Professional Documents
Culture Documents
2
الطبعة األولى
1440هـ2019/م
3
4
5
إهـــــداء
جمع وإعداد:
عبد اهلل بن عبد الرحمن الهمداين
1440هـ2019/م
10
11
الـمقدمـة
ً
مجهوال قرونًا طويلة حتى على أبنائه ،وبسبب المفاهيم الخاطئة أحجم كل (َ )1ظل تاريخ نجران
صاحب بحث محاولة سرب أغوار تاريخ هذا البلد .وقد استمر تأثير هذه المفاهيم حتى عهد قريب،
مما أ َّدى إلى عزوف الباحثين عن اإلقدام على كشف المجهول من تاريخ نجران ،وإظهار الجوانب
المشرقة يف تاريخه ،والتي نعتقد أنه ليس يف تاريخه جوانب غير مشرقة ،فلقد أثبت ما كشفه البحث
التاريخي من جوانب تاريخ المنطقة حتى اآلن أنه مشرق ناصع ،أما ما لم يكشف ،فإنه سيكون أكثر
إشرا ًقا بإذن اهلل عز وجل.
12
ً
معزوال عن المراكز قليما
نجران لم يظهر فيه مؤرخون بارزون حيث أصبح إ ً
الفكرية المشهورة يف الجزيرة العربية ،مثل :الحجاز ونجد وعسير والمخًلف
السليماين.
ويبدو أن هناك سب ًبا آخر ،وهو أن أسرة المكارمة (وهم فرقة إسماعيلية)
خرجت من اليمن بأسباب حروب بينهم وبين أئمة اليمن قد استحوذوا على
نجران ،ومعارضون للسلطات المركزية المجاورة ،وال يريدون االختًلط
بالمذاهب اإلسًلمية األخرى.
ومن الدالئل على حبهم للعزلة( :)1ما نقله فؤاد حمزة يف كتابه «يف بًلد
عسير» ،والمطبوع سنة 1370هـ عند مقابلته للداعي :حسين بن أحمد
علي المكرمي حادثة أول قدوم
المكرمي ،والمتوىف يف الطائف بقولهَ « :س َر َد َّ
مكرمي لنجران ،وهو محمد بن إسماعيل المكرمي»( ،)2ثم كتب لي خًلصة
= وماله مصونًا من القبيلة التي نزل بجوارها ،ويشمله ما يشملهم ،وما ضره ضرهم .وهو يختلف
عند قبائل يام عن «الجار»؛ حيث يعترب القطير ذا مكانة مرموقة أكثر من الجار .انظر :كتاب هذه
بًلدنا( ،ص )41تأليف /صالح بن محمد بن جابر آل مريح.
15
كلمات ومعانيها:
استخدم مؤرخو القرون السابقة يف اليمن والمخًلف السليماين بعض
الكلمات ذوات أصول أعجمية ،وبعض الكلمات الغربية ،أو نادرة االستعمال
اليوم ،ومن ذلك:
1ـ محطة :مجموعة من الجند جندوا للحرب ،وهي مرادفة لكلمة
«جيش».
نادرا
2ـ الرتبة :مجموعة من الجند أقل عد ًدا من المحطة ،وتستخدم ً
كمرادفة
لكلمة «المحطة» ،وعاد ًة ما توكل لها مهمة حراسة المدن ،والقًلع،
والحصون.
3ـ الخليفة ،خليفة الزمن :إمام اليمن.
الر َبش :الفوضى واالضطراب األمني.
4ـ َّ
5ـ التربيش ،والتشويش :إثارة الفوضى.
6ـ الزَّالج :أعطيات الجند ومرتباهتم المقطوعة.
7ـ َج َوامك :مرتبات الجند ومكافأهتم الدورية ،وهي ذات أصل فارسي.
8ـ معاليم ،تقاديم :المرتبات واألعطيات المستمرة بشكل دوري.
9ـ بندر :ميناء ،وهي كلمة ذات أصل فارسي.
10ـ الشام (شامي) :جهة الشمال عمو ًما ،عكسها :يماين الشيء ،وهو
16
أسلوب متبع عند مؤرخي ذلك العصر؛ كعبد الرحمن البهكلي( ،)1ولطف اهلل
جحاف(.)2
11ـ الصنو :األخ.
12ـ خط :رسالة ،توجيهات.
13ـ الكتب :الرسائل.
14ـ ُع َّقال :قادة أو كبار القوم ،أو أصحاب الرأي ،وأهل الحل والعقد.
الج ْرس :الجرحَ .جرسوه ،أي :جرحوه.
15ـ َ
16ـاألهواش :األنعام.
( )1هو المؤرخ عبدالرحمن بن حسن بن علي البهكلي ،ولد سنة 1148هـ ،وأخذ عن علماء عصره،
ورحل إلى مدينة زبيد ،فأخذ هبا عن محمد بن أحمد الحازمي وغيره ،ورحل إلى الحرمين ،وهو
الذي كتب إليه محمد بن أحمد الحفظي القصيدة المشهورة« :هام َّ
الشجي» ،يدعوه وأهل
عبدالوهاب ،أ َّلف كتبًا منها :خًلصة العسجد
َّ المخًلف السليماين إلى قبول دعوة الشيخ :محمد بن
يف دولة الشريف محمد بن أحمد ،ونزهة الظريف ،وغيرها ،وتولى القضاء يف أبي عريش ،وتويف
سنة 1224هـ عن 76سنة تقريبًا .انظر :ترجمته يف البدر الطالع للشوكاين ( ،)323 ،322 /1وعقود
الدرر ،لعاكش -مخطوط (ص ،)83ونيل الوطر لزبارة الصنعاين( ،ص.)27 ،26/2
( )2لطف اهلل بن أحمد بن لطف اهلل جحاف (1243 - 1189هـ1828 - 1775/م) ،أديب وشاعر
وفقيه ،و مؤرخ ،صنعاين المولد والدار والمنشأ والوفاة ،أخذ العلوم والفقه واللغة عن الشيخ
متصًل بكبار رجال
ً كثيرا من العلوم ،والزمه ومدحه وكاتبه ،وكان
أيضا ً
الشوكاين ،وأخذ عنه ً
الدولة ،منهم اإلمام «المتوكل أحمد» ،وله مؤلفات مخطوطة معروفة ،ومن أشهرها كتاب
«المرتقى إلى المنتقى» شرح به «منتقى ابن تيمية» ،والديباج ،ورجال الدولة ،ودرر نحور الحور
العين ،وفنون الجنون يف جنون الفنون ،وغيرها .انظر :الشوكاين :البدر الطالع (ص،)60/2
الشجني :يف التقصار ،خ (ق.)126
17
17ـ َّ
الشريج :القطعة الكبيرة من األرض الزراعية.
صباحا.
ً 18ـ َص َباح :مفاجأة العدو بالهجوم
ليًل.
19ـ ال َب َيات :مفاجأة العدو بالهجوم ً
20ـ المطرح :المكان أو المحل أو المعسكر ،ومطرحهم ،أي:
معسكرهم.
21ـ السنجق :يعني المنطقة أو المقاطعة ،وهي كلمة تركية يف
األساس.
22ـ الجبخانة :مخزن مواد الحرب من بارود وقنابل وسًلح ،وهي
كلمة تركية.
23ـ الطوبجية :فرقة المدفعية ،أو سًلح المدفعية.
24ـ التعشيرة :إطًلق النار يف الهواء للمناورة ،وإشعار الطرف اآلخر
بالقوة والكثرة.
25ـ أحمرُ :عملة قيمتها تساوي الريال تقري ًبا .واألحمر :عملة عثمانية.
26ـ زر :عملة محل َّية يف نجد.
27ـ قرش :عملة شائعة التداول ،وجمعه :قروش.
28ـ ِمشخص :عملة قيمتها أكثر من األحمر ،وأكثر من الريال ،وجمعها:
مشاخصة.
29ـ سلخ محرم :هناية محرم.
18
( )1مخطوطة« :الجوهرة المنيرة يف جمل من عيون السيرة» ،وهي للسيد العًلمة فخر اإلسًلم
المطهر بن محمد بن المنتصر الهادوي الجرموزي ،تحقيق :الدكتورة :أمة الملك إسماعيل الثور
(ص.)1145
19
الموقع الجغرايف:
20
1ـ الموقع(:)1
()1
يف الجزء الجنوبي الغربي من المملكة العربية تقع منطقة نجران
السعودية ،أي :يف األطراف الشرقية لمنطقة الدرع العربي التي تمتد عرب
المنطقة الواسعة حتى أقصى جنوب الجزيرة ،وذلك على خط الطول (،43
ً
شماال تقري ًبا. )52شر ًقا ،وخط العرض ()20 ،17
ويحد منطقة نجران( )2من الغرب :منطقة عسـير .ومن الشـرق :المنطقة
الشــــرقيـة .ومن الشــ ـمـال منطقـة الريـاض .ومن الجنوب :الجمهوريـة اليمنيـة،
ويتبع منطقـة (نجران) يف تشــــكيلهـا الحـديـث عـدَّ ة محـافظـات ،هي :محـافظـة
( )1األهمية التاريخية لنجران :فقد كانت نجران معرتكًا بين الرومان ،واألحباش ،وملوك اليمن ،وكانت
ملتقى حضارات ،واسرتاحة للقوافل ،عندما كانت همزة وص ٍل بين (معين) ،المملكة العظمى،
و(مملكة الفاو) ،وكان الصراع بين الفرس والرومان على اليمن على أشده ،وكانت لها أهمية يف
البعوث الرومانية؛ فيقال :وصلنا نجران ،وانطلقنا من نجران ...إلخ .انظر« :كتاب نجران
وأصحاب األخدود يف ضوء القرآن والسنة والتاريخ» ،تأليف :الدكتور :زاهر بن عواض األلمعي
(ص ،)40وكتاب «نجران» ،محمد آل هتيلة( ،ص ،)79 - 75وكتاب حركة الشعر يف نجران يف
الجاهلية وصدر اإلسًلم ،فائزة رداد عزيز العتيبي( ،ص ،)16وموسوعة المملكة العربية
السعودية.)5/5( ،
(ُ )2س ِّميت نجران هبذا االسم نسب ًة إلى نجران بن زيدان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان؛ ألنه
كان أول من عمرها ونزلها ،ويمكن أن يستخدم هذا المصطلح نفسه للداللة على المكان ووادي
نجران على حد سواء .انظر :البًلذري ،أبو الحسن أحمد بن يحيى ،فتوح البلدان (ج،)79/1
وياقوت الحموي ،شهاب الدين أبو عبداهلل ،معجم البلدان( ،ج)266/5؛ والحميدي ،محمد بن
عبدالمنعم ،الروض المعطار يف خير األقطار ،تحقيق :إحسان عباس( ،ج ،)573 /1وعبداهلل بن
عبدالعزيز البكري ،معجم ما استعجم ،)1299/4( ،وكتاب الكلبي؛ هشام بن محمد بن السائب،
نسب معد واليمن الكبير( ،ج.)364/1
22
( )1محافظة يدمة :سميت هبذا االسم نسبة إلى بئر قديمة تقع غرب المحافظة تغذي أهالي المحافظة
قديما ،ومحافظة يدمة من المحافظات الشمالية لمدينة نجران ،وتبعد عنها 182كم ،ويحدها
بالماء ً
من الشمال منطقة عسير ،ومن الجنوب محافظة ثار ،ومن الغرب منطقة عسير ،وسلسلة جبال
عسير ،ومن الشرق محافظة وادي الدواسر ،ويتبع لمحافظة يدمة المراكز التالية( :أبرق شرقة،
ومركز العزيزية ،ومركز الخالدة ،والوجيد ،ومنادي ،والمندفن ،وسلوة ،وسلطانة ،والسبيل) ،وكل
للمحافظة ،وهي( :اللجام ،وال ُعرف،
يضم العديد من ال ُه ُجر والقرى ،التَّابعة ُ ٍ
مركز من هذه المراكز ُّ
ووسط ،والصحن ،والصليعاء ،والجفرة ،والكوكب ،والمشقح ،ونعوان ،والزملة ،والصالحية)،
وتوجد بمحافظة يدمة محمية عروق بني معارض ،وهي :تقع شمال منطقة نجران عند التقاء الحافة
للربع الخالي مع الجزء الجنوبي لنهاية سلسلة جبال طويق؛ وتمتد على مساحة 11980
الغرب َّية َّ
كيلومرتًا مرب ًعا.
تتميز المحميَّة بتنوع بيئاهتا الطبيعية بين جبال وهضاب جير َّية متق ِّطعة ،ووديان وكثبان رملية تعترب
نماذج طبيع َّية مهمة لمحم َّية ذات أنماط حماية متعددة .تعد المحم َّية آخر المواطن التي شوهد فيها
َ
المها العربي يف شبه الجزيرة العربية قبيل انقراضه عام 1979م .وإلى جانب ما يذكر عن سابق
وجود المها العربي وظبي اآلدمي وظبي العفري السعودي والوعل والنَّعام العربي وطيور الحبارى
والضبع فيها ،فإنَّها ال تزال ُتؤوي أنواعًا عديد ًة من الحيوانات؛ منها األرنب الربي والوبر ِّ
والذئب َّ
الرمال وغيرها. المخ َّطط والقط َّ
الرملي وثعلب ِّ
( )2تقع محافظة بدر الجنوب :يف الشمال الغربي لمنطقة نجران ،وبمساحة تقدر بـ ( )4200كيلو مرت
مربع ،وبمسافة تقدر بـ ( )160كيلو مرت عن مدينة نجران ،وعلى خط طول 47و 52وخطي عرض
19و ،20وعلى ارتفاع يصل ( 3000قدم) عن سطح البحر ،وهي إحدى المحافظات التابعة
إلمارة منطقة نجران ،ويحدها من الغرب والشمال محافظة ظهران الجنوب التابعة لمنطقة عسير،
ومن الشرق محافظة حبونا ،ومحافظة ثار ،ومن الجنوب مركز عاكفة وبئر عسكر التابعتين لنجران،
وقد تأسست إمارة بدر الجنوب سنة 1353هـ ،وكان أول أمير لها هو :محمد الصالح الرشيد
المحفوظي العجمي ،وهي بذلك تعد ثاين إمارة بعد اإلمارة الرئيسة يف نجران باإلضافة إلى إدارة
=
23
= للمالية يرأسها إبراهيم بن حسون .انظر :كتاب «كاريزما الذكريات» ،يحيى بن حمدان بن
محيريق( ،ص.)19
وهي هبذا الموقع تحتل المكان المناسب ،وقد ساعدها موقعها بأن تكون نقطة اتصال للقوافل
التجارية القديمة من اليمن ،ونجران ،والمتجهة إلى بًلد قحطان ،ونجد ،والحجاز ،وبيشة،
وكذلك القوافل اآلتية من تلك الجهات.
وقد قال الشاعر الدكتور :غازي القصيبي عندما زارها يف عام 1402هـ:
بأشواق المحب إلى الحبيب أتينـاكم بأشـــــواق القلـــــوب
ونحن غرامنا بدر الجــنـــوب بدرا يف األعـالـي
تحب الناس ً
عدد السكان )21( :ألف نسمة ،وكانت يف السابق هي عاصمة قبائل يام ،ففيها تعقد مؤتمراهتم ،ومنها
تنطلق غزواهتم ،كما تعرضت يف السابق لعدة حروب وغزوات نتيجة لكوهنا هي العاصمة.
ويتبع لمحافظة بدر الجنوب المراكز والقرى التالية:
-1مركز هدادة -2 .مركز الخانق -3 .مركز الرحاب -4 .مركز لدمة .مركز الرحاب شرق
المحافظة ويبعد عنها 42كيلو مرتًا ،ويضم قرى السًلمة ،وخضيران ،والجد ِّيدة ،وفرعة ،وغيرها،
بينما يقع مركز «لدمة» غرب المحافظة بحوالي 40كيلو مرتًا محاذ ًيا لمحافظة ظهران الجنوب
التابعة لمنطقة عسير ،ويضم قرى المرتجم ،والحجف ،والنَّهماء ،والنَّظارةَّ ،
والشبكة ،وترتبط لدمة
بخط حديث .انظر( :زيارة إدارة وأعضاء موسوعة Qpediaالعالم َّية لمحافظة بدر الجنوب
(..html10903http://www.qpedia.org/topics/
اآلثار :قصر الثغر :هو عبارة عن قصر أمر ببنائه اإلمام :سعود بن عبدالعزيز (سعود الكبير) عام
( 1221هـ) ،أثناء (وقعة بدر) ،وقد بناه عبدالوهاب أبو نقطة ،ووضع بداخله حامية تقدر بخمس
مئة رجل ،وهو قصر فريد بني على شكل القصور العسيرية ،وتصميمه نادر ،عليه سور ،وبه بئر ماء
ترتبط مع القصر بواسطة نفق يمر من تحت األرض ،وكذلك برج للمراقبة والحماية .وقد بني
أسفل القصر بالصخور واألحجار بارتفاع ثًلثة أمتار تقريبًا ،وهو موجود اآلن ،وما زال على حاله
الذي بني عليها .انظر« :صورة القصر» (ص ،)620وكذلك يف كتاب «هذه بًلدنا نجران» ،صالح
بن محمد بن جابر آل مريح( ،ص .)49قصبة المضمار :وهي برج قديم مبني من الطين يف
المحافظة ،تم ترميمه وتجديده حديثًا ،وتحيط به بعض البيوت الطينية القديمة .القشلة :عبارة عن
برج حربي بني على قمة جبل يسمى القهرة يتوسط البلد ،وهي بمثابة استطًلع وإنذار مبكر
ومراقبة.
24
= -3مركز أم الوهط :يبعد مسافة 100كم عن المحافظة ،ويتبع له الجبل ،والمشاح ،والعارض.
ويضم جبا عير نجران ،والساقية ،وعرق ابن
ُّ -4مركز المحياش :يبعد مسافة 100كم عن المحافظة،
ماضي.
ويضم اليتمة ،والخريطة ،وبني شعيطة،
ُّ -5مركز هويمل :يبعد مسافة 150كم عن المحافظة،
والحاوي ،والحجا.
ويضم حرجة جويز ،وأم القردان ،وعرق
ُّ -6مركز أبو شديد :يبعد مسافة 40كم عن المحافظة،
الثمام ،والزبارة ،والفرشة.
معالم محافظة خباش:
الدولي ،وإحدى البوابات الرئيسة للعبور من السعودية إلى
ُّ الحدودي
ُّ -1منفذ الخضراء وهو :المنفذ
ويضم هذا المنفذ :المراكز الجمركيَّة ،واألمنية ،والصحيَّة.
ُّ اليمن،
-2حوض الوجيدُ :يعترب هذا الحوض أكرب مستودع للمياه الجوفية ،ويقع يف مركز النقيحاء ،وتولي
الدولة لهذا الحوض ُج َّل اهتمامها؛ ألنه ّ
يزود منطقة نجران بالمياه الجوفية الصالحة للشرب،
وتتميز أراضي هذه المحافظة بأن تربتها صالحة للزراعة ،وتوفر المياه فيها ،وهتتم المحافظة بزراعة
الرملي القادم من صحراء الربع
ِّ الصحراوي أو
ِّ الخضروات ،واألشجار الكبيرة لوقف الزحف
الخالي يف أطراف المحافظة.
( )1أما عدد المراكز التابعة إلمارة منطقة نجران هي )63( :مركزً ا ،منها ( )26مركزً ا يف الفئة (أ) و()37
مركزً ا يف الفئة (ب) ،والمراكز التابعة لديوان األمارة يف الفيصلية (نجران) هي :بئر عسكر،
والخضراء ،والعريسة ،والمشعلية ،وأبو السعود ،والحضن ،ورجًلء ،وأبو ثامر ،والموفجة،
ومراطة ،وشعب بران ،وعاكفة ،وأبو الرشاش ،وريمان ،والجلدة.
( )37مركزً ا يف الفئة (ب) .انظر :كتاب «القول المكتوب يف تاريخ الجنوب» ،تأليف :أ.د .غيثان بن
علي بن جريس.)186/3( ،
( )2لمزيد من التفصيًلت انظر« :األطلس التاريخي للمملكة العربية السعودية» (منشورات دارة الملك
عبد العزيز1419،هـ 1999م) (ص ،)216وما بعدها ،ونجران دراسة تاريخية حضارية (ص،)23
وكتاب يف بًلد عسير ،فؤاد حمزة( ،ص ،)181وكتاب آثار منطقة نجران وزارة المعارف ،وكتاب
نجران يف أطوار التاريخ ،ط1:1404هـ ،محمد بن أحمد العقيلي( ،ص.)50 - 48
26
27
2ـ التضاريس:
ويمكن تقسيم تضاريس منطقة نجران إلى ثالثة أنواع ،وهي على النحو
التالي:
ٍ
جهات ،هي: المنطقة الجبلية :تحيط الجبال بمنطقة نجران من ثًلث
الغرب والشمال والجنوب ،وتتميز تلك المناطق باعتدال مناخها صي ًفا ،كما
أن حولها عدة قرى ،من أشهرها :بدر الجنوب وحبونا( ،)1ويدمه ،وثار .وأهم
( )1محافظة حبونا:هي إحدى محافظات منطقة نجران ،وتبعد عنها حوالي مئة كيلومرت ،وتتوسط أربع
محافظات ،مما جعلها تنعم بتوفير جميع الخدمات ،وتقع على ضفاف وادي حبونا شمال مدينة
نجران ،وهو ثاين أكرب األودية بعد وادي نجران .ويبلغ عدد سكاهنا عشرين ألف نسمة ،وتنقسم إلى
أربعة مراكز تتكون من عدة قرى ،وهي :مركز الجفة ،والحرشف ،ومركز الحصينية ،ومركز المجمع.
تشتهر حبونا بوجود القًلع والنقوش واآلثار القديمة ،ولعل أشهرها :قلعة الخليف بالحرشف هي
بيت مبني من الطين ،يرجع تاريخ إنشائها إلى ما قبل ثًلثة قرون ،وتتميز بوضوح معالمها ومًلمحها
التاريخية القديمة رغم مرور مئات السنين عليها ،حيث يشعر الناظر إليها بدهشة كبيرة من طريقة رفع
الحجارة واألخشاب المبنية منها ،والتي ما زالت متماسكة شامخة على سطح ذلك الجبل الضخم
(ح َبونن)
قديما بمسمى َ
المبنية عليه .ووجود نقوش قديمة بعرام الواقع بوادي بطاء ،وقد عرفت حبونا ً
بفتح الحاء والباء ،حيث ذكرها الهمداين يف كتابه «صفة جزيرة العرب» ،يف عدة مواضع فقال« :ويتقدم
يف شوكان من أعلى وادي نجران فيسقيه ،وينتهي يف الغائط ،ثم يعرتض بين نجران وتثليث أودية مثل
وادعة وبلد يام وبلد زبيد وبلد سنحان وبلد جنب»( ،ص ،)164ويف موضع حبونن وغيره من بًلد ِ
ثم بلدهم يطرد عليها ناحية الحجاز آخر قال« :بلد يام :ليام وطن بنجران نصف ما مع َهمدَ ان منهاَّ ،
وس َمنَان ،فإلى ما يصالي خليف دكم من أعالي حبونن»، إلى حدود زُ َبيد وهند من ناحية حارة ومًلحَ ،
أيضا« :وخطمة بئر بالرمل دون العارض ،احتفرها عبد اهلل بن الربيع المداين يف (ص ،)226كما قال ً
عصر أبي العباس السفاح ،والرباق ماء بأعلى وادي ثار ،والزَّ َّيادية بحبونن ،والحصينية أسفل منها
واله َرار والبرتاء هذه أعداد
على شط الوادي دون النه َّية هنية حبونن ،والربيع أسفل نجران ومذود َ
أيضا« :وأما محجتها السفلى فمن العرب يف شئيز صيهد شمالي بًلد بني الحارث»( ،ص ،)228وذكر ً
=
28
األودية هي :وادي نجران ،والذي يمتد من الغرب إلى الشرق بطول يزيد على
( )150كم ،وعرض يرتاوح بين ( )5:2كم يف بعض األماكن ،وهذا الوادي
تأيت سيوله من جبال اليمن الشمالية عرب منفذين رئيسين ،هما( :شوك
وال ُعرض) ،يجتمعان قبل المضيق يف المكان المقام فيه السد حال ًيا غرب
الموفجة ،وترفده عدة روافد بعد خروجه من الموفجة ،منها :الثافرة،
ِ
ولحي ،والمعين ،وشعب بران ،وهنوقة( ،)1والعجمة ،وأبا وحمضين،
والحج ،وسقام ،وعقرم ،وظِلمُّ ،
والشرفة وغيرها، ِ الرشاش ،وذي ِحمي،
يسمى بـ «رملة يام»(.)3()2
حيث يستمر حتى يصب يف رمال الربع الخالي فيما َّ
= إلى نجران شبة من ثمانية أيام ،ثم من نجران حبونن ،وهو واد يغيب من بلد يام من ناحية َسمنان،
وهي كثير األرطى ،وبه بئر الربيع الحارثي جاهلية ،وحبونن بكسر الحاء من مناهل العرب المشهورة،
وكذلك بئر الربيع بن عبداهلل من نجران على مرحلة لمن قصدها من حضرموت ومأرب»،
(ص .)305ويتبع لمحافظة حبونا المراكز التالية :مركز المجمع ،والحصينية ،والحرشف ،والجفة.
( )1نهوقة :واد متسع أول ما يلي نجران من جهة السراة ،وبينها وبين جبل رير الضخم الذي يشرف على
مدينة األخدود ،يف أعًله إلى اليمن تقع جنوبي نجران .البًلدي ،بين مكة وحضرموت،
(ص.)192
( )2انظر :كتاب «نجران» ،محمد أبو ساق (ص ،)95وكتاب «نجران الحديثة» ،السيد الماحي،
(ص ،)111وكتاب «جغرافية المملكة العربية السعودية إقليم جنوب غرب المملكة» ،تأليف
الدكتور :عبد الرحمن صادق الشريف (ص ،)404 -400وكتاب «حركة الشعر يف نجران يف
الجاهلية وصدر اإلسًلم» ،فائزة رداد عزيز العتيبي( ،ص.)18 ،17
( )3ويمكن تقسيم وادي نجران إلى ثالثة أقسام ،هي:
األول :من جبل أبي همدان ورعوم والعان إلى الموفجة غر ًبا .ويعرف بـ (علو نجران).
=
29
المنطقة السهلية:
تقع وسط المنطقة على الضفتين الشمالية والجنوبية لوادي نجران،
ٍ
مجموعة من القرى القديمة ذات المياه الوفيرة ،وتنتشر هبا وهي عبارة عن
المزارع ،وخاصة مزارع النخيل.
المنطقة الصحراوية:
وهي تمثل الجزء الواقع شرق مدينة نجران ،وتسمى «رملة يام» ،والذي
تمثله صحراء الربع الخالي ،وينتهي فيه وادي نجران ،ووادي حبونا ،ومن أهم
مدنه :شرورة(.)1
األودية يف نجران:
وادي نجران :وسبق اإلشارة إليه.
قديما بحبونن( ،)2يوازي وادي نجران من
ً وادي حبونا :الذي يعرف
= والثاين :من الجبال المذكورة إلى هناية دحضة ،والقابل شر ًقا ،يعرف بـ(وسط نجران).
والثالث :من الوسط وشرق يعرف بـ (أسفل نجران) .انظر :كتاب «القول المكتوب يف تاريخ
الجنوب» ،الجزء الثالث ،تأليف :أ.د .غيثان بن علي بن جريس( ،ص.)252 ،251
( )1انظر :كتاب «نجران منطلق القوافل» ،تأليف :أ .د .عبد الرحمن الطيب األنصاري ،أ .صالح بن
محمد جابر آل مريح .ومجلة العرب )22 - 12-11( ،الجماديان 1408هـ -كانون ثاين/شباط
(يناير/فرباير) 1988م تحت عنوان (رحلة يف بًلد يام).
( )2انظر :كتاب «يف بًلد عسير» ،فؤاد حمزة( ،ص ،)168وكتاب «صفة جزيرة العرب» ،تأليف :لسان اليمن
الحسن بن أحمد بن يعقب الهمداين ،تحقيق :محمد بن علي األكوع( ،ص،)304،228،226،164
وكتاب «اليمن الخضراء مهد الحضارة» ،تأليف :محمد بن علي األكوع( ،ص،)164 ،163
ط2:1402هـ 1982 -م.
30
الشمال ،تأيت سيوله من جبال قحطان ،ووادعة غر ًبا عرب منفذين هما :كهًلن
ومطارة يف «القرن»( ،)1ويعرف من بدايته بـ «صيحان» ،وترفده عدة روافد بعد
خروجه من القرن ،وتشكل وادي حبونا منها :شكًللة وحًلل ،وتلتقي
بالمجمع ،هذا من الجهة الجنوبية ،أما الشمالية فيرفده وادي بدر الذي يصب
متجها شر ًقا ،ويرفده وادي ثار الذي يتحد معه
ً فيه عند شعيب «قاب» ،ويستمر
الج ِزم الذي يصب يف السواد ،ويجتمع مع وادي تريمة،
شر ًقا عمود الرحبة ،ثم َ
ويصبان م ًعا يف وادي حبونا ،ثم ترفده من الجنوب روافد عرقان وصخي،
وتستمر حتى تلتقي مع وادي نجران يف الرملة(.)2
وادي بدر الجنوب :يبدأ من العشة الشمالية الغربية ،ويتجه إلى الجنوب
الشرقي حتى يصب يف «قاب» ،وعلى ضفتيه تتناثر قرى وحاضرة بدر من
شماال حتى الحمضة جنو ًبا(.)3
ً المضمار
( )1القرن :من القرى القديمة ،والتي ُه ِ
ج َرت يف وقتنا الحاضر ،وذلك بسبب وعورة الطرق إليها ،وبُعد
الخدمات عنها ،وهي من القرى المشهورة القديمة ،ومن مواطن العجمان السابقة ،فهي قريبة من
مطارة وكهًلن التي عرفت بغاباهتا ومياهها العذبة ،وتبعد عن محافظة بدر الجنوب بـ ( )16كيلو
مرتًا تقريبًا.
( )2انظر :كتاب «جغرافية المملكة العربية السعودية إقليم جنوب غرب المملكة» ،تأليف الدكتور عبد
الرحمن صادق الشريف( ،ص ،)409 - 407وكتاب «رحًلت يف عسير» ،تأليف :يحيى إبراهيم
األلمعي( ،ص ،)149وكتاب «يف بًلد عسير» ،فؤاد حمزة( ،ص ،)168وكتاب «اليمن الخضراء
مهد الحضارة» ،األكوع( ،ص ،)151راجع مجلة العرب )22 - 12-11( ،الجماديان 1408هـ.
( )3كتاب جغرافية المملكة العربية السعودية إقليم جنوب غرب المملكة ،تأليف :الدكتور :عبدالرحمن
صادق الشريف( ،ص ،)411 - 409وكتاب «رحًلت يف عسير» ،تأليف :يحيى إبراهيم األلمعي،
=
31
وادي ثار :يبدأ من الجبال الغربية بموازاة وادي حبونا من الشمال ،وله
عدة روافد ،ويتجه إلى الجنوب الشرقي حتى يلتقي بوادي حبونا شرق عمود
الرحبة.
وادي وسط :وادي طِلحام ،وادي الصحن ،وادي ال ِّل َجام( ،)1وادي
الحبط ،وادي الحجر ،وذ ّمبه ،وكلها تجتمع يف الشغايا وسنح على أطراف
الرملة.
3ـ المناخ:
()2
والربع الخالي بمناخها تتميز (نجران) باستثناء منطقة شرورة
= (ص ،)149وكتاب محمد الخالدي الشرعبي« ،البادية بين عراقة الماضي وأصالة الحاضر»،
(ص.)1150
( )1كان يعرف ب َعبالِم :وهو وادي كبير من أودية يدمة ،ويطلق عليه ً
أيضا (اللجام) ،وقد ورد ذكره يف
«وصف المحجة» (ص« ،)343صفة جزيرة العرب» للهمداين ،وال يزال يحتفظ باسمه القديم.
السعودية ،تبعد عن مدينة نجران ثًلثمائة
( )2محافظة شرورة :تقع يف الجهة الجنوب َّية للمملكة العربية ُّ
وخمسين كيلو مرتًا ،وعن وادي الدواسر خمسمائة وخمسة وثًلثين كيلو مرتًا ،وتتميَّز هذه المدينة
الصحراوية؛ حيث ُتعترب من المنافذ الربّية بين جمهورية اليمن والمملكة العربية ّ
السعودية، بال ّطبيعة ّ
و ُتعترب شرورة من المدن التي تتبع إدار ًّيا منطقة نجران ،وتتبع لشرورة المراكز التالية( :حمراء نثيل،
أم غوير ،ومجة ،وقلمة خجيم ،والمنخلي ،وقلمة سلطان ،وأم غارب ،والحًلة ،وهبجة،
والمعاطيف ،ومسلية ،واألخاشيم .ومركز الوديعة ،ومنفذ الوديعة ،والكناور ،وتماين) .ال ّطبيعة
الجغرافية لمدينة شرورة تشتهر التَّضاريس يف شرورة بال ّطبيعة ّ
الصحراوية؛ حيث تعترب أراضيها
تم استوطان مدينة شرورة بداي ًة من قبل القبائل البدوية التي تمتلك
السبب َّ
صالحة للرعي ،ولهذا ّ
األغنام والمواشي ،ومن هذا نستنتج أ َّن مدينة شرورة لم تكن مقصدً ا أو طري ًقا للقوافل
=
32
المعتدل صي ًفا ،ودافئ شتا ًء ،حيث تبلغ درجة الحرارة العظمى 40درجة
مئوية ،والصغرى 3درجات مئوية ،والمتوسطة 24درجة مئوية ،تب ًعا
الختًلف الفصول وتباين المناطق بين المرتفعات والمنخفضات ،وتشتد
الربودة يف المناطق الجبلية يف فصل الشتاء ،وتسقط األمطار يف فصل الربيع
()1
. والصيف
قديما من اليمن إلى الحجاز؛ ألنّها منطقة فقيرة ال حياة فيها ،بل كانت
تمر ً= التّجارية التي كانت ُّ
أيضا بمدينة شرورة
تتجمع فيها األمطار يف األودية ،وال تصلح كطريق لعبور القوافل منها ،وتحيط ً
ّ
قديما
ً الرعاة يف شرورة
استقر ّ
ّ الصخور واألحجار النّارية .األهميّة الحاليّة لمدينة شرورة بعد أن
ّ
لرعي اإلبل واألغنام التي كانت أساس حياهتم وثروهتم الماد ّية ،نمت المنطقة رويدً ا رويدً ا،
استقر العديد من النّاس يف شرورة ،وتم توفير
َّ وتجمعت فيها؛ حيث
َّ وجذبت الكثير من القبائل
وتم االستقرار فيها ،فالبعض جاء إلى
الخدمات ،وأصبحت مدينة ،وبدأت الهجرة إلى شرورةَّ ،
السياسية القريبة من اليمن مثل قبائل حضر موت ،ويستوطنها قبائل كثيرة؛
شرورة بسبب الحدود ّ
استقر يف شرورة بسبب اهتمامهم
ّ منها :آل كثير ،وهند ،والصيعر ،والكرب ،وآل بريك .والبعض
بالتّجارة مثل قبائل همام ويافع .ونذكر أ َّن شرورة يسكنها الكثير من الذين خدموا يف الجيش
والقطاعات العسكرية األخرى.
( )1انظر :كتاب «دخول نجران يف العهد السعودي»( ،دراسة تاريخية وثائقية) ،د .علوي عمر فريد،
وكتاب نجران اآلثار والتاريخ ،فًلح شيبان ،الطبعة األولى.
33
(الباب األول)
لم يقتصر الرسول يف دعوة أهل نجران ومن حولهم من قبائل اليمن
على تلك السرية التي أرسلها تحت قيادة خالد بن الوليد ،وإنما حث خالد بن
الوليد أن يتوغل يف أرض اليمن الواقعة إلى الجنوب من بًلد نجران ،وقد فعل
ٍ
أشهر ،لكنهم لم يستجيبوا له، ذلك ،واستمر يدعوهم إلى اإلسًلم لمدة ستة
وبقوا على وثنيتهم ،وهذا الصحابي (الرباء بن عازب )يروي لنا ،فيقول:
كنت فيمن خرج مع خالد بن الوليد ،فأقمنا ستة أشهر ندعوهم إلى اإلسًلم،
فلم يجيبوه ،ثم َّ
إن رسول اهلل بعث علي بن أبي طالب ،وأمره أن يقفل خالدً ا
رجًل ممن كان مع خالد ،أحب أن يعقب مع علي ،فليعقب معه .قال الرباء:
إال ً
علي ،فلما دنونا من القوم ،خرجوا إلينا ،ثم تقدم فصلى
فكنت فيمن عقب مع ٍّ
بنا علي ،ثم صفنا ص ًّفا واحدً ا ،ثم تقدم بين أيدينا ،وقرأ عليهم كتاب رسول اهلل
علي إلى رسول اهلل بإسًلمهم ،فلما قرأ
،فأسلمت همدان جمي ًعا ،فكتب ٌّ
خر ساجدً ا ،ثم رفع رأسه فقال« :السالم على همدان»
رسول اهلل الكتابَّ ،
ثًلث مرات(.)1
( )1انظر :كتاب «نشأة الدولة اإلسًلمية» ،الدكتور :عون الشريف قاسم( ،ص )226و(ص ،)347فقد
=
34
= ذكر المؤلف مبايعة قيس بن مالك األرحبي للنبي وهو بمكة ،وقد كتب له الرسول عهده
على قومه همدان وهم ...( :شاكر ،ووادعة ،ويام ،ومرحبة ،وداالن ،وخارف ،وعذر ،وحجور)،
وأطعمه ث ًلثمائة فرق من خيوان ،مائتان زبيب ،وذرة شطران ،ومن عمران الجوف ،مائة فرق بر،
جارية أبدً ا من مال اهلل .المصادر :ابن سعد ،)73 /2( :أسد الغابة( :ج ،)224 /4واإلصابة:
(ج ،)518 /3وحميد اهلل رقم ( ،)112والدرر المفاخر يف أخبار العرب األواخر( :ص.)35
( )1قبيلة بني الحارث بن كعب ،من القبائل العربية التي حكمت نجران قرونًا عديد ًة منذ قبل اإلسًلم،
وخًلل العصر اإلسًلمي المبكر والوسيط .وظهر يف هذه القبيلة أعًلم كثيرون برعوا يف السياسة
والحروب ،ويف األدب والشعر واللغة.
( )2انظر :ابن خياط( ،ص ،)94والبًلذري ،أنساب(:ج ،)384/1وابن عبد الرب( ،ج،)429/2
والواقدي( :ج ،)883/3وابن سعد( :ج ،)329/1والطربي( :ج ،)126/2وابن األثير ،الكامل:
(المفصل يف تاريخ
َّ (ج ،)199/2وابن كثير ،البداية والنهاية ،)105 - 103 /5( ،د .جواد علي:
العرب قبل اإلسًلم) )189 ،188 /4( ،وكتاب «الحياة العلمية يف نجران يف صدر اإلسًلم»،
عوض عبداهلل سعد( ،ص ،)36انظر :كتاب «نجران يف أطوار التاريخ» ،محمد بن أحمد العقيلي
(ص.)88
35
وقد أمر الرسول خالدً ا بأن يدعوهم إلى اإلسًلم قبل أن يقاتلهم ثًلثة
أيامٍ ،فإن استجابوا له ،فليقم بينهم ليعلمهم ويفهمهم أساسيات ما جاء به
اإلسًلم ،وإن لم يستجيبوا ،فليحارهبم(.)1
وعندما وصلت سرية خالد إلى نجران ،بعث الركبان يضربون يف كل
ٍ
وجه ،يدعون الناس إلى اإلسًلم ،ويقولون :يا أيها الناس ،أسلموا تسلموا،
فأسلموا ،ال سيما بعض بني الحارث بن كعب ،إال النصارى ،فإهنم ظلوا على
ديانتهم ،ثم قام خالد بن الوليد ومن معه من المسلمين بينهم يعلموهنم شرائع
اإلسًلم.
وبعد إسًلم بني الحارث بن كعب أهل نجران يف ذلك الوقت ،ذهب
خالد بن الوليد يكتب إلى النبي بإسًلمهم:
ثم كتب خالد إلى رسول اهلل « :بسم اهلل الرحمن الرحيم ،لمحمد
النبي رسول اهلل من خالد بن الوليد ،السًلم عليك يا رسول اهلل ورحمة اهلل
وبركاته ،فإنِّي أحمد إليك اهلل الذي ال إله إال هو ،أما بعدُ ،يا رسول اهلل ،صلى
اهلل عليك ،فإنك بعثتني إلى بني الحارث بن كعب ،وأمر َتني إذا أتي ُتهم َّأال
ِ
ُأقاتلهم ثًلث َة أيام ،وأن َ
أدعوهم إلى اإلسًلم ،فإن أسلموا ،أقمت فيهم ،و َق ُ
بلت
منهم ،وع َّلم ُتهم معالم اإلسًلم ،وكتاب اهلل وسن َة نب ِّيه ،وإن لم يسلموا قاتلتهم،
ُ
رسول اهلل صلى وإين قدمت إليهم فدعو ُتهم إلى اإلسًلم ثًلثة أيام ،كما أمرين
وبعثت فيهم ُركبانًا ،قالوا :يا بني الحارث ،أسلِموا تسلموا،
ُ اهلل عليه وسلم،
أظه ِرهم ،آ ُمرهم بما أ َم َرهم اهلل به ،وأهناهم
فأسلموا ،ولم ُيقاتلوا ،وأنا مقيم بين ُ
َ
ِ
إلي
وسنَّة النبي حتى يكتب َّ عما هناهم اهلل عنه ،و ُأع ِّلمهم معال َم اإلسًلمُ ،
رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ،والسًلم عليك يا رسول اهلل ورحمة اهلل ُ
وبركاته»(.)1
النبي يكتب إلى خالد بن الوليد:
وجه إليه الخطاب التالي« :بسم اهلل الرحمن ويروى أن الرسول َّ
ٍ
محمد النبي رسول اهلل ،إلى خالد بن الوليد: الرحيم ،من
فإن
السالم عليك ،فإنِّي أحمد إليك اهلل الذي ال إله إال هو ،أما بعدَّ :
أن بني الحارث بن كعب قد أسلموا قبل أن كتابك جا َءين مع رسولك ،يخبر َّ
تُقاتِلهم ،وأجابوا إلى ما دعوتهم إليه من اإلسالم ،وشهدوا أن ال إله إال اهلل،
فبشرهم ِ
وأنذ ْرهم، وأن محمدً ا عبداهلل ورسوله ،وأن قد هداهم اهلل ُبهداهْ ِّ ،
َّ
( )1انظر :كتاب «نشأة الدولة اإلسًلمية على عهد رسول اهلل ،»عون الشريف قاسم ،الطبعة الثالثة
1411هـ 1991 -م( ،ص ،)343 ،161وكتاب« :مجموعة الوثائق السياسية للعهد النبوي
والخًلفة الراشدة» ،محمد حميد اهلل( ،ص.)166 ،165
37
وأقبِل ول ُيقبِل معك وفدُ هم ،والسالم عليك ورحمة اهلل وبركاته»(.)1
فأقبل خالد بن الوليد إلى رسول اهلل ،وأقبل معه وفد بني الحارث بن
كعب؛ ومنهم :قيس بن الحصين ذو الغصة( ،)2ويزيد بن عبد المدان ،ويزيد
بن المحجل ،وعبداهلل بن قراد الزيادي ،وشداد بن عبيد اهلل القناين ،وعمرو بن
عبداهلل الضبابي.
فلما قدموا على رسول اهلل ،ورآهم قالَ « :من هؤالء القوم الذين
َّ
كأنهم رجال الهند؟» .قيل :يا رسول اهلل ،هؤالء بنو الحارث بن كعب ،فلما
وقفوا على رسول اهلل س َّلموا عليه ،وقالوا :نشهد أنك رسول اهلل ،وأن ال إله
إال اهلل ،فقال رسول اهلل « :وأنا أشهد أن ال إله إال اهلل ،وأين رسول اهلل» ،وأ َّمر
قيسا ،ثم رجعوا ،فلم يمكثوا يف قومهم إال أربعة أشهر حتى تويف رسول
عليهم ً
اهلل .)3(
( )1انظر :كتاب «نشأة الدولة اإلسًلمية على عهد رسول اهلل ،»عون الشريف قاسم ،الطبعة الثالثة
1411هـ 1991 -م( ،ص ،)162وكتاب« :مجموعة الوثائق السياسية للعهد النبوي والخًلفة
الراشدة» ،محمد حميد اهلل( ،ص.)166
فارسا من ذوي المرباع ،أي كان ٍ
( )2سمي بذي الغصة ،لغصة كانت تعرتيه يف حلقه حين يتكلم ،وكان ً
يأخذ ربع الغنيمة التي يغتنمها قومه يف حروهبم مع غيرهم؛ حضرها أم لم يحضرها .انظر :ابن
هشام« ،)241/4( ،المفصل يف تاريخ العرب قبل اإلسًلم» ،د .جواد علي ،)537/3( ،وكتاب
«نشأة الدولة اإلسًلمية على عهد رسول اهلل ،»عون الشريف قاسم ،الطبعة الثالثة 1411هـ -
1991م( ،ص ،)162و«العقد الفريد» ،البن عبدربه (.)399/3
( )3المفصل يف تاريخ العرب قبل اإلسًلم ،د .جواد علي( ،ج.)537/3
38
( )1الطربي ،)128/3( ،وابن هشام ،)501/4( ،وابن كثير ،البداية والنهاية ،)57/5( ،وأسد الغابة:
( ،)518/5والطبقات الكربى ،البن سعد (.)528/5
39
يبشر الناس بالخير ،ويأمرهم به ،ويع ِّلم الناس القرآنُ ،
ويف ِّقههم يف الدين، ِّ
يمس أحد القرآن إال وهو طاهر ،ويخبر الناس بالذي لهم،
وينهى الناس ،وال ُّ
فإن اهلل ع ّز ّ
وجل وبالذي عليهم ،ويلين للناس يف ِّ
الحق ،ويشتدُّ عليهم يف الظلمَّ ،
كره الظلم ،ونهى عنه.
ِّ
ويبشر الناس وقال ( :ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽﯾ) [هود]18:
وجل ،وأمرهم بالصالة ّ الكعبين ،ويمسحون برؤوسهم كما أمرهم اهلل ع ّز
لوقتها ،وإتمام الركوع والخشوع ،ويغلس بالفجر ،ويهجر بالهاجرة حين ت َِميل
الشمس ،وصالة العصر والشمس يف األرض مدبرة ،والمغرب حين يقبل
تؤخر حتى تبدو النجوم يف السماء ،والعشاء َّأول الليل ،ويأمر
الليل ،وال َّ
بالسعي إلى الجمعة إذا نودي لها ،والغسل عند الرواح إليها ،وأمره أن يأخذ
َّ
من الغنائم خمس اهلل ،وما كتب على المؤمنين يف الصدقة من العقار ُعشر ما
سقى البعل( ،)1وما سقت السماء ومما سقى الغرب نصف العشر ،ويف ِّ
كل
كل عشرين من اإلبل أربع شياه ،ويف ِّ
كل أربعين من عشر من اإلبل شاتان ،ويف ِّ
كل ثالثين من البقر تبيع؛ َج َذ ٌع أو َج َذ َعةٌ ،ويف ِّ
كل أربعين من البقر بقرة ،ويف ِّ
الغنم سائمة شاةٌ ،فإنها فريضة اهلل التي افترض اهلل ع ّز ّ
وجل على المؤمنين يف
ين
يهودي أو نصرا ٍّ
ٍّ خير له ،وأنه َم ْن أسلم من
خيرا ،فهو ٌ
الصدقة ،فمن زاد ً
ودان دين اإلسالم ،فإنه من المؤمنين ،له مثل ما لهم،
خالصا من نفسهَ ،
ً إسالما
ً
يهوديته ،فإنه ال ُي ْفتَن عنها،
َّ ومن كان على نصران َّيته أو
وعليه مثل ما عليهمَ ،
كل حال ٍم ذكر أو أنثى ،حر أو عبد ،دينار ٍ
واف ،أو عرضه ثيا ًبا ،فمن أ َّدى وعلى ِّ
ٌ ٍّ
عدو هلل ولرسوله
ومن منع ذلك فإنه ٌّ
وذمة رسولهَ ،
ذمة اهللَّ ،
ذلك ،فإن له َّ
( )1انظر :نص هذا الكتاب يف ابن هشام ( ،)242 ،241/4والطربي ،)129 ،128/3( ،وابن خلدون
تاريخ ،)474 - 473/2( ،وحميد اهلل (ص ،)208 ،207وكتاب «نشأة الدولة اإلسًلمية على
عهد رسول اهلل ،»عون الشريف قاسم( ،ص .)321 ،320الطبعة الثالثة 1411هـ 1991 -م،
(ص.)161
( )2انظر :كتاب «نجران» ،د .محمد أبو ساق( ،ص ،)72وكتاب «نجران يف أطوار التاريخ» ،محمد بن
أحمد العقيلي( ،ص.)89
( )3الشجاع (ص ،)138 - 136اليعقوبي التاريخ ،)81/2( ،الفقي( ،ص ،)254ابن كثير ،البداية
والنهاية ،)57/5( ،وكتاب «نشأة الدولة اإلسًلمية على عهد رسول اهلل ،»عون الشريف قاسم،
(الطبعة الثالثة 1411هـ 1991 -م( ،ص.)321 ،320
42
اهلل وحده ال شريك له ،فإن لم يرضوا هبذا ،فإن عليهم دفع الجزية ،فإن امتنعوا
عن هذا ،فليس بينهم وبين المسلمين إال الحرب.
وبعد وصول كتاب رسول اهلل إليهم ،علموا جد َّية الرسول يف
مطلبه ،فقاموا بإرسال ٍ
وفد من أعياهنم إلى الرسول ليناقشوه ،ويعرفوا
حقيقة األمور منه مباشر ًة(.)1
عالما بنبوة الرسول ،فقد قال
ً ويظهر أن بعض أفراد الوفد كان
زعيمهم الروحي أبو الحارث بن علقمة ألخيه كرز بن علقمة بشكل صريح
وواضح ،وذلك من ترجمة ابن سعد ،فيقول عنه« :كان أسقفهم وإمامهم،
قدر ،فعثرت به بغلته ،فقال أخوه :تعس األبعد
وصاحب مدارسهم ،وله فيهم ٌ
رجًل من
-يريد رسول اهلل - فقال أبو الحارث :بل تعست أنت ،أتشتم ً
المرسلين؟ إنه الذي َّ
بشر به عيسى ،وإنه لفي التوراة ،قال :فما يمنعك من
دينه؟ قال :شرفنا هؤالء القوم ،وأكرمونا ،ومولونا ،وقد أبوا إال خًلفه -يقصد
صعرا حتى يقدم المدينة المنورة،
ً الروم( - )2فحلف أخوه كرز أال يثني له
( )1انظر :كتاب «نجران يف أطوار التاريخ» ،محمد بن أحمد العقيلي( ،ص.)87 ،83
( )2يبدو من هذا الخرب أن ملوك الروم كانوا على اتصال بنصارى اليمن ،وأهنم كانوا يساعدون
أساقفتهم ،ويمولوهنم ويرسلون إليهم العطايا والهبات ،وقد أمدوهم بالبنائين والعمال وبالمواد
الًلزمة لبناء الكنائس يف نجران وغيرها .انظر :كتاب «نجران مدينة السياحة والتاريخ» ،أمين محمد
عثمان( ،ص ،)42انظر :كتاب «الحياة العلمية يف نجران يف صدر اإلسًلم» ،رسالة ماجستير،
=
43
= إعداد :عوض عبداهلل سعد آل ناحي( ،ص ،)18وكتاب« :الحياة االقتصادية يف نجران خًلل
القرن األول الهجري السابع الميًلدي» ،رسالة ماجستير ،إعداد :فاطمة بنت ضيف اهلل بن حسين
العبدلي( ،ص.)28
( )1انظر :ابن سعد ،)165 ،164/1( ،والذهبي التاريخ ،)587/1( ،وابن كثير ،البداية والنهاية،
( )60/5الطبعة الثامنة.
( )2ابن سعد ،)165/1( ،انظر :كتاب الحياة العلمية يف نجران يف صدر اإلسًلم ،عوض عبداهلل سعد،
(ص.)65
( )3السيد :األيهم هو صاحب رحلهم ،وكان من ذوي السن ومن الشخصيات المحرتمة عند أهل
نجران ،وهو من يتولى الشؤون المالية؛ من جمع اإلعانات والهبات للكنيسة ،والنذر وغيرها.
( )4العاقب :هو عبد المسيح بن دارس الكندي رئيس وفد نجران المعروف بعقله ودهائه ،وتدبيره،
وعمله رئاستهم وتدبير أمورهم ،واإلشراف على السياسة الداخلية والخارجية.
44
قاال :فمن أبو عيسى؟ وكان الرسول ال يعجل حتى يأمره ربه»( ،)1ثم قال:
«هو عبد اهلل ورسوله» ،فقال أسقفهم أبو الحارث« :تعالى اهلل عما قلت ،وهل
رأيت ولدً ا من غير َذك ٍَر».
وجل قوله ( :ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ
ّ عز
وقد أنزل اهلل ّ
ﮤﮥ ﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕ
ﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦ
ﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲ
ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ)(.)2
وقد تراجعوا عن مباهلة الرسول ،وقال أسقفهم أبو الحارث للرسول
:ال نباهلك ،فأنت على دينك ،ونحن على ديننا ،فقال رسول اهلل « :إذن،
أبيتم المباهلة ،فأسلموا ،يكن لكم ما للمسلمين ،وعليكم ما عليهم» ،فرفضوا،
فقال الرسول « :إذن ،أحاربكم» ،فقالوا :نصالحك على َّأال تغزونا ،وال
تخيفنا ،وال تردنا عن ديننا ،على أن نؤدي إليك كل عام ألفي حلة( ،)3أل ًفا يف
صفر ،وأل ًفا يف رجب.
( )1البًلذري ،فتوح( ،ص ،)75وابن سعد (ج ،)357/1وكذلك اليعقوبي ،التاريخ (ج ،)82/2وابن
كثير يف التفسير (ج.)377 - 376/1
( )2سورة آل عمران ،من (.)61 - 58
درهما من الفضة ،انظر :البًلذري ،الفتوح( ،ص.)76
ً ( )3الحلة تساوي األوقية ،ووزن األوقية أربعون
45
و َقبِ َل الرسول الصلح معهم ،وكتب بذلك كتا ًبا أوضح فيه شروط
هذا الصلح ،وكان نصه كما يلي:
«بسم اهلل الرحمن الرحيم ،هذا ما كتب النبي محمد رسول اهلل ألهل
ٍ
ثمرة ،ويف كل َصفراء ،و َبيضاء ،ورقيق، كمه يف كل
نجران :إذا كان عليهم ُح ُ
فأفضل ذلك عليهم ،وترك ذلك كله لهم ،على ألفي ُحلة من ُحلل األواقي :يف
كل رجب ألف ُحلة ،ويف كل صفر ألف ُحلة ،كل ُحلة أوقية من الفضة ،فما
زادت على الخراج ،أو َن َق َصت عن األواقي فبالحساب ،وما قضوا من درع ،أو
خيل ،أو ِركاب ،أو ُعروض ُأ ِخ َذ منهم بالحساب .وعلى نجران مؤنة ُر ُسلي
ومتعتهم ما بين عشرين يو ًما فما دون ذلك ،وال ُيح َبس ُر ُسلي فوق ٍ
شهر،
بعيرا ،إذا كان كيد باليمن وعليهم عار َّية ثًلثين در ًعا ،وثًلثين َف ً
رسا ،وثًلثين ً
ذو مغدرة( ،)1وما َهلك مما أعاروا ُر ُسلي من دروع ،أو خيلٍ ،أو ِر ٍ
كاب،أو
ُعروض فهو ضمين على ُر ُسلي حتى يؤ ُّدوه إليهم .ولنجران وحاشيتها جوار
حم ٍد النبي رسول اهلل على أموالهم ،وأنفسهم ،وم َّلتهم ،وغائبهم، ِ
اهلل ،وذ َّمة ُم َّ
وشاهدهم وعشيرهتم ،وبِ َيعهم ِّ
وكل ما تحت أيديهم من قليل أو كثير ،ال ُيغ ِّير
أس ُقف من أسقف َّيته ،وال راهب من رهبانيته ،وال كاهن من كهانته ،وليس
حشرون ،وال ُي َ
عشرون ،وال يطأ أرضهم عليهم ربية وال د ُم جاهلية ،وال ُي َ
جيش ،و َمن سأل منهم ح ًّقا ،فبينهم النصف غير ظالمين ،وال مظلومين ،و َمن
ِ
بظلم آخر ،وعلى أكل ر ًبا من ذي َقبل ،فذمتي منه بريئة ،وال َ
يؤخذ رجل منهم
ما يف هذا الكتاب جوار اهلل ،وذمة محمد النبي رسول اهلل حتى يأيت اهلل بأمره،
ما نصحوا وأصلحوا ما عليهم ،غير مثقلين بظلم».
شهد أبو سفيان بن حرب( ،)1وغيًلن بن عمر ،ومالك بن عوف من بني
نصر ،واألقرع بن حابس الحنظلي والمغيرة ...وكتب كتاب رسول اهلل إلى
علي بن أبي طالب .(2(
أهل نجران ُّ
( )1لماذا ُيشهد الرسول صلى اهلل عليه وسلم أبا سفيان بن حرب ،ويكتب ذلك علي بن أبي طالب رضي
يجب ما قبله ،فهو من سادات قريش
ُّ اهلل عنه؟! أال يعني ذلك أنه أسلم ،وقبل إسًلمه ،واإلسًلم
المعروفين عند قريش وعند قبائل العرب .بخًلف أقوال المذهب اإلسماعيلي التي تقول :إنه أسلم
نفا ًقا وخو ًفا من الرسول صلى اهلل عليه وسلم! وأن الرسول صلى اهلل عليه وسلم يعلم كذبه ونفاقه،
فهل من وضع هذه األقوال يف كتب المذهب أعلم أم الرسول صلى اهلل عليه وسلم؟!
الكاتب والمؤرخ يجب أن يكون منص ًفا ،ويمعن النظر ،و ُيع ِمل العقل يف تمحيص بعض الروايات
التي ُأد ِخلت لسبب معين.
( )2انظر :كتاب «نجران تاريخ وإنسان» (ص )36 - 35تأليف :محمد طحنون ،مؤسسة الرحاب
الحديثة ،الطبعة األولى2015 :م ،وكتاب البداية والنهاية( :ج ،)61 - 57/5البًلذري ،فتوح
(ص ،)76اليعقوبي تاريخ (ج ،)83/2ابن سعد (ج .)358/1وكتاب السيرة النبوية ،البن هشام:
(ج ،)180/4وكتاب نجران األرض والناس والتاريخ ،تأليف :سيد ماحي( ،ص،)23 - 22
وكتاب نجران منطلق القوافل ،تأليف :أ.د .عبدالرحمن الطيب األنصاري ،أ .صالح بن محمد آل
مريح( ،ص ،)31 ،30وكتاب نشأة الدولة اإلسًلمية على عهد رسول اهلل ،عون الشريف قاسم،
الطبعة الثالثة 1411هـ 1991 -م( ،ص ،)314 ،313انظر :كتاب قبائل نجران على الموقع:
=
47
فلما استخلف علي بن أبي طالب ،وذهب إلى العراق ،جاء إليه
أسقف نجران ومعه كتاب يف أدم أحمر ،قال« :أسألك يا أمير المؤمنين خط
يدك ،وشفاعة لسانك ،لما رددنا إلى بًلدنا» ،فأبى علي بن أبي طالب أن
يردهم ،وقال« :ويحك! إن عمر كان رشيد األمر»( ،)1ويذكر أن عمر
أجًلهم؛ ألهنم كانوا يمارسون الربا؛ وألنه خشي خطرهم العسكري على
المسلمين ،وكانوا قد اتخذوا الخيل والسًلح يف بًلدهم ،فأجًلهم عن نجران
اليمن ،وأسكنهم بنجران العراق( ،)2ثم كتب لهم الخليفة علي بن أبي طالب
كتا ًبا يف العاشر من جمادى اآلخر سنة (37هـ657/م) قال فيه« :بسم اهلل
الرحمن الرحيم ،هذا كتاب من عبداهلل (علي بن أبي طالب) أمير المؤمنين
ألهل النجرانية( ،)3إنكم أتيتموين بكتاب نبي اهلل فيه شرط لكم على أنفسكم
وأموالكم ،وإنِّي وفيت لكم بما كتب لكم محمد وأبو بكر وعمر ،فمن أتى
ِ
فليف لهم ،وال يضاموا ،وال يظلموا ،وال ينتقص حق عليهم من المسلمين،
من حقوقهم»(.)1
الفصل الثاين:
دخول (يام) إلى نجران ،وبداية استيطانهم:
عند فتح نجران يف عهد الرسول ،لم يذكر فيه شيء عن قبيلة يام ،وال
حتى همدان (األم) ،فسكانه بنو الحارث بن كعب القبيلة المذحجية القوية
المعروفة ،والتي تنحدر من زيد بن كهًلن( ،)2وكانت بنو الحارث بن كعب
عليه حتى القرن السابع(.)3
= يف 18رمضان 1257هـ1841/م ،وفيه يقول العقيلي يف معجمه السابق« :اسم قصر كان بناه أمير
المنطقة :الحسين بن علي بن حيدر يف شمال غربي أبي عريش ،قد دثر قبل عهدنا الحاضر ،ولم
يبق منه إال أثر موضعه» ،ويف «عقد الجمان» للعمراين ،قال عاكش« :سقى تربة نجران فيها مبكر من
المزن يسقى سوحها نافع السحب» ورقة .15انظر :كتاب نشر الثناء الحسن ،إلسماعيل بن محمد
الوشلي ،تحقيق :إبراهيم أحمد المقحفي( ،ص.)39
( )1نفس الكتاب والصفحة السابقة.
( )2انظر :ابن الكلبي ،نسب معد )268/1( ،وما بعدها ،وابن حزم( ،ص )416وما بعدها ،ابن
خلدون ،تاريخ.)307 - 306/2( ،
( )3انظر :كتاب بين مكة وحضرموت ،تأليف :عاتق بن غيث البًلدي الحربي( ،ص ،)231وكتاب
جعفر بن ُعلبة الحارثي ،سيرته وما تبقى من شعره ،جمع وتحقيق ،د .عباس بن هاين الجراخ،
(ص ،)7وكتاب «نجران والنصرانية األولى» ،تأليف :محمد آل هتيلة( ،ص ،)123الطبعة األولى
1436هـ2015/م ،الناشر :مطابع الدار العربية ،بيروت -لبنان ،تاريخ ابن خلدون (.)307/2
49
( )1انظر :كتاب نجران تاريخ وإنسان ،تأليف :محمد طحنون آل دغرير( ،ص ،)26الطبعة األولى
2015م ،وكتاب قبائل نجران على الموقع1432( :هـ 2011 -م .النسخة العاشرة( ،ص،)23
لمجلة قبائل نجران على شبكة اإلنرتنت .)www.najran.cc najran.cc@gmail.com
( )2انظر :نسبهم يف( :نسب معد واليمن الكبير لهشام أبي المنذر بن محمد السائب الكلبي المتوىف عام
204هـ) ،وكتاب حركة الشعر يف نجران يف الجاهلية وصدر اإلسًلم ،فائزة رداد عزيز العتيبي،
(ص.)58 -35
50
نجران ،وأن َمن هبا من بني األفعى( )1أربعون أل ًفا( )1األمة التي كانوا هبا قبل
( )1قصة أوالد نزار بن معد مع األفعى الجرهمي :ذك ََر عدة من الرواة أخبار العرب أن نزار بن معد ولد
له أربعة أوالد :إياد ،وبه كان يكنى ،وأنمار -وبجيلة وخثعم ...فلما حضرت نزار الوفاة ،دعا بنيه
بجارية له شمطاء ،فقال إلياد :هذه الجارية وما أشبهها من مالي فلك ،ثم أخذ بيد ُم َضر، ٍ ودعا
فأدخله قبة له حمراء من أ َدمٍ ،ثم قال :هذه القبة وما أشبهها من مالي فلك ،ثم أخذ بيد ربيعة وقال
ِ
والخبَاء األسود وما أشبههما من مالي فلك .ثم أخذ بيد أنمار ،وقال له: له :هذه الفرس األد َه ُم
هذه ال َبد َرة والمجلس وما أشبهها من مال فلك ،فإن أشكلت عليكم هذه القسمة فأ ُتوا األفعى بن
األفعى الجرهمي -وكان ملك نجران -حتى يقسم بينكم َوتراضوا بقسمته ،فلم يلبث نزار إال
قليًل حتى هلك ،وأشكلت القسمة على ولده ،فركبوا رحالهم ،ثم قصدوا نحو األفعى ،حتى إذا ً
بعير ،فقال إياد :إن هذا البعير ٍ
وليلة من أرض نجران ،وهم يف َم َفازة ،إذا هم بأثر ٍ كانوا منه على يو ٍم
الذي َت َرو َن أثره أعور ،فقال أنمار :وإنه ألبرت .قال ربيعة :وإنه ألز َو ُر .قال مضر :وإنه لشرود ،فلم
يلبثوا أن رفع إليهم راكب توضع به راحلته ،فلما غشيهم قال لهم :هل رأيتم من بعير ضال يف
وجهكم؟ قال إياد :أكان بعيرك أعور؟ قال :فإنه ألعور .قال أنمار :أكان بعيرك أبرت؟ قال :فإنه ألبرتز
قال ربيعة :أكان بعيرك أزور؟ قال :فإنه ألزور .قال مضر :أكان بعيرك شرو ًدا؟ قال :إنه لشرود ،ثم
قال لهم :فأين بعيري؟ ُد ُّلونِي عليه .قالوا :واهلل ما أحسسنا لك ببعير ،وال رأيناه ،قال :أنتم أصحاب
بعيرا ،فتبعهم حتى قدموا نجران ،فلما أناخوا
بعيري ،وما أخطأتم من نعته شيئًا .قالوا :ما رأينا لك ً
بباب األفعى استأذنوا عليه ،فأذن لهم ،فدخلوا ،وصاح الرجل من وراء الباب :أيها الملك ،هؤالء
أخذوا بعيري ،ثم حلفوا أهنم ما رأوه ،فدعا به األفعى ،فقال :ما تقول؟ فقال :أيها الملك ،هؤالء
ذهبوا ببعيري وهم أصحابه ،فقال لهم األفعى :ما تقولون؟ قالوا :رأينا يف سفرنا هذا إليك أ َث َر ٍ
بعير،
فقال إياد :إنه ألعور .قال :وما يدريك أنه أعور؟ قال :رأيته مجتهدً ا يف َرعي الكأل من شق قد لحسه،
والشق اآلخر و ٍ
اف كثير االلتفاف لم يمسه ،فقلت :إنه أعور .وقال أنمار :رأيته يرمي ببعره مجتم ًعا، َ
ولو كان أهلب لمصع به ،فعلمت أنه أبرت .فقال ربيعة :رأيته أثر إحدى يديه ثابتًا واآلخر فاسدً ا،
الملتف الغض،
ِّ فعلمت أنه أز َور ،وقال مضر :رأيته يرعى الشقة من األرض ،ثم يتعدَّ اها فيمر بالكأل
فًل ينهش منه حتى يأيت ما هو أرق منه ،فعلمت أنه َش ُرود ،فقال األفعى :صدقوا ،قد أصابوا أثر
=
51
= بعيرك ،وليسوا بأصحابه ،التمس بعيرك ،ثم قال األفعى للقوم :من أنتم؟ فأخربوه بحالهم،
فرحب هبم ،وحياهم ثم قال :ما خطبكم؟ فقصوا عليه قصة أبيهم .قال األفعى :وكيف
وانتسبوا إليهَّ ،
إلي وأنتم على ما أرى؟ قالوا :أمرنا بذلك أبونا ،ثم أمر هبم ،فأنزلوا ،وأمر خاد ًما له على
تحتاجون َّ
دار الضيافة أن يحسن إليهم ،ويكرم َمث َواهم وإلطافهم بأفضل ما يقدر عليه ،ثم أمر وصي ًفا له من
بعض خدمه ظري ًفا أديبًا ،فقال له :انظر :كل كلمة تخرج من أفواههم فأتِنِي هبا ،فلما نزلوا بيت
الضيافة ،أتاهم ال َقه َر َما ُن بقرص من شهد ،فأكلوا وقالوا :ما رأينا شهدً ا أعذب وال أحسن وال أشد
حًلو ًة منه ،فقال إياد :صدقتم ،لوال أن نحله ألقاه يف هامة َجبَّار ،فوعاها الغًلم ،فلما حضر غداؤهم
لحما ،وال أسمن
مشوية فأكلوها ،وقالوا :ما رأينا شواء أجود وال أرخص ً وجيء بالشواء ،فإذا بشاة ِ
منه ،فقال أنمار :صدقتم لوال أنه ُغذي بلبن كلبة .ثم جاءهم بالشراب فلما شربوا قالوا :ما رأينا
خمرا أرق ،وال أعذب ،وال أصفى ،وال أطيب رائح ًة منه ،فقال ربيعة :صدقتم لوال أن كرمها نَبَ َت
ً
على قرب .ثم قالوا :ما رأينا ً
منزال أكرم قرى ،وال أخصب َرح ًًل من هذا الملك .قال مضر :صدقتم
لوال أنه لغير أبيه .فذهب الغًلم إلى األفعى ،فأخربه بما كان منهم ،فدخل األفعى على أمه ،فقال:
أقسمت عليك إال ما أخربتني من أنا؟ ومن أبي؟ فقالت :يا بني ،إن أباك األفعى الذي ُتدعَى له كان
ً
شيخا قد أثقل ،فخشيت أن يخرج هذا الملك عنا أهل البيت ،وقد كان قدم إلينا شاب من أبناء
الملوك ،فدعوته إلى نفسي ،فعلق ُت بك منه ،ثم بعث إلى القهرمان ،فقال :أخربين عن الشهد الذي
بعثت به إلى هؤالء النفر ما خطبه؟ قال :إنا أخربنا بدَ بر يف طف فبعثت إليه من َي ُش ُ
وره ،فأخربوين
أهنم هجموا على عظام نخرة منكرة يف ذلك الطف ،فإذا النحل قد عسلت يف جمجمة من تلك
العظام ،فأتوا بعسل لم أر مثله ،فقدمته إلى القوم لجودته ،ثم بعث إلى صاحب مائدته ،فقال :ما
هذه الشاة التي َشويتها لهؤالء القوم؟ قال :إنِّي بعثت إلى الراعي أن ابعث إلي بأحسن ٍ
شاة عندك، َّ َ
إلي ،وما سألته عنها ،فبعث إلى الراعي أن أعلمني خرب الشاة .قال :إهنا أول ما ولدت من
فبعث هبا َّ
السخلة بِ ِ
ج َراء الكلبة، غنمي عام أول ،فماتت أمها ،فبقيت ،وكانت كلبة لي قد وضعت ،ف َأنست َّ
فكانت ترضع من الكلبة مع ِج َرائها ،فلم أجد يف غنمي مثلها ،فبعثت هبا إليك ،ثم بعث إلى صاحب
الشراب ،فقال :ما هذا الخمر الذي سقيت لهؤالء القوم؟ قال :من حبة كَرم نبتت غرستها على قرب
أبيك ،فليس يف العرب مثل شراهبا ،فقال األفعى :ما هؤالء القوم؟ إن هم إال شياطين ،ثم أحضرهم
فقال :ما خطبكم؟ ُق ُّصوا علي قصتكم ،فقال إياد :إن أبي جعل لي خادمة شمطاء ،وما أشبهها من
=
52
بني الحارث.
* أصحاب األخدود« :الذي َينزل عليهم كل ليلة سبعون ألف َم َلك،
يس ِّلمون عليهم ،ثم ال يعودون إليها أبدً ا» ،والذين َّ
تم حرقهم من ذي نواس َ
حرق المؤمنين من نصارى نجران(.)2
الكافر الملحد الذي َّ
س :1هل نصارى نجران الذين تم حرقهم من بني األفعى؟ أو من بني
إياد؟ أو من بني الحارث؟ ألَ َّن همدان بمن فيها «يام» ما زالت يف موطنها
غنما برشاء فهي لك ورعاؤها مع الخادم .قال أنمار :إن أبي جعل لي = ماله ،فقال :إن أباك ترك ً
الرقة والحرث واألرض ،فقال ِ
بدرة ومجلسه وما أشبههما من ماله ،قال :فلك ما ترك أبوك من ِّ
خيًل
فرسا أدهم ،وبيتًا أسود ،وما أشبههما من ماله .قال :فإن أباك ترك ًربيعة :إن أبي جعل لي ً
ٍ
وسًلحا ،فهي لك وما فيها من عبيد ،فسمي ربيعة الفرس ،فقال مضر :إ َّن أبي جعل لي قب ًة ُده ًما،
ً
إبًل حمراء ،فهي لك ،وما أشبهها من
حمراء من أ َدم ،وما أشبههما من ماله ،فقال :إن أباك ترك ً
ماله ،فصارت لمضر اإلبل والقبة الحمراء ،والذهب ،فسمي مضر الحمراء ،وكانوا على ذلك مع
أخوالهم جرهم بمكة ،فأصابتهم سنة أهلكت الشاء وعامة اإلبل ،وبقيت الخيل ،وكان ربيعة يغزو
عليها ،و َي ِص ُل إخوته .انظر :كتاب نجران الواحة واإلنسان ،عبداللطيف طاهر العًلقي( ،ص،)75
المفصل يف تاريخ العرب قبل اإلسًلم ،د .جواد علي ،)536/3( ،وكتاب الكلبي؛ هشام
َّ وكتاب
بن محمد بن السائب ،نسب معد واليمن الكبير (.)134/1
(نقًل عن الطربي) ،وكتاب نجران
( )1انظر :العقيلي كتاب نجران يف أطوار التاريخ( ،صً )89 ،41
تاريخ وإنسان ،تأليف :محمد طحنون( ،ص ،)21الطبعة األولى 2015م ،وتاريخ ابن خلدون
المفصل يف تاريخ
َّ ( ،)306/2وصبح األعشى يف صناعة اإلنشاء ،للقلقشندي ( ،)43/5وكتاب
العرب قبل اإلسًلم ،د .جواد علي (.)536/3
( )2انظر :كتاب نجران وأصحاب األخدود يف ضوء الكتاب والسنة والتاريخ ،تأليف :د .زاهر بن عواض
األلمعي( ،ص.)43 - 42
53
( )1انظر« :صفة جزيرة العرب» تأليف :لسان اليمن الحسن بن أحمد بن يعقوب الهمداين (ص،)217
تحقيق محمد بن علي األكوع الحوالي ،مكتبة اإلرشاد ،صنعاء ط1429( :2هـ2008/م).
( )2انظر :الطربي ،)126/3( ،والبًلذري ،أنساب ،)384/1( ،وكتاب نجران الحديثة ،تأليف :سيد
المفصل يف تاريخ العرب قبل اإلسًلم ،د .جواد علي،)536/3( ،
َّ ماحي( ،ص ،)23وكتاب
وكتاب الحياة االقتصادية يف نجران خًلل القرن األول الهجري السابع الميًلدي ،رسالة ماجستير،
إعداد :فاطمة بنت ضيف اهلل بن حسين العبدلي( ،ص.)28
( )3للمزيد عن قبيلة همدان ،انظر :ابن الكلبي ،نسب معد ( ،)509/2وما بعدها ،وابن حزم( ،ص392
،)395،475-وما بعدها ،وابن سعد ،)340/1( ،وما بعدها ،والهمداين( ،ص211 ،105 - 96
.)249 - 246 ،214 -
54
( )1الطربي ،تاريخ األمم والملوك ( ،)132 /3ابن خلدون ،تاريخ بن خلدون ( .)475 /2للمزيد،
انظر :ابن كثير ،البداية ( ،)94/3وكتاب نجران الحديثة ،تأليف :سيد ماحي (ص.)26
( )2انظر :كتاب «نجران والنصرانية األولى»« :ينبغي أن يكون الكاتب صاد ًقا بعيدً ا عن الكذب
والتدليس ،وخلط األوراق» ،ففي فقرة إسًلم بني الحارث بن كعب ،ذكر المؤلف :إسًلم بني
الحارث وقصة خالد بن الوليد معهم ،ثم أدخل عليها رواية إسًلم همدان على يد علي بن أبي
طالب رضي اهلل عنه مباشرةً ،ثم أدخل أمر الرسول لعلي بأخذ جزية أهل نجران ،وصدقاهتم،
وكأنَّهم يف مكان واحد ،وزمن واحد ،وهذا فيه تدليس على العامة .والقول الصحيح هو« :ما تم
بيانه يف الفقرات السابقة ،وبيان إسًلم همدان ،وإسًلم أهل نجران ،ومتى دخلت يام إلى نجران
ً
تاريخا» ،انظر :كتاب بعيدً ا عن خلط األوراق والكذب على العامة ،وليس الكذب هو من يصنع لنا
«الحياة العلمية يف نجران يف صدر اإلسًلم» ،عوض عبداهلل سعد( ،ص ،)57هامش رقم (،)5
وذلك بقوله« :ويبدو أن مهمته -علي بن أبي طالب - اقتصرت على زيارة نجران ألخذ ما
جمعه عمال نجران المقيمين من زكاة المسلمين ،وجزية أهل الكتاب».
( )3انظر :كتاب نجران الحديثة ،تأليف :سيد ماحي( ،ص.)24
55
و ِّليت نجران وهبا بنو الحارث ،وموالي ثقيف ،)1(»...وكان ذلك يف هناية القرن
الثاين للهجرة (179هـ) ،ولكن الهمداين -جاء يف القرن الرابع( - )2يقول :ليام
وطن يف نجران ،نصف ما مع همدان( ،)3وظهر من حروب( )4الهادي( )5يف آخر
( )1انظر :تفصيًلت هذا النص ،البيهقي ( ،)107 ،106 /1أبو نعيم ،)77 ،76 /9( ،أبو حاتم الرازي،
أداب( ،ص ،)33 ،32كتاب الشافعي [حياته وعصره -آراؤه وفقهه] ،لإلمام محمد أبو زهرة،
(ص.)21
( )2مات الهمداين بعد 344هـ ،انظر :كتاب صفة جزيرة العرب ،الطبعة الثانية 1429هـ 2008 -م،
تحقيق :محمد بن علي األكوع الحوالي مكتبة اإلرشاد ،صنعاء( ،ص.)31
(« )3صفة جزيرة العرب» ،تأليف :لسان اليمن الحسن بن أحمد بن يعقوب الهمداين (ص،)226
تحقيق محمد بن علي األكوع الحوالي ،مكتبة اإلرشاد ،صنعاء .ط1429( :2هـ2008/م).
( )4إن الدارس للصًلت بين بًلد نجران وصعدة منذ القرن (12 - 3هـ18/م) ،يجد أن الصراعات
والحروب كانت مستمر ًة بينهم ،ودوافع تلك الحروب عقدية واقتصادية ،فالدولة الزيدية يف صعدة
وصنعاء كانت ترغب مد نفوذها الزيدي على نجران ،وأهل نجران لم يرضوا بذلك ،حيث كانوا
سنة (شوافع) قبل دخول اإلسماعيلية عليهم .كما أن األئمة الزيديين كانوا يتطلعون للسيطرة على
نجران لما تتمتع به من ثروات زراعية وحيوانية وغيرها .أما الخراب الذي كان يصيب أرض نجران
مستمرا يف مزارع
ًّ بسبب تلك الحروب ،فهو يتفاوت من حكم إما ٍم آلخر ،إال أن الدمار والتلف كان
وعقارات النجرانيين؛ أل َّن الزيديين عندما يصلون إلى ديار نجران ،يجدون مقاومات عنيفة من أهل
البًلد ،فًل يتورعون من إحراق مزارعهم ،وهدم منازلهم وأسواقهم؛ نكاي ًة هبم ،وتأدي ًبا لهم .ابن
جريس( :ج.)129 ،128/15
الرس أحد جبال ( )5اإلمام يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم الحسني العلوي الرسي -نسب ًة إلى َّ
القبلة قرب المدينة ُ -ولِدَ بالمدينة سنة 220هـ ،وكان يسكن الفرع شمال المدينة مع بعض عمومته
كثيرا من الكتب يف العقيدة .دعتهمغوارا ،وقد أ َّلف ً
ً عالما ورعًا ً
عادال شجاعًا وأقربائه .كان فقي ًها ً
همدان إلى اليمن -وهمدان نصرة آل البيت من أيام اإلمام علي -فتوجه إلى اليمن ،ونزل
=
56
ٍ
وكلمة القرن الثالث أن ياما ووادعة وغيرها من بطون همدان ،كانت ذات ٍ
وزن ً
يف نجران ،تكاد تساوي وزن بني الحارث».
يقول صاحب كتاب «هذه بًلدنا -نجران» ،تأليف :صالح بن محمد بن
جابر آل مريح ،عن دخول همدان إلى نجران« :ثم توالت األحداث على منطقة
سهل الطريق أمام بطون عديدة من
عف بنو الحارث بن كعب مما َّ
وض َ
نجرانَ ،
همدان إلى الدخول إلى نجران يف القرن الثالث الهجري ،وأصبح لهذه القبائل
باإلضافة إلى وادعة وزن وكلمة يف نجران تساوي وزن الحارث بن كعب ،وقد
دخلت همدان إلى نجران بسبب قرهبا منها من حيث الموقع ،وأخذت
بالزحف على نجران ،ولكن ٍ
ببطء ،مستغلة ضعف بني الحارث بن كعب الذين
ضعفت مقاومتهم ،وأصبحت «يام» كلها يف هناية القرن الثالث تسكن منطقة
نجران»(.)1
س :1كيف دخلت يام ،واستوطنت يف نجران؟
= صعدة واتخذها قاعد ًة له ،وعاضدته همدان ،وناصبته بنو الحارث العداء ،وملك معظم اليمن،
مرارا ،وخطب له يف مكة سبع سنين ،وضربت السكة باسمه ،وخوطب بأمير
وفتح نجران ،وقاتلها ً
المؤمنين ،ولقب بالهادي إلى الحق .انظر :حروب الهادي يف نجران ،كتاب سيرة الهادي يحيى بن
الحسين ،لعلي بن محمد بن عبيد اهلل العلوي ،تحقيق الدكتور :شهيل زكار ،بيروت -لبنان
1392هـ (ص .)168راجع كتاب رجمة -نجران دراسة تاريخية -محمد آل هتيلة (ص.)130
(( )1ص.)18
57
( )1يقول صاحب كتاب« :البادية بين عراقة الماضي وأصالة الحاضر» ،محمد الخالد الشرعبي،
( ،)1143 ،1142/2عن زمن دخول قبائل يام إلى نجران« :وكان دخول يام إلى نجران نتيجة
انكماش قبائل مذحج وبني الحارث بسبب ضعفها ،وكان ذلك يف القرن الثالث للهجرة ،حيث
نزلت يام بأكملها يف نجران ،وانفصلت عن بقية همدان ،وذلك لعدة أسباب.»...
( )2انظر :كتاب «بين مكة وحضرموت» ،تأليف :عاتق بن غيث البًلدي الحربي( ،ص.)232 ،231
58
()1
قد استوطنت كلها نجران
الفصل الثالث :قبائل يام.
«يام» قبيلة عربية كبيرة تسكن شبه جزيرة العرب يف منطقة نجران ،وتمتد
إلى نجد ،واألحساء والكويت وقطر واإلمارات العربية المتحدة ،وتعود
أصولها إلى قبيلة حاشد( )2من همدان المشهورة يف جنوب الجزيرة العربية،
وهي (أي :همدان) تنقسم إلى فرعين ،هما :حاشد وبكيل( ،)3و«يام» هي
إحدى القبائل العربية الشهيرة يف جزيرة العرب ،وقد نالت شهرهتا منذ العصر
الجاهلي بالشجاعة واإلقدام ،حيث كانت «يام» يف الجاهلية تدعى بـ«قتلة
(« )1صفة جزيرة العرب» تأليف :لسان اليمن الحسن بن أحمد بن يعقوب الهمداين (ص ،)162تحقيق
محمد بن علي األكوع الحوالي ،مكتبة اإلرشاد .صنعاء .ط1429( :2هـ2008/م) ،انظر:
حروب الهادي يف نجران ،كتاب «سيرة الهادي يحيى بن الحسين» ،لعلي بن محمد بن عبيد اهلل
العلوي ،تحقيق الدكتور :شهيل زكار ،بيروت -لبنان 1392هـ (ص .)168راجع كتاب رجمة -
نجران دراسة تاريخية -محمد آل هتيلة (ص.)130
( )2حاشد :إحدى كربيات قبائل همدان .وحاشد أخو بكيل ،وهما ابنا ُج َشم بن خيران بن نوف .وبًلد
حاشد واسعة تمتد من شمال صنعاء إلى بًلد َصعدَ ة ،وعن ذلك يقول الهمداين ...« :وبلد َه َمدَ ان
ما بين صنعاء وصعدة وهو منقسم بخط ع ََرضي ،فشرقية لبكيل وغربية لحاشد .ويف قسم بكيل بًلد
لحاشد ،ويف قسم حاشد بًلد لبكيل.»...اهـ .وتنقسم حاشد إلى أربعة بطون هي :بنو ُص َريم،
وع َذر .وقد انتشرت قبائل حاشد اآلن يف عموم مناطق اليمن .انظر:ارف ،والعصيماتِ ، وخ ِ
َ
ُ َ
الهمداين ،صفة جزيرة العرب (ص ،)217والحجري ،مجموع بلدان اليمن (،)226 - 213/2
والمقحفي ،معجم البلدان (.)392 - 389/1
( )3انظر :كتاب بين مكة وحضرموت ،عاتق بن غيث البًلدي (ص.)125
59
(ُ )1جعف :مساكنهم يف شمال اليمن ،ولهم بقية إلى اليوم (ص ،)69اإلكليل يف معارف همدان وأنساهبا
(ج.)69/10
( )2ولث ،أي :عهد.
( )3الجفنة :إيناء من خشب معروفة .والحيس :التمر المنزوع منه النواة مع السمن واألقط.
61
إليها باألبعرة ،وسألها أن تعطيه الفرس ،ففعلت ،فأخذ الفرس فركبه ،وقد كان
قد بعث بماله( )1مع خدمه ،ثم أتى مشجعة ،ومعه حربة ،فطعنه هبا ،فأخرجها
ركضا ،فقال يف ذلك الع َّقار
من بين كتفيه فقتله ،فتبادرت إليه جعف ،فسبقهم ً
شعرا:
ً
إال األمائر واألقطــاع والـــدرس الجعفي باقيـــــــــة
ِّ لم يبق يف خرب
فإهنم من نفوس القــوم قد يئسوا ر ِّدي إليك جمال الحي فاحتملوا
()2
لما رأونــا نمشـــــــي يف ديارهـــم كما تمشي الجمال الجلة الشمس
مثل الليوث عــدت يو ًما لمعتــرك عند اللقــــاء وتقصيد القنا حــرس
بالبيض تضرب ها ًما فوقها القنس ال يسمع الصوت منا غير غمغمة
يف الفعل منها فلم تدنس كما دنسوا أمــا حليلة ذيبان فقـــــــد كرمــت
من فوق أعيط يف لحظاته شـــوس جادت بما ُسئلت لما رأت جزعـي
كأهنا حين جازت صدره قبـــــــس منحت مشجعة الجعفي مرهفـــة
هيهات من طالبيه ذاك ما التمسوا ظلــت كرائم جعفي تـطيـف بـها
أيضا:
وقال ً
نحـن بنو يام ونحــن الدفعـه
مقاعسا وصعصعه
ً سائل بنا
وسيد الحي الرئيس مشجعه
()1
ذات غرار مدرعه
منحته َ
جـــادت لــــه َمن َّية مـفــ َّجعه
وقد يدَّ عي بنو هند قتل مشجعة ،والخرب ما ذكرناه ،وإنما سمي الع َّقار؛
ألنه شهد وقعة كانت لهمدان وبعض أعدائهم ،فحلف أال يقتل يف ذلك اليوم
( )1مقاعس وصعصعة :من أسماء الرجال .والغرار :حديدة قاطعة .مدرعة :هي لباس على الظهر
والجوانب مشقوق المقدم من الصدر ،ومعناه :كساه مدرعة من الدم.
( )2خوالن :مخًلف من مخاليف اليمن منسوب إلى خوالن بن عمرو بن الحاف بن قضاعة بن مالك
بن عمرو بن مرة بن زيد بن مالك بن حمير بن سبأ ،فتح هذا المخًلف يف سنة ثًلث أو أربع عشرة
يف أيام عمر بن الخطاب رضي اهلل عنه ،وأميره يعلى بن منبه ،وقتل .ويف خوالن كانت النار التي
تعبدها اليمن ،ويجوز أن يكون خوالن فعًلن من الخول ،وهو األتباع( .معجم البلدان .)407/2
63
حاجة وبنو مقاحف (بطن يف جنب) ،ومن يام سمير الفرسان وهو مختلس
حباشة عمرو بن معدي كرب ،وذلك أن عمرو بن معد كرب لما غزا خوالن،
فدخل الحقل ،وفض حصن غنم وجل األموال ،واجتاح الضنين ،قدم تلك
عميه سعد وشهاب ،فعرض لهما سمير يف جمع يام فقتلهما وعدة
الغنائم مع َّ
معهما من بني ُزبيد ،وأخذ ما كان يف أيديهما ،فبعث عمرو إلى سمير يتوعده،
فقال سمير يف ذلك:
إلي بظهر الغيب ً
قوال مرجما؟ أيرسل عمرو بالوعيد سفاهـــ ًة
َّ
عليـــه وقد رام اللقاء فأحجما ل ُيسمع أقـوا ًما بمـا ليس مقـــد ًما
وعجل وال تجعله منك هتمما
ِّ سميرا فًلقه
ً فإن شئت أن تلقى
صمـــما
هم باألمر َّ
حم ًّيا إذا ما َّ فسوف تًلقيـــه كم ًّيا مدجــــ ًجا
بعميك اللذيـن تقدَّ مـــا
كفعلي َّ معجًل
ً فإن تلقني أصبحك مو ًتا
فتنظر يو ًما ذا صواعق مظلما فسوف ُأ َ
ريك الموت يا عمرو جهر ًة
أيضا :أبو حشيش الجواد ،وهو القائل لبعض بني عمه يف
ومن «يام» ً
شيء كان بينهم:
و َدعاين واغًل حيث أغل قل لهذين كًل زا َدكمــــا
وبعده الشهد بألبان اإلبل رب زاد قد أكلنـــــا طي ًبا
ال وال كان لذا الزاد علل ثم لم يشهده مثلي لكما
خيرا فأنِل
فإذا ما نلـــــت ً إنمـا الزاد لمـــن يبذلــــه
64
ال تقولن عسى ،وال ،و َلعل إنما حظك منه ذكــــــــره
ومن شعراء «يام» :عاصم بن األسفع ،والشرقي بن عمرو ،وكانت «يام»
تدعى يف الجاهلية« :قتلة جباهنا» ،ويف اإلسًلم «يام ِ
القرى».
وكان فيهم جبان يف الجاهلية يقال له« :أنيب» ،فحلفوا أال يولد له ولد
فيهم أبدً ا ،وحلفوا على قتله ،فقال لهم ٌ
رجل منهمَ :ويحكم! اخصوه وال
تقتلوه ،فإنه ال يولد له ولد إذا كان خص ًّيا ،فًل تحنثوا يف أيمانكم ،فشاع يف
همدان ،فكرهت أن تذهب «يام» هبذا الذكر دوهنم ،فقالوا لهم :خذوا من كل
سهما ،فارموه بجميع السهام ،وإال حلنا بينكم وبينه ،فأجابوهم إلى ذلك،
قبيلة ً
ٍ
بسهم ،ثم صيروه هد ًفا ،فجعلوا يرمونه ويقولون: فبعث إليهم من كل ٍ
قبيلة
()1حتى يوارى نصله يف ِ
نشب هلل سـهــم مــــا نبا عن أن َي ِ
ب
ومر فتى من أهل الكوفة بالحجاج ،وهو يعرض الجيش ،فأعجبه ،فقال:
َّ
ممن أنت يا فتى؟ قال :أنا من قوم لم يكن فيهم جبان .قال الحجاج :إ ًذا ،أنت
حق؛ ألن الشجاعة والجبن والكرم والبخل مواهب من ( )1وهذا الفعل من الظلم؛ ألنه ٌ
قتل للنفس بغير ٍّ
يما ،والعكس
اهلل تعالى ،وليست كسبًا لإلنسان ،فقد ُينجب الجبان شجاعًا ،و ُينجب البخيل كر ً
صحيح ،وقد قيل لرسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم :أيكون المؤمن جبانًا؟ فقال« :نعم» ،فقيل له:
بخيًل؟ فقال« :نعم» ،فقيل له :أيكون المؤمن كذابًا؟ فقال« :ال» ،أخرجه اإلمام
ً أيكون المؤمن
مالك يف الموطأ (( )990/2ح .)1795ومع أن المؤمن قد يتصف بالجبن إال أهنا صفة ذميمة،
وكان الرسول صلى اهلل عليه وسلم يتعوذ منها دبر كل صًلة .صحيح البخاري ،كتاب الجهاد
والسير ،باب ما يتعوذ من الجبن (ح )2667من كتاب أعًلم قبيلة (يام) ورواهتا ،أ.د .مسفر سعيد
لسلوم ،الطبعة األولى1434 ،هـ 2013 -م( ،ص.)10
65
( )1نسب وادعة :وادعة بن عمرو بن عامر بن ناشج بن دافع بن مالك بن جشم بن حاشد بن ُجشم بن
حربان بن نوف بن همدان.
67
باليمن يف زمن متقدم( ،)1وينتهي نسبهم إلى القاسم الرسي ،وبنوه اليوم على
جيًل ،أي أن لهم من الزمن بعد نزول نجران قرابة ( )500خمسمائة
(ً )12
سنة.
وتتفرع إلى ثًلثة فروع ،هم:
عبداهلل بن ناصر ،ويقال لذريته :آل حمد بن عبداهلل بن ناصر ،وآل
محسن بن ناصر ،وآل ياسين بن ناصر.
وتفرع من آل محسن :آل حمد بن محسن بن ناصر ،وآل ِهدران بن
محسن بن ناصر ،وسكنهم قرية خبيئة ،قرب صنعاء األشراف .أما آل ياسين
ففيهم فرعان :آل حمد بن ُعجيم بن ياسين ،وآل علي بن ُعجيم بن ياسين،
وقرية آل ياسين (صنعاء)( ،)2إحدى قرى نجران ،ويقال لهم :أشراف صنعاء.
أما حمد بن ناصر فانقسموا إلى :آل عبداهلل ،وآل راكان.
وقريتهم عويرة يف نجران ،ويقال لهم :أشراف عويرة(.)3
( )1وقد دخلت نجران يف سنة 941هـ .انظر :كتاب «غاية األماين يف أخبار القطر اليماين» تأليف :يحيى
بن الحسين بن القاسم بن محمد بن علي (ص ،)677وكتاب «بين مكة وحضرموت» لعاتق بن
غيث البًلدي الحربي (ص.)134
( )2هم يعتنقون المذهب اإلسماعيلي ،خًلف أشراف عويرة ،انظر« :عاتق البًلدي بين مكة
وحضرموت»( ،ص.)135 ،134
( )3وهم يعتنقون المذهب الزيدي ،والذي تغير إلى االثني عشرية مثل (إيران) ،انظر :نفس صفحة
المصدر السابق.
68
أسر متحضرة:
الفئة األولى :وهي -غال ًبا -من أسر أو عشائر صغيرة جاءت إلى نجران
من داخل الجزيرة العربية ،وبشكل متفرق ،ولفرتات زمنية متباعدة ،وقد
ٍ
مختلف ،وإن كان طلب الرزق هو السبب الرئيس ٍ
لسبب جاءت كل منها
مر العصور غنية بالزراعة،
لًلستقرار يف نجران ،فقد كانت نجران وعلى ِّ
ومنطقة جاذبة للحرفيين مما جعل نجران مشهور ًة بصناعاهتا وحرفها ،وهي
شبه مكتفية بما تحتاجه من المنتوجات الحرفية والصناعية(.)1
ومن هذه األُ َسر:
1ـ آل ُص َمع.
2ـ آل الخيوان.
3ـ آل رجب.
4ـ آل سحاق.
5ـ آل مقبول.
6ـ الدواسر ،جاءوا من وادي الدواسر(.)2
الفئة الثانية :وهي فئة اجتماعية تعود يف الغالب إلى أصول أفريقية،
جاءت منذ القدم بطرق متعددة ،فقد كانت تجارة الرقيق رائجة يف الجزيرة
مركزا من مراكز تلك التجارة ،وذلك لقرهبا من
ً العربية ،وقد كانت نجران
اليمن ،وتوفر فرص العمل الكثيرة فيها.
(نسب المكارمة)
الفصل الرابع( :من الباب األول) :تسلسل دعاة المذهب اإلسماعيلي:
بداية ظهور المكارمة هي مع محمد بن الفهد المكرمي( ،)1حيث
انقسمت المستعلية الطيبية (البهرة) إلى (سليمانية وداودية) ،وكان مؤسس
( )1وهو( :محمد بن الفهد بن صًلح بن داود التآمر بن محمد بن عبد اهلل بن عمر بن علي بن صبيح بن
حسان بن مكرم بن سبأ بن حمير األصغر بن المنتهب بن عمرو بن عًلق بن ذي أبين بن ذي يقدم
بن الصوار بن عبد شمس بن وائل بن الغوث بن حيدان بن قطر بن غريب بن زهير بن أيمن بن
الهميسع بن حمير األكرب بن يشجب بن يعرب بن قحطان) ،من كتاب «يف بًلد عسير» ،تأليف :فؤاد
حمزة ط1388( :2هـ1968 /م) ،وهذا النسب الذي أمًله الداعي حسين بن أحمد المكرمي وهو
الداعي الـ( )47على فؤاد حمزة وزير خارجية المملكة العربية السعودية يف ذلك الحين ،والمؤلف
المعروف .وعلى افرتاض صحة ما أورده علماء األنساب األوائل ،فإن النسب السابق يحمل الكثير
من األخطاء ،إما بإنقاص بعض األسماء ،أو يف الخطأ يف كتابتها ،وكذا بالنسبة لحمير األصغر ،فهو
ال يأيت من هذا الفرع ،كما أ َّن عدد األشخاص المذكورين من محمد بن الفهد إلى قحطان إذا ما
أضفنا إليهم بقية النسب حتى اآلن ،يجعل هذه السلسلة أقل بحوالي عشرين طبق ًة من سًلسل
أنساب األسر الحميرية المقاربة لها .عن هذه المًلحظات انظر :الهمداين ،أبو محمد اإلكليل
(ج ،)2وكتاب إسماعيلية اليمن السليمانية ،حمود زايد نوفل( ،ص ،)71وكتاب صحيفة الصًلة
اإلسماعيلية ،لمؤلفها :المنصوب سيد نصر اهلل( ،ص ،)687المطبوع يف حيدر آباد ،سنة
(1390هـ) ،وقد وضع اسمه يف صحيفة الصًلة مع أسماء الدعاة تحت عنوان« :األسماء الشريفة»،
(وهو لم يكن داعيًا مطل ًقا ،ولم َّ
يتول رئاسة الدعوة).
70
( )1انظر :سمط الحقائق ،علي حنظلة .مقدمة المحقق ،)17( :وكتاب تاريخ المذاهب الدينية يف اليمن.
د /أيمن فؤاد ،)169( :وكتاب كنز الولد ،إبراهيم الحامدي ،مقدمة المحقق ،)28( :واإلسماعيلية
وفرقها حقائق ووثائق ،لعبد الرحمن المجاهد( ،ص ،)245وكتاب اإلسماعيلية بين الحقائق
واألباطيل ،لهاشم عثمان( ،ص ،)30وكتاب الحركات الباطنية يف العالم اإلسًلمي ،الدكتور
محمد أحمد الخطيب( ،ص ،)72وكتاب معجم التاريخ اإلسماعيلي ،تأليف :فرهاد دفرتي،
ترجمة سيف الدين القصير( ،ص ،)298وكتاب سيرة اإلمام يحيى وبناء الدولة اليمنية الحديثة،
تأليف :عبد الكريم بن أحمد مطهر( ،ص ،)36وكتاب صحيفة الصًلة اإلسماعيلية ،لمؤلفها:
المنصوب سيد نصر اهلل( ،ص ،)687المطبوع يف حيدر آباد ،سنة (1390هـ) ،وكتاب مرتفعات
الجزيرة العربية ،)683/2( ،هاري سانت جون فيلبي ،مكتبة العبيكان.
