You are on page 1of 21

‫الوحدة األولى‬ ‫ن�صو�ص الحكايات‪.

‬‬ ‫‪2‬‬
‫الحكاية األولى‬
‫رود � َّٱلثال َث ُة‬
‫ُ‬ ‫ْال ُق‬

‫غار‪.‬‬
‫ص ٍ‬ ‫ْمان» ثَالثَةُ قُرو ٍد ِ‬ ‫ْدان» َو«فَه ُ‬ ‫ْران» َو« َسع ُ‬ ‫« َمه ُ‬
‫ح بَي َْن أْٱلَ ْش ِ‬
‫جار‪.‬‬ ‫ْ‬
‫صغا ُر أصْ ِدقا ُء أ ْوفِيا ُء تَ ْقضي نَها َرها في ٱل َم َر ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫اَ ْلقُرو ُد ٱل ِّ‬
‫ض ِة «أَي َْن أَنا»؟ فَوافَقا‪.‬‬ ‫ب لُ ْعبَ ِة ْٱل ُغ َّم ْي َ‬ ‫صديقَ ْي ِه لَ ِع َ‬ ‫ْران» َعلى َ‬ ‫ذات يَ ْو ٍم‪ ،‬اِ ْقتَ َر َح « َمه ُ‬ ‫َ‬
‫ب‪.‬‬ ‫ْمان» َع ْن َم ْخبَإٍ ُم ِ‬
‫ناس ٍ‬ ‫ْدان» َو«فَه ُ‬ ‫َّديقان « َسع ُ‬ ‫ث ٱلص ِ‬ ‫ْران» َع ْينَ ْي ِه‪َ ،‬وبَ َح َ‬ ‫ض ْٱلقِرْ ُد « َمه ُ‬ ‫أَ ْغ َم َ‬
‫ْمان» لِيَ ْختَبِ َئ َورا َء َش َج َر ِة‬ ‫صان ُمتَهَ ِّدلَ ٍة‪َ ،‬و َجرى «فَه ُ‬ ‫ذات أَ ْغ ٍ‬ ‫صاف َ‬ ‫ٍ‬ ‫ص ْف‬‫ْدان» َش َج َرةَ َ‬ ‫ق « َسع ُ‬ ‫تَ َسلَّ َ‬
‫ض َّر ٍة‪.‬‬ ‫أَرْ ٍز ُم ْخ َ‬
‫ث‪.‬‬ ‫ْران» إِلى َع َش َر ٍة‪ ،‬ثُ َّم بَ َدأَ ْٱلبَحْ ُ‬ ‫َع َّد « َمه ُ‬
‫صان يَمينا ً َويَساراً‪ ،‬فَصا َح َمسْروراً‪:‬‬ ‫ش بَي َْن ٱلأْ َ ْغ ِ‬ ‫ق أَ ْشجاراً‪َ ،‬وفَتَّ َ‬ ‫تَ َسلَّ َ‬
‫صاف»‪.‬‬‫ِ‬ ‫ص ْف‬
‫ت َعلى َش َج َر ِة ٱل َّ‬ ‫ْدان»‪ ،‬أَ ْن َ‬ ‫— «اِ ْن ِزلْ يا « َسع ُ‬
‫ض بِ َرشاقَ ٍة‪َ ،‬وقا َل ُم ْبتَ ِسماً‪:‬‬ ‫ْدان» َعلى ٱلأْ َرْ ِ‬ ‫قَفَ َز « َسع ُ‬
‫ْران»‪.‬‬‫ت يا « َمه ُ‬ ‫— «أَحْ َس ْن َ‬
‫دون َج ْدوى‪.‬‬ ‫كان‪ ،‬لَ ِك ْن بِ ِ‬ ‫ْمان» في ُك ِّل َم ٍ‬ ‫ث َع ْن «فَه َ‬ ‫ْران» ْٱلبَحْ َ‬ ‫ص َل « َمه ُ‬ ‫وا َ‬
‫ث فَٱحْ تا َر‪.‬‬‫ْران» ِم َن ْٱلبَحْ ِ‬ ‫ب « َمه ُ‬ ‫ظار‪َ ،‬وتَ ِع َ‬ ‫ٱال ْنتِ ِ‬ ‫ْدان» ِم َن ِ‬ ‫ق « َسع ُ‬ ‫ت طَويلٌ‪ ،‬قَلِ َ‬ ‫َم َّر َو ْق ٌ‬
‫َّديقان‪:‬‬
‫صا َح ٱلص ِ‬
‫ْمان»‪ ،‬اِ ْنتَهى ٱللَّ ِعبُ ‪ ،‬لِ َم ال تَ ْستَجيبُ ؟» َولَ ِك ْن بِ ِ‬
‫دون فائِ َد ٍة‪.‬‬ ‫ظهَرْ يا «فَه ُ‬ ‫— «اِ ْ‬
‫ب َش َج َر ِة ٱلأْ َرْ ِز‪ ،‬فَ َس ِمعا أَنينا ً خافِتاً‪.‬‬ ‫َّديقان ْٱلقَ ْف َز‪َ ،‬و َمرّا قُرْ َ‬ ‫ص َل ٱلص ِ‬ ‫وا َ‬
‫داخلَها‪.‬‬
‫ْمان» ِ‬ ‫نين فَ َرأَيا ُح ْف َرةً‪َ ،‬وأَطَلاّ َعلَيْها بِ َح َذ ٍر‪ ،‬فَ َو َجدا «فَه َ‬ ‫بَ َحثا َع ْن َمصْ َد ِر ٱلَ ِ‬
‫َّث‬ ‫صديقِ ِهما فَقَطَعا ُغصْ َن َش َج َر ٍة َو َم ّداهُ لِفَه َ‬
‫ْمان لِيَتَ َشب َ‬ ‫ْدان» في َك ْيفِيَّ ِة إِ ْنقا ِذ َ‬ ‫ْران» َو« َسع ُ‬ ‫فَ َّك َر « َمه ُ‬
‫بِ ِه‪ ،‬فَ َخ َر َج ِم َن ْٱل ُح ْف َر ِة سالِماً‪.‬‬
‫ْمان»‪:‬‬‫قا َل «فَه ُ‬
‫ْت في َك ِ‬
‫مين‬ ‫ت ُم َغطّاةً بِ ْٱلقَشِّ ‪ ،‬فَ َوقَع ُ‬ ‫ف ٱل َّش َج َر ِة‪َ ،‬ولَ ْم أَ ْنتَبِ ْه إِلى ْٱل ُح ْف َر ِة ٱلَّتي كانَ ْ‬ ‫ت أَ ْن أَ ْختَبِ َئ َخ ْل َ‬ ‫«أَ َر ْد ُ‬
‫صداقَتِ ُكما»‪.‬‬ ‫صيّا ِد‪ُ ،‬ش ْكراً َجزيالً لَ ُكما‪ .‬أَنا أَ ْعتَ ُّز بِ َ‬ ‫ٱل َّ‬
‫ْران َو َسع ُ‬
‫ْدان‪:‬‬ ‫أَجابَهُ َمه ُ‬
‫مان»‪.‬‬‫كان‪ ،‬فَنَحْ ُن لَسْنا في أَ ٍ‬ ‫واجبَةٌ‪ .‬هَيّا نَ ْبتَ ِع ْد َع ْن هَذا ْٱل َم ِ‬ ‫َّديق ِ‬ ‫«نَحْ ُن أَصْ ِدقا ُء‪َ ،‬و ُمسا َع َدةُ ٱلص ِ‬
‫جاحها في هَ ِذ ِه ْٱل ُمغا َم َر ِة‪.‬‬ ‫ب فَخو َرةً بِنَ ِ‬ ‫ت ْٱلقُرو ُد بِ ْٱلهَ َر ِ‬ ‫أَس َْر َع ِ‬
‫سامي الجازي‪/‬سلسلة‪ ،‬في كل يوم حكاية‪ /‬كنوز للنشر والتوزيع ـ بتصرف‬
‫‪39‬‬
‫الوحدة األولى‬
‫الحكاية الثانية‬

