Professional Documents
Culture Documents
الزواج في اللغة
هو االزدواج واالقتران واالرتباط ،يقال زوج الشيء بالشيء
وزوجه إليه ،ويقال تزوج القوم أي تزوج بعضهم بعضا ،ويقول اهلل تعالى«:
وزوجناهم بحور عين» ،كما يمكن استعمال مصطلح النكاح في معنى الزواج
وقد
استعمله القرآن الكريم في عدة آيات منها «:انكحوا ما طاب لكم من النساء
مثنى وثالث ورباع ،»...كما أن النكاح يطلق في اللغة على الوطأ وعلى العقد
وفي هذا المعنى قال صلى اهلل عليه وسلم «:ولدت من نكاح ال من سفاح»أيﭢ
على
الوطأ الحالل ال الحرام.
أما في االصطالح فالزواج والنكاح كلمتين
مترادفتين والمقصود بهما عند بعض الفقهاء عقد يفيد ملك المتعة قصدا وهو
كذلك ":العقد الذي يعطي لكل واحد من الرجل والمرأة حق االستمتاع باآلخر
مدى
الحياة على الوجه المشروع" ،ولكن ما يالحظ على هذه التعاريف هو أنها جعلت
من االستمتاع الهدف الوحيد من عقد الزواج ومن ثم فهي غير كاملة متكاملة
ألن
االستمتاع والمتعة هي فعال هدف من أهداف الزواج ولكن تشاطرها في ذلك
أهداف
أخرى وربما أسمى منها كالنسل.
هذه التعاريف ناقصة لذلك عرفه الفقه على
أنه «:عقد يفيد حق العشرة بين الرجل والمرأة وتعاونهما ويحدد ما لكليهما من
حقوق وما عليه من واجبات» ،وفي هذا اإلطار عرفت م 4قا.أ الزواج على
أنه":
عقد رضائي يتم بين رجل وامرأة على الوجه الشرعي من أهدافه تكوين أسرة
أساسها المودة والرحمة والتعاون وإ حصان الزوجين والمحافظة على األنساب".
غير
أنه يؤخذ على هذا التعريف بأنه ناقص ألن المشرع قد استعان بذكر غايتهم أي
أهدافهم لتحديد معناه ،كذلك ما يعاب على المشرع أنه جعل عقد الزواج كسائر
العقود األخرى بقوله :عقد يتم بين رجل وامرأة على الوجه الشرعي ،لذلك كان
على المشرع أن يستغني عن تعريف عقد الزواج ألن دور المشرع يتجلى في
تبيان
األحكام أما التعاريف يختص بها الفقه لذلك نعرف عقد الزواج على أنه «:عقد
يتم بين رجل وامرأة تحل له شرعا وبمقتضاه تنشأ بينهما عالقة أسرية يحدد
القانون أركانها وشروطها وآثارها وانحاللها».
حكمة
تشريع الزواج:
-عمران الكون وازدهاره إال بالزواج
الصحيح .
-األسرة هي اللبنة األولى في بناء المجتمع إذا صلحت صلح
المجتمع وإ ذا فسدت فسد المجتمع.
-حفظ األنساب من االختالط حيث دعت
الشريعة اإلسالمية أن نسب كل شخص إلى أبيه ،وإ ال ساءت أحوالهم وشاعت
الفاحشة واختلطت أنسابهم وعمت الفوضى وينهار المجتمع.
-راحة الرجل
والمرأة ،ففي الزواج يجد كل من الزوجين األنس بصاحبه واالستراحة إليه
واالستعانة به.
حكم الزواج:
الشريعة
اإلسالمية قد حثت األشخاص على الزواج وكرهت الرهبانية بحيث يقول صلى
اهلل
عليه وسلم « :تزوجوا الودود الولود فإني أباهي بكم األمم يوم القيامة» وعلى
األساس هذه األحاديث واآليات القرآنية العديدة فيمكن أن يبنى عقد الزواج
على النحو التالي:
-يكون الزواج فرضا إذا كان الشخص المكلف يتأكد الوقوع
في المعصية لو لم يتزوج وكان قادرا على تكاليف الزواج المادية والمعنوية
وكان واثقا على إقامة العدل مع من يتزوجها.
