Professional Documents
Culture Documents
*
ان ص ق
ْ ن م
َّ ت ا م إذا ك ِل شَ ٍ
يء ُ لِ
َ ُ ُ َ َ ّ
إنسان
ُ طيب العي ِ
ش ف ال يُ َغ َّر بِ ِ
مجع الشيخ
مجع الشيخ
أَبُو عَبْد اهللِ عِيسَى بْنُ مُحَمَّد بْن إبراهيم الشَّامِيّ (ق 15هـ )
ُُ ُ أ َُ
كنوز األأَندلس
ألبي البقاء الرندي 2 رثاء األندلس
.
ألبي البقاء الرندي 3 رثاء األندلس
.
يُؤَنَّفَبث ًَتَحْمٍِمَبث /انشٍَّْخ أَبًِ عَبْذِ اهللِ عٍِسَى انشَّبيًِّ بٍُْ يُحًََّذ احلجبسي بٍِْ إبزاىٍىَ احلجبسي
َ َ ْ َ ْ َ َ َ هُ َ َ ه َ ُ ُ ْ َ َ َ ُ
اب َلُبَ ّيِن هي ًُ ل هِلي ِ
اس َوَل تك ُت ُهوى ًُ﴾ لَبلَ اهللُ ﴿ِإَوذ أخذ اَّلل نِيثاق اَّلِيو أوتوا الكِت
لبل االيبو أمحذ بٍ حنبم (ايبو أىم انسنت ًاجلًبعت) حَذَّثَنَب أَبٌُ كَبيِمٍ ،حَذَّثَنَب حًََّبدٌ ،عٍَْ عَهًِِّ بٍِْ
انْحَكَىِ ،عٍَْ عَطَبءِ بٍِْ أَبًِ رَبَبحٍ ،عٍَْ أَبًِ ىُزٌَْزَةَ ،لَبلَ 0لَبلَ رَسٌُلُ انهَّوِ « 0 يٍَْ سُئِمَ عٍَْ عِهْىٍ
فَنَمٌُلُ ًَبِبنوِ تَعَبنَى انتٌَّْفٍِك إٌَِّ كُمّ يَب كَتَبْنَبهُ ًَجًََعْنَبهُ يٍِْ حَكٍّ فَيٌَُ نِكُمِّ يٌَُحِّذِ ٌَنْسَخُوُ ٌَنْشُزهُ ٌَطْبَعوُ ٌَمْزَأهُ
ًَأٌَ نَب تُتَّخَذ ىَذِهِ انًُْصَنَّفَبث ًَانزَّسَبئِم تِجَبرَة ٌُتَّجَز بِيَب نِغَزَضِ انْكَسْبِ ًَانًَْنْفَعَت فَيًِ نٌَِجْوِ انهَّوِ خَبنِصَت
ُُ ُ أ َُ
كنوز األأَندلس
ألبي البقاء الرندي 4 رثاء األندلس
.
ألبي البقاء الرندي 5 رثاء األندلس
.
هۡ َ ََ ُ ُ ه َ َ ُّ َ ه ُ ه ُ ْ
اس ٱتلوا َر هبك ُم ٱَّلِي خللكم ّنِو نفس َوَٰح َِدة قال هللا ﴿ َٰٓ
يأيها ٱنل
َ َ َ َ ۡ َ َ ۡ َ َ َ َ ه ۡ ُ َ َ ٗ َ ٗ َ َ ٓٗ َ ه ُ ْ ه َ ه
وخلق نِيها زوجها وبث نِيهها رِجاَل َث ِرا ون ِصاء وٱتلوا ٱَّلل ٱَّلِي
َ ۡ َۡ َ َ ه هَ َ َ َ َۡ ُ ۡ َ ٗ ََ ٓ ُ َ
تصا َءلون بًِِۦ وٱۡلرحام إِن ٱَّلل َكن غليكم رقِيبا [ ﴾١النصاء]١:
َ َ
كوىُااااوا ْ ََاااا هَّل َ
ِيو
َْ َ ُ
ِيااااو َء َان ُيااااوا َل ت
َ ه
يأ ُّي َهااااا ٱَّلق ال هللا ﴿ َٰٓ
َ ه
ٱَّللِ َوج ٗ َ ُ ْ َ َ َ اذ ۡوا ْ ُماااو َ َٰ َر َ ه
اااُأهُ ه ُ َ َ
يهاااا ٦٩ ِ ٱَّلل م هِهاااا كاااالوا َوِن غِياااد ء
ٗ َ ْ ُ ُ ْ ُ ه ْ ه َ
ِيدا ٧٠يُ ۡصاال ِ ۡٗ
ااوَل َشااد ِيااو َء َان ُيااوا ٱتلااوا ه َ
ٱَّلل َوكولااوا ك ۡ يأ ُّي َهااا ٱَّل َ َ َٰٓ
اوه َر َل ۡ ٱَّلل َو َر ُش َ ُ
ك ۡم َو َنو يُطِعِ ه َ َ ُ َ ۡ َ َ ُ َۡ َ ُ ُُ َ ُ
اد لك ۡم أغمَٰلك ۡم َويغف ِۡر لك ۡم ذىوب ۗۡ
َ َ َ ً َ ً
فاز ف ۡوزا غظِيها [ ﴾٧١اۡلحزاب ٧٠ :و.]٧١
ِ ِ
سن ا ْؽبَ ْدي َى ْدي دمحم َش َ َص َدق ا ْغبَديث كتَاب هللا َوأ ْ أما بعد :فَِإ هن أ ْ
ضالَل ٍَة َو َش ّر ْاْل ُُموِر ُْؿب َد ََثهتَا َوُك ّل ُؿبْ َدثٍَة بِ ْد َعةٌ َوُك ّل بِ ْد َع ٍة َ
ضالَلَة َوُك ّل َ
ُِب النها ِر
ألبي البقاء الرندي 6 رثاء األندلس
.
مرت على اْلمة اؼبرشومة شوادث عظام و أىوال جسام على مر التاريخ فمقتل عمر
ٍب عثمان ٍب علي وتفرق بعد اجتماع ففي الدين اترة وُب الداير اترة وهللا العاصم
ومن صبلة ما شدث من اْلىوال ُب العصر اؼبتأخر غروب مشس اْلندلس وىي ربت
شكم عُُاد الصليب (وىي اعبزيرة اؼبشهورة حبسنها وخصائصها وىي القلعة العظيمة
والقاعدة الصلُة) بعد أن كانت بيد اؼبسلمُت وهللا اؼبستعان
ومن صبلة الُلغاء والشعراء الذين رثوا اْلندلس (أبو الُقاء الرندي)
ذكر ُب مطلعها سنة هللا الكونية وىي اؼبداولة وذكر شال ملوك اْلرض ُب القدَل وما
صاروا إليو من زوال ملكهم وىالكهم ٍب مهد ُب ذكر اؽبول واػبطب اعبلل ٍب ذكره
مع ذكر فضل ما فقد
(أسلوب بليغ يضع السامع بُت ظباع اؼبصيُة ٍب يضعو ُب موضع اغبسرة شُت ذكر فضل ما فقد بسُب شلول
اؼبصيُة ليجلب العواطف واغبمية)
ٍب ذكر اغبسرة واغبزن فبا وقع متجسداً على اغبنيفية الُيضاء واؼبساجد والعيدان ٍب
ذكر اغبال العام من أسر وقتل وسيب ٍب ذكر التشرذم والتقاطع
فيا ؽبا من قصيدة تسيل رقة وعذوبة .
ألبي البقاء الرندي 8 رثاء األندلس
.
ٔ -أزىار الرايض ُب أخُار القاضي عياض -شهاب الدين أضبد بن دمحم اؼبقري
التلمساٍل
ٕ -نفح الطيب من غصن اْلندلس الرطيب -شهاب الدين أضبد بن دمحم اؼبقري
التلمساٍل
ٖ -رحيانة اْللُّا وزىرة اغبياة الدنيا -شهاب الدين أضبد بن دمحم بن عمر اػبفاجي
فنذكر القصيدة كما ُب أزىار الرايض فإن وقع اختالف أو زايدة ذكرانىا مع الُيان
* اغباوشي
-ذكر ما حيتاج اىل بيان
ألبي البقاء الرندي 9 رثاء األندلس
.
ترصبة اْلديب
* قال أبو عُد هللا دمحم بن دمحم بن عُد اؼبل اْلنصاري اْلوسي اؼبراكشي (اؼبتوَب:
ٖٓ ٚى )
علي بن َشريف،
صاحلُ بن أيب اغبَ َسن يَزي َد بن صاحل بن موسى بن أيب القاسم بن ِّ
ابن َشريف. ِ
دي ،أبو الطّيّبُ ، ُرنْ ّ
روى عن ِ
ش ِريشي وابن قُطْرال ،وأيب اغبُ َ
سُت آِبء اغبَ َسن :أَبيو وال هد َِبج وابن ال َف ّخار ال ه َ
بن َزْرقُون ،وأيب القاسم ابن اعبَ ِّد التّونُسي.
فاق اؼبُ ِ
حال فعج ُْنا من اتِّ ِ غَ َفل ال ّدىر وال هرقيب وبِْتنا ِ ...
َ ُ َ ُ
بشمالُِت معقودةٍ ِ ِ
شاح عنَا ٌق ...بيم ٍ ض همنا ض همةَ ال ِو ِ َ
ٍ
شىت َخَُا يل َخَُايل شا بلَثْ ِم بَرود ...مل َيز ْل يب ّ ت اغبَ َ فَُ َر ْد ُ
ج ثَغْ َرىا عن َآل ِل أضح َ اؼبَْز ُروسا َ ... كؤوس اؼبُدام َذبْلو َع ً و ُ
الذ ِ
ِبل ور ُّ ذوابل َمشْ ٍع َ ...ع َك َس ْ ولنَ ْح ِر ُّ
جاج نُ َ
الز ِ ت ُب ُّ ُ الدجى
ماك نو َن ِ ِبلس ِ ضيُا ...أَعجم ْ ِ ِ
اؽبالل ت ّ ََ ُّراي سبَُ ُّد كفا َخ ً
والث ّ
وميم ِ
ودال ُت ٍ ضى ِم ْن غ ٍ ف ...يُنت َُاح إ ْذ هح َس ْي ٌ الص َ وكأ ّن ّ
بكل سح ٍر ِ ٍ ٍ
شالل ومس ْحنا ال َك َرى إىل غانيات ...غانيات ِّ َ
دموع ِ
دهل ت َ مام ب َك ْ سم ال هزىر فيها ...لغَ ٍ ُب ٍ
رايض تََُ ه َ ُ
ش ِ
مال صُا وال ه هادى بُت ال ه عليال ...يتَ َ
عاطر النّسيم ً وج َرى ُ َ
رمى ال َقطْر كبوه بنِ ِ
ُال ههر َْلْمةً منوُ ؼبّا ...أ ْن َ
ُ َ سى الن ُ فاكتَ َ
تعود تل اللّيايل ِ
سالم عليها ...أتراىا ُ اي ليايل م ًٌت ٌ
* قال دمحم بن عُد هللا بن سعيد السلماٍل الغرانطي اْلندلسي ،أبو عُد هللا ،الشهَت
بلسان الدين ابن اػبطيب (اؼبتوَبٚٚٙ :ى )
صاحل بن يزيد بن صاحل بن موسى بن أيب القاسم ابن علي بن شريف النّفزي من أىل
رندة ،يكٌت أِب الطّيّب.
