You are on page 1of 2

‫عن معاذ بن أنس الجهني رضي هللا عنه أن رسول هللا عليه وسلم قال ‪َ ( :‬م ْن َقَر َأ اْلُقْر

آَن َو َع ِم َل ِبَم ا ِفي ِه ‪ُ ،‬أْلِبَس َو اِل َداُه‬ ‫‪‬‬


‫َتاًجا َيْو َم اْلِقَياَم ِة ‪َ ،‬ض ْو ُء ُه َأْح َس ُن ِم ْن َض ْو ِء الَّش ْم ِس ِفي ُبُيوِت الُّد ْنَيا َلْو َكاَنْت ِفيُك ْم ‪َ ،‬فَم ا َظُّنُك ْم ِباَّلِذ ي َع ِمَل ِبَهَذ ا )‪ ،‬وإن ه ذا‬
‫الحديث الشريف قد رواه أحمد وأبو داوود ولكن الشيخ األلباني قد ضعفه وقال في ص حيح ال ترغيب وال ترهيب حسن‬
‫لغيره‪ ،‬ولكن حسنه محققو المسند‪.‬‬
‫وروى أحمد (‪ )22950‬عن بريدة األسلمي رضي هللا عنه عن النبي صلى هللا عليه وسلم أنه قال – عن صاحب القرآن‬ ‫‪‬‬
‫– ‪َ ( :‬و ُيوَض ُع َع َلى َر ْأِس ِه َتاُج اْلَو َقاِر ‪َ ،‬و ُيْك َس ى َو اِلَداُه ُح َّلَتْيِن اَل ُيَقَّو ُم َلُهَم ا َأْهُل الُّد ْنَيا ‪َ ،‬فَيُق واَل ِن ‪ِ :‬بَم ُك ِس يَنا َه ِذِه ؟ َفُيَق اُل ‪:‬‬
‫ِبَأْخ ِذ َو َلِد ُك َم ا اْلُقْر آَن ‪ُ ،‬ثَّم ُيَقاُل َل ُه ‪ :‬اْق َر ْأ َو اْص َع ْد ِفي َد َرَج ِة اْلَج َّن ِة َو ُغ َرِفَه ا‪َ ،‬فُه َو ِفي ُص ُعوٍد ‪َ ،‬م ا َداَم َيْق َر ُأ َه ًّذ ا َك اَن َأْو‬
‫َتْر ِتياًل )‪ ،‬وقد قال محققو السند في ه ذا الح ديث‪“ :‬إس ناده حسن في المتابع ات والشواهد من أجل بشير بن المه اجر‬
‫الَغَنوي‪ ،‬وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين‪ ،‬وحسنه الحافظ ابن كثير في “تفسيره” ‪ ،1/62‬ولبعضه شواهد يصح بها‬
‫شرح حديث من قرأ القرآن وعمل بما فيه ألبس والداه تاجًا‬
‫قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪“ :‬من قرأ القرآن‪ ،‬وتعلمه‪ ،‬وعمل ب ه‪ ،‬ألبس وال داه يوم القيام ة تاجا من ن ور‪ ،‬ض وؤه‬
‫مثل ضوء الشمس ‪ ،‬ويكسى والداه حلتين ال تقوم بهما الدنيا! فيقوالن‪ :‬بم كسينا؟! فيقال‪ :‬بأخذ ول دكما القرآن”‪ ،‬وقد روى‬
‫هذا الحديث الحاكم وقال هذا حديث صحيح على شرط مسلم‪ ،‬ونجد أن هذا الحديث النبوي لم يتم تحديد في ه عمر الول د في‬
‫حفظ القرآن‪ ،‬فقد ُترك على عمومه ويكسب الوالدين ذلك الفضل بشرط أن يقرأ الولد القرآن ويتعلمه وأن يقوم بالعمل بما‬
‫ورد فيه وإن شرح هذا الحديث النبوي بحسب ما جاء في المنهل العذب المورود شرح سنن اإلمام أبي داود هو ‪:‬‬
‫قول رسولنا الكريم”من قرأ القرآن” أي من رتله وهو الذي يستحق اإلكرام وقد جاء في القرآن الكريم قول ه تع الى‪” :‬‬ ‫‪‬‬
‫َو َر ِّتِل اْلُقْر آَن َتْر ِتيال “‪ ،‬بخالف من يقرأ القرآن بغير ترتيل فإنه يستحق اإلثم‪.‬‬
‫وقوله‪“ :‬وعمل بما فيه”‪ ،‬أي الذي يعمل م ا ورد في ه من أخالق وأحكام باإلض افة إلى اآلداب‪ ،‬فأتمر ب أوامره وتجنب‬ ‫‪‬‬
‫نواهيه‪ ،‬واتعظ بمواعظه‪.‬‬
‫وقوله‪“ :‬ألبس والداه تاًجا يوم القيامة”‪ ،‬وإن معنى هذه الجملة يدل على السعادة باإلضافة إلى س عة المل ك يوم القيام ة‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫واألقرب أن يتم إبقاء الت اج على حقيقت ه وظاهره حيث أن ه من المع روف أن ه يص اغ للمل وك وُيص نع من ال ذهب‬
‫والجواهر‪.‬‬
‫وقوله‪“ :‬ضوؤه أحسن من ضوء الشمس”‪ ،‬وتم التعبير عن التاج مع ما في ه من نف ائس الج واهر بأن ه كالشمس ولم يتم‬ ‫‪‬‬
‫تشبيهه ألنه فقط مشرق ومضيء مثلها بل مع رعاية شيء من الزينة والحسن‪]2[.‬‬