( )2جعفر بن سليمان بن الحسن ،من الدعاة المطلقين لفرقة البهرة السليمانية ،انظر :تاريخ الدعوة
اإلسماعيلية ،لمصطفى غالب ،جدول رقم ( ،)3واإلسماعيليون (كشف األسرار ونقد األفكار)،
لعادل سالم( ،ص ،)382وكتاب اإلسماعيليون :تاريخهم وعقائدهم ،تأليف :فرهاد دفرتي
(ص ،)497وكذلك كتاب معجم التاريخ اإلسماعيلي ،تأليف :فرهاد دفرتي ،ترجمة سيف الدين
القصير( ،ص ،)298وصحيفة الصًلة اإلسماعيلية ،لمؤلفها :المنصوب سيد نصر اهلل،
(ص ،)687المطبوع يف حيدر آباد ،سنة (1390هـ) ،وكتاب مرتفعات الجزيرة العربية،
( ،)683/2هاري سانت جون فيلبي ،مكتبة العبيكان.
71
( )1طيبة :قرية مطلة على منطقة القابل ،شمال صنعاء ،تشتهر بالحصون والقًلع ،وكان اسمها القديم:
(دروم) ،انظر :معجم البلدان والقبائل اليمنية ،للمقحفي ،)968/1( :وكتاب نجران األرض
والناس والتاريخ ،تأليف :سيد الماحي( ،ص ،)29وكتاب نجران يف أطوار التاريخ ،محمد بن
أحمد العقيلي( ،ص ،)124وكتاب نجران تاريخ وإنسان ،محمد طحنون( ،ص،)56،123
وكتاب نجران ،محمد أبو ساق( ،ص ،)126وكتاب من مذكرات تركي بن محمد بن تركي
الماضي( ،ص ،)420وكتاب يف بًلد عسير ،فؤاد حمزة( ،ص ،)173وكتاب مرتفعات الجزيرة
العربية( ،ج ،)682/2هاري سانت جون فيلبي ،مكتبة العبيكان.
( )2علي بن سليمان بن الحسن .من الدعاة المطلقين لفرقة البهرة السليمانية وهو مؤلف كتاب:
«إسعاف الطالب يف جمع المطالب» ،وكتاب حياة األحرار وحبائل األحبار ،وقد رتبه يف ثمانية
فصًل ،وذلك يف تاريخ الرابع من شهر رجب من السنة الثانية والخمسين بعد األلف،
ً وعشرين
والمنسوخ بخط :عبد الطيب بن الحاج محمد يف1286/7/1 :هـ يف حصن مناخة باليمن ،تويف
عام 1088هـ .انظر :تاريخ الدعوة اإلسماعيلية ،لمصطفى غالب ،جدول رقم ،)3( :وكتاب
اإلسماعيليون «كشف األسرار ونقد األفكار» لعادل سالم( ،ص ،)382وكتاب معجم التاريخ
اإلسماعيلي ،تأليف :فرهاد دفرتي ،ترجمة سيف الدين القصير( ،ص ،)298وكتاب صحيفة
الصًلة اإلسماعيلية ،لمؤلفها :المنصوب سيد نصر اهلل( ،ص ،)687المطبوع يف حيدر آباد ،سنة
(1390هـ).
( )3كتاب العتيبي( ،ص ،)41وكتاب إسماعيلية اليمن السليمانية ،حمود زايد نوفل( ،ص،)264
وكتاب اإلسماعيليون :تاريخهم وعقائدهم ،تأليف :فرهاد دفرتي (ص.)496
72
( )1هو أول داعية للمكارمة ،وهو من الدعاة المطلقين لسليمانية ،انظر :كتاب تاريخ الدعوة
اإلسماعيلية ،لمصطفى غالب ،جدول رقم ،)3( :وكتاب الكويتي اإلسماعيليون (كشف األسرار
ونقد األفكار) ،لعادل سالم( ،ص ،)382وكتاب نجران يف أطوار التاريخ ،محمد بن أحمد
العقيلي( ،ص ،)124وكتاب اإلسماعيليون :تاريخهم وعقائدهم ،تأليف :د /فرهاد دفرتي
(ص ،)496وكذلك كتاب معجم التاريخ اإلسماعيلي ،تأليف :د /فرهاد دفرتي ،ترجمة سيف
الدين القصير( ،ص ،)298وكتاب مختصر تاريخ اإلسماعيلية ،د /فرهاد دفرتي( ،ص،)341
وصحيفة الصًلة اإلسماعيلية ،لمؤلفها :المنصوب سيد نصر اهلل( ،ص ،)687المطبوع يف حيدر
آباد ،سنة (1390هـ) ،وكتاب خًلصة العسجد ،عبدالرحمن البهكلي (ص.)131
معقًل لهم ويحتمون فيه.
ً كثيرا ما كان يتخذه األئمة الزيدية
( )2شهارة :حصن مشهور من بًلد األهنومً ،
الحجري مجموع اليمن وقبائلها (.)460/2
73
فًلن أي :أخوه .وأصل ِصنو إنما هو يف النَّخل .أي :أن تطلع نخلتان أو ثًلث من أصل واحد.
انظر :الجوهري ،الصحاح ،)1748/2( ،ابن منظور ،لسان العرب ،)295/8( ،الفيروز آبادي،
القاموس المحيط( ،ص ،)1198إبراهيم أنيس ،المعجم الوسيط.)552/1(،
( )2هناك أكثر من شخصية من بني األنف عارضوا دعاة المكارمة ،وانضموا إلى دعاة الهنود الداؤدية،
تعبيرا عن سخطهم بعد أن خرجت الدعوة منهم وصارت بأيدي
ً ولعل معارضتهم تلك كانت
المكارمة .انظر :كتاب إسماعيلية اليمن السليمانية ،حمود زائد نوفل( ،ص.)74
( )3انظر :كتاب «تحفة األسماع واألبصار بما يف سيرة المتوكلية من غرائب األخبار» ،تأليف :العًلمة
المؤرخ المطهر بن محمد بن أحمد بن عبد اهلل الجرموزي (1076 - 1003هـ) ،دراسة
وتحقيق:عبد الحكيم عبد المجيد الهجري المجلد األول( ،ص ،)309وكتاب خًلصة العسجد،
عبدالرحمن البهكلي( ،ص.)47 ،46
74
( )1الداعي الـ( )41الحسن بن إسماعيل شبام ،والداعي الـ( )45علي محسن شبام ،والداعي الـ ()46
غًلم حسين بن فرحات الهندي .هؤالء الدعاة الثًلثة ليسوا من المكارمة ،انظر :كتاب العقد
الممتاز يف أخبار هتامة والحجاز ،مقبل بن عبد العزيز الذكير( ،ص ،)20وكتاب بيان عن العًلقات
بين المملكة العربية السعودية واإلمام يحيى حميد الدين ،وزارة الخارجية السعودية( ،ص.)174
( )2اإلمام المهدي محمد بن أحمد بن الحسين المعروف صاحب المواهب .خًلصة العسجد،
(ص.)238
( )3كتاب تاريخ المخًلف السليماين ،تأليف :محمد بن أحمد العقيلي (ص ،)1112وكتاب دور آل
المتحمي يف مد نفوذ الدولة السعودية األولى يف عسير وما جاورها ،تأليف :أحمد يحيى أحمد آل
فائع (ص ،)139وكتاب مرتفعات الجزيرة العربية ،فليبي ،)686 ، 685/2( ،وكتاب نجران يف
أطوار التاريخ ،محمد أحمد العقيلي( ،ص.)127 -124
والقنفذة :إحدى المواين الرئيسة لبًلد هتامة والسراة على ساحل البحر األحمر ،وهي تقع بين مكة
المكرمة وجازان ،وهي إلى مكة أقرب حيث تبعد عنها (300كم) تقريبًا.
للمزيد انظر :شرف الربكايت الرحلة اليمانية (ص ،)67،133 - 46وكتاب عاتق البًلدي ،بين مكة
=
75
السفر إلى الهند ،ولكن الظروف لم تساعده ،فانتقل إلى نجران بدر
الجنوب(.)1
يقول مؤلف كتاب «نجران الحديثة»« :وقد كانت بدر الجنوب هي الحد
مركزا لهم ،فعمروها
الفاصل بين قبائل يام وقبائل قحطان ،واتخذها المكارمة ً
ببناءات طينية تتميز بدقة الهندسة ،وبديع التصميم ،ويسكن وادي بدر
الجنوب قبائل المضمار ،وهم من قبيلة آل أحمد بن فاضل من مذكر»(،)2
= واليمن( ،ص ،)169 - 109وكتاب مصادر تاريخ الجزيرة العربية يف تركيا ،سهيل صابان
(الرياض .مكتبة الملك فهد الوطنية1423 ،هـ2002/م) (ص )67وما بعدها.
( )1ذكرت بعض المصادر التاريخية أن (بدر) كانت تسمى الجمعة ،وأن محمد بن إسماعيل المكرمي
هو الذي غير اسمها تيمنًا بب لدته بالهند ،واسمها( :بدر باغ بومباي) ،وذلك يف القرن الثاين عشر،
والحقيقة أن هذا الكًلم غير صحيح فقد ذكر الهمداين يف كتابه «صفة جزيرة العرب» (ص،)226
وهو يف القرنين الثالث والرابع الهجريين (التاسع والعاشر الميًلديين) بأن« :ليام وطن بنجران،
نصف ما مع همدان منها ...حبونن ،وبدر وصيحان وقابل نجران وهدادة والحظيرة بأعلى
حبونن» ،وقد ذكرت هبذا االسم(:بدر) عند مرور األميرين القاسم ومحمد ابني جعفر بن اإلمام
العياين (ق4هـ /ق11م) ،انظر :كتاب القول المكتوب يف تاريخ الجنوب ،عسير ونجران،
(ص ،)334فقد ذكروا مرورهما بـ (بدر) يف نجران ثم سنحان فشريف فعبيدة حتى دخًل إلى بًلد
شهران ،واستقرا يف وادي ترج على وادي بيشة ،وكتاب البيان يف تاريخ جازان وعسير ونجران،
تأليف :عبد الواحد محمد دالل ،هامش (ص ،)72وكتاب سيرة اإلمام يحيى وبناء الدولة اليمنية
الحديثة ،تأليف :عبد الكريم بن أحمد مطهر( ،ص ،)190وكتاب العًلقات السعودية اليمنية ،أ.
د/.محمد سعيد منشط الشعفي ،ط :األولى 1414هـ( ،ص ،)170وكتاب بين مكة وحضرموت،
عاتق بن غيث البًلدي الحربي( ،ص.)132 - 131
( )2كتاب نجران الحديثة ،تأليف :سيد الماحي( ،ص ،)113وموسوعة المملكة العربية السعودية،
(.)149/5
76
وكان أهالي نجران على مذهب اإلمام الشافعي( ،)1وكان هناك قلة اعتنقوا
اإلسماعيلية منذ عصر الدولة الصليحية ،والدويًلت التي ورثتها مذهب ًّيا مثل
بعض بني حاتم الهمدانية ،ولكن الغالبية سنة شوافع ،ونجران سنية على مر
العصور ،وما اإلسماعيلية إال مذهب طارئ اعتنقه أقلية( ،)2وهذا المستشرق
( )1انظر :كتاب من مذكرات تركي بن محمد بن تركي الماضي( ،ص ،)420وكتاب بين مكة
وحضرموت ،عاتق بن غيث البًلدي( ،ص ،)336وكتاب نجران يف أطوار التاريخ ،محمد بن
المستَبصر ،البن المجاور( ،ص ،)209وكتاب السراج
أحمد العقيلي( ،ص ،)123وكتاب تاريخ ُ
المنير يف سيرة أمراء عسير ،تأليف:عبداهلل بن مسفر بن علي( ،ص ،)147ط1398( :1هـ) ،الناشر
مؤسسة الرسالة بيروت ،وكتاب نجران دراسة تاريخية حضارية ،تأليف :أ .د غيثان بن علي بن
جريس ،الطبعة األولى :لعام 1425هـ 2004 -م( ،ص ،)391 ،111وكذلك الكتاب
(ج ،)128/15وكتاب البيان يف تاريخ جازان وعسير ونجران ،تأليف :عبد الواحد محمد دالل،
(ص )17هامش رقم ،)2(:وكتاب دور آل المتحمي يف مد نفوذ الدولة السعودية األولى يف عسير
وما جاورها ،تأليف :أحمد يحيى أحمد آل فائع( ،ص ،)139وكتاب يف القرون اإلسًلمية
الوسيطة ،أ .د .عبداهلل بن محمد أبو داهش( ،ص ،)66وكتاب مرتفعات الجزيرة العربية،
( ،)683/2هاري سانت جون فيلبي ،مكتبة العبيكان ،وكتاب تاريخ هتامة والسراة (ق - 1ق/10
ق16 - 7م) المسمى تاريخ الجنوب( :الباحة وعسير ،جازان ونجران) ،تأليف :أ.د /.غيثان بن
علي بن جريس ،)353/2( ،وكتاب القول المكتوب يف تاريخ الجنوب -عسير ونجران -
تأليف:أ.د/.غيثان بن علي بن جريس ،)341/3( ،وموسوعة المملكة العربية السعودية،
( ،)140/5وكتاب القول المكتوب يف تاريخ الجنوب -عسير ونجران -تأليف:أ.د/.غيثان بن
علي بن جريس ،)55/8( ،وكتاب( :رؤية اليمن بين حبشوش وهاليفي) ،حييم بن يحيى بن سالم
الفتيحي وحبشوش ،وجزيف هالي ،مركزالبحوث والدراسات اليمني ،الطبعة األولى،
1412هـ1992/م( ،ص ،)163وكتاب الشيعة السعوديون ،إبراهيم الهطًلين( ،ص.)199
( )2ويف الوقت الحاضر الشائع والفكرة العامة إن أهل نجران ويام عمو ًما إسماعيلية وهذا تعميم وخطأ
كبير ،وهي فكرة غير صحيحة.
77
(جون لويس بور كهارت)( )1ينقل صورة واقعية يف ذلك الوقت البعيد عن أهل
أيضا المستوطنون
نجران ،فيقول« :وبني يام هؤالء منهم البدو ،ومنهم ً
(الحضر) ...يف حين نجد السواد األعظم من البدو هم من أتباع المذهب
السني ،وإن شئت فقل :مسلمون أصوليون»(.)2
()3
حيث ارتحل الداعي واستمر الداعي يف بدر إلى عام (1119هـ)
(محمد بن إسماعيل) إلى الشط( )4وحل بالدرب والمعروف يف ذلك الوقت
أثر يف وقتنا الحاضر -وأقام هناك
يبق له ٌ
وعمر هناك مسجدً ا – لم َ
بـ(حيان)َّ ،
ثًلث سنين ،وبعد ذلك ارتحل إلى نجران ،وقد أشار إليه الفقيه جابر بن مانع
(ُ )1ولد بوركهارت يف لوزان بسويسرا عام 1784م ،ودرس العربية والدين اإلسًلمي يف بريطانيا .وأوفدته
عمق دراسته يف حلب ،ودرس القبائل هناك ،واشتهر باكتشاف بيرتا الرابطة الربيطانية إلى َّ
الشرق ؛ ثم َّ
ثم سافر إلى مصر ،ومن هناك سافر إلى الحجاز؛
التي كانت عاصمة لألنباط ومركز تجارة القوافلَّ .
مكة عام 1814م .ثم عاد منها إلى مصر يف العام التالي .و ُتويف بالقاهرة سنة 1817م،
حيث وصل إلى َّ
ُ
و ُدفن يف مقربة المسلمينَّ .
ولعل أوىف ترجمة له تلك التي كتبها روبن بيدول يف كتابه الذي ترجم
عنوانه«:رحالة يف الجزيرة العربية» ،والذي ُطبع يف لندن عام 1976م.
َّ
( )2انظر :كتاب ترحال يف الجزيرة العربية ،تأليف :جون لويس بوركهارت ،ترجمة وتقديم :صربي
محمد حسن( ،ص.)251
( )3انظر :كتاب نجران تاريخ وإنسان ،تأليف :محمد طحنون( ،ص.)79
( )4شط لسلوم :شط الوادي كشط النهر( .ولسلوم قبيلة من يام يتكونون من خمسة أفخاذ :آل صليع،
وآل عامر ،والخضرة ،وآل قريع ،وبني هميم ،وشيخهم ابن قعوان) ،وهذه القرية يف وسط وادي
حبونا ،وأصبحت هذه القرية تسمى (حبونا) ،انظر :كتاب بين م َّكة وحضرموت( ،ص،)204
المقدم :عاتق بن غيث البًلدي الحربي.
78
بن قطيان آل نصيب ،والمتوىف سنة 1140هـ بعمارة الحصن المقابل لسلوة،
()1
و«العان» وهو آثار محل قديم كان مأوى وهو باسم قبيلة آل العرجاء
وسماه قصر (سعدان) ،ولهم حصن يف طيبة هبذا
َّ فعمره
للسراق والهوامَّ ،
االسم ،وانتقل إليه ،وكان ذلك يف 26ذي الحجة من عام 1122هـ(.)3()2
( )1قبيلة آل العرجاء :من قبائل الوعلة ،وهم أوالد محمد بن سليمان بن وعيل ،ولقب (آل العرجاء)
نسب ًة أل ِّمهم من قبيلة قحطانُ ،عرف عنهم الشجاعة والفروسية ،ولهم عدود (أبيار مياه مطوية) مثل:
حمى ،والوجيد ،والزفر ،وقد برز منهم مشايخ وقادة حروب ،مثل :مجحود بن علي العرجاين،
ومجهار.
نقًل عن مخطوطة (جًلء
( )2انظر :كتاب نجران تاريخ وإنسان ،تأليف :محمد طحنون( ،صً ،)79
األفكار) لمحمد بن عبداهلل بن سليمان المكرمي ،انظر :كتاب قبائل نجران على الموقع:
،)www.najran.ccnajran.cc@gmail.comلمجلة قبائل نجران على شبكة اإلنرتنت،
(ص1432( ،)63هـ 2011 -م .النسخة العاشرة).
( )3انظر :كتاب تاريخ الدعوة اإلسماعيلية ،لمصطفى غالب ،جدول رقم ،)3( :وكتاب الكويتي
اإلسماعيليون (كشف األسرار ونقد األفكار) ،لعادل سالم( ،ص ،)382وكتاب صحيفة الصًلة
اإلسماعيلية (ص ،)685واإلسماعيلية وفرقها حقائق ووثائق ،لعبد الرحمن المجاهد( ،ص،)246
وكتاب إسماعيلية اليمن السليمانية ،حمود زايد نوفل (ص ،)265وقد حدد دخول المكرمي لنجران
بين (1109هـ 1111 -هـ)( ،ص ،)79وكتاب أسرار الباطنية ،تأليف :محمد بن مالك الحمادي،
تحقيق :محمد بن حسين األكوع ،مركز الدراسات والبحوث اليمني ،صنعاء (ص ،)29 - 25وكتاب
يف بًلد عسير ،فؤاد حمزة( ،ص ،)186 ،174وكتاب نجران األرض والناس والتاريخ ،تأليف :سيد
الماحي( ،ص ،)29وكتاب تاريخ المخًلف السليماين ،محمد بن أحمد العقيلي( ،ج- 1112 /2
،)1113وكتاب دور آل المتحمي يف مدِّ نفوذ الدولة السعودية األولى يف عسير وما جاورها ،تأليف:
أحمد بن يحيى آل فائع( ،ص ،)238وكتاب نجران ،محمد أبو ساق( ،ص ،)126وكتاب نجران
تاريخ وإنسان ،تأليف :محمد طحنون( ،ص ،)56وكتاب اإلسماعيليون :تاريخهم وعقائدهم،
=
79
وهناك رواية أخرى أن طريقه كانت عن طريق (قرية القرن) ،ثم وادي
مرورا بوادي مطارة وكهًلن ،ثم الشط ،ثم وادي الحبناء ،ثم سرو
ً صيحان
(المرحى) ،ثم نزل يف قرية هدادة ،ثم اتجه
َّ شكًللة ،ثم فرع الجبل ،ثم سرو
مرورا بما يسمى يف
ً إلى نجران عن طريق حزم الشرى ،ثم الغثمة ،ثم استمر
وقتنا الحاضر بـ(بئر عسكر) ،ثم اتجه يمينًا مع الطريق النازل طريق (مغرة)،
وهو طريق القوافل القديم ،وعند وصوله إلى نجران أشار إليه جابر بن مانع
بن قطيان آل نصيب بعمارة الحصن المقابل لسلوة ،وهو باسم قبيلة آل
العرجاء.
32ـ الداعي هبة اهلل بن إبراهيم بن محمد بن الفهد المكرمي ،تولى
رئاسة المذهب اإلسماعيلي يف 26ربيع أول 1129هـ10/مارس1717م،
وتويف يف 25صفر 1160هـ 8/مارس1747م ،ودفن يف (سلوة نجران) ،وهو
= تأليف :د /فرهاد دفرتي ،ترجمة :سيف الدين القصير (ص ،)497وكذلك كتاب معجم التاريخ
اإلسماعيلي ،تأليف :د /فرهاد دفرتي ،ترجمة :سيف الدين القصير( ،ص ،)298وكتاب مختصر
تاريخ اإلسماعيلية ،د /فرهاد دفرتي( ،ص ،)341وكتاب البيان يف تاريخ جازان وعسير ونجران،
تأليف :عبد الواحد محمد دالل( ،ص )17هامش رقم ،)2( :وكتاب مرتفعات الجزيرة العربية،
فليبي ،)686/2( ،وقد ذكر فليبي يف شعب بران بقوله( :يوجد ...توقيعات عديدة لشخصيات
مكرمية يعود تاريخها للقرن الثاين عشر الهجري .كان أول تاريخ رأيته هو (1107هـ) (1696م) بينما
كان آخرها هو (1171هـ) أو (1758م) ،انظر( :ج ،)526/1وكتاب دخول نجران يف العهد
السعودي ،د .علوي عمر بن فريد( ،ص ،)42وكتاب نجران يف أطوار التاريخ ،ط1،1404هـ ،محمد
بن أحمد العقيلي( ،ص.)127 - 124 ،113
80
عم محمد بن إسماعيل ،وخليفته ،استنجد به ولده علي الساكن بطيبة ،فأنجده
واستغل الفرصة اإلمام المنصور الحسين بن المتوكل ،وحالفهم ضد أعدائه
()2
تقديرا لهم أهنم نصروه ،لكنه
ً من آل القاسم ،ووعدهم بحراز( )1والحيمة
مقررا
ً نكث بعهده مما أدى إلى حروب بينهم انتهت بإعطائهم بعض ما كان
()4
ابن لهم ،ويف عهده حدثت أول هنب لتهامة( ...( ،)3وهنبوا بيت الفقيه
مًل مستكثر ًة من ال ُع ُرض والدراهم
الحديدة؛ وأخذوا ُج ً
ُعجيل ،وبندر ُ
والبهائم .ولما ان َصرفوا راجعين إلى نجران ،جاءت طريقهم على (مور)،
َ
وأرسل من يستدعيهم له ،وأجابوا مناديه ،ول َّبوا داعي ُه؛ فأحس هبم َّ
الشريف، َّ
(َ )1ح َراز :بًلد معروفة خصبة ذات جبال منيعة ووعرة غرب صنعاء ،ما بين صنعاء والحديدة ،بعض
أهلها من الطائفة اإلسماعيلية.
( )2الحيمة :بًلد واسعة غربي صنعاء ،وهي منقسمة لقسمين الحيمة الداخلية والحيمة الخارجية وهي
كثيرة الخيرات.
ً
شماال إلى عدن ( )3تهامة :وهي السهول المحاذية للساحل الشرقي للبحر األحمر .وتبدأ من العقبة
جنوبًا .ويقال لها :هتامة بصيغة الجمع ،وقيل :إهنا سميت «هتامة» النخفاض أرضها وشدة حرارهتا.
وتنقسم إلى عدَّ ة أقسام ،هتامة الحجاز ،وهتامة عسير ،وهتامة اليمن .انظر :العقيلي ،تاريخ المخًلف
السليماين ،)62/1( ،والمقحفي ،معجم البلدان ،)243/1( ،وخًلصة العسجد (للبهكلي)
(ص.)41
تم أول هنب لبيت الفقيه من قبائل يام عام1142( :هـ1729/م) ،انظر :كتاب مئة عام من تاريخ
(َّ )4
اليمن الحديث ،الدكتور :حسين عبداهلل العمري( ،ص ،)99 ،98انظر :كتاب قبائل نجران على
الموقع ،)www.najran.ccnajran.cc@gmail.com :لمجلة قبائل نجران على شبكة
اإلنرتنت( ،ص1432( ،)65هـ 2011 -م .النسخة العاشرة).
81
( )1انظر :كتاب خًلصة العسجد ،عبدالرحمن بن أحمد البهكلي( ،ص ،)132 ،131وكانت
يف1156(:هـ).
( )2انظر :كتاب إسماعيلية اليمن السليمانية «المكارمة» ،تأليف :حمود زايد نوفل( ،ص،)101
وصحيفة الصًلة اإلسماعيلية ،لمؤلفها :المنصوب سيد نصر اهلل( ،ص ،)687المطبوع يف حيدر
آباد ،سنة (1390هـ) ،وكتاب تاريخ المخًلف السليماين ،محمد بن أحمد العقيلي( ،ص.)393
( )3بعض المؤرخين يصف قبائل يام بالمرتزقة ،فلماذا لم يوصف غيرهم هبذا الوصف؟ .وإذا نظرنا
مظهرا من مظاهر القوة والشجاعة
ً إلى معايير ذلك العصر الذين يعتربون احرتاف القتال
دليًل على قوهتم
والفروسية؛ حيث كانت (يام) تحرتف القتال المنظم تحت رايات ثًلث ،وهذا ً
=
82
القبائل؛ لحماية نفسه من هتديد قبائل يام التي أصبحت معادي ًة له)(.)1
[حوادث سنة 1142هـ 1729/م]
هجوم يام والمكارمة على بيت الفقيه:
[قد] ذكر بما َّ
حل بمدينة بيت الفقيه على يد قبائل يام من نجران يف سنة
1142هـ1729/م بعد أن فتحت لهم قبائل «حاشد» الطريق ،وانضم إليهم
أحمد بن محمد أبو منصور صاحب ذيبين()2؛ قال:
ُص َّكـــــت بأخبــــار يام فيه ُ
آذان َو َهل ن َِسي أحدٌ (بيت الفقيه) َو َقد
وص ُ
بيان م ًاال وكم سبِيت ُخود ِ كم َعزيز أذلـــــــو ُه وكَم َج َحفـــوا
ٌ ُ َ َ
ِ
أخبار َقد كانوا المو ِ
اطن يف ِ فالنظم َيع َج ُز َعن َحص ٍر لِ َما َد َخلت
م َن َ ُ
وكان المنصور حسين حين بلغه العدوان على بيت الفقيه قد أرسل
ٍ
ومدد عاج ٍل من صنعاء ،وتمكنت هذه العساكر من اإليقاع بقبائل يام بعساكر
يف موضع يقال له :المحمرة من أطراف هتامة ،واستعادوا ما سلبوه بعد أن
= وكفايتهم معنو ًيا وماد ًّيا -وإال لما كان استعان هبم غيرهم -وهذا فيه مدح لهم يف بيئة لم تكن
تعرف أو تفهم إال لغة القوة ،ولم تكن تقدر يف ذلك الوقت إال القوة ،والقوة وحدها؛ وهذا ينايف
وصف (االرتزاق) الذي يراد منه لمز قبائل يام.
( )1انظر :كتاب :نزهة الظريف يف سيرة أوالد الشريف ،عبدالرحمن البهكلي ،دراسة وتحقيق :سعد بن
مبارك بن سعد( ،ص ،)78 ،77وكتاب :خًلصة العسجد( ،ص ،)55 ،54وكتاب :العًلقات بين
أمراء أبي عريش وأمراء عسير ،الصميلي( ،ص ،)24وكتاب :تاريخ المخًلف السليماين -يف ظل
حكم أسرة آل خيرات ،تحقيق ودراسة :فؤاد عبدالوهاب الشامي( ،ص.)59 ،58
( )2بلدة يف اليمن.
83
هزمت يام(.)1
33ـ الداعي إسماعيل بن هبة اهلل بن إبراهيم بن محمد بن الفهد
المكرمي( ،)2تولى رئاسة المذهب اإلسماعيلي يف ( 25صفر 1160هـ8 /
مارس 1747م) ،وتويف يف ( 16صفر 1184هـ11/يونيو 1770م) ،ودفن يف
(سلوة نجران) .شهدت الطائفة يف عهده أشهر حمًلهتا ،وأبعدها جهة ،حيث
أرسل أخاه حسن إلى حضرموت يف عام (1171هـ1758/م) ،ثم أرسله يف
عام (1178هـ 1764/م) للحائر(.)3
[حوادث سنة 1162هـ1749/م]
قتل الشريف حوذان بن محمد بن أحمد آل خيرات(:)4
( )1كتاب :مئة عام من تاريخ اليمن الحديث ،حسين عبداهلل العمري( ،ص ،)98وكتاب :نجران تاريخ
وإنسان ،محمد بن طحنون( ،ص ،)81وكتاب :عسير يف عهد الملك عبدالعزيز ،ودورها السياسي
واالقتصادي والعسكري ،محمد عبد اهلل آل زلفة( ،ص.)458
تم النقل
( )2هو صاحب كتاب (مزاج التسنيم يف التأويل) والذي عني به وصححه( ،شرتوطمان) وقد َّ
عن النسخة الخ ِّطية ،76والمحفوظة يف مكتبة امربوسيانه ميًلنو.
( )3انظر :مشاركاته يف غزو المخًلف السليماين كتاب[ :تاريخ المخًلف السليماين] ،محمد بن أحمد
العقيلي( ،ص ،)404 ،401،403 ،400وكتاب :جبال فيفا وبني مالك ،أ.د عبداهلل بن أحمد
الفيفي ،ص ،]52 ،44[:وكتاب :إسماعيلية اليمن السليمانية ،حمود زايد نوفل( ،ص،175
،)176وكتاب :خًلصة العسجد ،عبدالرحمن البهكلي( ،ص.)277 ،276 ،255
( )4الشريف حوذان (1163 - ...هـ) :هو الشريف حوذان بن محمد بن أحمد آل خيرات الحسني ،من
ذوي الهمم العالية والطموحات السامية ،تط َّلع إلمارة المخًلف السليماين بعد وفاة أخيه أحمد بن
=
84
= محمد (1154 - ...هـ) ،فسبقه إليها ابن أخيه األكرب محمد بن أحمد بن محمد آل خيرات (...
والخاصة ،وحين
َّ 1184 -هـ)؛ حيث بادر بتصدر اإلمارة بعد وفاة والده مباشرة وانقاد له العا َّمة
هم بمنازعته فلم يتمكن يف بداية األمر ،لكنه مع ذلك لم يستسلم لألمر
علم الشريف حوذان بذلك َّ
دب بينه وبين ابن أخيه صراع على إمارة المخًلف السليماين طال أمده
الحادث؛ حيث لم يلبث أن َّ
حتى استطاع أن يقصي ابن أخيه عن إمارة المخًلف ويتوالها لمدَّ ة عام كامل ،لكن ابن أخيه ما
عمه عن اإلمارة بالكلية،
عمه حوذان بعد معارك ومًلحم طويلة فأقصى َّ
لبث أن اسرت َّد اإلمارة من ِّ
َّ
وظل الصراع بين الشريف (حوذان) وابن أخيه الشريف (محمد بن أحمد) حتى انتهى بقتل
الشريف حوذان غيلة بمدينة أبي عريش يف عام1163( :هـ) .انظر :تفاصيل ذلك الصراع يف كتاب:
خًلصة العسجد (للبهكلي) (ص ،)208 - 117،199وكتاب المخًلف السليماين ،محمد بن
أحمد العقيلي.)401 - 400 ،395/1( ،
( )1هو :الداعي إسماعيل بن هبة اهلل بن إبراهيم بن محمد بن الفهد المكرمي رقم ،)33( :انظر :ترجمته
يف الصفحة السابقة.
85
عمه ،وكان قد صمم على غير ذلك ،واستعد بقو ٍم من أهل الجوف لقتل عمه
ِغيل ًة(.)1
التنفيذ :أخذ بعد مغادرة الوفد يدبر المكائد للتخلص من عمه ...وبعد
مسلما ،وكان قد دبر األمير مع الجوفيين،
ً ذلك بأيام دخل عمه عليه كعادته
وبعد أن سلم واستقر به المجلس ،قرب األمير ،أشار األمير إلى أحد الجوفيين
إشار ًة خفيةً ،فتقدم الجويف موريا أنه يريد السًلم على األمير حوذان ،وتناول
يده ،وانكب على إهبامه بفمه حتى أباهنا أو كادت ،ثم دفعه إلى الحائط فدفعه
( )1المصدر :المخًلف السليماين ،محمد بن أحمد العقيلي ،)400 /1( ،وكتاب :خًلصة العسجد،
عبدالرحمن البهكلي( ،ص ،)198وكتاب :نجران تاريخ وإنسان ،محمد طحنون آل دغرير( ،ص.)94
( )2المصدر :المخًلف السليماين ،محمد بن أحمد العقيلي ،)400 /1( ،وكتاب :خًلصة العسجد،
عبدالرحمن البهكلي( ،ص ،)205 - 202وكتاب :نجران تاريخ وإنسان ،محمد طحنون آل
دغرير( ،ص.)95
86
المكرمي الثائر:
علم المكرمي بقتل األمير لعمه ،وكان هو المتعهد لحوذان ،والضامن
له على وفاء األمير ،فنزل على رأس يام إلى المخًلف السليماين -وإهنا
لفرصة طيبة لمثله يف أن يظهر بمظهر الوفاء ،ويمأل وطابه من الغنائم -وصل
المكرمي مدينة حرض ،وقتل عاملها علي بن أحمد أخا األمير محمد ،وم َّثل
به أشنع تمثيل؛ العتقاده أنه السبب يف مقتل الشريف حوذان ،ثم والى تقدُّ مه
()1
صوب أبي عريش ،ويف الطريق إليها كتب إلى رؤساء المخًلف َّ
بأن اإلمام
قد عزل األمير ،فاستبشر الجميع وسارعوا إلى تقديم األطعمة والذبائح
للمكرمي وقومه ،وأقبلوا على الرتحيب به ومقابلته ،ووفد عليه فارس بن
أحمد القبطي صاحب المعنق بالضيافة ،وسار بصحبتهم إلى أبي عريش،
وذلك يف شهر رمضان عام 1163هـ1750/م.
ومر المكرمي من شرق مدينة أبي عريش يف حملته ،وقد َّفر أكثر أهلها
تحصن يف القلعة .عسكر المكرمي قبلي
إلى جهة صبيا وغيرها ،أما األمير فقد َّ
مدينة أبي عريش بين أبي عريش والعقدة ،وغادوه وراوحوه بالغارات ،وأقاموا
على حصاره إلى شهر القعدة ،وتم الصلح بينه وبين المكرمي على:
عفوا عن جميع أهالي المخًلف الذين أعانوا المكرمي.
1ـ أن ُيصدر ً
( )1المصدر :المخًلف السليماين ،محمد بن أحمد العقيلي ،)401 /1( ،وكتاب :خًلصة العسجد،
عبدالرحمن البهكلي( ،ص ،)208وكتاب :نجران تاريخ وإنسان ،محمد طحنون آل دغرير( ،ص.)96
( )2المصدر :المخًلف السليماين ،محمد بن أحمد العقيلي.)403 ،402 /1( ،
وحديثة» ،سالم بن محمد ِ
قديمة َ
المسمى :بال ُعدَّ ة المفيدَ ة الجام َعة لتواريخ َ
( )3انظر« :تاريخ حضرموت ُ
بن سالم ابن حميد الكندي ،تحقيق :عبداهلل بن محمد الحبشي.)315 ،304،314/1( ،
88
المذكورة قبل وفاته ،جاءت جيوش من القبلة قائدها المكرمي( )1وأظنُّه من
فتحصن سيدنا الحبيب الحسن المذكور
َّ قبائل حام( )2إلى الجهة الحضرمية،
يف محل بالعرضة النجدي شرقي المحرتقة ...وكان سبب خروجه إلى ذلك
المحل إتيان المكرمي من قبائل صنعاء( )3من أهل البدعة بجيش عظيم اسمه:
هبة اهلل ،وكان صاحب َجدَ ٍل ،يلتقي بعلماء الجهة الحضرمية ويناظرهم
وتحصنوا من
َّ السواد انتقلوا من محًلهتم،
ويمتحنهم بالمسائل ،حتَّى إن أهل َّ
جيوش ذلك المبتدع يف الحصون والجبال ،وصالحه غالب قبائل الجهة
ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ )( )4اآلية.
قوة خارجية ،فقد رجع حسن بن هبة اهلل المكرمي هو وجيشه بعد أن خسروا
الكثير من األموال(.)1
[حوادث سنة 1172هـ1759/م]
إسماعيل بن هبة اهلل المكرمي ُمسترفدً ا للشريف(:)2
«وفيها :وصل القاضي إسماعيل بن هبة اهلل المكرمي إلى حضرة
الشريف ،ومعه جماعة من أوالده وبني أخيه وافدً ا و ُمسرتفدً ا له يف ديون لحقته
لقبائل يام بسبب تجهيزه ألجناد [منهم] صحبت أخيه حسن بن هبة اهلل إلى
بًلد حضرموت قصدً ا لتملكها ،فرجعوا ولم يقفوا منهم على طائ ٍل سوى أهنم
ً
أمواال عظيمة... خسروا
ولما وصل القاضي المكرمي إلى الشريفَ ،قبِله وأكرم ُن ُزله؛ وقضى َّ
أكثر َدين ِ ِه أو كله؛ محافظ ًة على الوفاء ،ومكافأ ًة له ،فأقام بحضرة الشريف حتى
دخلت سنة ثًلث وسبعين ،ثم عاد إلى نجران»(.)3
( )1عبد الرحمن بن الحسن البهكلي ،خًلصة العسجد( ،ص ،)235 ، 15وكتاب :الفرق والمذاهب
يف حضرموت ،أكرم مبارك عصيان( ،ص ،)230وكتاب :نشر محاسن األوصاف( ،ص.)163
( )2هذه الحادثة لم ترد يف كتاب نجران ..تاريخ وإنسان ،لصاحبه :محمد طحنون ،رغم أن أكثر نقوالته
يتجرد من الهوى والعاطفة وحظوظ
من كتاب (خًلصة العسجد) ،والباحث المنصف يجب أن َّ
النفس ،فينقل بصدق وأمانة جميع الحوادث له أو عليه.
( )3المصدر :كتاب :خًلصة العسجد ،عبد الرحمن بن الحسن البهكلي( ،ص ،)236 ،235راجع
كتاب :إسماعيلية اليمن السليمانية «المكارمة» ،حمود زايد نوفل( ،ص.)102
91
( )1انظر :كتاب :جبال فيفا وبني مالك ،أ.د عبداهلل بن أحمد الفيفي (ص ،)44،52وكتاب :تاريخ
المخًلف السليماين ،محمد بن أحمد العقيلي ،)404 ،403/1( ،وكتاب :إسماعيلية اليمن
السليمانية ،حمود زايد نوفل( ،ص ،)176 ،175وكتاب :خًلصة العسجد ،عبدالرحمن البهكلي،
(ص ،)277 ،276 ،255وكتاب :نجران تاريخ وإنسان ،محمد طحنون آل دغرير( ،ص،)103
وكتاب :تاريخ المخًلف السليماين -يف ِّ
ظل حكم أسرة آل خيرات ،تحقيق ودراسة :فؤاد
عبدالوهاب الشامي( ،ص ،)62وكتاب :قبائل نجران على الموقع:
( ،)www.najran.ccnajran.cc@gmail.comلمجلة :قبائل نجران على شبكة اإلنرتنت،
(ص1432( ،)81هـ 2011 -م .النسخة العاشرة).
( )2معنى الرموس :القبور.
93
جميع أسلحة الجيش تقري ًبا ،فلم يسع األمير إال الرحيل عائدً ا إلى أبي عريش.
[حوادث سنة 1175هـ1761/م]
نزول قبائل يام لألخذ بالثأر من أهل ( َف ْيفا) :نزل القاضي إسماعيل
المكرمي( )1على رأس جموع «يام» لألخذ بثأر أصحاهبم من أهل جبل ( َفيفا)،
فخ َّيم قرب مدينة أبي عريش ،فخرج إليه األمير محمد بن أحمد الستقباله،
ٍ
احرتاس من اآلخر ،وطلب المكرمي والرتحيب بمقدمه ،وكان ٌّ
كل منهما على
مكرها ،وبعد
ً من األمير الخروج معهم لقتال أهل ( َفيفا) ،ووافقه األمير
وصولهم إلى الجبل وصعودهم ،منوا هبزيمة منكر ًة أشد خسارة يف األرواح
من األولى(.)2
المكرمي
َ ويقول صاحب كتاب «خالصة العسجد»[« :فلم] َيخ ُلص
ً
محموال على أعناق الرجال بعد أن قاسى مشق ًة جسيمةً ،ورأى بنفسه إال
أخف من المرة
َّ خطو ًبا فادح ًة ُمضيمةً ،ولكنه لسرعة الفرار كان القتل فيهم
أخف ً
حاال وشأنًا ،وإن كان الحكم متحدً ا يف ُّ األولى؛ فهذه بالنظر إلى تلك
كون الهزيمة تورث مذل ًة وهوانًا ،فلما أيقن المكرمي بعدم القدرة على الجبل،
( )1هو :الداعي (الثالث والثًلثون) إسماعيل بن هبة اهلل بن إبراهيم بن محمد بن الفهد المكرمي،
راجع ترجمته( ،ص )83من هذا الكتاب.
( )2المرجع :كتاب تاريخ المخًلف السليماين ،محمد بن أحمد العقيلي ،)404 ،403/1( ،وكتاب
نجران تاريخ وإنسان ،محمد طحنون آل دغرير( ،ص.)104
94
قوض خيامه ،وارتحل ،وقد ُسلبت جميع آالت دولته من الرايات والطيلسان،
َّ
وأثاثه المختص به من النحاس ونحوه حتى البغلة التي يركبها يف أغلب
األحيان ،وقنع من الغنيمة باإلياب ،وقهقر بضرب أصدرته عن تلك األطواد
والشعاب .ولم يكن قد صدر من ٍ
أحد من أهل هذه الجهات بعد وقعة العقدة
يف بني يام مثل ما صدر من أهل هذا الجبل الذي هو من شوامخ األعًلم .وظفر
أميرا يطيعه
المعكوي بجميع آالت المكرمي وأثاثه ،وأصبح يف الجبل ً
ابن ُ
فضًل عن إناثه»(.)1
أكابر ذكوره ً
[حوادث سنة 1175هـ1761/م]
وصول عساكر من «يام» من غير واسطة المكرمي:
خًلف بين الشريف وبين بني حسن ،كتب الشريف إلى
ٌ عندما حصل
المكرمي يطلب منه ...فلما أيس منه ،كتب إلى ُع َّقال( )2يام من غير واسطة
بمن يستطيع من عسكر
المكرمي أنه َمن أراد منكم الوصول للخدمة ،فليصل َ
من غير رأي المكرمي ،فلم يصل إليه إال جماعة قليلون من جشم خاصةً،
( )1المصدر :كتاب خًلصة العسجد ،عبدالرحمن البهكلي( ،ص ،)276وكتاب قبائل نجران على
الموقع ،)www.najran.ccnajran.cc@gmail.com( :لمجلة :قبائل نجران على شبكة
اإلنرتنت( ،ص1432( ،)81هـ 2011 -م .النسخة العاشرة).
(ُ )2ع َّقال :قادة ،أو كبار القوم ،أو أصحاب الرأي وأهل ِّ
الحل والعقد.
95
ٍ
سابقة ٍ
بعهود المكرمي نزولهم ،كتب إلى الشريف يلومه على قبولهم ،ويذكره
حرض بينهم ،منها أنه ال يقبل أحدً ا من بني يام إال إذا جاءه ٍ
برأي منه ....ثم َّ
على الشريف يف ردهم ،فأجاب عليه َّ
بأن هؤالء يف حكم األضياف ،وأن الرد
لهم قبيح ،ال يليق باإلنصاف ،فلم يقبل منه المكرمي هذه المعاذير ،بل أرسل
إليه َمن يتهدده ويتمنن عليه بما سبق له معه من االجتهاد والمناصرة على
األضداد ،إلى غير ذلك من اإلبراق واإلرعاد .وأفهم فحوى خطابه أنه إذا لم
يطاوعه إلى ما أراد ،حصل منه الشر ،وال ير ُّده عن ذلك را ٌّد ،فلم يلتفت
الشريف إلى شيء من إبراقه وإرعاده ،وال ساعده إلى قضاء مراده ،بل أبقى
تلك الطائفة يف حضرته غير ٍ
مبال بانطًلق شقشقته(.)1
[حوادث سنة 1176هـ 1762/م]
حصار المكرمي ألبي عريش(:)2
ثم رفع المكرمي( )3إلى الخليفة( )4بالمتَّفق؛ ولعله طابق غرضه لسبب
( )1المصدر :كتاب :خًلصة العسجد ،عبدالرحمن البهكلي( ،ص ،)279 ،278وكتاب :تاريخ
المخًلف السليماين -يف ِّ
ظل حكم أسرة آل خيرات -تحقيق ودراسة :فؤاد عبدالوهاب الشامي،
(ص.)63
( )2المصدر :كتاب :خًلصة العسجد ،عبدالرحمن البهكلي( ،ص.)293
( )3الداعي :هو إسماعيل بن هبة اهلل المكرمي.
( )4الخليفة :هو اإلمام الزيدي المهدي لدين اهلل العباس بن حسين القاسم ،انظر :كتاب :قبائل نجران
على الموقع ،)www.najran.ccnajran.cc@gmail.com( :لمجلة :قبائل نجران على
شبكة اإلنرتنت( ،ص1432( ،)83هـ 2011 -م النسخة العاشرة).
96
خامس يوم خروجهم أو سادسه ،فكأهنم خشوا اعرتاض بكيل لهم ،وكانت
هذه مِنَّ ًة من اهلل سبحانه على عباده(.)1
انفصال بكيل« :وبعد [خروج] بني يام ،شرع الشريف يف تزليج( )2بكيل،
وقد لحقه من المغارم ما تعجز عن التعبير عنه ألسنة األقًلم ،فإهنم بقوا
ٍ
أشهر ،فاجتاحوا ما عنده من النقود والطعام ،ولكنه لم بحضرته نحو سبعة
مقهورا لم يظفر بحسن
ً يحفل بذلك حتى قضى المرام ،ورجع عنه خصمه
الختام»(.)3
الرحالة نيبور يقيم يف أيام هذه األحداث بمدينة اللحية ،فذكر ما جرى بالمخًلف السليماين،
( )1كان َّ
فأتى بتفسير آخر لسرعة انصراف بني يام؛ قال( :فشاع الخرب بأن شيخ قبيلة قحطان دخل بًلد
نجران ،وهذا ما اضطر الشيخ المكرمي إلى الرجوع السريع) ،ولعله يأيت باحث يف المستقبل َيظهر
له ما لم تسعفنا به المصادر الموجودة بين أيدينا لهذه الحادثة( .انظرNiebuhr , :
،):Description 2, p. 107وكتاب قبائل نجران على الموقع:
( ،)www.najran.ccnajran.cc@gmail.comلمجلة :قبائل نجران على شبكة إلنرتنت،
(ص1432( ،)83هـ 2011 -م النسخة العاشرة).
( )2تزليج هيُ :أعطيات الجند مرتباهتم المقطوعة.
( )3المصدر :كتاب :خًلصة العسجد ،عبدالرحمن البهكلي( ،ص.)295
98
( )1انفرد ابن لعبون يف ذكر التفاصيل حول خسائر وقعة [الحائر] دون غيره ،وهي عند ابن بشر (عنوان
نصا كما يبدو من ابن لعبون .ذكر ابن لعبون مصدر معلوماته بقوله:
المجد( ،ج )94/2بتفاصيلها ًّ
«أخربنا سليمان بن محمد بن ماجد» ،أما ابن بشر فلم يذكر مصدره لهذه المعلومة أو اسم من أخربه
عن الوقعة واكتفى بقوله« :أخربنا من حضر تلك الوقعة» ،ويف موقعين آخرين« :و ُذكِر لي» .انظر:
تاريخ ابن لعبون( ،ص ،)479هامش رقم واحد.
( )2أماكنهم السابقة قرب «بدر الجنوب» معروفة ومعلومة عند أهل المنطقة ومنها( :صلبان عجيم يف
مطارة قرب (القرن) يف بداية وادي صيحان) ،يقول صاحب كتاب :البداوة بين عراقة الماضي
وأصالة الحاضر ،محمد الخالد الشرعبي« :وهناك قرى قديمة شبه مهجورة منها :كهًلن ومطارة
وهي قرب بدر الجنوب ومنها آبار معروفة منها الحصينية وسلوى .وهناك آبار قديمة للعجمان
صارت اليوم شبه قرى سكنها غيرهم من قبائلهم ،واليزال هناك منهم آل سفران ،ومن تلك اآلبار:
بئر عجيم ،وبئر فايد ،وبئر أم الحمام ،وبئر أم حجر ،وبئر كهًلن ،وكلها تعود للعجمان َ
قبل
خروجهم من نجران ،بًلد يام .ويوجد قصر مشيد برأس جبل قرب تلك اآلبار ُينسب إلى شقيق
عجيم ووعيل المدعو (غصن) وذلك قبل أن يرحل إلى جبل الريث ،ويسمى :قصر (غصن)،
وال يزال حتى اليوم ،وهو غير مسكون» (ص ،)1149راجع كتاب :صفحات من تاريخ الخرصان،
د .عبدالعزيز بن سعود العجمي( ،ص.)187
99
( )1الدرر المفاخر( ،ص ،)92تعليق عن نجران بالحاشية ،وكتاب لمع الشهاب يف سيرة محمد بن عبد
الريكي( ،صَ ،)122د َر َسه وحققه وع َّلق عليه ،أ.د .عبد
الوهاب ،تأليف :حسن بن جمال أحمد ِّ
َّ
اهلل الصالح العثيمين1426( ،هـ2005/م) دارة الملك عبدالعزيز ،وكتاب العجمان وزعيمهم
راكان بن حثلين ،تأليف :أبو عبد الرحمن بن عقيل الظاهري( ،ص ،)33وكتاب تاريخ قبيلة
العجمان ،دراسة وثائقية ،تأليف :د .سلطان بن خالد بن حثلين ،أستاذ مساعد قسم الدراسات
اإلسًلمية والعربية ،جامعة الملك فهد للبرتول والمعادن الظهران ،ود .زكريا كورشون أستاذ
مشارك يف التاريخ الحديث ،جامعة مرمرة إسطنبول( ،ص ،)42 ،21وكتاب البيان يف تاريخ جازان
وعسير ونجران ،تأليف :عبد الواحد محمد دالل( ،ص )17هامش رقم ،)2( :وكتاب لهجة
العجمان يف الكويت ،شريفة المعتوق( ،ص ،)43وكتاب عسير يف عهد الملك عبد العزيز ،د.
محمد آل زلفة( ،ص ،)174وكتاب نجران ،محمد أبو ساق( ،ص ،)173وكتاب القول المكتوب
يف تاريخ الجنوب ،أ.د .غيثان بن علي بن جريس ،)61/8( ،وكتاب من أخبار القبائل يف نجد ،فائز
بن موسى البدراين الحربي( ،ص ،)277وكتاب ،تاريخ اإلحساء السياسي1913 – 1818( :م)،
للدكتور :محمد عرابي نخلة ،الناشر :منشورات ذات السًلسل ،الطبعة األولى:
1400هـ1980/م( ،ص ،)112راجع كتاب :صفحات من تاريخ الخرصان ،د .عبدالعزيز بن
سعود العجمي( ،ص.)187
( )2حمد بن إبراهيم بن عبداهلل الحقيل /كنز األنساب ومجمع اآلداب( .ص ،)59 - 58انظر :كتاب:
=
100
ويذكر (سادلير) بأن العجمان رحلوا إلى جهات األحساء يف آخر القرن الثاين
عشر الهجري(.)1
لسانه ،وقد َغ َلب لقب عجيم على اسم «علي» هذاَ ،
وجمعهم (عجمان)
وواحدهم (عجمي) ،وهم بطن من «يام» من همدان من قحطان بن هود عليه
السًلم ،ونسبهم هو :علي (عجيم) بن هشام من ولد الغز بن مذكر بن يام بن
= تاريخ قبيلة العجمان ،دراسة وثائقية ،تأليف :د .سلطان بن خالد بن حثلين ،ود .زكريا كورشون،
(ص ،) 21وكتاب :العجمان وزعيمهم راكان بن حثلين ،تأليف :أبو عبد الرحمن بن عقيل
الظاهري ،الطبعة الثانية 1416هـ 1996 -م( ،ص.)45
( )1كتاب :رحلة عرب الجزيرة العربية ،فورسرت سادلير -ترجمة :أنس الرفاعي -إشراف سعود بن
جمران( ،ص .)211 ،21وقد بسطت العجمان نفوذها على األحساء بعد معركة -مناخ الرضيمة
-عام 1238هـ ،مع أمراء آل "عريعر" واستقرت يف وسطها ،ونزلت قبيلة آل ُم َّرة يف ناحيتها
الجنوبية يف أطراف الرمال ،وفيما بين األحساء وشبه جزيرة قطر .انظر :حمد الجاسر :المعجم
الجغرايف يف البًلد العربية -المنطقة الشرقية -القسم األول( ،ص ،)58وكتاب إسماعيلية اليمن
السليمانية ،حمود زايد نوفل (ص ،)223وكتاب العجمان وزعيمهم راكان بن حثلين ألبي
عبدالرحمن بن عقيل الظاهري (ص.)57 - 55
( )2انظر( :ص.)227
(« )3الدرر المفاخر» (ص( )61 - 54حاشية) ،وكتاب :صفحات من تاريخ الخرصان ،د .عبدالعزيز
بن سعود الضبان العجمي( ،ص.)35
101
أصبا بن دافع بن مالك بن جشم بن حاشد بن جشم بن حربان( )1بن نوف بن
همدان بن مالك بن زيد بن أوسله بن ربيعة بن الخيار بن مالك بن زيد بن
كهًلن بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان بن هود عليه السًلم(.)2
كانت مساكنهم مع أبناء عمومتهم «يام» يف نجران ،ثم زحفوا إلى نجد
يف حدود عام 1130هـ هم وإخواهنم آل ُم َّرة( )3بن جشم بن يام ،ثم اشتعلت
الحرب بينهم وبين األميرين محمد وماجد آل عريعر يف معركة الرضيمة عام
1238هـ ،وهزموهما ،وبسطوا يدهم على األحساء منذ ذلك التاريخ .أما أبناء
شقيقه وبير بن علي (عجيم) بن هشام بن الغز بن مذكر بن يام ،فعددهم قليل
رجًل ،وقد تخلفوا يف العارض إلى هذا اليوم ،أما
ً جدًّ ا ال يتجاوز عشرين
(وعيل) بن هشام شقيق عجيم ،فقد تكاثر نسله ،وتخلفوا يف نجران إلى هذا
اليوم ،ويسمون (رجال وعيل) ،وشقيقهم الثالث (غصن) بن هشام ،ذريته يف
جبل الريث غرب أهبا»( ،)4يقول محقق كتاب الدرر المفاخر يف أخبار العرب
( )1يقول الدكتور :عبدالعزيز بن سعود بن عبدالرحمن الضبان العجمي ،صاحب كتاب« :صفحات
من تاريخ الخرصان»« :أن االسم الصحيح هو (خيوان)» ،انظر( :ص.)29 ،28
( )2وقد عارض الدكتور :عبدالعزيز بن سعود الضبان وصل قحطان هبود عليه السًلم بماشرة واستشهد
بشواهد كثيرة ،انظر :المصدر السابق( ،ص.)31 ،30
( )3انظر :نسب وديار قبيلة (آل ُم َّرة) مجلة« :العرب» ج - 7السنة الرابعة -محرم 1390هـ/إبريل
1970م( ،ص ،)623 - 610وكتاب :الدرة يف أخبار آل ُم َّرة ،تأليف :محمد بن راشد آل عذبة
المري ،وكتاب الدرر المفاخر ،محمد البسام التميمي ،تحقيق :سعود بن غانم الجمران (ص.)92
( )4انظر :كتاب :العجمان وزعيمهم راكان بن حثلين ألبي عبدالرحمن بن عقيل الظاهري (ص.)227
102
( )1عبدالعزيز بن محمد بن سعود هو :أحد أئمة الدولة السعودية األولى ،بويع باإلمامة عام
1179هـ1765/م بعد موت والده ،ويف عهده امتدَّ نفوذ الدولة السعودية األولى ليشمل نجدً ا،
والحجاز ،وعسير ،والمخًلف السليماين ،واألحساء وكان عهد هذا اإلمام موصو ًفا بالرخاء
واألمن واالستقرار ،اغتيل يرحمه اهلل يف شهر رجب من عام 1218هـ1803/م وهو يصلي صًلة
العصر يف مسجد الطريف بالدرعية .انظر سيرته لدى :ابن بشر ،عثمان بن عبداهلل ،عنوان المجد يف
تاريخ نجد ،تحقيق :عبدالرحمن بن عبداللطيف آل الشيخ ،دارة الملك عبدالعزيز ،الرياض،
1402هـ1982/م ،)264/1( ،وما بعدها.
عبدالوهاب» ،المؤلف :مجهول،
َّ ( )2ذكر صاحب كتاب «كيف كان ظهور شيخ اإلسًلم محمد بن
دراسة وتحقيق وتعليق :الدكتور :عبداهلل بن الصالح العثيمين( ،ص )63 ،62أن سبب معركة
رجًل ،ومن
الحائر هو غزو من أهل اليمن صادفهم عبدالعزيز وانتصر عليهم وأوثق منهم ثمانين ً
جملتهم :ابن أخت حسن بن هبة اهلل المكرمي ،ويسمى يوسف( ،وهذا القول قد خالف جميع
كتب المؤرخين).
تسمى قدي ًما الهلباء ،تقع شرق مدينة القويعية.
وتسمى :حدبا قذلة ،صحراء مستوية كانت َّ
َّ ( )3قِ ْذلَة:
ابن جنيدل ،عالية نجد ،)362/1( ،انظر :كتاب« :الخرب والعيان يف تاريخ نجد» ،خالد بن محمد
=
103
والنفود ،فأحاط هبم بجيشه ،وطلب إليهم إعادة ما استولوا عليه من األموال،
فأبوا عليه ذلك ،وأظهروا له استعدادهم لقتاله ،فخاض معهم معرك ًة َقتل منهم
رجًل ،منهم ابن طهيمان ،و َأ َسر منهم نحو مئتين وأربعين ،واستولى
خمسين ً
فرسا من خيولهم باإلضافة إلى ما كان معهم من المال والسًلح،
على خمسين ً
فانطلق َمن نجا من العجمان إلى نجران مستصرخين بأهلها ،فأرسل الداعي
رقم )33( :إسماعيل بن هبة اهلل المكرمي ،أخاه حسن بن هبة اهلل على رأس
جيش بلغ عددهم [أل ًفا] ومئتي مقاتلٍ ،فوصل بجيشه يف ربيع الثاين (1178هـ ـ
()1
وعسكر أيلول 1764م) ،إلى حائر سبيع (الواقع بين الخرج والرياض)
ٍ
عندئذ اضطرت الدرعية حولها ،وحاصر أهلها و َمن كان فيها من أهل الدرعية،
ٍ
آالف لمقابلة جيش أهل نجران ،وكان أن تخرج قوة عسكرية عددها أربعة
بقيادة األمير :عبدالعزيز بن محمد بن سعود ،وقد أوصاه الشيخ محمد بن عبد
= الفرج ،تحقيق ودراسة :عبدالرحمن بن عبداهلل الشقير( ،ص ،)225وكتاب الفاخري ،تأليف:
محمد بن عمر الفاخري المتوىف سنة 1277هـ ،دراسة وتحقيق وتعليق :أ.د.عبداهلل بن يوسف
الشبل ،طبعة الدارة( ،ص ،)139وكتاب :تاريخ قبيلة العجمان دراسة وثائقية ،تأليف :د .سلطان
بن خالد بن حثلين ،ود .زكريا كورشون( ،ص ،)42 ، 29وكتاب :حياة الشيخ محمد بن عبد
الوهاب ،تأليف :حسين خلف الشيخ خزعل( ،ص ،)249 ،248وموسوعة المملكة العربية
َّ
السعودية.)152/5( ،
كيًل .انظر :كتاب الفاخري ،تأليف:
( )1حائر سبيع :يقع إلى الجنوب من الرياض ،على بُعد ثًلثين ً
محمد بن عمر الفاخري المتوىف سنة 1277هـ ،دراسة وتحقيق وتعليق:أ.د.عبداهلل بن يوسف
الشبل ،طبعة الدارة( ،ص.)103
104
سرا بالوصية اآلتيةِ « :سر له هبذا الجيش ،ونازله وال تحاربه حتى يقع
ًّ
()1
الوهاب
خيرا من وراء قتال هؤالء القوم ،ما تقول يف ٍ
ناس بيننا الصلح ،فإنِّي ال أتوسم ً
مسكنهم اليمن ،ويدخلون يف قلب نجد يف هذا العدد القليل مع إهنم عرفوا
شوكتنا ،فلم يبالوا هبا؟ فإياك والحرب معهم ،وإنما أمرتك بالخروج إليهم حتى
ال يختلف علينا ،فيقال :ضعف أمر الدعوة ،وهابوا الحرب مع رجل يامي»(.)2
ولما وصل األمير عبدالعزيز بقواته إلى حائر سبيع ،لم يمهله جيش
َّ
مستعمًل البنادق ،ثم رأى
ً نجران لًلستعداد والتفكير ،بل داهمه بالقتال
( )1انظر :كتاب :العجمان وزعيمهم راكان بن حثلين ،تأليف :أبو عبد الرحمن بن عقيل الظاهري،
الطبعة الثانية 1416هـ 1996 -م( ،ص ،)52وكتاب :تاريخ ابن غنام ،)770 ،769/2( ،وكتاب
عنوان المجد يف تاريخ نجد ،تأليف :الشيخ عثمان بن عبداهلل بن بشر ،)95/1( ،وكتاب لمع
الريكي( ،صَ ،)92د َرسه
الشهاب يف سيرة محمد بن عبد الوهاب ،تأليف :حسن بن جمال أحمد ِّ
وحققه وعلق عليه ،أ.د .عبد اهلل الصالح العثيمين1426( ،هـ2005/م) دارة الملك عبدالعزيز،
الوهاب ،تأليف :حسين خلف الشيخ خزعل( ،ص.)251
وكتاب حياة الشيخ محمد بن عبد َّ
( )2ورد اسمه (فيصل بن شهيل بن سًلمة بن مرشد بن سويط شيخ الظفير) يف تاريخ ابن لعبون( ،ص،)480
وكتاب تحفة المشتاق يف أخبار نجد والحجاز والعراق ،عبداهلل محمد البسام( ،ص.)116
( )3وقد ق ام ابن سويط باالتصال بحاكم نجران ،وجرت مفاوضات غير مباشرة بين الطرفين [كان هو
وسيط فيها] ،أسفرت عن عقد صلح بينهما يتضمن البنود التالية:
-1االنسحاب الكامل للجيش النجراين وعودته إلى بًلده.
-2أن يطلق الطرفان األسرى الموجودين لديهما ،فيُطلق اإلمام محمد بن سعود أسرى موقعة قذلة
من العجمان ،ويطلق المكرمي أسرى موقعة الحائر من السعوديين.
َ -3د َفع قادة الدرعية مبلغًا ماليًّا قدره أربعمائة ،وقيل :خمسمائة أحمر نقد ذهبي ،وكذلك عشرين
فرسا هدية لحاكم نجران.انظر :ابن غنام ( ،)67 ،66/1ابن بشر ( ،)58،59/1الرويكي
ومائة ً
( ،)43 ،40البسام (ص ،)116العثيمين ( ،)99،100 /1عبد الرحيم عبد الرحمن :الدولة
السعودية األولى ( ،)172 ،89عبداللطيف بن دهيش.)25 ،24( :
راجع كتاب :اإلمام محمد بن سعود وجهوده يف تأسيس الدولة السعودية األولى ،تأليف :الدكتور
عبدالرحمن بن علي العريني.
107
ً
وأمواال االعتداء ،فأهدت إليه الدرعية مئ ًة وعشرين ً
فرسا من جياد الخيل،
تم إطًلق أسرى العجمان(.)1
كثيرةً ،فقبل هداياها ،ورجع بعد أن َّ
يقول عبدالرحمن بن ناجي بن قعوان يف رسالة له إلى المقدم عاتق بن
غيث البالدي الحربي ،وقد ضمنها كتابه «بين مكة وحضرموت» (ص)128
بقوله« :إن شيخة مواجد كانت يف ابن قعوان ،وكانت بينه وبين آل سعود
مواثيق وعهود( ،)2فلما غزا محمد علي الدرع َّية ،وساعدته «يام» [ليس غزوة
( )1انظر :كتاب :تاريخ ابن غنام ،)770 ،769 /2( ،وكتاب :عنوان المجد يف تاريخ نجد ،تأليف:
الشيخ عثمان بن عبداهلل بن بشر( ،ص ،)96 - 93وكتاب :البيان يف تاريخ جازان وعسير ونجران،
تأليف :عبد الواحد محمد راغب دالل ،)69 ،68 ،18/2( ،وكتاب :إسماعيلية اليمن السليمانية،
تأليف :حمود زايد نوفل( ،ص ،)210 - 197والعريني :اإلمام محمد بن سعود( ،ص،)206
وكتاب :تاريخ المملكة العربية السعودية ،تأليف :الدكتور :عبداهلل بن صالح العثيمين ،ص :
( ،)108 ،107وكتاب :دور آل المتحمي يف مد نفوذ الدولة السعودية األولى يف عسير وما جاورها،
تأليف :أحمد يحيى أحمد آل فائع( ،ص ،)139وكتاب :نجران ،محمد أبوساق( ،ص،174
،) 175وكتاب :لمع الشهاب يف سيرة محمد بن عبد الوهاب ،تأليف :حسن بن جمال أحمد
الريكي( ،صَ ،)91د َرسه وحققه وعلق عليه ،أ.د.عبد اهلل الصالح العثيمين1426( ،هـ2005/م)
ِّ
دارة الملك عبدالعزيز ،وكتاب :تاريخ البًلد العربية السعودية ،تأليف :الدكتور :منير العجًلين ،دار
الوهاب ،تأليف :حسين خلف
الكتب العربي ،)159/1( ،وكتاب :حياة الشيخ محمد بن عبد َّ
الشيخ خزعل( ،ص ،)251وكتاب :نجران تاريخ وإنسان ،محمد طحنون( ،ص.)107
توسعت خارج نجد ،ولم تملك يف هذا التاريخ
( )2الحقيقة هي :أن الدولة السعودية األولى لم تكن قد َّ
حتى الرياض ولم يكن لها عًَلقات تاريخية مع أهل نجران ،ولكن السبب الحقيقي هو :أن بنيان
مشهورا ،وكان اجتماع الجيش الغازي يف الحصينية ،وعندما علم
ً فارسا
بن مهذل الصقور كان ً
حسن بن هبة اهلل المكرمي عدم وجوده قال :لن نتحرك حتى يأيت (بنيان) ،وقد كان يف الربع الخالي
=
108
كامًل مما أزعج بعض المشايخ .وهذا هو سبب = يف رحلة صيد ،وقد َّ
تأخر الجيش تقريبًا أسبوعًا ً
رجوعهم وعدم مشاركتهم .وقد فقدوا رئاستهم على قبائلهم بإحًلل غيرهم مكاهنم.
فو ِضع شيخ مكانه
( )1هناك من وقع له نفس األمر عندما تخلف عن تلك الغزوة وهو شيخ معروفُ ،
على القبيلة كافة واستمر ذلك إلى يومنا هذا.
( )2قام الشريف باستدعاء قبائل قحطان يف عام 1177هـ1763/م من أجل تأديب قبيلة عبس ،ولكنه
صلحا ورجع إلى أبي عريش .انظر :كتاب :المخًلف السليماين ،محمد
ً لم يظفر هبم فعقد معهم
بن أحمد العقيلي( ،ص.)405 ،404
( )3وادي بيش :من أشهر وأكرب أودية هتامة المخًلف السليماين وترفده عدد من الوديان األخرى
كيًل يف عرض أكثر من خمسة أكيال،
والشعاب ويقدر ما يسقيه من أرض زراعية بأكثر من ستين ً
وتقع على ضفتيه الشمالية والجنوبية عدد من المدن والقرى ،من أهمها :مدينة بيش التي تسمت
باسم الوادي.
109
نجران(.)1
[حوادث سنة 1184هـ 1770/م]
غزو يام للمخالف السليمانـي:
()2
إلى األمير محمد بن أحمد آل كتب حسن بن هبة اهلل المكرمي
خيرات( )3بوفاة أخيه إسماعيل بن هبة اهلل طال ًبا منه تجديد العًلقات،
واستمرار الصداقة التقليدية ،فر َّد عليه معز ًيا ومواس ًيا ،ولم ُي ِشر يف جوابه إلى
ما يشم منه رائحة الرغبة يف تجديد العًلقات ،واستمرار الصداقة ،فحز ذلك
يف نفس المكرمي ،وأخذ يف تأليب يام ،وحشد جموعهم لغزو المخًلف ليرى
خطرا من أسًلفه الذين تم َّلقت
ً لهذا األمير الذي استهان بطلبه أنه أشد
عواطفهم األمراء آل الخيرات ،ومن جملتهم هذا األمير نفسه.
( )1انظر :فلكس ما نجان الفرنسي :تاريخ الدولة السعودية األولى( .ص ،)259،260وكتاب تاريخ
المملكة العربية السعودية ،عبداهلل بن صالح العثيمين( ،ص ،)114انظر : :كتاب :بين مكة
وحضرموت ،للمقدم :عاتق بن غيث البًلدي الحربي( ،ص ،)128انظر :مشاركاته يف غزو
المخًلف السليماين ،كتاب« :تاريخ المخًلف السليماين»( ،ص.)408 ،407 ،406
( )2حسن بن هبة اهلل المكرمي ،هو صاحب الحائر وهو الداعي رقم ( )34يف سلسلة دعاة المذهب.
( )3الشريف محمد بن أحمد آل الخيرات1184 - ...( :هـ) :ثاين أمراء أسرة آل الخيرات بالمخًلف
السليماين؛ فقد تولى إمارة المخًلف بعد وفاة والده المؤسس :أحمد بن محمد آل خيرات- ...(:
1154هـ) :الذي كان أول أمراء أسرة آل خيرات بالمخًلف ،فهو مؤسس إمارة آل خيرات التي
توارثها أبناؤه من بعده ،وكان خلفه (علمنا) الشريف محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد آل خيرات
أميرا شجاعًا ،حاز ًما ،استطاع مقاومة الفتن ،والقًلقل الداخلية والخارجية التي واجهته ،ويف
ً
عمه الشريف (حوذان).
مقدمتها صراعه الطويل مع ِّ
111
من الركائب وخيل األمير مثل عددهم ،فنشب بينهما القتال ،فاهنزم أصحاب
الملح،
األمير ،وأسر بعضهم ،عند ذلك هنض األمير من حرف إبراهيم إلى ُ
فوق وادي تعشر ،ومنه عزم على أن يعسكر يف ِ
(المحصام) ،فقطع عليهم خط
الرجعة إلى نجران ،فتنبه المكرمي ،فعبأ رجاله قبل أن ينفذ األمير خطته.
التعبئـــة:
َع َّبأ المكرمي رجاله جناحين وقلب؛ كاآليت:
1ـ قبيلة مواجد.
2ـ قبيلة جشم.
3ـ قبيلة آل فاطمة.
وسارت شمال مدينة حرض حتى جاوزت مسيل الوادي.
وع َّبأ األمير رجاله على الوجه اآليت:
1ـ وادعة وعبيدة يف مقابل مواجد بقيادة ابنه أحمد بن محمد.
2ـ بكيل يف مقابل جشم بقيادة أخيه الحسن بن أحمد.
3ـ سحار ووائلة و َمن يف طبقتهم يف مقابل آل فاطمة بقيادة ابنه حيدر.
دارت رحا المعركة ،فاهنزمت مواجد ،وكثر فيها القتل ،وأصيب حسن
ٍ
برصاصة يف ركبته( ،)1وكذلك تراجعت جشم ،أما آل فاطمة فقد المكرمي
( )1يقول صاحب كتاب :خًلصة العسجد ،عبدالرحمن البهكلي( ،ص ،)364بقوله...« :وأصيب معه
=
113
هزمت من أمامها من سحار ووائلة ،وطاردهتم إلى وراء مخيم األمير محمد -
الذي انسحب منه قبل ذلك بدقائق -وهنبت آل فاطمة جميع ما يف مخيم
األمير ،وبعد ذلك عادت بكيل ووادعة ،فشاهدت مخيم األمير محمد خال ًيا،
فاستنقذوا ما أمكنهم إنقاذه ،ولم تغب شمس ذلك اليوم الخميس الموافق 27
جمادى األولى إال وبعض المنهزمين يف ساحة أبي عريش ،وقد ُقدِّ ر عدد
القتلى من الفريقين بـ 500قتيلٍ.
ودخل األمير نفسه مدينة أبي عريش يوم السبت الموافق 29جمادى
األولى.
[لم ِ
يرو لنا المؤرخ كيف ُهزمت وادعة وعبيدة يف آخر األمر أمام قبيلة
كرت قبيلة جشم على بكيل فهزمتها وأسرت قائدها
مواجد ،وال كيف َّ
الشريف الحسن بن أحمد ،ولكن أتى بما يدل على ذلك].
فقال :ومما يدل دالل ًة واضح ًة على أن كفة يام هي الراجحة ما يأيت:
1ـ أن الحسن بن أحمد قائد بكيل وغيرهم ،قد ُأ ِس َر يف المعركة.
2ـ أن شمس يوم الخميس لم تغرب يوم المعركة إال وبعض المنهزمين
يف ساحة أبي عريش.
3ـ وصول األمير يف صباح اليوم الثاين للمعركة إلى أبي عريش.
= ابنه عباس بن حسن ،ونُقل إلى قلعة حرض ،فتعلل هبا أيا ًما حتى قضى نحبه ،و ُقتل من المكارمة
هبة اهلل بن القاضي إسماعيل ،وكثير من فقهاء يام وكربائهم يصعب حصرهم بالتفصيل».
114
4ـ بقاء المكرمي يف مدينة حرض إلى أواخر شهر رجب تلك السنة(.)1
[حوادث سنة 1189هـ 1775/م]
معركة ضرما يف (نجد):
ٍ
سنوات من معركة الحائر ،كانت الدولة السعودية أحسن بعد مضي تسع
حاال من حالهم يف معركة الحائر ،حيث تم َّكنوا من السيطرة على الرياض،
ً
وهزيمة جيوش األحساء ،ويف عام (1187هـ ـ 1773م) ،أرسل زيد بن زامل،
رئيس بلدة الدلم إلى المكرمي يستحثه على المسير لحرب الدولة السعودية،
وتم االتفاق على ثًلثين أل ًفا (( )2من العملة المتداولة
وقد وعده بالمالَّ ،
()3
لديهم) ،ويف عام (1189هـ ـ 1775م) ،أقبل حسن بن هبة اهلل المكرمي
( )1المصدر :كتاب المخًلف السليماين ،محمد بن أحمد العقيلي ،)408 - 405 /1( ،وكتاب:
خًلصة العسجد ،عبدالرحمن البهكلي( ،ص ،)367 - 352وكتاب :نجران تاريخ وإنسان،
محمد بن طحنون آل دغرير( ،ص.)114 ،113 ،112
( )2فلكس ما نجان الفرنسي :تاريخ الدولة السعودية األولى( ،ص ،)257ابن بشر :عنوان المجد،
( ،)121 ،120/1ابن غنام :تاريخ نجد( ،ص ،)140وكتاب :إسماعيلية اليمن السليمانية ،حمود
زايد نوفل( ،ص ،)208وكتاب :تاريخ المملكة العربية السعودية ،عبداهلل بن صالح العثيمين،
(ص.)113
( )3حسن بن هبة اهلل المكرمي يف معركة الحائر األولى لم يكن هو الداعي للمذهب ،فقد ذهب للحائر
مرسًل من أخيه الداعي رقم (( :)33إسماعيل بن هبة اهلل المكرمي) ،ويف الحائر الثانية (ضرما) هو
ً
الداعي رقم()34؛ حيث استلم رئاسة المذهب اإلسماعيلي يف16( :صفر 1184هـ -
11يونيو1770م) ،واسمه الحقيقي هو :حسن وليس الحسن كما ورد يف صحائف المذهب
اإلسماعيلي القديمة؛ حيث إن بعض المؤرخين يسجلونه الحسن ،وهذا خطأ.
115
( )1انظر :كتاب :تاريخ الدولة السعودية األولى ،وحمًلت محمد علي على الجزيرة العربية ،تأليف:
فليكس مانجان ،ترجمه وعلق عليه :أ .د .محمد خير محمود البقاعي( ،ص ،)254و كتاب
الفاخري ،تأليف :محمد بن عمر الفاخري المتوىف سنة 1277هـ ،دراسة وتحقيق وتعليق:
أ.د.عبداهلل بن يوسف الشبل ،طبعة الدارة( ،ص ،)146وكتاب :القول المكتوب يف تاريخ
الجنوب ،أ.د .غيثان بن علي بن جريس ،)62/8( ،وكتاب :حياة الشيخ محمد بن عبد الوهاب،
تأليف :حسين خلف الشيخ خزعل( ،ص ،)286 ،285وكتاب :من أخبار القبائل يف نجد ،فائز بن
موسى البدراين الحربي( ،ص ،)196وكتاب :ابن لعبون( ،ص.)514 ،513
( )2بطين بن عريعر1189 - 1188( :هـ1775 - 1774 /م) ،تولى الحكم خل ًفا لوالده عريعر ،على
=
116
والده بستة آالف بندقية ،وثًلثمائة جمل محملة بالقمح واألرز والتمر( .)1نزل
المكرمي بجنده يف الحائر ،المكان الذي سبق ونزل فيه ،يف هجومه األول على
نجد( ،)2حيث تًلحقت بق َّية جنوده ،وجرى ٌ
قتال بينهم وبين أهل الحائر،
متجها نحو ضرما،
ً وقطع بعضهم من نخيلهم ،ثم صالحهم ،ورحل عنهم
وكان أهلها قد استعدوا له ،وحصنوا مدينتهم ،فنشب بينهم ٌ
قتال أكثر فيه أهل
ٌ
اشتباك مع جيش ضرما الرمي بالبنادق من بين النخل واألشجار ،بل حصل
عبدالعزيز بن محمد بن سعود ،والوقعة معروفة بوقعة ضرما ،وكان فيها أسرى
من جيش حسن بن هبة اهلل ،ومن ضمن هؤالء مجحود بن علي العرجاين،
والذي عرف الدعوة السلفية يف سجن الدرعية ،وخرج داع ًيا لها( ،)3وقد أدى
ذلك إلى هزيمة مهاجميهم ،وعودهتم كل إلى منطقته( ،)1وكان حسن بن هبة
ٍ
بمرض ،واشتد عليه وطأته ،فأمر قواته اهلل قائد جيش نجران قد أصيب
باالنسحاب ،ولم يعد بمقدوره االستواء على ظهر الحصان أثناء عودته ،وقد
= أحمد عاكش بأنه ...وقال« :من ح َّفاظ كتاب اهلل العزيز ،ومن الذين أخذوا عن الحسن بن خالد
الحازمي (العلم) .وكذلك الشيخ :سالم بن حسين بن مشري الصقور اليامي» ،انظر :حوادث
سنة(1222هـ)( ،ص )156من هذا الكتاب .وذلك ي ُّ
دل على حقيقة أثر هذه الدعوة السلفية يف
أهل نجران من حيث إقبال أبنائهم على قبول هذه الدعوة ونصرهتا .انظر :كتاب أ.د .عبداهلل بن
الوهاب يف الفكر واألدب بجنوب اهش« :أثر دعوة الشيخ محمد بن عبد َّ محمد بن حسين أبو د ِ
َ
الجزيرة العربية» ،الطبعة األولى 1405هـ 1985 -م( ،ص ،)131 ،130وكتاب رسالتا :ابن
مجثل والحفظي يف حال أحمد بن إدريس المغربي ،للدكتور :عبداهلل بن محمد أبو داهش،
(ص.)39 ،37 ،16
( )1ابن بشر :عنوان المجد يف أخبار نجد ،)126 ،125/1( ،وكتاب :ابن غنام تاريخ نجد( ،ص-141
،)142وكتاب :تاريخ الدولة السعودية األولى ،وحمًلت محمد علي على الجزيرة العربية،
تأليف :فليكس مانجان (الفرنسي) ،ترجمه وعلق عليه ،أ .د .محمد خير محمود البقاعي،
(ص ،) 257وكتاب« :الخرب والعيان يف تاريخ نجد» ،خالد بن محمد الفرج ،تحقيق ودراسة:
عبدالرحمن بن عبداهلل الشقير( ،ص ،)227وكتاب :قبائل نجران على الموقع:
( ،)www.najran.ccnajran.cc@gmail.comلمجلة :قبائل نجران على شبكة اإلنرتنت،
(ص1432( ،)89هـ 2011 -م .النسخة العاشرة).
118
( )1استدراك ومعلومة(:العجمان) الذين بقوا يف نجد بقوا على صلح وبيعة بعد معركة الحائر 1178هـ،
وصاروا قادة جيوش ونسب ومصاهرة ،وزبن عندهم يف غار عليّة اإلمام تركي بن عبداهلل مؤسس
الدولة الثانية ،ومن أبرز القادة يف الدولة السعودية األولى حزام بن عامر من آل زعاق آل حبيش قاد
جيوش الدولة السعودية األولى يف فتح المخًلف السليماين عرف بحزام العجماين أي العجمي.
انظر :كتاب :نفح العود يف سيرة دولة الشريف حمود ،تأليف :عبد الرحمن البهكلي ،تحقيق :محمد
بن أحمد العقيلي( ،ص .)110 ،107 ،106 ،101مطبوعات ،دارة الملك عبد العزيز ،وكتاب
آللئ الدرر يف تراجم رجال القرن الثالث عشر ،تأليف :أحمد بن محمد بن أحمد الشعفي قاضي
محكمة بالغازي( ،ص .)196يقول صاحب كتاب تاريخ قبيلة العجمان دراسة وثائقية ،د .سلطان
بن خالد بن حثلين« :ولقد وقف العجمان إلى جانب اإلمام تركي بن عبداهلل يف الفرتة ما بين أفول
نجم الدولة السعودية األولى وميًلد الدولة السعودية الثانية ،فعندما هزمت القوات المصرية جيش
الدرعية تركها اإلمام تركي بن عبداهلل وقصد آل شامر من بادية العجمان ،وأقام عندهم وتزوج بنت
غيدان بن جازع بن علي فولدت له ولد أسماه جلوي؛ ألنه ولد يف جلوته من بلده .وقام العجمان
رجًل
بمناصرة اإلمام تركي حتى استعاد حكم آبائه وأجداده» (ص ،)49انظر :كتاب« :الستون ً
خالدو ِّ
الذكر» ،عبدالرحمن بن سليمان الرويشد( ،ص ،)120وكتاب« :اإلمام تركي بن عبداهلل
ومحررها» ،الدكتور :منير العجًلن( ،ص.)65
ّ بطل نجد
( )2انظر :كتاب :تاريخ الدولة السعودية األولى ،وحمًلت محمد علي على الجزيرة العربية ،تأليف:
فليكس ما نجان (الفرنسي) ،ترجمه وعلق عليه ،أ .د .محمد خير محمود البقاعي( ،ص،)257
وكتاب :تاريخ المملكة العربية السعودية ،عبداهلل بن الصالح العثيمين( ،ص ،)114وموسوعة
المملكة العربية السعودية ،)154/5( ،وكتاب :نجران تاريخ وإنسان ،محمد بن طحنون،
(ص ،)116 - 115وكتاب :قبائل نجران على الموقع:
( ،)www.najran.ccnajran.cc@gmail.comلمجلة :قبائل نجران على شبكة اإلنرتنت،
(ص1432( ،)89هـ 2011 -م .النسخة العاشرة).
119
الفهد المكرمي( ،)1تولى رئاسة المذهب اإلسماعيلي يف 12( :جماد أول
1189هـ11 /يوليو 1775م) ،وتويف يف ( 29رمضان 1195هـ18/
سبتمرب1781م) ،دفن يف (طيبة) ،من ساكني طيبة الذين لم يغادروها ،تعرض
لسجن من اإلمام المنصور الحسن بن المتوكل قبل توليه الدعوة ،ثم صار
داع ًيا ،ومكث يف طيبة حتى وفاته.
وبشأن سجن عبد العلي المكرمي ،فإن المصادر التاريخية تذكر أن
اإلمام بعد أن عقد العزم على انتزاع كل ما تحت يد المكارمة من قطع عنو ًة
قرر سجن أهل طيبة ،من
بعد وفاة علي بن هبة اهلل؛ ألنه صاحب االتفاق معهَّ -
أوالد علي بن هبة اهلل وأخيه الحسن وعبد العلي وغيرهم .فلما بلغهم ذلك،
قرروا الرحيل إلى نجران ،ومن َث َّم العودة بقوة من قبائل يام ألَخذ ما كان لهم
من قطعٍ ،ما عدا عبد العلي ،الذي لم يذهب معهم ،ولما علم اإلمام برحيل
زج بعبد العلي يف سجن غمدان( ،)2وقام هبدم دور
المكارمة عن طيبةَّ ،
( )1وقد ذكر صاحب كتاب نجران تاريخ وإنسان ،محمد طحنون( ،ص ،)86بقوله« :هو سيدنا عبد
العلي بن الحسن بن إسماعيل بن إبراهيم المكرمي وقال مخاط ًبا قيده أي -عبد العلي ( -بلغز
عجيب)» .ثم ذكر أبيات من قصيدة وكان هنايتها هذا البيت:
يارب عبدك عبد العين فارحمه ولي إله تعالى ال يضيعني
والعين هي علي بن أبي طالب يف المذهب ،وهذا شرك باهلل تعالى !!! .انظر :كتاب مزاج
التسنيم ،للداعي :إسماعيل بن هبة اهلل بن إبراهيم بن محمد بن الفهد المكرمي (ص.)201
(ُ )2غ ْم دَ ان :قصبة صنعاء األثرية ،تتكون من أربعة عشر طاب ًق ا بنيت بجوار جامع صنعاء ،كانت
=
120
= تستعمل من قِب َل ملوك اليمن ،وتسرج لهم فيها السرج ،وقد استعملها بعض أئمة الزيدية
كسجن لهم .انظر :الروض المعطار (ص ،) 429وصبح األعشى ( ،) 40/5اإلكليل
( ،) 12/8معجم ما استعجم ،) 1002 / 3 ( :البلدان اليمانية (ص ،) 219سيرة اإلمام يحيى
بن محمد حميد الدين (ص ،) 35انظر :كتاب :قبائل نجران على ا لموقع:
( ،)www.najran.ccnajran.cc@gmail.comلمجلة قبائل نجران على شبكة اإلنرتنت،
(ص1432( ،)89هـ 2011 -م .النسخة العاشرة).
( )1تاريخ دعاة المكارمة( :ق193أ 196 -ب)؛ وكتاب :تاريخ اليمن ،أبو طالب (ص،)492 ،491
وصحيفة الصًلة اإلسماعيلية ،لمؤلفها :المنصوب سيد نصر اهلل( ،ص ،)687المطبوع يف حيدر
آباد ،سنة (1390هـ).
121
( )1المصدر :كتاب درر نحور الحور العين ،تأليف :لطف اهلل بن أحمد جحاف( ،ص.)39
123
مصحو ًبا بإطًلق الرصاص ،وإشهار السًلح األبيض ،والناس على غير ُأهبة،
وال سابق استعداد بعد أن اطمأنوا إلى تعهدات رؤساء القوم ،واستمر السطو
والسلب والنهب من بعد العصر إلى نصف الليل ،وقد شوهد (أحمد بن
إسماعيل المكرمي)( )1بنفسه يباشر أعمال السلب والنهب مع غيره من رؤساء
يام ،وقد كانت صدمة شديدة على أهل المدينة أفقدهتم روح المقاومة ،وقادة
الرأي من األشراف قابعون يف دورهم لم يحرك [أحدٌ ] منهم ساكنًا ،يشاهدون
الحرائق والسلب والنهب.
ويقول صاحب «نزهة الظريف» تعلي ًقا على موقفهم يف ذلك الحادث ما
ن َُّصه« :وجميع َمن عليه المعول من أوالد الشريفٌّ ،
كل منهم جالس يشاهد
المخدَّ رات( ،)2ووقوع كل
الحريق يف المدينة ،ويرون النهب الفظيع ،وكشف ُ
أمر شنيعٍ ،فلم يصدر من ٍ
أحد منهم ما ُيج ِّلي غمةً ،أو يكشف مهم ًة»(.)3 ٍ
( )1هو أحمد بن إسماعيل بن هبة اهلل انظر :ترجمته يف صفحة رقم )231( :من هذا الكتاب.
ثم صار ُّ
كل ما ِ ِ المخدَّ رات هي :ذات ( ُ
الخدُ ور) والخد ُر :ست ٌر ُي َمدُّ للجارية يف ناحية البيتَّ ، ( )2النساء ُ
ِ
دار ،و َأخاد ُير :جمع الجمع. ِ ِ
ور و َأخ ٌ واراك من بَيت ونحوه خد ًرا .والجمعُ :خدُ ٌ
( )3المصدر :كتاب المخًلف السليماين ،محمد بن أحمد العقيلي( ،ص ،)414وكتاب :نزهة الظريف،
(ص.)117 - 115
124
أمرهم مع قبائل سحار ،وقد َق َصصنَا عليك يف العام األول ما كان من سحار
إليهم ،ولما حاصروا صعدة ،وقاربوا تسلمهاَ ،جنَح أهلها إلى مصالحتهم،
قروشا فرانصة( ،)1ثم ألقى اهلل بينهم العداوة
ً فاشرتطوا عليهم ثمانية آالف
والبغضاء ،فتفاشلوا وافتتنوا ذات بينهم ،وعادوا بخفي ُحنين»(.)2
[حوادث سنة 1191هـ 1777/م]
نزول يام للمخالف السليماين:
()3
بأخبار نزول (يام) ،سارع بالعودة إلى أبي بمجرد أن علم األمير
عريش ،ومكث هبا بادي القلق ،مشبوب االهتمام ،ويف أثناء ذلك اصطدم
بعض جنوده من الياميين الدائمي اإلقامة مع بعض أهالي المدينة ،ف ُقتل أحد
انتظارا للفرصة المواتية .ووصل المكرمي
ً الياميين ،فكظم رفقاؤه غيظهم
( )1القرش :كان يف السابق إما أن يكون من النَّقد المضروب يف النمسا ،والمعروف إلى اليوم يف بعض
مناطق الجزيرة العربية بالريال الفرنسي (أو الفرانصي) ،أو أن يكون الريال المعروف حين ذاك
بالريال المشط المضروب يف إسبانيا .انظرRaymond, Artisans et Commercant du ( :
.)40– 20Caire au xvllle siècle, l,P.
( )2المرجع :كتاب :درر نحور الحور العين ،لطف اهلل بن أحمد جحاف( ،ص ،)49وكتاب :نجران...
تاريخ وإنسان ،محمد بن طحنون آل دغرير( ،ص ،)120كتاب :قبائل نجران على الموقع:
( ،)www.najran.ccnajran.cc@gmail.comلمجلة قبائل نجران على شبكة اإلنرتنت،
(ص1432( ،)92هـ 2011 -م .النسخة العاشرة).
( )3األمير :محمد بن أحمد الخيرايت.
125
حسن بن علي المكرمي( ،)1وعسكر يف (شعب مشرف) ،ثم انتقل إلى قرية
(العقدة) ،ومنها قام بالغارات والسلب والسطو على قرى جازان ،ووادي
ٍ
بشيء من المال ،فأخذوه ،وانصرفوا ضمد حتى اضطر األمير إلى اسرتضائهم
إلى جهة اليمن للسلب والنهب(.)2
[حوادث سنة 1192هـ 1778/م]
استعانة األمير علي بن محمد الخيراتي بيام:
«تولى شئون اإلمارة علي بن محمد ،وأخذ يف العمل على محاولة هتدئة
األمور ،ثم خرج إلى الوعظات -كانت تابعة لإلمارة المناطة هبم -وعاد منها
إلى (حرض) ،وهناك قابله جماعة من يام ،فاصطحبهم إلى أبي عريش ،ثم
وأخيرا عاد إلى أبي عريش يف عام 1192هـ1778/م»(.)3
ً إلى بيش فاليمن،
[حوادث سنة 1192هـ 1778/م]
القتال بين أهل أبي عريش ويام:
«يف جمادى اآلخرة 1192هـ1778/م ،نجمت الفتنة بين يام -حاشية
( )1هو :الحسن بن علي بن هبة اهلل بن إبراهيم بن محمد بن الفهد المكرمي ،راجع ترجمته:
(ص.)235
( )2المصدر :كتاب :نجران تاريخ وإنسان ،محمد طحنون آل دغرير( ،ص ،)120وكتاب :تاريخ
المخًلف السليماين ،محمد بن أحمد العقيلي.)416/1( ،
( )3المصدر :كتاب :نجران تاريخ وإنسان ،محمد طحنون آل دغرير( ،ص ،)120وكتاب :تاريخ
المخًلف السليماين ،محمد بن أحمد العقيلي.)417/1( ،
126
األمير وجنده -وبين أهل أبي عريش ،قام يام وقد َأنِسوا من أنفسهم القوة
ٍ
بشخص زعموا أنه هو الذي قتل رفيقهم بمطالبة األمير بتمكينهم من القود
زج األمير بالمتهم يف ً
ونزوال عند إرادهتمَّ ، اليامي يف عهد األمير أحمد،
وتعهد لهم بتسليمه إذا لم يرضهم أهل المدينة يف دم رفيقهم ،فضجت
السجنَّ ،
المدينة ،وأرسلوا من يراجع األمير يف غلطته ،فقال عليهم بمراضاة يام ،فاضطر
ٍ
بتعويض األهالي إلى بذل أكثر من الدية ليام ،فاشتط هؤالء يف الطلب ،وطالبوا
ٍ
معقول ،فرفض أهل أبي عريش طلبهم ،وعند ذلك طلب غير مستطاعٍ ،وال
ً
ونزوال على إرادهتم أ َم َر األمير الياميون من األمير تسليمهم المتهم للقود به،
بتسليمهم الرجل المتهم .استلم الياميون المتهم ،وقادوه للقود منه بدون
شرعي ،فأسرع وجهاء المدينة إلى األمير راجين إرجاء ٍ
إثبات ٍ
محاكمة ،وال
ٍّ
التنفيذ ،فأمر بسجنهم ،عندها تجمهر أهل المدينة ،وساروا يف شبه مظاهرة
صاخبة ،ورابطوا قري ًبا من الجامع بحيث يشرفون على ساحة التنفيذ ،وما
راعهم إال إقبال يام بالرجل ،وإيقافه يف وسط الساحة ،وتنفيذ رغبتهم ،فطوح
السيف برأسه ،فأطلق المتظاهرون النار ،ونشب القتال.
المعركة :ابتدأت المعركة من أول النهار إلى بعد صًلة الظهر ،واضطر
ُشوا ًظا من رصاص البنادق ،فوقعوا بين نارين ،وتحرج موقفهم ،فانسحبوا إلى
خارج المدينة ،فخرج أهل المدينة لمطاردهتم ،وقد بلغ عدد القتلى من يام يف
قتيًل ،ورحلوا من يومهم إلى نجران»(.)1
تلك المعركة ً 40
[حوادث سنة 1193هـ 1779/م]
استعانة األمير يحيى بن محمد بيام:
هنوض أخيه يحيى بن محمد الستعادة اإلمارة
ُ «وقد زاد الحالة سو ًءا
مستعينًا بيام الذين وافاه منهم ألف مقاتل ،وهنا نشب بين أهل أبي عريش
المؤيدين لألمير أحمد وبين يام أنصار األمير يحيى بن محمد ...وازداد تفاقم
الفتنة بين األمير أحمد وأخيه األمير يحيى بن محمد يف وسط مدينة أبي
عريش ،شعر األول بأن أكثر أسرته تؤيد أخاه يحيى ،فأحرق ح َّيهم المسمى
(الديرة) ،وبعد ذلك وردت األوامر من صنعاء بتولية األمير يحيى ،فسلم إليه
األمير أحمد اإلمارة»(.)2
36ـ الداعي عبداهلل بن علي بن هبة اهلل بن إبراهيم بن محمد بن الفهد
( )1المرجع :كتاب :المخًلف السليماين ،محمد بن أحمد العقيلي( ،ص ،)418 ،417وكتاب:
نجران ...تاريخ وإنسان ،محمد بن طحنون آل دغرير( ،ص.)121،122
( )2المرجع :كتاب :المخًلف السليماين ،محمد بن أحمد العقيلي( ،ص ،)424 ،423وكتاب:
نجران ...تاريخ وإنسان ،محمد بن طحنون آل دغرير( ،ص.)121
128
عسير تحت لواء الدولة السعودية أزال الخطر النجراين على الدرعية»(.)1
[حوادث سنة 1202هـ1788 /م]
خروج الداعي :عبداهلل المكرمي إلى وادي الدواسر:
قاد الداعي :عبداهلل بن علي بن هبة اهلل المكرمي( )2بنفسه حمل ًة إلى
وادي الدواسر ،فقد سار ومعه قبائل يام يف عام1202( :هـ1788 /م) ،إلى
وادي الدواسر ،ملب ًيا نداء َمن دعاه ،ونزل على الرجبان والوداعين ،فأعاد
مقدمه الثقة يف نفوسهم بالنصر ،وعقب وصوله قام بمنازلة الحنابجة
(المناصرين من الدواسر للدولة السعودية) ،وطال ذلك النِّزال بينهم ،وأقام
على ذلك زمنًا لم يستطع فيه أن ينال منهم ،فأدرك أن مقامه يف وادي الدواسر
ال ُيجدي نف ًعا ،فقد ترسخت قوة الدعوة السلفية فيهم ،ومن العبث االستمرار
يف القتال ،فما كان منه إال الرحيل( ،)3وقد أثار رحيله مخاوف الدواسر
المعارضين الذين دعوه لنصرهتم ،وعند ذلك ُأسقط يف أيديهم ،ولم يكن منهم
إال الرضوخ والدخول يف الدعوة السلفية(.)4
( )1المصدر :دراسات من تاريخ عسير ،محمد بن عبداهلل آل زلفة( ،ص ،)19 ،18وكتاب :البيان يف
تاريخ جازان وعسير ونجران ،تأليف :عبدالواحد محمد راغب دالل.)70/2( ،
( )2انظر :ترجمته يف الصفحة السابقة.
( )3انظر :كتاب :قبيلة الدواسر ،بادي بن فيحان بن مصري الدوسري ،فقد ذكر هذه الحادثة (ص،155
.)446 ،156
( )4انظر :كتاب :عنوان المجد يف تاريخ نجد ،ابن بشر( ،ص ،)165/1وكتاب :تاريخ ابن غنام،
=
130
و َأ َسرت يام منهم َخل ًقا ،وسلبوهم السًلح وجميع الخزانة من َّ
السوق والسياق
والمتاع وال ُق َراش»(.)3
[حوادث سنة 1210هـ 1795/م]
نزول يام إلى تهامة:
«نزول قبائل يام إلى هتامة يف مطلع عام 1210هـ1795/م ،فس َّير
المنصور جماعات بلغت ثًلثة آالف مقاتل على رأسهم من حاشد السادة بيت
= (ص ،)168وكتاب :فلكس ما نجان الفرنسي :تاريخ الدولة السعودية األولى( ،ص،)281
وكتاب :إسماعيلية اليمن السليمانية ،حمود زايد نوفل( ،ص ،)211وكتاب :تاريخ المملكة
العربية السعودية ،تأليف :عبداهلل الصالح العثيمين.)157 - 155/1( ،
( )1وادي َم ْور :ميزاب هتامة األعظم ،ومن أودية اليمن الكبار ،ينحدر من السفوح الغربية من جبال
اليمن جهة األهنوم حتى يصب قرب اللحية يف البحر األحمر ،انظر :صفة جزيرة العرب،
(ص.)123
( )2الزيدية :من مدن شمال الحديدة ،وهي الفاصلة بين عمالة ال ُّلحيّة وعمالة بيت الفقيه.