(شالو)
(مشيختو)
(تواليفو)
ألّف جزءا على شديث جربيل ،وتصنيفا ُب الفرائض وأعماؽبا ،وآخر ُب العروض،
وآخر ُب صنعة الشعر ظباه «الواُب ُ ،ب علم القواُب» .
ولو كتاب كَُت ظباه «روضة اْلنس ،ونزىة النّفس» .
(دخولو غرانطة)
وكان كثَت الوفادة على غرانطة ،والًت ّدد إليها ،يسًتفد ملوكها ،وينشد أمراءىا،
والقصيدة اليت ّأوؽبا« :أواصليت يوما وىاجرٌب ألفا» ،أخربٍل شيخنا أبو عُد هللا
اللّوشي أنو نظمها ِبقًتاح السلطان ،رضبو هللا ،وقد أوعز إليو ّأه خيرج عن بعض
اإللَُتي. بساتُت اؼبل شىت يكملها ُب معارضة دمحم بن ىاٍل
(شعره)
وىو كثَت ،سهل اؼبأخذ ،عذب اللفظ ،رائق اؼبعٌت ،غَت مؤثر للجزالة.
السلطانيات ( :الوافر)
فمن ذل قولو ،رضبو هللاُ ،ب غرض اؼبدح من ّ
شوق الغرامواغبب أمر ه يرام ...وقد أغرى بو ال ّ
ّ سرى
وأغفى أىلها ّإه وشاة ...إذا انم اغبوادث ه تنام
السقام
وما أخفاه بُت القوم ّإه ...ضٌت ولردبا نفع ّ
ألبي البقاء الرندي 14 رثاء األندلس
.
ومن نزعاتو العجيُة قولو ،وقد سُق إىل غرضو غَته( :الُسيط)
اي طلعة الشمس ّإه أنو قمر ّ ...أما ىواك فال يُقي وه يذر
كيف التخلّص من عيني يل ومىت ...وفيهما القاتالن الغنج واغبور
شيب والكرب
وكيف يسلي فؤادى عن صُابتو ...ولو ّنى النّاىيان ال ّ
ضرر
أنت اؼبٌت واؼبنااي في قد صبعت ...وعندك اغبالتان النّفع وال ّ
شافيان القرب والنّظر
شوق ما ه دواء لو ...ومن يل ال ّ
ويل من ال ّ
وُب وصال ما أبقي بو رمقي ...لو ساعد اؼبسعدان الذّكر والقدر
والسهر
وكان طيف خيال من يقنعٍت ...لو يذىب اؼبانعان ال ّدمع ّ
الغم والغَت
اي انبيا ،مل يكن ّإه ليملكٍت ...من بعده اؼبهلكان ّ
السمع والُصر
ما غُت ّإه وغاب اعبنس أصبعو ...واستوشش اؼبؤنسان ّ
الساجدان النّجم والشجر
تكن ضلوعي ُب ىواك دبن ...يعنو لو ّ
دبا ّ
ألبي البقاء الرندي 17 رثاء األندلس
.
أدرك بقيّة نفس لست مدركها ...إذا مضى اؽباداين العُت واْلثر
ودل شَتة مهجور بال سُب ...يُكي لو القاسيان ال ّدىر واغبجر
ّ
والصدر
وإن أبيت فلي من ليس يسلمٍت ...إذا نُا اؼبذىُان الورد ّ
مؤيّدا ؼبل ِبآلراء حيكمها ُ ...ب ضمنها اؼبُهجان اليمن والظّفر
والسمر
من كاْلمَت أيب عُد اإللو إذا ما ...خانت القدمان الُيض ّ
والصرب
الص ّر ّ
الواىب اػبيل آهفا وفارسها ...إذا استوى اؼبهطعان ّ
واؼبشُو اللّيث ُب أبس وُب خطر ...ونعمت اغبليتان الُأس واػبفر
الصاشُان الشاة والنّمر
أتمن الناس ُب أايمو ومشوا ...كما مشى ّ
ّ
وزال ما كان من خوف ومن شذر ...فما يرى ال ّدايالن اػبوف واغبذر
رأيت منو الذي كنت أظبعو ...وشُّذا الطّيُّان اػبرب واػبرب
والزىر
ّل ّالرائقان الظ ّ
ما شئت من شيم عليا ومن شيم ...كأّنا ّ
وما أردت من إشسان ومن كرم ...ينسى بو اْلجودان الُحر واؼبطر
وغرة يتألْل من ظباشتها ...كأّنا النّهران الشمس والقمر
ّ
إيو ،فلوه دواع من ؿبُّتو ...مل يسهل اْلصعُان الُُت واػبطر
والسفر
اغبل ّ
أنيت عنو اضطرارا ٍب عدت لو ...كما اقتضى اؼبربمان ّ
ّل والثّمر
فإن قضى هللا أن يقضي بو أملي ...فحسيب ا﵀سُان الظ ّ
السؤل والوطر ولست أبعد إذ واغبال متّسع ...أن يُلغ الغائُان ّ
غرب( :السريع)
وُب العقل والتّ ّ
ما أشسن العقل وآَثره ...لو هزم اإلنسان إيثاره
اغبر أسراره
يصون ِبلعقل الفىت نفسو ...كما يصوم ّ
ه سيما إن كان ُب غربة ...حيتاج أن يعرف مقداره
السيف( :الُسيط)
وُب ّ
وأبيض صيغ من ماء ومن ؽبب ...على اعتدال فلم خيمد ومل يسل
ماضي الغرار يهاب العمر صولتو ...كأّنا ىو مطُوع من اْلجل
أهبى من الوصل بعد اؽبجر منظره ...شسنا وأقطع من دين على ملل
ظن أن ما كل سابغة ...فخاض كاْلَل يستشفي من النّهل وأظبر ّ
ىام الكماة بو شُّا وه عجب ...من لوعة دبليح الق ّد معتدل
إذا الطّعُت تل ّقاه وأرعفو ...شسُتو عاشقا يُكي على طلل
اؼبقص( :الوافر)
ّ ومن ذل قولو ُب
بضم واعتناق
ومعتنقُت ما اشتهرا بعشق ...وإن وصفا ّ
لعمر أبي ما اعتنقا ؼبعٌت ...سوى معٌت القطيعة والفراق
اػبَتي( :السريع)
ّ ومن ذل قولو ُب
سر عجيب
وأزرق كمثل السماء ...فيو ؼبن ينظر ّ
الصُح عليو رقيب
الصُح أبنفاسو ...كأّنا ّ
شح مع ّ
ّ
وِبح ِبلليل أبسراره ...ؼبّا رأى اللّيل ّنار اْلريب
الرحيان( :الوافر)
ومن ذل قولو ُب ّ
غض ...يروق حبسن منظره العيوان
فستقي اللون ّ
ّ وأخضر
الًتنج وقد شكاه ...وزاد على اظبو ألفا ونوان
أغار على ّ
الرمان( :الُسيط)
وقال ُب وصف ّ
رمانة قد راق منظرىا ...فمثلها بُديع اغبسن منعوت
﵁ ّ
واغبب ايقوت
ّ شحم قطن ؽبا
ضم داخلو ...وال ّ
القشر ش ّق ؽبا قد ّ
الصرب( :السريع)
ومن ذل قولو ُب ّ
الدىر ه يُقي على شالة ...لكنو يقُل أو يدبر
فإن تل ّقاك دبكروىو ...فاصرب فإ ّن ال ّدىر ه يصرب
(نثره)
نصو:
قال ُب كتاب «روضة اْلنس» ما ّ
«ويتعلّق هبذا الُاب ما خاطٍُت بو الفقيو الكاتب اعبليل أبو بكر الربذعي ،من أىل
سر دون وه شجاب ،بعد أن أتق ّدم إلي أعزه هللا :أخربك بعجاب ،إذ ه ّ
بلدانّ ،
لدي ،فإ ّن الدىر أخدع من ك ّفة اغبابل ،وقلب
إيل ،قُل علم ما ّ
أن ه تعجل ِبللوم ّ
الرقيقْ ،لخذ ش ّق فؤاد عتيق ،فرأيت
اإلنسان لَّلفات قابل .مشيت يوما إىل سوق ّ
ِبلصون ،متمايلة الق ّد ،قائمة النّهد ،بلحظ
هبا جارية عسجدية اللون ،شديثة عهد ّ
السحر أوفر شظّ ،وفم كشرطة رشحت بدم ،داخلو ظبطان لوه مها ما
قد أوٌب من ّ
ط شكلهما قلم،
عرف النّظم ،وه شكم على ال ّدر للعظمُ ،ب صدغها همان ما خ ّ
الكف ُب اغبصر،
قص مثلهما شلم .ؽبا جيد تتمنّاه الغيد ،وخصر ىو قُضة ّ
وه ّ
وردف يظلمو من يشُو بو ِبغبقف ،ويدان خلقا للوشي ،وقدمان أىلّتا للّثم ه
للمشي ،فتطاولت إليو اْلعناق ،وبذلت فيها اْلعالق ،واؼبياسَت عليها مغرم ُب
السوم ،وكل فيها يزيد ،ليُلغ ما يريد ،إىل أن جاء فىت صادق ُب
وتسوم أىل ّ
القومّ ،
شُّو ،ه يُايل بفساد مالو ُب صالح قلُو ،فع ّد اؼبال ع ّدا ،ومل جيد غَته من التسليم
فلما فاتتٍت ،تركت اْلشواق وأتتٍت ،وانتقضت عزائم صربي فما أتتٍت ،فا﵁ هللا،
ب ّداّ .
ألبي البقاء الرندي 27 رثاء األندلس
.
