وهو الذي ندين اهلل به باطنًا‬
‫وظاهرا‪ ،‬وهذا هو الواجب على كل مسلم عربي‪ ،‬نرجو اهلل أن يحقق ذلك‪،‬‬
‫ً‬
‫ويجمع شمل المسلمين‪ ،‬والسًلم‪.‬‬
‫ويف تلك األثناء وقع من قبيلة العبادل السعودية بعض الخًلف نتيجة‬
‫تحريض اإلدريسي‪ ،‬وتوجه أحد رجال اإلدريسي (أحمد األهدل) إلى صنعاء‪،‬‬
‫‪296‬‬

‫فأبرق جًللته لإلمام بالواقع‪ ،‬فوصلت منه الربقية اآلتية‪ :‬إلى جًللة الملك‬
‫األخ عبد العزيز بتاريخ ‪1352/5/3‬هـ ـ‪1933‬م‬
‫ً‬
‫إجماال عجالة؟ أيها األخ العزيز حفظكم اهلل‪ ،‬كونوا‬ ‫ج‪ :‬بعض الربقيات‬
‫على ثقة تامة من صداقتنا‪ ،‬ومع ذلك فواهلل‪ ،‬ال تجدون منَّا إال الوفاء والصداقة‪،‬‬
‫وهذا إنما هو إنصاف للحقيقة لحضرتكم‪ ،‬وإال نحن نعتقد أنكم ال تخافون‬
‫منا‪ ،‬وال من غيرنا‪.‬‬
‫نلتق به منذ وصوله‪ ،‬وبشأن (العبادل)‪،‬‬ ‫بشأن األهدل وصل إلينا‪ ،‬ولم ِ‬

‫فإنه قبل عشرة أيام بلغ إلينا نفورهم وخوفهم‪ ،‬وقد كتبنا لعامل ( َمي ِدي) أن‬
‫بأي أم ٍر لنا‬
‫يقنعهم بلزوم طاعتكم‪ ،‬وال يخدش أفكارهم البسيطة‪ ،‬وال هتتموا ِّ‬
‫دائما‬
‫فيه أدنى اطًلع‪ ،‬وال تحسبونا إال كأحد إخوانكم‪ ،‬واحفظوا هذا عنَّا ً‬
‫مطل ًقا‪ ،‬وك َِّذ ُبوا ما يخالف ذلك‪ ،‬ولسنا دجاجلة إلى أن نكتب لكم بالكذب‬
‫الحرام‪ ،‬وكل األمور ‪-‬إن شاء اهلل‪ -‬كما تحبون‪ ،‬وسنوضح لكم إن شاء اهلل‪،‬‬
‫والسًلم‪.‬‬
‫برقية من اإلمام لجاللة الملك‬
‫(‪)1‬‬
‫بتاريخ ‪1352/5/10‬هـ ‪1933 -‬م‬
‫ما أفدتم به من أمر يام‪ ،‬فهو الًلزم لضبط الحدود من الطرفين لمنع كل‬
‫ما عساه يحدث من الشقاق بين الحدود‪ ،‬مع انضباط أمور (يام) إن شاء اهلل‪ ،‬ال‬

‫(‪ )1‬تاريخ المخًلف السليماين‪ ،‬محمد بن أحمد العقيلي‪( ،‬ص‪.)1056‬‬


‫‪297‬‬

‫شر بين المسلمين‬ ‫بد تجري األمور كما تحبون‪َّ ،‬‬


‫وإن مقدمات قصدنا رفع كل ٍّ‬
‫وخصوصا فيما يتعلق بنا وبحضوركم‪ ،‬والسًلم عليكم‪.‬‬
‫ً‬ ‫عمو ًما‬
‫وصول الوفد إلى جازان‪:‬‬
‫وصل الوفد السعودي عائدً ا إلى جازان يوم األحد الموافق‬
‫‪1352/4/14‬هـ ـ ‪1933‬م‪ ،‬ورفع برقية بوصوله لجًللته‪ ،‬ثم رفع بعد ذلك‬
‫خًلصة كتاب اإلمام يحيى لجًللة الملك برق ًّيا‪.‬‬
‫مفصًل ُمو َّق ًعا من أعضاء الوفد عن مفاوضاتنا مع اإلمام‬
‫ً‬ ‫تقريرا‬
‫ً‬ ‫ورفع‬
‫يحيى ورجال حكومته‪ ،‬نقتبس منه بعض فقراته المهمة‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫«يتضح لجًللتكم من مطالعة هذه األوراق ما دار بيننا وبين اإلمام يحيى‬
‫من جهة‪ ،‬وبيننا وبين مندوبيه من جهة أخرى‪ ،‬وما بذلنا من الجهد والصرب‬
‫واألناة ألجل الوصول إلى االتفاق الصريح معهم؛ ليكون من ورائه الصلح‬
‫والسًلم‪ ،‬وعز العرب والمسلمين‪ ،‬وقد عملنا بكل ما فينا من قوة لبيان غايتنا‬
‫السليمة‪ ،‬ورغبتنا الخالصة يف االتفاق‪ ،‬وإظهارها بارزة ملموسة‪ ،‬ونظن أننا قد‬
‫ُو ِّفقنا إلى أبعد مدى من كًلمنا وحركتنا وتصرفاتنا يف التعبير عن نبل مقاصدنا‪،‬‬

‫وإثبات شريف مرامنا‪ ،‬كما أننا ُو ِّفقنا َ‬


‫بحسب اعتقادنا إلى الوقوف على غاياهتم‬
‫المر َمى‪ ،‬وخططهم‬
‫الخفية‪ ،‬وأغراضهم المستورة‪ ،‬ومطامحهم البعيدة َ‬
‫وأساليبهم المتخذة نحونا يف معامًلهتم‪ ،‬وذلك بالرغم من مراوغتهم‪،‬‬
‫وتقلباهتم‪ ،‬والتزامهم جانب الغموض يف المباحثات والمذكرات‪.‬‬
‫‪298‬‬

‫إنَّنا نقول بملء األسف‪ :‬إن جميع مجهوداتنا يف الوصول إلى هذا‬
‫الغرض النبيل قد ضاعت ُسدً ى‪ ،‬فكنا كمن حاور عجماء‪ ،‬أو نادى صخر ًة‬
‫صماء‪ ،‬ومع شديد أسفنا من عدم وصولنا إلى ما نتمنَّاه‪ ،‬ومن إخفاق مساعينا‬ ‫َّ‬
‫ٍ‬
‫واحد‪ ،‬وهو أننا ُو ِّفقنا إلى إزالة تلك‬ ‫ٍ‬
‫شيء‬ ‫السليمة‪ ،‬فإ َّننَا نعلن رضا ضمائرنا من‬
‫ٍ‬
‫بصورة ال‬ ‫الريب والنفاق‬ ‫الحالة المهيمنة بيننا وبين اإلمام يحيى‪ ،‬وأزلنا قناع َّ‬
‫ويدس عليها من دسائس‪،‬‬
‫ُّ‬ ‫ً‬
‫مجاال للشك فيما ينصب لبًلدنا من أحابيل‪،‬‬ ‫ترتك‬
‫منهجا ثابتًا تسير عليه يف‬
‫ً‬ ‫َّ‬
‫تختط‬ ‫ولحكومتنا بعد الوقوف على الحقائق أن‬
‫المستقبل ألَجل صيانة منافعها‪ ،‬وحفظ أمًلكها إلى أن تبدل ذهنية القابضين‬
‫على زمام األمر يف اليمن‪ ،‬وتأيت طوارق الحدثان بما يجربهم على مصالحتنا‬
‫ومسالمتنا‪ ،‬ومعرفة أن هناك أمة عربية تتطلع إلينا وإليهم‪ ،‬وتطلب منا ومنهم‬
‫االتفاق واالتحاد على ما فيه العز للعرب واإلسًلم‪.‬‬
‫ٍ‬
‫بصورة غير‬ ‫لقد رأينا اإلمام يحيى غير صايف النية من جهة جًللتكم‬
‫مأمولة من ملك عربي مسلم‪ ،‬نحو بًلد عربية إسًلمية مجاورة له‪ ،‬يف فرتة‬
‫تاريخية عصيبة يرى فيها كل عاقل لزوم تسا ُن ِد العرب والمسلمين‪ ،‬وتعاقدهم‪،‬‬
‫وقد أدهشنا ‪-‬واي ُم اهلل‪ -‬هذا الشعور العدائي الذي لم نكن نتوقعه من مسلم‬
‫عربي‪ ،‬وقد عجزنا من تعليل أسباب ذلك العداء الكامن بالرغم أنه من الممكن‬
‫جهة‪ ،‬والطموح أو الحسد الشخصي‬ ‫حمله على محمل العقيدة الزيدية من ٍ‬
‫َّ‬
‫لجًللتكم من جهة أخرى‪.‬‬
‫‪299‬‬

‫إن اإلمام يحيى يكرهنا ويخافنا‪ ،‬لكنه يحرتز من محاربتنا ومجاهبتنا‬


‫وجها لوجه‪ ،‬وخطته التي يسير عليها تتلخص يف أن يعمل على إفساد القبائل‬
‫ً‬
‫واألهالي التابعين لنا‪ ،‬ويستعمل من أجل الغرض وسائل عديدة‪ ،‬منها بعض‬
‫صًلت مع‬
‫ٌ‬ ‫الزيدي الذين لهم‬‫الًلجئين إليه من رعايانا‪ ،‬ومنها دعاة المذهب َّ‬
‫ٍ‬
‫قطعة من‬ ‫ٍ‬
‫أشخاص يف بًلدنا‪ ،‬ثم إذا اعتقد َّ‬
‫أن الفرصة سانحة‪ ،‬أج َه َز على‬
‫أمًلكنا بالحرب أو بالدس أو بالتظاهر بتحكيم جًللتكم‪ ،‬كما حصل يف مسألة‬
‫(ال ُع ِّر) والمماطلة والمراوغة والتسويف من الوسائل الفعالة التي يلجأ إليها‪،‬‬
‫غير َّ‬
‫أن غايته القصوى مرتكزة على االنتظار‪ ،‬وفرصة الفتن الداخلية أو‬
‫ٍ‬
‫أغراض ال حققها اهلل(‪.)1‬‬ ‫االشرتاك مع إحدى الدول للوصول إلى ما يتمنَّاه من‬
‫برقية من اإلمام يحيى إلى جاللة الملك‬
‫بتاريخ ‪1352/7/20‬هـ ـ ‪1933‬م‬
‫بلغ إلينا تحشيد الجنود إلى الحدود‪ ،‬ولم نعرف سب ًبا لذلك‪ ،‬فلم يكن‬
‫مكررا‪ ،‬وكل ما بلغ‬
‫ً‬ ‫منَّا غير المحافظة على الصداقة كما أوضحنا لحضرتكم‬
‫ٍ‬
‫افرتاء‪ ،‬فاحذر أال ُتخدَ ع لمن يريد طمس‬ ‫إليكم مما يخالف ذلك َمح ُض‬
‫اإلسًلم‪ ،‬وهًلك الجميع‪ ،‬فًل خير يف الشقاق لنا‪ ،‬وال لكم‪ ،‬والغالب نحن‬
‫وأنتم خاسر‪ ،‬والسًلم‪.‬‬

‫(‪ )1‬وزارة الخارجية السعودية‪ :‬بيان عن العًلقات‪( ،‬ص‪ ،)75 ،74‬وكتاب‪ :‬المخًلف السليماين‬
‫للعقيلي‪.)1058 /2( ،‬‬
‫‪300‬‬

‫برقية جوابية من الملك إلى اإلمام‬


‫بتاريخ ‪1352/7/21‬هـ‪1933/‬م‬
‫لقد تلقينا برقية األخ بتاريخ ‪1352/7/20‬هـ‪ ،‬ولما بلغ األخ تحشيد‬
‫بعض الجنود‪ ،‬فهذا صحيح‪ ،‬وقد أخربتكم بذلك يف برقيتنا المتقدمة‪َّ ،‬‬
‫وأن‬
‫حشدها للمحافظة على السكينة‪ ،‬وتطمين الرعايا ليسرتيح مبتغي العافية‪،‬‬
‫جهة ٍ‬
‫ثانية‪ ،‬فًل نكتم‬ ‫ويقمع فساد صاحب الفساد ومبتغيه‪ ،‬هذا من جهة‪ ،‬ومن ٍ‬

‫األخ أنه حدثت أمور تدعو للريبة يف الموقف رأينا الواجب يقضي باالستعداد‪،‬‬
‫وهي‪:‬‬
‫وأيضا أن‬
‫أوال‪ :‬وصل وفدنا‪ ،‬وبلغنا ما كان بينه وبين مندوب سيادتكم‪ً ،‬‬
‫ً‬
‫ذلك الكتاب الذي يحمله والوفد إلينا منكم مما َد َّل لنا أن هناك ً‬
‫تبدال يف‬
‫خطتكم‪.‬‬
‫ثان ًيا‪ :‬لقد انتشر يف ٍ‬
‫كثير من الصحف ما بعثتموه لبعض الناس عن‬
‫مطالبتكم يف بلداننا من المقاطعة‪ ،‬عسير‪ ،‬ثم ما فعلتموه يف نجران‪ ،‬وألحقتم‬
‫بذلك مسألة الحجاج التي تعلمون براءتنا منها‪ ،‬وال حجة علينا فيها‪.‬‬
‫ثال ًثا‪ :‬اطلعنا على ما نشرته جريدة «اإليمان» الصادرة يف جمادى األولى‬
‫المعربة عن خطتكم‪ ،‬وما عزمتم عليه‪.‬‬
‫تغييرا يف موقف األخ‬
‫ً‬ ‫مجموع هذه المعلومات جعلتنا نعتقد َّ‬
‫أن هناك‬
‫نحونا مما دعانا التخاذ االستعدادات للطوارئ‪ ،‬وإرسال بعض الجند الذي‬
‫‪301‬‬

‫بلغكم خربه‪ ،‬وكنا عازمين على إرسال مذكرة لألخ ُن َب ِّين له فيها حقيقة‬
‫الموقف‪ ،‬ونرجوه فيها إهناء أسباب الخًلف الذي يعود ضرره على الطرفين‪،‬‬
‫ويطمئن الرعايا‪ ،‬ويكبح األعداء‪ ،‬وقد َّ‬
‫أخرنا كتابنا انتظار ما نؤمله من األخ من‬
‫اإلنصاف‪ ،‬ورعايته لوحدة اإلسًلم والمسلمين‪ ،‬أما نحن فليس لدينا غير ما‬
‫سبق أن أخربناكم به‪ ،‬وهو‪:‬‬
‫أوال‪ :‬االعرتاف بالحدود‪ ،‬وتثبيتها بمعاهدة‪.‬‬
‫ً‬
‫ثان ًيا‪ :‬إعادة األدارسة‪.‬‬
‫ثال ًثا‪ :‬مسألة نجران‪.‬‬
‫ٍ‬
‫رغبة يف االتفاق‪ ،‬فنرجو أن‬ ‫فإن كان سيادة األخ على ما نعهده فيه من‬
‫يصرح لنا برأيه بوضوحٍ يف المسائل الثًلثة المتقدمة‪ ،‬ومن َث َّم االتفاق على‬
‫ذلك برق ًّيا بيننا وبين حضرتكم بصورة واضحة‪ ،‬وإن أمكن عقد اجتماع يف‬
‫المكان الذي نتفق عليه لوضع المعاهدة بصورة هنائية‪ ،‬ولكننا نرجوكم أمرين‪:‬‬
‫األول‪ :‬تعجيل ال َب ِّت يف المواد الثًلث‪.‬‬
‫الثانـي‪ :‬بيان الخطة بوضوح تام بدون غموض‪ ،‬هذا ما نرجو ِ‬
‫اإلجابة‬
‫عليه سري ًعا‪.‬‬
‫ونحب أن يتأكَّد األخ أنه ليس لنا مقصد أو مطمع فيما تحت يده‪ ،‬وال‬
‫نبغي إال السلم والعافية‪ ،‬وحسن الجوار‪ ،‬والصداقة بيننا وبينكم‪ ،‬بل الذي‬
‫يجربنا على الدفاع ليس لنا عنه محيد‪ ،‬وأسأل اهلل أن يوفقنا وإياكم لما فيه الخير‬
‫‪302‬‬

‫والصًلح لإلسًلم والمسلمين‪.‬‬


‫برقية جوابية من اإلمام للملك عبد العزيز‬
‫بتاريخ ‪1352/7/26‬هـ‪1933/‬م‬
‫وسرنا وصولها‪ ،‬وبحول اهلل ال يكون بيننا إال ما يكبت‬
‫وصلت برقيتكم‪َّ ،‬‬
‫األعداء‪ ،‬وهل ترون حسن إرسال الوفد من لدينا إلى حضرتكم إلزالة سوء‬
‫التفاهم ورفع االشتباه‪ ،‬وإيضاح الحقائق(‪ ،)1‬وتقرير ما ينبغي‪ ،‬وهل هذا ٍ‬
‫كاف‬
‫لحفظ السًلم‪ ،‬فأفيدونا برأيكم‪ ،‬والسًلم عليكم‪.‬‬
‫جواب من الملك عبد العزيز إلى اإلمام‬
‫برق ًّيا بتاريخ ‪1352/7/27‬هـ‪1933/‬م‬
‫تلقينا برقية األخ تاريخ ‪26‬ـ‪1352/7/27‬هـ وشكرنا له إيضاحاته‬
‫الثمينة‪ ،‬وعلى األخص باألمر الذي يكبت األعداء‪ ،‬ويزيل سوء التفاهم‪،‬‬
‫ونرجو من اهلل أن يمن علينا وعليكم بالهداية‪ ،‬ويجعلنا وإياكم ممن يطابق قوله‬
‫عمله‪.‬‬
‫بعلم األخ ‪-‬حفظه اهلل‪ -‬أننا ال نريد غير حسم المشكل‪ ،‬وإزالة سوء‬
‫التفاهم‪ ،‬وهذا ‪-‬إن شاء اهلل‪ -‬مبدأنا ومنتهانا‪.‬‬
‫أما اقرتاح األخ إرسال وفد إلينا‪ ،‬فنحن نلبي كل طلب يراد به إظهار‬

‫(‪ )1‬وزارة الخارجية السعودية‪ :‬بيان عن العًلقات‪( ،‬ص‪.)76‬‬


‫‪303‬‬

‫الحقيقة‪ ،‬ويحصل منه راحة اإلسًلم والمسلمين‪.‬‬


‫ولكن األخ يعلم أنه لنا عدة سنوات‪ ،‬ونحن نتبادل إرسال الرسل لحل‬
‫المشاكل‪ ،‬ولم ُتغن الوفود شي ًئا‪ ،‬وتعلمون أن المسألة متعلقة بشخصكم‬
‫آجًل إال بما نتفق عليه بيننا بأشخاصنا‬
‫عاجًل أو ً‬
‫ً‬ ‫وشخصنا‪ ،‬وال يمكن أن ُت َّ‬
‫حل‬
‫إن شاء اهلل‪ ،‬وتطويل األمر ليس منه فائدة بل بالعكس‪َّ ،‬‬
‫فإن التطويل يزيد يف‬
‫تعقيد األمور‪ ،‬ويزيد يف المشاكل‪ ،‬والذي نقرتحه ونراه األصلح‪ ،‬وال ن ََرى‬
‫البت يف الثًلث المواد التي عرفناكم هبا من قبل‪،‬‬‫سبيًل لحل المشكل بدونه هو ُّ‬ ‫ً‬
‫ٍ‬
‫واضحة‪ ،‬إما نَف ًيا أو إثبا ًتا‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫بصورة‬ ‫وا َّلتي أوجزناها يف برقيتنا السابقة‬
‫وال يمكن أن تستقيم األمور إال باهلل‪ ،‬ثم بحزم المسألة وإيضاحها بصورة‬
‫صريحة‪ ،‬وإن عدم االتفاق عليها هو الذي يوجب على األخ تًليف العاجل‬
‫واآلجل‪ ،‬فإذا وافق األخ على ذلك‪ ،‬وأعطانا عليه الجواب الذي نثق باهلل‪ ،‬ثم‬
‫ٍ‬
‫مكان‪.‬‬ ‫به‪ ،‬فتقديم الوفد منا أو منكم سهل لتسوية األحوال يف أي‬
‫برقية جوابية من اإلمام‬
‫بتاريخ ‪ 2‬شعبان‪1352‬هـ‪1933/‬م‬
‫وصلت برقيتكم الكريمة‪ ،‬واعلموا ‪-‬عافاكم اهلل‪ -‬أن ما عندنا غير ما‬
‫فضًل عن تصادم‬
‫ذكرنا إليكم من الصداقة‪ ،‬وأنه لم يحدث منا ما يوجب الكًلم ً‬
‫األقوام‪ ،‬وإنَّا نعلم أن عندكم ما عندنا من محبة السًلم‪ ،‬لوال ما يلقى إليكم من‬
‫سماسرة أعداء اإلسًلم‪ ،‬من الكذب واالفرتاء والتشويش‪ ،‬وها نحن نسألكم‬
‫‪304‬‬

‫أخا صاد ًقا ليس له‬


‫باهلل أن تصونوا ما بقي من الحشاشة العربية‪ ،‬وأن تتخذونا ً‬
‫غير ما يظهره ويؤكده من الصداقة‪ ،‬وكنا نظن أن سفر الوفد من لدنا سيوافقكم‬
‫ٍ‬
‫اشتباه‪ ،‬وتأكيد الصداقة‬ ‫الستشهاره بين األمم‪ ،‬ولما سيكون منهم من رفع كل‬
‫والوداد‪ ،‬ومرح ًبا سنوضح لكم أمر الثًلث المواد برق ًّيا‪ ،‬كل مادة يف برقية‪،‬‬
‫حال‪ ،‬وعلى كل ٍ‬
‫حال‪ ،‬فًل‬ ‫ونسأل اهلل أن يجعلنا من المجابين فيه على كل ٍ‬
‫تجدون منا غير حسن ِ‬
‫اإلخاء والسًلم‪.‬‬
‫جواب الملك البرقي‬
‫بتاريخ ‪1352/8/6‬هـ ‪1933 -‬م‬
‫علما بما ذكرتم من‬
‫تلقينا برقية األخ يف ‪ 2‬شعبان ‪1352‬هـ‪ ،‬وأحطنا ً‬
‫فضًل عن تصادم‬
‫صداقتكم‪ ،‬وأنه ال يحدث من سيادتكم ما يوجب رفع الكًلم ً‬
‫األقوام إلى آخر ما ذكرتموه من األلفاظ الثمينة التي نشكركم عليها‪.‬‬
‫ولقد سألتمونا باهلل عن تدخل سماسرة أعداء اإلسًلم‪ ،‬وتدخلهم معنا‪،‬‬
‫علي‬ ‫فنربأ إلى اهلل من ذلك‪ ،‬وال وهلل الحمد‪ ،‬ما أعلم يف حيايت َّ‬
‫تأثيرا َّ‬
‫لألجنبي ً‬
‫ِّ‬ ‫أن‬
‫أي أمر كان أو يكون بيني وبين أحد من العرب‪ ،‬ولم يعاونني أحدٌ منهم‪،‬‬ ‫يف ِّ‬
‫ولم يحرضني على ذلك منهم أحد؛ ألهنم يعلمون ‪ -‬والحمد هلل ‪ -‬حقيقة ما‬
‫عندي‪.‬‬
‫وكما سألتموين باهلل‪ ،‬أسألكم به سبحانه وتعالى أن تدققوا النظر يف‬
‫األمر‪ ،‬وتنهون الرأي فيما يصلح اهلل به حال المسلمين‪ ،‬ويحقن الدماء‪ ،‬ونسأله‬
‫‪305‬‬

‫تعالى أن يجعلنا وإياكم متبعين ما قاله تعالى‪ ( :‬ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ‬

‫ﰇ)‪.‬‬

‫أ َّما الحرب والسلم‪ ،‬فمرجعه اليوم منكم وإليكم‪ ،‬ومطالبنا التي‬


‫أخربناكم هبا والتي أجبتمونا بربقيتكم األخيرة أنكم ستجيبون عليها‪ -‬ال بد‬
‫منها‪.‬‬
‫وليس لنا شيء من المقاصد غير الدفاع عن المطالب التي ذكرناها لكم‪،‬‬
‫وال يمكننا السكوت عليها‪.‬‬
‫ٍ‬
‫شيء من أرضكم‪ ،‬أو نكثنا لكم َعهدً ا‪،‬‬ ‫فإن كنتم تعلمون أننا اعتدينا على‬
‫أو حاربنا لكم َص ِدي ًقا بينكم وبينه َعهدٌ أخربتمونا به‪ ،‬والتزمنا لكم به‪ ،‬إذا كنتم‬
‫تعلمون أنَّنا فعلنا شي ًئا من ذلك مستعدون لكم بما يقضي برد العدوان‪ ،‬والوفاء‬
‫بالعهد‪ ،‬فإن كنتم تعلمون أننا لم نعمل أي عمل من ٍ‬
‫َاف لما ذكرنا بيننا وبينكم‪،‬‬ ‫ُ‬
‫فًل نطلب منكم غير اإلنصاف والوفاء بالعهد‪ ،‬ومنع العدوان على أي ٍ‬
‫أمر لم‬
‫يكن لكم منه مدخل من قبل‪ ،‬ومن بعد‪ ،‬ولهذا نسألكم باهلل ثم باإلسًلم ثم‬
‫بدين محمد أن تنظروا يف األمر قبل حدوث ما ال ُتحمد عقباه‪ ،‬وينايف الشريعة‬
‫والعقل‪.‬‬
‫برقية من اإلمام يحيى إلى الملك‬
‫بتاريخ ‪1352/8/5‬هـ ـ‪1933‬م‬
‫تابع لشفرتنا يف ‪1352/8/2‬هـ‪ .‬وما أشرتم إليه من أجل نجران ويام‬
‫تذكروا ما كانت به المراجعة بيننا وبينكم من قبل الحركة عليهم‪ ،‬وما أفدتم به‬
‫‪306‬‬

‫مكررا‪ ،‬ومع هذا فسندع الحكم لنا على حضرتكم‪ ،‬وإلى فهامتكم أنتم‬
‫ً‬ ‫علينا‬
‫أنفسكم‪ ،‬وليس لنا غرض هنالك ُي َغيرنا معكم‪َّ ،‬‬
‫ألن األخ ال ينسى سعينا يف‬
‫إرجاع الهاربين من أهل المخًلف السليماين إلى بًلدهم بعد فرارهم‪ ،‬حتى‬
‫أمرنا َمن لم يرجع بعد تأمينكم‪ ،‬أرجعناه جربًا‪ ،‬والسًلم عليكم‪.‬‬
‫برقية جوابية من الملك لإلمام‬
‫بتاريخ ‪1352/8/8‬هـ ـ‪1933‬م‬
‫تلقينا برقية األخ بتاريخ ‪ 52/8/5‬التي يذكر فيها من جهة (نجران)‬
‫و(يام)‪ ،‬وأن المراجعة كانت بيننا وبينكم من قبل الحركة عليه‪ ،‬وإفادتنا لكم‬
‫مكررة‪ ،‬وتطلبون الحكم منا علينا بأنفسنا‪ ،‬وأن ليس لحضرتكم غرض هناك‬
‫بغيرنا‪ ،‬و ُتذكِّروننا بمسألة الهاربين من أهل المخًلف السليماين‪ ،‬وإرجاعهم‬
‫إلى آخر ما ذكرتموه‪.‬‬
‫أخي‪ ،‬ما نحب التطويل يف مثل هذه المراجعة‪ ،‬ولكن الظروف تحملنا‬
‫على ذلك ألمرين‪:‬‬
‫أوال‪ :‬الصراحة التي عودنا ر ُّبنا إياها مع كل الخلق‪.‬‬
‫ً‬
‫الثاين‪ :‬مجانبة الهوى واالقتصار إال ما ليس عنه محيص‪.‬‬
‫أما احتجاجكم علينا بربقيتنا قبل الحركة‪ ،‬فلم يخطر لنا على ٍ‬
‫بال أن‬
‫يكون بين األخ وأخيه‪ ،‬أو الصديق وصديقه أمر غامض لهذا الحد‪.‬‬
‫كما أنه لم يخطر ببالنا أن يدخل فكركم أن تتصوروا بأخيكم الغباوة إلى‬
‫هذا الحد‪.‬‬
‫‪307‬‬

‫ولقد حدث حينما وردتنا برقيتكم بشأهنا‪ ،‬و َأن رأى أحد رجالنا أن وراء‬
‫األمر بعض المحاذير‪ ،‬ولكن وثوقنا باهلل ثم بكم‪ ،‬وتباعد األسباب التي توجب‬
‫األمر الغامض بيننا وبينكم أنكرنا ذلك‪ ،‬وأجبنا بما عندنا جوا ًبا على سؤالكم‬
‫أن ليس لنا مداخلة مع (يام) سوى أهل (نجران)‪ ،‬وأ َفدناكم بما يلزم َتطمينًا‬
‫لخاطركم‪ ،‬وإليضاح أمرين‪:‬‬
‫ٌ‬
‫تداخل فيهم‪ ،‬إال يف أهل (نجران)‪.‬‬ ‫األول‪ :‬أن (يام) ليس لنا‬
‫الثاين‪ :‬تعلمون مداخلتنا مع أهل نجران وأهله من ٍ‬
‫قديم‪ ،‬ولم يكن َشي ًئا‬
‫وأن ذلك لمصلحتنا ومصلحتكم‪ ،‬ولم يكن لنا غرض من األغراض‬ ‫حدي ًثا‪َّ ،‬‬
‫ٍ‬
‫بربقية أخرى لكم األمر‪ ،‬فبينَّا لكم أنه ال يمكن أن نخالف ما‬ ‫األخرى‪ ،‬وطلبتم‬
‫كان بيننا وبينكم بالسابق‪ ،‬مما قد كان َت َّم بين تركي بن ماضي وابن دليم‪ ،‬وبين‬
‫مندوبيكم يف صنعاء مما َظ َّل العمل عليه إلى التاريخ األخير‪.‬‬
‫هذا هو الواقع‪ ،‬وال نعلم سب ًبا يقضي بنقض ما بيننا وبينكم‪ ،‬كما أننا ال‬
‫نعرف السبب الذي حملكم على أن تفعلوا بأهل نجران ما فعلتم‪.‬‬
‫فلما أرسل إلينا أهل نجران الكتب التي وصلتهم من حاشيتكم‪ ،‬ظهر لنا‬
‫الخ َّطة قد ُبدِّ لت‪ ،‬ولكن رغب ًة منا بالسلم‪ ،‬ومحب ًة للراحة‪،‬‬ ‫أن األمر قد َت َغ َّير‪َّ ،‬‬
‫وأن ُ‬
‫عجلنا بإرسال مندوبين إليكم لحل المشكلة‪ ،‬وحصل على المندوبين ما‬
‫حصل‪ ،‬ولم ينظر يف هذا األمر معهم‪ ،‬فثبت عندنا أن هذه المشكلة العظيمة ال‬
‫بدَّ لها من ٍّ‬
‫حل‪ ،‬وهذا أحب الطريقين إلينا‪ ،‬وهي التي ال نزال نرجوها‪ .‬والطريقة‬
‫الثانية‪ :‬التي نرجو اهلل َّأال يقدرها‪.‬‬
‫ولما تفاقم األمر‪ ،‬وتواردت إلينا الكتب المرسلة من حاشيتكم ألهل‬
‫‪308‬‬

‫(نجران)‪ ،‬تبين أنه لم يكن الغرض من ذلك االعتداء عليهم إال لتقريبهم منا‪،‬‬
‫ٍ‬
‫جديد إلى أن يحل‬ ‫والتجائهم إلينا‪ ،‬فكررنا األمر عليكم‪ ،‬ودفعنا األمور بصربٍ‬
‫أوان هذه المراجعة‪.‬‬
‫أ َّما التحكيم‪ ،‬فًل َظ َه َر لنا المقصود منه‪ ،‬فإن كنتم تأمروننا أن نحكم لكم‪،‬‬
‫فهذا شيء غريب‪ ،‬وإن كان هذا الفهم غل ًطا‪َّ ،‬‬
‫وأن األمر على الحقيقة التي نظنها‬
‫فيكم‪ ،‬فإننا نشرح ما عندنا‪ ،‬وهو آخر ما عندنا يف قضية (نجران)‪ ،‬فإن قبل‬
‫حصل به المطلوب‪ ،‬وإن رفض فليس وراء رفضه غير َفرحة األعداء والنكاية‬
‫بين المسلمين‪.‬‬
‫والذي نراه أن يكون (نجران) بحدوده‪ ،‬بًلد محايدة بيننا وبينكم‪ ،‬ال‬
‫نملكها وال تملكوهنا‪َّ ،‬‬
‫وأال نتدخل يف شؤوهنم الداخلية‪ ،‬ويظلون كما كانوا‬
‫عليه يف السابق من زمن آبائنا وأجدادنا وزماننا وزمانكم‪ ،‬وأن تكون المعاملة‬
‫حسن ًة بيننا وبينكم‪ ،‬ومنا ومنكم‪.‬‬
‫أمر مخالف يوجب تأديبهم‪،‬‬
‫فإن حدث من أهل نجران علينا أو عليكم ٌ‬
‫نرتاجع نحن وأنتم‪ ،‬ندعوهم إلى السلم والعافية‪ ،‬فإن قبلوا فالحمد هلل‪ ،‬وإن لم‬
‫يقبلوا‪ ،‬واقتضى تأديبهم فنشرتك وإياكم يف القول والعمل حتى َيفيئوا للحسنى‪،‬‬
‫ويرتكوا العمل الخبيث‪ ،‬هذا الذي يحفظ به الشرف‪ ،‬وتحصل به الراحة‪،‬‬
‫وتزول المشاكل‪ ،‬ويحفظ شرفنا وعارنا من جهتهم‪.‬‬
‫أما استشهادكم بأهل (المخًلف السليماين(‪ ،))1‬وإرجاعكم إياهم‪ ،‬أخي‬

‫(‪ )1‬المخًلف السليماين هو التسمية التاريخية لمنطقة (جازان)‪ ،‬والمخًلف هو المقاطعة‪ ،‬وقد سميت‬
‫=‬
‫‪309‬‬

‫‪-‬عافاكم اهلل‪ُ -‬نب ِّين لألخ بغير َعي ٍ‬


‫ب بيان األخ ألخيه‪ ،‬ونقول‪ :‬ما أبعد هذا من‬
‫هذا! فأهل المخًلف السليماين‪ ،‬لم ترجعوهم إال بموجب العهد الذي بيننا‬
‫وبينكم‪ ،‬ويا ليت الوفاء بالعهد شمل سواهم لتتم الراحة والسكون للجميع‪،‬‬
‫عفوا عا ًّما‪ ،‬فعفونا عنهم‪ ،‬وتركنا ما يلزمنا شر ًعا‬
‫وزياد ًة على ذلك فقد طلبتم منا ً‬
‫وعقًل من حقوق الحكومة التي هنبوها‪ ،‬وأموال الرعايا مثل‪ :‬باصهي وغيره‬
‫ً‬
‫التي سرقوها‪ ،‬تلك األعمال التي ُتسخط اهلل وعبيده الصالحين‪ ،‬فتحملنا ذلك‬
‫كله من أجل حضرتكم‪ ،‬هذا الذي عند أخيكم َب َّي َن ُه لكم‪ ،‬فنرجو إ َّما قبول‬
‫صريح‪ ،‬وهو ظننا باهلل‪ ،‬ثم بكم‪ ،‬وإما نفي صريح‪ ،‬وال حول وال قوة إال باهلل‪،‬‬
‫وأرجو أن تعجل بحسم المواد الثًلث؛ ألن ليس من التأخير فائدة‪ ،‬وأن يف‬
‫تعجيلها دف ًعا لمكايد األعداء‪ ،‬وراحة المسلمين عامة‪ ،‬ومن ًعا للتشويش بين‬
‫الرعايا(‪ ،)1‬ونسأل اهلل التوفيق‪.‬‬

‫= مقاطعة جازان بالمخًلف السليماين نسبة إلى (سليمان بن مطرف الحكمي) من آل (عبد الجد‬
‫وحد بًلد (حكم) ومخًلف (عثر) تحت إمارته باسم (المخًلف السليماين)‬
‫الحكميين)‪ ،‬الذي َّ‬
‫علما على‬ ‫واستمرت إمارته على المخًلف عشرين عا ًما من (‪373‬هـ ‪َّ ،)393 -‬‬
‫وظل هذا االسم ً‬ ‫َّ‬
‫المنطقة وظ َّلت عاصمة المخًلف السليماين ً‬
‫قديما‪ ،‬وإلى ما بعد القرن السادس الهجري‪ ،‬هي مدينة‬
‫(عثر)‪ .‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬المعجم الجغرايف للبًلد العربية السعودية‪ ،‬مقاطعة جازان‪ ،‬محمد بن أحمد‬
‫العقيلي‪( ،‬ص‪ ،)14‬وكتاب‪ :‬المخًلف السليماين‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار اليمامة‪1402 ،‬هـ‪1992/‬م‪،‬‬
‫(ص‪.)71 -70‬‬
‫(‪ )1‬وزارة الخارجية السعودية‪ :‬بيان عن العًلقات‪( ،‬ص‪.)82 ،80‬‬
‫‪310‬‬

‫برقية من اإلمام يحيى إلى الملك عبد العزيز‬


‫بتاريخ ‪1352/8/9‬هـ ـ ‪1933‬م‬
‫تابع لربقيتنا ‪ 9‬شعبان سنة ‪1352‬هـ بشأن اإلدريسي‪ ،‬تفضلوا وضحوا‬
‫لنا ما هو غاية المراد منه‪ ،‬ولكم علينا االلتزام به‪ ،‬وعليكم عطف النظر إليه‪،‬‬
‫ٌ‬
‫حقوق ليس لهم علينا‬ ‫الس َفالة‪ ،‬ولهم عليكم‬
‫فقد بلغوا من الحاجة إلى غاية َّ‬
‫خيرا‪ ،‬فليس لنا من سياسة غير الصدق‪ ،‬وال تخزونـي‬
‫منها شي ٌء‪ ،‬وال تظنُّوا إال ً‬
‫يف ضيفي‪ ،‬عافاكم اهلل‪ ،‬وفيما كتبنا لكم من الربقيات الكفاية‪ ،‬فكل ما فيها هو‬
‫الذي ال نتزحزح عنه‪ ،‬والسًلم‪.‬‬
‫جواب الملك عبد العزيز إلى اإلمام‬
‫بتاريخ ‪1352/8/12‬هـ‪1933/‬م‬
‫تلقينا برقيتكم المؤرخة ‪1352/8/9‬هـ بشأن مسألة اإلدريسي‪ ،‬فقد‬
‫أوضحت أمرين‪ ،‬سألتمونا غاية مرادنا من اإلدريسي‪ ،‬وأنكم ملتزمون به‪.‬‬
‫والثاين‪ :‬أنه له الحق‪ ،‬وأنه يف غاية الضنك‪.‬‬
‫أي حق سابق‪َ ،‬ف َعلنا الجميل معه‪،‬‬
‫نبين لألخ أنه ليس لإلدريسي علينا ُّ‬
‫وقابلنا من الخيانة والغدر بالذي ال يخفاكم‪ ،‬وإن ما أجريناه معه من الجميل‬
‫لم يكن إال ألمرين‪:‬‬
‫األول‪ :‬مراعاة لخاطركم‪.‬‬
‫الثاين‪ :‬محبة للسلم والعافية للجميع‪.‬‬
‫‪311‬‬

‫أما المراد من اإلدريسي‪ ،‬فهو نفي األذى‪ ،‬ودفع الدسائس التي ال تخفى‬
‫ظاهرا وباطنًا‪ ،‬فإن كنتم تريدون األمر الحاسم يف مسألة اإلدريسي‪،‬‬
‫ً‬ ‫عليكم‬
‫ونتعهد لهم بر ِّد‬
‫َّ‬ ‫فليس لها إال أحد أمرين‪ :‬إما أن يقدم علينا‪ ،‬ونعطيهم أمان اهلل‪،‬‬
‫تم االتفاق بيننا‬
‫أمًلكهم مع مساعدتنا لهم‪ ،‬وإما ترفعوه إلى صنعاء‪ ،‬فإذا َّ‬
‫وبينكم على المواد الباقية‪ ،‬فبحول اهلل وقوته ما نَدَ ع عليهم ِ‬
‫قاص ًرا فيما يصلح‬ ‫ُ‬
‫أمرهم‪ ،‬واهلل يحفظكم‪.‬‬
‫برقية من اإلمام للملك عبد العزيز‬
‫بتاريخ ‪1352/8/13‬هـ‪1933/‬م‬
‫وصلت الربقيتان من األخ العزيز بتاريخ ‪5‬و‪ ،52/8/8‬واألهم المقدم‬
‫أن يتفضل األخ بمنع َأجناده عن تجاوز محطاهتم التي هم فيها قبل أن يحدث‬
‫ما يصعب علينا وعليكم تًلفيه‪ ،‬ويخرج األمر من أيدينا وأيديكم‪ ،‬بالدخول يف‬
‫لص َفاح‪ ،‬ولكم علينا عهد اهلل وميثاقه َّأال يكون‬
‫ميدان الكفاح‪ ،‬ودور امتشاق ا ِّ‬
‫منا عدوان وال تجاوز‪ ،‬وليعلم األخ العزيز َّ‬
‫أن األمر عظيم فوق ما يتصور‬
‫الخيال منا ومنكم‪.‬‬
‫وال محذور من التأنِّي‪ ،‬بل محذور من االستعجال‪ ،‬فاألنا ُة من الرحمن‪،‬‬
‫والعجلة من الشيطان‪ ،‬وليعلم األخ أنَّا ال نريد شي ًئا من الشقاق بيننا وبينكم‪.‬‬
‫َّ‬
‫وإن المكاتبات إلينا اآلن من الحجاز وعسير وهتامة لًلشرتاك ضدكم‪،‬‬
‫وال نريد ذلك‪ ،‬وال نرضاه‪ ،‬ونشهد اهلل عليكم‪.‬‬
‫‪312‬‬

‫أن َث َّم َة من يرتبص بالجميع الدوائر‪ ،‬ليبلغ من الطرفين مراده‬


‫واعلموا َّ‬
‫الخبيث‪ ،‬وتفضلوا أ ِّكدُ وا على أمير جيزان ليرتك التجاوز والتهديد ألهل‬
‫المخًلف‪ ،‬فإهنم يف ٍ‬
‫غاية من الخوف‪ ،‬وهم على وشك النفور‪.‬‬
‫مما أشرتم به إليكم من بعثنا َوفدً ا معتمدً ا إلى حضرتكم‬
‫ولم ن ََر أح َس َن َّ‬
‫العالية كما عرفناكم‪ ،‬ولنقطع آمال وكًلم األشرار الذي ال اهتمام لهم إال‬
‫بالتحريض إلضرام النار‪َّ ،‬‬
‫وأن العوام يقولون‪« :‬ما على شر عجل»‪ ،‬وصدقوا‪،‬‬
‫وتفضلوا بالمراجعة مع ذوي الديانة والبصيرة من خيار أصحابكم الذين ال‬
‫غرض لهم‪ ،‬وال عوض‪.‬‬
‫وأخ َّوتِنا‪ ،‬ونشهد اهلل علينا‪ ،‬وعجلوا‬
‫ونحن محافظون على َصداقتنا ُ‬
‫إفادتنا يف هذا َت َف ُّض ًًل وإحسانًا بما ترونه‪َّ ،‬‬
‫تفضلوا باعتبار هذا الكتاب من أخٍ‬
‫ٍ‬
‫صدوق‪ ،‬ونسأل اهلل أن يوفقنا وإياكم إلى ما به عز اإلسًلم والمسلمين‪،‬‬ ‫نصوحٍ‬
‫وأن يأخذ بنواصينا إلى ما يحبه ويرضاه‪ ،‬ونستعين به ونستجيره من الدخول يف‬
‫مفتوحا لما يكون‬
‫ً‬ ‫حرب مظلمة األنحاء‪ ،‬منقطعة الرجاء‪ ،‬إنما جعل بعض هذا‬
‫يف التَّشفير من الغلط العظيم المخل بالمعنى‪ ،‬ودمتم‪ ،‬وشريف السًلم عليكم‪.‬‬
‫برقية من الملك عبد العزيز إلى اإلمام يحيى‬
‫بتاريخ ‪1352/8/15‬هـ ـ‪1933‬م‬
‫تلقينا برقية األخ المؤرخة ‪ 52/8/13‬التي تشير فيها إلى برقيتنا‬
‫‪5‬و‪ ،52/8‬وقد رأينا أنكم أهملتم الجواب الحاسم على الثًلثة التي هي مثار‬
‫‪313‬‬

‫النزاع‪ ،‬وباألخص تصفية الحدود التي لم نَح َظ منكم على جواب بشأهنا‪ ،‬مع‬
‫المراجعة فيها مضى عليها مدة طويلة‪َّ ،‬‬
‫وإن ما أشار إليه األخ يف طلب منع‬
‫رؤساء األجناد من تجاوز محطاهتم‪ ،‬فإن رؤساء أجنادنا لم يتعدوا شي ًئا مما‬
‫ذكر‪ ،‬ولم يتجاوزوا محطاهتم البعيدة حتى عن أطراف حدودنا‪.‬‬
‫أ َّما األقوال واألكاذيب فهي ترد لنا من أقوال بعض عمالكم‪ ،‬كما ترد‬
‫إليكم‪ ،‬وأما ما أشرتم إليه من تطور الحالة‪ ،‬ووصفكم لخطورهتا‪ ،‬فًل شك‬
‫عندنا يف خطورهتا‪.‬‬
‫ٍ‬
‫أشهر إال العتقادنا بما ينتج عن التطويل من‬ ‫ونحن َلم ُن َّ‬
‫لح عليكم من‬
‫األضرار العاجلة واآلجلة‪.‬‬
‫إن حسم األمور‪ ،‬ودفع الشر هو بيد اهلل‪ ،‬ثم بيد األخ ال بيدنا‪ ،‬وقد‬‫َّ‬
‫ٍ‬
‫بصراحة ال مزيد عليها‪ ،‬وعملنا للسلم عدة سنوات‪،‬‬ ‫أوضحنا لكم مطالبنا‬
‫اسا يحسم الشر‪ ،‬وكما‬
‫حس ً‬
‫أمرا َّ‬
‫كثيرا‪ ،‬ولم ن ََر من األخ ً‬
‫وبعثنا الوفد‪ ،‬وصربنا ً‬
‫نرجو أن يصلنا الجواب الحاسم بعد ما فصلناه لكم من رجاء‪ ،‬ولكننا ال نزال‬
‫كما بدأنا‪ ،‬نحن ال نكره مجيء الوفد‪ ،‬وكنا أخربناكم َّ‬
‫أن الوفد عجز عن حل‬
‫المشكلة بيننا وبينكم‪ ،‬وما هناك أمور يتكلم فيها الوفد‪.‬‬
‫رارا‪ ،‬ونكررها اآلن هي‪:‬‬‫ِ‬
‫هناك ثًلثة مواد عرضناها على سيادتكم م ً‬
‫‪1‬ـ تحديد الحدود بيننا وبينكم بصورة قطعية بعهد َمك ُتوب‪.‬‬
‫‪2‬ـ نجران تنازلنا يف أمره‪ ،‬وقلنا أن تكون قطعة محايدة بيننا وبينكم‪ ،‬كما‬
‫‪314‬‬

‫أشرنا يف برقيتنا المؤرخة ‪ 8‬شعبان ‪1352‬هـ‪.‬‬


‫‪3‬ـ طلبنا إعادة األدارسة طب ًقا للمعاهدة التي بيننا وبينكم‪ ،‬وأفدناكم إن‬
‫تساهًل منا ومحب ًة يف الراحة‪ ،‬فهذه المطالب‬
‫ً‬ ‫كان صع ًبا‪ ،‬فتكون إقامتهم صنعاء‬
‫الثًلثة ال نريد غيرها‪.‬‬
‫ٍ‬
‫كلمة تقولوهنا‪ ،‬إ َّما‪َ « :‬ن َعم» وإ َّما‪« :‬ال»‪.‬‬ ‫والسلم والحرب متوقف على‬
‫وهذا يوضح الموقف‪ ،‬ويحل المشكل‪ ،‬وأما ما أشار إليه األخ من كثرة‬
‫المكاتبة التي وردت من عسير وهتامة والحجاز‪ ،‬فإن مثل هذه المكاتبات ال‬
‫نعيرها اهتما ًما؛ َّ‬
‫ألن لدينا مثل ذلك الكثير من سائر بًلدكم‪ ،‬وإننا متكلون على‬
‫اهلل‪َ ،‬من و َفى معنا‪ ،‬و َفينَا معه‪ ،‬ومن َغدَ َر بِنا فاهلل هو الذي عودنا الجميل بنصره‬
‫على كل من غدر‪.‬‬
‫وأما ما ذكرتم بشأن من يرتبصون بنا وبكم الدوائر‪ ،‬فقد سبق أن‬
‫كثيرا ِّ‬
‫لحل المشكل‪ ،‬ونحن اآلن نطلب من األخ‬ ‫حذرناكم منهم‪ ،‬لذلك سعينا ً‬
‫كثيرا لغموض جواب األخ‬ ‫جوابه الصريح يف ِّ‬
‫حل هذا اإلشكال‪ ،‬ولقد استغربنا ً‬
‫يف البت أمام هذه الحالة الواضحة‪ ،‬والمبينة الخطورة‪ ،‬ونخشى بل يرتجح لنا‬
‫أن تكون الخطة التي يسير عليها األخ طب ًقا لما ذكره بعض رجالكم‪ ،‬أمثال‬
‫العرشي والعمري وغيرهم إذ ذكروا أنه من خطة سيادتكم المطاولة معنا حتى‬
‫إذا رأيتمونا اشتددنا يف األمور‪ ،‬وحشرنا قواتنا إلى الحدود للدفاع عن كيان‬
‫همة جنودنا ونعيدهم‪،‬‬ ‫ِ‬
‫بًلدنا‪ ،‬تساهلتم يف األمر‪َ ،‬ولن ُتم يف القول حتى تفرت َّ‬
‫‪315‬‬

‫وحينئذ تجدون الفرصة سانح ًة لكم لتقوموا‪ ،‬وتأخذوا ما تريدون‪.‬‬‫ٍ‬

‫وإنِّي أحب أن ُأ ِع َ‬
‫يذ األخ باهلل من مثل هذا الظن الذي إن كنتم تحبون‬
‫السير عليه‪ ،‬واألخ َذ به‪ ،‬فليس من وراء ذلك غير تعقيد األمور‪ ،‬ووقوع‬
‫المحذور‪ ،‬وشماتة األعداء بنا وبكم(‪.)1‬‬
‫وأ َّما ما ذكرتم وهو من قبل لزوم مشاورتنا أهل الديانة وذوي العقول‪،‬‬
‫نفيدكم أن جميع رعايانا وأهل أطرافنا ال يحبون الفتن‪ ،‬وال يوقظوهنا‪ ،‬وإنما‬
‫يحبون السلم والراحة‪ ،‬ولكن يف حالة َّ‬
‫الذ ِّب عن الشرف‪ ،‬ال يؤخرون أنفسهم‬
‫وأموالهم دقيق ًة واحدةً‪ ،‬وال يقبلون عن ذلك ً‬
‫بديًل‪.‬‬
‫نسأل اهلل أن يوفقنا وإياكم لما فيه الصًلح‪ ،‬ونستجير به من الدخول‬
‫بغضبه‪ ،‬والحقيقة أنه كما قال ‪« :‬الفتنة نائمة‪ ،‬لعن اهلل من أيقظها»‪.‬‬
‫فيا أخي‪ ،‬الحرب واستحكامه‪ ،‬والسلم واستقراره‪ ،‬هو كما أخربناكم بيد‬
‫اهلل ثم بيدكم‪ ،‬ونشهد اهلل وجميع خلقه أنَّا ال نحب الحرب‪ ،‬وال الفتنة‪ ،‬وأننا‬
‫مدافعون عن بًلدنا‪ ،‬وما تحملناه يف أعناقنا من حوزة المسلمين‪.‬‬
‫برقية من اإلمام يحيى إلى الملك‬
‫بتاريخ ‪1352/8/19‬هـ ‪1933‬م‬
‫تلقينا برقية األخ العزيز المؤرخة ‪ 52/8/11‬و« َن َعم» ال نريد إال حسم‬

‫(‪ )1‬وزارة الخارجية السعودية‪ :‬بيان عن العًلقات‪( ،‬ص‪ ،)87 ،85‬وكتاب‪ :‬المخًلف السليماين‪،‬‬
‫للعقيلي‪ ،)1069/2( ،‬وكتاب‪ :‬ابن ماضي‪( ،‬ص‪.)178 ،177‬‬
‫‪316‬‬

‫األمر بيننا وبين حضرتكم‪ ،‬بأحسن الوجوه وأجملها‪ ،‬من دون تحكم من‬
‫الطرفين‪ ،‬وال بأس بما رأيتموه يف مسألة األدارسة من انتقالهم إلى صنعاء غير‬
‫أن أهل هتامة يتعبهم برد الجبال‪ ،‬و َبر ُد صنعاء شديد جدًّ ا‪ ،‬فإن ناسب‬
‫لحضرتكم انتقالهم إلى زبيد‪ ،‬فالمسافة إلى صنعاء وزبيد متقاربة‪ ،‬وسيكون‬
‫ٍ‬
‫لشيء‪.‬‬ ‫األمر منَّا عليهم‪ ،‬وعدم التدقيق وعدم نسبته‬
‫والمرجو منكم حسن النظر فيما يجرب حالهم‪ ،‬ويقوم هبم‪ ،‬ومنع التعرض‬
‫على أمًلكهم ومن يقوم هبا‪ ،‬ففي ذلك فضل ورعاية‪ ،‬وحسن سمعة ومودة‬
‫عرضا يخالف ما نكتبه‬
‫ً‬ ‫للعموم‪ ،‬وال تلتفتوا إلى كًلم من يقول‪ :‬إن لنا‬
‫لحضرتكم‪ ،‬والسًلم عليكم‪.‬‬
‫جواب الملك إلى اإلمام‬
‫بتاريخ ‪1352/8/20‬هـ‪1933/‬م‬
‫تلقينا برقية األخ المؤرخة ‪ 52/8/19‬باحرتام‪ ،‬وأجمل ما رأيناه فيها‬
‫كانت المراجعة بيننا وبينكم الكلمة العزيزة التي تقولون فيها‪ :‬إنكم ال تريدون‬
‫إال حسم األمور بيننا وبينكم بأحسن الوجوه‪ ،‬وهذا الذي نؤمله فيكم يف السابق‬
‫والًلحق‪.‬‬
‫نظرا لحالة‬
‫ذكرتم أنكم توافقون على انتقال األدارسة إلى صنعاء‪ ،‬ولكن ً‬
‫الربد‪ ،‬ترجحون انتقالهم إلى َزبِيد‪ ،‬وتح ُّثوننا على العطف عليهم‪.‬‬
‫أخي عافاكم اهلل‪َّ ،‬‬
‫إن إلحاحنا عليكم بشأن األدارسة ليس اهتما ًما هبم‪،‬‬
‫‪317‬‬

‫وال مخافة منهم إن شاء اهلل‪ ،‬وإنَّما القصد إبعاد ُسوء التفاهم بيننا وبينكم‪ ،‬وإنَّنا‬
‫(زبِيد)‪ ،‬وثقتنا باهلل ثم بكم سواء بشأهنم أو بشأن غيرهم‬ ‫نوافق على انتقالهم لـ َ‬
‫وثيقة قوية‪ ،‬وال نقصر عنهم‪ ،‬ولكن أخي كما قيل‪« :‬ال َف ُّخ أك َبر مِ َن ال ُعص ُفور»‪.‬‬
‫هناك الما َّدتان اللتان راجعناكم هبا‪ ،‬أهم ما يكون‪ ،‬وهما اللتان تنحسم‬
‫المواد بحسمها‪ ،‬وهما يف الضرورة مادة ومعنى‪ ،‬وال حاجة ألن نشرح‬
‫إن بِ َحس ِمهما يرجى ‪-‬إن شاء اهلل‪ -‬الصًلح‬
‫لحضرتكم أكثر مما سبق وشرحنا‪َّ ،‬‬
‫يف العاجل واآلجل‪ ،‬ويف تأخير حسمهما الذي نحاذر وتحاذرون‪.‬‬
‫أخي‪ ،‬سبق أن أشرت لكم ببعض ما يجول بصدري‪ ،‬وأؤكد لكم اآلن‪،‬‬
‫أحب أن أفدي بالمال وبعض العيال؛‬
‫ُّ‬ ‫أع َلم ‪-‬واهلل الذي ال َّ‬
‫رب سواه‪ -‬أنني‬
‫فضًل عن التعرض للحسام‪،‬‬
‫لكي ال يكون بيننا وبينكم أي سوء تفاهم بالكًلم‪ً ،‬‬
‫وأنني ال أريد زياد ًة يف الملك‪ ،‬وال َت َط ُّور يف شيء من األحوال‪ ،‬األمر الذي‬
‫يجب لنا عليه هو حماية الدين واألمانة التي يف رقابنا‪ ،‬وال يمكننا التأخر عن‬
‫سبيًل‪ ،‬فأرجوكم ثم أرجوكم النظر يف تمام حسم‬
‫ذلك ما دمنا نجد إلى ذلك ً‬
‫ألن الجرح معهما كبير‪ ،‬فإن ب ِ‬
‫وشر بالدواء‪ ،‬يرجى له السًلمة‪ ،‬وإن‬ ‫المادتين؛ َّ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫كرب الجرح و ُأهم َل َ‬
‫دواؤ ُه‪ ،‬كان منه الفساد الكبير الذي يؤدي إلى الهًلك‪،‬‬
‫إن الحالة تحتوي على ثًلثة ٍ‬
‫أمور‪:‬‬ ‫وأحب أن أقول‪َّ :‬‬
‫أوال‪ :‬التقارب بيننا وبينكم‪.‬‬
‫ً‬
‫نظرا لحالة اإلسًلم والعرب‪ ،‬وموقفهم يف الحال الحاضر‪.‬‬
‫والثاين‪ً :‬‬
‫‪318‬‬

‫والثالث‪ :‬وهو أكرب كل ذلك‪ :‬المحاذرة من أن يجري الماء يف غير مجراه‬


‫مما نخافه ونحذره‪.‬‬
‫وأنتم أعلم به منا‪ ،‬فهذا الذي يف ضمير أخيكم الذي يشهد اهلل عليه‪ ،‬فإذا‬
‫وافقتكم يف نظرتكم البعيدة‪ ،‬وتأكدتم نتائج األمور‪ ،‬تفادون يف ذلك أعظم مما‬
‫نتفادى‪ ،‬واعلموا ‪-‬هداكم اهلل‪ -‬الحكمة التي قالها الشاعر العربي‪:‬‬
‫ِ‬
‫فباألشرار َتنقا ُد‬ ‫ور بِأه ِل َّ‬
‫الرأي َما َص ُل َحت= َفإن َتو َّلت‬ ‫ُتهدى األ ُم ُ‬
‫فأرجوكم السرعة يف الجواب عن المادتين‪ ،‬واهلل يحفظكم ويرعاكم(‪.)1‬‬
‫برقية جوابية من اإلمام للملك‬
‫بتاريخ ‪1352/8/22‬هـ‪1933/‬م‬
‫تلقينا برقية األخ بتاريخ ‪ 52/8/15‬يف يوم الخميس ‪ 20‬منه‪ ،‬واهلل يعلم‬
‫أنَّا نكره الشقاق بيننا وبينكم إلى النهاية‪ ،‬وأنتم غلب عليكم سوء الظن‪ ،‬فلم‬
‫تحملونا على سًلمة‪ ،‬ولم يخطر لنا على بال ما ذكرتم من إرادتنا المطلوبة‬
‫لقصد تفرت همة جنودكم‪ ،‬وال نظ ُّن العمري‪ ،‬وعامل ميدي يقوالن هذا القول‪،‬‬
‫صورة لبث الضغائن‪ ،‬ووجدوا من‬‫ٍ‬ ‫من المفرتين؟ مازالوا يسعون بكل‬
‫حضرتكم ُأ ُذنًا سامعةً‪ ،‬نعم حيث لم َ‬
‫يرق لديكم بعثنا وفدً ا‪ ،‬فًل بأس ‪-‬إن شاء‬
‫اهلل‪ -‬وقد انح َّلت عقدة األدارسة بما َّ‬
‫تفضلتم به من اإلفادة بشأهنم‪ ،‬وما أجبنا‬
‫فتفضلوا وأوضحوا لنا كيف يكون تحديد الحدود بيننا وبينكم‬
‫به عليكم‪َّ ،‬‬

‫(‪ )1‬المرجع‪ :‬ابن ماضي‪( ،‬ص‪ ،)180‬والعقيلي‪ ،‬المخًلف السليماين‪( ،‬ص‪.)1072‬‬


‫‪319‬‬

‫بصورة َجل َّي ٍة‬


‫ٍ‬ ‫خو ٍة‬ ‫ٍ‬
‫إيضاحا شاف ًيا‪ ،‬وهل يكفي عن تلك المعادة بكل صداقة و ُأ َّ‬
‫ً‬
‫وتشويش‪ ،‬فتفضلوا بتعجيل الجواب يف هذا الشأن لنوضح أمر‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫وخيانة‬ ‫من ٍ‬
‫غدر‬
‫بًلد (يام)‪.‬‬
‫قداح نار الشقاق‪ ،‬وقد‬
‫مضي األسبوع يف سًلمٍ‪ ،‬ونخاف ان َ‬
‫ُّ‬ ‫وإنه يسرنا‬
‫عجل هذا الدفع ما تتهموننا به من إرادة المطاولة‪ ،‬والسًلم عليكم‪.‬‬
‫برقية جوابية من الملك إلى اإلمام يحيى‬
‫بتاريخ ‪1352/8/23‬هـ ـ‪1933‬م‬
‫تلقينا برقية األخ المؤرخة ‪ 52/8/22‬بتاريخ ‪ 23‬منه‪ ،‬وقد ذكرتم‬
‫كرهكم للشقاق معنا‪ ،‬واهلل المطلع بما يف الصدور‪ ،‬واهلل يعلم َّ‬
‫أن كرهنا‬
‫للخًلف معكم أعظم وأشد‪ ،‬و ُأ َص ِّر ُح لكم بوضوح أنه إن كان قصدنا الشقاق‬
‫أحب‬ ‫ِ‬
‫واالختًلف‪ ،‬فأسأل اهلل أن َيخذل َمن كان قصده ذلك‪ ،‬وإنه يعلم اهلل أن َّ‬
‫الخلق‪ ،‬وعلى األخص مع حضرتكم‪،‬‬ ‫ما نسعى إليه هو السلم والراحة مع سائر َ‬
‫فأسأل اهلل َمن كان قصده ذلك أن ُي ِمدَّ ُه بالعز والتأييد‪ ،‬ويديم له الراحة واألمان‪.‬‬
‫وما أشرتم إليه من حملنا إياكم على غير حسن الظن‪ ،‬وإننا نتل َّقى أقوال‬
‫المفرتين‪ ،‬وأشرتم إلى ما رويناه لكم عن أقوال العرشي والعمري‪ ،‬أما ما‬
‫ذكرناه عن المذكورين فما شهدنا إال بما سمعنا‪ ،‬وأما أهل الشر‪ ،‬فًل شك أهنم‬
‫يكثرون أمام الشقاق‪ ،‬ونرجو من اهلل أن يكبت َمن كان فيه شر لإلسًلم‬
‫والمسلمين‪.‬‬
‫أما مسألة األدارسة‪ ،‬فكما جرت المراجعة بشأهنم سهل انتهاؤها متى‬
‫‪320‬‬

‫انتهت األمور األخرى‪ ،‬كما ذكرنا لألخ من قبل‪.‬‬


‫أ َّما سؤالكم عن كيفية تحديد الحدود‪َّ ،‬‬
‫فإن كيفية تحديد الحدود معروفة‬
‫واضحة ال إهبام فيها‪ ،‬فالحدود تعين بيننا وبينكم على األساس الذي كان بين‬
‫مندوبكم ومندوبنا يف صنعاء يف جمادى الثاين عام ‪1346‬هـ‪1928/‬م أيام كان‬
‫وفدنا مؤل ًفا من ابن ماضي ومحمد دليم‪ ،‬ثم ما لحق بذلك من تعديل أيام‬
‫حكمنا يف قضية (ال ُع ِّر)‪ ،‬فتعين هذه النقطة بين البلدين بعهد صداقة وإخاء‬
‫مكتوب بيننا وبين األخ‪.‬‬
‫وأن أ َم َلنَا وطيد متى‬
‫فهذه هي الطريقة الحاسمة يف مسألة الحدود‪ ،‬كما َّ‬
‫نفذ ذلك أن يكون بيننا وبين األخ أقوى ُع َرى الصداقة واإلخاء‪ ،‬هذا وأرجو‬
‫من األخ أن يعجل الجواب هبذا الصدد‪ ،‬يف المادة الثالثة‪ ،‬واهلل يحفظكم‪.‬‬
‫برقية من اإلمام إلى الملك‬
‫بتاريخ ‪1352/8/26‬هـ‪1933/‬م‬
‫تلقينا برقية األخ العزيز المؤرخة ‪ ،52/8/19‬وشكرنا لحضرتكم ما‬
‫أبداه من الفرار من إضرام النار‪ ،‬وهو المؤمل من حضرتكم َرأ َف ًة بحال‬
‫المسلمين‪ ،‬ولم يكن بيننا وبين حضرتكم غير الجميل‪ ،‬ومحبة السًلم من‬
‫الطرفين‪ ،‬ولوال ذو األغراض القبيحة‪َّ ،‬‬
‫وإن غالب الظن أن هذا األمر ينتهي‬
‫بالسًلم وتأكيد الصداقة برغم أنوف المحرشين‪.‬‬
‫وقد طلبنا من حضرتكم إيضاح المراد يف مسألة الحدود؛ ليكون درس‬
‫‪321‬‬

‫ذلك‪ ،‬وال يخفى أنه كان استعجال األخ لحشد الجنود‪ ،‬وخوفنا من دسائس‬
‫(المكارمة) اإلسماعيلية‪ ،‬وأتباعهم‪ ،‬و ُم َر ِّوجي أفكارهم‪ ،‬ولكن يف ِحلم‬
‫حضرتكم وإنصافه ما يكفل كل نجاح‪ ،‬والسًلم عليكم‪.‬‬
‫برقية من الملك إلى اإلمام‬
‫بتاريخ ‪1352/8/29‬هـ‪1933/‬م‬
‫علما بما ذكره‬
‫تلقينا برقية األخ المؤرخة ‪ 52/8/26‬يف ‪ 29‬منه‪ ،‬وأحطنا ً‬
‫من أمله بحسم األمر بالسلم‪ ،‬وأملنا ‪-‬إن شاء اهلل‪ -‬كبير فيما أ َّم َل ُه األخ‪ ،‬ونرجو‬
‫أن يكبت اهلل األعداء‪ ،‬وينصر دينه‪ ،‬و ُيعلي كلمته‪.‬‬
‫أما مسألة الحدود‪ ،‬ومسألة (نجران)‪ ،‬فقد عرفناكم بشأهنا بوضوحٍ ال‬
‫َم ِزيد عليه‪ ،‬ولذلك نرجوكم التعجيل يف الجواب‪ ،‬وإقراره بما يحفظ السلم‪،‬‬
‫ويؤمن الراحة‪.‬‬
‫ٍ‬
‫مشاغبة‬ ‫بأي‬
‫أ َّما من قبل تحشيد جنودنا‪ ،‬فقد أوضحنا لكم أنه ال قصد لنا ِّ‬
‫فساد‪ ،‬ولم يكن ذلك إال لما أوضحناه لكم يف السابق‪ .‬فتكونوا على ٍ‬
‫يقين‬ ‫ٍ‬ ‫أو‬
‫من األمر كما عرفناكم بالسابق َّ‬
‫أن الحرب والسلم بيد اهلل ثم بيدكم؛ ألنه ليس‬
‫لدينا مطالب تطلبوهنا منا حتى نجيبكم عليها‪ ،‬وإنما المطلوب من حضرتكم‪،‬‬
‫فنرجوكم اإلجابة على ما تقدم لتحسم المواد‪ ،‬و ُيك َب َت األعدا ُء‪َّ ،‬‬
‫وإن كل تأخير‬
‫يف حسم األمر ال ينتج إال الفساد على الجميع‪ ،‬ونخشى من عواقبه‪.‬‬
‫أما ما ذكرتموه من استماعنا ألقوال الناس‪ ،‬فهذا ليس من عادتنا‪ ،‬وإنما‬
‫أعمالنا مركبة من أمرين‪:‬‬
‫‪322‬‬

‫ٍ‬
‫ممكن مع الناس عامة‪ ،‬ومعكم خاصة‪.‬‬ ‫‪1‬ـ السعي للسلم بكل‬
‫‪2‬ـ المحافظة على الذمة والشرف ال غير‪.‬‬
‫والذي نكرره على حضرتكم العزيزة هو اإلسراع بحسم المواد‪،‬‬
‫واالستعجال فيها؛ ألنه ‪-‬ال سمح اهلل‪ -‬إن حصل أدنَى َش ٍ‬
‫يء‪ ،‬ففي الزوايا خبايا‬
‫ما نحب أن تظهر‪ ،‬ونحب السلم على الدوام‪ ،‬وأن تكون المحبة مستديمةً‪،‬‬
‫واألمر يف الحل والعقد كما عرفناكم أعًله‪ ،‬وإثارة األمور وتسكينها بيد اهلل ثم‬
‫بيدكم‪ ،‬والسًلم‪.‬‬
‫برقية من اإلمام يحيى إلى الملك عبدالعزيز‬
‫بتاريخ ‪ 1‬رمضان سنة ‪1352‬هـ‪1934/‬م‬
‫تلقينا برقية األخ بتاريخ ‪ 23‬شعبان ‪1352‬هـ‪ ،‬وتأكَّد لدينا أنه ال شقاق‬

‫وال عداوة بيننا وبين حضرتكم‪َ ،‬ف َ‬


‫محى اهلل المحرشين أعداء السلم والعرب‬
‫والمسلمين فيما هو لديكم هو لدينا بكل معناه‪.‬‬
‫ُعقدَ ُة األدارسة كما ذكرتم‪ ،‬و ُعقدَ ُة الحدود ُمن َح َّلة ‪-‬إن شاء اهلل‪ -‬بما هو‬
‫غاية المطلوب منا ومنكم‪ ،‬وذلك بربط معاهدة ِح ِّب َّية سل ِم َّية دينية لمدة عشرين‬
‫فعًل من البًلد‪ ،‬ولنلقى اهلل قبل‬
‫سنة‪ ،‬يثبت فيها كل من الطرفين على ما بيده ً‬
‫انتهاء هذه المدة‪ ،‬وهبذا انحلت العقدة الثانية على وفق المراد يف الحدود‬
‫وغيرها‪.‬‬
‫ُّ‬
‫الغاشون‬ ‫على أن الت ََّوا َّد والصداقة حاصًلن من ُ‬
‫قبل‪ ،‬ولوال‬
‫‪323‬‬

‫والمتنصحون ‪-‬أخذهم اهلل‪ ،‬وانتصف منهم‪ -‬لما سمع أحدٌ من ذلك شي ًئا يف‬
‫غير الصداقة‪.‬‬
‫برقية من الملك لإلمام‬
‫بتاريخ ‪ 2‬رمضان‬
‫تلقينا برقية األخ يف سلخ(‪ )1‬شعبان ‪ 52‬مساء اليوم الثاين من رمضان‬
‫علما بما تفضلتم من أن ال شقاق وال عداوة‬
‫‪1352‬هـ‪1934/‬م‪ ،‬وقد أحطت ً‬
‫بيننا‪َّ ،‬‬
‫وأن القصد هو االئتًلف والمحبة‪ ،‬وترك ما يفرح األعداء‪ ،‬ويحقق‬
‫آمالهم‪ ،‬وإنَّا نشكر األخ على بيانه الذي هو عين ما لدينا‪ ،‬ومقصدنا وغايتنا‪،‬‬
‫وهو الذي ندين اهلل به‪.‬‬
‫َّ‬
‫انحل من المطلوب عقدتان؛ األولى‪ :‬مسألة األدارسة‪.‬‬ ‫ذكرتم أنه قد‬
‫والثانية‪ :‬مسائل الحدود التي اقرتحتم فيها عقد معاهدة ح ِّب َّية سلمية دينية لمدة‬
‫عشرين سنة تثبت فيها الحدود‪ ،‬ويكون ٍّ‬
‫لكل من الطرفين فيها البًلد التي تحت‬
‫يده‪ ،‬ورجوتم أن تلقون اهلل قبل هذه المدة‪ ،‬وال يكون بيننا أدنى خًلف‪.‬‬
‫إنا نشكر األخ على اقرتاحه هذا‪ ،‬وإنَّا نقبل ونؤيد اقرتاحه‪ ،‬ونقبل أن‬
‫تثبت الحدود بين الطرفين‪ ،‬ويكون لكل ٍ‬
‫فريق ما تحت يده من البًلد‪ ،‬وأن تعقد‬
‫بيننا وبينكم معاهدة صداقة‪ ،‬كما ذكرتم سلمية دينية لمدة عشرين سنة‪ ،‬وهذا‬

‫(‪ )1‬سلخ‪ :‬هناية‪.‬‬


‫‪324‬‬

‫وآجًل‪ ،‬وهبذا تكون العقدتان قد انح َّلتَا ‪-‬إن‬


‫ً‬ ‫عاجًل‬
‫ً‬ ‫هو مرادنا‪ ،‬والذي نحبه‬
‫شاء اهلل تعالى‪ -‬بمساعدة حضرتكم ونيتكم الصالحة‪ ،‬وبفضل اهلل‪ ،‬ثم برجائنا‬
‫سبحانه وتعالى أن ُت َح َّل العقدة الثالثة بأحسن من ال ُعقدَ تين‪ ،‬وكذلك نرجو من‬
‫األخ التعجيل ِّ‬
‫بحل المسألة الثالثة؛ ليمكن تعيين المندوبين لوضع صيغة‬
‫محب لإلسًلم والعرب(‪.)1‬‬
‫ٍّ‬ ‫ٍ‬
‫مؤمن‬ ‫االتفاق النهائي الذي يفرح به كل‬
‫***‬
‫تصعيد األحداث والتعدي على بني مالك وإبراق الملك لإلمام يحيى‪.‬‬
‫برقية الملك عبد العزيز إلى اإلمام‬
‫بتاريخ ‪1352/8/29‬هـ‪1933/‬م‬
‫أخي‪ ،‬بلغنا اليوم خرب يكدر الخاطر‪ ،‬وهو َّ‬
‫أن فرقة من (بني مالك) هم‬
‫آل خالد وآل مسلمة تخلفوا مع جماعتهم‪ ،‬وأهنم وصلوا إلى بعض موظفيكم‪،‬‬
‫وقدَّ ُموا لهم رهائن‪ ،‬واتفقوا معهم‪ ،‬وأمدوهم ببعض الذخيرة‪ ،‬وقد أوجب هذا‬
‫ألحد بذلك‪ ،‬واآلن ِ‬
‫آخ ُر األعذار انتهت‪ ،‬وإنه لكما‬ ‫ٍ‬ ‫انزعاجنا؛ ألننا لم نفتح با ًبا‬
‫طال الزمان َيت ََو َّلدُ مثل ذلك وأزود‪ ،‬فإن كان المقصود هو التطويل وتحريك‬
‫الفساد‪ ،‬فهو الذي نخشاه‪ ،‬ونرجو من اهلل اإلعانة‪ ،‬وال نقول إال حسبنا ونعم‬
‫الوكيل‪.‬‬

‫(‪ )1‬وزارة الخارجية السعودية‪ :‬بيان عن العًلقات‪( ،‬ص‪ ،)92‬وكتاب‪ :‬المخًلف السليماين‪ ،‬للعقيلي‪،‬‬
‫(‪ ،)1076 -1075/2‬وكتاب‪ :‬ابن ماضي‪( ،‬ص‪.)185‬‬
‫‪325‬‬

‫وضحتموه لنا‪ ،‬كما هو أملنا باهلل ثم بكم‪ ،‬فنرجو‬


‫وإن كان األمر على ما َّ‬
‫إنفاذ أمرين‪:‬‬
‫ٍ‬
‫شيء‬ ‫األول‪ :‬تعريفنا بمسألة الحدود والمعاهدة عليها التي هي رأس كل‬
‫لحسم المواد‪.‬‬
‫حسب‬ ‫ٍ‬
‫الثانـي‪ :‬أن تمنعوا مأموريكم عن التدخل‪ ،‬وتسليم كل مفسد َ‬
‫المعاهدة بيننا وبينكم‪.‬‬
‫فإن كنتم َتدَّ ُع َ‬
‫ون أن األمر غير صحيح‪ ،‬فنرجو أن تعطونا عهد اهلل‬
‫وميثاقه‪ ،‬وبالشرف اإلسًلمي العربي َّ‬
‫أن هذا لم يكن‪ ،‬وال تدخلتم فيه‪ ،‬وأن‬
‫تسرعوا بحسم المادتين اللتين هي مثار الخًلف‪( ،‬الحدود) و(نجران)؛ ألنه‬
‫حرصا على السلم والعافية‪ ،‬ومخاف ًة من وقوع ما‬
‫ً‬ ‫ال فائدة من تأخيرها‪ ،‬وذلك‬
‫نخشاه نحن وأنتم‪ ،‬فنرجو سرعة اإلجابة الصريحة‪ ،‬واهلل يحفظكم‪.‬‬
‫برقية جوابية من اإلمام يحيى للملك‬
‫يف ‪ 5‬رمضان ‪1352‬هـ‪1934/‬م‬
‫تلقينا برقية األخ المؤرخة ‪1352/8/29‬هـ‪1934/‬م يوم الثًلثاء‬
‫‪1352/9/2‬هـ‪1934/‬م‪ ،‬من شأن (بني مالك)‪َ ،‬ن َعم‪ ،‬بلغ إلينا ذلك‪،‬‬
‫والحقيقة ال أهمية له‪ ،‬فحكمهم حكم أهل (المخًلف)‪ ،‬غاية األمر التعويل‬
‫على حضرتكم لتأمينهم‪ ،‬وتسكين روعتهم‪ ،‬وتقرير أمورهم‪ ،‬فالخًلف معهم‬
‫من َم َع َّرة الجيوش‪ ،‬وكان سبق إلى حضرتكم َأن تتفضلوا بالتأكيد إلى أمير‬
‫‪326‬‬

‫جيزان‪ ،‬لما به رفع فزع أهل البًلد‪ ،‬وترك تخويفهم وهتديدهم‪ ،‬ومع إمكان‬
‫المراد بال ِّلين ال معنى للتخشين‪ ،‬فتفضلوا باألمر بصوهنم‪ ،‬وال َي ُكن لكم فكر ٌة‬
‫غرض‪ ،‬لعل وجه المساعدة لهم من بعض أصحابنا لما يرونه‬
‫منهم‪ ،‬فليس لنا ٌ‬
‫ويسمعونه من بعض أصحابكم من التصميم على العدوان والحرب‪ ،‬وعلى‬
‫الجملة فًل يدخل بالكم ذلك‪ ،‬وقد بلغ إلينا‪ ،‬وال نربأ من صحتها وعدمها‪.‬‬
‫طائفة من جندكم إلى(نجران)‪ ،‬واعتداؤهم على أصحابنا‬‫ٍ‬ ‫إن كان زحف‬
‫بضرب المدافع‪ ،‬نرجو َّأال يكون لذلك صحة‪ ،‬والحاصل‪ :‬إنه ال إرادة لنا‪ ،‬وال‬
‫حال‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫شقاق بيننا وبين حضرتكم‪ ،‬وال تغيير ٍ‬ ‫غرض ألي‬
‫هذه البًلد على ما هي عليه يكون معلو ًما‪ ،‬بل وترون تصل إلينا كتب‬
‫ٍ‬
‫إثبات‪ ،‬والسًلم‪.‬‬ ‫ممن يريدون إضرام النار‪ ،‬ولم نجب عليها ٍ‬
‫بنفي وال‬
‫برقية من الملك إلى اإلمام‬
‫بتاريخ ‪ 8‬رمضان سنة ‪1352‬هـ‪1934/‬م‬
‫علما بما‬
‫تلقينا برقية األخ بتاريخ ‪ 52/9/5‬يف مساء الثامن منه‪ ،‬وأحطنا ً‬
‫جاء فيها‪ ،‬ونسأل اهلل أن َي ُم َّن علينا وعليكم بالهدى والتوفيق‪ ،‬ويقينا وإياكم‬
‫شرور أنفسنا‪ ،‬وسيئات أعمالنا‪.‬‬
‫ِ‬
‫ب أن أتكلم معكم كًلم مسلم عربي ال يحب الشقاق‪ ،‬ونربأ‬‫أخي‪ُ :‬أح ُّ‬
‫إلى اهلل من الكذب والبهتان‪.‬‬
‫‪327‬‬

‫يتلخص ما جاء يف برقية األخ بأمور ثالثة‪:‬‬


‫‪1‬ـ مسألة المخًلف‪.‬‬
‫‪2‬ـ مساعدة بعض أصحابكم لـ (بني مالك)‪.‬‬
‫‪3‬ـ مسألة (نجران)‪.‬‬
‫أما مسألة (المخًلف)‪ ،‬فكان علينا أال نر َّد عليكم هبا؛ ألهنا مسألة‬
‫داخلية‪ ،‬ال دخل لنا بداخليتكم‪ ،‬كما أنه ال دخل لكم بداخليتنا ورعايانا‪ ،‬ولكن‬
‫ٍ‬
‫صديق ألخيه من جهتكم نحب‬ ‫نظرا ألنه سبق منَّا أن عرفنا األخ تعريف أخٍ‬
‫ً‬
‫توضيح الواقع لكم‪.‬‬
‫أما أهل (المخًلف)‪ ،‬فحاشى أن يكونوا قد جزعوا من الجنود المرسلة‬
‫إليهم‪ ،‬أو تحدث يف قلوهبم خو ًفا‪ ،‬بل إهنا ‪-‬إن شاء اهلل‪ -‬تؤمن خوفهم‪ ،‬وأقسم‬
‫صحيحا‪َّ ،‬‬
‫إن أهل (المخًلف) جميعهم‬ ‫ً‬ ‫لكم باهلل أين ما أتكلم معكم إال كًل ًما‬
‫أحرص منا على المسألة إذا استثنينا الذين وصلوا إلى طرفكم‪ ،‬وطرف‬
‫اإلدريسي هذه األيام‪ ،‬وما عدا األشقياء من (آل خالد) من (بني مالك) الذين‬
‫صار تحريكهم بسبب أصحاب حضرتكم كما ذكرتم‪.‬‬
‫لما سمعوا بالحركة‪ ،‬اجتمعوا إلى أميرنا‪ ،‬وطلبوا‬
‫وجميع أهل المخًلف َّ‬
‫العهد والميثاق َّ‬
‫أن النفس بالنفس‪ ،‬والدم بالدم‪ ،‬ورجوه أن يعمل معهم عملين‪:‬‬
‫األول‪ :‬أخذ رهائن منهم‪ ،‬وذلك لم يكن من عادتنا‪ ،‬وإنما نزلنا على‬
‫طلبهم‪ ،‬وقبل منهم رهائنهم‪.‬‬
‫‪328‬‬

‫الثاين‪ :‬طلبوا نزول جند من قواتنا لمساعدهتم يف الداخل والخارج‪.‬‬


‫هذه هي الحقيقة ال مِر َي َة فيها‪.‬‬
‫أما المسألة الثانية‪ :‬وهي مسألة (آل خالد)‪ ،‬ومساعدة أصحابكم لهم‪،‬‬
‫ٍ‬
‫درجة ألمرين‪:‬‬ ‫آس َفتنا ً‬
‫كثيرا‪ ،‬وأحزنتنا إلى آخر‬ ‫فهذه مسألة َ‬
‫نظرا لما تكرر‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫سبب ألحد من عمالكم يف ذلك‪ً ،‬‬ ‫أي‬
‫‪1‬ـ أنَّا ما ظننا يصير ُّ‬
‫منكم إلينا من المواثيق والعهود‪ ،‬أما العذر عنهم بما وصلهم من األراجيف‪،‬‬
‫فكان ينبغي أال يكون؛ ألنه سبق أن عرفناكم بأراجيف كثيرة بلغتنا من جهتكم‬
‫على جهتنا‪ ،‬فطمنتونا وقنعنا بأن ال صحة لها‪ ،‬فكان الواجب على األخ وعماله‬
‫أن يرتكوا األقوال ويثبتوا‪ ،‬وأن يثقوا باهلل ثم بنا‪ ،‬كما وثقنا باهلل ثم بكم‪.‬‬
‫الثاين‪ :‬أن األخ يحرضنا على مراعاة أهل (المخًلف)‪ ،‬وعدم الحركة‬
‫عليهم‪.‬‬
‫أخي‪ ،‬هذه نصيحة مقبولة‪ ،‬ولكنها كان يجب أن تكون من قبلكم‬
‫ألصحابكم؛ ألهنم أولى هبا وأحرى؛ إذ كانوا هم الذين حركوا الفتنة على‬
‫الرعية‪ ،‬والحقيقة َّ‬
‫أن هذه مسألة وخيمة‪ ،‬وليس لها عندنا حل إال أمرين‪:‬‬
‫األول‪ :‬وثوقنا باهلل ثم بكم‪ ،‬واعتمادنا عليه‪ ،‬ثم على الصدق بأننا ما‬
‫عملنا‪ ،‬وال نعمل شي ًئا ضدَّ ُكم يخفى عليكم‪ ،‬ويظهره اهلل اليوم أو بعده إن شاء‬
‫اهلل‪.‬‬
‫الثاين‪ :‬مخاصمتها وحلها عند اهلل‪ ،‬ثم عندكم‪.‬‬
‫‪329‬‬

‫الرعايا وتطمينهم‪ ،‬فهذا حق واجب‪ ،‬وليس عندنا لهم إال حكم‬


‫أ َّما مسألة َّ‬
‫الشريعة‪ ،‬وما أنزل به القرآن‪ ،‬األولى قوله تعالى‪ ( :‬ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ‬
‫ﭿ) اآلية‪.‬‬
‫قصه اهلل عن ذي القرنين‪ ،‬هذا الذي نعمل به مع جميع رعايانا‪،‬‬
‫الثانية‪ :‬ما َّ‬
‫‪،‬‬ ‫وليس عندنا من الحكم إال ما أنزل به القرآن‪ ،‬وما جاءت به سنة محمد ‪،‬‬
‫فمن أحسن كافأناه‪ ،‬ومن أساء فجرمه على نفسه‪ ،‬يبذل له النصح باللسان‪ ،‬فإن‬
‫أبى ليس له إال السنان‪.‬‬
‫رب سواه أننا‬
‫وأما مسألة ما حدث يف (نجران)‪ ،‬فأقسم لكم باهلل الذي ال َّ‬
‫وأن جميع أمرائنا و ُقوادنا نؤكد عليهم ً‬
‫ليًل‬ ‫ما رضينا‪ ،‬وال عملنا‪ ،‬وال أمرنا‪َّ ،‬‬
‫فضًل عن غيره‪.‬‬
‫وهنارا بمنع العدوان بالكًلم ً‬
‫ً‬
‫َّ‬
‫وأن المسألة هي علينا أكرب مما هي عليكم ألمرين‪:‬‬
‫األول‪ :‬يأبى اهلل أن نعطي كًل ًما ونخالفه بالفعل‪.‬‬
‫والسًلم‪.‬‬
‫الثاين‪ :‬حبنا يف الراحة َّ‬
‫الحادثة وقعت كما عرفناكم‪ ،‬ولكن االبن فيصل ‪-‬و َّفقه اهلل‪ -‬عمل‬
‫الًلزم‪ ،‬وو َّبخ الفاعلين وعاقبهم‪ ،‬وعزل األمير‪ ،‬وأمر بحبسه‪.‬‬
‫وثِ ُقوا باهلل الذي ال رب سواه أنه ال يأتيكم منَّا ال قليل وال كثير يعلمه اهلل‬
‫ويخفى عليكم من ٍ‬
‫عذر‪ ،‬وال من ٍ‬
‫مكر‪ ،‬واهلل على ما نقول وكيل(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬وزارة الخارجية السعودية‪ :‬بيان عن العًلقات‪( ،‬ص‪ ،)106‬وكتاب‪ :‬المخًلف السليماين‪ ،‬للعقيلي‪،‬‬
‫(‪ ،)1080/2‬وكتاب‪ :‬ابن ماضي‪( ،‬ص‪.)189‬‬
‫‪330‬‬

‫أخي‪َّ ،‬‬
‫إن إلحاحنا عليكم للتعجيل يف حسم المواد هو مخافة مما وقع؛‬
‫َّ‬
‫ألن االختًلف يقع الشر فيه من أحد شخصين‪ ،‬إما صاحب غرض ويحب‬
‫الفتنة‪ ،‬أو من جاهل يريد اإلصًلح فيعمل الفساد‪ ،‬فثقوا باهلل من جهتنا‪،‬‬
‫الشر بين المسلمين‪.‬‬
‫واحرصوا على سرعة حسم المواد لعل اهلل يدفع َّ‬
‫برقية من اإلمام إلى الملك‬
‫بتاريخ ‪1352/9/6‬هـ‪1934/‬م‬
‫الحو ِر بعد ال َكو ِر‪ ،‬فهل بقي شيء من‬
‫قد بلغنا ما كان‪ ،‬ونعوذ باهلل من َ‬
‫التأمل من الجهتين‪ ،‬حتى تنتهي المراجعات إن شاء اهلل‪ ،‬فًل ينبغي من ٍ‬
‫أحد منا‬
‫أن يتغافل عما يكون من أتباعه يف الجانب اآلخر‪.‬‬
‫مرارا متعددة‪ ،‬وأنه ال إرادة لنا يف الشقاق‪ ،‬وال فيما‬
‫فقد سبق لكم ما سبق ً‬
‫يخالف الصداقة بيننا وبين األخ العزيز‪ ،‬وال نخرج عن هذه الطريقة إال‬
‫ُمك َرهين‪ ،‬واهلل يجعل هذا الشهر قاد ًما علينا وعليكم بكل ٍ‬
‫خير‪ ،‬وأن يجعلنا‬
‫ممن أدرك شهر رمضان‪ ،‬فغفر له‪.‬‬
‫برقية من اإلمام إلى الملك‬
‫بتاريخ ‪1352/9/9‬هـ‪1934/‬م‬
‫تلقينا برقية األخ المفيدة قبول ما أبرقناه إليكم يف ربط المعاهدة عشرين‬
‫سنةً‪ ،‬ويف الحدود‪ ،‬ويف الحقيقة فيما أبرقناه الوفاء بالغرض‪ ،‬وسيبقى الكًلم يف‬
‫مسألة (نجران)‪ ،‬والخشية معنا من انخداعكم للمكارمة الذين أفدتم إلينا‬
‫‪331‬‬

‫ساب ًقا أنه ال رابطة بينكم وبينهم ال دينية‪ ،‬وال دنيوية‪ ،‬وقد كان حدث تحركات‬
‫يف (نجران)‪ ،‬فنرجو منكم منعكم الحركات إلى انتهاء المخابرة الودية كما‬
‫أسلفنا إلى حضرتكم بتاريخ ‪6‬رمضان ‪1352‬هـ‪ ،‬والسًلم‪.‬‬
‫برقية جوابية من الملك إلى اإلمام‬
‫بتاريخ ‪11‬رمضان ‪1353‬هـ‪1934/‬م‬
‫تلقينا برقية األخ المؤرخة ‪ 9‬رمضان ‪1352‬هـ‪1934/‬م مساء ‪ 11‬منه‪.‬‬
‫ذكرتم تحديد الحدود‪ ،‬ونحن عرفناكم بقبول ما ذكرناه لألخ جوا ًبا على‬
‫برقيته‪ ،‬أما مسألة‬
‫(نجران)‪ ،‬فقد عرفنا سيادتكم بربقيتين بتاريخ ‪ 8‬منه‪ ،‬والذي نؤكد لكم‬
‫حادث يسبب مشكًلت بيننا وبينكم سنقاومه أعظم‬‫ٍ‬ ‫أي‬ ‫ٍ‬ ‫َّ‬
‫أن كل إنسان يعمل َّ‬
‫الشر بين‬
‫مما تقاومونه أنتم؛ ألنه ال يقدم على مثل ذلك إال منافق يحب َّ‬
‫اإلسًلم والمسلمين‪ ،‬ونراه من األعداء‪.‬‬
‫أما مسألة (نجران) و(المكارمة)‪ ،‬فقد َأبدَ ينا لكم ما يلزم‪ ،‬كونوا على ٍ‬
‫ثقة‬
‫أن أنظارنا ال تريد األشخاص‪ ،‬والقبائل أو الواليات‪ ،‬وإنما أنظارنا مقتصرة‬
‫على ما فيه المصلحة العامة‪ ،‬وكف النزاع‪ ،‬ومنع الشقاق يف العاجل واآلجل‪.‬‬
‫أيضا‪ ،‬لذلك نرجوكم‬
‫هذا غايتنا‪ ،‬ونجزم ونتيقن ‪-‬إن شاء اهلل‪ -‬أهنا غايتكم ً‬
‫حسم المواد حتى يحصل المطلوب من الراحة والسكون‪ ،‬وستجدين ‪-‬إن شاء‬
‫اهلل‪ -‬وف ًّيا معكم‪ ،‬وسنحمد اهلل وإياكم ُعق َبى السًلم واألمان والراحة‪ ،‬ال عدمنا‬
‫بقاءكم‪.‬‬
‫‪332‬‬

‫برقية من اإلمام إلى الملك‬


‫بتاريخ ‪ 15‬رمضان‬
‫تلقينا برقية األخ بتاريخ ‪11‬رمضان ‪1352‬هـ‪1934/‬م‪ ،‬وقد سبق إلى‬
‫حضرتكم برقية مؤرخة ‪ 13‬منه‪ ،‬والمرجو من األخ أن تكون اإلفادة كما يليق‬
‫بعالي قدره‪ ،‬وبما يحسن لألخوة والصداقة‪ ،‬وصالح اإلسًلم والمسلمين‪،‬‬
‫وإرغام األعداء‪ ،‬والكافرين‪.‬‬
‫وليعلم األخ أنه ال محذور قط ًعا من قبضنا لزمام (يام)‪ ،‬واالستيًلء‬
‫ٍ‬
‫وخاصة‪.‬‬ ‫مصلحة ٍ‬
‫عامة‬ ‫ٍ‬ ‫عليهم‪ ،‬بل يف ذلك‬
‫وخصوصا بعد هذه المعاهدة‬ ‫ٍ‬
‫عدوان‪،‬‬ ‫ومن المحال أن يحصل منَّا أدنى‬
‫ً‬
‫األخو َّية‪ ،‬وأي محاورة قد حصلت يف الحدود المتصلة بيننا وبين حضرتكم يف‬
‫هذه المدة الماضية‪ ،‬فكيف يحصل بعد اآلن يف الحدود‪.‬‬
‫وعلى الجملة‪ ،‬فالتعويل على حضرتكم‪ ،‬وكريم خلقكم يف اإلفادة التي‬
‫نتمنَّاها‪ ،‬وال ضرر منها‪ ،‬وال نفع يف غيرها‪ ،‬وال مصلحة يف غير ما نؤمله‬
‫ونرجوه‪ ،‬ال دينية‪ ،‬وال دنيوية‪ ،‬وال سياسية‪.‬‬
‫ثم اعلموا ‪-‬عافاكم اهلل‪ -‬أنَّا ال نحول عن الصداقة‪ ،‬والمحافظة على‬
‫مكررا‪ ،‬وال رحم اهلل َمن‬
‫ً‬ ‫األخو ِة ما دمنا على قيد الحياة‪ ،‬كما وعدنا حضرتكم‬
‫َّ‬
‫شوش أفكاركم‪ ،‬وسعى لتغيير إفادتكم السابقة إلينا‪ ،‬وال ُبدَّ من المستأجرين‪،‬‬
‫َّ‬
‫ٍ‬
‫مراد‪ ،‬وتنتهي‬ ‫ومع كريم خلقكم‪ ،‬وطرحكم أقوال المستأجرين يحصل كل‬
‫‪333‬‬

‫المحاورات يف ظرف أربعة أيام‪ ،‬والسًلم‪.‬‬


‫برقية من الملك ألمير جازان‬
‫بتاريخ ‪1352/9/17‬هـ‪1934/‬م‬
‫علمنا برقيتكم‪ ،‬وكل عدو ‪-‬إن شاء اهلل‪ -‬معثور‪ ،‬وال يتأسف غير فاعل‬
‫السوء‪ ،‬وال بد اطلعت على برقيتنا لـ (يحيى)‪ ،‬وأنت ُخذ بالحزم والعزم‪ ،‬وال‬
‫تفرت همتك‪ ،‬فليس عليك ‪-‬واهلل‪ -‬قاصر‪.‬‬
‫الجند الذين عندك من (نجد) و(عسير) كثير‪ ،‬وهلل الحمد‪ ،‬والجند‬
‫متواصل من (الرياض) إلى فيصل أوله عند (فيصل)‪ ،‬والثاين يف (بيشة)‪،‬‬
‫والثالث يمشي من (الرياض)‪.‬‬
‫وتعرف َّ‬
‫أن األمور كلها باهلل‪ ،‬ثم بالحزم والعزم والهمة القوية‪ ،‬وأنتم‬
‫أجمعوا جماعكم على الحدود‪ ،‬واضبطوا أنفسكم عن التعدِّ ي‪ ،‬إال إن‬
‫هاجمكم أحد‪ ،‬فًل حول وال قوة إال باهلل‪ ،‬ال هتاجموا أحدً ا حتى يبدأكم‬
‫بالهجوم‪ ،‬وأبشروا بأن اهلل خاذل ‪-‬إن شاء اهلل‪ُ -‬ك َّل عدو‪.‬‬
‫برقية جوابية من الملك إلى اإلمام‬
‫بتاريخ ‪ 17‬رمضان ‪1352‬هـ‪1934/‬م‬
‫تلقينا برقيتكم المؤرخة ‪1352/9/15‬هـ‪1934/‬م بعد أن تلقينا‬
‫برقيتكم المؤرخة ‪13‬و‪ 15‬منه الملحقة بربقية األخيرة بشأن (نجران)‪.‬‬
‫أ َّما ما ذكرتموه من حرصكم على السًلم‪ ،‬وكبت األعداء‪ ،‬فهذا شي ٌء‬
‫‪334‬‬

‫نشكركم عليه‪ ،‬واعتمادنا على اهلل‪ ،‬ثم عليه ساب ًقا والح ًقا‪ ،‬وأخربناكم ساب ًقا‬
‫أننا ال نأخذ أقوال الناس‪ ،‬وإنما نثق باهلل ثم بكم‪ ،‬ولكن بعدما صرحتم لنا بما‬
‫عظيما‪ ،‬بين ما ذكرتموه لنا‬
‫ً‬ ‫فعل يف جهة (العبادل) وبني مالك‪ ،‬رأينا تفاو ًتا‬
‫مؤخرا‪.‬‬
‫ً‬ ‫ساب ًقا‪ ،‬ووثقنا باهلل‪ ،‬ثم بكم وبين ما أخربتمونا به‬
‫َّ‬
‫إن أخاكم ‪-‬واهلل المطلع‪ -‬ليس عنده قول أو عمل يخالف ما قد أبديناه‬
‫لحضرتكم‪ ،‬وقد أوجب الدَّ هشة‪ ،‬ودعا لًلستعداد للطوارئ‪ ،‬وهذا الذي‬
‫نخشاه أن يفرط األمر من اليد‪ ،‬فًل يهمنا (بني مالك)‪ ،‬و(العبادل)‪ ،‬إنما‬
‫اعتمادنا على اهلل‪ ،‬ثم على الصدق‪ ،‬وعلى عوائد اهلل الجميلة‪ ،‬نرتك كل شيء‪،‬‬
‫ونعمل جهدنا يف اإلصًلح‪ ،‬فإذا ابتلينا‪ ،‬أعاننا اهلل تعالى‪.‬نرجع إلى ما ذكرتموه‬
‫نحب ذلك‪،‬‬
‫ُّ‬ ‫يف مسألة (نجران)‪ ،‬أخربناكم أنه ال يوجد شفقة على توليه‪ ،‬وال‬
‫إنما الشفقة على الراحة واإلصًلح‪ ،‬وبما َّ‬
‫أن (نجران) موقعه يف جهتنا ُمهم‪،‬‬
‫وال يمكن حله بسهولة‪ ،‬إال بالنظر يف المصلحة العائدة للطرفين‪ ،‬واألمر الذي‬
‫يريح هو رأي أخيكم سدًّ ا للذريعة‪ ،‬وتقري ًبا لإلصًلح أن نتعاقد وإياكم على‬
‫المسألتين اللتين انتهينا منهما‪ ،‬وهما‪ :‬إبعاد األدارسة‪ ،‬ويضمن جميع حركتكم‬
‫من جهته على المحل المذكور‪ .‬والثانية‪ :‬أن تبقى الحدود كما كانت بيننا‬
‫وبينكم منذ دخولنا يف هذا الطرف‪ ،‬ونعقد معاهد ًة ودي ًة لمدة عشرين سنة‪،‬‬
‫ويعلن ذلك يف الجرائد والمجًلت‪ ،‬وأن يبعد العساكر منا ومنكم عن الحدود‬
‫والمحًلت لمنع االشتباك‪ ،‬وراحة الرعية‪ ،‬وأما مسألة (نجران) فتؤجل‪،‬‬
‫‪335‬‬

‫وينتدب مندوبون منا ومنكم عن الحدود‪ ،‬والكل يبدي المشكل الذي عنده‪،‬‬
‫يتوصل إلى ٍّ‬
‫حل سلمي‪ ،‬يحفظ مصلحتكم ومرادكم ويحفظ مصلحتنا‬ ‫َّ‬ ‫حتى‬
‫ومرادنا‪ ،‬فهذا الذي يراه أخوك‪.‬‬
‫فإذا وافقتم على ذلك‪ ،‬فنرجو أن يتقرر شكلها مكتوب ًة بيننا وبينكم‪ ،‬ثم‬
‫تكتبوهنا من جهتكم وتوقعوهنا‪ ،‬ونكتبها من جهتنا ونوقعها‪ ،‬وترسلوهنا لولدنا‬
‫فيصل عن طريق نجلكم يف (صعدة)(‪ ،)1‬ونرسلها لنجلكم يف (صعدة) عن‬
‫طريق ولدنا فيصل‪ ،‬أو يقدم هبا الوفد من جهتكم‪ ،‬أو يقدم هبا الوفد من جهتنا‬
‫للمكان الذي نتفق عليه‪ ،‬وأعاهدكم باهلل أنَّه ليس ألخيكم قصد إال حل‬
‫المشكل‪ ،‬وأنه ال يأتيكم من قبلنا غدر‪ ،‬وال خيانة إال أبدية على واضح‪،‬‬
‫فأرجوكم اإلسراع بالجواب على هذا‪ ،‬والسًلم‪.‬‬
‫برقية من اإلمام إلى الملك‬
‫بتاريخ ‪ 15‬رمضان ‪1352‬هـ‪1934/‬م‬
‫بعد تحرير الربقية بتاريخ ‪ 15‬رمضان‪ ،‬وصل الولد سيف اإلسًلم بعض‬
‫(الربنز) رصاص المدفع الذي كان حارب أصحابنا به يف نجران‪ ،‬وأنه تقرر به‬

‫«جماع»‪ ،‬وتنقسم‬
‫(‪َ )1‬ص ْعدَ ة‪ :‬مدينة يمنية مشهورة‪ ،‬تقع يف شمال صنعاء‪ ،‬وكانت يف الجاهلية تسمى ُ‬
‫قبائلها إلى خمسة أقسام‪َ :‬صحار (سحار)‪ُ ،‬جماعة‪ ،‬همدان‪َ ،‬خوالن‪ ،‬رازح‪ .‬انظر‪ :‬الهمداين‪ ،‬صفة‬
‫جزيرة العرب‪( ،‬ص‪ ،)115‬الحموي‪ ،‬معجم البلدان‪ ،)188/5( ،‬الحجري‪ ،‬مجوع بلدان‬
‫اليمن‪ ،)467/3( ،..‬المقحفي معجم البلدان‪.)907/1( ،..‬‬
‫‪336‬‬

‫تقرير محاربة جندكم يف حرب عسكرنا الذي بـ (نجران)‪.‬‬


‫وإن المدفع َب َ‬
‫ان مع الجيش فوق الحصينية(‪ ،)1‬وما له علم بما صار بيننا‬
‫أيضا َّ‬
‫أن جنودكم موجودة مع (يام)‪ ،‬وأنه‬ ‫وبين حضرتكم من المراجعة‪.‬وأفاد ً‬
‫قد أمر بعزم بعض عسكر إلى حدود (بني مالك) و(فيفا)‪.‬‬
‫تحذيرا عن الحادث‪ ،‬وأوضحنا له ما يدور بيننا وبين‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وحاال كتبنا له‬
‫حضرتكم من المراجعة الودية‪ ،‬فأردنا هبذا إعًلن حضرتكم ال يدخل ببالكم‪،‬‬
‫و ُك ُّل ٍ‬
‫أمر من جهتنا هو يف اليد‪ ،‬والسًلم‪.‬‬
‫برقية جوابية من الملك إلى اإلمام‬
‫بتاريخ ‪ 17‬رمضان ‪1352‬هـ‪1934/‬م‬
‫أخي‪ :‬وصلتنا برقيتكم المؤرخة ‪ 15‬رمضان سنة ‪ 52‬منتصف ليلة ‪17‬‬
‫منه‪ ،‬تذكرون فيها من قبل الجند الذي أرسل من نجلكم إلى جهة (فيفا) و(بني‬
‫مالك)‪َّ ،‬‬
‫وأن هذا بعد حادث (نجران)‪ ،‬أخي عافاكم اهلل‪ ،‬إن هذا قد أخربتكم‬
‫به قبل مسألة نجران‪ ،‬وقد أخربتمونا أن بعض أصحابكم أرسل لـ (بني مالك)‪،‬‬
‫أيضا‪ ،‬وقد شرحنا لكم بربقيتنا بتاريخ‬
‫ثم أخربتمونا أنكم أرسلتم لـ (العبادل) ً‬
‫‪ 17‬منه ما يلزم‪.‬‬

‫(‪ )1‬تقع الحصينية‪ :‬قرب مصب وادي حبونا‪ ،‬وهي تقع على الخط العام الذي يتجه من نجران إلى‬
‫الرياض وتبعد من نجران ‪58‬كم وعن حبونا حوالي ‪45‬كم‪.‬‬
‫‪337‬‬

‫إيضاحا بأننا نعوذ باهلل‪ ،‬ونربأ إليه من الحرب وتبعاهتا‪،‬‬


‫ً‬ ‫واآلن نزيدكم‬
‫ٍ‬
‫جهات‪ ،‬وكتب اإلدريسي التي‬ ‫وإننا نحب السلم‪ ،‬ولكن سوق الجند من‬
‫تحرض الناس على الفتنة ليقع األمر بيننا وبينكم‪ ،‬فًل يسعنا إزاء ذلك إال‬
‫الدفاع‪.‬‬
‫فإن كان لحضرتكم رغبة يف الصلح والسلم‪ ،‬فاعملوا له‪ ،‬أو يرجع الجند‬
‫منا ومنكم ألماكنه‪ ،‬وتتم المراجعة بيننا وبينكم يف الحال الذي يصلح للجميع‪،‬‬
‫وإن كان القصد الكًلم بيننا وبينكم يف مسألة (نجران) ال يحصل إال من طريق‬
‫صالحا‪ ،‬ويحصل منه أمران‪:‬‬
‫ً‬ ‫أمرا‬
‫التهديد‪ ،‬فهذا ال ينتج ً‬
‫‪1‬ـ هتيج خواطر العالم‪.‬‬
‫‪2‬ـ ما يخفاكم حالتنا أننا ما نعطي السلم إال مع السلم‪ ،‬وإنه إذا وقع‬
‫التهديد‪ ،‬فإننا نبذل فيه المال والنفس‪.‬‬
‫وإين أدخلكم على اهلل‪ ،‬ثم أدخلكم عليه‪ ،‬ثم أحملكم مسئولية الحرب‪،‬‬
‫أمام اهلل‪ ،‬ثم أمام العالم عن الوقوع يف هذا َّ‬
‫الش ِّر الذي ال نؤمله من حضرتكم‪.‬‬
‫قد سبق أن تركنا جميع ما يقال‪ ،‬ونحن نرى الحقيقة ونكذهبا‪ ،‬وثو ًقا باهلل‪،‬‬
‫ثم بوعودكم وعهودكم‪.‬‬
‫فإن كان القصد من هذه الحركة نشوب الحرب‪ ،‬فقد بلغ األمر منتهاه‪،‬‬
‫وإن كان القصد السلم‪ ،‬فطريق السلم كما عرفناكم‪ ،‬واهلل يحفظكم‪.‬‬
‫‪338‬‬

‫برقية من اإلمام إلى الملك‬


‫بتاريخ ‪ 15‬رمضان ‪1352‬هـ‪1934/‬م‬
‫تلقينا برقية األخ المؤرخة ‪ 8‬رمضان ‪1352‬هـ‪1934/‬م‪ ،‬وكذلك الثانية‬
‫تم‪ ،‬فًل نكذبكم‪ ،‬واإلفادة عما كان‬
‫بالتاريخ المذكور‪ ،‬وحمدنا اهلل على ما قد َّ‬
‫يف (نجران)‪ ،‬وقد انحلت العقدتان؛ األدارسة‪ ،‬والمعاهدة المشتملة على‬
‫الحدود‪ ،‬وهلل الحمد‪ ،‬ولم يبق إال ما أفاد به األخ العزيز من ترك بًلد (يام) يف‬
‫ٍ‬
‫ألحد عليها‪ ،‬وليعلم‬ ‫ٌ‬
‫مشكل علينا مع كوهنا يمنيةً‪ ،‬وال والية‬ ‫الحياد‪ ،‬وذلك‬
‫خصوصا بيننا وبينكم‪ ،‬وليس‬
‫ً‬ ‫األخ العزيز أننا أحرص للمحافظة على السلم‪،‬‬
‫لنا إرادة ألقل أو أدنى عدوان وشقاق بيننا وبينكم‪ ،‬وراء أهل (المخًلف)‬
‫وغيرهم‪ ،‬وال نقول فيها كما قلتم يف (نجران)! بل نقول‪ :‬نحن من عونكم‬
‫لتسكين روعتهم كما تحبون‪ ،‬وإنما الخشية معنا من انخداعكم (للداعي)‬
‫وأعوانه الذي أنبأتم أنه ليس وبينه وبينكم رابطة دينية‪ ،‬وال طمع لحضرتكم‬
‫فيهم‪ ،‬ويف قبضنا زمام (يام) نوع لما أشار إليه األخ من حقن الدماء‪ ،‬ومنع‬
‫العدوان بين (يام)‪ ،‬وبين غيرهم‪.‬‬
‫فليتفضل األخ ‪-‬حرسه اهلل‪ِ -‬‬
‫باإليضاح للنهاية‪ ،‬وهل سيكون سحب‬
‫الجند من بًلد (يام) َطو ًعا أو ً‬
‫كرها‪ ،‬مع عدم الموجب لذلك‪ ،‬موافق ًة لغرض‬
‫(الداعي)(‪ )1‬وأعوانه‪ ،‬أم سيرجح األخ الصداقة بيننا وبين حضرتكم َوإن ك َِر َه‬

‫(‪ )1‬الداعي‪ :‬هو المكرمي‪.‬‬


‫‪339‬‬

‫ونحب ونتمنَّى ذلك‪ ،‬وإن كان األخ يسعى‬


‫ُّ‬ ‫رجح‬ ‫(الداعي) وأعوانه‪ ،‬كما ُن ِّ‬
‫للسلم ورفع األحقاد‪ ،‬فنحن ُن َهر ِول إليه هرولةً‪.‬‬
‫أحب الشقين‪.‬‬
‫وتفضلوا بسرعة اإلفادة لحل هذه المادة الثالثة َّ‬
‫َّ‬
‫وقد بلغ إلينا عزم بعض عسكر من (رازح) إلى (العبادل)‪ ،‬وبعد أن شاع‬
‫مشاركة جندكم و(يام) يف مهاجمة (نجران)‪.‬‬
‫وقد كررنا ما يلزم‪ ،‬وعلى الجملة فًل ترون من جهتنا أدنَى ميل إلى‬
‫بعض أصحابنا أعمال الدفاع لما يبلغ إليه من تبادل‬
‫الشقاق‪ ،‬وإنَّما يعمل ُ‬
‫جيوشكم‪ ،‬والسًلم‪.‬‬
‫برقية جوابية من الملك إلى اإلمام‬
‫بتاريخ ‪ 17‬رمضان ‪1352‬هـ‪1934/‬م‬
‫تلقينا برقيتكم المؤرخة ‪ 13‬رمضان ‪ 52‬ليلة ‪ 17‬منه‪ ،‬أما حبكم للسلم‬
‫مرارا‪.‬‬
‫نحب ذلك مثلكم‪ ،‬وقد كررناه عليكم ً‬
‫ُّ‬ ‫والراحة‪ ،‬فنحن‬
‫توضيحا تا ًّما ساب ًقا والح ًقا‪،‬‬
‫ً‬ ‫وضحنا لكم َأمرها‬
‫أما مسألة (نجران)‪ ،‬فقد َّ‬
‫ص من جهة الحركة األخيرة التي صارت‪ ،‬وأخربناكم أننا منعناها‪،‬‬ ‫وعلى َ‬
‫األخ ِّ‬
‫وأقسمنا لكم باهلل أننا ما رضيناها‪ ،‬وال علمنا هبا‪ ،‬ولكن ماذا نقول‪ :‬إذا كان‬
‫أصحابكم يحركون الفتنة يف (بني مالك) وتسوقون جندً ا عليه‪ ،‬وبعض‬
‫أصحابكم يسيرون جندً ا عليه‪ ،‬وبعض أصحابكم يسيرون جندً ا من (رازح)‬
‫على أطراف (العبادل)‪ ،‬فهذا يعترب َّ‬
‫أن الكًلم ضاع‪ ،‬وأنكم قد أعلنتم الحرب‬
‫‪340‬‬

‫وبدأ ُتم به‪ ،‬وهذا الذي كان يحذرنا الناس منه‪ ،‬وكانوا يؤكدون لنا أنكم عازمون‬
‫أن الكًلم الذي بيننا وبينكم مخادعة‪ ،‬ولكن ديننا وشيمتنا َأبت علينا َأن‬
‫عليه‪َّ ،‬‬
‫نقبل ذلك‪ ،‬وإنما قبلنا عهود األخ‪ ،‬ورضينا باهلل ر ًّبا‪.‬‬
‫وجاء الفعل األخير مصدِّ ًقا لما قاله الناس‪ ،‬ولم َ‬
‫يبق يف اليد حيلة‪ ،‬فإن‬
‫كان األخ صاد ًقا يف قوله‪ ،‬فليمنع جميع الحركات‪ ،‬وليبعد الجند إلى آخر د ٍ‬
‫رجة‬ ‫َ‬
‫من الحدود‪.‬‬
‫فإن كانت المراجعة‪ ،‬ستكون وجندكم تمشي‪ ،‬واإلدريسي يكتب‬
‫أمر ال يرضاه اهلل‪ ،‬وال تقبله‬
‫ويحرك‪ ،‬كما رأينا كتبه ألهل المقاطعة‪ ،‬فهذا ٌ‬
‫األمر والقصد إغفالنا‪ ،‬وأنتم عازمون على ما عزمتم‬
‫ُ‬ ‫النفوس الطيبة‪ ،‬فإن كان‬
‫عليه‪ ،‬فًل نقول إال « حسبنا اهلل ونعم الوكيل ـ يا مالك يوم الدين‪ ،‬إياك نعبد‬
‫وإياك نستعين»‪.‬‬
‫برقية جوابية من اإلمام إلى الملك‬
‫بتاريخ ‪ 24‬رمضان ‪1352‬هـ‪1934/‬م‬
‫تلقينا برقية األخ الثالثة المؤرخة ‪1352/9/17‬هـ‪1934/‬م‪ ،‬وحمدنا‬
‫اهلل‪ ،‬فقد آنَسنَا منها السًلم‪ ،‬وعز اإلسًلم والمسلمين‪ ،‬ذلك ما كنا نبغي‪ ،‬والذي‬
‫ُكنَّا نؤمله من حضرتكم‪ ،‬ويف الحقيقة يا حضرة األخ العزيز ما كان يوجب‬
‫الحشد والتجهيز‪ ،‬وإنما هي نزغة شيطانية ال رحم اهلل َمن نزغها‪ ،‬وك َّلفكم‬
‫وأغراكم‪ ،‬وعلى كل ٍ‬
‫حال فنحن كما تحبون‪ ،‬وال تجدون منا غير حسن اإلخاء‬
‫‪341‬‬

‫ً‬
‫وحاال كتبنا إلى ولدنا سيف اإلسًلم‪ ،‬وأعلمناه بإفادتكم‬ ‫يف الشدة والرخاء‪،‬‬
‫الكريمة‪ ،‬ومنعناه من كل حركة وعدوان وتجاوز‪ ،‬فتفضلوا بينوا وقت اجتماع‬
‫المندوبين بـ (م ِ‬
‫يدي) أو غيرها حيث ما ترونه لربط المعاهدة األخوية الدينية‬ ‫َ‬
‫والدنيوية الشاملة لجميع األطراف‪ ،‬وسيكون رفع كل األجناد من لدينا‪ ،‬ومن‬
‫لدن حضرتكم‪ ،‬والتعويل على حضرتكم يف العفو العام المطلق‪ ،‬والتأمين‬
‫معرة جيوشكم من (العبادل)‬ ‫الشريف الشامل ِّ‬
‫لكل من تمايل إلينا من خوف َّ‬
‫و(بني ملك) ونحوهم؛ لسكون روعتهم‪ ،‬وزوال إفزاعهم‪ ،‬فهم يف غاية‬
‫الخوف والوجل‪.‬‬
‫ٍ‬
‫هارب من (المخًلف) إلى مساكنهم‪ ،‬مع تطمينهم‬ ‫وحين عودة ِّ‬
‫كل‬
‫بالعفو واألمان‪ ،‬وإرجاعهم فيما كانوا فيه قبل الثورة (اإلدريسية)؛ لتسكن‬
‫ٌ‬
‫مجال‪.‬‬ ‫بذلك جميع األمور‪ ،‬وال يبقى للشيطان والعدوان‬
‫ولقد بلغ إلينا ما ال نحكم بصدقه أن بعض أمرائكم أعلن بكفر‬
‫(العبادل)‪ ،‬واستحًلل دمائهم وأموالهم ونسائهم وأوالدهم‪ ،‬ومثل هذا الحق‬
‫بغي ولو فرضنا صحة ذلك‪.‬‬
‫وسيكون ‪-‬إن شاء اهلل‪ -‬توقيع المعاهدة منا ومن حضرتكم‪ ،‬ونشرها يف‬
‫الجرائد كما ذكرتم‪ ،‬وسبحان اهلل! ما أحلى نشرها لدى ذوي الديانات‬
‫اإلسًلمية‪ ،‬وأكثر سرورهم‪ ،‬واستغراهبم وتعجبهم لذلك مما كانت تنسجه‬
‫أيدي االفرتاء‪.‬‬
‫‪342‬‬

‫ً‬
‫وتطوال وامتنانًا‪ ،‬حسن نظركم يف شأن (يام)‪ ،‬وقد‬ ‫وفضًل وإحسانًا‬
‫ً‬
‫وضحنا لكم بما ال يبقى معه اشتباه‪ ،‬فًل شك وال ريب يف ارتفاع المحذور‪.‬‬
‫وال خير يف تأخير الكًلم يف ذلك‪ ،‬وأساس تبدُّ د المراجعات إبقاء ٍّ‬
‫محل‬
‫لتشويش األفكار‪ ،‬وبذر األشرار‪ ،‬ما يحصل معه إال الشكوك واألوهام‪ ،‬وال‬
‫خافية على حضرتكم‪( ،‬ﭯ‬ ‫ٍ‬ ‫تنخدعوا (للداعي)‪ ،‬فحقيقة أمورهم غير‬
‫ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ )‪ ،‬ومن‬
‫العجائب أن والي عدن أخرب قبل أمس السبت أهنا وصلت برقية من (عدن)‬
‫بأنه كانت المعاهدة بيننا وبين حضرتكم‪ ،‬ويبارك لنا بذلك‪ ،‬والسًلم‪.‬‬
‫جواب الملك إلى اإلمام‬
‫بتاريخ ‪1352/9/25‬هـ‪1934/‬م‬
‫وسرنا ما قد أوضحتموه‪ ،‬وعلى‬
‫تلقينا برقية األخ المؤرخة ‪َّ 52/9/23‬‬
‫األخص ما رجوتم من كبت المفسدين‪ ،‬وإنا نرجو أن يكبت اهلل أعداء الدين‪،‬‬
‫أيضا ما تفضلتم به من محبتكم حسن اإلخاء يف الشدة‬
‫ويعلي كلمته‪ ،‬وقد سرنا ً‬
‫أيضا من إخباركم‬
‫تفضلتم به ً‬
‫وإن ما َّ‬ ‫والرخاء‪ ،‬وال غرو فأنتم ٌ‬
‫أهل لذلك‪َّ ،‬‬
‫نجلكم الكريم بمنع العدوان‪ ،‬وطلبتم منا العفو عن المفسدين من (بني مالك)‬
‫و(العبادل)‪.‬‬
‫يعلم األخ ‪-‬وهلل الحمد‪َّ -‬‬
‫أن العفو من شيمتنا‪ ،‬وقد سبق لعقًلء تلك‬
‫األطراف أن أخربونا بالواقع‪ ،‬وطلبوا منَّا المحافظة التا َّمة قبل أن يقع شي ٌء‪.‬‬
‫‪343‬‬

‫باال‪ ،‬هذا من ٍ‬
‫جهة‪،‬‬ ‫ولكن وثو ًقا باهلل‪ ،‬ثم بعهود األخ ووعوده ما ألقينا ً‬
‫ٍ ٍ‬
‫ومن جهة ثانية‪ ،‬لم ن ََشأ أن يكون ذلك سب ًبا الشتباك ِّ‬
‫الشر‪ ،‬فمن أجل ذلك فإننا‬
‫ممنونون‪ ،‬والجهال جهلهم على أنفسهم‪ ،‬وهم ال أهمية لهم‪ ،‬بحوله تعالى يف‬
‫أمر ُير َجى أو يخاف‪ ،‬إنما هم همج رعاع ال َين َفعون من لجأوا إليه‪ ،‬وال يضرون‬
‫من تركوه‪ ،‬وكما قيل‪« :‬من خان لك‪ ،‬خان بك»‪ ،‬وإنما يكربهم السمعة‪،‬‬
‫وظهور التداخل بالشؤون الداخلية الذي يفرح األعداء‪ ،‬ويشمئز منه صاحب‬
‫الشرف‪ .‬ومن أجل ذلك فنحن قد عفونا عما وقع من جهالهم وسفهائهم‪،‬‬
‫فنرجوكم منع التداخل‪ ،‬وإبعاد الذين أمدوهم من جماعتكم عنهم حتى يكون‬
‫للعفو ٌّ‬
‫محل‪ ،‬وتزول الشبهة‪.‬‬
‫وهبذه المناسبة‪ ،‬نخرب األخ أنه لما وقعت هذه الحوادث األخيرة‪ ،‬أتتنا‬
‫أخبار من (عدن) وغيره تنبئ بفرحة األعداء‪ ،‬وكآبة المحبين‪ ،‬وكان لذلك وقع‬
‫ٌ‬
‫سيئ يف (نجد) حتى أشكل األمر على أخيكم‪ ،‬وساء الظن‪.‬‬
‫وكان ولدنا (سعود) ولي العهد سار إلى ( َأبها) على السيارات قبل‬
‫وصول برقيتكم األخيرة بثًلثة أيام‪ ،‬وكان تجهيز االبن (فيصل) من (الحجاز)‬
‫ليسير بطريق الساحل ببعض القوات التي عنده‪ ،‬ونَبرأ إلى اهلل أن يكون ذلك‬
‫مِنَّا ُح ًّبا يف الفتنة‪ ،‬أو ح ًّبا يف التوغل يف الحرب‪ ،‬وإنما هو محافظ ًة على الغريزة‪،‬‬
‫ومقابل ًة لتلك المفاجأة‪.‬‬
‫وبعد ورود برقيتكم األخيرة‪ ،‬تمكنَّا من إدراك سير االبن (فيصل) من‬
‫‪344‬‬

