Professional Documents
Culture Documents
N2
N2
1
السياسية والهيئات المدنية في جميع البلدان أو في شكل دبلوماسية
برلمانية ارتبطت بالعالقات التي أضحت المؤسسات البرلمانية في كل
بلد تنهجها على المستوى الخارجي في إطار الهيئات البرلمانية الدولية
وغيرها من المحافل الدولية ،ومن هنا برز مفهوم الدبلوماسية
البرلمانية كمفهوم جديد ووسيلة لترقية مجاالت تبادل اآلراء وتنسيق
األنشطة وأداة لدفع التعاون بين األمم ؛حيث يقوم أعضاء البرلمان بها
ومن خاللها بتوضيح ونقل المواقف الرسمية لبلدانهم إلى البرلمانات
األخرى وذلك فيما يتعلق بمختلف القضايا سواء ذات الطابع الوطني
أو اإلقليمي أو الدولي .
كما فرض هذا الوضع على البرلمانات الوطنية ضرورة االنخراط على
المستوى الدولي من أجل تقديم في إطار الجهود المبذولة في مجال
تحقيق السلم والديمقراطية واألمن والتعاون والتنمية وهي مسائل هامة
والسيما منع الصراعات وإدارتها مما يتطلب من البرلمانات العمل دائما
على تطوير األفكار وصياغة االستراتيجيات ووضع الهياكل وأدوات
الحكم الرشيد وحشد الموارد لتحقيق السلم واألمن والعمل على تنمية
المجتمعات وتطورها .
وفي هذا السياق تعتبر الدبلوماسية المغربية بشقيها الرسمية والموازية
إحدى اآلليات األساسية التي تلجأ إليها الدولة لمنح دور أكثر فعالية
للبرلمان في مجال السياسة الخارجية باعتبارها وسيلة مكملة للعمل
الدبلوماسي الرسمي ومرافقة للنشاط الدبلوماسي الحكومي وبالتالي
ينتظر منها أداء دور دولي فعال في معالجة القضايا الوطنية والدولية
واإلقليمية واحتواء األزمات .
وفي هذا الصدد فقد انخرط مجلسا البرلمان خالل السنوات األخيرة في
العديد من المبادرات داخل المنظمات البرلمانية الدولية بهدف المساهمة
في الدفاع عن توابث المملكة وعلى رأسها القضية الوطنية األولى,
وتعزيز مواقف المغرب وإشعاع صورته على الصعيد الدولي .
2
ودراسة موضوع« :الدبلوماسية البرلمانية المغربية وآليات الدفاع عن
القضية الوطنية " تنبثق أوال:
من أهمية الموضوع وراهينيته والحاجة الملحة إلى المزيد من
تنظيمه وإصالحه نظرا لمستجداته وتشعب قضاياه ،وثانيا من تداخل
اإلختصاصات واألدوار وتكاملها من جهة مع الدبلوماسية الرسمية ومن
جهة أخرى مع باقي أنواع الدبلوماسيات الموازية...
وال شك أن موضوع الدبلوماسية البرلمانية يحظى بدرجة عالية من
األهمية ،ولذلك فقد تناولت العديد من األدبيات أدوار السلطة التشريعية
في رسم السياسة الخارجية ،واألدوات البرلمانية المستخدمة في
الممارسة الدبلوماسية ،فقد تناولت تلك الدراسات التطور التاريخي
للدبلوماسية البرلمانية ومفاهيمها ،وتحليل أداء المنظمات البرلمانية
الدولية .وعلى الرغم من أهمية قضايا الدبلوماسية البرلمانية إال أن
المشكلة تكمن في طريقة التعامل مع هذا الحقل المعرفي من الناحية
النظرية ،حيث توجد العديد من المحاور النظرية التي تتعلق
بالدبلوماسية البرلمانية والتي لم تُعالج من قبل الباحثين؛ ومن أهم هذه
المحاور موضوع العوامل التي ساعدت على تنامي وتطور الدبلوماسية
البرلمانية ،ومقارنة أهداف هذه األخيرة مع السياسة الخارجية التي
تمارسها السلطة التنفيذية وكذا موضوع المعيقات واإلكراهات المؤثرة
على أداء السلطة التشريعية في الشؤون الخارجية أي الشؤون
الدبلوماسية على وجه الخصوص.
وعلى هذا األساس فإن أسباب اختيار هذا الموضوع تنصب على
مبررات ذاتية واخرى موضوعية فاألسباب الموضوعية تتمثل في أن
موضوع الدبلوماسية البرلمانية عموما والدفاع عن الوطنية بشكل
خاص يعد من المواضيع المعاصرة والراهنة التي تعرف مستجدات
يوما بعد يوم وينبع أصل اهتمامي بالموضوع إلى إبراز مدى أهمية
المجال الدبلوماسي البرلماني في الدفاع عن القضايا الوطنية ،أما
األسباب الذاتية فتتجسد في ندرة الدراسات األكاديمية لموضوع
3
الدبلوماسية البرلمانية من جهة ومن جهة اخرى بعض الدراسات التي
عالجت موضوع مساهمة الدبلوماسية البرلمانية في الدفاع عن القضية
الوطنية.
ونظرا للصعوبات واإلكراهات التي حالت دون إجراء الجزء الميداني من
البحث ،والمتمثل في زيارة مقر البرلمان من أجل القيام بالمالحظة
والرصد المباشرين لالقتراب أكثر من عناصر الظاهرة موضوع البحث
فإننا اكتفينا بتقصي ما تطاله أيدينا من الكتب والوثائق البرلمانية
والبحوث األكاديمية والمقاالت الورقية واإللكترونية التي تناولت
موضوع الدبلوماسية البرلمانية في المغرب وكذا ما يتم نشره بالموقع
اإللكتروني للبرلمان المغربي ومجلسيه من أنشطة دبلوماسية للمجلسين
معا ،وقد قمنا بجمع ،ما تناثر هنا وهناك للخروج بهذا العمل البحثي .
وال نخفي رجوعنا واعتمادنا على عدد من الدراسات السباقة التي
تناولت بالتحليل موضوع الدبلوماسية البرلمانية بالمغرب ،كما نهلنا من
وسائط التواصل االجتماعي ما يغني هذا الموضوع.
5
الدولية ،وعليه فال ينبغي الفصل التام بين الدبلوماسية الرسمية
والدبلوماسية البرلمانية.
وبناءا على هذا الصدد تم بسط مقاربة منهجية مالئمة لعناصر هذا
الموضوع ،تم خاللها محاولة استخدام تعدد منهجي إيمانا بذلك بأن قوة
العمل تكمن في تحقيق التعاون والتكامل وعدم االكتفاء بمنهج واحد،
لهذا االعتماد على:
7
*الفقرة الثانية :الخطوط العريضة للبرنامج الحكومي والبرامج الحزبية.
*الفصل الثاني :
*المبحث األول :حدود األداء الدبلوماسي البرلماني المغربي.
*المطلب األول :حدود التدخل البرلماني في مجال المعاهدات .
*الفقرة األولى :تأثير العقلنة البرلمانية على الدبلوماسية البرلمانية .
*الفقرة الثانية :قصور عمل البرلمان في المجال الدبلوماسي .
*المطلب الثاني :مظاهر عوائق أداء الدبلوماسية البرلمانية .
*الفقرة األولى :مظاهر تهميش دور البرلمان في مجال صنع السياسة
الخارجية.
*الفقرة الثانية :انشغال البرلمانيين بالقضايا الداخلية.
*المبحث الثاني :
*المطلب األول :حصيلة الدبلوماسية البرلمانية المغربية الوالية
التشريعية().1112-1122
*الفقرة األولى :حصيلة مجلس المستشارين .
*الفقرة الثانية :حصيلة مجلس النواب .
*المطلب الثاني :أولويات وآليات تطوير وتفعيل الدبلوماسية
البرلمانية .
*الفقرة األولى :أولويات الدبلوماسية البرلمانية .
*الفقرة الثانية :آليات تفعيل أداء الدبلوماسية البرلمانية.
8
المبحث األول :اإلطار العام المنظم للدبلوماسية البرلمانية بالمغرب.
1
الدبلوماسية في المغرب بين رهان التحديات وعوائق التفعيل منشورات مجلة مسالك في الفكر والسياسة واالقتصاد ،عدد مزدوج أمين ركملة1،
سنة 4102ص 001.001
9
01وتحديدا سنة 0111؛ حيث استعملت كلمة دبلوماسي Diplomacy
باللغة اإلنجليزية في إنجلترا.
فالدبلوماسية مصطلح حمل معان مختلفة إذ اختلف عند العديد من فقهاء القانون الدولي العام:
2
2(article) andrea cofelice ,parliamentary diplomacy and the Arab springs evidence from the parliamentary
assembly of the Mediterranean and the European parliament.
3
3 Philipe pejo "la diplomatie parlementaire,bibliothèque droit public tome 313 LGDJ lextenso .Paris 2020 page
25.
4
4Robert .L.Fridheim "parliamentary diplomacy " centre for naval analyses,September 1976 page 3 et 4.
10
وقد وصفها الدكتور عز الدين فودة إن الدبلوماسية في نظامها الجديد
أي الديبلوماسية المفتوحة ،وتتخذ المنظمات الدولية منبرا لها ،فتسميها
بالدبلوماسية البرلمانية قياسا على ما يدور بالبرلمانات من مناقشات
وجلسات ،وما يوضع لها من لوائح وإجراءات تحكم نظام االجتماعات
والمؤتمرات على نسق النظم الجلسات البرلمانية" كما يصفها بأنها "
أسلوب مفاوضات المفتوحة على المستوى الدولي. 5
5 5حسن فتح الباب :المنازعات الدولية و دور األمم المتحدة في المشكالت المعاصرة ،عالم الكتاب القاهرة ص .711
6 6المؤتمر الثالث لجميع األمناء العاميين للبرلمانات العربية حول موضوع الدبلوماسية البرلمانية "ورقة من األمانة العامة للمجلس الوطني
االتحادي بدولة اإلمارات العربية المتحدة ،الرباط 1.7شتنبر .4111
7 7جمال كريمي السياسة الخارجية للبرلمان المغربي :أية فعالية مقال منشور في جريدة بيان اليوم 4112_11-07
11
وبالرغم من الجدال القائم بين التنظير والممارسة ،فإن السياسة
الخارجية الناجحة والفعالة إذا كانت تضع االستراتيجيات فإن الدبلوماسية
ال تنفك عنها هي األسلوب السياسي الذي من شأنه أن يختار أنسب
الوسائل والتكتيكات المساعدة على تنفيذ السياسة الخارجية 8وفيما يخص
العوامل الحاسمة التي أدت إلى تراجع الدبلوماسية القديمة وبروز
الدبلوماسية الجديدة فقد كانت نتيجة لثالثة تطورات رئيسية أولها التغيير
الذي لحق بتكوين األسرة الدولية وثانيها طبيعة االهتمامات الدولية،
ومعها أهداف العملية الدبلوماسية وثالثها الثورة المحدثة في تكنولوجيا
المعلومات واالتصاالت.
فنتيجة للتعقيدات والتشعبات التي عرفتها العالقات الدولية بشكل
متعاقب ومتسارع وكذا تزايد االهتمام الدولي بالقضايا الجديدة كالتلوث
واإلرهاب وأسلحة الدمار الشامل واالنتقال الديمقراطي وحقوق اإلنسان
والثورة الرقمية التي حولت العالم إلى قرية صغيرة جعل مختلف الفاعلين
الدوليين يوظفون الدبلوماسية البرلمانية كأدوات كشف وتحليل تبلغهم
أهدافهم في تنفيذ السياسة الخارجية .ولم يعد خفيا األهمية التي أصبحت
تحظى بها الدبلوماسية البرلمانية في مجال العالقات الدولية خاصة مع
اقتناع الدبلوماسية الرسمية (التقليدية) كونها لم يعد بمقدورها تغطية
مختلف مجاالت العالقات الدولية الثنائية والمتعددة األطراف .
كما أن العالقات بين الدول لم تعد مقتصرة على الحكومات .بل امتدت
واتسعت لتشمل مجموعات وأفراد ال يحملون أوراق اعتماد رسمية .وال
يعبرون بالضرورة عن موقف رسمي لدولهم 9ولقد شهدت هذه المرحلة
العديد من مشاهد وفصول العولمة .كما تجسدت هذه المتغيرات في
ظهور عدد من المنظمات الدولية التي نمت فيها بذور الدبلوماسية
البرلمانية .كان من أبرز تلك المنظمات الدولية "االتحاد البرلماني
8 8فاطمة الليلي الدبلوماسية البرلمانية والسياسة الخارجية ،روافد النشر و التوزيع ،القاهرة ،الطبعة االولى 4101ص .07
9فاطمة الليلي .مدى مساهمة الدبلوماسية البرلمانية في صناعة السياسة الخارجية المغربية .اطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام جامعة محمد
الخامس ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية .اكدال سنة 4107/4102ص.1
12
الدولي" الذي خرج إلى الوجود سنة 0111باعتباره "أول منظمة دولية
10
للتفاوض التعددي من نوعها
وتبعا لذلك .يمكن تعريف الدبلوماسية البرلمانية على أنها تلك
الدبلوماسية التي تقوم بها جهات غير رسمية .وأما الفاعلون فيها فال
تكون لهم صفة تمثيل الدولة أو التحدث باسمها بل يتحدثون باسم المجتمع
المدني في مجالس تشريعية وأحزاب سياسية ومنظمات حقوقية وفاعلين
اقتصاديين ورياضيين ومثقفين إلخ.
كما أن الدبلوماسية البرلمانية ال تسير عكس مصالح الدولة أو
الدبلوماسية الرسمية بل تعد مكملة لها ،وتقوم بدور مهم وفعال من أجل
11
إبراز التكامل بين الدبلوماسية الرسمية ودبلوماسية المجتمع المدني
وإن كان البعض يعتبر السياسة الخارجية تلك الخطة التي ترسم العالقات
الخارجية لدولة معينة مع غيرها من الدول والمنظمات .فإن تطبيقها (في
الدبلوماسية البرلمانية) يقتضي بالضرورة األخذ بمختلف زوايا النظر
التي ال تنحصر لدى الجهة الرسمية وحدها من خالل إجراء الزيارات
واالتصاالت التي تتم بين الشخصيات العامة (المثقفين والفنانين
والمبدعين والرياضيين )...بين المجموعات ذات االهتمامات والمصالح
المشتركة (المنظمات والهيئات والجمعيات غير الحكومية لمدافعين عن
البيئة أو حقوق اإلنسان أو العلماء والتجار والمهنيين ).في فضاءات عامة
أو داخل مؤسسات دولية تنعقد فيها المؤتمرات وتقام فيها الندوات وتنظم
فيها المهرجانات لغاية تقريب وجهات النظر الرسمية والتعبير عن أمال
وتطلعات الرأي العام .
وفيما يخص الفكر المغربي فقد اعتمد نهجين في السياسة الخارجية:
(نهج إيديولوجي يفترض أن السياسات التي تصنعها الدول تجاه العالم
الخارجي هي تعبيرات عن المعتقدات السياسية واالجتماعية والدينية
10عيسى بورقيبة :الدبلوماسية البرلمانية وإسهاماتها في حل الخالفات العالمية والوطنية مذكرة للحصول على شهادة ماجستير في القانون العام
تخصص عالقا…
11فاطمة الليلي ،مدى مساهمة الدبلوماسية البرلمانية في صناعة السياسة الخارجية المغربية ،مرجع سابق ص 1
13
السائدة ،وصفت على إثرها السياسات الخارجية بكونها ديمقراطية
واستبدادية وتحررية اشتراكية ومحبة للسالم أو عدوانية ) ،ونهج ثان
يفترض أن للسياسة عدة مقومات منها تقاليد الدولة التاريخية وموقعها
الجغرافي والمصلحة الوطنية وأهداف األمن وحاجاته ،وعلى من يريد
أن يفهم السياسة الخارجية ويمارسها عليه أن يحيط بكل هذه المقومات
12
)
إن الدبلوماسية البرلمانية إذن هي تلك االتصاالت التي تتم بين مختلف
الدول ،خارج أدوات وإكراهات الدبلوماسية الرسمية ،وكمثال على ذلك،
فاألحزاب السياسية أصبحت تؤدي وظائف متعددة تخص عدة مجاالت
سياسية واقتصادية واجتماعية ،وهي فضاء يوفر فرصة مناسبة لكل أفراد
المجتمع في المساهمة والمشاركة في صنع القرار السياسي ،حيث تقوم
هذه األحزاب بتجميع وبلورة وجهة نظر سياسية واحدة على مستوى
13
الحزب ،والتعبير عنها أمام الهيئات السياسية
أما فيما يتعلق باألحزاب السياسية المغربية ،فإن معظمها ال يعبر عن
موقف سياسي واضح فيما يخص السياسة الخارجية حيث يقتصر دورها
في كثير من األحيان على تفسير الطرح المغربي الرسمي حول القضية
الوطنية األولى ،وتنفيذ بعض جوانب السياسة الخارجية المعدة سلفا من
قبل المؤسسة الملكية ،بيد أن الدستور الحالي نص على دور األحزاب في
تدبير الشأن العام للبالد 14مؤسسا بذلك دورا لألحزاب كمساهم في مجال
السياسة الخارجية .
وقد اتضح هذا من خالل اللقاء الذي عقده وزير الشؤون الخارجية
والتعاون مع قادة األحزاب السياسية في 7يوليوز ،4104وفي ذلك داللة
على انفتاح الحكومة على فاعلين جدد في حقل السياسة الخارجية للدولة
12عبد الجليل مراحي "السياسة الخارجية في الدستور المغربي المجلة المغربية للعلوم السياسية (العدد والطبعة غير مذكورين) ص .71
13نوال بهدين ،الفاعلون في رسم السياسة الخارجية المغربية وفق مقتضيات الدستور الجديد المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية عدد مزدوج
-001-011مارس-يونيو 4107ص .11. 17
14الفصل 1من الدستور المغربي لسنة 4100الصادر األمر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 0.00.14الجريدة الرسمية عدد 7174بتاريخ 01يونيو
.4100
14
في إطار استحداث آليات للتشاور مع األحزاب السياسية لدعم القضايا
العليا للوطن ،وفي مقدمتها قضية الصحراء المغربية.
وفي ظل وجود عدد كبير من التغيرات والتطورات السياسية
واالقتصادية واالجتماعية التي عرفتها العالقات الدولية وخاصة مع
تسارع انتشار مظاهر العولمة ،تغيرت مجموعة من المفاهيم والضوابط
واآلليات التي تنظم العالقات بين الدول والمنظمات واألفراد ،ومن منطلق
أن الفاعل السياسي الواحد أصبح غير قادر على ضبط كل المجاالت التي
تتعلق بالسياسة الخارجية ،وفي ظل مجموعة من اإلكراهات ،كان ال بد
للسلطة التنفيذية في أن تعيد النظر في اختصاصاتها في مجال العالقات
الدولية وتستعين بفاعلين جدد في رسم وتنفيذ وتقييم السياسات الخارجية.