تدارك أخاك سريعا ،قُل أن تلفيو من الوجد صريعا ،واستنزلو خادما ،قُل أن تصُح
عليو اندما ،ولن أشتاج أن أصفها إلي ،مع ما قصصتو علي ،وقد أىديتها دررا،
فخذىا على جهة الفكاىة وال ّدعابة( :الوافر)
وه تطلع أخا جهل عليها ...فمن مل يدر قدر الشيء عابو
فأجُتو :نعم نعم ،أنعم هللا ِبل ،وسٌت آمال ،أان حبول هللا أراتد ل من كبو
وإه فُيضا كاللّجُت ،ىل القلب والعُت ،زىرة غصن ُب
ىاتي ،ما يسلي ويؤاتي ّ ،
روضة شسن ،ذات ذوائب ،كأّنا الليل على ّنار ،أو بنفسج ُب هبار.ؽبا وجو أهبى
السُح،
من الغنا ،وأشهى من نيل اؼبٌت ،فيو شاجُان كأّنما قوس صنعت من ّ
ورصعت بعاج من الُلح ،على عينُت ساشرتُتِ ،بلعقل ساخرتُت ،هبما تصاب
ّ
الكُود ،وتش ّق القلوب قُل اعبلود ،إىل فم كأنّو ختام مس ،على نظام سل ،سقاه
اغبسن رشيقو ،فأنُتت درره وعقيقو ،وجيد ُب اغبسن وشيد على صدر كأنو من
غض ،لو خصر مدمج،
للعضُ ،ب جسم ّ
ّ طوقتا بعنرب ،قد خلقتا
مرمر ،فيو ش ّقتا عاج ّ
اؼبؤمل،
يتموج ،وأطراف كالعنم ،رقمت رقم القلم ،من الالئي شهدن ابن ّ
وردفو ّ
وقال ُب مثلها اْلول ،إن ىي اتىت فمثلها اتىا ،أو ىي ِبىت فمثلها ِبىا ،من أين
للغصن مثل قامتها أو أين للُدر مثل مرآىا ،ما فعلت ُب العقول صابية ما فعلت ُب
العقول عيناىا ،سبلكٍت ِبؽبوى وأملكها ،فهأان عُدىا وموهىا ،فأيّهما لست بذلت
فيو اعبهد ،وأرقيت للمجد والو ّد إن شاء هللا تعاىل .وأان فيما عرض لسيدي ،شفظو
حيب ،أعذره وه أعذلو ،وأنصره وه أخذلو ،لكٍت أقول كما قال بعض
هللا ،على ما ّ
الرقيقّ ،إه أن يكون قد صبع بُت
اغبكماء :ه ينُغي ؼبن قلُو رقيق ،أن يدخل سوق ّ
اؼبال ،واعبمال يتنافس ُب العايل،
ألبي البقاء الرندي 28 رثاء األندلس
.
ويسًتخص ِبلثمن الغايل ،وه يُايل دبا قال اْلئمة ،إذا وجد من يالئمو ،كما قال
الشاعر(:اػبفيف)
يتوصل بو لوصل اغبُيب
ا﵀ب ِبؼبال إذ مل ّ ...
ما انتفاع ّ
إّنا ينُغي حبكم اؽبوى أن ...ينفق اؼبال ُب صالح القلوب
والسالم على سيدي ،ما كانت الفكاىة من شأن الوفاء ،واؼبداعُة من شيم الظّرفاء،
ورضبة هللا وبركاتو.
(مولده -وفاتو)
ومن مشهور ما قيل ُب ذل قول اْلديب الشهَت أيب الُقاء صاحل بن شريف الرندي رضبو
(نفح الطيب) هللا تعاىل
و﵁ در اإلمام العالمة خاسبة أدِبء اْلندلس ،أيب الطيب صاحل أبن شريف الزندي
رضبو هللا إذ قال يندب بالد اْلندلس ،ويُعث العزائم وحيركها من أىل اإلسالم
لنصرة الدين ،وانقاذ الُالد من يد الكافرين ،ولسان اغبال ينشده " لقد أظبعت لو
انديت شياً ".
دوَؽبَا َزْى ٌر َوَرْحيَا ُن) قَ ْد َش ه صوِر ِهبا (واؼباء َْجي ِري بِس ِ
ف َج َ اشات ال ُق ُ َ َ َ ُ
وف ِى ْن ٍد ؽبَا ُب ِّ
اعبو ل ََمعا ُن) ُسيُ َ ْسلِ ِو
سل ُ ب َْحيكي ُب تَ َ
ِ
الع ْذ ُ
( َوّنُْرىا َ
آي وفُ ْرقا ُن) ُب ِ ٍ ِ
كل وقْت بو ٌ ّ توأين َج ِام ُع َها اؼب ْش ُه ْوُر َك ْم تُلِيَ ْ
( ْ
س ولَوُ ُب العِل ِْم تُِْ يَا ُن) ْج ُه ِ ِ ِ ( ِ
ُم َد ِّر ٌ ول ُى َدى وعاملٌ كا َن فيها لل َ َ
همع ِمنْوُ على اػبَدهي ِن طُوفَا ُن) والد ُ ﵁ ُم ُْ تَ ِه ٌلخاضع ِ
ٌ
(وعابِ ٌد ِ
ألبي البقاء الرندي 31 رثاء األندلس
.
(ذكرها اخلفاجي) ويل) ال هد ْى ِر نِ ْسيَا ُن ول (طَ ِ وما َؽبَا َم ْع طُ َِ هم َها
ت َما تَ َقد َ س ْ ِ
ت ْل َ اؼبُصيَُةُ أنْ َ
ِ
(ذكرها اخلفاجي) ت َجنهةُ الْمأ َْوى ؽبَا َشا ُنتَ َز ْخ َرفَ ْ اد هبا ِمن طَالِ ٍ
ب فَ لَ َق ْد ِ ِ
لجه ِ
َى ْل ل َ
ت َلع ْم ِرى ِهبذا ِْ
اػبَت ُش ْج َعا ُن فاز ْ ف اغبور وال ِول َدا ُن ِمن غُر ٍ
ف
(ذكرها اخلفاجي) َ َ وأ ْش َر َ ُ ُ
(ذكرها اخلفاجي) صا ُنواىتَ هز أ ْغ َ
صَُا ْ يح ال ه ب ِر ُ
َما َى ه صالةُ على اؼبُختا ِر ِمن ُم َ
ض ٍر ٍب ال ه
ألبي البقاء الرندي 33 رثاء األندلس
.
* انتهت القصيدة الفريدة ،ويوجد أبيدي الناس زايدات فيها ذكر غرانطة وبسطة
وغَتمها فبا أخذ من الُالد بعد موت صاحل بن شريف ،وما اعتمدتو منها نقلتو من
خط من يوثق بو على ما كتُتو ،ومن لو أدٌل ذوق علم أن ما يزيدون فيها من
اْلبيات ليست تقارهبا ُب الُالغة ،وغالب ظٍت أن تل الزايدة ؼبا أخذت غرانطة
وصبيع بالد اْلندلس إذ كان أىلها يستنهضون مهم اؼبلوك
ِبؼبشرق واؼبغرب ،فكأن بعضهم ؼبا أعجُتو قصيدة صاحل بن شريف زاد فيها تل
الزايدات ،وقد بينت ذل ُب " أزىار الرايض " فلَتاجع.
ندي صاشب القصيدة من أشهر أدِبء اْلندلس (* نفح الطيب)
الر ّ
وصاحل بن شريف ّ
القصيدة – مع التعليق
ومن مشهور ما قيل ُب ذل قول اْلديب الشهَت أيب الُقاء صاحل بن شريف الرندي رضبو
(نفح الطيب) هللا تعاىل
و﵁ در اإلمام العالمة خاسبة أدِبء اْلندلس ،أيب الطيب صاحل أبن شريف الزندي
رضبو هللا إذ قال يندب بالد اْلندلس ،ويُعث العزائم وحيركها من أىل اإلسالم
لنصرة الدين ،وانقاذ الُالد من يد الكافرين ،ولسان اغبال ينشده " لقد أظبعت لو
انديت شياً ".
ٗ -ذو القرنُت وليس على ذل دليل مرفوع اىل النيب
واؽبم ِ
٘ -ما يُسلّي ويذىب اغبز َن ّ
ألبي البقاء الرندي 36 رثاء األندلس
.
-ٙاْلندلس قال (أبو عُد هللا دمحم اغبمَتي) واْلندلس أقاليم عدة ورساتيق صبلة ،وُب كل إقليم منها عدة ٍ
مدن،
والركن الواشد من أركاّنا الثالثة ىو اؼبوضع الذي فيو صنم قادس بُت اؼبغرب والقُلة ،والركن الثاٍل شرقي
اْلندلس بُت مدينة نربونة ومدينة برذيل إبزاء جزيرٌب ميورقة ومنورقة ،والركن الثالث شيث يتعطف الُحر من
اعبوف إىل اؼبغرب شيث اؼبنارة ُب اعبُل اؼبوَب على الُحر واْلندلس شأمية ُب طيُها وىوائها ،ديانية ُب اعتداؽبا
واستوائها ،ىندية ُب عطرىا وذكائها ،أىوازية ُب عظم جُايتها ،صينية ُب جواىر معادّنا ،عدنية ُب منافع
سواشلها
-ٛبلنسية قال (أبو عُد هللا دمحم اغبمَتي) شرق اْلندلس ،بينها وبُت قرطُة على طريق جبانة ستة عشر يوماً،
وعلى اعبادة ثالثة عشر يوماً .وىي مدينة سهلية ،وقاعدة من قواعد اْلندلسُ ،ب مست ٍو من اْلرض ،عامرة
القطر ،كثَتة التجارات ،وهبا أسواق وشط وإقالع ،وبينها وبُت الُحر ثالثة أميال .وىي على ّن ٍر جا ٍر ينتفع بو،
ويسقى اؼبزارع ،وؽبا عليو بساتُت ،وجنات ،وعمارات متصلة.
والسفن تدخل ّنرىا ،وسورىا مٌُت ِبغبجر والطواىب ،وؽبا أربعة أبواب ،وىي من أمصار اْلندلس اؼبوصوفة،
وشواضرىا اؼبقدمة ،وْلىلها شسن ٍ
زي ،وكرم طُاع ،والغالب عليهم طيب النفوس ،واؼبيل إىل الراشات ،وىي ُب
أكثر اْلمور راخية اْلسعار ،كثَتة الفواكو والثمار ،جامعة ػبَتات الرب والُحر ،وؽبا أقاليم كثَتة ،وىي ُب اعبزء
الرابع من قسمة قسطنطُت.