‫نظرا للمواصًلت الربقية بيننا وبينه‪ ،‬وأرجعناه إلى محله‪ ،‬وأما‬


‫(الحجاز) ً‬
‫فنظرا لعدم وجود مواصًلت الربقية بيننا وبينه‪ ،‬لم نتم َّكن من‬
‫ً‬ ‫(سعود)‬
‫إرجاعه‪ ،‬إذ يكون اليوم يف (بيشة)‪.‬‬
‫ألهم َّيته‪ ،‬بل نأسف على‬
‫أخيرا كان له وقع سيئ‪ ،‬ال ِّ‬ ‫والحقيقة‪َّ :‬‬
‫إن ما وقع ً‬
‫االختًلف الذي ظهر من الحصن العزيز الذي هو حضرتكم‪ ،‬إذ زعزع الثقة‬
‫بالوعود التي كانت تصدر منكم‪ ،‬ولكن بعد ورود برقيتكم األخيرة‪ ،‬هدأت‬
‫الخواطر‪ ،‬ورجونا َأن تكون األمور عادت إلى مجاريها القديمة‪ ،‬إن شاء اهلل‪،‬‬
‫أما من قبل المندوبين فنحن نرحب هبم‪ ،‬ويرى أخوكم أن يكون اجتماعهم يف‬
‫(أهبا) ألمرين‪:‬‬
‫نظرا لوجود ولي عهدنا فيها‪.‬‬
‫األول‪ً :‬‬
‫الثاين‪ :‬لتوفر المواصًلت يف (أهبا) مع الوفد‪.‬‬
‫فنرجوكم قبول اقرتاحنا هذا‪ ،‬وتعيين الوقت الذي يصل فيه وفدكم حتى‬
‫نعين فيه وفدنا لمقابلتهم‪ ،‬ونرجوكم تعجيل ذلك‪.‬‬
‫ثم نعرض لحضرتكم أمرين‪:‬‬
‫ظاهرا وباطنًا‬ ‫األول‪ :‬كونوا على ٍ‬
‫ثقة باهلل أن ما كنَّا عليه من حب السلم‬
‫ً‬
‫ال نزال عليه‪ ،‬وال نعلم أننا أمرنا بخًلف ذلك‪ ،‬ونربأ إلى اهلل منه ما لم يقع ما ال‬
‫نعذر فيه‪ ،‬ونربأ إلى اهلل من أن نأمر بأم ٍر يخالف ذلك‪.‬‬
‫والثاين‪ :‬إذا رأى حضرتكم أنه متى وقع المطلوب ‪-‬إن شاء اهلل‪ -‬من‬
‫‪345‬‬

‫السلم والراحة كما نرجو وترجون‪ ،‬فنرى أن ننتهز الفرصة بوجود األخوين من‬
‫ٍ‬
‫بعض‪ ،‬كي يجتمعا بعد ذلك للتعارف والتعاهد‬ ‫أولياء العهد قري ًبا بعضهم من‬
‫فيما بينهما من دون ُّ‬
‫الش َّيب‪ ،‬ونرى أن هذه الفرصة من التوفيق إن شاء اهلل‪ ،‬أما‬
‫من جهة (يام) فقد وضحنا لحضرتكم ساب ًقا َّ‬
‫أن (يام) ما هتمنا مسألتهم‪،‬‬
‫عاجًل ِ‬
‫وآج ًًل‪.‬‬ ‫ً‬ ‫والم ِه ُّم حفظ الصالح‪ ،‬وعدم االختًلف‬
‫ُ‬
‫ورجاؤنا أن ذلك ُّ‬
‫يحل بين المندوبين بما يرضي الجميع‪ ،‬وتطمئن به‬
‫الخواطر إن شاء اهلل‪ ،‬ونسأل اهلل أن يحفظنا وإياكم‪ ،‬ويعيذنا من شرور أنفسنا‪،‬‬
‫وسيئات أعمالنا‪ ،‬ويؤيد اإلسًلم والمسلمين بحوله وقوته‪.‬‬
‫برقية من اإلمام إلى الملك‬
‫(‪)1‬‬
‫بتاريخ ‪ 24‬رمضان ‪1352‬هـ‪1934/‬م‬
‫يف يومنا هذا وصل من ولدنا سيف اإلسًلم أهنا تكاثرت الجيوش مع‬
‫(يام) والمدافع‪ ،‬وهاجموا عسكرنا الذي يف (نجران) بغاية الشدة‪ ،‬وكان ما‬
‫كان‪ ،‬ووصل من الولد عبداهلل بن الوزير‪ ،‬من ( َعبس) َّ‬
‫أن جيوشكم ال زالت‬
‫تتكاثر إلى (المخًلف) حتى تشوش األفكار‪ ،‬وكنا أبرقنا إلى الولد عبداهلل بن‬
‫أحمد الوزير‪ ،‬وأرسلنا كتا ًبا إلى سيف اإلسًلم بمعنى ما عرفناكم‪ ،‬وقد أكَّدنا‬
‫فتفضلوا بتأكيد األمر إلى أمرائكم‪ ،‬والسًلم‪.‬‬
‫ما كتبناه إليهم اآلن‪َّ ،‬‬

‫(‪ )1‬المصدر‪ :‬كتاب‪ :‬المخًلف السليماين‪ ،‬للعقيلي‪ ،)1092 /2( ،‬وكتاب‪ :‬ابن ماضي‪( ،‬ص‪.)202‬‬
‫‪346‬‬

‫جواب الملك إلى اإلمام‬


‫بتاريخ ‪ 25‬رمضان ‪1352‬هـ‪1934/‬م‬
‫تل َّقينا برقية األخ المؤرخة ‪ 24‬رمضان سنة ‪1352‬هـ ‪1934‬م الذي تذكر‬
‫ٍ‬
‫تكذيب‬ ‫فيها ما وصلكم من نجلكم العزيز عن (نجران)‪ ،‬ونؤكد عليكم من غير‬
‫أن ما وصله ال َأصل له‪ ،‬لم تزد القوة منذ أشهر‪ ،‬وال جندي واحد‪،‬‬
‫لًلبن الكريم َّ‬
‫وال مدفع‪ ،‬وال شيء من القوة‪ ،‬ونحن لم تنقطع أوامرنا عليهم يف الصباح ويف‬
‫المساء بمنع أي عدوان(‪.)1‬‬
‫وما ذكره عبداهلل بن أحمد الوزير‪ ،‬فقد يكون له شي ٌء من الصحة‪.‬‬
‫إذ إنه بعدما وقعت حادثة (العبادل) وحوادث (بني مالك)‪ ،‬لم يكن‬
‫هناك ُبد من اتخاذ األُه َبة للدفاع‪ ،‬فكان تقدم (الشويعر) إلى (صامطة) وبعض‬
‫الجند إلى (المضايا)‪.‬‬
‫وأمرنا بوضع قوة يف (أبي عريش) وقوة يف (الحسينية) كلها استعداد‬
‫للطوارئ‪ ،‬وحصل من ذلك يف (نجد) َر َّجة دعت ُق َوى (نجد) للتحرك من‬
‫أماكنها‪.‬‬
‫وكان االبن (سعود) قد تقدمها يف السيارات‪ ،‬كما أخربناكم بربقيتنا‬
‫البارحة‪ ،‬وكل ذلك قبل وصول برقيتكم األخيرة المؤرخة ‪ 52/9/23‬وبعد‬

‫(‪ )1‬وزارة الخارجية السعودية‪ :‬بيان عن العًلقات‪( ،‬ص‪ ،)118‬العقيلي‪ ،)1092/2( ،‬ابن ماضي‪،‬‬
‫(ص‪.)202‬‬
‫‪347‬‬

‫ٍ‬
‫حركة‪ ،‬وتسكين األمور لحدٍّ‬ ‫أن تلقيناها‪ ،‬أصدرنا األوامر المشددة بتوقف كل‬
‫ال يعلم منتهاه إال اهلل‪.‬‬
‫ٍ‬
‫جًلء ووضوحٍ ‪ ،‬وإننا نؤكد عهد اهلل‬ ‫هذا الواقع شرحناه لألخ ِّ‬
‫بكل‬
‫ٍ‬
‫اعتداء‪ ،‬وال يمكن أن نخالف‬ ‫أي‬
‫وميثاقه‪ ،‬عهد مسلم عربي‪ ،‬أنه وما يكون منَّا ُّ‬
‫ؤخ ًرا‪ ،‬وقد أكَّدنا على سائر األمراء‪ ،‬فتفضلوا باألم ِر‬
‫الوعد الذي اتفقنا عليه ُم َّ‬
‫بإرجاع من وصل (بني مالك) من قبلكم‪.‬‬
‫ٍ‬
‫حركة على الحدود إلى أن تنتهي المشكلة التي نربأ‬ ‫وكذلك بتوقيف كل‬
‫إلى اهلل من شرورها‪ ،‬ونحن لم نرسل االبن (سعود) إال ليكون أشدَّ يف منع أي‬
‫عدوان وتجاوز يقع يف أي ٍ‬
‫جهة من الجهات‪ ،‬ويسعى يف توطيد الصداقة بيننا‬
‫وبينكم‪ ،‬فكونوا واثقين باهلل من جهتنا‪.‬‬
‫ورجاؤنا أن تعجلوا أمركم ألمرائكم يف الحدود بسحب ما بعثوا به‬
‫لداخل بًلدنا‪ ،‬كما نرجو تعجيل أمر المندوبين‪ ،‬ونسأل اهلل أن يوفقنا وإياكم‬
‫لحقن دماء المسلمين يف هذه العشر المباركة من رمضان‪ ،‬والسًلم‪.‬‬
‫برقية من اإلمام إلى الملك‬
‫بتاريخ ‪ 29‬رمضان‬
‫وسرنا كل ما‬
‫تلقينا برقيتكم المؤرخة ‪25‬و‪1352/9/26‬هـ‪1934/‬م‪َّ ،‬‬
‫اشتملت عليه وهلل الحمد والمنة‪ ،‬وعجبنا جدًّ ا لما رفعه ولدنا سيف اإلسًلم‬
‫من خصوص الزحف على عسكرنا يف (نجران)‪ ،‬والضرب بالمدفع‪ ،‬وحصول‬
‫‪348‬‬

‫سمى لنا بعض المقاتلين من الزاحفين‪ ،‬وعلى كل‬


‫القتل من الطرفين‪ ،‬حتى َّ‬
‫ٍ‬
‫حال فقد زال المحذور‪ ،‬وارتفعت ‪-‬إن شاء اهلل‪ -‬جميع الشرور‪.‬‬
‫ورغب ًة يف موافقة اقرتاحكم ال بأس من أن يكون اجتماع المندوبين يف‬
‫(أهبا) كما ذكرتم‪ ،‬وقد رأينا أن يكون رأس المندوبين من لدينا الولد عبد اهلل‬
‫الوزير‪ ،‬وقد طلبناه إلينا‪ ،‬وسيعزم من هنا بعد عيد اإلفطار‪ ،‬بطريق (صعدة)‪،‬‬
‫وسنعرفكم بيوم عزمه من صنعاء‪.‬‬
‫أخطرنا اآلن برق ًّيا إلى الولد عبد اهلل بن أحمد الوزير أن يخطر َمن بمعيته‬
‫كة‪ ،‬وكتبنا إلى ولدنا سيف اإلسًلم بمعنى ما‬ ‫بالوقوف المطلق‪ ،‬ومنع ُك ِّل حر ٍ‬
‫ََ‬
‫أشرتم إليه أن يرسل من لديه من (بني مالك)‪ ،‬و(العبادل)‪ ،‬ومن إليهم من‬
‫ُي َس ِّكن روعهم‪ ،‬و ُيعلمهم من أنه قد كان من حضرتكم العفو المطلق‪ ،‬واألمان‬
‫وتفضلوا بإرسال رقم العفو واألمان إلى ولدنا إلطابة نفس‬
‫َّ‬ ‫الكامل‪،‬‬
‫خصوصا من إحاطة جندكم هبم‪ ،‬وال لوم‬
‫ً‬ ‫ٍ‬
‫عظيم‪،‬‬ ‫المحدثين‪ ،‬فهم يف وج ٍل‬
‫عليهم‪ ،‬مع ما كان منهم‪ ،‬وإحاطة األجناد هبم‪ ،‬وعلى كل ٍ‬
‫حال فلم يبق غير‬
‫حسن النظر يف جرب خواطرهم‪ ،‬ورفع خيفتهم‪ ،‬وعودهم إليكم بسًلمٍ‪ ،‬ويدنا‬
‫ويدكم اآلن واحدة‪ ،‬وال التفات إلى كل ما حدث من األشرار‪ ،‬وال ُبدَّ من‬
‫التعويض على حضرتكم يف شأن بًلد (يام)‪ ،‬وقد أوضحنا لكم ما تطيب به‬
‫نفوس‪ ،‬وفيما بين (يام) وبين المجاورين لهم من القبائل كما عرفناكم ساب ًقا‬
‫ٌ‬
‫بما تحبون‪ ،‬إن شاء اهلل‪.‬‬
‫‪349‬‬

‫نعم عافاكم اهلل بعد كتابة هذا وصل من ولدنا أنه بلغ إليه وصول أربعة‬
‫(مواتر) إلى (نجران)‪ ،‬وال نظن صدق الناقل إلى ولدنا‪ ،‬مع ما أكَّدتم من المنع‪،‬‬
‫وتفضلوا بعطف النظر إلى معرفة الحقائق والسًلم‪.‬‬
‫الوفــــد اليمني‪:‬‬
‫آخر ما تم التوصل إليه‪ ،‬وأوضحته الربقيات المتبادلة‪ ،‬من الوجهة‬
‫السياسية الموافقة على وفدين؛ سعودي ويمني‪ ،‬يكون اجتماعهما يف «أهبا»‬
‫للنظر يف المواضيع المعلقة‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫موضوع نجران ‪-‬الحدود‪ -‬معاهدة لمدة عشرين سنة ـ كف التدخل‪.‬‬
‫وكما مر بالقارئ الكريم يف برقية اإلمام األخيرة والمؤرخة ‪ 29‬رمضان‬
‫سنة ‪1352‬هـ‪1934/‬م‪ ،‬وأن رئيس وفده عبداهلل بن أحمد الوزير‪.‬‬
‫وبعد عيد الفطر‪ ،‬توجه الوفد اليمني من (صنعاء) صوب صعدة‬
‫لًلجتماع بولي عهد اليمن‪ ،‬والتشاور معه‪.‬‬
‫بتحركه من صنعاء‪ ،‬فأمر بتأليف الوفد السعودي‬
‫ُّ‬ ‫وأشعر الملك برق ًّيا‬
‫المفاوض على الوجه اآلتـي‪:‬‬
‫‪1‬ـ فؤاد حمزة‪.‬‬
‫‪2‬ـ الشيخ عبد اهلل بن زاحم‪.‬‬
‫‪3‬ـ تركي محمد بن ماضي‪.‬‬
‫‪350‬‬

‫‪4‬ـ عبد الوهاب أبو ملحة(‪ ،)1‬مدير مالية أهبا‪.‬‬


‫‪5‬ـ دليم بن محمد بن دليم‪.‬‬
‫وقد وصل الوفد اليمني إلى ظهران الجنوب‪ ،‬وكان يف استقباله الشيخ‬
‫تركي بن محمد الماضي ليرافقه إلى أهبا‪« ،‬وكان ابن الوزير يتظاهر بالقوة‬
‫متغطرسا متكربًا‪ ،‬سيئ‬
‫ً‬ ‫والشجاعة‪ ،‬ووضع األمور يف غير موضعها‪ ،‬وكان‬
‫الخلق‪ ،‬ال يعرف من السياسة شي ًئا‪ ،‬ومع ذلك فليس عنده إخًلص للملكين‪،‬‬
‫ويرشح نفسه لوالية اليمن‪ ،‬وقد سبق لي به معرفة قبل هذه اآلونة‪ ،‬وذلك‬
‫حينما انتدبه اإلمام لمفاوضتنا يف صنعاء عام ‪1346‬هـ‪1928/‬م(‪ ،)2‬ولم يكن‬
‫دليًل على عدم حسن النية من حكومته»(‪.)3‬‬
‫انتدابه إال ً‬

‫رئيسا‬
‫عبدالوهاب بن محمد أبو ملحة‪ُ ،‬ولد يف خميس مشيط عام ‪1303‬هـ‪ ،‬عينه الملك عبدالعزيز ً‬
‫َّ‬ ‫(‪)1‬‬
‫لمالية أهبا وملحقاهتا‪ ،‬ويف عام ‪1342‬هـ ترأس هيئة تعيين الحدود بين المملكة واليمن‪ ..‬وشارك‬
‫يف مهام أخرى كثيرة‪ ..‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬رجال وذكريات‪ ،‬عبدالرحمن بن سبيت السبيت وآخرون‪،‬‬
‫(ص‪.)244 -241‬‬
‫(‪ )2‬بداية المفاوضات مع اإلمام يحيى حميد الدين كانت يف ‪ 13‬ذي الحجة سنة ‪1345‬هـ الموافق‬
‫‪1927/6/3‬م‪ ،‬واستمرت حتى ـ انتهاء الجولة األخيرة ـ التي عقدت يف (أهبا) يف الفرتة من (‪ 5‬ذي‬
‫القعدة ‪1352‬هـ‪ 18 /‬فرباير ‪1934‬م)‪ ،‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬يف السياسة والحرب واإلدارة‪ ،‬د‪ .‬محمد بن‬
‫فيصل أبو ساق‪( ،‬ص‪ ،)325‬وكتاب‪ :‬بيان عن العًلقات بين المملكة العربية السعودية واإلمام‬
‫يحيى حميد الدين‪ ،‬محمد بن عبداهلل آل زلفة‪( ،‬ص‪.)27‬‬
‫(‪ )3‬الكًلم هنا للشيخ تركي بن محمد الماضي أحد أعضاء الوفد السعودي‪ ،‬وتًلحظ عزيزي القارئ‬
‫من كثرة الربقيات المتبادلة بين الملك عبد العزيز واإلمام يحيى‪ ،‬حرص العاهل السعودي على‬
‫=‬
‫‪351‬‬

‫وصول الوفد إلى أبها‪:‬‬


‫أشخاص متوارين تحت شخصية ابن‬ ‫ٍ‬ ‫كان الوفد اليمني يتألف من‬
‫َأن اإلمام نفسه قصد ذلك‪ ،‬فهو لم ُي ِشر يف برقيته إلى الملك‬
‫الوزير‪ ،‬وك َّ‬
‫المؤرخة ‪1352/9/29‬هـ‪1934/‬م بتعيين الوفد إلى أسمائهم‪ ،‬فهو يقول‪:‬‬
‫«رأس المندوبين من لدينا الولد عبداهلل بن الوزير» بدون أن يوضح أسماء‬
‫أولئك المندوبين كما عمل عندما أرسل الوفد يف ‪ 3‬شعبان سنة‬
‫‪1346‬هـ‪1928/‬م‪ ،‬فقد سمى وفده فر ًدا فر ًدا‪.‬‬
‫وصل الوفد مدينة أهبا يف يوم ‪ 2‬ذي القعدة‪ ،‬فاستقبل االستقبال الًلئق‪،‬‬
‫وأنزل يف المنزل المريح‪.‬‬
‫تم االجتماع األول بالمندوب اليماين‪ ،‬ورفع الوفد السعودي الربقية‬
‫وقد َّ‬
‫التالية لجًللة الملك عبد العزيز بتاريخ ‪ 2‬ذو القعدة عام ‪1352‬هـ‪:‬‬
‫اجتمعنا بالوفد اليمني اليوم للسًلم والرتحيب‪ ،‬فكان الحديث عا ًّما‬
‫ٍ‬
‫واحدة‪ ،‬هي الدفاع عن اإلسًلم والعرب‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫لغاية‬ ‫بشأن االتفاق‪ ،‬وإن كان عملنا‬
‫ولم نبحث معهم اليوم شي ًئا بغية راحتهم‪ ،‬وربما يكون االجتماع هبم غدً ا‪ ،‬وقد‬

‫= الصلح واالتفاق‪ ،‬وإهنا الشقاق ولكن اإلمام يحيى يظهر من برقياته أمور أهمها‪ :‬إصراره على‬
‫عدم التخلي عن نجران‪ ،‬كما عمل على توجيه جيوشه إلى بعض المناطق الجبلية واالستيًلء عليها‪،‬‬
‫وهي فيفا‪ ،‬وبني مالك‪ ،‬والعبادل‪ ،‬بينما الجيش السعودي مراب ًطا على الحدود ولم يتقدم على ما‬
‫يليه من األراضي اليمنية‪ ،‬وذلك بأوامر الملك عبد العزيز رحمه اهلل‪.‬‬
‫‪352‬‬

‫تسهيًل‬
‫ً‬ ‫ٍ‬
‫تجربة لفتح المخابرة بالًلسلكي بين (أهبا) و(صنعاء)؛‬ ‫طلبوا عمل‬
‫لتبادل الربقيات‪ ،‬وسنجري ذلك حسب طلبهم‪( .‬توقيع أعضاء الوفد)‪.‬‬
‫(جواب جًللة الملك عبد العزيز لوفده بتاريخ ‪ 4‬ذي القعدة ‪1352‬هـ)‪.‬‬
‫سبيًل‬
‫يتم اهلل ما فيه الخير‪ ،‬وما دام أن هناك ً‬
‫علمنا باجتماعكم‪ ،‬ونرجو أن َّ‬
‫للسلم‪ ،‬فًل تدخرون جميع جهودكم يف سبيل الوصول إليه ما لم يتعدَّ الحد‪،‬‬
‫ويكون هناك ما ضرره أكرب من نفعه‪ ،‬وباهلل ثم بكم الكفاية‪ ،‬وجميع ما عندي‬
‫أبلغتكم به من قبل‪ ،‬أسأل اهلل أن يوفقكم للخير‪.‬‬
‫االجتماع الثاين‪:‬‬
‫يف يوم ‪1352/11/5‬هـ‪1934/‬م عقد االجتماع الثاين بين الوفدين‪،‬‬
‫ودارت المناقشة‪ ،‬وكان رئيس الوفد اليمني عبداهلل بن الوزير متوتر األعصاب‪،‬‬
‫كثير الثرثرة‪ ،‬رفض البحث يف موضوع (نَج َران)‪ ،‬وتمسك الوفد السعودي‬
‫ٍ‬
‫نتيجة‪.‬‬ ‫وانفض المجلس دون‬
‫َّ‬ ‫بضرورة البحث يف تلك القضية‪،‬‬
‫وبخروج الوفد السعودي‪ ،‬وبعد التداول‪ ،‬رفع لجًللة الملك بالنتيجة‪،‬‬
‫ثم تًلها بالربقية اآلتية بتوقيع فؤاد حمزة‪:‬‬
‫جًللة الملك‪...‬‬
‫رفعنا لجًللتكم برقي ًة من الوفد عن جلستنا اليوم‪ ،‬وأوضحنا لجًللتكم‬
‫أننا وجدنا من ابن الوزير ِحدَّ ًة زائدةً‪ ،‬وقد ظهرت هذه الحد ُة منذ دخول‬
‫حدودنا‪ ،‬فقد كانوا يف الطريق يظهرون الغطرسة والعظمة‪ ،‬ويذكرون قوة اإلمام‬
‫‪353‬‬

‫يحيى‪ ،‬وأنه اشرتى كذا وكذا من المدافع والرشاشات‪ ،‬وأنه‪ ،‬وأنه‪ ...‬إلخ‪،‬‬
‫وأشاعوا يف اليمن أنكم تنازلتم عن (نجران) و(يام)‪ ،‬وقد أظهر من الحدة يف‬
‫متظاهرا بأنه يريد االنسحاب من‬
‫ً‬ ‫جلستنا فوق المعروف‪ ،‬وكان يقوم ويقعد‬
‫الجلسة‪ ،‬وإنَّي أنتظر إرشاد جًللتكم فيما ترون‪ ،‬وغدً ا ‪-‬إن شاء اهلل‪ -‬يتب َّين لنا‬
‫الموقف أكثر من أمس(‪.)1‬‬
‫فأجاهبم جًللته بالربقية اآلتية‬
‫بتاريخ ‪1352/11/7‬هـ‪1934/‬م‬
‫ا َّطلعنا على ما كان بينكم وبين الوفد اليمني‪َّ ،‬‬
‫وأن ما أظهره ابن الوزير‬

‫من الحماقة لم يكن َفأ ًال حسنًا للمستقبل‪ ،‬وأنتم سيروا معهم ً‬
‫سيرا حس ًنا‬
‫ٍ‬
‫بأدب‪ ،‬وأخربوهم بأن الشدة‬ ‫مواف ًقا‪ ،‬قابلوا اللين بمثله‪ ،‬والشدة بمثلها‪ ،‬ولكن‬
‫ال تضر يحيى‪ ،‬وال ُت ِذ ُّلنا‪ ،‬وإنما تعرقل المساعي السلمية‪ ،‬وإن كان المقصود‬
‫من قدومهم الصًلح وحفظ الحقوق‪ ،‬فذلك المطلوب‪ ،‬وإن كان األمر غير‬
‫ذلك‪ ،‬فًل يأسف إال فاعل الس ِ‬
‫وء‪ ،‬والعاقبة للمتقين‪ ،‬أملي يف إصًلحهم‬ ‫ُّ‬
‫ً‬
‫حاال أمرت جنودي باالستعداد‪ ،‬فإن حصل الصًلح‪،‬‬ ‫ضعيف‪ ،‬كذلك‬
‫السلم‬
‫قوة إال باهلل‪ ،‬أما ِّ‬
‫فاالستعداد ما به نقص‪ ،‬وإن كان غير ذلك‪ ،‬فًل حول وال َّ‬
‫ٍ‬
‫شيء(‪.)2‬‬ ‫فنحن نحبه‪ ،‬و ُنقدِّ مه على كل‬

‫(‪ )1‬المصدر‪ :‬كتاب‪ :‬المخًلف السليماين‪ ،)1097 ،1096/2( ،‬وكتاب‪ :‬ابن ماضي‪( ،‬ص‪.)206‬‬
‫(‪ )2‬المصدر‪ :‬كتاب‪ :‬المخًلف السليماين‪ ،)1097/2( ،‬وكتاب‪ :‬ابن ماضي‪( ،‬ص‪.)207‬‬
‫‪354‬‬

‫توالي الجلسات‪:‬‬
‫وتوالت الجلسات بين الوفدين‪ ،‬وكان ابن الوزير يف تحامل على فؤاد‬
‫تحامًل شخص ًّيا‪ ،‬وال يتجاوب مع أعضاء الوفد السعودي يف اقتصار‬
‫ً‬ ‫حمزة‬
‫البحث على المواد التي كانت موضع الحوار بين العاهلين‪ ،‬وهي (الحدود)‪،‬‬
‫ورفع التعدي على األقسام التي احتلتها الجيوش المتوكلية‪ ،‬وموضوع‬
‫(نجران)‪ ،‬وإبرام معاهدة أخوية دينية سياسية بين البلدين‪ ،‬مما كان هو الغاية‬
‫صر‬
‫يف اجتماع الوفدين‪ ،‬كما نصت عليه الربقيات المتبادلة‪ ،‬وكان ابن الوزير ُي ُّ‬
‫إصرارا قاط ًعا على عدم البحث يف موضوع (نجران)‪ ،‬أو انسحاب جيشهم منه‪،‬‬
‫ً‬
‫ٍ‬
‫حلقة‬ ‫ٍ‬
‫جلسة من تلك الجلسات التي تدور يف‬ ‫والوفد يرفع بدوره ما كان يف كل‬
‫ص يف موضوع‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬
‫مفرغة نتيج ًة لعدم التجاوب من الوفد اإلمامي‪،‬‬
‫وباألخ ِّ‬
‫(نجران)‪.‬‬
‫ٍ‬
‫جلسة‪ ،‬كان الوفد اإلمامي‬ ‫وكما كان الوفد السعودي يرفع بما دار يف كل‬
‫بدوره يرفع لإلمام‪.‬‬
‫وبتاريخ ‪ 17‬ذي القعدة سنة ‪1352‬هـ‪1934/‬م‪ ،‬ورد للوفد السعودي‬
‫الرسالة اآلتية‪:‬‬
‫َوفدنا الكريم يف أهبا ـ مكة المكرمة يف ‪1352/11/17‬هـ‪1934/‬م‪.‬‬
‫السًلم عليكم ورحمة اهلل وبركاته‪ ،‬أشرفنا على برقية اإلمام يحيى‬
‫لرئيس وفده التي زعم فيها َّ‬
‫أن مسألة (نجران) خلصت بيننا وبينه‪ ،‬وقد سمعنا‬
‫‪355‬‬

‫يف بعض برقياته لنا بعض األلفاظ التي فيها كذلك‪.‬‬


‫وقد تركنا الجدال معه من ًعا للنزاع‪ ،‬ورجاء أنه باجتماع الوفد ُي َح ُّل كل‬
‫ٍ‬
‫شيء مشكل‪ ،‬وبنا ًء على ما أخربتمونا به من كًلم الوفد يف جلساتكم السابقة‪،‬‬
‫وبنا ًء على ما رأيناه يف برقية اإلمام يحيى األخيرة للوفد‪ ،‬ظهر لنا أن األمر على‬
‫ٍ‬
‫بصراحة‪.‬‬ ‫غير ما نظن‪ ،‬لذلك أحببت أن أوضح لكم ما عندي‬
‫أما دعوى َّ‬
‫أن بيني وبين اإلمام يحيى كًل ًما يبيح له التعدِّ ي على‬
‫وكًل‪ ،‬وليس هناك غير الربقيتين اللتين تعلموهنا‪ ،‬وعندكم‬
‫(نجران)‪ ،‬فحاشا َّ‬
‫جواب على برقية وردتنا من (يحيى) حينما قدم‬
‫ٌ‬ ‫نصها‪ ،‬ومضمون األولى أهنا‬
‫ً‬
‫سؤاال أجمل‬ ‫وفد نجران على (ابن مساعد) و(ابن عسكر)(‪ )1‬يف أهبا‪( ،‬فسأل‬
‫فيه بذكر (يام)‪ ،‬ولم يخصص‪ ،‬فتَطمينًا لخاطره‪ ،‬أخربناه بتلك الربقية‪ ،‬ولم‬
‫ٍ‬
‫حركة على (نجران)‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫عدوان أو أية‬ ‫بأي‬
‫يخطر لنا أنه يريد أن يتعدَّ ى ِّ‬

‫(‪ )1‬يقول فؤاد حمزة يف كتابه «يف بًلد عسير»‪ ،‬وكان هو ضمن الوفد المفاوض والممثل للمملكة العربية‬
‫السعودية على حل مشاكل الجنوب‪« :‬لقد أبرق اإلمام يحيى للملك ابن سعود مسرتيبًا من اتصال‬
‫أهل ن جران من اليامية بأمرائه يف عسير‪ ،‬فأراد ابن سعود أن يبعد الريبة بشكل مقبول‪ ،‬فأبرق إليه‬
‫تأولها اإلمام يحيى لمصلحته‪ ،‬وكأنه قرأ فيها تنصل ابن سعود من نجران واليامية‪ ،‬فأمر جنده‬
‫برقية َّ‬
‫بالتقدم الحتًلله‪ ،‬بينما كان وفد ابن سعود يدخل حدود اليمن من جهة هتامة للمفاوضة يف مشروع‬
‫وتم احتًلل نجران فلجأ أهله إلى ابن‬
‫قائًل‪« :‬فشل الوفد يف مهمته‪َّ ،‬‬
‫حلف عربي عظيم»‪ .‬ويستطرد ً‬
‫سعود يطالبونه بحمايتهم وفا ًء بعهده الذي قطعه منذ سنين» (ص‪ )10‬يف بًلد عسير‪ ،‬راجع صفحة‬
‫(‪ )159‬من هذا الكتاب‪ ،‬راجع كتاب‪ :‬نجران الواحة واإلنسان‪ ،‬عبداللطيف طاهر العًلقي‪،‬‬
‫(ص‪.)25‬‬
‫‪356‬‬

‫وقد أفدناه أنَّنا ال نحب المداخلة يف (يام) سوى (نجران)‪ ،‬ومداخلتنا يف‬
‫(نجران) ال للتو ِّلي عليها‪ ،‬إنَّما هي ٌ‬
‫أمور قديم ٌة من آبائنا وأجدادنا عليهم‪َّ ،‬‬
‫وأال‬
‫يكون منهم حركة تحدث على أطراف العربان المجاورين لهم‪ ،‬وال يكون‬
‫عليهم حركة تضرهم‪ ،‬هذا معنى الربقية‪ ،‬ونصها عندكم‪.‬‬
‫إيضاحا يف المسألة‪ ،‬فأجبناه ليكون مطمئن‬
‫ً‬ ‫وقد وردتنا برقي ٌة يستزيدنا‬
‫الخاطر‪َّ ،‬‬
‫وأن العمل بيننا وبينه يف مسألة (نجران) هو على ما كان بين مندوبيه‪،‬‬
‫وبين مندوبنا السابقين (ابن دليم) و(ابن ماضي) يف عام ‪1346‬هـ‪ ،‬ونص تلك‬
‫الربقية عندكم‪ .‬معنى ذلك أن مندوبينا حين ب َّينوا الحدود‪ ،‬وذكروا أن من‬
‫ً‬
‫وشماال لنا‪.‬‬ ‫(وائلة)‪ ،‬وجنو ًبا لـ (يحيى)‪ ،‬ومنها‬
‫والدليل األعظم على تابعية (نجران) لنا يف السابق والًلحق‪ :‬الكتب‬
‫الموجودة بينهم وبين آبائنا وأجدادنا‪ ،‬وسيرتنا معهم(‪.)1‬‬
‫أيضا‪ ،‬ومن زمان (الدرعية)(‪ )2‬إلى اآلن يجري من (أهل نجران) وعليهم‬
‫ً‬
‫حوادث من أهل (نجد)‪ ،‬ولم يعرتض عليها أحدٌ ؛ ال من (الرتك) من قبل‪ ،‬وال‬
‫من (اإلمام يحيى) من بعد‪.‬‬
‫َّ‬
‫وأن (باديتهم) منذ َّ‬
‫والنا اهلل (نجد) ثم (عسير) من بعده‪ ،‬ونحن نأخذ‬
‫الزكاة منهم‪ ،‬فهذا دليل واضح مثل الشمس‪.‬‬

‫(‪ )1‬راجع صفحة (‪ )263-239‬من هذا الكتاب‪.‬‬


‫(‪ )2‬راجع معركة الدرعية صفحة (‪ )98‬من هذا الكتاب‪.‬‬
‫‪357‬‬

‫لما قاتل (عبس) و(والزرانيق)(‪ ،)1‬لم يستفتنا؛‬ ‫الثاين‪َّ :‬‬


‫أن اإلمام (يحيى) َّ‬
‫ألهنم رعيته‪ ،‬ولكن سألنا عن (يام)؛ ألهنم محسوبون علينا‪.‬‬
‫ونحن ظننا أن استفتاء األخ ألخيه‪ ،‬ولم نظن أن وراء الغطاء شي ًئا‬
‫أمرا ُيدَ َّب ُر بليلٍ‪.‬‬ ‫مخبو ًءا‪َّ ،‬‬
‫وأن هناك ً‬
‫ٍ‬
‫بخاف عليكم حالة وفدنا يف‬ ‫ثم أرسلنا له وفدً ا ِّ‬
‫لحل المشكل‪ ،‬وليس‬
‫(صنعاء)‪ ،‬ثم طلب منا اإلمام (يحيى) بعض اإليضاح‪ ،‬وأخربناه بأن الذي‬
‫عندنا ثًلث مسائل‪:‬‬
‫األولى‪ :‬مسألة الحدود‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬مسألة نجران‪.‬‬
‫الثالثة‪ :‬مسألة األدارسة لتسليمهم أو إبعادهم عن الحدود‪.‬‬
‫وكان منه بعض االستفهام يف المسألة‪ ،‬واقرتح علينا أن تكون المعاهدة‬
‫بيننا وبينه لعشرين سنةً‪ ،‬أن تحدد الحدود بيننا وبينه‪ ،‬فقبلنا اقرتاحه‪ ،‬واقرتح‬
‫أيضا‪ ،‬واقرتحنا عليه أن تكون‬
‫علينا أن يبعد األدارسة إلى [زبيد]‪ ،‬فقبلنا ذلك ً‬
‫(نجران) محايد ًة بيننا وبينه‪ ،‬فمن ذلك الوقت إلى اآلن لم يحصل أي ٍ‬
‫قرار‬
‫بشأن (نجران)‪.‬‬
‫ٍ‬
‫جلسة عقدت‪ ،‬قرأ‬ ‫وعندما استلم الوفد السعودي الربقية‪ ،‬اغتنم أول‬

‫(‪ )1‬الزرانيق‪ :‬راجع تعريفهم يف صفحة ( ‪ )159‬من هذا الكتاب ‪.‬‬


‫‪358‬‬

‫ٍ‬
‫صمت‬ ‫ٍ‬
‫بجواب‪ ،‬وبعد‬ ‫برقية جًللته على الوفد اليمني حرف ًّيا‪ ،‬لم ُتسعفه الحيرة‬
‫أعقبه استفاقة‪ ،‬طلب رئيس الوفد اليمني صورة الربقية‪ ،‬فأجابه رئيس الوفد‬
‫ٍ‬
‫جديد قطعه‬ ‫الصمت من‬
‫ُ‬ ‫السعودي بأنه وزمًلءه سيفكرون يف طلبهم‪َ ،‬و َر َ‬
‫ان‬
‫الوفد السعودي بقوله‪ :‬هل تقبلون باقرتاحنا األول بشأن (نجران)؟‬
‫الوفد اليمني‪ :‬ال‪.‬‬
‫الوفد السعودي‪ :‬إ ًذا‪ ،‬أنتم تصرون على التمسك (بنجران)‪ ،‬فهل تعلمون‬
‫بأن ذلك يؤدي إلى الحرب ال محالة‪.‬‬
‫الوفد اليمني‪ :‬إننا أوضحنا ما عندنا‪ ،‬ويف اعتقادنا أننا لم ُنخطئ‪ ،‬وما‬
‫تحملنا مش َّقة السفر إال العتقادنا أن المسألة منتهية‪.‬‬
‫الوفد السعودي‪ :‬ليس عندنا إال ما أخربناكم به‪.‬‬
‫تم‪.‬‬
‫الوفد اليمني‪ :‬سوف نرفع لإلمام بما َّ‬
‫وانفضت الجلسة‪ ،‬وانصرف ٌّ‬
‫كل إلى ُن ُزله‪.‬‬
‫واتصل اإلمام بالملك برق ًّيا‪ ،‬ويظهر أن هذا االتصال نتيج ًة لما رفعه‬
‫وفده‪ ،‬وقد أجابه الملك بالربقية اآلتية‪:‬‬
‫يف ‪1352/11/6‬هـ‪1934/‬م سيادة األخ اإلمام يحيى‪.‬‬
‫تل َّقينا برقية األخ المؤرخة غرة الحجة ‪1352‬هـ‪1934/‬م‪ ،‬وإنا نأسف‬
‫مما ال يتحمله‬
‫لما وصل إليه الموقف بسبب الخًلف والتطويل الذي حدث َّ‬
‫غيرنا‪ ،‬وقد سبق َأن أخربناكم بما فهمناه بأن رغبتكم يف المطاولة بغية تعجيزنا‬
‫‪359‬‬

‫وإمًللنا كما ذكر بعض رجالكم‪ ،‬وقد نفيتم ذلك بالقول‪ ،‬وكانت النتيجة‬
‫بقبولنا وصربنا أن ألحقت (الجبال) بـ (نجران)‪.‬‬
‫ثم تذكرون بأنَّكم توفون معنا بالعهود‪ ،‬وأنكم لم تقبلوا أعداءنا‪ ،‬وأنكم‬
‫َّ‬
‫تعاملوننا معاملة األخ ألخيه‪ ،‬والصديق لصديقه‪ ،‬وهذا كًل ٌم مع مقارنته‬
‫أن األم َر ُد ِّب َر ب َليلٍ‪ ،‬ما دامت‬
‫يأسنَا‪ ،‬وتقرر عندنا َّ‬
‫باألفعال التي فعلت‪ ،‬أ َّيدَ ت َ‬
‫األقوال تنقصها األفعال‪.‬‬
‫فالجبال قد أخذت بعد العهد‪ ،‬واألدارسة بعد الوعد برفعهم مدوا‬
‫وساعدوا لعمل الفتنة‪ ،‬فلم يبق ما نرجوه من الصًلح‪.‬‬
‫والحقيقة أننا نحن الجناة على أنفسنا‪ ،‬أهملنا أهل (نجران)‪ ،‬ثم َل َّبثنَاهم‬
‫عن العمل‪ ،‬ومنعنا المساعدة لهم رجاء التفاهم(‪.)1‬‬
‫وكذا أهملنا أهل (فيفا) و(الجبال)‪ ،‬وأوقفنا إمدادهم؛ طل ًبا للسلم إلى‬
‫أن وقع ما وقع‪ ،‬وبعد هذا كله‪ ،‬وبعد أن أع َيتنا جميع المراجعات والمكاتبات‪،‬‬
‫يبق لنا إال َأن نخرب حضرتكم‬
‫واستنفذنا سائر الوسائل السلمية الممكنة‪ ،‬لم َ‬

‫(‪ )1‬وحينما بدأ أهل نجران يشعرون بأن حكومة اليمن تختلق المعاذير كمقدمة أولى لتربير مهاجمة‬
‫نجران أجروا اتصاالهتم مع الملك يف الرياض‪ ،‬وأمير عسير عبداهلل بن عسكر يف أهبا‪ ،‬يمثلهم الشيخ‪:‬‬
‫جابر بن حسين معلنين تخوفهم من هتديدات اإلمام‪ ،‬فأجاهبم الملك بقوله‪« :‬ومن طرف يحيا‬
‫فًلهوب جايكم؛ ألنكم رعية لنا ورعيتنا ما يعارضهم‪ ،‬وال جايكم إال إنسان يبي يجينا‪ ،‬وأنتم إن‬
‫شاء اهلل البدكم جايينا والجواب من الراس»‪ ،‬رسالة من الملك عبدالعزيز إلى جابر بن حسين آل‬
‫مانع (أبو ساق) بتاريخ ‪26‬من رجب ‪1351‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬عسير يف عهد الملك عبد العزيز‪ ،‬د‪.‬‬
‫محمد بن عبداهلل آل زلفة‪( ،‬ص‪.)180‬‬
‫‪360‬‬

‫بالصراحة التي نراها واجب ًة علينا‪ ،‬وكرام ًة لحضرتكم عن الخداع بأننا توكلنا‬
‫وقوته على أداء الواجب الذي يحفظ أمانتنا‪،‬‬
‫على اهلل‪ ،‬واستمددناه من حوله َّ‬
‫ويؤمن رعايانا‪ ،‬ويصون شرفنا‪ ،‬وأمرنا بالدفاع إلنقاذ بًلدنا‪.‬‬
‫وقد أحببنا إحاطتكم هبذا العزم لتكونوا على ٍ‬
‫بينة منه‪ ،‬وباب السلم‬
‫مفتوح إذا أردتموه‪ ،‬وليس عندنا غير ما طلبناه يف السابق‪ ،‬وهو‪:‬‬
‫أوال‪ :‬إخًلء (الجبال)‪ ،‬وإطًلق رهائنهم‪ ،‬وترك أمرهم مِنَّا إليهم‪،‬‬ ‫ً‬
‫ٍ‬
‫بمعاهدة‪.‬‬ ‫وتحديد الحدود بيننا وبينكم‬
‫ثان ًيا‪ :‬إبعاد األدارسة بالمحل المقرر‪.‬‬
‫ثال ًثا‪ :‬عدم المساومة بـ (نجران) بأي ٍ‬
‫حال من األحوال‪.‬‬
‫وإن األعمال التي سنعملها ‪-‬إن شاء اهلل‪ -‬من الدفاع عن شرفنا ال يمنع‬
‫السلم‪ ،‬ونحن معذورون فيها‪.‬‬
‫وقد تقدمت الجنود متوكل ًة على اهلل‪ ،‬والتوفيق بيد اهلل‪.‬‬
‫برقية جوابية من اإلمام يحيى للملك‬
‫(‪)1‬‬
‫بتاريخ ‪1352/12/10‬هـ‪1934/‬م‬
‫تل َّقينا برقية األخ بتاريخ ‪ 52/12/6‬يف يوم عرفة‪ ،‬ونشكر األخ لإلفصاح‬
‫بتوجه أجناده علينا‪ ،‬فنقول‪( :‬ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ )‪ ،‬وإنَّا مع ذلك‬
‫سنلتزم السكون‪ ،‬راجين تًليف األخ للسلم والصداقة‪ ،‬خائفين من دسائس‬

‫(‪ )1‬المصدر‪ :‬كتاب‪ :‬المخًلف السليماين‪ ،)1102/2( ،‬وكتاب‪ :‬ابن ماضي‪( ،‬ص‪.)212‬‬
‫‪361‬‬

‫ٍ‬
‫شيء قطع ًّيا غير ما عرفناكم‪.‬‬ ‫وأطماع األجانب‪ ،‬ولم يكن هناك اختًلف يف‬
‫إنَّا أمرنا برفع اإلدريسي من الجبال إلى صعدة‪ ،‬وكان آخر ما عرفناكم‬
‫من تعويل أهل الجبال علينا لتأمينهم‪ ،‬ولما كان بـ (نجران)‪.‬‬
‫أ َّما وعدنا لكم من إرجاع (الجبال)‪ ،‬وإطًلق الرهائن‪ ،‬ورفع األدارسة‬
‫كما تراجعنا به‪ ،‬والمعاهدة لعشرين عا ًما‪ ،‬وإبقاء الحدود كما هي عليه‪ ،‬فهذا‬
‫نحن ملزمون به إلى اآلن مع اإلنصاف يف بًلد (يام)‪.‬‬
‫حرر هذا يف يوم عيد األضحى المبارك األكرب‪ ،‬أعاده اهلل علينا وعليكم‬
‫بالخير‪.‬‬
‫برقية جوابية من الملك إلى اإلمام‬
‫بتاريخ ‪1352/12/10‬هـ‪1934/‬م‬
‫تلقينا برقية األخ المؤرخة ‪ 10‬منه‪ ،‬أما شكر األخ لنا على اإلفصاح‪،‬‬
‫وإخباره بتوجه جنودنا‪ ،‬فيأبى اهلل أن يكون عندنا غير اإلفصاح يف جميع أقوالنا‬
‫وأفعالنا‪.‬‬
‫وأما قولكم‪( :‬ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ )‪ ،‬ونحن نقول‪:‬‬
‫(ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ) على المعتدي منَّا‪ ،‬المتجاوز على‬
‫الحدود‪ ،‬ونرجو من اهلل من كان قصده اإلصًلح والعافية أن يؤ ِّيده وينصره‪،‬‬
‫ومن قصده الشقاق منا أن يعمل بالباطل غير عمله بالظاهر أن يجعل كيده يف‬
‫نحره‪ ،‬ويكفي المسلمين شره‪ ،‬ويشمت به األعداء‪.‬‬
‫‪362‬‬

‫وأما السلم‪ ،‬فأشهد اهلل ومًلئكته أين أحب السلم مع جميع الخلق‪،‬‬
‫خصوصا‪ ،‬مثل ما أحب السلم مع والدي عبد الرحمن‪.‬‬
‫ً‬ ‫ومعكم‬
‫فأ َّما خوفكم من دسائس األجانب ‪-‬وهلل الحمد‪ -‬أحرص منكم على‬
‫ذلك‪ ،‬ولدينا شاهد َقوي‪ ،‬وهو لما كان مندوب حكومة بريطانيا يفاوضكم‪،‬‬
‫رأينا تعديكم وتجاوزكم على حدودنا ورعايانا‪ ،‬تركنا مقابلتكم بالمثل حتى‬
‫لئًل يقال‪ :‬إهنا دسيسة أجنبية‪ ،‬فهذا أكرب شاهد لنا‪.‬‬
‫تخلصوا معهم؛ َّ‬
‫وأما الخيانة يف العهد‪ ،‬فهذا مثل الشمس‪ ،‬انظر يف برقيتكم‪ ،‬دخلتم‬
‫الجبال‪ ،‬وأرسلتم اإلدريسي ليبث الدسائس والفتن بعد قبولكم رفع‬
‫اإلدريسي‪ ،‬وعمل معاهدة عشرين سنة بيننا وبينكم‪ ،‬فهذا شاهد لنا أكرب من‬
‫الجبال على نقض العهد‪ ،‬وذلك دخولكم بًلدنا بعد االتفاق‪ ،‬ونحن تأخرنا‬
‫عن العدوان بمثله لما رأينا مفاوضاتكم اإلنكليز‪.‬‬
‫أ َّما اآلن‪ ،‬فأهل الجبال رعايانا‪ ،‬وليس لكم حق بالمداخلة يف شأهنم بأي‬
‫ٍ‬
‫وجه من الوجوه إال أن تكونوا محت ِّلين محاربين‪.‬‬
‫فأ َّما أماهنم‪ ،‬فقد أعطيناكم األمان عليهم‪ ،‬واآلن نعطيكم أمان اهلل‪ ،‬وعهد‬
‫اهلل أن ما يأتيهم منَّا مثقال حبة خردل جزاء ما فات‪ ،‬إال إن عملوا فيها بعد أمركم‬
‫مخال ًفا‪« ،‬واهلل تعالى واحد»‪ ،‬ومن غدر يف العهد األول‪ ،‬غدر يف العهد الثاين‪.‬‬
‫فإن كنتم تريدون السلم والعافية بيننا وبينكم‪ ،‬فأقول لكم‪:‬‬
‫المسألة األولى‪ :‬رفع جنودكم واإلدريسي ً‬
‫حاال يف ظرف أيام قليلة من‬
‫‪363‬‬

‫تقرر بيننا وبينكم‪،‬‬


‫الجبال وأطرافها‪ ،‬ويكون اإلدريسي يف المحل الذي َّ‬
‫و ُتخ ُلون الجبال‪ ،‬وتطلقون سراح مشايخهم ورهائنهم(‪ ،)1‬ونعطيكم عهد اهلل‬
‫وأمانه‪ ،‬أنَّنا ما ندخل الجبال حتى يأتيهم من ولدنا سعود كتاب ٍ‬
‫عهد وميثا ٍق‪.‬‬
‫المسألة الثانية‪ :‬مسألة نجران‪ ،‬اختاروا فيها مسألتين‪ ،‬إما أن يكون محايدً ا‬
‫بيننا وبينكم‪ ،‬كما عرفناكم ساب ًقا‪ ،‬وإ َّما أن يكون ما بأيديكم من أهل نجران ويام‬
‫بًلدهم ورؤوسهم لكم‪ ،‬وما كان تحت أيدينا من أهل (نجران) و(يام) بًلدهم‬
‫ورؤوسهم لنا‪ ،‬وتعطونا عهد اهلل على هذا‪ ،‬أو توقف األمور‪ ،‬وأوضح لكم ما‬
‫إن قصدي من ذلك َّ‬
‫أن وادي‬ ‫مجاال للفرض والتأويل‪َّ ،‬‬
‫ً‬ ‫تقدم حتى ال يكون‬
‫نجران الذي أهله تحت أيدينا‪ ،‬لنا‪ ،‬والذي تحت أيديكم لكم‪ ،‬أما (هدادة)‬
‫و(بدر) و(حبونا)‪ ،‬فهذه لنا‪ ،‬وليس فيها كًلم قط ًعا‪.‬‬
‫َفإن كان هناك إنصاف‪ ،‬فهذا اإلنصاف‪ ،‬وإن كان غير ذلك‪ ،‬فًل حول وال‬
‫قوة إال باهلل‪ ،‬فقد عذرنا‪ ،‬ولعنة اهلل على من يحب الحرب أو يثيرها‪.‬‬
‫ونرجو أن يكون هذا العيد المبارك فيه الصًلح والفًلح‪ ،‬وأن يعيده علينا‬
‫وعليكم بعز اإلسًلم والمسلمين‪ ،‬وإصًلح ذات بيننا وبينكم‪ ،‬ونرجو اإلسراع‬

‫(‪ )1‬أخذ من منطقة (بني مالك) ستين رهينة‪ ،‬ومن منطقة (فيفا) خمسين رهينة‪ ،‬وقد ضمنت اتفاقية‬
‫الصلح بين المملكة المتوكلية والمملكة العربية السعودية العديد من البنود التي تخص الرهائن‪،‬‬
‫حيث ُأ ِلزم اإلمام بإطًلق جميع الرهائن التي أخذها من المناطق التي أصبحت ضمن الحدود‬
‫السعودية‪ .‬راجع‪ :‬كتاب‪« :‬نظام الرهائن يف عهد المملكة المتوكلية اليمانية»‪ ،‬أمين محمد علي‬
‫الجرب‪( ،‬ص‪.)95‬‬
‫‪364‬‬

‫يف الجواب‪ ،‬والبت فيما ذكرنا لكم قبل حصول ما ال يمكن تًلفيه‪ ،‬والسًلم‪.‬‬
‫(جواب جاللة الملك عبدالعزيز إلى اإلمام‬
‫بتاريخ ‪1352/12/11‬هـ‪1934/‬م)‬
‫تل َّقينا برقية األخ المؤرخة ‪ 11‬منه‪ ،‬وتطلبون منا اإليضاح بشأن بًلد يام‪،‬‬
‫وقد عرفناكم ساب ًقا أن يكون محايدً ا بيننا وبينكم‪ ،‬وأن تكون بًلد يام التي‬
‫(‪)1‬‬
‫تحت أيديكم يف السابق لكم‪ ،‬والذي تحت أيدينا يف السابق لنا‪ ،‬مثل (هدادة)‬
‫و(ح ُبونا)‪ ،‬وهذا ما ذكرناه لكم يف السابق‪ ،‬إذا صار نجران محايدً ا‪.‬‬
‫و(بدر) ُ‬
‫ولكننا نوضح لكم مسألة (هدادة) و(بدر) و(حبونا)؛ ألن (بدر) بأيدينا‬
‫(ح ُبونا)‪ ،‬وعمدتنا‬
‫من سابق منذ دخول (اإلخوان) ومعاهدهتم معنا‪ ،‬وكذا ُ‬
‫القرار الذي كان بين مندوبيكم ومندوبينا ابن دليم وابن ماضي عام‬
‫ً‬
‫وشماال فهو لنا‪ ،‬وما كان من‬ ‫‪1346‬هـ‪1928/‬م‪ ،‬وذلك ما كان من (وائلة)‬

‫(‪ )1‬هدادة‪ :‬من القرى التابعة لمحافظة بدر الجنوب‪ ،‬وهي من القرى المشهورة التي سكنها المكارمة‬
‫عند وصولهم للمنطقة‪ ،‬وما زالت مزارعهم وقصورهم شاهدة على ذلك‪ ،‬وقد استخدمها الجيش‬
‫اليمني عند احتًلل نجران كنقطة عبور إلى الخانق؛ (حيث مقر القيادة للقرى الشمالية لبًلد يام)‪،‬‬
‫وهي تبعد عن محافظة بدر الجنوب حوالي (‪ )60‬كيلو مرتًا‪ ،‬وعن نجران‪ )90( :‬كيلو مرتًا‪ ،‬ويتبع‬
‫لها العديد من القرى واألحياء مثل‪ :‬صلة‪ ،‬والعبالة‪ ،‬والعطف‪ ،‬والطاهرة‪ ،‬والرون‪ ،‬ورغوان‪،‬‬
‫والسامك‪ ،‬والمرخ‪ ،‬والصماء‪ ،‬وبراش‪ ،‬وغيرها‪ .‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬السياسة والحرب واإلدارة‪ ،‬د‪.‬‬
‫محمد بن فيصل أبو ساق‪( ،‬ص‪ ،)340‬وكتاب‪« :‬الربق المتألق يف رحلة موالنا سيف اإلسًلم إلى‬
‫المشرق»‪ ،‬مخطوطة‪ ،‬صاحبها رافق ولي العهد‪ :‬أحمد يحيى حميد الدين يف حرب نجران‪،‬‬
‫(ص‪.)127‬‬
‫‪365‬‬

‫(وائلة) وجنو ًبا فهو لكم‪ ،‬وهذا الذي كنا نعتمد عليه يف السابق والًلحق‪.‬‬
‫ولما جرى االختًلف‪ ،‬وكان من َتعدِّ يكم على (نجران)‪ ،‬طلبنا بالقرار‬
‫المتقدم بيننا وبينكم‪ ،‬واقرتحنا أن يكون (نجران) محايدً ا‪ ،‬مع العلم أن (بدر)‬
‫و(حبونا) و(هدادة) تكون على حالها السابق؛ ألهنا بأيدينا‪ ،‬وهذا الذي نقصده‬
‫من ذلك‪ ،‬إذا حصل قبولكم الحياد يف (نجران) كما َّ‬
‫أن (وائلة) وغيرها من‬
‫اختًلف فيه‪ ،‬لذا‬
‫ٌ‬ ‫(يام) تكون بأيديكم؛ َّ‬
‫ألن االشرتاك يف نفس (نجران) قد يقع‬
‫أحببنا حياده؛ ألنه أقرب للتفاهم‪ ،‬وأضمن لحسن السيرة(‪.)1‬‬
‫وحيث إنكم أصررتم على احتًلل (نجران)‪ ،‬وتفاقم األمر‪ ،‬وكرهنا‬
‫ذلك‪ ،‬وح ًّبا للصلح والسًلم‪ ،‬اقرتحنا أنكم إذا لم توافقوا على حياد نفس‬
‫ٍ‬
‫وحاضرة لكم‪ ،‬ورؤوسهم‬ ‫ٍ‬
‫بادية‬ ‫(نجران)‪ ،‬يكون من تحت أيديكم من أهل‬
‫أخيرا‪ ،‬فنرجوكم التدقيق فيه‪،‬‬
‫وبًلدهم‪ ،‬هذا هو التوضيح الذي عرفناكم به ً‬
‫بالر ِّد بكًل ٍم واضحٍ لينفصم األمر‪ ،‬وينقضي‬
‫وإبعاد التأويل عنه‪ ،‬واإلسراع َّ‬
‫أخيرا(‪.)2‬‬
‫المشكل الذي عرفناكم به ً‬
‫ونرجو اهلل أن ينصر دينه‪ ،‬ويعلي كلمته‪ ،‬ويكبت أعداء الدين‪ ،‬ويحقن‬
‫دماء المسلمين‪ ،‬وأن ُيخ ِز َي كل ٍّ‬
‫عدو للدين‪.‬‬
‫فإذا عزمتم على المسألة بـ (نجران) بإحدى الصفتين اللتين ذكرناهما‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬ابن ماضي‪( ،‬ص‪.)214‬‬


‫(‪ )2‬كتاب‪ :‬العقيلي‪.)1106/2( ،‬‬
‫‪366‬‬

‫لكم على السلم والراحة والتفكير يف جميع ما يؤمن ذلك‪ ،‬فنرجوكم ً‬


‫حاال‬
‫إخًلء الجبال‪ ،‬وإطًلق الرهائن‪ ،‬وعدم المداخلة يف شأن الجبال‪ ،‬وإبعاد‬
‫اإلدريسي إلى المكان الذي اتفقنا عليه‪ ،‬ونحن نعطيكم عهد اهلل وأمانه‪ ،‬ال‬
‫نغدر هبم‪ ،‬وأن نجتهد باإلصًلح بكل ما نتم َّكن عليه‪ ،‬وأن األمان الذي‬
‫أعطيناكم إ َّياه ال يختلف عنه‪.‬‬
‫أن أهل الجبال ‪ -‬وهلل الحمد‪ -‬هم معنا اآلن على أحسن ٍ‬
‫حال‪ ،‬وقد‬ ‫على َّ‬
‫عرفوا من زلة أنفسهم وحالهم منَّا يف السابق‪ ،‬ولوال خشية إيقاع جنودكم هبم‪،‬‬
‫ِ‬
‫هروا ما يف أنفسهم بالفعل من الميل‬ ‫وإننا تركناهم يف السابق‪ ،‬ولم ُنمدَّ ُهم‪ ،‬ألَظ ُ‬
‫نحونا‪ ،‬نرجوكم التعجيل بالجواب بالصراحة والسرعة لنتمكن من تغيير ُخ َّط ِة‬
‫جندنا وإيقافهم‪ ،‬نسأل اهلل أن يوفقنا وإياكم للخير‪.‬‬
‫ٍ‬
‫بربقية مضموهنا‪« :‬إنكم قد تنازلتم عن يام ونجران‬ ‫فأجاب اإلمام يحيى‬
‫يف برقية سابقة»‪.‬‬
‫فأجابه الملك بالبرقية‬
‫المؤرخة يف‪ 13‬من ذي الحجة ‪1352‬هـ‪1934/‬م‬
‫تلقينا برقيتكم المؤرخة ‪1352/12/13‬هـ‪1934/‬م‪ ،‬ونفيدكم‬
‫خًلصة عن الحقيقة؛ ألن التطويل ال فائدة فيه‪ ،‬أما (يام) وحالتنا وإياكم فيه‪،‬‬
‫فليس عندنا زيادة على ما عرفناكم فيه‪ ،‬والصلح عليه‪ ،‬والحرب عليه‪ ،‬ولم َنر‬
‫ٍ‬
‫سبب لتعليل حضرتكم إال التطويل يف المسائل‪ ،‬إلدراك عمل ما فات‪ ،‬أما‬ ‫من‬
‫‪367‬‬

‫طلبكم منا أن نطلب الربقيات من مدير الربق‪ ،‬فنحمد اهلل َّ‬


‫أن أشغالنا مضبوطة‬
‫كرر منها شي ًئا‪،‬‬
‫ال إهمال فيها‪ ،‬وجميع الربقيات التي بيننا وبينكم موجودة ال ُن ِّ‬
‫وإذا قدر اهلل االختًلف بيننا وبينكم‪ ،‬سننشر ما كان بيننا وبينكم يف العالم‬
‫ٍ‬
‫نقصان‪ ،‬والكًلم يطول ويعرض‪ ،‬وإذا تأملتم برقياتنا‬ ‫ٍ‬
‫زيادة‪ ،‬وال‬ ‫اإلسًلمي بغير‬
‫هبذا الشأن‪ ،‬وجدتموها على الدوام مذكور فيها َّ‬
‫أن العمل بيننا وبينكم‬
‫مسألتان‪:‬‬
‫األولى‪ :‬على يد مندوبينا محمد بن دليم وتركي بن ماضي‪ ،‬ورفقائهم‪،‬‬
‫فهذا ال نتغير عنه‪.‬‬
‫الثاين‪ :‬ما ُع ِقدَ و َت َّم يف المؤتمر الذي انعقد أيام حوادث (ال ُع ِّر)‪ ،‬فهل غير‬
‫ذلك العقدين شي ًئا؟‬
‫أما اختصار األمر يف برقيتنا التي أشرتم إليها‪ ،‬فليس القصد منه إال أن‬
‫وفدنا كان مقد ًما إليكم لحل مشكل (نجران)‪ ،‬وغيرها‪ ،‬وقد أوضحنا لكم ما‬
‫عندهم وما عندنا‪ ،‬ولكنهم لم يلقوا منكم ً‬
‫قبوال‪ ،‬وقد حجزتموهم لديكم إلى‬
‫أن أمضيتم أمركم يف (نجران)‪ ،‬فهل عندكم بشأن (نجران) و(يام) أحد أمرين‪:‬‬
‫‪1‬ـ إما معاهدة تقضي بأن (يام) و(نجران) لكم‪.‬‬
‫‪2‬ـ أو أنكم أخربتمونا حين تحركتم على (نجران)‪ ،‬فأجزنا عملكم‪.‬‬
‫فهذه هي الحقيقة‪ ،‬وهذا هو المعول عليه‪ ،‬من جهة (يام) و(نجران)‪،‬‬
‫فليتفكر حضرتكم يف األمر‪ ،‬ولينظر من الذي تجاوز الحد على العهود يف‬
‫‪368‬‬

‫(نجران) و(الجبال)‪.‬‬
‫هذا ردنا على برقيتكم‪ ،‬وأفكارنا قد َّأول ُت ُموها‪ ،‬والحقيقة التي عليها‬
‫مؤخرا بربقيتنا بتاريخ ‪1352/12/11‬هـ‪1934/‬م‪،‬‬
‫ً‬ ‫المعول هو ما أبرقناه لكم‬
‫فتأملوها عافاكم اهلل‪.‬‬
‫كما أبرق له الربقية بتاريخ ‪1352/12 /17‬هـ‪1934/‬م بشأن ابن‬
‫الوزير‪.‬‬
‫برقية من اإلمام إلى الملك‬
‫بتاريخ ‪1352/12 /17‬هـ‪1934/‬م‬
‫تلقينا برقية األخ المؤرخة ‪ ،52/12/17‬وإنما َأردنا بوصول السيد عبد‬
‫اهلل بن الوزير إلى حضرتكم ليكون منه إليه من المراجعة ما نراه للعرض‬
‫ٍ‬
‫يسيرة إن كان‬ ‫ٍ‬
‫لمدة‬ ‫عليكم‪ ،‬والتفاهم الكامل‪ ،‬وال بأس هبذا يا حضرة الملك‬
‫الوفاق‪ ،‬وإال فًل يفوت عليكم شيء‪ ،‬واألناة من اهلل‪ ،‬والعجلة من الشيطان‪،‬‬
‫والسًلم عليكم(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬وزارة الخارجية السعودية‪ :‬بيان عن العًلقات‪( ،‬ص‪ ،)167‬العقيلي‪ ،)1108/2( ،‬ابن ماضي‪،‬‬
‫(ص‪.)217‬‬
‫‪369‬‬

‫وقد أجاب عليه الملك بالبرقية اآلتية‬


‫بتاريخ ‪1352/12/17‬هـ‪1934/‬م‬
‫لح األخ بوصول ابن الوزير‬
‫تلقينا برقية األخ المؤرخة ‪ُ ،52/12/17‬ي ُّ‬
‫إلينا‪ ،‬ويطلب أن تطول المدة مدة يسيرة‪.‬‬
‫أخي‪ ،‬إن هذا موجب لألسف‪ ،‬وقد صار الشك يقينًا‪ ،‬وأ َّيد ُسو َء القصد‪،‬‬
‫وإنكم تريدون إتمام أعمالكم السابقة‪ ،‬فًل ابن الوزير وال غيره من كبير أو‬
‫صغير أن يحل المشكل بدون أن ينفذ المطلب الذي طلبناه‪ ،‬وهو فرض علينا‬
‫إدراكه‪ ،‬وال يمكن تركه‪ ،‬فإن كنتم تحبون اإلنصاف والصلح والسلم وحقن‬
‫الدماء‪ ،‬فًل يكون إال به‪ ،‬ونحن لم نطلب شط ًطا‪ ،‬ولم نطلب إال ح ًّقا تجاوزتم‬
‫عليه‪َّ ،‬‬
‫إن العهود التي بيننا وبينكم نكثت! دخلتم حدود بًلدنا‪ ،‬واستوليتم‬
‫عليها‪ ،‬ونقضتم العهد األول الذي كان بيننا وبينكم أيام قدم إليكم ابن دليم‬
‫وابن ماضي‪ ،‬ونقضتم معاهدة (ال ُع ِّر) التي عاهدتمونا عليها‪ ،‬ثم نقضتم العهد‬
‫الذي بيننا وبينكم يف تحديد الحدود‪ ،‬وعمل المعاهدة لمدة عشرين سنة‪ ،‬ولم‬
‫يكن لهذه العهود من جواب إال استيًلؤكم على (فيفا) و(بني مالك)‬
‫ٍ‬
‫كتاب منه‬ ‫و(العبادل)‪ ،‬وتقديم اإلدريسي يشتغل بالفساد‪ ،‬وقد أشرفنا على‬
‫بتاريخ ‪1352/12/7‬هـ لـ (محمد محمود) صاحب (الحسينية) وغيره‬
‫يح ُّثهم فيه على الفتنة‪ ،‬ويهددهم ويوعدهم‪.‬‬
‫ٍ‬
‫منصف يخاف اهلل تعالى‪ ،‬طلبنا منكم‬ ‫يقره كل‬ ‫َّ‬
‫إن مطلبنا الذي طلبناه منكم ُّ‬
‫‪370‬‬

‫تسحبون جنودكم من بًلدنا التي دخلتموها بعد العهد بيننا وبينكم‪ ،‬وأن تطلقوا‬
‫رهائن أهلها‪َّ ،‬‬
‫وأال تدخلوا يف شؤوهنم‪ ،‬وقد أعطيناكم األمان الذي طلبتموه لهم‪،‬‬
‫وعفونا عنهم‪ ،‬ولم نعاتبهم على ما فات منهم؛ ألنَّهم معذورون إذ طلبوا النجدة‬
‫منا ل ِ َر ِّد عدوانكم‪ ،‬فلم ُن ِجب ُهم الستبعادنا أن يقع ذلك منكم علينا‪.‬‬
‫ثان ًيا‪ :‬طلبنا منكم اإلنصاف يف (نجران)‪ ،‬واقرتحنا أن يكون محايدً ا بيننا‬
‫وبينكم‪ ،‬وأن يكون ما بِ َجنُوبه من البلدان لكم‪ ،‬وما بشماله من البلدان أن يكون‬
‫و(ح ُبونا)‪ ،‬وما بينهما‪ ،‬فإن كنتم ال توافقون على‬
‫لنا مثل (بدر) و(هدادة) ُ‬
‫حيادة‪ ،‬فاقرتاحنا أن يكون من تحت أيديكم من أهل نجران لكم هم وبلداهنم‪،‬‬
‫ومن كان تحت أيدينا من أهل (نجران) هم وبًلدهم لنا‪ ،‬وهذا عدا ما هو واقع‬
‫جنوب (نجران) أن يكون لكم‪ ،‬وما هو شمال (نجران) مثل (بدر) و(هدادة)‬
‫و(ح ُبونا)‪ ،‬فهو لنا كما تقدم‪ ،‬وإنِّي أكرر هذا الطلب‪ ،‬وأنا على خير رجاء‬
‫ُ‬
‫توضيحا‬
‫ً‬ ‫بالنجاح؛ َّ‬
‫ألن المعاملة التي عاملتمونا هبا آيستنا من النجاح‪ ،‬ولكن‬
‫للحقيقة‪ ،‬وبراء ًة للذمة‪.‬‬
‫ٍ‬
‫ظاهر واضحٍ غير قاب ٍل للتأويل مستعجل فوق‬ ‫ٍ‬
‫شيء‬ ‫أ َّما إيقاف العمل بغير‬
‫العادة ليس باإلمكان؛ َّ‬
‫ألن األمر قد فرط‪ ،‬وباب السلم مفتوح إذا عزمتم على‬
‫إتمام ما كان تقرر بيننا‪ ،‬وقد مضى علينا عدَّ ة أشهر‪ ،‬والعدوان يتمادى علينا‪ ،‬ولم‬
‫جد جميع المراجعات فائدة‪ ،‬فلم يكن لنا مندوحة عن الدفاع الذي أمرنا به(‪.)1‬‬ ‫ُت ِ‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬وثيقة رقم‪ :)148( :‬كتاب‪ :‬وزارة الخارجية السعودية‪( ،‬ص‪ ،)168 ،167‬وكتاب‪:‬‬
‫ابن ماضي‪( ،‬ص‪ ،)219‬وكتاب‪ :‬المخًلف السليماين (‪.)1110/2‬‬
‫‪371‬‬

‫وبعد هذه الربقية‪ ،‬تقدَّ مت الجيوش السعودية‪ ،‬ودار القتال كما‬


‫مفصًل‪.‬‬
‫ً‬ ‫سنوضحه يف الفصل الخاص بذلك‬
‫مشايخ يام يف سجن اإلمام‪:‬‬
‫وكان مشايخ قبائل (يام) تقبع يف سجن يحيى محمد حميد الدين يف‬
‫صنعاء منذ عام ‪1323‬هـ‪ ،‬ومنهم‪( :‬سلطان بن منيف‪ ،‬حمد بن حسين بن‬
‫منيف‪ ،‬وسالم بن مانع بن القنا‪ ،‬وحسين بن حجاج‪ ،‬والشيخ حمد بن حسين‬
‫بن مانع آل جابر‪ ،‬وأخوه جابر بن حسين بن مانع آل جابر‪ ،‬والشيخ عبداهلل بن‬
‫أحمد المكرمي‪ ،‬والشيخ جابر بن مانع آل نصيب‪ ،‬وقد عانوا من السجن‬
‫والتعذيب واإلهانة الشيء الكثير‪ ،‬ثم تم استبدالهم بأبنائهم‪ ،‬واستمروا على‬
‫رجًل) يف سجن صنعاء‪ ،‬وكان ذلك أحد أسباب‬
‫هذا الحال حتى إنه مات (‪ً 73‬‬
‫نفورهم من حكم اإلمام يحيى حميد الدين(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬كنت مع عبدالعزيز‪ ،‬تأليف‪ :‬الدكتور‪ :‬عبدالرحمن بن سبيت السبيت وآخرون‪،‬‬
‫(ص‪ ،)136‬وكتاب‪« :‬دخول نجران يف العهد السعودي»‪( ،‬دراسة تاريخية وثائقية)‪ ،‬تأليف‪ :‬د‪.‬‬
‫علوي عمر فريد‪( ،‬ص‪ ،)109 ،105 ،89‬وكتاب‪ :‬نجران األرض والناس والتاريخ‪ ،‬سيد الماحي‪،‬‬
‫(ص‪( .)32‬الحديث هنا لشريف بن جابر أبو ساق)‪.‬‬
‫‪372‬‬

‫نظام الرهائن عند اإلمام يحيى حميد الدين(‪:)1‬‬


‫استخدم اإلمام يحيى حميد الدين نظام الرهائن‪ ،‬وكان الهدف هو‬
‫التمرد عليها‪.‬‬
‫الخضوع المطلق لسلطته‪ ،‬وعدم ُّ‬
‫« وقد لبث بعضهم سنوات خلف األسوار ينتظرون الخًلص‪ ،‬والعودة‬
‫إلى أهليهم وذويهم»‪.‬‬
‫وقد وضع أنواع من الرهائن‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫‪1‬ـ رهينة الضمان‪ :‬حيث كانت القبيلة تقبل مكره ًة على تسليم رهائنها‬
‫فور وصول ممثل الحكومة إلى القرية يف حال السلم‪.‬‬
‫‪2‬ـ أما يف حالة الحرب بين القبيلة والحكومة‪ ،‬فتقدم رهينة تدعى (رهينة‬
‫العطف)‪ ،‬أو التمرد‪.‬‬
‫ٍ‬
‫إشاعة أو‬ ‫‪3‬ـ رهينة (االحتياط)‪ ،‬وكانت تجلب عند وقوع مجرد‬
‫ٍ‬
‫وشاية(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬لقد ألزم رئيس ِّ‬


‫كل قبيلة أو عشيرة أن يرهن ابنه عنده‪ ،‬وإذا لم يكن له ولدٌ فأخوه أو ابن أخيه أو أحد‬
‫أفراد أسرته ليضمن استمرار والئه له حتى ال يخرج عن طاعته‪ ،‬أو يوالي إما ًما آخر قد ينازعه‬
‫الحكم‪ ،‬أو يسعى لتنصيب إمام آخر‪ ،‬وكان يجمع الرهائن‪ ،‬وهم يف الغالب أطفال يف سجون نائية‬
‫عن مناطقهم وديارهم‪ ،‬كما يصعب على أوليائهم اختطافهم من سجوهنم‪ .‬وكان حبس القلعة يف‬
‫حجة‪ ،‬وحبس الجانح يف السودة أكثر السجون إيوا ًء للرهائن‪ .‬فكانوا‬
‫قصر صنعاء‪ ،‬وحبس نافع يف ّ‬
‫يعيشون يف بؤس وفاقة‪ ،‬وحرمان من عطف الوالدين‪ .‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬هجر العلم ومعاقله‪ ،‬للقاضي‬
‫إسماعيل بن علي األكوع‪.)1722 ،1721/3( ،‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬أمين محمد علي الجرب‪« :‬نظام الرهائن يف عهد المملكة المتوكلية اليمانية»‪( ،‬ص‪.)11‬‬
‫‪373‬‬

‫وقد ذكر صاحب كتاب «نظام الرهائن يف عهد المملكة المتوكلية‬


‫اليمانية»‪ ،‬أمين محمد علي الجرب(‪ ،)1‬تحت عنوان‪« :‬الرهائن يف صعدة‬
‫ونجران» بقوله‪ :‬عندما بدأ ولي العهد اليمني (أحمد) بتجهيز الجيش لتوجيهه‬
‫إلى المنطقة الشمالية (نجران)‪ ،‬وفد إليه بعض المشايخ طالبين منه األمان‬
‫مقابل تسليم أوالدهم رهائن‪ ،‬وممن وفد إليه‪:‬‬
‫‪1‬ـ مانع بن حيدر‪ ،‬وضع أخيه رهينةً‪.‬‬
‫‪2‬ـ محمد بن غانم المنصوري‪ ،‬وضع نفسه حتى وصول ولده وأخيه‪.‬‬
‫ويقول صاحب الكتاب‪« :‬لقد تقدم الجيش اإلمامي بقيادة ولي العهد‬
‫باتجاه نجران‪ ،‬وهاجم بعض مناطقها‪ ،‬وفرض طو ًقا من الحصار هبدف‬
‫إخضاعها وإجبارها على الدخول يف الطاعة‪ ،‬وتسليم الرهائن‪...‬‬
‫ولما رأت القبائل األخرى يف نجران ما َّ‬
‫حل هبؤالء‪ ،‬سارعت إلى تسليم‬
‫الرهائن المرضية حتى ال يطالها ما طال جيراهنا من الخراب والدمار‬
‫والتشريد‪.‬‬
‫أما عندما قاومت بعض المناطق‪ ،‬فإن الجيش اإلمامي اكتسحها‪ ،‬وعاث‬
‫فيها من الخراب والدمار‪ ،‬وأخذ منها رهائن بأعداد كبيرة بلغت يف منطقة‬
‫واحدة أكثر من خمسين رهين ًة(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬المصدر السابق‪( ،‬ص‪.)91‬‬


‫(‪ )2‬انظر‪ :‬المصدر السابق‪( ،‬ص‪.)94‬‬
‫‪374‬‬

‫أبو ساق يف سجن اإلمام‪:‬‬


‫كان اإلمام يحيى محمد حميد الدين‪ ،‬يسعى لتثبيت ملكه يف اليمن من‬
‫خًلل إغراء زعماء القبائل بالمال والسًلح‪ ،‬ثم استدراجهم لمقابلته يف‬
‫صنعاء‪ ،‬وعند وصولهم يملي عليهم شروطه للتوقيع عليها‪ ،‬ثم يدعمها برهائن‬
‫ٍ‬
‫معارض لحكمه‪ .‬وقد‬ ‫من أوالدهم‪ ،‬ويسوقهم إلى السجن حتى يخضع كل‬
‫استشعر اإلمام ميول الشيخ جابر بن حسين أبو ساق إلى الحكم السعودي‪،‬‬
‫فاستدرجه إلى صنعاء‪ ،‬وعند رفض مجاراة اإلمام فيما يريد‪ ،‬ساقه إلى سجن‬
‫ٍ‬
‫سنوات من حياته!‬ ‫صنعاء حيث قضى فيه فرت ًة تزيد على سبع‬
‫ويقول الشيخ شريف أبو ساق‪ :‬إن طريقة اإلمام يف الحكم‪ ،‬وبطشه برعيته‬
‫المجاورة لنا‪ ،‬كان يدفع قبائل (يام) إلى النفور منه‪ ،‬وعدم االستسًلم‬
‫له‪ ،‬وقد سبق أن أعطى أهل نجران عهده وميثاقه‪ ،‬واجتمع بمشايخهم ثم غدر‬
‫هبم‪ ،‬ووضعهم يف السجن‪ ،‬وكان والدي واحدً ا ممن وضع يحيى بن حميد‬
‫الدين يف رجليه القيد الحديدي الثقيل المسمى‪ :‬أبا عمود‪ ،‬ومنع عنهم القوت‬
‫حتى ماتوا جمي ًعا‪ ،‬إال والدي وعمي واثنين من آل منيف‪ ،‬أما الباقون وعددهم‬
‫غدرا‪ ،‬وكان ذلك أحد أسباب نفورنا من‬
‫رجًل)‪ ،‬فقد ماتوا يف السجن ً‬
‫(‪ً 73‬‬
‫حكم اإلمام(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬المرجع‪ :‬كنت مع عبدالعزيز‪ ،‬تأليف‪ :‬الدكتور‪ :‬عبدالرحمن بن سبيت السبيت وآخرون‪،‬‬
‫=‬
‫‪375‬‬

‫الباب الثاين‬
‫الفصل الثالث‪ :‬النزاع على نجران‪:‬‬
‫ٍ‬
‫ألحد من قبل‪ ،‬فقد كانت معروف ًة‬ ‫لم تكن نجران تدين بالوالء والتبعية‬
‫بأهنا منطقة صحراوية‪ ،‬وكانت معظم قبائلها شبه بادية يتنقلون يف الصحراء‬
‫رغم امتًلكهم األراضي الغنية بالحبوب والتمر والمواشي‪ ،‬وامتًلك الخيول‬
‫فضلون كسب معيشتهم عن طريق الغارات‬
‫العربية األصيلة واإلبل إال أنَّهم ُي ِّ‬
‫والغزوات التي كانوا يشنُّوهنا ضد القبائل المجاورة لهم‪ ،‬وقد فشلت كل‬
‫مركزية ٍ‬
‫قوية‪ ،‬والمرجعية التي كانت تتولى‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫لحكومة‬ ‫المحاوالت إلخضاعهم‬

‫قيادهتم تتم َّثل يف الداعي المكرمي‪ ،‬ومشايخ القبائل‪ ،‬ولعل َّ‬


‫السر يف ذلك يكمن‬
‫ِّ‬
‫المستقل عن‬ ‫يف موقعهم الجغرايف الذي م َّكنهم من الدفاع عن كياهنم‬
‫الحكومات المركزية؛ إضاف ًة إلى تماسكهم القوي(‪.)1‬‬
‫نجران والعثمانيين(‪:)2‬‬

‫= (ص‪ ،)152‬وكتاب‪« :‬دخول نجران يف العهد السعودي»‪( ،‬دراسة تاريخية وثائقية)‪ ،‬تأليف‪ :‬د‪.‬‬
‫علوي عمر فريد‪( ،‬ص‪.)105 ،104‬‬
‫(‪ )1‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬البيان يف تاريخ جازان وعسير ونجران‪ ،‬تأليف‪ :‬عبد الواحد محمد راغب دالل‪،‬‬
‫(‪ ،)19 ،18/2‬وكتاب‪« :‬دخول نجران يف العهد السعودي»‪ ،‬تأليف‪ :‬د‪ .‬علوي عمر فريد‪،‬‬
‫(ص‪.)89‬‬
‫وتم أسره‪ ،‬أي الدَّ اعي‪:‬‬ ‫(‪ )2‬عندما تم تدمير حصن عتّارة يف َحر َاز من قِ َبل (األتراك) َّ‬
‫وسوى حصنه باألرض‪َّ ،‬‬
‫الحسن بن إسماعيل شبام (الداعي رقم‪ )41( :‬راجع ترجمته‪( :‬ص‪ ) 184‬من هذا الكتاب)‪ .‬ولكنه‬
‫=‬
‫‪376‬‬

‫أما المناطق الداخلية الصغيرة البعيدة عن سواحل البحر األحمر‪ ،‬فلم‬


‫كبيرا‪ ،‬ومن تلك النواحي (نجران) التي اعرتفت‬
‫تعطها الدولة العثمانية اهتما ًما ً‬
‫فقط اسم ًّيا بالعثمانيين‪ ،‬يف حين أن النفوذ الحقيقي يف األراضي النجرانية كان‬
‫للقبائل المحلية‪ .‬والناظر يف حكم العثمانيين األول لبًلد اليمن (‪ 945‬ـ‬
‫‪1045‬هـ‪ 1538/‬ـ ‪1635‬م) يجد أن (نجران) كانت بعيد ًة عن حكم الدولة‬
‫العثمانية المباشر‪ ،‬ومع صعوبة األرض جعلت العثمانيين يكتفون بالسيطرة‬
‫على الموانئ اليمنية‪ ،‬وبعض الحواضر الرئيسة‪ ،‬ولم يسع األتراك يف السيطرة‬
‫على بًلد (نجران)‪ ،‬وربما لموقعها الداخلي‪ ،‬ثم إن ذلك سوف يكلفها نفقات‬
‫كبيرة‪ ،‬مع أن العائد من وراء ذلك ٌ‬
‫قليل‪ ،‬أو شبه معدو ٍم(‪.)1‬‬
‫وأما موقف اإلمام يحيى مع أهل نجران‪ ،‬فهو ينبع من واقع أنه كانت‬
‫ٍ‬
‫قابلة‬ ‫تحكم عًلقاته بأهالي نجران تناقضات تاريخية‪ ،‬وسياسية‪ ،‬ودينية‪ ،‬غير‬
‫للحل‪ ،‬وعداوة مستحكمة تكمن أسباهبا العميقة يف صراعات الماضي الدموي‬

‫فعم الحزن لموته (يام) بكاملها‪ ،‬وذرفت عليه‬


‫= مات يف الطريق‪ ،‬قبل أن يصل إلى الحديدة‪َّ .‬‬
‫الدموع‪ .‬وانسحب الياميون من َح َراز إلى منطقة قبيلتهم‪ ،‬يشتعل يف صدورهم الغضب ومتعطشين‬
‫لإلنتقام؛ حيث وجدوا يف شخص أحمد بن إسماعيل المكرمي يف (بدر)‪ ،‬داعي ًة جديدً ا‪ ،‬وهو الداعي‬
‫رقم (‪ .)42‬وخو ًفا على منطقته من األتراك‪ ،‬عقد معهم حل ًفا دفاعيًا‪ .‬وذهب أتباعه أبعد من ذلك‪،‬‬
‫الرحالة األجانب‪،‬‬
‫فدخلوا بأعداد كبيرة يف جهاز الشرطة الرتكية‪ .‬المرجع‪ :‬كتاب‪ :‬اليمن يف عيون َّ‬
‫للدكتور‪ :‬أحمد قايد الصايدي‪( ،‬ص‪.)334‬‬
‫(‪ )1‬راجع‪ :‬كتاب‪ :‬القول المكتوب يف تاريخ الجنوب‪ ،‬تأليف‪ :‬أ‪.‬د‪ .‬غيثان بن علي بن جريس‪،59/8( ،‬‬
‫‪.)67‬‬
‫‪377‬‬

‫بين الزيدية بزعامة أئمتها‪ ،‬وبين الطائفة اإلسماعيلية بزعامة المكارمة(‪.)1‬‬


‫وقد بدت المفاوضات بين الوفد السعودي والوفد اليمني يف‪ 3( :‬من ذي‬
‫الحجة سنة ‪1345‬هـ الموافق ‪1927/5/22‬م)(‪ ،)2‬واستمرت حتى عام‪:‬‬
‫(‪1353‬هـ)‪ ،‬وذلك بعد الحرب السعودية اليمنية‪.‬‬
‫تضم اليمن‬
‫ـ وكان هناك كثير من النفوذ داخل نجد وخارجها يريدون أن َّ‬
‫ومرغوب فيه‪ ،‬وقد َّ‬
‫ظل «فيلبي» يلمح‪ ،‬بل‬ ‫ٌ‬ ‫منطقي‬ ‫أمر‬
‫إلى السعودية‪ ،‬وأنَّه ٌ‬
‫ٌّ‬
‫صرح يف إحدى المقاالت بأنه يو ُّد أن يرى جًللة الملك يلبس التاج المثلث‬
‫َّ‬
‫لمكة والرياض وصنعاء‪ ،‬وقد نقل له هذه الفكرة الكاتب المشهور (أمين‬
‫الريحاين) عند مقابلته يف جدة لتهنئته بعد أن استولى على الحجاز‪ ،‬وقد ع َّبر‬
‫عن أمله القوي يف أن تكون زيارته التالية لتهنئته يف عدن‪ ،‬وقد رفض الملك‬
‫عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفكرة تما ًما؛ إذ قال‪َّ « :‬‬
‫إن اليمن ليست لي»(‪.)3‬‬
‫وكان اإلمام يحيى قل ًقا وخائ ًفا من الحكومة السعودية على حدود بًلده‪،‬‬
‫وكانت جازان حتى أواخر العشرينات إمارة صغيرة مستقلة تجاور الحدود‬
‫الشمالية لليمن على البحر األحمر‪ .‬وقد أرسل الملك عبد العزيز تعزيزات‬

‫(‪ )1‬راجع‪ :‬كتاب‪ :‬المطامع السعودية يف اليمن‪ ،‬د‪ .‬محمد بن علي الشهاري‪( ،‬ص‪.)128‬‬
‫(‪ )2‬المصدر‪ :‬كتاب‪ :‬وزارة الخارجية السعودية‪( ،‬ص‪.)7‬‬
‫(‪ )3‬كتاب‪ :‬توحيد المملكة العربية السعودية‪ ،‬محمد المانع‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد اهلل بن الصالح العثيمين‪،‬‬
‫الموحد يف مسيرة التوحيد والبناء‪ ،‬تأليف‪ :‬الدكتور‪ :‬عثمان بن‬
‫َّ‬ ‫(ص‪ ،)198‬وكتاب‪ :‬مع الملك‬
‫صالح العلي الصوينع‪ ،‬الطبعة األولى (‪1420‬هـ ‪1999 -‬م)‪( ،‬ص‪.)225‬‬
‫‪378‬‬

‫تم ذلك بسرعة عظيمة‪ ،‬ودون إراقة‬


‫عسكرية بضم جازان إلى مملكته‪ ،‬وقد َّ‬
‫دماء(‪.)1‬‬
‫وقـد رأى اإلمـام يحيى أن الطريق األمثـل لحمـايـة أراضــــي اليمن من‬
‫الحكومة السـعودية هي المطالبة بمنطقة نجران الواقعة على حدوده الشـمالية‬
‫الشـــرقية‪ ،‬وكانت تتمتع بنو ٍع من االســـتقًلل القلق والمضـــطرب تحت إدارة‬
‫أمراء محليين(‪ .)2‬والحكومة الســــعودية تعترب نجران تاب ًعا لها منذ تأســــســــت‬
‫الـدولـة الســــعوديـة األولى حســــب مـا لـديهـا من وثـائق تـاريخيـة(‪ ،)3‬وأنـه امتـداد‬

‫(‪ )1‬المرجع السابق‪( ،‬ص‪.)199‬‬


‫(‪ )2‬المرجع السابق‪( ،‬ص‪ ،)199‬وكتاب‪ :‬المطامع السعودية يف اليمن‪ ،‬د‪ .‬محمد بن علي الشهاري‪،‬‬
‫(ص‪.)200‬‬
‫ِّ‬
‫للشك بأن نجران قد خضع لنجد منذ الدولة السعودية‬ ‫ً‬
‫مجاال‬ ‫(‪ )3‬فاألدلة التاريخية تثبت بما ال يدع‬
‫األولى بانضمام الشيخ سالم بن حسين بن مشري الصقور‪ ،‬راجع تعريفه‪( ،‬ص‪ )156‬من هذا‬
‫الكتاب‪ .‬وكذلك وثيقة اإلمام سعود الكبير ‪ -‬ألشراف نجران ‪ -‬أهالي قريتي عويرة وصنعاء‪.‬‬
‫ووثيقة اإلمام فيصل بن تركي أحد أئمة الدولة السعودة الثانية‪ .‬ثم قدوم مشايخ وكبار قبائل يام إلى‬
‫أهبا لتقديم فروض الطاعة البن مساعد يف ذي القعدة ‪1351‬هـ‪.‬انظر‪ :‬للوثائق يف كتاب‪« :‬العًلقات‬
‫السعودية ‪ -‬اليمنية»‪ ،‬أ‪.‬د‪ /.‬محمد سعيد منشط الشعفي‪( ،‬ص‪1414 ،)41 -39‬هـ‪ .‬وكتاب‪:‬‬
‫نجران يف أطوار التاريخ‪ ،‬تأليف‪ :‬محمد بن أحمد العقيلي‪( ،‬ص‪ ،)135 -132‬وكتاب‪ :‬البيان يف‬
‫تاريخ جازان وعسير ونجران‪ ،‬تأليف‪ :‬عبد الواحد محمد راغب دالل‪ ،)74 ،73/2( ،‬وكتاب‪:‬‬
‫نجران‪ ،‬محمد أبو ساق‪( ،‬ص‪ ،)230‬وكتاب‪ :‬دخول نجران يف العهد السعودي‪ ،‬د‪ .‬علوي عمر‬
‫فريد‪( ،‬ص‪ .)231‬راجع الفصل األول من الباب الثاين‪( ،‬ص‪ ) 263-240‬من هذا الكتاب‪ ،‬راجع‬
‫الفصل األول من الباب الثاين‪( ،‬ص‪ )263-239‬من هذا الكتاب‪.‬‬
‫‪379‬‬

‫لحدودها الجنوبية‪ ،‬وضرورة دفاعية(‪.)1‬جريدة المقطم(‪:)2‬‬


‫شاركت جريدة المقطم يف نشر الرسائل بين الملك عبدالعزيز واإلمام‬
‫يحيى‪ ،‬والعًلقات السعودية اليمنية‪ ،‬فتقول‪« :‬تناول الملك السعودي مشكلة‬
‫نجران يف خطبته األخيرة يوم ‪ 22‬مارس الماضي‪ ،‬فقال‪« :‬وازداد الخًلف بيننا‬
‫وبين (اإلمام) بشأن نجران وقبيلة يام‪ ،‬ومع أنه ال حق له هبم‪ ،‬وأهنم يؤ ُّدون‬
‫الزكاة لنا من ٍ‬
‫قديم‪ ،‬وحتى من زمان أجدادنا األولين‪ ،‬وكتبهم ال تزال محفوظ ًة‬
‫فضا للنزاع أن تكون نجران بلدً ا محايدً ا بيننا وبينه‪،‬‬
‫لدينا‪ ،‬ففيه اقرتحت عليه ًّ‬
‫واقرتحت شرو ًطا لحيادها‪ ،‬فقال‪ :‬إن يام من همدان‪ ،‬وهمدان يمانية‪ ،‬ولذلك‬
‫يجب أن تنضم إلى اليمن»(‪.)3‬‬
‫مكمًل لها‪ ،‬ال‬
‫ً‬ ‫والحكومة المتوكلية (اليمنية) تعتربه تاب ًعا لها‪ ،‬وجز ًءا‬

‫(‪ )1‬المرجع‪ :‬تاريخ المخًلف السليماين‪ ،‬تأليف‪ :‬محمد بن أحمد العقيلي‪.)1112/2( ،‬‬
‫(‪ )2‬نبذة عن جريدة المقطم المصرية‪ ،‬صدر العدد األول منها يف الرابع عشر من فرباير سنة ‪1889‬م‪،‬‬
‫وهي جريدة يومية سياسية تجارية أصدرها فارس نمر ويعقوب صروف وشاهين مكاريوس‪ ،‬والتي‬
‫سجًل تاريخيًّا للفرتة من (‪1353 - 1351‬هـ)‪ ،‬وكانت تعتمد على المصادر الخارجية يف‬
‫ً‬ ‫تعد بحق‬
‫األخبار مثل‪ -1 :‬وكالة األنباء العالمية‪ -2 .‬الصحافة األجنبية‪ -3 .‬المراسلون الذين تعينهم‬
‫الصحيفة يف العواصم األجنبية‪ -4 .‬المراسلون يف الحديدة وعدن وأسمرة‪ -5 .‬إعادة نشر ما كتب‬
‫يف جريدة أم القرى واإليمان التي كانت تصدر يف اليمن والحجاز‪.‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬العًلقات السعودية ـ اليمنية‪ ،‬يف سنتي (‪1352 - 1351‬هـ‪1934 – 1933 /‬م)‪،‬‬
‫أ‪.‬د‪/.‬محمد بن سعيد منشط الشعفي‪( ،‬ص‪ ،)172‬وكتاب‪ :‬المطامع السعودية يف اليمن‪ ،‬د‪ .‬محمد‬
‫بن علي الشهاري‪( ،‬ص‪.)130‬‬
‫‪380‬‬

‫يمكن التفريط فيه(‪.)1‬‬


‫والحقيقة أن نجران كانت بمنأى عن األحداث التي جرت يف الجزيرة‬
‫العربية منذ الحرب العالمية األولى‪ ،‬وسقوط اإلمرباطورية العثمانية‪ ،‬كما لم‬
‫جهة حتى دخول‬ ‫ٍ‬ ‫يتعرض من قبل لًلستعمار‪ ،‬أو النفوذ الخارجي من أي‬
‫الجيش اليمني‪ ،‬واحتًلله له‪ ،‬وذهاب جابر بن حسين بن مانع آل جابر‬
‫(أبو ساق) مستنجدً ا بالملك عبدالعزيز(‪.)2‬‬

‫* الفصل الرابع‪ :‬الزحف اليمني على نجران(‪:)3‬‬


‫لقد و َّقع اإلمام يحيى حميد الدين وثيق ًة مع بعض مشايخ نجران يف عام‬
‫ٍ‬
‫محدد‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫لغرض‬ ‫‪1348‬هـ‪ ،‬ويتضح من تحليل مضمون هذه الوثيقة أهنا كتبت‬
‫وهو إثبات وجود نو ٍع من العهود والمواثيق والوالء لإلمام‪ ،‬يلتزم هبا أهل‬
‫نجران‪ ،‬وجاءت هذه الوثيقة لسد ثغرات مهمة يف العًلقة السلبية بين إمام‬
‫اليمن وأهل نجران‪ ،‬حيث َّ‬
‫إن أحد أهم مربرات توجه أبو ساق للملك‬
‫عبدالعزيز‪ ،‬واستعانته به‪ ،‬وطلب ضم نجران وبًلد يام إلى حكمه‪ ،‬جاءت‬

‫(‪ )1‬لم يثبت تاريخيًّا أن نجران كانت تابعة لصنعاء سواء طوال العصور اإلسًلمية األولى أو العصور‬
‫الحديثة‪ ،‬بل إن الحقائق التاريخية تؤكِّد والء أهل نجران آلل سعود راجع‪ :‬الباب الثاين ‪ -‬الفصل‬
‫األول (ص‪ )263-239‬من هذا الكتاب‪.‬‬
‫(‪ )2‬كتاب‪ :‬كنت مع عبد العزيز‪ ،‬للدكتور‪ :‬عبدالرحمن بن سبيت السبيت وآخرون‪( ،‬ص‪.)152‬‬
‫(‪ )3‬راجع الوثيقة رقم (‪ ،)8‬التي وقعها اإلمام يحيى حميد الدين مع بعض مشايخ نجران‪( ،‬ص‪) 591‬‬
‫ملحق الوثائق من هذا الكتاب‪.‬‬
‫‪381‬‬

‫مدعوم ًة بقواعد خطية توثق لنو ٍع من العًلقات اإليجابية المبنية على التعاون‬
‫والوفاء‪ ،‬كما أشرنا إليها يف‪( :‬الفصل األول من الباب الثاين من هذا الكتاب)‪،‬‬
‫وقد لجأ اإلمام يحيى إلى تحرير هذه الوثيقة وهو محاصر بالمشروع السياسي‬
‫للمحادثات بين وفد الملك عبدالعزيز ووفد اإلمام يحيى‪ ،‬وقد بدأت‬
‫اعتبارا من سنة ‪1345‬هـ‪ ،‬وظلت مستمر ًة حتى تحرير‬
‫ً‬ ‫المحادثات بين الطرفين‬
‫هذه الوثيقة‪ .‬ومن الطبيعي لمشايخ القبائل الذين وقعوا عليها أن يبحثوا عن‬
‫ٍ‬
‫هتدئة لألمور‪ ،‬وأن يسعوا لما فيه مصلحة بًلدهم‪ ،‬غير أن هذه الوثيقة‬ ‫كل‬
‫جاءت بمثابة الخديعة والمكر من اإلمام يحيى بغرض قطع الطريق على‬
‫المحادثات التي كانت تتم بين أهل نجران والملك عبدالعزيز‪.‬‬
‫وتكشف هذه الوثيقة عن أحد أهم أسباب مماطلة اإلمام يحيى يف‬
‫اجتماعات اللجنة السعودية اليمنية المشرتكة‪ ،‬وتأخير أعمالها‪ ،‬وإبقائها يف‬
‫حرر هذا االتفاق مع‬ ‫ٍ‬
‫صنعاء فرتة طويلة دون أية نتيجة‪ .‬وكان اإلمام يحيى قد َّ‬
‫بعض المشايخ‪ ،‬وفشل يف الحصول على توقيع من مشايخ آخرين(‪ ،)1‬وبالتالي‬

‫(‪ )1‬من المشايخ المعارضين على توقيع هذه الوثيقة مع اإلمام يحيى‪( :‬جابر بن حسين أبو ساق)‪ .‬يقول‬
‫صاحب كتاب‪« :‬الربق المتألق‪( ،»....‬ص‪« :)136‬وكان من فرار الشيخ جابر بن حسين بن مانع‬
‫(أبو رجل) أحد مشايخ يام مستنجدً ا النجود وداع ًيا لهم إلى حرب عساكر اإلمام‪ .‬وكان هذا هو‬
‫ا للقب الذي ينعت به (الشيخ جابر بن حسين بن مانع)؛ إذ كانت إحدى ساقيه أكرب من األخرى‪،‬‬
‫وقد تغ َّير هذا اللقب بعد مقابلة الشيخ جابر للملك عبد العزيز‪ ،‬وتوطد العًلقة بينهما؛ حيث أطلق‬
‫=‬
‫‪382‬‬

‫وجهها إلى عدد من مشايخ نجران‬


‫ألحق هذه الوثيقة بأكثر من مرسول مهم‪َّ ،‬‬
‫نوع من الرتغيب والرتهيب‪ ،‬وكان يأمل أن يحصل منهم على‬
‫وأعياهنا‪ ،‬وفيها ٌ‬
‫إجما ٍع بالموافقة لطلبه بحضورهم جمي ًعا إلى صنعاء يف منتصف شهر المحرم‬
‫يسر اإلمام يحيى‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫من سنة ‪1349‬هـ‪ .‬فلم تثمر هذه الوثيقة الموقعة بشيء ُّ‬
‫ٍ‬
‫ناحية أخرى لم يستجب بقية المشايخ‬ ‫ٍ‬
‫ناحية‪ ،‬ومن‬ ‫ويحقق مراده يف نجران من‬
‫واألعيان يف نجران لدعوة اإلمام بالحضور إلى صنعاء‪ ،‬وقد كسب عرب هذا‬
‫األمل فرص ًة طويل ًة للتسويف يف المحادثات مع الجانب السعودي‪ .‬والجدير‬
‫ٍ‬
‫أنفار من حراز إلى داعي المكارمة يف‬ ‫بالذكر أن اإلمام كان قد أرسل أربعة‬
‫(بدر) إلغرائه على الدخول يف طاعته(‪ ،)1‬وبعد أن وصل اإلمام يحيى إلى هذه‬
‫المرحلة‪ ،‬ولما لم يجد إجما ًعا واستجاب ًة لصالحه من كا َّفة قبائل يام عرب‬
‫قرر االنتقال إلى الحل العسكري بتجهيز الجيوش‪ ،‬وتحريكها‬
‫مشايخهم‪َّ ،‬‬
‫تحت قيادة ابنه‪ ،‬وولي عهده الحتًلل نجران‪ ،‬وفرض أمر واق ٍع بقوة‬
‫السًلح(‪.)2‬‬

‫= عليه الملك عبدالعزيز لقب (أبو ساق)»‪ .‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬نجران‪ ،‬محمد أبو ساق‪( ،‬ص‪،)212‬‬
‫وكتاب‪ :‬د‪ .‬عبدالرحمن بن سبيت السبيت وآخرون‪( :‬كنت مع عبدالعزيز)‪( ،‬ص‪.)147‬‬
‫‪)1( Political Intelligence Summary For the week ending I8th July1933‬‬
‫(‪ )2‬راجع كتاب‪ :‬نجران‪ ،‬د‪ .‬محمد بن فيصل أبو ساق‪( ،‬ص‪.)233 ،232‬‬
‫‪383‬‬

‫بداية الزحف على نجران‪:‬‬


‫بدأ الزحف اليمني على نجران يف صباح يوم األحد‪ :‬التاسع عشر من‬
‫محرم لعام ‪1352‬هـ‪/‬الموافق مايو عام ‪1933‬م‪ ،‬وقد تقدم الجيش اليمني‬
‫ٍ‬
‫بمقدمة تعدادها ستة آالف من رجال قبائل‪( :‬حاشد‪ ،‬وبكيل‪ ،‬وقبائل الشام‪،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫ورجال ذو غيًلن‪ ،‬وهمدان)‪ ،‬وكان قائد مقدمة هذا الجيش هو عامل برط‬
‫السيد‪ :‬إسماعيل بن حسن المداين‪ ،‬وكان قائد قوات اإلمام يحيى بن محمد‬
‫حميد الدين نجله وولي عهده اإلمام أحمد بن يحيى (سيف اإلسًلم)‪ ،‬والتي‬
‫تحركت الحتًلل نجران‪ ،‬وقد رافق هذه الحملة المؤرخ الشهير‪( :‬محمد بن‬
‫عبدالرحمن بن شرف الدين)‪ ،‬وقد أ َّلف كتابه‪« :‬الربق المتألق يف رحلة موالنا‬
‫سيف اإلسًلم إلى المشرق»‪ ،‬الذي تضمن تفاصيل أحداث هذا الغزو‬
‫ٍ‬
‫وأحداث(‪.)2‬‬ ‫ٍ‬
‫واستعدادات‬ ‫ٍ‬
‫حشد‬ ‫واالحتًلل‪ ،‬وما سبقه من‬
‫خطة الجيش اليمني لدخول نجران‪:‬‬
‫حيث أرسل أحمد بن يحيى حميد الدين من بكيل وصعدة قوتين‬
‫حربيتين‪ ،‬إحداهما تقدمت يف اتجاه الشمال الشرقي بقيادة السيد إسماعيل بن‬
‫ٍ‬
‫شرس‬ ‫حسن المداين‪ ،‬واألخرى نحو الشمال برئاسة األمير الحسن‪ ،‬وبعد قتال‬

‫(‪ )1‬برط‪ :‬جبل مشهور يف الشمال الشرقي من صنعاء‪ ،‬وفيه قرى كثيرة ومزارع‪ ،‬يسكنها قبائل ذي غيًلن‬
‫من بكيل «الحجري‪ ،‬مجموع البلدان»‪( ،‬ص‪.)108 ،107‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬نجران‪ ،‬د‪ .‬محمد بن فيصل أبو ساق‪( ،‬ص‪.)212‬‬
‫‪384‬‬

‫تم االستيًلء على الجزء الجنوبي من إقليم نجران بما يف ذلك‬


‫مع قبائل يام‪َّ ،‬‬
‫جبل رعوم(‪ ،)1‬والجربة‪ ،‬وزور وادعة‪ ،‬والموفجة(‪ )2‬والحضن‪ ،‬وسلوة‪ ،‬وبني‬
‫سلمان‪ ،‬وشعب بران‪ ،‬وزور آل الحارث(‪ ،)3‬ثم استمر ولي العهد والقائد العام‬
‫لهذه الحملة بإرسال المدافع والرشاشات مع طوابير من النظام المتوكلي‪.‬‬

‫(‪ )1‬بعد غزو جيش يحيى حميد الدين لنجران عام ‪1352‬هـ‪1933/‬م بقيادة ابنه أحمد‪ ،‬وتمكنت من‬
‫مقرا للجيش الغازي‪ ،‬وقلعة‬
‫احتًلله بعد مقاومة عنيفة‪ ،‬وبناء قلعة عسكرية على جبل رعوم لتكون ًّ‬
‫(الحضن) يف نجران‪ ،‬وقد‬
‫َ‬ ‫رعوم‪ :‬قلعة صخرية تاريخية تقع على قمة جبل رعوم الذي يتوسط قرية‬
‫بنى الجيش اليمني هذه القلعة الستخدامها نقطة مراقبة واستكشاف‪ ،‬ووقع االختيار على جبل‬
‫رعوم لموقعه االسرتاتيجي وصعوبة الوصول إليه؛ حيث يبلغ ارتفاعه ‪450‬م تقريبًا‪ ،‬وظلت هذه‬
‫القلعة حتى انتصر الجيش السعودي بقيادة الملك سعود‪ ،‬والملك فيصل على القوات اليمنية‪،‬‬
‫وتحولت القلعة إلى نقطة مراقبة أمنية للدوريات السعودية حتى عام ‪1372‬هـ لتتحول بعدها إلى‬
‫معلم سياحي وأثري‪ ،‬والقلعة مبنية من الحجر والطين‪ ،‬وتحتوي على غرفتين وخزان مياه منحوت‬
‫يف الصخر‪ ،‬والقلعة مسقوفة بخشب النخل والسدر واألثل‪ ،‬ويؤدي لها طريق واحد على شكل‬
‫درج‪ ،‬وهي محاطة بسور خارجي كبير مشيد من الحجارة المربعة‪ ،‬ويزينه من أعًله شرفات دفاعية‪،‬‬
‫وبداخله خمس غرف مبنية من الطين والحجارة والجص‪ ،‬وسقفها من خشب النخيل واألثل‬
‫والسدر‪ ،‬وال تزال واضحة المعالم حتى اآلن‪ .‬للمزيد‪ :‬انظر‪ :‬مجلة الجمعية التاريخية السعودية‪،‬‬
‫العدد (‪ ،)36‬ربيع الثاين ‪1439‬هـ‪2017/‬م‪ ،‬د‪ .‬زهير بن عبدالكريم الشهري‪( ،‬ص‪،)138 ،137‬‬
‫وصحيفة الشرق األوسط‪ :‬العدد ‪ 9 ،11441‬ربيع ثاين ‪1431‬هـ‪26/‬مارس ‪2010‬م؛ وصحيفة‬
‫اليوم ‪ ،‬العدد ‪ 24 ،15248‬جمادى األولى ‪1431‬هـ‪ 15/‬مارس ‪2015‬م‪.‬‬
‫(‪ )2‬الموفجة‪ :‬قرية زراعية جميلة غزيرة المياه كثيرة البساتين تقع يف حلق وادي نجران بعد السد‪.‬‬
‫البًلدي بين مكة وحضرموت‪( ،‬ص‪ ،)191‬وكتاب‪ :‬يف بًلد عسير‪ ،‬فؤاد حمزة‪( ،‬ص (‪.)182‬‬
‫(‪ )3‬المصدر‪« :‬الربق المتألق يف رحلة موالنا سيف اإلسًلم إلى المشرق»‪ ،‬محمد بن عبدالرحمن بن‬
‫شرف الدين‪( ،‬ص‪.)101‬‬
‫‪385‬‬

‫يقول صاحب كتاب «الربق المتألق»‪« :‬وما زال موالنا ‪-‬أيده اهلل‪ -‬يجمع‬
‫الجموع‪ ،‬ويرسلها ً‬
‫جيشا بعد جيش إلى أخيه سيف اإلسًلم الحسن إلى‬
‫(‪)1‬‬
‫كتاف؛ ليمدَّ هبم َمن دخل نجران من العساكر اإلمامية‪َ ،‬وليكون‬ ‫مطرح‬
‫استئصال بقية بًلد الفرقة اليامية»(‪.)2‬‬
‫ولم يستطيعوا الوصول إلى جبل أبي همدان‪ ،‬والحضن وتوابعه إال يف‬
‫العشر الوسطى من شهر صفر‪.‬‬
‫وحلي النساء‪ ،‬وما وقعت أيديهم عليه‪.‬‬
‫وقد استمروا يف هنب البيوت‪ُ ،‬‬
‫يقول صاحب كتاب «الربق المتألق»‪« :‬وغنم عسكر اإلمام مغانم كثيرة‪،‬‬
‫ولباسا‪ ،‬حتى إنه بلغ أن جيش‬
‫ً‬ ‫وحل ًّيا‬
‫ونحاسا ُ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وفرشا‬ ‫ومقادير من التمر كبيرة‪،‬‬
‫الشام أوقروا مائة جم ٍل من بعض ما غنموه‪ ،‬وطاب لهم ليأكلوه‪ ،‬ووصلت‬
‫ال ُبشرى هبذا النصر المبين»(‪.)3‬‬
‫ثم استمرت المعارك مع الجيش اليمني حتى وصلوا إلى الحضن‬
‫وخشيوة قلعة داعي المكارمة بعد تغلبهم على جبل أبي همدان‪ ،‬ومحل‬
‫الصفا‪ ،‬وجبل هنوقة والعان‪ ،‬وكان ذلك يف منتصف شهر صفر من عام‬
‫َّ‬
‫‪1352‬هـ‪.‬‬

‫(‪ )1‬المطرح هو‪ :‬المكان أو المحل أو المعسكر‪ ،‬ومطرحهم‪ ،‬أي‪ :‬معسكرهم‪.‬‬


‫(‪ )2‬انظر‪ :‬المصدر السابق‪( ،‬ص‪.)105‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬المصدر السابق‪( ،‬ص‪.)102 ،101‬‬
‫‪386‬‬

‫وأثناء هذه المعارك المتواصلة بين الجيش اليمني وأهل نجران‪ ،‬وصل‬
‫إلى صعدة من مشايخ نجران‪ :‬مانع بن حيدر‪ ،‬ووضع صنوه (مانع الصغير)‬
‫أيضا‬
‫رهينةً‪ ،‬وطلب من ولي العهد اليمني أمانًا للشيخ جابر بن نصيب‪ ،‬ووفد ً‬
‫الشيخ محمد بن غانم المنصوري من آل منصور‪ ،‬ووضع نفسه رهين ًة على‬
‫قبيلة آل منصور إلى وصول ولده وأخيه(‪.)1‬‬
‫وانتقلت قيادة الجيش اليمني إلى الحضن (نجران) يف ‪ 3‬من شهر ربيع‬
‫أول لعام ‪1352‬هـ‪ ،‬بقيادة الحسن بن يحيى حميد الدين‪ ،‬ويف الشهر المذكور‬
‫وفد إلى صعدة الشيخ‪ :‬حسن بن زيد وبذل الطاعة الكاملة‪ ،‬وطلب أمانًا‬
‫قافًل إلى أصحابه‪.‬‬
‫لمشايخ معلومين من نجران‪ ،‬وبعد أخذ األمان‪ ،‬رجع ً‬
‫تم لهم االستيًلء على الحضيرة وصنعاء(‪ ،)2‬ثم صدر‬
‫ويف هناية الشهر َّ‬
‫األمر إلى الحسن بن يحيى بإرسال العساكر اإلمامية بعد تزويدهم بكل ما‬
‫يحتاجون إلى القرى التالية‪( :‬آل أبي غبار‪ ،‬وصاغر(‪ ،)3‬ورجًل‪ ،‬وأبو ثامر‪ ،‬وآل‬
‫منجم)‪ ،‬فتقدم الجيش‪ ،‬فوقع بينه وبين قبائل يام حرب عظيمة‪ ،‬وملحمة‬
‫ِ‬
‫جسيمة‪ُ ،‬قت َل فيها ٌ‬
‫كثير من الطرفين‪ ،‬ولم يستطع الجيش اليمني الدخول‪ ،‬فتم‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬المصدر السابق‪( ،‬ص‪.)115‬‬


‫(‪ )2‬من قرى نجران‪ ،‬انظر‪ :‬المصدر السابق‪( ،‬ص‪.)117‬‬
‫(‪ )3‬صاغر‪ :‬هي يف الجهة الجنوبية للفيصلية‪ ،‬وعلى ضفة الوادي الشمالية‪ .‬انظر‪ :‬كتاب‪« :‬رجمت»‪،‬‬
‫محمد آل هتيلة‪( ،‬ص‪.)155‬‬
‫‪387‬‬

‫تزويده بكمية كبيرة من المدافع والرشاشات‪ ،‬ودخلت قيادات جديدة يف‬


‫المعركة‪ .‬ومع عدم تكافؤ الطرفين واإلمكانيات‪ ،‬فقد تغلب الجيش اليمني‬
‫[بعد أن س ّطرت قبائل يام يف مجاهبته مًلحم عظيمة‪ ،‬ومعارك جسيمة يشهد‬
‫لها التاريخ]‪ ،‬وقام هذا الجيش الغازي بإحراق المزارع‪ ،‬وهدم القصور‬
‫والمنازل(‪.)1‬‬
‫دخول نجران يف الطاعة(‪:)2‬‬
‫ابتداء ُ‬
‫لما إنه تم للمجاهدين االستيًلء‬
‫فيقول صاحب كتاب «البرق المتألق»‪َّ « :‬‬
‫محًلت وادي نجران التي قدمنا ذكرها‪ ،‬وجرى يف أثناء ذلك ما‬
‫على عموم َّ‬
‫جرى من القتل والخراب يف تلك ال ُقرى‪ ،‬وكان من أهلها الهزيمة والفرار‪،‬‬
‫واستبدال الديار بالفيايف والقفار‪ ،‬ومع ذلك والعسكر إلى نجران يتبع العسكر‪،‬‬
‫وتكرر»(‪.)3‬‬
‫َّ‬ ‫والحركة عليهم ما برحت تجدَّ د‬
‫ويف غرة جمادى األولى جهز ً‬
‫جيشا من رجال الشام وحجور ال يقل عن‪:‬‬
‫(‪ )2700‬رامٍ‪ ،‬وأمرهم بالتقدُّ م على وادي هدادة‪ ،‬وقد عين فيهم الرؤساء‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬كتاب‪« :‬الربق المتألق يف رحلة موالنا سيف اإلسًلم إلى المشرق»‪ ،‬محمد بن عبدالرحمن بن‬
‫شرف الدين‪( ،‬ص‪.)118 ،117‬‬
‫(‪ )2‬هذا قول المؤلف!!‪.‬وقد حصل ألهل وادي نجران من القتل والتعذيب والتشريد ما ال يحصيه إال‬
‫اهلل عز وجل‪.‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬كتاب‪« :‬الربق المتألق يف رحلة موالنا سيف اإلسًلم إلى المشرق»‪ ،‬محمد بن عبدالرحمن بن‬
‫شرف الدين‪( ،‬ص‪.)119‬‬
‫‪388‬‬

‫التالية أسماؤهم‪1( :‬ـ السيد محمد يحيى العزي‪2 .‬ـ يحيى محمد الصعدي‪3 .‬ـ‬
‫محمد بن عبداهلل المتوكل)‪ ،‬وأصحبهم مائة ٍ‬
‫ظهر من الدقيق والمؤن وجميع‬
‫اللوازم الحربية‪ ،‬وقد وقعت بينهم وبين أهل الوادي حرب طاحنة استمرت‬
‫عدة أيام‪ ،‬ثم تغلبت القوات اليمنية على وادي هدادة‪.‬‬
‫ثم انتدب بعد أسبو ٍع من هناية معركة هدادة يحيى محمد الصعدي معه‬
‫مائة را ٍم ؛ لكشف الجبال والطرق إلى وادي حبونا‪ ،‬وقد رصدت له مجموعة‬
‫من رجال يام‪ ،‬يقول المؤلف‪ :‬إن الصعدي تغلب عليهم يف هناية اليوم‪ ،‬وقتل‬
‫منهم سبعة‪ ،‬ومن رفقائه اثنان‪.‬‬
‫مأمورا من ولي‬
‫ً‬ ‫ويف الشهر المذكور خرج السيد محمد مهدي شايم‪،‬‬
‫العهد بالتقدم إلى حبونا‪ ،‬ولما وصل إلى الخانق والقرن‪ ،‬تلقاه أهلها بالحرب‪.‬‬
‫ويف العشر األخيرة من جمادى األولى‪ ،‬أمر ولي عهد اليمن عسكر عيال‬
‫جبل وعمران‪ ،‬وعيال سريح إلى وادي نشور‪ ،‬وأعطاهم مدف ًعا وجبخانات(‪،)1‬‬
‫وجميع ما يلزم من االحتياجات؛ ألجل الحركة إلى (بدر)‪.‬‬
‫يقول صاحب كتاب «البرق المتألق يف رحلة موالنا سيف اإلسالم إلى‬
‫المشرق»(‪« :)2‬وفيها بلغ فرار داعي المكارمة علي محسن شبام(‪ ،)3‬ومنصوبه‬

‫الجبَخَ انة‪ :‬مخزن مواد الحرب من بارود وقنابل وسًلح وذخيرة وهي كلمة (تركية)‪.‬‬
‫(‪َ )1‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪( :‬ص‪.)128‬‬
‫(‪ )3‬راجع ترجمته‪( ،‬ص‪ ) 213‬من هذا الكتاب‪.‬‬
‫‪389‬‬

‫الفقيه‪ :‬حسين بن أحمد(‪ )1‬من مح ِّلهم ٍ‬


‫بدر إلى أهبا من بًلد عسير‪ ،‬وفيها وصل‬
‫الخرب إلى موالنا من أخيه الحسن بأن أهالي أسفل الوادي حبونا قد رهنوا‬
‫وأطاعوا‪ ،‬وصلحت أمورهم»(‪.)2‬‬
‫معركة بدر ودخولها‪:‬‬
‫يتحرك بذاته‬
‫َّ‬ ‫ويقول صاحب الكتاب‪« :‬فرأى موالنا ‪-‬أ َّيده اهلل‪ -‬أن‬
‫الستئصال َبد ٍر‪ ،‬وتطهيرها من ‪ ...‬واختار من المجاهدين ً‬
‫جيشا من النظام‪،‬‬
‫وأمرهم بالتأهب بعد صًلة الجمعة‪ ،‬وهو الثاين من شهر جمادى اآلخرة عام‬
‫‪1352‬هـ(‪ ،)3‬وصحبته الرشاشات وغيرها من المعدات الحربية‪ ،‬وأمر يف ذلك‬
‫اليوم بعزم سبعمائة را ٍم بالوصول إلى هدادة‪ ،‬واالنتظار لحضرته يف ذلك‬
‫مبشرا بدخول عسكر اإلمام إلى‬
‫ً‬ ‫المحل‪ ،‬وبينما واألمر كذلك إذ أقبل الربيد‬
‫ٍ‬
‫بدر‪.‬‬
‫ثم يسترسل صاحب الكتاب‪ ،‬فيقول‪« :‬بدر هذه هي منبع ديانة المكارمة‬
‫الضالين‪ ،‬ودار هجرهتم إلى مرضاة إبليس اللعين‪ ،‬منشأ معتقدهم الباطل‪،‬‬
‫ومعدن بدعتهم التي فتن هبا كل جاهلٍ‪ ،‬فإهنم الذين يقال لهم‪ :‬المضيفون إلى‬