15
سيتم تخصيص هذا المطلب لدراسة مقومات الدبلوماسية البرلمانية في
الدفاع عن القضايا الوطنية من خالل تبيان وتفصيل المقومات التي
تعتمدها هذه األخيرة سواء أكانت سياسية تاريخية أو شخصية.
15دليل النائب" منشورات مجلس النواب الوالية التشريعية التاسعة" 4101-4100ص 70. 21
17
بباقي الفاعلين اآلخرين (وزير الخارجية ورئيس الحكومة
والبرلمان ،).....فإننا في المغرب نجد الملك يلعب دورا أساسيا في رسم
16
السياسة الخارجية للدولة إلى جانب فاعلين رسميين آخرين.
إن االختصاصات االستراتيجية التي يحظى بها الملك تجعله في قلب
المحددات األساسية في السياسة الخارجية للمغرب ،ومن أجل القيام بذلك
البد أن يتوفر على الوسائل الدبلوماسية واالقتصادية والعسكرية ،ويستتبع
ذلك اختصاصات تكرس هذا الوضع.
فمن جهة ،فإن المجلس الوزاري -الذي يترأسه الملك هو الذي يتداول
في التوجهات االستراتيجية لسياسة الدولة ،ويفهم من التوجهات
االستراتيجية أنها تتموقع في زمن متوسط أو طويل ،وتتعالى عن زمن
الحكومة المرتبطة بالمدة النيابية التي ال تتجاوز خمس سنوات.
وفي نفس السياق ،نجد دستور 4100كرس اعتماد الملك للسفراء لدى
الدول األجنبية والمنظمات الدولية كما نجده الدستور الجديد قد قيد نسبيا
اختصاص الملك في هذا المجال ،عندما جعل تسمية السفراء داخل
المجلس الوزاري باقتراح من رئيس الحكومة ،بعدما كان األمر في
دستور 0111ال يخضع لنفس المسطرة17 .غير أن هذا التعديل ال يغير
من جوهر الواقع شيئا ،ألن الممارسة العملية تبين أن اقتراح السفراء
يكون من الوزير المكلف بالخارجية بنسبة مهمة ،وأن الملك يزكي تلك
االقتراحات.
ووزير الخارجية بدوره يلعب دورا هاما في التأثير على السياسة
الخارجية وهذا أمر عادي وبديهي
لكونه المسؤول عن هذا القطاع ،وذلك من خالل الدور المركزي الذي
يحظى به فوزير الخارجية سواء في المغرب أو في غيره من الدول،
16الفصل 24من الدستور المغربي لسنة 4100الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 0.00.14والمنشور في الجريدة الرسمية عدد مكرر 0174
بتاريخ رجب 01[ 0274يونيو ]4100ص .7111
17الحسن بوقنطار السياسة الخارجية المغربية 4107-4111المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية .الطبعة األولى .سنة 4102ص .070
18
يتسم من وجهة نظر قانونية بأهمية كبيرة بالمقارنة مع باقي القطاعات
الوزارية األخرى.
وقد تكرست هذه األهمية في اتفاقية فيينا لسنة ،0111حيث تم التأكيد
على أن وزير الخارجية كرئيس الدولة يمكنه القيام بإبرام المعاهدات
الدولية دون اإلدالء بوثيقة التفويض الكامل18 .في حين قد أكد المرسوم
المنظم لوزارة الخارجية والتعاون 19 ،حينما نص على أنه يعهد إليها
اإلشراف على المفاوضات المتعلقة بايرام المعاهدات واالتفاقيات
واالتفاقات والبروتوكوالت والوثائق القانونية الدولية األخرى ذات الطابع
السياسي والدبلوماسي ....والقيام ما عدا فيما يخص المعاهدات ،بالتوقيع
باألحرف األولى على مختلف االتفاقيات المذكورة أو بإمضائها أو
تجديدها أو فسخها باسم الحكومة أو التفويض التام إن اقتضى الحال ذلك
من أجل التفاوض أو التوقيع...".
وفي نفس السياق ،فإن "هيمنة السلطة التنفيذية واحتكارها للعالقات
الخارجية والدبلوماسية ،أصبح أمرا متجاوزا وغير كاف لمواجهة
التحديات ،20وعلى هذا األساس ،نجد المغرب قد انفتح على فاعلين جدد
في مجال صنع السياسة الخارجية للدولة بشكل مواز للفاعلين الرسميين،
ومن هؤالء الفاعلين نجد األحزاب السياسية ،كذلك المجتمع المدني
والمنظمات الغير الحكومية ،بالرغم من أن هؤالء ال يحملون الصفة
21
الرسمية ،وهذا راجع بطبيعة الحال إلى تداخل المصالح وتشعبها.
واألحزاب السياسية وإن كانت في جوهرها تعبر عن قوى اجتماعية
معينة ،تستهدف الوصول إلى السلطة السياسية أو التأثير عليها ،من خالل
تولي ممثليها المناصب العامة ،فإن عموما تمثل حلقة الوصل بين
18المادة السابعة من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات كما اعتمدت من قبل مؤتمر األمم المتحدة بشأن قانون المعاهدات الذي عقد بموجب قرار
الجمعية العامة لألمم المتحدة رقم 4011المؤرخ في ديسمبر 0111ورقم 4411المؤرخ في ديسمبر ,0111وقد عقد المؤتمر في دورتين في فيينا
خالل الفترة من 41مارس إلى 42ماي ،0111وخالل الفترة من 1أبريل إلى 44مايو ، 0111واعتمدت االتفاقية في ختام أعماله في يوم
44ماي 0111وعرضت للتوقيع في 47ماي 0111ودخلت حير النفاذ في 41يناير .0111
19المرسوم 4.02.014الصادر في جمادى الثانية 2(0277أبريل )4102بتحديد اختصاصات وتنظيم الوزارة المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج
وشؤون الهجرة .ج .ر .عدد 4121بتاريخ 01أبريل 4101
20أمين ركملة :الدبلوماسية البرلمانية في المغرب بين رهان التحديث وعوائق التفعيل ،مرجع سابق ص 001
21عبد النبي صبري :الممارسة المغربية لقانون العالقات الدبلوماسية أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق جامعة محمد الخامس .كلية العلوم
القانونية واالقتصادية واالجتماعية أكدال 4111/4111ص .411
19
المواطنين والحكومة وتتولى تحويل الفكر االجتماعي إلى سلوك سياسي
حينما تضع برامج عمل وتطالب الحكومة لتنفيذها في نطاق احترام
الدستور والقوانين1 22.
ولقد شاركت األحزاب السياسية في مجال العالقات الدولية ،فكان لها دور
حساس جدا وبالغ األهمية في فترة الحماية بالتصدي لكل مظاهر
االستغالل االستعماري ،ودافعت عن حقوق المواطنين وحق المغرب في
الحرية واالستقالل عبر المفاوضات المغربية الفرنسية ،من أجل عودة
الملك محمد الخامس من منفاه كما ساهمت بعيد االستقالل في ترسيخ
التوجهات األساسية للدبلوماسية المغربية وصناعة القرار الخارجي ،من
خالل بلورة الخطاب السياسي الوطني وإرساء دعائم االستقاللية ،وتبنيها
لمبدأ عدم االنحياز وتركيزها على تنويع العالقات الدولية بالتوجه نحو
دول العالم الثالث .وإذا كانت لشخصية عبد هللا إبراهيم رئيس حزب
االتحاد الوطني للقوات الشعبية المنشق عن حزب االستقالل) بالغ األثر
في ازدهار العمل الحزبي خالل الفترة الالحقة لالستقالل ،فقد تراجع
تأثير األحزاب السياسية المغربية خاصة في خالل فترة تطبيق حالة
االستثناء ،حيث انفرد الملك الحسن الثاني بتسيير الشؤون العامة متعمدا
شخصيات تكنوقراطية ،كانت ترى الفائدة من السياسة الخارجية تقتصر
23
فقط على العالقات مع فرنسا والسوق األوربية المشتركة آنذاك.
وتميزت هذه الفترة باشتداد الخالل بين أحزاب المعارضة والمؤسسة
الملكية ،سرعان ما ذاب وتحقق
التقارب واإلجماع الوطني في منتصف سنوات السبعينيات من القرن
الماضي مع ظهور النزاع حول الصحراء المغربية .في هذه الفترة تم
إشراك القيادات الحزبية التي أرسلها الحسن الثاني لتفسير وشرح الموقف
المغربي الرسمي حول قضية الصحراء على الصعيد الدولي .ولكن
مشاركة األحزاب السياسية ظلت محدودة في المراحل الالحقة بينما
22حدد الفصل 1من الدستور المغربي لسنة 4100وظائف األحزاب السياسية وأحال على القانون التنظيمي المحدد للمبادئ والقواعد الخاصة
بتأسيسها وممارسة أنشطتها وكيفية مراقبة تمويلها.
23فاطمة الليلي :مدى مساهمة الدبلوماسية البرلمانية في صناعة السياسة الخارجية المغربية ،مرجع سابق ص .21
20
اقتصرت مساهمتها على تنفيذ بعض جوانب السياسة الخارجية للملكة
المغربية المحددة سلفا من طرف الملك الحسن الثاني ،حتى في بداية
التسعينيات مع تجربة حكومة التناوب ،حيث ظل الملك متمسكا بتعيين
منصب وزير الشؤون الخارجية من خارج األحزاب السياسية.
وعلى العموم فإن فترة حكم الحسن الثاني عرفت تأثيرا ضعيفا
لمشاركة األحزاب السياسية (المعارضة والمشاركة في الحكومة فيما
يخص توجهات السياسة الخارجية للمملكة المغربية ،ألسباب أهمها
تكريس مفهوم المجال المحفوظ للملك في مجال السياسة الخارجية،
وتعيين الملك لشخصيات من خارج األحزاب السياسية لمنصب وزارة
الشؤون الخارجية ،وإدراج هذه األخيرة ضمن طرح مفهوم "وزارات
السيادة" الذي ابتدعه الحسن الثاني ودافع عنه فيما بعد عدد من الفعاليات
السياسية .الشيء الذي جعل عبد اإلله بلقزيز ينعت موقف األحزاب
السياسية في قضية الصحراء كونه " إلحاقي 24للموقف الرسمي ،وال
يعدو أن يكون مجرد رد فعل للموقف السياسي الرسمي.
ولكن مع نظام الحكم الجديد خاصة مع بروز موجة االحتجاجات
العالمية (والتي كان منها ثورات الربيع العربي) والتزاما مع المتغيرات
الداخلية والدولية التي يستحيل معها استمرار تبني المقاربة األحادية
للسياسات الخارجية ،فضل الملك محمد السادس تبني التفاوض اإليجابي
كقاعدة وأسلوب لتسيير المؤسسات ،فجاء الفصل السابع من دستور
4100الذي تبنى المقاربة التشاركية ،ومنح لألحزاب السياسية حق
المشاركة في السياسات العامة للبالد ومنها السياسة الخارجية.
وهذه األحزاب نفسها أخذت تجتهد في تكوين واستقطاب نخب مؤهلة
إلى حد ما لوضع نماذج تنموية واستراتيجيات وطنية من أجل تدبير سليم
للسياسات العمومية ،وبالمقابل انفتحت الحكومة على الفاعلين الحزبيين
في مجال السياسة الخارجية ،فتم تعيين أعضاء من األحزاب السياسية
21
لتقلد منصب وزير الشؤون الخارجية والتعاون ومنصب الوزير المنتدب
لديه بتزكية ملكية .وأما منظمات المجتمع المدني والمنظمات غير
الحكومية فهي األخرى صارت تنشط في مجال الدبلوماسية الموازية إلى
جانب المؤسسات الرسمية ،بل وتكون معها عالقة تكامل نظرا لتطورات
الوقائع العالمية ومستجدات تشابك العالقات الدولية في إطار ما جاءت به
العولمة من شركات متعددة الجنسية وحرية تنقل األموال واألشخاص....
الشيء الذي أفرز للوجود حركات جمعوية تهتم بمجاالت حقوقية
وبيئية ...تنشط بفعالية في إطار الدبلوماسية الموازية.
والمغرب ليس ببعيد عن امتداد هذه الشبكات الجمعوية ،ألن الدستور
نفسه يؤكد على مساهمة المجتمع المدني بفعالية في الحياة السياسية ومدى
مساهمته في مسار التحول الديمقراطي وصناعة القرار السياسي
بل ويعترف له بمبادرته في التشريع والرقابة وتقييم السياسات العمومية،
25ضمن فلسفة عميقة للديمقراطية التشاركية ومساهمتها في اإلصالح
والتغيير.
كما هو معلوم تمارس المؤسسات التشريعية عددا من الوظائف ،تتفاوت
في مجالها ونطاقها ،وذلك حسب األسس الدستورية المعتمدة ،وتبعا لمدى
التطور الديمقراطي لكل دولة26 .ولذلك فالبرلمان المغربي استمد دوره
الدبلوماسي من خالل مبادئ كرستهما الوثيقة الدستورية ،وهي مبدأ
الرقابة البرلمانية ،ومبدأ الموافقة من أجل التصديق على المعاهدات ،إلى
جانب التسويق الدبلوماسي لقضايا ومواقف المغرب ،وإقامة عالقات مع
البرلمانات األجنبية.
إذ ال يمكن إغفال دور البرلمان في مجال صنع السياسة الخارجية،
27
25حسب الفصل 11من الدستور المغربي لسنة " 4100يمارس البرلمان السلطة التشريعية .يصوت البرلمان على القوانين ويراقب عمل الحكومة
ويقيم السياسات العمومية...
26الحسن بوقنطار ،مرجع سابق ص 10
27جورج نوالس :دور الدبلوماسية في السياسة الخارجية مقال إلكتروني منشور بتاريخ 44أكتوبر 4100على الرابط :
https://www.foreignpolicy journal.com/2011/10/22the-role-of-parlimentary-diplomacy in foreignplicy/
22
ومنح هذه المؤسسة التشريعية مجموعة من االختصاصات ،عالوة على
االختصاصات التقليدية ،حيث أصبح من مهامه بموجب دستور 4100
التشريع والرقابة وتقييم السياسات العمومية إلى جانب ممارسة
الدبلوماسية البرلمانية.
ليس فقط لكونها تمارس من طرف البرلمان باعتباره يعبر عن اإلرادة
الشعبية ويترجم بالتالي الممارسة الديمقراطية التي تنبني عليها العالقات
الدولية المعاصرة ،ولكن كذلك اعتبارا ألهمية تدخالتها في محيط دولي
أصبح معلوما على كافة المستويات ،وهي ظاهرة أفرزت تعدد المتدخلين
في المجتمع الدولي بكيفية تؤسس لبيئة دولية جديدة يصعب التحكم فيها،
ومن ثم أصبح دور البرلمان ال يقتصر على التشريع والرقابة فقط بل
أصبح له تأثير في المجال الدبلوماسي والدولي.
وحتى إن كان وعي مجلسي البرلمان بالدور المتنامي واألهمية
المتزايدة للدبلوماسية البرلمانية لم يتأتى إال في وقت متأخر نسبيا ،إال أن
التجربة البرلمانية المغربية منذ تأسيس أول برلمان مغربي سنة 0117ء
تبين بالملموس أنه كانت لهذه المؤسسة دائما مواقف خاصة في مجال
السياسة الدولية ،كما أن ممارستها للدبلوماسية كانت متوافقة مع طبيعة
النظام السياسي المغربي ومكانة البرلمان في نطاق هذا النظام ،إال أن هذه
الممارسة كانت محدودة جدا لكون البرلمان لم يكن منفتحا أكثر على
الخارج.
لقد جاء خطاب الملك الحسن الثاني في افتتاح الدورة البرلمانية في
أكتوبر 0114لينتقد قلة اهتمام المغاربة بالسياسة الخارجية بقوله إن كنت
سيؤاخذ عليكم شيئا فسأؤاخذ عليكم عدم اهتمامكم بنشاط المغرب من
الناحية الخارجية" .ويمكن اعتبار هذا الخطاب مؤشرا حقيقيا للتحول
العميق الذي ستعرفه المقاربة المعتمدة من طرف مجلس النواب
بخصوص المسائل الدولية.
23
وفي هذا اإلطار اتخذ النواب المغاربة سلسلة من المبادرات تسد من
النقص الذي يغطي المجال الدبلوماسي ،وابتداء من الوالية التشريعية
الرابعة ( )0114-0112قام مكتب مجلس النواب بتوزيع أكثر مالءمة
للمهام مع لجنة الخارجية ،وبعقلنة أساليب عمله وإقرار تعاون وثيق مع
وزارة الشؤون الخارجية
والتعاون وتكوين شبكة للبحث والتفكير يشرف عليها خبير في العالقات
الدولية لتكون منفتحة على العالم الخارجي ،وبذلك فإنه بعد إقرار هذه
القواعد الجديدة للعمل وضع البرلمان المغربي قطيعة مع مقاربته التقليدية
للعالقات الدولية.
وعرفت الوالية التشريعية الرابعة نشاطا دبلوماسيا مكثفا ،تمثل في
تنظيم اجتماعات في الجلسات العامة وداخل اللجان مخصصة للقضايا
الدولية ،وتوطيد التعاون مع أكبر عدد من البرلمانات األجنبية وإنشاء
عات للصداقة البرلمانية ،كما قام باستقبال وفود برلمانية أجنبية وبإرسال
البعثات إلى جميع أنحاء العالم .
كما أشاد الملك الراحل بالحراك الذي أصبح البرلمان المغربي يعرفه
على الصعيد الدبلوماسي في خطاب العرش في 7مارس ،0111إذ قال
"من أسباب ابتهاجنا أن مجلس النواب يشارك بصورة تدعو إلى االرتباط
في مؤتمرات دولية وفي أعمال االتحادات البرلمانية ،وباشر اتصاالت
ببرلمانات في العالم كله واستقبل شخصيات سياسية عالمية وزار
اعضاؤها عواصم كبرى حيث استقبلوا من رجاالت السياسة فيها".
واستمر اهتمام البرلمان المغربي بالدبلوماسية البرلمانية في واليته
التشريعية الخامسة( )0111-0114
والوالية التشريعية السادسة ( )4114-0111وكذا الوالية التشريعية
السابعة ( ،)4111-4114كما عرفت الدبلوماسية البرلمانية دينامية
كبيرة ،والبد في هذا اإلطار من اإلشارة إلى خطاب الملك محمد السادس
بمناسبة افتتاح دورة أكتوبر 4111الذي دعا فيه البرلمانيين إلى اإلسهام
24
في الدفاع عن مصالح المغرب العليا من خالل دبلوماسية نيابة فعالة
ومنفتحة على اإلشعاع الدولي للمغرب والدفاع عن مصالحة العليا .وهكذا
توالت األنشطة الدبلوماسية وتطورت مع السنوات ،ليأتي بعد ذلك
التكريس الدستوري لهذه الدبلوماسية ،وإن لم يكن بشكل صريح ،لتهتم
األنظمة الداخلية لمجلسي البرلمان بتضمين مبادئها وقواعده ممارستها
كمقتضيات مكملة للدستور في موادها.
