You are on page 1of 18

‫أوىل أسس تصميم (‪)10‬‬

‫اإليقاع الفني ودورة اإلدراكي يف تصميم اللوحة الزخرفية‬

‫عملية اإلبداع تبدأ باكتشاف نسق في الطبيعة بطريقة تلقائية أثناء الممارسة وتجئ بعدها مرحلة اإلبداع‬
‫اإلنساني ‪ ،‬متضمنة ما يحدث أثناء العمل من تعديالت في النسب واألوضاع والحذف واإلضافة والتصغير‬
‫والتكبير …الخ فالعمل الفني هو ذلك التنظيم الخاص الفريد لعناصر معينة في شكل متميز وفريد‬

‫" اإليقاع في العمل الفني هو مصدر لحيوية التصميم وجمالياته بما يثيره من أنماط متغيرة للحركة ‪،‬‬
‫ومظهر من مظاهر القيمة الطاقية في الوجود وسببا أساسيا من أسباب فاعليات التأثير االدراكي في المشاهد‬
‫إلدراك الوحدة بين األجزاء وإدراك التوازن بين الطاقات الكامنة في العناصر المنشئة للتصميم‬

‫فاإلدراك في أي مجال هو تعبير يدل على أن هناك عملية عقلية تجري بناء على استثارة لألعضاء‬
‫الحسية ‪ ،‬فاإلدراك البصري الذي يستثيره منبه خارجى عن طريق الجهاز البصري "وهو العين " ثم يستجيب‬
‫العقل لهذه االستثارة فيدرك المرئيات من حوله ‪.‬‬

‫اإليقاع كظاهرة حياتية وطبيعية ‪:‬‬

‫يلعب اإليقاع في الحياة دو ار كبي ار وخصوصا في الحركات المختلفة والمستمرة ألجهزة أي كائن حي‬
‫والتي يربطها إيقاع معين يعطيها الشكل المميز لها والتي قد تعيد نفسها في فترات مختلفة قصيرة أو طويلة‬
‫كحركات الحيوان ذات الخلية الواحدة وقد تكون الحركة وإعادتها باإلرادة كاالنتقال من اليقظة إلي النوم ‪ ،‬أو‬
‫تكون خارجة عن اإلرادة كاالنتقال من النوم إلي اليقظة ‪ ،‬أو عند حدوث اإلتباعات الناتجة عن التغيرات‬
‫الفسيولوجية لنمو األجهزة الداخلية ألجسام الكائنات الحية ‪.‬‬

‫واإليقاع ظاهرة رئيسية تحمل في ثناياها معني الكون بأسرة ‪ ،‬وتمثل إيقاع الحياة بكل ما تنطوي علية‬
‫من مؤشرات لتدفق وسريان دورات الحياة المتعاقبة والمتالحقة ‪ ،‬بدءا بالحركة في عالم الحشرات والحركة في‬
‫عالم الكائنات السابحة تحت الماء والطائرة في الفضاء ‪ ،‬إلي حركة نمو النباتات وتفاعل الذرات ‪ ،‬ووصوال إلي‬
‫مظاهر حركة اإلنسان الممتدة بينة وبين عالقاته بالعالم المادي من حوله ‪ ،‬بل يمكننا القول أن " كل موجود‬
‫طبيعي فهو متحرك إما بالنقل من مكان إلي مكان أخر أو من حال إلي غيرها أو من مقدار إلي أكثر منه ‪،‬‬
‫وبالعكس فالحركة اإليقاعية ظاهرية عامة في الطبيعة‬

‫ويقول جون ديوي " أنه لمن الحقائق المعروفة أن في الطبيعة نماذج من اإليقاع الجمالي ال حصر لها‬
‫‪ ..‬عن المد والجذر ‪ ،‬ودورة التغيرات القمرية ‪..‬ونبضات سريان الدم والبناء والهدم والفصول األربعة ‪ ،‬والعمليات‬
‫الجوية ‪ ،‬قد يفطن إليه الناس في العادة في كل ما في الطبيعة من اطراد وانتظام في التغيرات أن هو إال إيقاع‬
‫‪ ،‬ويحدث في النفس وقعا جميال ‪ ،‬ولهذا فإن الطبيعة بإيقاعاتها المختلفة تعطي الكون هذه الديمومة والشكل‬
‫المميز لها الناتج عن " تنسيق النسب بشكل منتظم في كل من المساحة والزمن واألمثلة علي ذلك كثيرة كإيقاع‬
‫الليل والنهار والشمس والقمر وإيقاع الفصول األربعة ‪ ،‬وحركات األجرام السماوية والتي تحدث بإيقاع منتظم‬
‫وموزون ال دخل لإلنسان في حدوثها ‪ ،‬أو نظامه فهي ناتجة عن قدرة الخالق جلت قدرته ‪ .‬ويقول هللا عز وجل‬
‫في كتابة الكريم بسم هللا الرحمن الرحيم ( تولج الليل في النهار ‪ ،‬وتولج النهار في الليل وتخرج الحي من الميت‬
‫وتخرج الميت من الحي ) صدق هللا العظيم ‪ ،‬وفي أية أخري ‪ .‬بسـ ــم هللا الرحمن الرحيم ( ال الشمس ينبغي لها‬
‫أن تدرك القمر وال الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحــون ) صدق هللا العظيم ‪.‬‬

‫ويمكن إحساس إيقاع األشجار في الطبيعة عندما تتمايل لمداعبة الهواء لها ‪ ،‬وكذلك أمواج البحر وهي‬
‫تتالطم علي الشاطئ ‪ ،‬كما يالزم اإليقاع حياة اإلنسان اليومية وكذلك الحيوانات والحشرات في الطبيعية‬
‫كانتقالهم من حالة إلي حالة أخري وذلك بصورة موزونة ‪ ،‬ومستمرة والتي تشكل عند المخلوقات جميعا إيقاعا‬
‫منظم لحياتهم واإليقاع ال يقتصر في الحياة علي الشكل الخارجي من حيث العالقة المتبادلة بين العمل والراحة‬
‫" الشد واالسترخاء " ‪ ،‬بل يتعدى ذلك إلي اإليقاعات الالإرادية في عمل األجهزة الداخلية للجسم اإلنساني والذي‬
‫يظهر من خالل عمل القلب ‪ ،‬والدورة الدموية ‪ ،‬والكليتين كل ذلك يحدث إيقاع حركي منظم ‪.‬‬

