You are on page 1of 84

‫ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﻌرﺑﻲ ﺑن ﻣﻬﯾدي‪ -‬أم اﻟﺑواﻗﻲ‪-‬‬

‫ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق و اﻟﻌﻠوم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ‬


‫ﻗﺳم اﻟﺣﻘوق‬

‫اﻹطﺎر اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﻟﻌﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ و آﺛﺎرﻩ ﻓﻲ ظل اﻟﺗﺷرﯾﻊ اﻟﺟزاﺋري‬

‫ﻣذﻛرة ﺗﻛﻣﯾﻠﯾﺔ ﻟﻧﯾل ﺷﻬﺎدة اﻟﻣﺎﺳﺗر‪.‬‬


‫ﺷﻌﺑﺔ اﻟﺣﻘوق‪ -‬ﺗﺧﺻص‪ :‬ﻗﺎﻧون أﻋﻣﺎل‬
‫ﺗﺣت اﺷراف اﻷﺳﺗﺎذ‪:‬‬ ‫‪-‬اﻟطﺎﻟﺑﺔ‪ :‬ﻣرﯾم طﺎﯾﺑﻲ‬
‫اﻟﻌﺎﻟﯾﺔ ﻣﺣﻣد اﻟﻌرﺑﻲ‬
‫‪-‬ﻟﺟﻧﺔ اﻟﻣﻧﺎﻗﺷﺔ‪:‬‬
‫رﺋﯾﺳﺎ‪.‬‬ ‫اﻟﺟﺎﻣﻌﺔ أم اﻟﺑواﻗﻲ اﻟرﺗﺑﺔ دﻛﺗور‬ ‫‪ -1‬روان ﻣﺣﻣد اﻟﺻﺎﻟﺢ‬
‫ﻣﺷرﻓﺎ و ﻣﻘررا‪.‬‬ ‫اﻟﺟﺎﻣﻌﺔ أم اﻟﺑواﻗﻲ اﻟرﺗﺑﺔ أ ﻣﺳﺎﻋد أ‬ ‫‪ -2‬اﻟﻌﺎﻟﯾﺔ ﻣﺣﻣد اﻟﻌرﺑﻲ‬
‫ﻋﺿوا ﻣﻣﺗﺣﻧﺎ‪.‬‬ ‫اﻟﺟﺎﻣﻌﺔ أم اﻟﺑواﻗﻲ اﻟرﺗﺑﺔ أ ﻣﺳﺎﻋد أ‬ ‫‪ -3‬ﺑوﻧوﯾوة ﺳﻣﯾﺔ‬

‫‪2014/ 2013‬‬ ‫اﻟﺳﻧﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ‬


‫ﺷﻛـــــــــــــــر و ﺗﻘدﯾــــــــــــــــر‬

‫اﻟﺣﻣد ﷲ و اﻟﺻﻼة و اﻟﺳﻼم ﻋﻠﻰ رﺳول اﷲ‪...‬و ﺑﻌد‬

‫ﯾﺷرﻓﻧﻲ أن أﺗوﺟﻪ ﺑﺧﺎﻟص اﻟﺷﻛر و ﻋظﯾم اﻟﺗﻘدﯾر و اﻻﻣﺗﻧﺎن‬


‫و اﻟﻌرﻓﺎن ﺑﺎﻟﺟﻣﯾل إﻟﻰ أﺳﺗﺎذي اﻟﻔﺎﺿل اﻟﻌﺎﻟﯾﺔ ﻣﺣﻣد اﻟﻌرﺑﻲ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺗﻛرﻣﻪ ﺑﺎﻹﺷراف ﻋﻠﻰ ﻣذﻛرﺗﻲ‪ ،‬و ﻟﻣﺎ ﻟﻣﺳﺗﻪ ﻣﻧﻪ ﻣن ﺻدر‬
‫رﺣب و ﺗوﺟﯾﻪ ﺳدﯾد و ﻧﺻﺎﺋﺢ ﻗﯾﻣﺔ و ﻣﺛﻣرة ﻛﺎن ﻟﻬﺎ أﺑﻠﻎ اﻷﺛر ﻓﻲ‬
‫إﻧﺟﺎز اﻟﻌﻣل‪.‬‬
‫أﺳﺄل اﷲ اﻟﻌﻠﻲ اﻟﻘدﯾر أن ﯾﺛﺑﻪ ﺧﯾر اﻟﺛواب إﻧﻪ ﺳﻣﯾﻊ ﻣﺟﯾب اﻟدﻋﺎء‪.‬‬
‫ﻛﻣﺎ ﻻ ﯾﻔوﺗﻧﻲ أن أﺗﻘدم ﺑﺎﻟﺷﻛر اﻟﺟزﯾل ﻟﺟﻣﯾﻊ أﺳﺎﺗذﺗﻲ اﻷﻓﺎﺿل‬
‫اﻟذﯾن ﺳﺎﻫﻣوا طﯾﻠﺔ ﺳﻧوات ﺗﻛوﯾﻧﻲ ﻓﻲ اﻟﺗدرج و ﻣﺎ ﺑﻌدﻩ‬
‫و اﻟﺷﻛر اﻷول و اﻷﺧﯾر ﻟﻠﻣوﻟﻰ‬
‫ﻋز و ﺟل‪.‬‬
‫إﻫــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــداء‬

‫بِِر ْﺣَﻣْ ﻬُﻣَﺎ ﻛَﺎﻣَ رَ ﺑَﯾَﺎﻧِﻲ ﺻَﻐِﯾرَا"‬


‫ﻗﺎل اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ"وَ ﻗُلْرَ ا‬

‫ﺑﻘول اﷲ أﺑدء و إﻟﻰ أﻋز اﻟﻧﺎس أﻫدي إﻟﻰ ﺷﺧﺻﯾن ﻫﻣﺎ أﻗرب اﻟﻧﺎس و أﺷد ﺣرﺻﺎ و ﺳؤاﻻ ﻋﻧﻲ‬

‫إﻟﻰ اﻟروح اﻟطﺎﻫرة واﻟدي رﺣﻣﻪ اﷲ‪.‬‬

‫و إﻟﻰ رﻣز اﻟوﻓﺎء و ﻓﯾض اﻟﺳﺧﺎء إﻟﻰ ﻣن ﻗﺎل ﻓﯾﻬﺎ رﺳول اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯾﻪ و ﺳﻠم " اﻟﺟﻧﺔ ﺗﺣت أﻗدام‬

‫اﻷﻣﻬﺎت " إﻟﻰ اﻟﺗﻲ ﺳﻬرت اﻟﻠﯾﺎﻟﻲ ﻣن أﺟل راﺣﺗﻲ و أﺿﺎءت ﻟﻲ درﺑﻲ واﻟدﺗﻲ أطﺎل اﷲ ﻟﻲ ﻓﻲ ﻋﻣرﻫﺎ و ﺧﻔض‬

‫ﻟﻬﺎ ﺟﻧﺎح اﻟذل و اﻟرﺣﻣﺔ‪.‬‬

‫إﻟﻰ إﺧوﺗﻲ اﻷﻋزاء و أﺧﺗﺎﯾﺎ اﻟﻛرﯾﻣﺗﯾن أداﻣﻛم اﷲ و ﺣﻔظﻛ ـ ـ ــم ﺧﯾرا‬

‫إﻟﻰ رﻓﻘﺎت درﺑﻲ أﻣﯾﻧﺔ و ﻓرﯾدة و ﻓوزﯾﺔ و ﻟﯾﻠﻰ‬

‫و إﻟﻰ ﻛل ﻣن ﻟم ﯾذﻛرﻫم ﻗﻠﻣﻲ و ﻟم ﯾﻧﺳﻬم ﻗﻠﺑﻲ‪.‬‬

‫و إﻟﻰ ﻛل ﻣن ﻣد ﻟﻲ ﯾد اﻟﻌون و اﻟﻣﺳﺎﻋدة‪.‬‬


‫ﻣ ـ ـ ـﻘدﻣ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺔ‬

‫ﻣﻘدﻣ ـــــــــــــــــــــــﺔ‬

‫ﻟﻘد أدى اﻟﺗطور ﻓﻲ اﻟﻣﻌﺎﻣﻼت ﻓﻲ ﻣﺧﺗﻠف ﻣﺟﺎﻻت اﻟﺣﯾﺎة‪ ،‬إﻟﻰ اﻟزﯾﺎدة ﻓﻲ اﻟﻧﺷﺎطﺎت و اﻟﺗﺻرﻓﺎت اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ‬

‫ﺑﯾن اﻷﻓراد‪ ،‬ﺑﺣﯾث ﺗﻘوم ﺑﯾن ﻫؤﻻء اﻷﺷﺧﺎص ﻋﻼﻗﺎت ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ و ﺣﺳب طﺑﯾﻌﺔ اﻟﻌﻘد‪.‬‬

‫ﻧﺟد ﺷﺧﺻﺎ ﯾﻘوم ﺑﺗﻌﯾﯾن ﺷﺧص آﺧر ﻟﻠﻘﯾﺎم ﺑﻌﻣل ﻟﺻﺎﻟﺣﻪ ﻣﻘﺎﺑل أﺟر ﯾﺗﻘﺎﺿﺎﻩ ﻫذا اﻷﺧﯾر‪ ،‬و ﻫﻧﺎ ﯾﺻطﻠﺢ‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻘد ﺑﻌﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪ ،‬و ﻫذا اﻟﻌﻘد ﻟم ﯾﻛن ﻓﻲ اﻟﺳﺎﺑق ﻋﻘدا ﻣﺳﺗﻘﻼ ﻛﻣﺎ ﻫو ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺣﺎل ﻓﻲ اﻟوﻗت اﻟراﻫن‪،‬‬
‫ﻓﻔﻲ اﻟﻘواﻧﯾن اﻷﺧرى ﻛﺎﻟﻘﺎﻧون ﻋﻧد اﻟﺑﺎﺑﻠﯾﯾن ﻛﺎن ﯾﻌرف ﺑﻌﻘد اﻹﯾﺟﺎر اﻟذي أوﻻﻩ ﻋﻧﺎﯾﺔ ﺧﺎﺻﺔ‪ ،‬و ﻛﺎﻧت ﻣﺳؤ وﻟﯾﺔ‬
‫اﻟﻣﻘﺎول آﻧذاك ﻣﺷددة‪ ،‬ﻛﻣﺎ أﻧﻪ ﻟم ﯾﻛن ﻣﻌروﻓﺎ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟروﻣﺎﻧﻲ‪ ،‬و إﻧﻣﺎ ﻋرﻓﻪ ﻣﺧﺗﻠطﺎ ﺑﻌﻘد اﻹﯾﺟﺎر ﻣن ﺟﻬﺔ‬
‫و ﺑﻌﻘد اﻟوﻛﺎﻟﺔ ﻣن ﺟﻬﺔ أﺧرى‪ ،‬إذ إﻧﻪ ﺷﺑﻪ ﻋﻣل اﻹﻧﺳﺎن ﺑﺎﻟﺳﻠﻊ ﻣن ﺣﯾث إﻣﻛﺎن اﻻﻧﺗﻔﺎع ﺑﻪ)‪.(1‬‬

‫و ﻋﻠﯾﻪ ﺗﻌد اﻟﻌﻘود ﺑﺻﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ وﺳﯾﻠﺔ ﻓﻌﺎﻟﺔ‪ ،‬ﻟﺗﻣﻛﯾن اﻹﻧﺳﺎن ﻣن ﺗﻠﺑﯾﺔ ﺣﺎﺟﺎﺗﻪ‪ ،‬و ﻟﻛن ﯾﻛون وﻓﻘﺎ ﻟﻠﻘﺎﻧون و ﻟﻣﺎ‬
‫ﻧص ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺗﺷرﯾﻊ‪ ،‬و ﻫذا اﻷﺧﯾر ﻧﺟدﻩ ﻗد ﻧظم ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ اﻟذي ﻫو ﻣوﺿوع ﺑﺣﺛﻲ ﻣن ﺧﻼل اﻟﻣواد ‪ 549‬إﻟﻰ‬
‫ﻏﺎﯾﺔ‪ 570‬و ﻫذا ﺿﻣن اﻟﻔﺻل اﻷول ﻣن اﻟﺑﺎب اﻟﺗﺎﺳﻊ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻌﻘود اﻟواردة ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻣل‪ ،‬ﺿﻣن اﻟﻛﺗﺎب اﻟﺛﺎﻧﻲ‬
‫اﻟﻣﻌﻧون ﺑﺎﻹﻟﺗز اﻣﺎت و اﻟﻌﻘود‪ ،‬و ﻧﺟد اﻟﻣﺷرع ﻗد أﺣدث أو ل ﺗﻌدﯾل ﻟﻬذا اﻟﻌﻘد إﻻ ﻓﻲ ﺳﻧﺔ ‪ 2005‬ﺑﺎﻟﻘﺎﻧون رﻗم‬
‫‪ 10/05‬اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ ‪ 2005/06/20‬اﻟذي ﯾﻌدل و ﯾﺗﻣم اﻷﻣر رﻗم ‪ 58/75‬اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ ‪ 1975/09/26‬و‬
‫اﻟﻣﺗﺿﻣن اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ‪ ،‬اﻟﻣﻌدل و اﻟﻣﺗﻣم‪.‬‬

‫ﯾﻌد ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻣن ﻗﺑﯾل اﻟﻌﻘود ذات اﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ‪ ،‬ﺑﺎﻟﻧظر إﻟﻰ طﺑﯾﻌﺔ اﻟﻌﻼﻗﺎت ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص أطراﻓﻪ‬
‫ﻣن ﺟﻬﺔ و ﻣن ﺣﯾث اﻟﺟواﻧب اﻟﻔﻧﯾﺔ ﻣﺣل اﻟﻌﻘد‪ ،‬إذ ﯾﺣرص أطراف اﻟﻌﻘد ﻋﻠﻰ ﺗﻧظﯾم أﺣﻛﺎﻣﻪ اﺳﺗﻧﺎدا إﻟﻰ ﺑﻧود‬
‫ﯾﺗﻔﻘون ﻋﻠﯾﻬﺎ‪ ،‬و ﯾﺳﺗﺄﻧﺳون ﻓﻲ ذﻟك ﺑﺟﻣﻠﺔ ﻣن اﻟﺷروط و اﻷﺣﻛﺎم اﻟﺗﻲ ﺗﺿﻌﻬﺎ ﻫﯾﺋﺎت ﻣﺗﺧﺻﺻﺔ‪ ،‬و ﻛذﻟك‬
‫ﺗﻛﻣن أﻫﻣﯾﺔ اﻟﻣوﺿوع ﻓﻲ ﻣﻌرﻓﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن اﻷطراف اﻟداﺧﻠﺔ ﺑﺻﻔﺔ ﻏﯾر ﻣﺑﺎﺷرة ﻓﻲ اﻟﻌﻘد‪.‬‬

‫ﻣن ﺧﻼل اﻟﺗﻧظﯾم اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﻟﻌﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻓﻬو ﺑذﻟك ﻣوﺿوع ﻟﻪ أﻫداف ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﯾﺳﻌﻰ ﻟﺗﺣﻘﯾﻘﻬﺎ‪ ،‬و ﻣن ﺑﯾن ﻫذﻩ‬
‫اﻷﻫداف اﻷﻛﺛر أﻫﻣﯾﺔ ﻫو اﻟﻬدف اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ اﻟﻣﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﻣﺣﺎوﻟﺔ إﺟﺎد ﺗﺣﻠﯾل ﻗﺎﻧوﻧﻲ ﻟﻠﻧﺻوص اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﻣﻧظﻣﺔ‬
‫ﻟﻌﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ اﻟﺟزاﺋري‪ ،‬ﺑﻐﯾﺔ اﻟوﺻول إﻟﻰ ﻧﺗﺎﺋﺞ ﻣﻧطﻘﯾﺔ ﯾﺗم ﻣن ﺧﻼﻟﻬﺎ ﺗﻘدﯾم ﺗوﺻﯾﺎت ﻣﻧﺎﺳﺑﺔ‬

‫‪ 1‬راﺟﻊ ﻓﻲ ذﻟك ﺟﻌﻔر اﻟﻔﺿﯾﻠﻲ‪ .‬اﻟوﺟﯾز ﻓﻲ اﻟﻌﻘود اﻟﻣدﻧﯾﺔ ‪...‬اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪ .‬دراﺳﺔ ﻓﻲ ﺿوء اﻟﺗطور اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ و ﻣﻌرزة ﺑﺎﻟﻘرارات اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ‪ .‬د ط‪.‬‬
‫ﻣﻛﺗﺑﺔ دار اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ ﻟﻠﻧﺷر و اﻟﺗوزﯾﻊ‪ .‬ﻋﻣﺎن‪ .‬اﻷردن‪ .‬د ﺳﻧﺔ‪ .‬ص ‪.366‬‬
‫‪1‬‬
‫ﻣ ـ ـ ـﻘدﻣ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺔ‬
‫ﺣول اﻟﻧﻘﺎﺋص اﻟﺗﻲ ﺗﻌﺗري ﻫذﻩ اﻟﻧﺻوص‪ ،‬ﻛﻣﺎ ﻫﻧﺎك ﻫدف اﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ رﻋﺎﯾﺔ ﻣﺻﺎﻟﺢ اﻷﻓراد و اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ‬
‫اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﯾﻛون وﺳﯾﻠﺔ ﻫﺎﻣﺔ ﻓﻲ ﺗطوﯾر اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ و ﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﻧظﺎم اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ و ﻛذﻟك ﺗﺣﻘﯾق اﻟﻌداﻟﺔ‬
‫اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ‪ ،‬إﻟﻰ ﺗﻧظﯾم ﻫذا اﻟﻌﻘد ﺗﻧظﯾﻣﺎ ﻣﻼﺋﻣﺎ ﻓﻲ ظل اﻟﺗطور اﻟذي ﻟﺣﻘﻪ‪ ،‬و وﺿﻌت ﻟﻪ ﻧﺻوص ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ ﺧﺎﺻﺔ‬
‫ﻣﻣﺎ ﺟﻌﻠﺗﻪ ﯾﻧﻔرد ﺑﻧظﺎم ﻗﺎﻧوﻧﻲ ﯾﺳﺗﻘل ﻋن ﺑﻘﯾﺔ اﻟﻌﻘود‪.‬‬

‫إن اﺧﺗﯾﺎر اﻟﻣوﺿوع "اﻹطﺎر اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﻟﻌﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ و آﺛﺎرﻩ ﻓﻲ ظل اﻟﺗﺷرﯾﻊ اﻟﺟزاﺋري"‪ ،‬ﻣﺑﻧﻲ ﻋﻠﻰ ﻋدة دواﻓﻊ‬
‫ﻣﻧﻬﺎ ﺷﺧﺻﯾﺔ‪ ،‬و ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﻣﻌرﻓﺔ ﻫذا اﻟﻌﻘد اﻟذي ﺻﺎر ﯾﺣﺗل اﻟﺣﯾز اﻷﻛﺑر ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ اﻟﻌﻣراﻧﯾﺔ‪ ،‬و ﻣن‬
‫ﻫم اﻷﺷﺧﺎص اﻟﻣﺳؤ وﻟون ﻋن أداء ﻫذا اﻟﻌﻣل‪ ،‬و ﻣﺎ اﻟﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺗﻲ أوﺟﺑﻬﺎ اﻟﻣﺷرع ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺗﺿرر اﻟﻐﯾر‪.‬‬

‫أﻣﺎ اﻟدواﻓﻊ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﻓﻬﻲ ﻓﻲ أول اﻷﻣر ﺗم اﻗﺗراح اﻟﻣوﺿوع ﻣن ﻗﺑل ﻣﯾدان اﻟﺗﻛوﯾن‪ ،‬ﻏﯾر أﻧﻪ ﻣن ﺧﻼل اﻟﺑﺣث‬
‫ﻓﻲ اﻟﻣوﺿوع أﺻﺑﺢ اﻟداﻓﻊ ﻫو ﻋدم ﺣﺻول اﻟﺑﺣث ﻋﻠﻰ درﺟﺔ ﻛﺎﻓﯾﺔ ﻣن اﻟﺑﺣث ﻣن ﻗﺑل اﻟﺑﺎﺣﺛﯾن ﻓﻲ اﻟﺟزاﺋر‪،‬‬
‫و ﺧﺻوﺻﺎ ﺑﻌد اﻟﺗﻌدﯾل اﻟذي أﺣدﺛﻪ اﻟﻣﺷرع ﺑﻣوﺟب اﻟﻘﺎﻧون ‪ 10/05‬اﻟﻣذﻛور أﻋﻼﻩ‪.‬‬

‫ﻓﻲ ظل ﺗﻌدد و اﺧﺗﻼف اﻟﻌﻘود اﻟﺗﻲ ﺗرد ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻣل‪ ،‬و ﺧﺎﺻﺔ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻩ ﻣﺣور دراﺳﺗﻲ‪ ،‬وﺟدﺗﻪ‬
‫ﯾﺛﯾر ﺟﻣﻠﺔ ﻣن اﻟﺗﺳﺎؤ ﻻت و ﻣن ﺿﻣﻧﻬﺎ إﺷﻛﺎﻟﯾﺔ رﺋﯾﺳﯾﺔ ﺗﺗﻣﺛل ﻣﺎ ﻫو اﻹطﺎر اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﻟﻌﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻓﻲ ظل‬
‫اﻟﺗﺷرﯾﻊ اﻟﺟزاﺋري ؟‬

‫و ﻣن ﺑﯾن اﻟﺗﺳﺎؤﻻت اﻟﻔرﻋﯾﺔ ﻧﺟد‪ :‬ﻣﺎ اﻟﻣﻘﺻود ﺑﻌﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ؟ و ﻛﯾف ﯾﺗم إﺑراﻣﻪ؟ و ﻋﻠﯾﻪ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ إﺑرام اﻟﻌﻘد‬
‫ﺑﯾن رب اﻟﻌﻣل و اﻟﻣﻘﺎول وﯾﻘوم ﻫذا اﻷﺧﯾر ﺑﺗﻌﯾﯾن أطراف ﺟدد ﻟﻠﻘﯾﺎم ﺑﺎﻟﻌﻣل اﻟﻣﻠزم ﺑﻘﯾﺎﻣﻪ‪ ،‬و ظﻬر ﻋﯾب ﻓﻲ‬
‫اﻟﻌﻣل اﻟﻣﻧﺟز ﻋﻠﻰ ﻣن ﺗﻘوم اﻟﻣﺳؤ وﻟﯾﺔ؟ و ﻣﺎ طﺑﯾﻌﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن اﻟﻣﻘﺎول و اﻟطرف اﻟﺧﺎرج ﻋن اﻟﻌﻘد اﻷﺻﻠﻲ؟‪.‬‬

‫ﻟﻺﺟﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺳﺎؤﻻت اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ ﻗﻣت ﺑﺎﻻﻋﺗﻣﺎد ﻋﻠﻰ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻣﻧﺎﻫﺞ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ‪ ،‬و ذﻟك ﻓﻲ إطﺎر اﻟﺗﻛﺎﻣل‬
‫اﻟﻣﻧﻬﺟﻲ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻣﻧﻬﺞ اﻷول اﻟذي اﺳﺗﺧدﻣﺗﻪ ﻫو اﻟﻣﻧﻬﺞ اﻟﺗﺣﻠﯾﻠﻲ‪ ،‬و ﻫذا ﻣن ﺧﻼل إﺧﺿﺎع اﻟﻧﺻوص اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ‬
‫اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﻌﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ إﻟﻰ ﻋﻣﻠﯾﺔ ﺗﺑﺳﯾط و ﺗﺟزﺋﺗﻬﺎ‪ ،‬و ﺑﻬذا إﻋطﺎء اﻟﻣﻐزى ﻣن اﻟﻧص‪ ،‬ﻛﻣﺎ اﺳﺗﻌﻧت ﺑﺎﻟﻣﻧﻬﺞ‬
‫اﻟوﺻﻔﻲ اﻟذي ﯾظﻬر ﻓﻲ ﻛﯾﻔﯾﺔ اﻧﻌﻘﺎد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪ ،‬وﻫذا ﺑﻬدف ﺗﺑﺳﯾط اﻟﻣوﺿوع‪ ،‬و ﺗﺳﻬﯾل و ﺗوﺿﯾﺢ ﻣﻌﺎﻟﻣﻪ ﺑﺷﻛل‬
‫ﯾﺣﻘق ﻧﺗﯾﺟﺔ ﺣﺳﻧﺔ ﻣن اﻟﺑﺣث‪.‬‬

‫إن ﻣوﺿوع ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻟم ﯾﻧل ﻧﺻﯾﺑﻪ ﻣن اﻟﺑﺣث ﻛﻐﯾرﻩ ﻣن اﻟﻌﻘود‪ ،‬ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ اﻟﺟزاﺋر ﻓﻼ ﺗﺗوﻓر إﻻ ﺛﻼﺛﺔ‬
‫ﻣؤﻟﻔﺎت ﻓﻘط‪ ،‬ﻓﺎﻷول ﻟﻸﺳﺗﺎذ ﺑﺟﺎوي ﻣدﻧﻲ‪ ،‬ﺑﻌﻧوان ﺗﻔرﻗﺔ ﺑﯾن ﻋﻘد اﻟﻌﻣل و ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪ ،‬دراﺳﺔ ﺗﺣﻠﯾﻠﯾﺔ و ﻧﻘدﯾﺔ‪،‬‬
‫و اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻟﻸﺳﺗﺎذ ﺣﺳﯾن اﻟﺗوﻧﺳﻲ ﺑﻌﻧوان اﻧﺣﻼل اﻟﻌﻘد‪ ،‬دراﺳﺔ ﺗطﺑﯾﻘﯾﺔ ﺣول ﻋﻘد اﻟﺑﯾﻊ و ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪ ،‬و ﻫو ﻓﻲ‬

‫‪2‬‬
‫ﻣ ـ ـ ـﻘدﻣ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺔ‬
‫اﻷﺻل ﻣذﻛرة ﻟﻧﯾل اﻟﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون‪ ،‬ﻓرع اﻟﻌﻘود و اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺟزاﺋر‪ .2004 ،‬و اﻟﺛﺎﻟﺛﺔ رﺳﺎﻟﺔ‬
‫ﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون ﻓرع ﻗﺎﻧون ﻋﻘﺎري‪ ،‬ﻟﻸﺳﺗﺎذ ﺗوﻓﯾق زﯾداﻧﻲ‪ ،‬ﺑﻌﻧوان اﻟﺗﻧظﯾم اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﻟﻌﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺿوء‬
‫أﺣﻛﺎم اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ اﻟﺟزاﺋري‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺑﺎﺗﻧﺔ‪.2010/2009 ،‬‬

‫ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺳﺑق‪ ،‬اﻋﺗﻣدت ﺗﻘﺳﯾم اﻟﺑﺣث إﻟﻰ ﻓﺻﻠﯾن اﻟﻔﺻل اﻷول ﻣﺎﻫﯾﺔ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ و ﻗﺳﻣﻧﺎ ﻫذا اﻟﻔﺻل‬

‫اﻟﻣﺑﺣث اﻷول ﻣﻔﻬوم ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ و اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻧﻲ أﺷﻛﺎل إﺑرام ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪.‬‬ ‫إﻟﻰ ﻣﺑﺣﺛﯾن‬

‫أﻣﺎ اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ آﺛﺎر ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ و اﻧﻘﺿﺄﻫﺎ ﻗﺳﻣﻧﺎﻩ إﻟﻰ ﻣﺑﺣﺛﯾن ﻓﺎﻟﻣﺑﺣث اﻷول آﺛﺎر ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‬

‫و اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻧﻲ اﻧﻘﺿﺎء ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫اﻟﻔﺻل اﻷول‪ :‬ﻣﺎﻫﯾﺔ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ وﻛﯾﻔﯾﺔ اﻧﻌﻘﺎدﻩ‬

‫اﻟﻔﺻل اﻷول‪ :‬ﻣﺎﻫﯾﺔ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ وﻛﯾﻔﯾﺔ اﻧﻌﻘﺎدﻩ‬

‫ﯾﻌﺗﺑر ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻣن أﻛﺛر اﻟﻌﻘود اﻟﻣﻌﺗﻣد ﻋﻠﯾﻬﺎ‪ ،‬و ذﻟك ﻓﻲ اﻟﺣﺻول ﻋﻠﻰ ﻣﺧﺗﻠف اﻟﺧدﻣﺎت و اﻷﻋﻣﺎل‬
‫اﻟﺗﻲ ﯾﺣﺗﺎج إﻟﯾﻬﺎ اﻹﻧﺳﺎن ﻓﻲ ﺣﯾﺎﺗﻪ‪ ،‬و ﻫذا ﻟﻣﺎ ﺗﺗوﻓر ﻋﻠﯾﻪ ﻣن اﻟﻘدرة و اﻟﻛﻔﺎءة ﻋﻠﻰ ﺗوﻓﯾر ﻫذﻩ اﻟﻣﺗطﻠﺑﺎت‪.‬‬
‫و ﺑﻣﺎ أن اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﻧظم ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﺑﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻧﺻوص اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﺿﻣن أﺣﻛﺎم اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ‬
‫ﺣﺳب اﻟﻣواد ﻣن ‪549‬إﻟﻰ ‪ ،570‬وﻫذا ﺟﻌﻠﻪ ﯾﺗﻣﯾز و ﯾﻧﻔر د ﺑﻧظﺎم ﻗﺎﻧوﻧﻲ ﻣﺳﺗﻘل ﻋن ﻏﯾرﻩ ﻣن اﻟﻌﻘود‪.‬‬
‫و ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺗﻘدم ﻗﺳﻣت ﻫذا اﻟﻔﺻل إﻟﻰ ﻣﺑﺣﺛﯾن‪ ،‬ﻓﺎﻟﻣﺑﺣث اﻷول ﺗﻧﺎوﻟﺗﻪ ﺑﻌﻧوان ﻣﻔﻬـ ــو م ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪ ،‬و‬
‫اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻧﻲ أﺷﻛﺎل إﺑرا م اﻟﻣﻘﺎوﻟـ ــﺔ‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫اﻟﻔﺻل اﻷول‪ :‬ﻣﺎﻫﯾﺔ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ وﻛﯾﻔﯾﺔ اﻧﻌﻘﺎدﻩ‬

‫اﻟﻣﺑﺣث اﻷول‪ :‬ﻣﻔﻬــــوم ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟــــــــــــﺔ‬


‫إن اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﻗد ﺧص ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ اﻟذي ﯾﻧدرج ﺿﻣن اﻟﻌﻘود اﻟﻣﺳﻣﺎة‪ ،‬ﺑﺗﻧظﯾم ﻗﺎﻧوﻧﻲ ﻣﺳﺗﻘل ﺿﻣن‬
‫أﺣﻛﺎم اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ‪ ،‬و ﻗد ﺗرﺗب ﻋﻠﻰ ذﻟك ﻛﯾﺎن ﻗﺎﻧوﻧﻲ ﻟﻌﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟــﺔ‪ ،‬ﻣﻣﺎ ﺟﻌﻠﻪ ﯾﺗﻣﯾز ﻋن ﻏﯾرة ﻣن اﻟﻌﻘود‬
‫اﻷﺧرى‪.‬‬
‫و ﻛﻛل ﻋﻘد ﯾﺑرم ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﺑﯾن طرﻓﯾن اﻷول رب اﻟﻌﻣل و اﻟﺛﺎﻧﻲ اﻟﻣﻘﺎول‪ ،‬و ﻛل طرف ﯾﺧﺗﻠف ﻏرﺿﻪ ﻣن‬
‫وراء ذﻟك اﻹﺑرام‪ ،‬ﻓﺎﻟﻣﻘﺎول ﯾﻬدف إﻟﻰ ﺗﺣﻘﯾق اﻟرﺑﺢ ﻣن وراء اﻹﺑرام و ﻫﻧﺎ ﯾﻌﺗﺑرﻩ ﺗﺎﺟر‪ ،‬أﻣﺎ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟرب اﻟﻌﻣل‬
‫ﻟﻠﻌﻘد؟‬ ‫اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ‬ ‫اﻟطﺑﯾﻌﺔ‬ ‫ﻋن‬ ‫أﺗﺳﺎءل‬ ‫ﯾﺟﻌﻠﻧﻲ‬ ‫ﻣﻣﺎ‬ ‫ﺗﺎﺟر‪،‬‬ ‫ﻏﯾر‬ ‫ﺷﺧص ﻣدﻧﯾﺎ‬ ‫ﻏﺎﻟﺑﺎ‬ ‫ﯾﻛون‬
‫و ﻟﺗﻔﺻﯾل أﻛﺛر ﻗﻣت ﺑﺗﻘﺳﯾم ﻫذا اﻟﻣﺑﺣث إﻟﻰ ﻣطﻠﺑﯾن‪ ،‬ﻓﻔﻲ اﻟﻣطﻠب اﻷول ﺗﻌرﯾف ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ و ﺧﺻﺎﺋـ ـﺻﻬﺎ‪،‬‬
‫وﻓﻲ اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧـﻲ اﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻟﻠﻌﻘد وﺗﻣﯾﯾزﻩ ﻋن اﻟﻌﻘود اﻷﺧرى‪.‬‬
‫اﻟﻣطﻠب اﻷول‪ :‬ﺗﻌرﯾف ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ و ﺑﯾﺎن ﺧﺻﺎﺋﺻﻬﺎ‬
‫ﻣن اﻟﻣﺗﻌﺎرف ﻋﻠﯾﻪ أن اﻟﻔﻘﻬﺎء ﻫم أﺻﺣﺎب اﻻﺧﺗﺻﺎص ﻓﻲ ﺗﻘدﯾم ﺗﻌرﯾف‪ ،‬ﻟﻛن اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﻗد ﺣﺎد ﻋن‬
‫اﻟﻘﺎﻋدة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺑﺄﻧﻪ ﻗ ـ ــدم ﺗﻌرﯾﻔﺎ ﻟﻌﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﺿﻣن اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ‪ ،‬و ﻋﻠﯾﻪ و ﺑﻣﺎ ﺣظﻲ ﺑﻪ ﻫذا اﻟﻌﻘد ﻣن ﺗﻌرﯾف‬
‫ﺗﺷرﯾﻌﻲ ﻓﺿﻼ ﻋن اﻟﺗﻌرﯾف اﻟﻔﻘﻬﻲ ‪ ،‬ﻧﺗﻌرف ﻋﻠﻰ اﻟﺧﺻﺎﺋص اﻟﺗﻲ ﯾﺗﻣﯾز ﺑﻬﺎ ﻫذا اﻟﻌﻘد ﻋن ﻏﯾرﻩ ﻣن اﻟﻌﻘود‪.‬‬
‫و ﻋﻠﯾﻪ ﻗﻣت ﺑﺗﻘﺳﯾم ﻫذا اﻟﻣطﻠب إﻟﻰ ﻓرﻋﯾن‪ ،‬و ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻔرع اﻷول ﺑﻌﻧوان ﺗﻌرﯾف ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟـ ـ ـ ـ ــﺔ و اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧـﻲ‬
‫ﺧﺻﺎﺋص ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫اﻟﻔﺻل اﻷول‪ :‬ﻣﺎﻫﯾﺔ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ وﻛﯾﻔﯾﺔ اﻧﻌﻘﺎدﻩ‬
‫اﻟﻔرع اﻷول‪ :‬ﺗﻌرﯾف ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‬
‫أوﻻ‪ :‬اﻟﺗﻌرﯾف اﻟﻠﻐوي‬
‫أﺻل ﻛﻠﻣﺔ اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻣﺄﺧوذة ﻣن ﻓﻌل‪ :‬ﻗﺎول]ه[ﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻓﻲ اﻷﻣر‪ ،‬أي ﺑﺎﺣﺛﻪ و ﺟﺎدﻟﻪ)‪ ،(1‬اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻫﻲ اﺗﻔﺎق ﺑﯾن‬
‫طرﻓﯾن‪ ،‬اﺣدﻫﻣﺎ ﺑﺎن ﯾﻘوم ﻟﻸﺧر ﺑﻌﻣل ﻣﻌﯾن ﺑﺄﺟر ﻣﺣدود ﻓﻲ ﻣدة ﻣﻌﯾﻧﺔ)‪.(2‬‬
‫ﺛﺎﻧﯾﺎ‪ :‬اﻟﺗﻌرﯾف اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ‬

‫ﻋرف اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻣن ﺧﻼل ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 549‬ﻣن اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ أﻧﻬﺎ ‪ ":‬اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻫﻲ ﻋﻘد‬

‫ﯾﺗﻌﻬد ﺑﻣﻘﺗﺿﺎﻩ أﺣد اﻟﻣﺗﻌﺎﻗدﯾن أن ﯾﺻﻧﻊ ﺷﯾﺋﺎ أو أن ﯾؤدي ﻋﻣﻼ ﻣﻘﺎﺑل أﺟر ﯾدﻓﻌﻪ ﻟﻪ اﻟﻣﺗﻌﺎﻗد اﻵﺧر" ‪.‬‬
‫وﻣن ﺧﻼل دراﺳﺔ اﻟﻧظرﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻼﻟﺗزام ﺑﺄن اﻟﻌﻘد ﻫو اﺗﻔﺎق ﺑﯾن طرﻓﯾن‪ ،‬و ﻋﻠﯾﻪ ﻓﺎﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻫﻲ اﺗﻔﺎق ﺑﯾن‬
‫اﻟﻣﻘﺎول و رب اﻟﻌﻣل‪ ،‬ﻋﻠﻰ أن ﯾﻘوم ﻫذا اﻷﺧﯾر ﺑدﻓﻊ أﺟر ﻟﻠﻣﻘﺎول اﻟذي ﯾﻘوم ﺑﻌﻣل ﻟﺻﺎﻟﺣﻪ‪ ،‬و ﻋﻠﯾﻪ ﻧﺟد أن‬
‫ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﯾﻘﻊ ﻋﻠﻰ ﻣﺣل ﻏﯾر ﻣوﺟود أﺛﻧﺎء اﻟﺗﻌﺎﻗد‪ ،‬إذ إﻧﻪ ﯾﻘوم اﻟﻣﻘﺎول ﻋﻠﻰ إﯾﺟﺎدﻩ ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺗﻘﺑل ﻋﻧد دﺧول‬
‫اﻟﻌﻘد ﺣﯾز اﻟﻧﻔﺎذ‪.‬‬
‫ﺛﺎﻟﺛﺎ‪ :‬اﻟﺗﻌرﯾف اﻟﻔﻘﻬﻲ‬
‫ﻧﺟد اﻟﻔﻘﻪ ﻗد ﺣﺎول إﯾﺟﺎد ﺗﻌرﯾف ﻟﻌﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﺑﺣﯾث ﻋرﻓﻪ ﺗﻌرﯾﻔﺎ ﺟﺎﻣﻊ ‪ ،‬و ﻣﺎﻧﻊ‪ ،‬ﺣﯾث ﯾظﻬر ﻣن‬
‫ﺧﻼﻟﻪ أﻫم اﻟﺧﺻﺎﺋص اﻟﺗﻲ ﯾﺗﻣﯾز ﺑﻬﺎ اﻟﻌﻘد‪ ،‬ﻧﺄﺧذ اﻟﺗﻌرﯾف اﻷول ﻟﻸﺳﺗﺎذﻣﺎزو ا )ﻫﻧري ﻟﯾون وﺟن(‪ ،‬إذ ﻋرف ﻋﻘد‬
‫اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ إذ ﻋرف ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﺑﺄﻧﻪ‪":‬اﻟﻌﻘد اﻟذي ﻋن طرﯾﻘﻪ‪ ،‬ﯾﺗﻌﻬد ﺷﺧص ﯾﻘﺎل ﻟﻪ اﻟﻣﻘﺎول أو ﻣؤﺟر اﻟﻌﻣل ﻓﻲ‬
‫ﻣواﺟﻬﺔ ﺷﺧص آﺧر ﯾﻘﺎل ﻟﻪ رب اﻟﻌﻣل أو اﻟﻌﻣﯾل‪ ،‬ﺑﺄن ﯾﻧﻔذ ﻟﻪ ﻋﻣﻼ ﻣﻘﺎﺑل أﺟر‪ ،‬ﻣﺳﺗﻘﻼ ﻋﻧﻪ ودون أن ﺗﻛون‬
‫ﻟﻪ ﺻﻔﺔ ﺗﻣﺛﯾﻠﯾﺔِ "‪.‬‬
‫أﻣﺎ اﻟﺗﻌرﯾف اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻓﻬو ﻟﻸﺳﺗﺎذ ﻋﺑد اﻟرزاق ﺣﺳﯾن ﯾﺎﺳﯾن اﻟذي ﯾﻌرﻓﻬﺎ ﺑﺄﻧﻬﺎ‪":‬ﻋﻘد ﯾﺗﻌﻬد طرف ﻓﯾﻪ ﺑﺻﻧﻊ ﺷﻲء أو‬
‫أداء ﻋﻣل ﻟﺣﺳﺎب اﻟطرف اﻵﺧر‪ ،‬ﻣﺳﺗﻘﻼ ﻋن إدارﺗﻪ و إﺷراﻓﻪ")‪.(3‬‬

‫‪1‬‬
‫ﻣﻧﺟد اﻟﻠﻐﺔ و اﻹﻋﻼم‪ .‬طﺑﻌﺔ اﻟواﺣدة و اﻟﺛﻼﺛون‪ .‬دار اﻟﻣﺷرق‪ .‬ﺑﯾروت‪ .‬ﻟﺑﻧﺎن‪ .‬ص‪.663‬‬
‫‪2‬‬
‫اﻟﻘﺎﻣوس اﻟﺟدﯾد ﻟﻠطﻼب‪ .‬اﻟطﺑﻌﺔ اﻟﺳﺎﺑﻌﺔ‪ .‬اﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻟوطﻧﯾﺔ ﻟﻠﻛﺗﺎب‪ .‬اﻟﺟزاﺋر‪ .1991.‬ص ‪.1119‬‬
‫‪ 3‬ﻋﺑد اﻟرزاق ﺣﺳﯾن ﯾﺎﺳﯾن‪ .‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻣﻬﻧدس اﻟﻣﻌﻣﺎري و ﻣﻘﺎوﻟﺔ اﻟﺑﻧﺎء‪ .‬ﺷروطﻬﺎ‪ .‬ﻧطﺎق ﺗطﺑﯾﻘﻬﺎ و اﻟﺿﻣﺎﻧﺎت اﻟﻣﺳﺗﺣدﺛﺔ ﻓﯾﻬﺎ‪.‬‬
‫دراﺳﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ‪ .‬ط ‪ .1‬دار اﻟﻣﻌﺎرف‪ .‬أﺳﯾوط‪ .‬ﻣﺻر‪ .1987 .‬ص ‪.87‬‬
‫‪6‬‬
‫اﻟﻔﺻل اﻷول‪ :‬ﻣﺎﻫﯾﺔ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ وﻛﯾﻔﯾﺔ اﻧﻌﻘﺎدﻩ‬
‫ﻣن ﺧﻼل اﻟﺗﻌرﯾﻔﯾن اﻟﺳﺎﺑﻘﯾن ﻧﺟد اﻟﻔﻘﯾﻬﯾن ﻗد اﺗﻔﻘﺎ ﻋﻠﻰ أن اﻟﻌﻣل اﻟذي ﯾﻘوم ﺑﻪ اﻟﻣﻘﺎول ﻟﺻﺎﻟﺢ رب اﻟﻌﻣل‪،‬‬
‫ﯾﻛون ﺑﺻﻔﺔ ﻣﺳﺗﻘﻠﺔ دون اﻟﺧﺿوع ﻟرﻗﺎﺑﺗﻪ و إدارﺗﻪ‪ ،‬و ﻋﻠﯾﻪ ﯾﻣﻛن اﺳﺗﺧﻼص ﺗﻌرﯾف ﻟﻌﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﺑﺄﻧﻪ‪":‬ﻋﻘد‬
‫ﯾﺗﻌﻬد ﻓﯾﻪ ﺷﺧص ﺑﺄﻧﻪ ﯾﻘوم ﺑﻌﻣل ﻣﻌﯾن ﻟﺣﺳﺎب ﺷﺧص آﺧر ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑل أﺟر‪ ،‬دون أن ﯾﺧﺿﻊ ﻹدارﺗﻪ و‬
‫)‪(1‬‬
‫إﺷراﻓﻪ"‪.‬‬
‫راﺑﻌﺎ‪ :‬أﻧواع اﻟﻣﻘﺎوﻻت‬
‫و ﻣن ﺧﻼل ﻣﺎ ﺳﺑق ﺗﻧوﻋت اﻟﻣﻘﺎوﻻت ﺗﻧوﻋﺎ ﻛﺑﯾرا‪ ،‬ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻟﺗﻧوع اﻷﻋﻣﺎل اﻟﺗﻲ ﯾﻘوم ﺑﻬﺎ اﻟﻣﻘﺎول ﺑﺄداﺋﻬﺎ‪ ،‬و ﻫذﻩ‬
‫اﻷﻋﻣﺎل ﺗﺧﺗﻠف ﻣن ﻣﻘﺎوﻟﺔ إﻟﻰ أﺧرى ﺑﺣﺳب اﻋﺗﺑﺎرات ﻋدﯾدة ﻫﻲ‪:‬‬
‫‪ -1‬ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر طﺑﯾﻌﺔ اﻟﻌﻣل‪ :‬و ﻧﺟدﻫﺎ ﺗﻧﻘﺳم إﻟﻰ ﻗﺳﻣﯾن اﻷول ﻣﻘﺎوﻻت إﺟﺎرة و ﻫﻲ اﻟﻣﻘﺎوﻻت اﻟﺗﻲ ﯾﺗﻌﻬد ﻓﯾﻬﺎ‬
‫اﻟﻣﻘﺎول ﺑﺗﻘدﯾم اﻟﻌﻣل ﻓﻘط‪ ،‬ﺑﺣﯾث ﯾﻛون ﺗﺣت إدارة و إﺷراف اﻟطرف اﻵﺧر‪ ،‬و ﻫذا اﻟﻌﻣل ﻗد ﯾﻛون ﻏﯾر ﻣﺗﺻل‬
‫ﺑﺷﻲء ﻣﻌﯾن‪ ،‬و إﻣﺎ أن ﯾﻛون ﻣﺗﺻﻼ ﺑﺷﻲء ﻣﻌﯾن ﺳواء ﻛﺎن ﻣوﺟودا وﻗت اﻟﻌﻘد أو ﻏﯾر ﻣوﺟود‪ ،‬و ﻫذا اﻟﺷﻲء ﻻ‬
‫ﯾﻣﻠﻛﻪ اﻟﻣﻘﺎول ﺑل ﯾﻣﻠﻛﻪ اﻟطرف اﻵﺧر ﻟﻠﻌﻘد‪ ،‬و إﻧﻣﺎ ﯾﻣﺎرس اﻟﻣﻘﺎول اﻟﻌﻣل ﻓﻘط‪ ،‬اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻣﻘﺎوﻻت اﺳﺗﺻﻧﺎع و ﻫﻲ‬
‫اﻟﻣﻘﺎوﻻت اﻟﺗﻲ ﯾﺗﻌﻬد ﻓﯾﻬﺎ اﻟﻣﻘﺎول ﺑﺗﻘدﯾم اﻟﻌﻣل و اﻟﻣﺎدة ﻣﻌﺎ‪ ،‬و ﻋﻠﯾﻪ ﯾرى اﻟدﻛﺗور اﻟﻘرﻩ داﻏﻲ أن اﻻﺳﺗﺻﻧﺎع ﻫو‬
‫ﻋﻘد ﯾﻛون اﻟﻣﻌﻘود ﻋﻠﯾﻪ و ﻫو اﻟﻌﻣل و اﻟﻌﯾن ﻓﻲ اﻟذﻣﺔ‪ ،‬و ﯾﺟوز ﻓﯾﻪ ﺗﺄﺟﯾل اﻟﺛﻣن أو ﺗﻘﺳﯾطﻪ‪ ،‬ﻣﻣﺎ ﯾﺳﺎﻫم ﻓﻲ‬
‫ﺗﻧﺷﯾط اﻟﺻﻧﺎﻋﺔ و زﯾﺎدة اﻟﻣروﻧﺔ ﻓﻲ ﺳوق اﻟﻣﺎل‪.‬‬
‫‪ -2‬ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر ﺣﺟم اﻟﻌﻣل‪:‬ﺗﻧﻘﺳم إﻟﻰ ﻣﻘﺎوﻻت ﺻﻐﯾر ة و ﻫﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻧﺎول أﻋﻣﺎﻻ ﺻﻐﯾرة و ﻏﺎﻟﺑﺎ ﻣﺎ ﺗﺗﻌﻠق ﺑﺄﻋﻣﺎل‬
‫اﻟﻣﻬن اﻟﺣرة ﻛﺎﻟﻧﺟﺎرة و ﻏﯾرﻫﺎ‪ ،‬و أﺧرى ﻛﺑﯾرة و ﻫﻲ ﺗﺗﻧﺎول أﻋﻣﺎﻻ ﻛﺑﯾرة و ﻋﺎدة ﻣﺎ ﺗﺗﻌﻠق ﺑﺗﺷﯾﯾد اﻟﻣﺑﺎﻧﻲ و‬
‫)‪2‬ا(‪.‬‬
‫اﻟﺟﺳور و اﻟﺳدود و ﻏﯾرﻩ‬
‫‪ -3‬ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر ﺟﻧس اﻟﻌﻣل‪ :‬و ﺗﻧﻘﺳم إﻟﻰ ﻗﺳﻣﯾن اﻷوﻟﻰ ﻣﻘﺎوﻻت ﻣﺎدﯾﺔ و ﻫﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻧﺎول اﻷﻋﻣﺎل اﻟﻣﺎدﯾﺔ‬
‫ﻛﺈﻧﺷﺎءات اﻟﻣﺑﺎﻧﻲ و اﻟﺟﺳور و اﻟﺳدود و ﻏﯾرﻫﺎ‪ ،‬و اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﻣﻘﺎوﻻت ﻋﻘﻠﯾﺔ و ﻫﻲ اﻟﺗﻲ ﺗرد ﻋﻠﻰ أﻋﻣﺎل ﻧﺎﺗﺟﺔ ﻋن‬

‫‪ 1‬د‪/‬ﻋﺑد اﻟرزاق أﺣﻣد اﻟﺳﻧﻬوري‪ .‬اﻟوﺳﯾط ﻓﻲ ﺷرح اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ‪،‬اﻟﻌﻘود اﻟﻣﺳﻣﺎة اﻟواردة ﻋﻠﻰ ﻋﻣل) ﻣﻘﺎوﻟﺔ واﻟوﻛﺎﻟﺔ واﻟودﯾﻌﺔ واﻟﺣراﺳﺔ(‪.‬‬
‫اﻟﻣﺟﻠد اﻟﺳﺎﺑﻊ‪ .‬اﻟﺟزء اﻷول‪ .‬ﻣﻧﺷﺄة اﻟﻣﻌﺎرف‪ .‬إﺳﻛﻧدرﯾﺔ‪2004 .‬ـ ص‪.37‬‬
‫‪ 2‬ﻋﺎطف ﻣﺣﻣد ﺣﺳﯾن أﺑوﻫرﺑﯾد‪ .‬ﻋﻘود اﻟﻣﻧﺎﻗﺻﺎت ﻓﻲ اﻟﻔﻘﻪ اﻻﺳﻼﻣﻲ‪ .‬ط ‪ .1‬دار اﻟﻧﻔﺎﺋس ﻟﻠﻧﺷر و اﻟﺗوزﯾﻊ‪ .‬اﻷردن‪ .‬ﻋﻣﺎن‪.2006 .‬‬
‫ص‪.190-189‬‬
‫‪7‬‬
‫اﻟﻔﺻل اﻷول‪ :‬ﻣﺎﻫﯾﺔ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ وﻛﯾﻔﯾﺔ اﻧﻌﻘﺎدﻩ‬
‫ﻣﺟﻬود ﻋﻘﻠﻲ و ﻟﯾس ﻣﺎدي‪ ،‬ﻛﺎﻷﻋﻣﺎل اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻣﺛل اﻟﻣﺣﺎﻣﺎة‪ ،‬و أﻋﻣﺎل ﻓﻧﯾﺔ ﻣﺛل ﺗﺻﻣﯾم ﯾﺿﻌﻪ اﻟﻣﻬﻧدس‬
‫اﻟﻣﻌﻣﺎري‪.‬‬
‫‪-4‬ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر ﻣﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﻌﻣل‪ :‬ﻓﺗﻧﻘﺳم إﻟﻰ ﻣﻘﺎوﻻت ﻋﺎﻣﺔ و ﻫﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﻣراﻓق اﻟﻌﺎﻣﺔ و اﻷﺷﻐﺎل اﻟﻌﺎﻣﺔ و‬
‫ﻏﯾرﻫﺎ و ﺗﻛون اﻟﺣﻛوﻣﺔ أو اﻟﻣؤﺳﺳﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ طرﻓﺎ ﻓﯾﻬﺎ‪ ،‬و إﻟﻰ ﻣﻘﺎوﻻت ﺧﺎﺻﺔ ﺗﺗﻌﻠق أﻋﻣﺎﻟﻬﺎ ﺑﻣراﻓق و ﻣﺻﺎﻟﺢ‬
‫ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻷﻓراد و اﻟﺷرﻛﺎت و ﻻ ﺗﻛون اﻟﺣﻛوﻣﺔ أو اﻟﻣؤﺳﺳﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ طرﻓﺎ ﻓﯾﻬﺎ)‪.(1‬‬
‫اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬ﺧﺻﺎﺋص ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‬

‫ﻣن ﺧﻼل اﻟﺗﻌﺎرﯾف اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ ﻟﻌﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪ ،‬ﻧﺟد أن اﻟﻌﻘد ﯾﺗﻣﯾز ﺑﻌدة ﺧﺻﺎﺋص و ﻣﻣﯾزات ﺑﺣﯾث ﻧﺟدﻩ ﻣن ﻋﻘود‬
‫اﻟﻣﻌﺎوﺿﺔ و ﻋﻘد رﺿﺎﺋﻲ‪ ،‬ﻛﻣﺎ أﻧﻪ ﻋﻘد ﻣﻠزم ﻟﺟﺎﻧﺑﯾن رﻏم اﻻﻟﺗزام اﻟﺷﺧﺻﻲ اﻟذي ﯾﻧﺷﺄﻩ‪.‬‬
‫أوﻻ ‪ :‬ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻋﻘد رﺿﺎﺋﻲ‬
‫ﯾﻌﺗﺑر ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻣن اﻟﻌﻘود اﻟر ﺿﺎﺋﯾﺔ‪ ،‬ﻷﻧﻪ ﻻ ﯾﺷﺗرط ﻻﻧﻌﻘﺎدﻩ ﺷﻛل ﺧﺎص)‪ ،(2‬إذ إﻧﻪ ﯾﻧﻌﻘد ﺑﻣﺟرد ﺗراﺿﻲ‬
‫طرﻓﯾﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺣل اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪ ،‬ﻓﯾﺟوز إﺑراﻣﻪ ﺑﺎﻟﻛﺗﺎﺑﺔ أو ﻣﺷﺎﻓﻬﺔ‪ ،‬و ﺗﺑدو ﻫذﻩ اﻟﺧﺎﺻﯾﺔ واﺿﺣﺔ ﻣن ﻧص اﻟﻣﺎدة‪561‬‬
‫ﻣن ق م ج اﻟذي ﯾﺟﯾز ﻟﻠﻣﻘﺎول أن ﻻ ﯾطﺎﻟب ﺑﺄﯾﺔ زﯾﺎدة ﻓﻲ اﻷﺟر‪ ،‬ﻓﻘد اﺷﺗرط اﻟﻧص اﻟﻣذﻛور أن ﯾﺣﺻل ﻫذا‬
‫اﻻﺗﻔﺎق ﻛﺗﺎﺑﺔ إﻻ إذا ﻛﺎن اﻟﻌﻘد اﻷﺻﻠﻲ ﻗد اﺗﻔق ﻋﻠﯾﻪ ﻣﺷﺎﻓﻬﺔ ‪.‬‬
‫و اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﻟﯾﺳت ﺿرورﯾﺔ إﻻ ﻹﺛﺑﺎت اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ وﻟﯾس ﻻﻧﻌﻘﺎدﻫﺎ‪ ،‬ﺣﺗﻰ و ﻟو ﺳﺑق إﺑرام اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ إﺟراء ﻣﻘﺎﯾﺳﺔ‬
‫ﻟﺗﺣدﯾد اﻷﺳﻌﺎر و اﻟﻣواﺻﻔﺎت‪ ،‬ﻓﻠﯾس ذﻟك ﺿرورﯾﺎ ﻹﺑراﻣﻬﺎ‪ ،‬و ﻟﻛن ﻟﯾس ﻫﻧﺎك ﻣﺎ ﯾﻣﻧﻊ ﻣن أن ﯾﻛون ﻋﻘد‬
‫اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻋﻘدا ﺷﻛﻠﯾﺎ‪ ،‬إذا اﺷﺗرط ﻧص ﻗﺎﻧوﻧﻲ ﺧﺎص اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﻟوﺟودﻩ‪ ،‬ﻓﻔﻲ ﻫذا اﻟﺻدد ﻧﺷﯾر إﻟﻰ أن اﻟﻣﺷرع‬
‫اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﻗد ﯾﺷﺗرط ﻓﻲ ﺑﻌض اﻟﺣﺎﻻت و ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻻﺳﺗﺋﺛﺎر أن ﺗﺑرم اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻛﺗﺎﺑﺔ‪ ،‬و إﻻ اﻋﺗﺑر اﻟﻌﻘد ﺑﺎطﻼ و‬

‫‪1‬ﻋﺎطف ﻣﺣﻣد ﺣﺳﯾن أﺑوﻫرﺑﯾد‪ .‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ .‬ص ‪.193-190‬‬


‫‪2‬‬
‫اﻟرﺳﻣﯾﺔ ﻓﻲ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻏﯾر وﺟوﺑﯾﺔ‪ .‬راﺟﻊ ﻓﻲ ذﻟك اﻟﻘرار رﻗم ‪263265‬ﻣؤرخ ﻓﻲ‪ 2002/06/18‬اﻟﺻﺎدر ﻋن اﻟﻐرﻓﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻟﻠﻣﺣﻛﻣﺔ‬
‫اﻟﻌﻠﯾﺎـ ﻣﻧﺷور ﺑﺎﻟﻣﺟﻠﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ اﻟﺻﺎدرة ﻋن ﻗﺳم اﻟﻣﺳﺗﻧدات و اﻟﻧﺷر ﻟﻠﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ‪ ،‬اﻟﻌدد اﻷول‪ .‬ﺳﻧﺔ ‪ .2003‬ص‪.21‬‬
‫‪8‬‬
‫اﻟﻔﺻل اﻷول‪ :‬ﻣﺎﻫﯾﺔ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ وﻛﯾﻔﯾﺔ اﻧﻌﻘﺎدﻩ‬
‫ذﻟك وﻓﻘﺎ ﻟﻣﺎ ورد ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ‪1/131‬ﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﺑﻧﺎء و اﻟﻣﺳﺎﻛن اﻟﻔرﻧﺳﻲ)‪ ،(1‬ﻓﻲ ﺣﯾن ﻻ ﯾﻌرف ﻣوﻗف اﻟﻣﺷرع‬
‫اﻟﺟزاﺋري ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣﺟﺎل ﻟﻐﯾﺎب ﻧص ﻗﺎﻧوﻧﻲ ﺧﺎص ﯾﻧظم ﻣﻘﺎوﻟﺔ إﻧﺟﺎز اﻟﻣﺑﺎﻧﻲ واﻟﻣﻧﺷﺂت اﻟﻣﻌﻣﺎرﯾﺔ‪.‬‬
‫ﺛﺎﻧﯾﺎ ‪:‬ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻋﻘد ﻣﻠزم ﻟﺟﺎﻧﺑﯾن‬
‫ﯾرﺗب ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻣﻧذ اﻧﻌﻘﺎدﻩ اﻟﺗزاﻣﺎت ﻣﺗﺑﺎدﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗق طرﻓﯾﻪ‪ ،‬أﻫﻣﻬﺎ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﻣﻘﺎول‪ ،‬إﻧﺟﺎز اﻟﻌﻣل‬
‫اﻟﻣﺗﻔق ﻋﻠﯾﻪ‪ ،‬و ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟرب اﻟﻌﻣل دﻓﻊ اﻷﺟر اﻟﻣﺳﺗﺣق ﻟﻠﻣﻘﺎول ﻋن ﻫذا اﻟﻌﻣل‪.‬‬
‫و ﻫو ﺑذﻟك ﯾﻌﺗﺑر ﻋﻘد ﻣﻌﺎوﺿﺔ‪ ،‬ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﯾﺗﻌﯾن أن ﯾؤﺧذ اﻟﻣﻘﺎﺑل ﺑﻣﻔﻬوم واﺳﻊ‪ ،‬ﻓﺎﻟدراﺳﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻌدﻫﺎ اﻟﻣﻬﻧدس‬
‫اﻟﻣﻌﻣﺎري ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﻣﺛﺎل ﻗﺑل إﺑرام اﻟﻌﻘد‪ ،‬ﻻ ﺗﻌﺗﺑر ﻣن دون ﻣﻘﺎﺑل‪ ،‬ﻣﺗﻰ أﺑرﻣت اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻻﺣﻘﺎ‪ ،‬ذﻟك اﻟﻣﻘﺎﺑل‬
‫ﯾﻧدرج ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻌﻘد اﻷﺧﯾر‪ ،‬ﻛﻣﺎ أﻧﻪ ﻻ ﯾﺷﺗرط أن ﯾﻛون اﻟﻣﻘﺎﺑل ﻣﻌﯾﻧﺎ ﻋﻧد إﺑرام اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪ ،‬إذ ﯾﻛﻔﻲ أن ﯾﻛون ﻗﺎﺑﻼ‬
‫ﻟﻠﺗﻘدﯾر وﻓﻘﺎ ﻟﻠﻘواﻋد اﻟﻣﻬﻧﯾﺔ اﻟﺳﺎرﯾﺔ‪ ،‬و اﻷﺻل أﻧﻪ ﻣﺗﻰ ﻛﺎن اﻟﻣﺗﻌﺎﻗد ﻣﻬﻧﯾﺎ‪ ،‬ﻓﺈﻧﻪ ﯾﻔﺗرض أن اﻟﻌﻣل اﻟذي ﯾﻘوم ﺑﻪ‬
‫ﻟﻪ ﻣﻘﺎﺑل و ﻟﯾس ﺗﺑرﻋﺎ‪ ،‬و ﻋﻠﻰ ﻣن ﯾدﻋﻲ اﻟﻌﻛس إﺛﺑﺎت ذﻟك‪ ،‬و ﻫذا ﻣﺎ ﯾﺗﻔق ﻓﻲ ﺣﻘﯾﻘﺔ اﻷﻣر ﻣﻊ اﻟواﻗﻊ و اﻟﺳﯾر‬
‫اﻟﻌﺎدي ﻟﻸﻣور‪.‬‬
‫ﻏﯾر أﻧﻪ إذا أﻧﺟز اﻟﻣﻬﻧﻲ اﻟﻌﻣل ﺗﺑرﻋﺎ‪ ،‬ﻓﺎﻟراﺟﺢ أن ذﻟك ﯾؤدي إﻟﻰ ﺗﺧﻔﯾف ﻣﺳؤوﻟﯾﺗﻪ‪ ،‬ﻓﻼ ﺗﻧﻌﻘد ﻣﺳؤوﻟﯾﺗﻪ ﻓﻲ‬
‫ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ إﻻ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﺧطﺄ اﻟواﺟب اﻹﺛﺑﺎت‪ ،‬و ﻻ ﯾﻣﻛن ا ﻓﺗراض اﻟﺧطﺄ ﻓﻲ ﺟﺎﻧﺑﻪ‪ ،‬ﻛﻣﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻣﻘﺎول‬
‫اﻟﻣﻬﻧﻲ اﻟذي ﯾﺗﻘﺎﺿﻰ ﻣﻘﺎﺑﻼ‪.‬‬
‫و ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻰ ﺧﺎﺻﯾﺔ اﻟﺗﺑﺎدﻟﯾﺔ ﻟﻌﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻧﺗﺎﺋﺞ ﻫﺎﻣﺔ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﻔﺳﺦ‪ ،‬اﻟدﻓﻊ ﺑﻌدم اﻟﺗﻧﻔﯾذ وﺗﺑﻌﺔ اﻟﻬﻼك)‪،(2‬‬
‫و ﻫو ﻣﺎ ﺳﻧراﻩ ﻻﺣﻘﺎ‪.‬‬
‫ﺛﺎﻟﺛﺎ‪ :‬اﺳﺗﻘﻼل اﻟﻣﻘﺎول ﻋن رب اﻟﻌﻣل‬
‫إن اﻷداء اﻟرﺋﯾﺳﻲ ﻓﻲ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ اﻟﻣطﻠوب ﻣن اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪ ،‬و ﻫو اﻟﻘﯾﺎم ﺑﺎﻟﻌﻣل اﻟﻣﺗﻔق ﻋﻠﯾﻪ ﻣﻊ رب اﻟﻌﻣل‪ ،‬و‬
‫رﻏم أن ﻫذا اﻷﺧﯾر‪ ،‬ﻗد ﯾﻛون ﻋﺑﺎرة ﻋن ﻧﻘل ﻣﻠﻛﯾﺔ ﺷﻲء ﻣﺛﻠﻲ أو ﻗﯾﻣﻲ إﻟﻰ اﻟﻣﻘﺎول‪ ،‬إﻻ أﻧﻪ ﯾﻌﺗد ﻓﻲ وﺻف‬
‫اﻟﻌﻘد ﺑﺎﻷداء اﻟرﺋﯾﺳﻲ اﻟﻌﻣل و ﻟﯾس اﻟﻣﻘﺎﺑل‪ ،‬ﻣﻬﻣﺎ ﻛﺎﻧت طﺑﯾﻌﺗﻪ)‪.(3‬‬

‫‪1‬‬
‫ﺗوﻓﯾق زﯾداﻧﻲ‪ .‬اﻟﺗﻧظﯾم اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﻟﻌﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺿوء أﺣﻛﺎم اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ اﻟﺟزاﺋري‪.‬ﻣﺎﺟﺳﺗﯾر‪ .‬ﻋﻣﺎر رزﯾق‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺣﺎج ﻟﺧﺿر‪ ،‬ﺑﺎﺗﻧﺔ‪،‬‬
‫ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق ‪ .2010-2009 ،‬ص ص ‪.11-10‬‬
‫‪2‬‬
‫ﻣﺣﻣد ﻟﺑﯾب ﺷﻧب‪ .‬ﺷرح أﺣﻛﺎم ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻓﻲ ﺿوء اﻟﻔﻘﻪ و اﻟﻘﺿﺎء‪ .‬اﻟطﺑﻌﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ‪ .‬ﻣﻧﺷﺄة اﻟﻣﻌﺎرف‪ .‬إﺳﻛﻧدرﯾﺔ‪ .2004 .‬ص‪.17‬‬
‫‪3‬‬
‫ﻓﺗﯾﺣﺔ ﻗرة‪ .‬أﺣﻛﺎم ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪ .‬دون طﺑﻌﺔ‪ .‬ﻣﻧﺷﺄة اﻟﻣﻌﺎرف‪ .‬إﺳﻛﻧدرﯾﺔ‪ .1992 .‬ص‪.19‬‬
‫‪9‬‬
‫اﻟﻔﺻل اﻷول‪ :‬ﻣﺎﻫﯾﺔ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ وﻛﯾﻔﯾﺔ اﻧﻌﻘﺎدﻩ‬
‫و إن اﻟﻌﻣل ﻣﺣل اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ اﻟذي ﯾﻠﺗزم اﻟﻣﻘﺎول ﺑﺈﻧﺟﺎزﻩ‪ ،‬و إن ﻛﺎن ﻓﻲ اﻷﺻل ﻟﻪ طﺎﺑﻊ ﻣﺎدي‪ ،‬إﻻ أﻧﻪ ﻣﻊ‬
‫اﻟﺗطور‪ ،‬دﺧل اﻷداء ذو اﻟطﺎﺑﻊ اﻟﻣﻌﻧوي أو اﻟذﻫﻧﻲ ﺿﻣن اﻻﻟﺗزاﻣﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﻘﻊ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗق اﻟﻣﻘﺎول‪ ،‬ﻓﻘد أﺻﺑﺣت‬
‫ﺳﺗﺷﺎرات اﻟﻔﻧﯾﺔ و اﻟﻬﻧدﺳﯾﺔ أو ﻋﻘود اﻟﺧﺑر ة‪ ،‬ﻣن ﻋﻘود اﻟﻣﻘﺎوﻻت اﻟدارﺟﺔ‪ ،‬و ﻋﻠﻰ ذﻟك ﻓﺈن ﺟوﻫر ﻋﻘد‬
‫ﻋﻘود اﻻ‬
‫اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﯾﺟﺳد ﻧﻣوذﺟﺎ ﻟﻠﻌﻘود اﻟﺗﻲ ﯾﺗوﻟد ﻋﻧﻬﺎ اﻟﺗزام ﺑﺄداء ﻋﻣل‪ ،‬و أن اﻻﻟﺗزام ﺑﺄداء ﻋﻣل ﯾﺗﺟﺎوز ﻋﻘود اﻟﻣﻘﺎوﻻت‬
‫و ﯾﻣﺗد إﻟﻰ ﻋﻘود أﺧرى)‪ ،(1‬و ﻫذا وﻧﻔﺗرض اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻗدرا ﻣن اﻻﺳﺗﻐﻼﻟﯾﺔ ﻟدى اﻟﻘﺎﺋم ﺑﺄداء اﻟﻌﻣل‪ ،‬ﻓﺎﻟﻣﻘﺎول إذا‬
‫ﯾﻘوم ﺑﺈﻧﺟﺎز اﻟﻌﻣل اﻟﻣﺗﻔق ﻋﻠﯾﻪ‪ ،‬إﻧﻣﺎ ﯾﻔﻌل ذﻟك ﺑﺎﺳﻣﻪ اﻟﺧﺎص‪ ،‬ﻣﺳﺗﻘﻼ ﻋن أي إدارة أو اﻋﺗراف ﻣن ﺟﺎﻧب رب‬
‫اﻟﻌﻣل‪ ،‬و ﯾﻘﺗﺻر ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﺣدﯾد اﻟﻧﺗﯾﺟﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻬدف إﻟﯾﻬﺎ رب اﻟﻌﻣل‪ ،‬و ﯾﺗرك ﻟﻠﻣﻘﺎوﻟﺔ ﺣرﯾﺔ اﺧﺗﯾﺎر‬
‫اﻟوﺳﺎﺋل و اﻷدوات اﻟﺗﻲ ﺗﻛﻔل ﺗﺣﻘﯾﻘﻬﺎ‪ ،‬دون أن ﯾﻛون ﻟرب اﻟﻌﻣل أن ﯾﺗدﺧل ﻟﺗوﺟﯾﻪ اﻻﺧﺗﯾﺎر و رﻗﺎﺑﺗﻪ)‪.(2‬‬
‫اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬اﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻟﻌﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ و ﺗﻣﯾﯾزﻫﺎ ﻋن اﻟﻌﻘود اﻷﺧرى‬
‫ﻧﺟد ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻣن اﻟﻌﻘود اﻟﺗﻲ ﺗﺑرم ﺑﯾن طر ﻓﯾن‪ ،‬و ﻟﻛل طرف ﻫدف ﯾﺳﻌﻰ ﻟﺗﺣﻘﯾﻘﻪ ﻣن ﺧﻼل إﺑراﻣﻪ‬
‫ﻟﻠﻌﻘد‪ ،‬ﻓﻧﺟد اﻟﻣﻘﺎول ﯾﺳﻌﻰ ﻟﺗﺣﻘﯾق اﻟرﺑﺢ وﻫو ﺑذﻟك ﯾﻌﺗﺑر ﺗﺎﺟرا‪ ،‬و ﻧﺟد رب اﻟﻌﻣل ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻩ ﺷﺧﺻﺎ ﻣدﻧﯾﺎ دوﻣﺎ‬
‫ﻓﻬﻧﺎ ﯾﻌﺗﺑر ﻣدﻧﯾﺎ‪ ،‬و ﻫﻧﺎ ﯾﺛﺎر إﺷﻛﺎل ﺣول اﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻟﻠﻌﻘد ﻛﻣﺎ ﻧﺟد ﻫذا اﻟﻌﻘد ﯾﺛﯾر ﻣن ﺧﻼل ﺧﺻﺎﺋﺻﻪ‬
‫)‪(3‬‬
‫أو ﻻ‪.‬‬ ‫ﻟﺑس و اﺧﺗﻼط ﺑﯾﻧﻪ و ﺑﯾناﻟﻌﻘود اﻷﺧر ى ﺳواء اﻟواردة ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻣل‬
‫و ﺑﻧﺎء ﻋﻠﯾﻪ ﺗﻧﺎوﻟت ﻣن ﺧﻼل ﻫذا اﻟﻣطﻠب ﻓرﻋﯾن أﺳﺎﺳﯾﯾن‪ ،‬اﻷول ﺑﻌﻧوان اﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻟﻌﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪ ،‬و‬
‫اﻟﺛﺎﻧﻲ ﺗﻣﯾﯾز ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻋن ﻏﯾرﻫﺎ ﻣن اﻟﻌﻘود‪.‬‬
‫اﻟﻔرع اﻷول‪ :‬اﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻟﻌﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‬
‫و ﻟﻣﻌرﻓﺔ اﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻟﻠﻌﻘد ﺳواء ﻛﺎن ﻣدﻧﯾﺎ أو ﺗﺟﺎرﯾﺎ‪ ،‬ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر أﻧﻪ ﯾﺳﺗﻣد ﺻﻔﺗﻪ ﻣن أطراﻓﻪ‪ ،‬ﻟذا ﯾﺟب‬
‫ﻋﻠﯾﻧﺎ اﻟﺗﻔرﻗﺔ ﺑﯾن اﻟطﺑﯾﻌﺔ ﻣن ﺟﺎﻧب رب اﻟﻌﻣل ﻣن ﺟﻬﺔ‪ ،‬و اﻟطﺑﯾﻌﺔ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﻣﻘﺎول ﻣن ﺟﻬﺔ أﺧرى‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ﻓﺗﯾﺣﺔ ﻗرة‪ .‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ .‬ص ص ‪.13-12‬‬
‫‪2‬‬
‫ﻣﺣﻣد ﻟﺑﯾب ﺷﻧب‪ .‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ .‬ص‪.17‬‬
‫‪ 3‬ﻟﻘد ﺣدد اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ‪ .‬ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻌﻘود اﻟواردة ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻣل‪ .‬و ﻫﻲ ﻋﻘد اﻟﻌﻣل‪ .‬و ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪ .‬و ﻋﻘد وﻛﺎﻟﺔ‪ .‬و‬
‫ﻋﻘد ودﯾﻌﺔ‪ .‬و ﻋﻘد اﻟﺣراﺳﺔ‪ .‬و ﻛل ﻓﻲ ﻓﺻل ﺗﺣت اﻟﻛﺗﺎب اﻟﺗﺎﺳﻊ ﺣﺳب اﻟﻣﺎدة ‪ 549‬و ﻣﺎ ﯾﻠﯾﻬﺎ‪.‬‬
‫‪10‬‬
‫اﻟﻔﺻل اﻷول‪ :‬ﻣﺎﻫﯾﺔ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ وﻛﯾﻔﯾﺔ اﻧﻌﻘﺎدﻩ‬
‫أوﻻ‪ :‬اﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻟﻌﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟرب اﻟﻌﻣل‬
‫إن ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻣن ﺟﺎﻧب رب اﻟﻌﻣل ﯾﻛون ﻋﺎدة ﻋﻘدا ﻣدﻧﯾﺎ أو ﺗﺟﺎرﯾﺎ‪ ،‬و ذﻟك ﻷن رب اﻟﻌﻣل ﯾﻛون ﻓﻲ‬
‫اﻟﻐﺎﻟب ﻏﯾر ﺗﺎﺟر‪ ،‬و ﻣﺛل ذﻟك أن ﯾﺗﻌﺎﻗد ﺷﺧص ﻣﻊ اﻟﻣﻘﺎول ﻟﺑﻧﺎء ﻣﻧزل‪ ،‬ﻓﻬﻧﺎ اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﺗﻌﺗﺑر ﻋﻣﻼ ﻣدﻧﯾﺎ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ‬
‫ﻟﻬذا اﻟﺷﺧص‪ ،‬ﺳواء ﻗدم اﻟﻣﺎدة اﻟﻼزﻣﺔ ﻹﻧﺟﺎز اﻟﻌﻣل ﻣن ﻋﻧدﻩ أو ﻗدﻣﻬﺎ اﻟﻣﻘﺎول)‪.(1‬‬
‫و ﻋﻠﻰ ﺧﻼف ﻫذا إذا ﻛﺎن رب اﻟﻌﻣل ﺗﺎﺟرا ‪ ،‬و ﺗﻌﺎﻗد ﻣﻊ ﻣﻘﺎول ﻟﻛن اﻟﻌﻣل ﻟم ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺗﺟﺎرﺗﻪ‪ ،‬و إﻧﻣﺎ ﺗﻠﺑﯾﺔ‬
‫ﺣﺎﺟﺎﺗﻪ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﻓﯾﻛون ﻣدﻧﯾﺎ أﯾﺿﺎ‪ ،‬ﻟﻛن ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﺎ أﺑرم ﻋﻘد ﻣﺗﻌﻠق ﺑﺷؤون ﺗﺟﺎرﺗﻪ ﻛﻣﺎ ﻟو ﺗﻌﺎﻗد ﻣن أﺟل ﺗرﻣﯾم‬
‫)‪(2‬‬
‫اﻟﺗﻲ ﻧﺻت ﻋﻠﻰ أﻧﻪ‪":‬ﯾﻌد‬ ‫ﻣﺣل ﺗﺟﺎرﺗﻪ ﻓﻬﻧﺎ ﯾﻌد ﻋﻣﻼ ﺗﺟﺎرﯾﺎ‪ ،‬و ﻫذا طﺑﻘﺎ ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة اﻟراﺑﻌﺔ ‪ 4‬ﻣن ق ت ج‬
‫ﻋﻣﻼ ﺗﺟﺎرﯾﺎ ﺑﺎﻟﺗﺑﻌﯾﺔ ‪:‬‬
‫‪-‬اﻷﻋﻣﺎل اﻟﺗﻲ ﯾﻘوم ﺑﻬﺎ اﻟﺗﺎﺟر اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﻣﻣﺎرﺳﺔ ﺗﺟﺎرﺗﻪ أو ﺣﺎﺟﺎت ﻣﺗﺟرﻩ‪،‬‬
‫‪-‬اﻻﻟﺗزاﻣﺎت ﺑﯾن اﻟﺗﺟﺎر‪".‬‬
‫و ﻛذﻟك ﯾﻌﺗﺑر رب اﻟﻌﻣل ﺗﺎﺟرا‪ ،‬إذا ﺗدﺧل ﻓﻲ ﻋﻣﻠﯾﺎت اﻟﺑﻧﺎء و اﻟﺗﺷﯾﯾد‪ ،‬ﺑﻣﺎ ﯾﺳﺎﻫم ﻓﻲ إﻧﺟﺎز أو ﺗﺟدﯾد‬
‫اﻷﻣﻼك اﻟﻌﻘﺎرﯾﺔ اﻟﻣﺧﺻﺻﺔ ﻟﻠﺑﯾﻊ أو اﻹﯾﺟﺎر‪ ،‬إذ ﻫو ﺑذﻟك ﯾﻛﺗﺳب ﺻﻔﺔ اﻟﻣﺗﻌﺎﻣل ﻓﻲ اﻟﺗرﻗﯾﺔ اﻟﻌﻘﺎرﯾﺔ‪ ،‬و ﻫذا‬
‫ﺣﺳب ﻧص اﻟﻣﺎدة اﻟﺛﺎﻟﺛﺔ ﻣن اﻟﻣرﺳوم اﻟﺗﺷرﯾﻌﻲ ‪ 03/93‬اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ ‪ 1993/03/01‬و اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﻧﺷﺎط‬
‫)‪(4‬‬ ‫)‪(3‬‬
‫أﻋﻼﻩ‬ ‫ﻋﻠﻰ أﻧﻪ "ﯾدﻋﻰ ﻛل ﺷﺧص طﺑﯾﻌﻲ أو ﻣﻌﻧوي ﯾﻣﺎرس اﻟﻧﺷﺎطﺎت اﻟﻣذﻛور ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ‬ ‫اﻟﻌﻘﺎري‬
‫ﻣﺗﻌﺎﻣﻼ ﻓﻲ اﻟﺗرﻗﯾﺔ اﻟﻌﻘﺎرﯾﺔ‪.‬‬
‫و ﯾﻌد اﻟﻣﺗﻌﺎﻣﻠون ﻓﻲ اﻟﺗرﻗﯾﺔ اﻟﻌﻘﺎرﯾﺔ ﺗﺟﺎر ا ﺑﺎﺳـﺗﺛـﻧﺎء اﻟذﯾن ﯾﻘوﻣون ﺑﻌﻣﻠﯾﺎت ﻓﻲ اﻟﺗرﻗﯾﺔ اﻟﻌﻘﺎرﯾﺔ ﻟﺗﻠﺑﯾﺔ ﺣﺎﺟﺎﺗﻬم‬
‫اﻟﺧﺎﺻﺔ أو ﺣﺎﺟﺎت اﻟﻣﺷﺎرﻛﯾن ﻓﻲ ذﻟك‪".‬‬

