You are on page 1of 3

‫انتشار الموجات الراديوية في الغالف الجوي‬

‫بواسطة م‪ .‬عمر بن عبدهللا الربيعة‬ ‫‪ 28‬يونيو‪2021 ،‬‬

‫قبل تصميم نظام اتصاالت بعيد المدى سواًء كان عابر ًا للقارات أو باألقمار الصناعية نحتاج إلى فهم خواص الوسط الذي ستمر الموجة فيه؛ لتفادي أي‬
‫مشكلة و التحضير ألي عائق ثم التفكير ثانيًا بكيفية االستفادة من تلك الخواص‪ ،‬سنتعرض لهذا في هذا المقال‪.‬‬

‫الشكل ‪ :1‬صورة تعرض طبقات الغالف الجوي‪ ،‬و مكان طبقة األيونوسفير منها[‪.]1‬‬

‫الغالف الجوي مؤلف من طبقات أدناها هو (تروبوسفير) و الذي فيه الهواء الذي نتنفس‪ ،‬و من ثم يتلوه عدة من الطبقات بجانب هذه الطبقات طبقة أيونية‬
‫‪ Ionosphere‬يحدث فيها تغيرات فيزيائية على مستوى الذرات‪ ،‬فبسبب أشعة الشمس ينتزع من كل ذرة إلكترون واحد والناتج من العملية يكون أيون‬
‫وإلكترون حر‪.‬‬

‫الطبقة األيونية (األيونوسفير) تكون على ارتفاع من ‪ 50‬إلى ‪900‬كم‪ ،‬و هي مؤلفة من عدد من الطبقات بحكم شدة اإلشعاع الساقط عليها و بالتالي إلى درجة‬
‫التأين‪ ،‬أيضًا إلى كمية ذرات المواد و التي تكون وقودًا لهذه العملية علمًا أن ارتفاعات الطبقات متغيرة بحكم الفصول السنوية‪ ،‬والعواصف الشمسية‪،‬‬
‫وبين الليل و النهار‪.‬‬

‫الشكل ‪ :2‬صورة ألجزاء الطبقة األيونية[‪.]2‬‬


‫و هذه الطبقة ُم قسمة كما تشير الصورة إلى طبقات هي”‪ ،”D,E,F‬و في النهار نتيجة إلى إشعاع الشمس ينقسم‪ F‬إلى مستويين و ليًل ا يعودان مجددًا إلى‬
‫ذات الطبقة و تتالشى ليًال الطبقة ‪.D‬‬

‫الشكل ‪ :3‬صورة تعرض االختالف في الطبقة األيونية ما بين النهار و الليل [‪.]3‬‬
‫الطبقة ‪ D‬تعتبر موهنة بشكل شديد للموجات المارة فيها و مستوى التوهين فيها ‪ attenuation‬له عالقة مع تردد الموجة فكلما قل ترددها زادت نسبة‬
‫التوهين لها في هذه الطبقة‪ ،‬يعود سبب هذه الشدة إلى كثرة الذرات في ذلك الوسط بحكم احتوائه على الهواء و ذلك يختلف عن بقية الطبقات األيونية‪.‬‬
‫عند الطبقة ‪ E‬أيضًا هناك نسبة من التوهين وهي أيضًا تقوم بعكس الموجات نحو األرض وهذه الموجات التي يعكسها الغالف األيوني تدعى موجات‬
‫سماوية ‪ sky wave‬و هي تقدم ميزة فريدة فموجة تنطلق نحو السماء ثم تنعكس ستصل إلى مسافات بعيدة جدًا لن تغطيها الطريقة التقليدية و تسمى‬
‫المسافة ‪.skip distance‬‬

‫الشكل ‪ :4‬صورة توضح كيفية جعل الطبقة األيونية العالية عاكسة لإلشارات الراديوية و بالتالي تقطع مسافة طويلة[‪.]4‬‬
‫بشكل عام فإن الموجات ذات التردد األقل عند ‪ 2MHz‬ترتد عند الطبقة األدنى ‪ D‬والتي عند ‪ 15MHz‬عند ‪ ،E‬أما الموجات حول ‪ 30MHz‬فإنها ترتد عند الطبقة‬
‫الُع ليا ‪ ،F‬أما الموجات األعلى ترددًا من ‪ 30MHz‬من ذلك فإنها تخترق المجال الجوي مغادرة األرض نحو الفضاء‪ ،‬لهذا مثًال كل تطبيقات البث الفضائي و بقية‬
‫استخدامات األقمار الصناعية يخصص لها ترددات أكبر من ‪.30MHz‬‬

‫الشكل ‪ :5‬صورة ُتظِه ر سلوك الموجات الراديوية عامًة مع طبقات غالف الجو بحسب تردداتها و تظهر أن الموجات فوق ‪ 30MHz‬و أعلى هي التي تستطيع‬
‫اختراق الغالف الجوي[‪.]5‬‬
‫من إحدى التطبيقات المهمة التي تستعمل األغلفة األيونية في الغالف الجوي الرادارت بعيدة المدى‪ ،‬و تستخدم بعض أنظمة الرادار الطبقات األيونية‬
‫لزيادة مدى الرادار خاصة للتنبيه المبكر عن الصواريخ الباليستية وتسمى هذه األنواع من الرادارات ” رادار ما بعد األفق” ‪.Over-the-horizon radar‬‬

‫الشكل ‪ :6‬صورة توضح كيفية عمل رادار ما بعد األفق الذي يستفيد من الطبقة األيونية[‪.]6‬‬
‫أيضًا مما يشاهد ما يقوله األولون عن ظاهرة االستماع لمذياع ‪ AM‬ليًال لبعض القنوات البعيدة كإذاعة مصر و أم كلثوم و إذاعة لندن؛ يعود السبب في ذلك‬
‫ألن التردد المخصص لـ‪ AM‬يكون ما بين ‪ 0.5MHz‬إلى ‪ ،1.5MHz‬لذلك كما أوضحنا فإن الطبقة األيونية تعكس الموجات الراديوية الساقطة عليها على األرض‬
‫في مكان آخر و مع عدم وجود تنظيمات تحد من القدرة المرسلة آنذاك تصل المحطات إلى أماكن بعيدة جدًا ‪.‬‬
‫بالنسبة إلى البث اإلذاعي بتقنية التردد ‪ FM‬فيخصص له ترددات ما بين ‪ 88MHz‬إلى ‪ 108MHz‬مما يعني أن اإلشارات تضمحل في الغالف الجوي أو تخترقه‬
‫عابرة إلى الفضاء الفسيح وال ترتد أبدًا ؛ و هذا من األسباب التي دفعت إلى سن تشريعات تقوم بحد القدرة المستخدمة لمثل هذه المحطات عالميًا و‬
‫الواليات المتحدة األمريكية لها السبق في ذلك‪ ،‬فمحطة في أقصى الشرق األمريكي ليًال بإمكانها أن تشوش على محطة في أقصى الغرب فيما لو كانت‬
‫القدرة التي ترسل بها عالية جدًا ‪.‬‬

‫كاتب‬

‫م‪ .‬عمر بن عبدهللا الربيعة‬


‫متخصص في علٍم يكون أساَس الحضارة الحالية و المستقبلية‪ ،‬المستقبل يتحدث بلغة الهندسة الكهربائية‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪View all posts‬‬

‫قواعد وشروط النشر‬

‫‪ | Neve‬مشغل بواسطة ‪WordPress‬‬

You might also like