Professional Documents
Culture Documents
وبالحق أنزلناه
وبالحق أنزلناه
وب َِ
الحقِّ َأ ْنزَ ْلنَاه
وبِ َ
أدهم شرقاوي
دار كلمات للنشر والتوزيع
البريد إلكتروني:
Dar_Kalemat@hotmail.com
الموقع اإللكتروني:
www. kalemat.com
جميع الحقوق محفوظة للناشر :ال يسمح بإعادة إصدار هذا الكتاب أو
بأي شكل
أي جزء منه أو تخزينه في نطاق استعادة المعلومات أو نقله ّ
من األشكال ،دون إذن خطي مسبق من الناشر.
أدهم شرقاوي
2023
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
اإلهداء
5
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
6
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
1
رأســهِ حتــى أخمــص الضاللــةِ مــن أعلــى ِ ـب غارقـاً فــي َّكان هــذا الكوكـ ُ
قدميه،
هلل ولداً،
أن ِ اليهو ُد ح َّرفوا التَّوراة ،والنَّصارى زعموا َّ
هلل باألصنام وعبدوها من دونه، بيت ا ِ
والعرب مألوا َ ُ
نزلت فيهم ال ِّرساالت، ْ فإن كان هذا هو حال الذين
فعن غيرهم ح ِّدثْ وال حرج!
عطف،ٍ وبينما هذه البشر َّي ُة كذلك ،نظ َر إليها ال َّرحم ُن نظرةَ
فتح َّن ـ َن عليهــا علــى عادتــه ،وتك ـ َّر َم كمــا هــو دوم ـاً ،وتم َّن ـ َن كمــا هــو
دأبــه!
عمــا قليــل ينــز ُل مــن غـ ٍـار ُمظلـ ٍـم فــي م َّكـ َة رجـ ٌل يحمـ ُل النُّــو َر ليُضــي َء َّ
هــذا الكوكــب،
العمر أربعين سن ًة، ِ كان قد بل َغ من
الوحي ويُفهِ َمه للناس،
َ اتقد عقله بما يكفي ليفه َم َّ
ليفيض ُح ّباً ورحم ًة، َ والنت
ْ ونضجت عاطفته ْ
السعد َّية ُغ ِس َل قلبُه،
ديار حليمة َّ
بكثير في ِ ٍ ومن قبل هذا
تب لها،وصار اآلن ك ُّل شيءٍ مهي ًأ لتبدأ ال ٍّرسالة التي ُك َ
أن تُغ ِّير مالمح هذا الكوكب إلى األبد!
مهل لهذه ال ِّرسالة، ٍ
وكتهيئة لهذا ال َّرجلِ العظيم الذي كان يُ َع ُّد على ٍ
أ َّو ُل ما بُدِ ى َء به من الوحي ال ُّرؤيا الصالحة في المنام،
بح،
الص ِ
وجاءت بعد ذلك كفلقِ ُّ
ْ فكان ال يرى ُرؤيا إال
ثُ َّم ُح ِّب َب إليه الخالءُ ،فكان يخلو بنفسه في غار حراءٍ ،
7
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
فيتحن َُّت فيه الليالي ذوات العدد ،ثم يرج ُع إلى خديجة،
الداخلية ،وأقوى جنوده، المرأةُ التي ستكون فيما بعد جبهته َّ
وفي وحشة الحيا ِة يحتا ُج ال َّرج ُل إلى ِ
قلب امرأةِ!
ِ
قبسات النُّور، وفي إحدى خلواتِه في الغار نز َل عليه جبريل بأ َّول
وقال له :اِقرأْ!
ٍ
بقارئ! فقال :ما أنا
فقال له :اِقرأْ!
ٍ
بقارئ! فقال :ما أنا
فقال له في الثالثة :اِقرأْ!
فقال :ما أقرأُ؟!
َ َ َ َ َ َ ْ َ َ ْ ََ ْ َ ْ ْ َ ّ َ َّ
ال ْنســان ِمــن علـ ٍ
ـق ـال لــه﴿ :اقــرأ َ بِاسـ ِم ربِــك الِي خلــق خلــق ِ
َ َّ َ ْ َ َ ْ َ ْ َ َ ُّ َ ْ ْ َ ُ َّ
فقـ
ـان َمــا لَــمْ
َ َ
النسـ َ َ َّ
اقــرأ وربــك الكــرم الِي علــم بِالقلــ ِم علــم ِ
َي ْعلَـ ْ
ـم﴾!
ُ
يرتجف من هول الوحي، فنزل من غار حراءٍ
ـب بقدميــه إلــى أبــي طالـ ٍـب ع ّمــه الــذي اعتــا َد أنكان بإمكانــه أن يذهـ َ
يحوطــه ويرعــاه،
الوفي ،وموضع س ِّره،
ِّ بكر صديقه أو إلى أبي ٍ
ذهب بقلبه إلى خديجة، َ ولكن
ث ّمة مواقف في هذه ال ُّدنيا ال يحتا ُج فيها المرءُ أكثر من حضن!
ُ
يرتجف ويقول :ز ِّملوني ،ز ِّملوني! وص َل إليها وهو
أت من روعه، وهد ْوضمتهَّ ،َّ َّ
فغطته،
ـيت
حدثهــا بمــا كان ،ثــم قــال لهــا :لقــد خشـ ُ
ـب عنــه ال ـ َّروعَّ ،
ولمــا ذهـ َ
علــى نفســي!
8
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
خزيك اهللُ أبداً، َ هلل ما يُ فقالت له :كال وا ِ ْ
الكل ،وت ْك ِس ُب المعدوم، إ َّنك تص ُل ال َّرحم ،وتحمِ ُل َّ
الضيف ،وتُعي ُن على نوائب الحق! َ وتُقري
ـت بــه إلــى ابــن ع ِّمهــا ورقــة بــن نوفــل ،وكان شــيخاً كبيــراً قــد ثُـ َّم ذهبـ ْ
ـي، ُعمِ ـ َ
وكتب اإلنجيل بالعبران َّية، َ تنص َر في الجاهلية، وكان قد َّ
َ
أخيك! فقالت له :يا ابن الع ِّم ،اِس َم ْع من ابن ْ
فقال له ورقة :يا ابن أخي ،ماذا ترى؟
النبي خب َر ما رأى، ُّ فأخبره
َّاموس الذي نزل على موسى، ُ فقال له ورقة :هذا الن
خرجك قو ُم َك!
َ يا ليتني فيها َج َذعاً ،ليتني أكو ُن ح ّياً إذ يُ
خرجي ُه ْم؟! َّ النبي :أَ َو ُم
ُّ فقال له
ودي،
جئت به إال ُع َ َ يأت رج ٌل قط بمثل ما فقال له :نعم ،لم ِ
أنص ْر َك نصراً ُمؤزَّراً! وإن يُدركني يو ُم َك ُ
الوحي فتر ًة!
ُ توفي ،وانقطع َ ثُ َّم ما لبثَ ورقة أن
األول:
رس َّالد ُ
َّ
9
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
رس َّ
الثاني: الد ُ
َّ
10
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
ـوع آخــر،
مــن نـ ٍ
النبي فتأتي كفلق الصبح، ُّ وال ُّرؤى التي كان يراها
ما هي إال تهيئة الستقبال الوحي!
النبي قبل نزول الوحي،
ِّ وتحبيب الخلوة إلى قلب
والقلب والعقل!
ِ وح
ما هو إال صقل لل ُّر ِ
رس َّ
الثالث: الد ُ
َّ
الحب!
الصداقة مقدار ما فيه من ُ الزَّواج الناجح هو الذي فيه من َّ
بك ،تَطم ِئ َن وتُط ْم ِئ َن ،تَجبُ َر وتُجبَ َر، تأنس ويُؤنس َ َ أن
أن تهون ال ُّدنيا كلها وال يهون حبيبك،
وأن يُباع الكون كله ويُشترى خاطر خليلك!
وأن تكون آمناً ومانحاً لألمان كذلك،
ُمس َك فال تَتْ ُر َك وال تُترك،وأن ت ِ
يتكئ كالكما على صاحبه وهو ال يخشى السقوط، َ وأن
نتحدث؟!
َّ ٍ
ورحمة فإن لم يتحقق هذا المفهوم فعن أي مو َّدةٍ
أل ْم تسأل نفسك م َّر ًة ولو من باب الفضول:
النبي إلى خديجة بعدما نزل عليه الوحي؟! ُّ ذهب
َ لماذا
بالذات دوناً عن أقاربه وأصدقائه؟! لماذا اختارها هي َّ
كانت كل هؤالء بال ِّنسبة له! ْ هذا ألنها
كانت مأمون ًة ،حنون ًة ،عاقل ًة ،قو َّي ًة، ْ
األرض غيرها،
ِ َ
عرف أ َّنه ال يحتويه من أهلِ لهذا
11
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
الرابع:
الدرس ّ
َّ
السوء،
المعروف تقي مصار َع ُِّ صنائ ُع
َّاس بالتَّجربة،
هذه قاعدة يعرفها الن ُ
ال تحتاج إلى دِ ٍين لتُد َر َك ،وإن كان ال ّدي ُن قد أرساها!
النبــي
ُّ تعــرف مــن اإلســام شــيئاً حيــن أتاهــا
ُ لــم تكــن خديجــة
ُ
يرتجــف،
خشيت على نفسي.ُ وعندما قال لها :لقد
خزيك اهللُ أبداً!
َ قالت له :وا ِ
هلل ما يُ ْ
جعلت تُع ِّد ُد عليه فضائله ،ومعروفه مع النَّاس، ْ ثم
حتى وهم أهل جاهل َّي ٍة كانوا يعرفون أن زارع الخير يحصده،
الش ِر حتماً سيكتوي بها! و ُموقِ ُد نار َّ
صنائع المعروف ،أل َّنه ال أحد أوفى من اهلل!ِ فأك ِث ُروا من
من جب َر ُجب َر ،ومن أعا َن أُعين!
بتلي بمن هو أظلم منه! ومن خذ َل خُ ذِ َل ،ومن َظل َم ا ُ َ
اُجب ُروا الخواطر ،واِمسحوا الدموع ،و َر ِّمموا المكسور،
وس ُّدوا الحاجات ،واحفظوا ماء الوجوه، اِقضوا ال ُّديونُ ،
أحب إليه،
َّ وتذ َّك ُروا أ َّنه ما ُعب َد اهلل تعالى بشيءٍ
جبر الخواطر ،وقضاء حوائج الناس! من ِ
12
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
رس الخامس:
الد ُ
َّ
13
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
السادس:
الدرس َّ
َّ
لــم يكــن ورقــة بــن نوفــل يعل ـ ُم الغيــب ،ولك َّنــه كان يعل ـ ُم ُس ـنَّة اهلل فــي
الكــون،
الساعة، صراع حتى قيام َّ ٍ يعرف أن الحقَّ والباطل في ُ كان
تتغ َّي ُر الميادين ،ويتبادل المحاربون األدوار ،أما الحرب فهي ذاتها!
قريش سيضيق على هذه الدعوة، ٍ يعرف أن صدر ُ كان
سيستشرس في صراع الحق الذي جاء به! ُ وأن باطلها
فيــا أهــل الثُّغــور ،ويــا أيهــا العاملــون لهــذا ال ّديــن علــى مختلــف
مجاالتهــم،
صب أعينكم :لن تسل َ ُموا من النَّاس! ض ُعوا هذه الحقيقة نُ َ َ
إنهم ال يعادونكم ألشخاصكم ،وإ َّنما يعادونكم لرسالتكم،
ومن لم يجد في ميدان الحقِّ كارهاً له فليُ ِ
راج ْع نفسه،
فلست حام َل َحقٍّ !
َ رضي َ
عنك الباطل َ فإنه إن
نفرت،
ْ تناثرت ،وبال ِّدماء
ْ هذا دِ ي ٌن وص َل إلينا باألشالء
وباألموال أُنفِ َق ْت ،وباألذى وقع ،وبالتشويه حصل،
َ
حافظ عليه إال بهذه األشياء، ولن يُ
وإن اهلل اشترى!
إن سلعة اهلل غاليةَّ ، َّ
14
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
2
َ ُ َ َ
﴿هذا ف َِراق بَيْ ِن َو َبيْن ِك﴾
15
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
3
النبي ،
ِّ قريش في دار النَّدوة ليبحثُوا في شأنِ ٍ ُ
المأل من اِجتم َع
شيخ نجدِ ٍّي،إبليس في صورة ٍ ُ فجاءهم
أنت؟
فلما رأوه ،قالوا له :من َ
سمعت بما اِجتمعتُم له، ُ قال :شي ٌخ من أهل نجد،
رأي وال نُصح! فأردت أن أحضركم ،ولن يعدمكم م ِّني ٌ ُ
فقالوا له :اُدخُ ْل!
ٍ
محمد؟ فقال قائل منهم :ما ت َر ْو َن في شأنِ
وثاق،
بسوه في ٍ فقال رجل منهم :ا ِْح ُ
الشعراءُ،صوا به المنون حتى يهلك ،كما هلك قبله ُّ ثم تر َّب ُ
زُهي ُر والنَّابغة ،فإ َّنما هو كأحدهم!
برأي!هلل ما هذا لكم ٍ إبليس :ال وا ِ
ُ فقال
ِ
بحبسه، محبسه إلى أصحابه من يُخبرهم ِ هلل ليخ ُر َج َّن من وا ِ
فيثبِوا عليه حتى يأخ ُذوه من أيديكم ،ثم يمن ُعوه منكم!
خر ُجوكم من بالدكم! فما آم ُن عليكم أن يُ ِ
الرأي!
ِّ فانظروا غير هذا ُ
يحوا منه، واستر ُ
ِ أظهركم،
ِ فقال قائل منهم :أَخْ ِر ُجوه من بين
فإنه إذا خر َج لن يض َّركم ما صنع!
برأي!
هلل ما هذا لكم ٍ إبليس :وا ِ
ُ فقال
للقلوب بحديثه؟!
ِ أل ْم تروا حالوة قولِه ،وطالقة لسانِه ،وأخذه
لتجتمعن إليه،
َّ العرب،
َ ِستعرض
َ وا ِ
هلل لئن فعلتم ،ثم ا
يخرج ُكم من بالدكم ،ويقت َل أشرا َف ُكم!
ِ ليسيرن إليكم حتىَّ ثم
16
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
َّجدي ،فانظ ُروا رأياً غير هذا! هلل الشي ُخ الن ُّ فقالوا :صد َق وا ِ
بــرأي ،مــا أراكــم أبصرتُ ُمــوه ٍ شــيرن عليكــم
َّ هلل أل ُجهــل :وا ِ ٍ فقــال أبــو
بعــد ،مــا أرى غي ـ َره!
قالوا :وما هذا؟
قبيلة وسيطاً شاباً َجلْداً، ٍ فقال :تأخذوا من كل
رجل ٍ
واحد! واحد منهم سيفاً صارماً ،فيضربونَه ضرب َة ٍ ثم يُعطى كل ٍ
فإذا قتلتموه تف َّرق د ُمه في القبائل كلها،
قريش كلّهم،
ٍ حرب
ِ يقدرون على الحي من بني هاشم ِ ّ فال أظ ُّن هذا
فاسترحنَا منه!
ْ وأنهم إذا رأوا هذا َق ِبلُوا بال ِّدية،
الرأي ،القو ُل ما قال الفتى ،ال أرى غيره! ُ إبليس :هذا وا ِ
هلل ُ فقال
الرأي ،وهم ُمجمعون على ال ُم ِض ِّي به! ِّ وتف َّر ُقوا على هذا
يبيت في مضجعه، َ النبي وأمره أال ِّ فجاء جبري ُل إلى
تلك الليلة، النبي في بيتِه َ ُّ يبت
فلم ْ
وأُذِ َن له بالهجرة ِمن مكة إلى المدينة،
ْ
ـروا ِلُثب ُتـ َ ك َفـ ُ
َ َ َّ ْ َ ْ ُ ُ َ
ـوك ِ ـر بِــك الِيــن وأنــز َل اهلل تعالــى قولــهِ﴿ :إَوذ يمكـ
ـوك﴾أَ ْو َي ْق ُتلُـ َ
األول:
رس َّالد ُ
َّ
ِ
االعتراف بها: من الحقائقِ ال ُم َّرة التي علينا
أن أهــل الباطــل يجتمِ ُعــون علــى باطلهــم أكثــر ممــا يجتمـ ُع أهـ ُل الحــقِّ َّ
علــى حقّهــم!
17
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
أن أهل الباطل ي َر ْون الحقَّ تهديداً لوجودهم، وهذا مرجعه إلى َّ
جال مع غيرها، فرقة منها في ِس ٍ ٍ ترى ك ُّل
بأس شدي ٌد ،ومكائ ُد ،وصرا ُع نفوذ، بينهم ٌ
فإذا ما واجهتهم دعوةُ حقٍّ اِجتمعوا فوراً على باطلهم!
ضد باطل! ولألسف قلّما يجتم ُع أه ُل الحقِّ َّ
ـرف أهــون مــن الحــقِّ الــذي تُخالفــه أن الباطــل الصـ َ تــرى كل جماعـ ٍـة َّ
فــي شــيء!
أهل الباطل يعرفون أن اجتماع أهلِ الحقِّ يعني زوالهم،
خالف بينهم جانباً ويت َِّحدون، ٍ نحون ك ّل لهذا يُ ُّ
رأس األمر،واحد منهم يري ُد أن يكون َ ٍ أ ّما أه ُل الحقِّ فغالباً كل
فرقة منهم تري ُد من الفِ رق األخرى أن تدخ َل تحت عباءتها، ٍ كل
الغالب خالفات أهل الحقِّ في مسائل فرعية، ِ وفي
بمرور الزمن يجعلون هذه المسائل الفرع َّية هي األصل،
واألساس الذي يُم ِّيزُهم عن غيرهم،
فتراهــم يقتربــون أو ينفــرون مــن غيرهــم ،بمقــدار مــا يوافقونهــم أو
يُخالفونهــم فيــه!
حولك ،كم حزباً إسالم ّياً ترى ،وكم فِ رق ًة؟! َ نظ ْر اآلن وا ُ ُ
ر ُّبهم واحد ،وكتابُهم واحد ،ونب ُّيهم واحد ،وقبلتُهم واحدة!
والحساب!
ِ ِ
والبعث، كلهم يؤمنون بالجنَّةِ ،والن َِّار،
ولكن ك ّل فرقة منهم ترمي بقوسها،
بــل وبعضهــا يخطــو نحــو الباطــلِ أكثــر ممــا يخطــو نحــو الحــقِّ إذا كان
مــع غيــره!
أدراجك قلي ً
ال ،وتذك َّر كيف سقطت األندلس، َ ُع ْد
18
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
والسياس ـ ُة
ممالــك كثيــرة ،جمعهــم ال ّدي ـ ُن والعقيــدة ،وفرقتهــم ال ُّدنيــا ِّ
والمصالــح،
َ
نحوا خالفاتهم جانباً، فاجتم َع لهم أه ُل الباطلُّ ،
ـدف واحـ ٍـد ،هــو إزالــة ســلطان اإلســام عــن تلــك وتوح ـ ُدوا علــى هـ ٍ َّ
البــاد،
أن ما كان يُفرقهم أكب ُر مما يُف ِّرق أهل الحقّ ، رغم َّ
وما يجمعهم أصغ ُر مما يجمع أهل الحقّ !
يغلب الحقَّ المتف ِّرق!
ُ ولكن الباطل المجتَمِ ع،َّ
رس َّ
الثاني: الد ُ
َّ
19
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
رس َّ
الثالث: الد ُ
َّ
20
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
21
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
الرابع:
رس َّ
الد ُ
َّ
ُك ْن مع ا ِ
هلل ي ُك ْن معك!
ويخبرك بمكائد الناس، َ لست نبياً ليأتي إليك جبريل َ
ولكنَّك مؤمن في رعاية اهللِ ،وحفظه ،ورحمته،
بحل ُ ٍم تراه فتنتبه، السوء ُ
عنك ُّسيصرف اهللُ َ
ُ
إليك فتفهم اإلشارة منه، أو حديث يصل َ
َ
فيشغلك عنه، ترغب َّ
بالذهاب إليه ُ مكان
أو ٍ
لك فيه حاج ًة! مكان آخر فيه النَّجاة فيجعل َ أو ٍ
الجبن في قلب صاحب َّ
الش ِر، سينقذك اهللُ بأن يُلقي ُ
َ
في أخر لحظة فال يُقدم على ما عز َم عليه،
أو يشغله بنفسه وقد كان تفَّر َغ َ
لك،
أو يُسلِّ َط عليه من هو أكثر ش ّراً منه،
فيكفي المؤمن ش َّر القتال!
َ
22
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
ُ
الملك في منامه، السجن برؤيا رآهاالسالم من ِّ ُ
يوسف عليه َّ خر َج
تضرب باب السجن فتزيحه! ُ ٍ
بصاعقة ال
ٍ
ببعوضة ال تكاد تُرى، َ
وهلك النَّمرو ُد
الح والعتاد!
بالس ِ
مدج ٍج ِّ
عرمرم َّ
ٍ بجيش
ٍ ال
فال تش ُغ ْل تفكيرك كيف تنجو من ش ِّر الناس،
رب الناس، ُرضي َّ
َ بقدر ما تشغله كيف ت
رضي ،كفى ،وحمى ،وأنجى ،وأعطى ،وأرضى! َ فإنه إذا
23
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
4
﴿إنّ ِي آن َ ْس ُ
ت نَ ً
ارا﴾ ِ
24
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
5
األول:
رس ّ الد ُ
َّ
ُ
يكشف حقيقتها، ٍ
قضية ما ال ُحك ُمنَا على
ف عن حقيقة فهمنا لها! يكش ُ
بقدر ما ِ
إذا ما تعلَّ َق األمر بال ُّدنيا فتسديد ومقاربة،
وحساب للمنفعة ،ثم المفاضلة بين هذا وذاك،
ٌ تقدي ٌر للعواقب،
25
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
أما إذا ما تعلَّق األمر بال ّدين فالعق ُل يعم ُل في فهم النَّص،
حكم لقضية قد بُ َّت فيها، حل أو ٍ وال يشتغ ُل في إيجاد ٍّ
وإن مما اُبتلينا به أن العب َد الذي ال يرى أبعد مما تُريه إياه عيناه، َّ
يستدرك على اهلل تعالى، َ يري ُد أن
الذي يرى األمور بكل جوانبها ،وما َع ِل َمه العب ُد منها وما َجهِ لَه،
الشر ُع في كف ٍّة وعقل ُ َك في كفّة، فإن كان َّ
َ
عقلك، فقد حان الوقت أن تُراجع
ال أن تبحث عن حلول لقضايا أكبر منك،
الشخص ّية! وأنت بالكاد قادر على ح ِّل مشكالتك َّ َ
لك :ال تُف ِّك ْر،ولست أُقل ُل من قدر العقل ،وال أقول َ ُ
ما أطل َق أح ٌد العق َل كما أطلقه اإلسالم،
ومــا حــثَّ علــى التفكيــر والتّدبــر أحــد كمــا حــثَّ عليــه هــذا ال ِّديــن
العظيــم،
ولكن ك ّل هذا مشروط بأن ال يخلع المرءُ عباءة عبوديته هللِ،
وأنت عبد،َ وأنت عبد ،وتستنتج َ وأنت عبد ،وتتأم ُل
َ تُف ِّك ُر
إلهي،
حكم ٍّ رباني ،وحكماً مقابل ٍ ٍّ أما أن تطر َح فكراً مقابل ٍ
فكر
فهذا ليس تفكيراً وال تد ُّبراً،
نفسك ر ّباً من حيث تدري أو ال تدري! َ أنت هنا تطر ُح َ
نفســه ،ويُه ِلـ ُ
ـك ـك َ إن الــذي يُفتــي بالعقــلِ مــع وجــود ال َّنــص القاطــع ،يُه ِلـ ُ َّ
ّاس ،
الن َ
ومصيــره نهايــة المطــاف كالعابــد الــذي أفتــى للــذي قتــل تســعة
وتســعين نفســاً،
أن ال توبة له ،فقتله وأكمل به المئة!
26
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
رس ّ
الثاني: الد ُ
َّ
27
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
رس ّ
الثالث: الد ُ
َّ
ُ ْ َ َّ ْ ُ َ ْ َ ُُْ ْ َ
أولئك الذين قال لهم ربهمَ :
﴿ول تلقوا بِأيدِيكم إِل ٱتلهلكةِ﴾،
28
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
أنت،
ليسوا أنا وال َ ُ
اعنُون في اإليمان ،البالغُون فيه عتياً، أولئك هم َّ
الط ِ
النبي في مدينتهم، َّ أولئك الذين استقبلوا
وقاتلوا المشركين معه ،ومنعوه مما يمنعوا منه أعراضهم وأوالدهم،
وقدموا في سبيل دعوته دما َءهم وأموالهم، َّ
ثم لما أرا ُدوا أن يعو ُدوا إلى ُدنياهم جاءهم تحذير ر ِّبهم،
ماضيك مهما كان جمي ً
ال، َ فال تر ُك ْن إلى
أوتيت من ق َّوةٍ ّأل تفسده، َ حار ْب بكل ما وإنما ِ
مات ارت ُّدوا،
النبي ،ودف ُعوا زكاة أموالهم ،فلما َ ِّ أسلَم أقوا ٌم مع
السالفة!فما نفعهم إيمانهم القديم ،وال زكاتهم َّ
ماضيك مشرقاً فسلِ َ
وز ْد،
الثبات ِ
َ اهلل َ َ ُ فإن كان
لك ما مضى! بقي يغفِ ْر َ
فأص ِل ْح ما َ وإن كان قاتماً ْ
رس بعد: الد َفأنت لم تفهم َّ َ َ
بماضيك تمن على اهلل أما أن َّ
إن العبرة بالخواتيم! َّ
الرابع:
رس َّ
الد ُ
َّ
29
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
30
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
6
ْ َ ََْ َ َ َ َ ْ
﴿قال أخ َرق َت َها لِ ُغ ِرق أهل َها﴾
يك اهللُ ُ
بط ُر ٍق ال تَف َه ُمها! يحمِ َ
لك ُسفُن، ستُخ َر ُق َ
خاطئ!
ٍ إبحار
ٍ يك من اهلل يري ُد أ ْن يحمِ َ ألن َ ّ
خطى،
ً ستتع َّث ُر لك
اهلل يريدك ّأل تبل َغ ُو ْجه ًة ُمؤذي ًة! ألن َ ّ
ص، َ
عليك ُف َر ٌ ُوتوستف ُ
تحتاجه ال ما تُريده! اهلل يُعطيك ما ألن َ ّ
ُ
وست ُْص َف ُع على وجهِ َك،
الطريق ُة الوحيدةُ كي تستفي َق من غفلت َ
ِك! أل ّنها َّ
كس ُر قلبُ َك، وسيُ َ
نس باهللِ، خطوات األ ُ ِ
ِ القلب أ ّولِ كس َر ألن ْ َّ
الحماية يأتي مق ُروناً بالوجع!
الكثي ُر من ِ
31
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
7
32
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
رس األول:
الد ُ
َّ
ُ
مواقف ِعزّ، الحياةُ
يقف فيها شامخاً، وث ّمة مواقف على اإلنسان أن َ
ليقف بعدها! َ أل ّنه إذا انحنى فقد ال يُسعفه عم ُره كلّه
إ ّنها عبادة الموقف الواحد التي إن أقمتها استقام بعدها كل شيءٍ ،
ثوب إيمانك خيطاً خيطاً، سينفرط ُ ُ وإن أهدرتَها
يك!لحظة ما قب َح ُع ْر َ ٍ ستكتشف في ُ ثم
أدراجه،
َ تخ َّي ْل معي لو أن صهيباً آث َر مالَه على دينِه وعاد
ما كان ليكون هذا كل ال ّذ ّل وإ ّنما أ ّوله،
فكما راودوه عن هجرته بماله على مشارف مكة،
فسيراودونه عن صالته وتوحيده في بطنها كذلك!
الســبعة الــذي يُظلهــم اهللُ فــي ظله يــوم ال ظ َّل إال ظله، ـت حديــث ّ ولــو تأملـ َ
ـف ـرف العظيــم بعبــاد ِة الموقـ ِ ـدت ثالثـ ًة منهــم قــد نالــوا هــذا َّ
الشـ َ لوجـ َ
الواحــد!
منصب وجمال فقال :إني أخاف اهلل! ٍ رجل دعته امرأةٌ ذات
انتصرت فيها العِ فَّة على أجيج َّ
الشهوة، ْ لحظة واحدة
هلل على أمان الخلوة، وانتصرت فيها عظمة مراقبة ا ِ ْ
أكسبت صاحبَها ع َّز ال ُّدنيا وع َّز اآلخرة، ْ
أنفقــت
ْ بصدقــة فأخفاهــا حتــى ال تعلــم شــماله مــا ٍ تصــد َق
َّ ورجــل
يمينــه،
انتصرت فيها رغبة ستر المحتاج وجبر خاطره، ْ لحظة واحدة
حظ النفس في أن يُرى اإلنسا ُن متصدقاً فيمدحه الناس، على ِّ
33
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
ال بين عبادة الخفاء وعبادة ال ِّرياء! هي التي كانت فيص ً
فــا داعــي ألن تُو ِّث ـ َق كل خيـ ٍـر تفعلــه كلَّــف اهلل تعالــى المالئكــة بهــذه
المه ّمــة،
حب اهلل تعالى، وما كانت هذه الجائزة العظيمة لتكون لوال ُّ
لجبر خواطر الناس في س ٍّر وكتمان!
ففاضت عيناه،
ْ ورج ٌل ذك َر اهلل خالياً
قلب عبده، لحظة واحدة تجلت فيها عظمة اهلل تعالى في ِ
استشع َر فيها ذنبَه وقدرة ا ِ
هلل عليه،
واستشع َر فيها ضعف َه وق َّوة ر ِّبه فبكى،
دمعة ،دمعة واحدة من قلب صادق كان ثمنها الجنَّة،
إياك أن تُف ِّر َط في وقفات العِ زِّ! فإياك َ
الدرس الثاني:
34
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
رس ّ
الثالث: الد ُ
َّ
35
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
الرابع:
رس ّالد ُ
َّ
36
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
37
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
8
َ َ َْ ْ ْ ُ َ
ت مِنك ْم أ َحدٌ﴾ ﴿وال يلتفِ
38
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
9
39
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
األول:
رس ّ الد ُ
َّ
40
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
رس ّ
الثاني: الد ُ
َّ
41
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
ِ
ذهبك! شئت وال داعي ألن تبيعي من فخذي ما ِ
أعرف ،ولكن اسم ْح لي أن أبيع من ذهبي، ُ فقالت لي:
هب كما تعرف ،واهلل تعالى يقول: أحب َّ
الذ َ فأنا ُّ
ُّ ُ َّ َ َ َ ُ ْ َّ َ َّ ٰ ُ ُ
﴿لن تنالوا ال ِب حت تنفِقوا مِما تِبونَ﴾،
وكان هذا الموقف من أجمل ما م َّر معي في حياتي!