‫وقد نلمس اإليقاع بالسمع كإدراكنا للموسيقى ‪ ،‬واألغاني ‪ ،‬والشعر من خالل النبضات اإليقاعية المستمرة‬
‫التي نحسها فى انسياب الموسيقى وبدون هذه النبضة ال نستطيع تذوقها أو أن نحسها‪ ،‬والمتكونة من خالل "‬
‫تقسيم الوحدة لصوت ‪ ،‬أو أكثر بمقادير متساوية ‪ ،‬أو مختلفة النسب في الطول أو القصر ‪ ،‬وذلك بتنسيقها‬
‫بشكل منتظم هذا التنسيق المنتظم يعطيها شكلها اللحني النهائي من االنسجام والتوفيق في ترديد وحمل الجملة‬
‫الموسيقية ‪.‬‬
‫إن االنتظام المتكرر لظواه ر الطبيعة ‪ ،‬أو خالل العمليات البيولوجية المرتبطة باإلنسان ال تسير وفق‬
‫نظام ثابت ‪ ،‬وعلي وتيرة واحدة ‪ ،‬بل أن هذا االنتظام المتعاقب رغم انتظامه يحمل معني التغير الدائم من حالة‬
‫إلي أخري ‪ ،‬كتعاقب الليل ‪ ،‬والنهار ‪ ،‬والصيف والشتاء ‪ .‬فذلك التغير المرتبط بعوامل االنتظام الثابتة ال بد‬
‫وأن يكون لها داللة أيضا في الحس البشري ‪ ،‬هذه الداللة الهامة التي تجعل إدراك اإلنسان للطبيعة يتحقق‬
‫خالل التواصل للمتغيرات ليصبح هذا االنتظام المتغاير من أهم العوامل التي تحقق الترابط بين نظم الطبيعة‬
‫المختلفة ‪.‬‬

‫وقد فسر الكثير من الفالسفة وعلماء النفس ظاهرة اإليقاع " ‪" "Rhythm‬فتحدث (أفالطون ) عن اإليقاع‬
‫بما يوحي بأنه يعتمد أساسا علي الحركة فقال " أنك تستطيع أن تميز اإليقاع في تحليق الطيور ‪ ،‬وفي نبض‬
‫العروق ‪ ،‬وخطوات الرقص ‪ ،‬ومقاطع الكالم وفي أوائل العصور الوسطي تحدث القديس ( أوغسطين ) فوصفة‬
‫بأنه فن الحركات الجيدة بحيث ال تثير في النفس إال حب الخير األسمي ‪ ،‬وفي العصر الحديث أرجع كثير‬
‫من علماء النفس اإليقاع إلي مصدر حركي فعالم النفس األلماني ( فونت ) يرجع اإليقاع إلي المشي ‪ ،‬و(ريمان)‬
‫يرده إلي نبض القلب ‪ ،‬و(بوشر) يرجعه إلي الحركات الجسمية ‪ ،‬ويجمع كثيرون غيرهم علي أن اإليقاع هو‬
‫قانون الحركة الطبيعية ‪ ،‬كما يربط المفكرون في مختلف العصور بين اإليقاع والحركة ‪ ،‬وأنه ال إيقاع بدون‬
‫حركة وال حركة بدون إيقاع ‪ ،‬ويعتبر اإليقاع أساس النمو العضوي في جميع الكائنات الحية بصورة تكرار‬
‫منتظم لإليقاع فتحدث االستم اررية التي ال تتوقف والتي تربط الوجود ككل بكل مظاهر اإلبداع والسمو والجالل‬
‫‪.‬‬

‫اإليقاع والنظام ‪:‬‬

‫يتم إدراك اإليقاع من خالل النظام ومعناه وسوف نتناول اآلن مفهوم النظام ‪ ،‬فقد أشار " ارنست فيشر‬
‫" إلى أن " النظام تعدد مرتب داخل كيان موحد أي أن هناك مفردات شكلية في شكل تكرار بسيط منظم‬
‫فالتكرار أبسط أشكال النظام ولكن ليس كل نظام تكرار ‪.‬‬

‫وقد أتفق كال من " جونسون كاست " ‪ ،‬وإسماعيل صبري مقلد ‪ ،‬على "أن النظام كيان عام تترابط‬
‫عناصره ومكوناته على نحو يجعله يتفاعل ويتبلور في شكل مميز ووحدة متكاملة وهذا المفهوم يوضح أن‬
‫النظام عبارة عن مستويات متعددة من النظم ‪ ،‬وليس التكرار المنتظم فقط هو النظام ‪ .‬بينما يعرض "بفلين‬
‫‪ "Bevlin‬مفهوما أخر للنظام حيث يشير إلى أن " الفوضى ما هي إال نظام لم يدرك بعد ‪ ،‬أي أن النظام ليس‬
‫كل ما هو مرتب ومنسق فقط ‪ ،‬فأحيانا االتجاه الواحد لحركة مجموعة من األشكال الغير منتظمة الشكل ينتج‬
‫عنها نظام مثل حركة أمواج البحر وحركة السحب في السماء‬

‫فقد أوضح في صورة أخرى معنى النظام " فالنظام هو الكيان المتكامل الذي‬ ‫أما " على السلمي "‬
‫يتكون من أجزاء وعناصر متداخلة تقوم بينهما عالقات تبادلية من أجل أداء وظائف وأنشطة تكون محصلتها‬
‫النهائية بمثابة الناتج الذي يحققه النظام كله وهذا التعريف يتفق مع مضمون الدراسة التي نحن بصددها ‪،‬‬
‫إلمكان تطبيقه على كل ما أنتجه الفنان التشكيلي من تكوينات ومن عالقات شكلية متبادلة ذات وحدات متناسقة‬
‫يتحقق من خاللها اإلحساس باإليقاع ‪.‬‬

‫ومن هنا نجد أن اإليقاع يكمن وراء كثير من النظم وهو ينشأ نتيجة مفردات تشكيلية هذه المفردات‬
‫توجد بينها عالقات مثل التماس والتراكب ‪ ،‬والتضافر والتباين والتكرار ‪ ،‬كل هذه العالقات تتم خالل إيقاعات‬
‫ترددية منتظمة ‪ ،‬فإذا ما تناولنا التكرار مثال كأبسط أشكال النظام ‪ ،‬سوف نجد أنه يعكس أبسط أنواع اإليقاع‬
‫أيضا ‪ ،‬إذا أن هناك عالقة بين النظام ونوع اإليقاع المنعكس منه ‪.‬‬

‫أن النظم اإليقاعية " هي عالقة تبادلية بين المفردات التشكيلية في التصميمات الزخرفية ‪ ،‬ينتج عن‬
‫هذه العالقة حركة تقديرية للعين ما يحقق نظما إيقاعية تتنوع بتنوع تلك المفردات ذلك ألن المفردات الشكلية‬
‫في حقيقتها مادة ثابتة على مسطح العمل الفنى ولكن نتيجة النظام الذي يحكم عالقتها فأنها تخدع العين‬
‫وتوحى بحركة مرئية ‪ ،‬يقال أنها ليست بحركة فعلية ولكنها حركة تقديرية و"طالما أن هناك حركة أذن هناك‬
‫امتداد في الزمان " وانتقال من مكان إلى مكان ‪،‬والمكان في اللوحة الزخرفية معناه أن العين تنتقل من شكل‬
‫إلى شكل وهنا يكون اإليقاع نتيجة لكل من النظام وما يحدثه من حركة إيقاعية في اللوحة الزخرفية‬