-ٜمرسية قال (أبو عُد هللا دمحم اغبمَتي) ىي قاعدة تدمَت على ّنر كَُت يسقى صبيعها كنيل مصر ،وؽبا جامع
جليل ،وضبامات وأسواق عامرة ،وىي راخية أكثر الدىر ،رخيصة الفواكو ،كثَتة الشجر واْلعناب وأصناف
الثمار ،وهبا معادن ٍ
فضة غزيرة متصلة اؼبادة؛ وكانت تصنع هبا الُسط الرفيعة الشريفة؛ وْلىل مرسية شذق
بصنعتها وذبويدىا ه يُلغو غَتىم.
ألبي البقاء الرندي 37 رثاء األندلس
.
من عا ٍمل قد ظبا فيها لوُ شا ُن لوم فكم وأين قُرطُُةٌ دار الع ِ
ْ َ (ٔٔ) ُ ُ
اض َوْمَّل ُن ص (ٕٔ) وما َرب ِو ِيو ِمن نُ َزهٍ(تُ َرهٍ) ِ
(ذكرها اخلفاجي) ب فَ يه ٌ
الع ْذ ُ
ونَ ْه ُرىا َ وأَيْ َن ضبْ ٌ
ٓٔ -جيان قال (أبو عُد هللا دمحم اغبمَتي) بينها وبُت بياسة ستون ميالً ،وىي كثَتة اػبصب ،رخيصة اْلسعار،
كثَتة اللحوم والعسل؛ وؽبا زائد على ثالثة آهف قرية ،كلها يرىب فيها دود اغبرير ،وهبا جنات وبساتُت ومزارع
وغالت القمح والشعَت والُاقالء وسائر اغبُوب؛ وعلى ميل منها ّنر بلون وىو ّنر كَُت عليو أرشاء كثَتة جداً،
عال جداً ،وقصُتها من القصاب اؼبوصوفة ِبغبصانة وىي وهبا مسجد جامع وعلماء جلة .وجيان ُب سفح جُل ٍ
من أغر اؼبدن وشريف الُقاع ،وُب داخلها عيون وينابيع مطردة ،ومنها عُت ثرة عذبة ،عليها قُو من بناء اْلول،
وؽبا بركة كَُتة عليها كان ضبام الثور ،فيو صورة ثوٍر من ٍ
رخام وضبام الولد ،ومها للسلطان ،وضبام ابن السليم،
وضبام ابن طرفة ،وضبام ابن إسحاق ،وتسقى بفضلتو بسائط عريضة ،ومن عيوّنا عُت الُالط ،عليها قُو لألول،
وماؤىا ه ينقض ُب زمان من اْلزمان ،على ىذه العُت ضبام يعرف حبمام شسُت ،وتسقى هبا أيضاً أرض كثَتة،
ومن عيوّنا عُت سطرون ،وماؤىا غزير ّنَت وعليها سقى كثَت؛ واْلرشاء الطاشنة على أبواب اؼبنازل جبيان،
درج من صبيع نواشيو ،وىو من طبس بالطات
واعبنات بظهور الُيوت؛ وجامع جيان مشرف يصعد إليو على ٍ
على أعمدة رخام ،ولو صحن كَُت شولو سقائف ... ،وىو من وبكورة جيان أقاليم عدة ،وهبا أسواق كثَتة،
وسوقها اعبامع يوم وكورهتا من أشرف الكور ،وىي أشُو الكور بكورة إلَُتة ُب طيب بقعتها ،ووفور غلتها ،ورفع
بذرىا ،وكثرة خَتىا؛ وجزيرهتا تفوق جزيرة إلَُتة طيُاً.
وقرى عامرة ،وعمائر واسعة.
ومن أمثال العامة :يذكر الُلدان ،ويسكن جيان!؛ وؽبا أقاليم كثَتةً ،
ٔٔ -قرطُة قال (أبو عُد هللا دمحم اغبمَتي) قاعدة اْلندلس ،أم مدائنها -ا.ه
وقد ذكنا طرفاً من صفتها ُب اػباسبة
ٕٔ -ضبص ىي اشُيلية قال (أبو عُد هللا دمحم اغبمَتي) مدينة ِبْلندلس جليلة بينها وبُت قرطُة مسَتة ثالثة
ٍ
أايم ،ومن اْلميال شبانون .وىي مدينة قددية أزلية وىي كَُتة عامرة ؽبا أسوار شصينة ،وأسواقها عامرة ،وخلقها
كثَت ،وأىلها مياسَت ،وجل ذبارهتم الزيت يتجهزون بو إىل اؼبشرق واؼبغرب برا وحبراً فيجتمع ىذا الزيت من
الشرف ،وىو مسافة أربعُت ميالً كلها ُب ظل شجر الزيتون والتُت ،أولو مدينة إشُيلية ،وآخره مدينة لُلة ،وسعتو
اثنا عشر ميالً ،وفيو شبانية آهف قر ٍية عامرةٍ ِبغبمامات والداير اغبسنة ،وبُت الشرف وإشُيلية ثالثة أميال.
ومدينة إشُيلية موفية على النهر الكَُت ،وىو ُب غربيها
ألبي البقاء الرندي 38 رثاء األندلس
.
ٖٔ – (طُلَ ْيطَلَةُ) قال (أبو عُد هللا دمحم اغبمَتي) طليطلة ِبْلندلس ،بينها وبُت الربج اؼبعروف بوادي اغبجارة
طبسة وستون ميالً ،وىي مركز عبميع بالد اْلندلسْ ،لن منها إىل قرطُة تسع مراشل ،ومنها إىل بلنسية تسع
مراشل أيضاً ،ومنها إىل اؼبرية ُب الُحر الشأمى تسع مراشل أيضاً .وطليطلة عظيمة القطر ،كثَتة الُشر ،وىي
كانت دار اؼبل ِبْلندلس شُت دخلها طارق؛ وىي شصينة ،ؽبا أسوار شسنة ،وقصُة شصينة ،وىي أزلية من
بناء العمالقة ،وىي على ضفة النهر الكَُت ،وقل ما يرى مثلها إتقاانً ومشاخة ٍ
بنيان ،وىي عالية الذرى ،شسنة
الُقعة ،وؽبا قنطرة من عجائب الُنيان ،وىي قوس واشدة ،واؼباء يدخل ربتها ٍ
بعنف وشدة جر ٍى ،ومع آخر
القنطرة انعورة ،وارتفاعها ُب اعبو تسعون ذراعاً ،وىي تصعد اؼباء إىل أعلى القنطرة ،وجيري اؼباء على ظهرىا
فيدخل اؼبدينة.
ٗٔ -قال اؼبقري غرانطة كانت غرانطة منتهى اآلمال ،ووسطى قالدة اْلمصار ،ومل تزل ؿباسنها ؾبلوة على
منصة الدىور واْلعصار .وقد استوىل وصفها لسان الدين الوزير أبو عُد هللا بن اػبطيب ُب كتاب اإلشاطة،
ويرشم هللا القائل:
غرانطة ما ؽبا نظَت ...ما مصر ما الشام ما العراق ما ىي إهّ العروس ذبلى ...واْلرض من صبلة الصداق
قال (أبو عُد هللا دمحم اغبمَتي) مدينة ِبْلندلس ،بينها وبُت وادي آش أربعون ميالً ،وىي من مدن إلَُتة.
ُت ٍ
عذبة ذباورىا ،والنهر اؼبعروف وقصُتها جبوفيها ،وىي من القصاب اغبصينة ،وجلب اؼباء إىل داخلها من ع ٍ
بنهر فلوم ينقسم عند مدينتها قسمُت :قسم حبري ُب أسفل اؼبدينة ،وقسم جيري ُب أعالىا ،يشقها شقاً ،فيجري
ُب بعض ضباماهتا ،وتطحن اْلرشاء عليو خالل منازؽبا ،وـبرجو من ٍ
جُل ىناك ،وتلقط ُب جرية مائو برادة الذىب
اػبالص ،ويعرف ِبلذىب اؼبدتى ،ومقربة إغرانطة بغربيها عند ِبب إلَُتة وفحص إلَُتة أزيد من مسافة ٍ
يوم ُب
مثلو يصرفون فيو مياه اْلّنار كيف شاؤوا كل أوان ،ومن صبيع اْلزمان ،وىو أطيب الُقاع نفعةً ،وأكرم اْلرضُت
تربة ،وه يعدل بو مكان غَت غوطة دمشق وشارشة الفيوم ،وه تعلم شجرة تستعمل وتستغل إه وىي أقبب شيء
ٍ
فاكهة توصف وتستظرف إه وما ىناك من الفاكهة فوقها ،وجيود فيها من ذل ما ه ُب ىذا الفحص ،وما من
جيود إه ِبلساشل من اللوز وقصب السكر وما أشُهما .وشرير فحص إلَُتة ىو الذي ينتشر ُب الُالد ،ويعم
اآلفاق ،وكتان ىذا الفحص يربو جيده على كتان النيل ،ويكثر شىت يصل إىل أقاصي بالد اؼبسلمُت ،وإبلَُتة
معادن جوىرية من الذىب والفضة والصفر واغبديد والرصاص والتوتيا ،وجُل الثلج ىو جُل يشرف على جُل
إلَُتة.
ألبي البقاء الرندي 39 رثاء األندلس
.
ان اػبُل ِ
ْد َع ْدان ُن) كأّنا من ِجن ِ
ه وز ْخ ُرفُ َها
العلْيا ُ
(ذكرىا اخلفاجي) (وأين َضبْرا ُؤىا َ
سى (الُُكاءُ) الَُقاءُ إذا مل تَ ُْ َق أ َْركا ُن قَ و ِ
اع ٌد ُك هن أرَكا َن الُِ ِ
(ذكرها اخلفاجي) َع َ الد فَما ْ َ
دوَؽبَا َزْى ٌر َوَرْحيَا ُن) قَ ْد َش ه صوِر ِهبا (واؼباء َْجي ِري بِس ِ
ف َج َ اشات ال ُق ُ َ َ َ ُ
وف ِى ْن ٍد ؽبَا ُب ِّ
اعبو ل ََمعا ُن) ُسيُ َ ْسلِ ِو
سل ُ ب َْحيكي ُب تَ َ
ِ
الع ْذ ُ
( َوّنُْرىا َ
آي وفُ ْرقا ُن) ُب ِ ٍ ِ
كل وقْت بو ٌ ّ توأين َج ِام ُع َها اؼب ْش ُه ْوُر َك ْم تُلِيَ ْ
( ْ
م َد ِرس ولَوُ ُب ِ
العل ِْم تُِْ يَا ُن) ول ُى َدى ْج ُه ِ ِ ِ ( ِ
ُ ٌّ وعاملٌ كا َن فيها لل َ َ
همع ِم ْنوُ على اػبَدهي ِن طُوفَا ُن) والد ُ ﵁ ُم ُْ تَ ِه ٌلخاضع ِ
ٌ
(وعابِ ٌد ِ
٘ٔ -مالقة قال (أبو عُد هللا دمحم اغبمَتي) مدينة على شاطئ الُحر ،عليها سور صخ ٍر والُحر ُب قُلتها ،وىي
شسنة عامرة آىلة ،كثَتة الداير ،وفيما استدار هبا من صبيع جهاهتا شجر التُت اؼبنسوب إليها ،وىي ربمل إىل
مصر والشأم والعراق ،وردبا وصل إىل اؽبند ،وىو من أشسن التُت طيُاً وعذوبةً ،وؽبا ربضان كَُتان ،وشرب أىلها
من اآلِبر ،وؽبا ٍ
واد جيري ُب زمان الشتاء ،وليس بدائم اعبرى.
