You are on page 1of 35

‫الفصل السادس‬

‫نماذج من العالج النفسى‬

‫‪ -‬العالج بالمعنى ‪.‬‬


‫‪ -‬العالج العقالنى االنفعالى ‪.‬‬
‫مقدمة ‪:‬‬
‫ال شك أن للعالج النفسى دوراً مهماً فى التخفيف عن المرضى‬
‫المضطربين نفسياً – كذلك كعالج مشارك ومساعد للعالجات الطبية‬
‫واالجتماعية األخرى فى شتى األمراض النفسية والعقلية ‪.‬‬

‫ولقد تطور العالج النفسى تطوراً مذهالً فى العقود األخيرة فقد بدأ‬
‫بالتحليل النفسى ثم العالج السلوكى فى شتى نماذجه وأشكاله ‪ ،‬ثم العالج‬
‫المعرفى السلوكى‪ – 3‬كذلك ظهرت مجموعة من العالجات النفسية الحديثة التى‬
‫تعتمد على أسس نظرية جديدة كالعالج المتمركز‪ 3‬حول العميل ؛ والعالج‬
‫االستفزازى ‪ ،‬والعالج الجشطلتى‪ ، 3‬والعالج العقالى االنفعالى … وغيرهم ‪.‬‬

‫وكل نموذج من هذه النماذج العالجية له أسسه النظرية الخاصة به كذلك‬


‫له فنياته وتكنيكاته العالجية التى قد تتشابه أو تختلف مع النماذج العالجية‬
‫األخرى ‪ ،‬إال أن جميعها يهدف إلى التخفيف عن المرضى ولكن كل بحسب‬
‫طريقته ‪.‬‬

‫وال يتسع المقام هنا لسرد كل هذه النماذج العالجية سنقتصر على اثنتين‬
‫منها وهما العالج بالمعنى والعالج العقالنى االنفعالى ‪.‬‬
‫العالج بالمعنى ‪-:‬‬
‫فى عام (‪ )1963‬قدم " فرانكل " العالج بالمعنى " ‪" Logotherapy‬‬
‫والذى يعتبر من المناحى العالجية الحديثة التى تستند إلى االتجاه‬
‫الفنيومينولوجى " ‪ " Attitude Phenomenological‬فى علم النفس والذى‬
‫يرفض اإلسراف فى النزعة الطبيعية عند تناول الظاهرة اإلنسانية ومحاولة‬

‫‪-214-‬‬
‫تفسيرها على أساس من العلل واألسباب النشويئة حيث ارتبطت الفنيومينولوجيا‪3‬‬
‫فى علم النفس بالتيار اإلنسانى‪ 3‬الذى يضع فى بؤرة اهتمامه الوجود‪ 3‬الشامل‬
‫لإلنسان بوصفه إنساناً ‪ ،‬فمن خالل خبرة " فرانكل‪ " 3‬اإلكلينيكية فى العالج أكد‬
‫على أن معظم مشاكل اإلنسان فى الحياة وسوء توافقه النفسى إنما ترجع فى‬
‫الحقيقة إلى مشكالت افتقاد معنى ‪ ،‬حيث يسلم " فرانكل‪ " 3‬بان إرادة المعنى قوة‬
‫دافعية أساسية ‪ ،‬وأن المهمة األساسية لإلنسان هى تحقيق المعنى وليس مجرد‬
‫إشباع للغرائز ‪ ،‬ويرى‪ " 3‬فرانكل‪ " 3‬أن إرادة المعنى يمكن رصدها‪ 3‬من خالل‬
‫ثالث رسائل هى ‪-:‬‬

‫‪-1‬من خالل الفعل ‪.‬‬

‫‪-2‬من خالل الخبرة كمعايشة شخص أو عمل ما ‪.‬‬

‫‪-3‬من خالل المعاناة ‪.‬‬

‫حيث يعتقد " فرانكل‪ " 3‬أن الفراغ الوجودى‪ 3‬والسأم والجمود‪ 3‬واإلحباط‬
‫الوجودى‪ " Existential Frustration " 3‬كلها تمثل مفاهيم تحدى للتربية‬
‫الحديثة باإلضافة إلى أنها تحدى للعالج النفسى فى مصر الحديث والذى يسمى‬
‫عصر الفراغ الوجودى‪) Frankl, 1970 :83 – 90 ( . 3‬‬
‫الغاية والهدف‪:‬‬
‫العالج بالمعنى هو منحى عالجى يقصد به العالج من خالل المعنى "‬
‫‪ " Therapy Through meaning‬حيث أن كلمة " ‪ " Logos‬كلمة‬
‫إغريقية تعنى " المعنى " " ‪ " Meaning‬ويركز‪ 3‬هذا المنحى من العالج على‬
‫معنى الوجود اإلنسانى‪ ، 3‬باإلضافة إلى بحث اإلنسان عن هذا المعنى ‪.‬‬

‫‪-215-‬‬
‫وطبقاً للعالج بالمعنى فإن الدافع إليجاد المعنى فى حياة الفرد هو القوة‬
‫الدافعة األولية له‪ ،‬كما أن كلمة ‪ Logos‬تعنى أيضاً الروحانية " ‪" Spiritual‬‬
‫أو الناحية المعنوية حيث أنهما يمثالن بعداً هاماً فى الوجود اإلنسانى‪ ، 3‬وليس‬
‫المقصود بالروحانية التدين ‪ ،‬ولكن هى إشارة إلى البعد اإلنسانى‪ 3‬الخاص ‪،‬‬
‫حيث يؤكد " فرانكل‪ " 3‬أن المهمة األساسية للعالج بالمعنى تركز على البعد‬
‫الروحانى‪ 3‬أو المعنوى‪ 3‬لإلنسان ( ‪) Frankl, 1978 : 19‬‬

‫ويرفض‪ " 3‬فرانكل‪ " 3‬النسبية الخالصة وكذا الذاتية الخالصة التى توصف‪3‬‬
‫بها المعانى والقيم من جانب البعض ‪ ،‬ويفضل التحدث عن تفرد المعانى وليس‬
‫عن نسبيتها ‪ ،‬فالتفرد ليس خاصية للموقف فحسب ‪ ،‬بل خاصية للحياة ككل ‪،‬‬
‫حيث أن الحياة سلسلة من المواقف‪ 3‬الفردية‪ ،‬كذلك فإن اإلنسان فريد‪Unique " 3‬‬
‫" من حيث الماهية " ‪ " Essence‬والوجود " ‪ " Existence‬فال يمكن إحالل‬
‫إنسان بآخر ‪ ،‬وذلك بفضل فريدية جوهر كل إنسان على حدة كما أن حياة كل‬
‫إنسان فريدة فى أنه ما من إنسان يستطيع أن يعيش حياته أكثر من مرة ‪ ،‬وذلك‬
‫بفضل تفرد وجوده ‪ ،‬وأن حياته سوف‪ 3‬تنتهى إلى األبد أن عاجالً أو آجالً ‪،‬‬
‫ومعها كل الفرص الفريدة لتحقيق المعانى ‪.‬‬
‫نبذة عن مؤسس العالج بالمعنى ‪-:‬‬
‫مؤسس هذا المنحى هو " فيكتور‪ 3‬أميل فرانكل ‪" Victor. E, Frankl‬‬
‫النمساوى الجنسية ‪ ،‬من أبناء " فيينا‪ " 3‬مثله فى ذلك فرويد‪ 3‬وآدلر‪.‬‬

‫‪-216-‬‬
‫وقد‪ 3‬ولد " فرانكل‪ " 3‬فى " فيينا " سنة (‪ )1905‬حيث تعلم وحصل على‬
‫بكالوريوس‪ 3‬الطب سنة (‪ )1930‬وحصل على الدكتوراه من جامعة " فيينا "‬
‫سنة (‪)1949‬‬

‫ولقد بدأ " فرانكل " سيرته المهنية فى الطب النفسى من منظور تحليلى‬
‫نفسى حيث تتلمذ على يد " فرويد " غير أنه تأثر بعد ذلك بكتابات الفالسفة‬
‫الوجوديين بما فيهم " هيدجر " و"ماكس شيلر " ثم بدأ فى تطوير فلسفته‬
‫الوجودية الخاصة ‪ ،‬وكذلك عالجه النفسى الوجودى‪ ،‬وبعد اعتقاله إبان الحرب‬
‫العالمية الثانية ‪ ،‬خلفت تجربة االعتقال المريرة أبلغ األثر فى توجيه نظره‬
‫لإلنسان وللحياة بوجه عام ‪ ،‬إذ جعلته يؤمن بشدة بحرية اإلرادة التى يتميز بها‬
‫اإلنسان دون سائر الكائنات األخرى ‪ ،‬تلك التى تباعد بينه وبين الوحشية‬
‫والهمجية وتحفظ له وقاره اإلنسانى حتى فى موقف يواجه فيه أسوأ الظروف‪. 3‬‬

‫ولقد قدم " فرانكل‪ " 3‬وجهه نظره عن الدور الذى يلعبه المعنى فى العالج‬
‫النفسى األول مرة فى كتابه " من معسكر‪ 3‬الموت إلى الوجودية " ‪From death‬‬
‫‪ camps to existentialism‬والذى أعيدت طباعته تحت مسمى جديد هو "‬
‫اإلنسان يبحث عن معنى " ‪ Man’s search for meaning‬حيث قدم "‬
‫فرانكل " فى الجزء األول وصفاً لفترة اعتقاله أما فى الجزء الثانى ‪ ،‬عرض "‬
‫فرانكل " النظام‪ 3‬العالجى الذى استوحاه من خالل خبرته التى أوجزها‪ 3‬فى أن‬
‫االحتفاظ بمعنى الحياة إنما هو عامل حاسم فيما يتعلق بالبقاء على قيد الحياة‬
‫وذلك من خالل خبرته أثناء فترة اعتقاله ‪.‬‬