‫مفهوم اإليقاع ‪:‬‬

‫عرفت كلمة اإليقاع أول ما عرفت في مجال الموسيقى ‪ ،‬ثم استعيرت هذه الكلمة لتصبح متداولة في مجال‬
‫الفنون التشكيلية ‪،‬واإليقاع بصورة المتعددة يعنى ترديد الحركة وقد تناول الكثير من العلماء مفهوم اإليقاع‬
‫كالتالي ‪:‬‬
‫‪ -‬فكلمة إيقاع (‪ )Rhythm‬مأخوذة من الكلمة اليونانية (‪ )Rhein‬ومعناها ينساب (‪ )To flow‬ليكون اإليقاع معناه‬
‫االستمرار الناتج عن تكرار عناصر أجزاء متشابهة وأن أهمية اإليقاع مبنية على قيمة التبادل بين التوتر‬
‫واالسترخاء مثل العمل والراحة والمشى والنوم ……الخ‬

‫‪ -‬وفي اللغة العربية يشتق لفظ اإليقاع من " التوقيع " وهو نوع من المشية السريعة وهى تعنى الحركة بوجه‬
‫عام وذلك ما فسرته الموسوعة العربية الميسرة من أن " اإليقاع هو ما أنتظم من حركات متساوية في أزمنة‬
‫متساوية "‬

‫‪ -‬واإليقاع ظاهرة تمثل تدفق الحياة في أنصع صورها وهو عكس السكون وال يحدث التكرار إال إذا تكرر‬
‫العنصر وأنتشر ومن تك ارره ‪ ،‬وانتشاره تتكون عالقات جديدة ألشكال جديدة فتحدث إيقاعا من خالل تالقيها‬
‫وتقابلها وتشكلها ‪ .‬فاإليقاع هو" تنظيم للفواصل الموجودة بين وحدات العمل الفنى قد يكون هذا التنظيم‬
‫لفواصل بين الحجوم أو األلوان أو لترتيب درجاتها أو تنظيم التجاه عناصر العمل الفنى‬

‫إن اإليقاع عنصر أساسى من عناصر التأليف في العمل الفنى وهو يوحى بالحركة الحيوية فله سمة‬ ‫‪-‬‬
‫زمنية ‪ ،‬أى ال يدرك إال في الزمان وعبرة واإليقاع من شأنه أن يشيع في أعمال الفن حيوية " ألنه عبارة‬
‫عن نمط يتكرر في العمل في مواضيع متعددة مع التأكيد على عنصر من العناصر النمط ثم يعقب ذلك‬
‫لحظة سكون أو لحظة االفتقار إلى عامل التأكيد ‪،‬وعن طريق التكرار والتأكيد على خطوط وألوان معينة‬
‫في العمل الفنى يصبح هذا العمل ديناميا " ‪.‬‬

‫ويرى " هربرت ريد أن " اسم اإليقاع يطلق أحيانا على الخصائص المميزة للعمل الفنى ‪ ،‬فقد ينتج اإليقاع‬ ‫‪-‬‬
‫في عمل ما ‪ ،‬ال بواسطة الخط فحسب ‪ ،‬وإنما عن طريق تكرار الكتل ‪،‬ومن المعتاد أن يتم هذا التكرار في‬
‫متتاليات مصغرة أو مختزلة ويعرف اإليقاع أيضا " بأنه البعد أو الزمن بين ظهور عنصرين متشابهين‬
‫ومتتاليين في أى تكرار فبظهور التكرار يظهر اإليقاع فيترجم التكرار المنتظم شكل اإليقاع في أبسط صورة‬
‫كما يصحب التكرار المتدرج إيقاعا متدرجا أيضا‬

‫‪ -‬ويرى " أتو شيمدث " أن مفهوم اإليقاع " يعنى في جوهرة حالة من حاالت التغير وهو في ذلك يرتبط‬
‫ارتباطا وثيقا بمعنى الحركة ‪،‬ووجود التغير والحركة تعنى أحداثا وأفعاال يمكن إدراكها وتعنى بالضرورة‬
‫وجود القوى الفاعلة والمسببة للحركة أو التغير أو الفعل ولذا نجد أن هذا ما أتفق علية كال من " هيلن‬
‫وجون على أن " اإليقاع تعبير عن تواصل حركى ناتج عن نظم توزيع مفردات تشكيلية ‪ ،‬كالشكل والخط‬
‫واللون والملمس …… الخ ويستغرق أدراك هذه المفردات جزاءا من الزمن كما أن صفة اإليقاع هى االستم اررية‬
‫‪.‬‬

‫‪ -‬وفي تعريف أخر نجد أن اإليقاع هو " شكل من أشكال الطاقة ‪ ،‬أو هو التجدد الدورى لمجموعات داخل‬
‫سلسلة فالمجموعات األصغر– تشكل صيغا أو كليات فكل منها فاصال زمنيا معينا ‪ ،‬بحيث أن إيقاعا‬
‫ندركه ربما يتمايز أيضا كتكرار للفواصل ويشير " مصطفى الرزاز " إلى " أن اإليقاع يتواجد حينما‬
‫يحاول الفنان أن يحقق الوحدة واالتزان والتعادل في تصميماته ‪،‬ويعبر اإليقاع عن الحركة ويتحقق عن‬
‫طريق التكرار بغير آلية باستخدام العناصر الفنية ‪.‬‬

‫‪ -‬كما عرف البعض اإليقاع بأنه عبارة عن تنظيم العالقة بين األشكال والفراغات في نسق يؤدى إلى إظهار‬
‫نمط الحركة في التصميم‬

‫وبعد عرض تلك المفاهيم نجد أن اإليقاع وثيق الصلة بالحركة ويتأثر بكافة العوامل التي تؤدى إلى إدراك‬
‫الحركة في العناصر مثل خصائص األشكال والنسب المختلفة لألشكال وأماكنها وأوضاعها في التصميم ‪ ،‬وأن‬
‫التكوينات اإليقاعية اما تك اررية أو تبادلية أو نامية أو انسيابية ‪ ،‬و أن اإليقاع عملية ال تأتى عشوائية بل هى‬
‫مصممة مسبقا ومحسوبة بدقة في أزمنة متساوية أو غير متساوية ‪.‬‬