-يكون الزواج واجبا إذا خاف
الشخص الوقوع في الفاحشة خوفا ال يصل إلى درجة اليقين وكان قادرا على
تحمل
تكاليف الزواج.
-يكون الزواج حراما إذا كان الشخص غير قادر على تحمل
تكاليف الزواج أو كان متيقنا من ظلم المرأة ومهما كانت نوعية هذا الظلم.
-يكون
الزواج مكروها إذا خاف الشخص وهو غير متيقن ال من وقوعه في الفاحشة
ولكنه
يخشى على نفسه من ظلم المرأة أو على عدم قيامه بحقها.
ما العمل إذا كان
الشخص متيقنا من وقوعه في الفاحشة إن لم يتزوج ومتيقن كذلك من ظلم المرأة
إذا تزوج؟
لإلجابة على هذا يرى الفقه أنه ال يمكن للشخص أن يدفع محرم
بارتكاب محرم آخر ولكننا هنا ال نبيح له ظلم المرأة وإ نما نتجاوز عن ظلمه
للمرأة لضرورة اجتماعية ومن ثم نطبق قاعدة الضرورة تبيح المحظورات على
أساس
المصلحة االجتماعية ألنه إذا تزوج وظلم زوجته تنحصر اإلساءة في امرأة
واحدة وربما بعد الزواج سيغير رأيه بينما لو حرمناه من الزواج لقام بارتكاب
الفاحشة وأن هذا األخيرة ال تنحصر في امرأة واحدة ،وهذا ما ذهب إليه مذهب
المالكية.
* الخط ــبة:
الخطبة
بكسر الخاء هي طلب الرجل التزوج بامرأة معينة خالية من الموانع وقد يكون
الطلب منه شخصيا أو ممن ينوب عنه ،والحكمة من الخطبة هو السماح لكال
الطرفين التعرف على الطرف اآلخر.
وفي هذا اإلطار قد أجازت الشريعة
اإلسالمية للرجل وكذا المرأة النظر لكل منهما لآلخر واالجتماع بينهما ولكن
في حدود الشريعة اإلسالمية ،وقد أجاز الفقه اإلسالمي النظر بالنسبة للرجل
إلى الوجه والكفين فقط لمن يرغب في التزوج بها ،وفي هذا اإلطار المرأة أولى
من الرجل في أن تطلع على أخالقه وميوله حتى يكون عرض الزواج مبني
على أسس
متينة بل أن حقها في فك الرابطة الزوجية مقيد بأسباب معينة خالفا للرجل
الذي تكون بيده دائما العصمة وفي نفس السياق فإنه ال يجوز الخلوة بين الرجل
والمرأة فهي محرمة شرعا حيث يقول صلى اهلل عليه وسلم «:من كان يؤمن
باهلل
واليوم اآلخر فال يخلون بامرأة ليس معها ذو محرم منها فإن ثالثهما
الشيطان».
( يجوز شرعا أن تتقدم المرأة بخطبة الرجل) ( ،مادام لم يتم
عقد الزواج بينهما فهي أجنبية عنه حتى ولو تمت الخطبة).
أوال .شروط الخطبة:
-1الشروط المستحسنة في المخطوبة:
أ.أن
تكون من النساء المتحلية بالخلق الفضيلة ،بحيث إذا كانت الزوجة سكون الزوج
وحرث له وهي شريكة حياته وربة بيته وأم أوالده وموضع سره فمن أجل ذلك
عنت
الشريعة اإلسالمية باختيار الزوجة الصالحة ال على أساس مالها وال جمالها
الفتان بل على أساس أخالقها بحيث يقول صلى اهلل عليه وسلم «:من تزوج
امرأة
لمالها لم يزده اهلل إال فقرا ومن تزوج امرأة لحسبها لم يزده اهلل إال
دناءة ومن تزوج امرأة ليغض بصره ويحصن فرجه أو يصل رحمه بارك اهلل
له فيها
وبارك لها فيه».
