You are on page 1of 33

‫‪:‬لتطور التاريخي لقانون األسرة‬

‫العهد االستعماري‪:‬قبل أن تستولي فرنسا ‪1-‬‬


‫على زمام األمور ( الحكم) في الجزائر كانت مادة األحوال الشخصية تخضع‬
‫ألحكام القرآن الكريم والسنة النبوية‪ ،‬فكان القاضي آنذاك يستنبط األحكام‬
‫الخاصة بهذه المادة من هذين المصدرين وإ ذا لم يجد اجتهد رأيه وكانت له‬
‫الحرية في االختيار من آراء و فتاوى الصحابة األقرب للقرآن الكريم والسنة‬
‫النبوية وباإلمكان يأخذ برأيه معتمدا على تفسيره الخاص‪ ،‬ولكن تغير الوضع‬
‫لما تولى أبو يوسف القضاء في بغداد أيام هارون الرشيد وكان أهم ما يميز هذه‬
‫النقطة التاريخية هو انه كان يتعين على القاضي ان يستنبط األحكام من‬
‫المذهب الحنفي وهو مذهب الدولة العباسية‪ ،‬وكذلك الشأن بالنسبة للدولة‬
‫العثمانية فيما عدا ما كان عليه القضاء في األندلس فكان على مذهب اإلمام‬
‫مالك ‪ ،‬وستمر األمر على هذه الحالة إلى غاية أن استولت فرنسا على الحكم في‬
‫الجزائر‪ ،‬ولكن ما ينبغي اإلشارة إليه هو أن المستعمر الفرنسي صعب عليه‬
‫األمر أن يقوم بتوحيد النصوص المنظمة لمادة األحوال الشخصية وذلك راجعا‬
‫إلى‬
‫أنه كانت الطائفة التركية خاصة في الجزائر العاصمة على مذهب اإلمام أبو‬
‫حنيفة وإ لى جانبها كانت أغلبية األشخاص يخضع للمذهب المالكي‪ ،‬باإلضافة‬
‫إلى‬
‫األعراف القبائلية التي كانت تطبق في منطقة القبائل‪ ،‬وكذلك مذهب اإلباضي‬
‫في‬
‫الميزاب ‪ ،‬وإ لى جانب هذا نص المستعمر على إخضاع المستوطنين الفرنسيين‬
‫في ‪ GREMIEUSE‬وغيرهم من حاملي الجنسية الفرنسية بمقتضى مرسوم‬
‫سنة ‪1870‬‬
‫وكذلك الجزائريين اليهود وبعض الجزائريين المكتسبين للوطنية للقانون‬
‫الفرنسي المواد القانونية فيما يتعلق بالمسائل الجزائية والتجارية‬
‫واإلدارية واإلجرائية إال فيما عدا مادة األحوال الشخصية فتركت فرنسا‬
‫الجزائريين يخضعون ألحكام الشريعة اإلسالمية‪ ،‬وكذلك فيما يتعلق بمعاملتهم‬
‫‪.‬المدنية الخاصة به وخضعت لذلك محاكم شرعية‬
‫تستأنس هذه األخيرة ألحكام‬
‫‪.‬الشريعة اإلسالمية فيما يتعلق بالزواج‪ ،‬الطالق‪ ،‬الميراث‪ ،‬العصبة والوقف‬
‫حاولت‬
‫فرنسا أن تقوم بتوحيد قانون األسرة في بداية القرن ‪ 20‬وذلك عن طريق‬
‫مشروع‬
‫العميد مارسيل مورد‪ ،‬وقد تناول هذا المشروع جميع المسائل المتعلقة باألحوال‬
‫الشخصية حيث كان يحتوي على ‪ 263‬مادة متعلقة بالزواج والطالق وآثارهما‬
‫المتعلقة‪ ،‬و‪ 226‬مادة متعلقة بالهبة والحبوس والميراث والوصايا‪ ،‬و‪ 79‬مادة‬
‫متعلقة باإلثبات‪ ،‬وبالرغم من أن هذا المشروع لم يصبح قانونا كان بعض‬
‫الفقهاء يستنبطون أحكامهم منه‪ ،‬ويستمر الوضع على هذه الحالة إلى أن قامت‬
‫فرنسا بوضع أول قانون مكتوب بشكل منظم يهتم باألحوال الشخصية وهو رقم‬
‫الصادر في ‪ 11/07/1957‬والذي نظم األحكام المتعلقة بالوالية ‪57/778‬‬
‫والحجر‬
‫والغياب والفقدان‪ ،‬ثم تم صدور األمر رقم ‪ 59/274‬الصادر في‬
‫‪ 04/02/1959‬الذي‬
‫نظمت بمقتضاه اإلدارة الفرنسية الزواج والطالق وأهم ما يالحظ على األمر‬
‫‪:‬األخير ما يلي‬
‫يبطل عقد الزواج إذا لم ينعقد من قبل الزوجين وعلينا‪-‬‬
‫‪.‬بحضور الشاهدين أمام ضابط الحالة المدنية أو القاضي‬
‫الزواج ينحل فيما‪-‬‬
‫عدا الوفاة إال بحكم قاضي وبطلب من أحد الزوجين وهنا يميز المشرع ما بين‬
‫نوعين من األسباب‪ ،‬فهنالك أسباب حاسمة ( زنا الزوج‪ ،‬الحكم على الزوج‬
‫بعقوبة‬
‫مقيدة للحرية) وأسباب غير حاسمة ( سوء معاملة الزوجة‪)...‬‬
‫ال يعترف‪-‬‬
‫‪.‬بزواج الصغار فقد حددت سن الزواج ب ‪ 18‬سنة للفتى و ‪ 15‬سنة للفتاة‬
‫‪:‬المشرع الجزائري وقانون األسرة ‪2-‬‬
‫بعد‬
‫ما نالت الجزائر استقاللها استقضى األمر على المشرع أن يقوم بجميع‬
‫القوانين من أجل تنظيم األمور االجتماعية واالقتصادية‪ ،...‬بل اكتفى بصدور‬
‫في ‪ 31/12/1962‬قانون يعني سريان القوانين الموروثة عن المستعمر‬
‫الفرنسي‬
‫فيما عدا التي تمس السيادة الوطنية أو لها جانب عنصري أو الماسة بالحريات‬
‫الديمقراطية ومن هنا نستخلص أنه قد بقي العمل للقانون الصادر في‬
‫‪11/07/1957‬‬
‫وكذلك األمر الصادر في ‪ 04/02/1959‬بشأن الوالية على األسرة والحجر‬
‫والغياب‬
‫والفقدان والزواج والطالق وآثارهما وقد حاول المشرع تقنين األسرة منذ‬
‫‪1963‬‬
‫وخير دليل على ذلك بدأ أوال بتحديد سن الزواج غير أنه قامت آنذاك أراء‬
‫متضاربة بعضها البعض داخل الجمعية الوطنية التأسيسية بين أنصار التحديث‬
‫و‬
‫الرافضين له‪ ،‬ورغم ذلك حددت سن ‪ 16‬سنة للفتاة و ‪ 18‬سنة للفتى بمقتضى‬
‫قانون‬
‫وبعد ذلك قام المشرع بوضع قانون التنظيم القضائي‪ ،‬و قانون ‪29/06/1963 ،‬‬
‫اإلجراءات المدنية ‪ ،‬وقانون اإلجراءات الجزائية‪ ،‬وقانون العقوبات‪ ،‬وقانون‬
‫الجنسية‪ ،‬وقانون الحالة المدنية‪ ،‬واستمر الوضع إلى أن قام المشرع بوضع‬
‫القانون المدني بمقتضى األمر الصادر في ‪ 26/09/1975‬ونص في مادته‬
‫األولى على‬
