Professional Documents
Culture Documents
مقدمة
الفقر من المصائب التي قَّد ر هللا وقوعها ،إما على شخص بعينه أو أسرة أو مجتمع ،وللفقر آثاره السيئة على االعتقاد والسلوك ،فإن كثيرًا من المنصرين
يستغلون فقر الشعوب وقلة ذات يدهم لنشر النصرانية في صفوفهم ،وكذا فإنه ينتشر بسبب الفقر من األخالق الرذيلة الشيء الكثير ؛ وذلك لجبر فقرهم ،
وسد حاجتهم ،فينتشر بينهم السرقة ،والقتل ،والزنا ،وبيع المحرمات ،وال شك أن لتلك األمور أثرها السيئ على الفرد والمجتمع ،وقد ذكر هللا تعالى
.عن المشركين أن بعضهم كان يقتل ولده فلذة كبده إما من الفقر الذي يعيشه ،أو خشية أن يصيبه الفقر
تعريفه
.الفقــــــــــر هو عدم القدرة للوصول الى الحد األدنى من االحتياجات المهمة المادية كالطعام والسكن والملبس ووسائل التعليم والصحة
وحاجات غير مادية مثل حق المشاركة والحرية االنسانية والعدالة أالجتماعية .ويعرف أيضا أنه عدم القدرة على تحقيق الحد األدنى من مستوى المعيشة.
ويمكن تعريف الدول الفقيرة بأنها تلك الدول التي تعاني من مستويات منخفضة من التعليم والرعاية الصحية وتوافر المياه النقية صحيا لالستهالك البشري
والصرف الصحي ومستوي الغذاء الصحي كمًا أو نوعًا لكل أفراد المجتمع ،ويضاف إلى ذلك معاناتها من تدهور واستنزاف مستمر لمواردها الطبيعية مع
.انخفاض مستوى دائرة الفقر
.يعتبر الفقر علة تتفشى في جسد العالم ،ومرض خبيث يصل حّد القتل ،يفتك ويضرب ويشّر د كّل كائٍن بشرٍّي فقيٍر على وجه األرض
ورغم كل الّت قديرات والمؤّش رات والحلول اّلتي وضعت من خالل الخبراء ال يزال الفقر منتشرًا رغم ما يتمّت ع به العالم من خيرات تنتشر من شماله إلى
.جنوبه ومن شرقه إلى غربه
الفقر هو المعضلة الكبرى التي تواجه المجتمعات على كافة صنوفها وفي أي زمان أو مكان كانت ،وهو أس كل المشكالت وأس الشرور في العالم ،ومن
ال يضع مبررات للفقراء عند ارتكابهم الجرائم هو إنسان غير مدرك آلثار وعواقب الفقر ،وهذا ال يعني أن يرتكب كل فقير جريمة فقد يقول قائل هناك من
الفقراء من يعلم الشرف والعفة ألرقى الناس في المجتمع ،هذا صحيح و مرده األول إلى شخصية اإلنسان والطريقة التي ُرّبي عليها وإلى الظروف أيضًا
قبل كل شيء ،فمن يضمن أنه لن يتحول إلى مجرم إذا ما وضع هو أو غيره في نفس الظروف التي مر بها هذا الفقير المجرم؟! وال يوجد هناك من هو
معصوم ،وقد يكون األغنياء ممن يطالبون بإيقاع أقصى العقوبات على الفقير المجرم في المجتمع بدًأل من أن يساعدوه ويأخذوا بيده ويعيدوا تأهيله ليصبح
شخصًا نافعًا في المجتمع ،كما أن هؤال ء األغنياء قد يكون لديهم نزعات إجرامية ولكنها مخبأة ومدفونة بسبب الظروف الجيدة التي يمرون بها فإذا ما
.أزيلت هذه الظروف عنهم ،أصبحوا من أشد الناس إجرامًا
باختالف البلدان والثقافات واألزمنة وال يوجد اتفاق دولي حول تعريف الفقر نظرًا لتداخل العوامل االقتصادية واالجتماعية Povertyيختلف مفهوم الفقر
والسياسية التي تشكل ذلك التعريف وتؤثر عليه ،إال أنه هناك اتفاق بوجود ارتباط بين الفقر وإلشباع من الحاجات األساسية المادية أو غير المادية ،وعليه
