Professional Documents
Culture Documents
شياطين التواصل الاجتماعي
شياطين التواصل الاجتماعي
فتحت وسائل التواصل االجتماعي الباب على مصراعيه لكل من هب ودب ،بمن فيهم أولئك الذين ال
يجرؤون في الحياة الواقعية على التصرف بشكل سيء أو إضرار اآلخرين قوالا أو فعلا ،إما خجلا أو خوف ا من
عقوبة أو قانون ،فيجدون في وسائل التواصل االجتماعي متنفسا لهم يفرغون فيه ضغائنهم وبواطنهم ،حيث ال رقيب
وال حسيب إال وعي اإلنسان نفسه ،ومدى فهمه للعلقات اإلنسانية مع اآلخر ،خاصة عند غياب أي وازع أخلقي
أو ديني أو قانوني يردعه عن البذاءة والفحش واإلساءة إلى اآلخرين على صفحات اإلنترنت ،إذ أن جميع األديان
السماوية والقوانين الوضعية تنهى عن مثل هذه التصرفات.
وفيما يلي بعض خصائص من يمكن تسميتهم (شياطين) أو (عفاريت) شبكات التواصل االجتماعي ،أو
(شياطين اإلنترنت) بشكل عام ،نسبة إلى أفعالهم وسلوكهم المؤذي على اإلنترنت ،وقياسا إلى فئة أخرى ممن
يظنون أنفسهم "أنبياء" (أو متنبيي) التواصل االجتماعي .1هناك صفات أخرى تطلق عليهم ،مثل (الذباب
اإللكتروني) أو "ترول" trollsباإلنكليزية ،ولكن صفة "عفاريت" أو "شياطين" إلكترونية باللغة العربية قد تكون أكثر
ملءمة من "الذباب اإللكتروني" ألن "شياطين اإلنترنت" هم انعكاس مباشر لسلوك شياطين اإلنس في الحياة
الواقعية ،وألن الذباب مفيد في الطبيعة في كثير من الجوانب أما الشياطين ،فل.
قلة االحترام ،وبذاءة اللسان ،والفظاظة ،والفحش ،واستسهال األلفاظ الدنيئة ،والسخرية ،واالستهزاء استغلالا
لمساحة الحرية التي يقدمها اإلنترنت عامة و وسائل التواصل االجتماعي خاصة ،تحت أسماء مستعارة في
الرذالة اللفظية والتنمر والتحرش واالستفزاز ،وما يولده ذلك
كثير من األحيان ،مما يؤدي إلى ازدياد مظاهر ُّ
من شعور وسلوك نفسي ومزاج متعكر لدى الشخص المستهدف لوقت قد يطول أو يقصر ،حسب طبيعة
االستفزاز ومدته واأللفاظ المستخدمة.
DOI: 10.31221/osf.io/b5sjt ﺧﺎﻟد ﻣﺻطﻔﻰ | ﺷﯾﺎطﯾن اﻟﺗواﺻل اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ | اﻷرﺷﯾف اﻟﻌرﺑﻲ اﻟﻌﻠﻣﻲ 2018
2
تسطيح كثير من األمور واالهتمامات ،عمدا أو جهلا ،والتقليل من جدية أو فظاعة الحاالت المأساوية
وتقليل التعاطف معها .وقد يؤلف شياطين اإلنترنت أنفسهم مقاطع أو كتابات أو مرئيات (فيديوهات) لغاية
التشويه أو كوسيلة من وسائل الضغط النفسي والتشهير واالبتزاز وقلب الحقائق.
غالب ا ما تتوافق أهواء الشياطين اإللكترونيين مع أهواء "أنبياء الكترونيين" ،على عكس ما هو معروف عن
التضاد بين الشياطيين واألنبياء الحقيقيين (المرسلين) حيث من الشائع أن يكون عفاريت اإلنترنت من أتباع
أحد "أنبياء" التواصل االجتماعي 1فيدعمون وجهة نظره ،ويدخلون في مهاترات ومشاكسات لتأييده دون األخذ
بالحسبان األدلة أو البراهين التي قد تدحض وجهات نظرهم وأفكار "نبيهم اإللكتروني" .وقد يكون "النبي
اإللكتروني" نفسه "شيطانا إلكترونيا" في نفس الوقت ،تبعا لمصلحته.