( )3المرجع :كتابُ :درر نحور الحور العين ،تأليف :لطف اهلل بن أحمد جحاف( ،ص ،)355وكتاب:
نجران ...تاريخ وإنسان ،محمد بن طحنون آل دغرير( ،ص.)124
131
أبي ُمنصر وبنو األحمر ،ومن بكيل آل جزيًلن ،وقاد الجميع عامل الزيدية
علي بن يحيى سرور ،ووقعت مناجزات تقهقرت على أثرها يام إلى
نجران»(.)1
[حوادث سنة 1210هـ 1795/م]
ملحمة يام:
«وفيها :خرجت قبائل يام قاصدة لتهامة ،فس َّير اإلمام عليهم عبداهلل
جوهر بقبائل ذي حسين ،فالتقوا ،وقامت بينهم الحرب ،فكانت ملحم ًة ذهب
فيها كثير من يام ،وصارخ ذو حسين يقول هذه بما جرى يف قتلة حاشد العام،
و َأ َسر ذو حسين جماع ًة منهم ،فعادت يام نحو وادي نجران»(.)2
[حوادث سنة 1210هـ 1795/م]
ابن قرملة ُي ِغ ُير على أهل نجران:
« وفيها غزا مبارك بن هادي بن قرملة إلى ناحية نجران ،فأغار على
عربانه ،فحصل قتال وطعان ،فاهنزمت البوادي ،و َقتَل منهم الثًلثين ً
رجًل،
فرسا ،وعزل األخماس،
وأخذ جميع أموالهم ،ومن الخيل أربعة عشر ً
( )1انظر :كتاب :مائة عام من تاريخ اليمن ،للدكتور :حسين بن عبداهلل العمري( ،ص ،)117وكتاب:
نجران ...تاريخ وإنسان ،محمد بن طحنون آل دغرير( ،ص.)124
( )2المرجع :كتابُ :درر نحور الحور العين ،تأليف :لطف اهلل بن أحمد جحاف( ،ص.)381
132
( )1المصدر :كتاب :عنوان المجد يف تاريخ نجد ،عثمان بن عبداهلل بن بشر ،)214/1( ،انظر :مجلة
الدارة ،العدد الرابع شوال 1432هـ ،السنة السابعة والثًلثين( ،ص.)167
( )2البندر :كلمة فارسية ،وجمعها :بنادر ،ولها عدة معان منها المدينة البحرية أو الساحلية.
( )3طرح :بمعنى َّ
حل ،أو عسكر أو خيم .ومطرحهم :أي معسكرهم.
133
( )1الزَّالج :مصطلح ُيقصد به ما كان يعطيه الحاكم لقاصديه من كبار مشايخ القبائل .كما يقصد به
أيضا :مبلغ من المال كان الحكام وخاصة األئمة يدفعونه للكبار من مشايخ القبائل كلما قصدوهم
ً
اسرتضا ًء لهم وتأل ًفا لقلوهبم( .وهم هنا يطلبون منهم المقابل المادي).
( )2المرجع :كتابُ :درر نحور الحور العين ،تأليف :لطف اهلل بن أحمد جحاف( ،ص،)374،375
وكتاب :نجران ...تاريخ وإنسان ،محمد بن طحنون آل دغرير( ،ص.)126 ،125
( )3الجامعي :مركز إداري من مديرية ال ُّلحيَّةُ ،س ِّمي باسم قبيلة بني جامع من قبائل ع ّ
َك.
( )4انظر :كتاب :مائة عام من تاريخ اليمن ،الدكتور :حسين بن عبداهلل العمري( ،ص ،)117وكتاب:
نجران...تاريخ وإنسان ،محمد بن طحنون آل دغرير( ،ص.)125
134
خروج يام إلى تهامة مرة أخرى« :وفيها :خرجت يام ،وقصدت هتامة،
فبلغت ال ُق َطيع( ،)1وهنبوا أمواله ،وهنبوا من وجدوه ،وقتلوا وعاثوا ،وأسروا
السيد أحمد بن سليمان صاحب القطيع ،وهنبوا أمواله ،وكانت جماهير
وعادوا»(.)2
[حوادث سنة 1213هـ 1798/م]
قتلة يف يام ببيت الفقيه:
«وفيها :خلع فتح سعيد المجزبي شهر شوال عن بيت الفقيه ابن
العجيل ،وكانت (يام) قد خرجت ،وانتهبوا إلى بيت الفقيه ،ودخلوها
وأحرقوا عشاشها ،وانتهبوا من أطرافها ،وكان فتح سعيد قد رتبها،
نفرا من يام
[وانفتحت] الحرب بينهم وبينه ،فانجلت قتلة عن مائة وسبعين ً
بعد أن كانوا قد ضبطوا بعض المدينة ،فخرجوا من يوم ثاين ،ول َع َّل ذلك كان
آخر العام األول»(.)3
( )1الدريهم :البلدة الواقعة بالغرب الشمالي من بيت الفقيه ،وهي اليوم مديرية من مديريات الحديدة.
( )2زبيد :مدينة يمنية ذات تاريخ سياسي وعلمي واجتماعي عريق ،تقع يف سهل هتامة ،إلى الجنوب
من ميناء الحديدة أسسها (محمد بن زياد) سنة 204يف القرن الثالث الهجري ،وكانت تعترب قاعدة
هتامة اليمن وعاصمتها السياسية .انظر :معجم البلدان ،)181/3( ،ومعجم المدن والقبائل اليمنية
(ص.)366
( )3كتابُ :درر نحور الحور العين ،تأليف :لطف اهلل بن أحمد جحاف( ،ص ،)408وكتاب :نجران...
تاريخ وإنسان ،محمد بن طحنون آل دغرير( ،ص.)126
( )4كتابُ :درر نحور الحور العين ،تأليف :لطف اهلل بن أحمد جحاف( ،ص ،)460وكتاب :نجران...
تاريخ وإنسان ،محمد بن طحنون آل دغرير( ،ص.)126
136
فيه يسمى الداخلة ،وهنبوا جمل ًة من أهل حيس وغيرهم ،ولم يصلوا المدينة
ٍ
يومئذ الت َُّري َبة( )2وهنبوها .ثم توجهوا ()1
أبدً ا ،ثم توجهوا إلى جهة َزبِيد ،وقبضوا
وظلما ،حسبنا اهلل
ً إلى أرض الشام( )3بعد أن قتلوا جمل ًة من أهل اليمن عدوانًا
ونعم الوكيل»(.)4
[حوادث سنة 1215هـ 1800/م]
غزو الدولة السعودية األولى لنجران:
«وفيها :بعث عبدالعزيز( )5نحو اثني عشر أل ًفا يقصدون قبيلة يام إلى
نجران فساروا ،فجاءت العيون إلى يام تخربهم ،فسار من يام ثًلثة آالف،
()6
فنزلوا هنقة
بدرا عن المصاول،
وبينها وبين نجران ثًلث مراحل ،وهي تحجب ً
فجاءت طريق النجديين مخالفةً ،فلم تشعر قبيلة يام إال وقد قيل لهم :إن
فتنحوا عن بدر،
فكروا بالغارة ،فبلغ أهل نجدَّ ، المكرمي قد ُحوصر ٍ
ببدرُّ ،
فتبعهم يام ،فتصافوا قري ًبا من هنقة ليلة السابع والعشرين من رجب ،واشتدت
قبائل نجد ،فدهموا أيا ًما إلى قريب بدر ،فجاءهتم زيادة ،فكانت الدائرة على
قبائل نجدَ ،غنِم فيها أهل نجران أربعمائة ذلول مو َق ٍ
رة ميرة وزانة وعبي ُ َ
فكروا راجعين»(.)1
حساويُّ ،
[حوادث سنة 1215هـ 1800/م]
دخول يام إلى مدينة زبيد:
« وفيها :سارت قبيلة يام كالتي قبلها من األعوام ،وقصدوا هتامة اليمن،
العائد حكمها إلى اإلمام ،فأظهروا ...من السبي ...والقتل ،وعاملوا أهل
ٍ
بشيء اإلسًلم معاملة الكفرة ال ِّلئام ،ورفعت إلى الدولة أعمالهم ،فلم يعبئوا
منها ،وكانت قبيلة يام إذا مرت بمحل دمرته ،وأخذت محاسن ما فيه من
األموال والقماش ،وكانت طريقهم على الحضارية( ،)2فقتلوا أهلها ،وانتهبوا
ما هبا من األموال ...وهذه المحلة قريب الضحي ،ثم ساروا ،وأرادوا دخول
( )1كتابُ :درر نحور الحور العين ،تأليف :لطف اهلل بن أحمد جحاف( ،ص ،)478وكتاب :نجران...
تاريخ وإنسان ،محمد بن طحنون آل دغرير( ،ص.)127 ،126
( )2الحضارية :منطقة من أعمال مديرية باجل.
139
()1
كبيرا ،فلم
وهبا األمير محمد وفد اهلل ،وكان قد رتبها ترتي ًبا ً بيت الفقيه
يستطيعوا ،وساروا إلى هتامة اليمن ،وانتهبوا بالطرق ما وجدوهَ ،و َسبوا النساء،
السير إلى زبيد فحصروها ،ودخلوها وما حولها ،فضموا أشتات
وانتهى هبم َّ
المتاع والمال النقدي والحلي ،ف َأعوزهم َحمله ،فتخ َّيروا أحسنه ،وسلطوا
على ما ال طاقة لهم بحمله النار»(.)2
[حوادث سنة 1216هـ 1801/م]
عودة يام للهجوم يف موسم التمر:
«ولما كان سنة 1216هـ خرجوا يام من نجران إلى جهة اليمن ،ووصلوا
ٍ
يومئذ أهل حيس يف أوان خريف التمر ،فهرب َمن إلى نخل السحارى( ،)3وفيه
كان يف النخل ،فما كان توجههم َّإال إلى جهة البحر ،فد َّلهم واحد من أهل
خير ،فًل غفر اهلل له -بطريق يف وسط البحر عارية
ال َبحر -من الذين ال فيهم ٌ
عن ُغز ِر الماء ممدودة من جهة المشرق إلى جهة المغرب ،وعن يمين وشمال
هواء ،فكان َمن ضل عن الطريق /سقط فمات .والحال أن الذين ماتوا يف
( )1بيت الفقيه :بلدة يمنية ساحلية تقع شمال مدينة زبيد على بعد حوالي 35كمُ ،س ِّميت هبذا االسم
نسبة إلى الفقيه أحمد بن موسى بن ُعجيل المتوىف سنة 690هـ 1291 -م.
( )2كتابُ :درر نحور الحور العين ،تأليف :لطف اهلل بن أحمد جحاف( ،ص ،)483وكتاب :نجران...
تاريخ وإنسان ،محمد بن طحنون آل دغرير( ،ص.)127
ُ
والخوخة فيها نخيل «معجم الحجري» الس َحارى :بلدة يف ساحل البحر األحمر ما بين المخا
(ِّ )3
(.)416/3
140
ٍ
وصغير، نفس كما بلغ تحقي ًقا بالمعاينة ما بين ٍ
كبير وسط البحر قدر أربع مائة ٍ
ذكر وأنثى ،واستأسروا منهم جملةً ،وتوجهوا إلى نجران ،فًل رحم اهلل َمن
د َّلهم ،وال غفر ليام ،وال رحمهم دنيا وآخرة ،وسميت الجربوبة من ذلك اليوم،
نسأل اهلل العافية والسًلمة من كل بلية»(.)1
[حوادث سنة 1216هـ 1801/م]
خروج يام إلى التهائم:
تحركت قبيلة يام ،وقصدت التهايم ،فعاثوا هبا ،وانتهكوا
«وفيهاَّ :
الحرمات ،وهنبوا األموال ،واسرتقوا النساء والصبيان ،وعملوا من فضائح
األمور من ،...واإلحراق ،ما ال ُيعلم َوصفه إال الذي يعلم ما تك ُّن الصدور،
المشتهيات»(.)2
وعادوا وقد أوقروا حمائلهم من جميع ُ
[حوادث سنة 1219هـ 1804/م]
مواالة يام يف حراز لإلمام:
«وفيها :جنح علي محمد شبام و َمن وااله من قبائل يام على مواالة
مكرا منهم وخدا ًعا ،فتس َّلم منهم
اإلمام ،وأفصحوا عن نزولهم من الحصون ً
( )1المصدر :حوليات النعمي التهامية من تاريخ اليمن ،تحقيق ودراسة :الدكتور حسين بن عبداهلل
العمري( ،ص.)34 ،33
( )2كتابُ :درر نحور الحور العين ،تأليف :لطف اهلل بن أحمد جحاف( ،ص ،)492وكتاب :نجران...
تاريخ وإنسان ،محمد بن طحنون آل دغرير( ،ص.)129
141
( )1المصدر :كتابُ :درر نحور الحور العين ،تأليف :لطف اهلل بن أحمد جحاف( ،ص ،)614وكتاب:
نجران ...تاريخ وإنسان ،محمد بن طحنون آل دغرير( ،ص.)129
( )2شبام كوكبان :مدينة شمال غرب صنعاء ،وطريقها من ضلع همدان.
( )3لعله يقصد :استعادوا الحصن وأنه لهم فهم من شيده وبناه ،انظر :كتاب :نجران ...تاريخ وإنسان،
محمد بن طحنون آل دغرير( ،ص.)137
142
التحادهم يف النِّحلة ،فتوجه (يحيى محسن) إلى (حراز) ،واستقر بحصن من
الضل َفاع ،وهو يقابل حصن (شبام) على رؤية العين،
حصونه المنيفة يسمىِّ :
(الضل َفاع) ،وعلم أهل حصن شبام أن معه
وحين استقر يحيى بن محسن يف ِّ
ً
رجاال ربما يغلبون يف نكايتهم المقصود.
كتب (علي شبام) ومن معه إلى (يام) ،وهم طارحون يف أعالي القحري
وأسافل حراز ،وطلبوا منهم المناصرة على (ابن حنش) ،ود َّلهم على عورة
حصن الضلفاع ،فغزا من يام نحو الخمسمائة ،وفيهم أغلب عقالهم ،ووصلوا
تحت الضلفاع يف الليل ،وقد ساعدهم جماعة من أهل الحصن من الرعية،
حباال من ٍ
جهة ما فيها أحدٌ من العسكر ،وكان (ابن حنش) وقومه ودلوا إليهم ً
ٌ
طارق ،ويام ،من وصل إليه ٍ
غفلة ،وعدم تي ُّقظ أن يطرقهم يف ذلك الحصن يف
الحبل ،تمسك به وطلع ،ولم يزالوا على هذا الحال حتى اجتمع منهم خلق
كثير ،فصاحوا يف رحبة الحصن ،فحصل الفشل مع العسكر الذي فيه ،وثبت
جماعة من ذوي محمد من بكيل ،وملكت يام جميع معاقل الحصن ،ثم فتحوا
ٍ
جماعة الباب لمن بقي منهم ،فدخلوا ،وانحاز (يحيى بن محسن حنش) إلى
من ذوي محمد يف زاوية حتى طلب األمان يف الخروج بسًلم ،وهنبت يام كل
ما كان مع ابن حنش ،ولم ينج إال بنفسه ،وانحاز إلى محل بين (الحيمة)
و(حراز) ،ورفع أمره إلى صنعاء ينتظر ما يأمر به ،وانتهى أمره إلى أن عاد إلى
143
صنعاء(.)1
[حوادث سنة 1220هـ1805/م]
غزو النعمان بن الوليد لنجران (بدر)(:)2
توجه النعمان بن الوليد من حضرة سعود بن عبدالعزيز( )3إلى
وفيها َّ
نجران ،فحط على المكرمي ٍ
ببدر ،فبعث المكرمي إلى الوادي [وادي نجران]
( )1المرجع :نفح العود يف سيرة دولة الشريف حمود ،للعًلمة الشيخ :عبدالحمن بن أحمد البهكلي،
تحقيق :محمد بن أحمد العقيلي( ،ص ،)187 ،186وكتاب :نجران ...تاريخ وإنسان ،محمد بن
طحنون آل دغرير( ،ص ،)138 ،137انظر :كتاب :نجران يف أطوار التاريخ ،محمد بن أحمد
العقيلي( ،ص.)118 - 114
( )2وبعد إمعان النظر يف هذه الرواية ،والتي تفرد هبا لطف اهلل جحاف .وهذا يشير إلى تحامل المؤلف
على الدولة السعودية والدعوة اإلصًلحية ،وكذلك لم يرد يف جميع المصادر المعاصرة سواء
النجدية أو الحجازية أو مصادر المخًلف السليماين واليمن ،قائد من قادة الدولة السعودية اسمه:
النعمان بن الوليد ،أو حتى النعمي بن الوليد.
( )3تعريف بسعود بن عبدالعزيز( ،ص )145من هذا الكتاب هامش رقم.)1( :
144
ومازالوا به حتى كانت الفتنة بينهم وبين أهل نجران يف العام اآليت(.)1
[حوادث سنة 1220هـ1805/م]
استعانة يام بأهل صعفان:
خبـر بأن أهل نجران أرسلوا إلى من بصعفان( )2أن الغارة الغارة،
ووصل ٌ
نفرا ،وقصدوا قاع هتامة مظهرين أهنم قاصدون لحمود،
فسار منهم ستون ً
فًلقاهم جماعة من أصحاب أبي نقطة ،فبلغنا أهنم قتلوا عن آخرهم ،واشتد
الحصار على من بنجران من الموهبة( )3المتتابعة بعد بسر بن أرطأة وقومه،
حجرا ،حتى قيل لنا :إهنا
ً وأنه بلغ القدح الطعام بنجران خمسة عشر ً
قرشا
مالت طوائف من نجران إلى الدخول يف معاهدة سعود ،غير أهنم رأوا ما المراد
أن دينوا ،وإذا هم يطلبوهنم الحلقة من البنادق والسيوف والدروع ،فانثنوا
آخرا(.)4
بشدة ،وعادوا للقتال ً
( )1المصدر :كتابُ :درر نحور الحور العين ،تأليف :لطف اهلل بن أحمد جحاف( ،ص ،)625وكتاب:
نجران ...تاريخ وإنسان ،محمد بن طحنون آل دغرير( ،ص.)138
( )2صعفان :من جبال َح َراز ،يقع بالقرب من مدينة مناخة.
( )3الموهبة :يقصد أتباع دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب اإلصًلحية ،وهذا اللقب مع غيره من
الوهابية ُيطلقها خصوم تلك الدعوة.
األلقاب ،مثلَّ :
( )4المصدر :كتابُ :درر نحور الحور العين ،تأليف :لطف اهلل بن أحمد جحاف( ،ص ،)652وكتاب:
نجران ...تاريخ وإنسان ،محمد بن طحنون آل دغرير( ،ص.)139
145
( )1اإلمام سعود بن عبدالعزيز بن محمد بن سعودُ ،ولد يف الدرعية عام 1165هـ1752/م ،تولى
قوهتا
الحكم بعد وفاة والده عام 1218هـ1803/م ،ويف عهده بلغت الدولة السعودية أقصى ّ
ُ
وا ّتساعها؛ حيث تمكنت يف عهده من بسط نفوذها على الحجاز ،وأجزاء من اليمن ،ومناطق عدة
من الخليج العربي وقد كان اإلمام سعود على جانب كبير من الدهاء ،والشجاعة ،والحكمة ،كما
الهمة ،والثبات يف الحروب ،له معرفة بالحديث ،والتفسير ،والفقه
وصفه ابن بشر باليقظة ،وبُعد َّ
عبدالوهابُ ،تويف يف 11جمادى األولى من عام
َّ اكتسبها من دراسته على يد الشيخ محمد بن
1229هـ1814 /م .انظر :ابن بشر.)342،364/1( ،
عبدالوهاب بن عامر المتحمي الرفيدي العسيري ،المعروف بأبي نقطة ،تولى إمارة عسير من
َّ ( )2هو
سنة 1217هـ حتى 1224هـ َّ
توالها بعد وفاة أخيه محمد سنة (1217هـ) ،ومدة حكمه سبع
سنوات .األعًلم ( ،)183/4والمقتطف من تاريخ اليمن ( ،)259انظر :المخًلف السليماين
للعقيلي( ،ص.)528
( )3فهاد بن سالم بن محمد بن شكبان الرمثين ،من قبيلة شهران من أهل بيشة من قرية الدحوَّ ،
واله
اإلمام عبدالعزيز بن محمد بن سعود إمارة بيشة ورئاستها بعد وفاة والده سنة 1239هـ.
146
ومن تبعهم يف نحو ثًلثين ألف مقاتل بالتوجه إلى نجران ،فسار هبم األمير
عبدالوهاب ،ونزل (ببدر) ،ووقعت بينهم معارك ُقتِ َل فيها كثير من قوم األمير
عبدالوهاب ،ومن أهل الدواسر ،وممن قتل منهم :أمير الوداعين إبراهيم بن
مبارك بن عبدالهادي ،وإدريس بن حويل وغيرهم ،ثم أمر عبدالوهاب قواته
قصر يف ٍ
بدر لحصار أهلها ،والتضييق عليهم ،ووضع فيه كل ما يحتاج إليه ببناء ٍ
( )1تاريخ ابن لعبون( ،ص ،)629 ،628وابن بشر ،عنوان المجد يف تاريخ نجد.)289،290/1( ،
( )2راجع مجلة الدارة ،العدد الرابع شوال 1432هـ ،السنة السابعة والثًلثون( ،ص،)184 -173
د .أحمد بن يحيى آل فائع.
( )3صالح بن يحيى ال ُعلفي :صاحب بيت الفقيه ،دخل تحت طاعة الدولة السعودية األولى بعد أن
=
147
الشريف حمود ،فصادف ذلك أن عبدالوهاب يف نجران ومعه قوات كثيرة كان
يعتقد أنه يأخذ بأقل منها ،لكنه لقي مقاومة شديدة ،وأقام بعرصة( )1نجران [يف
ٍ
بدر] نحو شهر ،وعمر قلعة عظيمة ،وأدخل إليها الماء ،واحتفر هناك حفائر
داخل القلعة ،وجمع لها من رتبة( )2وخواص قومه ،وأ َّمر عليهم يحيى بن
ناشع( ،)3وجمع لهم من الزاد ما يكفيهم ستة أشهر ،ثم انصرف(.)4
جحاف لهذه الحملة ،فتختلف عن سابقاهتا من حيث تاريخ
أما رواية َّ
كثيرا من قصص
وقوعها ،وكثير من تفصيًلهتا وأحداثها ،وقد أدخل عليها ً
الخيال ،والتي ال تتوافق مع الواقع ،وقام بنسج تلك القصص (البعيدة عن
الصواب) ،وقد تبعه المؤرخ يف وقتنا الحاضر :محمد طحنون آل دغرير
الوادعي من أهل نجران ،وطبع كتابه« :نجران ،تاريخ وإنسان» يف عام
(2015م) ،وهذا ال ُيعفيه من معرفة الحقيقة واستقصائها ،حيث إن القصر يف
= أقنعه الشريف غالب بن مساعد بذلك ،عن طريق تبعيته ألمير عسير عبدالوهاب المتحمي ،لكن
الشريف حمو ًدا لم يدعه وشأنه .عن تلك الحوادث راجع ،البهكلي ،نفح العود( ،ص- 233
)235؛ وجحاف ،درر نحور الحور( ،ص.)642 -640
( )1العرصة :كل بقعة واسعة بين الدور ليس فيها بناء .المصدر :الفيروزآبادي( ،ص.)560 -559
نادرا كمرادفة لكلمة المحطة .وعادة
( )2الرتبة :مجموعة من الجند أقل عد ًدا من المحطة .وتستخدم ً
ما توكل لها مهمة حراسة المدن ،والقًلع ،والحصون.
( )3يحيى بن ناشع الشهري ،وهو أحد قواد عبدالوهاب وفقهائهم ،ومن أهل الرأي فيهم .انظر :كتاب
نفح العود (ص.)241
( )4المرجع السابق( ،ص.)241 ،237
148
()2
من اليامية 1500مقاتل ،وسألوا المكرمي( )1عن قدومهم ،فقال :الطالع
يحكم َّ
بأال يظهر منكم حرب حتى تبلغ رجالهم حمى السور ،قال :فلما وصلوا
السور ،خرجوا عليهم ،فوقعت الهزيمة على أهل سنحان ،فبلغ ذلك سعود،
فجهز عليهم قبائله شمر إلى األحساء ،إلى شهران ،إلى عسير وألمع ،إلى
جميع الحجاز والدواسر ،ونفذ عليهم األمراء ،وألزمهم المسير على رأي عبد
بدر آخر شهر جمادى اآلخرة ،فداروا على ٍ
بدر الوهاب ،فسار هبم ،فنزلوا على ٍ
جحاف عن
من جميع جهاته .وقيل :إن جملتهم مئة ألف .وبعد ذلك تحدث َّ
تفصيًلت المعارك والمواجهات التي حصلت بينهم ،حيث كانت الحرب
ً
سجاال بين الطرفين ،ومع طول الحرب أمر عبدالوهاب ببناء درب (قصر)
[والموصوف آن ًفا] يف الحمضة أمام قصر آل هضبان( ،)3فأشاده ،وبنى
محارس ومتارس ،ونصب به مدفعين عظيمين ،ثم أمر أن يرتبوه بخمسمائة
( )1الداعي :عبداهلل بن علي بن هبة اهلل بن إبراهيم بن محمد المكرمي ،هو الداعي رقم )36( :يف سلسلة
دعاة المذهب .راجع ترجمته (ص )127من هذا الكتاب.
( )2هل كان يتعامل بالتنجيم؟! .انظر« :رسالة السحر والعزائم وماهية الكهانة والزجر والفال والغيب
والرقي وكيفية أفعال سر الطلسمات الباقيات( ،».....ص ،)536 ،535الرسالة العاشرة من
ُ
رسائل إخوان الصفاء وخًلن الوفاء تأليف ،اإلمام المستور /أحمد بن عبداهلل بن محمد بن
إسماعيل ،تحقيق الدكتور /مصطفى غالب ،دار األندلس للطباعة والنشر والتوزيع.
( )3آل هضبان :من شيوخ قبائل الوعلة المعروفين يف المنطقة ،وقد سكن أحدهم (القصر) ،واستمر
يتوارثه أبناؤه وأحفاده إلى عصرنا الحاضر ،وما زال القصر شامخ البنيان هبيئته المذكورة حتى
وقتنا الحاضر.
150
جحاف أن
منهم ،وأن يجعلوا فيه الكفاية التامة من السًلح والزاد ،ومما ذكره َّ
القوات النجرانية كانت تستخدم السحر( ،)1فًل يصل إليهم الرصاص ،وذكر
أن الحرب قد اشتدت تلك األيام ،وألحقت بالقوات السعودية خسائر كبيرة
كبيرا ،ثم تحدث عن استمرار القوات
يف األرواح ،كما أسروا منهم عد ًدا ً
النجرانية يف حصار القوات السعودية الموجودة يف القصر ،حتى جاء سيل
عظيم ودخله ،فاجتحف أكثر الزاد والسًلح ،وانتشر المرض بين القوات
المرابطة به ،فمات منهم كثير ،عند ذلك طلبوا األمان على أن يكون خروجهم
يف وجه القاضي يوسف بن علي بن هبة اهلل المكرمي (الداعي السابع
والثًلثين) ،فوافق اليامية على ذلك ،ولما خرج َمن يف القصر ،لم يزد عددهم
عن المئة ،وكانوا خمسمائة ،فأكرمهم اليامية يومين ،وبعث القاضي برسالة
إلى سعود يقول فيها :وأما الدرب فكما قال تعالى ( :ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ
ﮰ) .
()2
ويمكن القول يف هذه الرواية :إن جحا ًفا وضعها تحت حوادث سنة
1223هـ1808 /م ،كعادته وعدم دقته يف إيراد تواريخ كثير من األحداث التي
تطرق إليها يف كتابه ،وكذلك فإن المصادر القريبة من الحدث مثل البهكلي،
َّ
أشارت إلى أهنا وقعت قبل ذلك التاريخ.
فمثًل:
مشوشة ،وفيها كثير من التداخًلت وعدم الدقةً ،
جحاف َّ
ورواية َّ
وأيضا
لم يخربنا عن مصير جيش عبدالوهاب ،وال كيف انسحب من بدرً ،
تتسم بالمبالغة الواضحة يف ذكر أعداد القوات السعودية ،حيث قدَّ رهم بمئة
ألف ،كما أنه لم َيث ُبت أن هناك قوات من شمر واألحساء والحجاز شاركت يف
حرب نجران -بدر -وهذا يزيد من تشويش تلك الرواية ،ثم ذكر أن القصر
تم هدمه وإزالته ،وهذا غير صحيح ،فهو موجود كما هو ،واختلق من القصص
َّ
الدرامية التي تخالف الواقع ،ثم ذكر دخول السيل إلى القصر ،وموضع القصر
والسور الحجري المرتفع عن بطن الوادي يكذب تلك الرواية.
وهناك رواية أخرى للحادثة نفسها جديرة باإلثبات ،وهي رواية سيد
ماحي التي نقلها من إحدى المخطوطات القديمة يف مدينة نجران ،وهي -كما
ذكر -مخطوطة بًل عنوان ،وذكر أهنا موجودة ضمن مكتبة الشيخ علي بن
= الثغر) الذي وصفه المؤرخ اليمني :جحاف بأنه ال أثر له وال رسم .ووجوده اليوم برهانًا قاط ًعا
ودليًل ناص ًعا على نفي تلك األوهام.
ً
152
حسين المكرمي(.)1
أما الرواية فتقول« :إنه كان هناك يف عام 1222هـ ،حاكم لبًلد عسير،
قصرا
ً ُيسمى( :أبا نقطة) ،غزا نجران ،فاحتل (بدر الجنوب) ،وبنى له فيها
فخما يسمى( :الثغر)( ،)2وذلك يف قرية (الحمضة) المجاورة (لبدر الجنوب)،
ً
وكان الحاكم الموجود يف بدر حينذاك هو :عبداهلل بن علي بن هبة اهلل
المكرمي ،وكان كبير السن ،وله أخ اسمه يوسف( )3يقوم بأعماله ،ويقال :إن
الياميين َأ َبوا على أنفسهم هذه النكاية ،فجهزوا أنفسهم بالجنود والعتاد،
وزحفوا على (بدر الجنوب) ،فقاتلوا جنود (أبي نقطة) حتى أبادوهم يف مدة
وفر منهم من بقي إلى بًلد عسير حيث يقيم (أبو
خمسة عشر يو ًما تقري ًباَّ ،
نقطة) ،وحتى اآلن يوجد يف (بدر الجنوب) -وهي يف شمال نجران -آثار رسم
لقصر أبي نقطة المسمى (الثغر)([ ،)4بل هو موجود بكامله ،ولم يتم تدميره
كما ذكر صاحب الكتاب](.)5
( )1انظر :كتاب :نجران األرض والناس والتاريخ ،تأليف :سيد ماحي( ،ص.)26
( )2ورد يف كتاب« :عسير والتاريخ وانحراف المسار» ،لمنصور بن أحمد بن منصور العسيري« :أن
اسمه( :قصر المملح)» (ص.)651
( )3الداعي :يوسف بن علي بن هبة اهلل بن إبراهيم بن محمد بن الفهد المكرمي ،راجع :ترجمته،
(ص )160من هذا الكتاب.
( )4المصدر :كتاب :نجران األرض والناس والتاريخ ،تأليف :سيد ماحي( ،ص.)27 ،26
( )5صاحب الكتاب هو صحفي من القاهرة ،تم التعاون معه يف تأليف كتاب« :نجران األرض والناس
=
153
= والتاريخ» ،وال يعلم عن الحقيقة شيئًا ،وهو يكتب ما يمليه عليه أهل المنطقة ،وكما يقال :أهل
مكة أدرى بشعاهبا ،لكن هناك من ال يريد إظهار الحقيقة وكشفها لألجيال.
154
الجنوب ،فهل ُيعقل أن ُيباد جيش ويف الوقت نفسه يستبقي حامي ًة لحصار البلد
المنتصر.
[حوادث سنة 1222هـ1807/م]
نزول يام أرض تهامة:
ٍ
جرار ٍ
بجيش ووصلت األخبار بنزول هتامة ،وكان حمود( )1قد عسكر
من بكيل وحاشد وبًلد األهنوم ،واستعد عد ًة عظيمةً ،ولكنه لم يكن له نصر
يف ذلك إال بعودة حسين بن أحمد(.)2
يقول صاحب كتاب «نفح العود يف سيرة دولة الشريف حمود»« :عندما
نزلت قبائل يام يف سنة 1222هـ ،وكان يعلم( )3باتفاقهم مع إمام صنعاء ،فأخذ
ً
أوال يف بذل المال يف استمالتهم إال أن ما أعطاهم اإلمام ووعدهم من العطاء
كان أكرب ،فأخذ موقف الحذر ،وراح يصاولهم ويجاولهم على ُبعد حتى إنه
لم يأخذ بثأر قتل ابن أخيه (يحيى بن علي فارس)؛ طم ًعا لهم بعقاب يوم
( )1هو حمود بن محمد بن أحمد الخيرايت ،كنِّي بأبي مسمار ،لمسمار وقع يف رقبته يف إحدى معاركه
عبدالوهاب يف
َّ الحربية .ولد سنة 1170هـ ،وتويف سنة 1233هـَ ،قبِ َل دعوة الشيخ محمد بن
أميرا على هذه أميرا على المخًلف السليماين ،وقد َّ
ظل من بعد ذلك ً 1217هـ ،فأصبح بموجبها ً
المنطقة حتى عام 1233هـ؛ حيث ُتويف بقرية المًلحة من عسير .انظر :ترجمته :يف كتاب :نفح
العود لعبدالرحمن بن أحمد البهكلي( ،ص.)70
( )2كتابُ :درر نحور الحور العين ،تأليف :لطف اهلل بن أحمد جحاف( ،ص ،)706وكتاب :نجران...
تاريخ وإنسان ،محمد بن طحنون آل دغرير( ،ص.)141
( )3يقصد األمير :حمود بن محمد بن أحمد الخيرايت.
156
مفسد .وأخذ يتعقبهم بجيشه وهو القادر على االشتباك معهم ،وإنما كان ال
يجزم بالفوز ،فطاول األمر معهم حتى تمكن من بذل المال والسياسة يف تفريق
جموعهم»(.)1
[حوادث سنة 1222هـ1807/م]
انضمام أحد مشايخ نجران :سالم بن حسين آل مشري (من آل حمد بن
حش الصقور اليامي للحكومة السعودية):
«كان الحدث األكثر أهمي ًة يف فرتة الهجوم السعودي على نجران :دخول
أحد مشايخ يام ،وهو :سالم بن حسين ،يف صف السعوديين .وكان له حصن
ٍ
طارئ ...وقد أمر منيع ،وبه بئر يف وادي نجران ،مأله بالمؤن استعدا ًدا ألي
المكرمي يام بالتوجه على درب سالم بن حسين ،فحطت عليه محاصر ًة له
ثًلثة أشهر ،وتمكنت بعدها من اقتحامه ،وطرد َمن فيه ،واالستيًلء على جميع
محتوياته1219( ...هـ1804 /م)(.)2
درب سالم بن حسين آل مشري الصقور ،وتظهر خلفه هضبة مشري ،وهو اسمها إلى اليوم.
( )1بجيلة :قرية كبيرة يف جنوب الزُّ هرة ،ويقع شمالها :مجرى وادي مور.
( )2الزهراء :تسمى اآلن :الزهرة على اسم الكوكب المعروف ،مدينة يف وادي مور ،اختطها الشريف
حمود سنة 1220هـ ،ويرجح بعضهم :أهنا أقدم من ذلك ،وهي على بُعد 40كلم شرق اللحية من
هتامة اليمن.
159
ٍ
لموجود عثرةً ،فراسلهم وانتهى سيرهم إلى الوعضات( ،)1فنزلوا هبا ال ُيقيلون
حمود بعد ذلك وبعث لهم بمال ،فبتُّوا القول معه على تسليم ثًلثين أل ًفا
فرانصة ،فرضي ،وجاءه خط من سالم بن جبعان وأوالد نصيب ،وأبى جابر
بن مانع من ذلك ،وقالوا له :يا جابر ،ال بد أن توافقنا على المصلحة ،فقال:
امضوا إليه لقبضها ،وأما أنا فًل أبرح حتى أقيم أمر الدين ،فإين غير راغب يف
دينه الجديد ،ولي إمام بصنعاء ال أحيد عن مواالته ،فسار ابن جبعان وأوالد
نصيب إلى حمود يف جم ٍع من قومهم على رأي جابر بن مانع ،فظهر لحمود
خديعتهم له ،فأبى من تسليم ذلك والصلح معهم حتى يأيت جابر بن مانع،
فخرجوا عن مقامه وهم على رأي جابر(.)2
[حوادث سنة 1225هـ1810/م]
الشريف حمود يرسل قبيلة يام لحرب الزرانيق:
«ولما كان سنة 1225هـَ ،قدم الشريف حمود بن محمد يام على
الزرانيق ،وحصلت الحرب بينهما ،فلما ُغلِ َ
()3
ب َشي ُخهم الهبة علي ،أحرق
الجبخانة( )1على أوالده و َمن يف القلعة ،وخرج وقتلَ ،حسبِي اهلل من هذه
المظالم ،فًل رحمه اهلل ،آمين ،وراحت جملة من يام ،وصارت العداوة من
ذلك الحين بينهما إلى حال التاريخ ،واهلل أعلم»(.)2
37ـ الداعي يوسف بن علي بن هبة اهلل بن إبراهيم بن محمد بن الفهد
المكرمي ،تولى رئاسة المذهب اإلسماعيلي يف ( 17ذو القعدة 1225هـ14 /
ديسمرب 1810م) ،وتويف يف 9( :رجب 1234هـ 4 /مايو 1819م) ،ودفن يف:
(صوابة بدر) .كان قد بدأ ممارسة نشاطه عند أخيه عبد اهلل بن علي؛ لكرب سنه،
وعدم قدرته على الخروج يف الكثير من الغزوات التي قاموا هبا ،وكان له
حروبه يف هتامة ،كما أرسل قبائل يام يف عام1232( :هـ) لمساندة أرحب عند
حرهبم مع إمام صنعاء(.)3
يقول صاحب كتاب «نجران» محمد أبو ساق« :تشير بعض المصادر
إلى أن الياميين توغلوا يف أرض اليمن ،وأخضعوا مناطق بداخلها لحكمهم،
الجبَخَ انة :مخزن مواد الحرب من بارود وقنابل وسًلح ،وهي كلمة (تركية).
(َ )1
( )2انظر :كتاب :حوليات النُّعمي التهامية ،تحقيق ودراسة :الدكتور :حسين بن عبداهلل العمري،
(ص.)46
( )3انظر :كتاب :البيان يف تاريخ جازان وعسير ونجران ،تأليف :عبد الواحد راغب دالل( ،ص،)75/2
وكتاب :يف بًلد عسير ،فؤاد حمز( ،ص ،)175وكتاب :نجران األرض والناس والتاريخ تأليف:
السيد الماحي( ،ص ،)29 ،28وصحيفة الصًلة اإلسماعيلية ،لمؤلفها :المنصوب سيد نصر اهلل،
(ص ،)687المطبوع يف حيدر آباد ،سنة (1390هـ) ،وكتاب :مرتفعات الجزيرة العربية،
(ص ،)686/2هاري سانت جون فيلبي ،مكتبة العبيكان.
161
عام (1229هـ) كمنطقة صعفان غربي مسار ،من أعمال (مناخة)( ،)1ونصبوا
عليها أمراء وجنو ًدا من أهل نجران ،وذلك يف وقت (يوسف بن علي بن هبة
اهلل المكرمي) ،الذي و َّلى عليها ابن أخيه (الحسين بن الحسين بن علي
واستمرتا
َّ المكرمي) ،كما أخضعوا منطقتي (حراز) و(الحيمة) غربي صنعاء،
يف يدهم إلى ما بعد عام (1268هـ)»( ،)2وقد كان موال ًيا لألتراك ،وتحت
أمرهم ،وله مكاتبات ومراسًلت معهم ،ويف إحدى الوثائق( )3يقولون عنه:
«حيث إن سيد يوسف بن علي ،من السادات الكرام ،وأمير نجران ،أظهر
حميته اإلسًلمية ،وطاعته إلى الذات الشاهانية ،بمكاتباته ومراسًلته
الدائمة» ،وهو يلتقي مع حسن بن هبة اهلل صاحب «الحائر» يف هبة اهلل بن
( )1مناخة :متوسطة على الطريق بين الحديدة وصنعاء ،وهي مثل جبل حراز يف ذرى جبال منيعة جدًّ ا
بين الساحل يف الغرب وبين صنعاء يف الشرق ،وللدعاة منازل ضخمة البناء ذات طبقات متعددة
مقامة يف مواضع منيعة ،وعليها أبراج متينة للدفاع عنها .من مذكرات سليمان شفيق كمال باشا،
الحلقة الثالثة والعشرون ،د .عبداهلل بن سالم بن موسى القحطاين1413 ،هـ1992/م( ،ص،280
.)281
نقًل عن كتاب «البيان يف تاريخ جازان
( )2انظر :كتاب :نجران ،تأليف :محمد أبو ساق( ،صً ،)202
وعسيرونجران» ،لعبد الواحد محمد راغب دالل.)75/2( ،
( )3وثيقة رقـم ( ،)9مصدر الوثيقة :الوثائق القومية -القاهرة .وحدة حفظها :بحر برا .رقمها يف وحدة
الحفظ ،)117( :تاريخها 27 :رجب 1232هـ12/يونيه 1817م ،موضوعها :االستيًلء على
هتامة ،حتى هناية (بيشة).
162
إبراهيم(.)1
38ـ الداعي الحسين بن الحسين بن علي بن هبة اهلل بن إبراهيم بن
محمد المكرمي ،تولى رئاسة المذهب اإلسماعيلي يف 9( :رجب 1234هـ/
4مايو1819م) ،وتويف يف ( 9رجب 1241هـ 17/فرباير 1826م) ،ودفن يف:
عمه يوسف ،وهو َمن سار بقبائل يام إلى
(صعفان حراز) .تولى الدعوة بعد ِّ
أرحب للحرب معهم ضد اإلمام ،وقد نال ثقة قبائل عسير حتى إهنم طلبوا مع
أهل نجران من محمد علي باشا( )2توليته على عسير(ً )3
بدال عن شريف مكة
محمد بن عون( ،)4وكان له حروب يف هتامة ،وقد مات يف آخر خروجٍ له يف
( )1انظر :كتاب :من وثائق تاريخ شبه الجزيرة العربية يف العصر الحديث ،المجلد الثاين ،من وثائق
الدولة السعودية األولى يف عصر محمد علي1234 - 1222 ،هـ1819 - 1807/م( ،ص.)585
( )2محمد علي باشاُ :ولد يف مدينة قولة من بًلد مقدونية ،وذلك سنة 1182هـ1769/م ،تويف والده
وهو صغير ،فربَّاه عم له ،عمل يف بداية حياته بتجارة الدخان ،ثم جاء مع جنود الدولة العثمانية
ثم واليًا لمصر بعد ما اكتسب ثقة السلطان
الذين قدموا لمحاربة الفرنسيين ،وعين قائد فرقةَّ ،
العثماين ،تويف بالقاهرة يف 13رمضان سنة 1265هـ/الثاين من أغسطس سنة 1849م ،و ُدفن يف
الجامع الذي بناه يف قلعة صًلح الدين األيوبي بالقاهرة.عائض بن خزام الروقي :حروب محمد
علي يف الشام وأثرها يف شبه الجزيرة العربية ،جامعة أم القرى1419 ،هـ( ،ص.)15
( )3المصدر :دار الوثائق القومية -القاهرة .وحدة حفظها :دفرت رقم ( )10معية تركي .رقمها يف وحدة
الحفظ .)368( :تاريخها23 :ذي الحجة 1237هـ10/سبتمرب 1822م .موضوعها :أمر صادر
إلى :محافظ مكة المكرمة .وثيقة رقم (( ،)6ص.)180
( )4محمد بن عبد المعين بن عون تولى أمارة الحجاز من عام 1243هـ إلى أن تويف عام 1274هـ ،وقد
وطد األمر له وآلل عون يف الحجاز بعد قيامه بمعارك وغزوات عديدة تخللتها فرتات انقطاع يعود
األمر فيها إلى بعض األمراء من آل زيد بموجب التكاليف السلطانية.
163
تلك الحروب ،ونقل إلى صعفان حراز؛ لقرهبا منهم .ويلتقي مع حسن بن هبة
اهلل صاحب الحائر يف هبة اهلل بن إبراهيم بن محمد(.)1
[حوادث سنة 1235هـ1820/م]
خروج يام إلى بندر ال ُّلحية:
«وفيها :خرجت يام [اإلسماعيلية] ،وانتهبوا بندر ال ُّلحية ،وهربوا أهلها
وبحرا ،وذهبت فيها [أموال] ال تعدُّ ،وأفقروا أهلها وأضعفوهم ،وجعلها
ً َب ًّرا
اإلمام إلى الشيخ أحمد الكلفوت»(.)2
وثيقة رقم (:)2
« ...ورد بعد عدة أيام إلى مكة لطرف عبدكم َه َذا ،رجل من (أبي
عريش) ،وأفاد أنَّه نزل مقدار أربعة آالف من العساكر ،من (قبيلة يام) ،يف
جهات (أبي عريش) ،وأخذوا يطالبون بعوائدهم القديمة بإلحاحٍ ،وبدأوا
( )1انظر :عبد الرحيم محمد علي( ،ص ،)54 -53وكتاب إسماعيلية اليمن السليمانية ،حمود زايد
نوفل( ،ص ،)230،90وكتاب يف بًلد عسير ،فؤاد حمز( ،ص ،)175وصحيفة الصًلة
اإلسماعيلية ،لمؤلفها :المنصوب سيد نصر اهلل( ،ص ،)687المطبوع يف حيدر آباد ،سنة
(1390هـ) ،وكتاب :نجران األرض والناس والتاريخ ،السيد الماحي( ،ص ،)29 ،28وكتاب:
نقًل عن كتاب« :البيان يف تاريخ جازان وعسير
نجران ،تأليف :محمد أبو ساق( ،صً ،)202
ونجران» ،لعبد الواحد محمد راغب دالل.)75/2( ،
( )2المصدر :كتاب حوليات يمانية ،تحقيق ودراسة :عبداهلل بن محمد الحبشي( ،ص.)39
164
( )1المصدر :دار الوثائق القومية -القاهرة .وحدة حفظها :محفظة ( )7بحر برا .رقمها يف وحدة
الحفظ .)209( :تاريخها16 :جماد اآلخرة 1235هـ31/مارس 1820م .موضوعها :إلى موطئ
أقدام حضرة صاحب الدولة والرأفة والمرحمة موالي ولي النعم طال بقاؤه وثيقة رقم (،)6
(ص.)180
( )2هو :الداعي الحسن بن محمد بن حسن بن هبة اهلل المكرمي ،راجع ترجمته يف (ص )180من هذا
الكتاب.
( )3المرجع :كتاب :مائة عام من تاريخ اليمن ،الدكتور :حسين بن عبداهلل العمري( ،ص،)233
وكتاب :نجران تاريخ وإنسان ،محمد طحنون آل دغرير( ،ص.)151
165
ٍ
بمقياس ...إلخ»(.)1 يعد ،وال يقاس
[حوادث سنة 1238هـ1823/م]
العجمان تستنجد بإخوانهم يام يف معركة الرضيمة(:)2
معركة الرضيمة ،عام (1238هـ1823/م) ،كانت بين العجمان وبين
ٍ
أشهر يف موقع يسمى الرضيمة، ابن عريعر ونوخ العجمان البن عريعر ثًلثة
شماال من الرياض ،وأسباب ذلك( )3أن ابن عريعر ذبح عشرين من آل
ً تقع
( )1انظر :كتاب :حوليات النعمي التهامية ،الدكتور :حسين بن عبداهلل العمري( ،ص ،)76وكانت
مشاركته بتاريخ1237/1/15( :هـ1822/م).
( )2الرضيمة :موضع معروف يف هضبة العرمة ،تقع شمال الرياض ،ويقول صاحب كتاب قاموس
البادية ،شاهر بن محسن المطيري( ،ص )322يف تعريف موقعها« :تقع شمال شعيب (وادي)
الشوكي تجاور النفوذ من الغرب يف مضارب قبيلة سبيع».
( )3يقول صاحب كتاب قاموس البادية ،شاهر بن محسن المطيري( ،ص« :)324 ،323إن أسباب
حرم على الناس بيض الحبارى ،ويف هذه األثناء جاء عشرة
معركة الرضيمة هي :أن ماجد بن عريعر َّ
من قبيلة العجمان يف ٍ
سفرة عابرة ،ومعهم من ال ينتمي إلى قبيلتهم ،وآثروا تناول بيض الحبارى
حين وجدوه وتابعوا طريقهم .وشاء اهلل إن مروا الشيخ ماجد بن عريعر وباتوا عنده تلك الليلة،
سرا ماجد بن عريعر عما فعله رفاق الدرب وحتى تخشى
وغلب على مرافقهم طبعه السيئ وأخرب ًّ
الناس سطوته وتأخذ تحذيره على محمل الجدِّ قتل التسعة ،ولم يشد وثاق العاشر حتى يمكنه من
الهرب وذلك النتشار الخرب يف اإلرجاء ،وقال أحدهم بعد قتل التسعة :ركبن من العجمان ر ّبي
رماهم مثل الجلب ص ّكوا عليه القصاصيب ،وانتظرت قبيلة العجمان ألخذ الثأر وجاءت الفرصة
سانحة عندما تفرغت قبيلة مطير من حرب أبانات ثم العمار والمربع ،وتقدمت لطلب المساعدة
أيضا :إن
وتم ذلك ،ويقال :إن شيخ قبيلة العجمان يف تلك الفرتة هو جريس بن جلبان الذي يقال ً
قائًل قصيدته:
ماجد بن عريعر سجنه قبل هذا واستنجد يف (العوباء) زوجة ماجد بن عريعر ً
=
166
ٍ
واحد منهم ،وقال له :اذهب ٍ
سبب ،وأبقى على حياة شامر من العجمان بدون
إلى قومك ،وأبلغهم بذلك ،فلما علم العجمان بذلك ،قرروا المقاطعة معه،
شخصا يحشون للخيل،
ً وبعد ذلك سنحت لهم الفرصة ،وعثروا على سبعين
ومعهم حماية من الفرسان والخيل يقال لهم :الجنب ،فشنوا عليهم العجمان
ٍ
شخص ،وأرسلوه ليرد الخرب إلى ابن عريعر، غار ًة قتلوهم ،وأبقوا على حياة
وبعد ذلك حدثت الحروب بينهم ،وحدث ما حدث من أمرهم ،وكان ابن
حاكما لجميع القبائل ،والعجمان طلبوا النجدة من
ً عريعر يف ذلك الوقت
الدويش ،وكان باألرطاوية ،فشرط الدويش على العجمان بأن يعطوه الطوال،
وهي اللهابة والقرعا واللصافة( ،)1وطلب الودايع ،وهي الشرف إبل ابن عريعر
أيضا طلب فلو العمود ،وأعطوه ما أراد ،وهم قصدهم ليس الطمع،
الخاصةً ،
بل القضاء على ابن عريعر وحكمه ،واحتموا بالسهول ،وأرسلوا إلى الدواسر،
وطلب ابن قويد على العجمان الريشة المعروفة ببيت ابن عريعر بالظلة(،)2
( )1هذه مناهل للمياه يف الصمان ،كانت تحت نفوذ ابن عريعر ،ثم صارت مل ًكا لقبيلة مطير بعد
اشرتاكهم يف مناخ الرضيمة ،وقد اشرتطت على العجمان أن تكون لها يف حالة سقوط ابن عريعر.
انظر :كتاب :صفة جزيرة العرب للهمداين ،تحقيق :محمد بن عبداهلل بن بليهد النجدي( ،ص،378
،)379طبعة 1953م ،مطبعة السعادة مصر ،ويقول صاحب كتاب« :ما تقارب سماعه وتباينت
أمكنته وبقاعه» تأليف :محمد بن عبداهلل بليهد ،تحقيق :أ.د .محمد بن سعد بن حسين،
(ص« :)143وهي أربعة مناهل جنوبيها اللهابة ثم القرعاء ثم اللصافة ...إلخ».
( )2وهي راية األمير ابن عريعر.
( )3وقد شارك يف معركة الرضيمة( :آل مرة ومذكر وقبائل الوعلة) ،راجع :كتاب :الدرة يف أخبار قبيلة آل مرة،
تأليف :محمد بن راشد بن علي آل عذبة المري( ،ص ،)102وكتاب :ديوان بن فردوس( ،ص.)275
168
فل َّباه وحضر له ،وقال :ما تريد يا ابن نوال؟ فقال له :عندي لك رأي ،فماذا
تقول؟ فإن هذا ابن عريعر ،وقد جمع الناس جميعهم ،وهؤالء العجمان
استنجدوا ببعض القبائل ،وأرسلوا إلى أهل الجنوب ،ونحن أصبحنا بينهم،
جراء
وسلبت نساؤنا ،فما هو صًلحنا من َّ
وذبحت رجالنا ،وأخذت أموالناُ ،
ذلك ،فالرأي أن نذهب إلى ديارنا ،ونرتك تلك الحرب الطاحنة ،فقام شخص
نائم يف البيت لم ُيع َلم عنه ،وهو سلطان األدغم ،فقال :أنت ابن نوال؟ فقال له:
نعم ،هو ذاك .قال :هل هذا هو الرأي الذي عندك؟ فقال :نعم .قال :أنت مكفي
من ذلك ،ولوال حشمة صاحب البيت ألهنتك إهان ًة تنزل بقدرك ،فقال :أرجو
المعذرة إذا لم يصلح هذا الرأي ،فركب جواده ،ورجع من حيث أتى ،فجاءت
األفزاع عن نجران صابغين جميع الخيل بالنيل األسود ،فرجعت خيل ابن
عريعر مهزومةً ،فسألهم :ماذا حصل لكم ذلك اليوم؟ فقالوا :لقد أتانا قوم
كف،
بكف على ٍّ
خيلهم سود ،ويرتدون المًلبس السوداء ،وهم غرباء ،فصفق ٍّ
فقالوا :ما بك أيها األمير؟ فقال :لقد جاء أهل نجران ،ويف الصباح سارت
الجموع عليهم ،وهجمت على ابن عريعر هجو ًما هزم فيه جنود ابن عريعر،
وذبح سلطان األدغم ،وعدد من فرسان سبيع ،ولما صفوا سبيع لحالهم،
اجتمعوا إلى أميرهم مسلم بن مجفل ،فأتاهم ابن نوال على جواده ،فقال له
األمير مسلم :تفضل يا ابن نوال ،وأسمعنا ما عندك من القصائد ،فقال:
سأسمعكم هذه األبيات:
169
ٍ
غرس تسقى بماهـا وال حدّ كم و َّلوا سبـيـــع التمــر ما حدكم لــــوم
والـلي ورا نجران قاده سنـاهـا طحتوا ٍ
بنار صلــوها يطرح الحــــوم
وعيونكم بالشب ز َّيــن دواهــا يذوب على الصوم
مشروبكم شري َّ
ودور لسيات الخطر لين جاها أشقر يدور الحـــرب كـنـه من الروم
فصفق دالله ابن مجفل ،ونثرها على الضوء ،وقال :ال عادت جيتك لنا
يا ابن نوال ،لقد أردنا أن تسلينا ،فجمعت علينا همومنا(.)1
ويقول صاحب كتاب «تحفة المستفيد بتاريخ األحساء يف القديم
ٍ
ثمان والجديد» لمحمد بن عبداهلل آل عبد القادر يقول« :يف رجب من سنة
ٍ
وألف خرج ماجد بن عريعر ،ومعه بنو خالد ،وجماعة من وثًلثين ومائتين
عنزة -رئيسهم مغيليث بن هذال وجماعة من قبيلة سبيع -وقصد فيصل
الدويش وقبيلة العجمان ،والتقى الجمعان يف «الرضيمة» ،فاقتتلوا ً
قتاال
شديدً ا ،ثم وقعت الهزيمة على ماجد بن عريعر ،ومن معه ،وتركوا جميع ما
وممن ُقتِ َل ذلك اليوم :مغيليث بن هذال ،وقتل
معهم من األموال والذخائرَّ ،
من قبيلة مطير حباب بن قحيصان ،وكان من الرجال الدهاة المقربين لدى
( )1انظر :كتاب :العجمان وزعيمهم راكان بن حثلين ألبي عبدالرحمن بن عقيل الظاهري (ص- 55
،) 57وكتاب :تاريخ قبيلة العجمان ،دراسة وثائقية ،تأليف :د .سلطان بن خالد بن حثلين ،ود.
زكريا كورشون( ،ص.)46 ،45
170
( )1انظر( :ص ،)257 ،256وكتاب :تاريخ اإلحساء السياسي ،للدكتور :محمد عرابي نخلة،
(ص.)50
( )2انظر :كتاب :ديوان ابن فردوس( ،ص.)266 ،265
يمر على ديار الدواسر ،فأحب أن يذكر خصالهم
( )3أرسل قصيدته مع ولده سعد ،وكان الرسول سوف ُّ
يف هذه القصيدة .انظر :كتاب :ابن فردوس( ،ص ،)266 ،265وكتاب :العجمان وزعيمهم راكان
بن حثلين ،أبو عبدالرحمن بن عقيل الظاهري( ،ص ،)39 ،38وكتاب شعراء يام ،مهدي بن مسفر
بن مانع آل راكه( ،ص.)96
171
( )1هو الداعي رقم ،)40(:الحسن بن محمد بن حسن بن هبة اهلل .انظر :ترجمته( ،ص.)180
( )2هو الداعي رقم ،)39(:إسماعيل بن محمد حسن بن هبة اهلل انظر ترجمته( ،ص.)173
( )3المصدر :كتاب حوليات يمانية ،تحقيق ودراسة :عبداهلل بن محمد الحبشي( ،ص.)48
172
سيطرة المكارمة على حراز كاملة ،حيث أرسل أخاه وخليفته الحسن وذلك يف
عام (1255هـ1839/م) ،وهو بداية السيطرة على حراز ،ومن َث َّم محاولة
التوسع خارجها ،وقبل هذا التاريخ كان لحراز والة مبعوثون من األئمة الزيدية،
يقتسمون حكم البًلد واإلسماعيلية ،ويدير أولئك الوالة دفة الصراع ضد
اإلسماعيلية ،وهم الموكلون بجمع عائدات البًلد الخاضعة لهم ،وكانوا
يجربون األهالي على دفع الواجبات(.)1
[حوادث سنة 1244هـ 1828/م]
خروج يام لحراز:
«تجمعت أعداد كبيرة [من قبيلة يام] يف عام 1244هـ1828/م،
وتوجهت إلى َح َراز الجبلية الصعبة ،والواقعة على منتصف الطريق بين صنعاء
والحديدة ،وقامت هبجوم ،واحتلت بعض القرى فيها»(.)2
( )1انظر :كتاب :إسماعيلية اليمن السليمانية ،حمود زايد نوفل( ،ص ،)146 - 145وكتاب :يف بًلد
عسير ،فؤاد حمز( ،ص ،)175وصحيفة الصًلة اإلسماعيلية ،لمؤلفها :المنصوب سيد نصر اهلل،
(ص ،)687المطبوع يف حيدر آباد ،سنة (1390هـ).
( )2المصدر :كتاب :مائة عام على تاريخ اليمن ،للدكتور حسين بن عبداهلل العمري( ،ص،)233
وكتاب :نجران ...تاريخ وإنسان ،محمد بن طحنون آل دغرير( ،ص ،)154وكتاب :حوليات
يمانية ،تحقيق ودراسة :عبداهلل محمد الحبشي( ،ص.)50
175
( )1وقد ذكرت يف كتاب :الديباج الخسرواين ،أهنا يف سنة (1251هـ) ،انظر( :ص ،)335 – 333تأليف:
الحسن بن أحمد بن عاكش الضمدي ،تحقيق :إسماعيل بن محمد البشري.
عامًل
ً ( )2الحسين بن علي بن حيدر الخيرايت ،من أمراء األشراف آل خيرات ،ولد يف 1215هـ ،كان
أيام والده على صبيا ،ثم على الزُّ هرة ،ثم انتدبه إبراهيم باشا لمقاتلة يام سنة 1251هـ ،فقاتلهم
وانتصر عليهم ،ولما غادر إبراهيم باشا تسلم منه الحسين زمام األمور ،وذلك سنة 1256هـ،
يقر واليته ،فسيطر على هتامة ،وأظهر العداء
وأرسل له السلطان عبدالمجيد العثماين بمرسوم ّ
للربيطانيين يف عدن ،فما كان منهم إال أن ضغطوا على العثمانيين لنفيه وإبعاده فنفي إلى األستانة،
واستقر هبا إلى أن ُتويف سنة 1272هـ .انظر :كتاب :عاكش (الديباج
َّ ثم عاد إلى م َّكة المكرمة،
الخسرواين) ،وعقود الدرر ( ،)357/1ونيل الوطر ( ،)389/1واألعًلم للزركلي (.)248/2
( )3المصدر :كتاب :المخًلف السليماين ،محمد بن أحمد العقيلي ،)510 ،509/1( ،وكتاب :نجران
=
176
= تاريخ وإنسان ،محمد طحنون آل دغرير( ،ص ،)154وكتاب :نشر الثناء الحسن ،إلسماعيل بن
محمد الوشلي ،تحقيق :إبراهيم أحمد المقحفي( ،ص ،)32،33وكتاب :تاريخ عسير يف الماضي
والحاضر ،هاشم بن سعيد النعمي( ،ص ،)242وكتاب :أخبار عسير ،ابن مسفر( ،ص،)98
وكتاب :الديباج الخسرواين( ،ص ،)335 - 333تأليف :الحسن بن أحمد بن عاكش الضمدي،
تحقيق :إسماعيل بن محمد البشري.
( )1هو أحمد بن محمد بن حسن بن هبة اهلل ،وهو حفيد حسن بن هبة اهلل واألخ الشقيق للداعيان رقم:
( ،) 39،40ولم يستلم منصب يف المذهب ،ما عدا مشاركاته يف بعض الغزوات .انظر :مشاركاته:
يف كتاب :عدن والسياسة الربيطانية ،للدكتور :فاروق عثمان أباظة( ،ص ،)118وكتاب :نيل
الوطر ،لزبارة( ،ص ،)389/1وكتاب :مئة عام من تاريخ اليمن الحديث ،الدكتور :حسين عبداهلل
العمري( ،ص ،)285 ،284وكتاب :حوليات يمانية ،تحقيق :عبداهلل بن محمد الحبشي،
(ص ،)90وكتاب :نجران ...تاريخ وإنسان ،محمد بن طحنون آل دغرير( ،ص.)154
( )2يحتمل أهنم قبائل الوعلة؛ ألن قبائل العجمان يف هذا التاريخ يف األحساء ونجد.
( )3كتاب :حوليات يمانية ،تحقيق ودراسة :عبداهلل بن محمد الحبشي( ،ص.)91
177
حيدر مع بعض رجاله ،ووقعت بين الطرفين معارك تمكن معها الشريف
حسين من إرغامهم على اإلدبار( ،)1وصولح بعضهم بالمال(.)2
[حوادث سنة 1255هـ1839/م]
رفع ظلم الوزراء وجورهم عن أهل حراز:
«توجه نحو ألفين من مكارمة يام إلى حراز بعد أن تراسلوا مع أصحاب
قسم منهم مع يام يف المذهب [اإلسماعيلي] .وكان
المنطقة الذين يشرتك ٌ
سلوك أهل حراز يف الغالب هو رد فع ٍل لما َّ
حل بإخواهنم يف همدان على يد
الناصر يف العام السابق ،باإلضافة إلى ما يفيدنا صاحب الحوليات (بأن أهل
حراز ما لقيوهم يام َّإال من شدة ما ناهبم من جور العمال والوزراء حتى هانوا
وأغلظوا عليهم ،فهان عليهم ...وأقبلوا لطاعتهم بالسر والعًلنية!) ،وهرب
عامل الناصر ،الفقيه محمد أحمد الحيمي ،فتبعته يام وانتهبوه ،ولما وصلت
األخبار إلى صنعاء أرسل الناصر جماع ًة من أتباعه بقيادة األمير خير الذي
وصل ومن معه إلى الحيمة القريبة من حراز ،وربما تب َّين له صعوبة لقاء يام
( )1كتاب :عدن والسياسة الربيطانية ،للدكتور :فاروق عثمان أباظة ،)118( :وزبارة :نيل الوطر:
(.)389/1
( )2المصدر :كتاب مئة عام من تاريخ اليمن الحديث ،للدكتور :حسين عبداهلل العمري( ،ص،284
،)285وكتاب :حوليات يمانية ،تحقيق :عبداهلل بن محمد الحبشي( ،ص ،)91وكتاب :نجران...
تاريخ وإنسان ،محمد بن طحنون آل دغرير( ،ص.)154
178
( )1المصدر :كتاب مئة عام من تاريخ اليمن الحديث ،للدكتور :حسين عبداهلل العمري( ،ص،)285
وكتاب :حوليات يمانية ،تحقيق :عبداهلل بن محمد الحبشي( ،ص ،)91وكتاب :نجران ...تاريخ
وإنسان ،محمد بن طحنون آل دغرير( ،ص.)155
( )2مصدر الوثيقة :دار الوثائق القومية -القاهرة .وحدة حفظها :محفظة رقم ( )267عابدين .رقمها
يف وحدة الحفظ )5( :حمراء .تاريخها6 :جماد اآلخرة 1255هـ17/أغسطس 1839م.
موضوعها :رسالة من حيدر بن حسين إلى أحمد باشا( .ص.)430
( )3باب من أبواب صنعاء.
179
( )1المصدر :كتاب مئة عام من تاريخ اليمن الحديث ،الدكتور :حسين عبداهلل العمري( ،ص،178
،)286وكتاب :نجران تاريخ وإنسان ،محمد طحنون( ،ص ،)159وكتاب :حوليات يمانية،
تحقيق :عبداهلل محمد الحبشي( ،ص ،)93 ،92وزبارة :نيل الوطر.)73،226/2( ،
180
( )1الخباشي األخضري :لعله من حصن األخضر الواقع بجبل ملحان المقابل غربًا لحراز.
( )2المصدر :كتاب حوليات النُّعمي التهامية ،تحقيق ودراسة :الدكتور :حسين بن عبداهلل العمري،
(ص.)131
( )3انظر :كتاب :حوليات يمانية( ،ص ،)93 ،92 ،89وكتاب :عودة األتراك ودخول صنعاء( ،ص،)9
وكتاب :مئة عام من تاريخ اليمن الحديث ،للدكتور :حسين عبداهلل العمري( ،ص.)178
181
السليماين ،وجيش محمد علي باشا ،ثم األتراك( ،)1وهو حفيد حسن بن هبة
()3
. اهلل صاحب الحائر األولى والثانية( ،)2وهو شقيق الداعي الذي قبله
[حوادث سنة 1258هـ1842/م]
كتب أهل َح َراز تصل إلى إمام صنعاء تطلب الخالص من المكرمي:
كتب من أهل حراز بأهنم لإلمام طائعون،
«ويف خًلل ذلك وصلت ٌ
خًلصا من المكرمي ويام ،فأراد أن
ً وألمره سامعون ،وبه مستغيثون ،ويطلبون
يختربهم ،هل هم صادقون ،فطلب منهم شي ًئا من المال ،فأرسلوه ،فلما علم
صدقهمَ ،طلب العساكر من أرحب وهمدان ،وعقالهم الهجام ،وابن سنان
( )1انظر :مشاركته يف كتاب (الديباج الخسرواين) ،للحسن بن أحمد عاكش الضمدي ،تحقيق ودراسة:
أ.د .إسماعيل بن محمد البشري( ،ص )372يف تاريخ (1257هـ) يف المخًلف السليماين.
( )2انظر :كتاب :مرتفعات الجزيرة العربية ،هاري سانت جون فيلبي.)687 ،686/2( ،
( )3انظر :كتاب :إسماعيلية اليمن السليمانية ،حمود زايد نوفل( ،ص،)286 ،269 ،145 ،85،133
كتاب :يف بًلد عسير ،فؤاد حمز( ،ص ،)175وصحيفة الصًلة اإلسماعيلية ،لمؤلفها :المنصوب
سيد نصر اهلل( ،ص ،)687المطبوع يف حيدر آباد ،سنة (1390هـ).
وقد ذكر له مشاركات يف غزو هتامة سنة 1240هـ ،برفقة أخيه :إسماعيل بن محمد المكرمي،
تًل وحر ًقا ،انظر :كتاب:
وقاموا بإحراق العشش الخارجية يف الحديدة ،وذهبت نفوس ال تحصى ق ً
حوليات يمانية ،تحقيق :عبداهلل محمد الحبشي( ،ص ،)48وكذلك يف نفس الكتاب :شارك يف غزو
هتامة سنة 1255هـ وبرفقته :مانع بن جابر آل نصيب وقبائل جشم والعجمان ،وآل فاطمة ،ووقع
كثيرا( ،ص ،)91راجع :كتاب بينهم وبين األتراك وقائع وأخذوا هتامة ،وسلم لهم إبراهيم باشا ً
ماال ً
مئة عام من تاريخ اليمن الحديث ،للدكتور :حسين عبداهلل العمري( ،ص ،)284وذكر مشاركاته
يف غزو المخًلف السليماين ،يف كتاب :الديباج الخسرواين يف أخبار أعيان المخًلف السليماين،
(ص.)372
182
والح َّباري ،والنقيب علي الهمداين وجهزهم ،ووصلوا إلى الحيمة ،وطلبوا
َ
وصول أهل حراز ،فوصلوا وأطلعوهم إلى حراز ،وفتحوا البيوت ،وسلموا
()1
والكفاية لألجناد ،ووقعت الحرب ،وقتلت نفوس قليلة من الضيف
الفريقين»(.)2
[حوادث سنة 1258هـ1842/م]
تحصن المكارمة يف َح َراز:
«[و] المكارمة قد تحصنوا يف المعاقل ،وشدُّ وا بناها مثل شبام وحصن
(سعدان) المحاذي لشبام ،وحصن (كاهل) ،وجمعوا إليها األموال والخزائن
العظيمة ،وكانوا يف َحرهبم القليل منهم يساوي عشرة أمثالهم ،ولو قتلوا جميع
ما اكرتثوا؛ لقناعتهم بعدم الفشل ،ولضمانة َس ِّيدهم لهم الجنة ،وأرسلوا يام
إلى هتامة ،استدعوا قبائلهم ،ووصلوا ودخلوا يف حصن (أكمة الخير) ،وحطوا
أصحاب اإلمام عليهم نحو عشرين يو ًما ،فلم يرهتفوا( )3يام وبعد/ص َن ُعوا لهم
حيلة البارود ،وأحرقوا دار ذلك الحصن فيها من رؤساء يام نحو عشرين ،فلما
قرحت الدار بالبارود ،أظهر يام َّ
الشجاعة ،وقرحوا بالبنادق ،ويف الباطن
( )1المرجع :كتاب :مئة عام من تاريخ اليمن الحديث ،الدكتور :حسين عبداهلل العمري( ،ص،310
،)311وكتاب :نجران تاريخ وإنسان ،محمد طحنون( ،ص.)159
( )2حصن عتارة :يف قرية عتارة يف بًلد حراز ،وهي على الطريق ما بين مناخة والحجيلة« .معجم
الحجري» (خ) (.)10/3
( )3وكان ذلك يف صفر سنة (1277هـ1860/م) ،انظر :تاريخ الحرازي( :فرتة الفوضى وعودة األتراك
إلى صنعاء) ،السفر الثاين( ،ص.)65
( )4انظر :كتاب :إسماعيلية اليمن السليمانية ،حمود زايد نوفل( ،ص ،)148،269 ،147 ،85وكتاب:
يف بًلد عسير ،فؤاد حمز( ،ص ،)175وصحيفة الصًلة اإلسماعيلية ،لمؤلفها :المنصوب سيد
نصر اهلل( ،ص ،)687المطبوع يف حيدر آباد ،سنة (1390هـ) ،وكتاب :مرتفعات الجزيرة العربية،
هاري سانت جون فيلبي )686/2( ،مكتبة العبيكان ،وكتاب« :فرتة الفوضى وعودة األتراك إلى
=
185
= صنعاء» ،السفر الثاين من تاريخ الحرازي «رياض الرياحين» ،تحقيق ودراسة :الدكتور :حسين
عبداهلل العمري( ،ص ،)130وذلك عام 1279هـ( ،ص.)66،130 ،65
( )1عند حسين بن عبداهلل العمري ،صاحب كتاب :مائة عام من تاريخ اليمن الحديث ،أن الذي توجه إلى
نجران هو أخاه :حسن بن علي بن محمد بن حيدر ،انظر( :ص .)325بعض المصادر تشير إلى أن ابنة
الشريف ذهبت بنفسها إلى نجران وعقرت حصاهنا كتعبير واضح بطلب نجدة قبائل يام بإنقاذ والدها
وحليفهم التقليدي ،ومن هذه المصادر كتاب« :الروض البسام» محمد بن لطف اهلل( ،ص .)39ولكن
جميع المصادر والوثائق األخرى ِّ
تشكك يف مثل هذه الرواية بما فيها مجموعة آل أبو ساق الخاصة،
ووثائق أرشيف رئاسة الوزراء بإستانبول ،انظر :كتاب :تطور األوضاع السياسية يف جنوب غرب الجزيرة
العربية ،د .محمد بن عبداهلل آل زلفة( ،ص ،)72 ،71انظر :إلى الوثيقة رقم( )9( :ص )594والوثيقة
رقم( )18( :ص )614من هذا الكتاب.
186
فلم يظفر بنتيجة ،فاستأذنه يف السماح له بالتوجه إلى نجران لًلستعانة بيام يف
تخليص األمير من األسر ،فلم يأذن له َّإال بالعودة إلى هتامة فقط ،فعاد إلى أبي
عريش ،ويف شهر صفر 1264هـ توجه إلى نجران بطريق حرض»(.)1
االستعانة بقبائل يام :وصل علي بن محمد إلى نجران ،وطلب من يام
بواسطة المكارمة النزول معه إلى هتامة الستخًلص األمير ،فل َّبوا داعيه ،وسار
معه منهم جيش كامل ال ُعدَّ ة( )2إلى أن وصل هبم األمير محمد بن حسين يف
مدينة الزيدية ،فعقد له األمير لواء القيادة عليهم ،وتقدم هبم إلى زبيد كما تقدم
عامل الحديدة الحسين بن محمد بمن لديه من الجنود ،والتقى بأخيه ،واتحد
الجيشان ،وزحفا على مدينة زبيد ،وتم االستيًلء على المدينة ليلة الثًلثاء غرة
جمادى األولى 1264هـ1848/م ،ومن َث َّم أخذا يف مفاوضة الحراس الذين
يف حراستهم األمير األسير ،والعمل على استمالتهم على تسليمه مقابل مبل ٍغ
من المال ،ويف يوم الثًلثاء الموافق 8جمادى األولى ،خرج األمير من معتقله،
فاستقبله أبناء أخيه بحفاوة بالغة ،واستقر يف مخيم الجيش المنقذ له ،وتولى
( )1المصدر :كتاب :المخًلف السليماين ،محمد بن أحمد العقيلي( ،ص ،)521 ،518وكتاب :نجران
تاريخ وإنسان ،محمد طحنون آل دغرير( ،ص ،)160وكتاب :مئة عام من تاريخ اليمن الحديث،
الدكتور :حسين عبداهلل العمري( ،ص.)326 - 324
( )2ذكر صاحب كتاب :تطور األوضاع السياسية يف جنوب غرب الجزيرة العربية ،د .محمد بن عبداهلل
آل زلفة( ،ص :)72أن جيش نجران خمسة آالف مقاتل.
187
المخا :بفتح الميم والخاء :مدينة مشهورة ،وميناء مهم على ساحل البحر األحمر تقع غرب مدينة
(َ )1
قديما( :موزا) ،وتعترب إحدى محافظاهتا ،وكانت لها أدوار
كيًل ،وكانت تسمى ً
تعز ،وتبعد عنها ً 95
تاريخية ،واشتهرت بتصدير (البُ ّن) .انظر :معجم المدن والقبائل اليمنية ،إلبراهيم المقحفي،
(ص ،)368 ،367ومجموع بلدان اليمن وقبائلها لمحمد بن أحمد الحجري.)695 ،694/2( ،
( )2المصدر :كتاب :المخًلف السليماين ،محمد بن أحمد العقيلي( ،ص ،)521 ،518وكتاب :نجران
تاريخ وإنسان ،محمد طحنون آل دغرير( ،ص ،)160وكتاب :مئة عام من تاريخ اليمن الحديث،
الدكتور :حسين عبداهلل العمري( ،ص.)326 - 324
( )3المرجع :كتاب« :فرتة الفوضى وعودة األتراك إلى صنعاء» ،السفر الثاين من تاريخ الحرازي
«رياض الرياحين» ،تحقيق ودراسة :الدكتور :حسين عبداهلل العمري( ،ص )70الحاشية ،وكتاب:
نجران تاريخ وإنسان ،محمد طحنون( ،ص.)164
188
ً
فحاال أمر بإغًلق أبواب الحصن ،وأمر بأخذ موقع الدفاع حوله .زحف
النجرانيون نحو البئر والحصن ،فما قربوا منه حتى تصدى لهم جيران الحصن
جندي من رجال المكرمي ،وحز رأسه ،ورفع علىٌّ من أهل المدينةَ ،و ُقتِ َل
قليًل عن مرمى
عمود ،فساء ذلك المكرمي ،وأغاظه ،فأمر جماعته بالرتاجع ً
ليًل على البيوت والمساجد القريبة من
النيران ،وعندما دجى الظًلم ،استولى ً
حصن الشامخ ،ولم يشعر الحسن بن محمد يف الصباح إال والنار تطلق على
الحصن من كل جانب ،وأحكم عليه الحصار حتى لم يتمكن واردهم من
ورود البئر .وعندما اشتد عليه الضيق ،أخذ يف مكاتبة الحسن بن حسين يف
طلب األمان ،فاشرتط عليه ما يأيت:
-1الدخول يف الطاعة.
-2أن يقوم بإخراج الحامية العسيرية من حصن دار النصر.
-3أن يقدم اثنين من إخوانه رهنًا يبقيان يف معسكر الحسن بن الحسين
إلى أن يقوم بإخراج الحامية»(.)1
( )1انظر :كتاب :المخًلف السليماين ،محمد بن أحمد العقيلي( ،ص ،)573 -570وكتاب :نجران
تاريخ وإنسان ،محمد طحنون( ،ص ،)165 ،164وكتاب :الدُّ ُّر الثمين يف ذكر المناقب والوقائع
ألمير المسلمين ،حسن بن أحمد عاكش( ،ص.)147 -142
191
ُ
ونسأل اهلل اللطف بجميع ومطارح يام ،وأهل البًلد على من كان يف َعانِز(،)1
عباده .وهنض من كان يف (سهام) من بني جرب ومن تبعهم حتى انتهوا إلى وادي
الربح التي فيها قبائل يام ،فقابلوهم بسهام
َمف َحق ،وزعموا أهنم يدخلون بيت ّ
الرصاص ،وأحربوهم حرب من ال ُيرجي السًلمة ،ثم َخ َرجوا إليهم بالسًلح،
َّ
فهزموا بني َجبر حتى أدخلوهم سوق َمف َحق ،وسقط قتلى كثيرون من بني
وتعقب بعد ذلك الصلح ،وهو أسلم للجميع(.)2
َ جرب،
[حوادث سنة 1278هـ 1862/م]
فك حصار القدمة وقرية الحجرة بالحيمة سنة 1278هـ:
يف شهر ربيع اآلخر :رجع ...يحيى بن محمد األبيض ،والشيخ محمد
خلق
بن أحمد أبو جابر إلى الحيمة ،واجتمع إليهم من قبائل خوالن وأرحب ٌ
كثير ،واجتمع عليهم أهل الحيمة ،وثارت الحرب بينهم ،وسقط قتلى من
ٌ
الجهتين ،فآل األمر إلى محاصرة ...يحيى يف ال ُقدمة ،والشيخ محمد أبو جابر
ولما ضاق
يف قرية الحجرة ،وسرت قبائل بني جرب وغيرهم يف الحليمةَّ .
المجال بأهل الحيمة كاتبوا المكرمي الذي يف حراز ،وأرسلوا إليه الرهائن من
( )1عانز :جبل واسع يشتمل على حصون وقرى عديدة من بًلد الحيمة الخارجية ،ويقع جنوب
مفحق ،و ُيطل جنوبًا على وادي سهام.
( )2المصدر :السفر الثاين من تاريخ الحرازي «رياض الرياحين» ،للدكتور :حسين عبداهلل
العمري( ،ص ،)114وكتاب :نجران تاريخ وإنسان ،محمد طحنون( ،ص.)166
193
أبنائهم وإخواهنم ،وساعدهم على ذلك ،ووعدهم إلى شهر جمادى أول .ويف
شهر جمادى أول ،وصلت قبائل يام من حراز ،وأميرهم يحيى بن علي
اليعربي إلى بر الحيمة ،وأخرجوا المحاصرين يف قرية الحجرة وال ُقدمة؛ يحيى
بن محمد ،والشيخ محمد أبو جابر ،و َمن صحبهم من القبائل ،ورجع يحيى
( )1المرجع :كتاب :السفر الثاين من تاريخ الحرازي «رياض الرياحين» ،تحقيق ودراسة :الدكتور:
حسين عبداهلل العمري( ،ص ،)104 -101وكتاب :نجران تاريخ وإنسان ،محمد طحنون،
(ص.)167 ،166
( )2علي بن الحسن بن محمد بن حسن بن هبة اهلل المكرمي ،ووالده هو الداعي رقم )40( :يف تسلسل
دعاة المذهب ،ذكر يف حروب (الحيمة) يف عام 1279 - 1278هـ1862 -1861/م ،ولم يستلم
مرسًل من
ً وأميرا على (الحيمة) ،وكان
ً منصب من مناصب المذهب ،غير مشاركاته يف الغزوات،
الداعي رقم ( )41يف تسلسل دعاة المذهب اإلسماعيلي الحسن بن إسماعيل بن محسن شبام،
وقد ذكرته بعض المصادر التاريخية ،انظر :كتاب« :فرتة الفوضى وعودة األتراك إلى صنعاء»،
السفر الثاين من تاريخ الحرازي «رياض الرياحين» ،تحقيق ودراسة :الدكتور :حسين عبداهلل
العمري( ،ص ،)111،130 ،109وكتاب :تاريخ اليمن المسمى فرجة الهموم والحزن ،يف
حوادث وتاريخ اليمن( ،ص ،)102وكتاب :نجران تاريخ وإنسان ،محمد طحنون آل دغرير،
=
194
الحيمة ومعه زهاء خمس عشرة مائة من يام ،ونصب المظلة ،والعذبتين،
= (ص ،)167وشارك عام1272( :هـ1856/م) يف أحداث أبو عريش ،راجع كتاب :المخًلف
السليماين( ،ص.)573 - 570
( )1كوكبان :حصن ومدينة جميلة فوق الجبل الذي على سفحه مدينة شبام ،وهي تبعد عن صنعاء
بـ 36كم إلى الشمال الغربي منها.
( )2المصدر :السفر الثاين من تاريخ الحرازي «رياض الرياحين» ،للدكتور :حسين عبداهلل العمري،
(ص ،)109وكتاب :نجران تاريخ وإنسان ،محمد طحنون( ،ص (.)167
195
( )1رخمة :بلدة وحصن يف الشرق الشمالي من مدينة ذمار بمسافة خمسة كيلومرتا.
( )2جبل عانز :من ناحية الحيمة الخارجية وأعمال حراز ،فيه قرى وحصون ومزارع( ،الحجري:
.)4/3
( )3مفحق :بلد وحصن من ناحية الحيمة الخارجية من بًلد حراز والحصون األخرى المذكورة يف
المنطقة نفسها.
( )4المصدر :السفر الثاين من تاريخ الحرازي «رياض الرياحين» ،للدكتور :حسين عبداهلل العمري،
(ص ،)111وكتاب :نجران تاريخ وإنسان ،محمد طحنون( ،ص ،)168 ،167وكتاب :بلوغ
المرام يف شرح مسك الختام ،حسين بن أحمد العرشي( ،ص.)75 ،74
196
( )1الداعي :الحسن بن إسماعيل بن محسن شبام ،الداعي( :الواحد واألربعون) ،ترجمته( :ص.)184
( )2ذو محمد :فرع من فروع بكيل ،وهم ذو محمد بن غيًلن ،ويسكنون برط وما حولها ،ولهم فروع
كثيرة (الحجري ،مجموع البلدان.)109/1( ،
( )3المصدر :السفر الثاين من تاريخ الحرازي «رياض الرياحين» ،للدكتور :حسين عبداهلل العمري،
(ص ،)135 ،134وكتاب :نجران تاريخ وإنسان ،محمد طحنون( ،ص.)166
197
( )1المصدر :كتاب :نجران تاريخ وإنسان ،محمد طحنون آل دغرير( ،ص )169ورواية حمدان بن
محيريق آل فهاد ،انظر :كتاب :شعراء يام ،مهدي بن مسفر بن مانع آل راكه( ،ص.)87
198
( )1صعفان :جبل مشهور بالقرب من مناخة من بًلد حراز يف غربي صنعاء ،يرتفع ثًلثة آالف مرتا عن
سطح البحر ،وهو جبل غني بالزروع .انظر :المقحفي ،معجم البلدان والقبائل اليمنية.)910/1( ،
( )2المصدر :السفر الثاين من تاريخ الحرازي «رياض الرياحين» ،للدكتور :حسين عبداهلل العمري،
(ص ،)160وكتاب :نجران تاريخ وإنسان ،محمد طحنون( ،ص.)170
( )3اإلمام سعود بن فيصل بن تركي بن عبداهلل1291 - ...( :هـ)ُ :ولد ونشأ بالرياض وكان شجاعًا
مقدا ًما ،ولما ُتويف والده ثار على أخيه (عبداهلل بن فيصل) فنشبت بينهما معارك كثيرة انتهت
باستيًلء سعود على الرياض واألحساء ...وبسبب صراعهما على الحكم كانت هناية الدولة
مما أطمع الخصوم .تويف سعود
السعودية الثانية؛ حيث تفرقت الديار النجدية إلى إمارات متصارعة َّ
بن فيصل عام 1291هـ .األعًلم (.)92 -91/3
( )4انظر :كتاب :شبه الجزيرة العربية للزركلي( ،ص ،)47وكتاب :البادية بين عراقة الماضي وأصالة
الحاضر ،محمد خالد الشرعبي العنزي.)469 ،468 /1( ،
( )5أحمد بن إسماعيل المكرمي -الداعي الثاين واألربعين.
201
= انظر :كتاب :تاريخ المملكة العربية السعودية د .عبداهلل بن صالح العثيمين،)310 ،309/1( ،
وكتاب :الشيعة السعوديون ،إبراهيم الهطًلين( ،ص.)206
( )1المصدر :كتاب :المخًلف السليماين ،محمد بن أحمد العقيلي( ،ص ،)524وكتاب :نجران..
تاريخ وإنسان ،محمد طحنون( ،ص.)171
( )2محاط :جمع محطة ،وهي مجموعة من الجند جندوا للحرب .وهي مرادفة لكلمة :جيش.
203
خارج الحديدة ،وبقوا أيا ًما .وبعد أيا ٍم من الشهر المذكور تقدم جماعة من
()2
األجناد السلطانية إلى باجل( ،)1وكت ُبوا إلى الدَّ اعي أحمد بن سماعيل شبام
المتو ِّلي لبًلد حراز والحيمة ،فاعتذر بأعذار ال تنفع ،ورتب البًلد ،وبقي
يراسل إلى القبائل بالوصول إليه للجهاد ،فلم يصل إليه أحد.
محرمَ :ع َزم أحمد بن حسن شبام
ويف يوم الخميس خامس عشر شهر َّ
ولد الدَّ اعي ،ومعه جماعة من أشرار يام وهمدان قاصدين ُمحارشة( )3األتراك
لمناوبة الحرب بعقل ضعيف ،ولم يعلم أنَّهم اآلخذون لمم َل َكته ومملكة أبيه،
وإذا نزل القدر ،عمي البصر! فوصلوا إلى القرب من وادي حار ،وأظهروا
ٍ
شيء من الخيل أو البغال على األجناد السلطانية ،فلم وأسروا يف أنفسهم بأخذ
ُّ
فلما علم األجناد ٍ
يمكنهم غير أخذ حصان واحد! وعادوا إلى محلهمَّ ،
السلطانية بذلك ،قاموا وقعدوا ،وأرعدوا وأبرقوا ،ومشوا كأنَّهم الليوث
وسو َقها ،والداعي ال
ُ
()4
الحجيلة
َّ العوابس ،وتقدَّ موا يف ذلك اليوم ،وأخذوا
الح ِّث على ترتيب ُ
الحصون والبًلد بمن معه من رجال يام ،وأمر أهل زال يف َ
البًلد برتتيب الطرقات وحفظها.
( )1باجل :بلدة معروفة من هتامة تقع بين حراز والحديدة تبعد عنها نحو5 :كم (الحجري ،مجموع
البلدان.)101/2( ،
( )2هو :الداعي الحسن بن إسماعيل شبام ،وليس أحمد بن إسماعيل.
( )3محارشة :مناوشة.
( )4الحجيلة :بين باجل غربًا ومناخة شر ًقا على الطريق القديمة.
204
وتعهد لهم،
َّ ويف ليلة الجمعة :وصل إليهم علي بن حيدر من يام(،)1
و َد َّل ُهم على الطريق إلى وسط بًلد َح َراز ،فمشوا معه من ِحين ِ ِهم ،ولما وصلوا
إلى وسط البًلد ،أصدقوا الوضع على الغائرين من المكارمة ويام ،وبعض من
الحرب بين
ُ واستمرت
َّ أهل البًلد ،وتل َّقاهم األتراك بنار المدافع والبنادق،
بالسمع والطاعة
الفريقين ،وسقط قتلى كثيرون من الغائرين ،وأجابت البًلد َّ
للسلطان ،وأشعلوا المنارات ،وبقي الدَّ اعي يف حصن عتارة( ،)2ورتب ِحص َن
()3
فلما اشتدَّ به
متوح ،وولدُ ه بقي يف مناخة يف بيت الدَّ ولة هو وجماعة من يامَّ ،
ُ
الحال ،خرج بالخزنة التي يف مناخة ،ولما سمع بذلك أجناد الداعي ومن لم
يدخل تحت الطاعة ،تفاشلوا ،وبقي األتراك محاصرين ل َعتَّارة أيام ،وحصن
()4
الرماية إلى عتَّارة بسهام
الرتبة وبقي هلل سبحانه ،وال زالت ِّ
متوح هرب منه ُّ
المدافع أ َّيا ًما ،واشتدت محاصرته ،ولما ظ َّن الداعي الهًلك وعدم السًلمة،
السلطانية َمن توسط بصلح بعد وصول الباشا المع َّظم
توسط بينه وبين األجناد ُّ
سيد قومه أحمد ُمختار( ،)1وطلب وصول الدَّ اعي إليه ،وضرب له األمان،
المسودات( )2الحاكية لما يف بيت
َّ فوصل إليه ،وتل َّقاه بالقبول ،وطلب منه
المال ،فس َّلم الحافظية ،ور َّتب األجناد السلطانية بحصن عتارة ،وطلع محافظ
والحبوب الباقي بعدما أخذ
ُ أحضر جميع ما يف ُحصون الدَّ اعي من األموال
أهل البًلد من حصن متوح ،ووجدوا من كتب الباطن َّية ما وجدوا ،ووص ُلوا هبا
أمورا ُمخالف ًة
إلى الباشا أحمد ُمختار ،فأطلع عليها من لديه ،ووجدوا فيها ً
ولما علم َّ
للشريعة النَّبو َّية ،وظهرت فضائح الباطن َّية ،نعوذ باهلل من خزي الدُّ نياَّ .
الباشا بحقيقة أمرهمَ ،صدَ ر بالدَّ اعي وولديه وجماعة من المكارمة وبعض
وه َلك
وو َص َل الداعي إلى الحديدةَ ،
()3
ُك ُتبهم إلى األبواب ُّ
السلطانية َ ،
بالموت ،وولدُ ُه أحمد َه َل َك يف البحر( ،)4و َد َخ َل من بقي ،واستولى الباشا على
( )1هو الوالي أحمد مختار باشا خلفه يف العام التالي إسماعيل حافظ باشا.
( )2المسودات :السجًلت واألصول.
( )3إلى إستانبول ،انظر :كتاب« :اإلسماعي لية الفكرية» ،إبراهيم بن حسين بن حاتم المكرمي( ،ص.)69
منتحرا ،واهلل أعلم.
ً ( )4يقال :إنه قذف بنفسه يف البحر
206
قهرا، يف حصن المنصورة فوق العر( ،)1وحاصرهم أهل البًلدَ ،
وخ َر َجوا منها ً
وحفظ البًلد أه ُلها ،وذهب الداعي بمملكته ،وصار من الوجود إلى العدم،
در القائل: فكأنما ال غدا ،وال راح ،وال بقي للكبش يف البطاحِ نطاح! وهلل ُّ
و َعن َقلي ٍل َك َأ َّن ُ
الحك َم لم َي ُكــــــــــــ ِن َت َح َّك ُموا واستَطا ُلـــوا يف َتح ُّك ِم ِهم
باآلفات ِ
والم َح ِن ِ َلو َأنصفوا َأن ِصفـــوا ِ
َف َبغى َع َلي ُ
هم الدَّ ه ُر لكن َب َغـــــــوا َ
ب َع َلى الزمــــــــــ ِن اك وال َعت ٌ َه َذا بِ َذ َ الحال ُتن ِشدُ ُهم
ِ ُ
ولسان ف َأص َبحوا
فهذه عاد ُة الدنيا ،وانتقا ُلها من حال إلى َحال»(.)2
42ـ الداعي أحمد بن إسماعيل بن محمد بن حسن بن هبة اهلل بن إبراهيم
بن محمد المكرمي ،تولى رئاسة المذهب اإلسماعيلي يف 4( :صفر
1289هـ 13/أبريل 1872م) ،وتويف يف 18( :جماد اآلخر 1306هـ 20 /فرباير
1889م) ،ودفن يف (بدر الجنوب) ،كان الموكل بإدارة شؤون نجران أثناء تولي
الحسن بن إسماعيل شبام للدعوة ،وبعد موت األخير صار الداعي .وحسن بن
مؤخرا.
ً ( )1العر :مركز الحيمة الداخلي ،وحصن المنصورة جنوبه وقد هتدم
الح َرازي «رياض الرياحين» ،للدكتور :حسين عبداهلل العمري،
( )2المصدر :السفر الثاين من تاريخ َ
(ص ،)174 ،173 ،172 ،171وكتاب :نجران ..تاريخ وإنسان ،محمد طحنون( ،ص،172
الرحالة األجانب ،الدكتور :أحمد قايد الصايدي( ،ص،)334
،)173راجع كتاب :اليمن يف عيون َّ
وكتاب :بلوغ المرام يف شرح مسك الختام ،حسين بن أحمد العرشي( ،ص.)75
207
( )1انظر :كتاب :تاريخ المخًلف السليماين( ،ج ،)520 /1وصحيفة الصًلة اإلسماعيلية ،لمؤلفها:
المنصوب سيد نصر اهلل( ،ص ،)687المطبوع يف حيدر آباد ،سنة (1390هـ) ،وكتاب :يف بًلد
عسير ،فؤاد حمزة( ،ص ،)175وكتاب :مذكرات تركي بن محمد الماضي( ،ص ،)421وكتاب:
السفر الثاين من تاريخ الحرازي( ،ص.)171 ،65
معقًل لهم ،ويحتمون
ً كثيرا ما كان يتخذه األئمة الزيدية
( )2شهارة :حصن مشهور من بًلد األهنومً ،
فيه .الحجري مجموع اليمن وقبائلها (.)460/2
( )3من كتاب :نجران األرض والناس والتاريخ ،تأليف :سيد الماحي( ،ص ،)34 - 31كتاب:
إسماعيلية اليمن السليمانية ،حمود زايد نوفل( ،ص ،)270كتاب« :اإلسماعيلية الفكرية» ،إبراهيم
بن حسين بن حاتم المكرمي( ،ص ،)71 ،70وهو صاحب مخطوطة «جنة الجنان».
208
عليهم من ِق َب ِل اإلمام.
وتقدمنا نحن والرتك ،فاستولينا على (مفحق)( ،)1ثم هجمنا على
(خميس مزيور) بجوار صنعاء ،فاشتعلت فيها حرب شديدة استولينا بعدها
على المدينة ،ثم تقدمنا فأخذنا (أبا عان) ،وأمسينا يف قرية (بيت مهدم)،
واتقدت فيها نار القتال ،لكننا يف النهاية استولينا على القرية بعد فقد بعضنا،
وتقدمنا إلى مدينة (بازل) ،فدخلنا إليها بثًلثة جيوش :جيش قبيلة جشم من
الجنوب ،وقبيلة مواجد من الشمال ،وقبيلة آل فاطمة من الوسط ،وتقدمنا
داخل المدينة حتى إن جشم أزاحت أمامها كل ما اعرتضها إلى أن دخلت
صنعاء ،لكن الحظ لم يساعدهم ،إذ إهنم كانوا أضعف من مقاومة جنود
اإلمام ،فحاصرهتم جيوش اإلمام يف صنعاء ،وقطعوا عنهم الزاد والمياه ،وكان
األتراك مع جيش جشم يف هذا الحصار ،و ُيح َكى أن األتراك كانوا يذبحون
البغال ،ويأكلوهنا من الجوع.
أما مصير مواجد وآل فاطمة ،فقد كان غري ًبا ،إذ دعا اإلمام شيوخنا
للتفاوض معهم يف (شبام كوكبان) ،وكان على رأس هؤالء الشيوخ :عبداهلل بن
أحمد المكرمي ،اتفق معهم اإلمام على أن يبقوا معه للتفاوض حول مصير جشم
بشرط أن تذهب جيوشهم إلى نجران ،وعدنا وإذا باإلمام يقبض على الشيوخ،
ويضعهم يف السجن ،وكان هؤالء الشيوخ هم :الوالد سلطان بن منيف ،وحمد
بن حسين بن منيف ،وسالم بن مانع بن القنا ،وحسين بن حجاج ،والشيخ حمد
بن حسين بن مانع آل جابر ،وأخوه جابر بن حسين بن مانع آل جابر ،والشيخ
عبداهلل بن أحمد المكرمي ،والشيخ جابر بن مانع بن نصيب.
وقد كان اإلمام يعاملهم يف السجن معامل ًة قاسيةً ،إذ إنه كان يكبلهم من
أيديهم وأقدامهم بالقيود الحديدية ،وكانت جنوده تسقيهم من مياه الربك
القذرة ،ويقدمون لهم األكل عبارة عن (كدم) ،وهو من الذرة والشعير،
ومخبوز من عام أو أكثر ،وعندما سجنت بعد ذلك كانوا يصرفون لنا (بقشة)
واحدة يف اليوم مقابل األكل والشرب والكساء (الريال الفرنسي 40بقشة).
المهم بعد ذلك أن بعضهم مات يف السجن مثل :ابن نصيب ،والباقون
ظلوا يف السجن حتى استولت جيوش (أحمد فيضي) الرتكي على القطاعات
والبًلد التي كان اإلمام يحيى قد استولى عليها قبل ذلك من الرتك.
ٍ
بفكرة بمقتضاها يطلق اإلمام يحيى فتقدم أمير وقائد جيوش اإلمام
سراح الشيوخ ،لكن اإلمام رفض ذلك إال بشرط ،وهو أن يحل أوالدهم
مكاهنم يف السجن [كرهائن])(.)1
(« )1وكانت هذه سياسة اإلمام يحيى محمد حميد الدين يف أن يضع من ِّ
كل قبيلة أو طائفة لها قوة نافذة
رهائن من شيوخها أو ابنائهم حتى يضمن عدم انقًلهبم عليه» .انظر :كتاب :نجران ..تاريخ
وإنسان ،تأليف :محمد طحنون( ،ص.)175
211
( )1المصدر :كتاب :نجران األرض والناس والتاريخ ،السيد الماحي( ،ص ،)34 - 30تم تحرير
كتاب :نجران األرض والناس والتاريخ ،يف1396/2/1( :هـ) ،انظر :كتاب :نجران ...تاريخ
وإنسان ،تأليف :محمد طحنون آل دغرير( ،ص ،)175 ،174وكتاب :دخول نجران يف العهد
السعودي( ،دراسة تاريخية وثائقية) ،د .علوي عمر فريد( ،ص.)89
212
( )1المصدر :كتاب :نجران ...تاريخ وإنسان ،تأليف :محمد طحنون آل دغرير( ،ص.)175
( )2انظر :كتاب :إسماعيلية اليمن السليمانية ،حمود زايد نوفل( ،ص ،)270وصحيفة الصًلة
اإلسماعيلية ،لمؤلفها :المنصوب سيد نصر اهلل( ،ص ،)687المطبوع يف حيدر آباد ،سنة
(1390هـ) ،وكتاب :مذكرات تركي بن محمد الماضي( ،ص ،)421وكتاب« :اإلسماعيلية
الفكرية» ،إبراهيم بن حسين بن حاتم المكرمي( ،ص.)35
213
( )1تم تعديل اسم المملكة من (المملكة الحجازية النجدية وملحقاهتا) إلى (المملكة العربية
السعودية) ،وذلك برقم )2716(:يف 17جماد األولى سنة 1351هـ الموافق 18سبتمرب سنة
1932م .انظر :كتاب :اإلمام العادل ،)358/1( ،تأليف :عبدالحميد الخطيب1419 ،هـ -
1999م ،دارة الملك عبدالعزيز ،وكتاب :تاريخ ملوك آل سعود ،تأليف :سعود بن هذلول آل
سعود( ،ص.)176
( )2انظر :كتاب :نجران األرض والناس والتاريخ ،تأليف :سيد الماحي( ،ص ،)11وكتاب :مذكرات
تركي بن محمد الماضي ،العًلقات السعودية اليمنية( ،ص ،)421وكتاب :هذه بًلدنا عن
«نجران»( ،ص ،)18صالح بن محمد آل مريح ،وكتاب :صحيفة الصًلة اإلسماعيلية ،لمؤلفها:
المنصوب سيد نصر اهلل( ،ص ،)687المطبوع يف حيدر آباد ،سنة (1390هـ) ،وكتاب :بيان عن
العًلقات بين المملكة العربية السعودية واإلمام يحيى حميد الدين ،وزارة الخارجية السعودية،
(ص ،)174وكتاب :مرتفعات الجزيرة العربية ،هاري سانت جون فيلبي )686/2( ،مكتبة
العبيكان.