‫‪-217-‬‬
‫ويعتبر‪ " 3‬فرانكل‪ " 3‬أول معالج وجودى‪ 3‬أسس مدرسة عالجية تتكامل فيها‬
‫الجوانب النظرية مع الجوانب العملية التطبيقية ‪ ،‬ويعتبر‪ 3‬البعض تعاليم " فرانكل‪3‬‬
‫" مدرسة قوية للعالج النفسى ‪ ،‬وفلسفة للحياة فى نفس الوقت ‪.‬‬

‫ولقد عرفت مدرسة " فرانكل‪ " 3‬فى العالج النفسى باسم " العالج بالمعنى‬
‫" وإ ن كان – فرانكل – قد استخدم فى بادئ األمر مصطلح " التحليل الوجودى‪" 3‬‬
‫وذلك للداللة على منهجه ‪ ،‬ولكنه فضل استخدام مصطلح " العالج بالمعنى "‬
‫وذلك لسببين ‪-:‬‬

‫األول ‪ :‬لكى يميز بين منهجه ومنهج " بينز فانجر‪ " 3‬الذى عرف أيضاً‬
‫باسم " التحليل الوجودى‪ . " 3‬الثانى ‪ :‬إبراز أهم ما يدور‪ 3‬حول عالجه وهو "‬
‫المعنى " ‪ ،‬والمعنى‪ 3‬لدى " فرانكل " يكاد يتطابق مع القديم لدى " ماى " الذى‬
‫يرى أن المعانى التى يبحث عنها اإلنسان ويحققها فى حياته تصبح هى القيم‬
‫التى يعتنقها ‪ ،‬أى تصبح قيم حياته ( إيمان فوزى‪.) 76 : 1993 ، 3‬‬

‫لذا يمكن القول أن العالج بالمعنى منحى عالجى يعتمد على الناحية‬
‫المعنوية لإلنسان وأن مهمة اإلنسان هى تحقيق المعنى ‪ ،‬بل والتأكيد على تفرده‬
‫وان تلك الحياة إنما هى سلسلة من المواقف‪ 3‬الفردية ‪ ،‬وهذا المنحى العالجى هو‬
‫منحى تتكامل فيه الجوانب النظرية مع الجوانب العملية ‪ ،‬ويعتبر العالج‬
‫بالمعنى عالجاً وجودياً يقوم على مساعدة الفرد المضطرب‪ 3‬أن يكتشف‪ 3‬المعنى‬
‫المفقود فى الحياة ‪.‬‬

‫وقد‪ 3‬استفاد أصحاب العالج بالمعنى الوجودى‪ 3‬من إسهامات عدد كبير من‬
‫فالسفة الفكر الوجودى أمثال [ كير كجارد – سارتر – مارتن هايدجر ]‬

‫‪-218-‬‬
‫فنيات العالج بالمعنى ‪-:‬‬
‫من الصعب حصر عدد محدد من الفنيات فى هذا النوع من العالج ‪،‬‬
‫وذلك ألن هذا العالج قد يلجأ إلى استعارة فنيات عالجية من مدارس أخرى ‪،‬‬
‫باإلضافة إلى عدد من الفنيات التى طورها المعالجون ومن أبرزهم " فرانكل" ‪،‬‬
‫وهناك فنيات شائعة االستخدام‪ 3‬فى العالج بالمعنى سنعرض لهما باختصار كما‬
‫يلى ‪-:‬‬
‫‪ -1‬فنية التحليل بالمعنى ‪-:‬‬
‫قدمها‪ 3‬كرونباخ (‪ )1973‬كامتداد‪ 3‬للعالج بالمعنى ‪ ،‬وحدد كرونباخ‪ 3‬عمل‬
‫التحليل بالمعنى بقوله ‪ :‬هو عملية تحليل لخبرات حياة الفرد فى الحياة للبحث‬
‫عن معنى جديد واتساع لخبراته فى الحياة وذلك من خالل وضع هذه الحياة ‪،‬‬
‫فالتحليل بالمعنى عبارة عن سلسلة منظمة مكتوبة يستخدمها الفرد الكتشاف‬
‫المعنى فى الحياة ( ‪) Stropka, 1973 : 33‬‬

‫فتلك الفنية تفترض أن الشخص كائن متفرد فى حياته الخاصة ‪ ،‬ومن ثم‬
‫يمكنه إيجاد الهدف من الحياة من خالل اتساع الوعى الشعورى للفرد وكذلك‬
‫إثارة القدرة االبتكارية لديه من خالل األنشطة التى يقوم بها وذلك من خالل‬
‫تدريبات التحليل بالمعنى والتى يمكن أن تساعد على إيجاد المعنى فى الحياة ‪.‬‬

‫ويالحظ‪ 3‬أن كل فنية من الفنيات تحوى مجموعة من الخطوات‬


‫والتدريبات العملية لتطبيقها ‪.‬‬

‫ويتم تطبيق‪ 3‬تلك الفنية من خالل عدة خطوات يعرض لها الباحث على‬
‫النحو التالى ‪-:‬‬

‫‪-219-‬‬
‫‪-1‬الخطوة األولى ( تقييم الذات ) ‪-:‬‬
‫وفيها‪ 3‬يقيم الفرد ذاته بدقة كما يفعل فى الحياة ‪ ،‬فى الجوانب التالية ‪-:‬‬

‫( الحقوق – المسئوليات‪ – 3‬اآلمال – الطموحات‪) 3‬‬

‫وتهدف هذه الخطوة إلى ‪-:‬‬

‫(‪ )1‬أن يصبح الفرد واعياً بموقفه فى الحياة‬

‫(‪ )2‬إلقاء الضوء على قدرات الفرد وإ مكاناته غير المستغلة وكذا‬
‫تطبيق ذلك على مستقبله وعلى ما يريد أن يكون‬
‫‪ -2‬الخطوة الثانية ( افعل كما لو كنت ……‪-:) ..‬‬
‫ويعتبر‪ 3‬هذا التدريب نقطة بداية للفرد على طريق الشعور‪ 3‬بالمعنى الجديد‬
‫فى الحياة ‪ ،‬وبذلك تكون نقطة البداية أن يفعل الفرد مثلما يفعل الشخص الذى‬
‫يريد أن يكون مثله ‪ ،‬ويجب على الفرد عمل ذلك حتى ولو لم يصدق‪ 3‬فيه فى‬
‫البداية حيث يتقبل الفرد بالفطرة وبعد ذلك بمدة قصيرة سوف‪ 3‬يبدأ الفرد‬
‫أتوماتيكياً‪ 3‬فعل ذلك بإيجابية ‪.‬‬
‫‪ -3‬الخطوة الثالثة ( إيجاد الهدف بتأسيس المواجهة ) ‪-:‬‬
‫إن أول شىء يتذكره اإلنسان عن المشاكل العاطفية – مثالً – هو العادات‬
‫المتمثلة فى انهيار العالقات المترابطة مع اآلخرين ‪ ،‬وقد يؤدى‪ 3‬ذلك إلى نتائج‬
‫منها االكتئاب ‪ ،‬والوحدة ‪ ،‬واالغتراب ‪ ،‬ويكون هذا نتيجة تصور‪ 3‬الفرد فى‬
‫البحث عن المعنى الحقيقى فى حياته ‪ .‬وبالتالى يجب على الفرد أن يتعلم خبرة‬
‫المواجهة مع اآلخرين من خالل األسئلة التالية ‪-:‬‬

‫‪-220-‬‬
‫من هم األشخاص الذين لهم تأثير فى حياتى ؟‬ ‫‪‬‬

‫مع من أشعر بالسرور‪ 3‬؟ ولماذا ؟‬ ‫‪‬‬

‫ما القيم التى اكتسبتها‪ 3‬منهم ؟‬ ‫‪‬‬

‫هل العالقة بين اآلخرين ما زالت مستمرة إذا كانت اإلجابة "‬ ‫‪‬‬
‫نعم " فهل هذه العالقة أبدية؟‬

‫وإ ذا كانت اإلجابة " ال " هل استبدلها‪ 3‬بعالقة أخرى مريحة ؟‬


‫‪ -4‬الخطوة الرابعة ( البحث عن القيم المعنوية ) ‪-:‬‬
‫القيم هى المعانى التى يخبرها الفرد من خالل الجماعة أو الثقافة أو‬
‫كليهما ‪ ،‬وبالتالى‪ 3‬يعتبر المعنى هدفا مرغوبا فيه كما أن العالج بالمعنى يعلم‬
‫الفرد كيفية إيجاد معانى شخصية فى الحياة ‪ ،‬حيث الشعور‪ 3‬بالهوية " ‪Identity‬‬
‫" مثل أى شخص آخر وفى‪ 3‬العالج بالمعنى يتم تصنيف‪ 3‬القيم إلى ثالثة أقسام‬
‫رئيسية هى ‪-:‬‬