‫أن القاضي يستنبط األحكام من التشريع وإ ن لم يجد فمن مبادئ الشريعة‬
‫اإلسالمية ثم العرف ثم قانون الطبيعة وقواعد العدالة‪ ،‬فأصبح على القاضي أن‬
‫‪ ،‬يستأنس بالتشريع وإ ال فمبادئ الشريعة اإلسالمية بشأن األحوال الشخصية‬
‫والمشرع ذاته قد نص بمقتضى األمر الصادر في ‪ 05/07/1975‬على إلغاء‬
‫جميع‬
‫القوانين الموروثة من المستعمر الفرنسي ابتداء من ‪ 01/07/1975‬وأصبح‬
‫ساري‬
‫‪.‬المفعول طبقا للمادة ‪1003‬من القانون المدني ابتداء من ‪05/07/1975‬‬
‫لكن‬
‫بالرغم من وجود هذا القانون المدني إال أنه ال يمكن تغطية كل المسائل‬
‫المتعلقة باألحوال الشخصية باألحكام التي جاء بها وكذلك األمر بالنسبة‬
‫لمبادئ الشريعة اإلسالمية ألن هذه األخيرة تقوم على عدة أراء‪ ،‬تارة مختلفة‬
‫من مذهب آلخر وتارة متضاربة في المذهب ذاته مما دفع بالمشرع محاولة‬
‫تقنين‬
‫قانون األسرة حيث وضعت بشأنه عدة مشاريع منها مشروع ‪ 1963‬ثم ‪1966‬‬
‫ثم ‪1973‬‬
‫ثم ‪ 1980‬ثم ‪ 1982‬إلى غاية إصدار المشرع قانون األسرة في ‪09/06/1984‬‬
‫‪ ،‬غير‬
‫أن الذي أدى لتأخير صدور قانون األسرة مقارنة مع القواعد األخرى هو‬
‫التضارب‬
‫القائم بين أنصار استنباط أحكام قانون األسرة من الشريعة اإلسالمية وأنصار‬
‫تغريب قانون األسرة واستنباط أحكامه من القوانين الغربية‪ ،‬وفي الحقيقة نحن‬
‫‪ .‬ال نؤيد ال الرأي األول و ال الرأي الثاني‬
‫فال نؤيد الرأي األول‬
‫عندما يقول بأنه يستوجب األخذ بآراء الفقه اإلسالمي ومنها إذ أنه ال يمكن‬
‫في العصر الحالي تطبيق بعض اآلراء التي طبقها الرأي( الفقه اإلسالمي) على‬
‫أساس األعراف السائدة آنذاك‪ ،‬غير أن هذه األعراف تتغير مع كل زمان ومكان‬
‫ومن ثم ال يمكن القول بتحديد سن الزواج الذي جاء به الفقه اإلسالمي على‬
‫أساس بلوغ األمارات الطبيعية بمعنى أدق ال يمكن لنا أن نسمح للمرأة أن‬
‫‪.‬تتزوج بمجرد أن أصبحت من ذوات الحيض أي عند بلوغها ‪ 12‬سنة‬
‫أما الرأي الثاني ال يمكن‬
‫األخذ به لسبب واحد وهو أن العادات والتقاليد واألعراف اإلسالمية المنتشرة‬
‫في الجزائر تختلف اختالفا جذريا عن تلك السائدة في الدول الغربية‪ ،‬بل حتى‬
‫النصوص القانونية فال يمكن مثال السماح للشخص أن يتزوج مع الشخص‬
‫اآلخر من‬
‫نفس الجنس‪ ،‬وال يمكن كذلك أن نجعل البن الزنا نفس المرتبة مع االبن‬
‫الشرعي‬
‫‪.‬وإ ال انتشرت الفاحشة كما هو عندهم‬
‫والجدير بالمالحظة أن أهم النقاط‬
‫‪:‬التي كان يسود حولها االختالف تتمثل فيما يلي‬
‫السماح‪-‬‬
‫للمرأة البالغة الزواج بدون ولي‪ :‬قال رسول اهلل صلى‬
‫»اهلل عليه وسلم « ال نكاح إال بولي وشاهدي عدل‬
‫عدم‪-‬‬
‫السماح للزوجة المسلمة الزواج بغير المسلم‪ :‬السبب هو‬
‫‪.‬أن المرأة عندما تتزوج بغير مسلم تصبح خاضعة ألوامر زوجها الكافر‬
‫تتعلق بتعدد الزوجات‪ :‬اإلسالم‪-‬‬
‫يسمح بالتعدد الشرعي عكس الواقع المنتشر في الدول الغربية‪ ،‬قال اهلل تعالى‬
‫فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثالث ورباع»‪ ،‬وقال أيضا‪ «:‬لن «‪:‬‬
‫تعدلوا‬
‫‪».‬بين الناس ولو حرصتم‬
‫‪:‬الطالق‪-‬‬
‫العصمة بيد الرجل وهو الذي يطلق وقد سمح له الفقه اإلسالمي بأن‬
‫يطلق زوجته حتى ولو لم يكن له سبب‪ ،‬أي أن الطالق في هذه الحالة يقع ولكنه‬
‫آثم وعقوبته أخروية‪ ،‬فالمرأة ال يمكن لها طلب التطليق إال إذا كان لها سبب‬
‫وأن مصدر حق الزوج في الطالق قوله تعالى‪ «:‬يا أيها النبي إذا طلقتم النساء‬
‫فطلقوهن لعدتهن» وهناك عدة آيات أخرى تبين أن الخطاب موجه للرجل ال‬
‫‪.‬للمرأة‬
‫التبني‪ :‬وهو إستلحاق شخص‪-‬‬
‫بلقب شخص آخر‪ ،‬ويكون الشخص األول معلوم أو مجهول النسب مع اليقين أنه‬
‫ليس‬
‫منه‪ ،‬وغالبا ما يكون المتبنى ابن زنا‪ ،‬والتبني ممنوع شرعا وقانونا المادة‬
‫قانون األسرة‪ ،‬ويقول اهلل تعالى‪ ... «:‬ادعوهم آلبائهم هو أقسط عند ‪46‬‬
‫‪...» .‬اهلل‬
‫الميراث‪ :‬هو‪-‬‬
‫أنه ينبغي حسب الرأي الثاني أن تأخذ المرأة نفس حصة الرجل سواء أكانت‬
‫بنت‬
‫أو زوجة أو أم أو أخت‪ ،‬بينما الرأي األول يرى بتطبيق أحكام الشريعة‬
‫اإلسالمية وخير دليل قوله تعالى‪ «:‬يوصيكم اهلل في أوالدكم للذكر مثل حظ‬
‫‪...» .‬األنثيين‬
‫الصداق‪( :‬المهر)‪-‬‬
‫يرى الرأي الثاني وجوب إتمام عقد الزواج بدون مهر ألن المرأة ليست محل ‪،‬‬
‫بيع وشراء‪ ،‬بينما أصحاب الرأي األول يرون بتطبيق قوله تعالى‪ «:‬وآتوا النساء‬
‫‪».‬صدقاتهن نحلة‬
‫أمام‬
‫هذه اآلراء المتضاربة بعضها البعض ينبغي القول أن المجتمع الجزائري مجتمع‬
‫إسالمي وأمام النصوص القرآنية واألحكام النبوية سالفة الذكر‪ ،‬أن نطبق أحكام‬
‫الشريعة اإلسالمية وإ ال سنطبق أحكام تغريبية على مجتمع مسلم وذلك ما يؤدي‬
‫إلى تضارب بين القانون والوسط االجتماعي فيصبح األول في واد والثاني في‬
‫واد‬
‫‪.‬آخر‬
‫مالحظات‬
‫‪:‬حول قانون األسرة والتعديالت المدخلة عليه‬
‫المشرع قد جاء بقانون األسرة في ‪ 09/06/1984‬وورد‬
‫فيه أحكام الزواج والطالق وآثارهما من المادة ‪ 4‬إلى المادة ‪ ،80‬والنيابة‬