‫ديق‬
‫ٍ‬ ‫�ص‬ ‫ح ُ‬
‫ث َع ْن َ‬ ‫ي َي ْب َ‬ ‫َا َّ‬
‫لظ ْب ُ‬

‫ق‬
‫صدي ٍ‬ ‫ث َع ْن َ‬ ‫اَلظَّ ْب ُي يَ ْب َح ُ‬
‫ض ٱلَّذي أَ ْنقَ َذهُ‬
‫ب ٱلأْ َ ْبيَ ِ‬
‫صةَ أْٱلَرْ نَ ِ‬ ‫صغي َرها َو َح َك ْ‬
‫ت لَهُ قِ َّ‬ ‫ت ٱلظَّ ْبيَةُ َ‬
‫ضنَ ِ‬‫َح َّل ٱلظَّال ُم‪ ،‬فَ َح َ‬
‫صديقُهُ ِم ْن بُ ْن ُدقِيَّ ِة قَنّا ٍ‬
‫ص‪.‬‬ ‫َ‬
‫ق يُسا ِع ُدني َوأُسا ِع ُدهُ يا أُ ّمي‪».‬‬ ‫صدي ٌ‬‫فَقا َل ٱلظَّ ْب ُي ٱلصَّغيرُ‪« -:‬أُري ُد أَ ْن يُصْ بِ َح لي َ‬
‫ق‪».‬‬
‫صدي ٍ‬ ‫ك َع ْن َ‬ ‫ث لَ َ‬‫صغيري‪ ،‬اِ ْب َح ْ‬ ‫ت ٱلظَّ ْبيَةُ‪َ « -:‬ح َسنا ً يا َ‬ ‫قالَ ِ‬
‫ي ٱلصَّغي ُر ظُهْراً‪َ ،‬وظَ َّل يَ ْمشي َحتّى َرأى ِس ْنجابا ً َرشيقا ً ذا َذي ٍْل طَ ٍ‬
‫ويل َك ِ‬
‫ثيف‬ ‫َخ َر َج ٱلظَّ ْب ُ‬
‫ب ِم ْنهُ أَ ْن يَ ُدلَّهُ َعلى َم ْنبَ ِع ما ٍء قَري ٍ‬
‫ب‪ ،‬لَ ِك َّن ال ِّس ْن َ‬
‫جاب نَظَ َر إِلَ ْي ِه َغ ْي َر ُم ٍ‬
‫بال‪،‬‬ ‫ٱل َّش َع ِر‪ ،‬فَ َحيّاهُ َوطَلَ َ‬
‫َوقا َل‪:‬‬
‫ك‪».‬‬ ‫ق أُ َّم َ‬
‫ك‪ُ ،‬ع ْد إِلى بَ ْيتِ َ‬ ‫ك أَ ْن تُ ِ‬
‫فار َ‬ ‫كان َعلَ ْي َ‬
‫— «ما َ‬
‫قا َل ٱلظَّ ْب ُي في نَ ْف ِس ِه ‪:‬‬
‫صديقاً‪».‬‬ ‫كون َ‬ ‫ف ال يَصْ لُ ُح أَ ْن يَ َ‬ ‫— «هَذا ِس ْنجابٌ ُمتَ َعجْ ِر ٌ‬
‫ص َل إِلى نَه ٍْر يَجْ ري في ِه ما ٌء َع ْذبٌ ‪.‬‬ ‫ص َل َس ْي َرهُ إِلى أَ ْن َو َ‬‫اِ ْشتَ َّد ال َعطَشُ بِالظَّب ِْي فَوا َ‬
‫عول ٱلصَّغي َر ِة تَ ْل َعبُ َوتَ ْقفِ ُز‪.‬‬
‫ظهَ َر أَما َمهُ قَطي ٌع ِم َن ْٱل ُو ِ‬ ‫َ‬
‫قا َل ٱلظَّ ْب ُي لِ ْل ُو ِ‬
‫عول ٱلصَّغي َر ِة ‪:‬‬
‫— «هَلْ أَ ْل َعبُ َم َع ُك ْم؟»‬
‫ت ْٱل ُوعو ُل ٱلصَّغي َرةُ بِٱلظَّب ِْي‪.‬‬
‫َر َّحبَ ِ‬
‫عول ٱلصَّغي َر ِة‪َ ،‬وفَجْ أَةً صا َح أَ َح ُد‬
‫أَ َخ َذٱلظَّ ْب ُي ٱلصَّغي ُر يَجْ ري َويَ ْقفِ ُز َويَ ْم َر ُح َم َع ْٱل ُو ِ‬
‫ْال ُو ِ‬
‫عول‪:‬‬
‫عـــاز ْم‬
‫ِ‬ ‫عَ ـىل ٱ ْل َقــن ْ ِص‬ ‫اص قــــــــادِ ْم‬‫َقن ّ ٌ‬
‫َهــيـّــا ْ‬
‫ٱهــ ُربـــــوا‬ ‫ال تَ ْلـعَ بــــــــــوا‬
‫‪40‬‬
‫هاربَةً‪ِ ،‬ع ْن َدئِ ٍذ تَ َعثَّ َر ٱلظَّ ْب ُي ٱلصَّغي ُر َوبَ َدأَ يَتَ َم َّر ُ‬
‫غ َويَتَ َو َّجعُ‪.‬فَ َخ ْوفُهُ ِم َن‬ ‫ت ْٱل ُوعو ُل ِ‬ ‫تَفَ َّرقَ ِ‬
‫ض‪.‬‬ ‫اص َج َعلَهُ يَ ْفقِ ُد تَوا ُزنَهُ َويَ ْسقُطُ َعلى الأْ َرْ ِ‬ ‫ْالقَنّ ِ‬
‫ف ٱلظَّ ْب َي‬‫صغيراً َر َج َع لِيُ ْس ِع َ‬ ‫ت لِتُ ْنقِ َذ َحياتَها إِلاّ َو ْعالً َ‬ ‫ث لَهُ ْٱل ُوعولُ‪َ ،‬و َج َر ْ‬ ‫لَ ْم تَ ْكتَ ِر ْ‬
‫َويُسا ِع َدهُ َعلى ْٱلهُرو ِ‬
‫ب‪.‬‬
‫قا َل ٱلظَّ ْب ُي لِ ْل َو ْع ِل ٱلص ِ‬
‫َّغير‪:‬‬
‫عاج ٌز َع ِن ْٱل َم ْش ِي‪.‬اُ ْهرُبْ ‪ ،‬اُ ْن ُج بِنَ ْف ِس َ‬
‫ك‪».‬‬ ‫— «أَنا ِ‬
‫جاب ْٱل َو ْعلُ‪:‬‬
‫أَ َ‬
‫ك في هَ ِذ ِه ْٱل َورْ طَ ِة‪».‬‬ ‫طةً‪َ ،‬وأَ ْت ُر ُك َ‬
‫ب َغ ْل َ‬ ‫— «لَ ْن أَرْ تَ ِك َ‬
‫َّغير َحتّى نَ َج َح في ُمسا َع َدتِ ِه َعلى ْال ُو ِ‬
‫قوف َعلى قَوائِ ِم ِه‪.‬‬ ‫ب الظَّب ِْي الص ِ‬ ‫بَقِ َي ْال َو ْع ُل بِجانِ ِ‬
‫صديقَي ِْن َحمي َمي ِْن ال يَ ْفتَ ِر ِ‬
‫قان‪.‬‬ ‫ي َ‬ ‫ت‪ ،‬أَصْ بَ َح ْٱل َو ْع ُل َوٱلظَّ ْب ُ‬ ‫ك ْٱل َو ْق ِ‬ ‫ُم ْن ُذ َذلِ َ‬
‫مستوحاة من سامي الجازي‪ ،‬كنوز للنشر والتوزيع‬

‫‪41‬‬
‫الوحدة الثانية‬
‫الحكاية األولى‬

‫�أَ ْي َن ْ‬
‫اخ َتفى كامِ ٌل؟‬

‫واوير ْال ُم ِ‬
‫جاو َر ِة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ص ُدها تَالمي ُذ ال َّد‬ ‫في قَرْ يَ ٍة ِم َن ْالقُرى ْال َجبَلِيَّ ِة‪ ،‬تو َج ُد َم ْد َر َسةٌ يَ ْق ِ‬
‫روع ِرحْ لَ ٍة اِ ْستِ ْكشافِيَّ ٍة إِلى أَ َح ِد‬ ‫ق ال َجمي ُع َعلى َم ْش ِ‬
‫راسيَّ ِة‪ ،‬اِتَّفَ َ ْ‬ ‫ف ال َّسنَ ِة ال ِّد ِ‬ ‫ص ِ‬ ‫َوفي ُم ْنتَ َ‬
‫األَما َك ِن التّ ِ‬
‫اريخيَّ ِة‪.‬‬
‫مون َو ْال ُمتَ َعلِّ ُ‬
‫مات‪.‬‬ ‫ْتاذات َونَ ِشطَ ْال ُمتَ َعلِّ َ‬ ‫ُ‬ ‫س األَساتِ َذةُ َواألُس‬ ‫تَ َح َّم َ‬
‫ريق أَ ْن َشدوا‪.‬‬ ‫َوفي ْال َم ْو ِع ِد ْال ُم َح َّد ِد‪ ،‬اِ ْستَ َع ّدوا َوفي الطَّ ِ‬
‫شاط ٍئ ذي ِميا ٍه زَرْ قا َء‪.‬‬ ‫ب ِ‬ ‫صحْ را َء قُرْ َ‬ ‫صلوا َحتّى َو َجدوا أَ ْنفُ َسهُ ْم في َ‬ ‫ِوما إِ ْن َو َ‬
‫مال َس ْقفِ ِه‪.‬‬ ‫ُقيمون بِ ِه َو َكلَّفَهُ ْم بِإِ ْك ِ‬
‫َ‬ ‫َع َّرفَهُ ُم ْالقائِ ُد َعلى ْال َم ْس َك ِن الَّذي َسي‬
‫ْمار ثُ َّم أَضافوا فَ ْوقَها بَع َ‬
‫ْض‬ ‫ط َرقَ ِة َو ْال ِمس ِ‬ ‫وار َوثَبَّتوها بِ ْال ِم ْ‬ ‫َج َمعوا قِطَعا ً َخ َشبِيَّةً ِم َن ْال ِج ِ‬
‫َجري ِد النَّ ْخ ِل‪.‬‬
‫صنَعوا َوأَ ْثنى َعلَ ْي ِه ْم فَتَ َشجَّعوا‪.‬‬ ‫َرأى ْالقائِ ُد ما َ‬
‫عال النّ ِ‬
‫ار‪.‬‬ ‫عام‪ ،‬لَ ِكنَّهُ ْم لَ ْم يَ ِجدوا َولاّ َعةً إِل ْش ِ‬ ‫ضهُ ْم لِطَه ِْو الطَّ ِ‬ ‫تَطَ َّو َع بَ ْع ُ‬
‫حاز ٌم‪:‬‬
‫صا َح ِ‬
‫جار؟‬ ‫ك األَحْ ِ‬ ‫— ما َر ْأيُ ُك ْم إِذا َج َّربْنا احْ تِكا َ‬
‫جاب كا ِم ٌل بِا ْفتِ ٍ‬
‫خار‪:‬‬ ‫أَ َ‬
‫— أَنا َم ْن َسيُ ْش ِع ُل النّا َر‪.‬‬
‫َ‬
‫عام‪َ ،‬و َدعاهُ ْم إِلى تَ ْن ِ‬
‫ظيم‬ ‫في ْال َمسا ِء‪َ ،‬ش َك َرهُ ُم ْالقائِ ُد َعلى ْال َمجْ هو ِد الَّذي بَ َذلوهُ في طَه ِْو الطَّ ِ‬
‫أُ ْم ِسيَّ ٍة‪ ،‬فَ َمثَّلوا َم ْس َر ِحيَّةً َو َغنَّ ْوا أُ ْغنِيَّةً‪.‬‬
‫ميع األَصْ ِدقا ِء‪.‬‬ ‫َ‬
‫كون ُمفا َجأةً لِ َج ِ‬ ‫ق ْالقائِ ُد َم َع كا ِم ٍل َعلى لُ ْعبَ ٍة تَ ُ‬ ‫اِتَّفَ َ‬

‫‪42‬‬
‫ث ما لَ ْم يَتَ َوقَّعوهُ‪ ،‬بَ َحثوا َع ْن كا ِم ٍل فَلَ ْم يَ ِجدوهُ‪.‬‬ ‫في ْال َغ ِد‪َ ،‬ح َد َ‬
‫ث َوهُ ْم َحيارى‪ ،‬إِلى أَ ْن َو َج َد ْتهُ‬ ‫ص ْغرى َو َش َر َع ْال َجمي ُع في ْالبَحْ ِ‬ ‫ت ُ‬ ‫َك َّو َن ْالقائِ ُد َمجْ موعا ٍ‬
‫كوخ َخ َشبِ ٍّي‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫داخ َل‬‫إِحْ داها ِ‬
‫بير‪َ ،‬و َو َجدوا ِرسالَةً تُ ْخبِ ُرهُ ْم أَ َّن ِم ْفتا َح ْالقُ ْف ِل َم ْوجو ٌد فَ ْو َ‬
‫ق‬ ‫كوخ ُم ْغلَقا ً بِقُ ْف ٍل َك ٍ‬ ‫ْ‬
‫كان بابُ ال ِ‬ ‫َ‬
‫َجري ِد نَ ْخلَ ٍة‪.‬‬
‫حاز ٌم‪:‬‬
‫قا َل ِ‬
‫ث الرِّ سالَةُ؟‬ ‫َع ْن أَيِّ َجري ِد نَ ْخلَ ٍة تَتَ َح َّد ُ‬
‫تَناقَشوا‪َ ،‬وأَخيراً تَ َذ َّكروا َجري َد النَّ ْخ ِل ْال َم ْوجو َد َعلى ال َّس ْق ِ‬
‫ف‪ ،‬لَ ِكنَّهُ ْم ما َو َجدوا سُلَّماً‪،‬‬
‫صلوا‪.‬‬ ‫ْض ِه ْم َحتّى َو َ‬ ‫تاف بَع ِ‬‫فَتَ َسلَّقوا أَ ْك َ‬
‫َو َجدوا ْال ِم ْفتا َح ثُ َّم َخلَّصوا َزميلَهُ ْم بِنَ ٍ‬
‫جاح‪.‬‬
‫فَ ِر َح قائِ ُدهُ ْم َوقا َل‪:‬‬
‫ْج ُز النّاسُ إِذا تَعا َونوا‪.‬‬ ‫ال يَع ِ‬
‫الصخرة ‪ /‬قصص المغامرات والذكاء ‪ /‬مناهج ـ بتصرف‬

