You are on page 1of 69

‫السياسة السكانية في تونس‪:‬‬

‫الخصوصيات‪ ،‬التحديات واألولويات‬

‫‪1‬‬
‫المحتوى‬
‫‪3‬‬ ‫التقديم‬

‫‪5‬‬ ‫منهجية العمل‬

‫‪6‬‬ ‫السياسة السكانية‪ :‬إشكالية التعريف‬ ‫‪I‬‬

‫‪8‬‬ ‫السياسة السكانية التونسية‪ :‬االتجاهات والخصائص‬ ‫‪II‬‬

‫‪16‬‬ ‫وتطوره‪ :‬المؤشرات ودالالتها‬


‫ّ‬ ‫الوضع الديمغرافي‬ ‫‪III‬‬

‫‪27‬‬ ‫القدرات وآليات العمل السكاني‪ :‬عناصر القوة‬ ‫‪IV‬‬

‫اإلرادة السياسية‬ ‫‪-‬‬

‫‪ -‬التشريع السكاني‬

‫‪ -‬التنظيم المؤسسي‬

‫‪ -‬توفّر الخبرات والكفاءات‬

‫‪ -‬توفّر البيانات والمعطيات‬

‫‪ -‬منظومة البيانات واإلحصاءات التنموية والسكانية‬

‫‪ -‬مشاركة المجتمع المدني‬

‫‪37‬‬ ‫القدرات وآليات العمل السكاني‪ :‬الحدود ومواطن الضعف‬ ‫‪V‬‬

‫‪41‬‬ ‫دمج السياسة السكانية ضمن استراتيجيات التنمية‪ :‬المفهوم والمقاربات‬ ‫‪VI‬‬

‫‪45‬‬ ‫األولويات السكانية لتونس ما بعد الثورة‬ ‫‪VII‬‬

‫‪51‬‬ ‫التوصيات‬ ‫‪VIII‬‬

‫‪56‬‬ ‫المالحق‬

‫المراجع‬

‫‪2‬‬
‫التقديـــــم‬

‫"إن التكامل الواضح للسكان في استراتيجيات االقتصاد والتنمية سوف يسرع من استدامة التنمية‬
‫من تقرير مؤتمر السكان والتنمية ‪1994‬‬ ‫ومواجهة الفقر‪ ،‬ويسهم في تحقيق األهداف ويحسن نوعية حياة السكان"‪.‬‬

‫مثّل المؤتمر الدولي للسكان والتنمية المنعقد بالقاهرة سنة ‪ 1994‬بداية وضع وتنفيذ سياسات‬
‫سكانية وطنية لعديد من الدول التي كانت تفتقر إليها‪ ،‬لكنه في تونس مثّل بداية مرحلة جديدة لسياسة‬
‫سكانية سابقة كثيرا لذلك التاريخ‪ ،‬نتجت عن إدراك راسخ منذ ستينات القرن الماضي بأهمية القضايا‬
‫السكانية وعالقتها بالتنمية االقتصادية واالجتماعية‪ .‬وتُرجم هذا اإلدراك‪ ،‬تدريجيا وعبر الزمن‪ ،‬إلى برامج‬
‫ومشاريع ومؤسسات ساهمت في بناء هيكلة السياسة السكانية التونسية‪.‬‬

‫ويعتبر إنشاء أو وضع سياسة سكانية اعترافا ضمنيا من قبل الدولة بضرورة دمج القضايا السكانية في‬
‫عملية التنمية‪ .‬ففي ضوء االعتراف الكامل بأن اإلنسان هو هدف التنمية ووسيلتها‪ ،‬وفي ضوء العالقة‬
‫المتبادلة بين السكان والتنمية‪ ،‬فإن تحديد األهداف بخصوص تحسين نوعية الحياة سواء كان ذلك في‬
‫الجانب الصحي أو التعليمي أو تمكين المرأة أو تحسين البيئة أو في مجال تقديم خدمات الصحة والصحة‬
‫اإلنجابية‪ ،‬كل ذلك سيؤدي بالنهاية إلى تمكين اإلنسان وجعله قادرا على المساهمة في عملية التنمية عبر‬
‫منافذ متعددة‪.‬‬

‫كانت هذه هي المنطلقات التي حدّدت الرؤية والتوجهات السكانية الوطنية منذ عقود والتي و ّجهت كل ما‬
‫أنجز وما تحقّق‪.‬‬

‫وبتقييم المسيرة السكانية وتحليل مختلف العناصر المتدخلة فيها ومخرجاتها‪ ،‬يتبيّن اليوم أن الخيار كان في‬
‫مبتغاه ومراميه صائبا‪ ،‬أما من حيث اآلثار ومدى نجاحه في تغيير أوضاع الناس وتوفير فرص المشاركة‬
‫وممارسة الحقوق والتنمية العادلة‪ ،‬فإن األمر يختلف ويتراوح الحكم فيه بين الرضا في مواقع ومستويات‪،‬‬
‫والفشل في أخرى‪.‬‬

‫إن وضع وتنفيذ سياسة سكانية وطنية يتطلبان تعاضد جهود الدولة والمجتمع المدني والقطاع الخاص‬
‫والقوى المجتمعية ألن التحديات والعمل المطلوب معقّد ومتقاطع ومتعدد االختصاصات‪.‬‬

‫تطور المجتمع وسرعة نسق التغييرات االجتماعية والسياسية والثقافية وعمقها‪ ،‬حاولت السياسة‬
‫ّ‬ ‫ومع‬
‫السكانية االنخراط ضمن الواقع الجديد داخليا‪ ،‬والتناغم مع التوجهات الدولية في المجال والمفاهيم‬
‫والمقاربات التي أقرتها المؤتمرات والتظاهرات الدوليّة والتي مثّلت حقوق اإلنسان ومبادئها أحد أركانها‬

‫‪3‬‬
‫األساسية‪ .‬إالّ أنها عرفت بعض االنتكاسات والحدود خاصة في ضبط العالقة بين السكان والتنمية‬
‫وطبيعتها‪ ،‬وفي ترجمة التوجهات واألهداف التي احتوتها الوثائق واإلعالنات إلى واقع يساهم في تغيير‬
‫ظروف عيش كل السكان‪.‬‬

‫ومع ما وفّرته ثورة كانون الثاني‪ /‬ينايركانون الثاني‪ /‬يناير ‪ 2011‬من مناخ الحرية والتعبير وقدر‬
‫من الشفافية في نشر المعلومة‪ ،‬تبيّن أن السلبيات التي كانت تحجبها اإلنجازات والخطاب االنتقائي كثيرة‬
‫ومتنوعة‪ ،‬وأن هناك ضرورة لبذل المزيد من الجهود لمكافحة الفقر والحصول على الحقوق التي تمكن‬
‫ّ‬
‫الناس من المشاركة الكاملة في المجتمع‪ ،‬واالستفادة من التقدم االجتماعي واالقتصادي والتكنولوجي‬
‫والتمتع بحياة الئقة‪.‬‬

‫وت ُضاف هذه الدراسة التي تندرج ضمن مشروع اللجنة االقتصادية واالجتماعية لغربي آسيا‬
‫"اإلسكوا " حول "تقييم القدرات الوطنية والحاجيات المعرفية في مجال السكان والتنمية في تونس" إلى‬
‫الدراسات والبحوث األخيرة التي أنجزت بعد الثورة‪ ،‬وحاولت إبراز ما تحقّق من إنجازات من أجل‬
‫تثمينها وحسن توظيفها والبناء على الدروس المستفادة منها‪ ،‬وكذلك تسليط الضوء على نقاط الضعف‬
‫الحالية والتي قد تؤدّي‪ ،‬في حال تواصلها‪ ،‬إلى تهميش القضايا السكانية واختالل جهود التنمية‪ .‬كما‬
‫تتض ّمن الدراسة عدد ا من التوصيات العامة حول تطوير البيئة الداعمة للسياسة السكانية في ترابطها مع‬
‫الخطط التنمويّة‪ ،‬وتوصيات خصوصيّة تتعلّق بتعزيز القدرات المعرفية والمهارية للمتدخلين في الشأن‬
‫السكاني – التنموي‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫منهجية العمل‬

‫ت ّم في هذا البحث اعتماد المنهج الوصفي التحليلي بشكل أساسي‪ ،‬إذ تم جمع البيانات الكمية‬
‫تطور وواقع السياسة السكانية في تونس ونوعية الروابط بينها وبين السياسات التنموية‬
‫والنوعية عن ّ‬
‫العامة والقطاعية‪ .‬وكان لزاما في ذلك الرجوع إلى عدد من المسوحات والدراسات والبحوث التي أنجزت‬
‫في فترات سابقة وإلى نصوص تشريعية وأخرى إدارية ترتيبية ذات عالقة بالموضوع‪.‬‬

‫وبالتوازي مع ذلك‪ ،‬تم جمع البيانات والمواقف والمقترحات اإلحصائية حول الوضع الحالي للسياسة‬
‫السكانية وتحدياتها الحاضرة والمستقبلية من خالل مقابالت مع مسؤولين وخبراء وممثلي عدد من‬
‫مكونات المجتمع المدني‪ ،‬وقع بداية وضع قائمة فيهم بالتشاور مع أكثر من طرف‪ .‬كما تم إعداد استمارة‬
‫مختصرة لجمع المواقف والمقترحات أرسلت إلى ج ّل الجهات والمؤسسات واألشخاص ذوي العالقة‬
‫المباشرة بالسكان والتنمية في تونس‪.‬‬

‫وحول البيانات والمؤشرات اإلحصائية‪ ،‬وقع االستناد أساسا إلى المصادر الوطنية ذات الموثوقية العالية‬
‫وإلى نتائج الدراسات والمسوح التي تمت مناقشتها واعتمادها‪ .‬كما تم الرجوع إلى وثائق عدد من‬
‫مخططات التنمية االقتصادية واالجتماعية المعتمدة خالل العقدين األخيرين بما في ذلك الوثيقة التوجيهية‬
‫للمخطط التنموي الذي يتم حاليا االنتهاء من إعداد مراحله األخيرة‪.‬‬

