You are on page 1of 6

‫الفقر‬

‫مقدمة‬

‫الفقر من المصائب التي قَّد ر هللا وقوعها ‪ ،‬إما على شخص بعينه أو أسرة أو مجتمع ‪ ،‬وللفقر آثاره السيئة على االعتقاد والسلوك ‪ ،‬فإن كثيرًا من المنصرين‬
‫يستغلون فقر الشعوب وقلة ذات يدهم لنشر النصرانية في صفوفهم ‪ ،‬وكذا فإنه ينتشر بسبب الفقر من األخالق الرذيلة الشيء الكثير ؛ وذلك لجبر فقرهم ‪،‬‬
‫وسد حاجتهم ‪ ،‬فينتشر بينهم السرقة ‪ ،‬والقتل ‪ ،‬والزنا ‪ ،‬وبيع المحرمات ‪ ،‬وال شك أن لتلك األمور أثرها السيئ على الفرد والمجتمع ‪ ،‬وقد ذكر هللا تعالى‬
‫‪.‬عن المشركين أن بعضهم كان يقتل ولده فلذة كبده إما من الفقر الذي يعيشه ‪ ،‬أو خشية أن يصيبه الفقر‬

‫تعريفه‬
‫‪ .‬الفقــــــــــر هو عدم القدرة للوصول الى الحد األدنى من االحتياجات المهمة المادية كالطعام والسكن والملبس ووسائل التعليم والصحة‬
‫وحاجات غير مادية مثل حق المشاركة والحرية االنسانية والعدالة أالجتماعية‪ .‬ويعرف أيضا أنه عدم القدرة على تحقيق الحد األدنى من مستوى المعيشة‪.‬‬
‫ويمكن تعريف الدول الفقيرة بأنها تلك الدول التي تعاني من مستويات منخفضة من التعليم والرعاية الصحية وتوافر المياه النقية صحيا لالستهالك البشري‬
‫والصرف الصحي ومستوي الغذاء الصحي كمًا أو نوعًا لكل أفراد المجتمع‪ ،‬ويضاف إلى ذلك معاناتها من تدهور واستنزاف مستمر لمواردها الطبيعية مع‬
‫‪.‬انخفاض مستوى دائرة الفقر‬

‫‪.‬يعتبر الفقر علة تتفشى في جسد العالم‪ ،‬ومرض خبيث يصل حّد القتل‪ ،‬يفتك ويضرب ويشّر د كّل كائٍن بشرٍّي فقيٍر على وجه األرض‬

‫ورغم كل الّت قديرات والمؤّش رات والحلول اّلتي وضعت من خالل الخبراء ال يزال الفقر منتشرًا رغم ما يتمّت ع به العالم من خيرات تنتشر من شماله إلى‬
‫‪.‬جنوبه ومن شرقه إلى غربه‬

‫الفقر هو المعضلة الكبرى التي تواجه المجتمعات على كافة صنوفها وفي أي زمان أو مكان كانت‪ ،‬وهو أس كل المشكالت وأس الشرور في العالم‪ ،‬ومن‬
‫ال يضع مبررات للفقراء عند ارتكابهم الجرائم هو إنسان غير مدرك آلثار وعواقب الفقر‪ ،‬وهذا ال يعني أن يرتكب كل فقير جريمة فقد يقول قائل هناك من‬
‫الفقراء من يعلم الشرف والعفة ألرقى الناس في المجتمع‪ ،‬هذا صحيح و مرده األول إلى شخصية اإلنسان والطريقة التي ُرّبي عليها وإلى الظروف أيضًا‬
‫قبل كل شيء‪ ،‬فمن يضمن أنه لن يتحول إلى مجرم إذا ما وضع هو أو غيره في نفس الظروف التي مر بها هذا الفقير المجرم؟! وال يوجد هناك من هو‬
‫معصوم‪ ،‬وقد يكون األغنياء ممن يطالبون بإيقاع أقصى العقوبات على الفقير المجرم في المجتمع بدًأل من أن يساعدوه ويأخذوا بيده ويعيدوا تأهيله ليصبح‬
‫شخصًا نافعًا في المجتمع‪ ،‬كما أن هؤال ء األغنياء قد يكون لديهم نزعات إجرامية ولكنها مخبأة ومدفونة بسبب الظروف الجيدة التي يمرون بها فإذا ما‬
‫‪.‬أزيلت هذه الظروف عنهم‪ ،‬أصبحوا من أشد الناس إجرامًا‬