214
( )1المصدر :تاريخ المخًلف السليماين ،محمد بن أحمد العقيلي .)730/2( ،وكتاب :نجران تاريخ
وإنسان ،محمد بن طحنون( ،ص.)179 ،178
( )2سعد بن عفيصان هو :سعد بن سليمان بن سعد بن إبراهيم بن سليمان بن عفيصان ،تولى إمارة
عسير يف عام 1341هـ لمدة تسعة أشهر يف وقت كان محفو ًفا بظروف عصيبة ،وذلك عندما استعان
آل عائض بالشريف حسين ،فأرسل إليهم مد ًدا استطاعوا به محاصرة قصر شدا وقذفه بالمدافع،
ثم ما لبث الجيش الحجازي أن تراجع وولى هار ًبا بعد وصول قوة بقيادة ابن جامع وابن جيفان؛
وقد تويف ابن عفيصان وهو أمير على أهبا عام 1342هـ.
( )3وهو األمير عبدالعزيز بن مساعد بن جلوي بن تركي بن عبداهلل بن سعود ،كان واحدً ا من فرسان آل
=
215
= سعود المغاوير ،ويجتمع مع الملك عبدالعزيز يف الجد الثالث اإلمام تركي بن عبداهلل آل سعود،
ُولد سمو األمير عبدالعزيز بن مساعد عام 1303هـ ثم نشأ على معاين الرجولة والفروسية ،وقد
رافق الملك عبدالعزيز يف فتح الرياض عام 1319هـ ،وقاد الجيش الفاتح لعسير عام 1338هـ،
أميرا على منطقة حائل يف
وكان أول عمل إداري أسند إليه إمارة منطقة القصيم يف عام 1339هـ ثم ً
عام 1341هـ ،ويف عام 1351هـ ُعيِّن قائدً ا عا ًما للقوات السعودية التي قضت على فتنة اإلدريسي
يف هتامة ثم عاد ليمارس عمله يف إمارة حائل حتى عام 1391هـ ثم انتقل إلى مدينة الرياض ليستقر
هبا يف أواخر حياته؛ وقد تويف بالرياض ـ رحمه اهلل ـ عام 1397هـ ،بعد عمر حافل بالبطولة
والتضحية يف خدمة الوطن.
216
تجار نجديين.)1(»...
[حوادث سنة 1339هـ 1921/م]
مبايعة الشيخ دكام بن منصر للملك عبد العزيز سنة 1339هـ(:)2
لقد بايع الشيخ دكام بن منصر شيخ قبيلة آل صليع أهل حبونا الملك
عبدالعزيز رحمه اهلل ،وذلك يف عام1339( :هـ1921/م) ،وكان له عًلقة مع
الملك عبدالعزيز رحمه اهلل ،حيث إن الشيخ دكام بن منصر قد توجه من وادي
حبونا باتجاه الملك عبدالعزيز سنة (1339هـ) وكان برفقته (جخير بن
مرورا يف
ً حرتش)( )3و(الشيخ ناجي بن مهدي بن قعوان الخضرة لسلوم)
أميرا لوادي الدواسر من قبل الملك عبدالعزيز،
طريقه بابن عفيصان الذي كان ً
وأخربه بأنه يريد مقابلة الملك عبدالعزيز ،فبارك خطوته ،ثم توجه إلى
( )1المصدر :نجدة فتحي صفوة :الجزيرة العربية يف الوثائق الربيطانية ،)387/5( ،راجع كتاب :سعد
بن عفيصان ..فارس يف خيالة التوحيد ،تأليف :ماجد بن محمد العايذي( ،ص.)114
( )2انظر :كتاب :ظاهرة األمن يف عهد الملك عبدالعزيز ،تأليف :عبدالعزيز بن محمد اإلحيدب،
(ص.)137 ،136 ،135والعدد ( )68من جريدة أم القرى 10شوال عام 1344هـ.
راجع :صحيفة الجزيرة :العدد ،)9530( :األحد 12من رجب 1419هـ /تشرين الثاين 1998م،
(ص ،)10والعدد )9573( :يوم االثنين 25من شعبان 1419هـ 14 -من ديسمرب (كانون األول)
1998م( ،ص ،)10والعدد ،12106يوم األحد 18من شوال 1426هـ 20 -من نوفمرب (تشرين
الثاين) 2005م( ،ص.)41
( )3هو الشيخ :جخير بن حرتش آل رزق من مواجد مذكر (يام) .ابن عمه عوض بن رحمة
شيخ قبيلة آل رزق اآلن ،بمسمى (نائب القبيلة).
217
الرياض ،واتجه إلى مقر الملك عبدالعزيز رحمه اهلل ،وعندها قابل وزيره
آنذاك (ابن جميعة) ،وأخربه بأنه يريد مقابلة الملك ،فأدخله إليه ،وكان أول
شيخ من مشايخ يام يقابل الملك عبدالعزيز ،فقابله ،وقدم له الوالء والطاعة
هو وقبائله ،ومكث يف ضيافة الملك عبدالعزيز عشرة أيام لقي فيها كل عزة
واحرتام وتقدير ،ثم استأذن ليعود إلى قبائله ،فأذن له الملك عبدالعزيز ،وبعد
أن قدم الشيخ دكام بن منصر وقبائله الوالء والطاعة للملك ،عاد إلى منطقة
رجًل سوف يحكم شبه الجزيرة
نجران ،وقابل مشايخ يام ،وأخربهم بأنه قابل ً
العربية من شمالها إلى جنوهبا !..وقد بايع الملك عبدالعزيز قبل دخول نجران
يف الحكم السعودي بـ ( )14عام ،فكان من ضمن رعايا الملك عبدالعزيز،
وأعطاه الملك األمان هو وجخير بن حرتش) و(الشيخ ناجي بن مهدي بن
قعوان الخضرة لسلوم ) (.)1
46ـ الداعي غًلم حسين بن فرحات علي الهندي ،تولى رئاسة المذهب
اإلسماعيلي يف تاريخ 10( :رجب 1355هـ 27/سبتمرب 1936م) ،وتويف يف:
( 21صفر 1357هـ 22 /أبريل 1938م) ،وهو دا ٍع من الهند(.)2
( )1فؤاد بن أمين بن علي حمزة ،أبو سامر (1371 -1317هـ1951 -1899 /م) ،كاتب ،وباحث،
خاصا للملك عبدالعزيز ،وتقدَّ م
مرتجما ًّ
ً ُولد وتعلم يف عبية بلبنان ،كان ُيحسن اإلنجليزية ف ُعيِّن
مفوضا إلى باريس ،ومنها إلى أنقرة ،ثم
ً وزيرا
وزيرا للشؤون الخارجية ،وأشخصه ً
عنده فجعله ً
مستشارا يف خدمة الملك ،ومنح لقب سفير ثم وزير دولةُ .تويف يف بيروت ودفن يف
ً استقر بعد ذلك
َّ
عبية .و ُعبَيه :من قرى لبنان .الزركلي؛ خير الدين ،األعًلم.)159/5( ،
( )2انظر :كتاب :يف بًلد عسير ،فواد حمزة( ،ص ،)173وكتاب :إسماعيلية اليمن السليمانية ،حمود
زايد نوفل( ،ص ،)77،82،271 ،8وكتاب :صحيفة الصًلة اإلسماعيلية ،لمؤلفها :المنصوب
سيد نصر اهلل( ،ص ،)687المطبوع يف حيدر آباد ،سنة (1390هـ) ،وكتاب :مذكرات تركي بن
محمد الماضي( ،ص ،)421وكتاب :مرتفعات الجزيرة العربية ،)683/2( ،هاري سانت جون
فيلبي ،مكتبة العبيكان.
219
قديما
ً ( )1قام بإنشاء قرية خشيوة الداعي :حسين أحمد المكرمي عام 1337هـ ،على أنقاض موق ًعا
خربًا عندما علم أن هبا آبار قديمة ،وقد َذكر ذلك لصاحب كتاب« :يف بًلد عسير» فؤاد حمزة ،انظر:
ص )186بقوله« :وجدت تلك اآلبار غزيرة بعد إصًلحها» ،وتسمى حاليًا حي( :المنصورة)،
انظر :كتاب« :اإلسماعيلية الفكرية» ،إبراهيم بن حسين بن حاتم المكرمي( ،ص.)129
( )2انظر :كتاب :يف بًلد عسير ،فؤاد حمزة( ،ص ،)190 ،175وكتاب :صحيفة الصًلة اإلسماعيلية،
لمؤلفها :المنصوب سيد نصر اهلل( ،ص ،)687المطبوع يف حيدر آباد ،سنة (1390هـ) ،وكتاب:
مذكرات تركي بن محمد الماضي( ،ص ،)421وكتاب :نجران ،محمد أبو ساق( ،ص.)283
220
( )1انظر :كتاب :صحيفة الصًلة اإلسماعيلية ،لمؤلفها :المنصوب سيد نصر اهلل( ،ص ،)687المطبوع
يف حيدر آباد ،سنة (1390هـ) ،وكتاب :إسماعيلية اليمن السليمانية ،حمود زايد نوفل( ،ص.)272
( )2عام 1413هـ وقعت أحداث داخل المجتمع اإلسماعيلي يف نجران ،من أهمها وربما أخطرها على
الرتكيبة اإلسماعيلية :ما حدث على أثر وفاة الداعي حسين بن الحسن بن عبداهلل المكرمي الذي
سبق وأن كتب وصيته بعد تسلمه شؤون الدعوة ببضعة أسابيع إال أنه قبل وفاته عام 1993م -أي:
بعد اثني عشر عا ًما من وصيته األولى -كَتب أو ُكتب له وصية أخرى يف آخر حياته ،وهو على فراش
واضحا يف صياغة الوصية ،بل أهنم هم الشهود الموقعون على ما جاء
ً المرض ويظهر دور أوالده
مما يدل على ارتباك يف إعداد فيها ،وبعد الوفاة وإظهار الوصية اتضح أن َ
الختم وضع مقلو ًبا َّ
الوصية ،وجاء يف الوصية الثانية (نص التنصيب) إشراك محسن بن علي بن حسين المكرمي يف
َ
مسؤول بيت المال وإدارة مكتب الداعي حسين بن الحسن، إدارة شؤون الدعوة ،وكان محسن هذا
وكان أبيه وجده داعيان منفردان يف عصرهما ،وكانت الوصية الثانية الملغومة بإقحام اسم محسن
كشريك أو مساعد يعاضد الداعي المنصوص عليه ،وهو الحسين بن إسماعيل بن إسماعيل
اهد الوصية يتضح له َتكرار إضافة ألفاظ المثنى يف صياغة الوصية مثل
المكرمي ،والذي َش َ
(عليهما ،ويقيمان) مما كان سببًا يف إثارة النزاع والشقاق بين أبناء الطائفة ،فمجموعة تؤيد موقف
أي إمًلء أو تدخل المساعدين،
الداعي المنصوص عليه ،وهو الحسين بن إسماعيل الذي يرفض َّ
ويتمسك بح ِّقه يف تحديد األسماء ما دام أنه تم اختياره داعيًا بالنص.
ويف المقابل يذهب اآلخرون مع موقف محسن بن علي الذي يتمسك هو اآلخر بدوره يف إدارة
شؤون الدعوة كما جاء يف الوصية ،بل إنه يذهب بتأويله للنص إلى أبعد من ذلك ،ويقول باختياره
مستقبًل داعيًا خل ًفا لحسين بن إسماعيل ،وعندما رجحت كفة الداعي حسين بن إسماعيل وس َّلم
ً
قليًل منهم ذهبوا مع محسن بن
وجهاء الدعوة واألتباع له األمر وبايعوه على السمع والطاعة إال ً
علي الغاضب والرافض لهذه النتيجة إال أنه رضخ لمطالب األكثرية وترك مركز الدعوة (خشيوة)
واستقر فيها ويتهم من أخصامه
َّ استجابة لضغوط وجهاء وأعيان الطائفة ،وذهب إلى بعض أمًلكه
بأنه استولى على جزء كبير من األموال التي كانت تحت تصرفه بحكم مسؤوليته عن بيت مال
=
221
= الدعوة ،بل ا َّتهموه بأشنع من ذلك وهو السحر ،وقالوا :إنه المد ِّبر ومعه ثمانية أشخاص قاموا
بعمل السحر للداعي حسين بن إسماعيل الذي هجر مسجد خشيوة األعظم ورحل لمسجد
المشهد يف دحضة ،وتناول هذه الحادثة شاعر يف زمن الداعي الحسين بن إسماعيل وهو أحمد
عبداهلل ناجي األزهري وقالها على مسمع من الداعي:
َخريجِ َمر ُسـو ِم َبغيض ُم ِ بِت ِ ِ
ًلفق ـدوا
أفســـــــــ ُ َثًل َثة َره ٌط ُث ّم ستــ ٌة َ
الس َر ِ ِ ٍ ين تطـــ ً المبِ ِ َت َعا َموا ع ِ
ائق وجاءوا بإفك ألقت َسا ِم َّ اوال الح ِّق ُ
َن َ
ِ
ذائـــق ولذت َمـــذا ًقا آسـ ًرا كل َّ ــهاَوغ ََّرهتُ ُم الدُ نيَـا بِ َجميع ُح َطامـــ َ
َو َجاءوا بأس َحار ِعظام َخ َو ِار ِق واأل َذىأقـصى النِّكا َي ِة َ َتنَاهوا إلى َ
الر ُكـو ِع لنَاطِ ِق ِ
َوآخـــ َرا َر َقم يف ُّ يـل َحـب َل إ َل َهنـــا حسين بن إس ِ
ماع َ ُ َ ُ ُ
الرهط :الثًلثة؛ -1محسن بن علي المكرمي -2 .أحمد بن علي الجمالي المكرمي -3 .عبداهلل
محمد المزحاين (العديني).
وألهمية معرفة هؤالء الثًلثة ذكرناهم؛ ألهنم أصحاب النفوذ يف المعارضة الح ًقا فلما سمع
القصيدة الداعي الحسين بن إسماعيل قال :هي «عين الحقيقة» ،وبعد ثًلثة عشر سنة ظهر نزاع آخر
أصًل،
وبعكس المشكلة السابقة ،فلم يكن بسبب صياغة الوصية ،بل كان لعدم وجود الوصية ً
وبداية المشكلة ظهرت يف أوايل حزيران /يونيو2005 /م 1426هـ مع وفاة الداعي المكرمي
الذي يأيت يف المرتبة الخمسين يف السلسلة الطيبية ،ثم السليمانية الحسين بن إسماعيل يف نجران
عن عمر يناهز الثمانين عا ًما ،وخًلل مراسم تشييعة والصًلة عليه قام علي وهو االبن الثاين وهو
أخ االبن األكرب محمد غير الشقيق له معلنًا أمام المصلين يف مسجد خشيوة عقب صًلة الفجر
وقال« :إن والدي ووالد الجميع أوصى بأن يكون عبداهلل محمد حسين خل ًفا له؛ ألنه خيرة الموجود
تم هبا هذا التنصيب أثارت غضب وشكوك مجموعة كبيرة من أتباع الدعوة
إال أن الطريقة التي َّ
وأعيان الطائفة ،وأحدثت ً
شرخا جديدً ا يف كيان الطائفة ما زالت تتوالى تداعياته وستستمر وستكون
سب ًبا يف تحجيم تأثيرات الزعامات الدينية يف المستقبل ،هذه الحالة االستثنائية يف تاريخ الطائفة
مما دفع بعض
المع ّين المنصوص عليه بوصية أ َّدت إلى وجود فراغ يف رأس الطائفةَّ ،
بسبب غياب ُ
الملمين بأبجديات التنصيب إلى التوجه نحو اليمن لمقابلة محمد وهو االبن األكرب للراحل
ِّ الفقهاء
الحسين بن إسماعيل وأقناعه بالعودة إلى نجران وتس ّلم موقع والده ،إال أن محمدً ا المقيم يف اليمن
=
222
َ
يحظ بالحصول على الجنسية السعودية رفض تولي منصب والده بدون = ويحمل جنسيتها ولم
تنص على اختياره .وأمام هذه المشكلة اضطرت أكثرية الطائفة وج ّلها من العا َّمة والفقهاء
وصية ُّ
التقليديين الذين حفظوا دعاء الراتب بالصحيفة دون اإللمام بمعرفة وصية التنصيب عن طريق
اإلمام المسترت بقبول كًلم االبن علي وهو أن عبداهلل محمد العديني خيرة الموجود وذهبوا إلى
أبعد من هذا اللفظ ،وأطلقوا عليه لفظ الداعي المطلق ،وكان علي يعمل يف داخل إدارة مكتب
الداعي ويسيطر على بيت المال وشؤون الدعوة خًلل فرتة مرض والده ،وقام علي بن حسين
المنصب عبداهلل محمد حسين ثابت المزحاين أكثر من
َّ بحكم مسؤوليته عن بيت الدعوة بتسليم
مئتي مليون ريال ومجموعة من صكوك األراضي والعقارات لينتقل حق التصرف هبا إلى الداعي
الجديد كما أطلق عليه الح ًقا.
ورغم أن األمور عادت إلى حدٍّ ما إلى الهدوء إال أن المفاجأة الكربى تظهر بشكل حماسي معلنة
بانشقاقها عن ذلك التنصيب الغوغائي الذي تسمي أتباعه باألعراب ،وقد ُل ِّقبت بالحزوبرية نسبة
للمتزعم لها فارس بن مرزاح الحزوبر يسانده مجموعة كبيرة من الفقهاء وأصحاب األقًلم فأنشأوا
المنتديات و أشغلوها بالقدح فيما يحصل يف الطائفة من أمور ال تنطلي على ذي عقل ،وكانت
مطالبهم معقولة يف نظر المنهج اإلسماعيلي ،وهي لم يكن يهمل الداعي الراحل حسين بن
إسماعيل قضية مصيرية بالنسبة للطائفة ويرتكها بدون وصية ويتهمون ابنه بإخفاء الوصية الحقيقية
واالستيًلء على جزء كبير من أموال بيت الدعوة التي كانت تحت إدارته هذه الشكوك والمواقف
علي بن حسين
مما أ َّدى إلى اهتامهم من ّ
كانت محركًا عند فرقة الحزوبرية المتحمسين يف الطائفة َّ
بن إسماعيل بتنفيذ عدة محاوالت الغتياله ! فاشتد غضب الحزوبرية وأوعزت ألخ علي غير
الشقيق وهو محمد يمني الجنسية برفع دعوى قضائية عن طريق وكيله هادي القحص بنجران بعد
اكتشافهم التزوير من قِ َبل أخيه علي يف ِّ
صك حصر األرث وأبعاده عنوة من الت َِّركة وحرمانه من
علي وأخوته األشقاء والشهود المشاركين ُ
نصيبه يف األرث الذي يقدر بمئات المًليين ،وقد أدين ّ
قضائ ًيا يف عملية التزوير وتمت إدانتهم والحكم عليهم ،والشاهدين هما كل من :مهدي بن ناصر
بن صالح آل هتيلة من سكان البلد القديم ،وعلي بن صالح بن علي آل رواس من سكان الحضن،
ومن خًلل مجريات األحداث أظهروا الحزوبريون يف المنتديات كشوفات حسابات مصرفية لعدد
من المكارمة منهم الداعي حسين بن إسماعيل والداعي العديني ،وكانت األرصدة تقدر بالمًليين
=
223
= وهي حصيلة ما يجمعه الداعي من أتباعه تحت مسميات شرعية (نذور ،زكاة ،فطرة ،فكاك نفس،
عقد نكاح ،هبات من رجال أعمال....إلى آخره) ،وال يقتصر جمع هذه األموال على نجران ،بل
إن للداعي وكًلء يف ِّ
كل مكان يكثر فيه المنتسبين للطائفة؛ ففي اليمن والكويت والهند وباكستان
والمنطقة الشرقية شخص يسمى مقيم أو منصوب بمثابة الجابي .ويكون الصرف من نجران لألتباع
يف ٍّ
كل من اليمن والهند؛ لضعف مواردهم االقتصادية وتطييب لخواطرهم يف مواالة الداعي.
استمر الحال والنزاع قائم واألمور تتجدد بكوارث يف داخل الطائفة ،ومع ظهور وسائل التواصل
َّ
ِ
خفت صوت المنتديات وظهر الحراك جليًّا على قنوات التواصل االجتماعي.
ويف عام 1436هـ ُتويف الداعي الذي بدون نص وهو عبداهلل محمد العديني الشيخ القبلي للمكارمة
فاتبع أوال ُده طريقة علي بن حسين بن إسماعيل ،وهي أن والدهم أوصى أن يكون خليفته أحمد بن
علي الجمالي المكرمي ،ويكون علي بن حاسن المكرمي مساعدً ا ومعاونًا له؛ فتوسعت الهوة
وتوالت االنشقاقات وظهرت فرقة الشبامية يتزعمها الحاج علي بن علي شبام يسانده نخبة من
الفقهاء المتمكنين يف أقوامهم وبدأوا يحشدون ويحرضون ضد الجمالي ومنصوبه علي حاسن
وتصب يف مصلحة
ُّ حتى رأت الفرقة الحزوبرية أن مطالب الشباميون قريبة جدًّ ا من توجهاهتم
واحدة؛ فكانت النتيجة االنضمام وجعلت يف انضمامها مبدأ :أن الشباميين يريدون التو ُّقف على
نص الداعي حسين بن إسماعيل وهو ُّ
الحل الوحيد والمًلذ األمين لحفظ الشتات والتفرقة فمالت ِّ
النص والضغط على المدعو علي بن حسين
وتوحدت يف قالب التوقف على ِّ
َّ الحزوبرية لهم
النص الحقيقي والمتهم يف إخفائه! وأن المدعيين أهنم ُدعاة مطلقين مثل العديني
المكرمي بإظهار ِّ
والجمالي والمنصوب علي بن حاسن الذي جعل نفسه داعيًا ال صحة لدعواهم ،وأهنم مغتصبون
توحدت
حق ،وعلى ضوء ذلك َّ
للرتبة وهدفهم طمس المذهب واالستيًلء على األموال بدون وجه ٍّ
الفرقتان -الحزوبرية والشبامية -ولملمت شتاهتا تحت قيادة علي بن علي شبام ساعية مع مرور
الزمن إلسقاط المغتصبين ،إال أن الجانب اآلخر -وهم المكارمة -رموا بكل خًلفاهتم وأرادوا
توحيد صفهم ضد هؤالء الفرقتين حتى ال يفقدوا مكانتهم الدينية واالجتماعية داخل الم ّكون
النجراين.
حاول بعض المصلحين والوجهاء يف التقريب بين المتخاصمين ،ونبذ الخًلفات وقطع صلة
حًل قد يكون هو الفيصل وهو المناظرة
الرحم والرباءات بين األتباع إال أن الشباميون وضعوا ًّ
=
224
= العلنية أمام أبناء الطائفة ،إال أن الجانب اآلخر رفضها قطعيًّا فانتهى األمر ومالت الكفة مع
أصحاب شرط المناظرة وكسبوا الجولة ،ويف الجهة المقابلة تيار حركي يسمى النشطاء الحقوقيين،
وهم المشتغلون بالعمل التنظيمي والشأن السياسي ،ويندرج تحت حركتهم مجموعة التنظيمات
الدينية التجديدية واألحزاب السياسية العلمانية ،وهم يحافظون على حضورهم الثقايف
واالجتماعي واإلعًلمي كأفراد ،وال يستطيعون نقد فساد ما يحدث يف واقع البيت اإلسماعيلي،
راجع كتاب :الشيعة السعوديون ،إبراهيم الهطًلين( ،ص.)211 ،210
225
اإليمان ،ويقوموا ُخدَّ ا ًما للدعوة بخدمتها تحت أمره ،ويكونوا جمي ًعا كما قال
اهلل تعالى ( :ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ
ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ).
وأسأل اهلل تعالى أن يعينه ويعاونه ويوفقه ويسدده ويلهمه ويرشده ،وال إلى
نفسه يكله ،ويحفظه من كل خطأ وزلل يف قوله وعمله ونيته .....أن يميل إلى
الهواء يف تقديمه وتأخيره وحفظه ورفعه بحق سيدنا محمد وآله ،وعلى اهلل
االتكال واالعتماد وتوحيده وعبادته ،والدعاء إلى وليه غرضنا ومقصدنا الجميع
من مضى ،ومن عاد ،وال حول وال قوة إال باهلل العلي العظيم ،وصلى اهلل على
سيدنا محمد وآله أفضل الصًلة والتسليم ،وحرر بتاريخه يوم السبت أربعة عشر
شهر رجب األصب سنة ألف وأربع مائة وأربع 1404/7/14هـ بخط الحقير
إلى اهلل صالح عوض الصلول.
شاهد /الولد علي حسين حسن المكرمي.
شاهد /الولد حسن حسين حسن المكرمي.
قاله وأمًله
الحقير إلى اهلل الحسين بن الحسن بن عبداهلل األحمد.
الختم /شيخ المكارمة
ربيع اآلخر 1426هـ 2/يوليو 2005م) ،ودفن يف( :قرية رجًل)( ،)1حدث
خًلف يف صفوف اإلسماعيلية السليمانية أثناء تولي هذا الداعي ،فقد اعتقد
محسن بن علي المكرمي منصوب الداعي السابق الحسين بن الحسن بأنه من
سيتولى منصب الدعوة بعد وفاة األخير غير أنه فوجئ وغيره من اإلسماعيلية
بأن الوصية نصت على حسين بن إسماعيل الذي لم يكن قري ًبا من الداعي،
وال حتى من ساكني نجران ،وهو من مكارمة طيبة اليمن ،لكنه كان قد هاجر
إلى نجران من فرتة طويلة ،ويحمل الجنسية السعودية،
مما أدى إلى اعرتاض محسن بن علي المكرمي على تلك الوصية،
موكًل هبا
ً وطعن يف صحتها ،وقام بنهب أموال الدعوة (بيت المال) التي كان
يف والية الداعي السابق ،وأيده يف عمله ذاك بعض من اإلسماعيلية مما جعل
اإلسماعيلية ينقسمون إلى قسمين( :حسينية ومحسنية) نسب ًة إلى المتنافسين،
وقد رمى ٌّ
كل منهما اآلخر بالسحر ،وقد تعرض محسن بن علي وألكثر من
مرة لمحاولة قت ٍل من أنصار الداعي حسين بن إسماعيل(.)2
51ـ الداعي عبداهلل بن محمد بن حسين بن ثابت بن إبراهيم بن عبداهلل
بن إسماعيل عبيد بن محمد المزحاين العديني (موطنًا) ،من عزلة المزاحن يف
المه َزاع -ممسى المرجامة .تولى رئاسة المذهب اإلسماعيلي عدين -قرية ِ
( )1قرية رجًل :من قرى نجران وهي مجاورة لقرية األخدود من الجهة الشرقية.
( )2انظر :كتاب :إسماعيلية اليمن السليمانية ،حمود زايد نوفل( ،ص.)272
229
يف 25( :ربيع اآلخر 1426هـ 2 /يوليو 2005م) ،وتويف يف( :عام
1436هـ 7/أبريل2015م) ،وأصله من مكارمة المزاحن عدين ،تولى
منصب المنصوب يف المزاحن بعد رحيل المنصوب الذي قبله إلى نجران،
وهو عبد اهلل بن حامد ،وكان رحيله من المزاحن إلى نجران يف أواخر عقد
السبعينيات ،وخلفه يف منصب المنصوب الحاج :حزام غانم ،وكان المنصوب
للسليمانية يف المزاحن( ،)1وقد استطاع (عبداهلل بن محمد بن حسين) أن يثبت
جدارته ،ومع أنه كان من أنصار محسن بن علي المكرمي ضد الداعي السابق
(حسين بن إسماعيل المكرمي) إال أنه عاد ،وطلب العفو ،وقد قام الداعي
قادر على
حسين بن إسماعيل بامتحانه بالكثير من األعمال حتى أثبت أنه ٌ
تجاوزها ،ولكن أمران جعًل من توليه الدعوة غير متقب ٍل من اإلسماعيلية يف
نجران ،وهما:
1ـ أن اإلسماعيلية يعتقدون بأن دعاة السرت يصل عددهم إلى ()51
فقط ،ثم يظهر إمام الزمان ،والذي يتولى مقاليد الدولة اإلسماعيلية.
2ـ أنه الداعي الوحيد الذي لم َّ
يتول بوصية خطية من سلفه ،ومع أن أبناء
الداعي السابق قد شهدوا بأن والدهم قد نص عليه ،ويعتقد بعض المكارمة أن
ذلك بتدبير من علي بن حسين المكرمي ،ابن الداعي السابق ،وأنه أخفى وصية
والده ليظل المسيطر على المذهب يف نجران ،وأن عبداهلل بن محمد ،قد تآمر
معه(.)1
( )1انظر :كتاب :إسماعيلية اليمن السليمانية ،حمود زايد نوفل( ،ص ،)274وكتاب :اإلسماعيلية
وفرقها حقائق ووثائق ،لعبد الرحمن المجاهد( ،ص.)248
231
الباب األول:
الفصل اخلامس :تعريف ببعض املكارمة الذين شاركوا يف بعض الغزوات يف
اليمن أو املخالف السليماني
( )1انظر :كتاب[ :نفح العود يف سيرة دولة الشريف حمود] ،تأليف :عبدالرحمن البهكلي (ص،)233
وكانت مشاركاته بتاريخ (1222هـ) ،وكذلك كتاب :مخطوطة نفح العود يف أيام الشريف حمود،
(ص.)294
( )2انظر :كتاب[ :نزهة الظريف يف سيرة أوالد الشريف] ،عبدالرحمن بن حسن بن علي البهكلي،
(ص ،)149 ،116 ،105وكتاب[ :تاريخ المخًلف السليماين] (ص.)404،414 ،401
232
233
(ُ )1ذكِ َرت مشاركته يف كتاب[ .الديباج الخسرواين] (ص ،)512 ،511 ،436وكتاب« :فرتة الفوضى
وعودة األتراك إلى صنعاء» ،السفر الثاين من تاريخ الحرازي «رياض الرياحين» ،للدكتور :حسين
عبداهلل العمري( ،ص ،)130وذلك عام 1279هـ.
( )2ال تسعفنا المصادر التاريخية كيف تم أخذه من عسير ،وال أسباب انتقاله إلى هناك ،وهل كان ذهابه
نجدة ألمير عسير أو غير ذلك؟.
( )3األرشيف العثماين ،تصنيف 25867I.DH. 66,69.sy.874AYNIYAT DEFT.No.
وكذلك كتاب« ،فرتة الفوضى وعودة األتراك إلى صنعاء» ،السفر الثاين من تاريخ الحرازي «رياض
الرياحين» ،للدكتور :حسين عبداهلل العمري( ،ص ،)130وذلك عام 1279هـ( ،ص.)130
234
الداعي حسن بن هبة اهلل صاحب معركة الحائر األولى والثانية ،والداعي رقم
( ،)34يف سلسلة دعاة المذهب اإلسماعيلي ،وقد ذكر أحمد بن الحسن يف
بعض المصادر التاريخية( ،)1ولم يستلم منص ًبا يف المذهب ،وإنما حصل له
مشاركات يف بعض الغزوات فقط.
6ـ حاتم بن أحمد بن إسماعيل بن هبة اهلل بن إبراهيم بن محمد
المكرمي ،وهو حفيد الداعي رقم ( ،)33يف سلسلة دعاة المذهب
اإلسماعيلي .وقد ُذكِ َر يف بعض المصادر التاريخية( )2مشاركاته ،ولم يستلم
منص ًبا يف المذهب ،وإنما هي مشاركات يف بعض الغزوات فقط(.)3
8ـ الداعي عبداهلل بن علي بن هبة اهلل بن إبراهيم بن محمد المكرمي،
هو الداعي رقم )36( :يف سلسلة دعاة المذهب ،وحسن بن هبة اهلل صاحب
الحائر األولى والثانية هو (عمه) وقد ذكر عبداهلل بن علي يف حروب المخًلف
السليماين مشاركًا يف (1191هـ ـ 1777/2/9م) ،وذكره صاحب كتاب «نزهة
الظريف»( ،ص ،)150 ،149 ،141وتاريخ مشاركته يف1202( :هـ -
( )1انظر :كتاب« :نزهة الظريف يف سيرة أوالد الشريف» ،عبدالرحمن بن حسن بن علي البهكلي،
(ص.)239 ،237 ،183 ،178 ،177
( )2انظر :كتاب« :نفح العود يف سيرة دولة الشريف حمود» ،تأليف :عبدالرحمن البهكلي (ص،)233
بتاريخ (1222هـ).
( )3انظر :مشاركاته يف الغزو يف كتاب« :نزهة الظريف» (ص )240 ،206وتاريخ مشاركته1202(:هـ
1787 /10/12 -م هـ) ،يف حروب المخًلف السليماين.
235
1787/10/12م).
9ـ الحسن بن علي بن هبة اهلل بن إبراهيم بن محمد المكرمي ،وحسن
بن هبة اهلل صاحب معركة الحائر األولى والثانية هو (عمه) ،وقد ذكر يف
حروب المخًلف السليماين ،وتاريخ مشاركاته ،ولم يستلم من مناصب
المذهب شي ًئا(.)1
10ـ محمد بن حسن بن هبة اهلل بن إبراهيم بن محمد المكرمي ،وهو
ابن الداعي حسن بن هبة اهلل صاحب معركة الحائر األولى والثانية ،والداعي
رقم ( ،)34يف سلسلة دعاة المذهب اإلسماعيلي ،وقد ُذكِ َر يف بعض المصادر
التاريخية( ،)2ولم يستلم منص ًبا يف المذهب ،وإنما مشاركات يف بعض
الغزوات فقط.
11ـ علي بن أحمد بن حسن بن هبة اهلل بن إبراهيم بن محمد المكرمي،
حفيد الداعي حسن بن هبة اهلل ،الداعي رقم ( ،)34يف سلسلة دعاة المذهب
اإلسماعيلي ،وقد ُذكِ َر يف بعض المصادر التاريخية( )3مشاركته ،ولم يستلم
( )1وكانت مشاركاته يف1191( :هـ 1777/2/9 -م) ،وذكر يف كتاب« :نزهة الظريف»( ،ص،121
،)240 ،206 ،123 ،122وكتاب :المخًلف السليماين ،محمد بن أحمد العقيلي.)416/1( ،
( )2انظر« :نزهة الظريف يف سيرة أوالد الشريف محمد بن أحمد الحسني» ،عبدالرحمن بن حسن بن
علي البهكلي ،دراسة وتحقيق :سعد بن مبارك بن سعد ،لعام 1428هـ 1429 -هـ ،رسالة ماجستير
غير منشورة .انظر :كتاب« :نزهة الظريف»( ،ص.)237 ،177
( )3انظر :المصدر :السابق( ،ص.)237
236
( )1انظر :كتاب :المخًلف السليماين ،محمد بن أحمد العقيلي ،)408 -405 /1( ،وخًلصة
العسجد ،عبدالرحمن بن الحسن البهكلي( ،ص.)365 -361
( )2انظر :كتاب :المخًلف السليماين ،محمد بن أحمد العقيلي ،)408 -405 /1( ،وخًلصة
العسجد ،عبدالرحمن بن الحسن البهكلي( ،ص.)365 -361
237
اليمن ،والذي طلب من والده الداعي رقم )32( :يف سلسلة دعاة المذهب
اإلسماعيلي ،فأرسل له ً
جيشا بقيادة أخيه إسماعيل ،وذلك عام 1143هـ
ـ1742م ،وقد مات يف عصر اإلمام المنصور الحسين(.)1
15ـ أحمد بن الحسن بن إسماعيل بن محسن شبام( ،)2وقد هلك يف
البحر عندما أخذه األتراك مع والده إلى تركيا ،وذلك عام (1289هـ/
1871م) ،حيث مات والده يف الحديدة قبل نقله إلى عاصمة الخًلفة الرتكية،
راجع تعريف الداعي رقم ( )41صفحة )184( :من هذا الكتاب.
16ـ عبداهلل بن أحمد المكرمي مات مع الداعي (عبداهلل بن علي
المكرمي) الداعي (الثالث واألربعون) ،يف سجن اليمن ،وتويف الداعي يف (30
رجب 1323هـ 30 /دسمرب 1905م) ،ودفن يف (جبل شهارة)(.)3
( )1انظر :كتاب :نجران تاريخ وإنسان ،محمد طحنون( ،ص ،)83وكتاب :المخًلف السليماين ،محمد
بن أحمد العقيلي( ،ص ،)393وكتاب :خًلصة العسجد ،عبدالرحمن البهكلي( ،ص،)135
وكتاب :إسماعيلية اليمن السليمانية ،حمود زايد نوفل( ،ص.)115 -111
( )2انظر :كتاب :فرتة الفوضى وعودة األتراك إلى صنعاء ،السفر الثاين من تاريخ الحرازي( ،ص،)174
وكتاب :نجران تاريخ وإنسان ،محمد بن طحنون آل دغرير( ،ص.)173
( )3انظر :كتاب :نجران األرض والناس والتاريخ( ،ص ،)31وكتاب :نجران تاريخ وإنسان ،محمد
طحنون آل دغرير( ،ص.)175
238
239
الباب الثاني
الفصل األول :العالقات السياسية بني أهل جنران وآل سعود
()1
(1250ـ 1254هـ1834/ـ ففي عهد اإلمام (فيصل بن تركي)
1839م) و(1259ـ 1282هـ1843/ـ 1865م) تجددت العًلقات السياسية
بين آل سعود وقبائل يام ،قام اإلمام (فيصل) بتجديد عهود جده اإلمام (سعود
الكبير) إلى أهالي نجران ،وهناك روابط تاريخية وصًلت أخوية وبالذات يف
عهد الدولتين السعوديتين األولى والثانية نورد هنا بعض الوثائق التي تثبت
ذلك ،ومنها:
العهد الذي قطعه اإلمام سعود( )2الكبير إلى أهل نجران وسائر (يام):
« من سعود إلى جناب األشراف حسين بن ناصر وحسن دهشا وحمزة
ومحمد بن حسن وحسن أحمد ومقبل بن محمد وصالح بن عبداهلل وأحمد
( )1اإلمام فيصل بن تركي بن عبداهلل بن محمد بن سعود بن محمد بن مقرن ،ولد عام 1203هـ ،تولى
اإلمامة يف عام 1250هـ بعد اغتيال والده اإلمام تركي ،وقد نجح يف فرتة حكمه األول من تثبيت
الدولة وبسط سيطرهتا على وسط الجزيرة العربية وعلى غالب شرقيها مثل :األحساء وقطر وأجزاء
واستمر حكمه األول حتى سنة 1254هـ حيث وقع يف األسر بعد معارك خاضها مع
َّ من ُعمان،
العثمانيين ،وبعد خروجه من األسر سنة 1259هـ ابتدأ فرتة حكمه الثانية حتى وفاته -رحمه اهلل
-عام 1282هـ ،انظر :كتاب :سعد بن عفيصان ..فارس يف خيالة التوحيد( ،ص.)28
( )2اإلمام سعود بن عبدالعزيز بن محمد بن سعود ،راجع ترجمته (ص ) 145من هذا الكتاب.
240
معوض وأحمد علي بن شما وصالح بن حسين مجلي( ،)1س َّلمهم اهلل من
اآلفات ،واستعملهم بالباقيات الصالحات .وبعده :ألفا (قدم) علينا مقبل بن
عبداهلل ،وأشرف على ما نحن عليه ،وما ندعو إليه ،وما نأمر به ،وما ننهى عنه،
وياصف (يوصف) لكم من الرأس ما حمله شفو ًّيا ،وما شهده أكثر مما يف
القرطاس (الورق) إن شاء اهلل ،ونخربكم أنَّا متبعون ،ال مبتدعون ،نعبد اهلل
وحده ال شريك له ،ونتبع رسوله فيما يأمر به ،وينهى عنه ،ونقيم الفرائض،
ونجير من تحت يدنا على العمل ،وننهى عن الشرك باهلل ،وننهى عن البدع
والمحرمات ،ونقيم الحدود ،ونأمر بالمعروف ،وننهى عن المنكر ،ونأمر
بالعدل والوفاء بالعهود والمكاييل والموازين وبر الوالدين وصلة األرحام.
هذا صفة ما نحن عليه ،وما ندعو الناس إليه ،فمن أجاب وعمل بما ذكرناه،
فهو أخونا المسلم حرام المال والدم ،ومن أبى قاتلناه حتى يدين بما ذكرناه،
وأنتم أخص الناس باتباع محمد ،والحق عليكم أكرب منه على غيركم،
واإلسًلم هو عزكم وشرفكم كما قال تعالى( :ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ
ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ) ،فالمأمول
فيكم القيام والدعوة إلى اهلل؛ ألن الدعوة سبيل من اتبعه قال تعالى( :ﮀ
ﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑ
( )1هؤالء هم أشراف نجران وهم على المذهب الزيدي ،راجع ترجمتهم يف (ص ) 66من هذا الكتاب.
241
( )1انظر :كتاب :العًلقات السعودية اليمنية من خًلل ما نشر يف جريدة المقطم المصرية ،تأليف :أ.د.
محمد سعيد منشط الشعفي( ،ص ،)40 ،39وكتاب :نجران يف أطوار التاريخ ،محمد بن أحمد
العقيلي( ،ص ،)135 -132وكتاب :البيان يف تاريخ جازان وعسير ونجران ،تأليف :عبد الواحد
محمد راغب دالل( ،ص ،)73،74وكتاب :نفح العود يف سيرة الشريف ُح ُمود ،تأليف:
عبدالرحمن بن أحمد البهكلي ،دراسة وتحقيق :محمد بن أحمد العقيلي( ،ص،)207 -206
وكتاب :القول المكتوب يف تاريخ الجنوب ،غيثان بن علي بن جريس ،)64/8( ،انظر :مجلة
الدارة ،س( )1مج (( )2الرياض جمادى األولى1395 ،هـ1975/م) (ص ،)9 ،8وموسوعة
المملكة العربية السعودية ،)157/5( ،وكتاب :تاريخ المملكة العربية السعودية ماضيها
وحاضرها ،تأليف :صًلح الدين المختار( ،ص ،)397 -396وكتاب« :الخرب والعيان يف تاريخ
نجد» ،خالد بن محمد الفرج ،تحقيق ودراسة :عبدالرحمن بن عبداهلل الشقير( ،ص ،)228وكتاب:
دور آل المتحمي يف مد نفوذ الدولة السعودية األولى يف عسير وما جاورها ،تأليف :أحمد يحيى آل
فائع( ،ص ،)244وكتاب :وزارة الخارجية السعودية( ،ص ،)175 ،174وكتاب :بيان عن
العًلقات بين المملكة العربية السعودية واإلمام يحيى حميد الدين ،محمد بن عبداهلل آل زلفة،
(ص ،)218 ،217وكتاب :المعالم الجغرافية والتاريخية لمواقع الملك عبدالعزيز الحربية ،
دراسات ميداينة وتطبيقية ،عمر بن غرامة العمروي.)533 ،532 /2( ،
242
( )1المرجع :كتاب :العًلقات السعودية اليمنية من خًلل ما نشر يف جريدة المقطم المصرية ،تأليف :أ.د.
محمد سعيد منشط الشعفي( ،ص ،)41وجريدة أم القرى يف يوم الجمعة 1صفر سنة 1353هـ الموافق
25مايو سنة 1934م .وثيقة رقم ( ،)153وكتاب :عسير يف عهد الملك عبد العزيز ،د .محمد بن
عبداهلل آل زلفة( ،ص ،)175وموسوعة المملكة العربية السعودية ،)165/15( ،وكتاب :تاريخ
المملكة العربية السعودية ماضيها وحاضرها ،تأليف :صًلح الدين المختار( ،ص،)398 - 397
وكتاب :نجران تاريخ وإنسان ،محمد طحنون( ،ص ،)232 - 231وكتاب :وزارة الخارجية
السعودية( ،ص ،)176وكتاب :بيان عن العًلقات بين المملكة العربية السعودية واإلمام يحيى حميد
الدين ،محمد بن عبداهلل آل زلفة( ،ص ،)219 ،218وكتاب :المعالم الجغرافية والتاريخية لمواقع
الملك عبدالعزيز الحربية ،دراسات ميداينة وتطبيقية ،عمر بن غرامة العمروي.)534 ،533/2( ،
243
( )1المصدر :جريدة أم القرى ،العدد ( ،)388يوم الجمعة 14محرم سنة 1351هـ 20 -مايو سنة
1932م.
244
من عبد العزيز بن عبد الرحمن آل فيصل إلى من يرى هذا الكتاب ،بعد
السًلم عليكم ورحمة اهلل وبركاته ،وبعد ألفى (قدم) علينا جابر بن حسين بن
مانع آل جابر وبيده ورقة من جدي اإلمام فيصل رحمه اهلل ،وطلب منا عليها،
وأعطيناه على ما فيها ومن حاله حالهم من أهل نجران ،وإن حنا إن شاء اهلل ما
نرضى فيهم من جميع الحاالت كلها ،وال ندخر نفعهم يف جميع ما يلزم قدر
اإلمكان ،والعمدة على ما تقرر بينهم وبين طوارفنا ابن عسكر وغيره -إن شاء
اهلل -يكون معلو ًما ،والسًلم 15سنة 1352هـ ـ رسالة الملك عبد العزيز إلى
245
رؤساء يام(.)1
وجه قوة
باإلضافة إلى هذا ،فإن الملك عبد العزيز قبل استعادة «أهبا» َّ
إلى بلدة بدر يف نجران بقيادة ابن عبود القحطاين ،فتم َّكن من ضبطها ،وأخذ
العهد على المكرمي بأن يكون هو ومن معه صادقي الوالء لعبد العزيز ،وبعد
دخول منطقة عسير تحت حكم الملك عبد العزيز وجه الملك عبدالعزيز قو ًة
بقيادة ابن معمر إلى «حبونه» ،حيث قدمت الوالء( ،)2كما أن الملك عبد
العزيز كان قد أكد سلطته المطلقة على بًلد يام ووادعة وأتباعهم بمقتضى
معاهدة 1338هـ1920/م مع محمد اإلدريسي( )3لذلك ،فًل غرابة يف أن
( )1انظر :كتاب :نجران ،محمد أبو ساق( ،ص )230وثيقة رقم /14أ ،وكتاب :دخول نجران يف العهد
السعودي دراسة تاريخية وثائق ّية ،تأليف :د .علوي عمر فريد( ،ص ،)231وكتاب :كنت مع عبد
العزيز ،تأليف :الدكتور :عبد الرحمن بن سبيت السبيت وآخرون ،الطبعة1415( 2 :هـ -
1994م)( ،ص ،)153 -150وكتاب :نجران تاريخ وإنسان ،محمد طحنون( ،ص.)242
( )2المرجع كتاب :وزارة الخارجية السعودية( ،ص ،)177وكتاب :بيان عن العًلقات بين المملكة
العربية السعودية واإلمام يحيى حميد الدين ،محمد بن عبداهلل آل زلفة( ،ص .)220راجع كتاب:
دخول نجران يف العهد السعودي« ،دراسة تاريخية وثائقية» ،د .علوي عمر فريد( ،ص،)102 ،97
وكتاب :المعالم الجغرافية والتاريخية لمواقع الملك عبدالعزيز الحربية ،دراسات ميداينة
وتطبيقية ،عمر بن غرامة العمروي ،)534/2( ،وكتاب :الشيعة السعوديون ،إبراهيم الهطًلين،
(ص.)208
( )3وهذا نص المعاهدة ...« :فصار الذي لإلمام عبد العزيز من القبائل جميع يام ووادعة ومن تبعهم
من بني جماعة وسحار وشر ّيف وقحطان ورفيدة ...وما ذكر لعبد العزيز بن عبد الرحمن من
القبائل يف السراة وهتامة (ويام) وغيرهم فالمراد به قرى وبوادي يف جبل وسهل وعليهما يف ذلك
=
246
= التناصح والتعاون وبذل الجهد فيما أوجب اهلل عليهما مما يلزم يف دين اإلسًلم فيمن تحت
أيديهما »...نص المعاهدة :كتاب :البيان يف تاريخ جازان وعسير ونجران ،تأليف :عبد الواحد
محمد راغب دالل ،)277 ،276/2( ،وكتاب :عسير يف عهد الملك عبد العزيز ،د .محمد بن
عبداهلل آل زلفة( ،ص ،)201وموسوعة المملكة العربية السعودية ،)168 ،167/5( ،انظر :كتاب:
تاريخ المملكة العربية السعودية ماضيها وحاضرها ،تأليف :صًلح الدين المختار( ،ص- 399
،)400وكتاب :بيان عن العًلقات بين المملكة العربية السعودية واإلمام يحيى حميد الدين ،وزارة
الخارجية السعودية ،مكة المكرمة( ،ص ،)7وكتاب :بيان عن العًلقات بين المملكة العربية
السعودية واإلمام يحيى حميد الدين ،محمد بن عبداهلل آل زلفة( ،ص ،)221 ،220وكتاب:
المعالم الجغرافية والتاريخية لمواقع الملك عبدالعزيز الحربية ،دراسات ميداينة وتطبيقية ،عمر
بن غرامة العمروي.)536 ،535/2( ،
( )1المرجع :كتاب :العًلقات السعودية اليمنية من خًلل ما نشر يف جريدة المقطم المصرية ،تأليف:
أ.د .محمد سعيد منشط الشعفي( ،ص ،)41وكتاب :البيان يف تاريخ جازان وعسير ونجران،
تأليف :عبد الواحد محمد راغب دالل ،)214/2( ،لقد فنَّد الوفد السعودي كذب وافرتاء اليمن
يف أحقيته يف نجران بأدلة تاريخية واضحة .انظر :الذكير ،نسخة بغداد( ،ص.)59 -56
247
وأرسلوا بالنيابة عنهم وفدً ا مؤل ًفا من إبراهيم بن حسين المكرمي( )1وصحبته
مرورا
ً توجه من وادي حبونا باتجاه الملك عبدالعزيز سنة 1339هـ
= إن الشيخ دكام بن منصر قد َّ
أميرا لوادي الدواسر من قبل الملك عبدالعزيز وأخربه بأنه يريد
يف طريقه بابن عفيصان الذي كان ً
ثم توجه إلى الرياض يرافقه الشيخ( :جخير بن حرتش آل
مقابلة الملك عبدالعزيز ،فبارك خطوته َّ
رزق) والشيخ :ناجي بن مهدي بن قعوان ،وا َّتجه إلى مقر الملك عبدالعزيز -رحمه اهلل -وعندها
قابل وزيره آنذاك( :ابن جميعة) وأخربه بأنه يريد مقابلة الملك فأدخله إليه وكان أول شيخ من
مشايخ يام يقابل الملك عبدالعزيز فقابله وقدم له الوالء والطاعة هو وقبائله ومكث يف ضيافة الملك
عبدالعزيز عشرة أيام لقي فيها كل عزة واحرتام وتقدير ،ثم استأذن ليعود إلى قبائله فأذن له الملك
عبدالعزيز وبعد أن قدَّ م الشيخ دكام بن منصر وقبائله الوالء والطاعة للملك عاد إلى منطقة نجران
رجًل سوف يحكم شبه الجزيرة العربية من شمالها إلى
ً وقابل مشايخ يام ،وأخربهم بأنه قابل
جنوهبا!!..
وقد بايع الملك عبدالعزيز قبل دخول نجران يف الحكم السعودي بـ ( )14عام فكان من ضمن رعايا
الملك عبدالعزيز ،وأعطاه الملك األمان هو وناجي بن مهدي بن قعوان ،وجخير بن حرتش ،وقد
قتل (دكام) يف عام1344( :هـ) حيث حصلت له قصة عجيبة ذكرها صاحب كتاب :ظاهرة األمن
يف عهد الملك عبدالعزيز ،تأليف :عبدالعزيز بن محمد اإلحيدب( ،ص.)137 ،136 ،135
وكذلك وردت يف العدد ( )68من جريدة أم القرى 10شوال عام 1344هـ راجع صحيفة الجزيرة:
العدد ،)9530( :األحد 12من رجب 1419هـ /تشرين الثاين 1998م( ،ص ،)10والعدد:
( )9573يوم االثنين 25من شعبان 1419هـ 14 -من ديسمرب (كانون األول) 1998م( ،ص،)10
انظر:ألحداث القصة( ،ص )254من هذا الكتاب.
( )1إبراهيم بن حسين المكرمي ،هو من طائفة المكارمة تم إرساله مندوبًا عنهم ،ولم يستلم منصبًا من
مناصب المذهب اإلسماعيلي.
250
من طرف ُع َّقال يام الشيخ حسين بن حيدر( ،)1وناجي بن مهدي بن قعوان(،)2
ومحمد بن محيريق( ،)3وأخوياهم.
ولما كان يوم الخميس الموافق 20من الشهر الجاري ،وصل الوفد
َّ
المذكور إلى عبد العزيز بن عبداهلل العسكر( ،)4وتخابروا معه ،وقدموا ورقة
اعتمادهم المؤرخة يف 14شعبان سنة 1350هـ من رؤساء يام المذكورين
( )1هو :الشيخ حسين بن حيدر بن علي بن قناص بن دمنان بن الحق آل م َعيُوف اليامي ،من مشايخ يام
من قبيلة آل الغز من قرية القرن بالقرب من بدر الجنوب ،جده هو الذي ساعد األتراك يف الدخول
إلى حراز ،انظر( :حوادث سنة 1289هـ 1871/م).
( )2ناجي بن مهدي بن قعوان الخضرة لسلوم ،هو :شيخ شمل قبائل لسلوم ،ولسلوم هم الخضرة ،وآل
عامر ،وآل صليع ،وآل مفلح ،وآل قريع ،وبني هميم ،انظر :كتاب :بين مكة وحضرموت
(ص.)128
( )3محمد بن ناصر آل فهاد ويل َّقب بمحيريق ،شاعر وفارس من فرسان قبائل يام ولد يف عام 1300هـ،
عرف بالكرم والشجاعة شارك يف العديد من المعارك ،له مشاركات عديدة يف صدِّ الجيش اليمني
عند احتًلله لنجران وحبونا وبدر ،أسر على أثرها من قبل الجيش اليمني وتم إعدامه يف أحد
سجون اليمن ،وكانت مواقفه البطولية معروفة مشهودة لدى الجيش اليمني ،وكانوا يقولون عنه:
«رجل من كبار األشرار ُيقال له :محيريق» راجع يف ذلك مخطوطة« :الربق المتألق يف سيرة سيف
اإلسًلم إلى المشرق» ،المؤلف :محمد بن عبد الرحمن بن شرف الدين( ،ص ،)158ومجلة
المختلف :العدد ( )168يوليو 2005م.
( )4هو عبدالعزيز بن عبداهلل بن إبراهيم العسكر ينتمي إلحدى األسر الكريمة يف المجمعة ،تم تعيين
أميرا على عسير لمدة تسع سنوات ،أي :من سنة 1343هـ حتى ِ
والده من قبَل الملك عبدالعزيز ً
تويف سنة 1352هـ ،حيث كان من رجاالت الملك عبدالعزيز المخلصين ،وقد ُك ِّلف عبدالعزيز
أميرا يف أهبا ولمدة سنة
استمر ً
َّ العسكر بالقيام بإمارة مقاطعة عسير بالوكالة بعد وفاة والده ،وقد
واحدة ،ثم أعفي من منصبه.
251
أعًله ،وضمنوها الشروط الواجبة من حسن الجوار والصداقة بين يام وبين
جًللة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل فيصل وطوارفه بكف األذى عن
المسلمين ،وردع كل جاهل ،والقومة التامة على المفسدين بين الطرفين،
وأمان السبل ،وحقن الدماء ،وعًلوة على ذلك إقرار واعرتاف الوفد المذكور
بما ذكر عن رضا وقبول ،وتراب ًطا بذلك ،وتضمنًا بتقوية الكفاالت ،والوجيه
حسب ما شرحوه بورقة اعتمادهم .وأما من جهة إبراهيم
على كل قبيلة َ
األسلومي( )1و َمن معه ،فقد التزم الوفد المذكور من طرفه بأمرين :إما يصير
األسلومي دربه درب رجال ورؤساء يام ملتزمين متكفلين بقطعه من مسابلة
األسواق ،ودخول األوطان خصوص نجران وتوابعه ،وإعًلن قوامته حتى
يصير دربه درهبم يف كل ٍ
حال ،فبموجب ذلك أجاز األمير عبدالعزيز العسكر
مطلوب يام ،واالتفاق معهم بعد حصول الموافقة من الملك أ َّيده اهلل ،وصدر
أمره الحالي بإجراء التنبيه على جميع رعاياه عن التعدي ،ومخالفة المعاهدة
( )1إبراهيم لسلومي :شيخ من قبائل لسلوم مواجد وموطنه الحصينية الواقعة شرق وادي حبونا ،وكان
رجًل شجاعًا مهابًا؛ لكثرة غزواته على جيرانه من القبائل المجاورة ،يقول صاحب كتاب :قبيلة
ً
الدواسر هو« :الشيخ إبراهيم بن محمد (ملحان) بن ناصر آل عامر لسلوم (شيخ مذكر ولسلوم)
وهذه المشيخة عرف قبائل الجوار (وعرف سائد) له عًلقة مودة مع الدواسر وباألخص الوداعين
كثير المغازي على قبائل نجد ،وله حظ يف كسب اإلبل ،ومن مناقبه :أنه ال يأخذ الطرقي وال يأخذ
الراوي»( ،ص ،)307انظر :كتاب :دخول نجران يف العهد السعودي ،د .علوي عمر فريد،
(ص.)102
252
المذكورة مع يام حاضرة وبادية ،فعلى هذا صار االتفاق وااللتزام بين الوفد
المذكور المحررة أسماؤهم أعًله ،وبين األمير عبد العزيز العسكر ،وكان
ذلك بحضور الشيخين الكرام سليمان وناصر ،وشهادة جماعة من المسلمين،
ممن حواه
منهم الشيخ ناصر بن ناصر بن مبخوت ،وأحمد بن مفرح ،وغيرهم َّ
مجلس األمير من الخدم وغيرهم ،وكتبه عن أمر الطرفين شاهد به عبداهلل بن
علي بن مسفر؛ ليكون معلو ًما عند من يراه ،وصلى اهلل على محمد وآله
وصحبه وسلم.
حرر يف 25شعبان سنة 1350هـ(.)1
( )1انظر :كتاب :دخول نجران يف العهد السعودي دراسة تاريخية وثائقيّة ،تأليف :د .علوي عمر فريد،
(ص ،)233وكتاب :العًلقات السعودية اليمنية من خًلل ما نشر يف جريدة المقطم المصرية،
تأليف :أ.د .محمد سعيد منشط الشعفي( ،ص ،)41وكتاب :عسير يف عهد الملك عبد العزيز ،د.
محمد بن عبداهلل آل زلفة( ،ص ،)306 ،305 ،304 ،303وموسوعة المملكة العربية السعودية،
( ،)169/15وكتاب :نجران تاريخ وإنسان ،محمد طحنون( ،ص ،)236وكتاب :السراج المنير
يف سيرة أمراء عسير ،تأليف:عبداهلل بن مسفر بن علي( ،ص ،)148 - 147ط1398( 1هـ)،
وكتاب :وزارة الخارجية السعودية( ،ص ،)183 - 179وكتاب :بيان عن العًلقات بين المملكة
العربية السعودية واإلمام يحيى حميد الدين ،محمد بن عبداهلل آل زلفة( ،ص.)226 -222
253
( )1انظر :كتاب :ظاهرة األمن يف عهد الملك عبدالعزيز ،تأليف :عبدالعزيز بن محمد اإلحيدب،
(ص.)137 ،136 ،135والعدد ( )68من جريدة أم القرى 10شوال عام 1344هـ.
=
254
= راجع :صحيفة الجزيرة :العدد ،)9530( :األحد 12من رجب 1419هـ /تشرين الثاين
1998م( ،ص ،)10والعدد )9573( :يوم االثنين 25من شعبان 1419هـ 14 -من ديسمرب
(كانون األول) 1998م( ،ص ،)10وهي مدونة يف دارة الملك عبدالعزيز وهي المرجع.
255
ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ).
ثم حمد اهلل ،وانصرف إلى أعماله.
خرجت من المجلس ،وجعلت أفتش على جرمان ،فلم أجده ،وبعد أيام
يمر أمامي ويحييني وهو
قليلة بينما أنا واقف على باب المطبعة ،لقيت جرمان ُّ
كيسا من (أدم) ،فقلت له :وما تحمل؟ فقال :اثنين وأربعين
يحمل على كتفه ً
وثًلثمائة ريال فرنس ًّيا ،وهي التي أخذها الذين أحضرهتم من الذين قتلوه ،وها
إلي بعد
أنا أسير هبا إلى الشيخ ليقضي هبا .فقلت له :هل لك أن تعود َّ
رجوعك؟ فقال« :نعم» ،فلم أنتظر غير قليل حتى عاد ،فقلت له :وما الخرب يا
علي خربًا عجي ًبا أنقله لل ُق َّراء كما
جرمان؟ فقال« :اسمع أعلمك» ،ثم قص َّ
رواه ،فإنه من أعجب األخبار يف هذا العصر ،وهذا حديثه قال« :هناك اثنان من
أهل تثليث ،أحدهما يدعى علي األوبير ،والثاين فيصل ،وهما أبناء عم شعوان،
وتثليث هذه ديار بعيدة يف حدود نجران من بًلد يام.
256
وهذان االثنان رأيا أمير يام (دكام األسلوم راعي حبانا( ،))1فقتًله وأخذا
منه (ً )342
رياال فرنس ًّيا ،ودكام هذا قد طلب األمان من الشيوخ (يعني :جًللة
ولما وصل الخرب للشيوخ اهلل يسلمه
الملك) ،وأ َّمنه وأدخله يف عداد رعيتهَّ ،
وحملني كتا ًبا إلى شعوان يأمره فيه أن يسلمني القاتلين ،فمشيت مدة
أرسلني َّ
خمسة وثًلثين يو ًما حتى وصلت المكان وهو بعيد ،وقد مررت يف طريقي
على مئات القبائل حتى وصلت المكان المطلوب ،ولما وصلته دفعت الكتاب
الذي أحمله إلى شعوان ،والقاتلون أبناء عمه ،فلما قرأه لم يقر له قرار ،وأخذ
يعمل للقبض على الفاعلين ،وكانا قد فرا إلى (شدا) من بًلد الحمضة ديرة آل
مسفر ،فلم يمضي غير قليل من الزمن حتى أحضر الرجلين موثقي األكتاف
ومعهما الدراهم التي أخذاها من المقتول ،فحملتهما على ذلول معي ،وسرت
هبما أهنب األرض هن ًبا حتى وصلت يوم القيتني عند الشيوخ.
وصل جرمان من حديثه إلى هذا ،ثم قام وانصرف وهو يعجب
الهتمامي هبذه الحادثة التي ال يعدها َّإال من قبيل الحوادث المعتادة.
ولقد حمدت اهلل على توفيقه لمثل هذا ،ومتى عرف الناس مثل هذا
العصر يف جزيرة العرب؟ يجني الجانـي وهو على مسيرة خمسة وثًلثين يو ًما
من مركز الحكم يسير إليه خادم من عرض الخدم ،ويحمل الجاين ويسير به،
والجاين يف ٍ
منعة من عشيرته يقدم خاض ًعا طائ ًعا حتى يمثل أمام القضاء العدل،
فيقضي بأمره بما يف كتاب اهلل ،فًل يربم له أنف ،وال تستشيط نفس ح ًّقا أن هذا
إلحدى الكرب.
إن مثل هذا الحادث لتعجز الحكومات القوية عن مثله يف أطراف
المدن ،وعلى بضع ساعات من مراكز الحكومة وبين شعب ال يجد وسيل ًة من
وسائل الدفاع ،فكيف به والمسافة خمسة وثًلثون يو ًما بين قبائل وبطون
وأفخاذ لم تعرف الحكم ،وكل فرد من أفرادها يطاول السماء يف شممه وميله
لًلستقًلل وهو شاكي السًلح ،قوي الشكيمة ،ولكن األمر توفيق من اهلل ،ثم
اإلرادة والحزم ،ومعرفة سياسة األمور هي التي تحفظ األمن يف هذه األرجاء
أشهرا عديدة يف الطول والعرض ،وليس فيها
ً الواسعة الشاسعة التي تمتد
حارس ،وال مسيطر ،وإنا لنرجو أن يعم اهلل األمن واألمان يف جميع البلدان
العربية؛ لتكون شاهدً ا صاد ًقا يف أن العرب يف كل ظرف ومحيط أحق الناس
بإدارة شؤوهنم بأنفسهم ،وأنه إذا كان رجالهم األكفاء هم الذين يتولون زعامة
األمة ،وهم يديرون دفة األمور ،يجيء النجاح ،ويكون الخير(.)1
( )1انظر :كتاب :ظاهرة األمن يف عهد الملك عبدالعزيز ،تأليف :عبدالعزيز بن محمد اإلحيدب،
(ص.)137 ،136 ،135والعدد ( )68من جريدة أم القرى 10شوال عام 1344هـ.
راجع :صحيفة الجزيرة :العدد ،)9530( :األحد 12من رجب 1419هـ /تشرين الثاين1998م،
(ص )10والعدد )9573( :يوم االثنين 25من شعبان 1419هـ 14 -من ديسمرب (كانون األول)
=
258
= 1998م( ،ص ،)10والكاتب يف جريدة الجزيرة هو :حفيده سالم بن سعيد بن علي بن دكام آل
صليع ،والعدد ،12106يوم األحد 18من شوال 1426هـ 20 -من نوفمرب (تشرين الثاين)
2005م( ،ص.)41
259
المسلمين ،فقد ألقينا عهد اهلل وميثاقه على ما ذكر أعًله على يد منصوبه
عبدالعزيز العسكر ،واهلل سبحانه وتعالى على ما نقول شاهد وكفيل ،وكان
ذلك بحضور وشهادة جماعة من المسلمين ،منهم الشيخ فيصل بن عبدالعزيز
آل مبارك ،وسعيد بن دليم أبو لعثة ،وعبداهلل دليم أبو لعثة ،وعلى بن مشيبة،
وأحمد بن مفرح ،والشيخ ناصر بن مبخوت ،ومحمد بن ضاوي ،والشيخ
قاسم بن أسعد من أهل فيفا ،وحرر ذلك بتاريخ خامس من شهر ذي القعدة
لسنة ألف وثًلثمائة وواحد وخمسين من هجرة النبي صلى اهلل عليه وآله
وصحبه وسلم(.)1
أعيان آل فاطمة:
جابر بن حسين بن مانع.
وحسين بن جابر.
ومحمد بن حمد.
وعلي بن حسين سرار.
ورفعان بن عبدالرحمن.
( )1المصدر :كتاب :بيان عن العًلقات بين المملكة العربية السعودية واإلمام يحيى حميد الدين،
د .محمد عبداهلل زلفة( ،ص ،)226 ،225 ،224وكتاب :نجران ..تاريخ وإنسان ،محمد طحنون
آل دغرير( ،ص ،)241 ،240 ،239وكتاب :عسير يف عهد الملك عبدالعزيز ،د .محمد عبداهلل
زلفة( ،ص.)306 ،305
261
وذئب المهان.
محمد أمحيريق.
أعيان جشم:
أحسن بن سلطان بن منيف.
حسن بن زيد بن قريشة.
محمد بن حمد قريشة.
حسين بن حمد بن هتيلة.
حسن بن هاشم المكرمي (من المكارمة ليس له نسب يف يام).
أعيان مواجد:
يحيى بن حسين بن نصيب.
محمد بن زيد.
يحيى بن ناجي.
(عكران عبداهلل حمران) محمد عبدالرحمن حمران.
شهود العهد كما ذكر أعًله:
الشيخ فيصل بن مبارك.
سعيد بن دليم.
عبداهلل بن دليم.
علي بن مشبب.
262
أحمد بن مفرح.
ناصر مبخوت.
محمد بن ضاوي.
قاسم أسعد.
بعد ذلك :بارك اهلل فيكم ،طلب منا جابر بن حسين تبيين ما يف خواطرنا من
طرفكم ،وتعرفون ما لنا طماعة يف نجران ،وأن طماعتنا السكون والرحمة
للمسلمين ،وأنا أعطيكم وجهي وأمان اهلل على أمور األول أنا ما نحملكم على
ما يخالف كتاب اهلل وسنة رسوله ،وأنا ال نطالب منكم غير تحكيم شريعة
محمد صلى اهلل عليه وسلم ،وأن بًلدكم وأمركم وما أنتم عليه ساب ًقا أنكم
عليه ال نرضى فيكم وال عليكم من جميع أحدَّ ،
وأال يجيئكم غدر ضد ما
أمنكم عليه ،وأنكم آمنون من جميع األمور كلها إال إنسان يتبين فيه عداوة
المسلمين ،وال نجد من يقوم عليه من رفاقته وقبيلته حتى يكف آذاه ،ويمشي
على طريق المشروع وغير ذلك عليكم اهلل ،وأمان اهلل فيما ذكرنا لكم من جميع
شيء تحاذرون منه ،هذا ما لزم تعريفه ،والسًلم 13 ،جمادى أول 1352هـ. ٍ
()1
. الختم :عبدالعزيز
* الطموح اليمني:
«بعد انتزاع اإلمام يحيى «صنعاء» من األتراك ،وبعد هناية الحرب
العالمية األولى ،ويف 30أكتوبر عام 1918م وقعت اتفاقية الهدنة بين الحلفاء
وتركيا ،فألقت السًلح بموجبه تركيا ،وخرجت من الحرب منهزمةً ،وتعهدت
( )1انظر :كتاب :نجران تاريخ وإنسان ،محمد طحنون( ،ص ،)243وكتاب :أ.د .عبداهلل بن محمد بن
الوهاب يف الفكر واألدب بجنوب الجزيرة حسين أبو د ِ
اهش« :أثر دعوة الشيخ محمد بن عبد َّ َ
العربية» ،الطبعة األولى 1405هـ 1985 -م( ،ص.)132
264
تركيا أن تسرتد جميع قواهتا العسكرية من بًلد العرب ،وكان لها فيلقان
عسكريان يف اليمن؛ األ ول :مقره صنعاء ،وهو بقيادة اللواء توفيق باشا.
والثانـي :يف منطقة عدن بقيادة اللواء علي سعيد باشا ،ولم يرتددوا يف
االستسًلم ،فانتقل الحكم يف اليمن إلى اإلمام يحيى حميد الدين( .)1برزت
كقوة ناشئة يف جنوب الجزيرة العربية عام 1918م.
المملكة المتوكلية َّ
َّ
واستغل اإلمام يحيى وضع األدارسة وضعفهم ،فاستولى على الحديدة
()3
المدِّ السعودي القوي ً
شماال ،إال أنه توقف أمام َ واللح َّية والزيدية( )2وميدي
( )1انظر :كتاب :العًلقات السعودية اليمنية.،أ.د.محمد سعيد منشط الشعفي( ،ص ،)361وكتاب:
«دخول نجران يف العهد السعودي»( ،دراسة تاريخية وثائقية) ،تأليف :د .علوي عمر فريد،
نص الصلح واالتفاقية بين اإلمام يحيى حميد الدين واألتراك ،كتاب :تاريخ
(ص ،)100انظر إلى ِّ
اليمن المسمى ُفرجة الهموم والحزن يف حوادث وتاريخ اليمن ،تأليف :العًلمة الشيخ عبدالواسع
بن يحيى الواسعي اليماين ،الطبعة الثالثة (1402هـ 1982 -م) (ص ،)382 - 378الدار اليمنية
للنشر والتوزيع.
( )2الزيدية :من مدن هتامة شمال الحديدة ،وهي الفاصلة بين عمالة ال ُّلحيّة وعمالة بيت الفقيه.
( )3يف أواخر عهد محمد بن علي اإلدريسي كانت حدوده الجنوبية إلى الحديدة ،وقد تخلت عنه
بريطانيا بعد الحرب العالمية األولى ،فكانت إمارته مطم ًعا للمحيطين به من الشمال والجنوب؛
لذا ا َّتجه إلى الملك عبدالعزيز ليستمد منه القوة ولوضع حدٍّ لألطماع المحيطة به ،فالعًلقة بينهما
بالو ِّد والمحبة والمواالت ،وقد عقدت معاهدة بين الطرفين بتاريخ10( :صفر 1339هـ23/
تتسم ُ
أكتوبر 1920م) ومن ضمن المعاهدة تكون كل هذه األرض تدخل ضمن مطالبات الملك عبد
العزيز لخضوعها ساب ًقا للحكومة السعودية األولى فقد جاء هذا النص« :فحيث كان يف مملكة
محمد بن علي اإلدريسي من القبائل والبلدان ما هو يف ملك آل سعود ساب ًقا ،تركه اإلمام عبد العزيز
=
265
= ألجل محبته للخير ،ومعاونته عليه ،»...ولكن مات محمد علي اإلدريسي فاختلفت أسرته من
بعده؛ فأستولى يحيى حميد الدين على الحديدة حتى حرض ولم يجد مقاومة من األدارسة لتصدع
واهنيار البيت اإلدريسي ،بسبب النزعات العائلية ،وسوء اإلدارة ،وبعد استيًلء حسن اإلدريسي
على الحكم وقع اتفاقية حماية مع الملك عبد العزيز لحماية ما تبقى من اإلمارة ،وكانت يف 24ربيع
اآلخر 1345هـ31/أكتوبر1926م ،انظر :كتاب :نجران الحديثة ،تأليف :سيد ماحي( ،ص،)49
وكتاب :عسير يف عهد الملك عبد العزيز ،د .محمد بن عبداهلل آل زلفة( ،ص.)204 ،203
( )1كتاب :دخول نجران يف العهد السعودي( ،دراسة تاريخية وثائقية) ،تأليف :د .علوي عمر فريد،
(ص ،)104وكتاب :مذكرات تركي محمد الماضي عن العًلقات السعودية اليمنية( ،ص-132
،)140انظر :معاهدة سنة 1338هـ بين اإلمام عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود واإلمام محمد
علي اإلدريسي ،ملحق رقم واحد (( )1ص ،)373وكتاب :العًلقات السعودية اليمنية ،تأليف:
عبداهلل القباع1413 ،هـ 1992 -م ،وملحق رقم ( )2نفس الكتاب( :ص )375معاهدة مكة
المكرمة لعام 1926م بين جًللة الملك عبدالعزيز واإلدريسي .والكتاب :األخضر السعودي.
وثيقة رقم( ،)154( :ص ،)178 -177وكتاب :تاريخ المملكة العربية السعودية ماضيها
وحاضرها ،تأليف :صًلح الدين المختار( ،ص.)393
266
الباب الثاني:
( )1انظر :كتاب :من مذكرات تركي بن محمد الماضي عن العًلقات السعودية اليمنية( ،ص-133
،)219دار الشبل للنشر والتوزيع والطباعة 1417هـ ،وكتاب :المخًلف السليماين ،تأليف:
محمد بن أحمد العقيلي( ،ج )1110 -1035/2الطبعة الثالثة لعام 1410هـ1989 /م.
( )2يف 5رجب عام 1351هـ1932/م قام الحسن اإلدريسي بحركة عصيان يف المنطقة ،فاعتقل أمير
المنطقة السعودي يف جازان (فهد بن زعير) ،ولكن الملك عبدالعزيز أرسل ً
جيشا إلعادة السيطرة
على جازان بسبب هذا التمرد ،وقد وصلت تلك القوات وساندهتا قوات بقيادة خالد بن لؤي ثم
بقيادة ابنه سعد بعد وفاة والده يف الطريق ،وقد جمع تلك القوات األمير :عبدالعزيز بن مساعد بن
جلوي الذي تم َّكن من القضاء على التمرد بعد عدد من المعارك يف المنطقة ،وأخذ بمطاردهتم حتى
دخلوا اليمن ،انظر :كتاب :توحيد المملكة العربية السعودية ،إعداد :الدكتور :محمد بن عبداهلل
السلمان( ،ص ،)62وكتاب :مختصر األطلس التاريخي للمملكة العربية السعودية ،إعداد وتنفيذ:
دارة الملك عبدالعزيز ،ط األولى 1424هـ 2004 -م( ،ص.)60
267
عدد 1019
بسم اهلل الرحمن الرحيم ،من عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل
سعود إلى جناب المكرم تركي بن محمد ماضي ،سلمه اهلل ،السًلم عليكم
ورحمة اهلل وبركاته ،مع السؤال عن صحتكم ،دمتم بخير ،ونحن من فضل اهلل
بأتم الصحة والعافية واألمل تكون معلوماتكم متصل ًة إلينا تفيدنا بما يسر،
نحن من فضل اهلل بخير وعافية ،وأخبار جهاتنا من كافة الوجوه مسرة ،نحمد
اهلل على ذلك ،ونرجوه دوام النعمة ومزيدها ،هذا ما لزم ،والسًلم ،حرر يف
25ذي الحجة سنة 1351هـ1933/م الختم.
ملحق وسرور -إن شاء اهلل -لكتاب تركي بن ماضي رقم 1019يف
1351/12/25هـ1933/م فقد اطلعنا على ما ذكرتم بالتلغراف بارك اهلل
فيكم ،ونسأل اهلل أن يذل كل عَدُ ٍّو لإلسًلم والمسلمين ،وأن يذهب َمن فيه
الربع حمد وخالد
شر ،وأنت -إن شاء اهلل -توكل على اهلل ،وتمشي مع َّ
ٌّ
والتعليمات معهم ،إن شاء اهلل إن اجتهادكم فيه بركة ،وال بعدكم أسف على
شيء (الختم).
التعليمات الصادرة للمندوبين والمفاوضين مع جًللة اإلمام يحيى
مقــــــدمة :الذي يظهر من تصرفات اإلمام يحيى أنه مرتدد يف اتباع السياسة
الصريحة معنا ،والتي ُسدَ اها و ُلح َم ُتها اإلخًلص وحسن النية ،لذلك فإنه يف
الدرجة األولى من األهمية أن يسير الوفد يف عمله على قاعدتين أساسيتين:
268
1ـ التعرف على نواياه ،وعمل ما يمكن إلقناعه بحسن نوايا جًللة
الملك تجاهه ،وتجاه بًلده.
2ـ تجنُّب كل ٍ
أمر يثير شكوكه ،أو يراه؛ سواء يف الحال أو المستقبل،
ويكون ذلك بإفهامه باألسباب التي َحدَ ت بجًللته إلى إرسال الوفد إليه،
وتجشم مشاق السفر وعناء الطريق للحضور إلى صنعاء ،والسبب األساسي
على ما يظهر لنا هو توطيد الصداقة التي تأسست بين الجانبين بعد جبل
(ال ُع ِّر)( )1واالتحاد على ما فيه عز العرب واإلسًلم ،واالتفاق على كل ما من
شأنه أن يحفظ جزيرة العرب ،ويؤلف بين أهلها.
2ـ العالقات:
إنه -وهلل الحمد والمنة -ال توجد بين البلدين أية أمور توجب الخًلف،
وأنه ليس لدى الوفد ما يقول؛ ألن ما تم بعد حوادث (ال ُعر)( ،)2قد أظهرت
الصداقة بين الجانبين بأجلى مظاهرها ،وقد عقدت بين الجانبين معاهدة
( )1يف عام 1350هـ استولت قوات اإلمام يحيى على جبل (ال ُع ّر) التابع لألدارسة .فاقرتح الملك
عبدالعزيز أن يناقش الموضوع وفدان من الطرفين السعودي واليمني ،واجتمع الوفدان قرب
الجبل ،لكنهما لم يتوصًل إلى اتفاق بشأنه .فح َّكم اإلمام الملك عبدالعزيز يف القضية .وبعد ذلك
أكَّد الملك عدم حق اليمن يف الجبل ،لكنه تنازل عنه لإلمام إكرا ًما له ،ورغبة يف السلم بين بلديهما.
انظر :الذكير ،نسخة بغداد( ،ص ،)36وكتاب :بيان عن العًلقات بين المملكة العربية السعودية
واإلمام يحيى حميد الدين ،محمد بن عبداهلل آل زلفة( ،ص.)55 - 45
( )2معاهدة ال ُع ِّر( ،ص )269من هذا الكتاب.
269
الملك ،وجاء قبول سيادته قاط ًعا لألمر ،وبا ًّتا فيه ،وقاض ًيا هنائ ًّيا على أي ا ِّدعاء
كان بإمكانه تغيير الحدود ،فالذي تحت يد جًللة الملك بالفعل هو لنا ،والذي
ٍ
بشيء تحت يد اإلمام هو له ،ولن نطالبه بشيء تحت يده ،كما أنه لن يطالبنا
مما هو تحت يدنا ،إال أنه من ًعا ألسباب النزاع ،وقط ًعا ألبواب االختًلفَّ ،
فإن
جًللته رغب يف إدامة حسن التفاهم والصداقة مع اإلمام ،وال يمانع تبديل
نصف قبيلة أو قبيلة بقبيلة ،لكي يكون أفخاذ القبيلة الواحدة يف جهة واحدة.
أيضا يف تصحيح خط الحدود مع ذلك كضم
كما أن جًللته ال يمانع ً
شعيب إلى جانب ،ومسيل إلى جانب آخر.
فإذا كان لإلمام رغبة يف ذلكَّ ،
فإن جًللته يوافق عليها مع الممنونية؛
ألهنا ترفع التنازع ،وتمنع االختًلف بين بًلد منقسمة ما بين البلدين.
هذا إذا كان للمندوبين استناد على ما عندهم من معلومات عن الحدود
والقبائل يرون ذلك يف مصلحتنا ،وإن كانوا ال يرون ذلك يف مصلحتنا،
فليأخذوا اقرتاح يحيى ،ويرفع لجًللته مع بيان رأيهم يف ذلك.
وأما مسألة تسليم المجرمين التي ثبتت يف المعاهدة ،فإننا نرى االحتفاظ
والتمسك هبا تما ًما كشرط أساسي إلدامة الثقة والعًلقات الحسنة ،ولذلك
ٍ
بصراحة على فإننا نؤمل موقف سيادته يف هذا األمر مثل موقفنا ،وأن يعلمنا
ذلك؛ ألن موقف سيادته يف حوادث اإلدريسي كان موق ًفا يناقض المعاهدة،
ٍ
بصراحة ،ويبين لنا أمرين: وبنا ًء على ذلك فإننا نطالب منه أن يعرفنا رأيه
271
( )1تم تشكيل حزب (األحرار الحجازي) بعد سيطرة الملك عبد العزيز -رحمه اهلل -على الحجاز،
بإيعاز من األمير عبداهلل بن الحسين أمير شرق األردن وبدعمه ،وأسسته عائلة الدباغ والصبار،
وكان مقره يف األردن ،وكان له فروع يف مصر واليمن والهند وغيرها ،ولكن بحكمة وحنكة الملك
عبدالعزيز تم العفو عن جميع السعوديين المشاركين فيه والسماح بعودهتم إلى وطنهم ،وبذلك تم
إهناء ذلك الحزب وأهدافه.
272
9ـ االعرتاف:
إذا طلب اإلمام أن نعرتف به بصفته مل ًكا على اليمن ،فإنه ال مانع عندنا
من ذلك ،على شرط أن يطلب هو ذلك ،فإن لم يطلبه ،فًل تفتحوا له بابه ،أما
نصه فيكون كما يلي :يعرتف حضرة صاحب الجًللة ملك اليمن بحضرة
صاحب الجًللة الملك عبد العزيز مل ًكا على المملكة العربية السعودية.
مالحظة مهمة:
تم االتفاق بينكم وبين يحيى على الحدود ،فمن الضروري تثبيتها يف
إذا َّ
ٍ
مادة تكون يف المعاهدة ،وال يمكن أن نعرتف ليحيى بملكه على اليمن قبل أن
يعرتف بالحدود ،والحدود هي الموجودة يف محضر األحاديث التي بين تركي
أساسا
ً بن ماضي ،ومحمد بن دليم ،ومندوبي يحيى نراها البأس هبا؛ لتكون
للمادة يف المعاهدة.
مشروع معاهدة بين المملكة العربية السعودية وبين حكومة اإلمام
يحيى:
الحمد هلل نشكره ،ونصلي ونسلم على خير أنبيائه الذي جاء بالهدى
ودين الحق ،ونستفتح بالذي هو خير.
أما بعد :فإن حضرة صاحب الجًللة ملك المملكة العربية السعودية
عبدالعزيز بن عبد الرحمن آل سعود ،وحضرة صاحب الجًللة اإلمام يحيى
حميد الدين ،رغب ًة منهما يف جمع كلمة األمة العربية اإلسًلمية ،ورفع شأهنا،
276
المنازعات التي تقع بينهما ،وأن يسود عًلقتهما روح اإلخاء اإلسًلمي العربي
يف سائر المواقف والحاالت.
المادة الثانية:
تؤسس بين البلدين عًلقات التمثيل السياسي والقنصلي ،ويكون
للممثلين يف كل البلدين حقوق الصيانة التي تقضي هبا القواعد العربية
واإلسًلمية ،وتتفق مع الحقوق الدولية.
المادة الثالثة:
يتعهد ٌّ
كل من الفريقين بأن يمنع بكل ما لديه من الوسائل استعمال بًلده
عدائي ،أو االستعداد له ضدَّ بًلد اآلخر ،وكل من يسعى
ٍّ قاعدة ألي عم ٍل
لذلك فإنه إن كان من رعايا الحكومة التي يعمل يف أراضيها ،فحكومة البلد
تؤدبه أد ًبا بينًا ،وتردعه رد ًعا شديدً ا ،وإن كان من رعايا البلد اآلخر ،فإنه يلقى
القبض عليه ،ويسلم لحكومته التي يعمل ضدها ،فتجازيه بما تقضي به
األحك ام الشرعية ،وعلى الحكومة التي يقع ترتيب العدوان يف أراضيها أن
تخرب الحكومة األخرى يف الحال عن ذلك ،وأن تجري المراجعات الربقية
والكتابية عند اللزوم التخاذ خطة مشرتكة رادعة ألعمال أولئك المجرمين.
المـادة الرابعة:
أي
يتعهد الفريقان الساميان المتعاقدان بأن يلجآ إلى التحكيم ألجل ِّ
نزا ٍع يقع بينهما ،وأن يقبًل الحكم الذي يصدره الحكم ،ويوضع للتحكيم
278
المادة السابعة:
يعقد بين الفريقين الساميين المتعاقدين اتفاق بريدي وبرقي لتسهيل
المواصًلت ،وتزويد االتصال بين بًلديهما.
المادة الثامنة:
حررت هذه المعاهدة من نسختين ،وتصبح نافذ ًة من تاريخ إبًلغ
الفريقين الساميين المتعاقدين بعضهما برق ًّيا باالطًلع على مواد هذه
المعاهدة ،والموافقة عليها ،ويجري تبادل قرارات اإلبرام بأسرع مدة ممكنة
يف المكان الذي يتفق عليه الفريقان .انتهى.
هذا النص الكامل لمشروع المعاهدة التي زود هبا الوفد مع التعليمات
السابقة ،وتوجيه الوفد من مدينة (جازان) بتاريخ 10صفر 1352هـ1933/م
يف طريقه إلى صنعاء.
رحلة الوفد:
توجه الوفد من جازان ،واجتاز الحدود إلى مدينة ميدي اليمنية ،وبعد
الرتيث الوشيك تحرك ركبه إلى مواصلة رحلته ،وشاهد يف أثناء طريقه
ابتهاجا بغزو نَجران
ً الزينات المنصوبة ،واألعًلم المرفوعة واالحتفاالت
حتى يشاهد الوفد ،و ُي َحاط مسب ًقا بالموضوع.
كانت رحلة الوفد من جازان ًّبرا على السيارات فواصل سفره إلى ميدي،
ثم اللح َّية ،فـ (الزيدية) فـ (الحديدة) فـ (باجل) ،ومن باجل ارتقى المرتفعات
280
( )1المرجع المخًلف السليماين ،محمد أحمد العقيلي ،)1045 /2( ،ط.2
( )2انظر :كتاب :وزارة الخارجية السعودية «بيان عن العًلقات بين المملكة العربية السعودية واإلمام
يحيى بن حميد الدين» ،عام (1353هـ) ،مطبعة أم القرى( ،ص.)53 ،52
( )3لم يذهب للرياض غير جابر بن حسين أبو ساق ،والذي طلب من الملك عبد العزيز التدخل
ومساعدة أهل نجران يف صد هذا المعتدي ،انظر :إلى مناشدة جابر أبوساق للملك عبد العزيز -
رحمه اهلل ( -ص ) 400من هذا الكتاب ،وكتاب :كنت مع عبد العزيز ،للدكتور :عبد الرحمن بن
سبيت السبيت وآخرون( ،ص ،)167 -144وقد ذكر صاحب كتاب :أئمة اليمن بالقرن الرابع
=
281
الجيش يف مواالة تقدمه ،يف حال أن هناك فري ًقا أقل من أهل نجران كانوا
موالين لإلمام(.)1
وبعد تلك المقابلة ،انصرف الوفد إلى ُن ُزلهم ،وكان نصيبهم شبه التَّر ِك،
و َق ِري َن اإلهمال ،يتصل هبم بعض أعضاء حكومة اإلمام يتناوبون ويأخذون
معهم يف الحديث والمجاملة ،ويعيدون على أسماعهم مطالب اإلمام
كتحصيل حاصل ،وقول قائل ،ويسمعون منهم إلى أن أصبح الوفد يف شبه
ملل ،وعدم تصديق ،أما الضيافة والعناية هبم وبأحوالهم فموسع عليهم ،مع
المراقبة الشديدة ،والتصنت والمًلحظة على كل حركاهتم وسكناهتم
وتحركاهتم ،ومن يتصل هبم ،إلى غير ذلك ،وقطعت عنهم المخابرة
الًلسلكية فيما بينهم وبين الحجاز ونجد.
واإلنسان العادي يشعر بوطأة المراقبة وضغوطها على نفسيته من
شخص مثله ،فكيف ٍ
بوفد له حصانته (الدبلوماسية) ،وصفته الرسمية.
كان اإلمام ينتظر يف خًللها انتهاء جيشه من غزو نجران حتى يكون الوفد
والحكومة السعودية من ورائه أمام األمر الواقع.
= عشر للهجرة ،للمؤلف :محمد بن محمد بن يحيى ابن زبارة الحيني( ،ص ،)314أنه َّفر الداعي
علي بن محسن شبام ومنصوبه الفقيه :حسين بن أحمد إلى أهبا ،وكذلك مخطوط« :الربق المتألق
يف رحلة موالنا سيف اإلسًلم إلى المشرق» ،محمد بن عبدالرحمن بن شرف الدين( ،ص،)131
أن فرارهم كان إلى أهبا من بًلد عسير.
( )1المرجع المخًلف السليماين ،محمد أحمد العقيلي ( ،)1045 /2ط.2
282
وإنما الحكومة السعودية بدورها لم تكن يف غفلة ،فهي على علم بأدق
فضًل عن حركة جيش بِ َعد َده و ُعدَ ِده ،وقيادة
ً تحركات الحكومة المتوكلية،
ولي عهد اليمن نفسه لذلك الجيش.
ظل الوفد شهرين يف صنعاء يتعرض للمضايقة ،وشبه اإلهمال والرقابة
على تحركاته ،ومنع إرسال برقياته الصادرة ،وحجب الربقيات الواردة له ،وإذا
جاهزا بحجة خراب جهاز الًلسلكي.
ً احتج على ذلك كان االعتذار
وإزاء تلك الحالة ،كتب رئيس الوفد (حمد السليمان) إلى أخيه وزير
المالية عبداهلل السليمان(:)1
األخ عبد اهلل السليمان...
سيدي ،نرجوكم أن ترفعوا لجًللة الملك بأهنم منعوا سحب برقياتنا إلى
جًللته ،وقد منعونا عن السفر ،وال نعرف قصدهم نحونا ،لكن نيتهم رديئة،
لئًل يشتبهوا 1352/4/4هـ1933/م
مختصرا؛ َّ
ً أردنا تعريفكم
حمد السليمان
وبوصول الكتاب أبرق جاللته لجاللة اإلمام البرقية اآلتية :عدد 1676
يف 1352/4/12هـ1933/م ،أرجو أن يكون األخ بأتم الصحة والعافية ،ثم
يعلم األخ أننا لم نرسل الوفد الذي تقرر إرساله بيننا إليكم إال لحسم المواد،
لذلك ،لم يبق للسكوت مجال ،فاقتضى أن نعرف حقيقة مقاصدكم التي
نرجو أن تكون حسنةً ،وفيها عز اإلسًلم والمسلمين ،والثاين استنقاذ الوفد
أيضا ،عافاكم اهلل(.)1
الذي ليس إلهانته موجب ،وال النقطاع أخباره موجب ً
فأجاب جاللة اإلمام بالبرقية اآلتية بتاريخ 13ربيع الثاين 1352هـ/
1933م :لم يكن ترك الجواب باإلفادات الربقية إليكم ،إال ثق ًة باإلفادة إليكم
من وفدكم الكريم ،وكان عذرنا ساب ًقا المرض الذي بلغ بنا إلى النهاية ،وقد
َم َّن اهلل بالعافية ،وبقي بقية نسأل اهلل زوالها.
وعند اشتداد مرضنا ،كان من القاضي عبداهلل العمري من طلب حكماء
من حكومة مصر ،ومن حكومة العراق ،فوصلوا ،وقد كان منهم البحث،
وشرعوا يف المعالجة لزوال العلة ،واهلل هو الشافـي.
أ َّما ما أشرتم إليه من تأخير تلغرافات وفدكم إلى حضرتكم ،فذلك
واقع ،وكان قد رفع إلينا الوفد ،وكان منا سؤال القاضي عبداهلل العمري ،فأفاد
أن طائر الهواء( )2الحديدي غير صالح ،وأنه قد أرسل من صنعاء من يصلحه،
صحيحا.
ً وذلك
وكنَّا جلبنا قبل مدة طائر الهواء الذي بـ (تعز) ً
بدال عن الذي كان
( )1انظر :كتاب :بيان عن العًلقات بين المملكة العربية السعودية واإلمام يحيى حميد الدين،
محمد بن عبداهلل آل زلفة( ،ص ،)96 ،95العقيلي ،)1047 /2( ،ابن ماضي( ،ص.)147 ،146
( )2طائر الهواء :الربق الًلسلكي.
285
( )1انظر :كتاب :وزارة الخارجية السعودية «بيان عن العًلقات بين المملكة العربية السعودية واإلمام
يحيى بن حميد الدين» ،عام (1353هـ) ،مطبعة أم القرى( ،ص.)60
286
فأما ما ذكرتم أنكم تداومون على صداقة أخيكم ما دمتم بقيد الحياة،
ٌ
مأمول فيكم ،وأخوكم يعطيكم أمانًا على ذلك ،ما زال األمر ما يحوج فهذا هو
للدفاع عن النفس والشرف ،ولكن الذي أقوله لكم ،وأؤكد لكم فيه :أن ما
يكون بينكم وبيننا من االختًلف ال مصلحة لنا وال لكم فيه ،وأن أصابع أهل
األغراض من الخارج والداخل تأخذ ذلك فرصة ،وال يسعى بالخًلف بيننا
وبينكم إال شخصان؛ إما محب ُشؤم ،أو عدو يفرح بالدوائر على الجميع،
وفكر بما قال الشاعر:
و َأحز ُم الناس من لم يرتكب ً
عمًل حتــى يــفـــكر ما تجنى عـــواقـبـــه
أحببت تقديم هذه الربقية:
1ـ الخرب عن صحتكم.
2ـ ما أحب تعطيل الجواب منا لكم.
وعندما يصل الوفد من جيزان ،ويرفعون لنا أخباركم ،وما أبديتموه لهم،
فنكتب الجواب بما يقتضيه الحال ،عافاكم اهلل.
سفر الوفد إلى الحجاز:
بعد رفع كتاب حمد السليمان إلى أخيه عبد اهلل السليمان بتاريخ 4ربيع
ألح الوفد على رجال اإلمام -باألخص وزيره
الثاين 1352هـ1933/مَّ ،
القاضي العمري -يف رغبتهم مقابلة اإلمام للسماح لهم بالسفر ،وهم يهدفون
من وراء ذلك إلى أمرين:
287
1ـ إما إحياء المفاوضة ،والوصول إلى نتيجة سل ًبا أو إيجا ًبا.
2ـ أو السماح لهم بالعودة إلى حكومتهم يف حال تعذر ذلك.
ٍ
وكنتيجة إللحاحهم ،سمح لهم سيادة اإلمام بالمقابلة ،وتمت يف يوم
الثًلثاء الموافق 9ربيع الثاينَ ،و َل َّما لم يلمس الوفد أي بادرة نجاح ،طلب
السماح له بالسفر إلى حكومتهم فوافقهم ،وتوجه الوفد من صنعاء يف يوم
الخميس الموافق 11ربيع الثاين 1352هـ1933/م يحمل رسالة خطية من
اإلمام لجًللته هذا نصها:
يف 1352/4/12هـ1933/م..
وصل الوفد الكريم ،ولم نجد فيه عي ًبا إال شدة التعصب واإلخًلص
لحضرتكم ،وقد كان األخذ والرد بعد طول اإلقامة لمانع آثرنا ،الذي بلغ بنا
النهاية وإلى اآلن ،وآثاره باقية ،وكان طلب حكماء من حكومتي مصر
والعراق ،فوصلوا ،ونأمل أن قد تشخصت لهم العلة ،واهلل الشايف.
اعلموا -حرسكم اهلل -أنه لم يكن بيننا وبين حضرتكم إال كلية الصداقة
والوداد ،ونؤمل أنَّا سنلقى اهلل تعالى على ذلك.
وآخر ما كان عليه البناء بيننا وبين الوفد الكريم يف شأن األراضي التهامية
والعسيرية أن يكون بقاؤها كما هي عليه اآلن ،ويف مسألة قتلى َت ُنومة( )1أن
( )1دافع الوفد السعودي عن عدم مسؤولية بًلدهم عن الحجاج اليمنيين برباهين واضحة أبرزها
=
288
= استنكار الملك عبدالعزيز لما حدث ومعاقبة مرتكبيها وإعادة ما وجد مع الحجاج إليهم،
(ص ،)128هامش رقم ( ،)2كتاب :العًلقات بين المملكة العربية السعودية والمملكة المتوكلية
اليمنية يف عهد الملك عبدالعزيز.
( )1وزارة الخارجية السعودية :بيان عن العًلقات( ،ص.)62
289
األربع التي شملها كتابكم الكريم المرسل إلينا صحبة ابن ضاوي ،وكان
اختيار الوفد تأخير الخوض يف شأن األربع المواد ،حتى يكون وصولهم إلى
حضرتكم ،وسيوضحون لكم إن شاء اهلل ،وإذا تفضلتم باإلجابة عن هذا
الكتاب إلينا برق ًّيا ،نحن ننتظر ذلك ،وننشد ما قال ابن الدُّ َمينة:
فأفرح أم صيرتني يف شمالك أبن لي أيف يمنى يديك جعلتني
ودمتم محروسين ،والسًلم عليكم ورحمة اهلل وبركاته(.)1
عدد 1859برقية من جاللة الملك إلى جاللة اإلمام يحيى بتاريخ
16ربيع الثاين 1352هـ ــ 1933م
تقدم لكم قبله برقية عرفناكم هبا أنه بوصول الوفد إلى جيزان ،وإخبارهم
لنا بمضمون كتابكم ،نراجعك بشأنه ،وقد وردنا منهم اليوم برقية لم يذكروا
فيها إال خًلصة كتابكم ،فلم يتضح لنا المعنى المقصود من الكتاب ،وكان يف
غموضا يف المقصود ،وقد أبرقنا لهم
ً الربقية بعض األغًلط التي جعلت
يرسلون نفس الكتاب إلينا ،ألمرين:
األول :الحرص على الصداقة وحسن المعاملة.
الثاين :ظهر لنا من فحوى الكتاب أن بعض األمور العائدة لكم ملزمون
( )1انظر :كتاب :بيان عن العًلقات بين المملكة العربية السعودية واإلمام يحيى حميد الدين،
محمد بن عبداهلل آل زلفة( ،ص ،)100 ،99وكتاب :تاريخ المخًلف السليماين ،محمد بن أحمد
العقيلي( ،ص ،)1051وكتاب :ابن ماضي( ،ص.)152
290
هبا يف الجزم فيها ،واألمران اللذان من جهتنا ،سواء المختلف فيها أو المقررة
ُت َؤجلوهنا ،أو تقبلوهنا على حالها.