ب.أن تكون من البعيدات عن الخاطب ،بحيث أثبتت البحوث
العلمية المعاصرة أن الزواج بين األقارب يؤدي إلى ضعف النسل وتوارث
بعض
األمراض الخطيرة ،وفيه قال عمر بن الخطاب لبني سائد «:قد ضويتم فانكحوا
الغرائب» ،ويقول صلى اهلل عليه وسلم «:اغتربوا ال تضووا» .
ج.أن تكون
بكرا ولودا ،وفيه يقول صلى اهلل عليه وسلم «:تزوجوا الولود الودود فإني
أباهي بكم األمم يوم القيامة».
د.توافر التقارب االجتماعي والثقافي
واالقتصادي بين الطرفين ،بحيث أثبتت الحياة االجتماعية بأنه كثيرا ما تنتهي
الرابطة الزوجية بسبب وجود الفوارق االجتماعية واالقتصادية فهي تلعب دورا
هاما بين األشخاص.
( هذه الشروط هي من الشروط المستحسنة وليست الواجبة
فإن لم توجد فهي ال تؤثر في صحة عقد الزواج).
-2شروط
صحة الخطبة:
مادام أن الخطبة هي مقدمة من مقدمات
الزواج فإنه يشترط في المرأة أن ال تكون من المحرمات على الخاطب أي ال
يكون
مانع من موانع الزواج في أحد الطرفين ومن ثم يشترط في المرأة أن ال تكون:
أ.إحدى
محارمه من النسب أو الرضاعة أو المصاهرة ( .موانع مؤبدة )
ب.أن ال
يكون بها مانع من الموانع المؤقتة ،كالمحصنة( متزوجة) ألن خطبتها فيها
اعتداء على حق الغير ،وال المشركة ،وال غير المسلم بالنسبة للمسلمة( .
الرجل له أن يتزوج متى شاء ولكن ليس مع من يشاء) ( ،لو تقدم رجل إلى
مشركة
بخطبتها وقبلت به ولكنها يوم إبرام عقد الزواج كانت مسلمة فزواجه صحيح أما
إذا أصبحت متدينة بالديانة اإلسالمي بعد إبرام العقد فعقده باطل بطالنا
مطلقا).
ج.المعتدة من طالق رجعي ،ال يجوز خطبتها بطريق التصريح وال
التعريض ألن زوجيتها ال زالت قائمة وحق الزوج في إرجاعها ال زال كذلك
قائما ( .يجوز للرجل إرجاع المرأة المعتدة من طالق رجعي إذا كانت ما تزال
في عدتها بدون رضاها وال صداق جديد).
هل المشرع الجزائري أخذ بالطالق
الرجعي بحيث ال يجوز خطبة المرأة في هذا النوع من الطالق؟ لإلجابة على
هذا
السؤال تنص م 49قا.أ على أنه ":ال يثبت الطالق إال بحكم ،"...و تنص م 50
قا.أ على أنه... ":ومن راجعها بعد صدور الحكم بالطالق يحتاج إلى حكم
جديد"،
وبتنسيق هاتين المادتين نستنتج أن المشرع الجزائري لم يأخذ بالطالق الرجعي
وإ نما أخذ فقط بالطالق البائن ألن في نظره الطالق ال يتم إال بحكم قضائي
وعندما يتم ال يجوز للزوج أن يراجعها إال بعقد جديد.
د.المرأة التي
تكون معتدة من طالق بائن بينونة صغرى أو كبرى ،الصغرى هو جواز الزوج
أن
يتزوج بنفس المرأة التي طلقها لكن بعقد جديد غير أنه غير مقيد باحترام
العدة ،أما الكبرى هو الطالق الثالث الذي ال يجوز للزوج فيه مراجعة من
طلقها حتى تنكح غيره بزواج صحيح ويكون قد دخل بها وطلقها أو توفي عنها.