‫انتشار الفقر‪ :‬مظاهره و تجلياته‬


‫تضم دائرة الفقر بلـيون فرد في العالم بعد الهند والتي يقل فيها دخل الفرد عن ‪ 600‬دوالر سنويًا‪ ،‬ومنهم ‪ 630‬ملـيون في فقر شـديـد (حيث متوسط دخل‬
‫الفرد يقل عن ‪ 275‬دوالر سنويًا)‪ ،‬وإذا أتسعت الدائرة وفقا لمعايير التنمية البشرية لشملت ‪ 2‬مليار فرد من حجم السكان في العالم البالغ حوالي ‪ 6‬مليار‬
‫فرد‪ ،‬منهم مليار فرد غير قادرين على القراءة أو الكتابة‪ 1.5 ،‬مليار ال يحصلون علي مياه شرب نقية‪ ،‬وهناك طفل من كل ثالثة يعاني من سوء التغذية‪،‬‬
‫وهناك مليار فرد يعانون الجوع‪ ،‬وحوالي ‪ 13‬مليون طفل في العالم يموتون سنويًا قبل اليوم الخامس من ميالدهم لسوء الرعاية أو سوء التغذية أو ضعف‬
‫‪.‬الحالة الصحية للطفل أو األم نتيجة الفقر أو المرض‬

‫باختالف البلدان والثقافات واألزمنة وال يوجد اتفاق دولي حول تعريف الفقر نظرًا لتداخل العوامل االقتصادية واالجتماعية ‪ Poverty‬يختلف مفهوم الفقر‬
‫والسياسية التي تشكل ذلك التعريف وتؤثر عليه‪ ،‬إال أنه هناك اتفاق بوجود ارتباط بين الفقر وإلشباع من الحاجات األساسية المادية أو غير المادية‪ ،‬وعليه‬
‫فهناك اتفاق حول مفهوم الفقر على أنه حالة من الحرمان المادي الذي يترجم بانخفاض استهالك الغذاء‪ ،‬كما ونوعا‪ ،‬وتدني الوضع الصحي والمستوى‬
‫التعليمي والوضع السكني‪ ،‬والحرمان من السلع المعمرة واألصول المادية األخرى‪ ،‬وفقدان الضمانات لمواجهة الحاالت الصعبة كالمرض واإلعاقة‬
‫‪.‬والبطالة وغيرها‬

‫وللحرمان المادي انعكاسات تتمثل بأوجه أخرى للفقر كعدم الشعور باألمان ضعف القدرة على اتخاذ القرارات وممارسة حرية االختيار ومواجهة‬
‫‪.‬الصدمات الخارجية والداخلية‬

‫وبمفهوم مبسط للفقر يعتبر الفرد أو األسرة يعيش ضمن إطار الفقر إذا كان الدخل المتأتي له غير كاٍف للحصول على أدنى مستوى من الضروريات‬
‫‪.‬للمحافظة على نشاطات حياته وحيويتها‬

‫للفقر العديد من التعريفات تبعث من منطلقات إيديولوجية واقتصادية وثقافية‪ ,‬وهو بشكل عام ال يمثل ظاهرة في المجتمع بل يترجم خالل ما في تنظيم هذا‬
‫المجتمع‪ .‬والفقر ليس صفة بل هو حالة يمر بها الفرد تبعا لمعايير محددة‪ ,‬فمثال يعرف الفقر بمفهومه العام علي انه انخفاض مستوى المعيشة عن مستوى‬
‫‪.‬معين ضمن معايير اقتصادية واجتماعية‬

‫وعرف بشيء من التفصيل على «أنه الحالة االقتصادية التي يفتقد فيها الفرد الدخل الكافي للحصول على المستويات الدنيا من الرعاية الصحية والغذاء‬
‫‪».‬والملبس والتعليم وكل ما ُيعد من االحتياجات الضرورية لتأمين مستوى الئق في الحياة‬

‫وفي ضوء الِّش ْر عة الدولية لحقوق اإلنسان‪ ،‬يمكن تعريف الفقر بأنه وضع إنساني قوامه الحرمان المستمر أو المزمن من الموارد‪ ،‬واإلمكانات‪ ،‬والخيارات‪،‬‬
‫‪.‬واألمن‪ ،‬والقدرة على التمتع بمستوى معيشي الئق وكذلك من الحقوق المدنية والثقافية واالقتصادية والسياسية واالجتماعية األخرى‬
‫أما أنواع الفقر فقد حاولت العديد من الدراسات والبحوث أن تضع تصنيفات محددة لظاهرة الفقر‪ ،‬وقد اختلفت تلك التصنيفات‪ ،‬ومن أشهر تلك التصنيفات‬
‫هو ” الحالة التي ال ‪ Absolute Poverty‬هو التصنيف على أساس مستوى الفقر الذي قسم الفقر إلى عدة مستويات وذلك لغرض قياسه كالفقر المطلق‬
‫يستطيع فيها اإلنسان عبر التصرف بدخله‪ ،‬الوصول إلى إشباع حاجاته األساسية المتمثلة بالغذاء‪ ،‬والمسكن‪ ،‬والملبس‪ ،‬والتعلم‪ ،‬والصحة‪ ،‬والنقل “‪ ،‬والفقر‬
‫‪ Extreme Poverty‬المدقع‬