‫اإليقاع في الفنون المرئية‬

‫اإليقاع في الفنون المرئية هو أحد أساليب التنظيم الشكلى كما أنه يعتبر مجال لتحقيق الحركة ‪،‬‬
‫فاإليقاع مما سبق يتضح لنا أنه " يعنى ترديد الحركة بصورة منتظمة تجمع بين الوحدة والتغير ومن هنا نجد‬
‫أن اإليقاع يخضع لعاملين رئيسيين وهما الحركة والتغير اللذان يمثالن السمة األساسية التي تحكم انتظام‬
‫‪،‬واطراد العالقات واألشكال ‪ ،‬سواء كانت على أسطح العناصر الطبيعية أو في مجال الفن ‪،‬وهذا يتفق مع‬
‫المفهوم العلمي للحركة حيث تعرف بأنها " تغيرات الوضع الخاصة باألجسام كما تحدثها القوى المؤثرة فيها وإن‬
‫علم الحركة هو ذلك العلم الذي يتضمن التعامل مع متغيرى المسافة والزمن ‪ ،‬حيث نتعامل مع قياس المسافة‬
‫من خالل الوقت الذي يستغرقه جسم ما في انتقاله من منطقة ألخرى داخل الحيز المكانى ‪.‬‬
‫ومن هذا المفهوم نجد أن اإليقاع في العمل الفنى يقوم على تكرار الكتل أو المساحات مكونة " وحدات‬
‫" قد تكون متماثلة تماما أو مختلفة ‪ ،‬متقاربة أو متباعدة ويقع بين كل وحدة وأخرى مسافات تعرف " بالفترات‬
‫" ويرى " عبد الفتاح رياض " "أن لإليقاع عنصرين أساسين يتبادالن أحدهما بعد األخر على دفعات تتكرر‬
‫كثي ار أو قليال وهذان العنصران هما الوحدات وهى العنصر اإليجابى ‪ ،‬والفترات وهى العنصر السلبى وبدون‬
‫هذان العنصران ال يمكن أن نتخيل اإليقاع في العمل الفنى ‪.‬‬

‫ويشير " فاسيلى كاندنسكى " إلى أن اللونين األبيض واألسود يعبران عن اإليقاع النابع من روح‬
‫الموسيقى فاللون األبيض يعبر عن إيقاع الصمت وهو إيقاع يؤثر فينا بالسالب شأنه في ذلك شأن كثير من "‬
‫الوقفات " في الموسيقى وهى مساحات مشحونة بالترقب ‪،‬والتهيؤ ‪ ،‬أما اللون األسود فهو شيئ قد أخترق مجالنا‬
‫البصرى وهو إيقاع يؤثر فينا بالموجب ويعبر عنها في الفن التشكيلي بالوحدات"‪.‬‬

‫وإذا كان اإليقاع في الموسيقى تنظمها حركة تتم خالل الزمان فإن اإليقاع في الفنون المرئية تتخذ‬
‫طابعا ساكنا متجمدا ثابتا في الزمان ‪،‬باعتباره فنا مكانيا ‪،‬ورغم ذلك يمكن اإلحساس بوجود عنصر زماني في‬
‫اللوحة الفنية إذ أن النسب المكانية تكسب قيمة زمنية حين تعمل بعض المساحات على اجتذاب العين مدة‬
‫أطول من بعضها األخر ‪ ،‬وبذلك يكون في اللوحة الفنية نوع من الحركة التقديرية والتي ال يمكن أن تحدث إال‬
‫عندما توجد فترات راحة أو سكون تتخلل هذه الحركة محققة بذلك اإليقاع في العمل الفنى ‪.‬‬

‫إن اإليقاع في الفنون المرئية هو توازن للمساحات يتحقق عن طريق النقالت والوقفات ‪ ،‬كما أنه‬
‫يتضمن عدة انتقاالت تؤدى إلى حركة ‪،‬وإذا كان اإليقاع يعرف بأنه حركة ‪ ،‬أال أنه ليس لكل حركة طابع‬
‫اإليقاع فأحيانا قد تبعث الحركة على التشتت ‪.‬واإليقاع في الفن نعنى به طريقا سهال متصل الحلقات تستطيع‬
‫العين أن تدركه من خالل انتقالها عبر أى تنظيم من الخطوط واألشكال واأللوان والمالمس وعندها تحدث‬
‫الحركة ‪.‬‬

‫أن جمال اإليقاع يتضح في تنظيم الفواصل الموجودة بين وحدات العمل الفنى ‪ ،‬كما أن اإليقاع يقوم‬
‫على تحديد العالقات بين توزيع األضواء والظالل واأللوان والخطوط والمالمس وتغير المساحات فالعمل الفنى‬
‫يبنى على الصراع بين السالب والموجب وبين القاتم والفاتح وبين األلوان والمالمس التي تكون وحدة إيقاع العمل‬
‫الفنى ‪ .‬ال فرق بين فراغ سلبي وأشكال إيجابية الكل يكمل األخر ‪ ،‬فالكل يؤكد األخر على إيجاد إيجابية شاملة‬
‫للعمل الفنى ترصدها أعيننا التي تتحرك على سطح العمل الفنى بحرية تامة من نقطة إلى نقطة أخرى ويتحرك‬
‫بصريا عبر المساحة جيئة وذهابا ‪ ،‬حاص ار الصورة ومحددا جماليتها اإليقاعية المعقدة أو البسيطة‬

‫وعندما يحاول الفنان تحقيق اإليقاع ليضفى الحيوية والديناميكية على عمله الفنى يلجأ إلى تنظيم‬
‫العالقات والعناصر على أساس من الوحدة والتنوع وجماليات النسبة القائمة على التوازن داخل نظام التصميم‬
‫بما قد يحوى من قيم ملمسيه متنوعة تتصف باالنتظام أو شبة االنتظام والتي يمكن لهذه القيم الملمسية من‬
‫خالل الدراسة الحالية أن تمثل أحد صور اإليقاع في العمل الفنى والتي تتحقق من خالل تنظيم وتنغيم مركب‬
‫إلى حد ما بين كال من التوالى والتبادل بين وحدات وفترات العمل الفنى ‪.‬‬

‫فالتبادل بين وحدتين أو أكثر يكون ناجحا من تكرار الوحدة الواحدة والتوالى في المساحات والخطوط‬
‫واأللوان والمالمس والفواصل يحققان معا تنغيما في الزخرفة سواء كان بالتشعب الموجود في الوحدة الزخرفية‬
‫فقد يكون الفراغ شكال أو الشكل فراغا وهذه المنظومة هى‬ ‫للفن اإلسالمي أو بالتبادل بين الشكل واألرضية‬
‫التي توضح القانون العام الذي يستخدمه الفنان في الربط بين وحدات العمل الفنى وتنظيمها إما بطريقة تك اررية‬
‫أو شبة تك اررية بحيث يظهر العمل الفنى مترابط األجزاء من خالل تنسيق لجزئيات ووحدات المفردات الشكلية‬
‫داخل إطار اللوحة الفنية‬

‫أنواع اإليقاع ‪:‬‬

‫مما سبق يتضح أن لإليقاع عنصرين أساسيين يتبادالن أحدهما بعد األخر على دفعات تتكرر وهما ‪:‬‬

‫" الوحدات " ‪ :‬وهى العنصر اإليجابى ‪.‬‬ ‫–‬ ‫أ‬

‫" الفترات " ‪ :‬وهى العنصر السلبى ‪.‬‬ ‫–‬ ‫ب‬

‫تقسيم أنواع اإليقاع ‪- :‬‬


‫أوال ‪ :‬إيقاع رتيب‬

‫وهو ذلك الذي تتشابه فيه كل من " الوحدات " و"الفترات" تشابها تاما في جميع األوجه‬
‫أ‬ ‫باستثناء اللون إذ تختلف فيه األلوان ‪ ،‬فقد تكون الوحدات‬ ‫–‬ ‫كالشكل والحجم والموقع‬
‫سواء مثال الفترات بيضاء أو رمادية ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬إيقاع غير رتيب‬