هل
يجوز خطبتها؟ لقد اختلفت اآلراء الفقهية حيث يرى الحنفية أنه ال يجوز
خطبتها ال تصريحا وال تعريضا ،بينما يرى جمهور الفقهاء بإجازة خطبتها
تعريضا النقطاع الزوجية بالطالق.
ه.المعتدة من وفاة ،وهي المرأة التي
توفي عنها زوجها وأصبحت معتدة بعدة الوفاة وهي 04أشهر و10أيام فهذه ال
يجوز
خطبتها تصريحا أما التعريض فأجازه الفقهاء مع عدم تزوجها في الحال.
و.مخطوبة
الغير ،حسب القاعدة العامة ال يجوز للشخص أن يتقدم بخطبة امرأة مخطوبة
لشخص آخر لقوله صلى اهلل عليه وسلم «:ال يبيع الرجل على بيع أخيه وال
يخطب
على خطبته» ،وقال صلى اهلل عليه وسلم «:ال يخطب الرجل على خطبة أخيه
حتى
ينكح أو يترك» ،أمام هذه األحاديث النبوية فإن الحاالت التي يمكن أن تظهر
في الواقع بشأن هذه الخطبة فهي متعددة منها خاصة:
-الموافقة
الصريحة للمخطوبة :لقد اتفق الفقه فيما إذا وافقت المرأة على
خطبتها فإن خطبتها من غيره حرام.
-الرفض القطعي على الخطبة
األولى :هذه المرأة يجوز خطبتها وهو جائز شرعا.
-سكوت
المخطوبة على خطبتها :إذا سكتت المخطوبة على خطبتها أي ال تجيب ال
بالقبول وال بالرفض فقد اختلف الفقه بشأنها حيث يرى الرأي األول( أبو
حنيفة ومالك) بأنه ال يجوز للخاطب الثاني أن يتقدم ألن السكوت وإ ن لم يدل
على الرفض فإنه كذلك لم يدل على القبول ،بينما يرى الرأي الثاني( بعض
الشيعة والشافعية) إلى أنه يجوز خطبة الثاني استنادا لقوله صلى اهلل عليه
وسلم بشأن فاطمة بنت قيس التي أتت النبي صلى اهلل عليه وسلم فذكرت أن
معاوية وأبا جهامة خطباها فقال صلى اهلل عليه وسلم «:أما معاوية فصعلوك ال
مال له و أما أبو جهامة فال يضع عصاه على عاتقه انكحي أسامة بن زيد».
-3حكم زواج المخطوبة:
وهي
المرأة التي وافقت على خطبتها األولى وتقدم شخص ثان لخطبتها وتزوجت
منه.
ما
حكم هذا الزواج؟ لقد تضاربت اآلراء الفقهية إلى ثالث اتجاهات:
االتجاه
األول :ذهب إليه جمهور الفقهاء وأكثر الشيعة فقالوا أن خطبة
الرجل على خطبة أخيه ليست لها أي تأثير على العقد ففي هذه الحالة الزواج
صحيح من الناحية القضائية غبر أن العقوبة فيه أخروية.
االتجاه
الثاني :ذهب إليه الظاهرية وقالوا أن الزواج باطل ويجب فسخه سواء
دخل بها أو لم يدخل بها ألن الحديث الذي نهى عن خطبة امرأة الغير هو
صحيح
فال يحتاج إلى تأويل آخر.
االتجاه الثالث :ذهب إليه
المالكية فقالوا أنه يجب التفرقة بين الدخول وعدمه فإن تم الدخول فالزواج
صحيح وال يمكن فسخه نظرا لما يترتب عليه من أضرار أما إذا لم يتبعه دخول
فالعقد باطل.