‫الشرعية من المادة ‪ 81‬إلى المادة ‪ ،125‬والميراث من المادة ‪ 126‬إلى المادة‬
‫‪.‬وأخيرا التبرعات من المادة ‪ 184‬إلى المادة ‪183، 220‬‬
‫ومما يالحظ على هذا‬
‫القانون أنه جعل من أحكام الزواج والطالق وأحكامهما ⅓ النصوص الواردة في‬
‫هذا القانون‪ ،‬ولكن قبل اللجوء إلى تفسير أحكامه ينبغي تبيان مصادره وينبغي‬
‫طرح السؤال التالي‪ :‬هل أن المشرع قد فتح باب االجتهاد سامحا بذلك للقاضي‬
‫أن‬
‫يجتهد رأيه؟أم أنه قد غلق ذلك الباب وما على القاضي إال أن يطبق ما ورد في‬
‫هذا القانون؟‬
‫لإلجابة عليه تنص المادة ‪ 222‬قا‪.‬أ على أنه‪ ":‬كل ما لم يرد‬
‫‪".‬النص عليه في هذا القانون يرجع فيه إلى أحكام الشريعة اإلسالمية‬
‫وتماشيا‬
‫مع هذا النص فإن المشرع الجزائري عند طرح القضية عليه أن يبحث عن‬
‫الحكم في‬
‫النصوص الواردة في قانون األسرة وفي حالة إذا لم يجد يرجع إلى أحكام‬
‫الشريعة اإلسالمية‪ ،‬والملفت لالنتباه هو أمن المشرع الجزائري قد فتح باب‬
‫االجتهاد عند انتفاء النص التشريعي على مصراعيه بحيث لم يقيد القاضي‬
‫بمذهب‬
‫معين بل للقاضي الجزائري أن يبحث عن الحل األنجح في أي مذهب من‬
‫المذاهب‬
‫السنية بل حتى في المذهب الظاهري كما أخذ به المشرع بشأن التنزيل م ‪169‬‬
‫قا‪.‬أ‪ ،‬وذلك على خالف المشرع الموريتاني م‪ 311‬قا‪.‬األحوال الشخصية‪،‬‬
‫والمشرع‬
‫المغربي م ‪ 400‬من مدونة األسرة بحيث جعل من المذهب المالكي المصدر‬
‫األساسي‬
‫الذي ينبغي على القاضي أن يرجع إليه في حالة انتفاء النص التشريعي‪،‬‬
‫ويشترط‬
‫‪.‬في القاضي الجزائري أن يكون متخصص في قا‪.‬أ‬
‫*‬
‫‪:‬تطبيق قانون األسرة من حيث األشخاص‬
‫هل أخذ المشرع‬
‫الجزائري بنظام الطوائف؟ ويعني هذا النظام هو أنه عندما تطرح القضية على‬
‫المحكمة ينبغي على القاضي أن يسأل المتقاضي عن الديانة التي ينتمي إليها‬
‫حتى يحدد القانون الواجب التطبيق‪ ،‬فإذا كان الشخص ينتمي إلى الديانة‬
‫المسيحية يطبق عليه األحكام الواردة في هذه الديانة وهو نظام معمول به في‬
‫دول الشرق األوسط كلبنان وكذلك في المغرب بالنسبة للطائفة اليهودية‪ ،‬أما‬
‫المشرع الجزائري لم يأخذ بنظام الطوائف بحيث قد نص في م ‪ 221‬قا‪.‬أ على‬
‫"‪:‬أنه‬
‫يطبق هذا القانون على كل المواطنين الجزائريين وعلى غيرهم من المقيمين‬
‫بالجزائر مع مراعاة األحكام الواردة في القانون المدني"‪ ،‬وبتحليل‬
‫‪:‬هذا النص نستشف ما يلي‬
‫النزاع إذا كان أحد أطرافه يحمل الجنسية‪1-‬‬
‫‪.‬الجزائرية وهو متمسك بالدين اإلسالمي أم ال فأحكام قا‪.‬أ هي التي يخضع لها‬
‫‪.‬المشرع أخذ بضابط الجنسية وليس ضابط الديانة أو اإلقليم‬
‫أما‪2-‬‬
‫االستثناءات الواردة في م ‪ 221‬قا‪.‬أ تتعلق فقط بأحكام القانون المدني الخاصة‬
‫‪.‬بمواد القانون الدولي الخاص (م‪ 9‬إلى م ‪ 24‬قا‪.‬م)‬
‫المشرع لم يأخذ بنظام‬
‫الطوائف وخير دليل على ذلك م‪ 1‬قا‪.‬أ بالتنصيص على أنه‪ ":‬تخضع جميع‬
‫العالقات‬
‫بين أفراد األسرة ألحكام هذا القانون"‪ ،‬ويطبق قانون األسرة من حيث األشخاص‬
‫على كل الحاملين للجنسية الجزائرية مع االستثناء الوارد على المقيمين‬
‫‪.‬األجانب في الجزائر‬
‫المالحظة األخيرة حول قانون األسرة هو أن المشرع قد‬
‫جاء بنصوص تارة هي غامضة وتارة أخرى هي ناقصة وتارة أخرى هي‬
‫متضاربة بعضها‬
‫البعض‪ ،‬ومما يجعل على القاضي الصعوبة في إيجاد النص الواجب التطبيق‬
‫بحيث‬
‫أن المشرع لم يرافق لهذا النص ال باألعمال التحضيرية وال بالمذكرة‬
‫‪.‬اإليضاحية‬
‫أما بشأن التعديالت التي أدخلها المشرع على قانون األسرة فهي‬
‫مست فقط بعض أحكام الزواج والطالق وآثارهما والنيابة الشرعية في جانب‬
‫معين‪ ،‬وأن أهم المالحظ على هذه التعديالت وذلك بصفة عامة كأن الطرف‬
‫الوحيد‬
‫في العالقات الزوجية هي المرأة دون باقي األطراف وخير دليل على ذلك‬
‫النصوص‬
‫‪:‬التالية‬
‫م ‪ 8‬قا‪.‬أ وما يليها المتعلقة بتعدد الزوجات حيث أن المشرع قد‪1-‬‬
‫أدخل في هذه المادة شرط الحصول على اإلذن القضائي‪ ،‬كما أكد في م ‪8‬‬
‫مكرر‬
‫قا‪.‬أ على حق الزوجة في رفع دعوى قضائية ضد الزوج من أجل طلب التطليق‬
‫في‬
‫‪.‬حالة التدليس‬
‫م ‪ 11‬قا‪.‬أ التي أصبحت تنص على أنه‪ ":‬تعقد‪2-‬‬
‫المرأة الراشدة زواجها بحضور وليها وهو أبوها أو أحد أقاربها أو أي شخص‬
‫آخر‬
‫‪...".‬تختاره‬
‫م ‪ 36‬قا‪.‬أ وما يليها‪ ،‬واجبات وحقوق الزوجين‪ ،‬في‪3-‬‬
‫هذه المواد نص المشرع بطريقة عشوائية على حقوق الزوجين وواجباتهما ولم‬
‫يفرق ما هو واجب بالنسبة للزوجة وكذلك األمر بالنسبة للزوج بل نص على‬
‫‪.‬الواجبات والحقوق المشتركة للزوجين في هذه المادة‬
‫كما أن المشرع قد‪4-‬‬
‫ألغى م ‪ 20‬قا‪.‬أ المتعلقة بالزواج عن طريق الوكالة ومن ثم قد أصبح يشترط‬
‫‪.‬حضور الزوج يوم إبرام العقد‬
‫‪،‬كذلك ألغى المشرع م ‪ 38‬و م ‪ 39‬قا‪.‬أ‪5-‬‬
‫األولى كانت تبين لنا حق الزوجة في زيارة أهلها والتصرف في مالها‪ ،‬والثانية‬
