You are on page 1of 145

‫كتاب األشربة واألطعمة‬

‫ابب حترمي اخلمر وبيان أهنا تكون من عصري العنب ومن التمر ومن البسر والزبيب وغريها مما يسكر‬
‫وم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ت َساق َي ال َق ْوم يَ َ‬ ‫اثبت عن أنس بن مالك ُكنْ ُ‬ ‫أخربان ٌ‬ ‫العتَكي حدثنا محّاد (يعين ابن زيد) َ‬ ‫داود َ‬ ‫‪ -3‬ح ّدثين أبُو الربيع سليمان بن ُ‬
‫ت‪ ،‬فَإِ َذا ُمنَ ٍاد‬ ‫اخ ُر ْج فَانْظُْر‪ ،‬فَ َخَر ْج ُ‬
‫قال‪ْ :‬‬ ‫يخ‪ :‬البُ ْس ُر َوالت ْام ُر‪ ،‬فَإِ َذا ُمنَ ٍاد يُنَ ِادي‪ ،‬فَ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُح ِّرَمت اخلَ ْم ُر يف بَْيت أَِِب طَلْ َحةَ‪َ ،‬وما َشَر ُاُبُْم اإَّل ال َفض ُ‬
‫اه ِرقْ َها‪ ،‬فَ َهَرقْ تُ َها‪ ،‬فَقالوا‪ ،‬أ َْو َ‬
‫قال‬ ‫اخ ُر ْج فَ ْ‬
‫قال يل أَبُو طَلْ َحةَ‪ْ :‬‬ ‫ك امل ِدينَ ِة‪ ،‬فَ َ‬ ‫ت يف ِس َك ِ‬ ‫ال‪ :‬فَ َجَر ْ‬ ‫ت‪ ،‬ق َ‬‫ْ‬ ‫يُنَ ِادي‪ :‬أَََّل إ ان اخلَ ْمَر ق ْد ُح ِّرَم‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫ين َآمنُوا‬ ‫ا‬
‫ليس علَى الذ َ‬ ‫اَّللُ َعاز َو َج ال‪َ " :‬‬ ‫س‪ ،‬فأنْ َزَل ا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قال‪ :‬فَل أ َْد ِري هو من َحديث أَنَ ٍ‬ ‫ض ُه ْم‪ :‬قُتِ َل فََُل ٌن‪ ،‬قُتِ َل فََُل ٌن‪َ ،‬وهي يف بُطُوِنِِ ْم‪َ .‬‬ ‫بَ ْع ُ‬
‫اح فِيما طَعِ ُموا إذَا ما اتا َق ْوا َو َآمنُوا َو َع ِملُوا الصاِلات"‬ ‫وع ِملُوا ال ا ِ ِ‬
‫صاِلَات ُجنَ ٌ‬ ‫ََ‬

‫زبيب‬ ‫متر‬ ‫رطب‬ ‫بسر‬


‫شرح الكلمات‪:‬‬
‫ألِنا تُغ ِطّي الع ْق َل هرق‪ ،‬أهرق‪ ،‬هراق ‪ :‬صب‪ ،‬سكب‬
‫يت بذلك ا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اخلم ُر من التاخم ِري‪ ،‬وهو التاغطيةُ؛ ُسّ ْ‬
‫ْ‬
‫الفضيخ‪ :‬عصري العنب والتمر (يفضخ البسر ويصب عليه املاء ويرتكه حىت يغلي) سكك مجع سكة‪ :‬طرق‬
‫)‪smash (ചതയ്ക്കുക, ഉടയ്ക്കുക‬‬ ‫فضخ‪ :‬شدخ‪ ،‬كسر شيئا أجوف مثل البطييخ‬
‫شرح احلديث‬
‫اآلايت اليت يف ُسورةِ‬ ‫ِ‬ ‫فنزَل ََترميُ اخلم ِر يف‬ ‫ِ ِ‬ ‫ضي هللا عنه أناه كان يسقي القوم يف بي ِ‬ ‫ُُيِرب أَنَ ِ‬
‫األنصاري َرض َي هللاُ عنه‪َ ،‬‬
‫ّ‬ ‫ت أِب طَْل َحةَ‬ ‫َ ْ‬ ‫َْ‬ ‫س َر َ ُ‬ ‫ُ ٌ‬
‫اجتَنِبُوهُ لَ َعلا ُك ْم تُ ْفلِ ُحو َن * إِاَّنَا يُِر ُ‬
‫يد‬ ‫ِ‬
‫س م ْن َع َم ِل الشْايطَان فَ ْ‬
‫اخلَمر والْمي ِسر و ْاألَنْصاب و ْاأل َْزََّلم ِرج ِ‬
‫ٌ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ َ ُ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫ا‬
‫َّن‬‫املائدةِ‪َ ( :‬اي أَيُّ َها الا ِذين َآمنُوا إِ‬
‫َ‬
‫ص ََلةِ فَهل أَنْتُم مْن تَ هو َن * وأ ِ‬ ‫اخلم ِر والْمي ِس ِر ويص اد ُكم عن ِذ ْك ِر اِ‬ ‫ِ‬
‫اَّللَ‬
‫َطيعُوا ا‬ ‫َ‬ ‫اَّلل َو َع ِن ال ا َ ْ ْ ُ ُ‬ ‫ضاءَ ِيف َْ ْ َ َ ْ َ َ ُ ْ َ ْ‬ ‫الشْايطَا ُن أَ ْن يُوق َع بَْي نَ ُك ُم الْ َع َد َاوةَ َوالْبَ ْغ َ‬
‫ِ‬ ‫وأ ِ‬
‫ي) املائدة‪92 ،90 :‬‬ ‫اح َذ ُروا فَإِ ْن تَ َولاْي تُ ْم فَ ْ‬
‫اعلَ ُموا أَاَّنَا َعلَى َر ُسولنَا الْبَ ََلغُ الْ ُمبِ ُ‬ ‫ول َو ْ‬‫َطيعُوا ال ار ُس َ‬ ‫َ‬
‫مثان ِم َن‬
‫الفتح سنةَ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عام ِ‬ ‫ت‪ ،‬وكان ذلك َ‬ ‫اخلمَر ق ْد ُحِّرَم ْ‬
‫ناداي‪ ،‬فنادى ليُ ْعل َم املسلمي يف املدينة أ ان ْ‬ ‫ايب صلاى هللاُ عليه وسلام ُم ا‬ ‫فأمَر الن ُّ‬
‫َ‬
‫وت‪،‬‬‫ص َ‬ ‫ض َي هللاُ عنه وسع ال ا‬ ‫صوت‪ .‬فخرج أنس ر ِ‬
‫اخر ْج فانظُْر ما هذا ال ا ُ َ َ ٌ َ‬
‫ٍ ِ‬
‫س ب ِن مالك َرض َي هللاُ عنهما‪ُ :‬‬ ‫اهلِجرةِ‪ ،‬فقال أبو طَلْ َحةَ ألنَ ِ‬
‫تنفيذ األم ِر‪ ،‬وأمر أنَ اسا‬ ‫ضي هللا عنه‪ ،‬فأخربه أ ان مناداي ينادي‪ :‬أَََّل إ ان اخلمر ق ْد ح ِرمت‪ .‬فأسرع أبو طَلْحةَ يف ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ ُ َّ ْ‬ ‫ُ ا‬ ‫مث عاد ألِب طلحةَ َر َ ُ‬
‫املدينة؛ من ِشداةِ امتِ ِ‬
‫ثال‬ ‫ضي هللا عنه أ ان اخلَمر سالت يف ِس َكك وطُرق ِ‬ ‫ضي هللا عنهما أن يقلب اآلنيةَ اليت ُبا اخلمر‪ ،‬فذكر أَنَ ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫س َر َ ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫َر َ ُ‬
‫ورسولِه صلاى هللاُ عليه وسلام‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ااس ألم ِر هللا ُسبحانَه َ‬ ‫الن ِ‬
‫ويل على ُشرُِبم هلا‪،‬‬ ‫ط‬ ‫ت‬ ‫ق‬ ‫و‬ ‫ر‬ ‫َي‬ ‫مل‬‫و‬ ‫م‬ ‫سول هللاِ صلاى هللا عليه وسلام أ ان ب عضهم قُتِل أو مات واخلمر يف ب ِ‬
‫طوِن‬ ‫أصحاب ر ِ‬ ‫ِ‬ ‫بعض‬
‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ْ‬ ‫ا‬‫َُ‬ ‫ْ‬ ‫َُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َْ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫فذكر ُ‬
‫ات جنَ ِ‬ ‫فأنْزَل هللا‪{ :‬لَيس علَى الا ِذين آمنُوا وع ِملُوا ال ا ِ ِ‬
‫س على الذين َآمنوا إِ ْمثٌ فيما طَعِموا َ‬
‫وش ِربوا‬ ‫يما طَع ُموا} املائدة أي‪ :‬لَْي َ‬
‫ِ‬
‫اح ف َ‬ ‫صاِلَ ُ ٌ‬ ‫َ َ ََ‬ ‫َ ُ ْ َ َ‬
‫اخذو َن به؛ أل ان التاحرميَ إاَّنا يَ َلزُم ابلناه ِي‪ ،‬وما كان ْقب َل‬ ‫ِمن اخلم ِر ْقبل ََترَيِها؛ فقد كان ُش ْرُُبم هلا ْقبل الناه ِي عنها؛ ولذلك ا‬
‫فإِنم َّل يُؤ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ب به‪.‬‬ ‫بد َغري ُُماطَ ٍ‬
‫فالع ُ ُ‬ ‫الناه ِي َ‬
‫من شرح اإلمام النووي‬

‫مجيع األنبذة املسكرة تسمى مخرا ‪ ،‬وسواء يف ذلك الفضيخ ونبيذ التمر والرطب والبسر والزبيب والشعري والذرة والعسل وغريها‬ ‫❖‬

‫وكلها حمرمة هذا مذهب الشافعية ومالك وأمحد ومجاهري السلف واخللف‪.‬‬
‫قال قوم من أهل البصرة ‪ :‬إَّنا حيرم عصري العنب ‪ ،‬ونقيع الزبيب الينء ‪ ،‬فأما املطبوخ منهما ‪ ،‬والينء واملطبوخ مما سوامها‬ ‫❖‬

‫فحَلل ما مل يشرب ويسكر ‪.‬‬


‫قال أبو حنيفة ‪ :‬إَّنا حيرم عصري مثرات النخل والعنب‪ ،‬قال ‪ :‬فسَلفة العنب حيرم قليلها وكثريها إَّل أن يطبخ حىت ينقص‬ ‫❖‬

‫ثلثاها‪.‬‬
‫وأما نقيع التمر والزبيب فقال ‪َ :‬تل مطبوخهما وإن مسته النار شيئا قليَل من غري اعتبار ِلد كما اعترب يف سَلفة العنب ‪،‬‬
‫قال ‪ :‬والينء منه حرام ‪ ،‬قال ‪ :‬ولكنه َّل حيد شاربه ‪ ،‬هذا كله ما مل يشرب ويسكر ‪ ،‬فإن أسكر فهو حرام إبمجاع املسلمي‬
‫احتج اجلمهور ابلقرآن والسنة‪:‬‬ ‫❖‬

‫إن هللا تعاىل نبّه على أن علة َترمي اخلمر كوِنا تص ّد عن ذكر هللا وعن الصَلة ‪ ،‬وهذه العلة موجودة يف مجيع‬ ‫القرآن‪:‬‬
‫املسكرات ‪ ،‬فوجب طرد اِلكم يف اجلميع‬
‫األحاديث الصحيحة الكثرية اليت ذكرها مسلم وغريه ‪ ،‬كقوله صلى هللا عليه وسلم " ‪ :‬كل مسكر‬ ‫السنة ‪:‬‬
‫حرام" وقوله‪ِ " :‬نى عن كل مسكر " وحديث " كل مسكر مخر " وحديث النهي عن كل مسكر أسكر‬
‫عن الصَلة‪.‬‬
‫الكلمات الصعبة‪ :‬نقع ‪ :‬ترك يف املاء وحنوه نَيِّ ٌئ ‪ :‬غري مطبوخ‪ ،‬غري انضج‪ ،‬ما مل متسه النار‪ ،‬سَلفة ‪ :‬مخر‬
‫ابب حترمي ختليل اخلمر‬

‫الس ِّدي عن‬


‫‪ -11‬حدثنا حيي بن حيىي أخربان عبد الرمحن بن مهدي (ح) وحدثنا زهري بن حرب حدثنا عبد الرمحن عن سفيان عن ُّ‬
‫اخ ُذ َخ اَل؟ قال‪َّ :‬ل‪.‬‬
‫حيىي بن َعبااد عن أنس بن مالك رضي هللا عنه قال‪ُ :‬سئل رسول هللا صلى هللا عليه وسلم عن اخلمر تُت َ‬
‫املفردات‪:‬‬
‫اخلمر‪ :‬ما أسكر سواء كان من عصري العنب أو من غريه‪ُِ ،‬‬
‫وسّيت مخرا؛ ا‬
‫ألِنا ختامر العقل فتغطيه من التخمري وهو التغطية‬ ‫ا‬
‫تتخذ‪ :‬تعاجل حىت تصري ا‬
‫خَل بوضع شيء فيها أو خلطها بغريها‬
‫)‪(vineger‬‬ ‫ض من عصري العنب وغريه ومل يُسكر‬
‫خل‪ :‬ما َمحُ َ‬
‫ّ‬
‫من فوائد احلديث‬
‫‪َ .1‬ترمي ختليل اخلمر وأِنا إذا َت اولت إىل خل بفعل فاعل بقيت على َترَيها‪.‬‬
‫‪ .2‬إن اخلمرإذا ختللت بنفسها بدون ختليل‪ ،‬أبن انقلبت من كوِنا مخرا إىل أ ْن صارت خَلا‪ ،‬ا‬
‫فإِنا تباح؛ وتصري طاهرة ‪.‬‬ ‫ا‬
‫‪َ .3‬ترمي شرب اخلمر وجناستها ‪.‬‬
‫‪ .4‬وجوب إتَلف اخلمر‪ ,‬وعدم جواز إمساكها لتتخذ ا‬
‫خَل وحنو ذلك ‪.‬‬
‫‪ .5‬أن جناسة اخلمر جناسة عينية فَل َيكن تطهريها ابلتخليل وَّل بغريه‪ ,‬إَّل إذا ختللت من نفسها ‪.‬‬
‫‪ .6‬إن الشريعة إذا حرمت شيئاحرمت الوسائل املوصلة إليه‪.‬‬

‫من شرح اإلمام النووي‪:‬‬


‫ِ‬ ‫هذا اِلديث دليل الشافعى واجلمهور أنه َّلجيوز ختليل اخلمر وَّلتطهر ِابلت ِ‬
‫اخل ِيل إِ َذا َخلالَ َها ِبُْب ٍز أ َْو بَ َ‬
‫ص ٍل أومخرية أو غري ذلك‬ ‫ْ‬ ‫❖‬

‫س َما أُلْ ِق َي فِ َيها وَّليطهر َه َذا ْ‬


‫اخلَ ُّل بَ ْع َدهُ أَبَ ادا‬ ‫ج‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫ي‬‫و‬ ‫ا‬
‫َ َ َ َ َ ََ ُ ُ‬ ‫ه‬
‫َ‬
‫مما يلقى فيها فهي ابقِيةا علَى َجناستِ‬
‫س فَ ِفي طَهارِِتَا وجه ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫إِذَا نُِقلَ ِ‬
‫ان‪:‬‬ ‫َ َ َ َْ‬ ‫س إِ َىل الظّ ِّل أ َْو م َن الظّ ِّل إِ َىل الش ْ‬
‫ام ِ‬ ‫ام ِ‬ ‫ت م َن الش ْ‬ ‫ْ‬ ‫❖‬

‫اجلُ ْم ُهوِر‬ ‫ب الشاافِعِ ِّي َوأ ْ‬


‫َمحَ َد َو ْ‬ ‫ٍِ‬ ‫ِ‬
‫َص ُّح ُه َما تَطْ ُه ُر ألِنا مل يتم إلْ َقاء َش ْيء ف َيها ُه َو َم ْذ َه ُ‬ ‫‪-‬أ َ‬
‫ث َوأَبُو َحنِي َفةُ تَطْ ُه ُر‬ ‫ال ْاأل َْوَزاعِ ُّي َواللاْي ُ‬ ‫‪ -‬قَ َ‬
‫ت يف ختليل اخلمر‪:‬‬ ‫ث ِروااي ٍ‬ ‫ٍِ‬
‫َو َع ْن َمالك ثَََل ُ َ َ‬ ‫❖‬

‫‪ -‬أَص ُّحها أَ ان التاخلِ‬


‫ت‬‫صى َوطَ ُهَر ْ‬ ‫يل َحَر ٌام فَلَ ْو َخلالَ َها َع َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ َ‬
‫‪َ -‬والثاانِيَةُ َحَر ٌام َوََّل تَطْ ُه ُر‬
‫‪َ -‬والثاالِثَةُ َح ََل ٌل َوتَطْ ُه ُر‬
‫ت‬‫ت بِنَ ْف ِس َها َخ اَل طَ ُهَر ْ‬ ‫َمجَعُوا أ اَِنَا إِ َذا انْ َقلَبَ ْ‬
‫َوأ ْ‬ ‫❖‬

‫ون الْ َمالِكِ ِّي أ اَِنَا َّلتطهر‬ ‫حكِي َعن سحنُ ٍ‬


‫ُ َ ْ َْ‬ ‫❖‬
‫****‬
‫‪ -12‬حدثنا حممد بن املثن وحممد بن بشار‪ -‬واللفظ َّلبن املثن‪ -‬قاَّل حدثنا حممد بن جعفر حدثنا شعبة عن ساك بن‬
‫ٍ ِ‬
‫ايب صلى هللا عليه وسلم َع ِن اخلَ ْم ِر فَنَ َهاهُ أ َْو‬
‫بن ُس َويْد اجلُ ْعف اي َسأ ََل الن ا‬ ‫حرب عن علقمة بن وائل عن أبيه وائل اِلضرمي أ ان طَا ِر َق َ‬
‫بد َو ٍاء َولَكِناهُ َداءٌ‪.‬‬
‫ليس َ‬
‫قال‪ :‬إناه َ‬ ‫او ِاء‪ ،‬فَ َ‬ ‫ِ‬
‫قال‪ :‬إاَّنا أ ْ‬
‫َصنَ عُ َها للد َ‬ ‫َك ِرهَ أَ ْن يَ ْ‬
‫صنَ َع َها‪ ،‬فَ َ‬
‫معاين الكلمات‬
‫اخلمر‪ :‬اسم لكل ما خامر العقل وغطاه‪ ،‬من أي نوع من األشربة ‪.‬‬
‫ظاهرا كان أو ابطناا ‪.‬‬
‫الدواء‪ :‬ما يتداوى به ويعاجل‪ ،‬مجعه‪ :‬أدوية ‪.‬داء‪ :‬مرض ا‬
‫املعىن العام‬
‫ومنَ َع ِمن‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫شربون اخلَ ْم ِر ْقب َل ََترَيِها ُّ‬
‫اإلسَلم يف استعماَّلِتا َ‬
‫ُ‬ ‫اد‬ ‫للسك ِر والتاداوي ُبا و َغري ذلك‪ ،‬فلَ اما ُحِّرمت اخلَ ُ‬
‫مر َشد َ‬ ‫إ ان الن َ‬
‫ااس كانوا يَ َ‬
‫ِِ ِ ِ‬
‫وصنعِها؛ و َ‬
‫لذلك لَ اما ُس ِئل صلاى هللاُ عليه وسلا َم‬ ‫ض ويَ ْشَرَُبا‪ ،‬فَ َس اد ُك ال املنافذ إِىل ّاختاذها ُ‬ ‫ُش ْرُِبا منعا ابات َح اىت َّل يَتعلا َل أح ٌد أو يَ َ‬
‫تمار َ‬
‫ِ ٍ‬ ‫ع ِن التاداوي ُبا‪ ،‬ولَ ِ ِ ِ‬
‫بل ما‬‫ليست بدواء‪ ،‬ولكناها داءٌ‪ ،‬أي‪ْ :‬‬ ‫ايب صلاى هللاُ عليه وسلا َم إ ان َ‬
‫اخلمر َ‬ ‫يس ل ُمج ارد ُش ْرُبا لإلسكا ِر‪ََ ،‬‬
‫فأخربه الن ُّ‬ ‫َ‬
‫وعند اب ِن ِحباا َن‪" :‬إ ان هللاَ مل َجي َع ْل ِشفاءَكم يف َحرٍام"‬
‫ائدها‪َ ،‬‬ ‫ي َقع منها ِمن ضرٍر يف ُشرُِبا أكرب وأعظم ِمن فَو ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ََ‬ ‫َ ُ‬
‫من فوائد احلديث‬

‫‪ .1‬إ ان الشارع اِلكيم إَّنا ينهى ع اما مفسدته خالصةٌ أو راجحةٌ‪.‬‬


‫‪ .2‬إناه حيرم التداوي بشرب اخلمر‪ ،‬و اأِنا داء وليست بدواء ‪.‬‬
‫املضار بشرُبا أكثر مما حيصل من املنافع ‪.‬‬
‫‪ .3‬إن اخلمر داء معنوي؛ ألِنا حمرمة‪ ،‬مترض القلب‪ ،‬وداء حسي؛ ألنه حيصل من ّ‬
‫‪ .4‬حرص الصحابة ‪-‬رضي هللا عنهم‪ -‬على أن يتعلموا أمور دينهم قبل أن يقعوا فيها ‪.‬‬

‫من شرح اإلمام النووي‪:‬‬


‫يف اِلديث التصريح أبن اخلمر ليست بدواء فيحرم التداوي ُبا‬ ‫❖‬

‫الذي يتناوهلا دواءا كأَّنا يتناوهلا بَل سبب‬ ‫❖‬

‫حيرم شرُبا للعطش‬ ‫❖‬

‫إذا غص بلقمة ومل جيد ما يسيغها به إَّل مخرا فيلزمه اإلساغة ُبا‬ ‫❖‬
‫كل ٍ‬
‫مخر ح ٌ‬
‫رام‬ ‫مخر َّ‬
‫وأن َّ‬ ‫كل ُم ٍ‬ ‫ابب ِ‬
‫بيان َّأن َّ‬
‫سكر ٌ‬ ‫ُ‬

‫ت‪ُ :‬سئِ َل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت َعلَى مالِك ‪َ ،‬ع ِن ابْ ِن ِش َه ٍ‬


‫اب‪َ ،‬ع ْن أَِِب َسلَ َمةَ بْ ِن َعْبد الار ْمحَ ِن ‪َ ،‬ع ْن َعائ َشةَ ‪ ،‬قَالَ ْ‬ ‫َ‬ ‫ال ‪ :‬قََرأْ ُ‬ ‫‪َ -67‬حداثَنَا َْحي َىي بْ ُن َْحي َىي ‪ ،‬قَ َ‬
‫َس َكَر فَ ُه َو َحَر ٌام‬ ‫ال ‪ُ :‬ك ُّل َشر ٍ‬‫اَّللُ َعلَْي ِه َو َسلا َم َع ِن الْبِْت ِع ‪ ،‬فَ َق َ‬
‫صلاى ا‬ ‫ول اِ‬
‫اب أ ْ‬ ‫َ‬ ‫اَّلل َ‬ ‫َر ُس ُ‬
‫املفردات‪ :‬البِتْع‪ :‬نبيذ العسل‬
‫شرح احلديث‬
‫العس ِل‪-‬‬ ‫ن‬‫م‬‫تَروي ُّأم املؤمني عائشةُ رضي هللا عنها‪ :‬أ ان النايب صلاى هللا عليه وسلام سئِل ع ِن البِْت ِع ‪-‬وهو َشراب مسكِر كان يصنَع ِ‬
‫َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ٌ ُ ٌ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ا‬ ‫َ َ ُ‬ ‫َ‬
‫كما كلِّياا يَصلُ ُح‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كيما‪ ،‬مل يَقتص ْر على ُحك ِم البْت ِع فق ْط‪ ،‬وإاَّنا تَعدااه؛ ليكو َن ُح ا‬ ‫ايب صلاى هللاُ عليه وسلام َجو اااب ا‬
‫جامعا َح ا‬ ‫فأجاب الن ُّ‬
‫اب أس َكَر فهو َحر ٌام»‪ ،‬وهذه هي القاعدةُ الكلِّياةُ يف اِلُك ِم على‬ ‫«كل َشر ٍ‬
‫ط اإلسكا ِر؛ فقال‪ُّ :‬‬ ‫شر ُ‬ ‫ٍ‬
‫عميمه على ِّ‬
‫كل َشراب تَوافَ َر فيه ْ‬ ‫تَ ُ‬
‫ب‪ ،‬أو الت ْام ِر‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫اب أ ادى إىل اإلسكا ِر فهو ُحمارم‪ ،‬اأاي كانت ما ادتُه الايت ِ‬
‫فكل َشر ٍ‬ ‫األشر ِبة ِ‬
‫صنع منها‪َ ،‬سواءٌ كانت العنَ َ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫بكوِنا مخْارا ْأم َّل‪ُّ ،‬‬
‫الكثري‪.‬‬
‫القليل منه و َ‬
‫شم ُل َ‬ ‫اهي يَ َ‬
‫غري ذلك‪ ،‬والن ُ‬ ‫اعري‪ ،‬أو َ‬ ‫أو الش َ‬
‫من فوائد احلديث‬
‫‪ )1‬تعليق اِلرمة على اإلسكار‪ ،‬فكل مسكر حرام‪ ،‬وجيب على من تناوله حد اخلمر‪.‬‬
‫‪ )2‬إن املفيت جييب السائل بزايدة عن ما سأل عنه إذا كان ذلك مما حيتاج إليه السائل‬
‫‪َّ )3‬ل فرق بي قليل املسكر وكثريه يف التحرمي ‪.‬‬
‫‪َ )4‬ترمي ما يسكر ولو مل يكن شرااب‪ ,‬فيدخل يف ذلك اِلشيشة وغريها‬

‫من شرح اإلمام النووي‪:‬‬


‫األحاديث املذكورة يف الباب صرحية يف أن كل مسكر فهو حرام وهو مخر‬ ‫❖‬

‫اتفق األ صحاب على تسمية مجيع هذه األنبذة مخرا لكن قال أكثرهم‪ :‬هو جماز ‪ ،‬وإَّنا حقيقة اخلمر عصري العنب‪ ،‬وقال مجاعة‬ ‫❖‬

‫منهم ‪ :‬هو حقيقة لظاهر األحاديث‬


‫البِْتع‪ :‬نبيذ العسل ‪ -‬قال اجلوهري ‪ :‬ويقال ‪ :‬أيضا بَْتع بفتح التاء املثناة كقمع وقمع‬ ‫❖‬

‫قوله صلى هللا عليه وسلم ‪" :‬كل شراب أسكر فهو حرام" من جوامع كلمه‬ ‫❖‬

‫يستحب للمفيت إذا رأى ابلسائل حاجة إىل غري ما سأل أن يضمه يف اجلواب إىل املسئول عنه‬ ‫❖‬
‫ابب جواز شرب اللنب‬

‫‪ -90‬حدثنا عبيد هللا بن معاذ العنربي حدثنا أِب حدثنا شعبة عن أِب إسحق عن الرباء قال قال أبو بكر الصديق لَ اما َخَر ْجنَا مع‬
‫ت له ُكثْبَةا ِمن لَ َ ٍ‬ ‫اَّللُ عليه وسلا َم َ‬
‫صلاى ا‬ ‫اَّلل عليه وسلام ِمن م اكةَ إىل امل ِدينَ ِة مررَان بر ٍاع‪ ،‬وقَ ْد ع ِطش ر ُ ِ‬
‫َب‪،‬‬ ‫قال‪ :‬فَ َحلَْب ُ‬ ‫سول هللا َ‬‫َ ََْ َ َ َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫صلاى اُ‬‫النيب َ‬
‫ِّ‬
‫يت‪.‬‬ ‫فأتَي تُه ُبا فَ َش ِرب ا ِ‬
‫حىت َرض ُ‬ ‫َ‬ ‫ُْ َ‬
‫املفردات‪:‬‬
‫عطش‪ِ :‬‬
‫ظمئ (احتاج إىل شرب املاء)‬ ‫ر ٍاع‪ :‬من حيفظ املاشية ويرعاها‬
‫رضي‪ :‬طاب نفسا‬ ‫ليَل‬
‫ُكثْبَةا ‪َ :‬شيئاا قَ ا‬
‫شرح احلديث‬
‫دينة‪ ،‬وم َشيا لَيلةا ِ‬
‫كاملةا‪،‬‬ ‫خرج الرسول عليه الصَلة والسَلم وأبو بكر رضي هللا عنه ِمن غا ِر ثَوٍر يف طَر ِيق اهلِجرةِ ِمن م اكةَ إىل امل ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ص ْخرةٌ طَويلةٌ كان ِظلُّها‬ ‫أمامهما َ‬
‫ت َ‬ ‫فظهَر ْ‬
‫يق خاليا‪َ ،‬‬ ‫ف الناها ِر‪ ،‬وكان الطار ُ‬ ‫صِ‬‫عند ُمنتَ َ‬ ‫حىت اشتَ اد َحُّر الش ِ‬
‫امس َ‬ ‫من الغَ ِد ا‬ ‫سري َ‬
‫وأ ْك َمَل املَ َ‬
‫ايب صلاى هللاُ عليه‬ ‫ايب صلاى هللاُ عليه وسلا َم َم ا‬ ‫ٍ‬ ‫دودا‪ ،‬فنَ َزَّل َ ِ ِ‬
‫نام عليه‪ ،‬وقال للن ِّ‬ ‫كاان يَ ُ‬ ‫ضي هللاُ عنه للن ِّ‬
‫عند الظّ ّل‪ ،‬مثا س اوى أبو بَكر َر َ‬ ‫ممَْ ا‬
‫ِ‬ ‫وسلام‪ََ :‬ن اي ر َ ِ‬
‫وبي نَما مها كذلك‪،‬‬ ‫من الغُبا ِر‪ْ ،‬‬ ‫صخرةِ‪ ،‬وما يُ َ‬
‫وج ُد َ‬ ‫ول ال ا‬ ‫ف ما َح َ‬ ‫وخرج أبو بَك ٍر ليُنظّ َ‬‫فنام صلاى هللاُ عليه وسلا َم‪َ ،‬‬‫سول هللا‪َ ،‬‬ ‫َ ْ َ‬
‫فأجاب‬ ‫َب؟‬ ‫فسألَه‪ :‬أيف غَنَ ِم َ‬ ‫أهل امل ِ‬‫ِ‬ ‫جل ِ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫إذا بِراعي غَن ٍم مقبِ ٍل بغَنَ ِ‬
‫َ‬ ‫ك لَ ٌ‬ ‫َ‬ ‫دينة‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫لر‬
‫َ‬ ‫اه‬
‫ن‬ ‫أب‬ ‫ه‬‫فأجاب‬
‫َ‬ ‫؟‬‫َلم‬
‫ُ‬ ‫غ‬
‫ُ‬ ‫اي‬ ‫أنت‬
‫َ‬ ‫ن‬ ‫مل‬ ‫‪:‬‬ ‫ر‬ ‫ك‬‫ب‬
‫َ‬ ‫أبو‬ ‫ه‬‫ل‬
‫َ‬ ‫أ‬ ‫فس‬
‫َ‬ ‫ه‬‫م‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫بك على َس ِ‬
‫بيل‬ ‫ب ملن َيُُّر َ‬ ‫معك إ ْذ ٌن ِمن مالِكِها يف اِلَلْ ِ‬ ‫وهل َ‬ ‫ب لعابِري ال اس ِ‬
‫بيل؟‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫فسألَه‪ :‬أفتَحلُ ُ‬ ‫ُّروع‪َ ،‬‬ ‫َب يف الض ِ‬ ‫وج ُد لَ ٌ‬‫عم‪ ،‬يُ َ‬ ‫َلم‪ :‬نَ ْ‬
‫الغُ ُ‬
‫يق ِمن الغُ ِ‬ ‫يافة؟ قال‪ :‬نَعم‪ ،‬فأخذ ال اراعي شاةا‪ ،‬وطلَب ِ ِ‬ ‫الض ِ‬
‫وصفاءا‪ ،‬وَّل‬
‫َب أكثَ َر نَقاءا َ‬ ‫ساخ؛ ليَكو َن اللا ُ‬ ‫األو َ‬ ‫ع ْ‬ ‫ض الضار َ‬ ‫َلم أ ْن يَن ُف َ‬ ‫الص ّد ُ‬‫ّ‬ ‫ْ َ‬ ‫ِّ‬
‫ليَل وكان مع أِب بك ٍر أيضا إانء ِمن ِج ٍ‬
‫لد فيها ماءٌ‪،‬‬ ‫ا ٌ‬ ‫َ َ‬ ‫ب ُمق اع ٍر‪َ ،‬شيئاا قَ ا‬ ‫خش ٍ‬ ‫ب ال اراعي يف قَ َدح ِمن َ‬ ‫ِ‬
‫يَعلَ َق به َشيءٌ م َن الق َذ ِر‪ ،‬فحلَ َ‬
‫ايب صلاى هللا عليه وسلام وج َده انئما‪ ،‬ف َك ِره أ ْن يوقِظَه ِمن نَ ِ‬
‫ومه‪،‬‬ ‫َ ُ‬ ‫ا‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫وي منها‪ ،‬فل اما جاء إىل الن ِّ‬ ‫ايب صلاى هللاُ عليه وسلا َم َلريتَ َ‬ ‫فحملَها للن ِّ‬
‫َ‬
‫ضي أبو‬ ‫ر‬ ‫حىت‬ ‫م‬ ‫ايب صلاى هللاُ عليه وسلا‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫ب‬ ‫ر‬‫فش ِ‬ ‫‪،‬‬ ‫سول هللاِ‬ ‫ر‬ ‫اي‬ ‫ب‬ ‫اشر‬ ‫فقال‪:‬‬ ‫املاء الاذي على اللا َ ِ‬
‫َب‬ ‫ب من ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫فص ا َ‬ ‫ظ‪َ ،‬‬ ‫حىت استَي َق َ‬ ‫فاننتَظََر ا‬
‫ايب صلاى هللاُ عليه وسلا َم؛ ل َكثْرةِ ما َش ِرب‪.‬‬ ‫ا ِ‬ ‫ٍ‬
‫ت ن ْف ُسه‪ ،‬واطْمأن لشبَ ِع الن ِّ‬ ‫ضي هللاُ عنه‪ ،‬أي‪ :‬طابَ ْ‬ ‫بَكر َر َ‬
‫من شرح اإلمام النووي‪:‬‬
‫اجته َوكِ َفايَته‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب َح َ‬ ‫ب َح اىت َعل ْمت أَناهُ َش ِر َ‬ ‫يت َم ْعنَاهُ ‪َ :‬ش ِر َ‬
‫ب َح اىت َرض ُ‬ ‫❖ َش ِر َ‬
‫احبه ح ِ‬ ‫اَّلل علَي ِه وسلام ِمن لَب الراعي ولَيس ص ِ‬
‫اضارا فيه أربعة أوجه‪:‬‬ ‫َ‬ ‫َْ َ َ‬ ‫صلاى ا َ ْ َ َ َ ْ َ‬ ‫❖ ُش ْربه َ‬
‫دها ‪ :‬أَ ان َه َذا َكا َن َر ُج اَل َح ْربِياا ََّل أ ََمان لَهُ ‪ ،‬فَيَ ُجوز ِاَّل ْستِ َيَلء َعلَى َماله‬ ‫َح َ‬ ‫‪ -‬أَ‬
‫اَّلل َعلَْي ِه َو َسلا َم ِم ْن لَبَنه‪.‬‬
‫صلاى ا‬ ‫ااِن ‪َ :‬حيتَ ِمل أَناه َكا َن رج اَل ي ُد ّل علَي ِه النِايب صلاى ا ِ‬
‫اَّلل َعلَْيه َو َسلا َم َوََّل يَكَْره ُش ْربه َ‬ ‫ُ َُ َ َْ ّ َ‬ ‫‪َ -‬والث ِ ْ‬
‫َحد ‪َ ،‬و ََيْ َذنُو َن لُِر َعاِتِِ ْم لِيَ ْس ُقوا َم ْن َيَُّر ُبِِ ْم‪.‬‬ ‫ِِ ِ‬ ‫‪ -‬والثاالِث ‪ :‬لَعلاه َكا َن ِيف عر ِ‬
‫فهم مماا يَتَ َس َاحمُو َن به ل ُك ِّل أ َ‬
‫ُْ ْ‬ ‫َُ‬ ‫َ‬
‫ضطَارا‪.‬‬‫‪َ -‬وال ارابِع ‪ :‬أَناهُ َكا َن ُم ْ‬
‫ابب يف شرب النبيذ وختمري اإلانء‬

‫اك أخربان ابن ُجريح‬ ‫بن ُمحيد كلُّهم عن أِب عا صم قال ابن املُثَ ان ح ّدثنا ال ا‬
‫ض اح ُ‬ ‫‪ -93‬حدثنا ُزهري بن حرب وحممد بن املُثَ ان ُ‬
‫وعبد ُ‬
‫النيب صلى هللا عليه وسلم‬ ‫ِ‬
‫أتيت ا‬
‫أخربِن أبُو ُمحيد ال اساعدي قال‪ُ :‬‬ ‫بن عبد هللا رضي هللا عنهما يقول‪َ :‬‬ ‫جابر َ‬
‫سع َ‬ ‫الزبري أنه َ‬ ‫أخربِن أبو ُّ‬
‫َب ِمن الن ِ‬ ‫ِ‬
‫ودا‪.‬‬
‫ض عليه عُ ا‬ ‫قال‪ :‬اأَّل َمخ ْارتَهُ‪ ،‬ولو تَ ْع ُر ُ‬
‫ليس ُُمَ امارا فَ َ‬
‫َ‬ ‫ع‬‫ِ‬ ‫ي‬ ‫اق‬ ‫ب َق َد ٍح من لَ َ ٍ َ‬
‫وابألبْو ِ‬
‫اب أ ْن تُ ْغلَ َق ْليَلا‪.‬‬ ‫ابألس ِقيَة أ ْن تُوَكأَ ْليَلا ِ‬
‫ْ‬ ‫ر‬ ‫أم‬ ‫قال أبو ُمح ٍ‬
‫يد‪ :‬إَّنا ِ‬
‫ُ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫املفردات‪:‬‬
‫عود‪ :‬خشبة دقيقة‬ ‫القدح ‪ :‬إانء يشرب ُبا املاء أو النبيذ ‪...‬‬
‫أسقية مجع ِسقاء ‪ :‬وعاء من جلد‬ ‫قيق (العقيق من أشهر أودية املدينة)‬ ‫الناقي ِع ‪ :‬مكا ٌن بِوادي َ‬
‫الع ِ‬
‫أوكي‪ :‬شد ابلوكاء‪ ،‬ربط‬ ‫َمخَار‪َ :‬غطاى (منه اخلمر املغطي للعقل ومخار املرأة)‬
‫الوكاء‪ِّ :‬‬
‫الرابط‬ ‫عرضا‬ ‫ِ‬
‫عرض الشيءَ على الشيء ‪ :‬وضعه عليه ْ‬
‫شرح احلديث‬
‫ايب صلاى هللاُ عليه وسلام ِحينما‬ ‫اِلديث فيه األمر بسن ٍاة مه ام ٍة‪ ،‬وهي تَغطيةُ اآلني ِة؛ فريوي جابِر بن ِ‬
‫عبد هللاِ ر ِ‬
‫ض َي هللاُ عنهما أ ان الن ا‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫هذا‬
‫ِ‬ ‫بقد ٍح ‪-‬وهو الوعاء‪ِ -‬من لَ َ ٍ‬ ‫يد ِ‬‫أاته أبو ُمح ٍ‬
‫ايب صلاى هللاُ‬
‫قيق؛ قال له الن ُّ‬ ‫َب‪ ،‬وجاء به من الناقي ِع‪ ،‬وهو‪ :‬مكا ٌن بِوادي َ‬
‫الع ِ‬
‫ُ‬ ‫رض َي هللاُ عنه َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫«أَّل َمخارتَه‪ ،‬ولو أ ْن تَعرض عليه عودا»‪ ،‬فحضاه النايب صلاى هللا عليه وسلام على تَ ِ ِ‬
‫ودا‬
‫يض َع عليه عُ ا‬
‫غطية اإلانء‪ ،‬ولو أب ْن َ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ُا‬ ‫ُ َ‬ ‫عليه وسلام‪ :‬ا ْ‬
‫أحاديث‬
‫َ‬ ‫اآلنية ُش ِرع لعِلَ ٍل‪ ،‬وردت يف‬
‫غطية ِ‬ ‫ديث آخر عند مسل ٍم‪ ،‬واألمر بتَ ِ‬
‫ُ‬ ‫ََ‬
‫ض‪ ،‬وهذا إذا مل َِجي ْد ما يغ ِطّيه به‪ ،‬كما ابي ذلك يف ح ٍ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ابلع ْر ِ‬
‫َ‬
‫اجاسة والقاذور ِ‬
‫وصيانتُه ِمن الن ِ‬
‫كشف غِطاء‪ِ ،‬‬
‫ِ‬ ‫وصيانتُه ِمن الش ِ‬ ‫عند مسلٍِم؛ منها‪ِ :‬محايته ِمن الو ِ‬
‫ابء‪ِ ،‬‬
‫ات‪،‬‬ ‫أيضا؛ فإ ان الشايطا َن َّل يَ ُ ا‬
‫ايطان ا‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ات‪.‬‬‫اِلشر ِ‬
‫و َ‬
‫من شرح اإلمام النووي‪:‬‬
‫ذكر العلماء لألمر ابلتغطية فوائد‪:‬‬
‫‪ -‬صيانته من الشيطان‪ ،‬فإن الشيطان َّل يكشف غطاء‪ ،‬وَّل حيُ ّل سقاء‬
‫‪ -‬صيانته من الوابء الذي ينزل يف ليلة من السنة‪.‬‬
‫‪ -‬صيانته من النجاسة واملقذرات‪.‬‬
‫‪ -‬صيانته من اِلشرات واهلوام‪ ،‬فرمبا وقع شيء منها فيه فشربه وهو غافل‪ ،‬أو يف الليل فيتضرر به‬
‫‪ -‬قال أبو محيد الساعدي راوي اِلديث ‪ :‬إَّنا أمر ابألسقية أن توكأ ليَل وابألبواب أن تغلق ليَل يعن خصص إيكاء األسقية‬
‫وإغَلق الباب ابلليل وليس يف اللفظ ما يدل عليه‪.‬‬
‫‪ -‬واملختار عند األكثرين من األصوليي أن تفسري الصحاِب إذا كان خَلف ظاهر اللفظ ليس حبجة ‪ ،‬وَّل يلزم غريه من اجملتهدين‬
‫موافقته على تفسريه وهو مذهب الشافعي وغريه رضي هللا عنهم وأما إذا مل يكن يف ظاهر اِلديث ما ُيالفه أبن كان جممَل‬
‫فريجع إىل أتويله ‪ ،‬وجيب اِلمل عليه ؛ ألنه إذا كان جممَل َّل حيل له محله على شيء إَّل بتوقيف‪.‬‬
‫‪ -‬جيوز ختصيص العموم مبذهب الراوي عند الشافعي واألكثرين ‪.‬‬
‫‪ -‬األمر بتغطية اإلانء عام فَل يقبل ختصيصه مبذهب الراوي بل يتمسك ابلعموم‪.‬‬
‫ابب األمر بتغطية اإلانء وإيكاء السقاء وإغالق األبواب وذكر اسم هللا عليها‬
‫وإطفاء السراج والنار عند النوم وكف الصبيان واملواشي بعد املغرب‬

‫الزبري عن جاب ٍر ‪ :‬عن ُ‬


‫رسول هللا صلى هللا‬ ‫أخربان الليث عن أِب ُّ‬ ‫‪ -96‬حدثنا قُتيبة بن ٍ‬
‫ليث (ح) وحدثنا حممد بن ُرْمح َ‬ ‫سعيد حدثنا ٌ‬
‫أطفئوا السراج فإن الشيطان َّل حي ُّل ِس َقاء وَّل ي ْفتح اباب وَّل ِ‬ ‫السقاء وأغلِقوا الباب و ِ‬
‫ِ‬
‫يكشف‬ ‫ا‬ ‫ا َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫عليه وسلم أنه قال‪َ :‬غطُّوا اإلانءَ وأوُكوا ّ‬
‫ض ِرم علَى ْأه ِل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫البيت بَْي تَ ُهم (ومل يذكر‬ ‫فعل فإ ان ال ُف َويْس َقةَ تُ ْ ُ‬
‫اسم هللا فليَ َ‬
‫ويذكر َ‬
‫ودا َ‬
‫ض على إانئه عُ ا‬‫إانءا فإن مل جي ْد أح ُدكم اإَّل أن يَ ْع ُر َ‬
‫قتيبة يف حديثه وأغلقوا الباب)‪.‬‬

‫املفردات‪:‬‬
‫عرض ا‬
‫عرض الشيء على الشيء ‪ :‬وضعه عليه ْ‬ ‫أسقية مجع سقاء‪ :‬وعاء من جلد‬
‫عود‪ :‬خشبة دقيقة‬ ‫أوكى‪ :‬شد ابلوكاء‪ ،‬ربط‬
‫ال ُفو ِ‬
‫يس َقة‪ :‬ال َفأَْرةَ‬ ‫الوكاء‪ِّ :‬‬
‫الرابط (ما يُربط به)‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫ض ِرُم‪ :‬تُ ْشع ُل الن َ‬
‫اار‬ ‫تُ ْ‬ ‫فك‬
‫حل حيُ ُّل‪ :‬ا‬
‫ا‬
‫شرح احلديث‬
‫ايب صلاى هللا عليه وسلام ِمن أج ِل ِ‬
‫اآلخرةِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ما منع الدين عن شيء إَّل وفيه مضرة ومل َيمر بشيء إَّل وفيه منفعة‪ ،‬فلَ ْم تَ ُك ْن َوصااي الن ِّ‬
‫فق ْط؛ بل كان صلاى هللا عليه وسلام َجيمع ِأل امتِ ِه خري ِي الدُّنيا و ِ‬
‫اآلخرِة‪.‬‬ ‫َ َْ‬ ‫َ َْ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫اب غِطاءا‪،‬‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬
‫عام ْأو َشر ٌ‬ ‫اج َعلوا ْفو َق ُك ِّل إانء فيه طَ ٌ‬ ‫انصحا أُامتَه‪" :‬غَطُّوا اإلانءَ" أي‪ْ :‬‬ ‫ا‬ ‫ايب صلى هللا عليه وسلم‬ ‫يقول الن ُّ‬
‫اِلديث ُ‬ ‫ويف هذا‬
‫ك‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ا‬ ‫وضع ِ‬ ‫القر ِبة‪ ،‬و ِ‬‫ط‪ ،‬وال ِوكاء‪ :‬اسم ما يش ُّد ِبه فَم ِ‬ ‫ِ‬ ‫السقاءَ" ِمن‬ ‫ِ‬
‫وحنو َذل َ‬
‫ُ‬ ‫َب‬
‫ُ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫أو‬ ‫املاء‬
‫ُ‬ ‫فيه‬ ‫َ‬
‫ّ ُ ُ ُ‬‫ي‬ ‫ما‬ ‫‪:‬‬‫قاء‬ ‫الس‬ ‫ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ب‬‫ر‬‫ا‬ ‫ال‬
‫و‬ ‫د‬‫ُّ‬ ‫ش‬
‫ا‬ ‫ال‬ ‫وهو‪:‬‬ ‫‪،‬‬ ‫اإليكاء‬ ‫" َوأ َْوُكوا ّ‬
‫اية‪َ " :‬وأ ْك ِفئُوا اإلانءَ"‪،‬‬‫املاء وغ ِريه‪ ،‬ويف ِرو ٍ‬ ‫ابط؛ ِمن أَج ِل ِح ْف ِظ ما فيها ِمن ِ‬ ‫ب بِِر ٍ‬ ‫ِ‬
‫القر ِ‬ ‫ُ ِ‬ ‫القَرب الايت ََْت َف ُ‬ ‫ِمثل ِ‬
‫ْ‬ ‫املقصود‪ْ :‬اربطوا أَفْواهَ َ‬ ‫ظ املاءَ‪ ،‬و‬ ‫ُ‬
‫ٍ‬ ‫وذلك إذا كان فار اغا‪ ،‬ويف أُخرى‪ِ " :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ايب‬
‫أرش َد الن ُّ‬
‫بش ْيء‪ .‬و َ‬ ‫مخَّروا اإلانءَ" أي‪َ :‬غطُّوا اإلانءَ َ‬ ‫َس َف َل؛ َ‬ ‫اج َعلوا فْت َحتَه أل ْ‬ ‫أي‪ :‬اقْلبُوا اإلانءَ‪ ،‬و ْ‬
‫املصابيح الايت كانت تُوقَ ُد ابلناا ِر‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫اج‪ ،‬وهي‬ ‫صلى هللا عليه وسلم إىل إغَلق أبواب البيوت‪ ،‬و اأَّل تُ َرت َك َمفتوحةا ابللا ِيل‪ ،‬وأ ْن يُط َفأَ ّ‬
‫السر ُ‬
‫ك‬‫وبي أ ان الشايطا َن إذا َو َج َد قِْربَةا َم ْربوطَةا فإناه َّل يَ ُف ُّ‬ ‫ايب صلى هللا عليه وسلم ا‬ ‫نام عنها؛ مثا علال الن ُّ‬
‫ِ‬
‫فَل يَ ُرتَكها اإلنسا ُن ُمشتعلةا ويَ ُ‬
‫كش ُفه‪ .‬وإذا مل َِجي ِد اإلنسا ُن ما يُغَ ِطّي‬ ‫ِرابطَها‪ ،‬وكذلك فإ ان الشايطا َن إذا وجد اباب مغلَ اقا فإناه َّل يفتحه‪ ،‬وإذا وجد إانء مغَطاى فإناه َّل ي ِ‬
‫َ‬ ‫ََ اُ‬ ‫ُُ‬ ‫َ اُ‬
‫بب يف ذلك أ ان ال ُف َويْ ِس َقةَ وهي‬ ‫س‬ ‫ال‬‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ي شي ٍء‪ ،‬ولو عودا أو عصا وما شابه ذلك‪ ،‬وي ْذ ُك ِر اسم هللاِ على ِ‬
‫اإلانء‬
‫ُ‬ ‫ا‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ا‬ ‫ُا‬ ‫ض ْع عليه أ ا َ ْ‬ ‫به إانءَهُ فَلْيَ َ‬
‫ض ِرُم‪،‬‬ ‫ابإليذاء واإل ِ‬‫ِ‬ ‫روجها عن معظ ِم غ ِريها من اِلشر ِ‬ ‫الفس ِق‪ ،‬وهو اخلروج‪ُِ ،‬سيت بذلك؛ خل ِ‬ ‫ال َفأْرةَ‪ ،‬تَصغري ٍ ِ ِ‬
‫فساد‪" ،‬تُ ْ‬ ‫ات‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ َّ‬ ‫فاسق‪ ،‬م َن ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫البيت على أهلِ ِه‪ .‬وقد روي عن أِب موسى‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫البيت‪ ،‬فتح ِرُك املِ‬ ‫أي‪ :‬تُ ْشعِل الناار‪ ،‬على أ َْه ِل ِ‬
‫ام‪ ،‬فَتُ ْح ِر ُق َ‬ ‫باح املُ ْشتَع َل َوأ َْه ُل البيت نيَ ٌ‬‫َ‬ ‫ص‬
‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ‬
‫ِ‬ ‫ث ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ال‪ :‬إ ان هذه الن َ‬
‫اار‬ ‫ايب صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬قَ َ‬ ‫ت ابملدينَ ِة علَى ْأهل ِه ِم َن اللاْي ِل‪ ،‬فَ ُح ّد َ َ‬
‫بشأِْن ُم الن ُّ‬ ‫ٌ‬ ‫اح ََرت َق بَْي‬
‫ْ‬ ‫األشعري رضي هللا عنه قال‪:‬‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وها َعْن ُكم (صحيح البخاري)‪.‬‬ ‫إاَّنا هي َع ُد ٌّو لَ ُك ْم‪ ،‬فَإِذَا َّنْتُ ْم فأطْفئُ َ‬
‫ِ‬
‫احلديث‪:‬‬ ‫ويف‬
‫الكامل على هللاِ َ‬
‫تعاىل‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ابألسباب مع التاوُّك ِل‬ ‫تعاىل‪ .‬ب) األخ ُذ‬ ‫اِلث على ِذك ِر هللاِ َ‬ ‫أ) ُّ‬
‫ِِ‬ ‫ِِ‬
‫ومعنواي‪.‬‬
‫ا‬ ‫ماداي‬
‫لم ا‬ ‫املس َ‬
‫ضُّر ْ‬ ‫كل ما يَ ُ‬ ‫ج ) أمهّياة اَّلحرتاز من ِّ‬
‫من شرح اإلمام النووي‬
‫ض ِرُم‪َ :‬ترق سر ايعا‬
‫تُ ْ‬ ‫❖ املراد ابل ُف َويْ ِس َقة الفأرةُ‪،‬‬
‫أضرمت أي‪ :‬التهمت‪ ،‬وأضرمتها أان وضرمتها‪.‬‬ ‫❖ قال أهل اللغة ‪ :‬ض ِرمت النار بكسر الراء ّ‬
‫وتضرمت و َ‬
‫*****‬
‫ِ‬
‫َخ ََربَان أَبُو َخْي ثَ َمةَ ‪،‬‬ ‫الزبَِْري ‪َ ،‬ع ْن َجاب ٍر (ح) َ‬
‫وحداثَنَا َْحي َىي بْ ُن َْحي َىي ‪ ،‬أ ْ‬ ‫س ‪َ ،‬حداثَنَا ُزَه ْريٌ ‪َ ،‬حداثَنَا أَبُو ُّ‬ ‫‪َ -98‬حداثَنَا أ ْ‬
‫َمحَ ُد بْ ُن يُونُ َ‬
‫س َح اىت‬ ‫ام‬ ‫ش‬ ‫ال‬ ‫ت‬‫صب يانَ ُكم إِذَا غَاب ِ‬ ‫اَّلل علَي ِه وسلام‪ََّ :‬ل تُرِسلُوا فَو ِاشي ُكم و ِ‬ ‫ا‬ ‫ى‬ ‫ا‬
‫ل‬ ‫ص‬ ‫اَّللِ‬
‫ول ا‬ ‫ال َر ُس ُ‬ ‫الزبَِْري ‪َ ،‬ع ْن َجابِ ٍر ‪ ،‬قَ َ‬
‫ال ‪ :‬قَ َ‬ ‫َع ْن أَِِب ُّ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ب فَ ْح َمةُ الْعِ َش ِاء‪.‬‬
‫س َح اىت تَ ْذ َه َ‬‫ُ‬ ‫ام‬
‫ْ‬ ‫ش‬‫ال‬ ‫ث إِ َذا َغاب ِ‬
‫ت‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫اطي تَ ْن بعِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫تَ ْذهب فَحمةُ الْعِ َش ِاء ‪ ،‬فَإِ ان الشاي ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ َْ‬
‫املفردات‪:‬‬
‫الفواشي مجع فاشية‪ :‬كل ما ينتشر من املال (كاإلبل والغنم وسائر البهائم وغريها ألِنا تفشو أي تنتشر يف األرض)‬
‫الفحمة ‪:‬شدة الظَلم‬

‫شرح احلديث‬
‫إن اإلسَلم دين جاء خلري اإلنسانية يف الدنيا واآلخرة‪ ،‬وهو حريص على محاية اإلنسان وعرضه وماله من األضرار اليت قد تصيبه من‬
‫اخلروج من الب ِ‬ ‫صبيان أي منعهم من اَّلنتشا ِر ِ‬
‫كف ال ِ‬ ‫ِ‬
‫يوت‬‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ومن‬ ‫النيب صلاى هللاُ عليه وسلام ب ّ‬
‫ُملوقات حميطة به‪ ،‬ففي هذا اِلديث َيمر ُّ‬
‫تستعي‬
‫ُ‬ ‫الشياطي‬
‫َ‬ ‫أمجع لل ُقوى الشايطانيا ِة ُ‬
‫ويقال‪ :‬إ ان‬ ‫َلم ُ‬ ‫وقت انتشا ِر الشاياط ِ‬
‫ي وأل ان الظا َ‬ ‫إىل الطرقات إذا غابت الشمس‪ ،‬أل ان الليل ُ‬
‫ِ‬
‫ُّور‪ .‬وكذلك َيمر مبنع متحركات األموال من املواشي كاإلبل والغنم وسائر البهائم من اخلروج يف الليل‪ ،‬فإن‬ ‫ابلظُّلْمة‪ ،‬وتَ َ‬
‫كرهُ الن َ‬
‫األخطار يف هذا الوقت أكثر وقوعا منها يف غريه‪.‬‬
‫‪ -‬املراد من الشياطي يف اِلديث كل متمرد مؤذ من شياطي اجلن وشياطي اإلنس كاللصوص والفسقة والفجرة وشياطي‬
‫املخلوقات األخرى كاألفاعي والوحوش واهلوام‪.‬‬
‫‪ -‬الصبيان أقل اإلنس دفاعا عن النفس‪ ،‬ووقاية من األخطار‪.‬‬
‫‪ -‬الفواشي من اإلبل والغنم وسائر البهائم وحنوها َّل َتمي نفسها‪.‬‬

‫من شرح اإلمام النووي‬

‫"َّل ترسلوا فواشيكم وصبيانكم"‬


‫قال أهل اللغة‪ :‬الفواشي كل منتشر من املال‪ .‬اإلبل والغنم وسائر البهائم وغريها ‪.‬وهي مجع فاشية‪ ،‬ألِنا تفشو أي تنتشر يف األرض‪.‬‬
‫(فحمة العشاء) ظلمتها وسوادها‪ .‬وفسرها بعضهم هنا إبقباله وأول ظَلمه‪ .‬وكذا ذكره صاحب ِناية الغريب قال‪ :‬ويقال للظلمة اليت‬
‫بي صَليت املغرب والعشاء الفحمة‪ .‬ولليت بي العشاء والفجر العسعسة‪.‬‬

‫*******‬
‫ي َع ْن َس ٍِامل َع ْن‬
‫الزْه ِر ِّ‬
‫ب قَالُوا َحداثَنَا ُس ْفيَا ُن بْ ُن عُيَ ْي نَةَ َع ْن ُّ‬‫‪ -100‬حداثَنَا أَبو ب ْك ِر بْن أَِِب َشْي بَةَ و َع ْمرو النااقِ ُد وُزَه ْري بْن حر ٍ‬
‫َ ُ ُ َْ‬ ‫َ ٌ‬ ‫ُ َ ُ‬ ‫َ‬
‫ِ ِ‬ ‫اَّللُ َعلَْي ِه َو َسلا َم قَ َ‬ ‫ِِ‬
‫اار ِيف بُيُوت ُك ْم ح َ‬
‫ي تَنَ ُامو َن‪.‬‬ ‫ال ََّل تَْ ُرتُكوا الن َ‬ ‫صلاى ا‬ ‫أَبيه َع ْن النِ ِّ‬
‫ايب َ‬
‫املفردات‪:‬‬
‫حي تنامون‪ :‬إذا جاء وقت نومكم‬
‫شرح احلديث‪:‬‬
‫ااس مبا فيه صَلحهم ونَ ْفعهم‪ ،‬ومبا يبعِ ُد عنهم الضارر واألذى‪ .‬ويف هذا اِل ِ‬
‫ديث نباهَ صلاى هللاُ عليه وسلام‬‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُمور الن ِ‬
‫يف أ َ‬ ‫نظام الشارعُ ال اشر ُ‬
‫دخ ُل يف ذلك‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫طفئوا الناار عند إرادةِ الن ِ‬
‫على ضرِر الناار وخطَ ِرها إذا مل َُت َف ْظ وتُراع‪ ،‬وأمرهم أب ْن ي ِ‬
‫حىت َّل تَنتشَر يف َغفلة منهم‪ ،‬ويَ ُ‬
‫اوم؛ ا‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫الغياب عنها‪.‬‬ ‫ِ‬
‫لَلنشغال أو‬ ‫تَ ْرُكها ُمشتعِلةا‪ ،‬وليس هناك َمن يَ ْرعاها ويَتنباهُ هلا؛‬

‫من فوائد احلديث‬

‫كراهية ترك النار مشتعلة حال النوم؛ ألن ذلك رمبا يؤدي إىل اَّلحرتاق‪ ،‬سواء كانت النار لإلضاءة‪،‬كاملصباح والشمعة‬ ‫▪‬

‫السراج‪ ،‬أم لَلستدفاء كاملدفأة واملوقِد وغريها‪.‬‬


‫ِ‬
‫و ّ‬
‫يكره اَّلشتغال أبمر يُلهي عن مراقبة النار‪.‬‬ ‫▪‬
‫املخاط ِر واملهالِ ِ‬
‫ك قبل وقوعها‬ ‫ِ‬ ‫قاية ِم َن‬
‫أبسباب ال ِو ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األخذ‬ ‫جيب‬ ‫▪‬
‫من شرح اإلمام النووي‬

‫قوله‪َّ" :‬ل ترتكوا النار يف بيوتكم حي تنامون"‬


‫ِ‬
‫دخلت يف األمر ابإلطفاء‪،‬‬
‫يق بسببها‪َ ،‬‬‫هذا عام يدخل فيه انر السراج وغريها‪ ،‬وأما القناديل املعلاقة يف املساجد وغريها‪ ،‬فإن خيف حر ٌ‬
‫وإن أ ُِمن ذلك ‪ -‬كما هو الغالب ‪ -‬فالظاهر أنه َّل أبس ُبا؛ َّلنتفاء العلة؛ ألن النيب ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬علال األمر ابإلطفاء‬
‫يف اِلديث السابق‪ ،‬أبن ال ُفويسقة تُض ِرم على أهل البيت بيتَهم‪ ،‬فإذا انتفت العلة‪ ،‬زال املنع‪.‬‬

‫ِ‬
‫وأحكامهما‬ ‫الطعام والشر ِ‬
‫اب‬ ‫ِ‬ ‫ابب ِ‬
‫آداب‬
‫ضرَان‬‫‪ -102‬حدثنا أبو بكر بن أِب شبية وأبو ُكَريب قاَّل حدثنا أبو معاوية عن األعمش عن أِب حذيفة عن حذيفة قال‪ُ :‬كناا إِ َذا َح َ‬
‫ول هللا ‪-‬صلاى هللا عليه وسلام‪ -‬طَعاما‪َ ،‬مل نَضع أ ِ‬ ‫مع رس ِ‬
‫ضرَان‬‫ضع يَ َدهُ‪َ ،‬وإِ اان َح َ‬
‫بدأ رسول هللا ‪-‬صلاى هللا عليه وسلام‪ -‬فَيَ َ‬ ‫َيدينَا َح اىت يَ َ‬ ‫َ‬ ‫َا‬ ‫ََ ُ‬
‫رسول هللا ‪-‬صلاى هللا عليه وسلام‪ -‬بِيَ ِد َها‪ ،‬مثُا جاء‬ ‫ُ‬ ‫ذ‬‫َ‬ ‫َخ‬
‫َ‬ ‫أ‬‫َ‬‫ف‬ ‫ام‪،‬‬‫ع‬
‫َ‬ ‫ا‬
‫ط‬ ‫ال‬ ‫يف‬‫ِ‬ ‫ا‬‫ه‬‫َ‬ ‫د‬
‫َ‬ ‫ي‬
‫ََ‬ ‫ع‬ ‫ض‬
‫َ‬ ‫ت‬
‫َ‬
‫معه مارةا طَعاما‪ ،‬فَجاءت جا ِريةٌ َكأ اَِنا تُدفَع‪ ،‬فَ َذهبت لِ‬
‫ُ ََ‬ ‫ََ َ َ ا َ َ َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أعراِب كأَاَّنَاَ ي ْدفَع‪ ،‬فَأ ِ ِ ِ‬
‫اىل‪-‬‬ ‫َخ َذ بيَده‪ ،‬فقال رسول هللا ‪-‬صلاى هللا عليه وسلام‪" :‬إ ان الشايطَا َن يَستَح ُّل الطا َع َام أَن َّلَ يُ ْذ َكَر ُ‬
‫اسم هللا ‪-‬تَ َع َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫فسي بِيَ ِدهِ‪ ،‬إِ ان‬
‫علَيه‪ ،‬وإِناه جاء ُِب ِذهِ اجلاا ِرية؛ لِيستَ ِح ال ُِبا‪ ،‬فَأَخذت بِي ِدها؛ فَجاء ُِب َذا األَعرِاِب؛ لِيستَ ِح ال بِِه‪ ،‬فَأَخذت بِي ِدهِ‪ ،‬والا ِذي نَ ِ‬
‫َ ُ َ‬ ‫َ َْ‬ ‫َ َ ُ َ َ ََ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ ُ ََ َ‬
‫يَ َدهُ ِيف يَ ِدي َم َع يَ ِد َها"‬
‫املفردات‪:‬‬
‫يَستَ ِح ُّل‪ :‬يتم اكن من أكله‪ ،‬واملعن أن الشيطان يتمكن من أكل الطعام‬ ‫أعراِب‪ :‬ساكن البادية‪،‬‬ ‫َجا ِريَةا‪ :‬الفتاة الصغرية‬
‫ذت بِيَ ِد َها‪ :‬حنايتها عن الطعام ومنعتها من األكل‬
‫َخ ُ‬
‫إذا شرع فيه إنسان بغري ذكر هللا‪ ،‬فَأ َ‬

‫شرح احلديث‪:‬‬
‫طعاما مل نضع أيدينا حىت يبدأ رسول‬
‫قال حذيفة بن اليمان رضي هللا عنهما‪ ":‬كنا إذا حضران مع رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ا‬
‫هللا صلى هللا عليه وسلم فيضع يده"؛ وذلك لكمال احرتامهم للنيب صلى هللا عليه وسلم ‪ ،‬فَل يضعون أيديهم يف الطعام حىت يضع‬
‫يده‪ .‬فحضر مع رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ذات يوم طعاما فل اما بدءوا ‪-‬أو قُ ِّدم هلم‪ -‬جاءت جارية‪ ،‬يعين طفلة صغرية "كأَّنا‬
‫دفعا" يعين كأِنا تركض‪ ،‬فأرادت أن تضع يدها يف الطعام بدون أن تسمي هللا؛ فأمسك النيب صلى هللا عليه وسلم بيدها "مث‬
‫تدفع ا‬
‫دفعا" ‪ ،‬فوضع يده يف الطعام؛ فأمسك النيب صلى هللا عليه وسلم بيده‪ ،‬مث أخرب النيب صلى هللا عليه‬
‫جاء أعراِب كذلك كأَّنا يدفع ا‬
‫وسلم أن هذا األعراِب وهذه اجلارية جاء ُبما الشيطان‪ ،‬أي ‪:‬وسوس هلما ودفعهما للمجيء؛ ألجل أن ِ‬
‫يستح ال الطعام ُبما إذا أكَل‬
‫بدون تسمية‪ .‬ومها قد يكوانن معذورين جلهلهما؛ هذه لصغرها وهذا أعراِب‪ ،‬لكن الشيطان أتى ُبما من أجل أِنما إذا أكَل بدون‬
‫تسمية شارك يف الطعام‪ .‬مث أقسم النيب صلى هللا عليه وسلم أن يد الشيطان مع أيديهما يف يد النيب صلى هللا عليه وسلم‬
‫من فوائد احلديث‬
‫▪ احرتام الصحابة لرسول هللا ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬وأدُبم معه ‪.‬‬
‫من آداب الطعام أن ينتظر الصغري حىت يبدأ الكبري والفاضل يف األكل ‪.‬‬ ‫▪‬