تنص م 05قا.أ على أن ":الخطبة وعد بالزواج ،يجوز للطرفين
العدول عن الخطبة "...وعليه فإن المخطوبة التي وافقت على خطبتها من
شخص
ثاني وتزوجت به تكون بمجرد موافقتها على الخطبة الثانية قد عدلت على
خطبتها
األولى ألن العدول حق من حقوقها ومن ثم فإن زواجها مع الشخص الثاني
صحيح
دخل بها أو لم يدخل بها (.هنا المشرع الجزائري أخذ بجمهور الفقهاء).
ويشترط
إلى جانب ذلك أن تتم الخطبة عن تراضي الطرفين أي اإليجاب من قبل أحدهما
والقبول من الطرف اآلخر ،ويشترط في الرضا أن ال يكون معيبا لعيب من
عيوبه
كالغلط واإلكراه والتدليس.
غير أن ما يجعل الخطبة تختلف عن عقد الزواج
هو أن المشرع لم يحدد سنا معينة للخاطبين بحيث قد اكتفى بالتنصيص في م
07
قا.أ على أن أهلية الزواج بالنسبة للطرفين هي 19سنة ومن ثم لنا أن نتساءل
عما إذا كانت هذه السن هي ذاتها قد اشترطها المشرع بالنسبة للطرفين محل
الخطبة؟ لإلجابة عن هذا السؤال فإن المشرع في م 05و م 06قا.أ المنظمتين
ألحكام الخطبة لم ينص على تحديد سن معينة للخطبة ولكن نظرا للعادات
السائدة
في المجتمع الجزائري غالبا بل في كل األحيان أن الخطبة تسبق عقد الزواج
وأن هذا األخير ال يتم إبرامه إال بعد مرور مدة معينة من الزمن ولذلك فإن
سن الخاطبين يكون أقل من السن التي اشترطها المشرع بالنسبة للطرفين
المقبلين على الزواج ،وعليه فإنه من المستحسن أن ال تكون هذه السن أقل من
17سنة بالنسبة للفتاة و 18سنة بالنسبة للفتى وإ ال سيوافق أحدهما عند عدم
توافر هذه السن على عالقة غير قادرين على تنبؤ تكاليفها ،كما أنه لم يشترط
المشرع شكال معينا إلتمام الخطبة إذ أنه قد اعتمد على مبدأ الرضائية الصادر
من كال الطرفين أو ممن ينوب عنهما.
-1الطبيعة
القانونية للخطبة:
إذا تمت الخطبة وأدى ذلك إلى
إبرام عقد الزواج فهنا ال يثور أي إشكال ،بينما إذا لم تنتهي هذه العالقة
إلى إبرام عقد الزواج فإنه من هذا الجانب لنا أن نتساءل عن الطبيعة
القانونية للخطبة هل تعد عقد أم وعد بالعقد؟ وإ ذا كيفناه وعدا بالعقد مثال
هل تأخذ ذات الحكم المتعلق بالوعد بالعقد المنصوص عليه في القانون المدني؟
تنص
م 05/1قا.أ على أن "الخطبة وعد بالعقد" وفي الفقرة " 2يجوز لكال الطرفين
العدول عنها" ،ومن ثم يكون قد استنبط المشرع هذا الحكم من أحكام الشريعة
اإلسالمية وأساس ذلك هو أن عقد الزواج يتم عن طريق اإليجاب والقبول ومنه
ال
يمكن أن نلزم أحد الطرفين أن يتزوج بالطرف اآلخر حتى ولو كانت الخطبة
قائمة ،وبمعنى أدق فالوفاء بهذا الوعد يقضي أن يمضي عقد الزواج على
شخص غير
راض به وهذا ما يتنافى مع النظام العام وكذلك مع حرية األشخاص في
التزوج،
ومن ثم فإنه ال يجوز للقاضي أن يجبر أحد الطرفين على الزواج بعقد غير
راض
به.