‫وهو ذلك الذي تتشابه فيه جميع " الوحدات " مع بعضها ‪ ،‬كما تتشابه فيه جميع‬
‫" " الفترات " مع بعضها أيضا ‪،‬ولكن تختلف فيه " الوحدات " عن "الفترات " شكال‬
‫ب‬
‫أو حجما أو لونا ‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬اإليقاع الحر‬

‫هو الذي فيه يختلف شكل " الوحدات " عن بعضها اختالفا تاما ‪ ،‬كما تختلف فيه " الفترات " عن‬
‫بعضها اختالفا تاما أيضا وقد يقع هذا اإليقاع في أى من المرتبتين التاليتين ‪:‬‬

‫أ – إيقاع حر يحكمة إدراك عقلى ثقافى فنى ‪:‬‬

‫وتكون كال من " الوحدات " و"الفترات " مرتبة بشكل مقبول ‪،‬وفي هذه الفصيلة تقع‬
‫الكثير من األعمال الفنية التي ينتجها ذو الثقافة الفنية العالية‬

‫ب‪ -‬إيقاع حر عشوائى ‪:‬‬


‫‪.‬‬
‫وفيه يكون ترتيب كل من " الفترات " أو " الوحدات " ترتيبا عشوائيا دون‬
‫ربط أو دراسة‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬إيقاع متناقص ‪:‬‬

‫إذا تناقص حجم " الوحدات " تناقصا تدريجيا مع ثبات حجم "الفترات" أو‬
‫تناقص حجم " الفترات " تناقصا تدريجيا مع ثبات حجم " الوحدات " ‪،‬أو تناقص‬
‫حجم كال من " الفترات" و"الوحدات " تناقضا تدريجيا معا فعندئذ يعبر عن هذا‬
‫اإليقاع بأنه " متناقص‪.‬‬

‫خامسا ‪ :‬إيقاع متزايد‬

‫إذا تزايد حجم " الوحدات " تزايدا تدريجيا مع ثبات حجم " الفترات " ‪،‬أو‬
‫تزايد حجم " الفترات " تزايدا تدريجيا مع ثبات حجم الوحدات ‪،‬أو تزايد حجم كل‬
‫منهما تدريجيا معا ‪ ،‬فعندئذ يعبر عن هذا اإليقاع بأنه " متزايد " ‪.‬‬

‫وإذا نظرنا قليال إلى تعريف كل من نوعى اإليقاع السابقين وهما " المتناقص و"المتزايد "لوجدنا أن أيا‬
‫منهما قد يكون مرة إيقاعا متزايد وأخرى إيقاعا متناقض ويتوقف هذا األمر أو ذاك على الجانب الذي ينظر‬
‫منه الرائى ‪ ،‬فلو أنه نظر إلى الجانب الذي تبدأ منه " الوحدات " الصغيرة فسوف نسمية إيقاعا متزايدا ‪ ،‬ولو‬
‫نظر من الجانب األخر الذي تبدأ منه " الوحدات " الكبيرة فسوف نعتبره إيقاعا " متناقصا " ‪.‬‬

‫وعلى هذا فإن العمل الفنى الجيد هو الذي يشتمل على إيقاعات متعددة ولن‬
‫يضر اجتماعها بجوار بعضها البعض بشكل أو بأخر ‪ ،‬فهو أمر من شأنه أن يكسب‬
‫الصورة تنوعا وتجديدا في الشكل ويحد من الضجر الذي قد يحس به البعض كنتيجة‬
‫للرتابة المتناهية لو ذاد اإليقاع كثي ار " كما أنه في اجتماع مرتبتين أو أكثر من مراتب‬
‫اإليقاع معا بجوار بعضها ما يقوى من شأنهما معا ‪ ،‬يعمل على تأكيد وحدة العمل الفنى‬
‫وذلك بشرط أن يكون ألحد اإليقاعات سيادة على ما يجاوره‪.‬‬

‫ومن هنا نجد أنه من النادر في العمل الفنى أن نجد إيقاعا من نوع واحد بل االحتمال األكثر أن يشمل‬
‫على إيقاعات متعددة‪.‬‬
‫القيم الفرعية لإليقاع‬
‫اإليقاع في الفن " يتصف بمميزات هى االستم اررية والتكرار ‪ ،‬فكل مظهر حركى منعزل في الزمان‬
‫يعرض علينا ناحية انفعالية استثنائية ووقتية تصنع في نفس اللحظة التي تتكرر فيها لكي تكون جزء في كل‬
‫متواصل ينشأ عل الفور في الزمان والمكان وذلك أن عنصرى اإليقاع األساسين وهما المكان والزمان ‪ ،‬شيئان‬
‫ال سبيل إلى تفريقهما " ‪،‬وهذا ما تبرزه القيم الفرعية لإليقاع والتي هى بمثابة التنظيمات والصور التي تحقق‬
‫عنصرى اإليقاع المتصالن دائما وهما االمتداد والزمان وهذه القيم الفرعية هى ‪-:‬‬

‫اإليقاع من خالل التكرار ‪:‬‬

‫يؤكد التكرار على اتجاه العناصر وإدراك حركتها وعادة يلجأ الفنان والمصمم إلى التعامل مع‬
‫مجموعات من العناصر قد تكون خطوطا أو أقواسا ‪،‬أو مثلثات ‪،‬أو مربعات ‪ ،‬أو مجموعات ملمسيه ‪،‬أو لونية‬
‫الخ ‪ ،‬وفي أى من هذه الحاالت يلجأ المصمم إلى التكرار الذي هو استثمار ألكثر من‬ ‫…‬ ‫متباينة أو متدرجة‬
‫شكل في بناء صيغ مجردة أو تمثيلية قائمة على توظيف ذلك الشكل أو تلك األشكال األخرى خالل ترديدات‬
‫دون خروج ظاهر عن األصل ‪ ،‬بمعنى أال يفقد الشكل خصائصه البنائية والتكرار بهذا المعني يشير إلي‬
‫مظاهر االمتداد واالستم اررية المرتبطة بتحقيق الحركـ ـة علي مسطح التصمي ـم ذي البعدين ويربط مفهوم التكرار‬
‫هذا بمعني الجاذبية ‪ ،‬والتشابه ‪ ،‬وقيمة االنتباه في العمل الفني ‪ ،‬وهي خصائص يمكن أن تتأكد من خالل‬
‫تكرار التأثيرات الملمسيه بما تتسم به من وحدة وتشابه وتنوع يجذب النظر إليها باعتبارهما تنغيمات بصرية‬
‫قوية قد ينتج عن تكرارها بكيفيات متنوعة تفاعالت العناصر وعالقاتها باألرضية أو الفراغ الناتج عن حركتها‬
‫وقد تعددت أساليب التكرار في األعمال واالتجاهات الفنية فعلي سبيل المثال حقق تكرار الخطوط والمالمس‬
‫بمختلف أنواعها في التجريدية الهندسية أنواع من اإليقاع القائم علي التنوع ‪ ،‬وكان التكرار لدي المستقبلية تك ار ار‬
‫بتركبات خطية تعكس قيم ملمسيه متنوعة البتكار وبناء‬
‫حركيا قائم علي ترديد الشكل وتفتيت المساحات ا‬
‫التكوين في العمل الفني‪.‬‬
‫اإليقاع من خالل التدرج ‪:‬‬