‫(‪ )1‬راجع ترجمته‪( ،‬ص‪ ) 218‬من هذا الكتاب‪.‬‬


‫(‪ )2‬المصدر كتاب‪« :‬الربق المتألق‪( ،»....‬ص‪.)128‬‬
‫(‪ )3‬راجع جريدة «صوت الحجاز» مكة المكرمة يوم الثًلثاء ‪ 5‬رجب سنة ‪1352‬هـ‪ /‬الموافق ‪24‬‬
‫أكتوبر سنة ‪1933‬م‪.‬‬
‫‪390‬‬

‫ضل ُزعماؤهم وأض ُّلوا‪ ،‬وأمروا بالباطل يف تلك‬


‫الم َّلة كل بدعة دنية‪ ،‬طالما َّ‬
‫الجهات‪ ،‬واستقلوا‪ ،‬وأمنوا مكر اهلل‪.)1(»...‬‬
‫ثم يستمر يف شرح هذه الحرب الجائرة الظالمة على نجران وأهله‪ ،‬فيقول‬
‫عن ( َبدْ ر)‪« :‬ويف أثناء الشهر المذكور وصل إلى موالنا ‪-‬أ َّيده اهلل‪ -‬ثمان عشرة‬
‫العزي من رهائن الخانق‬
‫رهينة من طرف السيد عز الدين محمد بن يحيى ِّ‬
‫أيضا صدر َأمر‬
‫والقرن‪ ...‬ومن إليهم من بدو يام‪ ....‬ويف أثناء الشهر المذكور ً‬
‫موالنا ‪-‬أ َّيده اهلل‪ -‬إلى ٍ‬
‫بدر إلى السيد محمد مهدي الشايم‪ ،‬و َمن لديه من‬
‫محًلت المكارمة وقباهبم ومساجدهم‪ ،‬ودورهم‬
‫َّ‬ ‫رؤساء وعرايف بخراب‬
‫ومشاهدهم‪ ،‬والقبور التي كانوا يعظموهنا بجهالتهم‪ ،‬وأرسل ‪-‬أ َّيده اهلل‪ -‬إليهم‬
‫وتم لهم خراب كل ذلك‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫بمقدار من البارود القتًلع تلك األبنية الشيطانية‪َّ ،‬‬
‫ولم يبق منه باقيةٌ‪ ،‬وصار عرب ًة للمعتربين»(‪.)2‬‬
‫ثم يستمر الجيش اليمني يف تدمير اآلبار ومناهل المياه التي لها آالف‬
‫أيضا أمر موالنا ‪-‬‬
‫السنين‪ ،‬وهي مورد معروف للبدو والحضر‪ ،‬فيقول‪« :‬وفيه ً‬
‫طمها وتخريبها‬ ‫(‪ِ )3‬‬
‫أيده اهلل‪ -‬بعزم قطعة من المجاهدين إلى بئر الخضراء ل ِّ‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬كتاب‪« :‬الربق المتألق‪( ،»...‬ص‪.)130‬‬


‫(‪ )2‬المصدر‪ :‬السابق‪( ،‬ص‪.)134‬‬
‫(‪ )3‬بئر الخضراء يبلغ قطرها عشرين قد ًما‪ ،‬ومكسوة بالحجارة يف جميع جوانبها الداخلية حتى مستوى‬
‫قليًل فوق النقطة التي تخرج عندها القناة من‬
‫الماء‪ ،‬وتقع على الضفة اليمنى لوادي نجران‪ ،‬وترتفع ً‬
‫=‬
‫‪391‬‬

‫كوهنا أكرب َعو ٍن ألولئك الطغام سكان القفر من بدو يام‪ ،‬وهذه البئر هي يف‬
‫الرملة شرقي وادي نجران بمسافة نصف يوم»(‪.)1‬‬
‫وعند وصولهم إليها‪ ،‬تل َّقاهم قبائل آل الهندي‪ ،‬والمحامض وآل شرمة‬
‫تم تدميرها‬
‫وآل ذيبان من قبيلة آل فاطمة بالحرب والدفاع عنها‪ ،‬ويف النهاية َّ‬
‫على يد الجيش اليمني‪.‬‬
‫ويف العشر الوسطى من شهر رج ٍ‬
‫ب‪ ،‬تم إرسال خمسمائة من الجيش‬
‫اليمني إلى أسفل وادي حبونا لهدم بئر سلوه وبئر الحصينية(‪ ،)2‬فدفنوها وما‬

‫= الصخور يف سفح التًلل إلى رمال الربع الخالي‪ .‬ولذلك تعدُّ البئر منطقة توقف للسقيا ذات أهمية‬
‫عظيمة لبدو يام الذين يجوبون الصحراء برجالهم وقطعاهنم‪ .‬وأثناء شتاء ‪1934 - 1933‬م قام‬
‫الجيش اليمني‪ ،‬الذي َّ‬
‫احتل وادي نجران‪ ،...‬بتدمير هذه البئر لحرمان قبيلة يام المناوئة من نقطة‬
‫التجميع هذه‪ .‬ولقد قامت الحكومة السعودية يف الحقيقة بإعادة حفرها وإصًلحها يف عضون ستة‬
‫شهور؛ حيث استعادت دورها الطبيعي يف اقتصاد الصحراء‪ .‬وتعود ملكيتها لقبيلة يام‪ ،‬ولكن‬
‫تزورها القبائل األخرى بحرية‪ ،‬من أقرب األماكن وأبعدها؛ حيث تأيت إليها قبيلة وائلة من وادي‬
‫ال َفرع المجاور‪ ،‬وقبيلة الدواسر من واديهم العظيم خلف الصحراء‪ ،‬بل حتى قبيلة الصيعر تأيت إليها‬
‫من حدود حضرموت البعيدة‪ .‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬بنات سبأ رحلة يف جنوب الجزيرة العربية‪ ،‬هاري سانت‬
‫جون فيلبي‪( ،‬ص‪ )41 ،40‬مكتبة العبيكان‪ .‬راجع كتاب‪ :‬نجران منطلق القوافل‪ ،‬أ‪.‬د‪ .‬عبدالرحمن‬
‫األنصاري‪ ،‬وأ‪ .‬صالح بن محمد آل مريح‪( ،‬ص‪.)86‬‬
‫(‪ )1‬انظر‪ :‬كتاب‪« :‬الربق المتألق‪( ،»....‬ص‪.)135‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬موارد الماء المشهورة يف منطقة نجران يف كتاب‪« :‬نجران منطلق القوافل»‪ ،‬أ‪.‬د‪ .‬عبدالرحمن‬
‫األنصاري‪ ،‬وأ‪ .‬صالح بن محمد آل مريح‪( ،‬ص‪.)86‬‬
‫‪392‬‬

‫حجرا مع حجر(‪.)1‬‬
‫ً‬ ‫أبقوا فيها‬
‫ورغم ذلك‪ ،‬فقد كان الوفد السعودي يفاوض اإلمام يحيى يف صنعاء إال‬
‫أن المفاوضات فشلت‪ .‬ويف ‪ 11‬ربيع الثاين عام ‪1352‬هـ ـ ‪24‬يوليو عام‬
‫‪ 1933‬م‪ ،‬غادرت البعثة السعودية صنعاء يف الوقت الذي تصاعدت فيه حدة‬
‫التوتر بين اليمن والسعودية(‪.)2‬‬
‫الموقف األهم‪:‬‬
‫يقول صاحب كتاب «السياسة والحرب واإلدارة»‪ ،‬محمد أبو ساق‪:‬‬
‫«الموقف األهم تم َّثل يف قيام قوات (اإلمام يحيى) ‪ -‬بقيادة نجله (اإلمام‬
‫أحمد) ‪ -‬بدخول نجران عام ‪1352‬هـ‪1933/‬م‪ ،‬واحتًللها‪ ،‬وتدمير قراها‪،‬‬
‫وطمر آبارها‪ ،‬وهدم بيوهتا‪ ،‬وتحريق مزارعها‪ ،‬والقبض على وجهائها‬
‫وأبنائهم‪ ،‬واتخاذهم رهائن لدى (إمام اليمن)؛ إلرغام قبائلهم على الدخول‬
‫يف طاعة اإلمام‪ ،‬والتو ُّقف عن مقاومة قواته‪ ،‬ويعتقد أن تغ ُّير موقف اإلمام‬
‫يحيى المفاجئ من المفاوضات إلى الحرب قد استند إلى اتفاقيات و َّقعها‬
‫مؤخرا مع بعض الوجهاء يف نجران‪ ،‬ولجوء آخرين إلى معسكره قبل بدء‬
‫ً‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬كتاب‪« :‬الربق المتألق يف رحلة موالنا سيف اإلسًلم إلى المشرق»‪ ،‬محمد بن عبدالرحمن‬
‫بن شرف الدين‪( ،‬ص‪.)135‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬كتاب‪« :‬دخول نجران يف العهد السعودي»‪( ،‬دراسة تاريخية وثائقية)‪ ،‬تأليف‪ :‬د‪ .‬علوي عمر‬
‫فريد‪( ،‬ص‪ ،)109‬وكتاب‪ :‬المطامع السعودية يف اليمن‪ ،‬د‪ .‬محمد بن علي الشهاري‪( ،‬ص‪.)125‬‬
‫‪393‬‬

‫ٍ‬
‫بصيرة منه إلى تقييم حجم تلك التصرفات‪،‬‬ ‫الحرب‪ ،‬وإعًلن الطاعة له دون‬
‫ومدى تأثيرها االجتماعي لصالحه أو ضده»(‪.)1‬‬
‫يقول أحد أعضاء الوفد السعودي المفاوض‪« :‬منذ أن وصلنا صنعاء‬
‫والحرس مًلزمون منزلنا‪ ،‬ال يخرج منا أحد‪ ،‬وال يدخل علينا أحد‪ ،‬وكانت‬
‫اإلشاعات المقصودة تطرق أسماعنا عن انتصار جند اإلمام يف نجران‪،‬‬
‫واحتًلل بًلد يام‪ ،‬وغير ذلك من اإلشاعات واإلرجافات‪ ،‬ومع ذلك فقد‬
‫منعت الربقيات‪ ،‬فلم يصدر منا شيء‪ ،‬ولم يرد إلينا شيء‪ ،‬فحصل الضيق وسوء‬
‫الظن»(‪.)2‬‬
‫لقد تطورت األمور‪ ،‬وتأزمت العًلقات بين الحكومتين بعد وصول‬
‫الوفد إلى جازان من ناحيتين‪:‬‬
‫شكًل جديدً ا معينًا‪،‬‬
‫ً‬ ‫األولى‪ :‬أن أعمال الجيش اليمني يف نجران أخذت‬
‫فقد قامت بإحراق بعض القرى‪ ،‬واالعتداء على األهالي‪ ،‬والتوغل فيما وراء‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬كتاب‪«:‬يف السياسة والحرب واإلدارة»‪ ،‬د‪ .‬محمد بن فيصل أبو ساق‪( ،‬ص‪.)323‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬تفاصيل فرحة اليمنيين باحتًلل نجران التي شاهدها الوفد السعودي المفاوض أثناء تواجده‬
‫يف اليمن عند‪ :‬تركي بن محمد الماضي‪« :‬من مذكرات تركي بن محمد الماضي عن العًلقات‬
‫السعودية اليمنية ‪1371 - 1342‬هـ‪1954 - 1924/‬م»‪ ،‬الناشر‪ :‬دار الشبل للنشر والتوزيع‬
‫والطباعة‪ ،‬الرياض ـ السعودية‪ ،‬الطبعة األولى‪1427 ،‬هـ‪1997/‬م‪( ،‬ص‪ ،)148‬انظر‪ :‬لًلعرتاف‬
‫اليمني بحجز الوفد السعودي بـ(صنعاء) من أجل إهنا السيطرة على نجران ‪ ،‬كتاب‪ :‬المطامع‬
‫السعودية يف اليمن‪ ،‬د‪ .‬محمد بن علي الشهاري‪( ،‬ص‪ ،)125‬وكتاب‪ :‬تاريخ المخًلف السليماين‪،‬‬
‫محمد بن أحمد العقيلي‪.)1046/2( ،‬‬
‫‪394‬‬

‫نجران‪ ،‬مثل بدر‪ ،‬وهدادة‪ ،‬والخانق(‪ ،)1‬وحبونا وغيرهم من المراكز الشمالية‬


‫العائدة لنجران‪ ،‬وقد هدموا اآلبار‪ ،‬ونبشوا قبور المكارمة يف ٍ‬
‫بدر‪ ،‬وأحرقوها‪،‬‬
‫كثيرا من أموال المكارمة(‪ ،)2‬وقد هرب الكثير من أهالي نجران‪،‬‬
‫وغنم الجيش ً‬
‫والتجأ بعض رؤسائهم إلى جًللة الملك عبد العزيز‪ ،‬وطلبوا من جًللته‬
‫مما َّ‬
‫حل هبم‪ ،‬ومن هؤالء الًلجئين‪ :‬علي محسن المكرمي(‪،)3‬‬ ‫إنقاذهم َّ‬
‫وحسين أحمد المكرمي‪ ،‬وهما من زعماء الطائفة اإلسماعيلية‪ ،‬ومن الرؤساء‬
‫جابر أبو ساق‪ ،‬وسلطان بن منيف‪ ،‬وغيرهما‪ ،‬وقد لجأ إلى اإلمام يحيى منهم‬
‫أفراد قليلة‪ ،‬منهم جابر بن نصيب‪ ،‬وحسن بن زيد(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬قرية الخانق‪ :‬على الطريق الواصل بين نجران وبدر فيواجهها الزائر بعد عقبة «خيرة»‪( ،‬وكانت‬
‫تسمى عقبة الربضاء)‪ ،‬وتبعد عن محافظة بدر الجنوب (‪ )17‬كيلو مرتًا‪ ،‬وتمتاز ببيئتها الزراعية‪،‬‬
‫ويتبع لها قرى فرع الجبل‪ ،‬والقرن‪ ،‬والحلمة‪ ،‬والمجزعة‪ ،‬وطليلة‪ ،‬وقاب‪ ،‬وقانية‪ ،‬وشكًللة‪،‬‬
‫يمر بالخانق واد كبير وشهير‪ ،‬هو وادي صيحان‪ ،‬وتتميز الخانق‬
‫والمرقب‪ ،‬وعًلبة‪ ،‬ولقطة؛ حيث ُّ‬
‫مقرا لقيادة‬
‫بمرتفعاهتا الشاهقة على جانبي الطريق المؤدي لمحافظة بدر‪ ،‬وكان مركز (الخانق) ًّ‬
‫القوات اليمنية يف القرى الشمالية من نجران‪ ،‬أثناء احتًلل نجران من قِبَل يحيى حميد الدين‪.‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬نجران تاريخ وإنسان‪( ،‬ص‪ ،)186‬محمد طحنون‪ ،‬وكتاب‪ :‬أئمة اليمن بالقرن الرابع‬
‫عشر للهجرة‪ ،‬محمد بن محمد زبارة‪( ،‬ص‪.)314‬‬
‫(‪ )3‬لقد كان هروب الداعي علي بن محسن بن حسين شبام‪ ،‬وهو ليس من المكارمة‪ ،‬راجع تعريفه‬
‫(ص‪ ،)213‬وحسين أحمد المكرمي إلى أهبا وليس للرياض‪ ،‬راجع كتاب‪ :‬المطامع السعودية يف‬
‫اليمن‪ ،‬د‪ .‬محمد بن علي الشهاري‪( ،‬ص‪ ،)127‬وكتاب‪« :‬الربق المتألق يف رحلة موالنا سيف‬
‫اإلسًلم إلى المشرق»‪ ،‬محمد بن عبدالرحمن بن شرف الدين‪( ،‬ص‪.)128‬‬
‫(‪ )4‬المرجع‪ :‬تركي بن محمد الماضي‪« :‬من مذكرات تركي بن محمد الماضي عن العًلقات السعودية‬
‫=‬
‫‪395‬‬

‫الفصل الخامس‪ :‬دور أبو ساق يف نجران‪:‬‬


‫استمرت الحرب على نجران سن ًة كامل ًة(‪ ،)1‬واستخدم فيها اإلمام مدافعه‬
‫َّ‬
‫أيضا (الحديث هناء لشريف أبو ساق)‪ ،‬ولم يكن‬
‫وبنادقه كما استخدمناها نحن ً‬
‫لدى قبائل يام سوى القليل من تلك المدافع والبنادق مما سبق لوالدي‬
‫وجماعته الحصول عليها يف أوقات سالفة‪ ،‬ولما صعد اإلمام القتال‪ ،‬وتوسع‬
‫يف استخدام البنادق والرشاشات ضد نجران‪ ،‬وهدم البيوت وإحراق النخيل‪،‬‬
‫وصار موقفنا ضن ًكا بعد أن كادت أسلحتنا وذخائرنا أن تنفذ(‪.)2‬‬
‫وقد نجحت طًلئع جيش اإلمام يحيى يف التوغل داخل أرض نجران‬
‫مما اضطر أهلها إلى النزوح عنها يف تجاه الشمال‪ ،‬ليحتموا بالشعاب واألودية‬
‫والقرى الصغيرة والبعيدة‪ ،‬ثم اقتصرت المناوشات على أوقات الظًلم‪،‬‬
‫وجوف الليل‪ ،‬وعاشت قبائلنا أيا ًما صعبةً‪ ،‬فقام الشيخ جابر أبو ساق رحمه اهلل‬
‫شارحا له حال أهالي نجران‬
‫ً‬ ‫بااللتجاء إلى اهلل‪ ،‬ثم إلى الملك عبدالعزيز‬
‫ومعاناهتم‪.‬‬

‫= اليمنية»‪( ،‬ص‪ ،)156‬وكتاب‪ :‬تاريخ المخًلف السليماين‪ ،‬محمد بن أحمد العقيلي‪/2( ،‬‬
‫‪ ،)1114 -1113‬وكتاب‪ :‬دخول نجران يف العهد السعودي‪ ،‬د‪ .‬علوي عمر بن فريد‪( ،‬ص‪.)133‬‬
‫استمرت الحرب على نجران سنة كاملة تقريبًا؛ فقد بدأ الجيش اليمني‪« :‬يف صباح يوم األحد‪:‬‬
‫َّ‬ ‫(‪ )1‬لقد‬
‫التاسع عشر من محرم لعام ‪1352‬هـ‪/‬الموافق‪14 :‬مايو عام ‪1933‬م‪ ،‬وخرج يف شهر ‪6‬صفر عام‬
‫‪1353‬هـ‪ /‬الموافق‪21 :‬مايو ‪1934‬م»‪ ،‬وهذا أكثر من سنة كاملة‪.‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬كنت مع عبد العزيز‪( ،‬ص‪ ،)149‬نص حديث الشيخ شريف أبو ساق‪.‬‬
‫‪396‬‬

‫أبو ساق يستنجد بآل سعود‪ :‬لم يكن أبي قد نسي مقابلته البن سعود يف‬
‫مكة المكرمة(‪( )1‬الحديث للشيخ‪ :‬شريف بن جابر بن حسين أبو ساق) خًلل‬
‫موسم الحج قبل بداية هذه الحرب بنحو عام‪ ،‬عندما َّنوه له عن أطماع اإلمام‬
‫يف نجران‪ ،‬وتوقعاته أن يزحف عليها بجيشه‪ ،‬وكيف طمأنه الملك عبدالعزيز‪،‬‬
‫واستبعد احتمال أن يعمد يحيى بن حميد الدين إلى مثل هذا التصرف‪ ،‬بنا ًء‬
‫ولما اشتدَّ ت وطأة العدوان على‬
‫على المراسًلت التي بينهما يف هذا الشأن‪َّ .‬‬
‫نجران‪ ،‬أخذ أبي كل ما عنده من معاهدات ومواثيق مع آل سعود‪ ،‬وسافر إلى‬
‫الرياض ليطلب من الملك عبدالعزيز النجدة‪ ،‬واستغرقت رحلته تسع ٍ‬
‫ليال‪،‬‬
‫واستقبله الملك وأكرمه غاية اإلكرام‪ ،‬وعرض أبي عليه ما جاء به من مواثيق‪،‬‬
‫وطلب منه العون بعد أن أوضح له خطط اإلمام وخطرها على نجران وأهلها‪.‬‬
‫قال الملك عبد العزيز‪ :‬إن الجيش قد انتشرت به الحمى‪ ،‬ولم يرجع من‬
‫هتامة بعد(‪.)2‬‬
‫سفر أبو ساق لمقابلة الملك عبد العزيز‪:‬‬
‫عندما اجتاح الجيش اليمني نجران‪ ،‬خرج الشيخ جابر أبو ساق من منزله‬

‫(‪ )1‬انظر‪:‬كتاب‪ :‬نجران تأليف‪ :‬محمد أبو ساق‪( ،‬ص‪ ،)208‬وكانت تلك المقابلة يف حج عام‬
‫(‪1350‬هـ)‪.‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬كنت مع عبد العزيز‪ ،‬للدكتور‪ :‬عبد الرحمن بن سبيت السبيت وآخرون‪( ،‬ص‪)151‬‬
‫ط‪1415 :2‬هـ‪1994/‬م‪.‬‬
‫‪397‬‬

‫وتوجه يف بداية‬
‫َّ‬ ‫قاصدً ا الرياض لطلب النجدة من الملك عبد العزيز آل سعود‪،‬‬
‫رحلته إلى «يدمة» يرافقه يف رحلته محسن الدوسري ‪-‬من أهل نجران‪ -‬ونزل‬
‫الشيخ جابر يف ضيافة الشيخ حشان بن لويف آل فهاد يف البادية(‪ ،)1‬وطلب منه‬
‫مرافقته يف رحلته هذه إلى نجد‪ ،‬واستجاب الشيخ حشان بن لويف ومن معه‬
‫ٍ‬
‫بمكان ليس‬ ‫لمرافقته‪ ،‬وذهبوا إلى الرياض‪ ،‬وعند وصولهم إلى هناك أقاموا‬
‫بالبعيد عن قصر الملك عبد العزيز يقال له‪« :‬المناخ»‪ ،‬وبلغ مسؤول‬
‫التشريفات الملكية جًللة الملك بقدوم الشيخ جابر أبو ساق من نجران ‪-‬‬
‫ٍ‬
‫حينئذ لم تدخل يف الحكم السعودي‪ -‬وال زالت الخًلفات حولها‬ ‫ونجران‬
‫مهم‪ ،‬وعندها أذن له بذلك‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫ألمر ٍّ‬ ‫محتدمةً‪ ،‬ورغبة األخير بمقابلة الملك‬
‫ورحب به‪ ،‬وقابل الملك عبدالعزيز بمجلسه‪ ،‬وروى له ما َّ‬
‫حل بنجران وأهله‬
‫من خراب ودمار وغزو ظالم من قبل دولة مسلمة وجارة ‪-‬هي دولة آل حميد‬
‫الدين‪ -‬بقيادة ابنه‪ ،‬وولي عهده األمير أحمد بن يحيى بن حميد الدين‪ ،‬وعندها‬
‫ٍ‬
‫مآس حصلت يف نجران‬ ‫تأثر الملك‪ ،‬وبان على ُمح َّياه الدهشة مما سمعه من‬
‫حيث يرويها الشيخ جابر أبو ساق بمصداقيته المعروفة‪ ،‬وبعدها طلب الملك‬

‫(‪ )1‬من الرواية التي نقلها ظافر بن حمد بن جار اهلل بن قريضة المحامض (رئيس المجمع القروي يف‬
‫يدمة عام ‪1404‬هـ) عن الشيخ عائض بن مهدي بن جعشه آل فهاد يف ‪1427/4/10‬هـ ‪ -‬يدمة ‪-‬‬
‫نجران‪ ،‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬دخول نجران يف العهد السعودي (‪1427 -1279‬هـ) (‪2006 -1863‬م)‬
‫دراسة تاريخية وثائقية‪ ،‬د‪ .‬علوي عمر فريد‪( ،‬ص‪ ،)152‬دار قتيبة ‪ -‬دمشق‪.‬‬
‫‪398‬‬

‫من الشيخ جابر اإلقامة بضيافته التي كانت عبارة عن بعض األبنية الطينية‬
‫ٍ‬
‫وشيء‬ ‫البسيطة وخيام الشعر‪ ،‬حيث أمر الملك بتجهيز خيمة شعر بملحقاهتا‪،‬‬
‫حسب ظروف الدولة الصعبة آنذاك‪.‬‬
‫من التموين الغذائي البسيط َ‬
‫وبعد مقابلة الملك‪ ،‬إذا برجلين من رجال الملك عبد العزيز مقبلين على‬
‫خيمة الشيخ جابر أبو ساق مصطحبين معهما ما يلزم من مستلزمات الضيافة‬
‫ونحوها‪ ،‬وشي ًئا من المال‪.‬‬
‫وجه به‪ ،‬فما كان من‬
‫وسلموا على الشيخ‪ ،‬وأبلغوه بتحيات الملك وبما َّ‬
‫الشيخ جابر إال أن أثنى على الملك عبد العزيز‪ ،‬واعتذر عن قبول ما أتى به‬
‫مندوبو الملك‪ ،‬وطلب منهما إبًلغ الملك بتحياته وإحاطته بما يلي على لسان‬
‫مال وال ٍ‬
‫جاه‪ ،‬بل أتيت‬ ‫آت إلى هنا من أجل ٍ‬ ‫الشيخ جابر‪ ،‬حيث قال‪« :‬أنا لم ِ‬

‫إلنقاذ نجران وأهله من غزو وظلم وبطش اإلمام يحيى يف نجران اليوم»‪ ،‬وتبلغ‬
‫الملك بذلك‪.‬‬
‫وبعد بضعة أيام‪ ،‬أتى إلى خيمة الشيخ جابر مندوب من الملك‪ ،‬وأبلغه‬
‫بطلب الملك مقابلته‪ ،‬وذهب الشيخ جابر‪ ،‬وقابل الملك‪ ،‬وعندها قال الملك‬
‫بأن عليه و َمن معه ومن يرغب رغبته‪ ،‬ويأتمر بإمرته بالرحيل إلى نجد‪ ،‬واإلقامة‬
‫فيها‪ ،‬وترك نجران لإلمام‪ ،‬ومن يرغب يف اإلمام يبقى عنده من أهل نجران‪،‬‬
‫حيث سيمنح الملك الشيخ أبا ساق هجر ًة تتسع لهم جمي ًعا على عيون‬
‫الخرج‪ ،‬فوقع ذلك الخرب على رأس الشيخ جابر أبو ساق َوقع الصاعقة‪ ،‬ولكنه‬
‫‪399‬‬

‫استجمع قواه أمام الملك‪ ،‬ورد بقوله وبعفويته وبلهجته ما يلي‪« :‬لم أكن يف‬
‫يو ٍم من األيام أتوقع منك‪ ،‬وال من أجدادك الذين تربطنا هبم وثائق مسجلة ما‬
‫سمعته اليوم‪ ،‬واهلل المستعان على كل ٍ‬
‫حال‪ ،‬وأحب أن أقول لك‪ :‬إن اإلمام لن‬
‫تخوفه وحذره من تجييش‬‫يبقى يف نجران وحدها‪ ،»...‬وذكر أبو ساق للملك ُّ‬
‫ٍ‬
‫حملهم ما ال يحتملون يف‬‫رجال يام وأهالي نجران تحت راية ال يرغبوهنا‪ ،‬و ُت ِّ‬
‫ومغاز أخرى‪ ،‬فما كان من الملك عبدالعزيز إال أن غضب وانتخى‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫حروب‬
‫وتفهم موقف أبو ساق‪ ،‬واستنجاده‬
‫وتفهم َوضع نجران‪َّ ،‬‬
‫بعزوته المعهودة‪َّ ..‬‬
‫وإصراره لطلب نجدته على الظالم‪ ...‬إلى أن قال جابر أبو ساق بما يذكر‬
‫الملك بعهد جده‪ ،‬وما يتضمن أنكم أهل العهود‪ ...‬وخرج الشيخ جابر أبو‬
‫ٍ‬
‫ساق محب ًطا إلى خيمته‪ ،‬ولم يكلم مرافقيه بما حدث‪ ،‬اختلى بنفسه‪ ،‬وبقي‬
‫حسب الرواية‪.‬‬
‫صامتًا حزينًا على هذا الحال لعدة أيام قليلة َ‬
‫وبعد أن َم َّن اهلل عليه بالفرج‪ ،‬أتاه مندوب الملك ثانيةً‪ ،‬وأبلغه بمقابلة‬
‫خيرا‪ ،‬وذهب مع المندوب‬
‫الملك مرة أخرى‪ ،‬فاستبشر الشيخ أبو ساق ً‬
‫للملك‪ ،‬وعندها سأله الملك عبد العزيز عن أحواله‪ ،‬فر َّد الشيخ على الملك‬
‫سر صدي ًقا‪ ،‬وال تغيظ ًّ‬
‫عدوا‪ ،‬فتمتم الملك‬ ‫أحوالي يا محفوظ كما تراها‪ ،‬ال َت ُّ‬
‫ببعض الكًلم‪ ،‬ثم سأل الشيخ‪ :‬أين تقع بلدة بدر؟ وأين موقعها من «ظهران‬
‫ٍ‬
‫بتوفيق من اهلل‪ ،‬ثم بحنكته‪ -‬بما يقصده الملك عبد‬ ‫الجنوب»؟ ففطن الشيخ ‪-‬‬
‫العزيز‪ ،‬فأجابه َّ‬
‫الشيخ بأن بلدة «بدر» خلف ظهران بمراحل صوب عسير‪ ،‬هذا‬
‫‪400‬‬

‫حسب لهجته‪ ...‬فرد الملك عبد العزيز بتلقائيته المعهودة‪ ،‬وقال‪« :‬ال واهلل‪َّ ،‬إال‬
‫متفائًل من هذا اللقاء‪ ،‬وبعد بضعة أيام ويف‬
‫ً‬ ‫نوانا يحيى»‪ ،‬وخرج الشيخ جابر‬
‫إحدى الليالي الحالكة الظلمة‪ ،‬وإذا بأصوات رزيم اإلبل‪ ،‬واختًلطه بصهيل‬
‫الخيل‪ ،‬وزحام الرجال يف آخر الليل‪ ،‬فتهللت أسارير الشيخ جابر‪ ،‬ونادى على‬
‫رفاقه‪ ،‬وأيقظهم من نومهم‪ ،‬وأخذ يبشرهم بقرب الفرج حيث ظن‪ ،‬وظنه كان‬
‫يف مكانه أن هذا الجيش يعدُّ إلنقاذ نجران‪ ،‬وما أن أصبح الصباح الباكر إال‬
‫ورسول الملك يصل إلى الشيخ‪ ،‬ويطلب منه مقابلة الملك‪ ،‬فذهب معه على‬
‫عجلٍ‪ ،‬وقابل الملك‪ ،‬وسلم عليه‪ ،‬وأبلغه الملك عبد العزيز بتجهيز الجيش‬
‫وتسييره إلى نجران‪ ،‬وقال للشيخ‪« :‬باكر ‪-‬إن شاء اهلل‪ -‬يا جابر توجه مع‬
‫الجيش إلى نجران بيرق التوحيد األول‪ ،‬وبيرق عبدالعزيز‪ ،‬ثم بيرقك يا جابر‪،‬‬
‫وعلى الخائن اهلل أكرب»(‪.)1‬‬
‫أبو ساق يناشد الملك‪:‬‬
‫ورد الشيخ جابر أبو ساق عليه بأن الموقف ال يحتمل التأخير‪ ،‬وما نحن‬
‫إال قبيلة واحدة نتعرض اليوم للمهالك‪ ،‬ونعاين من المشقة والخطر‪ ،‬وقد‬

‫(‪ )1‬راجع‪ :‬كتاب‪ :‬دخول نجران يف العهد السعودي (دراسة تاريخية وثائقية)‪ ،‬تأليف‪ :‬د‪ .‬علوي عمر‬
‫فريد‪( ،‬ص‪ ،)154‬دار قتيبة للطباعة والنشر والتوزيع لعام (‪1428‬هـ ‪2007 -‬م)‪ ،‬وكتاب‪ :‬كنت‬
‫مع عبد العزيز‪ ،‬للدكتور‪ :‬عبد الرحمن بن سبيت السبيت وآخرون‪( ،‬ص‪ )151‬ط‪:2‬‬
‫‪1415‬هـ‪1994/‬م‪.‬‬
‫‪401‬‬

‫جئتك من نجران يحدوين األمل أن تعطيني مواثيق أجدادك ألجدادي ندرأ هذا‬
‫العدوان الواقع علينا‪ ،‬والذي لن يقف عند نجران إذا ما تركناه طلي ًقا يفعل ما‬
‫يحلو له‪ .‬قال الملك‪ :‬اسمع‪ ،‬وأنا أخو نورة‪ ،‬مثلما أعطاكم جدودي عهدهم‪،‬‬
‫ٍ‬
‫استعداد ألَن أكتبها يف مواثيق جديدة‪ .‬قال أبي‪ :‬إذن‪،‬‬ ‫فأنا ٍ‬
‫باق عليها‪ ،‬بل وعلى‬
‫تكتب لي هبا ورق ًة جديدةً‪ ،‬وتقوم معي على اإلمام‪ ،‬فكتب الملك عبدالعزيز‬
‫َّ‬
‫وكأن األولين الذين‬ ‫الورقة‪ ،‬ومهرها بتوقيعه‪ ،‬فأوىف بالعهود والروابط القديمة‪،‬‬
‫عقدوها قد عادوا ليشهدوا هذه الجلسة التاريخية التي ارتضت دخول نجران‬
‫ضمن المملكة العربية السعودية(‪.)1‬‬
‫وبعد َأن أعطى الملك الشيخ جابر بن حسين أبا ساق عهده الجديد‬
‫ٍ‬
‫بقوة من‬ ‫توثي ًقا لعهد فيصل بن تركي ألجداده‪ ،‬قال الملك‪ :‬سوف أمدُّ ك‬
‫العجمان والدواسر يبقون تحت طلبك‪ ،‬وكذلك مذكر بن فارس(‪ ،)2‬ومعه اثنا‬

‫(‪ )1‬راجع‪ :‬كتاب‪« :‬دخول نجران يف العهد السعودي»‪( ،‬دراسة تاريخية وثائقية)‪ ،‬تأليف‪ :‬د‪ .‬علوي عمر‬
‫فريد‪( ،‬ص‪ ،)124 -123‬وكتاب‪ :‬كنت مع عبد العزيز‪ ،‬للدكتور‪ :‬عبد الرحمن بن سبيت السبيت‬
‫وآخرون‪( ،‬ص‪ ،)152‬ط‪1415 :2‬هـ‪1994/‬م‪.‬‬
‫(‪ )2‬ولد الشيخ مذكر بن فارس بن معيكل عام‪1288 :‬هـ‪ ،‬وعاش يف الصحراء مع قبيلة آل عاصم قحطان‬
‫حتى قام الملك عبدالعزيز بتوطينهم يف قرية الهياثم بالخرج‪ .‬وقد انتظم يف خدمة الملك عبدالعزيز‬
‫قبل موقعة (جراب) بنحو من ثًلث سنوات‪ ،‬ثم خاض ما تًل من معارك حتى تم توحيد المملكة‬
‫واستتباب األمن يف كافة ربوعها‪ .‬وكان مما أبلى فيه الشيخ مذكر بن فارس بًل ًء حسنًا‪ :‬معارك‬
‫األحساء وحائل والرغامة التي أصيب فيها بشظية طائرة‪ .‬كان على رأس إحدى طًلئع جيش سعود‬
‫=‬
‫‪402‬‬

‫عشر جند ًّيا‪ ،‬وكان من بين العجمان يف ذلك الوقت مانع بن جمعة‪،‬‬
‫وعبدالرحمن الدامر‪ ،‬وابن منيخر‪ ،‬وآل قويد من الدواسر(‪.)1‬‬
‫عمرين وهو‪ :‬هادي بن حسين بن سعود آل منصور‬
‫الم َّ‬
‫«يقول أحد ُ‬
‫اليامي‪ ،‬يف تصريح لجريدة الوطن بتاريخ‪2018/9/23( :‬م العدد (‪،)6568‬‬
‫مرة‪ ،‬ومن بينهم‬
‫وكان مشاركًا يف ذلك الحرب‪ ،‬فذكر مشاركة العجمان وآل َّ‬
‫المشايخ‪ :‬مانع بن جمعة العجمي(‪ ،)2‬وعجمي بن منيخر العجمي‪ ،‬وجابر‬
‫المرضف آل جابر‪ ،‬وصالح أبو ليلة الغفراين‪ ،‬وكذلك الشيخ ابن قضعان‬
‫العرجاين وجماعته آل قنيرب‪ .‬وعند الهجوم على المعتدين‪ ،‬كان من ضمن‬
‫المتقدمين يف البداية وبرفقته أحد أبناء عمومته وهو محسن بن هادي بن مهنا‪،‬‬
‫وكان عمره ما يقارب ‪ 25‬عا ًما»‪.‬‬
‫رسم الملك عبدالعزيز ألبو ساق خط ًة حكيم ًة للوقوف يف وجه أطماع‬
‫قائًل‪:‬‬
‫اإلمام يحيى حميد الدين‪ ،‬وشرح له تفصيًلهتا ً‬

‫= بن عبدالعزيز عند دخوله منطقة نجران تحت الحكم السعودي‪ ،‬وتويف الشيخ مذكر بن فارس يف‬
‫عام ‪1367‬هـ‪ .‬المرجع‪ :‬كتاب‪ :‬كنت مع عبدالعزيز‪ ،‬عبدالرحمن بن سبيت السبيت وآخرون‪،‬‬
‫(ص‪.)429‬‬
‫(‪ )1‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬كنت مع عبد العزيز‪ ،‬للدكتور‪ :‬عبد الرحمن بن سبيت السبيت وآخرون‪( ،‬ص‪)153‬‬
‫ط‪1415 :2‬هـ‪1994/‬م‪.‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬كتاب الدرر المفاخر يف أخبار العرب األواخر‪ ،‬محمد البسام التميمي‪ ،‬تحقيق‪ :‬سعود بن غانم‬
‫الجمران العجمي‪( ،‬ص‪.)108‬‬
‫‪403‬‬

‫رازوا(‪ )1‬نجران بدون حرب‪ ،‬واكتفوا يف هذا الصيف القائظ بمناوشتهم‪،‬‬


‫فالحر شديد‪ ،‬وال يصح أن ندفع بالجنود إلى القتال قبل أن يدخل الشتاء‪،‬‬
‫ويعتدل الجو‪ ،‬وطالما أن ابن حميد الدين قد حشد جنوده وذخائره وأسلحته‬
‫ألتف على أجناده من هتامة‪ ،‬فأرسل ابني‬
‫ُّ‬ ‫ال جيدة ضدكم يف نجران‪ ،‬فسوف‬
‫طوقه من الغرب‪ ،‬وابني سعو ًدا يصل إليكم من‬
‫فيصًل على رأس جيش ُي ِّ‬
‫ً‬
‫الداخل‪ ،‬وفيصل بن سعد من الوسط ليأتيكم من اتجاه ظهران الجنوب‪.‬‬
‫وأعاد الملك عبدالعزيز التأكيد على الشيخ جابر بن حسين أبو ساق‬
‫باالمتناع عن االشتباك مع جنود اليمن حتى تصل جيوش أبنائه على أن يبذل‬
‫كل جهوده يف مناوشتهم وإزعاجهم قدر المستطاع‪ ،‬وقد تم األمر على نحو ما‬
‫أمر به الملك عبدالعزيز رحمه اهلل‪.‬‬
‫وكان تدخل الملك عبدالعزيز يف نجران بنا ًء على طلب ودعوة ممثلين‬
‫ألهل نجران‪ ،‬هم‪ :‬الشيخ جابر أبو ساق‪ ،‬والشيخ أحسن بن سلطان بن منيف‬
‫مع بعض األعيان بعثوا للسفر إلى أهبا لًلجتماع بالمسئولين السعوديين لنقل‬
‫رغبة قبائل يام يف االنضمام إلى الدولة السعودية تحت حكم الملك‬
‫عبدالعزيز‪ ،‬وكان ذلك بعد أن دخل جيش اإلمام (يحيى حميد الدين) إلى‬

‫خيرا لكم‪ ،‬أنزلوا هبم المصائب (يعني‪ :‬بجيش إمام اليمن) ناوشوهم بحيث‬
‫(‪ )1‬رازوا‪ :‬أي‪ :‬أصيبوا منهم ً‬
‫ال ترتكوا لهم فرصة التمكين منكم‪ ،‬راجع‪ :‬كتاب‪ :‬كنت مع عبد العزيز‪ ،‬للدكتور‪ :‬عبد الرحمن بن‬
‫سبيت السبيت وآخرون‪( ،‬ص‪ ،)152‬ط‪1415 :2‬هـ‪1994/‬م‪.‬‬
‫‪404‬‬

‫نجران؛ رغب ًة منه يف التوسع‪ ،‬وإن كانت قبائل يام يف هذا الوقت العصيب‬
‫ٍ‬
‫شهور تقري ًبا(‪ ،)1‬ولم تسلم‬ ‫استطاعت أن تقاوم هجوم جيوش اإلمام مدة ثمانية‬
‫نجران إال بعد أن نفذت ذخيرهتم بكاملها‪ ،‬وكانت َّ‬
‫الذخيرة يف ذلك الوقت‬
‫غالية الثمن‪ ،‬إذ كان يصل ثمن الطلقة الواحدة حوالي ريال فرنسي(‪.)2‬‬
‫(لقاء يف قناة الصحراء مع الشيخ‪ :‬عبدالرحمن بن حويشي آل عبدان)‪.‬‬
‫عندما دخل الجيش اليمني نجران‪ ،‬راح أبو ساق مقلد جيشه الشليل‬
‫(الشًلئل)(‪ ،)3‬ثم مشى حتى وصل آل غيدان شرقي َيدَ مة‪ ،‬وهم‪ :‬آل عبدان وآل‬
‫فهاد‪ ،‬ثم قطعوا الشليل أو (الشًلئل) من رقاب الجيش (اإلبل)‪ ،‬ومكث‬
‫عندهم أسبو ًعا‪ ،‬وذبحوا له من اإلبل والغنم‪ ،‬وأكرموه وهو يف خمس ركائب‪،‬‬
‫ثم اتجه إلى الرياض حتى وصل الملك عبدالعزيز يف الرياض‪.‬‬
‫ثم عادوا من الرياض‪ ،‬وأرسل معهم الملك عبدالعزيز‪( :‬مذكر بن فارس‬
‫آل عاصم القحطاين يف خمس ركائب محملة (جبخان)(‪ ،)4‬ومشى يف طريقه‬

‫استمرت الحرب على نجران سنة كاملة تقريبًا؛ فقد دخل الجيش اليمني‪( :‬يف صباح يوم األحد‪:‬‬
‫َّ‬ ‫(‪ )1‬لقد‬
‫التاسع عشر من محرم لعام ‪1352‬هـ‪/‬الموافق‪ :‬مايو عام ‪1933‬م‪ ،‬وخرج يف شهر محرم عام‬
‫‪1353‬هـ)‪ ،‬ما يقارب سنة كاملة‪.‬‬
‫(‪ )2‬راجع كتاب‪ :‬نجران الحديثة‪ ،‬سيد ماحي‪( ،‬ص‪.)51‬‬
‫(‪ )3‬الشاليل‪ :‬جمع شليلة‪ ،‬وهي قطع من القماش تربط حول رقبة الذلول التي يركبها من يطلب النجدة‪،‬‬
‫فإن قطعت هذه الشًليل من قبل القوم الذي استنجد هبم‪ ،‬فقد أثابوه‪ .‬راجع كتاب‪ :‬الدرة من أخبار‬
‫قبيلة آل مرة‪ ،‬محمد بن راشد بن علي آل عذبة المري‪( ،‬ص‪.)120‬‬
‫(‪ )4‬جبخان‪ :‬هو الذي يحفظ فيه العتاد الحربي‪ .‬وهي كلمة تركية يف األساس‪.‬‬
‫‪405‬‬

‫حتى َّنوخ عند حويشي آل عبدان هو ومندوب الملك عبدالعزيز‪ ،‬ومكث عنده‬
‫سبع عشرة ليلة‪ ،‬وتجمع آل عبدان يعشون ناقة‪ ،‬ويغدون أخرى‪ ،‬ومشى‬
‫حويشي على (الوعلة) يبلغهم حتى تواجدوا الوعلة مع مشايخهم عند الشيخ‬
‫أبو ساق‪ ،‬وعند مندوب الملك عبدالعزيز‪ :‬مذكر بن فارس آل عاصم‬
‫ثم ا نتقلوا إلى نجران معهم خمسة بيارق‪ ،‬والتفوا قبائل يام‪،‬‬
‫القحطاين‪َّ ،‬‬
‫ٍ‬
‫أشهر‪ ،‬وقد جاء العجمان‬ ‫وأخرجوا الجيش اليمني من نجران يف خًلل ثًلثة‬
‫وآل ُم َّرة وقبائل الوعلة وجميع قبائل يام(‪ ،)1‬وأخرجوا الجيش اليمني من‬
‫نجران‪ ،‬وكانت آخر المعارك هي معركة (النقعاء) الواقعة بين نجران وحبونا‪،‬‬
‫وكان قائد الجيش اليمني (حمود بن روكان)‪ ،‬وقد أصابه‪( :‬حويشي آل عبدان)‬
‫أسيرا‪ ،‬وس َّلمه مذكر بن فارس مندوب الملك عبدالعزيز‪،‬‬
‫بالبندق‪ ،‬ثم جاء به ً‬
‫وحفظه مذكر عند جابر أبو ساق‪ ،‬وقال له‪ :‬أكرمه‪ ،‬هذا كبير قوم حتى يأتينا‬
‫األمر يف األسرى‪ ،‬وبقي عنده‪.‬‬
‫وكما َح َكى علي بن جابر أبو ساق بقوله‪ :‬جنبية حمود بن روكان عندي‪،‬‬
‫وضربة بندق حويشي فيها‪ ،‬ويقول ذلك لألمير‪ :‬مشعل بن سعود بن‬
‫عبدالعزيز‪ ،‬وهو أمير نجران آنذاك‪.‬‬

‫(‪ )1‬يقول صاحب كتاب‪« :‬الربق المتألق‪ ،»....‬والمرافق للحملة‪( ،‬ص‪« :)139‬ووصلوا بعسكر‬
‫الدواسر والعجمان ورجال الوعلة حتى جاوزوا حدود نجران ‪ -‬يف أرزاق ومعدّ ات ومدافع‬
‫ورشاشات وبدأوا بالعدوان على عساكر اإلمام يف نجران‪ ،‬يف أول العشر األولى من شعبان»‪.‬‬
‫‪406‬‬

‫الباب الثالث‪:‬‬
‫الفصل األول‪ :‬الحرب السعودية اليمنية‪.‬‬
‫حشد القوات السعودية‪:‬‬
‫تم حشد ‪ 70‬أل ًفا من المقاتلين يف تكتم شديد على مدى سبعة شهور‬
‫لقد َّ‬
‫إلى مناطق الحدود المشرتكة بين السعودية واليمن‪.‬‬
‫وكان الملك عبد العزيز مدركًا أسلوب اإلمام يحيى يف بذل الوعود دون‬
‫مفر من إعًلنه للحرب‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫تنفيذ‪ ،‬وإزاء هذا األمر أصبح ال َّ‬
‫وقد وردت األخبار من أمير جازان بأن جنود اإلمام يحيى تقدَّ مت على‬
‫المراكز الجبلية‪ ،‬والتابعة للحكومة السعودية‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫بالتوجه ً‬
‫حاال إلى أهبا‬ ‫مو ولي عهده األمير سعود‬
‫فأمر جًللته ُس َّ‬

‫(‪ )1‬ترجمت دارة الملك عبدالعزيز لصاحب الجًللة الملك سعود بن عبدالعزيز آل سعود‪ ،‬فقالت‪:‬‬
‫«ولد سعود بن عبد العزيز بن عبدالرحمن بن فيصل بن تركي بن عبداهلل بن محمد بن سعود بن‬
‫ُ‬
‫محمد بن مقرن يف الثالث من شهر شوال سنة ‪1319‬هـ (‪12‬يناير ‪1902‬م)‪ .‬وهي السنة التي اسرت َّد‬
‫فيها والده الملك عبدالعزيز ‪ -‬رحمه اهلل ‪ -‬مدينة الرياض‪ ،‬وشارك يف األعمال السياسية والحربية‪،‬‬
‫وأسندت إليه إدارة شؤون نجد يف عهد والده‪ .‬تمت مبايعته ول ًّيا للعهد بتاريخ ‪ 27‬المحرم ‪1352‬هـ‬
‫(‪22‬مايو ‪1933‬م) عندما أصدر الملك عبدالعزيز مرسو ًما ملكيًّا بالموافقة على قرار‪ :‬مجلس‬
‫الشورى‪ .‬تولى مقاليد الحكم بعد وفاة والده يوم االثنين ‪ 3‬ربيع األول ‪1373‬هـ (‪9‬‬
‫نوفمرب‪1953‬م)‪َّ ،‬‬
‫وظل الملك سعود يتولى دفة الحكم حتى اليوم السابع والعشرين من شهر‬
‫جمادى اآلخر سنة ‪1384‬هـ (‪2‬نوفمرب ‪1964‬م)؛ حيث بويع ولي عهده فيصل بن عبدالعزيز مل ًكا‬
‫على البًلد‪ .‬تويف الملك سعود بأثينا يف اليونان‪ ،‬يف ‪6‬ذي الحجة ‪1388‬هـ (‪22‬فرباير‪1969‬م)‪،‬‬
‫=‬
‫‪407‬‬

‫الستًلم قيادة الجيوش المخيمة يف الخميس‪ ،‬والزحف على نجران‪ ،‬بينما‬


‫بالتوجه إلى مقاطعة جازان‬
‫ُّ‬ ‫صدرت األوامر لسمو األمير فيصل بن عبد العزيز‬
‫الستًلم قيادة الجيوش هناك‪ ،‬والزحف على السواحل البحرية اليمانية‪ ،‬وهي‬
‫ميدي وال ُّلح َّية ُ‬
‫والحدَ يدة‪ ،‬وقد نجح اإلمام يف البداية‪ ،‬وخسر يف النهاية‪ ،‬نجح‬
‫يف إبقاء الوفد السعودي شهرين كاملين يف صنعاء‪ ،‬بينما هو يسوق الجيوش‬
‫على نجران التي ما زالت هي مدار البحث والخًلف بين اإلمام يحيى‪ ،‬وجًللة‬
‫الملك عبدالعزيز‪ ،‬ونجح يف احتًلل ٍ‬
‫قسم من الجبال الموالية للحدود اليمنية‬
‫الغربية‪ ،‬وهي‪ :‬فيفا وبنو مالك والعبادل وبالغازي‪ ،‬وهو منهمك يف كتابة‬
‫الربقيات واالعرتافات لجًللة الملك بالحدود الحالية‪ ،‬وأن له كل ما تحت‬
‫يده‪ ،‬وأنه سيبعد اإلدريسي إلى زبيد‪ ،‬وكل هذه االعرتافات ذهبت أدراج‬
‫الرياح‪ ،‬فلم يبعد اإلدريسي‪ ،‬ولم يرتك الحدود السعودية‪ ،‬بل زحف على‬
‫القسم الجبلي منها‪ ،‬واحتلته جيوشه‪.‬‬
‫يقول صاحب كتاب «البرق المتألق يف رحلة موالنا سيف اإلسالم إلى‬
‫المشرق»‪ ،‬الذي تضمن تفاصيل أحداث هذا الغزو واالحتالل‪ ،‬وما سبقه من‬

‫وص ِّلي عليه يف الحرم المكي يوم االثنين ‪ 7‬ذي الحجة ‪1388‬هـ‬
‫= ونقل جثمانه إلى مكة المكرمة‪ُ ،‬‬
‫ثم نُقل إلى الرياض‪ ،‬و ُدفن يف مقربة العود رحمه اهلل»‪ ،‬دارة الملك عبدالعزيز‪،‬‬
‫(‪23‬فرباير ‪1969‬م)‪َّ ،‬‬
‫اللجنة التحضيرية‪ .‬الندوة العلمية لتاريخ الملك سعود بن عبدالعزيز آل سعود‪ ،‬شوال ‪1427‬هـ‬
‫نوفمرب ‪2006‬م‪( ،‬ص‪.)2‬‬
‫‪408‬‬

‫وأحداث‪ ،‬وكان مراف ًقا لهذه الحملة‪ ،‬فيقول‪« :‬ثم أضاف‬‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫واستعدادات‬ ‫ٍ‬
‫حشد‬
‫واستقروا جمي ًعا يف بني‬ ‫ٍ‬
‫خمسة وعشرين مائة را ٍم [‪ 2500‬رامٍ]‪،‬‬ ‫موالنا‪ ...‬نحو‬
‫ُّ‬
‫مالك عدَّ ة أيا ٍم حتى كملت طاعة أهلها‪ ...‬وقبضت رهائنهم‪ ،‬فكانت إلى نحو‬
‫الستين‪ ،‬وبقي الجيش اإلمامي فيها مدَّ ة شهر رمضان»(‪.)1‬‬
‫يستمر يف سرد حرب الجبال‪ ،‬فيقول‪« :‬ويف آخر الشهر المذكور صدر‬
‫ُّ‬ ‫ثم‬
‫أمر موالنا ‪-‬أ َّيده اهلل‪ -‬على مقادمة بني مالك بالسعي يف إصًلح أهل جبل فيفا‪،‬‬
‫فأصروا على العناد‪ ،‬فأمر‬ ‫ٍ‬
‫مالك‪،‬‬ ‫ودعاهم إلى طاعة اإلمام كإخواهنم بني‬
‫ُّ‬
‫بالتقدُّ م عليهم‪ ،‬فتقدم الجيش اإلمامي على جبل فيفا‪ ،‬وكانت الحرب من‬
‫الصباح إلى المساء‪ ،‬وغلب عسكر اإلمام أولئك األعداء‪ ،‬ودخلوا بيوت‬
‫األشراف من فيفا‪ ،‬ومن المخالفين َمن َّفر بنفسه إلى هتامة‪ ،‬ومنهم َمن رهن‬
‫وأطاع‪ ،‬واستولى الجيش يف اليوم الثانـي على كل المحًلت من شرقي الجبل‬
‫وأعًله‪ ،‬وبعده كان استكمال استيًلئه‪ ...‬واستكملت رهائن بني فيفا‪ ،‬فكانت‬
‫نحو خمسين رهينة»(‪.)2‬‬
‫توجه سمو ولي العهد األمير سعود بن عبد العزيز من‬
‫ويف ‪ 21‬رمضان َّ‬
‫الرياض يرافقه مقدار ستين سيارة‪ ،‬وقد توجهت بمع َّية ُسموه (الكًلم هنا‬
‫لرتكي بن ماضي)‪ ،‬يرافقني األخ حمد المحمد الماضي‪ ،‬وقد وصلنا إلى‬

‫(‪ )1‬المصدر‪ :‬كتاب‪« :‬الربق المتألق‪( ،»....‬ص‪.)140‬‬


‫(‪ )2‬المصدر السابق‪( ،‬ص‪.)141‬‬
‫‪409‬‬

‫الخميس حيث يخيم سمو األمير فيصل بن سعد‪ ،‬فكان وصول األمير سعود‬
‫موه‬ ‫باستعراض ٍ‬
‫كبير‪ ،‬فخيم ُس ُّ‬ ‫ٍ‬ ‫إلى الخميس يو ًما مشهو ًدا قامت فيه الجيوش‬
‫هناك‪ ،‬كما وصل فؤاد حمزة من مكة المكرمة‪ ،‬وتوجه إلى أهبا‪ ،‬وصدر أمر‬
‫بالتوجه إلى ظهران لمقابلة الوفد اليماين برئاسة السيد عبد‬
‫ُّ‬ ‫سمو األمير علينا‬
‫نفرا من‬
‫اهلل الوزير‪ ،‬ويرافقني حمد وإبراهيم بن عرفج‪ ،‬ومقدار خمسة عشر ً‬
‫ُخدَّ ام سمو األمير سعود بن عبد العزيز بعد وصولنا ظهران‪َ ،‬ق ِد َم علينا الوفد‬
‫وتوجهنا جمي ًعا‪ ،‬فوصلنا أهبا بتاريخ ‪1352 /10 /28‬هـ‪ ،‬وكان ابن‬
‫َّ‬ ‫اليمانـي‪،‬‬
‫الوزير يؤمل أن يكون قدومه على سمو ولي العهد يف الخميس‪ ،‬وما أن علم‬
‫بأنَّه لن يصل إلى الخميس إال بعد وصوله إلى أهبا‪ ،‬وتبدأ المحادثات وتنتهي‬
‫رجًل سريع االندفاع‬
‫ً‬ ‫واشمأز‪ ،‬وكان‬
‫َّ‬ ‫على ما تنتهي عليه حتى غضب‬
‫واالنفعال‪ ،‬فقد وصل إلى أهبا‪ ،‬ولقيته من لدن سمو ولي العهد سيارتان قبل‬
‫وصوله إلى أهبا‪ ،‬وضعت السيارتان تحت تصرفه مدة إقامته يف أهبا(‪ ،)1‬وكان‬
‫يرافقه يف رحلته أخوه السيد عبد القدوس بن أحمد الوزير‪ ،‬وسكرتيره عبداهلل‬

‫(‪ )1‬يقول صاحب كتاب‪« :‬عسير يف عهد الملك عبد العزيز»‪ ،‬د‪ .‬محمد عبداهلل آل زلفة‪( ،‬ص‪،)168‬‬
‫يقول‪« :‬أخربين الشيخ سعيد بن عبد الوهاب أبو ملحة رئيس أهبا آنذاك أن السيد عبداهلل بن أحمد‬
‫الوزير رئيس الوفد اليمني يف مؤتمر أهبا حاول أن يغري سائق السيارة المخصصة له أثناء وجوده يف‬
‫أهبا بمبلغ كبير من الجنيهات الذهبية مقابل أن يوصله إلى خميس مشيط لمعرفة قوة الجيش‬
‫السعودي هناك بقيادة األمير سعود بن عبدالعزيز إال أن السائق ‪-‬وهو أحد مماليك الشيخ‬
‫قائًل‪« :‬لو تعطيني ما يملكه اإلمام يحيى لما فعلت ذلك»‪.‬‬
‫عبدالوهاب‪ -‬رفض العرض‪ً ،‬‬
‫َّ‬
‫‪410‬‬

‫عثمان‪ ،‬والشيخ عبداهلل بن مناع‪ ،‬وحاشيتهم‪ ،‬وكانوا يمتطون الخيل والبغال‬


‫والحمير‪...‬‬
‫بدء المفاوضات ‪1352/10/29‬هـ‪.‬‬
‫بدأت المفاوضات بين الوفد السعودي والوفد اليمني‪ ،‬وتب َّين بأن عبد‬
‫ٍ‬
‫جديدة‪ ،‬فقد وافاهم بلهجته التي سمعوها‬ ‫ٍ‬
‫تعليمات‬ ‫اهلل بن الوزير ليس لديه أي‬
‫وأن اإلمام ال يمكن أن يتخ َّلى عن‬
‫عسيرا من اليمن‪َّ ،‬‬
‫ً‬ ‫منه يف صنعاء‪ ،‬وهي أن‬
‫حدوده وممتلكاته‪ ،‬وإلى غير ذلك من الحجج الواهية‪ ،‬وهذه الحجج قد‬
‫تناقضا‬
‫ً‬ ‫تخ َّلى عنها اإلمام يحيى يف برقياته لجًللة الملك‪ ،‬ولوحظ َّ‬
‫بأن هناك‬
‫كبيرا بين ما يقوله لجًللة الملك يف الربقيات المتبادلة بينهما‪ ،‬وبين ما يقول‬
‫ً‬
‫السيد عبداهلل بن الوزير‪ ،‬ويف هذه الفرتة اندلعت الحرب بين الحكومتين‪.‬‬
‫ففي ‪ 6‬من ذي الحجة عام ‪1352‬هـ أعلن الحرب رسم ًّيا يف رسالة إلى‬
‫اإلمام يحيى‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫ـ ومن المحتمل َّ‬
‫أن الملك عبد العزيز رحمه اهلل لم يكن يرغب يف َض ِّم‬
‫مجرد إخضاع اإلمام يحيى للمفاوضات التي لها سنون‬
‫اليمن‪ ،‬بل كان يريد َّ‬
‫ٍ‬
‫شيء بسبب تعنت الوفد اليمني‪.‬‬ ‫بين الدولتين‪ ،‬ولم يتوصل الوفدان إلى‬
‫العدد ‪ 3 /13741‬أبريل ‪1934‬م جريدة المقطم‪.‬‬
‫نشرت جريدة المقطم نص خطبة الملك عبد العزيز يف المأدبة التي اعتاد‬
‫عليها كل عام لكبار الحجاج‪ .‬وقد بسط يف خطابه سياسة حكومته بالتفصيل‪،‬‬
‫‪411‬‬

‫وتناول صًلته مع اإلمام يحيى‪ ،‬وقد قال‪« :‬إنِّي أحرتم اإلمام‪ ،‬وأعده ً‬
‫أخا لي‪،‬‬
‫وإين ‪-‬واهلل‪ -‬أريد السلم‪ ،‬وأحرص عليه‪ ،‬وأكره الحرب وال أريدها‪...‬‬
‫لم أترك وسيل ًة التقاء الحرب إال عملتها‪ ،‬ولكني لم أشاهد إال المماطلة‬
‫علي‪ ،‬وأنا ‪-‬واهلل‬
‫والتسويف‪ ،‬فقمت للدفاع عن شعبي‪ ،‬ووضع حدٍّ لًلعتداء َّ‬
‫ثم واهلل‪ -‬لست طام ًعا باليمن‪ ،‬وال أريد لها إال الخير‪ ،‬ولكني ال أحتمل‬
‫العدوان‪ ،‬ولم أعد ُأطِ َيق صربًا على الكذب‪ ،‬فاخرتت اهلل يف المحافظة على‬
‫ولي العهد ولدنا سعو ًدا أن يتقدم بجيشه‬
‫شريف‪ ،‬وحدود بًلدي‪ ...‬وأبرقت إلى ِّ‬
‫متكًل على اهلل السرتداد ما احتلوه‪ ،‬كما أبرقت يف الوقت نفسه إلى يحيى أقول‬
‫ً‬
‫أيضا‪ :‬إنني ال أريد إال السلم‪ ،‬وليس لي غرض بالحرب‪ ،‬وأخربته بما أمرت‬
‫له ً‬
‫به ولي العهد حتى ال يقول‪ :‬إنني غدرت به‪ ،‬ويكون على ٍ‬
‫بينة من أمره‪ ،‬وأعلمته‬
‫أن جيشنا سيدافع عن حدودنا»(‪.)1‬‬
‫درسا ال ينساه‪:‬‬
‫وتلقين اإلمام ً‬
‫األمير سعود يقود الجيش‪:‬‬
‫سير المعارك‪:‬‬
‫تتحرك الستعادة ما استولت عليه قوات‬
‫أ َمر الملك عبدالعزيز قواته أن َّ‬
‫اإلمام يحيى من األراضي‪ ،‬وذلك يف السادس من ذي الحجة سنة ‪1352‬هـ ـ‬

‫(‪ )1‬المرجع‪ :‬كتاب‪ :‬العًلقات السعودية ‪ -‬اليمنية‪ ،‬تأليف‪ :‬أ‪.‬د‪ /.‬محمد سعيد منشط الشعفي‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪( ،‬ص‪.)149 -148‬‬
‫‪412‬‬

‫‪1934/3/21‬م(‪ ،)1‬وقد سارت المعارك بين الطرفين يف جبهتين‪ :‬شرقية‬


‫تشمل على حدود عسير الجبلية ونجران‪ ،‬وغربية من إقليم جازان‪.‬‬

‫نقًل عن‬
‫(‪ )1‬من كتاب‪ :‬معارك الملك عبدالعزيز‪ ،‬تأليف‪ :‬د‪ .‬عبداهلل الصالح العثيمين‪( ،‬ص‪ً )321‬‬
‫الذكير‪ ،‬نسخة بغداد‪( ،‬ص‪.)62‬‬
‫‪413‬‬

‫اجلبهة الشرقية‪:‬‬

‫قسم األمير سعود بن عبد العزيز القائد العام لهذه الجبهة جيشه إلى‬
‫َّ‬
‫أربعة أقسامٍ‪:‬‬

‫األول‪ :‬بقيادة األمير فيصل بن سعد بن عبد الرحمن(‪ ،)1‬ووجهته باقم(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬فيصل بن سعد بن عبدالرحمن بن فيصل بن تركي بن عبداهلل بن محمد بن سعود بن محمد بن‬
‫مقرن‪1417 -1328( :‬هـ)‪ ،‬والده شقيق الملك عبد العزيز‪ ،‬وقد شارك يف جبهة نجران تحت قيادة‬
‫األمير سعود بن عبدالعزيز ولي العهد آنذاك‪ ،‬وكان مركز القيادة يف الحماد السهل القريب من‬
‫ظهران الجنوب‪ ،‬وقد تو َّلى مجموعة وجهتها باقم وأطرافها‪ ،‬وشارك يف كثير من الحروب وإخماد‬
‫فارسا شجاعًا شديد المحافظة على الشعائر؛‪ .‬انظر‪ :‬أمانة مدينة الرياض‪( ،‬ص‪،)33‬‬
‫الفتن‪ ،‬وكان ً‬
‫وكتاب‪ :‬العًلقات بين المملكة العربية السعودية والمملكة المتوكلية يف عهد الملك عبدالعزيز‪،‬‬
‫مشاري بن سعود بن عبدالعزيز‪( ،‬ص‪.)135‬‬
‫(‪ )2‬باقم‪ :‬منطقة أو بلدة من أعمال صعدة‪ ،‬وهي موطن قبيلة بني جماعة إحدى قبائل خوالن‪ ،‬تبعد عن‬
‫صعدة يف الشمال الغربي منها بنحو سبعين كيلو مرتًا‪ .‬انظر‪ :‬المقحفي‪ ،‬مجموع بلدان اليمن‬
‫وقبائلها‪.)102/1( ،‬‬
‫‪414‬‬

‫الثاين‪ :‬بقيادة األمير خالد بن محمد بن عبد الرحمن(‪ ،)1‬يتقدم بين نجران‬
‫يسارا‪ ،‬وباقم يمينًا؛ ليصل إلى حدود َصعدة(‪.)2‬‬
‫ً‬
‫الثالث‪ :‬بقيادته هو‪ ،‬ويتقدم يف الجهات الواقعة شرق المنطقة التي يسير‬

‫(‪ )1‬خالد بن محمد بن عبدالرحمن بن فيصل بن تركي بن عبداهلل بن محمد بن سعود‪-1322( :‬‬
‫‪ 1357‬هـ)‪ ،‬شارك يف الكثير من األعمال الحربية‪ ،‬وكانت له مواقف مشهودة يف تأديب العصاة‬
‫والدفاع عن الحدود الجنوبية للمملكة؛ انظر‪ :‬كتاب‪ :‬تاريخ ملوك آل سعود‪ ،‬تأليف‪ :‬سعود بن‬
‫هذلول‪( ،‬ص‪ ،)194‬وكتاب‪ :‬أمانة مدينة الرياض‪( ،‬ص‪.)32‬‬
‫(‪ )2‬تقدَّ م األمير خالد بن محمد بقسم من الجنود السعوديين إلى النقعة‪ ،‬وفيها قوة يمنية‪ ،‬وقد حاصر‬
‫خالد وجنوده القوات المتمركزة يف تلك البًلد ومخابئها‪ ،‬وسلط عليها نيران المدافع‪ ،‬وظ َّلت‬
‫القوات المحاصرة اليمنية ثابتة يف حصوهنا برغم ما هتدم من تلك الحصون بفعل قذائف المدافع‪،‬‬
‫ورغم الخسارة التي لحقت بالطرفين يف األرواح‪ ،‬ولقد ج َّن الليل على خالد وجنوده دون أن‬
‫تستسلم تلك الحصون‪ ،‬ولم يكن مع خالد من اإلمداد والتموين والذخيرة ما يساعده على المبيت‪،‬‬
‫فأشار عليه الشيخ عمر بن عبد الرحمن بن ربيعان رئيس قبائل الروقة‪ ،‬الذي كان أغلب الجند من‬
‫قبيلة الروقة‪ .‬أشار عليه أن ينسحب ويرتك (النقعة)‪ ،‬البلدة المحاصرة‪ ،‬ويعود إلى المعسكر‬
‫الح َماد‪ ،‬وفيه الجنود االحتياطيون‪ ،‬والقائد العام للحملة العسكرية لحرب‬
‫الرئيسي يف مكان يسمى َ‬
‫اليمن‪ ،‬األمير سعود بن عبد العزيز‪ ،‬ولي العهد يف ذلك الوقت‪ ،‬و َقبِل خالد نصيحة الشيخ عمر بن‬
‫ربيعان‪ ،‬وانسحب وترك النقعة على أن يعود يف صباح الغد‪ ،‬ويف الصباح عاد ومعه األمير محمد بن‬
‫القوات السعودية هبجوم‬
‫ُ‬ ‫كامًل‪ ،‬وبادرت‬
‫سعود آل سعود‪ ،‬ومعهما قوات كبيرة مستعدة استعدا ًدا ً‬
‫كاسح‪ ،‬واقتحموا عليهم مواقعهم‪ ،‬فاستسلم الجنود اليمنيون‪ ،‬ووقعوا أسرى يف أيدي القوات‬
‫الح َماد‪ ،‬وأرسلوا إليها تحت‬
‫السعودية‪ ،‬وسيق رؤساء الجند اليمنيين إلى المعسكر الرئيسي يف َ‬
‫حراسة مشددة برئاسة األمير عبداهلل بن فيصل الفرحان آل سعود‪ .‬المرجع‪ :‬كتاب‪ :‬تاريخ ملوك آل‬
‫سعود‪ ،‬تأليف‪ :‬سعود بن هذلول‪1402( ،‬هـ ‪1982 -‬م)‪.)196/1( ،‬‬
‫‪415‬‬

‫فيها القسم األول؛ ليكون ردي ًفا له‪ ،‬إضاف ًة إلى التوجيه العام للجبهة(‪.)1‬‬
‫الرابع‪ :‬بقيادة مذكر بن فارس القحطاين‪ ،‬وابن سعيد‪ ،‬ووجهته نجران(‪.)2‬‬
‫وقد أذاعت وزارة الخارجية السعودية بيانًا يوم (‪ 19‬من ذي الحجة‬
‫لما يئس جًللة الملك من الوصول‬
‫‪1352‬هـ‪ 4/‬أبريل ‪1934‬م)‪ ،‬جاء فيه‪َّ « :‬‬
‫إلى َح ٍّل ُمر ٍ‬
‫ض مع (اإلمام يحيى)‪ ،‬أ َمر (األمير سعود) ل َيتقدَّ م بجنوده إلى‬
‫اإلمام لمهاجمة القوى اإلمامية (لإلمام يحيى)‪ ،‬فتقدَّ م (األمير فيصل بن سعد)‬

‫(‪« )1‬بدأ التنسيق بين المقاومة النجرانية وقوات (األمير سعود) منذ وقت مبكر؛ حيث يذكر األستاذ‪:‬‬
‫(محمد بن منصور بن علي آل دغيش) أحد المثقفين المهتمين بشؤون المنطقة ‪ -‬أن وفدً ا من آل‬
‫(حمد بن فاضل) من جماعة الشيخ (جابر أبو ساق) من سكان (بدر الجنوب) [والصحيح من‬
‫توجهوا إلى منطقة (الفيض) لمقابلة حملة (األمير سعود) عندما علموا بمجيئها‪،‬‬
‫قبائل الوعلة] َّ‬
‫ليكونوا أدلة لها‪ ،‬ومرافقين حتى تصل منطقة (الحماد)‪ ،‬ومن هؤالء‪( :‬جديع بن حمد)‪ ،‬و(حشان‬
‫بن لويف)‪ ،‬و(وبران بن علي بن هدرة آل عمرو)‪ ،‬و(علي بن عبداهلل أبو دية)‪ ،‬و(مسفر بن مبارك)‪،‬‬
‫و(راشد بن سرار آل دغيش)‪ ،‬و(ناصر بن يحيى بن متعب آل دغيش)‪ ،‬و(عبداهلل بن زينان)‪ ،‬و(علي‬
‫بن فًلح أبو شيبة [آل عمرو])‪ ،‬و(علي بن صالح بن مبيّح)‪ ،‬و(عائض بن حسين بن قذلة [آل‬
‫فروان])‪ ،‬و(سعد بن حسين [آل عوض])‪ ،‬و(عًلس بن مهدي [آل سالم])‪ ،‬و(سعد بن عودان [آل‬
‫سالم])‪ ....،‬وغيرهم‪ .‬وبعد تمركز الحملة يف (الحماد)‪ ،‬أمر (األمير سعود) مجموعة من قبيلة‬
‫[الوعلة] بعمل كمائن للعدو؛ وقد قاموا بتنفيذ أوامره وكبدوا القوات األمامية خسائر كبيرة‪ .‬كما‬
‫كان هؤالء الفرسان يقومون بمرافقة رجال (األمير سعود) للقيام بعمليات تخريبية داخل العمق‬
‫اليمني»‪ .‬من كتاب‪ :‬د‪ .‬محمد بن فيصل أبو ساق‪« ،‬يف السياسة والحرب واإلدارة»‪( ،‬ص‪[ .)337‬‬
‫]‪ :‬ما بين المعقوفتين من تصحيح المؤلف على من قبله‪.‬‬
‫(‪ )2‬المرجع‪ :‬كتاب‪ :‬تاريخ ملوك آل سعود‪ ،‬تأليف‪ :‬سعود بن هذلول‪1402( ،‬هـ ‪1982 -‬م)‪،‬‬
‫(‪.)66/1‬‬
‫‪416‬‬

‫ً‬
‫وصوال‬ ‫إلى (باقم) وأطرافها‪ ،‬وتقدم (األمير خالد بن محمد) إلى (نجران)‪،‬‬
‫إلى (صعدة)‪ ،‬أما أمير هتامة عسير (حمد الشويعر)‪ ،‬فقد تقدم ببعض القوة إلى‬
‫(حرض)‪ ،‬وذهب (األمير فيصل بن عبدالعزيز) إلى ساحل هتامة لتولي القيادة‬
‫فيها‪ ،‬وتقدم (األمير محمد) النجل األصغر للملك عبدالعزيز من (نجد)‬
‫بقوات احتياطية ألخيه (سعود)»‪.‬‬
‫وعندما بدأت المعارك تأخذ مسارها‪ ،‬قرر الملك عبدالعزيز تقوية‬
‫جيوشه يف الجبهة الشرق َّية‪ ،‬وذلك بإرسال ابنه محمد بن عبدالعزيز(‪ )1‬من‬
‫ٍ‬
‫كبيرة لدعم الجبهة الشرقية حتى وصل إلى خميس‬ ‫الرياض على رأس ٍ‬
‫قوة‬
‫مشيط‪ ،‬وكان معه يف تلك القوة األمير سلمان بن محمد آل سعود‪ ،‬وقسم كبير‬
‫من جيوش االحتياط‪ ،‬حيث انضم إليه سبع ٌة وعشرون بير ًقا من حاضرة نجد‬
‫وباديتها(‪.)2‬‬
‫«عندما صدرت األوامر للقوات السعودية بالهجوم على القوات اليمنية‪،‬‬
‫زحفت القوات ا َّلتي يقودها (األمير فيصل بن سعد)‪ ،‬وتمكنت من احتًلل‬
‫عقبة (الشيطة)‪ ،‬وقرية (تيناو)‪ ،‬كما احت َّلت مضيق (باب الحديد)‪ ،‬وهو أمنع‬

‫(‪ )1‬األمير محمد بن عبدالعزيز آل سعود‪ :‬ولد يف الرياض سنة ‪1330‬هـ‪ ،‬منحه والده لقب أمير المدينة‬
‫المنورة وتوالها وكًلء عنه‪ ،‬شارك يف حرب السبلة‪ ،‬وهو شقيق الملك خالد واألميرة العنود‪ .‬تويف‬
‫يف الرياض سنة ‪1410‬هـ‪ ،‬انظر ترجمته يف‪ :‬الزركلي (ص‪.)418‬‬
‫(‪ )2‬المرجع‪ :‬كتاب‪« :‬محمد بن عبدالعزيز أمير األمراء وسليل الملوك»‪ ،‬تأليف‪ :‬عبدالرحمن بن سليمان‬
‫الرويشد‪( ،‬ص‪.)72‬‬
‫‪417‬‬

‫مضيق طبيعي يف تلك األنحاء بعد القضاء على مقاومة القوات اليمنية التي‬
‫حاولت منع احتًلله‪ ،‬ثم واصلت القوات تقدمها لًلستيًلء على قرية (باقم)‪،‬‬
‫التي تعدُّ أحد أهم المواقع االسرتاتيجية بالنسبة لجبهة نجران‪ ،‬وذلك ألهنا‬
‫فضًل عن َّ‬
‫أن موقعها يتحكم يف‬ ‫ً‬ ‫أولى القرى اليمنية على طريق (صنعاء)‪،‬‬
‫الطرق المؤدية إلى منطقة الجبال المتنازع عليها(‪ ،)1‬ولذلك حرص (األمير‬
‫سعود) على االستيًلء عليها عند بدء القتال حتى يقطع خط الرجعة على جنود‬
‫(اإلمام يحيى) يف نجران‪ ،‬ومنطقة الجبال»(‪.)2‬‬
‫حصار جيش اإلمام يحيى يف نجران وهزيمته‪:‬‬
‫كانت القوات السعودية قد قدمت الدعم الكبير بالذخائر واألسلحة‬
‫للمقاتلين الياميين الذين تم َّكنوا من إعادة التنظيم‪ ،‬ومواجهة قوات اإلمام‬
‫داخل القًلع واألبراج التي قاموا ببنائها‪ ،‬ويف المنازل يف قرى نجران‪ ،‬كما‬
‫استند (األمير سعود) إلى الجهود والخربة الميدانية المباشرة يف االستطًلع‬
‫َّ‬
‫واألدالء بأن ضم أعدا ًدا كبير ًة من الياميين إلى صفوف الجيش‪ ،‬مما منح‬
‫الجيش قو ًة قتالي ًة إضافي ًة(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬أهمية قرية (باقم) انظر‪ :‬كتاب‪ :‬تاريخ العًلقات السعودية اليمنية‪ ،‬د‪.‬فتوح عبد المحسن الخرتش‪،‬‬
‫(ص‪.)231‬‬
‫(‪ )2‬المرجع كتاب‪« :‬يف السياسة والحرب واإلدارة»‪ ،‬د‪ .‬محمد بن فيصل أبو ساق‪( ،‬ص‪.)335 ،334‬‬
‫(‪ )3‬المرجع السابق‪( ،‬ص‪.)336‬‬
‫‪418‬‬

‫وحصارا قو ًّيا‬
‫ً‬ ‫وكانت القوات السعودية قد ش َّكلت طو ًقا من الغرب‪،‬‬
‫أسهم يف قطع خطوط اإلمداد الرئيسة القادمة من اليمن إلى نجران‪ ،‬وقد‬
‫تسببت تلك العمليات يف اهنيار الروح المعنوية لجنود اإلمام داخل نجران‪.‬‬
‫وقد شارك يف القتال داخل وادي نجران مع األهالي من رجال (الملك‬
‫عبدالعزيز)‪ :‬مذكر بن فارس القحطانـي‪ ،‬وقد رافق (الشيخ جابر أبا ٍ‬
‫ساق) يف‬
‫عودته من الرياض‪ ،‬ومعه عدد من العجمان والدواسر‪ ،‬سبقت اإلشارة إليهم‪،‬‬
‫تم يف األسبوع األخير من شهر جمادى األولى‬
‫وكان دخولهم إلى نجران قد َّ‬
‫‪1352‬هـ‪/‬سبتمرب‪1933‬م‪ ،‬حيث أسهموا يف دعم المقاومة داخل نجران‪.‬‬
‫‪419‬‬

‫وذكر الشيخ شريف بن جابر أبو ساق أنه قبل أن ينسحب اإلمام يحيى‬
‫كانت قبائلنا تتسلل إلى أمًلكها ومزارعها تحت جنح الظًلم لتأخذ بعض‬
‫األرزاق من بيوهتا‪ ،‬أو تحصل على األخبار من األهالي الذين لم يكونوا يف‬
‫دائرة اهتمام اإلمام‪ ،‬وبعض الصناع الذين مكثوا يف نجران‪ .‬وقد حصلنا منهم‬
‫جمي ًعا على أخبار جيش اإلمام ومواقعهم وأفعالهم‪ .‬ويف معرض حديثه ذكر‬
‫لنا هامل بن مسفر بن هامل آل الحارث(‪ )1‬عن زحف الجيش السعودي بقيادة‬
‫ولي العهد األمير سعود بن عبد العزيز‪ ،‬فقال‪ :‬جاء الملك سعود‪ ،‬وبرفقته كل‬
‫من فيصل بن سعد وشقران‪ ،‬وأمير آخر لم يحضرنـي اسمه(‪ )2‬استجاب ًة ألهالي‬
‫نجران‪ ،‬وكانت الطليعة األولى بقيادة فيصل بن سعد‪ ،‬وكان معه ابن شفلوت‬
‫القحطانـي‪ ،‬ومعهم سبعة بيارق ٍّ‬
‫لكل من ألمع‪ ،‬وحرب‪ ،‬وعسير‪ ،‬وقحطان‪،‬‬
‫وبيرق لمرتك بن شفلوت‪ ،‬وكل قبيلة بأميرها وبيرقها‪ ،‬وكل بيرق على شوكة‪،‬‬
‫والشوكة ألف رجل‪ ،‬وكان مع فيصل بن سعد الخيل واإلبل‪ ،‬وتمركزوا عند‬

‫(‪ )1‬من قبيلة آل الحارث (يام) القاطنين يف الحماد‪ ،‬وقد تم تسجيل أقواله يف‪1415/7/20( :‬هـ)‪،‬‬
‫راجع كتاب‪ :‬يف السياسة والحرب واإلدارة‪ ،‬تأليف الدكتور‪ :‬محمد أبو ساق‪( ،‬ص‪ ،)334‬وكتاب‪:‬‬
‫«دخول نجران يف العهد السعودي»‪( ،‬دراسة تاريخية وثائقية)‪ ،‬تأليف‪ :‬د‪ .‬علوي عمر فريد‪،‬‬
‫(ص‪.)130‬‬
‫(‪ )2‬لقد كان مع ولي العهد األمير سعود بن عبد العزيز كل من‪ -1 :‬األمير‪ :‬فيصل بن سعد‪ -2 .‬واألمير‪:‬‬
‫محمد بن سعود الكبير‪ -3 .‬واألمير‪ :‬خالد بن محمد بن عبدالرحمن‪ -4 .‬واألمير‪ :‬عبداهلل بن‬
‫فيصل آل فرحان‪.‬‬
‫‪420‬‬

‫المنتزه(‪ ،)1‬وسعود لم يصل بعد‪ ،‬وطلبوا منِّي تعريفهم بالحدود‪ ،‬وأوضح لهم‬
‫موقع الحصن‪ ،‬وباقم ونفقة‪ ،‬ورمحة‪ ،‬والملح‪ ،‬وعار‪ ،‬وتأكد من صدق كًلمي‪،‬‬
‫وكتب كتا ًبا معي إلى األمير سعود‪ ،‬وكان سعود ال يزال حتى ذلك الحين بعد‬
‫ظهران الجنوب‪ ،‬وعند وصوله إلى الثويلة(‪( )2‬شمال الحماد وعاكفة)‪ ،‬وذكر‬
‫قائًل‪:‬‬
‫هامل ً‬
‫شاهدت جحافل الجيش على اإلبل والخيل‪ ،‬وكان األمير سعود يمتطي‬
‫فرسا‪ ،‬وعرفته وسلمته كتاب فيصل بن سعد‪ ،‬ثم دعاين وقال‪ :‬يا همًلن‪ ،‬تعال‬ ‫ً‬
‫وضح لي) دروب نجران‬ ‫وا َّطلع معي إلى هذا الضلع (الثويلة)‪ ،‬وه ِّقنِي (أي‪ِّ :‬‬

‫كيًل‬
‫(‪ )1‬يسمى يف وقتنا الحاضر‪ :‬منتزه العشة وهو يبعد عن مدينة ظهران الجنوب جنوبًا بمسافة (‪ً )17‬‬
‫على الطريق المؤدي إلى نجران‪ ،‬وكانت تسمى عشة سعود‪ ،‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬بين مكة وحضرموت‬
‫رحًلت ومشاهدات‪ ،‬تأليف‪ :‬عاتق بن غيث البًلدي‪( ،‬ص‪.)55‬‬
‫(‪ )2‬الثويلة‪ :‬منطقة واسعة‪ ،‬تكسوها غابات كثيفة من األشجار‪ ،‬يخرتقها طريق خميس مشيط إلى نجران‪،‬‬
‫كيًل‪ ...،‬قال الهمداين يف شرح األرجوزة‪ :‬الثويلة عقبة‪،‬‬
‫جنوب مدينة ظهران الجنوب بمسافة (‪ً )24‬‬
‫ومسجد خالد «بن الوليد» تحت الثويلة عليه حواء بًل سقف‪ ،‬صفة جزيرة العرب (ص‪ .)419‬يقول‬
‫صاحب كتاب‪« :‬طريق الحاج اليمني‪ ،‬القاضي إسماعيل بن علي األكوع»‪( ،‬ص‪ )95‬عن مسجد‬
‫خالد‪« :‬هو مسجد أثري‪ ،‬ينسب بناؤه إلى الصحابي خالد بن الوليد ‪ -‬رضي اهلل عنه ‪ -‬أثناء إقامته‬
‫كيًل تحت‬
‫بنجران يف السنة العاشرة من الهجرة‪ ،‬ويقع المسجد جنوب مدينة ظهران بمسافة (‪ً )26‬‬
‫الثويلة‪ ،‬وال يزال معرو ًفا إلى هذا اليوم‪ ،‬عليه حواء بًل سقف‪ ،‬تقدر مساحته بـ (‪ )21×21‬مرتًا»‪.‬‬
‫محكما مستقبل القبلة‪ ،‬على طريق‬
‫ً‬ ‫وقال الشيخ هاشم النعمي‪« :‬لقد وقفت عليه فوجدته بناء‬
‫صخرية‪ ،‬ليست بعيدة عن مغارة الثويلة من الجهة الجنوبية‪ ،‬عند ماء أسفل وادي الحجر مما يلي‬
‫هضاض»‪( .‬ص (‪ ،)211‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬عوض عبداهلل سعد آل ناحي‪( ،‬ص‪ ،)18‬الحياة االقتصادية‬
‫يف نجران خًلل القرن األول الهجري السابع الميًلد‪.‬‬
‫‪421‬‬

‫(‪)1‬‬
‫ورمحة‪ ،‬ودروب عار‪ ،‬وباقم‪ ،‬والملح‪ ،‬ثم شرحت له كل تلك‬ ‫والنقعة‬
‫الطرق‪ ..‬وأمرهم أن يحملوين على أحد الجمال‪ ،‬ثم إن األمير سعو ًدا أخذ‬
‫يردد‪:‬‬
‫ذيـــب يبــــي ديارنـــا عربانــــه وراءه يـــــا اهلل علــــى ديارنـــا‬
‫وديــار مــــن عــاف الحيــــاة‬
‫يقصد أن الجيش اليمني يريد االستيًلء على نجران‪ ،‬ثم إننا واصلنا‬
‫السير مع الجيش حتى وصلنا ال َع َّشة ( َع َّشة سعود)‪ ،‬ونزل األمير سعود إلى‬
‫ٍ‬
‫غار‪ ،‬وفرشوا له قطع ًة من السجاد يف قاع الغار الذي ُس ِّمي بـ (غار سعود)‪ ،‬وكان‬
‫معه الشيوخ شقران وأمير آخر‪ ،‬أما فيصل بن سعد فقد اتجه إلى باقم‪ ،‬ومعه‬
‫جيش يتقدمه (مجلجلة)‪ ،‬أي‪ :‬عربة يجرها حصان يف المقدمة‪ ،‬و ُتحدث صو ًتا‬
‫شعرا‪:‬‬
‫مجلجًل‪ ،‬ويتبعها العسكر والخيل واإلبل‪ ...‬وكان األمير سعود يقول ً‬
‫ً‬
‫نجـــران يـــا هدب الجــــريد=لومـــك علــى ولـــد اإلمــام‬
‫أيضا‪:‬‬
‫وكان يقول ً‬
‫وديــــار عربانــــــــــه وراه‬ ‫ذيـــــب يبــــي ديارنــــــــــا‬
‫وديـــار مــن عـاف الحياه‬ ‫اهلل علــــــى ديـــارنــــــــــــا‬
‫وكانوا يرددون عليه كلهم بصوت واحد‪ :‬وديار من عاف الحياة‪.‬‬

‫(‪ )1‬النقعة‪ :‬تقع يف بًلد وائلة اليمن قرب الحدود السعودية‪ ،‬انظر‪ :‬المادة الرابعة من معاهدة الطائف‪،‬‬
‫كتاب‪ :‬من مذكرات محمد بن تركي الماضي‪( ،‬ص‪.)230‬‬
‫‪422‬‬

‫قائًل‪ :‬أوضحت لهم موق ًعا لسقيا الجيوش‪ ،‬وذلك يف‬


‫وأضاف هامل ً‬
‫الحصن بالحماد(‪ .)1‬وقال سعود‪ :‬نحن سنبيت على العويق‪ ،‬واسمها العاقة‪،‬‬
‫ٍ‬
‫عشر لك عليها‬ ‫وسماها العويق‪ .‬وقال لي‪ :‬اذهب وأحضر لنا ذبائح‪ ،‬وكل‬
‫َّ‬
‫لحم‬
‫بقرا؟ فقال لي‪ :‬كل ما هو ٌ‬
‫غنما‪ ،‬هل أحضر ً‬
‫ريال! فقلت له‪ :‬إن لم أجد ً‬
‫(‪)2‬‬
‫عشرا من الضأن بثًلثين‬
‫أحضره لنا‪ ،‬وذهبت إلى قرية الحاجر ‪ ،‬وأخذت ً‬
‫ثورا بعشرة ريال‪ ،‬وعدت هبا‪.‬‬ ‫ً‬
‫رياال فرانصة‪ ،‬وأخذت ً‬
‫وعند مجيئه‪ ،‬شاهد أنه قد بنيت خيام ولي العهد سعود‪ ،‬ولوهنا صفراء‪،‬‬
‫وعند وصوله إلى الخادم الموجود على الطريق‪ ،‬وتكلم معه‪ ،‬وقال له راعي‬
‫الغنم‪ :‬اسرتح‪ ،‬وعاد على اثنين من سبيع وراهم‪ ،‬قالوا‪ :‬أيش قال لك؟ قلت‪:‬‬
‫قال‪ :‬اسرتح‪ ،‬فجاءه ابن دليم شيخ قحطان (أبو لعثة) ِّ‬
‫خل الخط معك‪ ،‬وال‬
‫ُتعطهم إياها‪ ،‬كما ذكر المصدر أهنا تمت المعركة على نقعة‪ ،‬وركب المدفع‬
‫وتم َأسر ‪( 70‬يمن ًّيا) من النقعة‪ ،‬وحطوا اإلشارة يف رأس الدروب‪،‬‬
‫على نقعة‪َّ ،‬‬
‫وكانوا يقولون‪ :‬يا سعوداه‪ ،‬يا سعوداه‪ ،‬وذلك عندما صادهم المدفع يف الدرب‪.‬‬
‫وذكر هامل آل الحارث‪:‬‬
‫وتم أسر (‪ 70‬يمن ًّيا)‪ ،‬وكانوا‬
‫تمت المعركة على نقعة بالمدافع والبنادق‪َّ ،‬‬
‫َّ‬
‫يقولون‪ :‬يا سعوداه‪ ،‬ورفعوا الراية‪ ...‬وعند سؤاله عن عدد الجيش؟ أجاب‬

‫يمر به طريق نجران خميس مشيط وهو منطقة واسعة فيها غار سعود والعشة‪.‬‬
‫الح َماد‪ُّ :‬‬
‫(‪َ )1‬‬
‫كيًل تقريبًا‪.‬‬
‫(‪ )2‬قرية الحاجر من قرى ظهران الجنوب وتبعد عنه جنوبًا على طريق نجران مسافة (‪ً )24‬‬
‫‪423‬‬

‫قال‪ :‬معه حوالي (‪ )7‬آالف رجلٍ!‬


‫ولما كمل‬
‫يقول صاحب كتاب «البرق المتألق‪ »...‬يف وصف الحرب‪َّ « :‬‬
‫ما بأيدي المحصورين [من الجيش اليمني] من المونة‪ ،‬اضطروا إلى تسليم‬
‫أنفسهم إلى السعودية يف وجه األمير سعود بن عبدالعزيز بواسطة ابن فاران من‬
‫كبار يام»(‪.)1‬‬
‫ويستمر يف وصف حرب الجيش السعودي يف باقم‪ ،‬فيقول‪« :‬ويف اليوم‬
‫ُّ‬
‫الثالث والعشرين من ذي الحجة الحرام جيش النجود –يعني‪ :‬أهل نجد‪ -‬على‬
‫باقم‪ ،‬ورتبوا جبل شيحاط‪ ،‬وما حوله من المحاط(‪ ،)2‬ونصبوا خيامهم شرقي‬
‫وخيًل وهجنًا‪ .‬ويف اليوم الثاين باشروا الحرب على‬
‫ً‬ ‫باقم‪ ،‬وملئوا الفضاء خيا ًما‬
‫باقم‪ ،‬وأطلقوا عليه المدافع‪ ،‬وقد تفرق عسكر اإلمام من باقم ألعذار‪ ،‬ولم يبق‬
‫فيه غير ثمانمائة را ٍم من رجال الجبل‪ ،‬وقدر مائتين من رجال الحيمة يف بعض‬
‫قرى سحار»(‪.)3‬‬
‫وذكر نوع السًلح يف المعركة‪ ،‬كان منها‪ :‬النيمس والسواري والبلجيك‬
‫السعودي والخديوي وطالبك شر‪ ،‬والشرفا‪ ،‬ومعهم الرعاشة والمدفع‬
‫والمكينة‪ ...‬أما أنا معي بندقية نوع أم عرقوب‪.‬‬

‫(‪ )1‬المصدر‪ :‬كتاب‪ :‬الربق المتألق‪( ،...‬ص‪.)152‬‬


‫(‪ )2‬المحاط‪ :‬جمع محطة‪ ،‬وهي‪ :‬مجموعة من الجند جندوا للحرب‪ .‬وهي مرادفة لكلمة جيش‪.‬‬
‫(‪ )3‬المصدر‪ :‬كتاب‪ :‬الربق المتألق‪( ،...‬ص‪.)154‬‬
‫‪424‬‬

‫وذكر هامل أن األمير سعو ًدا بقي يف الحماد تسعين يو ًما‪ ،‬وبعد استيًلء‬
‫الجيش السعودي على باقم‪ ،‬كان ما يزال حتى ذلك الوقت أسرى عند اإلمام‬
‫يحيى يف صنعاء‪ ،‬منهم‪« :‬أمحيريق آل فهاد» الذي ُتو ِّفي يف سجن اإلمام‪.‬‬
‫قائًل‪:‬‬
‫واختتم هامل آل الحارث حديثه ً‬
‫َّ‬
‫إن األمير سعو ًدا نزل إلى نجران‪ ،‬وجلس فيها‪ ،‬وجاءه الناس من كل‬
‫ٍ‬
‫مكان عاهدوه وبايعوه‪...‬‬

‫«غار الملك سعود يف الحماد»‬


‫يقع غار الملك سعود بن عبدالعزيز رحمه اهلل يف شمال منطقة نجران يف‬
‫الجنوب الغربي للمملكة العربية السعودية‪ ،‬كما يعترب من المواقع التاريخية‬
‫‪425‬‬

‫واألثرية والسياحية المميزة التي يرتادها السواح والقادمون إلى نجران‪ ،‬ويقع‬
‫يف منطقة تسمى «الحماد» قريب ًة من الحدود اليمنية‪.‬‬
‫قصة االسم‪:‬‬
‫كان الموقع المقصود موق ًعا عاد ًّيا‪ ،‬ال يهتم به أحدٌ إلى َأن جاء الجيش‬
‫بقيادة األمير‪ :‬سعود بن عبدالعزيز «كان ول ًّيا للعهد حينذاك» لنجدة نجران من‬
‫احتًللها عام ‪1352‬هـ من قبل قوات اإلمام‪ ،‬اعترب األمير سعود الغار مكانًا‬
‫ومقرا للتموين‪ ،‬ولخزائن األسلحة‪ ،‬وقري ًبا من مواقع السيطرة والمراقبة‪،‬‬
‫ًّ‬
‫والقرب من مواقع الماء والطرق التي تؤدي إلى نجران‪ ،‬ويف شمال الغار يوجد‬
‫كهف وضع للخزائن‪ ،‬ويف ظهر الجبل مواقع للمراقبة على الحماد من موقع‬
‫سمي‪« :‬حيد سعود»‪ ،‬ويبعد الغار عن نجران ‪ 90‬كلم على الطريق المؤدي إلى‬
‫منطقة عسير‪.‬‬
‫وهبذا االختيار تم َّكنت العسكرية السعودية ‪-‬ومنذ أكثر من ‪ 87‬عا ًما‪-‬‬
‫مِن االنتصار يف حرب الجبال يف معارك ‪1933‬م؛ الستخدامها عقلي ًة‬
‫اسرتاتيجي ًة تكتيكي ًة حربيةً‪ ،‬وخيم األمير وجيشه حوالي ثًلثة أشهر‪ ،‬وكان‬
‫ٍ‬
‫جيش إلى نجران‪ ،‬واستعاد‬ ‫مقرا النطًلق الملك رحمه اهلل على رأس‬
‫الغار ًّ‬
‫نجران تحت لواء الحكم السعودي بعد معركتي نقعة وباقم‪.‬‬
‫ويف معرض حديثه قال الشيخ شريف أبو ساق‪:‬‬
‫بوصول طًلئع جنود ابن سعود أصيب جيش اإلمام بالذعر‪ ،‬فراح‬
‫‪426‬‬

‫ينسحب زرافات ووحدانًا‪ ،‬وقبل أن يبارحوا المكان‪ ،‬د َّمروا اآلبار‪ ،‬منها بئر‬
‫والدي‪ ،‬وأحرقوا النخيل والزروع‪ ،‬وهدموا الكثير من البيوت والقصور‪ ،‬بل‬
‫وأحرقوا بعضها بالنار‪.‬‬
‫ولما علمنا ببدء انسحاهبم‪ ،‬ووقعت أعيننا على ما فعلوه ببيوتنا وحقولنا‬
‫َّ‬
‫(‪)1‬‬
‫ونخيلنا وآبارنا‪ ،‬ثارت ثائرة قبائل يام‪ ،‬وداهمت جيش اإلمام‪ ،‬وحمشوا هبم‬
‫كثيرا‪ ،‬و َأ َسرنا‬
‫يف تلك الليلة التي لم ينبلج صباحها حتى كنا قد قتلنا منهم خل ًقا ً‬
‫شخصا‪ ،‬بينما نجح الباقون يف االنسحاب‬
‫ً‬ ‫منهم بين قصورنا نحو (‪)470‬‬
‫جنو ًبا‪ ،‬فطاردناهم حتى تجاوزوا الجبال جنوب وادي نجران باتجاه اليمن‪،‬‬
‫ٍ‬
‫وقتئذ ال‬ ‫وتم ُّ‬
‫كل ذلك قبل أن تلتحم هبم جيوش عبد العزيز؛ إذ كان ابنه سعود‬ ‫َّ‬
‫يزال مقي ًما يف خميس مشيط‪.‬‬
‫العفو من شيم الكرام‪:‬‬
‫يف مقابل أسراهم‪ ،‬كان لنا عندهم أكثر من (‪ٍ 400‬‬
‫أسير)‪ ،‬قتلوا بعضهم‪،‬‬
‫أسيرا من فخذنا‬
‫وأبقوا على البعض اآلخر رهائن عند اإلمام‪ ،‬ومنهم ثًلثون ً‬
‫ظلوا يف سجنه حتى فتك هبم عن بكرة أبيهم! وعندما وصل سعود بن العزيز‬
‫بعساكره إلى ظهران الجنوب‪ ،‬كان جميع عساكر اإلمام قد انسحبوا من نجران‬
‫أما أسراهم‪َّ ،‬‬
‫فإن أهل نجران قاموا بتسليمهم إلى سعود يف منطقة يقال لها‪:‬‬

‫(‪( )1‬حمشنا هبم)‪ ،‬أي‪ :‬انقضضنا عليهم غاضبين‪.‬‬


‫‪427‬‬

‫«الحماد» شمال غرب بلدة نجران‪ ،‬وقد اشتدَّ ت الدهشة باألهالي عندما قام‬
‫مما آثار غضب البعض‪ ،‬حيث‬
‫سعود بإخًلء سبيل هؤالء األسرى وأكرمهم‪َّ ،‬‬
‫كانوا يتو َّقعون َّ‬
‫الشر المستطير ألسراهم يف سجون اإلمام‪ ،‬ولكن الملك عبد‬
‫ٍ‬
‫خطر‪ ،‬ويقيهم من‬ ‫العزيز بعث ُي َطمئِن الجميع بأنه سوف يدرأ عنهم كل‬
‫األطماع الخارجية‪ ،‬وبالفعل دخلت نجران تحت حكم الملك عبدالعزيز‪،‬‬
‫فتمتعت باألمن واالستقرار‪ ،‬ولم َيدَّ ِخر عبد العزيز ُوس ًعا يف توفير الرفاهية‬
‫والطمأنينة ونشر العدل والسًلم يف ربوع نجران‪.‬‬
‫يقول أحد المؤرخين(‪ :)1‬وعند اشتداد األزمة بين المملكتين‪ ،‬تقدمت‬
‫سرية من الجيش السعودي‪ ،‬ورابطت يف أسفل وادي نجران‪ ،‬وصار الموقف‬
‫على الوجه اآليت‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ القوات المتوكلية متحصنة يف قصور وادي (نجران)‪.‬‬
‫ٍ‬
‫ألحد‪ ،‬والمقاومة مستمرة‪.‬‬ ‫‪2‬ـ البادية وبًلد يام ليست‬
‫‪ 3‬ـ سرية من الجيش السعودي يف أسفل وادي نجران‪.‬‬
‫ويف يوم ‪1352/12 /18‬هـ‪1934/‬م‪ ،‬نشب القتال بين (البلدين) يف‬
‫الجبهتين الشرقية والغربية‪:‬‬
‫األولى بقيادة ولي العهد سعود بن عبد العزيز‪ ،‬والثانية بقيادة األمير‬

‫(‪ )1‬المرجع‪ :‬المخًلف السليماين‪ ،‬تأليف‪ :‬محمد بن أحمد العقيلي‪.)1127/2( ،‬‬


‫‪428‬‬

‫فيصل بن عبدالعزيز‪.‬‬
‫الجيش السعودي يف المنطقة (الجنوبية الغربية) جازان‪:‬‬
‫(زبِيد) جنو ًبا‪ ،‬وكان عدد‬
‫تقدمت القوات السعودية إلى مشارف مدينة َ‬
‫الجيش السعودي نحو ثًلثين أل ًفا من الفرسان والمشاة المحمولين على‬
‫السيارات واإلبل‪ ،‬ومعهم نحو عشرة آالف جم ٍل لحمل المؤن والعتاد يف‬
‫األماكن صعبة المسالك‪ ،‬وسيارات‪.‬‬
‫ويتألف مجموع الجيش السعودي يف الجبهة الجنوبية الغربية من‪:‬‬
‫(‪ ،)30400‬وهو كاآلتي‪:‬‬
‫‪1‬ـ (‪ )5400‬مقات ٍل تق ُّلهم ثًلث ٍ‬
‫مئة وخمسون سيارة نقل كبيرة(‪.)1‬‬
‫‪2‬ـ (‪ )2000‬ألفا فارس‪.‬‬
‫‪3‬ـ (‪ )20000‬عشرون أل ًفا على اإلبل السريعة‪.‬‬
‫ً‬
‫رشاشا‪،‬‬ ‫‪ 4‬ـ ‪ 3000‬مشاة ‪ 20 +‬عشرون سيار ًة مصفحةً‪ 20 ،‬وعشرون‬

‫(‪ )1‬أما األخبار الواردة من عدن عن االستعدادات السعودية؛ فقد وردت يف تقرير آخر مقدم إلى اإلمام‬
‫جاء فيه‪« :‬تفيد األخبار وبعض أنباء جدة أن حركة كبيرة يف مكة حيث تحضر جيوش من نجد‬
‫وقحطان وغيرها‪ ،‬وتصدر الجيوش لحدود عسير وجيزان‪ ،‬وكذا ترسل عساكر يف المراكب التي‬
‫استأجروها إلى الجهات المذكورة‪ ،‬اشرتت الحكومة السعودية ‪ 200‬سيارة من شركة فليب‪ ،‬وهي‬
‫مواتر كبار نقالة لألموال والجنود‪ ،‬وقد وصلت منها جانب إلى جدة‪ ،‬وحسبما بلغنا أن االستعداد‬
‫قائم على قدم وساق» تقرير بعنوان‪« :‬أخبار عدن»‪ .‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬عسير يف عهد الملك عبد العزيز‪،‬‬
‫د‪ .‬محمد بن عبداهلل آل زلفة‪( ،‬ص‪.)184‬‬
‫‪429‬‬

‫‪ 20‬عشرون مدفعية(‪.)1‬‬
‫ويتألف الجيش اليمني المرابط يف «حرض» من‪:‬‬
‫‪1‬ـ خمسة آالف من الجيش النظامي‪.‬‬
‫‪2‬ـ ‪ 15000‬من الشوكات المجندين من أهل الخميسين وأسلم وحجور‬
‫وبني مروان(‪ ،)2‬ومعه (‪ )20‬من الرشاشات بطاريتا مدفعية‪.‬‬
‫‪3‬ـ ‪ 5000‬خمسة آالف من الجيش النظامي يف مدينة َميدي‪.‬‬
‫‪4‬ـ ‪ 5000‬خمسة آالف من المجندين‪ ،‬والجيش مسلح بالبندقية‬
‫اإليطالية والرشاشات‪.‬‬
‫وسًلح الجيش النظامي البندقية اإليطالية المسماة‪( :‬طالب الشر)‪،‬‬
‫وسًلح المجندين خليط من البنادق القديمة المصنعة قبل الحرب العالمية من‬
‫ذوات الرصاصة الواحدة (أم حبة)‪.‬‬
‫التمهيد للهجوم‪:‬‬
‫أقام الجيش السعودي ‪-‬بعد انتقاله من أبي عريش‪ -‬يف ضواحي بلدة‬
‫ٍ‬
‫نقطة من‬ ‫صامطة‪ ،‬ثم نقل معسكره إلى بًلد بني ُح َّمد‪ ،‬ثم انتقل إلى أقرب‬
‫كيًل‪.‬‬
‫الحدود بحيث ال تعدو المسافة بين الجيشين ‪ً 15‬‬

‫(‪ )1‬المرجع‪ :‬كتاب‪ :‬المخًلف السليماين‪ ،‬تأليف‪ :‬محمد بن أحمد العقيلي‪.)1127/2( ،‬‬
‫(‪ )2‬بنو مروان‪ :‬من قبائل هتامة اليمن‪ ،‬ويقطنون حول حرض وميدي‪ ،‬وهم ينتسبون إلى ذو حسين‪،‬‬
‫المقحفي‪( ،‬ص‪.)380‬‬
‫‪430‬‬

‫ممن يوافيهما‬
‫وكان للجيشين استخباراهتما وجواسيسهما وعيوهنما َّ‬
‫باألخبار‪ ،‬و َأ َد ِّق التفاصيل‪ ،‬وكان على قيادة القوات اليمنية المرابطة يف حرض‬
‫عامل حرض (علي السياين)‪ ،‬وقد أعَدَّ خطته الدفاع َّية شمال حرض يف وادي‬
‫(عبداهلل)‪ ،‬وحفر الخنادق‪ ،‬ووضع االستحكامات الرتابية‪ ،‬ومواضع‬
‫للرشاشات‪ ،‬كما وضع خ ًّطا طليع ًّيا متقد ًما مثل الخط األول‪ ،‬وخ ًّطا ثال ًثا يف‬
‫أسفل البلدة‪ ،‬وكان هناك قلعة حصينة بالنسبة إلى وسائل الدفاع آنذاك‪.‬‬
‫التهيــــؤ للهجوم‪:‬‬
‫وعندما أخفقت المفاوضات بين الحكومتين‪ ،‬صدرت األوامر إلى سائر‬
‫الجبهات السعودية بالهجوم‪ ،‬وحدد الوقت يف فجر يوم الثًلثاء الموافق‬
‫‪1352/12/18‬هـ‪1934 /‬م(‪.)1‬‬
‫الهجوم‪:‬‬
‫َع َّبأ حمد الشويعر(‪ )2‬جيشه‪ ،‬وأمره باالستعداد الكامل‪ ،‬والت ََّه ُّيؤ التام‪،‬‬
‫وانتظار ساعة الصفر‪ ،‬وبعث أرصاده وعيونه وجواسيسه على طول الحدود‪،‬‬
‫وعند منتصف الليل تحرك المعسكر ب َأسره‪ ،‬واستعدت السيارات‬

‫السادس‪( ،‬ص‪ .)1130‬أحمد عبدالغفور عطار‪.‬‬


‫(‪ )1‬المرجع كتاب‪ :‬صقر الجزيرة‪ ،‬الجزء ّ‬
‫ثم أمره الملك عبدالعزيز بقيادة‬
‫أميرا لجازان َّ‬
‫(‪ )2‬هو حمد بن عبداهلل آل الشويعر الحقباين‪ ،‬وكان ً‬
‫الجيش قبل وصول األمير فيصل عبدالعزيز‪ ،‬وقد كان له دور ف َّعال يف حرب اليمن‪ ،‬وحمد الشويعر‬
‫(مخضرم) من رجال إمارة ابن رشيد قبل انضمام تلك اإلمارة إلى ابن سعود‪ ،‬وقد ُتويف رحمه اهلل‬
‫يف أوائل عام‪1354‬هـ‪ .‬تاريخ المخًلف السليماين‪ ،‬محمد بن أحمد العقيلي‪( ،‬ص‪.)1034‬‬
‫‪431‬‬

‫ٍ‬
‫هدوء‪،‬‬ ‫والمصفحات والمدفعية المحمولة يف السيارات‪ ،‬وتقدمت الخيل يف‬
‫وبدأ الجيش سيره‪ ،‬ثم توقف على مسافة خمسة أكيال بفرسانه ومصفحاته‬
‫ورشاشاته ومدفعيته وسياراته‪ ،‬وعندما حان وقت صًلة الفجر‪ ،‬صلى الجيش‬
‫جماعات جماعات‪ ،‬وبعد انتهاء الصًلة‪ ،‬صدر األمر بالهجوم‪ ،‬وكان شعار‬
‫الجيش‪« :‬يا مالك يوم الدين‪ ،‬إياك نعبد وإياك نستعين»‪ ،‬ثم تًله صوت طلقات‬
‫ترج األرض‬
‫النيران والمدفعية كالرعد القاصف‪ ،‬وانطلقت الفرسان ُّ‬
‫بسنابكها(‪ ،)1‬فارتجت بلدة حرض(‪ ،)2‬وانخلعت قلوب أهلها‪ .‬وسرعان ما‬
‫اكتسحت الخط الطليعي‪ ،‬ثم الخط األول والثاين‪ ،‬وسقطت بلدة حرض يف يد‬
‫القوات المهاجمة‪ ،‬فانسحب القائد علي السياين مع بعض قواته إلى قلعة‬
‫كيًل‪،‬‬
‫حرض‪ ،‬فضرب على القلعة الحصار‪ ،‬وتوغل الجيش جنو ًبا خمسة عشر ً‬
‫وتم قطع الخطوط بين كل من حرض و َعبس وحرض و َميدي وعبس وال ُّل َح َّية‬
‫المجنَّدون يف الجيش اليمني إلى أوطاهنم(‪ ،)3‬وتدفقت‬
‫والحديدة‪ ،‬وانسحب ُ‬
‫ُ‬

‫طرف الحافِ ِر‪.‬‬


‫ُ‬ ‫(‪ )1‬سنبك‪:‬‬
‫وواد شرقي ميناء مِي ِدي يف الشمال‬
‫ٍ‬ ‫(‪َ )2‬ح َر ْض‪ :‬نسبة إلى َح َرض بن خوالن أول من نزله‪ .‬وهي مدينة‬
‫الغربي من صنعاء‪ .‬وقد ذكره الهمداين ‪ -‬أي الوادي ‪ -‬يف كتابه‪« :‬صفة جزيرة العرب»‪ .‬وهي من‬
‫مراكز العلم القديمة حيث سكنها العلماء من بني عامر وغيرهم‪ .‬انظر‪ :‬الهمداين‪ ،‬صفة جزيرة‬
‫العرب‪( ،‬ص‪ ،)135‬الحموي‪ ،‬معجم البلدان‪ ،)136/3( ،‬الحجري‪ ،‬مجموع بلدان اليمن‪،‬‬
‫(‪ ،)256/1‬عبدالرحمن الحضرمي‪ ،‬هتامة يف التاريخ‪( ،‬ص‪.)256‬‬
‫(‪ )3‬راجع كتاب‪ :‬اليمن عرب التاريخ‪( ،‬ص‪ ،)284‬تأليف‪ :‬محمد حسين شرف الدين‪ ،‬وكتاب‪ :‬صقر‬
‫السادس‪( ،‬ص ‪ .)1132‬أحمد عبدالغفور عطار‪.‬‬
‫الجزيرة‪ ،‬الجزء ّ‬
‫‪432‬‬

‫رسائل مشايخ هتامة على حمد الشويعر من باجل شر ًقا إلى زبيد جنو ًبا‪،‬‬
‫ووصلت كتب هادي هيج زعيم قبيلة (الواعظات)(‪ ،)1‬وعامل وادي مور‬
‫بالمواالة‪ ،‬فأجاهبم الشويعر بكل ما يطمئن نفوسهم‪،‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫والزهرة وال ُّلح َّية‬
‫ويطيب خواطرهم‪.‬‬
‫وظلت القلعة ‪ 12‬يو ًما صامدة‪ ،‬ثم سقطت بيد القوات السعودية‪ ،‬وذلك‬
‫مساء ليلة السبت الموافق‪1352 /12 /30‬هـ‪1934/‬م‪ ،‬وكان قائدها قد‬
‫ليًل مع بعض جنوده إلى الجبال‪ ،‬وبعد أن رتب الشويعر شؤون حرض‪،‬‬
‫تسلل ً‬
‫واستقبل شيوخ قبائل هتامة اليمن‪ ،‬تحرك بالجيش صوب قرية (المخازن)‪ ،‬ثم‬
‫الم َو َّسم ثم وادي حيران‪.‬‬
‫ُ‬
‫وأخذت القوات السعودية توالي زحفها على (ميدي)‪ ،‬ولم يشعر عاملها‬
‫القاضي عبد اهلل العرشي َّإال باحتًلل الجيش السعودي لـ(المخازن)‪ ،‬وهي‬
‫قرية قريبة من (ميدي)‪ ،‬وحاول االتصال بأحد المراكز األخرى‪ ،‬ولكن القوات‬

‫(‪ )1‬قبيلة الواعظات‪ :‬بطن من قبائل ع ّ‬


‫َك يسكنون يف وادي َمور‪ ،‬أحد أودية هتامة اليمن‪ .‬ومن أهم بلداهنم‬
‫هرة‪ ،‬وال ُّل َحيَّة‪ ،‬وسوق الخميس‪ ،‬والمعرتض‪ .‬انظر‪ :‬المقحفي‪ ،‬معجم البلدان ‪،)1849/2( ،..‬‬
‫الزُّ َ‬
‫الحجري‪ ،‬مجموع بلدان اليمن‪.)762/2( ،..‬‬
‫الحدَ يدَ ة بمسافة‬
‫مصب وادي مور‪ ،‬شمال ُ‬
‫ِّ‬ ‫(‪ )2‬ال ُّلحيَّة‪ :‬مدينة على ساحل البحر األحمر الشرقي‪ ،‬عند‬
‫ً‬
‫شماال‪ ،‬ويرجع تاريخ عمارهتا إلى أوائل القرن ‪8‬هـ‪14/‬م‪ ،‬بعد‬ ‫‪120‬كم‪ ،‬بين الحديدة وبين ميدي‬
‫أن استوطنها الفقيه أحمد بن عمر الزَّ يلعي قاد ًما من جزيرة زيلع والذي تويف هبا سنة ‪704‬هـ‪/‬‬
‫‪1304‬م‪.‬‬
‫‪433‬‬

‫السعودية سبقته إلى قطع خطوط التلغراف‪ ،‬كما حاول عب ًثا المقاومة إال أن‬
‫تدفق الجيش السعودي المزود بالمدفعية الثقيلة جعله يفكر ثاني ًة يف الحالة‪،‬‬
‫وسيلة إلنقاذ حياته‪ ،‬فسارع إلى ذلك مع أصحابه‪،‬‬‫ٍ‬ ‫وأخيرا رأى أن الفرار أنجع‬
‫ً‬
‫ٍ‬
‫بسفن يف المرسى‪ ،‬وعند وصوله إليها‪ ،‬وجدها قد أقلعت‪،‬‬ ‫وكان قد احتاط له‬
‫فركب سيارة شحن كبيرة لتسرع به قبل الجيش‪ ،‬فتعطلت‪ ،‬فركب بغلته وسار‬
‫مع الجيش‪ ،‬سالكين طريق الساحل المؤدية إلى الحديدة‪ ،‬ولكن المصفحات‬
‫ٍ‬
‫معركة دامت‬ ‫العسكرية السعودية تمكنت من اللحاق هبم‪ ،‬ثم أسرهم بعد‬
‫حوالي ثًلث ساعات يف الصحراء‪ ،‬وقد أرسلوا بعد ذلك إلى (جازان)‪،‬‬
‫وسجنوا هبا حتى أبرمت معاهدة الطائف اآليت ذكرها‪.‬‬
‫وقد أرسلت المدينة رسولها بطلب أن تستلم المدينة‪ ،‬ويؤمن أهلها‪،‬‬
‫فأصدر األمير فيصل بن عبدالعزيز أمره يف الحال بما يأيت‪:‬‬
‫‪ -1‬إرسال قوة خفيفة من الجيش لحفظ مدينة (ميدي)‪ ،‬وتأمين أهلها‪.‬‬
‫‪ -2‬إرسال دورية من الخيالة تطوف حول المدينة‪ ،‬وتمنع كل متسل ٍل من‬
‫الخارج‪.‬‬
‫‪ -3‬األمر على القيادة بعدم دخول أي ٍ‬
‫فرد من الجيش إلى المدينة غير‬
‫من ُذكِ َر‪.‬‬
‫وبعد وصول تلك القوات إلى المدينة وتأمينها‪ ،‬قام سمو األمير فيصل‬
‫ٍ‬
‫نقطة من المدينة‪،‬‬ ‫يرافقه حمد الشويعر‪ ،‬ومعهم فرقة من الجيش إلى أقرب‬
‫‪434‬‬

‫واستقر يف قصر باصهي مقر الحاكم‬


‫َّ‬ ‫وعند شروق الشمس دخل المدينة‪،‬‬
‫األول‪.‬‬
‫حالة مدينة الحديدة‪:‬‬
‫انسحب حاكم المدينة (عبداهلل بن اإلمام) ناج ًيا بنفسه‪ ،‬ثم بعده يغادرها‬
‫قائد الحامية (سليم بك) يف زورق إلى جزيرة (كمران)‪ ،‬وتبقى المدينة بدون‬
‫ٍ‬
‫سلطة تحكمها‪ ،‬وبعد فرار عاملها وحاميتها‪ ،‬وصلت سفن حربية بريطانية‬
‫وإيطالية‪ ،‬وفرنسية‪ ،‬بحجة المحافظة على أرواح رعاياها وأموالهم(‪.)1‬‬
‫وقد تصدَّ ت لهم القوات السعودية‪ ،‬فعادوا إلى سفنهم‪ ،‬وبوصول األمير‬
‫فيصل اتصل بجدة السلك ًّيا‪ ،‬فاحتجت وزارة الخارجية إلى تلك الحكومات‬
‫التي أمرت سفنها بمغادرة المياه اإلقليمية للحديدة‪.‬‬
‫أما المقاومة‪ ،‬فيقول أحد ال ُكتَّاب اليمنيين‪« :‬أما حركة المقاومة من‬
‫ٍ‬
‫خًلف بين اإلمام‬ ‫جانب القوات اليمنية‪ ،‬فإهنا ُشلت تما ًما بسبب ما نجم من‬
‫ٍ‬
‫كقائد للجبهة بصعدة‪ ،‬وأدى هذا الخًلف‬ ‫وبين ابنه أحمد الذي كان حينذاك‬
‫إلى توقف القوات اليمنية عن الدفاع‪ ،‬ال يف المنطقة الشمالية فحسب‪ ،‬بل ويف‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬تاريخ المخًلف السليماين‪ ،‬محمد بن أحمد العقيلي‪ ،)1138 /2( ،‬وكتاب‪ :‬صقر‬
‫السادس‪ ،‬ص ‪ .1162‬أحمد عبدالغفور عطار‪ ،‬وكتاب‪ :‬العًلقات بين المملكة‬
‫الجزيرة‪ ،‬الجزء ّ‬
‫العربية السعودية والمملكة المتوكلية يف عهد الملك عبدالعزيز‪ ،‬مشاري بن سعود بن عبدالعزيز‪،‬‬
‫(ص‪.)143‬‬
‫‪435‬‬

‫فعًل يف أيدي القوات السعودية بعد‬


‫المنطقة الغربية التي كانت قد سقطت ً‬
‫ٍ‬
‫مركز فيها‪ ،‬وهو الحديدة»(‪.)1‬‬ ‫احتًللها ألهم‬
‫االستيالء على الحديدة‪:‬‬
‫وبوصول مندوب مدينة الحديدة إلى األمير فيصل يطلب منه تأمين‬
‫المدينة‪ ،‬صدر أمره بما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬بعث قوة من الجيش إلى مدينة الحديدة مع مندوب األهالي مع‬
‫كتاب باألمن وتطمينهم‪.‬‬
‫‪ -2‬بعث قوة بقيادة الشيخ إبراهيم السبهان لتس ُّلم مدينة ِّ‬
‫الضحي(‪ ،)2‬التي‬
‫طلب أهلها إرسال َمن يؤمنها‪.‬‬
‫‪ -3‬بعث قوة إلى بيت الفقيه(‪ )3‬وبًلد الزرانيق يرافقها شيخ الزرانيق‬
‫الشيخ أحمد فتيني‪.‬‬
‫‪ -4‬بعث سرية من الجيش إلى بًلد قبيلة الق َحرا‪ ،‬وقاعدهتم بلدة باجل‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬اليمن عرب التاريخ‪ ،‬تأليف‪ :‬محمد حسين شرف الدين‪( ،‬ص‪ ،)285‬وكتاب‪ :‬العًلقات‬
‫السع ودية اليمنية‪ ،‬من خًلل ما نشر يف جريدة المقطم المصرية‪ ،‬تأليف‪ :‬أ‪.‬د‪ /.‬محمد سعيد منشط‬
‫الشعفي‪( ،‬ص‪ ،)156 -154‬نعم لقد اهنار جيش اإلمام يحيى يف أقل من شهر واحد‪ ،‬انظر‪ :‬كتاب‪:‬‬
‫الوجيز يف سيرة الملك عبدالعزيز‪ ،‬لخير الدين الزركلي‪ ،‬ط‪( ،2‬ص‪.)177‬‬
‫(‪ )2‬الضحي‪ :‬بلدة يف وادي سردد‪ ،‬بالجنوب الشرقي من مدينة الزيدية‪.‬‬
‫(‪ )3‬بيت الفقيه‪ :‬بلدة يمنية ساحلية تقع شمال مدينة زبيد على بعد حوالي ‪35‬كم‪ُ ،‬سميت هبذا االسم‬
‫نسبة إلى الفقيه أحمد بن موسى بن عجيل المتوىف سنة ‪690‬هـ ‪1291 -‬م‪.‬‬
‫‪436‬‬