-ٔٙبسطة قال (أبو عُد هللا دمحم اغبمَتي) مدينة ِبْلندلس ِبلقرب من وادي آش ،وىي متوسطة اؼبقدار،
ٍ
أسواق ،وهبا ذبارات ،وفعلة بضروب الصناعات ،وبينها وبُت جيان شسنة اؼبوضع ،عامرة ،آىلة ،شصينة ،ذات
ثالث مراشل؛ وىي من كور جيان ،وشجر التوت فيها كثَت وعلى قدر ذل غلة اغبرير والزيتون ،وسائر الثمار
هبا على مثل ذل من الكثرة ،وأرضها عذاة كثَتة الريع ،وهبا كانت طرز الوطاء الُسطى من الديُاج الذي ه
يعلم شفَتىا ،وهبا جُل يعرف جبُل الكحل ،ه يزال ينقر منو كحل أسود ،يزيد بزايدة القمر ،وينقص بنقصانو ،مل
يزل على ذل من قدَل الدىر.
ألبي البقاء الرندي 40 رثاء األندلس
.
ِ ِ
وإمعا ُن)
ب َدا لو ُب العدى فَ ْت ٌ ْ (وَك ْم ُش َج ٍاع َزع ْي ٍم ُب َ
الوغَى بَطَ ٍل
أىل و ِول َدا ُن) ِِ ِِ دلت ي ُدهُ ِمن كاف ٍر فَغدا
ْتُكيو من ْأرضو ٌ (كم َجنْ ْ
(ذكرها اخلفاجي) َوَر هد تَ ْو ِش ْي َد َىا ِش ْر ٌك وطُغْيَا ُن) ت ِِبل ُكف ِر ِ
عام َرةً ووادايً َمن غ َد ْ (َ
ْب ِهبَا َعلَ ٌم َْحب ٌر لوُ َشا ُن)
قُط ٍ ُت فَ َك ْم(كذا اؼبَِريهةُ َدار ال ه ِ
(ذكرها اخلفاجي) صاغب َ ُ
-ٔٚوعامة الناس اليوم ه يكاد يعرف اظبها وأّنا كانت من قالع اؼبسلمُت ٍب أُخذت وهللا اؼبستعان
. شرب ُب الربيع رغداً
-ٔٛال هرتْ ُع :اْلكل وال ّ
-ٜٔدعة :رفو
ألبي البقاء الرندي 41 رثاء األندلس
.
ِ
وأعالج كذا ُب الصحاح
ٌ لوج ْج :الرجل من ك هفار َ
الع َجم ،واعبمع عُ ٌ الع ْي ُر .والعل ُ
لجَ :
ٕٓ -الع ُ
ألبي البقاء الرندي 42 رثاء األندلس
.
إسالَ ٌم ِ
وإديَا ُن إ ْن َكا َن ُب الْ َقل ِ
ْب ْ ْب ِمن َك َم ٍد ِ
لمثْ ِل َى َذا يَ ُذ ْو ُ
ب ال َقل ُ
*
(ذكرها اخلفاجي) ت َجنهةُ الْمأ َْوى ؽبَا َشا ُنتَ َز ْخ َرفَ ْ اد هبا ِمن طَالِ ٍ
ب فَ لَ َق ْد ِ ِ
لجه ِ
َى ْل ل َ
ت َلع ْم ِرى ِهبذا ِْ
اػبَت ُش ْج َعا ُن فاز ْ ف اغبور وال ِول َدا ُن ِمن غُر ٍ
ف
(ذكرها اخلفاجي) َ َ وأ ْش َر َ ُ ُ
(ذكرها اخلفاجي) صا ُنواىتَ هز أ ْغ َ
صَُا ْ يح ال ه ب ِر ُ
َما َى ه صالةُ على اؼبُختا ِر ِمن ُم َ
ض ٍر ٍب ال ه
ْ َ َ
الخ ِاتمةُ
* انتهت القصيدة الفريدة ،ويوجد أبيدي الناس زايدات فيها ذكر غرانطة وبسطة
وغَتمها فبا أخذ من الُالد بعد موت صاحل بن شريف ،وما اعتمدتو منها نقلتو من
خط من يوثق بو على ما كتُتو ،ومن لو أدٌل ذوق علم أن ما يزيدون فيها من
اْلبيات ليست تقارهبا ُب الُالغة ،وغالب ظٍت أن تل الزايدة ؼبا أخذت غرانطة
وصبيع بالد اْلندلس إذ كان أىلها يستنهضون مهم اؼبلوك ِبؼبشرق واؼبغرب ،فكأن
بعضهم ؼبا أعجُتو قصيدة صاحل بن شريف زاد فيها تل الزايدات ،وقد بينت ذل
ُب " أزىار الرايض " فلَتاجع.
ندي صاشب القصيدة من أشهر أدِبء اْلندلس (* نفح الطيب)
الر ّ
وصاحل بن شريف ّ
قرطُة -اْلندلس
قال أبو عُد هللا دمحم اغبمَتي قرطُة قاعدة اْلندلس ،أم مدائنها ومستقر خالفة اْلمويُت هبا ،وآَثرىم هبا ظاىرة،
وفضائل قرطُة ومناقب خلفائها أشهر من أن تذكر؛ وىم أعالم الُالد ،وأعيان الناس؛ اشتهروا بصحة اؼبذىب،
وطيب اؼبكسب ،وشسن الزى ،وعلو اؽبمة ،وصبيل اْلخالق؛ وكان فيها أعالم العلماء ،وسادة الفضالء؛ وذبارىا
مياسَت ،وأشواؽبم واسعة؛ وىي ُب ذاهتا مدن طبس يتلو بعضها بعضاً ،وبُت اؼبدينة واؼبدينة سور شاجز؛ وُب كل
مدينة ما يكفيها من اْلسواق والفنادق واغبمامات وسائر الصناعات؛ وطوؽبا من غربيها إىل شرقيها ثالثة أميال،
مطل عليها ،يسمى جُل العروس، وعرضها من ِبب القنطرة إىل ِبب اليهود ميل واشد .وىي ُب سفح جُل ٍ
ومدينتها الوسطى ىي اليت فيها ِبب القنطرة.
مساشة ،وأشكام ٍ
صنعة ،وصبال ٍ وفيها اؼبسجد اعبامع اؼبشهور أمره ،الشائع ذكره؛ من أجل مصانع الدنيا كرب
ىيئة ،وإتقان ٍ
بنية؛ هتمم بو اػبلفاء اؼبروانيون ،فزادوا فيو زايد ًة بعد زايدة ،وتتميماً إثر تتميم ،شىت بلغ الغاية ُب ٍ
اإلتقان ،فصار حيار فيو الطرف ،ويعجز عن شسنو الوصف؛ فليس ُب مساجد اؼبسلمُت مثلو تنميقاً وطوهً
وعرضاً؛ طولو مائة ِبع ،وعرضو شبانون ِبعاً ،ونصفو مسقف ،ونصفو صحن بال سقف؛ وعدد قسى مسقفو تسع
عشرة قوساً ،وسوارى مسقفو بُت أعمدتو وسوارى قُُو صغاراً وكُاراً مع سوارى القُلة الكربى وما يليها ألف
ٍ
سارية؛ وفيو مائة وثالث عشرة ثراي للوقيد ،أكربىا واشدة منها ربمل ألف مصُاح ،وأقلها ربمل انثى عشر
مصُاشاً ،وصبيع خشُو من عيدان الصنوبر والطرطوشى ،ارتفاع شد اعبائزة منو شرب وافر ،وُب عرض ش ٍرب إه
ثالثة أصابعُ ،ب طول كل جائزة منها سُع وثالثون شرباً؛ وبُت اعبائزة واعبائزة غلظ جائزة؛ وُب سقفو من ضروب
الصنائع والنقوش ماه يشُو بعضها بعضاً ،قد أشكم تزيينها ،وأبدع تلوينها؛ أبنواع اغبمرة والُياض والزرقة
واػبضرة والتكحيل ،فهي تروق العُت وتستميل النفوس ،إبتقان ترسيمها وـبتلفات ألواّنا .وسعة كل ٍ
بالط من
بالط سقفو ثالثة وثالثون شرباً؛ وبُت العمود والعمود طبسة عشر شرباً؛ ولكل عمود منها رأس ٍ
رخام وقاعدة
ٍ
رخام وؽبذا اعبامع قُلة يعجز الواصفون عن وصفها وفيها إتقان يُهر العقول تنميقها ،وفيها من الفسفساء
اؼبذىب واؼبلون ما بعث بو صاشب القسطنطينة العظمى إىل عُد الرضبن الناصر لدين هللا؛ وعلى وجو ا﵀راب
سُع قس ٍى قائمة على عمد ،طول كل قوس أنيف من قامة ،وكل ىذه القصى موجهة صنعة القوط ،قد أعجزت
اؼبسلمُت والروم بغريب أعماؽبا ،ودقيق صنعها؛ وعلى أعلى الكل كتاِبن منحواتن بُت حبرين من الفسيفساء
اؼبذىب ُب أرض الزجاج الالزوردى ،وعلى وجو ا﵀راب أنواع كثَتة من التزيُت والنقوش ،وُب جهيت ا﵀راب أربعة
أعمدة :اثنان أخضران واثنان زرزوراين ه تقوم دبال ،وعلى رأس ا﵀راب خصة رخام قطعة واشدة مشُوكة منصعة
ٍ
خشب ،هبا من أنواع النقش أببدع التنميق من الذىب والالزورد وسائر اْللوان ،واستدارت على ا﵀راب شظَتة
كل غريُة ،ومع ديُت ا﵀راب اؼبنرب الذي ليس دبعمور اْلرض مثلو صنعةً ،خشُو آبنوس وبقس وعود اجملمر ،يقلل
ألبي البقاء الرندي 44 رثاء األندلس
.