فهناك اتفاق حول مفهوم الفقر على أنه حالة من الحرمان المادي الذي يترجم بانخفاض استهالك الغذاء ،كما ونوعا ،وتدني الوضع الصحي والمستوى
التعليمي والوضع السكني ،والحرمان من السلع المعمرة واألصول المادية األخرى ،وفقدان الضمانات لمواجهة الحاالت الصعبة كالمرض واإلعاقة
.والبطالة وغيرها
وللحرمان المادي انعكاسات تتمثل بأوجه أخرى للفقر كعدم الشعور باألمان ضعف القدرة على اتخاذ القرارات وممارسة حرية االختيار ومواجهة
.الصدمات الخارجية والداخلية
وبمفهوم مبسط للفقر يعتبر الفرد أو األسرة يعيش ضمن إطار الفقر إذا كان الدخل المتأتي له غير كاٍف للحصول على أدنى مستوى من الضروريات
.للمحافظة على نشاطات حياته وحيويتها
للفقر العديد من التعريفات تبعث من منطلقات إيديولوجية واقتصادية وثقافية ,وهو بشكل عام ال يمثل ظاهرة في المجتمع بل يترجم خالل ما في تنظيم هذا
المجتمع .والفقر ليس صفة بل هو حالة يمر بها الفرد تبعا لمعايير محددة ,فمثال يعرف الفقر بمفهومه العام علي انه انخفاض مستوى المعيشة عن مستوى
.معين ضمن معايير اقتصادية واجتماعية
وعرف بشيء من التفصيل على «أنه الحالة االقتصادية التي يفتقد فيها الفرد الدخل الكافي للحصول على المستويات الدنيا من الرعاية الصحية والغذاء
».والملبس والتعليم وكل ما ُيعد من االحتياجات الضرورية لتأمين مستوى الئق في الحياة
وفي ضوء الِّش ْر عة الدولية لحقوق اإلنسان ،يمكن تعريف الفقر بأنه وضع إنساني قوامه الحرمان المستمر أو المزمن من الموارد ،واإلمكانات ،والخيارات،
.واألمن ،والقدرة على التمتع بمستوى معيشي الئق وكذلك من الحقوق المدنية والثقافية واالقتصادية والسياسية واالجتماعية األخرى
أما أنواع الفقر فقد حاولت العديد من الدراسات والبحوث أن تضع تصنيفات محددة لظاهرة الفقر ،وقد اختلفت تلك التصنيفات ،ومن أشهر تلك التصنيفات
هو ” الحالة التي ال Absolute Povertyهو التصنيف على أساس مستوى الفقر الذي قسم الفقر إلى عدة مستويات وذلك لغرض قياسه كالفقر المطلق
يستطيع فيها اإلنسان عبر التصرف بدخله ،الوصول إلى إشباع حاجاته األساسية المتمثلة بالغذاء ،والمسكن ،والملبس ،والتعلم ،والصحة ،والنقل “ ،والفقر
Extreme Povertyالمدقع
هو الحالة التي ال يستطيع فيها اإلنسان ،عبر التصرف بدخله ،الوصول إلى إشباع حاجاته الغذائية“ Disruptive Povertyوما يسمى بالفقر المزري
Pauperism،لتأمين عدد معين من السعرات الحرارية التي تمكنه من مواصلة حياته عند حدود معينة” ،والذي يقترب من الفقر المدقع وما يسمى بالفاقة
لقد حدد بعض الباحثين نوع آخر من الفقر الذي يتعرض له Welfare Povertyوقد أضافت بعض الدراسات نوع آخر من الفقر وهو فقر الرفاهة
بعض الشرائح االجتماعية وخاصة في المجتمعات الغربية التي تعيش فيما يسمى بالبلدان المتطورة والتي يتمتع أفرادها بالمنجزات الحضارية الحديثة
.كاألجهزة المتطورة والحديثة وبعض وسائل الترفيه المتنوعة التي تفتقر إليها بعض الشرائح وذلك أطلق عليه تسمية فقر الرفاهة
وقد أوردت بعض الدراسات أنواع أخرى للفقر والتي صنفت حسب العوامل المسببة للفقر ،إذ قسم الفقر إلى نوعين رئيسيين هما فقر التكوين وفقر
التمكين ،حيث يمثل النوع األول مظاهر الفقر الناتجة بسبب المعوقات والصعوبات الواقعية أو االفتراضية كالعوامل البيولوجية /الفسيولوجية والتي في