‫الشيطان يدفع بعض أهل الغفلة ألعمال هو يرتضيها؛ ليتمكن من الوصول إىل مبتغاه ‪.‬‬ ‫▪‬

‫وجوب تغيري املنكر ابليد ملن كان قدرا ‪.‬‬ ‫▪‬

‫الشيطان َّل يتمكن من طعام أهل اإلَيان إَّل إذا مل يذكر اسم هللا عليه ‪.‬‬ ‫▪‬

‫استحباب تعليم الناس أدب األكل والشرب يف اإلسَلم ‪.‬‬ ‫▪‬

‫أتكد التسمية عند األكل‪.‬‬ ‫▪‬

‫من شرح اإلمام النووي‬


‫( مل نضع أيدينا حىت يبدأ رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ) فيه بيان هذا األدب‪ ،‬وهو أنه يبدأ الكبري والفاضل يف غسل اليد للطعام‬
‫ويف األكل‪ ،‬كأِنا تدفع‪ :‬يعين لشدة سرعتها‪.‬‬
‫يف هذا احلديث فوائد منها‪:‬‬
‫جواز اِللف من غري استحَلف‪.‬‬ ‫▪‬

‫استحباب التسمية يف ابتداء الطعام وكذا يستحب محد هللا تعاىل يف آخره‪.‬‬ ‫▪‬

‫تستحب التسمية يف أول الشراب ‪ ،‬بل يف أول كل أمر ذي ابل‪.‬‬ ‫▪‬


‫قال العلماء ‪ :‬ويستحب أن جيهر ابلتسمية ليسمع غريه وينبهه عليها ‪ ،‬ولو ترك التسمية يف أول الطعام عامدا أو انسيا أو‬ ‫▪‬

‫جاهَل أو مكرها أو عاجزا لعارض آخر مث متكن يف أثناء أكله منها يستحب أن يسمي ويقول ‪ :‬بسم هللا أوله وآخره ‪ ،‬لقوله‬
‫صلى هللا عليه وسلم " ‪ :‬إذا أكل أحدكم فليذكر اسم هللا ‪ ،‬فإن نسي أن يذكر هللا يف أوله فليقل ‪ :‬بسم هللا أوله وآخره‪.‬‬
‫والتسمية يف شرب املاء واللَب والعسل واملرق والدواء وسائر املشروابت كالتسمية على الطعام‪.‬‬ ‫▪‬
‫اِلائض‬
‫اجلنب و ُ‬ ‫َتصل التسمية بقوله‪( :‬بسم هللا) فإن قال‪ :‬بسم هللا الرمحن الرحيـم كان حسنا ‪ ،‬وسواءٌ يف استحباب التسمية ُ‬ ‫▪‬
‫وغريمها‪.‬‬
‫ينبغي أن يسمي كل واحد من اآلكلي فإن سى واحد منهم حصل أصل السنة‪.‬‬ ‫▪‬
‫"إن يده يف يدي مع يدمها" (يف بعض الرواايت) التثنية تعود إىل اجلارية واألعراِب‪.‬‬ ‫▪‬
‫معن يستحل يتمكن من أكله ‪ ،‬ومعناه ‪ :‬أنه يتمكن من أكل الطعام إذا شرع فيه إنسان بغري ذكر هللا تعاىل ‪ .‬وأما إذا مل‬ ‫▪‬
‫يشرع فيه أحد فَل يتمكن ‪ ،‬وإن كان مجاعة فذكر اسم هللا بعضهم دون بعض مل يتمكن منه‬
‫مجاهري العلماء من السلف واخللف من احملدثي والفقهاء واملتكلمي يرون أن الشيطان َيكل حقيقة ؛ إذ العقل َّل حييله ‪،‬‬ ‫▪‬
‫والشرع مل ينكره ‪ ،‬بل أثبته فوجب قبوله واعتقاده‬

‫*****‬
‫‪ -103‬حدثنا حممد بن املثن العنزي حدثنا الضحاك يعين أاب عاصم عن ابن جريج أخربِن أبو الزبري عن جابر بن عبد هللا أنه سع‬
‫بيت ل ُكم وَّل َعشاءَ‪،‬‬
‫قال الشايطا ُن‪َّ :‬ل َم َ‬
‫ند ِ‬
‫طعامه َ‬ ‫عند ُدخولِه وعِ َ‬
‫فذكر هللاَ َ‬
‫دخل الار ُج ُل بيتَه َ‬
‫النيب صلى هللا عليه وسلم يقول‪ :‬إذا َ‬
‫يت‬ ‫عند ِ‬ ‫املبيت"‪ ،‬و إ ْن َمل يذك ِ‬ ‫ند دخولِ‬‫وإذا دخل فلَم يذك ِر هللا عِ‬
‫أدرْكتُم املب َ‬
‫َ‬ ‫"‬ ‫‪:‬‬ ‫ن‬
‫ُ‬ ‫ايطا‬
‫ش‬ ‫ال‬ ‫قال‬
‫َ‬ ‫ه‪،‬‬ ‫طعام‬ ‫َ‬ ‫هللا‬
‫َ‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫م‬‫كت‬
‫ُ‬ ‫أدر‬
‫َ‬ ‫"‬ ‫‪:‬‬ ‫ن‬
‫ُ‬ ‫ايطا‬‫ش‬ ‫ال‬ ‫قال‬
‫َ‬ ‫ه‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫العشاءَ"‬
‫وَ‬
‫معاين الكلمات‪:‬‬
‫‪ :‬أي اسه أبن قال بسم هللا‬ ‫فَ َذ َكَر هللاَ‬ ‫‪ :‬أي منزله ولو كان خيمة‬ ‫بَيتَهُ‬
‫‪ :‬أي تناوله له‬ ‫ند طَ َع ِام ِه‬‫عِ َ‬ ‫‪ :‬أي الشيطان ألعوانه‬ ‫ال‬
‫قَ َ‬
‫‪ :‬أي مكان البيات‬ ‫أ َْد َرْكتُ ُم املبِيت‬ ‫العشي‬
‫ّ‬ ‫‪ :‬طعام‬ ‫العشاء‬
‫َ‬
‫شرح احلديث‪:‬‬
‫عليمهم أ ِ ِ ِ‬ ‫أبصحابه رضي هللا عنهم وتَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ومربِّياا‪ ،‬وكان يَهتَ ُّم‬ ‫ِ‬
‫اآلداب‬
‫َ‬ ‫عليمهم‬
‫ُمور دينهم‪ ،‬ومن ذلك تَ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫ايب صلاى هللاُ عليه وسلا َم ُمعلّ اما ُ‬
‫كا َن الن ُّ‬
‫خول ِ‬
‫البيت‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫اِلديث يُعلِّ ُمنا ال ار ُ‬
‫سول صلاى هللا عليه وسلام أمهية ِذك ِر هللاِ عند ُد ِ‬ ‫ِ‬ ‫خول ِ‬
‫البيت‪ .‬ويف هذا‬ ‫ود ِ‬ ‫عام ُ‬ ‫عند الطا ِ‬
‫الايت يَْنبغي ُمراعا ُِتا َ‬
‫عام وأن الرجل إذا دخل بيته فذكر هللا تعاىل عند دخوله وعند طعامه قال الشيطان ألصحابه‪َّ" :‬ل مبيت لكم وَّل‬ ‫وقبل ِ‬
‫تناول الطا ِ‬
‫َْ‬
‫كر هللا تعاىل عند دخول البيت أن يقول‪" :‬بسم هللا وجلنا‪ ،‬وبسم هللا خرجنا‪ ،‬وعلى هللا ربِّنا‬ ‫ِ‬
‫ذكر هللا‪ ،‬وذ ُ‬ ‫عشاء"؛ ذلك ألن اإلنسان َ‬
‫توكلنا‪ ،‬اللهم إِن أسألك خري املوجل وخري املخرج"‪ ،‬وأما الذكر عند العشاء فأن يقول‪" :‬بسم هللا"‪ .‬فإذا ذكر هللا عند دخوله البيت‪،‬‬
‫مح َي بذكر هللا عز‬ ‫وذكر هللا عند أكله العشاء‪ ،‬قال الشيطان ألصحابه‪َّ" :‬ل مبيت لكم وَّل عشاء"؛ ألن هذا البيت وهذا العشاء ُِ‬
‫وجل ‪ ،‬محاه هللا تعاىل من الشياطي‪ .‬وإذا دخل فلم يذكر هللا تعاىل عند دخوله قال الشيطان‪" :‬أدركتم املبيت"‪ ،‬وإذا قُ ِّدم إليه الطعام‬
‫التحصن بذكر هللا‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫فلم يذكر هللا تعاىل عند طعامه قال‪" :‬أدركتم املبيت والعشاء"‪ ،‬أي ‪:‬أن الشيطان يشاركه املبيت والطعام؛ لعدم‬
‫ويف هذا حث على أن اإلنسان ينبغي له إذا دخل بيته أن يذكر اسم هللا‪ ،‬وكذلك عند طعامه‪.‬‬

‫من فوائد احلديث‬


‫استحباب ذكر هللا عند دخول البيت وعند الطعام ‪.‬‬ ‫▪‬

‫كل ما ذكر اسم هللا عليه يئس الشيطان منه ‪.‬‬


‫ُّ‬ ‫▪‬

‫يف ذكر هللا عند الطعام ودخول البيت جمانبة الغفلة عن هللا؛ ألن الغفلة عن هللا تعاىل تستدعي الوقوع يف ُمالفة أمر هللا‬ ‫▪‬

‫‪-‬تعاىل‪ -‬واتباع الشيطان يف ضَلله ‪.‬‬


‫الشيطان يراقب ابن آدم يف عمله وتصرفه ويف أموره كلها‪ ،‬فإذا غفل انل مراده منه ‪.‬‬ ‫▪‬

‫الذكر يطرد الشيطان‪ ،‬فإن الشيطان يشارك اإلنسان يف كل شيء‪.‬‬ ‫▪‬

‫الشيطان يبيت يف البيوت اليت مل يذكر هللا ‪-‬تعاىل‪ -‬فيها‪ ،‬وَيكل من طعام أهلها إذا مل يذكروا اسم هللا عليها ‪.‬‬ ‫▪‬

‫من شرح اإلمام النووي‬


‫‪" -‬قال الشيطان‪ :‬أدركتم املبيت" ‪ :‬معناه قال الشيطان إلخوانه وأعوانه ورفقته‬
‫‪ -‬ويف اِلديث استحباب ذكر هللا عند دخول البيت وعند الطعام‬
‫*******‬
‫ِِ‬
‫‪ -105‬عن ابن عمر رضي هللا عنهما أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال‪" :‬إذا أَ َك َل أح ُدكم فَلْيَأْ ُك ْل بِيَمينه‪ ،‬وإذا َش ِرب فَلْيَ ْشَر ْ‬
‫ب‬
‫َيكل بِ ِش َمالِه‪ ،‬ويَ ْشَرب بِ ِش َمالِه"‬ ‫ِِِ‬
‫بيَمينه فإ ان الشيطان ُ‬
‫معاين الكلمات‪:‬‬
‫بشماله‪ :‬بيده اليسرى‬ ‫مبينه‪ :‬بيده اليمن‬
‫شرح احلديث‪:‬‬
‫اب‪ ،‬وَكيفيا ِة الوقا ِية ِمن الش ِ‬
‫ايطان‪ .‬هذا اِلديث‬ ‫ص ِة ابلطا ِ‬
‫عام وال اشر ِ‬ ‫ِ‬
‫اآلداب اخلا ا‬ ‫الكثري ِم َن‬ ‫لق ْد علا َمنا نبيُّنا حم ام ٌد صلاى هللاُ عليه وسلا َم‬
‫َ‬
‫فيه األمر ابألكل ابليمي‪ ،‬والشرب ابليمي؛ والنهي عن األكل والشرب ابلشمال‪ ،‬وفيه بيان سبب اِلكم‪ ،‬وهو أن الشيطان َيكل‬
‫ويشرب بشماله ‪ .‬وعلى هذا اِلديث يرى أكثر أهل العلم أن األكل والشرب ابلشمال كراهة ومنهم من يقول حبرمته أل ان األمر‬
‫فضَل عن الشيطان‪ ،‬ومن تشباه ٍ‬
‫بقوم‬ ‫وخلُ ُقهُ‪ ،‬واملسلم مأمور بتجنب طريق أهل الفسوق‪ ،‬ا‬ ‫للوجوب وألنه علل ذلك أبنه فعل الشيطان ُ‬
‫فهو منهم ‪.‬‬
‫من فوائد احلديث‬
‫استحباب األكل والشرب ابليمي‪ ،‬وكراهتهما ابلشمال ‪.‬‬ ‫▪‬
‫بيان أن األكل والشرب ابلشمال هو من عمل الشيطان ‪.‬‬ ‫▪‬
‫النهي عن التشبه ابلشيطان وابلكفار‪.‬‬ ‫▪‬

‫من شرح اإلمام النووي‬

‫‪ -‬يف اِلديث استحباب األكل والشرب ابليمي وكراهتهما ابلشمال‬


‫‪ -‬وقد زاد انفع األخذ واإلعطاء إذا مل يكن عذر‬
‫‪ -‬إذا كان عذر َينع األكل والشرب ابليمي من مرض أو جراجة فَل كراهة يف الشمال‬
‫‪ -‬ينبغي اجتناب األفعال اليت تشبه أفعال الشياطي‬
‫‪ -‬إن للشيطان يدين‬
‫*******‬

‫س بْ ُن َسلَ َمةَ بْ ِن ْاألَ ْك َوِع ‪،‬‬ ‫ِ‬


‫َح ادثَِين إ َاي ُ‬ ‫اب ‪َ ،‬ع ْن عِ ْك ِرَمةَ بْ ِن َع اما ٍر ‪،‬‬ ‫اِلبَ ِ‬
‫‪َ -107‬حداثَنَا أَبُو بَ ْك ِر بْ ُن أَِِب َشْي بَةَ ‪َ ،‬حداثَنَا َزيْ ُد بْ ُن ُْ‬
‫ال ‪ََّ :‬ل‬‫يع‪ ،‬قَ َ‬ ‫ال‪ََّ :‬ل أ ِ‬
‫َستَط ُ‬ ‫ْ‬ ‫ك‪ ،‬قَ َ‬ ‫بِيَ ِمينِ َ‬ ‫ال ‪ُ :‬ك ْل‬ ‫اَّللُ َعلَْي ِه َو َسلا َم بِ ِش َمالِِه ‪ ،‬فَ َق َ‬
‫صلاى ا‬ ‫ول اِ‬
‫اَّلل َ‬
‫أَ ان أَابه ‪ ،‬ح ادثَه أَ ان رج اَل أَ َكل عِْن َد رس ِ‬
‫َُ‬ ‫َ‬ ‫َُ َ ُ َُ‬
‫ال ‪ :‬فَ َما َرفَ َع َها إِ َىل فِ ِيه‪.‬‬
‫ت ‪َ ،‬ما َمنَ َعهُ إِاَّل الْكِ ْربُ ‪ ،‬قَ َ‬
‫استَطَ ْع َ‬
‫ْ‬
‫معاين الكلمات‪:‬‬
‫َّل استطعت‪ :‬دعاء عليه َّلستكباره عن اتباع اِلق ومتابعة السنة َّل أستطيع )مفعوله حمذوف‪ ،‬أي َّل أستطيع األكل ابليمي)‪.‬‬
‫ما منعه إَّل الكرب‪ :‬فعل ذلك تكربا فحسب ‪ ،‬ليس لعذر شرعي‪.‬‬
‫فما رفعها إىل فيه‪ :‬أي فأجيب الدعاء عليه‪ ،‬فلم يستطع بعد الدعاء عليه أن يرفعها إىل فمه بطعام أو شراب‪.‬‬
‫شرح احلديث‪:‬‬
‫سول هللاِ صلاى هللاُ عليه وسلا َم‬
‫األشجعي‪ -‬أَ َكل عِْن َد ر ِ‬
‫َ َ‬ ‫ُّ‬ ‫الع ِري‬
‫بن راعي َ‬ ‫ضي هللاُ عنه أ ان َر ُج اَل ‪ -‬قيل‪ :‬هو بُ ْس ُر ُ‬ ‫األكوع َر َ‬
‫ِ‬ ‫بن‬
‫يَْروي َسلَمةُ ُ‬
‫ايب صلاى هللاُ عليه‬ ‫بِ ِشمالِه فَأمره النايب صلاى هللا عليه وسلام أ ْن َي ُكل بي ِ‬
‫لعل الن ا‬
‫يستطيع أ ْن ََي ُك َل ُبا‪ ،‬و ا‬
‫ُ‬ ‫جل أناه َّل‬‫ُ‬ ‫ر‬
‫ا‬ ‫ال‬ ‫ه‬‫أجاب‬
‫َ‬ ‫َ‬‫ف‬ ‫من‪،‬‬ ‫ُ‬‫الي‬ ‫ه‬ ‫د‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُّ‬
‫فدعا عليه صلاى هللاُ عليه وسلا َم اأَّل‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وعدم اَّلستجابة ألم ِره صلاى هللاُ عليه وسلا َم‪َ ،‬‬ ‫صد املخالَفةَ َ‬ ‫وسلا َم َعلم أناه يَداعي ذلك كذ ااب‪ ،‬وقَ َ‬
‫ي اإَّل الكِ ْرب ورفْض قَ ِ‬ ‫جل ما َمنَعه ِمن ِ‬
‫أجاب هللاُ َدعوةَ‬
‫اِلق‪ ،‬فَ َ‬ ‫بول ِّ‬ ‫ُ ُ‬ ‫األكل ابليم ِ‬ ‫ِ‬
‫ستطيع األ ْك َل ابليمي َحقيقةا‪ُُ ،‬يربُ ال اراوي أ ان هذا الار َ‬
‫يَ َ‬
‫عام أو َشر ٍ‬ ‫جل‪ ،‬فلم يرفَ ْعها إىل فَ ِمه ْبع َد ذلك بطَ ٍ‬
‫اب‪ ،‬ألِنا أصيبت بشلل بدعاء النيب صلى هللا‬ ‫نَبيِّه صلاى هللاُ عليه وسلا َم يف هذا الار ِ ْ‬
‫عليه وسلم عليه؛ لتكربه ورده لألمر النبوي‪.‬‬
‫ويف احلديث‬
‫ي والنهي عن األكل ابلشمال‬‫ألكل ِابليم ِ‬
‫األم ُر ِاب ِ‬
‫ْ‬ ‫▪‬
‫يف‪ ،‬ينبغي مباشرته ابليمي وهذه قاعدة الشرع يف األمور املعظمة‪.‬‬ ‫ُك ُّل أم ٍر شر ٍ‬ ‫▪‬
‫اَّلستكبار عن تطبيق األحكام الشرعية يستحق فاعله العقوبة‪.‬‬ ‫▪‬
‫إكرام هللا لنبيه حممد عليه الصَلة والسَلم إبجابة دعوته‬ ‫▪‬
‫جواز النصح للمرء على املأل إذا كان فيه خري للجميع‬ ‫▪‬
‫تكربا أو استهانة ُبا يستحق العقوبة كما جرى هلذا الرجل‪.‬‬
‫▪ أن من خالف السنة ا‬

‫من شرح اإلمام النووي‬


‫‪ -‬جواز الدعاء على من خالف اِلكم الشرعي بَل عذر‬
‫‪ -‬وجوب األمر ابملعروف والنهي عن املنكر يف كل حال حىت يف حال األكل‬
‫آداب ِ‬
‫األكل إذا خالفه‬ ‫استحباب تعلي ِم ِ‬
‫اآلكل َ‬ ‫ُ‬ ‫‪-‬‬
‫******‬
‫عمر مجيع ا عن سفيا َن قال أبو بك ٍر ح ادثنا سفيا ُن بن عُيَ ْينة عن الوليد بن‬
‫‪ -108‬حدثنا أبو بكر بن أِب شيبة وابن أِب َ‬
‫يش يف‬ ‫وهب بن َكيسا َن َِسعه من عمر بن أِب سلَمة قال كنت يف حج ِر رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وَكانَ ْ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ت يَدي تَط ُ‬ ‫َْ‬ ‫ََ‬ ‫َُ‬ ‫َْ‬ ‫َكثري عن ْ‬
‫ِ ِ‬
‫يك‪.‬‬ ‫غَلم َس ِّم هللا َوُك ْل بِيَ ِمينِ َ‬
‫ك وُك ْل مماا يَل َ‬ ‫فقال ِيل َاي ُ‬
‫ص ْحفة َ‬
‫ال ا‬
‫معاين الكلمات‪:‬‬
‫وح ْجر اإلنسان ِح ْ‬
‫ضنُه أي‪ :‬يف محايته وتربيته وَتت رعايته‬ ‫َ‬ ‫يشب‪.‬‬
‫يب من حي يُولَد إىل أن ا‬ ‫ص ُّ‬
‫الغَلم ‪:‬ال ا‬
‫طاش اليديف القصعة‪ :‬امت ّدت وَتركت يف نواحيها‬ ‫ص َعة املبسوطة‪ ،‬يُشبع اخلمسة وحنوهم‬
‫والصحفة ‪:‬إانءٌ كال َق ْ‬
‫يلي‪ :‬يقرب‬ ‫سم هللا‪ :‬قل "بسم هللا"‬
‫مما يليك‪ :‬من اجلانب القريب منك من الطعام‬

‫شرح احلديث‪:‬‬
‫ُمور ِدينِهم‪ .‬ففي هذا‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ؤداب رفي اقا‪ِ ،‬‬‫كا َن النايب صلاى هللا عليه وسلام معلِّما رحيما‪ِ ،‬‬
‫الصغا ِر وتَعليمهم أ َ‬ ‫ليما‪ ،‬وكان يَهتَ ُّم َبرتبية ّ‬‫ومربّياا َح ا‬
‫ُ‬ ‫وم ّ ا َ‬‫ُ ا َ ا ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫آداب الطا ِ ِ‬ ‫اِلديث ُمجلةٌ ِمن ِ‬ ‫ِ‬
‫صوصا‪ِ ،‬وألُامته عُ ا‬
‫موما‪ ،‬وق ْد‬ ‫مر ب ِن أِب َسلَمةَ َرض َي هللاُ عنه ُخ ا‬ ‫ايب صلاى هللاُ عليه وسلام لعُ َ‬ ‫عام يُعلّ ُمها الن ُّ‬
‫ِ‬ ‫ايب صلاى هللاُ عليه وسلام‪ ،‬يعين‪ :‬يف تَربيتِه ْ‬
‫ايب‬ ‫ت ِرعايته‪ ،‬و ُّأمه هي ُّأم َسلَمةَ َز ُ‬
‫وج الن ِّ‬ ‫وَت َ‬ ‫ِ‬
‫غريا يف َح ْجر الن ِّ‬‫ص ا‬ ‫صبياا َ‬
‫بن أِب َسلمةَ َ‬ ‫مر ُ‬
‫كان عُ ُ‬
‫انب ِ‬ ‫فة‪ ،‬يعين‪ُ :‬حي ِرُكها يف َجو ِ‬ ‫صح ِ‬ ‫ت ي ُد ع ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫إانء‬ ‫ّ‬ ‫يش يف ال ا ْ‬ ‫مر تَط ُ‬‫بيب َرسول هللا صلاى هللاُ عليه وسلام‪ ،‬وكانَ ْ َ ُ َ‬ ‫صلاى هللاُ عليه وسلام‪ ،‬وهو ر ُ‬
‫ب منه ِم َن‬ ‫كل بيَمينِه‪ ،‬وأ ْن ََي ُك َل ِم َن‬ ‫اسمية َ ا ِ‬ ‫عام لِيلتَ ِقطَه‪ ،‬فأمره النايب صلاى هللا عليه وسلام ابلت ِ‬ ‫ِ‬
‫اجلانب الاذي يَ ْقُر ُ‬
‫ِ‬
‫عند الطعام‪ ،‬وأ ْن ََي َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ُّ‬ ‫الطا َ‬
‫الطا ِ‬
‫عام ‪.‬‬
‫ِ‬
‫الصغا ِر وأتديبِهم‬ ‫ِ‬
‫ص ْد ِره يف تعلي ِم ّ‬ ‫ايب صلاى هللاُ عليه وسلام‪َ ،‬‬
‫وس َعةُ َ‬ ‫ويف اِلَديث‪ِ :‬ر ُ‬
‫فق الن ِّ‬
‫من فوائد احلديث‬
‫من آداب األكل التسمية يف أوله‪.‬‬ ‫▪‬

‫ايب ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬قال‪َّ" :‬ل َيكل‬‫استحباب األكل ابليمي‪ ،‬وكراهة األكل ابلشمال‪ ،‬إَّلا من عذر؛ أل ان الن ا‬ ‫▪‬

‫أحدكم بشماله‪ ،‬وَّل يشرب بشماله‪ ،‬فإ ان الشيطان َيكل بشماله‪ ،‬ويشرب بشماله"؛ ومتابعة الشيطان حم ارمة‪ ،‬ومن تشباه‬
‫ٍ‬
‫بقوم فهو منهم‪.‬‬
‫استحباب تعليم اجلاهل من الكبار والصبيان‪َّ ،‬لسياما من َتت كفالة اإلنسان‪.‬‬ ‫▪‬

‫من آداب الطعام أن َّل َيكل اإلنسان إَّل مما يليه‪ ،‬وأن َّل يتعداه إىل اجلوانب األخرى‪.‬‬ ‫▪‬

‫من شرح اإلمام النووي‬


‫تطيش‪ :‬تتحرك ومتتد إىل نواحي الصحفة وَّل تقتصر على مكان واحد‪.‬‬ ‫▪‬

‫الصحفة تشبع مخسة وهي دون القصعة‪ ،‬القصعة تشبع عشرة‪.‬‬ ‫▪‬

‫ويف اِلديث بيان ثَلث سنن من سنن األكل وهي‪ )1 :‬التسمية ‪ )2‬واألكل ابليمي ‪ )3‬واألكل ممّا يليه أل ّن أكله من‬ ‫▪‬

‫موضع يد صاحبه سوء عشرة وترك مروءة‪ ،‬فقد يتقذره صاحبه َّل ِسيا َما يف األمراق وشبهها‪ ،‬وهذا يف الثريد واألمراق‬
‫وشبهها‪ ،‬فإن كان مترا أو حنوه‪ ،‬فقد نقل إابحة اختَلف األيدي يف الطبق وحنوه‪.‬‬
‫(الثريد‪ :‬طعام من خبز مفتت مبلول ابملرق)‬
‫ِ‬
‫الشرب قائما‬ ‫ابب كراهية‬

‫‪ -112‬حدثنا َه ّداب بن خالد حدثنا َمهاام حدثنا قتادة عن أنس أن النيب ﷺ زجر عن الشرب قائما‪.‬‬
‫‪ -113‬حدثنا حممد بن املثن حدثنا عبد األعلى حدثنا سعيد عن قتادة عن أنس عن النيب صلى هللا عليه وسلم أنه ِنى أن‬
‫أشر أو أخبث‪.‬‬
‫يشرب الرجل قائما‪ ،‬قال قتادة فقلنا‪ :‬فاألكل؟ فقال ذاك ّ‬
‫معاين الكلمات‪:‬‬
‫ث ‪ :‬أكثر فسادا‬
‫أخبَ ُ‬
‫ْ‬ ‫أشر‪ :‬أكثر شرا‬
‫ّ‬ ‫زجر‪ :‬منع‬

‫شرح احلديث‪:‬‬
‫اآلداب الايت يَْنبغي ُمراعا ُِتا‬ ‫عليمهم‬ ‫ِ‬ ‫كا َن النايب صلاى هللا عليه وسلام يهتَ ُّم بتَعلي ِم الصحابة رضوان هللا عليهم أ ِ ِ‬
‫َ‬ ‫ُمور دينهم‪ ،‬ومن ذلك تَ ُ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬
‫قائم فاألكل والشرب جالِ اسا‬ ‫ب املُسل ُم وأن َيكل وهو ٌ‬
‫ِ‬
‫شر َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عند الطاعام‪ .‬ويف هذين اِلديثي َِنى ال ارسول صلاى هللاُ عليه وسلا َم أ ْن يَ َ‬ ‫َ‬
‫قائما‪.‬‬ ‫ِ‬
‫أفضل من األ ْكل والشُّرب ا‬ ‫أحسن و ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫هد ر ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يام‪ ،‬وكذلك ثبت أ ان الن ا‬
‫ايب‬ ‫سول هللا صلاى هللاُ عليه وسلا َم وهم ق ٌ‬ ‫ومع ذلك فقد َوَرد يف اِلَديث أ ّن الصحابة كانوا َي ُكلُون على َع َ‬
‫ايب صلاى هللاُ عليه وسلا َم‬ ‫فع َل الن ُّ‬ ‫وجيمع بي األحاديث أب ان الناهي َِنْي تَنز ٍيه ليس َِنْي ََت ٍ‬
‫رمي‪ ،‬وق ْد َ‬ ‫قائم‪ُ ،‬‬
‫ب وهو ٌ‬ ‫صلاى هللاُ عليه وسلا َم َش ِر َ‬
‫َ ُ‬
‫ب قائِ اما‪،‬‬‫شر َ‬
‫قائما أو أ ْن يَ َ‬
‫احتاج أ ْن ََي ُك َل ا‬
‫ِ‬
‫ب حال اإلنسان؛ فإذا َ‬
‫اَّللة على أ ان األمر يف ذلك و ِاسع‪ ،‬وذلك يكو ُن حبس ِ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫األمري ِن؛ للد ِ‬
‫َ‬
‫األفض ُل‪.‬‬
‫قع َد فهو َ‬
‫حر َج‪ ،‬وإ ْن َ‬
‫فَل َ‬
‫من فوائد احلديث‬
‫األكل و ِ‬
‫الشرب اجللوس عندمها‪.‬‬ ‫▪ من آداب ِ‬
‫األكل والشرب قائما مكروه أشد كراهة‪.‬‬ ‫▪‬
‫من شرح اإلمام النووي‬
‫شر بغري ألف‪ ،‬وكذلك خريٌ‪ ،‬قال هللا تعاىل (أصحاب‬
‫أشُّر ابأللف‪ ،‬واملعروف يف العربية ّ‬
‫(أشر أو أخبث) هكذا وقع يف األصول‪َ ،‬‬
‫شر مكاان) ولكن هذه اللفظة وقعت هنا على الشك فإنه قال أشر أو‬ ‫اجلنة يومئذ خريٌ مستقرا) وقال هللا تعاىل (فسيعلمون من هو ٌّ‬
‫أخبث فشك قتادة يف أن أنسا قال أشر أو قال أخبث‪ ،‬فَل يثبت عن أنس أشر ُبذه الرواية‪ ،‬فإن جاءت هذه اللفظة بَل شك‬
‫وثبتت عن أنس فهو عرِب فصيح فهي لغة وإن كانت قليلة اَّلستعمال‪ ،‬وهلذا نظائر مما َّل يكون معروفا عند النحويي وجاراي على‬
‫قواعدهم وقد صحت به األحاديث فَل ينبغي رده إذا ثبت بل يقال هذه لغة قليلة اَّلستعمال وحنو هذا من العبارات وسببه أن‬
‫النحويي مل حييطوا إحاطة قطعية جبميع كَلم العرب وهلذا َينع بعضهم ما ينقله غريه عن العرب كما هو معروف‪.‬‬

‫قائما‬ ‫ابب يف الشر ِ‬


‫اب من زمزم ً‬ ‫ٌ‬
‫‪ -117‬حدثنا أبو كامل اجلحدري ‪:‬حدثنا أبو عوانة عن عاصم عن الشعيب عن ابن عباس قال‪" :‬سقيت رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫وسلم من زمزم فشرب وهو قائم"‬
‫معاين الكلمات‪:‬‬
‫من زمزم‪ :‬من بئر زمزم‬
‫من فوائد احلديث‬
‫جواز الشرب قائما مع الكراهة‪ ،‬لورود أحاديث أخرى يف النهي عن ذلك ‪.‬‬ ‫▪‬
‫ينبغي على العامل إذا رأى الناس اجتنبوا أمرا أو شيئا هو يعلم جوازه أن يوضح هلم وجه الصواب فيه‪.‬‬ ‫▪‬

‫من شرح اإلمام النووي‬


‫ض ّعِفوا بعضها‬
‫▪ الْتَ بَ َست األحاديث الواردة يف هذا الباب على بعض العلماء‪ ،‬وأرادوا أن يُ َ‬
‫واِلق أن األحاديث ليس فيها إشكال وَّل ضعف وَّل تعارض‪ ،‬بل كلها صحيحة ‪ .‬والصواب ‪ :‬أن النهي فيها حممول‬ ‫▪‬
‫على كراهة التنزيه ‪ .‬وأما شربه صلى هللا عليه وآله وسلم قائما ‪ ،‬فبيان للجواز ‪.‬‬
‫وأما من زعم نسخا أو غريه‪ ،‬فقد غلط غلطا فاحشا ألن اجلمع بي األحاديث ممكن‪.‬‬ ‫▪‬
‫فإن قيل ‪ :‬كيف يكون الشرب قائما مكروها ‪ ،‬وقد فعله النيب صلى هللا عليه وآله وسلم ؟ فاجلواب ‪ :‬أ ان فِ ْعله صلى هللا عليه‬
‫وآله وسلم ؛ إذا كان بياان للجواز‪َّ :‬ل يكون مكروها‪ .‬بل البيان واجب عليه صلى هللا عليه وآله وسلم ‪ .‬وقد ورد أنه توضأ‬
‫مرة مرة وطاف على بعري ليبي جواز هذا وذاك‪.‬‬

‫ابب كراهية التنفس‬


‫يف نفس اإلانء واستحباب التنفس ثالاث خارج اإلانء‬
‫‪ -121‬حدثنا ابن أِب عمر حدثنا الثقفي عن أيوب عن حيىي بن أِب َكثِ ٍري عن عبد هللا بن أِب قتادة عن أبيه أن النيب صلى هللا عليه‬
‫وسلم ِنى أن يتنفس يف اإلانء‪.‬‬

‫‪ -122‬حدثنا قتيبة بن سعيد وأبو بكر بن أِب شيبة قاَّل حدثنا عبد الوارث بن سعيد عن أِب عصام عن أنس بن مالك أن النيب‬
‫‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬كان يتنفس يف اإلانء ثَل ااث‪.‬‬

‫معاين الكلمات‪:‬‬
‫يتنفس‪ :‬التنفس إدخال النفس إىل الرئتي‪ ،‬وإخراجه منهما ‪ .‬ينفخ (من النفخ)‪ :‬إخراج الريح من الفم‪.‬‬
‫شرح احلديث‪:‬‬
‫اِلديث األول فيه بيان أدب من آداب األكل والشرب‪ ،‬وهو النهي عن التنفس والنفخ يف اإلانء الذي يؤكل منه أو يشرب‪ ،‬فأما‬
‫النهي عن التنفس يف اإلانء فلِما يف ذلك من املضار فإن البخار الذي يرتفع من املعدة ورائحة اجلوف قد يُ َق ِّذران اإلانء والشراب‪،‬‬
‫ويف هذا اِلديث أيضا إشارة إىل كراهة النفخ يف الطعام والشراب ألي سبب كسخونة أو إلزالة شيء؛ وذلك محايةا للطعام والشراب‬
‫من الروائح الكريهة وحنوها‪.‬‬
‫واِلديث الثاِن يبي أن النيب صلى هللا عليه وسلم كان يتنفس يف اإلانء ثَل ااث‪ .‬املراد ابلتنفس هنا التنفس أثناء الشرب خارج اإلانء‬
‫ثَل ااث مبعن أنه َّل يتابع شرب املاء كله بن َفس واحد بل جيعله على دفعات ثَلث ويف رواية أخرى أن النيب صلى هللا عليه وسلم قال‪:‬‬
‫"إنه أروى وأبرأ أمرأ" أي أكثر رااي وأبرأ من أمل العطش وأسهل انسياغاا‪ .‬ألن اإلنسان إذا شرب على دفعات كفاه البعض وأرواه‪،‬‬
‫وكونه على دفعات جيعله أسهل يف الشرب أما إذا عباه بقوة وبتتابع وشرهٍ فَل شك أن هذا حيتمل أن يتضرر به‪.‬‬
‫من فوائد اِلديث‬
‫▪ الناهي عن التنفس يف اإلانء؛ ملا يف ذلك من املضار واملفاسد‪ ،‬والسنة التنفس خارج اإلانء ‪.‬‬
‫▪ النهي عن النفخ يف الطعام والشراب لئَل يتقذر ابلرائحة الكريهة وحنوه‪.‬‬
‫▪ إن السنة ملن أراد أن يتنفس أثناء شربه أن يفصل اإلانء عن فمه حبيث يتنفس خارجه ‪.‬‬
‫من شرح اإلمام النووي‬
‫‪ -‬كان يتنفس يف اإلانء ‪ .....‬معناه يف أثناء شربه من اإلانء أو يف أثناء شربه الشراب‬

‫الكلمات الصعبة‬

‫ب‪ :‬شرب من غري تنفس‬


‫‪َ -‬ع ا‬

‫ابب استحباب إدارة املاء واللنب وحنومها عن ميني املبتدئ‬


‫رسول هللاِ صلى هللا‬
‫‪ -124‬حدثنا حيىي بن حيىي قال قرأت على مالك عن ابن شهاب عن أنس بن مالك رضي هللا عنه أَ ان َ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َب قد ِشيب ٍ‬
‫مباء‪ ،‬وعن ِ‬ ‫عليه وسلم أُِيت بِلَ َ ٍ‬
‫َعَرِ ا‬
‫اِب‪ ،‬وقال‪:‬‬ ‫ب‪ ،‬مث أ َْعطَى األ ْ‬
‫َ‬ ‫ر‬ ‫ش‬
‫َ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫ه‬ ‫عن‬ ‫هللا‬ ‫رضي‬ ‫ر‬ ‫بك‬ ‫أبو‬ ‫ه‬
‫ر‬ ‫ا‬‫س‬ ‫ي‬
‫ََ‬ ‫وعن‬ ‫‪،‬‬‫اِب‬
‫ٌّ‬ ‫ِ‬ ‫ر‬
‫َ‬ ‫َع‬
‫ْ‬ ‫أ‬ ‫َيينه‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫فاألَين‪.‬‬
‫ُ‬ ‫األَين‬
‫ُ‬
‫الناقد وزهري بن ٍ‬
‫حرب وحممد بن عبد هللا بن َّنري ‪-‬واللفظ لزهري ‪ -‬قالوا حدثنا‬ ‫وعمرو ُ‬‫‪ -125‬حدثَنا أبو بكر بن أِب شيبة ٌ‬
‫سفيان بن عيينة عن الزهري عن أنس قال‪ :‬قدم النيب صلى هللا عليه وسلم املدينة وأان ابن عشر‪ ،‬ومات وأان ابن عشرين‪،‬‬
‫يب له من بئ ٍر يف الدار‪ ،‬فشرب‬ ‫وُك ان أمهايت حيثُثْنَين على خدمته‪ ،‬فدخل علينا داران‪ ،‬فحلبنا له من شاةٍ داج ٍن‪ِ ،‬‬
‫وش‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫عمر وأبو بك ٍر عن مشاله ‪:‬اي رسول هللا‪ ،‬أعط أاب بكر‪ ،‬فأعطاهُ أعرابياا‬
‫رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم‪ ، -‬فقال له ُ‬
‫فاألَين‪.‬‬
‫ُ‬ ‫األَين‬
‫عن َيينه‪ ،‬وقال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ُ :‬‬
‫معاين الكلمات‪:‬‬
‫وب) كانوا َيزجون اللَب ابملاء يف البَلد اِلارة ليربد ألن اللَب يكون عند حلبه حارا ‪ ،‬كذلك كانوا‬
‫اب يَ ُش ُ‬
‫(ش َ‬‫ط َ‬ ‫يب ‪ُ :‬خلِ َ‬ ‫ِ‬
‫ش َ‬
‫حض‪ ،‬ش اجع‬
‫حرض‪ ،‬ا‬ ‫حث‪ّ :‬‬‫األَين ‪ :‬ابلرفع مبتدأ أي اَّلَين أحق‪ ،‬أمهايت‪ :‬أمي وخاليت وقرابتهما‪ ،‬ا‬ ‫َيزجونه ابملاء كي يكثر‪ُ ،‬‬
‫البيوت وأقام ُبا ِمن حيو ٍان وط ٍري (للذكر واملؤنث)‪ ،‬دجن ابملكان‪ :‬أقام به وألفه ولزمه (داجن‪)domestic :‬‬
‫َ‬ ‫كل ما ألف‬ ‫داجن‪ُّ :‬‬
‫شرح احلديث‪:‬‬
‫ِ ِِ‬ ‫اَّلل علَي ِه وسلام قَ َ ِ‬
‫ب‬‫َح ُد ُك ْم بِيَمينه‪َ ،‬ولْيَ ْشَر ْ‬
‫ال ‪:‬ليَأْ ُك ْل أ َ‬ ‫صلاى اُ َ ْ َ َ َ‬ ‫ايب َ‬‫إن األخذ واإلعطاء ابليد اليمن سنة مستحبة؛ ِلديث أَِِب ُهَريْ َرةَ أَ ان النِ ا‬
‫فرق يف‬‫ب بِ ِش َمالِِه‪َ ،‬ويُ ْع ِطي بِ ِش َمالِِه‪َ ،‬و ََيْ ُخ ُذ بِ ِش َمالِِه‪ ،‬وَّل َ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ ِ ِِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ ِِ‬
‫بِيَمينه‪َ ،‬ولْيَأْ ُخ ْذ بِيَمينه‪َ ،‬ولْيُ ْعط بِيَمينه‪ ،‬فَإِ ان الشْايطَا َن ََيْ ُك ُل بِش َماله‪َ ،‬ويَ ْشَر ُ‬
‫الضيافة‪،‬‬
‫ي يف ّ‬ ‫حب للمسل ِم أن يُعطي وَيخ َذ بيده اليُمن ومن السناة أيضا البدء مبن على اليم ِ‬ ‫ست‬ ‫في‬ ‫غريه‪،‬‬ ‫أو‬ ‫ِ‬
‫الضيافة‬ ‫بي ابب‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫هذا َ‬
‫ولو كان صغريا أو مفضوَّل‪.‬‬

‫من فوائد احلديث‬


‫من على اليمي على من على األيسر يف الشراب وحنوه وإن كان الذي على اليمي صغريا أو مفضوَّل‪.‬‬
‫▪ يُ َق ادم ْ‬
‫حرص النيب ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬على التيامن يف كل أمره وشأنه‪.‬‬ ‫▪‬

‫من شرح اإلمام النووي‬


‫قد شيب مباء‪ :‬أي مزج ابملاء‪ ،‬وفيه جواز ذلك وإَّنا ينهى عن شوبه إذا أراد بيعه ألنه غش‪.‬‬ ‫❖‬
‫اِلكمة يف شوب اللَب ابملاء أن يربد أو يكثر أو للمجموع‪.‬‬ ‫❖‬
‫البدءابليمي يف الشراب وحنوه سنة‪.‬‬
‫جيوز شرب اللَب املشوب‪.‬‬ ‫❖‬
‫من سبق إىل جملس فهو أحق ممن جيي بعده‪.‬‬ ‫❖‬
‫أمهاته‪ :‬أمه أم سليم وخالته أم حرام وغريمها من حمارمه‪.‬‬ ‫❖‬
‫ُك ان أمهايت صحيحة على لغة "أكلوِن الرباغيث" وهي لغة صحيحة‪.‬‬ ‫❖‬
‫شاة داجن‪ :‬اليت تعلف يف البيوت ويطلق على كل ما َيلف البيت من طري وغريه‪.‬‬ ‫❖‬
‫أنس بن مالك‬
‫هو أنس بن مالك بن النضر األنصاري اخلزرجي النجاري من بين عدي بن النجار‪ ،‬خادم رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬كان يتس امى به ويفتخر‬
‫بذلك‪ ،‬وقد ُولد رضي هللا عنه قبل اهلجرة بعشر سنوات‪ ،‬وكنيته أبو محزة‪ .‬وأم أنس هي أم سليم بنت ملحان رضي هللا عنها‪ ،‬كانت َتت مالك‬
‫بن النضر أِب أنس بن مالك يف اجلاهلية‪ ،‬فولدت له أنس بن مالك‪ ،‬فلما جاء هللا ابإلسَلم أسلمت مع قومها وعرضت اإلسَلم على زوجها‪،‬‬
‫فغضب عليها وخرج إىل الشام فهلك هناك‪ ،‬مث خلف عليها بعده أبو طلحة األنصاري رضي هللا عنه‪ .‬ولقد ترىب أنس بن مالك رضي هللا عنه على‬
‫يد الرسول العظيم صلى هللا عليه وسلم تربية خاصة‪ ،‬فمنذ بلغ العاشرة من عمره أتت به أمه إىل الرسول صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬ليخدمه ويرتىب على‬
‫يديه‪ ،‬فقالت له‪" :‬هذا أنس غَل ٌم ُيدمك"‪ ،‬ف َقبِله‪.‬‬
‫ِ‬
‫الساقطة‬ ‫ِ‬
‫اللقمة‬ ‫ِ‬
‫والقصعة ِ‬
‫وأكل‬ ‫ِ‬
‫استحباب ْلع ِق األصاب ِع‬ ‫ابب‬
‫ُ‬
‫مسح اليد قبل لعقها‬
‫اهة ِ‬‫مسح ما يصيبها من أذًى وكر ِ‬‫بعد ِ‬
‫ُ‬
‫الناقد وإسحق بن إبراهيم وابن أِب عمر (قال إسحق أخربان وقال اآلخرون حدثنا)‬ ‫وعمرو ُ‬‫‪ -129‬حدثَنا أبو بكر بن أِب شيبة ٌ‬
‫َح ُد ُك ْم طَ َع ااما فََل‬ ‫سفيان عن عمرو عن عطاء َع ْن ابْ ِن َعبا ٍ‬
‫اس رضي هللا عنهما قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪" :‬إ َذا أَ َك َل أ َ‬
‫َيَْ َس ْح يَ َدهُ َح اىت يَْل َع َق َها أ َْو يُْلعِ َق َها"‬

‫معاين الكلمات‪:‬‬
‫)‪(to lick‬‬ ‫مسح يده‪ :‬أزال ما عليها من أجزاء الطعام ابملنديل أو حنوه‪ ،‬يلْ َع َق َها‪ :‬يَلْ َح َسها بِلِ َسانِه‬
‫ان ََّل يَتَ َق اذر منه فَيأْ ُمره بِلَ ْع ِقها )‪(to make others lick‬‬ ‫ي لْعِقها‪َ :‬يد أصابعه لغ ِريه ِ‬
‫مم‬
‫َْ ْ‬ ‫ُ ََ‬
‫شرح احلديث‪:‬‬
‫أي طَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الطاعام ِمن خ ِري هللاِ وفَ ْ ِ‬
‫عامه‬ ‫ائد‪ ،‬وَّل يَعلَ ُم أح ٌد يف ِّ‬
‫وضع هللاُ فيه َبركةا وفو َ‬ ‫بب يف بناء اجلس ِم وتَ ْقويتِه‪ ،‬وقد َ‬ ‫ضله على البَ َش ِر‪ ،‬وهو َس ٌ‬ ‫ُ َ‬
‫صق بيَ ِد اآلكِ ِل أو أصابعِه‪ .‬ويف هذا‬ ‫عام‪ ،‬أو فيما التَ َ‬ ‫آخ ِر الطا ِ‬‫عام‪ ،‬وَُيكِن أ ْن تكو َن يف ِ‬
‫ُ‬
‫أقل الطا ِ‬ ‫ا‬
‫تكو ُن الربكةُ والفائدةُ‪ ،‬ولعلها تكو ُن يف ِّ‬
‫أصابعه بنَ ْفسه‪ ،‬أو يُنا ِوهلا َمن يَرضى بلَ ْع ِقها‪،‬‬ ‫َ‬ ‫لع َق‬
‫حىت يَ َ‬‫غسلَها ا‬‫يده أو ي ِ‬
‫ايب صلاى هللاُ عليه وسلام اأَّل ََي َس َح اإلنسا ُن َ َ‬
‫ِ‬
‫اِلديث ََي ُم ُر الن ُّ‬
‫أي طَعا ِمه الََْربَكة‪،‬‬
‫رصا على بَركة الطاعام‪ ،‬وقد جاءت علة هذا يف بعض الرواايت أَناهُ َّل يَ ْد ِري يف ّ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مثْل أبنائه‪ ،‬أو زوجته‪ ،‬أو غريهم؛ ح ا‬
‫ِ‬
‫يما َعلِ َق ُِبا ِم ْن الطا َعام‪.‬‬‫ِ‬ ‫َج ِل َذلِك أَمر النايب صلى هللا عليه وسلم بِلَ ْع ِق األ َ ِ‬
‫َصاب ِع فَلَ َع ال الََْربَكة ف َ‬ ‫ََ‬
‫ِ‬
‫وم ْن أ ْ‬
‫من فوائد احلديث‬
‫اس ب رَك ِة الطاعام اليت َّل ي علَم هل ِهي يف أ اَولِِه أَو ِ‬
‫آخ ِرهِ وتَ ْع ِظ ُيم نِ َع ِم هللا‪ ،‬قَلِيلها‬ ‫ِِ ِ ِ‬ ‫َصابِ ِع‪ ،‬ومثله َ‬
‫ْ‬ ‫ُْ َ ْ‬ ‫اإلانء‪ ،‬ملا فيه م ْن الْت َم ِ ََ‬ ‫لَ ْع ُق ْاأل َ‬ ‫▪‬

‫وع َد ُم التا َك ُِّرب َعْن َها ‪.‬‬


‫و كث ِريها‪َ ،‬‬
‫ض ٍع قَ ِذ ٍر َِجن ٍ‬
‫س‪.‬‬ ‫وح ْفظُها؛ لِئَ اَل تَ َقع يف مو ِ‬
‫َْ‬ ‫َ‬
‫صو ُن نِع ِم هللا ِ‬
‫َْ َ‬ ‫▪‬

‫النهي عن مسح اآلكل يده بشيء قبل لعقها أو إلعاقها على الكراهة َّل على التحرمي ‪.‬‬ ‫▪‬
‫آداب الطا ِ‬
‫عام‪.‬‬ ‫اإلسَلم على ِ‬ ‫ِ‬ ‫حث‬
‫ُّ‬ ‫▪‬

‫من شرح اإلمام النووي‬


‫يلعقها أو يلعقها‪َّ :‬ل َيسح يده حىت يلعقها وإن مل يفعل فحىت يُلع َقها غريه ممن َّل يتقذر ذلك كزوجة وجارية وولد وخادم حيبونه‬
‫ويتلذذون بذلك وَّل يتقذرون‪ .‬كذلك الشاة وغريها‪.‬‬
‫*****‬

‫سعد أ ان عبد الرمح ِن بن كعب بن ٍ‬


‫مالك أو‬ ‫َ‬ ‫هشام عن عبد الرمحن بن ْ‬
‫‪ -132‬حداثنا أبو كريب حدثنا ابن َّنري حدثنا أِب ح ّدثنا ٌ‬
‫َصابِ َع‪ ،‬فإذا فَ َرغَ لَعِ َق َها‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫رسول هللاِ‬ ‫كعب أخربه عن أبيه ٍ‬
‫كعب أنه ح ادثَهم أ ان َ‬ ‫عبد هللا بن ِ‬
‫َيكل بثَلث أ َ‬
‫ُ‬ ‫كان‬ ‫وسلم‬ ‫عليه‬ ‫هللا‬ ‫صلى‬ ‫َ‬
‫شرح احلديث‪:‬‬
‫كان النيب ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪َ -‬يكل بثَلث أصابع‪ ،‬وهي الوسطى والْ ُم َسبِّ َحة (السبّابة) واإلُبام‪ ،‬وهذا يدل على عدم الشَاره‬
‫اهم يف األكل‪ ،‬وإذا فرغ من أكله ِلس أصابعه‪ ،‬فاملستحب أن يكون األكل بثَلث أصابع إَّل إذا كان الطعام َّل َيكن تناوله‬
‫والن َ‬
‫بثَلث أصابع فيأكل مبا يتيسر‪.‬‬
‫من فوائد احلديث‬
‫▪ استحباب األكل بثَلث أصابع وهي الوسطى واملسبحة واإلُبام؛ ألن األكل أبقل منها يدل على التكرب‪ ،‬وأبكثر منها يدل‬
‫على الشَاره‪.‬‬
‫▪ األكل بثَلث أصابع يدل على عدم اِلرص على الطعام‪.‬‬
‫▪ استحباب لعق األصابع‪ ،‬ومثلها الصحون واملَلعق قبل غسلها وكراهة ترك شيء من آاثر الطعام عليها‪.‬‬
‫آداب الطا ِ‬
‫عام‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اإلسَلم على ِ‬ ‫حث‬
‫▪ ُّ‬
‫من شرح اإلمام النووي‬
‫من سنن األكل‪ - :‬لعق اليد حمافظة على بركة الطعام وتنظيفا‬
‫‪ -‬األكل بثَلث وَّل يضم إليها الرابعة واخلامسة إَّل لعذر أبن كان مرقا وغريه‬
‫‪ -‬لعق القصعة‬
‫******‬
‫‪ -134‬حدثنا حممد بن عبد هللا بن َّنري حدثنا أِب حدثنا سفيان عن أِب الزبري عن جابر رضي هللا عنه قال رسول هللا صلى هللا‬
‫يده‬
‫َيسح َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أخ ْذها فَلْيُم ْط ما كان ُبا من أذى وليَأ ُكلْها وَّل يَ َد ْعها للشيطان‪ ،‬وَّل ْ‬
‫وقعت لُقمةُ أحدكم فليَ ُ‬
‫عليه وسلم‪" :‬إذا ْ‬
‫أي طَ ِ‬
‫عامه الربكةُ"‬ ‫أصابعهُ‪ ،‬فإنه َّل يَدري يف ِّ‬ ‫ِ‬
‫ابملنديل حىت يَْل َع َق َ‬
‫‪ -135‬حدثنا عثمان بن أِب شيبة حدثنا جرير عن األعمش عن أِب سفيان عن جاب ٍر رضي هللا عنه قال َسعت النيب ﷺ يقول ‪:‬إِن‬
‫َح ِدكم اللُ ْقمةُ فَليَأْخ ْذ َها فَلْيُ ِم ْط‬‫أ‬ ‫من‬ ‫ت‬ ‫ط‬
‫َ‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫س‬ ‫ذا‬ ‫ِ‬
‫إ‬‫َ‬‫ف‬ ‫‪،‬‬‫ه‬‫ند طع ِام ِ‬ ‫ضره عِ‬ ‫حي‬‫َ‬ ‫ىت‬
‫ا‬ ‫ح‬ ‫‪،‬‬ ‫ه‬ ‫الشايطَا َن َحيضر أَح َد ُكم عِند ُك ِل ش ٍ‬
‫يء ِمن َشأْنِِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫الربَكةُ‪.‬‬ ‫غ فَ ْلي ْلعق أَصابِعه فِإناه َّلَ ي ْد ِري يف أ ِ ِ ِ‬ ‫ما كا َن ُِبا ِمن أَذى‪ ،‬مثُا ليأْ ُك ْلها وَّلَ ي َد ْعها للشايطَ ِ‬
‫َي طعامه تكون َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َُ‬ ‫ان‪ ،‬فإذا فَر َ َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫معاين الكلمات‬
‫يد ْعها‪َّ :‬ل يرتكها‬
‫َّل َ‬ ‫اللقمة‪ :‬ما يلقم يف مرة ِ‬
‫(لقم‪ :‬ابتلع أو أكل يف مهلة)‬
‫الربكة‪ :‬اخلري الكثري‬ ‫فليُ ِمط‪ :‬فلينَ ِّح وليُ ِزل (من أماط َييط)‬
‫من أذى‪ :‬من غبار أو تراب أو أي وسخ‬

‫شرح احلديث‪:‬‬
‫حيتوي اِلديثان عددا من آداب األك ِل منها‪ :‬أن اإلنسان إذا سقطت لقمه على األرض فإنه َّل يرتكها ألن الطاعام ِمن خ ِري هللاِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ا‬
‫ِ‬ ‫وفَ ْ ِ‬
‫ائد فَل ينبغي إضاعتُه جملرد أن سقط على األرض‬ ‫بب يف بناء اجلس ِم وتَ ْقويتِه‪ ،‬وقد َ‬
‫وضع هللاُ فيه َبركةا وفو َ‬ ‫ضله على البَ َش ِر‪ ،‬وهو َس ٌ‬
‫بل َيخذه وَيسح ما عليه من الوسخ مث َيكله‪ .‬يبي اِلديثان أيضا أن الشيطان َييت اإلنسان يف مجيع شؤونه من أكله وشربه وغريمها‬
‫أي طَ ِ‬
‫عامه تكو ُن الربكةُ‪ ،‬ولعلاها تكو ُن فيما سقط منه وأكله الشيطان‪.‬‬ ‫فيأخذ اللقمة اليت تسقط من يده‪ .‬اإلنسان َّل يَعلَ ُم يف ِّ‬

‫من فوائد احلديث‬


‫▪ حرص اإلسَلم على احملافظة على املال وعدم ضياعه مهما كان قليَلا‪.‬‬
‫▪ استحباب أكل اللقمة الساقطة كسرا لكربه وتواضعا لربه والتماسا للربكة ‪.‬‬
‫▪ اإلسَلم يدعو إىل النظافة‪ ،‬فإذا وقع الطعام فينبغي إزالة األذى عنه قبل أكله ‪.‬‬
‫الشيطان يرقب العبد يف كل حركاته وسكناته‪.‬‬ ‫▪‬
‫الشيطان قد يشارك العبد يف طعامه وشرابه إذا مل حيرتز (مل ا‬
‫يتوق) منه ابلوسائل الشرعية ‪.‬‬ ‫▪‬
‫الشريعة مبنية على املصاحل فما أمر هللا ورسوله بشيء صلى هللا عليه وسلم إَّل وفيه مصلحة‪ .‬وَّل ِنى عن شيء إَّل وفيه‬ ‫▪‬
‫مفسدة‪.‬‬
‫الطعام الذي َيكله اإلنسان فيه بركة وَّل يدري يف أي طعامه توجد‪ ،‬ينبغي على املرء أن حيرص على هذه الربكة ‪.‬‬ ‫▪‬
‫يستحب لعق األصابع ولعق الصحون واملَلعق‪ ،‬للمحافظة على النعمة والتخلق ابلتواضع ‪.‬‬ ‫▪‬
‫من شرح اإلمام النووي‬

‫‪ -‬أماط‪ :‬أزال وحناى‬


‫‪ -‬ماط َييط‪ :‬تنحى‬
‫‪ -‬األذى‪ :‬املستقذر من غبار وتراب وقذى‬
‫‪ -‬املنديل‪ :‬من الندل مبعن النقل أو من الندل هو الوسخ‬
‫‪ -‬يف اِلديث التحذير من الشيطان والتنبيه على مَلزمته لإلنسان يف تصرفاته فينبغي أن يتأهب (أن يستعد) وحيرتز منه وَّل‬
‫يغرت مبا يَُزيِّنُه له‪.‬‬
‫صاحب الطعام‬
‫ُ‬ ‫من دعاه‬
‫الضيف إذا تبعه غريُ ْ‬
‫ُ‬ ‫يفعل‬
‫ابب ما ُ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫صاحب الطعام للتابع‬ ‫واستحباب ِ‬
‫إذن‬
‫ٍ‬
‫مسعود‬ ‫‪ -138‬حدثنا قُتيبةُ بن ٍ‬
‫سعيد وعثما ُن بن أِب شيبة وتقاراب يف اللفظ قاَّل‪ :‬حدثنا جرير عن األعمش عن أِب و ٍ‬
‫ائل عن أِب‬
‫األنصاري قال ‪ :‬كان رجل من األنصار يقال له أبو شعيب وكان له غَلم ِلام فرأى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فعرف يف وجهه‬
‫اجلوع فقال لغَلمه وحيك اصنع لنا طعاما خلمسة نفر فإِن أريد أن أدعو النيب صلى هللا عليه وسلم خامس مخسة قال فصنع مث أتى‬
‫اتبعنا فإن‬
‫النيب صلى هللا عليه وسلم فدعاه خامس مخسة واتبعهم رجل فلما بلغ الباب قال النيب صلى هللا عليه وسلم‪ :‬إن هذا َ‬
‫شئت أن أتذ َن له وإن شئت رجع قال‪َّ :‬ل بل آذن له اي رسول هللا ‪.‬‬
‫معاين الكلمات‬
‫نفر‪ :‬من ثَلثة إىل عشرة من الرجال‬ ‫‪ :‬اجلزار (الذي يبيع اللحم)‬ ‫اللحام‬
‫!‪Hey; Come on!; Alas!; woe to you‬‬ ‫‪) :‬كلمة ترحم وتوجع ومدح وتعجب)‬ ‫وحيك!‬
‫خامس مخسة ‪ :‬أحد مخسة‬

‫شرح احلديث‪:‬‬
‫بعض َمن آاته هللا من فضله يعرف ذلك‪،‬‬
‫صلبَه وكان ُ‬
‫قيم به ُ‬
‫كان الرسول عليه الصَلة والسَلم جيوع أحياانا‪ ،‬فَل جيد يف بيته ما يُ ُ‬
‫أحد األنصار‬
‫الطعام ‪ ،‬ففي هذا اِلديث دعاه ُ‬
‫ويسارع يف إكرامه واستضافته اترة يدعوه إىل بيته وطعامه‪ ،‬واترة يَبعث إليه اهلديةَ و َ‬
‫إىل بيته مع أربعة آخرين من الصحابة ملا عرف أنه صلى هللا عليه وسلم يف حاجة إىل الطعام‪ ،‬وعندما خرج الرسول إىل بيت األنصاري‬
‫طلب منه الرسول صلى هللا عليه وسلم أن َيذ َن له إن شاء أو أن ُيراده دون أن يستضيفه‬ ‫ِ‬
‫ابب بيت األنصاري َ‬
‫رجل وملا وصَل َ‬‫تبعه ٌ‬
‫عيش فعلى الرغم من ذلك كانوا يكرمون الضيوف‬ ‫فأذن له‪ .‬يدل اِلديث على أن املسلمي كانوا يف أوائل اإلسَلم على فقر وضيق ٍ‬
‫أنفسهم‪.‬‬
‫ويؤثرون إخو َاِنم على َ‬
‫من فوائد احلديث‬
‫اإلطعام و ِ‬
‫اإلنفاق وخاصةا يف وقت الفقر واجلوع‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫استحباب‬ ‫❖‬

‫حيدد العدد‪ ،‬وَّل حرج يف ذلك‪.‬‬


‫جيوز لإلنسان إذا دعا قوما أن َ‬ ‫❖‬

‫عدم جواز اِلضور إىل بيت الوليمة من غري دعوةٍ إَّل إذا سح له ‪.‬‬ ‫❖‬

‫ِ‬
‫اصه وأقاربِه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫من دعا أحدا استُحب أن يدعو معه من يرى من خو ّ‬ ‫❖‬

‫طعامهم ‪.‬‬ ‫ِ‬


‫استحباب إجابة اإلمام والشريف والكبري دعوة َم ْن دوِنم وأكلهم َ‬
‫ُ‬ ‫❖‬

‫للمدعو أن يستئذن الداعي إذا رافقه بعض أصحابه‪.‬‬


‫ّ‬ ‫ينبغي‬ ‫❖‬

‫ينبغي ملن استُئذن يف ذلك أن َيذن‪ ،‬وذلك من مكارم األخَلق‪.‬‬ ‫❖‬

‫املدعو أن َّل َيتنع من اإلجابة إذا امتنع الداعي من اإلذن لبعض صحبه‪.‬‬
‫ينبغي على ّ‬ ‫❖‬

‫من شرح اإلمام النووي‬


‫رجل بغ ِري استدعا ٍء ينبغي له أَّل َيذن له وينهاه‬
‫▪ إذا تبع املدع او ٌ‬
‫ِ‬
‫صاحب الطعام أعلمه به ليأذن له أو َينعه‬ ‫ابب دا ِر‬
‫بلغ َ‬
‫▪ إذا َ‬
‫ب على حضوره مفسدةٌ أبن يؤذي اِلاضرين أو يشيع عنهم ما‬ ‫ِ‬
‫صاحب الطعام أن َيذن له إن مل يرتتّ ْ‬ ‫▪ يُستحب ل‬
‫يكرهونه ‪ ،‬أو يكون جلوسه معهم مزراي ُبم ؛ لشهرته ابلفسق وحنو ذلك‪.‬‬
‫▪ إن خيف من حضوره شيء من األذى مل َيذن له‪ ،‬وينبغي أن يتلطف يف رده‪ ،‬ولو أعطاه شيئا من الطعام إن كان‬
‫يليق به ليكون ردا مجيَل كان حسنا‪.‬‬