‫‪1‬‬
‫ﺑﺟﺎوي اﻟﻣدﻧﻲ‪ .‬اﻟﺗﻔرﻗﺔ ﺑﯾن ﻋﻘد اﻟﻌﻣل و ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪ ،‬دراﺳﺔ ﺗﺣﻠﯾﻠﯾﺔ و ﻧﻘدﯾﺔ‪ .‬دار ﻫوﻣﺔ ﻟﻠطﺑﺎﻋﺔ و اﻟﻧﺷر و اﻟﺗوزﯾﻊ‪ .‬اﻟﺟزاﺋر‪.2008 .‬‬
‫ص‪.93‬‬
‫‪2‬‬
‫اﻷﻣر ‪ 59/75‬اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ ‪26‬ﺳﺑﺗﻣﺑر‪ .1975‬اﻟﻣﺗﺿﻣن اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺗﺟﺎري‪.‬‬
‫‪ 3‬اﻟﺟرﯾدة اﻟرﺳﻣﯾﺔ ﻟﻠﺟﻣﻬورﯾﺔ اﻟﺟزاﺋرﯾﺔ‪ .‬اﻟﻌدد‪ .14‬ﺳﻧﺔ‪. 1993‬‬
‫‪4‬‬
‫اﻟﻣﺎدة ‪2‬ﻣن اﻟﺗﺷرﯾﻊ‪ 03/93‬اﻟﻣذﻛور أﻋﻼﻩ ﻧﺻت ﻋﻠﻰ‪":‬ﯾﺷﻣل اﻟﻧﺷﺎط اﻟﻌﻘﺎري ﻋﻠﻰ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻷﻋﻣﺎل اﻟﺗﻲ ﺗﺳﺎﻫم ﻓﻲ إﻧﺟﺎز أو ﺗﺟدﯾد‬
‫اﻷﻣﻼك اﻟﻌﻘﺎرﯾﺔ اﻟﻣﻌﯾﻧﺔ ﻣﺟﺎل ذات اﻷﻣﻼك اﻟﻌﻘﺎرﯾﺔ اﻟﺳﻛﻧﻲ أو ﻣﺟﺎل ﻣﺧﺻﺻﺔ ﻹﯾواء ﻧﺷﺎط ﺣرﻓﻲ أو ﺻﻧﺎﻋﻲ أو ﺗﺟﺎري"‬
‫‪11‬‬
‫اﻟﻔﺻل اﻷول‪ :‬ﻣﺎﻫﯾﺔ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ وﻛﯾﻔﯾﺔ اﻧﻌﻘﺎدﻩ‬
‫ﺛﺎﻧﯾﺎ ‪:‬اﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻟﻌﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﻣﻘﺎوﻟﺔ‬
‫إن ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻣن ﺟﺎﻧب اﻟﻣﻘﺎول ﯾﻛون ﺗﺎرة ﻣدﻧﯾﺎ و أﺧرى ﺗﺟﺎرﯾﺎ‪ ،‬ﺑﺣﺳب اﻟﻌﻣل اﻟذي ﯾﻘوم ﺑﻪ‪ ،‬و ﻧﺟد‬
‫اﻟﻣﻘﺎول اﻟذي ﯾﻘوم ﺑﺄﻋﻣﺎل ﺗﺳﺎﻫم ﻓﻲ إﻧﺟﺎز و ﺗﺣدﯾد اﻷﻣﻼك اﻟﻌﻘﺎرﯾﺔ اﻟﻣﺧﺻﺻﺔ ﻟﻠﺑﯾﻊ و اﻹﯾﺟﺎر‪ ،‬ﻓﺈﻧﻪ ﯾﻛﺗﺳب‬
‫أﯾﺿﺎ ﺻﻔﺔ اﻟﻣﺗﻌﺎﻣل ﻓﻲ اﻟﺗرﻗﯾﺔ اﻟﻌﻘﺎرﯾﺔ و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﯾﻌﺗﺑر ﺗﺎﺟرا وﻓﻘﺎ ﻟﻠﻣﺎدة اﻟﺛﺎﻟﺛﺔ ﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﻧﺷﺎط اﻟﻌﻘﺎري‬
‫اﻟﻣذﻛور أﻧﻔﺎ‪ ،‬ﻫذا و ﺗﻌﺗﺑر اﻷﻋﻣﺎل اﻟﺗﻲ ﺗدﺧل ﺿﻣن اﻟﺑﻧﺎء و اﻟﺗﺷﯾﯾد وﺗﻬﯾﺋﺔ اﻷوﻋﯾﺔ اﻟﻌﻘﺎرﯾﺔ أﻋﻣﺎﻻ ﺗﺟﺎرﯾﺔ و‬
‫ﯾﻌﺗﺑر اﻟﻣﺗﻌﺎﻣﻠون ﻓﯾﻬﺎ ﺗﺟﺎرا و ﺗﻌد ﻋﻘودﻫم ﺗﺟﺎرﯾﺔ ﺗﺧﺿﻊ ﻷﺣﻛﺎم اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺗﺟﺎري‪ ،‬و ذﻟك ﺑﺻرﯾﺢ اﻟﻣﺎدة اﻟراﺑﻌﺔ‬
‫ﻣنﻗﺎﻧون اﻟﻧﺷﺎط اﻟﻌﻘﺎر ي‪ ،‬اﻟﺗﻲ ﻧﺻت ﻋﻠﻰ أﻧﻪ‪ ":‬ﻓﺿﻼ ﻋن اﻷﻋﻣﺎل اﻟﺗﻲ ﻧﺻت ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣﺟﺎل اﻟﻣﺎدة‬
‫اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﻣن اﻷﻣر‪ 59/75‬اﻟﻣﺗﺿﻣن اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺗﺟﺎري اﻟﻣذﻛور أﻋﻼﻩ‪ ،‬ﺗﻌد أﻋﻣﺎﻻ ﺗﺟﺎرﯾﺔ ﺑﺣﻛم ﻏرﺿﻬﺎ‪ ،‬اﻷﻋﻣﺎل‬
‫اﻵﺗﯾﺔ‪:‬‬
‫‪ -‬ﻛل اﻟﻧﺷﺎطﺎت اﻻﻗﺗﻧﺎء واﻟﺗﻬﯾﺋﺔ ﻷوﻋﯾﺔ ﻋﻘﺎرﯾﺔ ﻗﺻد ﺑﯾﻌﻬﺎ أو ﺗـﺄﺟﯾرﻫﺎ‪،‬‬
‫‪-‬ﻛل اﻟﻧﺷﺎطﺎت اﻟﺗوﺳطﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﯾدان اﻟﻌﻘﺎري‪ ،‬ﻻﺳﯾﻣﺎ ﺑﯾﻊ اﻷﻣﻼك اﻟﻌﻘﺎرﯾﺔ و ﺗﺄﺟﯾرﻫﺎ ‪.‬‬
‫‪-‬ﻛل ﻧﺷﺎطﺎت اﻹدارة و اﻟﺗﺳﯾﯾر اﻟﻌﻘﺎري ﻟﺣﺳﺎب اﻟﻐﯾر"‪.‬‬
‫و ﻗد ﻋددت اﻟﻣﺎدة اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﻣن ق ت ج اﻟﻣﺷﺎر إﻟﯾﻪ ﺿﻣن ﻧص اﻟﻣﺎدة اﻟراﺑﻌﺔ ﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﻧﺷﺎط اﻟﻌﻘﺎري أﻋﻼﻩ‪،‬‬
‫اﻷﻋﻣﺎل اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗﻛﺗﺳب اﻟﺻﻔﺔ اﻟﺗﺟﺎرﯾﺔ‪ ،‬إﻻ إذا وﻗﻌت ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪ ،‬ﻏﯾر أﻧﻪ ﻻﺑد ﻣن اﻟﺗﻔرﻗﺔ ﺑﯾن ﻋﻘد‬
‫اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ اﻟوارد ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ و اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ اﻟواردة ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺗﺟﺎري‪ ،‬ﻓﺎﻷوﻟﻰ ﺗﻌد ﻣن اﻟﻌﻘود اﻟواردة ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﻌﻣل أﺳﺎﺳﺎ ﺑﺣﯾث ﯾﻣﺛل اﻟﻌﻣل ﻓﯾﻬﺎ ﻋﻧﺻر ﺟوﻫري‪ ،‬ﺑﯾﻧﻣﺎ ﯾﻘﺻد ﺑﺎﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ اﻟواردة ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺗﺟﺎري‪ ،‬ﺗﻠك‬
‫اﻟﻣﺷروﻋﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﺗطﻠب ﻗدرا ﻣن اﻟﺗﻧظﯾم ﻟﻣﺑﺎﺷرة اﻷﻧﺷطﺔ اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﺳواء ﻛﺎﻧت ﺻﻧﺎﻋﯾﺔ أو ﺗﺟﺎرﯾﺔ أو زراﻋﯾﺔ‬
‫أو ﻣن ﻧوع اﻟﺧدﻣﺎت‪ ،‬و ذﻟك ﺑﺗظﺎﻓ ـر ﻋﻧﺎﺻر ﻣﺎدﯾﺔ )رأس ﻣﺎل( وﺑﺷرﯾﺔ )اﻟﻌﻣل(‪ ،‬و ﯾﻘﺗﺿﻲ ﻫذا اﻟﺗﻧظﯾم ﻋﻧﺻر‬
‫اﻻﺣﺗراف و اﻟﻣﺿﺎرﺑﺔ)‪.(1‬‬

‫‪1‬‬
‫ﻧﺎدﯾﺔ ﻓﺿﯾل‪ .‬اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺗﺟﺎري) اﻷﻋﻣﺎل اﻟﺗﺟﺎرﯾﺔ‪ ،‬اﻟﺗﺎﺟر‪ ،‬اﻟﻣﺣل اﻟﺗﺟﺎري(‪ .‬ط ‪ .6‬دﯾوان اﻟﻣطﺑوﻋﺎت اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ‪ .‬اﻟﺟزاﺋر‪ .2004 .‬ص‪.80‬‬
‫‪12‬‬
‫اﻟﻔﺻل اﻷول‪ :‬ﻣﺎﻫﯾﺔ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ وﻛﯾﻔﯾﺔ اﻧﻌﻘﺎدﻩ‬
‫اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬ﺗﻣﯾﯾز ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻋن اﻟﻌﻘود اﻷﺧرى‬
‫إن اﻟﺧﺻﺎﺋص اﻟﺗﻲ ﯾﺗﻣﯾز ﺑﻬﺎ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪ ،‬و ﺧﺎﺻﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺗﻣﺗﻊ ﺑﻬﺎ ﻣن اﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺔ ﺑﯾن اﻟﻣﻘﺎول و رب اﻟﻌﻣل و‬
‫ﻛون اﻟﻌﻣل ﯾﺗم ﺑﻣﻘﺎﺑل أﺟر‪ ،‬ﺗﺟﻌل ﻫذا اﻟﻌﻘد ﯾﺗﻣﯾز ﻋن ﻏﯾرﻩ ﻣن اﻟﻌﻘود ﺳواء ﺗﻠك اﻟﺗﻲ ﺗرد ﻋﻠﻰ ﻋﻣل أو ﻏﯾرﻫﺎ‪.‬‬
‫أوﻻ ‪ :‬ﺗﻣﯾﯾز ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻋن اﻟﻌﻘود اﻟواردة ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻣل‬
‫ﯾﻌﺗﺑر ﻋﻘد اﻟﻌﻣل اﻟوﻛﺎﻟﺔ و اﻟودﯾﻌﺔ وﻋﻘد اﻟﺣراﺳﺔ‪ ،‬ﻣن ﺑﯾن اﻟﻌﻘود اﻟواردة ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻣل)‪ ،(1‬اﻟﺗﻲ ﻗد ﯾﻠﺗﺑس ﺑﻬﺎ ﻋﻘد‬
‫اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪ ،‬ﻓﻛﯾف ﻧﻣﯾز ﻋﻘد ﻫذا اﻟﻌﻘد ﻋن ﻛل ﻋﻘد ﻣن ﻫذﻩ اﻟﻌﻘود ﻟذا ﻧﻣﯾز ﺑﯾن ﻋﻘد اﻟﻌﻣل واﻟوﻛﺎﻟﺔ ﻣﻊ ﻋﻘد‬
‫اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪.‬‬
‫‪-1‬ﺗﻣﯾﯾز ﺑﯾن ﻋﻘد اﻟﻌﻣل و ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‬
‫إن ﻋﻘد اﻟﻌﻣل ﯾﺗﻔق ﻣﻊ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻓﻲ أن اﻟﺷﻛل اﻟرﺋﯾﺳﻲ ﻓﻲ ﻛل ﻣﻧﻬﻣﺎ ﻫو اﻟﻘﯾﺎم ﺑﻌﻣل ﻣﻌﯾن ﻟذا ﻓﻘد ﯾﺗﺷﺎﺑﻪ‬
‫اﻟﻌﻘدان إﻻ أﻧﻬﻣﺎ ﻣﺧﺗﻠﻔﺎن ﻷن ﻋﻘد اﻟﻌﻣل ﯾﺗﻣﯾز ﻋن اﻟﻌﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﺑﺣق رب اﻟﻌﻣل و ﺗﺧوﯾﻠﻪ ﺳﻠطﺔ اﻟﺗوﺟﯾﻪ أو‬
‫اﻹﺷراف ﺑﺣﯾث ﯾﻘوم اﻟﻌﺎﻣل ﺑﺄداء ﻣﺎ ﻫو ﻣﻛﻠف ﺑﻪ ﺗﺣت إدارة و إﺷراف رب اﻟﻌﻣل‪ ،‬و ﻫذا اﻟﺗﻌرﯾف اﻟذي أوردﻩ‬
‫اﻟﻔﻘﻬﺎء ﻟﻌﻘد اﻟﻌﻣل ﻋﻠﻰ أﻧﻪ‪":‬ﻋﻘد ﯾﻠﺗزم ﺑﻣﻘﺗﺿﺎﻩ اﻟﻌﺎﻣل ﺑﺎﻟﻌﻣل ﻟﺻﺎﻟﺢ ﺻﺎﺣب اﻟﻌﻣل أو اﻟﻣﺳﺗﺧدم‪ ،‬ﺗﺣت إﺷراﻓﻪ‬
‫)‪(2‬‬
‫ﻣﺣددة‪".‬‬ ‫ﻏﯾر‬ ‫أو‬ ‫ﻣﺣددة‬ ‫ﻟﻣدة‬ ‫و‬ ‫ﻣﺣدد‪،‬‬ ‫أﺟر‬ ‫ﻣﻘﺎﺑل‬ ‫ﺗوﺟﯾﻬﻪ‬ ‫و‬
‫وﻗد أﺿﺣﻰ ﻣن اﻟراﺟﺢ ‪ ،‬ﯾﻧظر إﻟﻰ وﺟود ﻋﻼﻗﺔ ﺗﺑﻌﯾﺔ ﺑﯾن اﻟﻌﺎﻣل و رب اﻟﻌﻣل ﻣن ﻋدﻣﻬﺎ‪ ،‬ﻛﻣﻌﯾﺎر ﻟﻠﺗﻣﯾﯾز‬
‫ﺑﯾن ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ و ﻋﻘد اﻟﻌﻣل ﻓﻔﻲ ﻫذا اﻷﺧﯾر ﻧﺟد أن اﻟﻌﺎﻣل ﯾﻛون ﻓﻲ ﻣرﻛز ﺗﺑﻌﯾﺔ ﻟرب اﻟﻌﻣل)‪ ،(3‬أﻣﺎ ﻓﻲ ﻋﻘد‬
‫اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﯾﻘوم ﺑﺎﻟﻌﻣل اﻟﻣﻌﻬود إﻟﯾﻪ ﻣﺳﺗﻘﻼ و ﻻ ﯾﺧﺿﻊ ﻹﺷراف أو ﺗوﺟﯾﻪ ﻣن رب اﻟﻌﻣل‪ ،‬ﻓﻬو اﻟذي ﯾﺧﺗﺎر أدواﺗﻪ‬
‫ﻣﻬﻣﺎﺗﻪ وﻣﻌﺎوﻧﯾﻪ و وﻗت اﻟﺗﻧﻔﯾذ و ﻛﯾﻔﯾﺗﻪ ﻣﺎدام ﻋﻣﻠﻪ ﻣطﺎﺑﻘﺎ ﻟﻣﺎ أﺗﻔق ﻋﻠﯾﻪ ﻓﻲ اﻟﻌﻘد)‪.(4‬‬
‫و ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻰ ﻫذﻩ اﻟﺗﻔرﻗﺔ ﺑﯾن ﻋﻘد اﻟﻌﻣل و ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻋدة آﺛﺎر ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ أﻫﻣﻬﺎ‪:‬‬

‫‪ 1‬ﻗد ﺧﺻﻬﺎ اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﺿﻣن اﻟﺑﺎب ‪ 9‬واﻟﻛﺗﺎب اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻣن اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ‪ .‬و ﻗد ﻋﻘد اﻟﻌﻣل ﺑﻘﺎﻧون ﺧﺎص ﻫو ‪11/90‬اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ‬
‫‪ 190/04/21‬اﻟﻣﺗﺿﻣن ﻋﻼﻗﺎت اﻟﻌﻣل‪.‬‬
‫أ‪/‬ﺑﺷﯾر ﻫدﻓﻲ‪ .‬اﻟوﺟﯾز ﻓﻲ ﺷرح ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻣل‪ .‬اﻟطﺑﻌﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ‪ .‬دار اﻟرﯾﺣﺎﻧﺔ ﻟﻠﻛﺗﺎب‪ .‬اﻟﺟزاﺋر‪ .2003 .‬ص‪57‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ 3‬ﻋﺑد اﻟرزاق أﺣﻣد اﻟﺳﻧﻬوري‪ .‬اﻟوﺳﯾط ﻓﻲ ﺷرح اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ‪ .‬اﻟﻌﻘود اﻟواردة ﻋﻠﻰ ﻋﻣل)ﻣﻘﺎوﻟﺔ وﻛﺎﻟﺔ ودﯾﻌﺔ و ﺣراﺳﺔ(‪ .‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪.‬‬
‫ص‪.11‬‬
‫‪4‬‬
‫أ‪ /‬ﺑﺟﺎوي اﻟﻣدﻧﻲ‪ .‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ .‬ص‪.95‬‬
‫‪13‬‬
‫اﻟﻔﺻل اﻷول‪ :‬ﻣﺎﻫﯾﺔ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ وﻛﯾﻔﯾﺔ اﻧﻌﻘﺎدﻩ‬
‫‪ -‬ﯾﻌﺗﺑر اﻟﻌﺎﻣل ﺗﺎﺑﻌﺎ ﻟرب اﻟﻌﻣل وﻓﻘﺎ ﻟﻠﻣﺎدة ‪1/136‬ﻣن ق م ج)‪ ،(1‬ﻣﻣﺎ ﯾﺟﻌل رب اﻟﻌﻣل ﻣﺳؤ وﻻ ﻋن اﻟﺿرر‬
‫اﻟذي ﯾﺣدﺛﻪ اﻟﻌﺎﻣل ﺑﻔﻌﻠﻪ ﻏﯾر اﻟﻣﺷروع ﻣﺗﻰ وﻗﻊ ﻣﻧﻪ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺗﺄدﯾﺔ ﻋﻣﻠﻪ أو ﺑﺳﺑﺑﻪ‪ ،‬ﻓﻲ ﺣﯾن أن اﻟﻣﻘﺎول ﯾﻌﻣل‬
‫ﻣﺳﺗﻘﻼ دون أن ﯾﺧﺿﻊ ﻓﻲ ﺗﻧﻔﯾذ ﻋﻣﻠﻪ ﻹﺷراف أو ﺗوﺟﯾﻪ ﻣن ﻗﺑل رب اﻟﻌﻣل‪ ،‬و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻻ ﯾﺳﺄل رب اﻟﻌﻣل ﻋن‬
‫أﻋﻣﺎﻟﻪ اﻟﺿﺎرة‪.‬‬
‫‪ -‬إذا ﻛﺎن اﻟﻌﻣل ﻣﺗﻌﻠﻘﺎ ﺑﺷﻲء ﻣﻌﯾن و ﻫﻠك ﻫذا اﻟﺷﻲء ﺑﺳﺑب أﺟﻧﺑﻲ‪ ،‬ﻗﺑل ﺗﺳﻠﯾﻣﻪ ﻟرب اﻟﻌﻣل ﻓﻠﯾس ﻟﻠﻣﻘﺎول أن‬
‫ﯾطﺎﻟب ﻻ ﺑﺄﺟرﻩ و ﻻ ﺑرد ﻧﻔﻘﺎﺗﻪ وﻓﻘﺎ ﻟﻠﻣﺎدة ‪ 568‬ق م ج‪ ،‬أﻣﺎ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﻌﺎﻣل ﻓﺈﻧﻪ ﯾﺳﺗﺣق أﺟرﻩ ﺑﺎﻟرﻏم ﻣن ﻫﻼك‬
‫اﻟﺷﻲء‪.‬‬
‫‪-2‬ﺗﻣﯾﯾز ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻋن ﻋﻘد اﻟوﻛﺎﻟﺔ‬
‫ﻧﺟد اﻟﻣﺎدة ‪ 571‬ق م ج ﻧﺻت ﻋﻠﻰ أﻧﻪ‪":‬اﻟوﻛﺎﻟﺔ أو اﻹﻧﺎﺑﺔ ﻫو ﻋﻘد ﺑﻣﻘﺗﺿﺎﻩ ﯾﻔوض ﺷﺧص ﺷﺧﺻﺎ آﺧر‬
‫ﻟﻠﻘﯾﺎم ﺑﻌﻣل ﺷﻲء ﻟﺣﺳﺎب اﻟﻣوﻛل و ﺑﺎﺳﻣﻪ"‪ ،‬و ﻋﻠﯾﻪ ﺗﺗﻔق اﻟوﻛﺎﻟﺔ و اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻓﻲ أن ﻣﺣل اﻻﻟﺗزام اﻟﻣدﻧﻲ ﻓﻲ ﻛل‬
‫ﻣﻧﻬﻣﺎ ﻫو اﻟﻘﯾﺎم ﺑﻌﻣل ﻟﺣﺳﺎب اﻵﺧر‪ ،‬وﻟﻛن ﯾﺧﺗﻠف اﻟﻌﻘدان ﻓﻲ أﻣر ﯾن أﺣدﻫﻣﺎ ﻣوﺿوﻋﻲ و اﻵﺧر ﺷﺧﺻﻲ)‪.(2‬‬
‫ﻓﺎﻟﻌﻣل اﻟﻣوﺿوﻋﻲ ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﻣﺣل اﻟوﻛﺎﻟﺔ ﻋﻣل ﻗﺎﻧوﻧﻲ‪ ،‬ﻓﻲ ﺣﯾن أن ﻣﺣل اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ اﻟﻘﯾﺎم ﺑﻌﻣل ﻣﺎدي‪.‬‬
‫أﻣﺎ اﻟﻣﯾزة اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ﻫو ﻗﯾﺎم اﻟوﻛﯾل ﺑﻌﻣﻠﻪ ﺑﺎﺳم اﻟﻣوﻛل و ﻟﺻﺎﻟﺣﻪ‪ ،‬ﻓﻛل اﻷﻋﻣﺎل اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺑرﻣﻬﺎ اﻟﻣوﻛل‬
‫ﺗﺿﺎف إﻟﯾﻪ ﻛﻣﺎ ﻟو ﻛﺎن ﻫو اﻟذي ﻋﻘدﻫﺎ ﻣﺑﺎﺷرة‪ ،‬إﻻ أن اﻟﻣﻘﺎول ﯾﻌﻣل ﺑﺎﺳﻣﻪ اﻟﺧﺎص و ﻻ ﯾﻧوب ﻋﻧﻪ و ﻻ ﯾﻣﺛﻠﻪ‬
‫ﻓﯾﻣﺎ ﯾﻘوم ﺑﻪ ﻣن أﻋﻣﺎل ﻟﺗﻧﻔﯾذ اﻟﻌﻣل اﻟﻣوﻛﻠﺔ إﻟﯾﻪ إﻧﻣﺎ ﺗﺿﺎف إﻟﯾﻪ ﺷﺧﺻﯾﺎ و ﺗﻧﺻرف إﻟﻰ رب اﻟﻌﻣل‪.‬‬
‫)‪(3‬‬
‫ﻓﻲ اﻟﻧواﺣﻲ اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ‪:‬‬ ‫و ﺗﺑدوا أﻫﻣﯾﺔ اﻟﺗﻣﯾﯾز ﺑﯾن اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ و اﻟوﻛﺎﻟﺔ‬
‫‪-‬اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﺗﻛون داﺋﻣﺎ ﺑﺄﺟر‪ ،‬وﻣﺗﻰ ﻋﯾن اﻷﺟر ﻓﺈن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻻ ﯾﺳﺗطﯾﻊ ﺗﻌدﯾﻠﻪ ﻛﻘﺎﻋدة ﻋﺎﻣﺔ‪،‬أﻣﺎ اﻟوﻛﺎﻟﺔ ﻓﻘد ﺗﻛون‬
‫ﺑﺄﺟر أو ﺑﻐﯾر أﺟر و إن ﻛﺎن اﻷﺻل ﻓﯾﻬﺎ أن ﺗﻛون ﺑﻐﯾر أﺟر‪ ،‬و إذا ﻛﺎﻧت اﻟوﻛﺎﻟﺔ ﺑﺄﺟر‪ ،‬ﻛﺎن ﻫذا اﻷﺟر‬

‫‪ 1‬ﻧﺻت ﻋﻠﻰ‪":‬ﯾﻛون اﻟﻣﺗﺑوع ﻣﺳؤوﻻ ﻋن اﻟﺿرر اﻟذي ﯾﺣدﺛﻪ ﺗﺎﺑﻌﻪ ﺑﻔﻌﻠﻪ اﻟﺿﺎر ﻣﺗﻰ ﻛﺎن واﻗﻌﺎ ﻣﻧﻪ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺗﺄدﯾﺔ وظﯾﻔﺗﻪ أو ﺑﺳﺑﺑﻬﺎ أو‬
‫ﺑﻣﻧﺎﺳﺑﺗﻬﺎ‬

‫‪ 2‬ﻋﺑد اﻟرزاق ﺣﺳﯾن ﯾﺎﺳﯾن‪ .‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ .‬ص ص ‪.99-98‬‬


‫‪3‬‬
‫أﻧور اﻟﻌﻣروﺳﻲ‪ .‬اﻟﻌﻘود اﻟواردة ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻣل ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ‪ .‬ط ‪ .1‬ﻣﻧﺷﺄة اﻟﻣﻌﺎرف‪ .‬اﻷﺳﻛﻧدرﯾﺔ‪ .2003 .‬ص ص ‪.16-15‬‬
‫‪14‬‬
‫اﻟﻔﺻل اﻷول‪ :‬ﻣﺎﻫﯾﺔ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ وﻛﯾﻔﯾﺔ اﻧﻌﻘﺎدﻩ‬
‫ﺧﺎﺿﻌﺎ ﻟﺗﻘدﯾر اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟذي ﻟﻪ أن ﯾزﯾدﻩ أو ﯾﻧﻘص ﻣﻧﻪ وﻓﻘﺎ ﻟﻠﻣﺎدة ‪ 581‬ﻣن ق م ج)‪.(1‬‬
‫‪-‬إن اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﯾﻌﻣل ﻣﺳﺗﻘﻼ ﻣن رب اﻟﻌﻣل‪ ،‬و ﻣن ﺛﻣﺔ ﻻ ﯾﻛون ﻫذا اﻷﺧﯾر ﻣﺳؤ وﻻ ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣﺗﺑوع ﻋن اﻟﺗﺎﺑﻊ‪،‬‬
‫أﻣﺎ اﻟوﻛﯾل ﻓﯾﻌﻣل ﻓﻲ ﻛﺛﯾر ﻣن اﻷﺣﯾﺎن ﺑﺈﺷراف اﻟﻣوﻛل‪ ،‬و ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﯾﻛون ﺗﺎﺑﻌﺎ ﻟﻪ ﻣﻣﺎ ﯾﺟﻌل اﻟﻣوﻛل‬
‫ﻣﺳؤ وﻻ ﻋﻧﻪ ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣﺗﺑوع ﻋن اﻟﺗﺎﺑﻊ‪.‬‬
‫‪ -‬إذا ﺗﻌدد اﻟﻣوﻛﻠون‪ ،‬ﻛﺎﻧوا ﺟﻣﯾﻌﺎ ﻣﺗﺿﺎﻣﻧﯾن ﺗﺟﺎﻩ اﻟوﻛﯾل ﻓﻲ ﺗﻧﻔﯾذ اﻟوﻛﺎﻟﺔ وﻓﻘﺎ ﻟﻠﻣﺎدة ‪ 584‬ﻣن ق م ج)‪.(2‬‬
‫ﺛﺎﻧﯾﺎ‪ :‬ﺗﻣﯾﯾز ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻋن اﻟﻌﻘود اﻷﺧرى ﻏﯾر اﻟواردة ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻣل‬
‫‪-1‬ﺗﻣﯾﯾز ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻋن ﻋﻘد اﻟﺑﯾﻊ‬
‫ﻋرف اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﻋﻘد اﻟﺑﯾﻊ ﺣﺳب ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 351‬ﻣن اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ ﺑﺄﻧﻪ‪":‬ﻫو ﻋﻘد ﯾﻠﺗزم ﺑﻪ اﻟﺑﺎﺋﻊ أن‬
‫ﯾﻧﻘل ﻟﻠﻣﺷﺗري ﻣﻠﻛﯾﺔ اﻟﺷﻲء أو ﺣﻘﺎ ﻣﺎﻟﯾﺎ آﺧر ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑل ﺛﻣن ﻧﻘدي"‪ ،‬و ﻋﻠﯾﻪ ﻧﺟد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﺗﺗﻣﯾز ﻋن اﻟﺑﯾﻊ‪ ،‬ﻓﺈﻧﻣﺎ‬
‫ﺗرد ﻋﻠﻰ ﻋﻣل ﻋﻛس اﻟﺑﯾﻊ ﯾرد ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻠﻛﯾﺔ ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﯾﺗﻌﻬد ﺑﺄن ﯾﻘوم ﺑﻌﻣل ﻣﻌﯾن ﻓﺎﻟﻐرض ﻣن اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻫو‬
‫اﻧﺟﺎز ﻫذا اﻟﻌﻣل‪ ،‬أﻣﺎ إذا ﻗﺎم اﻟﻣﻘﺎول ﺑﺗﺷﯾﯾد اﻟﻣﻧزل و ﻗﺎم ﺑﺑﯾﻌﻪ ﻫﻧﺎ ﯾﻌد ﻋﻘد ﺑﯾﻊ‪.‬‬
‫و ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻰ ﺗﻣﯾﯾز ﺑﯾن اﻟﻌﻘدﯾن –اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ واﻟﺑﯾﻊ‪-‬أﻫﻣﯾﺔ ﻋﻣﻠﯾﺔ ﻛﺑﯾرة‪ ،‬و أﻫﻣﻬﺎ)‪:(3‬‬
‫‪-‬ﻻ ﯾﺷﺗرط ﻋﻧد إﺑرام اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﺗﺣدﯾد اﻷﺟر‪ ،‬و ﻻ ﺣﺗﻰ ﺑﯾﺎن اﻟﻌﻧﺎﺻر اﻟﺗﻲ ﺗﺳﻣﺢ ﺑﺗﺣدﯾدﻩ إذ ﯾﺗﻌﯾن ﺣﯾﻧﺋذ اﻟرﺟوع‬
‫ﻓﻲ ﺗﺣدﯾد اﻷﺟر إﻟﻰ ﻗﯾﻣﺔ اﻟﻌﻣل وﻧﻔﻘﺎت اﻟﻣﻘﺎول وﻓﻘﺎ ﻟﻠﻣﺎدة ‪ 562‬ﻣن ق م ج ‪ ،‬اﻷﺗﻲ ﺑﯾﺎﻧﻬﺎ ﺑﺎﻟﺗﻔﺻﯾل ﻻﺣﻘﺎ‪،‬‬
‫أﻣﺎ ﻋﻘد اﻟﺑﯾﻊ ﻓﻼ ﺑد ﻣن اﻻﺗﻔﺎق ﻋﻠﻰ اﻟﺛﻣن أو ﻋﻠﻰ اﻷﻗل اﻷﺳس اﻟﺗﻲ ﺗﺳﻣﺢ ﺑﺗﻌﯾﯾﻧﻪ ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺗﻘﺑل‪ ،‬و إﻻ ﻋد‬
‫اﻟﺑﯾﻊ ﺑﺎطل‪.‬‬

‫‪ 1‬ﻧﺻت اﻟﻣﺎدة ‪ 581‬ﻣن ق م ج ﻋﻠﻰ أﻧﻪ‪ >:‬اﻟوﻛﺎﻟﺔ ﺗﺑرﻋﯾﺔ ﻣﺎ ﻟم ﯾﺗﻔق ﻋﻠﻰ ﻏﯾر ذﻟك ﺻراﺣﺔ أو ﯾﺳﺗﺧﻠص ﺿﻣﻧﯾﺎ ﻣن ﺣﺎﻟﺔ اﻟوﻛﯾل<‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫ﻧﺻت اﻟﻣﺎدة ‪ 584‬ﻣن ق م ج ﻋﻠﻰ أﻧﻪ‪ >:‬إذا وﻛل أﺷﺧﺎص ﻣﺗﻌددون وﻛﯾﻼ واﺣدا ﻓﻲ ﻋﻣل ﻣﺷﺗرك ﻛﺎن ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣوﻛﻠﯾن ﻣﺗﺿﺎﻣﻧﯾن ﺗﺟﺎﻩ‬
‫اﻟوﻛﯾل ﻓﻲ ﺗﻧﻔﯾذ اﻟوﻛﺎﻟﺔ ﻣﺎ ﻟم ﯾﺗﻔق ﻋﻠﻰ ﻏﯾر ذﻟك‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫ﻣﺣﻣد ﺣﺳن ﻗﺎﺳم‪ .‬اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ‪ .‬اﻟﻌﻘود اﻟﻣﺳﻣﺎة‪.‬اﻟﺑﯾﻊ‪-‬اﻟﺗﺄﻣﯾن)اﻟﺿﻣﺎن(‪-‬اﻻﯾﺟﺎر‪ .‬دراﺳﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ‪ .‬د ط‪.‬ﻣﻧﺷورات اﻟﺣﻠﺑﻲ اﻟﺣﻘوﻗﯾﺔ‪ .‬ﺑﯾروت‪.‬‬
‫ﻟﺑﻧﺎن‪ .2003 .‬ص‪4‬‬

‫‪15‬‬
‫اﻟﻔﺻل اﻷول‪ :‬ﻣﺎﻫﯾﺔ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ وﻛﯾﻔﯾﺔ اﻧﻌﻘﺎدﻩ‬
‫‪ -‬ﯾﺟوز ﻟرب اﻟﻌﻣل أن ﯾﺗﺣﻠل ﻣن ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻗﺑل إﺗﻣﺎم ﺗﻧﻔﯾذﻩ ﺑﺈرادﺗﻪ اﻟﻣﻧﻔردة‪ ،‬و ﻫذا وﻓﻘﺎ ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة ‪566‬‬
‫ﻣن اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ اﻟﺟزاﺋري اﻟﺗﻲ ﻧﺻت ﻋﻠﻰ‪ :‬ﯾﻣﻛن ﻟرب اﻟﻌﻣل أن ﯾﺗﺣﻠل ﻣن اﻟﻌﻘد و ﯾو ﻗف اﻟﺗﻧﻔﯾذ ﻓﻲ أي وﻗت‬
‫ﻗﺑل إﺗﻣﺎﻣﻪ‪ ،‬ﺑﯾﻧﻣﺎ ﻻ ﯾﺟوز ﻷي ﻣن اﻟﻣﺗﻌﺎﻗدﯾن أن ﯾﺗﺣﻠل ﺑﺈرادﺗﻪ اﻟﻣﻧﻔردة ﻣن ﻋﻘد اﻟﺑﯾﻊ‪.‬‬
‫‪-2‬ﺗﻣﯾﯾز ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻋن اﻹﯾﺟﺎر‬
‫ﺣﺳب ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 467‬ﻣن ق م ج اﻹﯾﺟﺎر"ﻋﻘد ﯾﻠﺗزم اﻟﻣؤﺟر ﺑﻣﻘﺗﺿﺎﻩ أن ﯾﻣﻛن اﻟﻣﺳﺗﺄﺟر ﻣن اﻻﻧﺗﻔﺎع ﺑﺷﻲء‬
‫ﻣﻌﯾن ﻟﻣدة ﻣﻌﯾﻧﺔ ﻟﻘﺎء أﺟر ﻣﻌﻠوم"‪ ،‬إذن ﯾﺗﻣﯾز ﻋﻘد اﻹﯾﺟﺎر ﻋن ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻓﻲ أن اﻟﻐرض ﻣن اﻷول ﻫو‬
‫)‪(1‬‬
‫و اﻟﺛﺎﻧﻲ ﯾرد ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻣل‪.‬‬ ‫اﻻﻧﺗﻔﺎع ﺑﺎﻟﺷﻲء اﻟﻣؤﺟر‬
‫)‪(2‬‬
‫ﺗﺑﺎر أﻣر ان‪:‬‬
‫ﻋﻠﻰ أﻧﻪ إذا اﺧﺗﻠط ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻣﻊ ﻋﻘد اﻹﯾﺟﺎر ﻓﻲ ﻋﻣﻠﯾﺔ واﺣدة‪ ،‬ﻓﺈﻧﻪ ﯾﺗﻌﯾن أن ﯾؤ ﺧذ ﻓﻲ اﻻﻋ‬
‫‪ -‬ﻓﺎﻷو ل‪ :‬ﺗﺣري اﻟﻌﻧﺻر اﻷﺳﺎﺳﻲ اﻟذي وﻗﻊ ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺗﻌﺎﻗد ﻟﻣﻌرﻓﺔ ﻣدى ﻏﻠﺑﺔ أﺣد اﻟﻌﻘدﯾن ﻋﻠﻰ اﻵﺧر‪.‬‬
‫‪ -‬و اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬ﺗﺣري اﻟﺗزاﻣﺎت اﻟطرﻓﯾن اﻟﺗﻲ ﺗؤﺛر ﻓﻲ اﻟﺗﻛﯾﯾف اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﻟﻠﻌﻘد إن ﻛﺎن ﻣﻘﺎوﻟﺔ اﻧﺻﺑت ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻣل‪،‬‬
‫أم أﻧﻪ إﯾﺟﺎر أﻧﺻب ﻋﻠﻰ اﻻﻧﺗﻔﺎع ﺑﺎﻟﺷﻲء اﻟﻣؤﺟر ﻣﻘﺎﺑل أﺟر ﻣﻌﯾن‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Frençois collart butilleut Philippe Delle becque. contrats civil et commerciaux. 3emeedition. Dalloz .‬‬
‫‪P565‬‬
‫‪ 2‬ﻓﺗﯾﺣﺔ ﻗرة‪ .‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ .‬ص‪.40‬‬
‫‪16‬‬
‫اﻟﻔﺻل اﻷول‪ :‬ﻣﺎﻫﯾﺔ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ وﻛﯾﻔﯾﺔ اﻧﻌﻘﺎدﻩ‬

‫اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬أرﻛﺎن ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ وﺻورﻫﺎ‬


‫ﻣن ﺧﻼل دراﺳﺗﻧﺎ ﻟﻠﺷروط و اﻷرﻛﺎن اﻟﺗﻲ ﯾﻘوم ﻋﻠﯾﻬﺎ أي ﻋﻘد ﺑﺻﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ‪ ،‬إذ إن اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﻗد ﺧص‬
‫ﻟﻬﺎ ﻗﺳﻣﺎ ﺿﻣن اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ ﺑﻌﻧوان اﻟﻌﻘد ﺗﺣت اﻟﺑﺎب اﻷول ﻣن اﻟﻛﺗﺎب اﻟﺛﺎﻧﻲ ﺗﺣت ﻋﻧوان اﻻﻟﺗزاﻣﺎت واﻟﻌﻘود‪،‬‬
‫و ﻋﻠﯾﻪ ﻧﻘوم ﺑدراﺳﺔ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻣن ﺧﻼل دراﺳﺗﻪ ﻷﺣﻛﺎم اﻟﻌﻘد اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬و ﻣن ﺧﻼل اﻟﺑﺎب اﻟﺗﺎﺳﻊ اﻟﻔﺻل اﻷول‬
‫اﻟﺧﺎص ﺑﻌﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻧﺟد أن اﻟﻣﺷرع ﻗد ﺑﯾن ﻟﻧﺎ ﺻور اﻧﻌﻘﺎدﻫﺎ‪ ،‬ﺣﯾث ﻧﺟدﻩ ﯾﻧﻌﻘد ﺑﺻورة ﻣﺑﺎﺷرة ﺑﯾن رب اﻟﻌﻣل‬
‫و اﻟﻣﻘﺎول‪ ،‬و ﻗد ﯾﻘوم ﻫذا اﻷﺧﯾر ﺑﺗﻔوﯾض اﻟﻌﻣل اﻟﻣوﻛل ﻟﻪ إﻟﻰ ﺷﺧص آﺧر وﻫو ﻣﺎ ﯾﻌرف ﺑﺎﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ اﻟﻔرﻋﯾﺔ أو‬
‫)‪(1‬‬
‫ﻓﻲ ﺑﻌض اﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت‪.‬‬ ‫ﻛﻣﺎ ﯾﺻطﻠﺢ ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻣن اﻟﺑﺎطن‬
‫و ﻣن ﺧﻼل ﻣﺎ ﺗﻘدم ﻗﻣت ﺑﺗﻘﺳﯾم ﻫذا اﻟﻣﺑﺣث إﻟﻰ ﻣطﻠﺑﯾن‪ ،‬ﻓﺎﻷول ﺑﻌﻧوان أرﻛﺎن ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪ ،‬و اﻟﺛﺎﻧﻲ ﺑﻌﻧوان‬
‫ﺻور إﺑرام ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪.‬‬
‫اﻟﻣطﻠب اﻷول‪ :‬أرﻛﺎن ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟــــــﺔ‬
‫ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻛﻐﯾرﻩ ﻣن اﻟﻌﻘود ﯾﺟب ﻹﺑراﻣﻪ ﺗواﻓر أرﻛﺎن ﻋﺎﻣﺔ‪ ،‬و ﺗﺗﻣﺛل ﻫذﻩ اﻷﺧﯾرة ﻓﻲ اﻟﺗراﺿﻲ و اﻟﻣﺣل و‬
‫اﻟﺳﺑب‪ ،‬و ﯾﻌﺗﺑر رﻛن اﻟﺳﺑب ﻫو اﻟرﻛن ﻻ ﺟدﯾد ﻟﯾذﻛر ﻓﯾﻪ‪ ،‬إذ إﻧﻪ ﯾﺟب أن ﯾﻛون ﻣﺷروﻋﺎ و أﻻ ﯾﻛون ﻋﻘد‬
‫اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻣﺧﺎﻟﻔﺎ ﻟﻠﻧظﺎم اﻟﻌﺎم و اﻵداب اﻟﻌﺎﻣﺔ‪.‬‬
‫و ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺗﻘدم ﯾﺛﺎر اﻹﺷﻛﺎل ﻋﻠﻰ ﻣﺎذا ﯾﺗراﺿﻰ طرﻓﻲ اﻟﻌﻘد و ﻋﻠﻰ ﻣﺣﻠﻪ؟‪ ،‬ﻟذﻟك ﻗﺳﻣت ﻫذا اﻟﻣطﻠب إﻟﻰ‬
‫ﻓرﻋﯾن اﻷول رﻛن اﻟﺗراﺿﻲ‪ ،‬واﻟﺛﺎﻧﻲ رﻛن اﻟﻣﺣل‪.‬‬
‫اﻟﻔرع اﻷول‪ :‬اﻟﺗراﺿﻲ ﻓﻲ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‬
‫إن اﻟرﺿﺎ رﻛن أﺳﺎﺳﻲ ﻓﻲ اﻧﻌﻘﺎد ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪ ،‬ﻟذا ﻻﺑد ﻣن ﺗوﻓرﻩ ﻟدى طرﻓﯾﻪ‪ ،‬و اﻟرﺿﺎ ﯾﺳﺗﻠزم وﺟود إرادﺗﯾن‬
‫ﻣﺗطﺎﺑﻘﺗﯾن‪ ،‬و ﻫو ﻣﺎ ﯾﻌﺑر ﻋﻧﻪ ﺑﺗطﺎﺑق اﻹﯾﺟﺎب و اﻟﻘﺑول و ﻫذا اﻟﺷرط ﻟﻼﻧﻌﻘﺎد ‪ ،‬و ﺣﺗﻰ ﯾﻧﻌﻘد ﺻﺣﯾﺣﺎ ﻻﺑد أن‬
‫ﯾﻛون ﺧﺎﻟﯾﺎ ﻣن ﻋﯾوب اﻹرادة و ﻫذا ﺷرط ﺻﺣﺔ ‪.‬‬
‫أوﻻ‪ :‬ﺷروط اﻻ ﻧﻌﻘﺎد )اﻹﯾﺟﺎب واﻟﻘﺑول(‬
‫ﯾﺟب ﻻﻧﻌﻘﺎد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ أن ﯾﺗطﺎﺑق اﻹﯾﺟﺎب واﻟﻘﺑول ﻋﻠﻰ ﻋﻧﺎﺻرﻫﺎ‪ ،‬ﻓﯾﺗم اﻟﺗراﺿﻲ ﺑﯾن رب اﻟﻌﻣل و اﻟﻣﻘﺎول‬
‫ﻋﻠﻰ ﻣﺎﻫﯾﺔ اﻟﻌﻘد و اﻟﻌﻣل اﻟﻣطﻠوب و اﻷﺟر اﻟذي ﯾﺗﻘﺎﺿﺎﻩ‪ ،‬و ﻫذﻩ ﻫﻲ اﻟﻣﺳﺎﺋل اﻟﺟوﻫرﯾﺔ ﻓﻲ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ اﻟﺗﻲ‬

‫‪ 1‬أﻧﻈﺮ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻤﺎدﺗﯿﻦ ‪ 564‬و‪ 565‬ﻣﻦ اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻤﺪﻧﻲ اﻟﺠﺰاﺋﺮي‪.‬‬


‫‪17‬‬
‫اﻟﻔﺻل اﻷول‪ :‬ﻣﺎﻫﯾﺔ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ وﻛﯾﻔﯾﺔ اﻧﻌﻘﺎدﻩ‬
‫ﻻ ﯾﻣﻛن ﺗطﺎﺑق اﻹﯾﺟﺎب و اﻟﻘﺑول ﻓﯾﻪ دون اﻻﺗﻔﺎق ﻋﻠﯾﻬﺎ)‪ ،(1‬و ﻫذا ﻣﺎ ﻧﺻت ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻣﺎدة ‪ 495‬ﻣن ق م ج‬
‫ﺻراﺣﺔ‪.‬‬
‫و اﻟﺗﻌﺑﯾر ﻋن اﻹدارة ﯾﺟوز أن ﯾﻛون ﺻراﺣﺔ أو ﺿﻣﻧﯾﺎ‪ ،‬و ﻻ ﯾﺷﺗرط ﺷﻛﻼ ﺧﺎﺻﺎ ﻷن اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻣن ﻋﻘود‬
‫اﻟﺗراﺿﻲ ﻣﻊ ﻣﻼﺣظﺔ أن اﻟﺗراﺿﻲ و إن ﻛﺎن ﯾﺻﺢ أن ﯾﻛون ﺿﻣﻧﯾﺎ‪ ،‬ﻓﻠﯾس ﻣﻌﻧﻰ ذﻟك أﻧﻪ ﯾﻔﺗرض‪ ،‬ﺑل ﯾﺟب أن‬
‫ﯾﻛون ﻣوﺟودا و ﻋﻠﻰ ﻣن ﯾدﻋﯾﻪ ﻋبء إﺛﺑﺎﺗﻪ)‪ ،(2‬و إذا ﻛﺎن اﻷﺻل ﻫو أن وﺟود اﻟﺗراﺿﻲ ﯾﻛﻔﻲ ﻻﻧﻌﻘﺎد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪،‬‬
‫ﻓﯾﺟب أن ﯾﻘوم اﻟﺗراﺿﻲ ﻓﯾﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺷروط ﻣﻌﯾﻧﺔ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ‪:‬‬
‫‪ -1‬اﻟﺗراﺿﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺎﻫﯾﺔ اﻟﻌﻘد ‪ :‬ﻻ ﺗﻧﻌﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ إﻻ إذا ﺗراﺿﻰ طرﻓﺎﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺎﻫﯾﺗﻬﺎ‪ ،‬ﺑﺄن ﺗﺗﺟﻪ إرادة أﺣدﻫﻣﺎ‬
‫إﻟﻰ أن ﯾﻘوم ﺑﻌﻣل ﻣﻌﯾن ﻟﺣﺳﺎب اﻟﻣﺗﻌﺎﻗد اﻷﺧر ﻣﺳﺗﻘﻼ ﻋﻧﻪ‪ ،‬و ﺗﺗﺟﻪ إرادة اﻟطرف اﻷﺧر إﻟﻰ دﻓﻊ أﺟر ﻓﻲ‬
‫ﻣﻘﺎﺑل ﻫذا اﻟﻌﻣل‪ ،‬ﻓﯾﺟب أن ﺗﺗﺟﻪ إرادة اﻟطرﻓﯾن )اﻟﻣﻘﺎول و رب اﻟﻌﻣل( إﻟﻰ إﺑرام ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ‪ ،‬ﻓﻠو أن أﺣد‬
‫اﻟطرﻓﯾن أراد إﺑرام اﻟﻌﻘد ﺑﯾﻧﻣﺎ ﺗﺗﺟﻪ ﻧﯾﺔ اﻟطرف اﻵﺧر إﻟﻰ إﺑرام ﻋﻘد وﻛﺎﻟﺔ ﻣﺛﻼ‪ ،‬ﻓﻼ ﯾوﺟد ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﻋﻘد‬
‫)‪(3‬‬
‫‪ ،‬ﻛذﻟك إذا ﻗﺻد أﺣد اﻟﻣﺗﻌﺎﻗدﯾن أن ﯾﻘوم ﺑﺎﻟﻌﻣل ﻣﺳﺗﻘﻼ ﻋن أي إﺷراف أو ﺗوﺟﯾﻪ ‪ ،‬ﻓﻲ‬ ‫ﻣﻘﺎوﻟﺔ و ﻻ ﻋﻘد وﻛﺎﻟﺔ‬
‫ﺣﯾن ﻗﺻد اﻟﻣﺗﻌﺎﻗد اﻵﺧر أن ﯾﻛون ﻟﻪ اﻹﺷراف واﻹدارة اﻟﻛﺎﻣﻠﺔ ﻟﻌﻣل اﻷول‪ ،‬و ﻛل ذﻟك ﻟﻌدم اﻟﺗراﺿﻲ ﻋﻠﻰ‬
‫ﻣﺎﻫﯾﺗﻬﺎ و ﻫﻲ ﻋﻘد ﯾﻘﺻد ﺑﻪ أن ﯾﻘوم أﺣد طرﻓﯾﻪ و ﻫو اﻟﻣﻘﺎول ﺑﺎﻟﻌﻣل ﻣﺳﺗﻘﻼ ﻟﻘﺎء أﺟر ﯾﺗﻌﻬد ﺑﻪ اﻟطرف‬
‫)‪(4‬‬
‫‪.‬‬ ‫اﻵﺧر‬
‫‪-‬اﻟﺗراﺿﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻣل ‪ :‬ﻓﻠﻛﻲ ﺗﻧﻌﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﯾﺟب أن ﯾﺗم اﻟﺗراﺿﻲ ﺑﯾن اﻟﻣﻘﺎول و رب اﻟﻌﻣل ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻣل‬
‫اﻟﻣطﻠوب‪ ،‬ﻓﺈذا أراد أﺣدﻫﻣﺎ )رب اﻟﻌﻣل( إﺟراء ﻋﻣل ﻣﻌﯾن ﻛﺗﺷﯾﯾد ﻣﻧزل‪ ،‬و أراد اﻟطرف اﻵﺧر )اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ( اﻟﻘﯾﺎم‬
‫ﺑﻌﻣل آﺧر ﻛﺗرﻣﯾم ﻣﻧزل ﻗﺎﺋم ﻓﻌﻼ‪ ،‬ﻓﻼ ﺗﻧﻌﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻟﻌدم ﺣﺻول اﻟﺗراﺿﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻣل اﻟﻣﻘﺻود ﻣﻧﻬﺎ‪.‬‬

‫‪ 1‬ﻋدﻧﺎن إﺑراﻫﯾم اﻟﺳرﺣﺎن‪ .‬اﻟﻌﻘود اﻟﻣﺳﻣﺎة ﻓﻲ اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪ ،‬واﻟوﻛﺎﻟﺔ‪ ،‬اﻟﻛﻔﺎﻟﺔ‪ .‬د ط‪ .‬ﻣﻛﺗﺑﺔ دار اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ ﻟﻠﻧﺷر واﻟﺗوزﯾﻊ‪ .‬ﻋﻣﺎن‪ .‬اﻷردن‪.2007 .‬‬
‫ص‪.19‬‬
‫‪2‬ﻋﺑد اﻟرزاق أﺣﻣد اﻟﺳﻧﻬوري‪ .‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ .‬ص ص‪.37-36‬‬
‫‪ 3‬ﻋدﻧﺎن إﺑراﻫﯾم اﻟﺳرﺣﺎن‪ .‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ .‬ص‪20‬‬
‫‪4‬ﻣﺣﻣد ﻟﺑﯾب ﺷﻧب‪ .‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ .‬ص‪.72‬‬
‫‪18‬‬
‫اﻟﻔﺻل اﻷول‪ :‬ﻣﺎﻫﯾﺔ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ وﻛﯾﻔﯾﺔ اﻧﻌﻘﺎدﻩ‬
‫واﻟﺗراﺿﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻣل ﯾﺗطﻠب ﻓﯾﻪ أن ﯾﻛون ﻣﻌﯾﻧﺎ أو ﻋﻠﻰ اﻷﻗل أن ﯾﻛون ﻗﺎﺑﻼ ﻟﻠﺗﻌﯾﯾن‪ ،‬ﻛﻣﺎ أن ﯾﻛون ﻫذا اﻟﻌﻣل‬
‫ﻣﻣﻛﻧﺎ وﻣﺷروﻋﺎ‪ ،‬و إﻻ ﻟﻣﺎ اﻧﻌﻘد اﻟﻌﻘد ﻷن اﺳﺗﺣﺎﻟﺔ اﻟﻌﻣل ﺗﻌﻧﻲ اﻧﻌدام اﻹرادة اﻟﺟﺎدة إﻟﻰ اﻻﻟﺗزام‪ ،‬و ﻋدم‬
‫ﻣﺷروﻋﯾﺗﻪ ﺗﻔﯾد أن اﻟﺑﺎﻋث ﻋﻠﯾﻪ ﻛﺎن ﻏﯾر ﻣﺷروع)‪.(1‬‬
‫‪-3‬اﻟﺗراﺿﻲ ﻋﻠﻰ اﻷﺟر‪ :‬ﻛﻣﺎ ﯾﻠزم أﯾﺿﺎ أن ﯾﻘﻊ اﻟﺗراﺿﻲ ﻋﻠﻰ اﻷﺟر‪ ،‬ﺑﺄن ﯾواﻓق أﺣد اﻟطرﻓﯾن ﻋﻠﻰ ﻣﻘدار اﻷﺟر‬
‫اﻟذي ﻋرﺿﻪ اﻟطرف اﻵﺧر‪ ،‬و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ إذا طﻠب اﻟﻣﻘﺎول أﺟرا ﻣﻌﯾﻧﺎ و واﻓق رب اﻟﻌﻣل ﻋﻠﻰ أﺟر أﻗل‪ ،‬ﻟم ﺗﻧﻌﻘد‬
‫اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻟﻌدم ﺗﺣﻘق ﺗطﺎﺑق ﺑﯾن اﻹﯾﺟﺎب و اﻟﻘﺑول)‪.(2‬‬
‫و ﻋﻠﯾﻪ ﻓﺈﻧﻪ ﯾﺷﺗرط ﻻﻧﻌﻘﺎد اﻟﻣﻘﺎو ﻟﺔ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻌﻧﺎﺻر‪ ،‬و ﻫﻲ اﻟﺗراﺿﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺎﻫﯾﺔ اﻟﻌﻘد و ﻫذا ﺑرﺿﺎ أﺣد‬
‫اﻟطرﻓﯾن اﻟﻘﯾﺎم ﺑﻌﻣل ﻣﻌﯾن ﻟﺣﺳﺎب اﻟﻣﺗﻌﺎﻗد اﻵﺧر ﻣﺳﺗﻘﺑﻼ ﻋﻧﻪ‪ ،‬و ﺗﺗﺟﻪ إرادة اﻟطرف اﻵﺧر إﻟﻰ دﻓﻊ اﻷﺟر ﻓﻲ‬
‫ﻣﻘﺎﺑل ﻫذا اﻟﻌﻣل‪ ،‬و ﺣﺗﻰ ﯾﺗم اﻟﺗراﺿﻲ ﻫﻧﺎ ﯾﺗﻌﯾن أن ﯾﻛون ﻣوﺟودا‪ ،‬و أن ﯾﻛون ﻣﺷروﻋﺎ‪ ،‬و ﯾﻛﻔﻲ ﻓﯾﻪ أﻻّ ﯾﺧﺗﻠف‬
‫اﻟطرﻓﺎن ﺑﺷﺄن ﺗﺣدﯾدﻩ ﻋﻧد إﺑرام اﻟﻌﻘد‪ ،‬ﻷن ﻫذا اﻻﺧﺗﻼف ﻫو اﻟذي ﯾﻧﻔﻲ وﺟود اﻟﺗراﺿﻲ ﻋﻠﯾﻪ‪ ،‬أﻣﺎ إذا ﻏﻔل‬
‫اﻟطرﻓﺎن و ﻟم ﯾﺗطرﻗﺎ إﻟﻰ ﺗﺣدﯾدﻩ ﻓﺈن ذﻟك ﻻ ﯾﺷﻛل ﻣﺎﻧﻌﺎ ﻣن إﺗﻣﺎم ﻫذا اﻟﻌﻘد‪.‬‬
‫ﺛﺎﻧﯾﺎ‪ :‬ﺷروط ﺻﺣﺔ اﻟﺗراﺿﻲ‬
‫‪ -1‬اﻷﻫﻠﯾﺔ ﻓﻲ ﻋﻘد اﻟﺗراﺿﻲ‪ :‬ﺣﺗﻰ ﺗﻛون إرادة اﻟﻣﺗﻌﺎﻗد ﻣﻌﺗﺑرة‪ ،‬و ﻣﻧﺗﺟﺔ ﻟﻸﺛر اﻟذي ﻫدﻓت إﻟﻰ إﺣداﺛﻪ‪ ،‬ﻓﺈﻧﻪ‬
‫ﯾﻠزم أن ﺗﺗواﻓر ﻟدﯾﻪ أﻫﻠﯾﺔ اﻟﺗﺻرف‪ ،‬ﺑﺄن ﯾﻛون ﺑﺎﻟﻐﺎ راﺷدا‪ ،‬ﻋﻠﻰ أﺳﺎس أن اﻟﻣﻘﺎول إﻣﺎ أن ﯾﻘﺗﺻر ﻋﻠﻰ ﺗﻘدﯾم‬
‫ﻋﻣﻠﻪ‪ ،‬و ﺣﺗﻰ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﻓﺈﻧﻪ ﯾﻌﺗﺑر ﻣﺿﺎرﺑﺎ ﺑﻌﻣﻠﻪ ﻓﻘط‪ ،‬و ﺣﺗﻰ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﻓﺈﻧﻪ ﯾﻌﺗﺑر ﻣﺿﺎرﺑﺎ ﺑﻌﻣﻠﻪ‪ ،‬و‬
‫ﻗد ﯾﻠﺣق أﺿرارا ﺑرب اﻟﻌﻣل‪ ،‬ﻓﯾﺻﺑﺢ ﻣﺳؤ وﻻ ﺑﻣوﺟب ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻋن ﺗﻌوﯾﺿﻪ‪ ،‬و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﺈن اﻟﻌﻘد ﯾﻛون‬
‫ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ إﻟﯾﻪ ﻣن اﻷﻋﻣﺎل اﻟداﺋرة ﺑﯾن اﻟﻧﻔﻊ و اﻟﺿرر‪.‬‬
‫و ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻰ ذﻟك أﻧﻪ إذا ﻛﺎن اﻟﻣﻘﺎول ﻧﺎﻗص اﻷﻫﻠﯾﺔ و ﻫو اﻟﺻﻐﯾر اﻟﻣﻣﯾز‪ ،‬و اﻟﻣﻌﺗوﻩ و اﻟﺳﻔﯾﻪ و ذوا اﻟﻐﻔﻠﺔ‬
‫ﻓﺈن ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ اﻟذي ﯾﺑرﻣﻪ ﯾﻛون ﻗﺎﺑﻼ ﻟﻺﺑطﺎل ﻟﻣﺻﻠﺣﺗﻪ)‪.(3‬‬

‫‪ 1‬ﻣﺣﻣد ﻟﺑﯾب ﺷﻧب‪ .‬اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ‪ .‬ص‪.72‬‬


‫‪2‬ﻣﺣﻣد ﻟﺑﯾب ﺷﻧب‪ .‬اﻟرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ‪ .‬ص‪73‬‬
‫‪ 3‬ﻋدﻧﺎن إﺑراﻫﯾم اﻟﺳرﺣﺎن‪ .‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ .‬ص ص‪22-21‬‬
‫‪19‬‬
‫اﻟﻔﺻل اﻷول‪ :‬ﻣﺎﻫﯾﺔ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ وﻛﯾﻔﯾﺔ اﻧﻌﻘﺎدﻩ‬
‫و ﻓﻲ اﻷﺧﯾر أﺷﯾر أن اﻟﺻﻐﯾر اﻟﻣﺄذون ﻟﻪ ﺑﺎﻟﺗﺟﺎرة وﻓﻘﺎ ﻟﻠﻣﺎدة اﻟﺧﺎﻣﺳﺔ ﻣن ق ت ج‪ ،‬ﻓﺈﻧﻪ ﯾﻣﻛن أن ﯾﻛون ﻣﻘﺎوﻻ‪،‬‬
‫و ﻋﻧدﺋذ ﺗﻛون ﺟﻣﯾﻊ ﺗﺻرﻓﺎﺗﻪ اﻟداﺧﻠﺔ ﻓﻲ ﺣدود اﻹذن ﻛﺗﺻرﻓﺎت اﻟﺑﺎﻟﻎ ﺳن اﻟراﺷد‪.‬‬
‫أﻣﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑرب اﻟﻌﻣل ﻓﺈن اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﺗﻌﺗﺑر ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻪ أﯾﺿﺎ ﻣن أﻋﻣﺎل اﻟﺗﺻرف اﻟداﺋرة ﺑﯾن اﻟﻧﻔﻊ و اﻟﺿرر‪،‬‬
‫ذﻟك أﻧﻪ ﯾﻠﺗزم ﺑﺄنﯾدﻓﻊ أﺟر ا ﻟﻠﻣﻘﺎول ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑل ﻋﻣﻠﻪ‪ ،‬و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﺈن إﺑراﻣﻪ ﻟﻬذا اﻟﻌﻘد ﯾﻌﺗﺑر ﻋﻣﻼ ﻣن أﻋﻣﺎل‬
‫اﻟﺗﺻرف‪ ،‬و اﻟﺗﻲ ﯾﻠزم ﺗواﻓر أﻫﻠﯾﺔ اﻟﺗﺻرف ﻓﯾﻪ‪ ،‬ﺑﺄن ﯾﻛون ﻗد ﺑﻠﻎ رﺷدﻩ ﻓﺈن ﻛﺎن ﻣﺣﺟور ﻟﺳﻔﻪ أو ﻏﻔﻠﺔ أو ﻛﺎن‬
‫ﺻﻐﯾرا ﻣﻣﯾزا ﻛﺎن ﻋﻘدﻩ ﻗﺎﺑﻼ ﻟﻺﺑطﺎل ﻣوﻗوﻓﺎ ﻋﻠﻰ إﺟﺎزة وﻟﯾﻪ أو وﺻﯾﻪ)‪.(1‬‬
‫ﻏﯾر أن ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻗد ﯾﻛون ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟرب اﻟﻌﻣل ﻣن أﻋﻣﺎل اﻹدارة ﻛﺎﻟﻌﻘد اﻟذي ﯾﺑرﻣﻪ رب اﻟﻌﻣل ﻣﻊ اﻟﻣﻘﺎول‬
‫ﻟﺗرﻣﯾم ﻣﻧزﻟﻪ‪ ،‬ﻓﻬذا اﻟﻌﻘد ﯾﻌﺗﺑر ﻣن أﻋﻣﺎل اﻹدار ة و ﯾﻛﻔﻲ ﺗواﻓر ﻓﻲ رب اﻟﻌﻣل أﻫﻠﯾﺔ اﻹدارة‪ ،‬و ﻣن ﺛﻣﺔ ﯾﺟوز‬
‫ﻟﻠﻘﺎﺻر أو اﻟﻣﺣﺟوز ﻟﺳﻔﻪ أو ﻏﻔﻠﺔ اﻟﻣﺄذون ﻟﻪ ﻓﻲ اﻹدارة أن ﯾﺑرم ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻓﻲ اﻷﻋﻣﺎل ﺑﺻﻔﺗﻪ رب ﻋﻣل‪.‬‬
‫أﻣﺎ اﻟﻌﻘد اﻟذي ﯾﻛون ﻣﺣﻠﻪ إﻗﺎﻣﺔ ﺑﻧﺎء ﺟدﯾد‪ ،‬ﻓﻼ ﯾﻌﺗﺑر ﻣن أﻋﻣﺎل اﻹدارة‪ ،‬و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻻ ﯾﻣﻛن أن ﯾﻌﻘدﻩ ﻣن ﺗﻘﺗﺻر‬
‫أﻫﻠﯾﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﺳﻠطﺔ اﻟﻘﯾﺎم ﺑﺄﻋﻣﺎل اﻹدارة)‪.(2‬‬
‫‪-2‬ﻋﯾوب اﻹرادة ﻓﻲ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪ :‬ﻟﻘد ﺣددﻫﺎ اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري و ﻫﻲ أرﺑﻌﺔ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟﻐﻠط اﻟﺗدﻟﯾس اﻹﻛراﻩ و‬
‫اﻻﺳﺗﻐﻼل‪ ،‬ﻓﺈذا ﺷﺎب إرادة ﻛل ﻣن اﻟﻣﻘﺎول و رب اﻟﻌﻣل ﻋﯾب ﻣن اﻟﻌﯾوب اﻟﺛﻼﺛﺔ اﻷوﻟﻰ ﻛﺎن اﻟﻌﻘد ﻣوﻗوﻓﺎ ﻋﻠﻰ‬
‫إﺟﺎزة ﻣن ﺗﻘرر اﻟوﻗف ﻟﻣﺻﻠﺣﺗﻪ‪ ،‬ﻓﻠﻪ أن ﯾﺟﯾز اﻟﻌﻘد أو ﯾﻧﻘﺻﻪ ﺧﻼل ﺧﻣس ﺳﻧوات ﻣن اﻟوﻗت اﻟذي ﯾﺗﺑﯾن ﻓﯾﻪ‬
‫اﻟﻐﻠط أو ﯾﻧﻛﺷف ﻓﯾﻪ اﻟﺗدﻟﯾس أو ﯾرﺗﻔﻊ ﻓﯾﻪ اﻹﻛراﻩ –ﻣﻊ ﻣﻼﺣظﺔ أﻧﻪ ﻻ ﯾﺟوز اﻟﺗﻣﺳك ﺑﺈﺑطﺎل ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻟﻐﻠط‬
‫أو ﺗدﻟﯾس أو إﻛراﻩ‪ ،‬إذا اﻧﻘﺿت ﻋﺷر ﺳﻧوات ﻋﻠﻰ إﺑرام اﻟﻌﻘد‪-‬وﻓﻘﺎ ﻟﻠﻣﺎدة ‪ 2/101‬ﻣن ق م ج‪ ،‬ﻓﺈذا ﻟم ﯾﺻدر ﻓﻲ‬
‫ﻫذﻩ اﻟﻣدة ﻣﺎ ﯾدل ﻋﻠﻰ اﻟرﻏﺑﺔ ﻓﻲ ﻧﻘض اﻟﻌﻘد اﻋﺗﺑر اﻟﻌﻘد ﻧﺎﻓذا‪.‬‬
‫أﻣﺎ اﻟﻌﯾب اﻟراﺑﻊ‪-‬اﻻﺳﺗﻐﻼل‪-‬ﻣن ﻋﯾوب اﻹدارة‪ ،‬ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﯾﻣﻧﻊ ﻣن ﻧﻔﺎذ اﻟﻌﻘد‪ ،‬و ﻟﻛﻧﻪ ﯾﺟﯾز ﻟﻠﻣﺗﻌﺎﻗد اﻟﻣﻐﺑون أن‬
‫ﯾطﺎﻟب ﺑرﻓﻊ اﻟﻐﺑن ﻋﻧﻪ إﻟﻰ اﻟﺣد اﻟﻣﻌﻘول ﺧﻼل ﻣدة ﺳﻧﺔ ﻣن ﺗﺎرﯾﺦ إﺑرام اﻟﻌﻘد‪ ،‬إﻋﻣﺎﻻ ﻟﻠﻣﺎدة ‪ 2/90‬ﻣن ق م‬
‫)‪(3‬‬
‫و ﻟﯾس ﻣﺎ ذﻛر إﻻ ﺗطﺑﯾﻘﺎ ﻟﻠﻘواﻋد اﻟﻌﺎﻣﺔ‪.‬‬ ‫ج‬