‫‪43‬‬
‫الوحدة الثانية‬
‫الحكاية الـثـانية‬

‫ال�ص ْق ُر‬
‫َالنَّ ْح ُل َو َّ‬

‫ْ‬
‫َّحيق‬ ‫ت النَّحْ لَةُ زينَةُ إِلى ْالغابَ ِة َو ِه َي تَأ ُم ُل َج ْن َي ْال َك ِ‬
‫ثير ِم َن الر ِ‬ ‫باح يَ ْو ٍم َربي ِع ٍّي‪َ ،‬ذهَبَ ِ‬
‫ص ِ‬ ‫في َ‬
‫ص ْن ِع ْال َع َس ِل ْال ُمفي ِد ‪.‬‬
‫لِ ُ‬
‫ص ْوتا ً ُمخيفا ً يُ َر ِّد ُد‪:‬‬ ‫َوما إِ ِن ا ْقتَ َربَ ْ‬
‫ت ِم ْن َش َج َر ِة ِس ْد ٍر َحتَّى َس ِم َع ْ‬
‫ت َ‬
‫َم ْن يَتَ َجرَّأُ َعلى إِ ْزعاجي بِطَنينِ ِه؟‬
‫ت‪َ ،‬وفَجْ أَةً ظَهَ َر َ‬
‫ص ْق ٌر َكبي ٌر َوقا َل‪:‬‬ ‫ت النَّحْ لَةُ َوأَ َخ َذ ْ‬
‫ت تَ ْب َح ُ‬
‫ث َع ْن َمصْ َد ِر الص َّْو ِ‬ ‫تَ َوقَّفَ ِ‬
‫ّاك أَ ْن تَعودي إِلى هَ ِذ ِه ْالغابَ ِة‪ .‬فَهُنا أَتَ َربَّصُ بفَرائِسي‬
‫اِ ْبتَ ِعدي أَيَّتُها النَّحْ لَةُ ْال ُم ْز ِع َجةُ َوإِي ِ‬
‫لأِ َ ْنقَضَّ َعلَيْها َوأُ ْم ِس َكها بِ َمخالِبي‪.‬‬
‫ت ْال َملِ َكةَ بِما َح َد َ‬
‫ث‬ ‫ت َحتَّى أَ ْخبَ َر ِ‬ ‫ْر َعةً إِلى ْال َخلِيَّ ِة‪َ .‬وما إِ ْن َو َ‬
‫صلَ ْ‬ ‫ت زينَةُ َو َر َج َع ْ‬
‫ت ُمس ِ‬ ‫فَ ِز َع ْ‬
‫في ْالغابَ ِة‪.‬‬

‫ان ْال َخلِيَّ ِة إِ ِليجا ِد َحلٍّ لِ ْلقَ ِ‬


‫ضيَّ ِة‪.‬‬ ‫ميع ُس َّك ِ‬ ‫ت ْال َملِ َكةُ لِما َس ِم َع ْ‬
‫ت‪ ،‬فَٱجْ تَ َم َع ْ‬
‫ت َم َع َج ِ‬ ‫قَلِقَ ِ‬
‫ت نَحّولَةُ‪:‬‬
‫قالَ ْ‬

‫ص ْق ُر قَ ِويٌّ يا َم ْوالتي؛ َوتَصْ عُبُ َعلَيْنا ُمقا َو َمتُهُ‪ .‬اَ ْل َحلُّ هُ َو أَ ْن نَرْ َح َل إِلى غابَ ٍة أُ ْخرى‪.‬‬‫اَل َّ‬
‫َّياحين‪.‬‬
‫ِ‬ ‫هور َوالر‬
‫ٱلز ِ‬‫صديقَتُها‪ُ :‬م ْستَحي ٌل أَ ْن نَتَ َخلّى َع ْن َخلِيَّتِنا َو َع ِن ْالغابَ ِة الِ َغنِيَّ ِة بِ ُّ‬
‫ت َ‬ ‫َر َّد ْ‬
‫ت ْال َملِ َكةُ َوقالَ ْ‬
‫ت‪:‬‬ ‫اِ ْبتَ َس َم ِ‬
‫ميع أَ ْن يَتَ َمتَّ َع بِ َجمالِها َوبِ َخيْراتِها‪َ .‬علَيْنا أَ ْن نُحافِظَ َعلى‬ ‫ك لِ ْل َجميع‪َ ،‬و ِم ْن َح ِّ ْ‬
‫ق ال َج ِ‬ ‫ِ‬ ‫اَ ْلغابَةُ ِم ْل ٌ‬
‫َخلِيَّتِنا ال أَ ْن نَ َ‬
‫خاف َونَ ْه ُج َرها‪.‬‬
‫‪44‬‬
‫ت النَّحْ ُ‬
‫الت‪:‬‬ ‫صا َح ِ‬
‫صغا ُر ْال َحجْ ِم‪.‬‬ ‫ْف لَنا أَ ْن نُ ِ‬
‫واجهَهُ َونَحْ ُن ِ‬ ‫— َكي َ‬
‫ت ْال َملِ َكةُ‪:‬‬
‫قالَ ِ‬
‫ص ٍة َو ْلنَ ْنطَلِ ْق َعلى بَ َر َك ِة الل ِه‬ ‫ق قُ َّوتُنا قُ َّوتَهُ‪ .‬هَيّا لِنَتَنَظَّ ْم في ص ٍ‬
‫ُفوف ُمتَرا َّ‬ ‫إِذا اتَّ َح ْدنا َستَفو ُ‬
‫ي‪.‬‬‫ص ْق َر ْال ُم ْعتَ ِد َ‬ ‫واجهَ ال َّ‬ ‫نَحْ َو ْالغابَ ِة لِنُ ِ‬
‫أَيَّ َد ْال َجمي ُع فِ ْك َرةَ ْال َملِ َك ِة‪.‬‬
‫طنينُها‬‫ص َّم َ‬‫ص ْق ُر حُشو َد النَّحْ ِل َو ِه َي تُ َغطّي السَّما َء‪َ ،‬وتَتَّ ِجهُ نَحْ َوهُ‪َ ،‬وقَ ْد أَ َ‬ ‫ص َر ال َّ‬ ‫َوما إِ ْن أَ ْب َ‬
‫ذان َحتّى ا ْق َش َع َّر بَ َدنُهُ َوا ْستَ ْولى َعلَ ْي ِه الرُّ ْعبُ ‪ ،‬فَفَ َر َد َجنا َح ْي ِه َوطا َر عالِياً‪ .‬فَ ِر َح ْال َجمي ُع‬ ‫آْال َ‬
‫قيق النَّصْ ِر ْال ُمرا ِد‪.‬‬ ‫ان ْال َخلِيّ ِة أَهَ ِّميَّةَ التَّعا ُو ِن َو ِ‬
‫االتِّحا ِد في تَحْ ِ‬ ‫ك ُس ّك ُ‬ ‫بِ ْٱلفَ ْو ِز َوأَ ْد َر َ‬
‫حكايا الغابة الخضراء ( النحالت النشيطات ) ـ بتصرف‬

‫‪45‬‬
‫الوحدة الثالـثـة‬
‫الحكاية األولى‬

‫ال�س ْح ِر َّي ُة‬


‫ي ِّ‬‫َا ْل َع نْ ُ‬

‫َح ْم َزةُ فَت ًى نَجيبٌ َويَقِظٌ‪ ،‬يَ ْقطُ ُن في َح ٍّي ِم ْن أَحْ يا ِء ْال َمدينَ ِة‪.‬‬
‫ت األُ ُّم لِ َح ْم َزةَ‪:‬‬ ‫اإل ْف ِ‬
‫طار‪ ،‬قالَ ِ‬ ‫كان أَ ْفرا ُد أُ ْس َرتِ ِه ُمجْ تَ ِم َ‬
‫عين َح ْو َل مائِ َد ِة ِ‬ ‫باح‪ ،‬بَ ْينَما َ‬‫ص ٍ‬ ‫ذات َ‬‫َ‬
‫أَ َس ِمع َ‬
‫ْت بِما َوقَ َع ِالب ِْن خالَتِ َ‬
‫ك؟‬
‫تَسا َء َل َح ْم َزةُ‪:‬‬
‫ماذا َوقَ َع لَهُ؟‬
‫ت األُ ُّم بِ َح ْس َر ٍة‪:‬‬
‫َر َّد ِ‬
‫جال أَ ْش ٍ‬
‫رار‪.‬‬ ‫ض ِحيَّةَ ثَالثَ ِة ِر ٍ‬ ‫لَقَ ْد َ‬
‫كان َ‬
‫ق أَبي ِه ْال َم ْوجو َد في ال ُّد ّك ِ‬
‫ان‪.‬‬ ‫تَحايَلوا َعلَ ْي ِه َحتّى َسلَّ َمهُ ْم ُ‬
‫ص ْندو َ‬
‫ق يَحْ تَوي َعلى بَضائِ َع با ِهظَ ِة األَ ْث ِ‬
‫مان‪.‬‬ ‫كان الصُّ ْندو ُ‬
‫َ‬
‫قا َل َح ْم َزةُ ُمعاتِباً‪:‬‬
‫ْرفُهُ ْم‪.‬‬ ‫كان َعلَ ْي ِه أَ ْن يُ َسلِّ َم الصُّ ْندو َ‬
‫ق ِأل ْشخا ٍ‬
‫ص ال يَع ِ‬ ‫ما َ‬
‫مام فَقا َل‪:‬‬ ‫كان األَبُ يَتَتَبَّ ُع ْال َح َ‬
‫ديث بِٱ ْهتِ ٍ‬ ‫َ‬
‫خاص‪ .‬لِذا ال تُ َكلِّ ِم ْال ُغ َربا َء في‬
‫ِ‬ ‫ب التَّأ َ ُّك ُد ِم ْن هُ ِويَّ ِة األَ ْش‬ ‫ي‪ِ ،‬م َن ْال ِ‬
‫واج ِ‬ ‫ت ْالقَ ْو َل يا بُنَ َّ‬‫أَحْ َس ْن َ‬
‫ْرفُهُ‪.‬‬ ‫ص ال تَع ِ‬ ‫الطَّ ِ‬
‫ريق َوال تَ ْقبَلْ هَ ِديَّةً ِم ْن َش ْخ ٍ‬
‫ت األُ ُّم قائِلَةً‪:‬‬
‫أَرْ َدفَ ِ‬
‫ْرفُهُ‪.‬‬
‫باب لِ َم ْن ال تَع ِ‬ ‫أُوصي َ‬
‫ك بِأَالّ تَ ْفتَ َح ْال َ‬
‫‪46‬‬
‫قا َل َح ْم َزةُ بِ َحما َس ٍة‪:‬‬
‫لِ َم ال نُ َر ِّكبُ َعيْنا ً ِسحْ ِريَّةً َعلى با ِ‬
‫ب ُشقَّتِنا؟‬
‫وان بِ ْٱلفِ ْك َر ِة َو َكلَّفا النَّجّا َر بِتَرْ كيبِها‪.‬‬
‫َّب األَبَ ِ‬
‫َرح َ‬
‫ُضور َح ْف ٍل َسيُقا ُم في قا َع ِة‬
‫ِ‬ ‫جيران لِح‬
‫ِ‬ ‫اإلقا َم ِة َجمي َع ْال‬
‫ان ِ‬ ‫َوفي أَ َح ِد األَي ِّام‪َ ،‬دعا أَ َح ُد ُس ّك ِ‬
‫ت ْال َح ِّي‪.‬‬
‫َحفَال ِ‬
‫بَقِ َي َح ْم َزةُ َوحْ َدهُ في ْال َم ْن ِز ِل يَ ْستَ ِع ُّد لِ ُمبارا ٍة في تَ َح ّدي ْالقِرا َء ِة‪.‬‬
‫ج فَٱ ْستَ ْولى َعلَ ْي ِه ْالفُضولُ‪.‬‬ ‫وات أَ ْق ٍ‬
‫دام َعلى ال َّد َر ِ‬ ‫ك في ْال ُمطالَ َع ِة‪َ ،‬س ِم َع أَصْ َ‬
‫َوبَ ْينَما هُ َو ُم ْنهَ ِم ٌ‬
‫ُحاو ُل أَ َح ُدهُ ْم فَ ْت َح با ِ‬
‫ب ُشقَّ ِة‬ ‫قا َم َونَظَ َر َم َن ْال َعي ِْن ال ِّسحْ ِريَّ ِة فَ َرأى ثَالثَةَ أَ ْشخا ٍ‬
‫ص ُملَثَّ َ‬
‫مين ي ِ‬
‫جيران‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ْال‬
‫ت‬ ‫باب ال ُّشقَّ ِة فَي ُْؤ ِذيَهُ اللُّصوصُ َويفوزوا بِ ْال َمسْروقا ِ‬
‫اِحْ تا َر َح ْم َزةُ‪ ،‬فَهُ َو يَ ْخشى أَ ْن يَ ْفتَ َح َ‬
‫َويَ ْهرُبوا‪.‬‬
‫ف الثّابِ َ‬ ‫خ فَهَ َر َع إِلَيْها‪ .‬تَنا َو َل ْالهاتِ َ‬ ‫ْ ْ‬ ‫وار ِ ْ‬
‫قام الطَّ ِ‬ ‫فَجْ أَةً‪ ،‬تَ َذ َّك َر الئِ َحةَ أَرْ ِ‬
‫ت‬ ‫ئ ال َم ْوجو َدةَ في ال َمطبَ ِ‬
‫ث َوأَ َم َّدهُ ْم بِٱ ْس ِم ِه َو ُع ْنوانِ ِه‪.‬‬
‫جال ال ُّشرْ طَ ِة وأَ ْخبَ َرهُ ْم بِما يَحْ ُد ُ‬
‫ص َل بِ ِر ِ‬ ‫ب ال َّر ْق َم ‪َ 19‬واتَّ َ‬ ‫َو َر َّك َ‬
‫ب ال ُّشقَّ ِة‪ ،‬نَظَ َر ِم َن ْال َعي ِْن ال ِّسحْ ِريَّ ِة فَ َرأى‬ ‫ف با ِ‬ ‫ت َخ ْل َ‬‫ت قَليلٌ‪َ ،‬س ِم َع َح ْم َزةُ هَ َمسا ٍ‬ ‫َم َّر َو ْق ٌ‬
‫صوص ُم َكب َ‬
‫َّلين‪.‬‬ ‫َ‬ ‫قودون ال ُّل‬
‫َ‬ ‫ِرجا َل ال ُّشرْ طَ ِة يَ‬
‫بير ِه‪.‬‬ ‫ق ْال َعمي ُد َ‬
‫باب ُشقَّ ِة َح ْم َزةَ َو َش َك َرهُ َعلى َرزانَتِ ِه َو ُحس ِْن تَ ْد ِ‬ ‫َوبَ ْع َد بُرْ هَ ٍة‪ ،‬طَ َر َ‬
‫قصص المغامرات والذكاء ‪ /‬مناهج ـ بتصرف‬