‫ابب جوا ِز ِ ِ‬
‫يثق برضاه بذلك‬
‫من ُ‬‫غريه إىل دا ِر ْ‬
‫است ْتباعه َ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫واستحباب االجتماع على الطعام‬ ‫تحق ِقه حتققا اتما‬
‫وبِ ُّ‬
‫صلاى‬ ‫‪-140‬حدثنا أبو بك ٍر بن أِب شيبة حدثنا خلف بن خليفة عن يزيد بن كيسان عن أِب هريرة رضي هللا عنه خرج ر ُ ِ‬
‫سول هللا َ‬ ‫ََ َ َ‬ ‫ُ‬
‫سول‬
‫قاَّل‪ :‬اجلُوعُ اي َر َ‬ ‫اعةَ؟ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َخَر َج ُكما من بُيُوت ُكما هذه ال اس َ‬ ‫قال‪ :‬ما أ ْ‬‫ات يَ ٍوم ‪-‬أ َْو لَْي لَ ٍة‪ -‬فَإِذَا هو أبَِِب بَ ْك ٍر َوعُ َمَر‪ ،‬فَ َ‬ ‫اَّللُ عليه َو َسلا َم ذَ َ‬ ‫ا‬
‫ليس يف بَْيتِ ِه‪،‬‬ ‫وموا‪ ،‬فَ َق ُاموا معهُ‪ ،‬فأتَى ر ُج اَل ِمن األنْ َ ِ ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬ ‫هللاِ‪َ ،‬‬
‫صار فَإ َذا هو َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َخَر َج ُك َما‪ ،‬قُ ُ‬ ‫َخَر َج ِين الاذي أ ْ‬ ‫قال‪َ :‬وأ ََان‪َ ،‬والاذي نَ ْفسي بيَده‪َ ،‬أل ْ‬
‫ب لَنَا ِم َن امل ِاء‪ ،‬إ ْذ‬ ‫ُ‬ ‫ب يَ ْستَ ْع ِذ‬‫َ‬ ‫ه‬
‫َ‬ ‫ذ‬
‫َ‬ ‫‪:‬‬‫ت‬‫ْ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫قا‬ ‫؟‬‫ن‬‫ٌ‬ ‫َل‬‫َ‬ ‫ف‬
‫ُ‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫َي‬
‫ْ‬ ‫أ‬ ‫‪:‬‬ ‫وسلم‬ ‫عليه‬ ‫هللا‬ ‫صلى‬ ‫سول هللاِ‬
‫قال َهلَا َر ُ‬ ‫ت‪َ :‬م ْر َحباا َوأ َْه اَل‪ ،‬فَ َ‬
‫فَلَ اما َرأَتْهُ املَْرأَةُ‪ ،‬قالَ ْ‬
‫َ‬ ‫ِِ‬ ‫سول هللاِ صلى هللا عليه وسلم وص ِ‬
‫قال‪ :‬فَانْطَلَ َق‪،‬‬‫َضيَافاا ِم ِّين‪َ ،‬‬ ‫اليوم أَ ْكَرَم أ ْ‬
‫َح ٌد َ‬ ‫احبَ ْي ِه‪ ،‬مثُا َ‬
‫قال‪ :‬اِلَ ْم ُد اَّلل؛ ما أ َ‬ ‫ََ‬
‫ي‪ ،‬فَنَظَر إىل ر ِ‬
‫صا ِر ُّ َ َ‬ ‫َجاءَ األنْ َ‬
‫وب‪،‬‬ ‫اَّللُ عليه َو َسلا َم‪ :‬اإاي َك َو ْ‬ ‫صلاى ا‬ ‫قال له ر ُ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ٍ‬
‫اِلَلُ َ‬ ‫سول هللا َ‬ ‫َخ َذ املُ ْديَةَ‪ ،‬فَ َ َ‬ ‫قال‪ُ :‬كلُوا من هذه‪َ ،‬وأ َ‬ ‫ب‪ ،‬فَ َ‬ ‫فَ َجاءَ ُه ْم بع ْذق فيه بُ ْسٌر َومتٌَْر َوُرطَ ٌ‬
‫سول هللاِ صلى هللا عليه وسلم ألَِِب بَ ْك ٍر َوعُ َمَر‪:‬‬ ‫قال َر ُ‬ ‫هلم‪ ،‬فأ َكلُوا ِم َن الشااةِ َوِم ْن َ‬
‫ذلك العِ ْذ ِق َو َش ِربُوا‪ ،‬فَلَ اما أَ ْن َشبِعُوا َوَرُووا‪َ ،‬‬ ‫فَ َذبَ َح ْ‬
‫َصابَ ُك ْم هذا الناعِ ُيم‪.‬‬ ‫حىت أ َ‬‫َخَر َج ُك ْم ِمن بُيُوتِ ُك ُم اجلُوعُ‪ ،‬مثُا َملْ تَ ْرِجعُوا ا‬ ‫والا ِذي نَ ْف ِسي بي ِدهِ‪ ،‬لَتُسأَلُ ان عن هذا الناعِي ِم ي ِ ِ‬
‫وم القيَ َامة‪ ،‬أ ْ‬ ‫ََ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫معاين الكلمات‬
‫العذق ‪ :‬الغصن‬ ‫يستعذب‪ :‬يطلب املاء العذب وهو الطيب‬
‫اِللوب‪ :‬ذات اللَب‬ ‫الْ ُم ْدية ‪ :‬السكي (مجعه ُم ادى)‬
‫من فوائد احلديث‬
‫ِ‬
‫الصحابة ابجلوع وغريه من ِّ‬
‫املشاق ليصربوا فيعظم أجرهم وترتفع منازهلم‪.‬‬ ‫كبار‬
‫و‬ ‫وسلم‬ ‫عليه‬ ‫هللا‬ ‫صلى‬ ‫النيب‬ ‫ابتَلء هللاِ‬
‫َ‬ ‫ا‬
‫جواز اخلروج يف طلب املباح لدفع اجلوع‪.‬‬
‫جواز ذك ِر اإلنسان ما يناله من أ ٍمل وحنوه‪َّ ،‬ل على سبيل التشكي وعدم الرضا‪ ،‬بل للتسلية والتصرب‪ ،‬فهذا ليس مبذموم‪ ،‬وإَّنا‬
‫يُ َذ ُّم ما كان تشكيا وتسخطا وجتزعا‪.‬‬
‫جواز اِللف من غري استحَلف‪.‬‬
‫ِ‬
‫اإلدَّلل على الصاحب (الوثوق مبحبته) الذي يوثق به واستتباع مجاعة إىل بيته‪.‬‬ ‫جواز‬
‫استحباب استقبال الضيف ب "مرحب ا وأهَلا" وشبهه وإظهار السرور بقدومه‪.‬‬
‫جواز ساع كَلم األجنبية‪ ،‬ومراجعتها (حماورِتا) الكَلم للحاجة‪.‬‬
‫إذن املرأة يف دخول منزل ِ‬
‫زوجها ملن علمت أنه َّل يكرهه‪ ،‬بشرط أن َّل ُيلو ُبا‪.‬‬ ‫جواز ِ‬
‫استطابة املاء ابلتربيد والرتشيح والفلرتة وحنوه‪.‬‬
‫استح باب محد هللا تعاىل عند حصول نعمة ظاهرة‪ ،‬وكذا يستحب عند اندفاع نقمة متوقعة‪ ،‬ويف غري ذلك من األحوال‪.‬‬
‫استحباب إظهار البِشر والفرح ابلضيف والثناء عليه يف وجهه وهو يسمع إن مل ُيف عليه فتنة فإن خاف مل يثن عليه يف‬
‫وجهه‪.‬‬
‫استحباب تقدمي الفاكهة على اخلبز واللحم وغريمها‪.‬‬
‫استحباب اإلسراع بتقدمي ما تيسر للجائع حىت يُ َع ّد الطعام املناسب‪.‬‬
‫استحباب إكرام الضيف أبشهى الطعام‪.‬‬
‫كراهة ذبح اِللوب إذا وجد غريها‪ ،‬ألن يف ذحبها حرماانا ألهل البيت من رزق اللَب‪.‬‬
‫جواز الشبع‪ ،‬وأما ما جاء يف كراهة الشبع فمحمول على املداومة عليه‪.‬‬
‫وجوب الشكر على النعم‪.‬‬
‫من شرح اإلمام النووي‬
‫❖ تقلُّ ُل النيب صلى هللا عليه وسلم وصحابته من الدنيا‬
‫ذكر ما يناله من أ ٍمل وحن ِوه َّلعلى سبيل التش ّكِي بل للتسلية‬
‫❖ جيوز لإلنسان ُ‬
‫❖ مرحبا وأهَل‪ :‬صادفت رحبا وسعة وأهَل أتنس ُبم‬
‫❖ استحباب إكرام الضيف‬
‫❖ جواز ساع كَلم األجنبية‬
‫علمت أنه َّل يكرهه حبيث َّل ُيلو ُبا‬
‫ْ‬ ‫❖ جواز ِ‬
‫إذن املرأة يف دخول منزل زوجها إذا‬
‫ِ‬
‫العذب‬ ‫❖ جواز استعذاب املاء أي طلب ِ‬
‫املاء‬
‫محد هللا تعاىل عند حصول نعمة ظاهرة واندفاع نقمة متوقعة‬ ‫❖ استحباب ِ‬
‫❖ استحباب إظهار البِشر والفرح ابلضيف يف وجهه ومحد هللا وهو يسمع على حصول هذه النعمة والثناء على ضيفه‬
‫❖ استحباب تقدمي الفاكهة على اخلبز واللحم وغريمها‬
‫❖ استحباب املبادرة إىل الضيف مبا تيسر وإكرامه بعده بطعام يصنعه‬
‫❖ جواز الشبع وإَّنا الكراهةُ املداومةُ عليه‬
‫******‬
‫ول‪:‬‬‫س بْ َن َمالِك يَ ُق ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫أ‬ ‫ع‬ ‫اَّللِ ب ِن أَِِب طَلْحةَ‪ ،‬أَناه َِ‬
‫س‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ا‬ ‫اق ب ِن عب ِ‬
‫د‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ح‬
‫َ‬ ‫س‬‫ْ‬ ‫ِ‬‫إ‬ ‫ن‬‫ْ‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫‪،‬‬‫س‬‫ٍ‬ ‫ن‬
‫َ‬‫َ‬‫أ‬ ‫ِ‬
‫ن‬ ‫ب‬
‫ْ‬
‫ت َعلَى مالِ ِ‬
‫ك‬ ‫َ‬ ‫ال‪ :‬قَ َرأْ ُ‬
‫‪َ -142‬حداثَنَا َْحي َىي بْ ُن َْحي َىي قَ َ‬
‫ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ف فِ ِيه ْ‬
‫ضعِي افا أ َْع ِر ُ‬ ‫ول اِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ت‪:‬‬ ‫وع‪ ،‬فَ َه ْل عْن َد ِك م ْن َش ْيء؟ فَ َقالَ ْ‬ ‫اجلُ َ‬ ‫اَّلل صلى هللا عليه وسلم َ‬ ‫ت رس ِ‬
‫ص ْو َ َ ُ‬ ‫ت َ‬ ‫ال أَبُو طَْل َحةَ ألُِّم ُسلَْي ٍم‪ :‬قَ ْد َس ْع ُ‬ ‫قَ َ‬
‫ول‬‫ض ِه‪ ،‬مثُا أَرسلَْت ِين إِ َىل رس ِ‬ ‫ض ِه‪ ،‬مثُا د اسْته ََْتت ثَوِِب ورادتِْين بِب ع ِ‬ ‫اخلُب ز بِب ع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ن عم‪ ،‬فَأَخرجت أَقْ راصا ِمن شعِ ٍري‪ ،‬مثُا أَخ َذ ِ‬
‫َُ‬ ‫َْ‬ ‫َ ُ َ ْ ََ َ ْ‬ ‫ت مخَ اارا َهلَا‪ ،‬فَلَفات ْ ْ َ َ ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫ََْ َْ َ ْ َ ا ْ َ‬
‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫اَّللِ صلاى ا ِ‬ ‫ال‪ :‬فَ َذهب ِ‬ ‫اِ‬
‫ت‬‫اس‪ ،‬فَ ُق ْم ُ‬ ‫اَّللُ َعلَْيه َو َسلا َم َجال اسا يف الْ َم ْسجد َوَم َعهُ النا ُ‬ ‫ول ا َ‬ ‫ت َر ُس َ‬ ‫ت بِه‪ ،‬فَ َو َج ْد ُ‬ ‫اَّلل صلى هللا عليه وسلم ‪ ،‬قَ َ َ ْ ُ‬
‫اَّللِ‬ ‫ال‪ :‬فَ ُقلْت‪ :‬نَعم‪ ،‬فَ َق َ ِ‬
‫ول ا‬ ‫ال َر ُس ُ‬ ‫ت‪ :‬نَ َع ْم‪ ،‬فَ َق َ‬‫ال‪ :‬أَلطَ َع ٍام؟ فَ ُقلْ ُ‬ ‫ُ َْ‬ ‫ك أَبُو طَلْ َحةَ؟ قَ َ‬ ‫اَّللِ صلى هللا عليه وسلم‪ :‬أ َْر َسلَ َ‬ ‫ول ا‬ ‫ال َر ُس ُ‬ ‫َعلَْي ِه ْم‪ ،‬فَ َق َ‬
‫ِ‬ ‫صلى هللا عليه وسلم لِمن معه‪ :‬قُوموا‪ ،‬قَال‪ :‬فَانْطَلَق‪ ،‬وانْطَلَ ْقت ب ِ‬
‫ال أَبُو طَلْ َحةَ‪َ :‬اي أُام‬ ‫َخ َْربتُهُ‪ ،‬فَ َق َ‬
‫ت أ ََاب طَلْ َحةَ‪ ،‬فَأ ْ‬ ‫ي أَيْدي ِه ْم َح اىت جْئ ُ‬ ‫ُ َْ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ْ َ َُ ُ‬
‫ال‪ :‬فَانْطَلَ َق أَبُو طَلْ َحةَ‬ ‫اَّللُ َوَر ُسولُهُ أ َْعلَ ُم‪ ،‬قَ َ‬
‫ت‪ :‬ا‬ ‫ِ‬ ‫ااس‪ ،‬ولَي ِ‬
‫س عْن َد َان َما نُطْع ُم ُه ْم‪ ،‬فَ َقالَ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫اَّللِ صلى هللا عليه وسلم ِابلن ِ‬ ‫ول ا‬ ‫ُسلَْي ٍم‪ ،‬قَ ْد َجاءَ َر ُس ُ‬
‫َ‬
‫اَّللِ صلى هللا عليه‬ ‫ول ا‬ ‫ال َر ُس ُ‬ ‫اَّللِ صلى هللا عليه وسلم َم َعهُ َح اىت َد َخ ََل‪ ،‬فَ َق َ‬ ‫ول ا‬ ‫اَّللِ صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬فَأَقْ بَ َل َر ُس ُ‬ ‫ول ا‬ ‫َح اىت لَ ِق َي َر ُس َ‬
‫ت َعلَْي ِه أ ُُّم‬ ‫اَّللِ صلى هللا عليه وسلم فَ ُف ا‬ ‫اخلُْب ِز‪ ،‬فَأ ََمَر بِِه َر ُس ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صَر ْ‬ ‫ت‪َ ،‬و َع َ‬ ‫ول ا‬ ‫ك ْ‬ ‫ت بِ َذل َ‬ ‫وسلم‪َ :‬هلُ ِّمي َما عنْ َد ِك َاي أُام ُسلَْي ٍم؟ فَأَتَ ْ‬
‫ال‪ :‬ائْ َذ ْن لِ َع َشَرةٍ‪ ،‬فَأ َِذ َن َهلُْم فَأَ َكلُوا َح اىت‬ ‫ول‪ ،‬مثُا قَ َ‬ ‫اَّللِ صلى هللا عليه وسلم َما َشاءَ ا‬
‫اَّللُ أَ ْن يَ ُق َ‬ ‫ول ا‬ ‫ال فِ ِيه َر ُس ُ‬ ‫ُسلَْي ٍم عُ اكةا َهلَا فَأ ََد َمْتهُ‪ ،‬مثُا قَ َ‬
‫ال ‪ :‬ائْ َذ ْن لِ َع َشَرةٍ َح اىت أَ َك َل الْ َق ْوُم ُكلُّ ُه ْم َو َشبِعُوا‬
‫ال‪ :‬ائْ َذ ْن لِ َع َشَرةٍ‪ ،‬فَأ َِذ َن َهلُْم فَأَ َكلُوا َح اىت َشبِعُوا‪ ،‬مثُا َخَر ُجوا‪ ،‬مثُا قَ َ‬
‫َشبِعُوا‪ ،‬مثُا َخَر ُجوا‪ ،‬مثُا قَ َ‬
‫‪َ ،‬والْ َق ْوُم َسْب عُو َن َر ُج اَل أ َْو َمثَانُو َن‪.‬‬
‫معاين الكلمات‬
‫َرادى‪ :‬ألبس الرداءَ‬ ‫أقراص‪ :‬مجع قرص‪ ،‬قطع مستديرة من العجي أو اخلبز‬
‫أخ َفى‬
‫س‪ْ :‬‬ ‫َد ا‬ ‫ِمخَار‪ :‬ثوب تغطي به املرأة رأسها‬
‫(ه)‪:‬جعل فيه َإداما‬ ‫هلُ ِمي‪:‬أح ِ‬
‫دم ُ‬ ‫دم‪ /‬آ َ‬
‫أ َ‬ ‫لف‪wrap :‬‬‫ّ‬ ‫ضري‬ ‫َّ ْ‬
‫فت‪ :‬دقاه وكسره كسرا صغريا‬ ‫ا‬ ‫العُ اكة‪ :‬إانء من جلد ُجيعل فيه السمن والعسل غالبا‬

‫الفوائد‬
‫أتييد هللا لنبيه ابآلايت واملعجزات ‪.‬‬ ‫❖‬

‫اسة وال َقرائن حيث استدل أبو طلحة من ضعف صوته صلى هللا عليه وسلم على ِش ِّدة اجلوع ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫جواز العمل ابلفَر َ‬ ‫❖‬

‫جواز الدعوة إىل الطعام يف املسجد‪ ،‬وكذلك اإلجابة منه ‪.‬‬ ‫❖‬
‫جلوس العامل ألصحابه يف املسجد إلفادِتم ‪.‬‬ ‫❖‬

‫جواز الدعوة إىل الطعام وإن مل يكن وليمة ‪.‬‬ ‫❖‬


‫جواز استدعاء العدد الكثري إىل الطعام القليل ‪.‬‬ ‫❖‬
‫إذا علم املدعو أن الداعي َّل يكره أن حيضر معه غريه فَل أبس إبحضاره معه ‪.‬‬ ‫❖‬

‫اعتناء الصحابة أبحوال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪.‬‬ ‫❖‬
‫الشبع‪ ،‬ففي اِلديث‪( :‬فأكلوا حىت َشبِعُوا) ‪.‬‬ ‫جواز األكل حىت َ‬ ‫❖‬

‫جواز إدخال الضيوف عشرة عشرة إذا احتيج إىل ذلك لقلة الطعام أو ضيق املكان‪.‬‬ ‫❖‬
‫صرب النيب صلى هللا عليه وسلم؛ فإنه كان جيوع حىت يَربِط على بَطْنِه وَّل يسأل أحدا ‪.‬‬ ‫❖‬

‫ما كان عليه النيب صلى هللا عليه وسلم وأصحابه من ال َف ْقر والش ِّدة ‪.‬‬ ‫❖‬

‫من شرح اإلمام النووي‬


‫‪ -‬ثَلثة أعَلم من أعَلم النبوة‪ :‬معرفته أن أنسا أرسله أبو طلحة وأنه للطعام وأن هللا سيكثر له الطعام‬
‫‪ -‬اعتناء الصحابة رضي هللا عنهم أبحوال الرسول صلى هللا عليه وسلم‬
‫‪ -‬استحباب بعث اهلدية وإن كانت قليلة وهي خري من العدم‬
‫‪ -‬جلوس العامل ألصحابه لتعليمهم وأتديبهم واستحباب ذلك يف املساجد‪.‬‬
‫‪ -‬انطَلق صاحب الطعام بي يدي الضيوف وخروجه ليتلقاهم‬
‫قعوده‬ ‫ِ‬
‫وصفة ِ‬ ‫ِ‬
‫استحباب تواض ِع ِ‬
‫اآلكل‬ ‫ابب‬
‫ُ‬
‫ص َع ِ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫َش ُّج‪ ،‬كِ ََل ُمهَا َع ْن َح ْف ٍ‬ ‫‪ -148‬حداثَنَا أَبو ب ْك ِر بن أَِِب َشي بةَ ‪ ،‬وأَبو سعِ ٍ‬
‫ب‬ ‫ال أَبُو بَ ْك ٍر‪َ :‬حداثَنَا َح ْف ُ‬
‫ص بْ ُن غيَاث‪َ ،‬ع ْن ُم ْ‬ ‫ص‪ ،‬قَ َ‬ ‫يد ْاأل َ‬ ‫َْ َ ُ َ‬ ‫ُ َ ُْ‬ ‫َ‬
‫ايب صلى هللا عليه وسلم ُم ْقعِيًا ََيْ ُك ُل متَْارا‪.‬‬ ‫ت النِ ا‬ ‫ال‪َ :‬رأَيْ ُ‬ ‫ب ِن سلَي ٍم‪ ،‬حداثَنَا أَنَس بن مالِ ٍ‬
‫ك‪ ،‬قَ َ‬ ‫ُ ُْ َ‬ ‫ْ ُْ َ‬
‫ب بْ ِن ُسلَْي ٍم‪،‬‬‫ص َع ِ‬ ‫ب‪ ،‬وابن أَِِب عمر‪َِ ،‬‬ ‫ٍ‬
‫ال ابْ ُن أَِِب عُ َمَر‪َ :‬حداثَنَا ُس ْفيَا ُن بْ ُن عُيَ ْي نَةَ‪َ ،‬ع ْن ُم ْ‬
‫مج ايعا َع ْن ُس ْفيَا َن‪ ،‬قَ َ‬ ‫‪َ -149‬حداثَنَا ُزَه ْريُ بْ ُن َح ْر َ ْ ُ ُ َ َ‬
‫ايب صلى هللا عليه وسلم يَ ْق ِس ُمهُ َو ُه َو ُْحمتَ ِفٌز‪ََ ،‬يْ ُك ُل‬ ‫اَّلل صلى هللا عليه وسلم بِتَ ْم ٍر‪ ،‬فَ َج َع َل النِ ُّ‬
‫ول اِ‬ ‫ال‪ :‬أُِيتَ َر ُس ُ‬‫س‪ ،‬قَ َ‬ ‫َع ْن أَنَ ٍ‬
‫ِمْنهُ أَ ْك اَل َذ ِر ايعا‪َ ،‬وِيف ِرَوايَِة ُزَه ٍْري‪ :‬أَ ْك اَل َحثِيثاا‪.‬‬

‫معاين الكلمات‪:‬‬
‫ُم ْقعِياا‪( :‬من أقْ َعى يُ ْقعِي إقْ َعاء‪ :‬جلس َّلص اقا أليَ تَ ْي ِه ابألرض انصباا ساقيه)‬
‫جلوسه‪ .‬ذَر ايعا‪َ :‬سر ايعا‪َ .‬حثيثاا‪ُ :‬مستَ ْع ِج اَل‬
‫ُحمتَ ِفز‪ :‬مستع ِجل وغري متم ّكِ ٍن وغري مطمئن يف ِ‬
‫ٌ ُ ْ ٌ ُُ‬
‫شرح احلديث‬
‫إقعاء‪ ،‬وهي‬ ‫مالك رضي هللا عنه أناه رأى النِايب صلى هللا عليه وسلم "م ْقعِيا"‪ ،‬أي جيلس جلسة ٍ‬ ‫يف اِلديث األول ي روي أنس بن ٍ‬
‫ُ ا‬ ‫ا‬ ‫ُ ُ‬ ‫َْ‬
‫للجلوس‪ ،‬وإاَّنا أ َكل النِايب صلى هللا عليه وسلم كذلك؛ لِ ائَل ي ِ‬
‫ستقار يف اجلِلْ َس ِة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اف ألْي تَ يه‪ ،‬وهي هيئةٌ متو ِ‬
‫اضعةٌ‬ ‫ِجلسةُ الار ِ‬
‫َ‬ ‫َ ُّ‬ ‫َ ُ‬ ‫جل على أطر َ ْ‬
‫كثريا‪ ،‬وقيل‪:‬‬ ‫غري ُمطمئ ٍن ْ‬
‫فلن ََي ُك َل ا‬ ‫اجللوس‪ ،‬وإذا كان َ‬ ‫ِ‬ ‫طمئِناا يف‬
‫الغالب أ ان اإلنسا َن إذا كان ُم ْقعياا َّل يكو ُن ُم َ‬
‫َ‬ ‫كثريا؛ أل ان‬
‫أكَل ا‬
‫فيَأ ُك َل ا‬
‫عند‬
‫عام َ‬‫دم َِنَ ِمه‪ ،‬وقلا ِة مباَّلتِه ِأبكلِه؛ إذ مل ت ُكن ِمهاتُه فيما َجي َعل يف بطنِه‪ ،‬وإاَّنا كان َي ُكل القليل ِمن الطا ِ‬‫إاَّنا كان َي ُكل كذلك؛ لِ َع ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬
‫هة التاواض ِع‪.‬‬‫اِلاجة‪ ،‬وعلى ِج ِ‬
‫ِ‬

‫حولَه‪،‬‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫على‬ ‫ه‬‫م‬ ‫مالك رضي هللا عنه أ ان النِايب صلى هللا عليه وسلم ِجيء له بِتم ٍر‪ ،‬فَجعل ي ْق ِ‬
‫س‬ ‫اِلديث الثاِن ي روي أنس بن ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ويف‬
‫َ ْ‬ ‫ََ َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ا‬ ‫ُ ُ‬ ‫َْ‬
‫اية‪َ :‬حثيثاا أي‪ُ :‬مستَ ْع ِج اَل؛ وإاَّنا‬ ‫َ ا‬ ‫ا‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫وهو ُحمتَ ِفز‪ ،‬أي‪ :‬مستع ِجل وغري متم ّكِ ٍن يف ِ‬
‫جلوسه‪ ،‬وكان َي ُكل منه أ ْك اَل َذريعا‪ ،‬أي‪ :‬سريعا ويف ِرو ٍ‬
‫ُ ْ ٌ ُُ‬ ‫ٌ‬
‫(شرِهه)‪ ،‬وقلا ِة مباَّلتِه ِأبكلِه؛ إذ مل ت ُكن مهاتُه فيما َجيعل يف بطنِه‪ ،‬وإ اَّنا كان َي ُكل القليل ِمن الطا ِ‬
‫عام‬ ‫َ‬ ‫ه‬‫ِنم‬ ‫كان َيكل كذلك‪ ،‬لِ ِ‬
‫عدم ِ‬
‫َ ُ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫حىت يُد ِرَكها‪َ ،‬‬
‫فأخ َذ ما‬ ‫ستعج اَل؛ َّلنشغالِه أبُموٍر أُخرى ا‬
‫هة التاواض ِع‪ ،‬أو كان صلاى هللا عليه وسلام َي ُكل م ِ‬
‫َ َ ُُ‬ ‫ُ‬
‫اِلاجة‪ ،‬وعلى ِج ِ‬‫ِ‬ ‫عند‬
‫قوم ُمس ِر اعا ل َقضائِها‪.‬‬ ‫استطاع ِمن الطا ِ ِ‬
‫وعه‪ ،‬مثا يَ ُ‬
‫عام ليَ ُس اد ُج َ‬ ‫َ‬
‫شرح اإلمام النووي‬
‫ق وله ‪( :‬مقعيا) أي جالسا على أليتيه انصبا ساقيه (وحمتفز) هو ابلزاي أي مستعجل مستوفز غري متمكن يف جلوسه‪ ،‬وهو مبعن‬
‫قوله‪( :‬مقعيا) وهو أيضا معن قوله صلى هللا عليه وسلم يف اِلديث اآلخر يف صحيح البخاري وغريه "َّل آكل متكئا" على ما ف اسَره‬
‫قاعدا على ٍ‬ ‫ِ‬
‫وطاء فهو‬ ‫كل من استَ َوى ا‬‫الرتبُّع‪َ ،‬و َشبا َههُ املُْعتَ ِم َد على ال ِوطَاء ََْتتَه‪ ،‬قال‪ :‬و ُّ‬
‫اإلمام اخلَطا ِاِب فإنه قال‪ :‬املتاكئ يف جلوسه من اَ‬
‫ويقعد لَه متمكنا‪ ،‬بل أقعد مستوفزا‪ ،‬وآكل قليَل‪.‬‬
‫متكئ‪ ،‬ومعناه‪َّ :‬ل آكل أكل من يريد اَّلستكثار من الطعام ُ‬
‫ٌ‬
‫قوله ‪( :‬أكَلا ذريعا وحثيثا) مها مبعن ‪ ،‬أي مستعجَل صلى هللا عليه وسلم َّلستيفازه لشغل آخر‪ ،‬فأسرع يف األكل وكان استعجاله‬
‫ليقضي حاجته منه ويرد اجلوعة‪ ،‬مث يذهب يف ذلك الشغل ‪.‬‬
‫وقوله‪( :‬فجعل النيب صلى هللا عليه وسلم يقسمه) أي يفرقه على من يراه أهَل لذلك‪ ،‬وهذا التمر كان لرسول هللا صلى هللا عليه‬
‫وسلم وتربع بتفريقه صلى هللا عليه وسلم فلهذا كان َيكل منه ‪ .‬وهللا أعلم ‪.‬‬

‫‪)buttock‬‬ ‫(استوفز‪ :‬جلس على هيئة كأنه يريد القيام‪ِ .‬وطاء‪ :‬فراش‪ .‬تربّع‪ :‬ثن قدميه َتت فخذيه ُمالفا هلما‪.‬ألية‪:‬‬
‫ابب هن ِي ِ‬
‫اآلكل مع مجاعة‬ ‫ُ‬
‫ان مترين وحن ِوِمها يف ٍ‬
‫لقمة إال إبذن أصحابه‬ ‫عن قر ِ‬

‫املثن ح ّدثنا حممد بن جعفر حدثنا ُش ْعبةُ قال‪ :‬سعت َجبَ لَة بن ُس َحْيم قال‪ :‬كان ابن الزبري يرزقنا التا ْمر قال‪:‬‬ ‫‪ -150‬ح ّدثنا حممد بن ا‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‬ ‫أنكل فيقول‪َّ :‬ل تُ َقا ِرنُوا فإ ان َ‬ ‫ن‬‫وحن‬ ‫ر‬‫م‬‫ع‬ ‫ابن‬ ‫علينا‬ ‫ر‬
‫ُّ‬ ‫م‬ ‫ي‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫أنكل‬ ‫ا‬‫ا‬
‫ن‬ ‫ك‬
‫ُ‬‫و‬ ‫د‬
‫ٌ‬ ‫ه‬ ‫ج‬ ‫وقد كان أصاب الناس ٍ‬
‫يومئذ‬
‫ْ‬
‫ُ ََ ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬
‫أخاهُ‪ .‬قال ُش ْعبَة َّل أرى هذه الكلمة إَّل من كلمة ابن عمر يعين اَّلستئذان‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الرجل َ‬
‫اإلقران إَّل أن يَ ْستَأذ َن ُ‬
‫ِنَى َعن َ‬

‫معاين الكلمات‪:‬‬
‫اجلهد‪ :‬املشقة والضيق‬
‫قرن يق ِرن‪ /‬قارن يقارن‪ :‬مجع بي الشيئي‬
‫(هنا)‪ :‬اجلمع بي التمرتي يف األكل‬ ‫ِ‬
‫القران ُ‬

‫شرح احلديث‬

‫حق ن ْف ِسه‪ ،‬وما َجي ُ‬


‫حق غ ِريه إذا‬ ‫ِ‬ ‫رىب اإلسَلم أتْباعه على ال َق ِ‬
‫ناعة واإليثا ِر‪ ،‬وعلامهم آداب الطا ِ‬
‫وز يف ِّ‬ ‫وز لإلنسان يف ِّ‬
‫وبي ما َجي ُ‬
‫عام‪ ،‬ا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ا‬
‫أ َك َل معه‪.‬‬
‫ضي هللاُ عنهما يُطعِ ُمهم‬ ‫ر‬ ‫الزب ِ‬
‫ري‬ ‫ُّ‬ ‫بن‬ ‫عبد هللاِ‬
‫ُ‬ ‫فكان‬ ‫‪،‬‬ ‫ب‬ ‫د‬‫ْ‬ ‫وج‬ ‫ط‬
‫ٌ‬ ‫قح‬ ‫م‬‫فأصاُب‬ ‫ِ‬
‫ابملدينة‬ ‫ا‬ ‫و‬‫كان‬ ‫م‬ ‫بن ُس َحي ٍم ا‬
‫أِن‬ ‫ة‬
‫ُ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ب‬‫ج‬ ‫كي‬ ‫حي‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫اِلديث‬ ‫ويف هذا‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫سول هللاِ صلاى هللاُ عليه وسلا َم َِنى ع ِن‬ ‫اب رضي هللا عنهما ََيُّر ُبم وهم َي ُكلونَه‪ ،‬فيُ ِ‬
‫خربُهم أ ان َر َ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫عمَر ب ِن اخلطا َ َ ُ‬ ‫بن َ‬
‫التامر‪ ،‬وكان ُ ِ‬
‫عبد هللا ُ‬ ‫َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يد بذلك أ ْن‬ ‫ليل‪ ،‬يُر ُ‬ ‫آخَر والطا ُ‬
‫عام قَ ٌ‬ ‫معا‪ ،‬وذلك يف حالة َكونه ََي ُك ُل مع َ‬ ‫وَي ُكلُهما ا‬
‫ضعُهما يف فَمه َ‬ ‫قر َن متَْرةٌ بتَمرةٍ يَ َ‬
‫اإلقران‪ ،‬وهو أ ْن تُ َ‬
‫اال على ِخ اس ِة (حقارة وخفة وزن) ن ْف ِسه‪ ،‬اإَّل‬ ‫مع ما فيه ِمن الشَارهِ الد ِّ‬ ‫ه‪،‬‬ ‫حاف (إضرار) بر ِ‬
‫فيق‬ ‫ٌ‬ ‫إج‬ ‫فيه‬ ‫وهذا‬ ‫‪،‬‬ ‫يغلِب على أكثَ ِر الطا ِ‬
‫عام‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬
‫جالة ِمن ْأم ِره ويُر ُ‬
‫يد أ ْن يَنص ِر َ‬ ‫ستأذ َن الارجل أخاه؛ لكونِه على ع ٍ‬ ‫أ ْن ي ِ‬
‫وز‪.‬‬‫ف َم اثَل‪ ،‬فيَأْ َذ َن له َمن ََي ُك ُل معه‪ ،‬فإناه َجي ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ‬
‫شرح اإلمام النووي‬
‫هذا النهي متفق عليه حىت يستأذِنم ‪ ،‬فإذا أذنوا فَل أبس‪ .‬واختلفوا يف أن هذا النهي على التحرمي أو على الكراهة واألدب؟ فنقل‬
‫القاضي عياض عن أهل الظاهر أنه للتحرمي‪ ،‬وعن غريهم أنه للكراهة واألدب‪ ،‬والصواب التفصيل‪ ،‬فإن كان الطعام مشرتكا بينهم‬
‫فالقران حرام إَّل برضاهم‪ ،‬وحيصل الرضا بتصرحيهم به‪ ،‬أو مبا يقوم مقام التصريح من قرينة حال أو إدَّلل عليهم كلهم حبيث يعلم‬
‫يقينا أو ظنا قواي أِنم يرضون به‪ ،‬ومىت شك يف رضاهم فهو حرام‪ ،‬وإن كان الطعام لغريهم أو ألحدهم اشرتط رضاه وحده‪ ،‬فإن قرن‬
‫بغري رضاه فحرام‪ ،‬ويستحب أن يستأذن اآلكلي معه وَّل جيب‪ .‬وإن كان الطعام لنفسه وقد ضيفهم به فَل حيرم عليه القران‪ ،‬مث إن‬
‫كان يف الطعام قلة فحسن أَّل يقرن لتساويهم‪ ،‬وإن كان كثريا حبيث يفضل عنهم فَل أبس بقرانه‪ ،‬لكن األدب مطلقا‪ :‬التأدب يف‬
‫األكل وترك الشره‪ ،‬إَّل أن يكون مستعجَل ويريد اإلسراع لشغل آخر كما سبق يف الباب قبله‪ ،‬وقال اخلطّاِب‪ :‬إَّنا كان هذا يف‬
‫زمنهم‪ ،‬وحي كان الطعام ضيقا‪ ،‬فأما اليوم مع اتساع اِلال فَل حاجة إىل اإلذن‪ ،‬وليس كما قال‪ ،‬بل الصواب ما ذكران من التفصيل‪،‬‬
‫فإن اَّلعتبار بعموم اللفظ َّل ِبصوص السبب‪ ،‬لو ثبت السبب‪ ،‬كيف وهو غري اثبت‪ .‬وهللا أعلم ‪.‬‬
‫وقوله‪( :‬أصاب الناس جهد) يعين قلة وحاجة ومشقة‪.‬‬
‫وقوله‪( :‬يقرن) أي جيمع وهو بضم الراء وكسرها لغتان‪.‬‬
‫وقوله‪ِ( :‬نى عن اإلقران) هكذا هو يف األصول‪ ،‬واملعروف يف اللغة القران‪ ،‬يقال‪ :‬قرن بي الشيئي‪ ،‬قالوا‪ :‬وَّل يقال‪ :‬أقرن‪.‬‬
‫وقوله‪( :‬قال شعبة‪َّ :‬ل أرى هذه الكلمة إَّل من كلمة ابن عمر) يعين ابلكلمة الكَلم‪ ،‬وهو شائع معروف‪ ،‬وهذا الذي قاله شعبة َّل‬
‫يؤثر يف رفع اَّلستئذان إىل رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ألنه نفاه بظن وحسبان‪ ،‬وقد أثبته سفيان يف الرواية الثانية فثبت‪.‬‬

‫ابب فضل متر املدينة‬

‫اَّللِ بْ ِن َعْب ِد الار ْمحَ ِن َع ْن َع ِام ِر بْ ِن‬


‫ب َحداثَنَا ُسلَْي َما ُن يَ ْع ِين ابْ َن بََِل ٍل َع ْن َعْب ِد ا‬ ‫اَّللِ بْ ُن َم ْسلَ َمةَ بْ ِن قَ ْعنَ ٍ‬
‫‪َ -154‬حداثَنَا َعْب ُد ا‬
‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫اَّللُ َعلَْي ِه َو َسلا َم قَ َ‬
‫صلاى ا‬ ‫ول اِ‬‫اص َع ْن أَبِ ِيه‪ :‬أَ ان َر ُس َ‬ ‫َس ْع ِد بْ ِن أَِِب َوقا ٍ‬
‫ي ََّلبَتَ ْي َها ح َ‬‫ال‪َ :‬م ْن أَ َك َل َسْب َع متَََرات مماا بَْ َ‬ ‫اَّلل َ‬
‫ضارهُ ُس ٌّم َح اىت َيُْ ِس َي‪.‬‬
‫صبِ ُح َملْ يَ ُ‬
‫يُ ْ‬

‫يل َو ُه َو‬ ‫ِ ِ‬ ‫ال ْاآل َخَر ِان‬ ‫وب َوابْ ُن ُح ْج ٍر قَ َ‬


‫َحداثَنَا إ ْسَع ُ‬ ‫َخ ََربَان و قَ َ‬‫ال َْحي َىي بْ ُن َْحي َىي أ ْ‬ ‫‪َ -156‬حداثَنَا َْحي َىي بْ ُن َْحي َىي َوَْحي َىي بْ ُن أَيُّ َ‬
‫اَّللُ َعلَْي ِه َو َسلا َم‬
‫صلاى ا‬
‫َ‬
‫اَّللِ‬
‫ول ا‬ ‫يك َو ُه َو ابْ ُن أَِِب ََّنِ ٍر َع ْن َعْب ِد ا‬
‫اَّللِ بْ ِن أَِِب َعتِ ٍيق َع ْن َعائِ َشةَ أَ ان َر ُس َ‬ ‫ابن ج ْع َف ٍر َعن َش ِر ٍ‬
‫ْ‬ ‫ُْ َ‬
‫ال‪ :‬إِ ان ِيف َع ْج َوةِ الْ َعالِيَ ِة ِش َفاءا أ َْو إِ اِنَا تِْرَاي ٌق أ اَوَل الْبُكَْرةِ‪.‬‬ ‫قَ َ‬
‫معاين الكلمات‪:‬‬
‫ت) واملراد َّلبتا املدينة ومها َواقِم والوبرة‪ .‬تقع املدينة بي هاتي اِلرتي‬ ‫أرض ذات حجارة ُسود كأ اَِنا أ ْ‬
‫ُح ِرقَ ْ‬ ‫اِلراتن (اِلَارة‪ٌ :‬‬
‫الَلبتان‪ّ :‬‬
‫أوَّلمها يف شرق املدينة والثانية يف غرُبا‪.‬‬
‫العجوة‪ :‬نوع جيد من التمر‪ .‬العالية‪ :‬القرى اليت يف اجلهة العليا من املدينة‬
‫تِرايق ‪ :‬دواء تدفع به السموم‪ /‬دواء جلميع األمراض (‪ഒറ്റമൂലി )Panacea‬‬
‫البُكرة ‪ :‬أول النهار إىل طلوع الشمس‬
‫شرح احلديث‬
‫ضارهُ يف ذلك اليَ ِوم‬ ‫باح ُك ِل ي ٍوم سبع متََر ٍ‬
‫ات ِمن متر املدينة َمل يَ ُ‬ ‫ص ِ ّ َ َْ َ‬ ‫ُُيِربُ الن ُّ‬
‫ايب صلاى هللاُ عليه وسلام يف اِلديث األول أ ان َمن أ َك َل يف َ‬
‫شيء ِمن املو ِاد ال اسا ام ِة اليت قد تُسبِب املرض أ ِو املوت‪ .‬ويف اِلديث الثاِن ُيرب النيب صلى هللا عليه وسلم أن التامر املعروف ابلعجوةِ‬
‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫ّ‬ ‫ٌْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫الر ِيق‪( .‬على الريق‪)before breakfast, on an empty stomach :‬‬ ‫واملزروعة ببساتي العالية شفاء ودواء إذا تناوهلا اإلنسان على ِّ‬
‫شرح اإلمام النووي‬
‫ي و َِ‬
‫ِ‬ ‫وف وهو بَِفْت ِح ِ‬ ‫اِل ارَات ِن والْمراد ََّلب تَا الْم ِدينَ ِة وقَ ْد سبق ب يا ُِنُما م ار ٍ‬ ‫(ا ِ‬
‫ض ّم َها َوَك ْس ِرَها َوالْ َفْت ُح أَفْ َ‬
‫ص ُح‬ ‫ّ َ‬ ‫الس‬ ‫ُ‬
‫ُ َ َ‬ ‫ٌ‬ ‫ر‬‫ع‬‫ْ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫)‬ ‫م‬
‫ٌّ‬ ‫الس‬
‫ُّ‬ ‫(‬‫و‬‫َ‬ ‫‪.‬‬‫ات‬ ‫الَلبَتَان) ُمهَا َْ َ ُ َ ُ َ َ َ َ َ َ ََ َ َ‬
‫ِ‬ ‫ااء و َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ات"‪ .‬و ِّْ ِ‬ ‫َس ِاء واللُّغَ ِ‬ ‫ض ْحتُهُ ِيف " َِتْ ِذ ِ‬
‫يح‪ .‬قَ ْولُهُ صلى‬ ‫ض ّم َها لغتان ويقال درايق وطرايق أيضا كله فَص ٌ‬ ‫الرتَاي ُق ب َك ْس ِر الت َ‬ ‫َ‬ ‫يب ْاأل َْ َ‬ ‫َوقَ ْد أ َْو َ‬
‫صبا َح) َو (الْ َعالِيَةُ) َما َكا َن ِم َن ْ‬
‫اِلََوائِ ِط َوالْ ُقَرى‬ ‫ُخَرى ( َم ْن تَ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب أ اَوَل َعلَى الظاْرف َو ُه َو ِمبَْع َن الِّرَوايَة ْاأل ْ‬ ‫صِ‬ ‫هللا عليه وسلم (أ اَوَل الْبُكَْرةِ) بِنَ ْ‬
‫اضي َوأ َْد ََن الْ َعالِيَ ِة ثَََلثَةُ أ َْميَ ٍال‬
‫ال الْ َق ِ‬ ‫ُخَرى ِمماا يَلِي ِِتَ َامةَ قَ َ‬ ‫ات ِمن ِجه ِة الْم ِدينَ ِة العليا مما يلى جند أَ ِو ال اسافِلَ ِة ِمن ِْ ِ‬
‫اجل َهة ْاأل ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ َ‬
‫والْعِمار ِ‬
‫َ ََ‬
‫َوأَبْ َع ُد َها َمثَانِيَةٌ ِم َن الْ َم ِدينَ ِة َو (الْ َع ْج َوةُ) نَ ْوعٌ َجيِّ ٌد ِم َن الت ْام ِر‪.‬‬
‫يص َع ْج َوةِ الْ َم ِدينَ ِة ُدو َن َغ ِْريَها‪َ ،‬و َع َد ُد ال اسْب ِع‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ِ‬
‫اصبُّ ِح ب َسْب ِع متَََرات مْنهُ َوَختْص ُ‬
‫ضيلَةُ الت َ ِ‬ ‫ضيلَةُ متَِْر الْم ِدينَ ِة وعجوِِتَا وفَ ِ‬
‫َ َ َ َْ َ‬
‫يث‪ :‬فَ ِ‬ ‫وِيف ه ِذهِ ْاألَح ِاد ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ب‬‫صِ‬ ‫اِلِكْمةُ فِيها‪ ،‬وه َذا َكأ َْع َد ِاد ال ا ِ‬ ‫اإلَيَا ُن ُِبا واعتِ َقاد فَ ْ ِ‬ ‫ْمتَ َها فَيَ ِجب ِْ‬ ‫ِ‬
‫صلَ َوات َونُ ُ‬ ‫ضل َها َو ْ َ َ َ َ‬ ‫َ َْ ُ‬ ‫ُ‬ ‫من األمور الىت علمها الشارع وَّلنعلم َْحن ُن حك َ‬
‫اض فيه فكَلم ابطل فَل‬ ‫ِ ِ‬
‫ي َوالْ َقاضي عيَ ٌ‬ ‫ام أَبُو َعْب ِد ا‬
‫اَّللِ الْ َما ِزِر ُّ‬ ‫يث‪ .‬وأما ما ذكره ِْ‬
‫اإل َم ُ‬
‫اِل ِد ِ‬
‫اب ِيف َه َذا َْ‬ ‫ص َو ُ‬‫الازَكاةِ َو َغ ِْريَها فَ َه َذا ُه َو ال ا‬
‫اح ِذ َير ِم َن ِاَّل ْغِ َرتا ِر بِِه َو ا‬
‫اَّللُ أ َْعلَ ُم‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫تلتفت إليه وَّلتعرج علَي ِه وقَص ْد ِ‬
‫ت ُبَ َذا التا ْنبِيه الت ْ‬ ‫َْ َ َ ُ‬
‫___________________‬
‫عارج علَ ِيه‪ :‬م ار بِِه وتَوقا ِ‬
‫ف عْن َدهُ‬
‫َ َ َ َ َ‬
‫ابب إِابح ِة أَ ْك ِل الث ِ‬
‫ُّوم‬ ‫ُ ََ‬
‫وأَنَّه ي ْن بغِي لِمن أَر َ ِ‬
‫اب الْكِبَا ِر تَ ْرُكهُ َوَك َذا َما ِيف َم ْعنَاهُ‬ ‫اد خطَ َ‬ ‫َ ََُ َْ َ‬
‫اك بْ ِن حر ٍ‬ ‫ظ َِّلب ِن الْمثَ ان – قَ َاَّل‪ :‬حداثَنَا ُحمَ ام ُد بن جع َف ٍر حداثَنَا ُشعبةُ عن ِس ِ‬
‫ب‬ ‫َْ‬ ‫َْ َ ْ َ‬ ‫ُْ َْ َ‬ ‫َ‬ ‫‪َ -170‬حداثَنَا ُحمَ ام ُد بْ ُن الْ ُمثَ ان َوابْ ُن بَشاا ٍر ‪َ -‬واللا ْف ُ ْ ُ‬
‫ضلِ ِه إِ َا‬
‫يل َوإِناهُ‬ ‫اَّللُ َعلَْي ِه َو َسلا َم إِذَا أُِيتَ بِطَ َع ٍام أَ َك َل ِمْنهُ َوبَ َع َ‬
‫ث بَِف ْ‬ ‫صلاى ا‬ ‫ول اِ‬
‫اَّلل َ‬ ‫ال‪َ :‬كا َن َر ُس ُ‬ ‫ي قَ َ‬‫صا ِر ِّ‬ ‫َع ْن َجابِ ِر بْ ِن َسَُرةَ َع ْن أَِِب أَيُّ َ‬
‫وب ْاألَنْ َ‬
‫ال‪" :‬فَإِِِّن أَ ْكَرهُ َما‬‫َج ِل ِر ِحي ِه" قَ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫يل ي وما بَِف ْ ٍ‬
‫ال‪ََّ" :‬ل َولَك ِّين أَ ْكَرُههُ م ْن أ ْ‬ ‫َحَر ٌام ُه َو؟" قَ َ‬ ‫ضلَة َملْ ََيْ ُك ْل مْن َها ألَ ان ف َيها ثُ ا‬
‫وما فَ َسأَلْتُهُ‪" :‬أ َ‬ ‫ث إِ َا َ ْ ا‬ ‫بَ َع َ‬
‫ت"‪.‬‬ ‫َك ِرْه َ‬
‫معاين الكلمات‪:‬‬
‫ضلَة‪ :‬البقية من الشيء‬
‫ال َف ْ‬ ‫ض ُل‪ :‬زاد على اِلاجة أو املطلوب‪ ،‬بَِق َي‬
‫ض َل يَ ْف ُ‬
‫فَ َ‬
‫ض ُل ‪ :‬كان ذا فضل‬
‫ض َل يَ ْف ُ‬
‫فَ ُ‬ ‫الفضل‪ :‬ما بقي من الشيء‬

‫شرح احلديث‬
‫طعاما‪ ،‬وذلك أثناء إقامته صلى هللا عليه وسلم يف داره يف‬ ‫ضي هللاُ عنه يَصنَ ُع لِلن ِّ‬
‫ايب صلى هللا عليه وسلم ا‬ ‫وب األنصاري َر َ‬
‫كان أبو أيُّ َ‬
‫صنع له أبو‬
‫أوائل هجرته وكان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إذا أُيت بطعام أكل منه وبعث إىل أِب أيوب رضي هللا عنه بفضله‪ ،‬فَ َ‬
‫وم‪ ،‬فلما بعث إليه ابلفضلة يف تلك املرة وجد أن الرسول صلى هللا عليه وسلم مل َيكل‬ ‫ٍ‬
‫طعاما فيه ثُ ٌ‬
‫ذات يوم ا‬ ‫وب رضي هللا عنه َ‬ ‫أيُّ َ‬
‫بب تَركِه‬
‫اَّلمتناع ِمن أكله‪ ،‬فسألَه عن َس ِ‬ ‫ب‬ ‫أوج‬ ‫أمر‬ ‫منه‬ ‫ث‬ ‫حد‬
‫َ‬ ‫قد‬ ‫ن‬‫َ‬ ‫يكو‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫أ‬ ‫ه‬‫دم أ ْكلِه صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬خلوفِ‬ ‫منها فَف ِزع ِمن َع ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٌ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ٍ ا‬ ‫ِ‬
‫كرهُ صلاى هللاُ عليه وسلا َم أ ْكلَه‪ ،‬فقال أبو أَيُّ َ‬
‫وب‬ ‫ُّوم‪ ،‬فَأجابَه صلاى هللاُ عليه وسلا َم أناه ْليس حبَرام‪ ،‬وإَّنا يَ َ‬
‫عام‪" :‬أحر ٌام هو؟" يَقص ُد الث َ‬‫الطا َ‬
‫سول هللاِ صلاى هللاُ عليه وسلا َم‪.‬‬‫ت" لِعظي ِم حبِه لر ِ‬ ‫ضي هللاُ عنه‪" :‬فَ ِّ‬
‫أكرهُ ما ك ِرْه َ َ ُ ّ َ‬ ‫إِن َ‬ ‫َر َ‬
‫شرح اإلمام النووي‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يح إبِِ َاب َحة الثُّوم‪َ ،‬و ُه َو ُْجم َم ٌع َعلَْيه ‪ ،‬لَك ْن يُكَْرهُ‬ ‫َج ِل ِر ِحيه) َه َذا تَ ْ‬
‫ص ِر ٌ‬ ‫ال ‪ََّ :‬ل َولَك ِّين أَ ْكَرُههُ م ْن أ ْ‬ ‫قَ ْولُهُ ِيف الثُّوم ‪( :‬فَ َسأَلْتُهُ أ َ‬
‫َحَر ٌام ُه َو ؟ قَ َ‬
‫لِمن أَراد حضور الْمس ِج ِد ‪ ،‬أَو حضور مج ٍع ِيف َغ ِري الْمس ِج ِد ‪ ،‬أَو ُُماطَبةَ الْكِبا ِر ‪ ،‬وي لْحق ِابلث ِ‬
‫ُّوم ُك ُّل َما لَهُ َرائِ َحةٌ َك ِر َيهةٌ ‪َ ،‬وقَ ْد‬ ‫ْ َ َ َ ََ َ ُ‬ ‫ْ َْ‬ ‫ْ ُ ُ َ َْ‬ ‫َْ ََ ُ ُ َ َ ْ‬
‫ص ََلةِ‪.‬‬ ‫ت الْمسأَلَةُ مستَ وفَاةا ِيف كِتَ ِ‬
‫اب ال ا‬ ‫َسبَ َق َ ْ ُ ْ ْ‬
‫ِ‬

‫واختلف أصحابنا يف حكم الثوم يف حقه صلى هللا عليه وسلم وكذلك البصل والكراث وحنوها؟ فقال بعض أصحابنا هي حمرمة عليه‪،‬‬
‫واألصح عندهم أِنا مكروهة كراهة تنزيه وليست حمرمة‪ ،‬لعموم قوله صلى هللا عليه وسلم ‪َّ:‬ل يف جواب قوله‪ :‬أحرام هو‪ ،‬ومن قال‬
‫ابألول يقول معن اِلديث ليس حبرام يف حقكم‪ .‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫ضلِه إيل) قال العلماء يف هذا أنه يستَ َحب لآلكل و ِ‬
‫الشارب‬ ‫وبعث بَِف ْ‬
‫أكل منه َ‬ ‫ِ ِ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫النيب صلى هللا عليه وسلم إذا أُيتَ بطعام َ‬ ‫قوله (كا َن ُّ‬
‫ضلَتِه وكذا إذا كان يف الطعام قلاةٌ َوَهلُْم إليه‬ ‫ضلَةا لِيُ َو ِاس َي ُِبَا َم ْن بَ ْع َدهُ ََّل ِسيا َما إن كان مما ْن يُ َا‬
‫تربك بَِف ْ‬ ‫ب فَ ْ‬
‫ويشر ُ‬
‫ِ‬
‫أن يُ ْفض َل مماا ُ‬
‫َيكل َ‬
‫ِ ِ‬
‫كل ما عندهم وتنتظر عياهلم الفضلة كما يفعله‬ ‫حق الضيف ََّل سيا َما ان كانت عادةُ أهل الطعام أن ُيرجوا ّ‬ ‫حاَ َجةٌ َويَتَأ اك ُد َه َذا يف ّ‬
‫ضلةَ املذكورة وهذا اِلديث أصل ذلك كله‪.‬‬ ‫كثري من الناس ونقلوا أن السلف كانوا يَ ْستَ ِحبُّون إ َ‬
‫فضال هذه ال َف ْ‬
‫كراث‬
‫ابب إكرام الضيف وفضل إيثاره‬
‫‪ -172‬حدثن زهري بن حرب حدثنا جرير بن عبد هللا اِلَميد عن فُضيل بن غزوان عن أِب حازم األشجعي عن أِب هريرة رضي هللا‬
‫جمهود‪ ،‬فأرسل إىل ِ ِ‬
‫بعض نسائه‪ ،‬فقالت‪ :‬والذي بعثك ِّ‬
‫ابِلق ما عندي‬ ‫النيب صلى هللا عليه وسلم فقال‪ :‬إِن ٌ‬ ‫رجل إىل ِّ‬
‫عنه قال‪ :‬جاء ٌ‬
‫النيب‬
‫ابِلق ما عندي إَّل ماءٌ"‪ .‬قال ُّ‬ ‫مثل ذلك‪َّ" :‬ل والذي بعثك ِّ‬ ‫ُّ‬
‫مثل ذلك‪ ،‬حىت قُلْ َن كلهن َ‬ ‫إَّل ماءٌ‪ ،‬مث أرسل إىل أخرى‪ ،‬فقالت َ‬
‫فانطلق به إىل رحلِه‪ ،‬فقال َّلمرأته ‪ :‬هل‬
‫َ‬ ‫رسول هللاِ‪،‬‬
‫رجل من األنصار ‪:‬أان اي َ‬
‫ٌ‬ ‫فقال‬ ‫‪،‬‬‫"‬‫؟‬‫ة‬
‫َ‬ ‫الليل‬ ‫هذا‬ ‫يف‬
‫ُ‬ ‫ض‬‫صلى هللا عليه وسلم‪" :‬من ي ِ‬
‫ُ‬
‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫صبياِن‪ ،‬قال‪ِ :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كل‪ ،‬فإذا أهوى‬‫اج‪ ،‬وأريه أ اان َأن ُ‬
‫السر َ‬
‫دخل ضي ُفنا فأطفئي ّ‬
‫فعلّليهم بشيء‪ ،‬وإذا َ‬‫َ‬ ‫عندك شيءٌ؟‪ ،‬فقالت ‪َّ:‬ل‪ ،‬إَّل قوت َ‬
‫النيب صلى هللا عليه وسلم فقال‪" :‬قد‬
‫أصبح غدا على ِّ‬
‫الضيف‪ ،‬فل اما َ‬
‫ُ‬ ‫أكل‬
‫ليأكل فقومي إىل السراج حىت تطفئيه قال‪ :‬فقعدوا و َ‬
‫بض ِيفكما الليلةَ"‬
‫صنِيعِكما َ‬
‫ب هللاُ من َ‬
‫ِ‬
‫َعج َ‬
‫معاين الكلمات‬
‫جمهود‪ :‬أصابين اجلهد‪ ،‬وهو‪ :‬املشقة واِلاجة واجلوع ‪ ،‬رحله‪ :‬منزله‪ ،‬فعلليهم بشيء‪ :‬اشغليهم بشيء‬
‫ٌ‬
‫السراج‪ :‬املصباح‪ ،‬وأريه أان أنكل‪ :‬أظهري له بتحريك األيدي على الطعام‪ ،‬وَتريك الفم واملضغ‬
‫أهوى‪ :‬احنن صنيع‪ :‬فعل حسن‬
‫الشرح‬

‫ضي هللاُ عنه أناه‬ ‫ر‬ ‫ة‬


‫َ‬‫ر‬ ‫ي‬‫ر‬ ‫ه‬ ‫أبو‬ ‫ي‬ ‫ديث َحيكِ‬
‫ث عليها ال ُقرآ ُن خلق اإليثا ِر‪ .‬ويف هذا اِل ِ‬ ‫ا‬ ‫ح‬ ‫يت‬ ‫فات الن ِ‬
‫ابيلة الا‬ ‫َلق اِلميدةِ و ِ‬
‫الص ِ‬ ‫األخ ِ‬ ‫ن‬ ‫إ ان ِ‬
‫م‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫هل‬ ‫رى‪:‬‬ ‫ُخ‬ ‫أل‬ ‫ا‬ ‫لو‬‫احدةا تِ‬ ‫أتَى رجل إىل النا ِيب صلاى هللا عليه وسلام‪ ،‬ي ْشكو حالَه وحاجتَه‪ ،‬فب عث النايب صلى هللا عليه وسلم إىل نِسائِه و ِ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ ََ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ ٌ‬
‫ضوا ُن هللاِ عليهم‬ ‫لصحابَتِه الكِرِام ِر ْ‬ ‫ايب صلاى هللاُ عليه وسلا َم َ‬ ‫قول‪" :‬ما َم َعنا اإَّل املاءُ"‪َ ،‬‬
‫فقال الن ُّ‬ ‫احدةٍ تَ ُ‬‫عندها َشيء؟ فكانَت ُك ُّل و ِ‬
‫ٌ‬ ‫َ‬
‫صاري‬
‫هل األنْ ُّ‬ ‫بن َس ٍ‬ ‫من األنْصا ِ‬ ‫أمجعي‪" :‬من يضيِف هذا" فيأخ ُذه‪ ،‬ويطعِمه‪ ،‬ويك ِرمه يف بيتِ‬
‫يد ُ‬ ‫قيل‪ :‬هو أبو طَلْحةَ َز ُ‬ ‫َ‬ ‫(‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫جل‬
‫ٌ‬ ‫ر‬‫َ‬ ‫فقال‬ ‫"‬‫ه؟‬ ‫ُ ُ ُ ُ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َْ َ َ ُ ّ ُ‬
‫دك‬‫هل)‪" :‬أان" ايرسول هللا‪ ،‬مثا أخذ الضايف‪ ،‬فانطَلَق به إىل بيتِه‪ ،‬وقال َّلمرأته ‪:‬هل عن ِ‬ ‫يد ب ِن َس ٍ‬ ‫رضي هللا عنه‪ ،‬وقيل‪ :‬أبو طَلْحةَ غري ز ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ‬
‫فنوميهم‪ ،‬وأمرها إبطفاء املصباح‬ ‫شيء نقدمه للضيف؟‪ ،‬فقالت ‪َّ:‬ل إَّل طعام الصبيان‪ ،‬فقال ‪:‬أشغِليهم بشيء‪ ،‬وإذا أرادوا العشاء ِّ‬
‫عام للض ِ‬ ‫شاء‪ ،‬مثا قد ِ‬ ‫الصغار بغَ ِري ع ٍ‬ ‫صب َ ِ‬ ‫ايف‪ ،‬ون اوم ْ ِ‬ ‫أت طَعامها‪ ،‬وأع ادتْه للض ِ‬ ‫ِ‬
‫ايف‪،‬‬ ‫امت الطا َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ياِنا ّ َ‬ ‫ت ْ‬ ‫َ‬ ‫فهيا ْ َ‬ ‫وجها‪َ ،‬‬‫فأطاعت املَرأةُ َز َ‬
‫عند األكل‪َ ،‬‬
‫ناِنما‪ ،‬وم ِّد أيْديهما؛‬ ‫يك أس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ظاهران اأِنما ََيْ ُكَلن بتَ ْحر ْ‬
‫ت البيت‪ ،‬فجعَل ي تَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫اجها فأطْفأَتْه عن قَصد فأظلَ َم َ َ َ َ َ َ‬
‫مثا قامت ا ِ ِ‬
‫كأِنا تُصل ُح سر َ‬ ‫َ ْ‬
‫ي ِمن َغ ِري ع ٍ‬ ‫جان جائِ َع ِ‬
‫عام‪ ،‬فبات الازو ِ‬ ‫أيضا بقلا ِة الطا ِ‬ ‫ِ‬
‫شاء‪ ،‬فل اما أ ْن أصبَ َح‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫وحىت َّل يَشعَُر ا‬ ‫حاجتَه‪ ،‬ا‬ ‫من الطاعام َ‬ ‫ايف َ‬‫حىت َي ُك َل الض ُ‬
‫ا‬
‫صنِيعِكما‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫صاري غَ َدا‪ ،‬أي‪ :‬ذهب إىل ر ِ ِ‬
‫ب هللاُ من َ‬ ‫ايب صلاى هللاُ عليه وسلا َم‪" :‬قد َعج َ‬ ‫سول هللا صلى هللا عليه وسلم فقال الن ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫األنْ ُّ‬
‫ِ‬
‫ك‬ ‫وق ُش اح نَ ْف ِس ِه فَأُولَئِ َ‬
‫اصةٌ َوَم ْن يُ َ‬
‫ص َ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أنزَل هللا‪َ " :‬ويُ ْؤث ُرو َن َعلَى أَنْ ُفس ِه ْم َولَ ْو َكا َن ُب ْم َخ َ‬
‫ٍ‬
‫بضيفكما الليلةَ"‪ .‬وقد ورد يف رواية أخرى‪ :‬ف َ‬ ‫َ‬
‫ود‪،‬‬‫أوصاف األنصا ِر اليت َمتيازوا ُبا ع امن ِسواهم؛ خلق اإليثا ِر‪ ،‬وهو أكمل أنو ِاع اجل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ن‬ ‫م‬‫هم الْم ْفلِحو َن" (اِلشر‪ ،)9 :‬واملعن‪ :‬أ ان ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُُ ُ ُ‬
‫وحمبا ٍة هللِ‬
‫كي‪َ ،‬‬ ‫اخلصاصة‪ ،‬وهذا َّل يكو ُن اإَّل ِمن ُخ ٍلق َز ٍّ‬
‫ِ‬ ‫بل مع الضارورةِ و‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫اإليثار ابألموال وغريها‪ ،‬وبَ ْذ ُهلا للغري مع اِلاجة إليها‪ْ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫وهو‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ومن ُرِز َق‬ ‫ات النا ْف ِ ِ‬ ‫امة على َحمبا ِة َشهو ِ‬
‫تعاىل مقد ٍ‬
‫الفوز له يف الدُّنيا‬ ‫ص ُل الفَل ُح و ُ‬ ‫اإليثار فق ْد ُوق َي ُش اح ن ْفسه‪ ،‬وبذلك َحي ُ‬ ‫َ‬ ‫س ول اذاِتا‪َ ،‬‬ ‫َ ُ‬
‫واآلخرةِ‪.‬‬