‫ﻋﺑد اﻟﻔﺗﺎح اﻟﺷﻬﺎوي‪ .‬ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻓﻲ ﺗﺷرﯾﻌﻲ اﻟﻣﺻري و اﻟﻣﻘﺎرن‪ .‬د ط‪ .‬ﻣﻧﺷﺄة اﻟﻣﻌﺎرف‪ .‬اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ‪ .2002 .‬ص‪.53‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ 2‬ﻋﺑد اﻟﻔﺗﺎح اﻟﺷﻬﺎوي‪ .‬اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ‪ .‬ص‪.54‬‬


‫ﺗﻘﺿﻲ اﻟﻣﺎدة ‪ 2/90‬ﻣن ق م ج ﺑﺄﻧﻪ‪>>:‬و ﯾﺟب أن ﺗرﻓﻊ اﻟدﻋوى ﺑذﻟك ﺧﻼل ﺳﻧﺔ ﻣن ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻌﻘد و إﻻ ﻛﺎﻧت ﻏﯾر ﻣﻘﺑوﻟﺔ<<‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪20‬‬
‫اﻟﻔﺻل اﻷول‪ :‬ﻣﺎﻫﯾﺔ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ وﻛﯾﻔﯾﺔ اﻧﻌﻘﺎدﻩ‬
‫ﻋﻠﻰ أن اﻟﻐﻠط ﻓﻲ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻟﻪ ﺗطﺑﯾﻘﺎت ﻋﻣﻠﯾﺔ ﻻ ﺗﺧﻠو ﻣن اﻷﻫﻣﯾﺔ‪ ،‬ﻻﺳﯾﻣﺎ اﻟﻐﻠط ﻓﻲ ﺷﺧص اﻟﻣﻘﺎول و‬
‫اﻟﻐﻠط ﻓﻲ اﻟﺣﺳﺎب‪.‬‬
‫ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﻐﻠط ﻓﻲ ﺷﺧص اﻟﻣﻘﺎول ﻓﺈن ﻣدى ﺗﺄﺛﯾرﻩ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻘد أو ﻋدم ﻟزوﻣﻪ‪ ،‬ﯾﺗوﻗف ﻓﯾﻪ اﻷﻣر ﻋﻠﻰ ﻣﺎ إذا‬
‫ﺷﺧﺻﯾﺔ اﻟﻣﻘﺎول ﻣﺣل اﻋﺗﺑﺎر ﻓﻲ اﻟﺗﻌﺎﻗد أو أﻧﻬﺎ ﻟﯾﺳت ﻛذﻟك)‪ ،(1‬ﻓﺈذا ﻛﺎﻧت ﺷﺧﺻﯾﺗﻪ ﻣﺣل اﻋﺗﺑﺎر ﻓﻲ اﻟﻌﻘد‬
‫ﻻﺳﯾﻣﺎ ﻓﻲ ﻣﻘﺎوﻻت اﻹﻧﺷﺎءات اﻟﻣﻌﻣﺎرﯾﺔ اﻟﻛﺑﯾرة‪ ،‬ﺣﯾث ﯾﺗوﺧﻰ رب اﻟﻌﻣل ﻣﻘﺎوﻻ ﻣوﺛوﻗﺎ ﺑﻪ‪ ،‬ﯾﻌﺗﻣد ﻋﻠﻰ ﻛﻔﺎءﺗﻪ و‬
‫أﻣﺎﻧﺗﻪ‪ ،‬ﻓﻔﻲ ﻣﺛل ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﻓﺈن اﻟﻐﻠط ﻓﻲ ﺷﺧص اﻟﻣﻘﺎول ﯾﺟﻌل اﻟﻌﻘد ﻣوﻗوﻓﺎ ﻋﻠﻰ إﺟﺎزة رب اﻟﻌﻣل ﺻﺎﺣب‬
‫اﻟﻣﺷروع ﻓﻠﻪ أن ﯾﺟﯾز اﻟﻌﻘد أو ﯾطﺎﻟب ﺑﺈﺑطﺎﻟﻪ)‪.(2‬‬
‫أﻣﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص اﻟﻐﻠط ﻓﻲ اﻟﺣﺳﺎب ﻓﺈﻧﻪ ﯾﻌﺗﺑر ﻏﻠطﺎ ﻣﺎدﯾﺎ ﯾﺳﺗوﺟب اﻷﻣر ﺗﺻﺣﯾﺣﻪ‪ ،‬دون أن ﯾﻛون ﻟﻠﻐﻠط‬
‫اﻟﻣذﻛور ﻣن أﺛر ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺎذ اﻟﻌﻘد‪ ،‬ﻓﯾﻛون ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﺻﺣﯾﺣﺎ ﻧﺎﻓذا رﻏم وﺟود أن ﯾﻛون ﻟﻠﻐﻠط ﻓﻲ اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ أو ﻓﻲ‬
‫اﻟﺣﺳﺎب‪ ،‬و ذﻟك ﺗطﺑﯾﻘﺎ ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 84‬ﻣن ق م ج اﻟﺗﻲ ﻧﺻت ﻋﻠﻰ أﻧﻪ‪":‬ﻻ ﯾؤﺛر ﻓﻲ ﺻﺣﺔ اﻟﻌﻘد ﻣﺟرد اﻟﻐﻠط‬
‫ﻓﻲ اﻟﺣﺳﺎب و ﻻ ﻏﻼطﺎت اﻟﻘﻠم‪ ،‬وﻟﻛن ﯾﺟب ﺗﺻﺣﯾﺢ اﻟﻐﻠط"‪ ،‬ﻣﺛﺎل ذﻟك ﻓﻘد ﯾﻧﻘل ﻣﺑﻠﻎ ﻣﻌﯾن أو رﻗم ﻣﻌﯾن ﻓﻲ‬
‫ﺻﻔﺣﺔ ﻣن ﺻﻔﺣﺎت ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ إﻟﻰ ﺻﻔﺣﺔ أﺧرى‪ ،‬ﻛﺄن ﯾﻛون ذﻟك اﻟﻣﺑﻠﻎ ﻣﺋﺔ أﻟف دﯾﻧﺎر‪ ،‬ﺛم ﯾﻧﻘل ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻩ‬
‫ﻋﺷر أﻻف دﯾﻧﺎر‪ ،‬ﺣﯾث ﯾﺻﺣﺢ ذﻟك اﻟﻐﻠط و ﯾؤﺧذ اﻟﻣﺑﻠﻎ اﻟﺻﺣﯾﺢ أي ﻣﺋﺔ أﻟف دﯾﻧﺎر‪ ،‬و ﻗد ﯾﺣﺻل اﻟﻐﻠط ﻓﻲ‬
‫ﺣﺎﺻل ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﺟﻣﻊ أو اﻟﺿرب ﻓﻲ اﻟﻣﻘﺎﯾﺳﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻘدﻣﻬﺎ اﻟﻣﻘﺎول و اﻟﺗﻲ ﺗﺷﻣل ﻋﻠﻰ أﺟزاء اﻟﻌﻣل اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ و‬
‫أﺳﻌﺎر اﻟﻣواد اﻟﻣﻘدﻣﺔ‪ ،‬ﻛﻣﺎ ﻟو ﻛﺎن ﺳﻌر اﻟﻣﺗر اﻟواﺣد ﻣن اﻟﺑﻧﺎء ‪50‬دج و ﻛﺎن ﻋدد اﻷﻣﺗﺎر ﻣن اﻟﺑﻧﺎء اﻟﺗﻲ ﯾﻠﺗزم‬
‫اﻟﻣﻘﺎول ﺑﺈﻧﺟﺎزﻫﺎ ‪ 300‬ﻣﺗر ﻓﯾﻛون ﺣﺎﺻل اﻟﺿرب ‪15000‬دج و ﻫو اﻟﺣﺎﺻل اﻟﺻﺣﯾﺢ‪ ،‬ﺑﯾﻧﻣﺎ ﯾوﺿﻊ رﻗم‬
‫‪ 13000‬و ﻫو اﻟﺣﺎﺻل اﻟﻐﻠط‪ ،‬ﻣﻣﺎ ﯾﺳﺗوﺟب ﺗﺻﺣﯾﺣﻪ‪.‬‬
‫اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬اﻟﻣﺣل ﻓﻲ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‬
‫إن اﻟﻣﺣل ﻓﻲ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ رﻛن إﻟﻰ ﺟﺎﻧب اﻟرﺿﺎ‪ ،‬وﻫو ذﻟك اﻷداء اﻟذي ﯾﺟب ﻋﻠﻰ اﻟﻣدﯾن اﻟﻘﯾﺎم ﺑﻪ‪ ،‬و ﯾﻛون‬
‫ﻓﻲ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻣزدوﺟﺎ ﻓﻬو ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻻﻟﺗزاﻣﺎت اﻟﻣﻘﺎول اﻟﻌﻣل اﻟﻣﺗﻌﺎﻗد ﻋﻠﻰ ﺗﺄدﯾﺗﻪ‪ ،‬و ﻫو ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻻﻟﺗزاﻣﺎت رب‬
‫اﻟﻌﻣل اﻷﺟر اﻟذي ﺗﻌﻬد ﺑدﻓﻌﻪ ﻟﻠﻣﻘﺎول‪.‬‬

‫‪ 1‬ﻋدﻧﺎن إﺑراﻫﯾم اﻟﺳرﺣﺎن‪ .‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ .‬ص‪.24‬‬


‫‪ 2‬ﺟﻌﻔر اﻟﻔﺎﺿﻠﻲ‪ .‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ .‬ص ص‪.378‬‬
‫‪21‬‬
‫اﻟﻔﺻل اﻷول‪ :‬ﻣﺎﻫﯾﺔ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ وﻛﯾﻔﯾﺔ اﻧﻌﻘﺎدﻩ‬
‫أوﻻ‪ :‬اﻟﻌﻣل ﻓﻲ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‬
‫ﯾﺷﺗرط ﻓﻲ اﻟﻌﻣل ﻟﯾﻛون ﻣﺣﻼ ﻟﻌﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﺗطﺑﯾق اﻟﻘواﻋد اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ ﺷروط اﻟﻣﺣل و ﻫﻲ أن ﯾﻛون اﻟﻌﻣل ﻣﻣﻛﻧﺎ‬
‫ﻣﻌﯾﻧﺎ أو ﻗﺎﺑﻼ ﻟﻠﺗﻌﺎﻣل ﻓﯾﻪ أي أن ﯾﻛون ﻣﺷروﻋﺎ)‪.(1‬‬
‫‪ -1‬ﻓﺎﻷﺻل أﻧﻪ ﻣﺗﻰ ﻛﺎن ﻣﺣل اﻟﺗزام اﻟﻣدﯾن)اﻟﻣﻘﺎول( أﺳﺎﺳﻪ اﻟﻘﯾﺎم ﺑﺎﻟﻌﻣل‪ ،‬وﺟب أن ﯾﻛون ﻫذا اﻟﻌﻣل ﻣﻣﻛﻧﺎ‬
‫ﻷﻧﻪ ﻻﻟﺗزام ﺑﻣﺳﺗﺣﯾل‪ ،‬و ﻗد ﻧﺻت اﻟﻣﺎدة ‪ 93‬ﻣن ق م ج ﻋﻠﻰ أﻧﻪ‪":‬إذا ﻛﺎن ﻣﺣل اﻻﻟﺗزام ﻣﺳﺗﺣﯾﻼ ﻓﻲ ذاﺗﻪ أو‬
‫ﻣﺧﺎﻟﻔﺎ ﻟﻠﻧظﺎم اﻟﻌﺎم أو اﻵداب اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻛﺎن ﺑﺎطﻼ ﺑطﻼﻧﺎ ﻣطﻠﻘﺎ"‪.‬‬
‫و ﻫذا اﻟﻧص ﯾطﺑق ﻣن ﺿﻣن ﻣﺎ ﯾطﺑق ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻣل ﻓﻲ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪ ،‬ﻓﯾﻠزم أوﻻ أن ﯾﺄﺗﻲ اﻟﻌﻣل ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻌﻘد ﻣﻣﺎ‬
‫ﯾﻣﻛن اﻟﻘﯾﺎم ﺑﻪ‪ ،‬و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﺈذا اﻟﺗزم اﻟﻣﻘﺎول ﺑﺈﻧﺟﺎز ﻋﻣل ﯾﺳﺗﺣﯾل إﻧﺟﺎزﻩ‪ ،‬ﻛﺎن اﻟﻌﻘد ﺑﺎطﻼ‪.‬‬
‫وﻻ ﯾﻘﺻد ﺑﺎﻻﺳﺗﺣﺎﻟﺔ ﻫﻧﺎ اﻻﺳﺗﺣﺎﻟﺔ اﻟﻧﺳﺑﯾﺔ‪ ،‬ﻻن ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﯾﻧﻌﻘد ﺻﺣﯾﺣﺎ إذا اﺳﺗﺣﺎل ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﻣﻘﺎول ﻧﻔﺳﻪ إﻧﺟﺎزﻩ ﻷي ﺳﺑب‪ ،‬ﻛﺄن ﯾﻛون ذﻟك ﺑﺳﺑب ﻧﻘص اﻹﻣﻛﺎﻧﯾﺎت أو اﻟﻛﻔﺎءة ﻟدى اﻟﻣﻘﺎول ﻹﻧﺟﺎزﻩ‪ ،‬و إن‬
‫ﻛﺎن ﯾﺣق ﻟرب اﻟﻌﻣل ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺗﻲ ﺗﻣﻧﻊ اﻧﻌﻘﺎدﻩ اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪ ،‬أن ﺗﻛون ﻣطﻠﻘﺔ ﺑﺣﯾث ﻻ ﺗﻘﺗﺻر اﻻﺳﺗﺣﺎﻟﺔ ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﻣﻘﺎول ﻧﻔﺳﻪ‪ ،‬و إﻧﻣﺎ ﯾﺳﺗﺣﯾل ﻋﻠﻰ أي ﺷﺧص آﺧر إﻧﺟﺎز اﻟﻌﻣل)‪.(2‬‬
‫‪ -2‬أن ﯾﻛون اﻟﻌﻣل ﻣﻌﯾﻧﺎ أو ﻗﺎﺑﻼ ﻟﻠﺗﻌﯾﯾن‪ ،‬و دﻟﯾﻠﻪ ذﻛر طﺑﯾﻌﺗﻪ و أوﺻﺎﻓﻪ ﺑﻛل دﻗﺔ دون أي ﻟﺑس أو ﻏﻣوض‪،‬‬
‫ﻓﺈذا ﻛﺎن اﻟﻌﻣل ﺗرﻣﯾم ﻣﻧزل ﻓﯾﺟب أن ﯾذﻛر ﺑﻛل وﺿوح ﻓﻲ اﻟﻌﻘد‪ ،‬و إذا ﻛﺎن اﻟﻣﺣل ﺑﻧﺎء ﻓﻲ اﻟﻐﺎﻟب ﯾﻛون‬
‫ﺑﺗﺻﻣﯾم ﻣﻌد ﻣن طرف ﻣﻬﻧدس ﻣﺧﺗص ﻣﻘروﻧﺎ ﺑدﻓﺗر اﻟﺷروط و اﻟﻣﻘﺎﯾﺳﺔ و اﻟﻣواد اﻟﻣطﻠوﺑﺔ)‪.(3‬‬
‫‪ -3‬ﻛﻣﺎ ﯾﺟب أن ﯾﻛون اﻟﻌﻣل ﻣﺷروﻋﺎ ﻓﻼ ﯾﺟب ﻣﺧﺎﻟﻔﺗﻪ ﻟﻠﻘﺎﻧون و اﻟﻧظﺎم و اﻵداب اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬و إﻻ ﻛﺎﻧت اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‬
‫ﺑﺎطﻠﺔ ﺑطﻼن ﻣطﻠﻘﺎ ﻓﻼ ﯾﺟب ﺑﻧﺎء ﻣﻧزل ﻟﻠﻘﻣﺎر أو ﺗﻬرﯾب ﺳﺟﯾن أو ﺑﺿﺎﺋﻊ اﻟﺟﻣﺎرك أو ﻣﺣﻼ ﻟﺗﻌﺎطﻲ‬
‫اﻟﻣﺧدرات)‪.(4‬‬

‫ﻣﻌوض ﻋﺑد اﻟﺗواب‪.‬اﻟﻣرﺟﻊ ﻓﻲ اﻟﺗﻌﻠﯾق ﻋﻠﻰ ﻧﺻوص اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ‪...).‬ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪ .(...‬ﻣﺟﻠد‪ .7‬ط ‪ .7‬ﻣﻛﺗﺑﺔ ﻋﺎﻟم اﻟﻔﻛر و اﻟﻘﺎﻧون‬ ‫‪1‬‬

‫ﻟﻠﻧﺷر و اﻟﺗوزﯾﻊ‪ .‬ﻣﺻر‪ .2004 .‬ص ص ‪.289-288‬‬


‫‪ 2‬ﻋدﻧﺎن إﺑراﻫﯾم اﻟﺳرﺣﺎن‪ .‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ .‬ص‪.26‬‬
‫‪ 3‬ﺑﺟﺎوي اﻟﻣدﻧﻲ‪ .‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ .‬ص ص‪.105-104‬‬
‫‪4‬ﻣﺣﻣد ﻟﺑﯾب ﺷﻧب‪ .‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ .‬ص‪.76‬‬
‫‪22‬‬
‫اﻟﻔﺻل اﻷول‪ :‬ﻣﺎﻫﯾﺔ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ وﻛﯾﻔﯾﺔ اﻧﻌﻘﺎدﻩ‬
‫ﺛﺎﻧﯾﺎ‪ :‬اﻷﺟر ﻓﻲ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‬
‫اﻷﺟر ﻫو ﻣﺣل اﻟﺗزام رب اﻟﻌﻣل‪ ،‬وﻫو اﻟﻌوض اﻟذي ﯾﻘﻊ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗﻘﻪ‪ ،‬ﻓﯾﻠﺗزم ﺑدﻓﻌﻪ ﻟﻠﻣﻘﺎول ﻛﻣﻘﺎﺑل ﻟﻣﺎ ﻗﺎم‬
‫ﺑﺈﻧﺟﺎزﻩ ﻣن ﻋﻣل‪ ،‬ﯾﺷﺗرط ﻓﯾﻪ ﻣﺎ ﯾﺷﺗرط ﻓﻲ أي ﻣﺣل اﻻﻟﺗزام ﺑﺄن ﯾﻛون ﻣوﺟودا و ﻣﺷروﻋﺎ و ﻣﻌﯾﻧﺎ أو ﻗﺎﺑﻼ‬
‫ﻟﻠﺗﻌﯾﯾن‪.‬‬
‫وﻋﻠﯾﻪ ﻻﺑد ﻣن وﺟود اﻷﺟر ﻓﻲ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪ ،‬و إﻻ اﻟﻌﻘد ﻣن ﻋﻘود اﻟﺗﺑرع‪ ،‬ﻓﻼ ﯾﻌﺗﺑر ﻣﻘﺎوﻟﺔ‪ ،‬و ﯾﻛون ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ‬
‫ﻋﻘدا ﻏﯾر ﻣﺳﻣﻰ)‪ ،(1‬ﻛﻣﺎ ﯾﺟب أن ﯾﻛون اﻵﺧر ﻣﺷروﻋﺎ أو ﻣﻣﺎ ﯾﺟوز اﻟﺗﻌﺎﻣل ﻓﯾﻪ وﻓﻘﺎ ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 93‬ﻣدﻧﻲ‬
‫ﺳﺎﻟﻔﺔ اﻟذﻛر‪ ،‬و ﻋﻠﯾﻪ ﻻ ﯾﺟوز ﻟرب اﻟﻌﻣل أن ﯾﺗﻌﻬد ﺑﺗﻘدﯾم ﻛﻣﯾﺔ ﻣن اﻟﻣﺧدرات إﻟﻰ اﻟﻣﻘﺎول ﻟﻠﻌﻣل اﻟذي ﯾﻧﺟزﻩ‪.‬‬
‫أﻣﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺗﻌﯾﯾن اﻷﺟر ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﯾﺗطﻠب ﻣن ﺣﯾث اﻷﺻل أن ﯾﻛون ﻣﻌﯾﻧﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﻘد‪ ،‬أو ﻋﻠﻰ اﻷﻗل أن ﯾﻛون‬
‫ﻗﺎﺑﻼ ﻟﻠﺗﻌﯾﯾن‪ ،‬إذا ﯾﻛﻔﻲ أﻻ ﯾﺧﺗﻠف اﻟطرﻓﺎن ﺑﺷﺄن ﺗﺣدﯾد ﻋﻧد إﺑرام اﻟﻌﻘد‪ ،‬ﻓﻬذا اﻻﺧﺗﻼف ﻫو اﻟذي ﯾﻣﻧﻊ ﻣن وﺟود‬
‫اﻟﺗراﺿﻲ ﻋﻠﯾﻪ‪ ،‬أﻣﺎ إذا ﻏﻔل اﻟطرﻓﺎن وﻟم ﯾﺗطرﻗﺎ إﻟﻰ ﺗﺣدﯾدﻩ ﻓﺈن ذﻟك ﻻ ﯾﻣﻧﻊ ﻣن اﻧﻌﻘﺎد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪ ،‬إذ ﯾﺗﻛﻔل‬
‫اﻟﻘﺎﻧون ﺑﺗﺣدﯾدﻩ)‪ ،(2‬و ﻋﻠﻰ ذﻟك ﻓﺎن اﻷﺟر ﻓﻲ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻗد ﯾﺗﺣدد ﺑﺎﺗﻔﺎق اﻟﻣﺗﻌﺎﻗدﯾن‪ ،‬وﻗد ﯾﺗﺣدد وﻓﻘﺎ ﻟﻠﻘﺎﻧون‪.‬‬
‫‪ -1‬ﺗﺣدﯾد اﻷﺟر ﺑﺎﺗﻔﺎق ﻟﻠﻣﺗﻌﺎﻗدﯾن‪ :‬ﻟﻠﻣﺗﻌﺎﻗدﯾن أن ﯾﺗﻔﻘﺎ ﻋﻠﻰ أي أﺟر ﯾرﺗﺿﯾﺎﻧﻪ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑل اﻟﻌﻣل ﻣﺣل اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪،‬‬
‫و اﻷﺻل أن ﯾﻛون ﻫذا اﻷﺟر ﻣﺑﻠﻐﺎ ﻣن اﻟﻧﻘود ﯾدﻓﻌﻪ رب اﻟﻌﻣل إﻟﻰ اﻟﻣﻘﺎول‪ ،‬و ﻣﻊ ذﻟك ﻟﯾس ﻫﻧﺎك ﻣﺎ ﯾﻣﻧﻊ ﻣن‬
‫أن ﯾﻛون اﻷﺟر ﻏﯾر اﻟﻧﻘود‪ ،‬ﻛﺄن ﯾﻛون أﺳﻬﻣﺎ أو ﺳﻧدات أو ﻏﯾر ذﻟك ﻣن اﻟﻣﺎل اﻟﻣﻧﻘول أو اﻟﻌﻘﺎر)‪.(3‬‬
‫و ﯾﺣدد اﻟﻣﺗﻌﺎﻗدﯾن اﻷﺟر ﻓﻲ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪ ،‬ﺑﺣﯾث ﯾﻌﻠم ﻗدرﻩ و أوﺻﺎﻓﻪ ﻣن وﻗت إﺑراﻣﻪ‪ ،‬و ﯾﺗم ذﻟك ﺻراﺣﺔ ﻛﻣﺎ‬
‫ﯾﺣﺻل ﺿﻣﻧﯾﺎ‪ ،‬ﻛﺄن ﯾﺗﺑﯾن ﻣن ظروف اﻟﺗﻌﺎﻗد أن اﻟﻣﺗﻌﺎﻗدﯾن ﻗد ﻧوﯾﺎ اﻋﺗﻣﺎد اﻷﺟر اﻟﻣﺗداول ﻓﻲ اﻟﻣﻬﻧﺔ‪ ،‬أو اﻷﺟر‬
‫اﻟذي ﺟرى ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺗﻌﺎﻣل ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ‪ ،‬ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﺎ إذا ﻛﺎن اﻟﻣﻘﺎول ﻗد ﺳﺑق و أﻧﺟز ﻟرب اﻟﻌﻣل أﻋﻣﺎﻻ ﻣن ﻧﻔس ﻧوع‬
‫اﻟﻌﻣل اﻟﻣﺗﻔق ﻋﻠﯾﻪ)‪.(4‬‬
‫و ﻣﻬﻣﺎ ﯾﻛن ﻣن اﻷﻣر‪ ،‬ﻓﺈن ﺗﺣدﯾد اﻷﺟر ﺑواﺳطﺔ اﻟﻣﺗﻌﺎﻗدﯾن‪ ،‬ﯾﺗم ﺑﺄﺳﻠوﺑﯾن‪:‬‬

‫‪ 1‬ﻓﺗﯾﺣﺔ ﻗرة‪ .‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎب‪ .‬ص‪.101‬‬


‫‪2‬‬
‫‪Huet Jérome . Traité de droit civil. Les principaux contats spéciaux. Presse universitaire de France.‬‬
‫‪Paris .1996 .P1184 et s.‬‬
‫‪3‬ﻋﺑد اﻟرزاق أﺣﻣد اﻟﺳﻧﻬوري‪ .‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ .‬ص‪.57‬‬
‫‪ 4‬ﻣﺣﻣد ﻟﺑﯾب ﺷﻧب‪ .‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ .‬ص ص‪.80-79‬‬
‫‪23‬‬
‫اﻟﻔﺻل اﻷول‪ :‬ﻣﺎﻫﯾﺔ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ وﻛﯾﻔﯾﺔ اﻧﻌﻘﺎدﻩ‬
‫اﻷﺳﻠوب اﻷول‪ :‬و ﻓﯾﻪ ﯾﺣدد اﻷﺟر إﺟﻣﺎﻻ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑل اﻷﻋﻣﺎل‪ ،‬ﻛﻣﺎ ﻟو اﻟﺗزم ﻣﻘﺎول ﺑﺗﺷﯾﯾد ﻣﻧزل وﻓﻘﺎ‬
‫ﻷوﺻﺎف ﻣﻌﯾﻧﺔ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑل ﻣﻠﯾون دﯾﻧﺎر ﺟزاﺋري‪ ،‬و ﯾطﻠق ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻟﻌﻘد اﻟذي ﯾﺗﺣدد ﻓﯾﻪ اﻷﺟر ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻟﻧﺣو‬
‫ﺑﺎﻟﻌﻘد اﻟﺟزاﻓﻲ‪ ،‬و ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻌﻘد ﯾﻠﺗزم رب اﻟﻌﻣل ﺑدﻓﻊ اﻷﺟر اﻟﻣﺗﻔق ﻋﻠﯾﻪ إﻟﻰ اﻟﻣﻘﺎول دون ﻧﻘص أو زﯾﺎدة‪،‬‬
‫وﺑﺻرف اﻟﻧظر ﻋن اﻟوﻗت واﻟﺟﻬد اﻟذي ﺑذﻟﻬﻣﺎ ﻫذا اﻷﺧﯾر ﻓﻲ اﻟﻘﯾﺎم ﺑﺎﻟﻌﻣل‪ ،‬دون اﻋﺗداد ﺑﻣﺎ ﯾطرأ ﻣن ﺣوادث‬
‫ﺗﺟﻌل ﺗﻧﻔﯾذ اﻟﻌﻘد ﺻﻌﺑﺎ أو ﻣرﻫﻘﺎ‪.‬‬
‫و ﯾﺗﻣﯾز ﻫذا اﻷﺳﻠوب أﻧﻪ ﯾﺗﯾﺢ ﻟرب اﻟﻌﻣل أن ﯾﻌرف ﻣﻘدﻣﺎ ﻣﻘدار اﻷﺟر اﻟذي ﯾﻠﺗزم ﺑﺗﺳددﻩ ﻟﻠﻣﻘﺎول‪ ،‬و ﻟﻛن‬
‫ﯾﻌﯾب ﻫذا اﻷﺳﻠو ب ﻣن اﻟﺗﻌﺎﻣل ﺑﯾن رب اﻟﻌﻣل و اﻟﻣﻘﺎول‪ ،‬أن ﻫذا اﻷﺧﯾر ﯾﺳﻌﻰ ﺟﺎﻫدا إﻟﻰ اﻻﻗﺗﺻﺎد ﻓﻲ ﺗﻛﺎﻟﯾف‬
‫اﻷﻋﻣﺎل ﻟﯾﺣﻘق رﺑﺣﺎ أﻛﺑر‪ ،‬و ﯾﻛون ذﻟك ﻋﺎدة ﻋﻠﻰ ﺣﺳﺎب ﺟودة اﻟﻌﻣل‪ ،‬و ﻗد ﻻ ﯾﺗﻣﻛن اﻟﻣﻘﺎول ﻣن اﻻﻗﺗﺻﺎد‬
‫ﻓﻲ اﻟﺗﻛﺎﻟﯾف‪ ،‬و ﺗرﺗﻔﻊ اﻷﺳﻌﺎر ﻓﻲ أﺛﻧﺎء ﺗﻧﻔﯾذ اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ أو ﺗرﺗﻔﻊ أﺟور اﻟﻌﻣﺎل‪ ،‬ﻓﯾﺗﺣﻣل ذﻟك ﻷن أﺟرﻩ ﻗدر‬
‫إﺟﻣﺎﻟﯾﺎ‪ ،‬ﻣﻊ اﻷﺧذ ﻓﻲ اﻻﻋﺗﺑﺎر ﺣﺎﻟﺔ اﻟظروف اﻟطﺎرﺋﺔ‪ ،‬ﻋﻧد ذﻟك ﺗﻧظر اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﻓﻲ إﻋﺎدة اﻟﺗوازن اﻻﻗﺗﺻﺎدي‬
‫ﻟﻌﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ)‪.(1‬‬
‫اﻷﺳﻠوب اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬وﻓﯾﻪ ﯾﺣدد اﻷﺟر ﺑواﺳطﺔ اﻟﻣﺗﻌﺎﻗدﯾن ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟوﺣدة وﯾﺷﻣل ﻓﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﻫذا اﻷﺳﻠوب ﻓﻲ‬
‫ﺗﺣدﯾد اﻷﺟر ﺻورﺗﯾن‪:‬‬
‫ﻓﻘد ﯾﺗم إﻋداد ﻣﻘﺎﯾﺳﺔ ﻣﻘدﻣﺎ ﺗﺣﺗوي ﻋﻠﻰ ﺑﯾﺎن ﻣﻔﺻل ﻟﻸﻋﻣﺎل اﻟواﺟب اﻟﻘﯾﺎم ﺑﻬﺎ‪ ،‬و اﻟﻣواد اﻟواﺟب اﺳﺗﺧداﻣﻬﺎ و‬
‫اﻷﺟر اﻟواﺟب دﻓﻌﻪ ﻋن ﻛل ﻋﻣل و أﺳﻌﺎر اﻟﻣواد اﻟﻣﺳﺗﺧدﻣﺔ‪ ،‬ﻓﯾذﻛر ﻓﻲ اﻟﻣﻘﺎﯾﺳﺔ ﻣﺛﻼ أن اﻟﻣطﻠوب ﻫو ﻛذا ﻣﺗر‬
‫ﻣن اﻟﻣﺑﺎﻧﻲ ﻛل ﻣﺗر ﺑﺳﻌر ﻛذا‪ ،‬و ﻗد ﯾﻘوم اﻟﻣﻘﺎول ﺑﺟﻣﯾﻊ اﻷﻋﻣﺎل اﻟﻣطﻠوﺑﺔ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﻓﺋﺎت اﻷﺛﻣﺎن‪ ،‬ﻓﻘد ﺟرى‬
‫اﻟﻌﻣل ﻓﻲ ﻣﻘﺎوﻻت اﻟﻣﺑﺎﻧﻲ ﻋﻠﻰ ﺗﺣدﯾد ﺛﻣن ﻟﻛل ﻧوع ﻣن اﻷﻋﻣﺎل اﻟﻼزﻣﺔ ﻹﻗﺎﻣﺔ اﻟﺑﻧﺎء‪ ،‬ﻛﺳﻌر اﻟﻣﺗر اﻟواﺣد ﻣن‬
‫اﻟﺣدﯾد أو ﺳﻌر اﻟﻣﺗر اﻟواﺣد ﻣن اﻟﺑﻧﺎء و ﻏﯾرﻫﺎ‪ ،‬و ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﺗم اﻟﻣﻘﺎول ﻫذﻩ اﻷﻋﻣﺎل‪ ،‬ﺗﻘدر ﻋﻠﻰ اﻟطﺑﯾﻌﺔ و ﺗﻌرف‬
‫و‬ ‫ﻛﻣﯾﺎت ﻛل ﻣﻧﻬﺎ‪ ،‬ﺛم ﯾرﺟﻊ إﻟﻰ ﻓﺋﺎت اﻷﺛﻣﺎن اﻟﻣﺗﻘدم ذﻛرﻫﺎ ﻟﻣﻌرﻓﺔ أﺟر ﻛل ﻋﻣل و ﻣﺟﻣوع أﺟر اﻟﻣﻘﺎول‪.‬‬
‫ﻣن اﻟظﺎﻫر إن ﻛﺎن ﺗﺣدﯾد اﻷﺟر ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﻣﻘﺎﯾﺳﺔ‪ ،‬ﯾﻣﻛن ﺻﺎﺣب اﻟﻌﻣل ﻣن ﻣﻌرﻓﺔ ﻗﯾﻣﺔ اﻷﺟر ﻗﺑل إﻗدام‬

‫‪ 1‬ﻗدري ﻋﺑد اﻟﻔﺗﺎح اﻟﺷﻬﺎوي‪ .‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ .‬ص‪.77‬‬


‫‪24‬‬
‫اﻟﻔﺻل اﻷول‪ :‬ﻣﺎﻫﯾﺔ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ وﻛﯾﻔﯾﺔ اﻧﻌﻘﺎدﻩ‬
‫اﻟﻣﻘﺎول ﻋﻠﻰ ﺗﻧﻔﯾذ اﻟﻌﻣل ﻣﺣل اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪ ،‬وﻟو ﻋﻠﻰ وﺟﻪ ﺗﻘرﯾﺑﻲ‪ ،‬ﻓﺈن ﺗﻘدﯾر اﻷﺟر ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﺛﻣن اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ‪ ،‬ﻻ‬
‫ﯾﻣﻛن اﻟﻌﻣل ﻣن ﻣﻌرﻓﺔ ﻫذا اﻷﺟر‪ ،‬إﻻ ﺑﻌد اﻧﺗﻬﺎء اﻟﻣﻘﺎول ﻣن ﺗﻧﻔﯾذ اﻟﻌﻣل ﻛﺎﻣﻼ)‪.(1‬‬
‫‪-2‬ﺗﺣدﯾد اﻷﺟر ﺑواﺳطﺔ اﻟﻘﺎﻧون‪ :‬إذا ﻟم ﯾﺗﻔق اﻟﻣﺗﻌﺎﻗدان ﻋﻠﻰ اﻷﺟر ﺻراﺣﺔ و ﻻ ﺿﻣﻧﺎ‪ ،‬و ﻟم ﯾﺗﺿﻣن اﻟﻌﻘد ﻣﺎ‬
‫ﯾﺳﻣﺢ ﺑﺗﺣدﯾد ﻫذا اﻷﺟر ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺗﻘﺑل‪ ،‬ﻓﺈن ذﻟك ﻻ ﯾﻣﻧﻊ ﻣن اﻧﻌﻘﺎد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪ ،‬ﺣﯾث ﯾﺗﻛﻔل اﻟﻘﺎﻧون ﺑﺗﺣدﯾدﻩ ﻓﻲ ﻫذﻩ‬
‫اﻟﺣﺎﻟﺔ‪ ،‬ﻓﻘد ﻧﺻت اﻟﻣﺎدة ‪ 562‬ﻣن ق م ج" إذا ﻟم ﯾﺣدد اﻷﺟر ﺳﻠﻔﺎ وﺟب اﻟرﺟوع ﻓﻲ ﺗﺣدﯾدﻩ إﻟﻰ ﻗﯾﻣﺔ اﻟﻌﻣل و‬
‫ﻧﻔﻘﺎت اﻟﻣﻘﺎول‪ ،‬ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﺗﺟب اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ أن اﻟطرﻓﯾن اﻟﻠذﯾن ﻟم ﯾﺣدد اﻷﺟر ﺳﻠﻔﺎ ﻋﻧد إﺑرام ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪ ،‬ﻓﺈﻧﻪ‬
‫ﺑﺈﻣﻛﺎﻧﻬﻣﺎ ﺗﺣدﯾدﻩ ﺑﻌد ذﻟك ﺑﺎﻻﺗﻔﺎق ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ"‪ ،‬و ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﯾﻠﺗزم رب اﻟﻌﻣل ﺑوﻓﺎء ﻫذا اﻷﺟر ﻛﻣﺎ ﻟو ﻛﺎن ﻗد‬
‫أﺗﻔق ﻋﻠﯾﻪ وﻓق اﻟﺗﻌﺎﻗد‪ ،‬أﻣﺎ إذا اﺧﺗﻠف اﻟﻣﺗﻌﺎﻗدﯾن ﺑﻌد إﺑرام اﻟﻌﻘد و إﺗﻣﺎم اﻟﻌﻣل ﺣول اﻷﺟر اﻟﻣﺳﺗﺣق ﻋﻧﻪ‪ ،‬ﻓﺈن‬
‫ﻟﻛل ﻣﻧﻬﻣﺎ أن ﯾﻠﺟﺄ إﻟﻰ اﻟﻘﺿﺎء ﺑطﻠب ﺗﺣدﯾد أﺟر اﻟﻣﻘﺎول‪ ،‬و اﻟﻘﺿﺎء ﻓﻲ ﺗﺣدﯾد ﻟﻬذا اﻷﺟر ﯾرﺟﻊ إﻟﻰ ﻗﯾﻣﺔ‬
‫اﻟﻌﻣل و ﻧﻔﻘﺎت اﻟﻣﻘﺎول‪ ،‬وﻓﻘﺎ ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 562‬ﻣن ق م ج اﻟﻣذﻛورة أﻋﻠﻰ‪.‬‬
‫اﻵﺗﯾﺔ)‪:(2‬‬ ‫اﻟﻌﻧﺎﺻر‬ ‫ﻣراﻋﺎة‬ ‫اﻟﻣﻘﺎول‬ ‫ﻷﺟر‬ ‫ﺗﻘدﯾرﻩ‬ ‫ﻓﻲ‬ ‫اﻟﻘﺎﺿﻲ‬ ‫ﻋﻠﻰ‬ ‫ﯾﺗﻌﯾن‬ ‫ذﻟك‬ ‫ﻋﻠﻰ‬ ‫و‬
‫‪ -‬طﺑﯾﻌﺔ اﻟﻌﻣل ﻣن ﺣﯾث ﺻﻌوﺑﺔ ﺗﻧﻔﯾذﻩ و اﻷﺧطﺎر و اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺎت اﻟﺗﻲ ﯾﺗﻌرض ﻟﻬﺎ اﻟﻣﻘﺎول ﻓﻲ اﻟﻘﯾﺎم ﺑﻪ و‬
‫ﻛذﻟك ﻣدى اﻟﺧﺑرة و اﻟﻣﻬﺎرة اﻟﺗﻲ ﯾﺗطﻠﺑﻬﺎ‪.‬‬
‫‪ -‬اﻟوﻗت اﻟذي اﺳﺗﻐرﻗﻪ ﺗﻧﻔﯾذ اﻟﻌﻣل‪.‬‬
‫‪ -‬ﻣﻛﺎن اﻟﻌﻣل وﻣدى ﻗرﺑﻪ أو ﺑﻌدﻩ ﻋن اﻟﻌﻣران و اﻟﻣواﺻﻼت‪.‬‬
‫‪ -‬أﺛﻣﺎن اﻟﻣواد اﻟﻣﺳﺗﺧدﻣﺔ ﻣن ﻗﺑل اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻓﻲ ﺗﻧﻔﯾذ اﻟﻌﻣل‪ ،‬و ﻛذﻟك أﺟور اﻟﻌﻣﺎل اﻟذﯾن اﺳﺗﻌﺎن ﺑﻬم‪.‬‬
‫– ﻣؤﻫﻼت اﻟﻣﻘﺎول و ﻛﻔﺎءﺗﻪ و ﺳﻣﻌﺗﻪ‪.‬‬
‫و ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺄﺟر اﻟﻣﻬﻧدس اﻟﻣﻌﻣﺎري‪ ،‬ﻧﺻت اﻟﻣﺎدة ‪ 563‬ﻣن ق م ج ﻋﻠﻰ أﻧﻪ‪":‬ﯾﺳﺗﺣق اﻟﻣﻬﻧدس اﻟﻣﻌﻣﺎري‬
‫اﻷﻋﻣﺎل‪.‬‬ ‫إدارة‬ ‫ﻋن‬ ‫آﺧر‬ ‫و‬ ‫اﻟﻣﻘﺎﯾﺳﺔ‬ ‫ﻋﻣل‬ ‫و‬ ‫اﻟﺗﺻﻣﯾم‬ ‫وﺿﻊ‬ ‫ﻋن‬ ‫ﻣﺳﺗﻘﻼ‬ ‫أﺟرا‬
‫و ﺗﺣدد اﻷﺟرة وﻓﻘﺎ ﻟﻠﻌﻘد"‪.‬‬

‫‪ 1‬ﻋﺑد اﻟرزاق أﺣﻣد اﻟﺳﻧﻬوري‪ .‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ .‬ص ص‪.58-57‬‬


‫ﻣﺣﻣد ﻟﺑﯾب ﺷﻧب‪ .‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ .‬ص‪.84‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪25‬‬
‫اﻟﻔﺻل اﻷول‪ :‬ﻣﺎﻫﯾﺔ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ وﻛﯾﻔﯾﺔ اﻧﻌﻘﺎدﻩ‬
‫و ﻋﻠﯾﻪ ﯾﺣدد أﺟر اﻟﻣﻬﻧدس اﻟﻣﻌﻣﺎري ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ اﻻﺗﻔﺎق ﻣﻊ رب اﻟﻌﻣل‪ ،‬ﯾﺳﺗﺣق أﺟرا ﻋن ﺗﺣدﯾد اﻟﺗﺻﻣﯾم‬
‫واﻟﻣﻘﺎﯾﺳﺔ و أﺟرا آﺧر ﻋن إدارة اﻷﻋﻣﺎل‪ ،‬و ﻟﯾس ﻫﻧﺎك ﻣﺎ ﯾﻣﻧﻊ ﻣن أن ﯾﺣدد اﻻﺗﻔﺎق أﺟر اﻟﻌﺎﻣﻠﯾن أو أﺣد‬
‫ﻟﻠﻌﻣﻠﯾن دون ﺗﺣدﯾد ﻧﺻﯾب ﻛل ﻣﻧﻬﻣﺎ ﻓﻲ اﻷﺟر‪ ،‬و ذﻟك ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﺎ إذا ﻋﻬد إﻟﻰ اﻟﻣﻬﻧدس اﻟﻣﻌﻣﺎري ﺑﺎﻟﻌﻣﻠﯾن‬
‫ﻣﻌﺎ)‪ ،(1‬و ﯾﻼﺣظ ﻣن ﺧﻼل اﻟﻣﺎدة ‪ 563‬ﻣن ق م ج ﺳﺎﻟﻔﺔ اﻟذﻛر‪ ،‬أن اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﻟم ﯾﺑﯾن اﻟﺣﻛم ﻓﻲ اﻟﺣﺎﻟﺔ‬
‫اﻟﺗﻲ ﻻ ﯾﺗطرق ﻓﯾﻬﺎ رب اﻟﻌﻣل واﻟﻣﻬﻧدس اﻟﻣﻌﻣﺎري إﻟﻰ ﺗﺣدﯾد ﻣﻘدار اﻷﺟر اﻟﻣﺳﺗﺣق ﻟﻬذا اﻷﺧﯾر‪،‬ﻏﯾر أﻧﻪ ﺗدارك‬
‫اﻟﻘﺻور اﻟذي اﻋﺗرى ﻧص اﻟﻣﺎدة و ذﻟك ﻣن ﺧﻼل اﻟﻣﺎدة ‪ 21‬ﻣن اﻟﻣرﺳوم اﻟﺗﺷرﯾﻌﻲ ‪ 07/94‬اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ‬
‫‪ ،1994/05/18‬اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﺷروط اﻹﻧﺗﺎج اﻟﻣﻌﻣﺎري وﻣﻣﺎرﺳﺔ ﻣﻬﻧﺔ اﻟﻣﻬﻧدس اﻟﻣﻌﻣﺎري)‪ ،(2‬ﺣﯾن ﻗﺿت ﺑﺄن ﯾﺣدد‬
‫ﻗﺎﻧون اﻟوﺟﺑﺎت اﻟﻣﻬﻧﯾﺔ اﻟﻘواﻋد اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺄﺗﻌﺎب اﻟﻣﻬﻧدﺳﯾن اﻟﻣﻌﻣﺎرﯾﯾن‪ ،‬و اﻟﻐﺎﻟب أن ﺗﻛون أﺣﻛﺎم ﻫذا اﻟﻘﺎﻧون‬
‫ﻣﺳﺗﻣدة ﻣن أﻋراف ﻣﻬﻧﺔ اﻟﻣﻬﻧدس اﻟﻣﻌﻣﺎري‪.‬‬
‫اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬ﺻور إﺑرام ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‬
‫ﻗد ﯾﺑرم ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻣﺑﺎﺷرة ﺑﯾن اﻟﻣﻘﺎول و رب اﻟﻌﻣل‪ ،‬ﻋﻠﻰ أن ﯾﻘوم اﻟﻣﻘﺎول ﺑﺎﻧﺟﺎز اﻟﻌﻣل اﻟﻣﺗﻔق ﻋﻠﯾﻪ ﺑﻧﻔﺳﻪ أو‬
‫ﺑواﺳطﺔ ﻋﻣﺎل ﯾﻌﻣﻠون ﺗﺣت إﺷراﻓﻪ و ﺗوﺟﯾﻬﻪ‪.‬‬
‫ﻏﯾر أﻧﻪ ﻗد ﯾﺣﺻل ﻓﻲ ﺑﻌض اﻟﺣﺎﻻت‪ ،‬ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﻛون ﻣﺎ اﻟﺗزم ﺑﻪ اﻟﻣﻘﺎول ﯾﻘﺗﺿﻲ ﻣﻧﻪ اﻧﺟﺎز أﻋﻣﺎل ﻣﺗﻧوﻋﺔ ﺗﺣﺗﺎج‬
‫إﻟﻰ ﺧﺑرات ﻋدﯾدة و ﺟﻬود ﻻ ﯾﻣﻛن اﻟﻘﯾﺎم ﺑﻬﺎ ﻟوﺣدﻩ ﻣﻣﺎ ﯾﺟﻌﻠﻪ ﯾﻠﺟﺄ إﻟﻰ اﻻﺗﻔﺎق ﻣﻊ ﻣﻘﺎول آﺧر‪ ،‬ﻟﯾﻘوم ﻫذا‬
‫اﻷﺧﯾر ﻣﺳﺗﻘﻼ ﺑﻌﻣل ﻣﻌﯾن ﻣن اﻷﻋﻣﺎل اﻟﺗﻲ ﺗﻘﺗﺿﯾﻬﺎ اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ أو أن ﯾﻘوم ﺑﻛل اﻟﻌﻣل اﻟذي ﺗﻌﻬد اﻟﻣﻘﺎول اﻷول‬
‫ﺑﺈﻧﺟﺎزﻩ‪ ،‬و ﻫو ﻣﺎ ﯾﻌرف ﺑﺎﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻣن اﻟﺑﺎطن أو ﻛﻣﺎ أطﻠق ﻋﻠﯾﻬﺎ اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ اﻟﻔرﻋﯾﺔ‪.‬‬
‫و ﺑﻧﺎء ﻋﻠﯾﻪ ﻗﺳﻣت ﻫذا اﻟﻣطﻠب إﻟﻰ ﻓرﻋﯾن‪ ،‬اﻷول ﺑﻌﻧوان إﺑرام اﻟﻌﻘد ﺑطرﯾﻘﺔ ﻣﺑﺎﺷرة –رب اﻟﻌﻣل و اﻟﻣﻘﺎول‪ -‬و‬
‫اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ ﺑﻌﻧوان إﺑرام اﻟﻌﻘد ﺑطرﯾﻘﺔ ﻏﯾر ﻣﺑﺎﺷرة‪-‬اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ اﻟﻔرﻋﯾﺔ‪.(3)-‬‬

‫‪ 1‬ﻋﺑد اﻟرزاق أﺣﻣد اﻟﺳﻧﻬوري‪ .‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ .‬ص‪.177‬‬


‫‪ 2‬اﻟﺟرﯾدة اﻟرﺳﻣﯾﺔ ﻟﻠﺟﻣﻬورﯾﺔ اﻟﺟزاﺋرﯾﺔ‪ .‬اﻟﻌدد ‪ .32‬ﺳﻧﺔ‪.1994‬‬
‫‪ 3‬أﻧظر اﻟﻣﺎدﺗﯾن ‪ 564‬و ‪565‬ﻣن اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ اﻟﺟزاﺋري‪.‬‬
‫‪26‬‬
‫اﻟﻔﺻل اﻷول‪ :‬ﻣﺎﻫﯾﺔ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ وﻛﯾﻔﯾﺔ اﻧﻌﻘﺎدﻩ‬
‫اﻟﻔرع اﻷول‪ :‬إﺑرام اﻟﻌﻘد ﺑطرﯾﻘﺔ ﻣﺑﺎﺷرة‬
‫ﺗﻌﺗﺑر ﻫذﻩ اﻟﺻورة ‪-‬إﺑرام اﻟﻌﻘد ﻣﺑﺎﺷرة ﺑﯾن اﻟﻣﻘﺎول و رب اﻟﻌﻣل‪ -‬اﻟﺷﻛل اﻟﻐﺎﻟب اﻟوﻗوع‪ ،‬ﺣﯾث ﯾﺗم اﻻﺗﻔﺎق‬
‫ﻣﺑﺎﺷرة ﺑﯾن اﻟﻣﻘﺎول اﻟﻣﻧﻔذ و رب اﻟﻌﻣل‪ ،‬ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻣل اﻟﻣطﻠوب إﻧﺟﺎزﻩ و ﻛذا اﻷﺟر اﻟﻣﺳﺗﺣق ﻟﻪ ﻛﻣﻘﺎﺑل ﻟذﻟك‪ ،‬و‬
‫ﯾﺗم إﺑرام اﻟﻌﻘد ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﺑﻌدة طرق‪ ،‬ﻓﻘد ﯾﺗم اﻟﺗﻌﺎﻗد ﺑﯾن اﻟﻣﻘﺎول و رب اﻟﻌﻣل ﺑطرﯾﻘﺔ اﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ أو ﻋن‬
‫طرﯾق اﻟﻣﺳﺎﺑﻘﺔ‪ ،‬ﻛﻣﺎ ﻗد ﺗﺗم ﻋن طرﯾق ﺗﻘدﯾم ﻋطﺎءات أو ﻣﺎ ﯾﺳﻣﻰ ﺑﺎﻟﻣﻧﺎﻗﺻﺔ‪ ،‬و ﻟﺗﻔﺻﯾل أﻛﺛر ﻧﺗﺑﻊ اﻟﺗﻘﺳﯾم‬
‫اﻟﺗﺎﻟﻲ‪:‬‬
‫أوﻻ‪ :‬اﻟﺗﻌﺎﻗد ﺑطرﯾﻘﺔ اﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ‬
‫ﺗﺑرم اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﺑﺎﻟطرﯾﻘﺔ اﻟﻌﺎدﯾﺔ ﻹﺑرام اﻟﻌﻘد‪ ،‬ﺑﺄن ﯾطﻠب رب اﻟﻌﻣل ﻣن اﻟﻣﻘﺎول أن ﯾﻘوم ﺑﺎﻧﺟﺎز ﻋﻣل ﻣﻌﯾن‬
‫ﻟﺣﺳﺎﺑﻪ ﻓﯾﻘﺑل اﻟﻣﻘﺎول ذﻟك‪ ،‬و ﻗد ﯾﻛون اﻟﻣﻘﺎول ﻫو ﻣن ﺑﺎدر ﺑﺎﻹﯾﺟﺎب وﻗﺑل رب اﻟﻌﻣل إﯾﺟﺎﺑﻪ‪ ،‬و اﻟطﺎﻟب ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ‬
‫ﻟﻠﻣﻘﺎوﻻت اﻟﻬﺎﻣﺔ أن ﯾﺳﺑق إﺑرام اﻟﻌﻘد ﻣرﺣﻠﺔ ﯾﺗﻔﺎوض ﻓﯾﻬﺎ اﻟطرﻓﺎن ﻋﻠﻰ ﺷروطﻪ و أوﺻﺎﻓﻪ‪ ،‬ﺣﺗﻰ ﻣﺎ إذا ﺗﻘﺎﺑﻠت‬
‫إرادﺗﻬﻣﺎ‪ ،‬أﺑرم اﻟﻌﻘد و ﯾطﻠق ﻋﻠﻰ ﻫذﻩ اﻟطرﯾﻘﺔ ﺗﺳﻣﯾﺔ اﻟﺗﻌﺎﻗد ﺑﺎﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ)‪.(1‬‬
‫و ﻻ ﺗرﺗب اﻟﻣﻔﺎوﺿﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﺗم ﺑﯾن اﻟﻣﻘﺎول و رب اﻟﻌﻣل أي أﺛر ﻗﺎﻧوﻧﻲ‪ ،‬ﻣن ﺣﯾث اﻷﺻل ﻓﻼ ﯾﻠﺗزم أي ﻣن‬
‫طرﻓﯾﻬﺎ ﺑﺄن ﯾﺳﺗﻣر ﻓﯾﻬﺎ ﺣﺗﻰ رإﺑ ام اﻟﻌﻘد‪ ،‬ﺑل ﯾﺟوز ﻟﻛل ﻣﻧﻬﻣﺎ أن ﯾﻘطﻌﻬﺎ ﻓﻲ أي وﻗت‪ ،‬و ﯾﺻرف اﻟﻧظر ﻋن‬
‫اﻟﺗﻌﺎﻗد ﻣﻊ اﻟطرف اﻵﺧر اﻟﻣﻔﺎوض‪ ،‬دون أن ﯾﻠﺗزم ﺑﺗﻌوﯾﺿﻪ)‪.(2‬‬
‫ﻏﯾر أﻧﻪ ﻗد ﯾﺣدث ﺧﻼل اﻟﺗﻔﺎوض ﻓﻲ ﻣﺟﺎل ﻣﻘﺎوﻻت اﻟﺑﻧﺎء‪ ،‬أن ﯾﻘوم اﻟﻣﻘﺎول ﺑﺈﻋداد ﻣﻘﺎﯾﺳﺔ ﻟﻠﺑﻧﺎء اﻟﻣﻔﺗرض‬
‫إﻗﺎﻣﺗﻪ‪ ،‬ﺗﺗﺿﻣن ﺑﯾﺎن ﻣﻔﺻل ﻟﻸﻋﻣﺎل اﻟواﺟب اﻟﻘﯾﺎم ﺑﻬﺎ و اﻷﺟر اﻟذي ﯾﺣدد ﻟﻛل ﻣﻧﻬﻣﺎ أو اﻷﺟر اﻹﺟﻣﺎﻟﻲ ﻟﻬﺎ‪،‬‬
‫ﻛﻣﺎ ﯾﻘوم اﻟﻣﻬﻧدس اﻟﻣﻌﻣﺎري ﺑوﺿﻊ ﺗﺻﻣﯾم ﻟﻠﺑﻧﺎء‪ ،‬ﻣﻣﺎ ﯾدﻓﻌﻧﺎ إﻟﻰ اﻟﺗﺳﺎؤل ﻋﻣﺎ إذا ﻛﺎن ﻫذا اﻟﻌﻣل ﻗد ﯾﻣس أو‬
‫ﯾؤﺛر ﻋﻠﻰ ﺣرﯾﺔ رب اﻟﻌﻣل ﻓﻲ ﻗطﻊ اﻟﻣﻔﺎوﺿﺎت دون أن ﯾﻠﺗزم ﺑﺗﻌوﯾض اﻟﻣﻘﺎول أو اﻟﻣﻬﻧدس اﻟﻣﻌﻣﺎري ؟‬
‫ﯾﻣﻛن اﻟﺗﺄﻛد ي ﻫذا اﻟﺻدد ﻋﻠﻰ أن ﻗﯾﺎم اﻟﻣﻘﺎول أو اﻟﻣﻬﻧدس اﻟﻣﻌﻣﺎري ﺑﺎﻟﻌﻣل‪ ،‬ﻣﺑﺎدرة ﻣﻧﻪ و دون طﻠب ﻣن رب‬
‫اﻟﻌﻣل‪ ،‬ﺑﻐﯾﺔ ﺗﺷﺟﯾﻊ ﻫذا اﻷﺧﯾر ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻌﺎﻗد ﻣﻌﻪ‪ ،‬ﻓﺈن ذﻟك ﻻ ﯾﻘﯾد ﺣرﯾﺔ اﻟﻌﻣل ﻓﻲ اﻟﻌدول ﻋن اﻟﺗﻌﺎﻗد دون أن‬

‫ﻣﺣﻣد ﻟﺑﯾب ﺷﻧب‪ .‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ .‬ص‪.87‬‬ ‫‪1‬‬

‫ﻓﺗﯾﺣﺔ ﻗرة‪ .‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ .‬ص‪.84‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪27‬‬
‫اﻟﻔﺻل اﻷول‪ :‬ﻣﺎﻫﯾﺔ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ وﻛﯾﻔﯾﺔ اﻧﻌﻘﺎدﻩ‬
‫ﯾﻠﺗزم ﺑﺗﻌوﯾض أي ﻣﻧﻬﺎ ﻋن اﻟوﻗت و اﻟﻧﻔﻘﺎت اﻟﺗﻲ ﺑذﻟت ﻣﻧﻬﻣﺎ ﻓﻲ ﺳﺑﯾل إﻋداد اﻟﻣﻘﺎﯾﺳﺔ أو وﺿﻊ اﻟﺗﺻﻣﯾم)‪.(1‬‬
‫و ﻟﻛن اﻟﺳؤال ﯾطرح ﺣول ﺣق ﻛل ﻣن اﻟﻣﻘﺎول و اﻟﻣﻬﻧدس اﻟﻣﻌﻣﺎري ﻓﻲ اﻟﺗﻌوﯾض‪ ،‬ﻣﺗﻰ ﻛﺎن ﻋﻣل اﻟﻣﻘﺎﯾﺳﺔ أو‬
‫وﺿﻊ اﻟﺗﺻﻣﯾم ﻗد ﺗم ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ طﻠب رب اﻟﻌﻣل؟‬
‫و ﻋﻠﯾﻪ ﻻﺑد ﻣن اﻟﺗﻣﯾﯾز ﺑﯾن ﻣرﻛز ﻣﻘﺎول إﻧﺟﺎز اﻟﻣﺑﺎﻧﻲ و اﻟﻣﻬﻧدس اﻟﻣﻌﻣﺎري‪ ،‬ﻓﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ إﻧﺟﺎز اﻟﻣﺑﺎﻧﻲ و‬
‫اﻟﻣﻧﺷﺂت اﻟﻣﻌﻣﺎرﯾﺔ ‪ ،‬ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﯾﺟوز ﻟﻪ أن ﯾطﺎﻟب ﺑﺗﻌوﯾض ﻋن اﻟﻧﻔﻘﺎت اﻟﺗﻲ ﺻرﻓﻬﺎ ﻣن أﺟل إﻋداد اﻟﻣﻘﺎﯾﺳﺔ ﻓﻲ‬
‫ﺣﺎﻟﺔ رﻓﺿﻬﺎ ﻣن ﻗﺑل رب اﻟﻌﻣل‪ ،‬و ﻟو ﻛﺎن ﻫذا اﻷﺧﯾر ﻫو ﻣن طﻠب ﻣﻧﻪ إﻋدادﻫﺎ‪ ،‬و ﻫذا ﻋﻠﻰ أﺳﺎس أن‬
‫اﻟﻣﻘﺎول ﯾﻌﺗﺑر ﺗﺎﺟرا و أﻧﻪ ﯾدﺧل ﻓﻲ ﺣﺳﺎب ﻧﻔﻘﺎﺗﻪ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻣﺻروﻓﺎت اﻟﻣﻘﺎﯾﺳﺎت اﻟﺗﻲ ﯾﻘدﻣﻬﺎ و ﻻ ﺗﻧﺗﻬﻲ إﻟﻰ‬
‫ﺗﻌﺎﻗد ﻣﻊ ﻣن ﯾﺗﻌﺎﻗد ﻣﻌﻪ ﻣن ﻋﻣﻼﺋﻪ‪.‬‬
‫ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﺗﺟدر اﻹﺷﺎرة ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺻدد إﻟﻰ أن اﻗﺗران ﻗطﻊ اﻟﻣﻔﺎوﺿﺎت ﺑﺧطﺄ ﻣن رب اﻟﻌﻣل أو ﺗﻌﺳﻔﺎ ﻣﻧﻪ‪،‬‬
‫ﯾﺟﻌﻠﻪ ﻣﺳؤ وﻻ ﺗﻘﺻﯾر ﯾﺎ ﻋن اﻟﺿرر اﻟذي أﺻﺎﺑﻪ‪ ،‬و ذﻟك ﺑﻘدر اﻟﻧﻔﻘﺎت اﻟﺗﻲ ﺻرﻓﻬﺎ‪ ،‬ﻛﻣﺎ أن رﻓض رب اﻟﻌﻣل‬
‫اﻟﺗﻌﺎﻗد ﻣﻊ اﻟﻣﻘﺎول ﻣﻊ ﻟﺟوﺋﻪ إﻟﻰ إﻋﻣﺎل اﻟﻣﻘﺎﯾﺳﺔ اﻟﺗﻲ ﻗدﻣﻬﺎ اﻟﻣﻘﺎول‪ ،‬ﯾﻌطﻲ اﻟﺣق ﻟﻬذا اﻷﺧﯾر أن ﯾرﺟﻊ ﻋﻠﯾﻪ‬
‫ﺑدﻋوى اﻹﺛراء ﺑﻼ ﺳﺑب)‪ ،(2‬أﻣﺎ إذا ﻋﻬد رب اﻟﻌﻣل إﻟﻰ ﻣﻬﻧدس ﻣﻌﻣﺎري ﺑوﺿﻊ ﺗﺻﻣﯾم ﻟﺑﻧﺎء أو ﻣﻧﺷﺄة ﻣﻌﻣﺎرﯾﺔ‬
‫ﻣﻌﯾﻧﺔ‪ ،‬ﻓﺈﻧﻪ و إن ﻟم ﯾﻛن ﻣﻠزﻣﺎ ﺑﺈﺑرام ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ اﻟذي ﯾﻘوم ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻟﺗﺻﻣﯾم‪ ،‬ﻓﺈﻧﻪ ﻣﻠزم ﺑﺄن ﯾدﻓﻊ ﻟﻠﻣﻬﻧدس‬
‫اﻟﻣﻌﻣﺎري أﺟرا ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺻﻣﯾم اﻟذي وﺿﻌﻪ‪ ،‬و ﻣرﺟﻊ ذﻟك أن اﻟﺗﺻﻣﯾم ﻫو ﻓﻲ ﺣد ذاﺗﻪ ﻋﻣل ﻓﻧﻲ ذو ﻗﯾﻣﺔ‪ ،‬و أن‬
‫إﺗﻔﺎق رب اﻟﻌﻣل ﻣﻊ اﻟﻣﻬﻧدس اﻟﻣﻌﻣﺎري ﻋﻠﻰ وﺿﻊ اﻟﺗﺻﻣﯾم ﻫو ﻓﻲ ﺣد ذاﺗﻪ ﻋﻘد ﻣﻘﺎوﻟﺔ ﯾرد ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺻﻣﯾم)‪.(3‬‬
‫و ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪563‬ﻣن ق م ج‪ ،‬اﻟﺗﻲ ﺗﻘﺗﺿﻲ ﺑﺄن ﯾﺳﺗﺣق اﻟﻣﻬﻧدس اﻟﻣﻌﻣﺎري أﺟرا ﻣﺳﺗﻘﻼ ﻋن وﺿﻊ‬
‫اﻟﺗﺻﻣﯾم و ﻋﻣل اﻟﻣﻘﺎﯾﺳﺔ و آﺧر إدارة اﻷﻋﻣﺎل‪.‬‬
‫و ﻋﻠﯾﻪ ﯾﻔﻬم ﻣن ﻣﺿﻣون ﻫذﻩ اﻟﻣﺎدة أن اﻟﻣﻬﻧدس اﻟﻣﻌﻣﺎري ﯾﺳﺗﺣق اﻷﺟر ﻋن وﺿﻊ اﻟﺗﺻﻣﯾم أو ﻋﻣل اﻟﻣﻘﺎﯾﺳﺔ‬
‫ﺑﻐض اﻟﻧظر ﻋن إﺑرام ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻣن ﻋدﻣﻪ‪.‬‬

‫ﻓﺗﯾﺣﺔ ﻗرة‪ .‬اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ‪ .‬ص‪.84‬‬ ‫‪1‬‬

‫ﻣﺣﻣد ﻟﺑﯾب ﺷﻧب‪ .‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ .‬ص‪.89‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ 3‬ﻋﺑد اﻟرزاق أﺣﻣد اﻟﺳﻧﻬوري‪ .‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ .‬ص‪.38‬‬


‫‪28‬‬
‫اﻟﻔﺻل اﻷول‪ :‬ﻣﺎﻫﯾﺔ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ وﻛﯾﻔﯾﺔ اﻧﻌﻘﺎدﻩ‬
‫ﺛﺎﻧﯾﺎ‪ :‬اﻟﺗﻌﺎﻗد ﺑطرﯾﻘﺔ اﻟﻣﺳﺎﺑﻘﺔ‬
‫و ﻓﯾﻬﺎ ﯾدﻋو رب اﻟﻌﻣل ﻋن طرﯾق اﻹﻋﻼن‪ ،‬ﻛل ﻣن ﯾرﯾد اﻟدﺧول ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺎﺑﻘﺔ ﻟوﺿﻊ ﺗﺻﻣﯾم ﻟﻠﻌﻣل‬
‫اﻟﻣطﻠوب‪ ،‬ﺑﺣﯾث ﯾﻌﯾن ﻫذا اﻟﻌﻣل ﺗﻌﯾﯾﻧﺎ ﻛﺎﻓﯾﺎ ﻣﻊ ﺗﺿﻣﯾن ﻫذا اﻹﻋﻼن اﻟﺷروط اﻟﺗﻲ ﯾﺗﻌﯾن ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻘﺎول اﻟﺗﻘﯾد‬
‫ﺑﻬﺎ ﻋﻧد ﺗﻧﻔﯾذﻩ ﻟﻌﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪ ،‬ﻋﻠﻰ أن ﺗوﻛل ﻣﻬﻣﺔ ﻓﺣص اﻟﺗﺻﻣﯾﻣﺎت اﻟﻣﻘدﻣﺔ‪ ،‬إﻟﻰ ﻟﺟﻧﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻟﯾﺗم اﺧﺗﯾﺎر‬
‫أﻓﺿﻠﻬﺎ‪ ،‬ﻣﻊ ﺗﺣدﯾد ﺟﺎﺋزة ﻟﻠﻣﺗﺳﺎﺑﻘﯾن‪ ،‬و ﻗد ﺗﻛون اﻟﺟﺎﺋزة ﻫﻲ اﻟﺗﻌﺎﻗد ﻣﻊ ﺻﺎﺣب أﻓﺿل ﺗﺻﻣﯾم ﻋﻠﻰ ﺗﻧﻔﯾذﻩ‪،‬‬
‫ﺑﺎﻟﺷروط اﻟﺗﻲ ﺳﺑق ذﻛرﻫﺎ ﻓﻲ اﻹﻋﻼن و ﻗد ﯾﺣﺗﻔظ رب اﻟﻌﻣل ﻋﻠﻰ اﻟﺗزاﻣﻪ ﺑﺈﺑرام ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻣﻊ اﻟﻔﺎﺋز ﻣن‬
‫اﻟﻣﺗﺳﺎﺑﻘﯾن‪ ،‬ﻏﯾر أﻧﻪ ﯾﻌﯾن ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﺟﺎﺋزة ﻟﻠﻔﺎﺋز ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺎﺑﻘﺔ ﻟﻣﻛﺎﻓﺄﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺑذﻟﻪ ﻣن ﺟﻬد ﻓﻲ وﺿﻊ‬
‫اﻟﺗﺻﻣﯾم‪ ،‬أﻣﺎ إذا ﻟم ﯾﺣﺗﻔظ رب اﻟﻌﻣل ﻋﻠﻰ اﻟﺗزاﻣﻪ ﺑﺎﻟﺗﻌﺎﻗد ﻣﻊ اﻟﻔﺎﺋز ﻓﺈﻧﻪ ﯾﻛون ﻣﻠزﻣﺎ ﺑﺎﻟﺗﻌﺎﻗد ﻣﻌﻪ)‪.(1‬‬
‫و ﯾﻌﺗﺑر إﻋﻼن اﻟﻣﺳﺎﺑﻘﺔ دﻋوة ﻟﻠﺗﻌﺎﻗد‪ ،‬أي إﯾﺟﺎب ﻣﻌﻠق ﻋﻠﻰ ﺷرط ﻓور اﻟﻣﺗﺳﺎﺑق ﻓﯾﻬﺎ‪ ،‬ﻓﺈذا ﻣﺎ ﻓﺎز ﻛﺎن ﻫذا‬
‫إﯾﺟﺎﺑﺎ ﺑﺎﺗﺎ‪ ،‬و ﺗﻌﯾن أن ﯾﺗﺻل ﺑﻪ ﻗﺑول ﻣن ﺟﺎﻧب رب اﻟﻌﻣل إﻻ إذا وﺟدت أﺳﺑﺎب ﻣﺷروﻋﻪ ﺗﻣﻧﻌﻪ ﻣن اﻟﺗﻌﺎﻗد‪،‬‬
‫ﻓﺣﯾﻧﺋذ ﯾﻌوض اﻟﻔﺎﺋز ﺗﻌوﯾﺿﺎ ﻋﺎدﻻ ﻋن ﺟﻬدﻩ ووﻗﺗﻪ‪ ،‬إذا ﻟم ﯾﻛن ﻗد ﻧﺎل ﺟﺎﺋزة طﺑﻘﺎ ﻟﺷروط اﻟﻣﺳﺎﺑﻘﺔ)‪.(2‬‬
‫أﻣﺎ إذا ﻟم ﺗﻛن ﻫﻧﺎك أﺳﺑﺎب ﻣﻌﻘوﻟﺔ ﻟﻌدم اﻟﺗﻌﺎﻗد‪ ،‬ﻓﺈﻧﻪ ﯾﺟب أن ﯾﻌوض اﻟﻔﺎﺋز ﺗﻌوﯾﺿﺎ ﻛﺎﻣﻼ ﻋﻣﺎ أﺻﺎﺑﻪ ﻣن‬
‫ﺿرر ﺑﺳﺑب ذﻟك‪ ،‬و ﯾﺟوز أن ﯾﻛون اﻟﺗﻌوﯾض ﻋﯾﻧﯾﺎ‪ ،‬ﻓﯾﻌﺗﺑر اﻟﻘﺎﺿﻲ أن ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻗد ﺗم)‪ ،(3‬و ﻋﻠﻰ ذﻟك إذا‬
‫ﻟم ﯾﻘﯾم رب اﻟﻌﻣل ﺑﺗﻧﻔﯾذ اﻟﺗزاﻣﺎﺗﻪ ﺣﺳب أﺣﻛﺎم اﻟﻣﺎدة ‪ 566‬ﻣن ق م ج اﻷﺗﻲ ﺗﻔﺻﯾﻠﻬﺎ‪ ،‬ﻓﯾﻌوض اﻟﻣﻘﺎول ﻋن‬
‫ﺟﻣﯾﻊ ﻣﺎ أﻧﻔﻘﻪ ﻣن ﻣﺻروﻓﺎت و ﻣﺎ أﻧﺟزﻩ ﻣن أﻋﻣﺎل‪ ،‬و ﻣﺎ ﻛﺎن ﯾﺳﺗطﯾﻊ ﻛﺳﺑﻪ ﻟو أﻧﻪ أﺗم اﻟﻌﻣل‪.‬‬
‫ﺛﺎﻟﺛﺎ‪ :‬طﻠب ﺗﻘدﯾم ﻋطﺎءات‬
‫ﻗد ﯾﻠﺟﺄ رب اﻟﻌﻣل اﻟذي ﯾرﯾد إﻧﺟﺎز ﻋﻣل ﻛﺑﯾر اﻟﻘﯾﺎم ﺑواﺳطﺔ اﻟﻐﯾر‪ ،‬إﻟﻰ طﻠب ﺗﻘدﯾم ﻋطﺎءات إﻟﯾﻪ أو ﻣﺎ ﯾﺳﻣﻰ‬
‫ﺑﺎﻟﻣﻧﺎﻗﺻﺔ‪ ،‬و ﯾﺣدد اﻷﺟر اﻟذي ﯾطﻠﺑﻪ اﻟﻐﯾر ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑل إﻧﺟﺎز ﻫذا اﻟﻌﻣل و ﯾﺗم ﻓﻲ اﻟﻌﺎدة ﺗﻘدﯾم اﻟﺿﻣﺎﻧﺎت اﻟﻛﺎﻓﯾﺔ‬
‫أو ﻓﻲ أطرﻓﺔ ﻣﻐﻠﻘﺔ و ﻣﺧﺗوﻣﺔ‪.‬‬