‫أ‪ -‬القيم االبتكارية ‪-:‬‬

‫وتنبع من بعض أنواع النشاط اإلبتكارى‪ ، 3‬فمثالً تعد الوظيفة هى‬


‫المصدر الرئيسى‪ 3‬للتعبير االبتكارى حيث من خاللها يتمتع الفرد باألهمية فى‬
‫الحياة ويتحمل متاعب الحياة لذا صممت الخطوة الرابعة لمساعدة الفرد إليجاد‬
‫القوة الدافعة فى شخصيته حتى يمكنه رؤية المهمة التى ستمنح المعنى الحقيقى‬
‫لحياته ‪.‬‬

‫‪-221-‬‬
‫ب‪ -‬القيم التجريبية ‪-:‬‬

‫وتعد إحدى الطرق‪ 3‬المفضلة لإلحساس بالهوية فى الحياة من خالل‬


‫الخبرات الناجحة التى يمر بها الفرد فى المواقف المتعددة ‪.‬‬

‫جـ‪ -‬القيم االتجاهية ‪-:‬‬

‫وهى القيم التى يخبرها الفرد فى الموقف الميئوس منه والذى ال يمكن‬
‫تغيره ابتكاريا‪ 3‬أو تجريبيا‪ 3‬وهذه القيم تشمل حرية الفرد فى االختيار‪ ، 3‬بمعنى‬
‫آخر مواجهة المشكالت األساسية فى الحياة ‪.‬‬
‫‪ -5‬الخطوة الخامسة ‪-:‬‬
‫وفى‪ 3‬هذه الخطوة يجب على الفرد أن يكون مستعدا إليجاد اإلحساس‬
‫الحقيقى وبالهدف من الحياة ‪ ،‬والتوجيه نحو المستقبل ‪.‬‬
‫نظرية تشتت التفكير ‪-:‬‬
‫تلك الفنية عبارة عن عملية يحول فيها انتباه المريض عن موضوع‬
‫القصد المتعلق بالتمركز‪ 3‬حول الذات إلى موضوع‪ 3‬آخر موجب خارج نطاق‬
‫الذات ‪.‬‬

‫وتعتمد‪ 3‬تلك الفنية على فكرة أن التلقائية والنشاط السوى يتعرضان‬


‫لإلعاقة إذا جعل اإلنسان منهما هدفا لالهتمام المفرط ‪.‬‬

‫وتستند‪ 3‬تلك الفنية إلى قدرة اإلنسان على تجاوز‪ 3‬ذاته ‪ .‬إذ يستطيع‪ 3‬اإلنسان‬
‫وحده يمنع نفسه وينسى نفسه بالخروج‪ 3‬عن نطاق التمركز حول الذات ساعيا‬
‫من أجل معنى لوجوده ‪ .‬وباعتبار المريض إنسانا فإن بوسعه التحول عن‬

‫‪-222-‬‬
‫االنتباه لنفسه ومالحظة سلوكه ومراقبة أدائه الخاص فى اتجاه اللقاء إنسانيا‬
‫بكائن بشرى‪ 3‬آخر أو فى اتجاه شىء آخر ( معنى ) غير ذاته ‪.‬‬

‫وتهدف‪ 3‬تلك الفنية إلى إعادة توجيه موجب خارج نطاق الذات نحو شىء‬
‫ما موجب ‪ ،‬بأى وسيلة كانت لتحويل انتباه المريض لنفسه فى اتجاه أى شىء‬
‫موجب ‪.‬‬

‫فتلك الفنية كإجراء تهدف إلى كسر الحلقة المفرغة بالحيلولة بين‬
‫المريض وانتباهه المفرط لنفسه ‪.‬‬

‫ويتناول‪ " 3‬يالوم‪ " Yalom 3‬هذه الفنية العالجية بجعل المريض يتوقف‪3‬‬
‫عن التركيز على ذاته ويبدأ البحث عن المعنى خارج الذات ‪ ،‬أى يستغل قدريته‬
‫المميزتين فى االنفصال عن الذات ‪ ،‬والتسامى على الذات ( ‪Yalom, 1980‬‬
‫)‬

‫وذلك ال يحدث إال من خالل اكتساب توجه جديد نحو معنى متميز لحياة‬
‫اإلنسان ‪ ،‬وتمكينه من العثور على هذا المعنى الذى يتمثل بالتحديد فى الهدف‬
‫الذى يرمى إليه العالج بالمعنى‬

‫ويرى‪ " 3‬فرانكل‪ " 3‬انه ال ينبغى للمعالج أن ينصح مريضه بإيقاف التفكير‬
‫فى موضوع‪ 3‬معين بصورة سلبية – ال تفكر فى كذا وكذا – وإ ال زاد تركيزه‬
‫على المشكلة بصورة أكبر ‪ ،‬ويضرب‪ 3‬لذلك مثاالً بتلك القصة التى حصل فيها‬
‫أحد األشخاص على وصفة لتحضير‪ 3‬الذهب ‪ ،‬تقضى بخلط بعض المكونات‬
‫بأوزان محددة بعضها ببعض مع نصيحته أال يفكر مطلقاً أثناء تحضيره للذهب‬
‫فى " الحرباء " وبالطبع لم يستطع هذا الشخص تحضير الذهب ألنه لم يتمكن‬

‫‪-223-‬‬
‫ولو للحظة أن يطرد‪ 3‬الحرباء من تفكيره أثناء تحضير الذهب ‪ ،‬رغم أنه لم يفكر‬
‫فيها أبداً من قبل ‪.‬‬
‫‪ -3‬فنية القصد العكسى ‪Paradoxical intention :‬‬
‫يتم فى هذه الفنية تشجيع المريض على أن يفعل أو يرغب فى حدوث‬
‫الشىء الذى يخافه‪.‬‬

‫وتعتمد‪ 3‬هذه الفنية على فكرة مواجهة القلق المتوقع‪ ، 3‬حيث يستجيب‬
‫المريض لحديث ما يتوقع‪ 3‬أنه مخيف من أن يتكرر ‪.‬‬

‫وفى‪ 3‬هذه الفنية يتمكن المريض من أن يضع نفسه فى موقع يعلو به فوق‬
‫عصابه ( قلقة أو اضطرابه ) وفى‪ 3‬ذلك تصدق‪ 3‬عبارة نجدها فى كتاب‬
‫(جوردون ألبورت ) مفاها ‪ " :‬أن الشخص العصابى‪ 3‬الذى يتعلم أن يضحك‬
‫على نفسه قد يكون فى سبيله إلى ضبط ذاته ومعالجتها ‪ .‬ربما إلى الشفاء "‬
‫وطريقة القصد العكسى هى الصدق األمبريقى لعبارة أولبورت‪Allport , ( 3‬‬
‫‪) 1956‬‬

‫ويرى‪ " 3‬مادى ‪ " Maddy‬أن فاعلية هذه الفنية ترجع إلى ما تؤدى‪ 3‬إليه‬
‫من استعادة المريض بسيطرته على المواقف التى يخافها ويشعر‪ 3‬بالعجز إزائها‬
‫‪.‬‬

‫فاألعراض المرضية عادة ما تمثل فقدان الشخص للقدرة على السيطرة‬


‫على دقة حياته وباستخدام هذه الظاهرة تتم مواجهة موقف فقدان السيطرة‬
‫بالعمل على المبالغة المتعمدة فى حجمه فما يمكن أن يعيد للفرد سيطرته على‬
‫الموقف هو محاولة أن يفقد السيطرة أكثر فأكثر بشكل متعمد ‪ .‬وعادة ما يكون‬

‫‪-224-‬‬
‫رد الفعل األول عند المريض عندما يطلب منه المبالغة فى اضطرابه هو‬
‫الضحك ‪ ،‬وذلك فى حد ذاته عالمة على تزايد السيطرة على العرض أو‬
‫االضطراب ‪ .‬وفيما‪ 3‬بعد يبدأ المريض فى إدراك أن أسوأ ما يمكن أن يسفر عنه‬
‫االضطراب شىء يمكن احتماله على أى حال باإلضافة إلى ذلك تعين هذه الفنية‬
‫المريض على تحمل مسئولية أعراضه التى يدرك انه يقوم بأدائها مما يتيح له‬
‫قدر أكبر من التحكم فيها والسيطرة عليها ( ‪.) Maddi, 1985‬‬

‫يمكن القول بأن هاتين الفنيتين – تشتت التفكير ‪ ،‬القصد العكسى –‬


‫تعتمدان على قدرة اإلنسان فى االنفصال عن الذات والتسامى على الذات ‪.‬‬
‫‪ -4‬فنية التركيز ‪Focusing :‬‬
‫تعتمد هذه الفنية على الخبرة الداخلية التى يعيشها اإلنسان عند مواجهة‬
‫المواقف المختلفة‪.‬‬

‫من المعروف‪ 3‬أن التركيز‪ 3‬عملية يحدث فيها تواصل من نوع خاص مع‬
‫الوعى الجسدى الداخلى ‪ .‬هذا الوعى يمكن تسميته بالشعور‪ 3‬المحسوس " ‪Felt‬‬
‫‪ " sense‬واإلنسان يجب أن يتعلم كيف يتحضر‪ 3‬هذا الشعور‪ 3‬المحسوس من‬
‫خالل االلتفاف إلى داخل الجسد ‪.‬‬

‫هذا الشعور هو إحساس الجسم بمشكلة أو موقف‪ 3‬معين ‪ ،‬وهو ليس‬


‫انفعاال كالغضب أو الحزن أو السعادة وإ نما هو شىء يحدث دون أن يلفت‬
‫االنتباه فى البداية فهو غير معروف‪ 3‬وإ ن كان له معنى ‪ ،‬وعندما يتعلم اإلنسان‬
‫كيف يمر بخبرة التركيز‪ 3‬فإنه يدرك أن الجسد له وسائله الخاصة فى التعرف‬