‫البس والديك تاج الوقار‬


‫إن حفظ القرآن عبادة يبتغي المسلم منها تقرب ًا هلل س بحانه وتع الى والث واب في اآلخرة وإن هللا س بحانه وتع الى قد اختص‬
‫حافظ القرآن بخصائص عديدة في الدنيا واآلخرة منها أنه يكسي والديه حل تين ال تقوم لهما ال دنيا وم ا فيه ا‪ ،‬وذل ك بسبب‬
‫رعايتهما البنهما وتعليمه القرآن الكريم وحتى لو كانا جاهلين فإن هللا يكرمهما بابنهما‪ ،‬أما من كان يمن ع ول ده ويص ده عن‬
‫القرآن الكريم فهو من المحرومين وإن من األحاديث الشريفة التي تدل على البس والديك تاج الوقار هي‪:‬‬

‫عن أبي هريرة قال ‪ :‬قال رسول هللا صَّلى هللا عليه وسلم ‪ ” :‬يجيء القرآن يوم القيامة كالرجل الشاحب يقول لص احبه ‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫هل تعرفني ؟ أنا الذي كنُت ُأسهر ليلك وأظمئ هواجرك ‪ ،‬وإن كل تاجر من وراء تجارته وأن ا ل ك الي وم من وراء كل‬
‫تاجر فيعطى الملك بيمينه والخلد بشماله ويوضع على رأسه تاج الوقار ‪ ،‬وُيكسى والداه حَّل تين ال تقوم لهما ال دنيا وم ا‬
‫فيها ‪ ،‬فيقوالن ‪ :‬يا رب أنى لنا هذا ؟ فيقال لهما ‪ :‬بتعليم ولدكما القرآن ”‪ ،‬رواه الطبراني في ” األوسط ”‪.‬‬
‫عن بريدة رضي هللا عنه قال ‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪ ” :‬من قرأ القرآن وتعَّلم وعمل ب ه ُألبس وال داه يوم‬ ‫‪‬‬
‫القيامة تاجًا من نور ضوؤه مثل ضوء الشمس ‪ ،‬ويكسى وال داه حل تين ال تقوم لهما ال دنيا فيقوالن ‪ :‬بم كسينا ه ذا ؟‬
‫فيقال ‪ :‬بأخذ ولدكما القرآن ”‪ ،‬رواه الحاكم‪.‬‬
‫ونجد أن الحديثان يحسن أحدهما اآلخر‪ ،‬وهناك فضائل أخرى ومزايا قد أنعم هللا بها لحافظ القرآن وهي‪:‬‬