‫يقوم اإليقاع علي تنظيم الفواصل من خالل عنصران هامان ‪ ،‬هما "الفترات" و "الوحدات أو األشكال‬
‫" وتتدرج هذه الفترات في اتساعها مما يؤدي إلي سرعة أو بطئ اإليقاع ‪ " ،‬فحينما تتدرج الفترات واألشكال‬
‫بمسافات صغيرة ‪ ،‬يحدث إيقاع سريع والعكس عند تكرار األشكال و الفترات بمسافات كبيرة يحدث إيقاع بطئ‬
‫‪ ،‬أي تقترن اإليقاعات السريعة بقصر الفترات بين األشكال وتقترن اإليقاعات البطيئة بطول المسافات بين‬
‫األشكال ‪ ،‬ويتوقف ذلك علي حركة العين بين العناصر علي مسطح التصميم ذي البعدين‬

‫فالتدرج السريع الواسع المدى يبعث اإلحساس بالراحة والهدوء ‪ ،‬وذلك يعكس التباين أو التدرج السريع‬
‫الذي ينقل العين سريعا من حالة إلي حالة أخرى مضادة لها فيرتبط سيكولوجيا بالصراع والقوة ويكون مناسبا‬
‫للصورة التي تعبر عن هذه المعاني ‪.‬‬

‫والتدرج بين األشكال ‪ ،‬والمساحات ‪ ،‬والخطوط التي ينتج عن انتظامها قيم ملمسيه متنوعة تسهم بشكل‬
‫كبير في إدراك كثافات هذه القيم الملمسية التي تحقق اإليقاع فمع تضاؤل أو ازدياد التغير المتدرج بين األشكال‬
‫والمفردات نستشعر الهدوء أو السرعة في اإليقاع ‪.‬‬

‫وقد استثمرت المستقبلية وفن الخداع البصري علي سبيل المثال أسلوب التدرج بشكل فعال في أعمالهم‬
‫اعتمادا علي أنواع التدرج في اإليقاع المتناقص والمتزايد حيث يتحقق اإليقاع المتناقص " إذا تناقص حجم‬
‫الوحدات تناقصا تدريجيا مع ثبات حجم الفترات أو تناقص حجم الفترات تناقصا تدريجيا مع ثبات حجم الوحدات‬
‫أو تناقص حجم كل من الفترات والوحدات تناقصا تدريجيا معا ‪ ،‬فعندئذ يعبر عن هذا اإليقاع بأنه متناقص ‪،‬‬
‫ويتحقق اإليقاع المتزايد إذا تزايد حجم الوحدات تزايدا تدريجيا مع ثبات حجم الفترات أو تزايد حجم الفترات تزايدا‬
‫تدريجيا مع ثبات حجم الوحدات أو تزايد كل منهما تدريجيا معا فعندئذ يعبر عن هذا اإليقاع بأنه متزايد‪ .‬وقد‬
‫يستخدم أسلوب اإليقاع المتناقص أو المتزايد إلحكام تدرج القيم الملمسية علي مسطح العمل المصمم حيث‬
‫يحدث نوع من الخداع البصري نتيجة ألسلوب التنظيم القائم عل التبادل التدريجي شكال ولونا لإليهام بأنواع من‬
‫النظم الملمسية التي تحقق اإليقاع بمعدالت متباينة ‪.‬‬
‫اإليقاع من خالل التنوع ‪:‬‬

‫التنوع مبدأ تشكيلي أساسي له أهمية بالغة في العمل الفني فالبد أن يعتمد كل عمل فني علي تحقيق‬
‫التغير والتنغيم اإليقاعي بحيث ال يفقد العمل وحدته أي يقوم هذا التنوع علي نوع من التنظيم للحفاظ علي‬
‫الوحدة فكلما جاء التنوع بين عناصر العمل الفني بشرط توفير نظم واضحة لوحدتها كلما عبر هذا العمل عن‬
‫الديناميكية والفاعلية فالتكرار والتنوع صفتان متالزمتان في بناء العمل الفني المعبر والمهم في العمل الفني أال‬
‫تطغي وحدته علي تنوعه وأال تطغي تنوعه علي وحدته بل يقهر تنوعه وحدته علي االعتراف بأنها وحدة تنوع‬
‫وتقدم الطبيعة العديد من القيم الملمسية السطحية القائمة علي تنوع حركة المفردة إلي جانب تنوعها شكال‬
‫وحجما واتجاها ‪ ،‬ويتحقق هذا التنوع مع الحفاظ علي النظام السائد لتتابع المفردة المكونة لقيم السطح ‪ ،‬وقد‬
‫جمع الفن الحديث بين المعالجات المختلفة للشكل والخامة واللون…إلخ‪ ،‬ليحقق القيم الملمسية المتنوعة التي قد‬
‫تشكل الطابع العام للعمل الفني كما في أعمال " مارك توني"‪ "،‬جاكسون بلوك "‪ ،‬أو تتضافر مع باقي عناصر‬
‫العمل الفني كما في أعمال " كاندنسكي " و" جوان ميرو " ‪ ،‬وغيرهم وبصفة عامة تتحقق التأثيرات الملمسية‬
‫من خالل الطابع االيقاعي العام الذي يثير القوي الدينامية المتنوعة التي تبرز الفكرة وتؤكدها ‪.‬‬
‫اإليقاع من خالل االستمرارية ‪:‬‬