ال وسلوكاً!
أعجبني جداً أن تكون اآليات عم ً
رس ّ
الثالث: الد ُ
َّ
42
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
الرابع:
رس ّالد ُ
َّ
43
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
أتت!
قت ألجل هذه اللحظة وها هي قد ْ تصد ََّ
فاشتر به ليوم القيامة ظ ً
ال، ِ َ
يديك اآلن مالُ َك بين
مالك للورثة يتنعمون به ثم تجلس في قبرك وحيداً، َ ْ
تترك ال
لك صدق ًة جارية، عنك ،أو يجع َل َ يتصد َق أح ُدهم َ َّ تنتظر أن
َ
بعدك، َ
بأوالدك من ال بأس أن تُف ِّكر
بنفس َك،ولكن ليس على حساب أن تنجو ِ
فتصد ْق َ
أنت، َّ الميت في قبره تسعده صدقته،
وتســره صدق ـ ًة جاريــة يجــري عليــه أجرهــا ،فاجعــل لــك علــى األقــل
واحــدة،
الصدقة تُنقص الما َل، لك إن َّ ثم من قا َل َ
كان وعــداً علــى اهلل أنــه مــا أنفــ َق عبــ ٌد نفقــ ًة يريــ ُد بهــا رضوانــه
ســبحانه،
وأخلف عليه أمثالها ،ال أحد أوفى وال أكرم من اهلل، َ إال
ثم هناك شيء اسمه البركة ما أنزلها اهلل في شيء إال ك َّثرته،
مال منزوع البركة ال يكفي وإن كثُر، وكل ٍ
نزلت فيه البركة يكفي وإن َّ
قل! ْ مال
وكل ٍ
44
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
10
َ َ َ َ َ ْ َ َّ َ َ
بن ع َما آذ ْي ُت ُمونا﴾ ﴿ولص ِ
فيك ما ليس َ
فيك، سيقُولُو َن َ
َ
مجاذيفك، ِ
ويكس ُروا َ
سيرك، وسيح ِاولُون جاهدي َن أن ي ُعرقِ لُوا َ
إنجاز َك!
ِ سيح ِاولُون التَّقليل من َ وحتى عندما ت َِص ُل
دأب الفاشلين وال َف ِارغين دوماً، هذا هو ُ
نجاح اآلخرين،ِ باالستنقاص من
ِ أنفسهم
َ يُعزُّون
زيحوا عن فعلك الجميلِ بري َقه! َ
نواياك ليُ ُ وسيدخُ لُون في
الكثي ُر من األيدي ستُطفئك غدراً وحقداً،
وك لحمك غيظاً وقهراً! األلسنِ ستل ُ ُ
ُ والكثي ُر من
تلتفت،
ْ َ
طريقك وال تا ِب ْع
وقفت لتر َّده عليه ،فمتى تبل ُغ وجهتَك؟! َ بحجر
ٍ َ
رماك أن ك ّل من
ولو ّ
نجاحك ،وانتقا ُمك هو إنجاز َُك، ُ لي ُك ْن ر ُّدك َهو
وك إلى مستواهم ،تر َّف ْع وكلّما حاولُوا أن يُنزلُ َ
َص ِب َر َّن َعلَى َما آ َذيْتُ ُمونَا!
الصالحين م ِّر التّاريخَ :ولَن ْ
ور ِ ّت ْل عليهم قول َّ
45
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
11
46
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
َّ َّ َ َ ٌ َ َ ْ َ
ــاء ۘ ــو َل َّال َ
ِيــن قَالُــوا إن الل فقِــر ون ُ
ــن أ ْغن َِي ُ الل قَ ْ َّ
﴿ل َق ْ
ــد َســ ِم َع َّ ُ
ِ
َ َ ُْ ُ َ َ ُ َََُْ ُ َْ َ َ َ ْ َ ّ َُ ُ ُ ُ
ــق َونقــول ذوقــواــر ح ٍ
ســنكتب ْمــا قالــوا وقتلهــم النبِيــاء بِغ ِ
َ َ َ َ
عــذاب ال ِر ِ
يــق﴾
األول:
رس ّ الد ُ
َّ
47
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
الســاكت هنــاك قــد يكــون فــي قلبــه إيمــان أكبــر مــن إيمــان المتكلــم وإن َّ
ّ
هنا،
وإن كان المتكلــم هنــا تحرقــه شــرارة ،فــذاك فــي ســعير جنونهــم
وشــذوذهم،
فقبــل أن تحكمــوا علــى النــاس تف َّهمــوا طبيعــة المجتمعــات التــي
يعيشــون فيهــا،
ال تكونوا أنتم ومجتمعاتهم عليهم،
أي جهـ ٍـاد يلــزم المــرأة هنــاك لتضــع حجابهــا علــى أنتــم ال تعرفــون ّ
رأســها،
أي جهاد يلزم الرجل هناك ليكون من ر َّواد المسجد، وال تعرفون ّ
ال تنخدعــوا بقشــور الحر َّيــة البرا َّقــة ،هنــاك عفـ ٌن فــي الداخــل ،عفــن
قبيــح جــداً!
َسلُوا الذين يعيشون هناك ما الذي يتعلمه أوالدهم في المدارس؟!
ول َّما كان دين المرء أغلى من روحه،
فاألصل أال يسكن إال في البيئة التي تعينه على حفظ دينه،
لهذا فالهجرة إلى بالد الغرب لمجرد الحصول على رغد العيش،
آسن قلما ينجو أح ٌد منه، هو إلقاء للنَّفس واألهل في مستنقع ٍ
فاتقوا اهلل في أنفسكم وأهليكم!
السبل،
وضاقت به ُّ
ْ الظروف،ومن أجبرته ُّ
عليه أن يعلم أ ّنه ال عذر ألحد في أن ينتهك حرمات اهلل،
أما في شؤون الحياة فليس هناك إال قانون واحد:
َ َّ ُ َّ َ َما ْ ْ
اس َت َطع ُت ْم﴾ ﴿فاتقوا الل
48
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
رس ّ
الثاني: الد ُ
َّ
رس ّ
الثالث: الد ُ
َّ
ال تقصد غير المسلمين في كنائسهم ،وال ُكن ُِسهم ،وال مذابحهم،
ــب المعرفــة ،وال بن َّيــة النقــاش والمحاججــة
وح ِّ
ال بن َّيــة االطــاعُ ،
والدعــوة!
هذا باب قلّما يأتي بخير!
عمل ونهج حياة،
بكر ال يُقاس عليه ليكون خطة ٍ ث ّم فِ ع ُل أبي ٍ
أوالً أبو بكر ليس أح ٌد أعلى إيماناً منه إال األنبياء،
لوثة قد تُصيب دينك؟! أي ٍأنت ّ
فما أدراك َ
والمدينة وقتذاك مجتمع ُمختل َ ٌط فيه المسلمين وفيه اليهود،
الضرورة،
وهذا االختالط ينشأ عنه نوع من االحتكاك تفرضه َّ
49
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
الرابع:
رس ّالد ُ
َّ
50
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
رس الخامس:
الد ُ
َّ
51
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
52
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
12
ّ َ ْ َ َ ْ َ ْ َ َٰ َ َ ُ
ع َما فاتك ْم﴾ ﴿ل ِكيل تأسوا
53
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
13
54
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
األول:
رس ّ الد ُ
َّ
55
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
رس ّ
الثاني: الد ُ
َّ
56
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
بيــن القريتيــن:
فإلى أيهما كان أقرب فهو من أهلها،
الصالحيــن أ ْن تقاربــي ،وإلــى قريــة
فأوحــى اهلل تعالــى إلــى قريــة َّ
الفاســدين أن تباعــدي،
فلمــا قاســوا المســافة وجــدوه أقــرب إلــى قريــة الصالحيــن ،فأخذتــه
مالئكــة الرحمــة!
رب ،وما أرحمه من إله، ما أعظمه من ٍّ
يُباعد قري ًة ،ويُق ِّرب أخرى ألجل ن َّي ٍة صالحة لعبد له،
أعطاه أجر التَّوبة ألنه مشى فقط دون أن يصل،
وحدها النَّوايا تقط ُع ما عجزت األقدا ُم أن تقطعه!
رس ّ
الثالث: الد ُ
َّ
إن اهلل تعالــى إذا رأى ال ِن َّي َــة خالص ـ ًة لــه ،أعــا َن صاحبهــا علــى إتمــام
َّ
العمــل،
ـب األجــر
ـاءت رحمتُــه لتكتـ َ
ـت حكمتُــه أال يتـ َّم هــذا العمــل ،جـ ْ
وإ ْن قضـ ْ
كامـ ً
ا!
ليست لوجهه الكريمَ ،
ترك صاحبها وعمله، ْ وإذا رأى الن َّي َة
فال هو إ ْن بلغ تمام العمل مأجور ،وال هو إ ْن بلغ نقصانه مجبور!
البصري قص ًة عظيم ًة عن إخالص النوايا فقال:
ُّ روى الحسن
كانــت شــجرةٌ تُعبــد مــن دون اهلل ،فجــاء إليهــا رج ـ ٌل فقــال :ألقطعـ َّـن
هــذه َّ
الشــجرة!
57
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
فجــاء إليهــا ليقطعهــا غضبـاً هلل ،فلقيــه الشــيطان فــي صــورة إنسـ ٍ
ـان
فقــال لــه :مــا تريـ ُد؟
فقال :أري ُد أن أقطع هذه الشجرة التي تُعب ُد من دون اهلل!
أنت لم تعبدها ،فما يض ّر َك من عبدها؟ فقال له :إذا َ
فقال :ألقطعنَّها!
الشيطا ُن :ألمنعن َّك! فقال له ّ
فتصارعا ،فص َرعه المؤم ُن!
ـك مــن ذلــك؟ ال تقطعهــا ـك بمــا هــو خيـ ٌر لـ َ
الشــيطا ُن :هــل لـ َ فقــال لــه َّ
ـت عنــد وســادتك! ـك دينــاران إذا أصبحـ َ ولـ َ
قال :فمن لي بذلك؟
لك!قال :أنا َ
فرج َع ،فأصب َح فوج َد عند وسادته دينارين!
ـك فلــم يجــد شــيئاً ،فقــام غضبــان ليقطعهــا فتم َّثــل ثــم أصبــح بعــد ذلـ َ
لــه الشــيطان،
فقال له :ما تري ُد؟
الشجرة التي تُعب ُد من دون اهلل. فقال :أقطع َّ
لك إلى قطعها من سبيل، كذبت ما َ َ قال:
الشيطا ُن ،ثم له قال :أتدري من أنا؟ فتصارعا ،فص َر َعه ّ
ـت أول م ـ ّرةٍ غضب ـاً هلل لــم يكــن لــي عليـ َ
ـك الشــيطان ،عندمــا جئـ َ أنــا َّ
ســبيل،
فخدعتك بالدينارين فتركتها،
َ
عليك! طت فلما فقدتهما جئت غضباً للدينارينُ ،
فسلِّ ُ
58
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
الرابع:
رس ّالد ُ
َّ
كنت،
حال َ ِس ْر إلى اهلل تعالى على أية ٍ
ـرض فنعــم عبــادة المريــض ،ال يُنســيه ألمــه حــقَّ ر ّبــه فــإذا كان فيـ َ
ـك مـ ٌ
عليه ،
ذنب فنعم عودة التائبين،
وإن كنت ذا ٍ
ثــم هــي قاعــدة واحــد ًة ال ثانــي لهــا :إذا لم تســتط ْع ترك ذنـ ٍـب فحاصره
بالطاعات!ّ
َ
إياك أن تغادر الطريق المؤدية إلى اهلل،
ِســ ْر ولــو ب َع ٍ
ــرج فنِعــ َم الخطــى العرجــاء فــي الحــقّ ،وبئــس الخطــى
القو ّيــة فــي الباطــل!
عبادات ال شأن لها بالمال،ٍ وإن كنت فقيراً َّ
فإن هلل
َ
ثغرك، هذه ميدانك وساح جهادك فالز ْم
ِ
فاقضها، وإن كنت غنياً فدونك حوائج الناس
أحب إليه بعد ما افترضه على عباده، ُّ فما ُعبد اهلل تعالى بشيءٍ
جبر خواطر النَّاس ،وقضاءِ حوائجهم، من ِ
َّاس عيال اهلل وأح ُّبهم إلى اهلل أنفعهم إلى عياله! وإن الن َّ
59
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
14
60
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
15
األول:
رس ّ الد ُ
َّ
61
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
َّاس دون قوة، ألن الفكرة مهما كانت صائبة يستهي ُن بها الن ُ َّ
قامت من ممالك ودول وإمبراطوريات بق َّوتها الماد َّية فقط، ْ وكم
والروحي أض ّل من حمير أهلها! ِّ الفكري
ِّ بينما كانت في قوامها
واإلسال ُم العظي ُم فكرة من األفكار ،والمسلمون أ ُ َّمة من األمم،
بالسيف،
أن اإلسالم العظيم لم ينتشر َّ صحيح َّ
وإ ّنما بالحق الكامن فيه فهو دين الخالق العظيم،
وها هو ما زال قائماً وإن زال نوعاً ما سلطان سيفه،
الســيف هــو الــذي م َّه ـ َد الطريــق أمــام هــذا الديــن كــي يصــل ولكــن َّ
إلــى النــاس،
لوال بد ٌر وأُح ٌد ما كان بعد ذلك فتح مكة!
ولوال القادسية ما ُق ِرئ القرآ ُن في بالد فارس،
اليرموك ما ُفتِح بيت المقدس وال القسطنطينية، ُ ولوال
وإن الحضارة العظيمة التي أقمناها في األندلس، َّ
أقمناها بهذا ال ِّدين العظيم ،بروحه وفِ كره وتعاليمه،
ولكن كل هذا ما كان ليص َل إلى هناك دون سيف!
هذا هو صراع الحضارات في أبسط صورة:
َ
معــك منــك ويحمــ ُل
َ َ
غالبــك ،أو تغلبــه فيصيــر ــب تُقلِّــد
إمــا أن تُغل َ َ
ــيف نحــو بــاد جديــدة، الس َ َّ
بالسيف خرج علماء الحديث، من بالد فارس المفتوحة َّ
ومن المغرب المفتوح بال ِّذراع واليد خرج فاتحو األندلس،
رفرفــت رايــة اإلســام خفاقــ ًة فــي ْ وعلــى يــد األتــراك العثمانييــن
أوروبــا!
62
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
رس ّ
الثاني: الد ُ
َّ
ا ُ ْد ُع لي زي َد بن ثابت!
اختصاص بالدرجة األولى، ٌ هذه ال ُّدنيا
والعاق ـ ُل ينظ ـ ُر فــي نفســه ويبص ـ ُر قدراتــه التــي أعطاهــا اهلل تعالــى
إياهــا،
فهي ميدان عمله ،ومكان تكليفه،
وألن اإلسالم العظيم دين حياة ففيه متس ٌع للجميع،
الســيف ،ولكنــه كان شــاعراً بارع ـاً م ـ َّر َغ حســان بــن ثابــت لــم يحمــل َّ
ـف قريـ ٍـش بقصائــده، أنـ َ
النبي :ا ُ ْه ُجهم وروح القُدس معك! ُّ فقال له
يف ال موضع القصيدة، الس ِ
المعارك موضع َّ َ وألن
حسان بن ثابت، سد خالد بن الوليد غياب َّ َّ
ّسائي للحديث،
َّرمذي واب ُن ماجة والن ِّ ُّ البخاري و ُمسل ٌم والتُّ كان
ِ
للمعارك، نافع
زياد و ُعقبة بن ٍ وكان طار ُق بن ٍ
ومالك والشافعي وأحمد للفقه، ٌ كان أبو حنيفة
وكان ُقطز وصالح ال ِّدين أُسوداً أمام األعداء!
وعندمــا كانــت عقيــدة المســلمين علــى المحــك ،كان لفتنــة خلــق
القــرآن أحمــد بــن حنبــل!
النبي تجهيز جيش العسرة، ُّ وعندما أراد
الثري عثمان بن عفان، ِّ حان دور
وحين كان صوت القعقاع في الجيش ٍ
بألف،
السالم يبي ُع أمراء المماليك في األسواق! كان العِ ُّز بن عبد ّ
63
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
كنت صاحب ٍ
فقه فتعلي ُم النّاس ميدانك، فإ ْن َ
أدب وفِ كر فال ِّدفاع عن العقيدة مكانك، وإ ْن كنت صاحب ٍ
مال فحوائج ال ِّناس محرابك، وإن كنت صاحب ٍ
الغني عبادتك،ِّ وإن كنت طبيباً فعالج الفقير قبل
بأمانة مكان تكليفك، ٍ وإن كنت مهندساً فتنفيذ المشاريع
وإن كنت ُمد ِّرساً فصناعة األجيال مه ّمتك،
وإن كنت حداداً أو نجاراً أو ميكانيكياً أو عامل نظافة،
فأنت أساس في المجتمع وال نستغني َ
عنك، َ
بصدق وأمانة عبادة،
ٍ وأداء عملك
لك أن الورشة ال يمك ُن أن تكون محراباً، من قال َ
منزل فصناعة العظماء ثغرك، وإن ِ
كنت ر ّبة ٍ
والشافعي ،واب ُن تيمية ر ّبتهم أمهاتُهم!
ُّ ٌ
مالك ،وأحم ُد،
رس ّ
الثالث: الد ُ
َّ
العمري العابد،
ِّ إن عبد اهلل
روى الحافظ ابن عبد البرَّ :
للصيام والصالة والقرآن، قد اعتز َل الن َ
َّاس ِّ
وأنه استصغر ما يقو ُم به اإلمام مالك من تعليم الناس وانشغاله بالفقه،
يحضــه علــى اعتــزال النــاس ،واإلقبــال علــى العبــادة،
ُّ فكتــب إليــه
َ
واالشــتغال عنهــم بأمــر نفســه!
إن اهلل تعالــى قســ َم األعمــال كمــا ٌ
مالــك يقــولَّ : فكتــب إليــه اإلمــام
َ
قســم األرزاق،
64
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
65
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
الرابع:
رس ّالد ُ
َّ
ـب ،أسـ َ
ـقط الشــريعة الرحيمــة :إذا أخـ َذ اهلل مــا َ
أوهـ َ مــن قواعــد هــذه َّ
مــا أوجــب!
فالوقوف في الصالة ركن من أركانها على اإلنسان الصحيح،
أمــا المريــض الــذي ال يســتطي ُع القيــام فيصلّــي قاعــداً ،فــإن عجــز عــن
القعــود صلــى ممداً،
َ
يطالبك به! منك شيئاً ثمواهلل أعدل وأرحم من أن يأخذ َ
لهذا يُبا ُح للمريض أن يُفطر ،ويُ َس ُّن للمسافر أن يقصر الصالة،
إن الفقيــر يُعطــىـقط الــزكاة عــن الفقيــر ويُطالــب بهــا الغنـ ِّـي ،بــل ّ وتسـ ُ
مــن زكاة الغنـ ِّـي!
هلل بالنســاء أنهـ َّـن يقضيـ َن الصيــام فــي الحيــض والنفاس، ومــن رحمــة ا ِ
وال يقضيـ َن الصالة!
الصــاة هــي رك ـ ُن اإلســام األ َّول تخفيف ـاً مــن ربنــا ورحمــة رغــم َّ
أن َّ
بعــد التوحيــد!
ـت رحمتُــه حتــى فــي أوامــره ،كمــا تتجلّــى فــي منحــه فســبحان مــن تجلّـ ْ
وأعطياتِه!
66
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
16
َ َّ ََ َ ۡ َۡ َ َ َ َ َ
ت لكۚ قال َم َعاذ ٱللِۖ﴾ ﴿وقالت هي
67
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
17
َوإ َّن أُخْ تَ ُه -وهي ت َُس َّمى ال ّ ُربَ ِ ّي َعَ -ك َس َر ْت ثَ ِن ّيَ َة ا ْم َرأَةٍ ،
اص،
ص ِ الل بالقِ َ فأ َم َر َرسو ُل َّ ِ
68
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
األول:
رس ّ الد ُ
ّ
69
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
وذاقــت ُقريــش بعــض الــذي ذاقتــه فــي بدر ،فــ َّر جنودهــا ،وتبعهــم ْ
المسلمون،
ثــم ظ ـ َّن ال ّ ُرمــاة علــى الجبــل أن األمــر انتهــى ،فنزلــوا يُريــدون الحــظ
مــن النصــر والغنائــم!
عندها حدث ما كان النبي يخشاه،
ـف خالــد بفرســانه وصــار المســلمون بيــن ف َّكــي كماشــة ،وتح ـ َّول التـ َّ
نصرهــم إلــى هزيمــة،
وتعلَّموا الدرس البليغ:
ُحقّق النصر ما لم تلتزم بأوامر نب ِ ّيها وقائدها!هذه األُمة لن ت ِ
انتهت،
ْ كانت غزوة أ ُ ُحد قد ْ فإن
فإ َّن مهمة ال ّ ُرماة الذين يحفظون ظهور المسلمين لم تنتهِ بعد،
فطوبى لل ُمدافعين عن هذا ال ّدين ك ّل في مجاله،
طوبى للقابضين على الجمر رافضي االنحناء والتل ّ ُون،
ا تع ـزّوا بصــوت النبــي يُنــادي فيهــم :ال تبرحــوا كلمــا وهنــوا قلي ـ ً
أماكنكم!
فال تبرحوا أماكنكم!
األمهات اللواتي يُر ِّبين أوالدهن على الصالة والصيام واألخالق،
أنت َّن تحمين ظهورنا فال تبرحن أماكنكن!
اآلبــاء الذيــن يســألون أوالدهــم عــن جــزء عــ َّم كمــا يســألونهم عــن
عالماتهــم المدرســية،
أنتم تحمون ظهورنا فال تبرحوا أماكنكم!
درسون الذين يُؤمنون أ َّن هذا الجيل إذا تر ّبَى جيداً،
ال ُم ِ ّ
وعلي مرة أخرى،
ٌّ يُمكن أن يخرج منه أبو بكر وعمر وعثمان
70
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
71
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
رس ّ
الثاني: الد ُ
َّ
َ
انكشف المسلمون، بعد نزول ال ُّرماة عن الجبل
السيف ،وارتقى الشهداء واحداً تلو اآلخر،
وأعملت ُقريش فيهم ّ
انسحب المسلمون إلى الجبل ليص ُع َب على قريش تتبعهم،
َ لهذا
وش َّج رأس النبي و ُك ْ
سرت مقدمة أسنانه، ُ
ـجوا
وهــو يمسـ ُح الــدم عــن وجهــه الشــريف ويقول :كيــف يفلــح قــوم شـ ُّ
رأس نبيهــم؟!
النبــي أن يصعــد علــى صخــرة فلــم يســتطع ُّ وعنــد الجبــل أراد
بأبــي هــو وأمــي،
بسبب ثقل الدرعين ،وما أصاب الجسد الشريف من جراح،
عندهــا انحنــى طلحــة بــن عبيــد اهلل وجعــل مــن جســمه درج ـاً يرقــى
عليــه النبــي ليصعــد إلــى الصخــرة،
وجبت له الجنة!
ْ فلما وصل إليها قال :أ ْو َج َب طلحة! أي
أوجب طلحة ألنه جعل من نفسه ُسلَّماً يرقى عليه النبي ، َ
درك طلحة، ولكن باب الوجوب لم يُغلق بعد ،فما زال بإمكاننا أن نُ َ
النبــي ليــس معنــا بجســده لنذ ّل ـ َل لــه ُّ
الظهــور وال ِّرقــاب ليصعــد
عليهــا،
وسنَّته بيننا،
ولكن دينه وشرعه ُ
َ
وأدرك أوجــب،
َ وكل مــن حمــل هــذا الديــن علــى عاتقــه يرقــى فقــد
بــإذن اهلل طلحــة!
أيهــا المجاهــد الــذي وضــع روحــه علــى كفــه ،إلعــاء كلمــة ال إلــه إال
أوجبت!
َ اهلل قــد
72
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
أيها الداعية الذي قال كلمة الحق ولم يخش في اهلل لومة الئم،
أوجبت!
َ ود َّل الناس على اهلل قد
امتثلت أمر النبي بالحجاب والعفة، ْ أ َّيتُها الفتاة التي
ِ
أوجبت! ليعود اإلسالم سيرته األولى قد
اب الذي راوده اإلعالم الهابط عن دينه فقال معاذ اهلل، الش ُّ أ ُّيها َّ
الذكــر ،وحلقــات التحفيــظ ،وأدام الســير إلــى وزاحــم فــي ِحلــق ِ ّ
أوجبــت!
َ المســجد قــد
األب الذي أمر أوالده الصالة أبناء سبع، أيُّها ُ
أوجبت!
َ الصيام منذ نعومة أظفارهم ،قد ود َّربهم على ِّ
أوجبت!
َ درس الباحث بين تالميذه عن أبي بكر وعمر قد أ ّيها ال ُم ِ ّ
أ َّيها الطبيب اإلنسان ،وأيُّها النَّجار الصادق ،وأيُّها الموظف األمين،
الصالح ،وأيُّها األخ الحنون، وأيُّها االبن البار ،وأيُّها الجا ُر َّ
وأ ّيتها الزّوجة ال ُمح ّبة ،وأيتها الكِ نَّة الخلوقة،
قد أوجبتم جميعاً بإذن اهلل!
فكلما ضاقت ال ُّدنيا بكم ،وراودتكم عن أخالقكم ودينكم،
وجبت لطلحة أل ّنه كان ُسلّماً لهذا ال ّدين، ْ أن الجنّة قد تذ ّكروا ّ
أوجبت فالن وينط ُق اسمك! َ النبي يقول: َّ وتخ َّيلُوا
رس ّ
الثالث: الد ُ
َّ
أح ٍد،
ل َّما دنا العد ّ ُو من النبي يوم ُ
دافـ َع عنــه مصعــب بــن عميــر حتــى ُقتــل ،وأبــو ُدجانــة حتــى كثُـ ْ
ـرت فيــه
الجراح،
73
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
74
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
الرابع:
رس ّالد ُ
ّ
إ َّن َ
اهلل يُ ِ ّ ُحــب صــاد َق العهــدِ معــه ،ليــس فــي الحـ ِ
ـرب فقــط ،وإنمــا فــي
الســلم كذلــك، ِّ
هلل عمل ج َّبار تماماً كالموت في سبيل اهلل! فالحياة في سبيل ا ِ
أعطاك الما َل أن تكون كثير الصدقة،
َ عاهدت َ
اهلل أن إذا َ فإذا
أغناك أن تحنث بالعهد، َ َ
فإياك إن
فإنه ال شيء أحب إليه من وفاء عبده على ما عاهده،
َ
يفقرك بعد غنى! فقر قادر على أن
وتذكر أن الذي أغناك بعد ٍ
ـرض ،أن تُكثــر مــن الخطــى إلــى ـدت َ
اهلل أن إذا شــفاك مــن مـ ٍ وإذا عاهـ َ
المساجد،
وأن تثني الركب في حلق العلم وتحفيظ القرآن،
شفاك أن تحنث بالعهد،َ وأن تحج وتعتمر ،فإياك إن
أحب إليه من وفاء عبده بما عاهد، فإنه ال شيء ّ ُ
75
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
رس الخامس:
الد ُ
َّ
حد قال: شرف على دفن ُشهداء غزوة أ ُ ٍ النبي يُ ُ ُّ بينما
ادفنــوا عمــرو بــن الجمــوح وعبــد اهلل بــن حــرام فــي قبـ ٍـر واحـ ٍـد ،فإ ّنهما
كانا متحابين!
النبي :فإنهما كانا ُمتحابين! ّ واُنْ ُظ ْر إلى جمال قول
ما أجمل أن يُعرف اإلنسان بين الناس بصفاته العذبة،
أن يُعرف بال ُمحب ،والشهم ،والكريم ،والنبيل،
ـت صــورة وجهــه فــي أذهــان الســامعين كأنهــا قلــب إذا ُذكــر اســمه لمعـ ْ
أحمر،
كذلك الذي نضعه وراء العبارات الجميلة التي نكتبها!
الذهبي في ِسيَ ِر أعالم النُّبالء لمحمد بن ميمون فقال:
ُّ ترج َم
76
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
الســكري ،محمــد بــن ميمــون ال َمــ ْر َو ِزي ،ولــم يكــن يبيــ ُع أبــو حمــزة ّ ُ
الســكر،
ُّ
بالسكري لحلو كالمه! وإنما ُس ِ ّم َي ّ ُ
فيــا تُــرى لــو أراد الذيــن يعرفوننــا أن يســتبدلوا أســماءنا بصفاتنــا التــي
نُعاملهــم بهــا فمــاذا عســاها تكون؟!
ـي ال ُمبــارك ،أممــاذا ســيختار األبــوان لنــا اســماً ،االبــن البــار المرضـ ّ ُ
ـظ َّ
الســليط؟! االبــن العــاق الفـ ّ ُ
مــاذا ســتختار الزوجــة اســماً لنــا ،الــزوج الحنــون الكريــم ال ُمتســامح،
أم ال ـزَّوج العنيــف القاســي؟!
لك اسماً ،الحنونة ال ُمح ّبة الكريمة َّ
الصبورة، ماذا سيختار الزوج ِ
أم سليطة اللسان قاسية القلب جارحة الكالم؟!
ـك اســماً ،الشــه ُم المعطــاء ال ُمســالم ،أم الغــادرمــاذا ســيختا ُر الجــار لـ َ
الجشــع ســيء الخُ لــق؟!
ِ
ـك اســماً ،حافــظ الســر األميــن ال ُمهــذب مــاذا ســيختا ُر زمــاء العمــل لـ َ
ال ُمــؤدب ،أم الواشــي والفاضــح؟!
أســماؤنا لنــا أمــا صفاتنــا فلل ّنــاس ،وهــم الذيــن يضعــون لنــا صفـ ًة بنــا ًء
علــى تعاملنــا معهــم،
ويومــاً مــا ســترحل األســماءُ وتبقــى الصفــات ،فاتركــوا وراءكــم مــن
يترحــم عليكــم!
َّ
77
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
السادس:
رس ّالد ُ
َّ
78
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
79
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
السابع:
رس ّالد ُ
َّ
80
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
حال كنت! بليغ مفادهِ :س ْر إلى اهلل على أ ّيَةِ ٍ درس ٍ يا له من ٍ
ال تــد ْع شــيئاً يُكبلــك ،تحامـ ْل علــى نفســك ،فإنهــا أيام تمضــي والموعد
الجنة إن شاء اهلل!