‫بعد وصول كتبهم ورسلهم‪.‬‬


‫(زبِيد) بقيادة عبداهلل بن َخثًلن‪.‬‬
‫‪ -5‬أرسلت قوة من الجيش إلى جهة َ‬
‫دخول سمو األمير فيصل الحديدة(‪:)1‬‬
‫ويف يوم ‪ 17‬محرم ‪1353‬هـ ‪1934 -‬م‪ ،‬تحرك موكب األمير فيصل من‬

‫ال ُّل َح َّية يف طريقه إلى الحديدة يف موكب مهيب حتى وصل إلى مدينة ُ‬
‫الحدَ يدة‪،‬‬
‫وخرجت القوات السعودية الستقباله‪ ،‬وخرج الناس الستقباله‪ ،‬ومشاهدة‬
‫موكبه‪ ،‬وقد وصل إلى مقر الحكومة مقر عامل الحديدة عبداهلل بن اإلمام يحيى‬
‫محمد حميد الدين(‪ ،)2‬فأقبل ُو َجهاء وأعيان المدينة‪ ،‬ومنهم هادي هيج زعيم‬
‫قبيلة (الواعظات)‪ ،‬وأحمد فتيني زعيم قبيلة (الزرانيق)‪ ،‬وإبراهيم السبهان‬

‫(‪ )1‬راجع‪ :‬كتاب‪ :‬صقر الجزيرة‪ ،‬أحمد عبدالغفور عطار‪ .)1164/6( ،‬وكتاب‪ :‬تاريخ ملوك آل سعود‪،‬‬
‫تأليف‪ :‬سعود بن هذلول‪1402( ،‬هـ ‪1982 -‬م)‪.)182/1( ،‬‬
‫(‪ )2‬اإلمام يحيى محمد بن يحيى حميد الدين‪1367 -1286( :‬هـ)‪ :‬ولد بصنعاء وتعلم هبا وباألهنوم‬
‫فهو عالم محقق يف علوم العربية والفقه وفروعه وأصوله تولى إمامة اليمن بعد وفاة والده سنة‬
‫‪1322‬هـ وتصادم مع العثمانيين يف معارك كثيرة؛ حيث كانوا يسيطرون على اليمن ثم عقد معاهدة‬
‫(دعان) يف عام ‪1329‬هـ‪ ،‬وصفيت له أمور اليمن بعد جًلء األتراك األخير سنة ‪1336‬هـ كان كما‬
‫يقول الزركلي يفضل االستبداد على الشورى‪ ،‬وكان يؤثر العزلة على االنفتاح‪ ،‬وقد أثر عنه قوله‪:‬‬
‫«ألن تبقى َخ ِربة وهي تحكم نفسها أولى من أن تكون عامرة ويحكمها أجنبي»‪ُ ،‬قتل غيلة عام‬
‫‪ 1367‬هـ وأعلن قاتلوه قيام دولة دستورية رئيسها عبداهلل بن الوزير لم تدم سوى أسابيع‪ .‬األعًلم‪،‬‬
‫(‪ ،)171 - 171 /8‬هجر العلم ومعاقله ‪ ،)1737 -1696 /3( ،‬ويف تاريخ اليمن للواسعي‪،‬‬
‫(ص‪.)300‬‬
‫‪437‬‬

‫موه‪ ،‬وبعدها‬ ‫(‪)1‬‬ ‫زعيم (قبيلة ِّ ِ‬


‫الضحي) ‪ ،‬وقناصل الدول األجنبية للسًلم على ُس ِّ‬
‫أصدر توجيهاته إلى الدوائر الحكومية‪ ،‬والمرافق العامة‪ ،‬والمؤسسات‬
‫الحكومية باستئناف أعمالها‪ ،‬وإدارة شؤون البلدة كالعادة المتبعة حتى تصل‬
‫األنظمة المرعية يف المملكة العربية السعودية‪.‬‬
‫وصول وزير المالية الشيخ عبداهلل السليمان(‪:)2‬‬
‫ويف اليوم الرابع من وصول األمير فيصل‪ ،‬وصل الشيخ عبداهلل السليمان‬
‫خاصة‪ ،‬تقل سر َّية من رجال األمن‪ ،‬وجماعة من‬
‫وزير المالية على متن باخرة َّ‬
‫رجال اإلدارة‪ ،‬وأجهزة اتصاالت السلكية مع موظفيها‪ ،‬ومكاتب لإلدارات‪،‬‬
‫ومطبوعات رسمية‪ ،‬ورؤساء موظفين‪.‬‬
‫حصار اليمن‪:‬‬
‫كما أشرنا يف الفصل الخاص بالربقيات المتبادلة بين الملك عبد العزيز‪،‬‬
‫واإلمام يحيى‪ ،‬حيث توقفنا عند برقية الملك عبدالعزيز األخيرة بتاريخ ‪/17‬‬
‫‪1352/12‬هـ ‪1934‬م‪ ،‬ويف نفس اليوم ِ‬
‫أذن لعبد اهلل بن الوزير رئيس الوفد‬
‫اليمني ورفقائه بالسفر عن طريق القنفذة‪ ،‬فلم يوافق‪ ،‬ورغب أن يكون سفره‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬اليمن عرب التاريخ‪ ،‬تأليف‪ :‬محمد حسين شرف الدين‪( ،‬ص‪ ،)285‬وكتاب‪ :‬صقر‬
‫الجزيرة‪ ،‬أحمد عبدالغفور عطار‪ .)1136/6( ،‬وكتاب‪ :‬تاريخ ملوك آل سعود‪ ،‬تأليف‪ :‬سعود بن‬
‫هذلول‪1402( ،‬هـ ‪1982 -‬م)‪.)182/1( ،‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬صقر الجزيرة‪ ،‬أحمد عبدالغفور عطار‪ ،)1164/6( ،‬وكتاب‪ :‬تاريخ المخًلف‬
‫السليماين‪ ،‬محمد بن أحمد العقيلي‪.)1139/2( ،‬‬
‫‪438‬‬

‫عن طريق ظهران الجنوب‪ ،‬فلم توافق الحكومة على ذلك؛ خشي ًة على حياته‬
‫وتقرر سفره إلى مكة المكرمة برفقة عضو‬
‫يف المخاطرة بسلوكه خطوط القتال‪َّ ،‬‬
‫الوفد السعودي تركي بن محمد الماضي ٍ‬
‫بأمر من الملك عبد العزيز‪ ،‬وحتى‬
‫الحدَ يدَ ة َبح ًرا‪ ،‬وقد وصل مكة المكرمة‪،‬‬
‫تتهيأ للوفد وسيلة يف توجهه إلى ُ‬
‫وتشرف ابن الوزير بالسًلم على جًللة الملك عبدالعزيز‪ ،‬فلقي من جًللته‬
‫كل إكرام واحرتام‪ ،‬وبعد أن طلع الملك إلى الطائف‪ ،‬أمر الوفد اليمني‬
‫بالخروج إلى الطائف‪ ،‬واستقر هناك يف ٍ‬
‫غاية من واإلكرام واالحرتام‪ ،‬وكانت‬
‫الحرب بين البلدين مستمرة‪ ،‬والربقيات بين الحكومتين متوقفة‪ ،‬واالتصال‬
‫منقط ًعا‪ ،‬ولما أدرك اإلمام يحيى خطورة الموقف‪ ،‬وانتزاع أعز ما يملك من‬
‫يده من الموانئ الممتدة على طول الساحل‪ ،‬أبرق للملك عبدالعزيز بقوله‪:‬‬
‫مفوضا منَّا لعقد‬
‫ً‬ ‫«أيها األخ‪ ،‬كفى ما قد حصل‪ ،‬وهذا الولد عبد اهلل الوزير‬
‫المعاهدة»‪ ،‬وحضر ابن الوزير لمقابلة الملك عبد العزيز‪ ،‬وتلقى الشروط من‬
‫الملك عبدالعزيز‪.‬‬
‫الشروط األساسية لعقد المعاهدة‪:‬‬
‫‪ -1‬االنسحاب من نجران‪ ،‬وعموم بًلد يام‪ ،‬وتسليمها لسمو ولي العهد‬
‫األمير سعود‪.‬‬
‫‪ -2‬تسليم الحسن اإلدريسي‪ ،‬وعموم األدارسة‪.‬‬
‫‪ -3‬االنسحاب عن المناطق الجبلية التي احتلتها الجنود اليمنية‪.‬‬
‫‪439‬‬

‫‪ -4‬االعرتاف بحضرة صاحب الجًللة مل ًكا على المملكة العربية‬


‫السعودية‪.‬‬
‫‪ -5‬عقد معاهدة لمدة عشرين سنة‪.‬‬
‫‪ -6‬انسحاب الجيوش السعودية من األراضي اليمنية بما فيها الحديدة‬
‫وال ُّلح َّية وميدي‪ ،‬وغير ذلك من األراضي اليمنية(‪.)1‬‬
‫وبخروج جيوش اإلمام يحيى من قرى وادي نجران‪ ،‬وكافة بًلد يام‪،‬‬
‫ُأعلِ َن انضمام نجران رسم ًّيا إلى الحكم السعودي‪ ،‬وإعًلن الوالء (للملك عبد‬
‫العزيز)‪ ،‬وبتلك الحرب على نجران أهنى (الملك عبد العزيز) ‪-‬بقواته‬
‫طويًل من الصراع واالضطراب بين‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫تاريخا‬ ‫العسكرية‪ ،‬ثم بجهوده السياسية‪-‬‬
‫أئمة اليمن ونجران‪ ،‬وأسفرت تلك الحرب عن توقيع االتفاقية اليمنية‬
‫السعودية عام ‪1353‬هـ‪1934 /‬م‪ ،‬وبذلك دخلت نجران عهدها الزاهر تحت‬
‫الحكم السعودي(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬من مذكرات تركي بن محمد بن الماضي عن العًلقات السعودية اليمنية‪ ،‬من ‪1342‬هـ‬
‫‪1371 -‬هـ‪1924/‬م ‪1954 -‬م‪( ،‬ص‪ ،)222 ،221‬وكتاب‪ :‬تاريخ المخًلف السليماين‪ ،‬محمد‬
‫بن أحمد العقيلي‪ ،)1115/2( ،‬وكتاب‪ :‬العًلقات السعودية ‪ -‬اليمنية ‪ ،‬أ‪.‬د‪ /.‬محمد سعيد منشط‬
‫الشعفي‪( ،‬من خًلل ما نشر يف جريدة المقطم المصرية)‪( ،‬ص‪ ،)224‬وكتاب‪ :‬اليمن عرب التاريخ‪،‬‬
‫تأليف‪ :‬محمد حسين شرف الدين‪( ،‬ص‪ ،)286‬وكتاب‪ :‬تاريخ ملوك آل سعود‪ ،‬تأليف‪ :‬سعود بن‬
‫هذلول‪1402( ،‬هـ ‪1982 -‬م)‪( ،‬ص‪.)182‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬نجران‪ ،‬محمد أبو ساق‪( ،‬ص‪.)213‬‬
‫‪440‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬اتفاقية الطائف(‪:)1‬‬

‫معاهدة (الطائف)‪:‬‬
‫بين(المملكة العرب َّية السعود َّية)‪ ،‬و(المملكة اليمان َّية)‪.‬‬
‫(‪ 6‬صفر سنة ‪ 1353‬هـ‪ 19 /‬مايو سنة ‪1934‬م)‪.‬‬
‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬
‫الحمد هلل وحده‪ ،‬والصًلة والسًلم على من ال نبي بعده‪ ،‬نحن اإلمام‬
‫يحيى بن محمد حميد الدين ملك المملكة اليمانية‪ ،‬بما إنه قد عقدت بيننا‬
‫وبين الملك اإلمام عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود ملك المملكة‬
‫العربية السعودية‪ ،‬معاهدة صداقة إسًلمية‪ ،‬وأخوة عربية إلهناء حالة الحرب‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬العًلقات السعودية اليمنية‪ ،‬من خًلل ما نشر يف جريدة المقطم المصرية‪ ،‬تأليف‪ :‬أ‪.‬د‪/.‬‬
‫محمد سعيد منشط الشعفي‪( ،‬ص‪ ،)376‬وكتاب‪ :‬تاريخ المخًلف السليماين‪ ،‬تأليف‪ :‬محمد بن‬
‫أحمد العقيلي‪ ،)1152/2( ،‬وكتاب‪ :‬من مذكرات تركي بن محمد الماضي‪ ،‬عن العًلقات‬
‫السعودية اليمنية‪ ،‬تأليف‪ :‬تركي محمد الماضي‪( ،‬ص‪ ،)246 -227‬وكتاب‪ :‬اليمن عرب التاريخ‪،‬‬
‫أحمد حسين شرف الدين‪( ،‬ص‪ ،)299 -287‬ط‪1400 ،3‬هـ ‪1980 -‬م‪ ،‬وكتاب‪ :‬العًلقات‬
‫السعودية اليمنية‪ ،‬تأليف‪ :‬عبداهلل بن سعود القباع‪ ،‬ملحق رقم (‪( ،)3‬ص‪ ،)390 -378‬وكتاب‪:‬‬
‫تاريخ اليمن المسمى ُفرجة الهموم والحزن يف حوادث وتاريخ اليمن‪ ،‬تأليف‪ :‬العًلمة الشيخ‬
‫عبدالواسع بن يحيى الواسعي اليماين‪( ،‬ص‪ ،)408 -391‬وكتاب‪ :‬صقر الجزيرة تأليف‪ :‬أحمد‬
‫عبد الغفور عطار‪ ،)1159 -1141/6( ،‬وكتاب‪ :‬عسير يف عهد الملك عبد العزيز‪ ،‬د‪ .‬محمد بن‬
‫عبداهلل آل زلفة‪( ،‬ص‪ ،)225 -205‬وكتاب‪ :‬جبال فيفا وبني مالك‪ ،‬أ‪ .‬د‪ .‬عبد اهلل بن أحمد الفيفي‪،‬‬
‫(ص‪.)79 -64‬‬
‫‪441‬‬

‫الواقعة لسوء الحظ بيننا وبين جًللته‪ ،‬ولتأسيس عًلقات الصداقة اإلسًلمية‬
‫بين بًلديهما‪ ،‬ووقعها مندوب مفوض من قبلنا‪ ،‬ومندوب مفوض من قبل‬
‫جًللته‪ ،‬وكًلهما حائزان للصًلحية التامة المتقابلة‪ ،‬وذلك يف مدينة جدة يف‬
‫ثًلث وخمسين بعد الثًلثمائة واأللف‪ ،‬وهي‬‫ٍ‬ ‫اليوم السادس من شهر صفر سنة‬
‫مدرجة مع عهد التحكيم والكتب الملحقة هبا فيما يلي‪:‬‬
‫السعودية)‬
‫َّ‬ ‫وأخوة عرب َّية بين (المملكة العرب َّية‬
‫َّ‬ ‫معاهدة صداقة إسالم َّية‬
‫و(المملكة اليمان َّية)‪:‬‬
‫حضرة صاحب الجًللة (اإلمام عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل‬
‫جهة‪ ،‬وحضرة صاحب‬ ‫ٍ‬ ‫سعود)‪ ،‬ملك (المملكة العربية السعودية)‪ ،‬من‬
‫الجًللة (اإلمام يحيى بن محمد حميد الدين)‪ ،‬ملك (اليمن)‪ ،‬من جهة أخرى‪،‬‬
‫ِّ‬
‫الحظ فيما بينهما وبين‬ ‫رغب ًة منهما يف إهناء حالة الحرب التي كانت قائم ًة لسوء‬
‫حكومتيهما وشعبيهما‪.‬‬
‫ورغب ًة يف جمع كلمة األمة اإلسًلمية العربية‪ ،‬ورفع شأهنا‪ ،‬وحفظ‬
‫كرامتها واستقًللها‪.‬‬
‫ونظرا لضرورة تأسيس عًلقات عهد َّية ثابتة بينهما وبين حكومتيهما‬
‫ً‬
‫وبًلديهما على أساس المنافع المشرتكة‪ ،‬والمصالح المتبادلة‪.‬‬
‫وح ًّبا يف تثبيت الحدود بين بًلديهما‪ ،‬وإنشاء عًلقات حسن الجوار‪،‬‬
‫وروابط الصداقة اإلسًلمية فيما بينهما‪ ،‬وتقوية دعائم السلم والسكينة بين‬
‫‪442‬‬

‫عضوا واحدً ا أمام الملمات المفاجئة‪،‬‬


‫ً‬ ‫بًلديهما وشعبيهما‪ ،‬ورغب ًة يف أن يكونا‬
‫مرتاصا للمحافظة على سًلمة (الجزيرة العربية)‪ ،‬قررا عقد معاهدة‬
‫ًّ‬ ‫وبنيانًا‬
‫صداقة إسًلمية وأخوة عربية فيما بينهما‪ ،‬وانتدبا لذلك الغرض مندوبين‬
‫مفوضين عنهما‪ ،‬وهما‪:‬‬
‫وعن حضرة صاحب الجًللة َملِك (المملكة العربية السعودية) حضرة‬
‫السمو الملكي‪( :‬األمير خالد بن عبد العزيز)‪ ،‬نجل جًللته‪ ،‬ونائب‬
‫ِّ‬ ‫صاحب‬
‫رئيس مجلس الوزراء‪ ،‬وعن حضرة صاحب الجًللة َملِك (اليمن) حضرة‬
‫السيادة‪( :‬السيد عبداهلل بن أحمد الوزير)‪.‬‬
‫صاحب َّ‬
‫وقد منح جًللة الملكين لمندوبيهما اآلنفي الذكر الصًلحية التامة‪،‬‬
‫والتفويض المطلق‪ ،‬وبعد أن اطلع المندوبان المذكوران على أوراق التفويض‬
‫كل منهما‪ ،‬فوجداها موافق ًة لألصول‪ ،‬قررا باسم َملِ َكيهما االتفاق على‬
‫التي بيد ٍّ‬
‫المواد اآلتيـة‪:‬‬
‫المادة األولى‪:‬‬
‫تنتهي حالة الحرب القائمة بين (مملكة اليمن) و(المملكة العربية‬
‫فورا بين الملكين‬
‫السعودية) بمجرد التوقيع على هذه المعاهدة‪ ،‬وتنشأ ً‬
‫وبًلديهما وشعبيهما حالة ِسل ٍم ٍ‬
‫دائم‪ ،‬وصداقة وطيدة‪ ،‬وأخوة إسًلمية عربية‬
‫دائمة‪ ،‬ال يمكن ِ‬
‫اإلخًلل هبا جميعها أو بعضها‪ .‬ويتعهد الفريقان الساميان‬
‫المتعاقدان بأن يحًل بروح الود والصداقة جميع المنازعات واالختًلفات‬
‫‪443‬‬

‫التي قد تقع بينهما‪ ،‬وبأن يسود عًلقتهما روح اإلخاء اإلسًلمي العربي يف سائر‬
‫المواقف والحاالت‪ ،‬و ُيشهدان اهلل على حسن نواياهما‪ ،‬ورغبتهما الصادقة يف‬
‫سرا وعلنًا‪ ،‬ويرجوان منه سبحانه وتعالى أن ُيو ِّفقهما‬
‫الوفاق‪ ،‬واالتفاق ًّ‬
‫وو َر َثاءهما وحكومتيهما إلى السير على هذه الخطة القويمة التي‬
‫وخلفاءهما ُ‬
‫فيها إرضاء الخالق‪ ،‬وعز قومهما ودينهما‪.‬‬
‫المادة الثانية‪:‬‬
‫يعرتف ٌّ‬
‫كل من الفريقين الساميين المتعاقدين لآلخر باستقًلل كل من‬
‫استقًلال تا ًّما مطل ًقا‪ ،‬وبملكيته عليها‪ ،‬فيعرتف حضرة صاحب‬
‫ً‬ ‫المملكتين‬
‫الجًللة اإلمام يحيى بن محمد حميد الدين ملك اليمن لحضرة صاحب‬
‫الجًللة اإلمام عبد العزيز ولخلفائه الشرعيين باستقًلل المملكة العربية‬
‫استقًلال تا ًّما مطل ًقا‪ ،‬وبالملكية على المملكة العربية السعودية‪،‬‬
‫ً‬ ‫السعودية‬
‫ويعرتف حضرة صاحب الجًللة اإلمام عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل‬
‫آل سعود ملك المملكة العربية السعودية لحضرة صاحب الجًللة ِ‬
‫اإلمام‬
‫استقًلال تا ًّما مطل ًقا‪،‬‬
‫ً‬ ‫يحيى ولخلفائه الشرعيين باستقًلل مملكة اليمن‬
‫كل منهما أي حق يدعيه يف ٍ‬
‫قسم أو أقسا ٍم من‬ ‫وبالملكية على اليمن‪ .‬ويسقط ٌّ‬
‫بًلد أخرى خارج الحدود القطعية المبينة يف صلب هذه المعاهدة‪ .‬إن جًللة‬
‫حق يدعيه باسم الوحدة‬
‫اإلمام الملك يحيى يتنازل هبذه المعاهدة عن أي ٍّ‬
‫اليمانية أو غيرها يف البًلد التي هي بموجب هذه المعاهدة تابعة للمملكة‬
‫‪444‬‬

‫العربية السعودية من البًلد التي كانت بيد األدارسة‪ ،‬أو آل عائض‪ ،‬أو يف نجران‬
‫وبًلد يام‪ ،‬كما أن جًللة اإلمام الملك عبد العزيز يتنازل هبذه المعاهدة عن أي‬
‫ٍ‬
‫واحتًلل أو غيرهما يف البًلد التي هي بموجب هذه‬ ‫ٍ‬
‫حماية‬ ‫حق يدعيه من‬ ‫ٍّ‬
‫المعاهدة تابعة لليمن من البًلد التي كانت بيد األدارسة أو غيرها‪.‬‬
‫المادة الثالثة‪:‬‬
‫يتَّفق الفريقان الساميان المتعاقدان على الطريقة التي تكون هبا الصًلت‬
‫والمراجعات بما فيه حفظ مصالح الطرفين‪ ،‬وبما ال ضرر فيه على أيهما‪ ،‬على‬
‫َّأال يكون ما يمنحه أحد الفريقين الساميين المتعاقدين لآلخر أقل مما يمنحه‬
‫مما يقابله‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫أي الفريقين أن يمنح اآلخر أكثر َّ‬
‫لفريق ثالث‪ ،‬وال يوجب هذا على ِّ‬
‫بمثله‪.‬‬
‫المادة الرابعة‪:‬‬
‫خط الحدود الذي يفصل بين بًلد ٍّ‬
‫كل من الفريقين الساميين المتعاقدين‬
‫فاصًل قطع ًّيا بين‬
‫ً‬ ‫موضح بالتفصيل الكايف فيما يلي‪« :‬ويعترب هذا الخط حدًّ ا‬
‫اعتبارا من‬
‫ً‬ ‫البًلد التي تخضع لكل منهما»‪ ،‬يبدأ خط الحدود بين المملكتين‬
‫النقطة الفاصلة بين (ميدي) و(الموسم) على ساحل البحر األحمر إلى جبال‬
‫ً‬
‫شماال إلى أن ينتهي إلى الحدود الغربية‬ ‫هتامة يف الجهة الشرقية‪ ،‬ثم يرجع‬
‫الشمالية التي بين (بني ُجماعة)‪ ،‬ومن يقابلهم من جهة الغرب والشمال‪ ،‬ثم‬
‫ينحرف إلى جهة الشرق إلى أن ينتهي إلى ما بين حدود (نقعة) و(عار)‬
‫‪445‬‬

‫التابعتين لقبيلة (وائلة)‪ ،‬وبين ُحدود (يام)‪ ،‬ثم ينحرف إلى أن يبلغ مضيق‬
‫(مروان) و(عقبة رفادة)‪ ،‬ثم ينحرف إلى جهة الشرق حتى ينتهي من جهة‬
‫الشرق إلى أطراف الحدود بين من عدا (يام) من (همدان بن زيد وائلة)‪ ،‬وغيره‬
‫وبين (يام)‪ ،‬فكل ما هو عن يمين الخط المذكور الصاعد من النقطة المذكورة‬
‫التي على ساحل البحر األحمر إلى منتهى الحدود يف جميع جهات الجبال‬
‫المذكورة‪ ،‬فهو من المملكة اليمانية‪ ،‬وكل ما هو عن يسار الخط المذكور‪ ،‬فهو‬
‫من المملكة العربية السعودية‪ ،‬فما هو من جهة اليمين المذكورة هي ميدي‬
‫وحرض وبعض قبيلة الحرث‪ ،‬والمسير وجبال الظاهر وشدا‪ ،‬والضبعة‬
‫وبعض العبادل‪ ،‬وجميع بًلد وجبال رازح ومنبه وعرو آل أمشيخ وجميع بًلد‬
‫وجبال بني ُجماعة وسحار الشام بباد وما يليها‪ ،‬ومحل مريصفة من سحار‬
‫الشام وعموم سحار ونقعة ووعار وعموم وائلة‪ ،‬وكذا الفرع من عقبة هنوقة‪،‬‬
‫وعموم من عدا يام ووادعة ظهران من همدان بن زيد‪ ،‬هؤالء المذكورون‬
‫وبًلدهم بحدودها المعلومة‪ ،‬وكل ما هو بين الجهات المذكورة‪ ،‬وما يليها مما‬
‫لم يذكر اسمه‪ ،‬مما كان مرتب ًطا ارتبا ًطا فعل ًّيا أو تحت ثبوت يد المملكة اليمانية‬
‫قبل سنة ‪ 1352‬هـ ‪1933‬م‪ ،‬كل ذلك هو يف جهة اليمين‪ ،‬فهو من المملكة‬
‫اليمانية‪ ،‬وما هو من جهة اليسار المذكورة وهو‪ :‬الموسم ووعًلن وأكثر‬
‫الحرث والخوبة والجابري وأكثر العبادل وجميع فيفا وبني مالك وبني‬
‫حريص وآل تليد وقحطان وظهران وادعة‪ ،‬وجميع وادعة ظهران مع مضيق‬
‫‪446‬‬

‫مروان‪ ،‬وعقبة رفادة وما خلفها‪ ،‬من جهة الشرق والشمال من يام ونجران‬
‫والحضن وزور وادعة وسائر َمن هو يف نجران من وائلة‪ ،‬وكل ما هو تحت‬
‫عقبة هنوقة إلى أطارف نجران ويام من جهة الشرق‪ ،‬هؤالء المذكورون‬
‫وبًلدهم بحدودها المعلومة‪ ،‬وكل ما هو بين الجهات المذكورة‪ ،‬وما يليها مما‬
‫لم يذكر اسمه مما كان مرتب ًطا ارتبا ًطا فعل ًّيا أو تحت ثبوت يد المملكة العربية‬
‫السعودية قبل سنة ‪1352‬هـ ‪1933‬م‪ ،‬كل ذلك هو يف جهة يسار الخط‬
‫المذكور‪ ،‬فهو من المملكة العربية السعودية‪.‬‬
‫وما ذكر من يام ونجران والحضن وزور وادعة وسائر َمن هو يف نجران‬
‫من وائلة‪ ،‬فهو بنا ًء على كل ما كان من تحكيم اإلمام لجًللة الملك عبد العزيز‬
‫يف يام‪ ،‬والحكم من جًللة الملك عبد العزيز َّ‬
‫بأن جميعها تتبع المملكة العربية‬
‫السعودية‪ ،‬وحيث َّ‬
‫إن الحضن وزور وادعة و َمن هو من وائلة يف نجران هم من‬
‫وائلة‪ ،‬ولم يكن دخولهم يف المملكة العربية السعودية إال لما ذكر‪ ،‬فذلك ال‬
‫يمنعهم‪ ،‬وال يمنع إخواهنم وائلة من التمتع بالصًلت والمواصًلت والتعاون‬
‫المعتاد‪ ،‬والمتعارف به‪.‬‬
‫ثم يمتد هذا الخط من هناية الحدود المذكورة آن ًفا بين أطراف قبائل‬
‫المملكة العربية السعودية‪ ،‬وأطراف من عدا يام من همدان بن زيد‪ ،‬وسائر‬
‫قبائل اليمن‪ ،‬فملك للمملكة اليمانية كل األطراف والبًلد اليمانية إلى منتهى‬
‫حدود اليمن من جميع الجهات‪ ،‬وللمملكة العربية السعودية كل األطراف‬
‫‪447‬‬

‫والبًلد إلى منتهى حدودها من جميع الجهات‪ ،‬وكل ما ذكر يف هذه المادة من‬
‫نقط شمال وجنوب وشرق وغرب‪ ،‬فهو باعتبار كثرة اتجاه ميل خط الحدود‬
‫وكثيرا ما يميل لتداخل ما إلى كل من المملكتين‪.‬‬
‫ً‬ ‫يف اتجاه الجهات المذكورة‪،‬‬
‫أما تعيين وتثبيت الخط المذكور‪ ،‬وتمييز القبائل وتحديد ديارها على أكمل‬
‫الوجوه‪ ،‬فيكون إجراؤه بواسطة هيئة مؤلفة من عدد متسا ٍو من الفريقين بصورة‬
‫ٍ‬
‫حيف بحسب العرف والعادة الثابتة عند القبائل‪.‬‬ ‫ودية أخوية بدون‬
‫المادة الخامسة‪:‬‬
‫كل من الفريقين الساميين المتعاقدين يف دوام السلم‬‫نظرا لرغبة ٍّ‬
‫ً‬
‫ٍ‬
‫شيء يشوش األفكار بين المملكتين‪،‬‬ ‫والطمأنينة والسكون‪ ،‬وعدم إيجاد أي‬
‫متقابًل بعدم إحداث أي ٍ‬
‫بناء محصن يف مساحة خمسة‬ ‫ً‬ ‫فإهنما يتعهدان تعهدً ا‬
‫ٍ‬
‫جانب من جانبي الحدود يف كل المواقع والجهات على‬ ‫كيلومرتات يف كل‬
‫طول خط الحدود‪.‬‬
‫المادة السادسة‪:‬‬
‫فورا عن‬ ‫يتعهد ٌّ‬
‫كل من الفريقين الساميين المتعاقدين بسحب جنده ً‬
‫البًلد التي أصبحت بموجب هذه المعاهدة تابعة للفريق اآلخر مع صون‬
‫ٍ‬
‫ضرر‪.‬‬ ‫األهلين والجند عن كل‬
‫المادة السابعة‪:‬‬
‫يتعهد الفريقان الساميان المتعاقدان بأن يمنع كل منهما أهالي مملكته‬
‫‪448‬‬

‫ٍ‬
‫وعدوان على أهالي المملكة األخرى يف كل جهة وطريق‪ ،‬وبأن‬ ‫ٍ‬
‫ضرر‬ ‫عن كل‬
‫يمنع الغزو بين أهل البوادي من الطرفين‪ ،‬وير ُّد كل ما ثبت أخذه بالتحقيق‬
‫الشرعي من بعد إبرام هذه المعاهدة‪ ،‬وضمان ما تلف‪ ،‬وبما يلزم بالشرع فيما‬
‫وقع من جناية قتلٍ‪ ،‬أو جرحٍ ‪ ،‬بالعقوبة الحاسمة على َمن ثبت منهم العدوان‪،‬‬
‫ويظل العمل هبذه المادة سار ًيا إلى أن يوضع بين الفريقين اتفاق آخر لكيفية‬
‫التحقيق‪ ،‬وتقدير الضرر والخسائر‪.‬‬
‫المادة الثامنة‪:‬‬
‫متقابًل بأن يمتنعا عن‬
‫ً‬ ‫يتعهد كل من الفريقين الساميين المتعاقدين تعهدً ا‬
‫الرجوع للقوة لحل المشكًلت بينهما‪ ،‬وبأن يعمًل جهدهما لحل ما يمكن أن‬
‫ينشأ بينهما من االختًلف؛ سواء كانت سببه ومنشؤه هذه المعاهدة‪ ،‬أو تفسير‬
‫ٍ‬
‫سبب آخر بالمراجعات الودية‪ ،‬ويف‬ ‫كل أو بعض موادها‪ ،‬أم كان ناش ًئا عن أي‬
‫حالة عدم إمكان التوفيق هبذه الطريقة‪ ،‬يتعهد ٌّ‬
‫كل منهما بأن يلجأ إلى التحكيم‬
‫الذي توضح شروطه‪ ،‬وكيفية طلبه وحصوله يف ملحق مرفق هبذه المعاهدة‪،‬‬
‫ولهذا الملحق نفس القوة والنفوذ اللذين لهذه المعاهدة‪ ،‬ويحسب جز ًءا منها‬
‫متمما للكل فيها‪.‬‬
‫ً‬ ‫بعضها‬
‫ً‬ ‫أو‬
‫المادة التاسعة‪:‬‬
‫يتعهد كل من الفريقين الساميين المتعاقدين بأن يمنع ِّ‬
‫بكل ما لديه من‬
‫عدوانـي‪،‬‬
‫ٍّ‬ ‫ألي عم ٍل‬
‫ومركزا ِّ‬
‫ً‬ ‫الوسائل المادية والمعنوية‪ ،‬استعمال بًلده قاعد ًة‬
‫‪449‬‬

‫أو شروع فيه‪ ،‬أو استعداد له ضدَّ بًلد الفريق اآلخر‪ ،‬كما أنه يتعهد باتخاذ‬
‫خطي من حكومة الفريق اآلخر‪ ،‬وهي‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫طلب‬ ‫التدابير اآلتية بمجرد وصول‬
‫ٍّ‬
‫‪ - 1‬إذا كان الساعي يف عمل الفساد من رعايا الحكومة المطلوب منها‬

‫ا ِّتخاذ التدابير‪ ،‬فبعد التحقيق الشرعي‪ ،‬وثبوت ذلك‪ ،‬يؤدب ً‬


‫فورا من قبل‬
‫حكومته باألدب الرادع الذي يقضي على فعله‪ ،‬ويمنع وقوع أمثاله‪.‬‬
‫‪ -2‬إن كان الساعي يف عمل الفساد من رعايا الحكومة الطالبة اتخاذ‬
‫فورا من قبل الحكومة المطلوب منها‪ ،‬ويسلم‬
‫التدابير‪ ،‬فإنه يلقى القبض عليه ً‬
‫عذر عن إنفاذ‬
‫إلى حكومته الطالبة‪ ،‬وليس للحكومة المطلوب منها التسليم ٌ‬
‫الطلب‪ ،‬وعليها اتخاذ كافة ِ‬
‫اإلجراءات لمنع فرار الشخص المطلوب أو‬
‫تمكينه من الهرب‪ ،‬ويف األحوال التي يتم َّكن فيها الشخص المطلوب من‬
‫الفرار‪ ،‬فإن الحكومة التي َّفر من أراضيها تتعهد بعدم السماح له بالعودة إلى‬
‫لق القبض عليه‪ ،‬ويسلم إلى‬
‫أراضيها مرة أخرى‪ ،‬وإن تمكن من العودة إليها‪ُ ،‬ي َ‬
‫حكومته‪.‬‬
‫‪ -3‬وإن كان الساعي يف عمل الفساد من رعايا حكومة ثالثة‪ ،‬فإن‬
‫فورا‬
‫الحكومة المطلوب منها والتي يوجد الشخص على أراضيها‪ ،‬تقوم ً‬
‫شخصا‬
‫ً‬ ‫وبمجرد تلقيها الطلب من الحكومة األخرى بطرده من بًلدها‪ ،‬وعده‬
‫غير مرغوب فيه‪ ،‬ويمنع من العودة إليها يف المستقبل‪.‬‬
‫‪450‬‬

‫المادة العاشرة‪:‬‬
‫كل من الفريقين الساميين بعدم قبول َمن يفر عن طاعة دولته؛‬ ‫يتعهد ٌّ‬
‫َّ‬
‫موظف‪ ،‬فر ًدا كان أم جماعةً‪ ،‬ويتخذ‬ ‫ٍ‬ ‫صغيرا‪ ،‬موظ ًفا كان أم غير‬ ‫كبيرا كان أم‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ٍ‬
‫وعسكرية‬ ‫ٍ‬
‫إدارية‬ ‫كل من الفريقين الساميين المتعاقدين كافة التدابير الف َّعالة من‬
‫الفارين إلى حدود بًلده‪ ،‬فإن تم َّكن أحدهم أو‬
‫وغيرها لمنع دخول هؤالء ِّ‬
‫كلهم من اجتياز خط الحدود بالدخول يف أراضيه‪ ،‬فيكون عليه واجب نزع‬
‫السًلح من الملتجئ‪ ،‬وإلقاء القبض عليه‪ ،‬وتسليمه إلى حكومة بًلده الفار‬
‫منها‪ ،‬ويف حالة عدم إمكان القبض عليه‪ ،‬تتخذ كافة الوسائل لطرده من البًلد‬
‫التي لجأ إليها إلى بًلد الحكومة التي يتبعها‪.‬‬
‫المادة الحادية عشرة‪:‬‬
‫يتعهد كل من الفريقين الساميين المتعاقدين بمنع األفراد والعمال‬
‫َّ‬
‫ٍ‬
‫وجه كان مع رعايا الفريق اآلخر‬ ‫والموظفين التابعين له من المداخلة بأي‬
‫بالذات أو بالواسطة‪ ،‬ويتعهد باتخاذ كامل التدابير التي تمنع حدوث القلق أو‬
‫توقع سوء التفاهم بسبب األعمال المذكورة‪.‬‬
‫المادة الثانية عشرة‪:‬‬
‫ٍ‬
‫جهة من‬ ‫يعرتف ٌّ‬
‫كل من الفريقين الساميين المتعاقدين بأن أهل كل‬
‫الجهات الصائرة إلى الفريق اآلخر بموجب هذه المعاهدة رعية لذلك الفريق‬
‫اآلخر‪ ،‬ويتعهد ٌّ‬
‫كل منهما بعدم قبول أي شخص أو أشخاص من رعايا الفريق‬
‫‪451‬‬

‫اآلخر رعي ًة له َّإال بموافقة ذلك الفريق‪ ،‬وبأن تكون معاملة رعايا كل من‬
‫الفريقين يف بًلد الفريق اآلخر طب ًقا لألحكام الشرعية المحلية‪.‬‬
‫المادة الثالثة عشرة‪:‬‬
‫يتعهد كل من الفريقين الساميين المتعاقدين بإعًلن العفو الشامل‬
‫الكامل عن سائر اإلجرام واألعمال العدائية التي يكون قد ارتكبها فر ٌد أو أفرا ٌد‬
‫من رعايا الفريق اآلخر المقيمين يف بًلده (أي‪ :‬يف بًلد الفريق الذي منه إصدار‬
‫العفو)‪ ،‬كما أنه يتعهد بإصدار عفو عام شامل كامل عن أفراد رعاياه الذين‬
‫لجأوا أو انحازوا أو بأي شك ٍل من األشكال انضموا إلى الفريق اآلخر‪ ،‬من كل‬
‫جناية‪ ،‬ومال أخذوا‪ ،‬منذ لجأوا إلى الفريق اآلخر إلى عددهم؛ كائنًا ما كان‪،‬‬
‫وبال ًغا ما بلغ‪ ،‬وبعدم السماح بإجراء أي نوع من اإليذاء‪ ،‬أو التعقيب أو‬
‫التضييق بسبب ذلك االلتجاء‪ ،‬أو االنحياز أو الشكل الذي انضموا بموجبه‪،‬‬
‫ٍ‬
‫مخالف لهذا العهد‪ ،‬كان لمن‬ ‫ٍ‬
‫شيء‬ ‫ريب عند أي الفريقين بوقوع‬
‫وإذا حصل ٌ‬
‫حصل عنده الريب أو الشك من الفريقين مراجعة الفريق اآلخر ألجل اجتماع‬
‫المندوبين الموقعين على هذه المعاهدة‪ ،‬وإن َّ‬
‫تعذر على أحدهما الحضور‪،‬‬
‫فينيب عنه آخر له كامل الصًلحية واالطًلع على تلك النواحي ممن له كامل‬
‫الرغبة والعناية بصًلح ذات البين‪ ،‬والوفاء بحقوق الطرفين بالحضور لتحقيق‬
‫األمر‪ ،‬حتى ال يحصل أي حيف‪ ،‬وال نزاع‪ ،‬وما يقرره المندوبان يكون ً‬
‫نافذا‪.‬‬
‫‪452‬‬

‫المادة الرابعة عشرة‪:‬‬


‫يتعهد ٌّ‬
‫كل من الفريقين الساميين المتعاقدين برد وتسليم أمًلك رعاياه‬
‫الذين ُيعفى عنهم إليهم أو إلى ورثتهم عند رجوعهم إلى وطنهم خاضعين‬
‫ألحكام مملكتهم‪ ،‬وكذلك يتعهد الفريقان الساميان المتعاقدان بعدم حجز أي‬
‫شيء من الحقوق واألمًلك التي تكون لرعايا الفريق اآلخر يف بًلده‪ ،‬وال‬
‫يعرقل استثماره‪ ،‬أو أي نوع من أنواع التصرفات الشرعية فيها‪.‬‬
‫المادة الخامسة عشرة‪:‬‬
‫يتعهد كل من الفريقين الساميين المتعاقدين بعدم المداخلة مع فريق‬
‫أي ٍ‬
‫أمر يخ ُّل‬ ‫ثالث؛ سواء كان فر ًدا أم هيئة أم حكومة‪ ،‬أو االتفاق معه على ِّ‬
‫بمصلحة الفريق اآلخر‪ ،‬أو يضر ببًلده‪ ،‬أو يكون من ورائه إحداث المشكًلت‬
‫والصعوبات له‪ ،‬أو يعرض منافعها ومصالحها أو كياهنا لألخطار‪.‬‬
‫المادة السادسة عشرة‪:‬‬
‫يتعهد الفريقان الساميان المتعاقدان اللذان تجمعهما روابط األخوة‬
‫اإلسًلمية‪ ،‬والعنصرية العربية‪ ،‬أن أمتهما أمة واحدة‪ ،‬وأهنما ال يريدان بأحد‬
‫شرا‪ ،‬وأهنما يعمًلن جهدهما ألجل ترقية شؤون أمتهما يف ظل الطمأنينة‬
‫ًّ‬
‫والسكون‪ ،‬وأن يبذال وسعهما يف سائر المواقف؛ لما فيه الخير لبًلديهما‬
‫وأمتهما غير قاصدين هبذا أية عدوان على أية ُأ َّمة‪.‬‬
‫‪453‬‬

‫المادة السابعة عشرة‪:‬‬


‫يف حالة حصول اعتداء خارجي على بًلد أحد الفريقين الساميين‬
‫المتعاقدين‪ ،‬يتحتم على الفريق اآلخر أن ينفذ التعهدات اآلتية‪:‬‬
‫سرا وعلنًا‪.‬‬
‫أوال‪ :‬الوقوف على الحياد التام ًّ‬
‫ً‬
‫ثان ًيا‪ :‬المعاونة األدبية والمعنوية الممكنة‪.‬‬
‫ثال ًثا‪ :‬الشروع يف المذاكرة مع الفريق اآلخرة لمعرفة أنجح الطرق‬
‫ٍ‬
‫موقف‬ ‫لضمان وسًلمة بًلد الفريق اآلخر‪ ،‬ومنع الضرر عنهما‪ ،‬والوقوف يف‬
‫ال يمكن تأويله بأنه تعضيد للمعتدي الخارجي‪.‬‬
‫المادة الثامنة عشرة‪:‬‬
‫يف حالة حصول فتن واعتداءات داخلية يف بًلد أحد الفريقين الساميين‬
‫متقابًل بما يأيت‪:‬‬
‫ً‬ ‫المتعاقدين‪ ،‬يتعهد كل منهما تعهدً ا‬
‫أو ًال‪ :‬اتخاذ التدابير الفعالة الًلزمة لعدم تمكين المعتدين أو الثائرين من‬
‫االستفادة من أراضيه‪.‬‬
‫ثان ًيا‪ :‬منع التجاء الًلجئين إلى بًلده‪ ،‬وتسليمهم أو طردهم إذا لجؤوا‬
‫إليها كما هو موضح (يف المادة التاسعة والعاشرة أعًله(‪.‬‬
‫ثال ًثا‪ :‬منع رعاياه من االشرتاك مع المعتدين أو الثائرين‪ ،‬وعدم تشجيعهم‬
‫أو تموينهم‪.‬‬
‫راب ًعا‪ :‬منع اإلمدادات‪ ،‬واألرزاق‪ ،‬والمؤن والذخائر‪ ،‬عن المعتدين أو‬
‫الثائرين‪.‬‬
‫‪454‬‬

‫المادة التاسعة عشرة‪:‬‬


‫يعلن الفريقان الساميان المتعاقدان رغبتهما يف عمل كل ممكن لتسهيل‬
‫المواصًلت الربيدية والربقية‪ ،‬وتزييد االتصال بين بًلديهما‪ ،‬وتسهيل تبادل‬
‫السلع والحاصًلت الزراعية والتجارية بينهما‪ .‬ويف إجراء مفاوضات تفصيلية‬
‫من أجل عقد اتفاق جمركي يصون مصالح بلديهما االقتصادية بتوحيد‬
‫الرسوم الجمركية يف عموم البلدين‪ ،‬أو بنظام خاص بصورة كاملة لمصالح‬
‫الطرفين‪ ،‬وليس يف هذه المادة ما يقيد حرية أحد الفريقين الساميين المتعاقدين‬
‫ٍ‬
‫شيء حتى يتم عقد االتفاق المشار إليه‪.‬‬ ‫يف أي‬
‫المادة العشرون‪:‬‬
‫يعلن ٌّ‬
‫كل من الفريقين الساميين المتعاقدين استعداده ألن يأذن لممثليه‬
‫ومندوبيه يف الخارج إن وجدوا بالنيابة عن الفريق اآلخر متى أراد الفريق اآلخر‬
‫وقت‪ ،‬ومن المفهوم أنه حينما يوجد يف ذلك العمل‬ ‫ٍ‬
‫شيء‪ ،‬ويف أي ٍ‬ ‫ذلك يف أي‬
‫ٍ‬
‫واحد‪ ،‬فإهنما يرتاجعان فيما بينهما‬ ‫ٍ‬
‫مكان‬ ‫شخص من كل من الطرفين‪ ،‬يف‬
‫لتوحيد خطتهما‪ ،‬للعمل العائد لمصلحة البلدين التي هي كلمة واحدة‪ ،‬ومن‬
‫حق‬ ‫ٍ‬
‫صورة كانت يف أي ٍّ‬ ‫المفهوم َّ‬
‫أن هذه المادة ال تقيد حرية أحد الجانبين بأية‬
‫له‪ ،‬ك ما أنه ال يمكن أن تفسر بحجز حرية أحدهما‪ ،‬أو إضراره لسلوك هذه‬
‫الطريقة‪.‬‬
‫‪455‬‬

‫المادة الحادية والعشرون‪:‬‬


‫يلغى ما تضمنته االتفاقية الموقع عليها يف ‪ 5‬شعبان سنة ‪ 1350‬هـ‪/‬‬

‫اعتبارا من تاريخ إبرام هذه المعاهدة‪.‬‬ ‫‪1932‬م على كل ٍ‬


‫حال‬
‫ً‬
‫المادة الثانية والعشرون‪:‬‬

‫تربم هذه المعاهدة وتصدق من ِق َب ِل حضرة صاحبي الجًللة الملكين يف‬

‫نظرا لمصلحة الطرفين يف ذلك‪ ،‬وتصبح نافذة المفعول من‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫أقرب مدة ممكنة ً‬
‫نص عليه يف المادة األولى من إهناء‬
‫تاريخ تبادل قرارات إبرامها مع استثناء ما َّ‬
‫ُّ‬
‫وتظل سارية المفعول مدة عشرين سنة قمرية‬ ‫حالة (الحرب) بمجرد التوقيع‪،‬‬

‫تامة‪ ،‬ويمكن تجديدها أو تعديلها خًلل الستة األشهر التي تسبق تاريخ انتهاء‬

‫مفعولها‪ ،‬فإن لم تجدد أو تعدل يف ذلك التاريخ‪ ،‬تظل سارية المفعول إلى ما‬
‫ٍ‬
‫أشهر من إعًلم أحد الفريقين المتعاقدين الفريق اآلخر رغبته يف‬ ‫بعد ستة‬

‫التعديل‪.‬‬

‫المادة الثالثة والعشرون‪:‬‬

‫ُت َّ‬
‫سمى هذه المعاهدة بمعاهدة الطائف‪ ،‬وقد حررت من نسختين باللغة‬
‫العربية الشريفة بيد ٍّ‬
‫كل من الفريقين الساميين المتعاقدين نسخة‪ ،‬وإشها ًدا‬

‫بالواقع وضع كل من المندوبين المفوضين توقيعه‪ ،‬وكتب يف مدينة جدة يف‬


‫‪456‬‬

‫اليوم السادس من شهر صفر سنة ثًلث وخمسين بعد الثًلثمائة واأللف‬
‫‪1353‬هـ‪ 1934/5/19 /‬م‪.‬‬
‫توقيع‬
‫األمير خالد بن عبد العزيز‪ /‬عبد اهلل بن أحمد الوزير‬
‫(عهد التحكيم)‬
‫بين مملكة اليمن ‪ -‬وبين المملكة العربية السعودية‬
‫بما أن حضرة صاحبي الجًللة ِ‬
‫اإلمامين الملك يحيى ملك اليمن‪،‬‬
‫والملك عبد العزيز ملك المملكة العربية السعودية قد اتفقا بموجب المادة‬
‫الثامنة من معاهدة الصلح والصداقة وحسن التفاهم المسماة بـ (معاهدة‬
‫الطائف)‪ ،‬والموقع عليها يف السادس من شهر صفر سنة ثًلث وخمسين بعد‬
‫الثًلثمائة واأللف على أن يحيًل إلى التحكيم أي نزاع أو اختًلف ينشأ عن‬
‫العًلقات بينهما وبين حكومتيهما وبًلديهما متى عجزت سائر المراجعات‬
‫الودية عن ٍّ‬
‫حل‪ ،‬فإن الفريقين الساميين المتعاقدين يتعهدان بإجراء التحكيم‬
‫المب َّينة يف المواد اآلتية‪:‬‬
‫على الصورة ُ‬
‫المادة األولى‪:‬‬
‫يتعهد كل من الفريقين الساميين المتعاقدين بأن يقبل بإحالة القضية‬
‫المتنازع فيها على التحكيم خًلل شهر واحد من تاريخ استًلم طلب إجراء‬
‫التحكيم من الفريق اآلخر إليه‪.‬‬
‫‪457‬‬

‫المادة الثانية‪:‬‬
‫ٍ‬
‫متساو من المحكمين‬ ‫يجري التحكيم من قِ َب ِل هيئة مؤلفة من عدد‬
‫ينتخب كل فريق نصفهم‪ ،‬ومن حكم وازع ينتخب باتفاق الفريقين الساميين‬
‫شخصا‪ ،‬فإن قبل أحد‬
‫ً‬ ‫المتعاقدين َوإن لم يتفقا على ذلك‪ ،‬يرشح ٌّ‬
‫كل منهما‬
‫الفريقين بالمرشح الذي يقدمه الفريق اآلخر‪ ،‬فيصبح واز ًعا وإن لم يمكن‬
‫االتفاق على ذلك تجرى القرعة على أيهما يكون واز ًعا مع العلم بأن القرعة‬
‫فمن وقعت القرعة عليه‬
‫ال تجرى إال على األشخاص المقبولين من الطرفين‪َ ،‬‬
‫رئيسا لهيئة التحكيم‪ ،‬وواز ًعا للفصل يف القضية‪ ،‬وإن لم يحصل االتفاق‬
‫أصبح ً‬
‫على األشخاص المقبولين من الطرفين تجري المراجعات فيما بعد إلى أن‬
‫يحصل االتفاق على ذلك‪.‬‬
‫المادة الثالثة‪:‬‬
‫يجب أن يتم اختيار هيئة التحكيم ورئيسها خًلل شهر واحد من بعد‬
‫انقضاء الشهر المعين إلجابة الفريقين المطلوب منه الموافقة على التحكيم‬
‫لقبوله لطلب الفريق اآلخر‪ .‬وتجتمع هيئة المحكمين يف المكان الذي يتم‬
‫االتفاق عليه يف مدة ال تزيد عن شهر واحد بعد انقضاء الشهرين المعنيين يف‬
‫أول المادة‪ ،‬وعلى هيئة المحكمين أن تعطي حكمها خًلل مدة ال يمكن بأي‬
‫ٍ‬
‫حال من األحوال أن تزيد عن شهر واحد من بعد انقضاء المدة التي عينت‬
‫لًلجتماع كما هو مبين أعًله‪ .‬ويعطى حكم هيئة التحكيم باألكثرية‪ ،‬ويكون‬
‫‪458‬‬

‫الحكم ملز ًما للفريقين‪ ،‬ويصبح تنفيذه واج ًبا بمجرد صدوره وتبليغه‪ .‬ولكل‬
‫من الفريقين الساميين المتعاقدين أن يعين الشخص أو األشخاص الذين‬
‫يريدهم للدفاع عن وجهة نظره أمام هيئة التحكيم‪ ،‬وتقديم البيانات والحجج‬
‫الًلزمة لذلك‪.‬‬
‫المادة الرابعة‪:‬‬
‫أجور محكمي كل فريق عليه‪ ،‬وأجور رئيس هيئة التحكيم مناصف ًة‬
‫بينهما‪ ،‬وكذلك الحكم يف نفقات المحاكمة األخرى‪.‬‬
‫المادة الخامسة‪:‬‬
‫متمما لمعاهدة الطائف الموقع عليها يف هذا اليوم‬
‫ً‬ ‫يعترب هذا العهد جز ًءا‬
‫السادس من شهر صفر سنة ثًلث وخمسين بعد الثًلثمائة واأللف‪ ،‬ويظل‬
‫ساري المفعول مدة سريان المعاهدة المذكورة‪ ،‬وقد حرر هذا من نسختين‬
‫باللغة العربية يكون بيد ٍّ‬
‫كل من الفريقين الساميين المتعاقدين نسخة‪.‬‬
‫وقرارا بذلك جرى توقيعه يف اليوم السادس من شهر صفر سنة ثًلث‬
‫ً‬
‫وخمسين بعد الثًلثمائة واأللف هجري‪.‬‬
‫توقيع المندوبين المفوضين‬
‫خالد بن عبد العزيز آل سعود ـ عبداهلل بن أحمد الوزير‬
‫يتضح لنا َّ‬
‫أن معاهدة الطائف لم تكن مجرد حدث عادي يف تاريخ‬
‫متميزا‪ ،‬إذ إهنا أذنت بدخول‬
‫ً‬ ‫العًلقات بين اليمن والسعودية‪ ،‬بل كانت حد ًثا‬
‫‪459‬‬

‫العًلقات بين الدولتين مرحلة جديدة تختلف تما ًما عن المرحلة السابقة‪،‬‬
‫وبدت صفحة جديدة متميزة بين البلدين حتى وفاة الملك عبدالعزيز رحمه‬
‫اهلل يف اليوم الثاين من شهر ربيع األول عام ‪1373‬هـ(‪.)1‬‬
‫وبعد اتفاقية الطائف‪ ،‬وخروج القوات اليمنية من نجران‪ ،‬و َّد َعت نجران‬
‫كل أساليب العنف والدمار إلى األبد‪ ،‬وعادت إلى ثوهبا القشيب الذي وهبها‬
‫اهلل إياه‪ ،‬فنمت عيداهنا‪ ،‬وازدهرت أغصاهنا‪ ،‬وفاحت بساتينها برائحة السًلم‬
‫هما من أجزاء الدولة الكربى التي‬
‫والحب واألمل بعد أن أصبحت جز ًءا ُم ًّ‬
‫كافح المغفور له الملك عبدالعزيز من أجل بنائها كفاح األبطال المخلصين‬
‫لدينهم وعروبتهم‪.‬‬
‫نعم‪ ،‬لقد بدأ عبدالعزيز كفاحه من نقطة الصفر‪ ،‬وقضى ما يزيد عن‬
‫مقاتًل يف شتى الميادين‪ ،‬وقد تألب عليه األعداء والخصوم‪ ،‬فوقف‬
‫ً‬ ‫نصف ٍ‬
‫قرن‬
‫وحده‪ ،‬ليس معه بعد اهلل غير سيفه ومصحفه ورجاله المخلصين‪ ،‬يقاتل‬
‫يكل‪ ،‬وال ُّ‬
‫يمل‪ ،‬ال يتخاذل‪ ،‬وال يرتاجع‪ ،‬يحفظ العهد ويصون‬ ‫ويناضل‪ ،‬وال ُّ‬
‫الوعد‪ ،‬يقابل الحسنة بالحسنة‪ ،‬والسيئة بالعفو‪ ،‬ال يحقد‪ ،‬وال يطوي ضميره‬
‫لم‬ ‫ٍ‬
‫على موجدة‪ ،‬ال يطعن من الخلف‪ ،‬وال يتسلل يف ظًلمٍ‪ ،‬قد استهدف َّ‬
‫الشمل‪ ،‬وجمع الشتات‪ ،‬والقضاء على الفتنة والفوضى‪ ،‬حتى ك َّلل اهلل تعالى‬

‫(‪ )1‬المرجع كتاب‪ :‬ملوك آل سعود‪ ،‬تأليف‪ :‬سعود بن هذلول‪.)187/1( ،‬‬


‫‪460‬‬

‫مساعيه بالنجاح والتوفيق(‪.)1‬‬


‫تم تشكيل لجنة لتحديد الحدود‪:‬‬

‫ففي يوم الخامس والعشرين من شهر شعبان سنة ‪1354‬هـ‪ ،‬اجتمعت يف‬
‫(ظهران الجنوب)(‪ )2‬الهيئتان الموقعتان أدناه‪ ،‬الموفدتان من قبل صاحب‬
‫الجًللة اإلمام عبدالعزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية‪ ،‬ومن قبل‬

‫(‪ )1‬راجع كتاب‪ :‬المصحف والسيف‪ ،‬تأليف‪ :‬محيي الدين القابسي‪( ،‬ص‪.)20،21‬‬
‫(‪ )2‬تقع محافظة ظهران الجنوب يف جنوب شرق منطقة عسير‪ ،‬وتبعد حوالي (‪ )165‬كيلو مرتًا من مدينة‬
‫أهبا على الطريق اإلقليمي خميس مشيط نجران‪ ،‬وتمتد بين دائريت عرض (‪)10/18 -25/17‬‬
‫شماال وخطي طول (‪ )43-39/43‬شر ًقا‪ .‬وتضم المحافظة أربعة مراكز هي الحرجة ‪ ،‬الفيض‪،‬‬
‫ً‬
‫علب‪ ،‬الحاجر‪ ،‬باإلضافة إلى ما يتبع المحافظة من قرى وسكان‪ .‬يحدها من الشرق منطقة نجران‪،‬‬
‫ومن الشمال محافظة تثلث‪ ،‬ومن الغرب محافظة سراة عبيدة‪ ،‬ومن الجنوب حدود المملكة مع‬
‫اليمن‪ .‬المرجع‪ :‬كتاب‪ :‬القول المكتوب يف تاريخ الجنوب ‪ -‬الجزء الرابع عشر‪ ،‬أ‪.‬د‪ .‬غيثان بن علي‬
‫بن جريس‪.)380 /14( ،‬‬
‫‪461‬‬

‫صاحب الجًللة اإلمام يحيى حميد الدين ملك المملكة اليمانية من أجل‬
‫نصت عليه المادة‬
‫عمًل بما َّ‬
‫تقرير خط الحدود بين المملكتين المشار إليهما‪ً ،‬‬
‫الرابعة من معاهدة الطائف(‪.)1‬‬
‫وتتكون اللجنة من هيئتين؛ سعودية ويمنية على النحو التالي‪:‬‬
‫َّ‬
‫الهيئة المنتدبة من المملكة العربية السعودية‪:‬‬
‫رئيسا‪.‬‬
‫‪1‬ـ عبد الوهاب بن محمد أبو ملحة ـ ً‬
‫عضوا‪.‬‬
‫ً‬ ‫‪2‬ـ عبد العزيز بن عبد الرحمن الثميري ـ‬
‫عضوا‪.‬‬
‫ً‬ ‫‪3‬ـ دليم أبو لعثة ـ‬
‫عضوا‪.‬‬
‫ً‬ ‫‪4‬ـ طلعت بك ـ‬
‫عضوا‪.‬‬
‫ً‬ ‫‪5‬ـ إبراهيم بن زين العابدين الحفظي ـ‬
‫عضوا‪.‬‬
‫ً‬ ‫‪6‬ـ حسين بن مصطفى ـ‬
‫الهيئة المنتدبة من المملكة اليمانية‪:‬‬
‫رئيسا‪.‬‬
‫‪1‬ـ محمد بن حسن الوادعي (ناظر ساقين) ً‬
‫عضوا‪.‬‬
‫ً‬ ‫‪2‬ـ إسماعيل بن حسن (عامل همدان)‬
‫عضوا‪.‬‬
‫ً‬ ‫‪3‬ـ عبداهلل بن مناع (كبير سحار) ـ‬
‫عضوا‪.‬‬
‫ً‬ ‫‪4‬ـ عبداهلل الغبيري ـ‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬تقرير الحدود يف كتاب‪ :‬عسير يف عهد الملك عبد العزيز‪ ،‬د‪ .‬محمد بن عبداهلل آل زلفة‪،‬‬
‫(ص‪.)274 -267‬‬
‫‪462‬‬

‫الباب الثالث‪:‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬األمير سعود يدخل نجران‪:‬‬
‫ولما دخل سعود بن عبد العزيز نجران‪ ،‬خ َّيم فيها‪ ،‬وشدَّ من ِ‬
‫أزر أهلها‪،‬‬ ‫َّ‬
‫وأثبت بالربهان المحسوس صدق أبيه عبدالعزيز‪ ،‬وأرسل عبد العزيز برقية‬
‫ٍ‬
‫جابر أبو ساق(‪ ،)1‬وكبار شيوخ يام إليه يف‬ ‫إلى ابنه سعود يطلب فيها إرسال‬
‫الرياض(‪ ،)2‬وكان عنده وقتها ابن الوزير مندو ًبا من اإلمام للمناقشة يف مسائل‬

‫(‪ )1‬وكان جابر أبوساق وأبناؤه لهم زيارات عديدة للملك عبدالعزيز‪ ،‬ومنها يقول شريف أبوساق‪« :‬يف‬
‫ضيافة الملك‪ :‬يف عام ‪1354‬هـ كنت أنا ووالدي وأخي علي بن جابر نزور الملك عبد العزيز يف‬
‫مخيم بأرض الرياض يف إحدى الروضات القريبة‪ ،‬وقد أمطرت السماء وأينعت األرض بالخضرة‬
‫والزهور‪ .‬ووضعوا لنا خيمة بجوار الملك‪ ،‬وكنا نجلس إليه كل ضحى وعصر‪ ،‬وأحيانًا نجلس عند‬
‫ابنه األمير سعود‪ ،‬وظللنا على تلك الحال قرابة شهر حتى جاء الملك بالخرب بأن بًلدنا قد اهنمرت‬
‫عليها األمطار الغزيرة‪ ،‬وأن السيول قد هدمت بعض بيوتنا‪ .‬وقال عبد العزيز لوالدي‪ :‬ال تحزن‬
‫قصرا من‬
‫فسوف أعوضك بيوت أخرى أبنيها لك على حسابي‪ ،‬وكان الملك عند وعده؛ إذ بنى لنا ً‬
‫قائما كأنه لم ُيب َن إال باألمس القريب‪ ،‬وهو يعترب من أبرز معالم‬
‫سبعة طوابق بمًلحقها‪ ،‬وال يزال ً‬
‫المنطقة بالقرب من منازلنا الحالية‪ ،‬ويدعى «قصر كحيًلن»‪ ،‬ويف هناية الزيارة أعطانا عبد العزيز‬
‫عدة سيارات ورجعنا هبا إلى نجران‪ ،‬وكانت أول السيارات التي تتوجه من الرياض إلى نجران عن‬
‫طريق الربع الخالي؛ حيث ا َّتجهنا من شرق السليل‪َّ ،‬‬
‫ثم عربنا الفاو وبني حراضة إلى أن وصلنا‬
‫نجران»‪.‬المرجع كتاب‪ :‬كنت مع عبدالعزيز‪ ،‬للدكتور‪ :‬عبدالرحمن بن سبيت السبيت وآخرون‪،‬‬
‫(ص‪ .)162‬ط‪2:1415‬هـ ‪1994 -‬م‪.‬‬
‫(‪ )2‬وقد سبق مقابلة كبار يام للملك عبدالعزيز بعد حج عام (‪1350‬هـ)‪ ،‬وذلك يف قصر الس َّقاف بمكة‬
‫المكرمة‪ ،‬ودار بينهم حديث طويل حول مشكًلت منطقة نجران‪ .‬وقبل هناية الجلسة قال لهم‬
‫الملك‪« :‬ما يحبكم أحد مثل عبدالعزيز‪ ،‬فأجمعوا أمركم واعصموا نفوسكم وسوف تظل محبتي‬
‫=‬
‫‪463‬‬

‫المصالحة بينهما‪ ،‬وقد عين عبد العزيز ابنه خالدً ا مندو ًبا عنه يف هذه المهمة(‪.)1‬‬
‫كون ًة من ‪6‬‬
‫وتم عقد معاهدة بين البلدين الجارين؛ السعودية واليمن ُم َّ‬
‫َّ‬
‫بنود‪ ،‬أهمها‪:‬‬
‫االنسحاب من نجران‪ ،‬وعموم بًلد يام‪ ،‬وتسليمها لولي العهد األمير‬
‫سعود بن عبد العزيز‪ ،‬وقد انسحب جنود اإلمام يحيى من المناطق الجبلية‬
‫السعودية‪ ،‬ومن وادي نجران يف الرابع من محرم عام ‪1353‬هـ ـ‬
‫‪1934/4/20‬م‪ ،‬وقد أوقف الملك عبد العزيز الزحف السعودي يف ‪11‬‬
‫محرم ‪1353‬هـ ـ ‪1934‬م‪ ،‬وانسحبت الجيوش السعودية من األراضي اليمنية‪،‬‬
‫والموانئ البحرية بما يف ذلك الحديدة‪ ،‬وانتهى الصراع‪ ،‬وتم توقيع معاهدة‬
‫الطائف(‪ )2‬بين البلدين الشقيقين يف ‪ 6‬صفر ‪1353‬هـ ـ ‪1934/5/21‬م‪.‬‬
‫المرحلة االنتقالية ـ ودور األمير سعود بن عبدالعزيز‪:‬‬
‫تثبت المكاتبات الخط َّية التي سبقت دخول نجران تحت الحكم‬
‫السعودي أن هذه المرحلة جاءت نتيجة جهود ُمضنية بذلها بعض شيوخ‬

‫= لكم‪ ،‬فاين واهلل ال أساوي بكم أحدً ا من القبائل»‪ .‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬كنت مع عبدالعزيز ‪ ،‬للدكتور‪:‬‬
‫عبدالرحمن بن سبيت السبيت وآخرون‪( ،‬ص‪.)165‬‬
‫(‪ )1‬راجع كتاب‪ :‬كنت مع عبد العزيز‪( ،‬ص‪ )157‬للدكتور‪ :‬عبدالرحمن بن سبيت السبيت وآخرون‪،‬‬
‫وكتاب‪ :‬دخول نجران يف العهد السعودي‪( ،‬دراسة تاريخية وثائقية)‪ ،‬د‪ .‬علوي عمر فريد‪،‬‬
‫(ص‪ ،)133‬وكتاب‪ :‬تاريخ المخًلف السليماين‪ ،‬محمد بن أحمد العقيلي (‪.)122/2‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬شروط معاهدة الطائف (ص‪ ) 438‬من هذا الكتاب‪.‬‬
‫‪464‬‬

‫القبائل يف نجران‪ ،‬وبخاصة الشيخ (جابر بن حسين أبو ساق)(‪ )1‬الذي سعى إلى‬
‫االتصال بالملك عبد العزيز عندما شعر بمطامع إمام اليمن يف نجران‪ ،‬وقد‬
‫التقى بالملك عبدالعزيز يف حج عام (‪1350‬هـ)‪ ،‬وقبل دخول جيوش اإلمام‬
‫(يحيى حميد الدين) صوب نجران بعام كامل أبدى له مخاوفه من أطماع‬
‫يتعجل بضمها إلى حكمه‪ ،‬مؤكدً ا له أن هذه‬
‫َّ‬ ‫اإلمام يف نجران‪ ،‬وطلب منه أن‬
‫هي رغبة ٍ‬
‫كثير من أهالي نجران(‪.)2‬‬
‫وضمها إلى‬
‫ِّ‬ ‫وبعد نجاح القوات السعودية يف مهمتها الحربية بنجران‪،‬‬
‫المملكة العربية السعودية‪ ،‬اتخذ األمير (سعود بن عبد العزيز) ولي العهد‬
‫آنذاك‪ ،‬وقائد الحملة العسكر َّية‪ ،‬عدَّ ة خطوات إجرائ َّية (تنفيذ َّية)‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬مبايعة شيوخ القبائل وأعياهنا للملك عبد العزيز‪ ،‬وإعًلن الدخول‬
‫ً‬
‫يف طاعته‪ ،‬وهي الخطوة اإلجرائ َّية األولى التي قام هبا األمير (سعود) يف نجران‪.‬‬
‫تمت مبايعة شيوخ القبائل وأهالي نجران لألمير (سعود بن‬
‫وقد َّ‬
‫عبدالعزيز) نائ ًبا عن والده‪ ،‬وكان مخيمه يف البداية شمال قرية (آل منجم)‪ ،‬وقد‬
‫كامًل‪ ،‬ثم انتقل األمير (سعود) ليقيم له ديوان سعود غرب‬
‫أقام فيه أسبو ًعا ً‬
‫ضاحية (الكنتوب) جنوب مخطط الفيصلية حال ًيا‪ ،‬وأقام به تسعين يو ًما‪ ،‬ويف‬

‫(‪ )1‬هو‪ :‬جابر بن حسين بن مانع بن علي بن جابر بن مانع بن زاهر بن شري بن محمد بن حمد بن زيد‬
‫بن سالم‪ ،‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬دعوة الشيخ‪ :‬محمد بن عبد الوهاب‪ ،‬لمحمد بن عبداهلل آل زلفة‪( ،‬ص‪.)42‬‬
‫(‪ )2‬المرجع كتاب‪ :‬نجران‪ ،‬محمد أبو ساق‪( ،‬ص‪.)243‬‬
‫‪465‬‬

‫ولي العهد القبائل التي جاءت من بقية بًلد يام‪ ،‬ومن‬


‫هذا الديوان استقبل ُّ‬
‫حاكما على نجران وسائر‬
‫ً‬ ‫داخل وخارج وادي نجران؛ ل ُتقدِّ م بيعتها البن سعود‬
‫بًلد يام‪.‬‬
‫وأعلن الناس يف نجران سعادهتم وقبولهم لنظام ابن سعود يف حكم‬
‫منطقتهم‪ ،‬والتي لم تعرف مثل هذه الصورة من الحكم من قبل‪.‬‬
‫وما لبث (الملك عبد العزيز) ـبعد مبايعة أهالي نجران لنجله األمير‬
‫(سعود) نياب ًة عنهـ أن أرسل برقية يطلب فيها قدوم شيوخ (يام) إلى الرياض‬
‫عما سيكون من أمر‬
‫لتأكيد بيعتهم للملك نفسه‪ ،‬والتعرف عليه‪ ،‬والسماع منه َّ‬
‫المنطقة يف المستقبل‪.‬‬
‫وو َجهائها لدعوة الملك (عبدالعزيز)‪ ،‬الذي‬
‫واستجاب شيوخ قبائل يام ُ‬
‫أحسن استقبالهم ووفادهتم‪ ،‬وأكرمهم(‪.)1‬‬
‫وعقب الزيارة‪ ،‬وجه الملك (عبد العزيز) خطا ًبا مكتو ًبا إلى أعيان نجران‬
‫ووجهائها وأهلها‪ ،‬أكَّد فيه ما أبداه للوفد الذي زاره يف الرياض‪ ،‬ويعدُّ هذا‬
‫يتم يف نجران‪ ،‬وهذا هو‬
‫دستورا سياس ًّيا لما سوف ُّ‬
‫ً‬ ‫الخطاب (الوثيقة)‬
‫الخطاب‪:‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬كنت مع عبدالعزيز‪ ،‬للدكتور‪ :‬عبدالرحمن السبيت وآخرون‪( ،‬ص‪ ،)157‬وكتاب‪:‬‬
‫نجران‪ ،‬محمد أبو ساق‪( ،‬ص‪ ،)245‬وكتاب‪ :‬دخول نجران يف العهد السعودي‪( ،‬دراسة تاريخية‬
‫وثائقية)‪ ،‬د‪ .‬علوي عمر فريد‪( ،‬ص‪.)138‬‬
466
‫‪467‬‬

‫(‪)1‬‬
‫هذه الوثيقة برقم (‪)7‬‬
‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬
‫من عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل فيصل إلى جناب اإلخوان الكرام كافة‬
‫أهل نجران بادية وحاضرة‪ ،‬س َّلمهم اهلل‪:‬‬
‫السًلم عليكم ورحمة اهلل وبركاته‪ ،‬وبعد ذلك‪ :‬بارك اهلل فيكم‪ ،‬تفهمون‬
‫أن ُج َّل مقاصدنا ثًلثة ٍ‬
‫أمور‪:‬‬ ‫َّ‬
‫األول‪ :‬إظهار دين اهلل الذي ُب ِع َث به محمد صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬
‫الثاين‪ :‬حفظ الوالية التي جعلها اهلل يف ذمتنا‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬جمع كلمة العرب‪ ،‬وحفظ شرفهم‪ ،‬فإذا فهمتوا هذا‪ ،‬تفهمون‬
‫أننا طول هالسنين حاطينكم طوارف لنا‪ ،‬وكافين اليد عنكم الموجب‪:‬‬
‫أوال‪ :‬وثوق باهلل‪ ،‬ثم بكم‪.‬‬
‫ً‬
‫ندور راحتكم‪ ،‬ولكن ما حصل دخل يحيى وجماعته فيكم من‬
‫والثاين‪ِّ :‬‬
‫سبب أمرين‪:‬‬
‫أوال‪ :‬اختًلفكم بينكم‪.‬‬
‫ً‬
‫فلما صار تعدى يحيى‬
‫والثاين‪ :‬البد من أيادي بينكم تجذبه لطرفكم‪َّ ،‬‬
‫عليكم فعلنا اللي أنتم تشوفون‪ ،‬أكلفنا رعيتنا‪ ،‬وما لنا كله من شأنكم‪ ،‬وأكرب ما‬

‫(‪ )1‬هذه الوثيقة مسجلة يف (دارة الملك عبد العزيز) بالملف رقم (‪ ،)24‬وبرقم (‪ ،)33‬انظر‪ :‬كتاب‪:‬‬
‫نجران‪ ،‬تأليف‪ :‬محمد أبو ساق (ص‪.)337‬‬
‫‪468‬‬

‫به رؤوسنا وعيالنا ألجل محسوبية أنكم طوارف لنا‪ ،‬والزمين علينا‪ ،‬وال‬
‫نرضى عليكم بالضيم‪ ،‬وال نبي أحد يتعدى على الحدود والطوارف‪ ،‬والحمد‬
‫هلل الذي جعل العاقبة حميدةً‪ ،‬ور َّيح المسلمين‪.‬‬
‫فبهذا السبب مثل ما ذكرنا أعًله صرنا ملزومين على المحافظة على‬
‫والية المسلمين‪ ،‬وعليكم خصوص‪ ،‬وفكرنا ويش يصلح حالكم عن التمادي‬
‫يف األمور التي تشق عليكم يف بدتكم‪ ،‬والتعدي عليكم‪ ،‬ثم األمر الذي إحنا‬
‫ملزومين به‪ ،‬وقمنا من شأنه حفظكم من المغرة من ٍ‬
‫جهة‪ ،‬والذي يلزمنا من‬
‫الجهة الثانية‪ ،‬فبهذا حبينا نصيحتكم ألجل أن هذه واجبة علينا دين ودنيا ل ِ َيع َتبِ َر‬
‫من كان فيه خير وحمية على نفسه والمسلمين‪ ،‬وتلزمه ‪-‬إن شاء اهلل‪ -‬ويرتكها‬
‫َمن هو خارج عن األمرين يف هذا‪.‬‬
‫أوال‪ :‬أوصيكم بتقوى اهلل؛ ألنكم فاهمون َّ‬
‫أن ما فيه عز يف الدنيا واآلخرة‬ ‫ً‬
‫إال بطاعة اهلل‪ ،‬واتباع ما جاء به سيد األولين واآلخرين محمد صلى اهلل عليه‬
‫وسلم‪ ،‬وبعد ذلك إصًلح ذات البين الذي ما به راحة إال باهلل‪ ،‬ثم هبا‪ ،‬ثم‬
‫مجموع الجميع ما يقوم إال باهلل ثم بالشريعة المحمدية وتحكيمها‪ ،‬كما قال‬
‫اهلل تعالى‪ ( :‬ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ‬
‫ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ) (‪)1‬‬
‫‪.‬‬

‫(‪ )1‬سورة النساء‪ ،‬اآلية‪.)65( :‬‬


‫‪469‬‬

‫والشريعة فيها حفظ الدين‪ ،‬وفيها حفظ األموال‪ ،‬وفيها النَّصف بين‬
‫األولين واآلخرين‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫كريم على لسان صفوة َّ‬ ‫رب‬
‫الناس؛ ألنه حكم عدل من ٍّ‬
‫ونحن يا جماعتكم تعرفون ما عندنا رغب ًة يف الدنيا إال باهلل‪ ،‬ثم تقويم‬
‫الدين المحمدي‪ ،‬وتحكيم الشريعة‪ ،‬وحفظ األمن بين الناس‪ ،‬فهذا الذي‬
‫نعاهد اهلل عليه‪ ،‬ونرجو أن اهلل يحيينا عليه‪ ،‬ويميتنا عليه‪ ،‬ويبعثنا عليه نحن‬
‫وإخواننا المسلمين‪ ،‬ثم تفهمون ما به دين إال بوالية‪ ،‬وال والية إال باهلل‪ ،‬ثم‬
‫بالطاعة‪ ،‬ثم بعد ذلك إحنا نعرف طبائعكم أنتم ‪-‬إن شاء اهلل‪ -‬فيكم بركة‪ .‬لكن‬
‫على طول الزمان وتماديه‪ ،‬واألستبدأ أن فيكم طبع البادية والجهل‪ ،‬وهذا باهلل‬
‫ثم بالنية الصالحة والرجال العقال خير يزول إن شاء اهلل‪.‬‬
‫ويكون من بعده الخير‪ ،‬وإحنا ندري أن األمر الذي بينكم تقومون به ما‬
‫يمكن إمضاؤه فيكم (‪ ،)1()......‬وأنتم ما تقدرون تقومون ً‬
‫حاال‪ ،‬إنما هو‬
‫آمرا صفوة األولين‬
‫بالتدريج بصرب الراعي‪ ،‬وامتثال الرعية‪ ،‬والدليل قوله تعالى ً‬
‫واآلخرين يقولها‪( :‬ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ‬
‫ﮯ ﮰ ﮱ)(‪)2‬‬
‫‪.‬‬

‫فهذه النصيحة شاملتكم يا أهل نجران‪ ،‬باديتكم وحاضرتكم‪ ،‬وشاملة‬


‫أميرنا وطوارفنا معكم؛ ألنَّهم اليوم محسوبون منكم‪ ،‬لكن الواجب عليكم يا‬

‫(‪ )1‬كلمة غير واضحة‪.‬‬


‫(‪ )2‬سورة النحل‪ ،‬اآلية‪.)125( :‬‬
‫‪470‬‬

‫أهل نجران وأهل حبونا وأهل بدر بادية وحاضرة‪.‬‬


‫أوال‪َ :‬أن يكون األمير الذي فيكم يعمل األمور اآلتية‪:‬‬
‫ً‬
‫األول‪ :‬الرأفة والرحمة والنصيحة‪.‬‬
‫والثانـي‪ :‬وسع البال‪ ،‬وعدم تفتيش الزالت الذي ما تخلى يف أمرين‪:‬‬
‫إما يف دين اهلل‪ ،‬أو فيها حكم الشريعة مع تقديم النصيحة‪ ،‬وإما يف أمر‬
‫الوالية سوى أنه أمر خارج عنكم‪ ،‬أو أمر يف بدتكم‪ ،‬وهذا ينصح األمير‪،‬‬
‫ويستعين بعقال أهل البلد وأهل المروة والخير على ذلك‪.‬‬
‫والثاين‪ :‬دفن ما كان بينكم من قليل أو كثير أكربه الرجال‪ ،‬وأصغره‬
‫الكًلم‪ ،‬فهذه األمور مثل ما أخربكم هبا االبن (سعود)‪ ،‬وأنا أتكلم به معكم‪،‬‬
‫وأكرره عليكم‪ ،‬ومن تكلم يف ذلك فًل يأمن العتب؛ ألن جميع الشر الذي صار‬
‫بينكم دعوى جاهلية‪ ،‬ومخالف للشرع‪ ،‬وهذا األمر الذي أجريناه مع جميع‬
‫واليتنا سابق والحق‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬تحكيم الشريعة فيما شجر بينكم يف قليل أو كثير‪ ،‬والعمل به‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬ننهاكم ونحذركم عن التمادي فيما بينكم من قول أو عمل‬
‫شرا‪ ،‬ويخل بالوالية‪ ،‬ونحط المسئولية على رؤسائكم وأهل الحل‬
‫يحدث ًّ‬
‫والعقد فيكم‪.‬‬
‫أن جميع ما جرى بينكم حدث أن األول ينصحون فيه القبائل بعضهم‬
‫بعضا‪ ،‬فإذا عجزوا يرفعون األمر ألميرنا‪ ،‬ويستعينون به‪ ،‬فإما حصل من أميرنا‬
‫ً‬
‫‪471‬‬

‫تنفيذ بموجب أحد األمرين‪ ،‬إما عدم طاعة الفاعل‪ ،‬وتقصير من أميرنا‪ ،‬فنحن‬
‫نقرع الفاعل والمفعول فيه حتى يرجع األمر إلينا‪ ،‬ونشوف فيه رأينا إن شاء اهلل‪،‬‬
‫ومن تعدَّ ى على ذلك‪ ،‬فيفهم أن الوالية قوية باهلل‪ ،‬وال قوة إال باهلل‪ ،‬تفعل فيه‬
‫الواجب على ما تقتضيه الشريعة‪ ،‬ومصلحة الوالية إذا أبى إن شاء اهلل‪ ،‬ويكون‬

‫نكاي ًة َ‬
‫لمن خلفه‪.‬‬
‫الخامس‪ :‬أن القبائل تفرقها شر‪ ،‬ويمكن يحصل فيه خلل من ثًلثة أمور‪:‬‬
‫األول‪ :‬كثرة المشاحنة‪.‬‬
‫والثاين‪ :‬دخول أهل الشر فيما بينكم‪.‬‬
‫والثالث‪ :‬تمادي الغوغاء فيكم حتى يخف مقامكم‪ ،‬فيجب أن كل قبيلة‬
‫تابعة لرئيسها المتقدم فيها على األب واألجداد ُترجع األمر له‪ ،‬وهو يراجع‬
‫الحكومة‪ ،‬حتى يتم األمر‪ ،‬وتسرتيح الوالية‪ ،‬وتأمن الرعية مع أن أهل البيوت‬
‫منكم المعروفين حقهم على الوالية كل على حقه يف جميع األمور كلها إال أن‬
‫أميرنا يصدر على هالرئيس مثل ما ذكرنا أعًله‪.‬‬
‫وأمر الوالية يقوم به‪ ،‬وهو المسؤول عنه‪ ،‬فإن و َّفى‪ ،‬كافأته الحكومة‪،‬‬
‫قصر تؤدبه الحكومة‪.‬‬
‫وإن َّ‬
‫السادس‪ :‬وبما أن نزغات الشيطان أو الحسد أو األعداء يخ ِّيل بعضكم‬
‫ٍ‬
‫ألحد حق‬ ‫يف بعض رؤسائكم بظن سوء‪ ،‬فإن كان ما حدث إال الخير‪ ،‬فًل‬
‫ٍ‬
‫ألحد حق من‬ ‫يتكلم‪ ،‬فإن حصل من الرئيس المذكور تقصير أو جناية‪ ،‬فًل‬
‫‪472‬‬

‫كبيرا يخالف حتى يرجع األمر إلينا‪ ،‬ونحن ننظر فيه‪.‬‬


‫صغيرا أو ً‬
‫ً‬ ‫الرعية‬
‫فإن كانت الجناية حقيقيةً‪ ،‬نصحنا الرئيس‪ ،‬فإن قام بالواجب وترك‬
‫المحذور‪ ،‬أعنَّاه‪ ،‬فإن أبى وتمادى على فساده أدبناه‪ ،‬ورأينا َمن هو أصلح منه‪.‬‬
‫السابع‪ :‬يكون عند الرعية معلوم‪ ،‬وعند األمير معلوم أن جميع العوائد‬
‫من أسواق أو غيرها أو الحالي يف نجران تكون على عادهتا بًل ٍ‬
‫تغيير (ولو كان‬
‫أمرا تنكره‬
‫أن الرأي يف تغييرها أولى لكن تبقى اآلن حتى تسرتيح الناس)‪ ،‬إال ً‬
‫الشريعة‪ ،‬ويخالف السمت‪ ،‬فهذا ما نجيزه‪.‬‬
‫الثامن‪ :‬أن هاألمر شامل نجران وحبونا وبدر‪ ،‬وجميع البادية‬
‫والحاضرة‪ ،‬فإذا فهمتوا ذلك‪ ،‬فإنا نسأل اهلل لنا ولكم التوفيق والعناية‪.‬‬
‫فالذي أوصي به األمير‪ ،‬تقوى اهلل والعدل واإلنصاف‪ ،‬وأخذ الرعية‬
‫بالسياسة‪ ،‬وفعل جميع ما يؤمنهم‪ ،‬ويطيب خواطرهم‪ ،‬وينسيهم االستبداد‬
‫والجهل‪ ،‬ويحببهم لإلسًلم والوالية‪ ،‬ورفع جميع ما ُّ‬
‫يخل عليهم؛ ال يف دينهم‪،‬‬
‫وال يف شرفهم يف كل أمر يوافق الشريعة المحمدية‪ ،‬يعينهم عليه‪ ،‬وينصحهم‬
‫ضده بالكتمان والسرت والرأفة والرحمة‪ ،‬ويمنعهم عن جميع ما يؤذيهم ال يف‬
‫شرفيتهم‪ ،‬وال ماليتهم‪ ،‬وال محارمهم‪ ،‬وال عيًلهتم‪ ،‬وال أوطاهنم يف كل أمر‬
‫تقتضيه الشريعة‪ ،‬ويرضي اهلل‪ ،‬ويريح الرعية‪.‬‬
‫وأحذره عن جميع ما يخالف ذلك‪.‬‬
‫فأما أهل نجران‪ ،‬فأوصيهم بتقوى اهلل‪ ،‬وتدبر نصيحتنا‪ ،‬واالمتثال وعدم‬
‫‪473‬‬

‫حق من جميع‬
‫الجهل‪ ،‬والمشاغبة ال فيما بينهم‪ ،‬وال على الوالية‪ ،‬ومن كان له ٌّ‬
‫األمور مخصوص من غير ما قد أفدنا أنه مدفون‪ ،‬فيراجع أميره‪ ،‬فإن خلصت‬
‫الدعوى فهذا الذي نرجوه من اهلل‪ ،‬ونرجو أن اهلل يصلح أحوال المسلمين‪ ،‬فإن‬
‫تأخرت‪ ،‬فمثل ما ذكرنا لكم نمنعكم من التعدي حتى يرجع األمر هلل‪ ،‬ثم لنا‪.‬‬
‫هذا واهلل المسئول أن يحفظنا وإياكم باإلسًلم‪ ،‬ويرحمنا وإياكم‬
‫بالقرآن‪ ،‬وينصر دينه ويعلي كلمته‪ ،‬وال حول وال قوة إال باهلل‪ ،‬وصلى اهلل على‬
‫سيدنا محمد‪ ،‬وآله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫الختم‪ :‬عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل فيصل‪.‬‬
‫ثان ًيا‪ :‬إرساء وتثبيت قواعد الحكم‪:‬‬
‫ومن أبرز اإلجراءات التي اتخذت يف ذلك الحين‪:‬‬
‫بيان المنهج الذي سينظم عًلقة األهالي بالدولة‪ ،‬وتشير المصادر‬
‫المكتوبة والمسموعة عن تلك الفرتة إلى أن األمير (سعود) قد خاطب أهالي‬
‫نجران ـ عقب أخذ البيعة لوالده ـ بقوله‪« :‬إنكم جزء ال يتجزأ من بًلدنا الغالية‪،‬‬
‫وأهلها الكرام‪ ،‬لكم ما لهم‪ ،‬وعليكم ما عليهم‪ ،‬تحتكمون يف شؤون حياتكم‬
‫العادية إلى نظم حكومة الملك‬
‫عبد العزيز التي تستند إلى شرع اهلل»‪.‬‬
‫‪474‬‬

‫تحت عنوان‪( :‬مشاهدات يف جنوب المملكة) وادي نجران(‪.)1‬‬


‫بقلم سعادة مدير شرطة جدة طلعت بك وفا(‪.)2‬‬
‫فيقول‪« :‬نجران ٍ‬
‫واد معروف يف الجنوب الشرقي لجزيرة العرب‪ ،‬وهو‬
‫تمت بالنسب إلى يعرب بن قحطان‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫موطن لثًلث قبائل عربية أصيلة ُّ‬
‫آل فاطمة‪ ،‬وكبيرها أبو ساق‪ ،‬وجشم وكبيرها ابن منيف‪ ،‬ومواجد وكبيرها ابن‬

‫(‪ )1‬طلعت بك وفا‪« ،‬نجران»‪ ،‬المنهل‪ ،‬العدد األول‪ ،‬المجلد السابع‪1366 ،‬هـ‪( ،‬ص‪.)24 - 21‬‬
‫(‪ )2‬طلعت بك وفا‪ :‬كان كاتبًا من الطراز األول‪ ،‬لم تمنعه مسؤولياته من بذل الجهود لتنمية المجتمع‬
‫مديرا للشرطة يف عسير ونجران‪ ،‬ومن هنا كانت بداية عًلقته‬
‫وتنويره‪ .‬وقد ساقته تنقًلت الوظيفة ً‬
‫بعسير ونجران‪ ،‬وقد أسهب يف كتابته عن نجران وتاريخها‪ ،‬وحضارهتا‪ ،‬ومستقبلها‪ ،‬وكان ضمن‬
‫الوفد السعودي لرتسيم الحدود مع اليمن‪ ،‬وقد كلف ‪ -‬رحمه اهلل ‪ -‬بأعمال قام هبا هذا الرجل‬
‫النبيل خير قيام‪ ،‬فقد ُجبلت نفسه على فعل الخير ونشر الثقافة وعشق األوطان‪ .‬رحل‪ :‬طلعت بك‬
‫وفا ‪ -‬رحمه اهلل ‪ -‬عن الدنيا عام ‪1383‬هـ‪ ،‬بعد حياة عملية شغل خًللها مناصب عدَّ ة‪ ،‬منها‪ :‬مفوض‬
‫القسم العدلي‪ ،‬ثم مدير قوات شرطة عسير ونجران‪ ،‬فمفوض شرطة مكة المكرمة ومدير لشرطة‬
‫مديرا لألمن العام من ‪1371‬هـ إلى ‪1375‬هـ‪ .‬رحم اهلل‬
‫وأخيرا ختم حياته العملية الحافلة ً‬
‫ً‬ ‫جدَّ ة‪،‬‬
‫خيرا‪ .‬ويف الثلث األول من الخمسينات الهجرية ُعين طلعت وفاء مدير‬
‫طلعت بك وفا‪ ،‬وجزاه عنا ً‬
‫للشرطة يف أهبا كان على جانب من الحنكة والخربة وبُعد النظر باإلضافة إلى معلوماته اإلدارية‬
‫والعسكرية وما يتمتع به من ثقافة عالية بدليل اشرتاكه يف عدة لجان ملكية موفدة من الملك‬
‫عبدالعزيز آخرها اشرتاكه يف لجنة ترسيم الحدود بين اليمن والسعودية‪ .‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬وثائق غيثان‬
‫بن جريس الخاصة‪ ،‬إعداد‪ :‬محمد بن أحمد ُم َعبِّر‪ ،)470/1( ،‬وكتاب‪ :‬حالة األمن يف عهد الملك‬
‫عبدالعزيز‪ ،‬تأليف‪ :‬رابح لطفي جمعة‪( ،‬ص‪ ،)188‬راجع جريدة أم القرى بتاريخ‪ :‬يوم الجمعة‬
‫‪1‬جماد األولى سنة ‪1351‬هـ‪ ،‬وتاريخ‪ :‬الجمعة ‪ 26‬ربيع الثاين سنة ‪1357‬هـ‪ ،‬وتاريخ‪ :‬الجمعة ‪8‬‬
‫جماد األولى سنة ‪1364‬هـ‪ ،‬وتاريخ الجمعة ‪ 12‬رمضان سنة ‪1365‬هـ‪ .‬فقد ذكرت الكثير عنه‪،‬‬
‫وكتاب‪ :‬أهبا حاضرة عسير دراسة وثائقية‪ ،‬تأليف‪ :‬عيثان بن علي بن جريس‪( ،‬ص‪.)447‬‬
‫‪475‬‬

‫نصيب ـ ويجمعها اسم (يام)‪ ،‬ولعله ولد من أوالد يعرب‪.‬‬


‫وهذا الوادي مستطيل‪ ،‬يبلغ طوله من الشرق إلى الغرب ‪ 25‬كيلو مرتًا‪،‬‬
‫وعرضه من الشمال إلى الجنوب من كيلو مرتين يف بعض جهاته إلى خمسة‬
‫كيلو مرتات يف البعض اآلخر‪ ،‬ويبدأ من شرقه بنخيل يسمى‪( :‬آل منجم‬
‫ورجلة)‪ ،‬وينتهي يف غربه بنخيل آخر يقال له‪( :‬الموفجة وشعب بران)‪ ،‬وهو‬
‫ٍ‬
‫واد خصب جدًّ ا‪ ،‬ويمتاز بكثرة نخيله الذي يكاد يكون نماؤه طبيع ًّيا دون تنمية‬
‫زراعية‪ ،‬أما سبب هذا النمو الطبيعي‪ ،‬فيرجع إلى إهمال السكان التلقيح‪ ،‬ثم‬
‫لفصل صغاره بعضها عن بعض‪ ،‬وتركه ينمو كما يشاء‪ ،‬ويبلغ عدد النخيل يف‬
‫هذا الوادي نحو سبعين ألف نخلة تقري ًبا‪.‬‬
‫وليس النجرانيون والياميون أهل فًلحة‪ ،‬ولكنهم أهل حرب وغارات‪،‬‬
‫وتعودوا الغزو‪ ،‬وكانوا فيما مضى يشنون الغارات على القبائل المجاورة لهم‬
‫والصيعر‪ ،‬من قبائل حضرموت‪ ،‬وقبائل وادي‬
‫َّ‬ ‫كقبائل وائلة‪ ،‬والكرب‪،‬‬
‫الدواسر وقحطان‪ ،‬فيقطعون المسافات الطويلة الشاقة يف سبيل الكسب‬
‫مثًل‪ ،‬امتطوا إبلهم‪ ،‬وأخذوا‬
‫والغنيمة‪ ،‬وكانوا إذا أرادوا غزو قبائل الصيعر ً‬
‫معهم ما يكفيهم من الماء ذها ًبا وإيا ًبا‪ ،‬ولما كانت الطريق التي بينهم وبين‬
‫هؤالء قاحلة‪ ،‬فقد كانوا يدفنون يف الرمال عند ذهاهبم عد ًدا كاف ًيا من القرب‬
‫الممتلئة بالماء‪ ،‬ويسمون مواضع دفنها بالعرق‪ ،‬وينسبونه إلى صاحبه‪،‬‬
‫مثًل‪ :‬هذا عرق ذيب المهابة‪ ،‬وهو أحد شجعاهنم حتى إذا ما عادوا‬
‫فيقولون ً‬
‫‪476‬‬

‫من الغزو فائزين بما سلبوه من إبل‪ ،‬وأراد المسلوبون اللحاق هبم‪ ،‬عجزوا عن‬
‫تعقبهم مسافات طويلة بسبب قلة الماء يف الوقت الذي يجدون طلبهم من هذا‬
‫الماء فيما كانوا قد كنزوه قبل أن يذهبوا‪ ،‬وهي خدعة من خدع الحرب‪.‬‬
‫ولم يقتصر الياميون على غزو جيراهنم البعيدين والقرباء‪ ،‬بل كانوا‬
‫بعضا‪ ،‬فينشأ عن هذا عدم استقرار العمران يف بيوهتم‪ ،‬وعدم‬
‫يغزون بعضهم ً‬
‫انتظامها‪ ،‬فًل يرى الرائي يف وادي نجران إال بيو ًتا متفرقة هنا وهناك على طول‬
‫يسوره سياج يضم البئر المعدة‬ ‫الوادي وعرضه‪ ،‬يقوم ٌّ‬
‫كل منها كأنه حصن منيع ِّ‬
‫للشرب‪ ،‬ولسقيا الزرع احتفا ًظا بالماء‪ ،‬واستعدا ًدا لمقاومة المهاجمين من‬
‫جيراهنم‪ ،‬ويتألف بعض هذه البيوت من ثًلث إلى أربع طبقات‪ ،‬وبعضها إلى‬
‫عشر طبقات ـ وكلها مبنية بالطين بطريقة (المداميك)‪ ،‬وعادة اإلغارة السالف‬
‫ذ كرها جعلت الياميين ال يلتفتون إلى استصًلح النخيل‪ ،‬وتحسين طريقة‬
‫ٍ‬
‫كسبب للرزق‬ ‫استثماره‪ ،‬وإلى االنصراف لشئون الزراعة اكتفا ًء منهم باإلغارة‬
‫مع أن أراضيهم جد خصبة كما سبق القول‪ ،‬وواديهم كثير المياه‪ ،‬فًل تحفر يف‬
‫أي موضع شئت منه إلى عمق ثًلثة أمتار أو أربعة حتى تجد الماء يتدفق بغزارة‬
‫كأن الوادي عبارة عن هنر عظيم تكسوه طبقة كثيفة من الرتاب‪ ،‬ويعهد الياميون‬
‫إلى خدمهم من العبيد بزرع الذرة والشعير والحنطة وسقيها وحصادها‪.‬‬
‫أخيرا‪ :‬وبرغم صًلحية األراضي النجرانية لزراعة ٍ‬
‫كثير من الفواكه‬ ‫ً‬
‫والبقول‪ ،‬فإن هذين النوعين من النبات مفقودان هناك‪ ،‬ولكن بعد أن شملهم‬
‫‪477‬‬

‫حكم جًللة الملك المعظم انصرف السكان إلى استثمار أراضيهم‪ ،‬وأخذوا‬
‫كبيرا‬
‫قصرا ً‬
‫يحفرون اآلبار الكثيرة‪ ،‬ويهتمون بالزراعة‪ ،‬وقد شيدت الحكومة ً‬
‫يف مكان يقال له‪( :‬أبو السعود)‪ ،‬ويضم ديوان اإلمارة‪ ،‬ومكاتب الحكومة‬
‫وجنودها‪ ،‬وهو مؤلف من طابقين‪ ،‬ويف وسطه ميدان فسيح جدًّ ا‪ ،‬وبئران‬
‫غزيرتان‪ ،‬وجو نجران معتدل‪ ،‬فًل الحر يشتد فيه‪ ،‬وال الربد‪ ،‬ولكن جودته هذه‬
‫مقيدة بغير أيام هطول األمطار‪ ،‬فإذا كثر هطولها تكثر المستنقعات‪ ،‬وتتفشى‬
‫(السدَ م)‪ ،‬وإذا تفشت هرب السكان إلى سفوح‬
‫المًلريا‪ ،‬وهم يسموهنا هناك‪َّ :‬‬
‫الجبال‪ ،‬وإلى ُش َعي ٍ‬
‫ب يقع يف جنوبي نجران ويدعى‪( :‬هنوقة)‪ ،‬أو إلى المكان‬
‫الذي يقع يف جوار قرية األخدود‪ ،‬ومكثوا هناك مد ًة ترتاوح بين ثًلثة وستة‬
‫أشهر حتى تجف المستنقعات‪ ،‬وتخف وطأة المًلريا‪ .‬وعلى ذكر قرية‬
‫كثير من المسلمين ال يعرفون‬
‫األخدود‪ ،‬فإنَّني أنقل للقارئ شي ًئا مما يتعلق به ٌ‬
‫موقع هذا األخدود الذي ذكره اهلل سبحانه وتعالى يف القرآن الكريم يف قوله‬
‫تعالى‪ ( :‬ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ)‪.‬‬
‫وقد أتيح لي أثناء وجودي بنجران أن أشاهد موقعه رأي العين‪ ،‬فقد‬
‫ذهبت مع زميلي الشيخ محمد علي القفيدي صباح يوم الخميس‬
‫‪1354/6/14‬هـ إلى قرية األخدود يف صحبة حضرة أمير نجران األسبق‬
‫عساف بن حسين المنصوري‪ ،‬فنصبنا خيامنا هناك يف ميدان واقع بجوار ضريح‬
‫‪478‬‬

‫عبداهلل بن الثامر(‪ )1‬الذي كان الياميون ُيع ِّظمونه(‪ )2‬فيما مضى‪ ،‬وينذرون له‬
‫النذر‪ ،‬وكان بعض الجهًلء منهم يبالغ يف تعظيمه إلى حدٍّ ٍ‬
‫بعيد معتقدً ا أنه يشفي‬
‫من األمراض‪ ،‬ويمنح العطايا إلى آخر ما هنالك من معتقدات العامة الفاسدة‪.‬‬
‫ذهبنا إلى موضع األخدود‪ ،‬فألفيناه عبارة عن بيوت متهدمة توالت عليها‬
‫أكداس من الحجارة ـ وشاهدت يف وسط هذه األكوام‬
‫ٌ‬ ‫السنون‪ ،‬فلم تبق منها إال‬
‫كبيرا‪ ،‬وقد قال لي‬
‫ضخما ً‬
‫ً‬ ‫والخرائب المبعثرة بقايا قصر تدل آثاره على أنه كان‬
‫بعض أهل نجران‪ :‬إنه قصر ذي نواس الحميري أحد ملوك نجران السابقين‪.‬‬
‫وقال بعضهم‪ :‬إنه كعبة نجران القديمة‪ ..‬وكل هذه األقوال مجردة عن اإلثبات‬
‫ٍ‬
‫لعظيم من عظماء‬ ‫طب ًعا‪ ،‬ولكن شواهد الحالة تدل على أن هذا القصر كان‬
‫نجران بدليل أن حجارته كلها منحوتة كلها نحتًا فن ًّيا‪ ،‬ويبلغ ارتفاع بعضها‬
‫مرتين وعرضه مرتًا ونصف مرت‪ ،‬وسمكه ثمانين سنتيمرتًا تقري ًبا‪ ،‬وقد شاهدت‬
‫بالقرب من هذا القصر رحى حجرية يبلغ قطرها مرتًا ونصف مرت‪ ،‬وسمكها‬

‫صالحا على دين النصارى‪ ،‬قتله ذو نُواس الملك الحميري‬


‫ً‬ ‫(‪ )1‬عبداهلل بن الثامر الحارثي كان ُمؤمنًا‬
‫صاحب األخدود بنجران‪ ،‬ثم ندم على قتله وتحريق أصحابه يف األخدود وقال‪« :‬أال ليت أمي لم‬
‫تلدين‪ ،‬ولم أكن عشية حز السيف رأس ابن ِ‬
‫ثامر»‪ ،‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬منتخبات يف تاريخ اليمن من كتاب‪:‬‬
‫شمس العلوم ودواء كًلم العرب من الك ُلوم‪ ،‬لنشوان سعيد الحميري‪ ،‬ط‪( ،2‬ص‪1401 ،)15‬هـ‬
‫‪1981 -‬م‪ ،‬وكتاب‪ :‬الكلبي؛ هشام بن محمد بن السائب‪ ،‬نسب معد واليمن الكبير‪.)547/1( ،‬‬
‫(‪ )2‬إ َّن البناء على القبور وشدِّ الرحال إليها‪ ،‬وتعظيم األموات الذين ال يملكون ألنفسهم أو لغيرهم نف ًعا‬
‫ضرا ليس من الدين اإلسًلمي يف شيء‪ ،‬وإنما هي من البدع المستحدثة‪ ،‬وقد جاءت النصوص‬
‫وال ًّ‬
‫الشرعية بتحريمها والنهي عنها‪.‬‬
‫‪479‬‬

‫أيضا يبلغ ارتفاعه مرتًا ونصف‬


‫مهراسا من الحجر ً‬
‫ً‬ ‫(‪ )22‬سنتيمرتًا‪ ،‬وشاهدت‬
‫مرت‪ ،‬وقطره (‪ )50‬سنتيمرتًا‪ ،‬وسمكه (‪ )15‬سنتيمرتًا‪ ،‬ووجدت قط ًعا صغير ًة‬
‫وهلة أهنا فصلت من ٍ‬
‫إناء مصن ٍع حدي ًثا‬ ‫ٍ‬ ‫من الصيني المدهون يظنها الرائي ألول‬
‫لشدة صًلبتها‪ ،‬وثبات ألواهنا‪.‬‬
‫وهذا ٌ‬
‫دليل على أن سكان نجران السابقين كانوا يعنون بصنع هذا النوع‬
‫من الصيني‪.‬‬
‫وقد لفت نظري وجود حفر حديثة متعددة يف بطن هذا األخدود‪ ،‬ولما‬
‫سألت عن السبب قيل لي‪َّ :‬‬
‫إن بعض الياميين يأخذون الرتاب من جوف‬ ‫ُ‬
‫األرض يف هذا المكان ليستعملوه سما ًدا لزراعتهم‪ ،‬وأن بعضهم يعثرون يف‬
‫ٍ‬
‫وأوان فضية وذهبية‪ ،‬وأن أحد‬ ‫ٍ‬
‫قديمة قيمة كنقود‬ ‫بعض األحيان على ٍ‬
‫آثار‬
‫النجرانيين عثر على جرة مملوءة بقطع النقود الذهبية نقش على أحد وجهيها‪:‬‬
‫(ال إله إال اهلل)‪ ،‬وعلى الوجه اآلخر‪( :‬عيسى روح اهلل)‪ ،‬فبحثت عن هذه‬
‫القطع‪ ،‬فلم أعثر عليها عند ٍ‬
‫أحد ـ وعلمت أهنا بيعت يف مدينة صعدة باليمن‬
‫بأبخس ٍ‬
‫ثمن‪ ،‬فوسطت بعض التجار ليشرتي لي شي ًئا منها‪ ،‬لكنه لم يفلح‪ ،‬ويف‬
‫اجتمعت يف ظهران بالحاج الغبيري عامل صعدة‪ ،‬وهو من‬ ‫ُ‬ ‫أواخر ذلك العام‬
‫أعضاء الهيئة المنتدبة من ِق َب ِل حكومة اليمن لتقرير الحدود مع الهيئة السعودية‬
‫التي كنت منتد ًبا معها‪ ،‬وقادنا الحديث إلى ذكر األخدود وآثاره‪ ،‬فسألته عن‬
‫صحة اإلشاعة المشار إليها‪ ،‬فأكَّدها وقال‪ :‬إنه اشرتى بعض تلك القطع‬
‫‪480‬‬

‫ٍ‬
‫كحلية‪ ،‬فقرأت على‬ ‫فعًل ثًل ًثا منها أثبتها على مقبض خنجره‬
‫الذهبية‪ ،‬وأراين ً‬
‫أحد وجهيها عبارة‪( :‬ال إله إال اهلل) بالطبع لم تظهر الوجه الثاين ـ وهي تشابه‬
‫(المشاخص)(‪ )1‬المعروفة يف الحجاز‪ ،‬وقد سألته‪ :‬هل يوجد شي ٌء منها يف‬
‫صعدة؟ فقال‪ :‬ربما ـ وكان معه عبداهلل بن مناع من كبار قبيلة سحار الشام‪ ،‬ومن‬
‫أيضا)‪ ،‬فرجوته أن يبحث عن‬
‫وجهاء صعدة (وهو من أعضاء الهيئة اليمانية ً‬
‫ٍ‬
‫شيء منها‪.‬‬ ‫فعًل‪ ،‬ولكنه لم يوفق إلى‬
‫بعضها‪ ،‬فكتب إلى صعدة ً‬
‫ويف أوائل تلك السنة ‪-‬أي‪ :‬عام ‪1354‬هـ ‪ -‬بلغ أمير نجران عسا ًفا أن‬
‫أسد مصنو ٍع من الذهب الخالص‪،‬‬ ‫أحد النجرانيين عثر يف األخدود على ٍ‬

‫قطعة من رخام‪ ،‬وملقى بالقرب‬‫ٍ‬ ‫رأسا مثبتًا على‬


‫فأحضره‪ ،‬فاعرتف بأنه وجد ً‬
‫ولما فحص هذا‬
‫من األخدود‪ ،‬وال يعرف من الذي عثر عليه واستخرجه ! َّ‬
‫الرأس‪ ،‬وجد مصنو ًعا من الربونز‪ ،‬وقد تكرم هذا األمير‪ ،‬فأطلعني عليه قبل‬
‫إرساله إلى الرياض‪ ،‬وسمح لي بالتقاط صورته‪.‬‬
‫إلي من ربطتني وإياهم رابطة الصداقة من مشايخ نجران‪،‬‬
‫وقد أهدى َّ‬
‫عكازا ـ وقال لي‪ :‬إنه‬
‫ً‬ ‫فص خاتم من الحجر نقشت عليه صورة إنسان يحمل‬
‫عثر عليه يف األخدود‪.‬‬
‫وكل هذه المشاهدات تدل على أن بقعة األخدود ال تخلو من آثار‬

‫(‪ )1‬المشاخص‪ :‬مفردها مشخص‪ ،‬وهي عملة نقدية معروفة يف السابق‪.‬‬


‫‪481‬‬

‫تاريخية قيمة‪ ،‬وكنوز ثمينة‪ ،‬فلو أن شرك ًة وطني ًة تؤلف (بعد استصدار تصريح‬
‫من الحكومة طب ًعا) وتجلب االختصاصيين واآلالت الًلزمة للقيام بعمليات‬
‫الحفر هناك‪ ،‬فإن من المؤكد جدًّ ا أن تعثر هذه الشركة على أشياء قيمة ال تقدر‬
‫وعظيما فيما أعتقد‪.‬‬
‫ً‬ ‫ٍ‬
‫بثمن‪ ،‬وسيكون الرابح من وراء هذه الحفريات محق ًقا‬
‫طلعت بك وفا‬
‫‪482‬‬

‫الفصل الرابع‪:‬‬

‫موجز عن أمراء جنران يف احلكم السعودي‪:‬‬

‫األمراء الذين ُك ِّلفوا بإدارة منطقة نجران منذ انضوائها تحت لواء الدولة‬
‫السعودية وهم(‪:)1‬‬
‫‪1‬ـ عساف الحسين العساف العجمي‪ ،‬كلف عام‪1353( :‬هـ)‪.‬‬
‫عساف الحسين المنصور العساف‪ ،‬ولد يف عام ‪1307‬هـ تقري ًبا ‪1889‬م‬
‫يف الرس‪ ،‬نسبه الحقيقي‪ :‬عساف بن حسين بن منصور بن سيف العساف‬
‫المحفوظي العجمي من قبيلة العجمان‪.‬‬
‫نشأته‪:‬‬
‫نشأ عساف يف كنف والديه‪ ،‬وتع َّلم يف الكتاتيب كأبناء جيله‪ ،‬فأتقن‬
‫القراءة والكتابة‪ ،‬وحفظ القرآن الكريم‪.‬‬
‫لما اشتد عوده‪ ،‬استأذن والده أن يسمح له بالسفر إلى المدينة المنورة‪،‬‬
‫كأمثاله من أهالي الرس الذين كانوا يتهافتون على العمل يف جيش الدولة‬
‫العثمانية التي كانت بدورها ترحب هبم؛ لسمعتهم القتالية الجيدة المرتسخة‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬موسوعة المملكة العربية السعودية‪ ،)175/5( ،‬وكتاب‪ :‬المملكة العربية السعودية‪ ،‬وزارة‬
‫الداخلية النشأة والتطور‪ .‬الطبعة الثانية‪ ،‬الرياض‪1422 ،‬هـ ‪202 -‬م‪ ،‬عبد اهلل بن راشد السنيدي‪،‬‬
‫األجهزة الحكومية يف المملكة العربية السعودية‪ ،‬مكتبة الملك فهد الوطنية‪1430 ،‬هـ ‪2009 -‬م‪.‬‬
‫‪483‬‬

‫يف عقول األتراك منذ صمود أبناء الرس أمام جحافل جنود إبراهيم باشا‪ ،‬وقد‬
‫بدأ عساف يف تعلم اللغة الرتكية فأجادها‪ ،‬ثم انتقل بعد ذلك من المدينة‬
‫بن‬ ‫الشريف حسين‬ ‫بخدمة‬ ‫المكرمة‪ ،‬فالتحق‬ ‫المنورة قاصدً ا مكة‬
‫علي‪ ،‬فكلفه بحصار المدينة المنورة مع ابنيه (أي‪ :‬ابني الشريف حسين)‪،‬‬
‫ٍ‬
‫جموعة من الجنود‬ ‫وهما فيصل وزيد‪ ،‬وذهب إلى مصر يف دورة عسكرية مع م‬
‫الموالين للشريف‪ ،‬منهم بعض أهالي الرس‪ ،‬وكان هو رئيس تلك البعثة‪،‬‬
‫وتعلموا على تفجير القنابل من أجل تفجير سكة قطار الحجاز‪ ،‬وبعد عدة‬
‫ٍ‬
‫مؤقت‪ ،‬وذلك بوضع‬ ‫محاوالت‪ ،‬استطاع العثمانيون إصًلح السكة بوض ٍع‬
‫أخشاب تسمح بمرور القطار‪ ،‬وطلب منه بعد ذلك تفجير القطار بمن فيه‪،‬‬
‫فرفض األمر؛ ألن فيه إزهاق أرواح مسلمة‪ ،‬وبعدها استسلمت المدينة‬
‫المنورة بالفعل‪َّ ،‬‬
‫فظل فيها يف خدمة أبناء الشريف‪ ،‬وتر َّقى يف السلك العسكري‬
‫لرتبة (كمندار العقيًلت)‪ ،‬ثم أعيد إلى مكة المكرمة ليعمل مع الشريف‬
‫حسين‪.‬‬
‫حياته‪:‬‬
‫يف هذه األثناء فكر عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود‪ ،‬فوجد عساف‬
‫‪-‬العسكري المحرتف والرجل بعيد النظر‪ -‬أن يرتك العمل مع الشريف‬
‫حسين‪ ،‬فاستأذنه فأذن له‪ ،‬فعاد إلى بلده الرس‪ ،‬ومكث فيها ربما ليستجم من‬
‫عمله الشاق‪ ،‬لكن السلطان عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود وجد أن من‬
‫‪484‬‬

‫مقتضيات السياسة الداخلية أن يعفي األمير (محمد العساف)‪ -‬شقيق األمير‬


‫حسين العساف من إمارة الرس‪ ،‬وأن يعين ابن عمه عساف الحسين المنصور‬
‫العساف‪ ،‬وذلك سنة ‪ 1339‬هـ ‪1920 -‬م‪ ،‬فمكث سنةً‪ ،‬لكن العسكرية نادته‬
‫من جديد‪ ،‬وكان عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود يدرك القدرات الكامنة‬
‫ٍ‬
‫مهمة‪ ،‬وكان له شأن يف توسيع نطاق‬ ‫ٍ‬
‫بحملة‬ ‫يف هذا األمير الهمام‪ ،‬فكلفه‬
‫السلطنة (المملكة فيما بعد)؛ إذ كلفه عبد العزيز بالقيام بحملة على ابن شعًلن‬
‫بالجوف‪ ،‬وأرسل له الملك عبدالعزيز(بيرق) تبع الجهاد فيه مائة وستون‬
‫رجًل‪ ،‬كما أنه أخذ من جماعته أربعين رج ًًل‪ ،‬وذكر لنا الرواة أن هؤالء الرجال‬
‫ً‬
‫جهزين بالسًلح والتموين‪.‬‬
‫كانوا ُم َّ‬
‫إمارة نجران‪:‬‬
‫إنه يف عام ‪1352‬هـ‪ ،‬كان األمير عساف وبعض من جماعته خارجين‬
‫غزوا لليمن‪ ،‬والتقوا مع غزو العارض يقودهم األمير محمد بن عبد العزيز آل‬
‫ً‬
‫سعود‪ ،‬وكنا نتبارى يف المشي‪ ،‬ومتجهين إلى خميس مشيط‪ ،‬وكان األمير‬
‫سعود بن عبد العزيز موجو ًدا يف نجران‪ ،‬وكتب الملك عبد العزيز البنه محمد‬
‫عمن معه من الرجال الذين يمكن االعتماد عليهم‪ ،‬فأجاب األمير‬
‫يستفسر َّ‬
‫محمد َّ‬
‫أن لديه عد ًدا من الرجال‪ ،‬ومن بينهم األمير عساف‪ ،‬فأمر الملك عبد‬
‫العزيز ابنه محمدً ا بأن يأمر عسا ًفا بالتوجه إلى نجران على رأس مائتي رجل‬
‫‪485‬‬

‫بسًلحهم(‪.)1‬‬
‫وقد سار عساف ورفاقه المائتان من خميس مشيط إلى نجران‪،‬‬
‫فوصلوها بعد أيام قًلئل لجدهم يف المسير‪ ،‬وقابل عساف األمير سعود‪،‬‬
‫وأخربه بما جاء إليه‪ ،‬فس َّلمه األمير سعود بعد أيام إمارة نجران‪ ،‬وأوصاه‬
‫تنم عن خربته بالرجال ومعادهنم‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بوصاية حكيمة التي ُّ‬
‫‪2‬ـ إبراهيم بن عبد الرحمن النشمي (‪1313‬ــ ‪1398‬هـ)‪:‬‬
‫كلف عام‪1355( :‬هـ)(‪.)2‬‬
‫إبراهيم بن عبد الرحمن بن إبراهيم بن صالح الحميدي العتيبي‪ ،‬ولقب‬
‫بـ(النشمي)(‪،)3‬‬

‫(‪ )1‬وقد نقلت جريدة أم القرى يف يوم الجمعة ‪ 8‬ربيع الثاين سنة ‪1353‬هـ ‪ -‬الموافق ‪20‬يوليوسنة‬
‫‪1934‬م‪ ،‬صدور األمر السامي بنقل الشيخ عساف بن حسين من إمارة الرس إلى إمارة نجران‪.‬‬
‫(‪ )2‬المرجع كتاب‪ :‬رجال وذكريات مع الملك عبدالعزيز‪ ،‬من إعداد‪ :‬د‪ .‬عبدالرحمن بن سبيت السبيت‬
‫وآخرون‪ ،‬الحرس الوطني‪ ،‬الرياض‪( ،‬ص‪ ،)19‬ومجلة الدرعية‪ ،‬العدد األول والثاين المحرم‪ ،‬ربيع‬
‫‪1419‬هـ‪/‬مايو ‪1998‬م‪ ،‬مقالة عن إبراهيم النشمي بقلم الدكتور‪ :‬عبداللطيف بن محمد الحميد‪،‬‬
‫وكتاب‪ :‬كنت مع عبدالعزيز‪ ،‬من إعداد‪ :‬د‪ .‬عبدالرحمن بن سبيت السبيت وآخرون‪ ،‬الحرس‬
‫الوطني‪ ،‬الرياض‪ ،‬وكتاب‪ :‬وثائق عصر الملك عبدالعزيز المتعلقة باألمور الداخلية المحفوظة يف‬
‫دارة الملك عبدالعزيز‪ ،‬د‪ .‬خولة بنت محمد بن سعد الشويعر‪( ،‬ص‪.)188 ،187‬‬
‫(‪ )3‬المرجع كتاب‪ :‬رجال وذكريات مع الملك عبدالعزيز‪ ،‬من إعداد‪ :‬د‪ .‬عبدالرحمن بن سبيت السبيت‬
‫وآخرون‪ ،‬الحرس الوطني‪ ،‬الرياض‪( ،‬ص‪ ،)45 ،19‬وكتاب‪ :‬مرتفعات الجزيرة العربية‪ ،‬هاري‬
‫سانت جون فيلبي‪( ،‬ص‪.)430 - 425‬‬
‫‪486‬‬

‫ولد يف مدينة شقراء بالوشم ‪1313‬هـ‪.‬‬


‫وتر َّبى يف بيت والده عبد الرحمن الذي‬
‫كان معرو ًفا بالتقى والصًلح كما كان من‬
‫أعيان البلدة وتجارها‪ ،‬أما موطن أجداده‬
‫فهو الزلفي حيث نزح الجد الرابع من‬
‫الزلفي إلى شقراء بالوشم‪ ،‬واستقر هبا‪.‬‬
‫اهتم والده بتعليمه منذ الصغر‪ ،‬فألحقه بكتاب شقراء‪ ،‬فتعلم القراءة‬
‫ٍ‬
‫أجزاء من القرآن الكريم‪ ،‬ثم أخذ يثقف نفسه‬ ‫والكتابة‪ ،‬وحفظ بعض‬

‫بالمطالعة ومجالسة طلبة العلم حتى أدرك قس ًطا ً‬


‫كبيرا من العلم والمعرفة‬
‫والثقافة‪.‬‬
‫هو أحد رجال الملك عبدالعزيز آل سعود‪ ،‬وقد شارك مع الملك‬
‫عبدالعزيز يف توحيد البًلد‪ ،‬حيث شارك يف حصار المدينة المنورة‪.‬‬
‫وقال أمين الريحانـي‪ :‬وكان يف المدينة قوة نجدية بقيادة صالح بن عذل‬
‫تعسكر يف الحناكية‪ ،‬وقد كان غالبية جيشه من الحضر بقيادة إبراهيم‬
‫مأمورا بمحاصرهتا إال أن تأتيه‬
‫ً‬ ‫النشمي الذي يرابط حول المدينة المنورة‪،‬‬
‫أوامر من القيادة العليا باالقتحام(‪ .)1‬وقد كان بين الملك عبدالعزيز وبين‬

‫(‪ )1‬المرجع كتاب‪ :‬رجال وذكريات مع الملك عبدالعزيز‪ ،‬من إعداد‪ :‬د‪ .‬عبدالرحمن بن سبيت السبيت‬
‫وآخرون‪ ،‬الحرس الوطني‪ ،‬الرياض‪( ،‬ص‪.)21‬‬
‫‪487‬‬