إنو صنع ُب سُع سنُت ،وكان صناعة ستة رجال غَت من خيدمهم تصرفاً؛ وعن مشال ا﵀راب بيت فيو عدد
ٍ
وفضة وشس ،وكلها لو قيد الشمع ُب كل ليلة سُع وعشرين من رمضان؛ وُب ىذا اؼبخزن وطشوت ٍ
ذىب
مصحف يرفعو رجالن لثقلو ،فيو أربع أوراق من مصحف عثمان بن عفان " رضو " الذي خطو بيمينو ،وفيو نقطة
من دمو؛ وخيرج ىذا اؼبصحف ُب صُيحة كل ٍ
يوم ،يتوىل إخراجو قوم من قومو اؼبسجد وللمصحف غشاء بديع
الصنعة ،منقوش أبعزب ما يكون من النقش ،ولو كرسي يوضع عليو ،ويتوىل اإلمام قراءة نصف شزب فيوٍ ،ب
يرفع إىل موضعو .وعن ديُت ا﵀راب واؼبنرب ِبب يفضى إىل القصر بُت شائطى اعبامع ُب ساِبط متصل ،وُب ىذا
الساِبط شبانية أبواب :منها أربعة تنغلق من جهة القصر ،وأربعة تنغلق من جهة اعبامع؛ وؽبذا اعبامع عشرون ِبِبً
مصفحةً بصفائح النحاس وكواكب النحاس؛ وُب كل ِبب منها شلقتان ُب ّناية اإلتقان ،وعلى وجو كل ِبب منها
ُب اغبائط ضروب من الفص اؼبتخذ من اآلجر اْلضبر ا﵀كوك ،أنواع شىت وأصناف ـبتلفة من الصناعات
والتنميق :وللجامع ُب اعبهة الشمالية الصومعة الغريُة الصنعة ،اعبلية اْلعمال ،الرائقة الشكل واؼبثال؛ ارتفاعها
ُب اؽبواء مائة ذراع ِبلذراع الرشاشى ،منها شبانون ذراعاً إىل اؼبوضع الذي يقف فيو اؼبؤذن ،ومن ىناك إىل أعالىا
عشرون ذراعاً؛ ويصعد إىل أعلى ىذا اؼبنار دبدرجُت ،أشدمها من اعبانب الغريب والثاٍل من الشرقي؛ إذا افًتق
الصاعدان أسفل الصومعة مل جيتمعا إه إذا وصال اْلعلى .ووجو ىذه الصومعة مُطن ِبلكذان ،منقوش من وجو
ٍ
بصنعة ربتوي على أنواع من التزويق والكتابة .وِبْلوجو اْلربعة الدائرة من الصومعة اْلرض إىل أعلى الصومعة
صفان من قس ٍى دائرةٍ على عمد الرخام ،وبيت لو أربعة أبواب معلقة يُيت فيو كل ليلة مؤذانن .وعلى أعلى
القُو اليت على الُيت ثالث تفاشات ذىُاً ،واثنان من فضة ،وأوراق سوسنية؛ تسع الكَُتة من ىذه التفاشات
ستُت رطالً من الزيت ،وخيدم اعبامع كلو ستون رجالً ،وعليهم قائم ينظر ُب أمورىم .فهذا ما شكاه دمحم بن دمحم
بن إدريس.
وقرطُة على ّن ٍر عظيم ،عليو قنطرة عظيمة من أجل الُنيان قرارا ،وأعظمو خطرا؛ وىي من اعبامع ُب قُلتو
وِبلقرب منو فانتظم بو الشكل .قالوا :وأبمر عمر بن عُد العزيز قام على ّنر قرطُة اعبسر اْلعظم الذي ه
يعرف ُب الدنيا مثلو ،وشول اْلندلس من عمل إفريقية ،وجرد ؽبا عامالً من قُلو ،ووقعت اؼبغاًل فيها عن أمره.
وذكر أن تفسَت قرطُة بلسان القوط قرظُة ِبلظاء اؼبعجمة ،ومعٌت ذل بلساّنم القلوب اؼبختلفة وقيل إن معٌت
قرظُة آخر فاسكنها .ودور مدينة قرطُة ُب كماؽبا ثالثون ألف ذراع؛ وؽبا من اْلبواب ِبب القنطرة ،وىو بقُليها،
ومنو يعرب النهر على القنطرة ،والُاب اعبديد وىو شرقيها ،وِبب عامر وىو بُت الغرب واعبوف منها وغَتىا،
وقصر مدينة قرطُة بغربيها متصل بسورىا القُلي والغريب؛ وجامعها إبزاء القصر من جهة الشرق ،وقد وصل
بينهما بساِبط يسل الناس ربتو من ا﵀جة العظمى اليت بُت اعبامع والقصر إىل ِبب القنطرة ،وكان طول مسقف
الُالطات من اؼبسجد اعبامع ،وذل من القُلة إىل اعبوف قُل الزايدة ،مائتُت وطبسا وعشرين ذرعاً ،والعرض
من الشرق إىل الغرب قُل الزايدة مائة ذراع وطبس أذرعٍ ،ب مازاد اغبكم ُب طولو ُب القُلة مائة ذراع وطبس
ألبي البقاء الرندي 45 رثاء األندلس
.
أذرع ،فكمل الطول ثالشبائة ذراع وثالثُت ذراعاً؛ وزاد دمحم بن أيب عامر أبمر ىشام بن اغبكم ُب عرضو من جهة
اؼبشرق شبانُت ذراعاً ،فتم العرض دبائتُت وثالثُت ذراعاً .وكان عدد بالطاتو أشد عشر بالطاً ،عرض أوسطها ستة
واشد من اللذين يليانو شرقاً واللذين يليانو غرِبً أربعة عشر ذراعاً؛ وعرض كل ٍ
واشد من عشر ذراعاً ،وعرض كل ٍ
الستة الُاقية إشدى عشر ذراعاً؛ وزاد دمحم بن أيب عامر فيو شباٍل بالطات ،عرض كل ٍ
واشد عشر أذرع .وطول
الصحن من اؼبشرق إىل اؼبغرب مائة ٍ
وشبان وعشرون ذراعاً ،وعرضو من القُلة إىل اعبوف مائة واشدة وطبس
أذرع؛ وعرض السقائف اؼبستديرة بصحنو عشرة أذرع؛ فتكسَته ثالثة وثالثون ألف ذراع ومائة وطبسون ذراعاً.
وعدد أبوابو تسعة :ثالثة ُب صحنو غرِبً وشرقاً وجوفاً ،وأربعة ُب بالطات :اثنان غربيان واثنان شرقيان ،وُب
مقاصَت النساء من السقائف ِبِبن .وصبيع ما فيو من اْلعمدة ألف عمود ومائتا عمود وثالثة وتسعون عموداً،
رخام كلها .وقُاب مقصورة اعبامع مذىُة ،وكذل جدار ا﵀راب وما يليو قد أجرى فيو الذىب على الفسيفساء،
وثرايت اؼبقصورة فضة ؿبضة؛ وارتفاع الصومعة اليوم وىي من بناء عُد الرضبن بن دمحم ،ثالث وسُعون ذراعاً إىل
ٍ
وفضة ،وارتفاعها إىل مكان اْلذان أعلى القُة اؼبفتتحة اليت يستدير هبا اؼبؤذنون ،وُب رأس ىذه القُة تفاح ٍ
ذىب
شائط من شياطاّنا على اْلرض شباٍل عشرة أذرع ،وعدد اؼبساجد بقرطُة على ماأربع وطبسون ذراعاً ،وطول كل ٍ
أشصى وضُط أربعمائة وإشدى وتسعون مسجداً.
وأشواز قرطُة تنتهي ُب اؼبغرب إىل أشواز إشُيلية ،وأتخذ ُب اعبوف ستُت ميالً ،وخيتلط أشوازىا ُب الشرق
أبشواز جيان .وعلى اعبملة فقد كانت أم الُالد وواسطة عقد اْلندلس ،وشوت من اْلكابر من أىل الدنيا
واآلخرة ،من اؼبلوك والعلماء والصاغبُت واؼبفتُت وغَتىم خلقاً ،ومتعوا فيها ما أراد هللا عز وجل ،وذل شُت كان
جدىا صاعداً؛ وبعد ذل طحنتها النوائب ،واعتورهتا اؼبصائب؛ وتوالت عليها الشدائد واْلشداث؛ فلم يُق من
أىلها إه الُشر اليسَت على كرب اظبها ،وضخامة شاؽبا؛ وقنطرهتا اليت ه نظَت ؽبا ،وعد أقواسها تسع عشرة
قوساً ،بُت القوس والقوس طبسون شرباً ،وؽبا ستائر من كل جهة تسًت القامة ،وارتفاعها من موضع اؼبشى إىل
وجو اؼباءُ ،ب أايم جفوف اؼباء وقلتو ،ثالثون ذراعاً؛ وربت القنطرة يعًتض الوادي برصيف مصنوع من اْلشجار
والعمد اعبافية من الرخام؛ وعلى السد ثالث بيوت أرشاءُ ،ب كل بيت منها أربعة مطاشن .وؿباسن ىذه اؼبدينة
ومشاختها أكثر من أن حياط هبا خرباً .فلما عثر جدىا ،وخوى قبمها ،وضعف أمر اإلسالم ،واختلفت ِبعبزيرة
كلمتو ،تغلب عليها النصارى ،وشكموا عليها ُب أواخر شوال من سنة ٖٖ.ٙ
اْلندلس
ىذه اعبزيرة ُب آخر اإلقليم الرابع إىل اؼبغرب ،ىذا قول الرازي ،وقال صاعد ابن أضبد ُب أتليفو ُب طُقات
اغبكماء :معظم اْلندلس ُب اإلقليم اػبامس وجانب منها ُب الرابع كإشُيلية ومالقة وقرطُة وغرانطة واؼبرية
ومرسية.
ألبي البقاء الرندي 46 رثاء األندلس
.
واسم اْلندلس ُب اللغة اليواننية إشُانيا ،واْلندلس بقعة كرديتة طيُة كثَتة الفواكو ،واػبَتات فيها دائمة ،وهبا
اؼبدن الكثَتة والقواعد العظيمة ،وفيها معادن الذىب والفضة والنحاس والرصاص والزيُق والالزورد والشب
والتوتيا والزاج والطفل.