ولكن الحكمة القائمة من التفرقة بشأن الطبيعة القانونية للخطبة بين
الوعد والعقد تكمن في المسؤولية أي أن المسؤولية القائمة في هذه الحالة (
حالة العدول) هي مسؤولية تقصيرية ،أي أن عبء اإلثبات يقع على المضرور
أي
على الشخص الذي سبب له العدول ضررا وهذا ما نصت عليه م 05/3قا.أ
ومن ثم
يجب على المضرور إثبات الخطبة بأي وسيلة من وسائل اإلثبات ثم بعد ذلك
إثبات
الضرر أي إثبات العالقة السببية بين الخطأ الصادر عن الطرف اآلخر والضرر
الذي أصابه نتيجة ذلك.
ما حكم الفاتحة في
قانون األسرة ،هل خطبة أم زواج؟
كانت م 06قا.أ تنص
على أنه ":إذا اقترنت الخطبة بالفاتحة تطبق بشأنها أحكام م 05قا.أ أعاله
أي أحكام الخطبة" ،ومن ثم يكون المشرع قد كيف الفاتحة على أساس أنها
خطبة
وليس زواج ،غير أن الحكم الذي كان يتبناه المشرع في هذا الصدد ال يتماشى
مع
العادات والتقاليد الجزائرية إذ قد اقتبسه من دول الشرق األوسط ومنها خاصة
سوريا ،أما ما هو موجود في المجتمع الجزائري فإن قراءة الفاتحة تكيف على
أساس أنها زواج وذلك نظرا الشتمالها على جميع أركان وشروط عقد الزواج
وتفاديا لهذا المشكل القانوني جاءت عدة قرارات صادرة من المحكمة العليا
قاضية بأنه ":من المقرر قانونا أنه يمكن أن تقترن الخطبة مع الفاتحة أو
تسبقها لمدة غير محدودة ومن المقرر أيضا أنه يثبت الزواج بتوافر أركانه
المقررة شرعا" ( قرار ،)14/04/1992وفي قرار آخر صرحت المحكمة
العليا على
أن " :اقتران الخطبة بالفاتحة بمجلس العقد تعتبر زواجا متى توافرت أركانه
طبقا للمادة 09قا.أ" ( قرار .)04/04/1995
إال أن م 06قا.أ عدلت بمقتضى
األمر الصادر في 27/02/2005وأصبحت تنص على أنه ...":غير أن اقتران
الفاتحة بالخطبة بمجلس العقد يعتبر زواجا متى توافر ركن الرضا وشروط
الزواج
المنصوص عليها في م 09مكرر من هذا القانون".
-2آثار
العدول عن الخطبة:
هذه اآلثار تتمثل في ثالث نقاط
أساسية :
أ.حكم المهر:
لقد جرت العادات في الجزائر على أن يمنح الخاطب لمخطوبته قبل إبرام عقد
الزواج المهر كله أو الجزء منه وذلك من أجل تحضير بيت الزوجية.
وبالرجوع
إلى قانون األسرة نجد أن المشرع لم يبين لنا ما هو حكم المهر في حالة
العدول عن الخطبة؟ولكن تنفيذا للمادة 222قا.أ قد أجمع الفقه اإلسالمي على
أنه يجب على المخطوبة رد المهر بأكمله سواء أكان العدول منه أو منها ومهما
كان المتسبب فيه ألن المهر هو شرط من شروط صحة عقد الزواج( أو أثر من
آثاره
عند بعض الفقهاء) وال دخل للخطبة فيه ،ولكن ما ينبغي اإلشارة إليه هو أن
هذه القاعدة ال تتماشى مع العدول الذي أقيمت عليه مبادئ الشريعة اإلسالمية
وعليه يجب التفرقة بين الحالتين التاليتين:
* إذا كان العدول من جهة
المخطوبة :يجب عليها رد المهر كامال وإ ن كانت قد بدأت بإعداد جهازها ألنها
تكون راضية بالخسارة .