الجنَّة فعل الخير طلباً لرضى اهلل، من أكثر ما يُدني الناس من َ
ولو لم يفعلوا ُعذروا ولم يل ُ ْم ُهم أحد!
البط ُن الجائ ُع الذي تُطعمه وليس بينك وبينه ُقربى وال َر ِحم،
تبتغي بذلك وجه اهلل خطوة إلى الجنة!
ـي الــذي تُنهيــه وليــس بينــك وبيــن الزوجيــن ُقربــى والخـ ُ
ـاف الزوجـ ّ ُ
وال َر ِحــم،
وتحفظ األوالد من الضياع، َ تري ُد بهذا الصلح أن تجم َع األُسرة،
تبتغي بذلك وجه اهلل خطوة إلى الجنة!
الح ّ ُق الذي تُحاول أن تعي َده ألصحابه ال ناقة َ
لك وال جم ٌل فيه،
تبتغي بذلك وجه اهلل هو خطوة إلى الجنة!
الول ُد العا ّ ُق الذي تُعي ُده إلى ب ِ ِّر أبيه،
وال يربطك باالثنين َر ِحم وال ُقربى خطوة إلى الجنة!
المريض الذي تسعى في عالجه، ُ
عمل،
والمسكي ُن الذي تساعده في الحصولِ على ٍ
واألرمل ُة التي تُغنيها عن سؤالِ الناس،
كل هؤالء خطوات إلى الجنة،
وما تُ ُع ِ ّب َد اهلل بشيءٍ أحسن من اإلحسان إلى خلقه!
81
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
رس الثامن:
الد ُ
َّ
الحرب!
َ يكس ُب قد يخس ُر الح ّ ُق معرك ًة ،ولكنه نهاية المطاف ِ
وعلينا أال ننشغِ َل بالنَ ِ
ّصر والهزيمة،
الحــق ،كارهيــن وهاجريــن لصفــوف ِّ وإنمــا بــأن نكــون فــي صفــوف
الباطــل!
طقس ،أ ّما اإليما ُن مناخ!ٍ فالنَّص ُر والهزيم ُة مج ّرد
صحة المناخ! تش ّ ُكون في ّ فال يجعلكم تقلّ ُ ُب الطقس ُ
لحكمة ٍ
بالغة، ٍ إ َّن هذا ال ِّدين يُمتح ُن أهلُه بالهزائم
وهي أال تمتلئ صفوفه بالمنافقين!
لحكمة ٍ
بالغة، ٍ وي ُم ّ ُن اهللُ تعالى على أهلِ هذا ال ِّدين بالن ِ
ّصر
يش ّ ُكوا في سالمة المنهج! وهي أن ال ُ
وهزيم ٌة تجعل ُ َك تلجأُ إلى اهلل ،وتُراجع حساباتك،
فتحسب معه أنك س ّي ُد ال ّ ُدنيا!
ُ َ
طغيك، نصر يُ
خير من ٍ
لحكمة ٍ
بالغة، ٍ وسبحان من يُؤ ّد ُب عباده بما يكرهون
وهي أن يجعلهم له كما يُ ِح ّ ُب!
82
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
18
ُ َ َْ َ َ َ ْ
﴿سن ْس َتدرِ ُج ُهم ّ ِم ْن َحيْث ال َيعل ُمون﴾
فيحر َ
مك، ِ اهلل تعالىليس مخيفاً أن تُطيع َ
َ
فإ ّنه وقتذاك يُق ِّربُ َك،
َ
عطيك، المخيف أن تعص َيه فيُ ُ وإ ّنما
فإ ّنه وقتذاك يُملي َ
لك!
عطيات استدراجاً!ِ أحياناً يُغدِ ق اهللُ تعالى باألُ
ملك مصر! لي ُ أليس َ
َ البحر على فرعون سب َقه: ِ إطبا ُق
وال ِّنعا ُل على رأس النُّمرود سب َقها :أنا أُحيي وأ ُ ُ
ميت!
ـت عــاداً مــن جذورهــا كان قبلهــا :مــن أش ـ ُّد م َّنــا وال ِّري ـ ُح التــي اقتلعـ ْ
ق ـ َّوة!
عندك قاعدة: َ خذها
الطاعة إكرام ،وال ِّنعم ُة مع المعصيةِ استدراج! ال ِّنعم ُة مع َّ
83
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
19
خاري في صحيحه:
ُّ روى البُ
الج ْه ُد أن َر ُج ًل أتَى الن َّ
َّبي ،فقال :يا رسول اهلل أصابني َ َّ
أي الجوع!
ِسائِهِ ،
النبي إلى ن َ ُّ َفبَ َعثَ
َف ُقل ْ َن :ما معنَا َّإل ال َماءُ!
يف هذا؟ الل َ :من يُ ِض ُ َفقا َل َرسو ُل َّ ِ
ص ِار :أنَا ... َفقا َل َر ُج ٌل مِ َن األنْ َ
الل ، ضيْ َف َرسولِ َّ ِ َفانْ َطل َ َق به إلى ا ْم َرأَتِهِ َ ،فقا َل :أ ْك ِرمِ ي َ
وت ِصبْيَانِي! َفقالَ ْت :ما ِعنْ َدنَا َّإل ُق ُ
اج ِك ،ونَ ِّومِ ي ِصبْيَانَ ِك إ َذا صب ِِحي ِس َر َ َفقا َلَ :ه ِّيئِي َط َعا َم ِك ،وأَ ْ
أ َرا ُدوا َع َشا ًء،
اج َها ،ونَ َّو َم ْت ِصبْ َيانَ َها،
ص َب َح ْت ِس َر َ َف َه َّي َأ ْت َط َعا َم َها ،وأَ ْ
فأط َف َأتْهُ،
اج َها ْ ثُ َّم َقا َم ْت َكأ َّن َها ت ْ
ُص ِل ُح ِس َر َ
َف َج َع َل يُ ِريَانِهِ أ َّن ُهما يَ ْأ ُك َلنِ َ ،فبَاتَا جائ َعيْن،
ض ِح َك َّ
اللُ أص َب َح َغ َدا إلى َرسولِ َّ ِ
الل َ ،فقا َل لهَ : َفل َ َّما ْ
اللَّيْل َ َة مِ ن َف َعا ِل ُكما.
فأنْ َز َل فيكما قوله:
ُ َ َ ٌ َ َ َ َ َ َ
سه ْم َو ل ْو ك ن به ْم خصاصة َوم ْن يُوق ش َّ ُ ْ َ ََ َ َ ْ
ــح ِِ ِ ِ ف ن أ ﴿و ُيؤ ث ُِر ون ع
َُ َ َ ُ ْ ْ َْ
نفسِــهِ فأ ولئِك ه ُم ال ُمفل ُِحون﴾
84
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
األول:
رس ّ الد ُ
ّ
85
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
86
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
رس ّ
الثاني: الد ُ
َّ
ِ
ساعات ُوس َعتِهم، الصحابة في تحسب إ ْن اإليثار كان عند ّ
ُ كنت
إ ْن َ
الوقت لترى كيف أنهم آثروا إخوانهم بحياتهم! ُ فقد حا َن
وهذا غاية الجود ،ومنتهى البذل والعطاء.
يقو ُل عكرمة بن أبي جهل عن جهاده في معركة اليرموك ،ل ّما
اجترأ ال ُّرو ُم وانكفأ المسلمون:
قاتلت رسول اهلل في مواطن كثيرة وأف ُّر منكم اليوم؟! ُ
ث َّم نادىَ :من يبايع على الموت؟
فبايعه ع ُّمه الحارث بن هشام ،وضرار بن األزور في أربعمائة
مِ ن وجوه المسلمين
وفرسانهم،
جراحا،
ً قدام فسطاط خالد حتى أُثْ ِبتُوا جمي ًعا فقاتلوا َّ
رت فيهمو ُقتِل منهم خلقٌ ،منهم ضرار بن األزور ،فل َّما كثُ ْ
الجراح طلبُوا ما ًء،
فجيء إليهم بشربة ماء ،فل َّما قربت إلى أحدهم نظر إليه اآلخر،
فقال :ادفعها إليه.
فلما ُدفِ َعت إليه نظر إليه اآلخر،
فقال :ادفعها إليه.
فتدافعوها كلُّهم ،مِ ن واحد إلى واحد ،حتى ماتوا جمي ًعا ولم
يشربها أحد منهم!
إليثارهم ما أروعه ،الح ُّر شديد وهم جرحى في ميدان ِ اُ ُ
نظ ْر
المعركة،
87
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
رس َّ
الثالث: الد ُ
َّ
88
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
89
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
رغيف!
فقالت لموالةٍ لها :أعطيه إ َّياه.
فقالت :ليس لك ما تفطرين عليه؟
فقالت :أعطيه إ َّياه.
بيت من األنصار شا ًة! فل َّما أمسوا أهدى لهم أهل ٍ
فدعت عائشة خادمتها فقالت :كلي مِ ن هذا ،فهذا خي ٌر مِ ن رغيفك!
يا لإليثار يا عائشة ،يا لإليثار!
والصائ ُم أحو ُج ما يكون إلى طعام ،وليس في البيت ّ هي صائمة،
إال رغيف!
تطلب من خادمتها أن تُعطيه إياه، ُ ولكنها
المغرب منادياً :اهلل أكبر!
ِ بأي شيءٍ تُفطر إذا ارتف َع أذان لم تُف ّك ْر ّ
ابتغت وجهه،
ْ تعرف أن اهلل األكبر لن يتركها وقد ُ ولكن ألنها كانت
وكان ر ُّبها سبحانه عند ُح ْسنِ ّظنها به! أبدلها بال ّرغيف اليتيم شا ًة،
أن عوض اهلل إذا َّ
حل فنادت على خادمتها تُطعمها معها ،وتُخبرها َّ ْ
أنسى اإلنسان ما فق َد!
الرابع:
رس َّ
الد ُ
َّ
90
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
91
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
رس الخامس:
الد ُ
َّ
ّاس إلى المال ،فإذا وصلهم تذ ّكروا المساكين كانوا أحوج الن ِ
ونسوا أنفسهم!
أراد عمر بن الخطاب أن يمتح َن إيثار أصحابه،
فأخ َذ أربعمائة دينار ،فجعلها في ص َّرة،
ث َّم قال للغالم :اذهب بها إلى أبي عبيدة بن الج َّراح،
ث َّم تل َّكأ ساع ًة في البيت عنده حتى تنظ َر ماذا يصنع بها.
فذهب بها الغالم إليه ،فقال :يقول لك أمير المؤمنين:
اِجع ْل هذه في بعض حاجتك.
فقال :وصله اهلل ورحمه.
السبعة إلى فالن، ث َّم قال :تعالي يا جارية ،اذهبي بهذه َّ
وبهذه الخمسة إلى فالن .حتى أنفدها،
أعد مثلهافرجع الغالم إلى عمر ،فأخبره فوجده قد َّ
لمعاذ بن جبل.
اذهب بهذا إلى معاذ بن جبل،
ْ وقال:
وتل َّكأ في البيت عنده ساعة حتى تنظر ماذا يصنع.
فذهب بها إليه ،فقال :يقول لك أمير المؤمنين:
اجع ْل هذه في بعض حاجتك.
فقال :رحمه اهلل ووصله.
وقال :يا جارية ،اذهبي إلى بيت فالن بكذا وبيت فالن بكذا.
فاطلعت امرأة معاذ فقالت :ونحن واهلل مساكين فأعطنا. َّ
ولم يبق في الخرقة َّإل ديناران فأعطاهما!
92
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
فس َّر بذلك عمر ،وقال :إ َّنهم فرجع الغالم إلى عمر فأخبرهُ ،
إخوة بعضهم مِ ن بعض!
إصالح شأنه به،ِ الفقير بالمالِ إذا جاءه ،فإنه يُسر ُع في
ِ لفرح
ِ يا
ويص ُليشتري ما ينقصه ،ويأكل ما كان يشتهيه ،يس ُّد َديْناًِ ،
رحماً!
هذا هو شأن النّاس ،ولكنّهم الصحابة ،كأنهم مالئكة وليسوا
من النّاس!
ال يتذ ّك ُر معا ٌذ أنه فقير إال عندما ذ ّكرته زوجته!
أول ما وقع المال بين يديه تذ ّكر المساكين،
فجعل يُرس ُل إليهم منه،
الفضة! ّ ٍ
صحاف من كتب بماء ال ّذهب علىإيثار يُ ُ
ادس:
الس ُ
رس ّ
الد ُ
ّ
93
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
94
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
95
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
20
96
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
21
97
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
ــدى َونُ ٌ
ــور ِيهــا ُه ً
ــو َراةَ ف َ
اتل ْ فأنــزل اهلل تعالــى قولــه﴿ :إنَّــا أَ َ
نز ْلَــا َّ
ِ
َّ ُّ َ َّ َ َ ْ َُ َْ ُ
ــم ب ِ َهــا انلبِيــون الِيــن أســلموا﴾
ك ُ ي
األول:
رس ّ الد ُ
َّ
98
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
رس ّ
الثاني: الد ُ
َّ
99
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
رس َّ
الثالث: الد ُ
َّ
100
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
101
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
الرابع:
رس َّ
الد ُ
َّ
102
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
22
َ َ ُ ََ ُ ْ َ ً ُ
آء َيبْكونَ﴾ ﴿وجآءوا أباهم عِش
103
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
23
104
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
ْ َ َ َ ً
ـة ُت َط ّه ُر ُهـ ْ ْ َ ُ ْ
ـم ـ ق دص ـمـ ه ِ ل اوـن أ ْم َوأنــزل اهلل ع ـ َّز وجـ َّـل قولــه﴿ :خــذ مِـ
ِ ِ
ُ ّ
َوت َزك ِي ِهــم ب ِ َهــا﴾
رجلين ليج َمعا الزَّكاة، النبي ُ ُّ فبعثَ
الن من بني ُسليم فخذا منهما صدقاتِهما، وقال لهماُ :م َّرا بثعلب َة و ُف ٍ
بنصاب الزَّكا ِة وكيف َّية استحقاقها، ِ وكتب لهما كتاباً َ
فانطل َقا حتى أت َيا ثعلب َة ،فأقرآه قولِ اهلل تعالى في الزَّكاة،
النبي في نِصابها، ِّ وأطلعاه على كتاب
فقال :ما هذه إال جزية! ِانْ َطلِقا حتى تفرغا ثم ُعودا َّ
إلي!
فانطل َقا حتى إذا أتيا ال َّرجل من بني ُسليم وطلبا منه الزَّكاة،
فقام إلى أفضل إبلِه ثم أعطاهما إ َّياها،
عليك ك ُّل هذا! ال نري ُد أن نأخذه! َ يجب
ُ فقاال :ما
فإن نفسي بهذا ط ّيبة! فقال لهما :بلى خُ ذوه َّ
فأخ ُذوها منه وعادا إلى ثعلبة ،فقال :أعطوني الكتاب،
الجزية! خت ِ فنظ َر فيه ثم قا َل :ما هذه إال أ ُ ُ
ولم يد َفع الزَّكاة ال ُمستحقّة عليه!
النبي ،فلما رآ ُه َما قال :يا وي َح ثعلبة! ِّ فرجعا إلى
أوحي إليه بما كان! َ قبل أن يكلِّمهما ،قد
وسكت عن ثعلبة، َ للسلَمِ ِّي بالبركةِ في ماله، فدعا ُّ
ـن آتَانَــا ِمـ ْ َ
الل لئـ ْ ـد َّ َـن َع َهـ َ ـم َمـ ْ ﴿ومِنْ ُهـ ْفأنــز َل اهلل تعالــى قولــهَ :
ـن ِ
َ َ َ َّ َ ُ ْ ْ َ ْ ـن َّ ـن ِمـ َ ونـ َّ َ َ َّ َّ َ َّ َ َ َ ُ َ َ ْ
ـن فضلِهِ الِــن فلمــا آتاهــم ِمـ الص ِ فضل ِـهِ لصدقــن ولك
ْ َ ُُ َ َ َ َّ ْ َ ُ ْ ُ ْ ُ َ َ َ ْ َ َ ُ ْ َ ً َ ُ
ـم إِل ـم ن ِفاقــا ِف قلوب ِ ِهـ بِلــوا ب ِـهِ وتولــوا وهــم مع ِرضــون فأعقبهـ
َ ْ َ ُ الل َمــا َو َعـ ُ خلَ ُفــوا َّ َ َ ِْ ََْ َْ ُ َ َ ْ
ـدوهُ َوب ِ َمــا كنــوا يَكذِبُــون﴾ يــوم يلقونــه بِمــا أ
أقارب ثعلبة، ِ النبي رج ٌل من ِّ وكان عند
105
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
األول:
رس ّ الد ُ
َّ
106
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
رس ّ
الثاني: الد ُ
َّ
107
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
القدسي:
ِّ يقو ُل اهلل تعالى في الحديث
ألفسده ذلك،َ إن من عبادي من ال يُصلِحه إال الغنى ولو أفقرته َّ
ألفسده ذلك،
َ وإن من عبادي من ال يُصلِحه إال الفقر ولو أغنيتُه َّ
ألفســده
َ الصحــة ولــو أســقمتُه
وإن مــن عبــادي مــن ال يُصلِحــه إال ِّ َّ
ذلــك،
ألفســده
َ الســقم ولــو أصححتُــه
وإن مــن عبــادي مــن ال يُصلِحــه إال َ َّ
ذلــك،
إ ّني أُد ِّب ُر عبادي وأنا بهم خبي ٌر بصي ٌر!
الدرس الثالث:
َّ
َّاس بال ضوابط :العمل ِعبادة! أعجب ما يقولُه الن ُ ِ من
أن العمـ َل الــذي يُ ِ
فسـ ُد عبــادةَ ا ِ
هلل ِطــه َّوهــذا قــول صحيــح ،وإ ّنمــا ضاب ُ
هــو عبــادةٌ َّ
الشــيطان!
الفجر،
ِ يضبط ُمن ِّبهه على صال ِةُ هناك من
يضبط ُمن ِّبهه على وقت الدوام، ُ وهناك من
هلل أوالً،
وأن أم َر ا ِف أنه عب ٌد قد خُ ِل َق للعبادة َّ يعر ُ
األ ّول ِ
آخراً! يحسب أنه قد خُ ِل َق للحراثة فيجعل أمر ا ِ
هلل ِ ُ وال َّثاني
هلل أوالً، يكون العم ُل عبادة عندما نقو ُم بحقِّ ا ِ
أرض الجليل، نجاراً في ِ السالم َّ كان المسي ُح عليه َّ
ولكنّه في المقابل كان يقوم بحقِّ النُّبوة والعِ بادة،
نعم على اإلنسانِ أال يكون عال ًة،
108
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
كسب يده،
ِ وما أكل عب ٌد طعاماً خيراً من أن يأك َل من
ولكن متى ما كانت الحياةُ كلُّها عمل دون عبادة،
ُحلــب طــول األبقــار التــي خُ ْ
لقــت لت َ ِ فمــا هــي إال حيــاة تُشــبه حيــاة
العمــر!
الرابع:
رس َّ
الد ُ
َّ
109
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
رس الخامس:
الد ُ
َّ
أعطاك ما ليس َ
لك، َ َ
أعطاك فقد إن اهلل تعالى إذا َّ
لك،حرمك مما ليس َ َ حرمك فقد َ وإذا
نعت فاص ِب ْر، عطيت فاش ُك ْر ،وإن ُم َ َ فإن أ ُ
والشك ُر عبادتان قلب َّيتان أ ّوالً قبل أن يكونا سلوكاً، والصب ُر ُّ َّ
الشكر أن يكون سلوكاً، على أن من تمام ُّ
فشكر المال مساعدة الفقراءِ فيه،
الضعفاء،
الصحة إعانة ُّ وشكر ّ
فيع قضاء حوائج النَّاس، وشكر المنصب ال َّر ِ
وشكر العلم إرشاد النَّاس وتعليمهم،
تسخ ُطوا على قدر اهلل، َّ ولو عق َل النَّاس تمام العقل ما
هلل شيئاً،
خط وال َّت َذ ّم َر ال يُغ ِّيرانِ في قدر ا ِ الس َ ألن َّ َّ
نفسه ُمصيبتين، خط يجم ُع اإلنسان على ِ بالس ِ وإ ّنما ُّ
األولى :منع ا ِ
هلل له،
والثانية :إثم التَّذمر وعدم الرضا!
َ
افترضه يجب أن يُؤ َّدى، أن ِ
هلل في المال حقُّ على أن يُعلم َّ
110
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
والزَّكاة حقُّ ا ِ
هلل في المال،
فمن بل َغ مالُه نصاب الزَّكاة ،ولم يؤ ِّدها كان َّ
كالسارقين،
ألنه سر َق حقَّ المساكينِ والفقراءِ من ماله الذي أعطاه اهللُ إ ّياه!
السادس:
رس َّ
الد ُ
َّ
قريب ثعلب َة بالخطأ الذي بد َر منه سارع إلى نصيحتِه، ُ عندما َع ِل َم
الصدي ُق الحقُّ مرآةُ صديقه، ّ
َ
وساعدك على البقاء فيه! صديقك من ج ّم َل لك الخطأ َ وليس
الصديق الذي يأخذ على َ
يدك حين تُخطئ، وأما َّ
غفلت،
َ أنت َ
غفلتك إذا َ يوقظك من
سهوت،
َ أنت
نبهك للخطأ إذا َ ويُ َ
تهت،
الطريق إذا أنت َ ويدلُّ َك على َّ
وقعت،
َ أنت
مستنقع الباطل إذا َ ِ خرجك من َ ويُ
َ
أعدائك، درعك التي تحميك من َ الصدي ُق الحقُّ هو َّ
نفس َك!
أنت عد َّو ِكنت َ حتى وإن َ
111
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
112
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
24
تتمن حياةَ ٍ
أحد، َّ ال
َّاس،
عطي الن ُ أنت تعلم ُما أ ُ َ
ولكنّك تجهل مما ُح ِر ُموا!
الكتاب شيءٌ ،ومض ُمونُه شيءٌ آخر، ِ ُ
غالف
رسب فيه كثي ُرون! َ الشهرة امتحا ٌن ُّ
أعمت كثيرين ع ّما خُ ِلقُوا له! ْ والمنص ٌب فتن ٌةِ
والما ُل ساح ٌر أخذ بل ُ ِّب قارون،
ظلمت فيه زُليخ ُة نب ّياً! ْ والجاهُ غواي ٌة
مكان َ
لك، أنسب ٍِ أنت في
َ
غيرك، فال تُقارن حياتَك بحيا ِة
إن المشغُو َل بال ُمقارنةِ محرو ٌم من َّ
السكينة! َّ
113
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
25
الصديــق
الصديقــة بنــت ّ ـاري ومســل ٌم فــي صحيحهمــا عــن ِّ روى البخـ ُّ
عائشــة،
اإلفك من أولها حتى آخرها: ِ قالت تروي حادثة ْ أنها
الل إ َذا أ َرا َد َس َف ًرا أ ْق َر َع بيْ َن أ ْز َو ِ
اجهِ ، كا َن َرسو ُل َّ ِ
الل معهُ، فأيُّ ُه َّن َخ َر َج َس ْه ُم َها َخ َر َج ب َها َرسو ُل َّ ِ
َاها َف َخ َر َج فِ ي َها َس ْهمِ ي، فأ ْق َر َع بيْنَنَا في َغ ْز َوةٍ َغز َ
اب،
الح َج ُالل بَ ْع َد ما أُنْ ِز َل ِ َف َخ َر ْج ُت مع َرسولِ َّ ِ
َف ُكن ُْت أ ُ ْح َم ُل في َه ْو َد ِجي وأُنْ َز ُل فِ يهِ ،
ِلك و َق َف َل،الل مِ ن َغ ْز َوتِهِ ت َ َف ِس ْرنَا حتَّى إ َذا َف َر َغ َرسو ُل َّ ِ
َدنَ ْونَا مِ َن ال َمدِ ينَةِ َقافِ لِي َن ،آ َذ َن لَيْل َ ًة بال َّر ِحيلِ َ ،ف ُق ْم ُت ِحي َن آ َذنُوا
بال َّر ِحيلِ ،
ضيْ ُت َش ْأنِي أ ْقبَل ْ ُت إلى شَ ،فل َ َّما َق َ الجيْ َ شيت حتَّى َجا َوز ُْت َ َف َم ُ
ص ْد ِري، َر ْحلِيَ ،فل َ َم ْس ُت َ
َف ِإ َذا ِع ْق ٌد لي مِ ن َجز ِْع َظ َف ِار َقدِ انْ َق َط َعَ ،ف َر َج ْع ُت َفالْتَ َم ْس ُت
ِعقْدِ ي َف َح َب َسنِي ابْ ِت َغا ُؤهُ،
ط ا َّلذِ ي َن َكانُوا يُ َر ِّحلُونِي، وأَ ْقبَ َل ال َّر ْه ُ
يري الذي ُكن ُْت أ ْر َك ُب عليه، احتَ َملُوا َه ْو َد ِجي َف َر َحلُوهُ علَى بَعِ ِ َف ْ
اك ِخ َفا ًفا لَ ْم يَ ْهبُل ْ َن، و ُه ْم يَ ْح ِسبُو َن أ ِّني فِ يهِ ،وكا َن ال ِّن َساءُ إ ْذ َذ َ
ولَ ْم يَغ َْش ُه َّن اللَّ ْح ُم ،إ َّنما يَ ْأ ُكل ْ َن ال ُعل ْ َق َة مِ َن َّ
الط َع ِام،
َفل َ ْم يَ ْستَنْكِ ِر ال َق ْو ُم ِخ َّف َة ال َه ْو َد ِج ِحي َن َر َف ُعوهُ َ
وح َملُوهُ،
الج َم َل َف َسا ُروا،
الس ِّنَ ،فبَ َعثُوا َ و ُكن ُْت َج ِاريَ ًة َحدِ يثَ َة ِّ
114
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
وليس
َ شَ ،ف ِجئْ ُت َمن َِازلَ ُه ْم الجيْ ُ و َو َج ْد ُت ِعقْدِ ي بَ ْع َد ما ْ
استَ َم َّر َ
يب، ول ُم ِج ٌ ب َها منه ْم َد ٍاع َ
وظنَن ُْت أ َّن ُه ْم َسيَفْقِ ُدونِي َفيَ ْر ِج ُعو َن إلَ َّي،َفتَيَ َّم ْم ُت َمن ِْزلِي الذي ُكن ُْت بهَ ،
ِس ٌة في َمن ِْزلِيَ ،غلَبَتْنِي َعيْنِي َف ِن ْم ُت، َفبيْنَا أنَا َجال َ
الجيْ ِش، الذ ْك َوان ُِّي مِ ن و َراءِ َ ص ْف َوا ُن ب ُن ال ُم َع َّطلِ ُّ
السلَمِ ُّي ثُ َّم َّ وكا َن َ
ــان نَائ ٍِم َف َع َر َفنِي ِحي َن َرآنِي، فأص َب َح ِعنْ َد َمن ِْزلِيَ ،ف َر أَى َس َوا َد إنْ َس ٍ
ْ
ــاب،
الح َج ِ وكا َن َرآنِي َقبْ َل ِ
بجلْبَابِي، وجهِ ي ِ اعهِ ِحي َن َع َر َفنِيَ ،ف َخ َّم ْر ُت ْ استَيْ َق ْظ ُت ْ
باس ِت ْر َج ِ َف ْ
اعهِ ،اس ِت ْر َج ِول َسمِ ْع ُت منه َك ِل َم ًة غي َر ْ و َو َّ ِ
الل ما تَ َكلَّ ْمنَا ب َك ِل َم ٍةَ ،
احلَتَهَُ ،ف َو ِط َئ علَى يَدِ َهاَ ،ف ُق ْم ُت إلَيْ َها َف َركِ بْتُ َها،
وه َوى حتَّى أنَا َخ َر ِ َ
وغ ِري َن في نَ ْح ِر ش ُم ِ احل َ َة حتَّى أتَيْنَا َ
الجيْ َ َفانْ َطل َ َق يَقُو ُد بي ال َّر ِ
الظهِ ي َر ِة و ُه ْم نُزُو ٌل،َّ
الل ب ُن أُبَ ٍّي َف َهل َ َك َمن َهل َ َك ،وكا َن الذي تَ َو َّلى كِ بْ َر اإل ْف ِك عب ُد َّ ِ
اب ُن َسلُو َل!
يضو َن في َق ْولِ َّاس يُفِ ُ اشتَ َكيْ ُت ِحي َن َقدِ ْم ُت َش ْه ًرا ،والن ُ َف ْ
اب اإل ْف ِك، أص َح ِ ْ
أع ِر ُ
ف وجعِ ي أ ِّني ال ْ ذلك ،وهو يَ ِريبُنِي في َ أش ُع ُر بشيءٍ مِ ن َ ال ْ
الل اللطف الذي ُكن ُْت أ َرى منه مِ ن َرسولِ َّ ِ
ِحي َن ْ
أشتَكِ ي،
الل فيُ َسلِّ ُم ،ثُ َّم إ َّنما يَ ْدخُ ُل َعل َ َّي َرسو ُل َّ ِ
كيف تِي ُك ْم ،ثُ َّم
يقو ُلَ :
ف! ْص ِر ُيَن َ
بالش ِّر ،حتَّى َخ َر ْج ُت ِحي َن نَ َق ْه ُت، أش ُع ُر َّ
ول ْ ذلك يَ ِريبُنِي َ َف َ
115
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
116
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
الل لَ َقلَّما َكانَ ِت ا ْم َرأَةٌ قط قالَ ْت :يا بُنَ َّي ُةَ ،ه ِّونِي َعلَيْ ِكَ ،ف َو َّ ِ
ض َرا ِئ ُرَّ ،إل َك َّث ْر َن َعلَيْ َها! وضيئَ ًة ِعنْ َد َر ُج ٍل يُ ِح ُّب َها ،لَ َها َِ
َّ َفق ُ
َّاس بهذا؟ ُلتُ :سبْ َحا َن اللِ ،أ َول َق ْد ت ََح َّدثَ الن ُ
ول أ ْكت َِح ُل أصبَ ْح ُت ال يَ ْر َقأُ لي َد ْم ٌع َ ِلك اللَّيْل َ َة حتَّى ْ َفبَ َكيْ ُت ت َ
أص َب ْح ُت أبْكِ ي! بنَ ْو ٍم ،ثُ َّم ْ
الل َعل َِّي ب َن أبِي َطال ٍِب وأ ُ َسا َم َة ب َن َزيْ ٍد، و َد َعا َرسو ُل َّ ِ
استَل ْ َبثَ ال َو ْح ُي ،يَ ْس َألُ ُهما ويَ ْست َِشي ُر ُهما في فِ َراقِ ْ
أهلِهِ ، ِحي َن ْ
الل با َّلذِ ي يَ ْعل َ ُم مِ ن بَ َرا َء ِة أ ْهلِهِ ، فأشا َر علَى َرسولِ َّ ِ فأ َّما أ ُ َسا َم ُة َ
وبِا َّلذِ ي يَ ْعل َ ُم له ْم في نَف ِْسهِ ،
َفقا َل أ ُ َسا َم ُةْ :
أهل َ َكَ ،
ول نَ ْعل َ ُم َّإل َخيْ ًرا،
ض ِّيقِ َّ
اللُ َعلَيْ َك، وأَ َّما َعلِي َفقا َل :يا رسو َل َّ
اللِ ،لَ ْم يُ َ َ ٌّ
َص ُد ْق َك!