‫شرح اإلمام النووي‬


‫اجلُوع‪.‬‬
‫اجة َو ُسوء الْ َعْيش َو ْ‬
‫اِلَ َ‬ ‫َصابَِين ْ‬
‫اجلَ ْهد‪َ ،‬و ُه َو الْ َم َشقاة َو ْ‬ ‫َي أ َ‬‫قَ ْوله ‪ ( :‬إِِِّن َْجم ُهود) أ ْ‬
‫اح َدة ‪َ :‬والا ِذي بَ َعثَك‬ ‫اح َدة‪ ،‬فَ َقالَت ُكل و ِ‬
‫ْ َّ‬
‫اح َدة و ِ‬
‫َ‬
‫اَّلل علَي ِه وسلام لَ اما أ ََاته ه َذا الْمجهود أَرسل إِ َىل نِسائِِه و ِ‬
‫َ َ‬ ‫ُ َ َ ُْ َْ َ‬ ‫صلاى ا َ ْ َ َ َ‬ ‫ا‬
‫قَ ْوله ‪( :‬أَن النِ ّ‬
‫ايب َ‬
‫اَّلل‪ ،‬فَانْطَلَ َق بِِه إِ َىل‬
‫ال أ ََان َاي َر ُسول ا‬
‫صار‪ ،‬فَ َق َ‬ ‫ِ‬ ‫ضيِّف َه َذا اللاْي لَة َرِمحَهُ ا‬
‫اَّلل ؟ فَ َق َام َر ُجل م ْن ْاألَنْ َ‬ ‫ِاب ِْلَِّق َما عِنْ ِدي إِاَّل َماء ‪ ،‬فَ َق َ‬
‫ال ‪َ :‬م ْن يُ َ‬
‫صنِيع اِ ْمَرأَته)‪.‬‬ ‫رحله‪ ،‬وذَ َكر ِ‬
‫صنيعه َو َ‬‫َْ َ َ َ‬
‫اجلُوع‬‫ص ْرب َعلَى ْ‬ ‫الزْهد ِيف الدُّنْيَا َوال ا‬ ‫اَّلل َعلَْي ِه َو َسلا َم َوأ َْهل بَْيته ِم ْن ُّ‬
‫صلاى ا‬ ‫ِ‬ ‫اِل ِديث م ْشتَ ِمل علَى فَوائِد َكثِرية‪ِ ،‬منْ ها ما َكا َن علَي ِ‬
‫ايب َ‬ ‫ن‬
‫َْ ّ‬ ‫ال‬ ‫ه‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َه َذا َْ‬
‫قه ْم بِنَ ْف ِس ِه فَيُ َو ِاسيه ِم ْن َماله أ اَواَّل ِمبَا يَتَ يَ اسر إِ ْن‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اساة الضْايف َوَم ْن يَطُْر ُ‬ ‫َوضيق َحال الدُّنْيَا‪َ ،‬ومْن َها أَناهُ يَْن بَغي ل َكبِ ِري الْ َق ْوم أَ ْن يَْب َدأ ِيف ُم َو َ‬
‫ادائِد‪.‬‬
‫اساة ِيف َحال الش َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اع ُاون َعلَى الِْ ّرب َوالتا ْق َوى م ْن أ ْ‬
‫َص َحابه‪َ ،‬ومْن َها الْ ُم َو َ‬ ‫أ َْم َكنَهُ‪ ،‬مثُا يَطْلُب لَهُ َعلَى َسبِيل الت َ‬
‫ضيلَة إِ ْكَرام الضْايف َوإِيثَاره‪.‬‬ ‫وِمْن ها فَ ِ‬
‫َ َ‬
‫اَّلل َعْن ُه َما‪.‬‬
‫ض َي ا‬ ‫وِمْن ها مْن َقبة ِهل َذا ْاألَنْصا ِري وامرأَته ر ِ‬
‫َ ّ َ َْ َ‬ ‫َ َ َ َ َ‬
‫ِ ِِ ِ ِ ِ‬
‫لسَراج‪َ ،‬وأَ ِر ِيه أَ اان َأنْ ُكل‪ ،‬فَإِناهُ لَ ْو َرأَى قِلاة الطا َعام‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫َومْن َها اَّل ْحتيَال ِيف إ ْكَرام الضْايف إ َذا َكا َن َيَْتَنع مْنهُ ِرفْ اقا أب َْه ِل الْ َمْن ِزل ل َق ْوله‪ :‬أَطْفئي ا ّ‬
‫َوأ اَِنُ َما ََّل ََيْ ُك ََل ِن َم َعهُ ََّل ْمتَ نَ َع ِم ْن ْاألَ ْكل‪.‬‬
‫اإلنْ َسان ُه َو َمْن ِزله ِم ْن َح َجر أ َْو َم َدر أ َْو َش ْعر أَْو َوبَر‪.‬‬ ‫َي َمْن ِزله‪َ ،‬وَر ْحل ِْ‬ ‫ِِ‬
‫َوقَ ْوله‪ :‬فَانْطَلَ َق به إِ َىل َر ْحله أ ْ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫صب ي ِاِن‪ ،‬قَ َ ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قَوله‪ ( :‬فَ َق َ ِ ِِ‬
‫ال‪ :‬فَ َعلّلي ِه ْم بِ َش ْيء) َه َذا َْحم ُمول َعلَى أَ ان ّ‬
‫الصْب يَان َملْ يَ ُكونُوا‬ ‫ت‪ََّ :‬ل إِاَّل قُوت ْ َ‬ ‫ال َّل ْمَرأَته‪َ :‬ه ْل عْندك َش ْيء؟ قَالَ ْ‬ ‫ْ‬
‫ُْحمت ِ‬
‫ضّرُه ْم تَ ْرك‬‫ث يَ ُ‬ ‫اجة ِحبَْي ُ‬
‫ضّرُه ْم‪ ،‬فَإِ اِنُْم لَ ْو َكانُوا َعلَى َح َ‬ ‫الصْب يَان ِم ْن َغ ْري ُجوع يَ ُ‬ ‫ِ‬
‫سهم َعلَى َع َادة ّ‬ ‫ِ‬
‫ي إ َىل ْاألَ ْكل‪َ ،‬وإاَّنَا تَطْلُبهُ أَنْ ُف ْ‬
‫اج َ ِ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫امهم َواجباا‪َ ،‬وَِجيب تَ ْقدَيه َعلَى ِّ‬
‫الضيَافَة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ْاألَ ْكل لَ َكا َن إطْ َع ْ‬
‫َمج ََل ر ِ‬ ‫اَّلل علَي ِه وسلام علَى ه َذا الارجل وامرأَته فَ َد ال علَى أ اَِنُما َمل ي ْرتَكا و ِ‬
‫اَّلل َعْن ُه َما‪.‬‬
‫ض َي ا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫أ‬
‫و‬ ‫ا‬‫ن‬
‫َ‬
‫ْ َ َ‬‫س‬ ‫َح‬
‫ْ‬ ‫أ‬ ‫ل‬ ‫ب‬
‫َ‬ ‫‪،‬‬ ‫ا‬ ‫ب‬
‫ا‬ ‫اج‬ ‫َ ْ َُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ َْ‬ ‫صلاى ا َ ْ َ َ َ َ َ‬ ‫اَّلل َوَر ُسوله َ‬ ‫َوقَ ْد أَثْ َن ا‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اىل‪َ ،‬وأَنْ َزَل في ِه َما ( َويُ ْؤث ُرو َن َعلَى أَنْ ُف ْ‬
‫سهم‬ ‫اَّلل تَ َع َ‬
‫تهما‪ ،‬فَ َم َد َح ُه َما ا‬
‫اص َ‬‫ص َ‬
‫تهما َو َخ َ‬
‫اج َ‬‫امهَا َم َع َح َ‬
‫ضُ‬ ‫سهما بِ ِر َ‬
‫َوأَاما ُه َو َو ْامَرأَته فَآثََرا َعلَى أَنْ ُف َ‬
‫اإليثَار ِابلطا َع ِام َوَْحنوه ِم ْن أ ُُمور ُّ‬
‫الدنْيَا‪َ ،‬و ُحظُوظ‬ ‫َمجع الْعلَماء علَى فَ ِ‬
‫ضيلَة ِْ‬ ‫اِل ّ ِ‬ ‫ولَو َكا َن ُبِِم خصاصة) فَ ِف ِيه فَ ِ‬
‫ضيلَة ِْ‬
‫ث َعلَْيه ‪َ ،‬وقَ ْد أ َْ َ ُ َ َ‬ ‫اإليثَار َو َْ‬ ‫ْ َ َ َ‬ ‫َْ‬
‫النُّ ُفوس‪.‬‬
‫اِلَ ّق فِ َيها ِاَّللِ تَ َع َ‬
‫اىل‪.‬‬ ‫ضل أَ ْن ََّل يُ ْؤثِر ُِبَا‪ِ ،‬ألَ ان ْ‬
‫َوأَاما الْ ُق ُرَابت فَ ْاألَفْ َ‬
‫اَّلل أ َْعلَم‪.‬‬
‫َو ا‬
‫اَّلل ِر ِ‬ ‫ضْي ِف ُك َما اللاْي لَة ) قَ َ‬ ‫اَّلل علَي ِه وسلام‪ ( :‬ع ِجب ا ِ‬
‫ك‪.‬‬ ‫ب ِم ْن ا َ‬
‫ضاهُ َذل َ‬ ‫َ‬
‫ال الْ َق ِ‬
‫اضي ‪ :‬الْ ُمراد ِابلْ َع َج ِ‬ ‫صنِيع ُك َما بِ َ‬ ‫اَّلل م ْن َ‬ ‫صلاى ا َ ْ َ َ َ َ َ‬ ‫قَ ْوله َ‬
‫َضافَهُ إِلَْي ِه ُسْب َحانه َوتَ َع َ‬
‫اىل تَ ْش ِري افا‬ ‫ت َم ََلئِ َكة ا‬ ‫ِ‬
‫اَّلل‪َ ،‬وأ َ‬ ‫ال ‪َ :‬وقَ ْد يَ ُكون الْ ُمَراد َعجبَ ْ‬
‫قَ َ‬
‫*******‬
‫‪ -174‬حدثَنا أبو بكر بن أِب شيبة حدثنا َشبَابة بن َس اوار حدثنا سليمان بن مغرية عن اثبت عن عبد الرمحن بن أِب ليلى عن‬
‫صلاى‬ ‫َساعنَا وأَبصارَان ِمن اجله ِد‪ ،‬فَجعلْنَا نَع ِرض أَنْ ُفسنَا علَى أَصح ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫املِقداد قال‪ :‬أَقْ ب لْت أ ََان وص ِ‬
‫احب ِ‬
‫اب َرسول هللا َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫أ‬ ‫ت‬‫ْ‬ ‫ب‬
‫َ‬ ‫ه‬
‫َ‬ ‫ذ‬
‫َ‬ ‫د‬‫ْ‬ ‫ق‬
‫َ‬‫و‬‫َ‬ ‫‪،‬‬ ‫يل‬ ‫ان‬‫َ ُ ََ َ‬
‫صلاى ا‬
‫اَّللُ‬ ‫ايب َ‬ ‫اَّللُ عليه َو َسلا َم فَانْطَلَ َق بنَا إىل أ َْهلِ ِه‪ ،‬فَإِذَا ثَََلثَةُ أ َْعنُ ٍز‪ ،‬فَ َ‬
‫قال الن ُّ‬ ‫صلاى ا‬ ‫ايب َ‬‫منهم يَ ْقبَ لُنَا‪ ،‬فأتَ ْي نَا الن ا‬
‫َح ٌد ْ‬ ‫اَّللُ عليه َو َسلا َم‪ْ ،‬‬
‫فليس أ َ‬ ‫ا‬
‫اَّلل عليه وسلام نَ ِ‬ ‫ٍِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫عليه وسلام‪ِ :‬‬
‫قال‪:‬‬
‫صيبَهُ‪َ ،‬‬ ‫ََ َ‬ ‫صلاى اُ‬ ‫ايب َ‬‫ب ُك ُّل إنْ َسان مناا نَصيبَهُ‪َ ،‬ونَ ْرفَ ُع للن ِّ‬ ‫ب فَيَ ْشَر ُ‬
‫قال‪ :‬فَ ُكناا َْحنتَل ُ‬ ‫احتَلبُوا هذا اللا ََ‬
‫َب ْبي نَ نَا‪َ ،‬‬ ‫ََ َ ْ‬
‫فأاتِِن الشْايطَا ُن‬ ‫قال‪ :‬مثُا َيْيت املس ِج َد في ِ‬ ‫ِ‬ ‫فَي ِجيء ِمن اللاي ِل فيسلِّم تَسلِيما َّل يوقِ ُ ِ‬
‫ب‪َ ،‬‬ ‫صلّي‪ ،‬مثُا ََيْيت َش َرابَهُ فَيَ ْشَر ُ‬ ‫ظ َانئ اما َويُ ْسم ُع اليَ ْقظَا َن‪َ ُ ْ َ َ َ ،‬‬ ‫َ ُ َ ْ َُ ُ ْ ا ُ‬
‫هذه اجلُْر َع ِة‪ ،‬فأتَ ْي تُ َها فَ َش ِربْتُ َها‪،‬‬‫صيب عِنْ َدهم‪ ،‬ما به حاجةٌ إىل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ذَات لَي لَ ٍة وقَ ْد َش ِربت نَ ِ‬
‫َ َ‬ ‫ص َار فيُتْح ُفونَهُ‪َ ،‬ويُ ُ ُ ْ‬ ‫قال‪ُ :‬حمَ ام ٌد ََيْيت األنْ َ‬‫ص ِييب‪ ،‬فَ َ‬ ‫ُْ‬ ‫َ ْ َ‬
‫اب ُحمَ ام ٍد‪،‬‬ ‫ت َشَر َ‬ ‫َش ِربْ َ‬
‫ت؟! أ َ‬ ‫صنَ ْع َ‬
‫ك! ما َ‬ ‫قال‪َ :‬وْحيَ َ‬‫ام ِين الشْايطَا ُن‪ ،‬فَ َ‬ ‫قال‪ :‬نَد َ‬ ‫يل‪َ ،‬‬ ‫ِ‬
‫ليس إلَْي َها َسب ٌ‬ ‫ت أناهُ َ‬
‫ِ‬
‫ت يف بَطِْين‪َ ،‬و َعل ْم ُ‬ ‫فَلَ اما أَ ْن َو َغلَ ْ‬
‫فَي ِجيء فَل َِجي ُده فَي ْدعو علَيك‪ ،‬فَت هلِ‬
‫ض ْعتُ َها علَى قَ َد َم اي َخَر َج َرأْ ِسي‪ ،‬وإذَا َو َ‬ ‫اك و ِ‬
‫ض ْعتُ َها‬ ‫ك؟! َو َعلَ اي َمشْلَةٌ إِذَا َو َ‬ ‫آخَرتُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ي‬
‫َ‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫د‬
‫ُ‬ ‫ب‬‫ُ‬ ‫ه‬‫َ‬ ‫ذ‬
‫ْ‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫ك‬
‫ُ‬ ‫ُ َ ُ َ ْ َ َْ‬ ‫َ ُ‬
‫اَّللُ عليه َو َسلا َم‪،‬‬ ‫صلاى ا‬ ‫علَى رأْ ِسي خرج قَ َدماي‪ ،‬وجعل َّل َِجييئُِين الناوم‪ ،‬وأَاما ِ‬
‫ايب َ‬ ‫ت‪ .‬قا َل‪ :‬فَ َجاءَ الن ُّ‬ ‫صنَ ْع ُ‬‫صنَ َعا ما َ‬ ‫اي فَنَاما َوَملْ يَ ْ‬
‫صاحبَ َ‬ ‫ُْ َ َ‬ ‫ََ َ َ َ َ َ َ َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لت‪ :‬اآل َن‬ ‫ف عْنه‪ ،‬فَلَ ْم َِجي ْد فيه شيئاا‪ ،‬فَ َرفَ َع َرأْ َسهُ إىل ال اس َماء‪ ،‬فَ ُق ُ‬ ‫صلاى‪ ،‬مثُا أَتَى َشَرابَهُ فَ َك َش َ‬ ‫فَ َسلا َم كما كا َن يُ َسلّ ُم‪ ،‬مثُا أَتَى املَ ْسج َد فَ َ‬
‫قال‪ :‬فَعم ْدت إىل الش ِ‬ ‫ِ‬ ‫ي ْدعو علَي ِ‬
‫ت ال اش ْفَرةَ‬ ‫َخ ْذ ُ‬
‫املَة فَ َش َد ْد ُِتَا َعلَ اي‪َ ،‬وأ َ‬ ‫ْ‬ ‫َس َق ِاِن‪ُ َ َ َ ،‬‬ ‫َس ِق َمن أ ْ‬ ‫قال‪ :‬اللا ُه ام أَطْع ْم َمن أَطْ َع َم ِين‪َ ،‬وأ ْ‬‫ك‪ ،‬فَ َ‬ ‫فأهل ُ‬
‫َ ُ َا ْ‬
‫ت إىل َإان ٍء‬ ‫ال ُكلُّ ُه ان‪ ،‬فَ َع َم ْد ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اَّللُ عليه َو َسلا َم‪ ،‬فَإ َذا هي َحافلَةٌ‪ ،‬وإ َذا ُه ان ُحف ٌ‬ ‫صلاى ا‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫َسَ ُن؟ فأ ْذ َحبُ َها لَرسول هللا َ‬ ‫األعنُ ِز أَيُّ َها أ ْ‬
‫ت إىل ْ‬ ‫فَانْطَلَ ْق ُ‬
‫صلاى ا‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اَّللُ عليه َو َسلا َم ما َكانُوا يَطْ َمعُو َن أَ ْن َْحيتَلِبُوا فِ ِيه‪َ ،‬‬ ‫صلاى ا‬ ‫ِِ ٍ‬
‫اَّللُ‬ ‫ت إىل َرسول هللا َ‬ ‫حىت َعلَْتهُ َر ْغ َوةٌ‪ ،‬فَجْئ ُ‬ ‫ت فيه ا‬ ‫قال‪ :‬فَ َحلَْب ُ‬ ‫آلل ُحمَ امد َ‬
‫سول هللاِ‪ ،‬ا ْشرب‪ ،‬فَ َش ِرب‪ ،‬مثُا َانولَِين‪ ،‬فَ ُقلت‪ :‬اي ر َ ِ‬
‫ب‪،‬‬ ‫ب‪ ،‬فَ َش ِر َ‬ ‫سول هللا‪ ،‬ا ْشَر ْ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫لت‪ :‬اي َر َ‬ ‫قال‪ :‬قُ ُ‬ ‫َش ِربْتُ ْم َشَرابَ ُك ُم اللاْي لَةَ‪َ ،‬‬
‫قال‪ :‬أ َ‬‫عليه َو َسلا َم‪ ،‬فَ َ‬
‫اَّلل عليه وسلام ق ْد رِوي وأَصبت دعوتَه‪ ،‬ض ِحكْت ح اىت أُلْ ِ‬
‫ايب‬
‫قال الن ُّ‬‫قال‪ :‬فَ َ‬ ‫ض‪َ ،‬‬ ‫األر ِ‬‫ْ‬ ‫إىل‬ ‫يت‬
‫ُ‬ ‫ق‬ ‫َ َ َ َ َ َ َْ ُ َ ْ َ ُ َ ُ‬ ‫صلاى اُ‬ ‫ايب َ‬ ‫ت أ ان الن ا‬ ‫مثُا َان َولَِين‪ ،‬فَلَ اما َعَرفْ ُ‬
‫ِ‬ ‫ك اي ِم ْق َداد‪ ،‬فَ ُقلت‪ :‬اي ر َ ِ‬
‫صلاى ا‬
‫اَّللُ‬ ‫ايب َ‬
‫قال الن ُّ‬ ‫ت َك َذا‪ ،‬فَ َ‬ ‫سول هللا‪ ،‬كا َن من أ َْم ِري َك َذا َوَك َذا َوفَ َع ْل ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫إح َدى َس ْوآتِ َ‬ ‫اَّللُ عليه َو َسلا َم‪ْ :‬‬ ‫صلاى ا‬ ‫َ‬
‫ك ابِلَِّق‪ ،‬ما أ َُابِيل‬ ‫ِ‬ ‫صيب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ظ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫لت‪َ :‬والاذي بَ َعثَ َ‬ ‫قال‪ :‬فَ ُق ُ‬ ‫ان منها‪َ ،‬‬ ‫صاح ْبي نَا فيُ َ‬ ‫ت آ َذنْتَِين فَنُوق َ َ‬ ‫عليه َو َسلا َم‪ :‬ما هذه اإَّل َر ْمحَةٌ م َن هللا‪ ،‬أَفَل ُكْن َ‬
‫َص َاُبَا ِم َن الن ِ‬
‫ااس‪.‬‬ ‫معك َمن أ َ‬ ‫َصْب تُ َها َ‬ ‫َصْب تَ َها َوأ َ‬
‫إذَا أ َ‬
‫معاين الكلمات‬
‫املشقاة‪ ،‬أَتف‪ :‬أهدى‪ ،‬التحفة‪ :‬كل شيء مستحدث عجيب‪ /‬اهلدية‬
‫اجلَ ْهد (ابل َفْتح) ‪َ :‬‬
‫أصاب‪ :‬انل‪ ،‬اجلرعة‪ :‬الشربة‪ ،‬وغل‪ :‬وغل يف الشيء يغل وغوَّل أمعن فيه ‪ ،‬واملراد هنا متكنت‪.‬‬
‫الشملة‪ :‬كساء يُتَ غَطاى به ويُتَلفاف فيه الشفرة‪ :‬السكي العريضة‬
‫األعنز‪ :‬مجع عنز وهي األنثى من املعز والظباء‪ ،‬جس الشيء بيده ‪ :‬مسه‬
‫اِلُفال‪ :‬مجع حافل وهي الكثرية اللَب‪ ،‬ال اس ْوءة‪ :‬العورة‬

‫ما الفرق بي غنم ‪ -‬ماعز – ضأن – كبش – خروف – تيس – شاة – نعجة – عنز ؟‬

‫شرح احلديث‬
‫وهيئتِه‪َ ،‬‬
‫وحي َم ُده ُسبحانه على‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ايب صلى هللا عليه وسلم َي ُكل ِمن الطا ِ‬
‫اض ُع يف أكله َ‬
‫ابلقليل‪ ،‬ويَتو َ‬ ‫عام ما َرَزقه هللاُ به‪ ،‬ويَ ْرضى‬ ‫َ ُ‬ ‫كان الن ُّ‬
‫ابوي يُطعِ ُمهم‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫عليما ألُامتِه ُخل َقي ِّ‬ ‫ِِ‬
‫الرضا وال َقناعة‪ ،‬وكان يف اأول اهلجرةِ إىل املدينة َجي َم ُع فُقراءَ املهاج ِرين يف َمكان يف املسجد الن ِّ‬ ‫ن َعمه‪ ،‬وتَ ا‬
‫وَي ُك ُل معهم‪.‬‬
‫مماا يُ ْهدى إليه َ‬
‫سول هللاِ صلى هللا عليه وسلم وقد‬ ‫أصحاب ر ِ‬ ‫ِ‬ ‫قداد بن َعم ٍرو رضي هللا عنه أناه أقبل هو وص ِ‬
‫احبان له إىل‬ ‫اِلديث ي روي املِ‬‫ِ‬ ‫ويف هذا‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت ال اذهاب ِم َن ِ‬ ‫حىت قَارب ِ‬
‫ايب صلى هللا عليه‬ ‫أنفسهم على أصحاب الن ِّ‬ ‫ضو َن َ‬ ‫جعلُوا يَع ِر ُ‬
‫اجلوع واملش اقة‪ ،‬فَ َ‬ ‫َبصارهم ا َ‬ ‫ضعفت أَساعُهم وأ ُ‬
‫موِنم‬‫جدوا شيئاا يُطعِ َ‬ ‫ألِنم ما َو ُ‬ ‫لعل ذلك؛ ا‬ ‫لكن مل يُطعِ ُمهم أح ٌد‪ ،‬و ا‬ ‫ِ‬
‫اجلوع والضاعف‪ ،‬و ْ‬ ‫وسلم لِيُطعِ ُموهم؛ وذلك لِشداةِ ما كانوا عليه ِم َن ِ‬
‫ِ ِ‬ ‫ايب صلى هللا عليه وسلم ليطعِمهم‪ِ ،‬‬
‫هب ُبم إىل َمنازل ْأهله‪ ،‬وفيه ثَلثةُ أ َْعنُ ٍز‪ ،‬مجْ ُع َعنزةٍ‪ ،‬وهي‪ُ :‬‬
‫املاعز‪،‬‬ ‫فصحبَهم و َذ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫اإايه‪ ،‬فَ َذهبوا إىل الن ِّ‬
‫باِنا‬
‫قسموا ألْ َ‬ ‫األغنياء ق ْد منَحه إايها ليحلب لبنها ويشربه إايها‪ ،‬فأمرهم النايب صلى هللا عليه وسلم أ ْن َحيلُبوها وي ِ‬ ‫ِ‬ ‫أحد األنصا ِر‬
‫َ َ‬ ‫ُّ‬ ‫ََ‬ ‫َُ‬ ‫كان ُ‬
‫ٍ‬ ‫ِ ِ‬
‫إنسان منهم نَصيبَه‪،‬‬ ‫كل‬
‫شرب ُّ‬ ‫ايب صلى هللا عليه وسلم ‪ ،‬فَكانوا َحيتلبُو َن من تلك املاع ِز حاجتَهم‪ ،‬فَيَ ُ‬ ‫صيب الن ِّ‬ ‫على أرب ٍع‪ ،‬وفيهم نَ ُ‬
‫ايب صلى هللا عليه وسلم نَصيبَه وقِسمتَه ِمن هذا اللا ِ‬
‫َب‪.‬‬ ‫ويُْبقون لِلن ِّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫دخ ُل‬‫ايب صلى هللا عليه وسلم يف لَيلته‪ ،‬وهو أناه صلى هللا عليه وسلم كان َِجييءُ يف اللا ِيل ويَ ُ‬ ‫داد رضي هللا عنه عادةَ الن ِّ‬ ‫وحيكي امل ْق ُ‬ ‫َ‬
‫َلم‪ ،‬مثُا‬ ‫ِ‬
‫حىت َّل يَقطَ َع عليه نَ ْوَمه‪ ،‬ويُسم ُع به اليقظا َن؛ َلريُاد عليه ال اس َ‬ ‫اائم ا‬ ‫ظ به الن َ‬ ‫عتدل‪َّ ،‬ل يُوقِ ُ‬
‫تم ٍ‬
‫صو ُ‬
‫عليهم‪ ،‬في ْلقي عليهم ال اسَلم بِ ٍ‬
‫َ ْ‬ ‫ُ‬
‫َييت صلى هللا عليه وسلم َشرابَه ِم َن اللا ِ‬
‫َب‬ ‫املسج ِد‪ ،‬مثُا ِ‬
‫يام اللا ِيل أو ََتيا ِة ِ‬ ‫صَلهُ‪ ،‬فَيصلِّي ِمن قِ ِ‬
‫وضع ُم ا ُ‬
‫ِ‬
‫ب إىل املسجد‪ ،‬واملر ُاد به‪َ :‬م ُ‬ ‫ذه ُ‬
‫يَ َ‬
‫شربُه‪.‬‬
‫فيَ َ‬
‫سول هللاِ صلى هللا عليه‬ ‫قسوم‪ ،‬وح ِفظوا لر ِ‬ ‫َب امل ِ‬ ‫ب نَصيبَه ِمن اللا ِ‬ ‫ِ‬
‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬‫ْ‬ ‫أ‬ ‫بعد‬ ‫ن‬ ‫ايطا‬ ‫ش‬ ‫ال‬ ‫أاته‬ ‫ذات مارةٍ‬ ‫اه‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫عنه‬ ‫هللا‬ ‫رضي‬ ‫قداد‬ ‫وُيِرب املِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ‬
‫ِ‬
‫العشاء‪" ،‬فَيُ ْت ِح ُفونَه"‬ ‫املدينة‪ -‬ويذهب إىل ب ِ‬
‫يوِتم ْبع َد‬ ‫وسلم نَصيبه‪ ،‬فوسوس له أب ان النايب صلى هللا عليه وسلم َييت األنصار ‪-‬وهم أهل ِ‬
‫َ َ ُ ُ‬ ‫َ ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫ا‬ ‫َ َ َْ َ‬
‫ِ‬ ‫رعة"‪ ،‬أي‪ :‬الش ْار ِبة‬ ‫عندهم‪ ،‬فيشرب ويطعم وليس به حاجةٌ إىل هذه "اجل ِ‬
‫القليلة‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ َ َُ ْ‬ ‫صيب َ‬‫عام‪ ،‬ويُ ُ‬ ‫أي‪ :‬يُعطونَه اهلدياةَ‪ ،‬واملر ُاد ُبا هنا الطا ُ‬
‫طين"‪ ،‬أي‪:‬‬ ‫ت يف بَ ِ‬ ‫سول هللاِ صلى هللا عليه وسلم ِمن اللا َ ِ‬ ‫قداد نَصيب ر ِ‬ ‫وسة‪ ،‬ش ِر ِ‬ ‫َب‪ ،‬وعلى أثَِر تلك الوس ِ‬ ‫ِم َن اللا ِ‬
‫َب‪ ،‬فَل اما أ ْن " َو َغلَ ْ‬ ‫َ َ‬ ‫ب امل ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َْ‬
‫سول هللاِ صلى هللا عليه‬ ‫حق ر ِ‬ ‫سبيل‪ ،‬أي‪َّ :‬ل َُيكِ ُن ُّ‬ ‫ِ‬
‫ت يف ِّ َ‬ ‫اقرتفْ ُ‬
‫ت و ََ‬ ‫الرجوعُ فيما فَ َعلْ ُ‬ ‫ت أناه ْليس إليها ٌ‬ ‫ت منه‪ ،‬وعل ْم ُ‬ ‫ت فيه ومت اكنَ ْ‬ ‫دخلَ ْ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وسلم ‪ ،‬نَدام ِين الشايطا ُن‪ ،‬أي‪ :‬جعلَِين اندما على ُش ِ‬
‫أكرب‪ ،‬فقال له الشايطا ُن‪:‬‬ ‫توب‪ ،‬وإاَّنا ليُوق َعه يف ذُنوب ََ‬ ‫رب تلك اجلَرعة و ْليس ذلك ليَ َ‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ك" أي‪ :‬فتكو ُن ممان َخ ِسر الدُّنيا‬ ‫ِ‬ ‫اب حم ام ٍد؟ ونَصيبَه ِمن اللا َ ِ‬
‫َب فَيَجيءُ فَل َِجي ُده فَيدعو َ‬
‫عليك فَتَهل ُ‬ ‫ت شر َ‬ ‫ت؟ أَش ِربْ َ‬
‫صنع َ‬‫ك!‪ ،‬ما ْ‬ ‫" َوحيَ َ‬
‫ضعها على َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ظهَرت‬ ‫قدمه َ‬ ‫ف به‪ ،‬وكانت هذه الشاملةُ إذا َو َ‬ ‫واآلخرةِ‪ ،‬وكان على املقداد رضي هللا عنه " َمشلَةٌ" وهي كساءٌ صغريٌ يَلتح ُ‬
‫اوم" أي‪َ :‬ذ َهب‬ ‫أسه ظَهرت قَدماه‪ ،‬وهذا دليل على صغ ِرها‪ ،‬قال املِ‬ ‫ضعها على ر ِ‬
‫عل َّل َجييئُين الن ُ‬
‫َ‬ ‫وج‬
‫َ‬ ‫"‬ ‫‪:‬‬‫عنه‬ ‫هللا‬ ‫رضي‬ ‫قداد‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أسه ‪ ،‬وإذا َو َ‬ ‫رُ‬
‫ايب‬‫ن‬ ‫ال‬ ‫يب‬ ‫احباي فَناما ومل يصنَ عا ما صنعت"؛ إذ مل يشراب نَ ِ‬
‫ص‬ ‫اهلم على ما فَعل‪" ،‬وأ اما ص ِ‬ ‫ِ‬ ‫و‬ ‫م‬‫ِ‬ ‫الغ‬
‫َ‬ ‫ن‬ ‫ِمن عينِه الناوم؛ وذلك لِما أصابه ِ‬
‫م‬
‫َ ّ‬ ‫َ ََ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ايب صلى هللا عليه وسلم فَسلا َم كما كان يُسلِّ ُم"‬ ‫صلى هللا عليه وسلم ومل يش ِرتكا معه يف فِعلتِه‪ .‬قال املِ‬
‫ضي هللاُ عنه‪" :‬فجاءَ الن ُّ‬ ‫َ‬ ‫ر‬‫َ‬ ‫قداد‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫فلم َِجي ْد فيه شيئاا ِمن‬ ‫؛‬ ‫طاء‬ ‫كشف‪ ،‬ورفَع عنه الغِ‬ ‫ف‬ ‫ه‬‫اب‬‫ر‬ ‫ش‬ ‫أتى‬ ‫مث‬ ‫‪،‬‬ ‫ِ‬
‫يل‬ ‫ا‬‫ل‬‫ال‬ ‫املسجد فصلاى ما قُ ِّدر له ِمن صَلةِ‬ ‫وت م ٍ‬
‫عتدل‪ ،‬مثُا أتى‬ ‫بِ ٍ‬
‫َ ْ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُا‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ص ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫َب‪ ،‬فَرفع النايب صلى هللا عليه وسلم رأسه إىل ال اس ِ‬
‫ك"‬‫ضي هللاُ عنه يف ن ْف ِسه‪" :‬اآل َن يَدعو علَ اي فَأهل ُ‬ ‫َ‬ ‫ر‬
‫َ‬ ‫املقداد‬
‫ُ‬ ‫فقال‬ ‫‪،‬‬‫َ‬‫هللا‬ ‫عو‬ ‫د‬‫ْ‬ ‫ي‬
‫َ‬ ‫ماء‬ ‫َ‬ ‫اللا َ ِ َ ُّ‬
‫اس ِق َمن َس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ ِ‬
‫سأل صلى هللا عليه وسلم َعن‬ ‫قاِن" فَلم يَ ْ‬ ‫بدعائه‪ ،‬فَدعا صلى هللا عليه وسلم وقال يف ُدعائه‪" :‬اللاه ام أَطع ْم َمن َ‬
‫أطع َم ِين‪ ،‬و ْ‬
‫قام‬
‫دعوتَه َ‬ ‫ف أ ان هللاَ ُجييبُه وَّل ُّ‬ ‫عاىل‪ ،‬ولَ اما فَ ِ‬ ‫عر ْج على ِ‬ ‫نَصيبِه‪ ،‬ومل يُ ِّ‬
‫يرد َ‬ ‫ضي هللاُ عنه منه الدُّعاءَ َعَر َ‬ ‫َ‬ ‫ر‬‫َ‬ ‫املقداد‬
‫ُ‬ ‫م‬‫َ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫هللا‬
‫َ‬ ‫دعا‬ ‫اه‬
‫ن‬ ‫لك‬ ‫ذلك‪،‬‬ ‫كل‬
‫ّ‬
‫ِ‬
‫ايب صلى هللا عليه وسلم أو يَسقيَه‪ ،‬فزيّن له الشيطان أن يذبح العنز اليت تسقي‬ ‫ِ‬ ‫لِينظَُر له شيئاا تكو ُن به إجابةُ دعوتِِه؛ يُر ُ‬
‫يد أ ْن يُطع َم الن ا‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وأهله كل يوم‪ ،‬وليست هي ملكا له‪ ،‬وَّل لرسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬وإَّنا هي أمانة ومنيحة‪،‬‬
‫إن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ينهى مالك العنز عن ذبح اِللوب‪ ،‬فكيف مبن َّل َيلكها؟ كيف يذحبها؟ لكن للشيطان أساليبه‪،‬‬
‫لقد غرر به أ ان ذبْح العنز إَّنا هو من أجل إطعام الرسول صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬وقد سعه يقول‪ :‬اللهم أطعم من أطعمين‪َ ،‬فربَط عليه‬
‫َي األعنز أَسَن فَيذحبها لِر ِ‬
‫سول هللاِ‬ ‫اَلث فذهب يتحسس يف الظَلم أ ُّ‬ ‫الس ّكِي‪ ،‬وذَهب إىل األعنُ ِز الث ِ‬ ‫ِ‬
‫أخ َذ "الشافرةَ" وهي ّ ُ‬
‫ُ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َمشْلتَه‪ ،‬و َ‬
‫صلى هللا عليه وسلم ليُطعِ َمه‪ ،‬ويف يده السكي‪ ،‬لكن عناية هللا ردت كيد الشيطان حيث فوجئ بضرع ملي ٍء ابللَب‪ ،‬وَتسس العنز‬
‫إانء ِ‬
‫آلل‬ ‫كة النايب صلى هللا عليه وسلم ‪ ،‬فتو اجه إىل ٍ‬ ‫األخرى فإذا ضرعها يكاد ينفجر من انتفاخه ابللَب‪ ،‬مث الثالثة كذلك‪ ،‬وذلك برب ِ‬
‫َ َ‬ ‫ّ‬ ‫ََ‬
‫قداد رضي هللا عنه‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫حم ام ٍد صلى هللا عليه وسلم ما كانوا يَطْمعو َن‪ ،‬وَّل يَْرجون أ ْن َحيتَلبُوا فيه ِلَ ْج ِمه وكِ َِربه مع قِلا ِة اللا َ ِ‬
‫َب عندهم‪ ،‬قال امل ُ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َشربْتُم‬
‫ب واِل ْلب‪ ،‬وجاء به إىل َرسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬فَسألَين‪" :‬أ َ‬ ‫ص ِّ‬‫َب عند ال ا‬‫حىت علَْتهُ َرغوةٌ" وهو ما يَعلو اللا ََ‬ ‫ت فيه ا‬ ‫حلب ُ‬
‫"فَ ْ‬
‫رسول هللاِ‬ ‫شرابكم اللايلة؟" فقال املِ‬
‫ب مثُا َانو ِلين"‪ ،‬وأعطاِن اإلانءَ‪،‬‬ ‫ب‪ ،‬فَش ِر َ‬ ‫اشر ْ‬
‫َ‬ ‫‪،‬‬ ‫َ‬ ‫اي‬ ‫"‬ ‫‪:‬‬ ‫‪-‬‬ ‫م‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫بن‬
‫َ‬ ‫ه‬
‫َ‬ ‫َ‬‫جاوب‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫أ‬ ‫د‬
‫َ‬ ‫بع‬
‫ْ‬ ‫وذلك‬ ‫‪-‬‬ ‫عنه‬ ‫هللا‬ ‫رضي‬ ‫قداد‬
‫ُ‬ ‫َ َ ُ َ‬
‫فقال املِقداد رضي هللا عنه مارةا أُخرى‪" :‬اي َ ِ‬
‫ت "أ ان الن ا‬
‫ايب‬ ‫ت" وتَي اقْن ُ‬ ‫الفاضل "فَل اما عرفْ ُ‬
‫َ‬ ‫أعطاِن‬ ‫ب مثُا َانولَين" و ْ‬ ‫اشرب‪ ،‬فَش ِر َ‬
‫رسول هللا ْ‬ ‫ُ‬
‫بب‬ ‫وس‬ ‫"‬ ‫ُبا‬ ‫ح‬ ‫ر‬ ‫ف‬ ‫ال‬ ‫األرض ِمن ِشداةِ‬
‫ِ‬ ‫ت نَ ْفسي إىل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫صلى هللا عليه وسلم قد رِو ِ‬
‫َ ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َلقي ُ‬
‫حىت أ ْ‬ ‫كت ا‬ ‫ت َدعوتَه‪ ،‬ضح ُ‬ ‫أصب ُ‬
‫ي من عطَشه‪ ،‬و ْ‬ ‫َ َ‬
‫حىت ْارتَوى‪ ،‬وكان ْقب َل ذلك َدعا لِ َمن َسقاه بقولِه‪:‬‬ ‫ايب صلى هللا عليه وسلم ق ْد َش ِرب ا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وزو ِال ُحزنه‪ :‬أناه لَ اما َعلم أ ان الن ا‬ ‫وسروِره َ‬ ‫َِ ِ‬
‫ضحكه ُ‬
‫ايب صلى هللا عليه وسلم له َّل عليه‪ ،‬ف َفرِح‬ ‫لد ِ‬ ‫"اللاه ام أطْعِم من أطْعمين‪ ،‬وأس ِق من أسقاِن"؛ تَ ابي ِ ِ‬
‫ايب الن ُّ‬‫عاء الن ِّ‬ ‫ضا ُ‬ ‫للمقداد أناه صار ُمعار ا‬ ‫ْ َ ْ‬ ‫ْ َ ََ‬ ‫ُ‬
‫ايب صلى هللا‬ ‫بي يَ َديه‪ ،‬ولَ اما َرأى الن ُّ‬ ‫ايب صلى هللا عليه وسلم ْ َ‬ ‫َّلنقَلب ما كان َُيافُه إىل ما يَ ُسُّره‪ ،‬ولظُهوِر ُمعجزِة الن ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ك؛‬ ‫وض ِح َ‬
‫بذلك َ‬
‫ك اي ِمقداد" أي‪ :‬إن َ ِ‬ ‫عند املِ ِ‬
‫قداد‬
‫اك اي م ُ‬ ‫ُ‬ ‫قداد‪ ،‬فقال صلى هللا عليه وسلم‪" :‬إحدى َسوآتِ َ‬ ‫أمرا ما َ‬ ‫ِ‬
‫عليه وسلم منه ذلك‪ ،‬فَهم أ ان هناك ا‬
‫رسول هللاِ صلى هللا عليه وسلم مبا كان ِمن ْأم ِره وفِعلِه‪ ،‬فقال‬ ‫ضي هللاُ عنه َ‬ ‫َ‬ ‫ر‬
‫َ‬ ‫املقداد‬
‫ُ‬ ‫أخرب‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫هي؟‬ ‫فما‬ ‫‪،‬‬ ‫ة‬
‫ا‬ ‫ئ‬‫ت فَعلةا َسيِّ‬ ‫فعلْ َ‬
‫‪َّ-‬ل َحمالةَ‪َ -‬‬
‫محة هللاِ تَ َ‬
‫عاىل وبََركتِه؛‬ ‫َلف عادتِه‪ِ ،‬من ر ِ‬
‫َ‬ ‫وخ َ‬ ‫َب يف غ ِري وقتِه ِ‬
‫َ‬ ‫إحداث هذا اللا َ ِ‬‫ُ‬ ‫صلى هللا عليه وسلم‪" :‬ما هذه اإَّل رمحةٌ ِم َن هللاِ" أي‪:‬‬
‫ايب صلى هللا عليه وسلم أناه كان‬ ‫ِِ‬ ‫عاىل‪ ،‬وشكرا لِ ِ‬ ‫وذلك اعرتافاا منه صلى هللا عليه وسلم بِ ْ‬
‫فض ِل هللا تَ َ‬
‫نعمته‪ ،‬وإقر اارا مبناته‪ ،‬مثا بَاي له الن ُّ‬ ‫ا َ‬
‫املقداد رضي هللا عنه‪:‬‬ ‫صيبا ِمن ذلك اللا ِ‬
‫َب‪ ،‬ويَ ْشَراب َمعنا‪ ،‬فقال‬ ‫ظ صاحب ي نَا فَي ِ‬ ‫عليه أ ْن ُُيِربه مبا ح َدث قبل أ ْن ين َف َد اللاَب‪ ،‬ا ِ‬
‫ُ‬ ‫حىت نُوق َ َ َ ْ ُ‬ ‫َُ‬ ‫َْ َ‬ ‫َ َ‬
‫ومن مل‬ ‫ااس" َ‬‫أصاُبا ِم َن الن ِ‬
‫معك" فَل أُابيل " َمن َ‬ ‫َصب تُها َ‬
‫أنت "وأ ْ‬ ‫فش ِربْتَها َ‬ ‫َصب تَها‪َ ،‬‬‫َهتم إذا أ ْ‬
‫ِلق ما أُابيل" أي‪ :‬ما أ ُّ‬ ‫عثك ِاب ِّ‬ ‫"والاذي بَ َ‬
‫رسول هللاِ‪ ،‬فَل يَ ُسُّرِن‬
‫بت منها اي َ‬ ‫اك َش ِر ْ‬
‫ِ‬
‫الفرحة أن َ‬ ‫ك‪ ،‬واملعن‪ :‬أ ان ال َفرحةَ ا‬
‫كل‬ ‫وس َقْي تُ َ‬ ‫ت على َدعوتِ َ‬
‫ك‪ ،‬فأطْ َع ْمتُك َ‬ ‫حص ْل ُ‬
‫يَ ْشَرُْبا ْبع َد أ ْن َ‬
‫َمن َش ِرَُبا‪ ،‬وَّل ُحي ِزنُين َمن مل يَ ْشَرُْبا‪.‬‬
‫ِ‬
‫احلديث‪:‬‬ ‫ويف‬
‫▪ دليل من َدَّلئل نبوته صلاى هللاُ عليه وسلا َم‪.‬‬
‫▪ أ ان ِمن ه ْديِه صلاى هللا عليه وسلام ال اسَلم عند الد ِ‬
‫ُّخول على الغ ِري‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ايب صلاى هللاُ عليه وسلا َم ونَزاهةُ ن ْف ِسه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫كرُم أخَلق الن ِّ‬ ‫▪ َ‬
‫ضي هللاُ عنه‪.‬‬ ‫ر‬ ‫و‬‫ر‬ ‫فضل الْ ِم ِ‬
‫قداد ب ِن َع ْم ٍ‬ ‫▪‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يش‪.‬‬ ‫ضي هللاُ عنه يف اأول األم ِر من الفق ِر‪ ،‬وض ِيق َ‬
‫الع ِ‬
‫صحابةُ َر َ‬ ‫▪ بَيا ُن ما كان عليه ال ا‬
‫▪ مراعاةُ ِ‬
‫حال الناائ ِم‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ص ِرب‪.‬‬ ‫احملاس ِن املرضيا ِة‪ ،‬وَكَرِم النا ْف ِ‬
‫س‪ ،‬وال ا‬ ‫األخَلق العلِيا ِة‪ ،‬و ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ايب صلى هللا عليه وسلم ِمن اِلِل ِم‪ ،‬و‬ ‫ُّ‬ ‫▪ بَيا ُن ما كان عليه الن‬
‫َ‬
‫شرح اإلمام النووي‬
‫اَّللُ َعلَْي ِه‬
‫صلاى ا‬ ‫ول اِ‬
‫اَّلل َ‬
‫اب رس ِ‬‫ض أَنْ ُفسنَا َعلَى أ ْ ِ‬
‫َص َح َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫اجلَ ْه ِد فَ َج َعلْنَا نَ ْع ِ‬
‫ر‬ ‫ْ‬ ‫ن‬
‫َ‬
‫َساعنَا وأَبصارَان ِ‬
‫م‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫أ‬ ‫ت‬
‫ْ‬ ‫ب‬
‫َ‬ ‫ه‬
‫َ‬ ‫ذ‬
‫َ‬ ‫د‬
‫ْ‬ ‫ق‬
‫َ‬‫و‬‫َ‬ ‫يل‬ ‫ِ‬ ‫احب ِ‬
‫ان‬ ‫َ‬
‫قَولُه (أَقْ ب لْت أ ََان وص ِ‬
‫ُْ َ ُ ََ‬
‫َ‬
‫اجلِي ِم َو ُه َو ْ‬
‫اجلُوعُ َوالْ َم َش اقةُ َوقَ ْد َسبَ َق‬ ‫اَّللُ َعلَْي ِه َو َسلا َم فَانْطَلَ َق بِنَا) أَاما قَ ْولُهُ ْ‬
‫اجلَ ْه ُد فَ ُه َو بَِفْت ِح ْ‬ ‫صلاى ا‬ ‫ايب َ‬ ‫َح ٌد يَ ْقبَ لُنَا فَأَتَ ْي نَا النِ ا‬
‫سأَ‬ ‫ا‬
‫َو َسل َم فَلَْي َ‬
‫اسو َن‬ ‫ول علَى أَ ان الا ِذين عرضوا أَنْ ُفسهم علَي ِهم َكانُوا م ِقلِّ‬ ‫ِيف أ اَوِل الْبَ ِ‬
‫س عندهم َش ْيءٌ يُ َو ُ‬ ‫َ‬ ‫ي‬
‫ْ‬‫َ‬‫ل‬ ‫ي‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫م‬
‫ُ‬ ‫حم‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ا‬‫ذ‬‫َ‬ ‫ه‬‫َ‬ ‫ا)‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫ُ‬‫ل‬ ‫ب‬
‫َ‬ ‫ق‬
‫ْ‬ ‫َ‬‫ي‬ ‫د‬
‫ٌ‬ ‫َح‬
‫َ‬ ‫أ‬ ‫س‬
‫َ‬ ‫ي‬
‫ْ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫(ف‬
‫َ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ل‬
‫ُ‬‫و‬‫ْ‬ ‫ق‬
‫َ‬‫و‬‫َ‬ ‫اب‬
‫اب ال اس ََلِم َعلَى‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫آد ُ‬ ‫ايب صلى هللا عليه وسلم َكا َن َِجييءُ م َن اللاْي ِل فيسلم تسليما َّليوقظ َانئ اما َويُ ْسم ُع الْيَ ْقظَا َن) َه َذا فيه َ‬ ‫بِه قَ ْولُهُ (أَ ان النِ ا‬
‫اه ْم َوأَناهُ يَ ُكو ُن َس ََل اما ُمتَ َو ِّسطاا بي الرفع واملخافتة حبيث يسمع اَّليقاظ وَّليهوش َعلَى‬ ‫ِ ِِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ام أ َْو َم ْن ِيف َم ْعنَ ُ‬ ‫ْاألَيْ َقاظ ِيف َم ْوض ٍع فيه نيَ ٌ‬
‫وب َوالْ ِف ْع ُل‬ ‫اِلثْوةُ ِمن الْم ْشر ِ‬
‫َ ُ َ َ ََ َ َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫ه‬‫يت و َغريه وِ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬
‫الس ّكِ ِ‬
‫ّ‬
‫امها بن ِ‬
‫َ‬‫ُ‬ ‫ك‬‫َ‬ ‫ح‬
‫َ‬ ‫ا‬ ‫ه‬‫َ‬
‫اجلِي ِم وفَ ْت ِ‬
‫ح‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬
‫م‬ ‫ض‬
‫َ‬
‫َ ّ‬
‫اجلر َع ِة) ِهي بِ‬
‫َ َْ‬‫ْ‬ ‫َغ ِريِهم‪ ،‬قَولُه (ما بِِه حاجةٌ إِ َىل ه ِذهِ‬
‫َ َ‬ ‫ْ ْ ُْ َ‬
‫ي الْمعجم ِة الْم ْفتُوح ِة أَي دخلَت ومتََ اكنَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِمْنه ج ِر ْعت بَِفْت ِح ِْ‬
‫صلاى‬ ‫ايب َ‬‫ت مْنهُ قَ ْولُهُ (أَ ان النِ ا‬ ‫ت ِيف بَطِْين) َابلْغَ ْ ِ ُ ْ َ َ َ َ ْ َ َ ْ َ ْ‬ ‫اجلي ِم َوَك ْس ِر ال اراء قَ ْولُهُ َ‬
‫(و َغلَ ْ‬ ‫ُ َ ُ‬
‫اخل ِادِم ولِ‬ ‫ال اللاه ام أَطْعِم من أطعمن وأسق من سقاَن) فِ ِيه الدُّعاء لِلْمح ِ‬ ‫ا ِ‬
‫وفيهما َكا َن‬‫َ‬ ‫ا‬‫ري‬‫ْ‬ ‫خ‬
‫َ‬ ‫ل‬
‫َ َْ َ ُ ا‬‫ع‬
‫َ‬ ‫ف‬‫ْ‬ ‫ي‬
‫َ‬ ‫س‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫َ‬‫ْ‬ ‫و‬ ‫ن‬‫ِ‬
‫َُ ُْ َ‬ ‫س‬ ‫ْ‬ ‫اَّللُ َعلَْيه َو َسلا َم َد َعا فَ َق َ ُ‬
‫صلاى‬ ‫ِ‬ ‫ض ِاء عن ح ُقوقِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ضي ِة وكرِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫اِلِْل ِم و ْاأل ْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫علَي ِه النِايب صلاى ا ِ‬
‫ُ َ‬ ‫اه‬‫ن‬ ‫إ‬‫َ‬‫ف‬ ‫ه‬ ‫َ ْ َ َ َْ ُ‬ ‫غ‬
‫ْ‬ ‫اإل‬
‫ْ‬ ‫و‬ ‫رب‬ ‫ص‬
‫ا‬ ‫ال‬
‫و‬ ‫س‬ ‫ِ‬ ‫ف‬
‫ْ‬ ‫ا‬
‫الن‬ ‫م‬ ‫َخ ََلق الْ ُمرضيَة َوالْ َم َحاس ِن الْ ُم ْر َ َ َ َ‬ ‫اَّللُ َعلَْيه َو َسلا َم م َن ْ َ‬ ‫َ ْ ُّ َ‬
‫اَّللُ َعلَْي ِه‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِِ ِ‬ ‫ا ِ‬
‫صلاى ا‬ ‫ال ُكلُّ ُه ان) َهذه م ْن ُم ْعجَزات النُّبُ اوة َوآ َاث ِر بََرَكته َ‬ ‫اَّللُ َعلَْيه َو َسلا َم َملْ يَ ْسأ َْل َع ْن نصيبه من اللَب قوله ىف األعنز (اذا هن ُحف ٌ‬
‫ض ِمها وَكس ِرها ثَََل ُ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وسلام قَولُه (فَحلَبت فِ ِيه ح اىت علَْته ر ْغوةٌ) ِهي زب ُد اللا ِ ِ‬
‫ات َوِر َغ َاوةٌ‬ ‫ور ٌ‬ ‫ث لُغَات َم ْش ُه َ‬ ‫َب الاذي يَ ْعلُوهُ َوه َي بَِفْت ِح ال اراء َو َ ّ َ َ ْ َ‬ ‫َ َ ُ َ َ َ ََ َ‬ ‫ََ َ ُْ َْ ُ‬
‫اَّللُ َعلَْي ِه َو َسلا َم قَ ْد‬
‫صلاى ا‬ ‫ِ‬ ‫بِ َكس ِر ال ار ِاء وحكِي ضمها ورغاية ِابلض ِ ِ‬
‫ايب َ‬‫ت أَ ان النِ ا‬ ‫ت ال ار ْغ َوةَ قَ ْولُهُ (فَلَ اما َعل ْم ُ‬ ‫ت َش ِربْ ُ‬ ‫ام َو ُحك َي الْ َك ْس ُر َو ْارتَغَْي ُ‬ ‫ّ‬ ‫َُ َ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬ ‫صلاى ا‬ ‫يت إِ َىل ْاأل َْر ِ‬ ‫ِ‬ ‫رِوي وأَصبت دعوتَه َ ِ‬
‫اَّللُ عليه وسلم احدى سوآتك ايمقداد) َم ْعنَاهُ أَناهُ َكا َن عْن َدهُ‬ ‫ايب َ‬ ‫ال النِ ُّ‬
‫ض فَ َق َ‬ ‫ْت َح اىت أُلْق ُ‬ ‫ضحك ُ‬ ‫َ َ َ َْ ُ َ َ ْ ُ‬
‫ض ِألَذَاهُ فَلَ اما‬ ‫ايب صلاى ا ِ‬
‫اَّللُ َعلَْيه َو َسلا َم َوتَ َعار َ‬ ‫يب النِ ِّ َ‬ ‫َ‬ ‫ص‬‫ايب صلى هللا عليه وسلم لِ َكونِِه أَ ْذهب نَ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫حز ٌن َش ِدي ٌد خوفاا ِمن أَ ْن ي ْدعو علَي ِ‬
‫ه‬ ‫َ ْ ْ َ َُ َ ْ‬ ‫ُْ‬
‫ض ِحكِ ِه لِ َذ َه ِ‬ ‫ض ِم ْن َكثْ َرةِ َ‬ ‫ط إِ َىل ْاأل َْر ِ‬ ‫ض ِح َ‬
‫اَّلل علَي ِه وسلام قَ ْد رِو ِ‬ ‫ِ‬
‫اب َما َكا َن‬ ‫ك َح اىت َس َق َ‬ ‫ِح َو َ‬ ‫ت َد ْع َوتُهُ فَر َ‬ ‫ي َوأُجيبَ ْ‬ ‫صلاى اُ َ ْ َ َ َ َ َ‬ ‫ايب َ‬‫َعل َم أَ ان النِ ا‬
‫ك َعلَى يَ ِد الْ ِم ْق َد ِاد َوظُ ُهوِر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ايب صلى هللا عليه وسلم َوإِ َجابَِة َد ْع َوتِِه ل َم ْن أَطْ َع َمهُ َو َس َقاهُ َو َجَرَاي ِن ذَل َ‬ ‫ب النِ ِّ‬ ‫اِل ْزِن وانْ ِق ََلبِِه سرورا بِ ُشر ِ‬
‫ُُ ا ْ‬ ‫به م َن ُْ َ‬
‫ِِ ِ‬
‫ال صلى هللا عليه وسلم احدى سوآتك ايمقداد أى انك فعلت سوءة‬ ‫آخارا َوِهلََذا قَ َ‬‫ه ِذهِ الْمع ِجزةِ ولِتَ ع ُّجبِ ِه ِمن قُب ِح فِعلِ ِه أ اَواَّل وحسنِ ِه ِ‬
‫َُ ْ‬ ‫ْ ْ ْ‬ ‫َ ُْ َ َ َ‬
‫َب ِيف غَ ِْري َوقْتِ ِه‬ ‫اَّللِ تَ َع َ‬
‫ايب صلى هللا عليه وسلم ما هذه اَّلرمحة ِم َن ا‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َي إِ ْح َد ُ‬
‫اث َه َذا اللا َ ِ‬ ‫اىل أ ْ‬ ‫ال النِ ُّ‬
‫َخ ََربهُ َخ ََربهُ فَ َق َ‬
‫م َن الْ َف َع ََلت َما ه َي فَأ ْ‬
‫اَّللِ تَ َع َ‬
‫اىل‪.‬‬ ‫ض ِل ا‬ ‫يع ِم ْن فَ ْ‬ ‫ف عادتِِه وإِ ْن َكا َن ْ ِ‬
‫اجلَم ُ‬
‫ِ ِ‬
‫َوخ ََل َ َ َ‬
‫‪disturb‬‬ ‫يهوش‪:‬‬ ‫اِلَثْ َوةُ‪ :‬الغرفة‪،‬‬
‫ْ‬