‫حددت واجبات الزوجة في طاعة الزوج ومراعاته باعتباره رئيس األسرة‬
‫وكذلك‬
‫‪.‬إرضاع األوالد واحترام والدي الزوج‬
‫نص المشرع في م ‪ 53‬قا‪.‬أ على حق‪6-‬‬
‫الزوجة في التطليق بحيث فتح باب التطليق على مصراعيه فبعدما كان ينص‬
‫على ‪7‬‬
‫‪.‬أسباب في المادة المعدلة أصبح ينص على ‪ 10‬أسباب‬
‫م ‪ 87‬قا‪.‬أ التي منحت‪7-‬‬
‫حق الوالية للحاضن سواء كان ذكر أو أنثى على أوالده المحضونين وهنا‬
‫خروج‬
‫‪.‬فاضح عن أحكام الشريعة اإلسالمية ألن الحضانة شيء والوالية شيء آخر‬
‫الباب]‪[right‬‬
‫‪.‬األول‪ :‬الزواج و حالة الزوجين‬

‫الفصل األول‪ :‬تكوين‬


‫‪.‬عقد الزواج‬
‫‪.‬المبحث األول‪ :‬تعريف الزواج وحكمه‬

‫الزواج في اللغة‬
‫هو االزدواج واالقتران واالرتباط‪ ،‬يقال زوج الشيء بالشيء‬
‫وزوجه إليه‪ ،‬ويقال تزوج القوم أي تزوج بعضهم بعضا‪ ،‬ويقول اهلل تعالى‪«:‬‬
‫وزوجناهم بحور عين»‪ ،‬كما يمكن استعمال مصطلح النكاح في معنى الزواج‬
‫وقد‬
‫استعمله القرآن الكريم في عدة آيات منها‪ «:‬انكحوا ما طاب لكم من النساء‬
‫مثنى وثالث ورباع‪ ،»...‬كما أن النكاح يطلق في اللغة على الوطأ وعلى العقد‬
‫وفي هذا المعنى قال صلى اهلل عليه وسلم‪ «:‬ولدت من نكاح ال من سفاح»أيﭢ‬
‫على‬
‫الوطأ الحالل ال الحرام‪.‬‬
‫أما في االصطالح فالزواج والنكاح كلمتين‬
‫مترادفتين والمقصود بهما عند بعض الفقهاء عقد يفيد ملك المتعة قصدا وهو‬
‫كذلك‪ ":‬العقد الذي يعطي لكل واحد من الرجل والمرأة حق االستمتاع باآلخر‬
‫مدى‬
‫الحياة على الوجه المشروع"‪ ،‬ولكن ما يالحظ على هذه التعاريف هو أنها جعلت‬
‫من االستمتاع الهدف الوحيد من عقد الزواج ومن ثم فهي غير كاملة متكاملة‬
‫ألن‬
‫االستمتاع والمتعة هي فعال هدف من أهداف الزواج ولكن تشاطرها في ذلك‬
‫أهداف‬
‫أخرى وربما أسمى منها كالنسل‪.‬‬
‫هذه التعاريف ناقصة لذلك عرفه الفقه على‬
‫أنه‪ «:‬عقد يفيد حق العشرة بين الرجل والمرأة وتعاونهما ويحدد ما لكليهما من‬
‫حقوق وما عليه من واجبات»‪ ،‬وفي هذا اإلطار عرفت م ‪ 4‬قا‪.‬أ الزواج على‬
‫أنه‪":‬‬
‫عقد رضائي يتم بين رجل وامرأة على الوجه الشرعي من أهدافه تكوين أسرة‬
‫أساسها المودة والرحمة والتعاون وإ حصان الزوجين والمحافظة على األنساب"‪.‬‬
‫غير‬
‫أنه يؤخذ على هذا التعريف بأنه ناقص ألن المشرع قد استعان بذكر غايتهم أي‬
‫أهدافهم لتحديد معناه‪ ،‬كذلك ما يعاب على المشرع أنه جعل عقد الزواج كسائر‬
‫العقود األخرى بقوله‪ :‬عقد يتم بين رجل وامرأة على الوجه الشرعي‪ ،‬لذلك كان‬
‫على المشرع أن يستغني عن تعريف عقد الزواج ألن دور المشرع يتجلى في‬
‫تبيان‬
‫األحكام أما التعاريف يختص بها الفقه لذلك نعرف عقد الزواج على أنه‪ «:‬عقد‬
‫يتم بين رجل وامرأة تحل له شرعا وبمقتضاه تنشأ بينهما عالقة أسرية يحدد‬
‫القانون أركانها وشروطها وآثارها وانحاللها»‪.‬‬
‫حكمة‬
‫تشريع الزواج‪:‬‬
‫‪-‬عمران الكون وازدهاره إال بالزواج‬
‫الصحيح ‪.‬‬
‫‪-‬األسرة هي اللبنة األولى في بناء المجتمع إذا صلحت صلح‬
‫المجتمع وإ ذا فسدت فسد المجتمع‪.‬‬
‫‪-‬حفظ األنساب من االختالط حيث دعت‬
‫الشريعة اإلسالمية أن نسب كل شخص إلى أبيه‪ ،‬وإ ال ساءت أحوالهم وشاعت‬
‫الفاحشة واختلطت أنسابهم وعمت الفوضى وينهار المجتمع‪.‬‬
‫‪-‬راحة الرجل‬
‫والمرأة‪ ،‬ففي الزواج يجد كل من الزوجين األنس بصاحبه واالستراحة إليه‬
‫واالستعانة به‪.‬‬
‫حكم الزواج‪:‬‬
‫الشريعة‬
‫اإلسالمية قد حثت األشخاص على الزواج وكرهت الرهبانية بحيث يقول صلى‬
‫اهلل‬
‫عليه وسلم‪ « :‬تزوجوا الودود الولود فإني أباهي بكم األمم يوم القيامة» وعلى‬
‫األساس هذه األحاديث واآليات القرآنية العديدة فيمكن أن يبنى عقد الزواج‬
‫على النحو التالي‪:‬‬
‫‪-‬يكون الزواج فرضا إذا كان الشخص المكلف يتأكد الوقوع‬
‫في المعصية لو لم يتزوج وكان قادرا على تكاليف الزواج المادية والمعنوية‬
‫وكان واثقا على إقامة العدل مع من يتزوجها‪.‬‬
‫‪-‬يكون الزواج واجبا إذا خاف‬
‫الشخص الوقوع في الفاحشة خوفا ال يصل إلى درجة اليقين وكان قادرا على‬
‫تحمل‬
‫تكاليف الزواج‪.‬‬
‫‪-‬يكون الزواج حراما إذا كان الشخص غير قادر على تحمل‬
‫تكاليف الزواج أو كان متيقنا من ظلم المرأة ومهما كانت نوعية هذا الظلم‪.‬‬
‫‪-‬يكون‬
‫الزواج مكروها إذا خاف الشخص وهو غير متيقن ال من وقوعه في الفاحشة‬
‫ولكنه‬
‫يخشى على نفسه من ظلم المرأة أو على عدم قيامه بحقها‪.‬‬
‫ما العمل إذا كان‬
‫الشخص متيقنا من وقوعه في الفاحشة إن لم يتزوج ومتيقن كذلك من ظلم المرأة‬
‫إذا تزوج؟‬
‫لإلجابة على هذا يرى الفقه أنه ال يمكن للشخص أن يدفع محرم‬
‫بارتكاب محرم آخر ولكننا هنا ال نبيح له ظلم المرأة وإ نما نتجاوز عن ظلمه‬
‫للمرأة لضرورة اجتماعية ومن ثم نطبق قاعدة الضرورة تبيح المحظورات على‬
‫أساس‬
‫المصلحة االجتماعية ألنه إذا تزوج وظلم زوجته تنحصر اإلساءة في امرأة‬
‫واحدة وربما بعد الزواج سيغير رأيه بينما لو حرمناه من الزواج لقام بارتكاب‬