‫ومما ساهم في توفر بيانات محيّنة‪ /‬حديثة‪ ،‬أن تونس أنجزت خالل سنة ‪ 2014‬عملية اإلحصاء العام‬
‫للسكان والسكنى‪ ،‬وأعدّت خالل السنوات األخيرة عددا من الدراسات والتقارير ذات العالقة بالسكان‬
‫وقضاياهم‪.‬‬

‫أما المرحلة األخيرة‪ ،‬فقد ُخصصت لتحليل البيانات المج ّمعة من مختلف المصادر وكتابة التقرير‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫السياسة السكانية في تونس‪ :‬الخصوصيات‪ ،‬التحديات واألولويات‬

‫السياسة السكانية‪ :‬إشكالية التعريف‬ ‫‪.I‬‬

‫لئن كان الحديث عن القضايا السكانية والتعاطي معها قائمين منذ عقود‪ ،‬فإن انعقاد المؤتمر الدولي‬
‫للسكان والتنمية بالقاهرة سنة ‪ 1994‬مثّل نقطة فارقة ومفصليّة في هذا المجال‪ ،‬وتتويجا لسلسلة من‬
‫التظاهرات السكانية العالمية منذ أواخر الخمسينات‪ ،‬إذ أرسى مسالك واضحة في التعامل مع الشأن‬
‫السكاني تجعل من اإلنسان الغاية القصوى من كل فعل تنموي وتعتبر أن ك ّل فرد مه ّم‪ ،‬وتشدّد على االلتزام‬
‫الفردي والجماعي باحترام حقوق اإلنسان وقطع كل أشكال التمييز والتهميش واإلقصاء‪.‬‬

‫ولكن بالرغم من تركيز المؤتمر على بعض المفاهيم والتدقيق في تفسيرها وإبراز أبعادها مثل الصحة‬
‫يعرفه‬
‫اإلنجابية والحقوق اإلنجابية‪ ،‬فإن مفهوم "السياسة السكانية" بقي‪ ،‬وإلى اليوم‪ ،‬غير دقيق وال محدّد‪ّ ،‬‬
‫كل طرف وكل جهة حسب ما يراه مناسبا لتوجهاته واختصاصاته وظروفه‪ ،‬وبقيت حدوده مفتوحة‬
‫سعها البعض‬
‫ومتحركة يضيّقها البعض ليختزل "السياسة السكانية" في عناصر ومدلوالت محدودة‪ ،‬ويو ّ‬
‫ّ‬
‫اآلخر لتصبح قادرة على استيعاب كل ما يتصل بالناس ومحيطهم وتغطية مجاالت عديدة ومتنوعة‪ .‬ولع ّل‬
‫متدرجا في صياغة المفاهيم وتعريفها وفي‬
‫ّ‬ ‫مردّ ذلك إلى ّ‬
‫أن التعامل مع الشأن السكاني عرف نسقا‬
‫خصوصيات الروابط بين العناصر والمكونات‪ .‬وهو ما تترجمت عنه سلسلة التظاهرات الدولية التي‬
‫تطور في الفكر‬
‫انتظمت حول السكان‪ ،‬من مؤتمر روما ‪ 1954‬إلى مؤتمر القاهرة ‪ ،1994‬وما أفرزته من ّ‬
‫السكاني من البعد الديمغرافي الكمي إلى المرامي التنموية للقضايا السكانية وارتباطها بحقوق اإلنسان‬
‫وبأهمية االستثمار في العنصر البشري وتوسيع مجاالت مشاركته‪.‬‬

‫لقد نتج عن كل ذلك أننا نجد اليوم تعاريف مختلفة للسياسة السكانية تتراوح بين تحديدها‬
‫نمو وهيكلة وتوزيع وهجرة‪ ،‬وتوسيعها إلى الخصائص النوعية للسكان من‬
‫بالخصائص الكمية للسكان من ّ‬
‫صحة وصحة إنجابية وتعليم وشغل وأوضاع الفئات الخصوصية كاألطفال والمرأة والمسنين والمه ّجرين‬
‫تعرض برنامج عمل المؤتمر الدولي للسكان والتنمية بالقاهرة إلى السياسات‬
‫والالجئين وغيرهم‪ .‬وقد ّ‬
‫السكانية في مفهومها الواسع جدا ضمن األطر االجتماعية واالقتصادية والثقافية والبيئية‪ ،‬مع التركيز على‬
‫تكريس الحقوق واحترامها كمبدأ أساسي في التعامل مع القضايا السكانية المختلفة‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫وبالرغم من أن أحد أهداف برنامج العمل المذكور في فصله الثالث عشر دعا إلى "إدراج االهتمامات‬
‫السكانية في جميع االستراتيجيات والخطط والسياسات والبرامج اإلنمائية ذات الصلة"‪ ،‬فإن المؤتمر لم‬
‫يقدم في وثائقه تعريفا دقيقا للسياسة السكانية وتناولها دائما من حيث مكوناتها وعناصرها التي غطت كل‬
‫مجاالت التنمية الشاملة والمستدامة‪.‬‬

‫لكن حتى تكون منطلقاتنا في البحث واضحة ودقيقة‪ ،‬ال بدّ من تقديم تعريف للسياسة السكانية كما وردت‬
‫صرح به األخصائيون في‬
‫ّ‬ ‫في بعض الوثائق الرسمية التونسية وفي عدد من البحوث أو من خالل ما‬
‫ي مستوى سوف نبني بياناتنا‬
‫ي شيء وعن أ ّ‬
‫المجال‪ ،‬وهي خطوة ضرورية في المنهج حتى ندرك عن أ ّ‬
‫وتحليلنا‪.‬‬

‫و يختلف المختصون في تونس في مفهوم السياسة السكانية بين من يعتبرها "جملة المبادئ واألهداف‬
‫واإلجراءات التي تتبناها الدولة فيما يخص القضايا المتعلقة بالسكان وذلك من أجل التأثير في الوضع‬
‫السكاني ‪ ،‬ويشمل ذلك المتغيرات في النمو السكاني وعناصره الرئيسية من والدة ووفيات وتوزيع وتركيبة‬
‫وهجرة‪ ،‬إلى جانب القضايا العامة األخرى المرتبطة خاصة بالصحة والتعليم"‪ ،‬ويرى هؤالء أن السياسة‬
‫السكانية مظلة واسعة تندرج تحتها جميع البرامج والفعاليات التي تؤثر بصورة مباشرة أو غير مباشرة في‬
‫المتغيرات السكانية‪.‬‬

‫ويرى شق آخر أن الصحة الجنسية واإلنجابية والحقوق اإلنجابية هي المحور األساس لكل سياسة سكانية‪،‬‬
‫إذ أن العناصر والقطاعات األخرى يقع التعامل معها من منظور تأثيرها على الصحة والحقوق اإلنجابية‪.‬‬
‫وال ينكر أصحاب هذه الرؤية تأثير وضع الصحة اإلنجابية على عدد من قطاعات التنمية االجتماعية‬
‫واالقتصادية والبيئية‪.‬‬

‫وحتى يحسم الموضوع‪ ،‬فإننا سنعتمد تعريفا للسياسة السكانية مستمدا من أدبيات ووثائق المجلس األعلى‬
‫للسكان بتونس ومفاده أن "السياسة السكانية هي المواقف والجهد المعتمد من الحكومة عبر س ّنها لجملة‬
‫من اإلجراءات التشريعية المتكاملة والمتناسقة‪ ،‬وإحداثها لمؤسسات وآليات بهدف التأثير في االتجاهات‬
‫السكانية القائمة من حيث الحجم والتركيبة والتوزيع والخصائص وذلك بهدف إحداث تغييرات كمية‬
‫ونوعية في حياة الناس وتطوير سلوكيات األفراد بما يضمن عقلنة خياراتهم وترشيد أنماط استخدامهم‬
‫للموارد الطبيعية بما يضمن تحقيق مستوى من التنمية يوفر االستدامة والعدالة وتكافؤ الفرص"‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫السياسة السكانية التونسية‪ :‬االتجاهات والخصائص‬ ‫‪.II‬‬

‫تعتبر تونس من بين الدول التي بادرت منذ أكثر من ‪ 50‬سنة بوضع األسس األولى لسياستها السكانية‬
‫بالمفهوم المشار إليه‪ .‬فقد حصل اإلدراك مبكرا‪ ،‬أي منذ الفترة األولى التي تلت استقالل البالد سنة ‪،1956‬‬
‫بأهمية العالقة التفاعلية بين األبعاد السكانية الكمية والنوعية والتنموية‪ .‬ولم توضع السياسية السكانية‬
‫مكوناتها واتجاهاتها مسايرة‬
‫التونسية متكاملة وواضحة المعالم منذ البداية بل تطورت تدريجيا‪ ،‬وتنامت ّ‬
‫وتطو رها نسق النمو ومستوياته بما أفرزته مختلف الفترات التي مرت بها البالد والخيارات‬
‫ّ‬ ‫في تش ّكلها‬
‫التي اعتمدتها بنجاحاتها وإخفاقاتها‪ .‬فقد تبلورت‪ ،‬شيئا فشيئا‪ ،‬المواقف الرسمية وأحيانا حتى الفكرية من‬
‫المسألة السكانية وصيغ التعاطي معها بتدرج في إطار مسار شكلت مالمحه التغيرات والتحوالت التي‬
‫عرفتها البالد على كل المستويات خالل العقود الخمسة األخيرة‪ .‬ولعل ذلك ما يفسر عدم توفّر وثيقة‬
‫مصادق عليها من طرف الجهات والسلط المختصة بمس ّمى «السياسة السكانية الوطنية»‪ ،‬ولكن مفردات‬
‫سمت من خالل منطلقات ومبادئ وتشاريع واستراتيجيات وبرامج ومؤسسات وآليات معلنة‬
‫تلك السياسة تج ّ‬
‫وقائمة وموثّقة‪ .‬كما أن الخطط التنموية التي اعتمدت إلى حدّ اآلن احتوت‪ ،‬ضمنيا في البداية‪ ،‬وبأكثر‬
‫وضوح إثر ذلك‪ ،‬تأكيدا على ثنائية السكان والتنمية‪.‬‬