‫ضأن‬ ‫ماعز‬

‫ويسمى الذكر تيس‪ ،‬أما األنثى فيطلق عليها عنزة أو معزة شعره انعم ذيله مقوس لألعلى ينتج لبنا أكثر من الضأن‬ ‫املاعز‪:‬‬
‫الضأن‪ :‬ويسمى الذكر كبش ا أو خروف ا‪ ،‬واألنثى تدعى النعجة أو الشاة‪ ،‬صوفه (وبره) كثيف ووزنه ثقيل وذيله متدل على جسده‬
‫ام؟ فَإِ َذا مع َر ُج ٍل‬ ‫اَّلل عليه وسلام‪ :‬هل مع أ ٍ ِ‬ ‫ي َوِمئَةا‪ ،‬فَ َ‬ ‫ِ‬
‫َحد من ُكم طَ َع ٌ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ ْ‬ ‫صلاى اُ‬ ‫النيب َ‬
‫قال ُّ‬ ‫اَّللُ عليه َو َسلا َم ثَََلث َ‬
‫صلاى ا‬ ‫النيب َ‬
‫‪ُ -175‬كناا مع ِّ‬
‫اَّللُ عليه َو َسلا َم‪ :‬أَبَْي ٌع أ َْم َع ِطياةٌ؟‬
‫صلاى ا‬ ‫يل بغَنٍَم يَ ُسوقُ َها‪ ،‬فَ َ‬‫ِ‬ ‫ٌّ‬ ‫ِ‬ ‫صاع ِمن طَع ٍام‪ ،‬أَو َْحنوه‪ ،‬فَع ِ‬
‫النيب َ‬
‫قال ُّ‬ ‫ٌ‬ ‫و‬ ‫ط‬
‫َ‬ ‫ان‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ش‬
‫ْ‬ ‫م‬
‫ُ‬ ‫ك‬‫ٌ‬‫ر‬ ‫ش‬
‫ْ‬ ‫م‬
‫ُ‬ ‫ل‬
‫َ ٌ‬‫ج‬
‫ُ‬ ‫ر‬‫َ‬ ‫اء‬ ‫ج‬
‫َ‬ ‫مث‬
‫ُا‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫ج‬ ‫َ ْ ُُ ُ‬ ‫ٌَ‬
‫بس َو ِاد البَطْ ِن أَ ْن يُ ْش َوى‪َ ،‬‬
‫قال‪:‬‬ ‫م‬ ‫اَّللُ عليه َو َسلا‬ ‫ى‬ ‫صلا‬ ‫سول هللاِ‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫َم‬‫أ‬
‫و‬ ‫ت‬ ‫ع‬ ‫قال‪َّ :‬ل بل ب يع‪ ،‬فَا ْشرتى منه َشاةا‪ ،‬فَصنِ‬ ‫ف‬ ‫؟‬‫ة‬ ‫ب‬ ‫قال‪ :‬أَم ِ‬
‫ه‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫أ َْو َ ْ‬
‫اَّلل عليه وسلام حازةا حازةا ِمن سو ِاد بطْنِها‪ ،‬إ ْن كا َن َش ِ‬ ‫و ْامي هللاِ‪ ،‬ما ِمن الثا ََلثِي وِمئَ ٍة اإَّل حاز له ر ُ ِ‬
‫اه ادا أ َْعطَاهُ‪ ،‬وإ ْن كا َن‬ ‫ََ َ َ‬ ‫ََ َ ُ ُ‬ ‫صلاى اُ‬ ‫سول هللا َ‬ ‫َ َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َُ‬
‫ي‪ ،‬فَ َح َم ْلتُهُ علَى البَعِ ِري‪ ،‬أ َْو كما َ‬
‫قال‪.‬‬ ‫ص َعتَ ْ ِ‬ ‫َمجَعُو َن َو َشبِ ْعنَا‪َ ،‬وفَ َ‬
‫ض َل يف ال َق ْ‬ ‫ص َعتَ ْ ِ‬
‫ي فأ َك ْلنَا منهما أ ْ‬ ‫َغائِباا َخبَأَ له‪َ .‬‬
‫قال‪َ :‬و َج َع َل قَ ْ‬
‫معاين الكلمات‬
‫الصاع‪ :‬مكيال املدينة تقدر به اِلبوب وسعته أربعة أمداد ‪ ،‬واملد هو ما َيأل الكفي‪.‬‬
‫ان‪ :‬منتفش الشعر اثئر الرأس‪ ،‬حز‪ :‬قطع‪ .‬اِلزة‪ :‬القطعة‪ ،‬خبأ‪ :‬سرت وحفظ‪َ ،‬سواد البط ِن‪ :‬الكبِ ُد‬ ‫ُم ْش َع ٌّ‬
‫شرح احلديث‬
‫حىت أ َك َل‬
‫القليل ا‬ ‫عام‬‫ومن ذلك أ ْن كث َار الطا‬ ‫يديه الربكةَ‪ِ ،‬‬ ‫َ‬ ‫على‬ ‫رى‬ ‫أج‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ات‬ ‫أيا َد هللا سبحانه وتَعاىل نَبياه صلى هللا عليه وسلم ِ‬
‫ابملعجز ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ ُ‬
‫بربكتِه صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬ ‫منه اجلَ ُّم الغَفريُ ََ‬
‫ايب صلى هللا عليه وسلم ‪،‬‬ ‫رج ٍل مع الن ِّ‬ ‫ِ‬
‫ضي هللاُ عنهما اأِنم كانوا ثَ َ‬
‫َلثي ومئةَ ُ‬ ‫ر‬ ‫الص ِّد ِ‬
‫يق‬ ‫عبد الارمح ِن بن أِب بك ٍر ِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫رب‬ ‫ِ‬
‫اِلديث ُُيِْ‬ ‫ويف هذا‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫عام أو ْحن ِو ٍ ِ‬ ‫بصاع ِمن طَ ٍ‬ ‫ٍ‬
‫رجل‬
‫صاع‪ ،‬فَعُج َن‪ ،‬مثُا جاءَ ٌ‬ ‫رجل ٍ‬ ‫عام؟" فجاءَ ٌ‬ ‫هل مع أحد منكم طَ ٌ‬ ‫ايب صلاى هللاُ عليه وسلا َم‪ْ " :‬‬ ‫فسأ َهل ُم الن ُّ‬
‫َ‬
‫ايب صلى هللا عليه وسلم‪" :‬بَْي اعا أ َْم َعطياةا؟"‬ ‫تفر ُق غريُ ُمسارٍح‪ ،‬وكان معه غنَ ٌم يَسوقُها‪ ،‬فقال له الن ُّ‬ ‫ويل‪ ،‬يعين‪َ :‬ش ْع ُره ُم ِّ‬ ‫ُمش ِرٌك ُم ْش ٌّ‬
‫عان طَ ٌ‬
‫خت‪ ،‬و َأمَر‬ ‫ايب صلى هللا عليه وسلم منه شاةا‪ ،‬فَطُبِ ْ‬ ‫يع"‪ ،‬فا ْش َرتى الن ُّ‬ ‫جل املش ِرُك‪ْ " :‬‬
‫بل بَ ٌ‬ ‫بيع لنا الغنَ َم ْأم ُِتْديها لنا؟ فقال الار ُ‬ ‫هل تَ ُ‬‫يعين‪ْ :‬‬
‫ضي هللاُ عنهما ابهللِ‪ ،‬ما ِمن‬ ‫َ‬ ‫ر‬
‫َ‬ ‫بن أِب بَك ٍ‬
‫ر‬ ‫ُ‬ ‫ن‬‫عبد الارمح ِ‬
‫ُ‬ ‫م‬‫ُ‬ ‫س‬‫النايب صلى هللا عليه وسلم بِسو ِاد البط ِن أ ْن ي ْشوى‪ ،‬وهو الكبِ ُد وحنوه‪ .‬في ْق ِ‬
‫ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬
‫ايب صلى هللا عليه وسلم له ِمن َسو ِاد البطْ ِن‪ ،‬يعين‪ :‬قطَ َع له قِطعةا ِم َن الكبِ ِد‪،‬‬ ‫ين اإَّل َحاز الن ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫اَلثي ومئة الاذين كانوا حاضر َ‬ ‫أحد يف الث َ‬
‫ٍ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أعطاها له‪ ،‬وإ ْن كان غائباا َحفظَها له‪ ،‬و َأمَر صلى هللا عليه وسلم أ ْن ُجي َع َل ذلك الطا ُ‬
‫عام يف قَصعتَي‪ ،‬وال َقصعةُ اإلانءُ‬ ‫حاضرا ْ‬
‫ا‬ ‫فإ ْن كان‬
‫ومحل املتب ِّقي منه على البع ِري؛ م ِ‬
‫عجزةا له صلى هللا عليه وسلم‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬
‫حىت َشبِعوا‪ُِ ،‬‬
‫ين ا‬ ‫َ‬ ‫يع اِلاض ِر‬
‫ُ‬ ‫ب‪ ،‬فأ َك َل منها َمج‬ ‫الكبريُ ِمن َ‬
‫اخلش ِ‬
‫ُ‬
‫بول اهلدياِة منهم‪.‬‬
‫اِلديث‪ :‬مشروعياةُ البي ِع ِمن املش ِركي وقَ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ويف‬
‫عند الضارورةِ‪.‬‬
‫عام َ‬ ‫وفيه‪ :‬املواساةُ ابلطا ِ‬
‫اخلرب‪ ،‬وإ ْن كان ِ‬
‫املخربُ صادقاا‪.‬‬ ‫أكيد َِ‬‫وفيه‪ :‬القسم لت ِ‬
‫َُ َ‬
‫ف‪.‬‬
‫عر ُ‬ ‫ي‬ ‫َّل‬ ‫الذي‬ ‫اخص اجمل ِ‬
‫هول‬ ‫ِ‬ ‫ش‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ِ‬
‫األشياء ِ‬ ‫وفيه‪ :‬مشروعياةُ ِشر ِ‬
‫اء‬
‫َُ‬ ‫َ‬
‫شرح اإلمام النووي‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ض ِّم الْ ِميم َوإِ ْس َكان ِّ‬
‫اعر َوُمتَ َف ِّرقه‪.‬‬
‫َي ُمنْ تَفش الش ْ‬ ‫الشي الْ ُم ْع َج َمة َوتَ ْشديد النُّون أ ْ‬ ‫(جاءَ َر ُجل ُم ْش ِرك ُم ْش َعا ّن) ُه َو بِ َ‬ ‫قَ ْوله ‪َ :‬‬
‫قَ ْوله ‪َ ( :‬وأ ََمَر بِ َس َو ِاد الْبَطْن أَ ْن يُ ْش َوى ) يَ ْع ِين الْ َكبِد‪.‬‬
‫اَّلل علَي ِه وسلام حازة ِمن سواد بطْنها ‪ ,‬إِ ْن َكا َن َش ِ‬ ‫ي َوِمائَة إِاَّل َحاز لَهُ َر ُسول ا‬ ‫ِ‬ ‫قَوله ‪ ( :‬واَْمي ا ِ‬
‫اه ادا أ َْعطَاهُ ‪,‬‬ ‫صلاى ا َ ْ َ َ َ ُ ْ َ َ َ َ‬ ‫اَّلل َ‬ ‫اَّلل َما م ْن الث َاَلث َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ض ِّم‬ ‫ي فَ َح َملْته َعلَى الْبَعِري ) ْ‬
‫اِلُازة بِ َ‬ ‫ص َعتَ ْ ِ‬‫ض َل ِيف الْ َق ْ‬ ‫ي ‪ ,‬فَأَ َكلْنَا ِمْن ُه َما أ ْ‬
‫َمجَعُو َن ‪َ ,‬و َشبِ ْعنَا ‪َ ,‬وفَ َ‬ ‫ص َعتَ ْ ِ‬ ‫ِ‬
‫َوإِ ْن َكا َن َغائباا َخباأَ لَهُ ‪َ ,‬و َج َع َل قَ ْ‬
‫ص َعة بَِفْت ِح الْ َقاف‪.‬‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫اِلَاء ‪َ ,‬وه َي الْقطْ َعة م ْن اللا ْحم َو َغ ْريه ‪َ ,‬والْ َق ْ‬ ‫ْ‬
‫ُخَرى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اَّلل صلى هللا عليه وسلم ‪ :‬إِ ْح َد ُامهَا تَكْثري َس َواد الْبَطْن َح اىت َوس َع َه َذا الْ َع َدد ‪َ ,‬و ْاأل ْ‬ ‫ول ا‬ ‫اهرَات ِن لِرس ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫وِيف ه َذا ْ ِ‬
‫اِلَديث ُم ْعجَزَاتن ظَ َ َ ُ‬ ‫َ َ‬
‫َحد إِلَْي َها‪.‬‬ ‫أ‬ ‫ة‬‫اج‬ ‫ح‬ ‫وها لِ َع َدِ‬
‫م‬ ‫ت ِمْنهُ فَ ْ‬
‫ضلَة َمحَلُ َ‬ ‫ضلَ ْ‬ ‫ي ‪َ ,‬وفَ َ‬ ‫صاع و َِلم الشااة ح اىت أَ ْشب عهم أ ْ ِ‬
‫َمجَع َ‬ ‫تَكْثري ال ا َ ْ‬
‫ِ‬
‫َ َ َ‬ ‫َ ََُ ْ‬
‫الرفْ َقة فِيما ي ع ِرض َهلم ِمن طُرفَة وغَريها ‪ ,‬وأَناه إِذَا غَاب ب عضهم خبِئ نَ ِ‬
‫صيبه‪.‬‬ ‫اساة ُّ‬ ‫ِِ‬
‫َ َ ْ ْ ُّ َ‬ ‫ُْ ْ ْ َ ْ َ َ ُ‬ ‫َ َْ‬ ‫َوفيه ُم َو َ‬
‫********‬
‫ظ‬‫َعلَى الْ َقْي ِس ُّي‪ُ ،‬كلُّ ُه ْم َع ِن الْ ُم ْعتَ ِم ِر‪َ ،‬واللا ْف ُ‬ ‫ِ‬ ‫ي ‪َ ،‬و َح ِام ُد بْ ُن عُ َمَر الْبَكَْرا ِو ُّ‬ ‫اَّللِ بْ ُن ُم َع ٍاذ الْ َعْن َِرب ُّ‬
‫ي ‪َ ،‬وُحمَ ام ُد بْ ُن َعْبد ْاأل ْ‬ ‫‪َ -176‬حداثَنَا عُبَ ْي ُد ا‬
‫اة‪،‬‬‫الصف ِ‬
‫اب ُّ‬ ‫َص َح َ‬ ‫ال أَِِب‪َ ،‬حداثَنَا أَبُو عُثْ َما َن‪ ،‬أَناهُ َح ادثَهُ َعْب ُد الار ْمحَ ِن بْ ُن أَِِب بَ ْك ٍر‪ ،‬أَ ان أ ْ‬ ‫ال‪ :‬قَ َ‬ ‫َِّلبْ ِن ُم َع ٍاذ‪َ ،‬حداثَنَا الْ ُم ْعتَ ِم ُر بْ ُن ُسلَْي َما َن‪ ،‬قَ َ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ال َمارةا‪َ :‬م ْن َكا َن عِْن َدهُ طَ َعا ُم اثْنَ ْ ِ‬ ‫اَّللُ َعلَْي ِه َو َسلا َم‪ ،‬قَ َ‬ ‫ول اِ‬
‫ب بِثَََلثَة‪َ ،‬وَم ْن َكا َن عْن َدهُ طَ َع ُ‬
‫ام‬ ‫ي فَلْيَ ْذ َه ْ‬ ‫صلاى ا‬ ‫اَّلل َ‬ ‫َكانُوا َان اسا فُ َقَراءَ‪َ ،‬وإِ ان َر ُس َ‬
‫اَّللُ َعلَْي ِه َو َسلا َم بِ َع َشَرةٍ‪َ ،‬وأَبُو بَ ْك ٍر بِثَََلثٍَة‪،‬‬
‫صلاى ا‬ ‫ال‪ :‬وإِ ان أَاب ب ْك ٍر جاء بِثَََلثٍَة‪ ،‬وانْطَلَق نَِيب اِ‬ ‫أَرب ع ٍة فَ ْلي ْذهب ِِبَ ِام ٍ ِ ِ‬
‫اَّلل َ‬ ‫َ َ ُّ‬ ‫س‪ ،‬ب َساد ٍس أ َْو َك َما قَ َ َ َ َ َ َ‬ ‫َْ َ َ َ ْ‬
‫ال‪َ :‬وإِ ان أ ََاب بَ ْك ٍر تَ َعشاى عِْن َد النِ ِّ‬ ‫ال‪ :‬وامرأَِيت وخ ِادم بي ب يتِنَا وب ي ِ‬ ‫ِ‬
‫صلاى‬ ‫ايب َ‬ ‫ت أَِِب بَ ْك ٍر ‪ -‬قَ َ‬ ‫ال‪ :‬فَ ُه َو َوأ ََان َوأَِِب َوأ ُّمي ‪َ -‬وََّل أ َْد ِري َه ْل قَ َ َ ْ َ َ َ ٌ َْ َ َْ َ َْ‬ ‫قَ َ‬
‫ضى ِم َن‬ ‫اَّللُ َعلَْي ِه َو َسلا َم‪ ،‬فَ َجاءَ بَ ْع َد َما َم َ‬ ‫صلاى ا‬ ‫ول اِ‬ ‫ت الْعِ َشاء‪ ،‬مثُا ر َج َع‪ ،‬فَلَبِ‬ ‫ث ح اىت صلِّي ِ‬ ‫اَّللُ َعلَْي ِه و َسلام‪ ،‬مثُا لَبِ‬
‫اَّلل َ‬ ‫س َر ُس ُ‬ ‫َ‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫َ‬‫ن‬ ‫ىت‬ ‫ا‬ ‫ح‬
‫َ‬ ‫ث‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ا‬
‫ت‪ :‬أَبَ ْوا َح اىت َِجتيءَ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫َضيافِك ‪ -‬أَو قَالَت‪ِ :‬‬
‫ال‪ :‬أ ََو َما َعشْايت ِه ْم؟ قَالَ ْ‬ ‫ك ؟ ‪ -‬قَ َ‬ ‫ضْيف َ‬‫ْ َ‬ ‫ك َع ْن أ ْ َ َ‬ ‫ت لَهُ ْامَرأَتُهُ‪َ :‬ما َحبَ َس َ‬ ‫اللاْي ِل َما َشاءَ ا‬
‫اَّللُ‪ ،‬قَالَ ْ‬
‫ال‪ :‬و اِ‬ ‫ِ‬
‫اَّلل ََّل أَطْ َع ُمهُ‬ ‫ال‪ُ :‬كلُوا ََّل َهنيئاا‪َ ،‬وقَ َ َ‬ ‫ب‪َ ،‬وقَ َ‬ ‫اع َو َس ا‬ ‫ال‪َ :‬اي غُْن ثَ ُر‪ ،‬فَ َجد َ‬ ‫ت‪َ ،‬وقَ َ‬ ‫اختَ بَأْ ُ‬
‫ت أ ََان فَ ْ‬ ‫ال‪ :‬فَ َذ َهْب ُ‬ ‫وه ْم‪ ،‬قَ َ‬ ‫ضوا َعلَْي ِه ْم فَغَلَبُ ُ‬‫قَ ْد َعَر ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َس َفلِ َها أَ ْكثَ َر ِمْن َها‪ ،‬قَ َ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ال‪ :‬فَ ْامي اِ‬
‫ك‪ ،‬فَنَظََر‬ ‫ت قَ ْب َل ذَل َ‬ ‫ت أَ ْكثَ َر مماا َكانَ ْ‬ ‫ص َار ْ‬‫ال‪َ :‬ح اىت َشبِ ْعنَا َو َ‬ ‫اَّلل‪َ ،‬ما ُكناا َأنْ ُخ ُذ م ْن لُ ْق َمة إِاَّل َرَاب م ْن أ ْ‬ ‫أَبَ ادا‪ ،‬قَ َ ُ‬
‫ت‪ََّ :‬ل َوقُارِة َعْي ِين‪َ ،‬هلِ َي ْاآل َن أَ ْكثَ ُر ِمْن َها قَ ْب َل‬ ‫اس َما َه َذا؟ قَالَ ْ‬ ‫ت بَِين فَِر ٍ‬ ‫ُخ َ‬
‫إِلَي ها أَبو ب ْك ٍر فَإِ َذا ِهي َكما ِهي أَو أَ ْكثَر‪ ،‬قَ َ ِ ِِ‬
‫ال َّل ْمَرأَته‪َ :‬اي أ ْ‬ ‫َ َ َ ْ ُ‬ ‫َْ ُ َ‬
‫ول‬‫ان ي ْع ِين ََيِينَه‪ ،‬مثُا أَ َكل ِمْن ها لُ ْقمةا‪ ،‬مثُا َمحَلَها إِ َىل رس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال‪ :‬إِاَّنَا َكا َن ذَلِ َ ِ‬ ‫ال‪ :‬فَأَ َك َل ِمْن َها أَبُو بَ ْك ٍر‪َ ،‬وقَ َ‬ ‫ث ِمَرا ٍر‪ ،‬قَ َ‬ ‫ك بِثَََل ِ‬ ‫ِ‬
‫َُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ك م َن الشْايطَ َ‬ ‫ذَل َ‬
‫ضى ْاألَ َج ُل فَ َع ارفْ نَا اثْنَا َع َشَر َر ُج اَل َم َع ُك ِّل َر ُج ٍل ِمْن ُه ْم‬ ‫ال‪ :‬وَكا َن ب ي ن نا وب ٍ‬ ‫اَّلل علَي ِه وسلام‪ ،‬فَأَصبح ِ‬ ‫اِ‬
‫ي قَ ْوم َع ْق ٌد‪ ،‬فَ َم َ‬ ‫ت عْن َدهُ‪ ،‬قَ َ َ َْ َ َ َ َْ َ‬ ‫صلاى اُ َ ْ َ َ َ ْ َ َ ْ‬ ‫اَّلل َ‬
‫ال‪.‬‬‫َمجَعُو َن أ َْو َك َما قَ َ‬ ‫ث َم َع ُه ْم فَأَ َكلُوا ِمْن َها أ ْ‬ ‫اَّللُ أ َْعلَ ُم َك ْم َم َع ُك ِّل َر ُج ٍل‪ ،‬إِاَّل أَناهُ بَ َع َ‬‫س ا‬ ‫أ َُان ٌ‬
‫معاين الكلمات‬
‫الصفة‪ :‬كانت الصفة‪ ،‬املكان املظلل‪ ،‬خلف مسجد رسول هللا صلى هللا عليه وسلم مأوى الفقراء واحملتاجي واألضياف الغرابء الذين‬
‫َّل يعرفون أحدا من أهل املدينة‪ ،‬وكان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يستعرضهم بعد صَلة املغرب‪ ،‬فيطلب من املصلي القادرين‬
‫ئيم‪،‬‬ ‫ِ‬
‫أن يصحب كل واحد منهم واحدا من أهل الصفة يستضيفه هنيئا‪ :‬بَل مشقة‪ ،‬بلذة‪ ،‬حبس‪ :‬منع‪ ،‬غُْن ثَ ُر‪ :‬جاهل أو َدِنءُ أو لَ ُ‬
‫األنف أو الش ِ‬
‫افة‪َ ،‬ع ارفَ ه‪ :‬جعله عريفا أي نقيبا‪.‬‬ ‫اع ه‪َ :‬دعا عليه ابجل ْد ِع وهو قَطع األُذُ ِن أو ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َجد َ‬
‫شرح احلديث‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اة هم قوم فُقراء ِمن ال ا ِ‬ ‫الصف ِ‬
‫مأوى‪ ،‬وكان هلم يف آخ ِر املسجد الن ِّ‬
‫ابوي مكا ٌن‬ ‫أهل وَّل َ‬ ‫يوت هلم وَّل َ‬ ‫صحابة‪ ،‬كانوا غُرابءَ َّل بُ َ‬ ‫ٌ ُ‬ ‫أصحاب ُّ‬
‫ُ‬
‫ضي‬ ‫ر‬ ‫الص ِّد ِ‬
‫يق‬ ‫عبد الارمح ِن بن أِب بك ٍر ِ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫كي‬ ‫حي‬
‫َ‬ ‫اة لذلك‪.‬ويف هذا اِل ِ‬
‫ديث‬ ‫َ‬
‫الصف ِ‬
‫ُّ‬ ‫فس ُّموا ِ‬
‫أبهل‬ ‫ها؛‬ ‫َتت‬
‫َ‬ ‫بيتون‬‫َ‬‫ي‬ ‫ة‬
‫ٌ‬ ‫ص افةٌ أو ِمظلا‬‫ص به ُ‬ ‫ص ٌ‬
‫ُم ا‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ض ام إليه اثلثاا‬ ‫ب ويَ ُ‬ ‫ذه ْ‬
‫ي فلْيَ َ‬ ‫عام اثن ِ‬
‫نده طَ ُ‬‫ضي هللاُ عنهم أ ان َمن تَي اسر له وكان عِ َ‬ ‫ا‬ ‫هللاُ عنهما أ ان ا ا‬
‫النيب صلى هللاُ عليه وسل َم َأمر أصحابَه َر َ‬
‫ألِنم كانوا فُقراءَ‪ .‬فانطَلَ َق‬ ‫بساد ٍس منهم؛ ا‬ ‫س أو ِ‬ ‫اة وَيخذه لِيطعِمه معه‪ ،‬وإن كان عِ َنده طَعام أرب ٍع ف ْليذهب معه ِ‬
‫ِبام ٍ‬ ‫الصف ِ‬ ‫ِمن ِ‬
‫أهل ُّ‬
‫ُ َ َ َ ْ‬ ‫ُ ُ َ‬
‫َلثة إىل بَيتِه‪ ،‬ولكناه َترَكهم‬ ‫الص ِّديق رضي هللا عنه بثَ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫اة ليُطعِ َمهم َ‬ ‫الصف ِ‬ ‫النيب صلاى هللاُ عليه وسلا َم َبع َشرةٍ ِمن ِ‬
‫عنده‪ ،‬وجاءَ أبو بك ٍر ّ ُ َ َ ُ‬ ‫أهل ُّ‬ ‫ُّ‬
‫النيب صلاى هللا عليه وسلام وأ َكل طَعام الع ِ‬
‫النيب صلاى هللاُ‬‫ظل مع ِّ‬ ‫شاء عِ َنده‪ ،‬مثا ا‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫رجع إىل ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ألهل بَيته وأ َْوصاهم إبكرامهم وإطعامهم‪ ،‬مثا َ‬
‫ِ ِ‬
‫ضي‬ ‫ِ اِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حىت صلاى معه العشاءَ‪َ ،‬‬ ‫عليه وسلا َم ا‬
‫ورجع إىل داره بَ ْع َدما َمضى من الليل ما شاءَ هللاُ‪ ،‬فسألَْته امرأتُه أ ُُّم ُروما َن ‪-‬وهي ُّأم عائشةَ َر َ‬
‫فأخربتْه‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫اة‪ ،‬فسأ َهلا أبو بك ٍ‬‫الصف ِ‬ ‫أتخ ِره عن أضيافِه الث ِ‬
‫اَلثة ِمن ِ‬ ‫هللاُ عنهما‪ -‬عن ِ‬
‫«أوما َعشايتيهم؟!» ََ‬ ‫ضي هللاُ عنه ُمستنكارا‪َ :‬‬ ‫َ‬ ‫ر‬‫َ‬ ‫ر‬ ‫ُّ‬ ‫أهل‬ ‫سبب ُّ‬
‫ٍ‬ ‫األكل وأَب وا أ ْن َي ُكلوا ح اىت تَ ِ‬ ‫ِ‬
‫هللا‬ ‫ضي‬
‫ُ َ َ َ ُ‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫ك‬ ‫ب‬ ‫أِب‬ ‫بن‬ ‫ِ‬
‫ن‬ ‫مح‬ ‫ر‬
‫ا‬ ‫ال‬ ‫بد‬
‫ُ‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫قال‬ ‫إليهم‪.‬‬ ‫ع‬‫َ‬ ‫رج‬ ‫َ‬ ‫فامتَ نَعوا م َن ِ َ ْ َ‬ ‫الطعام ْ‬
‫ُ‬ ‫ض عليهم‬ ‫ياف ق ْد عُ ِر َ‬ ‫أ ان ْ‬
‫األض َ‬
‫جاه ُل أو اي َدِنءُ أو‬ ‫وشتْ ِمه‪ ،‬فقال أبو بك ٍر رضي هللا عنه‪ :‬اي «غُنْ ث ر»‪ ،‬أي‪ :‬اي ثَقيل أو اي ِ‬ ‫أِب‬ ‫ن‬ ‫عنه‪ :‬ف َذهبت أان فاختَ بأت خوفاا ِ‬
‫م‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫َ ُ‬
‫ِ‬
‫األضياف‪.‬مثُا‬ ‫ب ولَ َده؛ ظَناا منه أناه فَ ار َط يف َح ِّق‬ ‫وس ا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫طع األُذُن أو األنف أو الشافة‪َ .‬‬ ‫اع»‪َ ،‬دعا على ولَده ابجلَ ْد ِع وهو قَ ُ‬ ‫ئيم‪« ،‬فَ َجد َ‬ ‫اي لَ ُ‬
‫ب املن ِزِل‬‫ألِنم ََتَ اكموا على ر ِ‬ ‫األضياف‪ُ :‬كلوا َّل َهنيئاا؛ َأتديباا هلم ا‬ ‫ِ‬ ‫سبب التاأْخ ِري ِمن‬ ‫ي له أ ان‬ ‫ضي هللاُ عنه لَ اما تَبَ ا‬ ‫قال أبو بك ٍر َر‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ضي هللاُ عنه اأَّل يَطْ َع َمه‪،‬‬ ‫ر‬ ‫ٍ‬
‫ر‬ ‫ك‬ ‫ب‬ ‫أبو‬ ‫ف‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ح‬ ‫مث‬
‫ا‬ ‫ه‪،‬‬ ‫عام يف وقْتِ‬‫لده مع إ ْذنِه هلم يف ذلك‪ ،‬أو أناكم َمل تَ َتهناوا ابلطا ِ‬ ‫ابِلضوِر معهم‪ ،‬وَمل يكتفوا بو ِ‬
‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فقال‪ :‬وهللاِ‬
‫ضي هللاُ عنه‪« :‬و ْاميُ هللا‪ ،‬ما ُكناا َأن ُخ ُذ من لُ ْقمة اإَّل َرَاب من أس َفلها»‪ ،‬أي‪ :‬إ ان الطا َ‬
‫عام‬ ‫َ‬ ‫ر‬
‫َ‬ ‫عبد الارمح ِ‬
‫ن‬ ‫ُ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫أقس‬
‫َ‬ ‫مث‬
‫ا‬ ‫ا‪.‬‬ ‫د‬
‫ا‬ ‫أب‬
‫َ‬ ‫ه‬‫م‬‫ُ‬ ‫َطع‬
‫َ‬ ‫أ‬ ‫َّل‬
‫ِ‬
‫وصارت األطعِمةُ أكثَ َر مماا كانت ْقب َل ذلك‪ ،‬فنَظَر إليها أبو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ص َح اىت َشبعوا‪َ ،‬‬ ‫ؤخ ُذ منه من لُقمة ز َاد يف َموضعها‪ ،‬ومل يَن ُق ْ‬ ‫مهما كان يُ َ‬
‫هي أكثَ ُر منها‪ .‬فقال‬ ‫أو‬ ‫ا‪،‬‬ ‫يئ‬ ‫ش‬ ‫ص‬ ‫ق‬
‫ُ‬ ‫ن‬‫َ‬‫ت‬ ‫مل‬
‫َ‬ ‫األوِ‬
‫ل‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫بك ٍر رضي هللا عنه‪ ،‬فإذا األطعِمةُ أو اجل ْفنةُ ‪-‬وهي الوعاء‪ -‬كما هي على ِ‬
‫حاهل‬
‫َ‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ‬
‫ِ‬ ‫اس ‪-‬وهو فراس بن َغن ِم ب ِن ِ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫اس‪ ،‬أي‪ :‬اي أخت ال َق ِوم املنتسبي إىل فِ‬ ‫ٍ‬ ‫َّلمرأتِه‪ :‬اي أُخت بين فِ‬
‫فهام عن‬ ‫مالك ب ِن كنانةَ‪ -‬ما هذا؟ است ٌ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ر‬ ‫ْ َ َ‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫ث مار ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫فأقسم ْ‬
‫َ‬ ‫ات»‪،‬‬ ‫أكثر منها ْقب َل ذلك بثََل َ‬ ‫حال األطعمة‪ ،‬قالت أ ُُّم ُروما َن‪َّ« :‬ل وقُارة َعيين‪َ ،‬هل َي» أي‪ :‬األطعمةُ أو اجلَْفنةُ «اآل َن ُ‬
‫ضي‬ ‫ر‬ ‫ٍ‬
‫ر‬ ‫ك‬ ‫ب‬ ‫أبو‬ ‫ل‬ ‫ك‬
‫َ‬ ‫ه‪.‬فأ‬ ‫ق‬‫ُ‬ ‫ؤية ما ُِحيبُّه اإلنسا ُن ويوافِ‬ ‫ي ي ع ارب ُبا عن املسارةِ ور ِ‬ ‫ِ‬ ‫الع‬ ‫ة‬
‫ُ‬ ‫ر‬‫ا‬ ‫وق‬
‫ُ‬ ‫بذلك‪،‬‬ ‫ها‬ ‫ِ‬
‫ر‬ ‫رو‬ ‫وس‬ ‫‪،‬‬ ‫مبا رأَتْه ِمن قُارةِ عينِها ِمن ب ر ٍ‬
‫كة‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬
‫َطع ُمه أبَ ادا‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بعدِم ِ ِ‬ ‫مة أو ِمن اجلَْف ِنة‪ ،‬وقال‪ :‬إاَّنا كان ََيينُه‬ ‫هللا عنه ِمن األطعِ ِ‬
‫حي قال‪ :‬وهللا َّل أ َ‬ ‫األكل من الشايطان‪ ،‬وذلك َ‬ ‫السابق َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ب‪ ،‬مثا أ َك َل أبو‬ ‫ضِ‬ ‫ند الغَ َ‬‫اعة‪ ،‬أو عِ َ‬ ‫ث (عدم الوفاء ابلقسم) الاذي هو خري‪ ،‬أو املراد َّل أَطْعمه معكم‪ ،‬أو يف هذه ال اس ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬
‫َخزاه ابِلِْن ِ‬
‫فأ ْ ُ‬
‫وأت ا ِ‬ ‫ُ‬
‫النيب‬ ‫ِ ا ِ‬
‫كيدا ل َدف ِع ال َوحشة‪ ،‬مثا محَ َل هذا الوعاءَ مبا فيه م َن الطعام إىل ِّ‬
‫ِ‬ ‫لوب أضيافِه‪َ ،‬‬ ‫يب قُ ِ‬ ‫بك ٍر َرضي هللاُ عنه منها لُقمةا أُخرى؛ لِتَطيِ ِ‬
‫َ‬
‫ٍ‬ ‫خاري أناه صلاى هللاُ عليه وسلا َم أ َكل منها‪.‬مثا قال ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫صلاى هللاُ عليه وسلا َم فَأصبَ َحت ع َ‬
‫ضي‬‫بن أِب بكر َر َ‬ ‫عبد الارمح ِن ُ‬ ‫نده‪ ،‬ويف رواية للبُ ِّ‬
‫ف اِلرب إىل حي مع استمرار حالة اِلرب ُبدف اَّلتفاق على‬ ‫ٍ‬
‫العهد واهلُْدنةُ (وقْ ُ‬ ‫وبي قَوم َع ْق ٌد‪ ،‬واملر ُاد به ُ‬ ‫هللاُ عنهما‪ :‬وكا َن بَْي نَنا ْ َ‬
‫العقد واهلُدنة؛ (وكان جيش املسلمي يستعد لغزوة جمتمعا يقوده اثنا عشر قائدا‬ ‫صلح)‪ ،‬فانتهى األجل‪ ،‬وهي امل ادةُ احملدادةُ هلذا ِ‬
‫َُ‬
‫فوضعت القصعتان بي يدي اجلنود فأكلوا منها مجيعا حىت شبعوا‪ ،‬وكانت بركة النيب صلى هللا عليه وسلم ومعجزة من معجزاته‬
‫كل فِ ٍ‬ ‫ِ‬
‫رقة َر ُج اَل‪،‬‬ ‫أس ِّ‬ ‫وجعل على ر ِ‬‫النيب صلاى هللاُ عليه وسلا َم جيش املسلمي إىل اثنَ َْيت َع ْشرةَ فرقةا‪َ ،‬‬ ‫املشهورة يف تكثري الطعام) فق اس َم ُّ‬
‫ومهم‪ .‬فأ َكل هؤَّلء الناس ِمن األطْ ِ‬ ‫رقة‪« ،‬فع ارفنا»‪ ،‬أي‪ :‬جعلْنا عرفاء نُ َقباء على قَ ِ‬ ‫كل فِ ٍ‬ ‫بعدد ِ ِ‬ ‫وهللا وح َده هو أعلَم ِ‬
‫عمة‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الرجال يف ِّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ْ‬
‫أمجعو َن‪ ،‬ف َكفاهم لِما جعل هللا فيه ِمن الرب ِ‬
‫كة‪.‬‬‫ََ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬
‫طاع إليه‪،‬‬ ‫النيب صلاى هللا عليه وسلام‪ ،‬و ِ‬
‫اَّلنق ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬‫ِ‬ ‫ح‬ ‫ن‬ ‫ديث‪ :‬فَضيلةُ اإليثا ِر واملواساةِ‪ .‬وفيه‪ :‬ما كان عليه أبو بك ٍر رضي هللا عنه ِ‬
‫م‬ ‫ويف اِل ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ّ ّ‬ ‫َ َ َ ُ‬ ‫َ‬
‫ي والتكفريُ عنه إذا رأَى‬ ‫ضي هللاُ عنه‪ .‬وفيه‪ :‬اِلِ ُ‬
‫نث يف اليَم ِ‬ ‫ر‬ ‫للص ِّد ِ‬
‫يق‬ ‫ّ‬
‫األضياف‪ .‬وفيه‪َ :‬كرامةٌ ِ‬
‫ظاهرةٌ ِ‬ ‫ِ‬ ‫و‬ ‫وِنا ِره على ِ‬
‫األهل‬ ‫َ‬ ‫ه‬‫وإيثا ِره يف لَيلِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫اَّلجتماع‪ .‬وفيه‪ :‬أ ان الو َلد واألهل يلزمهم ِمن ِخ ِ‬ ‫عام مع ال َكثرةِ و‬ ‫ف على الطا ِ‬
‫دمة‬ ‫َ َ َُ‬ ‫ِ‬ ‫تضاع ُ‬ ‫َغ ْ َريها َخ اريا منها‪ .‬وفيه‪ :‬إشارةٌ إىل أ ان ََ‬
‫الربكةَ تَ َ‬
‫صاحب املن ِزِل‪.‬‬
‫َ‬
‫الض ِ‬
‫ايف ما يَ َلزُم‬

‫فوائد احلديث‬

‫استحباب اَّلجتماع على الطعام‪ ،‬وأَّل َيكل املرء وحده‪.‬‬


‫الربكة تتضاعف مع الكثرة واَّلجتماع على الطعام‪.‬‬
‫اِلض على املكارم والقناعة ابلكفاية‪.‬‬
‫الرتغيب يف إطعام الطعام ولو كان قليَلا‪.‬‬
‫شرح اإلمام النووي‬
‫قوله صلى هللا عليه وسلم ‪( :‬من كان عنده طعام اثني فليذهب بثَلثة ‪ ،‬ومن كان عنده طعام أربعة فليذهب ِبامس بسادس) ‪،‬‬
‫هكذا هو يف مجيع نسخ صحيح مسلم ‪ " :‬فليذهب بثَلثة " ‪ ،‬ووقع يف صحيح البخاري ‪ " :‬فليذهب بثَلث " ‪ ،‬قال القاضي ‪:‬‬
‫هذا الذي ذكره البخاري هو الصواب ‪ ،‬وهو املوافق لسياق ابقي اِلديث ‪ ،‬قلت ‪ :‬وللذي يف مسلم أيضا وجه ‪ ،‬وهو حممول على‬
‫موافقة البخاري ‪ ،‬وتقديره فليذهب مبن يتم ثَلثة ‪ ،‬أو بتمام ثَلثة ‪ ،‬كما قال هللا تعاىل ‪{ :‬وقدر فيها أقواِتا يف أربعة أايم} أي ‪ :‬يف‬
‫متام أربعة ‪ ،‬وسبق يف كتاب اجلنائز إيضاح هذا ‪ ،‬وذكر نظائره ‪ .‬ويف هذا اِلديث فضيلة اإليثار واملواساة ‪ ،‬وأنه إذا حضر ضيفان‬
‫كثريون فينبغي للجماعة أن يتوزعوهم ‪ ،‬وَيخذ كل واحد منهم من حيتمله ‪ ،‬وأنه ينبغي لكبري القوم أن َيمر أصحابه بذلك ‪ ،‬وَيخذ‬
‫هو من َيكنه ‪ .‬قوله ‪( :‬وإن أاب بكر جاء بثَلثة ‪ ،‬وانطلق نيب هللا صلى هللا عليه وسلم بعشرة) هذا مبي ملا كان عليه النيب صلى هللا‬
‫عليه وسلم من األخذ أبفضل األمور ‪ ،‬والسبق إىل السخاء واجلود ؛ فإن عيال النيب صلى هللا عليه وسلم كانوا قريبا من عدد ضيفانه‬
‫هذه الليلة ‪ ،‬فأتى بنصف طعامه أو حنوه ‪ ،‬وأتى أبو بكر رضي هللا عنه بثلث طعامه أو أكثر ‪ ،‬وأتى الباقون بدون ذلك ‪ ،‬وهللا أعلم‬
‫‪ .‬قوله ‪( :‬فإن أاب بكر تعشى عند النيب صلى هللا عليه وسلم ‪ ،‬مث لبث حىت صليت العشاء ‪ ،‬مث رجع فلبث حىت نعس رسول هللا‬
‫صلى هللا عليه وسلم ‪ ،‬فجاء) قوله ‪ " :‬نعس " بفتح العي ‪ ،‬ويف هذا جواز ذهاب من عنده ضيفان إىل أشغاله ومصاِله إذا كان‬
‫له من يقوم أبمورهم ‪ ،‬ويسد مسده كما كان ألِب بكر هنا عبد الرمحن رضي هللا عنهما ‪ ،‬وفيه ما كان عليه أبو بكر رضي هللا عنه‬
‫من اِلب للنيب صلى هللا عليه وسلم واَّلنقطاع إليه ‪ ،‬وإيثاره يف ليله وِناره على األهل واألوَّلد والضيفان وغريهم ‪ .‬قوله ‪( :‬يف‬
‫األضياف أِنم امتنعوا من األكل حىت حيضر أبو بكر رضي هللا عنه ) هذا فعلوه أداب ورفقا أبِب بكر فيما ظنوه ؛ ألِنم ظنوا أنه َّل‬
‫حيصل له عشاء من عشائهم ‪ ،‬قال العلماء ‪ :‬والصواب للضيف أن َّل َيتنع مما أراده املضيف من تعجيل طعام وتكثريه وغري ذلك‬
‫من أموره ‪ ،‬إَّل أن يعلم أنه يتكلف ما يشق عليه حياء منه فيمنعه برفق ‪ ،‬ومىت شك مل يعرتض عليه ‪ ،‬ومل َيتنع ؛ فقد يكون للمضيف‬
‫عذر أو غرض يف ذلك َّل َيكنه إظهاره ‪ ،‬فتلحقه املشقة مبخالفة األضياف كما جرى يف قصة أِب بكر رضي هللا عنه ‪ .‬قوله ‪( :‬عن‬
‫عبد الرمحن ‪ :‬فذهبت فاختبأت ‪ ،‬وقال ‪ :‬اي غنثر ‪ ،‬فجدع وسب) أما اختباؤه فخوفا من خصام أبيه له ‪ ،‬وشتمه إايه ‪ ،‬وقوله ‪" :‬‬
‫فجدع " أي ‪ :‬دعا ابجلدع ‪ ،‬وهو قطع األنف وغريه من األعضاء والسب والشتم ‪ .‬وقوله ‪ " :‬اي غنثر " بغي معجمة مضمومة مث‬
‫نون ساكنة مث اثء مثلثة مفتوحة ومضمومة لغتان ‪ ،‬هذه هي الرواية املشهورة يف ضبطه ‪ ،‬قالوا ‪ :‬وهو الثقيل الوخم ‪ ،‬وقيل ‪ :‬هو‬
‫اجلاهل ‪ ،‬مأخوذ من الغثارة ‪ -‬بفتح الغي املعجمة ‪ -‬وهي اجلهل ‪ ،‬والنون فيه زائدة ‪ ،‬وقيل ‪ :‬هو السفيه ‪ ،‬وقيل ‪ :‬هو ذابب أزرق‬
‫‪ ،‬وقيل ‪ :‬هو اللئيم مأخوذ من الغثر ‪ ،‬وهو اللؤم ‪ ،‬وحكى القاضي عن بعض الشيوخ أنه قال ‪ :‬إَّنا هو غنثر بفتح الغي والثاء ‪،‬‬
‫ورواه اخلطاِب وطائفة ‪ " :‬عنرت " بعي مهملة واتء مثناة مفتوحتي ‪ ،‬قالوا ‪ :‬وهو الذابب ‪ ،‬وقيل‪ :‬هو األزرق منه ‪ ،‬شبهه به َتقريا له‬
‫‪ .‬قوله ‪( :‬كلوا َّل هنيئا) إَّنا قاله ملا حصل له من اِلرج والغيظ برتكهم العشاء بسببه ‪ ،‬وقيل ‪ :‬إنه ليس بدعاء ‪ ،‬إَّنا أخرب أي ‪ :‬مل‬
‫تتهنئوا به يف وقته ‪ .‬قوله ‪( :‬وهللا َّل أطعمه أبدا) وذكر يف الرواية األخرى يف األضياف قالوا ‪ :‬وهللا ‪َّ ،‬ل نطعمه حىت تطعمه ‪ ،‬مث‬
‫أكل وأكلوا ‪ ،‬فيه أن من حلف على َيي فرأى غريها خريا منها فعل ذلك وكفر عن َيينه كما جاءت به األحاديث الصحيحة ‪،‬‬
‫وفيه محل املضيف املشقة على نفسه يف إكرام ضيفانه ‪ ،‬وإذا تعارض حنثه وحنثهم حنث نفسه ؛ ألن حقهم عليه آكد ‪ .‬وهذا‬
‫اِلديث األول ُمتصر توضحه الرواية الثانية ‪ ،‬وتبي ما حذف منه ‪ ،‬وما هو مقدم أو مؤخر ‪ .‬قوله ‪( :‬ما كنا أنخذ من لقمة إَّل راب‬
‫من أسفلها أكثر منها ‪ ،‬وأِنم أكلوا منها حىت شبعوا ‪ ،‬وصارت بعد ذلك أكثر مما كانت بثَلث مرار ‪ ،‬مث محلوها إىل النيب صلى هللا‬
‫عليه وسلم فأكل منها اخللق الكثري ‪ .‬فقوله ‪ ( :‬إَّل راب من أسفلها أكثر ) ضبطوه ابلباء املوحدة وابلثاء املثلثة ‪ ،‬هذا اِلديث فيه‬
‫كرامة ظاهرة ألِب بكر الصديق رضي هللا عنه ‪ ،‬وفيه إثبات كرامات األولياء‪ ،‬وهو مذهب أهل السنة خَلفا للمعتزلة‪ .‬قوله‪ ( :‬فنظر‬
‫إليها أبو بكر فإذا هي كما هي أو أكثر) ‪ ،‬وقوله‪" :‬هلي اآلن أكثر منها" ضبطومها أيضا ابلباء املوحدة وابلثاء املثلثة ‪ .‬قوهلا ‪َّ ( :‬ل‬
‫وقرة عيين ‪ ،‬هلي اآلن أكثر منها ) قال أهل اللغة ‪ :‬قرة العي يعرب ُبا عن املسرة ورؤية ما حيبه اإلنسان ويوافقه ‪ ،‬قيل ‪ :‬إَّنا قيل ذلك‬
‫؛ ألن عينه تقر لبلوغه أمنيته فَل يستشرف لشيء ‪ ،‬فيكون مأخوذا من القرار ‪ ،‬وقيل ‪ :‬مأخوذ من القر ‪ -‬ابلضم ‪ -‬وهو الربد ‪ ،‬أي‬
‫‪ :‬عينه ابردة لسرورها وعدم مقلقها ‪ ،‬قال األصمعي وغريه ‪ :‬أقر هللا عينه ‪ ،‬أي ‪ :‬أبرد دمعته ؛ ألن دمعة الفرح ابردة ‪ ،‬ودمعة اِلزن‬
‫حارة ‪ ،‬وهلذا يقال يف ضده ‪ :‬أسخن هللا عينه ‪ ،‬قال صاحب املطالع ‪ :‬قال الداودي ‪ :‬أرادت بقرة عينها النيب صلى هللا عليه وسلم‬
‫‪ ،‬فأقسمت به ‪ ،‬ولفظة " َّل " يف قوهلا ‪َّ " :‬ل وقرة عيين " زائدة ‪ ،‬وهلا نظائر مشهورة ‪ ،‬وحيتمل أِنا انفية ‪ ،‬وفيه حمذوف ‪ ،‬أي ‪َّ :‬ل‬
‫شيء غري ما أقول ‪ ،‬وهو ‪ :‬وقرة عيين هلي أكثر منها ‪ .‬قوله‪( :‬اي أخت بين فراس ) هذا خطاب من أِب بكر َّلمرأته أم رومان ‪،‬‬
‫ومعناه ‪ :‬اي من هي من بين فراس ‪ ،‬قال القاضي ‪ :‬فراس هو ابن غنم بن مالك بن كنانة ‪ ،‬وَّل خَلف يف نسب أم رومان إىل غنم‬
‫بن مالك ‪ ،‬واختلف وا يف كيفية انتساُبا إىل غنم اختَلفا كثريا ‪ ،‬واختلفوا هل هي من بين فراس بن غنم أم من بين اِلارث بن غنم ؟‬
‫وهذا اِلديث الصحيح كوِنا من بين فراس بن غنم ‪ .‬قوله ‪ ( :‬فعرفنا اثنا عشر رجَل مع كل رجل منهم أانس ) ‪ ،‬هكذا هو يف معظم‬
‫النسخ ‪ " :‬فعرفنا " ‪ -‬ابلعي وتشديد الراء ‪ -‬أي ‪ :‬جعلنا عرفاء ‪ ،‬ويف كثري من النسخ ‪ " :‬ففرقنا " ابلفاء املكررة يف أوله وبقاف من‬
‫التفريق ‪ ،‬أي ‪ :‬جعل كل رجل من اَّلثين عشر مع فرقة ‪ ،‬فهما صحيحان ‪ ،‬ومل يذكر القاضي هنا غري األول ‪ ،‬ويف هذا اِلديث‬
‫دليل جلواز تفريق العرفاء على العساكر وحنوها ‪ ،‬ويف سنن أِب داود ‪ " :‬العرافة حق " ملا فيه من مصلحة الناس ‪ ،‬وليتيسر ضبط‬
‫اجليوش وحنوها على اإلمام ابختاذ العرفاء ‪ ،‬وأما اِلديث اآلخر ‪ " :‬العرفاء يف النار " فمحمول على العرفاء املقصرين يف وَّليتهم ‪،‬‬
‫املرتكبي فيها ما َّل جيوز كما هو معتاد لكثري منهم ‪ .‬قوله ‪ ( :‬فعرفنا اثنا عشر رجَل مع كل واحد منهم أانس ) هكذا هو يف معظم‬
‫النسخ ‪ ،‬ويف اندر منها ‪ " :‬اثين عشر " ‪ ،‬وكَلمها صحيح ‪ ،‬واألول جار على لغة من جعل املثن ابأللف يف الرفع والنصب واجلر ‪،‬‬
‫وهي لغة أربع قبائل من العرب ‪ ،‬ومنها قوله تعاىل ‪ { :‬إن هذان لساحران } وغري ذلك ‪ ،‬وقد سبقت املسألة مرات ‪.‬‬
‫ابب املؤمن أيكل يف معى واحد والكافر أيكل يف سبعة أمعاء‬
‫‪َ -182‬حداثَنَا زهري بن حرب وحممد بن املثن وعبيد هللا بن سعيد قالوا أخربان حيىي وهو القطان عن عبيد هللا أخربِن انفع عن ابن‬
‫عمر عن النيب صلى هللا عليه وسلم قال الكافر َيكل يف سبعة أمعاء واملؤمن َيكل يف معى واحد‪.‬‬

‫‪ -186‬وحدثين حممد بن رافع حدثنا إسحق بن عيسى أخربان مالك عن سهيل بن أِب صاحل عن أبيه عن أِب هريرة أن رسول هللا‬
‫صلى هللا عليه وسلم ضافه ضيف وهو كافر فأمر له رسول هللا صلى هللا عليه وسلم بشاة فحلبت فشرب حَلُبا مث‬
‫أخرى فشربه مث أخرى فشربه حىت شرب حَلب سبع شياه مث إنه أصبح فأسلم فأمر له رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‬
‫بشاة فشرب حَلُبا مث أمر أبخرى فلم يستتمها فقال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم املؤمن يشرب يف معى واحد‬
‫والكافر يشرب يف سبعة أمعاء‪.‬‬
‫معاين الكلمات‪:‬‬
‫أمعاء مجع ِمعى‪ :‬جزء من القناة اهلضمية (‪ ،)intestines‬معدة‪ :‬بطن‪stomach :‬‬
‫ا‬
‫مل يستتمها‪ :‬مل يقدر أن يشرُبا على التمام‪.‬‬

‫شرح احلديث‬
‫ضى‬ ‫ِ‬ ‫بارُك له يف ال َق ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫إ ان املؤمن َي ُكل َ ِ‬
‫ليل‪ ،‬والكافَر يعيش ليأكل فيَأ ُك ُل مبُْقتَ َ‬ ‫أبدب الشارِع‪ ،‬وَيكل ليعيش فيَأ ُك ُل يف م اعى واحد‪ ،‬ويُ َ‬ ‫َ َ ُ‬
‫وح ْر ِ‬
‫ص‬ ‫ضا املؤم ِن ِابليس ِري ِمن الدُّنيا‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬
‫ر‬ ‫ل‬ ‫ثيل‬ ‫مت‬
‫َ‬ ‫وهذا‬ ‫ها‪،‬‬ ‫بقات أمعائِه ُكلِّ‬
‫حىت ََيألَ طَ ِ‬ ‫ا‬ ‫‪،‬‬ ‫عة ٍ‬
‫أمعاء‬ ‫الشاهوةِ والشارهِ والناه ِم‪ ،‬فيأ ُكل يف سب ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ َ َ ُ َْ‬
‫فه ُّمه‬ ‫كول؛ فيك ِ‬ ‫اوسع يف املأْ ِ‬ ‫الكاف ِر على ال َكث ِري ِمنها‪ ،‬وهو إعَلم أب ان ه ام امل ِ‬
‫ؤم ِن مرضاةُ ربِ‬
‫كافر؛ َ‬‫ْسه ال ُ‬ ‫يل‪ ،‬وعك ُ‬
‫ُ‬ ‫القل‬ ‫ْفيه‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ت‬ ‫ال‬ ‫َّل‬ ‫تعاىل‬
‫َ‬ ‫ه‬‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ َ‬
‫عدِم و ِ‬
‫جود الرب ِ‬ ‫بعة ٍ‬ ‫اهة وَّل يكتفي؛ فكأناه َي ُكل يف س ِ‬ ‫وشر ٍ‬
‫كة‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫مع‬ ‫أمعاء‬ ‫َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫بات يف َحياتِه الدُّنيا‪ ،‬فيَأ ُك ُل بنَ َه ٍم َ‬
‫اَّلستمتاع ابلطايِ ِ‬
‫ُ ّ‬

‫شرح اإلمام النووي‬


‫قوله صلى هللا عليه وسلم ‪ ( :‬الكافر َيكل يف سبعة أمعاء ‪ ،‬واملؤمن َيكل يف معى واحد ) ويف الرواية األخرى أنه صلى هللا عليه‬
‫وسلم قال هذا الكَلم بعد أن أضاف كافرا ‪ ،‬فشرب حَلب سبع شياه ‪ ،‬مث أسلم من الغد ‪ ،‬فشرب حَلب شاة ‪ ،‬ومل يستتم حَلب‬
‫الثانية ‪ .‬قال القاضي ‪ :‬قيل ‪ :‬إن هذا يف رجل بعينه ‪ ،‬فقيل له على جهة التمثيل ‪ ،‬وقيل ‪ :‬إن املراد أن املؤمن يقتصد يف أكله ‪،‬‬
‫وقيل ‪ :‬املراد املؤمن يسمي هللا تعاىل عند طعامه ‪ ،‬فَل يشركه فيه الشيطان ‪ ،‬والكافر َّل يسمي فيشاركه الشيطان فيه ‪ .‬ويف صحيح‬
‫مسلم ( إن الشيطان يستحل الطعام أَّل يذكر اسم هللا تعاىل عليه ) ‪.‬‬
‫قال أهل الطب ‪ :‬لكل إنسان سبعة أمعاء ‪ :‬املعدة ‪ ،‬مث ثَلث ة متصلة ُبا رقاق ‪ ،‬مث ثَلثة غَلظ ‪ .‬فالكافر لشرهه وعدم تسميته َّل‬
‫يكفيه إَّل ملؤها ‪ ،‬واملؤمن َّلقتصاده وتسميته يشبعه ملء أحدها ‪ ،‬وحيتمل أن يكون هذا يف بعض املؤمني وبعض الكفار ‪ ،‬وقيل ‪:‬‬
‫املراد ابلسبعة سبع صفات ‪ :‬اِلرص والشره‪ ،‬وطول األمل ‪ ،‬والطمع ‪ ،‬وسوء الطبع ‪ ،‬واِلسد ‪ ،‬والسمن ‪ .‬وقيل ‪ :‬املراد ابملؤمن هنا‬
‫اتم اإلَيان ‪ ،‬املعرض عن الشهوات ‪ ،‬املقتصر على سد خلته ‪ ،‬واملختار أن معناه بعض املؤمني َيكل يف معى واحد ‪ ،‬وأن أكثر‬
‫الكفار َيكلون يف سبعة أمعاء ‪ ،‬وَّل يلزم أن كل واحد من السبعة مثل معى املؤمن ‪ .‬وهللا أعلم ‪.‬‬
‫قال الع لماء ‪ :‬ومقصود اِلديث التقلل من الدنيا ‪ ،‬واِلث على الزهد فيها ‪ ،‬والقناعة ‪ .‬مع أن قلة األكل من حماسن أخَلق الرجل‬
‫‪ ،‬وكثرة األكل بضده ‪ .‬وأما قول ابن عمر يف املسكي الذي أكل عنده كثريا ‪َّ :‬ل يدخلن هذا علي ‪ .‬فإَّنا قال هذا ألنه أشبه الكفار‬
‫‪ ،‬ومن أشبه الكفار كرهت ُمالطته لغري حاجة أو ضرورة‪ ،‬وألن القدر الذي َيكله هذا َيكن أن يسد به خلة مجاعة‪ .‬وأما الرجل‬
‫املذكور يف الكتاب الذي شرب حَلب سبع شياه فقيل ‪ :‬هو مثامة بن أاثل‪ ،‬وقيل ‪ :‬جهجاه الغفاري‪ ،‬وقيل ‪ :‬نضرة بن أىب نضرة‬
‫الغفاري ‪ .‬وهللا أعلم ‪.‬‬

‫ابب ال يعيب الطعام‬

‫‪َ -187‬حداثَنَا عن أِب هريرة رضي هللا عنه قال‪ :‬ما عاب رسول هللا صلى هللا عليه وسلم طعاما قط‪ ،‬إن اشتهاه أكله‪ ،‬وإن كرهه‬
‫تركه‬

‫‪ -188‬حدثنا أبو بكر بن أِب شيبة وأبو كريب وحممد بن املثن وعمرو الناقد واللفظ ألِب كريب قالوا أخربان أبو معاوية حدثنا‬
‫األعمش عن أِب حيىي م وىل آل جعدة عن أِب هريرة قال ما رأيت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم عاب طعاما قط كان‬
‫إذا اشتهاه أكله وإن مل يشتهه سكت‬
‫معاين الكلمات‬
‫‪ :‬ما جعله ذا عيب‬ ‫ما عاب‬
‫اشتهى الشيءَ ‪ :‬اشتدت رغبته فيه‬
‫‪ :‬يف زمن من األزمنة‬ ‫قط‬

‫من فوائد احلديث‬

‫طعاما أتسيا برسول هللا صلى هللا عليه وسلم‬


‫❖ ينبغي أن َّل يعيب املسلم ا‬
‫❖ يف مدح الطعام دليل شكر النعمة ويف ذمه دليل احتقارها‬
‫❖ حسن خلق الرسول صلى هللا عليه وسلم؛ فإنه مل يعب طعاما قط‬
‫❖ بيان حسن األدب؛ ألن املرء قد َّل يشتهي طعاما ويشتهيه غريه‬
‫❖ يف تعييب الطعام كسر لقلب صاحبه‪ ،‬ويف مدحه الثناء على هللا ‪-‬سبحانه وتعاىل‪ -‬وجرب لقلب صاحبه‬
‫شرح احلديث‬
‫عام‪ ،‬فإناه قد َراد على هللاِ ُسبحانه ِرزقَه‪ ،‬وقد‬ ‫تعاىل الاذي م ان به علينا‪ ،‬فإذا عاب املرء ما َك ِرَهه ِمن الطا ِ‬
‫َ َُ‬ ‫َ‬ ‫زق هللاِ َ‬ ‫الطاعام وال اشراب ِمن ِر ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ب‬ ‫ألجلِها؛ ألناه َّل َِ‬
‫جي‬ ‫مد هللِ‬ ‫اِل‬‫و‬ ‫عليها‪،‬‬ ‫ُّكر‬‫الش‬ ‫ب‬ ‫تعاىل َّل تُعاب‪ ،‬وإاَّنا َِ‬
‫جي‬ ‫عام ما َّل يكرهه غَريه‪ ،‬ونِعم هللاِ‬ ‫ااس ِمن الطا ِ‬ ‫بعض الن ِ‬
‫كرهُ ُ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫يَ َ‬
‫أبدا‪ ،‬وإاَّنا‬ ‫ِ‬ ‫إعطائِه‪ٌ ،‬‬ ‫بل هو ُم ِّ‬
‫عاما ا‬ ‫وألج ِل ذلك كان صلاى هللاُ عليه وسلا َم َّل يَ ُ‬
‫عيب طَ ا‬ ‫عادل يف َمْنعه‪ْ ،‬‬ ‫تفض ٌل يف ْ‬ ‫لنا عليه َشيءٌ منها؛ ْ‬
‫اهة ل ِرزقِه‪.‬‬ ‫عدِم إب ِ‬
‫داء ال َكر ِ‬ ‫مع هللاِ َ‬ ‫كان ََي ُكلُه إذا ا ْشتَهاه وأر َاده‪ ،‬فإذا مل ُِحيباه َترَكه ومل يَعِْبه؛ ُّ‬
‫تعاىل يف َ ْ‬ ‫أتد ااب َ‬
‫يد ُّل على ُحس ِن اخلُ ِلق‬ ‫بد‪ ،‬كما أناه ُ‬ ‫زول ِمن الع ِ‬
‫حىت َّل تَ َ‬ ‫عاية النِّع ِم؛ ا‬
‫وهذا ِمن حس ِن ِر ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬

‫شرح اإلمام النووي‬


‫قوله ‪ ( :‬ما عاب رسول هللا صلى هللا عليه وسلم طعاما قط ‪ ،‬كان إذا اشتهى شيئا أكله ‪ ،‬وإن كرهه تركه ) هذا من آداب الطعام‬
‫املتأكدة ‪ .‬وعيب الطعام كقوله ‪ :‬ماحل ‪ ،‬قليل امللح ‪ ،‬حامض ‪ ،‬رقيق ‪ ،‬غليظ ‪ ،‬غري انضج ‪ ،‬وحنو ذلك ‪ .‬وأما حديث ترك أكل‬
‫الضب فليس هو من عيب الطعام ‪ ،‬إَّنا هو إخبار أبن هذا الطعام اخلاص َّل أشتهيه ‪ .‬وذكر مسلم يف الباب اختَلف طرق هذا‬
‫اِلديث ‪ ،‬فرواه أوَّل من رواية األكثرين عن األعمش عن أِب حازم عن أِب هريرة ‪ ،‬مث رواه عن أِب معاوية عن األعمش عن أِب حيىي‬
‫موىل آل جعدة عن أِب هريرة ‪ ،‬وأنك ر عليه الدارقطين هذا اإلسناد الثاِن ‪ ،‬وقال ‪ :‬هو معلل ‪ .‬قال القاضي ‪ :‬وهذا اإلسناد من‬
‫األحاديث املعللة يف كتاب مسلم اليت بي مسلم علتها كما وعد يف خطبته ‪ ،‬وذكر اَّلختَلف فيه ‪ ،‬وهلذه العلة مل يذكر البخاري‬
‫حديث أِب معاوية ‪ ،‬وَّل خرجه من طريقه ‪ ،‬بل خرجه من طريق آخر ‪ ،‬وعلى كل حال فاملنت صحيح َّل مطعن فيه ‪ .‬وهللا أعلم ‪.‬‬
‫كتاب اللباس والزينة‬
‫ابب حترمي استعمال أواين الذهب والفضة‬
‫يف الشرب وغريه على الرجال والنساء‬

‫الصديق عن ّأم سلمة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬


‫أت على مالك عن انف ٍع عن زيد بن عبد هللا عن عبد الرمحن بن أِب بكر ّ‬ ‫حيىي قال قر ُ‬
‫‪ -1‬ح ّدثَنا حيىي بن َ‬
‫إانء من ٍ‬
‫ذهب‬ ‫رضي هللا عنها قالت‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪« :‬من ش ِرب ويف رواية‪« :‬إ ان الذي َي ُكل أو يشرب» يف ٍ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َْ َ َ‬
‫انرا ِمن جهنام‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫أو فضة‪ ،‬فإَّنا ُجيَْرج ُر يف بطنه ا‬
‫معاين الكلمات‬
‫‪ :‬جرعه جرعا متواترا له صوت‬ ‫جرجر‬
‫‪ :‬أي يلقيها يف بطنه جبرع متتابع يسمع له جرجرة ‪ ،‬وهو الصوت لرتدده يف حلقه‬ ‫جيرجر‬
‫(شرح اإلمام النووي) جرع‪:‬بلع‬
‫شرح احلديث‬
‫اِلديث فيه الوعيد الشديد ملن استعمل أواِن الذهب والفضة اليت صنعت منهما أو طُلِيت أو زيِّنت ُبما‪ ،‬وأ ان من ارتكب هذه‬
‫صوت مرعب منكر؛ ملا يف ذلك من التشبه ابلكفار‪ ،‬واخليَلء وكسر قلوب الفقراء؛‬ ‫املعصية َسيُ ْس َم ُع لوقوع عذاب جهنام يف جوفه ٌ‬
‫وألن ا ِإلسَلم يصون املسلم عن اَّلحنَلل والرتف‪ ،‬ومن اِلكم يف َترمي استعماهلما ‪-‬أيضا‪ -‬كوِنما نقدين إىل زمن قريب؛ فاختاذمها‬
‫وتعطيل لقيم اِلاجات والضرورات‪ ،‬بدون وجود مصلحة راجحة‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫واستعماهلما أواِن أو َت افا وحنو ذلك‪ ،‬هو َشلٌّ للحركة التجارية‪،‬‬
‫وهذا النهي ‪-‬يف اِلديث‪ -‬عن استعماهلما يف األكل والشرب يعم استعماهلما ألي منفعة‪ ،‬إَّلا ما أذن فيه الشرع ِّ‬
‫كحلي املرأة‪.‬‬

‫من فوائد احلديث‬

‫أن استعمال أواِن الذهب والفضة يف األكل والشرب حمرم ملا يف ذلك من الوعيد الشديد‪.‬‬ ‫❖‬

‫الناهي عن استعماهلما يف األكل والشرب يعم استعماهلما ألي منفعة‪ ،‬إَّلا ما أذن فيه ِّ‬
‫كحلي املرأة‪.‬‬ ‫❖‬

‫معلوم من ال ِّدين ابلضرورة‪.‬‬


‫أمر واجب اَّلعتقاد ٌ‬‫إثبات اجلزاء يف اآلخرة‪ ،‬وإثبات عذاب الناار يوم القيامة‪ ،‬وهو ٌ‬ ‫❖‬

‫أ ان اجلزاء يكون مواف اقا للعمل؛ فهذا الذي أتبع نفسه هواها ومتتاع ابلشرب إبانء الفضة سيتجارع عذاب جهنام‪ ،‬يف تلك‬ ‫❖‬

‫املواضع من بدنه اليت متتعت واستلذت ابملعصية يف الدُّنيا؛ وهكذا فاجلزاء من جنس العمل‪.‬‬
‫النهي يف اِلديث عا م يف اإلانء اخلالص من الذهب والفضة‪ ,‬واإلانء املخلوط ُبما كاملطلي واملموه ُبما وحنو ذلك‪.‬‬ ‫❖‬

‫اِلديث يشمل الرجال والنساء ابلتحرمي‪ ,‬فَل جيوز للمرأة أن تتخذ األواِن من الذهب والفضة‪ ،‬كما َّل جيوز ذلك للرجل‬ ‫❖‬
‫شرح اإلمام النووي‬
‫شرح اإلمام النووي‬
‫قوله صلى هللا عليه وسلم ‪( :‬الذي يشرب يف آنية الفضة إَّنا جيرجر يف بطنه انر جهنم) ويف رواية ‪( :‬إن الذي َيكل أو يشرب يف‬
‫آنية الفضة والذهب) ويف رواية ‪( :‬من شرب يف إانء من ذهب أو فضة فإَّنا جيرجر يف بطنه انرا من جهنم) ‪.‬‬
‫علماءالحديث الغريب‬
‫اتفق العلماء من أهل اِلديث واللغة والغريب وغريهم على كسر اجليم الثانية من ( جيرجر)‪ ،‬واختلفوا يف راء (النار) يف الرواية األوىل‪،‬‬

‫مسند علي بن جعد‬


‫فنقلوا فيها النصب والرفع‪ ،‬ومها مشهوران يف الرواية‪ ،‬ويف كتب الشارحي ‪ ،‬وأهل الغريب واللغة ‪ .‬والنصب هو الصحيح املشهور‬
‫الذي جزم به ا ألزهري وآخرون من احملققي ‪ ،‬ورجحه الزجاج واخلطاِب واألكثرون ‪ ،‬ويؤيده الرواية الثالثة ( جيرجر يف جوفه انرا من‬
‫جهنم ) ورويناه يف مسند أِب عوانة اإلسفرايين ويف اجلعدايت من رواية عائشة رضي هللا عنها ( إَّنا جيرجر يف جوفه انرا ) كذا هو يف‬
‫األصول ‪( :‬انرا)‪ ،‬من غري ذكر جهنم‪ .‬وأما معناه‪ ،‬فعلى رواية النصب الفاعل هو الشارب مضمر يف جيرجر‪ ،‬أي يلقيها يف بطنه جبرع‬
‫متتابع يسمع له جرجرة‪ ،‬وهو الصوت لرتدده يف حلقه‪ ،‬وعلى رواية الرفع تكون النار فاعله‪ ،‬ومعناه تصويت النار يف بطنه‪ ،‬واجلرجرة‬
‫هي التصويت‪ ،‬وسي املشروب انرا ألنه يئول إ ليها كما قال تعاىل‪ :‬إن الذين َيكلون أموال اليتامى ظلما إَّنا َيكلون يف بطوِنم انرا‬
‫‪.‬‬
‫وأما جهنم عافاان هللا منها ومن كل بَلء فقال الواحدي‪ :‬قال يونس وأكثر النحويي‪ :‬هي عجمية َّل تنصرف للتعريف والعجمية‪،‬‬
‫وسيت بذلك لبعد قعرها‪ ،‬يقال‪ :‬بئر جهنام إذا كانت عميقة القعر‪ .‬وقال بعض اللغويي‪ :‬مشتقة من اجلهومة‪ ،‬وهي الغلظ‪ ،‬سيت‬
‫بذلك لغلظ أمرها يف العذاب‪ .‬وهللا أعلم‪.‬‬

‫قال القاضي‪ :‬واختلفوا يف املراد ابِلديث‪ ،‬فقيل‪ :‬هو إخبار عن الكفار من ملوك العجم وغريهم الذين عادِتم فعل ذلك ‪ ،‬كما قال‬
‫يف اِلديث اآلخر ( هي هلم يف الدنيا ‪ ،‬ولكم يف اآلخرة ) أي هم املستعملون هلا يف الدنيا ‪ ،‬وكما قال صلى هللا عليه وسلم يف ثوب‬
‫اِلرير ‪ ( :‬إَّنا يلبس هذا من َّل خَلق له يف اآلخرة ) أي َّل نصيب ‪ .‬قال ‪ :‬وقيل ‪ :‬املراد ِني املسلمي عن ذلك ‪ ،‬وأن من ارتكب‬
‫هذا النهي استوجب هذا الوعيد ‪ ،‬وقد يعفو هللا عنه ‪ .‬هذا كَلم القاضي ‪ .‬والصواب أن النهي يتناول مجيع من يستعمل إانء الذهب‬
‫أو الفضة من املسلمي والكفار ؛ ألن الصحيح أن الكفار ُماطبون بفروع الشرع ‪ ،‬وهللا أعلم ‪.‬‬

‫وأمجع املسلمون على َترمي األكل والشرب يف إانء الذهب ‪ ،‬وإانء الفضة على الرجل وعلى املرأة ‪ ،‬ومل ُيالف يف ذلك أحد من‬
‫العلماء إَّل ما حكاه أصحابنا العراقيون أن للشافعي قوَّل قدَيا أنه يكره ‪ ،‬وَّل حيرم ‪ .‬وحكوا عن داود الظاهري َترمي الشرب ‪ ،‬وجواز‬
‫األكل ‪ ،‬وسائر وجوه اَّلستعمال ‪ ،‬وهذان النقَلن ابطَلن ‪.‬‬
‫مخالفة‬
‫أما قول داود فباطل ملنابذة صريح هذه األحاديث يف النهي عن األكل والشرب مجيعا وملخالفة اإلمجاع قبله قال أصحابنا انعقد‬
‫اإلمجاع على َترمي األكل والشرب وسائر اَّلستعمال يف إانء ذهب أو فضة ‪ ،‬إَّل ما حكي عن داود وقول الشافعي يف القدمي فهما‬
‫مردودان ابلنصوص واإلمجاع ‪ ،‬وهذا إَّنا حيتاج إليه على قول من يعتد بقول داود يف اإلمجاع واخلَلف ‪ ،‬وإَّل فاحملققون يقولون ‪َّ :‬ل‬
‫يعتد به إلخَلله ابلقياس ‪ ،‬وهو أحد شروط اجملتهد الذي يعتد به ‪.‬‬

‫وأما قول الشافعي القدمي فقال صاحب التقريب ‪ :‬إن سياق كَلم الشافعي يف القدمي يدل على أنه أراد أن نفس الذهب والفضة‬
‫الذي اختذ منه اإلانء ليست حراما ‪ ،‬وهلذا مل حيرم اِللي على املرأة ‪ .‬هذا كَلم صاحب التقريب ‪ ،‬وهو من متقدمي أصحابنا ‪ ،‬وهو‬
‫أتقنهم لنقل نصوص الشافعي ‪ .‬وألن الشافعي رجع عن هذا القدمي ‪ .‬والصحيح عند أصحابنا وغريهم من األصوليي أن اجملتهد إذا‬
‫قال قوَّل ‪ ،‬مث رجع عنه َّل يبقى قوَّل له‪ ،‬وَّل ينسب إليه ‪ .‬قالوا ‪ :‬وإَّنا يذكر القدمي ‪ ،‬وينسب إىل الشافعي جمازا ‪ ،‬وابسم ما كان‬
‫عليه َّل أنه قول له اآلن ‪.‬‬