هذا الذي فهمناه من الخًلصة ،لعله متى ورد الكتاب بنصه يظهر لنا غير
المعنى ،ولكن رغب ًة منا يف تقوية الصًلت ،وتدارك األمور من أمر ما تحمد
ٍ
بصيرة لًلستعداد يف الرد عليكم: عقباه ،أحببنا مراجعتكم لنكون على
ٍ
ألحد ،وأن األمور ليست أوال :أخي ،تفهمون أن الملك هلل ليس
ً
بالوراثة ،ولو دامت لغيرك ما وصلت إليك.
ثان ًيا :إن وراثتنا وآثارنا السابقة يف بعض األمور مفهومة ومعروفة عند كل
ٍ
شيء ليس الناس ،ولكننا ال نطالب باألمور الفانية ،وال نحب االعتداء على
ٍ
بخاف عليكم ،كما تقدم ،وقد بأيدينا ،إن محبتنا للزين واالتفاق معكم ليس
أجبناكم لجميع ما بخاطركم يف السابق ،ونرى ذلك فعل جميل يف محله،
وتقرب لًلئتًلف والمساعدة ،ولكن يظهر لنا مع كل األسف أن القوم الذين
عملوا ما ال يخفى عليكم تدخلوا يف بعض المسائل ،لتفاقم األمر لعلهم
يدركون بعض الشيء مما خسروه يف أعمالهم األولى ،ولكن الحمد هلل ،فقد
كان فيهم ما قاله صلوات اهلل وسًلمه عليه« :الحمد هلل الذي جعل آخر كيد
الشيطان الوسوسة».
أخي ،تعلمون بأننا ما ُنع َذ ُر من جهة اهلل ،وال من جهة األمانة التي يف
رقابنا ،وال من جهة الصداقة التي نقوم بالواجب ،فإما ندرك المطلوب أو
291
نعذر ،وتعلمون أن شرفكم وشرفنا وديننا ما يسعنا إزاءهم إال القيام بالًلزم
على أمر واضح ،وبرهان ب ِّين ،أرسلنا وفدنا وأعطيناه التعليمات الًلزمة،
وحصل أمران أحزننا أحدهما ،وأسفنا لآلخر.
أما ما أحزننا ،فهو اختًلل صحتكم ،نسأل اهلل لنا ولكم العافية ،وأما
أسفنا فهو التأخر وعدم االتفاق.
واآلن ،فإن البنيان الذي على غير أساس وال ثقة ،ما يصلح لديننا وال
شرفنا ،ال منَّا وال منكم.
وكانت المراجعة بيننا وبينكم يف المطلوب لنا ومنا ،وسنكون على
ويسر به الصديق،
ُّ قر ُه الدين والعرف العصري مما يرغم به العدو،
أساس ُي ُّ
فهذا الذي نطلبه ،وهو مرادنا ،فإن كانت األمور ما تحصل إال على الوجوه
الثًلثة اآلتية:
1ـ ال تحصل راحة وال طمأنينة ،ال لنا ،وال للرعايا.
2ـ يلقى كل شيطان مارد تعلة له بذلك.
3ـ نكون مضحك ًة لألجانب.
أمر أظنكم توافقوننا على أن عدمه خير من وجوده ،فإن كان األخ
فهذا ٌ
على ما نعهده ويظنه المسلمون فيه ،فنحن نحب ذلك ،ونعاهد اهلل أن نجري
الًلزم باإلنصاف من جهتكم ،وعدم الخيانة من جهتنا ،ونربأ إلى اهلل أن نتكلم
بأمر غير مشروع ،فليربهن األمر ،وليعطنا الثقة التامة على التفاهم على
292
أساسات معلومة:
أولها :مسألة الحدود واالتفاق على تثبيتها كما كانت يف السابق ،إال َّ
أن
هناك لزو ًما لتعديل ضروري عائد للمصلحة بيننا وبينكم.
ثانيهما :إبعاد كل مفسد بطرفكم يحدث مشكًلت بيننا وبينكم.
الثالث :مسألة (نجران) نفيدكم أننا ما نحب لهم والية ،وليس هناك أمر
بيننا وبينهم ،ال دين ،وال مطمع ،إنما هي مصالح ومضار بين الرعايا ،ونحن
مستعدون أن نرتاجع فيما يحفظ مصالحنا ومصالحكم ،ومصالح رعايانا
ورعاياكم بغير زيادة وال نقصان ،وهذا الذي يراه أخوكم ،وتسرتيح به النفس،
َفإن أجبتمونا على ذلك ،فنحن مستعدون لألمر ،فإما أن تبدي اقرتاحكم
بذلك ،أو نبدي اقرتاحنا.
فإن كان األمر ال فائدة منه ،وإنما كما ذكر أعًله ،فإن المراوغة فيه شيء
يأباه الدين والشرع ،وكما أن ألنفسنا علينا ح ًّقا ،فإن لشرفكم ومقامكم علينا
ح ًّقا ً
أيضا ،وذلك َّ
بأال نكتمكم شي ًئا ،فإن أجبتمونا إلى ذلك ،فهو الذي نراه،
ونحمد اهلل عليه ،ونسأله تعالى َأن يوفقنا وإياكم كذلك ،فإن كان غير ذلك ،فًل
ِ
ب لكم من حول وال قوة إال باهلل ،و ُنش ِهد اهلل أننا ال نحب االختًلف ،و ُنح ُّ
الصًلح ما نحبه ألنفسنا ،وأرجو من اهلل إن كان يعلم صدق ن َّيتنا لإلسًلم
والمسلمين ،فأسأله أن ينصر دينه ،و ُيعلِي كلمته ،ويجعلنا وإياكم من أنصار
دينه ،فإن كان يعلم عندنا ِضدَّ ذلك ،فأسأله أن َمن كان يقصد الغش والخيانة
293
تشيرون عليها وأن أعاملكم بالمعاملة التي تعاملونني هبا وإين ال أبدَ أ ُكم ٍّ
بشر
إال أن يكون دفا ًعا عن الدين والشرف ،وأسأله أن يوفقنا وإياكم للخير.
فأجاب اإلمام بالبرقية اآلتية1352/3/24 :هـ 1933 -م(.)1
ج :كثير من برقيتكم لم يظهر لنا معناه ،مع تكرار أخذها من ( َمي ِدي)،
ولكننا عرفنا المراد على اإلج َمال ،والمراد أنه لم يكن بيننا وبين حضرتكم
عداوة ،وال شقاق ،بل صداقة ومودة ووفاق ،ونعتقد أننا نموت على ذلك إن
شاء اهلل ،وعسى َّأال يصل هذا إلى حضرتكم إال بعد وصول محررنا بعينه ،ففيه
استكمال كل األطراف ،بما يجمع بين الغرضين.
()2
فالحدود كما ذكرتم يف برقيتكم على ما كانت عليه ،ومسألة (تنومة)
( )1تاريخ المخًلف السليماين ،محمد بن أحمد العقيلي( ،ص )1054كتاب :ابن ماضي( ،ص،)158
وكتاب :بيان عن العًلقات بين المملكة العربية السعودية واإلمام يحيى حميد الدين ،محمد بن
عبداهلل آل زلفة( ،ص.)103
للحج بعد سلوكهم طري ًقا غير آمن قد حذرهتم الحكومة السعودية من سلوك ذلك
ِّ ( )2قتلوا أثناء ذهاهبم
الطريق ،وأخربهتم بمخاطره ،ولكنهم أصروا على العبور من ذلك الطريق الخطير ،فحصل ما كان
يخاف ويحذر منه.
294
َح ُّل َها من حضرتكم ،ومسألة اإلدريسي قد جعلناه بوجهنا وذمتناَّ ،أال نساعده،
وال نرضى له بأدنى شقاق ،وإن كان منه شيء ،فيدنا مع يدكم عليه ،على أننا
ال نظن أن يحصل منه شيء قطع ًّيا ،فًل تصدق من يعظم أمره ،ورجونا من
حضرتكم أن تزيدوا يف مخصص اإلدريسي ألف ريال شهر ًّيا.
ويف مسألة يام رجوناكم أن تصرفوا النظر عنهم ،فالمراجعة بما فيه
الصًلح والفًلح بيننا وبين حضرتكم ،فهو من الزم الوداد.
ونظن أنه قد اتضح لكم ما لدينا لحضرتكم من الوالء ،وأن كل ٍ
أمر
يخالف ذلك ،ساقط لدينا ومبذول.
ولم يظهر لنا ما هو يوافقكم فيما كتبناه مع وفدكم الكريم ،ونؤكد ما
مرة بأنا موالون لكم ،غير مضمرين سو ًءا ما ُدمنا على
تقدم منا لحضرتكم غير َّ
قيد الحياة ،إنما بعض األمور نرى إهمالها مع كلية الصداقة والوداد.
برقية من اإلمام يحيى
بتاريخ 1352/4 /18هـ 1933 -م(.)1
سرتنا برقيتكم إذ وافقت ما تنطبق عليه نيتنا ،فالحمد هلل رب
ج :لقد َّ
العالمين ،وال سبيل ألشرار يسلكون به ما يكدر الصفو ،والمنتظر وصول
جوابكم على ما حررناه لكم مع وفدكم الكريم والسًلم.
( )1تاريخ المخًلف السليماين ،محمد بن أحمد العقيلي( ،ص ،)1055وكتاب :من مذكرات تركي بن
ماضي( ،ص.)159
295
فأبرق جًللته لإلمام بالواقع ،فوصلت منه الربقية اآلتية :إلى جًللة الملك
األخ عبد العزيز بتاريخ 1352/5/3هـ ـ1933م
ً
إجماال عجالة؟ أيها األخ العزيز حفظكم اهلل ،كونوا ج :بعض الربقيات
على ثقة تامة من صداقتنا ،ومع ذلك فواهلل ،ال تجدون منَّا إال الوفاء والصداقة،
وهذا إنما هو إنصاف للحقيقة لحضرتكم ،وإال نحن نعتقد أنكم ال تخافون
منا ،وال من غيرنا.
نلتق به منذ وصوله ،وبشأن (العبادل)، بشأن األهدل وصل إلينا ،ولم ِ
فإنه قبل عشرة أيام بلغ إلينا نفورهم وخوفهم ،وقد كتبنا لعامل ( َمي ِدي) أن
بأي أم ٍر لنا
يقنعهم بلزوم طاعتكم ،وال يخدش أفكارهم البسيطة ،وال هتتموا ِّ
دائما
فيه أدنى اطًلع ،وال تحسبونا إال كأحد إخوانكم ،واحفظوا هذا عنَّا ً
مطل ًقا ،وك َِّذ ُبوا ما يخالف ذلك ،ولسنا دجاجلة إلى أن نكتب لكم بالكذب
الحرام ،وكل األمور -إن شاء اهلل -كما تحبون ،وسنوضح لكم إن شاء اهلل،
والسًلم.
برقية من اإلمام لجاللة الملك
()1
بتاريخ 1352/5/10هـ 1933 -م
ما أفدتم به من أمر يام ،فهو الًلزم لضبط الحدود من الطرفين لمنع كل
ما عساه يحدث من الشقاق بين الحدود ،مع انضباط أمور (يام) إن شاء اهلل ،ال
إنَّنا نقول بملء األسف :إن جميع مجهوداتنا يف الوصول إلى هذا
الغرض النبيل قد ضاعت ُسدً ى ،فكنا كمن حاور عجماء ،أو نادى صخر ًة
صماء ،ومع شديد أسفنا من عدم وصولنا إلى ما نتمنَّاه ،ومن إخفاق مساعينا َّ
ٍ
واحد ،وهو أننا ُو ِّفقنا إلى إزالة تلك ٍ
شيء السليمة ،فإ َّننَا نعلن رضا ضمائرنا من
ٍ
بصورة ال الريب والنفاق الحالة المهيمنة بيننا وبين اإلمام يحيى ،وأزلنا قناع َّ
ويدس عليها من دسائس،
ُّ ً
مجاال للشك فيما ينصب لبًلدنا من أحابيل، ترتك
منهجا ثابتًا تسير عليه يف
ً َّ
تختط ولحكومتنا بعد الوقوف على الحقائق أن
المستقبل ألَجل صيانة منافعها ،وحفظ أمًلكها إلى أن تبدل ذهنية القابضين
على زمام األمر يف اليمن ،وتأيت طوارق الحدثان بما يجربهم على مصالحتنا
ومسالمتنا ،ومعرفة أن هناك أمة عربية تتطلع إلينا وإليهم ،وتطلب منا ومنهم
االتفاق واالتحاد على ما فيه العز للعرب واإلسًلم.
ٍ
بصورة غير لقد رأينا اإلمام يحيى غير صايف النية من جهة جًللتكم
مأمولة من ملك عربي مسلم ،نحو بًلد عربية إسًلمية مجاورة له ،يف فرتة
تاريخية عصيبة يرى فيها كل عاقل لزوم تسا ُن ِد العرب والمسلمين ،وتعاقدهم،
وقد أدهشنا -واي ُم اهلل -هذا الشعور العدائي الذي لم نكن نتوقعه من مسلم
عربي ،وقد عجزنا من تعليل أسباب ذلك العداء الكامن بالرغم أنه من الممكن
جهة ،والطموح أو الحسد الشخصي حمله على محمل العقيدة الزيدية من ٍ
َّ
لجًللتكم من جهة أخرى.
299
( )1وزارة الخارجية السعودية :بيان عن العًلقات( ،ص ،)75 ،74وكتاب :المخًلف السليماين
للعقيلي.)1058 /2( ،
300
األخ أنه حدثت أمور تدعو للريبة يف الموقف رأينا الواجب يقضي باالستعداد،
وهي:
وأيضا أن
أوال :وصل وفدنا ،وبلغنا ما كان بينه وبين مندوب سيادتكمً ،
ً
ذلك الكتاب الذي يحمله والوفد إلينا منكم مما َد َّل لنا أن هناك ً
تبدال يف
خطتكم.
ثان ًيا :لقد انتشر يف ٍ
كثير من الصحف ما بعثتموه لبعض الناس عن
مطالبتكم يف بلداننا من المقاطعة ،عسير ،ثم ما فعلتموه يف نجران ،وألحقتم
بذلك مسألة الحجاج التي تعلمون براءتنا منها ،وال حجة علينا فيها.
ثال ًثا :اطلعنا على ما نشرته جريدة «اإليمان» الصادرة يف جمادى األولى
المعربة عن خطتكم ،وما عزمتم عليه.
تغييرا يف موقف األخ
ً مجموع هذه المعلومات جعلتنا نعتقد َّ
أن هناك
نحونا مما دعانا التخاذ االستعدادات للطوارئ ،وإرسال بعض الجند الذي
301
بلغكم خربه ،وكنا عازمين على إرسال مذكرة لألخ ُن َب ِّين له فيها حقيقة
الموقف ،ونرجوه فيها إهناء أسباب الخًلف الذي يعود ضرره على الطرفين،
ويطمئن الرعايا ،ويكبح األعداء ،وقد َّ
أخرنا كتابنا انتظار ما نؤمله من األخ من
اإلنصاف ،ورعايته لوحدة اإلسًلم والمسلمين ،أما نحن فليس لدينا غير ما
سبق أن أخربناكم به ،وهو:
أوال :االعرتاف بالحدود ،وتثبيتها بمعاهدة.
ً
ثان ًيا :إعادة األدارسة.
ثال ًثا :مسألة نجران.
ٍ
رغبة يف االتفاق ،فنرجو أن فإن كان سيادة األخ على ما نعهده فيه من
يصرح لنا برأيه بوضوحٍ يف المسائل الثًلثة المتقدمة ،ومن َث َّم االتفاق على
ذلك برق ًّيا بيننا وبين حضرتكم بصورة واضحة ،وإن أمكن عقد اجتماع يف
المكان الذي نتفق عليه لوضع المعاهدة بصورة هنائية ،ولكننا نرجوكم أمرين:
األول :تعجيل ال َب ِّت يف المواد الثًلث.
الثانـي :بيان الخطة بوضوح تام بدون غموض ،هذا ما نرجو ِ
اإلجابة
عليه سري ًعا.
ونحب أن يتأكَّد األخ أنه ليس لنا مقصد أو مطمع فيما تحت يده ،وال
نبغي إال السلم والعافية ،وحسن الجوار ،والصداقة بيننا وبينكم ،بل الذي
يجربنا على الدفاع ليس لنا عنه محيد ،وأسأل اهلل أن يوفقنا وإياكم لما فيه الخير
302
ﰇ).
مكررا ،ومع هذا فسندع الحكم لنا على حضرتكم ،وإلى فهامتكم أنتم
ً علينا
أنفسكم ،وليس لنا غرض هنالك ُي َغيرنا معكمَّ ،
ألن األخ ال ينسى سعينا يف
إرجاع الهاربين من أهل المخًلف السليماين إلى بًلدهم بعد فرارهم ،حتى
أمرنا َمن لم يرجع بعد تأمينكم ،أرجعناه جربًا ،والسًلم عليكم.
برقية جوابية من الملك لإلمام
بتاريخ 1352/8/8هـ ـ1933م
تلقينا برقية األخ بتاريخ 52/8/5التي يذكر فيها من جهة (نجران)
و(يام) ،وأن المراجعة كانت بيننا وبينكم من قبل الحركة عليه ،وإفادتنا لكم
مكررة ،وتطلبون الحكم منا علينا بأنفسنا ،وأن ليس لحضرتكم غرض هناك
بغيرنا ،و ُتذكِّروننا بمسألة الهاربين من أهل المخًلف السليماين ،وإرجاعهم
إلى آخر ما ذكرتموه.
أخي ،ما نحب التطويل يف مثل هذه المراجعة ،ولكن الظروف تحملنا
على ذلك ألمرين:
أوال :الصراحة التي عودنا ر ُّبنا إياها مع كل الخلق.
ً
الثاين :مجانبة الهوى واالقتصار إال ما ليس عنه محيص.
أما احتجاجكم علينا بربقيتنا قبل الحركة ،فلم يخطر لنا على ٍ
بال أن
يكون بين األخ وأخيه ،أو الصديق وصديقه أمر غامض لهذا الحد.
كما أنه لم يخطر ببالنا أن يدخل فكركم أن تتصوروا بأخيكم الغباوة إلى
هذا الحد.
307
ولقد حدث حينما وردتنا برقيتكم بشأهنا ،و َأن رأى أحد رجالنا أن وراء
األمر بعض المحاذير ،ولكن وثوقنا باهلل ثم بكم ،وتباعد األسباب التي توجب
األمر الغامض بيننا وبينكم أنكرنا ذلك ،وأجبنا بما عندنا جوا ًبا على سؤالكم
أن ليس لنا مداخلة مع (يام) سوى أهل (نجران) ،وأ َفدناكم بما يلزم َتطمينًا
لخاطركم ،وإليضاح أمرين:
ٌ
تداخل فيهم ،إال يف أهل (نجران). األول :أن (يام) ليس لنا
الثاين :تعلمون مداخلتنا مع أهل نجران وأهله من ٍ
قديم ،ولم يكن َشي ًئا
وأن ذلك لمصلحتنا ومصلحتكم ،ولم يكن لنا غرض من األغراض حدي ًثاَّ ،
ٍ
بربقية أخرى لكم األمر ،فبينَّا لكم أنه ال يمكن أن نخالف ما األخرى ،وطلبتم
كان بيننا وبينكم بالسابق ،مما قد كان َت َّم بين تركي بن ماضي وابن دليم ،وبين
مندوبيكم يف صنعاء مما َظ َّل العمل عليه إلى التاريخ األخير.
هذا هو الواقع ،وال نعلم سب ًبا يقضي بنقض ما بيننا وبينكم ،كما أننا ال
نعرف السبب الذي حملكم على أن تفعلوا بأهل نجران ما فعلتم.
فلما أرسل إلينا أهل نجران الكتب التي وصلتهم من حاشيتكم ،ظهر لنا
الخ َّطة قد ُبدِّ لت ،ولكن رغب ًة منا بالسلم ،ومحب ًة للراحة، أن األمر قد َت َغ َّيرَّ ،
وأن ُ
عجلنا بإرسال مندوبين إليكم لحل المشكلة ،وحصل على المندوبين ما
حصل ،ولم ينظر يف هذا األمر معهم ،فثبت عندنا أن هذه المشكلة العظيمة ال
بدَّ لها من ٍّ
حل ،وهذا أحب الطريقين إلينا ،وهي التي ال نزال نرجوها .والطريقة
الثانية :التي نرجو اهلل َّأال يقدرها.
ولما تفاقم األمر ،وتواردت إلينا الكتب المرسلة من حاشيتكم ألهل
308
(نجران) ،تبين أنه لم يكن الغرض من ذلك االعتداء عليهم إال لتقريبهم منا،
ٍ
جديد إلى أن يحل والتجائهم إلينا ،فكررنا األمر عليكم ،ودفعنا األمور بصربٍ
أوان هذه المراجعة.
أ َّما التحكيم ،فًل َظ َه َر لنا المقصود منه ،فإن كنتم تأمروننا أن نحكم لكم،
فهذا شيء غريب ،وإن كان هذا الفهم غل ًطاَّ ،
وأن األمر على الحقيقة التي نظنها
فيكم ،فإننا نشرح ما عندنا ،وهو آخر ما عندنا يف قضية (نجران) ،فإن قبل
حصل به المطلوب ،وإن رفض فليس وراء رفضه غير َفرحة األعداء والنكاية
بين المسلمين.
والذي نراه أن يكون (نجران) بحدوده ،بًلد محايدة بيننا وبينكم ،ال
نملكها وال تملكوهناَّ ،
وأال نتدخل يف شؤوهنم الداخلية ،ويظلون كما كانوا
عليه يف السابق من زمن آبائنا وأجدادنا وزماننا وزمانكم ،وأن تكون المعاملة
حسن ًة بيننا وبينكم ،ومنا ومنكم.
أمر مخالف يوجب تأديبهم،
فإن حدث من أهل نجران علينا أو عليكم ٌ
نرتاجع نحن وأنتم ،ندعوهم إلى السلم والعافية ،فإن قبلوا فالحمد هلل ،وإن لم
يقبلوا ،واقتضى تأديبهم فنشرتك وإياكم يف القول والعمل حتى َيفيئوا للحسنى،
ويرتكوا العمل الخبيث ،هذا الذي يحفظ به الشرف ،وتحصل به الراحة،
وتزول المشاكل ،ويحفظ شرفنا وعارنا من جهتهم.
أما استشهادكم بأهل (المخًلف السليماين( ،))1وإرجاعكم إياهم ،أخي
( )1المخًلف السليماين هو التسمية التاريخية لمنطقة (جازان) ،والمخًلف هو المقاطعة ،وقد سميت
=
309
= مقاطعة جازان بالمخًلف السليماين نسبة إلى (سليمان بن مطرف الحكمي) من آل (عبد الجد
وحد بًلد (حكم) ومخًلف (عثر) تحت إمارته باسم (المخًلف السليماين)
الحكميين) ،الذي َّ
علما على واستمرت إمارته على المخًلف عشرين عا ًما من (373هـ َّ ،)393 -
وظل هذا االسم ً َّ
المنطقة وظ َّلت عاصمة المخًلف السليماين ً
قديما ،وإلى ما بعد القرن السادس الهجري ،هي مدينة
(عثر) .انظر :كتاب :المعجم الجغرايف للبًلد العربية السعودية ،مقاطعة جازان ،محمد بن أحمد
العقيلي( ،ص ،)14وكتاب :المخًلف السليماين ،الطبعة الثانية ،دار اليمامة1402 ،هـ1992/م،
(ص.)71 -70
( )1وزارة الخارجية السعودية :بيان عن العًلقات( ،ص.)82 ،80
310
أما المراد من اإلدريسي ،فهو نفي األذى ،ودفع الدسائس التي ال تخفى
ظاهرا وباطنًا ،فإن كنتم تريدون األمر الحاسم يف مسألة اإلدريسي،
ً عليكم
ونتعهد لهم بر ِّد
َّ فليس لها إال أحد أمرين :إما أن يقدم علينا ،ونعطيهم أمان اهلل،
تم االتفاق بيننا
أمًلكهم مع مساعدتنا لهم ،وإما ترفعوه إلى صنعاء ،فإذا َّ
وبينكم على المواد الباقية ،فبحول اهلل وقوته ما نَدَ ع عليهم ِ
قاص ًرا فيما يصلح ُ
أمرهم ،واهلل يحفظكم.
برقية من اإلمام للملك عبد العزيز
بتاريخ 1352/8/13هـ1933/م
وصلت الربقيتان من األخ العزيز بتاريخ 5و ،52/8/8واألهم المقدم
أن يتفضل األخ بمنع َأجناده عن تجاوز محطاهتم التي هم فيها قبل أن يحدث
ما يصعب علينا وعليكم تًلفيه ،ويخرج األمر من أيدينا وأيديكم ،بالدخول يف
لص َفاح ،ولكم علينا عهد اهلل وميثاقه َّأال يكون
ميدان الكفاح ،ودور امتشاق ا ِّ
منا عدوان وال تجاوز ،وليعلم األخ العزيز َّ
أن األمر عظيم فوق ما يتصور
الخيال منا ومنكم.
وال محذور من التأنِّي ،بل محذور من االستعجال ،فاألنا ُة من الرحمن،
والعجلة من الشيطان ،وليعلم األخ أنَّا ال نريد شي ًئا من الشقاق بيننا وبينكم.
َّ
وإن المكاتبات إلينا اآلن من الحجاز وعسير وهتامة لًلشرتاك ضدكم،
وال نريد ذلك ،وال نرضاه ،ونشهد اهلل عليكم.
312
النزاع ،وباألخص تصفية الحدود التي لم نَح َظ منكم على جواب بشأهنا ،مع
المراجعة فيها مضى عليها مدة طويلةَّ ،
وإن ما أشار إليه األخ يف طلب منع
رؤساء األجناد من تجاوز محطاهتم ،فإن رؤساء أجنادنا لم يتعدوا شي ًئا مما
ذكر ،ولم يتجاوزوا محطاهتم البعيدة حتى عن أطراف حدودنا.
أ َّما األقوال واألكاذيب فهي ترد لنا من أقوال بعض عمالكم ،كما ترد
إليكم ،وأما ما أشرتم إليه من تطور الحالة ،ووصفكم لخطورهتا ،فًل شك
عندنا يف خطورهتا.
ٍ
أشهر إال العتقادنا بما ينتج عن التطويل من ونحن َلم ُن َّ
لح عليكم من
األضرار العاجلة واآلجلة.
إن حسم األمور ،ودفع الشر هو بيد اهلل ،ثم بيد األخ ال بيدنا ،وقدَّ
ٍ
بصراحة ال مزيد عليها ،وعملنا للسلم عدة سنوات، أوضحنا لكم مطالبنا
اسا يحسم الشر ،وكما
حس ً
أمرا َّ
كثيرا ،ولم ن ََر من األخ ً
وبعثنا الوفد ،وصربنا ً
نرجو أن يصلنا الجواب الحاسم بعد ما فصلناه لكم من رجاء ،ولكننا ال نزال
كما بدأنا ،نحن ال نكره مجيء الوفد ،وكنا أخربناكم َّ
أن الوفد عجز عن حل
المشكلة بيننا وبينكم ،وما هناك أمور يتكلم فيها الوفد.
رارا ،ونكررها اآلن هي:ِ
هناك ثًلثة مواد عرضناها على سيادتكم م ً
1ـ تحديد الحدود بيننا وبينكم بصورة قطعية بعهد َمك ُتوب.
2ـ نجران تنازلنا يف أمره ،وقلنا أن تكون قطعة محايدة بيننا وبينكم ،كما
314
وإنِّي أحب أن ُأ ِع َ
يذ األخ باهلل من مثل هذا الظن الذي إن كنتم تحبون
السير عليه ،واألخ َذ به ،فليس من وراء ذلك غير تعقيد األمور ،ووقوع
المحذور ،وشماتة األعداء بنا وبكم(.)1
وأ َّما ما ذكرتم وهو من قبل لزوم مشاورتنا أهل الديانة وذوي العقول،
نفيدكم أن جميع رعايانا وأهل أطرافنا ال يحبون الفتن ،وال يوقظوهنا ،وإنما
يحبون السلم والراحة ،ولكن يف حالة َّ
الذ ِّب عن الشرف ،ال يؤخرون أنفسهم
وأموالهم دقيق ًة واحدةً ،وال يقبلون عن ذلك ً
بديًل.
نسأل اهلل أن يوفقنا وإياكم لما فيه الصًلح ،ونستجير به من الدخول
بغضبه ،والحقيقة أنه كما قال « :الفتنة نائمة ،لعن اهلل من أيقظها».
فيا أخي ،الحرب واستحكامه ،والسلم واستقراره ،هو كما أخربناكم بيد
اهلل ثم بيدكم ،ونشهد اهلل وجميع خلقه أنَّا ال نحب الحرب ،وال الفتنة ،وأننا
مدافعون عن بًلدنا ،وما تحملناه يف أعناقنا من حوزة المسلمين.
برقية من اإلمام يحيى إلى الملك
بتاريخ 1352/8/19هـ 1933م
تلقينا برقية األخ العزيز المؤرخة 52/8/11و« َن َعم» ال نريد إال حسم
( )1وزارة الخارجية السعودية :بيان عن العًلقات( ،ص ،)87 ،85وكتاب :المخًلف السليماين،
للعقيلي ،)1069/2( ،وكتاب :ابن ماضي( ،ص.)178 ،177
316
األمر بيننا وبين حضرتكم ،بأحسن الوجوه وأجملها ،من دون تحكم من
الطرفين ،وال بأس بما رأيتموه يف مسألة األدارسة من انتقالهم إلى صنعاء غير
أن أهل هتامة يتعبهم برد الجبال ،و َبر ُد صنعاء شديد جدًّ ا ،فإن ناسب
لحضرتكم انتقالهم إلى زبيد ،فالمسافة إلى صنعاء وزبيد متقاربة ،وسيكون
ٍ
لشيء. األمر منَّا عليهم ،وعدم التدقيق وعدم نسبته
والمرجو منكم حسن النظر فيما يجرب حالهم ،ويقوم هبم ،ومنع التعرض
على أمًلكهم ومن يقوم هبا ،ففي ذلك فضل ورعاية ،وحسن سمعة ومودة
عرضا يخالف ما نكتبه
ً للعموم ،وال تلتفتوا إلى كًلم من يقول :إن لنا
لحضرتكم ،والسًلم عليكم.
جواب الملك إلى اإلمام
بتاريخ 1352/8/20هـ1933/م
تلقينا برقية األخ المؤرخة 52/8/19باحرتام ،وأجمل ما رأيناه فيها
كانت المراجعة بيننا وبينكم الكلمة العزيزة التي تقولون فيها :إنكم ال تريدون
إال حسم األمور بيننا وبينكم بأحسن الوجوه ،وهذا الذي نؤمله فيكم يف السابق
والًلحق.
نظرا لحالة
ذكرتم أنكم توافقون على انتقال األدارسة إلى صنعاء ،ولكن ً
الربد ،ترجحون انتقالهم إلى َزبِيد ،وتح ُّثوننا على العطف عليهم.
أخي عافاكم اهللَّ ،
إن إلحاحنا عليكم بشأن األدارسة ليس اهتما ًما هبم،
317
وال مخافة منهم إن شاء اهلل ،وإنَّما القصد إبعاد ُسوء التفاهم بيننا وبينكم ،وإنَّنا
(زبِيد) ،وثقتنا باهلل ثم بكم سواء بشأهنم أو بشأن غيرهم نوافق على انتقالهم لـ َ
وثيقة قوية ،وال نقصر عنهم ،ولكن أخي كما قيل« :ال َف ُّخ أك َبر مِ َن ال ُعص ُفور».
هناك الما َّدتان اللتان راجعناكم هبا ،أهم ما يكون ،وهما اللتان تنحسم
المواد بحسمها ،وهما يف الضرورة مادة ومعنى ،وال حاجة ألن نشرح
إن بِ َحس ِمهما يرجى -إن شاء اهلل -الصًلح
لحضرتكم أكثر مما سبق وشرحناَّ ،
يف العاجل واآلجل ،ويف تأخير حسمهما الذي نحاذر وتحاذرون.
أخي ،سبق أن أشرت لكم ببعض ما يجول بصدري ،وأؤكد لكم اآلن،
أحب أن أفدي بالمال وبعض العيال؛
ُّ أع َلم -واهلل الذي ال َّ
رب سواه -أنني
فضًل عن التعرض للحسام،
لكي ال يكون بيننا وبينكم أي سوء تفاهم بالكًلمً ،
وأنني ال أريد زياد ًة يف الملك ،وال َت َط ُّور يف شيء من األحوال ،األمر الذي
يجب لنا عليه هو حماية الدين واألمانة التي يف رقابنا ،وال يمكننا التأخر عن
سبيًل ،فأرجوكم ثم أرجوكم النظر يف تمام حسم
ذلك ما دمنا نجد إلى ذلك ً
ألن الجرح معهما كبير ،فإن ب ِ
وشر بالدواء ،يرجى له السًلمة ،وإن المادتين؛ َّ
ُ
ِ
كرب الجرح و ُأهم َل َ
دواؤ ُه ،كان منه الفساد الكبير الذي يؤدي إلى الهًلك،
إن الحالة تحتوي على ثًلثة ٍ
أمور: وأحب أن أقولَّ :
أوال :التقارب بيننا وبينكم.
ً
نظرا لحالة اإلسًلم والعرب ،وموقفهم يف الحال الحاضر.
والثاينً :
318
ذلك ،وال يخفى أنه كان استعجال األخ لحشد الجنود ،وخوفنا من دسائس
(المكارمة) اإلسماعيلية ،وأتباعهم ،و ُم َر ِّوجي أفكارهم ،ولكن يف ِحلم
حضرتكم وإنصافه ما يكفل كل نجاح ،والسًلم عليكم.
برقية من الملك إلى اإلمام
بتاريخ 1352/8/29هـ1933/م
علما بما ذكره
تلقينا برقية األخ المؤرخة 52/8/26يف 29منه ،وأحطنا ً
من أمله بحسم األمر بالسلم ،وأملنا -إن شاء اهلل -كبير فيما أ َّم َل ُه األخ ،ونرجو
أن يكبت اهلل األعداء ،وينصر دينه ،و ُيعلي كلمته.
أما مسألة الحدود ،ومسألة (نجران) ،فقد عرفناكم بشأهنا بوضوحٍ ال
َم ِزيد عليه ،ولذلك نرجوكم التعجيل يف الجواب ،وإقراره بما يحفظ السلم،
ويؤمن الراحة.
ٍ
مشاغبة بأي
أ َّما من قبل تحشيد جنودنا ،فقد أوضحنا لكم أنه ال قصد لنا ِّ
فساد ،ولم يكن ذلك إال لما أوضحناه لكم يف السابق .فتكونوا على ٍ
يقين ٍ أو
من األمر كما عرفناكم بالسابق َّ
أن الحرب والسلم بيد اهلل ثم بيدكم؛ ألنه ليس
لدينا مطالب تطلبوهنا منا حتى نجيبكم عليها ،وإنما المطلوب من حضرتكم،
فنرجوكم اإلجابة على ما تقدم لتحسم المواد ،و ُيك َب َت األعدا ُءَّ ،
وإن كل تأخير
يف حسم األمر ال ينتج إال الفساد على الجميع ،ونخشى من عواقبه.
أما ما ذكرتموه من استماعنا ألقوال الناس ،فهذا ليس من عادتنا ،وإنما
أعمالنا مركبة من أمرين:
322
ٍ
ممكن مع الناس عامة ،ومعكم خاصة. 1ـ السعي للسلم بكل
2ـ المحافظة على الذمة والشرف ال غير.
والذي نكرره على حضرتكم العزيزة هو اإلسراع بحسم المواد،
واالستعجال فيها؛ ألنه -ال سمح اهلل -إن حصل أدنَى َش ٍ
يء ،ففي الزوايا خبايا
ما نحب أن تظهر ،ونحب السلم على الدوام ،وأن تكون المحبة مستديمةً،
واألمر يف الحل والعقد كما عرفناكم أعًله ،وإثارة األمور وتسكينها بيد اهلل ثم
بيدكم ،والسًلم.
برقية من اإلمام يحيى إلى الملك عبدالعزيز
بتاريخ 1رمضان سنة 1352هـ1934/م
تلقينا برقية األخ بتاريخ 23شعبان 1352هـ ،وتأكَّد لدينا أنه ال شقاق
والمتنصحون -أخذهم اهلل ،وانتصف منهم -لما سمع أحدٌ من ذلك شي ًئا يف
غير الصداقة.
برقية من الملك لإلمام
بتاريخ 2رمضان
تلقينا برقية األخ يف سلخ( )1شعبان 52مساء اليوم الثاين من رمضان
علما بما تفضلتم من أن ال شقاق وال عداوة
1352هـ1934/م ،وقد أحطت ً
بينناَّ ،
وأن القصد هو االئتًلف والمحبة ،وترك ما يفرح األعداء ،ويحقق
آمالهم ،وإنَّا نشكر األخ على بيانه الذي هو عين ما لدينا ،ومقصدنا وغايتنا،
وهو الذي ندين اهلل به.
َّ
انحل من المطلوب عقدتان؛ األولى :مسألة األدارسة. ذكرتم أنه قد
والثانية :مسائل الحدود التي اقرتحتم فيها عقد معاهدة ح ِّب َّية سلمية دينية لمدة
عشرين سنة تثبت فيها الحدود ،ويكون ٍّ
لكل من الطرفين فيها البًلد التي تحت
يده ،ورجوتم أن تلقون اهلل قبل هذه المدة ،وال يكون بيننا أدنى خًلف.
إنا نشكر األخ على اقرتاحه هذا ،وإنَّا نقبل ونؤيد اقرتاحه ،ونقبل أن
تثبت الحدود بين الطرفين ،ويكون لكل ٍ
فريق ما تحت يده من البًلد ،وأن تعقد
بيننا وبينكم معاهدة صداقة ،كما ذكرتم سلمية دينية لمدة عشرين سنة ،وهذا
( )1وزارة الخارجية السعودية :بيان عن العًلقات( ،ص ،)92وكتاب :المخًلف السليماين ،للعقيلي،
( ،)1076 -1075/2وكتاب :ابن ماضي( ،ص.)185
325
جيزان ،لما به رفع فزع أهل البًلد ،وترك تخويفهم وهتديدهم ،ومع إمكان
المراد بال ِّلين ال معنى للتخشين ،فتفضلوا باألمر بصوهنم ،وال َي ُكن لكم فكر ٌة
غرض ،لعل وجه المساعدة لهم من بعض أصحابنا لما يرونه
منهم ،فليس لنا ٌ
ويسمعونه من بعض أصحابكم من التصميم على العدوان والحرب ،وعلى
الجملة فًل يدخل بالكم ذلك ،وقد بلغ إلينا ،وال نربأ من صحتها وعدمها.
طائفة من جندكم إلى(نجران) ،واعتداؤهم على أصحابناٍ إن كان زحف
بضرب المدافع ،نرجو َّأال يكون لذلك صحة ،والحاصل :إنه ال إرادة لنا ،وال
حال. ٍ
شقاق بيننا وبين حضرتكم ،وال تغيير ٍ غرض ألي
هذه البًلد على ما هي عليه يكون معلو ًما ،بل وترون تصل إلينا كتب
ٍ
إثبات ،والسًلم. ممن يريدون إضرام النار ،ولم نجب عليها ٍ
بنفي وال
برقية من الملك إلى اإلمام
بتاريخ 8رمضان سنة 1352هـ1934/م
علما بما
تلقينا برقية األخ بتاريخ 52/9/5يف مساء الثامن منه ،وأحطنا ً
جاء فيها ،ونسأل اهلل أن َي ُم َّن علينا وعليكم بالهدى والتوفيق ،ويقينا وإياكم
شرور أنفسنا ،وسيئات أعمالنا.
ِ
ب أن أتكلم معكم كًلم مسلم عربي ال يحب الشقاق ،ونربأأخيُ :أح ُّ
إلى اهلل من الكذب والبهتان.
327
( )1وزارة الخارجية السعودية :بيان عن العًلقات( ،ص ،)106وكتاب :المخًلف السليماين ،للعقيلي،
( ،)1080/2وكتاب :ابن ماضي( ،ص.)189
330
أخيَّ ،
إن إلحاحنا عليكم للتعجيل يف حسم المواد هو مخافة مما وقع؛
َّ
ألن االختًلف يقع الشر فيه من أحد شخصين ،إما صاحب غرض ويحب
الفتنة ،أو من جاهل يريد اإلصًلح فيعمل الفساد ،فثقوا باهلل من جهتنا،
الشر بين المسلمين.
واحرصوا على سرعة حسم المواد لعل اهلل يدفع َّ
برقية من اإلمام إلى الملك
بتاريخ 1352/9/6هـ1934/م
الحو ِر بعد ال َكو ِر ،فهل بقي شيء من
قد بلغنا ما كان ،ونعوذ باهلل من َ
التأمل من الجهتين ،حتى تنتهي المراجعات إن شاء اهلل ،فًل ينبغي من ٍ
أحد منا
أن يتغافل عما يكون من أتباعه يف الجانب اآلخر.
مرارا متعددة ،وأنه ال إرادة لنا يف الشقاق ،وال فيما
فقد سبق لكم ما سبق ً
يخالف الصداقة بيننا وبين األخ العزيز ،وال نخرج عن هذه الطريقة إال
ُمك َرهين ،واهلل يجعل هذا الشهر قاد ًما علينا وعليكم بكل ٍ
خير ،وأن يجعلنا
ممن أدرك شهر رمضان ،فغفر له.
برقية من اإلمام إلى الملك
بتاريخ 1352/9/9هـ1934/م
تلقينا برقية األخ المفيدة قبول ما أبرقناه إليكم يف ربط المعاهدة عشرين
سنةً ،ويف الحدود ،ويف الحقيقة فيما أبرقناه الوفاء بالغرض ،وسيبقى الكًلم يف
مسألة (نجران) ،والخشية معنا من انخداعكم للمكارمة الذين أفدتم إلينا
331
ساب ًقا أنه ال رابطة بينكم وبينهم ال دينية ،وال دنيوية ،وقد كان حدث تحركات
يف (نجران) ،فنرجو منكم منعكم الحركات إلى انتهاء المخابرة الودية كما
أسلفنا إلى حضرتكم بتاريخ 6رمضان 1352هـ ،والسًلم.
برقية جوابية من الملك إلى اإلمام
بتاريخ 11رمضان 1353هـ1934/م
تلقينا برقية األخ المؤرخة 9رمضان 1352هـ1934/م مساء 11منه.
ذكرتم تحديد الحدود ،ونحن عرفناكم بقبول ما ذكرناه لألخ جوا ًبا على
برقيته ،أما مسألة
(نجران) ،فقد عرفنا سيادتكم بربقيتين بتاريخ 8منه ،والذي نؤكد لكم
حادث يسبب مشكًلت بيننا وبينكم سنقاومه أعظمٍ أي ٍ َّ
أن كل إنسان يعمل َّ
الشر بين
مما تقاومونه أنتم؛ ألنه ال يقدم على مثل ذلك إال منافق يحب َّ
اإلسًلم والمسلمين ،ونراه من األعداء.
أما مسألة (نجران) و(المكارمة) ،فقد َأبدَ ينا لكم ما يلزم ،كونوا على ٍ
ثقة
أن أنظارنا ال تريد األشخاص ،والقبائل أو الواليات ،وإنما أنظارنا مقتصرة
على ما فيه المصلحة العامة ،وكف النزاع ،ومنع الشقاق يف العاجل واآلجل.
أيضا ،لذلك نرجوكم
هذا غايتنا ،ونجزم ونتيقن -إن شاء اهلل -أهنا غايتكم ً
حسم المواد حتى يحصل المطلوب من الراحة والسكون ،وستجدين -إن شاء
اهلل -وف ًّيا معكم ،وسنحمد اهلل وإياكم ُعق َبى السًلم واألمان والراحة ،ال عدمنا
بقاءكم.
332
نشكركم عليه ،واعتمادنا على اهلل ،ثم عليه ساب ًقا والح ًقا ،وأخربناكم ساب ًقا
أننا ال نأخذ أقوال الناس ،وإنما نثق باهلل ثم بكم ،ولكن بعدما صرحتم لنا بما
عظيما ،بين ما ذكرتموه لنا
ً فعل يف جهة (العبادل) وبني مالك ،رأينا تفاو ًتا
مؤخرا.
ً ساب ًقا ،ووثقنا باهلل ،ثم بكم وبين ما أخربتمونا به
َّ
إن أخاكم -واهلل المطلع -ليس عنده قول أو عمل يخالف ما قد أبديناه
لحضرتكم ،وقد أوجب الدَّ هشة ،ودعا لًلستعداد للطوارئ ،وهذا الذي
نخشاه أن يفرط األمر من اليد ،فًل يهمنا (بني مالك) ،و(العبادل) ،إنما
اعتمادنا على اهلل ،ثم على الصدق ،وعلى عوائد اهلل الجميلة ،نرتك كل شيء،
ونعمل جهدنا يف اإلصًلح ،فإذا ابتلينا ،أعاننا اهلل تعالى.نرجع إلى ما ذكرتموه
نحب ذلك،
ُّ يف مسألة (نجران) ،أخربناكم أنه ال يوجد شفقة على توليه ،وال
إنما الشفقة على الراحة واإلصًلح ،وبما َّ
أن (نجران) موقعه يف جهتنا ُمهم،
وال يمكن حله بسهولة ،إال بالنظر يف المصلحة العائدة للطرفين ،واألمر الذي
يريح هو رأي أخيكم سدًّ ا للذريعة ،وتقري ًبا لإلصًلح أن نتعاقد وإياكم على
المسألتين اللتين انتهينا منهما ،وهما :إبعاد األدارسة ،ويضمن جميع حركتكم
من جهته على المحل المذكور .والثانية :أن تبقى الحدود كما كانت بيننا
وبينكم منذ دخولنا يف هذا الطرف ،ونعقد معاهد ًة ودي ًة لمدة عشرين سنة،
ويعلن ذلك يف الجرائد والمجًلت ،وأن يبعد العساكر منا ومنكم عن الحدود
والمحًلت لمنع االشتباك ،وراحة الرعية ،وأما مسألة (نجران) فتؤجل،
335
وينتدب مندوبون منا ومنكم عن الحدود ،والكل يبدي المشكل الذي عنده،
يتوصل إلى ٍّ
حل سلمي ،يحفظ مصلحتكم ومرادكم ويحفظ مصلحتنا َّ حتى
ومرادنا ،فهذا الذي يراه أخوك.
فإذا وافقتم على ذلك ،فنرجو أن يتقرر شكلها مكتوب ًة بيننا وبينكم ،ثم
تكتبوهنا من جهتكم وتوقعوهنا ،ونكتبها من جهتنا ونوقعها ،وترسلوهنا لولدنا
فيصل عن طريق نجلكم يف (صعدة)( ،)1ونرسلها لنجلكم يف (صعدة) عن
طريق ولدنا فيصل ،أو يقدم هبا الوفد من جهتكم ،أو يقدم هبا الوفد من جهتنا
للمكان الذي نتفق عليه ،وأعاهدكم باهلل أنَّه ليس ألخيكم قصد إال حل
المشكل ،وأنه ال يأتيكم من قبلنا غدر ،وال خيانة إال أبدية على واضح،
فأرجوكم اإلسراع بالجواب على هذا ،والسًلم.
برقية من اإلمام إلى الملك
بتاريخ 15رمضان 1352هـ1934/م
بعد تحرير الربقية بتاريخ 15رمضان ،وصل الولد سيف اإلسًلم بعض
(الربنز) رصاص المدفع الذي كان حارب أصحابنا به يف نجران ،وأنه تقرر به
«جماع» ،وتنقسم
(َ )1ص ْعدَ ة :مدينة يمنية مشهورة ،تقع يف شمال صنعاء ،وكانت يف الجاهلية تسمى ُ
قبائلها إلى خمسة أقسامَ :صحار (سحار)ُ ،جماعة ،همدانَ ،خوالن ،رازح .انظر :الهمداين ،صفة
جزيرة العرب( ،ص ،)115الحموي ،معجم البلدان ،)188/5( ،الحجري ،مجوع بلدان
اليمن ،)467/3( ،..المقحفي معجم البلدان.)907/1( ،..
336
( )1تقع الحصينية :قرب مصب وادي حبونا ،وهي تقع على الخط العام الذي يتجه من نجران إلى
الرياض وتبعد من نجران 58كم وعن حبونا حوالي 45كم.
337
وبدأ ُتم به ،وهذا الذي كان يحذرنا الناس منه ،وكانوا يؤكدون لنا أنكم عازمون
أن الكًلم الذي بيننا وبينكم مخادعة ،ولكن ديننا وشيمتنا َأبت علينا َأن
عليهَّ ،
نقبل ذلك ،وإنما قبلنا عهود األخ ،ورضينا باهلل ر ًّبا.
وجاء الفعل األخير مصدِّ ًقا لما قاله الناس ،ولم َ
يبق يف اليد حيلة ،فإن
كان األخ صاد ًقا يف قوله ،فليمنع جميع الحركات ،وليبعد الجند إلى آخر د ٍ
رجة َ
من الحدود.
فإن كانت المراجعة ،ستكون وجندكم تمشي ،واإلدريسي يكتب
أمر ال يرضاه اهلل ،وال تقبله
ويحرك ،كما رأينا كتبه ألهل المقاطعة ،فهذا ٌ
األمر والقصد إغفالنا ،وأنتم عازمون على ما عزمتم
ُ النفوس الطيبة ،فإن كان
عليه ،فًل نقول إال « حسبنا اهلل ونعم الوكيل ـ يا مالك يوم الدين ،إياك نعبد
وإياك نستعين».
برقية جوابية من اإلمام إلى الملك
بتاريخ 24رمضان 1352هـ1934/م
تلقينا برقية األخ الثالثة المؤرخة 1352/9/17هـ1934/م ،وحمدنا
اهلل ،فقد آنَسنَا منها السًلم ،وعز اإلسًلم والمسلمين ،ذلك ما كنا نبغي ،والذي
ُكنَّا نؤمله من حضرتكم ،ويف الحقيقة يا حضرة األخ العزيز ما كان يوجب
الحشد والتجهيز ،وإنما هي نزغة شيطانية ال رحم اهلل َمن نزغها ،وك َّلفكم
وأغراكم ،وعلى كل ٍ
حال فنحن كما تحبون ،وال تجدون منا غير حسن اإلخاء
341
ً
وحاال كتبنا إلى ولدنا سيف اإلسًلم ،وأعلمناه بإفادتكم يف الشدة والرخاء،
الكريمة ،ومنعناه من كل حركة وعدوان وتجاوز ،فتفضلوا بينوا وقت اجتماع
المندوبين بـ (م ِ
يدي) أو غيرها حيث ما ترونه لربط المعاهدة األخوية الدينية َ
والدنيوية الشاملة لجميع األطراف ،وسيكون رفع كل األجناد من لدينا ،ومن
لدن حضرتكم ،والتعويل على حضرتكم يف العفو العام المطلق ،والتأمين
معرة جيوشكم من (العبادل) الشريف الشامل ِّ
لكل من تمايل إلينا من خوف َّ
و(بني ملك) ونحوهم؛ لسكون روعتهم ،وزوال إفزاعهم ،فهم يف غاية
الخوف والوجل.
ٍ
هارب من (المخًلف) إلى مساكنهم ،مع تطمينهم وحين عودة ِّ
كل
بالعفو واألمان ،وإرجاعهم فيما كانوا فيه قبل الثورة (اإلدريسية)؛ لتسكن
ٌ
مجال. بذلك جميع األمور ،وال يبقى للشيطان والعدوان
ولقد بلغ إلينا ما ال نحكم بصدقه أن بعض أمرائكم أعلن بكفر
(العبادل) ،واستحًلل دمائهم وأموالهم ونسائهم وأوالدهم ،ومثل هذا الحق
بغي ولو فرضنا صحة ذلك.
وسيكون -إن شاء اهلل -توقيع المعاهدة منا ومن حضرتكم ،ونشرها يف
الجرائد كما ذكرتم ،وسبحان اهلل! ما أحلى نشرها لدى ذوي الديانات
اإلسًلمية ،وأكثر سرورهم ،واستغراهبم وتعجبهم لذلك مما كانت تنسجه
أيدي االفرتاء.
342
ً
وتطوال وامتنانًا ،حسن نظركم يف شأن (يام) ،وقد وفضًل وإحسانًا
ً
وضحنا لكم بما ال يبقى معه اشتباه ،فًل شك وال ريب يف ارتفاع المحذور.
وال خير يف تأخير الكًلم يف ذلك ،وأساس تبدُّ د المراجعات إبقاء ٍّ
محل
لتشويش األفكار ،وبذر األشرار ،ما يحصل معه إال الشكوك واألوهام ،وال
خافية على حضرتكم( ،ﭯ ٍ تنخدعوا (للداعي) ،فحقيقة أمورهم غير
ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ) ،ومن
العجائب أن والي عدن أخرب قبل أمس السبت أهنا وصلت برقية من (عدن)
بأنه كانت المعاهدة بيننا وبين حضرتكم ،ويبارك لنا بذلك ،والسًلم.
جواب الملك إلى اإلمام
بتاريخ 1352/9/25هـ1934/م
وسرنا ما قد أوضحتموه ،وعلى
تلقينا برقية األخ المؤرخة َّ 52/9/23
األخص ما رجوتم من كبت المفسدين ،وإنا نرجو أن يكبت اهلل أعداء الدين،
أيضا ما تفضلتم به من محبتكم حسن اإلخاء يف الشدة
ويعلي كلمته ،وقد سرنا ً
أيضا من إخباركم
تفضلتم به ً
وإن ما َّ والرخاء ،وال غرو فأنتم ٌ
أهل لذلكَّ ،
نجلكم الكريم بمنع العدوان ،وطلبتم منا العفو عن المفسدين من (بني مالك)
و(العبادل).
يعلم األخ -وهلل الحمدَّ -
أن العفو من شيمتنا ،وقد سبق لعقًلء تلك
األطراف أن أخربونا بالواقع ،وطلبوا منَّا المحافظة التا َّمة قبل أن يقع شي ٌء.
343
باال ،هذا من ٍ
جهة، ولكن وثو ًقا باهلل ،ثم بعهود األخ ووعوده ما ألقينا ً
ٍ ٍ
ومن جهة ثانية ،لم ن ََشأ أن يكون ذلك سب ًبا الشتباك ِّ
الشر ،فمن أجل ذلك فإننا
ممنونون ،والجهال جهلهم على أنفسهم ،وهم ال أهمية لهم ،بحوله تعالى يف
أمر ُير َجى أو يخاف ،إنما هم همج رعاع ال َين َفعون من لجأوا إليه ،وال يضرون
من تركوه ،وكما قيل« :من خان لك ،خان بك» ،وإنما يكربهم السمعة،
وظهور التداخل بالشؤون الداخلية الذي يفرح األعداء ،ويشمئز منه صاحب
الشرف .ومن أجل ذلك فنحن قد عفونا عما وقع من جهالهم وسفهائهم،
فنرجوكم منع التداخل ،وإبعاد الذين أمدوهم من جماعتكم عنهم حتى يكون
للعفو ٌّ
محل ،وتزول الشبهة.
وهبذه المناسبة ،نخرب األخ أنه لما وقعت هذه الحوادث األخيرة ،أتتنا
أخبار من (عدن) وغيره تنبئ بفرحة األعداء ،وكآبة المحبين ،وكان لذلك وقع
ٌ
سيئ يف (نجد) حتى أشكل األمر على أخيكم ،وساء الظن.
وكان ولدنا (سعود) ولي العهد سار إلى ( َأبها) على السيارات قبل
وصول برقيتكم األخيرة بثًلثة أيام ،وكان تجهيز االبن (فيصل) من (الحجاز)
ليسير بطريق الساحل ببعض القوات التي عنده ،ونَبرأ إلى اهلل أن يكون ذلك
مِنَّا ُح ًّبا يف الفتنة ،أو ح ًّبا يف التوغل يف الحرب ،وإنما هو محافظ ًة على الغريزة،
ومقابل ًة لتلك المفاجأة.
وبعد ورود برقيتكم األخيرة ،تمكنَّا من إدراك سير االبن (فيصل) من
344
السلم والراحة كما نرجو وترجون ،فنرى أن ننتهز الفرصة بوجود األخوين من
ٍ
بعض ،كي يجتمعا بعد ذلك للتعارف والتعاهد أولياء العهد قري ًبا بعضهم من
فيما بينهما من دون ُّ
الش َّيب ،ونرى أن هذه الفرصة من التوفيق إن شاء اهلل ،أما
من جهة (يام) فقد وضحنا لحضرتكم ساب ًقا َّ
أن (يام) ما هتمنا مسألتهم،
عاجًل ِ
وآج ًًل. ً والم ِه ُّم حفظ الصالح ،وعدم االختًلف
ُ
ورجاؤنا أن ذلك ُّ
يحل بين المندوبين بما يرضي الجميع ،وتطمئن به
الخواطر إن شاء اهلل ،ونسأل اهلل أن يحفظنا وإياكم ،ويعيذنا من شرور أنفسنا،
وسيئات أعمالنا ،ويؤيد اإلسًلم والمسلمين بحوله وقوته.
برقية من اإلمام إلى الملك
()1
بتاريخ 24رمضان 1352هـ1934/م
يف يومنا هذا وصل من ولدنا سيف اإلسًلم أهنا تكاثرت الجيوش مع
(يام) والمدافع ،وهاجموا عسكرنا الذي يف (نجران) بغاية الشدة ،وكان ما
كان ،ووصل من الولد عبداهلل بن الوزير ،من ( َعبس) َّ
أن جيوشكم ال زالت
تتكاثر إلى (المخًلف) حتى تشوش األفكار ،وكنا أبرقنا إلى الولد عبداهلل بن
أحمد الوزير ،وأرسلنا كتا ًبا إلى سيف اإلسًلم بمعنى ما عرفناكم ،وقد أكَّدنا
فتفضلوا بتأكيد األمر إلى أمرائكم ،والسًلم.
ما كتبناه إليهم اآلنَّ ،
( )1المصدر :كتاب :المخًلف السليماين ،للعقيلي ،)1092 /2( ،وكتاب :ابن ماضي( ،ص.)202
346
( )1وزارة الخارجية السعودية :بيان عن العًلقات( ،ص ،)118العقيلي ،)1092/2( ،ابن ماضي،
(ص.)202
347
ٍ
حركة ،وتسكين األمور لحدٍّ أن تلقيناها ،أصدرنا األوامر المشددة بتوقف كل
ال يعلم منتهاه إال اهلل.
ٍ
جًلء ووضوحٍ ،وإننا نؤكد عهد اهلل هذا الواقع شرحناه لألخ ِّ
بكل
ٍ
اعتداء ،وال يمكن أن نخالف أي
وميثاقه ،عهد مسلم عربي ،أنه وما يكون منَّا ُّ
ؤخ ًرا ،وقد أكَّدنا على سائر األمراء ،فتفضلوا باألم ِر
الوعد الذي اتفقنا عليه ُم َّ
بإرجاع من وصل (بني مالك) من قبلكم.
ٍ
حركة على الحدود إلى أن تنتهي المشكلة التي نربأ وكذلك بتوقيف كل
إلى اهلل من شرورها ،ونحن لم نرسل االبن (سعود) إال ليكون أشدَّ يف منع أي
عدوان وتجاوز يقع يف أي ٍ
جهة من الجهات ،ويسعى يف توطيد الصداقة بيننا
وبينكم ،فكونوا واثقين باهلل من جهتنا.
ورجاؤنا أن تعجلوا أمركم ألمرائكم يف الحدود بسحب ما بعثوا به
لداخل بًلدنا ،كما نرجو تعجيل أمر المندوبين ،ونسأل اهلل أن يوفقنا وإياكم
لحقن دماء المسلمين يف هذه العشر المباركة من رمضان ،والسًلم.
برقية من اإلمام إلى الملك
بتاريخ 29رمضان
وسرنا كل ما
تلقينا برقيتكم المؤرخة 25و1352/9/26هـ1934/مَّ ،
اشتملت عليه وهلل الحمد والمنة ،وعجبنا جدًّ ا لما رفعه ولدنا سيف اإلسًلم
من خصوص الزحف على عسكرنا يف (نجران) ،والضرب بالمدفع ،وحصول
348
نعم عافاكم اهلل بعد كتابة هذا وصل من ولدنا أنه بلغ إليه وصول أربعة
(مواتر) إلى (نجران) ،وال نظن صدق الناقل إلى ولدنا ،مع ما أكَّدتم من المنع،
وتفضلوا بعطف النظر إلى معرفة الحقائق والسًلم.
الوفــــد اليمني:
آخر ما تم التوصل إليه ،وأوضحته الربقيات المتبادلة ،من الوجهة
السياسية الموافقة على وفدين؛ سعودي ويمني ،يكون اجتماعهما يف «أهبا»
للنظر يف المواضيع المعلقة ،وهي:
موضوع نجران -الحدود -معاهدة لمدة عشرين سنة ـ كف التدخل.
وكما مر بالقارئ الكريم يف برقية اإلمام األخيرة والمؤرخة 29رمضان
سنة 1352هـ1934/م ،وأن رئيس وفده عبداهلل بن أحمد الوزير.
وبعد عيد الفطر ،توجه الوفد اليمني من (صنعاء) صوب صعدة
لًلجتماع بولي عهد اليمن ،والتشاور معه.
بتحركه من صنعاء ،فأمر بتأليف الوفد السعودي
ُّ وأشعر الملك برق ًّيا
المفاوض على الوجه اآلتـي:
1ـ فؤاد حمزة.
2ـ الشيخ عبد اهلل بن زاحم.
3ـ تركي محمد بن ماضي.
350
رئيسا
عبدالوهاب بن محمد أبو ملحةُ ،ولد يف خميس مشيط عام 1303هـ ،عينه الملك عبدالعزيز ً
َّ ()1
لمالية أهبا وملحقاهتا ،ويف عام 1342هـ ترأس هيئة تعيين الحدود بين المملكة واليمن ..وشارك
يف مهام أخرى كثيرة ..انظر :كتاب :رجال وذكريات ،عبدالرحمن بن سبيت السبيت وآخرون،
(ص.)244 -241
( )2بداية المفاوضات مع اإلمام يحيى حميد الدين كانت يف 13ذي الحجة سنة 1345هـ الموافق
1927/6/3م ،واستمرت حتى ـ انتهاء الجولة األخيرة ـ التي عقدت يف (أهبا) يف الفرتة من ( 5ذي
القعدة 1352هـ 18 /فرباير 1934م) ،انظر :كتاب :يف السياسة والحرب واإلدارة ،د .محمد بن
فيصل أبو ساق( ،ص ،)325وكتاب :بيان عن العًلقات بين المملكة العربية السعودية واإلمام
يحيى حميد الدين ،محمد بن عبداهلل آل زلفة( ،ص.)27
( )3الكًلم هنا للشيخ تركي بن محمد الماضي أحد أعضاء الوفد السعودي ،وتًلحظ عزيزي القارئ
من كثرة الربقيات المتبادلة بين الملك عبد العزيز واإلمام يحيى ،حرص العاهل السعودي على
=
351
= الصلح واالتفاق ،وإهنا الشقاق ولكن اإلمام يحيى يظهر من برقياته أمور أهمها :إصراره على
عدم التخلي عن نجران ،كما عمل على توجيه جيوشه إلى بعض المناطق الجبلية واالستيًلء عليها،
وهي فيفا ،وبني مالك ،والعبادل ،بينما الجيش السعودي مراب ًطا على الحدود ولم يتقدم على ما
يليه من األراضي اليمنية ،وذلك بأوامر الملك عبد العزيز رحمه اهلل.
352
تسهيًل
ً ٍ
تجربة لفتح المخابرة بالًلسلكي بين (أهبا) و(صنعاء)؛ طلبوا عمل
لتبادل الربقيات ،وسنجري ذلك حسب طلبهم( .توقيع أعضاء الوفد).
(جواب جًللة الملك عبد العزيز لوفده بتاريخ 4ذي القعدة 1352هـ).
سبيًل
يتم اهلل ما فيه الخير ،وما دام أن هناك ً
علمنا باجتماعكم ،ونرجو أن َّ
للسلم ،فًل تدخرون جميع جهودكم يف سبيل الوصول إليه ما لم يتعدَّ الحد،
ويكون هناك ما ضرره أكرب من نفعه ،وباهلل ثم بكم الكفاية ،وجميع ما عندي
أبلغتكم به من قبل ،أسأل اهلل أن يوفقكم للخير.
االجتماع الثاين:
يف يوم 1352/11/5هـ1934/م عقد االجتماع الثاين بين الوفدين،
ودارت المناقشة ،وكان رئيس الوفد اليمني عبداهلل بن الوزير متوتر األعصاب،
كثير الثرثرة ،رفض البحث يف موضوع (نَج َران) ،وتمسك الوفد السعودي
ٍ
نتيجة. وانفض المجلس دون
َّ بضرورة البحث يف تلك القضية،
وبخروج الوفد السعودي ،وبعد التداول ،رفع لجًللة الملك بالنتيجة،
ثم تًلها بالربقية اآلتية بتوقيع فؤاد حمزة:
جًللة الملك...
رفعنا لجًللتكم برقي ًة من الوفد عن جلستنا اليوم ،وأوضحنا لجًللتكم
أننا وجدنا من ابن الوزير ِحدَّ ًة زائدةً ،وقد ظهرت هذه الحد ُة منذ دخول
حدودنا ،فقد كانوا يف الطريق يظهرون الغطرسة والعظمة ،ويذكرون قوة اإلمام
353
يحيى ،وأنه اشرتى كذا وكذا من المدافع والرشاشات ،وأنه ،وأنه ...إلخ،
وأشاعوا يف اليمن أنكم تنازلتم عن (نجران) و(يام) ،وقد أظهر من الحدة يف
متظاهرا بأنه يريد االنسحاب من
ً جلستنا فوق المعروف ،وكان يقوم ويقعد
الجلسة ،وإنَّي أنتظر إرشاد جًللتكم فيما ترون ،وغدً ا -إن شاء اهلل -يتب َّين لنا
الموقف أكثر من أمس(.)1
فأجاهبم جًللته بالربقية اآلتية
بتاريخ 1352/11/7هـ1934/م
ا َّطلعنا على ما كان بينكم وبين الوفد اليمنيَّ ،
وأن ما أظهره ابن الوزير
من الحماقة لم يكن َفأ ًال حسنًا للمستقبل ،وأنتم سيروا معهم ً
سيرا حس ًنا
ٍ
بأدب ،وأخربوهم بأن الشدة مواف ًقا ،قابلوا اللين بمثله ،والشدة بمثلها ،ولكن
ال تضر يحيى ،وال ُت ِذ ُّلنا ،وإنما تعرقل المساعي السلمية ،وإن كان المقصود
من قدومهم الصًلح وحفظ الحقوق ،فذلك المطلوب ،وإن كان األمر غير
ذلك ،فًل يأسف إال فاعل الس ِ
وء ،والعاقبة للمتقين ،أملي يف إصًلحهم ُّ
ً
حاال أمرت جنودي باالستعداد ،فإن حصل الصًلح، ضعيف ،كذلك
السلم
قوة إال باهلل ،أما ِّ
فاالستعداد ما به نقص ،وإن كان غير ذلك ،فًل حول وال َّ
ٍ
شيء(.)2 فنحن نحبه ،و ُنقدِّ مه على كل
( )1المصدر :كتاب :المخًلف السليماين ،)1097 ،1096/2( ،وكتاب :ابن ماضي( ،ص.)206
( )2المصدر :كتاب :المخًلف السليماين ،)1097/2( ،وكتاب :ابن ماضي( ،ص.)207
354
توالي الجلسات:
وتوالت الجلسات بين الوفدين ،وكان ابن الوزير يف تحامل على فؤاد
تحامًل شخص ًّيا ،وال يتجاوب مع أعضاء الوفد السعودي يف اقتصار
ً حمزة
البحث على المواد التي كانت موضع الحوار بين العاهلين ،وهي (الحدود)،
ورفع التعدي على األقسام التي احتلتها الجيوش المتوكلية ،وموضوع
(نجران) ،وإبرام معاهدة أخوية دينية سياسية بين البلدين ،مما كان هو الغاية
صر
يف اجتماع الوفدين ،كما نصت عليه الربقيات المتبادلة ،وكان ابن الوزير ُي ُّ
إصرارا قاط ًعا على عدم البحث يف موضوع (نجران) ،أو انسحاب جيشهم منه،
ً
ٍ
حلقة ٍ
جلسة من تلك الجلسات التي تدور يف والوفد يرفع بدوره ما كان يف كل
ص يف موضوع َ ٍ
مفرغة نتيج ًة لعدم التجاوب من الوفد اإلمامي،
وباألخ ِّ
(نجران).
ٍ
جلسة ،كان الوفد اإلمامي وكما كان الوفد السعودي يرفع بما دار يف كل
بدوره يرفع لإلمام.
وبتاريخ 17ذي القعدة سنة 1352هـ1934/م ،ورد للوفد السعودي
الرسالة اآلتية:
َوفدنا الكريم يف أهبا ـ مكة المكرمة يف 1352/11/17هـ1934/م.
السًلم عليكم ورحمة اهلل وبركاته ،أشرفنا على برقية اإلمام يحيى
لرئيس وفده التي زعم فيها َّ
أن مسألة (نجران) خلصت بيننا وبينه ،وقد سمعنا
355
( )1يقول فؤاد حمزة يف كتابه «يف بًلد عسير» ،وكان هو ضمن الوفد المفاوض والممثل للمملكة العربية
السعودية على حل مشاكل الجنوب« :لقد أبرق اإلمام يحيى للملك ابن سعود مسرتيبًا من اتصال
أهل ن جران من اليامية بأمرائه يف عسير ،فأراد ابن سعود أن يبعد الريبة بشكل مقبول ،فأبرق إليه
تأولها اإلمام يحيى لمصلحته ،وكأنه قرأ فيها تنصل ابن سعود من نجران واليامية ،فأمر جنده
برقية َّ
بالتقدم الحتًلله ،بينما كان وفد ابن سعود يدخل حدود اليمن من جهة هتامة للمفاوضة يف مشروع
وتم احتًلل نجران فلجأ أهله إلى ابن
قائًل« :فشل الوفد يف مهمتهَّ ،
حلف عربي عظيم» .ويستطرد ً
سعود يطالبونه بحمايتهم وفا ًء بعهده الذي قطعه منذ سنين» (ص )10يف بًلد عسير ،راجع صفحة
( )159من هذا الكتاب ،راجع كتاب :نجران الواحة واإلنسان ،عبداللطيف طاهر العًلقي،
(ص.)25
356
وقد أفدناه أنَّنا ال نحب المداخلة يف (يام) سوى (نجران) ،ومداخلتنا يف
(نجران) ال للتو ِّلي عليها ،إنَّما هي ٌ
أمور قديم ٌة من آبائنا وأجدادنا عليهمَّ ،
وأال
يكون منهم حركة تحدث على أطراف العربان المجاورين لهم ،وال يكون
عليهم حركة تضرهم ،هذا معنى الربقية ،ونصها عندكم.
إيضاحا يف المسألة ،فأجبناه ليكون مطمئن
ً وقد وردتنا برقي ٌة يستزيدنا
الخاطرَّ ،
وأن العمل بيننا وبينه يف مسألة (نجران) هو على ما كان بين مندوبيه،
وبين مندوبنا السابقين (ابن دليم) و(ابن ماضي) يف عام 1346هـ ،ونص تلك
الربقية عندكم .معنى ذلك أن مندوبينا حين ب َّينوا الحدود ،وذكروا أن من
ً
وشماال لنا. (وائلة) ،وجنو ًبا لـ (يحيى) ،ومنها
والدليل األعظم على تابعية (نجران) لنا يف السابق والًلحق :الكتب
الموجودة بينهم وبين آبائنا وأجدادنا ،وسيرتنا معهم(.)1
أيضا ،ومن زمان (الدرعية)( )2إلى اآلن يجري من (أهل نجران) وعليهم
ً
حوادث من أهل (نجد) ،ولم يعرتض عليها أحدٌ ؛ ال من (الرتك) من قبل ،وال
من (اإلمام يحيى) من بعد.
َّ
وأن (باديتهم) منذ َّ
والنا اهلل (نجد) ثم (عسير) من بعده ،ونحن نأخذ
الزكاة منهم ،فهذا دليل واضح مثل الشمس.
ٍ
صمت ٍ
بجواب ،وبعد برقية جًللته على الوفد اليمني حرف ًّيا ،لم ُتسعفه الحيرة
أعقبه استفاقة ،طلب رئيس الوفد اليمني صورة الربقية ،فأجابه رئيس الوفد
ٍ
جديد قطعه الصمت من
ُ السعودي بأنه وزمًلءه سيفكرون يف طلبهمَ ،و َر َ
ان
الوفد السعودي بقوله :هل تقبلون باقرتاحنا األول بشأن (نجران)؟
الوفد اليمني :ال.
الوفد السعودي :إ ًذا ،أنتم تصرون على التمسك (بنجران) ،فهل تعلمون
بأن ذلك يؤدي إلى الحرب ال محالة.
الوفد اليمني :إننا أوضحنا ما عندنا ،ويف اعتقادنا أننا لم ُنخطئ ،وما
تحملنا مش َّقة السفر إال العتقادنا أن المسألة منتهية.
الوفد السعودي :ليس عندنا إال ما أخربناكم به.
تم.
الوفد اليمني :سوف نرفع لإلمام بما َّ
وانفضت الجلسة ،وانصرف ٌّ
كل إلى ُن ُزله.
واتصل اإلمام بالملك برق ًّيا ،ويظهر أن هذا االتصال نتيج ًة لما رفعه
وفده ،وقد أجابه الملك بالربقية اآلتية:
يف 1352/11/6هـ1934/م سيادة األخ اإلمام يحيى.
تل َّقينا برقية األخ المؤرخة غرة الحجة 1352هـ1934/م ،وإنا نأسف
مما ال يتحمله
لما وصل إليه الموقف بسبب الخًلف والتطويل الذي حدث َّ
غيرنا ،وقد سبق َأن أخربناكم بما فهمناه بأن رغبتكم يف المطاولة بغية تعجيزنا
359
وإمًللنا كما ذكر بعض رجالكم ،وقد نفيتم ذلك بالقول ،وكانت النتيجة
بقبولنا وصربنا أن ألحقت (الجبال) بـ (نجران).
ثم تذكرون بأنَّكم توفون معنا بالعهود ،وأنكم لم تقبلوا أعداءنا ،وأنكم
َّ
تعاملوننا معاملة األخ ألخيه ،والصديق لصديقه ،وهذا كًل ٌم مع مقارنته
أن األم َر ُد ِّب َر ب َليلٍ ،ما دامت
يأسنَا ،وتقرر عندنا َّ
باألفعال التي فعلت ،أ َّيدَ ت َ
األقوال تنقصها األفعال.
فالجبال قد أخذت بعد العهد ،واألدارسة بعد الوعد برفعهم مدوا
وساعدوا لعمل الفتنة ،فلم يبق ما نرجوه من الصًلح.
والحقيقة أننا نحن الجناة على أنفسنا ،أهملنا أهل (نجران) ،ثم َل َّبثنَاهم
عن العمل ،ومنعنا المساعدة لهم رجاء التفاهم(.)1
وكذا أهملنا أهل (فيفا) و(الجبال) ،وأوقفنا إمدادهم؛ طل ًبا للسلم إلى
أن وقع ما وقع ،وبعد هذا كله ،وبعد أن أع َيتنا جميع المراجعات والمكاتبات،
يبق لنا إال َأن نخرب حضرتكم
واستنفذنا سائر الوسائل السلمية الممكنة ،لم َ
( )1وحينما بدأ أهل نجران يشعرون بأن حكومة اليمن تختلق المعاذير كمقدمة أولى لتربير مهاجمة
نجران أجروا اتصاالهتم مع الملك يف الرياض ،وأمير عسير عبداهلل بن عسكر يف أهبا ،يمثلهم الشيخ:
جابر بن حسين معلنين تخوفهم من هتديدات اإلمام ،فأجاهبم الملك بقوله« :ومن طرف يحيا
فًلهوب جايكم؛ ألنكم رعية لنا ورعيتنا ما يعارضهم ،وال جايكم إال إنسان يبي يجينا ،وأنتم إن
شاء اهلل البدكم جايينا والجواب من الراس» ،رسالة من الملك عبدالعزيز إلى جابر بن حسين آل
مانع (أبو ساق) بتاريخ 26من رجب 1351هـ .انظر :كتاب :عسير يف عهد الملك عبد العزيز ،د.
محمد بن عبداهلل آل زلفة( ،ص.)180
360
بالصراحة التي نراها واجب ًة علينا ،وكرام ًة لحضرتكم عن الخداع بأننا توكلنا
وقوته على أداء الواجب الذي يحفظ أمانتنا،
على اهلل ،واستمددناه من حوله َّ
ويؤمن رعايانا ،ويصون شرفنا ،وأمرنا بالدفاع إلنقاذ بًلدنا.
وقد أحببنا إحاطتكم هبذا العزم لتكونوا على ٍ
بينة منه ،وباب السلم
مفتوح إذا أردتموه ،وليس عندنا غير ما طلبناه يف السابق ،وهو:
أوال :إخًلء (الجبال) ،وإطًلق رهائنهم ،وترك أمرهم مِنَّا إليهم، ً
ٍ
بمعاهدة. وتحديد الحدود بيننا وبينكم
ثان ًيا :إبعاد األدارسة بالمحل المقرر.
ثال ًثا :عدم المساومة بـ (نجران) بأي ٍ
حال من األحوال.
وإن األعمال التي سنعملها -إن شاء اهلل -من الدفاع عن شرفنا ال يمنع
السلم ،ونحن معذورون فيها.
وقد تقدمت الجنود متوكل ًة على اهلل ،والتوفيق بيد اهلل.
برقية جوابية من اإلمام يحيى للملك
()1
بتاريخ 1352/12/10هـ1934/م
تل َّقينا برقية األخ بتاريخ 52/12/6يف يوم عرفة ،ونشكر األخ لإلفصاح
بتوجه أجناده علينا ،فنقول( :ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ) ،وإنَّا مع ذلك
سنلتزم السكون ،راجين تًليف األخ للسلم والصداقة ،خائفين من دسائس
( )1المصدر :كتاب :المخًلف السليماين ،)1102/2( ،وكتاب :ابن ماضي( ،ص.)212
361
ٍ
شيء قطع ًّيا غير ما عرفناكم. وأطماع األجانب ،ولم يكن هناك اختًلف يف
إنَّا أمرنا برفع اإلدريسي من الجبال إلى صعدة ،وكان آخر ما عرفناكم
من تعويل أهل الجبال علينا لتأمينهم ،ولما كان بـ (نجران).
أ َّما وعدنا لكم من إرجاع (الجبال) ،وإطًلق الرهائن ،ورفع األدارسة
كما تراجعنا به ،والمعاهدة لعشرين عا ًما ،وإبقاء الحدود كما هي عليه ،فهذا
نحن ملزمون به إلى اآلن مع اإلنصاف يف بًلد (يام).
حرر هذا يف يوم عيد األضحى المبارك األكرب ،أعاده اهلل علينا وعليكم
بالخير.
برقية جوابية من الملك إلى اإلمام
بتاريخ 1352/12/10هـ1934/م
تلقينا برقية األخ المؤرخة 10منه ،أما شكر األخ لنا على اإلفصاح،
وإخباره بتوجه جنودنا ،فيأبى اهلل أن يكون عندنا غير اإلفصاح يف جميع أقوالنا
وأفعالنا.
وأما قولكم( :ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ) ،ونحن نقول:
(ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ) على المعتدي منَّا ،المتجاوز على
الحدود ،ونرجو من اهلل من كان قصده اإلصًلح والعافية أن يؤ ِّيده وينصره،
ومن قصده الشقاق منا أن يعمل بالباطل غير عمله بالظاهر أن يجعل كيده يف
نحره ،ويكفي المسلمين شره ،ويشمت به األعداء.
362
وأما السلم ،فأشهد اهلل ومًلئكته أين أحب السلم مع جميع الخلق،
خصوصا ،مثل ما أحب السلم مع والدي عبد الرحمن.
ً ومعكم
فأ َّما خوفكم من دسائس األجانب -وهلل الحمد -أحرص منكم على
ذلك ،ولدينا شاهد َقوي ،وهو لما كان مندوب حكومة بريطانيا يفاوضكم،
رأينا تعديكم وتجاوزكم على حدودنا ورعايانا ،تركنا مقابلتكم بالمثل حتى
لئًل يقال :إهنا دسيسة أجنبية ،فهذا أكرب شاهد لنا.
تخلصوا معهم؛ َّ
وأما الخيانة يف العهد ،فهذا مثل الشمس ،انظر يف برقيتكم ،دخلتم
الجبال ،وأرسلتم اإلدريسي ليبث الدسائس والفتن بعد قبولكم رفع
اإلدريسي ،وعمل معاهدة عشرين سنة بيننا وبينكم ،فهذا شاهد لنا أكرب من
الجبال على نقض العهد ،وذلك دخولكم بًلدنا بعد االتفاق ،ونحن تأخرنا
عن العدوان بمثله لما رأينا مفاوضاتكم اإلنكليز.
أ َّما اآلن ،فأهل الجبال رعايانا ،وليس لكم حق بالمداخلة يف شأهنم بأي
ٍ
وجه من الوجوه إال أن تكونوا محت ِّلين محاربين.
فأ َّما أماهنم ،فقد أعطيناكم األمان عليهم ،واآلن نعطيكم أمان اهلل ،وعهد
اهلل أن ما يأتيهم منَّا مثقال حبة خردل جزاء ما فات ،إال إن عملوا فيها بعد أمركم
مخال ًفا« ،واهلل تعالى واحد» ،ومن غدر يف العهد األول ،غدر يف العهد الثاين.
فإن كنتم تريدون السلم والعافية بيننا وبينكم ،فأقول لكم:
المسألة األولى :رفع جنودكم واإلدريسي ً
حاال يف ظرف أيام قليلة من
363
( )1أخذ من منطقة (بني مالك) ستين رهينة ،ومن منطقة (فيفا) خمسين رهينة ،وقد ضمنت اتفاقية
الصلح بين المملكة المتوكلية والمملكة العربية السعودية العديد من البنود التي تخص الرهائن،
حيث ُأ ِلزم اإلمام بإطًلق جميع الرهائن التي أخذها من المناطق التي أصبحت ضمن الحدود
السعودية .راجع :كتاب« :نظام الرهائن يف عهد المملكة المتوكلية اليمانية» ،أمين محمد علي
الجرب( ،ص.)95
364
يف الجواب ،والبت فيما ذكرنا لكم قبل حصول ما ال يمكن تًلفيه ،والسًلم.
(جواب جاللة الملك عبدالعزيز إلى اإلمام
بتاريخ 1352/12/11هـ1934/م)
تل َّقينا برقية األخ المؤرخة 11منه ،وتطلبون منا اإليضاح بشأن بًلد يام،
وقد عرفناكم ساب ًقا أن يكون محايدً ا بيننا وبينكم ،وأن تكون بًلد يام التي
()1
تحت أيديكم يف السابق لكم ،والذي تحت أيدينا يف السابق لنا ،مثل (هدادة)
و(ح ُبونا) ،وهذا ما ذكرناه لكم يف السابق ،إذا صار نجران محايدً ا.
و(بدر) ُ
ولكننا نوضح لكم مسألة (هدادة) و(بدر) و(حبونا)؛ ألن (بدر) بأيدينا
(ح ُبونا) ،وعمدتنا
من سابق منذ دخول (اإلخوان) ومعاهدهتم معنا ،وكذا ُ
القرار الذي كان بين مندوبيكم ومندوبينا ابن دليم وابن ماضي عام
ً
وشماال فهو لنا ،وما كان من 1346هـ1928/م ،وذلك ما كان من (وائلة)
( )1هدادة :من القرى التابعة لمحافظة بدر الجنوب ،وهي من القرى المشهورة التي سكنها المكارمة
عند وصولهم للمنطقة ،وما زالت مزارعهم وقصورهم شاهدة على ذلك ،وقد استخدمها الجيش
اليمني عند احتًلل نجران كنقطة عبور إلى الخانق؛ (حيث مقر القيادة للقرى الشمالية لبًلد يام)،
وهي تبعد عن محافظة بدر الجنوب حوالي ( )60كيلو مرتًا ،وعن نجران )90( :كيلو مرتًا ،ويتبع
لها العديد من القرى واألحياء مثل :صلة ،والعبالة ،والعطف ،والطاهرة ،والرون ،ورغوان،
والسامك ،والمرخ ،والصماء ،وبراش ،وغيرها .انظر :كتاب :السياسة والحرب واإلدارة ،د.
محمد بن فيصل أبو ساق( ،ص ،)340وكتاب« :الربق المتألق يف رحلة موالنا سيف اإلسًلم إلى
المشرق» ،مخطوطة ،صاحبها رافق ولي العهد :أحمد يحيى حميد الدين يف حرب نجران،
(ص.)127
365
(وائلة) وجنو ًبا فهو لكم ،وهذا الذي كنا نعتمد عليه يف السابق والًلحق.
ولما جرى االختًلف ،وكان من َتعدِّ يكم على (نجران) ،طلبنا بالقرار
المتقدم بيننا وبينكم ،واقرتحنا أن يكون (نجران) محايدً ا ،مع العلم أن (بدر)
و(حبونا) و(هدادة) تكون على حالها السابق؛ ألهنا بأيدينا ،وهذا الذي نقصده
من ذلك ،إذا حصل قبولكم الحياد يف (نجران) كما َّ
أن (وائلة) وغيرها من
اختًلف فيه ،لذا
ٌ (يام) تكون بأيديكم؛ َّ
ألن االشرتاك يف نفس (نجران) قد يقع
أحببنا حياده؛ ألنه أقرب للتفاهم ،وأضمن لحسن السيرة(.)1
وحيث إنكم أصررتم على احتًلل (نجران) ،وتفاقم األمر ،وكرهنا
ذلك ،وح ًّبا للصلح والسًلم ،اقرتحنا أنكم إذا لم توافقوا على حياد نفس
ٍ
وحاضرة لكم ،ورؤوسهم ٍ
بادية (نجران) ،يكون من تحت أيديكم من أهل
أخيرا ،فنرجوكم التدقيق فيه،
وبًلدهم ،هذا هو التوضيح الذي عرفناكم به ً
بالر ِّد بكًل ٍم واضحٍ لينفصم األمر ،وينقضي
وإبعاد التأويل عنه ،واإلسراع َّ
أخيرا(.)2
المشكل الذي عرفناكم به ً
ونرجو اهلل أن ينصر دينه ،ويعلي كلمته ،ويكبت أعداء الدين ،ويحقن
دماء المسلمين ،وأن ُيخ ِز َي كل ٍّ
عدو للدين.
فإذا عزمتم على المسألة بـ (نجران) بإحدى الصفتين اللتين ذكرناهما
(نجران) و(الجبال).
هذا ردنا على برقيتكم ،وأفكارنا قد َّأول ُت ُموها ،والحقيقة التي عليها
مؤخرا بربقيتنا بتاريخ 1352/12/11هـ1934/م،
ً المعول هو ما أبرقناه لكم
فتأملوها عافاكم اهلل.
كما أبرق له الربقية بتاريخ 1352/12 /17هـ1934/م بشأن ابن
الوزير.
برقية من اإلمام إلى الملك
بتاريخ 1352/12 /17هـ1934/م
تلقينا برقية األخ المؤرخة ،52/12/17وإنما َأردنا بوصول السيد عبد
اهلل بن الوزير إلى حضرتكم ليكون منه إليه من المراجعة ما نراه للعرض
ٍ
يسيرة إن كان ٍ
لمدة عليكم ،والتفاهم الكامل ،وال بأس هبذا يا حضرة الملك
الوفاق ،وإال فًل يفوت عليكم شيء ،واألناة من اهلل ،والعجلة من الشيطان،
والسًلم عليكم(.)1
( )1وزارة الخارجية السعودية :بيان عن العًلقات( ،ص ،)167العقيلي ،)1108/2( ،ابن ماضي،
(ص.)217
369
تسحبون جنودكم من بًلدنا التي دخلتموها بعد العهد بيننا وبينكم ،وأن تطلقوا
رهائن أهلهاَّ ،
وأال تدخلوا يف شؤوهنم ،وقد أعطيناكم األمان الذي طلبتموه لهم،
وعفونا عنهم ،ولم نعاتبهم على ما فات منهم؛ ألنَّهم معذورون إذ طلبوا النجدة
منا ل ِ َر ِّد عدوانكم ،فلم ُن ِجب ُهم الستبعادنا أن يقع ذلك منكم علينا.
ثان ًيا :طلبنا منكم اإلنصاف يف (نجران) ،واقرتحنا أن يكون محايدً ا بيننا
وبينكم ،وأن يكون ما بِ َجنُوبه من البلدان لكم ،وما بشماله من البلدان أن يكون
و(ح ُبونا) ،وما بينهما ،فإن كنتم ال توافقون على
لنا مثل (بدر) و(هدادة) ُ
حيادة ،فاقرتاحنا أن يكون من تحت أيديكم من أهل نجران لكم هم وبلداهنم،
ومن كان تحت أيدينا من أهل (نجران) هم وبًلدهم لنا ،وهذا عدا ما هو واقع
جنوب (نجران) أن يكون لكم ،وما هو شمال (نجران) مثل (بدر) و(هدادة)
و(ح ُبونا) ،فهو لنا كما تقدم ،وإنِّي أكرر هذا الطلب ،وأنا على خير رجاء
ُ
توضيحا
ً بالنجاح؛ َّ
ألن المعاملة التي عاملتمونا هبا آيستنا من النجاح ،ولكن
للحقيقة ،وبراء ًة للذمة.
ٍ
ظاهر واضحٍ غير قاب ٍل للتأويل مستعجل فوق ٍ
شيء أ َّما إيقاف العمل بغير
العادة ليس باإلمكان؛ َّ
ألن األمر قد فرط ،وباب السلم مفتوح إذا عزمتم على
إتمام ما كان تقرر بيننا ،وقد مضى علينا عدَّ ة أشهر ،والعدوان يتمادى علينا ،ولم
جد جميع المراجعات فائدة ،فلم يكن لنا مندوحة عن الدفاع الذي أمرنا به(.)1 ُت ِ
( )1انظر :وثيقة رقم :)148( :كتاب :وزارة الخارجية السعودية( ،ص ،)168 ،167وكتاب:
ابن ماضي( ،ص ،)219وكتاب :المخًلف السليماين (.)1110/2
371
( )1انظر :كتاب :كنت مع عبدالعزيز ،تأليف :الدكتور :عبدالرحمن بن سبيت السبيت وآخرون،
(ص ،)136وكتاب« :دخول نجران يف العهد السعودي»( ،دراسة تاريخية وثائقية) ،تأليف :د.
علوي عمر فريد( ،ص ،)109 ،105 ،89وكتاب :نجران األرض والناس والتاريخ ،سيد الماحي،
(ص( .)32الحديث هنا لشريف بن جابر أبو ساق).
372
( )1المرجع :كنت مع عبدالعزيز ،تأليف :الدكتور :عبدالرحمن بن سبيت السبيت وآخرون،
=
375
الباب الثاين
الفصل الثالث :النزاع على نجران:
ٍ
ألحد من قبل ،فقد كانت معروف ًة لم تكن نجران تدين بالوالء والتبعية
بأهنا منطقة صحراوية ،وكانت معظم قبائلها شبه بادية يتنقلون يف الصحراء
رغم امتًلكهم األراضي الغنية بالحبوب والتمر والمواشي ،وامتًلك الخيول
فضلون كسب معيشتهم عن طريق الغارات
العربية األصيلة واإلبل إال أنَّهم ُي ِّ
والغزوات التي كانوا يشنُّوهنا ضد القبائل المجاورة لهم ،وقد فشلت كل
مركزية ٍ
قوية ،والمرجعية التي كانت تتولى ٍ ٍ
لحكومة المحاوالت إلخضاعهم
= (ص ،)152وكتاب« :دخول نجران يف العهد السعودي»( ،دراسة تاريخية وثائقية) ،تأليف :د.
علوي عمر فريد( ،ص.)105 ،104
( )1انظر :كتاب :البيان يف تاريخ جازان وعسير ونجران ،تأليف :عبد الواحد محمد راغب دالل،
( ،)19 ،18/2وكتاب« :دخول نجران يف العهد السعودي» ،تأليف :د .علوي عمر فريد،
(ص.)89
وتم أسره ،أي الدَّ اعي: ( )2عندما تم تدمير حصن عتّارة يف َحر َاز من قِ َبل (األتراك) َّ
وسوى حصنه باألرضَّ ،
الحسن بن إسماعيل شبام (الداعي رقم )41( :راجع ترجمته( :ص ) 184من هذا الكتاب) .ولكنه
=
376
( )1راجع :كتاب :المطامع السعودية يف اليمن ،د .محمد بن علي الشهاري( ،ص.)128
( )2المصدر :كتاب :وزارة الخارجية السعودية( ،ص.)7
( )3كتاب :توحيد المملكة العربية السعودية ،محمد المانع ،تحقيق :عبد اهلل بن الصالح العثيمين،
الموحد يف مسيرة التوحيد والبناء ،تأليف :الدكتور :عثمان بن
َّ (ص ،)198وكتاب :مع الملك
صالح العلي الصوينع ،الطبعة األولى (1420هـ 1999 -م)( ،ص.)225
378
( )1المرجع :تاريخ المخًلف السليماين ،تأليف :محمد بن أحمد العقيلي.)1112/2( ،
( )2نبذة عن جريدة المقطم المصرية ،صدر العدد األول منها يف الرابع عشر من فرباير سنة 1889م،
وهي جريدة يومية سياسية تجارية أصدرها فارس نمر ويعقوب صروف وشاهين مكاريوس ،والتي
سجًل تاريخيًّا للفرتة من (1353 - 1351هـ) ،وكانت تعتمد على المصادر الخارجية يف
ً تعد بحق
األخبار مثل -1 :وكالة األنباء العالمية -2 .الصحافة األجنبية -3 .المراسلون الذين تعينهم
الصحيفة يف العواصم األجنبية -4 .المراسلون يف الحديدة وعدن وأسمرة -5 .إعادة نشر ما كتب
يف جريدة أم القرى واإليمان التي كانت تصدر يف اليمن والحجاز.
( )3انظر :كتاب :العًلقات السعودية ـ اليمنية ،يف سنتي (1352 - 1351هـ1934 – 1933 /م)،
أ.د/.محمد بن سعيد منشط الشعفي( ،ص ،)172وكتاب :المطامع السعودية يف اليمن ،د .محمد
بن علي الشهاري( ،ص.)130
380
( )1لم يثبت تاريخيًّا أن نجران كانت تابعة لصنعاء سواء طوال العصور اإلسًلمية األولى أو العصور
الحديثة ،بل إن الحقائق التاريخية تؤكِّد والء أهل نجران آلل سعود راجع :الباب الثاين -الفصل
األول (ص )263-239من هذا الكتاب.
( )2كتاب :كنت مع عبد العزيز ،للدكتور :عبدالرحمن بن سبيت السبيت وآخرون( ،ص.)152
( )3راجع الوثيقة رقم ( ،)8التي وقعها اإلمام يحيى حميد الدين مع بعض مشايخ نجران( ،ص) 591
ملحق الوثائق من هذا الكتاب.
381
مدعوم ًة بقواعد خطية توثق لنو ٍع من العًلقات اإليجابية المبنية على التعاون
والوفاء ،كما أشرنا إليها يف( :الفصل األول من الباب الثاين من هذا الكتاب)،
وقد لجأ اإلمام يحيى إلى تحرير هذه الوثيقة وهو محاصر بالمشروع السياسي
للمحادثات بين وفد الملك عبدالعزيز ووفد اإلمام يحيى ،وقد بدأت
اعتبارا من سنة 1345هـ ،وظلت مستمر ًة حتى تحرير
ً المحادثات بين الطرفين
هذه الوثيقة .ومن الطبيعي لمشايخ القبائل الذين وقعوا عليها أن يبحثوا عن
ٍ
هتدئة لألمور ،وأن يسعوا لما فيه مصلحة بًلدهم ،غير أن هذه الوثيقة كل
جاءت بمثابة الخديعة والمكر من اإلمام يحيى بغرض قطع الطريق على
المحادثات التي كانت تتم بين أهل نجران والملك عبدالعزيز.
وتكشف هذه الوثيقة عن أحد أهم أسباب مماطلة اإلمام يحيى يف
اجتماعات اللجنة السعودية اليمنية المشرتكة ،وتأخير أعمالها ،وإبقائها يف
حرر هذا االتفاق مع ٍ
صنعاء فرتة طويلة دون أية نتيجة .وكان اإلمام يحيى قد َّ
بعض المشايخ ،وفشل يف الحصول على توقيع من مشايخ آخرين( ،)1وبالتالي
( )1من المشايخ المعارضين على توقيع هذه الوثيقة مع اإلمام يحيى( :جابر بن حسين أبو ساق) .يقول
صاحب كتاب« :الربق المتألق( ،»....ص« :)136وكان من فرار الشيخ جابر بن حسين بن مانع
(أبو رجل) أحد مشايخ يام مستنجدً ا النجود وداع ًيا لهم إلى حرب عساكر اإلمام .وكان هذا هو
ا للقب الذي ينعت به (الشيخ جابر بن حسين بن مانع)؛ إذ كانت إحدى ساقيه أكرب من األخرى،
وقد تغ َّير هذا اللقب بعد مقابلة الشيخ جابر للملك عبد العزيز ،وتوطد العًلقة بينهما؛ حيث أطلق
=
382
= عليه الملك عبدالعزيز لقب (أبو ساق)» .انظر :كتاب :نجران ،محمد أبو ساق( ،ص،)212
وكتاب :د .عبدالرحمن بن سبيت السبيت وآخرون( :كنت مع عبدالعزيز)( ،ص.)147
)1( Political Intelligence Summary For the week ending I8th July1933
( )2راجع كتاب :نجران ،د .محمد بن فيصل أبو ساق( ،ص.)233 ،232
383
( )1برط :جبل مشهور يف الشمال الشرقي من صنعاء ،وفيه قرى كثيرة ومزارع ،يسكنها قبائل ذي غيًلن
من بكيل «الحجري ،مجموع البلدان»( ،ص.)108 ،107
( )2انظر :كتاب :نجران ،د .محمد بن فيصل أبو ساق( ،ص.)212
384
( )1بعد غزو جيش يحيى حميد الدين لنجران عام 1352هـ1933/م بقيادة ابنه أحمد ،وتمكنت من
مقرا للجيش الغازي ،وقلعة
احتًلله بعد مقاومة عنيفة ،وبناء قلعة عسكرية على جبل رعوم لتكون ًّ
(الحضن) يف نجران ،وقد
َ رعوم :قلعة صخرية تاريخية تقع على قمة جبل رعوم الذي يتوسط قرية
بنى الجيش اليمني هذه القلعة الستخدامها نقطة مراقبة واستكشاف ،ووقع االختيار على جبل
رعوم لموقعه االسرتاتيجي وصعوبة الوصول إليه؛ حيث يبلغ ارتفاعه 450م تقريبًا ،وظلت هذه
القلعة حتى انتصر الجيش السعودي بقيادة الملك سعود ،والملك فيصل على القوات اليمنية،
وتحولت القلعة إلى نقطة مراقبة أمنية للدوريات السعودية حتى عام 1372هـ لتتحول بعدها إلى
معلم سياحي وأثري ،والقلعة مبنية من الحجر والطين ،وتحتوي على غرفتين وخزان مياه منحوت
يف الصخر ،والقلعة مسقوفة بخشب النخل والسدر واألثل ،ويؤدي لها طريق واحد على شكل
درج ،وهي محاطة بسور خارجي كبير مشيد من الحجارة المربعة ،ويزينه من أعًله شرفات دفاعية،
وبداخله خمس غرف مبنية من الطين والحجارة والجص ،وسقفها من خشب النخيل واألثل
والسدر ،وال تزال واضحة المعالم حتى اآلن .للمزيد :انظر :مجلة الجمعية التاريخية السعودية،
العدد ( ،)36ربيع الثاين 1439هـ2017/م ،د .زهير بن عبدالكريم الشهري( ،ص،)138 ،137
وصحيفة الشرق األوسط :العدد 9 ،11441ربيع ثاين 1431هـ26/مارس 2010م؛ وصحيفة
اليوم ،العدد 24 ،15248جمادى األولى 1431هـ 15/مارس 2015م.
( )2الموفجة :قرية زراعية جميلة غزيرة المياه كثيرة البساتين تقع يف حلق وادي نجران بعد السد.
البًلدي بين مكة وحضرموت( ،ص ،)191وكتاب :يف بًلد عسير ،فؤاد حمزة( ،ص (.)182
( )3المصدر« :الربق المتألق يف رحلة موالنا سيف اإلسًلم إلى المشرق» ،محمد بن عبدالرحمن بن
شرف الدين( ،ص.)101
385
يقول صاحب كتاب «الربق المتألق»« :وما زال موالنا -أيده اهلل -يجمع
الجموع ،ويرسلها ً
جيشا بعد جيش إلى أخيه سيف اإلسًلم الحسن إلى
()1
كتاف؛ ليمدَّ هبم َمن دخل نجران من العساكر اإلماميةَ ،وليكون مطرح
استئصال بقية بًلد الفرقة اليامية»(.)2
ولم يستطيعوا الوصول إلى جبل أبي همدان ،والحضن وتوابعه إال يف
العشر الوسطى من شهر صفر.