‫‪47‬‬
‫الوحدة الثالـثـة‬
‫الحكاية الـثـانية‬

‫ت يف َخ َ‬
‫ط ٍر‬ ‫َب ْي ٌ‬

‫كان السيد عالل يسكن في قرية صغيرة مع زوجته شامة و طفلهما‪.‬‬


‫ك‪،‬‬‫ض؛ اَلأْ َحْ ِذيَةُ َمرْ ِميَّةٌ هُنا َوهُنا َ‬
‫ْت َمليئا ً بِأ َ ْشيا َء َكثي َر ٍة ُمبَ ْعثَ َر ٍة َعلى ٱلأْ َرْ ِ‬ ‫كان ْٱلبَي ُ‬
‫َ‬
‫ُ‬
‫جاجات‬ ‫صباحا ً َو َمسا ًء‪َ ،‬وٱل َّد‬‫كان َ‬ ‫خ تَ ْم أَلُ ْٱل َم َ‬ ‫ق ٱلأْ َ ْف ِر َش ِة‪َ ،‬وأَ َد ُ ْ ْ‬
‫وات ٱل َمطبَ ِ‬ ‫َو ْٱل َمالبِسُ ُم َشتَّتَةٌ فَ ْو َ‬
‫ب ْٱلبَ ْي ِ‬
‫ت‪.‬‬ ‫ت تَبيضُ َورا َء با ِ‬ ‫تَتَنَقَّ ُل ما بَي َْن ْٱل ُخ ِّم َو ْٱل ُغرْ فَ ِة َحتّى إِنَّها أَحْ يانا ً كانَ ْ‬

‫ث بِ ُكلِّ ما يُصا ِدفُهُ أَما َمهُ‪.‬‬ ‫كان ٱ ْبنُهُما ٱلصَّغي ُر يَ ْعبَ ُ‬ ‫َ‬
‫كان يَضْ َح ُ‬
‫ك‬ ‫قولون‪ ،‬بَلْ َ‬
‫َ‬ ‫ث لِما يَ‬ ‫ت َعدي َدةً لَ ِكنَّهُ لَ ْم يَ ُك ْن يَ ْكتَ ِر ُ‬ ‫جيران ٱل َّسيِّ َد َع اّلالً َمرّا ٍ‬
‫ُ‬ ‫نَبَّهَ ْٱل‬
‫ض َحكاتِ ِه‪.‬‬‫ك لِ َ‬ ‫ت َز ْو َجتُهُ تَضْ َح ُ‬ ‫ت قَ ٍويٍّ ‪« :‬ها ها ها‪َ ،»..‬وكانَ ْ‬ ‫ص ْو ٍ‬ ‫بِ َ‬
‫كان يَجْ ُر ُؤ َعلى‬ ‫كان ُكلُّ َم ْن زا َر هَذا ْٱلبَي َ‬
‫ْت يَ ْخ ُر ُج ِم ْنهُ ُمتَ َذ ِّمراً َو ُم ْن َز ِعجاً‪ ،‬فَ ِم ْنهُ ْم َم ْن َ‬ ‫َ‬
‫ف ُمتَأَفِّفاً‪.‬‬ ‫كان يَ ْكتُ ُم َغ ْيظَهُ َويَ ْن َ‬
‫ص ِر ُ‬ ‫إِبْدا ِء ٱلنَّصي َح ِة‪َ ،‬و ِم ْنهُ ْم َم ْن َ‬
‫ط ْف ُل ٱلصَّغي ُر يَ ْل َعبُ بِ َولاّ َع ٍة َو َج َدها قُبالَتَهُ َشبَّ ِ‬
‫ت ٱلنّارُ‪.‬‬ ‫َوفي يَ ْو ٍم ِم َن ٱلأْ َي ِّام‪ ،‬بَ ْينَما َ‬
‫كان ٱل ِّ‬

‫داخ ِل ْٱل َم ْن ِز ِل‪« :‬واه… واه »‪َ ،‬وبَ َد ْأنا نَ ْس َم ُع صُراخا ً اِ ْختَلَطَ في ِه‬ ‫ت ِم ْن ِ‬ ‫ص ْو ٌ‬ ‫َوفَجْ أَةً َعال َ‬
‫ط ْف ِل َم َع قَ ْوقَأ َ ِة ال َّدجاجا ِ‬
‫ت‪.‬‬ ‫بُكا ُء ال ِّ‬

‫ت ٱلصَّغي َر ِم ْن أَ ْل ِسنَ ِة ٱلنّ ِ‬


‫ار‪.‬‬ ‫ت نَحْ َو ْٱل َم ْن ِز ِل‪َ ،‬وٱ ْنتَ َز ْع ُ‬ ‫ص َر ْخ ُ‬
‫ت‪« :‬نا ٌر نارٌ»‪َ ،‬وهَ َر ْع ُ‬ ‫َ‬
‫يران‪،‬‬ ‫نون على ْ‬
‫إطفا ِء النّ ِ‬ ‫ُ‬
‫جيران يَتَعا َو َ‬ ‫كان ْال‬ ‫ط ْف ُل بِأَذ ً‬
‫ى بَ ْينَما َ‬ ‫ب ال ِّ‬ ‫ِم ْن ُحس ِْن ْال َح ِّ‬
‫ظ‪ ،‬لَ ْم يُ َ‬
‫ص ِ‬
‫ض َر ِرجا ُل ْال َمطافِ ِئ‪.‬‬ ‫َح َ‬
‫قُ ْل ُ‬
‫ت لِل َّسيِّ ِد َع اّل ٍل َو َز ْو َجتِ ِه‪:‬‬
‫غاز َو ْٱل َولاّ َعةَ‬
‫ْت ِم ْن ُكما أَ ْن تَصْ نَعا ِخزانَةً تُ َرتِّبا َعلى رُفوفِها قِنّينَةَ ْٱل ِ‬ ‫« َك ْم َم َّر ٍة طَلَب ُ‬
‫ت ْٱلحا َّدةَ َو ُك َّل ما يُ ْم ِك ُن أَ ْن ي ُْؤ ِذ َ‬
‫ي ِط ْفلَ ُكما!»‬ ‫َو آْٱلال ِ‬
‫‪48‬‬
‫ت ْٱلجا َرةُ ِ‬
‫فاط َمةُ‪:‬‬ ‫َوقالَ ِ‬
‫اآلن ال تَ ْترُكي ٱلأْ َ ْشيا َء ْٱل َخطي َرةَ في‬ ‫«يا شا َمةُ‪َ ،‬ح ْمداً لِلَّ ِه َعلى َسال َم ِة ِط ْفلِ ِك‪ ،‬لَ ِك ْن ِم َن َ‬
‫ح َوهُ َو يَتَنا َو ُل آلَةً حا َّدةً أَ ْو يَتَ َس َّم ُم‬ ‫ْ‬ ‫ُمتَنا َو ِل ِط ْفلِ ِك‪ .‬فَ ِم َن ْٱل ُم ْم ِك ِن أَ ْن يُ َعرِّ َ‬
‫ض ِط ْفلُ ِك نَ ْف َسهُ لِل َجرْ ِ‬
‫ض»‪.‬‬ ‫بِأ َ ْك ِل ما يَ ْلتَقِطُهُ ِم َن ٱلَرْ ِ‬
‫ت شا َمةُ ُمتَأ َ ِّسفَةً‪:‬‬
‫أَجابَ ْ‬
‫«نَحْ َم ُد ٱللَّهَ َعلى َسال َم ِة ٱ ْبنِنا‪ .‬لَ ِك ْن َعلَيْنا ِم َن آْٱل َن فَصا ِعداً أَ ْن نَ ْع َم َل َعلى ِوقايَتِ ِه ِم َن‬
‫ث‪.‬‬‫ب بَ ْيتِنا ِم ْث َل هَ ِذ ِه ْٱل َحوا ِد ِ‬ ‫ْٱل َم ِ‬
‫خاط ِر‪َ ،‬وتَجْ ني ِ‬
‫هيوهوز‪ ،‬ترجمة ‪ :‬ماجد حالوي‪ ،‬حكايات وقصص من طفل إلى طفل (‪،)15‬‬
‫العائلة هاها‪ ،‬الحوادث المنزلية‪ ،‬الطبعة العربية األولى (‪ )2007‬ـ بتصرف‬