‫لقد كان الرابط جلي ا بين البعد السكاني الكمي وإشكاالت التنمية منذ ستينات القرن الماضي‪ .‬فبالرغم من أن‬
‫عدد السكان لم يكن يتجاوز ‪ 4.5‬مليون نسمة سنة ‪ ،1966‬إالّ أن نسبة ّ‬
‫نموهم تعدّت ‪ %3‬سنويا‪ ،‬وفاق‬
‫المؤشر اإلجمالي للخصوبة ‪ 7‬أطفال للمرأة الواحدة مع معدالت مرتفعة للوفيات العامة ووفيات الرضع‬
‫واألطفال‪ .‬كل ذلك في بيئة اقتصادية واجتماعية هشة تتميّز بارتفاع نسب الفقر واألمية وش ّح الموارد‬
‫الطبيعية وانتشار البطالة وتردّي المؤشرات الص ّحية وأوضاع المرأة‪ .‬فكان لزاما‪ ،‬إذا‪ ،‬على أصحاب‬
‫القرار والمختصين أن يضعوا المنوال التنموي الذي يضمن‪ ،‬ولو جزئيا‪ ،‬تجاوز تلك األوضاع واالستعداد‬
‫المكون السكاني‬
‫ّ‬ ‫لمجابهة التحوالت التي كانت كل فئات المجتمع مقبلة عليها‪ ،‬فكان أن حصلت القناعة بثقل‬
‫النمو والتركيبة والتوزيع‪ ،‬ولكن كذلك ببعده النوعي المتمثل في‬
‫ّ‬ ‫في عملية التنمية‪ ،‬ال ببعده الكمي فقط أي‬
‫ضرورة النهوض بقدرات السكان الصحية والتعليمية وتطوير مهاراتهم في مختلف المجاالت بما يسمح‬
‫باالنتقال إلى مستويات عيش أفضل‪.‬‬

‫النمو الديمغرافي على‬


‫ّ‬ ‫ولقد ت ّم التعامل‪ ،‬منذ البداية‪ ،‬مع ثنائية السكان والتنمية من حيث مردود‬
‫مختلف القطاعات االجتماعية واالقتصادية وعلى صحة أفراد األسرة وأوضاع المرأة‪ ،‬وكذلك على أساس‬
‫يمر حتما‬
‫أن تحسين ظروف العيش والتقليص من الفقر واالستجابة إلى الحاجيات المتزايدة لمختلف الفئات ّ‬
‫بتخفيض الخصوبة دون أن يمثل ذلك المتغيّر الوحيد وال حتّى األبرز لكنه ضروري‪ .‬كما أن الخصوبة ال‬
‫تتطور في بيئة اجتماعية وثقافية واقتصادية غير سليمة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫يمكن أن تنخفض‪ ،‬وقدرات السكان ال يمكن أن‬

‫‪8‬‬
‫أي في مجتمع غير متعلّم ووضع صحي متدهور وموارد بشرية‪ ،‬وخاصة منها النسائية‪ ،‬غير مؤهلة‬
‫ومفتقدة إلى حقوقها األساسية ودون تثمين قدراتها‪.‬‬

‫وفي سنة ‪ ،1994‬ومع انعقاد المؤتمر الدولي للسكان والتنمية بالقاهرة انخرطت السياسة السكانية التونسية‬
‫وسايرت ما تض ّمنه برنامج عمل المؤتمر من تعميق للعالقة بين السكان والتنمية والبيئة ودمج عناصرها‬
‫في الخطط التنموية والسياسات القطاعية وترسيخ مقومات االستثمار في اإلنسان وتحسين أوضاع المرأة‬
‫وتمكينها ومشاركتها‪ .‬وكذلك تعديل التشريعات وإحداث المؤسسات واآلليات التي تسمح بتثبيت الحقوق‬
‫اإلنسانية وممارستها ورفع كل أشكال التمييز وتعزيز التكافؤ بين الجنسين وتحقيق التوازن بين النمو‬
‫االقتصادي واالجتماعي من جهة والنمو السكاني من جهة أخرى لتأمين درجات أرفع من الرفاه للجميع‬
‫والتقليص من الفقر والمحافظة على البيئة‪.‬‬

‫وتؤكد القراءة التحليلية للتوجهات والبرامج المعتمدة انطالقا من النصف الثاني من تسعينات القرن‬
‫الماضي انخراط تونس في فلسفة ومضامين مؤتمر القاهرة وتثبيتها لمسلك اإلدماج والتكامل بين مختلف‬
‫األبعاد السكانية باعتبار التفاعل القائم بينها إيجابا وسلبا‪ .‬وبرز ذلك بوضوح من خالل ج ّل المخططات‬
‫التنموية التي اعتمدت بعد سنة ‪ .1994‬كما أنجزت دراسات استشرافية تنموية تغطي عديد المجاالت‬
‫استنادا إلى مرجعيات مختلفة من أبرزها المرجعية السكانية ووضع السكان‪ ،‬عددا وهيكلة وتوزيعا‪ ،‬في‬
‫أفق متوسطة وبعيدة‪ .‬وأ ُعيد تنشيط المجلس األعلى للسكان مع توسيع تركيبته إلى ممثلي المجتمع المدني‬
‫والتصور وهي لجان‬
‫ّ‬ ‫واألحزاب السياسية‪ .‬كما أنشئت ضمنه ‪ 5‬لجان قطاعية دائمة العمل للمتابعة والتقييم‬
‫وتطور برنامج تنظيم األسرة إلى برنامج وطني للصحة‬
‫ّ‬ ‫الطفولة والشباب والتشغيل والهجرة والمسنين‪.‬‬
‫اإلنجابية بعد أن وقع إثراء مكوناته وتوسيع اهتماماته ومقارباته واعتماد مفهوم الحقوق اإلنجابية كأحد‬
‫روافد الحق في الصحة والمعلومة الصحية والخدمات الجيّدة وحق الجميع في النفاذ إليها بيسر‪ .‬كما ت ّم‬
‫إثراء المنظومة التشريعية في عديد الميادين وخاصة قانون األحوال الشخصية الذي عرف أكثر من تنقيح‬
‫خالل العقدين األخيرين شمل حقوق المرأة واألطفال والمسنين ووضع األسرة‪ .‬وأ ُ ّ‬
‫قر المبدأ االختياري‬
‫لالشتراك في الملكية بين الزوجين كما أنشئ صندوق ضمان النفقة وجراية الطالق‪ .‬وشملت المراجعة‬
‫التشريعية أيضا قطاعات الص ّحة والتشغيل والحماية االجتماعية واألطفال والمسنين والتهيئة العمرانية‬
‫والبيئة وغيرها من الميادين‪.‬‬

‫تطور القضايا السكانية وتقييمها‪ ،‬وإضافة إلى احترام دورية عمليات اإلحصاء‬
‫ّ‬ ‫وعلى مستوى متابعة‬
‫العشرية‪ ،‬أنجزت مسوح وطنية نوعية منتظمة كل ‪ 5‬سنوات تقريبا شملت أوضاع األسرة وصحة المرأة‬
‫واألمومة اآلمنة والصحة اإلنجابية وقضايا الشباب والطفولة إضافة إلى بحوث المتابعة المنتظمة التي‬
‫يصدرها المعهد الوطني لإلحصاء وغيره من المؤسسات والتي من أبرزها بحوث «السكان والتشغيل»‬

‫‪9‬‬
‫التي ّ‬
‫تغطي قطاعات سكانية ك ّمية ونوعية عديدة‪.‬‬

‫إن التقييم الموضوعي ألداء السياسة السكانية التونسية خالل العشرين سنة السابقة للثورة يبرز‪،‬‬
‫استنادا إلى المؤشرات والمعطيات الكمية والنوعية وإلى حقيقة الواقع الميداني‪ ،‬أن نجاحات تحققت‬
‫وإخفاقات س ّجلت‪ ،‬وأن الخيارات والمقاربات المعتمدة‪ ،‬وإن كان لها أثرها اإليجابي في مسار التنمية‬
‫عامة‪ ،‬إالّ أنّها بقيت محدودة الفاعلية في عديد المواضع والمستويات‪.‬‬

‫فم ّما ال ّ‬
‫شك فيه أن إنجازات ونتائج إيجابية س ّجلت في جل القطاعات المتصلة بالمسألة السكانية ‪ .‬يمكن أن‬
‫نذكر من بينها نجاح برنامج التحكم في الخصوبة والضغط على النمو السكاني الذي م ّكن من بلوغ مؤشر‬
‫الخصوبة مستوى اإلحالل ونزل دونه أحيانا قبل أن يرتفع من جديد ليبلغ ‪ 2.46‬سنة ‪ ،2014‬مع اإلشارة‬
‫إلى تقلّص الفوارق في مستويات الخصوبة بين الحضر والريف‪ .‬وعلى المستوى الص ّحي‪ ،‬وبالرغم من‬
‫تزايد حدّة بعض األمراض المتصلة بنوعية العيش ونسقه مثل أمراض القلب والشرايين والس ّكري‪ ،‬فإن‬
‫سن وهو ما يترجمه تراجع المعدالت العامة للوفيات ووفيات الرضّع‬
‫الوضع الص ّحي العام للسكان قد تح ّ‬
‫ويتعرض فصل قادم إلى تفاصيل كل ذلك‪ .‬وشملت االنجازات‬
‫ّ‬ ‫وتطور مؤمل الحياة عند الوالدة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫واألطفال‬
‫أيضا العديد من القطاعات السكانية والتنموية األخرى‪.‬‬