وحلي النساء ،وما وقعت أيديهم عليه.
وقد استمروا يف هنب البيوتُ ،
يقول صاحب كتاب «الربق المتألق»« :وغنم عسكر اإلمام مغانم كثيرة،
ولباسا ،حتى إنه بلغ أن جيش
ً وحل ًّيا
ونحاسا ُ
ً ً
وفرشا ومقادير من التمر كبيرة،
الشام أوقروا مائة جم ٍل من بعض ما غنموه ،وطاب لهم ليأكلوه ،ووصلت
ال ُبشرى هبذا النصر المبين»(.)3
ثم استمرت المعارك مع الجيش اليمني حتى وصلوا إلى الحضن
وخشيوة قلعة داعي المكارمة بعد تغلبهم على جبل أبي همدان ،ومحل
الصفا ،وجبل هنوقة والعان ،وكان ذلك يف منتصف شهر صفر من عام
َّ
1352هـ.
وأثناء هذه المعارك المتواصلة بين الجيش اليمني وأهل نجران ،وصل
إلى صعدة من مشايخ نجران :مانع بن حيدر ،ووضع صنوه (مانع الصغير)
أيضا
رهينةً ،وطلب من ولي العهد اليمني أمانًا للشيخ جابر بن نصيب ،ووفد ً
الشيخ محمد بن غانم المنصوري من آل منصور ،ووضع نفسه رهين ًة على
قبيلة آل منصور إلى وصول ولده وأخيه(.)1
وانتقلت قيادة الجيش اليمني إلى الحضن (نجران) يف 3من شهر ربيع
أول لعام 1352هـ ،بقيادة الحسن بن يحيى حميد الدين ،ويف الشهر المذكور
وفد إلى صعدة الشيخ :حسن بن زيد وبذل الطاعة الكاملة ،وطلب أمانًا
قافًل إلى أصحابه.
لمشايخ معلومين من نجران ،وبعد أخذ األمان ،رجع ً
تم لهم االستيًلء على الحضيرة وصنعاء( ،)2ثم صدر
ويف هناية الشهر َّ
األمر إلى الحسن بن يحيى بإرسال العساكر اإلمامية بعد تزويدهم بكل ما
يحتاجون إلى القرى التالية( :آل أبي غبار ،وصاغر( ،)3ورجًل ،وأبو ثامر ،وآل
منجم) ،فتقدم الجيش ،فوقع بينه وبين قبائل يام حرب عظيمة ،وملحمة
ِ
جسيمةُ ،قت َل فيها ٌ
كثير من الطرفين ،ولم يستطع الجيش اليمني الدخول ،فتم
( )1انظر :كتاب« :الربق المتألق يف رحلة موالنا سيف اإلسًلم إلى المشرق» ،محمد بن عبدالرحمن بن
شرف الدين( ،ص.)118 ،117
( )2هذا قول المؤلف!!.وقد حصل ألهل وادي نجران من القتل والتعذيب والتشريد ما ال يحصيه إال
اهلل عز وجل.
( )3انظر :كتاب« :الربق المتألق يف رحلة موالنا سيف اإلسًلم إلى المشرق» ،محمد بن عبدالرحمن بن
شرف الدين( ،ص.)119
388
التالية أسماؤهم1( :ـ السيد محمد يحيى العزي2 .ـ يحيى محمد الصعدي3 .ـ
محمد بن عبداهلل المتوكل) ،وأصحبهم مائة ٍ
ظهر من الدقيق والمؤن وجميع
اللوازم الحربية ،وقد وقعت بينهم وبين أهل الوادي حرب طاحنة استمرت
عدة أيام ،ثم تغلبت القوات اليمنية على وادي هدادة.
ثم انتدب بعد أسبو ٍع من هناية معركة هدادة يحيى محمد الصعدي معه
مائة را ٍم ؛ لكشف الجبال والطرق إلى وادي حبونا ،وقد رصدت له مجموعة
من رجال يام ،يقول المؤلف :إن الصعدي تغلب عليهم يف هناية اليوم ،وقتل
منهم سبعة ،ومن رفقائه اثنان.
مأمورا من ولي
ً ويف الشهر المذكور خرج السيد محمد مهدي شايم،
العهد بالتقدم إلى حبونا ،ولما وصل إلى الخانق والقرن ،تلقاه أهلها بالحرب.
ويف العشر األخيرة من جمادى األولى ،أمر ولي عهد اليمن عسكر عيال
جبل وعمران ،وعيال سريح إلى وادي نشور ،وأعطاهم مدف ًعا وجبخانات(،)1
وجميع ما يلزم من االحتياجات؛ ألجل الحركة إلى (بدر).
يقول صاحب كتاب «البرق المتألق يف رحلة موالنا سيف اإلسالم إلى
المشرق»(« :)2وفيها بلغ فرار داعي المكارمة علي محسن شبام( ،)3ومنصوبه
الجبَخَ انة :مخزن مواد الحرب من بارود وقنابل وسًلح وذخيرة وهي كلمة (تركية).
(َ )1
( )2انظر( :ص.)128
( )3راجع ترجمته( ،ص ) 213من هذا الكتاب.
389
كوهنا أكرب َعو ٍن ألولئك الطغام سكان القفر من بدو يام ،وهذه البئر هي يف
الرملة شرقي وادي نجران بمسافة نصف يوم»(.)1
وعند وصولهم إليها ،تل َّقاهم قبائل آل الهندي ،والمحامض وآل شرمة
تم تدميرها
وآل ذيبان من قبيلة آل فاطمة بالحرب والدفاع عنها ،ويف النهاية َّ
على يد الجيش اليمني.
ويف العشر الوسطى من شهر رج ٍ
ب ،تم إرسال خمسمائة من الجيش
اليمني إلى أسفل وادي حبونا لهدم بئر سلوه وبئر الحصينية( ،)2فدفنوها وما
= الصخور يف سفح التًلل إلى رمال الربع الخالي .ولذلك تعدُّ البئر منطقة توقف للسقيا ذات أهمية
عظيمة لبدو يام الذين يجوبون الصحراء برجالهم وقطعاهنم .وأثناء شتاء 1934 - 1933م قام
الجيش اليمني ،الذي َّ
احتل وادي نجران ،...بتدمير هذه البئر لحرمان قبيلة يام المناوئة من نقطة
التجميع هذه .ولقد قامت الحكومة السعودية يف الحقيقة بإعادة حفرها وإصًلحها يف عضون ستة
شهور؛ حيث استعادت دورها الطبيعي يف اقتصاد الصحراء .وتعود ملكيتها لقبيلة يام ،ولكن
تزورها القبائل األخرى بحرية ،من أقرب األماكن وأبعدها؛ حيث تأيت إليها قبيلة وائلة من وادي
ال َفرع المجاور ،وقبيلة الدواسر من واديهم العظيم خلف الصحراء ،بل حتى قبيلة الصيعر تأيت إليها
من حدود حضرموت البعيدة .انظر :كتاب :بنات سبأ رحلة يف جنوب الجزيرة العربية ،هاري سانت
جون فيلبي( ،ص )41 ،40مكتبة العبيكان .راجع كتاب :نجران منطلق القوافل ،أ.د .عبدالرحمن
األنصاري ،وأ .صالح بن محمد آل مريح( ،ص.)86
( )1انظر :كتاب« :الربق المتألق( ،»....ص.)135
( )2انظر :موارد الماء المشهورة يف منطقة نجران يف كتاب« :نجران منطلق القوافل» ،أ.د .عبدالرحمن
األنصاري ،وأ .صالح بن محمد آل مريح( ،ص.)86
392
حجرا مع حجر(.)1
ً أبقوا فيها
ورغم ذلك ،فقد كان الوفد السعودي يفاوض اإلمام يحيى يف صنعاء إال
أن المفاوضات فشلت .ويف 11ربيع الثاين عام 1352هـ ـ 24يوليو عام
1933م ،غادرت البعثة السعودية صنعاء يف الوقت الذي تصاعدت فيه حدة
التوتر بين اليمن والسعودية(.)2
الموقف األهم:
يقول صاحب كتاب «السياسة والحرب واإلدارة» ،محمد أبو ساق:
«الموقف األهم تم َّثل يف قيام قوات (اإلمام يحيى) -بقيادة نجله (اإلمام
أحمد) -بدخول نجران عام 1352هـ1933/م ،واحتًللها ،وتدمير قراها،
وطمر آبارها ،وهدم بيوهتا ،وتحريق مزارعها ،والقبض على وجهائها
وأبنائهم ،واتخاذهم رهائن لدى (إمام اليمن)؛ إلرغام قبائلهم على الدخول
يف طاعة اإلمام ،والتو ُّقف عن مقاومة قواته ،ويعتقد أن تغ ُّير موقف اإلمام
يحيى المفاجئ من المفاوضات إلى الحرب قد استند إلى اتفاقيات و َّقعها
مؤخرا مع بعض الوجهاء يف نجران ،ولجوء آخرين إلى معسكره قبل بدء
ً
( )1انظر :كتاب« :الربق المتألق يف رحلة موالنا سيف اإلسًلم إلى المشرق» ،محمد بن عبدالرحمن
بن شرف الدين( ،ص.)135
( )2انظر :كتاب« :دخول نجران يف العهد السعودي»( ،دراسة تاريخية وثائقية) ،تأليف :د .علوي عمر
فريد( ،ص ،)109وكتاب :المطامع السعودية يف اليمن ،د .محمد بن علي الشهاري( ،ص.)125
393
ٍ
بصيرة منه إلى تقييم حجم تلك التصرفات، الحرب ،وإعًلن الطاعة له دون
ومدى تأثيرها االجتماعي لصالحه أو ضده»(.)1
يقول أحد أعضاء الوفد السعودي المفاوض« :منذ أن وصلنا صنعاء
والحرس مًلزمون منزلنا ،ال يخرج منا أحد ،وال يدخل علينا أحد ،وكانت
اإلشاعات المقصودة تطرق أسماعنا عن انتصار جند اإلمام يف نجران،
واحتًلل بًلد يام ،وغير ذلك من اإلشاعات واإلرجافات ،ومع ذلك فقد
منعت الربقيات ،فلم يصدر منا شيء ،ولم يرد إلينا شيء ،فحصل الضيق وسوء
الظن»(.)2
لقد تطورت األمور ،وتأزمت العًلقات بين الحكومتين بعد وصول
الوفد إلى جازان من ناحيتين:
شكًل جديدً ا معينًا،
ً األولى :أن أعمال الجيش اليمني يف نجران أخذت
فقد قامت بإحراق بعض القرى ،واالعتداء على األهالي ،والتوغل فيما وراء
( )1انظر :كتاب«:يف السياسة والحرب واإلدارة» ،د .محمد بن فيصل أبو ساق( ،ص.)323
( )2انظر :تفاصيل فرحة اليمنيين باحتًلل نجران التي شاهدها الوفد السعودي المفاوض أثناء تواجده
يف اليمن عند :تركي بن محمد الماضي« :من مذكرات تركي بن محمد الماضي عن العًلقات
السعودية اليمنية 1371 - 1342هـ1954 - 1924/م» ،الناشر :دار الشبل للنشر والتوزيع
والطباعة ،الرياض ـ السعودية ،الطبعة األولى1427 ،هـ1997/م( ،ص ،)148انظر :لًلعرتاف
اليمني بحجز الوفد السعودي بـ(صنعاء) من أجل إهنا السيطرة على نجران ،كتاب :المطامع
السعودية يف اليمن ،د .محمد بن علي الشهاري( ،ص ،)125وكتاب :تاريخ المخًلف السليماين،
محمد بن أحمد العقيلي.)1046/2( ،
394
( )1قرية الخانق :على الطريق الواصل بين نجران وبدر فيواجهها الزائر بعد عقبة «خيرة»( ،وكانت
تسمى عقبة الربضاء) ،وتبعد عن محافظة بدر الجنوب ( )17كيلو مرتًا ،وتمتاز ببيئتها الزراعية،
ويتبع لها قرى فرع الجبل ،والقرن ،والحلمة ،والمجزعة ،وطليلة ،وقاب ،وقانية ،وشكًللة،
يمر بالخانق واد كبير وشهير ،هو وادي صيحان ،وتتميز الخانق
والمرقب ،وعًلبة ،ولقطة؛ حيث ُّ
مقرا لقيادة
بمرتفعاهتا الشاهقة على جانبي الطريق المؤدي لمحافظة بدر ،وكان مركز (الخانق) ًّ
القوات اليمنية يف القرى الشمالية من نجران ،أثناء احتًلل نجران من قِبَل يحيى حميد الدين.
( )2انظر :كتاب :نجران تاريخ وإنسان( ،ص ،)186محمد طحنون ،وكتاب :أئمة اليمن بالقرن الرابع
عشر للهجرة ،محمد بن محمد زبارة( ،ص.)314
( )3لقد كان هروب الداعي علي بن محسن بن حسين شبام ،وهو ليس من المكارمة ،راجع تعريفه
(ص ،)213وحسين أحمد المكرمي إلى أهبا وليس للرياض ،راجع كتاب :المطامع السعودية يف
اليمن ،د .محمد بن علي الشهاري( ،ص ،)127وكتاب« :الربق المتألق يف رحلة موالنا سيف
اإلسًلم إلى المشرق» ،محمد بن عبدالرحمن بن شرف الدين( ،ص.)128
( )4المرجع :تركي بن محمد الماضي« :من مذكرات تركي بن محمد الماضي عن العًلقات السعودية
=
395
= اليمنية»( ،ص ،)156وكتاب :تاريخ المخًلف السليماين ،محمد بن أحمد العقيلي/2( ،
،)1114 -1113وكتاب :دخول نجران يف العهد السعودي ،د .علوي عمر بن فريد( ،ص.)133
استمرت الحرب على نجران سنة كاملة تقريبًا؛ فقد بدأ الجيش اليمني« :يف صباح يوم األحد:
َّ ( )1لقد
التاسع عشر من محرم لعام 1352هـ/الموافق14 :مايو عام 1933م ،وخرج يف شهر 6صفر عام
1353هـ /الموافق21 :مايو 1934م» ،وهذا أكثر من سنة كاملة.
( )2انظر :كتاب :كنت مع عبد العزيز( ،ص ،)149نص حديث الشيخ شريف أبو ساق.
396
أبو ساق يستنجد بآل سعود :لم يكن أبي قد نسي مقابلته البن سعود يف
مكة المكرمة(( )1الحديث للشيخ :شريف بن جابر بن حسين أبو ساق) خًلل
موسم الحج قبل بداية هذه الحرب بنحو عام ،عندما َّنوه له عن أطماع اإلمام
يف نجران ،وتوقعاته أن يزحف عليها بجيشه ،وكيف طمأنه الملك عبدالعزيز،
واستبعد احتمال أن يعمد يحيى بن حميد الدين إلى مثل هذا التصرف ،بنا ًء
ولما اشتدَّ ت وطأة العدوان على
على المراسًلت التي بينهما يف هذا الشأنَّ .
نجران ،أخذ أبي كل ما عنده من معاهدات ومواثيق مع آل سعود ،وسافر إلى
الرياض ليطلب من الملك عبدالعزيز النجدة ،واستغرقت رحلته تسع ٍ
ليال،
واستقبله الملك وأكرمه غاية اإلكرام ،وعرض أبي عليه ما جاء به من مواثيق،
وطلب منه العون بعد أن أوضح له خطط اإلمام وخطرها على نجران وأهلها.
قال الملك عبد العزيز :إن الجيش قد انتشرت به الحمى ،ولم يرجع من
هتامة بعد(.)2
سفر أبو ساق لمقابلة الملك عبد العزيز:
عندما اجتاح الجيش اليمني نجران ،خرج الشيخ جابر أبو ساق من منزله
( )1انظر:كتاب :نجران تأليف :محمد أبو ساق( ،ص ،)208وكانت تلك المقابلة يف حج عام
(1350هـ).
( )2انظر :كتاب :كنت مع عبد العزيز ،للدكتور :عبد الرحمن بن سبيت السبيت وآخرون( ،ص)151
ط1415 :2هـ1994/م.
397
وتوجه يف بداية
َّ قاصدً ا الرياض لطلب النجدة من الملك عبد العزيز آل سعود،
رحلته إلى «يدمة» يرافقه يف رحلته محسن الدوسري -من أهل نجران -ونزل
الشيخ جابر يف ضيافة الشيخ حشان بن لويف آل فهاد يف البادية( ،)1وطلب منه
مرافقته يف رحلته هذه إلى نجد ،واستجاب الشيخ حشان بن لويف ومن معه
ٍ
بمكان ليس لمرافقته ،وذهبوا إلى الرياض ،وعند وصولهم إلى هناك أقاموا
بالبعيد عن قصر الملك عبد العزيز يقال له« :المناخ» ،وبلغ مسؤول
التشريفات الملكية جًللة الملك بقدوم الشيخ جابر أبو ساق من نجران -
ٍ
حينئذ لم تدخل يف الحكم السعودي -وال زالت الخًلفات حولها ونجران
مهم ،وعندها أذن له بذلك، ٍ
ألمر ٍّ محتدمةً ،ورغبة األخير بمقابلة الملك
ورحب به ،وقابل الملك عبدالعزيز بمجلسه ،وروى له ما َّ
حل بنجران وأهله
من خراب ودمار وغزو ظالم من قبل دولة مسلمة وجارة -هي دولة آل حميد
الدين -بقيادة ابنه ،وولي عهده األمير أحمد بن يحيى بن حميد الدين ،وعندها
ٍ
مآس حصلت يف نجران تأثر الملك ،وبان على ُمح َّياه الدهشة مما سمعه من
حيث يرويها الشيخ جابر أبو ساق بمصداقيته المعروفة ،وبعدها طلب الملك
( )1من الرواية التي نقلها ظافر بن حمد بن جار اهلل بن قريضة المحامض (رئيس المجمع القروي يف
يدمة عام 1404هـ) عن الشيخ عائض بن مهدي بن جعشه آل فهاد يف 1427/4/10هـ -يدمة -
نجران ،انظر :كتاب :دخول نجران يف العهد السعودي (1427 -1279هـ) (2006 -1863م)
دراسة تاريخية وثائقية ،د .علوي عمر فريد( ،ص ،)152دار قتيبة -دمشق.
398
من الشيخ جابر اإلقامة بضيافته التي كانت عبارة عن بعض األبنية الطينية
ٍ
وشيء البسيطة وخيام الشعر ،حيث أمر الملك بتجهيز خيمة شعر بملحقاهتا،
حسب ظروف الدولة الصعبة آنذاك.
من التموين الغذائي البسيط َ
وبعد مقابلة الملك ،إذا برجلين من رجال الملك عبد العزيز مقبلين على
خيمة الشيخ جابر أبو ساق مصطحبين معهما ما يلزم من مستلزمات الضيافة
ونحوها ،وشي ًئا من المال.
وجه به ،فما كان من
وسلموا على الشيخ ،وأبلغوه بتحيات الملك وبما َّ
الشيخ جابر إال أن أثنى على الملك عبد العزيز ،واعتذر عن قبول ما أتى به
مندوبو الملك ،وطلب منهما إبًلغ الملك بتحياته وإحاطته بما يلي على لسان
مال وال ٍ
جاه ،بل أتيت آت إلى هنا من أجل ٍ الشيخ جابر ،حيث قال« :أنا لم ِ
إلنقاذ نجران وأهله من غزو وظلم وبطش اإلمام يحيى يف نجران اليوم» ،وتبلغ
الملك بذلك.
وبعد بضعة أيام ،أتى إلى خيمة الشيخ جابر مندوب من الملك ،وأبلغه
بطلب الملك مقابلته ،وذهب الشيخ جابر ،وقابل الملك ،وعندها قال الملك
بأن عليه و َمن معه ومن يرغب رغبته ،ويأتمر بإمرته بالرحيل إلى نجد ،واإلقامة
فيها ،وترك نجران لإلمام ،ومن يرغب يف اإلمام يبقى عنده من أهل نجران،
حيث سيمنح الملك الشيخ أبا ساق هجر ًة تتسع لهم جمي ًعا على عيون
الخرج ،فوقع ذلك الخرب على رأس الشيخ جابر أبو ساق َوقع الصاعقة ،ولكنه
399
استجمع قواه أمام الملك ،ورد بقوله وبعفويته وبلهجته ما يلي« :لم أكن يف
يو ٍم من األيام أتوقع منك ،وال من أجدادك الذين تربطنا هبم وثائق مسجلة ما
سمعته اليوم ،واهلل المستعان على كل ٍ
حال ،وأحب أن أقول لك :إن اإلمام لن
تخوفه وحذره من تجييشيبقى يف نجران وحدها ،»...وذكر أبو ساق للملك ُّ
ٍ
حملهم ما ال يحتملون يفرجال يام وأهالي نجران تحت راية ال يرغبوهنا ،و ُت ِّ
ومغاز أخرى ،فما كان من الملك عبدالعزيز إال أن غضب وانتخى ٍ ٍ
حروب
وتفهم موقف أبو ساق ،واستنجاده
وتفهم َوضع نجرانَّ ،
بعزوته المعهودةَّ ..
وإصراره لطلب نجدته على الظالم ...إلى أن قال جابر أبو ساق بما يذكر
الملك بعهد جده ،وما يتضمن أنكم أهل العهود ...وخرج الشيخ جابر أبو
ٍ
ساق محب ًطا إلى خيمته ،ولم يكلم مرافقيه بما حدث ،اختلى بنفسه ،وبقي
حسب الرواية.
صامتًا حزينًا على هذا الحال لعدة أيام قليلة َ
وبعد أن َم َّن اهلل عليه بالفرج ،أتاه مندوب الملك ثانيةً ،وأبلغه بمقابلة
خيرا ،وذهب مع المندوب
الملك مرة أخرى ،فاستبشر الشيخ أبو ساق ً
للملك ،وعندها سأله الملك عبد العزيز عن أحواله ،فر َّد الشيخ على الملك
سر صدي ًقا ،وال تغيظ ًّ
عدوا ،فتمتم الملك أحوالي يا محفوظ كما تراها ،ال َت ُّ
ببعض الكًلم ،ثم سأل الشيخ :أين تقع بلدة بدر؟ وأين موقعها من «ظهران
ٍ
بتوفيق من اهلل ،ثم بحنكته -بما يقصده الملك عبد الجنوب»؟ ففطن الشيخ -
العزيز ،فأجابه َّ
الشيخ بأن بلدة «بدر» خلف ظهران بمراحل صوب عسير ،هذا
400
حسب لهجته ...فرد الملك عبد العزيز بتلقائيته المعهودة ،وقال« :ال واهللَّ ،إال
متفائًل من هذا اللقاء ،وبعد بضعة أيام ويف
ً نوانا يحيى» ،وخرج الشيخ جابر
إحدى الليالي الحالكة الظلمة ،وإذا بأصوات رزيم اإلبل ،واختًلطه بصهيل
الخيل ،وزحام الرجال يف آخر الليل ،فتهللت أسارير الشيخ جابر ،ونادى على
رفاقه ،وأيقظهم من نومهم ،وأخذ يبشرهم بقرب الفرج حيث ظن ،وظنه كان
يف مكانه أن هذا الجيش يعدُّ إلنقاذ نجران ،وما أن أصبح الصباح الباكر إال
ورسول الملك يصل إلى الشيخ ،ويطلب منه مقابلة الملك ،فذهب معه على
عجلٍ ،وقابل الملك ،وسلم عليه ،وأبلغه الملك عبد العزيز بتجهيز الجيش
وتسييره إلى نجران ،وقال للشيخ« :باكر -إن شاء اهلل -يا جابر توجه مع
الجيش إلى نجران بيرق التوحيد األول ،وبيرق عبدالعزيز ،ثم بيرقك يا جابر،
وعلى الخائن اهلل أكرب»(.)1
أبو ساق يناشد الملك:
ورد الشيخ جابر أبو ساق عليه بأن الموقف ال يحتمل التأخير ،وما نحن
إال قبيلة واحدة نتعرض اليوم للمهالك ،ونعاين من المشقة والخطر ،وقد
( )1راجع :كتاب :دخول نجران يف العهد السعودي (دراسة تاريخية وثائقية) ،تأليف :د .علوي عمر
فريد( ،ص ،)154دار قتيبة للطباعة والنشر والتوزيع لعام (1428هـ 2007 -م) ،وكتاب :كنت
مع عبد العزيز ،للدكتور :عبد الرحمن بن سبيت السبيت وآخرون( ،ص )151ط:2
1415هـ1994/م.
401
جئتك من نجران يحدوين األمل أن تعطيني مواثيق أجدادك ألجدادي ندرأ هذا
العدوان الواقع علينا ،والذي لن يقف عند نجران إذا ما تركناه طلي ًقا يفعل ما
يحلو له .قال الملك :اسمع ،وأنا أخو نورة ،مثلما أعطاكم جدودي عهدهم،
ٍ
استعداد ألَن أكتبها يف مواثيق جديدة .قال أبي :إذن، فأنا ٍ
باق عليها ،بل وعلى
تكتب لي هبا ورق ًة جديدةً ،وتقوم معي على اإلمام ،فكتب الملك عبدالعزيز
َّ
وكأن األولين الذين الورقة ،ومهرها بتوقيعه ،فأوىف بالعهود والروابط القديمة،
عقدوها قد عادوا ليشهدوا هذه الجلسة التاريخية التي ارتضت دخول نجران
ضمن المملكة العربية السعودية(.)1
وبعد َأن أعطى الملك الشيخ جابر بن حسين أبا ساق عهده الجديد
ٍ
بقوة من توثي ًقا لعهد فيصل بن تركي ألجداده ،قال الملك :سوف أمدُّ ك
العجمان والدواسر يبقون تحت طلبك ،وكذلك مذكر بن فارس( ،)2ومعه اثنا
( )1راجع :كتاب« :دخول نجران يف العهد السعودي»( ،دراسة تاريخية وثائقية) ،تأليف :د .علوي عمر
فريد( ،ص ،)124 -123وكتاب :كنت مع عبد العزيز ،للدكتور :عبد الرحمن بن سبيت السبيت
وآخرون( ،ص ،)152ط1415 :2هـ1994/م.
( )2ولد الشيخ مذكر بن فارس بن معيكل عام1288 :هـ ،وعاش يف الصحراء مع قبيلة آل عاصم قحطان
حتى قام الملك عبدالعزيز بتوطينهم يف قرية الهياثم بالخرج .وقد انتظم يف خدمة الملك عبدالعزيز
قبل موقعة (جراب) بنحو من ثًلث سنوات ،ثم خاض ما تًل من معارك حتى تم توحيد المملكة
واستتباب األمن يف كافة ربوعها .وكان مما أبلى فيه الشيخ مذكر بن فارس بًل ًء حسنًا :معارك
األحساء وحائل والرغامة التي أصيب فيها بشظية طائرة .كان على رأس إحدى طًلئع جيش سعود
=
402
عشر جند ًّيا ،وكان من بين العجمان يف ذلك الوقت مانع بن جمعة،
وعبدالرحمن الدامر ،وابن منيخر ،وآل قويد من الدواسر(.)1
عمرين وهو :هادي بن حسين بن سعود آل منصور
الم َّ
«يقول أحد ُ
اليامي ،يف تصريح لجريدة الوطن بتاريخ2018/9/23( :م العدد (،)6568
مرة ،ومن بينهم
وكان مشاركًا يف ذلك الحرب ،فذكر مشاركة العجمان وآل َّ
المشايخ :مانع بن جمعة العجمي( ،)2وعجمي بن منيخر العجمي ،وجابر
المرضف آل جابر ،وصالح أبو ليلة الغفراين ،وكذلك الشيخ ابن قضعان
العرجاين وجماعته آل قنيرب .وعند الهجوم على المعتدين ،كان من ضمن
المتقدمين يف البداية وبرفقته أحد أبناء عمومته وهو محسن بن هادي بن مهنا،
وكان عمره ما يقارب 25عا ًما».
رسم الملك عبدالعزيز ألبو ساق خط ًة حكيم ًة للوقوف يف وجه أطماع
قائًل:
اإلمام يحيى حميد الدين ،وشرح له تفصيًلهتا ً
= بن عبدالعزيز عند دخوله منطقة نجران تحت الحكم السعودي ،وتويف الشيخ مذكر بن فارس يف
عام 1367هـ .المرجع :كتاب :كنت مع عبدالعزيز ،عبدالرحمن بن سبيت السبيت وآخرون،
(ص.)429
( )1انظر :كتاب :كنت مع عبد العزيز ،للدكتور :عبد الرحمن بن سبيت السبيت وآخرون( ،ص)153
ط1415 :2هـ1994/م.
( )2انظر :كتاب الدرر المفاخر يف أخبار العرب األواخر ،محمد البسام التميمي ،تحقيق :سعود بن غانم
الجمران العجمي( ،ص.)108
403
خيرا لكم ،أنزلوا هبم المصائب (يعني :بجيش إمام اليمن) ناوشوهم بحيث
( )1رازوا :أي :أصيبوا منهم ً
ال ترتكوا لهم فرصة التمكين منكم ،راجع :كتاب :كنت مع عبد العزيز ،للدكتور :عبد الرحمن بن
سبيت السبيت وآخرون( ،ص ،)152ط1415 :2هـ1994/م.
404
نجران؛ رغب ًة منه يف التوسع ،وإن كانت قبائل يام يف هذا الوقت العصيب
ٍ
شهور تقري ًبا( ،)1ولم تسلم استطاعت أن تقاوم هجوم جيوش اإلمام مدة ثمانية
نجران إال بعد أن نفذت ذخيرهتم بكاملها ،وكانت َّ
الذخيرة يف ذلك الوقت
غالية الثمن ،إذ كان يصل ثمن الطلقة الواحدة حوالي ريال فرنسي(.)2
(لقاء يف قناة الصحراء مع الشيخ :عبدالرحمن بن حويشي آل عبدان).
عندما دخل الجيش اليمني نجران ،راح أبو ساق مقلد جيشه الشليل
(الشًلئل)( ،)3ثم مشى حتى وصل آل غيدان شرقي َيدَ مة ،وهم :آل عبدان وآل
فهاد ،ثم قطعوا الشليل أو (الشًلئل) من رقاب الجيش (اإلبل) ،ومكث
عندهم أسبو ًعا ،وذبحوا له من اإلبل والغنم ،وأكرموه وهو يف خمس ركائب،
ثم اتجه إلى الرياض حتى وصل الملك عبدالعزيز يف الرياض.
ثم عادوا من الرياض ،وأرسل معهم الملك عبدالعزيز( :مذكر بن فارس
آل عاصم القحطاين يف خمس ركائب محملة (جبخان)( ،)4ومشى يف طريقه
استمرت الحرب على نجران سنة كاملة تقريبًا؛ فقد دخل الجيش اليمني( :يف صباح يوم األحد:
َّ ( )1لقد
التاسع عشر من محرم لعام 1352هـ/الموافق :مايو عام 1933م ،وخرج يف شهر محرم عام
1353هـ) ،ما يقارب سنة كاملة.
( )2راجع كتاب :نجران الحديثة ،سيد ماحي( ،ص.)51
( )3الشاليل :جمع شليلة ،وهي قطع من القماش تربط حول رقبة الذلول التي يركبها من يطلب النجدة،
فإن قطعت هذه الشًليل من قبل القوم الذي استنجد هبم ،فقد أثابوه .راجع كتاب :الدرة من أخبار
قبيلة آل مرة ،محمد بن راشد بن علي آل عذبة المري( ،ص.)120
( )4جبخان :هو الذي يحفظ فيه العتاد الحربي .وهي كلمة تركية يف األساس.
405
حتى َّنوخ عند حويشي آل عبدان هو ومندوب الملك عبدالعزيز ،ومكث عنده
سبع عشرة ليلة ،وتجمع آل عبدان يعشون ناقة ،ويغدون أخرى ،ومشى
حويشي على (الوعلة) يبلغهم حتى تواجدوا الوعلة مع مشايخهم عند الشيخ
أبو ساق ،وعند مندوب الملك عبدالعزيز :مذكر بن فارس آل عاصم
ثم ا نتقلوا إلى نجران معهم خمسة بيارق ،والتفوا قبائل يام،
القحطاينَّ ،
ٍ
أشهر ،وقد جاء العجمان وأخرجوا الجيش اليمني من نجران يف خًلل ثًلثة
وآل ُم َّرة وقبائل الوعلة وجميع قبائل يام( ،)1وأخرجوا الجيش اليمني من
نجران ،وكانت آخر المعارك هي معركة (النقعاء) الواقعة بين نجران وحبونا،
وكان قائد الجيش اليمني (حمود بن روكان) ،وقد أصابه( :حويشي آل عبدان)
أسيرا ،وس َّلمه مذكر بن فارس مندوب الملك عبدالعزيز،
بالبندق ،ثم جاء به ً
وحفظه مذكر عند جابر أبو ساق ،وقال له :أكرمه ،هذا كبير قوم حتى يأتينا
األمر يف األسرى ،وبقي عنده.
وكما َح َكى علي بن جابر أبو ساق بقوله :جنبية حمود بن روكان عندي،
وضربة بندق حويشي فيها ،ويقول ذلك لألمير :مشعل بن سعود بن
عبدالعزيز ،وهو أمير نجران آنذاك.
( )1يقول صاحب كتاب« :الربق المتألق ،»....والمرافق للحملة( ،ص« :)139ووصلوا بعسكر
الدواسر والعجمان ورجال الوعلة حتى جاوزوا حدود نجران -يف أرزاق ومعدّ ات ومدافع
ورشاشات وبدأوا بالعدوان على عساكر اإلمام يف نجران ،يف أول العشر األولى من شعبان».
406
الباب الثالث:
الفصل األول :الحرب السعودية اليمنية.
حشد القوات السعودية:
تم حشد 70أل ًفا من المقاتلين يف تكتم شديد على مدى سبعة شهور
لقد َّ
إلى مناطق الحدود المشرتكة بين السعودية واليمن.
وكان الملك عبد العزيز مدركًا أسلوب اإلمام يحيى يف بذل الوعود دون
مفر من إعًلنه للحرب. ٍ
تنفيذ ،وإزاء هذا األمر أصبح ال َّ
وقد وردت األخبار من أمير جازان بأن جنود اإلمام يحيى تقدَّ مت على
المراكز الجبلية ،والتابعة للحكومة السعودية.
()1
بالتوجه ً
حاال إلى أهبا مو ولي عهده األمير سعود
فأمر جًللته ُس َّ
( )1ترجمت دارة الملك عبدالعزيز لصاحب الجًللة الملك سعود بن عبدالعزيز آل سعود ،فقالت:
«ولد سعود بن عبد العزيز بن عبدالرحمن بن فيصل بن تركي بن عبداهلل بن محمد بن سعود بن
ُ
محمد بن مقرن يف الثالث من شهر شوال سنة 1319هـ (12يناير 1902م) .وهي السنة التي اسرت َّد
فيها والده الملك عبدالعزيز -رحمه اهلل -مدينة الرياض ،وشارك يف األعمال السياسية والحربية،
وأسندت إليه إدارة شؤون نجد يف عهد والده .تمت مبايعته ول ًّيا للعهد بتاريخ 27المحرم 1352هـ
(22مايو 1933م) عندما أصدر الملك عبدالعزيز مرسو ًما ملكيًّا بالموافقة على قرار :مجلس
الشورى .تولى مقاليد الحكم بعد وفاة والده يوم االثنين 3ربيع األول 1373هـ (9
نوفمرب1953م)َّ ،
وظل الملك سعود يتولى دفة الحكم حتى اليوم السابع والعشرين من شهر
جمادى اآلخر سنة 1384هـ (2نوفمرب 1964م)؛ حيث بويع ولي عهده فيصل بن عبدالعزيز مل ًكا
على البًلد .تويف الملك سعود بأثينا يف اليونان ،يف 6ذي الحجة 1388هـ (22فرباير1969م)،
=
407
وص ِّلي عليه يف الحرم المكي يوم االثنين 7ذي الحجة 1388هـ
= ونقل جثمانه إلى مكة المكرمةُ ،
ثم نُقل إلى الرياض ،و ُدفن يف مقربة العود رحمه اهلل» ،دارة الملك عبدالعزيز،
(23فرباير 1969م)َّ ،
اللجنة التحضيرية .الندوة العلمية لتاريخ الملك سعود بن عبدالعزيز آل سعود ،شوال 1427هـ
نوفمرب 2006م( ،ص.)2
408
وأحداث ،وكان مراف ًقا لهذه الحملة ،فيقول« :ثم أضافٍ ٍ
واستعدادات ٍ
حشد
واستقروا جمي ًعا يف بني ٍ
خمسة وعشرين مائة را ٍم [ 2500رامٍ]، موالنا ...نحو
ُّ
مالك عدَّ ة أيا ٍم حتى كملت طاعة أهلها ...وقبضت رهائنهم ،فكانت إلى نحو
الستين ،وبقي الجيش اإلمامي فيها مدَّ ة شهر رمضان»(.)1
يستمر يف سرد حرب الجبال ،فيقول« :ويف آخر الشهر المذكور صدر
ُّ ثم
أمر موالنا -أ َّيده اهلل -على مقادمة بني مالك بالسعي يف إصًلح أهل جبل فيفا،
فأصروا على العناد ،فأمر ٍ
مالك، ودعاهم إلى طاعة اإلمام كإخواهنم بني
ُّ
بالتقدُّ م عليهم ،فتقدم الجيش اإلمامي على جبل فيفا ،وكانت الحرب من
الصباح إلى المساء ،وغلب عسكر اإلمام أولئك األعداء ،ودخلوا بيوت
األشراف من فيفا ،ومن المخالفين َمن َّفر بنفسه إلى هتامة ،ومنهم َمن رهن
وأطاع ،واستولى الجيش يف اليوم الثانـي على كل المحًلت من شرقي الجبل
وأعًله ،وبعده كان استكمال استيًلئه ...واستكملت رهائن بني فيفا ،فكانت
نحو خمسين رهينة»(.)2
توجه سمو ولي العهد األمير سعود بن عبد العزيز من
ويف 21رمضان َّ
الرياض يرافقه مقدار ستين سيارة ،وقد توجهت بمع َّية ُسموه (الكًلم هنا
لرتكي بن ماضي) ،يرافقني األخ حمد المحمد الماضي ،وقد وصلنا إلى
الخميس حيث يخيم سمو األمير فيصل بن سعد ،فكان وصول األمير سعود
موه باستعراض ٍ
كبير ،فخيم ُس ُّ ٍ إلى الخميس يو ًما مشهو ًدا قامت فيه الجيوش
هناك ،كما وصل فؤاد حمزة من مكة المكرمة ،وتوجه إلى أهبا ،وصدر أمر
بالتوجه إلى ظهران لمقابلة الوفد اليماين برئاسة السيد عبد
ُّ سمو األمير علينا
نفرا من
اهلل الوزير ،ويرافقني حمد وإبراهيم بن عرفج ،ومقدار خمسة عشر ً
ُخدَّ ام سمو األمير سعود بن عبد العزيز بعد وصولنا ظهرانَ ،ق ِد َم علينا الوفد
وتوجهنا جمي ًعا ،فوصلنا أهبا بتاريخ 1352 /10 /28هـ ،وكان ابن
َّ اليمانـي،
الوزير يؤمل أن يكون قدومه على سمو ولي العهد يف الخميس ،وما أن علم
بأنَّه لن يصل إلى الخميس إال بعد وصوله إلى أهبا ،وتبدأ المحادثات وتنتهي
رجًل سريع االندفاع
ً واشمأز ،وكان
َّ على ما تنتهي عليه حتى غضب
واالنفعال ،فقد وصل إلى أهبا ،ولقيته من لدن سمو ولي العهد سيارتان قبل
وصوله إلى أهبا ،وضعت السيارتان تحت تصرفه مدة إقامته يف أهبا( ،)1وكان
يرافقه يف رحلته أخوه السيد عبد القدوس بن أحمد الوزير ،وسكرتيره عبداهلل
( )1يقول صاحب كتاب« :عسير يف عهد الملك عبد العزيز» ،د .محمد عبداهلل آل زلفة( ،ص،)168
يقول« :أخربين الشيخ سعيد بن عبد الوهاب أبو ملحة رئيس أهبا آنذاك أن السيد عبداهلل بن أحمد
الوزير رئيس الوفد اليمني يف مؤتمر أهبا حاول أن يغري سائق السيارة المخصصة له أثناء وجوده يف
أهبا بمبلغ كبير من الجنيهات الذهبية مقابل أن يوصله إلى خميس مشيط لمعرفة قوة الجيش
السعودي هناك بقيادة األمير سعود بن عبدالعزيز إال أن السائق -وهو أحد مماليك الشيخ
قائًل« :لو تعطيني ما يملكه اإلمام يحيى لما فعلت ذلك».
عبدالوهاب -رفض العرضً ،
َّ
410
وتناول صًلته مع اإلمام يحيى ،وقد قال« :إنِّي أحرتم اإلمام ،وأعده ً
أخا لي،
وإين -واهلل -أريد السلم ،وأحرص عليه ،وأكره الحرب وال أريدها...
لم أترك وسيل ًة التقاء الحرب إال عملتها ،ولكني لم أشاهد إال المماطلة
علي ،وأنا -واهلل
والتسويف ،فقمت للدفاع عن شعبي ،ووضع حدٍّ لًلعتداء َّ
ثم واهلل -لست طام ًعا باليمن ،وال أريد لها إال الخير ،ولكني ال أحتمل
العدوان ،ولم أعد ُأطِ َيق صربًا على الكذب ،فاخرتت اهلل يف المحافظة على
ولي العهد ولدنا سعو ًدا أن يتقدم بجيشه
شريف ،وحدود بًلدي ...وأبرقت إلى ِّ
متكًل على اهلل السرتداد ما احتلوه ،كما أبرقت يف الوقت نفسه إلى يحيى أقول
ً
أيضا :إنني ال أريد إال السلم ،وليس لي غرض بالحرب ،وأخربته بما أمرت
له ً
به ولي العهد حتى ال يقول :إنني غدرت به ،ويكون على ٍ
بينة من أمره ،وأعلمته
أن جيشنا سيدافع عن حدودنا»(.)1
درسا ال ينساه:
وتلقين اإلمام ً
األمير سعود يقود الجيش:
سير المعارك:
تتحرك الستعادة ما استولت عليه قوات
أ َمر الملك عبدالعزيز قواته أن َّ
اإلمام يحيى من األراضي ،وذلك يف السادس من ذي الحجة سنة 1352هـ ـ
( )1المرجع :كتاب :العًلقات السعودية -اليمنية ،تأليف :أ.د /.محمد سعيد منشط الشعفي ،الطبعة
األولى( ،ص.)149 -148
412
نقًل عن
( )1من كتاب :معارك الملك عبدالعزيز ،تأليف :د .عبداهلل الصالح العثيمين( ،صً )321
الذكير ،نسخة بغداد( ،ص.)62
413
اجلبهة الشرقية:
قسم األمير سعود بن عبد العزيز القائد العام لهذه الجبهة جيشه إلى
َّ
أربعة أقسامٍ:
( )1فيصل بن سعد بن عبدالرحمن بن فيصل بن تركي بن عبداهلل بن محمد بن سعود بن محمد بن
مقرن1417 -1328( :هـ) ،والده شقيق الملك عبد العزيز ،وقد شارك يف جبهة نجران تحت قيادة
األمير سعود بن عبدالعزيز ولي العهد آنذاك ،وكان مركز القيادة يف الحماد السهل القريب من
ظهران الجنوب ،وقد تو َّلى مجموعة وجهتها باقم وأطرافها ،وشارك يف كثير من الحروب وإخماد
فارسا شجاعًا شديد المحافظة على الشعائر؛ .انظر :أمانة مدينة الرياض( ،ص،)33
الفتن ،وكان ً
وكتاب :العًلقات بين المملكة العربية السعودية والمملكة المتوكلية يف عهد الملك عبدالعزيز،
مشاري بن سعود بن عبدالعزيز( ،ص.)135
( )2باقم :منطقة أو بلدة من أعمال صعدة ،وهي موطن قبيلة بني جماعة إحدى قبائل خوالن ،تبعد عن
صعدة يف الشمال الغربي منها بنحو سبعين كيلو مرتًا .انظر :المقحفي ،مجموع بلدان اليمن
وقبائلها.)102/1( ،
414
الثاين :بقيادة األمير خالد بن محمد بن عبد الرحمن( ،)1يتقدم بين نجران
يسارا ،وباقم يمينًا؛ ليصل إلى حدود َصعدة(.)2
ً
الثالث :بقيادته هو ،ويتقدم يف الجهات الواقعة شرق المنطقة التي يسير
( )1خالد بن محمد بن عبدالرحمن بن فيصل بن تركي بن عبداهلل بن محمد بن سعود-1322( :
1357هـ) ،شارك يف الكثير من األعمال الحربية ،وكانت له مواقف مشهودة يف تأديب العصاة
والدفاع عن الحدود الجنوبية للمملكة؛ انظر :كتاب :تاريخ ملوك آل سعود ،تأليف :سعود بن
هذلول( ،ص ،)194وكتاب :أمانة مدينة الرياض( ،ص.)32
( )2تقدَّ م األمير خالد بن محمد بقسم من الجنود السعوديين إلى النقعة ،وفيها قوة يمنية ،وقد حاصر
خالد وجنوده القوات المتمركزة يف تلك البًلد ومخابئها ،وسلط عليها نيران المدافع ،وظ َّلت
القوات المحاصرة اليمنية ثابتة يف حصوهنا برغم ما هتدم من تلك الحصون بفعل قذائف المدافع،
ورغم الخسارة التي لحقت بالطرفين يف األرواح ،ولقد ج َّن الليل على خالد وجنوده دون أن
تستسلم تلك الحصون ،ولم يكن مع خالد من اإلمداد والتموين والذخيرة ما يساعده على المبيت،
فأشار عليه الشيخ عمر بن عبد الرحمن بن ربيعان رئيس قبائل الروقة ،الذي كان أغلب الجند من
قبيلة الروقة .أشار عليه أن ينسحب ويرتك (النقعة) ،البلدة المحاصرة ،ويعود إلى المعسكر
الح َماد ،وفيه الجنود االحتياطيون ،والقائد العام للحملة العسكرية لحرب
الرئيسي يف مكان يسمى َ
اليمن ،األمير سعود بن عبد العزيز ،ولي العهد يف ذلك الوقت ،و َقبِل خالد نصيحة الشيخ عمر بن
ربيعان ،وانسحب وترك النقعة على أن يعود يف صباح الغد ،ويف الصباح عاد ومعه األمير محمد بن
القوات السعودية هبجوم
ُ كامًل ،وبادرت
سعود آل سعود ،ومعهما قوات كبيرة مستعدة استعدا ًدا ً
كاسح ،واقتحموا عليهم مواقعهم ،فاستسلم الجنود اليمنيون ،ووقعوا أسرى يف أيدي القوات
الح َماد ،وأرسلوا إليها تحت
السعودية ،وسيق رؤساء الجند اليمنيين إلى المعسكر الرئيسي يف َ
حراسة مشددة برئاسة األمير عبداهلل بن فيصل الفرحان آل سعود .المرجع :كتاب :تاريخ ملوك آل
سعود ،تأليف :سعود بن هذلول1402( ،هـ 1982 -م).)196/1( ،
415
فيها القسم األول؛ ليكون ردي ًفا له ،إضاف ًة إلى التوجيه العام للجبهة(.)1
الرابع :بقيادة مذكر بن فارس القحطاين ،وابن سعيد ،ووجهته نجران(.)2
وقد أذاعت وزارة الخارجية السعودية بيانًا يوم ( 19من ذي الحجة
لما يئس جًللة الملك من الوصول
1352هـ 4/أبريل 1934م) ،جاء فيهَّ « :
إلى َح ٍّل ُمر ٍ
ض مع (اإلمام يحيى) ،أ َمر (األمير سعود) ل َيتقدَّ م بجنوده إلى
اإلمام لمهاجمة القوى اإلمامية (لإلمام يحيى) ،فتقدَّ م (األمير فيصل بن سعد)
(« )1بدأ التنسيق بين المقاومة النجرانية وقوات (األمير سعود) منذ وقت مبكر؛ حيث يذكر األستاذ:
(محمد بن منصور بن علي آل دغيش) أحد المثقفين المهتمين بشؤون المنطقة -أن وفدً ا من آل
(حمد بن فاضل) من جماعة الشيخ (جابر أبو ساق) من سكان (بدر الجنوب) [والصحيح من
توجهوا إلى منطقة (الفيض) لمقابلة حملة (األمير سعود) عندما علموا بمجيئها،
قبائل الوعلة] َّ
ليكونوا أدلة لها ،ومرافقين حتى تصل منطقة (الحماد) ،ومن هؤالء( :جديع بن حمد) ،و(حشان
بن لويف) ،و(وبران بن علي بن هدرة آل عمرو) ،و(علي بن عبداهلل أبو دية) ،و(مسفر بن مبارك)،
و(راشد بن سرار آل دغيش) ،و(ناصر بن يحيى بن متعب آل دغيش) ،و(عبداهلل بن زينان) ،و(علي
بن فًلح أبو شيبة [آل عمرو]) ،و(علي بن صالح بن مبيّح) ،و(عائض بن حسين بن قذلة [آل
فروان]) ،و(سعد بن حسين [آل عوض]) ،و(عًلس بن مهدي [آل سالم]) ،و(سعد بن عودان [آل
سالم]) ....،وغيرهم .وبعد تمركز الحملة يف (الحماد) ،أمر (األمير سعود) مجموعة من قبيلة
[الوعلة] بعمل كمائن للعدو؛ وقد قاموا بتنفيذ أوامره وكبدوا القوات األمامية خسائر كبيرة .كما
كان هؤالء الفرسان يقومون بمرافقة رجال (األمير سعود) للقيام بعمليات تخريبية داخل العمق
اليمني» .من كتاب :د .محمد بن فيصل أبو ساق« ،يف السياسة والحرب واإلدارة»( ،ص[ .)337
] :ما بين المعقوفتين من تصحيح المؤلف على من قبله.
( )2المرجع :كتاب :تاريخ ملوك آل سعود ،تأليف :سعود بن هذلول1402( ،هـ 1982 -م)،
(.)66/1
416
ً
وصوال إلى (باقم) وأطرافها ،وتقدم (األمير خالد بن محمد) إلى (نجران)،
إلى (صعدة) ،أما أمير هتامة عسير (حمد الشويعر) ،فقد تقدم ببعض القوة إلى
(حرض) ،وذهب (األمير فيصل بن عبدالعزيز) إلى ساحل هتامة لتولي القيادة
فيها ،وتقدم (األمير محمد) النجل األصغر للملك عبدالعزيز من (نجد)
بقوات احتياطية ألخيه (سعود)».
وعندما بدأت المعارك تأخذ مسارها ،قرر الملك عبدالعزيز تقوية
جيوشه يف الجبهة الشرق َّية ،وذلك بإرسال ابنه محمد بن عبدالعزيز( )1من
ٍ
كبيرة لدعم الجبهة الشرقية حتى وصل إلى خميس الرياض على رأس ٍ
قوة
مشيط ،وكان معه يف تلك القوة األمير سلمان بن محمد آل سعود ،وقسم كبير
من جيوش االحتياط ،حيث انضم إليه سبع ٌة وعشرون بير ًقا من حاضرة نجد
وباديتها(.)2
«عندما صدرت األوامر للقوات السعودية بالهجوم على القوات اليمنية،
زحفت القوات ا َّلتي يقودها (األمير فيصل بن سعد) ،وتمكنت من احتًلل
عقبة (الشيطة) ،وقرية (تيناو) ،كما احت َّلت مضيق (باب الحديد) ،وهو أمنع
( )1األمير محمد بن عبدالعزيز آل سعود :ولد يف الرياض سنة 1330هـ ،منحه والده لقب أمير المدينة
المنورة وتوالها وكًلء عنه ،شارك يف حرب السبلة ،وهو شقيق الملك خالد واألميرة العنود .تويف
يف الرياض سنة 1410هـ ،انظر ترجمته يف :الزركلي (ص.)418
( )2المرجع :كتاب« :محمد بن عبدالعزيز أمير األمراء وسليل الملوك» ،تأليف :عبدالرحمن بن سليمان
الرويشد( ،ص.)72
417
مضيق طبيعي يف تلك األنحاء بعد القضاء على مقاومة القوات اليمنية التي
حاولت منع احتًلله ،ثم واصلت القوات تقدمها لًلستيًلء على قرية (باقم)،
التي تعدُّ أحد أهم المواقع االسرتاتيجية بالنسبة لجبهة نجران ،وذلك ألهنا
فضًل عن َّ
أن موقعها يتحكم يف ً أولى القرى اليمنية على طريق (صنعاء)،
الطرق المؤدية إلى منطقة الجبال المتنازع عليها( ،)1ولذلك حرص (األمير
سعود) على االستيًلء عليها عند بدء القتال حتى يقطع خط الرجعة على جنود
(اإلمام يحيى) يف نجران ،ومنطقة الجبال»(.)2
حصار جيش اإلمام يحيى يف نجران وهزيمته:
كانت القوات السعودية قد قدمت الدعم الكبير بالذخائر واألسلحة
للمقاتلين الياميين الذين تم َّكنوا من إعادة التنظيم ،ومواجهة قوات اإلمام
داخل القًلع واألبراج التي قاموا ببنائها ،ويف المنازل يف قرى نجران ،كما
استند (األمير سعود) إلى الجهود والخربة الميدانية المباشرة يف االستطًلع
َّ
واألدالء بأن ضم أعدا ًدا كبير ًة من الياميين إلى صفوف الجيش ،مما منح
الجيش قو ًة قتالي ًة إضافي ًة(.)3
( )1أهمية قرية (باقم) انظر :كتاب :تاريخ العًلقات السعودية اليمنية ،د.فتوح عبد المحسن الخرتش،
(ص.)231
( )2المرجع كتاب« :يف السياسة والحرب واإلدارة» ،د .محمد بن فيصل أبو ساق( ،ص.)335 ،334
( )3المرجع السابق( ،ص.)336
418
وحصارا قو ًّيا
ً وكانت القوات السعودية قد ش َّكلت طو ًقا من الغرب،
أسهم يف قطع خطوط اإلمداد الرئيسة القادمة من اليمن إلى نجران ،وقد
تسببت تلك العمليات يف اهنيار الروح المعنوية لجنود اإلمام داخل نجران.
وقد شارك يف القتال داخل وادي نجران مع األهالي من رجال (الملك
عبدالعزيز) :مذكر بن فارس القحطانـي ،وقد رافق (الشيخ جابر أبا ٍ
ساق) يف
عودته من الرياض ،ومعه عدد من العجمان والدواسر ،سبقت اإلشارة إليهم،
تم يف األسبوع األخير من شهر جمادى األولى
وكان دخولهم إلى نجران قد َّ
1352هـ/سبتمرب1933م ،حيث أسهموا يف دعم المقاومة داخل نجران.
419
وذكر الشيخ شريف بن جابر أبو ساق أنه قبل أن ينسحب اإلمام يحيى
كانت قبائلنا تتسلل إلى أمًلكها ومزارعها تحت جنح الظًلم لتأخذ بعض
األرزاق من بيوهتا ،أو تحصل على األخبار من األهالي الذين لم يكونوا يف
دائرة اهتمام اإلمام ،وبعض الصناع الذين مكثوا يف نجران .وقد حصلنا منهم
جمي ًعا على أخبار جيش اإلمام ومواقعهم وأفعالهم .ويف معرض حديثه ذكر
لنا هامل بن مسفر بن هامل آل الحارث( )1عن زحف الجيش السعودي بقيادة
ولي العهد األمير سعود بن عبد العزيز ،فقال :جاء الملك سعود ،وبرفقته كل
من فيصل بن سعد وشقران ،وأمير آخر لم يحضرنـي اسمه( )2استجاب ًة ألهالي
نجران ،وكانت الطليعة األولى بقيادة فيصل بن سعد ،وكان معه ابن شفلوت
القحطانـي ،ومعهم سبعة بيارق ٍّ
لكل من ألمع ،وحرب ،وعسير ،وقحطان،
وبيرق لمرتك بن شفلوت ،وكل قبيلة بأميرها وبيرقها ،وكل بيرق على شوكة،
والشوكة ألف رجل ،وكان مع فيصل بن سعد الخيل واإلبل ،وتمركزوا عند
( )1من قبيلة آل الحارث (يام) القاطنين يف الحماد ،وقد تم تسجيل أقواله يف1415/7/20( :هـ)،
راجع كتاب :يف السياسة والحرب واإلدارة ،تأليف الدكتور :محمد أبو ساق( ،ص ،)334وكتاب:
«دخول نجران يف العهد السعودي»( ،دراسة تاريخية وثائقية) ،تأليف :د .علوي عمر فريد،
(ص.)130
( )2لقد كان مع ولي العهد األمير سعود بن عبد العزيز كل من -1 :األمير :فيصل بن سعد -2 .واألمير:
محمد بن سعود الكبير -3 .واألمير :خالد بن محمد بن عبدالرحمن -4 .واألمير :عبداهلل بن
فيصل آل فرحان.
420
المنتزه( ،)1وسعود لم يصل بعد ،وطلبوا منِّي تعريفهم بالحدود ،وأوضح لهم
موقع الحصن ،وباقم ونفقة ،ورمحة ،والملح ،وعار ،وتأكد من صدق كًلمي،
وكتب كتا ًبا معي إلى األمير سعود ،وكان سعود ال يزال حتى ذلك الحين بعد
ظهران الجنوب ،وعند وصوله إلى الثويلة(( )2شمال الحماد وعاكفة) ،وذكر
قائًل:
هامل ً
شاهدت جحافل الجيش على اإلبل والخيل ،وكان األمير سعود يمتطي
فرسا ،وعرفته وسلمته كتاب فيصل بن سعد ،ثم دعاين وقال :يا همًلن ،تعال ً
وضح لي) دروب نجران وا َّطلع معي إلى هذا الضلع (الثويلة) ،وه ِّقنِي (أيِّ :
كيًل
( )1يسمى يف وقتنا الحاضر :منتزه العشة وهو يبعد عن مدينة ظهران الجنوب جنوبًا بمسافة (ً )17
على الطريق المؤدي إلى نجران ،وكانت تسمى عشة سعود ،انظر :كتاب :بين مكة وحضرموت
رحًلت ومشاهدات ،تأليف :عاتق بن غيث البًلدي( ،ص.)55
( )2الثويلة :منطقة واسعة ،تكسوها غابات كثيفة من األشجار ،يخرتقها طريق خميس مشيط إلى نجران،
كيًل ...،قال الهمداين يف شرح األرجوزة :الثويلة عقبة،
جنوب مدينة ظهران الجنوب بمسافة (ً )24
ومسجد خالد «بن الوليد» تحت الثويلة عليه حواء بًل سقف ،صفة جزيرة العرب (ص .)419يقول
صاحب كتاب« :طريق الحاج اليمني ،القاضي إسماعيل بن علي األكوع»( ،ص )95عن مسجد
خالد« :هو مسجد أثري ،ينسب بناؤه إلى الصحابي خالد بن الوليد -رضي اهلل عنه -أثناء إقامته
كيًل تحت
بنجران يف السنة العاشرة من الهجرة ،ويقع المسجد جنوب مدينة ظهران بمسافة (ً )26
الثويلة ،وال يزال معرو ًفا إلى هذا اليوم ،عليه حواء بًل سقف ،تقدر مساحته بـ ( )21×21مرتًا».
محكما مستقبل القبلة ،على طريق
ً وقال الشيخ هاشم النعمي« :لقد وقفت عليه فوجدته بناء
صخرية ،ليست بعيدة عن مغارة الثويلة من الجهة الجنوبية ،عند ماء أسفل وادي الحجر مما يلي
هضاض»( .ص ( ،)211انظر :كتاب :عوض عبداهلل سعد آل ناحي( ،ص ،)18الحياة االقتصادية
يف نجران خًلل القرن األول الهجري السابع الميًلد.
421
()1
ورمحة ،ودروب عار ،وباقم ،والملح ،ثم شرحت له كل تلك والنقعة
الطرق ..وأمرهم أن يحملوين على أحد الجمال ،ثم إن األمير سعو ًدا أخذ
يردد:
ذيـــب يبــــي ديارنـــا عربانــــه وراءه يـــــا اهلل علــــى ديارنـــا
وديــار مــــن عــاف الحيــــاة
يقصد أن الجيش اليمني يريد االستيًلء على نجران ،ثم إننا واصلنا
السير مع الجيش حتى وصلنا ال َع َّشة ( َع َّشة سعود) ،ونزل األمير سعود إلى
ٍ
غار ،وفرشوا له قطع ًة من السجاد يف قاع الغار الذي ُس ِّمي بـ (غار سعود) ،وكان
معه الشيوخ شقران وأمير آخر ،أما فيصل بن سعد فقد اتجه إلى باقم ،ومعه
جيش يتقدمه (مجلجلة) ،أي :عربة يجرها حصان يف المقدمة ،و ُتحدث صو ًتا
شعرا:
مجلجًل ،ويتبعها العسكر والخيل واإلبل ...وكان األمير سعود يقول ً
ً
نجـــران يـــا هدب الجــــريد=لومـــك علــى ولـــد اإلمــام
أيضا:
وكان يقول ً
وديــــار عربانــــــــــه وراه ذيـــــب يبــــي ديارنــــــــــا
وديـــار مــن عـاف الحياه اهلل علــــــى ديـــارنــــــــــــا
وكانوا يرددون عليه كلهم بصوت واحد :وديار من عاف الحياة.
( )1النقعة :تقع يف بًلد وائلة اليمن قرب الحدود السعودية ،انظر :المادة الرابعة من معاهدة الطائف،
كتاب :من مذكرات محمد بن تركي الماضي( ،ص.)230
422
يمر به طريق نجران خميس مشيط وهو منطقة واسعة فيها غار سعود والعشة.
الح َمادُّ :
(َ )1
كيًل تقريبًا.
( )2قرية الحاجر من قرى ظهران الجنوب وتبعد عنه جنوبًا على طريق نجران مسافة (ً )24
423
وذكر هامل أن األمير سعو ًدا بقي يف الحماد تسعين يو ًما ،وبعد استيًلء
الجيش السعودي على باقم ،كان ما يزال حتى ذلك الوقت أسرى عند اإلمام
يحيى يف صنعاء ،منهم« :أمحيريق آل فهاد» الذي ُتو ِّفي يف سجن اإلمام.
قائًل:
واختتم هامل آل الحارث حديثه ً
َّ
إن األمير سعو ًدا نزل إلى نجران ،وجلس فيها ،وجاءه الناس من كل
ٍ
مكان عاهدوه وبايعوه...
واألثرية والسياحية المميزة التي يرتادها السواح والقادمون إلى نجران ،ويقع
يف منطقة تسمى «الحماد» قريب ًة من الحدود اليمنية.
قصة االسم:
كان الموقع المقصود موق ًعا عاد ًّيا ،ال يهتم به أحدٌ إلى َأن جاء الجيش
بقيادة األمير :سعود بن عبدالعزيز «كان ول ًّيا للعهد حينذاك» لنجدة نجران من
احتًللها عام 1352هـ من قبل قوات اإلمام ،اعترب األمير سعود الغار مكانًا
ومقرا للتموين ،ولخزائن األسلحة ،وقري ًبا من مواقع السيطرة والمراقبة،
ًّ
والقرب من مواقع الماء والطرق التي تؤدي إلى نجران ،ويف شمال الغار يوجد
كهف وضع للخزائن ،ويف ظهر الجبل مواقع للمراقبة على الحماد من موقع
سمي« :حيد سعود» ،ويبعد الغار عن نجران 90كلم على الطريق المؤدي إلى
منطقة عسير.
وهبذا االختيار تم َّكنت العسكرية السعودية -ومنذ أكثر من 87عا ًما-
مِن االنتصار يف حرب الجبال يف معارك 1933م؛ الستخدامها عقلي ًة
اسرتاتيجي ًة تكتيكي ًة حربيةً ،وخيم األمير وجيشه حوالي ثًلثة أشهر ،وكان
ٍ
جيش إلى نجران ،واستعاد مقرا النطًلق الملك رحمه اهلل على رأس
الغار ًّ
نجران تحت لواء الحكم السعودي بعد معركتي نقعة وباقم.
ويف معرض حديثه قال الشيخ شريف أبو ساق:
بوصول طًلئع جنود ابن سعود أصيب جيش اإلمام بالذعر ،فراح
426
ينسحب زرافات ووحدانًا ،وقبل أن يبارحوا المكان ،د َّمروا اآلبار ،منها بئر
والدي ،وأحرقوا النخيل والزروع ،وهدموا الكثير من البيوت والقصور ،بل
وأحرقوا بعضها بالنار.
ولما علمنا ببدء انسحاهبم ،ووقعت أعيننا على ما فعلوه ببيوتنا وحقولنا
َّ
()1
ونخيلنا وآبارنا ،ثارت ثائرة قبائل يام ،وداهمت جيش اإلمام ،وحمشوا هبم
كثيرا ،و َأ َسرنا
يف تلك الليلة التي لم ينبلج صباحها حتى كنا قد قتلنا منهم خل ًقا ً
شخصا ،بينما نجح الباقون يف االنسحاب
ً منهم بين قصورنا نحو ()470
جنو ًبا ،فطاردناهم حتى تجاوزوا الجبال جنوب وادي نجران باتجاه اليمن،
ٍ
وقتئذ ال وتم ُّ
كل ذلك قبل أن تلتحم هبم جيوش عبد العزيز؛ إذ كان ابنه سعود َّ
يزال مقي ًما يف خميس مشيط.
العفو من شيم الكرام:
يف مقابل أسراهم ،كان لنا عندهم أكثر من (ٍ 400
أسير) ،قتلوا بعضهم،
أسيرا من فخذنا
وأبقوا على البعض اآلخر رهائن عند اإلمام ،ومنهم ثًلثون ً
ظلوا يف سجنه حتى فتك هبم عن بكرة أبيهم! وعندما وصل سعود بن العزيز
بعساكره إلى ظهران الجنوب ،كان جميع عساكر اإلمام قد انسحبوا من نجران
أما أسراهمَّ ،
فإن أهل نجران قاموا بتسليمهم إلى سعود يف منطقة يقال لها:
«الحماد» شمال غرب بلدة نجران ،وقد اشتدَّ ت الدهشة باألهالي عندما قام
مما آثار غضب البعض ،حيث
سعود بإخًلء سبيل هؤالء األسرى وأكرمهمَّ ،
كانوا يتو َّقعون َّ
الشر المستطير ألسراهم يف سجون اإلمام ،ولكن الملك عبد
ٍ
خطر ،ويقيهم من العزيز بعث ُي َطمئِن الجميع بأنه سوف يدرأ عنهم كل
األطماع الخارجية ،وبالفعل دخلت نجران تحت حكم الملك عبدالعزيز،
فتمتعت باألمن واالستقرار ،ولم َيدَّ ِخر عبد العزيز ُوس ًعا يف توفير الرفاهية
والطمأنينة ونشر العدل والسًلم يف ربوع نجران.
يقول أحد المؤرخين( :)1وعند اشتداد األزمة بين المملكتين ،تقدمت
سرية من الجيش السعودي ،ورابطت يف أسفل وادي نجران ،وصار الموقف
على الوجه اآليت:
1ـ القوات المتوكلية متحصنة يف قصور وادي (نجران).
ٍ
ألحد ،والمقاومة مستمرة. 2ـ البادية وبًلد يام ليست
3ـ سرية من الجيش السعودي يف أسفل وادي نجران.
ويف يوم 1352/12 /18هـ1934/م ،نشب القتال بين (البلدين) يف
الجبهتين الشرقية والغربية:
األولى بقيادة ولي العهد سعود بن عبد العزيز ،والثانية بقيادة األمير
فيصل بن عبدالعزيز.
الجيش السعودي يف المنطقة (الجنوبية الغربية) جازان:
(زبِيد) جنو ًبا ،وكان عدد
تقدمت القوات السعودية إلى مشارف مدينة َ
الجيش السعودي نحو ثًلثين أل ًفا من الفرسان والمشاة المحمولين على
السيارات واإلبل ،ومعهم نحو عشرة آالف جم ٍل لحمل المؤن والعتاد يف
األماكن صعبة المسالك ،وسيارات.
ويتألف مجموع الجيش السعودي يف الجبهة الجنوبية الغربية من:
( ،)30400وهو كاآلتي:
1ـ ( )5400مقات ٍل تق ُّلهم ثًلث ٍ
مئة وخمسون سيارة نقل كبيرة(.)1
2ـ ( )2000ألفا فارس.
3ـ ( )20000عشرون أل ًفا على اإلبل السريعة.
ً
رشاشا، 4ـ 3000مشاة 20 +عشرون سيار ًة مصفحةً 20 ،وعشرون
( )1أما األخبار الواردة من عدن عن االستعدادات السعودية؛ فقد وردت يف تقرير آخر مقدم إلى اإلمام
جاء فيه« :تفيد األخبار وبعض أنباء جدة أن حركة كبيرة يف مكة حيث تحضر جيوش من نجد
وقحطان وغيرها ،وتصدر الجيوش لحدود عسير وجيزان ،وكذا ترسل عساكر يف المراكب التي
استأجروها إلى الجهات المذكورة ،اشرتت الحكومة السعودية 200سيارة من شركة فليب ،وهي
مواتر كبار نقالة لألموال والجنود ،وقد وصلت منها جانب إلى جدة ،وحسبما بلغنا أن االستعداد
قائم على قدم وساق» تقرير بعنوان« :أخبار عدن» .انظر :كتاب :عسير يف عهد الملك عبد العزيز،
د .محمد بن عبداهلل آل زلفة( ،ص.)184
429
20عشرون مدفعية(.)1
ويتألف الجيش اليمني المرابط يف «حرض» من:
1ـ خمسة آالف من الجيش النظامي.
2ـ 15000من الشوكات المجندين من أهل الخميسين وأسلم وحجور
وبني مروان( ،)2ومعه ( )20من الرشاشات بطاريتا مدفعية.
3ـ 5000خمسة آالف من الجيش النظامي يف مدينة َميدي.
4ـ 5000خمسة آالف من المجندين ،والجيش مسلح بالبندقية
اإليطالية والرشاشات.
وسًلح الجيش النظامي البندقية اإليطالية المسماة( :طالب الشر)،
وسًلح المجندين خليط من البنادق القديمة المصنعة قبل الحرب العالمية من
ذوات الرصاصة الواحدة (أم حبة).
التمهيد للهجوم:
أقام الجيش السعودي -بعد انتقاله من أبي عريش -يف ضواحي بلدة
ٍ
نقطة من صامطة ،ثم نقل معسكره إلى بًلد بني ُح َّمد ،ثم انتقل إلى أقرب
كيًل.
الحدود بحيث ال تعدو المسافة بين الجيشين ً 15
( )1المرجع :كتاب :المخًلف السليماين ،تأليف :محمد بن أحمد العقيلي.)1127/2( ،
( )2بنو مروان :من قبائل هتامة اليمن ،ويقطنون حول حرض وميدي ،وهم ينتسبون إلى ذو حسين،
المقحفي( ،ص.)380
430
ممن يوافيهما
وكان للجيشين استخباراهتما وجواسيسهما وعيوهنما َّ
باألخبار ،و َأ َد ِّق التفاصيل ،وكان على قيادة القوات اليمنية المرابطة يف حرض
عامل حرض (علي السياين) ،وقد أعَدَّ خطته الدفاع َّية شمال حرض يف وادي
(عبداهلل) ،وحفر الخنادق ،ووضع االستحكامات الرتابية ،ومواضع
للرشاشات ،كما وضع خ ًّطا طليع ًّيا متقد ًما مثل الخط األول ،وخ ًّطا ثال ًثا يف
أسفل البلدة ،وكان هناك قلعة حصينة بالنسبة إلى وسائل الدفاع آنذاك.
التهيــــؤ للهجوم:
وعندما أخفقت المفاوضات بين الحكومتين ،صدرت األوامر إلى سائر
الجبهات السعودية بالهجوم ،وحدد الوقت يف فجر يوم الثًلثاء الموافق
1352/12/18هـ1934 /م(.)1
الهجوم:
َع َّبأ حمد الشويعر( )2جيشه ،وأمره باالستعداد الكامل ،والت ََّه ُّيؤ التام،
وانتظار ساعة الصفر ،وبعث أرصاده وعيونه وجواسيسه على طول الحدود،
وعند منتصف الليل تحرك المعسكر ب َأسره ،واستعدت السيارات
ٍ
هدوء، والمصفحات والمدفعية المحمولة يف السيارات ،وتقدمت الخيل يف
وبدأ الجيش سيره ،ثم توقف على مسافة خمسة أكيال بفرسانه ومصفحاته
ورشاشاته ومدفعيته وسياراته ،وعندما حان وقت صًلة الفجر ،صلى الجيش
جماعات جماعات ،وبعد انتهاء الصًلة ،صدر األمر بالهجوم ،وكان شعار
الجيش« :يا مالك يوم الدين ،إياك نعبد وإياك نستعين» ،ثم تًله صوت طلقات
ترج األرض
النيران والمدفعية كالرعد القاصف ،وانطلقت الفرسان ُّ
بسنابكها( ،)1فارتجت بلدة حرض( ،)2وانخلعت قلوب أهلها .وسرعان ما
اكتسحت الخط الطليعي ،ثم الخط األول والثاين ،وسقطت بلدة حرض يف يد
القوات المهاجمة ،فانسحب القائد علي السياين مع بعض قواته إلى قلعة
كيًل،
حرض ،فضرب على القلعة الحصار ،وتوغل الجيش جنو ًبا خمسة عشر ً
وتم قطع الخطوط بين كل من حرض و َعبس وحرض و َميدي وعبس وال ُّل َح َّية
المجنَّدون يف الجيش اليمني إلى أوطاهنم( ،)3وتدفقت
والحديدة ،وانسحب ُ
ُ
رسائل مشايخ هتامة على حمد الشويعر من باجل شر ًقا إلى زبيد جنو ًبا،
ووصلت كتب هادي هيج زعيم قبيلة (الواعظات)( ،)1وعامل وادي مور
بالمواالة ،فأجاهبم الشويعر بكل ما يطمئن نفوسهم، ()2
والزهرة وال ُّلح َّية
ويطيب خواطرهم.
وظلت القلعة 12يو ًما صامدة ،ثم سقطت بيد القوات السعودية ،وذلك
مساء ليلة السبت الموافق1352 /12 /30هـ1934/م ،وكان قائدها قد
ليًل مع بعض جنوده إلى الجبال ،وبعد أن رتب الشويعر شؤون حرض،
تسلل ً
واستقبل شيوخ قبائل هتامة اليمن ،تحرك بالجيش صوب قرية (المخازن) ،ثم
الم َو َّسم ثم وادي حيران.
ُ
وأخذت القوات السعودية توالي زحفها على (ميدي) ،ولم يشعر عاملها
القاضي عبد اهلل العرشي َّإال باحتًلل الجيش السعودي لـ(المخازن) ،وهي
قرية قريبة من (ميدي) ،وحاول االتصال بأحد المراكز األخرى ،ولكن القوات
السعودية سبقته إلى قطع خطوط التلغراف ،كما حاول عب ًثا المقاومة إال أن
تدفق الجيش السعودي المزود بالمدفعية الثقيلة جعله يفكر ثاني ًة يف الحالة،
وسيلة إلنقاذ حياته ،فسارع إلى ذلك مع أصحابه،ٍ وأخيرا رأى أن الفرار أنجع
ً
ٍ
بسفن يف المرسى ،وعند وصوله إليها ،وجدها قد أقلعت، وكان قد احتاط له
فركب سيارة شحن كبيرة لتسرع به قبل الجيش ،فتعطلت ،فركب بغلته وسار
مع الجيش ،سالكين طريق الساحل المؤدية إلى الحديدة ،ولكن المصفحات
ٍ
معركة دامت العسكرية السعودية تمكنت من اللحاق هبم ،ثم أسرهم بعد
حوالي ثًلث ساعات يف الصحراء ،وقد أرسلوا بعد ذلك إلى (جازان)،
وسجنوا هبا حتى أبرمت معاهدة الطائف اآليت ذكرها.
وقد أرسلت المدينة رسولها بطلب أن تستلم المدينة ،ويؤمن أهلها،
فأصدر األمير فيصل بن عبدالعزيز أمره يف الحال بما يأيت:
-1إرسال قوة خفيفة من الجيش لحفظ مدينة (ميدي) ،وتأمين أهلها.
-2إرسال دورية من الخيالة تطوف حول المدينة ،وتمنع كل متسل ٍل من
الخارج.
-3األمر على القيادة بعدم دخول أي ٍ
فرد من الجيش إلى المدينة غير
من ُذكِ َر.
وبعد وصول تلك القوات إلى المدينة وتأمينها ،قام سمو األمير فيصل
ٍ
نقطة من المدينة، يرافقه حمد الشويعر ،ومعهم فرقة من الجيش إلى أقرب
434
( )1انظر :كتاب :تاريخ المخًلف السليماين ،محمد بن أحمد العقيلي ،)1138 /2( ،وكتاب :صقر
السادس ،ص .1162أحمد عبدالغفور عطار ،وكتاب :العًلقات بين المملكة
الجزيرة ،الجزء ّ
العربية السعودية والمملكة المتوكلية يف عهد الملك عبدالعزيز ،مشاري بن سعود بن عبدالعزيز،
(ص.)143
435
( )1انظر :كتاب :اليمن عرب التاريخ ،تأليف :محمد حسين شرف الدين( ،ص ،)285وكتاب :العًلقات
السع ودية اليمنية ،من خًلل ما نشر يف جريدة المقطم المصرية ،تأليف :أ.د /.محمد سعيد منشط
الشعفي( ،ص ،)156 -154نعم لقد اهنار جيش اإلمام يحيى يف أقل من شهر واحد ،انظر :كتاب:
الوجيز يف سيرة الملك عبدالعزيز ،لخير الدين الزركلي ،ط( ،2ص.)177
( )2الضحي :بلدة يف وادي سردد ،بالجنوب الشرقي من مدينة الزيدية.
( )3بيت الفقيه :بلدة يمنية ساحلية تقع شمال مدينة زبيد على بعد حوالي 35كمُ ،سميت هبذا االسم
نسبة إلى الفقيه أحمد بن موسى بن عجيل المتوىف سنة 690هـ 1291 -م.
436
ال ُّل َح َّية يف طريقه إلى الحديدة يف موكب مهيب حتى وصل إلى مدينة ُ
الحدَ يدة،
وخرجت القوات السعودية الستقباله ،وخرج الناس الستقباله ،ومشاهدة
موكبه ،وقد وصل إلى مقر الحكومة مقر عامل الحديدة عبداهلل بن اإلمام يحيى
محمد حميد الدين( ،)2فأقبل ُو َجهاء وأعيان المدينة ،ومنهم هادي هيج زعيم
قبيلة (الواعظات) ،وأحمد فتيني زعيم قبيلة (الزرانيق) ،وإبراهيم السبهان
( )1راجع :كتاب :صقر الجزيرة ،أحمد عبدالغفور عطار .)1164/6( ،وكتاب :تاريخ ملوك آل سعود،
تأليف :سعود بن هذلول1402( ،هـ 1982 -م).)182/1( ،
( )2اإلمام يحيى محمد بن يحيى حميد الدين1367 -1286( :هـ) :ولد بصنعاء وتعلم هبا وباألهنوم
فهو عالم محقق يف علوم العربية والفقه وفروعه وأصوله تولى إمامة اليمن بعد وفاة والده سنة
1322هـ وتصادم مع العثمانيين يف معارك كثيرة؛ حيث كانوا يسيطرون على اليمن ثم عقد معاهدة
(دعان) يف عام 1329هـ ،وصفيت له أمور اليمن بعد جًلء األتراك األخير سنة 1336هـ كان كما
يقول الزركلي يفضل االستبداد على الشورى ،وكان يؤثر العزلة على االنفتاح ،وقد أثر عنه قوله:
«ألن تبقى َخ ِربة وهي تحكم نفسها أولى من أن تكون عامرة ويحكمها أجنبي»ُ ،قتل غيلة عام
1367هـ وأعلن قاتلوه قيام دولة دستورية رئيسها عبداهلل بن الوزير لم تدم سوى أسابيع .األعًلم،
( ،)171 - 171 /8هجر العلم ومعاقله ،)1737 -1696 /3( ،ويف تاريخ اليمن للواسعي،
(ص.)300
437
( )1انظر :كتاب :اليمن عرب التاريخ ،تأليف :محمد حسين شرف الدين( ،ص ،)285وكتاب :صقر
الجزيرة ،أحمد عبدالغفور عطار .)1136/6( ،وكتاب :تاريخ ملوك آل سعود ،تأليف :سعود بن
هذلول1402( ،هـ 1982 -م).)182/1( ،
( )2انظر :كتاب :صقر الجزيرة ،أحمد عبدالغفور عطار ،)1164/6( ،وكتاب :تاريخ المخًلف
السليماين ،محمد بن أحمد العقيلي.)1139/2( ،
438
عن طريق ظهران الجنوب ،فلم توافق الحكومة على ذلك؛ خشي ًة على حياته
وتقرر سفره إلى مكة المكرمة برفقة عضو
يف المخاطرة بسلوكه خطوط القتالَّ ،
الوفد السعودي تركي بن محمد الماضي ٍ
بأمر من الملك عبد العزيز ،وحتى
الحدَ يدَ ة َبح ًرا ،وقد وصل مكة المكرمة،
تتهيأ للوفد وسيلة يف توجهه إلى ُ
وتشرف ابن الوزير بالسًلم على جًللة الملك عبدالعزيز ،فلقي من جًللته
كل إكرام واحرتام ،وبعد أن طلع الملك إلى الطائف ،أمر الوفد اليمني
بالخروج إلى الطائف ،واستقر هناك يف ٍ
غاية من واإلكرام واالحرتام ،وكانت
الحرب بين البلدين مستمرة ،والربقيات بين الحكومتين متوقفة ،واالتصال
منقط ًعا ،ولما أدرك اإلمام يحيى خطورة الموقف ،وانتزاع أعز ما يملك من
يده من الموانئ الممتدة على طول الساحل ،أبرق للملك عبدالعزيز بقوله:
مفوضا منَّا لعقد
ً «أيها األخ ،كفى ما قد حصل ،وهذا الولد عبد اهلل الوزير
المعاهدة» ،وحضر ابن الوزير لمقابلة الملك عبد العزيز ،وتلقى الشروط من
الملك عبدالعزيز.
الشروط األساسية لعقد المعاهدة:
-1االنسحاب من نجران ،وعموم بًلد يام ،وتسليمها لسمو ولي العهد
األمير سعود.
-2تسليم الحسن اإلدريسي ،وعموم األدارسة.
-3االنسحاب عن المناطق الجبلية التي احتلتها الجنود اليمنية.
439
( )1انظر :كتاب :من مذكرات تركي بن محمد بن الماضي عن العًلقات السعودية اليمنية ،من 1342هـ
1371 -هـ1924/م 1954 -م( ،ص ،)222 ،221وكتاب :تاريخ المخًلف السليماين ،محمد
بن أحمد العقيلي ،)1115/2( ،وكتاب :العًلقات السعودية -اليمنية ،أ.د /.محمد سعيد منشط
الشعفي( ،من خًلل ما نشر يف جريدة المقطم المصرية)( ،ص ،)224وكتاب :اليمن عرب التاريخ،
تأليف :محمد حسين شرف الدين( ،ص ،)286وكتاب :تاريخ ملوك آل سعود ،تأليف :سعود بن
هذلول1402( ،هـ 1982 -م)( ،ص.)182
( )2انظر :كتاب :نجران ،محمد أبو ساق( ،ص.)213
440
معاهدة (الطائف):
بين(المملكة العرب َّية السعود َّية) ،و(المملكة اليمان َّية).
( 6صفر سنة 1353هـ 19 /مايو سنة 1934م).
بسم اهلل الرحمن الرحيم
الحمد هلل وحده ،والصًلة والسًلم على من ال نبي بعده ،نحن اإلمام
يحيى بن محمد حميد الدين ملك المملكة اليمانية ،بما إنه قد عقدت بيننا
وبين الملك اإلمام عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود ملك المملكة
العربية السعودية ،معاهدة صداقة إسًلمية ،وأخوة عربية إلهناء حالة الحرب
( )1انظر :كتاب :العًلقات السعودية اليمنية ،من خًلل ما نشر يف جريدة المقطم المصرية ،تأليف :أ.د/.
محمد سعيد منشط الشعفي( ،ص ،)376وكتاب :تاريخ المخًلف السليماين ،تأليف :محمد بن
أحمد العقيلي ،)1152/2( ،وكتاب :من مذكرات تركي بن محمد الماضي ،عن العًلقات
السعودية اليمنية ،تأليف :تركي محمد الماضي( ،ص ،)246 -227وكتاب :اليمن عرب التاريخ،
أحمد حسين شرف الدين( ،ص ،)299 -287ط1400 ،3هـ 1980 -م ،وكتاب :العًلقات
السعودية اليمنية ،تأليف :عبداهلل بن سعود القباع ،ملحق رقم (( ،)3ص ،)390 -378وكتاب:
تاريخ اليمن المسمى ُفرجة الهموم والحزن يف حوادث وتاريخ اليمن ،تأليف :العًلمة الشيخ
عبدالواسع بن يحيى الواسعي اليماين( ،ص ،)408 -391وكتاب :صقر الجزيرة تأليف :أحمد
عبد الغفور عطار ،)1159 -1141/6( ،وكتاب :عسير يف عهد الملك عبد العزيز ،د .محمد بن
عبداهلل آل زلفة( ،ص ،)225 -205وكتاب :جبال فيفا وبني مالك ،أ .د .عبد اهلل بن أحمد الفيفي،
(ص.)79 -64
441
الواقعة لسوء الحظ بيننا وبين جًللته ،ولتأسيس عًلقات الصداقة اإلسًلمية
بين بًلديهما ،ووقعها مندوب مفوض من قبلنا ،ومندوب مفوض من قبل
جًللته ،وكًلهما حائزان للصًلحية التامة المتقابلة ،وذلك يف مدينة جدة يف
ثًلث وخمسين بعد الثًلثمائة واأللف ،وهيٍ اليوم السادس من شهر صفر سنة
مدرجة مع عهد التحكيم والكتب الملحقة هبا فيما يلي:
السعودية)
َّ وأخوة عرب َّية بين (المملكة العرب َّية
َّ معاهدة صداقة إسالم َّية
و(المملكة اليمان َّية):
حضرة صاحب الجًللة (اإلمام عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل
جهة ،وحضرة صاحب ٍ سعود) ،ملك (المملكة العربية السعودية) ،من
الجًللة (اإلمام يحيى بن محمد حميد الدين) ،ملك (اليمن) ،من جهة أخرى،
ِّ
الحظ فيما بينهما وبين رغب ًة منهما يف إهناء حالة الحرب التي كانت قائم ًة لسوء
حكومتيهما وشعبيهما.
ورغب ًة يف جمع كلمة األمة اإلسًلمية العربية ،ورفع شأهنا ،وحفظ
كرامتها واستقًللها.
ونظرا لضرورة تأسيس عًلقات عهد َّية ثابتة بينهما وبين حكومتيهما
ً
وبًلديهما على أساس المنافع المشرتكة ،والمصالح المتبادلة.
وح ًّبا يف تثبيت الحدود بين بًلديهما ،وإنشاء عًلقات حسن الجوار،
وروابط الصداقة اإلسًلمية فيما بينهما ،وتقوية دعائم السلم والسكينة بين
442
التي قد تقع بينهما ،وبأن يسود عًلقتهما روح اإلخاء اإلسًلمي العربي يف سائر
المواقف والحاالت ،و ُيشهدان اهلل على حسن نواياهما ،ورغبتهما الصادقة يف
سرا وعلنًا ،ويرجوان منه سبحانه وتعالى أن ُيو ِّفقهما
الوفاق ،واالتفاق ًّ
وو َر َثاءهما وحكومتيهما إلى السير على هذه الخطة القويمة التي
وخلفاءهما ُ
فيها إرضاء الخالق ،وعز قومهما ودينهما.
المادة الثانية:
يعرتف ٌّ
كل من الفريقين الساميين المتعاقدين لآلخر باستقًلل كل من
استقًلال تا ًّما مطل ًقا ،وبملكيته عليها ،فيعرتف حضرة صاحب
ً المملكتين
الجًللة اإلمام يحيى بن محمد حميد الدين ملك اليمن لحضرة صاحب
الجًللة اإلمام عبد العزيز ولخلفائه الشرعيين باستقًلل المملكة العربية
استقًلال تا ًّما مطل ًقا ،وبالملكية على المملكة العربية السعودية،
ً السعودية
ويعرتف حضرة صاحب الجًللة اإلمام عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل
آل سعود ملك المملكة العربية السعودية لحضرة صاحب الجًللة ِ
اإلمام
استقًلال تا ًّما مطل ًقا،
ً يحيى ولخلفائه الشرعيين باستقًلل مملكة اليمن
كل منهما أي حق يدعيه يف ٍ
قسم أو أقسا ٍم من وبالملكية على اليمن .ويسقط ٌّ
بًلد أخرى خارج الحدود القطعية المبينة يف صلب هذه المعاهدة .إن جًللة
حق يدعيه باسم الوحدة
اإلمام الملك يحيى يتنازل هبذه المعاهدة عن أي ٍّ
اليمانية أو غيرها يف البًلد التي هي بموجب هذه المعاهدة تابعة للمملكة
444
العربية السعودية من البًلد التي كانت بيد األدارسة ،أو آل عائض ،أو يف نجران
وبًلد يام ،كما أن جًللة اإلمام الملك عبد العزيز يتنازل هبذه المعاهدة عن أي
ٍ
واحتًلل أو غيرهما يف البًلد التي هي بموجب هذه ٍ
حماية حق يدعيه من ٍّ
المعاهدة تابعة لليمن من البًلد التي كانت بيد األدارسة أو غيرها.
المادة الثالثة:
يتَّفق الفريقان الساميان المتعاقدان على الطريقة التي تكون هبا الصًلت
والمراجعات بما فيه حفظ مصالح الطرفين ،وبما ال ضرر فيه على أيهما ،على
َّأال يكون ما يمنحه أحد الفريقين الساميين المتعاقدين لآلخر أقل مما يمنحه
مما يقابله ٍ ٍ
أي الفريقين أن يمنح اآلخر أكثر َّ
لفريق ثالث ،وال يوجب هذا على ِّ
بمثله.
المادة الرابعة:
خط الحدود الذي يفصل بين بًلد ٍّ
كل من الفريقين الساميين المتعاقدين
فاصًل قطع ًّيا بين
ً موضح بالتفصيل الكايف فيما يلي« :ويعترب هذا الخط حدًّ ا
اعتبارا من
ً البًلد التي تخضع لكل منهما» ،يبدأ خط الحدود بين المملكتين
النقطة الفاصلة بين (ميدي) و(الموسم) على ساحل البحر األحمر إلى جبال
ً
شماال إلى أن ينتهي إلى الحدود الغربية هتامة يف الجهة الشرقية ،ثم يرجع
الشمالية التي بين (بني ُجماعة) ،ومن يقابلهم من جهة الغرب والشمال ،ثم
ينحرف إلى جهة الشرق إلى أن ينتهي إلى ما بين حدود (نقعة) و(عار)
445
التابعتين لقبيلة (وائلة) ،وبين ُحدود (يام) ،ثم ينحرف إلى أن يبلغ مضيق
(مروان) و(عقبة رفادة) ،ثم ينحرف إلى جهة الشرق حتى ينتهي من جهة
الشرق إلى أطراف الحدود بين من عدا (يام) من (همدان بن زيد وائلة) ،وغيره
وبين (يام) ،فكل ما هو عن يمين الخط المذكور الصاعد من النقطة المذكورة
التي على ساحل البحر األحمر إلى منتهى الحدود يف جميع جهات الجبال
المذكورة ،فهو من المملكة اليمانية ،وكل ما هو عن يسار الخط المذكور ،فهو
من المملكة العربية السعودية ،فما هو من جهة اليمين المذكورة هي ميدي
وحرض وبعض قبيلة الحرث ،والمسير وجبال الظاهر وشدا ،والضبعة
وبعض العبادل ،وجميع بًلد وجبال رازح ومنبه وعرو آل أمشيخ وجميع بًلد
وجبال بني ُجماعة وسحار الشام بباد وما يليها ،ومحل مريصفة من سحار
الشام وعموم سحار ونقعة ووعار وعموم وائلة ،وكذا الفرع من عقبة هنوقة،
وعموم من عدا يام ووادعة ظهران من همدان بن زيد ،هؤالء المذكورون
وبًلدهم بحدودها المعلومة ،وكل ما هو بين الجهات المذكورة ،وما يليها مما
لم يذكر اسمه ،مما كان مرتب ًطا ارتبا ًطا فعل ًّيا أو تحت ثبوت يد المملكة اليمانية
قبل سنة 1352هـ 1933م ،كل ذلك هو يف جهة اليمين ،فهو من المملكة
اليمانية ،وما هو من جهة اليسار المذكورة وهو :الموسم ووعًلن وأكثر
الحرث والخوبة والجابري وأكثر العبادل وجميع فيفا وبني مالك وبني
حريص وآل تليد وقحطان وظهران وادعة ،وجميع وادعة ظهران مع مضيق
446
مروان ،وعقبة رفادة وما خلفها ،من جهة الشرق والشمال من يام ونجران
والحضن وزور وادعة وسائر َمن هو يف نجران من وائلة ،وكل ما هو تحت
عقبة هنوقة إلى أطارف نجران ويام من جهة الشرق ،هؤالء المذكورون
وبًلدهم بحدودها المعلومة ،وكل ما هو بين الجهات المذكورة ،وما يليها مما
لم يذكر اسمه مما كان مرتب ًطا ارتبا ًطا فعل ًّيا أو تحت ثبوت يد المملكة العربية
السعودية قبل سنة 1352هـ 1933م ،كل ذلك هو يف جهة يسار الخط
المذكور ،فهو من المملكة العربية السعودية.
وما ذكر من يام ونجران والحضن وزور وادعة وسائر َمن هو يف نجران
من وائلة ،فهو بنا ًء على كل ما كان من تحكيم اإلمام لجًللة الملك عبد العزيز
يف يام ،والحكم من جًللة الملك عبد العزيز َّ
بأن جميعها تتبع المملكة العربية
السعودية ،وحيث َّ
إن الحضن وزور وادعة و َمن هو من وائلة يف نجران هم من
وائلة ،ولم يكن دخولهم يف المملكة العربية السعودية إال لما ذكر ،فذلك ال
يمنعهم ،وال يمنع إخواهنم وائلة من التمتع بالصًلت والمواصًلت والتعاون
المعتاد ،والمتعارف به.
ثم يمتد هذا الخط من هناية الحدود المذكورة آن ًفا بين أطراف قبائل
المملكة العربية السعودية ،وأطراف من عدا يام من همدان بن زيد ،وسائر
قبائل اليمن ،فملك للمملكة اليمانية كل األطراف والبًلد اليمانية إلى منتهى
حدود اليمن من جميع الجهات ،وللمملكة العربية السعودية كل األطراف
447
والبًلد إلى منتهى حدودها من جميع الجهات ،وكل ما ذكر يف هذه المادة من
نقط شمال وجنوب وشرق وغرب ،فهو باعتبار كثرة اتجاه ميل خط الحدود
وكثيرا ما يميل لتداخل ما إلى كل من المملكتين.
ً يف اتجاه الجهات المذكورة،
أما تعيين وتثبيت الخط المذكور ،وتمييز القبائل وتحديد ديارها على أكمل
الوجوه ،فيكون إجراؤه بواسطة هيئة مؤلفة من عدد متسا ٍو من الفريقين بصورة
ٍ
حيف بحسب العرف والعادة الثابتة عند القبائل. ودية أخوية بدون
المادة الخامسة:
كل من الفريقين الساميين المتعاقدين يف دوام السلمنظرا لرغبة ٍّ
ً
ٍ
شيء يشوش األفكار بين المملكتين، والطمأنينة والسكون ،وعدم إيجاد أي
متقابًل بعدم إحداث أي ٍ
بناء محصن يف مساحة خمسة ً فإهنما يتعهدان تعهدً ا
ٍ
جانب من جانبي الحدود يف كل المواقع والجهات على كيلومرتات يف كل
طول خط الحدود.
المادة السادسة:
فورا عن يتعهد ٌّ
كل من الفريقين الساميين المتعاقدين بسحب جنده ً
البًلد التي أصبحت بموجب هذه المعاهدة تابعة للفريق اآلخر مع صون
ٍ
ضرر. األهلين والجند عن كل
المادة السابعة:
يتعهد الفريقان الساميان المتعاقدان بأن يمنع كل منهما أهالي مملكته
448
ٍ
وعدوان على أهالي المملكة األخرى يف كل جهة وطريق ،وبأن ٍ
ضرر عن كل
يمنع الغزو بين أهل البوادي من الطرفين ،وير ُّد كل ما ثبت أخذه بالتحقيق
الشرعي من بعد إبرام هذه المعاهدة ،وضمان ما تلف ،وبما يلزم بالشرع فيما
وقع من جناية قتلٍ ،أو جرحٍ ،بالعقوبة الحاسمة على َمن ثبت منهم العدوان،
ويظل العمل هبذه المادة سار ًيا إلى أن يوضع بين الفريقين اتفاق آخر لكيفية
التحقيق ،وتقدير الضرر والخسائر.
المادة الثامنة:
متقابًل بأن يمتنعا عن
ً يتعهد كل من الفريقين الساميين المتعاقدين تعهدً ا
الرجوع للقوة لحل المشكًلت بينهما ،وبأن يعمًل جهدهما لحل ما يمكن أن
ينشأ بينهما من االختًلف؛ سواء كانت سببه ومنشؤه هذه المعاهدة ،أو تفسير
ٍ
سبب آخر بالمراجعات الودية ،ويف كل أو بعض موادها ،أم كان ناش ًئا عن أي
حالة عدم إمكان التوفيق هبذه الطريقة ،يتعهد ٌّ
كل منهما بأن يلجأ إلى التحكيم
الذي توضح شروطه ،وكيفية طلبه وحصوله يف ملحق مرفق هبذه المعاهدة،
ولهذا الملحق نفس القوة والنفوذ اللذين لهذه المعاهدة ،ويحسب جز ًءا منها
متمما للكل فيها.
ً بعضها
ً أو
المادة التاسعة:
يتعهد كل من الفريقين الساميين المتعاقدين بأن يمنع ِّ
بكل ما لديه من
عدوانـي،
ٍّ ألي عم ٍل
ومركزا ِّ
ً الوسائل المادية والمعنوية ،استعمال بًلده قاعد ًة
449
أو شروع فيه ،أو استعداد له ضدَّ بًلد الفريق اآلخر ،كما أنه يتعهد باتخاذ
خطي من حكومة الفريق اآلخر ،وهي: ٍ
طلب التدابير اآلتية بمجرد وصول
ٍّ
- 1إذا كان الساعي يف عمل الفساد من رعايا الحكومة المطلوب منها
المادة العاشرة:
كل من الفريقين الساميين بعدم قبول َمن يفر عن طاعة دولته؛ يتعهد ٌّ
َّ
موظف ،فر ًدا كان أم جماعةً ،ويتخذ ٍ صغيرا ،موظ ًفا كان أم غير كبيرا كان أم
ً ً
ٍ
وعسكرية ٍ
إدارية كل من الفريقين الساميين المتعاقدين كافة التدابير الف َّعالة من
الفارين إلى حدود بًلده ،فإن تم َّكن أحدهم أو
وغيرها لمنع دخول هؤالء ِّ
كلهم من اجتياز خط الحدود بالدخول يف أراضيه ،فيكون عليه واجب نزع
السًلح من الملتجئ ،وإلقاء القبض عليه ،وتسليمه إلى حكومة بًلده الفار
منها ،ويف حالة عدم إمكان القبض عليه ،تتخذ كافة الوسائل لطرده من البًلد
التي لجأ إليها إلى بًلد الحكومة التي يتبعها.
المادة الحادية عشرة:
يتعهد كل من الفريقين الساميين المتعاقدين بمنع األفراد والعمال
َّ
ٍ
وجه كان مع رعايا الفريق اآلخر والموظفين التابعين له من المداخلة بأي
بالذات أو بالواسطة ،ويتعهد باتخاذ كامل التدابير التي تمنع حدوث القلق أو
توقع سوء التفاهم بسبب األعمال المذكورة.
المادة الثانية عشرة:
ٍ
جهة من يعرتف ٌّ
كل من الفريقين الساميين المتعاقدين بأن أهل كل
الجهات الصائرة إلى الفريق اآلخر بموجب هذه المعاهدة رعية لذلك الفريق
اآلخر ،ويتعهد ٌّ
كل منهما بعدم قبول أي شخص أو أشخاص من رعايا الفريق
451
اآلخر رعي ًة له َّإال بموافقة ذلك الفريق ،وبأن تكون معاملة رعايا كل من
الفريقين يف بًلد الفريق اآلخر طب ًقا لألحكام الشرعية المحلية.