‫‪ 1‬ﻓﺗﯾﺣﺔ ﻗرة‪ .‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ .‬ص‪.85‬‬


‫‪ 2‬ﻋﺑد اﻟرزاق أﺣﻣد اﻟﺳﻧﻬوري‪ .‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ .‬ص‪.39‬‬
‫ﻗدري ﻋﺑد اﻟﻔﺗﺎح اﻟﺷﻬﺎوي‪ .‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ .‬ص‪61‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪29‬‬
‫اﻟﻔﺻل اﻷول‪ :‬ﻣﺎﻫﯾﺔ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ وﻛﯾﻔﯾﺔ اﻧﻌﻘﺎدﻩ‬
‫ﻓﻔﯾﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﻣﻧﺎﻗﺻﺔ اﻟﻌﻠﻧﯾﺔ‪ ،‬ﯾﺗﻘدم ﻛل ﻣﻘﺎول ﺑﻌطﺎء ﻣﻌﯾن ﻟﺗرﺳوا اﻟﻣﻧﺎﻗﺻﺔ ﻋﻠﻰ ﻣن ﯾﻘدم ﻋﻠﻧﺎ أﻗل ﻋطﺎء‪،‬‬
‫و ﻫو ﻣﺎ ﯾﻌﺗﺑر إﯾﺟﺎﺑﺎ‪ ،‬ﺑﯾﻧﻣﺎ ﯾﻌﺗﺑر إرﺳﺎء اﻟﻣﻧﺎﻗﺻﺔ ﻋﻠﻰ ﻣن ﻗدم ﻋطﺎء ﻗﺑوﻻ‪ ،‬ﻓﯾﺗم ﺣﯾﻧﺋذ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﺑرﺳو‬
‫اﻟﻣﻧﺎﻗﺻﺔ ﻗﯾﺎﺳﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ورد ﺑﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 69‬ﻣن ق م ج‪ ،‬أﻣﺎ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﻣظﺎرﯾف اﻟﻣﺧﺗوﻣﺔ ﻓﺈﻧﻪ ﯾﺗم ﻓﺗﺣﻬﺎ ﻓﻲ‬
‫اﻟﯾوم اﻟﻣﺣدد‪ ،‬ﻋﻠﻰ أن ﯾﻛون رﺳو اﻟﻣﻧﺎﻗﺻﺔ أﯾﺿﺎ ﻋﻠﻰ ﻣن ﺗﻘدم ﺑﺄﻗل ﻋطﺎء ﻣن اﻟﻣﺗﺳﺎﺑﻘﯾن‪ ،‬طﺎﻟﻣﺎ ﻗدم اﻟﺗﺄﻣﯾﻧﺎت‬
‫اﻟﻛﺎﻓﯾﺔ طﺑﻘﺎ ﻟدﻓﺗر اﻟﺷروط)‪.(1‬‬
‫و ﻗد ﯾﺣﺗﻔظ رب اﻟﻌﻣل ﻟﻧﻔﺳﻪ ﺻراﺣﺔ ﻓﻲ رﻓض أي ﻋطﺎء و ﻟو ﻛﺎن ﻫو اﻷﻗل ﻗﯾﻣﺔ ﻣن ﺑﯾن اﻟﻌطﺎءات‬
‫اﻟﻣﻘدﻣﺔ‪ ،‬دون أن ﯾﻛون ﻣﻠزم ﺑﺗﺑرﯾر رﻓﺿﻪ‪ ،‬ﻣﻣﺎ ﯾﺟﻌﻠﻪ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﻏﯾر ﻣﻠزم ﺑﺄن ﯾﺗﻌﺎﻗد ﻣﻊ ﻣﻘدم اﻟﻌطﺎء‬
‫اﻷﻗل ﻗﯾﻣﺔ‪ ،‬أﻣﺎ إذا ﻟم ﯾﺣﺗﻔظ رب اﻟﻌﻣل ﺑﻬذا اﻟﺣق‪ ،‬ﻓﺈن اﻟرأي اﻟﻐﺎﻟب ﻓﻲ اﻟﻔﻘﻪ ﯾذﻫب إﻟﻰ اﻟﻘول ﺑﺄن رب اﻟﻌﻣل‬
‫ﯾﻛون ﻣﻠزﻣﺎ ﺑﺎﻟﺗ ﻌﺎﻗد ﻣﻊ ﻣﻘدم اﻟﻌطﺎء اﻷﻗل ﻗﯾﻣﺔ‪ ،‬و ذﻟك رﻏم أن ﻋﻣل اﻟﻣﻧﺎﻗﺻﺔ ﻻ ﯾﻌﺗﺑر إﯾﺟﺎﺑﺎ ﺑﺎﻟﺗﻌﺎﻗد ﻣن‬
‫ﺟﺎﻧب رب اﻟﻌﻣل‪ ،‬إذ ﻻ ﯾﻌدوا أن ﯾﻛون ﻣﺟرد دﻋوى إﻟﻰ اﻟﺗﻌﺎﻗد ﻋن طرﯾق اﻟﺗﻘدم ﺑﻌطﺎء‪ ،‬و اﻟﺗﻘدم ﺑﻬذا اﻷﺧﯾر‬
‫ﻫو اﻟذي ﯾﻌﺗﺑر إﯾﺟﺎﺑﺎ أﻣﺎ اﻟﻘﺑول ﻓﻼ ﯾﺗم إﻻ ﺑﻘﺑول اﻟﻌطﺎء اﻷﻗل ﻗﯾﻣﺔ)‪.(2‬‬
‫و ﯾﻠﺗزم رب اﻟﻌﻣل اﻟذي أﻋﻠن ﻋن اﻟﻣﻧﺎﻗﺻﺔ ﺑﻬذا اﻟﻘﺑول ﻋﻠﻰ أﺳﺎس أﻧﻪ ﻫو اﻟذي دﻋﺎ اﻟﻣﻘﺎول إﻟﻰ اﻟﺗﻘدم‬
‫ﺑﻌطﺎﺋﻪ‪ ،‬ﻓﻼ ﯾﺟوز ﻟﻪ أن ﯾرﻓض اﻟﺗﻌﺎﻗد ﻣﻌﻪ‪ ،‬إﻻ إذا اﺳﺗﻧد ﻓﻲ ذﻟك إﻟﻰ أﺳﺑﺎب ﻣﺷروﻋﺔ‪ ،‬ﻓﺈذا ﺗﻌﺳف رب اﻟﻌﻣل‬
‫ﻓﻲ رﻓﺿﻪ‪ ،‬ﻓﺈﻧﻪ ﯾﻠﺗزم ﺑﺗﻌوﯾض اﻟﻣﻘﺎول اﻟذي ﻗدم اﻟﻌطﺎء اﻷﻗل ﻗﯾﻣﺔ‪ ،‬ﻋﻣﺎ أﻧﻔﻘﻪ ﻣن اﻟﻣﺻروﻓﺎت و ﻣﺎ ﻛﺎن‬
‫ﯾﺳﺗطﯾﻊ ﻛﺳﺑﻪ ﻟو أﻧﻪ ﻗﺎم ﺑﺈﻧﺟﺎز اﻟﻌﻣل)‪.(3‬‬
‫اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬إﺑرام ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﺑطرﯾﻘﺔ ﻏﯾر ﻣﺑﺎﺷرة‬
‫و ﻫﻧﺎ ﯾﻠﺟﺄ اﻟﻣﻘﺎول اﻷﺻﻠﻲ اﻟﻣﺗﻌﺎﻗد ﻣﻊ رب اﻟﻌﻣل‪ ،‬إﻟﻰ اﻻﺗﻔﺎق ﻣﻊ ﻣﻘﺎول آﺧر ﯾدﻋﻰ اﻟﻣﻘﺎول اﻟﻔرﻋﻲ‪ ،‬إﻣﺎ‬
‫ﻟﻠﻘﯾﺎم ﺑﺎﻟﻌﻣل اﻟذي اﻟﺗزم ﺑﺈﻧﺟﺎزﻩ أو ﺑﺟزء ﻣﻧﻪ‪ ،‬و ﯾﺣدث ذﻟك ﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻟﺧﺻوص‪ ،‬إذا ﻛﺎﻧت ﻫﻧﺎك ﺟواﻧب ﻓﻧﯾﺔ‬
‫ﻓﻲ اﻟﻌﻣل ﻣﺣل اﻟﺗﻌﺎﻗد‪ ،‬ﺗﺣﺗﺎج إﻟﻰ ﺧﺑرات ﻋدﯾدة و ﺟﻬود ﻛﺑﯾرة‪ ،‬ﻻ ﯾطﺑق اﻟﻣﻘﺎول اﻷﺻﻠﻲ اﻟﻘﯾﺎم ﺑﻬﺎ ﻟوﺣدﻩ‪.‬‬

‫‪ 1‬ﻓﺗﯾﺣﺔ ﻗرة‪ .‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ .‬ص‪.86‬‬


‫‪ 2‬ﻣﺣﻣد ﻟﺑﯾب ﺷﻧب‪ .‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ .‬ص‪.93‬‬
‫‪ 3‬ﻗدري ﻋﺑد اﻟﻔﺗﺎح اﻟﺷﻬﺎوي‪ .‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ .‬ص‪.62‬‬
‫‪30‬‬
‫اﻟﻔﺻل اﻷول‪ :‬ﻣﺎﻫﯾﺔ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ وﻛﯾﻔﯾﺔ اﻧﻌﻘﺎدﻩ‬
‫أوﻻ‪ :‬ﺗﻌرﯾف اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ اﻟﻔرﻋﯾﺔ‬
‫ﻧﺻت اﻟﻣﺎدة ‪ 564‬ﻣن ق م ج ﻋﻠﻰ أﻧﻪ‪ ":‬ﯾﺟوز ﻟﻠﻣﻘﺎول أن ﯾوﻛل ﺗﻧﻔﯾذ اﻟﻌﻣل ﻓﻲ ﺟﻣﻠﺗﻪ أو ﻓﻲ ﺟزء ﻣﻧﻪ إﻟﻰ‬
‫ﻣﻘﺎول ﻓرﻋﻲ إذا ﻟم ﯾﻣﻧﻌﻪ ﻣن ذﻟك ﺷرط ﻓﻲ اﻟﻌﻘد أو ﻟم ﺗﻛن طﺑﯾﻌﺔ اﻟﻌﻣل ﺗﻔﺗرض اﻻﻋﺗﻣﺎد ﻋﻠﻰ ﻛﻔﺎءﺗﻪ‬
‫اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ"‪.‬‬
‫و ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ ذﻟك ﻋرﻓت اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ‪ :‬ﻋﻘد ﯾﺗﻌﻬد ﻣن ﺧﻼﻟﻪ أﺣد اﻟﻣﻘﺎوﻟﯾن إﻟﻰ ﻣﻘﺎول ﺛﺎﻧﻲ ﯾﺳﻣﻰ اﻟﻣﻘﺎول‬
‫ﻣن اﻟﺑﺎطن‪ ،‬و ﺗﺣت ﻣﺳؤوﻟﯾﺗﻪ ﺗﻧﻔﯾذ ﺟزء أو ﻛل اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ اﻟﻣﺑرﻣﺔ ﻣﻊ ﺻﺎﺣب اﻟﻌﻣل ﻓردا ﻋﺎدﯾﺎ أو ﺷﺧﺻﺎ‬
‫)‪(1‬‬
‫و ﺗﻔﺗرض اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ اﻟﻔرﻋﯾﺔ وﺟود ﻋﻘود ﻣﺗﻌﺎﻗﺑﺔ ﺗﺷﻛل ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾﻧﻬﺎ ﺗراﺑطﺎ ﻋﻘدﯾﺎ‪ ،‬و إذا ﻛﺎن اﻟﻐﺎﻟب أن‬ ‫ﻋﺎﻣﺎ‪،‬‬
‫ﯾﻛون ﻫذا اﻟﺗﻌﺎﻗب ﻣن درﺟﺔ واﺣدة‪ ،‬إﻻ أﻧﻪ ﻫﻧﺎك ﻣﺎ ﯾﻣﻧﻊ ﻣن ﺗﻌﺎﻗب ﻋﻘود اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ اﻟﻔرﻋﯾﺔ‪ ،‬ﻓﻘد ﯾﻠﺟﺄ اﻟﻣﻘﺎول‬
‫اﻟﻔرﻋﻲ ﺑدورﻩ إﻟﻰ ﻣﻘﺎول آﺧر ﻟﺗﻧﻔﯾذ اﻟﺗزاﻣﺎﺗﻪ أو ﺟزء ﻣﻧﻬﺎ‪ ،‬ﻓﻠﯾس ﻫﻧﺎك ﻗﺎﻧوﻧﺎ ﻣﺎ ﯾﻣﻧﻊ ﻣن اﻟﺗﻌﺎﻗب أو ﯾﺣد ﻣن‬
‫ﺗﺳﻠﺳﻠﻪ‪ ،‬ﻏﯾر أﻧﻧﺎ ﻧﻛون ﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣراﺣل ﺑﺻدد ﻋﻘود ﺗﻧدرج ﻓﻲ إطﺎر اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ)‪.(2‬‬
‫و إذا ﻛﺎن ﯾﺟوز ﻟﻠﻣﻘﺎول أن ﯾﻘﺎول ﻣن اﻟﺑﺎطن ﻣن ﺣﯾث اﻷﺻل ﻓﺈﻧﻪ ﯾﻣﻧﻊ ﻋﻠﯾﻪ ذﻟك ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺗﯾن أﺷﺎرت إﻟﯾﻬﻣﺎ‬
‫اﻟﻔﻘرة اﻷوﻟﻰ ﻣن اﻟﻣﺎدة ‪ 564‬ﻣن ق م ج اﻟﻣذﻛورة أﻋﻼﻩ و ﻫﻣﺎ‪:‬‬
‫اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻷوﻟﻰ‪ :‬اﺗﻔﺎق رب اﻟﻌﻣل ﻣﻊ اﻟﻣﻘﺎول ﻋﻠﻰ ﺟواز ﻗﯾﺎم ﻫذا اﻷﺧﯾر ﺑﺄن ﯾﺗﻌﻬد ﺑﺎﻟﻌﻣل اﻟﻣﻛﻠف ﺑﻪ إﻟﻰ ﻣﻘﺎول‬
‫آﺧر‪ ،‬و ﻫذا ﻣﺎ ﯾﺳﻣﻰ ﺑﺎﻟﺷرط اﻟﻣﺎﻧﻊ اﻟﺻرﯾﺢ‪ ،‬و إذا ﻛﺎن ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪1/564‬ﻣن ق م ج‪ ،‬ﻗد أﺷﺎرت إﻟﻰ اﻟﺣﺎﻟﺔ‬
‫اﻟﺗﻲ ﯾﻛون ﻓﯾﻬﺎ اﻟﺷرط اﻟﻣﺎﻧﻊ واردا ﻓﻲ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪ ،‬إﻻ أﻧﻪ ﻗد ﯾﻘﻊ اﻟﻣﻧﻊ ﺑﻌد إﺑرام اﻟﻌﻘد‪ ،‬و ذﻟك ﺑﺎﺗﻔﺎق ﻻﺣق‬
‫ﺑﯾن اﻟطرﻓﯾن)‪.(3‬‬
‫اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ‪ :‬إذا ﻛﺎﻧت طﺑﯾﻌﺔ اﻟﻌﻣل ﺗﻘﺗﺿﻲ أن ﯾﻘوم ﺑﻪ اﻟﻣﻘﺎول ﺑﻧﻔﺳﻪ‪ ،‬ﺑﺄن ﯾﺗﺿﺢ ﻣن طﺑﯾﻌﺔ اﻟﻌﻣل اﻟذي ﻋﻬد‬
‫ﺑﻪ إﻟﻰ اﻟﻣﻘﺎول‪ ،‬إﻧﻣﺎ ﯾرﺟﻊ إﻟﻰ ﻛﻔﺎءﺗﻪ و ﺳﻣﻌﺗﻪ‪ ،‬اﻷﻣر اﻟذي ﯾﺳﺗﻠزم ﻗﯾﺎم اﻟﻣﻘﺎول ﻧﻔﺳﻪ ﺑﺈﻧﺟﺎزﻩ‪ ،‬و ﻻ ﯾﺟوز ﻟﻪ‬

‫‪ 1‬ﻏﺎزي ﺧﺎﻟد أﺑو ﻋراﺑﻲ‪ .‬اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻣن اﻟﺑﺎطن ‪ .‬دراﺳﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﻣﻊ ﻓﻘﻪ اﻻﺳﻼﻣﻲ‪ .‬ط ‪ .1‬دار واﺋل ﻟﻠﻧﺷر واﻟﺗوزﯾﻊ‪ .‬ﻋﻣﺎن‪ .2009 .‬ص‪.19‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Jean-Bernard Auby et Hugues Perinet-Marequet. Droit de L’industrie et de la construction. 4eme édition.‬‬
‫‪Montchrestien.1995.p484 .‬‬
‫‪ 3‬ﻋدﻧﺎن إﺑراﻫﯾم اﻟﺳرﺣﺎن‪ .‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ .‬ص‪.93‬‬
‫‪31‬‬
‫اﻟﻔﺻل اﻷول‪ :‬ﻣﺎﻫﯾﺔ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ وﻛﯾﻔﯾﺔ اﻧﻌﻘﺎدﻩ‬
‫ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ أن ﯾﻌﻬد ﺑﺎﻟﻌﻣل إﻟﻰ ﻣﻘﺎول آﺧر‪ ،‬و ﯾﺷﻛل ﻫذا ﺣﻘﯾﻘﺔ اﻷﻣر ﺷرطﺎ ﻣﺎﻧﻌﺎ ﺿﻣﻧﯾﺎ‪ ،‬ﯾﻣﻧﻊ اﻟﻣﻘﺎول ﻣن اﻟﺗﻘﺎول‬
‫ﻣن اﻟﺑﺎطن)‪.(1‬‬
‫و ﻣن وﺟد اﻟﺷرط اﻟﻣﺎﻧﻊ‪ ،‬ﻓﺈﻧﻪ ﯾﺟوز ﻟرب اﻟﻌﻣل أن ﯾﺗﻧﺎزل ﻋﻧﻪ ﺻراﺣﺔ أو ﺿﻣﻧﯾﺎ‪ ،‬ﺣﯾث ﯾﻣﻛن ﺑﻌدﻫﺎ ﻟﻠﻣﻘﺎول أن‬
‫ﯾﻘﺎول ﻣن اﻟﺑﺎطن‪ ،‬ﻏﯾر أﻧﻪ ﺗﻧﺎزل رب اﻟﻌﻣل ﻋن اﻟﺷرط اﻟﻣﺎﻧﻊ أو ﺑﻌد ﻣﺧﺎﻟﻔﺗﻪ ﻟﻪ)‪.(2‬‬
‫ﺛﺎﻧﯾﺎ‪ :‬ﺗﻣﯾﯾز اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ اﻟﻔرﻋﯾﺔ ﻋن اﻟﺣﺎﻻت اﻟﻣﺷﺎﺑﻬﺔ ﻟﻬﺎ‪.‬‬
‫اﻧطﻼﻗﺎ ﻣن ﻣﺿﻣون ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ اﻟﻔرﻋﯾﺔ‪ ،‬ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻗد ﺗﻠﺗﺑس ﺑﺑﻌض اﻟﺣﺎﻻت اﻟﻣﺷﺎﺑﻬﺔ ﻓﻲ ﺗﻧﻔﯾذ اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻋن طرﯾق‬
‫اﻟﻐﯾر أﻫﻣﻬﺎ ﺣﺎﻟﺗﯾن‪ ،‬اﻟﺗﻧﺎزل ﻋن اﻟﻌﻘد‪ ،‬وﺗﻧﻔﯾذ اﻟﻌﻣل ﻋن طرﯾق ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻣﻘﺎوﻟﯾن"اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ اﻟﻣﺷﺗرﻛﺔ"‪.‬‬
‫اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻷوﻟﻰ‪ :‬ﺗﻣﯾﯾز اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ اﻟﻔرﻋﯾﺔ ﻋن اﻟﺗﻧﺎزل ﻋن اﻟﻌﻘد‪ :‬ﺑﺣﯾث ﯾﻌرف ﻫذا اﻷﺧﯾر ﺑﺄﻧﻪ ﻧﻘل ﻣرﻛز أﺣد‬
‫اﻟﻣﺗﻌﺎﻗدﯾن ﻓﻲ اﻟﻌﻘد ﻣﻊ ﻣﺎ ﯾﺗﺿﻣﻧﻪ ﻣن ﺣﻘوق و اﻟﺗزاﻣﺎت إﻟﻰ اﻟﻣﺗﻧﺎزل ﻟﻪ‪ ،‬أو ﺣﻠول اﻟﻣﺗﻧﺎزل ﻟﻪ ﻣﺣل اﻟﻣﺗﻧﺎزل‬
‫ﻓﻲ اﻟراﺑطﺔ اﻟﻌﻘدﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗرﺑطﻪ ﺑﺎﻟﻣﺗﻧﺎزل ﻟدﯾﻪ)رب اﻟﻌﻣل(‪ ،‬ﺑﻛل ﻣﺎ ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻰ ذﻟك ﻣن آﺛﺎر ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ ‪ ،‬و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ‬
‫ﻓﺈن اﻟﺗﻧﺎزل ﻋن اﻟﻌﻘد ﯾﺗﺿﻣن ﻓﻲ ﺣﻘﯾﻘﺔ اﻷﻣر ﺣواﻟﺔ ﺣق و ﺣواﻟﺔ دﯾن إﻟﻰ اﻟﻣﺗﻧﺎزل ﻟﻪ‪ ،‬و إذا ﻛﺎن ﯾﻛﻔﻲ ﻓﻲ‬
‫ﺣو اﻟﺔ اﻟﺣق إﺧطﺎر اﻟﻣدﯾن ﺑذﻟك ‪ ،‬ﻓﺈن ﺣواﻟﺔ اﻟدﯾن ﺗﻘﺗﺿﻲ ﻣواﻓﻘﺔ اﻟداﺋن )رب اﻟﻌﻣل()‪.(3‬‬
‫و ﻋﻠﯾﻪ ﻓﺈﻧﻪ ﯾﻣﻛن اﻋﺗﺑﺎر ﻣواﻓﻘﺔ رب اﻟﻌﻣل ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻧﺎزل‪ ،‬أﻧﻪ اﻧﺿﻣﺎم إﻟﻰ اﺗﻔﺎق ﻣوﺟود و ﺻﺣﯾﺢ و ﻧﺎﻓذ ﺑﯾن‬
‫طرﻓﯾﻪ)اﻟﻣﻘﺎول اﻟﻣﺗﻧﺎزل واﻟﻣﺗﻧﺎزل إﻟﯾﻪ()‪ ،(4‬و ﯾﺑرز اﻻﺧﺗﻼف ﺑﯾن اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ اﻟﻔرﻋﯾﺔ)اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻣن اﻟﺑﺎطن( واﻟﺗﻧﺎزل‬
‫ﻋن اﻟﻌﻘد‪ ،‬إذ إن اﻷوﻟﻰ طرﯾﻘﺔ ﻟﺗﻧﻔﯾذ اﻟﻌﻘد أي أن اﻟﻣﻘﺎول اﻷﺻﻠﻲ ﻻ ﯾﻧﻘل اﻟﺗزاﻣﻪ‪ ،‬ﺑل ﯾﻧﻔذﻩ ﻋن طرﯾق اﻟﻣﻘﺎول‬
‫اﻟﻔرﻋﻲ‪ ،‬ﻛﻣﺎ أن اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ اﻟﻔرﻋﯾﺔ ﺗﻔﺗرض ﺑﻘﺎء اﻟﻌﻘد اﻷﺻﻠﻲ و ﺗﻛﻔل ﺗﻧﻔﯾذ ﺑﯾن طرﻓﯾﻪ)‪.(5‬‬
‫ﻛﻣﺎ ﺗﻌﺗﺑر اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ اﻟﻔرﻋﯾﺔ ﻋﻘدا ﻣﺳﺗﻘﻼ ﯾﻘوم ﺑﺎﻟﺗوازي ﻣﻊ اﻟﻌﻘد اﻷﺻﻠﻲ‪ ،‬و ﺗﺧﺗﻠف ﺷروطﻬﺎ ﻋﻣﺎ ورد ﻓﯾﻪ ﻣن‬
‫وﺟوﻩ ﻛﺛﯾرة‪ ،‬ﻓﻘد ﺗﻛون اﻷﺟرة ﻓﻲ اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ اﻟﻔرﻋﯾﺔ أﻗل ﻣن أو أﻋﻠﻰ ﻣن اﻷﺟرة ﻓﻲ اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ اﻷﺻﻠﯾﺔ‪ ،‬و ﻗد ﻻ ﯾوﺟد‬
‫اﻟﺷرط اﻟﻣﺎﻧﻊ ﻓﻲ اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ اﻷﺻﻠﯾﺔ و ﯾوﺟد ﻓﻲ اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ اﻟﻔرﻋﯾﺔ‪ ،‬و ﻗد ﯾﺿﻊ اﻟﻣﻘﺎول اﻷﺻﻠﻲ ﺷرطﺎ ﺟزاﺋﯾﺎ ﻓﻲ‬

‫‪ 1‬ﻗدري ﻋﺑد اﻟﻔﺗﺎح اﻟﺷﻬﺎوي‪ .‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ .‬ص‪.236‬‬


‫‪ 2‬ﻋﺑد اﻟرزاق أﺣﻣد اﻟﺳﻧﻬوري‪ .‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪.196 .‬‬
‫‪ 3‬ﻏراﺑﻲ ﻏﺎزي ﺧﺎﻟد‪ .‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ .‬ص‪.27‬‬
‫‪ 4‬ﻧﺑﯾل ﺳﻌد‪ .‬اﻟﺗﻧﺎزل ﻋن اﻟﻌﻘد‪ .‬د ط‪ .،‬دار اﻟﻣﻌﺎرف‪ .‬اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ‪ .‬د س ط‪ .‬ص‪ 75‬وﻣﺎ ﯾﻠﯾﻬﺎ‪.‬‬
‫‪ 5‬ﻏراﺑﻲ ﻏﺎزي ﺧﺎﻟد‪ .‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ .‬ص‪.30‬‬
‫‪32‬‬
‫اﻟﻔﺻل اﻷول‪ :‬ﻣﺎﻫﯾﺔ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ وﻛﯾﻔﯾﺔ اﻧﻌﻘﺎدﻩ‬
‫اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ اﻟﻔرﻋﯾﺔ و ﻻ ﯾوﺟد ﻓﻲ اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ اﻷﺻﻠﯾﺔ‪ ،‬و ذﻟك ﺧﻼﻓﺎ ﻟﻠﺗﻧﺎزل ﻋن اﻟﻌﻘد إذ ﻧﻛون ﺑﺻدد ﻋﻘد واﺣد ﺗﻐﯾر‬
‫أﺣد طرﻓﯾﻪ و ﻫو اﻟﻣﻘﺎول اﻷﺻﻠﻲ‪ ،‬ﺑﯾﻧﻣﺎ ﺗظل ﺷروطﻪ دون ﺗﻐﯾﯾر)‪.(1‬‬
‫اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ‪ :‬ﺗﻣﯾﯾز اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ اﻟﻔرﻋﯾﺔ ﻋن اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ اﻟﻣﺷﺗرﻛﺔ)اﻟﻣﺗﻌددة(‪ :‬ﯾوﺟد إﻟﻰ ﺟﺎﻧب اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ اﻟﻔرﻋﯾﺔ ﻣﺎ‬
‫ﯾﺳﻣﻰ ﺑﺎﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ اﻟﻣﺷﺗرﻛﺔ‪ ،‬ﺣﯾث ﯾﻠﺗزم ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻣﻘﺎوﻟﯾن ﻣن ﺗﺧﺻﺻﺎت ﻣﻬﻧﯾﺔ ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ‪ ،‬ﺑﺄن‬
‫ﯾﻧﻔذوا ﺳوﯾﺔ وﺗﺣت ﺻﻔﺔ ﻣﺗﺳﺎوﯾﺔ ﻧﻔس اﻟﻌﻣل و ﺑﻣﻘﺗﺿﻰ ﻋﻘد واﺣد ﻣﻊ رب اﻟﻌﻣل‪ ،‬و ﯾﻌﺗﺑر ﻛل ﻣﻘﺎول ﻣن‬
‫اﻟﻣﻘﺎوﻟﯾن اﻟﻣﺷﺎرﻛﯾن ﻓﻲ اﻟﺗﻧﻔﯾذ ﻣﻘﺎوﻻ أﺻﻠﯾﺎ ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺗﻪ ﻣﻊ رب اﻟﻌﻣل‪.‬‬
‫و ﯾﺷﻛل اﻟﻣﺗﻌﺎﻗدون ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﺗﺟﻣﻌﺎ ﻟﻠﻣﺻﺎﻟﺢ اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‪ ،‬ﻛﻣﺎ ﯾﻣﻛن اﻋﺗﺑﺎرﻫم ﻣن ﻗﺑﯾل ﺷرﻛﺎت اﻟواﻗﻊ اﻟﺗﻲ‬
‫ﺗﺗﻣﺗﻊ ﺑﺎﻟﺷﺧﺻﯾﺔ اﻟﻣﻌﻧوﯾﺔ‪ ،‬و ﻧظرا ﻟﺗﻌدد اﻟﻣﻘﺎوﻟﯾن اﻟﻣﻠﺗزﻣﯾن ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻌﻘد‪ ،‬ﻓﺈﻧﻬم ﯾﻌﯾﻧون واﺣد ﻣن ﺑﯾﻧﻬم ﻟﺗﻣﺛﯾﻠﻬم‬
‫ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺗﻬم ﺑرب اﻟﻌﻣل‪ ،‬ﯾدﻋﻰ اﻟﻣﻘﺎول اﻟرﺋﯾﺳﻲ)‪.(2‬‬
‫ﺛﺎﻟﺛﺎ‪ :‬ﺗﺣدﯾد اﻟﻣرﻛز اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﻟﻠﻣﻘﺎول اﻟﻔرﻋﻲ‬
‫ﻣن ﺧﻼل وﺟود ﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻓرﻋﯾﺔ ﻫذا ﯾؤدي إﻟﻰ ﻗﯾﺎم ﻋﻼﻗﺔ ﺑﯾن ﻛل ﻣن رب اﻟﻌﻣل و اﻟﻣﻘﺎول ﻣن اﻟﺑﺎطن‪ ،‬و ﻗﯾﺎم‬
‫ﻋﻼﻗﺔ ﺑﯾن اﻟﻣﻘﺎول اﻷﺻﻠﻲ و اﻟﻣﻘﺎول اﻟﻔرﻋﻲ‪ ،‬و ﻫﻧﺎ أﻗوم ﺑدارﺳﺔ اﻟﻣرﻛز اﻟﻘﺎﻧون ﺣﺳب ﻛل ﺣﺎﻟﺔ و ذﻟك وﻓﻘﺎ ﻣﺎ‬
‫ﯾﻠﻲ‪:‬‬
‫اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻷوﻟﻰ‪ :‬اﻟﻣرﻛز اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﻟﻠﻣﻘﺎول اﻟﻔرﻋﻲ و ﻋﻼﻗﺗﻪ ﺑرب اﻟﻌﻣل‪ :‬اﻷﺻل أﻻ ﺗﻘوم ﻋﻼﻗﺔ ﻣﺑﺎﺷرة ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ‪ ،‬إذ‬
‫ﻻ ﯾرﺑطﻬﻣﺎ أي ﻋﻘد‪ ،‬و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﯾﻌﺗﺑر ﻛل ﻣﻧﻬﻣﺎ ﻏﯾرا ﻓﻲ ﻣواﺟﻬﺔ اﻵﺧر‪ ،‬و ﻟﻛن ﻋﻠﻰ اﻟرﻏم ﻣن ذﻟك ﺗﻛون اﻟﻌﻼﻗﺔ‬
‫ﺑﯾن رب اﻟﻌﻣل و اﻟﻣﻘﺎول اﻟﻔرﻋﻲ ﻋﻼﻗﺔ ﻏﯾر ﻣﺑﺎﺷرة ﯾﺗوﺳطﻬﺎ اﻟﻣﻘﺎول اﻷﺻﻠﻲ‪ ،‬ﻓﻼ ﯾﺳﺗطﯾﻊ ﻛل ﻣﻧﻬﻣﺎ ﻣطﺎﻟﺑﺔ‬
‫اﻵﺧر ﻣﺑﺎﺷرة ﺑﺗﻧﻔﯾذ اﻟﺗزاﻣﺎﺗﻪ‪ ،‬و إﻧﻣﺎ ﯾﺳﺗطﯾﻊ ﻛل ﻣﻧﻬﻣﺎ اﻟرﺟوع ﻋﻠﻰ اﻵﺧر ﺑدﻋوى ﻏﯾر ﻣﺑﺎﺷرة ﯾﺳﺗﻌﻣل ﻓﯾﻬﺎ‬
‫ﺣق ﻣدﯾﻧﻪ )اﻟﻣﻘﺎول اﻷﺻﻠﻲ()‪.(3‬‬

‫‪ 1‬ﻋﺑد اﻟرزاق أﺣﻣد اﻟﺳﻧﻬوري‪ .‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ .‬ص‪.198‬‬


‫‪ 2‬ﻏراﺑﻲ ﻏﺎزي ﺧﺎﻟد‪ .‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ .‬ص‪.32‬‬
‫‪ 3‬ﻋﺑد اﻟرزاق أﺣﻣد اﻟﺳﻧﻬوري‪ .‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ .‬ص ص‪.208-207‬‬
‫‪33‬‬
‫اﻟﻔﺻل اﻷول‪ :‬ﻣﺎﻫﯾﺔ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ وﻛﯾﻔﯾﺔ اﻧﻌﻘﺎدﻩ‬
‫ﻋﻠﻰ أن اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري أورد اﺳﺗﺛﻧﺎء ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺄﺟر اﻟﻣﻘﺎول اﻟﻔرﻋﻲ اﻟﻣﺳﺗﺣق ﻟﻪ‪ ،‬و اﻟﻣﺗرﺗب ﻓﻲ ذﻣﺔ اﻟﻣﻘﺎول‬
‫اﻷﺻﻠﻲ‪ ،‬ﺣﯾث ﻣﻧﺢ‪-‬اﻟﻣﺷرع‪ -‬ﻟﻠﻣﻘﺎول اﻟﻔرﻋﻲ اﻟﺣق ﻓﻲ اﻟرﺟوع ﻣﺑﺎﺷرة ﻋﻠﻰ رب اﻟﻌﻣل‪ ،‬و ﻫذا ﺳﻧﺗطرق ﻟﻪ ﻋﻧد‬
‫دراﺳﺔ اﻟﺗزام رب اﻟﻌﻣل ﺑدﻓﻊ اﻷﺟر‪.‬‬
‫اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ‪ :‬اﻟﻣرﻛز اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﻟﻠﻣﻘﺎول اﻟﻔرﻋﻲ ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺗﻪ ﺑﺎﻟﻣﻘﺎول اﻷﺻﻠﻲ‪ :‬ﺗﻛون ﻫﻧﺎ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﻛﻣﺎ ﻋﻼﻗﺔ رب‬
‫اﻟﻌﻣل ﺑﺎﻟﻣﻘﺎول‪ ،‬ﻣﺻدرﻫﺎ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ اﻟﻔرﻋﯾﺔ‪ ،‬و ﺗﺧﺿﻊ ﻟﻣﺎ ورد ﻓﯾﻪ ﻣن أﺣﻛﺎم‪ ،‬ﻓﯾﻛون اﻟﻣﻘﺎول اﻷﺻﻠﻲ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ‬
‫إﻟﻰ اﻟﻣﻘﺎول اﻟﻔرﻋﻲ رب ﻋﻣل ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺗزاﻣﺎت رب اﻟﻌﻣل‪ ،‬و ﯾﻛون اﻟﻣﻘﺎول اﻟﻔرﻋﻲ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ إﻟﻰ اﻟﻣﻘﺎول اﻷﺻﻠﻲ‬
‫ﻣﻘﺎوﻻ‪ ،‬ﺗﺗرﺗب ﻋﻠﯾﻪ ﺟﻣﯾﻊ اﻟﺗزاﻣﺎت اﻟﻣﻘﺎول)‪.(1‬‬
‫وﻧﺟد اﻟﻣﺎدة ‪ 2/564‬ﻣن ق م ج ﻧﺻت ﻋﻠﻰ أﻧﻪ‪":‬و ﻟﻛن ﯾﺑﻘﻰ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﻣﺳؤ وﻻ ﻋن اﻟﻣﻘﺎول اﻟﻔرﻋﻲ ﺗﺟﺎﻩ‬
‫رب اﻟﻌﻣل"‪ ،‬و ﻣﺎ ﯾﺳﺗﻧﺗﺞ ﻣن ﻫذا اﻟﻧص أن اﻟﻣﻘﺎول اﻷﺻﻠﻲ ﻣﺳؤ وﻻ ﻓﻲ ﻣواﺟﻬﺔ رب اﻟﻌﻣل ﻋن اﻷﺧطﺎء اﻟﺗﻲ‬
‫ﯾرﺗﻛﺑﻬﺎ اﻟﻣﻘﺎول اﻟﻔرﻋﻲ ﻓﻲ اﻟﺗﻧﻔﯾذ)‪ ،(2‬و ﻓﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ أن ﺗﻘرﯾر ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﺗﻌﺗﺑر أﺣد ﺗطﺑﯾﻘﺎت اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻌﻘدﯾﺔ ﻋن‬
‫ﻋﻣل اﻟﻐﯾر)‪.(3‬‬
‫و اﻟﻣﺳﺗﻘر ﻋﻠﯾﻪ ﻓﻘﻬﺎ إن اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻌﻘدﯾﺔ ﻋن ﻓﻌل اﻟﻐﯾر‪ ،‬ﺗﺗﺣﻘق إذا اﺳﺗﺧدم اﻟﻣدﯾن)اﻟﻣﻘﺎول( أﺷﺧﺎﺻﺎ ﻏﯾرﻩ ﻓﻲ‬
‫ﺗﻧﻔﯾذ اﻟﺗزاﻣﻪ اﻟﻌﻘدي‪ ،‬ﻓﯾﻛون ﻣﺳؤ وﻻ ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻋﻘدﯾﺔ ﻋن أﺧطﺎﺋﻬم اﻟﺗﻲ أﺿرت ﺑﺎﻟداﺋن)رب اﻟﻌﻣل( ﻓﻲ اﻻﻟﺗزام‬
‫اﻟﻌﻘدي‪ ،‬و ﻋﻠﯾﻪ ﺗﻘوم ﻫذﻩ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﺣﯾﻧﻣﺎ ﯾوﺟد ﻋﻘد ﺻﺣﯾﺢ ﺑﯾن اﻟﻣﺳؤ ول و اﻟﻣﺿرور‪ ،‬و ﺣﯾث ﯾﻛون اﻟﻐﯾر‬
‫ﻣﻛﻠف ﺑﺗﻧﻔﯾذ ﻫذا اﻟﻌﻘد)‪.(4‬‬

‫‪ 1‬ﻏراﺑﻲ ﻏﺎزي ﺧﺎﻟد‪ .‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ .‬ص‪.67‬‬


‫‪ 2‬ﻣﺣﻣد ﺣﺳن ﻣﻧﺻور‪ .‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣﻌﻣﺎرﯾﺔ‪ .‬ط ‪ .1‬دار اﻟﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺟدﯾدة ﻟﻠﻧﺷر‪ .‬اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ‪ .1999 .‬ص‪.114‬‬
‫ﻣﻠﺣم ﻣﺎرون ﻛرم‪ .‬اﻟﺟرم اﻟﻣدﻧﻲ‪ .‬دراﺳﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون و اﻟﻔﻘﻪ و اﻹﺟﺗﻬﺎد‪ .‬ط ‪ .1‬ﻣﻛﺗﺑﺔ زﯾن اﻟﺣﻘوﻗﯾﺔ و اﻷدﺑﯾﺔ ش‪ .‬م‪.‬م‪ .‬ﺑﯾروت‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ .2004‬ص‪.94‬‬
‫اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ‪ ،‬ص‪.544‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪34‬‬
‫اﻟﻔﺻل اﻷول‪ :‬ﻣﺎﻫﯾﺔ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ وﻛﯾﻔﯾﺔ اﻧﻌﻘﺎدﻩ‬

‫ﺧﻼﺻﺔ اﻟﻔﺻل اﻷول‬


‫أﺧﻠص ﻣن ﺧﻼل ﻫذا اﻟﻔﺻل اﻟذي ﻫو ﺑﻌﻧوان ﻣﺎﻫﯾﺔ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪ ،‬اﻟذي ﯾﺣﺗوي ﻓﻲ ﻣﺿﻣون اﻟﺑﺣث ﻋﻠﻰ‬
‫ﻣﻔﻬوم ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ و ﻛﯾﻔﯾﺔ اﻧﻌﻘﺎدﻩ‪ ،‬إﻟﻰ أن ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻫو ﻋﻘد ﯾﺗﻌﻬد ﻓﯾﻪ ﺷﺧص ﺑﺄن ﯾﻘوم ﺑﻌﻣل ﻣﻌﯾن‬
‫ﻟﺣﺳﺎب ﺷﺧص آﺧر ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑل أﺟر‪ ،‬دون أن ﯾﺧﺿﻊ ﻹرادﺗﻪ و إﺷراﻓﻪ‪ ،‬و ﺑذﻟك ﻓﺈن ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﯾﺗﻣﯾز ﺑﻣﺟﻣوﻋﺔ‬
‫ﻣن اﻟﺧﺻﺎﺋص‪ ،‬ﻓﻬو ﻋﻘد رﺿﺎﺋﻲ‪ ،‬و ﯾﻌﺗﺑر ﻣن ﻋﻘود اﻟﻣﻌﺎوض‪ ،‬ﻛﻣﺎ أﻧﻪ ﻋﻘد ﻣﻠزم ﻟﺟﺎﻧﺑﯾن‪ ،‬ﻓﺿﻼ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ‬
‫ﯾﻧﺷﺊ اﻟﺗزاﻣﺎ ﺷﺧﺻﯾﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗق اﻟﻣﻘﺎول‪ ،‬ﺑﺎﻧﺟﺎز اﻟﻌﻣل ﻣﺣل اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻣﺳﺗﻘﻼ و ﺑدون ﺗﺑﻌﯾﺔ ﻟرب اﻟﻌﻣل‪.‬‬
‫و ﻛﺎن ﻟﻬذﻩ اﻷﺧﯾرة أﺛر ﻛﺑﯾر ﻓﻲ اﻟﺗﻣﯾﯾز ﺑﯾن ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻋن ﻏﯾرﻩ ﻣن اﻟﻌﻘود‪ ،‬ﻛﻣﺎ أن ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻧﺟدﻩ‬
‫ﻋﻘدا ﻣزدوﺟﺎ ﻓﻘد ﯾﻛون ﺗﺎرة ﻋﻘد ﻣدﻧﯾﺎ و ﺗﺎرة أﺧرى ﺗﺟﺎري‪ ،‬إذ أﻧﻪ ﯾﺳﺗﻣد اﻟﺻﻔﺗﯾن ﻣن طرﻓﯾﻪ )اﻟﻣﻘﺎول و ر ب‬
‫اﻟﻌﻣل(‪ ،‬ﻋﻠﻰ أن ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ رﻏم ﺗﻣﯾزﯾ ﻩ ﻋن ﻏﯾرﻩ ﻣن اﻟﻌﻘود‪ ،‬إﻻ أﻧﻪ ﯾظل ﺧﺎﺿﻌﺎ ﻷﺣﻛﺎم اﻟﻧظرﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻌﻘد‪،‬‬
‫ﻻﺳﯾﻣﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﺷروط و اﻷرﻛﺎن اﻟﺗﻲ ﯾﻘوم ﻋﻠﯾﻬﺎ‪.‬‬
‫و ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣﺟﺎل ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻗد ﯾﻌﻘد ﻣﺑﺎﺷرة ﺑﯾن رب اﻟﻌﻣل و اﻟﻣﻘﺎول‪ ،‬ﻟﯾﻘوم ﻫذا اﻷﺧﯾر ﺑﺗﻧﻔﯾذ اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‬
‫ﺑﻧﻔﺳﻪ‪ ،‬إﻻ أﻧﻪ ﻗد ﯾﺣدث أن ﯾﻌﻬد ﻫذا اﻟﻣﻘﺎول إﻧﺟﺎز اﻟﻌﻣل اﻟذي ﻛﻠف ﺑﻪ‪ ،‬إﻟﻰ ﻣﻘﺎول آﺧر ﻹﻧﺟﺎزﻩ‪ ،‬و ﻫذا ﻣﺎ‬
‫ﯾﻌرف ﺑﺎﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ اﻟﻔرﻋﯾﺔ ﺣﺳب اﻟﺗﺷرﯾﻊ اﻟﺟزاﺋري‪ ،‬و ﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻣن اﻟﺑﺎطن ﺣﺳب اﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت اﻷﺧرى‪ ،‬و ﻓﻲ ﻫذﻩ‬
‫اﻟﺣﺎﻟﺔ ﯾظل اﻟﻣﻘﺎول اﻷﺻﻠﻲ ﻣﺳؤ وﻻ ﻋن اﻷﺧطﺎء اﻟﺗﻲ ﯾرﺗﻛﺑﻬﺎ اﻟﻣﻘﺎول اﻟﻔرﻋﻲ ﻓﻲ اﻟﺗﻧﻔﯾذ ﻧﺣو رب اﻟﻌﻣل‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬آﺛﺎر ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ و أﺳﺑﺎب اﻧﻘﺿﺎﺋﻪ‬

‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬آﺛﺎر ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ و اﻧﻘﺿﺎﺋﻪ‬

‫ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻛﻐﯾرﻩ ﻣن اﻟﻌﻘود ﺑﻣﺟرد ﻗﯾﺎﻣﻪ و ﺗواﻓر أرﻛﺎﻧﻪ ﻣن رﺿﺎ و ﻣﺣل و ﺳﺑب‪ ،‬ﺗﺑدأ آﺛﺎرﻩ ﻓﻲ اﻟﺳرﯾﺎن‬
‫ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻷطراف اﻟﻌﻘد‪ ،‬إذ ﯾﺗﻌﯾن ﻋﻠﻰ ﻛل طرف اﻟﻘﯾﺎم ﺑﺎﻟﺗزاﻣﺎﺗﻪ وﻓﻘﺎ ﻟﻣﺎ اﺗﻔق ﻋﻠﯾﻪ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻣﻘﺎول ﯾﻘوم ﺑﺎﻟﻌﻣل‬
‫اﻟﻣطﻠوب ﻣﻧﻪ و رب اﻟﻌﻣل ﯾﻘوم ﺑدﻓﻊ اﻟﻣﻘﺎﺑل ﻟﻪ اﻟذي ﯾﺳﺗﺣق ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻟﻌﻣل‪ ،‬و ﻋﻠﯾﻪ ﻫﻧﺎك اﻟﺗزاﻣﺎت ﺻﺎدرة‬
‫ﻋن إرادة اﻟطرﻓﯾن ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر اﻟﻌﻘد رﺿﺎﺋﻲ‪ ،‬و ﻣﻧﻬﺎ ﻣﺎ ﻫو ﺻﺎدر وﻓق ﻟﺗدﺧل اﻟﻣﺷرع‪.‬‬

‫و ﻣن ﺧﻼل ﺗﻧﻔﯾذ ﻫذﻩ اﻻﻟﺗزاﻣﺎت ﯾﻛون ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪ ،‬ﻗد وﺻل إﻟﻰ اﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻷﺧﯾرة و اﻻﻧﺗﻬﺎء‪ ،‬ﻋﻠﻰ ﻋﻛس‬
‫ﺑﻌض اﻟﻌﻘود ﻓﻬﻧﺎك أﺳﺑﺎب ﻋﺎﻣﺔ و ﺧﺎﺻﺔ ﺧﺻﻬﺎ اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﺑﻧﺻوص وﻓق اﻟﺗﻘﻧﯾن اﻟﻣدﻧﻲ‪.‬‬
‫و ﺑﻧﺎء ﻋﻠﯾﻪ ﻗﺳﻣت ﻫذا اﻟﻔﺻل إﻟﻰ ﻣﺑﺣﺛﯾن‪ ،‬ﻓﺎﻟﻣﺑﺣث اﻷول ﺑﻌﻧوان آﺛﺎر ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪ ،‬و اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻧﻲ ﺑﻌﻧوان‬
‫اﻧﻘﺿﺎء ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬آﺛﺎر ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ و أﺳﺑﺎب اﻧﻘﺿﺎﺋﻪ‬

‫اﻟﻣﺑﺣث اﻷول‪ :‬آﺛﺎر ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎول‬

‫ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻣن اﻟﻌﻘود اﻟﻣﻠزﻣﺔ ﻟﺟﺎﻧﺑﯾن‪ ،‬ﻓﯾرﺗب اﻟﺗزاﻣﺎت ﻟﻛل ﻣن اﻟﻣﻘﺎول و أﺧرى ﻓﻲ ذﻣﺔ رب‬
‫اﻟﻌﻣل‪ ،‬ﻓﺎﻷول ﯾﻘوم ﺑﺈﻧﺟﺎز اﻟﻌﻣل اﻟﻣﺗﻔق ﻋﻠﯾﻪ و ﺗﺳﻠﯾﻣﻪ ﻟرب اﻟﻌﻣل ﻓﻲ اﻷﺟل اﻟﻣﺣدد و ﯾﻠﺗزم ﺑﺿﻣﺎﻧﻪ‪ ،‬و ﻓﻲ‬
‫ﺣﺎﻟﺔ ﻣﺎ أﺧل ﺑﺎﻟﺗزاﻣﻪ ﺗرﺗﺑت ﻋﻠﯾﻪ ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻧﺗﯾﺟﺔ ذﻟك‪ ،‬ﻛﻣﺎ ﯾﻘوم رب اﻟﻌﻣل ﺑﺗﻣﻛﯾن اﻟﻣﻘﺎول ﻣن إﻧﺟﺎز اﻟﻌﻣل‬
‫ودﻓﻊ ﻟﻪ اﻟﻣﻘﺎﺑل اﻟﻣﺳﺗﺣق ﺑﻌد ﺗﺳﻠﻣﻪ اﻟﻌﻣل‪ ،‬و ﯾرﺗب ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻋﻧد ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ ذﻟك‪.‬‬

‫و ﺑﻧﺎء ﻋﻠﯾﻪ ﻗﺳﻣت ﻫذا اﻟﻣﺑﺣث إﻟﻰ ﻣطﻠﺑﯾن‪ ،‬ﻓﻔﻲ اﻟﻣطﻠب اﻷول ﺑﻌﻧوان اﻟﺗزاﻣﺎت رب اﻟﻌﻣل و ﻣﺳؤوﻟﯾﺗﻪ‪ ،‬و‬
‫اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ اﻟﺗزاﻣﺎت اﻟﻣﻘﺎول‪.‬‬

‫اﻟﻣطﻠب اﻷول‪ :‬اﻟﺗزاﻣﺎت رب اﻟﻌﻣل و ﻣﺳؤوﻟﯾﺗﻪ‬

‫ﻧﺟد رب اﻟﻌﻣل ﯾﻠﺗزم ﺑﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻻﻟﺗزاﻣﺎت ﻓﺎﻷول ﻫو ﺗﻣﻛﯾن اﻟﻣﻘﺎول ﻣن اﻧﺟﺎز اﻟﻌﻣل‪ ،‬و اﻟﺛﺎﻧﻲ دﻓﻊ‬
‫اﻷﺟر اﻟﻣﺳﺗﺣق ﻟﻠﻣﻘﺎول و اﻟﺛﺎﻟث ﺗﺳﻠم اﻟﻌﻣل ﺑﻌد إﻧﺟﺎز اﻟﻌﻣل‪ ،‬و ﺑﻣﺧﺎﻟﻔﺔ ذﻟك رﺗب اﻟﻘﺎﻧون ﻟﻪ ﺟزاءات‪.‬‬
‫و ﺑﻧﺎء ﻋﻠﯾﻪ ﻗﺳﻣت ﻫذا اﻟﻣطﻠب إﻟﻰ ﻓرﻋﯾن اﻟﻔرع اﻷول ﺑﻌﻧوان اﻟﺗزاﻣﺎت رب اﻟﻌﻣل‪ ،‬و اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ ﺑﻌﻧوان‬
‫ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ رب اﻟﻌﻣل ﻋن إﺧﻼل ﺑﺎﻻﻟﺗزاﻣﺎت‪.‬‬

‫اﻟﻔرع اﻷول‪ :‬اﻟﺗزاﻣﺎت رب اﻟﻌﻣل‪.‬‬

‫أوﻻ‪ :‬ﺗﻣﻛﯾن اﻟﻣﻘﺎول ﻣن إﻧﺟﺎز اﻟﻌﻣل‬

‫ﯾﺟب ﻋﻠﻰ رب اﻟﻌﻣل أن ﯾﺣﺿر رﺧﺻﺔ اﻟﺑﻧﺎء و ﻛل اﻟﺗر اﺧﯾص اﻹدارﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻣﻧﺢ اﻟﻣﻘﺎول ﺑداﯾﺔ اﻟﻌﻣل ﻓﻲ‬
‫اﻷﺟل اﻟﻣﺣدد‪ ،‬ﻓﺈذا ﻛﺎن ﺣﺎﺋط اﻟﺟﺎر ﻣﺷﺗرﻛﺎ وﺟب ﻋﻠﯾﻪ اﻻﺗﻔﺎق ﻣﻌﻪ‪ ،‬و إذا ﺗﻌﻬد ﺑﺗﻘدﯾم اﻟﻣواد ﻓﯾﺟب ﺗﺣﺿﯾرﻫﺎ‬
‫و ﻛذﻟك اﻵﻻت و اﻟﻣﻌدات‪...‬اﻟﺦ‪ ،‬ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟرﺳوﻣﺎت و اﻟﻣواﺻﻔﺎت وﺟب ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻘﯾﺎم ﺑﻪ طﺑﻘﺎ ﻟﻌرف‬
‫اﻟﺻﻧﻌﺔ‪ ،‬ﻓﻼ ﯾﻘﯾم ﻟﻪ ﻋﻘﺑﺎت ﺑﻌد أن اﺗﻔق ﻣﻌﻪ‪ ،‬إﻻ ﻟﺳﺑب ﻣﺷروع ﻓﻼ ﯾﺳﺗطﯾﻊ اﻟﺗﻧﺻل ﻣن ﻣﺳؤوﻟﯾﺎﺗﻪ ﻓﻲ اﻟﻌﻘد إﻻ‬
‫ﻓﻲ ﺣدود اﻟﺷروط اﻟﺗﻲ ﻧص ﻋﻠﯾﻬﺎ اﻟﻘﺎﻧون ﻓﺈذا ﻟم ﯾﻘم ﺑواﺟﺑﺎﺗﻪ ﺟﺎز ﻟﻠﻣﻘﺎول أن ﯾطﺎﻟب ﺑﺎﻟﺗﻧﻔﯾذ ﻋﯾﻧﺎ ﺣﯾث ﯾﺄﺗﻲ‬
‫)‪(1‬‬
‫ﺑﺎﻟﻣواد و اﻵﻻت و ﻛل اﻷﺷﯾﺎء اﻟﻼزﻣﺔ ﺑﺗرﺧﯾص ﻣن اﻟﻘﺿﺎء و إذا ﻛﺎن ﺗدﺧل رب اﻟﻌﻣل اﻟﺷﺧﺻﻲ ﺿرورﯾﺎ‬

‫ﺟﺎز ﻟﻠﻣﻘﺎول أن ﯾﻠﺟﺄ إﻟﻰ اﻟﺗﻬدﯾد اﻟﻣﺎﻟﻲ و اﻟﻣطﺎﻟﺑﺔ ﺑﺎﻟﺗﻌوﯾض ﻋن اﻟﺿرر اﻟذي ﺣﺻل ﻣن ﺟراء رب اﻟﻌﻣل‬

‫‪ 1‬ﺑﺟﺎوي اﻟﻣدﻧﻲ‪ .‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ .‬ص ص ‪.108-107‬‬


‫‪37‬‬
‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬آﺛﺎر ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ و أﺳﺑﺎب اﻧﻘﺿﺎﺋﻪ‬

‫اﻟذي ﻟم ﯾﻘم ﺑواﺟﺑﺎﺗﻪ ﻧﺣو اﻟﻣﻘﺎول اﻟذي ﻟﻪ اﻟﺣق أن ﯾطﺎﻟب ﺑﻔﺳﺦ اﻟﻌﻘد ﻣﻊ اﻟﺗﻌوﯾض و ﻟﻠﻣﺣﻛﻣﺔ ﺗﻘدﯾر ﻫذا‬
‫اﻟﺗﻌوﯾض)‪.(1‬‬

‫ﺛﺎﻧﯾﺎ‪ :‬اﻟﺗزام ﺑﺗﺳدﯾد أﺟر اﻟﻣﻘﺎول‬

‫ﯾﻌﺗﺑر اﻟﺗزام رب اﻟﻌﻣل ﺑدﻓﻊ اﻷﺟر أﻫم اﻟﺗزام ﯾﻘﻊ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗﻘﻪ‪ ،‬ﻷﻧﻪ ﯾﻣﺛل اﻟﻣﻘﺎﺑل اﻟذي ﻗﺻد اﻟﻣﻘﺎول اﻟﺣﺻول‬
‫ﻋﻠﯾﻪ‪ ،‬ﻓﯾﻠﺗزم رب اﻟﻌﻣل ﺑدﻓﻊ اﻷﺟر اﻟﻣﺗﻔق ﻋﻠﯾﻪ إﻟﻰ اﻟﻣﻘﺎول دون زﯾﺎدة أو ﻧﻘﺻﺎن‪ ،‬ﻏﯾر أن اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري‬
‫أورد ﺣﺎﻻت ﻣﻌﯾﻧﺔ‪ ،‬أﺟﺎز ﻓﯾﻬﺎ ﺗﻌدﯾل اﻷﺟر اﻟﻣﺗﻔق ﻋﻠﯾﻪ ﺑﯾن اﻟﻣﺗﻌﺎﻗدﯾن‪ ،‬و ﻋﻠﯾﻪ ﯾﻠﺗزم رب اﻟﻌﻣل ﺑدﻓﻊ اﻷﺟر‬
‫اﻟﻣﺗﻔق ﻋﻠﯾﻪ‪ ،‬أو اﻟذي ﺣددﻩ اﻟﻘﺎﻧون ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺳﻛوت اﻟطرﻓﯾن ﻋن ذﻟك‪ ،‬ﺑﺣﯾث ﯾدﻓﻊ إﻟﻰ اﻟﻣﻘﺎول أو ورﺛﺗﻪ أو‬
‫ﺧﻠﻔﻪ اﻟﺧﺎص ﻛﻣﺎ ﻟو ﺣول ﺣﻘﻪ ﻓﻲ اﻷﺟر إﻟﻰ اﻟﻐﯾر‪ ،‬إذ ﯾﺟب وﻓﺎءﻩ إﻟﻰ اﻟﻣﺣﺎل ﻟﻪ)‪.(2‬‬

‫إن اﻷﺻل ﻫو وﻓﺎء اﻷﺟر إﻟﻰ اﻟﻣﻘﺎول اﻟذي أﻧﺟز اﻟﻌﻣل‪ ،‬و أﻧﻪ ﻻ ﯾﺟوز ﻟداﺋﻧﻪ ﻣطﺎﻟﺑﺔ رب اﻟﻌﻣل ﺑدﻓﻊ ﻫذا‬
‫اﻷﺟر إﻟﯾﻬم‪ ،‬إﻻ ﻋن طرﯾق اﻟدﻋوى ﻏﯾر اﻟﻣﺑﺎﺷرة‪ ،‬ﻓﻧﺟد اﻟﻣﺷرع ﻗد ﺧرج ﻋن اﻷﺻل إذ ﻗرر ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة‪1/565‬‬
‫ﻣن ق م ج ﻋﻠﻰ أﻧﻪ‪ ":‬ﯾﻛون ﻟﻠﻣﻘﺎوﻟﯾن اﻟﻔرﻋﯾﯾن و اﻟﻌﻣﺎل اﻟذﯾن ﯾﺷﺗﻐﻠون ﻟﺣﺳﺎب اﻟﻣﻘﺎول ﻓﻲ ﺗﻧﻔﯾذ اﻟﻌﻣل‪ ،‬ﺣق‬
‫ﻣطﺎﻟﺑﺔ رب اﻟﻌﻣل ﻣﺑﺎﺷرة ﺑﻣﺎ ﯾﺟﺎوز اﻟﻘدر اﻟذي ﯾﻛون ﻣدﯾﻧﺎ ﺑﻪ اﻟﻣﻘﺎول اﻷﺻﻠﻲ وﻗت رﻓﻊ اﻟدﻋوى‪ ،‬و ﯾﻛون‬
‫ﻟﻌﻣﺎل اﻟﻣﻘﺎول اﻟﻔرﻋﻲ ﻣﺛل ﻫذا اﻟﺣق ﺗﺟﺎﻩ ﻛل ﻣن اﻟﻣﻘﺎول اﻷﺻﻠﻲ و رب اﻟﻌﻣل"‪ ،‬و ﻋﻠﻰ ذﻟك ﯾﻛون ﻟﻌﻣﺎل‬
‫اﻟﻣﻘﺎول اﻷﺻﻠﻲ و ﻟﻠﻣﻘﺎول اﻟﻔرﻋﻲ‪ ،‬اﻟﺣق ﻓﻲ ﺗﻘﺎﺿﻲ أﺟورﻫم اﻟﻣﺗرﺗﺑﺔ ﻓﻲ ذﻣﺔ اﻟﻣﻘﺎول اﻷﺻﻠﻲ ﻣﺑﺎﺷرة ﻣن‬
‫اﻷﺟر اﻟواﺟب ﻋﻠﻰ رب اﻟﻌﻣل ﻟﻠﻣﻘﺎول اﻷﺻﻠﻲ)‪ ،(3‬و ﻻ ﯾﺷﺗرط ﻓﻲ ذﻟك أن ﯾﻛون اﻟﻣﻘﺎول اﻷﺻﻠﻲ ﻣﻌﺳرا أو أن‬
‫ﯾﻛون داﺋﻧو ﻩ ﻗد رﺟﻌوا ﻋﻠﯾﻪ أوﻻ)‪.(4‬‬

‫و ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﺎ ﻗﺎم اﻟﻣﻘﺎول اﻟﻔرﻋﻲ ﺑﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻣن اﻟﺑﺎطن‪ ،‬ﻓﻬﻧﺎ ﻧﺟد اﻟﻣﻘﺎول اﻟﻔرﻋﻲ اﻟﺛﺎﻧﻲ ﯾرﺟﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻘﺎول‬
‫اﻷﺻﻠﻲ اﻟذي ﯾﻌﺗﺑر رب اﻟﻌﻣل ﻟﻠﻣﻘﺎول اﻟﻔرﻋﻲ اﻷول‪ ،‬ﻷن ﻧص اﻟﻣﺎدة اﻟﺳﺎﺑق ﯾﺳﻣﺢ ﺑرﻓﻊ اﻟدﻋوى ﻋﻠﻰ رب‬

‫اﻟﻌﻣل اﻟذي ﻗﺎول ﻣﻘﺎوﻟﻬم و ﻫذا ﻣﺎ ﺻﺎرت ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ)‪.(5‬‬

‫و ﯾﺗﺣدد اﻟﻣﺑﻠﻎ اﻟواﺟب ﻋﻠﻰ رب اﻟﻌﻣل دﻓﻌﻪ إﻟﻰ داﺋﻧﻲ اﻟﻣﻘﺎول اﻷﺻﻠﻲ‪ ،‬ﺑﺎﻟﻘدر اﻟذي ﯾﻛون ﻣدﯾﻧﺎ ﺑﻪ ﻟﻪ‬

‫‪1‬‬
‫ﺑﺟﺎوي اﻟﻣدﻧﻲ‪ .‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ .‬ص ص ‪.108-107‬‬
‫‪2‬‬
‫ﻗدري ﻋﺑد اﻟﻔﺗﺎح اﻟﺷﻬﺎوي‪ .‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ .‬ص‪.227‬‬
‫‪ 3‬ﻗرار رﻗم‪ 76094‬ﻣؤرخ ﻓﻲ‪ 1992/10/26‬ﺻﺎدر ﻋن اﻟﻐرﻓﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻟﻠﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ‪ ،‬ﻏﯾر ﻣﻧﺷور‪،‬أﻧظر ﻓﻲ ذﻟك ﻋﻣر ﺑن ﺳﻌﯾد‪ ،‬اﻹﺟﺗﻬﺎد‬
‫اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ وﻓﻘﺎ ﻷﺣﻛﺎم اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ‪ .‬ط‪ .1‬اﻟدﯾوان اﻟوطﻧﻲ ﻟﻸﺷﻐﺎل اﻟﺗرﺑوﯾﺔ‪ .‬اﻟﺟزاﺋر‪ .2001 .‬ص‪.205‬‬
‫‪4‬‬
‫ﻣﺣﻣد ﻟﺑﯾب ﺷﻧب‪ .‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ .‬ص‪.202‬‬
‫‪ 5‬ﻗراررﻗم‪30940‬ﻣؤرخ ﻓﻲ‪1983/03/16‬ﺻﺎدر ﻋن اﻟﻐرﻓﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻟﻠﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ‪ .‬اﻟﻌدد اﻷول‪ .‬ﻣﻧﺷورة ﺑﺎﻟﻣﺟﻠﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ اﻟﺻﺎدرة ﻋن ﻗﺳم‬
‫اﻟﻣﺳﺗﻧدات ﻟﻠﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ‪ .‬ﺳﻧﺔ‪ .1990‬ص‪.15‬‬
‫‪38‬‬
‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬آﺛﺎر ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ و أﺳﺑﺎب اﻧﻘﺿﺎﺋﻪ‬

‫وﻗت رﻓﻊ اﻟدﻋوى‪ ،‬و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ إذا ﻛﺎن رب اﻟﻌﻣل ﻗد وﻓﻰ ﺟزءا ﻣن اﻷﺟر ﻗﺑل رﻓﻊ اﻟدﻋوى ﻋﻠﯾﻪ ﻣن ﻗﺑل داﺋﻧﻲ‬
‫اﻟﻣﻘﺎول اﻷﺻﻠﻲ‪ ،‬ﻓﺈﻧﻪ ﯾﺣﺗﺞ ﻋﻠﯾﻬم ﺑﻬذا اﻟوﻓﺎء‪ ،‬ﻓﻼ ﯾﻠزم رب اﻟﻌﻣل ﺑﺄن ﯾدﻓﻊ ﻟﻬم إﻻ ﻣﺎ ﺑﻘﻲ ﻓﻲ ذﻣﺗﻪ)‪ ،(1‬و ﻫﻧﺎ‬
‫ﻧﺟد اﻟﻣﺷرع ﻗد أﺧطﺄ ﻓﻲ ﺻﯾﺎﻏﺔ اﻟﻣﺎدة ‪ 1/565‬ﻣن ق م ج ﺳﺎﻟﻔﺔ اﻟذﻛر‪ ،‬ﺗﻔﯾد ﺑﺄن ﯾرﺟﻊ داﺋن اﻟﻣﻘﺎول اﻷﺻﻠﻲ‬
‫ﻋﻠﻰ رب اﻟﻌﻣل ﺑﺎﻟﻘدر اﻟذي ﯾﻛون ﻫذا اﻷﺧﯾر ﻣدﯾﻧﺎ ﺑﻪ ﻟﻠﻣﻘﺎول اﻷﺻﻠﻲ وﻗت رﻓﻊ اﻟدﻋوى‪ ،‬و ﻟذﻟك ﯾﺗﻌﯾن ﻋﻠﯾﻪ‬
‫ﺗﻐﯾﯾرﻫﺎ‪ ،‬ﺑﻣﺎ ﺗﺳﻣﺢ اﻟﻣطﺎﻟﺑﺔ ﺑﻪ إﻻ ﻓﻲ اﻟﺟزء اﻟذي ﯾﻛون ﻣدﯾﻧﺎ ﺑﻪ ﻟﻠﻣﻘﺎول اﻷﺻﻠﻲ وﻗت رﻓﻊ اﻟدﻋوى‪.‬‬

‫و ﻋﻠﯾﻪ رب اﻟﻌﻣل ﻣﻠزم ﺑدﻓﻊ اﻷﺟر ﻋﻧد ﺗﺳﻠم اﻟﻌﻣل و ﻫذا ﻣﺎ ﻧﺻت ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻣﺎدة ‪ 559‬ﻣن ق م ج ﻋﻠﻰ‬
‫أﻧﻪ‪ ":‬ﺗدﻓﻊ اﻷﺟرة ﻋﻧد ﺗﺳﻠم اﻟﻌﻣل‪ ،‬إﻻ إذا اﻗﺗﺿﻰ اﻟﻌرف أو اﻻﺗﻔﺎق ﺧﻼف ذﻟك"‪ ،‬و اﻷﺻل أﻧﻪ ﻣﺗﻰ اﺗﻔﻘﺎ‬
‫اﻟطرﻓﺎن ﻋﻠﻰ اﻷﺟر ﻻ ﯾﺟوز ﻟطرﻓﻲ اﻟﻌﻘد ﺗﻌدﯾﻠﻪ‪ ،‬ﺳواء ﺑزﯾﺎدة أو ﻧﻘﺻﺎن‪ ،‬إﻻ أﻧﻪ ﯾﺟوز ﻟﻬﻣﺎ اﻻﺗﻔﺎق ﻋﻠﻰ ذﻟك‪،‬‬
‫و ﻻ ﯾﺟوز أن ﯾﻛون ﺑﺎﻹرادة اﻟﻣﻧﻔردة‪ ،‬ﻏﯾر أن اﻟﻣﺷرع أورد اﺳﺗﺛﻧﺎء أﻧﻪ ﯾﺟوز ﺗﻌدﯾل اﻟﻌﻘد دون ﺣﺎﺟﺔ ﻻﺗﻔﺎق‬
‫اﻟطرﻓﯾن‪ ،‬و ﻫﻲ ﺛﻼث ﺣﺎﻻت ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻣﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬

‫اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻷوﻟﻰ‪ :‬اﻻﺗﻔﺎق ﻋﻠﻰ أﺟر ﺑﻣﻘﺗﺿﻰ ﻣﻘﺎﯾﺳﺔ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﺳﻌر اﻟوﺣدة‬

‫ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﺿطر اﻟﻣﻘﺎول إﻟﻰ ﻣﺟﺎوزة اﻟﻣﻘﺎﯾﺳﺔ ﻣﺟﺎوزة ﻣﺣﺳوﺳﺔ‪ ،‬إذ ﯾﺗﺑﯾن أﺛﻧﺎء اﻟﻌﻣل أﻧﻪ ﻣن اﻟﺿروري ﻣﺟﺎوزة‬
‫اﻟﻣﺻروﻓﺎت اﻟﻣﻘدرة ﻟﻪ ﻓﻲ اﻟﻣﻘﺎﯾﺳﺔ ﻣﺟﺎوزة ﺑﯾﻧﺔ‪ ،‬و ﻻﺑد ﻟﻠﻣﻘﺎول أن ﯾﺧطر رب اﻟﻌﻣل ﻣﺗﻰ ﺗﺑﯾن ﻟﻪ ذﻟك‪ ،‬ﻣﻊ‬
‫ﺑﯾﺎن ﻣﻘدار ﻣﺎ ﯾﺗوﻗﻌﻪ ﻣن اﻟزﯾﺎدة ﻓﻲ اﻟﻛم‪ ،‬ﻓﺎﻟﻌﺑرة ﺑﻬذا اﻟﻣﻘدار ﻻ ﺑﻣﻘدار اﻟزﯾﺎدة اﻟﻔﻌﻠﯾﺔ)‪ ،(2‬و ﻫذا ﻣﺎ ﻧﺻت ﻋﻠﯾﻪ‬
‫اﻟﻣﺎدة ‪ 560‬ﻣن ق م ج ﻋﻠﻰ أﻧﻪ‪":‬إذا أﺑرم ﻋﻘد ﺑﻣﻘﺗﺿﻰ ﻣﻘﺎﯾﺳﺔ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟوﺣدة‪ ،‬و ﺗﺑﯾن أﺛﻧﺎء اﻟﻌﻣل أﻧﻪ ﻣن‬
‫اﻟﺿروري ﻟﺗﻧﻔﯾذ اﻟﺗﺻﻣﯾم اﻟﻣﺗﻔق ﻋﻠﯾﻪ ﻣﺟﺎوزة اﻟﻣﻘﺎﯾﺳﺔ اﻟﻣﻘدرة ﻣﺟﺎوزة ﻣﺣﺳوﺳﺔ‪ ،‬وﺟب ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻘﺎول أن ﯾﺧطر‬
‫رب اﻟﻌﻣل ﺑذﻟك ﻣﺑﯾﻧﺎ ﻣﻘدار ﻣﺎ ﯾﺗوﻗﻌﻪ ﻣن زﯾﺎدة ﻓﻲ اﻟﺛﻣن‪ ،‬ﻓﺈن ﻟم ﯾﻔﻌل ﺳﻘط ﺣﻘﻪ ﻓﻲ اﺳﺗرداد ﻣﺎ ﺟﺎوز ﺑﻪ ﻗﯾﻣﺔ‬
‫اﻟﻣﻘﺎﯾﺳﺔ ﻣن اﻟﻧﻔﻘﺎت‪.‬‬

‫ﻓﺈذا اﻗﺗﺿت اﻟﺿرورة ﻣﺟﺎوزة اﻟﻣﻘﺎﯾﺳﺔ ﻟﺗﻧﻔﯾذ اﻟﺗﺻﻣﯾم اﻟﻣﺗﻔق ﻋﻠﯾﻪ ﻣﺟﺎوزة ﺟﺳﯾﻣﺔ‪ ،‬ﺟﺎز ﻟرب اﻟﻌﻣل أن‬

‫ﯾﺗﺣﻠل ﻣن اﻟﻌﻘد و ﯾوﻗف اﻟﺗﻧﻔﯾذ ﻋﻠﻰ أن ﯾﻛون ذﻟك دون إﺑطﺎل‪ ،‬ﻣﻊ إﯾﻔﺎء اﻟﻣﻘﺎول ﻗﯾﻣﺔ ﻣﺎ أﻧﺟزﻩ ﻣن اﻷﻋﻣﺎل‬
‫ﻣﻘدرة وﻓﻘﺎ ﻟﺷروط اﻟﻌﻘد‪ ،‬و دون أن ﯾﻌوض ﻋﻣﺎ ﻛﺎن ﯾﺳﺗطﯾﻊ ﻛﺳﺑﻪ ﻟو أﻧﻪ أﺗم اﻟﻌﻣل"‪.‬‬