‫هو الحالة التي ال يستطيع فيها اإلنسان‪ ،‬عبر التصرف بدخله‪ ،‬الوصول إلى إشباع حاجاته الغذائية“ ‪Disruptive Poverty‬وما يسمى بالفقر المزري‬
‫‪ Pauperism،‬لتأمين عدد معين من السعرات الحرارية التي تمكنه من مواصلة حياته عند حدود معينة”‪ ،‬والذي يقترب من الفقر المدقع وما يسمى بالفاقة‬
‫لقد حدد بعض الباحثين نوع آخر من الفقر الذي يتعرض له ‪ Welfare Poverty‬وقد أضافت بعض الدراسات نوع آخر من الفقر وهو فقر الرفاهة‬
‫بعض الشرائح االجتماعية وخاصة في المجتمعات الغربية التي تعيش فيما يسمى بالبلدان المتطورة والتي يتمتع أفرادها بالمنجزات الحضارية الحديثة‬
‫‪.‬كاألجهزة المتطورة والحديثة وبعض وسائل الترفيه المتنوعة التي تفتقر إليها بعض الشرائح وذلك أطلق عليه تسمية فقر الرفاهة‬

‫وقد أوردت بعض الدراسات أنواع أخرى للفقر والتي صنفت حسب العوامل المسببة للفقر‪ ،‬إذ قسم الفقر إلى نوعين رئيسيين هما فقر التكوين وفقر‬
‫التمكين‪ ،‬حيث يمثل النوع األول مظاهر الفقر الناتجة بسبب المعوقات والصعوبات الواقعية أو االفتراضية كالعوامل البيولوجية ‪ /‬الفسيولوجية والتي في‬
‫‪.‬مقدمتها العوق البدني والعقلي والنفسي بأشكاله المختلفة والتي تمثل قصورًا في القدرات الشخصية لألفراد‬

‫والعوق االجتماعي النفسي‪ ،‬ممثًال في األنوثة مقارنة بالذكورة‪ ،‬والشباب مقارنين باألطفال وبكبار السن‪ ،‬والجماعات الفرعية مقارنة ببعضها أو بالمجتمع‬
‫‪.‬السياسي ‪ /‬الدولة‬

‫أما النوع الثاني من الفقر وهو فقر التمكين والذي يعتبر فقر مؤسسي‪ ،‬يفصح عن نقص في قدرة مؤسسات المجتمع على تلبية احتياجات الناس أو – وهو‬
‫‪.‬المهم – تفعيل قدراتهم المتاحة أو الممكنة وحثهم على إستثمراها‬

‫أسباب الفقر‬
‫يعد الفقر نتيجًة لعدم تكافئ الفرص‪ ،‬والتفرقة بين الّن اس في الحقوق والواجبات؛ فمثًال هناك أناس لهم حقوق أكثر مقابل التزامات أكثر‪ ،‬ويعتبر الفقر أيضًا‬
‫نتيجًة للعنصرّية الجغرافّية‪ ،‬والعنصرّية البشرّية؛ بمعنى أّن هناك إقليم في بلد ما يتمّيز عن اآلخر في العناية به والخدمات اّلتي يتمّتع بها‪ ،‬وإقليٌم آخر ال‬
‫‪.‬يوجد به أّي اهتمام في الخدمات‪ ،‬وهي ال تتناسب أيضًا مع أهمّية اإلقليم وحجمه‬

‫ويعود السبب في ذلك الخلل بين األقاليم إلى أّن الّسلطات اّلتي تتوّلى الحكم ال يهّمها إال بقاءها في الحكم؛ فهي تفقد اإلحساس باآلخر‪ ،‬وكأّن رئيس الّد ولة‬
‫يعطيها( حقن بنج) ليخّد رها فتفقد اإلحساس باآلخر ‪ ،‬وتميل التربية في العالم العربي اليوم إلى الذاتّية واألنانّية؛ فهم ترّبوا على انعدام اإلحساس باآلخر إاّل‬
‫‪.‬هم وأوالدهم‪ ،‬ويعتبرون الباقين حشراٍت أو كائناٍت اختارها هللا عّز وجل لخدمتهم‪ ،‬وُيعّد ( حق التميز )هو شغلنا الشاغل‬