‫عبدالرحمن النشمي وثائق‬


‫ومراسًلت تحمل يف ط َّياهتا دالالت ومضامين عميقة‪ ،‬منها رضا الملك‬
‫عبدالعزيز عن الخطوات التي قام هبا النشمي‪ ،‬ومنها تنسيق الملك عبدالعزيز‬
‫مع النشمي يف حصار المدينة المنورة(‪.)1‬‬
‫وقد تولى إبراهيم بن عبد الرحمن النشمي مناصب عدة من‪/1( :‬‬
‫‪1341/1‬هـ إلى أن تقاعد يف ‪1385/9 /1‬هـ)‪.‬‬
‫تويف رحمه اهلل إثر مرض ٍ‬
‫ألم به‪ ،‬فتم نقله إلى لندن للعًلج‪ ،‬ولكن مشيئة‬
‫اهلل قضت أن ينتقل إلى رحمة اهلل فتويف رحمه اهلل يوم ‪/12 /12‬‬
‫‪1398‬هـ‪ ،‬وقد تم نقل جثمانه إلى مكة المكرمة حيث صلي عليه يف الحرم‬
‫المكي الشريف‪ ،‬ودفن يف مقربة العدل بمكة المكرمة‪ ،‬رحمه اهلل‪ ،‬وأسكنه‬
‫فسيح جناته(‪.)2‬‬
‫‪3‬ـ عبد العزيز الشقيحي‪ ،‬كلف عام (‪1356‬هـ)‪:‬‬
‫واألمير عبدالعزيز بن إبراهيم الشقيحي أحد رجاالت الملك عبدالعزيز‬
‫البارزين‪ ،‬والقادة المعدودين‪ ،‬من مواليد حريمًلء عاصمة منطقة الشعيب‪ ،‬بدأ‬

‫(‪ )1‬مجلة الدرعية‪ ،‬العدد األول‪ ،‬السنة األولى‪ ،‬محرم ‪/1419‬مايو ‪1998‬م‪( ،‬ص‪.)131 ،130‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬رجال وذكريات مع الملك عبد العزيز‪ ،‬عبد الرحمن بن سبيت السبيت وآخرون‪،‬‬
‫(ص‪ ،)18‬وكتاب‪ :‬تاريخ نجد الحديث‪ ،‬أمين الريحاين‪( ،‬ص‪ ،)413‬وكتاب‪ :‬تاريخ اليمامة‪،‬‬
‫(ص‪ ،)204‬ومجلة اليمامة بعددها ‪ 1239‬يف ‪ 1413 /7 /20‬هـ‪( ،‬ص‪.)90‬‬
‫‪488‬‬

‫حياته يف القصر الملكي‪ ،‬ومعروف بشغفه لركوب الخيل‪ .‬وإ َّبان توحيد‬
‫المملكة العربية السعودية كان الشقيحي بمع َّية الملك عبدالعزيز‪ ،‬طيب اهلل‬
‫ثراه‪.‬‬
‫وقد ك َّلفه األمير محمد بن عبدالعزيز قائد فتح المدينة المنورة باستًلم‬
‫ٍ‬
‫عدد من المناطق الشمالية؛ منها‪( :‬العًل‪ ،‬والوجه‪ ،‬وضباء‪ ،‬وتبوك)؛ لتأمينها‬
‫وجردها واستًلمها من عمال الشريف‪ ،‬وكانت ُأولى مهامه الرسمية يف سن الـ‬
‫أميرا على الوجه يف عام ‪1344‬هـ‪،‬‬
‫‪ 25‬عا ًما‪ ،‬حيث ع َّينه الملك عبدالعزيز ً‬
‫واستمر لمدة سنتين‪ ،‬ثم نقل واستمر يف معية الملك عبدالعزيز عام ‪1346‬هـ‪،‬‬
‫َّ‬
‫ويف شهر محرم من عام ‪1347‬هـ صدر أمر جًللة الملك عبدالعزيز بتعيينه‬
‫رئيسا للمجلس‬
‫أميرا على ضباء‪ ،‬ومارس مهامه حتى صدر قرار نقله‪ ،‬و ُع ِّين ً‬
‫ً‬
‫أميرا لليث عام ‪1351‬هـ‪ ،‬ثم عاد بعدها‬
‫العسكري عام ‪1349‬هـ‪ ،‬ثم ُع ِّين ً‬
‫أميرا‬
‫للعمل يف مع َّية الملك مرة أخرى يف عام ‪1353‬هـ حتى صدر قرار تعيينه ً‬
‫على نجران يف عام ‪1356‬هـ‪ ،‬ثم نقل مرة ثالثة للعمل بمعية الملك عام‬
‫‪1359‬هـ حتى عام ‪1372‬هـ‪.‬‬
‫‪4‬ـ تركي بن محمد الماضي‪ ،‬كلف عام (‪1357‬هـ)(‪:)1‬‬
‫* هو تركي بن محمد بن تركي الماضي‪.‬‬

‫(‪ )1‬من كتاب‪ :‬مذكرات تركي بن محمد بن تركي الماضي‪( :‬العًلقات السعودية اليمنية)‪( ،‬ص‪،)472‬‬
‫ومجلة (العربية)‪ ،‬العدد (‪ ،)499‬شعبان ‪1439‬هـ‪ /‬مايو ‪2018‬م‪( ،‬ص‪.)89 - 86‬‬
‫‪489‬‬

‫* ولد يف روضة سدير عام (‪1322‬هـ الموافق ‪1904‬م)‪.‬‬


‫* نال حظه من التعليم على يد أحد علماء الروضة‪.‬‬
‫طلبه المغفور له األمير عبداهلل بن إبراهيم العسكر من والده؛ لكي‬
‫لسره‪.‬‬
‫يصحبه إلى أهبا كات ًبا وأمينًا ِّ‬
‫* سافر معه إلى أهبا عام ‪1342‬هـ الموافق‪1924‬م‪.‬‬
‫حامًل رسالتين من جًللة الملك عبد‬
‫ً‬ ‫* كلفه بأول مهمة له إلى اليمن‬
‫العزيز آل سعود رحمه اهلل إلى اإلمام يحيى حميد الدين إمام اليمن رحمه اهلل‬
‫يف صفر عام‪1343‬هـ‪.‬‬
‫كان هذا التاريخ بداية عمله يف مناطق الجنوب والحدود اليمنية‪ ،‬وعاصر‬
‫جميع المشكًلت التي حدثت خًلل هذه الفرتة‪ ،‬وحتى توقيع المعاهدة‬
‫السعودية اليمنية عام ‪1353‬هـ‪.‬‬
‫أميرا لمنطقة غامد وزهران من ‪1353/3/15‬هـ الموافق‬
‫* ُع ِّين ً‬
‫‪1934‬م حتى ُأعفي من منصبه يف ‪1356/9/21‬هـ الموافق ‪1937‬م‪.‬‬
‫أميرا لمنطقة نجران‪ ،‬ووصل إليها يف ‪1357/2/27‬هـ الموافق‬
‫* ُع ِّين ً‬
‫أبريل ‪1938‬م حتى نقل إلى أهبا‪.‬‬
‫أميرا لمقاطعة أهبا يف ‪1371/9/9‬هـ الموافق يونيو ‪1952‬م إلى‬
‫* ُع ِّين ً‬
‫أن تويف‪.‬‬
‫* ذهب إلى بيروت للعًلج من ذبحة صدرية‪ ،‬وقد وافته المنية يف مطار‬
‫‪490‬‬

‫بيروت يف ‪1385/11/6‬هـ الموافق‪1966‬م‪.‬‬


‫* دفن رحمه اهلل يف مكة المكرمة‪.‬‬
‫‪5‬ـ حمد المحمد الماضي‪ ،‬كلف عام‪1370( :‬هـ)(‪:)1‬‬
‫هو حمد بن محمد بن تركي بن فوزان بن تركي بن فوزان بن ماضي بن‬
‫جاسر ابن ماضي بن محمد بن ثاري بن محمد بن مانع بن الحميدي بن عبد‬
‫اهلل بن راجح بن مزروع بن رفيع بن حميد بن حماد آل عمرو بن تميم‪.‬‬
‫نشأته‪:‬‬
‫مولود يف سنة ‪ 1330‬هـ‪ ،‬وقد نشأ يف بلد الروضة يف حجر والديه‪ ،‬وقرأ‬
‫القرآن‪ ،‬وتعلم الخط والحساب‪ ،‬والزم أخاه تركي بن محمد يف ٍ‬
‫كثير من‬
‫ٍ‬
‫سديد‪ ،‬وأعمال موفقة‪.‬‬ ‫أسفاره‪ ،‬وكان ذا رأي‬
‫وفاته‪ :‬وتويف يف ‪ 1394/1/4‬هـ‪ ،‬رحمه اهلل رحمة واسعة‪.‬‬
‫‪6‬ـ علي مبارك‪ ،‬كلف عام (‪1373‬هـ)(‪:)2‬‬
‫هو‪ :‬علي بن حمد بن ناصر المبارك‪ُ ،‬ولِدَ يف بلدة حريمًلء وسط نجد‬
‫عام ‪1321‬هـ‪ ،‬ونشأ يف هذه البلدة يف كنف ورعاية عمه عبداهلل بن ناصر‬
‫أميرا على حريمًلء يف ذلك الوقت‪ ،‬وكان مًلز ًما له‪ ،‬مما‬
‫المبارك الذي كان ً‬

‫(‪ )1‬راجع كتاب‪ :‬مذكرات تركي بن محمد بن تركي الماضي‪( :‬العًلقات السعودية اليمنية)‪،‬‬
‫(ص‪.)225‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬مجلة إمارة منطقة نجران‪ ،‬العدد (‪ ،)3‬صفر ‪1434‬هـ ‪2012 -‬م‪.‬‬
‫‪491‬‬

‫أكسبه الخربة الًلزمة إلدارة المهام التي توالها فيما بعد‪ ،‬درس وتعلم يف‬
‫الكتاتيب حسب الوسائل المتاحة‪.‬‬
‫أميرا على حريمًلء عام ‪1341‬هـ‪،‬‬
‫صدر أمر الملك عبدالعزيز بتعيينه ً‬
‫تم نقل عمه عبداهلل بن ناصر المبارك إلى إمارة األفًلج‪ ،‬ونجح علي بن‬
‫بعد أن َّ‬
‫أميرا على حريمًلء‪ ،‬ونال ثقة الملك عبد العزيز‪ ،‬حيث‬
‫حمد المبارك يف عمله ً‬
‫وجد العديد من الوثائق والمراسًلت بينهما تشير إلى رضا الملك عن طريقة‬
‫أميرا على حريمًل حتى عام ‪1357‬هـ‪ ،‬بعد‬
‫إدارته لهذا المنصب‪ ،‬وقد استمر ً‬
‫ذلك واصل عمله مع الملك عبد العزيز‪ ،‬وعمل يف أمور مختلفة‪ ،‬منها تعيينه‬
‫أميرا على عمال الزكوات‪.‬‬
‫ً‬
‫أميرا على نجران‪ ،‬واستمر‬
‫يف عام ‪1373‬هـ قرر الملك عبد العزيز تعيينه ً‬
‫يف هذا المنصب قرابة السنتين‪ ،‬وقام بما كلف به من أعمال خير قيامٍ‪.‬‬
‫أميرا على الزلفي عام‬
‫أمر الملك سعود بن عبدالعزيز بتعيينه ً‬
‫بعدها صدر ُ‬
‫‪1375‬هـ‪ ،‬وكرر علي بن حمد المبارك نجاحه يف العمل يف الزلفي‪ ،‬وكان على‬
‫أميرا لمنطقة الرياض‬
‫عًلقة وثيقة بالملك سلمان بن عبد العزيز عندما كان ً‬
‫التي تتبع لها إمارة الزلفي‪ ،‬حيث وجد العديد من الوثائق والمراسًلت بينهما‬
‫تظهر أنه كان ينفذ توجيهاته بكل ٍ‬
‫دقة‪.‬‬
‫أميرا على‬
‫‪7‬ـ إبراهيم بن عبد الرحمن النشمي‪ ،‬كلف عام (‪1374‬هـ) ً‬
‫نجران للمرة الثانية‪:‬‬
‫‪492‬‬

‫‪8‬ـ خالد بن أحمد السديري‪ ،‬كلف عام (‪ 1382‬هـ)‪:‬‬


‫األمير خالد بن أحمد السديري أحد أبناء األمير أحمد بن محمد بن‬
‫أميرا لعدة مناطق‪ ،‬ومنها‪ :‬نجران‪ ،‬وأحد أبرز وأشجع‬
‫أحمد السديري‪ ،‬كان ً‬
‫قياديي الجيش يف عهد الملك عبد العزيز آل سعود‪ ،‬واشتهر بوالئه وذكائه‬
‫وحكمته سياس ًّيا وعسكر ًّيا واجتماع ًّيا‪ .‬هو خال الملك فهد بن عبد العزيز آل‬
‫سعود وأشقائه‪ ،‬تويف رحمه اهلل عام ‪1399‬هـ‪1979/‬م‪.‬‬
‫المناصب التي شغلها األمير خالد بن أحمد السديري‪:‬‬
‫أوال‪ :‬أثناء الحرب العالمية الثانية صدرت األوامر الملكية بتعيينه‬
‫ً‬
‫حاكما إدار ًّيا يف إمارة الظهران‪.‬‬
‫ً‬
‫ثان ًيا‪ :‬خًلل عام ‪1366‬هـ صدرت األوامر الملكية بنقله ليكون أحد‬
‫األعضاء البارزين يف مجلس المستشارين يف مدينة الرياض‪.‬‬
‫راب ًعا‪ :‬خًلل عام ‪1367‬هـ قام األمير خالد باالنتداب يف المنطقة‬
‫أميرا لمنطقة تبوك‪.‬‬
‫الشمالية بالمملكة‪ ،‬وتم تعيينه ً‬
‫خامسا‪ :‬خًلل عام ‪1375‬هـ صدرت األوامر الملكية بتعيينه يف منصب‬
‫ً‬
‫وزير الزراعة‪ ،‬وبعد ذلك أصبح مشر ًفا على إمارة نجران‪ ،‬وذلك‬
‫خًلل الحرب األهلية يف اليمن‪ ،‬ويعترب هذا المنصب هو آخر المناصب التي‬
‫توالها‪ ،‬حيث ظل يف هذا المنصب حتى تويف عام ‪1399‬هـ‪1979/‬م‪.‬‬
‫‪493‬‬

‫‪9‬ـ فهد بن خالد السديري‪ ،‬كلف من عام (‪1416 -1399‬هـ)‪.‬‬


‫هو فهد بن خالد أحمد بن محمد بن أحمد السديري‪.‬‬
‫• المؤهل العلمي‪1952-1940 :‬م الشهادة االبتدائية والثانوية‬
‫من الجامعة األمريكية يف بيروت‪.‬‬
‫• ‪1957‬م بكالوريوس اقتصاد سياسي من جامعة (بيركلي)‪.‬‬
‫كاليفورنيا‪.‬‬
‫• العـمـل‪:‬‬
‫مستشارا اقتصاد ًّيا بوزارة البرتول والثروة المعدنية‪.‬‬
‫ً‬ ‫• ‪1380‬هـ‬
‫• ‪1384-1380‬هـ أمينًا عا ًّما مساعدً ا بالمجلس األعلى‬
‫للتخطيط‪ ،‬وذلك قبل إنشاء وزارة التخطيط‪.‬‬
‫وكيًل لوزارة اإلعًلم للشؤون اإلعًلمية‪.‬‬
‫ً‬ ‫• ‪1396-1384‬هـ‬
‫ومفوضا‬
‫ً‬ ‫سفيرا للمملكة العربية السعودية‪،‬‬
‫ً‬ ‫• ‪1399-1396‬هـ‬
‫فوق العادة لدى دولة الكويت بالمرتبة الممتازة‪.‬‬
‫أميرا لمنطقة نجران بمرتبة وزير‪.‬‬
‫• ‪1416 -1399‬هـ ً‬
‫رئيسا للجنة جائزة األمير خالد السديري للتفوق‬
‫• ‪1409‬هـ ‪ً -‬‬
‫العلمي‪.‬‬
‫عضوا بمجلس األمناء بمؤسسة الفكر العربي‪،‬‬
‫ً‬ ‫• ‪1422‬هـ ثم‬
‫بيروت‪.‬‬
‫‪494‬‬

‫اإلنتاج األدبي‪:‬‬
‫‪ -‬كتاب «المملكة العربية السعودية عند مفرتق الطرق»‪.‬‬
‫‪ -‬كتابة مقاالت سياسية يف الصحف السعودية واألجنبية‪.‬‬
‫االهتمامات األخرى واألنشطة‪:‬‬
‫‪ -‬قراءة الصحف األمريكية والربيطانية‪ ،‬ومتابعة ما تنشره من‬
‫ٍ‬
‫وتعليقات‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫مقاالت‬
‫ٍ‬
‫ومقاالت‬ ‫ٍ‬
‫أخبار‬ ‫‪ -‬قراءة الصحف العربية‪ ،‬ومتابعة ما تنشره من‬
‫ٍ‬
‫وتعليقات‪.‬‬
‫‪ -‬قراءة كتب األدب والتاريخ‪.‬‬
‫‪ -‬عضو يف النادي الرياضي يف الحي الدبلوماسي‪.‬‬
‫‪ -‬عضو يف نادي الفروسية يف الرياض‪.‬‬
‫‪ -‬رئيس جمعية خيرية‪.‬‬
‫كما أن له نشاطات كثيرة يف مجاالت متعددة؛ سواء بتكليف‬
‫من الجهات المختصة أو بمبادرة شخصية منه لدى المسؤولين يف المملكة‬
‫العربية السعودية‪ ،‬ومؤسسة الفكر العربي‪.‬‬
‫السمو الملكي األمير مشعل بن سعود كلف يف شوال عام‬
‫‪10‬ـ صاحب ُّ‬
‫(‪1417‬هـ)‪.‬‬
‫األمير مشعل بن سعود بن عبد العزيز آل سعود‪ ،‬االبن الرابع عشر من‬
‫‪495‬‬

‫أبناء الملك سعود بن عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود‪ ،‬والدته هي‪:‬‬
‫األميرة نورة بنت هنار المنديل العمري الخالدي‪ ،‬ولد يف عام ‪ 1940‬ميًلدية‬
‫يف مدينة الرياض‪ ،‬أكمل دراسته الثانوية يف مدينة الرياض‪ ،‬ثم ابتعث بعد‬
‫ذلك للواليات المتحدة األمريكية وبريطانيا وحصل على البكالوريوس يف‬
‫علوم الطيران من الواليات المتحدة‪ ،‬عمل بعد التخرج كضابط طيار بالقوات‬
‫الجوية الملكية السعودية‪ ،‬وكان من أمهر الطيارين يف قيادة أسرع طائرة مقاتلة‬
‫(طائرة الًليتنج) ذات القدرات العالية والفريدة يف ذلك الوقت‪.‬‬
‫ثم ا لتحق باألسراب الجوية المرابطة يف المنطقة الجنوبية أثناء حرب‬
‫الوديعة ‪1389‬هـ‪ ،‬وعاد بعد ذلك للمنطقة الشرقية؛ قاعدة الظهران الجوية‪.‬‬
‫له مشاركات عدة يف تمثيل المملكة‪.‬‬
‫أعماله‪:‬‬
‫اتجه بعد ذلك لمزاولة األعمال الحرة‪ ،‬ويعترب‪ :‬نائب رئيس اللجنة‬
‫العلمية يف المركز الدولي للدراسات الدولية (نيومانزو) يف إيطاليا‪ ،‬والذي‬
‫تأسس عام ‪1969‬م‪ .‬بدأت عًلقة األمير مشعل بن سعود بالمركز يف عام‬
‫‪1983‬م بعد لقاء مع األمين العام الربوفيسور (دازي) الذي وجد لدى األمير‬
‫كبيرا للتعاطف مع العرب‬
‫حماسا ً‬
‫ً‬ ‫مشعل بن سعود بن عبد العزيز آل سعود‬
‫وقضاياهم‪ .‬منح يف عام ‪1985‬م ميدالية الجمهورية اإليطالية من الرئيس‬
‫تقديرا لجهود ُس ُموه يف تنمية وتعزيز العًلقات اإليطالية‬
‫ً‬ ‫اإليطالي‪ ،‬وذلك‬
‫‪496‬‬

‫العربية‪ .‬منح جائزة المركز الدولي للدراسات الدولية لجهود ُس ُموه يف دعم‬
‫أعمال المركز ونشاطاته‪.‬‬
‫ويف تاريخ ‪1417/11/24‬هـ صدر أمر خادم الحرمين الشريفين‬
‫أميرا لمنطقة نجران‪ ،‬حيث أمضى‬
‫الملك فهد بن عبدالعزيز رحمه اهلل بتعيينه ً‬
‫فيها اثني عشر عا ًما‪ ،‬شهدت خًللها المنطقة مزيدً ا من التطور والتقدم يف‬
‫مجاالت الحياة العمرانية والثقافية والزراعية‪ ،‬وكان فيها ً‬
‫مثاال لإلخًلص‬
‫والنزاهة‪ ،‬والتجرد من المظاهر‪ ،‬والحرص على لقاء المواطنين ومتابعة‬
‫أمورهم المعيشية والرسمية‪ ،‬ورأس فيها عد ًدا من المجالس والجمعيات‪.‬‬
‫وبتاريخ ‪ 1429 /11 /7‬هـ صدر األمر الملكي بإعفائه من منصبه بنا ًء‬
‫على طلبه‪.‬‬
‫‪11‬ـ صاحب السمو الملكي األمير مشعل بن عبد اهلل بن عبد العزيز‪،‬‬
‫كلف يف عام (‪1430‬هـ)‪.‬‬
‫مشعل بن عبد اهلل بن عبد العزيز آل سعود (‪1971‬م)‪ ،‬أمير منطقة مكة‬
‫ساب ًقا‪ ،‬هو االبن السادس من أبناء الملك عبد اهلل بن عبد العزيز آل سعود‪.‬‬
‫حصل على درجة البكالوريوس يف العلوم السياسية من جامعة الملك سعود‪،‬‬
‫كما حصل على دراسات عليا من المملكة المتحدة‪.‬‬
‫مناصبه‪:‬‬
‫‪1‬ـ مدير ًا إلدارة الحاسب اآللي بالحرس الوطني‪ ،‬وذلك منذ ‪25‬‬
‫شعبان ‪1418‬هـ حتى عام ‪1424‬هـ‪.‬‬
‫‪2‬ـ وزير مفوض على المرتبة الثالثة عشرة بوزارة الخارجية‪ ،‬وذلك يف‬
‫‪497‬‬

‫تاريخ ‪ 22‬شعبان ‪1424‬هـ‪.‬‬


‫‪ 3‬ـ وزير مفوض بوزارة الخارجية على المرتبة الرابعة عشرة‪ ،‬وذلك‬
‫يف ‪ 12‬صفر ‪1427‬هـ‪ .‬مستشار يف الديوان الملكي السعودي‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ أمير منطقة نجران منذ ‪ 29‬ربيع األول ‪1430‬هـ‪ ،‬الموافق ‪26‬‬
‫مارس ‪2009‬م‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ أمير منطقة مكة المكرمة منذ ‪ 19‬صفر ‪ 1435‬هـ‪ ،‬الموافق ‪22‬‬
‫ديسمرب ‪2013‬م‪.‬‬
‫‪12‬ـ األمير جلوي بن عبد العزيز بن مساعد آل سعود‪ ،‬كلف يف عام‪:‬‬
‫(‪1436‬هـ‪12/‬نوفمبر‪2014‬م)‪.‬‬
‫‪498‬‬

‫صاحب السمو األمير جلوي بن عبدالعزيز بن مساعد بن جلوي بن‬


‫تركي بن عبد اهلل بن محمد آل سعود (‪1377‬هـ‪1958 /‬م)‪ ،‬هو أمير منطقة‬
‫نجران‪ ،‬واالبن األصغر لألمير عبدالعزيز بن مساعد بن جلوي آل سعود‪ ،‬ابن‬
‫عم الملك عبدالعزيز آل سعود‪ ،‬وأحد قادته‪ ،‬وهو خريج مدرسة المظًلت‬
‫وقوات األمن الخاصة‪ ،‬ويحمل شهادة الجمعية الربيطانية للقفز بالمظًلت‪،‬‬
‫وحصل على نوط معركة عاصفة الصحراء‪ ،‬ووسام تحرير الكويت‪ .‬ووالدته‬
‫هي األميرة عزيزة‪.‬‬
‫مناصبه‪:‬‬
‫‪1‬ـ بتاريخ ‪ 29‬محرم ‪1421‬هـ الموافق لـ‪ 4‬مايو‪2000‬م صدر أمر‬
‫ملكي بتعيينه نائ ًبا ألمير منطقة تبوك بالمرتبة الممتازة‪.‬‬
‫‪2‬ـ بتاريخ ‪ 4‬جمادى األولى ‪1425‬هـ الموافق لـ‪ 22‬يونيو ‪2004‬م‬
‫صدر أمر ملكي بتعيينه نائ ًبا ألمير المنطقة الشرقية بالمرتبة الممتازة‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ بتاريخ ‪ 19‬محرم ‪1436‬هـ الموافق لـ‪ 12‬نوفمرب‪2014‬م صدر أمر‬
‫أميرا لمنطقة نجران بمرتبة وزير‪.‬‬
‫ملكي بتعيينه ً‬
‫‪499‬‬

‫الباب الرابع‪:‬‬

‫قبائل يام عرب التاريخ‪:‬‬

‫الفصل األول‪ :‬من أعالم قبيلة يام عرب التاريخ‪.‬‬

‫‪1‬ـ طبقة الصحابة(‪:)1‬‬


‫‪1‬ـ كعب بن عمرو اليامي‪.‬‬
‫وهو‪ :‬كعب بن عمرو‪ ،‬ويقال‪ :‬عمرو بن كعب بن حجير بن معاوية بن‬
‫سعد بن الحارث بن ذهل بن سلمة بن دؤل بن جشم بن يام اليامي‪ .‬جده‪:‬‬
‫طلحة بن مصرف‪ ،‬يقال‪ :‬له صحبة‪ ،‬روى ليث بن أبي سليم عن طلحة بن‬
‫مصرف عن أبيه عن جده عن النبي ‪ ‬يف الوضوء‪ .‬مصادر الترجمة‪:‬‬
‫هتذيب الكمال (‪ ،)184/24‬اإلصابة يف تمييز الصحابة (‪،)607/5‬‬
‫االستيعاب (‪ ،)1322/3‬سنن البيهقي الكربى (‪ ،)51/1‬الثقات (‪،)353/3‬‬
‫هتذيب التهذيب (‪ ،)391/8‬تقريب التهذيب (‪ ،)461/1‬هتذيب األسماء‬
‫(‪.)377/2‬‬
‫‪2‬ـ مصرف بن عمرو بن كعب اليامي‪.‬‬
‫هو‪ :‬مصرف بن عمرو بن كعب‪ ،‬ويقال‪ :‬مصرف بن كعب بن عمرو‬

‫(‪ )1‬والصحابي‪ :‬هو من لقي الرسول صلى اهلل عليه وسلم مؤمنًا به‪ ،‬ومات على اإلسًلم‪.‬‬
‫‪500‬‬

‫اليامي الكويف‪ ،‬أبو طلحة بن مصرف‪ ،‬وروى حديثه طلحة بن مصرف عن أبيه‬
‫عن جده‪ ،‬وقيل‪ :‬له صحبة‪ ،‬أي‪ :‬مصرف‪ ،‬وعده ابن حبان من الثقات(‪.)1‬‬
‫مصادر ترجمته‪:‬‬
‫هتذيب الكمال (‪ ،)17/28‬هتذيب التهذيب (‪ ،)144/10‬تقريب‬
‫التهذيب (‪ ،)533/1‬ميزان االعتدال يف نقد الرجال (‪ ،)191/8‬الجرح‬
‫والتعديل (‪.)420/8‬‬
‫وقد ذكر يف كتب الحديث وكتب الرجال أن لهما صحبة‪ :‬كعب بن عمرو‬
‫اليامي‪ ،‬وابنه مصرف فقط‪ ،‬ومروياهتما لم تكن يف «الصحيحين»‪ ،‬ولعل سبب‬
‫عدم نَيل أكثرهم شرف صحبة الرسول ‪ ‬يعود إلى كون موطنهم وديارهم‬
‫آنذاك يف اليمن قرب صنعاء‪ ،‬فهم بعيدون عن موطن الرسول ‪ ،‬ولربما تأخر‬
‫حائًل دون صحبة الرسول ‪.‬‬
‫أيضا كان ً‬
‫إسًلمهم ً‬
‫طبقة التابعين‪:‬‬
‫‪3‬ـ طلحة بن مصرف اليامي‪.‬‬
‫هو‪ :‬طلحة بن مصرف بن عمرو بن كعب بن جخدب بن معاوية بن سعد‬
‫بن الحارث بن ذهل بن سلمة بن دؤل بن جشم بن يام الهمداين اليامي‪.‬‬
‫من رجال «الصحيحين»‪( :‬البخاري ومسلم)‪ ،‬فهو َع َل ٌم من أعًلم قبيلة‬

‫(‪ )1‬الثقات‪.)207/9( :‬‬


‫‪501‬‬

‫السنة‬
‫يام‪ ،‬وأحد رواهتا المشهورين‪ ،‬وهو ثقة‪ ،‬ومروياته كثيرة يف كتب ُّ‬
‫والجماعة‪ :‬يف كتب التفسير‪ ،‬وكتب الحديث‪ ،‬وكتب العقيدة‪ ،‬وكتب الفقه‪،‬‬
‫وكتب التاريخ‪ ،‬وغيرها‪.‬‬
‫شيوخه‪:‬‬
‫روى عن جم ٍع من الصحابة ‪ ،‬مثل‪ :‬أنس بن مالك‪ ،‬وخيثمة بن‬
‫عبدالرحمن‪ ،‬وزيد بن وهب‪ ،‬وسعيد بن جبير‪ ،‬وسعيد بن عبدالرحمن بن‬
‫أبزى‪ ،‬وعبد اهلل بن أبي أوىف‪ ،‬ومصعب بن سعد بن أبي وقاص‪ ،‬وهذيل بن‬
‫شرحبيل‪ ،‬ومجاهد بن جرب‪ ،‬وغيرهم الكثير‪ .‬ويظهر من خًلل شيوخه أنه أدرك‬
‫جماع ًة من الصحابة‪ ،‬وسمع منهم مثل‪ :‬أنس بن مالك‪ ،‬وعبداهلل بن أبي أوىف‪،‬‬
‫وعبداهلل بن الزبير‪.‬‬
‫وقد روى أحاديث يف «الصحيحين»‪ ،‬وهو من رجال صحيح البخاري‬
‫ومسلم(‪.)1‬‬
‫وقد روي له يف كتاب اإليمان‪ ،‬والزكاة‪ ،‬وكتاب الوصايا‪.‬‬
‫وفاته‪ :‬مات سنة اثنتي عشرة ومئة‪ .‬وقيل‪ :‬ثًلث عشرة ومئة‪ ،‬رحمه اهلل‪.‬‬
‫مصادر الترجمة‪:‬‬
‫هتذيب الكمال (‪ 433/13‬ـ ‪ ،)437‬سير أعًلم النبًلء (‪ ،)191/5‬صفة‬

‫(‪ )1‬رجال صحيح البخاري (‪ ،)373/1‬ورجال مسلم (‪ .)328/1‬راجع كتاب‪( :‬جدلية المكان‬
‫والشخوص)‪ ،‬محمد آل هتيلة‪( ،‬ص‪.)153‬‬
‫‪502‬‬

‫الصفوة (‪ ،)98/3‬هتذيب األسماء (‪ ،)240/1‬عون المعبود (‪،)153/1‬‬


‫شذرات الذهب (‪ ،)92/1‬رجال صحيح البخاري (‪ ،)373/1‬ورجال مسلم‬
‫(‪.)328/1‬‬
‫‪4‬ـ زبيد بن الحارث اليامي‪.‬‬
‫هو‪ :‬زبيد بن الحارث بن عبد الكريم بن جخدب بن ذهل بن مالك بن‬
‫الحارث بن ذهل بن سلمة بن دؤل بن جشم بن يام من همدان‪ ،‬ويكنى أبا‬
‫عبداهلل‪.‬‬
‫علم من أعًلم قبيلة يام‪ ،‬ومن رواة الحديث‬
‫وزبيد بن الحارث اليامي ٌ‬
‫النبوي الشريف‪ ،‬وهو من طبقة التابعين‪ ،‬وأدرك بعض الصحابة‪ ،‬مثل‪ :‬ابن عمر‬
‫وأنس بن مالك‪ ،‬وهو من رجال اإلمام البخاري يف «صحيحه»(‪ )1‬الذي هو‬
‫أصح كتب أهل السنة والجماعة يف الحديث‪ ،‬وهو كذلك من رجال اإلمام‬
‫مسلم يف «صحيحه» الذي هو أصح الكتب بعد «صحيح البخاري»‪ ،‬ومرويات‬
‫زبيد اليامي يف أكثر الكتب الحديثية‪ ،‬وكتب العقيدة‪ ،‬وكتب التفسير‪،‬‬
‫وغيرها‪ ...‬إلخ‪.‬‬
‫وفاته‪:‬‬
‫قال أبو نعيم وابن أبي شيبة والواقدي‪ :‬تويف زبيد بن الحارث رحمه اهلل‬

‫(‪ )1‬رجال صحيح البخاري (‪.)276/1‬‬


‫‪503‬‬

‫سنة ‪122‬هـ‪ .‬وقيل‪124 :‬هـ(‪.)1‬‬


‫مصادر ترجمته‪:‬‬
‫سير أعًلم النبًلء (‪ 296/5‬ـ ‪ ،)298‬الثقات (‪ ،)341/6‬الجرح‬
‫والتعديل (‪ ،)623/3‬الطبقات الكربى (‪ ،)309/6‬رجال مسلم (‪،)230/1‬‬
‫رجال صحيح البخاري (‪ ،)276/1‬هتذيب الكمال (‪ 289/9‬ـ ‪ ،)291‬صفة‬
‫الصفوة (‪98/3‬ـ ‪ ،)100‬اللباب يف هتذيب األنساب (‪ ،)406/3‬الكمال‬
‫(‪ ،)341/7‬معرفة الثقات (‪.)367/1‬‬
‫‪5‬ـ الزبير بن عدي اليامي‪.‬‬
‫تابعي جليل‪ ،‬من صغار التابعين‪ ،‬وذكر البخاري أنه قال‪ :‬رأيت ثمانية‬
‫عشر من صحابة رسول اهلل ‪ ،)2(‬وروى عن أنس بن مالك ‪ ،‬وهو من رجال‬
‫البخاري ومسلم(‪ ،)3‬وروى له الجماعة‪ ،‬وهو صاحب سنة‪ ،‬ثقة‪ .‬وقد وردت‬
‫ترجمته ومروياته يف كتب الحديث‪ ،‬والتفسير‪ ،‬والعقيدة وغيرها‪ .‬قال ابن حجر‬
‫يف «هتذيب التهذيب»‪« :‬الزبير بن عدي الهمداين اليامي أبو عدي الكويف قاضي‬
‫الري»‪.‬‬

‫(‪ )1‬التاريخ األوسط (‪ ،)315/1‬رجال صحيح البخاري (‪ .)276/1‬راجع كتاب‪« :‬جدلية المكان‬
‫والشخوص»‪ ،‬محمد آل هتيلة‪( ،‬ص‪.)153‬‬
‫(‪ )2‬التاريخ الكبير (‪ ،)410/3‬والتاريخ األوسط (‪.)27/2‬‬
‫(‪ )3‬رجال صحيح البخاري (‪ ،)270/1‬رجال مسلم (‪.)212/1‬‬
‫‪504‬‬

‫‪6‬ـ محمد بن طلحة بن مصرف اليامي‪.‬‬


‫محمد بن طلحة بن مصرف اليامي‪ ،‬صدوق مشهور‪ ،‬ومحتج به يف‬
‫«الصحيحين»‪ ،‬فروى له البخاري ومسلم‪ ،‬وروى له الجماعة والنسائي‪ ،‬وو َّثقه‬
‫ابن حنبل‪ .‬وقال يحيى بن معين‪ :‬ال بأس به إال أنه ُيتَّقى حديثه(‪.)1‬‬
‫وفاته‪:‬‬
‫مات سنة سبع وستين ومئة للهجرة(‪.)2‬‬
‫مصادر ترجمته‪:‬‬
‫هتذيب الكمال (‪ ،)417/25‬سير أعًلم النبًلء (‪338/7‬ـ ‪،)339‬‬
‫مقدمة فتح الباري (‪ ،)439/1‬وتقريب التهذيب (‪ ،)485/1‬ورجال صحيح‬
‫البخاري (‪ ،)654/2‬ورجال مسلم (‪.)183/2‬‬
‫‪7‬ـ محاضر بن المودع الهمداين اليامي‪.‬‬
‫روى له البخاري يف التعاليق‪ ،‬ومسلم وأبو داود والنسائي‪ ،‬وابن حبان‪،‬‬
‫وابن خزيمة‪ ،‬والبيهقي يف «السنن الكربى» و«شعب اإليمان»‪ ،‬واإلمام أحمد‬
‫يف «المسند»‪ ،‬وغيرهم‪ ،‬وجاءت ترجمته يف أكثر كتب الرتاجم‪ ،‬ومنها «هتذيب‬
‫التهذيب» البن حجر (‪.)46/10‬‬
‫روى عن عاصم األحول‪ ،‬واألعمش‪ ،‬ومجالد‪ ،‬وهشام بن عروة‪،‬‬

‫(‪ )1‬التعديل والتجريح (‪ ،)635/2‬ميزان االعتدال يف نقد الرجال (‪.)164/6‬‬


‫(‪ )2‬هتذيب الكمال (‪ ،)419 -417/25‬وسير أعًلم النبًلء (‪.)339 -338/7‬‬
‫‪505‬‬

‫وهشام ابن حسان‪ ،‬وسعد بن سعيد األنصاري‪ ،‬وأجلح الكندي‪ ،‬ومجالد بن‬
‫سعيد‪ ،‬وغيرهم‪.‬‬
‫‪8‬ـ محمد بن جحادة األودي اليامي الكويف‪.‬‬
‫روى له جماعةٌ‪ ،‬وهو تابعي‪ ،‬وأحد األئمة الثقات‪ ،‬وكان عابدً ا ناس ًكا‪،‬‬
‫الزهاد‪ .‬ترجم له ابن حجر يف «هتذيب التهذيب»‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫ومن الفضًلء الصلحاء ُّ‬
‫محمد بن جحادة األودي ويقال‪ :‬األيامي الكويف‪.‬‬
‫وروى عن أنس‪ ،‬وعطاء بن أبي رباح‪ ،‬وأبي إسحاق السبيعي‪ ،‬ونافع‬
‫مولى بن عمر‪ ،‬وأبي حازم األشجعي‪ ،‬وعبدالرحمن بن ثروة‪ ،‬وعبدة بن أبي‬
‫لبابة‪ ،‬وأبي حصين عثمان بن عاصم األسدي‪ ،‬وعمرو بن دينار‪ ،‬وسليمان بن‬
‫بريدة‪.‬‬
‫مروياته‪:‬‬
‫أخرج له البخاري ومسلم أحاديث يف الصًلة والحج والجهاد والطًلق‬
‫واإلجارة وغيرها‪ ،‬فجاء يف «صحيح البخاري» (‪ )797/2‬يف باب كسب البغي‬
‫واإلماء (ح‪ )2163‬قال‪ :‬حدثنا مسلم بن إبراهيم‪ ،‬حدثنا شعبة عن محمد بن‬
‫جحادة عن أبي حازم عن أبي هريرة ‪ ‬قال‪« :‬هنى النبي ‪ ‬عن كسب اإلماء»‪.‬‬
‫وجاء يف «صحيح مسلم» (‪ )301/1‬باب‪ :‬وضع يده اليمني على‬
‫اليسرى بعد تكبيرة اإلحرام تحت صدره فوق سرته‪ ،‬ووضعهما يف السجود‬
‫على األرض حذو منكبيه (ح‪.)401‬‬
‫‪506‬‬

‫وله مرويات كثيرة يف كتب العقيدة؛ كشعب االيمان‪ ،‬واالعتقاد للبيهقي‪،‬‬


‫والسنة البن أبي عاصم‪ ،‬واعتقاد أهل السنة والجماعة لًللكائي‪ ،‬واإليمان‬
‫البن منده‪ ،‬وغيرها‪.‬‬
‫‪9‬ـ مجحود بن علي العرجاين‪:‬‬
‫وأما مجحود‪ ،‬فقد أراد اهلل به وبقومه الخير حينما ُأسر يف وقعة (ضرما)‬
‫سنة (‪1189‬هـ)‪ ،‬ودخوله سجن اإلمام عبدالعزيز بن محمد بن سعود رحمه‬
‫اهلل إمام الدولة السعودية األولى‪ ،‬ويف عهد اإلمام محمد بن عبدالوهاب رحمه‬
‫اهلل يف سجن الدرعية‪ .‬فقد تأثر مجحود بن علي بدعوة التوحيد يف السجن‪،‬‬
‫وأعلن توبته‪ ،‬واعرتف أنه كان على دين شرك حيث قال مخاط ًبا اإلمام‬
‫عبدالعزيز بن محمد‪:‬‬
‫(‪)1‬‬
‫وال تصدق ناقلين الوحاين‬ ‫عبد العزيز اسمع كًلمــي تـعــافيـــــــت‬
‫والحــمـــد هلل يوم ربي هداين‬ ‫يا طــــــول ماين مشـرك ثم صلـــيــــــــت‬
‫واليـوم ذا فزي لصقع األذاين‬ ‫يا طول مـــــاين ألريش الـعــيـــــن فزيت‬
‫فتمني أال يموت يف ديرة أهل هذا المذهب‪ ،‬حيث قال‪:‬‬
‫(‪)2‬‬
‫قبل أن يجيه الموت فالموت بغات‬ ‫هني أبو من مــات يف ديرة إســًلم‬
‫فـإســـــًلم يام ال بحي وال مـــــــات‬ ‫قبل أن يجيه الموت وعاده مع يام‬

‫(‪ )1‬نقل الكًلم من أجل اإلفساد‪.‬‬


‫(‪ )2‬والموت بغات‪ :‬يأيت بغتة أو فجأة‪.‬‬
‫‪507‬‬

‫فكان سجن اإلمام عبدالعزيز بن محمد مدرسة للتوحيد‪ ،‬فتعلم مجحود‬


‫بن علي العقيدة الصافية كما أنزلت على نبينا محمد صلى اهلل عليه وسلم‪ .‬قال‬
‫اإلمام عبدالعزيز بعد أن عرف من مجحود بن علي الصدق يف هدايته إلى الدين‬
‫الحق‪ :‬اذهب إلى قومك‪ .‬فقال مجحود بن علي‪ :‬إهنم مشركون‪ ،‬وأنا أريد منك‬
‫أن تساعدين على دعوهتم‪ ،‬وإخراجهم من الشرك الذي هم فيه‪َّ ،‬‬
‫لعل اهلل أن‬
‫يشرح صدورهم لهذا الدين الحق‪.‬‬
‫جهز اإلمام عبدالعزيز مجحود بالمال والعلماء‪ ،‬فذهب هبم إلى قومه‪،‬‬
‫حارا‪ ،‬حيث إن قبيلته تحبه‪ ،‬وتسمع منه‪،‬‬ ‫ً‬
‫استقباال ًّ‬ ‫ففرحوا بقدومه‪ ،‬واستقبلوه‬
‫فقال لهم‪ :‬الذي يحبني ويسمع قولي يشهد أن ال إله اال اهلل‪ ،‬وأن محمدً ا رسول‬
‫اهلل‪ ،‬ويجلس عند هؤالء العلماء يعلمونه أمور دينه‪ ،‬فاستجابوا لدعوته‪.‬‬
‫وأخذ يدعو إلى هذا الدين‪ ،‬فاستجاب له ثًلث قبائل من قبائل الوعلة‪،‬‬
‫وهم‪ :‬قبيلة آل فهاد‪ ،‬وقبيلة آل رشيد‪ ،‬وقبيلة آل العرجاء‪.‬‬
‫نجح مجحود رحمه اهلل يف دعوة قومه‪ ،‬وطمع يف هداية من بقي على هذا‬
‫المذهب‪ ،‬فأخذ يدعوهم‪ ،‬ولكنهم عاندوا وأعلنوا محاربته‪ ،‬فأخذ يشن عليهم‬
‫الغارة تلو األخرى‪ ،‬فأسروه يف إحدى هذه الغارات‪ ،‬وأحضروا له عنا ًقا‪،‬‬
‫ووجهوها إلى المشرق‪ ،‬وذبحوها وقالوا‪ :‬ال بسم اهلل‪ ،‬وال اهلل أكرب‪ ،‬إن تأكل يا‬
‫عم يا مجحود‪ ،‬فقال رحمه اهلل‪ :‬أنا أسير‪ ،‬وسآكل‪ ،‬ولكنِّي عدوكم حتى ترجعوا‬
‫إلى الدين الحق‪ ،‬أو أموت يف هذا السبيل‪ ،‬ثم أطلق سراحه‪ ،‬وقد تضايق من‬
‫‪508‬‬

‫الكرة عليهم‪ ،‬فقتل نحسبه عند‬


‫إصرارهم على هذا المذهب‪ ،‬وأعاد مجحود َّ‬
‫اهلل شهيدً ا رحم اهلل ‪-‬الشيخ مجحود‪ -‬رحم ًة واسعةً‪ ،‬وجعل كل َمن اهتدى‬
‫بسببه يف موازين حسناته‪ ،‬إنه ولي ذلك والقادر عليه‪.‬‬
‫‪10‬ـ حزام بن عامر من أمراء آل زعاق آل حبيش من قبيلة العجمان‪:‬‬
‫اشتهر بشجاعته وفروسيته‪ ،‬كان من فرسان الدولة السعودية األولى‪،‬‬
‫والقائد الذي قام بتثبيت الدعوة السلفية يف المخًلف السليماين‪ ،‬حيث وصل‬
‫نجدة عندما طلب أحمد بن حسين الفلقي الصبياين‪ .‬وقد وصلها يف نحو مائة‬
‫خ َّيال من فرسان العجمان‪ ،‬ونحو خمسمائة من أهل الركاب المطايا(‪ ،)1‬وكان‬
‫ذلك يف عام (‪1215‬هـ‪ ،‬وأوائل ‪1216‬هـ(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬المرجع‪ :‬تاريخ المخًلف السليماين‪ ،‬محمد بن أحمد العقيلي‪( ،‬ص‪ ،)452 ،449 ،445‬وكتاب‪:‬‬
‫نفح العود يف سيرة دولة الشريف حمود‪ ،‬عبدالرحمن بن أحمد البهكلي‪( ،‬ص‪،107 ،106 ،101‬‬
‫‪.)110‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬تاريخ قبيلة العجمان دراسة وثائقية‪ ،‬د‪ .‬سلطان بن خالد بن حثلين‪ ،‬د‪ .‬زكريا كورشون‪،‬‬
‫(ص‪ ،)37 ،36‬وكتاب‪ :‬حاشية نفح العود للبهكلي تعليق (ص‪ ،)85 ،48‬وكتاب‪ :‬العجمان‬
‫وزعيمهم راكان بن حثلين‪ ،‬أبو عبدالرحمن بن عقيل الظاهري‪( ،‬ص‪ ،)226 - 220‬وكتاب‪ :‬دور‬
‫آل المتحمي يف نفوذ الدولة السعودية األولى يف عسير وما جاورها‪ ،‬أحمد يحيى آل فائع‪،‬‬
‫(ص‪ ،) 157‬وكتاب‪ :‬محاضرات يف الجامعات والمؤتمرات السعودية‪ ،‬محمد بن أحمد العقيلي‪،‬‬
‫(ص‪ ،)15 ،14‬وكتاب‪ :‬حوليات النُّعمي التهامية‪ ،‬تحقيق ودراسة‪ :‬الدكتور‪ :‬حسين بن عبداهلل‬
‫العمري‪( ،‬ص‪ ،)54‬وكتاب‪ :‬العًلقات بين أمراء أبي عريش وأمراء عسير يف القرن الثالث عشر‬
‫الهجري‪ ،‬علي بن حسين علي الصميلي‪( :‬ص‪ ،)119 ،60 ،59 ،36 ،35 ،33‬وكتاب‪ :‬مجموع‬
‫=‬
‫‪509‬‬

‫يتَّضح لنا َّ‬


‫بأن مشاركة العجمان كانت واضح ًة يف الحفاظ على الدعوة‬
‫السلفية‪ ،‬والدولة السعودية األولى‪ ،‬وذلك من خًلل القائد (حزام بن عامر)‪،‬‬
‫ومن معه من قبيلة العجمان من إخضاع أمراء المخًلف السليماين‪ ،‬وإدخالهم‬
‫تحت نفوذ الدولة السعودية األولى‪ ،‬والدعوة السلفية‪ ،‬وضمان والئهم لها‪،‬‬
‫وقيامه مرة أخرى بمهمة تنظيم الدفاع عن المنطقة ضد الشريف حمود‪ ،‬كما أنَّنا‬
‫ال يجب أن نغفل ما قام به العجمان يف مجال الفتوحات يف اليمن‪ ،‬وكذلك القضاء‬
‫تم لهم تحت‬
‫على االضطرابات‪ ،‬والقيام باالستطًلع‪ ،‬ومطاردة المعتدي‪ ،‬حتى َّ‬
‫قيادة الشريف حمود فتح زبيد‪ ،‬ثم المخا(‪ ،)1‬وبواديه إلى قرب باب المندب‪،‬‬
‫تم لهم النصر النهائي‪ ،‬وأدخلوا تلك البًلد الواسعة يف حكم عبد العزيز‬
‫وبذلك َّ‬
‫بن محمد حتى وصلوا إلى شمال صنعاء‪ ،‬ثم عاد العجمان إلى نجد(‪.)2‬‬

‫= يف تاريخ عسير‪ ،‬الحسن بن علي الحفظي‪( ،‬ص‪ ،)83‬وكتاب‪ :‬المخًلف السليماين‪ ،‬محمد بن‬
‫أحمد العقيلي‪ ،)452 ،449 ،445/1( ،‬وكتاب‪ :‬الديباج الخسرواين يف أخبار أعيان المخًلف‬
‫السليماين‪ ،‬الحسن بن أحمد عاكش الضمدي‪( ،‬ص‪ ،)100‬وكتاب‪ :‬تاريخ المخًلف السليماين ‪-‬‬
‫يف ِّ‬
‫ظل حكم أسرة آل خيرات‪ ،‬تحقيق ودراسة‪ :‬فؤاد عبدالوهاب الشامي‪( ،‬ص‪،184 ،173 ،172‬‬
‫‪.)185‬‬
‫عظيما يف عهد الحميرين؛ حيث كانت‬
‫ً‬ ‫دورا تاريخيًّا‬
‫(‪ )1‬المخا‪ :‬مدينة يمنية مشهورة منذ القدم لعبت ً‬
‫ميناء الدولة الجبائية المعاصرة للدولة الحميرية‪ ،‬وكانت ً‬
‫منفذا تجار ًّيا لهما ونقطة اتصال بين اليمن‬
‫وسواحل إفريقيا‪.‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬تاريخ قبيلة العجمان دراسة وثائقية‪ ،‬د‪ .‬سلطان بن خالد بن حثلين‪ ،‬د‪ .‬زكريا كورشون‪،‬‬
‫(ص‪.)42 ،36‬‬
‫‪510‬‬

‫‪11‬ـ عبداهلل بن سرور اليامي(‪.)1‬‬


‫عبداهلل بن سرور اليامي الهمدانـي‪ ،‬من أبرز علماء عسير يف عهد األمير‬
‫علي بن مجثل(‪ ،)2‬كان من َح َفظة كتاب اهلل‪ ،‬وأخذ العلم عن بعض علماء‬
‫عسير‪ ،‬والمخًلف السليماين‪ ،‬والزم الشريف الحسن بن خالد الحازمي(‪،)3‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪« :‬مناظرة أحمد بن إدريس مع فقهاء عسير» ‪1248‬هـ‪1832/‬م‪ ،‬للحسن بن أحمد عاكش‬
‫اهش‪( ،‬ص‪،45‬‬ ‫الضمدي‪ ،‬حققها وقدم لها ووضع فهارسها‪ :‬أ‪.‬د‪.‬عبداهلل بن محمد بن حسين أبو د ِ‬
‫َ‬ ‫ّ َ‬
‫‪ ،) 48‬راجع كتاب‪ :‬تحفة القارئ والسامع يف اختصار‪ :‬تاريخ الًلمع‪ ،‬تأليف‪ :‬عبداهلل بن علي‬
‫العمودي‪ ،‬تحقيق‪ :‬أ‪.‬د‪ .‬عبداهلل بن محمد أبو داهش‪ ،)258 /2( ،‬وكتاب‪ :‬عسير يف ظًلل الدولة‬
‫السعودية األولى‪ ،‬تأليف‪ :‬أ‪.‬د‪ .‬عبداهلل بن محمد أبو داهش‪( ،‬ص‪ ،)50‬وكتاب‪ :‬تاريخ عسير يف‬
‫الماضي والحاضر‪ ،‬هاشم بن سعيد النعمي‪( ،‬ص‪ ،)225 ،224‬انظر‪ :‬شيئًا من أخباره يف‪« :‬شعاع‬
‫الراحلين» جمع عبدالرحمن بن إبراهيم الحفظي‪ ،‬وكتاب‪ :‬أثر دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب‬
‫اهش‪.‬‬‫يف الفكر واألدب بجنوب الجزيرة)‪ ،‬أ‪.‬د‪ .‬عبد اهلل بن محمد بن حسين أبو د ِ‬
‫َ‬
‫(‪ )2‬علي بن ُمج ِّثل بن مسفر بن عبدالرحمن‪ ،‬اختير باإلجماع ً‬
‫أميرا لعسير بعد وفاة سعيد بن مسلط عام‬
‫‪1242‬هـ‪ ،‬يعدُّ من أبرز أمراء عسير؛ حيث تمكن من مدِّ نفوذه يف اليمن إلى ميناء المخا اليمني‬
‫وجزيرة دهلك‪ ،‬خفت يف عهده حمًلت األتراك على عسير (ت‪1249/‬هـ)‪.‬‬
‫(‪ )3‬هو الشريف‪ :‬الحسن بن خالد بن عز الدين بن محسن بن عز الدين بن محمد بن موسى بن مقدام بن‬
‫حواس بن مقدام بن علي بن الهمام بن محمد بن حسن بن حازم بن علي بن عيسى بن حازم بن‬
‫حمزة بن محمد بن علي بن أحمد بن قاسم بن داود بن إبراهيم بن محمد بن يحيى بن عبداهلل‬
‫الكامل بن الحسن المثنى بن الحسن السبط رضي اهلل عنه بن علي بن أبي طالب رضي اهلل عنه‪،‬‬
‫ولد يف سنة ‪1188‬هـ‪1774/‬م‪ .‬نشأ ببلدة هجرة ضمد على الطاعة‪ ،‬والعبادة واالشتغال بالعلم‪،‬‬
‫فقد انصرف إلى الدراسة والتحصيل‪ ،‬قرأ القرآن الكريم وتعلم مبادئ الكتابة ثم التحق بحلقة‬
‫الشيخ أحمد بن أحمد الضمدي‪ ،‬ومنها تخرج يف جميع الفنون؛ إذ قرأ منها‪ :‬الفقه‪ ،‬واألصول‪،‬‬
‫والنحو‪ ،‬والصرف‪ ،‬وقد أعدَّ ه شيخه‪ :‬أحمد الضمدي للتدريس والفتيا‪ .‬ولقد تحقق آمال الضمدي‬
‫=‬
‫‪511‬‬

‫وقرأ عليه‪ ،‬كان من المناصرين لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب‪ ،‬وقد‬
‫تخرج من المدرسة الحفظية(‪ ،)1‬وكان األمير علي بن مجثل قد تكفل بمعاشه‬
‫ورعايته هو ومجموعة من طلبة العلم مثل‪ :‬مسفر بن عبدالرحمن الدوسري‪،‬‬
‫حيث فرغهم للعلم والتدريس(‪.)2‬‬

‫تبحر يف علم النحو والصرف‬


‫= حين أصبح تلميذه الحازمي مرج ًعا ألهل بلدته ومعاصريه‪ ،‬وقد َّ‬
‫وتعمق يف معرفة أحكام القرآن‪،‬‬
‫والمعاين واألصول‪ ،‬ثم أقبل على علوم القرآن فأتقنها رواية ودراية‪َّ ،‬‬
‫اهتم بعلم‬
‫َّ‬ ‫ناسخه ومنسوخه‪ ،‬وأسباب نزوله‪ ،‬ولم يكتف الحازمي هبذا القدر من العلوم‪ ،‬بل‬
‫القراءات‪ُ ،‬تعدُّ حلقة الحسن بن خالد الحازمي مدرسة علمية شاملة يؤمها الدارسون‪ ،‬وطلبة العلم‬
‫أهم طلبته‪ :‬عبداهلل بن سرور اليامي الهمداين من أهل نجران‪،‬‬
‫من أنحاء المخًلف السليماين‪ ،‬ومن ِّ‬
‫وقد مات الحازمي رحمه اهلل يف ‪ 23‬شعبان ‪1234‬هـ‪ ،/‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬رسائل الوزير الحسن بن خالد‬
‫الحازمي‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬عبداهلل بن محمد أبو داهش‪ ،‬والديباج الخسرواين‪( ،‬ص‪ ،)133‬ونيل الوطر‬
‫لزبارة‪ ،)323/1( ،‬وتاريخ عسير‪ ،‬للنعمي‪( ،‬ص‪ ،)166‬ومعجم المؤلفين‪ ،‬لكحالة‪،)221/3( ،‬‬
‫واألعًلم للزركلي (‪.)189/2‬‬
‫(‪ )1‬كان هناك مدارس ومن أشهرها‪ :‬المدرستين الحفظيتين برجال ألمع؛ حيث كانت المدرسة األولى‬
‫يف بلدة رجال‪« ،‬وكانت تضم مدرسة تمهيدية ‪ -‬وهي ما تشبه االبتدائية يف الوقت الحاضر ‪ -‬يف‬
‫الطابق األرضي‪ ،‬ومدرسة متوسطة يف الدور الثاين‪ ،‬وإلى جوارها بين المدرسة والقصر الذي‬
‫قائما مدرسة متقدمة يتخرج منها القضاة والفقهاء والوعاظ ‪ ،‬الذين كان يشرف عليهم أكابر‬
‫ال يزال ً‬
‫علماء آل حفظي وأكثرهم تفق ًها يف العلوم الشرعية»‪ ،‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬دراسات من تاريخ عسير‬
‫الحديث‪ ،‬د‪ .‬عبداهلل بن محمد آل زلفة‪( ،‬ص‪ ،)116‬وكتاب‪ :‬األمراء اليزيديون‪ ،‬علي بن عوض آل‬
‫قطب‪( ،‬ص‪.)464‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬األمراء اليزيديون‪ ،‬علي بن عوض آل قطب‪( ،‬ص‪.)457‬‬
‫‪512‬‬

‫وقد شارك ضمن فقهاء عسير يف مناظرة أحمد بن إدريس(‪ )1‬يف شهر‬
‫جمادى اآلخر سنة ‪1248‬هـ‪ .‬وكان عددهم ثًلثة‪ ،‬وهم‪:‬‬
‫‪1‬ـ الفقيه العًلمة‪ :‬ناصر بن محمد الكبيبي الجوين‪.‬‬
‫‪2‬ـ عبداهلل بن سرور اليامي‪.‬‬
‫شاعرا‪ ،‬له العديد من القصائد‬
‫ً‬ ‫‪3‬ـ عباس بن محمد الرفيدي‪ .‬كما كان‬
‫واألبيات اإلخوانية(‪.)2‬‬
‫قصــــيــدة الشــ ـيـخ الـعـالمــة (إبـراهـيـم بـن أحـمــد الـحـفـظـي‪ ،‬الـمـلـقــب‪،‬‬
‫الزمزمي)(‪:)3‬‬

‫(‪ )1‬أحمد بن إدريس الحسني نسبًا‪ ،‬المغربي بلدً ا‪ ،‬ولد سنة ‪1173‬هـ‪1759 /‬م‪ .‬ببلدة «عرايش على‬
‫ساحل بحر المغرب من أعمال مدينة فاس»‪ ،‬وأخذ العلم عن علماء بلده‪ ،‬وسلك مسلك التصوف‪،‬‬
‫وأخذه عن بعض علماء المغرب‪ ،‬ورحل إلى مكة‪ ،‬وأقام فيها اثني عشر عا ًما‪ ،‬ثم رحل إلى اليمن‬
‫واستقر به المقام يف صبيا بالمخًلف السليماين سنة‬
‫َّ‬ ‫حيث وصل الحديدة ثم زبيد يف سنة ‪1243‬هـ‪،‬‬
‫‪1245‬هـ‪ ،‬وتويف يف ‪1253‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬عاكش‪ ،‬عقود الدرر‪( ،‬ص‪ ،)98 -87‬ولتوسع يف معرفته راجع‬
‫الض َمدي‪« :‬مناظرة أحمد بن إدريس مع فقهاء عسير»‪،‬‬‫كتاب‪ :‬الحسن بن أحمد عاكش ّ‬
‫اهش‪( ،‬ص‪.)11 - 8‬‬‫‪1248‬هـ‪1832/‬م‪ ،‬تحقيق‪ :‬أ‪.‬د‪.‬عبداهلل بن محمد بن حسين أبو د ِ‬
‫َ‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬مناظرته من ضمن فقهاء عسير‪ ،‬ألحمد بن إدريس‪ ،‬كتاب‪« :‬المجموع يف تاريخ عسير»‪،‬‬
‫(ص‪ ،)380 -351‬وكتاب‪ :‬األمراء اليزيديون‪ ،‬علي عوض آل قطب‪( ،‬ص‪.)488 -475‬‬
‫(‪ )3‬إبراهيم بن أحمد الحفظي‪ ،‬الملقب‪ ،‬الزمزمي‪ ،‬ولد يف‪1199 /3 /22 :‬هـ‪ .‬يف بلدة رجال المع يف‬
‫حجر والده الذي أسماه‪ :‬إبراهيم الزمزمي بصديقه الشيخ إبراهيم بن محمد الزمزمي من بيت‬
‫الريس أحد علماء مكة‪ ،‬وبعد أن كرب الزم صنوه محمدً ا‪ ،‬ثم سافر إلى أبي عريش فأخذ عن الشيخ‬
‫أحمد بن عبداهلل بن عبدالعزيز الضمدي يف الحديث والنحو وأجازه‪ ،‬ثم غادر إلى اليمن فأخذ عن‬
‫=‬
‫‪513‬‬

‫بعث هبا إلى صديقه العًلمة عبداهلل بن سرور اليامي رحمهما اهلل‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫أشواق‬
‫لـــــي السـبب المولد للجفــــــــــاء‬ ‫أهجــــــرا أم تغافلتـــــــــم أبينــــــوا‬
‫ً‬
‫كــمــا أين عــلــى صـــــايف الــوالء‬ ‫أال إين علـــــــــى عهــــــدي مـــــــــقيم‬
‫ومشـــــتــاق إلــى طــيــب الــلــقــاء‬ ‫لكم أدعو وأســـــــــأل مــــــن أالقي‬
‫ـلت ومــــــــــــــــا أنا بأخٍ ُبراء‬
‫وصـــ ُ‬ ‫ـدرت على وصـــــــــــ ٍ‬
‫ـول‬ ‫ولو أين ق ُ‬
‫صـــدودك بالوصـــال على التنائي‬ ‫أخي ال تنســــني واعطف وأبــدل‬
‫بـــــإذن اهلل يـــــربأ كـــــل داء‬ ‫ـهمـا‬ ‫وأرســــل من نب ٍ‬
‫ـال دع َ‬
‫ـاك ســـ ً‬
‫(‪)2‬‬
‫بجهلي والقصـــور على العًلء‬ ‫وســ ـرتًا يـا صـــــديقي أنـت أدرى‬
‫علــــــــــــــــى طــــــــه وهينم بالثناء‬ ‫وصـــــ ِّـل مســــــلــمــا يف كــل ٍ‬
‫آن‬ ‫ً‬

‫= علماء بني األهدل‪ ،‬ثم عاد بعد سبع سنوات واشتغل بالتدريس وأسس مدرسة لمساعدة أخيه‪،‬‬
‫وعمل على نشر الدعوة وتثقيف الطًلب‪ ،‬ولقد كان ً‬
‫مثاال يف الورع والزهد‪ ،‬وقد عرضت عليه‬
‫المناصب فأباها‪ ،‬ولم يطأ بسا ًطا ألحد من األمراء‪ ،‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬نفحات من عسير‪ ،‬لمحمد بن‬
‫إبراهيم الحفظي‪( ،‬ص‪ ،)116 -115‬وكتاب‪« :‬مناظرة أحمد بن إدريس مع فقهاء عسير»‬
‫الض َمدي‪ ،‬حققها وقدم لها ووضع فهارسها‪ :‬أ‪ .‬د‪.‬‬
‫‪1248‬هـ‪1832/‬م‪ ،‬للحسن بن أحمد عاكش ّ‬
‫عبداهلل بن محمد بن حسين أبو د ِ‬
‫اهش‪( ،‬ص‪.)49‬‬ ‫َ‬
‫(‪ )1‬كتاب‪ :‬شعاع الراحلين‪( ،‬ص‪ ،)16 ،15‬وكتاب‪ :‬األمراء اليزيديون‪ ،‬تأليف‪ :‬علي عوض آل قطب‪،‬‬
‫(ص‪.)468‬‬
‫(‪ )2‬البيت يعرب عن تواضع الشيخ‪.‬‬
‫‪514‬‬

‫وقد أجابه الشيخ عبداهلل بن سرور اليامي بهذه األبيات(‪:)1‬‬


‫وفاء‬
‫(‪)2‬‬
‫ومن هجر يصـــــد عن الوفــاء‬ ‫مــعــا ًذا مــن صـــــدود مــن قــًلء‬
‫عـلـى الـعـهــد الـقــديـم أخـو وفــاء‬ ‫فـــرفــ ًـقـ ـا أيـــهـــا األحـــبـــاب إين‬
‫ذكــ ًّـيــا يســــــتـــمـــدُّ عـــن الـــوالء‬ ‫وأضـــعاف الســـًلم يفوح مسـ ـ ًكا‬
‫َوهــب عــفـ ًـوا وجــو ًدا بــالــدعــاء‬ ‫يــزوركــمــوا عــلــى َم ـ ِّر الــلــيــالــي‬
‫(‪)3‬‬ ‫بــتســـــلــيـ ٍ‬
‫ـم يــرتجــم بــالـ ـَّـنـ مــاء‬ ‫وصـــــلــوا مــردفــيــن عــلــى نــبــي‬

‫أرسل الشيخ عبداهلل بن سرور اليامي بهذه األبيات إلى الشيخ إبراهيم بن‬
‫أحمد الحفظي(‪:)4‬‬
‫َب ْي ُن األَح َّبة‬
‫(‪)5‬‬
‫وما شــــط وجد بالفؤاد وإن شــــطوا‬ ‫َلـ َبـيـ ُن األحـبــا يف الضــــمـيـر لــه َخـ ٌّط‬
‫وإن َال َم ذو حـقــد ســــجـيـتــه الـخـبـط‬ ‫ويســ ـلـيـنـي مـحـض الـوفــا يف هـوا ُهـم‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬شعاع الراحلين‪ ،‬جمع وتحقيق‪ :‬عبدالرحمن إبراهيم الحفظي‪( ،‬ص‪ ،)16‬وكتاب‪:‬‬
‫األمراء اليزيديون‪ ،‬تأليف‪ :‬علي عوض آل قطب‪( ،‬ص‪.)468‬‬
‫(‪ )2‬قالء‪ :‬بغض‪.‬‬
‫(‪ )3‬مردفين‪ :‬مجتمعين‪ ،‬يرتجم‪ :‬يفسر‪ ،‬النماء‪ :‬الكثرة والزيادة‪.‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬شعاع الراحلين‪( ،‬ص‪.)82 - 81‬‬
‫(‪ )5‬لبين‪ :‬البين هو البُعد والفراق‪.‬‬
‫‪515‬‬

‫(‪)1‬‬
‫يلم هبــا قحط‬ ‫ســــنون َ‬
‫الجف ـا أو أن َّ‬ ‫رياضـ ُه إليك‬
‫وحاشـا الوفا أن تسـتبيح َ‬
‫(‪)2‬‬
‫يحــث هبــا عظم الصــــبــابــة والفرط‬ ‫حـبـيـبـي صـــــارم الــديـن قــد نـحــت‬

‫لهــا العجز طوق والتعــاطي لهــا قرط‬ ‫َخ َلت عن صفات الحسن غير هواكم‬

‫عـلـى عـيـبـهــا فــالـعـفـو دأبــك والـقســــط‬ ‫فــغــض جــفــون االنــتــقــاد مســـــجـ ًـي ـا‬
‫(‪)3‬‬
‫خـيــالــك ال يـنـفــك عـن بــالــه قـط‬ ‫َو ُم ـ َّن بــتــكــرار الــوصـــــال لــمــغــرم‬
‫َّ‬
‫لــعــل بــه ركــن الــمــًلمــة يــنــحــط‬ ‫مخلصــ ـا‬ ‫وجـد بـدع ٍ‬
‫ـاء يف دجى الليـل‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫ُ‬
‫والـبســــط‬ ‫وال بـطشـــــه فــالـقـبـض هلل‬ ‫َو َال َت ـ َخ ـ َاف ـن يف الـ َ‬
‫ـح ـ ِّق لــومــة الئــم‬
‫ومـن دونــه شــــوك الـ َقـ َت ـ ِ‬
‫ادة والـخـر ُط‬ ‫وإن كــان يف هــذا على النَّفس ُشـــ َّق ـ ٌة‬
‫ِ (‪)5‬‬
‫والســـمط‬
‫لخير الورى عقــد النبوة َّ‬ ‫كـتــاب اهلل تـنـجـو وســــنــة‬ ‫ف ـ َأعـن‬
‫ِ (‪)4‬‬

‫صـــًلة يفوح المســـك ما شـــابه خلط‬ ‫عــلــيــه ٍ‬


‫وآل والصـــــحــابــة وتــابــع‬

‫(‪ )1‬قحط‪ :‬جدب وجفاف‪.‬‬


‫(‪ )2‬صارم الدين اسم نعت للمخاطب‪.‬‬
‫(‪ )3‬ال ينفك‪ :‬أي ال يفارق البال‪.‬‬
‫(‪ )4‬كذا يف األصل‪ ،‬وقد جرى من الشاعر القطع ليستقيم الوزن‪.‬‬
‫(‪ )5‬السمط‪ :‬الخيط ما دام فيه الخرز‪ ،‬وإال فهو سلك‪ .‬انظر‪ :‬مختار الصحاح‪( ،‬ص‪.)313‬‬
‫‪516‬‬

‫وقد أجابه الشيخ إبراهيم بهذه األبيات‪:‬‬


‫(‪)1‬‬
‫رور ن ََما‬
‫الس ُ‬
‫ُّ‬
‫(‪)2‬‬
‫وزال انقبـاضــــي واعرتاين بـه البســــط‬ ‫منكم الخط‬
‫ُ‬ ‫ســــروري نمــا إذ جــاءين‬
‫ـجى فوق شـــ ٍ‬
‫ـجو قب ُـل بي لم يزل قط‬ ‫شـــ ً‬ ‫وقــد هــاجــنــي ذاك الــنــظــام وزادين‬
‫وعـنــدي امـتـيــاز حـيــث مـنـي أنــا الـفـرط‬ ‫ومــا عـنـكـم بـعـض الــذي عـنــد خـلـكـم‬
‫ـت مـا ُحـ َّل لي ربط‬
‫وثيق العرى مـا عشـــ ُ‬ ‫وإين عـلـى مــا قــد عـهــدتـم مـن الـوال‬
‫لي الشــط‬ ‫وإن كان أقصــى َّ‬
‫الش ـبح عنكم َ‬ ‫وروحي تســــري نحوكم وهي عنـدكم‬
‫َ‬
‫(‪)3‬‬
‫عن الروضـــــة الغنــاء أثـ ٌـل وال خمط‬ ‫ـت عنكم ال وليس بمقنعي‬
‫ومـا اعتضـــ ُ‬
‫(‪)4‬‬
‫ومــا قــاســــط كًل بمن دأبــه القســــط‬ ‫إن خـ َـل ـت تــقصـــــيـ ًـرا فــذلــك عــاديت‬
‫وج ـدَ ن قـبـلــه شــــرط‬
‫مـقـيــل وإن لـم ُيـ َ‬ ‫ولـكـنـمــا لـي يف الــدعــاء مشــــرع ولـي‬
‫فـمــا زلــت يف الـعصــــيــان أعـلـو وأنـحـط‬ ‫فحي ـا هًللي بــالــدعــاء يــا أخــا الوفــا‬
‫َّ‬
‫لـكـم مـثـلــه فــادعـوا ســــري ًـع ـا وال تـبـطـوا‬ ‫ويــا حــبــذا قــول الــمــًلئــك عــنــده‬
‫أرى الســــيف ينبو للجبــان وال يســــطو‬ ‫نـعـم والــذي أوصــــيــت حـق وإنـمــا‬
‫مصـــــون ُم ـحـ َّـي ـاه مــن الــرتب مــنــغــط‬ ‫فـمـن لـي بـمــا قـلــت هـيـهــات يــا أخـي‬

‫(‪ )1‬شعاع الراحلين‪( ،‬ص‪.)83 - 82‬‬


‫(‪ )2‬نما‪ :‬كثر وتعاظم‪.‬‬
‫(‪ )3‬األثل والخمط‪ :‬نوعان من الشجر التي يكثر نبتها يف عسير‪.‬‬
‫(‪ )4‬القاسط‪ :‬الحائد عن الحق‪ .‬والقسط العدل‪.‬‬
‫‪517‬‬

‫(‪)1‬‬
‫وال حبـذا قول ابن ســــينـاء أو رســــط‬ ‫ويــا حــبــذا الــوحــيــان إهنــمــا هــمــا‬
‫(‪)2‬‬
‫كـلـهـ ُم الـرهـط‬
‫ورهـط حـبـيـبـي أهنـم ُ‬ ‫ومــن ـِّـ ي عــلــى حــبــي الســـــًلم بــدايــة‬
‫وبر ًدا على قلـب الصــــدى هو القســــط‬ ‫ســًلم يفوق المســك والشــمس نوره‬
‫(‪)3‬‬ ‫تريثــت من عـ ٍ‬
‫ـذر وقــد ُح ـ َّل ذا الربط‬ ‫وال تــر يف إب ـ َط ـاء الــجــواب فــإنــمــا‬
‫(‪)4‬‬
‫ففكري نضـــوب حيث حالفه القحط‬ ‫ـرم ـا‬
‫وســ ـرتًا بـجـلـبــاب الـتـغــاضــــي تـك ً‬
‫يـطـيــب لـمـن َوا َلـى لــه الشـــــد والـحـط‬ ‫وأحـمــد ربـي والصــــًلة عـلـى الــذي‬
‫وأصـــــحــابــه األبــرار مــا كــرر الــخــط‬ ‫مـحـمــد خـتـم الـرســـــل واآلل كـلـهـم‬

‫هذه المنظومة للشيخ عبدالخالق الحفظي نجل الشيخ إبراهيم‪ ،‬أرسلها‬


‫زائرا‬
‫معتذرا إليه لوصول اليامي ً‬
‫ً‬ ‫إلى الشيخ عبداهلل بن سرور اليامي الهمداين‬
‫إلى بيته‪ ،‬ثم لم يجده لغيابه ساعة وصوله‪ ،‬فقال(‪:)5‬‬
‫دومـ ـا دنـــف‬
‫لـــم يـــزل يف حـــبـــه ً‬ ‫مــغــرمــا‬
‫ً‬ ‫زار مــن يــهــواه قــلــبــي‬
‫لــ ِ‬
‫ـكــن الـــروح لـــديـــه لـــم تـــحـــف‬ ‫فــأتــى والشــــــبــح مــنــي غــايــب‬
‫كــاعــتــنــاق الــًلم مــنــهــا بــاأللــف‬ ‫َع ـا َنـ َقـت ـ ُه عـنــد وصـــــ ٍل بــالـحـمـى‬

‫(‪ )1‬الوحيان‪ :‬هما الكتاب‪ :‬والسنة‪ ،‬ابن سيناء عالم وطبيب عربي مشهور له مؤلفات عديدة‬
‫«مائل يف عقيدته»‪ .‬ورس ُط‪ :‬عالم أجنبي «فلسوف يوناين»‪.‬‬
‫(‪ )2‬الرهط‪ :‬الجماعة‪.‬‬
‫(‪ )3‬إبطا‪ :‬أي‪ :‬تأخر الجواب‪.‬‬
‫(‪ )4‬القحط‪ :‬الجدب والجفاف‪.‬‬
‫(‪ )5‬كتاب‪ :‬شعاع الراحلين‪( ،‬ص‪.)102 - 101‬‬
‫‪518‬‬

‫أو كــنــفــي الــقــلــب خــًل قــد ألــف‬ ‫عـنــد نـفـي ال ِّـن ـد عـن مـولـى الـورى‬
‫لســــــرور وهــو بــالــيــامــي ُعــرف‬ ‫غــيــر عــبــداهلل أعــنــي الــمــنــتــمــي‬
‫فـــعـــلـــيـــه ودنـــا الصــــــايف وقـــف‬ ‫قـــد ورثـــنـــا وده عـــن كـــابـــر‬
‫ولــمــاء الــحــوض مــنــه تــغــرتف‬ ‫طــاب مــمشـــــاكــم ونــلــتــم غـ ً‬
‫ـرف ـا‬
‫مــن مــكــان يف مــكــان انصــــــرف‬ ‫ٍ‬
‫ـــــــــــة‬
‫وأتـــيـــتـــم وأنـــا يف غـــيـــبــ‬
‫عـــاق عصـــــ ًـرا ِلــي قـــد وصــــــف‬ ‫مــعــرات لــذا الــدهــر الــذي‬
‫َّ‬ ‫مــن‬
‫وطــبــاع الــخــلــق بــالــخــلــف تــزف‬ ‫فـــبـــقـــاع األرض قـــد أنـــكـــرهتـــا‬
‫(‪)1‬‬
‫كــل يــوم والــلــيــالــي بــي تــحــف‬ ‫وبــنــات الــدهــر مــا زالــت بــنــا‬
‫قـــلـــت عــ َّـل اهلل ربـــي أن تـــخـــف‬ ‫ٍ‬
‫ازديــاد كــلــمــا‬ ‫لــم َتــزل بــي يف‬
‫والـــذي يـــتـــبـــع يف َذا مـ ـتَّصــــــف‬ ‫نــبــي َقــد ُبــلــي‬
‫ٍّ‬ ‫أن تــقــولــوا كــم‬
‫دون كــيــر الــنــار حــتــى يــأتــلــف‬ ‫أو تـقـولـوا الـتـرب ال يصـــــلـح ِمـن‬
‫لــذوي الــفضـــــل فــهــذا قــد عــرف‬ ‫أو تــقــولــوا حســــــدً ا مــن أهــلــه‬
‫فـمـتــاب الـعـبــد يـمـحـو مــا ســــلـف‬ ‫أو تــقــولــوا ثــمــرات الــذنــب ذا‬
‫ـرضــــى الـمـعـرتف‬
‫يـغـفـر الــذنــب وي َ‬ ‫فـاســــألوا الرحمن أهـل الجود أن‬
‫ٌ‬
‫أهـــل ووالـــى مـــن لـــطـــف‬ ‫إنـــه‬ ‫وبــعــيــن الــلــطــف أن يــلــطــف بــي‬
‫(‪)2‬‬
‫فــرحــيــل الــعــمــر مــنــي قــد أزف‬ ‫وبدين الحــــــــــــق أن يخــــــتم لي‬

‫(‪ )1‬بنات الدهر‪ :‬أي‪ :‬مصائبه‪.‬‬


‫(‪ )2‬أزف‪ :‬أي‪ :‬اقرتب‪.‬‬
‫‪519‬‬

‫يــغــتشـــــيــكــم والــتــحــايــا تــزدلــف‬ ‫وسـًلم اهلل ما هب الصـــــــــــــــــــــبا‬


‫فــهــو بــالــتــقــوى لــربــي مــلــتــحــف‬ ‫وعلي إبراهيم خـــــــــــــــل اليافعي‬
‫ـم قــلــبــي صـــــرف‬
‫وســـــواكــم عــنــهـ ُ‬ ‫أنتمــا جنســــي وأنســــي يف الورى‬
‫الصـــــلــف‬
‫يــنــفــع اهلل بــه الــمــرء َّ‬ ‫فأعينوين علــــــــــــــــــــى نفسي بما‬
‫دأبــا يــخــتــلــف‬
‫مــا تــًل ال الــربق ً‬ ‫وصًلة اهلل مــــــ ـــــــــع تسليمـــــــــه‬
‫أحــمــد الصـــــرب فــالصـــــرب كــلــف‬ ‫تغتشـــي الطهر الشـــفيع المرتضـــى‬
‫مــا خــلــيــل زار ِخــ ًًّل لــم يــقــف‬ ‫وكــــــــــذا اآلل مع أصحابــــــــــــــه‬

‫وقد أجابه الشيخ عبداهلل بن سرور اليامي بهذه القصيدة(‪:)1‬‬


‫سموط الدر‬
‫(‪)2‬‬
‫أم سـموط الدر يف السـلك رصـف‬ ‫أريــاض زهــرهــا الــداين قــطــف‬
‫ٌ‬
‫(‪)3‬‬
‫ريـــاه األَ ِنـــف‬
‫َعـــ َّبـــ َق اآلفـــاق َّ‬ ‫أم ذكى المســـــك من دارين قــد‬
‫(‪)4‬‬
‫غيهـب الـديجور منـه قـد ســـــدف‬ ‫أم ضــــيــاء الـبــدر قــد جـلـى لـنــا‬
‫بــطــريــف الــمــجــد مــازال شـــــغــف‬ ‫أم وصـــــال مــن خــلــي ـ ٍل مـ ٍ‬
‫ـاجــد‬
‫فـــبـــهـــذيـــن وبـــالـــتـــقـــوى كـــلـــف‬ ‫وتـــلـــيـــد الـــمـــجـــد عـــن آبـــائـــه‬

‫(‪ )1‬كتاب‪ :‬شعاع الراحلين‪( ،‬ص‪.)104 - 103‬‬


‫(‪ )2‬الرياض‪ :‬جمع روض وهي الحدائق‪ ،‬سموط‪ :‬عقود‪ ،‬رصف‪ :‬أي‪ :‬نظم‪.‬‬
‫(‪ )3‬دارين‪ :‬لعله موضع‪ ،‬عبّق‪ :‬عطر‪.‬‬
‫(‪ )4‬سدف‪ :‬أضاء‪.‬‬
‫‪520‬‬

‫الـعـ ًَل َلـم يـخــتــلــف‬


‫ســـــار يف هنـج ُ‬ ‫ذاك عـبــد الـخــالـق بـن الـزمـزمـي‬
‫اوا ُه لــلســـــبــق يــقــف‬
‫قــل لــمــن َنــ َ‬ ‫شـــــأوا عـلـى أقـرانــه‬
‫ً‬ ‫قــد ســــمــا‬
‫الصــ ـلف‬
‫خلًل أبــدى لــك الشــــعر َّ‬
‫ً‬ ‫حلم ـا واســــرتوا‬
‫يــا أبــا الحفظي ً‬
‫ســــمحــت منهــا بِ ـ َذا النظم الجلف‬ ‫ولـقــد ُرضـــــ ُت الـقـريـض بـره ـ ًة‬
‫(‪)1‬‬
‫قــد يبــاع العــدل بــالحكم الحنف‬ ‫فــأقـبــل الـخصــــبــا بــدر خــال ٍ‬
‫ـص‬
‫مــن مــحــب خــالــص الــود َك ـلِ ـف‬ ‫ـم‬
‫وســـــًلم ضـــــعــف مــا أهــديــتـ ُ‬
‫(‪)2‬‬ ‫َّ‬
‫عــل رحــمــة ربــنــا لــلــمــقــرتف‬ ‫والــدعــاء مـطـلـوب مـنـكـم دائ ًـم ـا‬
‫من بكـل الفخر والفضـــــل وصــــف‬ ‫وصــــًلة اهلل تغشــــى المصــــطفى‬
‫(‪)3‬‬
‫ـب أنِـف‬ ‫ٍ‬
‫كــل لــيــث ذي مــخــالــيـ َ‬ ‫وكـــذا اآلل مـــع أصــــــحـــابـــه‬

‫وهذه أبيات للشيخ إبراهيم الزمزمي بعث بها إلى الشيخ عبد اهلل بن‬
‫سرور اليامي الهمداين‪ ،‬وهو بقرية الشعبين(‪:)4‬‬
‫ومــن حـ َّـل مــغــنــاه وحــاذى قــبــابــه‬ ‫ســــًلم عـلـى مـن أ َّم طـرس رحــابــه‬
‫بريــاه مــا اشــــتــاق الغرام صــــحــابــه‬ ‫ســــًلم يضــــوع المســــك منه عليهم‬
‫وإن الم رب الــلــوم هــذا وعــابــه‬ ‫وإين من فرط اشـــتياقــــــــــــــي مبلبل‬
‫إذا جمرة المحمي يف الريح شـــــابــه‬ ‫فمـا البيـت إال لوعـة دوهنـا الغضــــى‬

‫(‪ )1‬أي‪ّ :‬‬


‫أن المعدل ال يكون إال عن طريق الحكم بالشريعة السمحاء‪.‬‬
‫(‪ )2‬المقترف‪ :‬المذنب‪.‬‬
‫(‪ )3‬أنِف‪ :‬أي‪ :‬صاحب غيرة وشهامة‪.‬‬
‫ِ‬

‫(‪ )4‬كتاب‪« :‬مجموع يف تاريخ عسير» الحسن بن علي الحفظي‪( ،‬ص‪.)303 -302‬‬
‫‪521‬‬

‫مغرمـا أو عتـابـه‬
‫ً‬ ‫ومـا الـدهر يرضــــى‬ ‫ويا ليت شــعري والمقادير قد جرت‬
‫أمر رضــــابـه‬
‫يقـاســــي األســــى يـا مـا َّ‬ ‫أال مســعف بالوصــل أو ال فويح من‬
‫در در الصــــــدِّ أعــنــي عــذابــه‬
‫وال َّ‬ ‫ـقيـا أليـام الوصــــال التي زهـت‬
‫فســـ ً‬
‫هتون َوج ـدً ا يف الحشـــــايــا أصـــــابــه‬ ‫فباهلل عط ًفـــــــــا للمعنـــــــــى ورقــــــة‬
‫وزج ركــابــه‬
‫وإن أكــثــر الــواشـــــي َّ‬ ‫فـلـو خـلـتـمـو حــالـي عـطـفـتـم تـفضـــ ًـًل‬
‫تـديموا الجفـا واخشــــوا هـديتم عقـابـه‬ ‫وأنتم بحمــــــــــــــد اهلل أهل الوفا فًل‬
‫عهـدتم ووجـه الوصـــــل كفوا نقـابـه‬ ‫وكـونـوا كـمــا كـنـتـم فــإين عـلـى الــذي‬
‫أخٍ لهف هلل نادى أجــــــــــــــــــــــــــــــابه‬ ‫وإين بحســــب الحال أدعو لكم وكم‬
‫جرى والمعنى فيــك يبــدي انتحــابــه‬ ‫وغضــــوا عن النـظـم المهيض فــإنــه‬
‫راجــيــا يف مــقــر هــذا ثــوابــه‬
‫ً‬ ‫وكــن‬ ‫تكرم ـا‬
‫ً‬ ‫وظني جميــل فيــك فــاســــرت‬
‫على المصطفى واآلل واحلل رحابه‬ ‫وصـ ِّـل وســلم ما تغنت حمامــــــــــــة‬

‫ر َّد الشيخ عبداهلل بن سرور على الشيخ الزمزمي(‪ ،)1‬فأجابه بهذا‬


‫الجواب‪ ،‬قال‪:‬‬
‫به ســلك معنى رونق الحســن شــابه‬ ‫مطرزا‬
‫ً‬ ‫نظــــــــــــــــــــام سـؤال قد أتانا‬
‫يـكــاد لـهــا قـس(‪ )2‬يـطــأطـئ خـطــابــه‬ ‫فـأرســــل من قوس البًلغـة أســــه ًمـا‬

‫(‪ )1‬الكتاب‪ :‬السابق‪( :‬ص‪.)303‬‬


‫(‪ )2‬قس بن ساعدة بن عمر بن عدي بن مالك‪ ،‬من بني إياد‪ ،‬أحد حكماء العرب وخطباؤهم يف الجاهلية‪،‬‬
‫يقال‪ :‬إنه أول عربي خطب متوكئًا على سيف أو عصا‪ ،‬وأول من قال يف كًلمه‪« :‬أما بعد»‪ ،‬كان يفد‬
‫على قيصر الروم فيكرمه ويعظمه‪ ،‬أدركه النبي صلى اهلل عليه وسلم قبل النبوة‪ ،‬ورآه يف سوق‬
‫=‬
‫‪522‬‬

‫يعاليل ودق َص ِّيـ ـ ًبا لو أصـــــــــــــــــــــابه‬ ‫وشــن على ســحبان من مزن ُســحبه‬
‫بطــــــــــــــــــــود المعالي قد أناخ ركابه‬ ‫وأ ِّد ســـًل ًما من أخ المجد من ســـما‬
‫علـى الود قلبي لم يفــارق صــــوابــه‬ ‫أخًلي رف ًقــــــــــــــــــــــــا بالعتاب فإنني‬
‫َّ‬
‫إذا خالـــــــــــــــط القلب الوداد وشـابه‬ ‫ولـيـس كـمــال الـود أن يـهـجـر الـنـوى‬
‫عليك مـــــــــــــــدى األيام تبدي لبابه‬ ‫يعود ســـًلم من أخ الشـــجو فيكموا‬
‫ومن يف رضــــا الرحمن أبلى شــ ـبـابـه‬ ‫وب ِّلغ صفـــــــــــــــــــــي الدين مني تحية‬
‫ٍ‬
‫قاصد قد أ َّم للرفــــــد بابه‬ ‫فكــــــــــــــــم‬ ‫كـذا شــــيخنـا الم ُع َّزى بكـل فضــــيلـة‬
‫مـدى الـدهر مـا ذللـت يو ًمـا صــ ـعـابـه‬ ‫ولسـت لنظم الشـعر يا صـاح محسـنًا‬
‫أق َّلت سحا ًبا قد ظننت سحــــــــــــــــابه‬ ‫وهاك جوا ًبا من قريحــــــــــــــــــة عاجز‬
‫على غير شـــ ٍ‬
‫ـيء قـد أضــــاع شــ ـبـابـه‬ ‫مقيم على التســـويف من طول عمره‬
‫إذا مـا دعـا الـداعي الضــــرير أجـابـه‬ ‫ولكنه يرجو مــــــــــــــــــن الواحد الذي‬
‫فـمــا خــاب عـبــد صـــــادق أ َّم بــابــه‬ ‫مـــــــــــــــتا ًبا وتوفي ًقا وعــ ً‬
‫ـفوا تفضـــــ ًـًل‬
‫ووجــه عــيــوبــي ال تــكــفــوا نــقــابــه‬ ‫وباهلل جودوا بالدعــــــــــــــــا يا أحبتي‬
‫ويجزيكــــــم الباري بذاكـــــــــم ثوابه‬ ‫وغضـوا عن المسـطور تسـرت عيوبكم‬
‫وآل وأصحــــــــاب وتابع صــــــــوابه‬ ‫وصلوا على الهادي جمي ًعا وسلموا‬

‫= عكاظ‪ ،‬تويف سنة ‪ 23‬قبل الهجرة‪ .‬انظر‪ :‬الزركلي‪ ،‬األعًلم‪ ،)196/5( ،‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬الحياة‬
‫العلمية يف نجران يف صدر اإلسًلم‪ ،‬عوض عبداهلل سعد‪( ،‬ص‪.)28 ،|19‬‬
‫‪523‬‬

‫الحج(‪ ،)1‬وقد‬
‫الشيخ الزمزمي مهنِّئًا عبداهلل بن سرور اليامي ألدائه فريضة ِّ‬
‫بعث هبا يهنئه بوصوله بعد حج بيت اهلل الحرام‪ ،‬قال‪:‬‬
‫مســـــاعيــك الحســــنى وفيهن تؤجر‬ ‫لـيـهـنـيــك حـج الـبـيــت واهلل يشــــكـر‬
‫تضــــوع بريـا المســــك بـل هي أعطر‬ ‫وأهــدي عـلـى ذات الـوجـيــه تـحـيـتـي‬
‫وابناه طــــــــــــــ ًّـرا والسًلم يكــــــــــــرر‬ ‫حـبـيـبـي أخـي يف اهلل ولـيـهـنــه الـلـقــا‬
‫ألعـظـم مـن كـنـز الـيـتـيـمـيـن يــذخـر‬ ‫عـلـى الســـــادة األخـيــار إن ودادهـم‬
‫عـلـيـكـم بــإهــداء الـتـحـيــات تــذكـر‬ ‫وشــــيخـاي يف خير وألســــن حـالهم‬
‫عــنــي يــجــزر‬
‫غــبــي ومــد الــبــحــر ِّ‬ ‫وســ ـرتًا عـلـى هــذا الـقـريـض فــإنـنـي‬
‫عـلـى مـثـلـكـم مـن لـلـجـراءات يـغـفـر‬ ‫ومــا زال من دأبي التعــاطي ســــيمــا‬
‫فًل زلـت بـالصــــفح الجميـل تســــرت‬ ‫علما بالتغاضـــي تكـــــــــــــــر ًما‬
‫وذلك ً‬
‫وس ِّلــــــم فإنِّي للجميع أكـــــــــــــــــــــرر‬ ‫وصـــ ِّـل على الهـادي الحبيـب محمـد‬
‫ـانيهم واهلل ال شـــــــــك أبرت‬
‫فشـــــــــــــــــ ُ‬ ‫باترا لــــــــــــــــــــهم‬
‫وآل كرام ال تكن ً‬

‫جواب الشيخ عبداهلل بن سرور اليامي على الشيخ إبراهيم الزمزمي(‪:)2‬‬


‫أم اللول يف ســلك من الوشــي يســطر‬ ‫أنــور ريــاض أم هــو الــدر يــنــثــر‬
‫ســجيات مجد دوهنا الحصــر يقصــر‬ ‫أتـى مـن نــديـم الـمـكـرمــات ومـن لــه‬

‫(‪ )1‬كتاب‪« :‬مجموع يف تاريخ عسير» الحسن بن علي الحفظي‪( ،‬ص‪.)306‬‬


‫(‪ )2‬المرجع السابق‪( ،‬ص‪.)307 -306‬‬
‫‪524‬‬

‫وسيط به مســــــــــــك ذكــــــــــــي وعنرب‬ ‫يعود ســــًلم شــــبيـ ٍ‬


‫ـب بــالورد عرفــه‬
‫يضــــيرك يف الــدنيــا وال يوم ُنحشــــر‬ ‫عليــك وال أبــدي لــك اهلل مصـــ ً‬
‫ـرف ـا‬
‫ولكنم ـ ـ ـ ـ ـــا لًلجتم ـ ـــاع م ـــق ـ ـ ـ ـــدر‬ ‫وإنـِّي بــاألشــــواق دهـري إلـى الـلـقــا‬
‫وســـــل دعـوة مـنــه لـنــا عـ َّـل نـثـمـر‬ ‫وســـلم على الشـــيخ الصـــفي مرج ًعا‬
‫ومصـــــدر‬
‫ُ‬ ‫لــه يف فـنـون الـعـلـم ور ٌد‬ ‫كـذا شــــيخنـا العزي والجهبـذ الـذي‬
‫فــهــل لــلــوفــا مــن فــيــه ثــم َت ـ َن ـ َّظ ـ ُر‬ ‫ٍ‬
‫وآه عـلـى عـمـر َتـ َّ‬
‫قضــ ـى عـلـى الـجـفــا‬
‫بــه يـنــجــلــي عـنــا الـمــلــم الـمــكــدر‬ ‫إلــــــى اهلل أشكــــــــو ما ألــــــــــم فإنما‬
‫جــوابــكــم حــق بــه الــنــص يــؤثــر‬
‫ُ‬ ‫وإنـــي طفيلي علـــــــــى النظـــــــــم إنما‬
‫عســــى ولعـل الـذنـب بـالصــــفح يغفر‬ ‫فج ِّللـــــــــه جلبا ًبا من الحلـــــــــم ً‬
‫ساترا‬
‫على ســــيــد الكونين واآلل ُتؤجروا‬ ‫ِّ‬
‫وصل صًل ًة مـــــــــع سًلم مــــــــــــؤبد‬
‫نجوم ســــمــاء المجــد للحق تســــفر‬ ‫وث ِّلث بأصحــــــــــــــــــــاب النبي فإهنم‬
‫‪525‬‬

‫‪12‬ـ راكان بن فالح بن مانع بن حثلين‪ ،‬وكنيته أبو فالح(‪:)1‬‬

‫إن هذا الرجل العظيم الذي ذاع صيته يف كل البوادي العربية‪ ،‬حتى حينما‬
‫غاب جسده عنَّا‪ ،‬بقيت بطوالته وقصصه وأشعاره محفورة يف أفئدتنا‪،‬‬
‫ومحفوظة يف قلوبنا وضمائرنا‪ ،‬إن الشيخ راكان بن فًلح بن حثلين‪ ،‬كان وما‬
‫وبطًل عرب ًّيا‪ ،‬تمأل الدنيا أخباره‪ ،‬ويزخر تراثنا العربي من‬
‫ً‬ ‫ورمزا‪،‬‬
‫ً‬ ‫نجما‪،‬‬
‫برح ً‬
‫المشرق إلى المغرب بذكراه الشجية‪ ،‬إنه من األبطال العرب الذين نحبهم‬
‫ونج ُّلهم‪ ،‬ونفخر بأدوارهم وتاريخهم الحافل بالبطوالت‪ ،‬والمواقف‬

‫(‪ )1‬نشر يف جريدة الرياض بعددها (‪ )9812‬السبت ‪ 7‬من ذي الحجة ‪1415‬هـ‪ .‬اسمه‪« :‬راكان بن فًلح‬
‫بن حزام بن ضيدان بن سفران بن حثلين العجمي»‪.‬‬
‫‪526‬‬

‫الشجاعة‪ ،‬بصرف النظر عن انتماءاتنا القبلية أو الطائفية‪ ،‬فالعرب تجمعهم لغة‬


‫وتراث ومشاعر واحدة‪ ،‬إنه من هؤالء الرجال االستثنائيين الذين رحلوا عنا‪،‬‬
‫زاخرا وسير ًة رائع ًة تمأل صفحات كتب تراثنا‬
‫ً‬ ‫ولكنهم تركوا لنا ترا ًثا شعر ًّيا‬
‫العربي(‪.)1‬‬
‫أقض مضاجع األتراك‪ ،‬وبلبل‬
‫وقد عرف أنه الرجل الوحيد الذي يف وقته َّ‬
‫ردحا من الزمن‪ ،‬ولم يهدأ لهم ٌ‬
‫بال حتى قبضوا عليه‪ ،‬وسفروه‬ ‫أفكارهم ً‬
‫مخفورا إلى بًلدهم‪ ،‬وسجنوه هناك‪ ،‬ثم بعد ذلك أطلق سراحه(‪.)2‬‬
‫ً‬
‫عندما ُقتِ َل فًلح بن حثلين (والد راكان) عام ‪1262‬هـ الموافق عام‬
‫‪ 1845‬م‪ ،‬خلفه أخوه الشيخ حزام بن حثلين (عم راكان بن فًلح بن حثلين)‪،‬‬
‫زعيما‬
‫ً‬ ‫وبعد أن أمضى الشيخ حزام بن حثلين حوالي خمسة عشر عا ًما‬
‫لقبيلة العجمان ‪ ،‬تنازل عن زعامته البن أخيه الشيخ راكان بن فًلح بن حثلين‬
‫بسبب كرب سنِّه‪ ،‬وكان ذلك يف عام ‪1277‬هـ الموافق عام ‪1859‬م‪ ،‬وبذلك‬
‫يكون ُع ِّمر الشيخ راكان بن فًلح بن حثلين حينما تولى زعامة قبيلته (‪)46‬‬
‫عا ًما‪.‬‬

‫(‪ )1‬المرجع‪ :‬كتاب‪ :‬راكان بن حثلين شاعر وفارس وشيخ العجمان‪ ،‬إعداد‪ :‬يحيى الربيعان‪ ،‬بتصرف‪.‬‬
‫(‪ )2‬راجع‪ :‬كتاب‪ :‬العجمان وزعيمهم راكان بن حثلين‪ ،‬تأليف‪ :‬أبوعبدالرحمن بن عقيل الظاهري‪،‬‬
‫(ص‪.)111‬‬
‫‪527‬‬

‫(‪)1‬‬
‫وقد أحب راكان وعشق بنت عامر بن جفن السفران‪ ،‬والتي حجرها‬
‫أن الحب أعمى‪ ،‬وقال فيها عندما‬‫ابن عمها‪ ،‬وحاول والده أن يصرفه عنها إال َّ‬
‫ٍ‬
‫مكان آخر يف فصل الربيع‪:‬‬ ‫رأى أهلها يرحلون يف طريقهم إلى‬
‫يـتـلـى ضــــعـون مـبـعــديـن الـمـنــاحـي‬ ‫اهلل مــن قــلــب غــدى فــيــه تــفــريــق‬
‫والقســــم اآلخر مــا أدري وين راح‬ ‫قســــم بـتـغـريــب وقســــم بـتشــــريـق‬
‫وال عـ َّـذبــه طــرد الــهــوى الــطــمــاح‬ ‫لي صـــــاحـب مـا يفتق البيـت بيويق‬
‫وأرجى عســــى دربـه يجيلي ســ ـمـاح‬ ‫واهلل يــا لـوال أفــاهـق الصــــرب تـفـهـيـق‬
‫ال طـيـر الــذالن ضــــرب الـمـًلحـي‬ ‫أبوي يــا حــامي عقــاب المشـــــافيق‬
‫دالل فــيــهــن أشــــــقــر الــبــن فــاح‬ ‫راعي دالل بالوصــــــــــــايف غرانيق‬
‫ـبـًل يف لـيــال شـــــحــاح‬
‫وكـريـم ســــ ً‬ ‫وحـامي حـدود الخيـل وقـت التزاهيق‬
‫كســـــابــة الــعــلــيــا طــيــور الــفــًلح‬ ‫ترى لهــــــــــــــــا الجرل قروم مطاليق‬

‫وعندما سمع والده هذه األبيات‪ ،‬عرف أنه مشغول بحب بنت عامر بن‬
‫جفن من أمراء آل سفران‪ ،‬وعلم أن عليه بالجاه للحصول على الفتاة‪ ،‬فطلب‬
‫بعضا من كبار قومه أن يقصدوا الشيخ الذي حاجرها‪ ،‬فعندما وصلوا عنده‪،‬‬
‫ً‬
‫وأكرمهم‪ ،‬طلبوا منه أن يسمح لهم بالفتاة لتزويجها لراكان‪ ،‬فأعطاهم إياها‪،‬‬

‫عمه من الزواج إال‬


‫(‪ )1‬الحجر هو‪ :‬من العادات التي تًلشت مع الوقت‪ ،‬حيث يقوم ابن العم بمنع بنت ِّ‬
‫به‪ ،‬وإذا أراد فك ذلك فيكون بمبالغ طائله‪.‬‬
‫‪528‬‬

‫ولم يقصر يف ح ِّقهم‪ ،‬وعلى كرمه أهداه فًلح بن حثلين ً‬


‫فرسا له من الخيل‬
‫األصيلة‪ ،‬فقال فًلح ابن حثلين هذه األبيات‪:‬‬
‫إن حـن طـلـبـنــاهــا وكـمــل نشــــبـهــا‬ ‫يــا مـن يـبشــــر بــأريـش الـعـيـن راكــان‬
‫هذاك يعطيهـــــــــا وهذا طلبهــــــــــــا‬ ‫أمــر تســـــهــل بــيــن ذربــيــن اإليــمــان‬
‫بنـت الحصـــــان اللي طوال حجبهـا‬ ‫ومن حشـمتك سـقنا طويًلت األثمان‬
‫وتـكـثـر نـجـوم الـلـيــل لـلـي حســ ـبـهــا‬ ‫مـا يســــتوي يف البيـت نـايم وســــهران‬
‫يـومــك تـخــايــل ويـن راحـوا عـرهبــا‬ ‫كـلــه لـعـيـنــا وقـفـتــك بـيـن األظـعــان‬

‫وتم زواج راكان من معشوقته‪ ،‬فأنجبت منه فًلح بن راكان(‪.)1‬‬


‫قال ابن فردوس(‪:)2‬‬
‫حدث بين العجمان وبين حكومة المملكة يف ذلك الوقت سوء تفاهم‪،‬‬
‫وأ َّدى ذلك إلى الحروب الطاحنة بين الطرفين‪ ،‬وطالت مدة الحرب بين‬
‫ٍ‬
‫بكتاب يطلب فيه من أمير دولة البحرين أحمد بن‬ ‫الطرفين‪ ،‬ثم أرسل ابن حثلين‬
‫خليفة بأن يسمح لهم بالنزوح إلى حدود البحرين‪ ،‬فبلغ الكتاب حاكم البحرين‪،‬‬
‫فأرسل لهم بأنه يرحب هبم‪ ،‬وبقدومهم إليه‪ ،‬وأرسل لهم السفن التي تحملهم مع‬

‫(‪ )1‬ديوان ابن فردوس‪( :‬ص‪ ،)186 -185‬وكتاب‪ :‬العجمان وزعيمهم راكان بن حثلين‪،‬‬
‫أبوعبدالرحمن بن عقيل الظاهري‪( ،‬ص‪.)113‬‬
‫(‪ )2‬ديوان ابن فردوس‪( :‬ص‪ ،)174 ،172‬وكتاب‪ :‬العجمان وزعيمهم راكان بن حثلين‪،‬‬
‫أبوعبدالرحمن بن عقيل الظاهري‪( ،‬ص‪.)132‬‬
‫‪529‬‬

‫مواشيهم ليعربوا إلى البحرين‪ ،‬فلما َع َبروا‪ ،‬طاب لهم العيش يف أرض البحرين‪،‬‬
‫كثيرا‪ ،‬فمكثوا عنده فرت ًة من الزمن‪ ،‬وبعد‬
‫وقام بواجبهم خير قيامٍ‪ ،‬وأكرمهم إكرا ًما ً‬
‫ذلك تذكر راكان دياره و مرابيعهم وصوالته وجوالته‪ ،‬فاشتاق إلى بًلد الجزيرة‬
‫فأحب أن يرسل قصيد ًة إلى‬
‫َّ‬ ‫العربية‪ ،‬وبًلده التي تقع ما بين األحساء والكويت‪،‬‬
‫جًللة الملك عبداهلل بن فيصل آل سعود‪ ،‬فبلغ قومه‪ ،‬وقال لهم‪َ :‬من منكم‬
‫يستطيع أن يحمل رسالتي إلى الملك؟ فأخذ القوم يرتددون‪ ،‬فحضر إليه واحد‬
‫يقال له‪ :‬علي بن سهيلة‪ ،‬وقال‪« :‬أنا الذي أحمل رسالتك‪ ،‬وأنا متحمل ما يأيت من‬
‫جًللة الملك‪ ،‬وما يفعل بي ألجل خدمتك وطاعتك يا أبا فًلح»‪ ،‬فأخذها ابن‬
‫فلما رآه الملك‬
‫سهيلة ودخل‪ ،‬وهناك عندما دخل هبا إلى قصر الحكم آنذاك‪َّ ،‬‬
‫وعرفه‪ ،‬غضب غض ًبا شديدً ا‪ ،‬وأخذ يردد اسمه على لسانه‪ ،‬واسم قومه‪ ،‬وقبيلته‪،‬‬
‫ٍ‬
‫حروب‪،‬‬ ‫وأخذ يهددهم‪ ،‬ويذكر الحاضرين يف المجلس ما حدث بينه وبينهم من‬
‫فقال له ابن سهيلة بأنه معي رسالة إلى جًللتك‪ ،‬فقال له‪ :‬أعطني الرسالة‪ ،‬فأخذها‬
‫وأعطاها إلى كاتب القصر‪ ،‬وأخذ يسردها أمام الملك‪ ،‬و َمن يف َحضرته‪ ،‬وكان‬
‫من ضمنها أن قال الشيخ راكان‪:‬‬
‫(‪)1‬‬
‫يف دار سمحين الوجيه الكرام‬ ‫قال المعيضي بالضحا يبدع القاف‬

‫(‪)1‬‬
‫يف دار ســــــمــحــيــن الــوجــيــه الــكــرا ِم‬ ‫قـال المعيضــــي بـالضــــحى يبـدع القـاف‬
‫ٍ‬
‫عـــز لـــحـــاضـــــــرهـــم ولـــلـــحـــي دا ِم‬ ‫عسـى لهم بآيات من حج وا ّطـــــــــــــــاف‬
‫بـــتـــيـــل ســــــاج ومـــقـــتـــفـــيـــه الـــوال ِم‬ ‫يا راكب من عندنا فوق هيــــــــــــــــــــــــاف‬
‫=‬
‫‪530‬‬

‫وإال ثــًلث يشــــــــــــــــــــــــــتــهــن الــوال ِم‬ ‫= فًل دعم صــدره على بعض االســياف‬
‫وإن زرفــلــن يشــــــدن لــجــول الــنــعــا ِم‬ ‫بواطن يشـبـــــه لدامي باألوصــــــــــــــــاف‬
‫والـــرابـــعـــة يـــلـــفـــي لـــولـــد اإلمـــا ِم‬ ‫يمشـــي ثًلث عقب إالوما واالصـــًلف‬
‫واخـــتـــص أبـــو تـــركـــي بـــرد الســــــًل ِم‬ ‫ســـلم على ربع ٍكما وصـــف األشـــراف‬
‫وألـــذ وأحـــلـــى مـــن عـــنـــاقـــيـــد شــــــا ِم‬ ‫ســـًلم أحًل من لبن كل مشـــــــــــــــــعاف‬
‫غــ ًّـرا كـــمـــا وصــــــف الـــجـــراد الـــتـــهـــا ِم‬ ‫ولفتهــا يــا شــــيخ من كــل األطــــــــراف‬
‫دولـــة هـــل الـــعـــوجـــا ســــــواة الـــنـــظـــا ِم‬ ‫واهلل لــوال جــمــعــك الــلــي لــه أرداف‬
‫عــلــــــــــــم يــردونــه جــــــــــــديــد وعــا ِم‬ ‫إين لـعــدلـهـم عـلـى كــــــــــ ِّـل مـــــــــزقــاف‬
‫وحــدب الــظــهــور الــلــي تــقــص الــعــظــا ِم‬ ‫بمطارق فيها غلب كـــــــــــــــــــــل هياف‬
‫غصـــــــب ودورات الســـــــبــــايــــا دوا ِم‬ ‫والكــل يرجع عــايف عقــب مــا شـــــاف‬
‫ثـــم درعـــوا ســــــرد الـــرمـــك بـــالـــوال ِم‬ ‫عــاداتنــا المــا التقــت دقــل األشــــنــاف‬
‫يف روشــــــن غـــنـــى بـــركـــنـــه حـــمـــا ِم‬ ‫يف مـوقـف خـطـر عـلـى الـروح بــاتـًلف‬
‫وبــالــرجــل طــبــلــيــن حــلــقــهــن احــكــا ِم‬ ‫ودمــوع عــيــنــي فــوق األوجــان ذراف‬
‫مـــا بـــيـــن مصــــــري ومـــا بـــيـــن شــــــا ِم‬ ‫نركـب على الطوعـات زينـات األطراف‬
‫مـــتـــحـــزمـــيـــن فـــوقـــهـــا بـــالـــحـــزا ِم‬ ‫ٍ‬
‫مــانــعــة ثــقــيــًلت االصــــــاف‬ ‫ودروع‬
‫ثــم حــل ســـــرتا مــعــورجــات الــوشـــــا ِم‬ ‫وإلى اقبلــت حومــة زرفهن كمــا القــاف‬
‫ونــركــ ض مــراكــيــض يــرمــي الــكــهــا ِم‬ ‫عــاداتــنــا عــنــد الــمــظــاهــيــر تــنشـــــاف‬
‫نــرمــيــه بــيــن الــخــيــل مــثــل الــمــقــا ِم‬ ‫ونـحـري بـرمـي الشــ ـيـخ وإن جـن زالف‬
‫طـــول لســــــانـــه فـــعـــل ولـــد االمـــا ِم‬ ‫مـا هي هبرجـة شـــــاعر يبـدع القـــــــــاف‬
‫تســــــهــر عــيــونــه عــن لــذيــذ الــمــنــا ِم‬ ‫حـــــــــــــــنا ترانا علته بين االنجــــــــــاف‬
‫ونصـــــ ّـبـ ـحـــه ال انـــبـــاج نـــور الـــظـــًل ِم‬ ‫ٍ‬
‫بـعـيــد يـرجـف ارجــاف‬ ‫وقـلـبــه لـو هـو‬
‫ونـــودعـــه يـــرتك حـــلـــتـــه والـــجـــهـــا ِم‬ ‫واهلل إن أنزل قرب بوشــــه واالســــًلف‬
‫=‬
‫‪531‬‬

‫فعندما سمع عبداهلل بن فيصل(‪ )1‬هذا البيت قال‪« :‬هذاك أنا‪ ،‬وأنا أخو‬

‫بـــيـــض الـــرتايـــب زاهـــيـــات الـــزمـــا ِم‬ ‫= ويجنـب الخفرات زينـات االوصــــاف‬


‫وأســــبــاب مــا خـفـــــــــــه فـعـــــــــول قــدا ِم‬ ‫كنه خريش بدل العقل هبفـــــــــــــــــــــــــاف‬
‫يـــوم اقـــبـــلـــت دوالت صــــــبـــيـــان يـــا ِم‬ ‫ليتك لنا يا شـيخ بالــــــــــــــــــــعين تشـتاف‬
‫مـــثـــل الـــرعـــد يف مـــدلـ ـهـ ـ م الـــغـــمـــا ِم‬ ‫معهم افرنجي لحسـه تقصـــــــــــــــــــــاف‬
‫ومـــن زارهـــا جـــيـــنـــاه قـــدّ شــــــمـــا ِم‬ ‫حنــا ذرا الــديرة عن الربد ولحـــــــــــاف‬
‫قـــوم تـــبـــنـــي مـــن ورانـــا الـــخـــيـــا ِم‬ ‫يـا شــــيخ مـا ارســــلنـا نبي منـك محـذاف‬
‫نـــنـــزل ولـــو جـــانـــا الـــنـــذر والـــزحـــا ِم‬ ‫بـيـن الضــ ـفـيـري والـمـطـيـري وعســـــاف‬
‫وال خـــيـــر يف هـــرج بـــلـــيـــا تـــمـــا ِم‬ ‫يـروح يف جـمـعــه كـثـيـر الـتـجـعـــــــــــاف‬
‫صــــيــده مـن جـًلل الـحـبــارى الـجســـــا ِم‬ ‫حــــــــــــنا كما حر تعلــــــــــــــــــــى بمشراف‬
‫طـــقـــه وحـــط ســــــبـــوق ريشــــــه هـــدا ِم‬ ‫جـاه اســــمر يف صـــــايـده ســــم االتًلف‬
‫هــيــا اركــبــوا يــا مشــــــتــهــيــن الــكــًل ِم‬ ‫وجازت لمعلول جداه التلهــــــــــــــــــــاف‬
‫عــلــى الــنــبــي ومــا حــج بــيــت الــحــرا ِم‬ ‫وصـــًلة ربي عد ما حج وأطــــــــــــــــاف‬

‫(‪ )1‬هو اإلمام عبداهلل بن فيصل بن تركي بن عبداهلل بن سعود (‪ ...‬ـ ‪1307‬هـ)‪ :‬أحد أئمة الدولة السعودية‬
‫الثانية‪ ،‬بويع باإلمامة بعد وفاة والده اإلمام فيصل بن تركي بن عبداهلل يف عام ‪1282‬هـ الذي كان‬
‫ينيبه يف آخر حياته‪ ،‬واتخذه وليًّا للعهد؛ فهو األكرب سنًّا على إخوانه‪ ،‬قد خالفه أخوه سعود فنشبت‬
‫بينهما معارك كثيرة استولى خًللها سعود على الرياض‪ ،‬وخلع أخوه عبداهلل فلجأ إلى الرتك ليعينوه‬
‫ضد أخيه سعود‪ ،‬وقد استمرت المعارك بينهما حتى تويف سعود بن فيصل يف سنة ‪1291‬هـ فولي‬
‫األمر بعده أخوه األصغر (عبدالرحمن والد الملك عبدالعزيز) فزحف إليه أخوه األكرب عبداهلل‬
‫يصف له؛ فقد ثار عليه أبناء أخيه (سعود)‬
‫ُ‬ ‫فتنازل له اإلمام عبدالرحمن عن اإلمامة‪ ،‬ولكن األمر لم‬
‫َّ‬
‫وظل الصراع بينهم على الحكم حتى زحف عليهم (محمد بن عبداهلل بن رشيد) أمير (حائل)‪،‬‬
‫واستولى على الرياض وأخذ معه عبداهلل بن فيصل إلى حائل‪ ،‬ولم يأذن له بالعودة إلى الرياض إال‬
‫يستقر اإلمام عبداهلل هبا سوى يو ًما واحدً ا ثم وافته‬
‫َّ‬ ‫يف عام ‪1307‬هـ وحين عاد إلى مدينة الرياض لم‬
‫=‬
‫‪532‬‬

‫نورة‪ ،‬واسمع يا بن السهيلة‪« :‬ال جيت راكان‪ ،‬س ِّلم عليه وقل له‪ :‬حنا نرحب‬
‫بقدومهم صوب ديرهتم‪ ،‬وما فات مات‪ ،‬وحن أخوان‪ ،‬وعلى الحق أعوان»(‪.)1‬‬
‫راكان‪:‬‬
‫كان راكان بن حثلين يفرض على الدولة العثمان َّية خرج َّية‪ ،‬وذلك لتوفير‬
‫ب هذا األمر‬
‫األمان لقوافلها التجار َّية التي كانت تسير بين القبائل العرب َّية‪ ،‬وس َّب َ‬
‫إزعاجا للقادة العثمانيين‪ ،‬فقاموا بالتخطيط مع ابن عودة المسؤول عن تسليم‬
‫ً‬
‫الخرج َّية لراكان بن حثلين‪ ،‬إللقاء القبض عليه‪ .‬ويف إحدى السنوات‬
‫رحلت قبيلة العجمان إلى الرب‪ ،‬وعندما استقروا‪ ،‬ذهب راكان مع ست ٍَّة آخرين‬
‫إلى ابن عودة لًلتفاق على استًلم الخرجية‪ ،‬وعندما وصل راكان البن عودة‪،‬‬
‫ٍ‬
‫رسالة‬ ‫ألح عليه ابن عودة للبقاء‪ ،‬وتقديم الضيافة له‪ ،‬وخًلل ذلك قام بإرسال‬
‫َّ‬
‫للقائد العثمانـي يخربه هبا بوجود راكان عنده‪ ،‬وبذلك تم َّكن القادة العثمانيون‬
‫ثم قاموا بتكبيل راكان‪ ،‬وإرساله عن‬
‫من إلقاء القبض على راكان و َمن معه‪َّ ،‬‬
‫طريق البحر إلى عاصمة الخًلفة العثمانية إسطنبول‪ ،‬وسجنوه يف إحدى‬
‫القًلع لمدَّ ة ال ُّ‬
‫تقل عن سبع سنوات‪.‬‬

‫= المنية‪ ،‬فخلفه أخوه اإلمام عبدالرحمن بن فيصل‪ .‬األعًلم‪ ،)113/4( ،‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬تاريخ‬
‫المملكة العربية السعودية‪ ،‬عبداهلل العثيمين‪.)287 -265 /1( ،‬‬
‫(‪ )1‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬العجمان وزعيمهم راكان بن حثلين‪ ،‬تأليف‪ :‬أبو عبدالرحمن بن عقيل الظاهري‪،‬‬
‫(ص‪ ،)132‬والقصيدة (ص‪ ،)200 - 197‬وكتاب‪ :‬ديوان ابن فردوس (ص‪ ،)172‬راجع ديوان‬
‫شعراء قبائل يام‪ ،‬مهدي بن مسفر بن مانع آل راكة‪( ،‬ص‪.)12‬‬
‫‪533‬‬

‫ويف أحد األيام‪ ،‬وبينما راكان بن فًلح بن حثلين يف سجنه بإسطنبول‪،‬‬


‫طيرا يحوم حول السجن‪ ،‬وجال بخاطره أن يودع الطير قصيد ًة ليوصلها‬
‫رأى ً‬
‫إلى قومه؛ لكثرة اشتياقه إليهم‪ ،‬وحنينه إلى موطنه‪ ،‬وأراد أن يسلي نفسه هبا‪،‬‬
‫وقال‪:‬‬
‫وال أنت تنقل لي حمايض علومي‬ ‫ال واهـنـي يــا طـيـر مـن هـو مـعــك حــام‬
‫بأيسر مغيب سهيل تبغي تحومي‬ ‫إن كان ال من حمت وجهك على الشام‬
‫ملفـاه ربع كل أبوهم قرومــي‬ ‫بــاكـتــب مـعــك مـكـتـوب ســــر وال الم‬
‫ال واهني من شافهم ربع يومي‬ ‫ســـلم على ربع تنشـــد باألعــــــــــــــــًلم‬
‫من البة بالضيق تقضي اللزومي‬ ‫ومن ســـــائلــك مني فــأنــا من بني يــام‬
‫من دوهنم يزمي بعيد الرجومي‬ ‫ربــعــي ورا الصـــــمــان وأنــا بــاألروام‬
‫دار أهلها ما تعرف السلومي‬ ‫ومـن دوهنـم حـوران ضـــــلـع بـعــد زام‬
‫ومن دوهنم مايات موج تعومي‬ ‫حــال الــبــحــر مــن دوهنــم لــه تــلــيــطــام‬
‫اليوم سيفي جادعه كنه شومي‬ ‫من عقب ما ســــيفي على الضــــد حطام‬
‫ما لي جدً ا يكون عد النجومي‬ ‫صـــــارت ســــوالفنـا معي مثـل األحًلم‬
‫قمت أتململ والخًلئق نيومي‬ ‫ال مـن ذكـرت رمـوس عصــــر لـنــا دام‬
‫تفرج لشخص الجي عند قومي‬ ‫يــا اهلل يــالـلـي طــالـبــه مــا هـو يضـــــام‬
‫تسهر وتبكي من كثير الهمومي‬ ‫اهلل مــن عــيــن لــهــا ســــــبــعــة أعــوام‬
‫‪534‬‬

‫كنه مـــريض واقــــع ومحمومي‬ ‫الــحــال بـ ٍ‬


‫ـاد وبــاقــي جســـــم وعــظــام‬
‫والبن األشقــر ما يدار معدومي‬ ‫وقــعــت أنــا يف ديــرة مــا هبــا إســـــًلم‬
‫ودوين بحور وبالحديد مـــحزومي‬ ‫ســــجـيـن ســــجـن والجـي عـنــد ظـًلم‬
‫ومن جملة الكيفات صرت محرومي‬ ‫والـجـفـن يســــهـر تــالـي الـلـيــل مــا نــام‬
‫مقصور رجل وال جزع ما يشومي‬ ‫وعـزي لـمـن مـثـلـي عـلـيــه الــدهـر هــام‬
‫وإعداد ما تذرى ذواري سمومي‬ ‫وصـــــًلة ربـي عــد مـن يـلـبـس إحـرام‬
‫(‪)1‬‬
‫على جميع الخلق صار محشومي‬ ‫عـــلـــى نـــبــ ٍّـي خصــــــه اهلل بـــاإلكـــرام‬