‫‪ 1‬ﻋﺑد اﻟرزاق أﺣﻣد اﻟﺳﻧﻬوري‪ .‬اﻟوﺳﯾط ﻓﻲ ﺷرح اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ)ﻣﻘﺎوﻟﺔ‪ .(..‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ .‬ص‪.214‬‬
‫‪2‬‬
‫ﻗدري ﻋﺑد اﻟﻔﺗﺎح اﻟﺷﻬﺎوي‪ .‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ .‬ص ص‪ .205-204‬و اﻧطر اﻟﻣﺎدة‪ 560‬اﻟﺗﻲ ﻧﺻت ﻋﻠﻰ‪>:‬‬
‫‪39‬‬
‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬آﺛﺎر ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ و أﺳﺑﺎب اﻧﻘﺿﺎﺋﻪ‬

‫وﺣﺳب اﻟﻔﻘر ة اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﻣن اﻟﻣﺎدة اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ ﻫﻧﺎك ﻓرﺿﯾن ﻻﺑد ﻣن اﻟﺗﻣﯾﯾز ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ‪ ،‬ﻷن ﻟﻛل ﻓرض ﺣﻛم ﺧﺎص ﺑﻪ‪،‬‬
‫ﻓﺈﻣﺎ أن ﺗﻛون اﻟﻣﺟﺎوزة اﻟﻣﺣﺳوﺳﺔ ﻏﯾر ﺟﺳﯾﻣﺔ و إﻣﺎ أن ﺗﻛون اﻟﻣﺟﺎوزة ﺟﺳﯾﻣﺔ‪ ،‬و ﺗﻘدﯾر ذﻟك ﻣﺳﺄﻟﺔ ﯾﻔﺻل‬
‫ﻓﯾﻬﺎ ﻗﺿﺎة اﻟﻣوﺿوع دون رﻗﺎﺑﺔ ﻋﻠﯾﻬم ﻣن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ)‪.(1‬‬

‫ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻣﺟﺎوزة ﻏﯾر اﻟﺟﺳﯾﻣﺔ‪ :‬ﻟم ﯾﺗﻌرض ﻟﻬﺎ اﻟﻣﺷرع ﺻراﺣﺔ‪ ،‬و ﻟﻛن ﺑﻣﻔﻬوم اﻟﻣﺧﺎﻟﻔﺔ ﯾﻣﻛن اﻟﻘول أن رب‬
‫اﻟﻌﻣل ﻻ ﯾﺳﺗطﯾﻊ اﻟﺗﺣﻠل ﻣن ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﺑﺳﺑب اﻟﻣﺟﺎوزة اﻟﻣﺣﺳوﺳﺔ ﻏﯾر اﻟﺟﺳﯾﻣﺔ‪ ،‬و أﻧﻪ ﺗﺟب زﯾﺎدة اﻷﺟر ﺑﻣﺎ‬
‫ﯾﺗﻧﺎﺳب ﻣﻊ ﻫذﻩ اﻟﻣﺟﺎوزة‪ ،‬ﺳواء واﻓق رب اﻟﻌﻣل ﻋﻠﻰ ذﻟك أو ﻟم ﯾواﻓق‪.‬‬

‫ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻣﺟﺎوزة اﻟﺟﺳﯾﻣﺔ ‪:‬إذا ﻛﺎﻧت اﻟﻣﺟﺎوزة اﻟﺗﻲ ﯾﻘﺗﺿﯾﻬﺎ ﺗﻧﻔﯾذ اﻟﺗﺻﻣﯾم ﺟﺳﯾﻣﺔ‪ ،‬ﻛﺎن ﻟرب اﻟﻌﻣل أن ﯾﺧﺗﺎر‬
‫أﻣرﯾن)‪:(2‬‬

‫‪-‬اﻷول أن ﯾﺑﻘﻰ ﻣرﺗﺑطﺎ ﺑﻌﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ و ﯾدﻓﻊ إﻟﻰ اﻟﻣﻘﺎول زﯾﺎدة ﻓﻲ اﻷﺟر ﺑﻣﺎ ﯾﺗﻧﺎﺳب ﻣﻊ اﻟزﯾﺎدة ﻓﻲ اﻷﻋﻣﺎل‬
‫اﻟﺗﻲ اﻗﺗﺿﺗﻬﺎ اﻟﻣﺟﺎوزة‪ ،‬و ﻻ ﯾﺷﺗرط أن ﯾﺧطر رب اﻟﻌﻣل اﻟﻣﻘﺎول ﺑﺎﺧﺗﯾﺎرﻩ ﻓﻲ اﻻﺳﺗﻣرار ﻓﻲ اﻟﺗﻧﻔﯾذ‪.‬‬

‫‪-‬اﻟﺛﺎﻧﻲ أن ﯾﺗﺣﻠل رب اﻟﻌﻣل ﻣن اﻟﻌﻘد و ﯾطﻠب ﻣن اﻟﻣﻘﺎول وﻗف اﻟﺗﻧﻔﯾذ‪ ،‬و ﻫذا ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﺎ ﻛﺎﻧت اﻟزﯾﺎدة ﻣرﻫﻘﺔ‬
‫ﻟﻪ‪ ،‬و ﻫﻧﺎ ﻋﻠﯾﻪ إﺧطﺎر اﻟﻣﻘﺎول دون إﺑطﺎء‪ ،‬ﺣﺗﻰ ﻻ ﯾﺳﺗﻣر ﻫذا اﻷﺧﯾر ﻓﻲ اﻟﺗﻧﻔﯾذ إذ ﯾﻌﺗﻘد ﺑﺄن رب اﻟﻌﻣل ﻗد‬
‫اﺧﺗﺎرﻩ ﻟﻠﺑﻘﺎء ﻣﻊ اﻟزﯾﺎدة ﻓﻲ اﻷﺟر‪ ،‬و ﻋﻠﻰ رب اﻟﻌﻣل اﻟذي ﯾدﻋﻲ أﻧﻪ أﺧطر اﻟﻣﻘﺎول ﺑﺗﺣﻠل ﻣن اﻟﻌﻘد و طﻠب‬
‫ﻣﻧﻪ وﻗف ﺗﻧﻔﯾذﻩ‪ ،‬أن ﯾﺛﺑت ﺣﺻول اﻹﺧطﺎر اﻟذي ﻻ ﯾﺷﺗرط ﻓﯾﻪ ﺷﻛل ﺧﺎص‪.‬‬

‫و ﻫﻧﺎ ﯾﻠﺗزم رب اﻟﻌﻣل ﺑﺈﯾﻔﺎء اﻟﻣﻘﺎول ﻗﯾﻣﺔ ﻣﺎ أﻧﺟزﻩ ﻣن اﻷﻋﻣﺎل ﻣﻘدرة وﻓﻘﺎ ﻟﺷر وط اﻟﻌﻘد‪ ،‬ﺑﺻرف اﻟﻧظر ﻋن‬
‫اﻟﻘﯾﻣﺔ اﻟﻔﻌﻠﯾﺔ اﻟﺗﻲ أﻧﻔﻘﻬﺎ اﻟﻣﻘﺎول ﻓﻌﻼ)‪.(3‬‬

‫‪ 1‬إﺑراﻫﯾم ﺳﯾد أﺣﻣد‪ ،‬ﻣوﺳوﻋﺔ اﻟدﻓوع واﻟﺧﺻوم اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﺿوء اﻟﻔﻘﻪ و اﻟﻘﺿﺎء اﻟﺣدﯾث ﻓﻲ اﻟﻧﻘض اﻟﻣدﻧﻲ‪ .‬ط ‪ .1‬دار اﻟﻌداﻟﺔ‪ .‬اﻟﻘﺎﻫرة‪.‬‬
‫‪ .2006‬ص‪.70‬‬
‫‪2‬‬
‫ﻓﺗﯾﺣﺔ ﻗرة‪ .‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ .‬ص ص ‪.201-200‬‬
‫‪3‬‬
‫ﻗدري ﻋﺑد اﻟﻔﺗﺎح اﻟﺷﻬﺎوي‪ .‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ .‬ص‪.206‬‬
‫‪40‬‬
‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬آﺛﺎر ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ و أﺳﺑﺎب اﻧﻘﺿﺎﺋﻪ‬

‫اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ‪ :‬اﻻﺗﻔﺎق ﻋﻠﻰ أﺟر إﺟﻣﺎﻟﻲ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﺗﺻﻣﯾم ﻣﻌﯾن‬

‫)‪( 1‬‬
‫و ﻟﻺﻋﻣﺎل ﺑﻬﺎ ﻻﺑد ﻣن ﺗواﻓر اﻟﺷروط اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ‪:‬‬ ‫ﻣن ﺧﻼل ﻧص اﻟﻣﺎدة‪ 651‬ﻣن ق م ج‬
‫‪-‬أن ﯾﻛون اﻷﺟر ﻗد ﺣدد ﺑﻣﺑﻠﻎ إﺟﻣﺎﻟﻲ‪ ،‬و ﯾﻌﺗﺑر ﻛذﻟك ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﺗﻔق اﻟطرﻓﺎن وﻗت إﺑرام ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪ ،‬ﻋﻠﻰ أﺟر‬

‫ﻣﻌﯾن ﯾدﻓﻌﻪ رب اﻟﻌﻣل ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑل ﻛل اﻷﻋﻣﺎل اﻟﻣطﻠوﺑﺔ ﻣن اﻟﻣﻘﺎول إﻧﺟﺎزﻫﺎ‪ ،‬ﻓﯾﻛون ﺑذﻟك ﺗﺣدﯾد اﻷﺟر ﻧﻬﺎﺋﯾﺎ‪،‬‬
‫ﻏﯾر ﻗﺎﺑل ﻟﻠﺗﻐﯾﯾر ﻓﯾﻣﺎ ﺑﻌد‪ ،‬ﻷي ﺳﺑب ﻣن اﻷﺳﺑﺎب‪.‬‬

‫‪-‬أن ﯾﺣدد اﻷﺟر ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﺗﺻﻣﯾم ﻣﺗﻔق ﻋﻠﯾﻪ‪ ،‬و ﻻ ﯾﻘﺻد ﺑﺎﻟﺗﺻﻣﯾم ﻫﻧﺎ ﻣﺟرد اﻟﺗﻣﺛﯾل ﺑﺎﻟﺧطوط و‬
‫اﻟرﺳوﻣﺎت‪ ،‬ﺑل ﻛل وﺻف ﻟﻸﻋﻣﺎل اﻟﻣﻌﻬود ﺑﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﻣﻘﺎول‪ ،‬و ذﻟك ﺣﺗﻰ ﺗﺗﺑﯾن ﺣدود اﻟﻌﻣل ﻋﻠﻰ وﺟﻪ ﻛﺎﻣل‪،‬‬
‫واﺿﺢ و ﻧﻬﺎﺋﻲ‪.‬‬

‫‪-‬أن ﯾﻛون ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻣﺑرﻣﺎ ﺑﯾن رب اﻟﻌﻣل و اﻟﻣﻘﺎول اﻷﺻﻠﻲ‪ ،‬ﻓﺈذا أﺑرم اﻟﻌﻘد ﺑﯾن اﻟﻣﻘﺎول اﻷﺻﻠﻲ و اﻟﻣﻘﺎول‬
‫اﻟﻔرﻋﻲ‪ ،‬و اﺗﻔﻘﺎ ﻋﻠﻰ إﺟراء اﻟﻌﻣل ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﺗﺻﻣﯾم ﻣﻌﯾن ﻣﺗﻔق ﻋﻠﯾﻪ ﺑﺄﺟر إﺟﻣﺎﻟﻲ و ﺟزاﻓﻲ‪ ،‬ﻓﻼ ﯾﺳري‬
‫ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪561‬ﻣن ق م ج و إﻧﻣﺎ ﺗﺳري اﻟﻘواﻋد اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ ﺷﺄﻧﻬﻣﺎ؛ و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﯾﺳﺗطﯾﻊ اﻟﻣﻘﺎول اﻟﻔرﻋﻲ‬
‫أن ﯾﻌدل ﻓﻲ اﻟﺗﺻﻣﯾم ﺑﻌد ﻣواﻓﻘﺔ اﻟﻣﻘﺎول اﻷﺻﻠﻲ و ﻟو ﻣواﻓﻘﺔ ﺿﻣﻧﯾﺔ‪ ،‬و دون ﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ اﻻﺗﻔﺎق ﻣﻌﻪ ﻋﻠﻰ‬
‫اﻷﺟر اﻟزاﺋد ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑل ﻫذا اﻟﺗﻌدﯾل‪ ،‬و ﻣﻊ ذﻟك ﯾﻛون ﻟﻪ ﺣق اﻟرﺟوع ﺑﺎﻷﺟر اﻟزاﺋد ﺣﺳب أﻫﻣﯾﺔ اﻟﺗﻌدﯾل و ﻣداﻩ و‬
‫طﺑﯾﻌﺗﻪ و ﻧﻔﻘﺎﺗﻪ و ﺗﻛﺎﻟﯾﻔﻪ)‪.(2‬‬

‫و ﻣﻊ ذﻟك ﻓﻘد أﺟﺎزت اﻟﻣﺎدة‪ 2/561‬ﻣن ق م ج‪ ،‬ﺑﻔرﺿﯾن ﻟزﯾﺎدة اﻷﺟرة اﻹﺟﻣﺎﻟﯾﺔ ﻟﺗﺻﻣﯾم ﻣﻌﯾن‪:‬‬
‫اﻟﻔرض اﻷول أن ﯾﻛون ﺗﻌدﯾل اﻟﺗﺻﻣﯾم اﻟﻣﺗﻔق ﻋﻠﯾﻪ ﺑﺳﺑب ﺧطﺄ رب اﻟﻌﻣل أو ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ اﺗﻔﺎق ﻣﻌﻪ‪ :‬إذا‬
‫ﺣدث ﻓﻲ اﻟﺗﺻﻣﯾم ﺗﻌدﯾل أو إﺿﺎﻓﺔ و ﻛﺎن ذﻟك راﺟﻌﺎ إﻟﻰ ﺧطﺄ ﻣن رب اﻟﻌﻣل‪ ،‬ﺗﺣﻣل ﻫذا اﻷﺧﯾر زﯾﺎدة‬
‫اﻟﺗﻛﺎﻟﯾف اﻟﺗﻲ ﯾﺳﺗﻠزﻣﻬﺎ ﻫذا اﻟﺗﻌدﯾل ﻋﻠﻰ اﻷﺟر اﻟﻣﺗﻔق ﻋﻠﯾﻪ‪ ،‬و ﻻ ﯾﺷﺗرط أن ﯾﻛون رب اﻟﻌﻣل ﺳﻲء اﻟﻧﯾﺔ أو أن‬
‫ﯾﺛﺑت ﺗﻘﺻﯾر ﻣن ﺟﺎﻧﺑﻪ‪ ،‬إذ ﯾﻛﻔﻲ أن ﯾﻛون اﻟﺗﻌدﯾل ﻓﻲ اﻟﺗﺻﻣﯾم اﻟذي ﺗﺳﺑب ﻓﻲ زﯾﺎدة اﻟﻧﻔﻘﺎت ﻫو ﻓﻌل ﻣﻧﺳو ب‬
‫إﻟﯾﻪ‪ ،‬ﻛﻣﺎ ﻻ ﯾﺷﺗرط أن ﯾﻛون ﻫﻧﺎك ﺗﻌدﯾل ﻓﻲ اﻟﺗﺻﻣﯾم أﺻﻼ طﺎﻟﻣﺎ رب اﻟﻌﻣل ﻗد ﺗﺳﺑب ﺑﻔﻌﻠﻪ ﻓﻲ زﯾﺎدة‬
‫اﻟﺗﻛﺎﻟﯾف‪ ،‬و ﻛذﻟك ﯾرﺟﻊ اﻟﻣﻘﺎول ﺑﺎﻟزﯾﺎدة إذا ﻛﺎن رب اﻟﻌﻣل ﻗد أذن ﻟﻪ ﺑﺎﻟﺗﻌدﯾل أو ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫اﻟﻣﺎدة ‪ 561‬ﻧﺻت ﻋﻠﻰ أﻧﻪ‪ >>:‬إذ أﺑرم اﻟﻌﻘد ﺑﺄﺟر ﺟزاﻓﻲ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﺗﺻﻣﯾم اﺗﻔق ﻋﻠﯾﻪ ﻣﻊ رب اﻟﻌﻣل‪ ،‬ﻓﻠﯾس ﻟﻠﻣﻘﺎول أن ﯾطﺎﻟب ﺑﺄﯾﺔ‬
‫زﯾﺎدة ﻓﻲ اﻷﺟر و ﻟو ﺣدث ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺗﺻﻣﯾم ﺗﻌدﯾل أو إﺿﺎﻓﺔ‪ ،‬إﻻ أن ﯾﻛون ذﻟك راﺟﻌﺎ إﻟﻰ ﺧطﺄ ﻣن رب اﻟﻌﻣل أو أن ﯾﺣﺻل ﻫذا اﻻﺗﻔﺎق‬
‫ﻛﺗﺎﺑﺔ‪ ،‬إﻻ إذا ﻛﺎن اﻟﻌﻘد اﻷﺻﻠﻲ ذاﺗﻪ ﻗد اﺗﻔق ﻋﻠﯾﻪ ﻣﺷﺎﻓﻬﺔ‪.‬‬
‫ﻋﻠﻰ أﻧﻪ إذا اﻧﻬﺎر اﻟﺗوازن اﻻﻗﺗﺻﺎدي ﺑﯾن اﻟﺗزاﻣﺎت ﻛل ﻣن رب اﻟﻌﻣل و اﻟﻣﻘﺎول ﺑﺳﺑب ﺣوادث اﺳﺗﺛﻧﺎﺋﯾﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﻟم ﺗﻛن ﻓﻲ اﻟﺣﺳﺑﺎن وﻗت إﺑرام‬
‫اﻟﺗﻌﺎﻗد‪ ،‬و ﺗداﻋﻰ ﺑذﻟك اﻷﺳﺎس اﻟذي ﻗﺎم ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺗﻘدﯾر اﻟﻣﺎﻟﻲ ﻟﻌﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪ ،‬ﺟﺎز ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ أن ﯾﺣﻛم ﺑزﯾﺎدة اﻷﺟر أو ﺑﻔﺳﺦ اﻟﻌﻘد<‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫ﻗدري ﻋﺑد اﻟﻔﺗﺎح اﻟﺷﻬﺎوي‪ .‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ .‬ص‪.210‬‬
‫‪41‬‬
‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬آﺛﺎر ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ و أﺳﺑﺎب اﻧﻘﺿﺎﺋﻪ‬

‫اﻟﻔرض اﻟﺛﺎﻧﻲ اﻧﻬﯾﺎر اﻟﺗوازن اﻻﻗﺗﺻﺎدي ﺑﯾن اﻟﺗزاﻣﺎت رب اﻟﻌﻣل و اﻟﻣﻘﺎول‪ :‬إن اﻟﻣﺎدة‪ 3/561‬ﻣن ق م ج‬
‫ﺳﺎﻟﻔﺔ اﻟذﻛر‪ ،‬ﻫﻲ ﺗطﺑﯾق واﺿﺢ ﻓﻲ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻟﻧظرﯾﺔ اﻟظروف اﻟطﺎرﺋﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻘرر ﻣﺑدؤ ﻫﺎ اﻟﻌﺎم ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة‬
‫‪ 3/107‬ﻣن ذات اﻟﻘﺎﻧون)‪.(1‬‬

‫و ﻟﻛن إذا ﻛﺎﻧت ﺷروط ﻧظرﯾﺔ اﻟظروف اﻟطﺎرﺋﺔ ﻓﻲ ﻣﺑدﺋﻬﺎ اﻟﻌﺎم ﺗﺗﻔق ﻣﻊ ﺷروط اﻟﻧظرﯾﺔ ﻓﻲ ﺗطﺑﯾﻘﻬﺎ اﻟﺧﺎص‬
‫)‪(2‬‬
‫و ﻣﻬﻣﺎ ﯾﻛن اﻷﻣر ﻓﺈﻧﻪ ﯾﺷﺗرط ﻟزﯾﺎدة‬ ‫ﺑﻌﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪ ،‬ﻓﺈن اﻟﺟزاء ﻗﻠﯾل ﻓﻲ اﻟﺗطﺑﯾق اﻟﺧﺎص ﻋﻧﻪ ﻓﻲ اﻟﻣﺑدأ اﻟﻌﺎم‪،‬‬
‫اﻷﺟر ﺗواﻓر اﻟﺷرطﯾن اﻟﺗﺎﻟﯾﯾن ﺣﺳب اﻟﻣﺎدة‪ 3/561‬ﻣن ق م ج‪ ،‬ﻓﺎﻷول ﺑﺄن ﯾﻧﻬﺎر اﻟﺗوازن اﻻﻗﺗﺻﺎدي ﺑﯾن‬
‫اﻟﺗزاﻣﺎت اﻟطرﻓﯾن‪ ،‬و ﺗﻘدﯾر ﻣدى ﻫذا اﻻﻧﻬﯾﺎر ﺑﺣﯾث ﯾﺻﺑﺢ اﻟﻣﻘﺎول ﻣﻬددا ﺑﺧﺳﺎرة ﻓﺎدﺣﺔ‪.‬و ﺗﻌﺗﺑر ﻣﺳﺄﻟﺔ‬
‫ﻣوﺿوﻋﯾﺔ ﯾﻔﺻل اﻟﻘﺿﺎء ﻣﺳﺗرﺷدا ﺑظروف و ﻣﻼﺑﺳﺎت ﻛل دﻋوى ﺑﺻرف اﻟﻧظر ﻋن اﻟظروف اﻟﺧﺎﺻﺔ‬
‫ﺑﺎﻟﻣﻘﺎول ﻣن ﺣﯾث ﻏﻧﺎﻩ أو ﻓﻘرﻩ‪ ،‬و اﻟﺛﺎﻧﻲ أن ﯾﻛون ﻫذا اﻻﻧﻬﯾﺎر ﺑﺳﺑب ﺣوادث اﺳﺗﺛﻧﺎﺋﯾﺔ و ﻋﺎﻣﺔ ﻟم ﺗﻛن ﻓﻲ‬
‫اﻟﺣﺳﺑﺎن وﻗت اﻟﺗﻌﺎﻗد و ﻏﯾر ﻣﺗوﻗﻌﺔ‪.‬‬

‫اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﺛﺎﻟﺛﺔ‪ :‬أﺟر اﻟﻣﻬﻧدس اﻟﻣﻌﻣﺎري‬

‫ﯾرﺗﺑط اﻟﻣﻬﻧدس اﻟﻣﻌﻣﺎري ﻣﻊ رب اﻟﻌﻣل ﺑﻣﻘﺗﺿﻰ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪ ،‬ﯾﻠﺗزم ﺑﻣﻘﺗﺿﺎﻩ ﺑﺈﻋداد اﻟﺗﺻﺎﻣﯾم و اﻟرﺳوم‬
‫اﻟﻬﻧدﺳﯾﺔ ﻗﺻد إﻧﺟﺎز ﻣﺷروع ﺑﻧﺎء ﻣﻌﯾن‪ ،‬وﻓﻘﺎ ﻟﻠﺷروط و اﻟﻣواﺻﻔﺎت اﻟﻣدرﺟﺔ ﺑﻬذا اﻟﻌﻘد‪ ،‬و طﺑﻘﺎ ﻟﻘواﻋد اﻟﻔن و‬
‫أﺻول اﻟﻣﻬﻧﺔ و أﻋراﻓﻬﺎ‪ ،‬ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑل أﺗﻌﺎب ﯾﺗﻠﻘﺎﻫﺎ ﻣن رب اﻟﻌﻣل؛ و اﻟﻘﺎﻋدة أﻧﻪ ﻣﺗﻰ ﺣدد أﺟر اﻟﻣﻬﻧدس‬
‫)‪( 3‬‬
‫ﻏﯾر أن اﻟﻣﺎدة‪ 2/563‬ﻣن ق م ج أوردت اﺳﺗﺛﻧﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﻋدة ﺣﯾن ﻗﺿت‬ ‫اﻟﻣﻌﻣﺎري ﻓﺈﻧﻪ ﯾﺟوز ﺗﻌدﯾﻠﻪ‪،‬‬
‫ﺑﺄﻧﻪ‪":‬ﻏﯾر أﻧﻪ إذا ﻟم ﯾﺗم اﻟﻌﻣل ﺑﻣﻘﺗﺿﻰ اﻟﺗﺻﻣﯾم اﻟذي وﺿﻌﻪ اﻟﻣﻬﻧدس‪ ،‬وﺟب ﺗﻘدﯾر اﻷﺟر ﺑﺣﺳب اﻟزﻣن اﻟذي‬
‫اﺳﺗﻐرﻗﻪ وﺿﻊ اﻟﺗﺻﻣﯾم ﻣﻊ ﻣراﻋﺎة طﺑﯾﻌﺔ ﻫذا اﻟﻌﻣل‪ ،".‬ﯾﺗﺿﺢ ﻣن ذﻟك أﻧﻪ ﻗد ﯾطرأ ﺗﻌدﯾل ﻋﻠﻰ أﺟر اﻟﻣﻬﻧدس‬
‫اﻟﻣﻌﻣﺎري‪ ،‬إذا ﻟم ﯾﺗم اﻟﻌﻣل ﺑﻣﻘﺗﺿﻰ اﻟﺗﺻﻣﯾم اﻟذي ﺗوﻟﻰ اﺳﺗﻐر اق وﺿﻌﻪ ﻣن ﺣﯾث اﻟدﻗﺔ و اﻟﺻﻌوﺑﺔ اﻟﻔﻧﯾﺔ‪.‬‬

‫و اﻟﻐﺎﻟب أن ﯾؤدي ﺗﻘدﯾر اﻷﺟر ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻟﻧﺣو إﻟﻰ إﻧﻘﺎص اﻷﺟر اﻟذي ﯾﺳﺗﺣﻘﻪ اﻟﻣﻬﻧدس اﻟﻣﻌﻣﺎري‪ ،‬ذﻟك أن‬
‫ﻋدم ﺗﻧﻔﯾذ اﻟﻌﻣل ﺑﻣﻘﺗﺿﻰ اﻟﺗﺻﻣﯾم اﻟذي أﻋدﻩ ﯾﻌﻧﻲ إﻋﻔﺎءﻩ ﻣن اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت ﺳﺗﺗرﺗب ﻋﻠﯾﻪ ﻟو ﺗم اﻟﻌﻣل‬

‫‪1‬‬
‫ﻧﺻت اﻟﻣﺎدة ‪ 107‬ﻣن ق ن ج‪>:‬ﻏﯾر أﻧﻪ إذا طرأت ﺣوادث اﺳﺗﺛﻧﺎﺋﯾﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﻟم ﯾﻛن ﻓﻲ اﻟوﺳﻊ ﺗوﻗﻌﻬﺎ و ﺗرﺗب ﻋﻠﻰ ﺣدوﺛﻬﺎ أن ﺗﻧﻔﯾذ اﻻﻟﺗزام‬
‫اﻟﺗﻌﺎﻗدي‪ ،‬و إن ﻟم ﯾﺻﺑﺢ ﻣﺳﺗﺣﯾﻼ‪ ،‬ﺻﺎر ﻣرﻫﻘﺎ ﻟﻠﻣدﯾن ﺑﺣﯾث ﯾﻬدد ﺑﺧﺳﺎرة ﻓﺎدﺣﺔ‪ ،‬ﺟﺎز ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ﺗﺑﻌﺎ ﻟﻠظروف و ﺑﻌد ﻣراﻋﺎة ﻟﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟطرﻓﯾن‬
‫أن ﯾرد اﻻﻟﺗزام اﻟﻣرﻫق إﻟﻰ اﻟﺣد اﻟﻣﻌﻘول‪ ،‬و ﯾﻘﻊ ﺑﺎطﻼ ﻛل اﺗﻔﺎق ﻋﻠﻰ ﺧﻼف ذﻟك‪<.‬‬
‫‪ 2‬ﻓﻔﻲ اﻟﻣﺑدأ اﻟﻌﺎم ﯾﺟوز ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ أن ﯾرد اﻻﻟﺗزام اﻟﻣرﻫق إﻟﻰ اﻟﺣد اﻟﻣﻌﻘول‪ ،‬ﺗﺑﻌﺎ ﻟﻠظروف و ﺑﻌد اﻟﻣوازﻧﺔ ﺑﯾن ﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟطرﻓﯾن‪ ،‬و ﯾﺑطل ﻛل‬
‫اﺗﻔﺎق ﯾﺧﺎﻟف ذﻟك‪ ،‬أﻣﺎ اﻟﺗطﺑﯾق اﻟﺧﺎص ﻓﺈﻧﻪ ﯾﺟﯾز ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ﻓﺿﻼ ﻋن اﻟﺣﻛم ﺑزﯾﺎدة اﻷﺟر‪ ،‬أن ﯾﺣﻛم ﺑﻔﺳﺦ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪ ،‬ﺣﯾث ﻻ ﯾﺟوز ذﻟك‬
‫ﻓﻲ اﻟﻣﺑدأ اﻟﻌﺎم ﻟﻠﻧظرﯾﺔ‪ .‬أﻧظر ﻋﺑد اﻟرزاق أﺣﻣد اﻟﺳﻧﻬوري‪ ،‬اﻟوﺳﯾط ﻓﻲ ﺷرح اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ‪ .‬اﻟﻌﻘود اﻟواردة ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻣل)ﻣﻘﺎوﻟﺔ‪ .(..‬اﻟﻣرﺟﻊ‬
‫اﻟﺳﺎﺑق‪ .‬ص‪.172‬‬
‫‪3‬‬
‫ﻓﺗﯾﺣﺔ ﻗرة‪ .‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ .‬ص ‪222‬‬
‫‪42‬‬
‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬آﺛﺎر ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ و أﺳﺑﺎب اﻧﻘﺿﺎﺋﻪ‬

‫ﺑﻣوﺟب ﻫذا اﻟﺗﺻﻣﯾم‪ ،‬ﻛﻣﺎ أن رب اﻟﻌﻣل ﻟم ﯾﺳﺗﻔد ﺷﯾﺋﺎ ﻣﻧﻪ)‪ ،(1‬ﻏﯾر أن اﻟﻣﻬﻧدس اﻟﻣﻌﻣﺎري ﻻ ﯾﺳﺗﺣق أي أﺟر‬
‫إذا ﻛﺎن ﺧطﺄﻩ ﻫو اﻟﺳﺑب ﻓﻲ ﻋدم ﺗﻧﻔﯾذ اﻟﻌﻣل وﻓﻘﺎ ﻟﺗﺻﻣﯾﻣﻪ ﻛﻣﺎ ﻟو ﻛﺎن اﻟﺗﺻﻣﯾم ﻣﻌﯾﺑﺎ‪ ،‬أو ﻏﯾر ﻣﺗطﺎﺑق ﻣﻊ ﻣﺎ‬
‫اﺗﻔق ﻋﻠﯾﻪ‪.‬‬

‫ﺛﺎﻟﺛﺎ‪ :‬اﻹ ﻟﺗزام ﺑﺗﺳﻠم اﻟﻌﻣل‬

‫ﺣﺳب ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 558‬ﻣن ق م ج ﻋﻠﻰ أﻧﻪ‪ ":‬ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﺗم اﻟﻣﻘﺎول اﻟﻌﻣل و ﯾﺿﻌﻪ ﺗﺣت ﺗﺻرف رب اﻟﻌﻣل‪،‬‬
‫وﺟب ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻷﺧﯾر أن ﯾﺑﺎدر إﻟﻰ ﺗﺳﻠﻣﻪ ﻓﻲ أﻗرب وﻗت ﻣﻣﻛن ﺑﺣﺳب ﻣﺎ ﻫو ﺟﺎر ﻓﻲ اﻟﻣﻌﺎﻣﻼت‪ ،‬ﻓﺈذا اﻣﺗﻧﻊ‬
‫دون ﺳﺑب ﻣﺷروع ﻋن اﻟﺗﺳﻠم رﻏم دﻋوﺗﻪ إﻟﻰ ذﻟك ﺑﺈﻧذار رﺳﻣﻲ‪ ،‬اﻋﺗﺑر أن اﻟﻌﻣل ﻗد ﺳﻠم إﻟﯾﻪ‪ ،‬و ﯾﺗﺣﻣل ﻛل ﻣﺎ‬
‫ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻰ ذﻟك ﻣن آﺛﺎر"‪ ،‬و ﻗد ﻋرف اﻟﻔﻘﻪ اﻟﻣﺻري اﻟﺗﺳﻠم ﺑﺄﻧﻪ ﻣن ﺟﻬﺔ ﯾﻌﻧﻲ اﻻﺳﺗﯾﻼء ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻣل ﻣن ﻗﺑل‬
‫)‪(2‬‬
‫رب اﻟﻌﻣل‪ ،‬و ﻣن ﺟﻬﺔ أﺧرى ﺗﻘﺑل اﻟﻌﻣل و اﻟﻣواﻓﻘﺔ ﻋﻠﯾﻪ ﺑﻌد ﻓﺣﺻﻪ‪.‬‬

‫ﻛﻣﺎ ﻋرﻓﻪ اﻷﺳﺗﺎذ ﻻﺑﺎن ﺑﺄﻧﻪ‪":‬ﻋﻣﻠﯾﺔ ﺣﺿورﯾﺔ ﻣوﺿوﻋﻬﺎ اﻟﺗﺣﻘق ﻣن اﻛﺗﻣﺎل اﻷﻋﻣﺎل‪ ،‬و ﻣن ﺣﺳن ﺗﻧﻔﯾذﻫﺎ طﺑﻘﺎ‬
‫)‪(3‬‬
‫ﻻﺷﺗراطﺎت اﻟﺻﻔﺔ "‬

‫إن اﻟﺗزام رب اﻟﻌﻣل ﺑﺗﺳﻠم اﻟﻌﻣل ﻣﺣل اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﺑﻌد إﻧﺟﺎزﻩ‪ ،‬ﯾﺳﺗو ﺟب أن ﯾﻛون اﻟﻌﻣل ﻣواﻓﻘﺎ ﻟﻠﺷروط و‬
‫اﻟﻣواﺻﻔﺎت اﻟﻣﺗﻔق ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻣﺳﺑﻘﺎ ﺑﯾن اﻟﻣﺗﻌﺎﻗدﯾن أو طﺑﻘﺎ ﻟﻣﺎ ﺗﻘﺗﺿﻲ ﺑﻪ اﻷﺻول اﻟﻔﻧﯾﺔ ﻟﻬذا اﻟﻌﻣل‪ ،‬و ﻋﻠﻰ ذﻟك‬
‫ﯾﻌﺗﺑر رﻓض رب اﻟﻌﻣل ﺗﺳﻠم ﻣﺎ أﻧﺟزﻩ اﻟﻣﻘﺎول ﻣﺑررا‪ ،‬إذا ﺟﺎء اﻟﻌﻣل ﻣﻌﯾﺑﺎ و ﻣﺧﺎﻟﻔﺎ ﻟﻣﺎ ﺗم اﻻﺗﻔﺎق ﻋﻠﯾﻪ‪ ،‬أو ﻟﻣﺎ‬
‫)‪(4‬‬
‫ﻏﯾر أﻧﻪ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﺎ وﻗﻊ ﺧﻼف ﺑﯾن اﻟطرﻓﯾن ﺣول ﻣطﺎﺑﻘﺔ اﻟﻣو اﺻﻔﺎت‬ ‫ﯾﻘﺿﻲ ﺑﻪ ﻋرف اﻟﻣﻬﻧﺔ و أﺻوﻟﻬﺎ‪،‬‬
‫أو ﻻ‪ ،‬ﺟﺎز اﻻﺳﺗﻌﺎﻧﺔ ﺑﻣﺣﺿر ﻗﺿﺎﺋﻲ ﻹﺛﺑﺎت ذﻟك‪ ،‬و رﻓﻊ اﻟدﻋوى ﻟﻠﻘﺿﺎء ﻣﻊ ﺗﻌﯾﯾن ﺧﺑﯾر ﻋﻠﻰ ﻧﻔﻘﺔ اﻟﻣدﻋﻲ‪.‬‬

‫ﻗد ﺗﺄﺧذ ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗﺳﻠم ﻋدة أﺷﻛﺎل ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ‪ ،‬إذ ﯾﻛون ﺗﺳﻠﻣﺎ ﻣؤﻗﺗﺎ ﻣن ﺧﻼﻟﻪ ﯾﺗﻔﺣص اﻟﻌﻣل‪ ،‬و ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻛﺗﺷﺎف‬
‫اﻟﻌﯾوب ﺑﺎﻹدﻻء ﺑﻬﺎ ﻟﻠﻣﻘﺎول ﺑﺟﻣﯾﻊ اﻟﺗﺣﻔظﺎت ﻋﻠﯾﻬﺎ‪ ،‬ﻟﯾﻘوم ﺑﺎﻹﺻﻼح ﺧﻼل ﻫذﻩ اﻟﻣدة‪.‬‬

‫‪ 1‬ﻋدﻧﺎن ﺳرﺣﺎن اﺑراﻫﯾم‪ .‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ .‬ص‪.88‬‬


‫‪ 2‬ﻋﺑد اﻟرزاق أﺣﻣد اﻟﺳﻧﻬوري‪ .‬اﻟوﺳﯾط ﻓﻲ ﺷرح اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ‪،‬اﻟﻌﻘود اﻟواردة ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻣل)اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪ .(..‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ .‬ص‪140‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Ibrahim Youcef .La responsabilité des constructeurs dans le cadre du contrat d’enterprise .Revue‬‬
‫‪Algérienne des sciences juridiques. économique et politiques. Faculté de droit de Ben aknoun. université‬‬
‫‪d’alger. volume 42.éditions l’office national des travaux éducatifs. Alger .2001.p08.‬‬
‫‪ 4‬ﻋدﻧﺎن إﺑراﻫﯾم اﻟﺳرﺣﺎن‪ .‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ .‬ص‪.88‬‬
‫‪43‬‬
‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬آﺛﺎر ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ و أﺳﺑﺎب اﻧﻘﺿﺎﺋﻪ‬

‫اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬ﺟزاء اﻹﺧﻼل ﺑﺎﻻﻟﺗزاﻣﺎت‬

‫إذا أﺧل رب اﻟﻌﻣل ﺑﺎﻟﺗزاﻣﺎﺗﻪ اﻟﻣﻔروﺿﺔ ﻋﻠﯾﻪ ﺑﻣوﺟب ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪ ،‬ﺟﺎز ﻟﻠﻣﻘﺎول أن ﯾطﻠب إﻣﺎ اﻟﺗﻧﻔﯾذ اﻟﻌﯾﻧﻲ أو‬
‫اﻟﻔﺳﺦ‪ ،‬دون إﺧﻼل ﺑﺣﻘﻪ ﻓﻲ طﻠب اﻟﺗﻌوﯾض ﻓﻲ اﻟﺣﺎﻟﺗﯾن‪ ،‬ﺑﺷرط أن ﯾﻌذر اﻟﻣﻘﺎول رب اﻟﻌﻣل ﺑﺈﺧﻼﻟﻪ ﺑﺎﻟﺗزاﻣﻪ‬
‫وﻓﻘﺎ ﻟﻠﻘواﻋد اﻟﻌﺎﻣﺔ‪.‬‬

‫أوﻻ‪ :‬ﺟزاء اﻹﺧﻼل ﺑﺎﻟﺗزام ﺑدﻓﻊ اﻟﺛﻣن‬

‫إذا أﺧل رب اﻟﻌﻣل ﺑدﻓﻊ اﻷﺟر‪ ،‬ﺑﺄن ﻟم ﯾدﻓﻌﻪ ﻓﻲ وﻗت اﺳﺗﺣﻘﺎﻗﻪ أو ﺗﺄﺧﯾر ﻓﻲ اﻟدﻓﻊ أو أراد دﻓﻌﻪ و ﻟﻛن ﻓﻲ‬
‫ﻣﻛﺎن ﯾﺧﺗﻠف ﻋن اﻟﻣﻛﺎن اﻟذي ﯾﻠزم ﻓﯾﻪ اﻟدﻓﻊ أو أﺧل ﺑﺄي اﻟﺗزام ﻣن اﻟﺗزاﻣﺎﺗﻪ اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑدﻓﻊ اﻷﺟر‪ ،‬ﺣق ﻟﻠﻣﻘﺎول‬
‫أن ﯾطﺎﻟب ﺑﺎﻟﺗﻧﻔﯾذ اﻟﻌﯾﻧﻲ أو ﺑﻔﺳﺦ اﻟﻌﻘد و ذﻟك دون اﻹﺧﻼل ﺑﺣﻘﻪ ﻓﻲ طﻠب اﻟﺗﻌوﯾض ﻓﻲ اﻟﺣﺎﻟﺗﯾن‪.‬‬

‫و ﯾﻛون اﻟﺗﻧﻔﯾذ اﻟﻌﯾﻧﻲ ﺑﺎﺳﺗﺻدار ﺣﻛم ﻣن اﻟﻘﺿﺎء ﻋﻠﻰ رب اﻟﻌﻣل ﺑﺎﻷﺟر‪ ،‬ﻓﺈن طﻠب اﻟﻣﻘﺎول اﻟﻔﺳﺦ ﺧﺿﻊ ﻫذا‬
‫اﻟطﻠب ﻟﻠﺳﻠطﺔ اﻟﺗﻘدﯾرﯾﺔ ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ اﻟذي ﺳﯾرﻓض اﻟﻔﺳﺦ ﻋﺎدة إذا ﻛﺎن ﻣﺎ ﻟم ﯾوف ﺑﻪ رب اﻟﻌﻣل ﻣن اﻷﺟر ﻗﻠﯾﻼ‬

‫ﻓﻲ أﻫﻣﯾﺗﻪ و ﻣﻘدارﻩ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻛﺎﻣل اﻷﺟر)‪.(1‬‬

‫و ﻟﻠﻣﻘﺎول ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﻟﻺﺧﺗﯾﺎرﯾن اﻟﻣﺗﻘدﻣﯾن أن ﯾﺣﺑس)‪(2‬ﻣﺎ أﻧﺟزﻩ ﻣن اﻟﻌﻣل ﺣﺗﻰ ﯾﻘوم رب اﻟﻌﻣل ﺑدﻓﻊ ﻣﺎ ﺑذﻣﺗﻪ‬
‫ﻣن أﺟور ﻣﺳﺗﺣﻘﺔ ﻟﻠﻣﻘﺎول‪ ،‬و ﻟﻣﺎ ﻛﺎن اﻟﺣق ﻓﻲ اﻟﺣﺑس ﻏﯾر ﻗﺎﺑل ﻟﻠﺗﺟزﺋﺔ‪ ،‬ﻓﺈﻧﻪ ﯾﺟوز ﻟﻠﻣﻘﺎول أن ﯾﺣﺑس اﻟﻌﻣل‬
‫ﺣﺗﻰ ﯾﺳﺗوﻓﻲ ﻛﺎﻣل أﺟرﻩ‪ ،‬و ﻟﻛن إذا ﻛﺎن اﻟﻌﻣل ﻣﻘﺳﻣﺎ إﻟﻰ أﺟزاء ﯾﺳﺗﺣق اﻟﻣﻘﺎول أﺟرا ﻋن ﻛل ﺟزء ﯾﺗم إﻧﺟﺎزﻩ‪،‬‬
‫ﻓﺈن ﺣق اﻟﺣﺑس ﻻ ﯾﻘﻊ إﻻ ﻋﻠﻰ اﻷﺟزاء اﻟﺗﻲ ﻟم ﯾدﻓﻊ اﻷﺟر ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﻠﻬﺎ‪.‬‬

‫و ﺣق اﻟﻣﻘﺎول ﻓﻲ ﻛل ﺗﻠك اﻟﺧﯾﺎرات إﻧﻣﺎ ﯾﺛﺑت ﻟﻪ ﻻ ﺑﻣﻘﺗﺿﻰ ﺣﻛم ﺧﺎص ورد ﻓﻲ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎول‪ ،‬و إﻧﻣﺎ ﺗطﺑﯾﻘﺎ‬
‫ﻟﻠﻘواﻋد اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ ﻧظرﯾﺔ اﻟﻌﻘد و ﺧﺻوﺻﺎ اﻟﻘواﻋد اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻹﺧﻼل ﺑﺎﻻﻟﺗزام ﻓﻲ اﻟﻌﻘود اﻟﻣﻠزﻣﺔ ﻟﻠﺟﺎﻧﺑﯾن‪.‬‬

‫ﺛﺎﻧﯾﺎ‪ :‬ﺟزاء اﻹﺧﻼل ﺑﺎﻟﺗزام ﺗﺳﻠم اﻟﻌﻣل‬

‫اﻋﺗﺑر اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري أن رب اﻟﻌﻣل ﯾﻌد ﻣﺗﺳﻠﻣﺎ ﻟﻠﻌﻣل ﻣﺣل اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻣﺗﻰ أﺗﻣﻪ اﻟﻣﻘﺎول و أﻧذرﻩ رﺳﻣﯾﺎ‬
‫ﺑوﺟوب اﻟﺗﺳﻠم ﻋن طرﯾق ﻣﺣﺿر ﻗﺿﺎﺋﻲ‪ ،‬وﻓﻘﺎ ﻟﻣﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 558‬ﻣن ق م ج و اﻟﺗﻲ ﺗﻧص‬

‫‪ 1‬ﻋدﻧﺎن إﺑراﻫﯾم اﻟﺳرﺣﺎن‪ .‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ .‬ص ص‪.106- 105‬‬

‫‪44‬‬
‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬آﺛﺎر ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ و أﺳﺑﺎب اﻧﻘﺿﺎﺋﻪ‬

‫ﻋﻠﻰ‪...":‬ﻓﺈذا اﻣﺗﻧﻊ دون ﺳﺑب ﻣﺷروع ﻋن اﻟﺗﺳﻠم رﻏم دﻋوﺗﻪ إﻟﻰ ذﻟك ﺑﺈﻧذار رﺳﻣﻲ‪ ،‬أﻋﺗﺑر أن اﻟﻌﻣل ﻗد ﺳﻠم‬
‫إﻟﯾﻪ‪ ،‬و ﯾﺗﺣﻣل ﻛل ﻣﺎ ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻰ ذﻟك ﻣن أﺛﺎر‪."...‬‬

‫و ﻋﻠﯾﻪ ﯾﺗﺣﻣل رب اﻟﻌﻣل ﺗﺑﻌﺔ ﻫﻼك اﻟﻌﻣل اﻟﻣﻧﺟز و ﻛذا اﻟﻣﺎدة اﻟﺗﻲ ﻗدﻣﻬﺎ ﻟﻠﻣﻘﺎول ﻣن أﺟل إﻧﺟﺎز اﻟﻌﻣل‬
‫اﻟﻣﺗﻔق ﻋﻠﯾﻪ‪ ،‬إذا ﻛﺎن ﻫذا اﻷﺧﯾر ﻗد أﻋذرﻩ ﺑﺗﺳﻠم اﻟﻌﻣل اﻟﻣﻧﺟز و ﻟم ﯾﻔﻌل‪ ،‬أو ﻛﺎن ﻫﻼك اﻟﻌﻣل راﺟﻌﺎ إﻟﻰ رب‬
‫اﻟﻌﻣل أو ﻋﯾب ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة اﻟﺗﻲ ﻗدﻣﻬﺎ ﻟﻠﻣﻘﺎول‪ ،‬و ﻫذا إﻋﻣﺎﻻ ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 3/568‬ﻣن ق م ج اﻟﺗﻲ ﻗررت ﻣﺎ‬
‫ﯾﻠﻲ‪ ":‬ﻓﺈذا ﻛﺎن رب اﻟﻌﻣل ﻫو اﻟذي أﻋذر ﺑﺄن ﯾﺗﺳﻠم اﻟﺷﻲء أو ﺗﻠﻔﻪ راﺟﻌﺎ إﻟﻰ ﺧطﺈ ﻣﻧﻪ أو إﻟﻰ ﻋﯾب ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة‬
‫اﻟﺗﻲ ﻗﺎم ﺑﺗورﯾدﻫﺎ ﻛﺎن ﻫﻼك اﻟﻣﺎدة ﻋﻠﯾﻪ و ﻛﺎن ﻟﻠﻣﻘﺎول اﻟﺣق ﻓﻲ اﻷﺟر و ﻓﻲ إﺻﻼح اﻟﺿرر ﻋﻧد اﻻﻗﺗﺿﺎء‪".‬‬

‫ﺛﺎﻟﺛﺎ‪ :‬إﻣﺗﯾﺎز اﻟﻣﻘﺎول و اﻟﻣﻬﻧدس اﻟﻣﻌﻣﺎري‬

‫ﻣﻧﺢ اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﻟﻠﻣﻘﺎول و اﻟﻣﻬﻧدس اﻟﻣﻌﻣﺎري اﻟﻠذﯾن ﻋﻬد إﻟﯾﻬﻣﺎ ﺑﺗﺷﯾﯾد ﺑﻧﺎء أو ﻣﻧﺷﺄة ﻣﻌﻣﺎرﯾﺔ أﺧرى أو‬
‫إﻋﺎدة ﺗﺷﯾﯾدﻫﺎ أو ﺗرﻣﯾﻣﻬﺎ أو ﺻﯾﺎﻧﺗﻬﺎ‪ ،‬اﻣﺗﯾﺎزا ﻋﻠﻰ ﻫذﻩ اﻟﻣﻧﺷﺂت ﺿﻣﺎﻧﺎ ﻟﻠﻣﺑﺎﻟﻎ اﻟﻣﺳﺗﺣﻘﺔ ﻟﻬﻣﺎ ﻓﻲ ذﻣﺔ رب‬
‫اﻟﻌﻣل‪ ،‬و ذﻟك ﺑﻘدر ﻣﺎ زاد ﻓﻲ ﻗﯾﻣﺗﻬﺎ ﺑﺳﺑب اﻷﻋﻣﺎل اﻟﺗﻲ ﻗﺎم ﺑﻬﺎ‪ ،‬ﻣﻊ وﺟوب ﻗﯾد ﻫذا اﻻﻣﺗﯾﺎز‪ ،‬اﻟذي ﺗﻛون‬
‫ﻣرﺗﺑﺔ ﻣن ﯾوم اﻟﻘﯾد و ﻫذا وﻓﻘﺎ ﻟﻠﻣﺎدة ‪ 1000‬ﻣن ق م ج)‪.(1‬‬

‫و ﯾﺗم ﻗﯾد اﻻﻣﺗﯾﺎز إذا ﻛﺎن اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻗد أﻓرغ اﺑﺗداء ﻓﻲ ورﻗﺔ رﺳﻣﯾﺔ‪ ،‬ﺑﻣوﺟب ﻫذﻩ اﻟورﻗﺔ‪ ،‬أﻣﺎ إذا ﻛﺎن اﻟﻣﻘﺎول ﻗد‬
‫ﺣﺻل ﻋﻠﻰ ﺣﻛم ﻧﻬﺎﺋﻲ ﺑﻣﺎ ﻫو ﻣﺳﺗﺣق ﻟﻪ ﻓﻲ ذﻣﺔ رب اﻟﻌﻣل‪ ،‬ﻓﯾﺗم ﻗﯾد ﻫذا اﻟﺣﻛم‪.‬‬

‫ﻏﯾر أن ﻫذا اﻻﻣﺗﯾﺎز ﻗد ﯾﺻﺑﺢ ﺑﻼ ﻓﺎﺋدة ﺣﻘﯾﻘﯾﺔ إذا ﻟم ﺗﺑرم اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻓﻲ ﺷﻛل رﺳﻣﻲ‪ ،‬و اﺿطر اﻟﻣﻘﺎول إﻟﻰ رﻓﻊ‬
‫دﻋوى ﻗﺿﺎﺋﯾﺔ ﻻﺳﺗﺻدار ﺣﻛم ﺑﺎﻷﺟر اﻟﻣﺳﺗﺣق ﻟﻪ‪ ،‬إذ ﻗد ﯾﺗﺻرف رب اﻟﻌﻣل ﻓﻲ ﻣﺣل اﻻﻣﺗﯾﺎز ﻟﻠﻐﯾر‪ ،‬ﺑﺣﯾث‬
‫)‪(2‬‬
‫ﻻ ﯾﻛون ﻟﻠﻣﻘﺎو ل ﺗﺗﺑﻌﻪ إذا ﻣﺎ ﺻدر اﻟﺣﻛم ﻟﺻﺎﻟﺣﻪ‪.‬‬

‫اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ‪:‬اﻟﺗز اﻣﺎت اﻟﻣﻘﺎول‬

‫)‪(3‬‬
‫ﺑﺈﻧﺟﺎز اﻟﻌﻣل اﻟﻣﺗﻔق ﻋﻠﯾﻪ‪ ،‬ﻓﺈذا أﻧﺟزﻩ اﻟﺗزم ﺑﺗﺳﻠﯾﻣﻪ إﻟﻰ رب اﻟﻌﻣل و أﺧﯾرا ﯾﻠﺗزم ﺑﺿﻣﺎن‬ ‫ﯾﻠﺗزم اﻟﻣﻘﺎول أﺳﺎﺳﺎ‬
‫ﻫذا اﻟﻌﻣل اﻟذي أﻧﺟزﻩ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ﻧﺻت اﻟﻣﺎدة ‪1000‬ﻋﻠﻰ أﻧﻪ‪":‬اﻟﻣﺑﺎﻟﻎ اﻟﻣﺳﺗﺣﻘﺔ ﻟﻠﻣﻘﺎوﻟﯾن و اﻟﻣﻬﻧدﺳﯾن اﻟﻣﻌﻣﺎرﯾﯾن اﻟذﯾن ﻋﻬد إﻟﯾﻬم ﺑﺗﺷﯾﯾد أﺑﻧﯾﺔ أو ﻣﻧﺷﺂت أﺧرى ﻓﻲ إﻋﺎدة‬
‫ﺗﺷﯾﯾدﻫﺎ أو ﻓﻲ ﺗرﻣﯾﻣﻬﺎ أو ﻓﻲ ﺻﯾﺎﻧﺗﻬﺎ‪ ،‬ﯾﻛون ﻟﻬﺎ اﻣﺗﯾﺎز ﻋﻠﻰ ﻫذﻩ اﻟﻣﻧﺷﺂت‪ ،‬و ﻟﻛن ﺑﻘد ﻣﺎ ﯾﻛون زاﺋد ﺑﺳﺑب ﻫذﻩ اﻷﻋﻣﺎل ﻓﻲ ﻗﯾﻣﺔ اﻟﻌﻘﺎر وﻗت‬
‫ﺑﯾﻌﻪ"‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫ﻣﺣﻣد ﻟﺑﯾب ﺷﻧب‪ .‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ .‬ص‪.236‬‬
‫‪ 3‬ﻋﺑد اﻟرزاق أﺣﻣد اﻟﺳﻧﻬوري‪ .‬اﻟوﺳﯾط ﻓﻲ ﺷرح اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ‪ .‬اﻟﻌﻘود اﻟواردة ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻣل)اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪ .(..‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ .‬ص‪.60‬‬
‫‪45‬‬
‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬آﺛﺎر ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ و أﺳﺑﺎب اﻧﻘﺿﺎﺋﻪ‬

‫ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﯾﻧﺑﻐﻲ اﻟﺗﻧوﯾﻪ إﻟﻰ أن اﻟﺗزاﻣﺎت اﻟﻣﻘﺎول ﻻ ﺗﻘﺗﺻر ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺗﻘدم‪ ،‬ﺑل ﻗد ﯾﻠﺗزم ﺑﺎﻟﺗزاﻣﺎت أﺧرى ﻧﺻت‬
‫ﻋﻠﯾﻬﺎ ﺻراﺣﺔ ﻓﻲ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪ ،‬و ﻻ ﯾﻣﻛن ﺣﺻر ﻫذﻩ اﻻﻟﺗزاﻣﺎت ﻋﻠﻰ اﻋﺗﺑﺎر أن ﺳﻠطﺎن اﻹرادة ﯾﺟﯾز‬
‫ﻟﻠﻣﺗﻌﺎﻗدﯾن إﻧﺷﺎء ﻣﺎ ﯾرﯾد ﻣن اﻻﻟﺗزاﻣﺎت‪ ،‬و ﻻ ﯾﺣد إرادﺗﻬﻣﺎ ﻓﻲ ذﻟك ﺳوى ﻋدم ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ اﻻﻟﺗزاﻣﺎت اﻟﺗﻲ ﯾﺗﻔﻘﺎن‬
‫ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻟﻠﻧظﺎم اﻟﻌﺎم‪.‬‬

‫و ﺑﻧﺎء ﻋﻠﯾﻪ ﻗﺳﻣت ﻫذا اﻟﻣطﻠب إﻟﻰ ﻓرﻋﯾن اﻷول ﺑﺎﻻﻟﺗزاﻣﺎت اﻟﻌﻘدﯾﺔ ﻟﻠﻣﻘﺎول‪ ،‬و اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ ﺑﻌﻧوان اﻻﻟﺗزام‬
‫اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﻟﻠﻣﻘﺎول و اﻟﻣﻬﻧدس اﻟﻣﻌﻣﺎري‪.‬‬

‫اﻟﻔرع اﻷول‪:‬اﻻﻟﺗز اﻣﺎت اﻟﻌﻘدﯾﺔ ﻟﻠﻣﻘﺎول‬

‫أوﻻ‪ :‬اﻟﻣطﺎﻟﺑﺔ ﺑﺎﻧﺟﺎز اﻟﻌﻣل و اﻟﻌﻧﺎﯾﺔ‬

‫ﯾﺟب ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻘﺎول أن ﯾﻧﺟز ﻋﻣﻠﻪ ﺑﺎﻟطرﯾﻘﺔ اﻟﻣﺗﺑﻌﺔ و اﻟﻣﺗﻔق ﻋﻠﯾﻬﺎ و أن ﯾﻘوم ﺑﺎﻟﻌﻧﺎﯾﺔ اﻟواﺟب اﻟﻘﯾﺎم ﺑﻬﺎ و‬
‫ﻫو اﻟﻣﺳؤ ول ﻋن ﺧطﺄﻩ و ﺧطﺄ ﺗﺎﺑﻌﯾﻪ و ﯾﺣﺗرم اﻟﻣدة اﻟﻣﺗﻔق ﻋﻠﯾﻬﺎ‪ ،‬و ﻫو اﻟﻣﺳؤ ول ﻋن اﻻﺣﺗرام ﺳواء ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ‬
‫ﻟﻠﻣدة اﻟزﻣﻧﯾﺔ أو ﺑﻘﯾﺔ اﻷﻋﻣﺎل اﻟﻣﺳﺟﻠﺔ ﻓﻲ دﻓﺗر اﻟﺷروط‪ ،‬ﻓﺈذا ﻟم ﺗﻛن اﻟﺷروط ﻓﻲ اﻟﻌﻘد وﺟب اﺗﺑﺎع ﻣﺎ ﺗﻌﺎرﻓت‬
‫ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺷراﺋﻊ و أﺻﺣﺎب اﻟﻣﻬن و ﻏﯾرﻫم ﻟﯾﻛون اﻟﻌرف ﻫو اﻟواﺟب اﻟﺗطﺑﯾق ﻓﻲ اﻷﻋﻣﺎل اﻟﻣرﺗﺑطﺔ ﺑﺎﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪ ،‬ﻓﻌﻘد‬
‫اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ و ﻓروﻋﻪ و ﺷروطﻪ ﻟﻬم أﺻول و ﻗواﻧﯾن ﯾﺟب اﺗﺑﺎﻋﻬﺎ ﻹﻧﺟﺎز اﻟﻌﻣل اﻟﻣﺗﻔق ﻋﻠﯾﻪ‪ ،‬و ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻘﺎول أن‬
‫ﯾﺣﺿر ﻛل اﻷدوات اﻟﻣطﻠوﺑﺔ ﻟﻠﺑﻧﺎء‪ ،‬و ﻫﻲ ﻣن واﺟﺑﺎﺗﻪ دون ﺷرط ﻣﺳﺑق ﻣﺎ ﻟم ﯾﻛن ﻋرف اﻟﺣرﻓﺔ و اﻟﻌﻘد ﻏﯾر‬
‫ذﻟك‪ ،‬إن اﻟﻣﻘﺎول ﻟﻪ أﺗﺑﺎع ﻣن اﻟﻌﻣﺎل اﻟﻣﻬرة‪ ،‬و ﻓﻲ ﺑﻌض اﻷﺣﯾﺎن ﯾﻘوﻣون ﺑﻣﺗﺎﺑﻌﺔ اﻹﻧﺟﺎز و ﻣﻬﻣﺔ اﻟﻣﻘﺎول‬
‫ﺗﻘﺗﺻر ﻋﻠﻰ اﻹﺷراف و اﻟﺗوﺟﯾﻪ‪ ،‬ﻣﺎ ﻟم ﯾﻛن اﻟﻌﻣل ﻣﺧﺗص ﺑﻪ دون ﺳواﻩ و ﻣﻬﻣﺔ اﻟﻣﻘﺎول ﻗد ﺗﻛون ﺑﺗﺣﻘﯾق ﻏﺎﯾﺔ‬
‫و ﺑذل ﻋﻧﺎﯾﺔ‪ ،‬و ﯾﻛون ﻣﺳؤ وﻻ ﺣﺗﻰ اﻧﺗﻬﺎء اﻹﻧﺟﺎز اﻟﻣطﻠوب و ﻻ ﯾﺑرؤ ﻓﻲ أي ﺧطﺄ إﻻ ﻟﺳﺑب أﺟﻧﺑﻲ)‪ ،(1‬أي أن‬
‫ﯾﻔﻲ ﺑﻛل اﻟﺗزاﻣﺎﺗﻪ ﻟﺗﺣﻘﯾق اﻟﻐﺎﯾﺔ اﻟﻣطﻠوﺑﺔ أﻣﺎ ﺑذل اﻟﻌﻧﺎﯾﺔ ﻓﻘد ﺗﺗﺟﻠﻰ ﻓﻲ ﺑذل ﻋﻧﺎﯾﺔ اﻟﺷﺧص اﻟﻣﻌﺗد ﻓﻲ إﻧﺟﺎز‬
‫اﻟﻌﻣل اﻟﻣﻌﻬود ﺑﻪ إﻟﯾﻪ‪ ،‬ﻛﻣﺎ ﯾﺟوز ﻟﻠﻣﻘﺎول أن ﯾﻘوم ﺑﺎﻟﻌﻣل و ﯾﺗرك اﻟﻣﺎدة ﻟﺻﺎﺣب اﻟﻌﻣل و ﻫو ﻣﺳؤ ول ﻋن‬
‫ﺟودﺗﻬﺎ‪ ،‬ﻛﻣﺎ ﯾﺳﺗطﯾﻊ اﻟﻣﻘﺎول أن ﯾﻘوم ﺑﺎﻟﻌﻣل و اﻟﻣﺎدة ﻣﻌﺎ أو ﺑﺟزء ﻣن اﻟﻣﺎدة ﻓﻘط‪ ،‬و ﻫو ﻣﺳؤ ول ﻋﻠﻰ ﺟودﺗﻬﺎ‬
‫و ﻋﻠﻰ ﻋﯾوﺑﻬﺎ اﻟﺧﻔﯾﺔ ﻷﻧﻪ ﯾﻌﺗﺑر ﺑﺎﺋﻌﺎ ﯾﺟب ﻋﻠﯾﻪ ﺿﻣﺎن اﻟﻌﯾوب اﻟﺧﻔﯾﺔ‪ ،‬و ﺑﻌد ﻫذﻩ اﻟﺷروط و ﺑﻌد اﻹﻧﺟﺎز‬
‫ﯾﺻﺑﺢ اﻟﺑﯾﻊ ﺑﺎﺗﺎ و ﺗﻧﻔذ آﺛﺎرﻩ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ﺑﺟﺎوي اﻟﻣدﻧﻲ‪ .‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ .‬ص ص‪.99-98‬‬
‫‪46‬‬
‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬آﺛﺎر ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ و أﺳﺑﺎب اﻧﻘﺿﺎﺋﻪ‬

‫ﺛﺎﻧﯾﺎ‪ :‬اﻻﻟﺗزام ﺑﺗﺳﻠﯾم اﻟﻌﻣل ﺑﻌد إﻧﺟﺎزﻩ وﺿﻣﺎﻧﻪ‬

‫ﯾﻠﺗزم اﻟﻣﻘﺎول ﺑﺗﺳﻠﯾم اﻟﻌﻣل ﺑﻌد إﻧﺟﺎزﻩ إﻟﻰ رب اﻟﻌﻣل ﻣﻊ ﻛﺎﻓﺔ ﻣﺎ ﺳﺑق ﻟﻪ أن اﺳﺗﻠﻣﻪ ﻣن ﻫذا اﻷﺧﯾر‪ ،‬ﻣﺗﻌﻠﻘﺎ‬
‫ﺑﻌﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻛﺎﻟﺗﺻﺎﻣﯾم و اﻟرﺳوﻣﺎت و اﻟرﺧص و ﻣﺳﺗﻧدات إﺛﺑﺎت اﻟﻣﻠﻛﯾﺔ و اﻷدو ات و ﻏﯾرﻫﺎ‪ ،‬ﻟم ﺗﻌد ﻫﻧﺎك‬
‫)‪(1‬‬
‫ﺣﺎﺟﺔ ﻹﺑﻘﺎﺋﻬﺎ ﻋﻧدﻩ ﺑﻌد إﻧﺟﺎزﻩ ﻟﻠﻌﻣل‪.‬‬

‫و ﯾﻛون اﻟﺗﺳﻠﯾم ﺑوﺿﻊ اﻟﻌﻣل ﺗﺣت ﺗﺻرف رب اﻟﻌﻣل ﺑﺣﯾث ﯾﺗﻣﻛن ﻣن اﻻﻧﺗﻔﺎع ﺑﻪ دون ﻣﺎﻧﻊ‪ ،‬و ﻻ ﯾﺷﺗرط‬
‫أن ﯾﺿﻊ ﻫذا اﻷﺧﯾر ﯾدﻩ ﻓﻌﻼ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻣل ﻣﺎ دام اﻟﻣﻘﺎول ﻗد أﻋﻠﻣﻪ ﺑذﻟك‪ ،‬و ﻫذا ﻫو اﻟﺗﺳﻠم و ﻟﯾس اﻟﺗﺳﻠﯾم‪ ،‬و‬
‫ﯾﺗﻌﯾن ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻘﺎول أن ﯾﻧﻔذ اﻟﺗزاﻣﻪ ﺑﺎﻟﺗﺳﻠﯾم ﻓﻲ اﻟﻣوﻋد اﻟﻣﺗﻔق ﻋﻠﯾﺔ ﻹﻧﺟﺎز اﻟﻌﻣل‪ ،‬ﻓﺈذا ﻟم ﯾﻛن ﻫﻧﺎك ﻣﯾﻌﺎد ﻣﺗﻔق‬
‫ﻋﻠﯾﻪ وﺟب أن ﯾﺗم اﻟﺗﺳﻠﯾم ﻓﻲ ﻣوﻋد ﻣﻌﻘول‪ ،‬وﻓﻘﺎ ﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻟﻌﻣل وﻟﻌرف اﻟﻣﻬﻧﺔ‪ ،‬و ﻋﻠﻰ ﻛل ﺣﺎل ﻓﺈن اﻟﺗﺳﻠﯾم‬
‫ﯾﺗرﺗب ﻓﻲ ذﻣﺔ اﻟﻣﻘﺎول ﺑﻣﺟرد إﻧﺟﺎز اﻟﻌﻣل‪ ،‬ﻣﺎ ﻟم ﯾﺗﻔق ﻋﻠﻰ ﻣﯾﻌﺎد آﺧر‪ ،‬وﻓﻘﺎ ﻟﻠﻣﺎدة ‪ 1/281‬ﻣن ق م ج‪.‬‬

‫ﻻﺑد أن ﯾﺳﻠم اﻟﻌﻣل ﻓﻲ اﻟوﻗت اﻟﻣﺣدد‪ ،‬و إذا ظﻬرت ظروف و ﻋواﻣل ﺗﺳﺗدﻋﻲ ﺗﻣدﯾد أﺟل اﻟﺗﻧﻔﯾذ اﻟﻣﺗﻔق‬
‫ﻋﻠﯾﻪ‪ ،‬ﻛﻣﺎ أﻧﻪ ﯾﺗم اﻟﺗﺳﻠﯾم ﻓﻲ اﻟﻣﻛﺎن اﻟذي ﯾﺣددﻩ اﻟﻣﺗﻔق ﻋﻠﯾﻪ ‪ ،‬ﻓﺈن ﻟم ﯾﺗﺿﻣن اﻟﻌﻘد اﺗﻔﺎﻗﺎ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺷﺄن‪ ،‬وﺟب‬
‫اﻟﺗﺳﻠﯾم ﻓﻲ اﻟﻣﻛﺎن اﻟذي ﯾﺣددﻩ اﻟﻌرف‪ ،‬ﻓﺈن ﻟم ﯾوﺟد اﺗﻔﺎق و ﻻ ﻋرف‪ ،‬و ﻛﺎن اﻟﻌﻣل وارد ﻋﻠﻰ ﻋﻘﺎر‪ ،‬ﻓﺈن‬
‫ﺗﺳﻠﯾﻣﻪ ﯾﻛون ﻓﻲ ﻣﻛﺎن وﺟودﻩ‪ ،‬أﻣﺎ إذا ورد اﻟﻌﻣل ﻋﻠﻰ ﻣﻧﻘول‪ ،‬ﺑﻘﻲ رب اﻟﻌﻣل ﺣﺎﺋزا ﻟﻪ‪ ،‬ﻓﺈن اﻟﺗﺳﻠﯾم ﯾﻛون ﻓﻲ‬
‫ﻣﻛﺎن وﺟود اﻟﻣﻧﻘول‪ ،‬ﻓﺈذا اﻧﺗﻘﻠت ﺣﯾﺎزة اﻟﻣﻧﻘول إﻟﻰ اﻟﻣﻘﺎول‪ ،‬ﻛﺎن اﻟﺗﺳﻠﯾم ﻓﻲ ﻣﻛﺎن وﺟود اﻟﻣﻧﻘول‪ ،‬ﻓﺈذا اﻧﺗﻘﻠت‬
‫ﺣﯾﺎزة اﻟﻣﻧﻘول إﻟﻰ اﻟﻣﻘﺎول‪ ،‬ﻛﺎن اﻟﺗﺳﻠﯾم ﻓﻲ ﻣوطن اﻟﻣﻘﺎول أو ﻓﻲ اﻟﻣﻛﺎن اﻟذي ﯾوﺟد ﻓﯾﻪ ﻣرﻛز أﻋﻣﺎﻟﻪ‪ ،‬ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر‬
‫أﻧﻪ اﻟﻣدﯾن ﺑﺎﻟﺗﺳﻠﯾم و أن اﻟﻌﻣل ﺿﻣن ﻫذﻩ اﻷﻋﻣﺎل ﻋﺎدة‪ ،‬و ﻫذا طﺎﻟﻣﺎ ﻟم ﯾﻛن ﻫﻧﺎك اﺗﻔﺎق أو ﻋرف ﯾﺧﺎﻟف‬
‫ذﻟك‪ ،‬إﻋﻣﺎﻻ ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة ‪283‬ﻣن ق م ج‪.‬‬

‫و ﺗﻛون ﻧﻔﻘﺎت اﻟﺗﺳﻠﯾم ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻘﺎول‪ ،‬ﻣﺎ ﻟم ﯾوﺟد اﺗﻔﺎق أو ﻧص ﺧﺎص ﯾﻧظم ﻧﻔﻘﺎت اﻟﺗﺳﻠﯾم و اﻟطرف اﻟذي‬
‫ﯾﺗﺣﻣﻠﻬﺎ)‪.(2‬‬

‫ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺳﺑق ﯾﺗﻌﯾن ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻘﺎول ﺿﻣﺎن اﻟﻌﯾوب اﻟﺧﻔﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻟﺣﻘت ﺑﻌﻣﻠﻪ‪ ،‬و ﺗﻛون ﻫذﻩ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻓﻲ‬
‫اﻟﺣﺎﻻت اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ‪:‬‬

‫‪ 1‬ﻋﺑد اﻟرزاق أﺣﻣد اﻟﺳﻧﻬوري‪ .‬اﻟوﺳﯾط ﻓﻲ ﺷرح اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ‪ ،‬اﻟﻌﻘود اﻟواردة ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻣل)اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪ .(..‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪.،‬ص‪.117‬‬
‫‪2‬‬
‫ﺣﺳب اﻟﻣﺎدة ‪ 123‬اﻟﺗﻲ ﺗﻧص ﻋﻠﻰ‪>:‬ﻓﻲ اﻟﻌﻘود اﻟﻣﻠزﻣﺔ ﻟﻠﺟﺎﻧﺑﯾن‪ ،‬إذا ﻛﺎﻧت اﻻﻟﺗزاﻣﺎت اﻟﻣﺗﻘﺎﺑﻠﺔ ﻣﺳﺗﺣﻘﺔ اﻟوﻓﺎء‪ ،‬ﺟﺎز ﻟﻛل ﻣن اﻟﻣﺗﻌﺎﻗدﯾن أن‬
‫ﯾﻣﺗﻧﻊ ﻋن ﺗﻧﻔﯾذ اﻟﺗزاﻣﻪ إذا ﻟم ﯾﻘم اﻟﻣﺗﻌﺎﻗد اﻵﺧر ﺑﺗﻧﻔﯾذ ﻣﺎ اﻟﺗزم ﺑﻪ‪<.‬‬
‫‪47‬‬
‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬آﺛﺎر ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ و أﺳﺑﺎب اﻧﻘﺿﺎﺋﻪ‬

‫‪ -‬إذا ﻛﺎن اﻟﻌﯾب ﻓﻲ اﻟﻌﻣل اﻟﻣﻧﺟز واﺿﺣﺎ‪ ،‬ﯾﺳﺗطﯾﻊ اﻟﺷﺧص اﻟﻌﺎدي أم ﯾﻛﺗﺷﻔﻪ‪ ،‬ﻓﺈن ﺗﺳﻠم رب اﻟﻌﻣل‬
‫ﻟﻠﻌﻣل دون اﻋﺗراض‪ ،‬ﯾﻌﻧﻲ أﻧﻪ ﻗﺑل اﻟﻌﻣل ﻣﻌﯾﺑﺎ و ﻧزل ﻋن ﺣﻘﻪ ﻓﻲ اﻟرﺟوع ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻘﺎول‪ ،‬و ﻣن ﺛﻣﺔ‬
‫ﯾﻧﻘﺿﻲ اﻟﺿﻣﺎن)‪.(1‬‬