‫ومن األسباب المعروفة للفقر ندكر مايلي‬


‫عدم وجود دخل ثابت‬
‫فالكثير من األشخاص يحاول بكل الطرق أن يبحث عن عمل ثابت‪ ،‬يوفر له الدخل المحترم الذي يستره ويستر عائلته‪ ،‬إّال أن هذه األحالم تتبدد بمجرد‬
‫التعرض للسوق المحلي‪ ،‬لتجد أنه ال يوجد لك شاغر بشهادتك العلمية التي دفعت عليها األموال الطائلة لكي تحصل عليها‪ ،‬وبالتالي تقبل بالعمل في أقل‬
‫مهنة‪ ،‬بأقل راتب أو دخل‪ ،‬ليكون عليك أن تحترم ذلك‪ ،‬وأاّل تتمرد‪ ،‬فالتمرد بالنسبة إليك يعني الطرد‪ ،‬ليجدوا بديًال عنك في أقل من خمس دقائق‪ ،‬وربما‬
‫‪.‬بأقل أجر ممكن‪ ،‬فهي حاجة ملحة‪ ،‬والكل بحاجة ألن يعمل حتى لو اضطر للتخلي عن أبسط الحقوق‬

‫فتجد أن األب على سبيل المثال لديه من األبناء خمسة‪ ،‬اثنان منهما في المرحلة الجامعية‪ ،‬فقبل ذلك كانت المصاريف بسيطة‪ ،‬وكلما كبر األوالد زاد‬
‫الضغط على قيمة الراتب‪ ،‬وزادت المصروفات‪ ،‬حتى أصبحت قيمة الدخل الحقيقية ال تغطي المصاريف التي تعتبر أساسًا من أساسيات الحياة‪ ،‬مما يدفع‬
‫األب للتخلي عن الحياة العادية‪ ،‬واللجوء لحالة من التقشف في سبيل التخلص من هذه األزمة‪ ،‬والوقوف عليها من أجل تعليم األبناء‪ ،‬ومن ثم يدفعهم فيما بعد‬
‫لمواجهة الحياة‪ ،‬واللجوء لسوق العمل للبحث عن أي عمل يغنيهم عن السؤال‪ ،‬ويوفر لهم الحياة المستورة التي يحلم بها أي مواطن عادي في مجتمعاتنا‬
‫‪.‬العربية‬

‫اللجوء للعمالة األجنبية‬

‫فالكثير من أرباب العمل تجدهم يعزفون عن القبول بموظفين محليين‪ ،‬والسبب في ذلك أنهم يحتاجون إلى المصاريف باإلضافة إلى التأمين والمعاش وما‬
‫إلى ذلك‪ ،‬ويجد أن العمالة األجنبية أرخص من ناحية المصاريف‪ ،‬وأيضًا من الممكن القبول بأي راتب أو أجر يوفره لهم صاحب العمل‪ ،‬فالحاجة الملحة‬
‫‪.‬التي دفعتهم لترك بالدهم ستجبرهم على القبول بالقليل‪ ،‬والمحاولة لتأمين المكان والطعام فقط‪ ،‬فهم ال يبحثون عن الزواج أو القصور وما إلى ذلك‬

‫غالء األسعار‬
‫فأسعار المواد األساسية كل يوم في ازدياد‪ ،‬والسبب في ذلك راجع إلى عدم القدرة على السيطرة على التجار‪ ،‬وعدم وجود رقابة حقيقية على أسعار‬
‫البضائع‪ ،‬فتجد أّن ها كل يوم في ازدياد‪ ،‬والسلع التي يزيد سعرها هي من السلع األساسية أي التي تخص المأكل والمشرب‪ ،‬كالدقيق والقمح والخبز والسكر‬
‫وغيرها من السلع األساسية‪ ،‬وعندما تسأل التاجر عن سر الغالء يرد عليك بأنه اشتراها بسعر أعلى‪ ،‬وأّن ها تزيد عليه‪ ،‬وال بد أن يشتري بالسعر العالي‪،‬‬
‫ويبيع بالسعر العالي أيضًا حتى يوفر الربح‪ ،‬ولو القليل منه‪ ،‬فهذه المشكلة بيد الكبار‪ ،‬الذين ينظرون بعين مغمضة عما يحدث في الشارع‪ ،‬غير مبالين أو‬
‫‪.‬مكترثين بالمواطنين الذين أصبحوا يقضون باقي الشهر بدون طعام مأمن في بيوتهم‬