‫ّإال أن ذلك ال يجب أن يحجب النقائص العديدة التي عرفتها أشكال التعاطي مع أوجه التنمية البشرية‬
‫واالقتصادية والتي ساهم مناخ الحرية والشفافية الذي أوجدته ثورة ‪ 14‬كانون الثاني‪ /‬يناير كانون الثاني‪/‬‬
‫يناير‪ 2011‬ومرحلة االنتقال الديمقراطي في رفع الغشاء عنها واإلصداع بها وفتح الحوار حولها دون‬
‫تضييق أو توجيه مسبق‪.‬‬

‫ومن أبرز تجليات ذلك محدودية المنوال التنموي المعتمد خالل العقدين األخيرين في االستفادة من الفرصة‬
‫التي يوفرها االنتقال الديمغرافي والتي تكون انعكاساتها سلبية في صورة عدم استغاللها على الوجه‬
‫وتتحول إلى أوضاع عسيرة وتحديات تصعب مجابهتها‪.‬‬
‫ّ‬ ‫األمثل‪،‬‬

‫ولقد كانت تونس سبّاقة في بلوغ المرحلة األخيرة من االنتقال الديمغرافي مقارنة بالدول العربية‬
‫وتعرف هذه المرحلة بأنها تلك التي يبلغ فيها مجتمع ما الذروة في حجم السكان في ّ‬
‫سن العمل‬ ‫ّ‬ ‫واإلفريقية‪.‬‬
‫مقابل أدنى نسبة للسكان المعالين (أي األطفال والمسنين)‪ ،‬وهي مرحلة تدوم فترة معيّنة حدّدها البعض‬
‫بجيل واحد يخت ّل بعدها التوازن اإليجابي بين الفئات النشيطة والسكان المعالين وخاصة المسنين‪ .‬ويوفّر‬
‫التحول الديمغرافي عالمة رئيسيّة في الفعل التنموي إذا ما توفّرت ظروف معيّنة ورافقته توجهات‬
‫وخيارات سياسية مالئمة‪ .‬إن تضخم الفئات النشيطة في المجتمع التونسي (‪ 15-59‬سنة) والتي بلغت‬
‫نسبتها ‪ % 64.5‬سنة ‪ ،2014‬وتقلص الفئات الصغيرة (‪ 0-14‬سنة) التي قدّرت في نفس السنة بـ ‪23.8‬‬
‫‪ %‬والنمو البطيء للفئات العمرية المتقدّمة (‪ 60‬سنة فأكثر) ال ُمقدّرة بـ ‪ ،% 11.7‬وفّرت للبالد فرصا‬
‫‪10‬‬
‫لإلنتاج وخلق الثروات لم يقع استثمارها على الوجه األفضل نظرا لعدم اإليفاء الكامل بالشروط الرئيسية‬
‫والضرورية لتحويل تلك الطاقة إلى فعل وإنتاج ثروة ونماء‪ ،‬وهي‪:‬‬

‫تأهيل الموارد البشرية عن طريق التعليم والتكوين بما يتالءم وحاجيات السوق الوطنيّة والدولية‬ ‫أ‪-‬‬
‫وتأمين الحقوق اإلنسانية وتوفير ظروف ممارستها للجميع وتمكين المرأة والشباب وتعزيز‬
‫مشاركتهما في الحياة المجتمعية ورفع كل أشكال التمييز واإلقصاء عنهما‪.‬‬

‫يكرس العدالة في توزيع الثروة بين الفئات السكانية والجهات‬


‫ب‪ -‬تأهيل االقتصاد واعتماد منوال تنموي ّ‬
‫الجغرافية ويضمن مستوى أدنى من العيش الكريم لذوي االحتياجات الخاصة ويقطع من التهميش‬
‫ويقلّص الفوارق‪ ،‬ووضع التشريعات المالئمة واآلليات العملية والمؤسساتية الدافعة لذلك‪.‬‬

‫ج‪ -‬تكريس الحوكمة الرشيدة القائمة على اإليفاء بااللتزامات وتأمين الحقوق‪ ،‬وعلى الشفافية والمساءلة‬
‫ونشر مبادئ الديمقراطية وعدم التضييق على الحريات ومقاومة الفساد واستغالل النفوذ بكل أشكاله‬
‫ونشر المعلومات الموضوعية والصادقة‪.‬‬

‫إن توفّر هذه الشروط بمستويات عالية كان من شأنه أن يرفع القدرة التشغيلية لالقتصاد ويخفّض من نسبة‬
‫البطالة لدى الشباب خاصة‪ ،‬ويساهم في تنشيط السوق ونمو االستهالك بما يسمح بنمو االدخار الدافع إلى‬
‫وتكرس فيه الشفافية وعلوية‬
‫ّ‬ ‫االستثمار الداخلي‪ .‬كما كان من الممكن أيضا‪ ،‬في وضع تحترم فيه الحقوق‬
‫يتطور االستثمار الخارجي الذي عادة ما تكون قدرته على التشغيل كبيرة‪ .‬وكان لهذه الشروط‬
‫ّ‬ ‫القانون‪ ،‬أن‬
‫مجتمعة أيض ا أن تفضي إلى دفع التنمية الشاملة بما يسمح بالتقليص من مستويات الفقر واالستجابة إلى‬
‫حاجيات مختلف الفئات وتحسين نوعية العيش‪.‬‬

‫إن السؤال المطروح في هذه المرحلة هو‪ :‬هل استفادت تونس فعال من العائد الديمغرافي‪ ،‬ولماذا ؟‬

‫لقد اعتُمدت السياسات والبرامج واآلليات لتنمية القدرات البشرية في الصحة والتعليم والتكوين وأفردت‬
‫الفئات الهشة من أطفال ومسنين ومعوقين وعائالت معوزة بإجراءات وبرامج ترمي إلى حمايتهم‬
‫واالستجابة لحاجياتهم‪.‬‬

‫وشملت عديد اإلجراءات والمبادرات قضايا المرأة والشباب وتوفّقت المنظومة االقتصادية إلى تحقيق‬
‫النمو التي راوحت لعديد السنوات مستوى ‪ % 5‬سنويا‪ .‬كما‬
‫ّ‬ ‫نتائج ايجابية على المستوى العام تترجمه نسبة‬
‫أمكن في بعض الفترات تعبئة قدر هام من االستثمارات الخارجية من خالل بعث مشاريع أجنبية أو‬
‫مشتركة وذلك إضافة إلى الدخول‪ ،‬ولو باحتشام‪ ،‬في دائرة اقتصاد المعرفة وبعث األقطاب التكنولوجيّة‬
‫التي ساهمت في استقطاب عدد من خريجي الجامعات وفي تصدير منتوج الذكاء‪.‬‬

‫لتحولها الديمغرافي وللتعاطي األفضل‬


‫ّ‬ ‫وعلى أهميتها لم تكن هذه اإلجراءات كافية لحسن استغالل تونس‬
‫‪11‬‬
‫مع أوضاعها السكانية واالقتصادية واالجتماعية‪ .‬فنجاح السياسة التعليمية والتكوينية في بعدها الك ّمي‬
‫والذي تتجلّى أبرز دالالته من خالل تطور المؤشرات المتصلة بالمجال على غرار نسبة التمدرس‬
‫للجنسين في الفئة ‪ 14-6‬سنة التي قُدّرت بـ ‪ % 95.1‬سنة ‪ 2004‬وبـ ‪ % 95.8‬سنة ‪ 2014‬ومن خالل‬
‫تجاوز نسبة التمدرس لدى اإلناث مثيلتها لدى الذكور بكثير في التعليم الثانوي والعالي‪ ،‬ما لم يساهم في‬
‫المرجوة نظرا لعدم تالؤم محتوى التعليم وأساليبه مع ما يحتاجه السوق من‬
‫ّ‬ ‫تنشيط سوق الشغل بالدرجة‬
‫كفاءات واختصاصات‪ .‬فكانت النتيجة دون المؤ ّمل‪ ،‬وبقيت نسبة البطالة في مستويات مرتفعة تفاقمت بعد‬
‫ثورة كانون الثاني‪ /‬يناير كانون الثاني‪ /‬يناير‪ 2011‬لتبلغ ‪ %16.7‬و ‪ % 14.8‬و ‪ % 15.4‬بالتتالي‬
‫سنوات ‪ 2012‬و ‪ 2014‬و ‪ .2016‬وتغيّرت مالمح العاطلين عن العمل شيئا فشيئا لترتفع بينهم نسب‬
‫المتحصلين على شهائد جامعية من الشباب (أواخر سنة ‪ % 20.7 :2015‬للذكور و‪ % 41.1‬لإلناث)‪ .‬كما‬
‫لم يتوفّق منوال التنمية‪ ،‬رغم ما تحقق من إنجازات على مستوى النمو الكمي لالقتصاد ومعدّل الدخل‬
‫الفردي السنوي‪ ،‬في تحقيق التوزيع العادل للثروة بين جميع الفئات والجهات‪ .‬بل إن العائدات‪ ،‬بما فيها‬
‫عائدات المواد األوليّة على تواضعها‪ ،‬كانت ّ‬
‫توزع على نحو زاد في غنى األغنياء وتفقير الفقراء‪ ،‬وهو ما‬
‫تؤ ّكده نسبة الدخل للعشرين في المائة األغنى من السكان التي بلغت ‪ % 42.9‬من مجموع المداخيل سنة‬
‫‪1‬‬
‫‪ 2010‬مقابل ‪ % 6.7‬للعشرين في المائة األفقر من السكان ‪ ،‬كما أن النسبة العامة للفقر بلغت ‪% 32.4‬‬
‫‪2‬‬
‫سنة ‪ 2000‬وهي تقدّر بـ ‪ % 15.5‬من مجموع السكان سنة ‪ . 2011‬أما عن الفقر المدقع‪ ،‬فهو يشمل ‪4.6‬‬
‫‪ %‬منهم‪.‬‬