‫‪ -‬إذا ﻛﺎن اﻟﻌﯾب ﻟﯾس ﻣن اﻟوﺿوح ﺣﺗﻰ ﯾﺗﻣﻛن رب اﻟﻌﻣل ﻣن ﻛﺷﻔﻪ ﺣﺎل ﺗﺳﻠﻣﻪ ﻟﻠﻌﻣل اﻟﻣﻧﺟز ﻣن ﻗﺑل‬
‫اﻟﻣﻘﺎول‪ ،‬و ﻟم ﯾﻛن ﻫذا اﻷﺧﯾر ﻗد أﺧﻔﺎﻩ ﻏﺷﺎ ﻣﻧﻪ ﻋن رب اﻟﻌﻣل‪ ،‬ﻓﻔﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﯾظل اﻟﻣﻘﺎول ﺿﺎﻣﻧﺎ‬
‫ﻟﻠﻌﯾب ﻟﻠﻣدة اﻟﺗﻲ ﯾﻘﺿﻲ ﺑﻬﺎ ﻋرف اﻟﻣﻬﻧﺔ‪ ،‬ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر ﻫذا اﻷﺧﯾر ﻓﻲ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻣﻛﻣل ﻟﻠﻘﺎﻧون‪.‬‬

‫‪ -‬ﻗد ﯾﻌﻣد اﻟﻣﻘﺎول إﻟﻰ إﺧﻔﺎء اﻟﻌﯾب أو اﻟﻣﺧﺎﻟﻔﺔ ﻟﻠﺷروط اﻟواردة ﻓﻲ اﻟﻌﻘد ﻏﺷﺎ ﻣﻧﻪ‪.‬ﻓﻼ ﯾﺗﻣﻛن رب اﻟﻌﻣل‬
‫ﻣن ﻣﻌرﻓﺔ اﻟﻌﯾب أو اﻟﻣﺧﺎﻟﻔﺔ وﻗت ﺗﺳﻠﻣﻪ اﻟﻌﻣل‪ ،‬ﻓﺈﻧﻪ ﯾﻛون ﻟرب اﻟﻌﻣل ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟرﺟوع ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻘﺎول‬
‫)‪(2‬‬
‫ﺑﺎﻟﺿﻣﺎن وﻓق ﻗواﻋد اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺗﻘﺻﯾرﯾﺔ‪.‬‬

‫وﻫذﻩ اﻷﺣﻛﺎم ﻟﯾﺳت ﻣن اﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم ﯾﺟوز اﻻﺗﻔﺎق ﻋﻠﻰ ﻣﺧﺎﻟﻔﺗﻬﺎ‪ ،‬و ﻣن ﺛﻣﺔ ﯾﺟوز ﺗﺷدﯾد اﻟﺿﻣﺎن أو‬
‫ﺗﺧﻔﯾﻔﻪ‪.‬‬

‫ﺛﺎﻟﺛﺎ ‪ :‬ﺟزاء اﻹﺧﻼل ﺑﺎﻻﻟﺗزاﻣﺎت‬

‫إذا أﺧل اﻟﻣﻘﺎول ﺑﺎﻟﺗزاﻣﺎﺗﻪ اﻟﻣﺗرﺗﺑﺔ ﻋﻠﯾﻪ ﺑﻣوﺟب اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪ ،‬ﻓﺈﻧﻪ ﯾﻛون ﻣﺳؤوﻻ ﻋن ذﻟك اﻹﺧﻼل‪ ،‬و ﯾﺣق‬
‫ﻟرب اﻟﻌﻣل ﺗطﺑﯾﻘﺎ ﻟﻠﻘواﻋد اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬إﻣﺎ أن ﯾطﻠب اﻟﺗﻧﻔﯾذ اﻟﻌﯾﻧﻲ و إﻣﺎ إن ﯾطﻠب ﻓﺳﺦ اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻣﻊ اﻟﺗﻌوﯾض‬
‫ﻓﻲ اﻟﺣﺎﻟﺗﯾن إن ﻛﺎن ﻟﻪ ﻣﻘﺗﺿﻰ‪ ،‬ﺑﺷرط أن ﯾﻌذر رب اﻟﻌﻣل اﻟﻣﻘﺎول ﺑﺈﺧﻼﻟﻪ ﺑﺎﻟﺗزاﻣﻪ‪ ،‬ﻛﻣﺎ ﺗﻘﺗﺿﻲ اﻟﻘواﻋد‬
‫اﻟﻌﺎﻣﺔ‪.‬‬

‫ﻗد ﯾطﻠب رب اﻟﻌﻣل اﻟﺗﻧﻔﯾذ اﻟﻌﯾﻧﻲ إذا ﻛﺎن ﻣﻣﻛﻧﺎ‪ ،‬ﻓﯾﻠﺟﺄ إﻟﻰ اﻟﻘﺿﺎء ﻹﺟﺑﺎر اﻟﻣﻘﺎول ﻋﻠﻰ إﻧﺟﺎز اﻟﻌﻣل‪،‬‬
‫ﻟﻛن ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﺎ ﻛﺎﻧت ﺷﺧﺻﯾﺔ اﻟﻣﻘﺎول ﻣﺣل اﻋﺗﺑﺎر‪ ،‬ﻓﻼ ﯾﻛون ﻫﻧﺎك ﻣﺟﺎل ﻟﻠﺗﻧﻔﯾذ إﻻ ﻋن طرﯾق ﻗﯾﺎم‬
‫اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﺑﻔرض اﻟﻐراﻣﺎت اﻟﺗﻬدﯾدﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻘﺎول ﻹﺟﺑﺎرﻩ‪ ،‬ﻓﺈذا اﻣﺗﻧﻊ ﯾﺣﻛم ﺑﻔﺳﺦ اﻟﻌﻘد ﻣﻊ اﻟﺗﻌوﯾض ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﺿرر‪ ،‬أﻣﺎ إذا ﻟم ﺗﻛن ﻣﺣل اﻋﺗﺑﺎر‪ ،‬ﺟﺎز ﻟرب اﻟﻌﻣل أن ﺑﻌد ﺣﺻوﻟﻪ ﻋﻠﻰ ﺗرﺧﯾص ﻣن اﻟﻘﺿﺎء أن ﯾﻛﻠف‬
‫ﻣﻘﺎوﻻ آﺧر ﺑﺈﻛﻣﺎل اﻟﻌﻣل أو اﻟﺣﺻول ﻋﻠﻰ ﻣﺛل اﻟﺷﻲء‪ ،‬ﻋﻠﻰ أن ﯾﻛون ﻋﻠﻰ ﺣﺳﺎب اﻟﻣﻘﺎول اﻷول‪ ،‬و ﻫﻧﺎ‬

‫‪1‬‬
‫ﻓﺗﯾﺣﺔ ﻗﻠرة‪ .‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ .‬ص‪.146‬‬
‫‪ 2‬ﻋدﻧﺎن إﺑراﻫﯾم اﻟﺳرﺣﺎن‪ .‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ .‬ص ‪.53‬‬
‫‪48‬‬
‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬آﺛﺎر ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ و أﺳﺑﺎب اﻧﻘﺿﺎﺋﻪ‬

‫ﻧؤﻛد ﻋﻠﻰ اﻟﺗرﺧﯾص ﻷن ﻟﺟوء رب اﻟﻌﻣل ﻟﻣﻘﺎول آﺧر ﻹﺗﻣﺎم اﻟﻌﻣل دون ﺗرﺧﯾص ﯾﻌد ﻣﺧﺎﻟﻔﺎ ﻷﺣﻛﺎم‬
‫)‪(1‬‬
‫اﻟﻣﺎدة‪ 170‬ﻣن ق م ج‪.‬‬

‫و ﻗد ﯾطﻠب رب اﻟﻌﻣل ﻓﺳﺦ اﻟﻌﻘد ﻟﺟﺳﺎﻣﺔ اﻹﺧﻼل ﺑﺎﻻﻟﺗزام‪ ،‬وﯾﻛون طﻠﺑﻪ ﺧﺎﺿﻌﺎ ﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﺗﻘدﯾرﯾﺔ‪،‬‬
‫ﻓﻔﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻔﺳﺦ ﻟرب اﻟﻌﻣل أن ﯾﺳﺗرد ﻣﺎ ﻛﺎن ﻗد دﻓﻌﻪ ﻣن أﺟر‪ ،‬وﻛذا ﻗﯾﻣﺔ اﻟﻣواد اﻟﺗﻲ ﻗدﻣﻬﺎ ﻟﻠﻣﻘﺎول ﻹﻧﺟﺎز‬
‫اﻟﻌﻣل)‪.(2‬‬

‫‪ -‬إن اﺳﺗﻌﻣﺎل رب اﻟﻌﻣل ﻟﺣﻘﻪ ﻓﻲ طﻠب اﻟﺗﻧﻔﯾذ اﻟﻌﯾﻧﻲ أو اﻟﻔﺳﺦ ﻣﻊ اﻟﺗﻌوﯾض ﻓﻲ اﻟﺣﺎﻟﺗﯾن‪ ،‬ﻟﯾس ﻣرﺗﺑطﺎ‬
‫ﺑﺎﻧﺗﻬﺎء اﻟﻣدة اﻟﻣﺗﻔق ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻹﻧﺟﺎز اﻟﻌﻣل‪ ،‬ﻓﻣﺗﻰ رأى رب اﻟﻌﻣل ﻣﻧذ اﻟﺑداﯾﺔ أن اﻟﻣﻘﺎول ﯾﻘوم ﺑﺎﻟﻌﻣل ﻋﻠﻰ وﺟﻪ‬
‫ﻣﻌﯾب أو ﻣﻧﺎف ﻟﺷروط اﻟﻌﻘد‪ ،‬ﻓﺈن ﻟﻪ أن ﯾﺗﺧذ اﻹﺟراءات ﻣﺎ ﯾﻛﻔل ﻟﻪ ﺗوﻗﯾﻊ اﻟﺟزاء دون أن ﯾﻧﺗظر إﻟﻰ ﻧﻬﺎﯾﺔ‬
‫)‪(3‬‬
‫اﻟﻣدة‪.‬‬

‫‪ -‬ﯾﺗﺣﻣل اﻟﻣﻘﺎول ﺗﺑﻌﺔ ﻫﻼك اﻟﻌﻣل اﻟذي أﻧﺟزﻩ‪ ،‬إذا أﺧل ﺑﺎﻟﺗزاﻣﻪ ﺑﺗﺳﻠﯾﻣﻪ إﻟﻰ رب اﻟﻌﻣل‪ ،‬ﻓﻔﻲ ﻫذا اﻟﺷﺄن‬
‫ﻧﺻت اﻟﻣﺎدة‪ 1/ 568‬و‪ 2‬ن ق م ج ﻋﻠﻰ أﻧﻪ‪" :‬إذا ﻫﻠك اﻟﺷﻲء ﺑﺳﺑب ﺣﺎدث ﻣﻔﺎﺟﻰء ﻗﺑل ﺗﺳﻠﻣﻪ إﻟﻰ رب‬
‫اﻟﻌﻣل‪ ،‬ﻓﻠﯾس ﻟﻠﻣﻘﺎول أن ﯾطﺎﻟب ﻻ ﺑﺛﻣن ﻋﻣﻠﻪ و ﻻ ﺑرد ﻧﻔﻘﺎﺗﻪ‪ ،‬و ﯾﻛون ﻫﻼك اﻟﻣﺎدة ﻋﻠﻰ ﻣن ﻗﺎم ﺑﺗورﯾدﻫﺎ‬
‫ﻣن اﻟطرﻓﯾن‪.‬‬

‫أﻣﺎ إذا ﻛﺎن اﻟﻣﻘﺎول ﻗد أﻋذر ﺑﺗﺳﻠﯾم اﻟﺷﻲء أو ﻛﺎن ﻫﻼك اﻟﺷﻲء أو ﺗﻠﻔﻪ ﻗﺑل اﻟﺗﺳﻠﯾم راﺟﻌﺎ إﻟﻰ ﺧطﺋﻪ‪،‬‬
‫وﺟب ﻋﻠﯾﻪ أن ﯾﻌوض‪ ،".‬و ﻋﻠﯾﻪ ﻓﺈن ﻫﻼك اﻟﻌﻣل ﻣﺣل اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪ ،‬ﻗﺑل ﺗﺳﻠﯾﻣﻪ ﻟرب اﻟﻌﻣل ﺑﺳﺑب ﺣﺎدث أو‬
‫ﻗوة ﻗﺎﻫرة‪ ،‬ﯾﻛون ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻘﺎول‪ ،‬وﻟﯾس ﻟﻪ اﻟﻣطﺎﻟﺑﺔ ﺑﺎﻷﺟر إﻻ إذا ﻛﺎن ﻗد أﻋذر رب اﻟﻌﻣل ﺑﺄن ﯾﺗﺳﻠم اﻟﻌﻣل‬
‫ﺑﻌد اﻧﺟﺎزﻩ‪.‬‬

‫و ﻫﻼك ﻣﺎدة اﻟﻌﻣل ﺑﺳﺑب ﺣﺎدث أو ﻗوة ﻗﺎﻫرة‪ ،‬ﯾﻛون ﻋﻠﻰ ﻣن ﻗﺎم ﺑﺗورﯾدﻫﺎ‪ ،‬و إذا ﻗدﻣﻬﺎ اﻟﻣﻘﺎول و اﻧﻬﺎر‬
‫اﻟﺑﻧﺎء ﻗﺑل ﺗﺳﻠﯾﻣﻪ‪ ،‬ﺗﺣﻣل ﺗﺑﻌﺔ ﻫذا اﻟﺗﻬدم و ﻻ ﯾطﺎﻟب ﺑﺎﻷﺟر وﻻ ﺑﻘﯾﻣﺔ اﻟﻣواد اﻟﻣﺳﺗﺧدﻣﺔ‪ ،‬ﻛﻣﺎ ﻗد ﯾﻬﻠك‬

‫‪ 1‬ﻗراررﻗم‪،152934‬ﻣؤرخ ﻓﻲ‪ .1998/03/11‬ﺻﺎدر ﻋن اﻟﻐرﻓﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻟﻠﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ‪ .‬اﻟﻌدد اﻷول‪ .‬ﺳﻧﺔ‪ .1998‬ص‪.109‬‬
‫‪2‬‬
‫ﻓﺗﯾﺣﺔ ﻗرة‪ .‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ .‬ص ص ‪.122-121‬‬
‫‪3‬‬
‫اﻟﻣﺎد‪ 553‬ﻣن ق م ج ﻧﺻت ﻋﻠﻰ‪>:‬إذا ﺛﺑت أﺛﻧﺎء ﺳﯾر اﻟﻌﻣل أن اﻟﻣﻘﺎول ﯾﻘوم ﺑﻪ ﻋﻠﻰ وﺟﻪ ﻣﻌﯾب أو ﻣﻧﺎف ﻟﺷروط اﻟﻌﻘد‪ ،‬ﺟﺎز ﻟرب اﻟﻌﻣل‬
‫أن ﯾﻧذرﻩ ﺑﺄن ﯾﺻﺣﺢ ﻣن طرﯾﻘﺔ اﻟﺗﻧﻔﯾذ ﺧﻼل أﺟل ﻣﻌﻘول ﯾﻌﯾﻧﻪ ﻟﻪ‪ ،‬ﻓﺈذا اﻧﻘﺿﻰ ﻫذا اﻷﺟل دون أن ﯾرﺟﻊ اﻟﻣﻘﺎول إﻟﻰ اﻟطرﯾﻘﺔ اﻟﺻﺣﯾﺣﺔ‪ ،‬ﺟﺎز‬
‫ﻟرب اﻟﻌﻣل أن ﯾطﻠب إﻣﺎ ﻓﺳﺦ اﻟﻌﻘد و إﻣﺎ أن ﯾﻌﻬد إﻟﻰ ﻣﻘﺎول آﺧر ﺑﺎﻧﺟﺎز اﻟﻌﻣل ﻋﻠﻰ ﻧﻔﻘﺔ اﻟﻣﻘﺎول اﻷول طﺑﻘﺎ ﻷﺣﻛﺎم اﻟﻣﺎدة‪ 170‬أﻋﻼﻩ‪،‬‬
‫ﻏﯾر أﻧﻪ ﯾﺟوز طﻠب ﻓﺳﺦ اﻟﻌﻘد ﻓﻲ اﻟﺣﺎل دون اﻟﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ ﺗﻌﯾﯾن أﺟل إذا ﻛﺎن إﺻﻼح ﻣﺎ ﻓﻲ طرﯾﻘﺔ اﻟﺗﻧﻔﯾذ ﻣن ﻋﯾﺑﺎ ﻣﺳﺗﺣﯾﻼ‪.<.‬‬
‫‪49‬‬
‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬آﺛﺎر ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ و أﺳﺑﺎب اﻧﻘﺿﺎﺋﻪ‬

‫اﻟﻌﻣل ﺑﺧطﺄ اﻟﻣﻘﺎول‪ ،‬ﺑﺄن ﯾﻛون ﻗد أﻋذر ﻣن ﻗﺑل رب اﻟﻌﻣل ﺑﺗﺳﻠﯾم اﻟﻌﻣل ﻓﻠم ﯾﻔﻌل‪ ،‬ﻓﯾﻛون اﻟﻣﻘﺎول ﻫو ﻣن‬
‫ﯾﺗﺣﻣل اﻟﺧﺳﺎرة‪ ،‬ﻓﯾﻔﻘد ﺣﻘﻪ ﻓﻲ اﻷﺟر و ﻧﻔﻘﺎت ﻋﻣﻠﻪ‪ ،‬ﻛﻣﺎ ﯾﺣق ﻟرب اﻟﻌﻣل اﻟﻣطﺎﻟﺑﺔ ﺑﺎﻟﺗﻌوﯾض ﻋﻧد اﻻﻗﺗﺿﺎء‬
‫)‪(1‬‬
‫ﻋن ﻛل ﺿرر آﺧر أﺻﺎﺑﻪ‪.‬‬

‫اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬اﻟﺿﻣﺎن اﻟﻌﺷري )اﻻﻟﺗزام اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﻟﻠﻣﻘﺎول و اﻟﻣﻬﻧدس اﻟﻣﻌﻣﺎري ﺑﺿﻣﺎن اﻟﻣﻧﺷﺂت اﻟﻣﻌﻣﺎرﯾﺔ(‬

‫أﺣﺎط اﻟﻣﺷرع اﻷﺑﻧﯾﺔ و اﻟﻣﻧﺷﺂت اﻟﺛﺎﺑﺗﺔ اﻷﺧرى ﺑﺄﻫﻣﯾﺔ ﻛﺑﯾرة‪ ،‬ﺣﯾث رﺗب ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗق اﻟﻣﻘﺎول و اﻟﻣﻬﻧدس‬
‫اﻟﻣﻌﻣﺎري اﻟﻠذﯾن ﻗﺎﻣﺎ ﺑﺗﺷﯾﯾدﻫﺎ‪ ،‬اﻟﺗزاﻣﺎ ﺑﺿﻣﺎﻧﻬﺎ ﻟﻣدة ﻋﺷر ﺳﻧوات ﻣن وﻗت ﺗﺳﻠﻣﻬﺎ اﻟﻧﻬﺎﺋﻲ ﻣن طرف رب‬
‫اﻟﻌﻣل‪ ،‬و ﻫو ﻣﺎ ﯾﺻطﻠﺢ اﻟﻔﻘﻬﺎء ﻋﻠﻰ ﺗﺳﻣﯾﺗﻪ اﻟﺿﻣﺎن اﻟﻌﺷري‪.‬‬

‫أوﻻ‪ :‬أﺷﺧﺎص اﻟﺿﻣﺎن اﻟﻌﺷري‬

‫ﻣن ﺧﻼل ﻧص اﻟﻣﺎدة ﺳﺎﻟﻔﺔ اﻟذﻛر ﻧﺟد اﻟﻣﺷرع ﯾﻘﺻر ﻧطﺎق ﺗطﺑﯾق أﺣﻛﺎم اﻟﺿﻣﺎن اﻟﻌﺷري ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻬﻧدس‬
‫اﻟﻣﻌﻣﺎري و ﻣﻘﺎول اﻟﺑﻧﺎء و اﻟﺗﺷﯾﯾد‪ ،‬ﻏﯾر أن اﻟﻧطﺎق اﻟﺷﺧﺻﻲ ﻷﺣﻛﺎم اﻟﺿﻣﺎن اﻟﻌﺷري ﻋرف ﺗوﺳﯾﻌﺎ‪ ،‬ﻓﻠم ﯾﻌد‬
‫ﻣﻘﺗﺻر ا ﻋﻠﯾﻬﻣﺎ ﻓﺣﺳب‪ ،‬ﺑل اﻣﺗد ﻟﯾﺷﻣل أﺷﺧﺎﺻﺎ آﺧرﯾن ﯾﺷﺗﻐﻠون ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﺑﻧﺎء و اﻟﺗﺷﯾﯾد‪ ،‬ﻣﺳﺎﯾرة ﻟﻠﺗطور‬
‫اﻟذي ﯾﻌرﻓﻪ ﻫذا اﻟﻣﺟﺎل‪ ،‬ﻓﺷﻣل اﻟﺗوﺳﻊ اﻟﻣراﻗب اﻟﻔﻧﻲ و ﻛذا اﻟﻣﺗﻌﺎﻣل ﻓﻲ اﻟﺗرﻗﯾﺔ اﻟﻌﻘﺎرﯾﺔ‪.‬‬

‫أ‪ -‬اﻷﺷﺧﺎص اﻟﻣﺳؤوﻟون ﺑﻣﻘﺗﺿﻰ أﺣﻛﺎم اﻟﺿﻣﺎن اﻟﻌﺷري‪:‬‬

‫‪-‬اﻟﻣﻬﻧدس اﻟﻣﻌﻣﺎري أﺷﺎر إﻟﯾﻪ اﻟﻣﺷرع ﺿﻣن أﺣﻛﺎم اﻟﻣﺎدة‪554‬ﻣن ق م ج اﻟﻣذﻛور أﻧﻔﺎ‪ ،‬و ﺑﺎﻟرﺟوع إﻟﻰ‬
‫اﻟﻣرﺳوم اﻟﺗﺷرﯾﻌﻲ ‪ ،07/94‬اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﺷروط اﻹﻧﺗﺎج اﻟﻣﻌﻣﺎري و ﻣﻣﺎرﺳﺔ ﻣﻬﻧﺔ اﻟﻣﻬﻧدس اﻟﻣﻌﻣﺎري ﺳﺎﻟﻔﺔ اﻟذﻛر‪،‬‬
‫ﻧﺟد أن اﻟﻣﺷرع ﻗد أطﻠق ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻬﻧدس اﻟﻣﻌﻣﺎري ﻣﺻطﻠﺢ ﺻﺎﺣب اﻟﻌﻣل و ﻋرﻓﻪ ﻣن ﺧﻼل اﻟﻣﺎدة‪ 9‬ﻣن‬
‫اﻟﻣرﺳوم ﺑﺄﻧﻪ‪":‬ﯾﻘﺻد ب‪-‬ﺻﺎﺣب اﻟﻌﻣل‪-‬ﻓﻲ اﻟﻬﻧدﺳﺔ اﻟﻣﻌﻣﺎرﯾﺔ‪ ،‬ﻛل ﻣﻬﻧدس ﻣﻌﻣﺎري ﻣﻌﺗﻣد ﯾﺗوﻟﻰ ﺗﺻور إﻧﺟﺎز‬
‫اﻟﺑﻧﺎء و ﻣﺗﺎﺑﻌﺔ"‪.‬‬

‫و ﻣﻣﺎرﺳﺔ ﻣﻬﻧﻪ اﻟﻬﻧدﺳﺔ اﻟﻣﻌﻣﺎرﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺟزاﺋر ﺗﻔرض ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻬﻧدس اﻟﻣﻌﻣﺎري اﻟﻣﻌﺗﻣد‪ ،‬أن ﯾﻛون ﻣﺳﺟﻼ ﻓﻲ‬
‫اﻟﺟدول اﻟوطﻧﻲ ﻟﻠﻣﻬﻧدﺳﯾن اﻟﻣﻌﻣﺎرﯾﯾن‪ ،‬ﻣﻊ وﺟوب ﺗواﻓر ﺷروط ﻣﻌﯾﻧﺔ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ‪-:‬أن ﯾﻛون اﻷﺷﺧﺎص ذوو‬
‫اﻟﺟﻧﺳﯾﺔ اﻟﺟزاﺋرﯾﺔ‪ ،‬ﺣﺎﺋزون ﺷﻬﺎدة ﻣﻬﻧدس ﻣﻌﻣﺎري ﻣﻌﺗرف ﺑﻬﺎ ﻣن اﻟدوﻟﺔ و أن اﻟدوﻟﺔ و أن ﯾﻛوﻧوا ﻗد ﻗﺎﻣوا ﺑﻔﺗرة‬
‫ﺗدرﯾب‪.‬‬

‫و ﯾﺣدد ﺷﻛل أداء اﻟﺗدرﯾب و ﻣﺿﻣوﻧﻪ و ﻣدﺗﻪ و ﻛﯾﻔﯾﺎﺗﻪ ﻋن طرﯾق اﻟﺗﻧظﯾم‪.‬‬

‫‪ 1‬ﻋدﻧﺎن إﺑراﻫﯾم اﻟﺳرﺣﺎن‪ .‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪.،‬ص‪.50‬‬


‫‪50‬‬
‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬آﺛﺎر ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ و أﺳﺑﺎب اﻧﻘﺿﺎﺋﻪ‬

‫‪-‬أن ﯾﻛون اﻷﺷﺧﺎص ذوو اﻟﺟﻧﺳﯾﺔ اﻷﺟﻧﺑﯾﺔ‪ ،‬ﺣﺎﺋزون ﺷﻬﺎدة ﻣﻬﻧدس ﻣﻌﻣﺎري ﻣﻌﺗرف ﺑﻬﺎ ﻣن طرف اﻟدوﻟﺔ‪ ،‬و‬
‫ﻓﻲ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﯾﻛون اﻟﺗﺳﺟﯾل ﻣؤﻗﺗﺎ و ﯾﻣﻛن إﻟﻐﺎؤ ﻩ‪ ،‬و ﺗﺣدد اﻟﺷروط اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺗﺳﺟﯾل و اﻹﻟﻐﺎء ﻋن طرﯾق‬
‫اﻟﺗﻧظﯾم)‪.(1‬‬

‫‪-‬اﻟﻣﻘﺎول‪ :‬ﺑﺎﻟرﺟوع إﻟﻰ اﻟﻣرﺳوم اﻟﺗﺷرﯾﻌﻲ‪ ،07/94‬ﻧﺟد أن اﻟﻣﺷرع ﻗد أطﻠق ﻣﺻطﻠﺢ"ﺻﺎﺣب اﻟﻣﺷروع اﻟﻣﻧﺗدب"‬
‫و ﻋرﻓﻪ ﻣن ﺧﻼل اﻟﻣﺎدة‪ 8‬ﻣن اﻟﻣرﺳوم ﺑﻣﺎ ﯾﻠﻲ‪":‬ﯾﻘﺻد ﺑﺻﺎﺣب اﻟﻣﺷروع اﻟﻣﻧﺗدب ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣرﺳوم اﻟﺗﺷرﯾﻌﻲ‪،‬‬
‫ﻛل ﺷﺧص طﺑﯾﻌﻲ أو ﻣﻌﻧوي‪ ،‬ﯾﻔوض ﺻﺎﺣب اﻟﻣﺷروع ﻗﺎﻧوﻧﺎ‪ ،‬ﻟﻠﻘﯾﺎم ﺑﺈﻧﺟﺎز ﺑﻧﺎء أو ﺗﺣوﯾﻠﻪ"‪.‬‬

‫‪-‬اﻟﻣراﻗب اﻟﻔﻧﻲ‪ :‬ﻧظﻣت ﻣﻬﻣﺔ اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻔﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﺑﻧﺎء ﻷول ﻣرة ﻓﻲ اﻟﺟزاﺋر‪ ،‬ﺑﻣﻘﺗﺿﻰ اﻷﻣر‪85/71‬اﻟﻣؤرخ‬
‫ﻓﻲ‪ 1971/12/29‬واﻟﻣﺗﺿﻣن إﺣداث ﻫﯾﺋﺔ اﻟﻣراﻗﺑﺔ اﻟﺗﻘﻧﯾﺔ ﻟﻠﺑﻧﺎء و ﺗﺣدﯾد ﻗﺎﻧوﻧﻬﺎ اﻷﺳﺎﺳﻲ )‪ ،( 2‬ﺛم ﺑﻣوﺟب‬
‫)‪(3‬‬
‫اﻟﻣرﺳوم اﻟﺗﻧظﯾﻣﻲ رﻗم‪ 205/86‬اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ‪ 1986/08/19‬واﻟﻣﺗﺿﻣن ﺗﻐﯾﯾر ﻫﯾﺋﺔ اﻟﻣراﻗﺑﺔ اﻟﺗﻘﻧﯾﺔ ﻟﻠﺑﻧﺎء‪.‬‬

‫و إذا ﻛﺎﻧت ﻣﻬﻣﺔ اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻔﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﺑﻧﺎء ﻗد ﻧظﻣت ﻣﻧذ اﻟﺳﺑﻌﯾﻧﺎت‪ ،‬إﻻ أن ﻣﻬﻣﺔ اﻟﻣراﻗب اﻟﻔﻧﻲ ﻟم‬
‫ﯾﺧﺿﻊ ﻷﺣﻛﺎم اﻟﺿﻣﺎن اﻟﻌﺷري إﻻ ﺑﻣوﺟب اﻟﻘﺎﻧون‪ 07/95‬اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ‪ 1995/01/25‬اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﺗﺄﻣﯾﻧﺎت)‪،(4‬‬
‫اﻟﻣﻌدل و اﻟﻣﺗﻣم ﻟﻠﻘﺎﻧون رﻗم‪ 07/80‬اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ‪ 1980/08/09‬اﻟﻣﺗﺿﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﺗﺄﻣﯾن)‪ ،(5‬إذ ﻗﺿﻰ ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة‬
‫‪178‬ﻣﻧﻪ ﺑﻣﺎ ﯾﻠﻲ‪ »:‬ﯾﺟب ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻬﻧدس اﻟﻣﻌﻣﺎري و اﻟﻣﻘﺎوﻟﯾن و ﻛذا اﻟﻣراﻗﺑﯾن اﻟﻔﻧﯾﯾن اﻛﺗﺗﺎب ﻋﻘد ﻟﺗﺄﻣﯾن‬
‫ﻣﺳؤوﻟﯾﺗﻬم اﻟﻌﺷرﯾﺔ اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ‪ 544‬ﻣن ق م‪ ،‬ﻋﻠﻰ أن ﯾﺑدأ ﺳرﯾﺎن ﻫذا اﻟﻌﻘد ﻣن اﻻﺳﺗﻼم‬
‫اﻟﻧﻬﺎﺋﻲ ﻟﻠﻣﺷروع ‪«.‬ﻣﺎ ﯾﻌﺎب ﻋﻠﻰ اﻟﻧص أﻧﻪ ﺑﺎﻟرﺟوع إﻟﻰ اﻟﻧص اﻟﻣدﻧﻲ ﻟم ﯾذﻛر اﻟﻣراﻗﺑﯾن اﻟﻔﻧﯾﯾن‪.‬‬

‫‪-‬اﻟﻣﺗﻌﺎﻣل ﻓﻲ اﻟﺗرﻗﯾﺔ اﻟﻌﻘﺎرﯾﺔ‪ :‬ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﻣﻬﻣﺗﻪ ﻓﻲ اﻟﻘﯾﺎم ﺑﻣﺟﻣوﻋﺔ اﻷﻋﻣﺎل اﻟﺗﻲ ﺗﺳﺎﻫم ﻓﻲ اﻧﺟﺎز أو ﺗﺟدﯾد‬
‫اﻷﻣﻼك اﻟﻌﻘﺎرﯾﺔ اﻟﻣﺧﺻﺻﺔ ﻟﻠﺑﯾﻊ أو اﻹﯾﺟﺎر أو ﻟﺗﻠﺑﯾﺔ ﺣﺎﺟﺎت ﺧﺎﺻﺔ‪ ،‬وﻓﻘﺎ ﻟﻣﺎ ﺟﺎءت ﺑﻪ ﻧص اﻟﻣﺎدة‪ 2‬ﻣن‬
‫اﻟﻣرﺳوم اﻟﺗﺷرﯾﻌﻲ‪ 03/93‬اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﻧﺷﺎط اﻟﻌﻘﺎري ﺳﺎﻟف اﻟذﻛر‪.‬‬

‫ب‪ -‬اﻷﺷﺧﺎص اﻟﻣﺳﺗﻔﯾدون ﻣن أﺣﻛﺎم اﻟﺿﻣﺎن اﻟﻌﺷري‬

‫اﻟﻣﺳﺗﻔﯾد اﻷول ﻣن ﻗواﻋد ﻫذا اﻟﺿﻣﺎن ﻫو رب اﻟﻌﻣل‪ ،‬ﺑﯾد أن ﺣق اﻟرﺟوع ﺑﺎﻟﺿﻣﺎن اﻟﻌﺷري‪ ،‬ﯾﻣﻛن أن ﯾﻣﺗد إﻟﻰ‬
‫اﻟﺧﻠف اﻟﻌﺎم و اﻟﺧﺎص و ﻛذا إﻟﻰ اﻟﻣﺎﻟﻛﯾن ﻟﻠﺑﻧﺎء‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫اﻟﻣﺎدة ‪ 17‬ﻣن اﻟﻣرﺳوم اﻟﺗﺷرﯾﻌﻲ ‪ 07/94‬اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﺷروط اﻹﻧﺗﺎج اﻟﻣﻌﻣﺎري و ﻣﻣﺎرﺳﺔ ﻣﻬﻧﺔ اﻟﻣﻬﻧدس‪.‬‬
‫‪ 2‬اﻟﺟرﯾدة اﻟرﺳﻣﯾﺔ ﻟﻠﺟﻣﻬورﯾﺔ اﻟﺟزاﺋرﯾﺔ‪ .‬اﻟﻌدد‪ .04‬ﺳﻧﺔ ‪.1972‬‬
‫‪ 3‬اﻟﺟرﯾدة اﻟرﺳﻣﯾﺔ ﻟﻠﺟﻣﻬورﯾﺔ اﻟﺟزاﺋرﯾﺔ‪ .‬اﻟﻌدد‪ .34‬ﺳﻧﺔ ‪.1986‬‬
‫‪ 4‬اﻟﺟرﯾدة اﻟرﺳﻣﯾﺔ ﻟﻠﺟﻣﻬورﯾﺔ اﻟﺟزاﺋرﯾﺔ‪ .‬اﻟﻌدد‪ .13‬ﺳﻧﺔ ‪.1995‬‬
‫‪5‬‬
‫اﻟﺟرﯾدة اﻟرﺳﻣﯾﺔ ﻟﻠﺟﻣﻬورﯾﺔ اﻟﺟزاﺋرﯾﺔ‪ .‬اﻟﻌدد‪ .33‬ﺳﻧﺔ ‪.1980‬‬
‫‪51‬‬
‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬آﺛﺎر ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ و أﺳﺑﺎب اﻧﻘﺿﺎﺋﻪ‬
‫)‪(1‬‬
‫ﻣﻘﺎ ﻻ ﻛﺎن أو ﻣﻬﻧدﺳﺎ ﻣﻌﻣﺎرﯾﺎ‪.‬‬
‫‪ -‬رب اﻟﻌﻣل‪ :‬ﻷن اﻟﺿﻣﺎن ﻣﻘرر أﺳﺎﺳﺎ ﻟﻣﺻﻠﺣﺗﻪ‪ ،‬ﻓﻬو اﻟﻣﺗﻌﺎﻗد ﻣﻊ اﻟﻣﺷﯾد و‬

‫و ﻗد أطﻠق ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻣﺷرع ﻣﺻطﻠﺢ ﺻﺎﺣب اﻟﻣﺷروع و ﻋرﻓﻪ ﺑﺄﻧﻪ‪" :‬ﻛل ﺷﺧص طﺑﯾﻌﻲ أو ﻣﻌﻧوي ﯾﺗﺣﻣل ﺑﻧﻔﺳﻪ‬
‫ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﺗﻛﻠﯾف ﻣن ﯾﻧﺟز أو ﯾﺣول ﺑﻧﺎء ﯾﻘﻊ ﻋﻠﻰ ﻗطﻌﺔ أرﺿﯾﺔ ﯾﻛون ﻣﺎﻟﻛﺎ ﻟﻬﺎ أو ﺣﺎﺋز ﺣﻘوق اﻟﺑﻧﺎء ﻋﻠﯾﻬﺎ‪،‬‬
‫طﺑﻘﺎ ﻟﻠﺗﻧظﯾم و اﻟﺗﺷرﯾﻊ اﻟﻣﻌﻣول ﺑﻬﻣﺎ" ‪.‬‬

‫و ﻟﻛن إذا ﺗﻌﺎﻗد اﻟﻣﻘﺎول اﻷﺻﻠﻲ ﻣﻊ ﻣﻘﺎول ﻓرﻋﻲ‪ ،‬ﻻ ﯾﺳﺗﻔﯾد ﻣن اﻟﺿﻣﺎن ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻩ رب ﻋﻣﻠﻪ ﻷن أﺣﻛﺎﻣﻪ ﻻ‬
‫ﺗﺳري ﻋﻠﻰ ﻫذﻩ اﻟﻌﻼﻗﺔ وﻫذا ﺣﺳب اﻟﻣﺎدة ‪ 554‬ﻣن ق م ج ﺳﺎﻟﻔﺔ اﻟذﻛر‪.‬‬

‫‪-‬اﻟﺧﻠف اﻟﻌﺎم‪ :‬اﻧطﻼﻗﺎ ﻣن اﻟﻣﺎدة‪ 108‬ﻣن ق م ج اﻟذي ﯾﻘﺿﻲ ﺑﺎﻧﺻراف أﺛر اﻟﻌﻘد إﻟﻰ اﻟﻣﺗﻌﺎﻗدﯾن و اﻟﺧﻠف‬
‫اﻟﻌﺎم‪ ،‬ﻓﺈن اﻟﺣﻘوق اﻟﺗﻲ ﺗرﺗب ﻋﻠﻰ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻟرب اﻟﻌﻣل ﺗﻧﺗﻘل ﺑﻌد وﻓﺎﺗﻪ إﻟﻰ ﺧﻠﻔﻪ اﻟﻌﺎم‪ ،‬و أﻫم ﻫذﻩ اﻟﺣﻘوق‬
‫ﻣﺑﺎﺷرة دﻋوى اﻟﺿﻣﺎن اﻟﻌﺷري‪ ،‬و ﻫذا ﻣﺎ أﻛدﺗﻪ اﻟﻣﺎدة ‪ 2/178‬ﻣن اﻟﻘﺎﻧون رﻗم اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﺗﺄﻣﯾﻧﺎت اﻟﺗﻲ ﻧﺻت‬
‫ﻋﻠﻰ‪ »:‬و ﯾﺳﺗﻔﯾد ﻣن ﻫذا اﻟﺿﻣﺎن ﺻﺎﺣب اﻟﻣﺷروع و‪/‬أو ﻣﻼﻛﯾﻪ اﻟﻣﺗﺗﺎﻟﯾن‪ ،‬إﻟﻰ ﻏﺎﯾﺔ اﻧﻘﺿﺎء أﺟل اﻟﺿﻣﺎن«‪.‬‬

‫‪-‬اﻟﺧﻠف اﻟﺧﺎص‪ :‬إن اﻧﺗﻘﺎل اﻟﺣق ﻫﻧﺎ‪ ،‬ﯾﺟد ﺳﻧدﻩ ﻓﻲ ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 109‬ﻣن ق م ج‪ ،‬إذ أن اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﻣن‬
‫ﺧﻼل اﻟﻧص اﻟﻣذﻛور‪ ،‬ﻛﯾﻔﯾﺔ اﻧﺻراف آﺛﺎر اﻟﻌﻘد إﻟﻰ اﻟﺧﻠف اﻟﺧﺎص ﻟﻛل ﻣن اﻟﻣﺗﻌﺎﻗدﯾن‪.‬‬

‫ﻛﻣﺎ ﯾﻣﻛن أن ﯾﺳﺗﺷف اﻧﺗﻘﺎل اﻟﺣق ﻓﻲ اﻟﺿﻣﺎن اﻟﻌﺷري إﻟﻰ اﻟﺧﻠف اﻟﺧﺎص ﻣن ﺧﻼل اﻟﻣﺎدة‪ 2/178‬ﻣن اﻟﻘﺎﻧون‬
‫‪ 07/95‬ﺳﺎﻟﻔﺔ اﻟذﻛر‪.‬‬

‫‪-‬اﻟﻣﺎﻟﻛون اﻟﻣﺷﺗرﻛون ﻟﻠﺑﻧﺎء‪ :‬ﻧظﻣت اﻟﻣﻠﻛﯾﺔ اﻟﻣﺷﺗرﻛﺔ و اﻟﺑﻧﺎﯾﺎت ﻓﻲ اﻟﺗﺷرﯾﻊ اﻟﺟزاﺋري أول ﻣرة ﺑﺄﺣﻛﺎم‬
‫اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ‪ ،‬ﺛم ﺑﻣوﺟب اﻟﻣرﺳوم اﻟﺗﻧظﯾﻣﻲ رﻗم‪ 666/83‬اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ‪ 1983/11/12‬اﻟذي ﯾﺣدد اﻟﻘواﻋد‬
‫اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﻣﻠﻛﯾﺔ و اﻟﺑﻧﺎﯾﺎت اﻟﺟﻣﺎﻋﯾﺔ )‪ ،(2‬و ﻫذا اﻷﺧﯾر ﻋدل و ﺗﻣم ﺑﻣوﺟب اﻟﻣرﺳوم اﻟﺗﻧﻔﯾذي رﻗم‪59/94‬‬
‫اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ ‪ 1994/03/07‬اﻟذي ﯾﺣدد اﻟﻘواﻋد اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﻣﻠﻛﯾﺔ اﻟﻣﺷﺗرﻛﺔ و ﺗﺳﯾﯾر اﻟﺑﻧﺎﯾﺎت اﻟﺟﻣﺎﻋﯾﺔ)‪.(3‬‬

‫ﺛﺎﻧﯾﺎ‪ :‬ﺷروط ﺗطﺑﯾق أﺣﻛﺎم اﻟﺿﻣﺎن اﻟﻌﺷري‬

‫ﯾﺷﺗرط ﻟﺗطﺑﯾق ﻗواﻋد و أﺣﻛﺎم اﻟﺿﻣﺎن اﻟﻌﺷري‪ ،‬ﺗواﻓر ﺷروط ﻣﻌﯾﻧﺔ و ﻫﻲ ﻣوﺿوﻋﯾﺔ و أﺧرى ﺷﻛﻠﯾﺔ‪ ،‬ﻓﺎﻷوﻟﻰ‬
‫ﻻﺑد ﻣن أن ﻻﺑد ﻣن وﺟود ﻋﻘد ﻣﻘﺎوﻟﺔ‪ ،‬و ﻫﻧﺎ ﻧﺟد اﻟﻔﻘﻪ و اﻟﻘﺿﺎء ﯾﺷﺗرطﺎ ﻓﻲ اﻟﺷﺧص اﻟذي ﯾﻣﻛن اﻟرﺟوع ﻋﻠﯾﻪ‬

‫‪1‬‬
‫‪Philipe le Tourneau.La responsabilité chvil. 3emeédition. Dalloz. 1982. p422 .‬‬
‫‪ 2‬اﻟﺟرﯾدة اﻟرﺳﻣﯾﺔ ﻟﻠﺟﻣﻬورﯾﺔ اﻟﺟزاﺋرﯾﺔ‪ .‬اﻟﻌدد ‪ .47‬ﺳﻧﺔ‪.1983‬‬
‫‪ 3‬اﻟﺟرﯾدة اﻟرﺳﻣﯾﺔ ﻟﻠﺟﻣﻬورﯾﺔ اﻟﺟزاﺋرﯾﺔ‪ .‬اﻟﻌدد ‪ .13‬ﺳﻧﺔ‪.1994‬‬
‫‪52‬‬
‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬آﺛﺎر ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ و أﺳﺑﺎب اﻧﻘﺿﺎﺋﻪ‬

‫وﻓﻘﺎ ﻷﺣﻛﺎم اﻟﺿﻣﺎن اﻟﻌﺷري‪ ،‬أن ﯾﻛون ﻣﻊ رب اﻟﻌﻣل ﺑﻌﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ)‪ ،(1‬و ﯾﺟب أن ﯾﻛون ﻣﺣل ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‬
‫ﺗﺷﯾﯾد ﺑﻧﺎء أو ﻣﻧﺷﺄة‪ ،‬إذ أن اﻟﻣﺷرع ﻋرف اﻟﺑﻧﺎء ﺑﺄﻧﻪ‪»:‬ﻛل ﺑﻧﺎﯾﺔ أو ﻣﻧﺷﺄة ﯾوﺟﻪ اﺳﺗﻌﻣﺎﻟﻬﺎ ﻟﻠﺳﻛن أو اﻟﺗﺟﻬﯾز أو‬
‫اﻟﻧﺷﺎط اﻟﺗﺟﺎري أو اﻹﻧﺗﺎج اﻟﺻﻧﺎﻋﻲ واﻟﺗﻘﻠﯾدي أو اﻹﻧﺗﺎج اﻟﻔﻼﺣﻲ أو اﻟﺧدﻣﺎت" ) ‪ ،(2‬و ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﻣﻧﺷﺂت‬
‫اﻟﺛﺎﺑﺗﺔ ﻓﻘد ﻋرﻓﺗﻬﺎ اﻟﻣﺎدة ‪ 2/23‬ﻣن اﻟﻘرار اﻟوزاري اﻟﻣﺷﺗرك‪ ،‬اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ ‪ ، 1988/05/15‬اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﻛﯾﻔﯾﺎت‬
‫ﻣﻣﺎرﺳﺔ و ﺗﻧﻔﯾذ اﻷﺷﻐﺎل ﻓﻲ ﻣﯾدان اﻟﺑﻧﺎء و أﺟر ذﻟك ﺑﺎﻟﻧص ﻋﻠﻰ" ﯾﻘﺻد ﺑﺎﻟﻣﻧﺷـﺂت اﻟﺛﺎﺑﺗﺔ‪ ،‬اﻟﺗﺟﻬﯾزات اﻟﻣرﺗﺑطﺔ‬
‫ارﺗﺑﺎطﺎ وﺛﯾﻘﺎ ﺑﺎﻟﻣﻧﺷﺂت‪ ،‬و اﻟﺗﻲ ﻣن ﺷﺄﻧﻬﺎ أن ﺗﺳﺗﺟﯾب ﻟﻘﯾود اﻻﺳﺗﻌﻣﺎل‪ ،‬و أن ﺗﻛون ﻣطﺎﺑﻘﺔ ﻻﺣﺗﯾﺎﺟﺎت‬
‫اﻟﻣﺳﺗﻌﻣل" ﻛذﻟك ﺣﺻول ﺗﻬدم ﻛﻠﻲ أو ﺟزﺋﻲ ﻓﻲ اﻟﺑﻧﺎء أو اﻟﻣﻧﺷﺄ اﻟﺛﺎﺑت أو ظﻬور ﻋﯾب ﺑﻪ‪.‬‬

‫و ﻣن اﻟﺷروط اﻟﺷﻛﻠﯾﺔ ﻧﺟد ﻣدة اﻟﺿﻣﺎن‪ ،‬و ﻟﻘﯾﺎم اﻟﺿﻣﺎن اﻟﻌﺷري ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ اﻟﺟزاﺋري‪ ،‬أن ﯾﺣدث ﺗﻬدم‬
‫ﻛﻠﻲ أو ﺟزﺋﻲ ﻓﻲ اﻟﺑﻧﺎء أو اﻟﻣﻧﺷﺄة اﻟﺛﺎﺑت‪ ،‬أو ﯾظﻬر ﺑﻪ ﻋﯾب ﻣؤﺛر‪ ،‬ﺧﻼل ﻋﺷر ﺳﻧوات‪ ،‬ﺗﺣﺳب ﻣن وﻗت‬

‫اﻟﺗﺳﻠم اﻟﻧﻬﺎﺋﻲ ﻟﻠﻌﻣل)‪ (،3‬و ﺗرﻓﻊ دﻋو ى اﻟﺿﻣﺎن ﻓﻲ ﺧﻼل ﺛﻼث اﻟﺳﻧوات‪ ،‬ﺗﺑدأ ﻓﻲ اﻟﺳرﯾﺎن ﻣن وﻗت اﻟﺗﻬدم أو‬
‫‪4‬‬
‫اﻛﺗﺷﺎف اﻟﻌﯾب‪.‬‬

‫ﺛﺎﻟﺛﺎ‪ :‬ﺧﺻﺎﺋص أﺣﻛﺎم اﻟﺿﻣﺎن اﻟﻌﺷري‬

‫ﺷدد اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﻣن أﺣﻛﺎم اﻟﺿﻣﺎن اﻟﻌﺷري‪ ،‬ﻧظرا ﻟﻣﺎ ﻗد ﯾﺷﻛﻠﻪ اﻧﻬﯾﺎر اﻟﻣﺑﺎﻧﻲ و اﻟﻣﻧﺷﺂت اﻟﻣﻌﻣﺎرﯾﺔ ﻣن‬
‫ﺧطر ﻋﻠﻰ اﻷرواح و اﻟﻣﻣﺗﻠﻛﺎت‪ ،‬و ﻋﻠﻰ ذﻟك ﻧﺟد أﺣﻛﺎم اﻟﺿﻣﺎن اﻟﻌﺷري‪ ،‬ﺗﺗﻣﯾز ﺑﺎﻟﺧﺻﺎﺋص اﻵﺗﯾﺔ‪:‬‬

‫‪-‬ﺗﻌﻠق أﺣﻛﺎم اﻟﺿﻣﺎن اﻟﻌﺷري ﺑﺎﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم‪ :‬وﻫذا ﻣﺎ ﻧﺻت ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻣﺎدة‪556‬ﻣن ق م ج ﻋﻠﻰ أﻧﻪ‪":‬ﯾﻛون ﺑﺎطﻼ‬
‫ﻛل ﺷرط ﯾﻘﺻد ﺑﻪ إﻋﻔﺎء اﻟﻣﻬﻧدس اﻟﻣﻌﻣﺎري و اﻟﻣﻘﺎول ﻣن اﻟﺿﻣﺎن أو اﻟﺣد ﻣﻧﻪ‪".‬‬

‫‪-‬ﻣﺑدأ اﻟﺗﺿﺎﻣن ﻓﻲ اﻟﺿﻣﺎن اﻟﻌﺷري‪ :‬و ﻫذا ﻣﺎ ﻧﺻت ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻣﺎدة‪ 554‬ﻣن ق م ج ﺳﺎﻟﻔﺔ اﻟذﻛر‪ ،‬ﺑﺣﯾث ﯾﺿﻣن‬
‫اﻟﻣﻬﻧدس اﻟﻣﻌﻣﺎري و اﻟﻣﻘﺎول ﻣﺗﺿﺎﻣﻧﯾن ﻣﺎ ﯾﺣﺻل ﻣن ﺗﻬدم أو ﻋﯾوب اﻟﻣﺑﺎﻧﻲ أو اﻟﻣﻧﺷﺂت اﻟﺛﺎﺑﺗﺔ اﻟﺗﻲ أﻗﺎﻣﻬﺎ‪.‬‬

‫‪ -‬اﻓﺗراض اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗرﺗﺑﻬﺎ أﺣﻛﺎم اﻟﺿﻣﺎن اﻟﻌﺷري‪ :‬و ﻣﻌﻧﻰ ذﻟك أن رب اﻟﻌﻣل ﻻ ﯾﻛﻠف ﺑﺈﺛﺑﺎت اﻟﺧطﺄ‬
‫ﻓﻲ ﺟﺎﻧب اﻟﻣﻬﻧدس اﻟﻣﻌﻣﺎري أو اﻟﻣﻘﺎول‪ ،‬ﺣﺗﻰ ﯾﻣﻛن اﻟرﺟوع ﻋﻠﯾﻪ ﺑﺄﺣﻛﺎم اﻟﺿﻣﺎن اﻟﻌﺷري‪،‬‬

‫‪ 1‬إﺑراﻫﯾم ﺳﯾد أﺣﻣد‪ ،‬ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣﻬﻧدس‪ .‬ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣﻬﻧدس و اﻟﻣﻘﺎول ﻋن ﻋﯾوب اﻟﺑﻧﺎء ﻓﻘﻬﺎ و ﻗﺿﺎء‪ .‬ط ‪ .1‬اﻟﻣﻛﺗب اﻟﺟﺎﻣﻌﻲ اﻟﺣدﯾث‪.+‬‬
‫اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ‪ ،2003 .‬ص‪.87‬‬
‫‪2‬‬
‫اﻟﻘﺎﻧون ‪15/08‬اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ ‪ .2008/07/20‬اﻟذي ﯾﺣدد ﻗواﻋد ﻣطﺎﺑﻘﺔ اﻟﺑﻧﺎء و اﺗﻣﺎم إﻧﺟﺎزﻩ‪ .‬راﺟﻊ ج ر ج ج‪ .‬ع‪ .44‬ﺳﻧﺔ‪.2008‬‬
‫‪3‬‬
‫اﻧظر اﻟﻣﺎدة‪ 3/554‬ﻣن اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ اﻟﺟزاﺋري‪ .‬ﺳﺎﻟﻔﺔ اﻟذﻛر‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫اﻟﻣﺎدة‪ 557‬ﻣن ق م ج ﻋﻠﻰ أﻧﻪ‪ »:‬ﺗﺗﻘﺎدم دﻋﺎوى اﻟﺿﻣﺎن اﻟﻣذﻛورة أﻋﻼﻩ ﺑﺎﻧﻘﺿﺎء ﺛﻼث ﺳﻧوات ﻣن وﻗت ﺣﺻول اﻟﺗﻬدم أو اﻛﺗﺷﺎف‬
‫اﻟﻌﯾب«‪.‬‬
‫‪53‬‬
‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬آﺛﺎر ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ و أﺳﺑﺎب اﻧﻘﺿﺎﺋﻪ‬

‫اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬اﻧﺗﻬﺎء ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‬

‫ﻣن اﻟﻣﻌروف ﻗﺎﻧوﻧﺎ أن ﻛل اﻟﺗزام ﻣﺂﻟﻪ اﻻﻧﻘﺿﺎء‪ ،‬إذ ﻻ ﯾﻣﻛن ﻟﻼﻟﺗزام أن ﯾﻛون أﺑدﯾﺎ‪ ،‬و ﺑﻧﺎء ﻋﻠﯾﻪ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‬
‫ﻛﻐﯾرﻩ ﻣن اﻟﻌﻘود ﯾﻧﺗﻬﻲ ﺑﻌدة أﺳﺑﺎب ﻣﻧﻬﺎ اﻟﻌﺎﻣﺔ و اﻟﺧﺎﺻﺔ‪ ،‬ﻓﻬو ﻗد ﯾﻧﺗﻬﻲ ﺑﺎﻻﻧﺗﻬﺎء اﻟﻣﺄﻟوف و اﻟﻣﻌﺗﺎد ﺑﺗﻧﻔﯾذﻩ و‬
‫ﻫو ﻣﺎ ﯾطﻠق ﻋﻠﯾﻪ اﻟوﻓﺎء‪ ،‬و ﻛذﻟك ﺑﺎﻧﻘﺿﺎء اﻟﻣدة اﻟﻣﺣددة ﻟﻠﺗﻧﻔﯾذ و ﻫذﻩ ﺗﻌﺗﺑر ﻣن اﻷﺳﺑﺎب اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬و ﻧﺟد ﺳﺑﺑﯾن‬
‫ﺧﺎﺻﯾن ﻟﻼﻧﻘﺿﺎء ﻧص ﻋﻠﯾﻬﻣﺎ اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﺿﻣن ﻧﺻوص اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ اﻟﺟزاﺋري‪.‬‬

‫ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻻت ﻫﻲ ﺣﺳب اﻟﻣﺎدة ‪ 566‬اﻟﺗﻲ ﻧﺻت ﻋﻠﻰ ﺗﺣﻠل رب اﻟﻌﻣل ﻣن اﻟﻌﻘد ﺑﺈرادﺗﻪ اﻟﻣﻧﻔردة‪ ،‬وﻛذﻟك ﺣﺳب‬
‫اﻟﻣﺎدة ‪ 569‬ﻧﺻت ﻋﻠﻰ وﻓﺎة اﻟﻣﻘﺎول‪.‬‬

‫و ﻟﺗﻔﺳﯾر وﺗﺣﻠﯾل ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻻت‪ ،‬ﺳﺄﻋﺗﻣد ﻓﻲ ﺗﻘﺳﯾم ﻫذا اﻟﻣﺑﺣث إﻟﻰ ﻣطﻠﺑﯾن‪ ،‬ﻓﻔﻲ اﻟﻣطﻠب اﻷول ﺑﻌﻧوان‬
‫اﻷﺳﺑﺎب اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻻﻧﺗﻬﺎء ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪ ،‬و اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ ﺑﻌﻧوان اﻷﺳﺑﺎب اﻟﺧﺎﺻﺔ ﻻﻧﺗﻬﺎء ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪.‬‬

‫اﻟﻣطﻠب اﻷول‪ :‬اﻷﺳﺑﺎب اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻻﻧﺗﻬﺎء ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‬

‫ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﯾﻧﺗﻬﻲ ﻛﻐﯾرﻩ ﻣن اﻟﻌﻘود ﺑﺎﻷﺳﺑﺎب اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬ﻓﻬو ﯾﻧﺗﻬﻲ إﻣﺎ ﺑﺗﻧﻔﯾذﻩ أو أن ﯾﻧﺗﻬﻲ ﻗﺑل ذﻟك‪.‬‬

‫أﻣﺎ اﻧﺗﻬﺎء ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﺑﺎﻟﺗﻧﻔﯾذ‪ ،‬ﻓﯾﺗﺿﻣن ﻗﯾﺎم ﻛل ﻣن رب اﻟﻌﻣل و اﻟﻣﻘﺎول ﺑﻣﺎ ﻋﻠﯾﻬﻣﺎ ﻣن اﻟﺗزاﻣﺎت اﺗﺟﺎﻩ‬
‫ﺑﻌﺿﻬﻣﺎ ﺑﻣوﺟب ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪ ،‬ﻛﻣﺎ ﯾﺗﺿﻣن اﻧﺗﻬﺎء اﻟﻣدة اﻟﻣﺣددة ﻟﻠﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻣﻣﺎ ﯾﺳﺗﺗﺑﻊ اﻧﺗﻬﺎء اﻟﻌﻘد‪.‬‬

‫ﻛذﻟك ﻗد ﯾﻧﺗﻬﻲ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ دون ﺗﻧﻔﯾذ‪ ،‬ﻛﻣﺎ ﻟو اﺗﻔق طرﻓﺎﻩ ﻋﻠﻰ اﻧﺗﻬﺎﺋﻪ وﻫذا ﻫو اﻟﺗﻘﺎﺑل ﻣن اﻟﻌﻘد أو إذا أﺧل‬
‫أﺣدﻫﻣﺎ ﺑﺎﻟﺗزام‪ ،‬ﻓﺗﻣﺳك اﻟﻣﺗﻌﺎﻗد اﻵﺧر ﺑﻔﺳﺦ اﻟﻌﻘد‪ ،‬و ﯾﻧﻘﺿﻲ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ أﯾﺿﺎ دون ﺗﻧﻔﯾذﻩ ﻣﺗﻰ اﺳﺗﺣﺎل ﻫذا‬
‫اﻟﺗﻧﻔﯾذ‪.‬‬

‫و ﻋﻠﻰ ﻫذا ﻗﻣت ﺑﺗﻘﺳﯾم ﻫذا اﻟﻣطﻠب إﻟﻰ ﻓرﻋﯾن ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻔرع اﻷول ﺑﻌﻧوان اﻧﻘﺿﺎء ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﺑﺎﻟﺗﻧﻔﯾذ ‪ ،‬و اﻟﻔرع‬
‫اﻟﺛﺎﻧﻲ اﻻﻧﺗﻬﺎء ﻗﺑل اﻟﺗﻧﻔﯾذ ‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬آﺛﺎر ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ و أﺳﺑﺎب اﻧﻘﺿﺎﺋﻪ‬

‫اﻟﻔرع اﻷول‪ :‬اﻧﻘﺿﺎء ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﺑﺗﻧﻔﯾذﻩ‬

‫و ﻫﻧﺎ ﻧﺟد ﺣﺎﻟﺗﯾن ﻟﻺﻧﻘﺿﺎء)‪ ،(1‬ﻓﻘد ﯾﻛون ﺑﺗﻧﻔﯾذ اﻟطرﻓﯾن ﻻﻟﺗزاﻣﺎﺗﻬم‪ ،‬وﻗد ﯾﻧﺗﻬﻲ ﺑﺈﻧﻬﺎء اﻟﻣدة اﻟﻣﺣددة ﻟﻠﻣﻘﺎول‪.‬‬

‫أوﻻ‪ :‬اﻧﺗﻬﺎء ﺑﺗﻧﻔﯾذ اﻻﻟﺗزاﻣﺎت اﻟﺗﻌﺎﻗدﯾﺔ‬

‫إن اﻟﻬدف اﻷﺳﺎﺳﻲ اﻟذي ﺗﺑرم ﻣن أﺟﻠﻪ اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻫو إﻧﺟﺎز اﻟﻌﻣل اﻟﻣﺗﻔق ﻋﻠﯾﻪ وﺗﺳﻠﯾﻣﻪ إﻟﻰ رب اﻟﻌﻣل‪ ،‬وﻗﺎم‬
‫ﻫذا اﻷﺧﯾر ﻣن ﺟﻬﺗﻪ ﺑﺗﻧﻔﯾذ اﻟﺗزاﻣﺎﺗﻪ ﺑﺗﺳﻠم اﻟﻌﻣل ﺑﻌد إﻧﺟﺎزﻩ وﺳداد اﻷﺟر‪ ،‬ﻟم ﯾﻌد ﯾوﺟد ﻫﻧﺎك ﻣﺳوغ ﻟﺑﻘﺎء ﻋﻘد‬
‫اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪.‬‬

‫ﻏﯾر أن ﻫذا اﻟﺗﻧﻔﯾذ ﻗد ﻻ ﯾﻘﺿﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻘد ﺗﻣﺎﻣﺎ‪ ،‬وذﻟك إن ﻛﺎن ﻟرب اﻟﻌﻣل ﺣق اﻟرﺟوع ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻘﺎول ﺑﺎﻟﺿﻣﺎن‪.‬‬
‫ﻛﻣﺎ ﻫو اﻟﺣﺎل ﻓﻲ ﻣﻘﺎوﻻت اﻟﺑﻧﺎء و اﻟﻣﻧﺷﺂت اﻟﻣﻌﻣﺎرﯾﺔ)‪ ،(2‬ﺣﯾث ﯾﻌﻣل اﻟﻣﻬﻧدس اﻟﻣﻌﻣﺎري و اﻟﻣﻘﺎول ﻣﺗﺿﺎﻣﻧﯾن‬
‫ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺣدث ﻓﻲ اﻟﺑﻧﺎء ﻣن ﺗﻬدم ﻛﻠﻲ أو ﺟزﺋﻲ أو ﻣﺎ ﯾوﺟد ﻓﯾﻪ ﻣن ﻋﯾوب ﺧﻼل ﻋﺷرة ﺳﻧوات ﻣن وﻗت اﻟﺗﺳﻠﯾم‬
‫)‪(3‬‬
‫اﻟﻧﻬﺎﺋﻲ ﻟﻠﻌﻣل‪.‬‬

‫ﺛﺎﻧﯾﺎ‪ :‬اﻧﺗﻬﺎء ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﺑﺎﻧﻘﺿﺎء اﻟﻣدة‬

‫ﯾﻧﺗﻬﻲ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﺑﺎﻧﻘﺿﺎء اﻟﻣدة اﻟﻣﺣددة ﻟﻪ‪ ،‬ﻛﻣﺎ ﻟو ﻛﺎن ﻣﺣﻠﻪ اﻟﻘﯾﺎم ﺑﺄداءات دورﯾﺔ ﻟﻣدة ﻣﺣددة‪ ،‬ﻣﺛﻠﻣﺎ‬
‫ﻫو ﻋﻠﯾﺔ اﻟﺣﺎل ﻓﻲ ﻣﻘﺎوﻻت اﻟﺻﯾﺎﻧﺔ ‪ ،‬ﻛﺄن ﯾﺗﻌﺎﻗد ﻣﺛﻼ ﻣﺎﻟك ﻋﻣﺎرة ﻣﻊ ﻣﻘﺎول ﻣن أﺟل ﺻﯾﺎﻧﺔ اﻟﻣﺻﻌد‬
‫اﻟﻛﻬرﺑﺎﺋﻲ ﻛل ﺛﻼث أﺷﻬر ﻟﻣدة أرﺑﻊ ﺳﻧوات ‪ ،‬ﻓﯾﻛون اﻟزﻣن ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﻋﻧﺻر ﺟوﻫري ﻓﻲ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪،‬‬
‫) ‪(4‬‬
‫و ﯾﺟوز ﺗﺟدﯾد ﺗﻠك اﻟﻣدة‪ ،‬ﺳواء ﺻراﺣﺔ‬ ‫وﻣن ﺛم ﺗﻧﺗﻬﻲ وﯾزول ﺑﺎﻧﻘﺿﺎء ﻣدة اﻷرﺑﻊ ﺳﻧوات اﻟﻣﺗﻌﺎﻗد ﻋﻠﯾﻬﺎ‪،‬‬
‫ﺑﺎﺗﻔﺎق اﻟطرﻓﯾن ﻋﻠﻰ اﻻﻟﺗزام ﺑﺎﻟﺻﯾﺎﻧﺔ ﻟﻔﺗرة أﺧرى‪ ،‬أو ﺿﻣﻧﯾﺎ ﺑﺄن ﯾﺳﺗﻣر اﻟﻣﻘﺎول ﻓﻲ أداء ﻋﻣﻠﻪ ﻓﻲ ﻣواﻋﯾدﻩ‬
‫اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ‪ ،‬ﺑﻌﻠم رب اﻟﻌﻣل و دون اﻋﺗراض ﻣﻧﻪ)‪.(5‬‬

‫‪1‬اﺧﺗرت ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺻدد ﻛﻠﻣﺔ اﻻﻧﻘﺿﺎء ﻻن اﻟﻌﻘد ﯾﻛون ﻗد أﺗم ﻓﻌﻼ و اﻧﻘﺿﻰ ﺑﻌﻛس ﻛﻠﻣﺔ اﻧﺣﻼل اﻟﻌﻘد اﻟﺗﻲ ﺗﻛون ﻗﺑل أن ﯾﻧﻔذ اﻟﻌﻘد أو ﻗﺑل‬
‫أن ﯾﺗم ﺗﻧﻔﯾذﻩ‪ .‬ﻋﺑد اﻟرزاق أﺣﻣد اﻟﺳﻧﻬوري‪ .‬اﻟوﺳﯾط ﻓﻲ ﺷرح اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ‪ ،‬ﻣﺻﺎدر اﻻﻟﺗزام‪ .‬اﻟﺟزء اﻷول‪.‬د د ن‪ .2008-2007 .‬ص‪. 566‬‬
‫‪ 2‬ﻣﺤﻤﺪ ﻟﺒﯿﺐ ﺷﻨﺐ‪ .‬اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‪ .‬ص ‪.227‬‬
‫‪ 3‬ﺣﺴﺐ اﻟﻤﺎدة ‪ 554‬ﻣﻦ ق م ج‪.‬‬
‫‪ 4‬ﻗﻠﺮي ﻋﺒﺪ اﻟﻔﺘﺎح‪ .‬اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‪ .‬ص ‪.259‬‬
‫‪ 5‬ﻣﺤﻤﺪ ﻟﺒﯿﺐ ﺷﻨﺐ‪ .‬اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‪ .‬ص ‪.238‬‬
‫‪55‬‬
‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬آﺛﺎر ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ و أﺳﺑﺎب اﻧﻘﺿﺎﺋﻪ‬

‫و ﯾﻼﺣظ أﻧﻪ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺗﺣدﯾد اﻟﺿﻣﻧﻲ ﻟﻌﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻓﺈن اﻟﺗﺣدﯾد ﯾﻛون ﺑﻧﻔس ﺷروط اﻟﻌﻘد اﻟﺳﺎﺑق وﻟﻛن ﻟﻣدة‬
‫ﻏﯾر ﻣﺣدودة‪ ،‬و ﯾﻛون ﻟﻛل ﻣن طرﻓﯾﻪ إﻧﻬﺎء اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻓﻲ أي وﻗت ﺑﻌد إﺧطﺎر ﯾرﺳل ﻣن أﺣد اﻷطراف إﻟﻰ‬
‫اﻟطرف اﻷﺧر‪.‬‬

‫ﯾﺟب ﺗﻧﻔﯾذ اﻟﻌﻘد ﻟﻣﺎ اﺷﺗﻣل ﻋﻠﯾﻪ وﺑﺣﺳن ﻧﯾﺔ‪ ،‬و ﻻ ﯾﻘﺗﺻر اﻟﻌﻘد ﻋﻠﻰ اﻟﺗزام اﻟﻣﺗﻌﺎﻗد ﺑﻣﺎ ورد ﻓﻲ اﻟﻌﻘد ﻓﺣﺳب‪،‬‬
‫ﺑل ﯾﺗﻧﺎول أﯾﺿﺎ ﻣﺎ ﻫو ﻣن ﻣﺳﺗﻠزﻣﺎﺗﻪ وﻓق ﻟﻠﻘﺎﻧون و اﻟﻌداﻟﺔ ﯾﺣﺳن طﺑﯾﻌﺔ اﻻﻟﺗزام ‪.‬اﻟﻣﺎدة ‪107‬ﻣن ق م ج‬

‫)‪(1‬‬
‫و ان اﻟﻌﻘد ﯾﻌﺗﺑر ﻗﺎﻧو ن اﻟﻣﺗﻌﺎﻗدﯾن ﻓﯾﺟب ﻋﻠﯾﻬﺎ ﺗﻧﻔﯾذ ﺑﺄﻣﺎﻧﺔ و ﺣﺳن ﻧﯾﺔ‪.‬‬

‫اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬اﻧﺣﻼل ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻗﺑل ﺗﻧﻔﯾذﻩ‬

‫ﻗد ﯾﻧﺣل ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻗﺑل ﺗﻧﻔﯾذﻩ اﻧﺗﻬﺎء ﻏﯾر ﻣﺄﻟوف‪ ،‬و ﻟﻛﻧﻪ اﻧﺗﻬﺎء ﯾﺗﻔق ﻣﻊ اﻟﻘواﻋد اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬و ﻟﻌل أﻫم أﺳﺑﺎب‬
‫اﻧﺗﻬﺎء ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻗﺑل ﺗﻧﻔﯾذﻩ وﻓﻘﺎ ﻟﻠﻘواﻋد اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻫﻲ‪ :‬اﻟﺗﻘﺎﯾل و اﻟﻔﺳﺦ و اﺳﺗﺣﺎﻟﺔ اﻟﺗﻧﻔﯾذ‪.‬‬

‫و ﻟم ﯾﻌرض اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ اﻟﺟزاﺋري ﻟﻬذﻩ اﻷﺳﺑﺎب ﻣﻛﺗﻔﯾﺎ ﺑﺗطﺑﯾق اﻟﻘواﻋد اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬ﻓﯾﻣﺎ ﻋدا اﻟﺳﺑب اﻷﺧﯾر ﻣﻧﻬﺎ‬
‫و ﻫو اﺳﺗﺣﺎﻟﺔ اﻟﺗﻧﻔﯾذ‪ ،‬ﻓﻘد ﻧص ﻋﻠﯾﻪ ﻧﺻﺎ ﺻرﯾﺣﺎ ﺣﺗﻰ ﯾﻌرض ﺑﻌد ذﻟك ﻣن ﯾﺗﺣﻣل ﺗﺑﻌﺔ ﻫﻼك اﻟﺷﻲء اﻟﻣﺗرﺗﺑﺔ‬
‫ﻋﻠﻰ اﺳﺗﺣﺎﻟﺔ اﻟﺗﻧﻔﯾذ‪.‬‬

‫أوﻻ‪ :‬اﻧﺗﻬﺎء ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﺑﺎﻟﺗﻘﺎﺑل‬

‫ﯾﻌرف اﻟﺗﻘﺎﺑل ﻋﻠﻰ أﻧﻪ‪":‬اﺗﻔﺎق ﺑﯾن أطراف اﻟﻌﻘد ﻋﻠﻰ إﻧﻬﺎﺋﻪ‪ ،‬وﻫو ﯾﺗم ﺑﺈﯾﺟﺎب أو ﻗﺑول ﺑطرﯾﻘﺔ ﺻر ﯾﺣﺔ أو ﺿﻣﻧﯾﺔ‬
‫و ﻻ ﯾﻛون ﻟﻠﺗﻘﺎﺑل أﺛر رﺟﻌﻲ ﻣن ﺣﯾث اﻷﺻل‪ ،‬إﻻ اﺗﻔق اﻟﻣﺗﻌﺎﻗدان ﻋﻠﻰ أن ﯾﻛون ﻟﻪ ﻫذا اﻷﺛر)‪. "(2‬‬

‫و ﯾﻼﺣظ أﻧﻪ ﻟم ﯾرد ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ اﻟﺟزاﺋري ﻧص ﺣرﻓﻲ ﺻرﯾﺢ ﯾﺗﺣدث ﻋن اﻹﻗﺎﻟﺔ ﻛﻧظﺎم‪ ،‬و ان ﻛﺎن ﻗد‬
‫أﻗرﻩ ﺿﻣﻧﯾﺎ ﻣن ﻣﻘﺗﺿﯾﺎت اﻟﻣﺎدة ‪ 106‬ﻣن ق م ج‪ ،‬ﺣﯾث ﻧﺻت ﻋﻠﻰ أن ‪":‬ﻟﻌﻘد ﺷرﻋﺔ اﻟﻣﺗﻌﺎﻗدﯾن ﻓﻼ ﯾﺟوز‬
‫ﻧﻘﺿﻪ و ﻻ ﺗﻌدﯾﻠﻪ إﻻ ﺑﺎﺗﻔﺎق اﻟطرﻓﯾن أو ﻟﻸﺳﺑﺎب اﻟﺗﻲ ﯾﻘررﻫﺎ اﻟﻘﺎﻧون"‪ ،‬ﻓﯾﻔﻬم ﻣن اﻟﻧص أن اﻟﻌﻘد ﯾﺟوز ﻧﻘﺿﻪ‬
‫أﻣﺎ ﻟﻸﺳﺑﺎب اﻟﺗﻲ ﯾﻘررﻫﺎ اﻟﻘﺎﻧون و إﻣﺎ ﺑواﺳطﺔ اﺗﻔﺎق طرﻓﻲ اﻟﻌﻘد ﻋﻠﻰ ذﻟك‪ ،‬و ﻋﻠﯾﻪ ﻗد ﯾﺗﻔق اﻟﻣﻘﺎول و رب‬
‫اﻟﻌﻣل ﻋﻠﻰ أن ﯾﺗﺣﻠل ﻛل واﺣد ﻣﻧﻬﻣﺎ ﻣن اﻟﻌﻘد ﺑﺈرادﺗﻬﻣﺎ اﻟﻣﺷﺗرﻛﺔ‪ ،‬ﺳواء ﻗﺑل اﻟﺑدء ﺑﺗﻧﻔﯾذ اﻟﻌﻣل ﻣﺣل اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‬
‫أو ﺑﻌد اﻟﺑدء ﺑﺎﻟﺗﻧﻔﯾذ و ﻗﺑل اﻻﻧﺗﻬﺎء ﻣﻧﻪ‪ ،‬ﻓﻛﻣﺎ اﻧﻌﻘدت اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﺑﺗراﺿﻲ اﻟطرﻓﯾن ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﻧﺗﻬﻲ ﻛذﻟك ﺑﺗراﺿﯾﻬﻣﺎ‪،3‬‬
‫وﺑذﻟك ﯾﻧﻘﺿﻲ اﻟﻌﻘد ﺑﺈرادﺗﻬﻣﺎ ﻣﻌﺎ ﻻ ﺑﺈرادة آﺣﺎدﻫﻣﺎ ﻓﺣﺳب‪ ،‬و ﯾﻐﻠب ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ أن ﯾﺳوي اﻟطرﻓﺎن‬