‫التواصل أو االستم اررية صفة أساسية تميز اإليقاع وتحقق الترابط القائم علي تكرار األشكال داخل‬
‫التصميم ‪ ،‬وتعد صفة االستم اررية قاسم مشترك يكسب الوحدة تنوعها ويكسب التدرج انتظامه ويعطي ‪ ،‬للعمل‬
‫ككل صفة الترابط بين أجزائه فيمكن أن يحقق الفنان التوحد في صورته المعقدة ‪ ،‬التي تتضمن عناصر تشغل‬
‫درجات متفاوتة في نمو األشكال وتنتج عناصر ذات قيم متنوعة وفراغات ذات قوي مختلفة عن طريق ما‬
‫يتكشفه فيما بي نهما من أنواع من االستم اررية وتتضح أهمية صفة االستم اررية في الربط بين إيقاعات القيم‬
‫الملمسية المتنوعة وتحقيق النظام السائد للمفردات والوحدات ذات التك اررات المتنوعة وهذه االستم اررية تدعو‬
‫البتكار معني التحول من توالد تناسخ وتطور إلي أشكال سهلة اإلدراك مقبولة التوقع ويعتمد فن الخداع البصري‬
‫علي سبيل المثال علي إحداث نوع من التعاقب أو التواصل المستمر في رؤية األشكال واأللوان علي شبكيات‬
‫تختلق نظم إيقاعيه متنوعة تعتمد علي تبادل ظهور األشكال واألرضيات بنوع من التوهج واالنطفاء أو التذبذب‬
‫وعدم االستقرار الناتج عن استمرار التواصل بين العناصر وانقطاعها ‪ ،‬وقد يحقق استمرار تتابع القيم الملمسية‬
‫أو تدرجها وتباعدها علي مسطح العمل الفني إلي إكساب المالمس طبيعة خاصة تختلف باختالف اتجاهات‬
‫مسارات المفردات المكونة لهذه المالمس فصفة االستم اررية لضربات ولمسات الفرشاة عند التأثيرين هي التي‬
‫تعطي للعمل الطابع المميز الذي يوجهنا إلي اإلحساس باالستم اررية في الرؤية من المركز إلي األطراف ‪،‬‬
‫وبالعكس ‪ ،‬كما نستطيع من خالل هذا الطابع أن نفرق بين ضربات فرشاة "فان جوخ "ولمسات "سوار" علي‬
‫سبيل المثال ‪.‬‬

‫اإليقاع يف ضوء مفهوم اإلدراك ‪:‬‬

‫إن عملية اإلدراك تنطوي علي أعمال قدرات فسيولوجية تتعلق بوظائف األعضاء ‪ ،‬وتتحكم في آليات‬
‫اإلدراك البصري ‪ ،‬كما تتعلق بالقدرات العقلية والنفسية التي تتضافر مع القدرات الفسيولوجية وتتشكل من‬
‫منظور الفروق الفردية التي تعكس العوامل الثقافية والبيئية داخل العمل الفني ‪.‬‬

‫وقد "أشارت األبحاث إلي أن معظم معلوماتنا عن العالم الخارجي تأتينا عن طريق حاسة اإلبصار‬
‫وتمثل العين وروابطها العصبية أعظم الوسائل التي يحصل بها اإلنسان ذو قدرة اإلبصار العادية علي معلوماته‬
‫تقوم بما يسمي بعملية اإلدراك البصري‬ ‫–‬ ‫عن العالم الخارجي المحيط به وعليها فإن العين‬
‫ويشير "رودلف أرنهايم " أن من دون ازدهار التعبير البصرى ال تستطيع أي ثقافة أن تنشط على نحو‬
‫إبداعى وعلى هذا النحو يتعامل الفنان المصمم مع العمليات والظواهر والعوامل التي تتحكم في المجال االدراكى‬
‫باعتبارها مدخال أساسيا للوعى بطبيعة الرسالة الجمالية ومدى فعالياتها في التأثير في المشاهد ‪،‬وبقدر وعى‬
‫الفنان المصمم بتلك القدرات اإلدراكية يكون نجاحه في استخدام أسس وعناصر التصميم ‪،‬وفي التحكم في‬
‫إمكانية ربط العناصر البصرية وتحقيق أكبر قدر من االتساق بين الهيئات واألشكال في أعمال التصميمات‬
‫المسطحة ذات البعدين ‪.‬‬

‫مفهوم اإلدراك ‪:‬‬

‫اإلدراك هو الوسيلة التي يتصل بها اإلنسان مع بيئته المحيطة ‪ ،‬فهو عملية عقلية تتم بها معرفة‬
‫اإلنسان للعالم الخارجى عن طريق التنبيهات الحسية أى تتم من خالل اتحاد كل من الجانب العقلى ‪ ،‬والجانب‬
‫الحسى ‪ ،‬حيث أنهما ال ينفصالن في رؤية وإدراك مختلف مشاهد الحياة بصورة عامة وال سيما األعمال الفنية‬
‫بكل ما فيها من عالقات شكلية ‪ ،‬كما أن " اإلدراك الحسى ال يقتصر على الخصائص الحسية للشئ المدرك‬
‫فقط ‪ ،‬بل يشمل معرفة واسعة تخدم هذا الشئ المدرك‬

‫فاإلدراك هو " عملية لتفسير المثيرات الواردة للعقل حيث تكون المفاهيم وما يرتبط بها من تصورات‬
‫عن العالم المحيط لإلنسان ‪،‬ويتوقف ذلك على البيئة السيكولوجية وبخاصة االستعداد العام والخبرة السابقة‬
‫‪،‬ويترتب على ذلك عدم إخضاع عملية اإلدراك لمعايير موضوعية بحتة ‪،‬ولكن يخضع اإلدراك لطبيعة التنظيم‬
‫الفكرى المتغير ‪.‬‬

‫وقد أشار " رودلف أرنهايم " إلى دور العقل في رؤية األشكال فقال أن " الشكل هيئة بصرية لمحتوى‬
‫يدرك بالعين ‪،‬وله ترتيب ذو نظام يعيه العقل ويمكن أن يكون الشكل منفصال عن المساحة التي يتوزع عليها‬
‫‪ ،‬ولكن في أى حال يكون اإلدراك الكلى في وحدة تتمثل في شئ ما ‪،‬وهى تفهم كتصور ناتج من التآلف العقلى‬
‫لإلنسان وهذا التآلف يستند إلى الخبرة السابقة ودورها إعمال عملية اإلدراك ‪ ،‬حيث أن خبرة الفرد السابقة ‪،‬وما‬
‫يختزنه من معلومات وتصورات في ذاكرته عن ماهيات األشياء تعطى له الفرصة لتفسير وتصنيف المرئيات‬
‫والخبرات الجديدة التي يمر بها ‪.‬‬
‫" أن اإلدراك الحسى " هو فعل من أفعال الوعى يتميز بأنه يقصد موضوعات حاضرة بذاتها أو "‬
‫بجسميتها " أمام الوعى ‪ ،‬وهى تظهر له على التتابع من خالل منظورات جانبية ‪ ،‬أما التخيل فهو وعى يقصد‬
‫موضوعة بوصفة غائبا ‪،‬وغاية اإلدراك الجمالى هو رؤية القصد أو الداللة التي يطرحها العمل الفنى ذاته وهو‬
‫بذلك يشير إلى أن اإلدراك يمس جانبا من الحياة العقلية المعقدة التركيب ‪ ،‬لذا يعد من الظواهر المثيرة التي‬
‫كانت ملتقى العديد من البحوث والدراسات التي اهتمت باإلدراك في مستواه العلمي حيث تبنى كل من علم‬
‫النفس الفلسفي والدراسات السيكولوجية وضع تفسير لإلدراك حيث نجد أن كال من اإلرتباطيين وأنصار مدرسة‬
‫الجشطالت قاموا بوضع تفسير لعملية اإلدراك فقد رأى االرتباطيون " أن التجربة الحسية هى األصل الوحيد‬
‫للمعرفة ‪ ،‬بمعنى أن إدراكنا لصورة ما يرجع إلى إحساسات أولية " معانى بسيطة أدركت بالحس ثم يتم وبطريقة‬
‫آلية وم يكانيكية طبقا لقوانين التداعى مطابقة الصورة التي تراها العين بصورة مماثلة لها في الدماغ يستدعيها‬
‫من خبرته السابقة ثم يضفى عليها المعانى المرتبطة بهذه الصور فيتم إدراكها‬