28سهيل الفتالوي حسين :الدبلوماسية بين النظرية والتطبيق-دار الثقافة للنشر والتوزيع -عمان ،الطبعة األولى .سنة ،4111ص .004
25
ونظرا الرتباط الدبلوماسية بالحضارة والدين والقوة العسكرة ،حيث
ينبغي مراعاة أساليب اللباقة واللياقة وأصول المجاملة وادأب المعاملة
التي توافق الطرف الثاني للفعل الدبلوماسي ،وألجل هذا يسمى
الدبلوماسي بمبعوث الحضارة لدى حضارة أخرى.
وكما أن للمبعوث الدبلوماسي مكانة تميزه في حضارته ودولته فإن
العادة جرت بأن يتلقى الدبلوماسي مجموعة من القواعد متضمنة في
البروتوكول الضابط الذي يتعين عليه االلتزام به سلوكا يقوي به مهارته
باإلضافة لشرط المكانة االعتبارية المعرفية والعلمية واالجتماعية
والدينية للفاعل الدبلوماسي ،لذلك نقلت المهنة الدبلوماسية مجموعة من
قواعد السلوك العسكري ليتم االستعانة بها في تسهيل عمل الهيئات
الدبلوماسية ،كمراسم االستقبال االحتفالية وتقلد األوسمة والنياشين وما
يرافقها من حرس الشرف وتأمين للمحيط وإشهار إعالمي.
لقد كان من المناسب ،ومع مراحل بداية تطور الدبلوماسية أن تتطور
خصائص الدبلوماسية ومعها هيئة ومهنة الشخصية الدبلوماسية والجماعة
الدبلوماسية ،فمنذ العصور والحضارات القديمة كانت الدبلوماسية عبارة
عن "مهمة" ووظيفة مؤقتة لها بداية وغاية تنتهي عندها وظيفة ذات
هدف معين ،كعقد االتفاق أو إيصال رسالة ...إال أنه في تلك الفترات لم
يكن الدبلوماسي يتمتع فيها بعد بالحصانة الدبلوماسية واالمتياز .ثم جاء
مبدأ إقرار الحصانة الدبلوماسية للسفراء الحصانة الشخصية عبر منحهم
تصريحات سفر لالنتقال عبر البلدان وتكفل الدولة بنفقات سخية لتنقلهم
وإقامتهم ومن االمتيازات التي كانت تميزهم عن سواهم في المعاملة أن
أصبحوا ال يخضعون لسلطة القضاء المدني والجنائي المحلي في البلدان
الموفدين إليها فال تنتهك حرمات السفراء والمبعوثين ،وال يتم االعتداء
عليهم ،بل اقتضت قواعد القانون الدولي أن يعاملوا بحفاوة وتبجيل ،كما
تقام لهم مراسم وإجراءات احتفالية عند االستقبال احتراما لقواعد الضيافة
وحسن الجوار، ،فأن كانت هذه من خصائص الدبلوماسية بشكل عام
فالدبلوماسية البرلمانية منفتحة أكثر على قواعد القانون الدولي وحقوق
26
الدبلوماسي البرلماني معترف بها ومتفق عليها في القوانين واألنظمة
الداخلية.
وألن مفهوم المهنة وامتالك قواعد الحرفة الدبلوماسية تطلب قرونا من
الممارسة ،فإن المدرسة الفرنسية في الدبلوماسية ومنذ عهد النهضة كان
لها السبق في إعطاء األهمية للمعرفة والخبرة بمنح الدبلوماسي تكوينا
علميا وفنيا وتقنيا حتى يصبح الدبلوماسي بالتدرج على علم كامل
بأساليب التفاوض وتقنيات الخطاب ونظرا لهذه األهمية في تكوين الفاعل
الدبلوماسي ،فإنه يتأكد لنجاح أي عالقة تفاوضية دبلوماسية أن يربط
الفعل الدبلوماسي باالختيار األنسب ألسلوب التفاوض واالختيار األنسب
لإليماءة والفكرة والحركة والكلمة والموقف الذي يسجله التاريخ.
وإذا تمعننا في تاريخ الدبلوماسية قليال ،فإننا سنجد أنها كانت تمتاز
بالسرية والتحرر من أي ضغط شعبي لذلك وصف سير" هنري واتون،
الدبلوماسي البريطاني في القرن السادس عشر الدبلوماسي "عمومي بانه
انسان فاضل وشريف يتم ارساله الى بلد آخر لكي يمارس التمويه دفاعا
عن مصالح بلده ولهذا تمتاز الدبلوماسية البرلمانية المغربية تحت القيادة
الملكية الرشيدة بالوضوح والطموح.
والدبلوماسية متحررة أيضا من عامل الوقت ،ولكن في مرحلة ما بعد
الحرب العالمية األولى بدأ يظهر تأثير الرأي العام وانتقاده للعمليات
السرية خاصة مع الدعوة لتبني دبلوماسية علنية في شكل معاهدات دولية
تم تسجيلها في عصبة األمم المتحدة وهيئة األمم المتحدة ،حيث تم االنتقال
إلى تنظيم جديد ألشكال الممارسة الدبلوماسية العلنية عبر تنظيم
المؤتمرات والمنظمات الدولية ،فظهر أسلوب الخطابة مع المتخصصين
في مجال السياسة الدولية ،كما تأكد نضج الرأي العام بإشراك المرأة في
العمل الدبلوماسي وتوسع االهتمام بقضايا الفضاء والبحار والبيئة
والتسلح...
27
وإذا كانت السلطة المركزية هي من تدير شؤون الحكم وتشرف على
العالقات الدولية مجسدة الدولة في شخص الحاكم أو الملك الذي كان
يختار بمحض إرادته أن يحل المشكالت إما بإعالن الحرب أو بطريقة
السلم ،فإن الدبلوماسية الموازية ومعها الدبلوماسية البرلمانية ال يمكن إال
أن تشيع السالم وتختار التعاون وتختار الطرق السلمية الودية ،عن
طريق إرسال واستقبال الرسل وهيئات للتفاوض والخروج باتفاق يتعاهد
عليه الجميع ،عبر مراسم قائمة على مبدأ توازن القوى أو تقديم الهدايا أو
المساعدات ،عكس ما كان يتم في السابق عن طريق المصاهرة أو تقديم
الضرائب.
وإذا كان الفيلسوف كونفوشيوس يدعو إلى اختيار مبعوثين يتحلون
بالفضيلة والكفاية ،فقد جاء من بعده من يفضل اللجوء إلى استخدام وسائل
السالم على الوسائل الحربية ،حتى أن قانون مانوا تضمن قواعد خاصة
بالسفراء ،من أهمها اختيار السفراء ذوي الشجاعة والفصاحة الملمين
بالقواعد الدينية وقواعد التجسس والقضايا النفسية المتمكنين من المعارف
التاريخية والجغرافية ذوي الحنكة والدهاء ،ولهذا تعتمد الدولة على حكمة
مسؤوليها الدبلوماسيين في هذا المجال ،لذا يقع على عاتق الدبلوماسيين
أن يقفوا بين األصوات المتنافسة وأن يجعلوا سيادة دولتهم الخارجية
متجانسة ومتماسكة ،وواضحة ،ومفهومة.29
ومن مميزات الممارسة الدبلوماسية عموما االستقرار وعدم وجود
ممثلين دائمين ،ذلك أن تفويض مهمة "السفراء "المؤقتين" أو تسليمهم
خطابات االعتماد أو استقبال المبعوثين كان دائما يعرف تغييرات حتى أن
بعض التجارب العالمية وضعت السفراء والمبعوثين موضع الشك ،لذلك
تم التفكير في االعتماد الجماعي للمبعوثين الذين يمثلون مختلف األحزاب
ووجهات النظر.
وفي التجربة المغربية يبقى اعتماد الدبلوماسية البرلمانية كشكل تابع
للدبلوماسية الرسمية مكمل لها وغير مستقل عنها ،تتحرك وفق مخطط
29راتب عائشة :التنظيم الدبلوماسي والقنصلي ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،الطبعة األولى .سنة 0111ص .017
28
حكومي قائم ومنظم بأجندات ومواعيد مضبوطة ،أو تنشط على وجه
السرعة تلبية لنداء ملكي بخصوص قضية مستعجلة.
وأيضا من خصائص الدبلوماسية كونها متعددة األساليب وليست ثابتة
على منهج واحد ،فألن حد السيف وحده ال يكفي لفض الخالفات أو
النزاعات ،فقد باشرت بعض التجارب الدبلوماسية أساليب الكيد إلضعاف
الطرف اآلخر بنشر التفرقة وإثارة التنافس وإيقاع الخصومات ،كما
لجأت ألساليب الهدايا والرشاوى وشراء الذمم والصداقات بتقديم
المساعدات والتنازل عن بعض المصالح والمنافع ،بل واستعملت أساليب
"االستشراق الديني" من تبشير وتنصير وتهويد باستخدام المراقبة
والتحري والجاسوسية لجمع المعلومات.
في حين أن فترات من العمل الدبلوماسي نجح فيها استخدام أسلوب
الخطابة أكثر من أسلوب التحري وتم االرتكاز فيه على شخصية ودراية
وخبرة الدبلوماسي المحترف ،وألجل تجويع العمل الدبلوماسي تم إنشاء
الدواوين والوزارات وتخصيصها للشؤون الخارجية يتم فيها تدريب
المفاوضين وتمكينهم من اكتساب قواعد الذوق واللياقة والمجاملة وحسن
المعاملة وتجنب االنتقاد.30
ومن خصائص العمل الدبلوماسي البرلماني أنه مقيد بالعالقات القائمة،
فحياته تستمر بها وتنتهي بانتهاء أطراف العالقة إلى اختيار حل الرابطة،
فأليات انهاء العالقة الدبلوماسية بين طرفين أو أطراف متعددة يرجع إلى
إرادة الطرف األول أو األطراف األخرى ،سواء كانت دوال أو منظمات،
تتم باالنسحاب االختياري للعضو أو بطرده أو بانتهاء عمر المنظمة،
وهو عمل انفرادي ،خاضع للسلطة التقديرية لألطراف.
كما أنه عمل الحق يأتي بعد إقامة العالقات الدبلوماسية وليس قبلها،
ونذكر بهذا الخصوص انسحاب المغرب من عضوية منظمة الوحدة
اإلفريقية سنة 0112نتيجة لقبول عدد من األطراف عضوية جبهة
30خولة أغماد " العالقات الدبلوماسية المغربية-االسكندنافية ،0111-0170منشورات المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير
سنة ، 4141ص 072
29
البوليساريو وهو) مجرد كيان وهمي تحتضنه الجزائر وتسميه تارة
الجمهورية اإلسالمية الصحراوية وتارة الجمهورية العربية الصحراوية)،
ثم عودة المغرب لمنتظم اتحاد الدول اإلفريقية بعد غياب دام 74سنة.
وأما الصفات العامة التي يمكن أن تدل على الممارسة الدبلوماسية
الناجحة ،فيمكن إجمالها في:31
31الفتالوي سهيل حسين الدبلوماسية بين النظرية والتطبيق ،مرجع سابق ،ص .001
30
المرتكزات واألسس العليا للعمل الدبلوماسي ألعضاء البرلمان (الفقرة
األولى) ،وكذا من خالل فقرات األنظمة الداخلية لمجلسي البرلمان التي
تعد مقتضيات قانونية مكملة ومفسرة للدستور (الفقرة الثانية).
الفقرة األولى :اإلطار الدستوري المنظم للدبلوماسية البرلمانية.
تؤكد األدوار التي أضحت تطلع بها السلطة التشريعية بموجب
دستور 4100على مستوى الممارسة الدبلوماسية أن الدبلوماسية
البرلمانية ال زالت على الهامش ،ويجب أن ترقى لتكون فاعال مدعما
ومساندا للسياسة الخارجية ،وفاعال موازيا ومكمال للممارسة الدبلوماسية
الرسمية ،بل وينبغي أن تعكس رغبة المشرع المغربي في أن يكون
للبرلمان حضور قوي في الساحة الدولية ،غير أن النصوص القانونية
وحدها ال يمكن أن تحقق القوة والفاعلية الالزمتين للعمل الدبلوماسي
البرلماني ما لم ت ُ َحدد شروطه واختصاصاته المميزة له عن العمل
الدبلوماسي الرسمي .
وإذا كانت دساتير المملكة المغربية المتعاقبة تتوافق في كون البرلمان ال
يتوفر إال على سلطات دبلوماسية محدودة ،على اعتبار أن السلطة
التنفيذية وحدها من يحتكر صنع السياسة الخارجية للدولة ،فإن دستور
4100نفسه لم يشر بصريح العبارة إلى ممارسة البرلمان للنشاط
الدبلوماسي ،باستثناء التصريح الوحيد المرتبط بالفصل 01منه والمتعلق
بالمعارضة البرلمانية ،هو وحده الفصل الذي جاء فيه ذِكر لعبارة
الدبلوماسية البرلمانية .في حين يفهم من مجمل المتن الدستوري أن
البرلمان المغربي ال يتمتع إال بدور هامشي وضيق في المجال
الدبلوماسي ،مقارنة مع ما يتمتع به الملك من صالحيات واسعة في مجال
عقد االتفاقيات والمعاهدات الدولية ،مع استثنائيين اثنين أحدهما تشريعي
واآلخر رقابي .32ومع ذلك فإن احتكار السلطة التنفيذية للقرارات
32دستور " 4100نص في الفصل 77في فقرته الثانية على أن الملك يوقع على المعاهدات ويصادق عليها ،غير أنه ال يصادق على معاهدات
السلم أو االتحاد ،أو التي تهم رسم رسم الحدود ومعاهدات التجارة أو تلك التي تترتب عنها تكاليف تلزم مالية الدولة أو يستلزم تطبيقها إتخاذ تدابير
تشريعية أو بحقوق وحريات المواطنات والمواطنين العامة أو الخاصة إال بعد الموافقة عليها بقانون.
31
المتعقلة بالسياسة الخارجية للدولة ال يعني أبدا استبعاد المؤسسة
البرلمانية. 33
لقد حدد دستور 0114وباقي الدساتير التي تلته للمؤسسة التشريعية
صالحية الموافقة على المعاهدات الدولية ،التي هي من اختصاص الملك
إال في الحالة التي تقع فيها المصادقة على المعاهدات التي يمكن أن تكون
غير متوافقة وفصول الدستور ،ذلك مثال في الفقرة األخيرة من الفصل
70من دستور 34 0114تخول للبرلمان التداول بشأن المعاهدات،
مادامت مسطرة مراجعة الدستور تتضمن تداوله لمشاريع المراجعة،
بمعنى أن دور البرلمان بخصوصها بقي ثانويا في مجال المصادقة على
المعاهدات واالتفاقيات .
وقد خلص أحد الباحثين إلى أن الدستور اإلسباني اقترب من الدستور
الفرنسي من حيث نوع المعاهدات التي تتطلب موافقة البرلمان ،لكنه
اختلف عنه من حيث الصالحيات ،مؤكدا أن البرلمان الفرنسي يصادق
على المعاهدات ،أما البرلمان اإلسباني فشأنه شأن البرلمان المغربي
35
يوافق فقط من حيث المبدأ على المعاهدات.
وأما المقتضيات الجديدة و"الضمنية " التي تهم الشأن الدبلوماسي،
والتي أتى بها دستور ،4100فتتفرق بين مستوى التصدير وبعض
الفصول وبعض الدستورية على النحو التالي :
فعلى مستوى التصدير ،والذي يعد جزءا ال يتجزأ من الدستور ،جاء
التأكيد في الفقرة الرابعة منه ،على التزام المغرب وإرادته في ترسيخ
روابط األخوة والصداقة والتعاون والتضامن والشراكة مع دول المغرب
الكبير وشعوب األمة العربية واإلسالمية وشعوب البلدان اإلفريقية السيما
بلدان بلدان الساحل والصحراء وكذا بلدان الجوار األورو-متوسطي ،مع
إعالن الرغبة في توسيع وتنويع عالقات الصداقة والمبادالت اإلنسانية
33أمين ركملة الدبلوماسية البرلمانية في المغرب بين رهانات التحديث وعوائق التفعيل ،مرجع سابق .ص .041
34تقول الفقرة الثالثة من الدستور المغربي لسنة 0114تقع المصادقة على المعاهدات التي يمكن أن تكون غير متفقة مع نصوص الدستور باتباع
المسطرة المنصوص عليها فيما يرجع لتعديله"
35لمصطفى االكباص :الدبلوماسية البرلمانية بالمغرب دراسة مقارنة ،المجلة المغربية للتدقيق والتنمية)(REMAالعدد 21الرباط 4101ص .42
32
واالقتصادية والعلمية والتقنية والثقافية مع كل بلدان العالم ،الشيء الذي
يسمح ألعضاء البرلمان أن يدعموا الدبلوماسية الرسمية من خالل
مبادرات الشعب الوطنية .
وأما على مستوى باقي النصوص الدستورية ،فنجد بداية الفصل 01
يؤكد على إعالء مكانة وحقوق المعارضة البرلمانية في النظام السياسي
المغربي ويتعهد بضمان الدستور للمعارضة بهذا الخصوص حق
"المساهمة الفاعلة في الدبلوماسية البرلمانية للدفاع عن القضايا العادلة
للوطن ومصالحه الحيوية « ،محددا لفرق المعارضة كأقلية "كيفية
ممارستها لحقوقها بموجب قوانين تنظيمية أو قوانين أو بمقتضى النظام
36
الداخلي لكل مجلس من مجلسي البرلمان".
وفيما يخص الفصل 77من دستور ،4100فيعتبر حسب الباحثين في
اإلطار المرجعي في تطبيق
َ القانون الدستوري والعلوم السياسية
مقتضيات وقواعد القانون الدولي ،إضافة إلى بعض الفصول المتعقلة
بسلطات البرلمان الجديدة ،في مجال السياسة الخارجية للدولة والتي
تقتضي اجتماع المجلس الحكومي أو المجلس الوزاري إذا تعلق األمر
بالسياسات أو التوجهات االستراتيجية للدولة التي تتطلب إشراك
37
الدبلوماسية البرلمانية في الترويج لها أو الدفاع عنها.
فالفصل 77ينص على اختصاص مهم يمارسه البرلمان في مجال
السياسة الخارجية ،ويتعلق األمر بالموافقة البرلمانية على االتفاقية
الدولية .فإذا كان الملك يوقع/يصادق على المعاهدات ،فإنه ال يصادق
على تلك المتعلقة :بالسلم؛ أو االتحاد؛ أو التي تهم رسم الحدود؛ كما ال
يوقع على معاهدات التجارة؛ أو تلك التي تترتب عنها تكاليف تلزم مالية
الدولة ،وبهذا فإن هذا النوع من المعاهدات يستوجب تدخل البرلمان لمنح
اإلذن بالتصديق عليها ،وهوما يعكس صراحة إمكانية مراقبة البرلمان
33
لالتفاقيات الدولية التي تعتبر من أهم الوسائل التي تعبر منها عملية تنفيذ
السياسة الخارجية مكرسا للعمل الدبلوماسي البرلماني. 38
لقد أراد المشرع الدستوري أن يتعزز موقع الدبلوماسية البرلمانية من
خالل الفصل 77من الدستور بإشراك اإلثنين (المعارضة البرلمانية
والدبلوماسية البرلمانية) واعتبارهما شريكين في صناعة القرار السياسي
على مستوى العمل الدبلوماسي الرسمي ،الشيء الذي يجعل مت هذا
االختصاص قيمة مضافة للبرلمان .