‫‪49‬‬
‫الوحدة الـرابـعـة‬
‫الحكاية األولى‬

‫ح ُ‬
‫ث َع ْن َع َم ٍل‬ ‫الد ُ‬
‫يك َي ْب َ‬ ‫ّ‬

‫ص َد النََّ ْملَةَ‪.‬‬ ‫في أَ َح ِد األَي ِّام‪ ،‬جا َع ال ّدي ُ‬


‫ك‪ ،‬فَقَ َ‬
‫قا َل ال ّدي ُ‬
‫ك‪:‬‬
‫أَنا جائِ ٌع يا جا َرتي‪.‬‬
‫ب‪:‬‬ ‫ت النَّ ْملَةُ‪ ،‬وقالَ ْ‬
‫ت بِٱ ْستِ ْغرا ٍ‬ ‫َد ِه َش ِ‬
‫َوما َعالقَتي بِجو ِع َ‬
‫ك؟‬
‫ك‪َ ،‬وقا َل لِلنَّ ْملَ ِة‪:‬‬
‫ك ال ِّدي ُ‬
‫اِرْ تَبَ َ‬
‫كين ْال َكثي َر ِم ْن َحبّا ِ ْ‬ ‫أَ ْن ِ‬
‫ت القَ ْم ِ‬
‫ح‪َ ،‬وبِٱ ْستِطا َعتِ ِك ُمسا َع َدتي‪.‬‬ ‫ت تَ ْملِ َ‬
‫ت النَّ ْملَةُ‪:‬‬
‫قالَ ِ‬
‫ك إِ َّن السَّما َء أَ ْمطَ َر ْ‬
‫ت قَ ْمحاً؟‬ ‫ب! َم ْن قا َل لَ َ‬ ‫يا لَهُ ِم ْن طَلَ ٍ‬
‫ب َغري ٍ‬
‫ْ‬ ‫ت طَوا َل أَ ْشه ٍُر أَ ِك ُّد َوأَ ْت َعبُ في ْالح ِ‬ ‫لَقَ ْد ظَلِ ْل ُ‬
‫ْت ما يَ ْكفيني ِم َن القَ ْم ِ‬
‫ح‪.‬‬ ‫ُقول َحتّى َج َمع ُ‬
‫كاسالً‬
‫ت ُمتَ ِ‬ ‫كون بَ ْلها َء إِذا سا َع ْد ُ‬
‫أَنا ُم ْستَ ِع َّدةٌ لِ ُمسا َع َد ِة َم ْن يَ ْت َعبُ َويَ ْع َم ُل ِم ْثلي‪َ ،‬ولَ ِكنّي َسأ َ ُ‬
‫ك‪.‬‬‫ِم ْثلَ َ‬
‫قا َل ال ّدي ُ‬
‫ك‪:‬‬
‫كاسالً‪َ ،‬ولَ ِكنّي ال أُ ْتقِ ُن أَ َّ‬
‫ي ِم ْهنَ ٍة‪.‬‬ ‫لَس ُ‬
‫ْت ُمتَ ِ‬
‫ت النَّ ْملَةُ‪:‬‬
‫قالَ ِ‬
‫ْالن ال تَ ْع َملُ‪َ ،‬وال تُجي ُد ِسوى الصِّ ِ‬
‫ياح‪.‬‬ ‫‪ -‬أَ ْن َ‬
‫ت َكس ُ‬
‫‪50‬‬
‫ك‪َ ،‬وٱ ْبتَ َع َد َع ِن النَّ ْملَ ِة‪َ ،‬ولَ ِكنَّهُ لَ ْم يَحْ تَ ِم ِل ْالجو َع طَويالً‪َ ،‬وصا َح ُم ْستَغيثاً‪ :‬كوكوعو‪...‬‬
‫َخ ِج َل ال ّدي ُ‬
‫صيا َحهُ‪َ ،‬وأَ ْقبَ َل نَحْ َوهُ ُمتَسائِالً ‪:‬‬ ‫جال ِ‬ ‫َس ِم َع أَ َح ُد الرِّ ِ‬
‫ك؟‬‫ك أَيُّها ال ّدي ُ‬
‫ما بِ َ‬
‫ك‪ :‬أَنا جائِ ٌع ألَنّي بِال َع َم ٍل‪.‬‬ ‫قا َل ال ّدي ُ‬
‫اِ ْبتَ َس َم ال َّر ُج ُل َوقا َل‪ِ :‬م َن الطَّبي ِع ِّي أَ ْن تَجو َع‪ ،‬لأِ َ َّن َم ْن ال يَ ْشتَ ِغ ُل ال يَ ِج ُد ما يَأْ ُكلُ‪.‬‬
‫ي ِم ْهنَ ٍة أَ ْختارُ‪.‬‬
‫ف أَ َّ‬
‫ك‪ :‬أَنا أَرْ َغبُ في ْال َع َم ِل‪َ ،‬ولَ ِكنّي حائِ ٌر ال أَ ْع ِر ُ‬ ‫قا َل ال ّدي ُ‬
‫ت ثُ َّم َسأ َ َل ال ّدي َ‬
‫ك‪:‬‬ ‫فَ ّك َر ال َّر ُج ُل لَ َحظا ٍ‬
‫هَلْ تُري ُد أَ ْن تَ ْشتَ ِغ َل ِع ْندي َوتَتَ َخلَّ َ‬
‫ص ِم ْن جو ِع َ‬
‫ك؟‬
‫ضول َولَ ْهفَ ٍة ‪:‬‬
‫ٍ‬ ‫ك بِفُ‬ ‫أَ َ‬
‫جاب ال ّدي ُ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َوماذا َسأ ْشتَ ِغلُ؟ فأنا َكما تَ ْعلَ ُم ال أجي ُد ِسوى الصِّ ِ‬
‫ياح‪.‬‬
‫ك ال َّر ُج ُل َوقا َل‪:‬‬
‫ض ِح َ‬
‫َ‬
‫َّباح ْالبا ِك ِر‪.‬‬
‫ك في الص ِ‬
‫ياح َ‬
‫ص ِ‬ ‫ك أَ ْن توقِظَني بِ ِ‬
‫كون َع َملُ َ‬
‫َسيَ ُ‬

‫ك ْاليَ ْو ِم ِه َي الصِّ يا َح قَ ْب َل أَ ْن تُ ْش ِر َ‬
‫ق ال َّش ْمسُ ‪،‬‬ ‫ت ِم ْهنَتُهُ ُم ْن ُذ َذلِ َ‬‫ك ُم ْبتَ ِهجاً‪َ ،‬وصا َر ْ‬ ‫وافَ َ‬
‫ق ال ّدي ُ‬
‫الم‪.‬‬‫حيل الظَّ ِ‬ ‫لِيوقِظَ النّائِ َ‬
‫مين َويُبَ ِّش َر بِ َر ِ‬
‫من مجموعة «قالت الزهرة للسنونو» ـ زكريا تامر‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫الوحدة الـرابـعـة‬
‫الحكاية الـثـانية‬
‫را ِئ ُد ْال َف�ضا ِء‬

‫ت ْٱل ِع ْل ِميَّ ِة َوبِٱلأْ َ ْش ِرطَ ِة ْٱل َوثائِقِيَّ ِة ٱلَّتي تَع ِ‬


‫ْرضُ َمشا ِه َد َح ْو َل‬ ‫صبِ ٌّي فَ ِط ٌن يَ ْهتَ ُّم بِ ْٱل َم ْوسوعا ِ‬ ‫نُع ُ‬
‫ْمان َ‬
‫ْٱلفَضا ِء‪ ،‬لِذا لَقَّبَهُ أَصْ ِدقا ُؤهُ «أَ ْمسترو ْنك»‪.‬‬

‫ص َو ٌر لِرائِ ِد فَضا ٍء‪ ،‬فَأ ُ ْع ِج َ‬


‫ب‬ ‫في يَ ْو ٍم ِم َن ٱلأْ َي ِّام بَ ْينَما َ‬
‫كان يُشا ِه ُد شريطا ً َوثائِقِيّاً؛ لَفَ َ‬
‫ت ٱ ْنتِباهَهُ ُ‬
‫بِبِ ْذلَتِ ِه َوبِ َك ْيفِيَّ ِة تَ َحرُّ كاتِ ِه‪.‬‬
‫ْمان نَ ْف َسهُ قائِالً‪:‬‬
‫ث نُع ُ‬
‫َح َّد َ‬