‫أنه يقَّد م على غيره أي يكون إمامًا في الصالة‪ ،‬فعن أبي مسعود األنصاري قال ‪ :‬قال رسول هللا ص لى هللا علي ه وس لم ‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫” يؤم القوم أقرؤهم لكتاب هللا فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة فإن كانوا في السنة س واء فأقدمهم هج رة فإن‬
‫كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سلما وال يؤمن الرجل الرجل في س لطانه وال يقع د في بيت ه على تكرمت ه إال بإذن ه ”‪،‬‬
‫رواه مسلم‪.‬‬
‫يقدم حافظ القرآن على غيره عند الممات أي في القبر في جهة القبلة إذا دعت الحاجة إلى دفنه مع غ يره‪ ،‬فعن جابر بن‬ ‫‪‬‬
‫عبد هللا رضي هللا عنهما قال ‪ :‬كان الَّنبي صلى هللا عليه وسلم يجمع بين ال رجلين من قتلى ” أحد ” في ثوب واحد ثم‬
‫يقول ‪ :‬أيهم أكثر أخذًا للقرآن ؟ فإذا أشير له إلى أحدهما قَّد مه في اللحد وقال ‪ :‬أن ا ش هيد على ه ؤالء يوم القيام ة وأم ر‬
‫بدفنهم في دمائهم ولم يغسلوا ولم يصل عليهم‪ ،‬رواه البخاري‪.‬‬
‫يقدم ويكون هو األولى في اإلمارة والرئاسة إذا استطاع حملها‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وفي اآلخرة تكون منزلته عند آخر آية كان قد حفظها‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫يكون حافظ القرآن مع المالئكة ويرافقهم في منازلهم‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ُيلبس تاج الكرامة وحلة الكرامة‪]3[.‬‬ ‫‪‬‬

‫حديث تاج وحلة الكرامة‬


‫إن من الخصائص والمميزات التي يتحلى بها حافظ القرآن وهي التي تم ذكرها سابقًا في هذا المقال بأنه يحصل وُيلبس تاج‬
‫وحلة الكرامة حيث أنه ُيخصص بهذه الخصلة وهذا إن دل على شيء إنما يدل على أهمي ة حف ظ القرآن الكريم والمداوم ة‬
‫على تعلمه وقراءته حتى نكسب هذه الخصائص في الدنيا واآلخرة‪ ،‬وقد ورد في السنة النبوية الشريفة حديث تاج وحل ة‬
‫الكرامة وهو كالتالي‪:‬‬

‫عن أبي هريرة رضي هللا عنه‪ ،‬عن النبي صلى هللا عليه وسلم قال ‪ ” :‬يجيء القرآن يوم القيام**ة فيق**ول ‪ :‬ي**ا رب حِّل ه ‪،‬‬
‫فيلبس تاج الكرامة ثم يقول ‪ :‬يا رب ِز ْده ‪ ،‬فيلبس حلة الكرامة ‪ ،‬ثم يق**ول ‪ :‬ي**ا رب ارض عن**ه فيرض**ى عن**ه ‪ ،‬فيق**ال ل**ه‬
‫اقرأ وارق وتزاد بكل آية حسنة ”‪ ،‬رواه الترمذي وقال ‪ :‬هذا حديث حسن صحيح‪ ،‬وقال األلباني في ” ص حيح الترم ذي‬
‫” حسن‪.‬‬
‫‪AL QUR’AN ADALAH KITAB AMAL‬‬
‫ِكَتاٌب َأنَز ْلَناُه ِإَلْيَك ُم َباَر ٌك ِّلَيَّد َّبُر وا آَياِتِه َو ِلَيَتَذ َّك َر ُأوُلو اَأْلْلَباِب (‪)29‬‬