‫‪-225-‬‬
‫على مشكالت اإلنسان وتقديم الحلول لها ‪ .‬ومن هنا يأتى التركيز بالتغير‪3‬‬
‫المطلوب ‪.‬‬

‫يؤكد " جندلين " أن الشعور المحسوس ليس مجرد خبرة عقلية وإ نما‬
‫خبرة تشمل العقل والجسد معاً قبل أن يحدث بينهما انفصال وانقسام‪ . 3‬وأن فنية‬
‫التركيز تبدأ بالحصول على هذا الشعور المحسوس ثم تتجه إلى التفكير اللفظى‬
‫أو المنطقى أو الذى يعتمد على أشكال متصورة بطريقة تتيح لهذا الشعور‪3‬‬
‫المحسوس أن يتحول مما يمهد طريق التغير لكل من عقلنا وجسدنا ‪.‬‬

‫( ‪) Gendlin , 1988‬‬
‫تطبيق فنية التركيز بعدة خطوات وهى ‪-:‬‬
‫الوصول‪ 3‬لحالة من صفاء الذهن " ‪ : " Clearing space‬حيث يستبعد‪3‬‬
‫اإلنسان ما يشغله من ضغوط الحياة اليومية وال يبقى فى ذهنه إال المشكلة التى‬
‫يود حلها ‪.‬‬

‫تكوين الشعور‪ 3‬المحسوس " ‪ : " Felt sense‬ينتبه اإلنسان إلى‬ ‫‪‬‬
‫االستجابة الجسدية التى يستشعرها تجاه مشكلته ويحدد مكانها ويستغرق‬
‫فيها بصورة يغلب عليها اإلحساس الجسدى ويتفادى فيها التفكير أو‬
‫التفسير العقلى ‪.‬‬

‫تحديد مفتاح العقل ( لفظى أو غير لفظى ) " ‪ : " handle‬هنا يحاول‬ ‫‪‬‬
‫الفرد أن يجد كلمة أو تعبير أو حتى صورة متخيلة تعبر على أفضل نحو‬
‫عن شعوره المحسوس وال يكتفى بالتعبيرات المتداولة والتقليدية وإ نما‬

‫‪-226-‬‬
‫يظل يبحث حتى يجد ما يعبر به على نحو شخصى عن شعوره‬
‫المحسوس ‪.‬‬
‫‪ -4‬إرجاع الصدى " ‪: " Resonating‬‬
‫حيث يظل اإلنسان يتأرجح بين شعوره المحسوس والمفتاح الذى اختاره‬
‫للداللة على هذا الشعور‪ 3‬حتى يتأثر من التطابق‪ 3‬التام بينهما ‪ ،‬وبحيث يكفى أن‬
‫يذكر هذا المفتاح أو يتصوره داخلياً حتى يستدعى الشعور‪ 3‬المحسوس الذى‬
‫حصل عليه أول األمر ‪.‬‬
‫‪-5‬التساؤل " ‪: " Asking‬‬
‫يبدأ الفرد يسأل ذاته " ما الذى يجعل لهذا الشعور‪ 3‬المحسوس تلك الطبيعة‬
‫الخاصة ؟ ولماذا يرتبط‪ 3‬بالمشكلة على هذا النحو ؟ وهنا أيضا ال يكتفى‬
‫باإلجابات التقليدية ‪ ،‬وإ نما يبحث متأنيا عن إجابة خاصة وشخصية يستطيع‪ 3‬أن‬
‫يشعر بها وكيف‪ 3‬أنها تتطابق‪ 3‬مع واقعة ‪.‬‬
‫‪-6‬التلقى " ‪: " Receiving‬‬
‫عند الحصول على اإلجابة التى تتطابق مع واقع اإلنسان بالفعل ‪،‬‬
‫يستشعر تغييراً فى شعوره المحسوس مما يدل على إدراك حقيقى ألبعاد‬
‫المشكلة وتصور‪ 3‬حلها بما يبعث على االرتياح‬
‫‪-5‬فنية إعادة البناء الموقفى ‪Situational reconstruction :‬‬
‫وتهدف‪ 3‬هذه الفنية إلى استعادة المريض للسيطرة على المواقف‬
‫والمشكالت المرضية ‪ .‬وتركز‪ 3‬تلك الفنية على االعتبارات الموقفية أكثر من‬
‫النتائج االنفعالية وحدها ‪ ،‬خاصة إذا كان منشغال بهذه األحداث بصورة مرضية‬

‫‪-227-‬‬
‫‪ ،‬ووفقاً‪ 3‬لتلك الفنية فإنه يتم توجيه العميل إلى محاولة تخيل ثالث حاالت كان‬
‫من الممكن وفقا لها أن يأتى على نحو أسوأ مما كان عليه بالفعل وعندما يبجح‬
‫فى ذلك يحاول تخيل ثالث حاالت كان من الممكن أن تكون أقل سوء مما وقع‬
‫فعالً ‪ .‬وبعد الترتيب على إعادة بناء الموقف‪ 3‬على هذا النحو تطبق هذه الطريقة‬
‫على أحداث سابقة أو حالية ‪ .‬ومن إحدى فوائد‪ 3‬تلك الفنية أنها تفيد فى توسيع‬
‫المجال الذى يمكن أن يمارس فيه اإلنسان سيطرته وتحكمه فى األحداث بما‬
‫يحسن القدرة على صياغة القرارات التى تتعلق بالمستقبل ( ‪Maddi, 1985‬‬
‫)‬
‫‪-6‬فنية تحسين صورة الذات عن طريق‚ التعويض ‪:‬‬
‫‪Compensatory self improvement‬‬
‫تهدف تلك الفنية إلى زيادة إحساس العميل باإلمكانات المتاحة فى جوانب‬
‫أخرى من الحياة غير تلك التى تبدو بصورة مؤقتة أو دائمة كمعطيات ثابتة‬
‫غير قابلة للتغير عندئذ يكون من األفضل تقبل هذه الجوانب كما هى وتوجيه‬
‫العميل إلى جوانب أخرى من الحياة كانت غير مستقلة ليستثمر فيها طاقاته‬
‫المبددة فى الحزن واأللم ‪ ،‬ويكشف إمكانات جديدة فى حياته ينمو من خاللها‬
‫متجاوزاً محنته ‪ ،‬ويضرب " مادى ‪ " Maddi‬مثاالً بتلك المطاقة التى لم‬
‫تستطع لفترة طويلة أن تتجاوز محنة فقد زوجها وآالم فشل محاوالتها‪ 3‬الستعادته‬
‫‪ ،‬وكان الحل هو لجوئها إلى ممارسة إحدى الرياضات العنيفة ‪ ،‬وقد ساعدها‬
‫النجاح فى ممارسة هذه الرياضة والتقدم فيها على تجاوز‪ 3‬المحنة ( ‪Maddi ,‬‬
‫‪) 1985‬‬
‫‪ -8‬فنية منهج القصة الرمزية ‪-:‬‬

‫‪-228-‬‬
‫يشير " فرانكل " إلى هذا األسلوب بوصفه وسيلة مفيدة مع بعض‬
‫األشخاص حيث يروى‪ 3‬المعالج قصة توضح معنى معين قد يصعب التعبير عنه‬
‫بشكل مباشر‪ . 3‬فمثال – يروى قصة توضح معنى ارتباط الحياة اإلنسانية‬
‫بالمعاناة ‪ .‬وهى قصة حبوب الخردل … ولدت الهندية جوتا طفالً ولكنه مرض‬
‫ومات فشعرت‪ 3‬باألسى وحملت جثمانه من مكان آلخر بحثاً عن دواء فهزئ‬
‫الناس بها ‪ .‬ولكنها لجأت إلى أحد الحكماء الذى أخبرها أن الدواء الوحيد هو أن‬
‫تحضر حفنة من حبوب الخردل من أول منزل بالمدينة ال يكون أحد من أهله قد‬
‫مرض أو عانى أو مات – فجابت المدينة من بيت إلى بيت ولكنها لم تنجح أبداً‬
‫فى العثور على منزل لم يعانى فيه أحد أو يموت ‪ ،‬فأدركت‪ 3‬أن ابنها لم يكن‬
‫الوحيد الذى مرض ومات وأنها لم تكن الوحيدة التى عانت ‪ ،‬فالمعاناة قانون‬
‫سائد بين بنى البشر ( ‪.) Frankl , 1970‬‬
‫‪-9‬اإلفشاء عن الذات ‪-:‬‬
‫وتقوم‪ 3‬على إفشاء المعالج بشكل تلقائى عن خبرته األصلية الخاصة فى‬
‫وقت مناسب أثناء الجلسة العالجية مما يغرى المريض بان يكون صريحا‪3‬‬
‫وصادقا‪ 3‬فى التعبير عن نفسه‬
‫‪-10‬فنية الوعى بالقيم ‪Values Awareness Technique :‬‬
‫وضعها‪ " 3‬هوتزل‪ " Hutzel ،‬بناء على وجهة نظر العالج بالمعنى من‬
‫تحديد وعى المريض بحيث يشمل المجال الكلى للمعنى ومحتوى‪ 3‬القيم ‪ ،‬ومن ثم‬
‫يكون قادرا‪ 3‬على االختيار من بين هذه القيم ليكتشف فى النهاية نظاما للقيم‬
‫مشتق داخليا ‪ ،‬هذا الذى يمده بحياة ذات معنى‪.‬‬