إذا ما تج أر أحد على مخالفة أو مناظرة أو مقارعة أحد متنبيي التواصل االجتماعي حول بعض أفكاره أو
ضعف حجته ،فإن "النبي اإللكتروني" يطلب الفزعة من أتباعه (مثلا بإعادة تغريدة ،أو غمز أو لمز إلى
خصمه ،إلخ) ،فيأتيه العون والمدد وينهال سخط أتباعه على غريمه بالتقريع والتسفيه والشتائم ،بغض النظر
عن صحة أو خطأ رأي متبوعهم "النبي اإللكتروني".
العمل على تشويه السمعة والتقليل من شأن خصومهم فكريا أو سياسيا أو عقائديا بتصيد األخطاء وتقديمها
على أنها حقائق أو مواقف ثابتة ،والقدح والذم من خلل التسرع بالحكم على األشياء.
العمل على نشر أخبار كاذبة وشائعات قد تصبح قضية رأي عام (أو )trendقبل أن يكتشف زيفها من
حقيقتها.
شعورهم بالنشوة واالنتصار والغرور عندما ينتقدون أو يعترضون على شخصية معروفة أو على من هو
أفضل منهم أو على مسؤول لمجرد االعتراض فقط ،كوسيلة إلثبات ذواتهم ووجودهم واشباعا لنرجسيتهم
وغرورهم.
الشيطان في تصرفاته على أرض الواقع هو شيطان مضاعف على اإلنترنت لوجود هامش أكبر من حرية
الكتابة واالنتقاد .إذ يكفي أحدهم أن يعرف القراءة والكتابة فيستغل هذه المساحة ليتصرف كما يتصرف في
حياته خارج اإلنترنت ،بل أسوأ بكثير ،علما أن هناك من ال يعرف القراءة والكتابة ولكن يترفع عما يقوم به
شياطين اإلنترنت ممن يجيدون القراءة والكتابة.
هوايتهم تضييع الوقت واإلغواء على أشياء قليلة القيمة أو غير متعلقة بالموضوع المطروح ،وتعكير وتشويش
أي نقاش لمجرد التشويش والثرثرة فقط ،أو تغيير مساره باتجاه آخر يخدم مصلحتهم أو يشتت االنتباه عن
الموضوع الرئيس.
DOI: 10.31221/osf.io/b5sjt ﺧﺎﻟد ﻣﺻطﻔﻰ | ﺷﯾﺎطﯾن اﻟﺗواﺻل اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ | اﻷرﺷﯾف اﻟﻌرﺑﻲ اﻟﻌﻠﻣﻲ 2018
3
بعض أو كثير منهم قد تكون مهنته أو جزء منها هو الكتابة على وسائل التواصل االجتماعي ،لذلك
يحاولون جذب االنتباه بشتى الوسائل ،حتى البغيضة منها ،باالستفزاز واالستثارة أو الصراخ ،كما يفعل
األطفال لجذب االنتباه إليهم وتحقيق مطالبهم.
العمل على تغذية وتأجيج مشاعر العنصرية واإلثنية والقبلية ورفض اآلخر المختلف لون ا أو دين ا أو عرق ا أو
لغة أو ثقافة ،وتعميم كثير من الصور واألفكار النمطية حول مجتمع أو عرق أو ثقافة ما.
يبيعون المثالية ويوزعون شهادات وطنية ووالء أو تخوين ،فقط ألن أم ار ما قد ال يتوافق مع أهوائهم.