* إذا كان العدول من جهة الخاطب :فمن الظلم
أن تلزم المخطوبة برد مثل النقد أو قيمته وهي غالبا تتصرف في المهر بعد
الخطبة من حيث شراء الثياب ...الخ ،لذلك إما أن ترد المهر نقدا أو جهازا
حتى ال تتحمل الخسارة وفي كل ذلك ينبغي البحث عن المتسبب في العدول
ف‘ذا
كانت المرأة نطبق عليها أحكام الحالة األولى أما إذا كان الرجل نطبق عليه
أحكام الحالة الثانية.
ب.حكم الهدايا في
حالة العدول :لقد تضاربت آراء الفقه اإلسالمي حول حكم
الهدايا في حالة العدول عن الخطبة بحيث يرى الحنفية بأنه يجوز الرجوع في
الهدايا ما لم يوجد مانع من موانع استردادها كالهالك واالستهالك والخروج عن
الملك ،بينما يرى رأي آخر على أنه ال يجوز للخاطبين الرجوع في الهدية سواء
كانت قائمة أو مستهلكة وهو رأي الحنابلة ،ويرى الشافعية إلى وجوب الرد
مطلقا سواء كانت قائمة أو مستهلكة ،وأمام هذه اآلراء المتضاربة بعضها
البعض
يرى المالكية أنه ينبغي التفرقة بين حالتين:
* العدول من جانب الخاطب:
وفيها ال يحق له أن يسترد الهدايا حتى ولو كانت قائمة ما لم يوجد شرط أو
عرف يقضي بخالف ذلك.
* العدول من قبل المخطوبة :عليها أن ترد الهدايا
إذا كانت قائمة أو قيمتها إذا استهلكت أو هلكت .
وقد ذهب المشرع
الجزائري على منوال المالكية بحيث نص في م 05/3قا.أ على أنه ":ال يسترد
الخاطب من المخطوبة شيئا مما أهداها إن كان العدول منه ،وعليه أن يرد
للمخطوبة ما لم يستهلك مما أهدته له أو قيمته".
هل
الخاطب ملزم برد الهدايا غير المستهلكة أو قيمة هذه الهدايا؟ وهل له حق
االختيار؟
أمام هذا الغموض الوارد في النص القانوني
نرى أنه كان على المشرع أن يضيف عبارة ":إذا استهلكت" أمام قيمته ومن ثم
يصبح الشطر الثاني من النص ":وعليه أن يرد للمخطوبة ما لم يستهلك مما
أهدته له أو قيمته إذا استهلك أو هلك" ،أما م 05/4قا.أ تنص على أنه ":وإ ذا
كان العدول من المخطوبة فعليها أن ترد للخاطب ما لم يستهلك من هدايا أو
قيمته" والمالحظة السابقة الواردة على الفقرة 03تنطبق على هذه الفقرة،
ولكن أمام هذه النصوص القانونية ما يعاب على المشرع الجزائري هو أنه أخذ
بعين االعتبار بشأن حكم الهدايا الشخص العادل عن الخطبة بدون الولوج في
التفرقة بين المتسبب في العدول عن الخطبة ومن قام بالعدول ،فإنه من األحرى
أن يفرق في هذه الحالة بشأن حكم الهدايا في حالة العدول عن الخطبة بين
المتسبب في ذلك وغير المتسبب ومن ثم إذا كان العدول من قبل المخطوبة
بسبب
راجع إلى الخاطب ففي هذه الحالة نطبق ما ورد في م 05/3قا.أ ،أما إذا
العدول من قبل الخاطب ولكن بسبب المخطوبة فنطبق حينئذ ما ورد في م
05/4
قا.أ.
ج.حكم التعويض في حالة العدول عن
الخطبة :لم يتعرض الفقه اإلسالمي القديم إلى هذه
المسألة وذلك راجع للعادات والتقاليد السائدة آنذاك التي أصبحت تختلف عن
عاداتنا وتقاليدنا المنحرفة عن الديانة اإلسالمية ،ومن ثم يمكن أن هذه
التصرفات المتمثلة خاصة في العدول عن الخطبة قد تسبب ضررا للطرف
اآلخر
ولذلك لنا أن نتساءل عما إذا كان للطرف المضرور الحق في التعويض وعلى
أي
أساس؟ ،ولإلجابة على هذا السؤال يرى جانب من الفقه اإلسالمي على أنه ال
يجوز الحكم بالتعويض في حالة العدول عن الخطبة ألن هذه األخيرة هي وعد
بالزواج وال تحتوي على عنصر اإللزامية وأن العادل يكون قد مارس حق من
حقوقه
على ألن المشرع يسمح له بذلك.