الج ِاريَ َة ت ْ
وسلِ َ اها َكثِي ٌرَ ،وال ِّن َساءُ ِس َو َ
أي بَ ِري َرةُ ،ه ْل َرأَيْ ِت مِ ن شيءٍ الل بَ ِري َرةََ ،فقا َلْ : َف َد َعا َرسو ُل َّ ِ
يَ ِريبُ ِك؟
بالحقِّ ،ما َرأَيْ ُت َعلَيْ َها أ ْم ًرا َق ُّط
قالَ ْت له بَ ِري َرةُ :والذي بَ َعثَ َك َ
ْ
أغمِ ُ
صهُ،
أه ِل َهاَ ،فتَ ْأتي
الس ِّن ،تَنَا ُم عن َع ِجينِ ْ غي َر أ َّن َها َج ِاريَ ٌة َحدِ يثَ ُة ِّ
اج ُن َفتَ ْأ ُكلُهُ!
الد ِ
َّ
ُ
صلَّى اهلل عليه وسلَّ َم مِ ن يَومِ هِ َف ْ
استَ ْع َذ َر َف َقا َم َرسو ُل َّ ِ
الل َ
الل بنِ أُبَ ٍّي ،وهو علَى المِ نْبَ ِر، مِ ن عبدِ َّ ِ
َفقا َل :يا َم ْع َش َر ال ُم ْسلِمِ ي َنَ ،من يَ ْعذِ ُرنِي مِ ن َر ُج ٍل ق ْد بَل َ َغنِي عنْه
أ َذاهُ في ْ
أهلِي،
117
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
118
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
س ،ثُ َّم قا َل: الل ِحي َن َجل َ َ َفت ََش َّه َد َرسو ُل َّ ِ
ِش ُة ،إ َّنه بَل َ َغنِي َعن ِْك َك َذا و َك َذا ،فإ ْن ُكن ِْت بَ ِريئَ ًة، أ َّما بَ ْع ُد ،يا َعائ َ
َفسيب ِّرئُ ِك َّ
اللُ، َ َُ
َ َّ
استَغْفِ ِري الل وتُوبِي إلَيْهِ َّ ،
فإن ال َعبْ َد وإ ْن ُكن ِْت ألْ َم ْم ِت ب َذنْ ٍبَ ،ف ْ
َاب
َاب ،ت َ اعتَ َر َف ثُ َّم ت َ إ َذا ْ
اللُ عليه! َّ
س منه ص َد ْمعِ ي حتَّى ما أ ُ ِح ُّ الل َمقالَتَ ُه َقل َ َ ضى َرسو ُل َّ ِ َفل َ َّما َق َ
َق ْط َر ًة،
الل َع ِّني فِ يما قا َل أج ْب َرسو َل َّ ِ ُلت ألبِيِ : َفق ُ
الل ، والل ما أ ْد ِري ما أ ُقو ُل ِل َرسولِ َّ ِ َفقا َل أبِيِ َّ :
الل فِ يما قا َل أجيبِي َرسو َل َّ ِ ُلت ِ لُ ِّميِ : َفق ُ
الل ، والل ما أ ْد ِري ما أ ُقو ُل ِل َرسولِ َّ ِ قالَ ْت أ ُ ِّميِ َّ :
الس ِّن :ال أ ْق َرأ ُ مِ َن ال ُق ْرآنِ َكثِي ًرا: ُلت :وأَنَا َج ِاريَ ٌة َحدِ يثَ ُة ِّ َفق ُ
اس َــت َق َّر فيالحدِ يثَ حتَّى ْ والل ل َق ْد َع ِل ْم ُت :ل َق ْد َسمِ ْعتُ ْم هذا َ إ ِّني َّ ِ
وص َّد ْقتُ ْم به، أنْف ُِس ـ ُك ْم َ
لت لَ ُك ْم :إ ِّني بَ ِريئَ ٌة ،ال ت َُص ِّد ُقونِي، َفل َ ِئ ْن ُق ُ
واللُ يَ ْعل َ ُم أ ِّني منه بَ ِريئَ ٌة ،لَت َُص ِّد ُق ِّني، اعتَر ْف ُت لَ ُكم ب َأم ٍرَّ ،
ْ ْ ولَ ِئنِ ْ َ
وس َف ِحي َن قا َل: أج ُد لي ولَ ُك ْم َمثَ ًل َّإل أبَا يُ ُ الل ال ِ َف َو َّ ِ
َ ُ َ ُ َ ِيل َّ ُ َ َ ٌْ َ ٌ
الم ْس َت َعان لع ما ت ِصفون﴾، والل ُ ﴿فصب ج
اشيَّ ،
واللُ يَ ْعل َ ُم أ ِّني ِحينَئ ٍِذ بَ ِريئَ ٌة، واض َط َج ْع ُت علَى فِ َر ِ ثُ َّم ت ََح َّولْ ُت ْ
الل ُم َب ِّرئِي ب َب َرا َءتِي، وأن َّ َ َّ
أظ ُّن َّ َّ َ ولَكِ ْن َّ ِ
أن الل ُمن ِْز ٌل في َش ْأنِي ْ
وح ًيا يُتْلَى، والل ما ُكن ُْت ُ
119
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
اللُ فِ َّي ب َأ ْم ٍر،لَ َش ْأنِي في نَف ِْسي كا َن أح َقر مِ ن أ ْن يَتَ َكلَّم َّ
َ ْ َ
الل في ال َّنوم ر ْؤيَا يُب ِّرئُنِي َّ
اللُ ولَكِ ْن ُكن ُْت أرجو أ ْن يَرى رسو ُل َِّ
َ ِْ ُ َ َ ْ ُ
ب َها،
ِسهُ،
الل َم ْجل َ الل ما َرا َم َرسو ُل َّ ِ
َف َو َّ ِ
أهلِ ال َبيْ ِت، ول َخ َر َج َ
أح ٌد مِ ن ْ َ
فأخ َذهُ ما كا َن يَ ْأخُ ُذهُ مِ َن البُ َر َحاءِ ، حتَّى أُنْ ِز َل عليهَ ،
الج َمانِ ،حتَّى إ َّنه لَيَت ََح َّد ُر منه مِ َن ال َع َرقِ مِ ثْ ُل ُ
ات مِ ن ِث َقلِ ال َق ْولِ الذي أُنْ ِز َل عليه، وهو في يَ ٍوم َش ٍ
ض َح ُك، الل وهو يَ ْ َف ُس ِّر َي عن َرسولِ َّ ِ
اللُ ف َق ْد بَ َّرأَ ِك. ِش ُة ،أ َّما َّ َف َكانَ ْت أ َّو َل َك ِل َم ٍة تَ َكلَّ َم ب َها أ ْن قا َل :يا َعائ َ
َفقالَ ْت لي أ ُ ِّميُ :قومِ ي إلَيْهِ ،
الل ع َّز َّ
وجل، والل ال أ ُقوم إلَيهِ ،فإ ِّني ال أحم ُد َّإل َّ َ ُلتِ َّ : َفق ُ
ْ َ ُ ْ
ُْ ْ ُ ْ ٌَ َ َ ُ َّ َّ َّ ُ
ك عصبة مِنكم﴾، وأَنْ َز َل الل تَ َعالَى﴿ :إن الِين جاؤوا ِ
باإلف ِ
اللُ هذا في بَ َرا َءتِي، ثُم أنْ َز َل َّ
َّ
الص ِّديقُ :وكا َن يُنْفِ ُق علَى مِ ْس َط ِح بنِ أُثَاثَ َة ِل َق َرابَتِهِ قا َل أبو بَ ْك ٍر ِّ
منه و َفق ِْرهِ:
ِش َة ما والل ال أُنْفِ ُق علَى مِ ْس َط ٍح شي ًئا أبَ ًدا ،بَ ْع َد الذي قا َل ِل َعائ َ َّ ِ
قا َل،
ُ ْ َ َّ َ َ ُ ْ ُ ُ َ ْ ْ ُ ُ ْ َ
َّ ُ َ َ َ
ول
فأ نْ َز َل الل ﴿:و ل يأ ت ِل أ ولو الفض ِل مِنكم والســعةِ أ ن يؤ توا أ ِ
َّ ْ ُ ْ َ ِني َوال ْ ُم َهاجر َ ب َوال ْ َم َســاك َ ُْ ْ َ
يل اللِ َولَ ْعفوا َولَ ْصف ُحوا ِ ِ ب ـــ ين ف َ
س ِ ِ ِ ٰ القر
ِيم﴾، ور َّرح ٌ ُ
الل غف ٌَ َّ
الل لك ْم َو ُُ َ َأ َل ت ُِّبون أن َيغفِ َر ُ
َّ ْ َ َ ُ
ي لُ ِحب أ ْن يَغْفِ ر َّ
اللُ لِي، الص ِّديقُ :بَلَى َّ ِ
َ والل إ ِّن َ ُّ قا َل أبو بَ ْك ٍر ِّ
َف َر َج َع إلى مِ ْس َط ٍح ال َّن َف َق َة ا َّلتي كا َن يُنْفِ ُق عليه ،وقا َل:
120
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
األول:
رس ّ الد ُ
َّ
121
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
رس ّ
الثاني: الد ُ
َّ
واجب في النَفقة والمبيت، ٌ العد ُل بين الزَّوجات
ُ
يملك قلبه، الح ُّب فال أحد
أما ُ
ِك،وقد كان نبياً ذلك الذي قال :اللهم ال تؤاخذني فيما ال أمل ُ
قالها قاصداً قلبه ألنه كان يُ ِح ُّب عائشة أكثر من غيرها،
ولكنّه كان يعد ُل بين زوجاته عدالً عجيباً،
فال يعطي عائشة أكثر من غيرها،
ـت عنــد ضرائرهــا رضــي اهلل عنه ـ ْن ـت عندهــا أكثــر ممــا يبيـ ُ
وال يبيـ ُ
أجمعيــن،
ولو أنه أراد أن يُطي َع قلبه لكان اصطحب عائشة معه كل م ّرة،
ولكنه كان يقتر ُع بين نسائه فأيُّها خرج اسمها كانت معه،
منهن ُّ
بالظلم، َّ أي واحدةوبهذا ال تش ُعر ّ
وقد كانت عائشة معه في الغزوة التي كانت فيها حادثة اإلفك،
وكانت أم سلمة معه في صلح الحديبية!
أنت حين تمي ًل بقلبك،
معذو ٌر َ
122
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
رس ّ
الثالث: الد ُ
َّ
123
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
الرابع:
رس َّ
الد ُ
َّ
124
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
رس الخامس:
الد ُ
َّ
125
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
126
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
إلى مكة!
أبع َد هذا النُّبل نُبل ،وبعد هذه األخالق أخالق؟!
هذا وهو رجل مشرك ،فإن لم يز ْد َك دينك خُ لقاً
درس من دروس اإلسالم العظيم هو
أن أهم ٍ
فأنت لم تفهم بعد ّ
أن تكون خلوقاً!
السادس:
رس َّ
الد ُ
َّ
واجب!
ٌ ُ
اللطف مع الزَّوجةِ
رج ً
ال، وقد كان األوائل يقولون :إننا ال نُسمي الرجل ُ
حتى ننظر إلى زوجته ،أعزيزة هي أم ُمهانة!
وإن أمنا عائشة لم ترت َْب مما يحدث، َّ
ـي ،ذاك اللطــف الــذي كانــت تجــده إال أنهــا لــم تعــد تجـ ُد مــن النبـ ُّ
عــادة منــه،
وإنما كان يسأل عنها سؤاالً عابراً :كيف تلك؟!
وفي هذا الموقف موقفين على ٍ
غاية من األهمية،
النبي لو لم يكن يُغدق عليها اللطف، ُّ أن
األ ّولَّ :
ما كانت لتشعر بتغ ُّي ِره معها،
وتو ُّقف المرء عن بذل شيءٍ يعني أنه لطالما كان يبذله!
ال ّثاني :في الخالف بين األزواج أدب يجب أن يُراعى،
النبي ولم يشتمها،
ُّ لم يضربها
كما نرى ونسمع كل يوم من سفهاء األزواج!
127
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
السابع:
رس َّ
الد ُ
َّ
السابق ولو صدر منهم الخطأ، ف بفضل النّاس َّ ا ِْع ِتر ْ
تنس معروفهم القديم وإن بدا منهم اآلن ما يزعجك، وال َ
ثابت على فضله من الذين تكلَّ ُموا في عائشة، كان حسان بن ٍ
والجناة،
ُ وقالوا فيها ما قال األ َّفاكون
ولكن عائشة كانت ترفض أن يَ ُس َّب أح ٌد حساناً عندها،
ودخ َل عليها م ّر ًة عروة بن الزبير ابن أختها اسماء بنت أبي بكر،
حسان في حقِّ خالته عائشة، ينس بعد ما كان من َّ وكان لم َ
فأراد أن يس َّبه ،فنهرته عائشة،
النبي ،
ِّ وقالت :ال تس ُّبه فطالما ذاد عن عرض ْ
ثم تترن ُم بقوله:
فإن أبي ووالده وعرضي، َّ
ٍ
محمد منكم وقاءُ! لعرض
ِ
حســان فــي واحــدة مــن أروع قصائــد ذلــك اعتــ َذر منهــا َّ َ ثــم بعــد
االعتــذار فــي تاريــخ األدب.
ٍ
بريبة صا ٌن رزا ٌن ما تزن َح َ
وتصب ُح غرثى من لحوم الغوافلِ !
128
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
رس ّ
الثامن: الد ُ
ّ
إذا وقع الخصام بين األح ّبة فإنه من النُّبل أن ال ي ْه ُج ُروا بال ُكل َّية،
صعب ال يُحسد عليه، ٍ ٍ
موقف النبي في
ُّ كان
َّاس في عرض زوجته، وأي شيءٍ أقسى على الزَّوج من أن يتكلَّ َم الن ُ ّ
وهــو بيــن ناريــن :نــار اإلشــاعات ،ونــار حبــه لعائشــة ومــا يعرفــه مــن
صالحهــا!
رت كما سبقَ، وصحي ٌح أن معاملته لها قد تغ َّي ْ
129
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
130
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
رس العاشر:
الد ُ
َّ
إذا اضطرت المرأةُ إلى الخروج من البيت فح ّبذا أال تخرج وحيدة،
وهذا ليس ش ّكاً بها وإنما إكرا ٌم لها!
ال ّرفقة حماية ،والمرأة وحدها ُعرضة لألذى!
س يومذاك قد جعلوا المراحيض في البيوت، لم يكن الن َّا ُ
الصحراء لقضاء الحاجة، فكانوا يخرجون إلى َّ
فاصطحبت عائشة معها أ َّم مسطح، ْ
موضع هو أغنى ما يكون عن ال ِّرفقة! ٍ جعلت لها رفق ًة في ْ
بإمكانكــن الخــروج مــع
َّ بيوتكــن وحيــدات إن كان
َّ تخرجــ َن مــن
ْ فــا
رفقــة!
131
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
رس ّ
الثالث عشر: الد ُ
َّ
132
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
النبي ،
ِّ هي ضرة عائشة وهي التي بينها وبينها المنافسة عند
نصر ُمل َّو ٍث فهذه فرصة سانحة،
كانت تبحثُ عن ٍ
ْ ولو
علمت؟ وماذا ِ
رأيت؟ ِ النبي وماذا
ُّ ولكن عندما سألها
علمــت إال
ُ هلل أحمــي ســمعي وبصــري ،وا ِ
هلل مــا قالــت :يــا رســول ا ِ
ْ
خيــراً!
عت عن ك ِّل ما يكون بين َّ
الضرائر، تر َّف ْ
وانتصرت لدينها وأخالقها،
ْ ألقت غيرتها بعيداً
ْ
أن النَّاس في الوفاق نبالء جميعاً، وأنت ،فاعل َ ْم َّ
َ
ولكـ ّـن النَّبيــل حقـاًّ مــن حافــظ علــى نبلــه فــي موقـ ٍـف يمكنــه أن يتخلّــى
عنه !
ابع عشر:
الر ُ
رس َّ
الد ُ
َّ
133
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
ُ
نعرف أن الحلول ليست بأيديهم، نحن
نحن ال نري ُد حلولهم وإنما نري ُد قلوبهم!
الخامس عشر:
ُ رس
الد ُ
َّ
134
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
ضعف ،وهذا من أقســى ما يظنه ٍ يحسب البعض أن البكاء دليل ُ
الناس،
إن البكاء دليل على اإلنسانية ،وسالمة ُّ
الشعور، َّ
الشماتة!يذرف اإلنسان دمعته في موضع َّ َ المهم أن ال
ال على الرجولة لما بكى رســول اهلل ولو كان حبس الدموع دلي ً
وهو ســيد ال ِّرجال،
ولكنه كان رقيق القلب ،تجري دمعتُه من عينه في موقف الحزن،
وبأبي هو وأمي يوم موت ابنه إبراهيم يبكي أمام ال ِّناس،
وأنت يا رسول اهلل؟!
َ حتى قال له ابن مسعود:
وإن القلب ليحزن ،وإناّ على فراقك إن العين لتدمعّ ، فقالّ :
يا إبراهيم لمحزونون،
وال نقول إال ما يرضي ر َّبنا ،إناّ هلل وإ ّنا إليه راجعون!
السادس عشر:
رس ّالد ُ
َّ
السالم،
يعقوب عليه ََّ عندما هج َم الحز ُن على عائشة لم تتذك ْر إال
َّ َ َّ َ ْ ُ ّ
وأخذت تُرد ُد قوله﴿ :إِن َما أشكو َب ِث َو ُح ْز ِن إِل اللِ﴾ْ
بلك فإن فيها عزا ًء، فتعزَّ ..في قصص الصالحين َق َ
الســام شــيخ المرســلين قــد ك ّذبــوه ـوك فهــا هــو نــوح عليــه ّكذبـ َفــإ ْن َّ
قبلـ َ
ـك،
ا ونهــاراً ،سـ ّراً وجهــراً ،فمــا آمــن معــه ـنة يدعوهــم إلــى اهلل ليـ ً
ألــف سـ ٍ
إال قليــل!
135
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
136
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
26
َ َََ ُ َ
﴿فأثابَك ْم غ ًّما بِغ ٍ ّم﴾
لدي تجارب ِ
فاشلة، ليس َّ َ
لدي ِخبرةٌ ،واإلنسا ُن ال يتعلَّ ُم إال من كِ يسه! َّ
لدي أعداء، ليس َّ َ
دروس على هيئةِ ناس ،علّ ُموني كيف أجتنب أمثالهم، ٌ لدي َّ
لدي ُجروح، ليس َّ َ
نجوت!
ُ ندوب ،تُذ ِّكرني دوماَ أني ٌ لدي
َّ
الضحايا ين ُدبون دائماً،أعيش كضح ّيةَّ ، َ أكرهُ أن
كناج،
أحب أن أعيش ٍ ُّ
ّاجون يُكملُون طري َقهم أكثر ثق ًة وإشراقاً، الن ُ
وأق ّل التفاتاً إلى الوراء،
فسبحان من يصقلنا باله ّم والحزنِ والعثرات،
لنخر َج منها نسخ ًة أكثر ق َّو ًة وأق ّل مباال ًة!
137
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
27
األول:
رس ّ الد ُ
َّ
138
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
139
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
رس ّ
الثاني: الد ُ
َّ
140
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
رس ّ
الثالث: الد ُ
ّ
141
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
وقلت:
ُ فأتيت رسول اهلل وأنا أبكي، ُ
يا رسول اهلل ،إني قد كنت أَ ْد ُعو أ ُ ِّمي إلى اإلسالم َفتَ ْأبَى َعل َ َّي،
فيك ما أكره، فدعوتها اليوم َف َأ ْس َم َعتْنِي َ
يهدي أ ُ َّم أبي هريرة، َ َفا ْد ُع اهلل أن
اهدِ أ ُ َّم أبي هريرة. فقال رسول اهلل :اللهم ْ
فخرجت ُم ْستَبْ ِشراً بدعوة نبي اهلل ، ُ
فلما جئت َف ِص ْر ُت إلى الباب ،فإذا هو مشقوق،
دعس َق َد َم َّي ،فقالتَ :م َكانَ َك يا أبا هريرة، َ َف َسمِ َع ْت أ ُ ِّمي
ض َة الماء! ض َخ َ َو َسمِ ْع ُت َخ ْ
ِس ْت دِ ْر َع َهاَ ،و َع ِجل َ ْت َع ْن ِخ َم ِار َها، اغت ََسل َ ْتَ ،ولَب َ َف ْ
َف َفت ََح ِت الباب ثم قالت :يا أبا هريرة إني أشهد أن ال إله
إال اهلل وأشهد أن محمداً رسول اهلل.
فرجعت إلى رسول اهلل ،فأتيته وأنا أبكي من الفرح، ُ
وقلت :يا رسول اهلل ،أَبْ ِش ْر ،قد استجاب اهلل دعوتك،
وهدى أ ُ َّم أبي هريرة!
النبي :أخيراً. ُّ فقال
ث َّم قلت :يا رسول اهلل ،ا ْد ُع اهلل أن يُ َح ِّب َبنِي أنا وأمي إلى ِع َبادِ ه
المؤمنين َويُ َح ِّب َب ُهم إلينا،
فقال رسول اهلل :اللَّهم َح ِّب ْب ُع َبيْ َد َك هذا َوأ ُ َّم ُه إلى عبادك
المؤمنين،
َو َح ِّب ْب ِإلَيْهِ ُم ال ُمؤْمِ نِي َن!
فما خُ ِل َق ُمؤْمِ ٌن يَ ْس َم ُع بي وال يراني إ َّال أَ َح َّبنِي!
يا لل ِب ِّر يا أبا ُهريرة ،يا لل َب ِّر،
لم يهدأ له بال وأمه على غير اإلسالم،
142
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
الرابع:
رس ّالد ُ
َّ
حال كانا!
الب ُّر حقُّ األبوين على األوالد على أية ٍ
ولو كان شيءٌ يُسقط واجب الب ِّر من األبناء لآلباء،
حال،
ذنب وأفظ ُع ٍ الشرك وهو أعظم ٍ لكان ِّ
ولكن المسلم مأمو ٌر ببر والديه ولو كانا مشركين،
النبي تسأله: ِّ جاءت أ ُّم أسماء إلى
أفأص ُل أمي؟
ِ علي أمي وهي راغبة، مت َّ قدِ ْ
فقال لها :نعمِ ،صلي أ ُ َّم ِك!
ولكن هناك فر ٌق شاسع بين الب ِّر وبين الطاعة العمياء،
بمعصية فال طاعة لهما، ٍ فلو أم َر األبوان ابنهما
وطاعتهما في المعصية ليس براً،
ذنب اقترفه هو، بل هو إساءة لهما لجهة تحميلهما ٌ
وإساءة للنفس المأمورة بحملها على طاعة اهلل،
وحسن الخُ لق، وإنما الب ِّر في المعاملة ،ولين الجانبُ ،
أذى وإعراضاً، ولو كان يلقى منهما ً
أما في الحالل والحرام فاهلل قبل النَّاس!
143
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
28
َ َ َ َْ َ َ َ َّ َ ُ ُ ُ
سهِ َول ْم ُيبْدِها ل ُه ْم﴾
وسف ِف نف ِ ﴿فأسها ي
144
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
29
145
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
ّ
وباألذل رسول اهلل ! يعني باألع ّز نفسه،
ثم أقب َل على من حضره من قومه فقال :هذا ما جعلتم بأنفسكم،
أحللتموهم بالدكم ،وقاسمتموهم أموالكم،
أما واهلل لو أمسكتم عن جعال وذويه فضل الطعام،
لم يركبوا رقابكم وألوشكوا أن يتحولوا من بالدكم ويلحقوا
بعشائرهم ومواليهم.
فقال زيد بن أرقم :أنت واهلل الذليل القليل المبغض في قومك،
ومحمد في ع ٍّز من الرحمن ومودةٍ من المسلمين،
واهلل ال أحبك بعد كالمك هذا!
لزيد :اس ُك ْت ،فإنما كنت ألعب!سلول ٍ
ٍ فقال اب ُن
فمشى زيد بن أرقم إلى رسول اهلل وذلك بعد فراغه من
الغزو فأخبره الخبر،
فأمر رسول اهلل بالرحيل،
سلول فأتاه فقال :ما هذا الذي بلغني عنك؟ ٍ وأرسل إلى ابن
فقال ابن سلول :والذي أنزل عليك الكتاب ما قلت شيئاً من
ذلك قط ،وإن زيداً لكاذب!
وقال من حضر من األنصار :يا رسول اهلل ،شيخنا وكبيرنا،
غالم من غلمان األنصار، ال نصدق عليه بكالم ٍ
عسى أن يكون هذا الغالم َو ِه َم في حديثه،
فعذره رسول اهلل ،و َف َش ْت المالمة من األنصار لزيد!
وسار رسول اهلل ،فلقيه أُسيد بن ُحضير ،فحياه بتحية النبوة،
ســاعة منكرةٍ ما كنت تروح
ٍ رحت في
َ ثم قال :يا رسول اهلل لقد
فيها،
146
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
147
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
148
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
األول:
رس ّ الد ُ
َّ
149
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
النبي يُرى عليه أثر ما كان بينه وبين ُعمر، ِّ فأقبل أبو بكر إلى
النبي قال :أما صاحبكم فقد غام َر أي خاص َم! ُّ فلما رآه
النبي بالذي كان بينه وبين ُعمر، َّ ثم سلَّ َم أبو بكر ،وأخب َر
فرفض. َ يسامحه
َ وكيف طلب منه أن
لك يا أبا بكر ،يُرددها ثالث مرات! النبي :يغفِ ُر اهللُ َ ُّ فقال له
ثم إن عمر ند َم على ما كان منه ،فقص َد بيت أبي بكر فلم يج ْدهُ،
النبي تبدوعليه أمارات ِّ وجلس ،ووجه َ النبي ،فســلَّ َم َّ فأتى
الغضب،
النبي ل ُعم َر شيئاً يُحزنه،
ُّ حتى أشف َق أبو بكر أن يقول
كنت أظل َم ،أي
هلل أنا ُ فجثا على ُركبتيه ،وقال :يا رسول اهلل وا ِ
الحق كان مع ُعمر!
اهلل بعثني إليكم ف ُقلْتُم كذ بْ َت وقال أبو بكــر إن َ النبي َّ : فقال
ُّ
بنفســه ومالِــه، صد َق ،وواساني ِ
فهل أنتم تاركو لي صاحبي ،فهل أنتم تاركو لي صاحبي؟!
تذهب عنهم فورة الغضب يُسرعون على الفور ُ النُبالءُ عندما
إلصالح المواقف، ِ
وٱنظ ْر لنُبل ُعمر حين هدأ، ُ
ذهب قاصداً بيت أبي بكر ليُصلح ما كان بينه وبين صاحبه، َ
الصدفة ،وال أن يتدخ َل بينهما الناس، لم ينتظ ْر أن تجم َعهما ُّ
حتى الخُ صومة لها أدب ،ومن ال يملك أدب الخصومة فال يُؤمــن
جانبــه،
فكونوا نُبالء إذا تخاصمتم!
ما أشبه موقف ُعمر بموقف موسى عليه السالم الذي حين
غضب ألقى األلواح،
َ
150
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
151
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
152
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
153
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
أضرب مملوكاً بعده أبداً ،وهو ُح ٌّر لوجه اهللُ فقلت :وا ِ
هلل ال ُ
لمس َ
تك النار! فقال :أما لو لم تفعل َّ
حاس ُب عليها القانون،ث ّمة أشياء ال يُ ِ
وال تُعتب ُر في ُعرف المحاكم ال جرائ َم وال ُجنَحاً،
تكتب ،والمحكمة غداً، ُ ولكن اهلل يرى ،والمالئكة
حين تُنش ُر الكتب التي ال تُغادر صغيرة وال كبيرة!
واُنظر لنُبل أبي مسعود ،فهو وإن أخرجه غضبه عن نُبله أول
األمر،
فإنه سرعان ما عا َد إلى خُ لقه الرحيم،
فهو لم يرفع العقوبة فقط عن مملوكه ،وإنما أعتقه أيضاً،
وال يمكن لس ّيد أن يفعل إحساناً مع مملوكه أكبر من أن يهبه
ُح ّريته،
مسعود إال أن يُكفّر عن خطئه بأبهى صورةٍ وأحالها! ٍ وقد أبى أبو
وكسب وتجارة،
ٍ وأعمال،
ٍ مال،
الخالفات بسبب ٍ
ُ وقد ال تحدثُ
وإنما قد تحدثُ حدوثاً عابراً ونحن نجتا ُز طرقات الحياة!
أمر من أمور الدنيا، اختلف بالل بن أبي رباح وأبو ذ ٍّر حول ٍ َ
فغضب أبو ذ ٍّر من بالل ،وقال له :يا اب َن السوداء!
النبي صلَّى اهلل عليه وسلَّم وأخبره بما حدث ِّ فجاء بالل إلى
بينه وبين صاحبه،
النبي صلَّى اهلل عليه وسلَّم أبا ذ ٍّر على جناح ُّ
السرعة، ُّ فاستدعى
إنك امر ٌؤ َ
فيك جاهلية! وقال له :يا أبا ذر أع َّي ْرتَه بأمه؟! َ
فوض َع أبو ذ ٍّر خ ّده على التراب ،وأقسم أن ال يرفعه حتى يطأه
بالل!
154
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
بفعل من جنس هذا الخطأ! من نُبل أبي ذ ٍّر أنه ك َّف َر عن خطئه ٍ
فالخطأُ استعالءٌ وفخ ٌر ،ووضع الخ ِّد على التّراب إذال ٌل!