‫‪ 1‬ﻋﺒﺪ اﻟﺮزاق أﺣﻤﺪ اﻟﺴﻨﮭﻮري‪ . .‬اﻟوﺳﯾط ﻓﻲ ﺷرح اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ‪ ،‬ﻣﺻﺎدر اﻻﻟﺗزام‪ .‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ .‬ص ‪.218‬‬
‫‪2‬ﻋﺑد اﻟرزاق أﺣﻣد اﻟﺳﻧﻬوري‪ .‬اﻟوﺳﯾط ﻓﻲ ﺷرح اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ‪ ،‬ﻣﺻﺎدر اﻻﻟﺗزام‪ .‬ص ‪. 566‬‬
‫‪3‬ﻋدﻧﺎن إﺑراﻫﯾم اﻟﺳرﺣﺎن‪ .‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص‪95‬‬
‫‪56‬‬
‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬آﺛﺎر ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ و أﺳﺑﺎب اﻧﻘﺿﺎﺋﻪ‬

‫اﻟﺗزاﻣﺎﺗﻬﻣﺎ‪ ،‬و ﯾﺿﻣﻧﺎن إﻗﺎﻟﺔ ﻛل ﻣﻧﻬﻣﺎ اﻵﺧر ﻣن ﻛﺎﻓﺔ اﻻﻟﺗزاﻣﺎت أو ﻣﺎ ﺗﺑﻘﻰ ﻣﻧﻬﺎ‪ ،‬أﻣﺎ إذا ﺳﻛت اﻟطرﻓﺎن ﻋن‬
‫)‪(1‬‬
‫ﻛﯾﻔﯾﺔ ﺗﺳوﯾﺔ اﻟﺣﺳﺎﺑﺎت ﺳرت اﻟﻘواﻋد اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬ﻻ ﺳﯾﻣﺎ ﻣﺑدأ اﻟﺛراء ﺑﻼ ﺳﺑب‪.‬‬

‫ﺛﺎﻧﯾﺎ‪ :‬اﻧﺗﻬﺎء ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﺑﺎﻟﻔﺳﺦ‬

‫ﻟﻘد ﻧظم اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﻧظرﯾﺔ ﻓﺳﺦ اﻟﻌﻘد ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ‪ 119‬وﻣﺎ ﯾﻠﯾﻬﺎ ﻣن ق م ج‪ ،‬ﺗﺣت ﻋﻧوان اﻧﺣﻼل اﻟﻌﻘد‪،‬‬
‫و ﺗﻌد ﻫذﻩ اﻟﻣواد أﺳﺎﺳﯾﺔ ﻟﺗﻧظﯾم اﻟﻧظرﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻔﺳﺦ اﻟﻌﻘود اﻟﻣﻠزﻣﺔ ﻟﻠﺟﺎﻧﺑﯾن و ﻣﻧﻬﺎ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪ ،‬أﻣﺎ ﺑﻘﺑﺔ اﻟﻣواد‬
‫اﻟواردة ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ‪ ،‬و اﻟﺗﻲ ﺗﻘﺿﻲ ﺑﻔﺳﺦ اﻟﻌﻘد ﻓﺗﻌد ﻣﺟرد ﺗطﺑﯾق ﻟﻠﻣﺑدأ اﻟﻌﺎم و ﻻ ﺗﺧرج ﻋن ﻧظﺎﻣﻪ ﻛﻣﺎ‬
‫ﻧﺟد اﻟﻣﺷرع ﻗد ﻧص ﻋن اﻟﻔﺳﺦ ﻓﻲ ﻗﺎﻧون آﺧر وﻫو ﻗﺎﻧون اﻟﺻﻔﻘﺎت اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ و ﻫذا ﺣﺳب ﻣﺎ ﺟﺎءت ﺑﻪ اﻟﻣﺎدة‬
‫‪ 112‬ﻣن ﻫذا اﻟﻘﺎﻧون)‪.(2‬‬

‫إن ﻓﺳﺦ اﻟﻌﻘد ﻫو ﺣل اﻟراﺑطﺔ اﻟﻌﻘدﯾﺔ ﻣﺗﻰ أﺧل اﻟطرف اﻷﺧر ﺑﺎﻟﺗزاﻣﻪ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻔﺳﺦ ﺟزاء إﺧﻼل أﺣد اﻟﻣﺗﻌﺎﻗدﯾن‬
‫ﺑﺎﻟﺗزاﻣﺎﺗﻪ ﻟﯾﺗﺣرر اﻟﻣﺗﻌﺎﻗد اﻵﺧر ﻧﻬﺎﺋﯾﺎ ﻣن اﻻﻟﺗزاﻣﺎت اﻟﺗﻲ ﯾﻔرﺿﻬﺎ ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻌﻘد)‪.(3‬‬

‫و وﻓﻘﺎ ﻟﻠﻣﺎدﺗﯾن ‪ 119‬و ‪ 120‬ﻣن اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ اﻟﺟزاﺋري‪ ،‬ﻓﺎن اﻟﻔﺳﺦ ﻗد ﯾﻛون أﻣﺎم اﻟﻘﺿﺎء)اﻟﻔﺳﺦ اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ(‪،‬‬
‫و ﻗد ﯾﻛون ﺑﺎﺗﻔﺎق طرﻓﻲ اﻟﻌﻘد)اﻟﻔﺳﺦ اﻹﺗﻔﺎﻗﻲ(‪.‬‬

‫أ‪-‬اﻟﻔﺳﺦ اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ‪ :‬و ﯾﻘﺻد ﺑﻪ ﺿرورة اﻟﻠﺟوء إﻟﻰ اﻟﻘﺿﺎء ﻟﻠﻣطﺎﻟﺑﺔ ﺑﺣل اﻟراﺑطﺔ اﻟﺗﻌﺎﻗدﯾﺔ ﻣن ﻗﺑل اﻟداﺋن‬
‫اﻟﻣﻠﺗزم‪ ،‬و ﻟﻘد ﻗررﺗﻪ اﻟﻣﺎدة ‪ 119‬ﻣن اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ اﻟﺟزاﺋري ﺳﺎﻟﻔﺔ اﻟذﻛر‪ ،‬و ﯾﺟب أن ﺗﺗواﻓر ﻓﻲ اﻟطﻠب‬
‫اﻟﺷروط اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ‪:‬‬

‫‪ -1‬أن ﯾﻛون اﻟﻌﻘد ﻣن اﻟﻌﻘود اﻟﻣﻠزﻣﺔ ﻟﻠﺟﺎﻧﺑﯾن‪ ،‬و ﻫو اﻟﺷرط اﻟﻣﺗﺣﻘق ﺑﺧﺻوص ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪.‬‬

‫‪ -2‬أن ﯾﺧل أﺣد اﻟﻣﺗﻌﺎﻗدﯾن ﺑﺗﻧﻔﯾذ اﻟﺗزاﻣﺎﺗﻪ ﺳواء ﻛﺎن ذﻟك ﺑﺻورة ﻛﻠﯾﺔ أو ﺟزﺋﯾﺔ أو ﺣﺗﻰ اﻟﺗﺄﺧﯾر ﻓﻲ اﻟﺗﻧﻔﯾذ‪،‬‬
‫طﺎﻟﻣﺎ أﻧﻪ ﻧﺎﺗﺞ ﻋن ﺧطﺄ أو إﻫﻣﺎل أﺣد اﻟﻣﺗﻌﺎﻗدﯾن‪.‬‬

‫‪ -3‬أن ﯾﻛون طﺎﻟب اﻟﻔﺳﺦ ﻣﺳﺗﻌدا ﻟﻠﻘﯾﺎم ﺑﺗﻧﻔﯾذ اﻟﺗزاﻣﻪ‪.‬‬

‫‪1‬ﻋﺑد اﻟرزاق أﺣﻣد اﻟﺳﻧﻬوري‪ .‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ .‬ص‪.566‬‬


‫‪2‬‬
‫ﻧﺻت اﻟﻣﺎدة‪ 1/112‬و‪ 2‬ﻋﻠﻰ أﻧﻪ" إذا ﻟم ﯾﻧﻔذ اﻟﻣﺗﻌﺎﻗد اﻟﺗزاﻣﻪ‪ ،‬ﺗوﺟﻪ ﻟﻪ اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻣﺗﻌﺎﻗدة إﻋـذار ﻟﯾﻔﻲ ﺑﺎﻟﺗزاﻣﺎﺗﻪ اﻟﺗﻌﺎﻗدﯾﺔ ﻓﻲ أﺟل ﻣﺣدد‪.‬و‬
‫إن ﻟم ﯾﺗدارك اﻟﻣﺗﻌﺎﻗد ﺗﻘﺻﯾرﻩ ﻓﻲ اﻷﺟل اﻟذي ﺣددﻩ اﻹﻋــذار اﻟﻣﻧﺻوص أﻋﻼﻩ‪ ،‬ﯾﻣﻛن ﻟﻠﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻣﺗﻌﺎﻗدة أن ﺗﻔﺳﺦ اﻟﺻﻔﻘﺔ ﻣن ﺟﺎﻧب واﺣد"‬
‫ﻣن اﻟﻣرﺳوم اﻟرﺋﺎﺳﻲ ‪ 236-10‬اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ ‪28‬ﺷوال‪ 1431‬اﻟﻣواﻓق ل‪7‬أﻛﺗوﺑر‪ .2010‬ﯾﺗﺿﻣن ﺗﻧظﯾم اﻟﺻﻔﻘﺎت اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ‪ .‬اﻟﻣﻌدل و اﻟﻣﺗﻣم‪.‬‬
‫اﻟﺠﺮﯾﺪة اﻟﺮﺳﻤﯿﺔ ﻟﻠﺠﻤﮭﻮرﯾﺔ اﻟﺠﺰاﺋﺮﯾﺔ‪ .‬اﻟﻌﺪد‪ .4‬ﺳﻨﺔ‪.1993‬‬

‫‪ 3‬ﻋﺑد اﻟرزاق أﺣﻣد اﻟﺳﻧﻬوري‪ . .‬اﻟوﺳﯾط ﻓﻲ ﺷرح اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ‪ ،‬ﻣﺻﺎدر اﻻﻟﺗزام‪ .‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ .‬ص‪569‬‬
‫‪57‬‬
‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬آﺛﺎر ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ و أﺳﺑﺎب اﻧﻘﺿﺎﺋﻪ‬

‫‪ -4‬ﯾﺟب ﻋﻠﻰ طﺎﻟب اﻟﻔﺳﺦ‪ ،‬أن ﯾﻘوم ﻗﺑل رﻓﻊ اﻟدﻋوى ﺑﺈﻋداد اﻟﻣﺗﻌﺎﻗد اﻵﺧر اﻟﻣﻘﺻر‪ ،‬ﻣطﺎﻟب إﯾﺎﻩ ﺑﺗﻧﻔﯾذ‬
‫اﻟﺗزاﻣﺎﺗﻪ‪.‬‬

‫و ﯾﺧﺿﻊ طﻠب اﻟﻔﺳﺦ إﻟﻰ ﻣﺎ ﯾﺗﻣﺗﻊ ﺑﻪ ﻗﺎﺿﻲ اﻟﻣوﺿوع ﻣن ﺳﻠطﺔ ﺗﻘدﯾرﯾﺔ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣﺟﺎل‪ ،‬ﻓﻠﻪ أن ﯾﻣﻧﺢ اﻟﻣدﯾن‬
‫أﺟﻼ ﻟﺗﻧﻔﯾذ اﻟﺗزاﻣﺎﺗﻪ‪ ،‬أو أن ﯾرﻓض طﻠب اﻟﻔﺳﺦ‪ ،‬إذا ﻛﺎن ﻣﺎ ﻟم ﯾوف ﺑﻪ اﻟﻣدﯾن ﻗﻠﯾل اﻷﻫﻣﯾﺔ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻛﺎﻣل‬
‫اﻻﻟﺗزاﻣﺎت‪ ،‬وﻓﻘﺎ ﻟﻣﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 2/119‬ﻣن اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ اﻟﺟزاﺋري‪.‬‬

‫ب‪-‬اﻟﻔﺳﺦ اﻻﺗﻔﺎﻗﻲ‪ :‬و ﯾﻘﺻد ﺑﻪ اﺗﻔﺎق اﻟطرﻓﯾن ﻋﻠﻰ ﻓﺳﺦ اﻟﻌﻘد‪ ،‬ﻋﻧد ﺣﺻول إﺧﻼل ﺑﺎﻟﺗزام ﻋﻘدي ﻣن ﻗﺑل‬
‫أﺣدﻫﻣﺎ‪ ،‬دون ﺣﺎﺟﺔ ﻟﺣﻛم ﻗﺿﺎﺋﻲ‪ ،‬و ﻗد ورد ذﻛرﻩ ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ‪ 120‬ﻣن اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ اﻟﺟزاﺋري‪ ،‬و ﻋﻠﯾﻪ‬
‫ﯾﺳﺗﺧﻠص ﻣن ﻧص اﻟﻣﺎدة)‪:(1‬‬

‫‪ -1‬أن ﯾﺣﺻل اﻻﺗﻔﺎق ﺑﯾن اﻟﻣﺗﻌﺎﻗدﯾن ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺳﺦ‪ ،‬و ﯾﻛو ن اﻟﻣﻘﺻود ﻣﻧﻪ اﺳﺗﺑﻌﺎد دور اﻟﻘﺿﺎء ﺑﺷﻛل ﻗطﻌﻲ‪.‬‬

‫‪ -2‬ﯾﺟب ﻋﻠﻰ طﺎﻟب اﻟﻔﺳﺦ إﻋذار اﻟﻣﺗﻌﺎﻗد ﻣﻌﻪ اﻟذي أﺧل ﺑﺎﻟﺗزاﻣﻪ‪ ،‬ﻣطﺎﻟب إﯾﺎﻩ ﺑﺗﻧﻔﯾذ‪.‬‬

‫و ﻣﻊ ذﻟك ﻓﺎن ﺗدﺧل اﻟﻘﺿﺎء ﯾﻛون ﺿرورﯾﺎ ﻓﻲ ﺑﻌض اﻷﺣوال‪ ،‬ﺧﺎﺻﺔ ﻋﻧد ﺣﺻول ﻧزاع ﺑﯾن طرﻓﻲ اﻟﻌﻘد‬
‫ﺑﺷﺄن اﻟﺣق ﻓﻲ ﻓﺳﺧﻪ‪ ،‬إﻻ أن دور اﻟﻘﺎﺿﻲ ﯾﻘﺗﺻر ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺣﻘق ﻣن ﺟﻣﻠﺔ اﻟﻣﺳﺎﺋل أﻫﻣﻬﺎ)‪:(2‬‬
‫‪ -1‬اﻟﺗﺣﻘق ﻣن وﺟود اﺗﻔﺎق ﻋﻠﻰ ﻓﺳﺦ اﻟﻌﻘد‪ ،‬ﯾﺳﺗﺑﻌد ﺗدﺧل اﻟﻘﺿﺎء‪.‬‬
‫‪ -2‬اﻟﺗﺣﻘق ﻣن ﻗﯾﺎم اﻟداﺋن ﺑﺈﻋذار اﻟﻣدﯾن‪.‬‬
‫‪ -3‬اﻟﺗﺣﻘق ﻣن ﺣﺻول ﻋدم اﻟﺗﻧﻔﯾذ‬
‫و ﯾﻛون ذﻟك اﻟﺣﻛم ﻫﻧﺎ ﺣﻛﻣﺎ ﻛﺎﺷﻔﺎ ﻟﻠﻔﺳﺦ وﻟﯾس ﻣﻧﺷﺄ‪ ،‬ﺑﻌﻛس اﻟﺣﻛم ﻓﻲ اﻟﻔﺳﺦ اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ‪.‬‬

‫ﺛﺎﻟﺛﺎ‪ :‬اﻧﺗﻬﺎء ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻻﺳﺗﺣﺎﻟﺔ اﻟﺗﻧﻔﯾذ‬


‫ﻧﺻت اﻟﻣﺎدة ‪ 567‬ﻣن ق م ج ﻋﻠﻰ أﻧﻪ‪":‬ﯾﻧﻘﺿﻲ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﺑﺎﺳﺗﺣﺎﻟﺔ ﺗﻧﻔﯾذ اﻟﻌﻣل اﻟﻣﻌﻘود ﻋﻠﯾﻪ"‪ ،‬وﻫذا ﻫو‬
‫إﻋﻣﺎﻻ ﻟﻠﻣﺑدأ اﻟﻌﺎم ﺑﺷﺄن اﻧﻘﺿﺎء اﻻﻟﺗزام إذا أﺛﺑت اﻟﻣدﯾن أن اﻟوﻓﺎء ﺑﻪ أﺻﺑﺢ ﻣﺳﺗﺣﯾﻼ ﻋﻠﯾﻪ ﻟﺳﺑب أﺟﻧﺑﻲ ﺧﺎرج‬

‫ﻋن إرادﺗﻪ‪.‬‬

‫‪1‬اﻟﻣﺎدة‪120‬ﻋﻠﻰ>>ﯾﺟوز اﻻﺗﻔﺎق ﻋﻠﻰ أن ﯾﻌﺗﺑر اﻟﻌﻘد ﻣﻔﺳوﺧﺎ ﺑﺣﻛم اﻟﻘﺎﻧون ﻋﻧد ﻋدم اﻟوﻓﺎء ﺑﺎﻻﻟﺗزاﻣﺎت اﻟﻧﺎﺷﺋﺔ ﻋﻧﻪ ﺑﻣﺟرد ﺗﺣﻘﯾق اﻟﺷروط‬
‫اﻟﻣﺗﻔق ﻋﻠﯾﻬﺎ و ﺑدون ﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ ﺣﻛم ﻗﺿﺎﺋﻲ‪.‬‬
‫و ﻫذا اﻟﺷرط ﻻ ﯾﻌﻔﻲ ﻣن اﻻﻋذار اﻟذي ﯾﺣدد ﺣﺳب اﻟﻌرف ﻋﻧد ﻋدم ﺗﺣدﯾدﻩ ﻣن طرف اﻟﻣﺗﻌﺎﻗدﯾن<<‬
‫‪2‬ﺣﺳﯾن اﻟﺗوﻧﺳﻲ‪ .‬اﻧﺣﻼل اﻟﻌﻘد‪،‬دراﺳﺔ ﺗطﺑﯾﻘﯾﺔ ﺣول ﻋﻘد اﻟﺑﯾﻊ وﻋﻘد ﻣﻘﺎوﻟﺔ‪ .‬ط ‪ .1‬دار اﻟﺧﻠدوﻧﯾﺔ‪ .‬اﻟﺟزاﺋر‪ .2007 .‬ص ص‪.99-89‬‬
‫‪58‬‬
‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬آﺛﺎر ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ و أﺳﺑﺎب اﻧﻘﺿﺎﺋﻪ‬

‫و ﻋﻠﯾﻪ إذا أﺛﺑت اﻟﻣﻘﺎول أن اﻟﻌﻣل اﻟذي ﻋﻬد ﺑﻪ إﻟﯾﻪ رب اﻟﻌﻣل‪ ،‬ﻗد أﺻﺑﺢ ﻣﺳﺗﺣﯾﻼ ﻟﺳﺑب أﺟﻧﺑﻲ ﻻ ﯾد ﻟﻪ ﻓﯾﻪ‪،‬‬
‫ﻛﻣﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻧزع ﻣﻠﻛﯾﺔ اﻷرض ﻣن رب اﻟﻌﻣل ﻣن أﺟل اﻟﻣﻧﻔﻌﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻣﻣﺎ ﯾؤدي إﻟﻰ اﺳﺗﺣﺎﻟﺔ اﻟﺗﻧﻔﯾذ ﻟﺳﺑب‬
‫أﺟﻧﺑﻲ‪ ،‬و ﯾﻧﻘﺿﻲ اﻟﺗزام رب اﻟﻌﻣل اﻟﻣﻘﺎﺑل ﻟﻪ‪ ،‬و ﯾﻧﻔﺳﺦ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻣن ﺗﻠﻘﺎء ﻧﻔﺳﻪ ﺗطﺑﯾﻘﺎ ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة ‪121‬‬

‫ﻣن ق م ج اﻟﺗﻲ ﺗﻘﺿﻲ ﺑﺄﻧﻪ‪":‬ﻓﻲ اﻟﻌﻘود اﻟﻣﻠزﻣﺔ ﻟﻠﺟﺎﻧﺑﯾن‪ ،‬إذا اﻧﻘﺿﻰ اﻟﺗزام ﺑﺳﺑب اﺳﺗﺣﺎﻟﺔ ﺗﻧﻔﯾذﻩ‪ ،‬اﻧﻘﺿت ﻣﻌﻪ‬
‫اﻻﻟﺗزاﻣﺎت اﻟﻣﻘﺎﺑﻠﺔ ﻟﻪ‪ ،‬وﯾﻧﻔﺳﺦ اﻟﻌﻘد ﺑﺣﻛم اﻟﻘﺎﻧون"‪.‬‬

‫و ﻣﺗﻰ اﻧﺗﻬﻰ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﺑﺎﻻﻧﻔﺳﺎخ ﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻟﻣﺗﻘدم‪ ،‬اﺳﺗﺣق اﻟﻣﻘﺎول ﺗﻌوﯾﺿﺎ ﺑﻣوﺟب ﻣﺑدأ اﻹﺛراء ﺑﻼ ﺳﺑب‪،‬‬
‫ﻻ ﺑﻣوﺟب اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻛوﻧﻬﺎ ﻗد اﻧﺗﻬت)‪.(1‬‬

‫و ﻗد أوﺿﺢ ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 570‬ﻣن ق م ج ذﻟك ﻓﻲ ﺧﺻوص ﻣوت اﻟﻣﻘﺎول ﺑﻌد أن أﻟﺣﻘت ﺑﻪ أن ﯾﺻﺑﺢ اﻟﻣﻘﺎول‬
‫ﻋﺎﺟزا ﻋن إﺗﻣﺎم اﻟﻌﻣل ﺑﺳﺑب ﻻ ﯾد ﻟﻪ ﻓﯾﻪ‪ ،‬و ﻣن ﺛﻣﺔ ﯾﺳﺗﺣق اﻟﻣﻘﺎول ﺗﻌوﯾﺿﺎ ﻣن رب اﻟﻌﻣل أﻗل اﻟﻘﯾﻣﺗﯾن‪،‬‬
‫ﻗﯾﻣﺔ ﻣﺎ أﻧﻔﻘﻪ ﻣن ﻣﺎﻟﻪ و وﻗﺗﻪ‪ ،‬و ﻗﯾﻣﺔ ﻣﺎ اﺳﺗﻔﺎد ﺑﻪ رب اﻟﻌﻣل)‪.(2‬‬

‫اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬اﻷﺳﺑﺎب اﻟﺧﺎﺻﺔ ﻻﻧﺗﻬﺎء ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‬

‫ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻷﺳﺑﺎب اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻻﻧﻘﺿﺎء اﻟﻌﻘد‪ ،‬ﻫﻧﺎك أﺳﺑﺎب ﺧﺎﺻﺔ ﯾﻣﻛن أن ﯾﻧﺗﻬﻲ ﺑﻬﻣﺎ اﻟﻌﻘد‪ ،‬و ﻗد أو ردﻫﺎ‬
‫اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﺿﻣن اﻟﻧﺻوص اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﻣﻧظﻣﺔ ﻟﻬذا اﻟﻌﻘد ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ اﻟﺟزاﺋري‪.‬‬
‫و اﻟﺳﺑب اﻷول ﻫو ﺗﺣﻠل رب اﻟﻌﻣل ﺑﺈرادﺗﻪ اﻟﻣﻧﻔردة ﻣن ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪ ،‬و ﻫذا ﺣﺳب اﻟﻣﺎدة ‪ 566‬ﻣن اﻟﻘﺎﻧون‬
‫اﻟﻣدﻧﻲ اﻟﺟزاﺋري‪ ،‬ﺑﯾﻧﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق اﻟﺳﺑب اﻟﺛﺎﻧﻲ ﺑﺣﺎﻟﺔ وﻓﺎة اﻟﻣﻘﺎول‪ ،‬و ﻫذا ﺣﺳب اﻟﻣﺎدة ‪ 569‬ﻣن اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ‬
‫اﻟﺟزاﺋري‪.‬‬
‫و ﻋﻠﯾﻪ ﻣن أﺟل اﻟﺗوﺿﯾﺢ أﻛﺛر‪ ،‬ﻗﻣت ﺑﺗﻘﺳﯾم ﻫذا اﻟﻣطﻠب إﻟﻰ ﻓرﻋﯾن‪ ،‬ﻓﺎﻟﻔرع اﻷول ﺑﻌﻧوان ﺗﺣﻠل رب اﻟﻌﻣل ﻣن‬
‫اﻟﻣﻘﺎول‪.‬‬ ‫وﻓﺎة‬ ‫ﺣﺎﻟﺔ‬ ‫ﺑﻌﻧوان‬ ‫اﻟﺛﺎﻧﻲ‬ ‫اﻟﻔرع‬ ‫و‬ ‫اﻟﻣﻧﻔردة‪،‬‬ ‫ﺑﺈرادﺗﻪ‬ ‫اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‬ ‫ﻋﻘد‬
‫اﻟﻔرع اﻷول‪ :‬ﺗﺣﻠل رب اﻟﻌﻣل ﺑﺈرادﺗﻪ اﻟﻣﻧﻔردة‬

‫ﺗﻘﺿﻲ اﻟﻣﺎدة ‪ 566‬ﻣن اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ اﻟﺟزاﺋري ﺑﺄﻧﻪ‪":‬ﯾﻣﻛن ﻟرب اﻟﻌﻣل أن ﯾﺗﺣﻠل ﻣن اﻟﻌﻘد و ﯾوﻗف اﻟﺗﻧﻔﯾذ ﻓﻲ‬
‫أي وﻗت ﻗﺑل إﺗﻣﺎﻣﻪ‪ ،‬ﻋﻠﻰ أن ﯾﻌوض اﻟﻣﻘﺎول ﻋن ﺟﻣﯾﻊ ﻣﺎ أﻧﻔﻘﻪ ﻣن اﻟﻣﺻروﻓﺎت و ﻣﺎ أﻧﺟزﻩ ﻣن اﻷﻋﻣﺎل و ﻣﺎ‬
‫ﻛﺎن ﯾﺳﺗطﯾﻊ ﻛﺳﺑﻪ ﻟو أﻧﻪ أﺗم اﻟﻌﻣل‪.‬‬

‫‪1‬ﻋﺑد اﻟرزاق أﺣﻣد اﻟﺳﻧﻬوري‪ .‬اﻟوﺳﯾط ﻓﻲ ﺷرح اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ‪،‬اﻟﻌﻘود اﻟواردة ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻣل)اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ و‪.(..‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ .‬ص‪.219‬‬
‫‪2‬‬
‫اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ‪ .‬ص‪.220‬‬
‫‪59‬‬
‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬آﺛﺎر ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ و أﺳﺑﺎب اﻧﻘﺿﺎﺋﻪ‬

‫ﻏﯾر أﻧﻪ ﯾﺟوز ﻟﻠﻣﺣﻛﻣﺔ أن ﺗﺧﻔض ﻣﺑﻠﻎ اﻟﺗﻌوﯾض اﻟﻣﺳﺗﺣق ﻋﻣﺎ ﻓﺎت اﻟﻣﻘﺎول ﻣن ﻛﺳب إذا ﻛﺎﻧت اﻟظروف‬
‫ﺗﺟﻌل ﻫذا اﻟﺗﺧﻔﯾض ﻋﺎدﻻ‪ ،‬و ﯾﺗﻌﯾن ﻋﻠﯾﻬﺎ ﺑوﺟﻪ ﺧﺎص أن ﺗﻧﻘص ﻣﻧﻪ ﻣﺎ ﯾﻛون اﻟﻣﻘﺎول ﻗد اﻗﺗﺻد ﻣن ﺟراء‬
‫ﺗﺣﻠل رب اﻟﻌﻣل ﻣن اﻟﻌﻘد و ﻣﺎ ﯾﻛون ﻗد ﻛﺳﺑﻪ ﺑﺎﺳﺗﺧدام وﻗﺗﻪ ﻓﻲ أﻣر آﺧر"‪.‬‬

‫ﯾﺗﺿﺢ ﻣن اﻟﻔﻘرة اﻷوﻟﻰ ﻣن ﻫذﻩ اﻟﻣﺎدة‪ ،‬أﻧﻪ ﯾﺟوز ﻟرب اﻟﻌﻣل أن ﯾرﺟﻊ ﻋن ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ و ﯾﺗﺣﻠل ﻣﻧﻪ ﺑﺈرادﺗﻪ‬
‫اﻟﻣﻧﻔردة‪ ،‬ﺑﺷرط ﺗﻌوﯾض اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻋﻣﺎ ﺗﻛﻔﻠﻪ ﻣن ﻧﻔﻘﺎت و ﻣﺎ ﻓﺎﺗﻪ ﻣن ﻛﺳب‪ ،‬و ﻻ ﺷك ﻓﻲ أن ذﻟك ﺧﯾر ﻟرب‬
‫اﻟﻌﻣل‪ ،‬ﺑدﻻ ﻣن اﻻﺳﺗﻣرار ﻓﻲ اﻟﻌﻣل ﺣﺗﻰ ﻧﻬﺎﯾﺗﻪ و اﻹﻧﻔﺎق ﻓﻲ ﻏﯾر ﻓﺎﺋدة)‪.(1‬‬

‫و ﻗد ﯾوﺣﻲ إﻋطﺎء اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﻫذﻩ اﻟرﺧﺻﺔ ﻟرب اﻟﻌﻣل‪ ،‬أن ﻓﻲ ذﻟك ﺧروج ﻋﻠﻰ ﻗﺎﻋدة اﻟﻌﻘد ﺷرﯾﻌﺔ‬
‫اﻟﻣﺗﻌﺎﻗدﯾن‪ ،‬ﻓﻼ ﯾﺟوز ﻧﻘﺿﻪ و ﻻ ﺗﻌدﯾﻠﻪ إﻻ ﺑﺎﺗﻔﺎﻗﻬﻣﺎ أو ﻟﻸﺳﺑﺎب اﻟﺗﻲ ﯾﻘررﻫﺎ اﻟﻘﺎﻧون‪ ،‬اﻟﻘﺎﻋدة ﺑﻣﺎ ﯾﺳﺎﯾر طﺑﯾﻌﺔ‬
‫ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﻣﻘﺎول‪ ،‬ﻓﺈن ﻛﺎن ﻟرب اﻟﻌﻣل أن ﯾﻌدل ﻋن ﺗﻧﻔﯾذا ﻋﯾﻧﯾﺎ‪ ،‬إﺗﻣﺎم اﻟﻌﻣل ﻣﺣل اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪ ،‬ﻓﻬذا ﻻ‬
‫ﯾﻌﻔﯾﻪ ﻣن ﺗﻧﻔﯾذ اﻟﻌﻘد ﻋن طرﯾق اﻟﺗﻌوﯾض‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﻣﻘﺎول‪ ،‬ﻓﺎﻷﻣر ﻣﺧﺗﻠف ﻋﻠﻰ اﻋﺗﺑﺎر أن ﻟﻪ ﻣﺻﻠﺣﺔ ﻓﻲ أن ﯾﺗم اﻟﻌﻣل‪ ،‬و ﻣن أﺟل ذﻟك إﺑرام ﻋﻘد‬
‫اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪ ،‬و ﻣن ﺛﻣﺔ ﻟم ﯾﺟز اﻟﻘﺎﻧون ﻟﻠﻣﻘﺎول أن ﯾﺗﺣﻠل ﻣن ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﺑﺈرادﺗﻪ اﻟﻣﻧﻔردة‪ ،‬ﻛﻣﺎ أﺟﺎزﻩ ذﻟك ﻟرب‬
‫اﻟﻌﻣل‪ ،‬ﺑل ﺟﻌل ﻟﻬذا اﻷﺧﯾر اﻟﺣق ﻓﻲ إﺟﺑﺎر اﻟﻣﻘﺎول ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻧﻔﯾذ اﻟﻌﯾﻧﻲ‪ ،‬دون أن ﯾﻘﺗﺻر ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻧﻔﯾذ ﺑطرﯾﻘﺔ‬
‫اﻟﺗﻌوﯾض‪.‬‬
‫أﻣﺎ اﻟﻔﻘرة اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﻣن اﻟﻣﺎدة‪ 566‬اﻟﻣذﻛور أﻋﻼﻩ‪ ،‬اﻟﺗﻲ ﺗﺟﯾز ﺗﺧﻔﯾض اﻟﺗﻌوﯾض اﻟﻣﺳﺗﺣق ﻟﻠﻣﻘﺎول ﻋﻣﺎ ﻓﺎﺗﻪ ﻣن‬
‫ﻛﺳﺑﻪ‪ ،‬ﺑل و ﺗوﺟب إﻧﻘﺎص ﻫذا اﻟﺗﻌوﯾض ﺑﻘدر ﻣﺎ إﻗﺗﺻدﻩ اﻟﻣﻘﺎول ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻋدم إﺗﻣﺎم ﺗﻧﻔﯾذ اﻟﻌﻘد‪ ،‬و ﻣﺎ ﻛﺳﺑﻪ ﻣن‬
‫اﺳﺗﺧدام وﻗﺗﻪ ﻓﻲ أﻣر آﺧر‪ ،‬ﻓﻠﯾس ﻫذا أﯾﺿﺎ إﻻ ﺗطﺑﯾق ﻟﻠﻘواﻋد اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬ﻋﻠﻰ اﻋﺗﺑﺎر أﻧﻪ ﻋﻧد ﺣﺳﺎب اﻟﺧﺳﺎرة‬
‫اﻟﺗﻲ ﯾﺗﺣﻣﻠﻬﺎ اﻟﻣﻘﺎول ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻋدم إﺗﻣﺎم ﺗﻧﻔﯾذ اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪ ،‬ﯾﺟب ﺧﺻم ﻣﺎ ﻟم ﯾﺗﺣﻣﻠﻪ ﻓﻌل ﻣن ﻫذﻩ اﻟﺧﺳﺎرة‪ ،‬ﺑﺳﺑب‬
‫وﻗف ﺗﻧﻔﯾذ اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ و ﻋدم اﻟﻣﺿﻲ ﻓﻲ إﻧﺟﺎز اﻟﻌﻣل‪ ،‬ﻛﻣﺎ أﻧﻪ ﻋﻧد ﺣﺳﺎب اﻟﻛﺳب اﻟذي ﻓﺎت اﻟﻣﻘﺎول‪ ،‬ﯾﺗﻌﯾن‬
‫ﻛذﻟك ﺧﺻم ﻣﺎ ﻟم ﯾﻔﺗﻪ ﻓﻌﻼ‪ ،‬إذا ﻛﺎن ﻗد اﺳﺗﺧدم وﻗﺗﻪ ﻓﻲ أﻣر آﺧر ﻋﺎد ﻋﻠﯾﻪ ﺑﻛﺳب ﻣﻌﯾن‪.‬‬
‫و ﻟﺗﺣﻠﯾل أﻛﺛر ﻟﻣﺿﻣون اﻟﻣﺎدة‪ 566‬ﻣن ق م ج‪ ،‬ﻧرى أن ﻧﺗﻧﺎوﻟﻬﺎ ﺑﺎﻟﺑﺣث ﻣن ﺧﻼل اﻟﺗطرق إﻟﻰ ﻣﺳﺄﻟﺗﯾن‬
‫أﺳﺎﺳﯾﺗﯾن‪ ،‬ﺗﺗﻌﻠق اﻷوﻟﻰ ﺑﺷروط ﺗﺣﻠل رب اﻟﻌﻣل ﻣن ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﺑﺈرادﺗﻪ اﻟﻣﻧﻔردة‪ ،‬أﻣﺎ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﻓﺗﺷﻣل ﺑﯾﺎن‬
‫اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ اﻟﻣﺗرﺗﺑﺔ ﻋﻠﻰ ذﻟك‪.‬‬

‫‪1‬ﻗدري ﻋﺑد اﻟﻔﺗﺎح اﻟﺷﻬﺎوي‪ .‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ .‬ص‪.266‬‬


‫‪60‬‬
‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬آﺛﺎر ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ و أﺳﺑﺎب اﻧﻘﺿﺎﺋﻪ‬

‫أوﻻ‪ :‬ﺷروط ﺗﺣﻠل رب اﻟﻌﻣل ﻣن ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﺑﺈرادﺗﻪ اﻟﻣﻧﻔردة‬

‫ﯾﺗﺑﯾن ﻣن ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 566‬ﻣن ق م ج‪ ،‬أﻧﻪ ﯾﺗﻌﯾن ﺗواﻓر ﺷروطﺎ أرﺑﻌﺔ ﺣﺗﻰ ﯾﺗﻣﻛن رب اﻟﻌﻣل اﻟﺗﺣﻠل ﻣن ﻋﻘد‬

‫اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﺑﺈرادﺗﻪ اﻟﻣﻧﻔردة‪ ،‬وﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ‪:‬‬

‫اﻟﺷرط اﻷول و ﻫو ﻋدم ﺗﻣﺎم اﻟﻌﻣل ﻣﺣل اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪ :‬إذا أﺗم اﻟﻣﻘﺎول اﻟﻌﻣل اﻟﻣﺗﻔق ﻋﻠﯾﻪ‪ ،‬ﻟم ﯾﻌد ﻫﻧﺎك ﻣﻌﻧﻰ‬
‫ﻹﻋطﺎء رب اﻟﻌﻣل ﺣق اﻟﺗﺣﻠل ﻣن ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪ ،‬إذ ﯾﻠﺗزم رب اﻟﻌﻣل ﺣﯾﻧﻬﺎ ﺑدﻓﻊ اﻷﺟر ﻛﺎﻣﻼ ﻛﺗﻌوﯾض ﻟﻠﻣﻘﺎول‪،‬‬
‫ﻓﺄوﻟﻰ أن ﯾدﻓﻌﻪ أﺟرا ﻋﻠﻰ ﻋﻘد ﺗم ﺗﻧﻔﯾذﻩ‪ ،‬ذﻟك أن اﻟﺣﻛﻣﺔ ﻣن ﺗﺧوﯾل رب اﻟﻌﻣل ﺳﻠطﺔ إﻧﻬﺎء اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﺑﺈرادﺗﻪ‬
‫اﻟﻣﻧﻔردة‪ ،‬ﻫﻲ ﻣﻧﻊ اﻟﻣﻘﺎول ﻣن اﻟﻘﯾﺎم ﺑﺄﻋﻣﺎل أو ﻧﻔﻘﺎت ﯾراﻫﺎ رب اﻟﻌﻣل ﻏﯾر ﻣﺟدﯾﺔ أو ﻏﯾر ﻧﺎﻓﻌﺔ‪ ،‬و ﻗﺻر ﻣﺎ‬

‫ﯾﺟب دﻓﻌﻪ ﻟﻠﻣﻘﺎول ﻋﻠﻰ اﻟﻧﻔﻘﺎت اﻟﺗﻲ ﺻرﻓﻬﺎ ﻓﻌﻼ‪ ،‬و ﻋﻠﻰ اﻟرﺑﺢ اﻟذي ﻛﺎن ﺳﯾﻛﺳﺑﻪ ﻟو أﻧﻪ أﺗم اﻟﻌﻣل‪ ،‬ﻓﻌﻧدﻫﺎ‬
‫ﺳﯾﻛون اﻟﻣﻘﺎول ﻗد أﻧق ﻛل ﻣﺎ ﻫو ﺿروري ﻹﻧﺟﺎز اﻟﻌﻣل ﻣﺣل اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ)‪.(1‬‬

‫و ﯾﺛﺑت ﺣق رب اﻟﻌﻣل ﻓﻲ اﻟﺗﺣﻠل ﻣن اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻣﻧذ إﺑرام اﻟﻌﻘد‪ ،‬و ﻟو ﻟم ﯾﺷرع اﻟﻣﻘﺎول ﻓﻲ إﻧﺟﺎز اﻟﻌﻣل اﻟﻣﺗﻔق‬
‫ﻋﻠﯾﻪ‪ ،‬واﻟﺗﺣﻠل ﻣن ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻷﺧﯾرة ﯾﻛون أﯾﺳر ﻋﻠﻰ رب اﻟﻌﻣل‪ ،‬ﻋﻠﻰ اﻋﺗﺑﺎر أن اﻟﺗﻌوﯾض‬
‫اﻟﻣﺳﺗﺣق ﻟﻠﻣﻘﺎول ﺳﯾﻛون أﻗل‪.‬‬

‫و ﯾﺑﻘﻰ ﺣق رب اﻟﻌﻣل ﻓﻲ اﻟﺗﺣﻠل ﻣن ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻗﺎﺋﻣﺎ‪ ،‬ﺣﺗﻰ ﺑﻌد ﺷروع اﻟﻣﻘﺎول ﻓﻲ إﻧﺟﺎز اﻟﻌﻣل‪ ،‬طﺎﻟﻣﺎ ﻟم‬
‫ﯾﺗﻣﻪ ﺑﻌد‪ ،‬ﻓﺈذا أﺗﻣﻪ و أﻋذر رب اﻟﻌﻣل أن ﯾﺗﺳﻠﻣﻬـ ﻓﻘد رب اﻟﻌﻣل اﻟﺣق ﻓﻲ اﻟﺗﺣﻠل ﻣن اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ )‪.( 2‬‬
‫اﻟﺷرط اﻟﺛﺎﻧﻲ و ﻫو اﻟطرف اﻟذي ﯾﺗﺟﻠل ﻣن اﻟﻌﻘد ﻫو رب اﻟﻌﻣل‪ :‬إن ﺣق إﻧﻬﺎء ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﺑﺎﻹرادة اﻟﻣﻧﻔردة‬
‫ﻣﻘرر ﺑﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 566‬ﻣن ق م ج ﻟرب اﻟﻌﻣل‪ ،‬ﻓﻼ ﯾﺳﺗطﯾﻊ اﻟﻣﻘﺎول اﻟﺗﺣﻠل ﻣن ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪ ،‬إﻻ إذا اﺗﻔق‬
‫ﻋﻠﻰ ذﻟك‪ ،‬و ﻟﻛن إذا ﻋﻬد اﻟﻣﻘﺎول اﻟﻌﻣل ﻛﻠﯾﺎ أو ﺟزﺋﯾﺎ إﻟﻰ ﻣﻘﺎول ﻓرﻋﻲ‪ ،‬ﻓﺈﻧﻪ ﯾﺻﺑﺢ ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ رب ﻋﻣل ﻓﻲ‬
‫ﻋﻼﻗﺗﻪ ﺑﻬذا اﻷﺧﯾر‪ ،‬و ﻣن ﺛﻣﺔ ﯾﻛون ﻟﻪ اﻟﺣق ﻓﻲ إﻧﻬﺎء ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ اﻟﻔرﻋﯾﺔ ﺑﺈرادﺗﻪ اﻟﻣﻧﻔردة )‪.( 3‬‬
‫و ﯾﻧﺗﻘل ﺣق رب اﻟﻌﻣل ﻓﻲ إﻧﻬﺎء ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﺑﺈرادﺗﻪ اﻟﻣﻧﻔردة إﻟﻰ ﺧﻠﻔﻪ اﻟﻌﺎم واﻟﺧﺎص)‪ ،(4‬ﻓﻠورﺛﺔ رب اﻟﻌﻣل ﻟﻌد‬
‫ﻣوﺗﻪ أن ﯾﺳﺗﻌﻣﻠوا ﻫذا اﻟﺣق‪ ،‬ﻓﺈذا ﺗﻌدد اﻟورﺛﺔ و اﺳﺗﻣر اﻟﻣﻘﺎول ﻓﻲ إﻧﺟﺎز اﻟﻌﻣل ﺷﺎﺋﻌﺎ ﻟﺣﺳﺎﺑﻬم‪ ،‬ﺟﺎز ﻟﻣن ﯾﻣﻠك‬
‫ﺛﻼﺛﺔ أرﺑﺎع اﻟﻌﻣل أن ﯾﻧﻬﻲ اﻟﻌﻘد‪ ،‬ﻋﻠﻰ أﺳﺎس أن ذﻟك ﯾﻌﺗﺑر ﺗﺻرﻓﺎ ﻓﻲ ﻧﺗﯾﺟﺔ اﻟﻌﻣل‪ ،‬ﻓﺗﻣﻠﻛﻪ اﻷﻏﻠﺑﯾﺔ اﻟﻣﺗﻘدﻣﺔ‬
‫وﻓﻘﺎ ﻟﻠﻣﺎدة ‪ 720‬ﻣن ق م ج‪ ،‬اﻟﺗﻲ ﻗررت أن‪>>:‬ﻟﻠﺷرﻛﺎء اﻟذﯾن ﯾﻣﻠﻛون ﻋﻠﻰ اﻷﻗل ﺛﻼث أرﺑﺎع اﻟﻣﺎل اﻟﺷﺎﺋﻊ أن‬

‫‪1‬‬
‫ﻣﺣﻣد ﻟﺑﯾب ﺷﻧب‪ .‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ .‬ص‪.250‬‬
‫‪2‬‬
‫ﻗدري ﻟﺑﯾب ﺷﻧب‪ .‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ .‬ص‪.286‬‬
‫‪3‬‬
‫ﻓﺗﯾﺣﺔ ﻗرة‪ .‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ .‬ص‪.262‬‬
‫‪4‬‬
‫ﻗدري ﻋﺑد اﻟﻔﺗﺎح اﻟﺷﻬﺎوي‪ .‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ .‬ص‪.269‬‬
‫‪61‬‬
‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬آﺛﺎر ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ و أﺳﺑﺎب اﻧﻘﺿﺎﺋﻪ‬

‫ﯾﻘرروا اﻟﺗﺻرف ﻓﯾﻪ إذا اﺳﺗﻧدوا ﻓﻲ ذﻟك إﻟﻰ أﺳﺑﺎب ﻗوﯾﺔ‪ ،‬ﻋﻠﻰ أن ﯾﻌﻠﻧوا ﺑﻌﻘد ﻏﯾر ﻗﺿﺎﺋﻲ‪ ،‬ﻗراراﺗﻬم إﻟﻰ ﺑﺎﻗﻲ‬
‫اﻟﺷرﻛﺎء‪ ،‬و ﻟﻣن ﺧﺎﻟف ﻣن ﻫؤﻻء ﺣق اﻟرﺟوع إﻟﻰ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﺧﻼل ﺷﻬرﯾن ﻣن وﻗت اﻹﻋﻼن‪ ،‬و ﻟﻠﻣﺣﻛﻣﺔ ﻋﻧدﻣﺎ‬
‫ﺗﻛون ﻗﺳﻣﺔ اﻟﻣﺎل اﻟﺷﺎﺋﻊ ﺿﺎرة ﺑﻣﺻﺎﻟﺢ اﻟﺷرﻛﺎء‪ ،‬أن ﺗﻘدر ﺗﺑﻌﺎ ﻟﻠظروف ﻣﺎ إذا ﻛﺎن اﻟﺗﺻرف واﺟﺑﺎ"‪.‬‬

‫ﻛذﻟك ﯾﺟوز ﻟﻠﺧﻠف اﻟﺧﺎص أن ﯾﺗﺣﻠل ﻣن اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪ ،‬ﻓﺈذا ﻧزل رب اﻟﻌﻣل ﻋن ﺣﻘوﻗﻪ اﻟﻧﺎﺷﺋﺔ ﻋن اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ إﻟﻰ‬
‫ﻏﯾرﻩ‪ ،‬ﻛﺎن ﻟﻬذا اﻟﻐﯾر أن ﯾﺗﺣﻠل ﻣن اﻟﻌﻘد ﺑﺈرادﺗﻪ اﻟﻣﻧﻔردة‪.‬‬

‫اﻟﺷرط اﻟﺛﺎﻟث و ﻫو أن ﯾﻛون ﺗﺣﻠل رب اﻟﻌﻣل ﻣن اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ راﺟﻌﺎ إﻟﻰ إرادﺗﻪ ‪ ،‬و ﻟﯾس ﻟﺧطﺄ اﻟﻣﻘﺎول‪ :‬ﻓﺈذا‬
‫ارﺗﻛب ﻫذا اﻷﺧﯾر ﺧطﺄ ﻣﺧﻼ ﺑذﻟك ﺑﺎﻟﺗزاﻣﺎﺗﻪ اﻟﺗﻲ ﯾﻔرﺿﻬﺎ ﻋﻠﯾﻪ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪ ،‬ﺟﺎز ﻟرب اﻟﻌﻣل ﺑﻌد إﻋذار‬

‫اﻟﻣﻘﺎول‪ ،‬أن ﯾطﻠب اﻟﺗﻧﻔﯾذ اﻟﻌﯾﻧﻲ‪ ،‬ﺑﺈﺟﺑﺎر اﻟﻣﻘﺎول ﻋﻠﻰ إﺻﻼح ﺧطﺋﻪ ﻋﯾﻧﺎ‪ ،‬ﻣﻊ اﻟﻣﺿﻲ ﻓﻲ اﻟﻌﻣل ﻣﺣل‬
‫اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪ ،‬أو أن ﯾطﻠب ﻓﺳﺦ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻣﻊ اﻟﺗﻌوﯾض ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺗﯾن‪ ،‬إن ﻛﺎن ﻟﻪ ﻣﻘﺗﺿﻰ‪ ،‬وﻓﻘﺎ ﻟﻠﻣﺎدة ‪ 1/119‬ﻣن‬
‫ق م ج‪ ،‬و ﯾﻼﺣظ أﻧﻪ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﺎ إذا طﻠب رب اﻟﻌﻣل ﻓﺳﺦ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪ ،‬ﻓﺈن اﻟﻣﻘﺎول ﻻ ﯾرﺟﻊ ﻋﻠﯾﻪ ﺑﺎﻟﺗﻌوﯾض‬
‫)‪( 1‬‬
‫‪.‬‬ ‫اﻟﻛﺎﻣل‪ ،‬ﻛﻣﺎ ﻛﺎن ﻟﻪ ذﻟك‪ ،‬ﻟو أن رب اﻟﻌﻣل ﺗﺣﻠل ﺑﺈرادﺗﻪ اﻟﻣﻧﻔردة ﻣن اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‬
‫اﻟﺷرط اﻟراﺑﻊ و ﻫو أﻻ ﯾﺷﺗرط اﻟﻣﻘﺎول ﻋﻠﻰ رب اﻟﻌﻣل ﻋدم ﺟواز اﻟﺗﺣﻠل ﻣن اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪ :‬إن ﺣق رب اﻟﻌﻣل ﻓﻲ‬
‫اﻟﺗﺣﻠل ﻣن اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﺑﻌد ﺗﻌوﯾض اﻟﻣﻘﺎول‪ ،‬ﻟﯾس ﻣن اﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم‪ ،‬ﻓﯾﺟوز اﻻﺗﻔﺎق ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﺧﺎﻟف ﻫذﻩ اﻟﻘﺎﻋدة‪ ،‬ﻓﻘد‬
‫ﯾﺗﻔق اﻟطرﻓﺎن ﻋﻠﻰ ﻋدم ﺟواز ﺗﺣﻠل ﻣن اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ دون أن ﯾدﻓﻊ أي ﺗﻌوﯾض ﻟﻠﻣﻘﺎول‪ ،‬إﻻ ﻓﻲ ﺣدود ﻣﺎ أﺛرى ﺑﻪ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺣﺳﺎب ﻫذا اﻷﺧﯾر‪,‬‬

‫ﺛﺎﻧﯾﺎ‪ :‬اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ اﻟﻣﺗرﺗﺑﺔ ﻋن اﻟﺗﺣﻠل ﻣن اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‬

‫‪ -1‬اﻧﺗﻬﺎء ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﺑﺎﻟرﺟوع ﻓﯾﻪ ﻣن ﻗﺑل رب اﻟﻌﻣل‪ ،‬ﻓﯾﺻﺑﺢ ﻫذا اﻷﺧﯾر ﻏﯾر ﻣﻠزم ﺑدﻓﻊ اﻷﺟر‪ ،‬و ﻻ‬
‫اﻟﻣﻘﺎول ﻣﻠزم ﺑﺈﻧﺟﺎز اﻟﻌﻣل ﻣﺣل اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ)‪.(2‬‬

‫‪ -2‬اﻟﺗزام رب اﻟﻌﻣل ﺑﺗﻌوﯾض اﻟﻣﻘﺎول ﻋن ﺟﻣﯾﻊ ﻣﺎ أﻧﻔﻘﻪ ﻣن اﻟﻣﺻروﻓﺎت‪ ،‬و ﻣﺎ أﻧﺟزﻩ ﻣن اﻷﻋﻣﺎل‪ ،‬و ﻣﺎ ﻛﺎن‬
‫ﯾﺳﺗطﯾﻊ ﻛﺳﺑﻪ ﻟو أﻧﻪ أﺗم اﻟﻌﻣل‪ ،‬و ﻣﺻدر ﻫذا اﻻﻟﺗزام ﻫو ﻧص اﻟﻣﺎدة‪ 566‬ﻣن ق م ج‪ ،‬ﻻ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻓﻘد‬
‫اﻧﺗﻬﻰ‪ ،‬و ﻣن ﺛﻣﺔ ﯾﻠﺗزم رب اﻟﻌﻣل ﺑﻣﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫ﻋﺑد اﻟرزاق أﺣﻣد اﻟﺳﻧﻬوري‪ ،‬اﻟوﺳﯾط ﻓﻲ ﺷرح اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ‪،‬اﻟﻌﻘود اﻟﻣﺳﻣﺎة)ﻣﻘﺎوﻟﺔ‪ .( ...،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ .‬ص‪.229‬‬
‫‪2‬‬
‫اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ‪.‬ص‪.232‬‬
‫‪62‬‬
‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬آﺛﺎر ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ و أﺳﺑﺎب اﻧﻘﺿﺎﺋﻪ‬

‫أ‪ -‬ﺗﻌوﯾض اﻟﻣﻘﺎول ﻋن ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺻروﻓﺎت اﻟﺗﻲ أﻧﻔﻘﻬﺎ ﻓﻲ ﺳﺑﯾل ﺗﻧﻔﯾذ اﻟﻌﻣل‪ ،‬و ﻟو ﻟم ﺗﻌد ﻋﻠﻰ رب اﻟﻌﻣل‬
‫ﺑﺄي ﻓﺎﺋدة‪ ،‬ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﻋﻣﺎ أﻧﺟزﻩ ﻣن اﻷﻋﻣﺎل)‪.(1‬‬

‫ب‪ -‬ﺗﻌوﯾض اﻟﻣﻘﺎول ﻋﻣﺎ ﻛﺎن ﯾﺳﺗطﯾﻊ ﻛﺳﺑﻪ ﻟو أﺗم اﻟﻌﻣل‪ ،‬ﻓﺈذا ﻛﺎﻧت اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻣﻘدرة ﺑﺄﺟر إﺟﻣﺎﻟﻲ‪ ،‬ﻓﺈن‬
‫ﻛﺳب اﻟﻣﻘﺎول ﯾﺗﺣدد ﺑﺎﻟﻔرق ﺑﯾن ﻗﯾﻣﺔ اﻷﺟر‪ ،‬و ﻗﯾﻣﺔ اﻟﻧﻔﻘﺎت اﻟﻼزﻣﺔ ﻻﻧﺟﺎز اﻟﻌﻣل ﻣﺣل اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪ ،‬أﻣﺎ إذا‬
‫ﻛﺎن أﺟر اﻟﻣﻘﺎول ﻣﻘدار ﺑﺳﻌر اﻟوﺣدة‪ ،‬ﻓﺈن ﻛﺳب اﻟﻣﻘﺎول ﯾﺣدد ﺑﺎﻟﻔرق ﺑﯾن أﺟر ﻛل وﺣدة ﻣن وﺣدات‬
‫اﻟﻌﻣل و ﻗﯾﻣﺔ اﻟﻧﻔﻘﺎت اﻟﻼزﻣﺔ ﻹﻧﺟﺎزﻩ‪ ،‬و ﯾﻛون ﻣﺟﻣوع اﻟﻛﺳب اﻟذي ﻓﺎﺗﻪ ﻫو اﻟﻔرق ﻣﺿﺎﻋﻔﺎ ﺑﻣﻘدار ﻋدد‬
‫وﺣدات اﻟﻌﻣل اﻟﻣﺗﻔق ﻋﻠﯾﻪ)'‪.(2‬‬

‫‪ -3‬ﺗﺧﻔﯾض اﻟﺗﻌوﯾض اﻟﻣﺳﺗﺣق ﻟﻠﻣﻘﺎول ﻋﻣﺎ ﻓﺎﺗﻪ ﻣن ﻛﺳب‪ ،‬إذا ﻛﺎﻧت اﻟظروف ﺗﺟﻌل ﻫذا اﻟﺗﺧﻔﯾض‬

‫ﻋﺎدﻻ‪ ،‬وﻓﻘﺎ ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة‪2/566‬ﻣن ق م ج ﺳﺎﻟﻔﺔ اﻟذﻛر‪ ،‬ﻓﺈذا اﺗﺿﺢ ﺑﻌد أن أوﻗف اﻟﻣﻘﺎول اﻟﺗﻧﻔﯾذ‪ ،‬وﺣﺳب اﻟرﺑﺢ‬
‫اﻟذي ﻓﺎﺗﻪ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﻧﻔﻘﺎت اﻟﺗﻲ ﺻرﻓﻬﺎ‪ ،‬أﻧﻪ ﻟو أﺗم اﻟﻌﻣل ﻟﻛﻠﻔﻪ أﻛﺛر‪،‬ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻻرﺗﻔﺎع اﻷﺳﻌﺎر وأﺟور اﻟﻌﻣﺎل‪،‬‬
‫ﻫﻧﺎ ﺟﺎز ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ﺗﺧﻔﯾض اﻟرﺑﺢ ﺑﻣﺎ ﯾﺗﻧﺎﺳب ﻣﻊ ﻣﺎ ظﻬر ﻣن ارﺗﻔﺎع ﻓﻲ اﻷﺳﻌﺎر واﻷﺟور‪.‬‬

‫اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬ﻣوت اﻟﻣﻘـــﺎول‬

‫ﻧﺻت اﻟﻣﺎدة ‪569‬ﻣن ق م ج ﻋﻠﻰ أﻧﻪ‪":‬ﯾﻧﻘﺿﻲ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ إذا أﺧذت ﺑﻌﯾن اﻻﻋﺗﺑﺎر ﻣؤﻫﻼت اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ وﻗت‬
‫إﺑرام اﻟﺗﻌﺎﻗد و إن ﻛﺎن اﻷﻣر ﺧﻼف ذﻟك ﻓﺈن اﻟﻌﻘد ﻻ ﯾﻧﺗﻬﻲ ﺗﻠﻘﺎﺋﯾﺎ وﻻ ﯾﺟوز ﻟرب اﻟﻌﻣل ﻓﺳﺧﻪ ﻓﻲ ﻏﯾر اﻟﺣﺎﻻت‬
‫اﻟﺗﻲ ﺗطﺑق ﻓﯾﻬﺎ اﻟﻣﺎدة‪ 2/552‬ﻣن ق م ج إﻻ إذا ﻟم ﺗﺗوﻓر ﻓﻲ ورﺛﺔ اﻟﻣﻘﺎول اﻟﺿﻣﺎﻧﺎت اﻟﻛﺎﻓﯾﺔ)ﺣﺳن ﺗﻧﻔﯾذ‬
‫اﻟﻌﻣل(‪.‬‬

‫ﺑﯾﻧﻣﺎ ﻧﺻت اﻟﻣﺎدة‪ 570‬ﻣن اﻟﻘﺎﻧون ذاﺗﻪ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ‪ >>:‬إذا اﻧﻘﺿﻰ اﻟﻌﻘد ﺑﻣوت اﻟﻣﻘﺎول وﺟب ﻋﻠﻰ رب اﻟﻌﻣل أن‬
‫ﯾدﻓﻊ ﻟﻠﺗرﻛﺔ ﻗﯾﻣﺔ ﻣﺎ ﺗم ﻣن اﻷﻋﻣﺎل و ﻣﺎ أﻧﻔق ﻟﺗﻧﻔﯾذ ﻣﺎ ﻟم ﯾﺗم‪ ،‬و ذﻟك ﺑﻘدر اﻟﻧﻔﻊ اﻟذي ﯾﻌود ﻋﻠﯾﻪ ﻣن ﻫذﻩ‬
‫اﻷﻋﻣﺎل و اﻟﻧﻔﻘﺎت"‪.‬‬

‫ﻧﺷﯾر ﺑداﯾﺔ إﻟﻰ أن اﻹﺣﺎﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺿﻣﻧﺗﻬﺎ اﻟﻣﺎدة‪ 1/566‬أﻋﻼﻩ‪ ،‬ﺗﺛﯾر ﺑﻌض اﻟﻠﺑس و اﻟﻐﻣوض‪ ،‬ﻓﻘد ﻧﺻت ﻋﻠﻰ‬
‫أﻧﻪ ﻻ ﯾﺟوز ﻟرب اﻟﻌﻣل ﻓﺳﺦ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻓﻲ ﻏﯾر اﻟﺣﺎﻻت اﻟﺗﻲ ﺗطﺑق ﻓﯾﻬﺎ اﻟﻣﺎدة‪ ،2/552‬واﺿﺢ أن اﻟﻣﺷرع‬
‫اﻟﺟزاﺋري ﻛﺎن ﯾﻘﺻد اﻹﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ اﻟﻣﺎدة‪ 1/566‬ﻣن ق م ج‪ ،‬اﻟﺗﻲ ﺗﺟﯾز ﻟرب اﻟﻌﻣل اﻟﺗﺣﻠل ﻣن ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‬

‫‪1‬ﻓﺗﯾﺣﺔ ﻗرة‪ .‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ .‬ص‪.271‬‬


‫‪2‬ﻣﺣﻣد ﻟﺑﯾب ﺷﻧب‪ .‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺑق‪.254 .‬‬
‫‪63‬‬
‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬آﺛﺎر ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ و أﺳﺑﺎب اﻧﻘﺿﺎﺋﻪ‬

‫ﺑﺈرادﺗﻪ اﻟﻣﻧﻔردة و اﻟﺗﻲ ﺳﺑق ﺗﻔﺻﯾﻠﻬﺎ‪ ،‬و ﻟﯾس اﻟﻣﺎدة‪2/522‬ﻋﻠﻰ اﻋﺗﺑﺎر أن ﻣﺿﻣوﻧﻬﺎ ﯾﺧﺗﻠف ﺗﻣﺎﻣﺎ ﻋﻣﺎ ﯾﻣﻛن‬
‫أن ﯾﻘﺻد اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﺑﻧص اﻟﻣﺎدة ‪569‬ﻣن ق م ج‪.‬‬

‫أوﻻ‪ :‬أﺛر ﻣوت أﺣد طرﻓﻲ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﺳﺗﻣرار اﻟﻌﻘد‬

‫اﻷﺻل أن ﺷﺧﺻﯾﺔ ﻛل ﻣن طرﻓﻲ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻟﯾﺳت ﻣﺣل اﻋﺗﺑﺎر ﻓﻲ اﻟﺗﻌﺎﻗد‪ ،‬و ﻫذا ﺑﺎﻟﻧظر إﻟﻰ أن اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‬
‫ﻋﻘد ﻣن اﻟﻌﻘود اﻟﻣﺎﻟﯾﺔ‪ ،‬اﻟذي ﯾﺑﻘﻰ ﻧﺎﻓذا ﻣﻠزﻣﺎ ﻟورﺛﺗﻪ و ﻟو ﻛﺎن اﻟﻌﻣل اﻟذي ﻋﻬد ﺑﻪ إﻟﻰ اﻟﻣﻘﺎول ﻟن ﯾﻔﯾدﻫم‪ ،‬أو‬
‫أﻧﻬم ﻻ ﯾﺳﺗﺣﺳﻧون اﻟﻌﻣل ﻣﺣل اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪.‬‬

‫و ﻟﻛن ﯾﺟوز ﻟورﺛﺔ رب اﻟﻌﻣل ﻣﺎ ﻛﺎن ﯾﺟوز ﻟﻣورﺛﻬم ﻟو أﻧﻪ ﻛﺎن ﺣﯾﺎ‪ ،‬و ﻫو أن ﯾﺗﺣﻠﻠوا ﻣن اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻗﺑل‬
‫إﺗﻣﺎﻣﻬﺎ )‪ ،( 1‬طﺑﻘﺎ ﻷﺣﻛﺎم اﻟﻣﺎدة‪ 566‬ﻣن ق م ج‪ ،‬ﺑﺷرط أن ﯾﻌوﺿوا اﻟﻣﻘﺎول ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺣو اﻟذي ﺳﺑق ﺑﯾﺎﻧﻪ‪.‬‬
‫أﻣﺎ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﻣﻘﺎوﻟﺔ‪ ،‬ﻓﺎﻷﺻل ﻛذﻟك أن اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻻ ﺗﻧﺗﻬﻲ ﺑﻣوﺗﻪ‪ ،‬ﻋﻠﻰ اﻋﺗﺑﺎر أن ﻣﺎ ﯾﻬم رب اﻟﻌﻣل ﻫو أن ﯾﻧﺟز‬
‫اﻟﻌﻣل وﻓﻘﺎ ﻟﻠﻣواﺻﻔﺎت اﻟﻣﺗﻔق ﻋﻠﯾﻬﺎ‪ ،‬ﺑﺻرف اﻟﻧظر ﻋﻣن ﯾﻘوم ﺑﻬذا اﻟﻌﻣل‪ ،‬و ﻟذﻟك ﯾﺳﺗطﯾﻌون اﻧﺟﺎز اﻟﻌﻣل وﻓﻘﺎ‬

‫ﻟﻣﺎ ﻫو ﻣﺗﻔق ﻋﻠﯾﻪ ﻣﻊ رب اﻟﻌﻣل‪ ،‬ﻓﻼ ﯾﻛون ﻟﻬذا اﻷﺧﯾر أن ﯾﺗﺿرر ﻋدم ﺗﻧﻔﯾذ اﻟﻌﻣل ﺑواﺳطﺔ اﻟﻣﻘﺎول ﻧﻔﺳﻪ‪ ،‬أﻣﺎ‬
‫إذا ﻟم ﺗﺗوﻓر ﻓﻲ ورﺛﺔ اﻟﻣﻘﺎول اﻟﺿﻣﺎﻧﺎت اﻟﻛﺎﻓﯾﺔ ﻟﺣﺳن ﺗﻧﻔﯾذ اﻟﻌﻣل‪ ،‬ﺳواء ﻓﻲ ذﻟك اﻟﻣؤﻫﻼت اﻟﻔﻧﯾﺔ و اﻟﺧﺑرة‬
‫اﻟﻼزﻣﺔ ﻟذﻟك أو اﻟﻘدرة اﻟﻣﺎﻟﯾﺔ أو اﻷﻣﺎﻧﺔ‪ ،‬ﻓﺈﻧﻪ ﯾﻛون ﻟرب اﻟﻌﻣل أن ﯾطﻠب ﻓﺳﺦ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﺑﺳﺑب وﻓﺎة اﻟﻣﻘﺎول‪،‬‬
‫و ﯾﻘدر اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺣﯾﻧﺋذ ﻣﺎ إذا ﻛﺎن اﻟورﺛﺔ ﻻ ﺗﺗوﻓر ﻓﯾﻬم اﻟﺿﻣﺎﻧﺎت اﻟﻛﺎﻓﯾﺔ‪ ،‬ﻓﯾﺣﻛم ﺑﻔﺳﺦ اﻟﻌﻘد أو ﯾرﻓﺿﻪ)‪.(2‬‬
‫ﻛﻣﺎ ﯾﺟوز ﻟورﺛﺔ اﻟﻣﻘﺎول ﻣن ﺟﻬﺗﻬم أﯾﺿﺎ‪ ،‬إذا ﻛﺎﻧوا ﻻ ﯾﺣﺗرﻓون ﻣﻬﻧﺔ ﻣورﺛﻬم‪ ،‬أن ﯾطﻠﺑوا ﻣن اﻟﻘﺿﺎء ﻓﺳﺦ اﻟﻌﻘد‪،‬‬
‫ﻣﺗﻰ أﺻر رب اﻟﻌﻣل ﻋﻠﻰ أﻟﺗﻧﻔﯾذ‪ ،‬و ﯾﻛون ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ﺗﻘدﯾر ﻫذا اﻟطﻠب ﺑﻪ أو ﯾرﻓﺿﻪ)‪.(3‬‬

‫و ﻟﻛن إذا ﻛﺎن اﻷﺻل ﻫو أن ﺷﺧﺻﯾﺔ اﻟﻣﻘﺎول ﻟﯾﺳت ﻣﺣل اﻋﺗﺑﺎر ﻓﻲ اﻟﻌﻘد‪ ،‬ﻓﺈﻧﻪ ﻗد ﺗﺑرم ﺑﻌض اﻟﻣﻘﺎوﻻت‪،‬‬
‫ﯾﻛون ﻓﯾﻬﺎ ﻟﻣؤﻫﻼت اﻟﻣﻘﺎول اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ اﻻﻋﺗﺑﺎر اﻷول ﻓﻲ اﻟﺗﻌﺎﻗد‪ ،‬ﻓﺗﻛون ﻫذﻩ اﻟﻣؤﻫﻼت)‪ ،(4‬ﻫﻲ دﻓﻊ اﻷﺳﺎﺳﻲ‬
‫اﻟذي ﯾدﻓﻊ رب اﻟﻌﻣل إﻟﻰ اﻟﺗﻌﺎﻗد ﻣﻌﻪ‪ ،‬ﻓﻬذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﯾﻧﻘﺿﻲ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﺑﻣوت اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﺑﻣوت اﻟﻣﻘﺎول وﻓق‬
‫ﻟﻠﻣﺎدة‪ 569‬ق م ج‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ﻓﺗﯾﺣﺔ ﻗرة‪ .‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ .‬ص‪.263‬‬
‫‪2‬اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ‪ .‬ص‪263‬‬
‫‪3‬ﻋدﻧﺎن إﺑراﻫﯾم اﻟﺳرﺣﺎن‪ .‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ .‬ص ‪.97‬‬
‫‪4‬‬
‫اﻟﻣؤﻫﻼت اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ﻟﻠﻣﻘﺎول‪ :‬ﺟﻣﯾﻊ ﺻﻔﺎﺗﻪ اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻛون ذاﺗﻪ ﺗﺄﺛﯾر ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺣﺳن ﺗﻧﻔﯾذ اﻟﻌﻣل وﻓق ﻟﻣﺎ اﺗﺟﻬت إﻟﯾﻪ إرادة‬
‫اﻟﻣﺗﻌﺎﻗدﯾن اﻟﻣﺷﺗرﻛﺔ‪ ،‬ﻓﯾدﺧل ﻓﻲ اﻟﻣؤﻫﻼت اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ‪ ،‬ﺳﻣﻌﺔ اﻟﻣﻘﺎول ﻣن ﻧﺎﺣﯾﺔ اﻟﻛﻔﺎﯾﺔ اﻟﻔﻧﯾﺔ و اﻷﻣﺎﻧﺔ و ﺣﺳن اﻟﻣﻌﺎﻣﻠﺔ و ﺗﺧﺻﺻﻪ ﻓﻲ ﻧوع‬
‫اﻟﻌﻣل ﻣﺣل اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ و ﻣﺎ ﺣﺻل ﻋﻠﯾﻪ ﻣن اﻟﺷﻬﺎدات اﻟﻔﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺗﺧﺻص و اﻷﻋﻣﺎل اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ اﻟﺗﻲ ﻗﺎم ﺑﺗﻧﻔﯾذﻫﺎ و اﻟﺗﻲ ﻣن ﺷﺄﻧﻬﺎ أن ﺗﻛﺳﺑﻪ‬
‫ﺗﺟرﺑﺔ ﻋﻣﻠﯾﺔ ﺗدﻋم ﺧﺑرﺗﻪ اﻟﻔﻧﯾﺔ‪ ،‬راﺟﻊ ﻓﻲ ذﻟك ﻣﺣﻣد ﻋﺑد اﻟرﺣﯾم ﻋﻧﺑر‪،‬ص ص ‪266-265‬‬
‫‪64‬‬
‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬آﺛﺎر ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ و أﺳﺑﺎب اﻧﻘﺿﺎﺋﻪ‬

‫و اﻟﺑث ﻓﻲ ﻣﺎ إذا ﻛﺎﻧت ﻣؤﻫﻼت اﻟﻣﻘﺎول اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ﻣﺣل اﻋﺗﺑﺎر ﻓﻲ اﻟﺗﻌﺎﻗد ﻣﺳﺄﻟﺔ ﻣوﺿوﻋﯾﺔ ﯾﻔﺻل ﻓﯾﻬﺎ‬
‫اﻟﻘﺿﺎء ﻋﻠﻰ ﺿوء اﻟظروف اﻟﺗﻲ ﻻ ﺑﺳت ﻫذا اﻟﺗﻌﺎﻗد‪ ،‬و ﻣن ذﻟك طﺑﯾﻌﺔ اﻟﻌﻣل‪ ،‬إن ﻛﺎن ﻋﻣﻼ ﻓﻧﯾﺎ دﻗﯾﻘﺎ‪،‬‬
‫ﯾﺗطﻠب ﻣﻘﺎوﻻ ﻣﺗﺧﺻﺻﺎ أم أﻧﻪ ﻋﻣل ﻋﺎدي ﺑﺳﯾط‪ ،‬ﻛﻣﺎ ﯾﺗﻌﯾن ﻣراﻋﺎة أﻫﻣﯾﺔ ﻫذا اﻟﻌﻣل و ﻗﯾﻣﺗﻪ ﻣن اﻟﻧﺎﺣﯾﺔ‬
‫اﻟﻣﺎﻟﯾﺔ‪.‬‬
‫و ﻓﻲ ﻛل ذﻟك ﯾﺟب ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﺑﺣث ﻋن اﻟﻧﯾﺔ اﻟﻣﺷﺗرﻛﺔ ﻟﻠﻣﺗﻌﺎﻗدﯾن‪ ،‬ﻓﻬﻲ اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻓﻲ ﺗﻘدﯾر ﻣﺎ إذا ﻛﺎﻧت‬
‫ﺷﺧﺻﯾﺔ اﻟﻣﻘﺎول ﻣﺣل اﻋﺗﺑﺎر ﻓﻲ اﻟﺗﻌﺎﻗد)‪.(1‬‬