‫إن هذا الخلل في توزيع الثروة‪ ،‬والذي كان السمة الواضحة في تونس‪ ،‬لم يشمل فقط الفئات االجتماعية‬
‫واإلناث مقارنة بالذكور‪ ،‬بل وخاصة الجهات المختلفة للبالد‪ ،‬إذ يص ّح الحديث في هذا المجال عن واقعين‬
‫شديدي االختالف من حيث االستثمار العمومي وتوفّر الخدمات ونوعيتها وتوفّر البنية التحتية‪ ،‬وهما‬
‫الشريط الساحلي من ناحية‪ ،‬والجهات الداخلية والغربية من ناحية أخرى‪ .‬فقد تر ّكزت االستثمارات‬
‫سمت اختالال صارخا بينها وبين باقي‬
‫والمؤسسات والمشاريع في واليات الشريط الساحلي بصورة ج ّ‬
‫الواليات‪ .‬ومن الطبيعي والحالة تلك‪ ،‬أن تشهد هذه األخيرة ارتفاعا في مؤشرات البطالة والفقر وتدنّيا في‬
‫حجم الخدمات االجتماعية ونوعيتها وأن تنشط حركة الهجرة الداخلية للشباب خاصة نحو المدن الساحلية‬
‫التي لم تكن قادرة وال مؤهلة الستيعاب األعداد الكبيرة من الوافدين عليها سواء من حيث ظروف العيش‬
‫أو توفير مواطن الشغل أو الرعاية االجتماعية وغيرها‪...‬‬

‫وتمثّل نسب البطالة حسب الواليات‪ ،‬مؤشرا معبّرا عن هذا التفاوت بينها‪ ،‬إذ تراوحت في سنة ‪ 2014‬بين‬

‫قاعدة بيانات البنك الدولي‬ ‫‪1‬‬

‫المعهد الوطني لإلحصاء‬ ‫‪2‬‬

‫‪12‬‬
‫‪ % 9.3‬بوالية المنستير و‪ % 26.2‬بوالية قفصة‪ ،‬وتنزل عن مستوى ‪ % 15‬في ‪ 9‬واليات وترتفع عن‬
‫مستوى ‪ % 20‬في ‪ 4‬منها‪ .‬وعلى مستوى الجهات االقتصادية للبالد‪ ،‬تراوحت البطالة في أواخر سنة‬
‫‪ 2012‬بين ‪ % 17.4‬بإقليم تونس‪ ،‬و ‪ % 11.4‬بإقليمي الوسط الشرقي والشمال الشرقي‪ ،‬و‪% 21.3‬‬
‫بالشمال الغربي و‪ % 25.7‬بالجنوب الشرقي‪.‬‬

‫أما عن مساهمة المرأة والشباب في الفعل المجتمعي وفي الحياة السياسية‪ ،‬وبالرغم من المبادرات التي‬
‫اتخذت في عدد من المجاالت بهدف االستجابة إلى بعض احتياجاتهم وتوفير الرعاية لهم في أوضاع‬
‫معينة‪ ،‬فإن اإلرادة والجهد لم يكونا كافيين لرفع كل أشكال التمييز ضد المرأة وال لتعزيز مشاركة الشباب‬
‫ّ‬
‫والتنظم الحر‪ .‬كما أن الحقوق االقتصادية والمدنية‪ ،‬وإن‬ ‫وممارسته لحقوقه في التعبير واإلصداع بالرأي‬
‫كانت موثّقة في التشاريع والنصوص‪ ،‬فإنها افتقرت إلى الضمانات التي ّ‬
‫تكرس ممارستها في الواقع‪ ،‬وهو‬
‫ما عكسه التدني الكبير لمشاركة الشباب والمرأة في الحراك السياسي الوطني وفي نسيج المجتمع المدني‪،‬‬
‫بل أن بعض الدراسات المنجزة قبل سنة ‪ 2011‬أ ّكدت عدم رغبة الشباب في ذلك ال عن قناعة وعدم إيمان‬
‫بمجرد‬
‫ّ‬ ‫بدوره في الشأن العام‪ ،‬وإنما استنكارا للبيئة والمواقف غير الداعمة وغير المشجعة‪ ،‬وقد تأ ّكد ذلك‬
‫تغيّر الوضع وتوفّر الحريات‪.‬‬

‫وبالرغم من المكاسب التي تحققت للمرأة التونسية خالل الخمسين سنة الماضية والتي تدعم بعضها في‬
‫العقدين األخيرين خاصة في المجال التشريعي‪ ،‬إذ أصدرت تونس بين سنتي ‪ 1999‬و‪ 14 ،2009‬نصا‬
‫تشريعيا إما جديدا أو تعديليا يتصل بحقوق المرأة ودعم المساواة في الحقوق والواجبات‪ ،‬فإن الخيارات‬
‫العامة والتوجهات االقتصادية لم تخلّصها من عديد أشكال التمييز ولم تؤ ّمن لها المساواة الكاملة بينها وبين‬
‫الرجل‪ ،‬فتواصل الفقر أنثويا أكثر منه ذكوريا وبلغت نسبة األمية لدى اإلناث من الفئة العمرية ‪ 10‬سنوات‬
‫فما فوق ضعفها لدى الذكور (‪ % 12.4‬للذكور و‪ % 25.0‬لإلناث سنة ‪ .)2014‬وتجاوزت نسبة بطالة‬
‫اإلناث مثيلتها لدى الذكور بكثير (‪ % 11.4‬للذكور و‪ % 22.2‬لإلناث في سنة ‪.)2014‬‬

‫إن العامل الرئيسي واألكثر أثرا في عدم توفّق تونس في االستغالل األفضل لفرصتها الديمغرافية‬
‫كرس‬
‫واستثمارها من أجل النماء والرفاه وتفعيل حقوق الجميع كان دون شك أسلوب الحوكمة الذي ّ‬
‫الفوارق بين الجهات والتهميش لفئات كثيرة والذي لم يعتمد الشفافية في الخطاب والمعامالت ولم يطبّق‬
‫المساواة أمام القانون وال المساءلة كمبدأ وممارسة‪ ،‬وذلك خدمة ألشخاص ومجموعات على حساب‬
‫أخرى‪ .‬وطبيعي في مثل هذا الوضع أن يتف ّ‬
‫شى الفساد في عديد المستويات وأن يخت ّل البعد األمني السكاني‬
‫بما أن كل ما يخدم مصالح البعض أصبح مباحا‪ .‬وهو ما يعني تراجعا تدريجيا للثقة في المؤسسات‬
‫والهياكل وانحسارا في االستثمار الداخلي والخارجي على السواء وبالتالي تراجعا للمردودية االقتصادية‬
‫وتدهورا لألوضاع االجتماعية والقدرة الشرائية لفئات وجهات عدّة‪ .‬وقد ساهمت جملة من المؤشرات‬

‫‪13‬‬
‫االقتصادية واالجتماعية اإل يجابية في حجب ممارسات الحوكمة غير الرشيدة وتداعياتها إما بأهميتها‬
‫(تراجع عجز الميزانية إلى حدود ‪ % 2.9‬كمعدّل ونمو سنوي لالقتصاد بحوالي ‪ 5%‬خالل العشرية‬
‫‪ ،)1997-2007‬أو بنشر البيانات والمؤشرات بانتقائية كإبراز النسب والمعدّالت الوطنية التي عادة ما‬
‫تخفي الفوارق والتمييز والتهميش‪.‬‬

‫إن اقتناص الفرصة الديمغرافية وفتح نافذتها على أكبر زاوية ممكنة هو‪ ،‬مثلما سبقت اإلشارة إليه‪ ،‬رهين‬
‫عدّة عوامل مترابطة وتخضع لجدلية العالقات في تفاعلها وتداعياتها‪ .‬والواضح اليوم أن تلك العوامل‪،‬‬
‫خاصة الحوكمة الرشيدة القائمة على احترام حقوق اإلنسان وعلوية القانون والعدالة االجتماعية والشفافية‬
‫والمساءلة‪ ،‬لم تتوفّر بالمستويات المطلوبة‪ .‬كما لم يتوفّر التوازن المنشود بين القدرات والفرص‪ ،‬أي بين‬
‫العنصر البشري الفاعل والمنتج وبين مكونات المنظومات السياسية واالقتصادية المعتمدة‪ .‬فالمالحظ في‬
‫تونس خالل العقدين السابقين للثورة أن القدرات ّ‬
‫تعززت بالصحة والتعليم والتكوين بمستويات مرضيّة‪،‬‬
‫المرجو‪ .‬وليس دقيقا ما يذهب إليه البعض أن‬
‫ّ‬ ‫لكن الظروف والفرص السانحة الستخدامها لم تتوفر بالقدر‬
‫النمو االقتصادي ويدفعه‪ ،‬ولكن األكثر دقّة وواقعيّة هو أن التحول الديمغرافي‬
‫ّ‬ ‫التحول الديمغرافي يش ّجع‬
‫ّ‬
‫يوفّر الظروف المالئمة والمساندة للتنمية متى عرف أصحاب القرار كيف يغتنمون هذه الفرصة وكيف‬
‫يتدخلون بالسياسة المالئمة والبرامج العملية الفاعلة واآلليات الداعمة والحكم الرشيد حتى تكتمل المعادلة‪.‬‬
‫النمو ولم تكن التنمية‪ .‬وأخفت المعدّالت‬
‫ّ‬ ‫وهو ما لم يتحقّق في تونس باإلرادة والمستوى المطلوبين‪ ،‬فكان‬
‫ي في مثل هذه‬
‫الوطنية اإليجابية في كثير من القطاعات الفجوات والتهميش واألوضاع المتردّية‪ .‬وبديه ّ‬
‫األوضاع أن يتفاقم كبت الفئات والجهات المه ّمشة والمحرومة ويتنامى غضبها وشعورها بالضيم إلى حدّ‬
‫يحصل فيه االنفجار وهو ما حدث سنة ‪ 2008‬على مستوى الحوض المنجمي وفي أواخر سنة ‪ 2010‬في‬
‫كامل جهات البالد وانتهى بالثورة الشعبية التي غيّرت النظام وقلبت المعطيات ووضعت يوم ‪ 14‬كانون‬
‫الثاني‪ /‬ينايركانون الثاني‪ /‬يناير ‪ 2011‬حدا لمرحلة وبداية ألخرى مغايرة ومختلفة جذريا‪.‬‬