وإذا كان البرلمان ال يملك اختصاصات مهمة في مجال السياسة
الخارجية 39 ،إال أن هذا ال يعني أن هناك إقصاء له في هذا المجال ،فقد
تضمن الدستور المغربي لسنة 4100العديد من البنود التي تحمل ضمنيا
مقتضيات تتعلق بمكانة وأهمية الدبلوماسية البرلمانية في العالقات الدولية
مثل ما جاء في الديباجة وفي الفصلين 01و ،01وإذا ما نظرنا مثال إلى
الفصل 11سنجده يشير إلى أن إشهار الحرب يقع بعد إحاطة البرلمان
علما بذلك من لدن الملك .
أضف إلى ذلك الفصل 11الذي أكد على الجلسات المشتركة التي
يعقدها مجلسا البرلمان من أجل االستماع إلى رؤساء الدول والحكومات
األجنبية ،وفي هذا التأكيد للمهام الدبلوماسية للبرلمان المغربي تعزيز
لدوره على الصعيد الدبلوماسي والدولي .
كما منح الدستور المغربي البرلمان وسيلتين مؤثرتين للتدخل في رسم
السياسة الخارجية للدولة ،حيث أشرك دستور 4100البرلمان في اتخاذ
القرار التشريعي إذا تعلق األمر باتفاقية أو معاهدة ملزمة لمالية الدولة،
حتى وإن كانت صالحيات البرلمان تنحصر في قبول أو رفض منح
اإلذن للملك للمصادقة على تلك االتفاقيات دون إمكانية مناقشتها أو
تعديلها ،كما منحه وسائل عديدة لمراقبة العمل الحكومي في مجال
34
السياسة الخارجية للدولة ،أدناها األسئلة الشفهية والكتابية الموجهة
لوزير الخارجية ،دون الحديث عن اآلليات األخرى لتتبع ومراقبة وتقييم
العمل الحكومي التي أشارت إليها الفصول 017 -017 -010و .011
أما فيما يتعلق بالتنظيم االجرائي للعمل الدبلوماسي فيتم تفصيله من
خالل مقتضيات األنظمة الداخلية لكال المجلسين والقرارات الرئاسية
40
لكتبيهما.
الفقرة الثانية :مقتضيات األنظمة الداخلية للبرلمان بخصوص
41
الدبلوماسية البرلمانية.
تشكلت األنظمة الداخلية لمجلسي البرلمان ،نظرا ألهميتها الداخلية-
التشريعية والتنظيمية -وباعتبارهما مصدرين من مصادر القانون
البرلماني ،إطارا قانونيا وتنظيميا لممارسة الدبلوماسية البرلمانية ،فهي
توضح بشكل تقني عمل البرلمان في هذا المجال ،حيث تظل تلك األنظمة
الداخلية عامال مفسرا لإلطار العام المتجلي في مقتضيات الدستور
ومكمال له.
وكما أن بناء النظامين الداخليين لمجلسي البرلمان جاءت فيه المواد
المتعلقة بالدبلوماسية البرلمانية متوافقة ومنسجمة في الترتيب وفق هندسة
النص الدستوري ،بحيث تم تخصيص نفس الترتيب(نفس الجزء) من كل
نظام متفردا للعمل الدبلوماسي البرلماني ،ويتعلق األمر بالجزء السادس
من النظام الداخلي لمجلس النواب المعنون ب "العمل الدبلوماسي
البرلماني لمجلس النواب والتعيينات الشخصية لتمثيله "(المواد من 411
إلى ،)717ونظيره النظام الداخلي لمجلس المستشارين المعنون ب
"العمل الدبلوماسي البرلماني لمجلس المستشارين والتعيينات الشخصية
42
لتمثيله" (المواد من 701إلى .)747
35
جاء ذكر مصطلح الدبلوماسية البرلمانية في أعداد متفرقة من مواد
النظامين مصرحة بأهمية مساهمة الشعب البرلمانية ،التي من شأنها
تعزيز دور الدبلوماسية البرلمانية بما تقدمه من اقتراحات أو تمثيل
للمجلس المعني داخل الملتقيات والمنظمات والهيئات والمؤتمرات
البرلمانية الدولية واإلقليمية ،43في انسجام وتنسيق واشتراك يروم تحقيق
الفعالية بين المجلسين للدفاع عن القضايا العادلة للوطن ومصالحه
الحيوية .
وإذا كان مطلوبا من الدبلوماسية البرلمانية على مستوى النص
القانوني أن تضمن نجاعة العمل البرلماني وتحقيق المساهمة الفاعلة
ألعضائه ،فقد اشترطت مواد النظامين الداخليين ضرورة االلتزام
بمجموعة من القواعد ومراعاة مجموعة من المبادئ الدستورية ،ك:
-قاعدة التمثيل النسبي بين الفرق والمجموعات النيابية؛
-مبدأ تمثيل الفئات الشابة من الذكور واإلناث؛
-مبدأ تمكين حقوق األقلية(معارضة أو نواب غير منتسبين )؛
-مبدأ التخصص لدى األعضاء المقترحين؛
-مبدأ السعي نحو المناصفة ومقاربة النوع؛
-مبدأ التعددية والتعيين الدوري لألعضاء بحسب طبيعة المهام
أو في إسناد رئاسة الوفود؛
-مبدأ التنسيق بين المجلسين فيما يخص التمثيل البرلماني في
الملتقيات الدولية واإلقليمية و رئاسة الوفود المشتركة؛
43نورالدين أبوعبدهللا "األداء الدبلوماسي للبرلمان المغربي بحث لنيل دبلوم الماستر في القانون العام جامعة محمد الخامس كلية العلوم القانونية
واالقتصادية واالجتماعية _السويسي-السنة الجامعية 4101/4111ص .27
36
-مبدأ الشفافية في نشر المعلومة ،سواء المتعلقة بأسماء
األعضاء ،أو األنظمة الخاصة بقواعد سير مجموعات األخوة
والصداقة البرلمانية ،أو التقرير إثر االنتهاء من كل مهمة .
وسواء تعلق األمر بنشاط دبلوماسي برلماني داخل المغرب أو مهمة
تمثيلية للمجلسين في الخارج ،أو مهام أخرى غير استطالعية ،فهذه
المبادئ والقواعد تسري على انتداب الممثلين وتشكيل الوفود والشعب
الوطنية ،كما تهم تشكيل مجموعات األخوة والصداقة البرلمانية في بداية
الفترة التشريعية ،باإلضافة ال همتيها في إحداث وتسيير عمل مجموعات
العمل الموضوعاتية ،ولجان الفرعية المؤقتة بطبيعتها التي تقوم بالمهام
االستشارية أو االستطالعية المرتبطة ب(الشؤون اإلفريقية أو بالشؤون
الوطنية والدولية والقانون الدولي اإلنساني ،والتي تتم وفق شروط
وقواعد وتوجيهات مكتب كل مجلس .
ويتعين عند االنتهاء من كل مهمة تقديم تقرير بخصوصها إلى رئاسة
المجلس ،كما يتعين على الشعب الوطنية الدائمة إعداد تقرير سنوي
وإحالته على مكتب المجلس المعني ،وتبقى أبرز قضايا عمل الدبلوماسية
البرلمانية :قضية الوحدة الترابية للمملكة قضية الصحراء المغربية
والقضية الفلسطينية .
وإذا كانت األنظمة الداخلية لمجلسي البرلمان قبل دستور 4100لم
تحقق النجاعة للعمل البرلماني على المستوى التشريعي والرقابي
والدبلوماسي بسبب عدم التنسيق بين المجلسين الشيء الذي كان يضيع
على أعضاء البرلمان الكثير من الجهد والوقت ،فإن المالحظ هو أن
النظام الداخلي لمجلس النواب لسنة 4107حاول تدارك الخلل بضمان
حسن التنسيق بين المجلسين عمال بمقتضيات الفصل 11من الدستور،
الشيء الذي أيده النظام الداخلي لمجلس المستشارين كما وافق عليه
المجلس الدستوري من خالل قراره رقم -4402/171خاصة بعد إنشاء
44قرار المجلس الدستوري رقم 02/171المتعلق بالنظام الداخلي لمجلس المستشارين بتاريخ 01شعبان .0277الموافق ل يونيو .4102
37
لجنة برلمانية مشتركة من أجل التنسيق بين المجلسين في القضايا
45
التنظيمية والمسطرية المشتركة تكلفت بمالئمة النظامين الداخليين.
وأما في ظل النظامين الجديدين للمجلسين (لسنتي 4101و ،)4141فقد
تم التأكيد على أن العمل الدبلوماسي البرلماني نشاط مشترك بين مجلسي
النواب والمستشارين يحضر فيه التنسيق بين الرئاستين 46 ،خاصة بعد
انعقاد لجنة التنسيق بين مجلسي البرلمان ،كإطار للعمل التنسيقي
بخصوص مختلف الملفات ذات الصلة بالمهام والصالحيات واألنشطة
البرلمانية المشتركة .
كما أنه ،وبموجب االختصاص الجديد الذي جاء به الفصل 11من
الدستور بخصوص تقييم السياسات العمومية ،فإن العمل البرلماني ينتظر
إنضاج السياسة الدبلوماسية المغربية من أجل تقييمها ،وإن تفعيل هذا
االختصاص يبقى رهين تطبيق الفصل 010من الدستور حيث ينص
على أنه" :يعرض رئيس الحكومة أمام البرلمان الحصيلة المرحلية لعمل
الحكومة " وعلى هذا األساس فالسياسة الخارجية جزء من الحصيلة
47
العامة للعمل الحكومي.
45عقدت هذه اللجنة أولى اجتماعاتها يوم 04ماي 4102ترأسها رئيسا المجلسين (رشيد الطالبي العلمي ومحمد الشيخ بيد هللا) من أجل وضع
اللبنات األساسية لقيام تعاون متكامل ومندمج بين المجلسين في مختلف المجاالت بهدف التنسيق المستمر بين المجلسين ثلثها اجتماعات دورية
مشتركة خاصة لجنتي الخارجية بالمجلسين بغية توحيد وجهات النظر واالختيارات واألنشطة الدبلوماسية لمواجهة القضايا ذات األهمية المشتركة
46انعقد االجتماع األول لهذه اللجنة بتاريخ 07يوليوز 4141برئاسة الحبيب المالكي رئيس مجلس النواب وحكيم بنشماش رئيس مجلس
المستشارين.
47رشيد المدور :إشكالية النظام الداخلي للبرلمان في ضوء الدستور :دراسة دستورية تحليلية عدد 000الرباط 4101ص .714
38
الفقرة األولى :التوجيهات االستراتيجية للخطب الملكية .
تعتبر الخطب الملكية مرجعية أساسية بخصوص العمل الدبلوماسي
للبرلمان المغربي ،وذلك أن الخطب الملكية التي يلقيها الملك عند افتتاح
الدورات البرلمانية ،والتي تصادف الجمعة الثانية من شهر أكتوبر من
كل سنة شمسية ،تشكل توجيهات استراتيجية مهمة لعمل مجلسي البرلمان
في كل مهامهما التشريعية والرقابية والتقييمية والدبلوماسية .
وتجدر اإلشارة إلى أن كثيرا من الخطب الملكية التي افتتحت بها
الدورات البرلمانية سواء في عهد الملك محمد السادس أو في عهد الملك
الراحل الحسن التأني ،كانت كثيرا ما تشير إلى ضرورة اهتمام
البرلمانيين بالقضايا األساسية التي تهم السياسة الخارجية خاصة المتصلة
بمصالح الوطن والدفاع عن مقدساته واالهتمام والرعاية بمغاربة العالم.
وال تخفى على أحد أهمية الخطب الملكية بشكل عام في وضع العريضة
لكل من السياستين الداخلية والخارجية للمغرب ،وللدبلوماسية المغربية
في مختلف الميادين ،كما نجد العديد من الخطب الملكية ،وخاصة في
األعياد والمناسبات الوطنية ،تحدث فيها الملك عن استراتيجيات مغربية
خاصة بالمجال الدبلوماسي ،مؤكدا خاللها على األدوار المهمة
والمسؤوليات التي يتحملها على السواء أعضاء الحكومة وأعضاء
مجلسي البرلمان في تنفيذ هذه االستراتيجيات .
ونستحضر على سبيل المثال بداية خطب الملك الحسن الثاني منذ
0114التي أثار خاللها أهمية وحيوية العمل الدبلوماسي للبرلمان
المغربي ،من خالل الدفاع عن قضيتي الصحراء المغربية والوحدة
الوطنية ،واستمر في التأكيد عليهما إضافة إلى القضية الفلسطينية في
الخطب المتوالية ،كما نهج خلفه الملك محمد السادس نفس المنهج في
الدعوة للدفاع عن مختلف القضايا العادلة ،الدينية والوطنية واإلنسانية .
39
الفقرة الثانية :الخطوط العريضة للبرنامج الحكومي والبرامج
الحزبية .
يطلق اسم البرنامج على كل خطة منظمة في مجال معين ،تتضمن
توجيهات خاصة وتنظيما إلدارة البرنامج وتنفيذه ،تأخذ بعين االعتبار
حجم الموارد والكفاءات ،كما تراعي زمن التنفيذ من أجل تحقيق األهداف
المسطرة .
وتعد البرامج الحكومية المخططات التي تضعها الحكومة عند تشكيلها
من وزراء ينتمون إلى عدة أحزاب سياسية ،فإما أن تسمى حكومة
ائتالفية ، coalition Governmentلذلك تتالف لتأتلف فيما بينها على
هدف خاص مشترك ومؤقت ،أو تسمى حكومة برلمانية
،parliamentary Governmentسواء وجدت في ظل نظام ملكي
أو جمهوري ،ولكن غالبا ماتتركز في يد رئيس الوزراء ، 48وفي
األنظمة البرلمانية يتم اختيار الوزراء بناء على منطق صناديق االقتراع.
بينما تعتبر األحزاب السياسية ،تلك التنظيمات السياسية التي تضم
مواطنين ،للدفاع عن آرائهم ومصالحهم ،والعمل على االنتصار لوجهات
نظرهم وتطبيق برامجهم ،وذلك بمساهمتهم في الحياة السياسية وبتأطير
الناخبين والمرشحين واستعمالهم لوسائل النقد ،والتأثير في الرأي العام
49
وتمثيل األمة قصد الوصول إلى الحكم.
كما أن الحزب السياسي تنظيم دائم يتمتع بالشخصية المعنوية ،يؤسس
بمقتضى اتفاق بين أشخاص طبيعيين ،يتمتعون بحقوقهم المدنية
والسياسية ويتقاسمون نفس المبادئ قصد المشاركة في تدبير الشؤون
50
العمومية بطرق ديمقراطية ولغاية غير توزيع األرباح.
ومن أجل الظفر بمقاعد في السلطة التشريعية فإن األحزاب السياسية
تعمل على صياغة برامجها الحزبية مستعينة بتصورات مختلفة أحيانا
48حسام الدين جاد,معجم مصطلحات التنمية البشرية القاهرة الطبعة األولى 4100ص .011-11
49المختار مطيع ،مختصر في القانون العام ،الرباط ،ط 4104ص .021
50قانون األحزاب السياسية 71.11الجريدة الرسمية عدد 7711بتاريخ 41فبراير 4111ص .211
40
ومتشابهة أحيانا ،ولكن القاسم المشترك بينها هو التسويق االنتخابي من
أجل التصويت لصالحها سواء كانت تلك البرامج ممكنة بالنسبة للحزب
أو مستحيلة .
والمالحظ بالنسبة للبرامج الحزبية في المغرب كونها تغيب فيه اإلشارة
إلى العمل الدبلوماسي الرسمي والبرلماني ،وكأن العمل الدبلوماسي ال
يعنيها .
يعتبر رئيس الحكومة في المغرب المسؤول األول عن البرنامج
الحكومي لفريقه الوزاري الذي يستعين به من أجل إدارة وتنفيذ الشؤون
العامة للدولة ،انطالقا من مخططات تكون حاملة رؤية الحكومة
وتصورها للبرامج والمشاريع واألنشطة والخدمات التي ستقدمها أو
تشرف عليها (على تنفيذها) بنفسها ،والتي تقدم من خاللها المساعدة
لألفراد والمؤسسات والمنظمات في عدة مجاالت خالل فترة حكمها .
وينبثق البرنامج الحكومي تطبيقا لبنود الفصل 11من الدستور المغربي
لسنة 4100من مجموع البرامج الحزبية لألحزاب المتأهلة في
ش ِ ِّكلَة للحمة الحكومية بعد
االنتخابات التشريعية لتشكيل مجلس النواب وال ُم َ
موافقة الحزب المتصدر لنتائج االنتخابات التشريعية .
وإذا كان البرنامج الحكومي بمثابة دفتر التحمالت وخارطة الطريق
التي تلزم الحكومة أمام البرلمان فإنه بحسب منطوق الفصل 11من
دستور ،4100ال تستكمل الحكومة شروطها الدستورية لممارسة
صالحيتها وتحمل مسؤولياتها أمام البرلمان إال بعد التصويت لصالحها
بمصادقة مجلس النواب على برنامجها الحكومي ومنحها الثقة ،بتصويت
األغلبية المطلقة لألعضاء الذين يتألف منهم مجلس النواب ،في حين
تترتب عن عدم المصادقة عليه استقالة جماعية للحكومة .
وبناء على ما ورد بالفصل من دستور ، 4100فإن الملك يعين أعضاء
الحكومة باقتراح من رئيسها ،ومسطرة التعيين هذه أصبحت تفرض
تعايشا بين رئيس الحكومة المدعوم سياسيا والمساند برلمانيا _ و الملك
41
الذي يخول له نص الدستور قبول أو رفض اقتراحات رئيس الحكومة،
خاصة وأن هذه االقتراحات تنبني على نوعية األغلبية التي تفرزها
االنتخابات التشريعية ،كما أن الملك ليس بمقدوره من الناحية الدستورية
أن يتحكم في نوعية ثقة مجلس النواب تجاه البرنامج الحكومي ،تلك
الثقة التي تتمظهر أوال في زمن تشكيل الحكومة ،ثم المدة الكافية لتقديم
برنامجها السياسي أمام البرلمان. 151
وبغض النظر عن الجدل الفقهي _الدستوري حول مدى دستورية
عرض البرنامج الحكومي على أنظار المجلس الدستوري ،لكون
الدستور نفسه لم يصرح بذلك ؛ كما أن الجدل حول مدى دستورية انعقاد
المجلس الحكومي لنفس الغرض وقبله تسليم المهام/السلط بين الوزراء
الجدد ووزراء الحكومة المنصرمة؛ لكون الحكومة لم تستكمل شرعيتها
بعد بمنحها الثقة ،فإن مسألة التهيئة للبرنامج الحكومي قبل عرضه على
أنظار البرلمان ،اقتضت استحضار منطق الربط بين الواقع وروح
النص الدستوري ،ألجل ضمان االستمرارية للعمل الحكومي ،باعتماد
مقاربة التنصيب المزدوج ،الذي يمنح للوزراء الجدد الشرعية األولى،
من خالل التعيين الملكي للحكومة المشكلة حديثا(والتي تستكمل تصريف
األمور الجارية للحكومة المنتهية ) 52في انتظار استكمال التنصيب
برلمانيا ،بمنح مجلس النوب الثقة للحكومة( من خالل برنامجها السياسي
).