‫‪-229-‬‬
‫مما سبق يتضح مدى أهمية هذا النوع من العالج وكيف انه استفاد بالفعل‬
‫من الفلسفة الوجودية ‪ ،‬واستفاد أيضا من طرق عالجية ونظريات نفسية أخرى‬
‫…‪ ..‬كذلك فهو منحى عالجى له مميزاته وله مسالبه ويحتاج إلى نوعيات‬
‫خاصة من المرض ومن المرضى‪ 3‬على حد سواء ‪.‬‬

‫‪-230-‬‬
‫العالج العقالنى االنفعالى ‪Rational Emotive Therapy‬‬
‫صاحب هذه النظرية العالجية هو البرت أليس ‪ ، Ellis‬والذى بدأ حياته‬
‫كمحلل نفسى إال إنه تخلى عن التحليل سريعة وأكيدة ‪ ،‬وكانت أو كتاباته عام‬
‫‪ 1962‬بعنوان " السبب واالنفعال فى العالج النفسى ‪Reason & Emotion‬‬
‫‪. in Psychotherapy‬‬

‫وفى‪ 3‬هذا الكتاب يوضح أليس منهجه وطريقة فى العالج ‪..‬ز وهو يرى‬
‫أن البشر يكونون فى أسعد حاالتهم عندما تكون لهم أهداف يسعون لتحقيقها‬
‫بشكل إيجابى … وأن العقالنية هى الوسيلة الوحيدة التى تساعدهم على تحقيق‬
‫أهدافهم بينما الالعقالنية تحول بينهم وبين تحقيق هذه الهداف ‪ ..‬وأن العقالنية‬
‫تتميز بثالثة خصائص ( علمية – منطقية – واقعية ) بينما الالعقالنية غير‬
‫علمية وغير منطقية وجامدة وال تتفق مع المنطق والواقع ‪.‬‬

‫ويقول أليس ‪ Ellis‬أن عددا من المبادئ التى تستند إليها نظرية‬


‫العالج العقالنى االنفعالى ليست بالجديدة ‪ ،‬وبالرغم من أن معظم هذه المبادئ‬
‫أو المفاهيم تم وضعها‪ 3‬بناء على خبرتى‪ 3‬مع عدد كبير من المرضى … إال أننى‬
‫وجدت أنها قد تمت صياغتها من قبل على يد الكثير من الفالسفة وعلماء النفس‬
‫وغيرهم ممن لم تكن لهم أى خبرة بالعالج النفسى … وأن الفكرة األساسية‬
‫للعالج العقالنى هى " أن اإلنسان حيوان عقالنى بصورة فريدة … كما أنه‬
‫غير عقالنى بصورة فريدة …وأن اضطراباته االنفعالية والنفسية تعود بدرجة‬
‫كبيرة إلى تفكيره بطريقة غير منطقية وال عقالنية ‪ ،‬وأنه يمكن أن يخلص نفسه‬
‫من معظم تعاسته االنفعالية ومن عدم فعاليته واضطرابه إذا تعلم أن ينمى‬

‫‪-231-‬‬
‫تفكيره العقالنى إلى أقصى درجة ممكنة ‪ ،‬وأن يقلل من تفكيره الالعقالنى إلى‬
‫أقل درجة ممكنة " ‪)Ellis, 1972( .‬‬
‫دعائم نظرية العالج العقالنى االنفعالى‬
‫يرى أليس أن هناك تشابكا بين العقل والعاطفة ‪ ،‬ويؤمن بالفرض القائل‬
‫بأن التفكير واالنفعال ليسا بعملتين مختلفتين وإ نما تتداخالن بصورة ذات داللة‬
‫… تماما كما هو الحال بالنسبة لعمليتى الحياة (الحس والحركة ) فإن بينهما‬
‫عالقات متبادلة بصورة تكاملية ‪ ،‬وال يمكن النظر إليهما على أنهما فى حالة‬
‫انفصال تام ‪.‬‬

‫ويقدم أليس مجموعة من األفكار‪ 3‬حول طبيعة البشر واضطراباتهم‪3‬‬


‫االنفعالية التى يعانون منها …‬

‫والتى نورد‪ 3‬هنا أهمها كما يلى ‪:‬‬

‫‪ ‬اإلنسان هو الكائن العاقل الوحيد على هذه األرض ‪ ،‬وهو حين يفكر‬
‫ويتصرف‪ 3‬بطريقة عقالنية يصبح أكثر كفاءة وفعالية ‪.‬‬

‫‪ ‬أن االضطراب‪ 3‬االنفعالى والنفسى هو نتيجة للتفكير العقالنى ‪.‬‬

‫‪ ‬ينشأ هذا التفكير الالعقالنى فى عملية التعلم أثناء الطفولة المبكرة ‪ ،‬والذى‬
‫يكون الفرد مهيأ له من الناحية البيولوجية والذى يكتسبه بصفة خاصة من‬
‫والديه ومن المجتمع … وأثناء عملية النمو فإن الفرد يتعلم أن يفكر ويشعر‬
‫بأشياء معينة تجاه نفسه وتجاه اآلخرين ‪ ،‬وترتبط بعضا من هذه األشياء‬
‫بفكره " هذا حسن أو طيب فتصبح انفعاالت الفرد إزاءها موجبة بينما تلك‬

‫‪-232-‬‬
‫التى ترتبط‪ 3‬بفكره هذا "سئ أو ردئ " فتتكون‪ 3‬إزاءها انفعاالت سالبة وتؤدى‪3‬‬
‫إلى اإلحساس بمشاعر مؤلمة ‪.‬‬

‫‪ ‬أن مهمة المعالج العقالنى االنفعالى هى أن يعمل مع هؤالء األفراد الذين‬


‫يعانون من االضطرابات والتعاسة دون داع … أو الذين نثقل كأهلهم‬
‫مشاعر القلق الشديد أو العدائية وأن يوضح لهم ‪:‬‬

‫‪ -‬أن الصعوبات‪ 3‬التى يعانون منها تنجم إلى حد كبير من إدراكهم المشوه‬
‫وتفكيرهم غير المنطقى ‪.‬‬

‫‪ -‬أن هناك طريقة إلعادة ترتيب إدراكهم وإ عادة تنظيم‪ 3‬تفكيرهم من أجل‬
‫القضاء على السبب األساسى‪ 3‬لصعوباتهم‪ ، 3‬وهذه الطريقة وأن كانت بسيطة‬
‫نسبيا إال أنها تتطلب بذل المزيد من الجهد ‪.‬‬

‫(بتصرف‪ 3‬عن ‪ /‬محمد الطيب ‪ ، 1994‬محروس الشناوى‪) 1994 3‬‬


‫االضطراب النفسى عند أليس ‪:‬‬
‫من خالل مراجعتنا‪ 3‬للكتابات التى تناولت هذا الموضوع نجد أن أليس‬
‫‪ Ellis‬يميز بين نوعين من االضطراب النفسى … يرتبط األول بالمطالب‬
‫التى يفرضها اإلنسان على نفسه وما تؤدى إليه من انتقاد الذات ولومها‪ 3‬عندما‬
‫يفشل اإلنسان فى تحقيق هذه المطالب المطلقة مثال ‪:‬‬

‫" يجب أال أخطأ عندما أتحدث أمام زمالئى أو اآلخرين "‬

‫ويرتبط النوع الثانى من االضطراب‪ 3‬النفسى بالمطالب المطلقة التى‬


‫نفرضها على اآلخرين مثال " يجب أال يسخر منى اآلخرين عندما أخطأ " ‪.‬‬

‫‪-233-‬‬
‫فى حين أننا نجد البديل الصحى للمطلب األول هو قبول الذات دون‬
‫شروط مع االعتراف بنقائصها‪ 3‬وضعفها مع السعى للتغلب على ذلك ‪.‬‬

‫أما بالنسبة للمطلب الثانى فالبديل الصحى هو تنمية القدرة على تحمل‬
‫اإلحباط واالنزعاج من أجل التغلب على المعوقات أمام تحقيق األهداف‬
‫واألغراض األساسية ‪ .‬ويؤكد أليس على مبدأ التفاعل النفسى (بين الفكر‬
‫واالنفعال) إذ أن أفكار‪ 3‬وانفعاالت وأفعال اإلنسان ال يمكن عالجها باستقالل عن‬
‫بعضها البعض فهى عمليات نفسية متداخلة ومتفاعلة فعندما‪ 3‬يفكر المرء فى شئ‬
‫ما مثال " إن التحدث أمام اآلخرين أمر فظيع ومؤلم‪ 3‬ألنه يعرضنى‪ 3‬للسخرية "‬
‫فهو يميل للتفاعل معه بالشعور‪ 3‬بالخوف وإ لى التصرف‪ 3‬بطريقة معينة (تجنب‬
‫الحديث – العقاب – الخ) ‪.‬‬

‫والسؤال‪ … 3‬ما هى األفكار أو الفلسفات غير المنطقية الرئيسية التى‬


‫تؤدى حتما إلى االنهزامية والعصاب … إذا أعتنقها األفراد وداوموا عليها ؟‬

‫لقد ذكر أليس إحدى عشرة فكرة ال عقالنية من وجهة نظره تسبب القلق‬
‫واالضطراب‪ 3‬هى ‪:‬‬

‫الفكرة األولى ‪" :‬يجب على المرء أن يكون محبوبا ومرضيا عنه من كل‬
‫المحيطين به "‪.‬‬