المادة الثالثة عشرة:
يتعهد كل من الفريقين الساميين المتعاقدين بإعًلن العفو الشامل
الكامل عن سائر اإلجرام واألعمال العدائية التي يكون قد ارتكبها فر ٌد أو أفرا ٌد
من رعايا الفريق اآلخر المقيمين يف بًلده (أي :يف بًلد الفريق الذي منه إصدار
العفو) ،كما أنه يتعهد بإصدار عفو عام شامل كامل عن أفراد رعاياه الذين
لجأوا أو انحازوا أو بأي شك ٍل من األشكال انضموا إلى الفريق اآلخر ،من كل
جناية ،ومال أخذوا ،منذ لجأوا إلى الفريق اآلخر إلى عددهم؛ كائنًا ما كان،
وبال ًغا ما بلغ ،وبعدم السماح بإجراء أي نوع من اإليذاء ،أو التعقيب أو
التضييق بسبب ذلك االلتجاء ،أو االنحياز أو الشكل الذي انضموا بموجبه،
ٍ
مخالف لهذا العهد ،كان لمن ٍ
شيء ريب عند أي الفريقين بوقوع
وإذا حصل ٌ
حصل عنده الريب أو الشك من الفريقين مراجعة الفريق اآلخر ألجل اجتماع
المندوبين الموقعين على هذه المعاهدة ،وإن َّ
تعذر على أحدهما الحضور،
فينيب عنه آخر له كامل الصًلحية واالطًلع على تلك النواحي ممن له كامل
الرغبة والعناية بصًلح ذات البين ،والوفاء بحقوق الطرفين بالحضور لتحقيق
األمر ،حتى ال يحصل أي حيف ،وال نزاع ،وما يقرره المندوبان يكون ً
نافذا.
452
نظرا لمصلحة الطرفين يف ذلك ،وتصبح نافذة المفعول من ٍ ٍ
أقرب مدة ممكنة ً
نص عليه يف المادة األولى من إهناء
تاريخ تبادل قرارات إبرامها مع استثناء ما َّ
ُّ
وتظل سارية المفعول مدة عشرين سنة قمرية حالة (الحرب) بمجرد التوقيع،
تامة ،ويمكن تجديدها أو تعديلها خًلل الستة األشهر التي تسبق تاريخ انتهاء
مفعولها ،فإن لم تجدد أو تعدل يف ذلك التاريخ ،تظل سارية المفعول إلى ما
ٍ
أشهر من إعًلم أحد الفريقين المتعاقدين الفريق اآلخر رغبته يف بعد ستة
التعديل.
ُت َّ
سمى هذه المعاهدة بمعاهدة الطائف ،وقد حررت من نسختين باللغة
العربية الشريفة بيد ٍّ
كل من الفريقين الساميين المتعاقدين نسخة ،وإشها ًدا
اليوم السادس من شهر صفر سنة ثًلث وخمسين بعد الثًلثمائة واأللف
1353هـ 1934/5/19 /م.
توقيع
األمير خالد بن عبد العزيز /عبد اهلل بن أحمد الوزير
(عهد التحكيم)
بين مملكة اليمن -وبين المملكة العربية السعودية
بما أن حضرة صاحبي الجًللة ِ
اإلمامين الملك يحيى ملك اليمن،
والملك عبد العزيز ملك المملكة العربية السعودية قد اتفقا بموجب المادة
الثامنة من معاهدة الصلح والصداقة وحسن التفاهم المسماة بـ (معاهدة
الطائف) ،والموقع عليها يف السادس من شهر صفر سنة ثًلث وخمسين بعد
الثًلثمائة واأللف على أن يحيًل إلى التحكيم أي نزاع أو اختًلف ينشأ عن
العًلقات بينهما وبين حكومتيهما وبًلديهما متى عجزت سائر المراجعات
الودية عن ٍّ
حل ،فإن الفريقين الساميين المتعاقدين يتعهدان بإجراء التحكيم
المب َّينة يف المواد اآلتية:
على الصورة ُ
المادة األولى:
يتعهد كل من الفريقين الساميين المتعاقدين بأن يقبل بإحالة القضية
المتنازع فيها على التحكيم خًلل شهر واحد من تاريخ استًلم طلب إجراء
التحكيم من الفريق اآلخر إليه.
457
المادة الثانية:
ٍ
متساو من المحكمين يجري التحكيم من قِ َب ِل هيئة مؤلفة من عدد
ينتخب كل فريق نصفهم ،ومن حكم وازع ينتخب باتفاق الفريقين الساميين
شخصا ،فإن قبل أحد
ً المتعاقدين َوإن لم يتفقا على ذلك ،يرشح ٌّ
كل منهما
الفريقين بالمرشح الذي يقدمه الفريق اآلخر ،فيصبح واز ًعا وإن لم يمكن
االتفاق على ذلك تجرى القرعة على أيهما يكون واز ًعا مع العلم بأن القرعة
فمن وقعت القرعة عليه
ال تجرى إال على األشخاص المقبولين من الطرفينَ ،
رئيسا لهيئة التحكيم ،وواز ًعا للفصل يف القضية ،وإن لم يحصل االتفاق
أصبح ً
على األشخاص المقبولين من الطرفين تجري المراجعات فيما بعد إلى أن
يحصل االتفاق على ذلك.
المادة الثالثة:
يجب أن يتم اختيار هيئة التحكيم ورئيسها خًلل شهر واحد من بعد
انقضاء الشهر المعين إلجابة الفريقين المطلوب منه الموافقة على التحكيم
لقبوله لطلب الفريق اآلخر .وتجتمع هيئة المحكمين يف المكان الذي يتم
االتفاق عليه يف مدة ال تزيد عن شهر واحد بعد انقضاء الشهرين المعنيين يف
أول المادة ،وعلى هيئة المحكمين أن تعطي حكمها خًلل مدة ال يمكن بأي
ٍ
حال من األحوال أن تزيد عن شهر واحد من بعد انقضاء المدة التي عينت
لًلجتماع كما هو مبين أعًله .ويعطى حكم هيئة التحكيم باألكثرية ،ويكون
458
الحكم ملز ًما للفريقين ،ويصبح تنفيذه واج ًبا بمجرد صدوره وتبليغه .ولكل
من الفريقين الساميين المتعاقدين أن يعين الشخص أو األشخاص الذين
يريدهم للدفاع عن وجهة نظره أمام هيئة التحكيم ،وتقديم البيانات والحجج
الًلزمة لذلك.
المادة الرابعة:
أجور محكمي كل فريق عليه ،وأجور رئيس هيئة التحكيم مناصف ًة
بينهما ،وكذلك الحكم يف نفقات المحاكمة األخرى.
المادة الخامسة:
متمما لمعاهدة الطائف الموقع عليها يف هذا اليوم
ً يعترب هذا العهد جز ًءا
السادس من شهر صفر سنة ثًلث وخمسين بعد الثًلثمائة واأللف ،ويظل
ساري المفعول مدة سريان المعاهدة المذكورة ،وقد حرر هذا من نسختين
باللغة العربية يكون بيد ٍّ
كل من الفريقين الساميين المتعاقدين نسخة.
وقرارا بذلك جرى توقيعه يف اليوم السادس من شهر صفر سنة ثًلث
ً
وخمسين بعد الثًلثمائة واأللف هجري.
توقيع المندوبين المفوضين
خالد بن عبد العزيز آل سعود ـ عبداهلل بن أحمد الوزير
يتضح لنا َّ
أن معاهدة الطائف لم تكن مجرد حدث عادي يف تاريخ
متميزا ،إذ إهنا أذنت بدخول
ً العًلقات بين اليمن والسعودية ،بل كانت حد ًثا
459
العًلقات بين الدولتين مرحلة جديدة تختلف تما ًما عن المرحلة السابقة،
وبدت صفحة جديدة متميزة بين البلدين حتى وفاة الملك عبدالعزيز رحمه
اهلل يف اليوم الثاين من شهر ربيع األول عام 1373هـ(.)1
وبعد اتفاقية الطائف ،وخروج القوات اليمنية من نجران ،و َّد َعت نجران
كل أساليب العنف والدمار إلى األبد ،وعادت إلى ثوهبا القشيب الذي وهبها
اهلل إياه ،فنمت عيداهنا ،وازدهرت أغصاهنا ،وفاحت بساتينها برائحة السًلم
هما من أجزاء الدولة الكربى التي
والحب واألمل بعد أن أصبحت جز ًءا ُم ًّ
كافح المغفور له الملك عبدالعزيز من أجل بنائها كفاح األبطال المخلصين
لدينهم وعروبتهم.
نعم ،لقد بدأ عبدالعزيز كفاحه من نقطة الصفر ،وقضى ما يزيد عن
مقاتًل يف شتى الميادين ،وقد تألب عليه األعداء والخصوم ،فوقف
ً نصف ٍ
قرن
وحده ،ليس معه بعد اهلل غير سيفه ومصحفه ورجاله المخلصين ،يقاتل
يكل ،وال ُّ
يمل ،ال يتخاذل ،وال يرتاجع ،يحفظ العهد ويصون ويناضل ،وال ُّ
الوعد ،يقابل الحسنة بالحسنة ،والسيئة بالعفو ،ال يحقد ،وال يطوي ضميره
لم ٍ
على موجدة ،ال يطعن من الخلف ،وال يتسلل يف ظًلمٍ ،قد استهدف َّ
الشمل ،وجمع الشتات ،والقضاء على الفتنة والفوضى ،حتى ك َّلل اهلل تعالى
ففي يوم الخامس والعشرين من شهر شعبان سنة 1354هـ ،اجتمعت يف
(ظهران الجنوب)( )2الهيئتان الموقعتان أدناه ،الموفدتان من قبل صاحب
الجًللة اإلمام عبدالعزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية ،ومن قبل
( )1راجع كتاب :المصحف والسيف ،تأليف :محيي الدين القابسي( ،ص.)20،21
( )2تقع محافظة ظهران الجنوب يف جنوب شرق منطقة عسير ،وتبعد حوالي ( )165كيلو مرتًا من مدينة
أهبا على الطريق اإلقليمي خميس مشيط نجران ،وتمتد بين دائريت عرض ()10/18 -25/17
شماال وخطي طول ( )43-39/43شر ًقا .وتضم المحافظة أربعة مراكز هي الحرجة ،الفيض،
ً
علب ،الحاجر ،باإلضافة إلى ما يتبع المحافظة من قرى وسكان .يحدها من الشرق منطقة نجران،
ومن الشمال محافظة تثلث ،ومن الغرب محافظة سراة عبيدة ،ومن الجنوب حدود المملكة مع
اليمن .المرجع :كتاب :القول المكتوب يف تاريخ الجنوب -الجزء الرابع عشر ،أ.د .غيثان بن علي
بن جريس.)380 /14( ،
461
صاحب الجًللة اإلمام يحيى حميد الدين ملك المملكة اليمانية من أجل
نصت عليه المادة
عمًل بما َّ
تقرير خط الحدود بين المملكتين المشار إليهماً ،
الرابعة من معاهدة الطائف(.)1
وتتكون اللجنة من هيئتين؛ سعودية ويمنية على النحو التالي:
َّ
الهيئة المنتدبة من المملكة العربية السعودية:
رئيسا.
1ـ عبد الوهاب بن محمد أبو ملحة ـ ً
عضوا.
ً 2ـ عبد العزيز بن عبد الرحمن الثميري ـ
عضوا.
ً 3ـ دليم أبو لعثة ـ
عضوا.
ً 4ـ طلعت بك ـ
عضوا.
ً 5ـ إبراهيم بن زين العابدين الحفظي ـ
عضوا.
ً 6ـ حسين بن مصطفى ـ
الهيئة المنتدبة من المملكة اليمانية:
رئيسا.
1ـ محمد بن حسن الوادعي (ناظر ساقين) ً
عضوا.
ً 2ـ إسماعيل بن حسن (عامل همدان)
عضوا.
ً 3ـ عبداهلل بن مناع (كبير سحار) ـ
عضوا.
ً 4ـ عبداهلل الغبيري ـ
( )1انظر :تقرير الحدود يف كتاب :عسير يف عهد الملك عبد العزيز ،د .محمد بن عبداهلل آل زلفة،
(ص.)274 -267
462
الباب الثالث:
الفصل الثالث :األمير سعود يدخل نجران:
ولما دخل سعود بن عبد العزيز نجران ،خ َّيم فيها ،وشدَّ من ِ
أزر أهلها، َّ
وأثبت بالربهان المحسوس صدق أبيه عبدالعزيز ،وأرسل عبد العزيز برقية
ٍ
جابر أبو ساق( ،)1وكبار شيوخ يام إليه يف إلى ابنه سعود يطلب فيها إرسال
الرياض( ،)2وكان عنده وقتها ابن الوزير مندو ًبا من اإلمام للمناقشة يف مسائل
( )1وكان جابر أبوساق وأبناؤه لهم زيارات عديدة للملك عبدالعزيز ،ومنها يقول شريف أبوساق« :يف
ضيافة الملك :يف عام 1354هـ كنت أنا ووالدي وأخي علي بن جابر نزور الملك عبد العزيز يف
مخيم بأرض الرياض يف إحدى الروضات القريبة ،وقد أمطرت السماء وأينعت األرض بالخضرة
والزهور .ووضعوا لنا خيمة بجوار الملك ،وكنا نجلس إليه كل ضحى وعصر ،وأحيانًا نجلس عند
ابنه األمير سعود ،وظللنا على تلك الحال قرابة شهر حتى جاء الملك بالخرب بأن بًلدنا قد اهنمرت
عليها األمطار الغزيرة ،وأن السيول قد هدمت بعض بيوتنا .وقال عبد العزيز لوالدي :ال تحزن
قصرا من
فسوف أعوضك بيوت أخرى أبنيها لك على حسابي ،وكان الملك عند وعده؛ إذ بنى لنا ً
قائما كأنه لم ُيب َن إال باألمس القريب ،وهو يعترب من أبرز معالم
سبعة طوابق بمًلحقها ،وال يزال ً
المنطقة بالقرب من منازلنا الحالية ،ويدعى «قصر كحيًلن» ،ويف هناية الزيارة أعطانا عبد العزيز
عدة سيارات ورجعنا هبا إلى نجران ،وكانت أول السيارات التي تتوجه من الرياض إلى نجران عن
طريق الربع الخالي؛ حيث ا َّتجهنا من شرق السليلَّ ،
ثم عربنا الفاو وبني حراضة إلى أن وصلنا
نجران».المرجع كتاب :كنت مع عبدالعزيز ،للدكتور :عبدالرحمن بن سبيت السبيت وآخرون،
(ص .)162ط2:1415هـ 1994 -م.
( )2وقد سبق مقابلة كبار يام للملك عبدالعزيز بعد حج عام (1350هـ) ،وذلك يف قصر الس َّقاف بمكة
المكرمة ،ودار بينهم حديث طويل حول مشكًلت منطقة نجران .وقبل هناية الجلسة قال لهم
الملك« :ما يحبكم أحد مثل عبدالعزيز ،فأجمعوا أمركم واعصموا نفوسكم وسوف تظل محبتي
=
463
المصالحة بينهما ،وقد عين عبد العزيز ابنه خالدً ا مندو ًبا عنه يف هذه المهمة(.)1
كون ًة من 6
وتم عقد معاهدة بين البلدين الجارين؛ السعودية واليمن ُم َّ
َّ
بنود ،أهمها:
االنسحاب من نجران ،وعموم بًلد يام ،وتسليمها لولي العهد األمير
سعود بن عبد العزيز ،وقد انسحب جنود اإلمام يحيى من المناطق الجبلية
السعودية ،ومن وادي نجران يف الرابع من محرم عام 1353هـ ـ
1934/4/20م ،وقد أوقف الملك عبد العزيز الزحف السعودي يف 11
محرم 1353هـ ـ 1934م ،وانسحبت الجيوش السعودية من األراضي اليمنية،
والموانئ البحرية بما يف ذلك الحديدة ،وانتهى الصراع ،وتم توقيع معاهدة
الطائف( )2بين البلدين الشقيقين يف 6صفر 1353هـ ـ 1934/5/21م.
المرحلة االنتقالية ـ ودور األمير سعود بن عبدالعزيز:
تثبت المكاتبات الخط َّية التي سبقت دخول نجران تحت الحكم
السعودي أن هذه المرحلة جاءت نتيجة جهود ُمضنية بذلها بعض شيوخ
= لكم ،فاين واهلل ال أساوي بكم أحدً ا من القبائل» .انظر :كتاب :كنت مع عبدالعزيز ،للدكتور:
عبدالرحمن بن سبيت السبيت وآخرون( ،ص.)165
( )1راجع كتاب :كنت مع عبد العزيز( ،ص )157للدكتور :عبدالرحمن بن سبيت السبيت وآخرون،
وكتاب :دخول نجران يف العهد السعودي( ،دراسة تاريخية وثائقية) ،د .علوي عمر فريد،
(ص ،)133وكتاب :تاريخ المخًلف السليماين ،محمد بن أحمد العقيلي (.)122/2
( )2انظر :شروط معاهدة الطائف (ص ) 438من هذا الكتاب.
464
القبائل يف نجران ،وبخاصة الشيخ (جابر بن حسين أبو ساق)( )1الذي سعى إلى
االتصال بالملك عبد العزيز عندما شعر بمطامع إمام اليمن يف نجران ،وقد
التقى بالملك عبدالعزيز يف حج عام (1350هـ) ،وقبل دخول جيوش اإلمام
(يحيى حميد الدين) صوب نجران بعام كامل أبدى له مخاوفه من أطماع
يتعجل بضمها إلى حكمه ،مؤكدً ا له أن هذه
َّ اإلمام يف نجران ،وطلب منه أن
هي رغبة ٍ
كثير من أهالي نجران(.)2
وضمها إلى
ِّ وبعد نجاح القوات السعودية يف مهمتها الحربية بنجران،
المملكة العربية السعودية ،اتخذ األمير (سعود بن عبد العزيز) ولي العهد
آنذاك ،وقائد الحملة العسكر َّية ،عدَّ ة خطوات إجرائ َّية (تنفيذ َّية) ،وهي:
أوال :مبايعة شيوخ القبائل وأعياهنا للملك عبد العزيز ،وإعًلن الدخول
ً
يف طاعته ،وهي الخطوة اإلجرائ َّية األولى التي قام هبا األمير (سعود) يف نجران.
تمت مبايعة شيوخ القبائل وأهالي نجران لألمير (سعود بن
وقد َّ
عبدالعزيز) نائ ًبا عن والده ،وكان مخيمه يف البداية شمال قرية (آل منجم) ،وقد
كامًل ،ثم انتقل األمير (سعود) ليقيم له ديوان سعود غرب
أقام فيه أسبو ًعا ً
ضاحية (الكنتوب) جنوب مخطط الفيصلية حال ًيا ،وأقام به تسعين يو ًما ،ويف
( )1هو :جابر بن حسين بن مانع بن علي بن جابر بن مانع بن زاهر بن شري بن محمد بن حمد بن زيد
بن سالم ،انظر :كتاب :دعوة الشيخ :محمد بن عبد الوهاب ،لمحمد بن عبداهلل آل زلفة( ،ص.)42
( )2المرجع كتاب :نجران ،محمد أبو ساق( ،ص.)243
465
( )1انظر :كتاب :كنت مع عبدالعزيز ،للدكتور :عبدالرحمن السبيت وآخرون( ،ص ،)157وكتاب:
نجران ،محمد أبو ساق( ،ص ،)245وكتاب :دخول نجران يف العهد السعودي( ،دراسة تاريخية
وثائقية) ،د .علوي عمر فريد( ،ص.)138
466
467
()1
هذه الوثيقة برقم ()7
بسم اهلل الرحمن الرحيم
من عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل فيصل إلى جناب اإلخوان الكرام كافة
أهل نجران بادية وحاضرة ،س َّلمهم اهلل:
السًلم عليكم ورحمة اهلل وبركاته ،وبعد ذلك :بارك اهلل فيكم ،تفهمون
أن ُج َّل مقاصدنا ثًلثة ٍ
أمور: َّ
األول :إظهار دين اهلل الذي ُب ِع َث به محمد صلى اهلل عليه وسلم.
الثاين :حفظ الوالية التي جعلها اهلل يف ذمتنا.
الثالث :جمع كلمة العرب ،وحفظ شرفهم ،فإذا فهمتوا هذا ،تفهمون
أننا طول هالسنين حاطينكم طوارف لنا ،وكافين اليد عنكم الموجب:
أوال :وثوق باهلل ،ثم بكم.
ً
ندور راحتكم ،ولكن ما حصل دخل يحيى وجماعته فيكم من
والثاينِّ :
سبب أمرين:
أوال :اختًلفكم بينكم.
ً
فلما صار تعدى يحيى
والثاين :البد من أيادي بينكم تجذبه لطرفكمَّ ،
عليكم فعلنا اللي أنتم تشوفون ،أكلفنا رعيتنا ،وما لنا كله من شأنكم ،وأكرب ما
( )1هذه الوثيقة مسجلة يف (دارة الملك عبد العزيز) بالملف رقم ( ،)24وبرقم ( ،)33انظر :كتاب:
نجران ،تأليف :محمد أبو ساق (ص.)337
468
به رؤوسنا وعيالنا ألجل محسوبية أنكم طوارف لنا ،والزمين علينا ،وال
نرضى عليكم بالضيم ،وال نبي أحد يتعدى على الحدود والطوارف ،والحمد
هلل الذي جعل العاقبة حميدةً ،ور َّيح المسلمين.
فبهذا السبب مثل ما ذكرنا أعًله صرنا ملزومين على المحافظة على
والية المسلمين ،وعليكم خصوص ،وفكرنا ويش يصلح حالكم عن التمادي
يف األمور التي تشق عليكم يف بدتكم ،والتعدي عليكم ،ثم األمر الذي إحنا
ملزومين به ،وقمنا من شأنه حفظكم من المغرة من ٍ
جهة ،والذي يلزمنا من
الجهة الثانية ،فبهذا حبينا نصيحتكم ألجل أن هذه واجبة علينا دين ودنيا ل ِ َيع َتبِ َر
من كان فيه خير وحمية على نفسه والمسلمين ،وتلزمه -إن شاء اهلل -ويرتكها
َمن هو خارج عن األمرين يف هذا.
أوال :أوصيكم بتقوى اهلل؛ ألنكم فاهمون َّ
أن ما فيه عز يف الدنيا واآلخرة ً
إال بطاعة اهلل ،واتباع ما جاء به سيد األولين واآلخرين محمد صلى اهلل عليه
وسلم ،وبعد ذلك إصًلح ذات البين الذي ما به راحة إال باهلل ،ثم هبا ،ثم
مجموع الجميع ما يقوم إال باهلل ثم بالشريعة المحمدية وتحكيمها ،كما قال
اهلل تعالى ( :ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ
ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ) ()1
.
والشريعة فيها حفظ الدين ،وفيها حفظ األموال ،وفيها النَّصف بين
األولين واآلخرين. ٍ
كريم على لسان صفوة َّ رب
الناس؛ ألنه حكم عدل من ٍّ
ونحن يا جماعتكم تعرفون ما عندنا رغب ًة يف الدنيا إال باهلل ،ثم تقويم
الدين المحمدي ،وتحكيم الشريعة ،وحفظ األمن بين الناس ،فهذا الذي
نعاهد اهلل عليه ،ونرجو أن اهلل يحيينا عليه ،ويميتنا عليه ،ويبعثنا عليه نحن
وإخواننا المسلمين ،ثم تفهمون ما به دين إال بوالية ،وال والية إال باهلل ،ثم
بالطاعة ،ثم بعد ذلك إحنا نعرف طبائعكم أنتم -إن شاء اهلل -فيكم بركة .لكن
على طول الزمان وتماديه ،واألستبدأ أن فيكم طبع البادية والجهل ،وهذا باهلل
ثم بالنية الصالحة والرجال العقال خير يزول إن شاء اهلل.
ويكون من بعده الخير ،وإحنا ندري أن األمر الذي بينكم تقومون به ما
يمكن إمضاؤه فيكم ( ،)1()......وأنتم ما تقدرون تقومون ً
حاال ،إنما هو
آمرا صفوة األولين
بالتدريج بصرب الراعي ،وامتثال الرعية ،والدليل قوله تعالى ً
واآلخرين يقولها( :ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ
ﮯ ﮰ ﮱ)()2
.
تنفيذ بموجب أحد األمرين ،إما عدم طاعة الفاعل ،وتقصير من أميرنا ،فنحن
نقرع الفاعل والمفعول فيه حتى يرجع األمر إلينا ،ونشوف فيه رأينا إن شاء اهلل،
ومن تعدَّ ى على ذلك ،فيفهم أن الوالية قوية باهلل ،وال قوة إال باهلل ،تفعل فيه
الواجب على ما تقتضيه الشريعة ،ومصلحة الوالية إذا أبى إن شاء اهلل ،ويكون
نكاي ًة َ
لمن خلفه.
الخامس :أن القبائل تفرقها شر ،ويمكن يحصل فيه خلل من ثًلثة أمور:
األول :كثرة المشاحنة.
والثاين :دخول أهل الشر فيما بينكم.
والثالث :تمادي الغوغاء فيكم حتى يخف مقامكم ،فيجب أن كل قبيلة
تابعة لرئيسها المتقدم فيها على األب واألجداد ُترجع األمر له ،وهو يراجع
الحكومة ،حتى يتم األمر ،وتسرتيح الوالية ،وتأمن الرعية مع أن أهل البيوت
منكم المعروفين حقهم على الوالية كل على حقه يف جميع األمور كلها إال أن
أميرنا يصدر على هالرئيس مثل ما ذكرنا أعًله.
وأمر الوالية يقوم به ،وهو المسؤول عنه ،فإن و َّفى ،كافأته الحكومة،
قصر تؤدبه الحكومة.
وإن َّ
السادس :وبما أن نزغات الشيطان أو الحسد أو األعداء يخ ِّيل بعضكم
ٍ
ألحد حق يف بعض رؤسائكم بظن سوء ،فإن كان ما حدث إال الخير ،فًل
ٍ
ألحد حق من يتكلم ،فإن حصل من الرئيس المذكور تقصير أو جناية ،فًل
472
حق من جميع
الجهل ،والمشاغبة ال فيما بينهم ،وال على الوالية ،ومن كان له ٌّ
األمور مخصوص من غير ما قد أفدنا أنه مدفون ،فيراجع أميره ،فإن خلصت
الدعوى فهذا الذي نرجوه من اهلل ،ونرجو أن اهلل يصلح أحوال المسلمين ،فإن
تأخرت ،فمثل ما ذكرنا لكم نمنعكم من التعدي حتى يرجع األمر هلل ،ثم لنا.
هذا واهلل المسئول أن يحفظنا وإياكم باإلسًلم ،ويرحمنا وإياكم
بالقرآن ،وينصر دينه ويعلي كلمته ،وال حول وال قوة إال باهلل ،وصلى اهلل على
سيدنا محمد ،وآله وصحبه وسلم.
الختم :عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل فيصل.
ثان ًيا :إرساء وتثبيت قواعد الحكم:
ومن أبرز اإلجراءات التي اتخذت يف ذلك الحين:
بيان المنهج الذي سينظم عًلقة األهالي بالدولة ،وتشير المصادر
المكتوبة والمسموعة عن تلك الفرتة إلى أن األمير (سعود) قد خاطب أهالي
نجران ـ عقب أخذ البيعة لوالده ـ بقوله« :إنكم جزء ال يتجزأ من بًلدنا الغالية،
وأهلها الكرام ،لكم ما لهم ،وعليكم ما عليهم ،تحتكمون يف شؤون حياتكم
العادية إلى نظم حكومة الملك
عبد العزيز التي تستند إلى شرع اهلل».
474
( )1طلعت بك وفا« ،نجران» ،المنهل ،العدد األول ،المجلد السابع1366 ،هـ( ،ص.)24 - 21
( )2طلعت بك وفا :كان كاتبًا من الطراز األول ،لم تمنعه مسؤولياته من بذل الجهود لتنمية المجتمع
مديرا للشرطة يف عسير ونجران ،ومن هنا كانت بداية عًلقته
وتنويره .وقد ساقته تنقًلت الوظيفة ً
بعسير ونجران ،وقد أسهب يف كتابته عن نجران وتاريخها ،وحضارهتا ،ومستقبلها ،وكان ضمن
الوفد السعودي لرتسيم الحدود مع اليمن ،وقد كلف -رحمه اهلل -بأعمال قام هبا هذا الرجل
النبيل خير قيام ،فقد ُجبلت نفسه على فعل الخير ونشر الثقافة وعشق األوطان .رحل :طلعت بك
وفا -رحمه اهلل -عن الدنيا عام 1383هـ ،بعد حياة عملية شغل خًللها مناصب عدَّ ة ،منها :مفوض
القسم العدلي ،ثم مدير قوات شرطة عسير ونجران ،فمفوض شرطة مكة المكرمة ومدير لشرطة
مديرا لألمن العام من 1371هـ إلى 1375هـ .رحم اهلل
وأخيرا ختم حياته العملية الحافلة ً
ً جدَّ ة،
خيرا .ويف الثلث األول من الخمسينات الهجرية ُعين طلعت وفاء مدير
طلعت بك وفا ،وجزاه عنا ً
للشرطة يف أهبا كان على جانب من الحنكة والخربة وبُعد النظر باإلضافة إلى معلوماته اإلدارية
والعسكرية وما يتمتع به من ثقافة عالية بدليل اشرتاكه يف عدة لجان ملكية موفدة من الملك
عبدالعزيز آخرها اشرتاكه يف لجنة ترسيم الحدود بين اليمن والسعودية .انظر :كتاب :وثائق غيثان
بن جريس الخاصة ،إعداد :محمد بن أحمد ُم َعبِّر ،)470/1( ،وكتاب :حالة األمن يف عهد الملك
عبدالعزيز ،تأليف :رابح لطفي جمعة( ،ص ،)188راجع جريدة أم القرى بتاريخ :يوم الجمعة
1جماد األولى سنة 1351هـ ،وتاريخ :الجمعة 26ربيع الثاين سنة 1357هـ ،وتاريخ :الجمعة 8
جماد األولى سنة 1364هـ ،وتاريخ الجمعة 12رمضان سنة 1365هـ .فقد ذكرت الكثير عنه،
وكتاب :أهبا حاضرة عسير دراسة وثائقية ،تأليف :عيثان بن علي بن جريس( ،ص.)447
475
من الغزو فائزين بما سلبوه من إبل ،وأراد المسلوبون اللحاق هبم ،عجزوا عن
تعقبهم مسافات طويلة بسبب قلة الماء يف الوقت الذي يجدون طلبهم من هذا
الماء فيما كانوا قد كنزوه قبل أن يذهبوا ،وهي خدعة من خدع الحرب.
ولم يقتصر الياميون على غزو جيراهنم البعيدين والقرباء ،بل كانوا
بعضا ،فينشأ عن هذا عدم استقرار العمران يف بيوهتم ،وعدم
يغزون بعضهم ً
انتظامها ،فًل يرى الرائي يف وادي نجران إال بيو ًتا متفرقة هنا وهناك على طول
يسوره سياج يضم البئر المعدة الوادي وعرضه ،يقوم ٌّ
كل منها كأنه حصن منيع ِّ
للشرب ،ولسقيا الزرع احتفا ًظا بالماء ،واستعدا ًدا لمقاومة المهاجمين من
جيراهنم ،ويتألف بعض هذه البيوت من ثًلث إلى أربع طبقات ،وبعضها إلى
عشر طبقات ـ وكلها مبنية بالطين بطريقة (المداميك) ،وعادة اإلغارة السالف
ذ كرها جعلت الياميين ال يلتفتون إلى استصًلح النخيل ،وتحسين طريقة
ٍ
كسبب للرزق استثماره ،وإلى االنصراف لشئون الزراعة اكتفا ًء منهم باإلغارة
مع أن أراضيهم جد خصبة كما سبق القول ،وواديهم كثير المياه ،فًل تحفر يف
أي موضع شئت منه إلى عمق ثًلثة أمتار أو أربعة حتى تجد الماء يتدفق بغزارة
كأن الوادي عبارة عن هنر عظيم تكسوه طبقة كثيفة من الرتاب ،ويعهد الياميون
إلى خدمهم من العبيد بزرع الذرة والشعير والحنطة وسقيها وحصادها.
أخيرا :وبرغم صًلحية األراضي النجرانية لزراعة ٍ
كثير من الفواكه ً
والبقول ،فإن هذين النوعين من النبات مفقودان هناك ،ولكن بعد أن شملهم
477
حكم جًللة الملك المعظم انصرف السكان إلى استثمار أراضيهم ،وأخذوا
كبيرا
قصرا ً
يحفرون اآلبار الكثيرة ،ويهتمون بالزراعة ،وقد شيدت الحكومة ً
يف مكان يقال له( :أبو السعود) ،ويضم ديوان اإلمارة ،ومكاتب الحكومة
وجنودها ،وهو مؤلف من طابقين ،ويف وسطه ميدان فسيح جدًّ ا ،وبئران
غزيرتان ،وجو نجران معتدل ،فًل الحر يشتد فيه ،وال الربد ،ولكن جودته هذه
مقيدة بغير أيام هطول األمطار ،فإذا كثر هطولها تكثر المستنقعات ،وتتفشى
(السدَ م) ،وإذا تفشت هرب السكان إلى سفوح
المًلريا ،وهم يسموهنا هناكَّ :
الجبال ،وإلى ُش َعي ٍ
ب يقع يف جنوبي نجران ويدعى( :هنوقة) ،أو إلى المكان
الذي يقع يف جوار قرية األخدود ،ومكثوا هناك مد ًة ترتاوح بين ثًلثة وستة
أشهر حتى تجف المستنقعات ،وتخف وطأة المًلريا .وعلى ذكر قرية
كثير من المسلمين ال يعرفون
األخدود ،فإنَّني أنقل للقارئ شي ًئا مما يتعلق به ٌ
موقع هذا األخدود الذي ذكره اهلل سبحانه وتعالى يف القرآن الكريم يف قوله
تعالى ( :ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ).
وقد أتيح لي أثناء وجودي بنجران أن أشاهد موقعه رأي العين ،فقد
ذهبت مع زميلي الشيخ محمد علي القفيدي صباح يوم الخميس
1354/6/14هـ إلى قرية األخدود يف صحبة حضرة أمير نجران األسبق
عساف بن حسين المنصوري ،فنصبنا خيامنا هناك يف ميدان واقع بجوار ضريح
478
عبداهلل بن الثامر( )1الذي كان الياميون ُيع ِّظمونه( )2فيما مضى ،وينذرون له
النذر ،وكان بعض الجهًلء منهم يبالغ يف تعظيمه إلى حدٍّ ٍ
بعيد معتقدً ا أنه يشفي
من األمراض ،ويمنح العطايا إلى آخر ما هنالك من معتقدات العامة الفاسدة.
ذهبنا إلى موضع األخدود ،فألفيناه عبارة عن بيوت متهدمة توالت عليها
أكداس من الحجارة ـ وشاهدت يف وسط هذه األكوام
ٌ السنون ،فلم تبق منها إال
كبيرا ،وقد قال لي
ضخما ً
ً والخرائب المبعثرة بقايا قصر تدل آثاره على أنه كان
بعض أهل نجران :إنه قصر ذي نواس الحميري أحد ملوك نجران السابقين.
وقال بعضهم :إنه كعبة نجران القديمة ..وكل هذه األقوال مجردة عن اإلثبات
ٍ
لعظيم من عظماء طب ًعا ،ولكن شواهد الحالة تدل على أن هذا القصر كان
نجران بدليل أن حجارته كلها منحوتة كلها نحتًا فن ًّيا ،ويبلغ ارتفاع بعضها
مرتين وعرضه مرتًا ونصف مرت ،وسمكه ثمانين سنتيمرتًا تقري ًبا ،وقد شاهدت
بالقرب من هذا القصر رحى حجرية يبلغ قطرها مرتًا ونصف مرت ،وسمكها
ٍ
كحلية ،فقرأت على فعًل ثًل ًثا منها أثبتها على مقبض خنجره
الذهبية ،وأراين ً
أحد وجهيها عبارة( :ال إله إال اهلل) بالطبع لم تظهر الوجه الثاين ـ وهي تشابه
(المشاخص)( )1المعروفة يف الحجاز ،وقد سألته :هل يوجد شي ٌء منها يف
صعدة؟ فقال :ربما ـ وكان معه عبداهلل بن مناع من كبار قبيلة سحار الشام ،ومن
أيضا) ،فرجوته أن يبحث عن
وجهاء صعدة (وهو من أعضاء الهيئة اليمانية ً
ٍ
شيء منها. فعًل ،ولكنه لم يوفق إلى
بعضها ،فكتب إلى صعدة ً
ويف أوائل تلك السنة -أي :عام 1354هـ -بلغ أمير نجران عسا ًفا أن
أسد مصنو ٍع من الذهب الخالص، أحد النجرانيين عثر يف األخدود على ٍ
تاريخية قيمة ،وكنوز ثمينة ،فلو أن شرك ًة وطني ًة تؤلف (بعد استصدار تصريح
من الحكومة طب ًعا) وتجلب االختصاصيين واآلالت الًلزمة للقيام بعمليات
الحفر هناك ،فإن من المؤكد جدًّ ا أن تعثر هذه الشركة على أشياء قيمة ال تقدر
وعظيما فيما أعتقد.
ً ٍ
بثمن ،وسيكون الرابح من وراء هذه الحفريات محق ًقا
طلعت بك وفا
482
الفصل الرابع:
األمراء الذين ُك ِّلفوا بإدارة منطقة نجران منذ انضوائها تحت لواء الدولة
السعودية وهم(:)1
1ـ عساف الحسين العساف العجمي ،كلف عام1353( :هـ).
عساف الحسين المنصور العساف ،ولد يف عام 1307هـ تقري ًبا 1889م
يف الرس ،نسبه الحقيقي :عساف بن حسين بن منصور بن سيف العساف
المحفوظي العجمي من قبيلة العجمان.
نشأته:
نشأ عساف يف كنف والديه ،وتع َّلم يف الكتاتيب كأبناء جيله ،فأتقن
القراءة والكتابة ،وحفظ القرآن الكريم.
لما اشتد عوده ،استأذن والده أن يسمح له بالسفر إلى المدينة المنورة،
كأمثاله من أهالي الرس الذين كانوا يتهافتون على العمل يف جيش الدولة
العثمانية التي كانت بدورها ترحب هبم؛ لسمعتهم القتالية الجيدة المرتسخة
( )1انظر :موسوعة المملكة العربية السعودية ،)175/5( ،وكتاب :المملكة العربية السعودية ،وزارة
الداخلية النشأة والتطور .الطبعة الثانية ،الرياض1422 ،هـ 202 -م ،عبد اهلل بن راشد السنيدي،
األجهزة الحكومية يف المملكة العربية السعودية ،مكتبة الملك فهد الوطنية1430 ،هـ 2009 -م.
483
يف عقول األتراك منذ صمود أبناء الرس أمام جحافل جنود إبراهيم باشا ،وقد
بدأ عساف يف تعلم اللغة الرتكية فأجادها ،ثم انتقل بعد ذلك من المدينة
بن الشريف حسين بخدمة المكرمة ،فالتحق المنورة قاصدً ا مكة
علي ،فكلفه بحصار المدينة المنورة مع ابنيه (أي :ابني الشريف حسين)،
ٍ
جموعة من الجنود وهما فيصل وزيد ،وذهب إلى مصر يف دورة عسكرية مع م
الموالين للشريف ،منهم بعض أهالي الرس ،وكان هو رئيس تلك البعثة،
وتعلموا على تفجير القنابل من أجل تفجير سكة قطار الحجاز ،وبعد عدة
ٍ
مؤقت ،وذلك بوضع محاوالت ،استطاع العثمانيون إصًلح السكة بوض ٍع
أخشاب تسمح بمرور القطار ،وطلب منه بعد ذلك تفجير القطار بمن فيه،
فرفض األمر؛ ألن فيه إزهاق أرواح مسلمة ،وبعدها استسلمت المدينة
المنورة بالفعلَّ ،
فظل فيها يف خدمة أبناء الشريف ،وتر َّقى يف السلك العسكري
لرتبة (كمندار العقيًلت) ،ثم أعيد إلى مكة المكرمة ليعمل مع الشريف
حسين.
حياته:
يف هذه األثناء فكر عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود ،فوجد عساف
-العسكري المحرتف والرجل بعيد النظر -أن يرتك العمل مع الشريف
حسين ،فاستأذنه فأذن له ،فعاد إلى بلده الرس ،ومكث فيها ربما ليستجم من
عمله الشاق ،لكن السلطان عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود وجد أن من
484
بسًلحهم(.)1
وقد سار عساف ورفاقه المائتان من خميس مشيط إلى نجران،
فوصلوها بعد أيام قًلئل لجدهم يف المسير ،وقابل عساف األمير سعود،
وأخربه بما جاء إليه ،فس َّلمه األمير سعود بعد أيام إمارة نجران ،وأوصاه
تنم عن خربته بالرجال ومعادهنم. ٍ ٍ
بوصاية حكيمة التي ُّ
2ـ إبراهيم بن عبد الرحمن النشمي (1313ــ 1398هـ):
كلف عام1355( :هـ)(.)2
إبراهيم بن عبد الرحمن بن إبراهيم بن صالح الحميدي العتيبي ،ولقب
بـ(النشمي)(،)3
( )1وقد نقلت جريدة أم القرى يف يوم الجمعة 8ربيع الثاين سنة 1353هـ -الموافق 20يوليوسنة
1934م ،صدور األمر السامي بنقل الشيخ عساف بن حسين من إمارة الرس إلى إمارة نجران.
( )2المرجع كتاب :رجال وذكريات مع الملك عبدالعزيز ،من إعداد :د .عبدالرحمن بن سبيت السبيت
وآخرون ،الحرس الوطني ،الرياض( ،ص ،)19ومجلة الدرعية ،العدد األول والثاين المحرم ،ربيع
1419هـ/مايو 1998م ،مقالة عن إبراهيم النشمي بقلم الدكتور :عبداللطيف بن محمد الحميد،
وكتاب :كنت مع عبدالعزيز ،من إعداد :د .عبدالرحمن بن سبيت السبيت وآخرون ،الحرس
الوطني ،الرياض ،وكتاب :وثائق عصر الملك عبدالعزيز المتعلقة باألمور الداخلية المحفوظة يف
دارة الملك عبدالعزيز ،د .خولة بنت محمد بن سعد الشويعر( ،ص.)188 ،187
( )3المرجع كتاب :رجال وذكريات مع الملك عبدالعزيز ،من إعداد :د .عبدالرحمن بن سبيت السبيت
وآخرون ،الحرس الوطني ،الرياض( ،ص ،)45 ،19وكتاب :مرتفعات الجزيرة العربية ،هاري
سانت جون فيلبي( ،ص.)430 - 425
486
( )1المرجع كتاب :رجال وذكريات مع الملك عبدالعزيز ،من إعداد :د .عبدالرحمن بن سبيت السبيت
وآخرون ،الحرس الوطني ،الرياض( ،ص.)21
487
( )1مجلة الدرعية ،العدد األول ،السنة األولى ،محرم /1419مايو 1998م( ،ص.)131 ،130
( )2انظر :كتاب :رجال وذكريات مع الملك عبد العزيز ،عبد الرحمن بن سبيت السبيت وآخرون،
(ص ،)18وكتاب :تاريخ نجد الحديث ،أمين الريحاين( ،ص ،)413وكتاب :تاريخ اليمامة،
(ص ،)204ومجلة اليمامة بعددها 1239يف 1413 /7 /20هـ( ،ص.)90
488
حياته يف القصر الملكي ،ومعروف بشغفه لركوب الخيل .وإ َّبان توحيد
المملكة العربية السعودية كان الشقيحي بمع َّية الملك عبدالعزيز ،طيب اهلل
ثراه.
وقد ك َّلفه األمير محمد بن عبدالعزيز قائد فتح المدينة المنورة باستًلم
ٍ
عدد من المناطق الشمالية؛ منها( :العًل ،والوجه ،وضباء ،وتبوك)؛ لتأمينها
وجردها واستًلمها من عمال الشريف ،وكانت ُأولى مهامه الرسمية يف سن الـ
أميرا على الوجه يف عام 1344هـ،
25عا ًما ،حيث ع َّينه الملك عبدالعزيز ً
واستمر لمدة سنتين ،ثم نقل واستمر يف معية الملك عبدالعزيز عام 1346هـ،
َّ
ويف شهر محرم من عام 1347هـ صدر أمر جًللة الملك عبدالعزيز بتعيينه
رئيسا للمجلس
أميرا على ضباء ،ومارس مهامه حتى صدر قرار نقله ،و ُع ِّين ً
ً
أميرا لليث عام 1351هـ ،ثم عاد بعدها
العسكري عام 1349هـ ،ثم ُع ِّين ً
أميرا
للعمل يف مع َّية الملك مرة أخرى يف عام 1353هـ حتى صدر قرار تعيينه ً
على نجران يف عام 1356هـ ،ثم نقل مرة ثالثة للعمل بمعية الملك عام
1359هـ حتى عام 1372هـ.
4ـ تركي بن محمد الماضي ،كلف عام (1357هـ)(:)1
* هو تركي بن محمد بن تركي الماضي.
( )1من كتاب :مذكرات تركي بن محمد بن تركي الماضي( :العًلقات السعودية اليمنية)( ،ص،)472
ومجلة (العربية) ،العدد ( ،)499شعبان 1439هـ /مايو 2018م( ،ص.)89 - 86
489
( )1راجع كتاب :مذكرات تركي بن محمد بن تركي الماضي( :العًلقات السعودية اليمنية)،
(ص.)225
( )2انظر :مجلة إمارة منطقة نجران ،العدد ( ،)3صفر 1434هـ 2012 -م.
491
أكسبه الخربة الًلزمة إلدارة المهام التي توالها فيما بعد ،درس وتعلم يف
الكتاتيب حسب الوسائل المتاحة.
أميرا على حريمًلء عام 1341هـ،
صدر أمر الملك عبدالعزيز بتعيينه ً
تم نقل عمه عبداهلل بن ناصر المبارك إلى إمارة األفًلج ،ونجح علي بن
بعد أن َّ
أميرا على حريمًلء ،ونال ثقة الملك عبد العزيز ،حيث
حمد المبارك يف عمله ً
وجد العديد من الوثائق والمراسًلت بينهما تشير إلى رضا الملك عن طريقة
أميرا على حريمًل حتى عام 1357هـ ،بعد
إدارته لهذا المنصب ،وقد استمر ً
ذلك واصل عمله مع الملك عبد العزيز ،وعمل يف أمور مختلفة ،منها تعيينه
أميرا على عمال الزكوات.
ً
أميرا على نجران ،واستمر
يف عام 1373هـ قرر الملك عبد العزيز تعيينه ً
يف هذا المنصب قرابة السنتين ،وقام بما كلف به من أعمال خير قيامٍ.
أميرا على الزلفي عام
أمر الملك سعود بن عبدالعزيز بتعيينه ً
بعدها صدر ُ
1375هـ ،وكرر علي بن حمد المبارك نجاحه يف العمل يف الزلفي ،وكان على
أميرا لمنطقة الرياض
عًلقة وثيقة بالملك سلمان بن عبد العزيز عندما كان ً
التي تتبع لها إمارة الزلفي ،حيث وجد العديد من الوثائق والمراسًلت بينهما
تظهر أنه كان ينفذ توجيهاته بكل ٍ
دقة.
أميرا على
7ـ إبراهيم بن عبد الرحمن النشمي ،كلف عام (1374هـ) ً
نجران للمرة الثانية:
492
اإلنتاج األدبي:
-كتاب «المملكة العربية السعودية عند مفرتق الطرق».
-كتابة مقاالت سياسية يف الصحف السعودية واألجنبية.
االهتمامات األخرى واألنشطة:
-قراءة الصحف األمريكية والربيطانية ،ومتابعة ما تنشره من
ٍ
وتعليقات. ٍ
مقاالت
ٍ
ومقاالت ٍ
أخبار -قراءة الصحف العربية ،ومتابعة ما تنشره من
ٍ
وتعليقات.
-قراءة كتب األدب والتاريخ.
-عضو يف النادي الرياضي يف الحي الدبلوماسي.
-عضو يف نادي الفروسية يف الرياض.
-رئيس جمعية خيرية.
كما أن له نشاطات كثيرة يف مجاالت متعددة؛ سواء بتكليف
من الجهات المختصة أو بمبادرة شخصية منه لدى المسؤولين يف المملكة
العربية السعودية ،ومؤسسة الفكر العربي.
السمو الملكي األمير مشعل بن سعود كلف يف شوال عام
10ـ صاحب ُّ
(1417هـ).
األمير مشعل بن سعود بن عبد العزيز آل سعود ،االبن الرابع عشر من
495
أبناء الملك سعود بن عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود ،والدته هي:
األميرة نورة بنت هنار المنديل العمري الخالدي ،ولد يف عام 1940ميًلدية
يف مدينة الرياض ،أكمل دراسته الثانوية يف مدينة الرياض ،ثم ابتعث بعد
ذلك للواليات المتحدة األمريكية وبريطانيا وحصل على البكالوريوس يف
علوم الطيران من الواليات المتحدة ،عمل بعد التخرج كضابط طيار بالقوات
الجوية الملكية السعودية ،وكان من أمهر الطيارين يف قيادة أسرع طائرة مقاتلة
(طائرة الًليتنج) ذات القدرات العالية والفريدة يف ذلك الوقت.
ثم ا لتحق باألسراب الجوية المرابطة يف المنطقة الجنوبية أثناء حرب
الوديعة 1389هـ ،وعاد بعد ذلك للمنطقة الشرقية؛ قاعدة الظهران الجوية.
له مشاركات عدة يف تمثيل المملكة.
أعماله:
اتجه بعد ذلك لمزاولة األعمال الحرة ،ويعترب :نائب رئيس اللجنة
العلمية يف المركز الدولي للدراسات الدولية (نيومانزو) يف إيطاليا ،والذي
تأسس عام 1969م .بدأت عًلقة األمير مشعل بن سعود بالمركز يف عام
1983م بعد لقاء مع األمين العام الربوفيسور (دازي) الذي وجد لدى األمير
كبيرا للتعاطف مع العرب
حماسا ً
ً مشعل بن سعود بن عبد العزيز آل سعود
وقضاياهم .منح يف عام 1985م ميدالية الجمهورية اإليطالية من الرئيس
تقديرا لجهود ُس ُموه يف تنمية وتعزيز العًلقات اإليطالية
ً اإليطالي ،وذلك
496
العربية .منح جائزة المركز الدولي للدراسات الدولية لجهود ُس ُموه يف دعم
أعمال المركز ونشاطاته.
ويف تاريخ 1417/11/24هـ صدر أمر خادم الحرمين الشريفين
أميرا لمنطقة نجران ،حيث أمضى
الملك فهد بن عبدالعزيز رحمه اهلل بتعيينه ً
فيها اثني عشر عا ًما ،شهدت خًللها المنطقة مزيدً ا من التطور والتقدم يف
مجاالت الحياة العمرانية والثقافية والزراعية ،وكان فيها ً
مثاال لإلخًلص
والنزاهة ،والتجرد من المظاهر ،والحرص على لقاء المواطنين ومتابعة
أمورهم المعيشية والرسمية ،ورأس فيها عد ًدا من المجالس والجمعيات.
وبتاريخ 1429 /11 /7هـ صدر األمر الملكي بإعفائه من منصبه بنا ًء
على طلبه.
11ـ صاحب السمو الملكي األمير مشعل بن عبد اهلل بن عبد العزيز،
كلف يف عام (1430هـ).
مشعل بن عبد اهلل بن عبد العزيز آل سعود (1971م) ،أمير منطقة مكة
ساب ًقا ،هو االبن السادس من أبناء الملك عبد اهلل بن عبد العزيز آل سعود.
حصل على درجة البكالوريوس يف العلوم السياسية من جامعة الملك سعود،
كما حصل على دراسات عليا من المملكة المتحدة.
مناصبه:
1ـ مدير ًا إلدارة الحاسب اآللي بالحرس الوطني ،وذلك منذ 25
شعبان 1418هـ حتى عام 1424هـ.
2ـ وزير مفوض على المرتبة الثالثة عشرة بوزارة الخارجية ،وذلك يف
497
الباب الرابع:
( )1والصحابي :هو من لقي الرسول صلى اهلل عليه وسلم مؤمنًا به ،ومات على اإلسًلم.
500
اليامي الكويف ،أبو طلحة بن مصرف ،وروى حديثه طلحة بن مصرف عن أبيه
عن جده ،وقيل :له صحبة ،أي :مصرف ،وعده ابن حبان من الثقات(.)1
مصادر ترجمته:
هتذيب الكمال ( ،)17/28هتذيب التهذيب ( ،)144/10تقريب
التهذيب ( ،)533/1ميزان االعتدال يف نقد الرجال ( ،)191/8الجرح
والتعديل (.)420/8
وقد ذكر يف كتب الحديث وكتب الرجال أن لهما صحبة :كعب بن عمرو
اليامي ،وابنه مصرف فقط ،ومروياهتما لم تكن يف «الصحيحين» ،ولعل سبب
عدم نَيل أكثرهم شرف صحبة الرسول يعود إلى كون موطنهم وديارهم
آنذاك يف اليمن قرب صنعاء ،فهم بعيدون عن موطن الرسول ،ولربما تأخر
حائًل دون صحبة الرسول .
أيضا كان ً
إسًلمهم ً
طبقة التابعين:
3ـ طلحة بن مصرف اليامي.
هو :طلحة بن مصرف بن عمرو بن كعب بن جخدب بن معاوية بن سعد
بن الحارث بن ذهل بن سلمة بن دؤل بن جشم بن يام الهمداين اليامي.
من رجال «الصحيحين»( :البخاري ومسلم) ،فهو َع َل ٌم من أعًلم قبيلة
السنة
يام ،وأحد رواهتا المشهورين ،وهو ثقة ،ومروياته كثيرة يف كتب ُّ
والجماعة :يف كتب التفسير ،وكتب الحديث ،وكتب العقيدة ،وكتب الفقه،
وكتب التاريخ ،وغيرها.
شيوخه:
روى عن جم ٍع من الصحابة ،مثل :أنس بن مالك ،وخيثمة بن
عبدالرحمن ،وزيد بن وهب ،وسعيد بن جبير ،وسعيد بن عبدالرحمن بن
أبزى ،وعبد اهلل بن أبي أوىف ،ومصعب بن سعد بن أبي وقاص ،وهذيل بن
شرحبيل ،ومجاهد بن جرب ،وغيرهم الكثير .ويظهر من خًلل شيوخه أنه أدرك
جماع ًة من الصحابة ،وسمع منهم مثل :أنس بن مالك ،وعبداهلل بن أبي أوىف،
وعبداهلل بن الزبير.
وقد روى أحاديث يف «الصحيحين» ،وهو من رجال صحيح البخاري
ومسلم(.)1
وقد روي له يف كتاب اإليمان ،والزكاة ،وكتاب الوصايا.
وفاته :مات سنة اثنتي عشرة ومئة .وقيل :ثًلث عشرة ومئة ،رحمه اهلل.
مصادر الترجمة:
هتذيب الكمال ( 433/13ـ ،)437سير أعًلم النبًلء ( ،)191/5صفة
( )1رجال صحيح البخاري ( ،)373/1ورجال مسلم ( .)328/1راجع كتاب( :جدلية المكان
والشخوص) ،محمد آل هتيلة( ،ص.)153
502
( )1التاريخ األوسط ( ،)315/1رجال صحيح البخاري ( .)276/1راجع كتاب« :جدلية المكان
والشخوص» ،محمد آل هتيلة( ،ص.)153
( )2التاريخ الكبير ( ،)410/3والتاريخ األوسط (.)27/2
( )3رجال صحيح البخاري ( ،)270/1رجال مسلم (.)212/1
504
وهشام ابن حسان ،وسعد بن سعيد األنصاري ،وأجلح الكندي ،ومجالد بن
سعيد ،وغيرهم.
8ـ محمد بن جحادة األودي اليامي الكويف.
روى له جماعةٌ ،وهو تابعي ،وأحد األئمة الثقات ،وكان عابدً ا ناس ًكا،
الزهاد .ترجم له ابن حجر يف «هتذيب التهذيب» ،فقال:
ومن الفضًلء الصلحاء ُّ
محمد بن جحادة األودي ويقال :األيامي الكويف.
وروى عن أنس ،وعطاء بن أبي رباح ،وأبي إسحاق السبيعي ،ونافع
مولى بن عمر ،وأبي حازم األشجعي ،وعبدالرحمن بن ثروة ،وعبدة بن أبي
لبابة ،وأبي حصين عثمان بن عاصم األسدي ،وعمرو بن دينار ،وسليمان بن
بريدة.
مروياته:
أخرج له البخاري ومسلم أحاديث يف الصًلة والحج والجهاد والطًلق
واإلجارة وغيرها ،فجاء يف «صحيح البخاري» ( )797/2يف باب كسب البغي
واإلماء (ح )2163قال :حدثنا مسلم بن إبراهيم ،حدثنا شعبة عن محمد بن
جحادة عن أبي حازم عن أبي هريرة قال« :هنى النبي عن كسب اإلماء».
وجاء يف «صحيح مسلم» ( )301/1باب :وضع يده اليمني على
اليسرى بعد تكبيرة اإلحرام تحت صدره فوق سرته ،ووضعهما يف السجود
على األرض حذو منكبيه (ح.)401
506
( )1المرجع :تاريخ المخًلف السليماين ،محمد بن أحمد العقيلي( ،ص ،)452 ،449 ،445وكتاب:
نفح العود يف سيرة دولة الشريف حمود ،عبدالرحمن بن أحمد البهكلي( ،ص،107 ،106 ،101
.)110
( )2انظر :كتاب :تاريخ قبيلة العجمان دراسة وثائقية ،د .سلطان بن خالد بن حثلين ،د .زكريا كورشون،
(ص ،)37 ،36وكتاب :حاشية نفح العود للبهكلي تعليق (ص ،)85 ،48وكتاب :العجمان
وزعيمهم راكان بن حثلين ،أبو عبدالرحمن بن عقيل الظاهري( ،ص ،)226 - 220وكتاب :دور
آل المتحمي يف نفوذ الدولة السعودية األولى يف عسير وما جاورها ،أحمد يحيى آل فائع،
(ص ،) 157وكتاب :محاضرات يف الجامعات والمؤتمرات السعودية ،محمد بن أحمد العقيلي،
(ص ،)15 ،14وكتاب :حوليات النُّعمي التهامية ،تحقيق ودراسة :الدكتور :حسين بن عبداهلل
العمري( ،ص ،)54وكتاب :العًلقات بين أمراء أبي عريش وأمراء عسير يف القرن الثالث عشر
الهجري ،علي بن حسين علي الصميلي( :ص ،)119 ،60 ،59 ،36 ،35 ،33وكتاب :مجموع
=
509
= يف تاريخ عسير ،الحسن بن علي الحفظي( ،ص ،)83وكتاب :المخًلف السليماين ،محمد بن
أحمد العقيلي ،)452 ،449 ،445/1( ،وكتاب :الديباج الخسرواين يف أخبار أعيان المخًلف
السليماين ،الحسن بن أحمد عاكش الضمدي( ،ص ،)100وكتاب :تاريخ المخًلف السليماين -
يف ِّ
ظل حكم أسرة آل خيرات ،تحقيق ودراسة :فؤاد عبدالوهاب الشامي( ،ص،184 ،173 ،172
.)185
عظيما يف عهد الحميرين؛ حيث كانت
ً دورا تاريخيًّا
( )1المخا :مدينة يمنية مشهورة منذ القدم لعبت ً
ميناء الدولة الجبائية المعاصرة للدولة الحميرية ،وكانت ً
منفذا تجار ًّيا لهما ونقطة اتصال بين اليمن
وسواحل إفريقيا.
( )2انظر :كتاب :تاريخ قبيلة العجمان دراسة وثائقية ،د .سلطان بن خالد بن حثلين ،د .زكريا كورشون،
(ص.)42 ،36
510
( )1انظر« :مناظرة أحمد بن إدريس مع فقهاء عسير» 1248هـ1832/م ،للحسن بن أحمد عاكش
اهش( ،ص،45 الضمدي ،حققها وقدم لها ووضع فهارسها :أ.د.عبداهلل بن محمد بن حسين أبو د ِ
َ ّ َ
،) 48راجع كتاب :تحفة القارئ والسامع يف اختصار :تاريخ الًلمع ،تأليف :عبداهلل بن علي
العمودي ،تحقيق :أ.د .عبداهلل بن محمد أبو داهش ،)258 /2( ،وكتاب :عسير يف ظًلل الدولة
السعودية األولى ،تأليف :أ.د .عبداهلل بن محمد أبو داهش( ،ص ،)50وكتاب :تاريخ عسير يف
الماضي والحاضر ،هاشم بن سعيد النعمي( ،ص ،)225 ،224انظر :شيئًا من أخباره يف« :شعاع
الراحلين» جمع عبدالرحمن بن إبراهيم الحفظي ،وكتاب :أثر دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب
اهش.يف الفكر واألدب بجنوب الجزيرة) ،أ.د .عبد اهلل بن محمد بن حسين أبو د ِ
َ
( )2علي بن ُمج ِّثل بن مسفر بن عبدالرحمن ،اختير باإلجماع ً
أميرا لعسير بعد وفاة سعيد بن مسلط عام
1242هـ ،يعدُّ من أبرز أمراء عسير؛ حيث تمكن من مدِّ نفوذه يف اليمن إلى ميناء المخا اليمني
وجزيرة دهلك ،خفت يف عهده حمًلت األتراك على عسير (ت1249/هـ).
( )3هو الشريف :الحسن بن خالد بن عز الدين بن محسن بن عز الدين بن محمد بن موسى بن مقدام بن
حواس بن مقدام بن علي بن الهمام بن محمد بن حسن بن حازم بن علي بن عيسى بن حازم بن
حمزة بن محمد بن علي بن أحمد بن قاسم بن داود بن إبراهيم بن محمد بن يحيى بن عبداهلل
الكامل بن الحسن المثنى بن الحسن السبط رضي اهلل عنه بن علي بن أبي طالب رضي اهلل عنه،
ولد يف سنة 1188هـ1774/م .نشأ ببلدة هجرة ضمد على الطاعة ،والعبادة واالشتغال بالعلم،
فقد انصرف إلى الدراسة والتحصيل ،قرأ القرآن الكريم وتعلم مبادئ الكتابة ثم التحق بحلقة
الشيخ أحمد بن أحمد الضمدي ،ومنها تخرج يف جميع الفنون؛ إذ قرأ منها :الفقه ،واألصول،
والنحو ،والصرف ،وقد أعدَّ ه شيخه :أحمد الضمدي للتدريس والفتيا .ولقد تحقق آمال الضمدي
=
511
وقرأ عليه ،كان من المناصرين لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب ،وقد
تخرج من المدرسة الحفظية( ،)1وكان األمير علي بن مجثل قد تكفل بمعاشه
ورعايته هو ومجموعة من طلبة العلم مثل :مسفر بن عبدالرحمن الدوسري،
حيث فرغهم للعلم والتدريس(.)2
وقد شارك ضمن فقهاء عسير يف مناظرة أحمد بن إدريس( )1يف شهر
جمادى اآلخر سنة 1248هـ .وكان عددهم ثًلثة ،وهم:
1ـ الفقيه العًلمة :ناصر بن محمد الكبيبي الجوين.
2ـ عبداهلل بن سرور اليامي.
شاعرا ،له العديد من القصائد
ً 3ـ عباس بن محمد الرفيدي .كما كان
واألبيات اإلخوانية(.)2
قصــــيــدة الشــ ـيـخ الـعـالمــة (إبـراهـيـم بـن أحـمــد الـحـفـظـي ،الـمـلـقــب،
الزمزمي)(:)3
( )1أحمد بن إدريس الحسني نسبًا ،المغربي بلدً ا ،ولد سنة 1173هـ1759 /م .ببلدة «عرايش على
ساحل بحر المغرب من أعمال مدينة فاس» ،وأخذ العلم عن علماء بلده ،وسلك مسلك التصوف،
وأخذه عن بعض علماء المغرب ،ورحل إلى مكة ،وأقام فيها اثني عشر عا ًما ،ثم رحل إلى اليمن
واستقر به المقام يف صبيا بالمخًلف السليماين سنة
َّ حيث وصل الحديدة ثم زبيد يف سنة 1243هـ،
1245هـ ،وتويف يف 1253هـ .انظر :عاكش ،عقود الدرر( ،ص ،)98 -87ولتوسع يف معرفته راجع
الض َمدي« :مناظرة أحمد بن إدريس مع فقهاء عسير»،كتاب :الحسن بن أحمد عاكش ّ
اهش( ،ص.)11 - 81248هـ1832/م ،تحقيق :أ.د.عبداهلل بن محمد بن حسين أبو د ِ
َ
( )2انظر :مناظرته من ضمن فقهاء عسير ،ألحمد بن إدريس ،كتاب« :المجموع يف تاريخ عسير»،
(ص ،)380 -351وكتاب :األمراء اليزيديون ،علي عوض آل قطب( ،ص.)488 -475
( )3إبراهيم بن أحمد الحفظي ،الملقب ،الزمزمي ،ولد يف1199 /3 /22 :هـ .يف بلدة رجال المع يف
حجر والده الذي أسماه :إبراهيم الزمزمي بصديقه الشيخ إبراهيم بن محمد الزمزمي من بيت
الريس أحد علماء مكة ،وبعد أن كرب الزم صنوه محمدً ا ،ثم سافر إلى أبي عريش فأخذ عن الشيخ
أحمد بن عبداهلل بن عبدالعزيز الضمدي يف الحديث والنحو وأجازه ،ثم غادر إلى اليمن فأخذ عن
=
513
بعث هبا إلى صديقه العًلمة عبداهلل بن سرور اليامي رحمهما اهلل.
()1
أشواق
لـــــي السـبب المولد للجفــــــــــاء أهجــــــرا أم تغافلتـــــــــم أبينــــــوا
ً
كــمــا أين عــلــى صـــــايف الــوالء أال إين علـــــــــى عهــــــدي مـــــــــقيم
ومشـــــتــاق إلــى طــيــب الــلــقــاء لكم أدعو وأســـــــــأل مــــــن أالقي
ـلت ومــــــــــــــــا أنا بأخٍ ُبراء
وصـــ ُ ـدرت على وصـــــــــــ ٍ
ـول ولو أين ق ُ
صـــدودك بالوصـــال على التنائي أخي ال تنســــني واعطف وأبــدل
بـــــإذن اهلل يـــــربأ كـــــل داء ـهمـا وأرســــل من نب ٍ
ـال دع َ
ـاك ســـ ً
()2
بجهلي والقصـــور على العًلء وســ ـرتًا يـا صـــــديقي أنـت أدرى
علــــــــــــــــى طــــــــه وهينم بالثناء وصـــــ ِّـل مســــــلــمــا يف كــل ٍ
آن ً
= علماء بني األهدل ،ثم عاد بعد سبع سنوات واشتغل بالتدريس وأسس مدرسة لمساعدة أخيه،
وعمل على نشر الدعوة وتثقيف الطًلب ،ولقد كان ً
مثاال يف الورع والزهد ،وقد عرضت عليه
المناصب فأباها ،ولم يطأ بسا ًطا ألحد من األمراء ،انظر :كتاب :نفحات من عسير ،لمحمد بن
إبراهيم الحفظي( ،ص ،)116 -115وكتاب« :مناظرة أحمد بن إدريس مع فقهاء عسير»
الض َمدي ،حققها وقدم لها ووضع فهارسها :أ .د.
1248هـ1832/م ،للحسن بن أحمد عاكش ّ
عبداهلل بن محمد بن حسين أبو د ِ
اهش( ،ص.)49 َ
( )1كتاب :شعاع الراحلين( ،ص ،)16 ،15وكتاب :األمراء اليزيديون ،تأليف :علي عوض آل قطب،
(ص.)468
( )2البيت يعرب عن تواضع الشيخ.
514
أرسل الشيخ عبداهلل بن سرور اليامي بهذه األبيات إلى الشيخ إبراهيم بن
أحمد الحفظي(:)4
َب ْي ُن األَح َّبة
()5
وما شــــط وجد بالفؤاد وإن شــــطوا َلـ َبـيـ ُن األحـبــا يف الضــــمـيـر لــه َخـ ٌّط
وإن َال َم ذو حـقــد ســــجـيـتــه الـخـبـط ويســ ـلـيـنـي مـحـض الـوفــا يف هـوا ُهـم
( )1انظر :كتاب :شعاع الراحلين ،جمع وتحقيق :عبدالرحمن إبراهيم الحفظي( ،ص ،)16وكتاب:
األمراء اليزيديون ،تأليف :علي عوض آل قطب( ،ص.)468
( )2قالء :بغض.
( )3مردفين :مجتمعين ،يرتجم :يفسر ،النماء :الكثرة والزيادة.
( )4انظر :كتاب :شعاع الراحلين( ،ص.)82 - 81
( )5لبين :البين هو البُعد والفراق.
515
()1
يلم هبــا قحط ســــنون َ
الجف ـا أو أن َّ رياضـ ُه إليك
وحاشـا الوفا أن تسـتبيح َ
()2
يحــث هبــا عظم الصــــبــابــة والفرط حـبـيـبـي صـــــارم الــديـن قــد نـحــت
لهــا العجز طوق والتعــاطي لهــا قرط َخ َلت عن صفات الحسن غير هواكم
عـلـى عـيـبـهــا فــالـعـفـو دأبــك والـقســــط فــغــض جــفــون االنــتــقــاد مســـــجـ ًـي ـا
()3
خـيــالــك ال يـنـفــك عـن بــالــه قـط َو ُم ـ َّن بــتــكــرار الــوصـــــال لــمــغــرم
َّ
لــعــل بــه ركــن الــمــًلمــة يــنــحــط مخلصــ ـا وجـد بـدع ٍ
ـاء يف دجى الليـل
ً ُ
ُ
والـبســــط وال بـطشـــــه فــالـقـبـض هلل َو َال َت ـ َخ ـ َاف ـن يف الـ َ
ـح ـ ِّق لــومــة الئــم
ومـن دونــه شــــوك الـ َقـ َت ـ ِ
ادة والـخـر ُط وإن كــان يف هــذا على النَّفس ُشـــ َّق ـ ٌة
ِ ()5
والســـمط
لخير الورى عقــد النبوة َّ كـتــاب اهلل تـنـجـو وســــنــة ف ـ َأعـن
ِ ()4
()1
وال حبـذا قول ابن ســــينـاء أو رســــط ويــا حــبــذا الــوحــيــان إهنــمــا هــمــا
()2
كـلـهـ ُم الـرهـط
ورهـط حـبـيـبـي أهنـم ُ ومــن ـِّـ ي عــلــى حــبــي الســـــًلم بــدايــة
وبر ًدا على قلـب الصــــدى هو القســــط ســًلم يفوق المســك والشــمس نوره
()3 تريثــت من عـ ٍ
ـذر وقــد ُح ـ َّل ذا الربط وال تــر يف إب ـ َط ـاء الــجــواب فــإنــمــا
()4
ففكري نضـــوب حيث حالفه القحط ـرم ـا
وســ ـرتًا بـجـلـبــاب الـتـغــاضــــي تـك ً
يـطـيــب لـمـن َوا َلـى لــه الشـــــد والـحـط وأحـمــد ربـي والصــــًلة عـلـى الــذي
وأصـــــحــابــه األبــرار مــا كــرر الــخــط مـحـمــد خـتـم الـرســـــل واآلل كـلـهـم
( )1الوحيان :هما الكتاب :والسنة ،ابن سيناء عالم وطبيب عربي مشهور له مؤلفات عديدة
«مائل يف عقيدته» .ورس ُط :عالم أجنبي «فلسوف يوناين».
( )2الرهط :الجماعة.
( )3إبطا :أي :تأخر الجواب.
( )4القحط :الجدب والجفاف.
( )5كتاب :شعاع الراحلين( ،ص.)102 - 101
518
أو كــنــفــي الــقــلــب خــًل قــد ألــف عـنــد نـفـي ال ِّـن ـد عـن مـولـى الـورى
لســــــرور وهــو بــالــيــامــي ُعــرف غــيــر عــبــداهلل أعــنــي الــمــنــتــمــي
فـــعـــلـــيـــه ودنـــا الصــــــايف وقـــف قـــد ورثـــنـــا وده عـــن كـــابـــر
ولــمــاء الــحــوض مــنــه تــغــرتف طــاب مــمشـــــاكــم ونــلــتــم غـ ً
ـرف ـا
مــن مــكــان يف مــكــان انصــــــرف ٍ
ـــــــــــة
وأتـــيـــتـــم وأنـــا يف غـــيـــبــ
عـــاق عصـــــ ًـرا ِلــي قـــد وصــــــف مــعــرات لــذا الــدهــر الــذي
َّ مــن
وطــبــاع الــخــلــق بــالــخــلــف تــزف فـــبـــقـــاع األرض قـــد أنـــكـــرهتـــا
()1
كــل يــوم والــلــيــالــي بــي تــحــف وبــنــات الــدهــر مــا زالــت بــنــا
قـــلـــت عــ َّـل اهلل ربـــي أن تـــخـــف ٍ
ازديــاد كــلــمــا لــم َتــزل بــي يف
والـــذي يـــتـــبـــع يف َذا مـ ـتَّصــــــف نــبــي َقــد ُبــلــي
ٍّ أن تــقــولــوا كــم
دون كــيــر الــنــار حــتــى يــأتــلــف أو تـقـولـوا الـتـرب ال يصـــــلـح ِمـن
لــذوي الــفضـــــل فــهــذا قــد عــرف أو تــقــولــوا حســــــدً ا مــن أهــلــه
فـمـتــاب الـعـبــد يـمـحـو مــا ســــلـف أو تــقــولــوا ثــمــرات الــذنــب ذا
ـرضــــى الـمـعـرتف
يـغـفـر الــذنــب وي َ فـاســــألوا الرحمن أهـل الجود أن
ٌ
أهـــل ووالـــى مـــن لـــطـــف إنـــه وبــعــيــن الــلــطــف أن يــلــطــف بــي
()2
فــرحــيــل الــعــمــر مــنــي قــد أزف وبدين الحــــــــــــق أن يخــــــتم لي
وهذه أبيات للشيخ إبراهيم الزمزمي بعث بها إلى الشيخ عبد اهلل بن
سرور اليامي الهمداين ،وهو بقرية الشعبين(:)4
ومــن حـ َّـل مــغــنــاه وحــاذى قــبــابــه ســــًلم عـلـى مـن أ َّم طـرس رحــابــه
بريــاه مــا اشــــتــاق الغرام صــــحــابــه ســــًلم يضــــوع المســــك منه عليهم
وإن الم رب الــلــوم هــذا وعــابــه وإين من فرط اشـــتياقــــــــــــــي مبلبل
إذا جمرة المحمي يف الريح شـــــابــه فمـا البيـت إال لوعـة دوهنـا الغضــــى
( )4كتاب« :مجموع يف تاريخ عسير» الحسن بن علي الحفظي( ،ص.)303 -302
521
مغرمـا أو عتـابـه
ً ومـا الـدهر يرضــــى ويا ليت شــعري والمقادير قد جرت
أمر رضــــابـه
يقـاســــي األســــى يـا مـا َّ أال مســعف بالوصــل أو ال فويح من
در در الصــــــدِّ أعــنــي عــذابــه
وال َّ ـقيـا أليـام الوصــــال التي زهـت
فســـ ً
هتون َوج ـدً ا يف الحشـــــايــا أصـــــابــه فباهلل عط ًفـــــــــا للمعنـــــــــى ورقــــــة
وزج ركــابــه
وإن أكــثــر الــواشـــــي َّ فـلـو خـلـتـمـو حــالـي عـطـفـتـم تـفضـــ ًـًل
تـديموا الجفـا واخشــــوا هـديتم عقـابـه وأنتم بحمــــــــــــــد اهلل أهل الوفا فًل
عهـدتم ووجـه الوصـــــل كفوا نقـابـه وكـونـوا كـمــا كـنـتـم فــإين عـلـى الــذي
أخٍ لهف هلل نادى أجــــــــــــــــــــــــــــــابه وإين بحســــب الحال أدعو لكم وكم
جرى والمعنى فيــك يبــدي انتحــابــه وغضــــوا عن النـظـم المهيض فــإنــه
راجــيــا يف مــقــر هــذا ثــوابــه
ً وكــن تكرم ـا
ً وظني جميــل فيــك فــاســــرت
على المصطفى واآلل واحلل رحابه وصـ ِّـل وســلم ما تغنت حمامــــــــــــة
يعاليل ودق َص ِّيـ ـ ًبا لو أصـــــــــــــــــــــابه وشــن على ســحبان من مزن ُســحبه
بطــــــــــــــــــــود المعالي قد أناخ ركابه وأ ِّد ســـًل ًما من أخ المجد من ســـما
علـى الود قلبي لم يفــارق صــــوابــه أخًلي رف ًقــــــــــــــــــــــــا بالعتاب فإنني
َّ
إذا خالـــــــــــــــط القلب الوداد وشـابه ولـيـس كـمــال الـود أن يـهـجـر الـنـوى
عليك مـــــــــــــــدى األيام تبدي لبابه يعود ســـًلم من أخ الشـــجو فيكموا
ومن يف رضــــا الرحمن أبلى شــ ـبـابـه وب ِّلغ صفـــــــــــــــــــــي الدين مني تحية
ٍ
قاصد قد أ َّم للرفــــــد بابه فكــــــــــــــــم كـذا شــــيخنـا الم ُع َّزى بكـل فضــــيلـة
مـدى الـدهر مـا ذللـت يو ًمـا صــ ـعـابـه ولسـت لنظم الشـعر يا صـاح محسـنًا
أق َّلت سحا ًبا قد ظننت سحــــــــــــــــابه وهاك جوا ًبا من قريحــــــــــــــــــة عاجز
على غير شـــ ٍ
ـيء قـد أضــــاع شــ ـبـابـه مقيم على التســـويف من طول عمره
إذا مـا دعـا الـداعي الضــــرير أجـابـه ولكنه يرجو مــــــــــــــــــن الواحد الذي
فـمــا خــاب عـبــد صـــــادق أ َّم بــابــه مـــــــــــــــتا ًبا وتوفي ًقا وعــ ً
ـفوا تفضـــــ ًـًل
ووجــه عــيــوبــي ال تــكــفــوا نــقــابــه وباهلل جودوا بالدعــــــــــــــــا يا أحبتي
ويجزيكــــــم الباري بذاكـــــــــم ثوابه وغضـوا عن المسـطور تسـرت عيوبكم
وآل وأصحــــــــاب وتابع صــــــــوابه وصلوا على الهادي جمي ًعا وسلموا
= عكاظ ،تويف سنة 23قبل الهجرة .انظر :الزركلي ،األعًلم ،)196/5( ،انظر :كتاب :الحياة
العلمية يف نجران يف صدر اإلسًلم ،عوض عبداهلل سعد( ،ص.)28 ،|19
523
الحج( ،)1وقد
الشيخ الزمزمي مهنِّئًا عبداهلل بن سرور اليامي ألدائه فريضة ِّ
بعث هبا يهنئه بوصوله بعد حج بيت اهلل الحرام ،قال:
مســـــاعيــك الحســــنى وفيهن تؤجر لـيـهـنـيــك حـج الـبـيــت واهلل يشــــكـر
تضــــوع بريـا المســــك بـل هي أعطر وأهــدي عـلـى ذات الـوجـيــه تـحـيـتـي
وابناه طــــــــــــــ ًّـرا والسًلم يكــــــــــــرر حـبـيـبـي أخـي يف اهلل ولـيـهـنــه الـلـقــا
ألعـظـم مـن كـنـز الـيـتـيـمـيـن يــذخـر عـلـى الســـــادة األخـيــار إن ودادهـم
عـلـيـكـم بــإهــداء الـتـحـيــات تــذكـر وشــــيخـاي يف خير وألســــن حـالهم
عــنــي يــجــزر
غــبــي ومــد الــبــحــر ِّ وســ ـرتًا عـلـى هــذا الـقـريـض فــإنـنـي
عـلـى مـثـلـكـم مـن لـلـجـراءات يـغـفـر ومــا زال من دأبي التعــاطي ســــيمــا
فًل زلـت بـالصــــفح الجميـل تســــرت علما بالتغاضـــي تكـــــــــــــــر ًما
وذلك ً
وس ِّلــــــم فإنِّي للجميع أكـــــــــــــــــــــرر وصـــ ِّـل على الهـادي الحبيـب محمـد
ـانيهم واهلل ال شـــــــــك أبرت
فشـــــــــــــــــ ُ باترا لــــــــــــــــــــهم
وآل كرام ال تكن ً
إن هذا الرجل العظيم الذي ذاع صيته يف كل البوادي العربية ،حتى حينما
غاب جسده عنَّا ،بقيت بطوالته وقصصه وأشعاره محفورة يف أفئدتنا،
ومحفوظة يف قلوبنا وضمائرنا ،إن الشيخ راكان بن فًلح بن حثلين ،كان وما
وبطًل عرب ًّيا ،تمأل الدنيا أخباره ،ويزخر تراثنا العربي من
ً ورمزا،
ً نجما،
برح ً
المشرق إلى المغرب بذكراه الشجية ،إنه من األبطال العرب الذين نحبهم
ونج ُّلهم ،ونفخر بأدوارهم وتاريخهم الحافل بالبطوالت ،والمواقف
( )1نشر يف جريدة الرياض بعددها ( )9812السبت 7من ذي الحجة 1415هـ .اسمه« :راكان بن فًلح
بن حزام بن ضيدان بن سفران بن حثلين العجمي».
526
( )1المرجع :كتاب :راكان بن حثلين شاعر وفارس وشيخ العجمان ،إعداد :يحيى الربيعان ،بتصرف.
( )2راجع :كتاب :العجمان وزعيمهم راكان بن حثلين ،تأليف :أبوعبدالرحمن بن عقيل الظاهري،
(ص.)111
527
()1
وقد أحب راكان وعشق بنت عامر بن جفن السفران ،والتي حجرها
أن الحب أعمى ،وقال فيها عندماابن عمها ،وحاول والده أن يصرفه عنها إال َّ
ٍ
مكان آخر يف فصل الربيع: رأى أهلها يرحلون يف طريقهم إلى
يـتـلـى ضــــعـون مـبـعــديـن الـمـنــاحـي اهلل مــن قــلــب غــدى فــيــه تــفــريــق
والقســــم اآلخر مــا أدري وين راح قســــم بـتـغـريــب وقســــم بـتشــــريـق
وال عـ َّـذبــه طــرد الــهــوى الــطــمــاح لي صـــــاحـب مـا يفتق البيـت بيويق
وأرجى عســــى دربـه يجيلي ســ ـمـاح واهلل يــا لـوال أفــاهـق الصــــرب تـفـهـيـق
ال طـيـر الــذالن ضــــرب الـمـًلحـي أبوي يــا حــامي عقــاب المشـــــافيق
دالل فــيــهــن أشــــــقــر الــبــن فــاح راعي دالل بالوصــــــــــــايف غرانيق
ـبـًل يف لـيــال شـــــحــاح
وكـريـم ســــ ً وحـامي حـدود الخيـل وقـت التزاهيق
كســـــابــة الــعــلــيــا طــيــور الــفــًلح ترى لهــــــــــــــــا الجرل قروم مطاليق
وعندما سمع والده هذه األبيات ،عرف أنه مشغول بحب بنت عامر بن
جفن من أمراء آل سفران ،وعلم أن عليه بالجاه للحصول على الفتاة ،فطلب
بعضا من كبار قومه أن يقصدوا الشيخ الذي حاجرها ،فعندما وصلوا عنده،
ً
وأكرمهم ،طلبوا منه أن يسمح لهم بالفتاة لتزويجها لراكان ،فأعطاهم إياها،
( )1ديوان ابن فردوس( :ص ،)186 -185وكتاب :العجمان وزعيمهم راكان بن حثلين،
أبوعبدالرحمن بن عقيل الظاهري( ،ص.)113
( )2ديوان ابن فردوس( :ص ،)174 ،172وكتاب :العجمان وزعيمهم راكان بن حثلين،
أبوعبدالرحمن بن عقيل الظاهري( ،ص.)132
529
مواشيهم ليعربوا إلى البحرين ،فلما َع َبروا ،طاب لهم العيش يف أرض البحرين،
كثيرا ،فمكثوا عنده فرت ًة من الزمن ،وبعد
وقام بواجبهم خير قيامٍ ،وأكرمهم إكرا ًما ً
ذلك تذكر راكان دياره و مرابيعهم وصوالته وجوالته ،فاشتاق إلى بًلد الجزيرة
فأحب أن يرسل قصيد ًة إلى
َّ العربية ،وبًلده التي تقع ما بين األحساء والكويت،
جًللة الملك عبداهلل بن فيصل آل سعود ،فبلغ قومه ،وقال لهمَ :من منكم
يستطيع أن يحمل رسالتي إلى الملك؟ فأخذ القوم يرتددون ،فحضر إليه واحد
يقال له :علي بن سهيلة ،وقال« :أنا الذي أحمل رسالتك ،وأنا متحمل ما يأيت من
جًللة الملك ،وما يفعل بي ألجل خدمتك وطاعتك يا أبا فًلح» ،فأخذها ابن
فلما رآه الملك
سهيلة ودخل ،وهناك عندما دخل هبا إلى قصر الحكم آنذاكَّ ،
وعرفه ،غضب غض ًبا شديدً ا ،وأخذ يردد اسمه على لسانه ،واسم قومه ،وقبيلته،
ٍ
حروب، وأخذ يهددهم ،ويذكر الحاضرين يف المجلس ما حدث بينه وبينهم من
فقال له ابن سهيلة بأنه معي رسالة إلى جًللتك ،فقال له :أعطني الرسالة ،فأخذها
وأعطاها إلى كاتب القصر ،وأخذ يسردها أمام الملك ،و َمن يف َحضرته ،وكان
من ضمنها أن قال الشيخ راكان:
()1
يف دار سمحين الوجيه الكرام قال المعيضي بالضحا يبدع القاف
()1
يف دار ســــــمــحــيــن الــوجــيــه الــكــرا ِم قـال المعيضــــي بـالضــــحى يبـدع القـاف
ٍ
عـــز لـــحـــاضـــــــرهـــم ولـــلـــحـــي دا ِم عسـى لهم بآيات من حج وا ّطـــــــــــــــاف
بـــتـــيـــل ســــــاج ومـــقـــتـــفـــيـــه الـــوال ِم يا راكب من عندنا فوق هيــــــــــــــــــــــــاف
=
530
وإال ثــًلث يشــــــــــــــــــــــــــتــهــن الــوال ِم = فًل دعم صــدره على بعض االســياف
وإن زرفــلــن يشــــــدن لــجــول الــنــعــا ِم بواطن يشـبـــــه لدامي باألوصــــــــــــــــاف
والـــرابـــعـــة يـــلـــفـــي لـــولـــد اإلمـــا ِم يمشـــي ثًلث عقب إالوما واالصـــًلف
واخـــتـــص أبـــو تـــركـــي بـــرد الســــــًل ِم ســـلم على ربع ٍكما وصـــف األشـــراف
وألـــذ وأحـــلـــى مـــن عـــنـــاقـــيـــد شــــــا ِم ســـًلم أحًل من لبن كل مشـــــــــــــــــعاف
غــ ًّـرا كـــمـــا وصــــــف الـــجـــراد الـــتـــهـــا ِم ولفتهــا يــا شــــيخ من كــل األطــــــــراف
دولـــة هـــل الـــعـــوجـــا ســــــواة الـــنـــظـــا ِم واهلل لــوال جــمــعــك الــلــي لــه أرداف
عــلــــــــــــم يــردونــه جــــــــــــديــد وعــا ِم إين لـعــدلـهـم عـلـى كــــــــــ ِّـل مـــــــــزقــاف
وحــدب الــظــهــور الــلــي تــقــص الــعــظــا ِم بمطارق فيها غلب كـــــــــــــــــــــل هياف
غصـــــــب ودورات الســـــــبــــايــــا دوا ِم والكــل يرجع عــايف عقــب مــا شـــــاف
ثـــم درعـــوا ســــــرد الـــرمـــك بـــالـــوال ِم عــاداتنــا المــا التقــت دقــل األشــــنــاف
يف روشــــــن غـــنـــى بـــركـــنـــه حـــمـــا ِم يف مـوقـف خـطـر عـلـى الـروح بــاتـًلف
وبــالــرجــل طــبــلــيــن حــلــقــهــن احــكــا ِم ودمــوع عــيــنــي فــوق األوجــان ذراف
مـــا بـــيـــن مصــــــري ومـــا بـــيـــن شــــــا ِم نركـب على الطوعـات زينـات األطراف
مـــتـــحـــزمـــيـــن فـــوقـــهـــا بـــالـــحـــزا ِم ٍ
مــانــعــة ثــقــيــًلت االصــــــاف ودروع
ثــم حــل ســـــرتا مــعــورجــات الــوشـــــا ِم وإلى اقبلــت حومــة زرفهن كمــا القــاف
ونــركــ ض مــراكــيــض يــرمــي الــكــهــا ِم عــاداتــنــا عــنــد الــمــظــاهــيــر تــنشـــــاف
نــرمــيــه بــيــن الــخــيــل مــثــل الــمــقــا ِم ونـحـري بـرمـي الشــ ـيـخ وإن جـن زالف
طـــول لســــــانـــه فـــعـــل ولـــد االمـــا ِم مـا هي هبرجـة شـــــاعر يبـدع القـــــــــاف
تســــــهــر عــيــونــه عــن لــذيــذ الــمــنــا ِم حـــــــــــــــنا ترانا علته بين االنجــــــــــاف
ونصـــــ ّـبـ ـحـــه ال انـــبـــاج نـــور الـــظـــًل ِم ٍ
بـعـيــد يـرجـف ارجــاف وقـلـبــه لـو هـو
ونـــودعـــه يـــرتك حـــلـــتـــه والـــجـــهـــا ِم واهلل إن أنزل قرب بوشــــه واالســــًلف
=
531
فعندما سمع عبداهلل بن فيصل( )1هذا البيت قال« :هذاك أنا ،وأنا أخو
( )1هو اإلمام عبداهلل بن فيصل بن تركي بن عبداهلل بن سعود ( ...ـ 1307هـ) :أحد أئمة الدولة السعودية
الثانية ،بويع باإلمامة بعد وفاة والده اإلمام فيصل بن تركي بن عبداهلل يف عام 1282هـ الذي كان
ينيبه يف آخر حياته ،واتخذه وليًّا للعهد؛ فهو األكرب سنًّا على إخوانه ،قد خالفه أخوه سعود فنشبت
بينهما معارك كثيرة استولى خًللها سعود على الرياض ،وخلع أخوه عبداهلل فلجأ إلى الرتك ليعينوه
ضد أخيه سعود ،وقد استمرت المعارك بينهما حتى تويف سعود بن فيصل يف سنة 1291هـ فولي
األمر بعده أخوه األصغر (عبدالرحمن والد الملك عبدالعزيز) فزحف إليه أخوه األكرب عبداهلل
يصف له؛ فقد ثار عليه أبناء أخيه (سعود)
ُ فتنازل له اإلمام عبدالرحمن عن اإلمامة ،ولكن األمر لم
َّ
وظل الصراع بينهم على الحكم حتى زحف عليهم (محمد بن عبداهلل بن رشيد) أمير (حائل)،
واستولى على الرياض وأخذ معه عبداهلل بن فيصل إلى حائل ،ولم يأذن له بالعودة إلى الرياض إال
يستقر اإلمام عبداهلل هبا سوى يو ًما واحدً ا ثم وافته
َّ يف عام 1307هـ وحين عاد إلى مدينة الرياض لم
=
532
نورة ،واسمع يا بن السهيلة« :ال جيت راكان ،س ِّلم عليه وقل له :حنا نرحب
بقدومهم صوب ديرهتم ،وما فات مات ،وحن أخوان ،وعلى الحق أعوان»(.)1
راكان:
كان راكان بن حثلين يفرض على الدولة العثمان َّية خرج َّية ،وذلك لتوفير
ب هذا األمر
األمان لقوافلها التجار َّية التي كانت تسير بين القبائل العرب َّية ،وس َّب َ
إزعاجا للقادة العثمانيين ،فقاموا بالتخطيط مع ابن عودة المسؤول عن تسليم
ً
الخرج َّية لراكان بن حثلين ،إللقاء القبض عليه .ويف إحدى السنوات
رحلت قبيلة العجمان إلى الرب ،وعندما استقروا ،ذهب راكان مع ست ٍَّة آخرين
إلى ابن عودة لًلتفاق على استًلم الخرجية ،وعندما وصل راكان البن عودة،
ٍ
رسالة ألح عليه ابن عودة للبقاء ،وتقديم الضيافة له ،وخًلل ذلك قام بإرسال
َّ
للقائد العثمانـي يخربه هبا بوجود راكان عنده ،وبذلك تم َّكن القادة العثمانيون
ثم قاموا بتكبيل راكان ،وإرساله عن
من إلقاء القبض على راكان و َمن معهَّ ،
طريق البحر إلى عاصمة الخًلفة العثمانية إسطنبول ،وسجنوه يف إحدى
القًلع لمدَّ ة ال ُّ
تقل عن سبع سنوات.
= المنية ،فخلفه أخوه اإلمام عبدالرحمن بن فيصل .األعًلم ،)113/4( ،انظر :كتاب :تاريخ
المملكة العربية السعودية ،عبداهلل العثيمين.)287 -265 /1( ،
( )1انظر :كتاب :العجمان وزعيمهم راكان بن حثلين ،تأليف :أبو عبدالرحمن بن عقيل الظاهري،
(ص ،)132والقصيدة (ص ،)200 - 197وكتاب :ديوان ابن فردوس (ص ،)172راجع ديوان
شعراء قبائل يام ،مهدي بن مسفر بن مانع آل راكة( ،ص.)12
533
اهلل يرجعنـــــــــــــــا عليهـــــــــم سلومــــــي حـمـزة مشــ ـيـنــا مـن ديــار الـمـحـبـيـن
ورومـــي ٍ
يف مـــركـــب جـــزواه تـــرك ُ مشـــوا بنا العســـكر لدار الســـًلطين
مـا حن نشــــوف إال الســ ـمـا والنجومي عشــــريـن لـيــل يـمــة الـغـرب مـقـفـيـن
والــقــلــب يــا حــمــزة تــزايــد هــمــومــي والنوم يـا مشــ ـكـاي مـا الج يف العين
هــيــهــات لــو أين عــرفــت الــعـ ُـل ـومــي مـن الـخــداعــة واحـتـيــال الـمـًلعـيـن
وخــلــوا نــجــايــبــكــم مــع الــدو تــومــي هـيــا اركـبـوا مـن عـنــدنــا فـوق ثـنـتـيـن
( )1انظر :كتاب :العجمان وزعيمهم راكان بن حثلين ،عبدالرحمن بن عقيل الظاهري( ،ص-200
.)201
( )2انظر :المصدر السابق( ،ص ،)205 ،204 ،15وديوان بن فردوس( ،ص.)159
535
تـبـغـي الشــــراب وال يـعـنـهــا الســ ـمـومـي الزوعن بــالوصــــف مثــل القطــاتين
نــحــال مــن كــثــر الــحــفــا والــرثــومــي اليا أصــــبحن كنهن جريد البســــاتين
أهل الشجاعة والكـــــــــــــــرم والعزومي تـلـفـي عـلـى ربـع عســـــاهـم عـزيـزيـن
ٍ
لطامة للي عليهــــــــــــــــــــــــــــــــم يزومي ربعي ضــ ـنـا مرزوق بـالعســــر واللين
حريبهــــــــــــــــــــــــم من همهم ما ينومي عجمــــــــــــــــــان ال رد الربا للمعادين
من فــــــــــــــــــوق زلبات تبوج الحزومي يـوم الـخـيــانــة لـيــت هـم لـي قـريـبـيـن
مركاظـــــــــــــــهم يشـبع وحوش تحومي وليا تعلو فــــــــــــــــوق مثل الشياهين
وكـــم شيخ قـــــــــو ٍم توهـــــــــم ما يقومي نـوب ســــًلطـيـن ونـوب شــــيــاطـيـن
يا اللي له التقــــــــــــدير فــــــي كل يومـــي يــاهلل يــا قــابــل ســــؤال الـمصــ ـلـيـن
وإنك تروف بحالــــــــــــنا يا رحـــــــــومي إنــك تـثـبـتـنــا عـلـى الـحـق والــديـن
من عقـ ـ ــــــــب ما هــــن نوسن العلومي وعســــى مـقــابـيــل الـلـيــالـي لـنــا زيـن
وشــــيــد مـنــار الــديـن وأعـلـى الـرســــومـي وصـلوا على اللي وضـح الزين والشـين
من بداية المعركة ،فأهنك العثمانيين .وكان راكان بن حثلين يرى المعركة من
سطح السجن ،فنادى على السجان حمزة ،وقال له :ب ِّلغ الوالي َّ
أن هذا الفارس
الذي لم تستطيعوا قتله ،أنا أستطيع ،فذهب حمزة وأخرب الوالي ،فاستغرب
فقال :هذا راكان قصير القامة ،والنحيف يستطيع هزم هذا الفارس الضخم؟
فرفض الوالي ،واستمرت المعركة ،وكان الفارس األسود يو ًما بعد يوم يقتل
واحدً ا تلو اآلخر من جيش العثمانيين.
أرسل راكان بن حثلين حمزة مر ًة أخرى ،وقال :أخرب الوالي إما أنا أو
صرا،
الفارس األسود ،فذهب حمزة إلى الوالي وقال له :إن راكان ما زال ُم ًّ
فطلب الوالي راكان بن حثلين وقابله ،وقال له :هل أنت جا ٌّد وصادق يف طلب
المبارزة؟ وهل باستطاعتك الفوز على ذلك الفارس األسود الذي عجز عنه
صناديد أبطالنا ،وأنت رجل نحيف الجسم ،قصير القامة؟ فأجابه الشيخ راكان
بن حثلين إجابة الواثق ،وقال :ال تنظر إلى قصر قامتي ،أو نحافة جسمي ،بل
َل ِّ
ب لي طلبي بالمبارزة ،فوافق الباشا الرتكي على طلبه ،وقال له :اطلب ما
تريد ،فقال الشيخ راكان بن حثلين :أريد أن تسمح لي بأن أختار الفرس التي
ٍ
سيف ورمحٍ ،فقال له تعجبني من الخيل ،وكذلك ما يعجبني من السًلح من
الباشا الرتكي :لك ما شئت ،وذهب الشيخ راكان بن حثلين إلى مربط الخيل،
وصاح ثًلث مرات ،ونظر فيهن ،ثم ذهب ،وتم على ذلك الحال يومين حتى
فرسا
عرف الفرس التي يريد ،وهدف على فرس زرقاء قوية الجسم ،فأخذ ً
قويةً ،ودرهبا على طريقته الخاصة حتى إنه أخذ يدرهبا على القفز فوق الحفر
537
الكبيرة والصغيرة ،فأكمل تدريبها وتأديبها بعدة أيام ،وبعد ذلك لبس ُعدَّ ة
الحرب ،وصال وجال ،وبرز يف الميدان يف مقدمة الجيش الرتكي ،فلما وصل إلى
ميدان الحرب برز الفارس األسود كعادته بعد أن قفز بحصانه الحفرة الكبيرة التي
تفصل بين األتراك والصرب ،وبعد ذلك برز له الشيخ راكان بن حثلين على فرسه
التي درهبا ،وبدأ النزال بينهما يف ساحة المعركة ،واستغرب الفارس األسود ذلك
الخ َّيال الذي لم يره يف صفوف األتراك ساب ًقا ،فدارت بينهم المعركة ،ولمس فيه
فنون القتال ،وعرف حركته وذكاءه وشجاعته ،وحين أيقن الفارس األسود أنه لن
يستطيع الفوز على هذا الخ َّيال ،الذ بالفرار من أمام الشيخ راكان بن حثلين،
وتوجه إلى الحفرة الكبيرة ليعود إلى الطرف اآلخر معتقدً ا أن الفارس المجهول
لن يستطيع أن يلحق به ،ولكن قفز خلفه الشيخ راكان بفرسه ،فاختطفه من على
سرج حصانه ،ورفعه على حارك فرسه ،وقفز به الحفرة عائدً ا ،ودقت طبول
دب يف وه ِز َم جيش الدولة الصربي َّ
شر هزيمة بعد أن َّ األتراك ،وهتللت بالنصرُ ،
األتراك الحماس هبزيمة الفارس األسود.