وتطبيقا لمقتضيات الدستور المغربي لسنة ، 4100فإن الفصل 11منه
يجعل اإلدارة تحت تصرف الحكومة كسلطة تنفيذية ،والفصل 11
بمنحه لرئيس الحكومة السلطة التنظيمية ،كما أن الحاجة إلى االطالع
على ملفات القطاعات الوزارية ...كل هذا يجيز لرئيس الحكومة الدعوة
لعقد مجلس الحكومة بمناسبة التهيئة لمناقشة وصياغة الخطوط العريضة
للبرنامج الحكومي قبل عرضه على أنظار البرلمان ،كما يحق لرئيس
51امين السعيد ،مؤسسة رئيس الحكومة في الدستور المغربي لسنة ,4100سلسلة البحث األكاديمي اإلصدار الرابع 4102-ص .047-041
52بموجب منطوق الفقرة األخيرة من الفصل 21من الدستور المغربي لسنة .4100
42
الحكومة بموجب الصالحيات الدستورية المخولة له ،وفي إطار المقاربة
التشاركية ،أن يطالب 53الملك بعقد المجلس الوزاري بمناسبة التداول
التعديلي غي في البرنامج الحكومي .
وعلى هذا األساس وبعد فشل "عبداإلله بن كيران " في تشكيل فريقه
الحكومي فيما عرف ب "البلوكاج الحكومي « ،إثر فوز حزبه "العدالة
والتنمية " باستحقاقات االنتخابات التشريعية ل 1أكتوبر ، 4101عين
الملك محمد السادس "سعد الدين العثماني " رئيسا للحكومة بتاريخ 01
مارس ،4101ليكون صلة الوصل األساسية بين الملك وباقي ممثلي
األحزاب السياسية التي ستؤيده وتمنحه األغلبية .لهذا حاول " رئيس
الحكومة المكلف " أن يقنع األحزاب من أجل التحالف مع حزبه وإخراج
حكومته إلى الوجود .وبعد قبول الملك اقتراحاهم من قبل رئيس الحكومة
وأدائهم القسم بين يديه ،أصدر أمره بتعيين 71وزيرا يدعمون رئيس
الحكومة في ممارسة سلطته التنفيذية ابتداء من تاريخ 7أبريل .4101
54
ولكن منح مجلس النواب تقته للحكومة الجديدة طبقا لمقتضيات الفصل
11من الدستور ،جاء بعد أن تولى رئيس الحكومة تقديم عرض حول
البرنامج الحكومي أمام مجلس الحكومة بتاريخ 01أبريل ،4101ثم
التصريح البرلماني بعرض البرنامج الحكومي أمام مجلسي البرلمان في
جلسة مشتركة بتاريخ 01أبريل ،4101وأخيرا المصادقة عليه في
مجلس النواب بتاريخ 41أبريل 4101بأغلبية 411نائبا ومعارضة 10
نائبا وامتناع 21نائبا 55بعد مناقشته داخل كل مجلس على حدة.
وقد خصصت الخطوط العريضة للبرنامج الحكومي الخاص بالوالية
التشريعية العاشرة ،4140_4101الصادر في أبريل ،56 4101المتعلقة
53امين السعيد ،مرجع سابق ص .077
54ظهير شريف رقم 001.11بتعيين أعضاء الحكومة ،صادر في رجب 1(0271ابريل )4101الجريدة الرسمية عدد 1771مكرر بتاريخ
1أبريل 4101ص .4710-4711
55محمد بن يحيى :الحكومة بالمملكة المغربية :األطار القانوني والمؤسساتي منشورات المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية الطبعة األولى.
سنة 4101ص .710
56البرنامج الحكومي 4140-4101ص 17وما بعدها.
43
بموضوع الدبلوماسية ،المحور الخامس من البرنامج ،وضمن هذا
المحور المعنون ب" :العمل على تعزيز اإلشعاع الدولي للمغرب وخدمة
قضاياه العادلة في العالم « ،صرحت الحكومة بأنها ستعمل على تنفيذ
األهداف الدبلوماسية للدولة فيما يخص كل من :
_ تحصين الوحدة الترابية للمملكة ومواكبة السياسة اإلفريقية
للملك ؛
_ البعد العربي واإلسالمي وتعزيز الشراكات التاريخية واالنفتاح
على فضاءات جديدة؛
_ العناية بالجالية المغربية في المهجر؛
من خالل المخططات التنفيذية للقطاعات الوزارية وأيضا تقوية "التنسيق
مع البرلمان ومنظمات المجتمع المدني وكل الفعاليات الوطنية ،في إطار
تعبئة وطنية شاملة ومتواصلة بقيادة الملك « ،مع التأكيد على عمل لجنة
إدارية بين _وزارية لدى رئيس الحكومة ،مكلفة بتتبع وتيسير تنزيل
البرنامج الحكومي.
44
الفصل الثاني:
45
ضيق الدستور المغربي مجال المراقبة على المعاهدات ،سواء من حيث
محدودية تلك الخاضعة للموافقة البرلمانية ،أو من حيث تعديلها ،ليكرس
بذلك هيمنة الجهاز الحكومي ،ويمنح وسائل مراقبة محدودة للبرلمان في
المصادقة على االتفاقيات الدولية الموقعة مع الحكومة ،كما أن الملك
حسب الفصل 70من دستور 0111والفصل 77من دستور 4100
دائما يوقع المعاهدات ويصادق عليها .غير أنه ال يصادق على المعاهدات
التي تلزم مالية الدولة ،إال بعد موافقة البرلمان ،إال أن مجلس النواب
يمكنه أن يوافق بالتصويت حسب الدستور على جزء يسير فقط من
االلتزامات الدولية للمغرب .فهيمنة الحكومة تتجلى في كونها هي التي
تحدد في سرية إذا ما كانت المعاهدة تلزم مالية الدولة أم ال ،وبالتالي إذا
ما كان من الضروري تقديمها للموافقة عليها أم ال.57
واستعمال هذه الطريقة السرية أدى إلى توقيع المغرب على العديد من
االتفاقيات باتباع وسائل أخرى للمصادقة عليها حسب الظروف السياسية،
فمثال اتفاقية الصيد البحري الموقعة مع البرتغال تمت المصادقة عليها من
طرف الملك في 2يناير ،0111في حين أن االتفاقية التي أبرمت مع
االتحاد السوفياتي تم تقديمها للمصادقة بمجلي النواب في 41يناير
.0111
وفي أحيان أخرى يكون عدم المصادقة على االتفاقية أو تأخيرها بمثابة
ورقة ضغط على دولة ما ،كما كان األمر بالنسبة التفاقية تحديد الحدود
الموقعة مع الجزائر سنة 0114والتي تأجلت المصادقة عليها حتى سنة
0111إثر إعادة تطبيع العالقات الدبلوماسية بين البلدين ،نفس الشيء
وقع عندما لم تتم المصادقة على اتفاقية الصيد البحري المبرمة مع إسبانيا
57السعدية لدبس .السياسة الخارجية المغربية عهد الملك محمد السادس :تغيير أم استمرارية ؟ .بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة ،جامعة
محمد الخامس،كلية الحقوق سال 4111/4111.ص .11
46
سنة ،0111أو لما تم تأخير االتفاقية المغربية اإلسبانية الموقعة سنة
0111والتي كان الملك من صادق عليها سنة .0171
كما أن مجلس النواب ال يتدخل مباشرة في المصادقة على اتفاقيات
القروض المبرمة من طرف الحكومة مع دول أخرى أو مؤسسات مالية
دولية ،مثل صندوق النقد الدولي .فمسألة مديونية الدولة ،موضوع العديد
من مداخالت وأسئلة المعارضة في لجنة المالية وفي الجلسات العمومية،
ينفلت من المراقبة القبلية لمجلس النواب ،هذه العقود المتعلقة بالقروض
يتم إقرارها بمرسوم قانون حكومي ،ويصادق عليها مجلس النواب في
غالب األحيان بعد أن تكون قد سلمت أو أنفقت ،وتبرر الحكومة عدم
طرحها لهذه االتفاقيات أمام مجلس النواب ،بكون المجلس يمنح الحكومة
سنويا أثناء مناقشة الميزانية العامة للدولة ،الحق في الحصول على كمية
58
معينة من القروض من الخارج
وهكذا نجد أن مجلس النواب يمارس مراقبة محدودة والحقة على
االلتزامات الدولية للمغرب ،ويمكنه قبولها أو رفضها جملة ،ولكن دون
إدخال تعديالت على النص المطروح من طرف الحكومة للمصادقة .
وما ينطبق بالقول على مجلس النواب ينطبق أيضا على مجلس
المستشارين في صيغة البرلمان المغربي الحالي بمجلسيه ،إذ ال يصادق
البرلمان على المعاهدات وال يصوت عليها مادة بعد مادة ،بحيث يصوت
في الواقع على مشروع القانون الذي يقضي بالموافقة على منح اإلذن
بالمصادقة أو رفضه .
فالبرلمان في هذه الحالة ،حسب تعبير "مونتسكيو" ،يملك فقط سلطة
"المنع" وليس "سلطة التقرير والفصل" ويقصد بسلطة المنع :الحق في
إبطال قرار تم اتخاذه من طرف سلطة أخرى ،أما سلطة التقرير فتعني
الحق في أخذ المبادرة لتقرير شيء ما أو تصحيح وتعديل ما تم إقراره
من طرف سلطة أخرى .
58سعيد الصديقي .المؤسسة الملكية السياسية الخارجية :قراءة في مفهوم المجال المحفوظ ومسارات التنفيذ الدولية .العدد4111. 7ص .07
47
وعلى هذا األساس ،يكون من قبيل الخطأ الشائع القول بأن البرلمان يقوم
بالتصديق ،فهو ال يصادق أبدا على المعاهدات وإنما يعطي فقط موافقة
بمقتضاها يقوم رئيس الدولة بإجراء التصديق ،واختصاص البرلمان
حسب الفقرة الثانية من الفصل 70يقتصر على إبداء رأيه بشأن
المصادقة على معاهدة ملزمة لمالية الدولة ،وبالتالي فإن رأيه يكون
موضوع قبول أو رفض إعطاء اإلذن بالمصادقة.59
إن موافقة مجلسي البرلمان المغربي على المعاهدات الملزمة لمالية الدولة
تتجسد من الناحية العملية في قانون يقضي بالموافقة على مبدأ المصادقة،
ولكن يالحظ أن هذا القانون يختلف عن القوانين األخرى من حيث الشكل
والمصدر وكيفية المناقشة.
فمن حيث الشكل ،يعطي البرلمان موافقته في شكل قانون ،إال أن هذا
القانون يتكون من مادة فريدة فقط ،بحيث يتم التعبير عن الموافقة في
بضعة سطور ،وغالبا ما تتخذ هذه المادة الفريدة الصيغة التالية" :يوافق
من حيث المبدأ على تصديق االتفاقية ...الموقعة بـ ...في "...ويتلو هذه
المادة النص األصلي لالتفاقية موضوع الموافقة كما جاء في مشروع
القانون المعروض على البرلمان.
الفقرة الثانية :قصور عمل البرلمان في المجال الدبلوماسي
يتجلى غياب الطابع التشريعي في كون البرلمان المغربي ال يصيغ
القانون المتعلق بالموافقة على المعاهدة ،ألنه ليس عمال تشريعيا سواء
بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر.
فمن الناحية األولى ال يشارك البرلمان في صياغة بنود المعاهدة وال
يصوت عليها ،ألنه يحصر موافقته فقط على مشروع قانون يؤذن
بالمصادقة والذي يجب تمييزه بطبيعة الحال عن االلتزام الدولي
(المعاهدة) الذي يبقى عمل الحكومة هو الحاسم في صياغته.
59هند المسعودي .البرلمان والسياسة الخارجية :نموذج المغرب .رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعلقة.كلية الحقوق اكدال-الرباط
4111/0111ص.11
48
أما من الناحية الثانية ،فإذا كان البرلمان يختص فقط باإلذن بالمصادقة
على معاهدة ملزمة لمالية الدولة فإنه غير مختص بإدخال محتوى هذه
المعاهدة في النظام القانوني الداخلي ألن قانون اإلذن يدخل ضمن نوع
التصرفات (الشروط) ،فهو شرط مسبق للمصادقة وال يمكن اعتباره
60
كالتصرفات (القواعد) التي تغير القانون الوضعي وتنتج آثارا قانونية .
وهكذا تستبعد المبادرة البرلمانية في هذا المجال ألن البرلمان ليس
مختصا دستوريا بإدارة المفاوضات الدولية ،أو باالقتراح المباشر لبنود
المعاهدة على الدول األجنبية أو تحديد أجل المصادقة أو التصويت على
نص المعاهدة ،أنه يتلقى فقط مشروع قانون قصد الموافقة دون التدخل
في بنود االتفاقية ،وهذا يعني أن لهذا اإلذن حدودا ال يمكن تجاوزها.
فالسلطة التنفيذية تحدد بكل حرة الوقت الذي تراه مناسبا لعرض معاهدة
ملزمة لمالية الدولة على البرلمان ،وهذا التقرير من جانب الحكومة
مرتبط بممارستها للسلطة الدبلوماسية ،حيث إذا ارتأت الحكومة أن
ظروفا معينة تتطلب منها موقفا ما ،فإنه يمكنها صياغة تحفظات على
المعاهدة دون أن تكون هذه التحفظات مأذون بها مسبقا من طرف
البرلمان .كما يمكنها أيضا أن تتنكر لاللتزام الدولي ،دون أي تدخل من
البرلمان.
وأما فيما يخص دور القضاء الدستوري الذي من أهم اختصاصاته
فحص دستورية القوانين فنظرته إلى البرلمان كصانع للسياسة الخارجية
تبقى محددة بالدستور واالجتهاد الفقهي:
لقد منحت دساتير أغلب الدول لمجالسها الدستورية سلطة النظر في
مدى موافقة المعاهدات واالتفاقيات الدولية لمقتضيات الدستور ،وقد أجاز
الدستور الفرنسي في المادة 72لكل من رئيس الجمهورية والوزير األول
ورئيسي غرفتي البرلمان أن يلجأوا للمجلس للطعن في التعهدات غير
الدستورية ،وال يجوز المصادقة عليها إال إذا تم تعديل نصوص الدستور،
وقد بت المجلس الدستوري الفرنسي في دستورية عدة التزامات دولية
60العزوزي يوسف .الملكية وآفاق الدبلوماسية الرسمية،مجلة مسالك في الفكر والسياسة واالقتصاد عدد )4104(40.44ص.27
49
للحكومة الفرنسية ،شملت معاهدات واتفاقات دولية وقرارات صادرة عن
منظمات دولية تتضمن تعهدا ما من قبل الحكومة الفرنسية.
أما الدستور المغربي فليس فيه نص مماثل لما في المادة 72من الدستور
الفرنسي ،حيث ال يمكن إحالة أي التزام دولي على القضاء الدستوري،
حتى ولو كانت االتفاقات الدولية تلزم مالية الدولة والتي تتطلب موافقة
61
البرلمان عليها .
والمناسبة (الوحيدة) التي تم خاللها إشراك القاضي الدستوري (للنظر
في نتائج االستفتاء على معاهدة دولية) ،بشكل غير مباشر في إقرار
معاهدة دولية(-وربما األخيرة) -كانت بعد إحالة نتائج االستفتاء على
معاهدة االتحاد العربي اإلفريقي في شهر شتنبر ،0112والتي وقع عليها
المغرب مع ليبيا ،كانت مهمة شكلية.
وإذا كان البعض يدعو إلى عدم تحديد دور القضاء الدستوري انطالقا
من مقتضيات الدستور المكتوب ،خاصة وأن الحسن الثاني قد أناط
بأعضاء المجلس الدستوري -إضافة إلى حماية أحكام الدستور -صيانة
التقاليد المغربية والقيم اإلسالمية ،فإن مطلب توسيع اختصاصات
القضاء الدستوري كان يلح على أن تشمل مراقبة مدى اتفاق وانسجام
االلتزامات الدولية للمغرب مع روح وفلسفة اإلسالم ،السيما وأن العديد
من المواثيق واإلعالنات الدولية في بعض المجاالت المدنية والشخصية
تتناقض بعض بنودها بشكل صريح مع مبادئ وتعاليم اإلسالم ،الدين
الرسمي للدولة.
المطلب الثاني :مظاهر تهميش دور البرلمان في مجال صنع السياسة
الخارجية
بالرغم من الجهود المبذولة لالرتقاء باألداء البرلماني في المجال
الدبلوماسي فإن الدبلوماسية البرلمانية ال زالت ظرفية ومناسباتية تفتقر
إلى النجاعة المطلوبة ،من حيث تأثيرها في القرار الخارجي ،نتيجة
61سعيد الصديقي،مرجع سابق ص.047
50
لمجموعة من العوامل (الدستورية والسياسية والتقنية) التي تضعف
أداءها ،ولهذه الغاية يزداد الرهان على الدبلوماسية البرلمانية لتدعيم
62
القرار الخارجي ببالدنا
تلك العوامل أضعفت إلى حد كبير سلطات البرلمان في مجال السياسة
وحرفت تو ِّجهه في مراقبة النشاط الحكومي على الصعيدِّ الخارجية،
الدولي .وقد اتخذ تهميش دور البرلمان في هذا الميدان مظهرين
أساسيين ،تمثل المظهر األول في تحول المؤسسة البرلمانية إلى مجرد
غرفة تسجيل للنشاط الحكومي (الفقرةاألولى) بينما تمثل المظهر الثاني
في انشغال البرلمانيين بالقضايا الداخلية على حساب القضايا الخارجية
(الفقرة الثانية).
*الفقرة األولى :تحول البرلمان إلى غرفة تسجيل.
أصبح البرلمان مجرد غرفة تسجيل لمشاريع وأنشطة الحكومة في مجال
السياسة الخارجية ، 63ولم يعد يمتلك أية مبادرة للمشاركة الفاعلة في
صياغة هذه السياسة أو حتى التأثير على صناعة القرار الخارجي،
وتظهر وظيفة التسجيل هذه خصوصا في مناسبتين:
-أوال :في موافقته غير المشروطة أو المقيدة على كل المعاهدات
الملزمة لمالية الدولة التي تعرض عليه.