واْلندلس آخر اؼبعمور ُب اؼبغرب ْلّنا متصلة بُحر أقيانس اْلعظم الذي ه عمارة وراءه ،ويقال :إن أول من
اختط اْلندلس بنو طوِبل بن ايفت بن نوح ،سكنوا اْلندلس ُب أول الزمان ،وملوكهم مائة وطبسون ملكاً،
﵀ل أصاهبم فُقيت خالية مائة ٍ
سنةٍ ،ب وقع بُالد إفريقية ويقال إن اْلندلس خربت وأقفرت واقبلى عنها أىلها ٍ
ؿبل شديد وؾباعة عظيمة فرقت أىلها ،فلما رأى مل إفريقية ما وقع بُالده ازبذ مراكب وشحنها ِبلرجال،
وقدم عليهم رجالً من إفريقية ووجههم ،فرمى هبم الُحر إىل شائط إفرقبة وىم يومئذ ؾبوس ،فوجههم صاشب
إفرقبة إىل اْلندلس.
وقيل اظبها ُب القدَل :إِبريةٍ ،ب ظبيت بعد ذل ِ :بطقةٍ ،ب ظبيت :إشُانيا من اسم رجل ملكها ُب القدَل كان
اظبو إشُان ،وقيل ظبيت ِبإلشُان الذين سكنوىا ُب اْلول من الزمان ،وظبيت بعد ذل ِبْلندلس من أظباء
اْلندليش الذين سكنوىا.
وظبيت جزيرة اْلندلس جبزيرة ْلّنا شكل مثلث وتضيق من انشية شرق اْلندلس شىت تكون بُت الُحر الشأمى
والُحر اؼبظلم ا﵀يط ِبْلندلس طبسة أايم ،ورأسها العريض كبو من سُعة عشر يوماً ،وىذا الرأس ىو ُب أقصى
اؼبغرب ُب ّناية انتهاء اؼبعمور من اْلرض ؿبصور ُب الُحر اؼبظلم ،وه يعلم أشد ما خلف ىذا الُحر اؼبظلم ،وه
صحيح لصعوبة عُوره وإظالمو ،وتعاظم موجو وكثرة أىوالو ،وتسلط دوابو وىيجان
ٍ وقف منو بشر على خ ٍرب
رايشو ،شسُما يرد ذل ُب موضعو الالئق بو إن شاء هللا تعاىل ،وبالد اْلندلس مثلث الشكل كما قلناه.
وحييط هبا الُحر من صبيع جهاهتا الثالث؛ فجنوبيها حييط بو الُحر الشأمى ،وجوفيها حييط بو الُحر اؼبظلم،
ومشاليها حييط بو حبر اْلنقليشيُت من الروم ،وطول اْلندلس من كنيسة الغراب اليت على الُحر اؼبظلم إىل اعبُل
ميل ،وعرضها ستمائة ٍ
ميل. اؼبسمى هبيكل الزىرة ألف ميل ومائة ٍ
واْلندلس أقاليم عدة ورساتيق صبلة ،وُب كل إقليم منها عدة ٍ
مدن ،والركن الواشد من أركاّنا الثالثة ىو اؼبوضع
الذي فيو صنم قادس بُت اؼبغرب والقُلة ،والركن الثاٍل شرقي اْلندلس بُت مدينة نربونة ومدينة برذيل إبزاء
جزيرٌب ميورقة ومنورقة ،والركن الثالث شيث يتعطف الُحر من اعبوف إىل اؼبغرب شيث اؼبنارة ُب اعبُل اؼبوَب
على الُحر ،وفيو الصنم العايل اؼبشُو بصنم قادس ،وىو ُب الُلد الطالع على بلد برطانية.
واْلندلس شأمية ُب طيُها وىوائها ،ديانية ُب اعتداؽبا واستوائها ،ىندية ُب عطرىا وذكائها ،أىوازية ُب عظم
جُايتها ،صينية ُب جواىر معادّنا ،عدنية ُب منافع سواشلها؛ وفيها آَثر عظيمة لليواننيُت أىل اغبكمة وشاملي
الفلسفة ،وكان من ملوكهم الذين أثروا اآلَثر ِبْلندلس ىرقلش ،ولو اْلثر ُب الصنم جبزيرة قادس ،وصنم جليقية،
واْلثر ُب مدينة طر كونو الذي ه نظَت لو.
ألبي البقاء الرندي 47 رثاء األندلس
.
وُب غريب شنًتين على مقدار طبسُت ميال فيما بُت أشُونة وشنًتةُ ،ب ٍ
جُل ىناك كان شصناً فيما مضى ،يوجد
اغبجر اليهودي ،وىو على شكل الُلوط سواء ،ومن خاصيتو تفتيت اغبصى اليت تكون ُب اؼبثانة والكلية ويقع ُب
اْلكحال ،وُب جوُب بطليوس على قدر أربعُت ميالً معدن اؼبهى.
واْلندلس دار جهاد وموطن رِبط ،وقد أشاط بشرقيها ومشاليها وبعض غربيها أصناف أىل الكفر؛ وروى عن
عثمان هنع هللا يضر أنو كتب إىل من انتدب إىل غزو اْلندلس :أما بعد فإن القسطنطينية إّنا تفتح من قُل اْلندلس،
وإنكم إن فتحتموىا كنتم شركاء من يفتحها ُب اْلخَت والسالم؛ وعن كعب اْلشُار أنو قال :يعرب الُحر إىل
اْلندلس أقوام يفتحوّنا يعرفون بنورىم يوم القيامة .ودخل اْلندلس رجل واشد من أصحاب النيب " -ملسو هيلع هللا ىلص ،" -
قال عُد اؼبل بن شُيب :اظبو اؼبنذر اإلفريقي ،وإنو يروى عنو عليو الصالة والسالم أنو قال :من قال رضيت
ِب﵁ رِب إىل آخرىا فأان الزعيم آلخذن بيده وأدخلو اعبنة! ودخلها من التابعُت شنش بن عُد هللا الصنعاٍل وىو
الذي أسس جامع سرقسطة وكان مع عل ٍى " رضو " ِبلكوفة ،فلما قتل على " رضو " انتقل إىل مصر وقربه بسر
قسطة معروف ،ومنهم على بن رِبح اللخمى ،وعمرو بن العاصي ،وعلقمة بن عامر ،وأبو عُد الرضبن عُد هللا
اعبُلي اْلنصار ،وعياض بن عقُة الفهرى ،وموسى بن نصَت ،يقال بكرى ويقال ػبمى؛ ويقال إن نصَتا من سىب
عُت التمر أعتقو صُيح موىل أيب العاص بن أمية ،يقال أصابو خالد ُب علوج عُت التمر وادعوا أّنم من بكر بن
ٍ
وائل ،فصار نصَت وصيفاً لعُد العزيز بن مروان وأعتقو فمن أجل ىُذا خيتلف ُب نسُو؛ وعقد الوليد ؼبوسى على
إفريقية سنةٖ ،ٛوكان مولد موسى سنةُ ٜٔب خالفة عمر " رضو " ،وكان معاوية " رضو " قد جعل نصَتاً أِب
موسى على شرسو ،فلم يقاتل معو عليا " رضو " ،فقال لو معاوية " رضو " :ما منع من اػبروج على علي ومل
تكاف يدي علي ؟ فقال :مل ديكنٍت أن أشكرك بكفر من ىو أوىل بشكرى من ،فقال :ومن ىو؟ قال :هللا عز
فرسخ طوهً ُب شبانُت فرسخاً عرضاً؛ والذي ديل منها
وجل! ومسافة ما ديلكو اؼبسلمون من اْلندلس ثالشبائة ٍ
النصارى مثل ما ديلكو اؼبسلمون أو نيفاٍ ،ب شدث فيها من تغلب الثوار ما أضاع ثغورىم وأذىب أكثر بالدىم،
ومل يُق من ذل إه اْلقل .وهبا اعبُال اؼبشهورة واغبمامات الكثَتة.
قال الرازي :أول من سكن اْلندلس بعد الطوفان على ما يذكره علماء عجمها قوم يعرفون ِبْلندلس بشُت
ٍ
سبجس فحُس هللا تعاىل عنهم اؼبطر شىت غارت عيوّنا ويُست معجمة هبم ظبى الُلد ٍب عرب ،وكانوا أىل
أّنارىا ،فهل أكثرىم وفر من قدر على الفرار منهم فأقفرت اْلندلس وبقيت خالية مائة ٍ
عام ،وملكها إشُان
ابن طيطش ،وىو الذي غزا اْلفارقة وشاصر ملكهم بطالقة ،ونقل رخامها إىل إشُيلية وبو ظبيت ،فازبذىا دار
فبلكتو وكثرت صبوعو فعال ُب اْلرض وغزا من إشُيلية إيلياء بعد سنتُت من ملكو ،خرج إليها ُب السفن وىدمها،
ألف واسًتق مائة ٍ
ألف ،وفرق ُب الُالد مائة ألف ،وانتقل رخام إيلياء وآههتا إىل اْلندلس؛ وقتل من اليهود مائة ٍ
والغرائب اليت أصيُت ُب مغاًل اْلندلس كمائدة سليمان اليت ألفاىا طارق ابن زايد بكنيسة طليطلة ،وقليلة الدر
اليت ألفاىا موسى بن نصَت بكنيسة ماردة ،وغَتمها من الذخائر ،إّنا كانت فبا شازه صاشب اْلندلس من غنيمة
ألبي البقاء الرندي 48 رثاء األندلس
.
يليان عامل لذريق على سُتة ،وجو ابنةً لو ِبرعة اعبمال تكرم عليو ،فوقعت عُت لذريق عليها فأعجُتو
دبكاتُة ٍ
خفية ،فأشفظو شأّنا وقال :ودين اؼبسيح ٍ فاستكرىها على نفسها واشتالت شىت أعلمت أِبىا بذل سراً
ْلزيلن سلطانو! وكان امتعاضو من فاششة ابنتو السُب لفتح اْلندلس ِبلذي سُق من قدر هللا سُحانو؛ ٍب إن
يليان ركب حبر الزقاق من سُتة ُب أصعب اْلوقات ُب شهر ينَت ،وأقُل شىت اشتل بطليطلة شضرة لذريق،
فأنكر عليو ؾبيئو ُب ذل الوقت وسألو عن السُب ُب ذل ،فذكر لو أن زوجتو اشتد شوقها إىل ابنتها اليت
عنده ،وسبنت لقاءىا قُل اؼبوت ،وأغبت عليو ُب إشضارىا ،وأشب إسعافها هبا ،وسأل اؼبل إخراجها إليو
وتعجيل إطالقو للمُادرة هبا؛ ففعل وأجاز اعبارية ،وتوثق منها ِبلكتمان عليو ،وأفضل عليها وعلى أبيها وانقلب
عنو.