‫فحصل مما ذكرانه أن اإلمجاع منعقد على َترمي استعمال إانء الذهب وإانء الفضة يف األكل والشرب والطهارة ‪ ،‬واألكل مبلعقة من‬
‫أحدمها ‪ ،‬والتجمر مبجمرة منهما ‪ ،‬والبول يف اإلانء منهما ‪ ،‬ومجيع وجوه اَّلستعمال ‪ ،‬ومنها املكحلة ‪ ،‬وامليل ‪ ،‬وظرف الغالية ‪،‬‬
‫وغري ذلك ‪ ،‬سواء اإلانء الصغري والكبري ‪ ،‬ويستوي يف التحرمي الرجل واملرأة بَل خَلف ‪ ،‬وإَّنا فرق بي الرجل واملرأة يف التحلي ملا‬
‫يقصد منها من التزيي للزوج والسيد ‪.‬‬
‫أخالط من الطيب كالمسك والعنبر‬
‫قال أصحابنا وحيرم استعمال ماء الورد واألدهان من قارورة الذهب والفضة ‪ .‬قالوا ‪ :‬فإن ابتلي بطعام يف إانء ذهب أو فضة فليخرج‬
‫الطعام إىل إانء آخر من غريمها ‪ ،‬وَيكل منه فإن مل يكن إانء آخر فليجعله على رغيف إن أمكن ‪.‬‬
‫وإن ابتلي ابلدهن يف قارورة فضة فليصبه يف يده اليسرى ‪ ،‬مث يصبه من اليسرى يف اليمن ‪ ،‬ويستعمله ‪ .‬قال أصحابنا ‪ :‬وحيرم تزيي‬
‫اِلوانيت والبيوت واجملالس أبواِن الفضة والذهب ‪ -‬هذا هو الصواب ‪ ،‬وجوزه بعض أصحابنا ‪ .‬قالوا ‪ :‬وهو غلط ‪.‬‬

‫قال الشافعي واألصحاب ‪ :‬لو توضأ أو اغتسل من إانء ذهب أو فضة عصى ابلفعل ‪ ،‬وصح وضوءه وغسله ‪ .‬هذا مذهبنا ‪ ،‬وبه‬
‫قال مالك وأبو حنيفة والعلماء كافة ‪ ،‬إَّل داود فقال ‪َّ :‬ل يصح ‪ ،‬والصواب الصحة ‪ .‬وكذا لو أكل منه أو شرب عصى ابلفعل ‪،‬‬
‫وَّل يكون املأكول واملشروب حراما ‪ .‬هذا كله يف حال اَّلختيار ‪ .‬وأما إذا اضطر إىل استعمال إانء فلم جيد إَّل ذهبا أو فضة فله‬
‫استعماله يف حال الضرورة بَل خَلف ‪ .‬صرح به أصحابنا ‪ .‬قالوا ‪ :‬كما تباح امليتة يف حال الضرورة ‪ .‬قال أصحابنا ‪ :‬ولو ابع هذا‬
‫اإلانء صح بيعه ؛ ألنه عي طاهرة َيكن اَّلنتفاع ُبا أبن تسبك ‪.‬‬

‫وأما اختاذ هذه األواِن من غري استعمال فللشافعي واألصحاب فيه خَلف ‪ ،‬واألصح َترَيه ‪ .‬والثاِن كراهته ‪ ،‬فإن كرهناه استحق‬
‫صانعه األجرة ‪ ،‬ووجب على كاسره أرش النقص ‪ ،‬وإَّل فَل ‪ .‬وأما إانء الزجاج النفيس فَل حيرم ابإلمجاع ‪ .‬وأما إانء الياقوت والزمرد‬
‫والفريوزج وحنوها فاألصح عند أصحابنا جواز استعماهلا ‪ ،‬ومنهم من حرمها ‪ .‬وهللا أعلم‬
‫ابب حترمي استعمال إانء الذهب والفضة‬
‫عن الرجال والنساء وخاتك الذهب واجلرير على الرجل‬
‫وإابحته للنساء وإابحة العلم وحنوه للرجل ما مل يزد على أربع أصابع‬

‫س‬ ‫ن‬‫و‬ ‫ي‬ ‫ِ‬


‫ن‬ ‫ب‬ ‫اَّللِ‬ ‫َمح ُد بن عب ِ‬
‫د‬ ‫أ‬ ‫ا‬‫ن‬ ‫اث‬‫د‬ ‫ح‬ ‫و‬ ‫ح‬ ‫يمي أَخربَان أَبو خي ثمةَ عن أَ ْشعث ب ِن أَِِب الشاعث ِ‬
‫اء‬ ‫ِِ‬
‫ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ا‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫‪َ -3‬حداثَنَا َْحي َىي بْ ُن َْحي َىي التام ُّ ْ ََ ُ َ ْ َ َ َ ْ َ َ ْ‬
‫ول‬
‫ول أ ََمَرَان َر ُس ُ‬ ‫ب فَ َس ِم ْعتُهُ يَ ُق ُ‬ ‫ت َعلَى الَْرب ِاء بْ ِن َعا ِز ٍ‬ ‫ث َح ادثَِين ُم َعا ِويَةُ بْ ُن ُس َويْ ِد بْ ِن ُم َق ِّرٍن قَ َ‬
‫ال َد َخ ْل ُ‬ ‫َحداثَنَا ُزَه ْريٌ َحداثَنَا أَ ْش َع ُ‬
‫َ‬
‫س َوإِبْ َرا ِر الْ َق َس ِم أ َْو الْ ُم ْق ِس ِم‬ ‫يت الْع ِ‬ ‫اجلنَ َازةِ وتَ ْش ِم ِ‬ ‫اان عن سب ٍع أَمرَان بِعِيادةِ الْم ِر ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اَّللِ صلاى ا ِ‬
‫اط ِ‬ ‫َ‬ ‫يض َواتّبَ ِاع َْ َ‬ ‫اَّللُ َعلَْيه َو َسلا َم ب َسْب ٍع َوَِنَ َ َ ْ َ ْ َ َ َ َ َ‬ ‫ا َ‬
‫ِ‬
‫ب ِابلْ ِفض ِاة َو َع ْن الْ َميَاثِِر َو َع ْن‬ ‫ب و َعن ُشر ٍ‬ ‫ِ‬
‫اان َع ْن َخ َوات َيم أ َْو َع ْن َختَتٍُّم ِابل اذ َه ِ َ ْ ْ‬ ‫ص ِر الْ َمظْلُوم َوإِ َجابَِة الدااعِي َوإِفْ َش ِاء ال اس ََلِم َوَِنَ َ‬ ‫َونَ ْ‬
‫اإل ْستَ ْ َرب ِق َوال ِّديبَ ِ‬
‫اج‪.‬‬ ‫اِلَِري ِر َو ِْ‬
‫س ْ‬ ‫الْ َق ِّس ِي َو َع ْن لُْب ِ‬
‫ّ‬
‫معاين الكلمات‬
‫اَّلل) تشميتا‪.‬‬ ‫تَ ْش ِميت الْع ِ‬
‫اط ِ‬
‫ال بعد محده هلل بسبب عطاسه‪( :‬يرمحك َ‬ ‫س ‪ :‬وهو َما يُ َق ُ‬ ‫ُ َ‬
‫مستحب‪.‬‬ ‫إبرار القسم ‪ :‬تنفيذ ما أقسم عليه امل ِ‬
‫قسم يف قَ َسمه‪ ،‬إذا كان طاعة هلل أو مباحا وهو‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫إفشاء السَلم ‪ :‬إشاعته‪.‬‬
‫الْ َميَاثِر ‪ :‬مجع ميثرة‪ ،‬وهي وطاء يوضع على سرج الفرس ورحل البعري من األرجوان‪.‬‬
‫ثياب َخٍّز (من أنواع اِلرير)‪ ،‬وهي نسبة إىل قس إحدى قرى مصر‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ال َقس ّي ‪ُ :‬‬
‫يباج (من أنواع اِلرير)‪ ،‬كلمة فارسية نُِقلَت إىل العربية‪.‬‬
‫ظ ِم َن ال ِّد ِ‬
‫اإلستَ ْ َربق ‪ :‬ما غَلُ َ‬
‫ْ‬
‫من فوائد احلديث‬
‫استحباب عيادة املريض‪.‬‬ ‫❖‬

‫استحباب اتباع اجلنائز للصَلة عليها ودفنها إذا قام بذلك من يكفي‪ ،‬وإَّل فهي فرض كفاية‪.‬‬ ‫❖‬

‫تشميت العاطس إذا محد هللا بقوله‪( :‬يرمحك هللا) فيكون الرد واجبا‪.‬‬ ‫❖‬

‫إبرار قسم املقسم‪ ،‬وهو مستحب‪ ،‬ملا فيه من جرب القلب وإجابة طلبه يف غري إمث‪.‬‬ ‫❖‬

‫وجوب نصر املظلوم ألنه من النهي عن املنكر‪ ،‬وفيه رد للشر وإعانة املظلوم وكف الظامل‪.‬‬ ‫❖‬

‫إجابة الدعوة‪ ،‬فإن كانت لعرس وجبت اإلجابة إن مل يكن مثَا منكر َّل يقدر على إزالته‪ ،‬وإن كانت لغريه من الدعوات املباحة‬ ‫❖‬

‫استحبت‪ ،‬وتتأكد مبا يرتتب عليها من إزالة ضغينة أو دفع شر‪.‬‬


‫إفشاء السَلم بي املسلمي؛ ألنه دعاء ابلسَلمة‪ ،‬وعنوان على احملبة واإلخاء‪.‬‬ ‫❖‬

‫النهي عن ختتم الرجال ِبوامت الذهب‪ ،‬فهو حمرم‪.‬‬ ‫❖‬

‫النهي عن الشرب آبنية الفضة‪ ،‬وأعظم منه الذهب‪ ،‬وسائر اَّلستعماَّلت إَّل ما ورد استثناء يف نصوص أخرى‪.‬‬ ‫❖‬

‫النهي عن لبس القسي واِلرير‪ ،‬واإلستربق‪ ،‬والديباج للرجال‬ ‫❖‬

‫شرح احلديث‬
‫ومن ذلك‬‫ث النيب صلى هللا عليه وسلم ليُتم مكارم األخَلق‪ ،‬ولذا فإنه حيث على كل خلق وعمل كرَيي‪ ،‬وينهى عن كل قبيح‪ْ ،‬‬ ‫بُعِ َ‬
‫ودعاء له‪ ،‬واتباع اجلنازة‪ ،‬ملا‬
‫ما يف هذا اِلديث من األشياء اليت أمر ُبا وهي‪ :‬عيادة املريض اليت فيها قيام حبق املسلم‪ ،‬وتَرويح عنه‪ُ ،‬‬
‫يف ذلك من األجر للتابع والدعاء للمتبوع‪ ،‬والسَلم على أهل املقابر والعِظة واَّلعتبار‪ ،‬وتشميت العاطس إذا محد هللا فيقال له‪:‬‬
‫يرمحك هللا‪ .‬وإبرار قسم املقسم إذا دعاك لشيء وليس عليك ضرر فترب قسمه‪ ،‬لئَل َُتوجه إىل التكفري عن َيينه‪ ،‬ولتجيب دعوته‬
‫خاطَرهُ‪ ،‬ونصر املظلوم من ظامله ملا فيه من رد الظلم‪ ،‬ودفع املعتدي وكفه عن الشر‪ ،‬والنهي عن املنكر‪ ،‬وإجابة من دعاك‪ ،‬أل ان‬‫وجترب ِ‬
‫يف ذلك تقريبا بي القلوب وتصفية النفوس‪ ،‬ويف اَّلمتناع الوحشة والتنافر‪ .‬فإن كانت الدعوة لزواج فاإلجابة واجبة‪ ،‬وإن كانت لغريه‬
‫فمستحبة‪ ،‬و إفشاء السَلم‪ ،‬وهو إعَلنه وإظهاره لكل أحد‪ ،‬وهو أداء للسنة‪ ،‬ودعاء للمسلمي من بعضهم لبعض‪ ،‬وسبب جللب‬
‫املودة‪ .‬أما األشياء اليت ِنى عنها يف هذا اِلديث فالتختم ِبوامت الذهب للرجال‪ ،‬ملا فيه من التأنث وامليوعة‪ ،‬وانتفاء الرجولة‪ ،‬وعن‬
‫ف والتكرب‪ ،‬وإذا منع الشرب مع اِلاجة إليه فسائر اَّلستعماَّلت أوىل ابملنع والتحرمي‪ ،‬وعن‬ ‫الشرب آبنية الفضة‪ ،‬ملا فيه من ال اسر ِ‬
‫َ‬
‫املياثر‪ ،‬والقسي‪ ،‬واِلرير‪ ،‬والديباج‪ ،‬واإلستربق‪ ،‬وهي من أنواع اِلرير على الرجال؛ فإِنا تدعو إىل اللي والرتف اللذين مها سبب‬
‫اعةَ‪ ،‬والرجل يطلب منه النشاط والصَلبة والفتوة‪ ،‬ليكون دائما مستعدا للقيام بواجب الدفاع عن دينه وحرمه ووطنه‬
‫العطالة والد َ‬

‫ابب إابحة ل ُْبس احلري ِر للرجل إذا كا َن بِ ِه ِح ّكة أو حنوها‬


‫‪َ -24‬حداثَنَا أبو كريب حممد بن العَلء حدثنا أبو أسامة عن سعيد بن أِب عروبة حدثنا قتادة أن أنس بن مالك رضي هللا عنهم‬
‫أنبأهم أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم رخص لعبد الرمحن بن عوف والزبري بن العوام رضي هللا عنها يف القمص اِلرير يف السفر‬
‫من ِح ّك ٍة كانت ُبما أو َو َج ٍع كان ُبما‪.‬‬

‫معاين الكلمات‬
‫ِحكة‪ :‬التهاب يف اجللد حيمل صاحبه على كثرة ح ّكِه‪ ،‬وجع‪ :‬أمل‬
‫شرح احلديث‬
‫من يسر الدين اإلسَلمي أنه يرخص يف الشيء احملرم لعلة توجب الرتخيص وقد رخص النيب صلى هللا عليه وسلم للزبري وعبدالرمحن‬
‫رضي هللا عنهما يف لبس قمص اِلرير مع كونه حماراما على الرجال ملا فيه من دواء للحكة‪ ،‬وكذلك كل من كان مثلهما‪.‬‬

‫شرح اإلمام النووي‬

‫اِلَِري ِر ِيف [ ص‪ ] 245 :‬ال اس َف ِر‬ ‫الزبَِْري بْ ِن الْ َع َو ِّام ِيف قُ ُم ِ‬ ‫اَّلل علَي ِه وسلام ر اخص لِعب ِد الار ْمح ِن ب ِن عو ٍ‬ ‫ول اِ‬‫قَ ْولُهُ ‪ ( :‬إِ ان َر ُس َ‬
‫ص ْ‬ ‫ف َو ُّ‬ ‫َ ْ َْ‬ ‫صلاى اُ َ ْ َ َ َ َ َ َْ‬ ‫اَّلل َ‬
‫اِل ِري ِر ِيف َغزاةٍ‬ ‫اَّللِ صلاى ا ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِمن ِح اك ٍة َكانَ ِِ‬
‫َ‬ ‫ص َْ‬ ‫ص َهلَُما ِيف قُ ُم ِ‬ ‫اَّللُ َعلَْيه َو َسلا َم الْ َق ْم َل ‪ ،‬فَ َر اخ َ‬ ‫ت ُب َما ) ‪َ ،‬وِيف ِرَوايَة ‪( :‬أ اَِنُ َما َش َك ْوا إِ َىل َر ُسول ا َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫اِل ِري ِر لِلارج ِل إِ َذا َكانَت بِِه ِح اكةٌ لِما فِ ِيه ِمن الْربودةِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫يح ِيف الدَاَّللَِة لِ َم ْذ َه ِ‬ ‫اِلَ ِد ُ‬
‫َ ُُ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫س َْ‬ ‫وز لُْب ُ‬ ‫ب الشاافعِ ِّي َوُم َوافق ِيه أَناهُ َجيُ ُ‬ ‫ص ِر ٌ‬
‫يث َ‬ ‫َهلَُما) ‪َ .‬ه َذا ْ‬
‫يل ِجلََوا ِز لُْب ِ‬ ‫يث ح اجةٌ علَي ِه ‪ ،‬وِيف ه َذا ْ ِ ِ ِ‬ ‫ك ‪ََّ :‬ل َجيوز ‪ ،‬وه َذا ْ ِ‬ ‫ال َمالِ ٌ‬ ‫ِ‬ ‫‪ ،‬وَك َذلِ ِ‬
‫اِلَِري ِر‬
‫س ْ‬ ‫اِلَديث َدل ٌ‬ ‫اِلَد ُ ُ َ ْ َ َ‬ ‫ُ ُ ََ‬ ‫ك ‪َ ،‬وقَ َ‬ ‫ك للْ َق ْم ِل ‪َ ،‬وَما ِيف َم ْع َن ذَل َ‬‫َ َ‬
‫اف ‪ ،‬وِ‬ ‫اِل ِاء وتَ ْش ِدي ِد الْ َك ِ‬ ‫ِِ ا ٍ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫عِْن َد ال ا‬
‫ب أ َْو َْحن ُوهُ ‪ .‬مثُا‬ ‫ر‬ ‫اجل‬
‫ْ‬
‫َ َ ََ ُ‬ ‫ي‬ ‫ه‬ ‫ب َوَملْ َجي ْد َغ ْ َريهُ ‪ .‬أما قَ ْولُهُ ‪ِ ( :‬لكة ) فَه َي ب َك ْس ِر َْ َ‬ ‫اِلَْر ُ‬ ‫ورةِ َك َم ْن فَ َ‬
‫اجأَتْهُ ْ‬ ‫ض ُر َ‬
‫َص َحابِنَا‬
‫ضأ ْ‬ ‫ال بَ ْع ُ‬
‫ض ِر َِ‬
‫مج ايعا ‪َ ،‬وقَ َ‬ ‫اِلَِري ِر لِْل ِح اك ِة َوَْحن ِوَها ِيف ال اس َف ِر َو ْ‬
‫اِلَ َ‬ ‫س ْ‬ ‫ُ‬ ‫ب‬
‫ْ‬‫ُ‬‫ل‬ ‫وز‬
‫ُ‬ ‫ُ‬‫جي‬
‫َ‬ ‫اه‬
‫ُ‬ ‫ن‬‫َ‬‫أ‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ري‬
‫ُ‬
‫ص ِحيح عِْن َد أَصحابِنَا والا ِذي قَطَع بِِه َمج ِ‬
‫اه‬ ‫َ َ‬ ‫َْ َ‬ ‫ال ا ُ‬
‫يف ‪.‬‬‫ضعِ ٌ‬ ‫ص ِابل اس َف ِر ‪َ ،‬و ُه َو َ‬‫َُيْتَ ُّ‬

‫ابب إابحة ل ُْبس احلري ِر للرجل إذا كا َن بِ ِه ِح ّكة أو حنوها‬

‫فأخرجت إلينا إز اارا غليظاا‬


‫ْ‬ ‫دخلت على عائشةَ‬ ‫ُ‬ ‫‪َ -34‬حداثَنَا َشْيبان بن فَ ُّروخ حدثنا ُسليمان بن املُغرية حدثنا ُمحَي ٌد عن أِب بُ ْردة قال‪:‬‬
‫رسول هللاِ صلاى هللا ِ‬
‫فأقسمت ابهللِ أ ان َ‬
‫ض يف هذيْ ِن ْ ِ‬
‫الثوبي‪.‬‬ ‫عليه وسلا َم قُبِ َ‬
‫ُ ْ‬ ‫ْ‬ ‫صنع ابليم ِن وكساءا من اليت يُ ُّ‬
‫سموِنا املُلبا َدةَ ‪،‬‬ ‫مما يُ ُ‬

‫معاين الكلمات‬
‫‪ِ :‬‬
‫خشن‬ ‫غليظ‬ ‫‪ :‬ثوب حييط النصف األسفل من البدن‬ ‫اإلزار‬
‫املبلدة ‪ :‬املرقعة‪ /‬الغليظة‬ ‫‪ :‬الثوب‪ /‬اللباس‬ ‫الكساء‬
‫قبضه هللا ‪ :‬أماته هللا‬ ‫‪ :‬مات‬ ‫قُبِ َ‬
‫ض‬
‫شرح احلديث‬
‫اهدا يف أُموِر الدُّنيا‪ُ ،‬مقبِ اَل على أُموِر اآلخرةِ‪َ ،‬ر ْغ َم ما آاتهُ هللاُ ُسبحانه ِمن الغنائ ِم واألمو ِال‪ ،‬ولكناه‬ ‫ايب صلى هللا عليه وسلم ز ا‬ ‫كان الن ُّ‬
‫ض الدُّنيا‪.‬‬ ‫األعلى يف التاقلُّ ِل ِمن َعَر ِ‬ ‫ب لنا املثَ َل ْ‬ ‫َ‬ ‫صلاى هللاُ عليه وسلا َم َ‬
‫ضَر‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫اوب‬
‫إليهم كساءا ُملبا ادا‪ ،‬وهو الث ُ‬
‫أخَر َجت ْ‬ ‫ضي هللاُ عنها ْ‬
‫املؤمني َر َ‬
‫َ‬ ‫األشعري أ ان عائشةَ أ ام‬
‫ُّ‬ ‫بن أِب ُموسى‬ ‫ويف هذا اِلديث يَْروي أبو بُ ْردةَ ُ‬
‫اهر أناه َّل يُطلَ ُق اإَّل على ما‬ ‫ا‬
‫ظ‬ ‫ال‬‫و‬ ‫ا‪،‬‬‫ك‬‫ا‬ ‫ي‬ ‫س‬
‫َ‬ ‫ه‬‫ط‬
‫ُ‬ ‫س‬ ‫و‬ ‫ح‬ ‫أصب‬ ‫الذي‬ ‫هو‬ ‫وقيل‪:‬‬ ‫‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫عض‬ ‫ب‬ ‫على‬ ‫ه‬‫عض‬ ‫ب‬ ‫ب‬ ‫ك‬‫ا‬
‫ر‬ ‫ي‬ ‫ذي‬ ‫ظ الا‬‫ُ‬ ‫الغلي‬ ‫ساء‬ ‫املرقاع‪ ،‬أو الكِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ‬
‫وحه إىل خالِِقها‪ ،‬وكان‬ ‫ت ُر ُ‬ ‫فاض ْ‬
‫ت أ ْن َ‬ ‫اوب وقْ َ‬
‫س هذا الث َ‬ ‫ايب صلى هللا عليه وسلم كان يَلبَ ُ‬ ‫أيضا أ ان الن ا‬‫أخربِْتم ا‬ ‫الصوف‪ ،‬و ََ‬
‫كان ِمن ُّ ِ‬
‫سرت به َعورتَه ونِص َفه األس َف َل صلى هللا عليه وسلم ‪.‬‬ ‫ِ ِ‬
‫س مع هذا الكساء إز اارا غَليظاا مماا كان يُصنَ ُع ابليَ َم ِن؛ ليَ َُ‬ ‫يَلبَ ُ‬
‫س‬ ‫لب‬‫ي‬ ‫كان‬ ‫اه‬
‫ن‬ ‫أل‬ ‫منه؛‬ ‫د‬‫تمل أ ْن يكو َن عن غَ ِري قص ٍ‬ ‫وحي ِ‬
‫َ‬ ‫‪،‬‬ ‫اض ِع وتَ ْر ِك التانعُّ ِ‬
‫م‬ ‫و‬ ‫ا‬
‫ت‬ ‫لل‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫يكو‬ ‫ن‬‫ْ‬ ‫أ‬ ‫ل‬ ‫ولُبسه صلاى هللا عليه وسلام الثاوب امللبا َد َحي ِ‬
‫تم‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُْ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫ُ‬
‫ما َو َج َد‪.‬‬
‫ايب صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬واَّلستفادةِ منها يف تَعلي ِم الن ِ‬
‫ااس‪.‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫اِلديث‪ِ :‬حرص ال ا ِ‬ ‫ِ‬
‫صحابة على اَّلحتفاظ آباثر الن ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ويف‬

‫شرح اإلمام النووي‬


‫اض َع ْن َمتَاعِ َها َوَم ََل ِذّ َها‬ ‫اَّللُ َعلَْي ِه َو َسلام ِم َن الازَه َادةِ ِيف الدُّنْيَا َو ِْ‬
‫اإل ْعَر ِ‬ ‫َ‬ ‫ا‬ ‫ى‬ ‫ا‬‫ل‬‫ص‬‫َ‬ ‫ايب‬
‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫اب ما َكا َن علَي ِ‬
‫ه‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫يف هذه ْاألَح ِاد ِ‬
‫يث الْم ْذ ُكورةِ ِيف الْبَ ِ‬
‫َ‬
‫اَّللُ َعلَْي ِه َو َسلا َم ِيف‬ ‫ك ُكلِّ ِه ‪ ،‬وفِ ِيه النا ْد ِِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫اج ِزيَِة ِيف َذل َ‬ ‫ِ‬ ‫اسها وَْحن ِوهِ ‪ ،‬و ِ ِِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬
‫صلاى ا‬ ‫ب لَلقْت َداء بِه َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ص ُل بِه أ َْد ََن الت ْ‬ ‫اجتَزائه مبَا َْحي ُ‬
‫َ ْ‬ ‫َو َش َه َواِتَا َوفَاخ ِر لبَ َ َ‬
‫َه َذا َوغَ ِْريهِ ‪.‬‬
‫اَّللُ َعلَْي ِه َو َسلا َم ‪ .‬قَ َ‬ ‫ول اِ‬ ‫ِ‬ ‫ت إِلَي نَا عائِ َشةُ ر ِ‬
‫ال الْعُلَ َماءُ‬ ‫صلاى ا‬ ‫اَّلل َ‬ ‫ض َر ُس ُ‬ ‫ت ‪ِ :‬يف َه َذا قُبِ َ‬ ‫اَّللُ َعنْ َها إَِز اارا َوك َساءا ُملَبا ادا فَ َقالَ ْ‬
‫ض َي ا‬ ‫َخَر َج ْ ْ َ َ‬ ‫قَ ْولُهُ ‪ :‬أ ْ‬
‫يل ‪ُ :‬ه َو الا ِذي ثَ ُخ َن‬ ‫يد ‪ ،‬وقِ‬ ‫يف فِي ِهما ‪ ،‬ولَبا ْدتُه أُلَبِ ُده ِابلتا ْش ِد ِ‬‫ِ‬ ‫ال ‪ :‬لَب ْدت الْ َق ِميص أَلْب ُده ِابلتاخ ِ‬
‫ف‬ ‫ُ‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫ي‬ ‫‪،‬‬ ‫ع‬‫ا‬‫ق‬
‫ر‬ ‫م‬‫ل‬
‫ْ‬ ‫ا‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫‪ :‬الْملَبا ُد بَِفْت ِح الْب ِ‬
‫اء‬
‫َ َ‬ ‫ّ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َُ ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ص َار َكاللابَ ِد‪.‬‬
‫َو َسطُهُ َح اىت َ‬
‫ابب التواضع يف اللباس واالقتصار على الغليظ منه‬
‫واليسري يف اللباس وغريمها وجواز لبس الثوب الشعر وما فيه أعالم‬

‫ت‪َ :‬كا َن ِوس َادةُ رس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ول‬ ‫َ َُ‬ ‫‪َ -37‬حداثَنَا أَبُو بَ ْك ِر بْ ُن أَِِب َشْي بَةَ‪َ ،‬حداثَنَا َعْب َدةُ بْ ُن ُسلَْي َما َن‪َ ،‬ع ْن ه َش ِام بْ ِن عُْرَوةَ‪َ ،‬ع ْن أَبِيه‪َ ،‬ع ْن َعائ َشةَ‪ ،‬قَالَ ْ‬
‫ِ‬
‫اَّللِ صلى هللا عليه وسلم الاِيت يَتاكِ ُئ َعلَْي َها ِم ْن أ ََدٍم َح ْش ُوَها ل ٌ‬
‫يف‪.‬‬ ‫ا‬
‫‪ -38‬وحدثين علي بن حجر السعدي أخربان علي بن مس ِهر عن ِهشام بن عُروة‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن عائشة‪ .‬قالت‪ :‬إاَّنا َكان فراش ِ‬
‫رسول‬ ‫ُ‬ ‫ُْ‬ ‫ُْ‬
‫يف‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ام عليه‪ ،‬أََدما َح ْش ُوه ل ٌ‬
‫هللا ﷺ ‪ ،‬الذي يَنَ ُ‬
‫معاين الكلمات‬
‫‪ :‬جلد مدبوغ‬ ‫أدم‬ ‫ِوسادة ‪ُِ :‬مَداة ‪pillow‬‬

‫‪filling, stuffing‬‬ ‫‪ :‬ما حيشى به الشيء ‪:‬‬ ‫حشو‬


‫‪ :‬قشر النخل‬ ‫ليف‬
‫شرح احلديث‬

‫اض اعا منه‬ ‫فاختار صلاى هللاُ علَيه وسلام أن يكو َن ع ا‬


‫بدا نبياا؛ تو ُ‬ ‫َ‬ ‫عبدا نبياا‪ ،‬أو ملَ اكا نبياا‪،‬‬
‫بي أ ْن يكو َن ا‬ ‫ايب صلاى هللاُ علَيه وسلام َ‬‫ُخَِّري الن ُّ‬
‫ِ‬
‫تقول عائشةُ رض َي هللاُ‬ ‫حيث ُ‬ ‫لبعض مظاه ِر تواضعِه صلاى هللا عليه وسلام‪ُ ،‬‬ ‫اِلديث بيا ٌن ِ‬‫ِ‬ ‫وزهدا يف الدُّنيا هللِ سبحانه وتعاىل‪ ،‬ويف هذا‬ ‫ا‬
‫ِ‬ ‫ينام عليه أ ََد ٌم"‪ ،‬واأل ََد ُم‪ :‬اجلِ ُ‬ ‫ِ‬
‫بداخل هذا‬ ‫ِ‬ ‫يف"‪ ،‬أي‪ُ :‬حي َشى‬ ‫"ح ْش ُوه ل ٌ‬‫لد املدبوغُ‪َ ،‬‬ ‫ايب صلاى هللا عليه سلم الاذي ُ‬ ‫عنها‪" :‬إاَّنا كان فر َ‬
‫اش الن ِّ‬
‫مر‬ ‫ع‬ ‫ا‬
‫ن‬ ‫أ‬ ‫ِ‬
‫البخاري‬ ‫حيح‬
‫ِ‬ ‫ص‬ ‫ويف‬ ‫‪،‬‬ ‫املتاع‬
‫ِ‬ ‫ة‬
‫َ‬ ‫قليل‬ ‫ها‬‫ُّ‬
‫ل‬ ‫ك‬ ‫م‬‫ا‬
‫ل‬ ‫وس‬ ‫عليه‬ ‫هللا‬ ‫ى‬ ‫ا‬
‫ل‬ ‫ص‬ ‫النيب‬
‫ِ‬ ‫أبيات‬ ‫كانت‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ِ‬
‫اخيل‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫ِ‬
‫ر‬ ‫ش‬‫لد اللِّيف الاذي يكو ُن ِمن قِ‬‫اجلِ ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫سادةٌ ِم ْن‬ ‫وَت ِ‬
‫ت َرأْسه ِو َ‬ ‫انئما على َحص ٍري ما بَْي نَه وبَْي نَه َشيءٌ‪َ َْ ،‬‬ ‫شربَته‪َ ،‬فو َجده ا‬
‫اب دخل عليه صلاى هللا عليه وسلام وهو يف م ِ‬
‫َ ُ‬ ‫بن اخلطا ِ َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫كيك؟ ف ُقلْت‪ :‬اي َ ِ‬ ‫ِ‬
‫صَر‬‫رسول هللا‪ ،‬إ ان ك ْسرى وقَ ْي َ‬ ‫ُ‬ ‫ت‪ ،‬فقال‪ :‬ما يُْب َ‬ ‫أيت أثََر اِلَص ِري يف َجنْبِه‪ ،‬فبَ َكْي ُ‬
‫"فر ُ‬ ‫يف‪ ،‬وقال عُم ُر‪َ :‬‬ ‫أ ََدٍم َح ْش ُوها ل ٌ‬
‫ايب صلاى هللا عليه وسلام أناه آثََر‬ ‫رضى أن تَكو َن هلم الدُّنيا ولَنَا ِ‬ ‫فيما ُمها فيه وأَنت ر ُ ِ‬
‫أوضح الن ُّ‬‫اآلخَرةُ؟"‪ ،‬وهكذا َ‬ ‫ُ‬ ‫سول هللا‪ .‬فقال‪َ :‬أما تَ َ‬ ‫َ َ‬
‫عيمها على الدُّنيا وما فيها‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وفضال اآلخرةَ ونَ َ‬

‫شرح اإلمام النووي‬


‫قوله‪( :‬إَّنا كان فراش رسول هللا صلى هللا عليه وسلم الذي ينام عليه أدما حشوه ليف) ‪ ،‬ويف رواية ‪ ( :‬وسادة ) بدل فراش ‪ ،‬ويف‬
‫نسخة ‪ :‬وساد ‪ .‬فيه جواز اختاذ الفرش والوسائد ‪ ،‬والنوم عليها ‪ ،‬واَّلرتفاق ُبا ‪ ،‬وجواز احملشو ‪ ،‬وجواز اختاذ ذلك من اجللود ‪،‬‬
‫وهي األدم ‪ ،‬وهللا أعلم ‪.‬‬
‫كراهة ما زاد على احلاجة من الفراش واللباس‬

‫ب َح ادثَِين أَبُو َهانِ ٍئ أَناهُ َِس َع أ ََاب َعْب ِد الار ْمحَ ِن يَ ُق ُ‬


‫ول َع ْن َجابِ ِر‬ ‫َخ َربَان ابْ ُن َو ْه ٍ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫أ‬ ‫ح‬
‫ٍ‬ ‫ر‬
‫ْ‬ ‫س‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫ن‬ ‫ب‬
‫ْ‬ ‫و‬‫ِ‬
‫ر‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ن‬
‫ُ‬ ‫ب‬
‫ْ‬ ‫د‬
‫ُ‬ ‫َمح‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫أ‬ ‫ِ‬
‫ر‬ ‫‪ -41‬ح ادثَِين أَبو الطا ِ‬
‫اه‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ف وال ارابِع لِلشايطَ ِ‬ ‫ال لَه‪" :‬فِراش لِلارج ِل وفِراش َِّلمرأَتِِه والثاالِ ُ ِ‬ ‫اَّللِ صلاى ا ِ‬ ‫بْ ِن َعْب ِد ا‬
‫اَّللِ أَ ان َر ُس َ‬
‫ان"‬ ‫ث للضْاي ِ َ ُ ْ‬ ‫اَّللُ َعلَْيه َو َسلا َم قَ َ ُ َ ٌ ُ َ َ ٌ ْ َ َ‬ ‫ول ا َ‬
‫شرح احلديث‬
‫ضي هللاُ عنهم يف َح ِّد‬
‫َ َ‬‫ر‬ ‫ه‬ ‫َ‬‫أصحاب‬ ‫ب‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ضا عن ُزخرفِها‪ ،‬راغِبا يف ِ‬
‫اآلخرةِ‪ ،‬وكان يرغِّ‬
‫ا‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ا‬ ‫ِ‬
‫ر‬ ‫ع‬ ‫م‬
‫ُ‬ ‫ُّنيا‬
‫الد‬ ‫يف‬ ‫ا‬ ‫د‬
‫ا‬ ‫كا َن النايب صلاى هللا عليه وسلام ز ِ‬
‫اه‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬
‫املعيشة‪.‬‬ ‫الكِ ِ‬
‫فاية يف‬
‫ِ‬ ‫اش لِلار ِ‬ ‫ِ‬ ‫عبد هللاِ رضي هللا عنهما أ ان َ ِ‬ ‫اِلديث ي روي جابر بن ِ‬ ‫ِ‬
‫اش‬‫جل» أي‪ :‬فر ٌ‬ ‫رسول هللا صلاى هللاُ عليه وسلا َم قال له‪« :‬فر ٌ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ويف هذا‬
‫ايف‬ ‫ايف إ ْن جاء‪ ،‬وهذا ِمن ِ‬
‫ابب إكرِام الض ِ‬ ‫االث يكو ُن لِلض ِ‬
‫آخ ُر َّلمرأتِه‪ ،‬والث ُ‬
‫اش َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫عند نَومه واضطجاعه وراحته‪ ،‬وفر ٌ‬
‫جل َ ِ‬ ‫كاف لِلار ِ‬
‫واح ٌد ٍ‬
‫الص ِ‬
‫فة‬ ‫ِ‬
‫الدنيا‪ ،‬وما كان ُبذه ّ‬
‫اَّلختيال ب ِز ِ‬
‫ينة ُّ‬ ‫ِ‬ ‫للمباهاةِ و‬ ‫اِلاجة ِّ‬
‫فاختاذُه إاَّنا هو ُ‬
‫ِ‬ ‫يطان‪ ،‬أي‪ :‬إ ان ما زاد على‬ ‫للش ِ‬ ‫ابع يكو ُن ِّ‬ ‫ِ ِ‬
‫والقيام حبَ ّقه‪ ،‬وال ار ُ‬
‫ومقيلَه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فهو مذموم‪ ،‬وكل م ٍ‬
‫بيت الشايطان َ‬
‫مر به‪ ،‬فكأناه له‪ ،‬أو ألناه إذا مل ُحيتَ ْج إليه‪ ،‬كان َم َ‬ ‫وَي ُ‬
‫ضاف إىل الشايطان؛ ألناه يَرتضيه َ‬ ‫ذموم يُ ُ‬ ‫َ ٌ ُّ َ‬
‫تاج‬ ‫جل إذا أراد أ ْن يَتو اس َع يف ال ُف ِ‬ ‫ا‬ ‫ِ‬
‫وضي ُفه‪ ،‬وما زاد على ذلك مماا َّل ُحي ُ‬ ‫تاجه و ْأهلُه َ‬
‫رش‪ ،‬فغايتُه ما َحي ُ‬ ‫َ‬ ‫ر‬‫ا‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫اِلديث‬ ‫قصود هذا‬
‫وم ُ‬ ‫عليه‪َ ،‬‬
‫ابب ال اس ِ‬
‫رف‪.‬‬ ‫إليه فهو ِمن ِ‬
‫ِ‬
‫احلديث‪:‬‬ ‫ويف‬
‫اش‪.‬‬ ‫▪ الناهي ع اما زاد ع ِن اِلاج ِة ِمن ِ‬
‫الفر ِ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫حاجته‪.‬‬ ‫الرتفُِّه ُبا‪ ،‬وأ ْن ي ِ‬
‫قتصَر اإلنسا ُن على‬ ‫ِ‬
‫املباحة و ا‬ ‫ِ‬
‫اآلَّلت واألموِر‬ ‫رك اإلكثا ِر ِمن‬
‫▪ تَ ُ‬
‫َ‬
‫ايطان‪ ،‬فَل يَنْبغي ِّاختاذُه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اِلاجة فإناه للش ِ‬ ‫▪ أ ان ما زاد على‬
‫ِ‬ ‫مَل ِمن أعمالِه اإَّل ويشا ِرَكه فيه‪ ،‬ا ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اِلذر‬
‫حىت يُوق َعه يف املخالَفة‪ ،‬فيَ ْنبغي ُ‬ ‫ُ‬ ‫▪ بَيا ُن تَسلُّط الشايطان على بَين َ‬
‫آدم؛ حبيث إناه َّل يَرتُُك َع ا‬
‫ِ‬
‫إرضائه‪.‬‬ ‫ؤدي إىل‬‫ِ‬
‫عد ع اما يُ ّ‬
‫منه‪ ،‬والبُ ُ‬
‫شرح اإلمام النووي‬
‫ف وال ارابِع لِلشايطَ ِ‬ ‫ِ ِ ِِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫قَوله صلاى ا ِ‬
‫ال الْعُلَ َماء ‪َ :‬م ْعنَاهُ أَ ان َما َز َاد َعلَى‬
‫ان ) قَ َ‬ ‫ْ‬ ‫اَّلل َعلَْيه َو َسلا َم ‪ ( :‬فَراش للار ُج ِل َوفَراش َّل ْمَرأَته َوالثاالث للضْاي َ‬ ‫ْ َ‬
‫ضاف إِ َىل الشْايطَان‬ ‫اِلاجة فَاِ ِّختَاذه إِاَّنَا هو لِلْمباهاةِ و ِاَّل ْختِيال و ِاَّللْتِهاء بِ ِزينَ ِة الدُّنْيا ‪ ,‬وما َكا َن ُِب ِذهِ ِ‬
‫الص َفة فَ ُه َو َم ْذ ُموم َوُك ّل َم ْذ ُموم يُ َ‬
‫َ ّ‬ ‫َ ََ‬ ‫ُ َ َُ َ َ َ َ َ‬ ‫َْ َ‬
‫ضيه َويُ َو ْس ِوس بِِه َوُحيَ ِّسنهُ َويُ َساعِد َعلَْي ِه‪.‬‬ ‫ِألَناه ي رتَ ِ‬
‫ُ َْ‬
‫ت الا ِذي ََّل‬
‫ان علَي ِه مبِيت وم ِقيل ‪َ ,‬كما أَناه َحيصل لَه الْمبِيت ِابلْب ي ِ‬
‫َْ‬ ‫َ ُ ُْ ُ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يل ‪ :‬إِناهُ َعلَى ظَاهره ‪َ ,‬وأَناهُ إِ َذا َكا َن لغَ ِْري َح َ‬
‫اجة َكا َن للشْايطَ َ ْ َ َ ُ‬ ‫َ َ‬
‫وقِ‬
‫احبُهُ عِْند ُد ُخوله عِ َشاء‪.‬‬ ‫اىل ص ِ‬
‫اَّللَ تَ َع َ َ‬
‫يَ ْذ ُكر ا‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وأَاما تَع ِديد الْ ِفراش لِلازو ِج والازوجة فَ ََل أبْس بِِه ; ِألَناه قَ ْد َحيتَاج ُكل و ِ‬
‫استَ َد ال‬
‫ك ‪َ ,‬و ْ‬ ‫احد ِمْن ُه َما إِ َىل فَراش عِْند الْ َمَرض َوَْحنوه َو َغ ْري َذل َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ َْ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬
‫ضعِيف ِألَ ان الْ ُمَراد ُِبَ َذا َوقْت‬ ‫ب عضهم ُِب َذا علَى أَناه ََّل ي ْلزمه الناوم مع اِمرأَته ‪ ,‬وأَ ان لَه ِاَّلنْ ِفراد عْن ها بِِفر ِ ِ‬
‫اش ‪َ ,‬واَّل ْستِ ْدََّلل بِِه ِيف َه َذا َ‬‫َ ْ ْ َ َ ُ َ َ ُ ْ َ َ َْ َ ُ َ َ َ َ‬
‫ِ ِ ِ‬
‫ص َواب ِيف الن ْاوم َم َع الازْو َجة أَناهُ إِ َذا َملْ‬ ‫س َواجباا لَكناهُ بِ َدل ٍيل َ‬
‫آخر ‪َ ,‬وال ا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اجة َكالْ َمَرض َو َغ ْريه َك َما ذَ َك ْرَان ‪َ ,‬وإ ْن َكا َن الن ْاوم َم َع الازْو َجة لَْي َ‬
‫اِلَ َ‬
‫ْ‬
‫اِ‬ ‫اَّلل صلاى ا ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫اح ٍد ِمْن هما ع ْذر ِيف ِاَّلنْ ِفراد فَاجتِماعهما ِيف فِراش و ِ‬ ‫ي ُكن لِو ِ‬
‫ب‬ ‫اَّلل َعلَْيه َو َسلا َم الذي َواظَ َ‬ ‫ضل ‪َ ,‬و ُه َو ظَاهر ف ْعل َر ُسول ا َ‬ ‫احد أَفْ َ‬ ‫َ َْ َ َ َ‬ ‫َُ ُ‬ ‫َ ْ َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫اَّلل َعلَْي ِه َو َسلا َم َعلَى قيَام اللاْيل ‪ ,‬فَيَ نَام َم َع َها ‪ ,‬فَإِذَا أ ََر َاد الْقيَام ل َو ِظي َفتِ ِه قَ َام َوتََرَك َها ‪ ,‬فَيَ ْج َمع بَْي َو ِظي َفته َوقَ َ‬
‫ضاء‬ ‫صلاى ا‬ ‫ِ‬
‫َعلَْيه َم َع ُم َواظَبَته َ‬
‫اجلِ َماع‪.‬‬
‫صها َعلَى َه َذا ‪ ,‬مثُا إِناهُ ََّل يَلَْزم ِم ْن الن ْاوم َم َع َها ْ‬ ‫ِ‬ ‫وف ‪ََّ ,‬ل ِسياما إِ ْن عر َ ِ‬ ‫ح ّقها الْمْن ُدوب وعِ ْشرِتَا ِابلْمعر ِ‬
‫ف م ْن َحاهلَا ح ْر َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ ُْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ َ‬
‫اَّللُ أ َْعلَم‪.‬‬
‫َو ا‬

‫ابب حترمي جر الثوب خيالء‬


‫وبيان حد ما جيوز إرخاؤه إليه وما يستحب‬

‫‪ -42‬حدثنا حيىي بن حيىي قال قرأت على مالك عن انفع وعبد هللا بن دينار وزيد بن أسلم كلهم ُيربه عن ابن عمر أن رسول هللا‬
‫ينظر هللاُ إىل من جار ثوبَه ُخيَلء"‬
‫صلى هللا عليه وسلم قال‪َّ" :‬ل ُ‬

‫معاين الكلمات‬
‫التكرب والعجب ابلنفس‬
‫‪ُّ :‬‬ ‫اخلُيََلء‬
‫‪ :‬تكربا‬ ‫خيَلء‬
‫َّل ينظر هللا ‪َّ :‬ل ينظر نظرة رمحة وعطف‬
‫‪ :‬سحب على وجه األرض بسبب طول اإلزار وحنوه‬ ‫جر‬
‫ّ‬
‫شرح احلديث‬
‫صفةَ الكِرب ِ‬ ‫تكرب‪ ،‬وَّل َِحي ُّق ٍ‬
‫ألحد ِمن عِ ِ‬
‫باده أ ْن ينا ِزعه ِ‬
‫تالي‬
‫ين واملُ ْخ َ‬ ‫تكرب َ‬‫وتعاىل املُ ِّ‬
‫ايء‪ ،‬وق ْد توعا َد ُسبحانَه َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ َ‬ ‫ِ‬
‫وتعاىل هو املُ ُّ‬ ‫إ ان هللاَ ُسبحانَه َ‬
‫فة َّل يَنبَغي أ ْن تكو َن اإَّل له َ‬
‫تعاىل‪.‬‬ ‫بص ٍ‬ ‫لَ اما اتاصفوا ِ‬
‫َ‬
‫ي ب َقص ِد الكِ ِرب‪ -‬بع ٍ‬ ‫ديث تَوعا َد النايب صلاى هللا عليه وسلام من جار ثَوبه خيَلء ‪-‬أي‪ِ َ :‬‬ ‫ويف هذا اِل ِ‬
‫قوبة‬ ‫ُ‬ ‫ياب إىل ما ْبع َد ال َك ْعبَ ِ ْ‬
‫أطال الثّ َ‬ ‫َ َ َ َ َُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬
‫كل َمن ُح ِرَم نظََر هللاِ عاز ا‬
‫وجل إليه؛ فإ ان‬ ‫ِ‬
‫القيامة اأَّل يَنظَُر هللاُ إليه‪ ،‬و ُّ‬ ‫يوم‬ ‫ِ‬
‫وم القيامة»‪ ،‬أي‪ :‬كان َجز ُاؤه َ‬
‫ٍ‬
‫َشديدة؛ وهي « َملْ يَنظُِر هللاُ إليه يَ َ‬
‫ايب صلاى هللاُ عليه‬ ‫ديث‪ ،‬قال للن ِّ‬ ‫ذاب األلي ِم‪ ،‬فل اما َِسع أبو بَك ٍ‬
‫للع ِ‬ ‫وصاحبه مستَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫له نَصيبا ِمن الو ِ‬
‫ضي هللاُ عنه هذا اِلَ َ‬ ‫َ‬ ‫ر‬‫َ‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫ق‬
‫ٌّ‬ ‫ح‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫‪،‬‬ ‫عيد‬ ‫َ‬ ‫ا‬
‫ض‪ ،‬ولكناه يَنتَبِهُ إليه ويَرفَعُه‬ ‫ِ‬
‫يل على األر ِ‬ ‫أح َد طَ َْ ِ‬
‫ريف ثَوبه ََي ُ‬ ‫عاه َد ذلك منه»‪ ،‬يَعين‪ :‬إ ان َ‬ ‫سرتخي‪ ،‬اإَّل أ ْن أتَ َ‬ ‫اي ثَ ْوِب يَ َْ‬ ‫أح َد شق ْ‬ ‫وسلا َم‪« :‬إ ان َ‬
‫ُكلاما اسرتخى‪ ،‬فنَفى عنه النايب صلاى هللا عليه وسلام ِ ِ‬
‫صفةَ الك ِرب‪ ،‬و ْ‬
‫أخ ََربه أناه َّل يَصنَ ُع ذلك ُخيََلءَ وتَباهياا‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ْ َْ‬

‫ِ‬
‫احلديث‪:‬‬ ‫من فوائد‬
‫َترمي إسبال الثياب مطلقا‪ ،‬ويشتد التحرمي حي يكون ذلك تكربا‪.‬‬ ‫❖‬
‫هذا اِلكم عام يف الثياب والسراويل وغريها‪.‬‬ ‫❖‬
‫إثبات صفة النظر هلل ‪-‬سبحانه وتعاىل‪.-‬‬ ‫❖‬
‫اإلسبال فيه مفاسد كثرية‪ ،‬ومنها الوقوع يف اإلسراف‪ ،‬ألن الثوب الزائد على قدر َّلبسه يتسخ ويتمزق فهو داخل يف‬ ‫❖‬
‫اإلسراف‬
‫شرح اإلمام النووي‬
‫ال اِ ْختِيَ ااَّل‬
‫اختَ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اخلُيَ ََلء ِابلْ َم ّد‪َ ،‬والْ َمخيلَة َوالْبَطَر َوالْك ْرب َوالازْهو َوالتابَ ْخ ُرت ُكلّ َها ِمبَْع ان َواحد َو ُه َو َحَرام‪َ .‬ويُ َقال‪َ :‬خال الار ُجل َو ْ‬ ‫ال الْعُلَ َماء ‪ْ :‬‬ ‫قَ َ‬
‫َي ََّل يَْر َمحهُ َوََّل يَنْظُر إِلَْي ِه نَظَر َر ْمحَة‪.‬‬ ‫احب كِرب ومعن ََّل ي نْظُر ا ِ‬
‫اَّلل إِلَْيه أ ْ‬ ‫ْ ََ ْ َ َ‬
‫احب خال أَي ص ِ‬
‫َ ْ َ‬
‫إِذَا تَ َك ارب وهو رجل خال أَي متَ َكِرب وص ِ‬
‫َ َ َُ َ ُ َ ْ ُ ّ َ َ‬
‫اإل َزار َوالْ َق ِميص‬ ‫اإل ْسبَال يَ ُكون ِيف ِْ‬ ‫ص ِحيح أَ ان ِْ‬ ‫اِلَ ِديث ال ا‬ ‫اك ْ‬ ‫اض احا بُِف ُروعِ ِه َوِذ ْكرَان ُهنَ َ‬ ‫اإلَيَان و ِ‬ ‫ِ‬
‫َحاديث فَ َق ْد َسبَ َق ِيف كتَاب ِْ َ‬
‫وأَاما فِ ْقه ْاأل ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫يدها ِاب ْجلَِّر ُخيَ ََلء‬ ‫ي إِ ْن َكا َن لِلْخي ََل ِء فَإِ ْن َكا َن لِغَ ِريها فَهو م ْكروه وظَو ِاهر ْاأل ِ‬ ‫َوالْعِ َم َامة َوأَناهُ ََّل َجيُوز إِ ْسبَاله ََْتت الْ َك ْعبَ ْ ِ‬
‫َحاديث ِيف تَ ْقيِ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ َُ َ ُ َ َ‬ ‫َُ‬
‫اإل ْسبَال لِلنِّ َس ِاء َوقَ ْد‬
‫َمجَع الْعُلَ َماء َعلَى َجواز ِْ‬
‫َ‬ ‫ص الشاافِعِ ّي َعلَى الْ َف ْرق َك َما ذَ َك ْرَان َوأ ْ‬ ‫صوص ِاب ْخلُيَ ََل ِء َوَه َك َذا نَ ا‬ ‫اح ِرمي ُمَْ ُ‬
‫تَ ُد ّل َعلَى أَ ان الت ْ‬
‫ِ‬ ‫اَّلل َعلَْي ِه َو َسلام ِْ‬
‫اَّلل أ َْعلَم‪.‬‬
‫اعا‪َ .‬و ا‬‫اإل ْذن َهلُ ان ِيف إِ ْر َخاء ذُيُوهل ان ذ َر ا‬ ‫َ‬ ‫صلاى ا‬ ‫ايب َ‬‫ص اح َع ْن النِ ّ‬ ‫َ‬
‫ي َك َما ِيف َح ِديث اِبْن عُ َمر الْ َم ْذ ُكور َوِيف َح ِديث أَِِب‬ ‫صف ال اساقَ ْ ِ‬ ‫وأَاما الْ َق ْدر الْمحتَسب فِيما ي ْن ِزل إِلَي ِه طَرف الْ َق ِميص و ِْ ِ‬
‫اإل َزار فَن ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ْ َ‬ ‫ُْ َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫ك فَ ُه َو ِيف الناار)‪.‬‬ ‫َس َفل ِم ْن َذل َ‬ ‫ي َما أ ْ‬ ‫يما بَْينه َوبَْي الْ َك ْعبَ ْ ِ‬ ‫ِ‬
‫صاف َساقَ ْيه ََّل ُجنَاح َعلَْيه ف َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َسعيد‪( :‬إَِز َارة الْ ُم ْؤمن إِ َىل أَنْ َ‬
‫ي فَ ُه َو ممَْنُوع‪ .‬فَإِ ْن َكا َن لِلْ ُخيَ ََل ِء فَ ُه َو ممَْنُوع‬
‫ي فَ َما نََزَل َع ْن الْ َك ْعبَ ْ ِ‬ ‫اجلَائِز بََِل َكر َاهة َما ََْتته إِ َىل الْ َك ْعبَ ْ ِ‬
‫َ‬ ‫ي َو ْ‬‫صف ال اساقَ ْ ِ‬ ‫بنْ‬
‫فَالْمستَح ِ‬
‫ُْ َ ّ‬
‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مْنع ََْت ِرمي وإِاَّل فَمْنع تَ ْن ِزيه‪ .‬وأَاما ْاأل ِ‬
‫ب محَْله‬ ‫َحاديث الْ ُمطْلَ َقة أبَ ان َما ََْتت الْ َك ْعبَ ْي ِيف الناار فَالْ ُمَراد ُبَا َما َكا َن ل ْل ُخيَ ََلء ألَناهُ ُمطْلَق فَ َو َج َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫اَّلل أ َْعلَم‪.‬‬
‫َعلَى الْ ُم َقياد‪َ .‬و ا‬
‫اجة َوالْ ُم ْعتَاد ِيف اللِّبَاس ِم ْن الطُّول َوال اس َعة‪َ .‬و ا‬
‫اَّللُ أ َْعلَم!‬ ‫اِلَ َ‬‫ال الْعُلَ َماء‪َ :‬وِاب ْجلُ ْملَ ِة يُكَْره ُك ّل َما َز َاد َعلَى ْ‬ ‫اضي‪ :‬قَ َ‬ ‫ال الْ َق ِ‬
‫قَ َ‬
‫ابب حترمي خامت الذهب على الرجال‬
‫ونسخ ما كان من إابحته يف أول اإلسالم‬

‫َخ َربِِن إِبْر ِاهيم بْ ُن عُ ْقبَةَ َع ْن ُكريْ ٍ‬ ‫يم ُّي َحداثَنَا ابْ ُن أَِِب َم ْرَميَ أ ْ ِ‬ ‫ام ِ‬
‫‪ -52‬ح ادثَِين ُحمَ ام ُد بن سه ٍل الت ِ‬
‫ب‬ ‫َ‬ ‫َخ ََربِن ُحمَ ام ُد بْ ُن َج ْع َف ٍر أ ْ َ َ ُ‬ ‫ُْ َْ‬ ‫َ‬
‫ب ِيف يَ ِد َر ُج ٍل فَنَ َز َعهُ فَطََر َحهُ َوقَ َ‬
‫ال‬ ‫اَّللُ َعلَْي ِه َو َسلام َرأَى َخامتَاا ِم ْن َذ َه ٍ‬
‫َ‬ ‫صلاى ا‬ ‫ول اِ‬
‫اَّلل َ‬ ‫اس أَ ان َر ُس َ‬ ‫اس َع ْن َعْب ِد ا‬
‫اَّللِ بْ ِن َعبا ٍ‬ ‫َم ْوَىل ابْ ِن َعبا ٍ‬
‫ك انْتَ ِف ْع بِِه‬ ‫ِ‬ ‫ول اِ‬ ‫ي ع ِم ُد أَح ُد ُكم إِ َىل مجرةٍ ِمن َان ٍر فَيجعلُها ِيف ي ِدهِ فَِق ِ‬
‫اَّللُ َعلَْي ِه َو َسلا َم ُخ ْذ َخامتَ َ‬
‫صلاى ا‬ ‫اَّلل َ‬ ‫ب َر ُس ُ‬‫يل للار ُج ِل بَ ْع َد َما َذ َه َ‬ ‫َ‬ ‫َ َْ َ َ‬ ‫َ ْ َ ْ ََْ ْ‬
‫اَّللُ َعلَْي ِه َو َسلا َم‬
‫صلاى ا‬ ‫ول اِ‬ ‫ال ََّل و اِ‬
‫اَّلل َ‬ ‫آخ ُذهُ أَبَ ادا َوقَ ْد طََر َحهُ َر ُس ُ‬
‫اَّلل ََّل ُ‬ ‫قَ َ َ‬
‫معاين الكلمات‬
‫قصد‪ .‬انتفع به‪ :‬بِعه أو أع ِطه ٍ‬
‫ألحد من النساء‪.‬‬ ‫أرضا‪ .‬يَعمد‪ :‬يَ ُ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫طرحه‪ :‬ألقاه ا‬ ‫فنزعه‪ :‬أخرجه‪.‬‬

‫شرح احلديث‬

‫نزعه»‪ ،‬أي‪:‬‬ ‫ذه ٍ‬ ‫ِ‬ ‫اس رضي هللا عنهما أ ان النِايب صلاى هللا عليه وسلام رأى رج اَل يلبس يف ِ‬ ‫بن عبا ٍ‬ ‫عبد هللاِ‬
‫ب‪« ،‬فَ َ‬ ‫إصبَعه خامتاا من َ‬‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ا‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫يَْروي ُ‬
‫أشد يف الازج ِر والت ِ‬
‫ايب صلاى هللاُ عليه وسلا َم ألناه أبلَ ُغ يف اإلنكا ِر و ُّ‬ ‫أخرجه ِمن إصبِ ِع ال ار ِ‬
‫اشديد يف الناه ِي‬ ‫أرضا‪ ،‬وإاَّنا ألْقاهُ الن ُّ‬
‫جل وأَلقاه ا‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الر ِ‬
‫جعلُها يف‬‫انصحا‪ :‬يَ ْعم ُد‪ ،‬أي‪ :‬أيَقص ُد أح ُدكم إىل «مجرةٍ»‪ ،‬وهي القطعةُ امللتهبةُ م َن الناا ِر‪ ،‬فيَ َ‬ ‫ا‬ ‫هب‪ .‬وقال له‬ ‫جال لل اذ ِ‬ ‫بس ِّ‬ ‫عن لُ ِ‬
‫ضي هللاُ عنهم ْبع َدما‬ ‫بعض ال ا ِ‬ ‫جل ِمن ِ‬ ‫يل لِلار ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ي ِده؟! أي‪ :‬أ ان لُبس ال اذ ِ ِ ِ‬
‫هب ل ِّلرجال َجي َعلُه سبباا ليُع اذ َ‬
‫صحابة َر َ‬ ‫يوم القيامة‪ ،‬فَق َ‬ ‫ب عليه َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫انتفع به»‪ ،‬وذلك بِبيعِه أو إبعطائِه ا ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف ِم َن ِ‬
‫أجاب‪َّ :‬ل‬
‫أحدا م َن النّساء‪ ،‬فَ َ‬ ‫َ‬ ‫«خ ْذ َخامتَك ْ‬ ‫اجمللس‪ُ :‬‬ ‫ب صلاى هللاُ عليه وسلا َم‪ ،‬و َ‬
‫انصَر َ‬ ‫َذ َه َ‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫ِ‬
‫ف فيه ابلبي ِع‬
‫اصر ُ‬
‫أيضا الت ُّ‬ ‫أخ َذه مل َحي ُرْم عليه‪ ،‬وَّل َحي ُرُم عليه ا‬
‫جل َ‬ ‫أبدا وق ْد طََر َحه صلى هللاُ عليه وسل َم‪ ،‬قيل‪ :‬لو أ ان الار َ‬ ‫آخ ُذه ا‬
‫وهللا‪َّ ،‬ل ُ‬
‫ِ‬
‫اإلابحة‪،‬‬ ‫صرفِه على‬‫بسه‪ ،‬وبَِق َي ما ِسواهُ ِمن تَ ُّ‬
‫جه‪ ،‬وإاَّنا َِناه عن لُ ِ‬
‫ُ‬
‫بكل و ٍ‬ ‫وغ ِريه؛ أل ان النايب صلاى هللا عليه وسلام مل ي ْن هه عن الت ُّ ِ‬
‫اصرف فيه ِّ َ‬ ‫َ َ َُ‬ ‫ُ‬ ‫ا‬
‫ايب صلاى هللاُ عليه وسلا َم‪.‬‬ ‫أخ ِذه؛ مبالَغةا منه يف ِ‬
‫امتثال ْأم ِر النِ ِّ‬ ‫ع عن ْ ُ‬ ‫ولكناه تَوار َ‬
‫احلكمة من حترمي الذهب على الرجال‬

‫صَلح ألحواهلم ودفع الضرر عنهم يف دنياهم وآخرِتم‪ ،‬وقد تظهر اِلكمة من بعض‬ ‫ٌ‬ ‫بكل ما فيه‬ ‫أمر هللا ‪-‬سبحانه وتعاىل‪ -‬العباد ّ‬
‫كل األحوال أن يُسلّم ألمر هللا تعاىل‬
‫األحكام الشرعيّة للمسلم‪ ،‬وقد ختفى اِلكمة من بعض األوامر والنواهي‪ ،‬وعلى املسلم يف ّ‬
‫حرمت الشريعة اإلسَلمية الذهب على الرجال؛ ليمتاز الرجال على النساء وُيتلفوا عنهم‪،‬‬ ‫ويذعن لشريعته اليت فيها مصلحته‪ ،‬وقد ّ‬
‫وخصال متيّزها‪ ،‬والذهب‬ ‫صةٌ‪ ،‬واملرأة هلا خصائص‬ ‫خاصةٌ به؛ فالرجل له خصائص وخصال خا ا‬ ‫ٍ‬
‫ٌ‬ ‫لكل واحد منهم خصائص ّ‬ ‫وليكون ّ‬
‫ٍ‬
‫خاص ابلنساء وممّا أُبيح هلم دون الرجال‬ ‫التجمل؛ وهذا ٌ‬ ‫عد للزينة و ّ‬ ‫بوجه ٍّ‬
‫عام ُم ٌّ‬
‫شرح اإلمام النووي‬
‫قَ ْوله‪َ ( :‬رأَى َخامتَاا ِم ْن ذَ َهب ِيف يَد َر ُجل فَنَ َز َعهُ فَطََر َحهُ ) فِ ِيه إَِزالَة الْ ُمنْ َكر ِابلْيَ ِد لِ َم ْن قَ َد َر َعلَْي َها‪.‬‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وأَاما قَوله صلاى ا ِ‬
‫ص ِريح ِأبَ ان‬
‫لها ِيف يَده ) فَفيه تَ ْ‬ ‫َحد ُك ْم إِ َىل مجََْرة م ْن َانر فَيَ ْج َع َ‬
‫اَّلل َعلَْيه َو َسلا َم حي نََز َعهُ م ْن يَد الار ُجل ‪ ( :‬يَ ْع َمد أ َ‬ ‫َ ْ َ‬
‫اح ِرِمي َك َما َسبَ َق‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اهي َع ْن َخ َامت ال اذ َهب للت ْ‬
‫الن ْ‬
‫اَّلل صلى هللا عليه وسلم فَ ِف ِيه الْ ُمبَالَغَة ِيف اِ ْمتِثَال أ َْمر‬ ‫آخذهُ ‪َ ,‬وقَ ْد طََر َحهُ َر ُسول ا‬ ‫احب ه َذا ْ ِ‬
‫اخلَ َامت حي قَالُوا لَهُ ‪ُ :‬خ ْذهُ ََّل ُ‬ ‫َ‬
‫وأَاما قَول ص ِ‬
‫َ ْ َ‬
‫ت الضاعِي َفة‪.‬‬‫الرت ُّخص فِ ِيه ِابلتاأْ ِو َيَل ِ‬ ‫اَّلل صلى هللا عليه وسلم ‪ ,‬و ِ‬
‫اجتنَاب َِنْيه ‪َ ,‬و َع َدم اَ‬ ‫َ ْ‬ ‫َر ُسول ا‬
‫اإلابحة لِمن أَراد أَخذه ِمن الْ ُف َقراء و َغريهم ‪ ,‬و ِحينَئِ ٍذ َجيوز أ ِ‬
‫َخذه ل َم ْن َشاءَ ‪ ,‬فَإِ َذا أ َ‬
‫َخ َذهُ‬ ‫ُ ْ‬ ‫اخلَ َامت َعلَى َسبيل ِْ َ َ َ ْ َ َ ْ ْ َ َ ْ ْ َ‬
‫ِ‬ ‫مثُا إِ ان َه َذا الار ُجل إِاَّنَا تَ َرَك ْ‬
‫صُّرفه فِ ِيه‪.‬‬
‫َج َاز تَ َ‬
‫ص َدقَة بِِه َعلَى َم ْن َْحيتَاج إِلَْي ِه ;‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ولَو َكا َن ِ‬
‫َخذه َوأ ََر َاد ال ا‬ ‫اص ُّرف فيه ِابلْبَ ْي ِع َو َغ ْريه ‪َ ,‬ولَك ْن تَ َوار َ‬
‫ع َع ْن أ ْ‬ ‫َخذ َوالت َ‬‫َخ َذهُ َملْ َْحيُرم َعلَْيه ْاأل ْ‬
‫صاحبه أ َ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِألَ ا‬
‫ص ُّرفه َعلَى ِْ‬
‫اإل َاب َحة‪.‬‬ ‫اصُّرف فيه بِ ُك ِّل َو ْجه ‪َ ,‬وإِاَّنَا َِنَاهُ َع ْن لُْبسه ‪َ ,‬وبَق َي َما س َواهُ م ْن تَ َ‬ ‫ايب صلى هللا عليه وسلم َملْ يَْن َههُ َع ْن الت َ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫ن‬