ينص الفصل 77من دستور 64 4100على" :يوقع الملك المعاهدات
ويصادق عليها غير أنه ال يصادق على المعاهدات التي تترتب عليها
تكاليف تلزم مالية الدولة إال بعد الموافقة عليها بقانون" ،تجعلنا هذه الفقرة
نستنتج أن دور البرلمانيين في مجال المصادقة على المعاهدات محدودا
جدا إن لم نقل منعدما تمام ،ما دام اختصاصهم ينحصر فقط في الموافقة
62سعيد الصديقي صنع السياسة الخارجية،اطروحة الدكتوراه في القانون العام .جامعة محمد األول-وجدة 4114ص.071
63هند بطلموس :الفاعلون الجدد في السياسة الخارجية .رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام جامعة محمد الخامس أكدال-
الرباط 4111/4117ص.004
64والفصل 70من دستور .0111
51
وليس المصادقة على المعاهدات التي تلزم مالية الدولة ،أما التوقيع
65
والمصادقة على جميع االتفاقيات فهو من اختصاص الملك .
ورغم أن مصادقة الملك على المعاهدات التي تلزم مالية الدولة ال تتم إال
بالموافقة عليها من قبل البرلمان ،فإن الملك يبقى الفاعل األساسي في هذا
الشأن ،ويبقى دور البرلمان ثانويا ،خاصة وأن الممارسة تبين أن جميع
66
االتفاقيات تتم الموافقة عليها باإلجماع
وسلطة البرلمان المغربي في مجال الموافقة على المعاهدات واالتفاقيات
الدولية تبقى ضعيفة مقارنة مع السلطات الواسعة التي تحظى بها بعض
برلمانات العالم كفرنسا وإسبانيا ومصر وتونس والجزائر...
إن ضعف دور البرلمان في مجال الموافقة على المعاهدات التي تلزم
مالية الدولة تكرس بغموض مفهوم هذا النوع من المعاهدات .
فقد اعتبر الفقيه G.Jezeفي تحليله للجمهورية الفرنسية الثالثة أن
المعاهدات الملزمة لمالية الدولة هي التي تؤدي إلى ميالد تكاليف وأعباء
جديدة تؤثر على توازن الميزانية ،وفي المقابل فإن المعاهدات التي تقلص
أو تعفي خزينة الدولة من تكاليف ،كانت من المفروض أن تتحملها ،فإن
هذه االتفاقيات تهم مالية الدولة ولكنها ال تلزمها.
أما F. SURDEفيعتبر أن كل معاهدات دولية هي ملزم لمالية الدولة،
خاصة وأن جل هذه المعاهدات تكون تجارية أو ألجل إنشاء منظمات أو
مؤسسات دولية أو االنضمام إليها ،وكلها تؤثر سلبا على مداخيل الخزينة
العامة.
كل المحاوالت التعريفية للمعاهدات التي تلزم مالية الدولة ،سجل حولها
غياب الدقة والوضوح ،فهي في نظر البعض (صيغة غامضة جدا) وفي
نظر آخرين (مفهوم باهت جدا) ،والدستور المغربي بدوره لم يقدم تعريفا
للمعاهدات الدولية الملزمة لمالية الدولة ،األمر الذي يعطي للحكومة
65عبدالجليل مراحي :السياسة الخارجية في الدستور المغربي :المجلة العربية للعلوم السياسية العدد )4104(.77ص.24
66الصديق نخلي .متغيرات السياسة المغربية وصناعة القرار .رسالة دبلوم الدراسات العليا المعمقة .جامعة محمد األول-وجدة 4111ص.077
52
سلطة تقديرية مطلقة في هذا المجال ،لتبقى حرة في عرض هذه
المعاهدات أو تلك على البرلمان ،ويكفي أال تعلن الحكومة أن معاهدة ما
ال تمس بمالية الدولة لتنفلت من موافقة البرلمان ،وقد يتم اللجوء إلى عدم
نشر المعلومة حول المعاهدة الدولية في الجريدة الرسمية لتبقى مجهولة
لدى الشعب ما دام ال يوجد أي نص قانوني يلزم السلطة التنفيذية على
نشر المعاهدات الدولية في الجريدة الرسمية.67
لقد أثبتت الممارسة الطويلة لتطبيق مقتضى الفصل 77من دستور
،4100أن اختصاص البرلمان كان مقاصرا على مجرد إبداء رأيه في
شأن المصادقة على المعاهدات الدولية الملزمة لمالية الدولة التي تعرض
على أنظار البرلمان .ورأي البرلمان يكمن في قبول أو رفض إعطاء
اإلذن بالمصادقة على المعاهدة ،كما أن التاريخ البرلماني في المغرب
يخلو من أي مثال لرفض البرلمان إعطاء اإلذن بالمصادقة .كما أن
البرلمان المغربي ال يشارك في المفاوضات التحضيرية لهذا النوع من
المعاهدات ،بسبب الطابع التقني وما تتطلبه الصياغة القانونية من معرفة
عميقة باآلليات المالية.
وإذا كانت مناقشة المعاهدات التي تلزم مالية الدولة تمثل مناسبة لمراقبة
البرلمان للسياسات الحكومية في العالقات الدولية ،فإن مداوالتها في
البرلمان نادرا ما تتخذ مظهرا للنقاش العميق ،باستثناء المعاهدات التي
تكون لها أهمية كبرى ،خاصة تلك التي تمس القضايا األساسية للحياة
االقتصادية للدولة ،أو القضايا التي تشغل بال الرأي العام الوطني.
وفيما يخص عملية التصويت ،فإن البرلمان ال يمكنه أن يصوت على
المعاهدة حسب كل مادة فيها (التصويت المغلق) كما هو الشأن بالنسبة
لمشاريع القوانين مثال ،وليس ألعضاء البرلمان التدخل لتعديل المواد
التي تتكون منها المعاهدة المعروضة عليهم ،أو إبداء تحفظات بشأنها،
67عبدالواحد الناصر.التطبيقات المغربية لقانون العالقات الدولية،منشورات الزمن ،مطبعة النجاح الجديدة-البيضاء 4111ص .10
53
ألن هذه المواد تكون نهائية بعد اعتمادها من جانب المفوضين المغاربة
بالتوقيع عليها. 68
إن إبداء التحفظات من جانب البرلمانيين يعني عمليا يعني التدخل في
عملية التفاوض من طرفهم ،وهو ما ال يسمح به القانون ،وكل ذلك يبين
بأن االختصاصات الدبلوماسية للبرلمان بمقتضى الفصل 77من دستور
4100محدودة باعتبار أن البرلمان ليست لديه سلطة التدخل في أية
مرحلة من مراحل إبرام المعاهدات الملزمة لمالية الدولة (باستثناء منح أو
رفض اإلذن بالمصادقة عليها) .
ومن هنا نستطيع القول بأن الدستور قصر مهمة البرلمان في الموافقة
على نص المعاهدة محل النقاش أو رفض النص كامال ،ودون أن يمنح له
أية صالحية في إجراء تعديالت على النص األصلي للمعاهدة أو مناقشته
مادة مادة ،وهذا ما جعل البرلمان في النهاية غرفة تسجيل فقط ،بل
وصار البرلمان رجع الصدى لهواجس األحزاب وانشغاالتهم بخصوص
السياسة الخارجية.
وتجدر اإلشارة إلى أن أحزاب الكتلة ،وسعيا منها إلى تقوية سلطة
البرلمان في مجال الموافقة على المعاهدات وااللتزامات الدولية ،اقترحت
على الملك الحسن الثاني سنة 0111مطلبا لتمكين مجلس النواب سلطة
الموافقة على المعاهدات واالتفاقيات الدولية.
-ثانيا :ضعف دور لجنة الشؤون الخارجية واقتصار دورها غالبا (كما
في الجلسة العامة) على الموافقة على عمل الجهاز التنفيذي في مجال
الشؤون الخارجية.
ما يثير االنتباه عند االطالع على تقارير لجنة الشؤون الخارجية
والتعاون ....أنها توصي دائما البرلمان بقبول مشاريع القوانين المتعلقة
بالموافقة على المعاهدات الدولية دون إجراء أي فحص معمق لدوافع
الحكومة ،ودون البحث لمعرفة آثار هذه المعاهدات على العالقات
68سعيد الصديقي :الرسالة الملكية ل41أبريل 4111خريطة الطريق للدبلوماسية المعاصرة .مجلة دعوة الحق .العدد)4101( 711ص.11
54
الخارجية للبالد .كما انها لم يسبق لها أن أوصت البرلمان برفض أو
تأجيل تنفيذ معاهدة موقعة مع دولة اجنبية .
أضف إلى ذلك أن تقارير هذه اللجنة ،الخاصة بمعالجتها لمشاريع
الموافقة على المعاهدات الدولية الملزمة لمالية الدولة ،تصاغ بأسلوب
مقتضب ووجيز( .مثال :تقرير ال يتجاوز 7صفحات يطرح على
البرلمان للموافقة على 2معاهدات لتقبل داخل اللجنة باإلجماع ،كما أن
داخل لجنة الشؤون الخارجية حول هذه االتفاقيات الدولية تكون دائما
قصيرة ،وأحيانا يوافق عليها البرلمان دون إجراء أي نقاش ،مما يجعلنا
نستنتج أن لجنة الشؤون الخارجية ...شأنها شأن الجلسة العامة تحولت
بدورها إلى غرفة صغيرة للتسجيل.
والمالحظ أن مساهمة لجنة الشؤون الخارجية في العملية التشريعية
متواضعة من حيث عدد اجتماعاتها وساعات عملها خالل الدورات
التشريعية مقارنة بباقي اللجان البرلمانية.
(نحتاج إلحصاء عدد اجتماعات لجنة الخارجية مقارنة مع باقي اللجان
البرلمانية)
الفقرة الثانية :انشغال البرلمانيين بالقضايا الداخلية على حساب القضايا
الخارجية
يعد انشغال البرلمانيين بالقضايا الداخلية ظاهرة عامة ،ففي فرنسا مثال
تمثل الشؤون الداخلية الجانب األكبر من خطابات النواب لمنتخبي
دوائرهم ،وال يشذ المغرب عن هذه القاعدة ،إذ يظل االهتمام األكبر
للبرلمانيين يتركز على قضايا السياسة الداخلية االقتصادية واالجتماعية
والقضائية ،...وذلك إلرضاء ناخبيهم المرتبطين بقضايا تمس معيشهم
اليومي .
ويظهر هذا االهتمام الكبير بشؤون البالد الداخلية على حساب القضايا
الخارجية ،في رجحان نسبة األسئلة التي يطرحها البرلمانيون حول
55
القضايا الداخلية بالمقارنة مع تلك التي تهم قضايا السياسة الخارجية،
ومن األمثلة التي توضح هذا اإلهمال الكبير للقضايا الخارجية في أسئلة
البرلمانيين أن األسئلة الشفهية والكتابية الموجهة إلى وزارة الخارجية
والتي تهم الدبلوماسية المغربية قليلة جدا مقارنة باألسئلة التي تخص
الوضعية االجتماعية واالقتصادية للمهاجرين ،كما أن األسئلة الموجهة
لرئيس الحكومة ذات الطابع الدبلوماسي تكاد تكون منعدمة منذ الرجوع
للعمل بنظام المجلسين.
كما أن نوعية األسئلة األكثر إثارة من طرف البرلمانيين ،الموجهة إلى
وزارة الخارجية تتجلى في :وضعية المهاجرين في الخارج ،وشؤون
التجارة الخارجية ،أما قضايا الدبلوماسية المغربية فلم تلق ذلك االهتمام
إال من قبل فرق المعارضة (قبل )0111
هذا الوضع جعل الملك الحسن الثاني يعاتب أعضاء مجلس النواب في
0114على تقصيرهم في االهتمام بقضايا السياسة الخارجية في
تدخالتهم داخل البرلمان أو في اللجان البرلمانية ،حيث قال في خطابه:
"حضرات النواب ،أقرأ وأسمع تدخالتكم في البرلمان وفي اللجان ،وإن
كنت سأؤاخذ عليكم عدم اهتمامكم بنشاط المغرب في الناحية الخارجية.
فإذا قرأت شيئا في الصحف قرأت فقط (المغرب قصر في كذا ...المغرب
قصر في كذا ،"...ولكن إياكم ثم إياكم أن تنسوا أن المباريات في الميدان
الخارجي ال يرى منها إال السدس أو العشر ،أما ما هو أخطر فهو الذي ال
يرى ،فإذا أنتم لم تسألوا الوزير المسؤول عن السياسة الخارجية ،ولكن
في ساحة ضيقة ،وفي أمن وأمان من جهة السر ،فلن تتمكنوا من االطالع
69
على أهمية المباراة)...
وفي تحليل آلفاق تفعيل الدبلوماسية البرلمانية استخلص محمد حنين
مجموعة من المعيقات التي تحد من عمل الدبلوماسية البرلمانية ،فبالرغم
من تعدد األنشطة الدبلوماسية عموما فمردودية الدبلوماسية البرلمانية
69انبعاث أمة :المطبعة الملكية .الرباط الجزء السابع والعشرين .الطبعة األولى.سنة 0114ص711و.711
56
مازالت ضعيفة وال ترقى إلى مستوى الطموحات ،ويتجلى هذا الضعف
من خالل مظهرين:
المظهر األول :يتمثل في تناسل المواقف المعادية للمغرب التي تصدر
بين الحين واآلخر عن برلمانيين لهم عالقات صداقة مع البرلمان
المغربي (برتغاليين وإسبانيين) ،وبعض الفرق النيابية للبرلمان الفرنسي
70
(نواب الحزب الشيوعي) ،التي ال تتردد في دعم أطروحة االنفصال.
المظهر الثاني :يتعلق بمبادرة البرلمان األوربي منذ 4104إلى إصدار
توصيات واإلعالن عن مواقف معادية للوحدة الترابية ،بالرغم من
عالقات الصداقة التي تربطه بالبرلمان المغربي ،والمتمثلة في تبادل
زيارات الوفود باستمرار.
هذه الوضعيات -كنماذج وأمثلة -تبين ضعف قدرات البرلمان المغربي
على ممارسة العمل الدبلوماسي باحترافية ،بل وعدم قدرته على التصدي
لتحركات البرلمان الجزائري الذي يحاول اختراق البرلمانات الدولية
لدفعها من أجل اتخاذ مواقف معادية للمغرب وكل من يزور الموقع
اإللكتروني للبرلمان الجزائري سيالحظ أن قائمة مجموعات الصداقة
خالل الواليةالتشريعية 4104_4111تصدرها ما يسمى ب المجموعة
البرلمانية للصداقة واألخوة الجزائر-الصحراء الغربية ؛ولئن كانت هذه
مجرد مالحظة شكلية فإنها تنطوي على خلفية عميقة تبرز أهمية قضية
الصحراء بالنسبة إلى البرلمان الجزائري .
ولعل وظيفة الدبلوماسية المغربية تصطدم في نظره بعوائق ذاتية
وموضوعية:
العوائق الذاتية :تتعلق بكفاءة ومؤهالت البرلمانيين لممارسة النشاط
الدبلوماسي ،الذي يتطلب تجربة وتكوينا جيدا في شتى حقول المعرفة،
فإلى أي حد تساهم األحزاب والفرق والمجموعات البرلمانية في تـأطير
70نواب الحزب الشيوعي الفرنسي نظموا في أبريل 4104ندوة بالبرلمان الفرنسي حول قضية الصحراء المغربية داعمين أطروحة االنفصال.
57
وتحسين كفاءة البرلمانيين؟ ألنه بالضرورة ستساهم في تحسين صورة
البرلمان لدى الرأي العام والرفع من أدائه على المستوى الخارجي.
فعلى الفرق البرلمانية أن تتحمل مسؤولية انتقاء من يمثلها في النشاط
الدبلوماسي البرلماني من الوفود والبعثات ،مع ضرورة التخلي عن
منطق جبر الخواطر ،حتى يكونوا في مستوى نظرائهم من البرلمانات
األجنبية الذين يتم انتقاؤهم الذين يتم انتقاؤهم بناء على منطق مغاير ،مما
يؤدي إلى عدم التكافؤ في القدرات والمؤهالت والتجارب ،ويحول بالتالي
دون كسب رهانات الدبلوماسية البرلمانية.
71
العوائق الموضوعية :وتتجلى هذه العوائق في أربعة مظاهر
-المظهر األول :يتعلق بغياب التنسيق بين مجلسي البرلمان وغلبة
هاجس التنافس بدل التعاون في مجال العمل الدبلوماسي ،مما يؤدي إلى
تشتت الجهود واختالف المقاربات ،وأحيانا اختالف في الخطاب
السياسي ،وتناقض في المبادرات بالرغم من وحدة األهداف.
-المظهر الثاني :يتجلى في غياب أجندة محكمة خاصة بالدبلوماسية
البرلمانية في تنسيق مسبق مع وزارة الخارجية ،لكون هذه األخيرة على
اطالع دائم بتقلبات مواقف الدول ،وعلى علم بنقط القوة والضعف في
العالقات الخارجية للمغرب ،ذلك أن غياب التنسيق في برمجة األنشطة
البرلمانية في الخارج يؤدي إلى عدم إعطاء األولوية للدول التي نحتاج
في عالقاتنا معها إلى دعم حقيقي .كما أن عدم موافاة البرلمانيين
بالمعلومات المسبقة واقتصارهم على إمكانياتهم الخاصة ال يسمح لهم
باستيعاب المشاكل المطروحة وبالتالي يعيق قيامهم بمهامهم بنجاح.
-المظهر الثالث :يتمثل في هيمنة الطابع الظرفي على األنشطة
الدبلوماسية البرلمانية ،فمجموعات الصداقة البرلمانية ال تكثف لقاءاتها
الحوارية ألجل تعزيز وتوثيق العالقات ،حتى المشاركين في البعثات
71محمد حنين .آفاق تفعيل الدبلوماسية البرلمانية :اإلكراهات واالمكانيات المتاحة .مقال منشور بالموقع اإللكتروني هسبريس.بتاريخ 04يونيو
4104في العنوان التالي: https://www.hespress.com/writers/56166.html
58
الدبلوماسية غير ملزمين بإعداد تقارير عن مهامهم في الخارج لتتم
مناقشتها من قبل أجهزة متخصصة ،وهو ما ال يسمح بتراكم التجارب في
المجال الدبلوماسي بالشكل المؤدي إلى تتبع مختلف الملفات والقضايا
الدولية.
-أما المظهر الرابع :فيبرز في غياب مبادرة الفرق في القيام
بمأموريات إلى الخارج لتوطيد العالقات على األقل مع برلمانات الدول
الفاعلة في القرارات الدولية ،وإذا كان دستور 4100يقر حق الفرق في
المساهمة الفاعلة في الدبلوماسية البرلمانية للدفاع عن القضايا الوطنية
ومصالحه الحيوية ،فإن ممارسة هذا الحق محدودة جدا ،ألن الفرق
البرلمانية تقتصر على انتداب من سيمثلها في البعثات والوفود التي
تشارك فيها كل الفرق دون أن تسمح باتخاذ مبادرات خاصة.72
المبحث الثاني :آليات تفعيل الدبلوماسية البرلمانية وحصيلة الوالية
التشريعية .4140-4101
للدبلوماسية البرلمانية المغربية أولويات تركز عليها وتعد القضايا
الوطنية أحد أبرز أولوياتها وهو ماتم التطرق له خالل هذا المبحث
ولكي يتم تفعيل أداء الدبلوماسية البرلمانية البد من توفر هذه األخيرة
على آليات تعتمدها وقد تم بسط أهم هذه اآلليات ،باإلضافة إلى دراسة
حصيلة الدبلوماسية البرلمانية المغربية خالل الوالية التشريعية -4101
.4140
المطلب األول :حصيلة الدبلوماسية البرلمانية المغربية الوالية
التشريعية (.)1112_1122
خصص هذا المطلب لدراسة حصيلة الدبلوماسية البرلمانية المغربية
بالوالية التشريعية 4140-4101؛ وذلك من خالل دراسة حصيلة مجلس
72ادريس الكريني :تطور السياسة الخارجية المغربية إزاء قضية الصحراء المغربية .مجلة التاريخ العربي .العدد )4117( 77ص .000
59
المستشارين في الدبلوماسية البرلمانية كفقرة أولى .وحصيلة مجلس
النواب كذلك في فقرة ثانية.