.مقدمتها العوق البدني والعقلي والنفسي بأشكاله المختلفة والتي تمثل قصورًا في القدرات الشخصية لألفراد
والعوق االجتماعي النفسي ،ممثًال في األنوثة مقارنة بالذكورة ،والشباب مقارنين باألطفال وبكبار السن ،والجماعات الفرعية مقارنة ببعضها أو بالمجتمع
.السياسي /الدولة
أما النوع الثاني من الفقر وهو فقر التمكين والذي يعتبر فقر مؤسسي ،يفصح عن نقص في قدرة مؤسسات المجتمع على تلبية احتياجات الناس أو – وهو
.المهم – تفعيل قدراتهم المتاحة أو الممكنة وحثهم على إستثمراها
أسباب الفقر
يعد الفقر نتيجًة لعدم تكافئ الفرص ،والتفرقة بين الّن اس في الحقوق والواجبات؛ فمثًال هناك أناس لهم حقوق أكثر مقابل التزامات أكثر ،ويعتبر الفقر أيضًا
نتيجًة للعنصرّية الجغرافّية ،والعنصرّية البشرّية؛ بمعنى أّن هناك إقليم في بلد ما يتمّيز عن اآلخر في العناية به والخدمات اّلتي يتمّتع بها ،وإقليٌم آخر ال
.يوجد به أّي اهتمام في الخدمات ،وهي ال تتناسب أيضًا مع أهمّية اإلقليم وحجمه
ويعود السبب في ذلك الخلل بين األقاليم إلى أّن الّسلطات اّلتي تتوّلى الحكم ال يهّمها إال بقاءها في الحكم؛ فهي تفقد اإلحساس باآلخر ،وكأّن رئيس الّد ولة
يعطيها( حقن بنج) ليخّد رها فتفقد اإلحساس باآلخر ،وتميل التربية في العالم العربي اليوم إلى الذاتّية واألنانّية؛ فهم ترّبوا على انعدام اإلحساس باآلخر إاّل
.هم وأوالدهم ،ويعتبرون الباقين حشراٍت أو كائناٍت اختارها هللا عّز وجل لخدمتهم ،وُيعّد ( حق التميز )هو شغلنا الشاغل
فتجد أن األب على سبيل المثال لديه من األبناء خمسة ،اثنان منهما في المرحلة الجامعية ،فقبل ذلك كانت المصاريف بسيطة ،وكلما كبر األوالد زاد
الضغط على قيمة الراتب ،وزادت المصروفات ،حتى أصبحت قيمة الدخل الحقيقية ال تغطي المصاريف التي تعتبر أساسًا من أساسيات الحياة ،مما يدفع
األب للتخلي عن الحياة العادية ،واللجوء لحالة من التقشف في سبيل التخلص من هذه األزمة ،والوقوف عليها من أجل تعليم األبناء ،ومن ثم يدفعهم فيما بعد
لمواجهة الحياة ،واللجوء لسوق العمل للبحث عن أي عمل يغنيهم عن السؤال ،ويوفر لهم الحياة المستورة التي يحلم بها أي مواطن عادي في مجتمعاتنا
.العربية
فالكثير من أرباب العمل تجدهم يعزفون عن القبول بموظفين محليين ،والسبب في ذلك أنهم يحتاجون إلى المصاريف باإلضافة إلى التأمين والمعاش وما
إلى ذلك ،ويجد أن العمالة األجنبية أرخص من ناحية المصاريف ،وأيضًا من الممكن القبول بأي راتب أو أجر يوفره لهم صاحب العمل ،فالحاجة الملحة
.التي دفعتهم لترك بالدهم ستجبرهم على القبول بالقليل ،والمحاولة لتأمين المكان والطعام فقط ،فهم ال يبحثون عن الزواج أو القصور وما إلى ذلك
غالء األسعار
فأسعار المواد األساسية كل يوم في ازدياد ،والسبب في ذلك راجع إلى عدم القدرة على السيطرة على التجار ،وعدم وجود رقابة حقيقية على أسعار
البضائع ،فتجد أّن ها كل يوم في ازدياد ،والسلع التي يزيد سعرها هي من السلع األساسية أي التي تخص المأكل والمشرب ،كالدقيق والقمح والخبز والسكر