ذهب راكان ،وسلم األسير إلى الوالي الرتكي ،ثم قال له الوالي :أنت فعلت
فعًل لم يفعله أحدٌ سواك ،وانتصرنا بفضل اهلل ،ثم بفضلك ،وإنما اإلحسان
ً
يجزى باإلحسان ،فاطلب ما شئت ،فإنَّنا سوف نعطيك ما تطلب ،فقال له راكان:
أطلب أن تطلق سراحي ،وأطلب «الدهناء» و«الصمان» ،فاستدعى الوالي الذين
لهم خربة يف المناطق ،وهو يعتقد أن الدهناء والصمان من عواصم الديار،
مرعى لمواشي
فأخربوه بأن «الدهناء» هي أرض رملية كثيرة األشجار ،وهي ً
538
البادية ،و«الصمان» أرض صخرية مرتع للمواشي يف وقت الربيع ،ولما عرف
ذلك ،قال له :أعطيناك ما طلبت مع ما سنعطيك من الهدايا واألموال ،فأطلقوا
سراحه ،وعادوا به عن طريق البحر حتى الجزيرة العربية ،ثم اشرتى له ً
ذلوال
تم اإلفراج
يف 22جمادى األولى من عام 1294هـ 3/يوليو 1877مَّ ،
عن راكان بن فًلح بن حثلين من َأسره يف تركيا(.)2
وفاته:
تويف راكان بن فًلح بن حثلين عام 1314هـ ـ 1897م ،حيث تشير
الوثائق العثمانية إلى أن آخر راتب كان يدفع ألمير العجمان راكان كان يف
أوائل شوال 1314هـ1897/م ،حيث أرسلت نظارة الداخلية كتا ًبا يطلب من
والية البصرة( ،)3ومن نظارة المالية يف 1أبريل سنة 1897م 28/شوال
( )1انظر :كتاب :ديوان بن فردوس ،تأليف :فهد محمد الفردوس العجمي( ،ص.)161 ،160
( )2انظر :كتاب :تاريخ قبيلة العجمان ،د.سلطان بن خالد بن حثلين( ،ص ،)87وكتاب الدرر المفاخر يف
أخبار العرب األواخر ،محمد البسام التميمي ،تحقيق :سعود بن غانم الجمران العجمي( ،ص.)116
( ، 69666BOA, Babiali Evrak Odasi (BEO) )3يقول محقق كتاب الدرر المفاخر يف أخبار
العرب األواخر ،سعود بن غانم الجمران العجمي أن المؤرخان ابن بسام صاحب تحفة المشتاق
وإبراهيم بن صالح بن عيسى قد أجمعا على أن تاريخ وفاة راكان عام 1314هـ ،وأنه مدفون يف جبل أبو
غنيمة يف األحساء ،وهما معاصران لركان ومن أهل نجد ويعلمان الكثير من أخباره ( ،ص ، )122
انظر :كتاب تحفة المشتاق يف أخبار نجد والحجاز والعراق ،تأليف :عبداهلل بن محمد البسام ،تحقيق :
إبراهيم الخالدي ( ،ص . )380
539
1314هـ تنص على طلب تخصيص راتب راكان شيخ قبائل العجمان يف نجد
البنه ،وقدره أربعمائة قرش ،وذلك لوفاة راكان بن حثلين(.)1
9ـ جابر بن حسين أبو ساق:
الشيخ جابر بن حسين أبو ساق :ينتسب الشيخ جابر بن حسين أبو ساق
إلى أسرة تسنَّمت زعامة قبلية منذ مئات السنين لقبائل (آل فاطمة) ،وجدُّ ه هو
الشيخ مانع بن جابر آل سالم الذي عاصر اإلمام فيصل بن تركي آل سعود،
وأبرم معه معاهد ًة تاريخي ًة يف 15شعبان عام 1279هـ.
10ـ تاريخ أسرة أبو ساق وشيوخها:
جدُّ األسرة األول هو الشيخ زاهر بن محمد بن حمد بن زيد ،وكان
موطنه يف «الجفة»( )2ونزل وادي نجران يف وقت كانت تسكنه قبائل أخرى غير
يام ،وتمكن مع قبائله من إبعادهم عنها.
وما زالت المشيخة تتوارث منذ مئات السنين ،وال زالت يف أسرة الشيخ
صحيحا ما يشاع َّ
أن أصلهم من (أحد رفيدة) ،ولكن ً زاهر حتى اليوم ،وليس
هناك من آل سالم مثل آل منصور وآل غشام بن مانع نزحوا ،وعاشوا
( )1المرجع كتاب :دخول نجران يف العهد السعودي( ،دراسة تاريخية وثائقية) ،د .علوي عمر فريد،
(ص.)76
( )2ماري تريزا :هو الريال الفضي الفرنسي ،وهو العملة السائدة يف الجزيرة العربية يف ذلك الزمن ،وكان
يطلق عليه العامة« :بياز» ،وتم إلغاء التعامل به يف عام 1359هـ واستبداله بقروش النيكل السعودي،
ِّ
بصك الريال السعودي العربي أمرا
ويف عام 1360هـ أصدر الملك عبدالعزيز -طيب اهلل ثراه ً -
الفضي .وقد كان الريال الفرنسي أو (الفرانصي) هو العملة السائدة يف معظم مناطق الجزيرة
أيضا يف صناعة الحلي للنساء؛ لذا قيل عنه :إنه ثقة يف السوق وزينة للنساء.
العربية ،وكان يستخدم ً
541
ذلك انتقل جابر أبو ساق إلى مجلس أبيه يف س ٍّن مبكرة من عمره ،وكان ً
مثاال
للفطنة والذكاء(.)1
ونسبه هو :جابر بن حسين بن جابر بن مانع بن علي بن جابر بن مانع بن
زاهر بن شري بن محمد بن حمد بن زيد بن سالم (آل أبو ساق)( ،)2شيخ قبائل
آل فاطمة يام ،انظر كتاب «بين مكة وحضرموت» ،تأليف :عاتق بن غيث
البًلدي الحربي( ،ص.)353
نشأته :نشأ الشاب جابر أبو ساق يف أسرة قبلية عريقة ،واكتسب
الشجاعة ،وتع َّلم الفروس َّية من محيطه ال َق َبلي الذي كان ُّ
يعج يوم ًّيا بزعماء
القبائل وفرساهنا يف دار أبيه وجدِّ ه ،والتي كان يحسم فيها أهم قضايا النزاع
حسب األعراف القبلية الصارمة السائدة يف ذلك
والخصومات بين القبائلَ ،
الحين ،وإذا فشلت تلك األعراف يف ضبط األمور ،تلجأ القبائل إلى السًلح
تفاقما ،خاص ًة إذا غاب العقل والحكمة فيما
ً لحسم خًلفاهتا ،والتي تزداد
( )1المرجع كتاب :دخول نجران يف العهد السعودي( ،دراسة تاريخية وثائقية) ،د .علوي عمر فريد،
(ص ،)77حيث قام المؤلف بمقابلة ابنه الشيخ :علي بن جابر أبو ساق -حديث مسجل يف قصره
صباحا تاريخ 1426/8/15هـ 2005/9/19 -م.
ً باألثايبة يف يوم االثنين الساعة الثامنة
( )2كان جابر بن حسين ينعت بـ (أبو رجل)؛ إذ كانت إحدى ساقيه أكرب من األخرى ،وقد تغير هذا
اللقب بعد مقابلة الشيخ جابر للملك عبدالعزيز ،وتوطدت العًلقات بينهما؛ حيث أطلق عليه
الملك عبد العزيز لقب (أبو ساق) ،ومنذ ذلك الحين وهو لقب األسرة التي ال يعرفها كثيرون إال
به .انظر :كتاب :نجران ،محمد بن فيصل أبو ساق( ،ص ،)212وكتاب :كنت مع عبدالعزيز،
تأليف :الدكتور :عبدالرحمن بن سبيت السبيت وآخرون( ،ص.)497 ،159
542
ٍ
مشحون بالتوتر والحروب القبلية التي تندلع جو
بينهم .نشأ جابر أبو ساق يف ٍّ
ٍ
مقدمات ،وتكونت معالم شخصيته ،وتب َّين له بين الحين واآلخر ،وأحيانًا دون
عاجزا عن لجم جماح قبائل قوية مثل( :يام) خاص ًة
ً أن الحكم القبلي سيظل
عندما تندلع الحروب فيما بينها.
توليه المشيخة:
تولى المشيخة ألكثر من 55عام قبل الحكم السعودي ،وكانت قبائل
يام تحارب مع اإلدريسي يف هتامة(.)1
10ـ اللواء المتقاعد :علي بن مانع بن ذياب
آل منصور اليامي(:)2
يقول« :كنت عسكر ًّيا برتبة رقيب يف الجيش السعودي ،وموقعي كان يف
قريات الملح ضمن مفرزة لحراسة خط األنابيب .ويف أواخر عام 1947م
سمعت ندا ًء من إذاعة سوريا بالدعوة للتطوع والجهاد من أجل إنقاذ فلسطين،
وتوجهت إلى سوريا من أجل
َّ فأخذت رخصةً ،وغادرت األراضي السعودية،
( )1المرجع كتاب :دخول نجران يف العهد السعودي( ،دراسة تاريخية وثائقية) ،د .علوي عمر فريد،
(ص ،)78 ،77وكتاب :كنت مع عبدالعزيز ،عبدالرحمن بن سبيت السبيت وآخرون( ،ص،497
.)498
( )2المصدر :كتاب :الجيش السعودي يف حرب فلسطين (1948م) رؤية وتوثيق :محمد بن ناصر
األسمري( ،ص.)373 - 351
543
بقينا على الحدود خمسة أيام ،وقائدنا السوري يراجع يف شأن دخولنا
األردن ،ومنه إلى فلسطين ،ويف النهاية أبلغنا القادة السوريون أن علينا العودة
إلى سوريا ،وعند هذا رفضنا نحن ضباط الصف قادة السرايا قبول هذا األمر،
وتقدمت أنا وسألت المجاهدين :لماذا نحن هنا أيها الرجال؟ لقد جئنا من
أجل الجهاد؟ فصاحوا :نعم .فقلت :إذن نسير إلى حيث وجهتنا ،ومن قابلنا
نعتربه يهود ًّيا ونقتله ،وافق الرجال على كًلمي هذا ،لكن القائد السوري
ومساعديه لم يوافقوا على هذا ،وساروا خلفنا ،وغادرنا إلى فلسطين عن
ٍ
مجاهبة من العسكر طريق األردن ،ويف الرمثا أول نقطة أردنية كنا ننتظر أي
األردنيين ،وكنا مستعدين لقتالهم والدخول عنوةً ،لكن َمن كانوا يف المركز
رفعوا الحاجز الخشبي ،ودخلنا من بينهم وسط ترحيبهم والتصفيق والزغاريد
والتكبير والتهليل ،وهكذا واصلنا السير تاركين على يسارنا جبل عجلون،
والمفرق والزرقاء وعمان ،وعلى اليمين إربد ،ووصلنا إلى هنر األردن ،وعند
حراسا من البادية األردنية ،ومعهم
ً جسر بنات النبي يعقوب وجدنا عليه
قائدهم اإلنجليزي،
وتوجهنا إليهم،
َّ وكان برتبة ميجر ،ونزلنا إلى بعض ضباط الصف،
وسألونا عن وجهتنا ،فأخربناهم أننا فدائيون قدمنا للجهاد ،وأننا بادية ،ومعنا
بعض إخوانكم من بادية األردن ،فإن سمحتم لنا بالدخول فح ًّبا وكرامةً ،وإن
شخصا ،ونحن 1600مقاتل ،ولكن لدينا خطة
ً رفضتم قاتلناكم .وأنتم 150
546
تحميكم من المسؤولية ،وقلت لهم :سوف نطلق النار فوق رؤوسكم ،ونقوم
طوقكم بالحراسة ،وعندها تلقون سًلحكم،
باعتقال الضابط اإلنجليزي ،و ُن ِّ
وفعًل نفذنا الخطة وعربنا الجسر ،وأبقينا الضابط اإلنجليزي
ً ونعرب الجسر،
مربو ًطا ورهين ًة لدى الكتيبة ،وترك بعض أفراد الحراسة األردنيين موقعهم،
وانضموا إلينا ،وواصلنا السير حتى وصلنا بداية القرى الفلسطينية وصور،
وهي بين نابلس وجنين ،ولم يكن يوجد فيها جيش إنجليزي ،وخًلل سيرنا
كنا نضع حراسات على المرتفعات ،وإذا صادفنا إنجليز ًّيا أو يهود ًّيا ،اعتقلناه
أسيرا ،وبلغ عدد المعتقلين لدينا 15ضاب ًطا.
وأبقيناه ً
إخبارا من ُح َّراسنا بطلب الحضور ٍ
ألمر ً وأثناء التقدم اليومي ،تلقينا
هتورا ،ووجدنا أن الحراس قد
مهم ،وذهبت أنا تطو ًعا وشجاعةً ،أو ربما ً
ٍّ
احتجزوا سيار ًة وركاهبا ،وكانا ضاب ًطا يهود ًّيا وفلسطين ًّيا ،حيث كان معهما
سيارة ،وعليها 6براميل متفجرات ،وعندما تم استيقافهما ،صاح الفلسطيني
يف المجاهدين :هذا الذي أنا معه ضابط من الهاجانا ،والرباميل كلها ديناميت،
كان الهدف منها هو الدخول لمواقع الفدائيين المجاهدين لنسفها ،تسلمنا
الرجلين ،ووضعناهما مع بقية األسرى ،وأبرق قائدنا محمد صفا إلى سوريا
طال ًبا إرسال خرباء يف األلغام ،وبالفعل وصل الخرباء وكانوا عراقيين
وسوريين ،وبعد فحص السيارة قاموا بإبطال الساعة التي كانت بين السائق
ومرافقه ،ولم ينتبهوا إلى َّ
أن اليهود قد وضعوا تحت كل برميل مؤق ًتا،
547
هذه األثناء طوقتنا القوات الربيطانية ،وهنا لم يكن لنا مقدرة على مثل هذه
المواجهة ،فقد بلغ بنا التعب من السهر ثًلث ليال ،والقتال المستمر مبل ًغا،
ووافقنا على االنسحاب بثًلثة شروط ،وهي:
1ـ نقل الشهداء وجرحانا ،وهم كثيرون.
2ـ حمايتنا خًلل االنسحاب حتى تجاوز حدود األمان.
3ـ إرسال سيارات لنقلنا إلى الجماهير الفلسطينية التي كانت تتفرج
علينا من المرتفعات.
وقد وافقوا على هذه الشروط ،ووصلنا إلى الجماهير المتفرجة يف
ٍ
منظم ،وكنت مصا ًبا إصاب ًة كبيرةً ،ولم أ ِع بنفسي إال بعد أسبوع انسحاب غير
يف مستشفى جمعية النساء يف نابلس.
وقد خرجت من المستشفى ،وعدت لرفاقي ،وأعدنا تنظيم صفوفنا من
ٍ
جديد ،وتقسمنا إلى مجموعات ،حيث وضع قسم يف نابلس ،وآخر يف جنين،
وثالث يف حيفا ،ورابع يف ملبس ،وخامس يف قرية نسيت اسمها ما بين تل أبيب
وملبس ،وقمنا بالزحف مجد ًدا ،وتم احتًلل مركز للشرطة على ساحل البحر
األبيض المتوسط.
اشرتكت منا قوة يف معركة باب الواد ،وهو طريق ساحلي واحد يربط
بين القدس والمدن الساحلية كحيفا وتل أبيب وملبس ،وقمنا بسد هذا الطريق
بحجارة لمسافة كيلومرت لمنع المرور عليه واستخدامه ،ثم تمركزنا يف الجبل،
549
وأصبحنا يف موقع مسيطر على الطريق ،ومن يمر عليه ،وقد حاول اليهود
استعادة زمام التحكم ،وفك الحصار ،ولكنهم لم يفلحوا ،وتدخل الجيش
األردين كذلك من خًلل أوامر تصدر إليه من القائد اإلنجليزي جلوب باشا ـ
أبو حنك ـ والضباط اإلنجليز الذين كانوا القادة المسيطرين ،ومضت
محاوالت اليهود بكل السبل الستعادة الموقع ،وفتح الطريق إلى باب الواد؛
َّ
ألن إحدى الحارات اليهودية يف القدس قد رفع سكاهنا األعًلم البيضاء لمدة
ٍ
شهر لًلستسًلم بفعل الحصار الذي ضربته قوات المجاهدين األبطال على
القدس ،فقد أعاننا اهلل على اإلنجليز واليهود ،ودحرناهم ،ولم يستطيعوا
استعادة الموقع ،وهنا فقد بدأت الطائرات اليهودية يف التحليق فوق الحارة
اليهودية المحاصرة ،وقامت بإسقاط مؤن وطعام لليهود المحاصرين يف
يهودي سوى هذه الحارة، ٍ
وجود جانب من مدينة القدس التي لم يكن فيها أي
ٍّ
واستمرت
َّ كثيرا،
وكانت بعض هذه المؤن تسقط علينا ،واستفدنا منها ً
المحاوالت لفك الحصار حتى حصلت معركة عنيفة ،وكانت مجزرة رهيبة
حيث قتل من اليهود أعداد كبيرة جدًّ ا ،وكذلك استشهد عدد كبير من
المجاهدين.
مقاتًل متطو ًعا من المغرب ،وكانوا
ً ووصل إلينا بعد هذه المعارك 25
ضباط صف ،ولديهم خربة قتالية عالية ،وكانوا شجعانًا ومقدامين .وانضم
إلينا ضابط من البوسنة والهرسك ورقيب ،وتطوع معنا 8من الضباط
550
اإلنجليز ،ولم نصدق ذلك حتى استشهد بعضهم ،وقد أبدوا بسال ًة كبير ًة يف
قتال اليهود .ثم اتجهنا إلى الفولة والعفولة ،وقمنا باحتًللها ،واستشهد من
رفاقنا 6أشخاص يف هذه المعركة .وكان لليهود مطار بين جنين وحيفا،
وجاءنا مندوب من اإلنجليز ،وأبلغنا أهنم سوف يخلون المطار ،وأنه سيكون
خال ًيا من الغد ،وكان هذا كذ ًبا منهم ،وما هدفهم سوى اإليقاع بنا بعد ما ذاقوا
واليهود بأس المجاهدين األبطال ،فقد أخلوه بالفعل ،ولكنهم وضعوا مكاهنم
اليهود ،ولم ُن ِض ِع الفرصة ،فقد تقدمنا بسرعة خاطفة ،وقمنا باحتًلل المطار،
ولم يزل بعض اإلنجليز متواجدين فيه ،وو َّلوا هاربين تحت وابل من رصاص
مجاهدينا تاركين أسلحة كبيرة ،ومعدات وذخائر ومؤنًا ،وتمركزنا يف الموقع،
وتقدم اليهود ،ولم يعلموا أننا قد سبقناهم باحتًلل المكان .وحصلت معركة
رهيبة ُقتِ َل فيها من اليهود أعداد كبيرة جدًّ ا ،واليهود ال يرتكون أي قتي ٍل لهم يف
ميدان القتال .ويف هذه المعركة واحتًللنا المباغت غنمنا الكثير ،وقد بقي
الجيش السوري مدة شهر يف نقل هذه الغنائم.
وتقدمنا إلى مشمار هايمك على سفح جبل الكرمل من الشرق ،وحيفا
شماله ،والملبس جنو ًبا ،حيث كان مقر حزب الليكود ،وتم احتًللنا للموقع ـ
مشمار هايمك ـ وبقي علينا تطهير الموقع ،ويف هذه األثناء من عمليات الحرب
جاءنا قائد جديد للفوج ـ اليرموك ـ وهو فوزي القاوقجي ،وهو رجل من الثوار
المجاهدين ،وله تاريخ مشهود يف النضال ،ودخل علينا يف المعركة ،وطلب
551
حضور القادة الميدانيين ،ووصلنا إليه ،ووجدنا عنده مختار البلدة وقائد
القوات اإلنجليزية يف حيفا وجلمة ،ومعهم مساعدون آخرون ،وقال لنا
بالحرف الواحد :نحن عرب أهل شيمة وأهل كرامة ،وهؤالء يطلبون مني
مهلة 24ساع ًة إلخًلء المدينة من النساء واألطفال ،وأنا قد أعطيتهم هذا
الوعد ،وأحببت إبًلغكم بذلك ،وهنا شعرنا أن يف األمر خيانة ال سيما وأن
رأسا على عقب بعد زيارته للملك عبداهلل ،وتقلده
القاوقجي قد تبدلت مواقفه ً
وسا ًما ،ولقب الباشوية ،وانصرفنا منه إلى وحداتنا ،وأمرناهم بالقتال ،ورفضنا
أوامر القاوقجي ،ولم تمض سوى ساعات حتى وجدنا الجيش اإلنجليزي قد
طوقنا من جميع الجهات ،واختفى القاوقجي يف الحال حيث توجه بعض
ِ
يختف لكان قد ذبح ،بقينا تحت هذا المجاهدين إلى مقره لقتله ،ولو لم
الحصار 25يو ًما ،ونالنا الكثير من التعب والضنك والجوع والظمأ ،حيث كنا
شخصا من أجل الثبات ،وعندما بلغ بنا اليأس درجة
ً نقسم الدجاجة على 40
ٍ
حمار من البلدة ،وحملنا عليه ألغا ًما ،وقمنا كبيرة ،قمت ومعي 4جنود بأخذ
ليًل إلى موقع جسر جلمة ،وهو الطريق الوحيد لعبور القوات
بالتسلل ً
اإلنجليزية من حيفا .وقمنا بنسف الجسر ،ورجعنا بعد أن تدمر الجسر،
وتعطل المرور .وبعد هذا الحال تجمعنا نحن القادة ،وبحثنا ما لحقنا من
القصي والجوع والظمأ ،وتداولنا يف وضعنا حيث يتواجد الفلسطينيون وراءنا
يف القرى والمدن ،واإلنجليز خلفنا ،واليهود أمامنا يف المدينة ،واتفقنا على
552
بقدومنا .وكان قد سمع عنَّا يف األخبار ،ولم يكن لدى حكومتنا علم عنا،
وأبرق إلى الملك عبدالعزيز رحمه اهلل ،ثم زارنا يف المعسكر ،ويف الحال أرسل
الملك عبدالعزيز مستشاره فؤاد حمزة ،وزارنا يف موقعنا ،واصطحبنا معه إلى
السفارة ،وأخذ مني معلومات كثيرة عن الفوج.
أمر من سوريا بدخول الحرب مرة أخرى عن طريق لبنان،
وصلنا ٌ
وبالفعل دخلنا الحرب ،واستمرت ضراوة المعارك مع اليهود .وقرب الناصرة
قام اليهود باحتًلل شفا عمرو من فوق عكا ،وهذا الموقع يكشف جناحنا
األيمن ،وسلكت قوة من المجاهدين ،ومن ضمنهم الضباط اإلنجليز الثمانية
الذين انضموا إلينا ،وتحركنا إلى الناصرة ،وتوقفنا لتنظيف السًلح استعدا ًدا
للقتال ،وتوجهت وأنا برتبة مًلزم حيث رقيت من ِق َب ِل القيادة ،ومعي الضابط
اليوغسًليف ـ البوسني ـ والضابط السوري عز الدين اللحام إلى موقع عراقي
قريب للتنسيق معهم من داخل مدينة الناصرة ،وهنا فقد كان النصارى سكان
ليًل يف منازلهم ،ومباين المدارس ،ومع بداية الصباح
المدينة قد آووا اليهود ً
ٍ
عنيف من كل االتجاهات ،وقابلتنا دبابة فوجئنا باهنمار الرصاص علينا بشك ٍل
يهودية ،وأحرقت السيارة الجيب التي كنت فيها وزمًلئي ،وأصبت بجراح
بالغة ،واعتربنا يف عداد الشهداء أو األسرى ،ولكن اهلل س َّلمنا حيث اختبأنا
تحت أحد الجسور لمدة أربعة أيام ،أما سريتنا فقد تعرض أفرادها للقتل نتيجة
الهجوم المباغت عليهم من بيوت النصارى وهم يف حالة تنظيف السًلح
555
استعدا ًدا للقتال يف اليوم التالي .وقتل معهم 4من الضباط اإلنجليز .وتم َأسر
47جند ًّيا من سريتي ،وتم أخذهم إلى سجن عكا ،وهو سجن حصين ،أعتقد
أنه مبني من عهد الصليبيين ،ووجد هؤالء األسرى يف السجن 3000يهودي
عربي قام اليهود األوربيون الصهاينة بسجنهم؛ ألهنم رفضوا قتال إخواهنم
ٍ
ضيافة ،حيث قام اليهود العرب العرب ،وهنا فقد تبدَّ ل حال األسرى إلى
المسجونون بإكرام األسرى الـ ،47وبعد أسبوع فتحوا أبواب السجن،
وأطلقوا سراحهم ،وطلبوا منهم إبًلغ سًلمهم للمجاهدين.
أعود للحديث عن إصابتي وبقائي ورفاقي تحت الجسر ،فقد قام اليهود
بتجميع النساء واألطفال والعجزة بالقوة ،وأجلوهم عن مناطقهم التي يعيشون
فيها ،ودخلت ورفاقي بينهم ،ووصلنا إلى المغاوير من جندنا الذين كانوا
ينسفون الطرق والجسور ،وغبت عن َوعيي نتيجة النزف المتواصل ُمدَّ ة بقائي
مصا ًبا تحت الجسر ،ولم أفق إال يف مستشفى القوات المسلحة يف لبنان ،حيث
حضرت طائرة عسكرية لبنانية نقلتني للعًلج .وعندما حضر مدير المستشفى
تم لي ما أردت ،وخابرت
وفعًل َّ
ً طلبت منه أن يحضر لي رقم وزير الدفاع،
ُ
الوزير السيد شوكت شقير ،وأبلغته أنني ضابط من المجاهدين السعوديين،
وجنودي خلفي لو علموا بغيابي فسوف يتفككون ،وأنه ال بد من عوديت إليهم.
وقد عرفني الوزير اللبناين ،وأمر بسيارة لعوديت.
بعد المعارك الطويلة التي جرت يف لواء الجليل األعلى يف صفد
556
والناصرة والحولة والمنارة التي استشهد فيها 26شهيدً ا ،وقتل فيها من اليهود
أكثر من 500يهودي ،كما نشرت ذلك الصحف اللبنانية ،ولم يتم َّكن اليهود
ٍ
مفاوضات معنا من أجل إعادة نساء لبنانيات من أخذ جثث قتًلهم إال بعد
خطفوهن من القرى اللبنانية .وقد كسبنا يف هذه المعركة مجموع ًة من
المدرعات ،وسيارات جيب .ثم صدر قرار الهدنة التي فرضتها أمريكا،
وتدخلت بقواهتا وخربائها وطائراهتا لصالح اليهود ،وقلبت الموازين يف غير
صالح العرب .وصدرت الهدنة الثانية ،وأمرتنا الجامعة العربية باالنسحاب
والعودة إلى سوريا ،وقد عدت إلى سوريا ،وحضر إلينا مرة أخرى مندوب
الملك عبدالعزيز رحمه اهلل فؤاد حمزة ،واجتمعت وإياه والسفير ابن زيد،
وثًلثة من كبار ضباط الجيش السوري برئاسة العميد فوزي سلو بعد
استمرت يومين ،توصلنا إلى أن نكون الفوج السعودي يف سوريا،
َّ مداوالت
وتحت إمرة الجيش السوري ،وقد عين لنا قائد جديد من سوريا هو المقدم
بشير الحواصلة ،وعينت أنا قائدً ا للسرية األولى ،وزميلي سعدون حسين
الشمري قائد للسرية الثانية .وكان تعداد الفوج حوالي 900مقاتل من مختلف
ٍ
بالتوجه إلى الجوالن ،وتمركزنا يف منطقة ُت َّ
سمى «بانياس»، ُّ الرتب .وأمرنا
تشرف على سهل الحولة وبحيرة طربيا ،وكانت مهمتنا الدفاع عن هذه
المناطق .وحدث أن قام انقًلب عسكري يف سوريا ضد الرئيس شكري
القوتلي ،وطلب قائد االنقًلب االجتماع بالضباط ،وحضرت أنا وسعدون
557
ويف فجر اليوم التالي حضر إلينا ولي العهد األمير سعود بن عبد العزيز،
وتناول معنا طعام اإلفطار ،ثم صحبني و«سعدون» معه يف سيارته ،وذهب بنا
ووجه لنا كًل ًما
إلى مجلس الملك عبدالعزيز ،ورحب بنا رحمه اهلل ،وفرح بناَّ ،
أعتز به ،فقد قال« :هاذوال عيالي اللي ما أحد عمدهم ،وال موهنم ،وال
ال زلت ُّ
صرف عليهم ،راحوا للجهاد ب َّيض اهلل وجوههم .وأنت يا سعود ،أوصيك هبم،
متوجه للحج» ،وغادر رحمه اهلل إلى الحج .وقد رفع األمير سعود إلى
ِّ وأنا
الملك عبدالعزيز طال ًبا ترقيتنا إلى الرتب التي تلي رتبنا التي وصلنا إليها،
وترقيت أنا إلى مًلزم أول ،وشمل أمر الملك عبدالعزيز برتقية َمن يحسن
القراءة والكتابة من الجنود وصف الضباط ،أما َمن ال يقرأون ،فيبقون على
ٍ
عالية يف القوات المسلحة السعودية تدرج الكثير منهم إلى ٍ
رتب رتبهم .وقد َّ
الباسلة ،ومنهم اللواء حسين بن ناصر العساف الذي كان معنا يف الفوج منذ
بطًل ،وهو األمين على سجًلت الفوج
البداية وهو صغير يف السن ،وقد كان ً
السعودي ،وهو الذي سلم السجًلت إلى وزارة الدفاع يف الطائف .وبقيت أنا
وسعدون حسين ضيو ًفا على األمير سعود.
وقام الحرس الملكي باستعراض لنا ،وأمر سعود بصرف راتب شهرين
ألفراد الفوج الذين حضروا معنا من سوريا ،ويف منتصف الليل أرسل لي
األمير سعود ،ووصلنا إليه ،ولم يكن معه أحد سوى سعيد جودت رئيس
الحرس الملكي ،ومعه كاتب ،وسألني :من أين هم جنودك؟ فأجبته :إن
559
تدرجت يف الرتب العسكرية حتى وصلت إلى رتبة عميد ،و ُأ ِحلت على
التقاعد عام 1385هـ.
بعد يومين من إحالتي على التقاعد ،تسلمت يف نجران برقي ًة من األمير
عبداهلل بن عبدالعزيز رئيس الحرس الوطني بإبًلغي بصدور أمر ملكي بإعاديت
للخدمة يف الحرس الوطني.
وترقيت إلى رتبة لواء ،و ُأحلت على التقاعد
ُ بقيت يف الحرس الوطني،
ُ
عام 1396هـ ، )1( ،وكانت وفاته رحمه اهلل يف عام 1434هـ ،تقري ًبا .
مشرفة يف خدمة الوطن ومنطقة نجران بشكل خاص ،وله مواقف شجاعة
( )1لقد كان له مواقف ِّ
ورجولية أثناء األزمات ،مثل حرب تحرير الكويت ،حيث قابل األمير سلطان بن عبدالعزيز وزير
الدفاع ـ رحمه اهلل ـ وقال له :أنا اللواء علي بن ذياب اليامي قد شاركت يف خدمة الوطن والدين
والعقيدة حتى تقاعدت ،واآلن الوطن يمر بأزمة ،وأنا اآلن قد أحضرت سًلحي وبدلتي العسكرية
يف السيارة ،وإنني أريد أن أختم حيايت بخدمة هذا البلد ،وأريد أن اتطوع وأعرف المنطقة الشمالية
والشرقية شربًا شربًا ،ومستعد للتعاون مع حكومتي يف خدمة الوطن ،فرحمه اهلل رحمة واسعة،
وأسكنه فسيح جناته.
561
562
563
564
565
566
492ــ 569هـ
1099ــ 1169م
()1
قائمة سالطني بين حامت
بعد موت سبأ بن أحمد الصليحي سنة 492هـ ـ 1099م ـ وهو السلطان
الثالث من سًلطين آل الصليحي ـ تغلب حاتم بن المغ ِّلسي الهمداين على
صنعاء وما جاورها ،وأطاعته قبائل همدان.
السـالطين مدة الحـكم
اسم السلطان -هجـــــــــري -ميـــــــــًلدي
1ـ حاتم بن علي الهمداين 492( :ـ 502هـ ـ 1099ـ 1109م).
2ـ (ابنه) عبداهلل بن حاتم 502( :ـ 505هـ ـ 1109ـ 1111م).
( )1اليمن عرب التاريخ (ص ،)210وكتاب :الصليحيون والحركة الفاطمية يف اليمن ،تأليف :حسين بن
فيض اهلل الهمداين( ،ص ،)239وكتاب :نجران الحديثة ،تأليف :سيد الماحي( ،ص،)44 - 29
وكتاب :طرفة األصحاب يف معرفة األنساب ،تأليف :عمر بن يوسف بن رسول( ،ص،)118 ،117
وكتاب :العجمان وزعيمهم راكان بن حثلين ،أبو عبدالرحمن بن عقيل الظاهري( ،ص،)229
وكتاب الدرر المفاخر يف أخبار العرب األواخر ،محمد البسام التميمي ،تحقيق :سعود بن غانم
الجمران العجمي( ،ص.)107
567
( )1خلعه أحمد بن عمران بن الفضل اليامي بعد أن جمع قبائل همدان يف محل يدعى (مصب الدروع)
هبمدان ،وجعل اإلمارة يف بني القبيب وهما :هشام وحماس فتقدما إلى صنعاء وحاصرا معن بن
حاتم يف الدرب الذي كان يعرف بـ (درب القطيع).
( )2انظر :كتاب :الصليحيون والحركة الفاطمية يف اليمن ،تأليف :حسين بن فيض اهلل الهمداين،
(ص ،) 137وكتاب :تاريخ اليمن المسمى المفيد يف أخبار صنعاء وزبيد ،لنجم الدين عمارة بن
علي اليمني( ،ص ،)313وكتاب :طرفة األصحاب يف معرفة األنساب ،تأليف :عمر بن يوسف بن
رسول( ،ص ،)118 ،117وكتاب :مطلع البدور ومجمع البحور يف تراجم رجال الزيدية ،تأليف:
أحمد بن صالح بن أبي الرجال ،تحقيق :عبد الرقيب مطهر محمد حجر ،)642/1( ،ط1
(1425هـ 2004 -م) ،وكتاب :السيرة المنصورة إلمام عبد اهلل الحمزة ،تأليف :أبي فراس بن
دعثم ،تحقيق :الدكتور :عبد الغني محمود عبد العاطي( ،ص )61دار الفكر المعاصر ،راجع
كتاب :نجران محمد أبو ساق (ص.)201
568
وقد ذكر صاحب كتاب «المفيد يف أخبار صنعاء وزبيد» ،لنجم الدين
عمارة بن علي اليمني( )1عن بني حاتم ،فيقول« :وبعد الثناء على بيت عمران
بن الفضل اليامي ،وأنه بيت رئاسة مثالية اتسمت بكل السمات الرفيعة ،فمن
مجد وسؤدد وشجاعة وجود إلى أدب وعلم ،وكل واحد منهم يتحلى بمكارم
األخًلق ،ومعالي األمور.)2(»...
وأما حاتم -وما أدراك ما حاتم -فهو خاتم األجواد ،وحامل راية العلم
( )1هو أبو محمد عمارة بن أبي الحسن علي بن محمد بن زيدان الحكمي اليمني الملقب بنجم الدين،
الشاعر المشهور فهو من قبيلة قحطان ثم من قبيلة الحكمي بن سعد العشيرة بن مالك بن أدد بن
زيد بن عمرو بن عريب بن زيد بن كهًلن بن سبا ،مولده يف حدود515( :هـ) يف قرية الزرائب ،وقد
نشأ عمارة يف بيت ِعلم وصًلح وفقه ورياسة ،رحلته يف طلب العلم إلى زبيد ،ودرس على يد الفقيه
أبي محمد بن أبي القاسم ،وهو شيخه الوحيد يف الفقه الشافعي ،وقد منح لقب (الفقيه) ثم
(القاضي) .كتب عنه ياقوت الحموي يف معجمه ،وابن خلكان يف وفياته ،والمقريزي يف خططه،
ً
مقتوال ،له والجندي يف سلوكه ،والخزرجي يف طرازه ،والسيوطي يف طبقاته ،وقد مات يف مصر
مؤلفات :مثل :ديوان شعر ،وقد طبع يف مصر ،النكت العصرية يف الوزارات المصرية وقد طبع يف
أوربا ،انظر :كتاب :الصليحيون والحركة الفاطمية يف اليمن ،تأليف :حسين بن فيض اهلل الهمداين،
(ص ،)187وكتابه تاريخ اليمن المسمى المفيد يف أخبار صنعاء وزبيد( ،ص ،)35 - 22وقد طبع
يف مصر وأوروبا ،وكتاب :كشف أسرار الباطنية وأخبار القرامطة( ،ص.)12
( )2كتاب :تاريخ اليمن المسمى :المفيد يف أخبار صنعاء وزبيد ،لنجم الدين عمارة بن علي اليمني،
(ص ،)313وكتاب :الصليحيون والحركة الفاطمية يف اليمن ،تأليف :حسين بن فيض اهلل
الهمداين( ،ص ،)274هامش رقم.)2( :
569
( )1له ديوان شعر ضخم مفقود يف الوقت الحاضر ،انظر :الحبشي ،حياة األدب اليمني( ،ص.)59
( )2له من األوالد سته وهم( :علي بن حاتم ،وبشر بن حاتم ،و ُمد ِرك بن حاتم ،ومحمد بن حاتم ،وسبا
بن حاتم ،وعمران بن حاتم) ،انظر :كتاب :طرفة األصحاب يف معرفة األنساب ،تأليف :عمر بن
يوسف بن رسول( ،ص.)118
( )3ترجمة المصنف الخزرجي ( 812 - 000هـ 1410 - 000 /م) ،علي بن الحسن بن أبي بكر بن
مؤرخ ،بحاثة ،من أهل زبيد يف
الحسن بن وهاس الخزرجي الزبيدي ،أبو الحسن موفق الدينِّ :
اليمن .عاش نيِّ ًفا وسبعين سنة .من كتبه« :الكفاية واإلعًلم فيمن ولي اليمن وسكنها من اإلسًلم
-خ» ،و«طراز أعًلم الزمن يف طبقات أعيان اليمن -خ» ،و«العسجد المسبوك يف تاريخ اإلسًلم
وطبقات الملوك -خ» مجلد واحد منه ،و«العقود اللؤلؤية يف تاريخ الدولة الرسولية -ط» جزآن،
و«العقد الفاخر الحسن يف طبقات أكابر اليمن» ،و«مرآة الزمن يف تاريخ زبيد وعدن» ،و«ديوان
شعره».
570
معارضا للمذهب اإلسماعيلي ،محار ًبا له( )1هو وأبوه وابنه علي ،وسوف
ً
تعرف ـ عزيزي القارئ ـ من خًلل الصفحات القادمة منهجه وعقيدته رحمه
اهلل ،فيقول الخزرجي« :هو الملقب حميد الدولة ،كان أوحد عصره،
وسلطان أهل بلده يف دهره ،سيد همدان وكريمها ومقدمها وزعيمها ،فلما
انقضت أيام بني الغشم المغلسي الهمداين( ،)2وافرتقت كلمتهم ،أجمعت
همدان بأسرها ،وحملوه على األمر بالقيام ،واالضطًلع به ،وحلفوا له على
الدخول يف طاعته ،والقيام على ما يريد ،فلما انتظم له األمر ،دخل صنعاء
بسبعمائة فارس من همدان ،وكان له من المفاخر ما لم يكن لغيره مع الفصاحة
والشجاعة والرجاحة والرباعة ،وهو القائل(:)3
يقولون لي قد حزت مملكة الدرب فأدمن على اللذات واللهو والشرب
( )1انظر :كتاب :الصليحيون والحركة الفاطمية يف اليمن ،تأليف :حسين بن فيض اهلل الهمداين،
(ص ،)270 ،190انظر :قصائده وأشعاره يف تربائه من المذهب يف كتاب :تاريخ اليمن المسمى
المفيد يف أخبار صنعاء وزبيد ،لنجم الدين عمارة بن علي اليمني( ،ص ،)320 - 319وكتاب:
مطالع البدور ومجمع البحور ،يف تراجم رجال الزيدية ،تأليف :القاضي العًلمة المؤرخ شهاب
الدين أحمد بن صالح بن أبي الرجال (1092 - 1029هـ) ،تحقيق عبد الرقيب مطهر محمد حجر،
منشورات :مركز أهل البيت للدراسات اإلسًلمية ،حرف الحاء.)643/1( ،
( )2من بني المغلس ثم من مذكر ثم من يام ،كتاب :العيون ( ،)231/7انظر :كتاب :الصليحيون
والحركة الفاطمية يف اليمن ،تأليف :حسين بن فيض اهلل الهمداين( ،ص ،)239كتاب :نجران
الحديثة ،تأليف :سيد ماحي( ،ص.)35 ،34
( )3انظر :كتاب :قرة العيون بأخبار اليمن الميمون ،تأليف :عبد الرحمن بن علي الديبع( ،ص .)206
571
الدرب إلى المنظر (الروضة) ،ورأى إجماع الناس على حربه مع اإلمام،
فقال(:)1
ولكننا لــم نستطع غلــب الدهر غلبنا بني حواء شر ًقا ومغربــــًا
يًلم الفتى فيما يطاق من األمر فًل لوم فيما ال يطـاق وإنمــــــا
ولما التقى باإلما م ،أكرمه وأنصفه ،وقال :قد عفونا عنك يا سلطان
العرب ،ثم إن السلطان «حاتم» جمع جموعه من همدان ،وقصد هبم صنعاء،
فلما علم هبم اإلمام ،خرج من صنعاء إلى موضع يقال له :شعب الجن ـ من
ظاهر نقم ـ ألنه قد تفرقت عنه أعوانه ،فتحصن فيه ،واستنجد بقبيلة جنب التي
كانت تسكن هران ذمار ،فقصده السلطان حاتم إلى محطته( )2فقتل من عسكر
واستمر يف حكم البًلد ،ثم سار
َّ اإلمام طائفة ،ثم رجع السلطان إلى صنعاء،
اإلمام إلى جنب القبيلة المذكورة يستنجد هبم ،وكان بين جنب قتلى كثيرة فيما
فلما علم السلطان
بينهم ،فأراد اإلمام أن يصلح بينهم ،ويجمع كلمتهمَّ ،
ٍ
أفراس من همدان ال ثقل معهم ،وال رجالة ،فوصل قري ًبا من بذلك ،ركب يف
ذمار وجنب مجتمعة بأسرها ،فلما أقبل السلطان حاتم ومن معه ،فأنكرهتم
( )1المقتطف( ،ص ،)71انظر :تاريخ اليمن ( ،)179 ،178وكتاب :تاريخ اليمن المسمى المفيد يف
أخبار صنعاء وزبيد ،لعمارة بن علي اليمني( ،ص ،)318وكتاب :قرة العيون بأخبار اليمن
الميمون ،تأليف :عبد الرحمن بن علي الديبع( ،ص.)209
( )2المحطة :مجموعة من الجند جندوا للحرب .وهي مرادفة لكلمة جيش.
573
( )1انظر :كتاب :قرة العيون بأخبار اليمن الميمون ،تأليف :عبد الرحمن بن علي الديبع( ،ص.)210
( )2نفس الكتاب( ،ص.)211
574
وقد أفلــــــــــــت أشراطــــــــه ونعائمه أرقت وطال الليل والعقل نائم ـ ـ ـــه
إذا لم يطفئهـا من الـدمع ســــاجمـه وأورى زناد الهم يف القل ـــب جذوة
وال فقـد رســــم دارســــات معـالمـه وما ذاك من شوق وال نأي معهــــــد
وخـيـر وداد الـمـرء مــا هـو دائـمــه ودمت على ودي له حين لــــــم يدم
وطــورا أكــاتــمــه
ً وطــورا أبــاديــه
ً أعاتبه حينــــــــــــ ـًا وحينــــــًا أصونــــه
( )1انظر :كتاب :قرة العيون بأخبار اليمن الميمون ،تأليف :عبد الرحمن بن علي الديبع( ،ص.)208
الو َر ِق الطلحيِ :ورق من نبات يتخذ للكتابة ،انظر :الخزرجي ،العسجد( ،ص.)75
(َ )2
( )3ووردت :ولم تشتبك دون العجاج رماح.
575
َف َّ
لما وصل الكتاب إلى اإلمام ،قال :نعم ،نأخذها إن شاء اهلل( .وقد ذكر
المسمى« :المفيد يف أخبار صنعاء وزبيد» ،قوله« :قد دخل
َّ صاحب الكتاب
اإلمام أحمد بن سليمان صنعاء ،ولم يمكث غير ٍ
شهر ،فقد أخرجه حاتم
واستعادها إلى ملكه».
وكانت بين السلطان حاتم بن أحمد واإلمام أحمد بن سليمان
لما قال اإلمام يف السلطان« :حاتم بن أحمد
مراسًلت ومحاورات ،حتى إنه َّ
شعرا
عاقل لم ينتفع بعقله ،وطبيب لم ينتفع بط ِّبه» ،ر َّد عليه السلطان حاتم ً
أوله:
ومن الذي يدري بما فيه من جهل كـــدعواك كل يدعي كرب العــقــل
فأجابه اإلمام بشعر ضمنه قول المتنبي:
فــذاك إذا جهل مضاف إلى جهـــل إذا كنت ال تدري بما فيك من جهل
فأجابه السلطان حاتم بقوله:
لـنـــــا األمر فيما حرم اهلل والزجــــر وليس لكـــم هنـــي هناك وال أمــــــر
وال زال ذا فيــنــــا وذلك فــيــكـــــم مدى الدهر حتى يأيت الحشر والنشر
والسلطان حاتم بن أحمد يتربأ من المذهب اإلسماعيلي ،وله قصائد
وحروب هو وابنه علي بن حاتم ،وقد انقسمت همدان بين معارض ومحارب
للمذهب ،وبين ٍ
مؤيد له.
576
( )1انظر :كتاب :تاريخ اليمن المسمى المفيد يف أخبار صنعاء وزبيد ،لنجم الدين عمارة بن علي اليمني،
(ص ،)320 - 319وكتاب :مطالع البدور ومجمع البحور ،يف تراجم رجال الزيدية ،تأليف:
القاضي العًلمة المؤرخ شهاب الدين أحمد بن صالح بن أبي الرجال (1092 - 1029هـ) ،تحقيق
عبد الرقيب مطهر محمد حجر ،منشورات :مركز أهل البيت للدراسات اإلسًلمية ،حرف الحاء،
( ،)643 /1وكتاب :بلوغ المرام يف شرح مسك الختام ،تأليف :القاضي حسين بن أحمد العرشي،
(ص.)29
( )2هو الداعي الذؤيب بن موسى الوادعي ،أول الدعاة إلمام السرت الطيب ،عينته الملكة أروى بنت
أحمد .ومات يف حوث يف (1محرم 546هـ 20 -إبريل 1151م) ،وقد ذكر صاحب كتاب« :منتزع
برهانبوري ،تحقيق :سامر فاروق
األخبار يف أخبار الدعاة األخيار» ،لقطب الدين ُسليمان جي َ
طرابلسي( ،ص :)74أن وفاته كانت يف اليوم العاشر من محرم سنة ست وأربعين وخمسمائة ،وأ َّيام
دعوته ثًلث عشرة سنة وأربعة أشهر وعشرة أ َّيام.
( )3هو علي بن الحسين بن جعفر األنف القرشي العبشمي من آل الوليد ،وضعه الداعي إبراهيم بن
طويًل ،وقد وافته المنيَّة
ً الحسين الحامدي صاحب كتاب :كنز الولد ،معاونًا ومساعدً ا له فلم يعمر
يف سنة )554( :أربع وخمسين وخمس مئة .انظر :كتاب :الصليحيون والحركة الفاطمية يف اليمن،
تأليف :حسين بن فيض اهلل الهمداين( ،ص ،)271وكتاب :مطالع البدور ومجمع البحور ،يف تراجم
رجال الزيدية ،تأليف :القاضي العًلمة المؤرخ شهاب الدين أحمد بن صالح بن أبي الرجال
(1092 - 1029هـ) ،تحقيق :عبد الرقيب مطهر محمد حجر ،حرف الحاء.)644 ،643/1( ،
( )4مأذون همدان هو :حاتم بن الداعي إبراهيم بن الحسين الحامدي ،استعان به بعد موت علي بن
الحسين بن جعفر ،انظر :كتاب :الصليحيون والحركة الفاطمية يف اليمن ،تأليف :حسين بن فيض
اهلل الهمداين( ،ص.)271
577
ـت
ـت الـغـواة فـمــا شــ ـقـيـ ُ
وخــالـفـ ُ شق ـ ـــوا بخًلف ـ ـ ـ ـ ـــهم للدين ح ًّقا
ـوت
فضـــــائــح ال تــواريــهــا الــبــيـ ُ شهرت منهــــــم
ُ ولــــــــــو أين أشاء
ـوت
كـــأين بـــعـــد ذلـــك ال أمــ ُ أأخشــــى النــاس يف ديني وأخفي
ـموت
لســــانــــــــي مثله لوال الصـــ ُ وقومي َمذكـــــــــــ ٌـر ،وشبا حسامي
وحوت
ُ ـب
فقـل كيف التقى ضــــ ٌّ فإن ترنــــــي وإياهم جميعــــــــــــــ ـًـــ ا
ـاهـرا حـتـى يـمـوتـوا
ولـم يــك طـ ً ولو وردوا الفــــــــــــرات لنجسوه
( )1انظر :كتاب :اليمن عرب التاريخ ،محمد حسين شرف الدين( ،ص ،)212 -211ط1374 ،2هـ -
1964م ،وكتاب :رسالة تحفة القلوب و ُفرجة المكروب (يف ترتيب الدُّ عاة يف جزيرة اليمن)،
لحاتم بن إبراهيم بن حسين بن أبي السعود يعقوب الحامدي الهمداين( ،ص ،)180وكتاب :غاية
األماين يف أخبار القطر اليماين تأليف :يحيى بن الحسين بن القاسم بن محمد بن علي ،تحقيق
وتقديم :د .سعيد عبد الفتاح عاشور( ،ص ،)314راجع كتاب :نجران محمد أبو ساق (ص،)201
وكتاب :بلوغ المرام يف شرح مسك الختام ،حسين بن أحمد العرشي( ،ص.)30
578
به السلطان حاتم بن علي بن سبأ الزريعي صاحب (عدن) لقمع حركة عبد
النبي بن مهدي الذي كان قد دوخ تلك المقاطعة ،وأ َّ
ذل سًلطينها آل زريع(.)1
فقام السلطان علي بن حاتم بحزم األمر ،وذلك باحتًلل مواقع عبد
النبي يف الجند ،وآب ،وتعز ،وقتل من جنده مقتلة عظيمة ،وهزمهم أقبح
هزيمة(.)2
ويف سنة 570هـ كان السلطان توران شاه قد وصل ،ورأى السلطان علي
بن حاتم أنه ال طاقة له بالمقاومة ،فشحن معداته وذخائره إلى حصن (برش)،
وانتقل إليه بعد أن هدم سور صنعاء ،كما انتقل أخوه بشر بن حاتم إلى حصن
(عزان) يف مرهبة ،ودخل توران شاه صنعاء ،ثم إن علي بن حاتم أغار على
(صنعاء) ،واحتلها بعد مغادرة توران اليمن إلى (مصر) ،وقد دخل علي بن
حاتم يف طاعة اإلمام المنصور باهلل عبداهلل بن حمزة وزوجه ،وأصبح يف مقدمة
أعوانه ومناصريه.
( )1انظر :كتاب :غاية األماين يف أخبار القطر اليماين ،تأليف :يحيى بن الحسين بن القاسم بن محمد بن
علي تحقيق وتقديم :د .سعيد عبد الفتاح عاشور( ،ص ،)319وكتاب :بلوغ المرام يف شرح مسك
الختام ،حسين بن أحمد العرشي( ،ص.)18
المسمى :هبجة الزمن يف تاريخ اليمن ،تأليف :تاج الدين عبدالباقي بن
َّ ( )2انظر :كتاب :تاريخ اليمن
عبد المجيد اليماين( ،ص ،)65وكتاب :نجران الحديثة ،تأليف :سيد ماحي( ،ص ،)33وكتاب:
الصليحيون ،تأليف :حسين بن فيض اهلل الهمداين( ،ص ،)239وكتاب :بلوغ المرام يف شرح مسك
الختام ،حسين بن أحمد العرشي( ،ص.)30
579
ُّ
األجل الفاضل سعد بن علي بن ومن سًلطين بني حاتم :السلطان
حاتم ،وكل واحد منهم قمين بما قال الشاعر:
مثل النجوم التي يسري هبا الساري من تلقى منهم تقل القيت سيدهم
نسب مع اإلمام المنصور باهلل عبداهلل حمزة( ،)1فقد
ٌ وقد حصل بينهم
تزوج( )2بمنعة بنت الفضل بن علي بن حاتم ،ودخل هبا يف العشر األواخر من
المحرم سنة تسع وتسعين وخمسمائة للهجرة ،وكانت أحب أزواجه إليه(.)3
( )1هو اإلمام المنصور باهلل عبد اهلل بن حمزة بن سليمان بن علي ،ينتسب إلى الحسين بن علي بن أبي
طالب ،عاش يف بًلد الجوف بأرض اليمن ،وقد سعى إلى توسيع نفوذه ومحاربة األيوبيين يف
اليمن ،ونجح إلى حدّ ما يف إلحاق العديد من الهزائم هبم ،كان اإلمام المنصور باهلل ،عبد اهلل حمزة،
وشاعرا بليغًا ،له مؤلفات عديدة ورسائل وفتاوى وقصائد كثيرة ،ومن مؤلفاته
ً مرتسًل
ً فصيحا
ً
الشهيرة :كتاب :الشايف الذي ر َّد به على فقيه الخارقة يف أربعة مجلدات ،وله رسائل عديدة متبادلة
مع كثير من عظماء زمانه .انظر :السيرة الشريفة المنصورة سيرة اإلمام عبد اهلل حمزة (-593
614هـ1217 - 1196/م) ،انظر :كتاب :األنباء عن دولة بلقيس وسبأ( ،ص ،)133محمد بن
محمد بن يحيى ،مكتبة اليمن الكربى ،وكتاب :تاريخ المذاهب الدينية يف اليمن حتى هناية القرن
السادس الهجري( ،ص ،)269 -267تأليف :الدكتور :أيمن فؤاد سيد ،وكتاب :الحدائق الورد َّية
يف مناقب أئمة الزيد َّية ( ،)247 /2تأليف :حميد الشهيد بن أحمد بن محمد المحلي.
( )2انظر :كتاب :إسماعيلية اليمن السليمانية ،تأليف :حمود زايد نوفل( ،ص ،)108وكتاب :مطلع
البدور ومجمع البحور يف تراجم رجال الزيدية )645/1( ،تأليف :أحمد بن صالح بن أبي
الرجال ،تحقيق:عبد الرقيب مطهر محمد حجر ،الطبعة األولى1425 :هـ2004/م ،وكتاب:
المسمى فرجة الهموم والحزن يف حوادث وتاريخ اليمن ،تأليف :الشيخ عبد الواسع
َّ تاريخ اليمن
بن يحيى الواسعي اليماين (ص ،)177الدار اليمني للنشر.
المسمى فرجة الهموم والحزن يف حوادث وتاريخ اليمن ،تأليف :الشيخ
َّ ( )3انظر :كتاب :تاريخ اليمن
عبد الواسع بن يحيى الواسعي اليماين (ص ،)177الدار اليمني للنشر.
580
( )1كتاب :سيرة اإلمام عبد اهلل حمزة ،تأليف :أبي فراس بن دعثم( ،ص119ـ.)120
( )2يوم أيوم :طويل شديد هائل.
( )3انظر :كتاب :السيرة المنصورة إلمام عبد اهلل الحمزة ،تأليف :أبي فراس بن دعثم ،تحقيق :الدكتور:
عبد الغني محمود عبد العاطي )380/2( ،دار الفكر المعاصر.
( )4الريبال :األسد .ابن منظور ،لسان العرب ،مادة :ربل.
( )5قصال :من صفات السيف.سيف قاصل ومقصل وقصال :قطاع .ابن منظور ،لسان العرب ،مادة قصل.
581
الزرَيْع:
الفصل الثالث :السالطني من آل ُّ
الز َريع ،ومدد حكمهم على ٍّ
كل من حصني التَّع َكر السًلطين من آل ُّ
والخضراء بعدن(:)1
كان سبب تملك آل زريع عدن أن الصليحي لما استولى على البًلد،
وافتتح (عدن) ،كان فيها بنو معن قد تغلبوا عليها وعلى لحج وأبين والشحر
وحضرموت ،فأبقاها تحت أيديهم ،وجعل نوا ًبا من ِق َبله ،فلما زوج المكرم
ابنه بالسيدة (أروى بنت أحمد) ،جعل صداقها (عدن) ،وكان بنو معن يرفعون
خراجها إلى السيدة يف أيام علي الصليحي ،فلما قتل الصليحي ،تغلبت بنو
معن على ما تحت أيديهم.
عامًل
فغزا المكرم بنو معن يف (عدن) سنة ( ،)470وأخرجهم منها ،وطرد ً
المكرم
َّ له خرج عن طاعته ،وقام بطرده وو َّلى عليها العباس ومسعو ًدا ابني
الزريع ،وجعل للعباس حصن التَّع َكر
الجشمي اليامي الهمداين المعروفين بابني ُّ
( )1انظر :كتاب :اليمن عرب التاريخ ،محمد حسين شرف الدين( ،ص ،)205ط1374 ،2هـ -
المسمى
َّ 1964م ،وكتاب :نجران الحديثة ،سيد ماحي( ،ص ،)30 ،29وكتاب« :تاريخ اليمن
هبجة الزمن يف تاريخ اليمن» ،تاج الدين عبدالباقي بن عبد المجيد اليماين( ،ص ،)63 ،62الطبعة
الثانية1985 ،م ،دار الكلمة -صنعاء ،وكتاب :العجمان وزعيمهم راكان بن حثلين ،أبو
عبدالرحمن بن عقيل الظاهري( ،ص.)229
583
ٍ
لمسعود حصن الخضراء(،)2 بعدن( ،)1وما يأيت من الرب ،وما يدخل إليه ،وجعل
دينار يف كل ٍ
واحد منهما إليه خمسين ألف ٍ وما يليه من البحر على أن يسوق كل
عامٍ ،وقد حكم الزريعيون عدن نحو قرن من الزمان 476ـ 569هـ 1083/ـ
1173م( .)3وهم َمن قاموا بالدعوة المجيدية ،نسب ًة إلى الحافظ عبدالمجيد( ،)4بعد
أن رفضت أروى بنت أحمد القيام هبا ،وقد ظ َّلت دولتهم حتى جاء األيوبيون،
والمجيدية يف مصر انتهت بدخول صًلح الدين األيوبي ،وإقصاء آخر خلفاء
الفاطميين ،العاضد عام (567هـ1172 /م).
وفيما يلي قائمة السًلطين من آل الزريع ،ومدد حكمهم على ٍّ
كل من
حصني التَّع َكر والخضراء بعدن:
( )1انظر :تعكر عدن هو المسمى جبل شمسان وهو المسيطر على ميناء عدن اليوم من الشمال وعلى
سفحه مبنى رصيف عدن ومدينة التواهي والمعلى الحديثتان وباب الرب هو األصلي القديم
المنحوت من الجبل ،ويقال له :باب سلب .انظر :كتاب :قرة العيون بأخبار اليمن الميمون ،تأليف:
عبد الرحمن بن علي الديبع( ،ص ،)217وكتاب :هدية الزمان يف أخبار ملوك لحج وعدن ،أحمد
فضل بن علي محسن العبدلي( ،ص ،)54راجع :العقود الفريدة يف تاريخ جنب وعبيدة،
(ص ،)246أحمد بن مسعود آل شوية.
ّ
المطل على البحر من الجنوب المسمى بحر حقان، ( )2حصن الخضراء :هو المسمى «جبل صربة»
وكان المرفأ القديم لعدن .انظر :كتاب :قرة العيون بأخبار اليمن الميمون ،تأليف :عبد الرحمن بن
علي الديبع( ،ص.)217
( )3انظر :كتاب« :أطلس تاريخ اإلسًلم» ،د .حسين المؤنس( ،ص ،)209الطبعة األولى 1407هـ -
1987م ،الناشر :الزهراء لإلعًلم العربي ،القاهرة.
( )4انظر :كتاب( :اإلسماعيلية الفكرية) ،إبراهيم بن حسين بن حاتم المكرمي( ،ص.)96
584
( )1تولى حصن التعكر وما يليه من الرب ،وتعاقب على ذلك أوالده من بعده حتى خروج ُتوران شاه
سنة569( :هـ1174/م) ،وقد قضى على ِّ
كل سلطان يف اليمن.
( )2تولى حصن الخضراء وما يليه من البحر ومدينة عدن ،وتعاقب على ذلك أوالده من بعده.
( )3هو آخر أوالد المسعود بن المكرم الزريعي ،وقد اختط مدينة (الزعازع) بلحج.
علي بن محمد بن أبي الغارات قرابة عامين ،وانتهت الحرب بانتصار سبأ
( )4تحارب مع ابن عمه ّ
واستيًلئه على كامل المنطقة ،وقد أحاط بمن بقي من أبناء علي بن أبي الغارات وقتلهم جمي ًعا.
وقد تويف سنة 533هـ.
( )5لقب بالمكرم ،وكان ذا كرم فياض ويقول :إن مكارمه أكثر من أن تحصى ،وقد توىف عن ثًلثة أوالد
كلهم صغار ،هم :محمد وأبو السعود ومنصور .كفلهم أبو الدُّ ر جوهر المعظمي القائم بحصن
الدملوه ،وقد بقي هذا الحصن بيد جوهر حتى باعه من السلطان شمس الدولة توران شاه األيوبي.
585
( )1تنقسم همدان من حيث المذهب يف عصرنا الحاضر إلى ثًلثة أقسام :قسم سني ،وقسم زيدي،
وقسم إسماعيلي.
( )2هو سعيد بن قيس بن زيد األصغر بن قيس بن زيد -الملك -بن مرب بن معد يكرب بن زويد بن
يوسف بن عمرو بن السبيع بن السبع بن صعب بن معاوية بن كثير بن جشم بن حاشد الهمداين.
يتصل نسبه بملوك حاشد .وهو صاحب أمر همدان بالكوفة مال براياهتا إلى علي بن أبي طالب -
رضي اهلل عنه -وله يف نصرته مواقف مشهودة ووقائع معدودة وله ترجمة يف اإلكليل،47/10( :
)49؛ والخزانة)420/3( :؛ والحيوان ،)331 /5( :انظر :كتاب :شعراء همدان وأخبارها يف
الجاهلية واإلسًلم :د .حسن عيسى أبو ياسين( ،ص ،)331طبعة دار العلوم للطباعة والنشر،
1403هـ 1983 -م ،وكتاب الدرر المفاخر يف أخبار العرب األواخر (ص.)37 ،36
الصليحيُّو َن والحركة الفاطمية يف اليمن (ص ،)17نزهة ،)9/1( :راجع إكليل-46/10(:
( )3انظرُّ :
.)50
586
()3
إذا اختلفت األقوام شــــعل ضــــرام ()2
بكــل رديني( )1وعصـــــب تخــالــه
ســ ـعـيــد بـن قـيـس والـكـريـم يـحــامـي يــقــودهــم حــامــي الــحــقــيــقــة مــنــهــم
()4
وكانوا لدى الهيجاء كشـــرب مدام فخاضـــوا لظاها واصـــطلوا بشـــرارها
ســــهــام العــدى يف كــل يوم خصـــــام ـدان ـا الــجــنــان فــإهنــم
جــزى اهلل هــمـ ً
ولـــيـــن إذا القـــوا وحســــــن كـــًلم لــهــمــدان أخــًلق وديــن يــزيــنــهــم
تــبــت عــنــدهــم يف غــبــطــة وطــعــام مــتــى تــأهتــم يف دارهــم لضـــــيــافــة
()5
كـمــا عـز ركـن الـبـيــت عـنــد مـقــام إن هـــمـــدان الـــكـــرام أعـــزة أال َّ
ســـــراع إلــى الــهــيــجــاء غــيــر كــهــام ()6
أنــاس يــحــبــون الــنــبــي ورهــطــه
()7
لـقـلــت لـهـمــدان ادخـلـي بســــًلم فلو كنت بوا ًبا على باب جـــــــــــنــــة
( )1الرديني :الرمح وهو منسوب إلى ردينة ،وهي :امرأة كانت تقوم الرماح.
( )2تخاله :تظنه.
اشتعاال ،وهذا ُّ
يدل على أن يف ثياهبم خطو ًطا حمراء. ً ()3تشبيه لباسهم (ثياهبم) بالنار المشتعلة ضرا ًما
المدام :الخمر.
(ُ )4
( )5مقام :أي :مقام إبراهيم عليه السًلم.
( )6رهط الرجل :أهله وعشيرته.
الصليحيُّو َن والحركة الفاطمية يف اليمن( ،ص ،)17وكتاب :روح المعاين ،األلوسي:
( )7انظرُّ :
( ،)149/19والعقد الفريد ،البن عبد ربه األندلسي ( ،)407/3ومجموع الفتاوى البن تيمية
( ،)137/4ومنهاج السنة البن تيمية ( ،)137/6وقال ابن تيمية« :إن همدان أخص الناس بعلي»،
وكتاب :نجران األرض والناس والتاريخ ،تأليف :سيد الماحي (ص ،)25 - 23وكتاب :شعراء
همدان وأخبارها يف الجاهلية واإلسًلم ،د .حسن عيسى أبو ياسين ،الطبعة األولى( ،ص،)331
دار العلوم للطباعة والنشر1403 ،هـ 1983 -م ،وكتاب :بين مكة وحضرموت ،عاتق بن غيث
البًلدي( ،ص ، )122وكتاب الدرر المفاخر يف أخبار العرب األواخر ،محمد البسام التميمي،
تحقيق :سعود بن غانم الجمران العجمي( ،ص ،)37 ،36الطبعة الثانية2010 ،م.
588
589
الـمالحــــــق
590
591
«الحمد هلل وحده ،حضر الشيخ سلطان بن منيف وولده الشيخ سالم بن
أيضا الشيخ صالح بن حيدر بن ملحف ،حضر المذكورون
سلطان ،وحضر ً
جمي ًعا ،وكفلوا على الداعي علي محسن شبام ،والمنصوب حسين بن أحمد
المكرمي ،ومن تابعهم رجال جشم وآل عباس ومن تابعهم من أوالد عبداهلل:
إنه إن يجمع اهلل كلمة رجال يام والداعي ومنصوبه لما يبيض الوجوه ،ويصون
القواعد حسب شرحها ،فكان شور الجميع :أن الشيخ سلطان ومن يرونه معه
مكافيون من الجميع لقطع جميع الحجج الحادثة ما بين رجال يام وهمدان
بحسب ما تكون به
وسحار وجماعة ووائلة ،فيما شملته القواعد ،ويف غيرها َ
المراجعة بينهم وبين اإلمام -أ َّيده اهلل -إن يكن -والعياذ باهلل -تخيب وجوه
الضمنا ،وأهل األسواق فيما شملتهم عليه القاعدة التي بيد اإلمام -أ َّيده اهلل-
فكانت وجوه الثًلثة الملزومين على هذا ملوثة لإلمام -أ َّيده اهلل -بما يأمر به
عليهم ،وعلى قبائلهم المذكورين فيما يرى ويبيض وجوههم فيمن عثر من
مكرمي ويامي بصدق منهم ،ووفاء لهم من اإلمام -أ َّيده اهلل -ما يلزم عليه.
وإذا كان الوفاء من الداعي ومنصوبه ،ومن إليه للشيخ سلطان ،ومن إليه يف هذا
الرقم كان له على اإلمام -أ َّيده اهلل -ما يرتاجع به اإلمام ،والداعي بواسطة
المذكورين ،وأما إذا أقفا الداعي ومنصوبه ،فما بقي له علقة على أهل الوجوه
ومن إليهم.
وعلى اإلمام -أ َّيده اهلل -وال عتب ،وكان الوعد لرجوع اإلفادة سلخ
593
محرم سنة 1349هـ إن شاء اهلل .وقد صح األمن واألمان بين سحاري
وهمداين ووائلي ووادعي وعماري وبين يام إلى سلخ ربيع األولى سنة
1349هـ حسب األمن واألمان السابق يف القواعد التي بيد اإلمام -أ َّيده اهلل-
وبيد الداعي إلى وجوه الشيخ سلطان وولده الشيخ سالم بن سلطان والشيخ
صالح بن حيدر بحضور الشهود على كل ما ذكر.
حضر الشيخ عبداهلل حامس العوجري وسيدي حسين بن محمد أبو
طالب والقاضي العزي محمد بن إسماعيل قاضي ،واهلل خير الشاهدين.
حرر بتاريخه 23شهر رجب األصب(1348 )1هـ.
يعتمد ما حرره القاضي ....الوجيه -عافاه اهلل -حسبما ُزبر وقد األمن
واإلمام المحرر يف هذه القاعدة من بعد وصول صورة هذه القاعدة إلى ناظر
الشام ليكون منه الظاهرة بذلك»(.)2
الختم :يحيى المتوكل على اهلل.
األصب)؛ ألهنم كانوا يسمون األشهر بأسماء مختلفة؛ فيقولون لشهر المحرم:
ّ ( )1العرب تقول( :رجب
األصب،
ّ المؤتمر ،وشهر صفر :ناجرا ،وربيع األول :خوانا ...إلخ ،أما شهر رجب فيسمونه:
ويسمون شعبان :العاذل.
( )2المصدر :كتاب :نجران ..تاريخ وإنسان ،محمد طحنون آل دغرير( ،ص ،)235 ،234وكتاب:
نجران ،محمد أبو ساق( ،ص.)233 ،232 ،210
594
( )1المصدر :كتاب :تطور األوضاع السياسية يف جنوب غرب الجزيرة العربية ،د .محمد عبداهلل
آل زلفة( ،ص ،)172 ،171وكتاب :نجران ..تاريخ وإنسان ،محمد بن طحنون آل دغرير،
(ص.)216
596
أن ظن يام أين ما عاد أريد بعد هذه األمور خدمة ،وال عسكره ،وال صحب،
كًل على قدر
وأهنا كلها مني مقصد محس وارادات زيادة منقود ،فاهلل يعطي ًّ
كًل بفعله ،والطيب ال بد يحتاجنا ونحتاجه ،والخبيث شا يكفينا
نيته ،ويجازي ًّ
اهلل منه ،ويعاقبه بخبثه بسبب صربنا عليه ،وذكرت محمد بن يحيى طيب نفس
الداعي وجربه يف ما حصل يف رعيته ( ،)...وأرسل له وبكسوة ودراهم ،فما
مستحق،
ٍّ نكره ما يحصل للداعي ويجمله اهلل يوسع علينا وعليه ،وعلى كل
ولو يواجه الداعي محمد بن يحيى كان تجمل فيه أعظم ،وأعظم والسًلم.
بتاريخ 19شهر جمادى آخر 1263هـ(.)1
( )1المصدر :كتاب :تطور األوضاع السياسية يف جنوب غرب الجزيرة العربية ،د .محمد بن عبداهلل
آل زلفة( ،ص.)157 ،156 ،155
599
( )1هو عباس بن الحسين بن الحسين بن علي بن هبة اهلل بن إبراهيم بن محمد المكرمي.
( )2سلخ :هناية.
600
نص الوثيقة:
أصًل بيد عباس)
(وهي صورة لسند صدر ً
الحمد هلل ،هذا خطنا شاهد بيد االصنا المكارمة أين ملتزم لهم -إن شاء
اهلل -أنه ما ينخلع شهر جمادى أول ،وعاد لهم ريال من حق المتبقين من جشم
والرايتين مواجد وآل فاطمة بحول اهلل وقوته ومشيئته ،ال بحول منَّا ،وال قوة،
وال مشيئة ،ولهم عهد اهلل ،ثم وجهي أين ما ألزم جهد ،وال أسهل ،وال أتحيل،
وال أغش ومن نوى بفسالة ،فاهلل ال يربحه ،يعلم ذلك .سلخ( )1شهر ربيع آخر
1363هـ(.)2
( )1المصدر :كتاب :تطور األوضاع السياسية يف جنوب غرب الجزيرة العربية ،د .محمد بن عبداهلل
آل زلفة( ،ص.)214 ،213
603
ويجعل خير أعمالنا خواتمها ،وهو حسبنا ونعم الوكيل ،نعم المولى ونعم
النصير ،وال حول وال قوة إال باهلل العلي العظيم ،والسًلم.
حرر ليلة 8شعبان 1261هـ»(.)1
( )1المصدر :كتاب :تطور األوضاع السياسية يف جنوب غرب الجزيرة العربية ،د .محمد بن عبداهلل
آل زلفة( ،ص.)137 ،136
606
موضوعها :يعتذر الشريف عن عدم مقدرته على مقابلة رجال يام يف
حرض النشغاله ،ويطلب منهم إرسال الشيخ مانع بن جابر ،وخمسة عشر
رجال من وجيه رجال يام للتباحث معه.
نص الوثيقة:
الحمد هلل،
ختم الشريف
«من الحسن بن محمد إلى كافة خدامينا رجال يام الواصلين ـ حماهم
اهلل ـ والسًلم عليكم ورحمة اهلل وبركاته.
حق حمده ،والصًلة والسًلم على سيدنا محمد وآله
بعد حمد اهلل َّ
وصحبه ،كتابكم وصل وتحققناه ،وذكرتم أنكم وصالين ،فمرح ًبا بكم يف
بًلدكم ،وذكرتم أنا نلقاكم يف حرض ،فًل َيخفاكم أنَّا اليوم يف شغلة ما تم لنا،
والمراد يصلنا الشيخ مانع بن جابر يف خمسة عشر رجال من وجيه خدامينا
وحدهم عندنا هنار واحد ،ونخرج إحنا وهم -إن شاء اهلل -عسى اهلل يقدِّ ر
االتفاق على عز وظفر ،واهلل يحميكم ،والسًلم»(.)1
( )1المصدر :كتاب :تطور األوضاع السياسية يف جنوب غرب الجزيرة العربية ،د .محمد بن عبداهلل
آل زلفة( ،ص.)216 ،215
608
نص الوثيقة:
الحمد هلل،
ختم الشريف
«هذا خطنا بيد القليل من وجيه خدامينا رجال يام أين ملتزم لهم أين
أسرتهم بالذي يقسمه اهلل من فض ٍل فيما بيني وبينهم على قدر الساعة ،وال
أخالف -إن شاء اهلل -يعلم ذلك بتاريخ 17ظفر 1260هـ»(.)1
( )1المصدر :كتاب :تطور األوضاع السياسية يف جنوب غرب الجزيرة العربية ،د .محمد عبداهلل
آل زلفة( ،ص.)133 ،132
610
نص الوثيقة:
«الحمد هلل وحده،
ختم الشريف
هذا خطنا شاهد بيد خدامينا رجال يام الزالجين ،أين ملتزم لهم يف الوفاء
بحساهبم حق األربعة األشهر ،وملزم الفقيه يبدئ بالعدد من يوم ثاين وعشرين
من شهر رمضان ،وإن شاء اهلل ما يجي ختم الشهر إال وهم مستوفين ما بقا لهم
ريال واحد ،وال يجي منا تحيور وإن جاء التحيور منها ،فيعدلون الدراهم على
كيف ما أحبوا ،وال يلحقوين حجة ،وهذا وجهي وخطي بيدي شاهد بأيدهم،
واهلل خير الشاهدين ،وهو حسبنا ونعم الوكيل ،يعلم ذلك ،لعله االثنين
28رجب 1260هـ.
مالحظة :ألحق على هامش الوثيقة ما نصه:
«وكان الذي قد سار حقه مسلم بالوفا بيد (غير واضح) وجيه العرب،
ودامهم
حسب العادة حدهم عندي يعلم ذلك تاريخه المذكور»(.)1
( )1المصدر :كتاب :تطور األوضاع السياسية يف جنوب غرب الجزيرة العربية ،د .محمد عبداهلل
آل زلفة ،ص.)135 ،134(:
612
ختم الشريف
«حاوي خير إلى خدامنا المحب مانع بن جابر ،حماه اهلل ،أعرفك صدر
خط إلى الفقيه حامد ،وقد الحقيقة فيه ،وهو يف شان األول ،وأما غيره فقد
تدرك فيه الولد الحسن عافاه اهلل ،وأنا عارف أن ما هو محتل (كذا) ،وأنت
صديق ،وال عندنا أعز منك ،ال مكرمي ،وال يامي ،يكون عندك معلوم والتفاق
كاين -إن شاء اهلل -وقد رأسك لك ما عاده محفوظ لغيرك ،وقدك السنان
والحليم تكفيه اإلشارة ،والسًلم .تاريخه يوم الجمعة 14ربيع آخر
1265هـ»(.)1
( )1المصدر :كتاب :تطور األوضاع السياسية يف جنوب غرب الجزيرة العربية ،د .محمد عبداهلل
آل زلفة( ،ص.)191 ،190
614
( )1البنادر :الموانئ الساحلية ،والمناطق القريبة منها ،وهي كلمة فارسية يف األصل.
( )2المصدر :كتاب :تطور األوضاع السياسية يف جنوب غرب الجزيرة العربية ،د .محمد عبداهلل
آل زلفة( ،ص.)174 ،173
616
وثلهم ،وال توقفون علينا وعلى نفوسكم يكون نزولكم يف وقت نزوله،
ورجعتم تنفعون عدوكم ،والذي نحاوله نحن وأنتم يحتاج فضا وعدم شغلة
( )1().......والصواب ما هو خافيك ،وال تظن أن بيني وبينه باب ،ال واهلل
العظيم ،وإين ما أنا يف ضرره ،وإن سألت عن أخبار ما لدينا فقد كان حصل هذه
األيام كًلم يف الوالد حيدر بن علي ،ورجع لقينا يف أبو حجر ،وسدينا نحن
وهو ،وعملناه على البًلد ،وتوافقنا نحن وهو ،ومشا إلى الباشا ،وانسألت عن
الشريف الحسين فهو سافر من جدة إلى مصر يوم سادس وعشرين يف شهر
ربيع آخر ،عسى اهلل يصحبه السًلم ،وعازم على وصول الروم ،وهذه خطا
كتبت عليه ،وتالي األخبار ساره ،والخط كايف لك ،وللشيخ مانع بن علي
المتحوف بالسًلمة ،وسلم لنا على أوالدكم ووجيه خدامينا ،واهلل يرعاكم
والسًلم»(.)2
=
( )1انظر :كتاب اإلكليل الجزء السادس ،سير ملوك حمير ،للحسن بن أحمد بن يعقوب الهمداين،
(ص ،)32 ،31تحقيق :الدكتور مقبل التام عامر األحمدي.
األندلسي ،المتوىف سنة 487هـ ،انظر :الهمداين:
ّ (( )2ص ،)121تأليف :عبد اهلل بن عبدالعزيز البكري
اإلكليل ( .)103/8أحمد بن عبداهلل الرازي« :تاريخ مدينة صنعاء» .ت :حسين العمري .دار الفكر
ـ دمشق.ط1409 ،3هـ 1989 -م .276 ،انظر :مجلة الفيصل ،ع163محرم 1411هـ -أغسطس
1990م .120 ،ومجلة المسافر :ع ،77جمادى األولى 1422هـ -أغسطس 2001م ،انظر:
كتاب :الحياة العلمية يف نجران يف صدر اإلسًلم ،عوض عبداهلل سعد( ،ص ،)70 ،69الحياة
االقتصادية يف نجران خًلل القرن األول الهجري السابع الميًلدي ،رسالة ماجستير ،إعداد :فاطمة
بنت ضيف اهلل بن حسين العبدلي( ،ص.AL- marih, NAJRAN,op.pp366 ،)129 ،117
626
8ـ فريد ،د .علوي عمر« :دخول نجران يف العهد السعودي ،دراسة تاريخية
وثائقية» ،دار قتيبة ،دمشق ـ سوريا ،الطبعة األولى1427 ،هـ ـ 2006م.
9ـ القابسي ،محيي الدين« :المصحف والسيف» (مجموعة من خطابات
وكلمات وأحاديث الملك عبدالعزيز آل سعود) ،دار الصحراء السعودية للنشر
والتوزيع ـ الرياض ،الطبعة الرابعة1418 ،هـ ـ 1997م.
10ـ السبيت ،عبدالرحمن بن سبيت وآخرون« :كنت مع عبد العزيز»،
إصدار المهرجان الوطني للرتاث والثقافة ،الحرس الوطني ،المملكة العربية
السعودية ،الرياض ،الطبعة الثانية1415 ،هـ1994/م.
11ـ طحنون ،محمد« :نجران ..تاريخ وإنسان» ،الطبعة األولى 2015م،
مؤسسة الرحاب الحديثة ،بيروت لبنان.
12ـ آل زلفة ،د .محمد بن عبداهلل« :دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب»،
الطبعة األولى 1424هـ ـ 2003م ،الناشر :دار بًلد العرب للنشر والتوزيع.
13ـ العقيلي ،محمد بن أحمد« :نجران يف أطوار التاريخ» ،الطبعة األولى
1404هـ ـ 1984م ،الناشر مطبعة دار البًلد.
14ـ الماضي ،تركي محمد« :من مذكرات تركي محمد الماضي عن
العًلقات السعودية اليمنية» (1342ـ 1371هـ1924 /ـ 1954م) ،الناشرـ دار
الشبل للنشر والتوزيع ـ السعودية الرياض1417( ،هـ ـ 1997م).
15ـ حمزة ،فؤاد بن أمين« :يف بًلد عسير» ،الناشر :مكتبة النصر الحديث،
الرياض ،الطبعة الثانية1388 ،هـ1968/م.
628
16ـ دالل ،عبد الواحد محمد راغب« :البيان يف تاريخ جازان وعسير
ونجران» ،جزءان ،الناشر ،دار التعاون للطبع والنشر ،مصر ،الطبعة األولى،
1418هـ1998/م.
17ـ العثيمين ،عبد اهلل بن صالح« :تاريخ المملكة العربية السعودية»،
جزءان ،مجهول الناشر ،الطبعة الثامنة1428 ،هـ2007/م.
18ـ ماحي ،سيد« :نجران :األرض والناس والتاريخ» ،الناشر :محمد
هادي همام ،مجهول الطبعة ،وسنة النشر ،المطابع األهلية لألوفست ،الرياض.
19ـ ماحي ،سيد« :نجران الحديثة» ،مجهول الناشر ،والطبعة ،وسنة
النشر.
20ـ نوفل ،حمود زايد« :إسماعيلية اليمن السليمانية (المكارمة)» ،ما بين
(1140ـ 1262هـ1728/ـ 1846م) ،دار الناشر للجامعات ،صنعاء ،الطبعة
األولى 2011م.
21ـ األنصاري ،أ.د .عبدالرحمن الطيب ،وأ .صالح بن محمد جابر آل
مريح« :نجران منطلق القوافل» ،دار القوافل للنشر والتوزيع ،الرياض ،الطبعة
األولى1424 ،هـ ـ 2003م.
22ـ البهكلي ،عبدالرحمن بن أحمد« :نفح العود يف سيرة الشريف
ُحمود» ،الناشر :دارة الملك عبدالعزيز ،الرياض ـ السعودية ،الطبعة األولى،
1402هـ1982/م.
629
القطر اليماين» ،تحقيق وتقديم د .سعيد عبد الفتاح عاشور( .القاهرة :دار الكتاب
العربي1388 ،هـ ـ 1968م).
المسمى
َّ 32ـ اليماين ،تاج الدين عبدالباقي بن عبد المجيد« :تاريخ اليمن
هبجة الزمن يف تاريخ اليمن» ،تحقيق :عبداهلل محمد الحبشي ،الطبعة الثانية،
1985م ،دار الكلمة ـ صنعاء.
33ـ خزعل ،حسين خلف الشيخ« :الشيخ محمد بن عبدالوهاب» ،مطابع
دار الكتب ،بيروت ـ لبنان.
34ـ جريس ،أ.د .غيثان بن علي« :نجران» ،الجزء األول ،الطبعة األولى
1425هـ2004/م ،مطابع الحميضي ،الرياض.
35ـ جريس ،أ.د .غيثان بن علي« :تاريخ الجنوب :الباحة وعسير ،وجازان
ونجران» ،الجزء الثاين ،الطبعة األولى 1431هـ2011/م ،مطابع الحميضي،
الرياض.
36ـ جريس،أ.د .غيثان بن علي« :القول المكتوب يف تاريخ الجنوب»،
الجزء الثالث ،الطبعة األولى 1432هـ2011/م ،مطابع الحميضي ،الرياض.
37ـ جريس ،أ.د .غيثان بن علي« :القول المكتوب يف تاريخ الجنوب»،
الجزء الرابع عشر ،الطبعة األولى 1440هـ ـ 2018م ،مطابع الحميضي ـ
الرياض.
38ـ جريس ،أ.د .غيثان بن علي« :القول المكتوب يف تاريخ الجنوب»،
631
53ـ ابن المجاور ،جمال الدين أبو الفتوح يوسف بن يعقوب« :صفة بًلد
اليمن» المسمى« :تاريخ المستبصر» ،طبعت يف مدينة ليدن بمطبعة بريل ،سنة
1951م.
54ـ العبدلي ،أحمد فضل بن علي محسن« :هدية الزمان يف أخبار ملوك
لحج وعدن» ،المطبعة السلفية ـ القاهرة1351 ،هـ.
55ـ ابن رسول ،السلطان الملك األشرف عمر بن يوسف« :طرفة
األصحاب يف معرفة األنساب» ،حققه :سرتستين ،دار اآلفاق العربية ،القاهرة،
ط1422 ،1هـ ـ 2001م.
56ـ القباع ،عبداهلل بن سعود« :العًلقات السعودية اليمنية» ،الناشر :مطابع
الفرزدق ،الرياض1413 ،هـ ـ 1992م.
57ـ الظاهري ،أبو عبدالرحمن بن عقيل« :العجمان وزعيمهم راكان بن
حثلين» ،الناشر :ذات السًلسل للطباعة والنشر والتوزيع ،الكويت ،الطبعة
الثانية 1416هـ ـ 1995م.
58ـ مجهول المؤلف« :كيف ظهور شيخ اإلسًلم محمد بن عبدالوهاب»،
دراسة وتحقيق وتعليق :الدكتور :عبداهلل بن الصالح العثيمين ،جامعة الملك
سعود ،مطبوعات دارة الملك عبدالعزيز1403.هـ ـ 1983م.
59ـ مجموعة من المؤلفين السوفيت« :تاريخ اليمن المعاصر،
1917ـ1982م» ،ترجمة محمد علي بحر ،مراجعة الدكتور :محمد أحمد علي،
634
75ـ اليمني ،نجم الدين عمارة الحكمي« :تاريخ اليمن» ،تحقيق :الدكتور:
حسن سليمان محمد ،الطبعة األولي1425 :هـ ـ 2004م ،الناشر :مكتب
اإلرشاد ـ الرياض.
76ـ الهمداين ،الحسن بن أحمد بن يعقوب« :اإلكليل من أخبار اليمن
ٍ
معرف من همدان وأنساهبا وعيون أخبارها، وأنساب حمير» ،الجزء العاشر يف
تحقيق :محمد علي األكوع1429 ،هـ2008 ،م ،الناشر :مكتبة اإلرشاد ـ صنعاء.
77ـ المختار ،صًلح الدين« :تاريخ المملكة العربية السعودية يف ماضيها
وحاضرها» ،الناشر :دار مكتبة الحياة ،بيروت ـ لبنان ،الطبعة األولى ،مجهول
سنة النشر.
78ـ الفرج ،خالد بن محمد« :الخرب والعيان يف تاريخ نجد» ،تحقيق
ودراسة :عبدالرحمن بن عبداهلل الشقير ،الناشر :مكتبة العبيكان ،الطبعة األولى:
1421هـ ـ 2000م.
«المفصل يف تاريخ العرب قبل اإلسًلم»( ،بيروت:
َّ 79ـ علي ،د .جواد:
دار العلم للمًليين ،بغداد :مكتبة النهضة 1978م) ،الطبعة الثانية.
80ـ الدمشقي ،إسماعيل بن كثير القرشي« :البداية والنهاية» ،الطبعة
الثامنة1424 ،هـ ـ2003م ،الناشر :دار المعرفة للطباعة والنشر ـ بيروت ـ لبنان.
81ـ عثمان ،أمين محمد« :نجران مدينة السياحة والتاريخ» ،الطبعة
األولى1399 ،هـ ـ 1979م ،الناشر :مطابع عسيرـ أهبا.
637
82ـ عبد الباقي ،تاج الدين أبو محمد« :هبجة الزمن يف تاريخ اليمن»،
تحقيق ونشر عبداهلل محمد الحبشي ،ومحمد أحمد السفياين ،صنعاء :دار
الحكمة اليمانية 1988م.
83ـ ديوان شعر آل الحفظي بعسير ،وبعض ومعاصريهم« :شعاع
الراحلين» ،جمع وتحقيق :عبدالرحمن إبراهيم زين العابدين الحفظي ،الطبعة
األولى 1403هـ ـ 1982م ،الناشر :نادي أهبا األدبي ،طبع بمطابع :دار المعارف،
القاهرة ـ مصر.
نسقه وأخرجه
84ـ الحفظي ،محمد بن إبراهيم« :نفحات من عسير»َّ ،
للطبع :عبدالرحمن بن إبراهيم زين العابدين الحفظي ،الناشر :مطابع عسير
1393هـ ـ 1974م.
85ـ آل قطب ،علي عوض« :األمراء اليزيديون» ،الطبعة األولى 2013م،
الناشر :طوى للثقافة والنشر واإلعًلم ـ لندن.
86ـ الحفظي ،الحسن بن علي« :مجموع يف تاريخ عسير» ،تحقيق :علي
بن حسن الحفظي وعلي بن عوض آل قطب ،الناشر :مؤسسة االنتشار العربي،
بيروت لبنان ،الطبعة األولى 1438هـ ـ 2017م.
87ـ آل فائع ،أحمد يحيى« :دور آل المتحمي يف مد نفوذ الدولة السعودية
األولى يف عسير وما جاورها» ،الطبعة األولى 1427هـ2006/م ،الناشر :مطابع
الحميضي ـ الرياض.
638
112ـ فيلبي ،هاري سانت جون« :مرتفعات الجزيرة العربية» ،جبال فيفا
وبني مالك ،ترجمة ،وتحقيق ،وتعليق :أ .د .عبداهلل بن أحمد الفيفي ،الطبعة
األولى 1438هـ ـ 2017م ،الناشر :الدار العربية للعلوم ناشرون ـ لبنان.
113ـ سادلير ،الكابتن ج .فورسرت« :عن رحلة عرب الجزيرة العربية»،
ترجمة أنس الرفاعي وتقديم عباس منصور ،الناشر :الهيئة العامة للكتاب،
2013م.
114ـ سيد ،د .أيمن فؤاد« :تاريخ المذاهب الدينية يف اليمن حتى هناية
القرن السادس الهجري» ،الطبعة األولى 1408هـ ـ 1988م ،الناشر :الدار
المصرية اللبنانية للطباعة والنشر ـ القاهرة.
115ـ العًلمة الجرايف« :حوليات العًلمة الجرايف» ،تحقيق ودراسة،
الدكتور حسين بن عبداهلل العمري ،الطبعة األولى 1412هـ ـ 1992م ،الناشر:
دار الفكر المعاصر ـ بيروت ـ لبنان.
116ـ العقيلي ،محمد بن أحمد« :محاضرات يف الجامعات والمؤتمرات
السعودية» ،الناشر :نادي جازان األدبي ـ طبع بمطابع دار البًلد ـ جدة ،لم ترد
سنة الطبع يف هذا الكتاب.
117ـ وزارة الخارجية السعودية« :بيان عن العًلقات بين المملكة العربية
السعودية واإلمام يحيى حميد الدين» ،مكة المكرمة1353 ،هـ ،مطبعة مكة
المكرمة.
643
العربية يف العصر الحديث» ،من وثائق الحجاز يف عصر محمد علي« ،وثائق
األشراف والعربان» (1235هـ ـ 1256هـ1819 /م ـ 1840م ،الطبعة األولى:
1422هـ ـ 2002م ،الناشر :دار الكتاب الجامعي 8شارع سليمان الحلبي
بالقاهرة.
ثانياً :الرسائل اجلامعية:
1ـ البهكلي ،عبدالرحمن بن حسن بن علي« :نزهة الظريف يف سيرة أوالد
الشريف محمد بن أحمد الحسني» ،دراسة وتحقيق :سعد بن مبارك بن سعد،
لعام 1428هـ ـ 1429هـ ،رسالة ماجستير غير منشورة.
2ـ الجرب ،أمين محمد علي« :نظام الرهائن يف عهد المملكة المتوكلية
اليمانية»1918( ،ـ 1968م) ،رسالة ماجستير ،إشراف ،أ.د /أحمد قايد
الصايدي ،جامعة صنعاء.
3ـ علي ،كوثر محمد سعيد محمد« :حادثة األخدود بين المصادر العربية
والمصادر القديمة» ،دراسة تاريخية حضارية ،رسالة ُمقدَّ مة لنَيل درجة
الماجستير يف التاريخ القديم ،جامعة أم القرى ،لعام 1436هـ 2015م.
4ـ الرعوي ،عارف محمد عبداهلل فارع« :العًلقات بين اليمن والدولة
السعودية األولى» ،أطروحة مقدمة لنَيل درجة الدكتوراه يف التاريخ الحديث
والمعاصر من جامعة دمشق ،لعام 1427هـ ـ 2006م.
5ـ آل ناحي ،عوض عبداهلل سعد« :الحياة العلمية يف نجران يف صدر
652
اإلسًلم» (من عام 1إلى 40هـ226/إلى 660م) ،رسالة مقدمة لنيل درجة
الماجستير يف التاريخ اإلسًلمي ،جامعة الملك خالد ،لعام 1428هـ ـ 2007م.
6ـ العبدلي ،فاطمة بنت ضيف اهلل بن حسين« :الحياة االقتصادية يف نجران
خًلل القرن األول الهجري السابع الميًلدي» ،رسالة مقدمة لنيل درجة
الماجستير يف التاريخ اإلسًلمي ،جامعة الملك خالد ،لعام 1435هـ ـ 2014م.
7ـ دهيش ،نعيمة بنت عبداهلل بن عمر« :عهد اإلمام محمد بن سعود»
1139ـ 1179هـ1726/ـ 1765م» ،بحث لنيل درجة الدكتوراه يف التاريخ
اإلسًلمي الحديث ،جامعة أم القرى ،لعام 1420هـ 2000م.
8ـ العتيبي ،محمد بن عوض بن مزيد« :نجران يف عصر النبوة والخًلفة
الراشدة» ،رسالة مقدمة لنيل درجة الماجستير يف التاريخ اإلسًلمي ،جامعة
اإلمام محمد بن سعود ،لعام 1430هـ ـ 2009م.
ثالثاً :املخطوطات:
1ـ شرف الدين ،محمد بن عبدالرحمن بن أحمد« :الربق المتألق يف رحلة
موالنا سيف اإلسًلم إلى المشرق» ،مخطوطة ،صاحبها رافق ولي العهد :أحمد
يحيى حميد الدين ـ يف حرب نجران.
2ـ الضمدي ،عبداهلل بن علي النعماين الشقيري« :العقيق اليماين يف وفيات
المخًلف السليماين» ،نسخت يف يوم األربعاء الخامس من شهر محرم 1332هـ.
3ـ حسين بن إسماعيل« :تاريخ وطيوط» ،تاريخ النسخ1327 :هـ ،الجامع
653
فهرس األعالم:
24 الرحبة:
ّ .113
170-169-165-101-100 .114الرضيمة:
489 .115روضة سدير:
572-569-516-490-489 .116الروضة:
-105-104-103-102-75-21-20 .117الرياض:
705
82 .215املحمرة:
510-187-139 .216املخا:
432 .217املخازن:
-483-482-416-104-43-42-24 .218املدينة املنورة:
488-487-486
25 .219مراطة:
23 .220املرجتم:
.221مركز أيب شديد25 :
.222مركز املحياش25 :
31 .223مركز الوديعة:
.224مركز أم الوهط25 :
229-228 .225مزاحن:
716
فهرس املوضوعات
الصفحة الموضوع
9 1ـ إهداء
11 2ـ المقدمة
15 3ـ كلمات ومعانيها
19 4ـ نجران الموقع الجغرايف
27 5ـ التضاريس
31 6ـ المناخ
33 7ـ الباب األول ـ الفصل األول :دخول قبيلة همدان يف اإلسًلم
34 8ـ دخول أهل نجران يف اإلسًلم
41 9ـ نصارى نجران
48 10ـ الفصل الثاين :دخول (يام) إلى نجران وبداية استيطاهنم
54 11ـ مًلحظة
58 12ـ الفصل الثالث :قبائل يام
59 13ـ نسب (يام) يف الجاهلية:
69 14ـ الفصل الرابع :تسلسل دعاة المذهب اإلسماعيلي
82 15ـ هجوم يام والمكارمة على بيت الفقيه سنة 1142هـ
728
1222هـ
158 61ـ يام تغزو فج حرض سنة 1223هـ
62ـ الشريف حمود يرسل قبيلة يام لحرب الزرانيق سنة
159
1225هـ
163 63ـ خروج يام إلى بندر ال ُّلحية سنة 1235هـ
164 64ـ خروج يام لمدينة زبيد سنة 1237هـ
65ـ العجمان تستنجد بإخواهنم يام يف معركة الرضيمة سنة
165
1238هـ
171 66ـ خروج يام إلى هتامة سنة 1239هـ
172 67ـ خروج يام لمدينة صبيا سنة 1240هـ
173 68ـ هزيمة يام يف الحديدة ،وغًلء يف األسعار سنة 1241هـ
174 69ـ خروج يام إلى َح َراز سنة 1244هـ
175 70ـ تحرك يام لغزو هتامة سنة 1254هـ
176 71ـ خروج يام إلى هتامة سنة 1255هـ
177 72ـ رفع ظلم الوزراء وجورهم عن أهل حراز سنة 1255هـ
178 73ـ مقتل الناصر عبداهلل بن حسن سنة 1256هـ
180 74ـ خروج يام واستيًلؤهم على حراز سنة 1256هـ
732
75ـ كتب أهل َح َراز تصل إلى إمام صنعاء تطلب الخًلص من
181
المكرمي
182 76ـ تحصن المكارمة يف َح َراز سنة 1258هـ
183 77ـ استعانة األشراف بيام سنة 1260هـ
78ـ إنقاذ الشريف الحسين من األسر وسقوط مدينة زبيد سنة
185
1264هـ
187 79ـ حميد الدين يغزو حراز سنة 1267هـ
188 80ـ لجوء الشريف الحسن بن الحسين إلى نجران سنة 1272هـ
191 81ـ قمع بني جرب لبغيهم على الناس سنة 1277هـ
191 82ـ فشل قبائل بني َجبر يف طرد مكارمة الحيمة سنة 1278هـ
192 83ـ فك حصار القدمة وقرية الحجرة بالحيمة سنة 1278هـ
193 84ـ نزول المكرمي إلى الحيمة سنة 1278هـ
85ـ علي بن حسن المكرمي يكمل سيطرته على حصون الحيمة
195
ومناطق أخرى سنة 1278هـ
196 86ـ فك حصار أهل عراص ببًلد يريم سنة 1279هـ
197 87ـ قبيلة دهم تغزو نجران سنة 1280هـ
199 88ـ غزو ابن حيدر اليامي لبًلد آنس سنة 1281هـ
733
200 89ـ سعود بن فيصل يستعين بيام أهل نجران سنة 1283هـ:
202 90ـ غزو يام للمخًلف السليماين (جازان حال ًيا) سنة 1284هـ:
202 91ـ استيًلء القوات الرتكية على َح َراز سنة 1289هـ
208 92ـ استنجاد مكارمة اليمن بقبائل يام سنة 1322هـ
212 93ـ استعانة األتراك بيام سنة 1322هـ
214 94ـ استعانة اإلدريسي بيام وحاشد وبكيل سنة 1336هـ
214 95ـ حملة سعد بن عفيصان على نجران سنة 1338هـ
96ـ مبايعة الشيخ دكام بن منصر للملك عبد العزيز سنة
216
1339هـ
97ـ الباب األول ـ الفصل الخامس :تعريف ببعض المكارمة
231 الذين شاركوا يف بعض الغزوات يف اليمن أو المخًلف
السليماين
98ـ الباب الثاين -الفصل األول :العًلقات السياسية بين أهل
239
نجران وآل سعود
263 99ـ الطموح اليمني
100ـ الباب الثاين :الفصل الثاين :الربقيات المتبادلة بين
266
الحكومة السعودية واليمنية
734
عبدالعزيز
497 -134األمير جلوي بن عبدالعزيز بن مساعد آل سعود
-135الباب الرابع :الفصل األول :من أعًلم قبيلة يام عرب
499
التاريخ
499 -136طبقة الصحابة
500 -137طبقة التابعين
506 -138مجحود بن علي العرجاين
508 -139حزام بن عامر العجمي
510 -140عبداهلل بن سرور اليامي
525 -141الشيخ :راكان بن فًلح بن حثلين
539 -142الشيخ :جابر بن حسين أبو ساق
542 -143اللواء المتقاعد :علي بن مانع بن ذياب اليامي
566 -144الفصل الثاين :دولة بني حاتم يف صنعاء
582 الز َريع
-145الفصل الثالث :السًلطين من آل ُّ
-146الفصل الرابع :تشيع همدان لإلمام علي بن أبي طالب
585
كرم اهلل وجهه
589 -147المًلحق
737
****