‫وليس غريبا أن يكون الشباب وسكان المناطق الداخلية هم الذين أطلقوا شرارة الثورة وغذّوها بتلقائية‬
‫كتعبير صريح وجارف عن غضب تنامى لديهم عبر السنين‪ .‬فالفقر والبطالة والتهميش واإلقصاء والتمييز‬
‫واستشراء الفساد وغياب الشفافية والمساءلة والمساواة أمام القانون كانت وقود الثورة‪ ،‬في حين كان‬
‫الشباب والمهمشون مطلقوها وقادتها‪.‬‬
‫ّ‬
‫يوظف دائما لخدمة كل السكان ولتأمين العدالة االجتماعية‬ ‫النمو االقتصادي الذي عرفته البالد لم‬
‫ّ‬ ‫إن‬
‫وحسن توزيع الثروة‪ ،‬لذلك أفرز األزمات‪ ،‬فالغضب‪ ،‬فالثورة‪ .‬فقد وقع اإلغفال عمليا على األقل‪ ،‬عن‬
‫العالقة التفاعلية ضمن ثنائية السكان والتنمية وعن المبدأ األساسي الذي استندت إليه السياسة السكانية عند‬
‫إطالق أول أسسها‪ ،‬والمتمثل في أن غاية التنمية هي النهوض بالسكان جميعا ال بفئة على حساب أخرى‬

‫‪14‬‬
‫حتى وإن بلغ النمو االقتصادي أعاله‪ .‬ومن المؤشرات الدّالة على هذا االنعطاف في التعاطي مع قضايا‬
‫السكان والتنمية إلغاء المجلس األعلى للسكان سنة ‪ 2010‬وهو الذي كان يؤ ّمن متابعة السياسة السكانية‬
‫التنموية ويقيّمها ويحدّد توجهاتها بتركيبته ولجانه القطاعية المختلفة‪.‬‬

‫تمر بفترة انتقال في ظروف سياسية واقتصادية واجتماعية وأمنية دقيقة‪ ،‬وهو أمر‬
‫واليوم وتونس ّ‬
‫قوضت أركانا وتسعى إلى بناء أخرى‪ ،‬كثرت التحدّيات وتزايدت حدّتها‪ .‬فأمام‬
‫متوقع بعد ثورة شعبية ّ‬
‫تراجع األداء االقتصادي بفعل عديد العوامل الداخلية في أغلبها وما عرفته البالد من انفالت أمني وتحدّي‬
‫البعض لسلطة الدولة والقانون بتبريرات عدّة‪ ،‬ومع تنامي مطالبة الفئات والجهات التي ه ّمشت بحقها في‬
‫التنمية والتشغيل والعدالة االجتماعية وتوفير الخدمات الجيّدة‪ ،‬يتواصل التعامل بصعوبة من أجل تعديل‬
‫األوضاع‪ .‬حتى أن بعضها تدنّت مؤشراته مباشرة بعد الثورة ولم يبلغ ّ‬
‫تطورها بعد النسق المأمول‪ ،‬على‬
‫غرار نسبة البطالة التي تراجعت من ‪ % 18.3‬في سنة ‪ 2011‬إلى ‪ % 14.8‬سنة ‪ ،2014‬والتي تبقى‬
‫مرتفعة خاصة لدى الشباب من حاملي الشهادات العليا‪ ،‬أو االستثمار الداخلي والخارجي الذي تقلّص‬
‫بصفة ملحوظة‪ ،‬أو نسبة التض ّخم التي بلغت مستويات عالية‪ ،‬حيث ارتفعت نسبة التض ّخم في االستهالك‬
‫العائلي بـ ‪ % 3.6‬خالل شهرأيار‪/‬مايو ‪ 2016‬مثال‪ ،‬مقارنة بنفس الشهر من سنة ‪ 2015‬بما من شأنه أن‬
‫يقلّص من القدرة الشرائية للسكان وأن يحدّ من االدخار وبالتالي من االستثمار واالنتعاش االقتصادي‪.‬‬

‫إن المجتمع التونسي يعيش اليوم عسرا في االنتقال من وضع إلى آخر‪ ،‬وهو أمر طبيعي‪ ،‬كاالنتقال من‬
‫الخالف إلى االختالف ومن اإلقصاء إلى االعتراف ومن الدكتاتورية إلى حكم الشعب‪ ،‬والمه ّم أن يؤول‬
‫ذلك إلى منوال حكم وأداء تحترم فيه الحقوق والحريات وتصان ضمنه المكتسبات واالنجازات ويقع القطع‬
‫في إطاره مع التهميش واإلقصاء‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫وتطوره ‪ :‬المؤشرات ودالالتها‬
‫ّ‬ ‫الوضع الديمغرافي‬ ‫‪.III‬‬

‫لقد أفرزت السياسة السكانيّة التونسيّة التي اعتمدت خالل الخمسة عقود الماضية وضعا ديمغرافيا‬
‫بلغت به تونس منذ سنوات المرحلة األخيرة من تحولها الديموغرافي‪ ،‬وقد ت ّم ذلك بنسق سريع نسبيا‬
‫للتحول‬
‫ّ‬ ‫مقارنة بما حدث في عديد المجتمعات األخرى‪ .‬ويعتبر النموذج التونسي مثاال للنمط الكالسيكي‬
‫سن األوضاع االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬كان‬
‫التطور الطبي وتح ّ‬
‫ّ‬ ‫الديمغرافي إذ أن انخفاض الوفيات‪ ،‬بفعل‬
‫سابقا لتراجع مستويات الخصوبة‪ .‬كما أن السيطرة على اإلنجاب حدثت أساسا بفعل تأ ّخر ّ‬
‫سن الزواج ث ّم‬
‫وفي مرحلة موالية‪ ،‬بمفعول السياسات والبرامج الخصوصية ومن أهمها برنامج تنظيم األسرة‪.‬‬

‫انعكست التحوالت االجتماعية والصحية واالقتصادية والثقافية التي عرفها المجتمع التونسي على‬
‫الوضع الديمغرافي وأوضاعه الجديدة التي أثمرتها التحوالت في المواقف والسلوكيات‪ ،‬وتعبّر عنها‬
‫بوضوح المؤشرات والبيانات اإلحصائيّة‪.‬‬

‫النمو السكاني‪:‬‬
‫ّ‬ ‫‪.1.III‬‬

‫لقد أشار التعداد العام األخير للسكان والسكنى لسنة ‪ 2014‬أن عدد سكان تونس بلغ ‪ 10.982754‬ساكنا‬
‫مقابل ‪ 9.910900‬ساكنا سنة ‪ : 11154.400( .2004‬تقديرات جويلية ‪.)2015‬‬

‫تطور عدد السكان عبر التعدادات ‪ -‬باأللف‬ ‫الشكل‪:1‬‬

‫‪10982.754‬‬
‫‪12000‬‬ ‫‪9910.9‬‬
‫‪8785.4‬‬
‫‪10000‬‬
‫‪6966.2‬‬
‫‪8000‬‬
‫‪5588.2‬‬
‫‪6000‬‬ ‫‪4533.3‬‬ ‫السكان‬

‫‪4000‬‬

‫‪2000‬‬

‫‪0‬‬
‫‪1966‬‬ ‫‪1975‬‬ ‫‪1984‬‬ ‫‪1994‬‬ ‫‪2004‬‬ ‫‪2014‬‬

‫المصدر‪ :‬المعهد الوطني لإلحصاء‬

‫‪16‬‬
‫ّ‬
‫ويتوزع السكان بين الوسط البلدي بنسبة ‪ % 67.8‬والوسط غير البلدي بنسبة ‪ ،% 32.2‬وقد كان السكان‬
‫يتوزعون سنة ‪ 1984‬بين ‪ % 52.8‬في الوسط البلدي و‪ % 47.2‬في الوسط غير البلدي‪ .‬وتواصل اتساع‬
‫الفجوة بين عدد السكان بالمناطق البلدية والمناطق غير البلدية إلى أن بلغ مستوياته الحالية وذلك ألسباب‬
‫اجتماعية واقتصادية تدفع الحراك السكاني نحو المدن الكبيرة والمتوسطة اعتبارا لتر ّكز التنمية في عدد‬
‫من الجهات دون غيرها وخاصة بالمناطق الساحلية للبالد‪ ،‬ولتوفّر الخدمات والفرص أكثر في المدن منها‬
‫في القرى واألرياف‪ ،‬إضافة إلى ما طرأ على التنظيم اإلداري للفضاء الوطني من تغيير تمثّل في بعث‬
‫مناطق بلدية جديدة‪ .‬وسوف يتغيّر المشهد قريبا إثر تجسيم القرار السياسي بتحويل عشرات المناطق من‬
‫غير بلدية إلى مناطق بلدية‪.‬‬

‫أما من حيث التوزيع حسب الجنس‪ ،‬فقد تجاوزت نسبة اإلناث مثيلتها لدى الذكور خالل العشرية الماضية‬
‫إذ بلغت نسبة اإلناث ‪ % 50.2‬مقابل ‪ % 49.8‬للذكور سنة ‪.2014‬‬

‫الجدول ‪:1‬‬

‫نسبة السكان حسب الجنس‬

‫‪2014‬‬ ‫‪2004‬‬ ‫‪1994‬‬


‫‪49.8‬‬ ‫‪50.1‬‬ ‫‪50.6‬‬ ‫ذكور‬
‫‪49.9‬‬ ‫‪49.4‬‬ ‫إناث‬
‫‪50.2‬‬

‫المصدر‪ :‬المعهد الوطني لإلحصاء (إحصاء ‪)2014‬‬

‫المتدرج والمنتظم منذ ستينات القرن الماضي‬


‫ّ‬ ‫أما عن نسبة النمو الطبيعي للسكان فقد تواصل انخفاضها‬
‫إلى أن بلغت معدلها السنوي ‪ % 1.03‬خالل الفترة ‪ 2014 -2004‬مقابل ‪ % 1.21‬خالل العشرية ‪-1994‬‬
‫‪ ،2004‬بعد أن كانت ‪ % 3.01‬سنة ‪ 1966‬وذلك نتيجة عديد من العوامل‪.‬‬