الفقرةاألولى :حصيلة مجلس المستشارين في الدبلوماسية البرلمانية.
ال شك أن العمل الدبلوماسي يمثل إحدى األولويات األساسية لمجلس
المستشارين خاصة فيما يتعلق بالدفاع عن القضايا االستراتيجية لبالدنا
وعلى رأسها القضية الوطنية ،وكذا تنمية عالقات التعاون والتضامن مع
مختلف مكونات المجتمع الدولي .فقد تمكن المجلس خالل السنة
التشريعية 4101-4101من تحقيق العديد من اإلنجازات والمكتسبات
الدبلوماسية ،سواء على مستوى انخراطه في المنظمات البرلمانية
اإلقليمية والقارية والدولية ،أو على صعيد عالقاته مع شركاته
االستراتيجيين ومختلف برلمانات دول العالم أو على مستوى المبادرات
النوعية التي ساهمت فيها جميع مكونات مجلس المستشارين وذلك من
خالل عمل مهيكل ومبادرات نوعية.73
وقد جاء هذا العمل تفعيال ومواكبة للمبادرات والتوجهات االستراتيجية
كما جاءت في الخطب السامية لصاحب الجاللة الملك محمد السادس
نصره هللا وأيده ،كمرجعيات أساسية ومنطلقات جوهرية من أجل االرتقاء
بالعمل الدبلوماسي البرلماني ،إدراكا من المجلس للمتغيرات اإلقليمية
والقارية والدولية ،واستشعارا منه لدقة المرحلة والرهانات والتحديات
التي تحملها ،وهو ما أملي عليه مضاعفة الجهود ومواصلة العمل من
أجل تحقيق دبلوماسي برلمانية مبادرة وبيقظة ومتعددة األبعاد واستباقية
وفعالة ومتكاملة ومتناسقة مع العمل
الدبلوماسي لجميع الفاعلين في انسجام مع االدوار الدستورية الموكولة
إليه ،وترجمة لطموحاته في أن يكون فاعال محوريا ضمن المنظومة
الدبلوماسية الوطنية.
60
ومن هذا المنطلق ،ارتكز العمل الدبلوماسي لمجلس المستشارين ،سواء
على مستوى الزيارات الرسمية المتبادلة واالستقباالت ولقاءات العمل
والمجاملة أو في إطار مشاركات الشعب الوطنية الدائمة ،ووفود مجلس
المستشارين في التظاهرات االقليمية والقارية والدولية ،أو على مستوى
تنظيم واحتضان المؤتمرات والندوات على الغايات واالهداف التالية:
•الحضور الدائم والقوي والفاعل والفعال في المحافل الدولية
• تطوير العالقات وتنويع الشراكات مع المحيط اإلقليمي والقاري
والدولي للمملكة المغربية:
.التعريف بالنموذج التنموي المغربي المبني على حفظ األمن واالستقرار
وترسيخ دولة القانون والمؤسسات؛
التموقع االستراتيجي والمهيكل في مختلف المناطق من أجل التصدي
للمغالطات والمناورات المعادية والدفاع عن المصالح العليا والحيوية
للمملكة المغربية.
.تحقيق عمل برلماني موسوم بمبادئ حقوق اإلنسان المتعارف عليها
دوليا؛ • االنفتاح على التجمعات النقابية اإلقليمية والقارية والدولية
واختراق مختل مناطق العالم •
بلورة عمل دبلوماسي برلماني يبرز البعد الجهوي لمجلس المستشارين
وحاضن النشغاالت الجهات.
-تأسيس دبلوماسية برلمانية اقتصادية واجتماعية فاعلة؛
مواكبة التعاون الثنائي مع المؤسسات الدولية والدول .
• ربط التواصل الدائم والمستمر مع مغاربة العالم لحشد الدعم للقضايا
الكبرى للمملكة المغربية .
• اعتماد جدولة زمنية ترتكز على االستباقية والتحضير الجيد للمحطات
السنوية المرتبطة بالقضية الوطنية والمصالح العليا للمملكة المغربية
داخل مختلف الهيئات اإلقليمية والقارية والدولية .
61
-تعزيز الشراكات المنتدياتية ،السيما مع الدول األعضاء الدائمة في
مجلس األمن الدولي.
64
لجنة الشؤون الخارجية والدفاع واألمن بمجلس الشيوخ لجمهورية
التشيك.74
* سنجرد األن أهم مشاركات وفود مجلس المستشارين في التظاهرات
الدولية.
+قطب الشؤون الدولية واألمريكية واالسيوية واألوقيانوس.
.الدورة 077لالتحاد البرلماني الدولي.
.المؤتمر الدولي الخامس للجان البرلمانية القانونية حول موضوع:
«السياسة ،االقتصاد وحقوق اإلنسان»
• الدورة السنوية للجمعية البرلمانية لمنظمة حلف شمال أطلسي.
•ملتقى موظفي البرلمانات الفرنكفونية.
.مؤتمر حول توحيد االهداف بشأن أهداف التنمية المستدامة بشراكة مع
االتحاد البرلماني الدولي.
•ورشة عمل اقليمية للبرلمانات بشأن التحديات التي تعرفها االستجابة
الوقائية للعدالة الجنائية للتطرف العنيف الذي يؤدي إلى اإلرهاب.
.جلسة االستماع السنوية لألمم المتحدة.
•الزيارة الميدانية لشبكة النواب البرلمانيين المعنية بالبنك الدولي
وصندوق النقد الدولي.
•االجتماع البرلماني بمناسبة انعقاد الدورة الى 10للجنة وضعية المرأة
المنظم بالتعاون مع األمم المتحدة.
•أشغال الدورة 72لمجلس حقوق اإلنسان التابع لألمم المتحدة.
•دورة تدريبية حول تقييم السياسات العمومية..
65
•الندوة 12روز الروت» التابعة للجمعية البرلمانية لمنظمة حلف شمال
أطلسي.
•الدورة 071لالتحاد البرلماني الدولي.
•اجتماع حول حصيلة تقييم البرلمانات الوطنية لقرارات مجلس األمن
التابع لألمم المتحدة في مجال مكافحة اإلرهاب.
•الندوة البرلمانية السنوية حول دور البرلمان في بناء مؤسسات فعالة
وخاضعة للمساءلة وشاملة للجميع من أجل التنميةالمستدامة.
• الدورة الربيعية للجمعية البرلمانية لمنظمة حلف شمال األطلسي.
•جلسة عمل لإلطالع على الممارسات الفضلى المتعلقة ببرنامج المساعدة
البرلمانية.
66
•االجتماع السادس رفيع المستوى البرلمانات الدول االعضاء في الحوار
.7+7
• لجنة الشؤون القانونية وحقوق اإلنسان التابعة للجمعية البرلمانية
لمجلس أوروبا.
•لجنة القضايا السياسية والديمقراطية التابعة للجمعية البرلمانية لمجلس
أوروبا.
•المرحلة األولى من الدورة العادية التابعة للجمعية البرلمانية لمجلس
أوروبا.
•الدورة الشتوية للجمعية البرلمانية لمنظمة األمن والتعاون بأوروبا.
•الدورة 00للجمعية البرلمانية للبحر األبيض المتوسط.
• لجنة الشؤون السياسية واألمن وحقوق االنسان للجمعية البرلمانية
لمجلس أوروبا.
•ندوة حول دور البرلمانات في تقييم السياسات العمومية.
•لجنة القضايا السياسية والديمقراطية للجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا.
•لجنة الشؤون القانونية وحقوق اإلنسان التابعة للجمعية البرلمانية لمجلس
أوروبا.
•مهمتان للبرلمان األروربي بكل من ستراسبورغ وبروكسيل من أجل
إجراء االتصاالت واللقاء الضرورية مع البرلمانيين االوروبيين من
مختلف الفرق السياسية بالبرلمان األوروبي قصد توضيح الموقف
المغربي وتقديم الدفوعات بخصوص التعديالت المعادية لوحدتنا الترابية
المقدمة بشأن مشروعي التقرير السنوي 4107حول وضعية حقوق
اإلنسان في العالم وسياسة االتحاد األوروبي في هذا المجال» و«التقرير
حول السياسة الخارجية لالتحاد األوروبي في مجال الدفاع».
•اجتماع اللجنة البرلمانية المشتركة المغربية األوروبية.
67
•الدورة 74لمؤتمر السلطات المحلية والجهوية التابع لمجلس أوروبا.
•المرحلة الثانية من الدورة العادية للجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا.
•القمة الرابعة للرؤساء والدورة 07للجمعية البرلمانية لالتحاد من أجل
المتوسط.
•لجنة الشؤون القانونية وحقوق اإلنسان التابعة للجمعية البرلمانية لمجلس
أوروبا .الدورة السنوية السادسة والعشرين للجمعية البرلمانية لمنظمة
األمن والتعاون بأوروبا.
• أشغال منتدى لشبونة 4101حول «ربط الناس إدارة الهجرة ،منع
الشعبوية ،بناء مجتمعات شاملة وتعزيز الحوار بين الشمال والجنوب.
•دورة الجمعية البرلمانية للبحر األبيض المتوسط.
•أشغال المرحلة الثالثة من الدورة العادية التابعة للجمعية البرلمانية
لمجلس أوروبا.
•أشغال الدورة الخريفية للجمعية البرلمانية لمنظمة األمن والتعاون
بأوروبا.
•الدورة 17للجمعية البرلمانية لمنظمة حلف شمال االطلسي.
•المؤتمر الدولي حول إطالق شبكة البرلمانيين حول «الشتات»
69
تموقع مجلس المستشارين داخل االتحادات والجمعيات البرلمانية
الجهوية والقارية والدولية وعالقاته الثنائية في إطار الشراكات
المؤسساتية والمنظماتية والمنتدياتي
70
قطب الشؤون األمريكية واالسيوية واالوقيانوس
العضوية /الصفة المنظمة البرلمانية
عضو مالحظ منتدى رئيسات ورؤساء المؤسسات التشريعية بأمريكة الوسطى
ودول الكاربي
عضو مالحظ دائم برلمان أمريكا الوسطى
في انتظار الحصول على PARLAMERICASالشبكة البرلمانية لألمريكتين
العضوية كمالحظ
•منتدى كرونسمونتانا.
73
فنزويال الدومينيك ،تركيا ،البيرو ،الصين ،التايالند.
74
•مذكرة تفاهم حول التعاون بين مجلس المستشارين المغربي
والبوندسرات األلماني
75
•مذكرة تفاهم مع مؤسسة ويستمنستر للديمقراطية Westminster
Fondation for Democraty .
•برنامج تعاون بين البرلمان المغربي وبرنامج دعم اتفاقية الشراكة بين
المغرب واالتحاد األوروبي.
ب الشراكات المنتدياتية:
78
البرلماني اإلفريقي ،واالتحاد البرلماني لمنظمة التعاون اإلسالمي،
واالتحاد البرلماني العربي.75
وتعتبر الشعب الوطنية بمثابة اآللية المؤسساتية التي يعتمدها مجلس
النواب في مختلف أنشطة المنظمات البرلمانية ،ذلك أن المجلس يقوم في
مستهل كل والية تشريعية بتشكيل شعب وطنية لتمثيله لدى المنظمات
البرلمانية الدولية واإلقليمية التي هو عضو فيها .وتضم هذه الشعب
أعضاء يتم انتدابهم على أساس التمثيل النسبي للفرق والمجموعات
النيابية (طبقا لمقتضيات المادة 411من النظام الداخلي لمجلس النواب
ذات الصلة).
ومن جانب آخر ،تعتبر مجموعات الصداقة البرلمانية أصبحنا نسميها
مجموعات األخوة والصداقة البرلمانية) ،عن حق ،أهم آلية تعتمدها
مؤسستنا التشريعية في اضطالعها بمهامها الدبلوماسية ،وذلك بالنظر إلى
مباشرةوصالت ملموسة مع النظراء
ِ ما توفره آلية فعالة كهذه من عالقات
البرلمانيين ،وما تيسره من مرونة وفعالية في التواصل واألداء
والتخاطب .هذا فضال عما تؤمنه من لقاءات شخصية بين البرلمانيين
والمسؤولين عن البرلمانات الشقيقة والصديقة ،بعيدا عن الرسميات
والشكليات التي قد ال
تخلو أحيانا من بعض التكلف والجمود والمجامالت.
ومن دون شك ،فقد أكدت التجربة المغربية الثرية والقوية أن مجموعات
الصداقة تسهم إلى حد بعيد في تنمية عالقات األخوة والصداقة بين
البرلمانات الشقيقة والصديقة .كما تقوم بدور محوري في أفق تقريب
وجهات النظر .وذلك فضال عن ما تنجزه هذه المجموعات من ربط
للعالقات الثنائية بين الدول ،وتضفي طابعا من األخوة والصداقة وقرابة
المعنى المبدئي والشخصي على العالقات الرسمية وخدمة المصالح
المشتركة ودعم الحوار والتعاون.
79
ويمكن حصر األهداف التي أنشئت من أجلها هذه المجموعات في:
إن مجلس النواب والبرلمان المغربي بصفة عامة ظل يراهن منذ وقت
مبكر نسبيا من مساره التاريخي على استثمار الدبلوماسية البرلمانية في
خدمة المصالح العليا للمغرب وليس للسفر السياحي» كما قد يخطئ
البعض في التقدير أو االتهام .
إن النائب البرلماني الحقيقي ،الجدي ،الواعي ،النزيه المسؤول والذي
يحركه ،أوال وأخيرا ،حسه الوطني ووازع الضمير األخالقي والمبدئي،
عندما يتحمل مسؤولية في مجموعة برلمانية أو في شعبة وطنية لدى
منظمة برلمانية أو في رحلة عمل أو أداء مهمة ،دائما يفعل ما يفعله
بروح مغربية باتت تورث اليوم عبر أجيالنا البرلمانية وكأن األمر يتعلق
بمنهجية مضبوطة العناصر :
80
الدفاع عن المصالح العليا للمغرب وفي مقدمتها قضية وحدتنا الترابية
وما تتطلبه من تعريف بما يربط المغرب بأقاليمه الجنوبية وحقوقه
التاريخية الثابتة ،وما قدمه من مقترحات حلول موضوعية ،وما أنجزه
على األرض حتى اآلن.
االنخراط في قضايا السلم والديموقراطية واألمن واستقرار البلدان
والشعوب تبني مبادئ وقيم الصداقة والتعاون والتبادل الحضاري والثقافة
والعلمي واالقتصادي والتجاري.
إبراز التحوالت السياسية واإلصالحات الدستورية والحقوقية
واالقتصادية واالجتماعية والثقافية اللغوية في المغرب المعاصر وما
تحقق على مستوى الدمقرطة والتحديث والتحول على مستوى
الدولةوالمجتمع.
ولعل ما ساعد بعثاتنا ووفودنا البرلمانية المغربية في الخارج على تحقيق
عدة نجاحات إضافة إلى ما يتوفر عليه المغرب من رصيد وقيمة نوعيين
هو حرصنا دائما على اإلقناع باألفكار والمقترحات والمشاريع المشتركة
والمصالح المتبادلة ،ونهج سياسة واقعية أساسها الوسطية واالعتدال
واالنفتاح والتسامح والتعدد وتنظيم األولويات وترتيب
76
االختالفات
81
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -السينغال
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -الكوت ديفوار
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -الكاميرون
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -مالي
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -الغابون
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -الطوغو
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -نيجيريا
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -بوركينا فاسو
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -بنين
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -أنغوال
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -الرأس األخضر
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -الكونغو
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -جمهورية الكونغو الديمقراطية
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -إثيوبيا
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -غانا
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -الموزمبيق
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -النيجر
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -غينيا بيساو
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -غينيا االستوائية
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -غينيا كوناكري
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -كينيا
82
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -جزر موريس مجموعة الصداقة
البرلمانية المغرب -ماالوي
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -مدغشقر
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -جيبوتي
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -تشاد
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -جزر القمر
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -تانزانيا
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -غامبيا
+الدول العربية:
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -الكويت
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -مصر
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -السعودية
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -تونس
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -قطر
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -اإلمارات
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -السودان
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -فلسطين
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -لبنان
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -األردن
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -موريتاني
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -البحرين
83
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -سلطنة عمان
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -الجزائر
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -العراق
+الدول األوروبية:
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -فرنسا
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -تركيا
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -إسبانيا
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -إيطاليا
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -ألمانيا
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -بريطانيا
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -هولندا
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -بلجيكا
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -النمسا
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -البرتغال
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -رومانيا
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -روسيا
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -السويد
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -الدانمرك
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -بولونيا
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -المجر
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -جمهورية التشيك
84
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -بلغاريا
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -سلوفاكيا
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -اليونان
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -إيرلندا
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -فنلندا
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -ليتونيا
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -كرواتيا
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -البوسنة
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -سلوفينيا
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -أوكرانيا
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -ليتوانيا
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -مقدونيا
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -ألبانيا
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -قبرص
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -إستونيا
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -جورجيا
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -إيسالندا
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -اللوكسمبورغ
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -مالطا
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -النرويج
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -سويسرا
85
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -صربيا
+الدول اآلسيوية:
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -اليابان
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -جمهورية الصين الشعبية
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -الهند مجموعة الصداقة البرلمانية
المغرب -كوريا الجنوبية مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -التايالند
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -أندونيسيا
• مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -ماليزيا
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -باكستان
• مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -الالووس
• مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -الفيتنام
• مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب الكامبودج
• مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -البنغالديش
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -الفلبين
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -سنغافورة
•جموعة الصداقة البرلمانية المغرب -أوزبكستان
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -كازاخستان
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -أذربيجان
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -سريالنكا
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -ميانمار
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -بروناي دار السالم
86
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -جزر المالديف
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -تركمنستان
+أستراليا:
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -أستراليا
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -نيوزيلندا
+الدول األمريكية:
87
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -األوروغواي
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -سانتا لوسيا
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -كومنولث الدومينيك
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -الباهاماس
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -غرانادا
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -انتيغوا وبربودا
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -الباربادوس
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -سان كريستوف ونيفيس
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -دول الكرايبي
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -باناما
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -جمهورية الدومينيكان
• مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -هايتي
•مجموعة الصداقة البرلمانية المغرب -سانت فنسنت وجزر غرينادين
ولإلشارة يعد أكبر إنتصار للدبلوماسية البرلمانية المغربية في البرلمان
األوربي هو الذي حققته بعد التصدي لمخطط خصوم الوحدة الترابية
للمملكة المغربية ،في اإلجتماع الذي عقده البرلمان األوربي بستراسبورغ
للمناقشة والتصويت على برنامج أولويات اإلتحاد األوربي لسنة 4101
في ملف حقوق اإلنسان.