‫قلة األجور‬
‫فاألجور التي يتقاضاها العامل‪ ،‬خاصة الشخص الذي ال يحمل شهادة أقل بكثير مما توفر له االحتياجات األساسية أو تساعده على رفع مبلغ منها ولو‬
‫صغير من أجل بناء المستقبل‪ ،‬وهذا ما يجعل األمر سيئًا للغاية‪ ،‬فالكثير من الشباب تجدهم يجلسون بال عمل‪ ،‬ألن العمل الذي وجدوه ال يحقق لهم أي حياة‬
‫‪.‬كريمة أو حياة عادية‪ ،‬فلماذا التعب في نظرهم‪ ،‬وتجدهم يتركون العمل‪ ،‬ويجلسون على المقاهي في معظم األوقات‬

‫األسباب الروحانية التي تتعلق بالفقر‬


‫وهناك العديد من األسباب التي أراد هللا سبحانه وتعالى أن يذكرنا بأنها موجودة في حياتنا‪ ،‬وقد تكدر علينا العيش الكريم‪ ،‬وتسبب في الفقر وقلة الفرص‪،‬‬
‫ومن أهم هذه األسباب ما يلي‬

‫عدم الرضا بالقليل فاهلل سبحانه وتعالى قد أعطى كل شخص على قدره‪ ،‬ولو كانت الزيادة في المعاش بالنسبة لهذا الشخص‪ ،‬لصرفها في غير أوجه الحق‪،‬‬
‫مما قد يجعله مواطنًا غير شريفًا ‪ ،‬أو يرتكب المعاصي‪ ،‬لذلك يكف هللا عنه الرزق‪ ،‬ويقلله ليوفر له أقل االحتياجات فقط‪ ،‬تأمينا منه لحياته من جهة‪ ،‬ورحمة‬
‫به من جهة أخرى‪ ،‬ولو أننا بشر شكورين‪ ،‬لشكرنا هللا على حجم النعم الكبيرة التي منحنا إياها‪ ،‬فلو كان الراتب قليًال من الممكن أن تقوم بالعيش الطيب‪،‬‬
‫فقط إن استطعت أن تأمن حياتك بالصورة الصحيحة‪ ،‬وتبتعد عن األشياء التي تدمر الصحة وتصرف فيها المال بدون أن تشعر أنه قد ضاع منك وأنت ال‬
‫‪.‬تشعر كالتدخين وغيرها‬

‫عدم التوكل على هللا فالتوكل على هللا من أسمى األمور التي دعانا هللا سبحانه وتعالى إلى القيام بها عند كل صباح وقبل الذهاب للعمل‪ ،‬فال بد أن تتكل على‬
‫هللا في كل خطوة تخطوها‪ ،‬وتأكد أن الرزق بيد هللا سبحانه وتعالى‪ ،‬ولن يصيبك من رزق إاّل هو لك‪ ،‬وما لم يصيبك فهو باألساس لم يكن ملكك‪ ،‬وعليه ال‬
‫بّد أن تقنع نفسك أن األجر القليل أو الفقر الذي تعيش به هو نعمة من هللا‪ ،‬وأن الساعي في الخير يوفقه هللا ويرضى عنه‪ ،‬ويزيد من قدره بين الناس‪،‬‬
‫‪.‬ويجعل مكانته طيبة‬

‫الجزع من أمر هللا فهناك من تجده يبكي ويندب حظه‪ ،‬ويقول لماذا يا رب لم تخلقني كذا‪ ،‬وما بال كذا لديه من األموال وأنا فقير‪ ،‬فهذه األمور وغيرها قد‬
‫تخرجك من الملة وأنت ال تشعر‪ ،‬وقد تدمر حياتك بالكامل‪ ،‬فتوقف عنها واستغفر ربك‪ ،‬وكن قنوعا بما قسمه هللا لك‪ ،‬وحاول أن تدفع برزقك بعيدا عن‬
‫المطامع‪ ،‬وكن الطيب بين الناس‪ ،‬واذكر ربك بالخير‪ ،‬فاهلل سبحانه يقول لئن شكرتم ألزيدنكم‪ ،‬فاذكروا هللا على الدوام‪ ،‬واشكروه على دوام النعمة والفضل‬
‫‪.‬الكبير‬

‫عدم اإلنفاق في سبيل هللا‬


‫فاإلنفاق في سبيل هللا من أسمى األمور التي يجب على المؤمن أن يتخلق بها‪ ،‬حتى لو كان الذي بيده قليل‪ ،‬وحاولوا أن تكثفوا من الدعاء‪ ،‬وتخرجوا‬
‫‪.‬الصدقات في كل يوم تستطيعون فيه ذلك‪ ،‬حتى يوسع هللا عليكم الرزق وال يضيقها أكثر‬