‫تطور نسبة النمو الطبيعي للسكان عبر السنوات‬


‫ّ‬ ‫الجدول ‪: 2‬‬

‫‪2014 2011‬‬ ‫‪2006 2004‬‬ ‫‪2000‬‬ ‫‪1994‬‬ ‫‪1990‬‬ ‫‪1980‬‬ ‫‪1970‬‬ ‫‪1966‬‬ ‫السنة‬

‫‪17‬‬
‫‪1.03‬‬ ‫‪1.29‬‬ ‫‪1.15‬‬ ‫‪1.08‬‬ ‫‪1.14‬‬ ‫‪1.70‬‬ ‫‪1.96‬‬ ‫‪2.75‬‬ ‫‪2.61‬‬ ‫‪3.01‬‬ ‫النسبة‬
‫‪%‬‬
‫المصدر‪ :‬المعهد الوطني لإلحصاء‬

‫‪ .2.III‬الوفيات‬

‫بعد تراجع هام‪ ،‬عرفت الوفيات شبه استقرار في مستوى ‪ 6‬في األلف منذ سنة ‪ ،1994‬إذ بلغت‬
‫نسبتها ‪ ‰ 5.7‬سنة ‪ 1994‬و ‪‰ 5.9‬سنة ‪ ،2011‬وحققت مستواها األعلى سنة ‪.)‰ 6.1( 2003‬‬

‫وبالمقارنة مع بلدان المنطقة أو حتى البلدان النامية بصفة عامة‪ ،‬يعتبر مستوى الوفيات في تونس منخفضا‬
‫ولن يتراجع مستقبال ّإال بانخفاض وفيات الرضّع واألطفال‪.‬‬

‫سن األوضاع االجتماعية‪ .‬ويقد ّر‬


‫التطور وتح ّ‬
‫ّ‬ ‫ولقد س ّجل مؤشر وفيات الرضّع انحدارا كبيرا مستفيدا من‬
‫هذا المؤشر بـ ‪ ‰ 16.7‬خالل ‪ 2012-2011‬بعد أن كان في مستوى ‪ ‰ 31.7‬سنة ‪ ،1994‬وبذلك‬
‫تراجع خطر الوفاة قبل انتهاء السنة األولى من العمر إلى النصف بين سنتي ‪ 1994‬و‪ 2011‬وهو ما م ّكن‬
‫تونس من تحقيق غايات المؤتمر الدولي للسكان والتنمية في المجال وكذلك الهدف الرابع من أهداف األلفية‬
‫للتنمية‪ّ .‬إال أن األمر يختلف في ما يتصل بالفوارق بين الريف والحضر أو بين الجهات‪ ،‬وهي فوارق رغم‬
‫تقلّصها نسبيا‪ ،‬ال تزال قائمة بوضوح‪ .‬فقد قدّر المسح متعدّد المؤشرات (‪ )4MICS‬نسبة وفيات الرضّع‬
‫بالوسط الحضري بـ ‪ ‰ 12.2‬سنة ‪ 2012/2011‬فيما قدّرت هذه النسبة بـ ‪ ‰ 24.6‬بالوسط الريفي‪.‬‬
‫ونالحظ نفس الفوارق‪ ،‬حسب نفس المصدر‪ ،‬فيما يتعلّق بوفيات األطفال دون ّ‬
‫سن الخامسة التي تتراوح‬
‫بين ‪ ‰ 15.3‬بالحضر و‪ ‰ 26.4‬بالريف (المعدل الوطني ‪ . (‰19.4 :‬وتتأكد الفوارق أكثر بالجهات‬
‫األقل نموا‪.‬‬

‫من ناحية أخرى‪ ،‬يقدّر انخفاض الوفيات من خالل مؤمل الحياة عند الوالدة‪ ،‬وهو مؤشر يعكس المسار‬
‫الصافي للوفيات‪ .‬فقد انتقل مؤمل الحياة عند الوالدة في تونس من ‪ 71.0‬سنة عام ‪ 69.1( 1994‬سنة‬
‫للذكور و‪ 72.9‬سنة لإلناث) إلى ‪ 74.9‬سنة عام ‪ 2011‬مسجال فارقا إيجابيا لإلناث يقدّر بـأربع سنوات أي‬
‫تطور مؤمل الحياة كان بطيئا خالل الفترة‬
‫‪ 72.9‬سنة للذكور و‪ 76.9‬سنة لإلناث‪ .‬ومما تجدر مالحظته أن ّ‬
‫‪ 2011-1994‬أي أنه كسب ‪ 4‬سنوات خالل ‪ 17‬سنة في حين أن الربح كان بـ ‪ 20‬سنة خالل العشريات‬
‫الثالث السابقة‪ .‬ويقدّر هذا المؤ ّ‬
‫شر خالل عام ‪ 2014‬بـ ‪ 73.8‬سنة للرجال و‪ 78.5‬سنة للنساء‪.‬‬

‫‪ .3.III‬الوالدات والخصوبة‬

‫تميّز نسق الوالدات في تونس خالل العقدين األخيرين بعدم االستقرار‪ .‬فبعد تراجع سريع ما بين‬
‫استقرت النسبة انطالقا من سنة ‪،2000‬‬
‫ّ‬ ‫سنتي ‪ 1994‬و‪ 1999‬إذ انخفض من ‪ ‰ 22.7‬إلى ‪،‰ 16.7‬‬
‫‪18‬‬
‫قبل أن تبدأ في االرتفاع لتصل إلى ‪ ‰ 19.3‬سنة ‪ 2011‬و‪ ‰ 20.5‬سنة ‪ .2014‬ويبرز الشكل التالي‬
‫تطور عدد الوالدات خالل العشرية األخيرة‪.‬‬
‫ّ‬

‫عدد الوالدات ‪2014 - 2004‬‬ ‫الشكل ‪:2‬‬

‫‪2014‬‬ ‫‪225887‬‬

‫‪2013‬‬ ‫‪222962‬‬

‫‪2012‬‬ ‫‪206403‬‬

‫عدد الوالدات‬
‫‪2011‬‬ ‫‪204288‬‬

‫‪2010‬‬ ‫‪201000‬‬

‫‪2002‬‬ ‫‪163000‬‬

‫‪0‬‬ ‫‪50000‬‬ ‫‪100000‬‬ ‫‪150000‬‬ ‫‪200000‬‬ ‫‪250000‬‬

‫المصدر‪ :‬المعهد الوطني لإلحصاء‬

‫تطور العدد السنوي للزيجات نسقا تصاعديا ملحوظا ما بين سنتي ‪ 2004‬و‪ 2010‬فإنه شهد‬
‫ولئن عرف ّ‬
‫تطور عدد الوالدات خالل تلك‬
‫استقرارا واضحا ما بين ‪ 2012‬و‪ 2014‬ال يمكن االستناد إليه في تفسير ّ‬
‫الفترة ‪.‬‬

‫تطور عدد الزيجات ‪2014 - 2004‬‬


‫ّ‬ ‫الجدول ‪: 3‬‬

‫‪2014‬‬ ‫‪2013‬‬ ‫‪2012‬‬ ‫‪2011‬‬ ‫‪2010‬‬ ‫‪2008‬‬ ‫‪2006‬‬ ‫‪2004‬‬ ‫السنة‬

‫‪108843 110119 109741 102058 96335 90192 89481 78097‬‬ ‫عدد‬


‫الزيجات‬
‫المصدر‪ /‬المعهد الوطني لإلحصاء (ماي ‪)2015‬‬

‫وبالنظر إلى توزيع نسب الزيجات حسب الفئات العمريّة للنساء‪ ،‬يتبيّن أن التراجع تواصل بطيئا لكن‬
‫منتظما لدى الفئات الصغرى أي ‪ 19-15‬و ‪ 24-20‬و ‪ 29-25‬سنة‪ ،‬وبقي شبه مستقرا في الفئتين ‪34-30‬‬
‫و ‪ 39 -35‬سنة‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫توزيع نسب زواج النساء حسب الفئة العمرية (‪)%‬‬ ‫الجدول ‪: 4‬‬

‫‪2013‬‬ ‫‪2012‬‬ ‫‪2011‬‬ ‫‪2010‬‬ ‫‪2009‬‬ ‫‪2008‬‬ ‫‪2007‬‬ ‫‪2006‬‬ ‫‪2005‬‬ ‫السنة‬

‫الفئة‬
‫العمرية‬

‫‪6.85‬‬ ‫‪7.26‬‬ ‫‪7.17‬‬ ‫‪6.96‬‬ ‫‪7.18‬‬ ‫‪7.35‬‬ ‫‪8.08‬‬ ‫‪9.51‬‬ ‫‪8.65‬‬ ‫‪19-15‬‬

‫‪26.35 26.81 27.42 28.28 29.16 30.78 30.74 33.12 32.10‬‬ ‫‪24-20‬‬

‫‪34.78 35.33 35.25 35.02 34.73 34.25 33.68 32.83 33.39‬‬ ‫‪29-25‬‬

‫‪16.81 16.92 16.66 16.31 15.94 15.35 15.30 13.77 14.64‬‬ ‫‪34-30‬‬

‫‪7.20‬‬ ‫‪7.00‬‬ ‫‪6.75‬‬ ‫‪6.68‬‬ ‫‪6.44‬‬ ‫‪6.21‬‬ ‫‪6.20‬‬ ‫‪5.47‬‬ ‫‪5.79‬‬ ‫‪39-35‬‬