وغيرها من السلع األساسية ،وعندما تسأل التاجر عن سر الغالء يرد عليك بأنه اشتراها بسعر أعلى ،وأّن ها تزيد عليه ،وال بد أن يشتري بالسعر العالي،
ويبيع بالسعر العالي أيضًا حتى يوفر الربح ،ولو القليل منه ،فهذه المشكلة بيد الكبار ،الذين ينظرون بعين مغمضة عما يحدث في الشارع ،غير مبالين أو
.مكترثين بالمواطنين الذين أصبحوا يقضون باقي الشهر بدون طعام مأمن في بيوتهم
قلة األجور
فاألجور التي يتقاضاها العامل ،خاصة الشخص الذي ال يحمل شهادة أقل بكثير مما توفر له االحتياجات األساسية أو تساعده على رفع مبلغ منها ولو
صغير من أجل بناء المستقبل ،وهذا ما يجعل األمر سيئًا للغاية ،فالكثير من الشباب تجدهم يجلسون بال عمل ،ألن العمل الذي وجدوه ال يحقق لهم أي حياة
.كريمة أو حياة عادية ،فلماذا التعب في نظرهم ،وتجدهم يتركون العمل ،ويجلسون على المقاهي في معظم األوقات
عدم الرضا بالقليل فاهلل سبحانه وتعالى قد أعطى كل شخص على قدره ،ولو كانت الزيادة في المعاش بالنسبة لهذا الشخص ،لصرفها في غير أوجه الحق،
مما قد يجعله مواطنًا غير شريفًا ،أو يرتكب المعاصي ،لذلك يكف هللا عنه الرزق ،ويقلله ليوفر له أقل االحتياجات فقط ،تأمينا منه لحياته من جهة ،ورحمة
به من جهة أخرى ،ولو أننا بشر شكورين ،لشكرنا هللا على حجم النعم الكبيرة التي منحنا إياها ،فلو كان الراتب قليًال من الممكن أن تقوم بالعيش الطيب،
فقط إن استطعت أن تأمن حياتك بالصورة الصحيحة ،وتبتعد عن األشياء التي تدمر الصحة وتصرف فيها المال بدون أن تشعر أنه قد ضاع منك وأنت ال
.تشعر كالتدخين وغيرها
عدم التوكل على هللا فالتوكل على هللا من أسمى األمور التي دعانا هللا سبحانه وتعالى إلى القيام بها عند كل صباح وقبل الذهاب للعمل ،فال بد أن تتكل على
هللا في كل خطوة تخطوها ،وتأكد أن الرزق بيد هللا سبحانه وتعالى ،ولن يصيبك من رزق إاّل هو لك ،وما لم يصيبك فهو باألساس لم يكن ملكك ،وعليه ال
بّد أن تقنع نفسك أن األجر القليل أو الفقر الذي تعيش به هو نعمة من هللا ،وأن الساعي في الخير يوفقه هللا ويرضى عنه ،ويزيد من قدره بين الناس،
.ويجعل مكانته طيبة
الجزع من أمر هللا فهناك من تجده يبكي ويندب حظه ،ويقول لماذا يا رب لم تخلقني كذا ،وما بال كذا لديه من األموال وأنا فقير ،فهذه األمور وغيرها قد
تخرجك من الملة وأنت ال تشعر ،وقد تدمر حياتك بالكامل ،فتوقف عنها واستغفر ربك ،وكن قنوعا بما قسمه هللا لك ،وحاول أن تدفع برزقك بعيدا عن
المطامع ،وكن الطيب بين الناس ،واذكر ربك بالخير ،فاهلل سبحانه يقول لئن شكرتم ألزيدنكم ،فاذكروا هللا على الدوام ،واشكروه على دوام النعمة والفضل
.الكبير
مدخل لمصادر إنتاجية تمكنهم من زيادة مكاسبهم من الموارد والخدمات التي يحتاجونها •
المشاركة في قرارات عملية التنمية ،وهو يرى أن الفقراء تنقصهم مصادر القوة االجتماعية واالقتصادية لتحسين ظروفهم المعيشية •
وهو يرى أيضا أن الفرد فقير وليس ألنه يفتقد الثروة ولكن ألنه ليس لديه مدخول للحصول على القوة االجتماعية .ولقد أورد «الفريدمان» ثمانية أسس
لمواجهة الفقر وهي
.توفير مكان لحياة آمنة للفرد •
.طرح مداخل الستغالل الوقت •
.اكتساب المعرفة والمهارة •
.توفير المعلومات •