‫الفاحشة وأن هذا األخيرة ال تنحصر في امرأة واحدة‪ ،‬وهذا ما ذهب إليه مذهب‬
‫المالكية‪.‬‬
‫* الخط ــبة‪:‬‬
‫الخطبة‬
‫بكسر الخاء هي طلب الرجل التزوج بامرأة معينة خالية من الموانع وقد يكون‬
‫الطلب منه شخصيا أو ممن ينوب عنه‪ ،‬والحكمة من الخطبة هو السماح لكال‬
‫الطرفين التعرف على الطرف اآلخر‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار قد أجازت الشريعة‬
‫اإلسالمية للرجل وكذا المرأة النظر لكل منهما لآلخر واالجتماع بينهما ولكن‬
‫في حدود الشريعة اإلسالمية‪ ،‬وقد أجاز الفقه اإلسالمي النظر بالنسبة للرجل‬
‫إلى الوجه والكفين فقط لمن يرغب في التزوج بها‪ ،‬وفي هذا اإلطار المرأة أولى‬
‫من الرجل في أن تطلع على أخالقه وميوله حتى يكون عرض الزواج مبني‬
‫على أسس‬
‫متينة بل أن حقها في فك الرابطة الزوجية مقيد بأسباب معينة خالفا للرجل‬
‫الذي تكون بيده دائما العصمة وفي نفس السياق فإنه ال يجوز الخلوة بين الرجل‬
‫والمرأة فهي محرمة شرعا حيث يقول صلى اهلل عليه وسلم‪ «:‬من كان يؤمن‬
‫باهلل‬
‫واليوم اآلخر فال يخلون بامرأة ليس معها ذو محرم منها فإن ثالثهما‬
‫الشيطان»‪.‬‬
‫( يجوز شرعا أن تتقدم المرأة بخطبة الرجل)‪ ( ،‬مادام لم يتم‬
‫عقد الزواج بينهما فهي أجنبية عنه حتى ولو تمت الخطبة)‪.‬‬
‫أوال‪ .‬شروط الخطبة‪:‬‬
‫‪-1‬الشروط المستحسنة في المخطوبة‪:‬‬
‫‌أ‪.‬أن‬
‫تكون من النساء المتحلية بالخلق الفضيلة‪ ،‬بحيث إذا كانت الزوجة سكون الزوج‬
‫وحرث له وهي شريكة حياته وربة بيته وأم أوالده وموضع سره فمن أجل ذلك‬
‫عنت‬
‫الشريعة اإلسالمية باختيار الزوجة الصالحة ال على أساس مالها وال جمالها‬
‫الفتان بل على أساس أخالقها بحيث يقول صلى اهلل عليه وسلم‪ «:‬من تزوج‬
‫امرأة‬
‫لمالها لم يزده اهلل إال فقرا ومن تزوج امرأة لحسبها لم يزده اهلل إال‬
‫دناءة ومن تزوج امرأة ليغض بصره ويحصن فرجه أو يصل رحمه بارك اهلل‬
‫له فيها‬
‫وبارك لها فيه»‪.‬‬
‫‌ب‪.‬أن تكون من البعيدات عن الخاطب‪ ،‬بحيث أثبتت البحوث‬
‫العلمية المعاصرة أن الزواج بين األقارب يؤدي إلى ضعف النسل وتوارث‬
‫بعض‬
‫األمراض الخطيرة‪ ،‬وفيه قال عمر بن الخطاب لبني سائد‪ «:‬قد ضويتم فانكحوا‬
‫الغرائب»‪ ،‬ويقول صلى اهلل عليه وسلم‪ «:‬اغتربوا ال تضووا» ‪.‬‬
‫‌ج‪.‬أن تكون‬
‫بكرا ولودا‪ ،‬وفيه يقول صلى اهلل عليه وسلم‪ «:‬تزوجوا الولود الودود فإني‬
‫أباهي بكم األمم يوم القيامة»‪.‬‬
‫‌د‪.‬توافر التقارب االجتماعي والثقافي‬
‫واالقتصادي بين الطرفين‪ ،‬بحيث أثبتت الحياة االجتماعية بأنه كثيرا ما تنتهي‬
‫الرابطة الزوجية بسبب وجود الفوارق االجتماعية واالقتصادية فهي تلعب دورا‬
‫هاما بين األشخاص‪.‬‬
‫( هذه الشروط هي من الشروط المستحسنة وليست الواجبة‬
‫فإن لم توجد فهي ال تؤثر في صحة عقد الزواج)‪.‬‬
‫‪-2‬شروط‬
‫صحة الخطبة‪:‬‬
‫مادام أن الخطبة هي مقدمة من مقدمات‬
‫الزواج فإنه يشترط في المرأة أن ال تكون من المحرمات على الخاطب أي ال‬
‫يكون‬
‫مانع من موانع الزواج في أحد الطرفين ومن ثم يشترط في المرأة أن ال تكون‪:‬‬
‫‌أ‪.‬إحدى‬
‫محارمه من النسب أو الرضاعة أو المصاهرة‪ ( .‬موانع مؤبدة )‬
‫‌ب‪.‬أن ال‬
‫يكون بها مانع من الموانع المؤقتة‪ ،‬كالمحصنة( متزوجة) ألن خطبتها فيها‬
‫اعتداء على حق الغير‪ ،‬وال المشركة‪ ،‬وال غير المسلم بالنسبة للمسلمة‪( .‬‬
‫الرجل له أن يتزوج متى شاء ولكن ليس مع من يشاء)‪ ( ،‬لو تقدم رجل إلى‬
‫مشركة‬
‫بخطبتها وقبلت به ولكنها يوم إبرام عقد الزواج كانت مسلمة فزواجه صحيح أما‬
‫إذا أصبحت متدينة بالديانة اإلسالمي بعد إبرام العقد فعقده باطل بطالنا‬
‫مطلقا)‪.‬‬
‫‌ج‪.‬المعتدة من طالق رجعي‪ ،‬ال يجوز خطبتها بطريق التصريح وال‬
‫التعريض ألن زوجيتها ال زالت قائمة وحق الزوج في إرجاعها ال زال كذلك‬
‫قائما‪ ( .‬يجوز للرجل إرجاع المرأة المعتدة من طالق رجعي إذا كانت ما تزال‬
‫في عدتها بدون رضاها وال صداق جديد)‪.‬‬
‫هل المشرع الجزائري أخذ بالطالق‬
‫الرجعي بحيث ال يجوز خطبة المرأة في هذا النوع من الطالق؟ لإلجابة على‬
‫هذا‬
‫السؤال تنص م ‪ 49‬قا‪.‬أ على أنه‪ ":‬ال يثبت الطالق إال بحكم‪ ،"...‬و تنص م ‪50‬‬
‫قا‪.‬أ على أنه‪... ":‬ومن راجعها بعد صدور الحكم بالطالق يحتاج إلى حكم‬
‫جديد"‪،‬‬
‫وبتنسيق هاتين المادتين نستنتج أن المشرع الجزائري لم يأخذ بالطالق الرجعي‬
‫وإ نما أخذ فقط بالطالق البائن ألن في نظره الطالق ال يتم إال بحكم قضائي‬
‫وعندما يتم ال يجوز للزوج أن يراجعها إال بعقد جديد‪.‬‬
‫‌د‪.‬المرأة التي‬
‫تكون معتدة من طالق بائن بينونة صغرى أو كبرى‪ ،‬الصغرى هو جواز الزوج‬
‫أن‬
‫يتزوج بنفس المرأة التي طلقها لكن بعقد جديد غير أنه غير مقيد باحترام‬
‫العدة‪ ،‬أما الكبرى هو الطالق الثالث الذي ال يجوز للزوج فيه مراجعة من‬
‫طلقها حتى تنكح غيره بزواج صحيح ويكون قد دخل بها وطلقها أو توفي عنها‪.‬‬
‫هل‬
‫يجوز خطبتها؟ لقد اختلفت اآلراء الفقهية حيث يرى الحنفية أنه ال يجوز‬