ويرى الرأي الثاني بأنه يجوز التعويض في
حالة العدول عن الخطبة ولكن يعاتب على هذا الرأي بأنه لم يفرق بين عما إذا
كان الحق للشخص المطالب بالتعويض في حالة الضرر المادي أو المعنوي أو
كالهما معا.
غير أن الرأي الثالث يرى بأنه ينبغي التعويض عن الضرر
المادي دون المعنوي ،فيأخذ على هذا الرأي األخير هو أنه رتب حق الشخص
في
التعويض عن الضرر المادي دون المعنوي ومع العلم أنه في مثل هذه المسائل
فالشخص يتضرر أكثر معنويا عما هو ماديا.
إال أن الرأي األخير يرى بأنه
ينبغي التعويض عن الضررين المادي والمعنوي معا ،وقد أخذ المشرع
الجزائري
بهذا الرأي بحيث نص في م 05/2قا.أ على أنه ":إذا ترتب عن العدول عن
الخطبة
ضرر مادي أو معنوي ألحد الطرفين جاز الحكم له بالتعويض" ،وأن ما يعاتب
على
المشرع الجزائري هو أنه قد اعتبر الخطبة أمر إلزامي بحيث إذا لم تنتهي إلى
الزواج وتم العدول عنها فيسأل صاحبه من حيث التعويض عن الضرر الالحق
بالطرف اآلخر وهذا ما يجعلها تتناقض مع الفقرة األولى من م 05قا.أ التي
أجازت للطرفين الحق في العدول ،ولذلك كان على المشرع أن يأخذ بما أخذت
به
المدونة المغربية بحيث نصت في م 06منها على أن ":حق العدول عن الخطبة
حق
لكال الطرفين" ،وجاءت في م 07بالتنصيص على أن ":مجرد العدول عن
الخطبة ال
يترتب عنه تعويض ،غير أنه إذا صدر عن أحد الطرفين فعل سبب ضررا
لآلخر يمكن
للمتضرر المطالبة بالتعويض" ،وما يمكن القول في هذا الصدد أن المسؤولية
تكون تقصيرية مرتكزة على ثالثة أركان :الخطأ والضرر والعالقة السببية
بينهما ،ثم على المضرور إثبات الخطأ الصادر عن الطرف اآلخر ثم أن هذا
الخطأ
قد سبب له ضرر أي العالقة السببية بين الخطأ والضرر ور يمكن القول أن
التعويض في هذه الحالة بديال عن االلتزام بالوفاء بالوعد ألن هذا الوعد
ينتهي بالعدول وأن التعويض ال يكون إال إذا صاحب العدول ظروف ومالبسات
من
شأنها إلحاق الضرر بالطرف اآلخر ومن ثم ينبغي أن يكون التعويض على قدر
الضرر فال ينبغي أن يكون تعويضا تقديره جزافيا.
ولكن أمام كل هذه
القواعد ينبغي التفريق بين أمرين أي بين نوعين من األضرار:
-األضرار
التي تلحق الطرف اآلخر نتيجة لمخالفة األحكام الشرعية كاختالط الخاطب
بمخطوبته بدون محرم منها وعندئذ ال يجوز لها طلب التعويض عن الضرر
المعنوي
حتى ولو كان في ذلك مساس بشرفها.
-أما إذا كان الضرر ناتج عن أمور أخرى
كالتخلي عن الدراسة أو العمل أو مرور مدة من الزمن قد تكون طويلة بعد
الخطبة( فوات الفرص) هنا يجوز المطالبة بالتعويض عن الضرر المادي أو
المعنوي.