‫كيفية مواجهة الفقر‬


‫يمثل الفقر أيا كانت أبعاده عائقا رئيسيا أمام كافة الجهود اإلنمائية واالستثمار في البيئة أو المجتمع ورفع معدالت النمو واألداء االقتصادي واالجتماعي كما‬
‫يشكل تهديدًا لالستقرار السياسي واالجتماعي في كافة البلدان ومصدرا رئيسيا للقلق وعدم اطمئنان الفرد على حاضره ومستقبله‪ .‬ونجد كثيرًا من علماء‬
‫االجتماع قد اهتموا بوضع المقترحات لمواجهة الفقر منهم «الفريدمان» الذي وضع نموذجا لتفعيل أو التمكين للفقراء ويعني بالتمكن هنا أنه قدرة البشر‬
‫بشكل خاص على امتالك المزايا التالية‬

‫مدخل لمصادر إنتاجية تمكنهم من زيادة مكاسبهم من الموارد والخدمات التي يحتاجونها •‬
‫المشاركة في قرارات عملية التنمية‪ ،‬وهو يرى أن الفقراء تنقصهم مصادر القوة االجتماعية واالقتصادية لتحسين ظروفهم المعيشية •‬

‫وهو يرى أيضا أن الفرد فقير وليس ألنه يفتقد الثروة ولكن ألنه ليس لديه مدخول للحصول على القوة االجتماعية‪ .‬ولقد أورد «الفريدمان» ثمانية أسس‬
‫لمواجهة الفقر وهي‬
‫‪.‬توفير مكان لحياة آمنة للفرد •‬
‫‪.‬طرح مداخل الستغالل الوقت •‬
‫‪.‬اكتساب المعرفة والمهارة •‬
‫‪.‬توفير المعلومات •‬
‫االنضمام لمنظمات اجتماعية •‬
‫إقامة شبكة اجتماعية مكثفة مع العالم الخارجي •‬
‫‪.‬توفير وسائل العمل واإلنتاج •‬

‫‪.‬توفير الدعم المالي‪.‬وتعتبر هذه األسس الثمانية ليست مستقلة عن بعضها البعض ولكنها متداخلة ومترابطة القوة االجتماعية وتحسين المستوى المعيشي •‬

‫كما نجد أن اإلسالم اهتم أيضا بمشكلة الفقراء ولذلك نجد أن اإلسالم يهدف إلى تحقيق العدالة االجتماعية وهي التي تنظم التكافل االجتماعي لجميع األفراد؛‬
‫فهي تعمل على محاربة االستغالل واالحتكار واإلنسانية وتقر الشريعة اإلسالمية إن من حق ولي األمر أن يأخذ فضول األموال من األغنياء وردها على‬
‫‪.‬الفقراء حتى ال يصبح المال لألغنياء محصورا في أيديهم دون غيرهم‬
‫وتعتبر الزكاة هي إحدى الطرق التي سلكها اإلسالم لمكافحة الفقر والقضاء على البطالة وتحقيق العدالة االجتماعية واالقتصادية وتدعيم التضامن والتكافل‬
‫االجتماعي ومنع‬
‫‪.‬تصحيح الخلل الموجود في االقتصاد العالمي والقائم على آلية االستقطاب غير العادلة‬
‫‪.‬العمل إليجاد نظام اقتصادي عالمي جديد واختيار السياسات االقتصادية المناسبة‬
‫‪.‬تقليل الهوة الفاصلة بين الدول الغنية والفقيرة وإعادة توزيع وتقاسم نتائج النمو االقتصادي‬
‫‪.‬احترام الدول الغنية لالتفاقيات الدولية الموقعة‬
‫‪.‬توسيع فرص العمل وتقليل معدالت البطالة واإلعالة‬

‫أحاديث الرسول صلى هللا عليه وسلم عن الفقر‬


‫عن عبد هللا بن عمرو بن العاص رضي هللا عنهما عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أنه قال‪“ :‬هل تدرون أول من يدخل الجنة من خلق هللا عز وجل؟‬
‫قالوا هللا ورسوله أعلم‪ ،‬قال الفقراء المهاجرون الذين ُت سد بهم الثغور‪ ،‬وتتقى بهم المكاره‪ ،‬ويموت أحدهم وحاجته في صدره ال يستطيع لها قضاء‪،‬‬
‫فيقول هللا عز وجل لمن يشاء من مالئكته ائتوهم فحيوهم؛ فتقول المالئكة ربنا نحن سكان سمائك وخيرتك من خلقك‪ ،‬أفتأمرنا أن نأتي هؤالء فنسلم عليهم؟‬
‫قال إنهم كانوا عباًد ا يعبدونني‪ ،‬وال يشركون بي شيًئ ا‪ ،‬وتسد بهم الثغور‪ ،‬وتتقى بهم المكاره‪ ،‬ويموت أحدهم وحاجته في صدره‪ ،‬ال يستطيع لها قضاء‪ ،‬قال‬
‫‪ .‬فتأتيهم المالئكة عند ذلك‪ ،‬فيدخلون عليهم من كل باب (سالُم عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار )‬