‫وقوله ( ِكَتاٌب َأنـزْلَناُه ِإَلْيَك ) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد َص َّلى هللا َع َلْيِه َو َس َّلم ‪ :‬وهذا القرآن ( ِكَتاٌب َأنـزْلَناُه ِإَلْيَك ) يا‬
‫‪.‬محمد ( ُمَباَر ٌك ِلَيَّد َّبُروا آَياِتِه ) يقول‪ :‬ليتدَّبروا ُح َج ج هللا التي فيه‪ ,‬وما شرع فيه من شرائعه‪ ,‬فيتعظوا ويعملوا به‬
‫واختلفت القّراء في قراءة ذلك‪ ,‬فقرأته عامة القراء‪ِ ( :‬لَيَّد َّبُروا ) بالياء‪ ,‬يعني‪ :‬ليتدبر هذا القرآن من أرسلناك إليه من قومك‬
‫‪.‬يا محمد‪ .‬وقراءة أبو جعفر وعاصم " لَتَّد َّبُروا آياته " بالتاء‪ ,‬بمعنى‪ :‬لتتدبره أنت يا محمد وأتباعك‬
‫وأولى القراءتين عندنا بالصواب في ذلك أن يقال‪ :‬إنهما قراءتان مشهورتان صحيحتا المعنى‪ ,‬فبأيتهما قرأ القارئ‬
‫فمصيب ( َو ِلَيَتَذَّك َر ُأوُلو األْلَباِب ) يقول‪ :‬وليعتبر أولو العقول والِح َج ا ما في هذا الكتاب من اآليات‪ ,‬فيرتدعوا عما هم عليه‬
‫‪.‬مقيمين من الضاللة‪ ,‬وينتهوا إلى ما دلهم عليه من الرشاد وسبيل الصواب‬
‫‪.‬وبنحو الذي قلنا في معنى قوله ( ُأوُلو األْلَباِب ) قال أهل التأويل‬
‫‪:‬ذكر من قال ذلك *‬
‫ْل‬ ‫ُأ‬
‫حدثنا محمد‪ ,‬قال‪ :‬ثنا أحمد‪ ,‬قال‪ :‬ثنا أسباط‪ ,‬عن السدّي( وُلو األ َباِب ) قال‪ :‬أولو العقول من الناس‪ ،‬وقد بَّينا ذلك فيما مضى‬
‫‪.‬قبل بشواهده‪ ,‬بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع‬

‫كتاب شرح االقتصاد في االعتقاد ‪ -‬الراجحي‬


‫]عبد العزيز بن عبد هللا الراجحي[‬

‫قال المؤلف رحمه هللا تعالى‪[ :‬وقال الحسن البصري في كالم له‪ :‬قال هللا عز وجل‪ِ{ :‬كَتاٌب َأنَز ْلَناُه ِإَلْيَك ُمَباَر ٌك ِلَيَّد َّبُروا‬
‫آَياِتِه} [ص‪ ،]٢٩:‬وما تدبر آياته إال اتباعه‪ ،‬أما وهللا ما هو بحفظ حروفه وإضاعة حدوده‪ ،‬حتى إن أحدهم ليقول‪ :‬قد قرأت‬
‫‪.‬القرآن كله فما أسقطت منه حرفًا وقد أسقطه ‪-‬وهللا‪ -‬كله]‬
‫‪.‬هذا األثر رواه ابن كثير في التفسير وعزاه إلى ابن أبي حاتم‬
‫فـ الحسن البصري اإلمام المعروف العالم التابعي الجليل يقول في قول هللا تعالى‪ِ{ :‬كَتاٌب َأنَز ْلَناُه ِإَلْيَك ُمَباَر ٌك ِلَيَّد َّبُروا‬
‫آَياِتِه} [ص‪ ]٢٩:‬وما تدبر آياته إال اتباعه والعمل به؛ ألن التدبر وسيلة إلى العمل‪ ،‬ولهذا يقول رحمه هللا‪( :‬وما تدبر آياته‬
‫إال اتباعه‪ ،‬أما وهللا ما هو بحفظ حروفه وإضاعة حدوده‪ ،‬حتى إن أحدهم ليقول‪ :‬قد قرأت القرآن كله فما أسقطت منه حرفًا‬
‫‪.‬وقد أسقطه ‪-‬وهللا‪ -‬كله)‬
‫يعني‪ :‬ما أسقط منه حرفًا بالقراءة ولكنه أسقطه كله حيث لم يعمل به ولم يتبعه‪ ،‬فإذا لم يعمل ب ه ولم يتبع ه فقد أس قطه كل ه‬
‫وإن أقام حروفه؛ ألن التالوة وإن كانت عبادة مستقلة إال أنها وسيلة إلى العمل‪ ،‬فإذا لم يعمل به فلن تحصل الفائدة‪ ،‬بل بذلك‬
‫قامت عليه الحجة وصار القرآن حجة عليه‪.‬‬

You might also like