‫ك يا رائِ َد ْٱلفَضا ِء! تَجوبُ ٱلسَّما َء‪َ ،‬وتُراقِبُ ْالقَ َم َر َوٱلنُّجو َم َو ْٱل َم َجرّا ِ‬
‫ت لِتَ ْك ِش َ‬
‫ف ما‬ ‫ما أَ ْس َع َد َ‬
‫ك في ْال ُم ْستَ ْقبَ ِل‪.‬‬
‫كون ِم ْثلَ َ‬
‫ت ٱلَّتي تُفي ُدنا‪ .‬أَرْ جو أَ ْن أَ َ‬
‫َخفِ َي َعنّا‪َ ،‬وتُقَ ِّد َم لَنا ْٱل َمعْلوما ِ‬
‫ت ْٱل ُم َح ِّر ُ‬
‫كات‬ ‫ْمان َع ْينَ ْي ِه‪َ ،‬وتَ َخيَّ َل نَ ْف َسهُ يَرْ تَدي بِ ْذلَةً واقِيَةً َويقو ُد َمرْ َكبَةً فَضائِيَّةً‪ .‬بَ َدأَ ِ‬ ‫ض نُع ُ‬ ‫أَ ْغ َم َ‬
‫يال ْٱل ِع ْل ِم ِّي‪ .‬اِرْ تَفَ َع‬
‫الم ْٱل َخ ِ‬ ‫ق ْٱل َع ُّد ٱلتَّنا ُزلِ ُّي ِم ْثلَما يَرى في أَ ْف ِ‬ ‫ص ْوتُها يَرْ تَفِ ُع ‪ ،‬ثُ َّم ٱ ْنطَلَ َ‬ ‫تَدورُ‪َ ،‬وبَ َدأَ َ‬
‫ض َو ِه َي تَصْ ُغ ُر َشيْئا ً فَ َشيْئا ً َحتّى‬ ‫ُب َوصا َر يَتَطَلَّ ُع إِلى أْٱلَرْ ِ‬ ‫ْمان في ْٱلفَضا ِء َحتّى تَجا َو َز ٱل ُّسح َ‬ ‫نُع ُ‬
‫ْمان يَتَأ َ َّم ُل َم ْنظَ َر‬‫كان نُع ُ‬ ‫ٱلل ِم َع ِة‪ .‬لَ َّما َ‬ ‫ب اّ‬ ‫ق يَرى َح ْولَهُ َغ ْي َر ْٱل َكوا ِك ِ‬ ‫ظار‪َ ،‬ولَ ْم يَ ْب َ‬‫ت َع ِن ٱلأْ َ ْن ِ‬ ‫ٱختَفَ ِ‬‫ْ‬
‫كات‬‫ت ْال ُم َح ِّر ُ‬ ‫ت أَضْ وا ٌء َح ْمرا ُء في لَ ْو َح ِة ْالقِيا َد ِة َوتَ َوقَّفَ ِ‬ ‫ذار َوا ْشتَ َعلَ ْ‬
‫اإل ْن ِ‬ ‫صفَّا َرةُ ِ‬ ‫ت َ‬ ‫جوم‪ ،‬اِ ْنطَلَقَ ْ‬
‫ال ُّن ِ‬
‫كان‬ ‫خ‪ .‬أَرْ سى َسفينَتَهُ َونَ َز َل يَتَفَقَّ ُد َم َ‬ ‫طح َك ْو َك ِ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ران فَٱضْ طُ َّر إلى ْاله ِ‬ ‫َع ِن ال َّد َو ِ‬
‫ب ال ِم ِّريِ ِ‬ ‫ُبوط َعلى َس ِ‬
‫ق‪َ ،‬رأى ِم ْن بَعي ٍد َشيْئا ً ال ِمعا ً يَتَّ ِجهُ نَحْ َوهُ‬ ‫بالون‪َ .‬وفيما هُ َو ُمتَ َحيِّ ٌر قَلِ ٌ‬ ‫ٍ‬ ‫ط بِ ِخفَّ ٍة َك‬‫ب َوهُ َو يَنِ ُّ‬ ‫ْال َعطَ ِ‬
‫ت‬ ‫ف الصَّحْ ُن َوا ْنفَتَ َح ْ‬ ‫صحْ ٌن طائِرٌ‪ .‬تَ َوقَّ َ‬ ‫ف أَنَّهُ َ‬ ‫ازدا َد ا ْقتِرابا ً ِم ْنهُ‪ ،‬فَ َع َر َ‬ ‫بِسُرْ َع ٍة‪َ ،‬ويَ ْزدا ُد َحجْ ُمهُ ُكلَّما ْ‬
‫ْمان َو َكلَّ َمهُ بِلُ َغ ٍة‬
‫ب ِم ْن نُع َ‬ ‫ض ُر اللَّ ْو ِن َوقَصي ُر ْالقا َم ِة‪ .‬اِ ْقتَ َر َ‬ ‫ق َغريبُ ال َّش ْك ِل أَ ْخ َ‬ ‫بَ ّوابَتُهُ فَظَهَ َر َم ْخلو ٌ‬
‫ق ْالفَضائِ ُّي َوتَ َو َّجهَ‬ ‫صبِ ُّي َشيْئا ً بَلْ أَشا َر إِلى َمرْ َكبَتِ ِه بِ ِمبْرا ِغ ِه‪ .‬اِ ْبتَ َس َم ْال َم ْخلو ُ‬ ‫َغي ِْر َمأْلوفَ ٍة‪ .‬ما فَ ِه َم ال َّ‬
‫ْمان‪َ ،‬ولَ ّما‬ ‫ت تَدو ُر ِم ْن َجدي ٍد‪ُ .‬س َّر نُع ُ‬ ‫ان ْال َوقو ِد فَإِذا بِ ْٱل ُم َحرِّ كا ِ‬ ‫ض َع يَ َدهُ َعلى َخ ّز ِ‬ ‫نَحْ َو السَّفينَ ِة َو َو َ‬
‫ق ِم ْن َغ ْف َوتِ ِه َوتَنَهَّ َد قائِالً‪:‬‬ ‫ص ْوتا ً يُنادي ِه فَأَفا َ‬ ‫ض َحكاتُهُ َس ِم َع َ‬ ‫ت َ‬ ‫تَعالَ ْ‬
‫ق في ِدرا َستي لِ َك ْي أَصي َر رائِ َد فَضا ٍء َوأُ َحقِّ َ‬
‫ق أَ َملي‪.‬‬ ‫َسأ َ ِج ُّد َوأَتَفَ َّو ُ‬
‫املؤلفون‬
‫‪52‬‬
‫الوحدة الــخـامسة‬
‫الحكاية الألولى‬

‫ما �أَ ْث َم َن مْال َاء!‬

‫ث َع ْن تِجا َر ٍة ُمرْ بِ َح ٍة تَجْ َعلُهُ َغنِيّاً‪.‬‬ ‫تاجراً َذ ِكيّا ً يَ ْب َح ُ‬


‫كان سالِ ٌم ِ‬
‫َ‬
‫ي بِٱلَّ ْلي ِْل َوالنَّ ِ‬
‫هار‪.‬‬ ‫كان يُسافِ ُر عابِراً الص ِ‬
‫َّحار َ‬ ‫َ‬
‫ُتاج َر َوبِاألَ ْم ِ‬
‫وال يَفو ُز‪.‬‬ ‫في أَ َح ِد األَي ِّام‪َ ،‬س ِم َع سالِ ٌم بِبِال ِد ْال ُك ِ‬
‫نوز فَقَ َّر َر ال َّسفَ َر إِلَيْها لِي ِ‬
‫ص َل بِال َد ْال ُك ِ‬
‫نوز‪.‬‬ ‫ي إِلى أَ ْن َو َ‬ ‫ق الصَّحار َ‬ ‫أَ َع َّد ِ‬
‫راحلَتَهُ ث ُّم َش َّ‬
‫ظ ِه‪ ،‬بِأ َ ْغلى األَ ْث ِمنَ ِة با َع ُك َّل بَضائِ ِع ِه‪.‬‬
‫لِ ُحس ِْن َح ِّ‬
‫يار ِه فَأ َ َع َّد الر ِ‬
‫ّاحلَةَ‪.‬‬ ‫قَ َّر َر ْال َع ْو َدةَ إِلى ِد ِ‬
‫ص َل إِلى الصَّحْ را ِء فَبَ َدأَ يَأْ ُك ُل ما َم َعهُ ِم َن طَ ٍ‬
‫عام‪َ ،‬و ْب َع َد قَ ٍ‬
‫ليل‪،‬‬ ‫اِ ْمتَطى ناقَتَهُ َوٱ ْنطَلَ َ‬
‫ق َحتّى َو َ‬
‫خاويَةً‪.‬‬
‫ث َع ْن قِرْ بَتِ ِه فَ َو َج َدها ِ‬ ‫َش َع َر بِ ْٱل َعطَ ِ‬
‫ش فَبَ َح َ‬
‫ب نَفا ِذ ْالما ِء‪.‬‬ ‫ف أَ َّن بِها ثُ ْقبا ً َ‬
‫كان َسبَ َ‬ ‫عايَ َن ْالقِرْ بَةَ فَٱ ْكتَ َش َ‬
‫س يَ ْنظُ ُر يُ ْمنَةً ُويُ ْس َرةً َويَقولُ‪:‬‬
‫َجلَ َ‬
‫حال‪ ،‬لَ ْن أَتَ َمتَّ َع بِهَ ِذ ِه األَ ْم ِ‬
‫وال!‬ ‫يا َح ْس َرتي َعلى هَذ ِه ْال ِ‬

‫ت‪ ،‬يُفَ ِّك ُر في أَ ْوال ِد ِه َو َم ْن يُعيلُهُ ْم بَ ْع َد هَال ِك ِه‪.‬‬ ‫ص ْم َ‬ ‫ت َوسالِ ٌم يَ ْلتَ ِز ُم ال َّ‬
‫َم َّر ْال َو ْق ُ‬
‫راحلَةٌ ِم ْن بَعي ٍد‪ ،‬فَأ َ َخ َذ يُلَ ِّو ُح لِرا ِكبِها‪.‬‬ ‫ت لَهُ ِ‬ ‫فَجْ أَةً‪ ،‬بَ َد ْ‬
‫ص َل إِلى سالِ ٍم َحتّى َسأَلَهُ قائِالً‪:‬‬
‫صاحبُ النّاقَ ِة َوأَ ْقبَ َل نَحْ َوهُ‪َ ،‬وما إِ ْن َو َ‬
‫ِ‬ ‫اِ ْنتَبَهَ لَهُ‬
‫لِماذا تُلَ ِّو ُح يا َر ُج ُل َوما حا َجتُ َ‬
‫ك؟‬
‫موت َعطَشاً‪ ،‬هَلْ َم َع َ‬
‫ك ما ٌء؟‬ ‫أَجابَهُ ُمتَلَ ْعثِماً‪ :‬أَنا أَ ُ‬
‫عالمات الثَّرا ِء‪ ،‬فَقا َل لَهُ ‪:‬‬
‫ُ‬ ‫نَظَ َر إِلَ ْي ِه ْالبَ َد ِويُّ َو َرأى أَنَّهُ تَبْدو َعلَ ْي ِه‬
‫‪53‬‬
‫ت؟‬‫َم ْن أَ ْن َ‬
‫ت ُك َّل ما َ‬
‫كان َمعي ِم ْن ما ٍء‪.‬‬ ‫قا َل سالِ ٌم‪ :‬أَنا ِ‬
‫تاجرٌ‪ ،‬فَقَ ْد ُ‬
‫قا َل ْالبَ َد ِويُّ ‪:‬‬
‫ك ِسوى هَ ِذ ِه ْالقِرْ بَ ِة‪َ ،‬ولَ ْن أُ ْع ِطيَها إِالّ لِ َم ْن يُقَ ِّد ُر ثَ َمنَها‪.‬‬‫أَنا ال أَ ْملِ ُ‬
‫ط َم ُع في أَ ْموالِ ِه فَقا َل لَهُ‪:‬‬‫فَ ِه َم سالِ ٌم أَنَّهُ يَ ْ‬

‫بِ َك ْم تَبيعُها؟‬
‫ك ِم َن ْال ِ‬
‫مال‪.‬‬ ‫أَجابَهُ‪ :‬بِنِصْ ِ‬
‫ف ما تَ ْملِ ُ‬
‫قَبِ َل سالِ ٌم َوأَ َخ َذ ْالقِرْ بَةَ ثُ َّم َش ِر َ‬
‫ب َحتّى ٱرْ تَوى‪ ،‬بَ ْع َد َذلِ َ‬
‫ك‪َ ،‬ش َك َر‬
‫ي َوأَ ْعطاهُ ُجبْنا ً لَذيذاً فَتَنا َولَهُ بِ َش ِهيَّ ٍة‪.‬‬
‫ْالبَ َد ِو َّ‬
‫ب ِم ْنهُ ما ًء‪.‬‬ ‫َو ِم ْن ِش َّد ِة ُملو َح ِة ْال ُجب ِْن‪َ ،‬ش َع َر ْالبَ َد ِويُّ بِ َعطَ ٍ‬
‫ش َشدي ٍد فَطَلَ َ‬
‫أَجابَهُ سالِ ٌم ِ‬
‫ساخراً‪:‬‬
‫ك ِسوى ُشرْ بَ ِة ْالما ِء هَ ِذ ِه‪َ ،‬ولَ ْن أُ ْع ِطيَها إِال لِ َم ْن يُقَ ِّد ُر ثَ َمنَها‪.‬‬ ‫أَنا ال أَ ْملِ ُ‬
‫ك طَ َمعي‪.‬‬ ‫ق ْالبَ َد ِويُّ قائِالً‪ :‬هَ َز َم َذكا ُؤ َ‬
‫وافَ َ‬
‫أَجابَهُ سالِ ٌم‪:‬‬
‫ك إلاِّ ما أَ َخ ْذ َ‬
‫ت ِمنّي‪.‬‬ ‫لَ ْن آ ُخ َذ ِم ْن َ‬
‫المغامرات والذكاء‪ /‬مناهج فوق الرمال (بتصرف)‬