َ
خطئك، فك ِّف ْر عن خطاياك بما هو من جنس
فإن كان حرماناً من المال ُ
فجد فيه،
فأع ْده ،ال اعتذار بال ارجاع الحقوق، وإن كان سلباً لحقٍّ ِ
وكل االعتذارات المنمقة ال تُفيد شيئاً ما لم ت ِ
ُرجع الحقَّ إلى
أهله!
فإن النّاس
فسار ْع بترميمهاَّ ،
ِ وإن كان الخطأ جرحاً في الكرامة
كرامات!
رس ّ
الثاني: الد ُ
َّ
155
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
رس ّ
الثالث: الد ُ
َّ
156
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
الرابع:
رس َّ
الد ُ
َّ
157
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
رس الخامس:
الد ُ
َّ
158
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
ولكــن احــذ ْر أن يكــون هــذا البــاغ لفتنــة ،وتز ّلــف ،ونــوال حظــوة عنــد
الســلطان،
ُّ
واح َذ ْر قبلها أن يكون هذا في أمور صغيرة تجعلها كبيرة،
عابر ال يترت َُّب عليه فساد المجتمع ،وأمن النَّاس!
أو في خطأ ٍ
كا َن رجاء بن حيوة جالساً مع تالميذه في المسجد،
كرها من الناس. فتذاكروا نِعم اهلل ،وأنه ما أحد يقو ُم ُ
بش ِ
فسمعهم رج ٌل على رأسه كساء فقال :وال أمير المؤمنين؟
فقا َل له رجاء :ما شأن أمير المؤمنين ،إ َّنما هو رج ٌل من النَّاس!
فالتفتوا عنه فلم يجدوه ،فقا َل رجاء لمن معه:
تعلمون ما أعل ُم من ُجرأ ِة الخليفةِ على الدم،
فإن دعاكم واستحلفكم ،فأنْكِ روا!
وقت طوي ٌل إال والشرطة تأخ ُذ الجمي َع إلى الخليفة،
فما مضى ٌ
وصاحب الكساء عنده!
ُ
فقا َل له الخليفة :يا رجاء ما حسبْت َُك تق ُع َّ
في!
فقا َل له رجاء :ما كان هذا يا أمير المؤمنين.
فقا َل له الخليفة :أتحل ُ
ِف أنه ما كان؟
فقا َل له رجاء :وا ِ
هلل ما كان!
صاحب الكساءِ سبعين سوطاً،
ِ فأم َر الخليف ُة بجلدِ
فلقي رجا ًء بالباب،
َ فخر َج من عنده يتل َّوى من األلم،
وأنت فقيه ال ُمسلمين؟
َ أتكذب
ُ فقا َل له:
ِ
سفك َ
ظهرك خير من إن سبعين سوطاً في
فقا َل له رجاءَّ :
دماءِ ال ُمسلمين بالسيف!
159
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
للحديث في المســجدِ يقول :احذروا ِ جلس بعدها َ وكا َن رجاء إذا
صاحب الكســاء!
عرف الخي َر من َ كا َن ُعمر بن الخطاب يقول :ليس العاقل من
الشر،
عرف خير َّ
الش َّرين! َ وإ َّنما من
الحياةُ أحياناً ال تضعنا في موقفين أبيض وأسود فقط،
وقتذاك ميسوراً هيناً!
َ وعلينا أن نختار ،لكان الخيار
ولكنها لألسف تض ُعنا في مواقف رمادية تحتا ُج إلى عقل،
واختيار أقلها
ِ حساب العواقب، ِ تسديد و ُمقاربة ،وإلى ٍ وإلى
ضرراً!
غير الحق،
حلف على ِ َ كا َن رجاءُ بن حيوة يعل ُم أنه
ولكنها الطريقة الوحيدة ليحفظ بها دمه ودم من كا َن معه،
فأن يُجل َد الواشي غير مأسوف عليه ،أقل ضرراً من أن يُقت َل
األبرياء!
الخالفات بين الناس ال تُقال الحقيقة دوماً، ِ في
زادت من عمقِ الخالف ،وأ َّد ْت إلى هجران وفِ تنة، ْ ألنها ربما
حمالِكالم َّ
دبلوماسية وحكمة ،وإلى ٍ ٍ األمو ُر أحياناً تحتا ُج إلى
أَ ْو ُجه،
الكذب وإ َّنما من عمقِ الفهم ،وحسنِ التدبير، ِ وهذا ليس من
وتي خيراً كثيراً! وحساب العواقب ،ومن يُؤتى الحكم َة فقد أ ُ َ ِ
160
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
السادس:
رس ّالد ُ
َّ
161
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
السابع:
رس ّالد ُ
َّ
162
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
30
َ َّ ُ َّ َ ْ َ َ ْ
ش ٍء خلق َناهُ بِق َدر﴾ ﴿إِنا ك
هلل تعالى أنه ال يختا ُر إلجابةِ ال ُّدعاء أسرع الزّمن، من حكمةِ ا ِ
وإ ّنما أنسبُه لك!
لك ،ولم ت ُك ْن له، فاتك لم ي ُك ْن َ
َ ك ُّل شيءٍ
فليس مناسباً،
َ شخص حسبتَه المناسب فلم تنل ْ ُه ٍ ك ُّل
فحر ْمتَها، نفس َك ُ
تطلعت إليها ُ ْ ٍ
وظيفة وك ُّل
كان ك ُّل الخير أال تأخذها!
زاوية واحدةٍ ، ٍ نحن ال نرى المشه َد إال من
زاويتنا نحن!
ال!أ ّما اهللُ تعالى فيرى المشهد كام ً
وكم من عطاءٍ سبقه حرما ٌن
السالم عزيز مصر، يوسف عليه ّ ُ الج ّ ُب ما كانولوال ُ
ولوال ال ُّدموع على أبواب مكة ما كان الفت ُح!
163
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
31
معيط صديقين ُمق َّربْين، ٍ خلف وعقبة بن أبي بي بن ٍ كان أ ُ ُّ
ـفر إال صن ـ َع طعام ـاً ،ودعــا إليــه أشــراف وكان ُعقبــة ال يرج ـ ُع مــن سـ ٍ
قريــش.
النبي ، ِّ وكان يُك ِث ُر من مجالسة
فعا َد من سفره م َّر ًة ،وصنع طعاماً ،ودعا النّاس،
النبي إلى طعامه، َّ ودعا
النبي ،
ُّ قدم الطعام ،قال له فلما َّ
ـك حتــى تشــهد أن ال إلــه إال اهلل ،وأنــي رســول ـآكل مــن طعامـ َ
مــا أنــا بـ ٍ
اهلل!
فقال ُعقبة :أشه ُد أن ال إله إال اهلل ،وأن محمداً رسول اهلل!
النبي من طعامه... ُّ فأكل
خلف غائباً ،فلما عا َد أُخب َر بما كان، بي بن ٍ وكان أ ُ ُّ
صبأت يا ُعقبة؟َ ٍ
عقبة وقال له: فجاء إلى
علي رجل، صبأت ،ولكن دخ َل َّ ُ فقا َل :وا ِ
هلل ما
فشهدت له،
ُ فأبى أن يأكل من طعامي حتى أشه َد له،
فشهدت لهَ ،
فطعِ َم! ُ واستحييت أن يخر َج من بيتي ولم يطعم، ُ
عنك حتى تأتيه فتبص َق في وجهه، بي :ال أرضى َ فقال له أ ُ ُّ
ذلك ُعقبة أخزاه اهلل، ففع َل َ
ألقاك خارج مكة إال علوت َُك َّ
بالسيف! َ النبي :ال
ُّ فقال له
بدر أسيراً و ُق ِت َل عن دون األسرى،فأُ ِخ َذ ُعقبة يوم ٍ
النبي ،
ِّ لما كان منه ،وإبراراً لكالم
164
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
األول:
رس ّ الد ُ
َّ
165
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
ويميت؟
ُ يدعي أنه يحيي وأين النَّمرود الذي كان َّ
الذهب واألموال َّ
الطائلة والكنوز؟ وأين قارون صاحب َّ
وأين ذو القرنين الذي طاف األرض من مشرقها إلى مغربها؟
السماءِ قائ ً
ال: السحابة في َّ وأين هارون الرشيد الذي كان يخاطب َّ
خراج ِك؟
ُ إلي
شئت فسيرج ُع َّ أمطري حيث ِ
وعلي؟
ُّ بكر ،وعمر ،وعثمان أين أبو ٍ
والصالحون على م ِّر التاريخ؟ َّ أين األنبياء،
ذهبوا جميعاً وبقيت لهم أعمالهم عند اهلل تعالى!
سنوات قليلة هي التي كانت فاصلة،
ـي مــن أُبــي بــن خلــف و ُعقبــة بــن أبــي بيــن األذى الــذي نالــه النبـ ُّ
معيــط،
ثم انقلبت الحال وتغي َّر ْت موازين القوى،
ُقتال عقاباً عدالً ،وجزا ًء مستحقاً،
ليدخل بعدها الذي كانوا يستضعفونه إلى مكة فاتحاً!
ـرك ـت لـ َ
ـك ،ولــو دامــت األمــوا ُل لغيـ َ ـب لغيـ َ
ـرك لدامـ ْ لــو دامــت المناصـ ُ
ـت لـ َ
ـك، لدامـ ْ
فتواضع ،ال أحد يبقى على الق َّمة ،ال أحد!
رس َ
الثاني: الد ُ
َّ
الصاحب ِ
ساحب، فإن َّ ِ
تصاحبَّ ، أُ ُ
نظ ْر من
ولو أجل ْ َت عينيك في سورة الكهف،
166
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
رس َّ
الثالث: الد ُ
َّ
السوء،
الصديق ُّ
الصالح من َّ أردت أن ت َ
َعرف الصديق َّ َ إذا
ُ
فانظ ْر أين تجعلك صحبته من اهلل ع َّز وجل،
بك فهذا صديق صالح فت َّم ْ
سك به، فإن ق َّر َ
َ
باعدك فهذا صديق ُسوءٍ ففارقه وال تأسف! وإن
ٍ
عالمات دنيوية يُعرف به هذه بعضها: السوء
ولصديق ُّ
صديق السوء يُشكك بقدراتك ،ويثبط من عزائمك،
167
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
ينفــك يكســ ُر مجاذيــف إرادتــك ،ويــرد ُد علــى مســامعك أنــك ال ُّ وال
تســتطيع،
وهذا في الحقيقة إنما يخشى أن تستطيع وتفعلها!
استغاللي،
ّ السوء في الغالب إنسان وصديق ُّ
َ
عليك، َ
مساعدتك له واجب َ
شعرك أن يُ
يعيش على حساب غيره، ُ كالطفيلي
ِّ فيستنزفك ما ّدياً وشعور ّياً
َ
َ
سيغادرك إلى غيرك، َ
عندك حاجة ومتى لم تعد له
هذا ال يعني أال تُساعد أصدقاءك ما ّدياً وتدعمهم معنوياًّ،
فبأي شيءٍ تكون صديقاً إال بهذا؟! ِّ
وإ ّنما القص ُد أن تُم ِّيز بين من يُح ّبك لشخصك وبين من يستغلك!
السوء من خصاله أنه ال يحترمك، وصديق ُّ
مرأى من النَّاس،
ً لك على وال يتو َّر ُع عن تقديم اإلهانات َ
ـراع كرامتــكبح َّجــة أ ّنهــا نصيحــة ،مــن لــم يُـ ِ
ـاك أن تتقبــل اإلهانــات ُ فإيـ َ
ال يلزمــك!
ـك عثــر ًة ،والالســوء دائــم الشــكوى ،كثيــر الت ّذمــر ،ال يقيــل لـ َ
وصديــق ُّ
يقيــم لـ َ
ـك ز َّلــة،
لك على الخطوة ،وعلى الكلمة ،وعلى التَّصرف، يقف َ ُ
َ
حياتك؟! قاض فيما حاجت َُك إلى ِ
168
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
الرابع:
رس َّ
الد ُ
َّ
169
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
32
َ َ َ َ ْ َ ْ َ ُ َ ْ ً َ ُ َ َ ٌْ َ ُ
ي لك ْم﴾ ﴿وعس أن تكرهوا شيئا وهو خ
170
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
33
171
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
ـاس من المشــرقالســاعة فنــا ٌر تحشـ ُر ال َّنـ َثــم قــال لــه :أ َّمــا أ ّول أشــراط ّ
إلــى المغرب،
وأما أ ّول طعام أهل الجنّة فزيادة كبدِ الحوت،
وإذا سب َق ماءُ الرجلِ ما َء المرأة ،نزع الول ُد إلى أبيه،
وإذا سب َق ماءُ المرأ ِة ما َء ال ّرجلِ ،نزع الول ُد إلى أمه!
أنك رسول اهلل، فقال له :أشه ُد أن ال إله إال اهلل ،وأشه ُد َ
إن اليهود قو ٌم بُ ُه ٌت، يا رسول اهللَّ :
وإنهم إن يعلموا بإسالمي قبل أن تسألهم عني يبهتوني!
النبي ،فقال لهم: ِّ فجاءت اليهود إلى
هلل بن َسالم فيكم؟ رجل عب ُد ا ِأي ٍ ُّ
فقالوا :خي ُرنا واب ُن خيرنا ،وس ِّي ُدنا واب ُن س ِّيدنا!
فقال لهم :أرأيتم إن أسل َم عب ُد اهلل بن َسالم؟!
فقالوا :أعاذه اهللُ من َ
ذلك!
هلل بــن َســام وقــال :أشــه ُد أن ال إلــه إال اهلل ،وأشــهد أن فخــر َج عبــد ا ِ
محمــداً رســول اهلل!
فقالوا :هذا ش ُّرنا واب ُن ش ِّرنا!
أخاف يا رسول اهلل! ُ كنت
فقال عبد اهلل :فهذا الذي ُ
األول:
رس ّ الد ُ
َّ
يتبدلون!
عصر ،ال يتغ َّيرو َن وال َّ
ٍ هؤالء هم اليهود في كل
أكثر الناس جحوداً ،وأقساهم قلوباً ،وأنقضهم عهوداً!
172
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
رس ّ
الثاني: الد ُ
َّ
173
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
رس ّ
الثالث: الد ُ
َّ
174
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
ابع:
الر ُ
رس َّ
الد ُ
َّ
كرهت،
َ أحببت أَ ْم
َ ُك ْن عادالً سوا ًء
وقعت بينك وبينهم،
ْ َّاس ما ليس فيهم ألجل ِخصومة ال ت ُق ْل في الن ِ
َ
أغضبك، الصاد ُق يبقى صادقاً ولو
انزعجت منه،
َ واألمي ُن ال يصب ُح خائناً إذا
كر ْهتِها، ٍ
عفيفة وإن ِ عرض
ِ تح ِّطي من
ال ُ
ِ
تشاجرت معها! ٍ
فاضلة وإن وال تُسقطي من ُسمعة
ال تكونوا مسلمين بأخالقِ اليهود!
السماء،
شخص رفعتموه إلى َّ ٍ إذا رضيتم عن
السابعة!
شخص أنزلتموه إلى األرض َّ ٍ وإذا غضبتم على
هلل بن َسالم،بدل اليهو ُد أقوالهم في عبدِ ا ِ ٍ
لحظة واحدة َّ في
دقيقة تح ّو َل عندهم من خيرهم إلى ش ِّرهم!
ٍ في
175
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
176
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
34
اعةِ الْ ُع ْ َ
ِين َّات َب ُعوهُ ف َس َ َّ
﴿ال َ
سة ِ﴾ ِ
177
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
35
178
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
األول:
رس ّ الد ُ
َّ
رس ّ
الثاني: الد ُ
َّ
179
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
رس ّ
الثالث: الد ُ
َّ
أراك منكسراً؟!
َ لي
يا جابر ما َ
ما أعذبها من عبارةٍ ،وما أحالها من كلمات،
يحل مشاكلهم،َّاس في الغالب ال يريدون من َّ الن ُ
ولكنهم دوماً يريدون من يشعر بهم!
َ
صديقك أ ّمه التي فقدها، َ
إنك لن تُعيد إلى
بإمكانك أن تكون له كتفاً في حزنه!
َ ولكن
زوج ألختك التي مات عنها زوجها، َ
وإنك لن تعثر على ٍ
ليست وحدها!
ْ َ
بإمكانك أن تُشعرها أنها ولكن
180
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
الرابع:
رس َّ
الد ُ
َّ
أراك منكسراً؟!
َ لي
يا جابر ما َ
بقلبك جيداً فإنه يظه ُر على مالمحك! َ اعتنِ
تقتلك األشياء التي تأكلها ،وإنما األشياء التي تأكل ُ َك!َ لن
ُ
تترك أثرها فيك، السيئة
كل المشاعر َّ
صدقني ،نحن ال نشيخ بمرور األيام،
بقدر ما نشيخ بمرور الحوادث،
إن ليلة ه ٍّم تعدِ ُل في أثرها سنة من غير َه ٍّم!
عمل في بيئة متوترة،
وإن سنة من ٍ
تعدِ ُل عشر سنوات عمل في بيئة سليمة!
بكثير من عمره،
ٍ شخص أكبر
ٍ رأيت مالمح
َ تستغر ْب إذا
ِ فال
هذا أثر األيام ،يحدثُ أن تدوسنا األيام بقسوة!
181
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
رس الخامس:
الد ُ
َّ
أراك منكسراً؟!
َ لي
يا جابر ما َ
ُك ْن لماحاً!
غص ًة في الحديث عن انكساراتهم، الناس يجدون َّ
ُ
حاجة سيقول َ
لك أنا محتاج، ٍ ليس كل صاحب
َ
يخبرك بحزنه، بقادر أن
ٍ وما ك ّل إنسان
أساساً ث ّمة حزن ال تقوله الكلمات!
َ
يديك، شخص ابتدا ًء ويُلقي ه ّمه بين
ٌ ولن يأتيك
عليك أن تُالحظ تلك التغيرات الصغيرة فوراءها أحداث كبيرة! َ
ذاك الضحك الذي اختفى فجأة،
ث ّمة حزن قد أغل َق عليه الباب وتركه حبيساً في الداخل،
ذاك الخروج الدائم والتنزه الذي توقف فجأة،
مادي طارئ،
ٍّ قد يكون وراءه عسر
زوجي وصل إلى طريق مسدود، ّ أو خالف
كانت تؤمن عيشاً رغيداً، ْ أو فقد وظيفة
لذات ال ُّدنيا،حل فجأة فقضى على كل َّ أو مرض َّ
منك أن تسبر أغوار الناس، ليس مطلوباً َ
ولكن ال تُف ِّوت األشياء التي تظهر َ
لك،
فقد يجع ُل اهلل حلَّها على يديك،
َّاس أحياناً ال يريدون الحلول، وحتى إن لم تملك ّ ً
حل ،الن ُ
بقدر ما يريدون أن يجدوا حولهم من يستمع ويهت َّم!
182
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
السادس:
رس ّالد ُ
َّ
183
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
36
َ َ َ َ ٌ ُّ ْ َ ٌ َ ْ ٌ ّ ُّ ْ َ َ َ ْ َ ْ َ ْ ُ
ج َبتك ْم﴾ ﴿ولمة مؤمِنة خي ِمن م ِ
شك ٍة ولو أع
184
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
37
185
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
األول:
رس ّ الد ُ
َّ
رس ّ
الثاني: الد ُ
َّ
186
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
187
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
رس ّ
الثالث: الد ُ
َّ
188
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
الرابع:
رس ّالد ُ
َّ
189
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
190
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
38
َ َ َ َ
﴿ل ي َ ْسخ ْر ق ْو ٌم م ِْن ق ْو ٍم﴾
191
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
39
األول:
رس َّالد ُ
َّ
192
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
ً َ ْ َ َ َ ْ َ َ َ َ َّ ْ
ت قَم َ
يصـ ُ
ـه ِمــن ِ تهزنــي هــذه اآليــة عميق ـا﴿ :واســتبقا الــاب وقــد
ـر﴾ ُُ
دبـ ٍ
كان يوسف عليه السالم وزليخة يركضان على الطريق ذاتها،
ولهما وجهة واحدة هي الباب،
يهرب من المعصية، ُ ولكن يوسف عليه السالم كان َّ
تركض وراءها!
ُ وهي كانت
رأيت من القصة هذا المشهد فقط، َ وإنك لو
لك منها إال ما رأته عيناك، ولم ت ُِح ْط بك ّل تفاصيلها وليس َ
أنت أنه كان ِ
يقص ُد الباب ليهرب، ُلت هما سواء ،وما أدراك َ لق َ
ش في هذه الحياة َحكماً وقاضياً! فال تعِ ْ
صحيح أن بعض األمور واضحة جلية،
ومن الحماقة أال يكون للمرء يقين في هذه الحياة،
ولكن تذ ّكر شيئاً مهماً:
النوايا ال يط ِل ُع عليها الناس ليقيموها ،وال الشياطين ليفسدوها،
وال المالئكة ليكتبوها،
وحده اهلل سبحانه يرانا من ال ّداخل كما نحن!
رس ّ
الثاني: الد ُ
َّ
193
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
الخلْقِ ! َ
وقوعك في َ لك مننمت لكان خيراً َ ني ،لو َ فقال لي :يا بُ َّ
صالح َك ال يعطيك الحقَّ بازدراء الناس، َ
الصدر والتَّواضع مع العبادة دون النوافل، وسالمة َّ
خي ٌر من االستعالء مع كثرة النوافل!
ولتعل َ ـ ْم عل ـ َم اليقيــن أنــه ليــس بينــك وبيــن المبتلــى بمعصيــة اهلل إال
رحمــة اهلل،
وأن اهلل سبحانه لو خلَّى بينك وبين المعاصي، َّ
قت عليه أيضاً!لفعلت ما فع َل غيرك ،ولربما تف َّو َ َ
ثُ َّم تعا َل هنا ،وضع عينك في عيني،
ـاس عليهــا ـاص قــد ســترها اهلل عليـ َ
ـك ،ولــو اطلــع النـ ُ ـك معـ ٍ ـت لـ َ
أليسـ ْ
ـقطت مــن أعينهــم، لسـ َ
كلنا يا صديقي أسوأ مما نبدو عليه،
الستر لو رفعه عنّا النفضحنا! ولكنّه رداء من اهلل اسمه َّ
رس ّ
الثالث: الد ُ
َّ
أشهر،
ٍ رمت قيام الليل خمسة
الثوري رحمه اهللُ :ح ُ
ُّ يقو ُل ُسفيان
ذنب أذنبته!
بسبب ٍ
قيل له :وما هو؟
فقلت في نفسي :هذا رياء!
ُ ال يدعو اهلل ويبكي،رأيت رج ً
ُ فقال:
ال ِ
تقتح ْم نوايا النَّاس ودع الخل َق للخالق،
وإن أحدنا لتختلط عليه نيتّه أحياناً،َّ
194
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
الرابع:
رس ّالد ُ
َّ
195
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
196
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
40
ََ َ ْ ُ ْ ُ
ت ِلختِهِ ق ّ ِصيهِ﴾ ﴿وقال
197
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
41
األول:
رس ّ الد ُ َّ
الصو ُم ُجنَّة ،أي وقاية من النَّار!
َّ
النبي ،وأسلما بين يديه معاً،
ِّ جاء رجالن من اليمن إلى
وكان أحدهما أش ّ ُد اجتهاداً من اآلخر في العبادة،
198
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
النبي فاستشهد ،ثم مكثَ اآلخر بعده سن ًة ثم مات. ِّ وغزا مع
فرأى طلحة بن عبيد اهلل في منامه أ ّنه عند باب الجنة،
ـك وأمـ َر الــذي توفــي حديثـاً بــأن يدخــل
وإذا الرجــان هنــاك ،فجــاء َملَـ ٌ
الجنَّة.
ث ّم خرج مر ًة أخرى وأمر الذي استشه َد اوالً أن يدخل الجنّة.
بقي لك ُعمر! فإنك قد ََ أنت فارج ْع،ث ّم خرج فقال لطلحة :أما َ
فأصبح طلحة يُحدث الناس بما رأى فت َعجبوا!
أي شيءٍ تعجبون؟ النبي ،فقال لهم :من ّ ُّ فبلغ ذلك
فقالــوا :يــا رســول اهلل ،كان هــذا أشـ َّد الرجليــن اجتهــاداً ،ثم استشــهد،
ودخـ َل اآلخـ ُر قبلــه الجنة!
أليس قد مكثَ هذا بعده سن ًة، َ فقال النبي :
قالوا :بلى.
وأدرك رمضان ،فصا َم وصلى؟ َ فقال:
قالوا :بلى.
فقال :فما بينهما أبع ُد مما بين السماء واألرض!
الصحابي في القصة،
ُّ الصيام الذي صامه إ ّنه ّ
فسب َق بصيامه وقيامه صاحبه الذي استشهد قبله!
فإن ُع ْمر المؤمن ال يزيده إال خيراً!
فسا ِبقُواّ ،
فيا مرحباً بالجوع والعطش في سبيل ا ِ
هلل فإ ّنها ُسويعات تمضي،
ويثبت األجر إن شاء اهلل،
ُ تمتلئ بعدها األمعاء ،وترتوي الحناجر
يا مرحباً بقراءة القرآن ،ض َّماد القلوب المجروحة،
وسلوى النفوس المحزونة ،وجبال من الحسنات،
وال أقول ألم حرف ،وإنما ألف حرف ،والم حرف ،وميم حرف!
199
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
رس ّ
الثاني: الد ُ
َّ
200
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
رس ّ
الثالث: الد ُ
َّ
201
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
وقيــل للحســن البصــري :مــا بــال المتهجديــن بالليــل مــن أحســن ال ّنــاس
ُوجوهاً؟
فقال :أل ّنهم َخلُوا بال ّرحمن فألبسهم من نوره!
كابدت نفسي على القيام عشرين سنة! ُ ثابت البنان ُِّي يقول:
وكان ُ
وتلذذت به بعد ذلك عشرين سنة! ُ
وكان عبد العزيز بن أبي ر ّواد يُفرش له فراشه لينام عليه بالليل،
فيتحسسه ثم يقول :ما ألينك! َّ فكان يضع يده على الفراش
ولكن فراش الجنة ألين منك! ثم يقوم إلى صالته!
ـف وقــال رجــل إلبراهيــم بــن أدهــم :إ ّنــي ال أقــدر علــى قيــام الليــل ِ
فصـ ْ
لــي دوا ًء؟
تعصه بالنَّهار وهو يقيمك بين يديه في الليل، فقال :ال ِ
الشــرف ،والعاصــي ال ـك بيــن يديــه فــي الليــل مــن أعظــم َّ ـإن وقوفـ َفـ ّ
يســتحق ذلــك الشــرف!
ـب
ـت معافــى وأحـ ُّـري :يــا أبــا ســعيد ،إنــي أبيـ ُ
وقــال رجــل للحســن البصـ ِّ
قيــام الليــل،
وأع ُّد طهوري فما بالي ال أقوم؟!
فقال الحسن :ذنوبك ق ّي َ
دتك!
وكان العاب ُد عمرو بن عتبة بن فرقد يخر ُج للغزو في سبيل اهلل،
صف قدميه يناجي ر َّبه ويبكي بين يديه، فإذا جاء اللي ُل َّ
وكان أهــل الجيــش الذيــن خــرج معهــم عمــرو ال يُكلّفــون أحــداً مــن
الجيــش بالحراســة،
ألن عمرو قد كفاهم ذلك بصالته طوال الليل،
ُ
والجيش نائم، وذات ليلة وبينما عمرو بن عتبة يصلي من الليل
202
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
203
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
42
ْ َ ُ َ ْ َ ُ َ َ ُ ْ َ َ ُّ ْ
ادلن َيا﴾ ﴿المال والنون زِينة الياة ِ
204
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
43
205
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
األول:
رس ّ الد ُ
َّ
206
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
والصدقــة فــي
ّ وقــد أرا َد أن يكــون ألهــلِ بيتــه مــا لــه مــن اليقيــن بــاهلل،
سبيله،
وهذا ما أدخ َل اله َّم عليه ،بأبي هو وأمي كان كله هلل!
رس ّ
الثاني: الد ُ
ّ
207
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
208
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
209
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
رس ّ
الثالث: الد ُ
َّ
ٍ
وزوجات، الحياةُ شاق ٌة على الجميع أزواجاً
نملك إال أن نُه ّو َن على بعضنا الطريق، ُ وال
ـي فــي جهــادي لتحصيــل أن أحملهــا مـ ّر ًة وتحملنــي مـ ّر ًة ،أن تُشــفِ َق علـ َّ
لقمــة العيــش،
وأن أُشفِ َق عليها في جهادها مع األوالد ،والقيام بأعباء البيت!
الحياة المثال ّية الخالية من التّعب والكدر والمشقّة في الجنّة،
أما هذه فدنيا ،دار الك ّد والتّعب،
يار إال أن نُه ّونها بحناننا وأخالقنا، وليس أمامنا من َخ ٍ
أو نزيدها قسو ًة بأنانيتنا وقسوة قلوبنا!
علي تعبها من عملها في البيت، شكت فاطمة إلى ٍ ّ ْ
رت في يدها، فأخبرتْ ُه أنها ج َّر ْت بال َّرحى حتى أ ّثَ ْ
وكنســت البيــت حتــى
ْ ــرت فــي ُعنقها، واســتقت بالقِ ربــة حتــى أ ّثَ ْ
ْ
اغبــ َّر ْت ثيابهــا!
ذهبت إليه وسألتِهِ خادماً! ِ ِسبي ،فلو ِ
ألبيك ب َ فقال لها :لقد ِجيء
فوجدت عنده أُناساً، ْ فذهبت فاطمة إلى النبي ، ْ
ـادت
ُحدثــه أمامهــم ،ولكنهــا أسـ َّر ْت لعائشــة بســبب مجيئهــا ،وعـ ْ فلــم ت ِ ّ
إلى بيتها!
مجلس النبي ،
ُ انفض
َّ فلما
أخبرتْ ُه عائشة بسبب مجيء فاطمة ،فذهب إلى بيتها،
وعلي قد أخذا مضجعهما للنوم ،فاستأذن ثم دخ َل،ٌّ وكانت
فقال :أال أد ّلكما على ما هو خير لكما من خادم؟
210
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
إذا أخذتمــا مضاجعكمــا ،فك ِ ّبــرا ثالثـاً وثالثيــن ،وسـ ِ ّبحا ثالثاً وثالثين،
واحمــدا ثالثـاً وثالثين،
فهو خير لكما من خادم!
هذه فاطمة سيدة نساء العالمين ،وقطعة قلب أبيها،
تطحن الحبوب بال َّرحى حتى تترك ال َّرحى أثرها في يدها،
بالقربة حتى تترك القِ ربة أثرها في عنقها، ِ وتحمل الماء إلى بيتها
وتكنس بيتها حتى يكسو الغبار ثيابها، ُ
ـص هــذا مــن قيمتهــا عنــد زوجهــا ،أو عنــد أبيهــا ،أو عنــد فهــل أنقـ َ
ربهــا؟!