‫خطبتها ال تصريحا وال تعريضا‪ ،‬بينما يرى جمهور الفقهاء بإجازة خطبتها‬
‫تعريضا النقطاع الزوجية بالطالق‪.‬‬
‫‌ه‪.‬المعتدة من وفاة‪ ،‬وهي المرأة التي‬
‫توفي عنها زوجها وأصبحت معتدة بعدة الوفاة وهي ‪04‬أشهر و‪10‬أيام فهذه ال‬
‫يجوز‬
‫خطبتها تصريحا أما التعريض فأجازه الفقهاء مع عدم تزوجها في الحال‪.‬‬
‫‌و‪.‬مخطوبة‬
‫الغير‪ ،‬حسب القاعدة العامة ال يجوز للشخص أن يتقدم بخطبة امرأة مخطوبة‬
‫لشخص آخر لقوله صلى اهلل عليه وسلم‪ «:‬ال يبيع الرجل على بيع أخيه وال‬
‫يخطب‬
‫على خطبته»‪ ،‬وقال صلى اهلل عليه وسلم‪ «:‬ال يخطب الرجل على خطبة أخيه‬
‫حتى‬
‫ينكح أو يترك»‪ ،‬أمام هذه األحاديث النبوية فإن الحاالت التي يمكن أن تظهر‬
‫في الواقع بشأن هذه الخطبة فهي متعددة منها خاصة‪:‬‬
‫‪-‬الموافقة‬
‫الصريحة للمخطوبة‪ :‬لقد اتفق الفقه فيما إذا وافقت المرأة على‬
‫خطبتها فإن خطبتها من غيره حرام‪.‬‬
‫‪-‬الرفض القطعي على الخطبة‬
‫األولى‪ :‬هذه المرأة يجوز خطبتها وهو جائز شرعا‪.‬‬
‫‪-‬سكوت‬
‫المخطوبة على خطبتها‪ :‬إذا سكتت المخطوبة على خطبتها أي ال تجيب ال‬
‫بالقبول وال بالرفض فقد اختلف الفقه بشأنها حيث يرى الرأي األول( أبو‬
‫حنيفة ومالك) بأنه ال يجوز للخاطب الثاني أن يتقدم ألن السكوت وإ ن لم يدل‬
‫على الرفض فإنه كذلك لم يدل على القبول‪ ،‬بينما يرى الرأي الثاني( بعض‬
‫الشيعة والشافعية) إلى أنه يجوز خطبة الثاني استنادا لقوله صلى اهلل عليه‬
‫وسلم بشأن فاطمة بنت قيس التي أتت النبي صلى اهلل عليه وسلم فذكرت أن‬
‫معاوية وأبا جهامة خطباها فقال صلى اهلل عليه وسلم‪ «:‬أما معاوية فصعلوك ال‬
‫مال له و أما أبو جهامة فال يضع عصاه على عاتقه انكحي أسامة بن زيد»‪.‬‬
‫‪-3‬حكم زواج المخطوبة‪:‬‬
‫وهي‬
‫المرأة التي وافقت على خطبتها األولى وتقدم شخص ثان لخطبتها وتزوجت‬
‫منه‪.‬‬
‫ما‬
‫حكم هذا الزواج؟ لقد تضاربت اآلراء الفقهية إلى ثالث اتجاهات‪:‬‬
‫االتجاه‬
‫األول‪ :‬ذهب إليه جمهور الفقهاء وأكثر الشيعة فقالوا أن خطبة‬
‫الرجل على خطبة أخيه ليست لها أي تأثير على العقد ففي هذه الحالة الزواج‬
‫صحيح من الناحية القضائية غبر أن العقوبة فيه أخروية‪.‬‬
‫االتجاه‬
‫الثاني‪ :‬ذهب إليه الظاهرية وقالوا أن الزواج باطل ويجب فسخه سواء‬
‫دخل بها أو لم يدخل بها ألن الحديث الذي نهى عن خطبة امرأة الغير هو‬
‫صحيح‬
‫فال يحتاج إلى تأويل آخر‪.‬‬
‫االتجاه الثالث‪ :‬ذهب إليه‬
‫المالكية فقالوا أنه يجب التفرقة بين الدخول وعدمه فإن تم الدخول فالزواج‬
‫صحيح وال يمكن فسخه نظرا لما يترتب عليه من أضرار أما إذا لم يتبعه دخول‬
‫فالعقد باطل‪.‬‬
‫تنص م‪ 05‬قا‪.‬أ على أن‪ ":‬الخطبة وعد بالزواج‪ ،‬يجوز للطرفين‬
‫العدول عن الخطبة‪ "...‬وعليه فإن المخطوبة التي وافقت على خطبتها من‬
‫شخص‬
‫ثاني وتزوجت به تكون بمجرد موافقتها على الخطبة الثانية قد عدلت على‬
‫خطبتها‬
‫األولى ألن العدول حق من حقوقها ومن ثم فإن زواجها مع الشخص الثاني‬
‫صحيح‬
‫دخل بها أو لم يدخل بها‪ (.‬هنا المشرع الجزائري أخذ بجمهور الفقهاء)‪.‬‬
‫ويشترط‬
‫إلى جانب ذلك أن تتم الخطبة عن تراضي الطرفين أي اإليجاب من قبل أحدهما‬
‫والقبول من الطرف اآلخر‪ ،‬ويشترط في الرضا أن ال يكون معيبا لعيب من‬
‫عيوبه‬
‫كالغلط واإلكراه والتدليس‪.‬‬
‫غير أن ما يجعل الخطبة تختلف عن عقد الزواج‬
‫هو أن المشرع لم يحدد سنا معينة للخاطبين بحيث قد اكتفى بالتنصيص في م‬
‫‪07‬‬
‫قا‪.‬أ على أن أهلية الزواج بالنسبة للطرفين هي ‪ 19‬سنة ومن ثم لنا أن نتساءل‬
‫عما إذا كانت هذه السن هي ذاتها قد اشترطها المشرع بالنسبة للطرفين محل‬
‫الخطبة؟ لإلجابة عن هذا السؤال فإن المشرع في م ‪ 05‬و م‪ 06‬قا‪.‬أ المنظمتين‬
‫ألحكام الخطبة لم ينص على تحديد سن معينة للخطبة ولكن نظرا للعادات‬
‫السائدة‬
‫في المجتمع الجزائري غالبا بل في كل األحيان أن الخطبة تسبق عقد الزواج‬
‫وأن هذا األخير ال يتم إبرامه إال بعد مرور مدة معينة من الزمن ولذلك فإن‬
‫سن الخاطبين يكون أقل من السن التي اشترطها المشرع بالنسبة للطرفين‬
‫المقبلين على الزواج‪ ،‬وعليه فإنه من المستحسن أن ال تكون هذه السن أقل من‬
‫‪ 17‬سنة بالنسبة للفتاة و‪ 18‬سنة بالنسبة للفتى وإ ال سيوافق أحدهما عند عدم‬
‫توافر هذه السن على عالقة غير قادرين على تنبؤ تكاليفها‪ ،‬كما أنه لم يشترط‬
‫المشرع شكال معينا إلتمام الخطبة إذ أنه قد اعتمد على مبدأ الرضائية الصادر‬
‫من كال الطرفين أو ممن ينوب عنهما‪.‬‬
‫‪-1‬الطبيعة‬
‫القانونية للخطبة‪:‬‬
‫إذا تمت الخطبة وأدى ذلك إلى‬
‫إبرام عقد الزواج فهنا ال يثور أي إشكال‪ ،‬بينما إذا لم تنتهي هذه العالقة‬
‫إلى إبرام عقد الزواج فإنه من هذا الجانب لنا أن نتساءل عن الطبيعة‬
‫القانونية للخطبة هل تعد عقد أم وعد بالعقد؟ وإ ذا كيفناه وعدا بالعقد مثال‬
‫هل تأخذ ذات الحكم المتعلق بالوعد بالعقد المنصوص عليه في القانون المدني؟‬
‫تنص‬
‫م ‪ 05/1‬قا‪.‬أ على أن "الخطبة وعد بالعقد" وفي الفقرة‪ " 2‬يجوز لكال الطرفين‬