‫‪54‬‬
‫الوحدة الــخـامسة‬
‫الحكاية الـثـانية‬

‫ب‬ ‫النَّ ْه ُر َي ْغ َ‬
‫�ض ُ‬

‫ضفَّ ِة النَّه ِْر تَتَأ َ َّم ُل ِمياهَهُ الصّافِيَةَ‪َ ،‬وأَسْما َكهُ ْال َوفي َرةَ‬
‫باح َعلى ِ‬
‫ص ٍ‬ ‫ت نَجْ َمةُ تَجْ لِسُ ُك َّل َ‬‫كانَ ْ‬
‫َو ِه َي تَ ْسبَ ُح َوتَتَسابَ ُ‬
‫ق‪.‬‬
‫ت َس َم َكةٌ ِم ْن نَجْ َمةَ َوقالَ ْ‬
‫ت لَها‪:‬‬ ‫ذات يَ ْو ٍم‪َ ،‬دنَ ْ‬
‫َ‬
‫َمرْ َحبا ً بِ ِك يا نَجْ َمةُ‪.‬‬
‫ت‪ ،‬فَ َسأَلَ ْتها‪:‬‬
‫ت ْالفَتاةُ لِما َس ِم َع ْ‬
‫َد ِه َش ِ‬
‫فين ٱسْمي؟‬
‫ْر َ‬‫أَتَع ِ‬
‫ت ال َّس َم َكةُ‪:‬‬
‫قالَ ِ‬
‫دين فَأَتَمايَ ُل َوأُ َحرِّ ُ‬
‫ك َزعانِفي فَ َرحا ً بِقُدو ِم ِك‪.‬‬ ‫ُك َوأَ ْن ِ‬
‫ت تُ ْن ِش َ‬ ‫راك ُك َّل يَ ْو ٍم‪َ ،‬وأَ ْس َمع ِ‬
‫أَكي ٌد‪ ،‬أَنا أَ ِ‬
‫ت نَجْ َمةُ َوقَالَ ْ‬
‫ت‪:‬‬ ‫ا ْبتَ َس َم ْ‬
‫داخلِها‪.‬‬ ‫هار َوأَ ْستَ ْك ِش َ‬
‫ف ما بِ ِ‬ ‫ماق األَ ْن ِ‬
‫غوص في أَ ْع ِ‬
‫َ‬ ‫كون َس َم َكةً ِم ْثلَ ِك‪ ،‬ألَ‬
‫ت أَ ْن أَ َ‬
‫َك ْم َو ِد ْد ُ‬

‫ت ال َّس َم َكةُ‪:‬‬
‫َر َّد ِ‬
‫ْرفَتَهُ‪.‬‬
‫ريدين َمع ِ‬
‫َ‬ ‫ت فَتاةٌ ظَريفَةٌ َو ُمهَ َّذبَةٌ‪ ،‬لِذا أَ ِع ُد ِك أَ ْن أَحْ ِك َي لَ ِك ُك َّل ما تُ‬
‫أَ ْن ِ‬

‫حاديث ُم َش ِّوقَةً َع ْن أَ ْع ِ‬
‫ماق‬ ‫َ‬ ‫صديقَتَها ال َّس َم َكةَ َوتَتَبا َد ُل َم َعها أَ‬
‫ك ْاليَ ْو ِم‪َ ،‬ونَجْ َمةُ تُقابِ ُل َ‬
‫َو ُم ْن ُذ َذلِ َ‬
‫األَ ْن ِ‬
‫هار‪.‬‬
‫ت تَسْأ َ ُل َع ْنها‪َ .‬ولَ ْم تَتَ َوقَّ ْ‬
‫ف َحتّى ا ْقتَ َربَ ْ‬
‫ت‬ ‫صبِيَّةُ َوأَ َخ َذ ْ‬ ‫َوبَ ْع َد أَي ٍّام‪ ،‬اِ ْختَفَ ِ‬
‫ت ال َّس َم َكةُ فَقَلِقَ ِ‬
‫ت ال َّ‬
‫ت لَها َو ِه َي تَبْكي‪:‬‬ ‫ِم ْنها َس َم َكةٌ َوقالَ ْ‬
‫‪55‬‬
‫ب تَ ْلوي ِ‬
‫ث‬ ‫موت ِم ْنها أَ ْعدا ٌد َكبي َرةٌ ُك َّل يَ ْو ٍم‪ ،‬بِ َسبَ ِ‬
‫ضةٌ َوتَ ُ‬ ‫كات َمري َ‬ ‫صديقاتي ال َّس َم ُ‬ ‫أَنا َحزينَةٌ‪َ ،‬‬
‫غاضبٌ َو َسيَ ْنتَقِ ُم‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ال ُّس ّك ِ‬
‫ان لِما ِء النَّه ِْر‪ .‬النَّ ْه ُر‬
‫ت‪:‬‬‫ت نَجْ َمةُ َوتَسا َءلَ ْ‬ ‫ُذ ِع َر ْ‬
‫يا إِلَهي‪ ،‬ماذا َسيَ ْف َعلُ؟‬
‫ت َكعا َدتِها إِلى ْال َح ّم ِام لَ ِكنَّها ما َو َج َد ْ‬
‫ت‬ ‫َوفي ْاليَ ْو ِم ْال ُموالي‪ ،‬اِ ْستَ ْيقَظَ ْ‬
‫ت نَجْ َمةُ ِم َن النَّ ْو ِم‪َ ،‬و َذهَبَ ْ‬
‫ما ًء‪.‬‬
‫ت إِلى النَّه ِْر‪ ،‬فَلَ ْم تَ َر بِ ِه ما ًء‪ ،‬فَصا َح ْ‬
‫ت‪:‬‬ ‫ت إِلى النّافِ َذ ِة َونَظَ َر ْ‬ ‫أَ ْس َر َع ْ‬
‫ث لَنا!؟‬‫ب النَّ ْه ُر َونَفَّ َذ تَهْدي َدهُ َو َر َح َل َعنّا‪ ...‬ماذا َسيَحْ ُد ُ‬ ‫ض َ‬ ‫كارثَ ٍة! لَقَ ْد َغ ِ‬ ‫يا لَها ِم ْن ِ‬
‫فال ْالقَرْ يَ ِة َواتَّفَقوا َعلى ْالقِ ِ‬
‫يام بِ َح ْملَ ٍة لِلتَّ ْو ِعيَ ِة‪ ،‬فَطَ َرقوا ُك َّل‬ ‫ط ِ‬ ‫ت َم َع أَ ْ‬ ‫ت نَجْ َمةُ ثُ َّم اجْ تَ َم َع ْ‬
‫فَ َّك َر ْ‬
‫ان يَ ْدعونَهُ ْم إِلى‬‫ص ْوتِيَّةً لِ ُكلِّ ال ُّس ّك ِ‬ ‫ت تَ ْوضيحيَّةً‪َ ،‬و ْأ َر َسلوا َرسائِ َل َ‬ ‫ب َونَ َشروا َم ْنشورا ٍ‬ ‫األَبْوا ِ‬
‫ث َو ْت ِ‬
‫بذير ِميا ِه النَّه ِْر‪.‬‬ ‫ف َع ْن تَ ْلوي ِ‬ ‫ْال َك ِّ‬
‫ت‬
‫ص ِ‬ ‫ت ْال ِمياهُ إِلى النَّه ِْر صافِيَةً َر ْقراقَةً َو َرقَ َ‬ ‫جاب ْال َجميعُ‪َ ،‬وبَ ْع َد أَي ٍّام قَالئِ َل‪ ،‬عا َد ِ‬ ‫اِ ْستَ َ‬
‫ت األَرْ ضُ ‪.‬‬ ‫ض َّر ِ‬ ‫ٱخ َ‬‫كات فَ َرحا ً َو ْ‬ ‫ال َّس َم ُ‬
‫علية حامد أحمد‪ .‬حكاية سلمى والنهر ـ بترصف‬

‫‪56‬‬
‫الوحدة الــسـادسة‬
‫الحكاية الألولى‬

‫باد ْال َب ْح ِر ُّ‬


‫ي‬ ‫َا ِّ‬
‫ل�سنْ ِد ُ‬

‫ت بِنا السَّفينَةُ َعلى َجزي َر ٍة َكبي َر ٍة‪ ،‬لَ ْم نُشا ِه ْد فيها إِ ْنسانا ً َوال َحيَوانا ً‬ ‫في أَ َح ِد الأْ َي ِّام‪َ ،‬ر َس ْ‬
‫جولون‪ ،‬تَ َوقَّفوا ِع ْن َد ْ‬
‫شي ٍء‬ ‫َ‬ ‫أَ ْو نَباتاً‪ .‬نَ َز َل التُّجّا ُر إِلى ْاليابِ َس ِة لِيَ ْكتَ ِشفوا ْال َجزي َرةَ‪ .‬وبَ ْينَما هُ ْم يَ‬
‫ض اللَّ ْو ِن َو َشدي ِد ال َّشبَ ِه بِ ْٱلقُبَّ ِة‪.‬‬ ‫ض ْخ ٍم أَ ْبيَ َ‬
‫َ‬
‫اال ْبتِعا ِد َع ْنها قَ ْب َل‬
‫صحْ تُهُ ْم بِ ِ‬ ‫ك ال َّش ْي َء أِلَنَّهُ بَ ْي َ‬
‫ضةُ الرُّ ِّخ‪َ .‬ونَ َ‬ ‫ت في ِه ْم أَلاّ يَ َمسّوا َذلِ َ‬‫ص َر ْخ ُ‬
‫َ‬
‫ت أْالَ ِ‬
‫وان‪.‬‬ ‫فَوا ِ‬
‫داخلِها‪.‬‬
‫ْرفوا ما بِ ِ‬ ‫لَ ِك َّن التُّجّا َر لَ ْم يَ ْستَ ِمعوا إِلى نُصْ حي‪ ،‬بَلْ أَ َخذوا يُحْ ِد َ‬
‫ثون بِها ثُقُوباً‪ ،‬لِيَع ِ‬
‫كان فَرْ ُخ الرُّ ِّخ يَ ْلفَظُ أَ ْنفا َسهُ الأْ خي َرةَ‪َ .‬س ِمعْنا‬‫ض ِة‪َ .‬‬ ‫ت َك ْالبُكا ِء يَ ْخ ُر ُج ِم َن ْالبَ ْي َ‬
‫ص ْو ٍ‬
‫َوإِذا بِ َ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ب النَّها ُر إِلى لَي ٍْل‪ ،‬حينَما حا َم‬ ‫خ الرُّ ِّخ‪َ .‬وٱ ْنقَلَ َ‬ ‫ِم ْن أعالي ال َج ِّو صُراخا ً َر ّداً َعلى ص ِ‬
‫ُراخ فَرْ ِ‬
‫ْت هَال َكنا َجميعاً‪ ،‬ولَ ِكنّهُما طارا بَعيداً‪.‬‬ ‫ض ْخ ٌم َو َرفيقَتُهُ في ْال َج ِّو ‪ ،‬فَتَ َوقَّع ُ‬
‫ُخ َ‬‫ر ٌّ‬
‫ّار ْال َع ْو َدةَ بِأ ْقصى سُرْ َع ٍة‪ ،‬لِنُب ِْح َر بَعيداً َع ِن ْال َجزي َر ِة‪،‬‬ ‫َوفي ْال ِ‬
‫حال‪ ،‬طَلَب ُ‬
‫ْت ِم َن التُّج ِ‬
‫َونَ ْن ُج َو بِأ ْنفُ ِسنا‪.‬‬
‫ض ْالبَحْ ِر‪.‬‬ ‫جاب التُّجّا ُر لِنَصي َحتي‪َ ،‬وأَ ْقلَ َع ْ‬
‫ت بِنا السَّفينَةُ إِلى َعرْ ِ‬ ‫اِ ْستَ َ‬
‫ت ِم ْنهُما؟» َوقَ ْب َل أَ ْن أُتِ َّم سُؤالي‪ ،‬شاهَ ْدنا‬ ‫َوقَ ْد َخطَ َر بِبالي أَ ْن أَسْأ َ َل نَ ْفسي‪« :‬هَلْ َسنُ ْفلِ ُ‬
‫ت‪َ .‬وما ِه َي إِلاّ لَ َح ٌ‬
‫ظات‪،‬‬ ‫ص ْخ َرةً َكبي َرةً بِ َحجْ ِم ْالبَ ْي ِ‬ ‫واح ٍد ِم ْنهُما َ‬
‫عودان يَحْ ِم ُل ُكلُّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الرُّ َّخي ِْن يَ‬
‫ُخ يَحو ُم فَ ْوقَنا‪ ،‬ثُ َّم أَ ْلقى بِٱلص َّْخ َر ِة َعلَيْنا‪.‬‬
‫َحتّى أَ َخ َذ ر ٌّ‬
‫ت ْال ِمياهُ َكأَنَّها ِجبا ٌل َوأَ َخ َذ ْ‬
‫ت‬ ‫ت في ْالبَحْ ِر‪ .‬اِرْ تَف َع ِ‬
‫ّان أَ ْن يَتَفاداها‪ ،‬فَ َسقَطَ ْ‬
‫اِ ْستَطا َع الرُّ ب َ‬
‫ك‪.‬‬‫ف بِ ْٱلسَّفينَ ِة هُنا َوهُنا َ‬
‫تَ ْق ِذ ُ‬