‫وهذه قصيدة لخادمه وحارسه الشخصي حمزة(‪:)2‬‬

‫اهلل يرجعنـــــــــــــــا عليهـــــــــم سلومــــــي‬ ‫حـمـزة مشــ ـيـنــا مـن ديــار الـمـحـبـيـن‬
‫ورومـــي‬ ‫ٍ‬
‫يف مـــركـــب جـــزواه تـــرك ُ‬ ‫مشـــوا بنا العســـكر لدار الســـًلطين‬
‫مـا حن نشــــوف إال الســ ـمـا والنجومي‬ ‫عشــــريـن لـيــل يـمــة الـغـرب مـقـفـيـن‬
‫والــقــلــب يــا حــمــزة تــزايــد هــمــومــي‬ ‫والنوم يـا مشــ ـكـاي مـا الج يف العين‬
‫هــيــهــات لــو أين عــرفــت الــعـ ُـل ـومــي‬ ‫مـن الـخــداعــة واحـتـيــال الـمـًلعـيـن‬
‫وخــلــوا نــجــايــبــكــم مــع الــدو تــومــي‬ ‫هـيــا اركـبـوا مـن عـنــدنــا فـوق ثـنـتـيـن‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬العجمان وزعيمهم راكان بن حثلين‪ ،‬عبدالرحمن بن عقيل الظاهري‪( ،‬ص‪-200‬‬
‫‪.)201‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬المصدر السابق‪( ،‬ص‪ ،)205 ،204 ،15‬وديوان بن فردوس‪( ،‬ص‪.)159‬‬
‫‪535‬‬

‫تـبـغـي الشــــراب وال يـعـنـهــا الســ ـمـومـي‬ ‫الزوعن بــالوصــــف مثــل القطــاتين‬
‫نــحــال مــن كــثــر الــحــفــا والــرثــومــي‬ ‫اليا أصــــبحن كنهن جريد البســــاتين‬
‫أهل الشجاعة والكـــــــــــــــرم والعزومي‬ ‫تـلـفـي عـلـى ربـع عســـــاهـم عـزيـزيـن‬
‫ٍ‬
‫لطامة للي عليهــــــــــــــــــــــــــــــــم يزومي‬ ‫ربعي ضــ ـنـا مرزوق بـالعســــر واللين‬
‫حريبهــــــــــــــــــــــــم من همهم ما ينومي‬ ‫عجمــــــــــــــــــان ال رد الربا للمعادين‬
‫من فــــــــــــــــــوق زلبات تبوج الحزومي‬ ‫يـوم الـخـيــانــة لـيــت هـم لـي قـريـبـيـن‬
‫مركاظـــــــــــــــهم يشـبع وحوش تحومي‬ ‫وليا تعلو فــــــــــــــــوق مثل الشياهين‬
‫وكـــم شيخ قـــــــــو ٍم توهـــــــــم ما يقومي‬ ‫نـوب ســــًلطـيـن ونـوب شــــيــاطـيـن‬
‫يا اللي له التقــــــــــــدير فــــــي كل يومـــي‬ ‫يــاهلل يــا قــابــل ســــؤال الـمصــ ـلـيـن‬
‫وإنك تروف بحالــــــــــــنا يا رحـــــــــومي‬ ‫إنــك تـثـبـتـنــا عـلـى الـحـق والــديـن‬
‫من عقـ ـ ــــــــب ما هــــن نوسن العلومي‬ ‫وعســــى مـقــابـيــل الـلـيــالـي لـنــا زيـن‬
‫وشــــيــد مـنــار الــديـن وأعـلـى الـرســــومـي‬ ‫وصـلوا على اللي وضـح الزين والشـين‬

‫أثناء سجن راكان بن حثلين‪ ،‬كانت هناك معركة بين الصرب‬


‫والعثمانيين‪ ،‬وكان بين جيش الصرب فارس أسود اللون ضخم‪ ،‬وكان بين‬
‫الجيشين حاجز كبير عبارة عن حفرة‪ ،‬وكان الفارس الصربي يقفز بالخيل إلى‬
‫بعضا من العثمانيين قدر ما يستطيع‪،‬‬
‫الجهة المقابلة للعثمانيين‪ ،‬وكان يقتل ً‬
‫واستمر هذا الفارس يف قتل العثمانيين لمدة أربعة أيام‬
‫َّ‬ ‫فأرهق الدولة العثمانية‪،‬‬
‫‪536‬‬

‫من بداية المعركة‪ ،‬فأهنك العثمانيين‪ .‬وكان راكان بن حثلين يرى المعركة من‬
‫سطح السجن‪ ،‬فنادى على السجان حمزة‪ ،‬وقال له‪ :‬ب ِّلغ الوالي َّ‬
‫أن هذا الفارس‬
‫الذي لم تستطيعوا قتله‪ ،‬أنا أستطيع‪ ،‬فذهب حمزة وأخرب الوالي‪ ،‬فاستغرب‬
‫فقال‪ :‬هذا راكان قصير القامة‪ ،‬والنحيف يستطيع هزم هذا الفارس الضخم؟‬
‫فرفض الوالي‪ ،‬واستمرت المعركة‪ ،‬وكان الفارس األسود يو ًما بعد يوم يقتل‬
‫واحدً ا تلو اآلخر من جيش العثمانيين‪.‬‬
‫أرسل راكان بن حثلين حمزة مر ًة أخرى‪ ،‬وقال‪ :‬أخرب الوالي إما أنا أو‬
‫صرا‪،‬‬
‫الفارس األسود‪ ،‬فذهب حمزة إلى الوالي وقال له‪ :‬إن راكان ما زال ُم ًّ‬
‫فطلب الوالي راكان بن حثلين وقابله‪ ،‬وقال له‪ :‬هل أنت جا ٌّد وصادق يف طلب‬
‫المبارزة؟ وهل باستطاعتك الفوز على ذلك الفارس األسود الذي عجز عنه‬
‫صناديد أبطالنا‪ ،‬وأنت رجل نحيف الجسم‪ ،‬قصير القامة؟ فأجابه الشيخ راكان‬
‫بن حثلين إجابة الواثق‪ ،‬وقال‪ :‬ال تنظر إلى قصر قامتي‪ ،‬أو نحافة جسمي‪ ،‬بل‬
‫َل ِّ‬
‫ب لي طلبي بالمبارزة‪ ،‬فوافق الباشا الرتكي على طلبه‪ ،‬وقال له‪ :‬اطلب ما‬
‫تريد‪ ،‬فقال الشيخ راكان بن حثلين‪ :‬أريد أن تسمح لي بأن أختار الفرس التي‬
‫ٍ‬
‫سيف ورمحٍ ‪ ،‬فقال له‬ ‫تعجبني من الخيل‪ ،‬وكذلك ما يعجبني من السًلح من‬
‫الباشا الرتكي‪ :‬لك ما شئت‪ ،‬وذهب الشيخ راكان بن حثلين إلى مربط الخيل‪،‬‬
‫وصاح ثًلث مرات‪ ،‬ونظر فيهن‪ ،‬ثم ذهب‪ ،‬وتم على ذلك الحال يومين حتى‬
‫فرسا‬
‫عرف الفرس التي يريد‪ ،‬وهدف على فرس زرقاء قوية الجسم‪ ،‬فأخذ ً‬
‫قويةً‪ ،‬ودرهبا على طريقته الخاصة حتى إنه أخذ يدرهبا على القفز فوق الحفر‬
‫‪537‬‬

‫الكبيرة والصغيرة‪ ،‬فأكمل تدريبها وتأديبها بعدة أيام‪ ،‬وبعد ذلك لبس ُعدَّ ة‬
‫الحرب‪ ،‬وصال وجال‪ ،‬وبرز يف الميدان يف مقدمة الجيش الرتكي‪ ،‬فلما وصل إلى‬
‫ميدان الحرب برز الفارس األسود كعادته بعد أن قفز بحصانه الحفرة الكبيرة التي‬
‫تفصل بين األتراك والصرب‪ ،‬وبعد ذلك برز له الشيخ راكان بن حثلين على فرسه‬
‫التي درهبا‪ ،‬وبدأ النزال بينهما يف ساحة المعركة‪ ،‬واستغرب الفارس األسود ذلك‬
‫الخ َّيال الذي لم يره يف صفوف األتراك ساب ًقا‪ ،‬فدارت بينهم المعركة‪ ،‬ولمس فيه‬
‫فنون القتال‪ ،‬وعرف حركته وذكاءه وشجاعته‪ ،‬وحين أيقن الفارس األسود أنه لن‬
‫يستطيع الفوز على هذا الخ َّيال‪ ،‬الذ بالفرار من أمام الشيخ راكان بن حثلين‪،‬‬
‫وتوجه إلى الحفرة الكبيرة ليعود إلى الطرف اآلخر معتقدً ا أن الفارس المجهول‬
‫لن يستطيع أن يلحق به‪ ،‬ولكن قفز خلفه الشيخ راكان بفرسه‪ ،‬فاختطفه من على‬
‫سرج حصانه‪ ،‬ورفعه على حارك فرسه‪ ،‬وقفز به الحفرة عائدً ا‪ ،‬ودقت طبول‬
‫دب يف‬ ‫وه ِز َم جيش الدولة الصربي َّ‬
‫شر هزيمة بعد أن َّ‬ ‫األتراك‪ ،‬وهتللت بالنصر‪ُ ،‬‬
‫األتراك الحماس هبزيمة الفارس األسود‪.‬‬
‫ذهب راكان‪ ،‬وسلم األسير إلى الوالي الرتكي‪ ،‬ثم قال له الوالي‪ :‬أنت فعلت‬
‫فعًل لم يفعله أحدٌ سواك‪ ،‬وانتصرنا بفضل اهلل‪ ،‬ثم بفضلك‪ ،‬وإنما اإلحسان‬
‫ً‬
‫يجزى باإلحسان‪ ،‬فاطلب ما شئت‪ ،‬فإنَّنا سوف نعطيك ما تطلب‪ ،‬فقال له راكان‪:‬‬
‫أطلب أن تطلق سراحي‪ ،‬وأطلب «الدهناء» و«الصمان»‪ ،‬فاستدعى الوالي الذين‬
‫لهم خربة يف المناطق‪ ،‬وهو يعتقد أن الدهناء والصمان من عواصم الديار‪،‬‬
‫مرعى لمواشي‬
‫فأخربوه بأن «الدهناء» هي أرض رملية كثيرة األشجار‪ ،‬وهي ً‬
‫‪538‬‬

‫البادية‪ ،‬و«الصمان» أرض صخرية مرتع للمواشي يف وقت الربيع‪ ،‬ولما عرف‬
‫ذلك‪ ،‬قال له‪ :‬أعطيناك ما طلبت مع ما سنعطيك من الهدايا واألموال‪ ،‬فأطلقوا‬
‫سراحه‪ ،‬وعادوا به عن طريق البحر حتى الجزيرة العربية‪ ،‬ثم اشرتى له ً‬
‫ذلوال‬

‫(جمًل)‪ ،‬ووضع عليها عتاده‪ ،‬وتوجه إلى أهله (قبيلة العجمان((‪.)1‬‬


‫ً‬

‫تم اإلفراج‬
‫يف ‪ 22‬جمادى األولى من عام ‪1294‬هـ‪ 3/‬يوليو ‪1877‬م‪َّ ،‬‬
‫عن راكان بن فًلح بن حثلين من َأسره يف تركيا(‪.)2‬‬
‫وفاته‪:‬‬
‫تويف راكان بن فًلح بن حثلين عام ‪1314‬هـ ـ ‪1897‬م‪ ،‬حيث تشير‬
‫الوثائق العثمانية إلى أن آخر راتب كان يدفع ألمير العجمان راكان كان يف‬
‫أوائل شوال ‪1314‬هـ‪1897/‬م‪ ،‬حيث أرسلت نظارة الداخلية كتا ًبا يطلب من‬
‫والية البصرة(‪ ،)3‬ومن نظارة المالية يف ‪ 1‬أبريل سنة ‪1897‬م‪ 28/‬شوال‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬ديوان بن فردوس‪ ،‬تأليف‪ :‬فهد محمد الفردوس العجمي‪( ،‬ص‪.)161 ،160‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬تاريخ قبيلة العجمان‪ ،‬د‪.‬سلطان بن خالد بن حثلين‪( ،‬ص‪ ،)87‬وكتاب الدرر المفاخر يف‬
‫أخبار العرب األواخر‪ ،‬محمد البسام التميمي‪ ،‬تحقيق‪ :‬سعود بن غانم الجمران العجمي‪( ،‬ص‪.)116‬‬
‫(‪ ، 69666BOA, Babiali Evrak Odasi (BEO) )3‬يقول محقق كتاب الدرر المفاخر يف أخبار‬
‫العرب األواخر ‪ ،‬سعود بن غانم الجمران العجمي أن المؤرخان ابن بسام صاحب تحفة المشتاق‬
‫وإبراهيم بن صالح بن عيسى قد أجمعا على أن تاريخ وفاة راكان عام ‪1314‬هـ ‪ ،‬وأنه مدفون يف جبل أبو‬
‫غنيمة يف األحساء ‪ ،‬وهما معاصران لركان ومن أهل نجد ويعلمان الكثير من أخباره ‪( ،‬ص ‪، )122‬‬
‫انظر‪ :‬كتاب تحفة المشتاق يف أخبار نجد والحجاز والعراق ‪ ،‬تأليف‪ :‬عبداهلل بن محمد البسام‪ ،‬تحقيق ‪:‬‬
‫إبراهيم الخالدي ‪( ،‬ص ‪. )380‬‬
‫‪539‬‬

‫‪1314‬هـ تنص على طلب تخصيص راتب راكان شيخ قبائل العجمان يف نجد‬
‫البنه‪ ،‬وقدره أربعمائة قرش‪ ،‬وذلك لوفاة راكان بن حثلين(‪.)1‬‬
‫‪9‬ـ جابر بن حسين أبو ساق‪:‬‬
‫الشيخ جابر بن حسين أبو ساق‪ :‬ينتسب الشيخ جابر بن حسين أبو ساق‬
‫إلى أسرة تسنَّمت زعامة قبلية منذ مئات السنين لقبائل (آل فاطمة)‪ ،‬وجدُّ ه هو‬
‫الشيخ مانع بن جابر آل سالم الذي عاصر اإلمام فيصل بن تركي آل سعود‪،‬‬
‫وأبرم معه معاهد ًة تاريخي ًة يف ‪ 15‬شعبان عام ‪1279‬هـ‪.‬‬
‫‪10‬ـ تاريخ أسرة أبو ساق وشيوخها‪:‬‬
‫جدُّ األسرة األول هو الشيخ زاهر بن محمد بن حمد بن زيد‪ ،‬وكان‬
‫موطنه يف «الجفة»(‪ )2‬ونزل وادي نجران يف وقت كانت تسكنه قبائل أخرى غير‬
‫يام‪ ،‬وتمكن مع قبائله من إبعادهم عنها‪.‬‬
‫وما زالت المشيخة تتوارث منذ مئات السنين‪ ،‬وال زالت يف أسرة الشيخ‬
‫صحيحا ما يشاع َّ‬
‫أن أصلهم من (أحد رفيدة)‪ ،‬ولكن‬ ‫ً‬ ‫زاهر حتى اليوم‪ ،‬وليس‬
‫هناك من آل سالم مثل آل منصور وآل غشام بن مانع نزحوا‪ ،‬وعاشوا‬

‫(‪62/BOA, BEO, Dhiliye Gelen 303Nr.,11-3 )1‬‬


‫(‪ )2‬الجفة‪ :‬قرية كبيرة تقع على وادي صيحان بين المجمع والخانق أرضها واسعة ومنبسطة‪ ،‬يبلغ عدد‬
‫سكاهنا ‪ 4000‬نسمة‪ ،‬وتبعد عن حبونا ‪14‬كم‪ .‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬حبونا ‪ -‬تراث وحضارة‪ ،‬محمد بن‬
‫ريفان لسلوم‪( ،‬ص‪.)45‬‬
‫‪540‬‬

‫أساسا فاألصل من يام(‪.)1‬‬


‫واستوطنوا فيها‪ ،‬أما ً‬
‫مولده وطفولته‪:‬‬
‫ُولِدَ الشيخ جابر أبو ساق يف قرية (صاغر) بوادي نجران يف آخر جمعة‬
‫من شهر المحرم عام ‪1286‬هـ‪ ،‬وقد عاش طفولته يف كنف والده الشيخ حسين‬
‫بن مانع‪ ،‬وتش َّبع بحنان األم العطوف‪.‬‬
‫ويحدث ابنه علي بن جابر عن دراسة والده‪ ،‬فيقول‪« :‬كانت دراسة آبائنا‬
‫قدي ًما يف نجران محدودة‪ ،‬ومقتصرة على قراءة القرآن الكريم يف المعًلمة أو‬
‫ال ُكتَّاب‪ ،‬وكان يقوم بتعليم األطفال القراءة والكتابة فقهاء من اليمن‪ ،‬وكذلك‬
‫المكارمة بنجران‪ ،‬و ُيدفع للمعلم يف ذلك الوقت بمعدل قرش (ريال) من‬
‫الفضة (الفرانصة)‪ ،‬أو ما يعرف بـ(ماريا تريزا)(‪ )2‬العملة المتداولة آنذاك»‪.‬‬
‫لقد تعلم الشيخ جابر أبو ساق يف صغره القراءة والكتابة على يد أحد‬
‫الفقهاء‪ ،‬وقرأ القرآن الكريم‪ ،‬وتعلم الخط العربي على ألواح خشبية‪ ،‬وبعد‬

‫(‪ )1‬المرجع كتاب‪ :‬دخول نجران يف العهد السعودي‪( ،‬دراسة تاريخية وثائقية)‪ ،‬د‪ .‬علوي عمر فريد‪،‬‬
‫(ص‪.)76‬‬
‫(‪ )2‬ماري تريزا‪ :‬هو الريال الفضي الفرنسي‪ ،‬وهو العملة السائدة يف الجزيرة العربية يف ذلك الزمن‪ ،‬وكان‬
‫يطلق عليه العامة‪« :‬بياز»‪ ،‬وتم إلغاء التعامل به يف عام ‪1359‬هـ واستبداله بقروش النيكل السعودي‪،‬‬
‫ِّ‬
‫بصك الريال السعودي العربي‬ ‫أمرا‬
‫ويف عام ‪1360‬هـ أصدر الملك عبدالعزيز ‪ -‬طيب اهلل ثراه ‪ً -‬‬
‫الفضي‪ .‬وقد كان الريال الفرنسي أو (الفرانصي) هو العملة السائدة يف معظم مناطق الجزيرة‬
‫أيضا يف صناعة الحلي للنساء؛ لذا قيل عنه‪ :‬إنه ثقة يف السوق وزينة للنساء‪.‬‬
‫العربية‪ ،‬وكان يستخدم ً‬
‫‪541‬‬

‫ذلك انتقل جابر أبو ساق إلى مجلس أبيه يف س ٍّن مبكرة من عمره‪ ،‬وكان ً‬
‫مثاال‬
‫للفطنة والذكاء(‪.)1‬‬
‫ونسبه هو‪ :‬جابر بن حسين بن جابر بن مانع بن علي بن جابر بن مانع بن‬
‫زاهر بن شري بن محمد بن حمد بن زيد بن سالم (آل أبو ساق)(‪ ،)2‬شيخ قبائل‬
‫آل فاطمة يام‪ ،‬انظر كتاب «بين مكة وحضرموت»‪ ،‬تأليف‪ :‬عاتق بن غيث‬
‫البًلدي الحربي‪( ،‬ص‪.)353‬‬
‫نشأته‪ :‬نشأ الشاب جابر أبو ساق يف أسرة قبلية عريقة‪ ،‬واكتسب‬

‫الشجاعة‪ ،‬وتع َّلم الفروس َّية من محيطه ال َق َبلي الذي كان ُّ‬
‫يعج يوم ًّيا بزعماء‬
‫القبائل وفرساهنا يف دار أبيه وجدِّ ه‪ ،‬والتي كان يحسم فيها أهم قضايا النزاع‬
‫حسب األعراف القبلية الصارمة السائدة يف ذلك‬
‫والخصومات بين القبائل‪َ ،‬‬
‫الحين‪ ،‬وإذا فشلت تلك األعراف يف ضبط األمور‪ ،‬تلجأ القبائل إلى السًلح‬
‫تفاقما‪ ،‬خاص ًة إذا غاب العقل والحكمة فيما‬
‫ً‬ ‫لحسم خًلفاهتا‪ ،‬والتي تزداد‬

‫(‪ )1‬المرجع كتاب‪ :‬دخول نجران يف العهد السعودي‪( ،‬دراسة تاريخية وثائقية)‪ ،‬د‪ .‬علوي عمر فريد‪،‬‬
‫(ص‪ ،)77‬حيث قام المؤلف بمقابلة ابنه الشيخ‪ :‬علي بن جابر أبو ساق ‪ -‬حديث مسجل يف قصره‬
‫صباحا تاريخ ‪1426/8/15‬هـ ‪2005/9/19 -‬م‪.‬‬
‫ً‬ ‫باألثايبة يف يوم االثنين الساعة الثامنة‬
‫(‪ )2‬كان جابر بن حسين ينعت بـ (أبو رجل)؛ إذ كانت إحدى ساقيه أكرب من األخرى‪ ،‬وقد تغير هذا‬
‫اللقب بعد مقابلة الشيخ جابر للملك عبدالعزيز‪ ،‬وتوطدت العًلقات بينهما؛ حيث أطلق عليه‬
‫الملك عبد العزيز لقب (أبو ساق)‪ ،‬ومنذ ذلك الحين وهو لقب األسرة التي ال يعرفها كثيرون إال‬
‫به‪ .‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬نجران‪ ،‬محمد بن فيصل أبو ساق‪( ،‬ص‪ ،)212‬وكتاب‪ :‬كنت مع عبدالعزيز‪،‬‬
‫تأليف‪ :‬الدكتور‪ :‬عبدالرحمن بن سبيت السبيت وآخرون‪( ،‬ص‪.)497 ،159‬‬
‫‪542‬‬

‫ٍ‬
‫مشحون بالتوتر والحروب القبلية التي تندلع‬ ‫جو‬
‫بينهم‪ .‬نشأ جابر أبو ساق يف ٍّ‬
‫ٍ‬
‫مقدمات‪ ،‬وتكونت معالم شخصيته‪ ،‬وتب َّين له‬ ‫بين الحين واآلخر‪ ،‬وأحيانًا دون‬
‫عاجزا عن لجم جماح قبائل قوية مثل‪( :‬يام) خاص ًة‬
‫ً‬ ‫أن الحكم القبلي سيظل‬
‫عندما تندلع الحروب فيما بينها‪.‬‬
‫توليه المشيخة‪:‬‬
‫تولى المشيخة ألكثر من ‪ 55‬عام قبل الحكم السعودي‪ ،‬وكانت قبائل‬
‫يام تحارب مع اإلدريسي يف هتامة(‪.)1‬‬
‫‪10‬ـ اللواء المتقاعد‪ :‬علي بن مانع بن ذياب‬
‫آل منصور اليامي(‪:)2‬‬

‫يقول‪« :‬كنت عسكر ًّيا برتبة رقيب يف الجيش السعودي‪ ،‬وموقعي كان يف‬
‫قريات الملح ضمن مفرزة لحراسة خط األنابيب‪ .‬ويف أواخر عام ‪1947‬م‬
‫سمعت ندا ًء من إذاعة سوريا بالدعوة للتطوع والجهاد من أجل إنقاذ فلسطين‪،‬‬
‫وتوجهت إلى سوريا من أجل‬
‫َّ‬ ‫فأخذت رخصةً‪ ،‬وغادرت األراضي السعودية‪،‬‬

‫(‪ )1‬المرجع كتاب‪ :‬دخول نجران يف العهد السعودي‪( ،‬دراسة تاريخية وثائقية)‪ ،‬د‪ .‬علوي عمر فريد‪،‬‬
‫(ص‪ ،)78 ،77‬وكتاب‪ :‬كنت مع عبدالعزيز‪ ،‬عبدالرحمن بن سبيت السبيت وآخرون‪( ،‬ص‪،497‬‬
‫‪.)498‬‬
‫(‪ )2‬المصدر‪ :‬كتاب‪ :‬الجيش السعودي يف حرب فلسطين (‪1948‬م) رؤية وتوثيق‪ :‬محمد بن ناصر‬
‫األسمري‪( ،‬ص‪.)373 - 351‬‬
‫‪543‬‬

‫المتطوعين يف سوريا‪ ،‬وقد‬


‫ِّ‬ ‫الجهاد‪ ،‬ولم أعد من رخصتي‪ ،‬وانضممت للعرب‬
‫وصل العدد حوالي ألف مجاهد من مختلف الدول العربية‪ ،‬وأغلبهم من‬
‫البادية يف السعودية والعراق وسوريا واألردن‪ .‬وبعد تمركز هذه األعداد‬
‫ممثًل لها اسمه‪ :‬طه الهاشمي؛‬
‫ً‬ ‫شخصا‬
‫ً‬ ‫الهائلة‪ ،‬أرسلت الجامعة العربية‬
‫للوقوف على حال المجاهدين‪ ،‬وحيث إنني كنت عسكر ًّيا محرت ًفا يف‬
‫األساس يف الجيش السعودي‪ ،‬فقد اخرتت ألكون مع آخرين مثلي؛ لنكون قادة‬
‫سرايا ومدربين‪ ،‬وعلى هذا األساس فقد كان السعوديون المتطوعون كثيرين‬
‫من مختلف القبائل‪ ،‬وذهبت إلى السيد الهاشمي‪ ،‬وأخربته أننا نحن‬
‫السعوديين نريد أن يكون لنا جبهة لوحدنا‪ ،‬وسألني‪ :‬هل عددكم كبير؟ فأجب ُت ُه‬
‫باإلي جاب‪ ،‬فطلب مني إبًلغ تحياته والجامعة العربية للمجاهدين األبطال‪،‬‬
‫وحدد موعدً ا لزيارتنا‪.‬‬
‫ثم عدت إلى ربعي‪ ،‬وقلت لهم‪ :‬إنه سيأتـي إلينا مندوب من الحكومة‬
‫السعودية إلعطائنا السًلح؛ َّ‬
‫ألن هذا ما كان ينقصنا حيث تواجدنا بدون سًلحٍ‬
‫كاف‪ ،‬ولم أخربهم أن الزائر من الجامعة العربية‪ .‬وطلبت من المجاهدين‬ ‫ٍ‬

‫المتطوعين التجمع يف الميدان‪ ،‬وتجمعوا بالفعل‪ ،‬ووصل إلينا الرئيس شكري‬


‫القوتلي رئيس الجمهورية السورية رحمه اهلل‪ ،‬ومعه طه الهاشمي‪ ،‬وعدد كبير‬
‫من ضباط الجيش السوري‪ ،‬وطلب الرئيس القوتلي من المجاهدين أن يرفع‬
‫السعودي يده‪ ،‬ورفعوا أيديهم جمي ًعا‪ ،‬وعندها طلبني لمرافقته‪ ،‬وأبلغني أنه‬
‫‪544‬‬

‫سوف ينسق مع الحكومة السورية والجامعة العربية من أجل الدعم الًلزم‬


‫على وجه السرعة‪ .‬وجرت محادثات بيني وبينه‪ ،‬ووافق على أن يكون لنا جهة‬
‫ٍ‬
‫لضباط من الجيش السوري‪ ،‬ووافقنا على ذلك‪ ،‬وانضم‬ ‫بشرط أن تكون القيادة‬
‫ٍ‬
‫عندئذ مجموعة من قبيلة شمر من العراق‪ ،‬ووصل عددنا حوالي ‪1600‬‬ ‫إلينا‬
‫وس ِّميت قوتنا‪ :‬فوج اليرموك‪،‬‬
‫مجاهد متطوع‪ ،‬منهم عسكريون محرتفون‪ُ ،‬‬
‫وعينت الحكومة السورية قائدً ا لهذا الفوج؛ ضاب ًطا سور ًّيا هو المقدم محمد‬
‫صفا‪ ،‬ومساعد له برتبة نقيب اسمه حسن مهنا‪ ،‬وضابط آخر برتبة نقيب اسمه‬
‫حسن دواليبي‪ ،‬وتم إعطاؤنا سبعة من البغال لنقل أسلحتنا والذخائر‪ ،‬وتربَّعت‬
‫سًلحا‬
‫ً‬ ‫لنا الحكومة السورية بسيارات نقل إليصالنا إلى فلسطين‪ ،‬وأعطى لنا‬
‫كان من البنادق والرشاشات من صنع فرنسي‪ ،‬وبدأنا يف التجهيز للحرب حيث‬
‫كنا العسكريين المحرتفين نقوم بالتدريب وأعمال القيادة أمام القائد السوري‬
‫ومساعديه‪ .‬عاد إلينا الرئيس شكري القوتلي وخطب فينا‪ ،‬وشجعنا‪ ،‬ثم وصل‬
‫إلينا وفدٌ من نساء سوريا على رأسه ابنة الرئيس القوتلي‪ ،‬وشجعننا‪ ،‬ووزعن‬
‫على المجاهدين قمصانًا كتب عليها‪« :‬المغاوير»‪ ،‬وقمن ببث روح التشجيع‪.‬‬
‫غادرنا المعسكر يف اتجاه األردن لدخول فلسطين للجهاد من أجل إنقاذ‬
‫فلسطين وأهلها من اليهود‪ ،‬وصلنا إلى حدود األردن‪ ،‬ومنعنا من الدخول‬
‫بسبب أوامر قائد الجيش األردين حيث كان اإلنجليز هم القادة الذين‬
‫يتح َّكمون ويسيطرون على الجيش األردين‪.‬‬
‫‪545‬‬

‫بقينا على الحدود خمسة أيام‪ ،‬وقائدنا السوري يراجع يف شأن دخولنا‬
‫األردن‪ ،‬ومنه إلى فلسطين‪ ،‬ويف النهاية أبلغنا القادة السوريون أن علينا العودة‬
‫إلى سوريا‪ ،‬وعند هذا رفضنا نحن ضباط الصف قادة السرايا قبول هذا األمر‪،‬‬
‫وتقدمت أنا وسألت المجاهدين‪ :‬لماذا نحن هنا أيها الرجال؟ لقد جئنا من‬
‫أجل الجهاد؟ فصاحوا‪ :‬نعم‪ .‬فقلت‪ :‬إذن نسير إلى حيث وجهتنا‪ ،‬ومن قابلنا‬
‫نعتربه يهود ًّيا ونقتله‪ ،‬وافق الرجال على كًلمي هذا‪ ،‬لكن القائد السوري‬
‫ومساعديه لم يوافقوا على هذا‪ ،‬وساروا خلفنا‪ ،‬وغادرنا إلى فلسطين عن‬
‫ٍ‬
‫مجاهبة من العسكر‬ ‫طريق األردن‪ ،‬ويف الرمثا أول نقطة أردنية كنا ننتظر أي‬
‫األردنيين‪ ،‬وكنا مستعدين لقتالهم والدخول عنوةً‪ ،‬لكن َمن كانوا يف المركز‬
‫رفعوا الحاجز الخشبي‪ ،‬ودخلنا من بينهم وسط ترحيبهم والتصفيق والزغاريد‬
‫والتكبير والتهليل‪ ،‬وهكذا واصلنا السير تاركين على يسارنا جبل عجلون‪،‬‬
‫والمفرق والزرقاء وعمان‪ ،‬وعلى اليمين إربد‪ ،‬ووصلنا إلى هنر األردن‪ ،‬وعند‬
‫حراسا من البادية األردنية‪ ،‬ومعهم‬
‫ً‬ ‫جسر بنات النبي يعقوب وجدنا عليه‬
‫قائدهم اإلنجليزي‪،‬‬
‫وتوجهنا إليهم‪،‬‬
‫َّ‬ ‫وكان برتبة ميجر‪ ،‬ونزلنا إلى بعض ضباط الصف‪،‬‬
‫وسألونا عن وجهتنا‪ ،‬فأخربناهم أننا فدائيون قدمنا للجهاد‪ ،‬وأننا بادية‪ ،‬ومعنا‬
‫بعض إخوانكم من بادية األردن‪ ،‬فإن سمحتم لنا بالدخول فح ًّبا وكرامةً‪ ،‬وإن‬
‫شخصا‪ ،‬ونحن ‪ 1600‬مقاتل‪ ،‬ولكن لدينا خطة‬
‫ً‬ ‫رفضتم قاتلناكم‪ .‬وأنتم ‪150‬‬
‫‪546‬‬

‫تحميكم من المسؤولية‪ ،‬وقلت لهم‪ :‬سوف نطلق النار فوق رؤوسكم‪ ،‬ونقوم‬
‫طوقكم بالحراسة‪ ،‬وعندها تلقون سًلحكم‪،‬‬
‫باعتقال الضابط اإلنجليزي‪ ،‬و ُن ِّ‬
‫وفعًل نفذنا الخطة وعربنا الجسر‪ ،‬وأبقينا الضابط اإلنجليزي‬
‫ً‬ ‫ونعرب الجسر‪،‬‬
‫مربو ًطا ورهين ًة لدى الكتيبة‪ ،‬وترك بعض أفراد الحراسة األردنيين موقعهم‪،‬‬
‫وانضموا إلينا‪ ،‬وواصلنا السير حتى وصلنا بداية القرى الفلسطينية وصور‪،‬‬
‫وهي بين نابلس وجنين‪ ،‬ولم يكن يوجد فيها جيش إنجليزي‪ ،‬وخًلل سيرنا‬
‫كنا نضع حراسات على المرتفعات‪ ،‬وإذا صادفنا إنجليز ًّيا أو يهود ًّيا‪ ،‬اعتقلناه‬
‫أسيرا‪ ،‬وبلغ عدد المعتقلين لدينا ‪ 15‬ضاب ًطا‪.‬‬
‫وأبقيناه ً‬
‫إخبارا من ُح َّراسنا بطلب الحضور ٍ‬
‫ألمر‬ ‫ً‬ ‫وأثناء التقدم اليومي‪ ،‬تلقينا‬
‫هتورا‪ ،‬ووجدنا أن الحراس قد‬
‫مهم‪ ،‬وذهبت أنا تطو ًعا وشجاعةً‪ ،‬أو ربما ً‬
‫ٍّ‬
‫احتجزوا سيار ًة وركاهبا‪ ،‬وكانا ضاب ًطا يهود ًّيا وفلسطين ًّيا‪ ،‬حيث كان معهما‬
‫سيارة‪ ،‬وعليها ‪ 6‬براميل متفجرات‪ ،‬وعندما تم استيقافهما‪ ،‬صاح الفلسطيني‬
‫يف المجاهدين‪ :‬هذا الذي أنا معه ضابط من الهاجانا‪ ،‬والرباميل كلها ديناميت‪،‬‬
‫كان الهدف منها هو الدخول لمواقع الفدائيين المجاهدين لنسفها‪ ،‬تسلمنا‬
‫الرجلين‪ ،‬ووضعناهما مع بقية األسرى‪ ،‬وأبرق قائدنا محمد صفا إلى سوريا‬
‫طال ًبا إرسال خرباء يف األلغام‪ ،‬وبالفعل وصل الخرباء وكانوا عراقيين‬
‫وسوريين‪ ،‬وبعد فحص السيارة قاموا بإبطال الساعة التي كانت بين السائق‬
‫ومرافقه‪ ،‬ولم ينتبهوا إلى َّ‬
‫أن اليهود قد وضعوا تحت كل برميل مؤق ًتا‪،‬‬
‫‪547‬‬

‫وانفجرت السيارة‪ ،‬وتمزقت أجساد األبطال‪ ،‬خرباء المتفجرات رحمهم اهلل‪،‬‬


‫وهنا ثار الجنود المقاتلون غض ًبا من هذا العمل‪ ،‬وهجموا على السجن الذي‬
‫به األسرى‪ ،‬وقتلوهم حر ًقا‪ ،‬ولم يمتثلوا ألوامرنا بمنعهم من هذا؛ ألننا كنا يف‬
‫برضا منَّا كقادة فصائل وسرايا‪.‬‬
‫حاجة إلى وجود األسرى‪ ،‬وما كان هذا ً‬‫ٍ‬

‫أمرا من جامعة الدول العربية بالتحرك إلى منطقة الغور‪ ،‬حيث‬


‫تسلمنا ً‬
‫كان فيها مدينة يهودية تسمى‪( :‬الزراعة) جوار بلدة «ميسان»‪ ،‬وهذه المدينة‬
‫فيها قوة يهودية‪ ،‬وهي محصنة تحصينًا شديدً ا‪ ،‬فقد كانت محاط ًة بالخنادق‬
‫التي يبلغ عمقها مرتين‪ ،‬وعرضها كذلك‪ ،‬ومحاطة بأسًلك شائكة بعضها‬
‫مكهرب‪.‬‬
‫واليهود يف هذه التحصينات يرون المهاجمين‪ ،‬وال يراهم هؤالء‪،‬‬
‫ليًل‪ ،‬ومع الفجر نزلنا إلى الغور‪ ،‬فوجدنا‬
‫وتواجدنا يف القرى المحيطة بالزراعة ً‬
‫األرض زراعي ًة قد عبثت هبا المدرعات اليهودية‪ ،‬ويشاء اهلل سبحانه أن يهطل‬
‫يف تلك الليلة مطر غزير جعل األرض موحلةً‪ ،‬ويصعب السير عليها‪ ،‬وهذا ما‬
‫أعاق تقدمنا‪ ،‬إضاف ًة إلى المقاومة العنيفة التي قابلنا هبا اليهود‪ ،‬لكن اهلل سبحانه‬
‫ليًل يف المرتفعات المحيطة بالقرى المجاورة للبلدة‪ ،‬ويف اليوم‬
‫نصرنا‪ ،‬فقد بتنا ً‬
‫ٍ‬
‫شرسة للغاية‪ ،‬استمر القتال‬ ‫ٍ‬
‫معركة‬ ‫ليًل هبطنا إلى الغور‪ ،‬واشتبكنا يف‬
‫التالي ً‬
‫عصرا المدينة‬
‫ً‬ ‫ليًل من نسف طرق اليهود‪ ،‬ودخلنا‬
‫حتى اليوم التالي‪ ،‬وقد تمكنَّا ً‬
‫يبق علينا سوى تطهير المواقع والخنادق‪ .‬ويف‬
‫بعد أن فقدنا ‪ 83‬شهيدً ا‪ ،‬ولم َ‬
‫‪548‬‬

‫هذه األثناء طوقتنا القوات الربيطانية‪ ،‬وهنا لم يكن لنا مقدرة على مثل هذه‬
‫المواجهة‪ ،‬فقد بلغ بنا التعب من السهر ثًلث ليال‪ ،‬والقتال المستمر مبل ًغا‪،‬‬
‫ووافقنا على االنسحاب بثًلثة شروط‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫‪1‬ـ نقل الشهداء وجرحانا‪ ،‬وهم كثيرون‪.‬‬
‫‪2‬ـ حمايتنا خًلل االنسحاب حتى تجاوز حدود األمان‪.‬‬
‫‪3‬ـ إرسال سيارات لنقلنا إلى الجماهير الفلسطينية التي كانت تتفرج‬
‫علينا من المرتفعات‪.‬‬
‫وقد وافقوا على هذه الشروط‪ ،‬ووصلنا إلى الجماهير المتفرجة يف‬
‫ٍ‬
‫منظم‪ ،‬وكنت مصا ًبا إصاب ًة كبيرةً‪ ،‬ولم أ ِع بنفسي إال بعد أسبوع‬ ‫انسحاب غير‬
‫يف مستشفى جمعية النساء يف نابلس‪.‬‬
‫وقد خرجت من المستشفى‪ ،‬وعدت لرفاقي‪ ،‬وأعدنا تنظيم صفوفنا من‬
‫ٍ‬
‫جديد‪ ،‬وتقسمنا إلى مجموعات‪ ،‬حيث وضع قسم يف نابلس‪ ،‬وآخر يف جنين‪،‬‬
‫وثالث يف حيفا‪ ،‬ورابع يف ملبس‪ ،‬وخامس يف قرية نسيت اسمها ما بين تل أبيب‬
‫وملبس‪ ،‬وقمنا بالزحف مجد ًدا‪ ،‬وتم احتًلل مركز للشرطة على ساحل البحر‬
‫األبيض المتوسط‪.‬‬
‫اشرتكت منا قوة يف معركة باب الواد‪ ،‬وهو طريق ساحلي واحد يربط‬
‫بين القدس والمدن الساحلية كحيفا وتل أبيب وملبس‪ ،‬وقمنا بسد هذا الطريق‬
‫بحجارة لمسافة كيلومرت لمنع المرور عليه واستخدامه‪ ،‬ثم تمركزنا يف الجبل‪،‬‬
‫‪549‬‬

‫وأصبحنا يف موقع مسيطر على الطريق‪ ،‬ومن يمر عليه‪ ،‬وقد حاول اليهود‬
‫استعادة زمام التحكم‪ ،‬وفك الحصار‪ ،‬ولكنهم لم يفلحوا‪ ،‬وتدخل الجيش‬
‫األردين كذلك من خًلل أوامر تصدر إليه من القائد اإلنجليزي جلوب باشا ـ‬
‫أبو حنك ـ والضباط اإلنجليز الذين كانوا القادة المسيطرين‪ ،‬ومضت‬
‫محاوالت اليهود بكل السبل الستعادة الموقع‪ ،‬وفتح الطريق إلى باب الواد؛‬
‫َّ‬
‫ألن إحدى الحارات اليهودية يف القدس قد رفع سكاهنا األعًلم البيضاء لمدة‬
‫ٍ‬
‫شهر لًلستسًلم بفعل الحصار الذي ضربته قوات المجاهدين األبطال على‬
‫القدس‪ ،‬فقد أعاننا اهلل على اإلنجليز واليهود‪ ،‬ودحرناهم‪ ،‬ولم يستطيعوا‬
‫استعادة الموقع‪ ،‬وهنا فقد بدأت الطائرات اليهودية يف التحليق فوق الحارة‬
‫اليهودية المحاصرة‪ ،‬وقامت بإسقاط مؤن وطعام لليهود المحاصرين يف‬
‫يهودي سوى هذه الحارة‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫وجود‬ ‫جانب من مدينة القدس التي لم يكن فيها أي‬
‫ٍّ‬
‫واستمرت‬
‫َّ‬ ‫كثيرا‪،‬‬
‫وكانت بعض هذه المؤن تسقط علينا‪ ،‬واستفدنا منها ً‬
‫المحاوالت لفك الحصار حتى حصلت معركة عنيفة‪ ،‬وكانت مجزرة رهيبة‬
‫حيث قتل من اليهود أعداد كبيرة جدًّ ا‪ ،‬وكذلك استشهد عدد كبير من‬
‫المجاهدين‪.‬‬
‫مقاتًل متطو ًعا من المغرب‪ ،‬وكانوا‬
‫ً‬ ‫ووصل إلينا بعد هذه المعارك ‪25‬‬
‫ضباط صف‪ ،‬ولديهم خربة قتالية عالية‪ ،‬وكانوا شجعانًا ومقدامين‪ .‬وانضم‬
‫إلينا ضابط من البوسنة والهرسك ورقيب‪ ،‬وتطوع معنا ‪ 8‬من الضباط‬
‫‪550‬‬

‫اإلنجليز‪ ،‬ولم نصدق ذلك حتى استشهد بعضهم‪ ،‬وقد أبدوا بسال ًة كبير ًة يف‬
‫قتال اليهود‪ .‬ثم اتجهنا إلى الفولة والعفولة‪ ،‬وقمنا باحتًللها‪ ،‬واستشهد من‬
‫رفاقنا ‪ 6‬أشخاص يف هذه المعركة‪ .‬وكان لليهود مطار بين جنين وحيفا‪،‬‬
‫وجاءنا مندوب من اإلنجليز‪ ،‬وأبلغنا أهنم سوف يخلون المطار‪ ،‬وأنه سيكون‬
‫خال ًيا من الغد‪ ،‬وكان هذا كذ ًبا منهم‪ ،‬وما هدفهم سوى اإليقاع بنا بعد ما ذاقوا‬
‫واليهود بأس المجاهدين األبطال‪ ،‬فقد أخلوه بالفعل‪ ،‬ولكنهم وضعوا مكاهنم‬
‫اليهود‪ ،‬ولم ُن ِض ِع الفرصة‪ ،‬فقد تقدمنا بسرعة خاطفة‪ ،‬وقمنا باحتًلل المطار‪،‬‬
‫ولم يزل بعض اإلنجليز متواجدين فيه‪ ،‬وو َّلوا هاربين تحت وابل من رصاص‬
‫مجاهدينا تاركين أسلحة كبيرة‪ ،‬ومعدات وذخائر ومؤنًا‪ ،‬وتمركزنا يف الموقع‪،‬‬
‫وتقدم اليهود‪ ،‬ولم يعلموا أننا قد سبقناهم باحتًلل المكان‪ .‬وحصلت معركة‬
‫رهيبة ُقتِ َل فيها من اليهود أعداد كبيرة جدًّ ا‪ ،‬واليهود ال يرتكون أي قتي ٍل لهم يف‬
‫ميدان القتال‪ .‬ويف هذه المعركة واحتًللنا المباغت غنمنا الكثير‪ ،‬وقد بقي‬
‫الجيش السوري مدة شهر يف نقل هذه الغنائم‪.‬‬
‫وتقدمنا إلى مشمار هايمك على سفح جبل الكرمل من الشرق‪ ،‬وحيفا‬
‫شماله‪ ،‬والملبس جنو ًبا‪ ،‬حيث كان مقر حزب الليكود‪ ،‬وتم احتًللنا للموقع ـ‬
‫مشمار هايمك ـ وبقي علينا تطهير الموقع‪ ،‬ويف هذه األثناء من عمليات الحرب‬
‫جاءنا قائد جديد للفوج ـ اليرموك ـ وهو فوزي القاوقجي‪ ،‬وهو رجل من الثوار‬
‫المجاهدين‪ ،‬وله تاريخ مشهود يف النضال‪ ،‬ودخل علينا يف المعركة‪ ،‬وطلب‬
‫‪551‬‬

‫حضور القادة الميدانيين‪ ،‬ووصلنا إليه‪ ،‬ووجدنا عنده مختار البلدة وقائد‬
‫القوات اإلنجليزية يف حيفا وجلمة‪ ،‬ومعهم مساعدون آخرون‪ ،‬وقال لنا‬
‫بالحرف الواحد‪ :‬نحن عرب أهل شيمة وأهل كرامة‪ ،‬وهؤالء يطلبون مني‬
‫مهلة ‪ 24‬ساع ًة إلخًلء المدينة من النساء واألطفال‪ ،‬وأنا قد أعطيتهم هذا‬
‫الوعد‪ ،‬وأحببت إبًلغكم بذلك‪ ،‬وهنا شعرنا أن يف األمر خيانة ال سيما وأن‬
‫رأسا على عقب بعد زيارته للملك عبداهلل‪ ،‬وتقلده‬
‫القاوقجي قد تبدلت مواقفه ً‬
‫وسا ًما‪ ،‬ولقب الباشوية‪ ،‬وانصرفنا منه إلى وحداتنا‪ ،‬وأمرناهم بالقتال‪ ،‬ورفضنا‬
‫أوامر القاوقجي‪ ،‬ولم تمض سوى ساعات حتى وجدنا الجيش اإلنجليزي قد‬
‫طوقنا من جميع الجهات‪ ،‬واختفى القاوقجي يف الحال حيث توجه بعض‬
‫ِ‬
‫يختف لكان قد ذبح‪ ،‬بقينا تحت هذا‬ ‫المجاهدين إلى مقره لقتله‪ ،‬ولو لم‬
‫الحصار ‪ 25‬يو ًما‪ ،‬ونالنا الكثير من التعب والضنك والجوع والظمأ‪ ،‬حيث كنا‬
‫شخصا من أجل الثبات‪ ،‬وعندما بلغ بنا اليأس درجة‬
‫ً‬ ‫نقسم الدجاجة على ‪40‬‬
‫ٍ‬
‫حمار من البلدة‪ ،‬وحملنا عليه ألغا ًما‪ ،‬وقمنا‬ ‫كبيرة‪ ،‬قمت ومعي ‪ 4‬جنود بأخذ‬
‫ليًل إلى موقع جسر جلمة‪ ،‬وهو الطريق الوحيد لعبور القوات‬
‫بالتسلل ً‬
‫اإلنجليزية من حيفا‪ .‬وقمنا بنسف الجسر‪ ،‬ورجعنا بعد أن تدمر الجسر‪،‬‬
‫وتعطل المرور‪ .‬وبعد هذا الحال تجمعنا نحن القادة‪ ،‬وبحثنا ما لحقنا من‬
‫القصي والجوع والظمأ‪ ،‬وتداولنا يف وضعنا حيث يتواجد الفلسطينيون وراءنا‬
‫يف القرى والمدن‪ ،‬واإلنجليز خلفنا‪ ،‬واليهود أمامنا يف المدينة‪ ،‬واتفقنا على‬
‫‪552‬‬

‫وفعًل تمت العملية وفتحنا الحصار‬


‫ً‬ ‫القيام بعملية انتحارية لفك الحصار‪،‬‬
‫المضروب علينا‪ ،‬واتصلنا بالجماهير الفلسطينية‪ ،‬وتراجعنا حيث أمدونا‬
‫بالطعام فقط‪ ،‬فقد كانوا مغلوبين على أمرهم‪ ،‬وكان اإلنجليز يحبسون َمن‬
‫يحمل السكين من الفلسطينيين‪.‬‬
‫ٍ‬
‫بأعمال غاية يف الدقة والشدة والبأس‪ ،‬وتم تقسيم فلسطين إلى‬ ‫لقد قمنا‬
‫ٍ‬
‫اتصال‪ ،‬حتى قدمت الجيوش العربية النظامية‪،‬‬ ‫‪ 7‬أقسام‪ ،‬ال يوجد بينها أي‬
‫ودخلت المعارك‪ .‬وقد كان دخول الجيش العراقي مثار الفخر‪ ،‬فقد كان أكرب‬
‫عربي دخل الحرب‪ ،‬حيث كان تعداده ما يقارب من ‪ 50‬ألف مقاتل‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫جيش‬
‫ٍّ‬
‫وقد تقدم قائد الميمنة لهذ الجيش أبو علي‪ ،‬ودمر محطة الكهرباء يف مدينة‬
‫المشروع‪ ،‬حيث كانت هذه المحطة تغذي كل فلسطين بالكهرباء‪ ،‬وبفعل هذا‬
‫العمل البطولي هرب اليهود من فلسطين‪ ،‬وبقي التيار مقطو ًعا لمدة ثًلثة‬
‫أسابيع‪ ،‬ولم يمض سوى بضعة أسابيع حتى طار عبد اإلله ‪-‬الوصي على‬
‫عرش العراق‪ -‬إلى األردن؛ لكي يحاكم أبا علي وأركاناته على هذا الفعل‪،‬‬
‫وذلك بالطبع تحت تأثير اإلنجليز‪ ،‬وعندها ترك أبو علي وأركانه الجيش‬
‫العراقي‪ ،‬وذهبوا إلى سوريا من أجل مواصلة الجهاد ضد اليهود الصهاينة‪.‬‬
‫كان مسار الجيش العراقي وتقدمه على الخطوط نفسها التي كنا نقاتل‬
‫فيها كفدائيين حتى تس َّلموا منا المركز الذي سبق ذكره‪ ،‬ويف خًلل تقدُّ م‬
‫الجيش العراقي البطل يصدر القائد العام للجيوش العربية الملك عبداهلل بن‬
‫‪553‬‬

‫الحسين أوامره باالنسحاب إلى الوراء لمسافة ‪ 170‬كيلومرتًا إلى طولكرم‪،‬‬


‫وقد كان هذا فيما أرى لتحقيق مطلب تقسيم فلسطين إلى دولتين؛ يهودية‬
‫وعربية‪ ،‬تضم إلى مملكته‪ ،‬وهكذا سارت الحرب النظامية بين الجيوش‬
‫العربية واليهود حتى ضاعت فلسطين‪.‬‬
‫هكذا ُأبعدنا بالقوة من ميدان الكفاح والجهاد‪ ،‬ويف األنفس غضب‬
‫وحرقة‪ ،‬ويف القلب أسى ولوعة‪ ،‬ووصل إلينا المقدم خالد الصحن من الجيش‬
‫األردنـي ومعه ‪ 40‬جند ًّيا لتس ُّلم موقعنا‪ ،‬وقد تس َّلم منَّا موقع لواء كامل يف‬
‫مناطق حساسة للغاية‪ ،‬وأبلغنا أن علينا سرعة المغادرة بنا ًء على أوامر القائد‬
‫العام للجيوش العربية الملك عبداهلل‪ ،‬وتجمعنا وانسحبنا ونحن قوة هائلة‪،‬‬
‫فقد كان لدينا ‪ 97‬سيارة من مختلف األنواع‪ ،‬منها ‪ 37‬مدرعة من صنع تل‬
‫أبيب‪ ،‬و‪ 300‬مدفع هاون‪ .‬وعند وصولنا إلى صويلح من فوق عمان‪ ،‬واجهنا‬
‫عقيدً ا من البًلط الملكي‪ ،‬وأبلغنا عن أمر القائد العام الملك عبداهلل أن تنزل‬
‫قوتنا يف معسكر العبدلي‪ ،‬فقلنا له عن أمر المدفع والرشاش سوف نمر من‬
‫فعًل‬ ‫ٍ‬
‫جدال رفضنا أمر الشريف عبداهلل‪ ،‬وسرنا ً‬ ‫وسط عمان إلى سوريا‪ ،‬وبعد‬
‫من وسط عمان وسط تصفيق الجماهير حتى وصلنا إلى سوريا‪.‬‬
‫ويف أثناء قتالنا طوال بقائنا على أرض فلسطين‪ ،‬كنا نرفع العلم السعودي‬
‫توجهت إلى السفارة‬
‫على كل موقع نحتله‪ ،‬وبعد وصولنا إلى سوريا‪َّ ،‬‬
‫السعودية‪ ،‬وقابلت السفير عبدالعزيز بن زيد رحمه اهلل‪ ،‬ورحب بنا‪ ،‬وفرح‬
‫‪554‬‬

‫بقدومنا‪ .‬وكان قد سمع عنَّا يف األخبار‪ ،‬ولم يكن لدى حكومتنا علم عنا‪،‬‬
‫وأبرق إلى الملك عبدالعزيز رحمه اهلل‪ ،‬ثم زارنا يف المعسكر‪ ،‬ويف الحال أرسل‬
‫الملك عبدالعزيز مستشاره فؤاد حمزة‪ ،‬وزارنا يف موقعنا‪ ،‬واصطحبنا معه إلى‬
‫السفارة‪ ،‬وأخذ مني معلومات كثيرة عن الفوج‪.‬‬
‫أمر من سوريا بدخول الحرب مرة أخرى عن طريق لبنان‪،‬‬
‫وصلنا ٌ‬
‫وبالفعل دخلنا الحرب‪ ،‬واستمرت ضراوة المعارك مع اليهود‪ .‬وقرب الناصرة‬
‫قام اليهود باحتًلل شفا عمرو من فوق عكا‪ ،‬وهذا الموقع يكشف جناحنا‬
‫األيمن‪ ،‬وسلكت قوة من المجاهدين‪ ،‬ومن ضمنهم الضباط اإلنجليز الثمانية‬
‫الذين انضموا إلينا‪ ،‬وتحركنا إلى الناصرة‪ ،‬وتوقفنا لتنظيف السًلح استعدا ًدا‬
‫للقتال‪ ،‬وتوجهت وأنا برتبة مًلزم حيث رقيت من ِق َب ِل القيادة‪ ،‬ومعي الضابط‬
‫اليوغسًليف ـ البوسني ـ والضابط السوري عز الدين اللحام إلى موقع عراقي‬
‫قريب للتنسيق معهم من داخل مدينة الناصرة‪ ،‬وهنا فقد كان النصارى سكان‬
‫ليًل يف منازلهم‪ ،‬ومباين المدارس‪ ،‬ومع بداية الصباح‬
‫المدينة قد آووا اليهود ً‬
‫ٍ‬
‫عنيف من كل االتجاهات‪ ،‬وقابلتنا دبابة‬ ‫فوجئنا باهنمار الرصاص علينا بشك ٍل‬
‫يهودية‪ ،‬وأحرقت السيارة الجيب التي كنت فيها وزمًلئي‪ ،‬وأصبت بجراح‬
‫بالغة‪ ،‬واعتربنا يف عداد الشهداء أو األسرى‪ ،‬ولكن اهلل س َّلمنا حيث اختبأنا‬
‫تحت أحد الجسور لمدة أربعة أيام‪ ،‬أما سريتنا فقد تعرض أفرادها للقتل نتيجة‬
‫الهجوم المباغت عليهم من بيوت النصارى وهم يف حالة تنظيف السًلح‬
‫‪555‬‬

‫استعدا ًدا للقتال يف اليوم التالي‪ .‬وقتل معهم ‪ 4‬من الضباط اإلنجليز‪ .‬وتم َأسر‬
‫‪ 47‬جند ًّيا من سريتي‪ ،‬وتم أخذهم إلى سجن عكا‪ ،‬وهو سجن حصين‪ ،‬أعتقد‬
‫أنه مبني من عهد الصليبيين‪ ،‬ووجد هؤالء األسرى يف السجن ‪ 3000‬يهودي‬
‫عربي قام اليهود األوربيون الصهاينة بسجنهم؛ ألهنم رفضوا قتال إخواهنم‬
‫ٍ‬
‫ضيافة‪ ،‬حيث قام اليهود العرب‬ ‫العرب‪ ،‬وهنا فقد تبدَّ ل حال األسرى إلى‬
‫المسجونون بإكرام األسرى الـ ‪ ،47‬وبعد أسبوع فتحوا أبواب السجن‪،‬‬
‫وأطلقوا سراحهم‪ ،‬وطلبوا منهم إبًلغ سًلمهم للمجاهدين‪.‬‬
‫أعود للحديث عن إصابتي وبقائي ورفاقي تحت الجسر‪ ،‬فقد قام اليهود‬
‫بتجميع النساء واألطفال والعجزة بالقوة‪ ،‬وأجلوهم عن مناطقهم التي يعيشون‬
‫فيها‪ ،‬ودخلت ورفاقي بينهم‪ ،‬ووصلنا إلى المغاوير من جندنا الذين كانوا‬
‫ينسفون الطرق والجسور‪ ،‬وغبت عن َوعيي نتيجة النزف المتواصل ُمدَّ ة بقائي‬
‫مصا ًبا تحت الجسر‪ ،‬ولم أفق إال يف مستشفى القوات المسلحة يف لبنان‪ ،‬حيث‬
‫حضرت طائرة عسكرية لبنانية نقلتني للعًلج‪ .‬وعندما حضر مدير المستشفى‬
‫تم لي ما أردت‪ ،‬وخابرت‬
‫وفعًل َّ‬
‫ً‬ ‫طلبت منه أن يحضر لي رقم وزير الدفاع‪،‬‬
‫ُ‬
‫الوزير السيد شوكت شقير‪ ،‬وأبلغته أنني ضابط من المجاهدين السعوديين‪،‬‬
‫وجنودي خلفي لو علموا بغيابي فسوف يتفككون‪ ،‬وأنه ال بد من عوديت إليهم‪.‬‬
‫وقد عرفني الوزير اللبناين‪ ،‬وأمر بسيارة لعوديت‪.‬‬
‫بعد المعارك الطويلة التي جرت يف لواء الجليل األعلى يف صفد‬
‫‪556‬‬

‫والناصرة والحولة والمنارة التي استشهد فيها ‪ 26‬شهيدً ا‪ ،‬وقتل فيها من اليهود‬
‫أكثر من ‪ 500‬يهودي‪ ،‬كما نشرت ذلك الصحف اللبنانية‪ ،‬ولم يتم َّكن اليهود‬
‫ٍ‬
‫مفاوضات معنا من أجل إعادة نساء لبنانيات‬ ‫من أخذ جثث قتًلهم إال بعد‬
‫خطفوهن من القرى اللبنانية‪ .‬وقد كسبنا يف هذه المعركة مجموع ًة من‬
‫المدرعات‪ ،‬وسيارات جيب‪ .‬ثم صدر قرار الهدنة التي فرضتها أمريكا‪،‬‬
‫وتدخلت بقواهتا وخربائها وطائراهتا لصالح اليهود‪ ،‬وقلبت الموازين يف غير‬
‫صالح العرب‪ .‬وصدرت الهدنة الثانية‪ ،‬وأمرتنا الجامعة العربية باالنسحاب‬
‫والعودة إلى سوريا‪ ،‬وقد عدت إلى سوريا‪ ،‬وحضر إلينا مرة أخرى مندوب‬
‫الملك عبدالعزيز رحمه اهلل فؤاد حمزة‪ ،‬واجتمعت وإياه والسفير ابن زيد‪،‬‬
‫وثًلثة من كبار ضباط الجيش السوري برئاسة العميد فوزي سلو بعد‬
‫استمرت يومين‪ ،‬توصلنا إلى أن نكون الفوج السعودي يف سوريا‪،‬‬
‫َّ‬ ‫مداوالت‬
‫وتحت إمرة الجيش السوري‪ ،‬وقد عين لنا قائد جديد من سوريا هو المقدم‬
‫بشير الحواصلة‪ ،‬وعينت أنا قائدً ا للسرية األولى‪ ،‬وزميلي سعدون حسين‬
‫الشمري قائد للسرية الثانية‪ .‬وكان تعداد الفوج حوالي ‪ 900‬مقاتل من مختلف‬
‫ٍ‬
‫بالتوجه إلى الجوالن‪ ،‬وتمركزنا يف منطقة ُت َّ‬
‫سمى «بانياس»‪،‬‬ ‫ُّ‬ ‫الرتب‪ .‬وأمرنا‬
‫تشرف على سهل الحولة وبحيرة طربيا‪ ،‬وكانت مهمتنا الدفاع عن هذه‬
‫المناطق‪ .‬وحدث أن قام انقًلب عسكري يف سوريا ضد الرئيس شكري‬
‫القوتلي‪ ،‬وطلب قائد االنقًلب االجتماع بالضباط‪ ،‬وحضرت أنا وسعدون‬
‫‪557‬‬

‫حسين عن الفوج السعودي إلى القصر الجمهوري يف المهاجرين‪ .‬وخطب فينا‬


‫وقال‪ :‬بالنسبة للضباط السوريين‪ ،‬فإهنم قد أصبحوا مرقين رتبة واحدة‪ ،‬وأما‬
‫بالنسبة للضباط السعوديين‪ ،‬فقد أمر وزير الدفاع عبداهلل عطفة بالطلب إلى‬
‫تم ذلك بالفعل‪ ،‬لكن الملك عبدالعزيز لم‬
‫الحكومة السعودية ترقيتنا‪ ،‬وقد َّ‬
‫يرض عن االنقًلب؛ ألن الرئيس القوتلي كان صدي ًقا للملك عبدالعزيز‬
‫رحمهما اهلل‪ ،‬وطلب منا السفير أنا وسعدون أن نذهب أو أحدنا إلى الرياض‬
‫بنا ًء على طلب الملك‪ ،‬ثم أرسل لنا الملك عبدالعزيز ‪ 70‬سيارة لنقلنا‪ ،‬وأمرين‬
‫ٍ‬
‫وأسلحة للجيش السوري‪ .‬وقد‬ ‫ٍ‬
‫ومعدات‬ ‫ٍ‬
‫سيارات‬ ‫وسعدون بتسليم ما لدينا من‬
‫أبرقت للملك عبدالعزيز عن وجود ‪ 150‬عائلة سعودية يف الشام كان آباؤهم‬
‫السبل‪ ،‬وقد‬
‫إما جنو ًدا يف الجيش الفرنسي قبل استقًلل سوريا‪ ،‬أو انقطعت هبم ُّ‬
‫ولي العهد األمير سعود‬
‫وافق على هذا‪ ،‬وغادروا معنا إلى السعودية‪ ،‬وأمر ُّ‬
‫رحمه اهلل أمراء المراكز على جوانب خط أنابيب التابًلين بتقديم المساعدات‪،‬‬
‫وتفقد أحوالنا‪ .‬وقد جرى لنا استقبال يف حفر الباطن بعد سفر متواصل لمدة‬
‫‪ 26‬يو ًما‪ .‬وطلبنا مهلة لمدة ‪ 24‬ساعة لغسل مًلبسنا‪ .‬ولم تمض إال دقائق حتى‬
‫وصلت برقية من الملك عبدالعزيز بالتوجه ً‬
‫حاال‪ ،‬وبالفعل توجهنا صوب‬
‫الرياض‪ ،‬ووصلنا إلى رماح‪ ،‬ومنه إلى الرياض حيث جرى لنا استقبال كبير‪،‬‬
‫واستعراض بديع‪ ،‬وجهز لنا معسكر من الخيام تحت جبل أبي مخروق‪.‬‬
‫ُ‬
‫وخ ِّصص لي أنا وزميلي سعدون حسين الشمري خيمتان متقابلتان‪.‬‬
‫‪558‬‬

‫ويف فجر اليوم التالي حضر إلينا ولي العهد األمير سعود بن عبد العزيز‪،‬‬
‫وتناول معنا طعام اإلفطار‪ ،‬ثم صحبني و«سعدون» معه يف سيارته‪ ،‬وذهب بنا‬
‫ووجه لنا كًل ًما‬
‫إلى مجلس الملك عبدالعزيز‪ ،‬ورحب بنا رحمه اهلل‪ ،‬وفرح بنا‪َّ ،‬‬
‫أعتز به‪ ،‬فقد قال‪« :‬هاذوال عيالي اللي ما أحد عمدهم‪ ،‬وال موهنم‪ ،‬وال‬
‫ال زلت ُّ‬
‫صرف عليهم‪ ،‬راحوا للجهاد ب َّيض اهلل وجوههم‪ .‬وأنت يا سعود‪ ،‬أوصيك هبم‪،‬‬
‫متوجه للحج»‪ ،‬وغادر رحمه اهلل إلى الحج‪ .‬وقد رفع األمير سعود إلى‬
‫ِّ‬ ‫وأنا‬
‫الملك عبدالعزيز طال ًبا ترقيتنا إلى الرتب التي تلي رتبنا التي وصلنا إليها‪،‬‬
‫وترقيت أنا إلى مًلزم أول‪ ،‬وشمل أمر الملك عبدالعزيز برتقية َمن يحسن‬
‫القراءة والكتابة من الجنود وصف الضباط‪ ،‬أما َمن ال يقرأون‪ ،‬فيبقون على‬
‫ٍ‬
‫عالية يف القوات المسلحة السعودية‬ ‫تدرج الكثير منهم إلى ٍ‬
‫رتب‬ ‫رتبهم‪ .‬وقد َّ‬
‫الباسلة‪ ،‬ومنهم اللواء حسين بن ناصر العساف الذي كان معنا يف الفوج منذ‬
‫بطًل‪ ،‬وهو األمين على سجًلت الفوج‬
‫البداية وهو صغير يف السن‪ ،‬وقد كان ً‬
‫السعودي‪ ،‬وهو الذي سلم السجًلت إلى وزارة الدفاع يف الطائف‪ .‬وبقيت أنا‬
‫وسعدون حسين ضيو ًفا على األمير سعود‪.‬‬
‫وقام الحرس الملكي باستعراض لنا‪ ،‬وأمر سعود بصرف راتب شهرين‬
‫ألفراد الفوج الذين حضروا معنا من سوريا‪ ،‬ويف منتصف الليل أرسل لي‬
‫األمير سعود‪ ،‬ووصلنا إليه‪ ،‬ولم يكن معه أحد سوى سعيد جودت رئيس‬
‫الحرس الملكي‪ ،‬ومعه كاتب‪ ،‬وسألني‪ :‬من أين هم جنودك؟ فأجبته‪ :‬إن‬
‫‪559‬‬

‫أكثرهم من شمر الجزيرة‪ ،‬وأنا اليامي‬


‫الوحيد بينهم‪ ،‬وأنا مسؤول عنهم‪ ،‬فهم رجال أبطال‪ .‬فقال لي‪ :‬سمعنا‬
‫ٍ‬
‫أوسمة من سوريا وفلسطين‪ ،‬ونحن ما عندنا أوسمة‪ ،‬لكن‬ ‫أنكم حصلتم على‬
‫عندنا قردة وخنجر من الذهب‪ ،‬وسلمني إياها‪ ،‬ثم أمرنا بالتوجه إلى الحج‪.‬‬
‫وذهبنا للحج حيث أمر لنا األمير منصور وزير الدفاع بسيارات‪ ،‬وأدينا‬
‫الحج‪ ،‬ثم صعدنا إلى الطائف‪ ،‬وحصل لنا عدم قبول لمن قدم معي بسبب‬
‫بعض الوشايات من بعض ضعاف النفوس‪ .‬وكاد الفوج يتفكك‪ ،‬وطلب‬
‫البعض منهم العودة إلى الشام‪ ،‬لكن شهامة آل سعود شتتت الوشايات‪ ،‬وطلب‬
‫مني األمير منصور تسليم قيادة الفوج‪ ،‬وأن أبقى يف مكة المكرمة‪ ،‬وبقيت يف‬
‫حسب أمره‪ ،‬حيث قال لي‪ :‬تبقى بجانب الهاتف‪ ،‬وبعد يومين طلبني‬
‫الضيافة َ‬
‫للتوجه إليه‪ ،‬وعندما وصلت إليه قال لي‪ :‬سوف نذهب لألمير فيصل بن‬
‫كل‬ ‫ٍ‬
‫أسئلة يوجهها لك‪ ،‬وأجب على ِّ‬ ‫عبدالعزيز نائب الملك‪ ،‬وال تخف من أي‬
‫ما يسأل عنه‪ ،‬وقابلت األمير فيصل‪ ،‬وسألني‪ :‬أنت اليامي؟ قلت‪ :‬نعم‪ ،‬وسألني‬
‫أسئل ًة كثير ًة سياسي ًة متنوع ًة عن سوريا‪ ،‬وقادة االنقًلب‪ .‬ثم سألني‪ :‬هل معك‬
‫جواز سفر؟ فقلت‪ :‬ال‪ ،‬فأمر صالح العباد بإعطائي جواز ٍ‬
‫سفر‪ ،‬وأمرين بالتوجه‬
‫إلى سوريا ألكون ملح ًقا عسكر ًّيا وأنا مًلزم أول‪ .‬وذهبت إلى الشام‪،‬‬
‫وتس َّلمت عملي يف السفارة‪ ،‬وبقيت لمدة سنة ونصف‪ ،‬ثم طلبني األمير‬
‫منصور‪ ،‬وعدت ضاب ًطا يف القوات المسلحة‪.‬‬
‫‪560‬‬

‫تدرجت يف الرتب العسكرية حتى وصلت إلى رتبة عميد‪ ،‬و ُأ ِحلت على‬
‫التقاعد عام ‪1385‬هـ‪.‬‬
‫بعد يومين من إحالتي على التقاعد‪ ،‬تسلمت يف نجران برقي ًة من األمير‬
‫عبداهلل بن عبدالعزيز رئيس الحرس الوطني بإبًلغي بصدور أمر ملكي بإعاديت‬
‫للخدمة يف الحرس الوطني‪.‬‬
‫وترقيت إلى رتبة لواء‪ ،‬و ُأحلت على التقاعد‬
‫ُ‬ ‫بقيت يف الحرس الوطني‪،‬‬
‫ُ‬
‫عام ‪1396‬هـ‪ ، )1( ،‬وكانت وفاته رحمه اهلل يف عام ‪1434‬هـ ‪ ،‬تقري ًبا ‪.‬‬

‫مشرفة يف خدمة الوطن ومنطقة نجران بشكل خاص‪ ،‬وله مواقف شجاعة‬
‫(‪ )1‬لقد كان له مواقف ِّ‬
‫ورجولية أثناء األزمات‪ ،‬مثل حرب تحرير الكويت‪ ،‬حيث قابل األمير سلطان بن عبدالعزيز وزير‬
‫الدفاع ـ رحمه اهلل ـ وقال له‪ :‬أنا اللواء علي بن ذياب اليامي قد شاركت يف خدمة الوطن والدين‬
‫والعقيدة حتى تقاعدت‪ ،‬واآلن الوطن يمر بأزمة‪ ،‬وأنا اآلن قد أحضرت سًلحي وبدلتي العسكرية‬
‫يف السيارة‪ ،‬وإنني أريد أن أختم حيايت بخدمة هذا البلد‪ ،‬وأريد أن اتطوع وأعرف المنطقة الشمالية‬
‫والشرقية شربًا شربًا‪ ،‬ومستعد للتعاون مع حكومتي يف خدمة الوطن‪ ،‬فرحمه اهلل رحمة واسعة‪،‬‬
‫وأسكنه فسيح جناته‪.‬‬
561
562
563
564
565
‫‪566‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬دولة بين حامت يف صنعاء‬

‫‪ 492‬ــ ‪569‬هـ‬

‫‪ 1099‬ــ ‪1169‬م‬

‫(‪)1‬‬
‫قائمة سالطني بين حامت‬

‫بعد موت سبأ بن أحمد الصليحي سنة ‪492‬هـ ـ ‪1099‬م ـ وهو السلطان‬
‫الثالث من سًلطين آل الصليحي ـ تغلب حاتم بن المغ ِّلسي الهمداين على‬
‫صنعاء وما جاورها‪ ،‬وأطاعته قبائل همدان‪.‬‬
‫السـالطين مدة الحـكم‬
‫اسم السلطان ‪ -‬هجـــــــــري ‪ -‬ميـــــــــًلدي‬
‫‪1‬ـ حاتم بن علي الهمداين ‪ 492( :‬ـ ‪502‬هـ ـ ‪1099‬ـ ‪1109‬م)‪.‬‬
‫‪2‬ـ (ابنه) عبداهلل بن حاتم ‪ 502( :‬ـ ‪505‬هـ ـ ‪ 1109‬ـ ‪1111‬م)‪.‬‬

‫(‪ )1‬اليمن عرب التاريخ (ص‪ ،)210‬وكتاب‪ :‬الصليحيون والحركة الفاطمية يف اليمن‪ ،‬تأليف‪ :‬حسين بن‬
‫فيض اهلل الهمداين‪( ،‬ص‪ ،)239‬وكتاب‪ :‬نجران الحديثة‪ ،‬تأليف‪ :‬سيد الماحي‪( ،‬ص‪،)44 - 29‬‬
‫وكتاب‪ :‬طرفة األصحاب يف معرفة األنساب‪ ،‬تأليف‪ :‬عمر بن يوسف بن رسول‪( ،‬ص‪،)118 ،117‬‬
‫وكتاب‪ :‬العجمان وزعيمهم راكان بن حثلين‪ ،‬أبو عبدالرحمن بن عقيل الظاهري‪( ،‬ص‪،)229‬‬
‫وكتاب الدرر المفاخر يف أخبار العرب األواخر‪ ،‬محمد البسام التميمي‪ ،‬تحقيق‪ :‬سعود بن غانم‬
‫الجمران العجمي‪( ،‬ص‪.)107‬‬
‫‪567‬‬

‫‪3‬ـ معن بن حـــــــــــاتم(‪ 505( :)1‬ـ ‪510‬هـ ـ ‪1111‬ـ ‪1116‬م)‪.‬‬


‫‪4‬ـ هشـام بــــــن القبيب ‪ 510( :‬ـ ‪518‬هـ ـ ‪1116‬ـ ‪1124‬م)‪.‬‬
‫‪5‬ـ حماس بـــــن القبيب ‪ 518( :‬ـ ‪527‬هـ ـ ‪1124‬ـ ‪1132‬م)‪.‬‬
‫‪6‬ـ حاتم بن أحمد بن عمران‪533( :‬ـ ‪556‬هـ ـ ‪1139‬ـ ‪1162‬م)‪.‬‬
‫‪7‬ـ علي بن حاتم بن أحمد ‪ 556( :‬ـ ‪569‬هـ ـ ‪1162‬ـ ‪1174‬م)‪.‬‬
‫حاتم بن أحمد بن عمران بن الفضل بن علي أبي زيد بن ال َغمر بن‬
‫الصعب بن الفضل بن عبد اهلل بن سعيد بن الغوث بن أل َغز بن َمذكَر بن يام بن‬
‫أص َبا بن دافع بن مالك بن جشم األوسط بن جشم األكرب بن حربان بن نوف‬
‫بن همدان بن مالك بن زيد بن أوسلة بن ربيعة بن الخيار بن زيد بن كهًلن بن‬
‫سبا بن َيش ُجب بن َيع ُرب بن قحطان بن هود عليه السًلم(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬خلعه أحمد بن عمران بن الفضل اليامي بعد أن جمع قبائل همدان يف محل يدعى (مصب الدروع)‬
‫هبمدان‪ ،‬وجعل اإلمارة يف بني القبيب وهما‪ :‬هشام وحماس فتقدما إلى صنعاء وحاصرا معن بن‬
‫حاتم يف الدرب الذي كان يعرف بـ (درب القطيع)‪.‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬الصليحيون والحركة الفاطمية يف اليمن‪ ،‬تأليف‪ :‬حسين بن فيض اهلل الهمداين‪،‬‬
‫(ص‪ ،) 137‬وكتاب‪ :‬تاريخ اليمن المسمى المفيد يف أخبار صنعاء وزبيد‪ ،‬لنجم الدين عمارة بن‬
‫علي اليمني‪( ،‬ص‪ ،)313‬وكتاب‪ :‬طرفة األصحاب يف معرفة األنساب‪ ،‬تأليف‪ :‬عمر بن يوسف بن‬
‫رسول‪( ،‬ص‪ ،)118 ،117‬وكتاب‪ :‬مطلع البدور ومجمع البحور يف تراجم رجال الزيدية‪ ،‬تأليف‪:‬‬
‫أحمد بن صالح بن أبي الرجال‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد الرقيب مطهر محمد حجر‪ ،)642/1( ،‬ط‪1‬‬
‫(‪1425‬هـ ‪2004 -‬م)‪ ،‬وكتاب‪ :‬السيرة المنصورة إلمام عبد اهلل الحمزة‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي فراس بن‬
‫دعثم‪ ،‬تحقيق‪ :‬الدكتور‪ :‬عبد الغني محمود عبد العاطي‪( ،‬ص‪ )61‬دار الفكر المعاصر‪ ،‬راجع‬
‫كتاب‪ :‬نجران محمد أبو ساق (ص‪.)201‬‬
‫‪568‬‬

‫وقد ذكر صاحب كتاب «المفيد يف أخبار صنعاء وزبيد»‪ ،‬لنجم الدين‬
‫عمارة بن علي اليمني(‪ )1‬عن بني حاتم‪ ،‬فيقول‪« :‬وبعد الثناء على بيت عمران‬
‫بن الفضل اليامي‪ ،‬وأنه بيت رئاسة مثالية اتسمت بكل السمات الرفيعة‪ ،‬فمن‬
‫مجد وسؤدد وشجاعة وجود إلى أدب وعلم‪ ،‬وكل واحد منهم يتحلى بمكارم‬
‫األخًلق‪ ،‬ومعالي األمور‪.)2(»...‬‬
‫وأما حاتم ‪ -‬وما أدراك ما حاتم ‪ -‬فهو خاتم األجواد‪ ،‬وحامل راية العلم‬

‫(‪ )1‬هو أبو محمد عمارة بن أبي الحسن علي بن محمد بن زيدان الحكمي اليمني الملقب بنجم الدين‪،‬‬
‫الشاعر المشهور فهو من قبيلة قحطان ثم من قبيلة الحكمي بن سعد العشيرة بن مالك بن أدد بن‬
‫زيد بن عمرو بن عريب بن زيد بن كهًلن بن سبا‪ ،‬مولده يف حدود‪515( :‬هـ) يف قرية الزرائب‪ ،‬وقد‬
‫نشأ عمارة يف بيت ِعلم وصًلح وفقه ورياسة‪ ،‬رحلته يف طلب العلم إلى زبيد‪ ،‬ودرس على يد الفقيه‬
‫أبي محمد بن أبي القاسم‪ ،‬وهو شيخه الوحيد يف الفقه الشافعي‪ ،‬وقد منح لقب (الفقيه) ثم‬
‫(القاضي)‪ .‬كتب عنه ياقوت الحموي يف معجمه‪ ،‬وابن خلكان يف وفياته‪ ،‬والمقريزي يف خططه‪،‬‬
‫ً‬
‫مقتوال‪ ،‬له‬ ‫والجندي يف سلوكه‪ ،‬والخزرجي يف طرازه‪ ،‬والسيوطي يف طبقاته‪ ،‬وقد مات يف مصر‬
‫مؤلفات‪ :‬مثل‪ :‬ديوان شعر‪ ،‬وقد طبع يف مصر‪ ،‬النكت العصرية يف الوزارات المصرية وقد طبع يف‬
‫أوربا‪ ،‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬الصليحيون والحركة الفاطمية يف اليمن‪ ،‬تأليف‪ :‬حسين بن فيض اهلل الهمداين‪،‬‬
‫(ص‪ ،)187‬وكتابه تاريخ اليمن المسمى المفيد يف أخبار صنعاء وزبيد‪( ،‬ص‪ ،)35 - 22‬وقد طبع‬
‫يف مصر وأوروبا‪ ،‬وكتاب‪ :‬كشف أسرار الباطنية وأخبار القرامطة‪( ،‬ص‪.)12‬‬
‫(‪ )2‬كتاب‪ :‬تاريخ اليمن المسمى‪ :‬المفيد يف أخبار صنعاء وزبيد‪ ،‬لنجم الدين عمارة بن علي اليمني‪،‬‬
‫(ص‪ ،)313‬وكتاب‪ :‬الصليحيون والحركة الفاطمية يف اليمن‪ ،‬تأليف‪ :‬حسين بن فيض اهلل‬
‫الهمداين‪( ،‬ص‪ ،)274‬هامش رقم‪.)2( :‬‬
‫‪569‬‬

‫واألدب والشعر(‪ ،)1‬فارس الهيجاء‪ ...‬ولحاتم أوالد(‪ ،)2‬هم غرة يف جبين‬


‫ٍ‬
‫وصف‪.‬‬ ‫الدهر‪ ،‬كما أن له إخوة هم كنجوم السماء‪ ،‬ويربو وصفهم على كل‬
‫وكان يسكن آل عمران بن الفضل اليامي يف المنظر التي سميت فيما بعد‬
‫بالروضة‪ ،‬وإلى حاتم بن أحمد نسبت الروضة‪ ،‬فيقال‪ :‬روضة حاتم‪ ،‬وكان لهم‬
‫حارة مخصوصة تعرف إلى اليوم بدرب السًلطين يف الجانب الغربي من‬
‫الروضة‪ ،‬ومقابرهم فيها معروفة إلى اليوم‪ .‬وقرب حاتم وهو يف الجانب الشمالي‬
‫من الكلية‬
‫(‪)3‬‬
‫لحاتم بن أحمد بن‬ ‫الحربية اليوم‪ ،»...‬وإليك ترجمة الخزرجي‬
‫عمران بن الفضل رحمه اهلل‪ ،‬وقد كان على مذهب أهل السنة والجماعة‪،‬‬

‫(‪ )1‬له ديوان شعر ضخم مفقود يف الوقت الحاضر‪ ،‬انظر‪ :‬الحبشي‪ ،‬حياة األدب اليمني‪( ،‬ص‪.)59‬‬
‫(‪ )2‬له من األوالد سته وهم‪( :‬علي بن حاتم‪ ،‬وبشر بن حاتم‪ ،‬و ُمد ِرك بن حاتم‪ ،‬ومحمد بن حاتم‪ ،‬وسبا‬
‫بن حاتم‪ ،‬وعمران بن حاتم)‪ ،‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬طرفة األصحاب يف معرفة األنساب‪ ،‬تأليف‪ :‬عمر بن‬
‫يوسف بن رسول‪( ،‬ص‪.)118‬‬
‫(‪ )3‬ترجمة المصنف الخزرجي (‪ 812 - 000‬هـ‪ 1410 - 000 /‬م)‪ ،‬علي بن الحسن بن أبي بكر بن‬
‫مؤرخ‪ ،‬بحاثة‪ ،‬من أهل زبيد يف‬
‫الحسن بن وهاس الخزرجي الزبيدي‪ ،‬أبو الحسن موفق الدين‪ِّ :‬‬
‫اليمن‪ .‬عاش نيِّ ًفا وسبعين سنة‪ .‬من كتبه‪« :‬الكفاية واإلعًلم فيمن ولي اليمن وسكنها من اإلسًلم‬
‫‪ -‬خ»‪ ،‬و«طراز أعًلم الزمن يف طبقات أعيان اليمن ‪ -‬خ»‪ ،‬و«العسجد المسبوك يف تاريخ اإلسًلم‬
‫وطبقات الملوك ‪ -‬خ» مجلد واحد منه‪ ،‬و«العقود اللؤلؤية يف تاريخ الدولة الرسولية ‪ -‬ط» جزآن‪،‬‬
‫و«العقد الفاخر الحسن يف طبقات أكابر اليمن»‪ ،‬و«مرآة الزمن يف تاريخ زبيد وعدن»‪ ،‬و«ديوان‬
‫شعره»‪.‬‬
‫‪570‬‬

‫معارضا للمذهب اإلسماعيلي‪ ،‬محار ًبا له(‪ )1‬هو وأبوه وابنه علي‪ ،‬وسوف‬
‫ً‬
‫تعرف ـ عزيزي القارئ ـ من خًلل الصفحات القادمة منهجه وعقيدته رحمه‬
‫اهلل‪ ،‬فيقول الخزرجي‪« :‬هو الملقب حميد الدولة‪ ،‬كان أوحد عصره‪،‬‬
‫وسلطان أهل بلده يف دهره‪ ،‬سيد همدان وكريمها ومقدمها وزعيمها‪ ،‬فلما‬
‫انقضت أيام بني الغشم المغلسي الهمداين(‪ ،)2‬وافرتقت كلمتهم‪ ،‬أجمعت‬
‫همدان بأسرها‪ ،‬وحملوه على األمر بالقيام‪ ،‬واالضطًلع به‪ ،‬وحلفوا له على‬
‫الدخول يف طاعته‪ ،‬والقيام على ما يريد‪ ،‬فلما انتظم له األمر‪ ،‬دخل صنعاء‬
‫بسبعمائة فارس من همدان‪ ،‬وكان له من المفاخر ما لم يكن لغيره مع الفصاحة‬
‫والشجاعة والرجاحة والرباعة‪ ،‬وهو القائل(‪:)3‬‬
‫يقولون لي قد حزت مملكة الدرب فأدمن على اللذات واللهو والشرب‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬الصليحيون والحركة الفاطمية يف اليمن‪ ،‬تأليف‪ :‬حسين بن فيض اهلل الهمداين‪،‬‬
‫(ص‪ ،)270 ،190‬انظر‪ :‬قصائده وأشعاره يف تربائه من المذهب يف كتاب‪ :‬تاريخ اليمن المسمى‬
‫المفيد يف أخبار صنعاء وزبيد‪ ،‬لنجم الدين عمارة بن علي اليمني‪( ،‬ص‪ ،)320 - 319‬وكتاب‪:‬‬
‫مطالع البدور ومجمع البحور‪ ،‬يف تراجم رجال الزيدية‪ ،‬تأليف‪ :‬القاضي العًلمة المؤرخ شهاب‬
‫الدين أحمد بن صالح بن أبي الرجال (‪1092 - 1029‬هـ)‪ ،‬تحقيق عبد الرقيب مطهر محمد حجر‪،‬‬
‫منشورات‪ :‬مركز أهل البيت للدراسات اإلسًلمية‪ ،‬حرف الحاء‪.)643/1( ،‬‬
‫(‪ )2‬من بني المغلس ثم من مذكر ثم من يام‪ ،‬كتاب‪ :‬العيون (‪ ،)231/7‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬الصليحيون‬
‫والحركة الفاطمية يف اليمن‪ ،‬تأليف‪ :‬حسين بن فيض اهلل الهمداين‪( ،‬ص‪ ،)239‬كتاب‪ :‬نجران‬
‫الحديثة‪ ،‬تأليف‪ :‬سيد ماحي‪( ،‬ص‪.)35 ،34‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬قرة العيون بأخبار اليمن الميمون‪ ،‬تأليف‪ :‬عبد الرحمن بن علي الديبع‪( ،‬ص ‪.)206‬‬
‫‪571‬‬

‫مسهلة ما كان من خـــــلق صـــعــــب‬ ‫وال هتجر الصهباء(‪ )1‬فهي لذيــذة‬


‫على مذهبي(‪)2‬حسبي به مذه ًبا حسبي‬ ‫فقلت اذهبوا عني فلست بنــازح‬
‫ولســت بمنصب إليها وال صــــبـــــي‬ ‫صبا القوم فأنصبوا إلى أم ذفرهم‬
‫وكان قيامه يف سنة (‪ )533‬ثًلث وثًلثين وخمسمائة(‪ ،)3‬ويف إيامه ظهر‬
‫اإلمام المتوكل أحمد سليمان‪ ،‬واستدعته العرب لحرب السلطان حاتم بن‬
‫أحمد‪ ،‬وذلك يف سنة (‪ )545‬خمسة وأربعين وخمسمائة‪ ،‬وقدموا به إلى‬
‫صنعاء لقتال السلطان المذكور‪ ،‬وسارت معهم بنو شهاب وجنب ومذحج‬
‫وخوالن‪ ،‬وجرت بينه وبين اإلمام وقائع كثيرة أشهرها يوم (الشرزة) من بًلد‬
‫سنحان‪ ،‬فاهنزم السلطان حاتم وهمدان‪ ،‬وتبعه عسكر اإلمام إلى صنعاء‪،‬‬
‫ودخل السلطان حاتم الدرب‪ ،‬فحوصر هناك‪ ،‬وأبلت همدان بًل ًء حسنًا‪ ،‬ولم‬
‫يدع ممكنًا من الصرب‪ ...‬ثم سعى الشيخ زيد بن عمرو اليعربي بالصلح بين‬
‫اإلمام والسلطان المذكور‪ ،‬فلما انتظم الصلح‪ ،‬وخرج السلطان حاتم من‬

‫مر‪.‬‬ ‫الص ْهبَا ُء‪َ :‬‬


‫الخ ُ‬ ‫(‪ّ )1‬‬
‫(‪ )2‬على مذهبي‪ :‬أي‪ :‬طريقتي‪.‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬الصليحيون والحركة الفاطمية يف اليمن‪ ،‬تأليف‪ :‬حسين بن فيض اهلل الهمداين‪،‬‬
‫(ص‪ ،)239‬وكتاب‪ :‬نجران الحديثة‪ ،‬تأليف‪ :‬السيد الماحي‪( ،‬ص‪ ،)33‬وكتاب‪ :‬دخول نجران يف‬
‫العهد السعودي (‪1427 -1279‬هـ) (‪1863‬م ـ ‪2006‬م) دراسة تاريخية وثائقيّة‪ ،‬د‪ .‬علوي عمر‬
‫بن فريد‪( ،‬ص‪ ،)41‬وكتاب‪ :‬الحياة السياسية ومظاهر الحضارة يف اليمن‪ ،‬تأليف‪ :‬الدكتور‪ :‬محمد‬
‫عبده محمد سرور‪( ،‬ص‪.)205 ،204‬‬
‫‪572‬‬

‫الدرب إلى المنظر (الروضة)‪ ،‬ورأى إجماع الناس على حربه مع اإلمام‪،‬‬
‫فقال(‪:)1‬‬
‫ولكننا لــم نستطع غلــب الدهر‬ ‫غلبنا بني حواء شر ًقا ومغربــــًا‬
‫يًلم الفتى فيما يطاق من األمر‬ ‫فًل لوم فيما ال يطـاق وإنمــــــا‬
‫ولما التقى باإلما م‪ ،‬أكرمه وأنصفه‪ ،‬وقال‪ :‬قد عفونا عنك يا سلطان‬
‫العرب‪ ،‬ثم إن السلطان «حاتم» جمع جموعه من همدان‪ ،‬وقصد هبم صنعاء‪،‬‬
‫فلما علم هبم اإلمام‪ ،‬خرج من صنعاء إلى موضع يقال له‪ :‬شعب الجن ـ من‬
‫ظاهر نقم ـ ألنه قد تفرقت عنه أعوانه‪ ،‬فتحصن فيه‪ ،‬واستنجد بقبيلة جنب التي‬
‫كانت تسكن هران ذمار‪ ،‬فقصده السلطان حاتم إلى محطته(‪ )2‬فقتل من عسكر‬
‫واستمر يف حكم البًلد‪ ،‬ثم سار‬
‫َّ‬ ‫اإلمام طائفة‪ ،‬ثم رجع السلطان إلى صنعاء‪،‬‬
‫اإلمام إلى جنب القبيلة المذكورة يستنجد هبم‪ ،‬وكان بين جنب قتلى كثيرة فيما‬
‫فلما علم السلطان‬
‫بينهم‪ ،‬فأراد اإلمام أن يصلح بينهم‪ ،‬ويجمع كلمتهم‪َّ ،‬‬
‫ٍ‬
‫أفراس من همدان ال ثقل معهم‪ ،‬وال رجالة‪ ،‬فوصل قري ًبا من‬ ‫بذلك‪ ،‬ركب يف‬
‫ذمار وجنب مجتمعة بأسرها‪ ،‬فلما أقبل السلطان حاتم ومن معه‪ ،‬فأنكرهتم‬

‫(‪ )1‬المقتطف‪( ،‬ص‪ ،)71‬انظر‪ :‬تاريخ اليمن (‪ ،)179 ،178‬وكتاب‪ :‬تاريخ اليمن المسمى المفيد يف‬
‫أخبار صنعاء وزبيد‪ ،‬لعمارة بن علي اليمني‪( ،‬ص‪ ،)318‬وكتاب‪ :‬قرة العيون بأخبار اليمن‬
‫الميمون‪ ،‬تأليف‪ :‬عبد الرحمن بن علي الديبع‪( ،‬ص‪.)209‬‬
‫(‪ )2‬المحطة‪ :‬مجموعة من الجند جندوا للحرب‪ .‬وهي مرادفة لكلمة جيش‪.‬‬
‫‪573‬‬

‫أفراسا وهي ال شك همدانية‪ ،‬فعرفوا السلطان حاتم‪،‬‬


‫ً‬ ‫جنب‪ ،‬وقالوا‪ :‬نرى‬
‫معتقًل رمحه‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫ً‬ ‫فرحبوا به‪ ،‬ودخل منفر ًدا وسط الحلقة على حصانه‬
‫حياكم اهلل يا وجوه العرب‪ ،‬ال عيب على من خلفي‪ ،‬فما جعل اهلل لرج ٍل من‬
‫قلبين يف جوفه‪ ،‬وال وجهين يف رأسه‪ ،‬ثم قال‪ :‬وصلناكم يا وجوه العرب‪ ،‬األمر‬
‫لكم فيه شرف‪ ،‬ولنا فيه عز إلى حين‪ ،‬يعني أن لكم شرف وصولنا إليكم‪ ،‬ولنا‬
‫فيه عز بكم لسًلمة بًلدنا من العدو‪ ،‬فعرفت جنب مقصوده‪ ،‬فقال‪ :‬لما علمت‬
‫أنكم يف طلب صًلح‪ ،‬وأخذ ذمم بينكم وهدم قتول عشائركم‪ ،‬رأيت أن ألم‬
‫شملكم‪ ،‬وأقطع ما تحاذرون‪ ،‬وأتحمل من مالي ديات قتًلكم‪ ،‬فحمدته على‬
‫ذلك جنب‪ ،‬ومن حضره من قبائل العرب‪ ،‬ثم افرتق ذلك الجمع‪ ،‬وسار معهم‬
‫إلى ذمار‪ ،‬وكتب إلى أهله بصنعاء مملوك بعضهم‪ ،‬ووالد بعضهم‪ ،‬وشقيق‬
‫بعضهم‪ ،‬وهذا جامع(‪.)1‬‬
‫إن المكارم يف الرقاب ودائع‬ ‫ينبيهموا حملـــي ديـــات عــدة‬
‫متعمدين نفــاذ ما أنا صانـــع‬ ‫فليسرعوا من فورهم تصديرها‬
‫ونفذ بالكتاب رسول على الفور‪ ،‬فما لبث أن عاد الرسول بالمال‪،‬‬
‫وكانت ديات جمة تدفع إلى جنب‪ ،‬وعاد إلى صنعاء‪.‬‬
‫فصيحا لبي ًبا‪ ،‬ومن شعره قوله(‪:)2‬‬
‫ً‬ ‫شاعرا‬
‫ً‬ ‫وكان السلطان حاتم‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬قرة العيون بأخبار اليمن الميمون‪ ،‬تأليف‪ :‬عبد الرحمن بن علي الديبع‪( ،‬ص‪.)210‬‬
‫(‪ )2‬نفس الكتاب‪( ،‬ص‪.)211‬‬
‫‪574‬‬

‫وقد أفلــــــــــــت أشراطــــــــه ونعائمه‬ ‫أرقت وطال الليل والعقل نائم ـ ـ ـــه‬

‫إذا لم يطفئهـا من الـدمع ســــاجمـه‬ ‫وأورى زناد الهم يف القل ـــب جذوة‬

‫وال فقـد رســــم دارســــات معـالمـه‬ ‫وما ذاك من شوق وال نأي معهــــــد‬

‫وصــــارم باألوهام من ال يصــــارمه‬ ‫ولكن إذا خــــــــان الصديق صديقه‬

‫وخـيـر وداد الـمـرء مــا هـو دائـمــه‬ ‫ودمت على ودي له حين لــــــم يدم‬

‫ومــــــا نفعت أيمانه ولوازمــــــــــــه‬ ‫وضـاعت على قرب العهود عهوده‬

‫وطــورا أكــاتــمــه‬
‫ً‬ ‫وطــورا أبــاديــه‬
‫ً‬ ‫أعاتبه حينــــــــــــ ـًا وحينــــــًا أصونــــه‬

‫وإن لــج يف إغــرائــه مــن يــنــادمــه‬ ‫آيسا‬


‫ومــــــا أنا من إخًلصــــــه الود ً‬
‫وشــــر خليـل عـابس الوجـه واجمـه‬ ‫دليل صـفاء الود يف المــــــــــرء بشـره‬

‫أحــاديثهــــم عند المغيب ترجمــه‬ ‫وللود ما بين األخ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـــًلء ش ـ ـــاهد‬

‫ووصل من اإلمام أحمد بن سليمان رسول إلى صنعاء يشرتي له ور ًقا‬


‫وصابونًا‪ ،‬فعلم به السلطان حاتم بن أحمد‪ ،‬فطلبه واستخربه عن اإلمام‪ ،‬وكتب‬
‫معه إليه كتا ًبا يقول فيه(‪:)1‬‬
‫رماح‬
‫ُ‬ ‫ولم َتشـتَجر(‪ )3‬تحت العجاجِ‬ ‫ُ‬
‫تأخذ أرضـنا‬ ‫(‪)2‬‬
‫الو َرق الط َلحي‬
‫أبى َ‬
‫ـاح‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫ونـحـن بــأطـراف الـبـًلد شــــحـ ُ‬ ‫كرسي ُملكنَا‬
‫ُّ‬ ‫وتأخذ (صنعاء) وهي‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬قرة العيون بأخبار اليمن الميمون‪ ،‬تأليف‪ :‬عبد الرحمن بن علي الديبع‪( ،‬ص‪.)208‬‬
‫الو َر ِق الطلحيِ ‪ :‬ورق من نبات يتخذ للكتابة‪ ،‬انظر‪ :‬الخزرجي‪ ،‬العسجد‪( ،‬ص‪.)75‬‬
‫(‪َ )2‬‬
‫(‪ )3‬ووردت‪ :‬ولم تشتبك دون العجاج رماح‪.‬‬
‫‪575‬‬

‫َف َّ‬
‫لما وصل الكتاب إلى اإلمام‪ ،‬قال‪ :‬نعم‪ ،‬نأخذها إن شاء اهلل‪( .‬وقد ذكر‬
‫المسمى‪« :‬المفيد يف أخبار صنعاء وزبيد»‪ ،‬قوله‪« :‬قد دخل‬
‫َّ‬ ‫صاحب الكتاب‬
‫اإلمام أحمد بن سليمان صنعاء‪ ،‬ولم يمكث غير ٍ‬
‫شهر‪ ،‬فقد أخرجه حاتم‬
‫واستعادها إلى ملكه»‪.‬‬
‫وكانت بين السلطان حاتم بن أحمد واإلمام أحمد بن سليمان‬
‫لما قال اإلمام يف السلطان‪« :‬حاتم بن أحمد‬
‫مراسًلت ومحاورات‪ ،‬حتى إنه َّ‬
‫شعرا‬
‫عاقل لم ينتفع بعقله‪ ،‬وطبيب لم ينتفع بط ِّبه»‪ ،‬ر َّد عليه السلطان حاتم ً‬
‫أوله‪:‬‬
‫ومن الذي يدري بما فيه من جهل‬ ‫كـــدعواك كل يدعي كرب العــقــل‬
‫فأجابه اإلمام بشعر ضمنه قول المتنبي‪:‬‬
‫فــذاك إذا جهل مضاف إلى جهـــل‬ ‫إذا كنت ال تدري بما فيك من جهل‬
‫فأجابه السلطان حاتم بقوله‪:‬‬
‫لـنـــــا األمر فيما حرم اهلل والزجــــر وليس لكـــم هنـــي هناك وال أمــــــر‬
‫وال زال ذا فيــنــــا وذلك فــيــكـــــم مدى الدهر حتى يأيت الحشر والنشر‬
‫والسلطان حاتم بن أحمد يتربأ من المذهب اإلسماعيلي‪ ،‬وله قصائد‬
‫وحروب هو وابنه علي بن حاتم‪ ،‬وقد انقسمت همدان بين معارض ومحارب‬
‫للمذهب‪ ،‬وبين ٍ‬
‫مؤيد له‪.‬‬
‫‪576‬‬

‫شعرا يمقت الباطنية‪ ،‬ويتربأ منهم (من الوافر)(‪:)1‬‬


‫وقد قال ً‬
‫ـت‬
‫ومن (مــأذون) همــدان(‪ )4‬بريـ ُ‬ ‫(‪)3‬‬
‫برأت من الـذوئـب(‪)2‬ومن علي‬
‫ُ‬
‫ـيت‬
‫فـــإن شــــــايعتهم فلقـــد عمـــــ ُ‬ ‫م ـــواذين عم ـ ـ ـ ـــوا وغووا هداهم‬
‫ولـو أين صــ ـحـبـتـهـمـوا ضــ ـمـيـ ُت‬ ‫ٍ‬
‫مــــــــاء معين‬ ‫ورويت من‬‫ظمــئوا ِ‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬تاريخ اليمن المسمى المفيد يف أخبار صنعاء وزبيد‪ ،‬لنجم الدين عمارة بن علي اليمني‪،‬‬
‫(ص‪ ،)320 - 319‬وكتاب‪ :‬مطالع البدور ومجمع البحور‪ ،‬يف تراجم رجال الزيدية‪ ،‬تأليف‪:‬‬
‫القاضي العًلمة المؤرخ شهاب الدين أحمد بن صالح بن أبي الرجال (‪1092 - 1029‬هـ)‪ ،‬تحقيق‬
‫عبد الرقيب مطهر محمد حجر‪ ،‬منشورات‪ :‬مركز أهل البيت للدراسات اإلسًلمية‪ ،‬حرف الحاء‪،‬‬
‫(‪ ،)643 /1‬وكتاب‪ :‬بلوغ المرام يف شرح مسك الختام‪ ،‬تأليف‪ :‬القاضي حسين بن أحمد العرشي‪،‬‬
‫(ص‪.)29‬‬
‫(‪ )2‬هو الداعي الذؤيب بن موسى الوادعي‪ ،‬أول الدعاة إلمام السرت الطيب‪ ،‬عينته الملكة أروى بنت‬
‫أحمد‪ .‬ومات يف حوث يف (‪1‬محرم ‪546‬هـ ‪ 20 -‬إبريل ‪1151‬م)‪ ،‬وقد ذكر صاحب كتاب‪« :‬منتزع‬
‫برهانبوري‪ ،‬تحقيق‪ :‬سامر فاروق‬
‫األخبار يف أخبار الدعاة األخيار»‪ ،‬لقطب الدين ُسليمان جي َ‬
‫طرابلسي‪( ،‬ص‪ :)74‬أن وفاته كانت يف اليوم العاشر من محرم سنة ست وأربعين وخمسمائة‪ ،‬وأ َّيام‬
‫دعوته ثًلث عشرة سنة وأربعة أشهر وعشرة أ َّيام‪.‬‬
‫(‪ )3‬هو علي بن الحسين بن جعفر األنف القرشي العبشمي من آل الوليد‪ ،‬وضعه الداعي إبراهيم بن‬
‫طويًل‪ ،‬وقد وافته المنيَّة‬
‫ً‬ ‫الحسين الحامدي صاحب كتاب‪ :‬كنز الولد‪ ،‬معاونًا ومساعدً ا له فلم يعمر‬
‫يف سنة‪ )554( :‬أربع وخمسين وخمس مئة‪ .‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬الصليحيون والحركة الفاطمية يف اليمن‪،‬‬
‫تأليف‪ :‬حسين بن فيض اهلل الهمداين‪( ،‬ص‪ ،)271‬وكتاب‪ :‬مطالع البدور ومجمع البحور‪ ،‬يف تراجم‬
‫رجال الزيدية‪ ،‬تأليف‪ :‬القاضي العًلمة المؤرخ شهاب الدين أحمد بن صالح بن أبي الرجال‬
‫(‪1092 - 1029‬هـ)‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد الرقيب مطهر محمد حجر‪ ،‬حرف الحاء‪.)644 ،643/1( ،‬‬
‫(‪ )4‬مأذون همدان هو‪ :‬حاتم بن الداعي إبراهيم بن الحسين الحامدي‪ ،‬استعان به بعد موت علي بن‬
‫الحسين بن جعفر‪ ،‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬الصليحيون والحركة الفاطمية يف اليمن‪ ،‬تأليف‪ :‬حسين بن فيض‬
‫اهلل الهمداين‪( ،‬ص‪.)271‬‬
‫‪577‬‬

‫ـت‬
‫ـت الـغـواة فـمــا شــ ـقـيـ ُ‬
‫وخــالـفـ ُ‬ ‫شق ـ ـــوا بخًلف ـ ـ ـ ـ ـــهم للدين ح ًّقا‬
‫ـوت‬
‫فضـــــائــح ال تــواريــهــا الــبــيـ ُ‬ ‫شهرت منهــــــم‬
‫ُ‬ ‫ولــــــــــو أين أشاء‬
‫ـوت‬
‫كـــأين بـــعـــد ذلـــك ال أمــ ُ‬ ‫أأخشــــى النــاس يف ديني وأخفي‬
‫ـموت‬
‫لســــانــــــــي مثله لوال الصـــ ُ‬ ‫وقومي َمذكـــــــــــ ٌـر‪ ،‬وشبا حسامي‬
‫وحوت‬
‫ُ‬ ‫ـب‬
‫فقـل كيف التقى ضــــ ٌّ‬ ‫فإن ترنــــــي وإياهم جميعــــــــــــــ ـًـــ ا‬
‫ـاهـرا حـتـى يـمـوتـوا‬
‫ولـم يــك طـ ً‬ ‫ولو وردوا الفــــــــــــرات لنجسوه‬

‫* علي بن حاتم بن أحمد(‪:)1‬‬


‫من سًلطين بني حاتم‪ ،‬بايعته همدان بعد والده‪ ،‬وأقام بحصنه (ظهر)‪،‬‬
‫ثم ثار ضده رجل من آل القتيب يدعى‪ :‬علي بن محمد بن حماس‪ ،‬فاتجه إليه‬
‫ومن معه من القبائل‪ ،‬فأخمد ثورته‪ ،‬وسيطر على الدرب‪ ،‬وكان أخوه (عمران)‬
‫ـ وهو غًلم صغير ـ يطارد بقايا الثوار يف شوارع صنعاء‪ ،‬فأصابه سهم مات منه‪،‬‬
‫فخافت همدان من بطش علي بن حاتم‪ ،‬ولكنه قابلهم بالصفح‪ ،‬ووهب لهم‬
‫دم أخيه‪ ،‬وعفا عنهم تألي ًفا لهم‪ ،‬وتسكينًا لجزعهم‪ .‬ويف سنة ‪ 569‬هـ استنجد‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬اليمن عرب التاريخ‪ ،‬محمد حسين شرف الدين‪( ،‬ص‪ ،)212 -211‬ط‪1374 ،2‬هـ ‪-‬‬
‫‪1964‬م‪ ،‬وكتاب‪ :‬رسالة تحفة القلوب و ُفرجة المكروب (يف ترتيب الدُّ عاة يف جزيرة اليمن)‪،‬‬
‫لحاتم بن إبراهيم بن حسين بن أبي السعود يعقوب الحامدي الهمداين‪( ،‬ص‪ ،)180‬وكتاب‪ :‬غاية‬
‫األماين يف أخبار القطر اليماين تأليف‪ :‬يحيى بن الحسين بن القاسم بن محمد بن علي‪ ،‬تحقيق‬
‫وتقديم‪ :‬د‪ .‬سعيد عبد الفتاح عاشور‪( ،‬ص‪ ،)314‬راجع كتاب‪ :‬نجران محمد أبو ساق (ص‪،)201‬‬
‫وكتاب‪ :‬بلوغ المرام يف شرح مسك الختام‪ ،‬حسين بن أحمد العرشي‪( ،‬ص‪.)30‬‬
‫‪578‬‬

‫به السلطان حاتم بن علي بن سبأ الزريعي صاحب (عدن) لقمع حركة عبد‬
‫النبي بن مهدي الذي كان قد دوخ تلك المقاطعة‪ ،‬وأ َّ‬
‫ذل سًلطينها آل زريع(‪.)1‬‬
‫فقام السلطان علي بن حاتم بحزم األمر‪ ،‬وذلك باحتًلل مواقع عبد‬
‫النبي يف الجند‪ ،‬وآب‪ ،‬وتعز‪ ،‬وقتل من جنده مقتلة عظيمة‪ ،‬وهزمهم أقبح‬
‫هزيمة(‪.)2‬‬
‫ويف سنة ‪570‬هـ كان السلطان توران شاه قد وصل‪ ،‬ورأى السلطان علي‬
‫بن حاتم أنه ال طاقة له بالمقاومة‪ ،‬فشحن معداته وذخائره إلى حصن (برش)‪،‬‬
‫وانتقل إليه بعد أن هدم سور صنعاء‪ ،‬كما انتقل أخوه بشر بن حاتم إلى حصن‬
‫(عزان) يف مرهبة‪ ،‬ودخل توران شاه صنعاء‪ ،‬ثم إن علي بن حاتم أغار على‬
‫(صنعاء)‪ ،‬واحتلها بعد مغادرة توران اليمن إلى (مصر)‪ ،‬وقد دخل علي بن‬
‫حاتم يف طاعة اإلمام المنصور باهلل عبداهلل بن حمزة وزوجه‪ ،‬وأصبح يف مقدمة‬
‫أعوانه ومناصريه‪.‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬غاية األماين يف أخبار القطر اليماين‪ ،‬تأليف‪ :‬يحيى بن الحسين بن القاسم بن محمد بن‬
‫علي تحقيق وتقديم‪ :‬د‪ .‬سعيد عبد الفتاح عاشور‪( ،‬ص‪ ،)319‬وكتاب‪ :‬بلوغ المرام يف شرح مسك‬
‫الختام‪ ،‬حسين بن أحمد العرشي‪( ،‬ص‪.)18‬‬
‫المسمى‪ :‬هبجة الزمن يف تاريخ اليمن‪ ،‬تأليف‪ :‬تاج الدين عبدالباقي بن‬
‫َّ‬ ‫(‪ )2‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬تاريخ اليمن‬
‫عبد المجيد اليماين‪( ،‬ص‪ ،)65‬وكتاب‪ :‬نجران الحديثة‪ ،‬تأليف‪ :‬سيد ماحي‪( ،‬ص‪ ،)33‬وكتاب‪:‬‬
‫الصليحيون‪ ،‬تأليف‪ :‬حسين بن فيض اهلل الهمداين‪( ،‬ص‪ ،)239‬وكتاب‪ :‬بلوغ المرام يف شرح مسك‬
‫الختام‪ ،‬حسين بن أحمد العرشي‪( ،‬ص‪.)30‬‬
‫‪579‬‬

‫ُّ‬
‫األجل الفاضل سعد بن علي بن‬ ‫ومن سًلطين بني حاتم‪ :‬السلطان‬
‫حاتم‪ ،‬وكل واحد منهم قمين بما قال الشاعر‪:‬‬
‫مثل النجوم التي يسري هبا الساري‬ ‫من تلقى منهم تقل القيت سيدهم‬
‫نسب مع اإلمام المنصور باهلل عبداهلل حمزة(‪ ،)1‬فقد‬
‫ٌ‬ ‫وقد حصل بينهم‬
‫تزوج(‪ )2‬بمنعة بنت الفضل بن علي بن حاتم‪ ،‬ودخل هبا يف العشر األواخر من‬
‫المحرم سنة تسع وتسعين وخمسمائة للهجرة‪ ،‬وكانت أحب أزواجه إليه(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬هو اإلمام المنصور باهلل عبد اهلل بن حمزة بن سليمان بن علي‪ ،‬ينتسب إلى الحسين بن علي بن أبي‬
‫طالب‪ ،‬عاش يف بًلد الجوف بأرض اليمن‪ ،‬وقد سعى إلى توسيع نفوذه ومحاربة األيوبيين يف‬
‫اليمن‪ ،‬ونجح إلى حدّ ما يف إلحاق العديد من الهزائم هبم‪ ،‬كان اإلمام المنصور باهلل‪ ،‬عبد اهلل حمزة‪،‬‬
‫وشاعرا بليغًا‪ ،‬له مؤلفات عديدة ورسائل وفتاوى وقصائد كثيرة‪ ،‬ومن مؤلفاته‬
‫ً‬ ‫مرتسًل‬
‫ً‬ ‫فصيحا‬
‫ً‬
‫الشهيرة‪ :‬كتاب‪ :‬الشايف الذي ر َّد به على فقيه الخارقة يف أربعة مجلدات‪ ،‬وله رسائل عديدة متبادلة‬
‫مع كثير من عظماء زمانه‪ .‬انظر‪ :‬السيرة الشريفة المنصورة سيرة اإلمام عبد اهلل حمزة (‪-593‬‬
‫‪614‬هـ‪1217 - 1196/‬م)‪ ،‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬األنباء عن دولة بلقيس وسبأ‪( ،‬ص‪ ،)133‬محمد بن‬
‫محمد بن يحيى‪ ،‬مكتبة اليمن الكربى‪ ،‬وكتاب‪ :‬تاريخ المذاهب الدينية يف اليمن حتى هناية القرن‬
‫السادس الهجري‪( ،‬ص‪ ،)269 -267‬تأليف‪ :‬الدكتور‪ :‬أيمن فؤاد سيد‪ ،‬وكتاب‪ :‬الحدائق الورد َّية‬
‫يف مناقب أئمة الزيد َّية (‪ ،)247 /2‬تأليف‪ :‬حميد الشهيد بن أحمد بن محمد المحلي‪.‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬إسماعيلية اليمن السليمانية‪ ،‬تأليف‪ :‬حمود زايد نوفل‪( ،‬ص‪ ،)108‬وكتاب‪ :‬مطلع‬
‫البدور ومجمع البحور يف تراجم رجال الزيدية‪ )645/1( ،‬تأليف‪ :‬أحمد بن صالح بن أبي‬
‫الرجال‪ ،‬تحقيق‪:‬عبد الرقيب مطهر محمد حجر‪ ،‬الطبعة األولى‪1425 :‬هـ‪2004/‬م‪ ،‬وكتاب‪:‬‬
‫المسمى فرجة الهموم والحزن يف حوادث وتاريخ اليمن‪ ،‬تأليف‪ :‬الشيخ عبد الواسع‬
‫َّ‬ ‫تاريخ اليمن‬
‫بن يحيى الواسعي اليماين (ص‪ ،)177‬الدار اليمني للنشر‪.‬‬
‫المسمى فرجة الهموم والحزن يف حوادث وتاريخ اليمن‪ ،‬تأليف‪ :‬الشيخ‬
‫َّ‬ ‫(‪ )3‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬تاريخ اليمن‬
‫عبد الواسع بن يحيى الواسعي اليماين (ص‪ ،)177‬الدار اليمني للنشر‪.‬‬
‫‪580‬‬

‫وهذه قصيدة للقاضي أبي الغيث بن أحمد األصبهاين يف ذكر هذا‬


‫الزواج(‪.)1‬‬
‫عند اإلله وعش سعيدً ا واسلم‬ ‫فانعم بعرس للمسرة جامع‬
‫(‪)2‬‬
‫أنصاره يف كــــــل يـوم أيـوم‬ ‫وانصر بيام دين جدك إهنـم‬
‫وتكرم‬
‫ُّ‬ ‫ٍ‬
‫مفخـر‬ ‫ما ازددتم مـــن‬ ‫يا آل حاتـــم الــــذي هنيتـم‬
‫ٍ‬
‫زيارة له‪ ،‬ولهم قصائد يف مدحه(‪.)3‬‬ ‫وكان يكرم سًلطين آل حاتم يف ِّ‬
‫كل‬
‫يقول شاعرهم‪:‬‬
‫يفلي الفًل بالوخـــد واإلرقــــــــــــال‬ ‫يــــــــا راكــــــ ًبا لشمــــــلة عيرانــــــه‬
‫ٍ‬
‫بعـــارض َه َّطـــــــــال‬ ‫ن َُّو الربيــــــع‬ ‫بلـــــــــغ سًل ًما كالحديقة جــــــادها‬
‫غرض نفــــــــــــوس وغاية اآلمال‬ ‫منا إلى المولـــــــــى ابن حمزة إنه‬
‫مـن غـيـر تـعـريـض وغـيـر ســــؤال‬ ‫تربعــا‬
‫ـً‬ ‫الواهب الجــــــــــــرد العتاق‬
‫(‪)4‬‬
‫والشـبل يحذو ســــــيرة الريبال‬ ‫والمقتفــــــــــي آثــــــار ٍ‬
‫آبــاء لــــــه‬
‫(‪)5‬‬
‫بعزيمـــــــــ ٍـة أمضـى من القصـال‬ ‫والكاشــف الخطب الملم إذا عرا‬

‫(‪ )1‬كتاب‪ :‬سيرة اإلمام عبد اهلل حمزة‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي فراس بن دعثم‪( ،‬ص‪119‬ـ‪.)120‬‬
‫(‪ )2‬يوم أيوم‪ :‬طويل شديد هائل‪.‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬السيرة المنصورة إلمام عبد اهلل الحمزة‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي فراس بن دعثم‪ ،‬تحقيق‪ :‬الدكتور‪:‬‬
‫عبد الغني محمود عبد العاطي‪ )380/2( ،‬دار الفكر المعاصر‪.‬‬
‫(‪ )4‬الريبال‪ :‬األسد‪ .‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬مادة‪ :‬ربل‪.‬‬
‫(‪ )5‬قصال‪ :‬من صفات السيف‪.‬سيف قاصل ومقصل وقصال‪ :‬قطاع‪ .‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب ‪ ،‬مادة قصل‪.‬‬
‫‪581‬‬

‫يومــــــــــــــــان يوم ندى ويوم نوال‬ ‫يـــــــــا من غدت أيامه مقسومـــــــــة‬


‫مثًل بـــــــــغير مثـــــــــــــــال‬
‫يف دهرنا ً‬ ‫إنـا لنشــــكر أنع ًمـا لـك أصــــبحـت‬
‫فيها مـــــــــــــــدى األيام كاألغًلل‬ ‫أوليتها إعتــاق أقــــــوام غــــــــدت‬
‫نف ـ ـ ـ ـــديك باألرواح واألم ـ ـــوال‬ ‫وسلمت محروس الجنان ممت ًعا‬
‫‪582‬‬

‫الزرَيْع‪:‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬السالطني من آل ُّ‬
‫الز َريع‪ ،‬ومدد حكمهم على ٍّ‬
‫كل من حصني التَّع َكر‬ ‫السًلطين من آل ُّ‬
‫والخضراء بعدن(‪:)1‬‬
‫كان سبب تملك آل زريع عدن أن الصليحي لما استولى على البًلد‪،‬‬
‫وافتتح (عدن)‪ ،‬كان فيها بنو معن قد تغلبوا عليها وعلى لحج وأبين والشحر‬
‫وحضرموت‪ ،‬فأبقاها تحت أيديهم‪ ،‬وجعل نوا ًبا من ِق َبله‪ ،‬فلما زوج المكرم‬
‫ابنه بالسيدة (أروى بنت أحمد)‪ ،‬جعل صداقها (عدن)‪ ،‬وكان بنو معن يرفعون‬
‫خراجها إلى السيدة يف أيام علي الصليحي‪ ،‬فلما قتل الصليحي‪ ،‬تغلبت بنو‬
‫معن على ما تحت أيديهم‪.‬‬
‫عامًل‬
‫فغزا المكرم بنو معن يف (عدن) سنة (‪ ،)470‬وأخرجهم منها‪ ،‬وطرد ً‬
‫المكرم‬
‫َّ‬ ‫له خرج عن طاعته‪ ،‬وقام بطرده وو َّلى عليها العباس ومسعو ًدا ابني‬
‫الزريع‪ ،‬وجعل للعباس حصن التَّع َكر‬
‫الجشمي اليامي الهمداين المعروفين بابني ُّ‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬اليمن عرب التاريخ‪ ،‬محمد حسين شرف الدين‪( ،‬ص‪ ،)205‬ط‪1374 ،2‬هـ ‪-‬‬
‫المسمى‬
‫َّ‬ ‫‪1964‬م‪ ،‬وكتاب‪ :‬نجران الحديثة‪ ،‬سيد ماحي‪( ،‬ص‪ ،)30 ،29‬وكتاب‪« :‬تاريخ اليمن‬
‫هبجة الزمن يف تاريخ اليمن»‪ ،‬تاج الدين عبدالباقي بن عبد المجيد اليماين‪( ،‬ص‪ ،)63 ،62‬الطبعة‬
‫الثانية‪1985 ،‬م‪ ،‬دار الكلمة ‪ -‬صنعاء‪ ،‬وكتاب‪ :‬العجمان وزعيمهم راكان بن حثلين‪ ،‬أبو‬
‫عبدالرحمن بن عقيل الظاهري‪( ،‬ص‪.)229‬‬
‫‪583‬‬