وتمكن الوفد البرلماني المغربي من عقد لقاءات مكثفة مع مجموعة من
البرلمانيين األوربيين من مختلف الحساسيات السياسية منها تلك الداعمة
ألطروحة خصوم الوحدة الترابية للمملكة ،حيث قدم شروحات مفصلة
ودقيقة حول واقع تطور حقوق اإلنسان بالمغرب وخصوصا باألقاليم
الجنوبية ،وكذا المكتسبات الهامة والنوعية التي تحققت على مستوى
88
الحقوق والحريات بفعل سياسة المملكة وجهود المجلس الوطني لحقوق
اإلنسان ولجانه الجهوية.
89
شكلت قضية الوحدة الترابية للمملكة محور اهتمام البرلمان المغربي على
المستوى الدولي ،حيث واصل بتنسيق مع الحكومة الدفاع عن شرعية
مواقف المغرب و عن وحدته الترابية ،كما عمل على إدانة ممارسات
خصوم هذه الوحدة و مواصلتهم احتجاز مئات المواطنين المغاربة ضدا
على القانون الدولي والقانون الدولي اإلنساني ،وقد حرص البرلمان على
الدفاع عن قضية البالد األولى مستحضرا اإلجماع الوطني الحاصل بشأن
هذه القضية خاصة من طرف جميع األحزاب السياسية والنقابية الممثلة
في البرلمان ،77وكذا مستجدات ملف الوحدة الترابية و التحول الجوهري
والحاسم على ضوء تقديم مبادرة الحكم الذاتي التي تميزت بمنهجتها
78
التشاركية عبر االستشارات الوطنية و المحلية
لقد اهتم البرلمان المغربي بالقضية الوطنية األولى عبر توظيف العديد
من اآلليات المتاحة لديه ،كتخصيص جلسات عامة و استثنائية 79إذ عقد
مجلس النواب خالل الوالية الثامنة جلسة عمومية خصصت لتدارس
الموقف الصادر عن البرلمان االسباني ،و بذلك أصدر المجلس بيانا من
بين ما سجل فيه ،إن الملتمس الذي أصدره البرلمان األسباني لم يتوقف
عند مطالبة الحكومة االسبانية بتعزيز العالقات مع تنظيم البوليساريو بل
ذهب إلى حد اعتباره الممثل الشرعي للساكنة الصحراوية .وهذا ما يجعل
الملتمس تصرفا مرفوضا .قانونيا و سياسيا وتاريخيا في حق الشعب
المغربي ،كما يتجاهل مجهود المغرب من أجل حل سياسي توافقي عبر
اقتراح مشروع الحكم الذاتي من جهة كما ان هذا الملتمس يتعارض مع
منطوق قرارات مجلس األمن والجمعية العامة من جهة أخرى.
وفي اليوم الموالي لجلسة مجلس النواب عقدت أيضا الغرفة الثانية
للبرلمان المغربي .جلسة عمومية استثنائية برئاسة رئيس المجلس
90
خصصت لمناقشة للموقف السابق ،وقد اختتمت الجلسة بإصدار بيان دعا
فيه الحكومة إلى مطالبة المنتظم الدولي بفتح تحقيق دولي حول هتك
حقوق اإلنسان بمخيمات الحمادة ،ومطالبة المفوضية السامية لالجئين
بإحصاء المحتجزين بمخيمات تندوف والتعرف على هويتهم ،كما أدان
مجلس المستشارين بالمناسبة أعمال التزوير المفضوحة التي استعملتها
قصد بعض األوساط اإلعالمية اإلسبانية.
مما سبق يتضح ،غياب التنسيق بين مجلسي البرلمان ،إذ كان باإلمكان
عقد جلسة عمومية مشتركة لتفادي التكرار ،سواء أثناء المناقشات أو عند
إصدار البيانات خاصة عند تناول مستجدات القضية الوطنية.
كما حرص البرلمان المغربي كذلك من خالل تنظيمه للعديد من
المؤتمرات والندوات للدفاع عن القضية الوطنية األولى ،فقد نظم
البرلمان المغربي يوما دراسيا بمناسبة الذكرى الستين لإلعالن العالمي
لحقوق اإلنسان وعلى غرار العمل من داخل قبة البرلمان خدمة لهذه
القضية ،فقد قام وقد برلماني ضم حوالي خمسين نائبا و مستشارا من
غرفتي البرلمان ،بزيارة لألقاليم الجنوبية.
كما حظيت قضية الوحدة الترابية للمملكة باهتمام خاص في االتصاالت و
مبادرات جميع الفاعلين في الدبلوماسية البرلمانية المغربية ،حيث
تصدرت بشكل خاص اتصاالت ومبادرات رئيس مجلس النواب من
خالل مشاركته في المؤتمرات الدولية أو اإلقليمية .80كما ان رئيس
مجلس المستشارين المغربي حرص من خالل الزيارات التي قام بها لعدد
من الدول الشقيقة والصديقة وكذا استقباله لعدد من رؤساء البرلمانات
الوطنية أو وفود عنها بالمغرب ،على تقديم عروض حول مسار قضية
الصحراء و كذا أهمية المقترح المغربي كأرضية للتفاوض.
لقد كان من بين نتائج االتصاالت التي أجراها البرلمان المغربي ،خاصة
عبر رئيسي مجلسي البرلمان تغير موقفها من هذه القضية وكان لذلك
80
.محمد نجيب أوال بن مبارك :الوظيفة الدبلوماسية لمجلس النواب .مرجع سابق .ص 017
91
األثر الكبير في تغيير مواقف حكوماتها من القضية الوطنية ،اعتبارا من
عام 22 ،4101دولة "جمدوا" أو "سحبوا" اعترافهم بهذاالكيان الوهمي
.
ويمكن القول بشكل عام إن مواقف البرلمانيين من قضية الوحدة الترابية
في مختلف مراحلها ظلت منسجمة إن لم نقل تابعة لمواقف السلطة
التنفيذية ،وبشكل خاص لمبدرات
المؤسسة الملكية.
إن دور الدبلوماسية البرلمانية في خدمة القضايا الوطنية ال ينحصر فقط
في دعم قضية الوحدة الترابية ،بل يتعداها إلى أبعد من ذلك ،كالتعريف
بالتحوالت السياسية الهامة التي تشهدها المملكة و التعريف بفرص
االستثمار و الوضعية االقتصادية والسياسية العامة للبالد ،ويشيد اعضاء
مجلس النواب المغربي ،في إطار اللقاءات الثنائية التي تجمعهم بباقي
البرلمانات األجنبية ،بالقطاعات الواعدة في االقتصاد المغربي بما في
ذلك الفالحة و السياحة والصيد البحري والتكنولوجيا الجديدة ،كما يؤكد
النواب في إطار عالقاتهم الدبلوماسية على الضمانات و االمتيازات التي
يمنحها المغرب لالستثمار األجنبي والتي يعتبر االستقرار السياسي أهم
رفعاته ،كما شكلت هذه اللقاءات التي عقدها البرلمان المغربي مع نظرائه
في البلدان األخرى مناسبة له من أجل التعريف بالمشكالت االجتماعية
بما في ذلك البطالة وضعف التجهيزات األساسية في البوادي .و النقص
في الخدمات االجتماعية.
ومنه فاالتصاالت التي تجريها المؤسسة التشريعية على المستويات
الثنائية و المتعددة األطراف تهدف إلى الدفاع عن المصالح العليا للبالد
وقضايا المغرب الوطنية و التعريف به و بمؤهالته و انشغاالته ،كما
يعمل البرلمان المغربي على توفير كافة أشكال الدعم السفراء صاحب
الجاللة لتيسير اتصاالتهم مع برلمانات البلدان المعتمدين فيها بهدف خدمة
مصالح المغرب.
92
+-القضايا العربية والدولية
إلى جانب االهتمام بالقضايا الوطنية ،ظلت مجموعة من القضايا العربية
تندرج ضمن اهتمامات العمل الدبلوماسي للمؤسسة التشريعية كتخصيص
جلسات للتضامن مع الشعب العراقي و الفلسطيني ،وخالل الوالية
التشريعية الثامنة تصدرت القضية الفلسطينية اهتمامات المؤسسة واتخذت
في جميع المناسبات مواقف مساندة للشعب الفلسطيني ،وتمثلت أهم
المبادرات التي اتخذها البرلمان المغربي طوال هذه الفترة ،في عقد
جلسات خاصة لدراسة تطورات القضية الفلسطينية ،81حيث عقد مجلس
النواب جلسة عمومية في االربعاء 14يونيو 4101جلسة عمومية
خصصت للتضامن مع الشعب الفلسطيني و للتنديد باالعتداء اإلسرائيلي
على قافلة الحرية التضامنية مع الشعب الفلسطيني ،وقد تم اختتام الجلسة
بإصدار بيان تنديدي.
و انطالقا .من مواقفه الثابتة تجاه القضية الفلسطينية يدعو مجلس النواب
المنتظم الدولي إلى إعمال كل اآلليات والقرارات المالئمة من أجل رفع
الحصار اإلسرائيلي على الشعب الفلسطيني" .وفي نفس الموضوع
خصص مجلس المستشارين يوم .عمومية للتضامن مع الشعب
الفلسطيني ومع ضحايا االعتداء اإلسرائيلي على قافلة الحرية ،بطلب من
جميع الفرق البرلمانية بالمجلس .كما صادفت هذه الوالية أيضا الحرب
على غزة ،فكان البد لممثلي األمة ان يكون لهم موقف من هذه الحرب
وان تناقش هذه القضية في جلسة برلمانية خاصة ،82و بالفعل عقد
مجلس المستشارين جلسة تضامنية مع قطاع غزة تالها بيان دعا فيه
المجلس ،األسرة الدولية واألمم المتحدة و هيأتها المتخصصة و المعنية
بحقوق اإلنسان إلى تحرك عاجل من أجل وضع حد للسياسة اإلسرائيلية
،الهمجية ،كما طالب الهيئات و المنظمات البرلمانية الدولية في طليعتها
االتحاد البرلماني الدولي و اتحاد مجالس الدول األعضاء في منظمة
81حميد المجيدي:مساهمة البرلمان المغربي في السياسة الخارجية نموذج الوالية التشريعية السابعة ,4111-4114ص.17
82المختار مطيع (مدى انشغال مجلس النواب المغربي بالمجال الدبلوماسي على ضوء التجربة البرلمانية الرابعة()0114-0112سلسلة الندوات
واأليام الدراسية-العدد الرابع منشورات كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واالجتماعية مراكش.ص .011
93
المؤتمر اإلسالمي واالتحاد البرلماني اإلفريقي و رابطة مجالس الشيوخ
و المجالس المماثلة في إفريقيا و العالم العربي بالتنديد بالقصف
اإلسرائيلي لقطاع غزة .وفي إطار العالقات الدبلوماسية لمجلس النواب
عمل هذا األخير على توسيع التضامن الدولي مع نضال الشعب
الفلسطيني ،حيث دعا المجتمع الدولي إلى إرغام إسرائيل على
االمتثال للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية و االتفاقات مع السلطة
الوطنيةالفلسطينية ووقف بناء المستوطنات.
و شارك البرلمان المغربي بمجلسيه في العديد من االتحادات البرلمانية
من أجل دعم الشعب الفلسطيني ،وبهذا الخصوص شارك وفد من
المجلسين في المؤتمر الرابع عشر االستثنائي لالتحاد البرلماني العربي.
إن البرلمان المغربي يؤكد كلما تناول القضية الفلسطينية في اتصاالته
على ضرورة تمكين الشعب الفلسطيني من حقوقه المشروعة ،كما يبين
أنه في حالة لم يتم تسوية هذه القضية فإن الوضع في منطقة الشرق
األوسط و في منطقة حوض المتوسط سيطل عرضة لعدم االستقرار و
التوتر .باإلضافة إلى اهتمام البرلمان المغربي بالقضايا العربية وعلى
رأسها القضية الفلسطينية فإن المجلس يهتم بمجموعة من القضايا الدولية
عن طريق إصدار بيانات في أوقات الحياة السياسية الدولية ،إما كرد على
وضع معين و إما لتخليد عالمي او ذكرى ذات أهمية كبيرة بالنسبة
للمجموعة الدولية ،وأيضا من خالل إصدار مذكرات تخص القضايا
الدولية ،بحيث يكون محتواها متوافقا و أهداف السياسة الخارجية
المغربية .01ولقد حرص البرلمان المغربي عبر اتصاالته وعالقاته
الخارجية على التعبير عن مواقف المغرب الوطنية منها و الدولية،
فالمؤسسة التشريعية تمارس عمال دبلوماسيا مهما يعتبر للدبلوماسية
الرسمية ،ورغم ما تم تحقيقه من نتائج محمودة ،فالموضوعية تقتضي
اإلشارة إلى وضعية المؤسسة التشريعية في النظام السياسي المغربي
وكذا بعض النواقص و االختالالت التي تعتري العمل الدبلوماسي
94
البرلماني ،والتي إذا ما تم رندها و معالجتها سيمكن هذه المؤسسة من
القيام بنشاط دبلوماسي ذي فعالية .
الفقرة الثانية :آليات تفعيل العمل الدبلوماسي البرلماني.
إذا كان العمل الدبلوماسي يندرج تقليديا ضمن اختصاصات السلطة
التنفيذية ،فإن هذا العمل أصبح في الوقت الحاضر يستأثر باهتمام فاعلين
جدد ،تحتل البرلمانات ضمنهم مكانة بارزة بفعل التطورات التي تعرفها
أنظمة الحكم الديمقراطية ،وحتى يكون البرلمان المغربي في مستوى
تطلعات الوطنية ،إرادة و تكليفا ،وفي مستوى التحديات العالمية قدرة
وعطاء وقيادة ،نرى من الواجب ضرورة رسم صورة واضحة للبرلمان
المغربي حتى يتمكن من كسب الرهانات الكبيرة التي تعقدها عليه الهيئة
الناخبة ،إذ ال يكفي تجاوز قصور النصوص القانونية المنظمة
لصالحيات الدبلوماسية ،بل البد من إحداث تغييرات على مستوى آلية
اختيار الهيئة المنتخبة لتشكيل خارطة سياسية تسمح بتكوين كثل سياسية
قوية وواضحة البرامج ،يسهل محاسبتها و ضمانا لدبلوماسية برلمانية
فعالة و ذات مردودية نرى أنه يجب :
وضع خطة واضحة تؤطر عمل المجلس في مجال الدبلوماسية
البرلمانية ،وذلك من خالل إعداد دليل للدبلوماسية البرلمانية يعد بمثابة
دفتر تحمالت) يحدد المبادئ واألهداف واإلطار العام لمبادرات المجلس
في المجال الدبلوماسي ،وضع تنظيم عمله وتوجهاته في مجال
الدبلوماسية البرلمانية ،مع تفعيل دور مجموعات الصداقة والتعاون
83
البرلمانية.
التحضير والتدبير الجيد إلنجاح المهام الدبلوماسية وهو ما يفرض
اعتماد معيار التخصص والتراكم في اختيار اعضاء الوفود الممثلة في
المجلس وربط حجم التمثيل بالفعالية والمردودية ،باإلضافة إلى عقد
83محمد بلمودن "ممارسة مجلس المستشارين للوظيفة الدبلوماسية خالل الوالية التشريعية .4111-0111م.س .ص .401
95
اجتماعات مسبقة للوفود التي تمثل المجلس ،من أجل تنسيق المواقف
84
ألداء مهامهم على الوجه المطلوب.
متابعة النشاط الدبلوماسي واستثماره وذلك عبر متابعة مشاركات الوفود
البرلمانية وتقييمها في مختلف األنشطة الدبلوماسية ،باإلضافة إلى
ضرورة االلتزام بإعداد تقارير عن كل المشكالت الخارجية في الملتقيات
والمؤتمرات البرلمانية ،على أن تتم مناقشة هذه التقارير داخل لجنة
الخارجية أو في الجلسة
85
العامة للمجلس.
84
نورالدين ابو عبدهللا :األداء الدبلوماسي للبرلمان المغربي "رساله لنيل دبلوم الماستر جامعة محمد الخامس .كلية العلوم القانونية واإلقتصادية
.واالجتماعية.الرباط أكدال الموسم الجامعي .4111.4101ص 21
85
waline Jean :"les groupes parlementaires en France : " Paris. Libraire générale de droit et de Jurisprudence.
96
-ضرورة تمكين قسم العالقات الخارجية بالمجلس من أطر ذات كفاءة
وباحثين وممارسين لهم دراية بمجال السياسة الخارجية.
-تمكين المجلس من التكوين و التكوين المستمر ،وذلك أن العديد من
السادة النواب ال يملكون تكوين في مجال الدبلوماسية و ال يتوفرون على
المعلومات والمؤهالت الضرورية للمساهمة بفعالية في مراقبةالسياسة
الخارجية للحكومة أو في الدبلوماسية البرلمانية ،لذلك يجب االستفادة من
الخدمات التي توفرها المنظمات الدولية المتخصصة في هذا المجال ،
وكذلك يجب االنفتاح المؤسسة التشريعية بغرفتيها على الجامعة المغربية،
من خالل خلق شراكات و تنظيم ايام دراسية و ندوات و حلقات نقاش
حول القضايا
الكبرى التي تهم مجال الدبلوماسية البرلمانية ،تساهم في تكوين
البرلمانيين و تجسس للثقافة دبلوماسية تجمع بين الممارسة العملية و
التنظير االكاديمي من أجل دبلوماسية قوية مؤثرة وذات مردودية.86
86محمد بلمودن "ممارسة مجلس المستشارين للوظيفة الدبلوماسية خالل الوالية التشريعية .4111-0111م س .ص .401
97
وتجدر اإلشارة هنا إلى أن مصلحة العالقات الخارجية بالبرلمان بالرغم
من الجهود المبذولة من أجل القيام بالمهام المنوطة بها ،تبقى غير ملبية
لمتطلبات السيدات والسادة النواب وتطلعاتهم ،ونظرا لعدم توفر هذه
المصلحة على ذوي االختصاص علما ان البرلمانات الدولية أصبحت
تحرص على توظيف موارد بشرية مؤهلة تقوم بعمليات البحث والتحليل
والتحضير لفائدة األنشطة والمهام التي يقوم بها ممثلو االمة.
وبالرغم من ذلك مازالت هذه البرلمانات تعاني ضعفا على مستوى
المشاركة في صنع السياسة الخارجية لبلدانها ،وأمام ذلك يبقى البرلمان
87
االمريكي متميزا في هذا المجال.
87فاطمة الليلي :الممارسة الدبلوماسية لمجلس النواب خالل الوالية التشريعية .4111-4111ص.011
98