طبعـاً ال شــيء فــي أن تحصــل المــرأة علــى خادمــة تُعينهــا علــى عمــل
البيــت،
فهو واهلل عمل شاق صعب!
ونبي ٌل هو الزوج الذي يكون في ِسعة مادية ،وبحبوحة اقتصادية،
فيُحضر لزوجته خادمة تُساعدها،
واألنبــل هــو األب الــذي نظــر فــي حــال ابنــة له ،فــر َّق لهــا وأحضـ َر هــو
لها الخادمة،
على أ َّن هذا ال يُلغي أن عمل البيت هو واجب الزوجة،
تماماً كما واجب الزوج العمل خارجه واإلنفاق عليها،
بل وإِعانتها في أعمال البيت أيضاً أل َّن هذا من العِ شرة بالمعروف!
ومما اُبتُلينا به في هذه األيام هذه األصوات النّاعقة،
التي تُحاول باسم حرية المرأة أن تَهدم البيوت القائمة على الستر،
وتمشية الحال بما هو متاح!
211
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
الرق ،وإهانــة النفــس وتصويــر عمــل المــرأة فــي بيتهــا نــوع مــن أنــواع ِ ّ
البشــرية!
ـت أدري أيــن اإلهانــة فــي أن تُطعــم الزوجــة عائلتهــا مــن صنــع ولسـ ُ
يدها،
ُنظف بيتها! وأن تغسل مالبسهم ،وت ِ ّ
إن األمر شاق وصعب ،فهذا نبص ُم به باألصابع العشرة، إن قيل ّ
ولكن هذه هي الحياة ،لكل إنسان دوره ،ولكل عمل مشقته!
أمــا طــرح الموضــوع وجعلــه عبوديــة ،وإهانــة للمــرأة فهــذه دعــوى
سخيفة!
ليســت بتجريدهــا مــن فِ طرتهــا فــي أن تكــون أمــاً ْ إن حريــة المــرأة
وزوجـ ًة وربـ َة منــزل،
وإنما بتقدير وتبجيل ما تقوم به ،كالماً وفع ً
ال،
كالماً حلواً ،وإشادة بدورها وأهميته،
بهدية بين الحين واآلخر ،بضمة ،و ُقبلة جبين ويد!
ـب فــي عمــللــم تكــن فاطمــة رقيقــة وال ُممتهنــة الكرامــة وإن كانــت تتعـ ُ
بيتها،
ولــم يُحضــر لهــا علـ ٌّـي خادمــة ألنــه أراد أن يُتعبهــا وإنمــا ألنــه ال يملــك
المال،
النبي خادمة ألنه عادل ولو أعطاها، ُّ ولم يُعطها
لكان عليه أن يُعطي كل امرأة في المدينة مثل ما أعطى ابنته!
212
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
الرابع:
رس ّالد ُ
ّ
213
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
214
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
215
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
رس الخامس:
الد ُ
ّ
بنت األصول تصب ُر على زوجها وتكون معه على ال ّدنيا، ُ
وقليل ُة األصل ،كثيرة الشكوى ،تكون مع ال ّدنيا على زوجها!
الوفاق، وإ َّن معادن النّاس ال تظه ُر في ال ّرخاء وفي ِ
ّاس فيها جميعاً نُبالء! لحظات يكون الن ُ ٌ هذه
الطيب،أدبرت ال ّدنيا تباينوا ،وظه َر الخبيثُ من ّ ِ وإنما إذا
ِ
المطاف مواقف! وإ َّن الحياةَ نهاية
السالم إلى م ّكة بعد فراقها لسنوات، جا َء إبراهيم عليه َّ
السالم ،فسأ َل زوجته عنه، بيت إسماعيل عليه َّ وذهب إلى ِ
َ
حصل ِرزقنا! فقالت :خر َج يبتغي لنا ،أي يُ ّ
ِ
ومعاشهم، ثم سألَها عن حالِهم
وأخذت تشــكو إليــه
ْ ـت :نحــن فــي شـ ٍ ّـر ،نحــن فــي ِضيـ ٍـق ِ
وش ـ َّدة، فقالـ ْ
وهــي ال تعلــم مــن هــو.
الســام ،وقولــي لــه يُغ ِ ّيــر فقــال لهــا :إذا جــا َء زوجـ ِـك فاقرئــي عليــه َّ
عتبـ َة بابه!
الســام ،كأ ّنَــه شــع َر بشــيءٍ ،فســأل زوجتــه:فلمــا جــاء إســماعيل عليــه َّ
هــل جاءكــم مــن أحــد؟
عنك فأخبرته، فقالت :نعم ،جاءنا شي ٌخ أوصافه كذا وكذا ،فسألنا َ ْ
وش َّدة!فقر ِ
وسألني كيف عيشنا فأخب ْرتُ ُه أننا في ٍ
ِ
أوصاك بشيء؟ فقال لها :وهل
الســام ،ويقــول لـ َ
ـك غ ِ ّي ـ ْر عتبــة فقالــت :نعــم ،أم َرنــي أن أقــرأ عليـ َ
ـك َّ
ـك!بابـ َ
216
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
ِ
بأهلك! قك ،الحقي ذاك أبي ،وقد أم َرني أن أُط ِلّ ِ قالَ :
السالم زوجة ابنه في عرضها، لم يَعِ ْب إبراهيم عليه َّ
معــاذ اهلل ،ث ـ ّم إ َّن بيــوت األنبيــاء معصومــة مــن هــذا وإن لــم تُ ْع َ
ص ـ ْم
مــن ال ُكفــر!
السالم الواردة في القرآن، ولوط عليهما َّ نوح ٍ وخيانة زوجتي ٍ
هي خيانة العقيدة والكفر ال خيانة الفِ راش!
عاب عليها كثرة تذمرها وشكواها وقِ لّة رضاها، ولكنه َ
فالمــرأة كثيــرة الشــكوى والتب ـ ّ ُرم مــن أمــور الــرزق ،نائبــة مــن نوائــب
ال َّدهــر ،والرجــال كذلــك!
السالم مر ًة أخرى لزيار ِة ابنه، وعا َد إبراهيم عليه َّ
فلــم يجــده أيض ـاً ،ولكنــه وج ـ َد زوجتــه الجديــدة التــي تز َّوجهــا بعــد
طــاق األولــى،
فسألها عنه ،فقالت :خر َج يبتغي لنا!
قال :كيف أنتم؟ وكيف عيشكم؟
هلل خيراً.وأثنت على ا ِ ْ وس َعة،بخير َ
ٍ فقالت :نحن
ْ
فقال :ما طعامكم؟
فقالت :اللحم.
فقال :ما شرابكم؟
فقالت :الماء.
فقال :اللهم بارك لهم في اللحم والماء!
ولم يكن لهم من طعام غيره وإال لكان دعا لهم بالبركة فيه!
ـت ثــم قــال لهــا :فــإذا جــا َء زوجـ ِـك فاقرئــي عليــه َّ
الســام وقولــي لــه :ث ِ ّبـ ْ
عتب َة َ
بابك!
217
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
السالم قال لها :هل أتاكم من أحد؟ فلما جاء إسماعيل عليه َّ
وأثنت عليه،
ْ فقالت :نعم ،أتانا شيخ حسن الهيئة، ْ
عنك فأخبرته ،وسألني عن عيشنا فأخبرته أننا بخير! وسألني َ
أوصاك بشيء؟ ِ فقال :فهل
ويأمرك أن تُث ِ ّبت عتبة بابك!َ َ
عليك السالم قالت :نعم ،هو يقرأ ْ
ِ
أمسكك! وأنت العتبة ،وقد أمرني أنذاك أبيِ ، فقالَ :
الســام هــو إســماعيل عليــه الســام مــع زوجتــه إســماعيل عليــه َّ
األولــى وال ّثانيــة،
ونشابه،ليس له من طعام غير ما يصطاده بقوسه َّ
بالرمي،
ِّ فقد كان من أمهر النَّاس
النبي على أصحابه وهم يتدربون على الرمي، ُّ وقد م َّر
فقال :ارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان رامياً!
ولكــن الفــارق هــو نظــرة كل مــن الزوجتيــن إلــى الــرزق الــذي يُ ِ ّ
حصلــه
زوجها،
تسخطة ،والثانية قانعة راضية، تبرمة ُم ِ ّ األولى ُم ِ ّ
هذا ألن الغنى إنما مصدره ما في قلب المرء ال ما في جيبه!
واألولــى امــرأة فاضحــة هاتكــة لألسرار ،تنشــر أمــور بيتهــا ،وتشــكو
زوجها،
وال ّثانية امرأة ساترة حافظة لألسرار شاكرة للنعم،
صبــرت وحمــدت
ْ وجــدت ضيقــاً
ْ وجــدت خيــراً حمــدت اهلل وإن ْ إن
اهلل كذلك!
فتمســك بهــا بأســنانك
َّ المــرأةُ الصالحـ ُة القانعـ ُة كنـ ٌز مــن كنـ ِ
ـوز الدنيــا
وأظفارك،
218
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
السادس:
رس ّالد ُ
ّ
219
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
السابع:
رس ّالد ُ
َّ
لــم ي ُه ـ ْن علــى عمــر بــن الخطــاب هــذا الحــزن الــذي رآه علــى وجــه
النبــي فــأراد أن يضحكــه، ِّ
فأخبره طرف ًة هي من نوع المشكلة ال َّراهنة،
أي طلــب أمهــات المؤمنيــن النفقــة مــن النبــي ،ولــم يكــن وقتهــا
ـك ماالً، يملـ ُ
ومــن فقــه التســلية عــن النــاس فــي المشــاكل ،أن تخبرهــم أن كل
البيــوت تقــع فيهــا الخالفــات،
ويُقال للزَّوج ك ّل الزَّوجات كذلك ،وللزَّوجة كل األزواج كذلك،
وما أنتم إال جزء من الناس،
فالتســلية عــن المكـ َّدر والحزيــن مــن جبــر الخواطر ،وجبــر الخواطــر عبادة!
رس ّ
الثامن: الد ُ
ّ
ـرض أبــو بكــر وعمــر أن تطلــب ابنتاهمــا نفقـ ًة ليســت عنــد النبــي لــم يـ َ
وهــذا نُبل اآلباء،
عرف األهل وضع الزوج وقلة ذات يده، َ فإذا
تعيش بما قســم اهلل لها، َ يجب عليهم أن يأخذوا على يد ابنتهم ،وأن
الطلبــات مــن زوج ال يجــد مــاالً كثيــراً ،يُثقــل كاهلــه ،ويشــعره
ألن كثــرة ّ
ّ
بالعجز،
وهو مدعاة للنُّفور بين الزّوجين ،وخراب األسرة ،فتر َّفقُوا!
220
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
44
ع ْ ْ ََ َ َ َُْ ْ ُ َ
استِح َيا ٍء﴾ ح َداه َما ت ْم ِش﴿فجاءته إ ِ
221
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
45
قــال رجـ ٌل مــن اليهــود لعمــر بــن الخطــاب :يــا أميــر المؤمنيــن ،آيــة فــي
كتابكــم تقرؤونها،
ذلك اليوم عيداً!نزلت التخذنا َ ْ لو علينا معش َر اليهود
أي آية؟ فقال له عمر بن الخطابُّ :
َْ ْ َ َ ْ َ ْ ُ َ ُ ْ َ ُ ْ ََ ْ َ ْ ُ َ َْ ُ
كــمْ فقــال﴿ :الــوم أكملــت لكــم دِينكــم وأتممــت علي
ُ َ ُ ُ ْ ْ َ
ــا َم د ً َْ
ِينــا﴾ الس ضيــت لكــم ِ ــي َو َر ِ
ن ِعم ِ
ـت فيــه علــى ـك اليــوم ،والمــكان الــذي نزلـ ْ فقــال ُعمــر :قــد عرفنــا ذلـ َ
النبـ ِّـي ،
نزلت يوم الجمعة وهو قا ِئ ٌم ب َع َرفة! ْ
األول:
رس ّ الد ُ
َّ
222
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
رس َّ
الثاني: الد ُ
َّ
223
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
رس َّ
الثالث: الد ُ
َّ
كان دوماً يبدأ بنفسه ،فإذا أم َر أمراً كان أول من يأتمر به،
أمر كان أول من ينتهي عنه، وإذا نهى عن ٍ
224
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
ثالث وعشرين سنة لم يُخالف فعله قوله ولو م َّر ًة! وعلى مدى ٍ
فــي غــزوة بــدر دفــ َع أقاربــه للمبــارزة ،لــم يُخبئهــم ويُحــارب بــأوالد
النــاس!
وفي غزوة مؤته رثى ابن عمه جعفر بن أبي طالب!
وعندما وقف يوم عرفة ِل َي ُس َّن القوانين بدأ بأهله،
وض ـ َع الجاهليــة كلهــا تحــت قدميــه ،كان أ ّول ِربـ ًـى وضعــه ِربــى عمــه
العبــاس،
وأ ّول ثــأر وضعــه ابــن عمــه عامــر بــن ربيعــة بــن الحــارث بــن عبــد
المطلــب،
الســرقة،
وعندمــا أراد أســامة بــن زيــد أن يشــفع للمخزوميــة فــي حــد َّ
وســأله أال يقطــع يدهــا،
غضب من أسامة غضباً شديداً ،وكان ال يغضب إال هللِ، َ
حد من حدود ا ِ
هلل يا أسامة؟ وقال له :أتشف ُع في ٍّ
ثــم صعــد المنبــر وقــال للنــاس :وأيـ ُم اهلل ،لــو أن فاطمــة بنــت محمــد
ـت يدهــا!
ســرقت لقطعـ ُ
وحاشا فاطمة ،ولكنّه أراد أن يُخبرنا أ ّنه ال أحد فوق شرع اهلل!
وأن النَّاس سواسية كأسنان المشط! ّ
الرابع:
رس َّ
الد ُ
َّ
225
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
226
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
46
َ َْ ْ َ َ ُ
﴿فال ي ُزنك ق ْول ُه ْم﴾
كوخز اإلبر!
ِ الكالم
ِ يعل ُم اهللُ أن َ
بعض
طعنات دامية،
ٌ الج َمل
وبعض ُ ُ
َّعليقات سكاكي ُن جارحة، ِ وبعض الت ُ
رصاص م َو َّجه إلى القلب بدِ َّقة!
ٌ وبعض التَّلميحاتُ
ِب بكلمة، نوم ُسل َ
كم من ٍ
َ
انتهك بكلمة، رض وكم من ِع ٍ
ثكلتك أ ّمك يا معاذ، َ السنة:
وفي ّ
يكب الناس على مناخرهم في النار إال حصائد ألسنتهم، وهل ُّ
َُ ُ َ َ ُ
وفي القرآن﴿ :ولعِنوا بِما قالوا﴾
فال تستهينُوا أبداً بأثر الكلمات!
227
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
47
النبي ،
ِّ جا َء عب ُد اهلل اب ُن أ ُ ِّم مكتوم إلى
وجعل يقو ُل له :يا رسول اهلل ِ
أرش ْدني،
النبي رج ٌل من عظماء ال ُمشركين، ِّ وعند
يرجو أن يُ ْس ِل َم ،فيسلم بإسالمه غيره من الناس،
عرض عن ابن أم مكتوم، النبي يُ ِ ُّ فجع َل
ويُقب ُل على المشرك،
ْ َ َ َ َ َ َّ َ َ ُ ْ َ
اءه الع َ ٰ
م﴾ فأنز َل اهلل تعالى قوله﴿ :عبس وت َو ٰل أن ج َ
األول:
رس ّ الد ُ
َّ
228
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
رس ّ
الثاني: الد ُ
َّ
229
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
رس َّ
الثالث: الد ُ
َّ
230
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
231
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
الهجري،
ِّ رجل الدولة الفذ ،صاحب الدواوين والتقويم
يهرب الشيطان منه!
ُ وهو قبل كل هذا ال َّرجل الذي
فال ت ُكن سطحياً ،وال تخدعنَك المظاهر!
الرابع:
الدرس ّ
َّ
الح ِّب،
نتوهم ،بل هو من أعلى صور ُ النَّق ُد ليس مرادفاً للكره كما َّ
بشرط أن يكون له أدبه وتوقيته وأسلوبه،
ــف بنقــدك فقــد َ
تالط َ أن مــن
وهــا هــو ر ُّبنــا يُعاتــب حبيبــه ،فاعلــم َّ
ــك،أح َّب َ
َ
أبغضك، لك الخطأ فقد ومن ز َّي َن َ
ـدك وأرشـ َ
ـدك ،فهــو صديــق أميــن رآك علــى خطــأ فأمســك بيـ َ ومــن َ
فق ِّربــه،
ـكت عنـ َ
ـك ،فهــو عــدو فــي ثيــاب رآك علــى ظلــم أو معصيـ ٍـة َ
فسـ َ ومــن َ
الصديــق فاحــذره!
232
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
48
َّ َ َ ََْ
﴿ق ْد أفل َح َم ْن َزكها﴾
زكاتها أمران:
المنهي عنه ،وفِ ع ُل المأمور به!
ِّ ُ
ترك
ثاب على ما لم يفعل امتثاالً لنهي اهلل، وإن المرء يُ ُ َّ
ثاب على ما يفعل امتثاالً ألمر اهلل ور ّبما أكثر! كما يُ ُ
ألن ال ّت ْرك هلل يحتا ُج أحيانا بطولة أكثر من الفِ عل هلل، ّ
أ ْن تُصلي أسهل من أال تزني!
ُض بصرك! تتصد َق أسهل من أن تغ ّ َّ وأ ْن
وأ ْن تصو َم رمضان أسهل من أال تأكل الحرام على مدار العام!
الطاع ُة ُمنساقة مع الفطرة ،والفطرةُ تستأنس عندما تُشبَع،
والمعصي ُة ُمنساقة مع الغريزة ،والغريزةُ ت ِ
ُوج ُع عندما تُق َمع!
233
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
49
النبي يهو َد بني ُقريظة إحدى وعشرين ليل ًة، ُّ حاصر
َ
األحــزاب فــي غــزوة
ِ ِنحــازُوا إلــى
نقضــوا العهــد وا َ وذلــك بعــد أن ُ
الخنــدق،
الصل َح،
النبي ُّ َّ فسألوا
على ما صال َح عليه إخوانَ ُهم من يهودِ بني الن َِّضير،
فيرحلو َن عن المدينة إلى اليهودِ في أريحا وبالد الشام،
النبي أن يُجيبهم إلى هذا، ُّ فأبى
ينزلُوا على ُحكم سعدِ بن ُمعاذ، حتى ِ
َ
صاحبك أبا لُبابة، أرس ْل إلينافرفضوا هذا ،وقالواِ :
وكان حليفاً لهم في الجاهل َّيةِ ،وبينه وبينهم تجارة بع َدها،
النبي إليهم ،فجاءهم، ُّ فبعثه
فقالُوا :يا أبا لبابة ما ترى ،أننز ُل على ُحكم سعدِ بن معاذ؟
الذب ُح فال تفعلوا!فأشار أبو لبابة إلى حلقه :إ ّنه َّ
ـت أ ّنــي قــد خنـ ُ
ـت ـاي حتــى علمـ ُ ـت قدمـ َ قــا َل أبــو لبابــة :وا ِ
هلل مــا زالـ ْ
اهلل ورســولَه!
َ َ
آم ُنــوا ل تُونُــوا َّ َ ِيــن َ َّ َ
الل وأنــز َل اهلل تعالــى قولــه﴿ :يَــا أ ُّي َهــا ال َ
َ
الر ُســول﴾ َو َّ
سارية من سواري المسجد، ٍ نفسه على فشد أبو لبابة َ َّ
علي! َ ُ هلل ال أذو ُق طعاماً وال شراباً ،حتى وقال :وا ِ
يتوب اهلل َّ أموت أو
َ
أيام ال يذو ُق طعاماً وال شراباً حتى خ َّر مغشياَ عليه! َفمكث سبعة ٍ
تاب اهللُ عليه.. ثم َ
234
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
األول:
رس ّ الد ُ
َّ
235
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
علي،
الجوار الذي جعله له اإلسالم َّ أصله بحقِّ ِ الملح ُد ِ
ِ جاري
وصديق َُك في الجامعة الذي على غير دينك تلي ُن معه،
أولً وأخيراً!
ولكن العقيدة ّ
كر ُم األخرين بما هو حالل في ديننا، نُ ِ
ونَ ِصل ُ ُهم بحدود المباح الذي ال يوقعنا في اإلثم،
ونحفـ ُ
ـظ لهــم معروفهــم ،ونكافئُهــم عليــه ،بمــا نُثــاب فيــه ال بمــا نأثــم
بــه!
رس َّ
الثاني: الد ُ
َّ
236
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
يح ُّل َ
لك، لمست ما ال ِ َ وإذا
ٍ
بصدقة على فقير! فاغسل هذه ال َي َد ِ
مشيت إلى حيث ما كان يجب أن تَمشي، َ وإذا
قدميك إلى المسجدِ تكفيراً، َ فاصح ْب
َ
مسلم استغفاراً،
ٍ ِمش في قضاءِ حاجة وا ِ
نب في حقٍّ من ُحقوق العباد، الذ ُ أما إذا كان َّ
فال توب َة إال بإرجاع الحقِّ إلى أهله،
بينك وبين اهللِ.ما كان بينك وبين اهلل ،ت ُْب منه َ
فحلّه بينك وبين الناس! بينك وبين الناسُ ، وما كا َن َ
رس ّ
الثالث: الد ُ
َّ
237
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
عابر،
بذنب ٍ صيامك ٍ َ جرحت يومَ وإن
ر ِّم ْم هذا اليوم بصيام يوم تطوع مكانه تعتذِ ُر من اهلل تعالى فيه،
وردك من القرآن في النَّهار، َ َ
فاتك إ ْن
فاقرأه في الليل ففيه ُمت ََّسع،
الصباح، غفلت عن أذكار َّ َ وإ ْن
األوقات ُفسحة!
ِ الظهيرة ،في ك ِّل فس ِّبح في َّ
نفس َك، لمت َصدقة ث ّم َ ٍ بخلت في َ وإن
موضع آخر! ٍ بصدقة مكانها في ٍ فعاج ْل
ِ
مال،
منصب أو ٍ
ٍ نفس َك ُع ُجباً وكِ براً بسبب وجدت في ِ َ وإن
فرس ج ُموح،ٌ أن هذه النَّفس فتذ َّك ْر َّ
َ
تركبك! إ ّما أن تركبها أو
ذل كبرياءها بما يُؤ ِّدبها، َّ
َّ
محطة، ِشتر طعاماً و ُكلْه مع ع َّم ٍال بسطاء في ورشة أو ا ِ
لكنت مكانه!
َ هلل َ
لتعرف أ ّنك لوال فضل ا ِ معدم
ٍ فقير
ُز ْر بيت ٍ
الرابع:
رس َّ
الد ُ
َّ
238
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
239
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
240
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
50
َ َ َْ ََ ْ
﴿وح َّرمنا عليْهِ ال َم َر ِ
اض َع﴾
241
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
51
242
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
األول:
رس ّ الد ُ
َّ
243
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
رس َّ
الثاني: الد ُ
َّ
244
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
رس َّ
الثالث: الد ُ
َّ
َّــاس فــي الحيــاة ،وكثيــ ٌر مــن ر َّدات أفعالهــم مواقــف الن ِِ كثيــ ٌر مــن
وتصرفاتهــم،
الطبع ال إلى اإليمان! مرجعه إلى َّ
العصبي ومنهم الحليم، ُّ َّاس منهمالن ُ
الشدي ُد ومنهم اللَّين ،ومنهم الكري ُم ومنهم البخيل، منهم َّ
ـاس الذيــن نتعامــل معهــم ،يو ِّفــر علينــا وعليهــم
ـإن فهــم طبــاع ال َّنـ ِ
لهــذا فـ َّ
عنــا َء كبيراً،
ات أفعالهم تبعاً لما نعلمه من طباعهم! بل ويجعلنا حتى نتنبأ بر َّد ِ
الرابع:
رس ّالد ُ
َّ
النبي لت ُْسلِم،
ّ عندما جاءت قبيلة عبد القيس إلى
سارع أفراد القبيلة بال ُّدخول عليه،
245
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
رس الخامس:
الد ُ
َّ
246
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
247
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
52
248
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
53
بكر في فداء أسرى بدر، النبي برأي أبي ٍ ُّ ل َّما أخ َذ
النبي في فداء زوجها أبي العاص، ِّ زينب ابن ُة ُ بعثت
ْ
ـلت قــاد ًة كانــت لخديجــة أهدتهــا إياهــا يــوم زواجهــا مــن أبــي وأرسـ ْ
العــاص،
النبي رقَّ لها رق ًة شديدة، ُّ فل َّما رآها
وقــال :إن رأيتــم أن تُطلقــوا لهــا أســيرها وتــر ُّدوا عليهــا الــذي لهــا
فا ْف َعلُــوا!
فقالوا :نعم يا رسول اهلل.
فأطلقُوه ،ور ُّدوا عليها قالدتها!
المطلب وكان في أُسارى بدر: ِ اس بن عبد ثم قال الع َّب ُ
كنت مسلماً! يا رسول اهلل ،إني ُ
النبي :اهللُ أعلم بإسالمك! ُّ فقال له
فإن ي ُكن ما تقو ُل – حقاً – فاهلل يجزيك،
أخويك نوفل بن الحارث بن عبد المطلب، َ نفسك ،وابني َ فافدِ
وحليفك عتبة بن عمرو، َ وعقيل بن أبي طالب بن عبد المطلب،
اس :ما ذاك عندي يا رسول اهلل! فقال الع ّب ُ
أنت وأ ّم الفضل؟
دفنت َ
َ النبي :فأين المال الذي
ُّ فقال له
صبت فهذا المال ألوالدي :الفضل وعبد اهلل و ُقثم!ُلت لها :إن أ ُ ُ فق َ
َ
يدريك؟ العباس :وما
ُ فقال له
النبي :أخبرني اهلل بهذا!ُّ فقال له
العباس :أشه ُد َ
إنك لصادق! ُ فقال
249
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
يطلع عليه أح ٌد إال اهلل، دفعت لها ذهباً ،ولم َّ ُ وإني قد
وأنك رسول اهلل! َ فأنا أشه ُد أن ال إله إال اهلل،
العباس عشرين أوقي ًة ذهباً ،وأسل َم، ُ فدف َع
وأنز َل اهلل تعالى قوله:
ّ َ َْ َ
َ َْ
ى إِن يعلــ ِم س ٰــي قُــل ل َِمــن ف أيدِيكــم مِــن ال َ
ْ ُ ْ ّ ُّ ﴿يَــا َأ ُّي َهــا انلَّ
ِ ِ
ـم َو َي ْغ ِفــرْ ُ
ِنكـ ْ ُ ْ َ ْ ً ُ ْ ُ ْ َ ْ ً ّ َّ ُ َ َّ ُ ُ ُ
خــذ م
الل ِف قلوبِكــم خــرا يؤت ِكــم خــرا مِمــا أ ِ
الل َغ ُفـ ٌ
ـور َّرحِيـ ٌ ـم َو َّ ُكـ ْ َ ُ
ـم﴾ ل
ـاس ُمعلِّقـاً علــى هــذه اآليــة الحقـاً :فأعطانــي اهللُ خيــراً ممــا قــال الع ّبـ ُ
أخــذ منــي!
بمال كثير مكان العشرين أوقية، عشرين عبداً كلُّهم يتاجر لي ٍ
وأنا أرجو المغفرة من ربي!
األول:
رس ّ الد ُ
َّ
إ َّنهــا خديجـ ُة بنــت خُ ويلــد المــرأةُ التــي ال يوجــد منهــا نســخ ٌة ثانيـ ٌة فــي
تاريخ البشــر َّية!
النبــي كانــت فــي األربعيــن وهــو فــي الخامســة ُّ حيــن تزوجهــا
والعشــرين،
السن بينها وبينه، بالحب ،فتذيب فارق ِّ كانت تنز ُل إليه بقلبها ُ
ملكت عليه قلبه فلم يتزوج معها امرأ ًة أبداً! ْ حتى
كانت ناضج ًة ليجد فيها شيئاً من األ ِّم التي فقدها طف ً
ال، ْ
حكيم ًة ألنِّ أصحاب ال ِّرساالت يحتاجون جبه ًة داخل ّي ًة صلبة،
250
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
رس ّ
الثاني: الد ُ
َّ
251
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
رس ّ
الثالث: الد ُ
َّ
252
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
253
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
الرابع:
رس ّالد ُ
َّ
254
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
54
ََ َ ٌْ ْ
ي مِن ُه﴾ ﴿أنا خ
255
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
55
عباس قال:
ٍ عن عبد اهلل ابن
النبي أن يخر َج إلى غزوة تبوك، ُّ لما أرا َد
َّ
قال للج ِّد بن قيس ،وكان من المنافقين:
قيس ما تقول في جهاد بني األصفر /الروم؟ يا ج ُّد ابن ٍ
فقال :يا رسول اهلل إني امر ٌؤ صاحب نساء،
ومتى أرى نساء بني األصفر أُفتَتَ ُن،
فائذن لي وال تفتني!
فأنزل اهلل تعالى قوله:
ّ ْ َ َ ْ ُ َّ َ ُ ُ ْ َ ّ َ َ
ن﴾﴿ ومِنهم من يقول ٱئذن ِل ول تفت ِ ِ ٓ
األول:
رس ّ الد ُ
َّ
256
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
رس ّ
الثاني: الد ُ
َّ
257
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
رس ّ
الثالث: الد ُ
َّ
258
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
259
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
56
َ َ ْ ُ ُ َ َ َّ ُ َ َ َ ُ
اره ْم﴾ ﴿ونكتب ما قدموا وآث
260
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
57
األول:
رس ّ الد ُ
َّ
261
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
رس ّ
الثاني: الد ُ
َّ
262
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
263
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
رس ّ
الثالث: الد ُ
َّ
264
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
الرابع:
رس َّ
الد ُ
َّ
265
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
58
266
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
59
ُ
الصدقة، الصحاب َة على َّ النبي صلى اهلل عليه وسلم َّ ُّ حثَّ
آالف درهم، عوف بأربعة ِ فجا َء عبد ال َّرحمن بن ٍ
وقال :يا رسول اهلل مالي ثمانية آالف درهم،
وتركت نص َفها لعيالي! ُ جئت َُك بنصفِ ها فاجعلها في سبيلِ اهلل،
كت!