‫‪57‬‬
‫ت َعلى السَّفينَ ِة َوأَ ْغ َرقَ ْتها‬ ‫ّان أَ ْن يَتَفادى الص َّْخ َرةَ الثّانِيَةَ فَ َسقَطَ ْ‬
‫ف‪ ،‬لَ ْم يَ ْستَ ِط ِع الرُّ ب ُ‬ ‫لِ أْلَ َس ِ‬
‫ّار َو ْالبَحّا َر ِة‪.‬‬
‫مات ُم ْعظَ ُم التُّج ِ‬ ‫َو َ‬
‫راع َم َع ْالبَحْ ِر‪ ،‬لَ ْم يُ ْنقِ ْذني ِم ْنهُ إِلاّ لَ ْو ٌح َخ َشبِ ٌّي ِم ْن‬
‫ص ٍ‬ ‫ت نَ ْفسي في ِ‬ ‫ُكلُّ ما أَ ْذ ُك ُرهُ أَنَّني َو َج ْد ُ‬
‫ُطام السَّفينَ ِة‪.‬‬
‫ح ِ‬
‫شاط ِئ َجزي َر ٍة بَلَ ْغتُهُ بَ ْع َد أَرْ بَ َع ِة أَي ٍّام‬ ‫ِ‬ ‫َدفَ َع ْتني الرِّ يا ُح َوالأْ َ ْموا ُج َوأَنا أَتَ َم َّس ُ‬
‫ك بِاللَّ ْو ِ‬
‫ح إِلى‬
‫ف الثِّما َر‬ ‫ت أَ ْق ِط ُ‬ ‫ب‪َ ،‬وأَ ْشجا َر فا ِكهَ ٍة فَأ َ ْس َر ْع ُ‬
‫دت َج ْد َو َل ما ٍء َع ْذ ٍ‬ ‫ت اللّهَ ِع ْن َدما َو َج ُ‬ ‫بِلَياليها‪َ .‬ش َكرْ ُ‬
‫َوآ ُكلُها‪ ،‬وأَ ْش َربُ ِم ْن ما ِء النَّه ِْر‪.‬‬
‫حامد علي عطاري‪ .‬سراج الطفولة‪ ،‬دار المكتبة األهلية ـ بتصرف‬

‫‪58‬‬
‫الوحدة الــسـادسة‬
‫الحكاية الـثـانية‬

‫ِر ْح َل ٌة ِ�إىل مْال ِّر ِ‬


‫يخ‬
‫ت بِنا ْال َمرْ َكبَةُ «اِب ُْن بَطّوطَةَ» يَ ْو َم ْالجُم َع ِة الرَّابِ ِع ِم ْن‬ ‫صلَ ْ‬‫ت ِع َّدةَ أَ ْشه ٍُر‪َ ،‬و َ‬ ‫بَ ْع َد ِرحْ لَ ٍة دا َم ْ‬
‫ّيخ‪.‬‬ ‫ين إِلى َك ْو َك ِ ْ‬ ‫ف َوتِ ْس ِع ِمائَ ٍة َو َسب ٍْع َوتِ ْس ِع َ‬ ‫يوليو َز‪َ ،‬سنَةَ أَ ْل ٍ‬ ‫ْ‬
‫ب ال ِمر ِ‬
‫ت‬ ‫ض ْم َن ْال َمجْ مو َع ِة ال َّش ْم ِسيَّ ِة َو ْنح ُُن نَتَفَحَّصُ ْال َم ْوسوعا ِ‬ ‫ب ِ‬ ‫ص َو َر هَذا ْال َك ْو َك ِ‬ ‫لَطالَما شاهَ ْدنا ُ‬
‫ص ْخ ِريٌّ أَحْ م ُر اللَّ ْو ِن‪.‬‬ ‫الل األَ ْش ِرطَ ِة ْال َوثائِقِيَّ ِة أَنَّهُ َك ْو ْكبٌ َ‬ ‫ْال ِع ْل ِميَّةَ‪َ ،‬علِ ْمنا ِم ْن ِخ ِ‬
‫ان «طاقَ ُمنَا» ُم َؤلَّفا ً ِم ْن َخ ْم َس ِة أَ ْفرا ٍد‪ :‬أَنا َو ِوسا ٌم‪َ ،‬و ِرياضٌ ‪َ ،‬ورا ِمي‪َ ،‬وأُ ُّم ْال ِع ِّز‪.‬‬ ‫َك َ‬
‫ّيخ‪ ،‬إل بَ ْع َد‬ ‫ح ال ِمر ِ‬
‫ط ْ‬ ‫ْ‬
‫شاف َعلَى َس ِ‬ ‫اال ْستِ ْك ِ‬ ‫كان هُبوطُ ْال َمرْ َكبَ ِة هُبوطا ً ُم َوفَّقاً‪ ،‬لَ ِكنَّنا لَ ْم نَ ْب َد ْأ ِرحْ لَةَ ِ‬ ‫َ‬
‫باط؛ َوبَ ْع َد أَ ْن أَصْ لَحْ نا َخلَالً بَ ِسيطا ً فِي ال َّسيّا َر ِة اآللِيَّ ِة‬ ‫أَ ْن تَلَقَّيْنا األَوا ِم َر ِم ْن َمرْ َك ِز القِيا َد ِة فِي الرِّ ِ‬
‫ناس»‪.‬‬‫«فِرْ َ‬
‫فاجئا ً لِ ُس ّك ُ ْ‬ ‫ب بِ َح َذ ٍر‪َ ،‬كأَنَّما نَ ْنتَ ِظ ُر هُجوما ً ُم ِ‬ ‫ح ْال َك ْو َك ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ‬
‫ّيخ‪.‬‬
‫ان ال ِمر ِ‬ ‫أ َخذنا نَتَ َج َّو ُل َعلى َسط ِ‬
‫ت‪ :‬ما أَرْ َو َع هَذا ال َم ْشهَ َد!‬ ‫قُ ْل ُ‬
‫ك‬ ‫ص ْخ َرةٌ َرما ِديَّةٌ‪َ ،‬وهُنالِ َ‬ ‫ك َ‬ ‫بار أَحْ َم َر‪َ ،‬وهُنا َ‬ ‫ق ُغ ٍ‬ ‫ضاف ِهشا ٌم‪ :‬هُنا صُخو ٌر َح ْمرا ُء ُمتَناثِ َرةٌ فَ ْو َ‬ ‫َ‬ ‫أَ‬
‫تِال ٌل ُمرْ تَفِ َعةٌ َكأَنَّها ِجبالٌ!‪..‬‬
‫ص َوراً لِ َمشا ِه َد لَ ْم يَ ْسبِ ْق لَنا ر ُْؤيَتُها‬ ‫لين َونَحْ ُن نَ ْلتَقِطُ ُ‬ ‫ق َو َكأَنَّها أَ ْعوا ٌم‪ُ ،‬كنّا ُم ْن َش ِغ َ‬ ‫ت ال َّدقائ ُ‬ ‫َم ّر ِ‬
‫ْ‬
‫ض‪.‬‬ ‫ح األَرْ ِ‬ ‫ت لَ ْم نَ ِع ْشها َعلى َسط ِ‬ ‫َونَ ْستَ ْمتِ ُع بِلَ َحظا ٍ‬
‫ت أُ ُّم ْال ِع ِّز‪:‬‬‫ت ْال َمرْ َكبَةُ َم َّرتَي ِْن فَ ُذ ِعرْ نا‪ .‬صا َح ْ‬ ‫فَجْ أَةً‪ ،‬اِ ْهتَ َّز ِ‬
‫ُريدون ْالهُجو َم علَيْنا‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ّيخ ي‬
‫ان ال ِمر ِ‬
‫يا لَ ْلهَ ْو ِل! لَ َعلّهُ ْم ُس ّك ُ ْ‬
‫ب َجدي ٍد‪.‬‬ ‫ب َعطَ ٍ‬ ‫ت ال َّسيّا َرةُ بِ َسبَ ِ‬ ‫قا َل ِرياضٌ ‪ُ :‬ربَّما ارْ تَ َّج ِ‬
‫نان َوهُ َو يَ ْنظُ ُر إِلى شا َش ِة حاسوبِ ِه‪:‬‬ ‫فَأَجابَهُما رامي بِ ْ‬
‫ٱط ِم ْئ ٍ‬
‫ص ْخ َر ٍة‪ .‬لِ َم هَ ِذ ِه الَ ْوها ُم يا‬ ‫ق َ‬ ‫جاج هُ َو ُمرو ُر َسيّا َرتِنا فَ ْو َ‬ ‫االرْ تِ ِ‬ ‫اِ ْه َدؤوا َوال تَفـْ َزعوا‪ ،‬فَ َسبَبُ ِ‬
‫رُوا َد ْالفَضا ِء؟‬
‫باط‪:‬‬ ‫َوبَ ْينَما ُكنّا نُتابِ ُع َج ْولَتَنا‪َ ،‬نادانا َمرْ َك ُز ْالقِيا َد ِة فِي الرِّ ِ‬
‫ض‪...‬‬ ‫إِلى طاقَ ِم «اِب ِْن بَطّوطَةَ» ُعودوا إِلى األَرْ ِ‬
‫ب‪َ ،‬ولَ ْو َحةً َكتَ َ‬ ‫ّيخ َعلَ َم ْال َم ْغ ِر ِ‬ ‫ط ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ب َعلَيْها رامي‪« :‬نَحْ ُن ِم َن‬ ‫ح ال ِمر ِ‬ ‫أ ْس َر ْعنا َوثَبَّـ ْتنا َعـلى َس ِ‬
‫ف ْال َمدينَ ِة‪.‬‬ ‫ضها في َم ْت َح ِ‬ ‫ْر َ‬ ‫خور َوال َّر ْم ِل لِنَع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت ِم َن الصُّ‬ ‫ض‪ ،‬نُ ِري ُد ال َّسالَ َم» ثُ َّم َأَ َخ ْذنا َعيِّنا ِ‬ ‫الأْ رْ ِ‬
‫ت الرِّ حْ لَةَ نَحْ َو الأْ َرْ ِ‬
‫ض‪.‬‬ ‫َر ِكبْنا ْال َمرْ َكبَةَ َوبَ َدأَ ِ‬
‫املؤلفون‬

‫‪59‬‬

You might also like