‫وهذه فكرة غير منطقية من وجهة نظر أليس ألنه من الصعب أن ينال‬
‫الفرد حب ورضا‪ 3‬كل المحيطين به ‪ ،‬وإ ذا حاول الفرد تحقيق ذلك فهذا يزيد من‬
‫اعتماده على اآلخرين ويقلل شعوره باألمان ويزداد‪ 3‬تعرضه لإلحباط ‪ ،‬ورغم‬

‫‪-234-‬‬
‫أنه من المرغوب فيه أن يكون الفرد محبوباً‪ 3‬من اآلخرين إال أن الشخص العاقل‬
‫ال يضحى باهتماماته ورغباته فى سبيل تحقيق رضا اآلخرين‪.‬‬

‫الفكرة الثانية ‪ " :‬يجب على المرء أن يكون كفئا وفعاال ومنجزا بصورة‬
‫تامة … على نحو ممكن أن كان له أن يعتبر نفسه جدير بأى قيمة "‪.‬‬

‫وهذه الفكرة من الصعب أن لم يكن من المستحيل تحقيقها …‪1 .‬لك ألن‬


‫الكمال هلل وحده ‪ ،‬وأن كل أعمال البشر ينتابها النقصان …‪ .‬وإ ذا أصر الفرد‬
‫على تحقيق ذلك فإن يصبح عرضه للقلق واالضطراب‪ 3‬والمرضى‪ 3‬النفسى كما‬
‫يتولد لديه شعور دائم بالخوف‪ 3‬والفشل ‪.‬‬

‫الفكرة الثالثة ‪ " :‬بعض الناس سيئون وأشرار وجبناء ‪ ،‬وأنه يجب‬
‫معاقبتهم بشدة لخستهم " ‪.‬‬

‫وهذه الفكرة أيضا غير منطقية وال عقالنية ألنه وأن يوجد الطيب‬
‫والشرير‪ 3‬والقبيح والحسن ‪ ،‬وكل الناس معرضون للتردى وارتكاب‪ 3‬األخطاء ‪،‬‬
‫كذلك فإن العقاب واللوم قد ال يؤدى‪ 3‬عادة إلى تعديل السلوك بل ربما يؤدى‪ 3‬إلى‬
‫مزيد من االضطراب االنفعالى ‪ ،‬أما األشخاص األسوياء المنطقيين ال يلومون‬
‫وال يعاقبون‪ 3‬اآلخرين على أخطائهم‪ 3‬بل يوجهون لهم النصح واإلرشاد‪ ، 3‬وإ ذا ما‬
‫وجه إليهم اللوم فإن كانوا مخطئين فيعدلوا‪ 3‬من سلوكهم ‪ ،‬وإ ن كانوا على صواب‬
‫فال يهتموا بما تقوله اآلخرون عنهم ‪.‬‬

‫الفكرة الرابعة ‪ " :‬أن األمور تعتبر فظيعة وكارثة عندما ال تكون‬
‫بالطريقة التى يتمناها الشخص "‪.‬‬

‫‪-235-‬‬
‫وهذه الفكرة غير منطقية وال عقالنية ألنه كما يقول المثل العربى "ليس‬
‫كل ما يتمناه المرء يدركه " فقد تحدث أمور عديدة على غير هوى المرء أو ما‬
‫يريده هو … وهذا ليس معناه أن يحزن اإلنسان ويتضايق بسبب ذلك أو أن‬
‫نعتبر ذلك كارثة … والشخص العقالنى البد له أن يتقبل األمور على ما هى‬
‫عليه فإن كانت صحيحة فهذا شئ طيب أما إذا كانت خاطئة فإنه يعدلها أن‬
‫استطاع أو يتقبلها كما هى …‪ .‬بمعنى أن يفكر فيها بشكل إيجابى حتى ال تؤدى‪3‬‬
‫به إلى االضطراب والمرض ‪.‬‬

‫الفكرة الخامسة ‪ " :‬أن أسباب تعاسة اإلنسان خارجية ‪ ،‬وأن قدرة‬
‫الناس على التحكم فى أحزانهم واضطراباتهم ضئيلة أو معدومة " ‪.‬‬

‫وهذا أيضا غير عقالنى ألنه يمكن لألحداث الخارجية هذه أن تكون سببا‬
‫للتعاسة واالضطراب إال إذا نظر إليها (فكر فيها) اإلنسان من هذه الزواية ‪،‬‬
‫أى أن إدراك الفرد هو الذى يسبب ذلك ‪ ،‬وكما قال الفيلسوف اليونانى‪ 3‬أبيقورس‬
‫" نحن ال نضطرب‪ 3‬بسبب رؤيتنا‪ 3‬لألحداث … ولكن بسبب كيفية إدراكنا لهذه‬
‫األحداث " ‪.‬‬

‫الفكرة السادسة ‪ " :‬إذا كان هناك شئ خطير أو مخيف … أو من‬


‫المحتمل أن يكون هكذا … فإن على المرء أن يشعر بعدم االرتياح الشديد إزاء‬
‫ذلك … وأن يكون دائم التوقع لهذه األشياء ‪.‬‬

‫وهذا أيضا غير منطقى وال عقالنى ذلك ألن االنشغال والقلق الزائد يقف‬
‫عقبة فى سبيل التقويم الموضوعى‪ 3‬الحتمال وقوع الحدث الذى نخشاه ‪ ،‬كذلك‬
‫يؤدى إلى عملية التهويل والتضخيم لألحداث ‪ ،‬ويزيد‪ 3‬من الوقع السئ لألمور‬

‫‪-236-‬‬
‫… والشخص العقالنى يعترف‪ 3‬باحتمال وجود النظر ولكنه ال ينظر إلى‬
‫األخطار المحتملة على أنها كوارث محققة ‪ ،‬كما يدرك أن القلق لن يمنع حدوث‬
‫المخاوف واألخطار بل قد يزيد األمر سوءاً " أو الطين بله كما يقولون "‪.‬‬

‫الفكرة السابعة ‪ :‬أن نجنب أو تحاشى بعض الصعاب أسهل من‬


‫مواجهتها " ‪.‬‬

‫وهذا أيضا غير كنطقى ألن تجنب أو تحاشى بعض الهام غالبا ما يكون‬
‫أكثر إيالما من القيام بها … ذلك ألنه ربما يولد لدى الفرد مشاعر عدم الرضا‬
‫واإلحساس بالذنب … كذلك فإن الشخص العاقل الناضج هو الذى يتحمل‬
‫الصعاب والتبعات الملقاة على عاتقه حتى يشعر بمرارة وحالوة الحياة ويشعر‬
‫بالقيمة والجدارة أنا نجنب المواجهة ربما يؤدى‪ 3‬إلى حياة سهلة مملة ‪ ،‬وقد تكون‬
‫غير سعيدة ‪.‬‬

‫الفك ــرة الثامنة ‪ " :‬يجب على الم ــرء أن يعتمد على الغـــير ‪ ،‬وأنه بحاجة‬
‫إلى شخص ما أقوى منه يرتكن إليه " ‪.‬‬

‫ال مانع من أن يعتمد المرء على اآلخرين ولكن بقدر ما وليس بصورة‬
‫دائمة … ألن االعتماد على الغير بصورة كبيرة يؤدى إلى فقدان االستقالل‬
‫الذاتى وعدم القدرة على تحمل المسئولية الفردية ‪ ،‬فالشخص العقالنى يسعى‬
‫إلى االستقاللية والمسئولية وال يرفض معونة الغير عندما يكون ذلك ضروريا ‪.‬‬

‫الفكرة التاسعة ‪ " :‬أن التاريخ والخبرات الماضية للشخص تعتبر محدداً‬
‫غاية فى األهمية لسلوكه الراهن … وأن ما كان له تأثير عليه من قبل سيكون‬
‫له أثر مشابه إلى أجل غير محدد " ‪.‬‬

‫‪-237-‬‬
‫وهذه فكرة غير عقالنية أيضا ‪ ،‬يرى أليس أن ما كان سلوكا ضروريا‬
‫تحت ظروف‪ 3‬معينة قد ال يكون كذلك فى الوقت الحالى ‪ ،‬وما كان حال لمشكلة‬
‫فى الماضى ال يصلح حال لها فى الوقت الحاضر‪ ، 3‬ورغم أنه من الصعب‬
‫التغلب على ما سبق تعلمه فى الماضى إال أن ذلك ليس مستحيال فالماضى له‬
‫أهميته ولكن ينبغى أن يدرك الفرد أن المستقبل يمكن تغييره عن طريق دراسة‬
‫وتحليل الماضى ( االستفادة من الخبرات السابقة) وفحص األفكار والمعتقدات‬
‫المكتسبة التى ربما تكون عائقا فى سبيل تقدم الفرد بصورة أكثر منطقية‬
‫وعقالنية وأنه رغم تشابه األحداث فإن تأثيراتها فى المستقبل حتما ستكون‬
‫مختلفة ‪ ،‬فاإلنسان ليس نفسه فى كل المواقف‪ 3‬والظروف واألحوال‪ … 3‬فهو‬
‫يعيش فى ضرورة مستمرة ‪.‬‬

‫الفكرة العاشرة ‪ " :‬أنه البد من وجود حل صحيح ودقيق وتام بصورة‬
‫ثابتة للمشكالت اإلنسانية … وأنه لمن الكارثة أال تعثر على هذا الحل التام"‪.‬‬

‫وهذا الفكرة العقالنية من وجهة نظر أليس لألسباب اآلتية ‪:‬‬

‫‪ -‬أنه ال يوجد حل تام لكل المشاكل أو حل صائب تماما لكل المشكالت ‪.‬‬

‫‪ -‬يؤدى اإلصرار‪ 3‬على العثور على حل صائب تماما إلى الذعر والقلق فكل‬
‫ما نتخيله من نتائج للفشل فى العثور على مثل هذه الحلول غير حقيقى ‪.‬‬