‫ابب‪ :‬لبس النيب ﷺ خامتا من ورق نقشه حممد رسول هللا‬


‫ولبس اخللفاء له من بعده‬
‫اَّللِ‪َ ،‬ع ْن َانفِ ٍع‪،‬‬
‫وحداثَنَا ابْ ُن َُّنٍَْري‪َ ،‬حداثَنَا أَِِب‪َ ،‬حداثَنَا عُبَ ْي ُد ا‬ ‫اَّلل (ح) َ‬
‫اَّللِ بن َُّنَ ٍري‪ ،‬عن عب ي ِد اِ‬
‫َخ ََربَان َعْب ُد ا ْ ُ ْ َ ْ َُ ْ‬ ‫‪َ -54‬حداثَنَا َْحي َىي بْ ُن َْحي َىي‪ ،‬أ ْ‬
‫اَّللُ َعلَْي ِه َو َسلا َم َخامتَاا ِم ْن َوِرٍق‪ ،‬فَ َكا َن ِيف يَ ِدهِ‪ ،‬مثُا َكا َن ِيف يَ ِد أَِِب بَ ْك ٍر‪ ،‬مثُا َكا َن ِيف يَ ِد عُ َمَر‪،‬‬
‫صلاى ا‬ ‫ول اِ‬
‫اَّلل َ‬ ‫ال ‪ :‬ااختَ َذ َر ُس ُ‬ ‫َع ِن ابْ ِن عُ َمَر‪ ،‬قَ َ‬
‫اَّللِ‪ ،‬قَ َ‬
‫ال ابْ ُن َُّنٍَْري‪َ :‬ح اىت َوقَ َع ِيف بِْئ ِر َوَملْ يَ ُق ْل ِمْنهُ‪.‬‬ ‫ول ا‬ ‫مثُا َكا َن ِيف يَ ِد عُثْ َما َن‪َ ،‬ح اىت َوقَ َع ِمْنهُ ِيف بِْئ ِر أَ ِر ٍ‬
‫يس‪ ،‬نَ ْق ُشهُ ُحمَ ام ٌد َر ُس ُ‬

‫معاين الكلمات‬
‫ش‪َ :‬ح َفَر) "العلم يف الصغر كالنقش يف اِلجر"‬
‫(نَ َق َ‬ ‫‪carving, engraving, cutting‬‬ ‫الوِرق‪ :‬الفضة‪ ،‬النقش‪:‬‬
‫شرح احلديث‬
‫اَّلقتداء ِبفعلِه‪ ،‬و ِ‬
‫ِ‬
‫اقتفاء أثَِره‪ِ ،‬‬
‫وح ْف ِظ‬ ‫ْ‬ ‫اِلب على التزِام أ َْم ِره‪ ،‬و‬‫شديدا‪ ،‬ومحلهم هذا ُّ‬ ‫سول هللاِ صلاى هللاُ عليه وسلام حباا ا‬ ‫صحابةُ َر َ‬ ‫أحب ال ا‬
‫ا‬
‫آاث ِره صلاى هللاُ عليه وسلام‪.‬‬
‫ِ‬
‫اإلسَلم‪ ،‬وفيه‬ ‫للملوك اليت كان يَ ْدعوهم فيها إىل‬ ‫ِ‬ ‫ايب صلاى هللاُ عليه وسلام الذي كان َُيتِ ُم به َرسائلَه‬ ‫فة َِ‬
‫خامت الن ِّ‬ ‫صِ‬ ‫اِلديث يف ِ‬
‫ُ‬ ‫وهذا‬
‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬
‫ب لَهُ"‪،‬‬‫بن مالك رض َي هللاُ عنه‪ :‬أ ان أاب بَك ٍر رض َي هللاُ عنهُ ملاا أصبَ َح اخلليفةَ ْبع َد َموت َرسول هللا صلاى هللاُ عليه وسلام‪َ " ،‬كتَ َ‬ ‫أنس ُ‬
‫ُُيربُ ُ‬
‫ايب صلاى هللاُ عليه وسلام‪ ،‬الذي‬ ‫وختَ َمهُ َِ‬
‫ِبامت الن ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ألنس ر ِ‬
‫أي‪ٍ :‬‬
‫مقادير الزكاة‪َ ،‬‬‫َ‬ ‫له‬ ‫كتب‬ ‫قد‬ ‫كان‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬‫ن‬ ‫ي‬
‫ر‬ ‫البح‬ ‫إىل‬ ‫هه‬‫ج‬‫ا‬ ‫و‬ ‫َ‬ ‫حي‬ ‫عنه‬ ‫ُ‬‫هللا‬ ‫ي‬
‫َ َ‬‫ض‬
‫أسطُ ٍر‪ُ :‬‬ ‫ش ِ‬ ‫ِ‬
‫(حم ام ٌد) َسطٌْر‪،‬‬ ‫املكتوب عليه‪" ،‬ثَلثةَ ْ‬‫ُ‬ ‫الكَلم‬
‫ُ‬ ‫اخلامت»‪ ،‬أي‪:‬‬ ‫ايب صلاى هللاُ عليه وسلام‪« ،‬وكا َن ن ْق ُ‬ ‫كا َن معهُ ْبع َد َوفاة الن ِّ‬
‫َللة يف أَعلى اخلَا ِمت‪.‬‬‫ظ اجل ِ‬ ‫ِ‬
‫و(رسول) َسطٌْر‪ ،‬و(هللا) َسطٌْر"‪ ،‬وكا َن لف ُ َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫وُيِرب أنس ر ِ‬
‫بعد أَِب‬
‫مر َ‬ ‫النيب صلاى هللاُ عليه وسلام كان يف يده‪ ،‬مثا يف يد أَِب بَك ٍر َرض َي هللاُ عنه‪ ،‬مث يف يد عُ َ‬ ‫خامت ِّ‬ ‫ض َي هللاُ عنه أن َ‬ ‫ُ ُ ٌ َ‬
‫صه انحيةَ بط ِن الي ِد‪ِ ،‬‬ ‫ِِ‬ ‫عدهِ َجيعلو َن َ‬ ‫ب ْك ٍر‪ ،‬فكا َن النيب صلاى هللا عليه وسلام واخللفاء ِمن ب ِ‬
‫وظ ُّل‬ ‫َ َ‬ ‫هم‪ ،‬وفَ ُّ ُ‬‫اخلامتَ يف أيدي ِه ْم يَلْبَسونَهُ يف أصابع ْ‬ ‫ُ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬
‫اخلامت‪ ،‬ويف ٍ‬ ‫ضي هللاُ عنه لَبِ‬ ‫خدم مع أِب بك ٍر وعمر‪ ،‬فَلَ اما استخلف عثما ُن ر ِ‬ ‫ِ‬
‫س‬
‫َ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ج‬
‫َ‬ ‫يوم‬ ‫َ‬‫َ‬ ‫س‬
‫َ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫النيب صلاى هللاُ عليه وسلام ُه َو املُستَ َ ُ َ َ ُ َ‬ ‫َخامت ِّ‬
‫اخلامتُ يف البِئ ِر‪ ،‬فتناوبوا ال اذ َ‬
‫هاب‬ ‫ط َ‬ ‫عل ُحيَِّرُكه يف إصبَعِه‪ ،‬أو يف يَ ِده‪ ،‬فَ َس َق َ‬
‫فج َ‬ ‫اخلامتَ َ‬
‫َخَر َج َ‬ ‫ِ‬
‫وهو بِئٌر كا َن يف املدينة‪ ،‬فأ ْ‬‫يس‪َ ،‬‬ ‫َعلى بِْئ ِر أَ ِر ٍ‬
‫اهم مل َِجيدوا َ‬ ‫ِ‬ ‫للبِئ ِر ثَلثةَ اأايٍم للبح ِ‬
‫اخلامتَ‪.‬‬ ‫اخلامت‪ ،‬وأفرغوا البِ َئر من املاء‪ ،‬ولكن ْ‬
‫ث ع ِن َِ‬ ‫َْ‬
‫اثئق الد ْاو ِلة‬
‫وو ِ‬ ‫ثيق مكاتَ ِ‬
‫بات‬ ‫ِ‬ ‫و‬ ‫لت‬ ‫‪-‬‬ ‫ِ‬
‫ل‬ ‫اخلامت ‪-‬وما يستج ُّد من الوسائِ‬
‫ِ‬ ‫ديث‪ :‬مشروعياةُ ِّاخت ِ‬
‫اذ‬ ‫ويف اِل ِ‬
‫َ‬ ‫ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫شرح اإلمام النووي‬

‫قَ ْوله‪( :‬اختذ النيب صلى هللا عليه وسلم خامتا من ورق) الورق الفضة‪ ،‬وقد أمجع املسلمون على جواز خامت الفضة للرجال‪ ،‬وكره بعض‬
‫علماء الشام املتقدمي لبسه لغري ذي سلطان‪ ،‬ورووا فيه أثرا‪ ،‬وهذا شاذ مردود ‪.‬‬

‫قال اخلطاِب‪ :‬ويكره للنساء خامت الفضة‪ ،‬ألنه من شعار الرجال‪ .‬قال‪ :‬فإن مل جتد خامت ذهب فلتصفره بزعفران وشبهه‪ ،‬وهذا الذي‬
‫قاله ضعيف‪ ،‬أو ابطل َّل أصل له‪ ،‬والصواب أنه َّل كراهة يف لبسها خامت الفضة‪.‬‬

‫قوله ‪( :‬اختذ رسول هللا صلى هللا عليه وسلم خامتا من ورق‪ ،‬فكان يف يده‪ ،‬مث كان يف يد أِب بكر‪ ،‬مث كان يف يد عمر‪ ،‬مث كان يف يد‬
‫عثمان حىت وقع منه يف بئر أريس‪ ،‬نقشه‪ :‬حممد رسول هللا)‪.‬‬
‫فيه التربك آباثر الصاِلي ولبس لباسهم ‪ ،‬وجواز لبس اخلامت ‪ ،‬وأن النيب صلى هللا عليه وسلم مل يورث؛ إذ لو ورث لدفع اخلامت إىل‬
‫ورثته‪ ،‬بل كان اخلامت والقدح والسَلح وحنوها من آاثره الضرورية صدقة للمسلمي‪ ،‬يصرفها ويل األمر حيث رأى من املصاحل‪ ،‬فجعل‬
‫القدح عند أنس إكراما له خلدمته‪ ،‬ومن أراد التربك به مل َينعه‪ ،‬وجعل ابقي األاثث عند انس معروفي‪ ،‬واختذ اخلامت عنده للحاجة‬
‫اليت اختذه النيب صلى هللا عليه وسلم هلا؛ فإِنا موجودة يف اخلليفة بعده‪ ،‬مث اخلليفة الثاِن‪ ،‬مث الثالث‪ .‬وأما بئر أريس فبفتح اهلمزة‬
‫وكسر الراء وابلسي املهملة وهو مصروف‪.‬‬

‫وأما قوله‪( :‬نقشه حممد رسول هللا) ففيه جواز نقش اخلامت‪ ،‬ونقش اسم صاحب اخلامت‪ ،‬وجواز نقش اسم هللا تعاىل‪ .‬هذا مذهبنا‬
‫ومذهب سعيد بن املسيب ومالك واجلمهور‪ ،‬وعن ابن سريين وبعضهم كراهة نقش اسم هللا تعاىل‪ ،‬وهذا ضعيف‪ .‬قال العلماء‪ :‬وله‬
‫أن ينقش عليه اسم نفسه أو ينقش عليه كلمة حكمة‪ ،‬وأن ينقش ذلك مع ذكر هللا تعاىل‪.‬‬

‫ابب استحباب لبس النعال وما يف معناها‬


‫الزب ِري عن جابِ ٍر رضي هللا عنه قَ َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪َ -66‬ح ادثَِين َسلَ َمةُ بْ ُن َشبِ ٍ‬
‫ت‬
‫ال َس ْع ُ‬ ‫ي َحداثَنَا َم ْعق ٌل َع ْن أَِِب َُّْ َ ْ َ‬ ‫اِلَ َس ُن بْ ُن أ َْع ََ‬
‫يب َحداثَنَا ْ‬
‫استَكْثُِروا ِم ْن النِّ َع ِال فَإِ ان الار ُج َل ََّل يََز ُال َراكِباا َما انْتَ َع َل"‬ ‫ٍ‬ ‫اَّللُ َعلَْي ِه َو َسلا َم يَ ُق ُ‬
‫ول ِيف َغ ْزَوة َغَزْو َان َها‪ْ " :‬‬ ‫صلاى ا‬ ‫النِ ا‬
‫ايب َ‬
‫معاين الكلمات‬
‫س النّ ْع َل‬ ‫ِ‬
‫انْتَ َع َل ‪ :‬لب َ‬
‫شرح احلديث‬
‫خذوا كثريا ِمن النِّ ِ‬
‫عال‪ ،‬مجْ ُع‬ ‫عبد هللاِ رضي هللا عنهما أناه َِسع النِايب صلاى هللا عليه وسلام يف غزوةٍ َغزاها َيمرهم أ ْن يتا ِ‬ ‫َحيكي جابر بن ِ‬
‫ا َ‬ ‫َ ُُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ا‬ ‫َ َ ُ‬ ‫ُ ُ‬
‫عند متاب ِ‬ ‫عل‪ ،‬وهو ما يلبس ِمن ِح ٍ‬
‫ذاء لِيقي ال َق َدم ِ‬
‫بب أم ِره َ‬
‫بذلك‪،‬‬ ‫َ َ‬‫س‬
‫َ‬ ‫م‬ ‫ا‬
‫ل‬ ‫وس‬ ‫عليه‬ ‫هللا‬
‫ُ‬ ‫ى‬ ‫ا‬
‫ل‬ ‫ص‬ ‫ايب‬
‫ُّ‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫ي‬‫ا‬ ‫ب‬
‫َ‬ ‫مث‬
‫ا‬ ‫فيهما‪.‬‬ ‫ي‬
‫ِ‬ ‫ش‬
‫ْ‬ ‫امل‬ ‫عة‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫األرض‬ ‫ن‬‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫نَ ٍ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫وسَلمة ِرجله مماا يُل َقى يف‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫اكب يف خفاة املشقاة عليه وقلاة َتعبه‪،‬‬ ‫فقال‪« :‬فإ ان الارجل َّل يز ُال راكباا ما انْتعل»‪ ،‬ومعناه أناه َشبيهٌ ِاب ِلر ِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َلك‪ ،‬و ُلرمباا َّل َُيكِنُهم‬
‫اياع واهل ِ‬
‫الف والض ِ َ‬ ‫ص الغُزاةَ ابَّلستكثا ِر؛ أل ان نِعا َهلم عُرضةٌ للت ِ‬ ‫وشوك وأذاى‪ ،‬وحن ِو ذلك‪َ ،‬‬
‫وخ ا‬ ‫شونة ٍ‬
‫ْ‬
‫الطار ِيق ِمن خ ٍ‬
‫ُ‬
‫اِلصول على غ ِريها‪.‬‬
‫ُ‬
‫ات ابلعِثا ِر والت ِ‬
‫اعب‪َِ ،‬‬
‫فرت ُّق‬ ‫اآلَّلم واملش اق ِ‬
‫ف املش اقةَ؛ فإ ان اِلايف املدميَ للمش ِي ي لْقى ِمن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ ُ َ َ‬ ‫إرشاد إىل املصلحة وتَنبيهٌ على ما ُُي ّف ُ‬ ‫وهذا ٌ‬
‫ِِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قَ ِ‬
‫دوم َم ْشيُه‬
‫ص ُل له ذلك‪ ،‬فيَ ُ‬ ‫دمه من َكثرةِ امل ْش ِي‪ ،‬وهذا ََينَ عُه عن امل ْش ِي وََينَ عُه من الوصول إىل املقصد‪ِ ،‬بَلف املُنتع ِل؛ فإناه َّل َحي ُ‬
‫ُ‬
‫صل إىل م ِ‬
‫قصده كال ار ِ‬
‫اكب‪.‬‬ ‫ِ‬
‫فيَ ُ َ‬
‫شرح اإلمام النووي‬
‫اَّلل َعلَْي ِه َو َسلام ِحي َكانُوا ِيف غََزاة ‪ ( :‬اِ ْستَكْثِروا ِم ْن النِّ َعال ‪ ,‬فَإِ ان الار ُجل ََّل يََزال َراكِباا َما اِنْتَ َعل ) َم ْعنَاهُ أَناهُ َشبِيه ِابل اراكِ ِ‬
‫ب‬ ‫صلاى ا‬‫قَ ْوله َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ِيف ِخفاة الْ َم َشقاة َعلَْي ِه ‪َ ,‬وقلاة تَ َعبه ‪َ ,‬و َس ََل َمة ِر ْجله مماا يَ ْع ِرض ِيف الطا ِريق ِم ْن ُخ ُشونَة َو َش ْوك َوأَ َذى َوَْحنو َذل َ‬
‫ك‪.‬‬
‫ِ‬
‫َص َحابه بِ َذل َ‬
‫ك‪.‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫وفِ ِيه اِستِحباب ِاَّلستِظْهار ِيف ال اس َفر ِابلنِّع ِال و َغريها ِمماا َحيتَاج إِلَي ِه الْمسافِر ‪ ,‬و ِ‬
‫است ْحبَاب َوصياة ْاألَمري أ ْ‬
‫َْ‬ ‫ْ ْ َُ‬ ‫َ َ َْ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ ْ َْ‬
‫ابب استحباب لبس النعل يف اليمىن أوال‬
‫واخللع من اليسرى أوال وكراهة املشي يف نعل واحدة‬

‫‪َ -67‬ح ادثَنا عبد الرمحن بن سَلم اجلمحي حدثنا الربيع بن مسلم عن حممد يعين ابن زايد عن أِب هريرة أن رسول هللا صلى هللا‬
‫عليه وسلم قال‪" :‬إذا انتعل أحدكم فليبدأ ابليمن وإذا خلع فليبدأ ابلشمال ولينعلهما مجيعا أو ليخلعهما مجيعا"‬

‫‪ -68‬حدثنا حيىي بن حيىي قال‪ :‬قرأت على مالك عن أِب الزاند عن األعرج عن أِب هريرة رضي هللا عنه أن رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫مجيعا أو لي ْخلَعهما َِ‬
‫ِ‬ ‫ِ ٍ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫مج ايعا"‪.‬‬ ‫َح ُد ُك ْم يف نَ ْع ٍل َواح َدة‪ ،‬ليُ ْنعلْ ُهما َ ا َ ْ ُ َ‬
‫وسلم قال‪ََّ" :‬ل َيَْشي أ َ‬
‫معاين الكلمات‬
‫س النّ ْع َل‬ ‫ِ‬
‫انْتَ َع َل ‪ :‬لب َ‬
‫شرح احلديث‬
‫ب أ ْن‬ ‫ِ‬ ‫وج ال ُ ِ ِ‬
‫وسناة نَبيّه صلاى هللاُ عليه وسلام‪ ،‬وق ْد قارَر الشارعُ أ ا‬
‫ُمورا عا امةا‪َ ،‬جي ُ‬
‫ِ ِ ِ‬
‫اضح يف كتاب هللا عاز َ‬
‫ِ‬
‫باس يف اإلسَلم و ٌ‬ ‫ينة واللِّ ِ‬
‫الز ِ‬
‫ْأم ُر ِّ‬
‫يبة وحس ِن ال اسم ِ‬‫ِ‬ ‫جال والنِّ ِ‬
‫ساء؛ حىت يكو َن املسلِم على ال َق ْد ِر ا ِِ‬ ‫للر ِ‬ ‫يئة الثِّ ِ‬
‫تُراعى يف ه ِ‬
‫ت‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫الوقا ِر واهلَ ُ‬
‫الَلئق به من َ‬ ‫ُ‬ ‫ياب ِّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ٍ‬ ‫ا‬ ‫ديث يَْنهى الن ُّ ا‬ ‫ويف هذا اِل ِ‬
‫س‬
‫س ويَقي ال َق َد َم يف امل ْش ِي‪ -‬واحدة‪ ،‬فإ اما أ ْن يَلبَ َ‬ ‫ايب صلى هللاُ عليه وسلم عن املَ ْش ِي بنَ ْع ٍل ‪-‬وهو ُك ُّل ما يُلبَ ُ‬ ‫َ‬
‫ع األُخرى‪ ،‬فهذا ق ْد َِنى عنه؛ أل ان تلك هي ِمشيَةُ‬ ‫س واحدةا ويَ َد َ‬
‫مجيعا‪ .‬أ اما أ ْن يَلبَ َ‬
‫مجيعا‪ ،‬وإ اما أ ْن َُيلَ َعهما ا‬ ‫ي ا‬ ‫ي يف ال َق َدم ِ‬
‫الناعل ِ‬
‫قوط‪ ،‬أو لَعلاه يكو ُن يف ذلك نَوع ِمن املباهاةِ والظُّهوِر‪ .‬وقيل‪َِ :‬نى عنه؛ ألناه مل ي ِ‬
‫عد ْل ْبي‬ ‫الس ِ‬
‫اعثُّ ِر و ُّ‬‫ايطان‪ ،‬وأل ان ذلك َم ِظناةُ الت‬
‫الش ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫مجيعا‪.‬‬ ‫فيهما‬ ‫ل‬ ‫ي مجيعا ُأو ي ْن تَعِ‬ ‫حايف َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ابب املثْلَ ِ‬
‫ارح ِه‪ ،‬وهو ِمن ِ‬ ‫جو ِ‬
‫ا‬ ‫القدم ْ ا َ َ‬ ‫شي َ‬ ‫َ‬ ‫َي‬
‫َ‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫أ‬ ‫ا‬‫م‬‫ا‬ ‫إ‬ ‫اإلنسان‬ ‫فعلى‬ ‫‪،‬‬ ‫ة‬
‫ُ‬ ‫ْ‬

‫شرح اإلمام النووي‬

‫قوله صلى هللا عليه وسلم ‪ ( :‬إذا انتعل أحدكم فليبدأ ابليمن ‪ ،‬وإذا خلع فليبدأ ابلشمال ولينعلهما مجيعا أو ليخلعهما مجيعا ) ‪.‬‬
‫ويف الرواية األخرى ‪َّ ( :‬ل َيش أحدكم يف نعل واحدة ‪ ،‬لينعلهما مجيعا ‪ ،‬أو [ ص‪ ] 262 :‬ليخلعهما مجيعا ) ويف رواية ‪ ( :‬إذا‬
‫انقطع شسع أحدكم فَل َيش يف األخرى حىت يصلحها ) ويف رواية ( وَّل َيش يف خف واحد ) ‪.‬‬

‫أما قوله صلى هللا عليه وسلم ‪ ( :‬لينعلهما ) فبضم الياء ‪ ،‬وأما قوله صلى هللا عليه وسلم ‪ ( :‬أو ليخلعهما ) فكذا هو يف مجيع نسخ‬
‫مسلم ( ليخلعهما ) ابخلاء املعجمة والَلم والعي ‪ ،‬ويف صحيح البخاري ( ليحفهما ) ابِلاء املهملة والفاء من اِلفاء ‪ ،‬وكَلمها‬
‫صحيح ‪ ،‬ورواية البخاري أحسن ‪.‬‬
‫أما ( الشسع ) فبشي معجمة مكسورة مث سي مهملة ساكنة ‪ ،‬وهو أحد سيور النعال ‪ ،‬وهو الذي يدخل بي األصبعي ‪ ،‬ويدخل‬
‫طرفه يف النقب الذي يف صدر النعل املشدود يف الزمام ‪ .‬والزمام هو السري الذي يعقد فيه الشسع ‪ ،‬ومجعه شسوع ‪.‬‬

‫أما فقه األحاديث ففيه ثَلث مسائل ‪ ،‬أحدها ‪ :‬يستحب البداءة ابليمن يف كل ما كان من ابب التكرمي والزينة والنظافة وحنو ذلك‬
‫كلبس النعل واخلف واملداس ‪ ،‬والسراويل والكم ‪ ،‬وحلق الرأس وترجيله ‪ ،‬وقص الشارب ونتف اإلبط ‪ ،‬والسواك واَّلكتحال ‪ ،‬وتقليم‬
‫األ ظفار ‪ ،‬والوضوء والغسل ‪ ،‬والتيمم ‪ ،‬ودخول املسجد ‪ ،‬واخلروج من اخلَلء ‪ ،‬ودفع الصدقة وغريها من أنواع الدفع اِلسنة ‪ ،‬وتناول‬
‫األشياء اِلسنة ‪ ،‬وحنو ذلك ‪.‬‬

‫الثانية ‪ :‬يستحب البداءة ابليسار يف كل ما هو ضد السابق يف املسألة األوىل ‪ ،‬فمن ذلك خلع النعل واخلف واملداس ‪ ،‬والسراويل‬
‫والكم ‪ ،‬واخلروج من املسجد ‪ ،‬ودخول اخلَلء ‪ ،‬واَّلستنجاء ‪ ،‬وتناول أحجار اَّلستنجاء‪ ،‬ومس الذكر‪ ،‬واَّلمتخاط واَّلستنثار‪،‬‬
‫وتعاطي املستقذرات‪ ،‬وأشباهها ‪.‬‬

‫الثالثة ‪ :‬يكره املشي يف نعل واحدة أو خف واحدة أو مداس واحد َّل لعذر ‪ ،‬ودليله هذه األحاديث اليت ذكرها مسلم ‪ .‬قال العلماء‬
‫‪ :‬وسببه أن ذلك تشويه ومثله ‪ ،‬وُمالف للوقار ‪ ،‬وألن املنتعلة تصري أرفع من األخرى ‪ ،‬فيعسر مشيه ‪ ،‬ورمبا كان سببا للعثار ‪ ،‬وهذه‬
‫اآلداب الثَلثة اليت يف املسائل الثَلث جممع على استحباُبا ‪ ،‬وأِنا ليست واجبة ‪ ،‬وإذا انقطع شسعه وحنوه ‪ ،‬فليخلعهما ‪ ،‬وَّل َيش‬
‫يف األخرى وحدها حىت يصلحها وينعلها كما هو نص يف اِلديث ‪.‬‬
‫قوله ‪ ( :‬حدثنا ابن إدريس عن األعمش عن أِب رزين قال ‪ :‬خرج إلينا أبو هريرة رضي هللا عنه ‪ ،‬فضرب بيده على جبهته ‪ ،‬فقال ‪:‬‬
‫إنكم ‪ ،‬وذكر اِلديث ) ويف الرواية الثانية ‪ :‬عن علي بن مسهر قال ‪ :‬أخربان األعمش عن أِب رزين وأِب صاحل عن أِب هريرة مبعناه‬
‫‪.‬‬

‫هكذا وقع هذان اإلسنادان يف مجيع نسخ مسلم ‪ .‬وذكر القاضي عن أِب علي الغساِن أنه قال يف الرواية الثانية ‪ :‬قال أبو مسعود‬
‫الدمشقي ‪ :‬إَّنا يرويه أبو رزين عن أِب صاحل عن أِب هريرة كذا‪ ،‬وأخرجه أبو مسعود يف كتابه عن مسلم ‪ ،‬وذكر أن علي بن مسهر‬
‫انفرد ُبذا ‪ .‬هذا آخر ما ذكره القاضي‪ ،‬وهذا استدراك فاسد؛ ألن أاب رزين قد صرح يف الرواية األوىل بسماعه من أِب هريرة بقوله‪:‬‬
‫(خرج إلينا أبو هريرة إىل آخره) واسم أِب رزين مسعود بن مالك األسدي الكويف كان عاملا‪.‬‬
‫ابب استحباب ِخ َ‬
‫ضاب ال َّ‬
‫ش ْيب‬
‫بصفرة أو ُُحرة وحترميه ابلسواد‬
‫ُ‬

‫ايب‬
‫هره وَمث ُره يُ ْشبهُ الش َ‬ ‫ِ‬
‫البياض‪َ ،‬ز ُ‬ ‫ديد‬
‫ت َش ُ‬
‫غام‪ :‬نَْب ٌ‬
‫الثّ ُ‬
‫ابب استحباب ِخ َ‬
‫ضاب َّ‬
‫الش ْيب‬
‫بصفرة أو ُُحرة وحترميه ابلسواد‬
‫ُ‬
‫ال‪ :‬أُِيتَ ِأبَِِب قُ َحافَةَ ‪ -‬أو جاء ‪ -‬عا َم ال َفْت ِح ْأو‬ ‫الزبَِْري َع ْن َجابِ ٍر بْ ِن َعْب ِد ا‬
‫اَّللِ قَ َ‬ ‫َخ ََربَان أبو َخْي ثَ َمة َع ْن أَِِب ُّ‬
‫‪َ -78‬ح ادثَنا حيىي بن حيىي أ ْ‬
‫اَّللُ َعلَْي ِه َو َسلا َم‪َ " :‬غُِّريوا َه َذا بِ َش ْي ٍء"‪.‬‬
‫صلاى ا‬ ‫ول اِ‬
‫اَّلل َ‬ ‫ال َر ُس ُ‬ ‫مثل الثاغَ َام ِة بَيَ ا‬
‫اضا فَ َق َ‬ ‫ِ‬
‫الفتح ‪َ -‬وَرأْ ُسهُ َوِلْيَ تُهَُ ُ‬
‫يوم ِ‬ ‫َ‬

‫ال‪ :‬أُِيتَ ِأبَِِب قُ َحافَةَ يَ ْوَم فَ ْت ِح‬ ‫الزبَِْري َع ْن َجابِر بْ ِن َعْب ِد ا‬


‫اَّللِ قَ َ‬ ‫اَّللِ بْ ُن َو ْه ٍ‬
‫ب َع ْن ابْ ِن ُجَريْ ٍج َع ْن أَِِب ُّ‬ ‫ِ‬
‫‪َ -79‬ح ادثَِين أَبُو الطااه ِر أ ْ‬
‫َخ ََربَان َعْب ُد ا‬
‫اجتَنِبُوا ال اس َو َاد"‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫اَّللِ صلاى ا ِ‬ ‫ِ‬
‫اَّللُ َعلَْيه َو َسلا َم‪" :‬غَُِّريوا َه َذا بِ َش ْيء َو ْ‬ ‫ول ا َ‬ ‫ال َر ُس ُ‬ ‫َم اكةَ َوَرأْ ُسهُ َوِلْيَ تُهُ َكالثاغَ َام ِة بَيَ ا‬
‫اضا فَ َق َ‬
‫معاين الكلمات‪:‬‬
‫)‪(Pampas grass‬‬ ‫ايب‬
‫هره وَمث ُره يُ ْشبهُ الش َ‬ ‫ِ‬
‫البياض‪َ ،‬ز ُ‬ ‫ديد‬
‫ت َش ُ‬
‫غام‪ :‬نَْب ٌ‬
‫الثّ ُ‬
‫شرح احلديث‬

‫بن عام ٍر وهو و ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬


‫الد أِب‬ ‫ضي هللاُ عنهما أناه جيءَ إىل رسول هللا صلاى هللاُ عليه وسلا َم أبِب قُحافةَ واسُه عُثما ُن ُ‬ ‫بن عبد هللا َر َ‬‫جابر ُ‬
‫يَْروي ُ‬
‫ضي هللاُ عنه‪ ،‬وكان‬ ‫ر‬ ‫ة‬
‫َ‬ ‫حاف‬ ‫ُ‬‫ق‬ ‫أبو‬ ‫م‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫أس‬
‫ْ‬ ‫ما‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫أو‬
‫ا‬ ‫وذلك‬ ‫‪،‬‬ ‫العام الثاام ِن ِمن اهلجرةِ‬
‫يوم فْت ِح م اكةَ‪ ،‬وكان يف ِ‬‫َ‬ ‫عنهما‪،‬‬ ‫هللا‬
‫ُ‬ ‫ضي‬‫ر‬ ‫الص ِّد ِ‬
‫يق‬ ‫بك ٍر ِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ايب‪ ،‬فقال صلاى هللاُ عليه وسلا َم‪َ :‬غِّريوا هذا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أسه ِ‬
‫وِليتِه " َكالثا ِ‬ ‫َشعر ر ِ‬
‫هره وَمثُره يُ ْشبهُ الش َ‬
‫البياض‪َ ،‬ز ُ‬ ‫ديد‬
‫ت َش ُ‬‫غام هو نَْب ٌ‬
‫ياضا"‪ ،‬والثّ ُ‬
‫غامة بَ ا‬ ‫َُ‬
‫األسود؛ ِأل ان فيه‬
‫ِ‬ ‫ابجتناب اللا ِ‬
‫ِ‬ ‫الصب ِغ كاألمح ِر واألص َف ِر‪ ،‬وابِلِن ِ‬
‫ٍِ ِ‬
‫ون‬ ‫ااء وما يف َمعناها‪ ،‬و َأمَرهم صلاى هللاُ عليه وسلا َم‬ ‫َ‬ ‫ياض بِشيء م َن ّ‬ ‫البَ َ‬
‫شااب‪ ،‬فكان ذلك مضادة لفطرة هللا ‪-‬عز وجل‪ -‬وسنته يف خلقه‪ ،‬وأما بقية األصباغ كاِلُمرة‬ ‫داعا‪ ،‬ألن ال اسواد يُعيد اإلنسان ا‬ ‫ِ‬
‫تَغر ايرا وخ ا‬
‫الصفرة أو ابِلناء وال َكتَم ُملوطي فَل أبس‪ ،‬إذا خرج اللون عن ال اسواد‪ ،‬بل بي ال اسواد واِلُمرة‪ ،‬فهذا َّل أبس به‪ ،‬واملنهي عن صبغه‬
‫و ُ‬
‫به هو ال اسواد اخلالص‪.‬‬
‫جميل اهل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ويف اِلَديث‪ :‬عنايةُ ال اشريعة بظاه ِر املُسل ِم وبتَ ِ َ‬
‫يئة‬
‫فوائد من احلديث ‪:‬‬
‫❖ استحباب صبغ الشايب ابِلناء وغريه‪ ،‬سواء كان يف اللحية أم يف غريها ‪.‬‬
‫كراهة ترك الشايب على حاله‪ ،‬واستحباب تغيري لونه ‪.‬‬ ‫❖‬

‫حيرم تغيري الشايب ابل اسواد اخلالص؛ ملا يف ذلك من اخلِداع‬ ‫❖‬

‫شرح اإلمام النووي‬


‫اَّللُ َعلَْي ِه َو َسلا َم ‪ :‬غَُِّريوا‬ ‫ول اِ‬ ‫ِ‬
‫صلاى ا‬ ‫اَّلل َ‬ ‫ال َر ُس ُ‬ ‫اضا ‪ ،‬فَ َق َ‬ ‫اَّللُ َعْنهُ يَ ْوَم فَ ْت ِح َم اكةَ ‪َ ،‬وَرأْ ُسهُ َوِلْيَ تُهُ َكالثاغَ َام ِة بَيَ ا‬
‫ض َي ا‬ ‫قَولُه ‪ ( :‬أَتَى ِأبَِِب قُحافَةَ ر ِ‬
‫َ َ‬ ‫ُْ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ه َذا بِ َشي ٍء و ِ‬
‫وه ْم ) ‪.‬‬ ‫صبُغُو َن فَ َخال ُف ُ‬ ‫اص َارى ََّل يَ ْ‬ ‫ود َوالن َ‬ ‫اجتَنبُوا ال اس َو َاد ) ‪َ .‬وِيف ِرَوايَة ‪ ( :‬إِ ان الْيَ ُه َ‬ ‫ْ َ ْ‬ ‫َ‬
‫ب بِِه ‪َ ،‬وقَ َ‬ ‫اض الشْاي ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ي ُم ْع َج َم ٍة ُُمَاف َف ٍة قَ َ‬
‫وح ٍة مثُا َغ ْ ٍ‬ ‫ِ ٍ ٍ‬
‫ال ابْ ُن‬ ‫ض الازْه ِر َوالث َام ِر ‪َ ،‬شباهَ بَيَ َ‬‫ت أَبْيَ ُ‬‫ال أَبُو عُبَ ْيد ‪ُ :‬ه َو نَْب ٌ‬ ‫أَاما الثاغَ َامةُ بثَاء ُمثَلاثَة َم ْفتُ َ‬
‫ض َكأ اَِنَا الْ ِملْ ُح ‪.‬‬ ‫َعَرِِّ‬
‫اِب ‪َ :‬ش َجَرةٌ تَ ْب يَ ُّ‬ ‫ْاأل ْ‬
‫اسه عثْما ُن ‪ ،‬فَهو والِ ُد أَِِب ب ْك ٍر ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫يف ْ ِ‬ ‫اف وَختْ ِف ِ‬
‫ِ‬
‫ال ‪:‬‬ ‫َسلَ َم يَ ْوَم فَ ْت ِح َم اكةَ ‪َ ،‬ويُ َق ُ‬
‫الص ّد ِيق ‪ ،‬أ ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َُ َ‬ ‫اِلَاء الْ ُم ْه َملَة ‪َ ،‬و ُْ ُ ُ َ‬ ‫ض ِّم الْ َق َ‬ ‫َوأَاما أَبُو قُ َحافَةَ بِ َ‬
‫ضابُهُ ِابل اس َو ِاد َعلَى‬ ‫ب لِلارج ِل والْمرأَةِ‬ ‫ض ِم الْب ِاء وفَ ْت ِحها ‪ ،‬وم ْذهب نَا استِحباب ِ‬
‫ص ْفَرةٍ أ َْو محَُْرةٍ ‪َ ،‬وَْحي ُرُم ِخ َ‬ ‫ِ‬‫ب‬
‫ُ َ َْ ُ‬ ‫ِ‬ ‫اي‬
‫ْ‬ ‫ش‬‫ال‬ ‫ِ‬
‫اب‬ ‫ض‬
‫َ‬ ‫خ‬ ‫صبُ ُغ بِ َ ّ َ َ َ َ َ َ ُ ْ ْ َ ُ‬ ‫صبَ َغ يَ ْ‬‫َ‬
‫اجتَنِبُوا ال اس َو َاد ) َه َذا َم ْذ َهبُنَا ‪.‬‬ ‫ْاألَص ِح ‪ ،‬وقِيل ‪ :‬يكْره َكراهةَ تَ ْن ِز ٍيه ‪ ،‬والْمختَار التاح ِرمي لَِقولِِه صلاى ا ِ‬
‫اَّللُ َعلَْيه َو َسلا َم ‪َ ( :‬و ْ‬ ‫َ ُْ ُ ْ ُ ْ َ‬ ‫َ ّ َ َ ُ َُ َ َ‬
‫ض ُل ‪َ ،‬وَرَوْوا َح ِديثاا‬ ‫اب أَفْ َ‬ ‫ض ِ‬ ‫اخلِ َ‬
‫ض ُه ْم‪ :‬تَ ْرُك ْ‬ ‫ال بَ ْع ُ‬ ‫اب َوِيف ِجْن ِس ِه‪ ،‬فَ َق َ‬‫ض ِ‬ ‫اخلِ َ‬
‫ي ِيف ْ‬ ‫ِ‬ ‫اضي‪ :‬اختَ لَف ال اسلَف ِمن ال ا ِ‬
‫ص َحابَة َوالتاابِع َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ْ َ‬
‫ال الْ َق ِ‬‫َوقَ َ‬
‫ي َه َذا َع ْن عُ َمَر َو َعلِ ٍّي َوأ ٍَّ‬
‫ُِب‬ ‫ِ‬
‫و‬
‫ُ َ‬ ‫ر‬ ‫‪.‬‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫َ‬‫ب‬ ‫ي‬
‫ْ‬ ‫ش‬
‫َ‬ ‫ب‪ِ ،‬ألَناهُ صلى هللا عليه وسلم َملْ ي غَِ‬
‫ري‬
‫ّ‬
‫ُ ْ‬ ‫ايب صلى هللا عليه وسلم ِيف النا ْه ِي َع ْن تَ ْغيِ ِري الشْاي ِ‬ ‫ِ‬
‫َعن النِ ِّ‬
‫اَّللُ َعْن ُه ْم ‪.‬‬
‫ض َي ا‬ ‫وآخ ِرين ر ِ‬
‫َ َ ََ‬
‫ِ‬ ‫صحاب ِة والتاابِعِي ومن ب ع َدهم لِ ْألَح ِاد ِ‬ ‫ضل ‪ ،‬وخضاب َمج ِ‬
‫ف‬ ‫يث الاِيت ذَ َكَرَها ُم ْسل ٌم َو َغ ْريُهُ ‪ ،‬مثُا ْ‬
‫اختَ لَ َ‬ ‫َ ََ ْ َْ ُ ْ َ‬ ‫اعةٌ م َن ال ا َ َ َ‬
‫اب أَفْ َ ُ َ َ َ َ َ‬ ‫ض ُ‬ ‫اخلِ َ‬
‫آخ ُرو َن‪ْ :‬‬ ‫ال َ‬ ‫َوقَ َ‬
‫لص ْفرةِ ِمْن هم ابن عمر وأَبو هري رةَ وآخرو َن ‪ ،‬ورِوي ذَلِك عن علِ ٍي ‪ ،‬وخضاب َمجاعةٌ ِمْن هم ِاب ِْلِن ِ‬
‫ااء‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬
‫اب‬ ‫ب‬ ‫ض‬‫هؤََّل ِء فَ َكا َن أَ ْكثَرهم ُُيَ ِ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َُ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫ُ ُ ََ َ َ َ َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُُ ْ‬ ‫َُ‬
‫ض ُه ْم ِابل از ْع َفَر ِان ‪.‬‬
‫َوالْ َكْت ِم ‪َ ،‬وبَ ْع ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وخضاب َمجاعةٌ ِابل اسو ِاد ‪ ،‬رِو ِ‬
‫ي ابْ َْين َعل ٍّي َوعُ ْقبَةَ بْ ِن َعام ٍر َوابْ ِن س ِري َ‬
‫اِلُس ْ ِ‬
‫آخ ِر َ‬
‫ين ‪.‬‬ ‫ين َوأَِِب بُ ْرَدةَ َو َ‬ ‫اِلَ َس ِن َو ْ َ‬
‫ك َع ْن عُثْ َما َن َو ْ‬
‫ي َذل َ‬
‫َ ُ َ‬ ‫ََ َ َ َ‬
‫ب ‪ ،‬وِابلناه ِي عْنه ‪ُ ،‬كلُّها ِ‬ ‫ال الْ َق ِ‬
‫يحةٌ‬
‫صح َ‬ ‫ايب صلى هللا عليه وسلم بِتَ ْغيِ ِري الشْاي ِ َ ْ َ ُ َ َ‬ ‫اب أَ ان ْاآل َاث َر الْ َمْرِوياةَ َع ِن النِ ا‬
‫ص َو ُ‬ ‫ال الطاََرب ِاِنُّ ‪ :‬ال ا‬
‫اضي ‪ :‬قَ َ‬ ‫قَ َ‬
‫ف ِيف فِ ْع ِل‬ ‫اختِ ََل ُ‬
‫ف ال اسلَ ِ‬ ‫ال ‪َ :‬و ْ‬ ‫اه ُي لِ َم ْن لَهُ َمشَ ٌ‬
‫ط فَ َق ْط ‪ ،‬قَ َ‬ ‫ب أَِِب قُ َحافَةَ َوالن ْ‬‫ض ‪ ،‬بَ ِل ْاأل َْمر ِابلتا ْغيِ ِري لِ َم ْن َشْي بُهُ َك َشْي ِ‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ق‬
‫ُ‬ ‫ا‬‫ن‬
‫َ‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫ا‬‫يه‬
‫َ‬
‫‪ ،‬ولَيس فِ‬
‫َْ َ‬
‫ِ‬ ‫ك لَْيس لِلْوج ِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف أ ِِ‬ ‫ب ِ ِ‬
‫وب ِاب ِْإل ْمجَ ِاع ‪َ ،‬وهلََذا َملْ يُنْكِ ْر بَ ْع ُ‬
‫ض ُه ْم َعلَى بَ ْع ٍ‬
‫ض‬ ‫اه َي ِيف ذَل َ َ ُ ُ‬ ‫َح َواهل ْم ِيف ذَل َ‬
‫ك ‪َ ،‬م َع أَ ان ْاأل َْمَر َوالن ْ‬ ‫ْاأل َْمَريْ ِن ِحبَ َس ِ ْ‬
‫اخت ََل ْ‬
‫ال ‪ :‬وََّل َجيوز أَ ْن ي َق َ ِ‬ ‫ِ‬
‫ال ‪ :‬في ِه َما َان ِس ٌخ َوَمْن ُس ٌ‬
‫وخ ‪.‬‬ ‫ك ‪ .‬قَ َ َ ُ ُ ُ‬ ‫ِخ ََلفَهُ ِيف َذل َ‬
‫وجهُ َع ِن الْ َع َادةِ ُش ْهَرةٌ َوَمك ُْروهٌ ‪،‬‬ ‫ض ٍع َع َادةُ أ َْهلِ ِه ال ا‬
‫صْب ُغ أ َْو تَ ْرُكهُ فَ ُخ ُر ُ‬
‫ي ‪ ،‬فَمن َكا َن ِيف مو ِ‬
‫َْ‬ ‫ال َغ ْريُهُ ‪ُ :‬ه َو َعلَى َحالَ ْ ِ َ ْ‬ ‫اضي ‪َ ،‬وقَ َ‬ ‫ال الْ َق ِ‬
‫قَ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف نَظَافَِة الشْاي ِ‬ ‫ااِن أَناه َُيْتَلِف ِابختِ ََل ِ‬
‫ت َشْي بَ تُهُ‬
‫الرت ُك أ َْوَىل ‪َ ،‬وَم ْن َكانَ ْ‬
‫صبُو َغةا فَ اْ‬ ‫َح َس َن مْن َها َم ْ‬ ‫ت َشْي بَ تُهُ تَ ُكو ُن نَقياةا أ ْ‬ ‫ب ‪ ،‬فَ َم ْن َكانَ ْ‬ ‫ُ ْ‬ ‫َوالث ِ ُ‬
‫امنَاهُ َع ْن َم ْذ َهبِنَا ‪َ .‬و ا‬
‫اَّللُ أ َْعلَ ُم ‪.‬‬ ‫اضي ‪ .‬و ْاألَص ُّح ْاألَوفَق لِ ُّ ِ‬ ‫صب ُغ أَوَىل ‪ .‬ه َذا ما نَ َقلَه الْ َق ِ‬
‫لسناة َما قَد ْ‬ ‫َ َ ْ ُ‬ ‫تُ ْستَ ْب َش ُع فَال ا ْ ْ َ َ ُ‬
‫ابب يف خمالفة اليهود يف الصبغ‬

‫‪َ -80‬ح ادثَنا حيىي بن حيىي وأبو بكر بن أِب شيبة وعمرو الناقد وزهري بن حرب – وللفظ ليحىي‪( -‬قال حيىي أخربان وقال اآلخرون‬
‫اَّللُ َعلَْي ِه َو َسلا َم قَ َ‬
‫ال‪" :‬إِ ان‬ ‫صلاى ا‬ ‫اَّللُ َعنْهُ أن النيب َ‬
‫حدثنا) سفيان بن عينة عن الزهري عن أِب سلمة بن يسار عن أِب هري رةَ ر ِ‬
‫ض َي ا‬ ‫ُ َ َْ َ‬
‫وه ْم"‬ ‫ِ‬
‫صبُغُو َن فَ َخال ُف ُ‬
‫اص َارى ََّل يَ ْ‬
‫ود َوالن َ‬
‫الْيَ ُه َ‬
‫ما يستفاد من احلديث‪:‬‬
‫❖ اِلث على ُمالفة اليهود والنصارى يف عوائدهم وما كان من شأِنم من مظهر ولباس وغري ذلك ‪.‬‬
‫وسلوكِه‪ ،‬فليحرص كل مسلم على التزام السنة النبوية املطهرة‪ ،‬وَّل يليق به تقليد‬ ‫ِ‬
‫❖ للمسلم شخصية متميزة عن غريه يف َملْبَسه ُ‬
‫غري املسلمي يف شؤوِنم‪.‬‬
‫ابب ابب حترمي تصوير صورة احليوان‬
‫وحترمي اختاذ ما فيه صورة غري ممتهنة ابلفرش وحنوه‬
‫وأن املالئكة عليهم السالم ال يدخلون بيتا فيه صورة وال كلب‬
‫‪ -81‬حدثين ُسويد بن َسعيد حدثنا عبد العزيز بن أِب َحا ِزم عن أبيه عن أِب َسلَ َمة بن عبد الرمحن عن عائشة أِنا قالت‪َ :‬و َ‬
‫اع َد‬
‫اها ِمن‬ ‫ِِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ا ِ ِ‬ ‫ر َ ِ‬
‫صا‪ ،‬فألْ َق َ‬ ‫اعةُ َوَملْ ََيْته‪ ،‬ويف يَده َع ا‬ ‫ت تِ َ‬
‫لك ال اس َ‬ ‫اع ٍة ََيْتِ ِيه ف َيها‪ ،‬فَ َجاءَ ْ‬
‫يل عليه ال اس ََل ُم يف َس َ‬ ‫اَّللُ عليه َو َسل َم ج ْرب ُ‬ ‫صلاى ا‬ ‫سول هللا َ‬ ‫َ‬
‫اهنَا؟‬
‫ب َه ُ‬
‫ِ‬ ‫ت َس ِري ِرِه‪ ،‬فَ َ‬ ‫ت‪ ،‬فَِإ َذا ِج ْرُو َك ْل ٍ‬ ‫ِ‬ ‫يَ ِدهِ‪َ ،‬و َ‬
‫قال‪ :‬اي َعائ َشةُ‪َ ،‬م َىت َد َخ َل هذا ال َك ْل ُ‬ ‫ب ََْت َ‬ ‫اَّللُ َو ْع َدهُ َوََّل ُر ُسلُهُ‪ ،‬مثُا التَ َف َ‬
‫ف ا‬ ‫قال‪ :‬ما ُُيْل ُ‬
‫ت‪،‬‬ ‫لك فَلَم َأتْ ِ‬ ‫ت‬ ‫س‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ف‬ ‫ِ‬
‫ين‬ ‫ت‬ ‫د‬ ‫اع‬‫و‬ ‫‪:‬‬ ‫م‬ ‫ا‬
‫ل‬ ‫س‬ ‫و‬ ‫عليه‬ ‫اَّلل‬ ‫ى‬ ‫ا‬
‫ل‬ ‫ص‬ ‫سول هللاِ‬ ‫ر‬ ‫قال‬ ‫ف‬ ‫‪،‬‬ ‫يل‬ ‫ِ‬
‫رب‬ ‫ج‬‫اَّللِ‪ ،‬ما دريت‪ ،‬فأمر به فَأُخرِج‪ ،‬فَجاء ِ‬ ‫ت‪َ :‬و ا‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ ََ‬ ‫َ َْ ُ َ َ‬ ‫فَقالَ ْ‬
‫ورةٌ‪.‬‬
‫صَ‬ ‫ب َوََّل ُ‬‫ك؛ إ اان َّل نَ ْد ُخ ُل بَْي تاا فيه َك ْل ٌ‬ ‫ب الاذي كا َن يف بَْيتِ َ‬ ‫قال‪َ :‬منَ َع ِين ال َك ْل ُ‬
‫فَ َ‬
‫معاين الكلمات‪:‬‬
‫أي‪ :‬مَلئكة الرمحة َّل مطلق املَلئكة؛ ألن اِلفظة َّل يفارقون بسبب ذلك‪.‬‬
‫ا ْشتَ اد عليه ‪ :‬وجد ِشداة من أتخره لطول انتظاره‪ ،‬أو ما ِلقه من َه ٍّم من عدم جميئه‪.‬‬
‫َش َكا ‪ :‬عاتَبَه على أتخره‪.‬‬
‫ُر ُسلُهُ ‪ :‬املراد ُبم هنا‪ :‬املَلئكة‪.‬‬
‫َج ْرو ‪ :‬ولد الكلب‪.‬‬
‫ت لك ‪:‬انتظرك‬ ‫َجلَ ْس ُ‬
‫شرح احلديث‬

‫قت‬ ‫سول هللاِ صلاى هللا عليه وسلام أ ْن َيْتِيه يف و ٍ‬ ‫َلم‪َ ،‬و َع َد َر َ‬ ‫املؤمني عائشةُ رضي هللا عنها أ ان ملَك الوح ِي ِ‬ ‫تَروي ُّأم ِ‬
‫َ َ َُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ربيل عليه ال اس ُ‬
‫َ‬ ‫ج‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬ ‫يده عصا فَألقاها ِمن ِ‬ ‫وساعة ُحمدادةٍ‪ ،‬فجاءت تِلك ال اساعةُ ومل َيتْ ِه‪ ،‬وكان صلاى هللا عليه وسلام بِ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ُم ا ٍ‬
‫ف هللاُ‬ ‫يقول‪« :‬ما ُُيل ُ‬
‫يده وهو ُ‬ ‫َ‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َْ‬ ‫عي‬
‫ب‬ ‫اعج ِ‬
‫عدهم ملن َو َعدوه‪ ،‬وقولُه هذا على الت ُّ‬ ‫املَلئكة وفاء و ِ‬‫ِ‬ ‫«رسلُه» ِمن ِ‬
‫اإلنس و‬ ‫ف‬ ‫عباده‪ ،‬وَّل ُُيلِ‬
‫وع َده» أي‪ :‬ما يرت ُك وفاء ما وع َده لِ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َُ َ َ ََ‬ ‫ْ‬
‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ا‬ ‫َلم يف إتيانه له‪ ،‬والظا ُ‬
‫يل أصبَ َح‬ ‫اهر أ ان َ‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫الوعد كان ساعةا يف لَيلة‪ ،‬فل اما َمضى الل ُ‬ ‫ربيل عليه ال اس ُ‬ ‫منه صلى هللاُ عليه وسل َم يف َأت ُّخر ج َ‬
‫األرض ِمن َِمهّه وانشغا ِل‬
‫ِ‬ ‫ط ُبا على ِر ِ‬
‫مال‬ ‫ب أو ُُي ِطّ ُ‬ ‫بعصا‪َ ،‬ج َعل يَض ِر ُ‬
‫ك ا‬ ‫فأمس َ‬
‫َ‬ ‫ا»‪،‬‬ ‫عند مسل ٍم‪« :‬أصبح يوما و ِ‬
‫امج‬
‫ا‬ ‫ََ َا‬ ‫هموما‪ ،‬كما َ ُ ْ‬
‫َحزيناا َم ا‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سأل عائشةَ‬ ‫صغريٌ ُُمتبِ ٌئ َْت َ‬
‫ت َسري ِره‪ ،‬فَ َ‬ ‫ب َ‬ ‫ايب صلاى هللاُ عليه وسلا َم يف نَواحي البيت‪ ،‬فَإذا كلْ ٌ‬ ‫ت الن ُّ‬ ‫فك ِره‪ ،‬مثا ألْقى َ‬
‫العصا ضي اقا‪ ،‬مثُا الت َف َ‬
‫أي و ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قت‬ ‫يت به» وَّل َعل َمت يف ِّ َ‬ ‫ضي هللاُ عنها‪« :‬وهللا ما َدر ُ‬ ‫ت عائشةُ َر َ‬ ‫ت ال اسري ِر؟ فأجابَ ْ‬ ‫الكلب َْت َ‬
‫ُ‬ ‫خل هذا‬ ‫مىت َد َ‬‫ضي هللاُ عنها‪َ :‬‬
‫َر َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ِج‪،‬‬ ‫عند ُم ْسل ٍم‪َ :‬‬
‫«فأمَر به فأُخر َ‬ ‫ضي هللاُ عنها َ‬ ‫ا‬
‫َد َخل هاهنا‪ ،‬فَ َأمَر صلى هللاُ عليه وسل َم به فَأُخر َج اجلَْرُو من البيت‪ ،‬ويف َحديث َميمونةَ َر َ‬
‫ا‬
‫ِ‬
‫الكلب‪.‬‬ ‫تمل لِنَ ِ‬
‫جاسة‬ ‫وحي ِ‬‫َ‬ ‫ه‪،‬‬‫الكلب أو لُعابِ‬
‫ِ‬ ‫طهره ِمن أث ِر ب ِ‬
‫ول‬ ‫مثا أخ َذ بي ِده ماء فنضح مكانَه»‪ ،‬أي‪ :‬رشاه ِ‬
‫ابملاء لِيُ ِّ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ا ََ َ‬
‫وسألَه عن َس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فَجاءه ِجربيل عليه ال اسَلم‪ ،‬فأخربه ُ ِ‬
‫بب‬ ‫رسول هللا صلاى هللاُ عليه وسلا َم عن َوعده له‪ ،‬وأناه َجلَس يَنتظ ُره يف َموعده‪َ ،‬‬ ‫ََ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ابلبيت املكا ُن الاذي يَستقُّر فيه‬ ‫الكلب الاذي كان يف بيتِك» واملر ُاد‬ ‫ِ‬
‫نعين‬ ‫«م‬ ‫‪:‬‬‫َلم‬‫س‬‫ا‬ ‫ال‬ ‫عليه‬ ‫جربيل‬ ‫فقال‬ ‫‪،‬‬ ‫ِ‬
‫املوعد‬ ‫هذا‬ ‫عن‬ ‫ه‬‫ف‬‫َختلُّ ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ابلصورِة‪ :‬التاماثيل ِمن َذو ِ‬ ‫ِ‬
‫ات‬ ‫ُ‬ ‫كلب وَّل صورةٌ»‪ ،‬واملر ُاد ُّ‬ ‫غري ذلك‪« ،‬إ اان َّل نَ ُ‬
‫دخل بيتاا فيه ٌ‬ ‫اخص‪ ،‬سواءٌ كان بناءا أو َخيمةا أو َ‬
‫الش ُ‬
‫األرو ِاح‪ ،‬واملَلئكةُ الاذين َّل يدخلو َن بيتاا فيه كلب أو صورةٌ فَهم مَلئكةٌ يطُوفو َن ِابلا ِ‬
‫رمحة والت ِ‬
‫اربيك واَّلستغفا ِر‪ ،‬وأ اما اِلََفظَةُ فَيَدخلو َن‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫َ َ‬
‫حصاء ِ‬
‫أعماهلم‪ ،‬وكتابتِها‪.‬‬ ‫ألِنم مأمورو َن ِإب ِ‬ ‫يف ِ ٍ‬
‫آدم؛ ا َ‬ ‫كل بَيت‪ ،‬وَّل يُفا ِرقو َن بين َ‬
‫ّ‬
‫فوائد من احلديث ‪:‬‬

‫َترمي اقتناء الكلب إَّل كلب صيد أو ماشية أو زرع‪.‬‬ ‫❖‬

‫أن اختاذ الصور من األمور اخلبيثة اليت تَنْ ُفر منها املَلئكة‪ ،‬ويكون وجودها يف املكان سبب ِلرمان الرمحة‪ ،‬ومثل ذلك‬ ‫❖‬

‫الكلب‪.‬‬
‫سبب عدم دخول املَلئكة استنكارهم ملخالفة أمر هللا ‪-‬عز وجل‪ ،-‬وملا يف الكلب من رائحة كريهة وجناسة‪.‬‬ ‫❖‬

‫حل‬
‫املَلئكة الذين َيتنعون عن الدخول هم مَلئكة الرمحة‪ ،‬أما اِلفظة فهم َّل يفارقون العباد‪ ،‬وكذلك مَلئكة العذاب إذا ا‬ ‫❖‬

‫حل األجل‪.‬‬
‫َّل َيتنعون‪ ،‬وكذلك ملك املوت إذا ا‬
‫َترمي تعليق صور ذوات األرواح على اجلدران‪ ،‬وهذا مما ابتلي به أهل هذا الزمان‪.‬‬ ‫❖‬

‫وجوب الوفاء ابلوعد‪.‬‬ ‫❖‬

‫فيه جواز إخَلف الوعد لعذر شرعي‬ ‫❖‬

‫شرح اإلمام النووي‬


‫قال أصحابنا وغريهم من العلماء ‪ :‬تصوير صورة اِليوان حرام شديد التحرمي ‪ ،‬وهو من الكبائر ؛ ألنه متوعد عليه ُبذا الوعيد‬
‫الشديد املذكور يف األحاديث ‪ ،‬وسواء صنعه مبا َيتهن أو بغريه ‪ ،‬فصنعته حرام بكل حال ؛ ألن فيه مضاهاة خللق هللا تعاىل ‪ ،‬وسواء‬
‫ما كان يف ثوب أو بساط أو درهم أو دينار أو فلس أو إانء أو حائط أو غريها ‪ .‬وأما تصوير صورة الشجر ورحال اإلبل وغري ذلك‬
‫مما ليس فيه صورة حيوان فليس حبرام ‪ .‬هذا حكم نفس التصوير ‪.‬‬

‫وأما اختاذ املصور فيه صورة حيوان فإن كان معلقا على حائط أو ثواب ملبوسا أو عمامة وحنو ذلك مما َّل يعد ممتهنا فهو حرام ‪ ،‬وإن‬
‫كان يف بساط يداس وُمدة ووسادة وحنوها مما َيتهن فليس حبرام ‪ .‬ولكن هل َينع دخول مَلئكة الرمحة ذلك البيت ؟ فيه كَلم‬
‫نذكره قريبا إن شاء هللا ‪ ،‬وَّل فرق يف هذا كله بي ما له ظل وما َّل ظل له ‪.‬‬

‫هذا تلخيص مذهبنا يف املسألة ‪ ،‬ومبعناه قال مجاهري العلماء من الصحابة والتابعي ومن بعدهم ‪ ،‬وهو مذهب الثوري ومالك وأِب‬
‫حنيفة وغريهم ‪.‬‬

‫وقال بعض السلف ‪ :‬إَّنا ينهى عما كان له ظل ‪ ،‬وَّل أبس ابلصور اليت ليس هلا ظل ‪ ،‬وهذا مذهب ابطل ؛ فإن السرت الذي أنكر‬
‫النيب صلى هللا عليه وسلم الصورة فيه َّل يشك أحد أنه مذموم ‪ ،‬وليس لصورته ظل ‪ ،‬مع ابقي األحاديث املطلقة يف كل صورة ‪.‬‬
‫وقال الزهري ‪ :‬النهي يف الصورة على العموم ‪ ،‬وكذلك استعمال ما هي فيه ‪ ،‬ودخول البيت الذي هي فيه ‪ ،‬سواء كانت رقما يف‬
‫ثوب ‪ ،‬أو غري رقم ‪ ،‬وسواء كانت يف حا ئط ‪ ،‬أو ثوب ‪ ،‬أو بساط ممتهن ‪ ،‬أو غري ممتهن ‪ ،‬عمَل بظاهر األحاديث ‪َّ ،‬ل سيما‬
‫حديث ( النمرقة ) الذي ذكره مسلم ‪ ،‬وهذا مذهب قوي ‪.‬‬

‫قال آخرون ‪ :‬جيوز منها ما كان رقما يف ثوب سواء امتهن أم َّل ‪ ،‬وسواء علق يف حائط أم َّل ‪ ،‬وكرهوا ما كان له ظل ‪ ،‬أو كان‬
‫مصورا يف اِليطان وشبهها ‪ ،‬سواء كان رقما أو غريه ‪ ،‬واحتجوا بقوله يف بعض أحاديث الباب ‪ ( :‬إَّل ما كان رقما يف ثوب ) وهذا‬
‫مذهب القاسم بن حممد ‪.‬‬

‫وأمجعوا على منع ما كان له ظل ‪ ،‬ووجوب تغيريه ‪ .‬قال القاضي ‪ :‬إَّل ما ورد يف اللعب ابلبنات لصغار البنات ‪ ،‬والرخصة يف ذلك‪،‬‬
‫لكن كره مالك شراء الرجل ذلك َّلبنته ‪ .‬وادعى بعضهم أن إابحة اللعب هلن ابلبنات منسوخ ُبذه األحاديث ‪ ،‬وهللا أعلم ‪.‬‬

‫ابب كراهة القزع‬


‫‪ -81‬حدثين زهري بن حرب حدثين حيىي يعين ابن سعيد عن عبيد هللا أخربِن عمر بن انفع عن أبيه عن ابن عمر أن رسول هللا‬
‫صلى هللا عليه وسلم ِنى عن القزع قال قلت لنافع وما القزع قال حيلق بعض رأس الصيب ويرتك بعض‪.‬‬

‫معاين الكلمات‪:‬‬
‫القزع‪ :‬حلق بعض الرأس‬
‫شرح احلديث‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اآلداب ما يَتعلا ُق بظاه ِر‬ ‫كل نَواحي اِلياةِ؛ في ْنبغي للمسلِِم أ ْن يتأ ادب ُبا‪ِ ،‬‬
‫اآلداب اِلَ َس ِنة يف ِّ‬
‫ِ‬
‫اإلنسان‬ ‫ومن هذه‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫اإلسَلم ِّ‬
‫بكل‬ ‫ُ‬ ‫جاء‬
‫وحن ِو ذلك‪.‬‬
‫ب ْ‬ ‫وسَْتِه؛ ِمن اللِّ ِ‬
‫باس وحلْ ِق الشاع ِر‪ ،‬والتاطيُّ ِ‬

‫عض َشع ِر ال ار ِ‬
‫ايب صلاى هللاُ عليه وسلام َِنَى عن ال َقَزِع‪ ،‬وهو َحلْ ُق بَ ِ‬ ‫عبد هللاِ بن عمر ر ِ‬ ‫ويف هذا اِل ِ‬
‫ديث ُُيِربُ ُ‬
‫وترُك‬
‫أس ْ‬ ‫ض َي هللاُ عنه أ ان الن ا‬ ‫ُ ُ ََ َ‬ ‫َ‬
‫اعر ُكلُّه وَّل يُ َرت َك‬ ‫ش‬‫ال‬ ‫ق‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫حي‬
‫ُ‬ ‫أن‬ ‫‪-‬‬ ‫داود‬ ‫أِب‬ ‫ِ‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫س‬ ‫يف‬ ‫‪-‬‬ ‫م‬‫ا‬
‫ل‬ ‫وس‬ ‫عليه‬ ‫هللا‬ ‫ى‬‫ا‬
‫ل‬ ‫ص‬ ‫سول هللاِ‬
‫ُ‬ ‫ر‬ ‫أمر‬ ‫كما‬ ‫ه‬‫ِ‬
‫ر‬ ‫ع‬ ‫لش‬ ‫م‬‫اب يف َحلْ ِق املسل ِ‬‫و‬ ‫ص‬
‫ا‬ ‫ال‬
‫و‬ ‫ه‪.‬‬ ‫ب ِ‬
‫عض‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫اعر كلُّه دون َح ٍلق أو تقص ٍري؛ وذلك أل ان اِلَلْ َق على صورةِ ال َقَزِع‬ ‫منه شيءٌ‪ ،‬أو يكو َن التقصريُ جلمي ِع الشاع ِر دو َن بعضه‪ ،‬أو يُ َرت َك الش ُ‬
‫ِ‬ ‫ي الش ِ‬
‫ايطان‪ ،‬أو ألناه ِز ُّ‬ ‫فيه تَشويه لله ِ‬
‫يئة‪ ،‬وقيل‪ :‬ألناه ِز ُّ‬
‫ي اليهود‪ ،‬كما جاء يف ُسنَ ِن أِب َ‬
‫داود‪.‬‬ ‫ٌ َ‬
‫ِ‬
‫اجلميلة اليت ليس فيها تَ ْشويهٌ‪.‬‬ ‫ديث‪ :‬اَّلهتمام ابملنظَ ِر و ِ‬
‫اهليئة‬ ‫ويف اِل ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫شرح اإلمام النووي‬