‫عن سهل بن سعد الساعدي أنه قال مر رجل على رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪ ،‬فقال لرجل عنده‪ ،‬جالس ما رأيك في هذا؟ فقال رجل من أشراف‬
‫الناس‪ ،‬هذا ‪-‬وهللا‪ -‬حرُّي إن خطب أن ينكح‪ ،‬وإن شفع أن ُيشّف ع‪.‬قال فسكت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪ ،‬ثم مر رجل‪ ،‬فقال رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫وسلم ما رأيك في هذا ؟ فقال يا رسول هللا هذا رجل من فقراء المسلمين‪ ،‬هذا حرّي إن خطب أن ال ينكح‪ ،‬وإن شفع أن ال ُيشّف ع‪ ،‬وإن قال أن ال يسمع‬
‫‪.‬لقوله‪ ،‬فقال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪“ :‬هذا خير من ملء األرض مثل هذا‬

‫قال األعمش سمعت أبا وائل قال ُعدنا خباًبا فقال هاجرنا مع النبي صلى هللا عليه وسلم نريد وجه هللا‪ ،‬فوقع أجرنا على هللا‪ ،‬فمنا من مضى لم يأخذ من‬
‫أجره‪ ،‬منهم مصعب بن عمير قتل يوم ُأحد‪ ،‬وترك نمرة‪ ،‬فإذا عّط ينا رأسه بدت رجاله‪ ،‬وإذا غطينا رجليه بدا رأسه‪ ،‬فأمرنا النبي صلى هللا عليه وسلم أن‬
‫‪.‬نغطي رأسه‪ ،‬ونجعل على رجليه من االذخر‪ ،‬ومنا من أينعت له ثمرته فهو يْهُد ُبها‬

‫‪.‬فكالم خباب رضي هللا عنه في بيان حال المهاجرين وكان منهم أغنياء وفقراء‪ ،‬والكل يريد وجه هللا‬

‫وكان منهم مصعب بن عمير رضي هللا عنه ‪ ،‬وكان مترًف ا في الجاهلية يرفل في النعيم‪ ،‬فلما مَّن هللا عليه باإلسالم‪ ،‬بذل نفسه معلًما ومجاهًد ا واستشهد في‬
‫ُأحد‪ ،‬وما زال المسلمون في بداية الدعوة‪ ،‬لم تفتح لهم الدنيا‪ ،‬حتى كان حاله أن ُت غطى رجاله باإلذخر‪ .‬فهذا الذي نّو ر هللا قلبه باإليمان قد دعاه حب هللا‬
‫‪.‬ورسوله إلى هذه الحالة‪ ،‬وأجره على هللا‬

‫روا عمران بن حصين رضي هللا عنه عن النبي صلى هللا عليه وسلم قال‪ :‬اطلعت على أهل الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء‪ ،‬واطلعت في النار فرأيت أكثر‬
‫‪.‬أهلها النساء‬
‫‪.‬عن أنس بن مالك رضي هللا عنه قال ‪“ :‬لم يأكل النبي صلى هللا عليه وسلم على “خوان” حتى مات‪ ،‬وما أكل خبًز ا ُم رقًق ا حتى مات‬
‫قالت عائشة أم المؤمنين رضي هللا عنها لقد توفي النبي صلى هللا عليه وسلم وما في َر ّف ي من شيء يأكله ذو كبد‪ ،‬إال َش ْط ُر شعير في رّف لي‪ ،‬فأكلت منه‬
‫‪.‬حتى طال َع لّي فكلُته َفَفِنَي‬

‫دخل رجل على الصادق (ع) فقال له‪ :‬أصلحك هللا !‪ ..‬إني رجل منقطع إليكم بمودتي وقد أصابتني حاجة شديدة ‪ ،‬وقد تقربت بذلك إلى أهل بيتي وقومي ‪،‬‬
‫فلم يزدني بذلك منهم إال ُبعدا ‪ ،‬قال فما آتاك هللا خير مما أخذ منك ‪ ،‬قال جعلت فداك ادع هللا أن يغنيني عن خلقه ‪ ،‬قال إّن هللا قّس م رزق من شاء على‬
‫‪.‬يدي من شاء ‪ ،‬ولكن اسأُل هللا أن يغنيك عن الحاجة التي تضطرك إلى لئام خلقه‬