‫‪ -‬يؤدى االنشغال بالبحث عن حلول صائبة تماما إلى التوصل إلى حلوال أسوأ‬
‫مما كان يمكن التوصل إليه … واإلنسان المنطقى هو من يحاول إيجاد عدو‬
‫حلول لمشكلة ما ثم يقبل أفضلها‪ 3‬مع االعتراف بأنه ليس هناك إجابة أو حل‬
‫يبلغ حد الكمال ‪.‬‬

‫‪-238-‬‬
‫‪ -‬الفكرة الحادية عشرة ‪ " :‬يجب على المرء أن يحزن لما يصيب اآلخرين‬
‫من مشكالت واضطرابات "‪.‬‬

‫‪ -‬وهذا غير منطقى ألن مشكالت اآلخرين ال يجب أن تكون مصدر قلق أو‬
‫إزعاج بالنسبة للفرد ‪ ،‬وعلى الشخص العاقل أن يتفحص سلوك اآلخرين‬
‫فإذا أصبح هذا السلوك مصدر إزعاج وأصبح سلوكا مضطربا فإنه فى‬
‫هذه الحالة يجب عليه مساعدتهم على تعديل سلوكياتهم‪ 3‬فإن لم يستطع فيجب‬
‫عليه أن يتقبل هذا السلوك كما هو عليه ‪.‬‬

‫‪ -‬ويرى " أليس " أن هذه األفكار الالعقالنية هى مصدر‪ 3‬االضطراب‬


‫والعصاب لدى األفراد‪ .. 3‬ألنه من الصعوبة أن يحقق الفرد كل ما بها من‬
‫واجبات ‪.‬‬
‫اإلطار النظرى للعالج العقالنى االنفعالى ‪:‬‬
‫يلخص " أليس " اإلطار النظرى‪ 3‬ألسلوبه العالج فى ثالثة حروف‪ 3‬هى‪:‬‬
‫)‪A (antecedents) B (Beliefs) C (Consequences‬‬
‫ويعنى‪ 3‬بها ‪-:‬‬

‫(‪ )1‬ويشير به إلى الحرف األول من كلمة " مقدمات ‪ Antecedents‬وتشير‪3‬‬


‫إلى األحداث والمواقف‪ 3‬التى تظهر فيها المشكالت النفسية وهى قد تكون‬
‫أحداث داخلية أو خارجية ‪ ،‬واألحداث الخارجية هى التى يمكن أن يراها‬
‫اآلخرون فضالً عن صاحب المشكلة مثل (إجراء مقابلة شفوية) أما‬
‫األحداث الداخلية فهى أفكار‪ 3‬المرء المتعلقة باألحداث الخارجية مثل‬
‫(الحديث أمام اآلخرين أمر كريه) ‪.‬‬

‫‪-239-‬‬
‫(‪ )2‬أما حرف (‪ )B‬ونشير‪ 3‬به إلى كلمة ‪ Beliefs‬معتقدات المرء ووجهات‬
‫نظره فى الحياة وهذه المعتقدات قد تكون مرنة أو جامدة ‪ ،‬وعندما تكون‬
‫جامدة فإننا نطلق عليها معتقدات ال عقالنية وتكون فى صيغ لغوية تبدأ‬
‫غالباً بكلمتى يجب أن – أو البد ‪ ..‬وعندما يتمسك الفرد بهذه المعتقدات‬
‫فإنه يميل إلى استنتاج أفكار‪ 3‬ال عقالنية مثل " يجب أن أتقن كل ما أقوم‪ 3‬به‬
‫وأال كنت فاشالً ال قيمة لى بالتالى يميل أصحاب هذا االعتقاد إلى استنتاج‬
‫أفكار عقالنية مثال ‪:‬‬

‫" يجب أال أخطئ أثناء التحدث أمام اآلخرين وإ ال أصبحت موضوعاً‪3‬‬
‫للسخرية " … الخ من أفكار أخرى عديدة ‪.‬‬

‫وعندما تكون المعتقدات مرنة يطلق " أليس " عليها المعتقدات العقالنية‬
‫وهى غالباً ما تأخذ شكل الرغبة أو األمنية إال أنها تتحول إلى مطالب وشروط‬
‫مطلقة الزمة ‪ ..‬وعندما يتمسك المرء بهذه المعتقدات المرنة يميل إلى استنتاج‬
‫أفكار عقالنية مثال‪ " :‬أفضل أن أتقن ما أقوم‪ 3‬به من عمل " وبالتالى‪ 3‬فإنه يحاول‬
‫قد المستطاع الوصول‪ 3‬إلى مرحلة اإلتقان وإ ن لم يصل فهذا ال يمثل له مشكلة أو‬
‫اضطراب ‪.‬‬

‫(‪ )3‬أما حرف ( ‪ ) C‬وهو الحرف األول لكلمة ‪ Consequences‬وتشير‪ 3‬إلى‬


‫النتائج االنفعالية والسلوكية لمعتقدات الشخص بخصوص األحداث أى أن‬
‫األحداث والمقدمات يدخلها الفرد فى نظام المعتقدات الخاص به وتظهر‬
‫فى النهاية على شكل نتائج سلوكية ‪.‬‬

‫(‪) A–B–C‬‬

‫‪-240-‬‬
‫ويرى‪ " 3‬أليس " فى نظريته أنه على الرغم من أن (‪ )A‬هى الحادث الذى‬
‫يقع قبل ظهور‪ 3‬االضطراب االنفعالى إال أنه ليس السبب الرئيسى‪ 3‬المباشر‬
‫للنتيجة التى نشاهدها ( ‪ ) C‬وإ نما ينتج هذا االضطراب عن نظام أو نسق‬
‫التفكير أو المعتقدات لى الفرد والذى يرمز له بالحرف ( ‪. ) B‬‬

‫ويرى‪ " 3‬أليس " أن النتائج االنفعالية التى تنشأ عن المعتقدات الالعقالنية‬
‫هى نتائج كثير االضطراب ويطلق‪ 3‬عليها النتائج السلبية غير المناسبة ‪ ،‬أما‬
‫النتائج التى تنشأ عن المعتقدات العقالنية المرنة فهى تؤدى إلى االضطراب‬
‫ويطلق عليها النتائج المناسبة حتى ولو كانت سلبية‪.‬‬

‫كذلك فإن االنفعاالت غير المناسبة تكون غير وظيفية ألنها تؤدى إلى‬
‫الشعور بألم نفسى كبير وتدفع‪ 3‬اإلنسان إلى التطرف وتفوق‪ 3‬تحقيق أهدافه ‪ ،‬وفى‪3‬‬
‫المقابل تنبه االنفعاالت السلبية المناسبة إلى أن تحقيق أهداف الفرد يواجه‬
‫عقبات ‪ ..‬وتحثه على التصرف من أجل تحقيق األهداف ‪.‬‬
‫أهداف العالج العقالنى االنفعالى ‪:‬‬
‫‪ -‬التفكير بأسلوب عقالنى مرن واقعى‪. 3‬‬

‫‪ -‬االنفعال بأسلوب يتناسب مع المواقف‪ 3‬واألحداث ‪.‬‬

‫‪ -‬التصرف بأسلوب فعال لتحقيق األهداف واألغراض األساسية ويحث‬


‫العالج العقالنى المرضى‪ 3‬على فهم وتبنى األفكار‪ 3‬األساسية التالية‪-:‬‬

‫(‪ )1‬أن األحداث الماضية أو الحاضرة ال تسبب االضطراب‪ 3‬السلوكى‬


‫واالنفعالى بل أن المعتقدات الالعقالنية ذات الصلة بهذه األحداث هى‬
‫التى تؤدى‪ 3‬فى المقام األول إلى المشكالت االنفعالية والسلوكية ‪.‬‬

‫‪-241-‬‬
‫(‪ )2‬بغض النظر عن الكيفية التى تم بها االضطراب‪ 3‬النفسى فى الماضى فإن‬
‫االضطراب الحاضر‪ 3‬إنما يعود إلى استمرار المريض فى التفكير بشكل‬
‫العقالنى‪.‬‬

‫(‪ )3‬بالرغم من أن اإلنسان يميل إلى االضطراب‪ 3‬النفسى من جراء األفكار‬


‫واألفعال الهازمة للذات ‪ ..‬فإنه يستطيع التغلب على مشكالته واضطرابه‬
‫إذا ثابر على تحدى ومقاومة األفكار‪ 3‬الالعقالنية ‪.‬‬

‫ويجمع كثير من المتخصصين‪ 3‬أن المهمة التى يضعها المعالج العقالنى‬


‫لنفسه هى أن يحمل المريض على أن يتخلى عن ‪ Disbelieve‬أفكار غير‬
‫المنطقية ‪ ،‬وأن يغير اتجاهاته المخزية للذات ‪ Self-Sabotage‬وللقيام بهذه‬
‫المهمة يلجأ المعالج العقالنى إلى بعض الفنيات المعتادة والتى يستخدمها غيره‬
‫من المعالجين أهمها ‪-:‬‬

‫(‪ )1‬فنية تحقيق عالقة بين المعالج والمريض ‪ ،‬قائمة على مبدأ التكافؤ‬
‫والمساواة ‪.‬‬