‫قوله ‪ ( :‬أخربِن عمربن انفع عن أبيه عن ابن عمر أن النيب صلى هللا عليه وسلم ِنى عن القزع ‪ .‬قلت لنافع ‪ :‬وما القزع ؟ قال ‪:‬‬
‫حيلق بعض رأس الصيب ويرتك بعض ) ويف رواية أن هذا التفسري من كَلم عبيد هللا القزع بفتح القاف والزاي ‪ ،‬وهذا الذي فسره به‬
‫انفع أو عبيد هللا هو األصح ‪ ،‬وهو أن القزع حلق بعض الرأس مطلقا ‪ .‬ومنهم من قال ‪ :‬هو حلق مواضع متفرقة منه ‪ ،‬والصحيح‬
‫األول ألنه تفسري الراوي ‪ ،‬وهو غري ُمالف للظاهر ‪ ،‬فوجب العمل به ‪.‬‬
‫وأمجع العلماء على كراهة القزع إذا كان يف مواضع متفرقة إَّل أن يكون ملداواة وحنوها ‪ ،‬وهي كراهة تنزيه ‪ ،‬وكرهه مالك يف اجلارية‬
‫والغَلم مطل قا ‪ ،‬وقال بعض أصحابه ‪َّ :‬ل أبس به يف القصة والقفا للغَلم ‪ .‬ومذهبنا كراهته مطلقا للرجل واملرأة لعموم اِلديث ‪.‬‬
‫قال العلماء ‪ :‬واِلكمة يف كراهته أنه تشويه للخلق ‪ ،‬وقيل ‪ :‬ألنه أذى الشر والشطارة ‪ ،‬وقيل ‪ :‬ألنه زي اليهود ‪ ،‬وقد جاء هذا يف‬
‫رواية ألِب داود ‪ .‬وهللا أعلم ‪.‬‬

‫ابب حترمي فعل الواصلة واملستوصلة والوامشة واملستومشة‬


‫والنامصة واملتنمصة واملتفلجات واملغريات خلق هللا كراهة القزع‬

‫َساء بِْن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت الْمْن ِ‬ ‫َخربَان أَبو معا ِويةَ عن ِه َش ِام ب ِن عروةَ عن فَ ِ‬
‫اطمةَ بِْن ِ‬
‫ت أَِِب بَ ْك ٍر قَالَ ْ‬
‫ت‪:‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫أ‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ر‬ ‫ذ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ ُْ َ َ ْ‬ ‫‪َ -115‬حداثَنَا َْحي َىي بْ ُن َْحي َىي أ ْ ََ ُ ُ َ َ َ ْ‬
‫اَّللِ إِ ان ِيل اب نَةا عريِسا أَصاب ْت ها حصبةٌ فَتَم ار َق َشعرها أَفَأ ِ‬ ‫ايب صلاى ا ِ‬
‫ال‬
‫َصلُهُ فَ َق َ‬ ‫َُْ‬ ‫ْ َُ ّ ا َ َ َ َ ْ َ َ‬ ‫ول ا‬ ‫ت َاي َر ُس َ‬ ‫اَّللُ َعلَْيه َو َسلا َم فَ َقالَ ْ‬ ‫ت ْامَرأَةٌ إِ َىل النِ ِّ َ‬
‫َجاءَ ْ‬
‫اصلَةَ والْمستَ و ِ‬
‫صلَةَ‪.‬‬ ‫اَّلل الْو ِ‬
‫َ ُْْ‬ ‫لَ َع َن اُ َ‬

‫معاين الكلمات‪:‬‬
‫لعن ‪:‬طرده وأبعده عن اخلري والرمحة‪ .‬الو ِ‬
‫اصلَة ‪ :‬هي املرأة اليت تصل شعرها أو شعر غريها‪ ،‬بشع ٍر غريه‪ .‬املستوصلة ‪ :‬هي املرأة اليت‬‫َ‬
‫ِ‬
‫تطلب أن يوصل شعرها بشعر غريه‪ .‬عريس‪ :‬تصغري عروس ‪ ، bride/groom :‬حصبة‪( measles :‬نَوعٌ من اجلُ َد ِّ‬
‫ري)‬
‫شرح احلديث‬

‫سول هللاِ صلاى هللاُ عليه وسلام؛‬


‫سان ر ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫فات املؤم ِن‪َّ ،‬ل سياما إذا كا َن األمر عظيما وملْ ا ِ‬ ‫ص ِ‬ ‫اَّلبتعاد ع اما َِنى هللا عنه ِمن ِ‬
‫عوان فاعلُه على ل َ‬ ‫ُ َ ا َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ااس عن الت ُّ‬ ‫عد الن ِ‬ ‫ِ‬
‫وجل‪.‬‬
‫ب رباه عاز ا‬ ‫اوغ ِل فيما يُغض ُ‬ ‫فاملؤم ُن أبْ ُ‬
‫سول‬
‫ايب صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬فقالَت‪ :‬اي َر َ‬ ‫ضي هللاُ عنهما أ ان امرأةا َسألَت الن ا‬ ‫ر‬ ‫يق‬‫الص ِّد ِ‬
‫اِلديث تَروي أساء بِنت أِب ب ْك ٍر ِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬ ‫ويف هذا‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫روق‪ ،‬أي‪َ :‬خَر َج‬ ‫ري‪« ،‬فا امر َق» ِمن امل ِ‬‫سد ُمتَف ِّرقةا‪ ،‬وهي نَوعٌ ِمن اجلُ َد ِ‬‫هللاِ‪ ،‬إ ان ابنَيت أصابتها اِلصبةُ‪ ،‬وهي ب ثرات محر َخترج يف اجل ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ََ ٌ ٌُْ ُ ُ‬ ‫َ َْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫التج ُّم َل؛ ولذلك سألَتْه صلى هللا عليه وسلم‪:‬‬ ‫أخربت اأِنا َزاو َجتْها‪ ،‬وهذا مماا يستدعي َ‬
‫التزيُّ َن و َ‬ ‫َش َع ُرها من َموضعه‪ ،‬فتَم ازق وتَقطا َع‪ ،‬مثا ََ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ايب صلى‬ ‫هو علي ِه؟ َ‬
‫فأجاُبا الن ُّ‬ ‫ك ِمن َش َع ِرها‪ ،‬أو أ ان َش َعَرها ُ‬
‫أطول مماا َ‬ ‫بشع ٍر ُمستعا ٍر‪ ،‬وتُوه ُم أ ان ذل َ‬ ‫عر ابنَتِها َ‬ ‫ِ‬
‫يباح هلا أن تَص َل َش َ‬‫هل ُ‬
‫اصلةَ»‪ ،‬وهي الايت تَ ِ‬ ‫هللا عليه وسلم‪« :‬لَعن هللا الو ِ‬
‫آخَر‪« ،‬واملَوصولةَ» الايت يُ َ‬
‫وص ُل َش َع ُرها؛ أل ان هذا‬ ‫صل َش َعَرها‪ ،‬أو َش َعَر غَ ِريها َ‬
‫بش َع ٍر َ‬ ‫ََ ُ َ‬
‫يال على الن ِ‬
‫ااس‪.‬‬ ‫وفيه احتِ ٌ‬
‫لقة‪ِ ،‬‬ ‫اجم ِل بتَغي ِري اخلِ ِ‬
‫الزوِر والت ُّ‬ ‫ابب ال َك ِذ ِ‬
‫ب و ُّ‬ ‫كلاه ِمن ِ‬
‫ايب صلاى هللاُ عليه وسلام َلع َن فاعِلَه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ص َل الشاع ِر من ال َكبائ ِر؛ أل ان الن ا‬ ‫ِ‬
‫ويف اِلَديث‪ :‬أ ان َو ْ‬
‫شرح اإلمام النووي‬

‫أَاما ( متََار َق ) فَبِال ار ِاء الْ ُم ْه َملَة ‪َ ,‬و ُه َو ِمبَْع َن تَ َساقَ َ‬


‫ط ‪َ ,‬ومتََار َط ‪َ ,‬ك َما ذُكَِر ِيف َابقِي ِّ‬
‫الرَو َاايت‪.‬‬

‫اعة ِم ْن ُرَواة‬ ‫اضي ِيف الش ْارح إِاَّل ال اراء الْ ُم ْه َملَة َك َما ذَ َك ْرَان ‪َ ,‬و َح َكاهُ ِيف الْ َم َشا ِرق َع ْن مجُْ ُهور ُّ‬
‫الرَواة ‪ ,‬مثُا َح َكى َع ْن َمجَ َ‬
‫وَمل ي ْذ ُكر الْ َق ِ‬
‫َْ َ‬
‫ص ِحيح ُم ْسلِم أَناهُ ِابل ازا ِي الْ ُم ْع َج َمة‪.‬‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ال ‪َ :‬وَه َذا َوإِ ْن َكا َن قَ ِريباا م ْن َم ْع َن ْاأل اَول ‪َ ,‬ولَكناهُ ََّل يُ ْستَ ْع َمل ِيف الش ْ‬
‫اعر ِيف َحال الْ َمَرض‪.‬‬ ‫قَ َ‬

‫صغِري َع ُروس ‪َ ,‬والْ َع ُروس يَ َقع َعلَى الْ َم ْرأَة‬ ‫ورة ‪ ,‬تَ ْ‬ ‫ْس َ‬
‫ِ‬ ‫َوأَاما قَ ْوهلَا ‪ ( :‬إِ ان ِيل اِبْنَة عُريِّسا ) فَبِ َ ِ‬
‫ض ّم الْ َع ْي َوفَ ْتح ال اراء َوتَ ْشديد الْيَاء الْ َمك ُ‬ ‫َ ا‬
‫رها ثَََلث لُغَات‬ ‫صاد َوَك ْس َ‬ ‫ضا ‪ :‬بَِفْت ِح ال ا‬
‫ي ‪َ ,‬ويُ َقال أَيْ ا‬ ‫اِلَاء َوإِ ْس َكان ال ا‬
‫صاد الْ ُم ْه َملَتَ ْ ِ‬ ‫صبَة ) فَبِ َفْت ِح ْ‬ ‫ُّخول ُِبَا ‪َ ,‬وأَاما ( ْ‬
‫اِلَ ْ‬
‫ِ‬
‫َوالار ُجل عْند الد ُ‬
‫صاد َحي ِ‬ ‫ص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اإلس َكان أَ ْشهر ‪ ,‬وِهي ب ثْر َختْرج ِيف ِْ‬
‫صب‪.‬‬ ‫ب ج ْلده بِ َك ْس ِر ال ا ْ‬ ‫اجل ْلد ‪ ,‬يَ ُقول مْنهُ َح َ‬ ‫َ َ َ ٌَ ُ‬ ‫اعة ‪َ ,‬و ِْ ْ‬
‫اه ان َمجَ َ‬‫َح َك ُ‬
‫ِ‬
‫صولَة‪.‬‬ ‫صلَة الاِيت تَطْلُب َم ْن يَ ْف َعل ُِبَا َذل َ‬
‫ك ‪َ ,‬ويُ َقال َهلَا ‪َ :‬م ْو ُ‬
‫صل َشعر الْمرأَة بِ َشع ٍر آخر ‪ ,‬والْمستَ و ِ‬
‫ْ َْ ْ َ َ ُ ْ ْ‬
‫اصلَة فَ ِهي الاِيت تَ ِ‬
‫َ‬
‫وأَاما الْو ِ‬
‫َ َ‬
‫صلَة مطْلَ اقا ‪ ,‬وه َذا هو الظا ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وه ِذهِ ْاأل ِ‬
‫َص َحابنَا فَ َقالُوا‬ ‫صلَهُ أ ْ‬
‫اهر الْ ُم ْختَار ‪َ ,‬وقَ ْد فَ ا‬ ‫ََ َُ‬ ‫صل ‪َ ,‬ولَ ْعن الْ َواصلَة َوالْ ُم ْستَ ْو ُ‬ ‫ص ِرحيَة ِيف ََْت ِرمي الَْو ْ‬
‫َحاديث َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫آد ِم ّي فَ ُه َو َحَرام بََِل ِخ ََلف ‪َ ,‬س َواء َكا َن َش ْعر َر ُجل أ َْو اِ ْمَرأَة ‪َ ,‬و َس َواء َش ْعر الْ ُم َح ارم َوالازْوج َو َغ ْريمهَا بََِل‬ ‫رها بِ َش ْع ِر َ‬‫ت َش ْع َ‬‫صلَ ْ‬ ‫‪ :‬إِ ْن َو َ‬
‫َجَزائِِه‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِخ ََلف لِعم ِوم ْاألَح ِاديث ‪ ,‬وِألَناه َحيرم ِاَّلنْتِ َفاع بِ َشع ِر ْاآلد ِمي وسائِر أ ِِ ِ ِ ِ‬
‫َجَزائه ل َكَر َامته ‪ ,‬بَ ْل يُ ْدفَن َش ْعره َوظُْفره َو َسائر أ ْ‬ ‫ْ َ ّ ََ ْ‬ ‫َ ُ ُْ‬ ‫َ‬ ‫ُُ‬
‫ضا لِْلح ِد ِ‬ ‫ِ‬ ‫وإِ ْن وصلَْته بِ َشع ِر َغري ِ‬
‫يث‬ ‫ص َل ِيف َحيَاته فَ ُه َو َحَرام أَيْ ا َ‬ ‫آدم ّي فَإِ ْن َكا َن َش ْعارا َجنَ اسا َو ُه َو َش ْعر الْ َمْي تَة َو َش ْعر َما ََّل يُ ْؤَكل إِ َذا انْ َف َ‬‫َ ََ ُ ْ ْ َ‬
‫ي الْ ُمَزاو َجة َوغَ ْريَها ِم ْن النِّساء َو ِّ‬
‫الر َجال‪.‬‬ ‫ص ََلته َوغَ ْريَها َع ْم ادا ‪َ ,‬و َسواء ِيف َه َذيْ ِن الن ْاو َع ْ ِ‬ ‫اسة ِيف َ‬ ‫‪َ ,‬وِألَناهُ َمحَ َل َجنَ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫اهر ِمن غَري ْاآلد ِمي ‪ ,‬فَإِ ْن َمل ي ُكن َهلا زوج وََّل سيِد فَهو حرام أَيضا ‪ ,‬وإِ ْن َكا َن فَث ََلثَة أَوجه ‪ :‬أَحدها ََّل َجيوز لِظَ ِ‬
‫اه ِر‬ ‫وأَاما الشاعر الطا ِ‬
‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُْ‬ ‫َ‬ ‫ا‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫دهم إِ ْن فَ َعلَْتهُ إبِِ ْذ ِن الازْوج أَْو ال اسيِّد َج َاز ‪َ ,‬وإِاَّل فَ ُه َو َحَرام‪.‬‬ ‫ِ‬
‫َص ّح َها عْن ْ‬ ‫َح ِاديث ‪َ ,‬والث ِ‬
‫ااِن ََّل َْحيُرم ‪َ ,‬وأ َ‬ ‫ْاأل َ‬
‫َصابِع فَإِ ْن َملْ يَ ُك ْن َهلَا َزْوج َوََّل َسيِّد أ َْو َكا َن َوفَ َعلَتْهُ بِغَ ِْري إِ ْذنه فَ َحَرام ‪َ ,‬وإِ ْن أ َِذ َن‬ ‫ِ‬
‫اخلِ َ‬
‫ضاب ِابل اس َواد َوتَطْ ِريف ْاأل َ‬ ‫قَالُوا ‪َ :‬وأَاما ََْت ِمري الْ َو ْجه َو ْ‬
‫ص ِحيح‬ ‫َج َاز َعلَى ال ا‬

‫ابب حترمي فعل الواصلة واملستوصلة والوامشة واملستومشة‬ ‫‪12‬‬


‫والنامصة واملتنمصة واملتفلجات واملغريات خلق هللا كراهة القزع‬

‫صوٍر َع ْن إِبْ َر ِاه َيم َع ْن َعلْ َق َمةَ َع ْن َعْب ِد ا‬


‫اَّللِ‬
‫َخ ََربَان َج ِر ٌير َع ْن َمْن ُ‬ ‫ظ ِِإل ْس َح َق أ ْ‬ ‫َحداثَنَا إِ ْس َح ُق بْ ُن إِبْ َر ِاه َيم َوعُثْ َما ُن بْ ُن أَِِب َشْي بَةَ َواللا ْف ُ‬
‫ك ْامَرأَةا ِم ْن‬ ‫ال فَب لَ َغ َذلِ‬‫ق‬ ‫ِ‬
‫اَّلل‬ ‫ق‬ ‫ل‬ ‫خ‬ ‫ِ‬
‫ات‬ ‫ري‬‫ِ‬ ‫غ‬ ‫م‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫ِ‬
‫ن‬ ‫س‬ ‫ح‬ ‫ل‬ ‫ات لِ‬‫ِ‬ ‫ج‬ ‫ات والْمت َفلِّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ات والْمست وِ‬ ‫ِ‬ ‫اَّلل الْو ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ا‬ ‫ْ‬
‫ُ ْ ُ َّ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ال لَ َع َن اُ َ َ َ ُ ْ َ ْ َ َ َ َ ُ َ ّ َ َ ُ َ َ‬
‫ص‬ ‫م‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫ت‬ ‫م‬‫ل‬
‫ْ‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫ات‬ ‫ص‬ ‫اام‬ ‫ن‬ ‫ال‬‫و‬ ‫ات‬ ‫مش‬ ‫امش‬ ‫قَ َ‬
‫ات والْمتَ نَ ِمص ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫يث بَلَغَِين َعْن َ‬ ‫ت َما َح ِد ٌ‬ ‫َس ٍد يُ َق ُ‬
‫ات‬ ‫ت الْ َوامشَات َوالْ ُم ْستَ ْومشَ َ ُ ّ َ‬ ‫اك لَ َعْن َ‬ ‫ك أَن َ‬ ‫ت تَ ْقَرأُ الْ ُق ْرآ َن فَأَتَ ْتهُ فَ َقالَ ْ‬‫وب َوَكانَ ْ‬
‫ال َهلَا أ ُُّم يَ ْع ُق َ‬ ‫بَِين أ َ‬
‫اَّللِ‬
‫اب ا‬ ‫اَّللِ صلى هللا عليه وسلم و ُهو ِيف كِتَ ِ‬ ‫ول ا‬ ‫اَّللِ َوَما ِيل ََّل أَلْ َع ُن َم ْن لَ َع َن َر ُس ُ‬ ‫ال َعْب ُد ا‬ ‫اَّللِ فَ َق َ‬‫ات َخ ْل َق ا‬ ‫ات لِْلحس ِن الْمغَِري ِ‬ ‫والْمتَ َفلِّج ِ‬
‫َ َ‬ ‫ُ ْ ُ َّ‬ ‫َ ُ َ‬
‫ول‬
‫آات ُك ْم ال ار ُس ُ‬
‫اَّللُ َعاز َو َج ال " َوَما َ‬
‫ال ا‬ ‫ت قَ َرأْتِ ِيه لَ َق ْد َو َج ْدتِ ِيه قَ َ‬ ‫ال لَئِن ُكْن ِ‬
‫ص َحف فَ َما َو َج ْدتُهُ فَ َق َ ْ‬
‫ي لَوحي الْم ْ ِ‬
‫ت َما بَْ َ ْ َ ْ ُ‬ ‫ت الْ َم ْرأَةُ لَ َق ْد قَ َرأْ ُ‬ ‫فَ َقالَ ْ‬
‫ال فَ َدخلَت علَى امرأَةِ‬
‫ال ا ْذ َهِيب فَانْظُِري قَ َ َ ْ َ ْ َ‬ ‫ك ا ْآل َن قَ َ‬ ‫ت الْ َم ْرأَةُ فَإِِِّن أ ََرى َشْي ئاا ِم ْن َه َذا َعلَى ْامَرأَتِ َ‬ ‫فَ ُخ ُذوهُ َوَما َِنَا ُك ْم َعْنهُ فَانْتَ ُهوا" فَ َقالَ ْ‬
‫ك َملْ ُجنَ ِام ْع َها"‬ ‫ِ‬ ‫اَّللِ فَلَم تَر َشي ئاا فَجاء ْ ِ‬ ‫عب ِ‬
‫ال‪" :‬أ ََما لَ ْو َكا َن ذَل َ‬ ‫ت َشْي ئاا فَ َق َ‬ ‫ت َما َرأَيْ ُ‬ ‫ت إِلَْيه فَ َقالَ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫ا‬ ‫د‬ ‫َْ‬
‫معاين الكلمات‪:‬‬
‫اصلَة‪ :‬هي املرأة اليت تصل شعرها أو شعر غريها بشع ٍر غريه‪ .‬املستوصلة‪ :‬هي املرأة اليت‬ ‫لعن ‪:‬طرده وأبعده عن اخلري والرمحة‪ .‬الو ِ‬
‫َ‬
‫ي ‪ ،‬املتَ َفلِّجات مجَْ ُع ُمتَ َفلِّجة‬ ‫الة َشع ِر الوجه وخاصة ِ‬
‫اِلاجبَ ِ‬ ‫تطلب أن يوصل شعرها بشعر غريه‪ .‬وشم‪ . tattoo :‬النامص‪ :‬إز ِ‬
‫ُ‬
‫ُ‬
‫بي ثَناايها‪.‬‬ ‫وهي الايت تُ ِّ‬
‫فر ُق ما ْ َ‬
‫(ثَنَ َااي مجع ثَنِياة‪ :)front tooth :‬إحدى األسنان األربع يف مقدم الفم ثنتان من فوق وثنتان من َتت‬
‫شرح احلديث‬

‫ض فاعِلَهُ للاع ِن‬ ‫ِ‬


‫عر‬ ‫وي‬ ‫‪،‬‬ ‫سول هللاِ صلاى هللا عليه وسلام بعض أنْو ِاع التازيُّ ِن املحارِم الذي ق ْد ت َقع فيه بعض النِّ ِ‬
‫ساء‬ ‫بي َر ُ‬ ‫يف هذا اِل ِ‬
‫ديث يُ ِ‬
‫ُّ ُ‬ ‫ْ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ليس على الن ِ‬
‫ااس‪.‬‬ ‫د‬‫ْ‬ ‫ت‬
‫َ‬‫و‬ ‫لبيس‬‫ت‬
‫َ‬‫و‬ ‫‪،‬‬‫والطا ِرد ِمن ر ْمح ِة هللاِ؛ إ ْذ فيه تَغيري ِخل ِلق هللاِ‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫اإلنسان بِنَح ِو‬ ‫ضو ِمن‬ ‫ات»‪ ،‬مجع و ِ‬‫رضي هللا عنه أ ان هللا عاز وج ال لَعن «الو ِامش ِ‬ ‫عود ِ‬ ‫بد هللاِ بن مس ٍ‬
‫غرَز عُ ٌ‬ ‫َ‬ ‫ي‬
‫ُ‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫أ‬ ‫‪:‬‬‫م‬ ‫ش‬
‫ْ‬
‫َ ُ‬‫الو‬
‫و‬ ‫ة‪،‬‬ ‫امش‬ ‫ُ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َُْ‬ ‫َفريوي َع ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الو ْش ُم‪.‬‬ ‫ا‬
‫ضَر‪« .‬واملُوتَشمات»‪َ :‬مجع ُموتَشمة‪ ،‬وهي اليت يُ ْف َع ُل ُبا َ‬ ‫ام‪ ،‬مثُا ُْحيشى بِنَ ْح ِو ُك ْح ٍل فَيَصريُ ْ‬
‫أخ َ‬ ‫سيل الد ُ‬ ‫ِ‬
‫اإلبْرة َح اىت يَ َ‬
‫وحن ِوه‪ ،‬اإَّل ما ينب ِِ ِ ِ‬ ‫وج ِهها ابلن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ت بلحية املَرأة أو شا ِرُِبا‪ ،‬أو النا ُ‬
‫مص‬ ‫َُ ُ‬ ‫اتف َْ‬ ‫ولَ َع َن هللاُ «املُتَ نَ ّمصات» مجَْ ُع ُمتَ نَ ّمصة‪ ،‬وهي الطاالبةُ إزالةَ َش َع ِر ْ‬
‫ي لرتفيعِهما أو تسويَتِهما‪.‬‬ ‫الة َشع ِر ِ‬
‫اِلاجبَ ِ‬ ‫ص إبز ِ‬ ‫ُيتَ ُّ‬
‫لصغا ِر‬‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫لصغَ ِر وهي َع ٌ‬ ‫ِِ‬ ‫جات» مجَْع متَ َفلِّ ٍ‬
‫جة‪ ،‬وهي الايت تُ ِّ‬ ‫ولَعن هللا «املتَ َفلِّ ِ‬
‫جوز؛ أل ان َ‬
‫ذلك يَكو ُن ل ّ‬ ‫إظهارا ل ّ‬
‫بي ثَناايها ابمل ْ َربد ا‬
‫ما ْ َ‬ ‫فر ُق‬ ‫ُُ‬ ‫ََ ُ‬
‫ِ ِ‬ ‫ُ‬
‫الو ْش َم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فيه ِمن التازوي ِر‪« .‬امل ِ ِ‬
‫غريات َخلْ َق هللا»‪ ،‬وهو صفةٌ َّلزمةٌ ل َمن تَصنَ ُع َ‬
‫ُّ‬ ‫مال؛ لِ َما‬
‫ي واجل ِ‬ ‫ِ‬
‫لحس ِن» أي‪ :‬أل ْج ِل التاحس ِ َ‬
‫ِ ِ‬
‫غالباا‪« ،‬ل ُ‬
‫ص وال َف ْل َج‪.‬‬‫والن ْام َ‬
‫نت َكْيت‬
‫اك لَ َع َ‬
‫عود ِ‬
‫رض َي هللاُ عنه‪ ،‬وقالَت لَه‪ :‬إناه بَلَغَين أن َ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َْ َ‬ ‫أس ٍد يُ ُ‬
‫قال َهلا‪ :‬أ ُُّم ي عقوب‪ ،‬فَجاءت إىل اب ِن مس ٍ‬ ‫ِ‬
‫ك ْامَرأةا من بَين َ‬
‫ِ‬
‫فبَ لَ َغ َذل َ‬
‫وَكْيت‪ ،‬كنايةا عن املناهي اليت ذُكَِرت آنِافا‪.‬‬

‫تاب هللاِ؟!» أي‪ :‬وملاذا‬ ‫سول هللاِ صلاى هللا عليه وسلام‪ ،‬ومن هو يف كِ ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ر‬ ‫ن‬
‫َُ ََ‬‫ع‬
‫َ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ن‬‫ع‬
‫َ‬ ‫ل‬
‫ْ‬‫َ‬‫أ‬ ‫َّل‬ ‫يل‬ ‫«وما‬ ‫عنه‪:‬‬ ‫هللا‬
‫َ ُ‬ ‫ي‬ ‫عود ِ‬
‫رض‬ ‫َجاُبا ابن مس ٍ‬
‫فَأ َ ُ َ ْ‬
‫وح ْ ِ‬ ‫تاب هللاِ م ْلعون‪ ،‬بلَع ِنة ِ ِ‬ ‫َّل أَلْعن من هو يف كِ ِ‬
‫ي»‬ ‫ي اللا َ‬ ‫أت ما بَْ َ‬ ‫قوب‪« :‬لَ َق ْد قَ َر ُ‬ ‫رسول هللا صلاى هللاُ عليه وسلام له؟! فَقالَ ْ‬
‫ت أ ُُّم يَ ْع َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬
‫{وَما‬ ‫‪:‬‬‫تعاىل‬ ‫أت قوَل هللاِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫قول ِمن اللاع ِن‪ ،‬فَ َ ِ‬ ‫أي‪َ :‬دفا َيت امل ْ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫قال‪ :‬لَئ ْن ُكنت قَ َرأتيه لَ َق ْد َو َج ْدتيه فيه‪َ ،‬أما قَ َر ْ‬ ‫دت فيه ما تَ ُ‬ ‫وج ُ‬ ‫ص َحف‪ ،‬فَما َ‬ ‫ُ‬
‫رض َي هللاُ عنه‪ :‬فَإناه صلاى هللاُ عليه‬ ‫قال ابن مسعود ِ‬ ‫ف‬ ‫ه‪،‬‬ ‫ت‬ ‫أ‬
‫ر‬ ‫ق‬ ‫لى‬ ‫ب‬ ‫‪:‬‬ ‫ت‬ ‫ل‬ ‫قا‬ ‫]؟‬ ‫‪7‬‬ ‫[اِلشر‪:‬‬ ‫ا}‬ ‫و‬‫ه‬
‫َ ْ َ ََ ُ َ َ ُ َ ْ‬ ‫آات ُك ُم ال ار ُس ُ َ ُ ُ ُ َ َ ََ ُ ْ َْ ُ َ َْ ُ‬
‫ت‬ ‫ان‬‫ف‬ ‫ه‬‫ن‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫ا‬‫ِن‬ ‫ا‬‫م‬‫و‬ ‫وه‬‫ذ‬ ‫خ‬ ‫ف‬ ‫ول‬ ‫َ‬
‫سول هللاِ لش ٍ‬ ‫فت أ ان هذه اآليةَ إشارةٌ إىل أ ان ْلعن ر ِ‬ ‫ٍ‬ ‫فبي هلا اأِنا لو كانت قَر ِ‬
‫يء كلَ ْع ِن‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ْ‬ ‫لعر‬
‫َ‬ ‫‪،‬‬‫ل‬‫ٍ‬ ‫وأتم‬
‫ُّ‬ ‫ر‬ ‫ب‬
‫ُّ‬ ‫د‬ ‫بت‬
‫َ‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫القرآ‬ ‫أت‬ ‫ْ‬ ‫وسلام قَ ْد َِنى عنه‪ ،‬ا َ‬
‫ؤخ ُذ به‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫هللاِ َ‬
‫ب أ ْن يُ َ‬‫تعاىل له؛ فيَج ُ‬
‫رضي هللا عنه‪ :‬فَ ِإِن أرى أهلَك يفع ْلن ما تذ ُكر! أي‪ :‬زي نَب بِنت ع ِ‬
‫بد هللاِ الثا َقفياةَ ر ِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬
‫ض َي هللاُ عنها‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َْ َ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ َ َََ‬ ‫ّ‬ ‫قوب َّلب ِن َم ْسعود َ ُ‬ ‫ت أ ُُّم يَ ْع َ‬
‫فَقالَ ْ‬
‫رضي هللا عنه َهلا‪ :‬فا ْذهيب إىل أهلي فانْظُري‪ ،‬فَ َذهبت إلَيها فَنَظَرت‪ ،‬فَلَم تَر ُِبا شيئاا ِمماا ِنى عنه ابن م ٍ‬
‫سعود ر ِ‬
‫ض َي‬ ‫عود ِ‬‫قال ابن مس ٍ‬
‫َ‬ ‫َُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫فَ َ ُ َ ْ‬
‫امص و َغ ِريمها‪ .‬واليت ظنات اأِنا كانَ ْ‬
‫الو ْش ِم والن ِ‬ ‫ِ‬
‫فعلُه‪.‬‬
‫ت تَ َ‬ ‫ايب صلاى هللاُ عليه وسلام من َ‬
‫هللاُ عنه على لسان الن ِّ‬
‫بل كان يُطَلِّ ُقها‪.‬‬
‫صحبَ تَها‪ْ ،‬‬
‫تضى ُ‬ ‫وأخربها أ ان زوجتَه لَو كانَت تَ َ‬
‫فع ُل ما ظَناتْه ُبا‪ ،‬ما اجتَ َم َع َم َعها‪ ،‬وما ار َ‬
‫بيل الع ِ‬ ‫ِ‬
‫موم‪.‬‬ ‫أهل املَعاصي َعلى َس ِ ُ‬
‫عن ِ‬
‫ويف اِلَديث‪ :‬لَ ُ‬
‫فاؤه أثََره يف أفْعالِه‪.‬‬
‫سول هللاِ صلاى هللاُ عليه وسلام‪ ،‬واقْتِ ُ‬ ‫ُ َ‬
‫ِ‬
‫رضي هللا عنه سناةَ ر ِ‬ ‫ِ‬
‫َوفيه‪ :‬اتّباعُ اب ِن َم ْسعود َ ُ‬
‫ب التِز ُامه‪.‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫سول هللاِ صلاى هللا عليه وسلام هو و ِ ِ‬
‫وفيه‪ :‬أ ان ما أمر به َر ُ‬
‫حي م َن هللا كالقرآن جي ُ‬
‫َ ٌ‬ ‫ُ‬
‫شرح اإلمام النووي‬

‫صات َوالْ ُمتَ َفلِّ َجات لِلْ ُح ْس ِن الْ ُمغََِّريات َخلْق ا‬


‫اَّلل ) ‪.‬‬ ‫اَّلل الْو ِامشات والْمستَ وِمشات والن ِ‬
‫اامصات والْمتَ نَ ِ‬
‫قَ ْوله ‪ ( :‬لَ َع َن ا َ َ َ ُ ْ ْ َ َ َ َ ُ ّ َ‬
‫م‬

‫صم أ َْو ال اش َفة أ َْو َغ ْري‬ ‫ع‬ ‫م‬‫ف أَو الْ ِ‬ ‫ك‬
‫َ‬ ‫ل‬
‫ْ‬ ‫ا‬ ‫ر‬‫ه‬ ‫ظ‬
‫َ‬ ‫يف‬‫ِ‬ ‫ا‬ ‫ومه‬‫حن‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َو‬‫أ‬ ‫ة‬‫ا‬
‫ل‬ ‫س‬ ‫ي الْمعجمة فَ َفاعِلَة الْو ْشم ‪ ,‬و ِهي أَ ْن تَ ْغ ِرز إِب رة أَو ِ‬
‫م‬ ‫ِ‬ ‫أَاما ( الْو ِامشة ) ِاب ِ‬
‫لش‬
‫ّ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َْ ْ َ ْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ََ‬‫ْ‬ ‫َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك بِ َد َارات َونُ ُقوش ‪,‬‬ ‫ضّر ‪َ ,‬وقَ ْد يُ ْف َعل ذَل َ‬ ‫ِ ِ‬
‫ك الْ َم ْوضع ابلْ ُك ْح ِل أ َْو الن َ‬
‫ُّورة ‪ ,‬فَيَ ْخ َ‬ ‫ك ِم ْن بَ َدن الْ َم ْرأَة َح اىت يَ ِسيل الدام ‪ ,‬مثُا ََْت ُشو ذَل َ‬ ‫ذَل َ‬
‫ت تَ ِشم َو ْمشاا ‪َ ,‬والْ َم ْفعُول ُِبَا َم ْو ُشوَمة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َوقَ ْد تُ َكثّرهُ َوقَ ْد تُ َقلّلهُ ‪َ ,‬وفَاعلَة َه َذا َوامشَة ‪َ ,‬وقَ ْد َو َمش َ‬
‫ت َوِه َي‬ ‫ك ُِبا فَ ِهي مستَ وِمشة ‪ ,‬وهو حرام علَى الْ َفاعِلَة والْم ْفعول ُِبا ِاب ْختِيا ِرها ‪ ,‬والطاالِبة لَه ‪ ,‬وقَ ْد ي ْفعل ِابلْبِْن ِ‬ ‫فَإِ ْن طَلَب ِ ِ‬
‫َ َ َ َ ُ َ َُ‬ ‫َ َ ُ َ‬ ‫ت ف ْعل َذل َ َ َ ُ ْ ْ َ َ ُ َ َ َ َ‬ ‫َْ‬
‫يفها ِحينَئِ ٍذ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ط ْفلَة فَتَأْ َمث الْ َفاعلَة ‪َ ,‬وََّل َأتْ َمث الْبِْنت ل َع َدِم تَكْل َ‬
‫ت إَِزالَته ‪َ ,‬وإِ ْن َملْ َيُْكِن إِاَّل ِاب ْجلَْرِح فَإِ ْن َخ َ‬ ‫ِ‬ ‫ضع الا ِذي و ِشم ي ِ‬ ‫ال أَصحابنَا ‪ :‬ه َذا الْمو ِ‬
‫اف‬ ‫صري َجنَ اسا ‪ ,‬فَإِ ْن أ َْم َك َن إَِزالَته ِابلْع ََل ِج َو َجبَ ْ‬ ‫ُ ََ‬ ‫َ َْ‬ ‫قَ َ ْ َ‬
‫احشا ِيف ع ْ ِ‬
‫ضو ظَاهر َملْ َِجتب إَِزالَته ‪ ,‬فَإِ َذا َاب َن َملْ يَْب َق َعلَْي ِه إِ ْمث ‪َ ,‬وإِ ْن َملْ َُيَ ْ‬
‫ف‬ ‫ُ‬ ‫ضو أ َْو َشْي ئاا فَ ِ ا‬ ‫ضو أ َْو َمْن َف َعة عُ ْ‬‫ِمْنهُ التالَف أ َْو فَ َوات عُ ْ‬
‫صي بِتَأْ ِخ ِريهِ‪.‬‬‫ك وَْحنوه لَ ِزمه إَِزالَته ‪ ,‬وي ع ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ََ ْ‬ ‫َُ‬ ‫َشْي ئاا م ْن َذل َ َ‬
‫َو َس َواء ِيف َه َذا ُكلّه الار ُجل َوالْ َم ْرأَة‪.‬‬

‫اَّلل أ َْعلَم‪.‬‬
‫َو ا‬

‫ك ُِبَا ‪َ ,‬وَه َذا الْ ِف ْعل َحَرام إِاَّل‬ ‫ِ ِ‬


‫صة الاِيت تَطْلُب ف ْعل َذل َ‬ ‫ِ‬ ‫ص ِاد الْمهملَة فَ ِهي الاِيت تُِزيل الش ِ‬
‫اعر م ْن الْ َو ْجه ‪َ ,‬والْ ُمتَ نَ ّم َ‬‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ا‬ ‫ل‬ ‫صة ) ِ‬
‫اب‬ ‫َ‬
‫وأَاما ( الن ِ‬
‫اام‬ ‫َ‬
‫ب عِْن َ‬
‫دان‪.‬‬ ‫ح‬ ‫ت‬ ‫س‬‫ي‬ ‫ل‬‫ب‬ ‫‪,‬‬ ‫ا‬‫ته‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ا‬
‫ز‬ ‫ِ‬
‫إ‬ ‫م‬‫ر‬ ‫َت‬‫َ‬ ‫َل‬
‫َ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫‪,‬‬ ‫ب‬ ‫ِ‬
‫ر‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫ش‬ ‫َو‬‫أ‬ ‫ة‬‫ي‬ ‫إِ َذا نَب تت لِلْمرأَةِ ِ‬
‫ِل‬
‫َ‬
‫َْ ُْ ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬‫ْ‬ ‫ََ ْ َ ْ‬
‫ال اِبْن َج ِرير ‪ََّ :‬ل َجيُوز َحلْق ِِلْيَ َتها َوََّل َعْن َف َق َتها َوََّل َشا ِرُبَا ‪َ ,‬وََّل تَ ْغيِري َش ْيء ِم ْن ِخلْ َق َتها بِ ِزَاي َدةِ َوََّل نَ ْقص‪.‬‬
‫َوقَ َ‬

‫اِلََو ِاجب َوَما ِيف أَطَْراف الْ َو ْجه‪.‬‬


‫اهي إِاَّنَا ُه َو ِيف ْ‬ ‫ِ‬ ‫وم ْذهبنَا ما قَد ِ ِ ِ‬
‫امنَاهُ م ْن ا ْست ْحبَاب إَِزالَة اللّ ْحيَة َوالشاا ِرب َوالْ َعْن َف َقة ‪َ ,‬وأَ ان الن ْ‬
‫ََ َ َ ْ‬
‫ريها ‪َ ,‬ويُ َقال لِلْ ِمْن َق ِ‬
‫اش ِمْن َماص بِ َك ْس ِر الْ ِميم‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صة ) بِتَ ْقد ِمي النُّون ‪َ ,‬والْ َم ْش ُهور َأتْخ َ‬
‫ِ‬
‫ضهم ( الْ ُمْن تَم َ‬
‫َوَرَواهُ بَ ْع ْ‬
‫الرَابعِياات ‪َ ,‬و ُه َو ِم ْن الْ َفلَج بَِفْت ِح‬ ‫ِ‬ ‫وأَاما ( الْمتَ َفلِّجات ) ِابلْ َف ِاء و ِْ‬
‫َسنَان ِأبَ ْن تَْربُد َما بَْي أ ْ‬
‫َسنَاِنَا الثانَ َااي َو ُّ‬ ‫اجليم ‪َ ,‬والْ ُمَراد ُم َفلّ َجات ْاأل ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫َسنَان ‪ِ ,‬ألَ ان‬ ‫ِ ِ‬
‫الس ّن إِظْ َه اارا ل ّ‬
‫لصغَ ِر َو ُح ْسن ْاأل ْ‬
‫ِ‬
‫ك الْ َع ُجوز َوَم ْن قَ َاربْ َتها ِيف ّ‬
‫ِ‬
‫الرَابعِياات ‪َ ,‬وتَ ْف َعل َذل َ‬ ‫الَلم ‪َ ,‬وِه َي فُ ْر َجة بَْي الثانَ َااي َو ُّ‬
‫الْ َفاء َو ا‬
‫ت فَتَربدها ِابلْ ِمربِد لِتَ ِ‬
‫ص َري لَ ِطي َفة‬ ‫ت الْمرأَة َكرب ْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫َْ‬ ‫ت سنّ َها َوتَ َو اح َش ْ ْ ُ َ‬ ‫الصغَار ‪ ,‬فَإذَا َع َجَز ْ َ ْ َُ‬ ‫َسنَان تَ ُكون للْبَ نَات ّ‬ ‫َهذه الْ ُف ْر َجة اللاطي َفة بَْي ْاأل ْ‬
‫ضا الَْو ْشر ‪َ ,‬وِمْنهُ لَ ْعن الْ َو ِاشَرة َوالْ ُم ْستَ ْو ِشَرة ‪َ ,‬وَه َذا الْ ِف ْعل َحَرام َعلَى الْ َفاعِلَة َوالْ َم ْفعُول‬‫صغِ َرية ‪َ ,‬ويُ َقال لَهُ أَيْ ا‬
‫ِ‬
‫َح َسنَة الْ َمْنظَر ‪َ ,‬وتُوهم َك ْوِنَا َ‬
‫اىل ‪َ ,‬وِألَناهُ تَ ْزِوير َوِألَناهُ تَ ْدلِيس‪.‬‬ ‫َح ِاديث ‪َ ,‬وِألَناهُ تَ ْغيِري ِخلَْل ِق ا‬
‫اَّلل تَ َع َ‬ ‫ِ ِ ِِ‬
‫ُبَا هلَذه ْاأل َ‬
‫اِلَرام ُهو الْ َم ْفعُول لِطَلَ ِ‬ ‫ِِِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اِلُ ْسن ‪ ,‬أَاما‬
‫ب ْ‬ ‫ك طَلَباا ل ْل ُح ْس ِن ‪َ ,‬وفيه إ َش َارة إ َىل أَ ان ْ َ َ‬‫َوأَاما قَ ْوله ‪ ( :‬الْ ُمتَ َفلّ َجات ل ْل ُح ْس ِن ) فَ َم ْعنَاهُ يَ ْف َع ْل َن َذل َ‬
‫الس ّن َوَْحنوه فَََل َأبْس َو ا‬
‫اَّلل أ َْعلَم‪.‬‬ ‫لَو اِحتَاجت إِلَي ِه لِعِ ََل ٍج أَو عيب ِيف ِ‬
‫ّ‬ ‫ْ َْ‬ ‫ْ ْ َ ْ ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال َمج ِ‬
‫اهري الْعلَماء ‪ :‬معنَاه َمل نُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قها َونُ َفا ِر َ‬
‫قها‪.‬‬ ‫صاح َبها ‪َ ,‬وَملْ َْجنتَمع َْحن ُن َوه َي ‪ ,‬بَ ْل ُكناا نُطَلّ َ‬
‫ُ َ َْ ُ ْ َ‬ ‫عها ) قَ َ َ‬
‫ك َملْ ُجنَام َ‬
‫قَ ْوله ‪ ( :‬لَ ْو َكا َن َذل َ‬
‫ص ِحيح ما سبق ‪ ,‬فَيحتَج بِِه ِيف أَ ان من عِْنده اِمرأَة مرتَكِبة مع ِ‬
‫ضعِيف ‪َ ,‬وال ا‬ ‫ِ‬
‫صيَة‬ ‫َْ ُْ َ َ ْ‬ ‫َْ‬ ‫َ ََ َ ُ ْ ّ‬ ‫أها ‪َ ,‬وَه َذا َ‬ ‫ال الْ َقاضي ‪َ :‬وُْحيتَ َمل أَ ان َم ْعنَاهُ َملْ أَطَ َ‬ ‫قَ َ‬
‫قها‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ص ِل أ َْو تَ ْرك ال ا‬
‫ص ََلة أ َْو َغ ْريمهَا يَْن بَغي لَهُ أَ ْن يُطَلّ َ‬ ‫َكالَْو ْ‬
‫اَّلل أ َْعلَم‪.‬‬
‫َو ا‬

‫ابب النساء الكاسيات العارايت املائالت املميالت‬


‫اَّللُ َعلَْي ِه َو َسلا َم‪:‬‬
‫صلاى ا‬ ‫ول اِ‬ ‫ب َحداثَنَا َج ِر ٌير َع ْن ُس َهْي ٍل َع ْن أَبِ ِيه َع ْن أَِِب ُهَريْ َرةَ قَ َ‬ ‫‪ -125‬ح ادثَِين ُزَه ْري بْن حر ٍ‬
‫اَّلل َ‬ ‫ال َر ُس ُ‬ ‫ال‪ :‬قَ َ‬ ‫ُ ُ َْ‬ ‫َ‬
‫ت َمائََِل ٌ‬ ‫ت ُممِ َيَل ٌ‬ ‫ض ِربو َن ُِبا النااس ونِساء َك ِ‬ ‫ِ‬ ‫ان ِم ْن أ َْه ِل الناا ِر َملْ أ ََرُمهَا قَ ْوٌم َم َع ُه ْم ِسيَا ٌ‬ ‫"ِ‬
‫صْن َف ِ‬
‫ت‬ ‫ات َعا ِرَاي ٌ‬ ‫اسيَ ٌ‬ ‫ط َكأَ ْذ َانب الْبَ َق ِر يَ ْ ُ َ َ َ َ ٌ‬
‫وج ُد ِم ْن َم ِس َريةِ َك َذا َوَك َذا"‬ ‫ِ‬ ‫ت الْ َمائِلَ ِة ََّل يَ ْد ُخلْ َن ْ‬
‫اجلَناةَ َوََّل َجي ْد َن ِرحيَ َها َوإِ ان ِرحيَ َها لَيُ َ‬
‫رءوسه ان َكأَسنِم ِة الْب ْخ ِ‬
‫َْ ُ‬ ‫ُُ ُ ُ‬
‫معاين الكلمات‪:‬‬
‫كالعصا وحن ِوها )‪(whip‬‬ ‫وط‪ :‬آلةٌ تُت ِ ِ ِ‬ ‫ط مجْع س ٍ‬ ‫ِ‬
‫ب ُبا َ‬ ‫ضر ُ‬
‫اخ ُذ من اجللد يُ َ‬
‫َ‬ ‫مل أ ََرُمها‪ :‬أي مل يوجد يف عهده صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬سيا ٌ ُ َ‬
‫ااتئ ْفو َق ظَه ِر اجلَ ِ‬
‫مل‪ ،‬البُ ْخت‪ :‬نوع من اإلبل طويلة األعناق‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫األسنمةُ َمج ُع َسنام‪ :‬اجلزءُ املرتف ُع الن ُ‬
‫ْ‬
‫َك ِ‬
‫ت‪ :‬من شكرها‪ ،‬وقيل معناه‪ :‬تسرت ب عض بدِنا‪ ،‬وتكشف بعضه إظهارا جلماهلا وحنوه‪ .‬وقيل تلبس‬ ‫ات‪ :‬من نعمة هللا‪َ ،‬عا ِرَاي ٌ‬ ‫اسيَ ٌ‬
‫ت‪ :‬عن طاعة هللا وما يلزمهن حفظه‬ ‫ثواب رقيقا يصف لون بدِنا‪ ،‬مائَِلَ ٌ‬
‫ت‪ :‬يعلمن غريهن فعلهن املذموم‪ ،‬وقيل‪ :‬مائَلت َيشي متبخرتات‪ ،‬مميَلت ألكتافهن‪ ،‬وقيل‪ :‬مائَلت َيتشطن املشطة امليَلء‪:‬‬
‫ُمميَلَ ٌ‬
‫وهي مشطة البغااي‪ ،‬و «مميَلت» َيشطن غريهن تلك املشطة‪.‬‬
‫شرح احلديث‬
‫املطيعي والعُصاةِ؛‬
‫َ‬ ‫أعداه هللاُ ِمن َجز ِاء‬
‫هيب مارةا أُخرى‪ ،‬وكان ُُيِربُهم مبا َ‬
‫الرت ِ‬ ‫ابلرت ِ‬
‫غيب اترةا و ا‬ ‫ظ أصحابَه ا‬ ‫ايب صلاى هللاُ عليه وسلا َم يَعِ ُ‬
‫كان الن ُّ‬
‫ِ‬
‫القيامة‪.‬‬ ‫يوم‬ ‫ك‬ ‫نوب الايت تُوِرد أصحاُبا املهالِ‬
‫ِ‬ ‫ُّ‬
‫الذ‬ ‫و‬ ‫املعاصي‬ ‫يف‬ ‫الوقوع‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫ر‬ ‫ذ‬
‫َ‬ ‫وحي‬ ‫م‬ ‫حىت يكون النااس على بصريةٍ ِمن أم ِرهم فيعملوا ِآل ِخرِ‬
‫ِت‬ ‫ا‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ ََ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫سول هللاِ صلاى هللاُ عليه وسلا َم‪،‬‬
‫ااس ِمن ْأه ِل الناا ِر مل يََرمها َر ُ‬‫ي ِمن الن ِ‬ ‫صن َف ِ‬‫سول هللاِ صلاى هللا عليه وسلام ِمن ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫اِلديث ُحي ِّذ ُر َر ُ‬
‫ِ‬ ‫ويف هذا‬
‫كالعصا‬ ‫وط‪ ،‬وهو آلةٌ تُتاخ ُذ ِمن اجلِل ِ‬ ‫ط» مجْع س ٍ‬ ‫األو ُل‪ :‬قَوم معهم ِ‬ ‫بعده؛ ِ‬ ‫ومل يوجدا يف َعص ِرهِ‪ ،‬بل سي ِ‬
‫ب ُبا َ‬‫ضر ُ‬‫َ‬ ‫ُ‬‫ي‬ ‫د‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫يا‬ ‫«س‬ ‫ٌ‬ ‫ا‬ ‫نف‬
‫ُ‬ ‫الص‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫كوانن‬ ‫ْ َ‬ ‫ُ َ‬
‫ِ‬
‫أبذانب‬ ‫الس ِ‬
‫ياط‬ ‫ِ‬
‫حق‪ ،‬وتَشبيهُ ّ‬ ‫ااس بِغ ِري ٍّ‬ ‫ِ‬
‫ط طويلةٌ وهلا ريشةٌ يَض ِربون ُبا الن َ‬ ‫أذانب البق ِر»‪ ،‬أي‪ :‬ذُيوِهلا‪ ،‬واملعن اأِنا ِسيا ٌ‬
‫وحن ِوها‪ ،‬وهي « َك ِ‬
‫ط وأعوا ُن الظا ِ‬ ‫البق ِر لطُوِهلا وغِلَ ِظها ِ‬
‫وشد ِ‬
‫ااس بِغ ِري ٍّ‬
‫حق‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫بو‬‫ِ‬
‫ر‬ ‫ض‬ ‫ي‬
‫َ‬ ‫ذين‬
‫َ‬ ‫لمة الا‬ ‫ُ‬ ‫ُّر‬
‫الش‬
‫ُ َ‬ ‫م‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫َّلء‬
‫ؤ‬ ‫وه‬ ‫ا‪.‬‬‫اِت‬ ‫َ‬
‫وجت ارْد َن مماا أوجبَ تْه عليه ان ال اشريعةُ ِمن ثِ ٍ‬ ‫اة واِل ِ‬ ‫ِِ‬ ‫الصنف الثاِن‪ :‬نوع ِمن النِّ ِ‬ ‫و ِ‬
‫وخلُ ٍق‬
‫ياب ساترةٍ‪ُ ،‬‬ ‫ياء‪َ ،‬‬ ‫وب العف َ‬ ‫أنفس ِه ان ثَ َ‬ ‫ُ‬ ‫عن‬ ‫ن‬‫َ‬ ‫ع‬
‫ْ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫خ‬
‫َ‬ ‫ساء‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫ايت» يف امل ْعن؛‬ ‫كاسيات»‪ ،‬يف اِل ِ‬ ‫صف ِه ان‪« :‬نِساء‬ ‫وافِ ٍر‪ُُ ،‬مالِفي بذلِك هللا ورسولَه‪ ،‬قال النايب صلاى هللا عليه وسلام يف و ِ‬
‫قيقة‪« ،‬عار ٌ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫َ َ َ َ‬
‫َ‬
‫ياب عار ٍ‬
‫ايت‬ ‫كاسيات لِلثِّ ِ‬
‫ٍ‬ ‫مال‪ .‬وإ ْن ك ان‬ ‫بعضه؛ إظْهارا للج ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫بعض بَ َدِن ان ويَكش ْف َن َ ُ‬ ‫سرت َن َ‬ ‫ف البَ َشرةَ‪ ،‬أو يَ ُ‬ ‫ِ‬
‫يااب ِرقاقاا تَص ُ‬
‫ِ‬ ‫ا‬
‫ا َ‬ ‫ألِن ان يَلبَ ْس َن ث ا‬
‫يَلت املقانِ ِع ‪-‬واملِقنَ ُع الاذي‬
‫ُ‬
‫جال إليهن‪ ،‬أ ِو ُممِ‬
‫الر ِ‬‫قلوب ِّ‬
‫َ‬ ‫»‬ ‫يَلت‬
‫ٌ‬ ‫«ممِ‬
‫ُ‬ ‫اقوى‪،‬‬ ‫ت‬ ‫ال‬ ‫ِ‬
‫لباس‬ ‫ن‬ ‫ايت ِ‬
‫م‬ ‫كاسيات ِابِللَى واِللِ ِي‪ ،‬عار ٍ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫اِلقيقة‪ ،‬أو‬ ‫يف‬
‫ات ُممِ ٍ‬ ‫يَلت ِأبكتافِه ان فيم ِشيَ متبخِرت ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يَلت‬ ‫َْ َ ُ ْ‬ ‫جوهه ان‪ ،‬وقيل‪ُ :‬مم ٌ‬ ‫وص ْد َرها‪َ -‬عن ُرؤوس ِه ان؛ لتَظْ َهَر ُو ُ‬ ‫تُغَطّي به املَرأةُ َرأْ َسها وظَ ْهَرها َ‬
‫طاعة هللاِ َ‬
‫تعاىل‪ ،‬وما‬ ‫ائغات عن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِألكتافِه ان‪ ،‬وقيل‪َُ :‬يِلْن غريه ان إىل فِعلِ‬
‫يغ‪ ،‬فه ان ز ٌ‬ ‫اف وال از ُ‬
‫امليل هو اَّلحنر ُ‬ ‫ُ‬ ‫و‬ ‫»‬ ‫َلت‬
‫ٌ‬ ‫ائ‬ ‫«م‬
‫َ‬ ‫‪،‬‬ ‫املذموم‬ ‫ن‬‫ا‬ ‫ه‬ ‫َ َ‬
‫جال بُِق ِ‬
‫الر ِ‬ ‫وح ِ ِ‬ ‫دوده ِ‬‫فظ ح ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫ات يف َم ْشيِه ان‪،‬‬‫لوُب ان أو بِقوالبِه ان‪ ،‬أو ُمتبخرت ٌ‬ ‫مائَلت إىل ِّ‬
‫ٌ‬ ‫فظ فُروجه ان وغ ِري ذلك‪ ،‬وه ان ا‬
‫أيضا‬ ‫يَ َلزُمه ان من ح ُ‬
‫فاِت ان «رؤوسه ان َك ِ‬
‫أسنمة‬ ‫ص ِ‬ ‫ومن ِ‬ ‫مائَلت َيَْتَشطْن ِمشطَةَ البغااي‪ِ ،‬‬ ‫‪:‬‬ ‫وقيل‬ ‫اهلوى‪،‬‬ ‫و‬ ‫ِ‬
‫ر‬ ‫جو‬ ‫ف‬
‫ُ‬ ‫ال‬ ‫إىل‬ ‫مائَلت‬ ‫أو‬ ‫‪،‬‬ ‫أو زائغات ع ِن الع ِ‬
‫فاف‬
‫ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ َ َ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫املائلة»‪ ،‬وهي ِمج ٌ ِ‬ ‫ت ِ‬ ‫الب ْخ ِ‬
‫مل‪ ،‬وكلاما كان َك ا‬
‫بريا وعالياا‬ ‫ااتئ ْفو َق ظَه ِر اجلَ ِ‬
‫األسنمةُ َمج ُع َسنام‪ ،‬وهي اجلزءُ املرتف ُع الن ُ‬ ‫ال طو ُال األعناق‪ ،‬و ْ‬ ‫ُ‬
‫الر ِ‬
‫جال‬ ‫طم ْح َن إىل ِّ‬ ‫ي‬ ‫‪:‬‬ ‫وقيل‬ ‫ها‪،‬‬ ‫ِ‬
‫و‬ ‫وحن‬ ‫لف عِ ٍ‬
‫صابة‬ ‫كربَِنا بِ ِ‬‫ؤوسه ان وي ِ‬ ‫كة‪ ،‬فهؤَّلء النِّساء يع ِظّمن حجم ر ِ‬ ‫عند اِلر ِ‬
‫كان أكثَ َر َم ايَل واهتز اازا َ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ َُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ؤوسه ان‪،‬‬‫تفاع الغَدائ ِر أو الضافائ ِر فو َق ر ِ‬ ‫ت إاَّنا هو َّلر ِ‬ ‫نمة البخ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫غض ِ‬
‫ْ ُ‬ ‫أبس ُ‬ ‫ومر ُاد التاشبيه ْ‬ ‫ؤوسه ان‪ُ ،‬‬ ‫ضن من أبصاره ان‪ ،‬وَّل يُن ّك ْس َن ُر َ‬ ‫َّل يَ ُ ْ‬
‫نام البع ِري‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫انحية ِ‬
‫حىت َمتيل إىل ٍ‬ ‫كس ِرها مبا يض ِّ‬
‫يل َس ُ‬ ‫ُ‬ ‫َي‬
‫َ‬ ‫كما‬ ‫أس‬ ‫ر‬‫ا‬ ‫ال‬ ‫احي‬ ‫و‬‫َ‬‫ن‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ا‬ ‫ه‬ ‫ن‬
‫َ‬‫ر‬‫ْ‬ ‫ف‬ ‫ُ‬ ‫وتَ ُّ‬

‫املسافة البعيدةِ الايت‬


‫ِ‬ ‫وجد ِمن َمسريةِ كذا وكذا‪ ،‬وهذا كِنايةٌ عن‬ ‫دخلْ َن اجلناةَ وَّل َجي ْد َن ِرحيَها‪ ،‬وإ ان ِرحيَها لَتُ ُ‬ ‫فمن ُك ان ُبذه ِ ِ‬
‫الصفات َّل يَ ُ‬‫ّ‬ ‫َ‬
‫عات‪،‬‬
‫تور ُ‬ ‫فائف امل ِّ‬
‫ُ‬ ‫الع‬
‫َ‬ ‫وجي ُد ِرحيَها‬
‫دخلُها َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬‫يح اجلن ِاة‪ ،‬ومعناه‪ :‬اأِن ان َّل يَدخلْنَها وَّل جي ْد َن ِرحيَها حينَما ي‬‫ويل وََيتَ ُّد يف ِر ِ‬
‫ار َسريُها َبزم ٍن طَ ٍ‬
‫ُ‬ ‫يُقد‬
‫ُ‬
‫فرا استَ َح ُّقوا به اِلِْرما َن‬
‫نوب‪ ،‬فيكو َن ُك ا‬
‫األفعال وهذه ُّ‬
‫الذ َ‬ ‫َ‬ ‫كن أ ْن يكو َن حممواَّل على اأِن ان إذا استَ ْحلَلْ َن هذه‬‫أبدا‪ ،‬وَُي ُ‬
‫دخلْ َن ا‬‫َّل اأِن ان َّل يَ ُ‬
‫ظ‪.‬‬
‫جر والتاغلي ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫من اجلَناة‪ ،‬أو املر ُاد منه الاز ُ‬
‫َلمات نُب اوتِه صلاى هللاُ عليه وسلا َم‪.‬‬
‫اِلديث‪ :‬عَلمةٌ ِمن ع ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ويف‬
‫أهل الناا ِر‬
‫صفات ِ‬ ‫ِ‬ ‫بيا ُن ِ‬
‫بعض‬
‫التاحذير ِمن الظُّل ِم و ِ‬
‫اإلعانة عليه‪.‬‬ ‫ُ‬
‫السفوِر‪.‬‬
‫اربِج و ُّ‬ ‫ََتذير للنِّ ِ‬
‫ساء ِمن الت ُّ‬ ‫ٌ‬
‫من فوائد احلديث‬
‫وميَاعة وختنث‬ ‫إنذار ووعيد لألمة اليت وقعت فيما أخرب عنه رسول هللا ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬من عُ ٍّ‬
‫ري وكشف يف نسائها‪َ ،‬‬ ‫▪‬
‫يف رجاهلا‪.‬‬
‫َترمي ضرب الناس وإيذائهم دون إمث فعلوه أو ذنب اقرتفوه‪.‬‬ ‫▪‬
‫َترمي إعانة الظلمة على ظلمهم‪.‬‬ ‫▪‬
‫التحذير والتنفري من التهتك واخلروج عن اِلشمة وسلخ اِلجاب الذي أمر هللا به املرأة املسلمة وجعله عنوان شرفها ورمز‬ ‫▪‬
‫كرامتها وسياج حفظها وصيانتها‪.‬‬
‫حث املرأة املسلمة على اَّللتزام أبوامر هللا والبعد عن كل ما يسخطه وجيعلها تستحق العذاب األليم واجلحيم املقيم يوم‬ ‫▪‬
‫القيامة‪.‬‬
‫الشفاف الذي يصف العورة أو ُجيَ ِّسمها‪.‬‬ ‫َترمي اللباس الضيق و َ‬ ‫▪‬
‫اِلديث من دَّلئل نبوته ‪-‬عليه الصَلة والسَلم‪ ،-‬حيث أخرب ‪-‬عليه الصَلة والسَلم‪ -‬عن األمور املغيبة اليت مل تقع إَّل‬ ‫▪‬
‫يف أزمنة متأخرة وبعيدة عن القرون الفاضلة‪.‬‬
‫شرح اإلمام النووي‬
‫ود ِان‪.‬‬ ‫ِ ِ‬
‫الصنْ َف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ه َذا ْ ِ ِ‬
‫ان ‪َ ,‬و ُمهَا َم ْو ُج َ‬ ‫اِلَديث م ْن ُم ْعجَزات النُّبُ اوة ‪ ,‬فَ َق ْد َوقَ َع َه َذان ّ‬ ‫َ‬
‫اَّلل عا ِرايت ِمن ُشكْرها ‪ ,‬وقِيل ‪ :‬معنَاه تَسرت ب عض ب َدِنَا ‪ ,‬وتَك ِ‬
‫ْشف بَ ْعضه‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ي قِ‬ ‫وفِ ِيه ذَم ه َذي ِن ِ‬
‫الصنْ َف ْ ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ َ َ ْ ُ ْ ُ َْ َ‬ ‫ْ‬ ‫يل ‪َ :‬م ْعنَاهُ َكاسيَات م ْن ن ْع َمة ا َ َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ َّ ْ‬
‫صف لَ ْون بَ َدِنَا‪.‬‬ ‫إِظْهارا ِحب ِاهلا وَْحنوه ‪ ,‬وقِيل ‪ :‬معنَاه تَلْبس ثَواب رقِي اقا ي ِ‬
‫َ َ َْ ُ َ ْا َ َ‬ ‫َا َ ََ‬
‫مه ان ِح ْفظه‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫وأَاما ِ‬
‫اَّلل ‪َ ,‬وَما يَلَْز ُ‬
‫اعة ا‬ ‫يل ‪َ :‬م ْعنَاهُ َع ْن طَ َ‬
‫(مائ ََلت) فَق َ‬ ‫َ َ‬
‫ي ُمتَ بَ ْخِ َرتات ‪ُ ,‬ممِ َيَلت ِألَ ْكتَافِ ِه ان‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يل ‪َ :‬مائ ََلت َيَْش َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫(ممِ َيَلت) أ ِ‬
‫َي يُ َعلّ ْم َن َغ ْريه ان ف ْعله ان الْ َم ْذ ُموم ‪َ ,‬وق َ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬
‫يل ‪َ :‬مائََِلت َيَْ ُشطْ َن الْ ِم ْشطَة الْ َمائِلَة ‪َ ,‬وِه َي ِم ْشطَة الْبَ غَ َااي‪.‬‬ ‫ِ‬
‫َوق َ‬
‫ُممِ َيَلت َيَْ ُشطْ َن َغ ْريه ان تِلْ َ‬
‫ك الْ ِم ْشطَة‪.‬‬
‫صابَة أ َْو َْحنومهَا‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ومعن ( رءوسه ان َكأَسنِم ِة الْبخت ) أَ ْن ي َكِربَِنَا وي ع ِظّمنَ ها بِلَ ِّ ِ‬
‫ف ع َم َامة أ َْو ع َ‬ ‫ُ ّْ َ ُ َ ْ َ‬ ‫ْ َ ُْ‬ ‫ََ ْ َ ُُ‬

You might also like