‫وردت مدرسة الجشطالت على " التفسير اإلرتباطى اآللي لعمليات اإلدراك مؤكدة على ضرورة دراسة‬
‫كل واحدة من الخبرات ككل ‪،‬و أن الكلية ليست مجرد صهر الخبرات الحسية والتركيب بينها ‪ ،‬بل لها طبيعة‬
‫من التنظيم الدينامى السائد طبق قوانين معينة وهنا يتبين تفسير نظرية الجشطالت التي كانت ترى أن اإلدراك‬
‫يتعلق باألشياء في جملتها وصورتها الكلية منذ الوهلة األولى فهم يؤكدون على أهمية الكل وأن الفرد يدرك‬
‫الموقف ككل ‪ ،‬فللكل مميزاته وخواصه التي ليست لألجزاء وال نستطيع أن ندرس خواص الكل من الجزء وبهذا‬
‫التفسير نجد أن العمل الفنى في ضوء نظرية الجشطالت عبارة عن تنظيم خاص وفريد لعناصر معينة‬
‫ولمكونات معينة في شكل كلى متميز وفريد‬

‫ولهذا فقد كان للبحوث التي قدمتها نظرية الجشطالت عن حقيقة اإلدراك وكيفية حدوث االستبصار ‪،‬‬
‫مفهوم السلوك البصرى ‪،‬اهتمام كبير من قبل الفنانين والمهتمين بالفنون وعن هذا يقول " رودلف أرنهيم " " أن‬
‫العقل دائما ككل ‪ ،‬و كل إدراك هو تفكير وكل استدالل هو أيضا استبصار ‪ ،‬وكل مالحظة هى أيضا ابتكار‬
‫ومناسبة هذه اآلراء لنظرية وممارسته الفن ‪ ،‬مصممة أمر واضح تماما وعلى هذا فأن ممارسة الفن بعد نظرية‬
‫الجشطالت ‪ ،‬لم تعد مجرد عملية محاكاة وتسجيل للعناصر الحسية فحسب ‪ ،‬بل أصبحت عملية إبداعية تجذب‬
‫الفنان إلى اكتشاف الواقع وفهم أس ارره من خالل عمليات المالحظة واالستبصار ‪ ،‬واالبتكار وعملية التذوق‬
‫والتنظيم ‪ ،‬وإعادة التنظيم وغيرها من العمليات التي تفسر سيكولوجية النشاط الفنى اإلنساني ‪.‬‬
‫اإلدراك البصري ‪:‬‬

‫يتم اإلدراك البصري عن طريق العين خالل الضوء المنعكس ‪ ،‬من المرئيات والذى تستقبله العين‬
‫بواسطة عدسة الشبكية فتتكون لديه صورة نمطية على الشبكية لدرجات شدة المداخل المتفاوتة من األسطح‬
‫المتعددة واألشياء الموضوعة أو المكونة لتلك األسطح ثم تقوم األعصاب بنقل اإلشارات إلى المخ فيتم به‬
‫بعض التغيرات الفسيولوجية والكيميائية في العضالت واألعصاب وخاليا المخ ‪ ،‬التي تسبب الوعى باألشياء‬
‫واإلحساس ‪،‬وتنمية قدرات التفكير والرغبات واالستجابات‪.‬‬

‫مفهوم اإلدراك البصري ‪:‬‬

‫–‬ ‫اإلدراك البصري في مفهومة العام هو " عملية عقلية ‪ ،‬تجرى بناءا على استقبال المثيرات البصرية‬
‫للتعرف على المرئيات الموجودة في المجال البصرى ‪،‬واكتشاف النظم التي تتضمنها هذه‬ ‫–‬ ‫عن طريق العين‬
‫المرئيات وعملية اإلدراك البصري في مفهومها تتوقف على الفاعلية بين اإلنسان المدرك والشيء المدرك وفقا‬
‫لنوعية المثيرات الموجودة في العالم الخارجى للذات المدركة حيث يحدث نوع من التفاعل الذهني يطلق علية‬
‫عملية اإلدراك لذا فعملية اإلدراك البصري مثلها كمثل عمليات اإلدراك األخرى ‪ ،‬حيث تعتمد على العقل في‬
‫تفسير المدركات ‪ ،‬أو المرئيات البصرية ‪،‬وال يقتصر اإلدراك البصري على مجرد اإلحساسات البصرية التي‬
‫تصل إلى جهاز العين وإنما البد أن تمتد إلى أكبر من ذلك وهو قدرة العقل على تفسير وترجمة وتأويل هذه‬
‫اإلحساسات البصرية ‪ ،‬بناءا على الخبرات الحسية السابقة ‪.‬‬

‫وقد وضعت نظرية الجشطالت القوانين والمفاهيم األساسية المرتبطة بإدراك ماهيات األشكال ‪،‬وحددت‬
‫األطوار التي يتم من خاللها عملية اإلدراك البصرى حيث وصفها يوسف مراد" على التتابع التالى ‪- :‬‬

‫‪Syadylical Perception‬‬ ‫‪ -‬نظرة إجمالية كلية عامة ‪.‬‬

‫تحليل الموقف وإدراك العالقات القائمة بين أجزاء ‪Anadylical Perception‬‬ ‫‪-‬‬

‫إعادة تأليف هذه األجزاء والعودة إلى النظرة اإلجمالية مرة أخرى ‪Syadylical Perception.‬‬ ‫‪-‬‬

‫ومن خالل هذا التتابع يتضح أن اإلدراك البصري بالنسبة ألغلب الناس يبدأ بالنظرة اإلجمالية ‪ ،‬ثم‬
‫بعملية تحليل وإدراك العالقات القائمة بين األجزاء ثم إعادة تأليف األجزاء في هيئة كلية مرة أخرى ‪،‬أى أن‬
‫عملية اإلدراك البصري مستمرة تبدأ في األغلب بالكليات وتتحول إلى الجزئيات بهدف التحليل والتأمل تمهيدا‬
‫إلعادة التحول إلى الكليات في صورة مفهوم إدراكى ‪0‬‬

‫أن اإلدراك بكونه تفاعال بين اإلنسان المدرك والشيء المدرك فإن عملية اإلدراك تتأثر بعوامل ذاتية‬
‫تخص اإلنسان المدرك ‪،‬وعوامل موضوعية المرئيات المدركة وهو يرى هنا أن عملية اإلدراك البصرى‬
‫ترتبط ببعض العوامل التي تؤدى إلى حدوث اإلدراك وهى عوامل مرتبطة بالفرد المدرك وهى العوامل الذاتية‬
‫وعوامل مرتبطة بالمجال المرئى وهى العوامل الموضوعية ‪.‬‬

You might also like