‫(‪ )2‬العالج التعبيرى االنفعالى ‪. Expressive emotive therapy‬‬

‫(‪ )3‬العالج بالمساندة النفسية ‪. Supportive‬‬

‫(‪ )4‬العالج االستبصار‪ 3‬التأويلى ‪. Insight interpretive‬‬

‫وينظر‪ " 3‬أليس " إلى هذه الفنيات على أنها استراتيجيات أولية الهدف منها‬
‫تحقيق عالقة ألفة وتفاهم مع المريض لمساعدته على التعبير عن نفسه بصورة‬

‫‪-242-‬‬
‫مليئة وليريه أن لديه القدرة على التغير ‪ ،‬وليوضح له كيف أصبح مضطرباً من‬
‫البداية‪.‬‬

‫وبعبارة أخرى فإن معظم الفنيات العالجية عن قصد أو غير قصد توضح‬
‫للمريض أنه غير منطقى … وكيف أصبح هكذا أصالً ولكن هذه الفنيات عادة‬
‫تفشل فى أن توضح له كيف أنه مستمر‪ 3‬فى الحفاظ على تفكيره غير المنطقى‬
‫وأنه على نحو من الدقة لزاماً عليه أن يتغير ويبدل أفكار وحيث يوضح معظم‬
‫المعالجين بطريقة غير مباشرة للمريض أنه يسلك بطريقة غير منطقية … فإن‬
‫المعالج العقالنى يذهب إلى أبعد من هذه النقطة ليقوم بهجوم مباشر‪ 3‬ال التباس‬
‫فيه على أفكار المريض الالعقالنية العامة والنوعية ‪ ،‬ويحاول‪ 3‬أن يحثه على‬
‫إنتاج وجهات نظر أكثر عقالنية ‪.‬‬

‫أما المعالج العقالنى يقوم بهجوم‪ 3‬منسق على األوضاع غير المنطقية‬
‫للشخص المضطرب‪ 3‬بطريقين رئيسيتين هما ‪:‬‬

‫(‪ )1‬يضطلع المعالج بمهمة الداعية – المضاد ‪Counter Propagandist‬‬


‫الذى يناقض وينكر‪ 3‬هزم الذات ‪ Self-defeating‬والخرافات‪ 3‬التى تعلمها‬
‫المريض أصالً والتى يقوم بغرسها ذاتياً‪.‬‬

‫(‪ )2‬يقوم المعالج بتشجيع المريض وحثه والتحايل عليه ‪ ،‬وأحياناً يصر على‬
‫أن يشترك‪ 3‬المريض فى نشاط ما ‪ ،‬وهذا النشاط يقاوم بعض األفكار‪3‬‬
‫الالعقالنية والمدمرة للذات ‪.‬‬

‫ونالحظ‪ 3‬أن " أليس " فى نظريته للعالج العقالنى يسعى إلى تحقيق‬
‫أمرين‪:‬‬

‫‪-243-‬‬
‫أولهما ‪ :‬إظهار‪ 3‬عدم عقالنية مجموعة كبيرة من أفكار العميل وأنها‬
‫السبب فى اضطرابه االنفعالى ‪.‬‬

‫ثانيهما ‪ :‬محاولة إدخال أفكار‪ 3‬أكثر عقالنية إلى نسق المعتقدات لدى‬
‫العميل ‪.‬‬

‫ومن ثم فإن المعالج عادة ما يتحتم عليه ألن يستمر‪ 3‬فى قصف األفكار‪3‬‬
‫غير العقالنية التى تكمن وراء مخاوف المريض ومشاعر العدائية لديه ‪ ،‬كما‬
‫يلزم أن يوضح له وبصورة مقنعة … كيف ؟ ولماذا ؟ تتسم هذه المخاوف‪3‬‬
‫بالالعقالنية وأنها تؤدى‪ 3‬حتماً إلى نتائج سيئة للغاية‪.‬‬

‫ويوصى " أليس " باتباع أسلوب عالجى إيجابى مع معظم المرضى‪3‬‬
‫خاصة فى المراحل األولى من العالج ‪ ،‬ويقلل من الدور التوجيهى للمعالج فى‬
‫المراحل األخيرة من العالج حيث يدفع المريض إلى نحمل المزيد من مسئولية‬
‫التغير العالجى‪.‬‬

‫وفى‪ 3‬النهاية لكل نظرية أو منحى عالجى إيجابياته وسلبياته ‪ ،‬لذا من‬
‫المهم أن نتعرف على شخصية المريض وما يعانى منه ثم بعد ذلك إختيار‬
‫األسلوب أو الطريقة العالجية التى تناسب كل حاله على حده ‪.‬‬

‫المراجع‬

‫‪ -‬أحمد عكاشة (‪ )1998‬الطب النفسى المعتصر‪ 3‬ـ األنجلو المصرية ـ القاهرة‬


‫ط‪. 3‬‬

‫‪-244-‬‬
‫حامد زهران (‪ )1977‬الصحة النفسية والعالج النفسى _ عالم الكتب ـ‬ ‫‪-‬‬
‫القاهرة ‪.‬‬

‫‪ -‬سليمان الريحان (‪ )1985‬التخلف العقلى ط‪ 2‬ـ مطابع الدستور _ عمان –‬


‫األردن ‪.‬‬

‫‪ -‬عادل صادق (‪ )1989‬فى بيتنا مريض نفسى كتاب اليوم الطبى – أخبار‬
‫اليوم ‪.‬‬

‫‪ -‬عبد الستار إبراهيم (‪ )2002‬الحكمة الضائعة ‪ :‬اإلبداع واالضطراب‬


‫النفسى والمجتمع – الكويت – عالم المعرفة – المجلس الوطنى‪ 3‬للثقافة‬
‫والفنون واآلداب ‪.‬‬

‫‪ -‬عبد الستار إبراهيم (‪ )1988‬االكتئاب – اضطراب العصر الحديث ‪ ،‬فهمة‬


‫وأساليب عالجه – الكويت – عالم المعرفة – المجلس الوطنى‪ 3‬للثقافة‬
‫والفنون واآلداب ‪.‬‬

‫‪ -‬عبد اللطيف أمين القريطى (‪ )1998‬فى الصحة النفسية – دار الفكر‬


‫العربى القاهرة ‪.‬‬

‫‪ -‬عمر شاهين ‪ ،‬يحيى الرخاوى (‪ )1977‬مبادئ األمراض النفسية – مكتبة‬


‫النصر الحديثة – القاهرة ط‪. 3‬‬

‫‪ -‬فاروق‪ 3‬محمد صالح (‪ )1976‬سيكولوجية التخلف العقلى – المطابع األهلية‬


‫– الرياض ‪.‬‬

‫‪-245-‬‬
‫فتحى السيد عبد الرحيم(‪ )1982‬سيكولوجية األطفال غير العاديين‬ ‫‪-‬‬
‫واستراتيجيات التربية الخاصة ج‪ – 2‬دار القلم – الكويت‬

‫‪ -‬فرج عبد القادر طه (‪ )1984‬علم النفس اإلكلينيكى‪ – 3‬التشخيص والعالج‬


‫– دار العلم للماليين – بيروت ‪.‬‬

‫‪ -‬فخرى الدباغ (‪ )1986‬الشخصية ومبادئ‪ 3‬وعلم النفس – مكتبة الخانجى –‬


‫القاهرة ‪.‬‬

‫‪ -‬كمال الدسوقى (‪ )1973‬علم األمراض النفسية ‪ :‬تصنيفاتها – أعراضها –‬


‫دار النهضة العربية – بيروت ‪.‬‬

‫‪ -‬محمد عبد الظاهر الطيب (‪ )1944‬مبادئ الصحة النفسية ‪ ،‬دار المعرفة‬


‫الجامعية ‪.‬‬

‫محمد عبد المؤمن حسين (‪ )1986‬سيكولوجية غير العاديين وتربيتهم‪– 3‬‬ ‫‪-‬‬
‫دار الفكر الجامعى – اإلسكندرية ‪.‬‬

‫‪ -‬محمد محروس الشناوى‪ )1994( 3‬نظريات اإلرشاد‪ 3‬والعالج النفسى ‪ .‬دار‬


‫غريب القاهرة – القاهرة ‪.‬‬

‫‪ -‬محمود حمودة (‪ )1991‬الطب النفسى ‪ :‬النفس أسرارها – وأمرضها –‬


‫مكتبة الفجالة – القاهرة ط‪. 3‬‬

‫محمود السيد أبو النيل (‪ )1978‬الذكاء الفقر – مجلة النفس العدد الثانى‬ ‫‪-‬‬
‫الهيئة المصرية العامة للكتاب ‪.‬‬

‫‪-246-‬‬
‫‪ -‬محمود السيد أبو النيل (‪ )1988‬علم النفس عبر الحضارى‪ – 3‬دار النهضة‬
‫العربية للطباعة والنشر‪ – 3‬بيروت ‪.‬‬

‫‪ -‬محمود عبد العزيز محمد (‪ )2002‬اضطرابات الشخصية بين النظرية‬


‫والتشخيص ‪ .‬تحت الطبع ‪.‬‬

‫‪ -‬مصطفى فهمى (‪ )1970‬اإلنسان وصحته النفسية ‪ .‬األنجلو المصرية –‬


‫القاهرة ‪.‬‬

‫‪ -‬هول ‪ ،‬لندزى (‪ )1987‬نظريات الشخصية – ترجمة فرج أحمد وآخرون‬


‫– الهيئة المصرية العامة للكتاب – القاهرة ‪.‬‬
‫‪-‬‬

‫‪-247-‬‬

You might also like