‫ٍ‬
‫لمسعود حصن الخضراء(‪،)2‬‬ ‫بعدن(‪ ،)1‬وما يأيت من الرب‪ ،‬وما يدخل إليه‪ ،‬وجعل‬
‫دينار يف كل‬ ‫ٍ‬
‫واحد منهما إليه خمسين ألف ٍ‬ ‫وما يليه من البحر على أن يسوق كل‬
‫عامٍ‪ ،‬وقد حكم الزريعيون عدن نحو قرن من الزمان ‪ 476‬ـ ‪569‬هـ‪ 1083/‬ـ‬
‫‪1173‬م(‪ .)3‬وهم َمن قاموا بالدعوة المجيدية‪ ،‬نسب ًة إلى الحافظ عبدالمجيد(‪ ،)4‬بعد‬
‫أن رفضت أروى بنت أحمد القيام هبا‪ ،‬وقد ظ َّلت دولتهم حتى جاء األيوبيون‪،‬‬
‫والمجيدية يف مصر انتهت بدخول صًلح الدين األيوبي‪ ،‬وإقصاء آخر خلفاء‬
‫الفاطميين‪ ،‬العاضد عام (‪567‬هـ‪1172 /‬م)‪.‬‬
‫وفيما يلي قائمة السًلطين من آل الزريع‪ ،‬ومدد حكمهم على ٍّ‬
‫كل من‬
‫حصني التَّع َكر والخضراء بعدن‪:‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬تعكر عدن هو المسمى جبل شمسان وهو المسيطر على ميناء عدن اليوم من الشمال وعلى‬
‫سفحه مبنى رصيف عدن ومدينة التواهي والمعلى الحديثتان وباب الرب هو األصلي القديم‬
‫المنحوت من الجبل‪ ،‬ويقال له‪ :‬باب سلب‪ .‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬قرة العيون بأخبار اليمن الميمون‪ ،‬تأليف‪:‬‬
‫عبد الرحمن بن علي الديبع‪( ،‬ص‪ ،)217‬وكتاب‪ :‬هدية الزمان يف أخبار ملوك لحج وعدن‪ ،‬أحمد‬
‫فضل بن علي محسن العبدلي‪( ،‬ص‪ ،)54‬راجع‪ :‬العقود الفريدة يف تاريخ جنب وعبيدة‪،‬‬
‫(ص‪ ،)246‬أحمد بن مسعود آل شوية‪.‬‬
‫ّ‬
‫المطل على البحر من الجنوب المسمى بحر حقان‪،‬‬ ‫(‪ )2‬حصن الخضراء‪ :‬هو المسمى «جبل صربة»‬
‫وكان المرفأ القديم لعدن‪ .‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬قرة العيون بأخبار اليمن الميمون‪ ،‬تأليف‪ :‬عبد الرحمن بن‬
‫علي الديبع‪( ،‬ص‪.)217‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬كتاب‪« :‬أطلس تاريخ اإلسًلم»‪ ،‬د‪ .‬حسين المؤنس‪( ،‬ص‪ ،)209‬الطبعة األولى ‪1407‬هـ ‪-‬‬
‫‪1987‬م‪ ،‬الناشر‪ :‬الزهراء لإلعًلم العربي‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬كتاب‪( :‬اإلسماعيلية الفكرية)‪ ،‬إبراهيم بن حسين بن حاتم المكرمي‪( ،‬ص‪.)96‬‬
‫‪584‬‬

‫مدة الحكم هجري ‪ -‬مدة الحكم بالميًلدي‬


‫‪1‬ـ الع َّباس بن المكرم(‪ 470 )1‬ـ ‪1078/ 477‬ـ ‪1085‬‬
‫‪2‬ـ المسعود بن المكرم(‪ 470 )2‬ـ‪ 1078 / 480‬ـ ‪1088‬‬
‫‪4‬ـ أبو الغارات بن المسعود ‪480‬ـ ‪1088 /485‬ـ ‪1093‬‬
‫السعود بن زريع ‪480‬ـ ‪1088 /494‬ـ ‪1098‬‬
‫‪5‬ـ أبو ُّ‬
‫‪6‬ـ محمد بن أبي الغارات ‪ 485‬ـ ‪1093 /488‬ـ ‪1095‬‬
‫‪7‬ـ ابنه علي بن محمد(‪488 )3‬ـ ‪1095 /489‬ـ ‪1094‬‬
‫‪8‬ـ سبأ بن أبي السعود(‪489 )4‬ـ ‪1094 /533‬ـ ‪1159‬‬
‫‪9‬ـ محمد بن سبأ ‪ 533‬ـ ‪1165 /560‬ـ ‪1174‬‬
‫‪10‬ـ ِعمران بن محمد بن سبأ(‪ 550 )5‬ـ‪1165 /560‬ـ ‪1174‬‬

‫(‪ )1‬تولى حصن التعكر وما يليه من الرب‪ ،‬وتعاقب على ذلك أوالده من بعده حتى خروج ُتوران شاه‬
‫سنة‪569( :‬هـ‪1174/‬م)‪ ،‬وقد قضى على ِّ‬
‫كل سلطان يف اليمن‪.‬‬
‫(‪ )2‬تولى حصن الخضراء وما يليه من البحر ومدينة عدن‪ ،‬وتعاقب على ذلك أوالده من بعده‪.‬‬
‫(‪ )3‬هو آخر أوالد المسعود بن المكرم الزريعي‪ ،‬وقد اختط مدينة (الزعازع) بلحج‪.‬‬
‫علي بن محمد بن أبي الغارات قرابة عامين‪ ،‬وانتهت الحرب بانتصار سبأ‬
‫(‪ )4‬تحارب مع ابن عمه ّ‬
‫واستيًلئه على كامل المنطقة‪ ،‬وقد أحاط بمن بقي من أبناء علي بن أبي الغارات وقتلهم جمي ًعا‪.‬‬
‫وقد تويف سنة ‪533‬هـ‪.‬‬
‫(‪ )5‬لقب بالمكرم‪ ،‬وكان ذا كرم فياض ويقول‪ :‬إن مكارمه أكثر من أن تحصى‪ ،‬وقد توىف عن ثًلثة أوالد‬
‫كلهم صغار‪ ،‬هم‪ :‬محمد وأبو السعود ومنصور‪ .‬كفلهم أبو الدُّ ر جوهر المعظمي القائم بحصن‬
‫الدملوه‪ ،‬وقد بقي هذا الحصن بيد جوهر حتى باعه من السلطان شمس الدولة توران شاه األيوبي‪.‬‬
‫‪585‬‬

‫الفصل الرابع ‪:‬‬

‫تشيع همدان(‪ )1‬لإلمام علي بن أبي طالب كرم اهلل وجهه‪:‬‬


‫غلو‪ ،‬خال ًيا من التعصب الديني‪ ،‬وكان‬
‫منزها من أي ٍّ‬
‫ً‬ ‫لقد كان تشي ًعا‬
‫حب هلل‬ ‫جهادهم معه ومساعدهتم له يف ٍّ‬
‫كل من (صفين) و(الجمل) مجرد ٍّ‬
‫ولرسوله وألهل بيته‪ ،‬وبغضهم للظلم وأهله‪ ،‬وهذا يتج َّلى يف قول اإلمام علي‬
‫كرم اهلل وجهه‪« :‬يا معشر همدان‪ ،‬ما نصرتم إال اهلل‪ ،‬وما أحببتم غيره‪ ،‬أنتم‬
‫درعي وحصني‪ ،‬واهلل‪ ،‬لو كنت بوا ًبا على باب الجنة‪ ،‬ألدخلتكم قبل جميع‬
‫الناس»‪ ،‬فقال سعيد بن قيس(‪ )2‬وزياد بن كعب‪« :‬أحببنا اهلل وإياك‪ ،‬ونصرنا اهلل‬
‫وإياك‪ ،‬وقاتلنا معك َمن ليس مثلك‪ ،‬فارم بنا حيث شئت»(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬تنقسم همدان من حيث المذهب يف عصرنا الحاضر إلى ثًلثة أقسام‪ :‬قسم سني‪ ،‬وقسم زيدي‪،‬‬
‫وقسم إسماعيلي‪.‬‬
‫(‪ )2‬هو سعيد بن قيس بن زيد األصغر بن قيس بن زيد ‪ -‬الملك ‪ -‬بن مرب بن معد يكرب بن زويد بن‬
‫يوسف بن عمرو بن السبيع بن السبع بن صعب بن معاوية بن كثير بن جشم بن حاشد الهمداين‪.‬‬
‫يتصل نسبه بملوك حاشد‪ .‬وهو صاحب أمر همدان بالكوفة مال براياهتا إلى علي بن أبي طالب ‪-‬‬
‫رضي اهلل عنه ‪ -‬وله يف نصرته مواقف مشهودة ووقائع معدودة وله ترجمة يف اإلكليل‪،47/10( :‬‬
‫‪)49‬؛ والخزانة‪)420/3( :‬؛ والحيوان‪ ،)331 /5( :‬انظر‪ :‬كتاب‪ :‬شعراء همدان وأخبارها يف‬
‫الجاهلية واإلسًلم‪ :‬د‪ .‬حسن عيسى أبو ياسين‪( ،‬ص ‪ ،)331‬طبعة دار العلوم للطباعة والنشر‪،‬‬
‫‪1403‬هـ ‪1983 -‬م‪ ،‬وكتاب الدرر المفاخر يف أخبار العرب األواخر (ص‪.)37 ،36‬‬
‫الصليحيُّو َن والحركة الفاطمية يف اليمن (ص‪ ،)17‬نزهة‪ ،)9/1( :‬راجع إكليل‪-46/10(:‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ُّ :‬‬
‫‪.)50‬‬
‫‪586‬‬

‫علي يف أبياته المشهورة‪:‬‬


‫ويؤكد ذلك قول ٍّ‬
‫ـوارســـ ـهــا حــمــر الــنــحــور دوامــي‬
‫فـ ُ‬
‫(‪)1‬‬
‫ولمـــــا رأيت الخيل ُتقـــــــرع بالقنا‬
‫(‪)3‬‬
‫غمامة دجن ملــــــــبس بقتــــــــــــــــام‬ ‫وأقبل رهــج(‪ )2‬يف السم ـ ـ ـ ـ ـــاء كأن ـ ـ ـــه‬
‫(‪)5‬‬
‫وكـنــدة يف لـخـم وحـي جــــــــــذام‬ ‫ونادى ابن هند(‪ )4‬ذا الكًلع ويح ُصـبًا‬
‫(‪)6‬‬
‫وحســــامــــــــي‬
‫نـاب أمر جنتــــــــي ُ‬ ‫تيممت همــــــدان الذيــــــن ُه ُم ُه ُم إذا‬
‫غــيــر ِلــئــا ِم‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫هــمــدان‬ ‫فــوارس مــن‬
‫ُ‬ ‫وناديـــــت فيهم دعــــــــــوة فأجابنـــــي‬
‫شـــــاكر(‪ِ )7‬‬
‫وشــ ـبــا ِم‬ ‫ٍ‬ ‫الو َغى من‬ ‫عـز ٍل‬
‫غــداة َ‬ ‫فـوارس مـن هـمــدان لـيســــوا ُبـ َّ‬
‫(‪)9‬‬
‫ورهــم وأحــيــاء الســـــبــيــع(‪)8‬ويــام‬ ‫ومن أرحـب الشـــ ِّـم المطـاعين بـالقنـا‬
‫بكـــــــــــــــــــــــ ِّـل رقيق الشفرتين حسام‬ ‫ووادعة األبطال يخشـــى مصـــالـــــــها‬
‫وأي كرام‬
‫كــــــــــــرام لدى الهيجاء(‪ُّ )10‬‬ ‫حي قد أتتنــــي فــــــــــوارس‬
‫ومن كل ٍّ‬

‫(‪ )1‬القنا‪ :‬الرماح‪.‬‬


‫(‪ )2‬الرهج‪ :‬الغبار‪.‬‬
‫(‪ )3‬القتام‪ :‬الغبار األسود‪.‬‬
‫(‪ )4‬معاوية بن أبو سفيان‪.‬‬
‫(‪ )5‬أسماء القبائل التي ناصرت معاوية بن أبو سفيان‪.‬‬
‫الحسام‪ :‬السيف‪.‬‬
‫(‪ُ )6‬‬
‫(‪ )7‬شاكر بن بكيل قبيلة همدانية مشهورة تسكن شمال اليمن‪.‬‬
‫(‪ )8‬قبيلة موجودة اآلن يف حاشد‪.‬‬
‫علي بن أبي طالب رضي اهلل عنه‪.‬‬
‫(‪ )9‬أسماء القبائل من همدان التي ناصرت َّ‬
‫(‪ )10‬الهيجاء‪ :‬الحرب‪.‬‬
‫‪587‬‬

‫(‪)3‬‬
‫إذا اختلفت األقوام شــــعل ضــــرام‬ ‫(‪)2‬‬
‫بكــل رديني(‪ )1‬وعصـــــب تخــالــه‬
‫ســ ـعـيــد بـن قـيـس والـكـريـم يـحــامـي‬ ‫يــقــودهــم حــامــي الــحــقــيــقــة مــنــهــم‬
‫(‪)4‬‬
‫وكانوا لدى الهيجاء كشـــرب مدام‬ ‫فخاضـــوا لظاها واصـــطلوا بشـــرارها‬
‫ســــهــام العــدى يف كــل يوم خصـــــام‬ ‫ـدان ـا الــجــنــان فــإهنــم‬
‫جــزى اهلل هــمـ ً‬
‫ولـــيـــن إذا القـــوا وحســــــن كـــًلم‬ ‫لــهــمــدان أخــًلق وديــن يــزيــنــهــم‬
‫تــبــت عــنــدهــم يف غــبــطــة وطــعــام‬ ‫مــتــى تــأهتــم يف دارهــم لضـــــيــافــة‬
‫(‪)5‬‬
‫كـمــا عـز ركـن الـبـيــت عـنــد مـقــام‬ ‫إن هـــمـــدان الـــكـــرام أعـــزة‬ ‫أال َّ‬
‫ســـــراع إلــى الــهــيــجــاء غــيــر كــهــام‬ ‫(‪)6‬‬
‫أنــاس يــحــبــون الــنــبــي ورهــطــه‬
‫(‪)7‬‬
‫لـقـلــت لـهـمــدان ادخـلـي بســــًلم‬ ‫فلو كنت بوا ًبا على باب جـــــــــــنــــة‬

‫(‪ )1‬الرديني‪ :‬الرمح وهو منسوب إلى ردينة‪ ،‬وهي‪ :‬امرأة كانت تقوم الرماح‪.‬‬
‫(‪ )2‬تخاله‪ :‬تظنه‪.‬‬
‫اشتعاال‪ ،‬وهذا ُّ‬
‫يدل على أن يف ثياهبم خطو ًطا حمراء‪.‬‬ ‫ً‬ ‫(‪)3‬تشبيه لباسهم (ثياهبم) بالنار المشتعلة ضرا ًما‬
‫المدام‪ :‬الخمر‪.‬‬
‫(‪ُ )4‬‬
‫(‪ )5‬مقام‪ :‬أي‪ :‬مقام إبراهيم عليه السًلم‪.‬‬
‫(‪ )6‬رهط الرجل‪ :‬أهله وعشيرته‪.‬‬
‫الصليحيُّو َن والحركة الفاطمية يف اليمن‪( ،‬ص‪ ،)17‬وكتاب‪ :‬روح المعاين‪ ،‬األلوسي‪:‬‬
‫(‪ )7‬انظر‪ُّ :‬‬
‫(‪ ،)149/19‬والعقد الفريد‪ ،‬البن عبد ربه األندلسي (‪ ،)407/3‬ومجموع الفتاوى البن تيمية‬
‫(‪ ،)137/4‬ومنهاج السنة البن تيمية (‪ ،)137/6‬وقال ابن تيمية‪« :‬إن همدان أخص الناس بعلي»‪،‬‬
‫وكتاب‪ :‬نجران األرض والناس والتاريخ‪ ،‬تأليف‪ :‬سيد الماحي (ص‪ ،)25 - 23‬وكتاب‪ :‬شعراء‬
‫همدان وأخبارها يف الجاهلية واإلسًلم‪ ،‬د‪ .‬حسن عيسى أبو ياسين‪ ،‬الطبعة األولى‪( ،‬ص‪،)331‬‬
‫دار العلوم للطباعة والنشر‪1403 ،‬هـ ‪1983 -‬م‪ ،‬وكتاب‪ :‬بين مكة وحضرموت‪ ،‬عاتق بن غيث‬
‫البًلدي‪( ،‬ص‪ ، )122‬وكتاب الدرر المفاخر يف أخبار العرب األواخر‪ ،‬محمد البسام التميمي‪،‬‬
‫تحقيق‪ :‬سعود بن غانم الجمران العجمي‪( ،‬ص‪ ،)37 ،36‬الطبعة الثانية‪2010 ،‬م‪.‬‬
588
‫‪589‬‬

‫الـمالحــــــق‬
590
‫‪591‬‬

‫‪1348‬هـ ـ معاهدة صداقة وعدم اعتداء مع اإلمام يحيى حميد الدين‪:‬‬

‫وثيقة رقم (‪:)8‬‬


‫هذه الوثيقة مسجلة يف دارة الملك عبدالعزيز برقم (‪ )30‬يف ملف (‪.)24‬‬
‫‪592‬‬

‫«الحمد هلل وحده‪ ،‬حضر الشيخ سلطان بن منيف وولده الشيخ سالم بن‬
‫أيضا الشيخ صالح بن حيدر بن ملحف‪ ،‬حضر المذكورون‬
‫سلطان‪ ،‬وحضر ً‬
‫جمي ًعا‪ ،‬وكفلوا على الداعي علي محسن شبام‪ ،‬والمنصوب حسين بن أحمد‬
‫المكرمي‪ ،‬ومن تابعهم رجال جشم وآل عباس ومن تابعهم من أوالد عبداهلل‪:‬‬
‫إنه إن يجمع اهلل كلمة رجال يام والداعي ومنصوبه لما يبيض الوجوه‪ ،‬ويصون‬
‫القواعد حسب شرحها‪ ،‬فكان شور الجميع‪ :‬أن الشيخ سلطان ومن يرونه معه‬
‫مكافيون من الجميع لقطع جميع الحجج الحادثة ما بين رجال يام وهمدان‬
‫بحسب ما تكون به‬
‫وسحار وجماعة ووائلة ‪ ،‬فيما شملته القواعد‪ ،‬ويف غيرها َ‬
‫المراجعة بينهم وبين اإلمام ‪ -‬أ َّيده اهلل ‪ -‬إن يكن ‪ -‬والعياذ باهلل ‪ -‬تخيب وجوه‬
‫الضمنا‪ ،‬وأهل األسواق فيما شملتهم عليه القاعدة التي بيد اإلمام ‪-‬أ َّيده اهلل‪-‬‬
‫فكانت وجوه الثًلثة الملزومين على هذا ملوثة لإلمام ‪-‬أ َّيده اهلل‪ -‬بما يأمر به‬
‫عليهم‪ ،‬وعلى قبائلهم المذكورين فيما يرى ويبيض وجوههم فيمن عثر من‬
‫مكرمي ويامي بصدق منهم‪ ،‬ووفاء لهم من اإلمام ‪-‬أ َّيده اهلل‪ -‬ما يلزم عليه‪.‬‬
‫وإذا كان الوفاء من الداعي ومنصوبه‪ ،‬ومن إليه للشيخ سلطان‪ ،‬ومن إليه يف هذا‬
‫الرقم كان له على اإلمام ‪-‬أ َّيده اهلل‪ -‬ما يرتاجع به اإلمام‪ ،‬والداعي بواسطة‬
‫المذكورين‪ ،‬وأما إذا أقفا الداعي ومنصوبه‪ ،‬فما بقي له علقة على أهل الوجوه‬
‫ومن إليهم‪.‬‬
‫وعلى اإلمام ‪-‬أ َّيده اهلل‪ -‬وال عتب‪ ،‬وكان الوعد لرجوع اإلفادة سلخ‬
‫‪593‬‬

‫محرم سنة ‪1349‬هـ إن شاء اهلل‪ .‬وقد صح األمن واألمان بين سحاري‬
‫وهمداين ووائلي ووادعي وعماري وبين يام إلى سلخ ربيع األولى سنة‬
‫‪1349‬هـ حسب األمن واألمان السابق يف القواعد التي بيد اإلمام ‪-‬أ َّيده اهلل‪-‬‬
‫وبيد الداعي إلى وجوه الشيخ سلطان وولده الشيخ سالم بن سلطان والشيخ‬
‫صالح بن حيدر بحضور الشهود على كل ما ذكر‪.‬‬
‫حضر الشيخ عبداهلل حامس العوجري وسيدي حسين بن محمد أبو‬
‫طالب والقاضي العزي محمد بن إسماعيل قاضي‪ ،‬واهلل خير الشاهدين‪.‬‬
‫حرر بتاريخه ‪ 23‬شهر رجب األصب(‪1348 )1‬هـ‪.‬‬
‫يعتمد ما حرره القاضي‪ ....‬الوجيه ‪-‬عافاه اهلل‪ -‬حسبما ُزبر وقد األمن‬
‫واإلمام المحرر يف هذه القاعدة من بعد وصول صورة هذه القاعدة إلى ناظر‬
‫الشام ليكون منه الظاهرة بذلك»(‪.)2‬‬
‫الختم‪ :‬يحيى المتوكل على اهلل‪.‬‬

‫األصب)؛ ألهنم كانوا يسمون األشهر بأسماء مختلفة؛ فيقولون لشهر المحرم‪:‬‬
‫ّ‬ ‫(‪ )1‬العرب تقول‪( :‬رجب‬
‫األصب‪،‬‬
‫ّ‬ ‫المؤتمر‪ ،‬وشهر صفر‪ :‬ناجرا‪ ،‬وربيع األول‪ :‬خوانا‪ ...‬إلخ‪ ،‬أما شهر رجب فيسمونه‪:‬‬
‫ويسمون شعبان‪ :‬العاذل‪.‬‬
‫(‪ )2‬المصدر‪ :‬كتاب‪ :‬نجران‪ ..‬تاريخ وإنسان‪ ،‬محمد طحنون آل دغرير‪( ،‬ص‪ ،)235 ،234‬وكتاب‪:‬‬
‫نجران‪ ،‬محمد أبو ساق‪( ،‬ص‪.)233 ،232 ،210‬‬
‫‪594‬‬

‫وثيقة رقم (‪.)9‬‬


‫تصنيف الوثيقة‪ :‬مجموعة آل أبو ساق‪.‬‬
‫نـوع الوثـيقـة‪ :‬رسالة من الشريف الحسن بن محمد إلى الشيخ مانع بن‬
‫جابر‪.‬‬
‫تاريخهـا‪ 18 :‬ربيع األول ‪1264‬هـ‪.‬‬
‫موضوعها‪ :‬استنجاد الشريف بالشيخ مانع وقبائله من يام يف ِّ‬
‫فك أسر‬
‫الشريف الحسين بن علي حيدر المأسور لدى اإلمام محمد بن يحيى يف قلعة‬
‫القطيع‪.‬‬
‫نص الرسالة‪:‬‬
‫‪595‬‬

‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬


‫«من الحسن بن محمد إلى المحب الشيخ األكمل مانع بن جابر ـ سلمه‬
‫اهلل تعالى ـ السًلم عليكم ورحمة اهلل وبركاته‪ :‬بعد حمد اهلل على جزيل نواله‪،‬‬
‫والصًلة والسًلم على سيدنا محمد وآله‪ ،‬صدرت لكم‪ ،‬وكتابك وصل‪،‬‬
‫وعرفنا ما ذكرت‪ ،‬وأملنا منك ما فعلت‪ ،‬وكتاب الشريف ـ حفظه اهلل ـ وصل‪،‬‬
‫وهو يف بيت الفقيه مع محمد بن يحيى باعوه سودان الوجيه‪ ،‬أوالد ذو حسين‬
‫زقمو به يف خشم العدو‪ ...‬الفسالة على يد ذو محمد لعنهم اهلل‪ ،‬وذكر يف حمية‬
‫رجال يام وهمتهم وقوفهم يف الظهر والبندق‪ ،‬فاهلل يشد بك الظهر‪ ،‬ويدركك‬
‫بردك الثأر‪ ،‬ويجلي عنا وعنك العار‪ ،‬وكل حقيقة يف كتاب األخ علي بن محمد‬
‫ـ حفظه اهلل ـ والعجل العجل ترى ما عاد نحاذر إال يقفي الناكث‪ ،‬والشريف‬
‫معه‪ ،‬وحكمنا هنادنه‪ ،‬والواسطة بيننا وبينه‪ ،‬والفوات يف تسليم البًلد‪،‬‬
‫والشريف يف يده‪ ،‬وقد عرفت أن ماله عهد والذ َّمة‪ ،‬واهلل يختار للجميع ما علم‬
‫فيه الخير والسًلم‪.‬‬
‫‪ 18‬ربيع األول ‪1264‬هـ‪ .‬آل علي وآل مانع والكافة من وجيه خدامينا‬
‫متحوفون بالسًلم»(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬المصدر‪ :‬كتاب‪ :‬تطور األوضاع السياسية يف جنوب غرب الجزيرة العربية‪ ،‬د‪ .‬محمد عبداهلل‬
‫آل زلفة‪( ،‬ص‪ ،)172 ،171‬وكتاب‪ :‬نجران‪ ..‬تاريخ وإنسان‪ ،‬محمد بن طحنون آل دغرير‪،‬‬
‫(ص‪.)216‬‬
‫‪596‬‬

‫وثيقة رقم‪.)10( :‬‬


‫‪597‬‬

‫تصنيف الوثيقة‪ :‬مجموعة آل أبو ساق‪.‬‬


‫نوع الوثيقة‪ :‬رسالة من الشريف الحسين بن علي بن حيدر إلى الشيخ‬
‫مانع بن‬
‫جابر‪.‬‬
‫تاريخها‪ 19:‬جمادى آخر ‪1263‬هـ‪.‬‬
‫موضوعها‪ :‬شكوى الشريف من المكارمة‪ ،‬وبعض رجال يام‪.‬‬
‫نص الوثيقة‪:‬‬
‫«الحمد هلل‪ ،‬من الحسين بن علي إلى خدامنا المحب المكرم الشيخ مانع‬
‫بن جابر حماه اهلل‪ ،‬السًلم عليكم ورحمة اهلل وبركاته‪ ،‬بعد حمد اهلل حق‬
‫حمده‪ ،‬والصًلة والسًلم على سيدنا محمد وآله‪ ،‬كتابك وصل وتحققناه‪،‬‬
‫وذكرتم أطلب المكارمة‪ ،‬وأشكي عليهم‪ ،‬فقد عر َّفتك أين ما عداين شاكي غير‬
‫ما قد شكيت من أول‪ ،‬فما أعلم أحدً ا يرحمني‪ ،‬وال يصدقني‪ ،‬وذكرت أن يام‬
‫ما شافوا مخارجه‪ ،‬ال دراهم تعد‪ ،‬وال باب يركنهم‪ ،‬هذا وأنتم ترون الدراهم‬
‫بعيونكم تصل إلى حامد‪ ،‬فكيف شا نصدق يف المشاكاة‪ ،‬فالعدو ما هو على‬
‫شفهم‪ ،‬هو على الصحيح‪ .‬وذكرت ما ودك بالمنقود يكثر ويكرب بيننا وبين‬
‫الداعي والمكارمة‪ ،‬فما أعلم شيء يوجب المنقود‪ ،‬وال صدر منَّا الذي يوجبه‪،‬‬
‫وال نعلم منا إال الصرب عليهم‪ ،‬وعلى غيرهم‪ ،‬وسوء الظن بنا منهم ومن‬
‫غيرهم‪ ،‬والتقصير يف جنابنا منهم ومن غيرهم‪ ،‬وعسا لنا يف ذلك خير‪ ،‬وذكرت‬
‫‪598‬‬

‫أن ظن يام أين ما عاد أريد بعد هذه األمور خدمة‪ ،‬وال عسكره‪ ،‬وال صحب‪،‬‬
‫كًل على قدر‬
‫وأهنا كلها مني مقصد محس وارادات زيادة منقود‪ ،‬فاهلل يعطي ًّ‬
‫كًل بفعله‪ ،‬والطيب ال بد يحتاجنا ونحتاجه‪ ،‬والخبيث شا يكفينا‬
‫نيته‪ ،‬ويجازي ًّ‬
‫اهلل منه‪ ،‬ويعاقبه بخبثه بسبب صربنا عليه‪ ،‬وذكرت محمد بن يحيى طيب نفس‬
‫الداعي وجربه يف ما حصل يف رعيته (‪ ،)...‬وأرسل له وبكسوة ودراهم‪ ،‬فما‬
‫مستحق‪،‬‬
‫ٍّ‬ ‫نكره ما يحصل للداعي ويجمله اهلل يوسع علينا وعليه‪ ،‬وعلى كل‬
‫ولو يواجه الداعي محمد بن يحيى كان تجمل فيه أعظم‪ ،‬وأعظم والسًلم‪.‬‬
‫بتاريخ ‪ 19‬شهر جمادى آخر ‪1263‬هـ(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬المصدر‪ :‬كتاب‪ :‬تطور األوضاع السياسية يف جنوب غرب الجزيرة العربية‪ ،‬د‪ .‬محمد بن عبداهلل‬
‫آل زلفة‪( ،‬ص‪.)157 ،156 ،155‬‬
‫‪599‬‬

‫وثيقة رقم‪.)11( :‬‬


‫تصنيف الوثيقة‪ :‬مجموعة آل أبو ساق‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫نـوع الوثـيقـة‪ :‬سند تعهد من شريف أبي عريش بيد العباس المكرمي‬
‫من نجران بدفع ما تب َّقى لبعض قبائل يــام من حقوق على الشريف المذكور‪.‬‬
‫تاريخها‪ :‬سلخ(‪ )2‬شهر ربيع آخر ‪1263‬هـ‪.‬‬
‫موضوعهـــا‪ :‬تعهد من شريف أبي عريش بتسديد ما تبقى لجشم‬
‫والرايتين مواجد وآل فاطمة من قبائل يام من حقوق مفروضة على شرافة أبي‬
‫عريش‪.‬‬

‫(‪ )1‬هو عباس بن الحسين بن الحسين بن علي بن هبة اهلل بن إبراهيم بن محمد المكرمي‪.‬‬
‫(‪ )2‬سلخ‪ :‬هناية‪.‬‬
‫‪600‬‬

‫نص الوثيقة‪:‬‬
‫أصًل بيد عباس)‬
‫(وهي صورة لسند صدر ً‬
‫الحمد هلل‪ ،‬هذا خطنا شاهد بيد االصنا المكارمة أين ملتزم لهم ‪-‬إن شاء‬
‫اهلل‪ -‬أنه ما ينخلع شهر جمادى أول‪ ،‬وعاد لهم ريال من حق المتبقين من جشم‬
‫والرايتين مواجد وآل فاطمة بحول اهلل وقوته ومشيئته‪ ،‬ال بحول منَّا‪ ،‬وال قوة‪،‬‬
‫وال مشيئة‪ ،‬ولهم عهد اهلل‪ ،‬ثم وجهي أين ما ألزم جهد‪ ،‬وال أسهل‪ ،‬وال أتحيل‪،‬‬
‫وال أغش ومن نوى بفسالة‪ ،‬فاهلل ال يربحه‪ ،‬يعلم ذلك‪ .‬سلخ(‪ )1‬شهر ربيع آخر‬
‫‪1363‬هـ(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬سلخ‪ :‬هناية‪.‬‬


‫(‪ )2‬المصدر‪ :‬كتاب‪ :‬تطور األوضاع السياسية يف جنوب غرب الجزيرة العربية‪ ،‬د‪ .‬محمد بن عبداهلل‬
‫آل زلفة‪( ،‬ص‪.)181‬‬
‫‪601‬‬

‫وثيقة رقم‪.)12( :‬‬


‫تصنيف الوثيقة‪ :‬مجموعة آل أبو ساق‪.‬‬
‫نـوع الوثـيقـة‪ :‬رسالة من الشريف الحسين بن محمد إلى رجال يام‪.‬‬
‫تاريخها‪ :‬بدون‪.‬‬
‫موضوعها‪ :‬يطلب الشريف من رجال يام عدم التحرك يف الموعد الذي‬
‫‪602‬‬

‫حدَّ دوه لحين صدور أوامر إليهم‪.‬‬


‫نص الوثيقة‪:‬‬
‫«الحمد هلل‪.‬‬
‫ختم الشريف‬
‫«من الحسن بن محمد إلى كافة خدامينا رجال يام ـ حماهم اهلل ـ السًلم‬
‫حق حمده‪ ،‬والصًلة والسًلم على‬
‫عليكم ورحمة اهلل وبركاته‪ ،‬بعد حمد اهلل َّ‬
‫سيدنا محمد‪ ،‬وآله وصحبه‪ ،‬صدَّ رت للسًلم من محروس مدينة أبي عريش‪،‬‬
‫وكتابكم الكريم وصل‪ ،‬وذكرتم أنكم عزمتم على المسير ثاين غرة شهر‬
‫جمادى آخر‪ ،‬فالمراد أنكم توقفوا حتى يصلكم بادي منا حيث نحن نراعي ما‬
‫يصلح للجميع‪ ،‬وإن تقدمتم قبل البادي‪ ،‬فما يف الوجه لكم شيء‪ ،‬أردت‬
‫أعرفكم‪ ،‬واهلل يحميكم‪ ،‬والسًلم»(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬المصدر‪ :‬كتاب‪ :‬تطور األوضاع السياسية يف جنوب غرب الجزيرة العربية‪ ،‬د‪ .‬محمد بن عبداهلل‬
‫آل زلفة‪( ،‬ص‪.)214 ،213‬‬
‫‪603‬‬

‫وثيقة رقم‪)13( :‬‬


‫تصنيف الوثيقة‪ :‬مجموعة آل أبو ساق‪.‬‬
‫نوع الوثيقة‪ :‬رسالة من الشريف الحسين بن علي حيدر شريف أبي‬
‫عريش إلى رجال قبيلة يام‪.‬‬
‫‪604‬‬

‫تاريخها‪ 8 :‬شعبان ‪1261‬هـ‪.‬‬


‫موضوعها‪ :‬طلب الشريف من قبيلة يام عدم القدوم إلى بًلده‪ ،‬حيث ال‬
‫ٍ‬
‫ضرر للبًلد والعباد‪.‬‬ ‫لزوم لهم‪ ،‬وما قد ينجم نتيجة لنزولهم من‬
‫نص الوثيقة‪:‬‬
‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬
‫ختم الشريف‬
‫«من الحسين بن علي إلى كافة خدامينا رجال يام ـ حماهم اهلل ـ والسًلم‬
‫عليكم ورحمة اهلل وبركاته‪ ،‬وبعد جوابكم‪ ،‬وصل المصدر من حسو عمران‪،‬‬
‫وكان وصوله ليلة سادس غرة شعبان‪ ،‬وتحققناه‪ ،‬وذكرتم أنكم صديق‪،‬‬
‫فالصديق ما يشق على صديقه‪ ،‬وقد عرفناكم وعادكم يف المشرق أنكم‬
‫تتوقفون مدة قريبة حتى نخفف مما قد على الظهر‪ ،‬وال رأيتم إال أنكم تخالفون‬
‫ما ذكرناه لكم‪ ،‬فكيف الصداقة بعدها! ولو قبلناكم يف حال الساع فآخر الشي‬
‫ما هو متحصل مرادكم وشا يرجع يحصل المنقود بيني وبينكم‪ ،‬وإذ كان األمر‬
‫كذلك‪ ،‬فأحسن من البدع كما يقال‪ :‬الذي شايختم به اإلنسان يبدع به‪ ،‬والبًلد‬
‫صًلحها لكم‪ ،‬وخراهبا عليكم‪ ،‬وطًلهبا كثير‪ .‬وإن أردتم البًلد‪ ،‬فهذي هي بين‬
‫يديكم‪ ،‬افعلوا فيها ما شئتم‪ ،‬وعند التناهي يقصر المتطاول‪ ،‬وإن قصدكم غير‬
‫ذلك‪ ،‬فما نحن أول من ُّ‬
‫يذل‪ ،‬والتعب على القاع‪ ،‬والنصر بيد اهلل سبحانه‪،‬‬
‫نسأله ـ جل وعًل ـ أال يكلنا إلى أنفسنا‪ ،‬وال إلى ٍ‬
‫أحد من خلقه‪ ،‬ويهدينا ويثبتنا‪،‬‬
‫‪605‬‬

‫ويجعل خير أعمالنا خواتمها‪ ،‬وهو حسبنا ونعم الوكيل‪ ،‬نعم المولى ونعم‬
‫النصير‪ ،‬وال حول وال قوة إال باهلل العلي العظيم‪ ،‬والسًلم‪.‬‬
‫حرر ليلة ‪ 8‬شعبان ‪1261‬هـ»(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬المصدر‪ :‬كتاب‪ :‬تطور األوضاع السياسية يف جنوب غرب الجزيرة العربية‪ ،‬د‪ .‬محمد بن عبداهلل‬
‫آل زلفة‪( ،‬ص‪.)137 ،136‬‬
‫‪606‬‬

‫وثيقة رقم‪)14( :‬‬


‫تصنيف الوثيقة‪ :‬مجموعة آل أبو ساق‪.‬‬
‫نـوع الوثـيقـة‪ :‬رسالة من الشريف الحسن بن محمد إلى رجال يام‪.‬‬
‫تاريخها‪ :‬بدون‪.‬‬
‫‪607‬‬

‫موضوعها‪ :‬يعتذر الشريف عن عدم مقدرته على مقابلة رجال يام يف‬
‫حرض النشغاله‪ ،‬ويطلب منهم إرسال الشيخ مانع بن جابر‪ ،‬وخمسة عشر‬
‫رجال من وجيه رجال يام للتباحث معه‪.‬‬
‫نص الوثيقة‪:‬‬
‫الحمد هلل‪،‬‬
‫ختم الشريف‬
‫«من الحسن بن محمد إلى كافة خدامينا رجال يام الواصلين ـ حماهم‬
‫اهلل ـ والسًلم عليكم ورحمة اهلل وبركاته‪.‬‬
‫حق حمده‪ ،‬والصًلة والسًلم على سيدنا محمد وآله‬
‫بعد حمد اهلل َّ‬
‫وصحبه‪ ،‬كتابكم وصل وتحققناه‪ ،‬وذكرتم أنكم وصالين‪ ،‬فمرح ًبا بكم يف‬
‫بًلدكم‪ ،‬وذكرتم أنا نلقاكم يف حرض‪ ،‬فًل َيخفاكم أنَّا اليوم يف شغلة ما تم لنا‪،‬‬
‫والمراد يصلنا الشيخ مانع بن جابر يف خمسة عشر رجال من وجيه خدامينا‬
‫وحدهم عندنا هنار واحد‪ ،‬ونخرج إحنا وهم ‪-‬إن شاء اهلل‪ -‬عسى اهلل يقدِّ ر‬
‫االتفاق على عز وظفر‪ ،‬واهلل يحميكم‪ ،‬والسًلم»(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬المصدر‪ :‬كتاب‪ :‬تطور األوضاع السياسية يف جنوب غرب الجزيرة العربية‪ ،‬د‪ .‬محمد بن عبداهلل‬
‫آل زلفة‪( ،‬ص‪.)216 ،215‬‬
‫‪608‬‬

‫وثيقة رقم‪)15( :‬‬


‫تصنيف الوثيقة‪ :‬مجموعة آل أبو ساق‪.‬‬
‫نوع الوثيقة‪ :‬سند التزام من الشريف الحسين بن علي بن حيدر لرجال‬
‫قبيلة يام‪.‬‬
‫تاريخها‪ 17 :‬شهر ظفر (صفر) ‪1260‬هـ‪.‬‬
‫موضوعها‪ :‬التزام من الشريف الحسين بن علي بن حيدر لرجال قبيلة‬
‫يام بأن يسرتهم بالذي يقسمه اهلل‪.‬‬
‫‪609‬‬

‫نص الوثيقة‪:‬‬
‫الحمد هلل‪،‬‬
‫ختم الشريف‬
‫«هذا خطنا بيد القليل من وجيه خدامينا رجال يام أين ملتزم لهم أين‬
‫أسرتهم بالذي يقسمه اهلل من فض ٍل فيما بيني وبينهم على قدر الساعة‪ ،‬وال‬
‫أخالف ‪-‬إن شاء اهلل‪ -‬يعلم ذلك بتاريخ ‪ 17‬ظفر ‪1260‬هـ»(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬المصدر‪ :‬كتاب‪ :‬تطور األوضاع السياسية يف جنوب غرب الجزيرة العربية‪ ،‬د‪ .‬محمد عبداهلل‬
‫آل زلفة‪( ،‬ص‪.)133 ،132‬‬
‫‪610‬‬

‫وثيقة رقم‪)16( :‬‬


‫تصنيف الوثيقة‪ :‬مجموعة آل أبو ساق‪.‬‬
‫نوع الوثيقة‪ :‬تعهد من الشريف الحسين بن علي حيدر شريف أبي عريش‬
‫لرجال قبيلة يام‪.‬‬
‫تاريخها‪ 28 :‬رجب ‪1260‬هـ‪.‬‬
‫موضوعها‪ :‬تعهد الشريف بااللتزام بالوفاء بحساب القبيلة المذكورة‬
‫لقاء خدماهتم للدفاع عنه‪.‬‬
‫‪611‬‬

‫نص الوثيقة‪:‬‬
‫«الحمد هلل وحده‪،‬‬
‫ختم الشريف‬
‫هذا خطنا شاهد بيد خدامينا رجال يام الزالجين‪ ،‬أين ملتزم لهم يف الوفاء‬
‫بحساهبم حق األربعة األشهر‪ ،‬وملزم الفقيه يبدئ بالعدد من يوم ثاين وعشرين‬
‫من شهر رمضان‪ ،‬وإن شاء اهلل ما يجي ختم الشهر إال وهم مستوفين ما بقا لهم‬
‫ريال واحد‪ ،‬وال يجي منا تحيور وإن جاء التحيور منها‪ ،‬فيعدلون الدراهم على‬
‫كيف ما أحبوا‪ ،‬وال يلحقوين حجة‪ ،‬وهذا وجهي وخطي بيدي شاهد بأيدهم‪،‬‬
‫واهلل خير الشاهدين‪ ،‬وهو حسبنا ونعم الوكيل‪ ،‬يعلم ذلك‪ ،‬لعله االثنين‬
‫‪28‬رجب ‪1260‬هـ‪.‬‬
‫مالحظة‪ :‬ألحق على هامش الوثيقة ما نصه‪:‬‬
‫«وكان الذي قد سار حقه مسلم بالوفا بيد (غير واضح) وجيه العرب‪،‬‬
‫ودامهم‬
‫حسب العادة حدهم عندي يعلم ذلك تاريخه المذكور»(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬المصدر‪ :‬كتاب‪ :‬تطور األوضاع السياسية يف جنوب غرب الجزيرة العربية‪ ،‬د‪ .‬محمد عبداهلل‬
‫آل زلفة‪ ،‬ص‪.)135 ،134(:‬‬
‫‪612‬‬

‫وثيقة رقم‪)17( :‬‬


‫تصنيف الوثيقة‪ :‬مجموعة آل أبو ساق‪.‬‬
‫نوع الوثيقة‪ :‬رسالة من الشريف الحسين بن علي بن حيدر إلى مانع‬
‫بن جابر‪.‬‬
‫تاريخها‪ :‬الجمعة ‪ 14‬ربيع آخر ‪1265‬هـ‪.‬‬
‫موضوعها‪ :‬تحويل موضوع جابر بن مانع إلى الفقيه حامد‪ ،‬والشريف‬
‫الحسن بن محمد‪ ،‬كما أوضحت الرسالة التميز يف العًلقة بين الشريف‬
‫والشيخ مانع‪.‬‬
‫نص الوثيقة‪:‬‬
‫الحمد هلل‪،‬‬
‫‪613‬‬

‫ختم الشريف‬
‫«حاوي خير إلى خدامنا المحب مانع بن جابر‪ ،‬حماه اهلل‪ ،‬أعرفك صدر‬
‫خط إلى الفقيه حامد‪ ،‬وقد الحقيقة فيه‪ ،‬وهو يف شان األول‪ ،‬وأما غيره فقد‬
‫تدرك فيه الولد الحسن عافاه اهلل‪ ،‬وأنا عارف أن ما هو محتل (كذا)‪ ،‬وأنت‬
‫صديق‪ ،‬وال عندنا أعز منك‪ ،‬ال مكرمي‪ ،‬وال يامي‪ ،‬يكون عندك معلوم والتفاق‬
‫كاين ‪-‬إن شاء اهلل‪ -‬وقد رأسك لك ما عاده محفوظ لغيرك‪ ،‬وقدك السنان‬
‫والحليم تكفيه اإلشارة‪ ،‬والسًلم‪ .‬تاريخه يوم الجمعة ‪ 14‬ربيع آخر‬
‫‪1265‬هـ»(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬المصدر‪ :‬كتاب‪ :‬تطور األوضاع السياسية يف جنوب غرب الجزيرة العربية‪ ،‬د‪ .‬محمد عبداهلل‬
‫آل زلفة‪( ،‬ص‪.)191 ،190‬‬
‫‪614‬‬

‫وثيقة رقم‪)18( :‬‬


‫تصنيف الوثيقة‪ :‬مجموعة آل أبو ساق‪.‬‬
‫نوع الوثيقة‪ :‬رسالة من شخصية لم يكتب اسمه وختمه يف أعلى الرسالة‬
‫غير واضح‪ ،‬ربما يكون أحد أقرباء الشريف أو أحد رجاله إلى الشيخ مانع بن‬
‫جابر‪.‬‬
‫تاريخها‪ :‬ربيع آخر ‪1264‬هـ‪.‬‬
‫‪615‬‬

‫موضوعها‪ :‬اإلخبار بوقوع الشريف الحسين بن علي حيدر يف يد اإلمام‬


‫محمد بن يحيى‪.‬‬
‫نص الوثيقة‪:‬‬
‫الحمد هلل‪،‬‬
‫« محبنا المكرم الشيخ مانع بن جابر سلمه اهلل‪ ،‬وصلى اهلل على سيدنا‬
‫محمد وآله‪ ...،‬خطكم الكريم وصل (‪ )....‬المؤرخ ‪ 2‬ربيع أول‪ ،‬واجهنا‬
‫ونحن مقبلون من اليمن إلى أبي عريش‪ ،‬وإقبالنا إلى أبي عريش (‪،)........‬‬
‫وصدورها من أبي عريش وإعًلم اليمن‪ ،‬فكما قد بلغكم الشريف باعوه‬
‫الخونة (‪ )....‬باعوه وهو مجلل هو وأوالده وخدامينه عند محمد بن يحيى يف‬
‫بيت الفقيه‪ ،‬ويزعمون أهنم شادون إلى زبيد‪ ،‬والشريف معهم‪ ،‬وهو وقع‬
‫الصلح على تفليت البنادر(‪ )1‬يخرجوا لهم الشريف منعوا ال يخرجون إال‬
‫بحقهم‪ ،‬فهذا السبب أدعوه خداعة‪ ،‬والخداعة منهم وعلى حميدة رتب‬
‫الزيدية‪ ،‬والضحى وهو فيها آمن (‪ ،)........‬واهلل ينصر الجميع‪ ،‬ويوفق‬
‫الجميع‪ ،‬وهذا شيء أراده اهلل على سيدي الشريف سبب اإلعانة لهذا الخائن‪،‬‬
‫والعاقبة للمتقين‪ ،‬وكم تناجينا احنا وهو بالخطوط‪ ،‬وال أثمر شيء»‪.‬‬
‫تحرر ليلة نصف لغرة ربيع آخر ‪1264‬هـ(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬البنادر‪ :‬الموانئ الساحلية‪ ،‬والمناطق القريبة منها‪ ،‬وهي كلمة فارسية يف األصل‪.‬‬
‫(‪ )2‬المصدر‪ :‬كتاب‪ :‬تطور األوضاع السياسية يف جنوب غرب الجزيرة العربية‪ ،‬د‪ .‬محمد عبداهلل‬
‫آل زلفة‪( ،‬ص‪.)174 ،173‬‬
‫‪616‬‬

‫وثيقة رقم‪.)19( :‬‬


‫تصنيف الوثيقة‪ :‬مجموعة آل أبو ساق‪.‬‬
‫نوع الوثيقة‪ :‬رسالة من الشريف الحسن بن محمد إلى الشيخ مانع بن‬
‫جابر‪.‬‬
‫‪617‬‬

‫تاريخها‪ :‬بدون تاريخ‪.‬‬


‫موضوعهـا‪ :‬يطلب الشريف من الشيخ مانع بن جابر الذي يعتزم هو‬
‫وقومه من قبيلة يام بالمسير إلى بًلد المخًلف الرتيث لحين التأكد من عزم‬
‫األمير عائض بن مرعي أمير عسير بتسيير حملة إلى المخًلف والسواحل‬
‫اليمنية على إثر سقوط حكومة الشريف الحسين بن علي حيدر الذي أبعدته‬
‫السلطات العثمانية إلى إستانبول‪.‬‬
‫نص الوثيقة‪:‬‬
‫الحمد هلل‪،‬‬
‫ختم الشريف‬
‫«من الحسن بن محمد إلى خدامنا الشيخ مانع بن جابر ـ حماه اهلل ـ‬
‫السًلم عليه ورحمة اهلل وبركاته‪ ،‬وحمد اهلل حق حمده‪ ،‬والصًلة على سيدنا‬
‫محمد‪ ،‬وآله وصحبه‪ ،‬صدرت للسًلم من محروس أبو عريش‪ ،‬وكل علم سار‬
‫كتابكم الكريم وصل‪ ،‬وذكرتم عزمكم على المسير ثاين الغرة فأنتم (‪.)1()......‬‬
‫ونسمع عن عائض بحركة وإلزام يف المخًلف بالجهاد‪ ،‬ومظهرين‬
‫باليمن‪ ،‬فالمراد صدر خط إلى الكافة قد أمرناهم يتوقفون حتى يجيبهم البادي‬
‫مرادنا نعرف وجهه إلى أي جهة‪ ،‬وعندما يتبين لنا أمره تجيكم الحقيقة‪ ،‬فأنت‬

‫(‪ )1‬كلمة غير واضحة‪.‬‬


‫‪618‬‬

‫وثلهم‪ ،‬وال توقفون علينا وعلى نفوسكم يكون نزولكم يف وقت نزوله‪،‬‬
‫ورجعتم تنفعون عدوكم‪ ،‬والذي نحاوله نحن وأنتم يحتاج فضا وعدم شغلة‬
‫(‪ )1().......‬والصواب ما هو خافيك‪ ،‬وال تظن أن بيني وبينه باب‪ ،‬ال واهلل‬
‫العظيم‪ ،‬وإين ما أنا يف ضرره‪ ،‬وإن سألت عن أخبار ما لدينا فقد كان حصل هذه‬
‫األيام كًلم يف الوالد حيدر بن علي‪ ،‬ورجع لقينا يف أبو حجر‪ ،‬وسدينا نحن‬
‫وهو‪ ،‬وعملناه على البًلد‪ ،‬وتوافقنا نحن وهو‪ ،‬ومشا إلى الباشا‪ ،‬وانسألت عن‬
‫الشريف الحسين فهو سافر من جدة إلى مصر يوم سادس وعشرين يف شهر‬
‫ربيع آخر‪ ،‬عسى اهلل يصحبه السًلم‪ ،‬وعازم على وصول الروم‪ ،‬وهذه خطا‬
‫كتبت عليه‪ ،‬وتالي األخبار ساره‪ ،‬والخط كايف لك‪ ،‬وللشيخ مانع بن علي‬
‫المتحوف بالسًلمة‪ ،‬وسلم لنا على أوالدكم ووجيه خدامينا‪ ،‬واهلل يرعاكم‬
‫والسًلم»(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬كلمة غير واضحة‪.‬‬


‫(‪ )2‬المصدر‪ :‬كتاب‪ :‬تطور األوضاع السياسية يف جنوب غرب الجزيرة العربية‪ ،‬د‪ .‬محمد عبداهلل‬
‫آل زلفة‪( ،‬ص‪.)219 ،218 ،217‬‬
‫‪619‬‬

‫قلعة رعوم‪ :‬انظر‪ :‬تعريفها (ص‪ ) 384‬من هذا الكتاب‪.‬‬


‫‪620‬‬

‫(قصر الثغر)‪ ،‬قام ببنائه عبدالوهاب بن عامر العسيري‪ ،‬والمعروف‬


‫بأبي نقطة‪ٍ ،‬‬
‫بأمر من اإلمام سعود بن عبدالعزيز بن محمد بن سعود‪ ،‬يف‬
‫عام (‪1221‬هـ) ببدر الجنوب‪.‬‬
‫‪621‬‬

‫القصر األول إلمارة نجران يف عهد‪ :‬عساف بن حسين العجمي‪:‬‬


‫وهو أول مركز سعودي إلمارة منطقة نجران بعد انضمام نجران‬
‫(الح َضن ـ‬
‫للمملكة العربية السعودية عام ‪1353‬هـ الموافق ‪1934‬م‪ ،‬يقع يف َ‬
‫مؤخرا من ِق َب ِل الهيئة العامة للسياحة والرتاث‬
‫ً‬ ‫قرية البديع)‪ ،‬تم تسويره‬
‫الوطني‪.‬‬
‫‪622‬‬

‫القصر الثاين إلمارة نجران يف أبي السعود يف عهد النشمي‪.‬‬


‫وهذا ما تبقى منه‪ ،‬وهو خلف مبنى شرطة أبي السعود حال ًيا‪.‬‬
‫‪623‬‬

‫=‬

‫قصر اإلمارة التاريخي‪:‬‬


‫قصر اإلمارة التاريخي تم بناؤه عام ‪1363‬هـ‪ ،‬وهو المقر الثالث إلمارة‬
‫نجران بعد قصر البديع يف الحضن‪ ،‬وقصر الحكومة يف أبي السعود‪ ،‬حيث‬
‫ٍ‬
‫بطلب من أمير نجران يف ذلك الوقت تركي بن‬ ‫أنشئ القصر (قصر اإلمارة)‬
‫محمد الماضي‪ ،‬الذي رفع طلب البناء إلى نائب الملك عبدالعزيز بن‬
‫عبدالرحمن آنذاك األمير سعود بن عبدالعزيز ـ رحمهما اهلل ـ وبدئ يف بناء‬
‫القصر عام ‪1361‬هـ‪ ،‬وتم االنتهاء من البناء يف أوائل عام ‪1363‬هـ‪.‬‬
‫‪624‬‬

‫مسجد عمر بن الخطاب رضي اهلل عنه يف قرية األخدود‬


‫‪625‬‬

‫وه َج ُر نجران اإلسًلم ّي ِة‬


‫يقول الهمداين ‪ :‬إين أوقفني َأه ُل نجران على ‪ِ ...‬‬
‫َ‬
‫غير المسجد الذي أمر‬ ‫ِ‬ ‫تحت قرية األُ‬
‫قائم َ‬
‫خراب وليس فيها بنا ٌء ٌ‬
‫ٌ‬ ‫خدود ‪ ،‬وهي‬
‫ببنائه عمر رحمه اهلل تعالى(‪. )1‬‬
‫ويـقـول صـــــاحــب كـتــاب «مـعـجـم مــا اســ ـتـعـجـم مـن أســــمــاء الـبـًلد‬
‫والمواضــــع»(‪ :)2‬األخـدُ و ُد الـذي ذكره اهلل تعـالى كـان يف قريـة من ُقرى نَجران‪،‬‬
‫وهي اليوم خراب‪ ،‬ليس فيها إال المسجد الذي أمر عمر بن الخطاب ببنائه‪.‬‬
‫المسجد‪ :‬أساسات مسجد كبير مستطيل الشكل‪ ،‬بني من الحجر‬
‫والطين‪ ،‬وتتوسطه خمسة أعمدة مربعة‪ ،‬وال يوجد له محراب خارجي‪ ،‬ويعدُّ‬
‫أقدم نموذج للعمارة اإلسًلمية يف المنطقة حتى اآلن‪ ،‬ويعود تاريخه إلى القرن‬
‫األول الهجري‪.‬‬
‫****‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬كتاب اإلكليل الجزء السادس‪ ،‬سير ملوك حمير‪ ،‬للحسن بن أحمد بن يعقوب الهمداين‪،‬‬
‫(ص‪ ،)32 ،31‬تحقيق‪ :‬الدكتور مقبل التام عامر األحمدي‪.‬‬
‫األندلسي‪ ،‬المتوىف سنة ‪487‬هـ‪ ،‬انظر‪ :‬الهمداين‪:‬‬
‫ّ‬ ‫(‪( )2‬ص‪ ،)121‬تأليف‪ :‬عبد اهلل بن عبدالعزيز البكري‬
‫اإلكليل (‪ .)103/8‬أحمد بن عبداهلل الرازي‪« :‬تاريخ مدينة صنعاء»‪ .‬ت‪ :‬حسين العمري‪ .‬دار الفكر‬
‫ـ دمشق‪.‬ط‪1409 ،3‬هـ ‪1989 -‬م‪ .276 ،‬انظر‪ :‬مجلة الفيصل‪ ،‬ع‪163‬محرم ‪1411‬هـ ‪ -‬أغسطس‬
‫‪1990‬م‪ .120 ،‬ومجلة المسافر‪ :‬ع‪ ،77‬جمادى األولى ‪1422‬هـ ‪ -‬أغسطس ‪2001‬م‪ ،‬انظر‪:‬‬
‫كتاب‪ :‬الحياة العلمية يف نجران يف صدر اإلسًلم‪ ،‬عوض عبداهلل سعد‪( ،‬ص‪ ،)70 ،69‬الحياة‬
‫االقتصادية يف نجران خًلل القرن األول الهجري السابع الميًلدي‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬إعداد‪ :‬فاطمة‬
‫بنت ضيف اهلل بن حسين العبدلي‪( ،‬ص‪.AL- marih, NAJRAN,op.pp366 ،)129 ،117‬‬
‫‪626‬‬

‫أوالً‪ :‬املصادر واملراجع‬


‫‪1‬ـ عبدالرحيم‪ ،‬عبدالرحيم بن عبدالرحمن‪« :‬من وثائق الدولة السعودية‬
‫األولى يف عصر محمد علي (‪1222‬ـ ‪1234‬هـ‪ 1807/‬ـ ‪1819‬م»‪ ،‬الطبعة األولى‬
‫لعام ‪1403‬هـ ـ ‪1983‬م‪ ،‬المجلد الثاين‪ ،‬الناشر دار الكتاب الجامعي‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫‪2‬ـ مختصر األطلس التاريخي للمملكة العربية السعودية‪ ،‬الناشر‪ :‬دارة‬
‫الملك عبدالعزيز‪ ،‬ط األولى ‪1424‬هـ ـ ‪2004‬م‪.‬‬
‫الموحد يف مسيرة‬
‫َّ‬ ‫‪3‬ـ الصوينع‪ ،‬د‪ .‬عثمان بن صالح العلي‪« :‬مع الملك‬
‫التوحيد والبناء»‪ ،‬الطبعة األولى‪1420 :‬هـ ـ ‪1999‬م‪.‬‬
‫‪4‬ـ الربيعان‪ ،‬يحيى‪« :‬راكان بن حثلين شاعر وفارس وشيخ العجمان»‪،‬‬
‫دولة الكويت‪ ،‬الطبعة األولى ‪1995‬م‪ ،‬شركة الربيعان للنشر والتوزيع‪.‬‬
‫‪5‬ـ العثيمين‪ ،‬د‪ .‬عبداهلل بن الصالح‪« :‬معارك الملك عبد العزيز»‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪1415 :‬هـ ـ ‪1995‬م‪.‬‬
‫‪6‬ـ فليكس مانجان (الفرنسي)‪« :‬تاريخ الدولة السعودية األولى وحمًلت‬
‫محمد علي على الجزيرة العربية»‪ ،‬ترجمه وعلق عليه‪ ،‬أ‪ .‬د‪ .‬محمد خير محمود‬
‫البقاعي‪.‬‬
‫‪7‬ـ الشعفي‪ ،‬أ‪.‬د‪ .‬محمد سعيد منشط‪« :‬العًلقات السعودية اليمنية»‪ ،‬من‬
‫خًلل ما نشر يف جريدة المقطم المصرية‪ ،‬الطبعة األولى‪1414 :‬هـ‪1994/‬م‪،‬‬
‫طبع يف‪( :‬مطابع وإعًلنات الشريف)‪.‬‬
‫‪627‬‬

‫‪8‬ـ فريد‪ ،‬د‪ .‬علوي عمر‪« :‬دخول نجران يف العهد السعودي‪ ،‬دراسة تاريخية‬
‫وثائقية»‪ ،‬دار قتيبة‪ ،‬دمشق ـ سوريا‪ ،‬الطبعة األولى‪1427 ،‬هـ ـ ‪2006‬م‪.‬‬
‫‪9‬ـ القابسي‪ ،‬محيي الدين‪« :‬المصحف والسيف» (مجموعة من خطابات‬
‫وكلمات وأحاديث الملك عبدالعزيز آل سعود)‪ ،‬دار الصحراء السعودية للنشر‬
‫والتوزيع ـ الرياض‪ ،‬الطبعة الرابعة‪1418 ،‬هـ ـ ‪1997‬م‪.‬‬
‫‪10‬ـ السبيت‪ ،‬عبدالرحمن بن سبيت وآخرون‪« :‬كنت مع عبد العزيز»‪،‬‬
‫إصدار المهرجان الوطني للرتاث والثقافة‪ ،‬الحرس الوطني‪ ،‬المملكة العربية‬
‫السعودية‪ ،‬الرياض‪ ،‬الطبعة الثانية‪1415 ،‬هـ‪1994/‬م‪.‬‬
‫‪11‬ـ طحنون‪ ،‬محمد‪« :‬نجران‪ ..‬تاريخ وإنسان»‪ ،‬الطبعة األولى ‪2015‬م‪،‬‬
‫مؤسسة الرحاب الحديثة‪ ،‬بيروت لبنان‪.‬‬
‫‪12‬ـ آل زلفة‪ ،‬د‪ .‬محمد بن عبداهلل‪« :‬دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب»‪،‬‬
‫الطبعة األولى ‪1424‬هـ ـ ‪2003‬م‪ ،‬الناشر‪ :‬دار بًلد العرب للنشر والتوزيع‪.‬‬
‫‪13‬ـ العقيلي‪ ،‬محمد بن أحمد‪« :‬نجران يف أطوار التاريخ»‪ ،‬الطبعة األولى‬
‫‪1404‬هـ ـ ‪1984‬م‪ ،‬الناشر مطبعة دار البًلد‪.‬‬
‫‪14‬ـ الماضي‪ ،‬تركي محمد‪« :‬من مذكرات تركي محمد الماضي عن‬
‫العًلقات السعودية اليمنية» (‪1342‬ـ ‪1371‬هـ‪1924 /‬ـ ‪1954‬م)‪ ،‬الناشرـ دار‬
‫الشبل للنشر والتوزيع ـ السعودية الرياض‪1417( ،‬هـ ـ ‪1997‬م)‪.‬‬
‫‪15‬ـ حمزة‪ ،‬فؤاد بن أمين‪« :‬يف بًلد عسير»‪ ،‬الناشر‪ :‬مكتبة النصر الحديث‪،‬‬
‫الرياض‪ ،‬الطبعة الثانية‪1388 ،‬هـ‪1968/‬م‪.‬‬
‫‪628‬‬

‫‪16‬ـ دالل‪ ،‬عبد الواحد محمد راغب‪« :‬البيان يف تاريخ جازان وعسير‬
‫ونجران»‪ ،‬جزءان‪ ،‬الناشر‪ ،‬دار التعاون للطبع والنشر‪ ،‬مصر‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫‪1418‬هـ‪1998/‬م‪.‬‬
‫‪17‬ـ العثيمين‪ ،‬عبد اهلل بن صالح‪« :‬تاريخ المملكة العربية السعودية»‪،‬‬
‫جزءان‪ ،‬مجهول الناشر‪ ،‬الطبعة الثامنة‪1428 ،‬هـ‪2007/‬م‪.‬‬
‫‪18‬ـ ماحي‪ ،‬سيد‪« :‬نجران‪ :‬األرض والناس والتاريخ»‪ ،‬الناشر‪ :‬محمد‬
‫هادي همام‪ ،‬مجهول الطبعة‪ ،‬وسنة النشر‪ ،‬المطابع األهلية لألوفست‪ ،‬الرياض‪.‬‬
‫‪19‬ـ ماحي‪ ،‬سيد‪« :‬نجران الحديثة»‪ ،‬مجهول الناشر‪ ،‬والطبعة‪ ،‬وسنة‬
‫النشر‪.‬‬
‫‪20‬ـ نوفل‪ ،‬حمود زايد‪« :‬إسماعيلية اليمن السليمانية (المكارمة)»‪ ،‬ما بين‬
‫(‪1140‬ـ ‪1262‬هـ‪1728/‬ـ ‪1846‬م)‪ ،‬دار الناشر للجامعات‪ ،‬صنعاء‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى ‪2011‬م‪.‬‬
‫‪21‬ـ األنصاري‪ ،‬أ‪.‬د‪ .‬عبدالرحمن الطيب‪ ،‬وأ‪ .‬صالح بن محمد جابر آل‬
‫مريح‪« :‬نجران منطلق القوافل»‪ ،‬دار القوافل للنشر والتوزيع‪ ،‬الرياض‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪1424 ،‬هـ ـ ‪2003‬م‪.‬‬
‫‪22‬ـ البهكلي‪ ،‬عبدالرحمن بن أحمد‪« :‬نفح العود يف سيرة الشريف‬
‫ُحمود»‪ ،‬الناشر‪ :‬دارة الملك عبدالعزيز‪ ،‬الرياض ـ السعودية‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫‪1402‬هـ‪1982/‬م‪.‬‬
‫‪629‬‬

‫‪23‬ـ العًلقي‪ ،‬عبداللطيف طاهر‪« :‬نجران الواحة واإلنسان»‪ ،‬مطبعة‬


‫الصًلح‪ ،‬جدة ـ السعودية‪ ،‬الطبعة األولى‪1419 ،‬هـ‪1998/‬م‪.‬‬
‫‪24‬ـ العقيلي‪ ،‬محمد بن أحمد‪« :‬تاريخ المخًلف السليماين»‪ ،‬جزءان‪،‬‬
‫الناشر‪ :‬شركة العقيلي‪ ،‬جازان ـ السعودية‪ ،‬الطبعة الثالثة‪1410 ،‬هـ‪1989/‬م‪.‬‬
‫‪25‬ـ أبو ساق‪ ،‬د‪ .‬محمد بن فيصل‪« :‬نجران»‪ ،‬الناشر‪ :‬طوى للثقافة والنشر‬
‫واإلعًلم ـ لندن‪ ،‬الطبعة األولى‪2013 ،‬م‪.‬‬
‫‪26‬ـ أبو ساق‪ ،‬د‪ .‬محمد بن فيصل‪« :‬يف السياسة والحرب واإلدارة»‪،‬‬
‫الناشر‪ :‬طوى للثقافة والنشر واإلعًلم ـ لندن‪ ،‬الطبعة األولى‪2013 ،‬م‪.‬‬
‫‪27‬ـ فيلبي‪ ،‬هاري سانت جون‪« :‬مرتفعات الجزيرة العربية»‪ ،‬راجعه وعلق‬
‫عليه‪ :‬أ‪.‬د‪ .‬غيثان بن علي بن جريس‪ ،‬الناشر‪ :‬مكتبة العبيكان‪ ،‬الرياض‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪1426 ،‬هـ‪2005/‬م‪.‬‬
‫‪28‬ـ األلمعي‪ ،‬يحيى إبراهيم‪« :‬رحًلت يف عسير»‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬مطابع‬
‫دار األصفهاين وشركاه ـ جدة‪.‬‬
‫‪29‬ـ البًلدي‪ ،‬عاتق بن غيث‪« :‬بين مكة وحضرموت»‪ ،‬الناشر‪ :‬دار مكة‬
‫للنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة األولى ‪1402‬هـ‪1982/‬م‪.‬‬
‫‪30‬ـ المؤنس‪ ،‬د‪ .‬حسين‪« :‬أطلس تاريخ اإلسًلم»‪ ،‬الطبعة األولى ‪1407‬هـ‬
‫ـ ‪1987‬م‪ ،‬الناشر‪ :‬الزهراء لإلعًلم العربي‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫‪31‬ـ علي‪ ،‬يحيى بن الحسين بن القاسم بن محمد‪« :‬غاية األماين يف أخبار‬
‫‪630‬‬

‫القطر اليماين»‪ ،‬تحقيق وتقديم د‪ .‬سعيد عبد الفتاح عاشور‪( .‬القاهرة‪ :‬دار الكتاب‬
‫العربي‪1388 ،‬هـ ـ ‪1968‬م)‪.‬‬
‫المسمى‬
‫َّ‬ ‫‪32‬ـ اليماين‪ ،‬تاج الدين عبدالباقي بن عبد المجيد‪« :‬تاريخ اليمن‬
‫هبجة الزمن يف تاريخ اليمن»‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبداهلل محمد الحبشي‪ ،‬الطبعة الثانية‪،‬‬
‫‪1985‬م‪ ،‬دار الكلمة ـ صنعاء‪.‬‬
‫‪33‬ـ خزعل‪ ،‬حسين خلف الشيخ‪« :‬الشيخ محمد بن عبدالوهاب»‪ ،‬مطابع‬
‫دار الكتب‪ ،‬بيروت ـ لبنان‪.‬‬
‫‪34‬ـ جريس‪ ،‬أ‪.‬د‪ .‬غيثان بن علي‪« :‬نجران»‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬الطبعة األولى‬
‫‪1425‬هـ‪2004/‬م‪ ،‬مطابع الحميضي‪ ،‬الرياض‪.‬‬
‫‪35‬ـ جريس‪ ،‬أ‪.‬د‪ .‬غيثان بن علي‪« :‬تاريخ الجنوب‪ :‬الباحة وعسير‪ ،‬وجازان‬
‫ونجران»‪ ،‬الجزء الثاين‪ ،‬الطبعة األولى ‪1431‬هـ‪2011/‬م‪ ،‬مطابع الحميضي‪،‬‬
‫الرياض‪.‬‬
‫‪36‬ـ جريس‪،‬أ‪.‬د‪ .‬غيثان بن علي‪« :‬القول المكتوب يف تاريخ الجنوب»‪،‬‬
‫الجزء الثالث‪ ،‬الطبعة األولى ‪1432‬هـ‪2011/‬م‪ ،‬مطابع الحميضي‪ ،‬الرياض‪.‬‬
‫‪37‬ـ جريس‪ ،‬أ‪.‬د‪ .‬غيثان بن علي‪« :‬القول المكتوب يف تاريخ الجنوب»‪،‬‬
‫الجزء الرابع عشر‪ ،‬الطبعة األولى ‪1440‬هـ ـ ‪2018‬م‪ ،‬مطابع الحميضي ـ‬
‫الرياض‪.‬‬
‫‪38‬ـ جريس‪ ،‬أ‪.‬د‪ .‬غيثان بن علي‪« :‬القول المكتوب يف تاريخ الجنوب»‪،‬‬
‫‪631‬‬

‫الجزء الخامس عشر‪ ،‬الطبعة األولى ‪1440‬هـ ـ ‪2019‬م‪ ،‬مطابع الحميضي ـ‬


‫الرياض‪.‬‬
‫‪39‬ـ شيبان‪ ،‬فًلح ضيف اهلل‪« :‬نجران اآلثار والتاريخ»‪ ،‬الطبعة األولى‬
‫‪1415‬هـ ـ ‪1994‬م‪ ،‬طبعة‪ :‬مؤسسة المدينة للصحافة (دار العلم) جدة‪.‬‬
‫‪40‬ـ آل مريح‪ ،‬صالح بن محمد‪« :‬نجران»‪ ،‬ضمن سلسلة‪« :‬هذه بًلدنا»‪،‬‬
‫التي تنشرها الرئاسة العامة لرعاية الشباب‪( .‬جدة‪ :‬دار البًلد للطباعة والنشر‪،‬‬
‫‪1415‬هـ‪1995 /‬م)‪.‬‬
‫‪41‬ـ الشريف‪ ،‬عبدالرحمن صادق‪« :‬جغرافية المملكة العربية السعودية‬
‫إقليم جنوب غرب المملكة»‪ ،‬الرياض‪ :‬دار المريخ‪1404 ،‬هـ‪1984/‬م‪.‬‬
‫‪42‬ـ حمزة‪ ،‬فؤاد بن أمين‪« :‬يف بًلد عسير»‪ ،‬الناشر‪ :‬مكتبة النصر الحديثة‪،‬‬
‫الرياض‪ ،‬الطبعة الثانية‪1388 ،‬هـ‪1968/‬م‪.‬‬
‫‪43‬ـ العمري‪ ،‬حسين عبدالرحمن‪« :‬مائة عام من تاريخ اليمن الحديث»‪،‬‬
‫دمشق ـ سورية‪ ،‬الطبعة األولى‪1405 ،‬هـ‪1984/‬م‪.‬‬
‫‪44‬ـ الضمدي‪ ،‬الحسن بن أحمد عاكش‪« :‬الديباج الخسرواين يف أخبار‬
‫أعيان المخًلف السليماين»‪ ،‬تحقيق‪ :‬أ‪.‬د‪ .‬إسماعيل بن محمد البشري‪ ،‬الناشر‪:‬‬
‫دارة الملك عبدالعزيز‪ ،‬الرياض‪ ،‬الطبعة األولى ‪1424‬هـ‪2003/‬م‪.‬‬
‫‪45‬ـ آل هتيلة‪ ،‬محمد‪« :‬نجران والنصرانية األولى»‪ ،‬الطبعة األولى‬
‫‪1436‬هـ‪2015/‬م‪ ،‬الناشر‪ :‬مطابع الدار العربية‪ ،‬بيروت ـ لبنان‪.‬‬
‫‪632‬‬

‫‪46‬ـ األلمعي‪ ،‬زاهر بن عواض‪« :‬نجران وأصحاب األخدود يف ضوء‬


‫والسنَّة والتاريخ»‪ ،‬الطبعة األولى ‪2018‬م‪ ،‬الناشر‪ :‬مؤسسة االنتشار‪،‬‬
‫ُّ‬ ‫القرآن‬
‫بيروت ـ لبنان‪.‬‬
‫«الصليحيون‬
‫ُّ‬ ‫‪47‬ـ الحرازي‪ ،‬حسين بن فيض اهلل الهمداين اليعربي‪:‬‬
‫والحركة الفاطمية يف اليمن‪ ،‬من سنة ‪268‬هـ إلى سنة ‪626‬هـ»‪ ،‬الطبعة الثالثة‬
‫‪1407‬هـ‪1986/‬م‪ ،‬منشورات المدينة‪ ،‬صنعاء‪.‬‬
‫‪48‬ـ شرف الدين‪ ،‬أحمد حسين‪«:‬اليمن عرب التاريخ»‪ ،‬الطبعة الثالثة‬
‫‪1400‬هـ ـ ‪1980‬م‪ ،‬مطبعة السنة المحمدية‪.‬‬
‫‪49‬ـ أبو مخرمة‪ ،‬عبداهلل الطيب بن عبداهلل‪« :‬تاريخ ثغر عدن»‪ ،‬الناشر‪:‬‬
‫مكتبة متبولي ـ القاهرة‪ ،‬الطبعة الثانية ‪1411‬هـ ـ ‪1991‬م‪.‬‬
‫‪50‬ـ شرف الدين‪ ،‬أحمد حسين‪« :‬تاريخ الفكر اإلسًلمي يف اليمن»‪،‬‬
‫الطبعة الثالثة ‪1409‬هـ‪1989/‬م‪ ،‬الناشر‪ :‬مطابع الفرزدق التجارية ـ الرياض‪.‬‬
‫‪51‬ـ ابن بشر‪ ،‬عثمان بن عبداهلل‪« :‬عنوان المجد يف تاريخ نجد»‪ ،‬جزءان‪،‬‬
‫حققه وعلق عليه‪ :‬عبدالرحمن بن عبداللطيف آل الشيخ‪ ،‬الطبعة الرابعة ‪1402‬هـ‬
‫ـ ‪1982‬م‪ ،‬مطبوعات‪ :‬دارة الملك عبدالعزيز‪.‬‬
‫‪52‬ـ الهمداين‪ ،‬الحسن بن أحمد بن يعقوب‪« :‬صفة جزيرة العرب»‪،‬‬
‫تحقيق‪ :‬محمد بن علي األكوع الحوالي‪ ،‬الطبعة الثانية ‪1429‬هـ ـ ‪2008‬م‪،‬‬
‫الناشر‪ :‬مكتبة اإلرشاد ـ صنعاء‪.‬‬
‫‪633‬‬

‫‪53‬ـ ابن المجاور‪ ،‬جمال الدين أبو الفتوح يوسف بن يعقوب‪« :‬صفة بًلد‬
‫اليمن» المسمى‪« :‬تاريخ المستبصر»‪ ،‬طبعت يف مدينة ليدن بمطبعة بريل‪ ،‬سنة‬
‫‪1951‬م‪.‬‬
‫‪54‬ـ العبدلي‪ ،‬أحمد فضل بن علي محسن‪« :‬هدية الزمان يف أخبار ملوك‬
‫لحج وعدن»‪ ،‬المطبعة السلفية ـ القاهرة‪1351 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪55‬ـ ابن رسول‪ ،‬السلطان الملك األشرف عمر بن يوسف‪« :‬طرفة‬
‫األصحاب يف معرفة األنساب»‪ ،‬حققه‪ :‬سرتستين‪ ،‬دار اآلفاق العربية‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫ط‪1422 ،1‬هـ ـ ‪2001‬م‪.‬‬
‫‪56‬ـ القباع‪ ،‬عبداهلل بن سعود‪« :‬العًلقات السعودية اليمنية»‪ ،‬الناشر‪ :‬مطابع‬
‫الفرزدق‪ ،‬الرياض‪1413 ،‬هـ ـ ‪1992‬م‪.‬‬
‫‪57‬ـ الظاهري‪ ،‬أبو عبدالرحمن بن عقيل‪« :‬العجمان وزعيمهم راكان بن‬
‫حثلين»‪ ،‬الناشر‪ :‬ذات السًلسل للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬الكويت‪ ،‬الطبعة‬
‫الثانية ‪1416‬هـ ـ ‪1995‬م‪.‬‬
‫‪58‬ـ مجهول المؤلف‪« :‬كيف ظهور شيخ اإلسًلم محمد بن عبدالوهاب»‪،‬‬
‫دراسة وتحقيق وتعليق‪ :‬الدكتور‪ :‬عبداهلل بن الصالح العثيمين‪ ،‬جامعة الملك‬
‫سعود‪ ،‬مطبوعات دارة الملك عبدالعزيز‪1403.‬هـ ـ ‪1983‬م‪.‬‬
‫‪59‬ـ مجموعة من المؤلفين السوفيت‪« :‬تاريخ اليمن المعاصر‪،‬‬
‫‪1917‬ـ‪1982‬م»‪ ،‬ترجمة محمد علي بحر‪ ،‬مراجعة الدكتور‪ :‬محمد أحمد علي‪،‬‬
‫‪634‬‬

‫مكتبة مدبولي ـ ميدان طلعت حرب ـ القاهرة‪.‬‬


‫‪60‬ـ المانع‪ ،‬محمد‪« :‬توحيد المملكة العربية السعودية»‪ ،‬الناشر‪ ،‬مطابع‬
‫المطوع‪ ،‬الدمام ـ السعودية‪ ،‬الطبعة األولى‪1420 ،‬هـ ـ ‪2000‬م‪.‬‬
‫‪61‬ـ وزارة المعارف ووكالة اآلثار والمتاحف السعوديتين‪« :‬آثار منطقة‬
‫نجران»‪ ،‬كتاب وثائقي‪ ،‬الرياض ـ السعودية‪ ،‬الطبعة األولى‪1423 ،‬هـ ـ ‪2003‬م‪.‬‬
‫«قرة العيون بأخبار اليمن الميمون»‪،‬‬
‫‪62‬ـ الدَّ يبع‪ ،‬عبد الرحمن بن علي‪َّ :‬‬
‫حققه وعلق عليه‪ :‬محمد بن علي األكوع‪ ،‬مكتبة اإلرشاد ـ صنعاء‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪1427 :‬هـ ـ ‪2006‬م‪.‬‬
‫‪63‬ـ العتيبي‪ ،‬فائزة رداد عزيز‪« :‬حركة الشعر يف نجران يف الجاهلية وصدر‬
‫اإلسًلم»‪ ،‬الطبعة األولى ‪1430‬هـ ـ ‪2009‬م‪ ،‬مطابع الهطًلين ـ عنيزة‪.‬‬
‫‪64‬ـ آل زلفة‪ ،‬د‪ .‬محمد بن عبداهلل‪« :‬عسير يف عهد الملك عبدالعزيز»‪،‬‬
‫الناشر‪ :‬مكتبة الفرزدق‪ ،‬الطبعة األولى ‪1415‬هـ ـ ‪1995‬م‪ ،‬دراسة وثائقية‪.‬‬
‫‪65‬ـ آل زلفة‪ ،‬محمد بن عبداهلل‪« :‬دراسات من تاريخ عسير الحديث»‪،‬‬
‫الطبعة األولى ‪1412‬هـ ـ ‪1991‬م‪ ،‬الناشر‪ :‬مطابع الشريف‪.‬‬
‫‪66‬ـ آل زلفة‪ ،‬د‪ .‬محمد بن عبداهلل‪«:‬إمارة أبي عريش وعًلقتها بالدولة‬
‫ال ُعثمانية»‪ ،‬الناشر مطبعة‪ :‬مركز المؤلف ـ الرياض‪.‬‬
‫‪67‬ـ آل زلفة‪ ،‬د‪ .‬محمد بن عبداهلل‪« :‬بيان عن العًلقات بين المملكة العربية‬
‫السعودية واإلمام حميد الدِّ ين»‪ ،‬الطبعة الثالثة‪1436 :‬هـ ـ ‪2015‬م‪ ،‬الناشر‪ :‬دار‬
‫‪635‬‬

‫بًلد العرب للنشر والتوزيع ـ الرياض‪.‬‬


‫‪68‬ـ آل زلفة‪ ،‬د‪ .‬محمد بن عبداهلل‪« :‬تطور األوضاع السياسية يف جنوب‬
‫غرب الجزيرة العربية»‪ ،‬الطبعة األولى ‪1417‬هـ‪ ،‬مطابع الفرزدق التجارية‪،‬‬
‫الرياض‪.‬‬
‫‪69‬ـ آل سعود‪ ،‬سعود بن هذلول‪« :‬تاريخ ملوك آل سعود»‪ ،‬مطابع المدينة‬
‫ـ الرياض‪ ،‬الطبعة الثانية‪1402:‬هـ ـ ‪1982‬م‪.‬‬
‫‪70‬ـ الفاخري‪ ،‬محمد بن عمر‪« :‬تاريخ الفاخري»‪ ،‬دراسة وتحقيق وتعليق‪:‬‬
‫أ‪.‬د‪ .‬عبداهلل بن يوسف الشبل‪ ،‬طبعة دارة الملك عبدالعزيز ‪1419‬هـ ـ ‪1999‬م‪.‬‬
‫‪71‬ـ اليماين‪ ،‬عبدالواسع بن يحيى الواسعي‪« :‬تاريخ اليمن المسمى‪ُ :‬فرجة‬
‫الهموم والحزن يف حوادث وتاريخ اليمن»‪ ،‬الطبعة الثالثة (‪1428‬هـ ـ ‪2007‬م)‪،‬‬
‫مكتبة اإلرشاد ـ صنعاء‪.‬‬
‫‪72‬ـ المعتوق‪ ،‬شريفة‪« :‬لهجة العجمان يف الكويت»‪ ،‬دراسة لغوية‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى ‪1986‬م‪ ،‬الناشر‪ :‬مركز الرتاث الشعبي لدول الخليج العربي‪.‬‬
‫‪73‬ـ لسلوم‪ ،‬مسفر سعيد‪« :‬من أعًلم قبيلة يام ورواهتا»‪ ،‬الطبعة األولى‬
‫‪1434‬هـ ـ ‪2013‬م‪.‬‬
‫‪74‬ـ تاميزيه‪ ،‬موريس‪« :‬رحلة يف بًلد العرب»‪ ،‬الحملة المصرية على عسير‬
‫(‪1249‬هـ‪1834/‬م‪ ،‬ترجمة الدكتور‪ :‬محمد بن عبداهلل آل زلفة‪ ،‬الطبعة األولى‬
‫‪1414‬هـ‪1993/‬م‪ ،‬مطابع وإعًلنات الشريف)‪.‬‬
‫‪636‬‬

‫‪75‬ـ اليمني‪ ،‬نجم الدين عمارة الحكمي‪« :‬تاريخ اليمن»‪ ،‬تحقيق‪ :‬الدكتور‪:‬‬
‫حسن سليمان محمد‪ ،‬الطبعة األولي‪1425 :‬هـ ـ ‪2004‬م‪ ،‬الناشر‪ :‬مكتب‬
‫اإلرشاد ـ الرياض‪.‬‬
‫‪76‬ـ الهمداين‪ ،‬الحسن بن أحمد بن يعقوب‪« :‬اإلكليل من أخبار اليمن‬
‫ٍ‬
‫معرف من همدان وأنساهبا وعيون أخبارها‪،‬‬ ‫وأنساب حمير»‪ ،‬الجزء العاشر يف‬
‫تحقيق‪ :‬محمد علي األكوع‪1429 ،‬هـ‪2008 ،‬م‪ ،‬الناشر‪ :‬مكتبة اإلرشاد ـ صنعاء‪.‬‬
‫‪77‬ـ المختار‪ ،‬صًلح الدين‪« :‬تاريخ المملكة العربية السعودية يف ماضيها‬
‫وحاضرها»‪ ،‬الناشر‪ :‬دار مكتبة الحياة‪ ،‬بيروت ـ لبنان‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مجهول‬
‫سنة النشر‪.‬‬
‫‪78‬ـ الفرج‪ ،‬خالد بن محمد‪« :‬الخرب والعيان يف تاريخ نجد»‪ ،‬تحقيق‬
‫ودراسة‪ :‬عبدالرحمن بن عبداهلل الشقير‪ ،‬الناشر‪ :‬مكتبة العبيكان‪ ،‬الطبعة األولى‪:‬‬
‫‪1421‬هـ ـ ‪2000‬م‪.‬‬
‫«المفصل يف تاريخ العرب قبل اإلسًلم»‪( ،‬بيروت‪:‬‬
‫َّ‬ ‫‪79‬ـ علي‪ ،‬د‪ .‬جواد‪:‬‬
‫دار العلم للمًليين‪ ،‬بغداد‪ :‬مكتبة النهضة ‪1978‬م)‪ ،‬الطبعة الثانية‪.‬‬
‫‪80‬ـ الدمشقي‪ ،‬إسماعيل بن كثير القرشي‪« :‬البداية والنهاية»‪ ،‬الطبعة‬
‫الثامنة‪1424 ،‬هـ ـ‪2003‬م‪ ،‬الناشر‪ :‬دار المعرفة للطباعة والنشر ـ بيروت ـ لبنان‪.‬‬
‫‪ 81‬ـ عثمان‪ ،‬أمين محمد‪« :‬نجران مدينة السياحة والتاريخ»‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪1399 ،‬هـ ـ ‪1979‬م‪ ،‬الناشر‪ :‬مطابع عسيرـ أهبا‪.‬‬
‫‪637‬‬

‫‪ 82‬ـ عبد الباقي‪ ،‬تاج الدين أبو محمد‪« :‬هبجة الزمن يف تاريخ اليمن»‪،‬‬
‫تحقيق ونشر عبداهلل محمد الحبشي‪ ،‬ومحمد أحمد السفياين‪ ،‬صنعاء‪ :‬دار‬
‫الحكمة اليمانية ‪1988‬م‪.‬‬
‫‪83‬ـ ديوان شعر آل الحفظي بعسير‪ ،‬وبعض ومعاصريهم‪« :‬شعاع‬
‫الراحلين»‪ ،‬جمع وتحقيق‪ :‬عبدالرحمن إبراهيم زين العابدين الحفظي‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى ‪1403‬هـ ـ ‪1982‬م‪ ،‬الناشر‪ :‬نادي أهبا األدبي‪ ،‬طبع بمطابع‪ :‬دار المعارف‪،‬‬
‫القاهرة ـ مصر‪.‬‬
‫نسقه وأخرجه‬
‫‪84‬ـ الحفظي‪ ،‬محمد بن إبراهيم‪« :‬نفحات من عسير»‪َّ ،‬‬
‫للطبع‪ :‬عبدالرحمن بن إبراهيم زين العابدين الحفظي‪ ،‬الناشر‪ :‬مطابع عسير‬
‫‪1393‬هـ ـ ‪1974‬م‪.‬‬
‫‪85‬ـ آل قطب‪ ،‬علي عوض‪« :‬األمراء اليزيديون»‪ ،‬الطبعة األولى ‪2013‬م‪،‬‬
‫الناشر‪ :‬طوى للثقافة والنشر واإلعًلم ـ لندن‪.‬‬
‫‪86‬ـ الحفظي‪ ،‬الحسن بن علي‪« :‬مجموع يف تاريخ عسير»‪ ،‬تحقيق‪ :‬علي‬
‫بن حسن الحفظي وعلي بن عوض آل قطب‪ ،‬الناشر‪ :‬مؤسسة االنتشار العربي‪،‬‬
‫بيروت لبنان‪ ،‬الطبعة األولى ‪1438‬هـ ـ ‪2017‬م‪.‬‬
‫‪87‬ـ آل فائع‪ ،‬أحمد يحيى‪« :‬دور آل المتحمي يف مد نفوذ الدولة السعودية‬
‫األولى يف عسير وما جاورها»‪ ،‬الطبعة األولى ‪1427‬هـ‪2006/‬م‪ ،‬الناشر‪ :‬مطابع‬
‫الحميضي ـ الرياض‪.‬‬
‫‪638‬‬

‫‪88‬ـ كتاب‪« :‬الشيخ حمد بن محمد بن لعبون»‪ ،‬جمعه وقدَّ م له وحققه‬


‫وعلق عليه‪ ،‬الدكتور‪ :‬عبدالعزيز بن عبداهلل بن لعبون‪ ،‬الكويت‪1429 :‬هـ ـ‬
‫‪2008‬م‪ ،‬الناشر‪ :‬دار بن لعبون ـ الرياض‪.‬‬
‫الحور العين‬
‫‪89‬ـ جحاف‪ ،‬لطف اهلل بن أحمد بن لطف اهلل‪ُ « :‬درر نحور ُ‬
‫بسيرة اإلمام المنصور علي»‪ ،‬تحقيق‪ :‬إبراهيم بن أحمد المقحفي‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪1425 ،‬هـ ـ ‪2004‬هـ‪ ،‬الناشر‪ :‬مكتبة اإلرشاد ـ صنعاء‪.‬‬
‫‪90‬ـ الهمداين‪ ،‬األمير بدر الدين محمد بن حاتم بن أحمد بن عمران بن‬
‫الفضل اليامي‪« :‬السمط الغالي الثمن يف أخبار الملوك من ال ُغز باليمن»‪ ،‬تحقيق‪:‬‬
‫ركس سمث‪ ،‬جامعة كمربدج‪ ،‬مركز تحقيقات‪ :‬كامبورس علوم سًلمي‪.‬‬
‫‪91‬ـ المسعودي‪ ،‬أبو الحسن علي بن الحسين بن علي‪« :‬مروج الذهب»‪،‬‬
‫تحقيق‪ :‬محمد محيي الدين عبدالحميد‪ ،‬الطبعة الخامسة ـ ‪1393‬هـ ـ ‪1973‬م‪،‬‬
‫الناشر‪ :‬دار الفكر‪.‬‬
‫‪92‬ـ أبو داهش‪ ،‬عبداهلل بن محمد‪« :‬حوليا ُسوق ُحباشة»‪ ،‬الطبعة األولى‬
‫‪1425‬هـ ـ ‪2004‬م‪ ،‬الناشر‪ :‬مطابع البرتاء‪.‬‬
‫‪93‬ـ أبو الجدائل‪ ،‬عائشة سعيد‪« :‬ديانة شهداء نجران»‪ ،‬قراءة جديدة‬
‫للمصادر األولية‪ ،‬جامعة الكويت‪ ،‬مجلس النشر العلمي‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫‪2004‬م‪.‬‬
‫‪94‬ـ الرويشد‪ ،‬عبدالرحمن بن سليمان‪« :‬محمد بن عبد العزيز»‪ ،‬أمير‬
‫‪639‬‬

‫األمراء‪ ،‬وسليل الملوك‪ ،‬سيرته‪ ،‬تاريخه‪ ،‬حياته‪ ،‬الطبعة الثانية‪1426 ،‬هـ‪/‬‬


‫‪2005‬م‪.‬‬
‫الض َمدي‪ ،‬الحسن بن أحمد عاكش‪« :‬مناظرة أحمد بن إدريس مع‬
‫‪95‬ـ َّ‬
‫فقهاء عسير» ‪1248‬هـ‪1832/‬م‪ ،‬حققها وقدم لها ووضع فهارسها‪ :‬أ‪ .‬د‪ .‬عبداهلل‬
‫بن محمد بن حسين أبو د ِ‬
‫اهش‪ ،‬الطبعة األولى ‪1407‬هـ ـ ‪1987‬م‪ ،‬الناشر‪ :‬دار‬ ‫َ‬
‫المدين للطباعة والنشر والتوزيع ـ جدة‪.‬‬
‫‪96‬ـ العمودي‪ ،‬عبداهلل بن علي‪« :‬تحفة القارئ والسامع يف اختصار‪ :‬تاريخ‬
‫الًلمع»‪ ،‬فصول من‪ :‬تاريخ الجزيرة العربية‪ ،‬وأدهبا من قبل اإلسًلم إلى سنة‬
‫‪1341‬هـ‪ ،‬الجزء الثاين‪ ،‬تحقيق وتقديم‪ :‬أ‪.‬د‪ .‬عبداهلل بن محمد أبو داهش‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى ‪1421‬هـ‪2001/‬م‪ ،‬الناشر‪ :‬مطابع الجنوب ـ أهبا‪.‬‬
‫‪97‬ـ الخزرجي‪ ،‬علي بن الحسن‪« :‬العقد الفاخر الحسن يف طبقات أكابر‬
‫أهل اليمن»‪ ،‬تحقيق ودراسة‪ ،‬عبداهلل بن قائد العبادي وآخرون‪1430 ،‬هـ ـ‬
‫‪2009‬م‪ ،‬الطبعة األولى الناشر‪ :‬مكتبة الجيل الجديد ـ صنعاء‪.‬‬
‫‪98‬ـ العمودي‪ ،‬عبداهلل بن علي‪« :‬األدارسة يف هتامة ‪1341‬ـ ‪1347‬هـ»‪،‬‬
‫تحقيق‪ :‬الدكتور‪ :‬عبداهلل بن محمد أبو داهش‪ ،‬الطبعة األولى ‪1415‬هـ ـ‬
‫‪1995‬م‪ ،‬الناشر‪ :‬مطابع مازن‪.‬‬
‫‪99‬ـ موسوعة المملكة العربية السعودية‪ ،‬المجلد الخامس عشر‪« :‬منطقة‬
‫نجران»‪ ،‬الناشر‪ :‬مكتبة الملك عبد العزيز العامة ـ الرياض‪1428 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪640‬‬

‫‪100‬ـ العجيلي‪ ،‬محمد بن هادي بن بكر‪« :‬الظل الممدود يف الوقائع‬


‫الحاصلة يف عهد ملوك آل سعود األولين»‪ ،‬حققه وقدم له ووضع فهارسه‪:‬‬
‫الدكتور‪ :‬عبداهلل بن محمد حسين أبو داهش‪ ،‬الطبعة األولى ‪1408‬هـ ـ ‪1988‬م‪،‬‬
‫الناشر‪ :‬مطبعة مازن للطباعة ـ أهبا‪.‬‬
‫‪101‬ـ األحسائي‪ ،‬محمد بن عبداهلل آل عبد القادر األنصاري‪« :‬تحفة‬
‫المستفيد بتاريخ األحساء يف القديم والجديد»‪ ،‬جزءان‪ ،‬الناشر‪ :‬مطابع الناشر‬
‫العربي ـ الرياض‪1410 ،‬هـ‪ 1999/‬م‪.‬‬
‫‪102‬ـ العريني‪ ،‬عبدالرحمن بن علي‪« :‬اإلمام محمد بن سعود وجهوده يف‬
‫تأسيس الدولة السعودية األولى»‪ ،‬طبع دارة الملك عبدالعزيز‪1419 ،‬هـ ـ‬
‫‪1999‬م‪.‬‬
‫رجًل خالدو ِّ‬
‫الذكر»‪،‬‬ ‫‪103‬ـ الرويشد‪ ،‬عبدالرحمن بن سليمان‪« :‬الستون ً‬
‫طليعة استعادة الرياض وتوحيد المملكة‪ ،‬الطبعة األولى ‪1419‬هـ ـ ‪1998‬م‪،‬‬
‫الناشر مطابع دار الشبل ـ الرياض‪.‬‬
‫‪104‬ـ نيبور‪ ،‬كارستن‪« :‬رحلة إلى شبه الجزيرة العربية وإلى بًلد أخرى‬
‫مجاورة لها»‪ ،‬الجزء الثاين‪ ،‬الطبعة الثانية ‪2013‬م‪ ،‬الناشر‪ :‬مؤسسة االنتشار‬
‫العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫ومحررها»‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫‪105‬ـ العجًلن‪ ،‬منير‪« :‬اإلمام تركي بن عبداهلل بطل نجد‬
‫مؤسس الدولة السعودية الثانية‪ ،‬الجزء الخامس‪ ،‬الناشر‪ :‬بطابع دار الشبل ـ‬
‫‪641‬‬

‫الرياض‪1410 ،‬هـ ـ ‪1990‬م‪.‬‬

‫‪106‬ـ مانزوين‪ِ ،‬رنزو‪َّ ،‬‬


‫للرحالة اإليطالي‪« :‬اليمن‪ ،‬رحلة إلى صنعاء»‪ ،‬عام‬
‫‪1877‬ـ ‪1878‬م‪ ،‬ترجمة‪ :‬شيرين إيبش‪ ،‬تحرير وتعليق‪ :‬د‪ .‬أحمد إيبش‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى ‪1433‬هـ ـ ‪2012‬م‪ ،‬الناشر‪ :‬دار الكتب الوطنية ـ أبوظبي‪.‬‬
‫‪107‬ـ العنزي‪ ،‬محمد الخالدي الشرعبي‪« :‬البادية بين عراقة الماضي‬
‫وأصالة الحاضر»‪ ،‬جزءان‪ ،‬الناشر‪ :‬مطبعة الكاتب العربي ـ دمشق‪.‬‬
‫‪108‬ـ‪« ...‬حوليات النّعمي التهامية»‪ ،‬تحقيق ودراسة‪ :‬د‪ .‬حسين بن عبداهلل‬
‫العمري‪ ،‬من تاريخ اليمن الحديث (‪1215‬ـ ‪1258‬هـ ـ ‪ 1800‬ـ ‪1842‬م‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى ‪1407‬هـ ـ ‪1987‬م‪ ،‬الناشر‪ :‬دار الفكر ـ دمشق‪ ،‬سوريا‪.‬‬
‫‪109‬ـ أبو د ِ‬
‫اهش‪ ،‬عبداهلل بن محمد بن حسين‪« :‬أثر دعوة الشيخ محمد بن‬ ‫َ‬
‫عبد الوهاب يف الفكر واألدب بجنوب الجزيرة العربية»‪ ،‬جزءان‪ ،‬الطبعة األولى‬
‫‪1405‬هـ ـ ‪1985‬م‪ ،‬الناشر‪ :‬مطابع الشريف ـ الرياض‪.‬‬
‫‪110‬ـ باسنبل‪ ،‬عبداهلل بن سالم بن عوض‪« :‬زخارف فخار األخدود‬
‫بمنطقة نجران»‪ ،‬رسالة ماجستير قدمت لقسم اآلثار ـ كلية السياحة واآلثار ـ‬
‫جامعة الملك سعود ـ يف عام ‪1430‬هـ‪2010/‬م ـ الرياض‪.‬‬
‫‪111‬ـ الحرازي‪ ،‬محسن بن أحمد‪« :‬حوليات يمانية‪ ،‬اليمن يف القرن‬
‫التاسع عشر الميًلدي»‪ ،‬حققه واستخرجه عبداهلل بن محمد الحبشي‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى ‪1411‬هـ ـ ‪1991‬م‪ ،‬الناشر‪ :‬دار الحكمة اليمانية ـ صنعاء‪.‬‬
‫‪642‬‬

‫‪112‬ـ فيلبي‪ ،‬هاري سانت جون‪« :‬مرتفعات الجزيرة العربية»‪ ،‬جبال فيفا‬
‫وبني مالك‪ ،‬ترجمة‪ ،‬وتحقيق‪ ،‬وتعليق‪ :‬أ‪ .‬د‪ .‬عبداهلل بن أحمد الفيفي‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى ‪1438‬هـ ـ ‪2017‬م‪ ،‬الناشر‪ :‬الدار العربية للعلوم ناشرون ـ لبنان‪.‬‬
‫‪113‬ـ سادلير‪ ،‬الكابتن ج‪ .‬فورسرت‪« :‬عن رحلة عرب الجزيرة العربية»‪،‬‬
‫ترجمة أنس الرفاعي وتقديم عباس منصور‪ ،‬الناشر‪ :‬الهيئة العامة للكتاب‪،‬‬
‫‪2013‬م‪.‬‬
‫‪114‬ـ سيد‪ ،‬د‪ .‬أيمن فؤاد‪« :‬تاريخ المذاهب الدينية يف اليمن حتى هناية‬
‫القرن السادس الهجري»‪ ،‬الطبعة األولى ‪1408‬هـ ـ ‪1988‬م‪ ،‬الناشر‪ :‬الدار‬
‫المصرية اللبنانية للطباعة والنشر ـ القاهرة‪.‬‬
‫‪115‬ـ العًلمة الجرايف‪« :‬حوليات العًلمة الجرايف»‪ ،‬تحقيق ودراسة‪،‬‬
‫الدكتور حسين بن عبداهلل العمري‪ ،‬الطبعة األولى ‪1412‬هـ ـ ‪1992‬م‪ ،‬الناشر‪:‬‬
‫دار الفكر المعاصر ـ بيروت ـ لبنان‪.‬‬
‫‪116‬ـ العقيلي‪ ،‬محمد بن أحمد‪« :‬محاضرات يف الجامعات والمؤتمرات‬
‫السعودية»‪ ،‬الناشر‪ :‬نادي جازان األدبي ـ طبع بمطابع دار البًلد ـ جدة‪ ،‬لم ترد‬
‫سنة الطبع يف هذا الكتاب‪.‬‬
‫‪117‬ـ وزارة الخارجية السعودية‪« :‬بيان عن العًلقات بين المملكة العربية‬
‫السعودية واإلمام يحيى حميد الدين»‪ ،‬مكة المكرمة‪1353 ،‬هـ‪ ،‬مطبعة مكة‬
‫المكرمة‪.‬‬
‫‪643‬‬

‫‪118‬ـ ابن الديبع‪ ،‬عبدالرحمن بن علي‪« :‬نشر المحاسن اليمانية يف‬


‫خصائص اليمن ونسب القحطانية»‪ ،‬الطبعة األولى ‪1413‬هـ ـ ‪1992‬م‪ ،‬الناشر‪:‬‬
‫دار الفكر ـ دمشق‪.‬‬
‫‪119‬ـ شاكر‪ ،‬محمود‪« :‬شبه جزيرة العرب»‪ ،‬الطبعة الثالثة‪1401 ،‬هـ ـ‬
‫‪1981‬م‪ ،‬الناشر‪ :‬المكتب اإلسًلمي ـ بيروت‪.‬‬
‫‪120‬ـ أبو زهرة‪ ،‬محمد‪« :‬الشافعي‪ ،‬حياته وعصره ـ آراؤه وفقهه»‪ ،‬الناشر‪:‬‬
‫دار الفكر العربي‪1978 ،‬م‪.‬‬
‫‪121‬ـ الحرازي‪ ،‬محسن بن أحمد بن إسماعيل بن علي‪« :‬فرتة الفوضى‬
‫وعودة األتراك إلى صنعاء»‪ ،‬السفر الثاين «رياض الرياحين»‪ ،‬تحقيق ودراسة‪:‬‬
‫الدكتور‪ :‬حسين عبداهلل العمري‪ ،‬الطبعة األولى ‪1406‬هـ‪1986/‬م‪ ،‬مطبعة دار‬
‫الفكر للطباعة والتوزيع والنشر ـ دمشق‪.‬‬
‫‪122‬ـ الشماخي‪ ،‬عبداهلل بن عبدالوهاب المجاهد‪« :‬اليمن اإلنسان‬
‫والحضارة»‪ ،‬الطبعة الثالثة‪1406 :‬هـ ـ ‪1985‬م‪ ،‬منشورات المدينة ـ بيروت‪،‬‬
‫لبنان‪.‬‬
‫‪123‬ـ األكوع‪ ،‬إسماعيل بن علي‪« :‬هجر العلم ومعاقله يف اليمن»‪ ،‬أربعة‬
‫أجزاء‪ ،‬الطبعة األولى ‪1416‬هـ‪1995/‬م‪ ،‬دار الفكر المعاصر ـ بيروت ‪ -‬لبنان‪.‬‬
‫‪124‬ـ الكندي‪ ،‬سالم بن محمد بن سالم بن حميد‪« :‬تاريخ حضرموت‬
‫وحديثة»‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبداهلل بن‬
‫قديمة َ‬
‫َ‬ ‫المسمى بال ُعدَّ ِة المفيدَ ة الجام َعة لتواريخ‬
‫ُ‬
‫‪644‬‬

‫محمد الحبشي‪ ،‬مكتبة اإلرشاد ـ صنعاء‪ ،‬الطبعة األولى ‪1424‬هـ ـ ‪2003‬م‪.‬‬


‫‪125‬ـ الدوسري‪ ،‬بادي بن فيحان بن مصري‪« :‬قبيلة الدواسر»‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪1429 ،‬هـ‪2008/‬م‪.‬‬
‫‪126‬ـ مشاري بن سعود بن عبد العزيز‪« :‬العًلقات بين المملكة العربية‬
‫السعودية والمملكة المتوكلية يف عهد الملك عبد العزيز»‪ ،‬مطابع جامعة الملك‬
‫سعود‪1419 ،‬هـ ـ ‪1999‬م‪.‬‬
‫‪127‬ـ البهكلي‪ ،‬عبدالرحمن بن أحمد بن الحسن‪« :‬خًلصة العسجد من‬
‫حوادث دولة الشريف محمد بن أحمد»‪ ،‬تحقيق الفرنسي‪ :‬ميشيل توشيرير‪،‬‬
‫وعدنان درويش‪ ،‬منشورات المركز الفرنسي للدراسات اليمنية والعربية‪ ،‬صنعاء‬
‫ـ دمشق ‪2000‬م‪.‬‬
‫‪128‬ـ صبان‪ ،‬سهيل‪« :‬مدخل بعض أعًلم الجزيرة العربية يف األرشيف‬
‫العثماين»‪ ،‬الناشر مكتبة الملك عبدالعزيز العامة‪1425 ،‬هـ‪2004 /‬م ـ الرياض‪.‬‬
‫‪129‬ـ العرشي‪ ،‬حسين بن أحمد‪« :‬بلوغ المرام يف شرح مسك الختام»‪،‬‬
‫الناشر‪ :‬مكتبة الثقافة الدينية ـ المركز الرئيس شارع بور سعيد‪/‬الظاهر‪.‬‬
‫‪130‬ـ حبشوش‪ ،‬وجزيف هالي‪ ،‬حييم بن يحيى بن سالم الفتيحي‪« :‬رؤية‬
‫اليمن بين حبشوش وهاليفي»‪ ،‬مركز البحوث والدراسات اليمني‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪1412 ،‬هـ‪1992/‬م‪.‬‬
‫‪131‬ـ آل هتيلة‪ ،‬محمد‪« :‬جدلية المكان والشخوص»‪ ،‬الناشر‪ :‬جداول‬
‫‪645‬‬

‫للنشر والرتجمة والتوزيع‪ ،‬الطبعة األولى ‪2016‬م‪ ،‬بيروت ‪ -‬لبنان‪.‬‬


‫‪132‬ـ العايذي‪ ،‬ماجد بن محمد‪« :‬سعد بن عفيصان‪ ،‬فارس يف خيالة‬
‫التوحيد»‪ ،‬الطبعة الثانية‪2017 ،‬م‪.‬‬
‫‪133‬ـ الحربي‪ ،‬فائز بن موسى البدراين‪« :‬من أخبار القبائل يف نجد»‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى ‪1415‬هـ‪ ،‬الناشر‪ :‬دار البدراين للنشر والتوزيع ـ الرياض‪.‬‬
‫‪134‬ـ السبيت‪ ،‬عبدالرحمن بن سبيت‪ ،‬وآخرون‪« :‬رجال وذكريات مع‬
‫عبدالعزيز»‪ ،‬إصدار المهرجان الوطني للرتاث والثقافة‪ ،‬الحرس الوطني‪،‬‬
‫المملكة العربية السعودية‪ ،‬الرياض‪ ،‬الطبعة الثانية‪1415 ،‬هـ‪1994/‬م‪.‬‬
‫‪135‬ـ نخلة‪ ،‬محمد عرابي‪« :‬تاريخ األحساء السياسي ‪ 1818‬ـ ‪،»1913‬‬
‫الناشر‪ :‬منشورات ذات السًلسل‪ ،‬الطبعة األولى‪1400 :‬هـ‪1980/‬م‪.‬‬
‫‪136‬ـ آل راكة‪ ،‬مهدي بن مسفر بن مانع‪« :‬ديوان شعراء قبائل يام»‪ ،‬الطبعة‬
‫الثانية‪1430 ،‬هـ‪ .‬مجهول الناشر‪.‬‬
‫‪137‬ـ الحمداين‪ ،‬طارق نافع‪ ،‬ومي فاضل الربيعي‪« :‬الخليج والجزيرة‬

‫العربية يف مج َّلة (المقتطف) المصرية»‪ ،‬الناشر‪ :‬بيت َّ‬


‫الوراق للنشر المحدودة ـ‬
‫العراق ـ بغداد‪ ،‬الطبعة األولى‪2010 ،‬م‪.‬‬
‫‪138‬ـ عطار‪ ،‬أحمد عبد الغفور‪« :‬صقر الجزيرة»‪ ،‬الجزء السادس‪ ،‬الطبعة‬
‫الثالثة‪1392 ،‬هـ ـ ‪1972‬م‪.‬‬
‫‪139‬ـ قاسم‪ ،‬عون الشريف‪« :‬نشأة الدولة اإلسًلمية على عهد رسول اهلل‬
‫‪646‬‬

‫‪ ،»‬الطبعة الثالثة‪1411 ،‬هـ ـ ‪1991‬م‪ ،‬دار الجبيل ‪ -‬بيروت ‪ -‬لبنان‪.‬‬


‫‪140‬ـ النعمي‪ ،‬هاشم بن سعيد‪« :‬تاريخ عسير يف الماضي والحاضر»‪،‬‬
‫الناشر‪ :‬مؤسسة الطباعة والصحافة والنشر‪ ،‬ال توجد سنة النشر‪.‬‬
‫الرحالة األجانب»‪ ،‬الطبعة‬
‫‪141‬ـ الصايدي‪ ،‬أحمد قايد‪« :‬اليمن يف عيون َّ‬
‫األولى‪2011 :‬م‪ ،‬الناشر‪ :‬مركز الدراسات والبحوث اليمني‪ ،‬دار اآلفاق للطباعة‬
‫والنشر‪.‬‬
‫‪142‬ـ العمري‪ ،‬هادي صالح ناصر‪« :‬طريق البخور القديم من نجران إلى‬
‫البرتاء‪ ،‬وآثار اليمن االقتصادية عليه»‪ ،‬الطبعة األولى ‪1425‬هـ ـ ‪2004‬م‪ ،‬الناشر‪:‬‬
‫وزارة الثقافة والسياحة ـ صنعاء‪.‬‬
‫‪143‬ـ األكوع‪ ،‬القاضي إسماعيل بن علي‪« :‬دروب الحج ‪ -‬طريق الحاج‬
‫اليمني ‪ -‬منازل الحاج اليمني إلى مكة»‪ ،‬الطبعة األولى ‪1433‬هـ ـ ‪2012‬م‪،‬‬
‫الناشر‪ :‬مكتبة الجيل الجديد ـ صنعاء‪.‬‬
‫‪144‬ـ القحطاين‪ ،‬علي بن شداد آل ناصر‪« :‬شعراء ومأثر قبيلة العجمان»‪،‬‬
‫الطبعة األولى‪1439 ،‬هـ ـ ‪2018‬م‪ ،‬مجهول دار النشر‪.‬‬
‫‪145‬ـ آل عبدان‪ ،‬فًلح بن جروان بن مرهان‪« :‬ديوان بن مرهان»‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪1434 ،‬هـ ـ‪2013‬م‪ ،‬مجهول دار النشر‪.‬‬
‫‪146‬ـ الفردوس‪ ،‬فهد بن محمد‪« :‬ديوان بن فردوس»‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫الناشر‪ :‬دار السياسة ـ الكويت‪ ،‬مجهول سنة الطبع‪.‬‬
‫‪647‬‬

‫‪147‬ـ الضبان‪ ،‬عبدالعزيز سعود بن عبدالرحمن‪« :‬صفحات من تاريخ‬


‫الخرصان»‪ ،‬الطبعة األولى‪1439 ،‬هـ ـ ‪2018‬م‪ ،‬الناشر‪ :‬غراس للنشر والتوزيع‪.‬‬
‫‪148‬ـ لطف الباري‪ ،‬محمد‪« :‬الروض البسام فيما شاع يف قطر اليمن من‬
‫الوقائع واإلعًلم»‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبداهلل بن محمد الحبشي‪ ،‬الطبعة األولى‪1411 ،‬هـ‬
‫ـ‪1990‬م‪ ،‬مطابع المفضل لألوفست ـ تعز ـ اليمن‪.‬‬
‫‪149‬ـ الحمزي‪ ،‬عماد الدين إدريس بن علي‪« :‬تاريخ اليمن» ـ من كتاب‬
‫كنز األخبار يف معرفة السير واألخبار‪ ،‬دراسة وتحقيق‪ :‬د‪ :‬عبدالمحسن مدعج‬
‫المدعج‪ ،‬الطبعة األولى‪1431 ،‬هـ ـ‪2010‬م‪ ،‬الناشر‪ :‬عين للدراسات والبحوث‬
‫ـ الجيزة ‪ -‬مصر‪.‬‬
‫‪150‬ـ الجهني‪ ،‬عيد بن مسعود‪« :‬الحدود والعًلقات السعودية اليمنية»‪،‬‬
‫الطبعة األولى‪1414 ،‬هـ ـ ‪1994‬م‪ ،‬الناشر‪ :‬مطابع الجمعة اإللكرتونية‪.‬‬
‫‪151‬ـ العمروي‪ ،‬عمر بن غرامة‪« :‬المعالم الجغرافية والتاريخية لمواقع‬
‫الملك عبدالعزيز الحربية» ـ جزءان‪ ،‬الطبعة األولى‪1406 ،‬هـ ـ ‪1985‬م‪ ،‬الناشر‪:‬‬
‫دار الطحاوي للنشر والتوزيع ـ الرياض ـ المملكة العربية السعودية‪.‬‬
‫‪152‬ـ المطيري‪ ،‬محسن األصقة‪« :‬قاموس البادية»‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دولة‬
‫الكويت‪.‬‬
‫‪153‬ـ الخرتش‪ ،‬فتوح عبدالمحسن‪« :‬تاريخ العًلقات السعودية اليمنية»‪،‬‬
‫الطبعة الثانية‪1407 ،‬هـ ـ ‪1987‬م‪ ،‬الناشر‪ :‬ذات السًلسل للطباعة والنشر ـ‬
‫الكويت‪.‬‬
‫‪648‬‬

‫‪154‬ـ اليمني‪ ،‬حسن بن أحمد (عاكش)‪« :‬الدر الثمين ـ يف ذكر المناقب‬


‫والوقائع ألمير المسلمين»‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬أحمد بن محمد بن حميد‪ ،‬طبعة دارة‬
‫الملك عبدالعزيز‪ ،‬لعام‪1434 :‬هـ‪.‬‬
‫‪155‬ـ سالم‪ ،‬سيد مصطفى‪« :‬مراحل العًلقات اليمنية ـ السعودية»‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪2003 ،‬م‪ ،‬الناشر‪ :‬عربية للطباعة والنشر ـ القاهرة ‪ -‬مصر‪.‬‬
‫‪156‬ـ الشامي‪ ،‬فؤاد عبدالوهاب‪« :‬تاريخ المخًلف السليماين ـ يف ظل‬
‫حكم أسرة آل خيرات»‪ ،‬الطبعة األولى‪1425 ،‬هـ ـ ‪2004‬م‪ ،‬الناشر‪ :‬الجمهورية‬
‫اليمنية ـ وزارة الثقافة والسياحة ـ صنعاء‪.‬‬
‫‪157‬ـ الصميلي‪ ،‬علي بن حسين‪« :‬إمارة األشراف الخواجيين يف‬
‫المخًلف السليماين»‪1433 ،‬هـ‪ ،‬طباعة دارة الملك عبدالعزيز‪.‬‬
‫‪158‬ـ الجميعي‪ ،‬عبدالمنعم إبراهيم الدسوقي‪« :‬عسير خًلل قرنين»‪،‬‬
‫الطبعة األولى ‪1411‬هـ ـ ‪1990‬م‪ ،‬الناشر‪ :‬نادي أهبا األدبي‪.‬‬
‫‪159‬ـ جويس‪ ،‬جريجري‪« :‬العًلقات اليمنية السعودية»‪ ،‬الطبعة األولى‪:‬‬
‫‪1414‬هـ ـ ‪1993‬م‪ ،‬الناشر‪ :‬مكتبة مدبولي ‪ -‬القاهرة ‪ -‬مصر‪.‬‬
‫‪160‬ـ مداح‪ ،‬أميرة بنت علي‪« :‬المخًلف السليماين تحت حكم‬
‫األدارسة»‪ ،‬الطبعة األولى‪2007 ،‬م‪ ،‬الناشر‪ :‬دار القاهرة‪.‬‬
‫‪161‬ـ فيلبي‪ ،‬هاري سانت جون‪« :‬بنات سبأ ـ رحلة يف جنوب الجزيرة‬
‫العربية»‪ ،‬الطبعة األولى ‪1422‬هـ‪2001/‬م‪ ،‬الناشر‪ :‬مكتبة العبيكان‪.‬‬
‫‪649‬‬

‫‪162‬ـ عصبان‪ ،‬أكرم مبارك‪« :‬الفرق والمذاهب يف حضرموت»‪ ،‬الطبعة‬


‫األولى ‪2010‬م‪ ،‬الناشر‪ :‬دار حضرموت للدراسات والنشر‪ ،‬حضرموت ـ المكًل‬
‫ـ الجمهورية اليمنية‪.‬‬
‫‪163‬ـ آل هتيلة‪ ،‬محمد بن هادي ‪« :‬رجمة ـ نجران دراسة تاريخية»‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى ‪1439‬هـ‪2018/‬م‪ ،‬الناشر‪ :‬مؤسسة الرحاب الحديثة‪ ،‬بيروت ـ لبنان‪.‬‬
‫‪164‬ـ اليامي‪ ،‬يحيى بن حمدان بن محيريق‪« :‬كاريزما الذكريات»‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى ‪1437‬هـ‪2016/‬م‪ ،‬الناشر‪ :‬مطبعة الحميضي ـ الرياض‪.‬‬
‫‪165‬ـ اليامي‪ ،‬محمد بن ريفان لسلوم‪« :‬حبوناـ تراث وحضارة»‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى ‪1434‬هـ ـ ‪2013‬م‪ ،‬الناشر‪ :‬مطابع الحميضي ـ الرياض ـ المملكة العربية‬
‫السعودية‪.‬‬
‫‪166‬ـ الجراخ‪ ،‬عباس بن هاين‪« :‬جعفر بن علبة الحارثي ـ سيرته وما تبقى‬
‫من شعره»‪ ،‬الطبعة األولى‪2015 ،‬م‪ ،‬مؤسسة أروقة الدراسات والرتجمة والنشر‬
‫‪ -‬القاهرة ‪ -‬مصر‪.‬‬
‫‪167‬ـ الحيدري‪ ،‬محمد حميد اهلل‪« :‬مجموعة الوثائق السياسية للعهد‬
‫النبوي والخًلفة الراشدة»‪ ،‬الطبعة السادسة ‪1407‬هـ ـ ‪1987‬م‪ ،‬دار النفائس‬
‫بيروت‪.‬‬
‫‪168‬ـ الهمداين‪ ،‬حاتم بن إبراهيم بن حسين‪« :‬رسالة تحفة القلوب و ُفرجة‬
‫المكروب (يف ترتيب الدُّ عاة يف جزيرة اليمن»‪ ،‬تحقيق‪ :‬عباس همداين‪ ،‬الطبعة‬
‫‪650‬‬

‫األولى‪2012:‬م‪ ،‬دار الساقي ‪ -‬لبنان‪.‬‬


‫‪169‬ـ القرمطي‪ ،‬لعماد الدين بن إدريس بن األنف‪« :‬روضة األخبار ونزهة‬
‫األسمار يف حوادث اليمن الكبار والحصون واألمصار»‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد علي‬
‫األكوع الحوالي الحميري‪ ،‬طبع بدار المعرفة للطباعة والنشر‪.‬‬
‫‪170‬ـ الكلبي‪ ،‬هشام بن محمد بن السائب‪« :‬نسب معد واليمن الكبير»‪،‬‬
‫تحقيق‪ :‬الدكتور ناجي حسن‪ ،‬الطبعة األولى ‪1408‬هـ ـ ‪1988‬م‪ ،‬مكتبة النهضة‬
‫العربية‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪171‬ـ المكرمي‪ ،‬إبراهيم بن حسين بن حاتم‪« :‬اإلسماعيلية الفكرية»‪،‬‬
‫الطبعة األولى‪2017 ،‬م‪.‬‬
‫‪172‬ـ األسمري‪ ،‬محمد بن ناصر الياسر‪« :‬الجيش السعودي يف حرب‬
‫فلسطين‪1948( :‬م)‪ ،‬الطبعة الثانية‪1436 ،‬هـ‪2015/‬م‪.‬‬
‫‪173‬ـ برهانبوري‪ ،‬سليمان جي‪« :‬منتزع األخبار يف أخبار الدعاة األخيار»‪،‬‬
‫تحقيق‪ :‬سامر فاروق طرابلسي‪ ،‬الناشر‪ :‬دار الغرب اإلسًلمي‪ ،‬الطبعة األولى‪:‬‬
‫‪1999‬م‪.‬‬
‫‪174‬ـ الهطًلين‪ ،‬إبراهيم‪« :‬الشيعة السعوديون‪ ،‬قراءة تاريخية وسياسية»‪،‬‬
‫الطبعة الثانية‪2009 ،‬م‪ ،‬الناشر‪ :‬رياض الرئيس للكتب والنشر‪ ،‬مركز تحقيقات‬
‫كامتورس علوم إسًلمي‪.‬‬
‫‪175‬ـ عبد الرحيم‪ ،‬عبدالرحيم عبد الرحمن‪« :‬من وثائق شبه الجزيرة‬
‫‪651‬‬