‫ﻓﺈذا ﻛﺎﻧت ﻣؤﻫﻼت اﻟﻣﻘﺎول اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ﻣﺣل اﻋﺗﺑﺎر اﻟﺗﻌﺎﻗد‪ ،‬ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺣو اﻟﺳﺎﺑق و ﻣﺎت اﻟﻣﻘﺎول‪،‬ﻓﺈﻧﻪ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‬
‫ﯾﻧﺗﻬﻲ ﻣن ﺗﻠﻘﺎء ﻧﻔﺳﻪ ﺑﺣﻛم اﻟﻘﺎﻧون‪ ،‬دون ﺣﺎﺟﺔ ﻟطﻠب ﻓﺳﺧﻪ‪ ،‬ﻻ ﻣن ﻧﺎﺣﯾﺔ رب اﻟﻌﻣل و ﻻ ﻣن ﻧﺎﺣﯾﺔ ورﺛﺔ‬
‫اﻟﻣﻘﺎول‪.‬‬

‫و ﯾﻧطﺑق ﻫذا اﻟﺣﻛم ﺳواء اﻗﺗﺻر اﻟﻣﻘﺎول ﻋﻠﻰ ﺗﻘدﯾم ﻋﻣﻠﻪ‪ ،‬أم اﻟﺗزام ﻓﺿﻼ ﻋن ذﻟك ﺑﺗورﯾد اﻟﻣوارد اﻟﻼزﻣﺔ‬
‫ﻻﻧﺟﺎز اﻟﻌﻣل‪ ،‬و ﺳواء ﻛﺎﻧت اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ أﺻﻠﯾﺔ أو ﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻓرﻋﯾﺔ‪ ،‬و ﺳواء ﻛﺎن اﻷﺟر ﺟزاﻓﺎ أو ﺑﺳﻌر اﻟوﺣدة و أﯾﺎ‬
‫ﻛﺎن اﻟﻌﻣل ﻣﺣل اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪.‬‬

‫و إذا ﻛﺎن رب اﻟﻌﻣل ﻗد ﻋﻬد إﻟﻰ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻣﻘﺎوﻟﯾن ﻟﺗﻧﻔﯾذ اﻟﻌﻣل ﻣﺗﺿﺎﻣﻧﯾن ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾﻧﻬم‪ ،‬و دو ن ﺗﻘﺳﯾم ﻟﻠﻌﻣل‬
‫ﻋﻠﯾﻬم‪ ،‬ﻓﺈن ﻣوت أﺣدﻫم ﻻ ﯾﻧﺗﻬﻲ اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ إﻻ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻪ‪ ،‬ﺑﻣﺎ ﯾﻌﻧﻲ اﺳﺗﻣرار اﻟﻌﻘد ﻣﻠزﻣﺎ ﻟﻶﺧرﯾن‪ ،‬ﻣﺎ ﻟم‬
‫ﯾﺗﺿﻣن ﺷرطﺎ ﯾﻘﺿﻲ ﺑﺎﺷﺗراﻛﻬﻣﺎ ﺟﻣﯾﻌﺎ ﻓﻲ ﺗﻧﻔﯾذ اﻟﻌﻣل ﻣﺣل اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ)‪.(2‬‬

‫ﺛﺎﻧﯾﺎ‪ :‬اﻵﺛﺎر اﻟﻣﺗرﺗﺑﺔ ﻋﻠﻰ اﻧﺗﻬﺎء اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﺑﻣوت اﻟﻣﻘﺎول‬

‫إن اﻧﺗﻬﺎء ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻻ ﯾﺛﯾر أي إﺷﻛﺎل‪ ،‬إذا ﻛﺎن اﻟﻣﻘﺎول ﻗد ﺗوﻓﻲ ﻗﺑل أن ﯾﺑدأ ﻓﻲ ﺗﻧﻔﯾذ اﻟﻌﻣل ﻣﺣل اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪،‬‬
‫و دون أن ﯾﻛون ﻗد ﺗﻌﺎﻗد ﻋﻠﻰ ﺷراء ﺷﻲء ﻣن اﻷدوات أو اﻟﻣواد اﻟﻼزﻣﺔ ﻹﻧﺟﺎزﻩ‪ ،‬إذ ﯾﺗﺣﻠل ﻣﻧﻪ ﻛل ﻣن رب‬
‫اﻟﻌﻣل و ورﺛﺔ اﻟﻣﻘﺎول دون اﻟﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ ﺗﺻﻔﯾﺔ ﻟﻣرﻛز ﻛل ﻣﻧﻬﺎ‪ ،‬ﻓﻼ ﯾرﺟﻊ أﺣد ﻣﻧﻬﻣﺎ ﺑﺷﻲء ﻋﻠﻰ اﻵﺧر‪ ،‬إﻻ إذا‬
‫(‪.‬‬ ‫)‪3‬‬
‫ﻛﺎن رب اﻟﻌﻣل ﻗد دﻓﻊ ﺟزء ﻣن اﻷﺟر إﻟﻰ اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻗﺑل وﻓﺎﺗﻪ‪ ،‬ﻓﺈن ﻟﻪ أن ﯾﺳﺗردﻩ‬
‫وﻟﻛن ﻗد ﺗﺣدث وﻓﺎة اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﺑﻌد أن ﯾﻛون ﻗد ﺑدأ ﻓﻲ ﺗﻧﻔﯾذ اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪ ،‬ﻓﺎﺷﺗرى اﻟﻣﺎدة اﻟﻼزﻣﺔ ﻻﺳﺗﺧداﻣﻬﺎ ﻓﻲ إﻧﺟﺎز‬
‫اﻟﻌﻣل‪ ،‬و ﺑدأ اﻟﻌﻣل ﻓﻌﻼ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻣﺎدة أو ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة اﻟﺗﻲ ﯾﻛون رب اﻟﻌﻣل ﻗد ﻗدﻣﻬﺎ‪ ،‬ﻓﺎﻧﻔق ﻣﺻروﻓﺎت و ﺑذل‬

‫‪1‬‬
‫ﻓﺗﯾﺣﺔ ﻗرة‪ .‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ .‬ص‪.264‬‬
‫‪2‬‬
‫ﻣﺣﻣد ﻟﺑﯾب ﺷﻧب‪ .‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ .‬ص‪.242‬‬
‫‪3‬‬
‫ﻓﺗﯾﺣﺔ ﻗرة‪ .‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ .‬ص‪.265‬‬
‫‪65‬‬
‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬آﺛﺎر ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ و أﺳﺑﺎب اﻧﻘﺿﺎﺋﻪ‬

‫ﺟﻬدا ووﻗﺗﺎ ﺣﺗﻰ أﻧﺟز ﺟزءا ﻣن اﻟﻌﻣل أو ﻣﻬد ﻻﻧﺟﺎزﻩ‪ ،‬ﻓﻛﯾف ﺗﺗم ﺗﺻﻔﯾﺔ ﻣراﻛز ﻛل ﻣن اﻟﻣﺗﻌﺎﻗدﯾن ﻓﻲ ﻫذﻩ‬
‫اﻟﺣﺎﻟﺔ؟‬

‫أﺟﺎﺑت ﻋﻠﻰ ذﻟك اﻟﻣﺎدة‪ 1/570‬ﻣن ق م ج ﺳﺎﻟﻔﺔ اﻟذﻛر‪ ،‬ﺑﺄﻧﻪ إذا اﻧﻘﺿﻰ اﻟﻌﻘد ﺑﻣوت اﻟﻣﻘﺎول‪ ،‬وﺟب ﻋﻠﻰ رب‬
‫اﻟﻌﻣل أن ﯾدﻓﻊ ﻟﻠﺗرﻛﺔ ﻗﯾﻣﺔ ﻣﺎ ﺗم ﻣن اﻷﻋﻣﺎل‪ ،‬و ﻣﺎ أﻧﻔق ﻟﺗﻧﻔﯾذ ﻣﺎ ﻟم ﯾﺗم‪ ،‬و ذﻟك ﺑﻘدر اﻟﻧﻔﻊ اﻟذي ﯾﻌود ﻋﻠﯾﻪ ﻣن‬
‫اﻷﻋﻣﺎل و اﻟﻧﻔﻘﺎت‪ ،‬و ﻋﻠﻰ ذﻟك إذا ﻛﺎن رب اﻟﻌﻣل ﻫو اﻟﻌﻣل اﻟذي ﻗدم اﻟﻣواد اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﻠﺗﻧﻔﯾذ‪ ،‬و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﺈن‬
‫اﻧﻘﺿﺎء اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻗﺑل ﺗﻣﺎم ﺗﻧﻔﯾذﻫﺎ‪ ،‬ﯾﺟﯾز ﻟرب اﻟﻌﻣل اﺳﺗرداد ﺗﻠك اﻟﻣواد‪ ،‬و ﻟﻛن ﯾﻠﺗزم ﺑﺄن ﯾدﻓﻊ ﻟورﺛﺔ اﻟﻣﻘﺎول‬
‫ﻗﯾﻣﺔ اﻟﻌﻣل اﻟذي ﻗﺎم ﺑﻪ ﻗﺑل وﻓﺎﺗﻪ‪ ،‬ﻓﺈذا ﻟم ﯾﻛن اﻷﺟر ﻣﺣددا ﻓﻲ اﻟﻌﻘد‪ ،‬ﻗدر اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻫذﻩ اﻟﻘﯾﻣﺔ وﻓﻘﺎ ﻟﻠﻣﻌﺎﯾﯾر‬
‫اﻟﺗﻲ ﻧﺻت ﻋﻠﯾﻬﺎ اﻟﻣﺎدة ‪ 562‬ﻣن ق م ج‪ ،‬أﻣﺎ إذا ﻛﺎن اﻷﺟر ﻣﺣددا ﻓﻲ اﻟﻌﻘد‪ ،‬ﻓﺈن اﻟﻘﯾﻣﺔ ﻣﺎ أﻧﺟزﻩ اﻟﻣﻘﺎول ﻣن‬
‫ﻋﻣل ﺗﻘدر ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﻧﺳﺑﺔ ﻣﺎ ﺗم ﻣن اﻟﻌﻣل إﻟﻰ ﻣﺟﻣوع اﻷﻋﻣﺎل اﻟﻣﻛﻠف ﺑﻬﺎ و اﻟﻣﺣدد أﺟرﻫﺎ‪ ،‬ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻛﺎن اﻷﺟر‬
‫اﻟﻣﺗﻔق ﻋﻠﯾﻪ ﻟﻣﺟﻣوع اﻟﻌﻣل ﻫو ﺛﻼﺛﻣﺎﺋﺔ أﻟف دﯾﻧﺎر ﺟزاﺋري‪ ،‬و أﻧﺟز اﻟﻣﻘﺎول ﻗﺑل ﻣوﺗﻪ ﺛﻠث اﻟﻌﻣل‪ ،‬اﻟﺗزم رب‬
‫اﻟﻌﻣل ﺑﺄن ﯾدﻓﻊ ﻟورﺛﺔ اﻟﻣﻘﺎول ﻣﺋﺔ أﻟف دﯾﻧﺎر ﺟزاﺋري‪ ،‬ﻛﻣﺎ ﯾﻠﺗزم رب اﻟﻌﻣل ﺑﺄن ﯾدﻓﻊ ﻟورﺛﺔ اﻟﻣﻘﺎول ﻗﯾﻣﺔ ﻣﺎ أﻧﻔﻘﻪ‬
‫ﻣن ﻣﺻروﻓﺎت ﻻزﻣﺔ ﻹﺗﻣﺎم اﻟﻌﻣل اﻟذي ﺑدأﻩ‪ ،‬و ﺣﺎﻟﺔ وﻓﺎﺗﻪ دون اﻻﻧﺗﻬﺎء ﻣﻧﻪ)‪.(1‬‬

‫ﻏﯾر أﻧﻪ اﻟﺗزام رب اﻟﻌﻣل ﺑﺄن ﯾدﻓﻊ ﻟﺗرﻛﺔ اﻟﻣﻘﺎول ﻗﯾﻣﺔ ﻣﺎ ﺗم ﻣن أﻋﻣﺎل و أﺗﻔق ﻟﺗﻧﻔﯾذ ﻣﺎ ﻟم ﯾﺗم‪ ،‬ﻣﺷروط ﺑﺄن‬
‫ﺗﻛون ﻫذﻩ اﻷﻋﻣﺎل و اﻟﻧﻔﻘﺎت ﻧﺎﻓﻌﺔ ﻟﻪ‪ ،‬إذ ﯾﺗﺣدد ﻫذا اﻻﻟﺗزام ﺑﻘدر اﻟﻧﻔﻊ اﻟذي ﯾﻌود ﻋﻠﯾﻪ ﻣﻧﻬﺎ)‪.(2‬‬

‫أﻣﺎ إذا اﻟﻣﻘﺎول ﻫو اﻟذي ﻗدم اﻟﻣواد اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﺗﻧﻔﯾذ اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪ ،‬ﻓﺈن ﻫذﻩ اﻟﻣواد ﺗظل ﻣﻣﻠوﻛﺔ ﻟﻪ طوال ﻣدة طوال‬
‫ﻣدة اﻟﺗﻧﻔﯾذ‪ ،‬و ﺗﻧﺗﻘل إﻟﻰ ورﺛﺗﻪ ﺑﻌد وﻓﺎﺗﻪ‪.‬‬

‫ﻓﺎﻷﺻل أن اﻟﻣﻘﺎول ﻻ ﯾﻠزم ﺑﺗﺳﻠﯾم ﻫذﻩ اﻟﻣواد إﻟﻰ رب اﻟﻌﻣل‪ ،‬طﺎﻟﻣﺎ ﻟم ﯾﻧﺗﻪ ﻣن إﻧﺟﺎزﻩ اﻟﻌﻣل ﻣﺣل اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪،‬‬
‫إﻻ أن اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﺧرج ﻋن ﻫذا اﻷﺻل ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠورﺛﺔ‪ ،‬ﻓﻘررت اﻟﻔﻘر ة اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﻣن اﻟﻣﺎدة ‪ 570‬ﻣن ق م ج‪،‬‬
‫ﺑﺄﻧﻪ ﯾﺟوز ﻟرب اﻟﻌﻣل أن ﯾطﺎﻟب ﺑﺗﺳﻠﯾم اﻟﻣواد اﻟﺗﻲ ﺗم إﻋدادﻫﺎ و اﻟرﺳوم اﻟﺗﻲ ﺑدء ﻓﻲ ﺗﻧﻔﯾذﻫﺎ‪ ،‬ﻋﻠﻰ أن ﯾدﻓﻊ‬
‫ﻋﻧﻬﺎ ﻟورﺛﺔ اﻟﻣﻘﺎول ﺗﻌوﯾﺿﺎ ﻋﺎدﻻ‪ ،‬و ﯾراﻋﻲ ﻓﻲ ﺗﻘدﯾر ﻫذا اﻟﺗﻌوﯾض ﻗﯾﻣﺔ ﺗﻠك اﻟﻣواد و ﻓﺎﺋدﺗﻬﺎ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠورﺛﺔ‬
‫أﻧﻔﺳﻬم‪ ،‬ﻓﻘد ﺗﻧﻌدم ﻫذﻩ اﻟﻔﺎﺋدة ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻬم‪ ،‬ﻓﯾﺟد اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ ذﻟك ﻣﺑررا ﻷن ﯾﻛون ﻣﺎ ﯾﺣﻛم ﺑﻪ ﻣن ﺗﻌوﯾض أﻗل‬
‫ﻣن اﻟﻘﯾﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺣﻣﻠﻬﺎ اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻋﻧد ﺷراء ﺗﻠك اﻟﻣواد)‪.(3‬‬

‫‪1‬‬
‫ﻣﺣﻣد ﻟﺑﯾب ﺷﻧب‪ .‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ .‬ص ص ‪.244-243‬‬
‫‪2‬‬
‫اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ‪ .‬ص‪.244‬‬
‫‪3‬‬
‫ﻓﺗﯾﺣﺔ ﻗرة‪ .‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ .‬ص ص‪.267-266‬‬
‫‪66‬‬
‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬آﺛﺎر ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ و أﺳﺑﺎب اﻧﻘﺿﺎﺋﻪ‬

‫و ﻓﻲ اﻷﺧﯾر ﻧﺷﯾر إﻟﻰ أﻧﻪ ﯾﻠﺣق ﺑﻣوت اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪ ،‬أن ﯾﺻﺑﺢ ﻋﺎﺟزا ﻋن إﺗﻣﺎم اﻟﻌﻣل ﺑﺳﺑب ﻻ ﯾد ﻟﻪ ﻓﯾﻪ‪ ،‬وﻓﻘﺎ‬
‫ﻟﻠﻣﺎدة‪ 3/570‬ﻣن ق م ج ﺳﺎﻟﻔﺔ اﻟذﻛر‪ ،‬ﻛﺄن ﯾﺻﺎب ﺑﻣﺎ ﯾﺟﻌل ﺗﻧﻔﯾذ اﻟﻌﻣل ﻣﺳﺗﺣﯾﻼ ﻋﻠﯾﻪ‪ ،‬و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﯾﻧﺗﻬﻲ ﻋﻘد‬
‫اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻻﺳﺗﺣﺎﻟﺔ اﻟﺗﻧﻔﯾذ‪ ،‬ﻓﺈذا ﺣﺻل ﻋﺟز اﻟﻣﻘﺎول ﺑﻌد أن ﺑدأ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ وﻓﺎة اﻟﻣﻘﺎول‪ ،‬ﻣﻊ ﻣراﻋﺎة أن رب اﻟﻌﻣل‬
‫ﯾﺳﺗﻠزم ﺑﺎﻟدﻓﻊ ﻓﻲ ﻣواﺟﻬﺔ اﻟﻣﻘﺎول وﻟﯾس ورﺛﺗﻪ ﻋﻠﻰ اﻋﺗﺑﺎر أﻧﻪ ﻻ ﯾزال ﺣﯾﺎ)‪.(1‬‬

‫‪1‬‬
‫ﻗدري ﻋﺑد اﻟﻔﺗﺎح اﻟﺷﻬﺎوي‪ .‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ .‬ص‪.288‬‬
‫‪67‬‬
‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬آﺛﺎر ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ و أﺳﺑﺎب اﻧﻘﺿﺎﺋﻪ‬

‫ﺧﻼﺻﺔ‪:‬‬

‫و ﻣن ﺧﻼل ﻫذا اﻟﻔﺻل اﻟﻣﺗﻣﺛل ﻓﻲ آﺛﺎر ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ و اﻧﻘﺿﺄﻩ‪ ،‬إﻻ أن ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﺗﺗرﺗب آﺛﺎرﻩ ﺑﻣﺟرد‬
‫اﻧﻌﻘﺎدﻩ‪ ،‬ﻓﯾﺗﻌﯾن ﻋﻠﻰ ﻛل طرف اﻟﻘﯾﺎم ﺑﺗﻧﻔﯾذ اﻟﺗز اﻣﺎﺗﻪ اﻟﻌﻘدﯾﺔ ﺗﺣت طﺎﺋﻠﺔ ﺗﺣﻣل ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻻﺧﻼل ﺑذﻟك‪.‬‬

‫ﻋﻠﻰ أن اﻟﻣﺷرع رﺗب ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗق اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ و ﻣﻬﻧدس اﻟﻣﻌﻣﺎري‪ ،‬اﻟﺗزاﻣﺎ ﺑﺿﻣﺎن اﻟﻣﻧﺷﺂت اﻟﻣﻌﻣﺎرﯾﺔ اﻟﺗﻲ‬
‫ﯾﻘﯾﻣﺎﻧﻬﺎ‪ ،‬ﻟﻣدة ﻋﺷر ‪ 10‬ﺳﻧوات ﻣن وﻗت ﺗﺳﻠﻣﻬﺎ اﻟﻧﻬﺎﺋﻲ ﻣن ﻗﺑل رب اﻟﻌﻣل‪ ،‬و ﻧظم ﻫذا اﻻﻟﺗزام ﺑﺄﺣﻛﺎم‬
‫اﺳﺗﺛﻧﺎﺋﯾﺔ‪ ،‬ﺟﻌﻠﺗﻪ ﯾﺗﻣﯾز ﻋن ﻏﯾرﻩ ﻣن اﻻﻟﺗزاﻣﺎت اﻟﻌﻘدﯾﺔ اﻟﻣﺗرﺗﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺎﻧﺗﻬﺎء ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪ ،‬ﻓﻘد رأﯾﻧﺎ أﻧﻪ ﯾﻛون ﻷﺳﺑﺎب ﻋدﯾدة‪ ،‬ﻓﻘد ﯾﻧﺗﻬﻲ ﺑﺄﺳﺑﺎب ﻋﺎﻣﺔ و ذﻟك ﺑﺗﻧﻔﯾذ‬
‫اﻟﻌﻘد ﻣن ﺧﻼل ﻛل ﻣن طرﻓﯾﻪ ﻻﻟﺗزاﻣﺎﺗﻪ أو ﺑﺎﻧﺗﻬﺎء اﻟﻣدة اﻟﻣﺣددة ﻟﻠﻣﻘﺎوﻟﺔ‪ ،‬ﻛﻣﺎ ﻗد ﯾﻧﺗﻬﻲ ﻛذﻟك ﻗﺑل ﺗﻧﻔﯾذ اﻟﻌﻘد‬
‫وﻓﻘﺎ ﻟﻠﻘواﻋد اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬ﺳواء ﻛﺎن ذﻟك ﺑﺎﻟﺗﻘﺎﯾل أو اﻟﻔﺳﺦ أو اﺳﺗﺣﺎﻟﺔ اﻟﺗﻧﻔﯾذ‪.‬‬

‫إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ذﻟك ﺟﻌل اﻟﻣﺷرع ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﯾﻧﺗﻬﻲ ﻟﺳﺑﺑﯾن ﺧﺎﺻﯾن ﺑﻪ دون ﻏﯾرﻩ ﻣن اﻟﻌﻘود‪ ،‬أوردﻫﻣﺎ ﻓﻲ‬
‫اﻟﺗﻧظﯾم اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﻟﻬذا اﻟﻌﻘد ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ‪ ،‬ﯾﺗﻣﺛل اﻟﺳﺑب اﻷول ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺗﺣﻠل رب اﻟﻌﻣل ﺑﺎرادﺗﻪ اﻟﻣﻧﻔردة ﻣن‬
‫ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪ ،‬و اﻟﺳﺑب اﻟﺛﺎﻧﻲ و ﻫو ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ وﻓﺎة اﻟﻣﻘﺎول‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫ﺧﺎﺗﻣ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺔ‬

‫ﺧﺎﺗﻣــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــﺔ‬
‫ﻣن ﺧﻼل اﻟدراﺳﺔ و اﻟﺑﺣث ﻟﻺطﺎراﻟﻘﺎﻧون ﻟﻌﻘد اﻟﻣﻘﺎول ﻓﻲ ظل اﻟﺗﺷرﯾﻊ اﻟﺟزاﺋر ي‪ ،‬ﻧﺟد أن ﻣﻌظم اﻟﻧﺻوص‬
‫اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ‪ ،‬اﻟﺗﻲ ﻧظﻣت ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪ ،‬ﯾﺗﻌﯾن ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﺗﻌدﯾﻠﻬﺎ و ذﻟك ﺑﺳﺑب اﻟﻘﺻور اﻟذي اﻋﺗﺑراﻫﺎ‪،‬‬
‫و إﻣﺎ ذﻟك ﻣن ﺣﯾث اﻟﺷﻛل و ﻫذا ﺑﺗﺟﺳﯾد ﻓﻲ ﺻﯾﺎﻏﺗﻬﺎ ﻏﯾر اﻟدﻗﯾﻘﺔ م اﻟﻐﯾر اﻟواﺿﺣﺔ‪ ،‬ﻣﻣﺎ ﺗرﺗب ﻋﻠﯾﻪ ﻟﺑس و‬
‫ﻏﻣوض ﻓﻲ اﻟﻣﻌﻧﻰ‪ ،‬و ﻛذا ﻣن ﺣﯾث اﻟﻣﺿﻣون ﺣﯾث ﻟم ﯾﺗطرق إﻟﻰ ﺑﻌض اﻟﺟواﻧب اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﻣﻬﻣﺔ‪.‬‬
‫و ﻗد ﺗوﺻﻠت ﻣن ﺧﻼل اﻟﺑﺣث ﻓﻲ اﻟﻣوﺿوع إﻟﻰ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ و اﻟﺗوﺻﯾﺎت‪:‬‬
‫أوﻻ‪ :‬اﻟﻧﺗﺎﺋــــــــــــــــــــــــــــــﺞ‪:‬‬
‫و ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺗﻘدم ﻟﻠدراﺳﺔ ﻧﺧﻠص إﻟﻰ اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ‪:‬‬
‫إن ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﺻﺎر ﻣن اﻟﻌﻘود اﻷﻛﺛر أﻫﻣﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﻌﺎﻣﻼت اﻟﺧﺎﺻﺔ اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ ﺑﯾن اﻷﺷﺧﺎص‪ ،‬و ﻫذا ﺑﻐﯾﺔ‬
‫اﻟﺣﺻول ﻋﻠﻰ اﻟﺧدﻣﺎت و اﻷﻋﻣﺎل‪ ،‬و ﺑﺳﺑب ﺗﻌدد أﺷﻛﺎل اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ و ﺻورﻫﺎ و ﻛذا ﺗﻧوع اﻷﻋﻣﺎل اﻟﺗﻲ ﯾرد‬
‫ﻋﻠﯾﻬﺎ‪ ،‬و ﻫذا ﺟﻌﻠﻪ ﯾﻧﺗﺷر ﺑﺻورة واﺳﻌﺔ ﻓﻲ اﻟواﻗﻊ اﻟﻌﻣﻠﻲ‪ ،‬ﻣن ﺧﻼل اﻟﻣﻌﺎﻣﻼت اﻟﯾوﻣﯾﺔ ﺑﯾن اﻟﻧﺎس و ﻫذا‬
‫ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﻌﻣران‪.‬‬
‫و ﻋﻠﯾﻪ ﻗﺎﻣت اﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت ﺑﺗﻧظﯾم ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﺑﻧظﺎم ﻗﺎﻧوﻧﻲ ﻣﺳﺗﻘل‪ ،‬ﺗﻣﯾز ﺑﻪ ﻋن ﻏﯾرﻩ ﻣن اﻟﻌﻘود‪ ،‬ﻏﯾر أﻧﻪ‬
‫ﯾﺑﻘﻰ ﻣن اﻟﻌﻘد اﻟﺗﻲ ﺗﺧﺿﻊ ﻟﻠﻧظرﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻌﻘد ﻣن اﻷﺣﻛﺎم‪ ،‬ﺳﯾﻣﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﻛﯾﻔﯾﺔ إﻧﻌﻘﺎدﻩ و ﺷروط ذﻟك‪ ،‬و‬
‫ﻧﺟد أﻫم أﺳﺑﺎب إﻧﺗﺷﺎر ﻫذا اﻟﻌﻘد ﻫو ﻋدم ﺧﺿوﻋﻪ إﻟﻰ ﺷرط اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ‪ ،‬و ﻫذا ﻛﻐﯾرﻩ ﻣن اﻟﻌﻘود اﻟﺗﻲ ﯾﻌد ﻫذا‬
‫اﻟﺷرط أﺳﺎﺳﻲ ﻟﻘﯾﺎﻣﻬﺎ و ﻏﯾﺎﺑﻬﺎ ﯾﺄدي إﻟﻰ ﺑطﻼن اﻟﻌﻘد‪ ،‬و ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻫو ﻣن اﻟﻌﻘود اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ أﺳﺎﺳﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺑدأ‬
‫ﺳﻠطﺎن اﻹرادة‪ ،‬و ﻫذا ﯾﺗﺟﺳد ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟذي ﯾﻧﺷﺋﻪ اﻷطراف ﺑﺎﻻﺗﻔﺎق ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ‪ ،‬ﺣول اﻟﻌﻣل اﻟﻣطﻠوب إﻧﺟﺎزﻩ ﻣن‬
‫اﻟﻣﻘﺎول‪ ،‬و ﻛذا اﻷﺟر اﻟذي ﯾدﻓﻌﻪ رب اﻟﻌﻣل ﻟﻪ ﻣﻘﺎﺑل ذﻟك‪.‬‬
‫و ﻧﺟد ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻫو اﻟﻌﻘود اﻟﺗﻲ ﺑﻣﺟرد اﻧﻌﻘﺎدﻫﺎ‪ ،‬ﯾﺑدأ آﺛﺎرﻩ ﻓﻲ اﻟﺳرﯾﺎن ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻛل طرف ﻓﻲ اﻟﻌﻘد‪ ،‬إذ‬
‫ﯾﺳﺗوﺟب ﻗﯾﺎم ﻛل طرف ﺑﺎﻟﺗزاﻣﺎﺗﻪ ﺑﻣوﺟب اﻟﻌﻘد و ﺣﺳن ﻧﯾﺔ‪ ،‬ﻏﯾر أن اﻟﻣﺷرع إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ذﻟك رﺗب ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗق‬
‫اﻟﻣﻘﺎول اﻟﺗزام ﻗﺎﻧوﻧﻲ ﺑﺗﺿﺎﻣن ﻣﻊ اﻟﻣﻬﻧدس اﻟﻣﻌﻣﺎري‪ ،‬و ﻫذا ﻣﺎ ﯾﺻطﻠﺢ ﻋﻠﻰ ﺗﺳﻣﯾﺗﻪ ﺑﺎﻟﺿﻣﺎن اﻟﻌﺷري‪ ،‬و ﻫو‬
‫ﺿﻣﺎن ﻟﻣدة ﻋﺷر ﺳﻧوات ﻣن وﻗت اﻟﺗﺳﻠﯾم اﻟﻧﻬﺎﺋﻲ ﻟرب اﻟﻌﻣل ﻟﻠﻣﻧﺷﺂت اﻟﻣﻌﻣﺎرﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺷﯾداﻫﺎ‪ ،‬و ﻗد ﺗم ﺗﻧظﯾم‬
‫ذﻟك ﺑﺄﺣﻛﺎم اﺳﺗﺛﻧﺎﺋﯾﺔ‪ ،‬ﻣﺎ ﺟﻌﻠﻪ ﯾﺗﻣﯾز ﻋن ﻏﯾﻪ ﻣن اﻻﻟﺗزاﻣﺎت اﻟﻌﻘدﯾﺔ اﻟﻣﺗرﺗﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪.‬‬
‫‪68‬‬
‫ﺧﺎﺗﻣ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺔ‬
‫و رﻏم اﻟﻣﯾزات اﻟﺗﻲ ﯾﺗﻣﺗﻊ ﺑﻬﺎ اﻟﻌﻘد إﻻ أﻧﻪ ﻻﺑد ﻟﻪ ﻣن أن ﯾﻧﻘﺿﻲ و ﯾﻧﺗﻬﻲ‪ ،‬و ﻫﻧﺎ ﻧﺟدﻩ ﻛﻐﯾرﻩ ﯾﻧﻘﺿﻲ ﺑﺗﻧﻔﯾذ‬
‫اﻟﻌﻘد و ﻫو اﻟﻘﯾﺎم ﺑﺎﻟﻌﻣل اﻟﻣطﻠوب إﻧﺟﺎزﻩ‪ ،‬و ﻗد ﯾﻧﺗﻬﻲ ﺑﺣﻠول أﺟل أو اﻧﺗﻬﺎء ﻣدة اﻟﻌﻘد‪ ،‬و ﻫﻧﺎ ﻧﺟد اﻟﻣﺷرع ﻗد‬
‫أوﺟد ﺣﺎﻟﺗﯾن ﺧﺎﺻﺗﯾن ﺑﻌﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ دون ﻏﯾرﻩ‪ ،‬و ﻫو أﻧﻪ ﺳﻣﺢ ﻟرب اﻟﻌﻣل أن ﯾﺗﺣﻠل ﻣن اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﺑﺎرادﺗﻪ اﻟﻣﻧﻔردة‬
‫دون اﻟﻠﺟوء إﻟﻰ إﺗﻔﺎق ﻣﻊ اﻟﻣﻘﺎول‪ ،‬و اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﻫﻲ أن ﯾﻣوت اﻟﻣﻘﺎول ﺷرط أن ﺗﻛون ﺷﺧﺻﯾﺔ اﻟﻣﻘﺎول ﻣﺣل‬
‫اﻋﺗﺑﺎر‪.‬‬
‫ﺛﺎﻧﯾﺎ‪ :‬اﻟﺗوﺻﯾـــــــــــــﺎت‪:‬‬
‫رﻏم أن اﻟﻣﺷرع ﻧظم ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﺑﻧﺻوص ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ‪ ،‬و ﻫذا ﺑﻐﯾﺔ ﺿﺑط اﻟﻣﻌﺎﻣﻼت ﺑﯾن اﻷﻓراد و ﻟﺿﻣﺎن‬
‫اﻟﺣﻘوق اﻟﻣﺗرﺗﺑﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻘد‪ ،‬ﻏﯾر أﻧﻪ ﻟم ﯾوﻓق ﻓﻲ ﺑﻌض اﻷﺣﯾﺎن ﻓﻲ طرﯾﻘﺔ ﺻﯾﺎﻏﺔ اﻟﻧﺻوص‪ ،‬و ﻛذا ﻟم ﯾﻘم‬
‫اﻟﻣﺷرع ﺑﺗﻌزﯾز و ﺗﻔﺳﯾر ﺑﻌض ﻣن اﻟﻣواد اﻟﺗﻲ ﯾﻌﺗرﯾﻬﺎ اﻟﻐﻣوض‪ ،‬و ﻋﻠﯾﻪ أﻗوم ﺑوﺿﻊ ﺑﻌض اﻟﺗوﺻﯾﺎت ﺗﺧص‬
‫ﺑﻌض اﻟﻧﺻوص و اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ‪:‬‬
‫‪-‬ﻣن ﺧﻼل ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 549‬ﻣن ق م ج اﻟﺗﻲ ﺗﺿﻣﻧت ﺗﻌرﯾﻔﺎ ﻟﻠﻣﻘﺎوﻟﺔ‪ ،‬رﻏم أن ﻫذﻩ ﻣﯾزة ﻓرﯾدة ﺗﻣﯾز ﺑﻬﺎ ﻫذا‬
‫اﻟﻌﻘد‪ ،‬ﻏﯾر أﻧﻪ ﻣﺎ ﯾﻌﺎب ﻋﻠﯾﻬﺎ‪ ،‬أﻧﻪ ﻟم ﯾﻘم ﺑﺎﻟﻔﺻل ﺑﯾن اﻟﻣﻘﺎول و رب اﻟﻌﻣل ﻓﻲ اﻟﺗﺑﻌﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻣل‪ ،‬إذ أن‬
‫اﻟﻣﻘﺎول ﯾﻘوم ﺑﻌﻣﻠﻪ ﺑﺻورة ﻣﺳﺗﻘﻠﺔ‪ ،‬دون أن ﯾﺧﺿﻊ ﻻدارة و اﺷراف رب اﻟﻌﻣل‪ ،‬و ﻫذا ﻣﺎ ﯾﻔﺗرض أن ﺗﺷﻣﻠﻪ‬
‫ﻧص اﻟﻣﺎدة‪.‬‬
‫‪ -‬ﻛﻣﺎ أﻋﺗﻘد أن ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺷرع أن ﯾﻌﯾد ﺻﯾﺎﻏﺔ ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ ،554‬و ﻫذا ﺑﺗﻘﺳﯾﻣﻬﺎ إﻟﻰ ﻓﻘرﺗﯾن‪ ،‬إذ أن اﻻﺣﺎﻟﺔ ﻓﻲ‬
‫ﻧص اﻟﻣﺎدة إﻟﻰ اﻟﻔﻘرة اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ وﻫﻲ ﻓﻲ اﻷﺻل ﻏﯾر ﻣوﺟودة‪ ،‬و ﻫذا ﻣﺎ ﺟﻌل اﻟﻧص ﻏﺎﻣض و ﻏﯾر واﺿﺢ‪.‬‬
‫‪ -‬ﻛﻣﺎ ﻧﺟد اﻟﻣﺷرع ﻓﻲ ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 565‬ﻣن ق م ج‪ ،‬اﻟﺗﻲ ﺗﻘﺿﻲ ﺑﺄﻧﻪ ﯾﺟوز اﻟرﺟوع إﻟﻰ رب اﻟﻌﻣل ﺑﻣﺎ ﯾﺟﺎوز‬
‫اﻟﻘدر اﻟذي ﯾﻛون ﻣدﯾﻧﺎ ﺑﻪ ﻟﻠﻣﻘﺎول اﻷﺻﻠﻲ وﻗت رﻓﻊ اﻟدﻋوى‪ ،‬ﻣن ﻗﺑل اﻟﻣﻘﺎوﻟﯾن اﻟﻔرﻋﯾﯾن و اﻟﻌﻣﺎل اﻟذي‬
‫ﯾﺷﺗﻐﻠون ﻋﻧد اﻟﻣﻘﺎول‪ ،‬و ﻫذا ﻏﯾر ﺟﺎﺋز و ﻫو ﻏﯾر ﻗﺎﻧوﻧﻲ و ﻻ ﻫو ﻣﻧطﻘﻲ‪ ،‬إذ ﻻ ﺗﺟوز اﻟﻣطﺎﻟﺑﺔ ﺑﺎﻟدﯾن إﻻ‬
‫ﻓﻲ ﺣدود اﻟﻣﺑﻠﻎ اﻟﻣﺗﺑﻘﻲ ﻓﻘط‪.‬‬
‫‪ -‬ﻛﻣﺎ وﺟدت اﻟﻣﺎدة ‪ 569‬ﻣن ق م ج‪ ،‬أﻧﻬﺎ ﺗﻘوم ﺑﺈﺣﺎﻟﺗﻧﺎ إﻟﻰ ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 2/552‬و ﻫذﻩ اﻟﻣﺎدة ﻻ ﺗﻣد ﻟﻠﻧص‬
‫اﻷول ﺑﺻﻠﺔ ﻋﻠﻰ اﻹطﻼق‪ ،‬إذ أن اﻟﻧص اﻷول ﯾﻘﺿﻲ ﺑﺄن اﻟﻌﻘد ﯾﻧﻘﺿﻲ ﺑوﻓﺎة اﻟﻣﻘﺎول و ﺗﻘوم ﺑﺈﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ ﻧص‬
‫اﻟﻣﺎدة اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ ﻣن ‪ 2/552‬إذ أﻧﻬﺎ ﻧﺻت ﻋﻠﻰ إﻟزام اﻟﻣﻘﺎول ﺑﺄن ﯾﺄﺗﻲ ﯾﺣﺗﺎج إﻟﯾﻪ ﻓﻲ إﻧﺟﺎز اﻟﻌﻣل ﻣن آﻻت‬
‫و أدوات إﺿﺎﻓﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﻘﺗﻪ‪ ،‬و ﻋﻠﯾﻪ أن ﯾﻌدل اﻹﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 1/566‬ﺗﻧص ﻋﻠﻰ ﺗﺣﻠل رب اﻟﻌﻣل‬
‫ﺑﺈرادﺗﻪ اﻟﻣﻧﻔردة ﻣن اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪.‬‬

‫‪69‬‬
‫ﺧﺎﺗﻣ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺔ‬
‫‪ -‬و ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺷرع أن ﺣﺳب اﻟﻣﺎدة ‪ 563‬ﻣن ق م ج‪ ،‬ﻋﻠﻰ أن اﻟﻣﻬﻧدس اﻟﻣﻌﻣﺎري أﺟرا ﻣﺳﺗﻘﻼ ﻋن وﺿﻊ‬
‫اﻟﺗﺻﻣﯾم و ﻋﻣل اﻟﻣﻘﺎﯾﺳﺔ و آﺧر ﻋن إدارة اﻷﻋﻣﺎل‪ ،‬و ﯾﺣدد اﻷﺟرة وﻓﻘﺎ ﻟﻠﻌﻘد‪.‬‬
‫و ﻋﻠﯾﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺷرع أن ﯾﻘوم ﺑﺗﻌدﯾل اﻷﺟر اﻟﻣﺳﺗﺣق ﻟﻠﻣﻬﻧدس وﻓق ﻗﺎﻧون اﻟواﺟﺑﺎت اﻟﻣﻬﻧﯾﺔ ﻟﻣﻬﻧﺔ اﻟﻬﻧدﺳﺔ‬
‫اﻟﻣﻌﻣﺎرﯾﺔ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻋدم اﺗﻔﺎق ﻋﻠﻰ ﻫذﻩ اﻷﺗﻌﺎب ﻋﻧد إﺑر ام اﻟﻌﻘد‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫ﻗﺎﺋﻣﺔ اﻟﻣراﺟـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻊ‬
‫ﻗﺎﺋﻣﺔ اﻟﻣراﺟـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻊ‪:‬‬

‫أوﻻ‪ :‬ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﯾ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺔ‬

‫‪ -‬اﻟﻧﺻوص اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ‬

‫أ‪ /‬اﻷواﻣر‬

‫‪-‬اﻷﻣر‪85/71‬اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ‪ 1971/12/29‬واﻟﻣﺗﺿﻣن إﺣداث ﻫﯾﺋﺔ اﻟﻣراﻗﺑﺔ اﻟﺗﻘﻧﯾﺔ ﻟﻠﺑﻧﺎء و ﺗﺣدﯾد ﻗﺎﻧوﻧﻬﺎ‬

‫اﻷﺳﺎﺳﻲ‪.‬‬

‫‪ -‬اﻷﻣر رﻗم ‪ 58/75‬اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ ‪ .1975/09/26‬اﻟﻣﺗﺿﻣن اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ‪ .‬اﻟﻣﻌدل و اﻟﻣﺗﻣم‪.‬‬

‫‪ -‬اﻷﻣر رﻗم ‪ 59/75‬اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ ‪26‬ﺳﺑﺗﻣﺑر‪ .1975‬اﻟﻣﺗﺿﻣن اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺗﺟﺎري‪.‬اﻟﻣﻌدل و اﻟﻣﺗﻣم ﺑﺎﻟﻘﺎﻧون رﻗم‬

‫‪ 10/05‬اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ ‪ .2005/06/20‬اﻟﺟرﯾدة اﻟرﺳﻣﯾﺔ ﻟﻠﺟﻣﻬورﯾﺔ اﻟﺟزاﺋرﯾﺔ‪ .‬اﻟﻌدد‪ .44‬ﺳﻧﺔ‪.2005‬‬

‫‪-‬اﻷﻣر رﻗم ‪ 07/80‬اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ ‪ .1980/08/09‬اﻟﻣﺗﺿﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﺗﺄﻣﯾن‪ .‬اﻟﻣﻌدل و اﻟﻣﺗﻣم‪.‬‬

‫‪-‬اﻷﻣر ‪ 11/90‬اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ ‪ 190./04/21‬اﻟﻣﺗﺿﻣن ﻋﻼﻗﺎت اﻟﻌﻣل‪.‬‬

‫‪-‬اﻷﻣر رﻗم ‪ 29/90‬اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ ‪ .1990/12/01‬اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﺗﻬﯾﺋﺔ و اﻟﺗﻌﻣﯾر‪.‬‬

‫‪-‬اﻷﻣر رﻗم ‪ 07/95‬اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ ‪ .1995/01/25‬اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﺗﺄﻣﯾﻧﺎت‪.‬‬

‫‪-‬اﻷﻣر ‪15/08‬اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ ‪ .2008/07/20‬اﻟذي ﯾﺣدد ﻗواﻋد ﻣطﺎﺑﻘﺔ اﻟﺑﻧﺎء و اﺗﻣﺎم إﻧﺟﺎزﻩ‪ .‬اﻟﺟرﯾدة اﻟرﺳﻣﯾﺔ‬

‫ﻟﻠﺟﻣﻬورﯾﺔ اﻟﺟزاﺋرﯾﺔ‪ .‬اﻟﻌدد‪ .44‬ﺳﻧﺔ‪.2008‬‬

‫‪71‬‬
‫ﻗﺎﺋﻣﺔ اﻟﻣراﺟـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻊ‬
‫ب‪ /‬اﻟﻣراﺳﯾم‬

‫‪-‬اﻟﻣرﺳوم اﻟرﺋﺎﺳﻲ ‪ 236-10‬اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ ‪28‬ﺷوال‪ 1431‬اﻟﻣواﻓق ل‪7‬أﻛﺗوﺑر‪ .2010‬ﯾﺗﺿﻣن ﺗﻧظﯾم اﻟﺻﻔﻘﺎت‬

‫اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ‪ .‬اﻟﻣﻌدل و اﻟﻣﺗﻣم‪ .‬اﻟﺟرﯾدة اﻟرﺳﻣﯾﺔ ﻟﻠﺟﻣﻬورﯾﺔ اﻟﺟزاﺋرﯾﺔ‪ .‬اﻟﻌدد‪ .04‬ﺳﻧﺔ‪.2010‬‬

‫‪-‬اﻟﻣرﺳوم اﻟﺗﺷرﯾﻌﻲ ‪ 07/94‬اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ ‪ ،1994/05/18‬اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﺷروط اﻹﻧﺗﺎج اﻟﻣﻌﻣﺎري وﻣﻣﺎرﺳﺔ ﻣﻬﻧﺔ‬

‫اﻟﻣﻬﻧدس اﻟﻣﻌﻣﺎري‪ .‬اﻟﺟرﯾدة اﻟرﺳﻣﯾﺔ ﻟﻠﺟﻣﻬورﯾﺔ اﻟﺟزاﺋرﯾﺔ‪ .‬اﻟﻌدد ‪ .32‬ﺳﻧﺔ‪.1994‬‬

‫‪-‬اﻟﻣرﺳوم اﻟﺗﺷرﯾﻌﻲ‪ .03/93‬اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ‪ .1993/03/01‬اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﻧﺷﺎط اﻟﻌﻘﺎري‪ .‬اﻟﺟرﯾدة اﻟرﺳﻣﯾﺔ ﻟﻠﺟﻣﻬورﯾﺔ‬

‫اﻟﺟزاﺋرﯾﺔ‪ .‬اﻟﻌدد‪ .14‬ﺳﻧﺔ‪.1993‬‬

‫‪-‬اﻟﻣرﺳوم اﻟﺗﻧﻔﯾذي رﻗم‪ 59/94‬اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ ‪ 1994/03/07‬اﻟذي ﯾﺣدد اﻟﻘواﻋد اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﻣﻠﻛﯾﺔ اﻟﻣﺷﺗرﻛﺔ و‬

‫ﺗﺳﯾﯾر اﻟﺑﻧﺎﯾﺎت اﻟﺟﻣﺎﻋﯾﺔ‪ .‬اﻟﺟرﯾدة اﻟرﺳﻣﯾﺔ ﻟﻠﺟﻣﻬورﯾﺔ اﻟﺟزاﺋرﯾﺔ‪ .‬اﻟﻌدد‪ .13‬ﺳﻧﺔ‪.1994‬‬

‫‪ -‬اﻟﻣرﺳوم اﻟﺗﻧظﯾﻣﻲ رﻗم‪ 205/86‬اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ‪ 1986/08/19‬و اﻟﻣﺗﺿﻣن ﺗﻐﯾﯾر ﻫﯾﺋﺔ اﻟﻣراﻗﺑﺔ اﻟﺗﻘﻧﯾﺔ ﻟﻠﺑﻧﺎء‪.‬‬

‫اﻟﺟرﯾدة اﻟرﺳﻣﯾﺔ ﻟﻠﺟﻣﻬورﯾﺔ اﻟﺟزاﺋرﯾﺔ‪ .‬اﻟﻌدد‪ .34‬ﺳﻧﺔ‪.1986‬‬

‫‪-‬اﻟﻣرﺳوم اﻟﺗﻧظﯾﻣﻲ رﻗم‪ 666/83‬اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ‪ 1983/11/12‬اﻟذي ﯾﺣدد اﻟﻘواﻋد اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﻣﻠﻛﯾﺔ و اﻟﺑﻧﺎﯾﺎت‬

‫اﻟﺟﻣﺎﻋﯾﺔ‪ .‬اﻟﺟرﯾدة اﻟرﺳﻣﯾﺔ ﻟﻠﺟﻣﻬورﯾﺔ اﻟﺟزاﺋرﯾﺔ‪ .‬اﻟﻌدد‪ .47‬ﺳﻧﺔ‪.1983‬‬

‫‪-‬اﻟﻘرار اﻟوزاري اﻟﻣﺷﺗرك اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ ‪ .1988/05/15‬اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﻛﯾﻔﯾﺎت ﻣﻣﺎرﺳﺔ و ﺗﻧﻔﯾذ اﻷﺷﻐﺎل ﻓﻲ ﻣﯾدان اﻟﺑﻧﺎء‬

‫و أﺟر ذﻟك‪ .‬اﻟﺟرﯾدة اﻟرﺳﻣﯾﺔ ﻟﻠﺟﻣﻬورﯾﺔ اﻟﺟزاﺋرﯾﺔ‪ .‬اﻟﻌدد‪ .43‬ﺳﻧﺔ‪.1988‬‬

‫‪72‬‬
‫ﻗﺎﺋﻣﺔ اﻟﻣراﺟـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻊ‬

‫‪-‬اﻟﻛ ـ ـ ـ ـ ـﺗ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــب‪:‬‬

‫‪ -‬إﺑراﻫﯾم ﺳﯾد أﺣﻣد‪ .‬ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣﻬﻧدس و اﻟﻣﻘﺎول ﻋن ﻋﯾوب اﻟﺑﻧﺎء ﻓﻘﻬﺎ و ﻗﺿﺎء‪ .‬اﻟطﺑﻌﺔ اﻷوﻟﻰ‪ .‬اﻟﻣﻛﺗب‬

‫اﻟﺟﺎﻣﻌﻲ اﻟﺣدﯾث‪ .‬اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ ‪.2003‬‬

‫‪ -‬إﺑراﻫﯾم ﺳﯾد أﺣﻣد‪ .‬ﻣوﺳوﻋﺔ اﻟدﻓوع و اﻟﺧﺻو م اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﺿوء اﻟﻔﻘﻪ و اﻟﻘﺿﺎء اﻟﺣدﯾث ﻓﻲ اﻟﻧﻘض اﻟﻣدﻧﻲ‪.‬‬

‫اﻟطﺑﻌﺔ اﻷوﻟﻰ‪ .‬دار اﻟﻌداﻟﺔ‪ .‬اﻟﻘﺎﻫرة‪.2006 .‬‬

‫‪ -‬أﻧور اﻟﻌﻣروﺳﻲ‪ .‬اﻟﻌﻘود اﻟواردة ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻣل ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ‪ .‬ط ‪ .1‬ﻣﻧﺷﺄة اﻟﻣﻌﺎرف‪ .‬اﻷﺳﻛﻧدرﯾﺔ‪2003 .‬‬

‫‪ -‬ﺑﺷﯾر ﻫدﻓﻲ‪ .‬اﻟوﺟﯾز ﻓﻲ ﺷرح ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻣل‪ .‬اﻟطﺑﻌﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ‪ .‬دار اﻟرﯾﺣﺎﻧﺔ ﻟﻠﻛﺗﺎب‪ .‬اﻟﺟزاﺋر‪2003 .‬‬

‫‪ -‬ﺟﻌﻔر اﻟﻔﺿﯾﻠﻲ‪ .‬اﻟوﺟﯾز ﻓﻲ اﻟﻌﻘود اﻟﻣدﻧﯾﺔ ‪...‬اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪ .‬دراﺳﺔ ﻓﻲ ﺿوء اﻟﺗطور اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ و ﻣﻌز زة ﺑﺎﻟﻘرارات‬

‫اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ‪ .‬د ط‪ .‬ﻣﻛﺗﺑﺔ دار اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ ﻟﻠﻧﺷر و اﻟﺗوزﯾﻊ‪ .‬ﻋﻣﺎن‪ .‬اﻷردن‪ .‬د ﺳﻧﺔ طﺑﻊ‪.‬‬

‫‪ -‬ﺣﺳﯾن اﻟﺗوﻧﺳﻲ‪ .‬اﻧﺣﻼل اﻟﻌﻘد‪ .‬دراﺳﺔ ﺗطﺑﯾﻘﯾﺔ ﺣول ﻋﻘد اﻟﺑﯾﻊ وﻋﻘد ﻣﻘﺎوﻟﺔ‪ .‬دار اﻟﺧﻠدوﻧﯾﺔ‪ .‬اﻟﺟزاﺋر‪ .‬اﻟطﺑﻌﺔ‬

‫اﻷول‪2007 .‬‬

‫‪ -‬ﺧﺎﻟد ﻏﺎزي أﺑو ﻋراﺑﻲ‪ .‬اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻣن اﻟﺑﺎطن‪ .‬دراﺳﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﻣﻊ ﻓﻘﻪ اﻹﺳﻼﻣﻲ‪ .‬اﻟطﺑﻌﺔ اﻷوﻟﻰ‪ .‬دار واﺋل ﻟﻠﻧﺷر‬

‫و اﻟﺗوزﯾﻊ‪ .‬ﻋﻣﺎن‪.2009 .‬‬

‫‪ -‬ﻋﺎطف ﻣﺣﻣد ﺣﺳﯾن أﺑوﻫرﺑﯾد‪ .‬ﻋﻘود اﻟﻣﻧﺎﻗﺻﺎت ﻓﻲ اﻟﻔﻘﻪ اﻹﺳﻼﻣﻲ‪ .‬ط ‪ .1‬دار اﻟﻧﻔﺎﺋس ﻟﻠﻧﺷر و اﻟﺗوزﯾﻊ‪.‬‬

‫اﻷردن‪ .‬ﻋﻣﺎن‪2006 .‬‬

‫‪ -‬ﻋﺑد اﻟرزاق أﺣﻣد اﻟﺳﻧﻬوري‪ .‬اﻟوﺳﯾط ﻓﻲ ﺷرح اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ‪ .‬ﻣﺻﺎدر اﻻﻟﺗزام‪ .‬اﻟﺟزء اﻷول‪ .‬ﻣﻧﺷﺄة اﻟﻣﻌﺎرف‪.‬‬

‫اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ‪.2003 .‬‬

‫‪73‬‬
‫ﻗﺎﺋﻣﺔ اﻟﻣراﺟـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻊ‬
‫‪ -‬ﻋﺑد اﻟرزاق أﺣﻣد اﻟﺳﻧﻬوري‪ .‬اﻟوﺳﯾط ﻓﻲ ﺷرح اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ‪،‬اﻟﻌﻘود اﻟﻣﺳﻣﺎة اﻟواردة ﻋﻠﻰ ﻋﻣل) ﻣﻘﺎوﻟﺔ واﻟوﻛﺎﻟﺔ‬

‫واﻟودﯾﻌﺔ واﻟﺣراﺳﺔ‪ .‬اﻟﻣﺟﻠد اﻟﺳﺎﺑﻊ‪ .‬اﻟﺟزء اﻷول‪ .‬ﻣﻧﺷﺄة اﻟﻣﻌﺎرف‪ .‬إﺳﻛﻧدرﯾﺔ‪2004 .‬ـ‬

‫‪ -‬ﻋﺑد اﻟرزاق ﺣﺳﯾن ﯾﺎﺳﯾن‪ .‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻣﻬﻧدس اﻟﻣﻌﻣﺎري و ﻣﻘﺎوﻟﺔ اﻟﺑﻧﺎء‪ .‬ﺷروطﻬﺎ‪ .‬ﻧطﺎق ﺗطﺑﯾﻘﻬﺎ و‬

‫اﻟﺿﻣﺎﻧﺎت اﻟﻣﺳﺗﺣدﺛﺔ ﻓﯾﻬﺎ‪ .‬دراﺳﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ‪ .‬ط ‪ .1‬دار اﻟﻣﻌﺎرف‪ .‬أﺳﯾوط‪ .‬ﻣﺻر‪.1987 .‬‬

‫‪ -‬ﻋﺑد اﻟﻔﺗﺎح اﻟﺷﻬﺎوي‪ .‬ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻓﻲ ﺗﺷرﯾﻌﻲ اﻟﻣﺻري و اﻟﻣﻘﺎرن‪ .‬ﻣﻧﺷﺄة اﻟﻣﻌﺎرف‪ .‬اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ‪2002 .‬‬

‫‪ -‬ﻋدﻧﺎن إﺑراﻫﯾم اﻟﺳرﺣﺎن‪ .‬اﻟﻌﻘود اﻟﻣﺳﻣﺎة ﻓﻲ اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ و اﻟوﻛﺎﻟﺔ و اﻟﻛﻔﺎﻟﺔ‪ .‬ﻣﻛﺗﺑﺔ دار اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ ﻟﻠﻧﺷر واﻟﺗوزﯾﻊ‪.‬‬

‫ﻋﻣﺎن‪ .‬اﻷردن‪.2007 .‬‬

‫‪ -‬ﻋﻣر ﺑن ﺳﻌﯾد‪ .‬اﻻﺟﺗﻬﺎد اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ وﻓﻘﺎ ﻷﺣﻛﺎم اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ‪ .‬اﻟطﺑﻌﺔ‪ .‬اﻟدﯾوان اﻟوطﻧﻲ ﻟﻸﺷﻐﺎل اﻟﺗرﺑوﯾﺔ‪.‬‬

‫اﻟﺟزاﺋر‪.2001 .‬‬

‫‪ -‬ﻓﺗﯾﺣﺔ ﻗرة‪ .‬أﺣﻛﺎم ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪ .‬دون طﺑﻌﺔ‪ .‬ﻣﻧﺷﺄة اﻟﻣﻌﺎرف‪ .‬إﺳﻛﻧدرﯾﺔ‪.1992 .‬‬

‫‪-‬ﻣﺣﻣد ﺣﺳن ﻗﺎﺳم‪ .‬اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ‪ .‬اﻟﻌﻘود اﻟﻣﺳﻣﺎة‪.‬اﻟﺑﯾﻊ‪-‬اﻟﺗﺄﻣﯾن)اﻟﺿﻣﺎن(‪-‬اﻹﯾﺟﺎر‪ .‬دراﺳﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ‪ .‬د ط‪.‬‬

‫ﻣﻧﺷورات اﻟﺣﻠﺑﻲ اﻟﺣﻘوﻗﯾﺔ‪ .‬ﺑﯾروت‪ .‬ﻟﺑﻧﺎن‪.2004 .‬‬

‫‪ -‬ﻣﺣﻣد ﺣﺳن ﻣﻧﺻور‪ .‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣﻌﻣﺎرﯾﺔ‪ .‬طﺑﻌﺔ اﻷوﻟﻰ‪ .‬دار اﻟﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺟدﯾدة ﻟﻠﻧﺷر‪ .‬اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ‪.1999 .‬‬

‫‪ -‬ﻣﺣﻣد ﻟﺑﯾب ﺷﻧب‪ .‬ﺷرح أﺣﻛﺎم ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻓﻲ ﺿوء اﻟﻔﻘﻪ و اﻟﻘﺿﺎء‪ .‬اﻟطﺑﻌﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ‪ .‬ﻣﻧﺷﺄة اﻟﻣﻌﺎرف‪.‬‬

‫إﺳﻛﻧدرﯾﺔ‪.2004 .‬‬

‫‪-‬ﻣﻌوض ﻋﺑد اﻟﺗواب‪.‬اﻟﻣرﺟﻊ ﻓﻲ اﻟﺗﻌﻠﯾق ﻋﻠﻰ ﻧﺻوص اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ‪...).‬ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪.(..‬ﻣﺟﻠد‪.7‬ط ‪.7‬ﻣﻛﺗﺑﺔ‬

‫ﻋﺎﻟم اﻟﻔﻛر و اﻟﻘﺎﻧون ﻟﻠﻧﺷر و اﻟﺗوزﯾﻊ‪.‬ﻣﺻر‪.2004 .‬‬

‫‪74‬‬
‫ﻗﺎﺋﻣﺔ اﻟﻣراﺟـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻊ‬
‫‪ -‬ﻣﻠﺣم ﻣﺎرون ﻛرم‪.‬اﻟﺟر م اﻟﻣدﻧﻲ‪ .‬دراﺳﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون و اﻟﻔﻘﻪ و اﻹﺟﺗﻬﺎد‪ .‬ط ‪ .1‬ﻣﻛﺗﺑﺔ زﯾن اﻟﺣﻘوﻗﯾﺔ و‬

‫اﻷدﺑﯾﺔ ش‪ .‬م‪.‬م‪ .‬ﺑﯾروت‪2004 .‬‬

‫‪ -‬ﻧﺎدﯾﺔ ﻓﺿﯾل‪ .‬اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺗﺟﺎري) اﻷﻋﻣﺎل اﻟﺗﺟﺎرﯾﺔ‪ ،‬اﻟﺗﺎﺟر‪ ،‬اﻟﻣﺣل اﻟﺗﺟﺎري(‪ .‬اﻟطﺑﻌﺔ اﻟﺳﺎدﺳﺔ‪ .‬دﯾوان‬

‫اﻟﻣطﺑوﻋﺎت اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ‪ .‬اﻟﺟزاﺋر‪.2004 .‬‬

‫‪ -‬ﻧﺑﯾل ﺳﻌد‪ .‬اﻟﺗﻧﺎزل ﻋن اﻟﻌﻘد‪ .‬د ط‪ .‬دار اﻟﻣﻌﺎرف‪ .‬اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ‪ .‬د س ط‪.‬‬

‫‪ -‬اﻟرﺳﺎﺋل ﺑﺣوث‬

‫‪ -‬ﺗوﻓﯾق زﯾداﻧﻲ‪ ،‬اﻟﺗﻧظﯾم اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﻟﻌﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻓﻲ ﺿوء أﺣﻛﺎم اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ اﻟﺟزاﺋري‪ ،‬ﺷﻬﺎدة اﻟﻣﺎﺟﺳﺗﯾرـ‬

‫ﻋﻣﺎر رزﯾق‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺣﺎج ﻟﺧﺿر‪ ،‬ﺑﺎﺗﻧﺔ‪ ،‬ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق ‪.2010-2009 ،‬‬

‫‪ -‬اﻟﻣﺟﻼت و اﻟﻣﻘﺎﻻت‬

‫‪ -‬اﻟﻣﺟﻠﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ اﻟﺻﺎدرة ﻋن ﻗﺳم اﻟﻣﺳﺗﻧدات و اﻟﻧﺷر ﻟﻠﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ‪ .‬اﻟﻌدد اﻷول ﺳﻧﺔ ‪1990‬‬

‫‪-‬اﻟﻣﺟﻠﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ اﻟﺻﺎدرة ﻋن ﻗﺳم اﻟﻣﺳﺗﻧدات و اﻟﻧﺷر ﻟﻠﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ‪ .‬اﻟﻌدد اﻷول‪ ،‬ﺳﻧﺔ‪.1998‬‬

‫‪ -‬اﻟﻣﺟﻠﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ اﻟﺻﺎدرة ﻋن ﻗﺳم اﻟﻣﺳﺗﻧدات و اﻟﻧﺷر ﻟﻠﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ‪ .‬اﻟﻌدد اﻷول‪ .‬ﺳﻧﺔ ‪2003‬‬

‫‪ -‬اﻟﻘواﻣﯾس‬

‫‪ -‬اﻟﻘﺎﻣوس اﻟﺟدﯾد ﻟﻠطﻼب‪ .‬اﻟطﺑﻌﺔ اﻟﺳﺎﺑﻌﺔ‪ .‬اﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻟوطﻧﯾﺔ ﻟﻠﻛﺗﺎب‪ .‬اﻟﺟزاﺋر‪.‬‬

‫‪ -‬اﻟﻣﺗﻘن اﻟﻣﻌﺟم اﻟﻌرﺑﻲ اﻟﻣﺻور ﻋرﺑﻲ ﻋرﺑﻲ‪،‬دار اﻟراﺗب‪،‬ﻟﺑﻧﺎن‬

‫‪-‬ﻣﻧﺟد اﻟﻠﻐﺔ و اﻹﻋﻼم‪ .‬طﺑﻌﺔ اﻟواﺣدة و اﻟﺛﺎﻟﺛﯾن‪ .‬دار اﻟﻣﺷرق‪ .‬ﺑﯾروت‪ .‬ﻟﺑﻧﺎن‪.‬‬

‫‪75‬‬
‫ﻗﺎﺋﻣﺔ اﻟﻣراﺟـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻊ‬
‫ ﺑﺎﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ‬:‫ﺛﺎﻧﯾﺎ‬

- Dutilleul François Collât et Delle becque Philippe. Contrats civils et commerciaux.

3éme édition. Dalloz. 2000.

-
Jean-Bernard Auby et Hugues Prinet-Marquet. Droit de L’industrie et de la

construction. 4eme édition. Montchrestien. 1995.

- Huet Jérôme. Traité de droit civil. Les principaux contrats spéciaux. Presse

universitaire de France. Paris. 1996.

- Ibrahim Yousef. La responsabilité des constructeurs dans le cadre du contrat -

d’entreprise. Revue Algérienne des sciences juridiques. Économique et politiques.

Faculté de droit de Ben aknoun. Université d’Alger. Volume 42. Éditions l’office

national des travaux éducatifs. Alger .2001.

- Philipe le Tourneau.La responsabilité civil 3emeédition, Dalloz, 1982

76
‫ﻓﻬرس اﻻﺧﺗﺻﺎرات‬

‫اﻟﻛﻠﻣ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎت‬ ‫اﻟﻣﺧﺗﺻرات‬

‫‪ -1‬اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ اﻟﺟزاﺋري‬ ‫‪ -1‬ق م ج‬

‫‪ -2‬اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺗﺟﺎري اﻟﺟزاﺋري‬ ‫‪ -2‬ق ت ج‬

‫‪ -3‬دون طﺑﻌﺔ‬ ‫‪ -3‬د ط‬

‫‪ -4‬اﻟطﺑﻌﺔ‬ ‫‪ -4‬ط‬

‫‪ -5‬دون ﺳﻧﺔ طﺑﻊ‬ ‫‪ -5‬د س‬

‫‪ -6‬اﻟﺻﻔﺣﺔ‬ ‫‪ -6‬ص‬

‫‪ -7‬اﻟﺻﻔﺣﺔ ﻣن ‪..‬إﻟﻰ‪..‬‬ ‫‪ -7‬ص ص‬

‫‪ -8‬ﻋدد‬
‫‪ -8‬ع‬

‫‪ -9‬اﻟﺟرﯾدة اﻟرﺳﻣﯾﺔ ﻟﻠﺟﻣﻬورﯾﺔ اﻟﺟزاﺋرﯾﺔ‬


‫‪ -9‬ج ر ج ج‬

‫‪70‬‬
‫ﻗﺎﺋﻣﺔ اﻟﻣراﺟﻊ‬

‫ﻓﮭرس اﻟﻣوﺿوﻋﺎت‬

‫اﻟﻌﻧوان‪........................................................................... .......................‬اﻟﺻﻔﺣﺔ‬

‫اﻟﻣﻘدﻣـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺔ‪1................................................................... ....................‬‬

‫اﻟﻔﺻل اﻷول ‪ :‬ﻣﺎﻫﯾﺔ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ وﻛﯾﻔﯾﺔ اﻧﻌﻘﺎدﻩ‪4..................................................‬‬

‫اﻟﻣﺑﺣث اﻷول‪ :‬ﻣﻔﻬوم ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪5.......................................................... ......‬‬

‫اﻟﻣطﻠب اﻷول‪ :‬ﺗﻌرﯾف ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ وﺧﺻﺎﺋﺻﻬﺎ‪5....................................................‬‬

‫اﻟﻔرع اﻷول‪ :‬ﺗﻌرﯾف ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪6........................................................... ......‬‬

‫اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬ﺧﺻﺎﺋص ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪8................................................................‬‬

‫اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬طﺑﯾﻌﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻟﻌﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ وﺗﻣﯾﯾز ﻫﺎ ﻋن اﻟﻌﻘود اﻷﺧرى ‪10.........................‬‬

‫اﻟﻔرع اﻷول‪ :‬طﺑﯾﻌﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻟﻌﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ‪11.........................................................‬‬

‫اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬ﺗﻣﯾﯾز اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻋن اﻟﻌﻘود اﻷﺧرى‪13.....................................................‬‬

‫اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬ﺻور إﻧﻌﻘﺎد ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪17........................................................‬‬

‫اﻟﻣطﻠب اﻷول‪ :‬أرﻛﺎن ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪17.................................................................‬‬

‫اﻟﻔرع اﻷول‪ :‬اﻟﺗراﺿﻲ‪17..............................................................................‬‬

‫اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬اﻟﻣﺣ ـ ــل ‪22...............................................................................‬‬

‫اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬أﻧواع إﺑرام ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪27.............................................................‬‬

‫اﻟﻔرع اﻷول‪ :‬إﺑرام ﺑطرﯾﻘﺔ ﻣﺑﺎﺷرة‪27....................................................................‬‬

‫اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬إﺑرام ﺑطرﯾﻘﺔ ﻏﯾر ﻣﺑﺎﺷرة‪31...............................................................‬‬

‫ﺧﻼﺻﺔ اﻟﻔﺻل‪35....................................................................................‬‬

‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬آﺛﺎر ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ و أﺳﺑﺎب إﻧﻘﺿﺎء‪36.................................................‬‬

‫اﻟﻣﺑﺣث اﻷول‪ :‬آﺛﺎر ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪37...................................................................‬‬

‫‪77‬‬
‫ﻗﺎﺋﻣﺔ اﻟﻣراﺟﻊ‬
‫اﻟﻣطﻠب اﻷول‪ :‬اﻟﺗزاﻣﺎت رب اﻟﻌﻣل و ﺟزاء اﻹﺧﻼل ﺑذﻟك‪37...........................................‬‬

‫اﻟﻔرع اﻷول‪ :‬اﻟﺗزاﻣﺎت رب اﻟﻌﻣل‪37....................................................................‬‬

‫اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬ﺟزاء اﻹﺧﻼل ﺑﺎﻻﻟﺗزاﻣﺎت‪44..............................................................‬‬

‫اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬اﻟﺗزاﻣﺎت اﻟﻣﻘﺎول و اﻟﺿﻣﺎن اﻟﻌﺷري‪46.................................................‬‬

‫اﻟﻔرع اﻷول‪ :‬اﻟﺗزاﻣﺎت اﻟﻣﻘﺎول اﻟﻌﻘدﯾﺔ‪47................................................................‬‬

‫اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬اﻟﺿﻣﺎن اﻟﻌﺷري)اﻻﻟﺗزام اﻟﻘﺎﻧو ﻧﻲ ﻟﻠﻣﻘﺎول و اﻟﻣﻬﻧدس اﻟﻣﻌﻣﺎري(‪50.........................‬‬

‫اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬أﺳﺑﺎب اﻧﻘﺿﺎء ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪54.........................................................‬‬

‫اﻟﻣطﻠب اﻷول‪ :‬اﻷﺳﺑﺎب اﻟﻌﺎﻣﺔ‪54......................................................................‬‬

‫اﻟﻔرع اﻷول‪ :‬اﻧﺗﻬﺎء ﺑﺗﻧﻔﯾذ اﻟﻌﻘد ‪55......................................................................‬‬

‫اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬اﻧﺗﻬﺎء ﻗﺑل ﺗﻧﻔﯾذ اﻟﻌﻘد‪56..................................................................‬‬

‫اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬اﻷﺳﺑﺎب اﻟﺧﺎﺻﺔ‪59....................................................................‬‬

‫اﻟﻔرع اﻷول‪ :‬اﻧﺗﻬﺎء ﺑﺈرادة رب اﻟﻌﻣل اﻟﻣﻧﻔردة ‪59.........................................................‬‬

‫اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ ‪ :‬ﻣوت اﻟﻣﻘﺎول‪63.........................................................................‬‬

‫ﺧﻼﺻﺔ اﻟﻔﺻل ‪67.....................................................................................‬‬

‫ﺧﺎﺗﻣ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺔ ‪68..............................................................................‬‬

‫ﻓﻬرس اﻟﻣﺧﺗﺻرات ‪70.................................................................................‬‬

‫ﻗﺎﺋﻣﺔ اﻟﻣراﺟﻊ ‪71.......................................................................................‬‬

‫ﻓﻬرس اﻟﺑﺣث‪77.......................................................................................‬‬

‫‪78‬‬
‫ﻣﻠﺧص‬
‫ﯾﻌﺗﺑر ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻣن أﻫم اﻟﻌﻘود اﻟﺗﻲ ﯾﻌﺗﻣد ﻋﻠﯾﻬﺎ اﻹﻧﺳﺎن ﻟﻠﺣﺻول ﻋﻠﻰ اﻟﺧدﻣﺎت و اﻷﻋﻣﺎل‪ ،‬ﻧظرا‬
‫ﻟﺗﻌدد أﺷﻛﺎل و ﺻور ﻫذا اﻟﻌﻘد و ﺗﻧوع اﻷﻋﻣﺎل اﻟﺗﻲ ﯾرد ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻣن ﺧﻼل اﻟﻣﻌﺎﻣﻼت اﻟﯾوﻣﯾﺔ ﺑﯾن اﻟﻧﺎس‪،‬‬
‫و أﺧﯾرا ﯾﻧﺗﻬﻲ ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﻷﺳﺑﺎب ﻋدﯾدة‪ ،‬ﻗد ﯾﻛون ذﻟك ﺑﺻورة ﻣﺄﻟوﻓﺔ و ﻣﻌﺗﺎدة ﺑﺗﻧﻔﯾذﻩ و ﺑﺳﺑﺑﺎن ﺧﺎﺻﺎن ﺑﻪ‬
‫أوردﻫﻣﺎ اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﺿﻣن اﻟﻧﺻوص اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﻣﻧظﻣﺔ ﻟﻬذا اﻟﻌﻘد ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ‪ ،‬و ﯾﺗﻌﻠق اﻷﻣر‬
‫ﺑﺣﺎﻟﺗﻲ‪ ،‬ﺗﺣﻠل رب اﻟﻌﻣل ﻣن ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ ﺑﺈرادﺗﻪ اﻟﻣﻧﻔردة و ﺣﺎﻟﺔ وﻓﺎة اﻟﻣﻘﺎول‪.‬‬

‫اﻟﻛﻠﻣﺎت اﻟﻣﻔﺗﺎﺣﯾﺔ‪:‬‬
‫ﻋﻘد اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ‪ ،‬اﻟﻣﻘﺎول‪ ،‬رب اﻟﻌﻣل‪ ،‬اﻟﺿﻣﺎن اﻟﻌﺷري‪ ،‬اﻟﻣﻘﺎوﻟﺔ اﻟﻔرﻋﯾﺔ‪ ،‬اﻟﻣﻬﻧدس اﻟﻣﻌﻣﺎري‪.‬‬

‫‪79‬‬

You might also like