‫سأل النبي صلى هللا عليه وسلم أتدرون ما المفلس فقالوا المفلس فينا من ال درهم له وال متاع له ‪ ،‬فقال المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصالة‬
‫وصيام وزكاة ‪ ،‬ويأتي قد شتم وقذف هذا ‪ ،‬وأكل مال هذا ‪ ،‬وسفك دم هذا ‪ ،‬وضرب هذا ‪ ،‬فُي عطي هذا من حسناته ‪ ،‬وهذا من حسناته ‪ ،‬فإن فنيت حسناته‬
‫‪.‬قبل أن يقضي ما عليه ‪ُ ،‬أخذ من خطاياهم فطرحت عليه‬

‫قال الصادق (ع) إّن فقراء المؤمنين يتقلبون في رياض الجنة قبل أغنيائهم بأربعين خريفا ‪ ،‬ثم قال سأضرب لك مثل ذلك ‪ ،‬إنما مثل ذلك مثل سفينتين‬
‫‪ُ.‬مّر بهما على عاشر‪ ،‬فنظر في إحداهما فلم َيَر فيها شيئا فقال أسربوها ‪ ،‬ونظر في األخرى فإذا هي موقرة فقال احبسوها‬

‫قال الصادق (ع) إّن هللا عز وجل يلتفت يوم القيامة إلى فقراء المؤمنين شبيها بالمعتذر إليهم ‪ ،‬فيقول‬
‫وعزتي وجاللي! ما أفقرتكم في الدنيا من هوان بكم علي ‪ ،‬ولترُو ن ما أصنع بكم اليوم ‪ ،‬فمن زود أحدا منكم في دار الدنيا معروفا ‪ ،‬فخذوا بيده فأدخلوه‬
‫الجنة ‪ ،‬فيقول رجل منهم‬

‫يا رب ! إن أهل الدنيا تنافسوا في دنياهم فنكحوا النساء ‪ ،‬ولبسوا الثياب اللينة ‪ ،‬وأكلوا الطعام ‪ ،‬وسكنوا الدور ‪ ،‬وركبوا المشهور من الدواب ‪،‬‬
‫‪.‬فأعطني مثل ما أعطيتهم فيقول تبارك وتعالى لك ولكل عبد منكم مثل ما أعطيت أهل الدنيا منذ كانت الدنيا إلى أن انقضت الدنيا سبعون ضعفا‬
‫قال الصادق (ع) جاء رجل موسر إلى رسول اللهصلى هللا عليه وسلمنقّي الثوب ‪ ،‬فجلس إلى رسول هللا (ص) ‪ ،‬فجاء رجل معسر درن الثوب فجلس إلى‬
‫جنب الموسر ‪ ،‬فقبض الموسر ثيابه من تحت فخذيه ‪ ،‬فقال له رسول هللا (ص) أخفت أن يمسك من فقره شيء؟‪..‬قال ال ‪ ،‬قال فخفت أن يصيبه من غناك‬
‫شيء ؟ قال ال قال فخفت أن يوسخ ثيابك قال ال ‪ ،‬قال فما حملك على ما صنعت ؟‪ .‬فقال يا رسول هللا !‪ ..‬إّن لي قرينا يزين لي كل قبيح ‪ ،‬ويقّب ح لي كل‬
‫‪َ.‬ح َس ن ‪ ،‬وقد جعلت له نصف مالي ‪ ،‬فقال رسول هللا (ص) للمعسر أتقبل ؟‪ ..‬قال ال ‪ ،‬فقال له الرجل ِلَم ؟‪ ..‬قال أخاف أن يدخلني ما دخلك‬

‫‪ .‬قال الصادق (ع) ألحدهم أما تدخل السوق ؟أما ترى الفاكهة تباع والشيء مما تشتهيه ؟‪..‬فقال بلى ‪ ،‬فقال أما إّن لك بكل ما تراه فال تقدر على شراه حسنة‬

‫قال الصادق (ع) إّن هللا جل ثناؤه ليعتذر إلى عبده المؤمن المحوج في الدنيا كما يعتذر األخ إلى أخيه ‪ ،‬فيقول وعزتي وجاللي !‪ ..‬ما أحوجتك في الدنيا‬
‫‪.‬من هوان كان بك علّي ‪ ،‬فارفع هذا السجف فانظر إلى ما عوضتك من الدنيا ‪ ،‬فيرفع فيقول ما ضرني ما منعتني مع ما عوضتني‬

You might also like