‫العربية يف العصر الحديث»‪ ،‬من وثائق الحجاز يف عصر محمد علي‪« ،‬وثائق‬
‫األشراف والعربان» (‪1235‬هـ ـ ‪1256‬هـ‪1819 /‬م ـ ‪1840‬م‪ ،‬الطبعة األولى‪:‬‬
‫‪1422‬هـ ـ ‪2002‬م‪ ،‬الناشر‪ :‬دار الكتاب الجامعي ‪ 8‬شارع سليمان الحلبي‬
‫بالقاهرة‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬الرسائل اجلامعية‪:‬‬
‫‪1‬ـ البهكلي‪ ،‬عبدالرحمن بن حسن بن علي‪« :‬نزهة الظريف يف سيرة أوالد‬
‫الشريف محمد بن أحمد الحسني»‪ ،‬دراسة وتحقيق‪ :‬سعد بن مبارك بن سعد‪،‬‬
‫لعام ‪1428‬هـ ـ ‪1429‬هـ‪ ،‬رسالة ماجستير غير منشورة‪.‬‬
‫‪2‬ـ الجرب‪ ،‬أمين محمد علي‪« :‬نظام الرهائن يف عهد المملكة المتوكلية‬
‫اليمانية»‪1918( ،‬ـ ‪1968‬م)‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬إشراف‪ ،‬أ‪.‬د‪ /‬أحمد قايد‬
‫الصايدي‪ ،‬جامعة صنعاء‪.‬‬
‫‪3‬ـ علي‪ ،‬كوثر محمد سعيد محمد‪« :‬حادثة األخدود بين المصادر العربية‬
‫والمصادر القديمة»‪ ،‬دراسة تاريخية حضارية‪ ،‬رسالة ُمقدَّ مة لنَيل درجة‬
‫الماجستير يف التاريخ القديم‪ ،‬جامعة أم القرى‪ ،‬لعام ‪1436‬هـ ‪2015‬م‪.‬‬
‫‪4‬ـ الرعوي‪ ،‬عارف محمد عبداهلل فارع‪« :‬العًلقات بين اليمن والدولة‬
‫السعودية األولى»‪ ،‬أطروحة مقدمة لنَيل درجة الدكتوراه يف التاريخ الحديث‬
‫والمعاصر من جامعة دمشق‪ ،‬لعام ‪1427‬هـ ـ ‪2006‬م‪.‬‬
‫‪5‬ـ آل ناحي‪ ،‬عوض عبداهلل سعد‪« :‬الحياة العلمية يف نجران يف صدر‬
‫‪652‬‬

‫اإلسًلم» (من عام ‪ 1‬إلى ‪40‬هـ‪226/‬إلى ‪660‬م)‪ ،‬رسالة مقدمة لنيل درجة‬
‫الماجستير يف التاريخ اإلسًلمي‪ ،‬جامعة الملك خالد‪ ،‬لعام ‪1428‬هـ ـ ‪2007‬م‪.‬‬
‫‪6‬ـ العبدلي‪ ،‬فاطمة بنت ضيف اهلل بن حسين‪« :‬الحياة االقتصادية يف نجران‬
‫خًلل القرن األول الهجري السابع الميًلدي»‪ ،‬رسالة مقدمة لنيل درجة‬
‫الماجستير يف التاريخ اإلسًلمي‪ ،‬جامعة الملك خالد‪ ،‬لعام ‪1435‬هـ ـ ‪2014‬م‪.‬‬
‫‪7‬ـ دهيش‪ ،‬نعيمة بنت عبداهلل بن عمر‪« :‬عهد اإلمام محمد بن سعود»‬
‫‪1139‬ـ ‪1179‬هـ‪1726/‬ـ ‪1765‬م»‪ ،‬بحث لنيل درجة الدكتوراه يف التاريخ‬
‫اإلسًلمي الحديث‪ ،‬جامعة أم القرى‪ ،‬لعام ‪1420‬هـ ‪2000‬م‪.‬‬
‫‪8‬ـ العتيبي‪ ،‬محمد بن عوض بن مزيد‪« :‬نجران يف عصر النبوة والخًلفة‬
‫الراشدة»‪ ،‬رسالة مقدمة لنيل درجة الماجستير يف التاريخ اإلسًلمي‪ ،‬جامعة‬
‫اإلمام محمد بن سعود‪ ،‬لعام ‪1430‬هـ ـ ‪2009‬م‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬املخطوطات‪:‬‬
‫‪1‬ـ شرف الدين‪ ،‬محمد بن عبدالرحمن بن أحمد‪« :‬الربق المتألق يف رحلة‬
‫موالنا سيف اإلسًلم إلى المشرق»‪ ،‬مخطوطة‪ ،‬صاحبها رافق ولي العهد‪ :‬أحمد‬
‫يحيى حميد الدين ـ يف حرب نجران‪.‬‬
‫‪2‬ـ الضمدي‪ ،‬عبداهلل بن علي النعماين الشقيري‪« :‬العقيق اليماين يف وفيات‬
‫المخًلف السليماين»‪ ،‬نسخت يف يوم األربعاء الخامس من شهر محرم ‪1332‬هـ‪.‬‬
‫‪3‬ـ حسين بن إسماعيل‪« :‬تاريخ وطيوط»‪ ،‬تاريخ النسخ‪1327 :‬هـ‪ ،‬الجامع‬
‫‪653‬‬

‫الكبير بصنعاء‪ /‬الشرقية ‪ ،1745 :4‬عدد األوراق‪.)265( :‬‬


‫‪4‬ـ الهندي‪ ،‬علي بن سليمان بن حسن‪« :‬حياة األحرار وحبائل األحبار»‪،‬‬
‫فصًل‪ ،‬وذلك يف تاريخ الرابع من شهر رجب من‬
‫ً‬ ‫وقد ر َّتبه يف ثمانية وعشرين‬
‫السنة الثانية والخمسين بعد األلف‪ ،‬والمنسوخ بخط عبد الطيب بن الحاج‬
‫محمد يف‪1286/7/1 :‬هـ يف حصن مناخة باليمن‪.‬‬
‫رابعًا‪ :‬اجملالت والدوريات‪:‬‬
‫‪ -‬مجلة «المنهل»‪ ،‬العدد األول‪ ،‬المجلد السابع‪1366 ،‬هـ‪( ،‬ص‪21‬ـ‬
‫‪.)24‬‬
‫‪ -‬مجلة «العرب»‪ ،‬السنة (‪ ،)17‬مجلد (‪ ،)65‬رمضان وشوال ‪1402‬هـ‪/‬‬
‫حزيران وتموز (يونيوـ يوليو)‪1982 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -‬مجلة «العرب»‪ ،‬الجزء السابع ‪ -‬السنة الرابعة ‪ -‬محرم ‪1390‬هـ ‪-‬‬
‫نيسان (أبريل) ‪1970‬م‪( ،‬ص‪610‬ـ ‪.)625‬‬
‫‪ -‬مجلة «العرب»‪ ،‬الجزء العاشرـ السنة الثانية ـ ربيع الثاين ـ ‪1388‬هـ‬
‫(تموز‪1968‬م)‪( ،‬ص‪.)865‬‬
‫‪ -‬مجلة «العرب»‪( ،‬ج‪ ،)10 ،9‬س‪ 26‬الربيعان سنة ‪1412‬هـ ـ‬
‫(أيلول‪/‬تشرين أول (سبتمرب‪/‬أكتوبر) سنة ‪1991‬م)‪( ،‬ص‪.)635 ،634‬‬
‫‪ -‬مجلة «الدرعية»‪ ،‬العدد األول‪ ،‬السنة األولى‪ ،‬محرم ‪/1419‬مايو‬
‫‪1998‬م‪.‬‬
‫‪ -‬مجلة الجمعية التاريخية السعودية‪ ،‬العدد (‪ ،)36‬ربيع الثاين‬
‫‪1439‬هـ‪2017/‬م‪.‬‬
‫‪654‬‬

‫‪ -‬مجلة (العربية)‪ ،‬العدد (‪ ،)499‬شعبان ‪1439‬هـ‪ /‬مايو ‪2018‬م‪،‬‬


‫(ص‪ 86‬ـ ‪.)89‬‬
‫‪ -‬مجلة إمارة منطقة نجران‪ ،‬العدد (‪ ،)3‬صفر ‪1434‬هـ ـ ‪2012‬م‪.‬‬
‫‪ -‬مجلة الدارة‪ ،‬العدد (‪ ،)4‬شوال ‪1432‬هـ‪ ،‬السنة السابعة والثًلثين‪،‬‬
‫(ص‪.)167‬‬
‫خامسًا‪ :‬الصحف‪:‬‬
‫‪1‬ـ صحيفة أم القرى‪ :‬العداد ‪ 488‬ـ السنة العاشرة‪.‬‬
‫‪2‬ـ صحيفة الرياض العدد‪ 9812 :‬السبت ‪7‬من ذي الحجة ‪1415‬هـ‪.‬‬
‫‪3‬ـ صحيفة الشرق األوسط‪ :‬العدد ‪9 ،11441‬ربيع ثاين‬
‫‪1431‬هـ‪26/‬مارس ‪2010‬م‪.‬‬
‫‪4‬ـ صحيفة اليوم‪ :‬العدد ‪24 ،15248‬جمادى األولى ‪1436‬هـ‪15/‬مارس‬
‫‪2015‬م‪.‬‬
‫‪5‬ـ جريدة صوت الحجاز‪ ،‬مكة المكرمة‪ ،‬يوم الثًلثاء‪ ،‬رجب سنة ‪1352‬هـ‬
‫‪ -‬الموافق ‪ 24‬أكتوبر ‪1933‬م‪.‬‬
‫‪6‬ـ صحيفة الوطن‪ :‬العدد ‪ ،6568‬يوم ‪2018 /9 /23‬م‪.‬‬
‫‪7‬ـ صحيفة الجزيرة‪ :‬العدد ‪ ،9573‬يوم اإلثنين ‪ 25‬من شعبان ‪1419‬هـ ـ‬
‫‪14‬من ديسمرب (كانون األول) ‪1998‬م‪.‬‬
‫‪8‬ـ صحيفة الجزيرة‪ :‬العدد ‪ ،12106‬يوم األحد ‪18‬من شوال ‪1426‬هـ ـ‬
‫‪655‬‬

‫‪20‬من نوفمرب (تشرين الثاين) ‪2005‬م‪.‬‬


‫‪9‬ـ صحيفة الشاهد الكويتية‪ :‬العدد ‪ 1961‬األحد ‪ 18‬مايو ‪2014‬م‪،‬‬
‫الصفحة ‪ ،21‬تحقيق ونشر‪ :‬سعود بن غانم الجمران العجمي‪.‬‬
‫‪656‬‬

‫فهرس األعالم‪:‬‬

‫الصفحة‬ ‫العلم‬ ‫م‬


‫[أ]‬
‫‪252-251‬‬ ‫إبراهيم األسلومي‪:‬‬ ‫‪.1‬‬
‫‪523-521-520-512‬‬ ‫إبراهيم الزمزمي‪:‬‬ ‫‪.2‬‬
‫‪436-435‬‬ ‫إبراهيم السبهان‪:‬‬ ‫‪.3‬‬
‫‪514-512-510‬‬ ‫إبراهيم بن أمحد احلفظي‪:‬‬ ‫‪.4‬‬
‫‪23‬‬ ‫إبراهيم بن حسون‪:‬‬ ‫‪.5‬‬
‫‪249‬‬ ‫إبراهيم بن حسني املكرمي‪:‬‬ ‫‪.6‬‬
‫‪461‬‬ ‫إبراهيم بن زين العابدين احلفظي‪:‬‬ ‫‪.7‬‬
‫‪214‬‬ ‫إبراهيم بن سليامن بن عفيصان‪:‬‬ ‫‪.8‬‬
‫‪-491-487-486-485‬‬
‫إبراهيم بن عبدالرمحن النشمي‪:‬‬ ‫‪.9‬‬
‫‪622‬‬
‫‪409‬‬ ‫‪ .10‬إبراهيم بن عرفج‪:‬‬
‫‪146‬‬ ‫‪ .11‬إبراهيم بن مبارك بن عبداهلادي‪:‬‬
‫‪233-231‬‬ ‫إبراهيم بن حممد بن الفهد‪:‬‬ ‫‪.12‬‬
‫‪402‬‬ ‫‪ .13‬ابن منيخر‪:‬‬
‫‪657‬‬

‫الصفحة‬ ‫العلم‬ ‫م‬


‫‪42‬‬ ‫‪ .14‬أبو احلارث بن علقمة‪:‬‬
‫‪48‬‬ ‫‪ .15‬أبو بكر‪:‬‬
‫‪63‬‬ ‫‪ .16‬أبو حشيش اجلواد‪:‬‬
‫‪46‬‬ ‫‪ .17‬أبو سفيان بن حرب‪:‬‬
‫‪152-23‬‬ ‫‪ .18‬أبو نقطة‪:‬‬
‫‪-296-295‬‬ ‫‪ .19‬أمحد األهدل‪:‬‬
‫‪639-513-512‬‬ ‫‪ .20‬أمحد بن إدريس‪:‬‬
‫‪206‬‬ ‫‪ .21‬أمحد بن إسامعيل بن حممد‪:‬‬
‫‪234-231-123‬‬ ‫‪ .22‬أمحد بن إسامعيل بن هبة اهلل‪:‬‬
‫‪237‬‬ ‫‪ .23‬أمحد بن احلسن بن إسامعيل شبام‪:‬‬
‫‪233‬‬ ‫‪ .24‬أمحد بن حسن بن هبة اهلل املكرمي‪:‬‬
‫‪136‬‬ ‫‪ .25‬أمحد بن حسني النعمي‪:‬‬
‫‪223-221‬‬ ‫‪ .26‬أمحد بن عيل اجلاميل املكرمي‪:‬‬
‫‪-492-118‬‬ ‫‪ .27‬أمحد بن حممد بن أمحد‪:‬‬
‫‪383‬‬ ‫‪ .28‬أمحد بن حييى محيد الدين‪:‬‬
‫‪214‬‬ ‫‪ .29‬أمحد عبداهلل بن بكري‪:‬‬
‫‪436-435‬‬ ‫‪ .30‬أمحد فتيني‪:‬‬
‫‪658‬‬

‫الصفحة‬ ‫العلم‬ ‫م‬


‫‪210‬‬ ‫‪ .31‬أمحد فييض‪:‬‬
‫‪208‬‬ ‫‪ .32‬أمحد هيج‪:‬‬
‫‪54‬‬ ‫‪ .33‬إدريس بن حسن العبشمي‪:‬‬
‫‪146‬‬ ‫‪ .34‬إدريس بن حويل‪:‬‬
‫‪-270-265-215-214‬‬
‫‪-295-294-288-‬‬
‫‪-337-327-311-310‬‬ ‫‪ .35‬اإلدرييس‪:‬‬
‫‪-363-362-361-340‬‬
‫‪-542-407-369-366‬‬
‫‪583-582-576‬‬ ‫‪ .36‬أروى الصليحية‪:‬‬
‫‪461-383‬‬ ‫‪ .37‬إسامعيل بن حسن‪:‬‬
‫‪219-206-173‬‬ ‫‪ .38‬إسامعيل بن حممد بن حسن بن هبة اهلل‪:‬‬
‫‪236-234-231‬‬ ‫‪ .39‬إسامعيل بن هبة اهلل بن إبراهيم‪:‬‬
‫‪50‬‬ ‫‪ .40‬األفعى بن األفعى اجلرمهي‪:‬‬
‫‪46‬‬ ‫‪ .41‬األقرع بن حابس احلنظيل‪:‬‬
‫‪42‬‬ ‫‪ .42‬أمني حممد عثامن‪:‬‬
‫‪373-372-363‬‬ ‫‪ .43‬أمني حممد عيل اجلرب‪:‬‬
‫‪659‬‬

‫الصفحة‬ ‫العلم‬ ‫م‬


‫[ب]‬
‫‪201‬‬ ‫‪ .44‬بادي بن فيحان الدورسي‪:‬‬
‫‪115‬‬ ‫‪ .45‬بطني بن عريعر‪:‬‬
‫[ت]‬
‫‪215‬‬ ‫‪ .46‬تركي بن عبداهلل آل سعود‪:‬‬
‫‪623-448-440‬‬ ‫‪ .47‬تركي بن حممد املايض‪:‬‬
‫‪264‬‬ ‫‪ .48‬توفيق باشا‪:‬‬
‫[ث]‬
‫[ج]‬
‫‪249-217‬‬ ‫‪ .49‬ابن مجيعة‪:‬‬
‫‪402‬‬ ‫‪ .50‬جابر املرضف آل جابر‪:‬‬
‫‪539-464‬‬ ‫‪ .51‬جابر بن حسني أبو ساق‪:‬‬
‫‪ .52‬جابر بن حسني بن جابر بن منيع بن صمعان‪248 :‬‬
‫‪248‬‬ ‫‪ .53‬جابر بن دكام آل صليع لسلوم‪:‬‬
‫‪79-77‬‬ ‫‪ .54‬جابر بن مانع بن قطيان‪:‬‬
‫‪394-386-65‬‬ ‫‪ .55‬جابر بن نصيب‪:‬‬
‫‪541-248‬‬ ‫‪ .56‬جابر بن مانع بن عيل بن جابر‪:‬‬
‫‪660‬‬

‫الصفحة‬ ‫العلم‬ ‫م‬


‫‪253-249-217-216‬‬ ‫‪ .57‬جخري بن حرتش‪:‬‬
‫‪256-255‬‬ ‫‪ .58‬جرمان‪:‬‬
‫‪165‬‬ ‫‪ .59‬جريس بن جلبان‪:‬‬
‫‪70‬‬ ‫‪ .60‬جعفر بن سليامن بن احلسن‪:‬‬
‫‪498‬‬ ‫‪ .61‬جلوي بن عبدالعزيز بن مساعد‪:‬‬
‫‪53-52-37‬‬ ‫‪ .62‬جواد عيل‪:‬‬
‫‪20‬‬ ‫‪ .63‬جوزيف هاليفي‪:‬‬
‫‪77‬‬ ‫‪ .64‬جون لويس بوركهارت‪:‬‬
‫[ح]‬
‫‪576‬‬ ‫‪ .65‬حاتم بن إبراهيم احلامدي‪:‬‬
‫‪234‬‬ ‫‪ .66‬حاتم بن أمحد بن إسامعيل املكرمي‪:‬‬
‫‪569-567‬‬ ‫‪ .67‬حاتم بن أمحد بن عمران‪:‬‬
‫‪566‬‬ ‫‪ .68‬حاتم بن عيل اهلمداين‪:‬‬
‫‪169‬‬ ‫‪ .69‬حباب بن قحيصان‪:‬‬
‫‪644-76‬‬ ‫‪ .70‬حبشوش‪:‬‬
‫‪509-508-118‬‬ ‫‪ .71‬حزام بن عامر‪:‬‬
‫‪438-266‬‬ ‫‪ .72‬احلسن اإلدرييس‪:‬‬
‫‪661‬‬

‫الصفحة‬ ‫العلم‬ ‫م‬


‫‪58-55-53‬‬ ‫‪ .73‬احلسن بن أمحد بن يعقوب اهلمداين‪:‬‬
‫‪-512-510-509-181‬‬
‫‪ .74‬احلسن بن أمحد عاكش الضمدي‪:‬‬
‫‪513‬‬
‫‪375-206-203‬‬ ‫‪ .75‬احلسن بن إسامعيل شبام‪:‬‬
‫‪510‬‬ ‫‪ .76‬احلسن بن خالد بن عز الدين‪:‬‬
‫‪394-386-261‬‬ ‫‪ .77‬حسن بن زيد‪:‬‬
‫‪185‬‬ ‫‪ .78‬حسن بن عيل بن حممد بن حيدر‪:‬‬
‫‪235-125‬‬ ‫‪ .79‬احلسن بن عيل بن هبة اهلل‪:‬‬
‫‪233-180‬‬ ‫‪ .80‬احلسن بن حممد بن حسن‪:‬‬
‫‪-102-98-90-88-87‬‬
‫‪-109-108-107-103‬‬
‫‪-116-114-111-110‬‬
‫‪ .81‬حسن بن هبة اهلل‪:‬‬
‫‪-176-173-163-117‬‬
‫‪-231-207-206-181‬‬
‫‪236-235-234-233‬‬
‫‪386‬‬ ‫‪ .82‬احلسن بن حييى محيد الدين‪:‬‬
‫‪544‬‬ ‫‪ .83‬حسن دواليبي‪:‬‬
‫‪662‬‬

‫الصفحة‬ ‫العلم‬ ‫م‬


‫‪544‬‬ ‫‪ .84‬حسن مهنا‪:‬‬
‫‪592-248‬‬ ‫‪ .85‬حسني بن أمحد املكرمي‪:‬‬
‫‪226-220‬‬ ‫‪ .86‬حسني بن إسامعيل بن إسامعيل املكرمي‪:‬‬
‫‪227-219‬‬ ‫‪ .87‬احلسني بن احلسن بن عبداهلل املكرمي‪:‬‬
‫‪162-161‬‬ ‫‪ .88‬احلسني بن احلسني بن عيل‪:‬‬
‫‪250‬‬ ‫‪ .89‬حسني بن حيدر بن عيل بن قناص‪:‬‬
‫‪-140-137-133-131‬‬
‫‪-173-165-164-160‬‬
‫‪ .90‬حسني بن عبداهلل العمري‪:‬‬
‫‪-508-185-180-174‬‬
‫‪-642-641‬‬
‫‪632-578-576‬‬ ‫‪ .91‬حسني بن فيض اهلل اهلمداين‪:‬‬
‫‪198‬‬ ‫‪ .92‬حسني بن مانع بن زاهر آل جابر‪:‬‬
‫‪461‬‬ ‫‪ .93‬حسني بن مصطفى‪:‬‬
‫‪558‬‬ ‫‪ .94‬حسني بن نارص العساف‪:‬‬
‫‪415-397‬‬ ‫‪ .95‬حشان بن لويف‪:‬‬
‫‪567‬‬ ‫‪ .96‬محاس بن القبيب‪:‬‬
‫‪100‬‬ ‫‪ .97‬محد اجلارس‪:‬‬
‫‪663‬‬

‫الصفحة‬ ‫العلم‬ ‫م‬


‫‪266‬‬ ‫‪ .98‬محد السليامن احلمدان‪:‬‬
‫‪433-432-430-416‬‬ ‫‪ .99‬محد الشويعر‪:‬‬
‫‪490-408‬‬ ‫‪ .100‬محد املحمد املايض‪:‬‬
‫‪534-536-239‬‬ ‫‪ .101‬محزة‪:‬‬
‫‪405‬‬ ‫‪ .102‬محود بن روكان‪:‬‬
‫‪155‬‬ ‫‪ .103‬محود بن حممد بن أمحد اخلريايت‪:‬‬
‫‪-83-81-78-71-69‬‬
‫‪-104-100-92-90‬‬
‫‪-130-116-114-107‬‬
‫‪-184-181-174-157‬‬ ‫‪ .104‬محود زايد نوفل‪:‬‬
‫‪-218-217-212-207‬‬
‫‪-237-230-228-220‬‬
‫‪579‬‬
‫‪197‬‬ ‫‪ .105‬محري بن فارس بن شلة‪:‬‬
‫‪-86-85-84-83-81‬‬
‫‪ .106‬حوذان بن حممد اخلرياتـي‪:‬‬
‫‪-110‬‬
‫‪644-76‬‬ ‫‪ .107‬حييم بن حييى بن سامل الفتيحي‪:‬‬
‫‪664‬‬

‫الصفحة‬ ‫العلم‬ ‫م‬


‫[خ]‬
‫‪553‬‬ ‫‪ .108‬خالد الصحن‪:‬‬
‫‪492‬‬ ‫‪ .109‬خالد بن أمحد السديري‪:‬‬
‫‪-54-53-37-36-35‬‬
‫‪ .110‬خالد بن الوليد‪:‬‬
‫‪420‬‬
‫‪458-456-442‬‬ ‫‪ .111‬خالد بن عبد العزيز‪:‬‬
‫‪266‬‬ ‫‪ .112‬خالد بن لؤي‪:‬‬
‫‪419-414‬‬ ‫‪ .113‬خالد بن حممد بن عبدالرمحن‪:‬‬
‫[د]‬
‫‪229‬‬ ‫‪ .114‬دبوان بن حممد بن حسني‪:‬‬
‫‪-253-249-217-216‬‬
‫‪ .115‬دكام بن منرص‪:‬‬
‫‪254‬‬
‫‪215‬‬ ‫‪ .116‬دكسن ميجر‪:‬‬
‫‪461-260‬‬ ‫‪ .117‬دليم أبو لعثة‪:‬‬
‫‪350‬‬ ‫‪ .118‬دليم بن حممد بن دليم‪:‬‬
‫‪169-166‬‬ ‫‪ .119‬الدويش‪:‬‬
‫[ذ]‬
‫‪665‬‬

‫الصفحة‬ ‫العلم‬ ‫م‬


‫‪37‬‬ ‫‪ .120‬ذو الغصة‪:‬‬
‫‪60‬‬ ‫‪ .121‬ذيبان بن بادية‪:‬‬
‫[ر]‬
‫‪415‬‬ ‫‪ .122‬راشد بن رسار آل دغيش‪:‬‬
‫‪-104-101-100-99‬‬
‫‪-508-170-169-105‬‬
‫‪-534-532-528-526‬‬ ‫‪ .123‬راكان بن حثلني‪:‬‬
‫‪-539-537-536-535‬‬
‫‪633-626-566‬‬
‫[ز]‬
‫‪502‬‬ ‫‪ .124‬زبيد بن احلارث اليامي‪:‬‬
‫‪503‬‬ ‫‪ .125‬الزبري بن عدي اليامي‪:‬‬
‫‪115-114‬‬ ‫‪ .126‬زيد بن زامل‪:‬‬
‫[س]‬
‫‪158-156‬‬ ‫‪ .127‬سامل بن حسني آل مرشي‪:‬‬
‫‪258‬‬ ‫‪ .128‬سامل بن سعيد بن عيل بن دكام‪:‬‬
‫‪643‬‬ ‫‪ .129‬سامل بن حممد بن سامل بن محيد الكندي‪:‬‬
‫‪666‬‬

‫الصفحة‬ ‫العلم‬ ‫م‬


‫‪645-239-216-214‬‬ ‫‪ .130‬سعد بن عفيصان‪:‬‬
‫‪415‬‬ ‫‪ .131‬سعد بن عودان آل سامل‪:‬‬
‫‪557-556‬‬ ‫‪ .132‬سعدون حسني الشمري‪:‬‬
‫‪-150-145-143-23‬‬
‫‪-406-405-243-239‬‬
‫‪-423-413-409-407‬‬ ‫‪ .133‬سعود بن عبدالعزيز‪:‬‬
‫‪-463-434-425-424‬‬
‫‪623-6920-491-464‬‬
‫‪531-204-200‬‬ ‫‪ .134‬سعود بن فيصل‪:‬‬
‫‪558‬‬ ‫‪ .135‬سعيد جودت‪:‬‬
‫‪89‬‬ ‫الصافـي‪:‬‬
‫‪ .136‬سقاف بن حممد َّ‬
‫‪ .137‬سلطان بن حسن بن محد بن حسن بن منيف‪248 :‬‬
‫‪434‬‬ ‫‪ .138‬سليم بك‪:‬‬
‫‪71-70‬‬ ‫‪ .139‬سليامن بن احلسن‪:‬‬
‫‪309‬‬ ‫‪ .140‬سليامن بن مطرف احلكمي‪:‬‬
‫‪-151-54-53-46‬‬
‫‪ .141‬سيد ماحي‪:‬‬
‫‪-570-404-265-152‬‬
‫‪667‬‬

‫الصفحة‬ ‫العلم‬ ‫م‬


‫‪582-578‬‬
‫‪79-72-71-70‬‬ ‫‪ .142‬سيف الدين القصري‪:‬‬
‫[ش]‬
‫‪464-568-76‬‬ ‫‪ .143‬الشافعي‪:‬‬
‫‪379‬‬ ‫‪ .144‬شاهني مكاريوس‪:‬‬
‫‪425-395-374‬‬ ‫‪ .145‬رشيف أبو ساق‪:‬‬
‫‪64‬‬ ‫‪ .146‬الرشقي بن عمرو‪:‬‬
‫‪483-176‬‬ ‫‪ .147‬الرشيف حسني بن عيل‪:‬‬
‫‪99‬‬ ‫‪ .148‬رشيفة املعتوق‪:‬‬
‫‪555‬‬ ‫‪ .149‬شوكت شقري‪:‬‬
‫[ص]‬
‫‪402‬‬ ‫‪ .150‬صالح أبو ليلة الغفرانـي‪:‬‬
‫‪559‬‬ ‫‪ .151‬صالح العباد‪:‬‬
‫‪56-23-18‬‬ ‫‪ .152‬صالح بن حممد بن جابر آل مريح‪:‬‬
‫‪154-146‬‬ ‫‪ .153‬صالح بن حييى العلفي‪:‬‬
‫[ض]‬
‫[ط]‬
‫‪668‬‬

‫الصفحة‬ ‫العلم‬ ‫م‬


‫‪504-500‬‬ ‫‪ .154‬طلحة بن مرصف اليامي‪:‬‬
‫‪481-474‬‬ ‫‪ .155‬طلعت بك وفا‪:‬‬
‫‪543‬‬ ‫‪ .156‬طه اهلاشمي‪:‬‬
‫[ظ]‬
‫ظافر بن محد بن جار اهلل بن قريضة‬
‫‪397‬‬ ‫‪.157‬‬
‫املحامض‪:‬‬
‫[ع]‬
‫‪168-167-166-165‬‬ ‫‪ .158‬ابن عريعر‪:‬‬
‫‪-67-65-58-57-48‬‬
‫‪-107-77-76-75-68‬‬
‫‪ .159‬عاتق بن غيث البالدي‪:‬‬
‫‪-541-420-248-110‬‬
‫‪-587‬‬
‫‪64‬‬ ‫‪ .160‬عاصم بن األسفع‪:‬‬
‫‪415‬‬ ‫‪ .161‬عائض بن حسني بن قذلة آل فروان‪:‬‬
‫‪397‬‬ ‫‪ .162‬عائض بن مهدي بن جعشة آل فهاد‪:‬‬
‫‪321‬‬ ‫‪ .163‬عباس بن أمحد بن إسامعيل املكرمي‪:‬‬
‫‪236‬‬ ‫‪ .164‬عباس بن حسن بن هبة اهلل املكرمي‪:‬‬
‫‪669‬‬

‫الصفحة‬ ‫العلم‬ ‫م‬


‫عباس بن احلسني بن احلسني بن عيل‬
‫‪236‬‬ ‫‪.165‬‬
‫املكرمي‪:‬‬
‫‪498-266-258-214‬‬ ‫‪ .166‬عبد العزيز بن مساعد بن جلوي‪:‬‬
‫‪377‬‬ ‫‪ .167‬عبد اهلل بن الصالح العثيمني‪:‬‬
‫‪349‬‬ ‫‪ .168‬عبد اهلل بن زاحم‪:‬‬
‫‪517‬‬ ‫‪ .169‬عبداخلالق احلفظي‪:‬‬
‫‪402‬‬ ‫‪ .170‬عبدالرمحن الدامر‪:‬‬
‫‪46‬‬ ‫‪ .171‬عبدالرمحن الطيب األنصاري‪:‬‬
‫‪404‬‬ ‫‪ .172‬عبدالرمحن بن حوييش آل عبدان‪:‬‬
‫‪582-566‬‬ ‫‪ .173‬أبو عبدالرمحن بن عقيل الظاهري‪:‬‬
‫‪30‬‬ ‫‪ .174‬عبدالرمحن صادق الرشيف‪:‬‬
‫‪553‬‬ ‫‪ .175‬عبدالعزيز بن زيد‪:‬‬
‫‪473-467-258-253‬‬ ‫‪ .176‬عبدالعزيز بن عبدالرمحن آل فيصل‪:‬‬
‫‪461‬‬ ‫‪ .177‬عبدالعزيز بن عبدالرمحن الثمريي‪:‬‬
‫‪250‬‬ ‫‪ .178‬عبدالعزيز بن عبداهلل بن إبراهيم‪:‬‬
‫‪620-506‬‬ ‫‪ .179‬عبدالعزيز بن حممد بن سعود‪:‬‬
‫‪498-266-258-214‬‬ ‫‪ .180‬عبدالعزيز بن مساعد بن جلوي‪:‬‬
‫‪670‬‬

‫الصفحة‬ ‫العلم‬ ‫م‬


‫‪119-118‬‬ ‫‪ .181‬عبد العيل بن احلسن بن إسامعيل‪:‬‬
‫‪409‬‬ ‫‪ .182‬عبدالقدوس بن أمحد الوزير‪:‬‬
‫‪136‬‬ ‫‪ .183‬عبداهلل احلساين‪:‬‬
‫‪437-282‬‬ ‫‪ .184‬عبداهلل السليامن‪:‬‬
‫‪432‬‬ ‫‪ .185‬عبداهلل العريش‪:‬‬
‫‪461‬‬ ‫‪ .186‬عبداهلل الغبريي‪:‬‬
‫‪642-92-83‬‬ ‫‪ .187‬عبداهلل بن أمحد الفيفي‪:‬‬
‫‪271-237-210-209‬‬ ‫‪ .188‬عبداهلل بن أمحد املكرمي‪:‬‬
‫‪458-442-409-249‬‬ ‫‪ .189‬عبداهلل بن أمحد الوزير‪:‬‬
‫‪180‬‬ ‫‪ .190‬عبداهلل بن احلسن بن أمحد‪:‬‬
‫‪27‬‬ ‫‪ .191‬عبداهلل بن الربيع املداين‪:‬‬
‫‪566‬‬ ‫‪ .192‬عبداهلل بن حاتم‪:‬‬
‫‪436‬‬ ‫‪ .193‬عبداهلل بن خثالن‪:‬‬
‫‪415‬‬ ‫‪ .194‬عبداهلل بن زينان‪:‬‬
‫‪517-511-510‬‬ ‫‪ .195‬عبداهلل بن رسور اليامي اهلمداين‪:‬‬
‫‪560-21‬‬ ‫‪ .196‬عبداهلل بن عبدالعزيز‪:‬‬
‫‪207‬‬ ‫‪ .197‬عبداهلل بن عيل بن حممد بن عبداهلل‪:‬‬
‫‪671‬‬

‫الصفحة‬ ‫العلم‬ ‫م‬


‫‪234-149-127‬‬ ‫‪ .198‬عبداهلل بن عيل بن هبة اهلل بن إبراهيم‪:‬‬
‫‪419‬‬ ‫‪ .199‬عبداهلل بن فيصل آل فرحان‪:‬‬
‫‪531-529‬‬ ‫‪ .200‬عبداهلل بن فيصل‪:‬‬
‫‪-513-512-511-510‬‬
‫‪ .201‬عبداهلل بن حممد أبو داهش‪:‬‬
‫‪639‬‬
‫‪647-644-643-641‬‬ ‫‪ .202‬عبداهلل بن حممد احلبيش‪:‬‬
‫عبداهلل بن حممد بن حسني بن ثابت املزحاين‬
‫‪228-222-221‬‬ ‫‪.203‬‬
‫املكرمي‪:‬‬
‫‪252-76‬‬ ‫‪ .204‬عبداهلل بن مسفر بن عيل‪:‬‬
‫‪480-461-410‬‬ ‫‪ .205‬عبداهلل بن مناع‪:‬‬
‫‪233‬‬ ‫‪ .206‬عبداهلل بن يوسف بن عيل املكرمي‪:‬‬
‫‪133-131‬‬ ‫‪ .207‬عبداهلل جوهر‪:‬‬
‫‪628‬‬ ‫‪ .208‬عبدالواحد حممد دالل‪:‬‬
‫‪461-409-350‬‬ ‫‪ .209‬عبدالوهاب بن حممد أبو ملحة‪:‬‬
‫‪170‬‬ ‫‪ .210‬عبالن املرصاين العجمي‪:‬‬
‫‪402‬‬ ‫‪ .211‬عجمي بن منيخر العجمي‪:‬‬
‫‪484-482‬‬ ‫‪ .212‬عساف بن حسني العساف‪:‬‬
‫‪672‬‬

‫الصفحة‬ ‫العلم‬ ‫م‬


‫‪62-61-60‬‬ ‫‪ .213‬العقار‪:‬‬
‫‪415‬‬ ‫‪ .214‬عالس بن مهدي آل سامل‪:‬‬
‫‪542-541-465‬‬ ‫‪ .215‬علوي عمر فريد‪:‬‬
‫‪431-430‬‬ ‫‪ .216‬عيل السياين‪:‬‬
‫‪-54-53-47-46-33‬‬
‫‪-585-579-510-119‬‬ ‫‪ .217‬عيل بن أيب طالب ‪:‬‬
‫‪586‬‬
‫‪235‬‬ ‫‪ .218‬عيل بن أمحد بن حسن بن هبة اهلل املكرمي‪:‬‬
‫‪218‬‬ ‫‪ .219‬عيل بن احلسني بن أمحد املكرمي‪:‬‬
‫‪577-567‬‬ ‫‪ .220‬عيل بن حاتم بن أمحد‪:‬‬
‫‪193-189‬‬ ‫‪ .221‬عيل بن حسن بن حممد املكرمي‪:‬‬
‫‪172‬‬ ‫‪ .222‬عيل بن حيدر اخلريايت‪:‬‬
‫‪199‬‬ ‫‪ .223‬عيل بن حيدر اليامي‪:‬‬
‫‪529‬‬ ‫‪ .224‬عيل بن سهيلة‪:‬‬
‫‪415‬‬ ‫‪ .225‬عيل بن صالح بن مب ّيح‪:‬‬
‫‪415‬‬ ‫‪ .226‬عيل بن عبداهلل أبو دية‪:‬‬
‫‪415‬‬ ‫‪ .227‬عيل بن فالح أبو شيبة آل عمر‪:‬‬
‫‪673‬‬

‫الصفحة‬ ‫العلم‬ ‫م‬


‫‪542‬‬ ‫‪ .228‬عيل بن مانع بن ذياب‪:‬‬
‫‪490‬‬ ‫‪ .229‬عيل بن املبارك‪:‬‬
‫‪510‬‬ ‫‪ .230‬عيل بن جُم ِّثل‪:‬‬
‫‪125‬‬ ‫‪ .231‬عيل بن حممد اخلريايت‪:‬‬
‫‪212‬‬ ‫‪ .232‬عيل بن هبة اهلل بن حسني بن احلسني‪:‬‬
‫‪264‬‬ ‫‪ .233‬عيل سعيد باشا‪:‬‬
‫‪592-388-74‬‬ ‫‪ .234‬عيل حمسن شبام‪:‬‬
‫‪625-624-62-47‬‬ ‫‪ .235‬عمر بن اخلطاب‪:‬‬
‫‪41-39-38‬‬ ‫‪ .236‬عمرو بن حزم‪:‬‬
‫‪414‬‬ ‫‪ .237‬عمر بن عبدالرمحن بن ربيعان‪:‬‬
‫‪165‬‬ ‫‪ .238‬العوباء‪:‬‬
‫‪47-46‬‬ ‫‪ .239‬عون الرشيف قاسم‪:‬‬
‫[غ ]‬ ‫‪.240‬‬
‫‪23‬‬ ‫‪ .241‬غازي القصيبي‪:‬‬
‫‪74‬‬ ‫‪ .242‬غالم حسني بن فرحات اهلندي‪:‬‬
‫‪629-460‬‬ ‫‪ .243‬غيثان بن عيل بن جريس‪:‬‬
‫‪46‬‬ ‫‪ .244‬غيالن بن عمر‪:‬‬
‫‪674‬‬

‫الصفحة‬ ‫العلم‬ ‫م‬


‫[ف]‬
‫‪86‬‬ ‫‪ .245‬فارس بن أمحد القبطي‪:‬‬
‫‪379‬‬ ‫‪ .246‬فارس نمر‪:‬‬
‫‪49-28-21‬‬ ‫‪ .247‬فائزة رداد عزيز العتيبي‪:‬‬
‫‪79-72-71-70‬‬ ‫‪ .248‬فرهاد دفرتي‪:‬‬
‫‪528-526‬‬ ‫‪ .249‬فالح بن حثلني‪:‬‬
‫‪32‬‬ ‫‪ .250‬فالح شيبان‪:‬‬
‫‪145‬‬ ‫‪ .251‬فهاد بن شكبان‪:‬‬
‫‪493‬‬ ‫‪ .252‬فهد بن خالد السديري‪:‬‬
‫‪266‬‬ ‫‪ .253‬فهد بن زعري‪:‬‬
‫‪496‬‬ ‫‪ .254‬فهد بن عبدالعزيز‪:‬‬
‫‪556-554‬‬ ‫‪ .255‬فؤاد محزة‪:‬‬
‫‪100‬‬ ‫‪ .256‬فورسرت سادلري‪:‬‬
‫‪169‬‬ ‫‪ .257‬فيصل الدويش‪:‬‬
‫‪239‬‬ ‫‪ .258‬فيصل بن تركي بن عبداهلل بن حممد‪:‬‬
‫‪413‬‬ ‫‪ .259‬فيصل بن سعد بن عبدالرمحن‪:‬‬
‫‪106‬‬ ‫‪ .260‬فيصل بن سهيل‪:‬‬
‫‪675‬‬

‫الصفحة‬ ‫العلم‬ ‫م‬


‫‪407‬‬ ‫‪ .261‬فيصل بن عبدالعزيز آل سعود‪:‬‬
‫‪20‬‬ ‫‪ .262‬فيليب ليبنز‪:‬‬
‫[ق]‬
‫‪402‬‬ ‫‪ .263‬قضعان العرجانـي‪:‬‬
‫[ك]‬
‫‪20‬‬ ‫‪ .264‬كاريستني نيبور‪:‬‬
‫‪42‬‬ ‫‪ .265‬كرز بن علقمة‪:‬‬
‫‪500-449‬‬ ‫‪ .266‬كعب بن عمرو اليامي‪:‬‬
‫‪20‬‬ ‫‪ .267‬كونزاك ريكامن‪:‬‬
‫[ل]‬
‫‪-131-130-124-122‬‬
‫‪-138-135-134-133‬‬
‫‪ .268‬لطف اهلل بن أمحد جحاف‪:‬‬
‫‪-144-141-140-139‬‬
‫‪159-156-155-154‬‬
‫[م]‬
‫‪169-167‬‬ ‫‪ .269‬ابن ُمفل‪:‬‬
‫‪169-165‬‬ ‫‪ .270‬ماجد بن عريعر‪:‬‬
‫‪676‬‬

‫الصفحة‬ ‫العلم‬ ‫م‬


‫‪386‬‬ ‫‪ .271‬مانع الصغري‪:‬‬
‫‪402‬‬ ‫‪ .272‬مانع بن مجعة العجمي‪:‬‬
‫‪386-373‬‬ ‫‪ .273‬مانع بن حيدر‪:‬‬
‫‪131‬‬ ‫‪ .274‬مبارك بن هادي بن قرملة‪:‬‬
‫‪419‬‬ ‫‪ .275‬مرتك بن شفلوت‪:‬‬
‫‪506-116-78‬‬ ‫‪ُ .276‬محود بن عيل العرجانـي‪:‬‬
‫‪504‬‬ ‫‪ .277‬حمارض بن املودع اهلمداين اليامي‪:‬‬
‫‪220‬‬ ‫‪ .278‬حمسن بن عيل بن حسني املكرمي‪:‬‬
‫‪402‬‬ ‫‪ .279‬حمسن بن هادي بن مهنا‪:‬‬
‫‪136‬‬ ‫‪ .280‬حممد احلرضمي‪:‬‬
‫‪22‬‬ ‫‪ .281‬حممد الصالح الرشيد‪:‬‬
‫‪177‬‬ ‫‪ .282‬حممد بن أمحد احليمي‪:‬‬
‫‪236-124‬‬ ‫‪ .283‬حممد بن أمحد اخلريايت‪:‬‬
‫‪-42-41-34-25-20‬‬
‫‪-74-72-71-65-47‬‬
‫‪ .284‬حممد بن أمحد العقييل‪:‬‬
‫‪-83-81-79-78-76‬‬
‫‪-108-92-87-85-84‬‬
‫‪677‬‬

‫الصفحة‬ ‫العلم‬ ‫م‬


‫‪-125-123-118-114‬‬
‫‪-175-172-143-127‬‬
‫‪-202-190-187-186‬‬
‫‪-237-236-235-214‬‬
‫‪-294-293-226-241‬‬
‫‪-379-378-309-296‬‬
‫‪-429-427-395-393‬‬
‫‪-439-437-434-430‬‬
‫‪509-508-463-440‬‬
‫‪128‬‬ ‫‪ .285‬حممد بن أمحد اليزيدي‪:‬‬
‫‪593-149‬‬ ‫‪ .286‬حممد بن إسامعيل‪:‬‬
‫‪505‬‬ ‫‪ .287‬حممد بن جحادة‪:‬‬
‫‪461‬‬ ‫‪ .288‬حممد بن حسن الوادعي‪:‬‬
‫‪414‬‬ ‫‪ .289‬حممد بن سعود آل سعود‪:‬‬
‫‪419‬‬ ‫‪ .290‬حممد بن سعود الكبري‪:‬‬
‫‪504‬‬ ‫‪ .291‬حممد بن طلحة بن مرصف اليامي‪:‬‬
‫‪157-117-107‬‬ ‫الوهاب‪:‬‬
‫‪ .292‬حممد بن عبد َّ‬
‫‪678‬‬

‫الصفحة‬ ‫العلم‬ ‫م‬


‫‪394-392-383-218‬‬ ‫‪ .293‬حممد بن عبدالرمحن بن رشف الدين‪:‬‬
‫‪388‬‬ ‫‪ .294‬حممد بن عبداهلل املتوكل‪:‬‬
‫‪155-148-145‬‬ ‫عبدالوهاب‪:‬‬
‫َّ‬ ‫‪ .295‬حممد بن‬
‫‪-632-58-55-53-29‬‬
‫‪ .296‬حممد بن عيل األكوع‪:‬‬
‫‪634‬‬
‫‪99‬‬ ‫‪ .297‬حممد بن عيل بن حدجة‪:‬‬
‫‪162‬‬ ‫‪ .298‬حممد بن عون‪:‬‬
‫‪386-373‬‬ ‫‪ .299‬حممد بن غانم املنصوري‪:‬‬
‫‪415‬‬ ‫‪ .300‬حممد بن منصور بن عيل آل دغيش‪:‬‬
‫‪250‬‬ ‫‪ .301‬حممد بن نارص آل فهاد‪:‬‬
‫‪390‬‬ ‫‪ .302‬حممد بن حييى العزي‪:‬‬
‫‪440-439-411‬‬ ‫‪ .303‬حممد سعيد منشط الشعفي‪:‬‬
‫‪546-544‬‬ ‫‪ .304‬حممد صفا‪:‬‬
‫‪-77-71-52-49-46‬‬
‫‪-92-90-87-85-78‬‬
‫‪ .305‬حممد طحنون‪:‬‬
‫‪-125-119-107-93‬‬
‫‪-157-150-148-147‬‬
‫‪679‬‬

‫الصفحة‬ ‫العلم‬ ‫م‬


‫‪-184-179-176-164‬‬
‫‪-191-190-187-186‬‬
‫‪-197-196-195-192‬‬
‫‪-210-206-202-200‬‬
‫‪-242-237-212-211‬‬
‫‪-263-260-252-245‬‬
‫‪593-394‬‬
‫‪265‬‬ ‫‪ .306‬حممد عيل اإلدرييس‪:‬‬
‫‪181-162‬‬ ‫‪ .307‬حممد عيل باشا‪:‬‬
‫‪541-417‬‬ ‫‪ .308‬حممد بن فيصل أبو ساق‪:‬‬
‫‪388‬‬ ‫‪ .309‬حممد مهدي شايم‪:‬‬
‫‪418-415-405-404‬‬ ‫‪ .310‬مذكر بن فارس‪:‬‬
‫‪415‬‬ ‫‪ .311‬مسفر بن مبارك‪:‬‬
‫‪495-494-405‬‬ ‫‪ .312‬مشعل بن سعود‪:‬‬
‫‪496‬‬ ‫‪ .313‬مشعل بن عبداهلل‪:‬‬
‫‪567‬‬ ‫‪ .314‬معن بن حاتم‪:‬‬
‫‪169‬‬ ‫‪ .315‬مغيليث بن هذال‪:‬‬
‫‪680‬‬

‫الصفحة‬ ‫العلم‬ ‫م‬


‫‪74‬‬ ‫‪ .316‬مقبل بن عبدالعزيز الذكري‬
‫‪214‬‬ ‫‪ .317‬منصور بن محود أبو مسامر‪:‬‬
‫[ن]‬
‫‪169-168-167‬‬ ‫‪ .318‬ابن نوال‪:‬‬
‫‪-250-249-217-216‬‬
‫‪ .319‬ناجي بن مهدي بن قعوان‪:‬‬
‫‪253‬‬
‫‪252‬‬ ‫‪ .320‬نارص بن نارص بن مبخوت‪:‬‬
‫‪415‬‬ ‫‪ .321‬نارص بن حييى بن متعب آل دغيش‪:‬‬
‫‪178‬‬ ‫‪ .322‬النارص عبداهلل بن حسن‪:‬‬
‫[و]‬
‫‪415‬‬ ‫‪ .323‬وبران بن عيل بن هدرة آل عمر‪:‬‬
‫‪379‬‬ ‫‪ .324‬يعقوب رصوف‪:‬‬
‫[هـ]‬
‫‪436-432‬‬ ‫‪ .325‬هادي هيج‪:‬‬
‫‪485-391‬‬ ‫‪ .326‬هاري سانت جون فيلبي‪:‬‬
‫‪510-176‬‬ ‫‪ .327‬هاشم بن سعيد النعمي‪:‬‬
‫‪419‬‬ ‫‪ .328‬هامل بن مسفر بن هامل‪:‬‬
‫‪681‬‬

‫الصفحة‬ ‫العلم‬ ‫م‬


‫‪163-162-79‬‬ ‫‪ .329‬هبة اهلل بن إبراهيم‪:‬‬
‫‪236‬‬ ‫‪ .330‬هبة اهلل بن إسامعيل بن هبة اهلل املكرمي‪:‬‬
‫‪567‬‬ ‫‪ .331‬هشام بن القبيب‪:‬‬
‫‪405‬‬ ‫‪ .332‬هوييش آل عبدان‪:‬‬
‫[ي]‬
‫‪59‬‬ ‫‪ .333‬حييى بن إبراهيم األملعي‪:‬‬
‫‪-578-577-67-55‬‬
‫‪ .334‬حييى بن احلسني بن القاسم‪:‬‬
‫‪629‬‬
‫‪155‬‬ ‫‪ .335‬حييى بن عيل فارس‪:‬‬
‫‪147‬‬ ‫‪ .336‬حييى بن ناشع‪:‬‬
‫‪649-23‬‬ ‫‪ .337‬حييى محدان بن حمرييق‪:‬‬
‫‪-241-213-187-74‬‬
‫‪-252-246-245-242‬‬
‫‪-268-265-264-260‬‬
‫‪ .338‬حييى محيد الدين‪:‬‬
‫‪-289-284-276-275‬‬
‫‪-372-371-364-350‬‬
‫‪-386-384-383-380‬‬
‫‪682‬‬

‫الصفحة‬ ‫العلم‬ ‫م‬


‫‪-436-403-402-394‬‬
‫‪-591-489-464-461‬‬
‫‪642‬‬
‫‪388‬‬ ‫‪ .339‬حييى حممد الصعدي‪:‬‬
‫‪233-161-160‬‬ ‫‪ .340‬يوسف بن عيل املكرمي‪:‬‬
‫‪683‬‬

‫فهرس األماكن والبلدان‪:‬‬


‫‪2‬ـ َّ‬
‫كشاف القبائل والعشائر واجلامعات‬

‫الصفحة‬ ‫القبيلة أو اجلامعة‬ ‫م‬


‫[أ]‬
‫‪-301-271-266-264265-258‬‬ ‫األدارسة‪:‬‬ ‫‪.1‬‬
‫‪-323-322-319-618-316-314‬‬
‫‪-361-360-359-357-338-334‬‬
‫‪648-639-444-438‬‬
‫‪386‬‬ ‫آل أبو غبار‪:‬‬ ‫‪.2‬‬
‫‪175‬‬ ‫األلبان‪:‬‬ ‫‪.3‬‬
‫[ب]‬
‫‪32‬‬ ‫آل بريك‪:‬‬ ‫‪.4‬‬
‫‪-112-111-108-97-96-81-58‬‬ ‫بكيل‪:‬‬ ‫‪.5‬‬
‫‪-155-142-141-132-131-113‬‬
‫‪-586-383-236-214-198-196‬‬
‫بنو احلارث بن كعب‪57-56-55-49-48 :‬‬ ‫‪.6‬‬
‫‪445-444-413-245‬‬ ‫بنو مجاعة‪:‬‬ ‫‪.7‬‬
‫‪684‬‬

‫الصفحة‬ ‫القبيلة أو اجلامعة‬ ‫م‬


‫‪429‬‬ ‫بنو ُح َّمد‪:‬‬ ‫‪.8‬‬
‫‪384-62‬‬ ‫بنو سلامن‪:‬‬ ‫‪.9‬‬
‫‪91-87‬‬ ‫‪ .10‬بنو شعبة‪:‬‬
‫‪407‬‬ ‫‪ .11‬بنو مالك‪:‬‬
‫‪429‬‬ ‫‪ .12‬بنو مروان‪:‬‬
‫‪71-70-69‬‬ ‫‪ .13‬البهرة‪:‬‬
‫‪549‬‬ ‫‪ .14‬البوسنة واهلرسك‪:‬‬
‫[ت]‬
‫‪-193-187-184-181-180-175‬‬ ‫‪ .15‬األتراك‪:‬‬
‫‪-212-209-208-204-203-202‬‬
‫‪-375-264-263-250-237-233‬‬
‫‪-537-526-510-483-436-376‬‬
‫‪643‬‬
‫[ث]‬
‫‪513-55‬‬ ‫‪ .16‬ثقيف‪:‬‬
‫‪685‬‬

‫الصفحة‬ ‫القبيلة أو اجلامعة‬ ‫م‬


‫[ج]‬
‫‪195-194-192-191‬‬ ‫‪ .17‬بنو جرب‪:‬‬
‫‪-112-101-94-66-65-60-59-58‬‬ ‫‪ .18‬جشم‪:‬‬
‫‪-261-248-209-181-176-113‬‬
‫‪-567-502-500-499-474-268‬‬
‫‪600-599-592-585-582‬‬
‫[ح]‬
‫‪429-387-34‬‬ ‫‪ .19‬حجور‪:‬‬
‫‪-132-131-130-101-82-66-58‬‬ ‫‪ .20‬حاشد‪:‬‬
‫‪-585-383-214-198-184-155‬‬
‫‪-586‬‬
‫‪419‬‬ ‫‪ .21‬حرب‪:‬‬
‫[خ]‬
‫‪328-327-324‬‬ ‫‪ .22‬آل خالد‪:‬‬
‫‪-126-111-110-95-92-84-82‬‬ ‫‪ .23‬آل خريات‪:‬‬
‫‪648-509-175‬‬
‫‪686‬‬

‫الصفحة‬ ‫القبيلة أو اجلامعة‬ ‫م‬


‫‪169-99‬‬ ‫‪ .24‬بنو خالد‪:‬‬
‫‪58-34‬‬ ‫‪ .25‬خارف‪:‬‬
‫‪431-413-335-63-62‬‬ ‫‪ .26‬خوالن‪:‬‬
‫[د]‬
‫‪198-197‬‬ ‫‪ .27‬دهم‪:‬‬
‫‪-149-146-145-129-115-68‬‬ ‫‪ .28‬الدوارس‪:‬‬
‫‪644-475-418-401-201-167‬‬
‫[ذ]‬
‫‪391‬‬ ‫‪ .29‬آل ذيبان‪:‬‬
‫[ر]‬
‫‪339-335‬‬ ‫‪ .30‬رازح [قبيلة]‪:‬‬
‫‪129‬‬ ‫‪ .31‬الرجبان‪:‬‬
‫‪414‬‬ ‫‪ .32‬الروقة‪:‬‬
‫‪21‬‬ ‫‪ .33‬الرومانية‪:‬‬
‫[ز]‬
‫‪436-435-357-173-159-135‬‬ ‫‪ .34‬الزرانيق‪:‬‬
‫‪687‬‬

‫الصفحة‬ ‫القبيلة أو اجلامعة‬ ‫م‬


‫[س]‬
‫‪527-98‬‬ ‫‪ .35‬آل سفران‪:‬‬
‫‪-167-165-105-104-103-102‬‬ ‫‪ .36‬سبيع‪:‬‬
‫‪423-169-168‬‬
‫‪-139-124-121-113-112-111‬‬ ‫‪ .37‬سحار‪:‬‬
‫‪-445-423-335-235-236-221‬‬
‫‪593-592-480-461‬‬
‫‪571-149-145-75-27‬‬ ‫‪ .38‬سنحان‪:‬‬
‫[ش]‬
‫‪67‬‬ ‫‪ .39‬أرشاف عويرة‪:‬‬
‫‪-180-175-123-96-67-66-43‬‬ ‫‪ .40‬األرشاف‪:‬‬
‫‪651-648-530-408-239-183‬‬
‫‪166-165-118‬‬ ‫‪ .41‬آل شامر‪:‬‬
‫‪-391‬‬ ‫‪ .42‬آل رشمة‪:‬‬
‫‪586-34‬‬ ‫‪ .43‬شاكر‪:‬‬
‫‪245‬‬ ‫‪ .44‬رشيف‪:‬‬
‫‪688‬‬

‫الصفحة‬ ‫القبيلة أو اجلامعة‬ ‫م‬


‫‪559-544-151-149‬‬ ‫‪ .45‬شمر‪:‬‬
‫‪149-145-75‬‬ ‫‪ .46‬شهران‪:‬‬
‫[ص]‬
‫‪258-253-250‬‬ ‫‪ .47‬آل صليع‪:‬‬
‫‪537-535‬‬ ‫‪ .48‬الرصب‪:‬‬
‫‪475-391-259-32‬‬ ‫‪ .49‬الصيعر‪:‬‬
‫[ض]‬
‫‪437-435-138‬‬ ‫‪ .50‬الضحي‪:‬‬
‫[ظ]‬
‫‪106‬‬ ‫‪ .51‬الظفري‪:‬‬
‫[ع]‬
‫‪646-405-404-199‬‬ ‫‪ .52‬آل عبدان‪:‬‬
‫‪-341-339-336-334-296-295‬‬ ‫‪ .53‬العبادل‪:‬‬
‫‪-445-407-369-348-346-342‬‬
‫‪431-357-345-108‬‬ ‫‪ .54‬عبس‪:‬‬
‫‪583-461-236-113-112-111-75‬‬ ‫‪ .55‬عبيدة‪:‬‬
‫‪689‬‬

‫الصفحة‬ ‫القبيلة أو اجلامعة‬ ‫م‬


‫‪532-483‬‬ ‫‪ .56‬العثامنيون‪:‬‬
‫‪-103-102-101-100-99-98-30‬‬ ‫‪ .57‬العجامن‪:‬‬
‫‪-165-118-107-106-105-104‬‬
‫‪-176-170-169-168-167-166‬‬
‫‪-482-418-405-401-201-181‬‬
‫‪-534-532-528-526-509-508‬‬
‫‪-636-626-582-566-539-538‬‬
‫‪646-635‬‬
‫‪58‬‬ ‫‪ .58‬عذر‪:‬‬
‫‪58‬‬ ‫‪ .59‬العصيامت‪:‬‬
‫‪388‬‬ ‫‪ .60‬عيال رسيح‪:‬‬
‫[غ]‬
‫[ف]‬
‫‪-209-181-176-113-112-65‬‬ ‫‪ .61‬آل فاطمة‪:‬‬
‫‪-541-539-474-391-260-248‬‬
‫‪-600-599‬‬
‫‪690‬‬

‫الصفحة‬ ‫القبيلة أو اجلامعة‬ ‫م‬


‫‪-507-404-199-197‬‬ ‫‪ .62‬آل فهاد‪:‬‬
‫[ق]‬
‫‪507-424-404-199‬‬ ‫‪ .63‬آل قنيرب‪:‬‬
‫‪435‬‬ ‫‪ .64‬القحر‪:‬‬
‫‪-97-81-78-75-69-66-49-21‬‬ ‫‪ .65‬قحطان‪:‬‬
‫‪567-474-422-208-101-100‬‬
‫[ك]‬
‫‪32‬‬ ‫‪ .66‬آل كثري‪:‬‬
‫‪475-32‬‬ ‫‪ .67‬الكرب‪:‬‬
‫[م]‬
‫‪405-404-201-167-101-100‬‬ ‫‪ .68‬آل مرة‪:‬‬
‫‪324‬‬ ‫‪ .69‬آل مسلمة‪:‬‬
‫‪475-464-386‬‬ ‫‪ .70‬آل منجم‪:‬‬
‫‪512-419‬‬ ‫‪ .71‬أملع [قبيلة]‪:‬‬
‫‪397-391‬‬ ‫‪ .72‬املحامض‪:‬‬
‫‪34‬‬ ‫‪ .73‬مرحبة‪:‬‬
‫‪691‬‬

‫الصفحة‬ ‫القبيلة أو اجلامعة‬ ‫م‬


‫‪-84-82-81-75-74-73-69-17‬‬ ‫‪ .74‬املكارمة‪:‬‬
‫‪-120-119-116-113-109-90-88‬‬
‫‪-187-186-182-178-176-174‬‬
‫‪-219-217-208-207-205-204‬‬
‫‪-248-231-229-227-223-222‬‬
‫‪-364-331-321-280-261-249‬‬
‫‪-390-389-388-385-382-377‬‬
‫‪628-600-597-540-394‬‬
‫‪-199-113-112-108-107-65-62‬‬ ‫‪ .75‬مواجد‪:‬‬
‫‪-474-261-251-248-216-209‬‬
‫‪600-599‬‬
‫[ن]‬
‫‪52-41‬‬ ‫‪ .76‬نصارى نجران‪:‬‬
‫‪62-32-27‬‬ ‫‪ .77‬هند‪:‬‬
‫[و]‬
‫‪-112-111-66-57-56-34-30-27‬‬ ‫‪ .78‬وادعة‪:‬‬
‫‪692‬‬

‫الصفحة‬ ‫القبيلة أو اجلامعة‬ ‫م‬


‫‪-445-384-245-236-145-113‬‬
‫‪446‬‬
‫‪251-146-129‬‬ ‫‪ .79‬الوداع ُّيون‪:‬‬
‫‪159-133‬‬ ‫‪ .80‬الوعضات‪:‬‬
‫‪-356-271-236-113-112-111‬‬ ‫‪ .81‬وائلة‪:‬‬
‫‪-475-446-421-391-365-364‬‬
‫‪592‬‬
‫‪507-415-405-167-149-78‬‬ ‫‪ .82‬الوعلة‪:‬‬
‫[هـ]‬ ‫‪.83‬‬
‫‪391‬‬ ‫‪ .84‬آل اهلندي‪:‬‬
‫‪-56-54-53-52-48-34-33-27-9‬‬ ‫‪ .85‬مهدان‪:‬‬
‫‪-66-65-64-62-60-59-58-57‬‬
‫‪-177-141-102-100-88-76-75‬‬
‫‪-203-198-182-181-180-178‬‬
‫‪-446-445-385-379-335-235‬‬
‫‪-572-571-570-567-502-461‬‬
‫‪693‬‬

‫الصفحة‬ ‫القبيلة أو اجلامعة‬ ‫م‬


‫‪-586-585-577-576-575-573‬‬
‫‪636-593-592-587‬‬
‫[ي]‬
‫‪-80-75-66-65-59-58-48-17‬‬ ‫‪ .86‬يام‪:‬‬
‫‪-111-109-93-90-87-82-81‬‬
‫‪-130-129-128-123-121-119‬‬
‫‪-140-138-137-136-135-132‬‬
‫‪-163-162-160-159-158-155‬‬
‫‪-186-185-176-174-170-164‬‬
‫‪-202-198-197-195-194-192‬‬
‫‪-250-239-214-213-208-207‬‬
‫‪-387-386-384-382-379-378‬‬
‫‪-426-405-404-403-395-391‬‬
‫‪-532-502-501-500-499-465‬‬
‫‪-610-608-604-603-599-542‬‬
‫‪645-635-617‬‬
‫‪694‬‬

‫‪3‬ـ كشاف األماكن وال ُبلدان‬

‫الصفحة‬ ‫املكان أو البلد‬ ‫م‬


‫[أ]‬
‫‪22‬‬ ‫أبرق رشقة‪:‬‬ ‫‪.1‬‬
‫‪-350-281-258-250-214-101-17‬‬ ‫أهبا‪:‬‬ ‫‪.2‬‬
‫‪-394-389-378-359-355-354-351‬‬
‫‪-636-489-474-460-409-406-403‬‬
‫‪648-640-639-637‬‬
‫‪25‬‬ ‫أبو الرشاش‪:‬‬ ‫‪.3‬‬
‫‪584-477-25‬‬ ‫أبو السعود‪:‬‬ ‫‪.4‬‬
‫‪386-25‬‬ ‫أبو ثامر‪:‬‬ ‫‪.5‬‬
‫‪617-194‬‬ ‫أبو عريش‪:‬‬ ‫‪.6‬‬
‫‪406‬‬ ‫أثينا‪:‬‬ ‫‪.7‬‬
‫‪-105-104-102-101-100-99-58‬‬ ‫األحساء‪:‬‬ ‫‪.8‬‬
‫‪-170-169-151-149-116-115-114‬‬
‫‪-529-401-239-215-201-200-176‬‬
‫‪645-640‬‬
‫‪695‬‬

‫الصفحة‬ ‫املكان أو البلد‬ ‫م‬


‫‪31‬‬ ‫األخاشيم‪:‬‬ ‫‪.9‬‬
‫‪545‬‬ ‫أربد‪:‬‬ ‫‪.10‬‬
‫‪166‬‬ ‫األرطاوية‪:‬‬ ‫‪.11‬‬
‫‪617-205-185‬‬ ‫إستانبول‪:‬‬ ‫‪.12‬‬
‫‪379‬‬ ‫أسمرة‪:‬‬ ‫‪.13‬‬
‫‪25‬‬ ‫أم الوهط‪:‬‬ ‫‪.14‬‬
‫‪31‬‬ ‫أم غارب‪:‬‬ ‫‪.15‬‬
‫‪31‬‬ ‫أم غوير‪:‬‬ ‫‪.16‬‬
‫‪58‬‬ ‫اإلمارات‬ ‫‪.17‬‬
‫العربية املتحدة‪:‬‬
‫[ب]‬
‫‪-435-432-279-208-203-138-134‬‬ ‫باجل‪:‬‬ ‫‪.18‬‬
‫‪-423-421-420-417-416-414-413‬‬ ‫باقم‪:‬‬ ‫‪.19‬‬
‫‪425-424‬‬
‫‪-407-118‬‬ ‫بالغازي‪:‬‬ ‫‪.20‬‬
‫‪529-528-215-47‬‬ ‫البحرين‪:‬‬ ‫‪.21‬‬
‫‪696‬‬

‫الصفحة‬ ‫املكان أو البلد‬ ‫م‬


‫‪-146-143-75-30-27-24-23-22‬‬ ‫بدر‪:‬‬ ‫‪.22‬‬
‫‪-212-206-180-154-152-149-148‬‬
‫‪-620-520-470-390-389-245-219‬‬
‫‪623-621‬‬ ‫البديع‪:‬‬ ‫‪.23‬‬
‫‪201‬‬ ‫الربيمي‪:‬‬ ‫‪.24‬‬
‫‪13‬‬ ‫جبرصى‪:‬‬ ‫‪.25‬‬
‫‪163‬‬ ‫بندر اللحية‪:‬‬ ‫‪.26‬‬
‫‪462‬‬ ‫بنو حراضة‪:‬‬ ‫‪.27‬‬
‫‪31‬‬ ‫هبجة‪:‬‬ ‫‪.28‬‬
‫‪-146-139-135-130134-82-80‬‬ ‫بيت الفقيه‪:‬‬ ‫‪.29‬‬
‫‪615-595-435-159‬‬
‫‪391‬‬ ‫بئر احلصينية‪:‬‬ ‫‪.30‬‬
‫‪390‬‬ ‫بئر اخلرضاء‪:‬‬ ‫‪.31‬‬
‫‪391‬‬ ‫بئر سلوة‪:‬‬ ‫‪.32‬‬
‫‪79-25-22‬‬ ‫بئر عسكر‪:‬‬ ‫‪.33‬‬
‫‪182-175-125-108‬‬ ‫بيش‪:‬‬ ‫‪.34‬‬
‫‪697‬‬

‫الصفحة‬ ‫املكان أو البلد‬ ‫م‬


‫‪344-333-161-145-137-23‬‬ ‫بيشة‪:‬‬ ‫‪.35‬‬
‫[ت]‬
‫‪498-492-488‬‬ ‫تبوك‪:‬‬ ‫‪.36‬‬
‫‪255-27‬‬ ‫تثليث‪:‬‬ ‫‪.37‬‬
‫‪24‬‬ ‫تصالل‪:‬‬ ‫‪.38‬‬
‫‪-647-578-284-187-136‬‬ ‫تعز‪:‬‬ ‫‪.39‬‬
‫‪31‬‬ ‫متاين‪:‬‬ ‫‪.40‬‬
‫‪287‬‬ ‫تنومة‪:‬‬ ‫‪.41‬‬
‫‪-121-120-111-108-82-80-76-74‬‬ ‫هتامة‪:‬‬ ‫‪.42‬‬
‫‪-136-135-134-133-132-131-130‬‬
‫‪-159-158-155-144-143-139-138‬‬
‫‪-175-173-171-164-162-161-160‬‬
‫‪-208-203-186-182-181-180-176‬‬
‫‪-316-314-311-269-264-245-215‬‬
‫‪-429-416-408-403-396-355‬‬
‫‪639-542-444-432-4331‬‬
‫‪698‬‬

‫الصفحة‬ ‫املكان أو البلد‬ ‫م‬


‫[ث]‬
‫‪31-30-27-24-22‬‬ ‫ثار‪:‬‬ ‫‪.43‬‬
‫‪28‬‬ ‫الثافرة‪:‬‬ ‫‪.44‬‬
‫‪24‬‬ ‫ثجر‪:‬‬ ‫‪.45‬‬
‫‪420‬‬ ‫الثويلة‪:‬‬ ‫‪.46‬‬
‫[ج]‬
‫‪-125-116-107-99-79-76-75-74‬‬ ‫جازان‪:‬‬ ‫‪.47‬‬
‫‪-246-241-202-163-161-160-129‬‬
‫‪-333-309-308-297-279-266-258‬‬
‫‪-412-407-406-393-378-377-375‬‬
‫‪642-630-629-628-433-430-428‬‬
‫‪133-132‬‬ ‫اجلامعي‪:‬‬ ‫‪.48‬‬
‫‪557‬‬ ‫جبل أيب‬ ‫‪.49‬‬
‫خمروق‪:‬‬
‫‪101-98‬‬ ‫جبل الريث‪:‬‬ ‫‪.50‬‬
‫‪269‬‬ ‫جبل ال جعر‪:‬‬ ‫‪.51‬‬
‫‪699‬‬

‫الصفحة‬ ‫املكان أو البلد‬ ‫م‬


‫‪136‬‬ ‫جبل دباس‪:‬‬ ‫‪.52‬‬
‫‪384‬‬ ‫جبل رعوم‪:‬‬ ‫‪.53‬‬
‫‪423‬‬ ‫جبل شيحاط‪:‬‬ ‫‪.54‬‬
‫‪53‬‬ ‫جبل يام‪:‬‬ ‫‪.55‬‬
‫‪618-474-455-441-428-377‬‬ ‫جدة‪:‬‬ ‫‪.56‬‬
‫‪384‬‬ ‫اجلربة‪:‬‬ ‫‪.57‬‬
‫‪539-28-27‬‬ ‫اجلفة‪:‬‬ ‫‪.58‬‬
‫‪22‬‬ ‫اجلفرة‪:‬‬ ‫‪.59‬‬
‫‪25‬‬ ‫اجللدة‪:‬‬ ‫‪.60‬‬
‫‪550-548-546‬‬ ‫جنني‪:‬‬ ‫‪.61‬‬
‫‪24‬‬ ‫اجلوشن‪:‬‬ ‫‪.62‬‬
‫‪579-484-85-66-34‬‬ ‫اجلوف‪:‬‬ ‫‪.63‬‬
‫[ح]‬
‫احلاجر [قرية]‪460-422 :‬‬ ‫‪.64‬‬
‫‪105-104-103‬‬ ‫حائر سبيع‪:‬‬ ‫‪.65‬‬
‫‪-114-110-108-106-105-102-98‬‬ ‫احلائر‪:‬‬ ‫‪.66‬‬
‫‪700‬‬

‫الصفحة‬ ‫املكان أو البلد‬ ‫م‬


‫‪-207-181-173-163-161-118-116‬‬
‫‪235-234-233-231‬‬
‫‪24‬‬ ‫حايرة السلم‪:‬‬ ‫‪.67‬‬
‫‪-137-77-31-30-29-28-27-24-22‬‬ ‫حبونا‪:‬‬ ‫‪.68‬‬
‫‪-336-256-251-250-249-248-216‬‬
‫‪-391-389-388-370-365-364-363‬‬
‫‪649-539-472-470-405-394‬‬
‫‪-102-80-77-74-32-27-23-17‬‬ ‫احلجاز‪:‬‬ ‫‪.69‬‬
‫‪-281-163-162-154-151-149-145‬‬
‫‪-379-377-344-343-314-311-286‬‬
‫‪-654-651-483-480-389‬‬
‫‪372‬‬ ‫َح ّجة‪:‬‬ ‫‪.70‬‬
‫‪24-23‬‬ ‫ِ‬
‫احل ْجف‪:‬‬ ‫‪.71‬‬
‫‪204-203-184‬‬ ‫احلجيلة‪:‬‬ ‫‪.72‬‬
‫‪-161-135-134-130-120-80-74‬‬ ‫احلديدة‪:‬‬ ‫‪.73‬‬
‫‪-186-184-183-181-174-173-171‬‬
‫‪701‬‬

‫الصفحة‬ ‫املكان أو البلد‬ ‫م‬


‫‪-265-264-237-212-205-203-202‬‬
‫‪-431-407-379-376-285-279-272‬‬
‫‪-439-438-436-435-434-433-432‬‬
‫‪512-463‬‬
‫‪-195-194-182-181-174-144-80‬‬ ‫َح َراز‪:‬‬ ‫‪.74‬‬
‫‪376-206-205-204-202‬‬
‫‪460‬‬ ‫احلرجة‪:‬‬ ‫‪.75‬‬
‫‪28-27‬‬ ‫احلرشف‪:‬‬ ‫‪.76‬‬
‫‪-158-132-114-113-112-111-86‬‬ ‫حرض‪:‬‬ ‫‪.77‬‬
‫‪-432-431-430-429-265-208-186‬‬
‫‪607‬‬
‫‪491-490-487‬‬ ‫حريمالء‪:‬‬ ‫‪.78‬‬
‫‪369-346‬‬ ‫احلسينية‪:‬‬ ‫‪.79‬‬
‫‪391-336-107-98-28-27‬‬ ‫احلصينية‪:‬‬ ‫‪.80‬‬
‫‪-76-75-68-67-65-58-57-48-28‬‬ ‫حرضموت‪:‬‬ ‫‪.81‬‬
‫‪-248-110-107-90-89-87-83-77‬‬
‫‪702‬‬

‫الصفحة‬ ‫املكان أو البلد‬ ‫م‬


‫‪-582-541-475-420-391-384-250‬‬
‫‪649-643-629-587‬‬
‫‪-621-446-386-385-384-222-25‬‬ ‫احلضن‪:‬‬ ‫‪.82‬‬
‫‪623‬‬
‫‪376‬‬ ‫احلضرية‪:‬‬ ‫‪.83‬‬
‫‪31‬‬ ‫احلالة‪:‬‬ ‫‪.84‬‬
‫‪-424-422-420-419-415-414-413‬‬ ‫احلامد‪:‬‬ ‫‪.85‬‬
‫‪-427-425‬‬
‫‪31‬‬ ‫محراء نثيل‪:‬‬ ‫‪.86‬‬
‫‪256-152-149‬‬ ‫احلمضة‪:‬‬ ‫‪.87‬‬
‫‪78-24‬‬ ‫محى‪:‬‬ ‫‪.88‬‬
‫‪24‬‬ ‫حنكان‪:‬‬ ‫‪.89‬‬
‫‪173-136-135‬‬ ‫َح ْيس‪:‬‬ ‫‪.90‬‬
‫‪551-550-548‬‬ ‫حيفا‪:‬‬ ‫‪.91‬‬
‫‪-187-184-182-177-161-142-80‬‬ ‫احليمة‪:‬‬ ‫‪.92‬‬
‫‪-205-203-195-194-193-192-191‬‬
‫‪703‬‬

‫الصفحة‬ ‫املكان أو البلد‬ ‫م‬


‫‪423-212-209-206‬‬
‫[خ]‬
‫‪22‬‬ ‫اخلالدية‪:‬‬ ‫‪.93‬‬
‫‪539-394-390-388-364-137-23‬‬ ‫اخلانق‪:‬‬ ‫‪.94‬‬
‫‪180-25-24‬‬ ‫خباش‪:‬‬ ‫‪.95‬‬
‫‪137‬‬ ‫اخلبت‪:‬‬ ‫‪.96‬‬
‫‪532-401-398-115‬‬ ‫اخلرج‪:‬‬ ‫‪.97‬‬
‫‪24‬‬ ‫اخلرعاء‪:‬‬ ‫‪.98‬‬
‫‪385-221-220-219‬‬ ‫خشيوة‪:‬‬ ‫‪.99‬‬
‫‪198-197-27‬‬ ‫‪ .100‬اخلليف‪:‬‬
‫‪-460-426-422-420-416-409-350‬‬ ‫‪ .101‬مخيس مشيط‪:‬‬
‫‪485-484‬‬
‫‪137‬‬ ‫‪ .102‬اخلنقة‪:‬‬
‫‪139‬‬ ‫‪ .103‬اخلوخة‪:‬‬
‫[د]‬
‫‪-116-107-106-105-104-103-102‬‬ ‫‪ .104‬الدرعية‪:‬‬
‫‪704‬‬

‫الصفحة‬ ‫املكان أو البلد‬ ‫م‬


‫‪485-356-145-129-118‬‬
‫‪135‬‬ ‫‪ .105‬الدرهيم‪:‬‬
‫‪114‬‬ ‫‪ .106‬الدمل‪:‬‬
‫‪538‬‬ ‫‪ .107‬الدهناء‪:‬‬
‫[ذ]‬
‫‪31‬‬ ‫‪ .108‬ذ ّمبه‪:‬‬
‫[ر]‬
‫‪552-545-544-543-271‬‬ ‫‪ .109‬األردن‪:‬‬
‫‪462-391-107-31-29-28-25-24‬‬ ‫‪ .110‬الربع اخلايل‪:‬‬
‫‪386-228-25‬‬ ‫‪ .111‬رجال‪:‬‬
‫‪23‬‬ ‫الرحاب‪:‬‬
‫‪ .112‬مركز ّ‬

‫‪24‬‬ ‫الرحبة‪:‬‬
‫ّ‬ ‫‪.113‬‬
‫‪170-169-165-101-100‬‬ ‫‪ .114‬الرضيمة‪:‬‬
‫‪489‬‬ ‫‪ .115‬روضة سدير‪:‬‬
‫‪572-569-516-490-489‬‬ ‫‪ .116‬الروضة‪:‬‬
‫‪-105-104-103-102-75-21-20‬‬ ‫‪ .117‬الرياض‪:‬‬
‫‪705‬‬

‫الصفحة‬ ‫املكان أو البلد‬ ‫م‬


‫‪-241-217-215-200-165-114-107‬‬
‫‪-377-359-336-333-280-249-248‬‬
‫‪-413-407-406-404-397-396-393‬‬
‫‪-482-480-465-462-418-416-414‬‬
‫‪-519-495-494-492-491-486-485‬‬
‫‪557-531-525‬‬
‫‪25‬‬ ‫‪ .118‬ريامن‪:‬‬
‫‪183‬‬ ‫‪ .119‬ريمة‪:‬‬
‫[ز]‬
‫‪-139-138-137-136-135-27-12‬‬ ‫‪ .120‬زبيد‪:‬‬
‫‪-407-357-317-316-186-185-164‬‬
‫‪-567-512-509-436-435-432-428‬‬
‫‪615-576-575-572-570-569-568‬‬
‫‪545‬‬ ‫‪ .121‬الزرقاء‪:‬‬
‫‪491‬‬ ‫‪ .122‬الزلفي‪:‬‬
‫‪22‬‬ ‫‪ .123‬الزملة‪:‬‬
‫‪706‬‬

‫الصفحة‬ ‫املكان أو البلد‬ ‫م‬


‫‪629-583-225-158‬‬ ‫‪ .124‬الزهراء‪:‬‬
‫‪384‬‬ ‫‪ .125‬زور آل‬
‫احلارث‪:‬‬
‫‪446-384‬‬ ‫‪ .126‬زور وادعة‪:‬‬
‫‪-174-132-131-130-120-72-55‬‬ ‫‪ .127‬الز ّيد َّية‪:‬‬
‫‪-435-377-279-264-207-186-180‬‬
‫‪615-579-576-570-567‬‬
‫[س]‬
‫‪22‬‬ ‫‪ .128‬السبيل‪:‬‬
‫‪139‬‬ ‫‪ .129‬السحارى‪:‬‬
‫‪28‬‬ ‫‪ .130‬سقام‪:‬‬
‫‪22‬‬ ‫‪ .131‬سلطانة‪:‬‬
‫‪384-83-79‬‬ ‫‪ .132‬سلوة‪:‬‬
‫‪462-198‬‬ ‫‪ .133‬السليل‪:‬‬
‫‪-553-552-546-545-544-543-542‬‬ ‫‪ .134‬سوريا‪:‬‬
‫‪641-627-559-558-557-556-554‬‬
‫‪707‬‬

‫الصفحة‬ ‫املكان أو البلد‬ ‫م‬


‫‪89‬‬ ‫‪ .135‬سيؤون‪:‬‬
‫[ش]‬
‫‪24‬‬ ‫‪ .136‬أبو شداد‪:‬‬
‫‪25‬‬ ‫‪ .137‬أبو شديد‪:‬‬
‫‪-386-383-162-137-66-47-11‬‬ ‫‪ .138‬الشام‪:‬‬
‫‪594-559-557-445-387‬‬
‫‪209-141‬‬ ‫‪ .139‬شبام كوكبان‪:‬‬
‫‪28‬‬ ‫‪ .140‬الرشفة‪:‬‬
‫‪32-31-29-24-22‬‬ ‫‪ .141‬رشورة‪:‬‬
‫‪475-384-79‬‬ ‫‪ .142‬شعب بران‪:‬‬
‫‪554‬‬ ‫‪ .143‬شفا عمرو‪:‬‬
‫[ص]‬
‫‪540-386‬‬ ‫‪ .144‬صاغر‪:‬‬
‫‪22‬‬ ‫‪ .145‬الصاحلية‪:‬‬
‫‪429-346-202‬‬ ‫‪ .146‬صامطة‪:‬‬
‫‪-198-197-175-172-140-86-82‬‬ ‫‪ .147‬صبيا‪:‬‬
‫‪708‬‬

‫الصفحة‬ ‫املكان أو البلد‬ ‫م‬


‫‪531-512-508‬‬
‫‪553-31-22‬‬ ‫‪ .148‬الصحن‪:‬‬
‫‪-335-124-123-121-58-56-55‬‬ ‫‪ .149‬صعدة‪:‬‬
‫‪-413-386-383-373-361-349-348‬‬
‫‪480-479-434-416-414‬‬
‫‪204-200-163-161-144-121-120‬‬ ‫‪ .150‬صعفان‪:‬‬
‫‪311-24‬‬ ‫‪ .151‬الصفاح‪:‬‬
‫‪22‬‬ ‫‪ .152‬الصليعاء‪:‬‬
‫‪538-533-167‬‬ ‫‪ .153‬الصامن‪:‬‬
‫‪-80-78-71-67-65-58-55-54-53‬‬ ‫‪ .154‬صنعاء‪:‬‬
‫‪-141-127-119-96-88-86-82-81‬‬
‫‪-162-161-160-159-155-143-142‬‬
‫‪-183-181-180-179-178-177-174‬‬
‫‪-208-200-194-193-187-185-184‬‬
‫‪-264-263-246-237-233-212-209‬‬
‫‪-280-279-276-269-268-266-265‬‬
‫‪709‬‬

‫الصفحة‬ ‫املكان أو البلد‬ ‫م‬


‫‪-314-311-307-295-287-284-282‬‬
‫‪-352-350-349-348-335-320-316‬‬
‫‪-380-378-377-374-372-371-357‬‬
‫‪-407-393-392-386-383-382-381‬‬
‫‪-509-500-436-431-424-417-410‬‬
‫‪-573-572-571-570-568-567-566‬‬
‫‪625-582-578-577-576-575-574‬‬
‫‪553‬‬ ‫‪ .155‬صويلح‪:‬‬
‫[ض]‬
‫‪488‬‬ ‫‪ .156‬ضباء‪:‬‬
‫‪506-116-114‬‬ ‫‪ .157‬رضما‪:‬‬
‫‪510-125-47‬‬ ‫‪ .158‬ضمد‪:‬‬
‫[ط]‬
‫‪-458-456-440-433-218-137-47‬‬ ‫‪ .159‬الطائف‪:‬‬
‫‪559-558-463-461-459‬‬
‫‪-120-119-80-78-74-72-71-59‬‬ ‫‪ .160‬طيبة‪:‬‬
‫‪710‬‬

‫الصفحة‬ ‫املكان أو البلد‬ ‫م‬


‫‪236-228-207‬‬
‫[ظ]‬
‫‪-420-413-403-399-350-23-22‬‬ ‫‪ .161‬ظهران‬
‫‪-460-438-426-422‬‬ ‫اجلنوب‪:‬‬
‫[ع]‬
‫‪422‬‬ ‫‪ .162‬العاقة‪:‬‬
‫‪420-25-22‬‬ ‫‪ .163‬عاكفة‪:‬‬
‫‪195-192‬‬ ‫‪ .164‬عانز‪:‬‬
‫‪375-205-204-184‬‬ ‫‪ .165‬عتارة‪:‬‬
‫‪-377-342-264-177-176-175-80‬‬ ‫‪ .166‬عدن‪:‬‬
‫‪584-583-582-428‬‬
‫‪229-228‬‬ ‫‪ .167‬عدين‪:‬‬
‫‪552-544-543-287-284-274-47‬‬ ‫‪ .168‬العراق‪:‬‬
‫‪22‬‬ ‫‪ .169‬ال جع ْرف‪:‬‬
‫‪22‬‬ ‫‪ .170‬عروق بني‬
‫معارض‪:‬‬
‫‪711‬‬

‫الصفحة‬ ‫املكان أو البلد‬ ‫م‬


‫‪25‬‬ ‫‪ .171‬العريسة‪:‬‬
‫‪-59-30-29-25-23-22-21-20-17‬‬ ‫‪ .172‬عسري‪:‬‬
‫‪-83-82-80-78-76-75-74-71-69‬‬
‫‪-129-128-121-116-107-99-89‬‬
‫‪-162-160-155-152-149-147-145‬‬
‫‪-188-185-184-181-176-174-163‬‬
‫‪-233-219-218-217-215-214-207‬‬
‫‪-260-252-250-246-245-242-241‬‬
‫‪-314-300-281-272-271-269-265‬‬
‫‪-412-410-399-389-384-359-355‬‬
‫‪-474-461-460-440-428-425-416‬‬
‫‪-516-513-512-511-510-509-508‬‬
‫‪617-523-520‬‬
‫‪555-554‬‬ ‫‪ .173‬عكا‪:‬‬
‫‪488-24‬‬ ‫‪ .174‬العال‪:‬‬
‫‪553-239-201-170‬‬ ‫‪ .175‬عامن‪:‬‬
‫‪712‬‬

‫الصفحة‬ ‫املكان أو البلد‬ ‫م‬


‫‪99‬‬ ‫‪ .176‬عنيزة‪:‬‬
‫[غ]‬
‫‪120‬‬ ‫‪ .177‬الغانمية‪:‬‬
‫[ف]‬
‫‪462-24-21‬‬ ‫‪ .178‬الفاو‪:‬‬
‫‪-552-551-548-546-545-544-542‬‬ ‫‪ .179‬فلسطني‪:‬‬
‫‪559-553‬‬
‫‪464-25‬‬ ‫‪ .180‬الفيصلية‪:‬‬
‫‪-351-336-269-260-93-92-91-82‬‬ ‫‪ .181‬فيفا‪:‬‬
‫‪-445-440-408-407-369-363-359‬‬
‫‪642‬‬
‫[ق]‬
‫‪583-178-164-162-161-152-77‬‬ ‫‪ .182‬القاهرة‪:‬‬
‫‪549-548‬‬ ‫‪ .183‬القدس‪:‬‬
‫‪415-106-102‬‬ ‫‪ .184‬قذلة‪:‬‬
‫‪105‬‬ ‫‪ .185‬الغذوانية‪:‬‬
‫‪713‬‬

‫الصفحة‬ ‫املكان أو البلد‬ ‫م‬


‫‪167‬‬ ‫‪ .186‬القرعا‪:‬‬
‫‪394-390-388-250-98-79 -30‬‬ ‫‪ .187‬القرن‪:‬‬
‫‪542‬‬ ‫‪ .188‬قريات امللح‪:‬‬
‫‪100‬‬ ‫‪ .189‬قطر‪:‬‬
‫‪24‬‬ ‫‪ .190‬قطن‪:‬‬
‫‪594-567-134‬‬ ‫‪ .191‬القطيع‪:‬‬
‫‪31‬‬ ‫‪ .192‬قلمة خجيم‪:‬‬
‫‪31‬‬ ‫‪ .193‬قلمة سلطان‪:‬‬
‫‪437-74‬‬ ‫‪ .194‬القنفذة‪:‬‬
‫‪102‬‬ ‫‪ .195‬القويعية‪:‬‬
‫[ك]‬
‫‪434‬‬ ‫‪ .196‬كمران‬
‫[جزيرة]‪:‬‬
‫‪31‬‬ ‫‪ .197‬الكناور‪:‬‬
‫‪646‬‬ ‫‪ .198‬الكنتوب‪:‬‬
‫‪-98-79-30‬‬ ‫‪ .199‬كجهالن‪:‬‬
‫‪714‬‬

‫الصفحة‬ ‫املكان أو البلد‬ ‫م‬


‫‪585-64-59-47‬‬ ‫‪ .200‬الكوفة‪:‬‬
‫‪158-22‬‬ ‫‪ .201‬الكوكب‪:‬‬
‫‪212-209-194-141‬‬ ‫‪ .202‬كوكبان‪:‬‬
‫‪-529-498-493-223-99-78-72-58‬‬ ‫‪ .203‬الكويت‪:‬‬
‫‪560‬‬
‫[ل]‬
‫‪-556-555-554-218-58-56-48‬‬ ‫‪ .204‬لبنان‪:‬‬
‫‪-640-637-636-632-631-630-627‬‬
‫‪950-649-646-645-643-642‬‬
‫‪31-22‬‬ ‫‪ .205‬اللجام‪:‬‬
‫‪23‬‬ ‫‪ .206‬لدمة‪:‬‬
‫‪167‬‬ ‫‪ .207‬اللصافة‪:‬‬
‫‪167‬‬ ‫‪ .208‬اللهابة‪:‬‬
‫‪23‬‬ ‫‪ .209‬النظارة‪:‬‬
‫[م]‬
‫‪205-204‬‬ ‫‪ .210‬متوح‪:‬‬
‫‪715‬‬

‫الصفحة‬ ‫املكان أو البلد‬ ‫م‬


‫‪31‬‬ ‫‪ُ .211‬مة‪:‬‬
‫‪539-137-60-30-29-28-27‬‬ ‫‪ .212‬املجمع‪:‬‬
‫‪112‬‬ ‫‪ .213‬املحصام‪:‬‬
‫‪24‬‬ ‫‪ .214‬المحمديَّة‪:‬‬

‫‪82‬‬ ‫‪ .215‬املحمرة‪:‬‬
‫‪510-187-139‬‬ ‫‪ .216‬املخا‪:‬‬
‫‪432‬‬ ‫‪ .217‬املخازن‪:‬‬
‫‪-483-482-416-104-43-42-24‬‬ ‫‪ .218‬املدينة املنورة‪:‬‬
‫‪488-487-486‬‬
‫‪25‬‬ ‫‪ .219‬مراطة‪:‬‬
‫‪23‬‬ ‫‪ .220‬املرجتم‪:‬‬
‫‪ .221‬مركز أيب شديد‪25 :‬‬
‫‪ .222‬مركز املحياش‪25 :‬‬
‫‪31‬‬ ‫‪ .223‬مركز الوديعة‪:‬‬
‫‪ .224‬مركز أم الوهط‪25 :‬‬
‫‪229-228‬‬ ‫‪ .225‬مزاحن‪:‬‬
‫‪716‬‬

‫الصفحة‬ ‫املكان أو البلد‬ ‫م‬


‫‪31‬‬ ‫‪ .226‬مسلية‪:‬‬
‫‪25‬‬ ‫‪ .227‬املشعلية‪:‬‬
‫‪22‬‬ ‫‪ .228‬املشقح‪:‬‬
‫‪-483-287-284-271-77-59-24‬‬ ‫‪ .229‬مرص‪:‬‬
‫‪628-618-583-568‬‬
‫‪75-30-23‬‬ ‫‪ .230‬املضامر‪:‬‬
‫‪98-79-30‬‬ ‫‪ .231‬مطارة‪:‬‬
‫‪254‬‬ ‫‪ .232‬املعابدة‪:‬‬
‫‪31‬‬ ‫‪ .233‬املعاطيف‪:‬‬
‫‪201‬‬ ‫‪ .234‬املعتىل‪:‬‬
‫‪86‬‬ ‫‪ .235‬املعنق‪:‬‬
‫‪549-512‬‬ ‫‪ .236‬املغرب‪:‬‬
‫‪-354-265-246-175-162-74-25‬‬ ‫‪ .237‬مكة املكرمة‪:‬‬
‫‪-474-462-438-409-407-396-389‬‬
‫‪559-497-490-487-483‬‬
‫‪-74-69-31-30-28-25-24-21-7-5‬‬ ‫‪ .238‬اململكة العربية‬
‫‪717‬‬

‫الصفحة‬ ‫املكان أو البلد‬ ‫م‬


‫‪-105-104-103-102-98-78-76-75‬‬ ‫السعودية‬
‫‪-117-116-115-114-110-107-106‬‬ ‫(السعودية)‪:‬‬
‫‪-146-145-143-137-130-129-118‬‬
‫‪-200-162-156-154-153-151-150‬‬
‫‪-241-228-222-219-215-213-202‬‬
‫‪-264-260-258-252-246-245-242‬‬
‫‪-281-280-276-275-268-266-265‬‬
‫‪-295-293-289-288-285-284-282‬‬
‫‪-346-329-324-315-309-302-299‬‬
‫‪-377-371-370-368-363-355-350‬‬
‫‪-393-392-391-384-381-379-378‬‬
‫‪-413-411-407-406-403-401-394‬‬
‫‪-423-421-418-417-416-415-414‬‬
‫‪-434-433-432-430-428-425-424‬‬
‫‪-442-441-440-439-437-436-435‬‬
‫‪-460-458-456-446-445-444-443‬‬
‫‪718‬‬

‫الصفحة‬ ‫املكان أو البلد‬ ‫م‬


‫‪-461-460-458-456-464-463-461‬‬
‫‪-489-488-482-479-474-464-463‬‬
‫‪-509-508-506-495-494-493-490‬‬
‫‪-557-553-543-542-532-531-510‬‬
‫‪621-558‬‬
‫‪21‬‬ ‫‪ .239‬مملكة الفاو‪:‬‬
‫‪-203-200-195-184-161-144-71‬‬ ‫‪ .240‬مناخة‪:‬‬
‫‪653-208-204‬‬
‫‪22‬‬ ‫‪ .241‬منادي‪:‬‬
‫‪31‬‬ ‫‪ .242‬املنخيل‪:‬‬
‫‪22‬‬ ‫‪ .243‬املندفن‪:‬‬
‫‪580-579-567-220-219‬‬ ‫‪ .244‬املنصورة‪:‬‬
‫‪572-569‬‬ ‫‪ .245‬املنظر‪:‬‬
‫‪432-214-159-158-132-130‬‬ ‫‪ .246‬مور‪:‬‬
‫‪445-444-432‬‬ ‫‪ .247‬املوسم‪:‬‬
‫‪475-384-28-25‬‬ ‫‪ .248‬املوفجة‪:‬‬
‫‪719‬‬

‫الصفحة‬ ‫املكان أو البلد‬ ‫م‬


‫‪445-432-431-429‬‬ ‫‪ .249‬ميدي‪:‬‬
‫‪547‬‬ ‫‪ .250‬ميسان‪:‬‬
‫[ن]‬
‫‪548-546‬‬ ‫‪ .251‬نابلس‪:‬‬
‫‪556-554‬‬ ‫‪ .252‬النارصة‪:‬‬
‫‪24‬‬ ‫‪ .253‬النّبعة‪:‬‬
‫‪-106-104-102-101-99-98-58‬‬ ‫‪ .254‬نجد‪:‬‬
‫‪-118-117-116-115-114-109-107‬‬
‫‪-215-201-157-146-138-132-129‬‬
‫‪-416-406-398-397-377-251-241‬‬
‫‪539-509--487-428‬‬
‫‪-23-22-21-20-18-17-16-15-9‬‬ ‫‪ .255‬نجران‪:‬‬
‫‪-33-32-31-30-29-28-27-25-24‬‬
‫‪-47-46-45-43-42-41-38-35-34‬‬
‫‪-57-56-55-54-53-52-50-49-48‬‬
‫‪-72-71-69-68-67-66-65-59-58‬‬
‫‪720‬‬

‫الصفحة‬ ‫املكان أو البلد‬ ‫م‬


‫‪-82-81-80-79-78-77-76-75-74‬‬
‫‪-93-92-90-89-88-87-85-84-83‬‬
‫‪-103-101-99-98-97-96-95-94‬‬
‫‪-112-110-109-107-106-105-104‬‬
‫‪-120-119-118-117-116-115-114‬‬
‫‪-129-128-127-125-124-123-121‬‬
‫‪-137-136-135-134-133-131-130‬‬
‫‪-145-144-143-141-140-139-138‬‬
‫‪-153-152-151-150-148-147-146‬‬
‫‪-161-160-159-157-156-155-154‬‬
‫‪-173-169-168-167-164-163-162‬‬
‫‪-184-179-178-177-176-175-174‬‬
‫‪-191-190-189-188-187-186-185‬‬
‫‪-198-197-196-195-194-193-192‬‬
‫‪-210-209-207-206-202-201-200‬‬
‫‪-218-217-215-214-213-212-211‬‬
‫‪721‬‬

‫الصفحة‬ ‫املكان أو البلد‬ ‫م‬


‫‪-229-228-223-222-221-220-219‬‬
‫‪-243-242-241-240-239-237-230‬‬
‫‪-251-250-249-248-246-245-244‬‬
‫‪-264-263-260-258-256-255-252‬‬
‫‪-288-281-280-279-272-271-265‬‬
‫‪-308-307-306-305-301-300-292‬‬
‫‪-330-329-327-326-325-321-313‬‬
‫‪-338-337-336-335-334-333-331‬‬
‫‪-352-351-349-347-346-345-339‬‬
‫‪-359-358-357-356-355-354-353‬‬
‫‪-367-366-365-364-363-361-360‬‬
‫‪-376-375-374-373-371-370-368‬‬
‫‪-384-383-382-381-380-379-378‬‬
‫‪-393-392-391-390-387-386-385‬‬
‫‪-400-399-398-397-396-395-394‬‬
‫‪-412-407-405-404-403-402-401‬‬
‫‪722‬‬

‫الصفحة‬ ‫املكان أو البلد‬ ‫م‬


‫‪-419-418-417-416-415-414-413‬‬
‫‪-427-426-425-424-422-421-420‬‬
‫‪-462-460-459-446-444-439-438‬‬
‫‪-472-470-469-467-465-464-463‬‬
‫‪-479-478-477-476-475-474-473‬‬
‫‪-490-489-488-485-484-482-480‬‬
‫‪-511-498-497-496-493-492-491‬‬
‫‪-566-560-542-541-540-539-522‬‬
‫‪-587-582-578-577-571-570-567‬‬
‫‪-625-623-622-621-599-595-593‬‬
‫‪-634-632-631-630-629-628-627‬‬
‫‪-651-649-646-641-639-638-636‬‬
‫‪654-652‬‬
‫‪476-416-376-154-150-47‬‬ ‫‪ .256‬النجرانية‪:‬‬
‫‪22‬‬ ‫‪ .257‬نعوان‪:‬‬
‫‪405‬‬ ‫‪ .258‬النقعاء‪:‬‬
‫‪723‬‬

‫الصفحة‬ ‫املكان أو البلد‬ ‫م‬


‫‪422-421-414‬‬ ‫‪ .259‬النقعة‪:‬‬
‫‪477-446-445-385-28‬‬ ‫‪ .260‬هنوقة‪:‬‬
‫[و]‬
‫‪31‬‬ ‫‪ .261‬وادي احلبط‪:‬‬
‫‪420-31‬‬ ‫‪ .262‬وادي احلجر‪:‬‬
‫‪ .263‬وادي الصحن‪31 :‬‬
‫‪391‬‬ ‫‪ .264‬وادي الفرع‪:‬‬
‫‪137‬‬ ‫‪ .265‬وادي الفيض‪:‬‬
‫‪31‬‬ ‫‪ .266‬وادي اللجام‪:‬‬
‫‪ .267‬وادي صيحان‪539-394-98-79 :‬‬
‫‪208-180-178‬‬ ‫‪ .268‬وادي ظهر‪:‬‬
‫‪30‬‬ ‫‪ .269‬وادي قاب‪:‬‬
‫‪-432-214-159-158-130‬‬ ‫‪ .270‬وادي مور‪:‬‬
‫‪137‬‬ ‫‪ .271‬وادي يعرى‪:‬‬
‫‪488‬‬ ‫‪ .272‬الوجه‪:‬‬
‫‪78-25-22‬‬ ‫‪ .273‬الوجيد‪:‬‬
‫‪724‬‬

‫الصفحة‬ ‫املكان أو البلد‬ ‫م‬


‫‪495-31‬‬ ‫‪ .274‬الوديعة‪:‬‬
‫‪31‬‬ ‫‪ .275‬وسط‪:‬‬
‫[هـ]‬
‫‪-365-364-363-219-79-75-23‬‬ ‫‪ .276‬هدادة‪:‬‬
‫‪394-389-388-387-370‬‬
‫‪25‬‬ ‫‪ .277‬هويمل‪:‬‬
‫[ي]‬
‫‪404-397-31-22‬‬ ‫‪ .278‬يدمة‪:‬‬
‫‪-28-25-24-23-21-17-15-14-11‬‬ ‫‪ .279‬اليمن‪:‬‬
‫‪-47-45-42-39-33-32-31-30-29‬‬
‫‪-66-62-60-58-56-55-53-52-49‬‬
‫‪-78-76-75-73-72-71-70-69-67‬‬
‫‪-102-100-92-90-83-82-81-80‬‬
‫‪-130-125-120-116-114-107-104‬‬
‫‪-139-138-137-136-135-133-131‬‬
‫‪-158-157-154-145-143-141-140‬‬
‫‪725‬‬

‫الصفحة‬ ‫املكان أو البلد‬ ‫م‬


‫‪-177-176-174-173-164-163-160‬‬
‫‪-186-185-184-181-180-179-178‬‬
‫‪-212-208-207-206-205-193-187‬‬
‫‪-223-221-220-219-218-217-213‬‬
‫‪-242-241-237-231-230-228-226‬‬
‫‪-268-266-264-252-250-246-243‬‬
‫‪-288-282-280-279-275-271-269‬‬
‫‪-355-353-351-350-349-335-298‬‬
‫‪-380-379-378-377-376-374-359‬‬
‫‪-395-394-393-392-388-384-381‬‬
‫‪-414-413-411-410-407-406-403‬‬
‫‪-429-426-425-421-418-417-416‬‬
‫‪-437-436-435-434-432-431-430‬‬
‫‪-446-443-442-441-440-439-438‬‬
‫‪-464-463-460-459-458-474-456‬‬
‫‪-492-490-489-488-479-478-474‬‬
‫‪726‬‬

‫الصفحة‬ ‫املكان أو البلد‬ ‫م‬


‫‪-567-566-540-512-510-509-500‬‬
‫‪-574-573-572-571-570-569-568‬‬
‫‪-584-583-582-579-578-577-576‬‬
‫‪617-615-587-585‬‬
‫‪406‬‬ ‫‪ .280‬اليونان‪:‬‬
‫‪727‬‬

‫فهرس املوضوعات‬
‫الصفحة‬ ‫الموضوع‬
‫‪9‬‬ ‫‪1‬ـ إهداء‬
‫‪11‬‬ ‫‪2‬ـ المقدمة‬
‫‪15‬‬ ‫‪3‬ـ كلمات ومعانيها‬
‫‪19‬‬ ‫‪4‬ـ نجران الموقع الجغرايف‬
‫‪27‬‬ ‫‪5‬ـ التضاريس‬
‫‪31‬‬ ‫‪6‬ـ المناخ‬
‫‪33‬‬ ‫‪7‬ـ الباب األول ـ الفصل األول‪ :‬دخول قبيلة همدان يف اإلسًلم‬
‫‪34‬‬ ‫‪8‬ـ دخول أهل نجران يف اإلسًلم‬
‫‪41‬‬ ‫‪9‬ـ نصارى نجران‬
‫‪48‬‬ ‫‪10‬ـ الفصل الثاين‪ :‬دخول (يام) إلى نجران وبداية استيطاهنم‬
‫‪54‬‬ ‫‪11‬ـ مًلحظة‬
‫‪58‬‬ ‫‪12‬ـ الفصل الثالث‪ :‬قبائل يام‬
‫‪59‬‬ ‫‪13‬ـ نسب (يام) يف الجاهلية‪:‬‬
‫‪69‬‬ ‫‪14‬ـ الفصل الرابع‪ :‬تسلسل دعاة المذهب اإلسماعيلي‬
‫‪82‬‬ ‫‪15‬ـ هجوم يام والمكارمة على بيت الفقيه سنة ‪1142‬هـ‬
‫‪728‬‬

‫‪83‬‬ ‫‪16‬ـ قتل الشريف حوذان بن محمد الخيرايت سنة ‪1162‬هـ‬


‫‪87‬‬ ‫‪17‬ـ قتال قبيلة بني شعبة‪:‬‬
‫‪87‬‬ ‫‪18‬ـ حسن بن هبة اهلل يغزو حضرموت سنة ‪1171‬هـ‬
‫‪19‬ـ إسماعيل بن هبة اهلل المكرمي يسرتفد شريف أبي عريش‬
‫‪90‬‬
‫سنة ‪1172‬هـ‬
‫‪91‬‬ ‫‪20‬ـ غزو ( َفيفا) سنة ‪1174‬هـ‪1761/‬م‬
‫‪93‬‬ ‫‪21‬ـ نزول قبائل يام لألخذ بالثأر من أهل ( َفيفا) سنة ‪1175‬هـ‬
‫‪22‬ـ وصول عساكر من يام من غير واسطة المكرمي إلى‬
‫‪94‬‬ ‫المخًلف‬
‫السليماين سنة ‪1175‬هـ‬
‫‪95‬‬ ‫‪23‬ـ حصار المكرمي ألبي عريش سنة ‪1176‬هـ‬
‫‪98‬‬ ‫‪24‬ـ معركة الحائر يف نجد سنة ‪1178‬هـ‬
‫‪25‬ـ مواطن العجمان يف جنوب الجزيرة العربية قبل رحيلهم إلى‬
‫‪98‬‬
‫نجد‬
‫‪98‬‬ ‫‪26‬ـ زمن رحيل قبيلة العجمان من جنوب الجزيرة العربية‬
‫‪100‬‬ ‫‪27‬ـ نسب قبيلة العجمان‪:‬‬
‫‪108‬‬ ‫‪28‬ـ الصلح بين الشريف ويام والخروج على عبس سنة ‪1179‬هـ‬
‫‪729‬‬

‫‪110‬‬ ‫‪29‬ـ غزو يام للمخًلف السليماين سنة ‪1184‬هـ‬


‫‪114‬‬ ‫‪30‬ـ معركة ضرما يف (نجد) سنة ‪1189‬هـ‬
‫‪121‬‬ ‫‪31‬ـ خروج يام وال َقتلة التي حصلت لها سنة ‪1190‬هـ‬
‫‪122‬‬ ‫‪32‬ـ هنب يام لمدينة أبي عريش سنة ‪1190‬هـ‬
‫‪123‬‬ ‫‪33‬ـ خروج يام إلى صعدة سنة ‪1191‬هـ‬
‫‪124‬‬ ‫‪34‬ـ نزول يام للمخًلف السليماين سنة ‪1191‬هـ‬
‫‪125‬‬ ‫‪35‬ـ استعانة األمير علي بن محمد آل خيرات بيام سنة ‪1192‬هـ‬
‫‪125‬‬ ‫‪36‬ـ القتال بين أهل أبي عريش ويام سنة ‪1192‬هـ‬
‫‪127‬‬ ‫‪37‬ـ استعانة األمير يحيى بن محمد بيام سنة ‪1192‬هـ‬
‫‪128‬‬ ‫‪38‬ـ غزو قبائل يام لعسير سنة ‪1199‬هـ‬
‫‪39‬ـ خروج الداعي عبداهلل بن علي المكرمي إلى وادي الدواسر‬
‫‪129‬‬
‫سنة ‪1202‬هـ‬
‫‪130‬‬ ‫‪40‬ـ خروج يام إلى وادي مور سنة ‪1209‬هـ‬
‫‪130‬‬ ‫‪41‬ـ نزول يام إلى هتامة سنة ‪1210‬هـ‬
‫‪131‬‬ ‫‪42‬ـ ملحمة يام سنة ‪1210‬هـ‬
‫‪131‬‬ ‫‪43‬ـ ابن قرملة ُيغير على أهل نجران سنة ‪1210‬هـ‬
‫‪132‬‬ ‫‪44‬ـ نزول يام إلى هتامة سنة ‪1210‬هـ‬
‫‪730‬‬

‫‪133‬‬ ‫‪45‬ـ خروج يام إلى هتامة سنة ‪1211‬هـ‬


‫‪134‬‬ ‫‪46‬ـ القتلة التي حصلت ليام ببيت الفقيه سنة ‪1213‬هـ‬
‫‪135‬‬ ‫‪47‬ـ دخول يام إلى الدريهم سنة ‪1213‬هـ‬
‫‪135‬‬ ‫‪48‬ـ خروج يام إلى َحيس سنة ‪1213‬هـ‬
‫‪136‬‬ ‫‪49‬ـ هجوم قبائل يام على مناطق َحيس وزبيد سنة ‪1215‬هـ‬
‫‪137‬‬ ‫‪50‬ـ غزو الدولة السعودية األولى لنجران سنة ‪1215‬هـ‬
‫‪138‬‬ ‫‪51‬ـ دخول يام إلى مدينة زبيد سنة ‪1215‬هـ‬
‫‪139‬‬ ‫‪52‬ـ عودة يام للهجوم يف موسم التمر سنة ‪1216‬هـ‬
‫‪140‬‬ ‫‪53‬ـ خروج يام إلى التهائم سنة ‪1216‬هـ‬
‫‪140‬‬ ‫‪54‬ـ مواالة يام يف حراز لإلمام سنة ‪1219‬هـ‬
‫‪141‬‬ ‫‪55‬ـ فك الحصار عن حصن شبام بحراز سنة ‪1220‬هـ‬
‫‪143‬‬ ‫‪56‬ـ غزو النعمان بن الوليد لنجران (بدر) سنة ‪1220‬هـ‬
‫‪144‬‬ ‫‪57‬ـ استعانة يام بأهل صعفان‪ :‬سنة ‪1220‬هـ‬
‫‪58‬ـ اإلمام سعود بن عبدالعزيز يسير حملة على بدر سنة‬
‫‪145‬‬
‫‪1221‬هـ‬
‫‪155‬‬ ‫‪59‬ـ نزول يام أرض هتامة‪ :‬سنة ‪1222‬هـ‬
‫‪156‬‬ ‫‪60‬ـ انضمام أحد مشايخ نجران للحكومة السعودية سنة‬
‫‪731‬‬

‫‪1222‬هـ‬
‫‪158‬‬ ‫‪61‬ـ يام تغزو فج حرض سنة ‪1223‬هـ‬
‫‪62‬ـ الشريف حمود يرسل قبيلة يام لحرب الزرانيق سنة‬
‫‪159‬‬
‫‪1225‬هـ‬
‫‪163‬‬ ‫‪63‬ـ خروج يام إلى بندر ال ُّلحية سنة ‪1235‬هـ‬
‫‪164‬‬ ‫‪64‬ـ خروج يام لمدينة زبيد سنة ‪1237‬هـ‬
‫‪65‬ـ العجمان تستنجد بإخواهنم يام يف معركة الرضيمة سنة‬
‫‪165‬‬
‫‪1238‬هـ‬
‫‪171‬‬ ‫‪66‬ـ خروج يام إلى هتامة سنة ‪1239‬هـ‬
‫‪172‬‬ ‫‪67‬ـ خروج يام لمدينة صبيا سنة ‪1240‬هـ‬
‫‪173‬‬ ‫‪68‬ـ هزيمة يام يف الحديدة‪ ،‬وغًلء يف األسعار سنة ‪1241‬هـ‬
‫‪174‬‬ ‫‪69‬ـ خروج يام إلى َح َراز سنة ‪1244‬هـ‬
‫‪175‬‬ ‫‪70‬ـ تحرك يام لغزو هتامة سنة ‪1254‬هـ‬
‫‪176‬‬ ‫‪71‬ـ خروج يام إلى هتامة سنة ‪1255‬هـ‬
‫‪177‬‬ ‫‪72‬ـ رفع ظلم الوزراء وجورهم عن أهل حراز سنة ‪1255‬هـ‬
‫‪178‬‬ ‫‪73‬ـ مقتل الناصر عبداهلل بن حسن سنة ‪1256‬هـ‬
‫‪180‬‬ ‫‪74‬ـ خروج يام واستيًلؤهم على حراز سنة ‪1256‬هـ‬
‫‪732‬‬

‫‪75‬ـ كتب أهل َح َراز تصل إلى إمام صنعاء تطلب الخًلص من‬
‫‪181‬‬
‫المكرمي‬
‫‪182‬‬ ‫‪76‬ـ تحصن المكارمة يف َح َراز سنة ‪1258‬هـ‬
‫‪183‬‬ ‫‪77‬ـ استعانة األشراف بيام سنة ‪1260‬هـ‬
‫‪78‬ـ إنقاذ الشريف الحسين من األسر وسقوط مدينة زبيد سنة‬
‫‪185‬‬
‫‪1264‬هـ‬
‫‪187‬‬ ‫‪79‬ـ حميد الدين يغزو حراز سنة ‪1267‬هـ‬
‫‪188‬‬ ‫‪80‬ـ لجوء الشريف الحسن بن الحسين إلى نجران سنة ‪1272‬هـ‬
‫‪191‬‬ ‫‪81‬ـ قمع بني جرب لبغيهم على الناس سنة ‪1277‬هـ‬
‫‪191‬‬ ‫‪82‬ـ فشل قبائل بني َجبر يف طرد مكارمة الحيمة سنة ‪1278‬هـ‬
‫‪192‬‬ ‫‪83‬ـ فك حصار القدمة وقرية الحجرة بالحيمة سنة ‪1278‬هـ‬
‫‪193‬‬ ‫‪84‬ـ نزول المكرمي إلى الحيمة سنة ‪1278‬هـ‬
‫‪85‬ـ علي بن حسن المكرمي يكمل سيطرته على حصون الحيمة‬
‫‪195‬‬
‫ومناطق أخرى سنة ‪1278‬هـ‬
‫‪196‬‬ ‫‪86‬ـ فك حصار أهل عراص ببًلد يريم سنة ‪1279‬هـ‬
‫‪197‬‬ ‫‪87‬ـ قبيلة دهم تغزو نجران سنة ‪1280‬هـ‬
‫‪199‬‬ ‫‪88‬ـ غزو ابن حيدر اليامي لبًلد آنس سنة ‪1281‬هـ‬
‫‪733‬‬

‫‪200‬‬ ‫‪89‬ـ سعود بن فيصل يستعين بيام أهل نجران سنة ‪1283‬هـ‪:‬‬
‫‪202‬‬ ‫‪90‬ـ غزو يام للمخًلف السليماين (جازان حال ًيا) سنة ‪1284‬هـ‪:‬‬
‫‪202‬‬ ‫‪91‬ـ استيًلء القوات الرتكية على َح َراز سنة ‪1289‬هـ‬
‫‪208‬‬ ‫‪92‬ـ استنجاد مكارمة اليمن بقبائل يام سنة ‪1322‬هـ‬
‫‪212‬‬ ‫‪93‬ـ استعانة األتراك بيام سنة ‪1322‬هـ‬
‫‪214‬‬ ‫‪94‬ـ استعانة اإلدريسي بيام وحاشد وبكيل سنة ‪1336‬هـ‬
‫‪214‬‬ ‫‪95‬ـ حملة سعد بن عفيصان على نجران سنة ‪1338‬هـ‬
‫‪96‬ـ مبايعة الشيخ دكام بن منصر للملك عبد العزيز سنة‬
‫‪216‬‬
‫‪1339‬هـ‬
‫‪97‬ـ الباب األول ـ الفصل الخامس‪ :‬تعريف ببعض المكارمة‬
‫‪231‬‬ ‫الذين شاركوا يف بعض الغزوات يف اليمن أو المخًلف‬
‫السليماين‬
‫‪98‬ـ الباب الثاين ‪ -‬الفصل األول‪ :‬العًلقات السياسية بين أهل‬
‫‪239‬‬
‫نجران وآل سعود‬
‫‪263‬‬ ‫‪99‬ـ الطموح اليمني‬
‫‪100‬ـ الباب الثاين‪ :‬الفصل الثاين‪ :‬الربقيات المتبادلة بين‬
‫‪266‬‬
‫الحكومة السعودية واليمنية‬
‫‪734‬‬

‫‪269‬‬ ‫‪101‬ـ أول معاهدة مع اليمن‬


‫‪281‬‬ ‫‪102‬ـ مضايقة الوفد السعودي يف صنعاء‬
‫‪371‬‬ ‫‪103‬ـ مشايخ يام يف سجن اإلمام‬
‫‪372‬‬ ‫‪104‬ـ نظام الرهائن عند اإلمام يحيى حميد الدين‬
‫‪374‬‬ ‫‪105‬ـ أبو ساق يف سجن اإلمام‬
‫‪375‬‬ ‫‪106‬ـ الباب الثاين‪ :‬الفصل الثالث‪ :‬النزاع على نجران‬
‫‪375‬‬ ‫‪107‬ـ عًلقة نجران بالعثمانيين‬
‫‪380‬‬ ‫‪108‬ـ الفصل الرابع‪ :‬الزحف اليمني على نجران‬
‫‪383‬‬ ‫‪109‬ـ خطة الجيش اليمني لدخول نجران‬
‫‪395‬‬ ‫‪110‬ـ الفصل الخامس‪ :‬دور أبو ساق يف نجران‬
‫‪396‬‬ ‫‪111‬ـ أبو ساق يستنجد بالملك عبدالعزيز‬
‫‪396‬‬ ‫‪112‬ـ سفر أبو ساق لمقابلة الملك عبد العزيز‬
‫‪406‬‬ ‫‪113‬ـ الباب الثالث ‪ -‬الفصل األول‪ :‬الحرب السعودية اليمنية‬
‫‪411‬‬ ‫‪114‬ـ األمير سعود يقود الجيش‬
‫‪438‬‬ ‫‪115‬ـ شروط الملك عبدالعزيز لوقف الحرب‬
‫‪440‬‬ ‫‪116‬ـ الفصل الثاين‪ :‬اتفاقية الطائف‬
‫‪460‬‬ ‫‪117‬ـ لجنة تحديد الحدود‬
‫‪735‬‬

‫‪462‬‬ ‫‪118‬ـ الفصل الثالث‪ :‬األمير سعود يدخل نجران‬


‫‪466‬‬ ‫‪119‬ـ رسالة الملك عبدالعزيز ألهل نجران‬
‫‪474‬‬ ‫‪120‬ـ زيارة طلعت بك وفا لنجران‬
‫‪482‬‬ ‫‪121‬ـ أمراء نجران يف الحكم السعودي‬
‫‪-122‬الفصل الرابع‪ :‬موجز عن أمراء نجران يف الحكم‬
‫‪482‬‬
‫السعودي‬
‫‪482‬‬ ‫‪-123‬عساف الحسين العساف العجمي‬
‫‪485‬‬ ‫‪-124‬إبراهيم بن عبدالرحمن النشمي‬
‫‪487‬‬ ‫‪-125‬عبدالعزيز الشقيحي‬
‫‪488‬‬ ‫‪-126‬تركي بن محمد الماضي‬
‫‪490‬‬ ‫‪-127‬حمد المحمد الماضي‬
‫‪490‬‬ ‫‪-128‬علي مبارك‬
‫‪491‬‬ ‫‪-129‬إبراهيم بن عبدالرحمن النشمي‬
‫‪492‬‬ ‫‪-130‬خالد بن أحمد السديري‬
‫‪493‬‬ ‫‪-131‬فهد بن خالد السديري‬
‫‪494‬‬ ‫‪-132‬صاحب السمو الملكي األمير مشعل بن سعود‬
‫‪496‬‬ ‫‪-133‬صاحب السمو الملكي األمير مشعل بن عبداهلل بن‬
‫‪736‬‬

‫عبدالعزيز‬
‫‪497‬‬ ‫‪-134‬األمير جلوي بن عبدالعزيز بن مساعد آل سعود‬
‫‪ -135‬الباب الرابع‪ :‬الفصل األول‪ :‬من أعًلم قبيلة يام عرب‬
‫‪499‬‬
‫التاريخ‬
‫‪499‬‬ ‫‪ -136‬طبقة الصحابة‬
‫‪500‬‬ ‫‪ -137‬طبقة التابعين‬
‫‪506‬‬ ‫‪ -138‬مجحود بن علي العرجاين‬
‫‪508‬‬ ‫‪ -139‬حزام بن عامر العجمي‬
‫‪510‬‬ ‫‪ -140‬عبداهلل بن سرور اليامي‬
‫‪525‬‬ ‫‪ -141‬الشيخ‪ :‬راكان بن فًلح بن حثلين‬
‫‪539‬‬ ‫‪ -142‬الشيخ‪ :‬جابر بن حسين أبو ساق‬
‫‪542‬‬ ‫‪ -143‬اللواء المتقاعد‪ :‬علي بن مانع بن ذياب اليامي‬
‫‪566‬‬ ‫‪ -144‬الفصل الثاين‪ :‬دولة بني حاتم يف صنعاء‬
‫‪582‬‬ ‫الز َريع‬
‫‪ -145‬الفصل الثالث‪ :‬السًلطين من آل ُّ‬
‫‪ -146‬الفصل الرابع‪ :‬تشيع همدان لإلمام علي بن أبي طالب‬
‫‪585‬‬
‫كرم اهلل وجهه‬
‫‪589‬‬ ‫‪ -147‬المًلحق‬
‫‪737‬‬

‫‪626‬‬ ‫‪ -148‬المصادر والمراجع‬


‫‪656‬‬ ‫‪ -149‬فهرس األعًلم‬
‫‪683‬‬ ‫‪ -150‬كشاف القبائل والعشائر والجماعات‬
‫‪694‬‬ ‫‪ -151‬فهرس األماكن وال ُبلدان‬
‫‪727‬‬ ‫‪ -152‬فهرس الموضوعات‬

‫****‬

You might also like