أمس َأعطيت ،وفيما َ َ لك فيما بارك اهللُ َ
َ النبي :
ُّ فقال له
فبارك اهللُ تعالى في مال عبد الرحمن استجاب ًة ل ُدعاء نب ِّيه ، َ
ـات كان لــه زوجتيــن ،فبلـ َغ ثُمـ ُن مالــه مئـ ًة وســتي َن ألـ َ
ـف حتــى أنــه لمــا مـ َ
درهم!
عدي العجالن بمئةِ َ
وس ٍق من تمر، ّ وتصد َق يومها عاصم بن َّ
بصاع من تمر!
ٍ األنصاري
َ عقيل
ٍ وجاء أبو
ـت ليلتــي أعم ـ ُل حتــى تقاضيـ ُ
ـت صاعيــن مــن فقــال :يــا رســول اهلل ،بـ ُّ
تمـ ٍـر،
فأمسكت أح َد ُهما ألهلي ،وأتيت َُك باآلخر!
ُ
الصدقات. النبي أن ينث َره في ّ ُّ فأم َره
فلم َز ُهم المنافقون ،وتكلَّ ُموا فيهم ،وقالوا:
ما أعطى عب ُد ال َّرحمن وعاص ُم إال ريا ًء،
لغني عن صاع أبي عقيل ،ولكنّه أراد أن يُزكي نفسه! َ
وإ ْن اهلل ٌّ
ـن ال ْ ُم ْؤ ِمنِـ َ عـ َ َّ َ َ ْ ُ َ ْ
ـن ـن ِمـ َ ـزون ال ُم َّط ّوِ ِ فأنــزل اهلل تعالــى قولــه﴿ :الِيــن يل ِمـ
َ َ
ــم ف َي ْســخ ُرون مِنْ ُه ْ
ــم
َ ون إ َّل ُج ْه َد ُه ْ َ َّ َ َ َ ُ َ َّ َ َ
يــد َ ِ ــات والِيــن ل ِِف الصدق ِ
َ َ َّ ُ ْ ُ ْ َ َ ُ ْ َ َ
ـذ ٌ
اب أ ِلـ ٌ
ـم﴾ خر الل مِنهــم ولهــم عـ سـ ِ
267
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
األول:
رس َّالد ُ
َّ
القصة حدثٌ مهيب لم يُذكر في هذه ال ِّرواية، َّ في ثنايا هذه
الصدقة قام علبة بن زيد فقال: النبي على َّ ُّ حين حثَّ
أتصد ُق به،
َّ يا رسول اهلل إني فقي ٌر ،وليس عندي ما
رضــي علــى مــن نالَــه مــن قــت بعِ ِ
تصد َُّ َ
شــهدك أنــي قــد ولكنــي أَ
ا لمســلمين ،
النبي على قولِ ُعلبة بن زيد، ُّ فلم يُعلِّق
الجيش فأين يض ُع صدق َة ُعلبة؟! ِ هو يجم ُع ماالً لتجهيز
ِ
بعرضــه ولك َّنــه فــي اليــوم التّالــي صعــد المنبــر فقــال :أيــن المتصـ ِّد ُق
البارحــة؟!
زيد فقال :ها أنا يا رسول اهلل، فقام ُعلبة بن ٍ
َ
صدقتك! إن اهلل قد ق ِب َل منك فقال لهَّ :
صفات ُعليا من كانت فيه من َخلقِ ه أح َّبه، ٍ إن هلل تعالى َّ
وأل ّنه ُسبحانه جوا ٌد كري ٌم يُ ِح ُّب المتص ِّدقين،
وأل َّنه سبُحانه عف ٌو سم ٌح يُ ِح َّب العافين،
وأل َّنه سبحانه رحي ٌم يُ ِح ُّب الرحماء،
وأل َّنه سبحانه ستِّي ٌر يُ ِح ُّب ِّ
الستيرين،
فانظـ ْر إلــى الخُ لــق الــذي يُعامِ ــل اهلل بــه تعالــى خل َقــه وعاملهــم بــه مــا ُ
ـتطعت،
َ اسـ
الصفح، تحلُو ال ُّدنيا بغير َّ استطعت فال ْ َ بعرض َك ما ِ تصدق
َّ
السالم أُسو ًة حسن ًة، ولك في يوسف عليه ّ وتغاضَ ، َ وتجاه ْل،
َ
نفسه ولم يُبدها إلخوته! أسرها في ِ فقد َّ
268
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
رس ّ
الثاني: الد ُ
َّ
مجتمع ستجد فئ ًة ليس لها عمل إال التَّنظير الفارغ، ٍ في ك ّل
وال ُّدخول في نوايا الناس،
ع ّينُوا أنفسهم ُقضا ًة على خلق اهلل،
َّاس على الجنّة والنار، وجلسوا يُصدرون األحكام ،ويوزِّعون الن َ
أردت أن تنتقدهم تحتار من أين تبدأ! َ والمصيب ُة أ ّنك إذا
ٌّ
منحل، المساجد بنظرهم ُمعقَّد ،والذي ال يرتا ُدها
ِ الذي يرتا ُد
قاس،الشخصية ،والذي ال يكرمها ٍ الذي يُكر ُم زوجتَه ضعيف َّ
ناشز،زوجها ضعيفة وجبانَة ،والتي ال تُطيعه ِ التي تطي ُع َ
ـب ال تعــرف تتحجـ ُ
َّ التــي تلتــز ُم ِ
بالحجــاب جاهلــة بال ُموضــة ،والتــي ال
اهلل،
يتصد ُق ُمراءٍ ،والذي ال يتص ُّد ُق بخيل،
َّ الذي
الذي يب ُّر والديه بال شخص َّية ،والذي يعقُّهما فاجر،
الــذي يقضــي وقت ـاً مــع عائلتــه منطـ ٍـو ،والــذي ال يقضــي معهــم وقت ـاً
ُمهمــل،
إذا عمل أح ُدهم بوظيفتين قالوا :أكلته ال ُّدنيا،
وإذا لم يعم ْل قالوا :كسول،
269
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
رذيلة هي أساساً في ِ
أنفسهم، ٍ ٍ
فضيلة عن هكذا هم يبحثون في ك ّل
وإذا لــم يَس ـل َ ْم منهــم أه ـ ُل الفضائــل فأه ـ ُل ال َّرذائــلِ لــن يَس ـل َ ُموا مــن
بــاب أولــى،
والج َرب،
َ الطاعونِ تهرب من َّ ُ تهرب منهم كما َ عليك أنَ هؤالء
ليس في ُقربِهم فائدة ،وليس في خسارتِهم ض َرر،
تماماً كتلك المسائل الهامش َّية التي يقول عنها الفقهاء:
ِعل ٌم ال ينف ُع وجهل ال يض ُّر!
رس ّ
الثالث: الد ُ
َّ
المعروف شيئاً!
ِ رن من النبي :ال تحقِ َّ ِّ من وصايا
الطريق معروف، سيارتك لتعبر قط ٌة َّ
َ َ
توقف أ ْن
الطريق معروف، تمس َك بيد أعمى لتعب َر به َّ وأ ْن ِ
وأ ْن تج َّر قعيداً على كرس ّيه معروف،
ال قارورة ماءٍ معروف، وأ ْن تُعطي عام ً
سن كيساً يُتعبه معروف، وأ ْن تحم َل عن ٍ
رجل ُم ٍّ
البائع المسكينِ شيئاً ال تحتاجه معروف، ِ تشتري من
َ وأ ْن
نشب بينهما ِخالف معروف، َ وأ ْن تُصل َح بين زوجين
ِك وال تقف لها على الكلمة معروف، وأ ْن تتغاضى عن زوجت َ
وأ ْن تصف َح عن أوالدك وتعامل ُ ُهم بال َّرحمة معروف،
طعام معروف،
ٍ وأ ْن تُهدي إلى جارك صح َن
عالجه معروف،
ِ وأ ْن تعي َن مريضاً في
270
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
بح ٍّب،
حد له ،أشياء بسيطة ُ ُ
المعروف ال َّ
ال من الحسنات، ني ًة صادقة تجعل العم َل البسيط جب ً
تمسحها،
ُ لر َّبما الجنّة في دمعةِ محزون
مكسور تُط ّي ُب خاط َره،
ٍ وفي مواسا ِة
كلب،
بسقيا ٍ بغي بني إسرائيل أدخلها اهلل تعالى الجنّة ُ ُّ
فإذا كانت هذه رحمته ُسبحانه بمن أحسن إلى البهائم،
فكيف هي رحمته سبُحانه بمن أحسن إلى النَّاس؟!
الرابع:
رس َّ
الد ُ
َّ
تقاضيت صاعين من تمر، ُ بت ليلتي أعمل حتى يا رسول اهللُّ :
فأمسكت أحدهما ألهلي ،وأتيت َُك باآلخر!ُ
الغني جميلة ،ولكنها من الفقير أجمل، ِّ الصدقة منَّ
فذاك ي ُعطي من كثرة ،وهذا يُعطي من قلّة! َ
الشاب أجمل، الشيخ جميلة ،ولكنها من َّ والعف ُة من َّ
َّف من فورانها، َّف من انطفاءِ شهوةٍ ،وهذا يتعف ُ فذاك يتعف ُ
الشابة أجمل، السن جمي ٌل ،ولكنّه من َّ والتّستر من كبيرة ِّ
ال ،وهذه تست ُر جماالً فاتناً، فتلك تستُ ُر جماالً ذاب ً
َّف وال ُّدنيا في إدبارها ،وهذه تتعف ُ
َّف وال ُّدنيا في إقبالها. وتلك تتعف ُ
271
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
رس الخامس:
الد ُ
َّ
272
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
60
َّ َ ۡ َ َ َ َ ۡ
ب َسل ِيمٖ﴾
﴿إِل من أت ٱللّ بِق ٖ
ل
القلب حقيبة!
ُ ال ُّدنيا َس َفر ،وهذا
كنت في الطريق تجم ُعه، ال فيه ما َ وستأتي حام ً
فال تحمِ ْل فيه إال ما يلي ُق بال ّدخولِ على اهلل،
اُدخُ ْل بقلبك مليئاً بالتوحيدِ حتى آخره،
ك ُّل خل ّي ٍة فيه تؤم ُن أنه سبحانه،
والواهب ،وال ُمحيي ،والمميت! ُ ال َّرازقُ ،والنَّاف ُعَّ ،
والشافي،
للنبي بال ِّرسالة، ّ اُدخُ ْل بقلبك مص ِّدقاً
غاضاَ بص َر َك عن أرزاقهم، مح ّباً للمؤمنينّ ،
لنفس َك،
الخير ما تتمنى ِ ِ متمنياً لهم من
لنفس َك، الش ّر ما تكرهه ِ كارهاً لهم من َّ
والضغينةِ ،
َّ اُدخُ ْل بقلبك خالياً من الحقدِ ،وال ُكرهِ،
فاألحقا ُد لوثَة!
صالة،صيام وال َ
ٍ ال من أهل الجنّة لم ي ُك ْن كثير أن رج ً وت ّذك ْر َّ
ولكنّه كان يتمنى الخي َر لك ِّل النّاس!
273
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
61
مات فيه،
مرضه الذي َ طالب من ِ ٍ ل َّما اِشتكى أبو
رس ْل إلى ابنِ أخيك، طالب ،أَ ِ
ٍ قالت له قريش :يا أبا ْ
لك من هذه الجنّة التي يذكرها ،فيكون لك ِشفا ًء! يرس ُل َ ِ
ـي النبـ َّـي صلــى اهلل عليــه وس ـلَّم وأبــا
ا منهــم حتــى لقـ َفأرس ـلُوا رج ـ ً
َ
بكـ ٍـر معــه،
محمد ،إن ع ّم َك يقو ُل :إنَي ضعيف سقيم، َّ فقال له :يا
فارس ـ ْل إلـ َّـي مــن الج ّنــة التــي تذك ـ ُر مــن طعامهــا وشــرابِها يكــون لــي
ِ
شــفا ًء!
النبي شيئاً...
ُّ فلم ي ُق ْل
إن اهلل ح َّرمها على الكافرين! بكرَّ :
وقال أبو ٍ
فرج َع ال َّرج ُل إليهم وقال:
غت محمداً الذي أرسلت ُموني به ،فلم ي ُق ْل شيئاً! بلَّ ُ
إن اهلل ح َّرمها على الكافرين!بكرَّ : وقال أبو ٍ
النبي ، ُّ طالب على
ٍ يوغ ُرون صد َر أبي فجعلُوا ِ
النبي مسألتَه األولى، َّ ال من عنده يسأ ُل طالب رج ًٍ فأرس َل أبو
إن اهلل حر َّمها على الكافرين! النبي ّ :
ُّ فقال له
ثم قام ودخ َل على أبي طالب ،فوجد البيت مملوءاً رجاالً،
فقال :خلُّوا بينِي وبين ع ّمي،
أنت بأحقَّ به مِ نَّا!
فقالوا :ما نحن بفاعلين ،ما َ
َ
قرابتك! لك معه قرابة ،فلنا معه مثل إ ْن كانت َ
النبي بجوار ع ِّمه وقال له: ُّ فجلس
َ
274
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
وح َّطتنِي كبيراً، عني خيراً ،كفِ لتنِي صغيراً ُ زيت ِّ يا َع ّمُ :ج َ
لك بها عند اهلل! أعني على نفسك بكلمة واحدة أشفع َ ِّ يا َع ّم:
طالب :وما هي يا ابن أخي؟ ٍ فقال أبو
َ
شريك له! قالُ :ق ْل :ال إله إال اهلل وحده ال
إنك لي ناصح ،ولوال أن تُع ّيرني قريش، فقال أبو طالبَ :
ألقررت بها عينك، ُ فتقولَ :ج ِز َع ع ُّم َك عند الموت،
أنت رأس الحنِيف ّية ،مِ لَّ ُة األشياخ! طالبَ ، ٍ فصاح القوم :يا أبا
النبي :ال أزال أستغف ُر لك ربي حتى ي ُر ّدني، ُّ فقال له
النبي يستغفِ ر له بعد أن مات، ُّ فجع َل
فقال المسلمون :ما يمنعنا أن نستغفر آلبائنا ،ولذوي قرابتنا،
السالم ألبيه، قد استغف َر إبراهي ُم عليه َّ
النبي يستغف ُر لع ِّمه، ُّ وها هو
رك،الش ِ مات من آبائهم على ِّ فجعلُوا يستغفرون لمن َ
ْ َ
آم ُنوا أن ي َ ْسـ َ َّ َ َ
ـتغ ِف ُروا ـن َ ـي َوالِيـ َ َّ ّ َ فأنــز َل اهللُ
تعالــى قولــه﴿ ُ :مــا كن ل ِلنـ ِ ِ
ول قُ ْر َ ٰ َ ََ ْ َ ُ ُْ ْ
ب﴾ شكِــن ولــو كنــوا أ ِ ل ِلم ِ
275
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
276
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
رس ّ
الثاني: الد ُ
َّ
277
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
َ
قومك، ولكن اِرج ْع إلى
نفسك الذي فيها اآلن فارج ْع! َ فإن كان في
رافع أراد أن يُسلم َطوعاً ويبقى في المدينة، أن أبا ٍ رغم َّ
رفض هذا،
َ النبي َّ أن
اال َّ
ألن ال َّرسول يجب أن يرج َع بال ِّرسالة،
حبس له ولو كان برغبتِه! ٌ واعتب َر أن بقاءه
صلح الحديبية، وكان من شروط ُ
أن من جاء من قريش مسلماً فعليهم ر ُّده إلى أهله، َّ
إن ت َّم توقيع الصلح حتى وصل أبو جندل مسلماً، وما ّ
النبي ألبيه سهيل بن عمرو! ُّ فسلّمه
وعن حذيفة بن اليمان قال:
خرجت أنا وأبي حسيل، ُ ما منعني أن أشه َد بدراً إال أني
فأخذنا الكفار فقالوا :إنكم تريدون محمداً!
فقلنا :ما نريده ،إنما نري ُد المدينة!
فأخذوا منا عهداً أن ننصرف إلى المدينة وال نُقاتل معه!
النبي فأخبرناه بالخبر، ُّ فأتينا
ِنصرفا ،نفي لهم بعهدهم ،ونستعي ُن اهلل عليهم! فقال :ا ِ
يا للوفاء يا رسول اهلل ،يا للوفاء!
كان بإمكانه أن يعتب َر أن هذا العهد من ِخداع األعداء،
وخداع العدو المشرك جائز بال خالف،
جندي،
ٍّ وهو على وشك حرب وأحوج ما يكون إلى
ولكنه رفض نصراً ملوثاً بعهد مخلوف!
فإذا كان هذا وفا ُؤه ألعدائه فكيف تُراه كان وفا ُؤه ألحبابه؟!
278
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
رس ّ
الثالث: الد ُ
َّ
الرابع:
رس ّالد ُ
َّ
ٍ
نقطة تتجدد كل فترة، وص َل اآلن بنا المطاف إلى
ويموت فيه عال ٌم
ُ فال يكاد يخلو عام إال
279
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
ٍ
خدمات جليلة قد أسدى للبشر َّية
في الطب أو الهندسة وهو على غير ملة اإلسالم،
عندها تجد بعض المسلمين ممن يخلطون بين الرحمة
اإلنسانية ،وبين تمام العقيدة،
يُدلون بدلوهم ،ويُرسلون ال َّرجل إلى الجنَّة كأن بأيديهم
مفاتيحها،
ويقو ُل لك أحدهم :كيف يُع ِّذب اهللُ أحداً اختر َع دوا ًء وخف َ
َّف
آال َم النَّاس،
كيف سيدخ ُل أديسون النار وقد أضاء لنا كوكب األرض ب
الكهرباء،
وكأن مفتاح الجنَّة أن تختر َع دوا ًء أو مصباحاً. ّ
وعلى المقلب اآلخر تجد قسماً آخر من المسلمين،
مات على غير اإلسالم بالنَّار، يقطع لهذا العالم الذي َ
كأنهم يحملُون مفاتيحها أيضاً.
وكالهما على خطأ وإن كان خطأ الفئة ال َّثانية أيسر من خطأ
الفئة األولى!
نحتر ُم العلم والعلماء ،ونق ِّد ُر خدماتهم الجلية في سبيل
اإلنسان ّية،
ولكن هذا شيء والجنّة والنّار شيء آخر!
النبي أه ّم من اختراع دواء ومصباح. ّ طالب عنٍ دفاع أبي
الشرك!مات على ِّ
ولكن هذا ال ّدفاع لم يُسعفه ألنه َ
هكذا يجب أن يُنظر إلى األمر بعقيدة ال بعاطفة،
مع إيمان ٍ
ثابت أنه ال أحد أعدل وأرحم من اهلل!
280
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
281
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
62
َ َ ُ َ ْ ََُ ُُ
تفوا بِذنوب ِ ِه ْم﴾ ﴿وآخرون اع
282
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
63
283
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
َّ ـن َب ْع ـ ِد إ َ َّ
ـاللِ ِمـ ْ ك َفـ ََ ْ َ
يمان ِ ـهِ إِل ِ ـر بِـ وأنــز َل اهلل تعالــى قولــه﴿ :مــن
ْ َ ْ َ َ َ ْ ُ ْ ََ َ ْ ٌّ َ كــرهَ َوقَلْ ُبـ ُ
ـه ُم ْ َ ْ ُ ْ
ـر
ِ ـ ف ك الِ ب ح ش ـن ـ م ـن ـ ك
ِ ل و ـان
ِ ـ يم ال ب
ِ ِ ِ ـن ـ ئم ط ِ مــن أ
اب َع ِظيـ ٌ َ
ـم َعــذ ٌ َ َ َّ
اللِ َول ُهـ ْ َ
ـم غ َضـ ٌ َ
ـد ًرا َف َعليْهـ ْ
َصـ ْ
ـم﴾ ـب ِمــن ِ
األول:
رس ّ الد ُ
َّ
284
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
رس ّ
الثاني: الد ُ
َّ
وليست
ْ هذه ال ُّدنيا دار عمل وليس دار جزاء ،دار امتحان
دار نتيجة!
يمسه البالءُ منها،
وقد ُر المؤمن فيها أن َّ
بتليت بالظالمين فها هم آل ياسر َ
لك عزا ًء، فإن ا ُ َ
ابتليت بالفقر فقد كان يم ُّر بآل رسول اهلل َّ
الشهر َ وإن
ثم َّ
الشهر،
لخبز وال لطبيخ!
وال يُوقد في بيوتهم شيء من النار ال ٍ
كانوا يعيشون على األسودين التمر والماء!
وكان لهم جيران من األنصار جزاهم اهلل خيراً لهم غنم
يرسلون إليهم شيئاً من لبن!
السالم،
بتليت بالبُهتان فها هو يوسف عليه ّ وإن ا ُ َ
السجن بضع سنين،
قد أوداه ُحب امرأة إلى غياهب ِّ
الجب،
ومن قبل حسد إخوته قد أوداه إلى قعر ُ
يا صاحبي إنها دار أذى وبالء!
285
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
رس ّ
الثالث: الد ُ
َّ
286
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
وأش ُّد من ذلك كله أنه كان يُخرجه إذا حميت َّ
الظهيرة،
فيطرحه على ظهره في ال َّرمضاء في بطحاء مكة،
بالصخرة العظيمة فتُوضع على صدره، ثم يأم ُر َّ
ثم يقول: ال واهلل ال تزال هكـذا حتى تموت أو تكفر بمحمد،
وتعبد الالت والعزى،
فيقول وهو في ذلك: أحد ،أحد!
ويقو ُل: لو أعلم كلمة هي أغيظ لكم منها لقلتها.
وكان أبو ُف َكيْ َه َة مولى ِلبَنِي عبد الدار،
َّهار في حر شديد، فكانوا يخرجونه في نصف الن ِ
وفي رجليه قيد من حديد ،فيج ِّر ُدونه من الثياب،
ويبطحونه في ال َّرمضاء،
ُ
ثم يض ُعون على ظهره صخر ًة حتى ال يتحرك،
فكان يبقى كذلك حتى ال يعقل،
عذب كذلك حتى هاجر إلى الحبشة الهجرة الثانية، فلم يزل يُ َّ
وكانوا م َّرة قد ربطوا رجله بحبل،
ثم ج ُّروه وألقوه في ال َّرمضاء وخنقُوه حتى ظنُّوا أ ّنه قد مات،
فم َّر به أبو بكر فاشتراه وأعتقه هلل.
اب بن األرت مولى أل ّم أنمار بنت ِسباع الخُ زاع ّية، وكان خ َّب ُ
عذبته موالتُه بالنَّار،وكان ح ّدا ًدا ،فلما أسلم َّ
كانت تأتي بالحديدة المحماة فتجعلها على ظهره أو رأسه،
ليكفر بمحمد ،فلم يكن يزيده ذلك إال إيما ًنا وتسلي ًما،
وكان المشركون ً
أيضا يعذبونه فيلوون عنقه،
ويجذبون شعره ،وقد ألقوه على النار،
287
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
الرابع:
رس ّالد ُ
َّ
ٍ
جماعة من أصحابه، كان المقداد بن األسود يوماً جالساً في
النبي ،
َّ فم َّر رج ٌل فقال له :طوبى لهاتين العينين اللتين رأتا
شهدت!
َ رأيت ،وشهدنا ماَ هلل لوددنا أ َّنا رأينا ما
وا ِ
فغضب المقداد غضباً شديداً ،ثم قال: َ
ما يحم ُل ال َّرجل على أن يتمنى محضراً غ َّيبه اهلل عنه،
هلل لقد حض َر رسو َل اهلل ،
ال يدري لو شهده كيف يكون حاله ،وا ِ
288
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
289
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
والصيام،
ِّ الصالةويُحفّظوننا الفاتحة ،ويد ِّربونا على َّ
اختلط بلحمنا وعظمنا، َ حتى إذا كبرنا وجدنا اإلسالم قد
وهو أغلى شيءٍ عندنا!
أن أحدنا قد ُولد في قريش ،ف َر َّباه أبواه على وما أدراكم لو َّ
عبادة األصنام،
وعلى تقديس ُهبل والالت ومناة ،فنشأ شارباً للخمر،
ال للربا ،وائداً للبنات، آك ً
صارت هذه منظومة قيمه ،وسيرة عمره، ْ حتى
ال قد بُعثَ يهجو األصنام، ثم سمع أن رج ً
ٍ
واحد ال يُرى، ويدعو إلى عبادة رب
لربما كان وقتها أحد الصناديد الكافرة ،
التي استماتت تُدافع عن الدين الذي تعتق ُد أ ّنه الحقّ !
السهولة،طبق من ُّ أن اإلسالم وصلنا على ٍ احم ُدوا اهلل ّ
بال دفع وال ُمجاهدة ،بال ُمغالبة أبوين كما حصل
مع سعد بن أبي وقاص،
هيب الرومي، ص ٍ مال كما حصل مع ُ وبال مراودة عن ٍ
هلل امتحانات صعبة ،واختبارات عسيرة، فتلك وا ِ
قد سقط فيها كثي ٌر من النَّاس!
290
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
64
َّ َ ّ ُ َّ َ ْ َ
﴿ل يُكل ِف الل نف ًسا إِل ُو ْس َع َها﴾
291
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
65
هلل َ
، قدمت على رسولِ ا ِ
ُ زاعي:
ِّ يقو ُل الحارثُ بن ِض ٍ
رار الخُ
وأقررت به،
ُ فدخلت فيه
ُ اإلسالم
ِ فدعاني إلى
فأقررت بها،
ُ فدعاني إلى الزَّكا ِة
اإلسالم
ِ وقلت :يا رسو َل ا ِ
هلل أرج ُع إلى قومي فأدعوهم إلى ُ
وأداءِ الزكاةِ،
جمعت زكاتَهُ،
ُ استجاب لي
َ فمن
َ
ليأتيك وقت كذا وكذا ً
رسول َ هلل ث ّم يُرس ُل َّ
إلي رسو ُل ا ِ
جمعت من الزكاةِ.
ُ بما
استجاب له،
َ ممنفل َّما جم َع الحارثُ الزكاةَ َّ
الوقت الذي أرا َد رسو ُل ا ِ
هلل أن يبعثَ إليه، ُ وبل َغ
أبطأ عليهِ الرسو ُل فلم يأتِهِ ،
هلل ع َّز َّ
وجل ورسو ِلهُ، فظن الحارثُ أنه قد حدثَ فيه سخط ٌة من ا ِ َّ
إن رسو َل ا ِ
هلل ، ف َد َعا وجهاء قومِ هِ فقال لهمَّ :
كان َو َّق َت لي وقتًا يُرس ُل َّ
إلي رســولَ ُه ليَ َ
قبض ما كان عندي من الزكا ِة،
وليس من خُ لُقِ رسولِ ا ِ
هلل الخُ ل ْ ُ
ف،
ٍ
سخطة كانت! س رسولِه إال منوال أ َرى َحبْ َ
فانطلِقوا فن ْأتِي رسو َل ا ِ
هلل . َ
قبض ما كان ِ
الحارث ليَ َ هلل الولي َد ب َن عقب َة إلى
وبعثَ رســو ُل ا ِ
عن َدهُ م َّما جم َع مــن الــزكاةِ،
َ
خاف فرج َع، فل َّما أن سا َر الولي ُد حتى بل َغ َ
بعض الطريقِ
292
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
293
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
األول:
رس ّ الد ُ
َّ
الغيب إال اهلل، َ درس عظيم مفاده أن ال أحد يعلم ٌ
َّاس،
والنبي في شأن الغيب كغيره من الن ِ ُّ
يعرف منه إال ما أطلعه اهلل تعالى عليه، ُ ولم يكن
سوا ًء تعلَّ َق هذا الغيب بما لم يقع بعد،
والشمس من مغربها، والدابةَّ ، الساعة ،وخروج ال ّدجالَّ ، كعالمات ّ
وأهوال يوم القيامة ،وأحوال النَّاس فيها،
نات من أهل الجنَّة ،ومن أهل النار، وع ّي ٍ
نش ُّك بهذا وال نرتاب، ف ُك ُّل هذا مما وق َع حتماً ال ُ
ولكن النَّار اآلن خالية من أهلها ،والجنَّة كذلك،
وإ ّنما دخولهما بعد حساب اهلل تعالى للخالئق!
النبي ، ِّ ومن الغيب الذي يخفى على
وصارت ماضياً، ْ حدثت فع ً
ال ْ هي األمور التي
وحي بها، ٌ فلم يشهدها بنفسه ،ولم يأتِه
النبي مما وقع، ُّ وك ُّل ما كان يُخب ُر عنه
إ ّنما كان يعرفه بالوحي الذي ينز ُل عليه،
وليس بقدرات خارقة كانت له ،وال باستطاعته معرفة الغيب،
يكشف منه سبحانه لنب ِّيه وفق حكمة ُ الغيب شأن اهلل تعالى وحده،
قضاها!
من أمثلة هذا ،واألمثلة في هذا كثيرة،
الجمحي مع صفوان بن أُمية بن خلف، جلس ُعمير بن وهب ُ
الح ْجر ِبيَ ِس ٍير، بعد مصاب أهل بدر من قريش في ِ
294
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
295
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
296
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
297
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
رس َ
الثاني: الد ُ
َّ
298
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
299
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
َ
انقطاعك عنه، هلل َ
لك بعد رأسك عالياً بوصل ا ِ
َ وارف ْع
خرجت في كامل
ْ لماذا على الفتاة إذا كانت على غير حجاب
زينتها،
وإذا هداها اهلل ستخجل بلباسها المحتشم،
من لم يكن يخجل وهو على معصية،
فاألولى أن يرفع رأسه عالياً وهو على طاعة!
ولماذا على الشاب إذا كان الهياً عابثاً،
عاش لهوه وعبثه على رؤوس األشهاد، َ
ثم إذا ر َّده اهلل إليه سيخجل بسيره إلى المسجد،
ومسابقته في حلق العلم وتحفيظ القرآن!
إن من األبواب التي يأتي بها الشيطان إلى من هداه اهلل في َّ
أول هدايته،
هو أن يقول له :أما تخجل من ماضيك؟!
ماذا سيقول الناس ،شارب خمر البارحة وفي المسجد اليوم؟!
متزينة متعطرة البارحة وفي الحجاب اليوم؟
تجب ما قبلها ،وإن من تمام التوبة أن يُقبل العب ُد على
ُّ التوبة
بفخر،
ٍ الطاعة
تماماً كما كان في المعصية بفخر!