‫العدول عنها"‪ ،‬ومن ثم يكون قد استنبط المشرع هذا الحكم من أحكام الشريعة‬
‫اإلسالمية وأساس ذلك هو أن عقد الزواج يتم عن طريق اإليجاب والقبول ومنه‬
‫ال‬
‫يمكن أن نلزم أحد الطرفين أن يتزوج بالطرف اآلخر حتى ولو كانت الخطبة‬
‫قائمة‪ ،‬وبمعنى أدق فالوفاء بهذا الوعد يقضي أن يمضي عقد الزواج على‬
‫شخص غير‬
‫راض به وهذا ما يتنافى مع النظام العام وكذلك مع حرية األشخاص في‬
‫التزوج‪،‬‬
‫ومن ثم فإنه ال يجوز للقاضي أن يجبر أحد الطرفين على الزواج بعقد غير‬
‫راض‬
‫به‪.‬‬
‫ولكن الحكمة القائمة من التفرقة بشأن الطبيعة القانونية للخطبة بين‬
‫الوعد والعقد تكمن في المسؤولية أي أن المسؤولية القائمة في هذه الحالة (‬
‫حالة العدول) هي مسؤولية تقصيرية‪ ،‬أي أن عبء اإلثبات يقع على المضرور‬
‫أي‬
‫على الشخص الذي سبب له العدول ضررا وهذا ما نصت عليه م ‪ 05/3‬قا‪.‬أ‬
‫ومن ثم‬
‫يجب على المضرور إثبات الخطبة بأي وسيلة من وسائل اإلثبات ثم بعد ذلك‬
‫إثبات‬
‫الضرر أي إثبات العالقة السببية بين الخطأ الصادر عن الطرف اآلخر والضرر‬
‫الذي أصابه نتيجة ذلك‪.‬‬
‫ما حكم الفاتحة في‬
‫قانون األسرة‪ ،‬هل خطبة أم زواج؟‬
‫كانت م ‪ 06‬قا‪.‬أ تنص‬
‫على أنه‪ ":‬إذا اقترنت الخطبة بالفاتحة تطبق بشأنها أحكام م ‪ 05‬قا‪.‬أ أعاله‬
‫أي أحكام الخطبة"‪ ،‬ومن ثم يكون المشرع قد كيف الفاتحة على أساس أنها‬
‫خطبة‬
‫وليس زواج‪ ،‬غير أن الحكم الذي كان يتبناه المشرع في هذا الصدد ال يتماشى‬
‫مع‬
‫العادات والتقاليد الجزائرية إذ قد اقتبسه من دول الشرق األوسط ومنها خاصة‬
‫سوريا‪ ،‬أما ما هو موجود في المجتمع الجزائري فإن قراءة الفاتحة تكيف على‬
‫أساس أنها زواج وذلك نظرا الشتمالها على جميع أركان وشروط عقد الزواج‬
‫وتفاديا لهذا المشكل القانوني جاءت عدة قرارات صادرة من المحكمة العليا‬
‫قاضية بأنه‪ ":‬من المقرر قانونا أنه يمكن أن تقترن الخطبة مع الفاتحة أو‬
‫تسبقها لمدة غير محدودة ومن المقرر أيضا أنه يثبت الزواج بتوافر أركانه‬
‫المقررة شرعا" ( قرار ‪ ،)14/04/1992‬وفي قرار آخر صرحت المحكمة‬
‫العليا على‬
‫أن‪ " :‬اقتران الخطبة بالفاتحة بمجلس العقد تعتبر زواجا متى توافرت أركانه‬
‫طبقا للمادة ‪ 09‬قا‪.‬أ" ( قرار ‪.)04/04/1995‬‬
‫إال أن م ‪ 06‬قا‪.‬أ عدلت بمقتضى‬
‫األمر الصادر في ‪ 27/02/2005‬وأصبحت تنص على أنه‪ ...":‬غير أن اقتران‬
‫الفاتحة بالخطبة بمجلس العقد يعتبر زواجا متى توافر ركن الرضا وشروط‬
‫الزواج‬
‫المنصوص عليها في م ‪ 09‬مكرر من هذا القانون"‪.‬‬
‫‪-2‬آثار‬
‫العدول عن الخطبة‪:‬‬
‫هذه اآلثار تتمثل في ثالث نقاط‬
‫أساسية ‪:‬‬
‫أ‪.‬حكم المهر‪:‬‬
‫لقد جرت العادات في الجزائر على أن يمنح الخاطب لمخطوبته قبل إبرام عقد‬
‫الزواج المهر كله أو الجزء منه وذلك من أجل تحضير بيت الزوجية‪.‬‬
‫وبالرجوع‬
‫إلى قانون األسرة نجد أن المشرع لم يبين لنا ما هو حكم المهر في حالة‬
‫العدول عن الخطبة؟ولكن تنفيذا للمادة ‪ 222‬قا‪.‬أ قد أجمع الفقه اإلسالمي على‬
‫أنه يجب على المخطوبة رد المهر بأكمله سواء أكان العدول منه أو منها ومهما‬
‫كان المتسبب فيه ألن المهر هو شرط من شروط صحة عقد الزواج( أو أثر من‬
‫آثاره‬
‫عند بعض الفقهاء) وال دخل للخطبة فيه‪ ،‬ولكن ما ينبغي اإلشارة إليه هو أن‬
‫هذه القاعدة ال تتماشى مع العدول الذي أقيمت عليه مبادئ الشريعة اإلسالمية‬
‫وعليه يجب التفرقة بين الحالتين التاليتين‪:‬‬
‫* إذا كان العدول من جهة‬
‫المخطوبة‪ :‬يجب عليها رد المهر كامال وإ ن كانت قد بدأت بإعداد جهازها ألنها‬
‫تكون راضية بالخسارة ‪.‬‬
‫* إذا كان العدول من جهة الخاطب‪ :‬فمن الظلم‬
‫أن تلزم المخطوبة برد مثل النقد أو قيمته وهي غالبا تتصرف في المهر بعد‬
‫الخطبة من حيث شراء الثياب ‪...‬الخ‪ ،‬لذلك إما أن ترد المهر نقدا أو جهازا‬
‫حتى ال تتحمل الخسارة وفي كل ذلك ينبغي البحث عن المتسبب في العدول‬
‫ف‘ذا‬
‫كانت المرأة نطبق عليها أحكام الحالة األولى أما إذا كان الرجل نطبق عليه‬
‫أحكام الحالة الثانية‪.‬‬
‫ب‪.‬حكم الهدايا في‬
‫حالة العدول‪ :‬لقد تضاربت آراء الفقه اإلسالمي حول حكم‬
‫الهدايا في حالة العدول عن الخطبة بحيث يرى الحنفية بأنه يجوز الرجوع في‬
‫الهدايا ما لم يوجد مانع من موانع استردادها كالهالك واالستهالك والخروج عن‬
‫الملك‪ ،‬بينما يرى رأي آخر على أنه ال يجوز للخاطبين الرجوع في الهدية سواء‬
‫كانت قائمة أو مستهلكة وهو رأي الحنابلة‪ ،‬ويرى الشافعية إلى وجوب الرد‬
‫مطلقا سواء كانت قائمة أو مستهلكة‪ ،‬وأمام هذه اآلراء المتضاربة بعضها‬
‫البعض‬
‫يرى المالكية أنه ينبغي التفرقة بين حالتين‪:‬‬
‫* العدول من جانب الخاطب‪:‬‬
‫وفيها ال يحق له أن يسترد الهدايا حتى ولو كانت قائمة ما لم يوجد شرط أو‬
‫عرف يقضي بخالف ذلك‪.‬‬
‫* العدول من قبل المخطوبة‪ :‬عليها أن ترد الهدايا‬
‫إذا كانت قائمة أو قيمتها إذا استهلكت أو هلكت ‪.‬‬
‫وقد ذهب المشرع‬