وذكر أنو ؼبا دخل عليو قال لو لذريق :إذا أنت قدمت علينا فاستفره لنا من الشذانقات! فقال لو :أيها اؼبل ،
واؼبسيح ْلدخلن علي شذانقات ما دخل علي دبثلها قط! يعرض لو دبا أضمره من السعي ُب إدخال رجال
العرب اْلندلس عليو ،وىو ه يفطن؛ فلم يتنهنو يليان إذ وصل سُتو أن هتيأ للمسَت كبو موسى بن نصَت ،فأاته
إبفريقية ،فحرضو على غزو اْلندلس ووصف لو شسنها وفوائدىا وفضلها ،وىون عليو شال رجاؽبا ،فعاقده
موسى على اهكبراف إىل اؼبسلمُت وسامو مكاشفة أىل ملتو من أىل اْلندلس ،ففعل يليان ذل وشل بساشل
اعبزيرة اػبضراء ،فقتل وسىب وغنم وأقام هبا أايماً يشن الغارات ،وشاع اػبرب عند اؼبسلمُت ،فآنسوا بيليان ،وذل
عقب سنةٓ.ٜ
وكتب موسى بن نصَت إىل الوليد يعلمو دبا دعاه إليو يليان ويستأذنو ُب افتتاح اْلندلس ،فكتب إليو الوليد أن
خضها ِبلسرااي شىت زبترب شأّنا وه تغرر ِبؼبسلمُت ُب حب ٍر شديد اْلىوال ،فراجعو أنو ليس بُحراٍ وإّنا ىو خليج
يتُُت للناظر ما وراءه ،فكتب إليو :وإن كان فال بد من اختُاره ِبلسرااي! فُعث موسى عند ذل رجالً من مواليو
من الرببر اظبو طريف بن ملوك اؼبعاَب يكٌت أِب زرع ُب أربعمائة ٍ
رجل فعرب هبم ونزل ُب اعبزيرة اؼبنسوبة إليو؛ ٍب
أغار على اعبزيرة اػبضراء ونواشيها فأصاب سُياً مل ير موسى فميا أصابو مثلو شسناً ،وأصاب ماهً جسيماً
وأمتعة ،وذل ُب شهر رمضان من سنةٜٔ
موىل لو كان على مقدماتو يسمى طارق بن زايد ،قيل ىو
فلما رأى ذل الناس أسرعوا إىل الدخول ،فدعا موسى ً
فارسي وقيل ىو من الصدف وقيل ليس دبوىل ،وقيل ىو بربري من نفزه ،فعقد لو وبعثو ُب سُعة آهف من الرببر
واؼبواىل ،ليس فيهم عريب إه القليل .فهيأ لو يليان اؼبراكب وشل جبُل طارق يوم سُت ُب شعُان من سنةٕ،ٜ
وىو من شهور العجم شهر أغشت ،وقيل ُب رجب من السنةُ ،ب اثٌت عشر ألفاً غَت ستة عشر رجالً مل يكن
فيهم من العرب إه القليل.
وأصاب طارق عجوزاً من أىل اعبزيرة فقالت لو :كان يل زوج عامل ِبغبدَثن ،وكان حيدث عن أم ٍَت يدخل بلدان
ىذا ويصفو ضخم اؽبامة وأنت كذل ! ومنها أن بكتفو اْليسر شامةً عليها شعر ،فإن كانت ب ىذه الشامة
ألبي البقاء الرندي 50 رثاء األندلس
.
فأنت ىو ،فكشف طارق ثوبو فإذا ِبلشامة على كتفو كما ذكرت العجوز ،فاستُشر بذل ىو ومن معو.
وذكر عن طارق أنو كان انئماً ُب اؼبركب فرأى ُب منامو النيب " -ملسو هيلع هللا ىلص " -واػبلفاء اْلربعة ديشون على اؼباء شىت
ٍ
شكاية إنو ؼبا ركب مروا بو ،فُشره النيب " -ملسو هيلع هللا ىلص ِ " -بلفتح وأمره ِبلرفق على اؼبسلمُت والوفاء ِبلعهد؛ وُب
الُحر غلُتو عيناه فرأى النيب " -ملسو هيلع هللا ىلص " -وشولو اؼبهاجرون واْلنصار قد تقلدوا السيوف ،وتنكُوا القسى،
فيقول لو النيب :اي طارق تقدم لشأن ! ونظر إليو وإىل أصحابو قد دخلوا اْلندلس قدامو فهب من نومو
يومئذ غائب ُب غزاةٍ
مستُشراً وبشر أصحابو ومل يش ُب الظفر ،فنزل ِبعبُل شاانً للغارات ُب الُسائط ،ولذريق ٍ
لو ،واتصل بو اػبرب فعظم عليو أمره ،وفهم اػبرب الذي أتى منو مع يليان ،وأقُل مُادراً ُب صبوعو شىت اشتل
بقرطُة أايماً واعبنود تتواَب عليو ،وكان ُب وجهتو وىل ششُوت بن اؼبل غيطشو ميمنتو وأخاه ميسرتو ،ومها
الولدان الذان سلُهما مل أبيهما ،فُعثا إىل طارق يسأهنو اْلمان إذا ماه إليو عند اللقاء دبن معهما ،وعلى أن
يسلم إليهما ضياع والدمها غيطشة إن ظفر ،فأجاهبما طارق إىل ذل ،وعاقدمها عليو؛ فلما التقى اعبمعان اكباز
ىذان الغالمان إىل طارق ،فكان ذل سُب الفتح ،وكان الطاغية لذريق ُب ستمائة ألف ٍ
فارس.
وقد خرجت عن شكم اهختصار الذى التزمت ُب ىذا الوضع فلنقتصر على ىذا القدر ،وأما ذكر بالد اْلندلس
فتأتى ُب مواضعها الالئقة هبا إن شاء هللا تعاىل.
وافتتحت اْلندلس ُب أايم الوليد بن عُد اؼبل ،فكان فتحها من أعظم الفتوح الذاىُة ِبلصيت ُب ظهور اؼبلة
اغبنيفية؛ وكان عمر بن عُد العزيز معتنياً هبا ،مهتماً بشأّنا ،وىو الذي قطعها عن نظر وإىل إفريقية وجرد ؽبا
عامالً من قُلو.
صفة جزيرة اْلندلس أبو عُد هللا دمحم بن عُد هللا بن عُد اؼبنعم اغبِمَتى (صٖ٘ٔ)
ألبي البقاء الرندي 51 رثاء األندلس
.
ومن أشسن ما جاء من النظم ُب اْلندلس قول ابن سفر اؼبريٍت ،واإلشسان لو عادة:
سراء ٍ
أندلس تلت ّذ نعماء ...وه يفارق فيها القلب ّ ُب أرض
منتفع ...وه تقوم حبق اْلنس صهُاء
وليس ُب غَتىا ِبلعيش ٌ
ربض هبا ...على اؼبدامة أمواهٌ وأفياء وأين يعدل عن ٍ
أرض ّ
كل ٍ
روض هبا ُب الوشي صنعاء وكيف ه يُهج اْلبصار رؤيتها ...و ّ
واػبز روضتها ،وال ّد ّر شصُاء
أّنارىا فضةٌ ،واؼبس تربتها ّ ...
لطف ير ّق بو ...من ه ير ّق ،وتُدو منو أىواء
وللهواء هبا ٌ
ّل أنداء
ليس النسيم الذي يهفو هبا سحراً ...وه انتثار آليل الط ّ
ورد فطابت منو أرجاءوإ ّّنا أرج النّ ّد استثار هبا ُ ...ب ماء ٍ
راي نفس
إن للجنّة ِبْلندلس ...ؾبتلى مرأى ّ
فسنا صُحتها من ٍ
شنب ...ودجى ظلمتها من لعس
فإذا ما ىُّت الريح صُاً ...صحت واشوقي إىل اْلندلس وقد تقدمت ىذه اْلبيات
ألبي البقاء الرندي 52 رثاء األندلس
.
ولُعضهم
وقال آخر:
كل سرور ٍ
أندلس من بلد ...مل تزل تنتج يل ّ
ٌ شُذا
سائحات وقصور وقال آخر:
ٌ وارف ...ومياهٌ
وظل ٌ طائر ٍ
شادٌّ ، ٌ
ٍ
أندلس وما صبعت لنا ...فيها من اْلوطار واْلوطان اي شسن
تل اعبزيرة لست أنسى شسنها ...بتعاقب اْلشيان واْلزمان
ألبي البقاء الرندي 53 رثاء األندلس
.
نفح الطيب من غصن اْلندلس الرطيب -اؼبؤلف :شهاب الدين أضبد بن دمحم اؼبقري التلمساٍل (ص)ٕٕٙ
دره (كتاب اؼبغرب هبن سعيد) ،فإنّو أبدع ُب ىذا الكتاب ما شاء ،وقسمو إىل أقسام ،منها:
وقال و﵁ ّ
كتاب وشي الطرسُ ،ب شلى جزيرة اْلندلس وىو ينقسم إىل أربعة كتب:
الكتاب اْلول :كتاب " شلي العرسُ ،ب شلى غرب اْلندلس ".
الكتاب الثاٍل :كتاب " الشفاه اللّعسُ ،ب شلى موسطة اْلندلس ".
الكتاب الثالث " :كتاب اْلنس ُب شلى شرق اْلندلس ".
ألبي البقاء الرندي 54 رثاء األندلس
.
الصفحة موضوع
٘ مقدمة
ٜ ترصبة اْلديب
ٕٜ القصيدة – بدون تعليق
ٖٗ القصيدة – مع التعليق
ٖٗ قرطُة -اْلندلس
ٔ٘ (أشعار ُب وصف اْلندلس)
ٗ٘ الفهرس -اؼبراجع
ألبي البقاء الرندي 55 رثاء األندلس
.
( املراجع )
القران – السنة
ٔ -أزىار الرايض ُب أخُار القاضي عياض -شهاب الدين أضبد بن دمحم اؼبقري
التلمساٍل
ٕ -نفح الطيب من غصن اْلندلس الرطيب -شهاب الدين أضبد بن دمحم اؼبقري
التلمساٍل
ٖ -رحيانة اْللُّا وزىرة اغبياة الدنيا -شهاب الدين أضبد بن دمحم بن عمر اػبفاجي
-ٚالذيل والتكملة لكتايب اؼبوصول والصلة -أبو عُد هللا دمحم اْلوسي اؼبراؤي
متُحبمدُاهلل ُ