ثم إذا جاءك الشيطان من باب ماذا سيقول الناس؟
فأجبه وكيف كان الصحابة رضوان اهلل عليهم قبل أن تسطع
شمس الهداية،
ُ في قلوبهم
شرب الخمر ،ومنهم من سج َد لصنم،َ منهم من
ومنهم من أكل الربا،
300
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
رس ّ
الثالث: الد ُ
َّ
النبي إلى الحارث ،اته َّم الحارثُ نفسه! ِّ عندما لم يصل مبعوث
فظن أن سبب عدم َّ يخلف ميعاداً،ُ النبي ال
َّ ُ
يعرف أن كان
قدوم موفد منه،
بسخطة سخطها اهلل تعالى عليه أو نب ُّيه، ٍ قد حدث
وهذا من فقه المؤمنين أنهم يبحثون في أنفسهم أ ّوالً،
مرض راج َع عباداته، َ كان المرءُ منهم إذا
ذنب أصبته! لعل هذا بسبب ٍ وإذا لم ي ُق ْم إلى صالة الليل ،قالَّ :
اتهام أنفسهم مبلغاً عظيماً، ِ وقد بلغوا في
حتــى إن أحدهــم إذا لــم تطاوعــه دابتــه علــى المســير ،قــال قســاها اهللُ
َّ
علـ َّـي بذنبي!
نفسك أوالً،
َ فراج ْع ِ فإذا حدثَ ما ال ت ُِح ُّب
ذنب أنت مقي ٌم عليه، أصابك بسبب ٍ َ المرض الذي
َ َّ
لعل
لك أمراً! منك أمراً ،ويري ُد َ ابتالك به يري ُد َ َ واهلل قد
منك أن ترج َع إليه وتتوب، يري ُد َ
تحط خطايا المؤمن، ُّ لك مغفر ًة فإن األوجاع ويري ُد َ
فراج ْع صدقتك، ِ َ
رزقك َ
عليك وإن ض َّي َق
301
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
302
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
303
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
الرابع:
رس ّالد ُ
َّ
304
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
305
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
أن الذي ال يرى في الناس خيراً فهو أسوأ الناس! إال َّ
في قرية ٍ
نائية كان هناك رسام عجوز،
يجني كثيراً من المال من بيع لوحاته الجميلة،
وعاب عليه بعض أهل القرية عدم مساعدته للفقراء فيها، َ
واتهموه بالبخل!
مات الرسام العجوز، ولكنه لم ير َّد عليهم ،وعندما َ
لحا ُم القرية عن توزيع اللحم على الناس بالمجان، تو َّق َف َّ
فلما سألوه عن السبب،
قال :كان الرسام العجوز هو الذي يدفع ثمن اللحم،
وال قدرة لي على توزيعه مني!
إن الذي ال يحم ُل صدقته ويطوف بها على المأل ال يعني أنه ال َّ
يتصدق!
ال المصحف ال يعني أنه هاجر للقرآن، والذي ال يُصور نفسه حام ً
والذي ال يُصور نفسه حاضناً زوجته ال يعني أنه ال يُحبها!
هناك أشخاص يغلقون األبواب على أنفسهم ،وال يفتحون
حياتهم على مصراعيها!
هناك أشخاص يتركون أشياء هلل،
يخشون أن يُفسدها اطال ُع الناس عليها ،فا ْف َه ْم!
306
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
66
ُ ْ َ ْ َ ُْ َ ْ َ ُ َ ُ
نت ْم ِلنفسِك ْم﴾ ﴿إِن أحسنتم أحس
307
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
67
308
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
309
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
حد أتاه أبي بن خلف أن يخر َج إلى أ ُ ٍ فل ّما أراد ُّ
عبد اهلل بن أبي بكر وقال له:
ال فأعطاه كفي ً
ال، ال واهلل ال أد ُع َك تخرج حتى تعطيني كفي ً
فخر َج إلى أُحد ثم رجع إلى مكة به جرا ٌح،
حيث جرحه النبي حين بارزه يوم أحد فمات منها بم ّكة!
فغلب أبو بكر أُب ّياً، َ وانتص َر ال ُّروم على فارس
وأخذ ال ّرهان من ورثته،
فجاء يحمله إلى رسول اهلل ،
تصد ْق به! َّ حت
فقال له رسول اهلل :هذا ُس ٌ
األول:
رس ّ الد ُ
َّ
يعرف ِ
الحياد، ُ المؤمِ ُن ال
هامش األحداث، ِ ُ
يعيش في ال ُّدنيا على وال
للحدث، فهو ومعه جماعة المؤمنين إ ّما صانع َ
فكري وعقَدِ ُّي منه!
ٌّ ٌ
موقف أو على األقل له
إن الحيا َد هو موقف الفارغين التَّافهين الذين ليس لديهم قضايا، ّ
الحيا ُد ال تعرفه الحيوانات حتى! ِ
الحيوانــات
ُ الســام فــي النَّــار ،ســارعتحيــن أُلقــي إبراهيــم عليــه ّ
تُطفئهــا،
أمــا الــوز ُغ فــكان ينفــخ فيهــا ليزيدهــا اشــتعاال ،وقــد أمرنــا النبـ ُّ
ـي
بقتلــه،
310
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
311
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
رس ّ
الثاني: الد ُ
َّ
312
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
رس َّ
الثالث: الد ُ
َّ
313
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
ونؤمـ ُن بالج ّنــة وهــي غيــب ،نؤمــن بأنهارهــا وثمارهــا ،وتفــاوت النـ َّاس
فيهــا بحســب أعمالهــم،
تب ومنازل،ونؤم ُن بالن َِّار وهي غيب ،وأ ّنها أيضاً ُر ٌ
وأن أهــون أهلهــا عذابـاً رجــل تُوضــع أقدامــه فــي ضحضـ ٍ
ـاح مــن نــار، َّ
فيغلــي منهمــا دماغــه!
ونؤم ُن بالمالئكة ولم نرهم،
بالجن وإن لم تدركهم أبصارنا، ِّ ونؤمن
دين يحتر ُم العقل ويُبجله ويد ُعو إلى استخدامه، نحن أهل ٍ
ولكنّه ينهى عن عبادة العقل بأن يصبح إلهاً في نفسه!
مــا اســتطاع إدراكــه كان حقـاً ،ومــا عجــز عــن فهمه ومشــاهدته كان باط ً
ال،
العق ُل محدود ،محدو ٌد جداً،
فشاس ٌع ،لهذا كان القلب موض ُع اإليمان ومنزله! ِ أ ّما اإليمان
بكر كيف راه َن على انتصار ال ُّروم بعد هزيمتهم، ُ
وانظ ْر ألبي ٍ
فما دام هذا الغيب قد جاء في القرآن فهو واق ٌع ال محالة!
الرابع:
رس ّالد ُ
َّ
314
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
يض ُّل ويُ ِض ّ ُل غي َره! فسر ويفتي فإنه ِ أما من قام بجهله يُ ِّ
َ
الصلةَ ْ َ َ
آم ُنــوا ل تق َر ُبــوا َّ ـن َ َّ َ
فمــن قــرأ قــول اهلل تعالــى﴿ :يَــا أ ُّي َهــا الِيـ َ
ٰ َ ََ ُ ْ ُ َ
وأنتم ســارى﴾
وأراد أن يفســره علــى ظاهــره معتمــداً علــى فهمــه ،فإ ّنــه سيشــرب
الصلــوات، الخمــر بيــن َّ
السكر!
ثم سيصلي حين يزول عنه أثر ُّ
ـت فــي المصحــف لهــا ُحكــم ال ِّتــاوة وهــذه آيــة منســوخة باألســاس ،بقيَـ ْ
ال ُحكم التَّشــريع!
الحمــر األهليــة كانــا حــاالً ردحــاً مــن فــإن المتعــة ،ولحــم ُ وكذلــك ّ
الزَّمــن،
النبي يوم خيبر! ُّ وقد ح ّرمهما
وهذه القصة التي بين أيدينا ال يُستدل بها على حالل ال ِّرهان،
فقــد كان فــي مكــة حــاالً ولــم يُ َّحــرم بعــد ،وإنمــا ُح ـ ِّرم فــي المدينــة
المنــورة،
النبي لم يعترض على رهان أبي بكر في مكة، َّ فإن
لهذا َّ
بل وأعطاه نصيحة فيه!
ولكــن لمــا فــاز فــي الرهــان وهــو فــي المدينــة ،أمــره أال يأخــذ هــذا
المــال ألنــه ُســحت!
ـصوبعــد هــذا ال يحــقُّ لمســلم أن يبحــث عــن الحــال والحــرام فــي نـ ٍّ
واحــد،
معزل عن النُّصوص التي تتعل ُق به،
ٍ في
َّص باألساس منسوخاً ُ
وبط َل العمل به، فلربما كان هذا الن ُ
ث ّمة شيءٌ في ّ
الشريعة اسمه الت ّدرج في التشريع،
315
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
مرحلة هي صالحة في وقتها ،وال شيء على من ٍ وك ُّل
فعل هذا في وقته،
الحكم
وأزالت هذا ُ
ْ ولكن مرحل َة الحقة أتت بعد ذلك
وأرست غيره،
ْ
بأي شكل العمل بمنسوخ ،وال عذر للمسلم بجهلِه، فال يجو ُز ِّ
اكتملت ،والفقهاء ب َّينُوا ،والعلماء ش َر ُحوا،
ْ أن الشريعةإذ َّ
وال ُّدعاة َ
أوض ُحوا!
316
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
68
ََْ ْ َ َ َ ً َ ُ ُّ
امةِ ف ْردا﴾ ﴿وك ُه ْم آتِيهِ يوم القِي
317
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
69
318
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
وأ َّل َف بينكم ،فترجعون إلى ما كنتم عليه كفَّاراً ،اهلل اهلل!
األوس والخزر ُج أنها نزعة شيطان ،وكيد من عد ِّوهم، ُ فعرف
السالح من أيديهم وبكوا ،وعانق بعضهم بعضاً، فألقوا ِّ
ثم انصرفوا مع النبي سامعين مطيعين،
ُ ُ َ ً ُ
آمنــوا إِن ت ِطيعــوا ف ِريقــا ـن َ فأنــزل اهلل تعالــى قولــه﴿ :يَــا َأ ُّي َهــا َّالِيـ َ
ـم َكف ِريـ َ ْ َ َ َ ُ ُّ ُ َ ْ َ َ ُ
ِكـ ْ ّ َ َّ َ ُ ُ
ـن﴾ ِ ن ا يمِ إ ـدـ عب ـم
ـ وك د ري ـاب ـ ِت
ك ال ـوا
ـ ِمــن الِيــن أوت
الدرس األول:
َّ
319
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
رس ّ
الثاني: الد ُ
َّ
320
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
رس ّ
الثالث: الد ُ
َّ
اِح َذ ْر ُر َس َل إبليس!
هؤالء الذين يسعون بالفتنة بين النَّاس،
الذين إذا رأوا عائلة مجتمع ًة حاولوا تفكيكها،
وإذا رأوا بيتاً سعيداً حاولوا هدمه،
رضوا!
وإذا رأوا زوجين سعيدين َم ُ
321
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
322
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
الرابع:
رس َّ
الد ُ
َّ
323
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
70
َ َّ َّ َ َ ّ
ع َر ِب َس َي ْهدِينِ﴾﴿ك إِن م ِ
324
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
71
325
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
األول:
رس ّ الد ُ
َّ
326
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
رس ّ
الثاني: الد ُ
َّ
مــن الت َِّــركات ال ّثقيلــة التــي ورثهــا اإلســام مــن الجاهل ّيــة َع َربَهــم
وع َجمهــم، َ
هي قض ّية امتهان المرأة!
نعرف ما الذي فعله اإلسالم في قض ّية تكريم المرأة، َ وقبل أن
علينا أوالً أن نأخذ جول ًة في نظرة المجتمعات القديمة إلى المرأة،
شريعة «مابو» في الهند وهي ديانة وضع ّية وثن ّية،
ما زال لها أتباع ُكثر حتى اليوم رغم مضي آالف السنوات،
ال تعترف بحق المرأة المتزوجة بالحياة بعيداً عن حياة زوجها،
فالقانون عندهم أن تموت يوم موت زوجها،
طوائفهم التي تحرق الجثث تحرقها معه وهي على قيد الحياة،
وطوائفهم التي تدفن الموتى تدفنها معه وهي ح َّية!
وشــريعة حمورابــي فــي بابــل علــى تطبيــل ال ّنــاس وتهليلهــم لهــا فــي
زمننــا،
على أنها شريعة رائدة سابقة لزمنها،
ُلح ُق المرأةَ بأمالك ال َّرجل وال تُف ِّرقها عن ماشيته وأثاثه، ت ِ
ولو قت َل رج ٌل زوجة رجل آخر أو ابنته،
فإن عقابه يكون بإعطاء زوجته أو ابنته لهذا الرجل،
وهو حر التصرف بها ،إن شاء تزوجها ،أو باعها ،أو قتلها قصاصاً،
هكذا هي محكومة أن تدفع أخطاء غيرها!
محط نزاع بين الفالسفة على قولين، ّ والمرأة عند اليونان
األ ّول أنها إنسان ولكن في مرتبة أدنى من الرجل وال تُساوى به،
327
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
ال في الحقوق ،وال الواجبات ،وال الحر ّية ،وال الملك ّية الفرد ّية!
هيئة بشر ّية ليقضي الرجل منها متعته، وال ّثاني أنها حيوان في ٍ
دون أن يشعر بالقرف واالشمئزاز!
وهكذا كان هو حال المرأة عند ال ُّرومان قديماً،
مج ّرد حلقة في سلسلة طويلة من االمتهان واإلذالل!
أمــا المــرأة عنــد اليهــود فــا تختلــف كثيــراً عنهــا فــي ال ّديانــات الوضع ّية
الوثن ّية،
جاء في التلمود المقدس عندهم :المرأة حقيبة مملوءة بالغائط!
شهادة مئة امرأة تعادل شهادة رجل واحد،
ممنوع على المرأة أن تتعلم التوراة،
ألن المــرأة بســوء فهمهــا ســوف تقــوم بتحويــل الكتــاب المقــدس إلــى ّ
هــراء!
ومن أدعيتهم الصباحية التي يرددونها كل يوم:
مبارك أنت يا رب أل ّنك لم تخلقني وثناً وال امرأة!
أمــا المــرأة فتــردد بحــزن وانكســار :مبــارك أنــت يــا رب ألنــك خلقتنــي
حســب مشــيئَتك!
إذا أنجبت المرأة عندهم صب ّياً تبقى نجسة أربعين يوماً،
وإذا أنجبت فتا ًة تبقى نجسة ثمانين يوماً!
حاضت تُخ َر ُج من البيت فال يأكلون وال يشربون معها! ْ إذا
أما عند النصارى فالمرأة هي المسؤولة عن شقاء البشر،
السالم من الجنة،
إذ تتحمل الخطيئة وحدها بإنزال آدم عليه ّ
وفــي تعاليــم الرســول بولــس عندهــم الــذي يُعتبــر الشــخصية ال ّثانيــة
بعــد المســيح،
328
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
رس ّ
الثالث: الد ُ
َّ
ـف فــي قضيــة المــرأة علــى الجهــة المقابلــة مــن اإلســام العظيــم يقـ ُ
كل هــذا ّ
الظلــم الــذي ســبق،
والقــرآن الكريــم يســاوى فــي خطيئــة األكل مــن الشــجرة المحرمــة بيــن
آدم وحواء،
وال يجعلها مسؤولة وحدها عن نزولنا إلى األرض!
هكــذا يزيــل تاريخـاً بشــرياً ظالمـاً فــي النّظــرة إلــى المــرأة حتــى قبــل
نزولهــا إلــى األرض،
وهــو يهبهــا حــقَّ الحيــاة ،ويجعــل روحهــا مســاوي ًة لــروح ال َّرجــل وال
فــرق!
ولم يم ِّيز بينها وبين الرجل في الحقوق والواجبات!
إال في تشريعات هدفها إكرام المرأة ال امتهانها،
فقــد أســقط عنهــا الجهــاد بالســيف لمــا يُنافــي طبيعتهــا األنثويــة
ال َّرقيقــة،
وجعلها مطلوبة للزَّواج ال طالبة ،تأخذ المهر وال تدفعه!
وفرض على ول ّيها أن يُعلِّمها ويُثقفها بما تحتاج لتكتمِ َل بإنسان ّيتها،
َ
وأباح لها حرية اختيار الزوج ،فال تُجبر على من ال تُريد،
329
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
330
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
72
﴿يَ ْو َم ُتبْ َل َّ َ
السائ ِ ُر﴾
331
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
73
األول:
رس ّ الد ُ
َّ
332
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
يسقي الزُّبير نخيله أوالً حتى يرتوى، َ رف يقضي أن وال ُع ُ
ثم بعد ذلك يُرسل الماء إلى جاره فيسقي زرعه،
وهكذا كلّما فرغ واحد أرسل الماء إلى جاره حتى يسقي الجميع،
إذا هي شكوى فارغة ،وا ّدعاء باطل ،ومظلومية جوفاء،
النبي أراد أن يحكم بالو ِّد ال بالقانون، َّ ولكن
َّ
تأليفاً لقلب األنصاري ،وتحبباً منه إليه،
يسقي يسيراً ثم يرسل الماء إلى جاره، َ فطلب من الزُّبير أن
ري بستانه، ثم يعود الحقاً ويكمل َّ
األنصاري،
َّ حصة ابن عمته وأعطى أي أنه أخذ من ّ ْ
األنصاري لم يُق ِّد ْر هذا المعروف،
َّ ولكن
النبي بمحاباة ابن عمته! َّ وزاد في غ ِّيه ،وصلفه ،أن اتَّهم
ال للمعروف، النبي ليس أه ً ُّ فلما رآه
ّراعي الذي يعرفه الجميع، حكم بينهما بالقانون الز ّ
يسقي الزُّبير كل بستانه ،فإذا انتهى ،أرسل الماء إلى جاره.
رس ّ
الثاني: الد ُ
َّ
333
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
األنصاري،
ّ النبي أراد من الزُّبير أن يُراعي ح ْق الجوار في
َّ ولكن
َّ
فينزل عن شيءٍ من ح ِّقه شرا ًء لخاطر جاره،
األنصاري من حصة ابن عمته،
ِّ وأعطى
ألنه يعل ُم أن الزُّبير تربيته وهو ال شك مع مبدأ،
أن كسب القلوب أولى من كسب المواقف،
ولكن لألسف بعض الناس ال يُثمر فيهم المعروف!
دخلت في خصام فاألصل أن يكون حكمك لصالح الحقِّ ، َ فإذا
ولكن اُنظر في المسألة أوالً،
فإن كان باإلمكان اإلصالح ،وإرضاء الجميع ،فهذا أولى!
رس ّ
الثالث: الد ُ
َّ
334
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
ألن البيوت إنما تُدار بالود والتغافل والتغاضي ،وال تُدار ّ
بمنطق الحقِّ والواجب!
ال لل َّرحم ال قاطعاً له،
وفي خالف أخوين ُك ْن واص ً
كل شيءٍ في كفة أحدهما ولو كان صاحب الحقِّ ، ض ُع َّ َو ْ
بشرخ قد ال يلتئم أبداً!
ٍ يُه ِّد ُد عالقة األخوة
راع أن البيوت ستبقى متالصقة، وفي خالف الجيران ِ
يوم سيضع أحدهما عينه في عين اآلخر، وأنه في كل ٍ
فحاول أال تكسر أحدهما أمام صاحبه!
الرابع:
الدرس َّ
335
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
336
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
74
َ َ َْ ْ ْ ُ َ
ت مِنك ْم أ َح ٌد﴾ ﴿وال يلتفِ
337
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
75
بل َغ من نُبل ّ
الصحابة أنه إذا جا َءهم الفقي ُر الذي يرضون
دِ ينَه وخُ ل ُ َقه خاطباً،
ز َّوجوه ،ولم يطلبوا منه ما يُرهقه من ال َمهر،
اضهم، بل كانوا يُعينونه في زواجه وهذا من إكرامهم ألَ ْع َر ِ
أن المه َر وإن كان من حقِّ فقد فهِ ُموا من اإلسالم العظيم ّ
المخطوبة،
ليست باباً من أبواب التّجارة تُعطى لمن يدف ُع ْ أن المرأةَ
إال َّ
فيها أكثر!
الصحابي معقل
ِّ ِ
ألخت جا َء رج ٌل فقي ٌر من األنصار خاطباً
بن يسار،
فالصحابة كلّهم نُبالء!
ّ وكان معق ُل نبي ً
ال ،وال غرابة
فأعانه على أمور زواجه ،وتكفّل له بك ّل جهازه ،يصو ُن عرضه،
ويُؤدي أمانته!
وحملت المرأةوت َّم الز ّواج على أيسر وأحسن ما يكونُ ،
إلى بيت زوجها.
وقت طوي ٌل حتى حدث بين الرجل وزوجته خالف يمض ٌ فلم ِ
فطلَّقها،
انقض ْت عدتها جا َء زوجها ليخطبها من أخيها مر ًة أخرى… َ فلما
وفرشت َُك/أي ساع ْدت َُك
ْ فقال له معقل بن يسار :ز َّوجت َُك،
في جهازها ،وأكرمت َُك،
إليك أبداً!
ترج ُع َ جئت تخطبها ،ال وا ِ
هلل ال ِ َ فطلَّقتها ثم
338
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
األول:
رس ّ الد ُ
َّ
أوامر اهلل،
ِ المؤم ُن يجب أن يكون و َّقافاً عند
فعندما أمر اهلل تعالى األهل أن ال يمنعوا ابنتهم من الزواج
رغبت بذلك،
ْ بطليقها إن
واف َق معقل بن يسار على الفور امتثاالً لألمر اإللهي،
وتناز َل عن رفضه الجازم السابق،
فال ت ُك ْن تنِحاً خصوصاً إذا ما تعلَّ َق األمر ِ
بأمر اهلل سبحانه!
339
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
رس ّ
الثاني: الد ُ
ّ
الدرس الثالث:
ّ
340
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
الرابع:
الدرس ّ
ّ
رس الخامس:
الد ُ
ّ
341
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
342
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
343
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
السادس:
رس ّالد ُ
َّ
344
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
345
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
346
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
76
َ ُُ ً َْ َْ ُ ْ ُ ْ َ َْ َ
﴿ورسال لم نقصصهم عليك﴾
اط َم ِئ ْن:
حتى وإن لم يُ ْذ َكر اس ُم َك ،اهللُ يعرفك!
غاب عن النّاس، ف الخي َر الذي في قلب َ
ِك وإ ْن َ يعر ُ
ِ
الخواطر وإن لم يشهده الجميع،
ِ ف سعيَ َك في ِ
جبر يعر ُ
ِ
ف صدقت ََك وإ ْن ل ْم تُؤ ِّدها على ُر ُؤوس الخالئق،
يعر ُ
ِ
جف حلق َُك،
أخذت تُر ِّددها حتى ّ
َ ف اآلي َة التي
يعر ُ
ِ
ِ
لحفظ القرآن! ّاس محاولت ََك
غاب عن الن ِ
وإن َ
صيام التّط ّوع،
ِ ف قيا َم الليلِ ،وظم َأ ُ
الحنجرة في يعر ُ
ِ
سج ّلتهم ق ّواماً ،وص ّواماً!
ّاس في ِ وإن لم يُد ّو َ
نك الن ُ
كنت قادراً عليه ،فتركتَه ابتغاء وجههه، ُ
يعرف ال ّذ َ
نب الذي َ
ّاس عنك تق ّياً،
وإ ْن لم يقُل الن ُ
فاج َع ْل َ
بينك وبين ا ِ
هلل خبايا صالحة،
ّاس ،حسبُ َك ّ
أن اهلل يعلم! ال ي ُه ُّم إن جهلها الن ُ
347
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
77
فقالت:
ْ النبي ،
َّ ٌ
قريش كلَّ ْ
مت
يا محمد ،إنك تُخبرنا أن موسى كانت معه عصا،
فانفجرت منها اثنتا عشرةَ عيناً!
ْ ضرب بها البح َر
َ
وأن عيسى كان يُحيي الموتى! َّ
وإن ثمو َد كانت لهم ناقة. َّ
َف ْأتِنا ببعض تلك اآليات حتى نُص ِّد َ
قك!
أي شيءٍ تُح ُّبو َن أن آتيكم به؟ النبي ُّ :ُّ فقال لهم
الصفا ذهباً! فقالوا :تجعل لنا َّ
فعلت ،تُص ِّدقوني؟! ُ قال :فإن
فعلت لنتبعن ََّك أجمعين! َ قالوا :نعم ،واهللِ ،لئن
النبي يدعو ،فجاءه جبريل وقال: ُّ فقا َم
الصفا ذهباً،
شئت أصب َح َّ َ إن
أنزلت العذاب!
ُ صدق بها إال رس ْل آي ًة فلم يُ َّ ولكني لم أ ُ ِ
شئت تركتهم حتى يتوب تائبهم! َ وإن
ْ َ َ َّ ْ َ
ــد أ ْي َمان ِ ِهــم لئِــن ــاللِ َج ْه َ َ َ ُ
فأنــزل اهلل تعالــى قولــه﴿ :وأقســموا ب ِ
َ َّ
ِنــد اللِ َو َمــا ــات ع ــل إ َّن َمــا ْاليَ ُ َ َ ْ ُ ْ َ ٌ َّ ُ ْ ُ َّ َ ُ ْ
جاءتهــم آيــة لؤمِــن بِهــا ق
ِ
ار ُهمْ ـم َو َأب ْ َص َ
ـب أَفْئ َد َت ُهـ ْ ون َو ُن َق ّلِـ ُ ُ ْ ُ ُ ْ َ َّ َ َ َ َ ْ َ ُ ْ ُ َ
يشـعِركم أنهــا إِذا جــاءت ل يؤمِن
ِ َ
َ َ
ـم َيع َم ُهون َولـ ْ ْ ْ
ـم ف ُطغ َيانِهـ ْ ـر ٍة َونَ َذ ُرهـ ْ
ُ ـم يُ ْؤم ُِنــوا ب ـهِ أ َّو َل َمـ َّ
َك َمــا لَـ ْ
ـو ِ ِ ِ
َ َّ َ َ َّ ْ َ َ ْ ُ ْ َ َ َ َ َ َ َّ َ ُ ُ ْ َ ْ َ ٰ َ َ َ ْ َ َ َ ْ ْ ُ َّ
ـم ك أننــا نزلــا إِل ِهــم الملئِكــة وكمهــم المــوت وحشنــا علي ِهـ
َّ َ َ َ َ َّ ْ َ ُ َ ْ ُ ً
ش ٍء ق ُبــا َّمــا كنــوا ِلُؤم ُِنــوا إِل أن يشــاء الل﴾
ُ
348
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
األول:
رس ّ الد ُ
َّ
أن قريش ـاً كانــت لتؤمــن كلهــا لــو صــار جبــل َّ
الصفــا ـب َّ ـت تحسـ ُ إن كنـ َ
ذهب ـاً فأنـ َ
ـت واهــم!
فقد شقَّ لهم القم َر فما آمنوا بنب َّوتِه!
السماء في شطر ليلة، سري به إلى بيت المقدس و ُعر َج به إلى َّ وأ ُ َ
وامتحنوه في صدقه فوجدوه صادقاً فما آمنوا بدعوته!
ولكنه صن َع بهم خبراً إذ لم يُعطهم ما سألوه،
فأمــا مــن كان فــي قلبــه خيـ ٌر فقــد آمــن بعــد ذلــك ،ومــن كان فــي قلبــه
شـ ٌّـر مــات علــى كفــره،
بالضاللة،
مليئة ّ ٍ إن المسألة مسألة قلوب َّ
وقــد آمـ َن أبــو بكـ ٍـر بــا معجــزة رآهــا ،وكفــر أبــو جهـ ٍـل وقــد رأى القمــر
نصفين!
الدرس الثاني:
َّ
349
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
رس ّ
الثالث: الد ُ
َّ
350
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
الرابع:
رس َّ
الد ُ
َّ
351
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
352
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
78
َ ُ َّ َ َ َ ْ َ
﴿ت ِلك ُح ُدود اللِ فل ت ْع َت ُدوها﴾
353
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
79
األول:
رس ّ الد ُ
َّ
354
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
355
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
رس َّ
الثالث: الد ُ
َّ
356
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
الرابع:
رس َّ
الد ُ
َّ
أ َو َم ْن كا َن ميتاً فأحييناه!
القرآني وبالغتِه!
ِّ يا لد َّقةِ الت ِ
َّعبير
بال ُكفر يصي ُر اإلنسا ُن قبراً يسي ُر على قدمين!
هلل تكون والدته الحقيق ِّية!وباإليمانِ با ِ
موت بمقدار ما فيها من بُ ٍ
عد عن اهلل، ٍ
معصية هي ٌ وك ُّل
ليست حياة هذا الجسد الفاني،
ْ والحياة الحقيق َّية
إ ّنها حياة هذه ال ُّروح الباقية،
حياة هذا القلب ال ُممتلئ باهلل،
357
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
حيــاة هــذا العقــل الواعــي المــدرك لحجـ ِـم اإلنســان الحقيقـ ِّـي والغايــة
مــن خلقِ ــه،
ملكت ال ُّدنيا،
َ أنت فقي ٌر ولو
هلل َ بعيداً عن ا ِ
السماء،
بلغت أصداءُ ضحكاتك عنا َن َّ ْ تعيس ولوٌ
معك ك ّل بوصالت العالم، تائ ٌه ولو كان َ
كنت من المشاهير، تافِ ٌه وإن َ
الشهادات العليا، حملت َّ
َ جاه ٌل وإن
دت المناصب ال َّرفيعة، وضي ٌع وإن تقلَّ َ
مرض عافية، فقر غنى ،وكل ٍ هلل كل ٍ ومع ا ِ
من لم يفته أن يكون عبداً هلل،
لم يفته شي ًء من ال ُّدنيا وإن فاتته كلُّها!
358
الح ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
80
ك ًََ َ َ ُْ ُ ْ َ ْ ُ
ورا﴾ ﴿وكن سعيكم مش
نحن مس ُؤولو َن عن ّ
السعي ال عن النّتيجة،
عن ّ
الطريقِ ال عن ال ُوصول،
الحصاد،
عن البِذار ال عن َ
تخ ّي ْل أ ّنه سيأتي يوم القيامة ٌّ
نبي لم يُؤمن به أحد!
ص شيئاً من نُب َّوتِه،
ولكن هذا لن يُنقِ َ
لقد سعى َس ْع َي األنبياء،
ومشى على طريقِ األنبياء،
وب َذ َر ِب َذا َر األنبياء،
الح ّج َة على النَّاس!
أ ّدى ما عليه وأقا َم ُ
َ
يسألك عن النّتائج، عي ول ْم
الس َ
منك ّطلب اهللُ تعالى َ
َ
مطلوب َ
منك، ٌ فانْ َشغِ ْل بما هو
لست مسؤوالً عنه!
َ تنشغِ ْل بما
وال َ
359
احل ِّق َأ ْنزَ لْنَ اه
وب َِ
360