كثير منهم متقاعد عن العمل ،أو ليس لديه مهنة أو أشياء مفيدة يشغل بها وقته ،وبعضهم من حملة
شهادات عليا (جامعية أو دكتوراه) ،أو هكذا يقدمون أنفسهم في صفحاتهم وملفات تعريفهم في وسائل
"التواصل االجتماعي" ،ربما كنوع من التعويض عن الشعور بالنقص وعدم الثقة بالنفس المحسوس داخلي ا،
أو استجابة لنداء أنانية مرضية قوية في حب الظهور والتمايز والتعالي ،فيستخدمون األلقاب الطنانة
لتعويض ذلك النقص إلرواء ظمأهم الغروري .وعوض ا عن أن يكرسوا أوقاتهم في أشياء مفيدة لهم
ولمجتمعهم ولمحيطهم ،بممارسة هوايات تقوي أجسامهم وعقولهم كالقراءة والرياضة والمشي ،تجدهم متحلقين
شي ِطنون زيدا ويؤلِّهون عمروا،
في مجالس شيطنة خلف أحد أنبيائهم اإللكترونيين المزهو بكثرة أتباعه ،وي ْ
ويذمون هذا ويغتابون ذاك ،عن جهالة ونرجسية وسطحية ال تليق باإلنسان عامة وال بالمتعلم خاصة .وان
أسماء مركبة
ا كان المولعون باأللقاب يحبون رؤية شغفهم بها لدى أبنائهم ،فإني أقترح عليهم تسمية أبناءهم
مسبوقة باأللقاب المغرمين بها ،مثلا ،كأن يسمي أحدهم ابنه "دكتور فلن" ،و "مهندس علن" ،إلخ بحيث
تصبح هذه األلقاب اسما أو جزءا من اسم العلم ،وهكذا يوفرون على أبنائهم عناء الدراسة وتكاليف الحصول
على شهادات ،أو باألحرى أن يغيروا أسماءهم هم مسبوقة بهذه األلقاب تجنبا ألي ضرر أو حرج قد يسببونه
ألبنائهم ،إن اختاروا لهم مثل تلك األسماء ،وهم ال ذنب لهم في غرور وجهالة وشيطنة آباءهم.
صور لمسؤولين أو شخصيات معروفة يعتبرونها
ا كثي ار ما يستخدم شياطين اإلنترنت في ملفاتهم الشخصية
إظهار وتباهي ا للوالء واالفتخار ،أو بالعكس ،يضعون صو ار لشخصيات
ا قدوة ،أو ربما كنوع من التمترس أو
أو رموز يعتبرونها موضع سخرية واستهزاء وازدراء .وفي الحالة األولى ،فهي إساءة صريحة لصاحب
الء أو إخلصا له ،ألن الشيطان اإللكتروني بتصرفه هذا يعمل على ربط سوء أفعاله مع الصورة أكثر منها و ا
صاحب الصورة التي يستخدمها ،بشكل واع أو غير واع .فمن يق أر أو يسمع م ار ار كلم ا فاحش ا أو سيئ ا
مرتبط ا بصورة ما ،مهما تكن نقية أو مثالية ،فقد يتولد لديه شعور مضاد أو حانق ،ليس على كاتب الكلم
الفاحش أو قائله فقط ،وانما على صاحب الصورة المرتبطة بها أيض ا ،التي يستخدمها الشيطان اإللكتروني
في ملف تعريفه .أما في الحالة الثانية (السخرية من شخصية معروفة) فهي إساءة لصاحب الحساب نفسه
DOI: 10.31221/osf.io/b5sjt ﺧﺎﻟد ﻣﺻطﻔﻰ | ﺷﯾﺎطﯾن اﻟﺗواﺻل اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ | اﻷرﺷﯾف اﻟﻌرﺑﻲ اﻟﻌﻠﻣﻲ 2018
4
وجهل منه ألن الساخر والمستهزئ بغرض التحقير واالزدراء هو إنسان أقرب للحمق والعجرفة والتكبر
والجهل.
كلمات مفتاحية :شبكات التواصل االجتماعي ،وسائل التواصل االجتماعي ،ميزات شبكات التواصل االجتماعي ،فوائد شبكات التواصل
االجتماعي ،ميزات وعيوب وسائل التواصل االجتماعي ،عيوب شبكات التواصل االجتماعي ،أضرار شبكات التواصل االجتماعي،
أنبياء تويتر ،أنبياء فيسبوك ،األنبياء االلكترونيون ،أنبياء الكترونيون ،ترول ،الذباب اإللكتروني ،شياطين اإلنترنت ،عفاريت اإلنترنت،
أنبياء التواصل االجتماعي ،شياطين التواصل االجتماعي ،ذباب إلكتروني.
References مراجع
“ .Arabixiv. DOI:أنبياء التواصل االجتماعي :يتَّبعون وال يتَّبِعون1. Moustafa, Khaled. 2018 ”.
https://doi.org/10.31221/osf.io/95sjx
DOI: 10.31221/osf.io/b5sjt ﺧﺎﻟد ﻣﺻطﻔﻰ | ﺷﯾﺎطﯾن اﻟﺗواﺻل اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ | اﻷرﺷﯾف اﻟﻌرﺑﻲ اﻟﻌﻠﻣﻲ 2018