‫الجزائري على منوال المالكية بحيث نص في م ‪ 05/3‬قا‪.‬أ على أنه‪ ":‬ال يسترد‬
‫الخاطب من المخطوبة شيئا مما أهداها إن كان العدول منه‪ ،‬وعليه أن يرد‬
‫للمخطوبة ما لم يستهلك مما أهدته له أو قيمته"‪.‬‬
‫هل‬
‫الخاطب ملزم برد الهدايا غير المستهلكة أو قيمة هذه الهدايا؟ وهل له حق‬
‫االختيار؟‬
‫أمام هذا الغموض الوارد في النص القانوني‬
‫نرى أنه كان على المشرع أن يضيف عبارة‪ ":‬إذا استهلكت" أمام قيمته ومن ثم‬
‫يصبح الشطر الثاني من النص ‪ ":‬وعليه أن يرد للمخطوبة ما لم يستهلك مما‬
‫أهدته له أو قيمته إذا استهلك أو هلك"‪ ،‬أما م ‪ 05/4‬قا‪.‬أ تنص على أنه‪ ":‬وإ ذا‬
‫كان العدول من المخطوبة فعليها أن ترد للخاطب ما لم يستهلك من هدايا أو‬
‫قيمته" والمالحظة السابقة الواردة على الفقرة ‪ 03‬تنطبق على هذه الفقرة‪،‬‬
‫ولكن أمام هذه النصوص القانونية ما يعاب على المشرع الجزائري هو أنه أخذ‬
‫بعين االعتبار بشأن حكم الهدايا الشخص العادل عن الخطبة بدون الولوج في‬
‫التفرقة بين المتسبب في العدول عن الخطبة ومن قام بالعدول‪ ،‬فإنه من األحرى‬
‫أن يفرق في هذه الحالة بشأن حكم الهدايا في حالة العدول عن الخطبة بين‬
‫المتسبب في ذلك وغير المتسبب ومن ثم إذا كان العدول من قبل المخطوبة‬
‫بسبب‬
‫راجع إلى الخاطب ففي هذه الحالة نطبق ما ورد في م‪ 05/3‬قا‪.‬أ ‪ ،‬أما إذا‬
‫العدول من قبل الخاطب ولكن بسبب المخطوبة فنطبق حينئذ ما ورد في م‬
‫‪05/4‬‬
‫قا‪.‬أ‪.‬‬
‫ج‪.‬حكم التعويض في حالة العدول عن‬
‫الخطبة‪ :‬لم يتعرض الفقه اإلسالمي القديم إلى هذه‬
‫المسألة وذلك راجع للعادات والتقاليد السائدة آنذاك التي أصبحت تختلف عن‬
‫عاداتنا وتقاليدنا المنحرفة عن الديانة اإلسالمية‪ ،‬ومن ثم يمكن أن هذه‬
‫التصرفات المتمثلة خاصة في العدول عن الخطبة قد تسبب ضررا للطرف‬
‫اآلخر‬
‫ولذلك لنا أن نتساءل عما إذا كان للطرف المضرور الحق في التعويض وعلى‬
‫أي‬
‫أساس؟‪ ،‬ولإلجابة على هذا السؤال يرى جانب من الفقه اإلسالمي على أنه ال‬
‫يجوز الحكم بالتعويض في حالة العدول عن الخطبة ألن هذه األخيرة هي وعد‬
‫بالزواج وال تحتوي على عنصر اإللزامية وأن العادل يكون قد مارس حق من‬
‫حقوقه‬
‫على ألن المشرع يسمح له بذلك‪.‬‬
‫ويرى الرأي الثاني بأنه يجوز التعويض في‬
‫حالة العدول عن الخطبة ولكن يعاتب على هذا الرأي بأنه لم يفرق بين عما إذا‬
‫كان الحق للشخص المطالب بالتعويض في حالة الضرر المادي أو المعنوي أو‬
‫كالهما معا‪.‬‬
‫غير أن الرأي الثالث يرى بأنه ينبغي التعويض عن الضرر‬
‫المادي دون المعنوي‪ ،‬فيأخذ على هذا الرأي األخير هو أنه رتب حق الشخص‬
‫في‬
‫التعويض عن الضرر المادي دون المعنوي ومع العلم أنه في مثل هذه المسائل‬
‫فالشخص يتضرر أكثر معنويا عما هو ماديا‪.‬‬
‫إال أن الرأي األخير يرى بأنه‬
‫ينبغي التعويض عن الضررين المادي والمعنوي معا‪ ،‬وقد أخذ المشرع‬
‫الجزائري‬
‫بهذا الرأي بحيث نص في م ‪ 05/2‬قا‪.‬أ على أنه‪ ":‬إذا ترتب عن العدول عن‬
‫الخطبة‬
‫ضرر مادي أو معنوي ألحد الطرفين جاز الحكم له بالتعويض"‪ ،‬وأن ما يعاتب‬
‫على‬
‫المشرع الجزائري هو أنه قد اعتبر الخطبة أمر إلزامي بحيث إذا لم تنتهي إلى‬
‫الزواج وتم العدول عنها فيسأل صاحبه من حيث التعويض عن الضرر الالحق‬
‫بالطرف اآلخر وهذا ما يجعلها تتناقض مع الفقرة األولى من م ‪ 05‬قا‪.‬أ التي‬
‫أجازت للطرفين الحق في العدول‪ ،‬ولذلك كان على المشرع أن يأخذ بما أخذت‬
‫به‬
‫المدونة المغربية بحيث نصت في م ‪ 06‬منها على أن‪ ":‬حق العدول عن الخطبة‬
‫حق‬
‫لكال الطرفين"‪ ،‬وجاءت في م ‪ 07‬بالتنصيص على أن‪ ":‬مجرد العدول عن‬
‫الخطبة ال‬
‫يترتب عنه تعويض‪ ،‬غير أنه إذا صدر عن أحد الطرفين فعل سبب ضررا‬
‫لآلخر يمكن‬
‫للمتضرر المطالبة بالتعويض"‪ ،‬وما يمكن القول في هذا الصدد أن المسؤولية‬
‫تكون تقصيرية مرتكزة على ثالثة أركان‪ :‬الخطأ والضرر والعالقة السببية‬
‫بينهما‪ ،‬ثم على المضرور إثبات الخطأ الصادر عن الطرف اآلخر ثم أن هذا‬
‫الخطأ‬
‫قد سبب له ضرر أي العالقة السببية بين الخطأ والضرر ور يمكن القول أن‬
‫التعويض في هذه الحالة بديال عن االلتزام بالوفاء بالوعد ألن هذا الوعد‬
‫ينتهي بالعدول وأن التعويض ال يكون إال إذا صاحب العدول ظروف ومالبسات‬
‫من‬
‫شأنها إلحاق الضرر بالطرف اآلخر ومن ثم ينبغي أن يكون التعويض على قدر‬
‫الضرر فال ينبغي أن يكون تعويضا تقديره جزافيا‪.‬‬
‫ولكن أمام كل هذه‬
‫القواعد ينبغي التفريق بين أمرين أي بين نوعين من األضرار‪:‬‬
‫‪-‬األضرار‬
‫التي تلحق الطرف اآلخر نتيجة لمخالفة األحكام الشرعية كاختالط الخاطب‬
‫بمخطوبته بدون محرم منها وعندئذ ال يجوز لها طلب التعويض عن الضرر‬
‫المعنوي‬
‫حتى ولو كان في ذلك مساس بشرفها‪.‬‬
‫‪-‬أما إذا كان الضرر ناتج عن أمور أخرى‬
‫كالتخلي عن الدراسة أو العمل أو مرور مدة من الزمن قد تكون طويلة بعد‬
‫الخطبة( فوات الفرص) هنا يجوز المطالبة بالتعويض عن الضرر المادي أو‬
‫المعنوي‪.‬‬

You might also like