االنضمام لمنظمات اجتماعية •
إقامة شبكة اجتماعية مكثفة مع العالم الخارجي •
.توفير وسائل العمل واإلنتاج •
.توفير الدعم المالي.وتعتبر هذه األسس الثمانية ليست مستقلة عن بعضها البعض ولكنها متداخلة ومترابطة القوة االجتماعية وتحسين المستوى المعيشي •
كما نجد أن اإلسالم اهتم أيضا بمشكلة الفقراء ولذلك نجد أن اإلسالم يهدف إلى تحقيق العدالة االجتماعية وهي التي تنظم التكافل االجتماعي لجميع األفراد؛
فهي تعمل على محاربة االستغالل واالحتكار واإلنسانية وتقر الشريعة اإلسالمية إن من حق ولي األمر أن يأخذ فضول األموال من األغنياء وردها على
.الفقراء حتى ال يصبح المال لألغنياء محصورا في أيديهم دون غيرهم
وتعتبر الزكاة هي إحدى الطرق التي سلكها اإلسالم لمكافحة الفقر والقضاء على البطالة وتحقيق العدالة االجتماعية واالقتصادية وتدعيم التضامن والتكافل
االجتماعي ومنع
.تصحيح الخلل الموجود في االقتصاد العالمي والقائم على آلية االستقطاب غير العادلة
.العمل إليجاد نظام اقتصادي عالمي جديد واختيار السياسات االقتصادية المناسبة
.تقليل الهوة الفاصلة بين الدول الغنية والفقيرة وإعادة توزيع وتقاسم نتائج النمو االقتصادي
.احترام الدول الغنية لالتفاقيات الدولية الموقعة
.توسيع فرص العمل وتقليل معدالت البطالة واإلعالة
عن سهل بن سعد الساعدي أنه قال مر رجل على رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ،فقال لرجل عنده ،جالس ما رأيك في هذا؟ فقال رجل من أشراف
الناس ،هذا -وهللا -حرُّي إن خطب أن ينكح ،وإن شفع أن ُيشّف ع.قال فسكت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ،ثم مر رجل ،فقال رسول هللا صلى هللا عليه
وسلم ما رأيك في هذا ؟ فقال يا رسول هللا هذا رجل من فقراء المسلمين ،هذا حرّي إن خطب أن ال ينكح ،وإن شفع أن ال ُيشّف ع ،وإن قال أن ال يسمع
.لقوله ،فقال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم “ :هذا خير من ملء األرض مثل هذا
قال األعمش سمعت أبا وائل قال ُعدنا خباًبا فقال هاجرنا مع النبي صلى هللا عليه وسلم نريد وجه هللا ،فوقع أجرنا على هللا ،فمنا من مضى لم يأخذ من
أجره ،منهم مصعب بن عمير قتل يوم ُأحد ،وترك نمرة ،فإذا عّط ينا رأسه بدت رجاله ،وإذا غطينا رجليه بدا رأسه ،فأمرنا النبي صلى هللا عليه وسلم أن
.نغطي رأسه ،ونجعل على رجليه من االذخر ،ومنا من أينعت له ثمرته فهو يْهُد ُبها
.فكالم خباب رضي هللا عنه في بيان حال المهاجرين وكان منهم أغنياء وفقراء ،والكل يريد وجه هللا
وكان منهم مصعب بن عمير رضي هللا عنه ،وكان مترًف ا في الجاهلية يرفل في النعيم ،فلما مَّن هللا عليه باإلسالم ،بذل نفسه معلًما ومجاهًد ا واستشهد في
ُأحد ،وما زال المسلمون في بداية الدعوة ،لم تفتح لهم الدنيا ،حتى كان حاله أن ُت غطى رجاله باإلذخر .فهذا الذي نّو ر هللا قلبه باإليمان قد دعاه حب هللا
.ورسوله إلى هذه الحالة ،وأجره على هللا
روا عمران بن حصين رضي هللا عنه عن النبي صلى هللا عليه وسلم قال :اطلعت على أهل الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء ،واطلعت في النار فرأيت أكثر
.أهلها النساء
.عن أنس بن مالك رضي هللا عنه قال “ :لم يأكل النبي صلى هللا عليه وسلم على “خوان” حتى مات ،وما أكل خبًز ا ُم رقًق ا حتى مات
قالت عائشة أم المؤمنين رضي هللا عنها لقد توفي النبي صلى هللا عليه وسلم وما في َر ّف ي من شيء يأكله ذو كبد ،إال َش ْط ُر شعير في رّف لي ،فأكلت منه
.حتى طال َع لّي فكلُته َفَفِنَي
دخل رجل على الصادق (ع) فقال له :أصلحك هللا ! ..إني رجل منقطع إليكم بمودتي وقد أصابتني حاجة شديدة ،وقد تقربت بذلك إلى أهل بيتي وقومي ،
فلم يزدني بذلك منهم إال ُبعدا ،قال فما آتاك هللا خير مما أخذ منك ،قال جعلت فداك ادع هللا أن يغنيني عن خلقه ،قال إّن هللا قّس م رزق من شاء على
.يدي من شاء ،ولكن اسأُل هللا أن يغنيك عن الحاجة التي تضطرك إلى لئام خلقه
سأل النبي صلى هللا عليه وسلم أتدرون ما المفلس فقالوا المفلس فينا من ال درهم له وال متاع له ،فقال المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصالة
وصيام وزكاة ،ويأتي قد شتم وقذف هذا ،وأكل مال هذا ،وسفك دم هذا ،وضرب هذا ،فُي عطي هذا من حسناته ،وهذا من حسناته ،فإن فنيت حسناته
.قبل أن يقضي ما عليه ُ ،أخذ من خطاياهم فطرحت عليه
قال الصادق (ع) إّن فقراء المؤمنين يتقلبون في رياض الجنة قبل أغنيائهم بأربعين خريفا ،ثم قال سأضرب لك مثل ذلك ،إنما مثل ذلك مثل سفينتين
ُ.مّر بهما على عاشر ،فنظر في إحداهما فلم َيَر فيها شيئا فقال أسربوها ،ونظر في األخرى فإذا هي موقرة فقال احبسوها
قال الصادق (ع) إّن هللا عز وجل يلتفت يوم القيامة إلى فقراء المؤمنين شبيها بالمعتذر إليهم ،فيقول
وعزتي وجاللي! ما أفقرتكم في الدنيا من هوان بكم علي ،ولترُو ن ما أصنع بكم اليوم ،فمن زود أحدا منكم في دار الدنيا معروفا ،فخذوا بيده فأدخلوه
الجنة ،فيقول رجل منهم
يا رب ! إن أهل الدنيا تنافسوا في دنياهم فنكحوا النساء ،ولبسوا الثياب اللينة ،وأكلوا الطعام ،وسكنوا الدور ،وركبوا المشهور من الدواب ،
.فأعطني مثل ما أعطيتهم فيقول تبارك وتعالى لك ولكل عبد منكم مثل ما أعطيت أهل الدنيا منذ كانت الدنيا إلى أن انقضت الدنيا سبعون ضعفا
قال الصادق (ع) جاء رجل موسر إلى رسول اللهصلى هللا عليه وسلمنقّي الثوب ،فجلس إلى رسول هللا (ص) ،فجاء رجل معسر درن الثوب فجلس إلى
جنب الموسر ،فقبض الموسر ثيابه من تحت فخذيه ،فقال له رسول هللا (ص) أخفت أن يمسك من فقره شيء؟..قال ال ،قال فخفت أن يصيبه من غناك
شيء ؟ قال ال قال فخفت أن يوسخ ثيابك قال ال ،قال فما حملك على ما صنعت ؟ .فقال يا رسول هللا ! ..إّن لي قرينا يزين لي كل قبيح ،ويقّب ح لي كل
َ.ح َس ن ،وقد جعلت له نصف مالي ،فقال رسول هللا (ص) للمعسر أتقبل ؟ ..قال ال ،فقال له الرجل ِلَم ؟ ..قال أخاف أن يدخلني ما دخلك
.قال الصادق (ع) ألحدهم أما تدخل السوق ؟أما ترى الفاكهة تباع والشيء مما تشتهيه ؟..فقال بلى ،فقال أما إّن لك بكل ما تراه فال تقدر على شراه حسنة
قال الصادق (ع) إّن هللا جل ثناؤه ليعتذر إلى عبده المؤمن المحوج في الدنيا كما يعتذر األخ إلى أخيه ،فيقول وعزتي وجاللي ! ..ما أحوجتك في الدنيا
.من هوان كان بك علّي ،فارفع هذا السجف فانظر إلى ما عوضتك من الدنيا ،فيرفع فيقول ما ضرني ما منعتني مع ما عوضتني