‫‪3.54‬‬ ‫‪3.36‬‬ ‫‪3.42‬‬ ‫‪3.43‬‬ ‫‪3.41‬‬ ‫‪3.18‬‬ ‫‪3.30‬‬ ‫‪2.87‬‬ ‫‪3.05‬‬ ‫‪44-40‬‬

‫‪1.99‬‬ ‫‪1.91‬‬ ‫‪1.92‬‬ ‫‪1.90‬‬ ‫‪1.83‬‬ ‫‪1.63‬‬ ‫‪1.65‬‬ ‫‪1.36‬‬ ‫‪1.39‬‬ ‫‪49-45‬‬

‫‪1.70‬‬ ‫‪1.41‬‬ ‫‪1.40‬‬ ‫‪1.43‬‬ ‫‪1.33‬‬ ‫‪1.24‬‬ ‫‪1.05‬‬ ‫‪1.08‬‬ ‫‪0.99‬‬ ‫‪54-50‬‬

‫‪100‬‬ ‫‪100‬‬ ‫‪100‬‬ ‫‪100‬‬ ‫‪100‬‬ ‫‪100‬‬ ‫‪100‬‬ ‫‪100‬‬ ‫‪100‬‬ ‫المجموع‬
‫المصدر‪ :‬المعهد الوطني لإلحصاء‪ -‬التوقعات السكانية ‪2044-2014‬‬

‫تخوف كان قائما خالل الفترة السابقة لدى العديد من المختصين حول تدني‬
‫وم ّما تتو ّجب اإلشارة إليه أن ال ّ‬
‫نسب الخصوبة إلى ما دون مستوى تجدّد األجيال نتيجة ارتفاع نسب العزوبة لدى النساء من الفئات‬
‫العمرية األعلى خصوبة أي من ‪ 20‬إلى ‪ 35‬سنة‪ .‬إالّ أن ذلك لم يحدث بل ارتفعت الخصوبة إلى مستويات‬
‫عالية نسبيا‪ ،‬كما سيأتي الحقا‪ ،‬بالرغم من تواصل ارتفاع العزوبة لدى الفئات المذكورة‪.‬‬

‫التوزيع النسبي (‪ )%‬للنساء العازبات حسب بعض الفئات العمرية‬ ‫الجدول ‪: 5‬‬

‫‪34-30‬‬ ‫‪29-25‬‬ ‫‪24-20‬‬ ‫‪19-15‬‬

‫‪20‬‬
‫‪28.0‬‬ ‫‪52.7‬‬ ‫‪83.5‬‬ ‫‪97.8‬‬ ‫‪2004‬‬

‫‪28.4‬‬ ‫‪50.9‬‬ ‫‪82.8‬‬ ‫‪96.2‬‬ ‫‪2014‬‬


‫المصدر‪ :‬المعهد الوطني لإلحصاء‪ -‬التوقعات السكانية ‪2044-2014‬‬

‫‪ .4.III‬الخصوبة ‪:‬‬

‫واصلت مستويات الخصوبة في تونس انخفاضها على امتداد أكثر من أربعة عقود‪ ،‬إالّ أنها أخذت‬
‫منحى تصاعديّا منذ أواخر العقد األخير يترجم عنه ارتفاع عدد الوالدات الذي انتقل من ‪ 182478‬والدة‬
‫سنة ‪ 2005‬إلى ‪ 225887‬والدة سنة ‪ ،2014‬وهو ما نتج عنه ارتفاعا ملموسا في المؤشر اإلجمالي‬
‫‪3‬‬
‫للخصوبة الذي انتقل من ‪ 2.16‬طفال لكل امرأة سنة ‪ 2004‬إلى ‪ 2.20‬سنة ‪ 2009‬ليبلغ ‪ 2.46‬سنة‬
‫‪ .2014‬وبالرغم من عدم التوافق التام بين المصادر في تحديد مستوى المؤ ّ‬
‫شر اإلجمالي للخصوبة (‪2.1‬‬
‫حسب المسح العنقودي متعدد المؤشرات ‪ 2012 - 2011 :4‬و ‪ 2.46‬حسب دراسة المعهد الوطني‬
‫لإلحصاء حول التوقعات السكانية ‪ 2015‬التي تشير إلى أن مستوى ‪ 2.1‬وقع تجاوزه منذ ‪ ،)2007‬فإن‬
‫توزيع الخصوبة حسب الفئات العمرية يبرز حسب نتائج المسح العنقودي ‪ 4‬أن النساء في تونس تنجبن‬
‫أساسا في الفئتين العمريتين ‪ 29-25‬سنة و ‪ 34-30‬سنة (‪ % 12.3‬لألولى و ‪ % 12.5‬للثانية)‪ ،‬في حين‬
‫يكون حجم اإلنجاب ضعيفا جدا لدى النساء من الفئة العمرية ‪ 19-15‬سنة (‪.) %0.3‬‬

‫المؤشر اإلجمالي للخصوبة‬

‫الشكل ‪:3‬‬

‫‪2.46 : 2014‬‬

‫‪2.16 :2004‬‬

‫‪é‬‬

‫‪ . 3‬المؤشر اإلجمالي للخصوبة‪ :‬عدد األطفال الذين تنجبهم المرأة خالل حياتها اإلنجابية ‪ 49-15‬سنة استنادا إلى نسبة الخصوبة حسب الفئة‬
‫العمرية لسنة معيّنة‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫تطور المؤشر اإلجمالي للخصوبة (م‪.‬إ‪.‬خ‪).‬‬
‫ّ‬ ‫الجدول ‪:6‬‬

‫‪2014‬‬ ‫‪2013‬‬ ‫‪2012‬‬ ‫‪2011‬‬ ‫‪2010‬‬ ‫‪2009‬‬ ‫‪2008‬‬ ‫‪2007‬‬ ‫‪2006‬‬ ‫‪2005‬‬ ‫‪2004‬‬ ‫السنة‬

‫‪2.46‬‬ ‫‪2.41‬‬ ‫‪2.31‬‬ ‫‪2.21‬‬ ‫‪2.22‬‬ ‫‪2.20‬‬ ‫‪2.22‬‬ ‫‪2.20‬‬ ‫‪2.15‬‬ ‫‪2.17‬‬ ‫‪2.16‬‬ ‫م‪.‬إ‪.‬خ‬

‫المصدر‪ :‬المعهد الوطني لإلحصاء ‪ -‬التوقعات السكانية ‪2044-2014‬‬

‫وبدراسة نسب الخصوبة حسب الفئات العمرية يتبيّن أن االنخفاض شمل كل األعمار‬
‫صين‬
‫وبالخصوص الفئة العمرية األعلى خصوبة أي ‪ 34-25‬سنة‪ .‬لقد كان اإلجماع قائما لدى المخت ّ‬
‫والمحلّلين أن انخفاض الخصوبة أصبح سلوكا متجذّرا لدى التونسيات وليس ظرفيا وذلك استنادا إلى‬
‫النسق المتواصل الذي عرفه خالل العقود األخيرة‪ .‬إالّ أن ما ُ‬
‫س ّجل خالل العشرية األخيرة من ارتفاع‬
‫متواصل‪ ،‬وإن كان بطيئا‪ ،‬يرجعه البعض أساسا إلى ارتفاع عدد الزيجات لألشخاص المولودين خالل‬
‫عقدي السبعينات والثمانينات‪ .‬إالّ أن ذلك ال يمنع من ضرورة التمعّن والتحليل والتفسير من طرف‬
‫صين في الديمغرافيا وعلم االجتماع واالقتصاديين وغيرهم‪ .‬وبالرغم من التقلّص الواضح للفوارق‬
‫المخت ّ‬
‫بين الحضر والريف‪ ،‬فإنها ال تزال قائمة على صعيد كل الفئات العمرية بمستويات أقل في الحضر منها‬
‫في الريف‪.‬‬

‫أما على المستوى الجهوي (الواليات)‪ ،‬فإن الفوارق بيّنة بين الواليات التي تس ّجل مستويات أدنى من‬
‫المستوى الذي يسمح بتجدّد األجيال (أي دون ‪ 2.1‬طفال) وتلك التي يتراوح فيها المؤشر بين ‪ 2.1‬و ‪2.7‬‬
‫طفال‪ .‬ولئن كان األمر منطقيا بالنسبة لواليات الوسط الغربي ذات المؤشرات االقتصادية واالجتماعية‬
‫المتواضعة نسبيا‪ ،‬فهو يبعث على التساؤل عن أسباب ذلك في عدد من الواليات المرفّهة مثل سوسة‬
‫والمنستير ونابل المتصفة بمستويات خصوبة عالية نسبيا‪ .‬وقد يكون نظام توطين الوالدات وما قد يعتريه‬
‫سرة لهذا الوضع اعتبارا لتوفّر عدد من المؤسسات الص ّحية ومراكز التوليد‬
‫من نقص أحد األسباب المف ّ‬
‫العامة والخاصة بتلك الواليات مما يجعلها قبلة لسكان المناطق المجاورة‪.‬‬

‫وفي الجملة‪ ،‬فإن مؤشرات الخصوبة تابعت نسقا انحداريا غير مسبوق إلى حدود سنة ‪ 2007‬لتعود إلى‬
‫االرتفاع التدريجي بعد ذلك‪ .‬ويبقى المجتمع التونسي بالرغم من كل ذلك مجتمعا شابا وإن بدأت عالمات‬
‫التشيّخ تبرز فيه‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫المؤشر اإلجمالي للخصوبة حسب الجهات الكبرى وعدد من الواليات‬ ‫الجدول ‪: 7‬‬

‫المؤشر اإلجمالي للخصوبة‬ ‫الجهة ‪ /‬الوالية‬ ‫المؤشر اإلجمالي للخصوبة‬ ‫الجهة ‪ /‬الوالية‬

‫‪2.1‬‬ ‫القصرين‬ ‫‪1.9‬‬ ‫إقليم تونس‬

‫‪2.5‬‬ ‫القيروان‬ ‫‪2.2‬‬ ‫الشمال الشرقي‬

‫‪2.1‬‬ ‫سيدي بوزيد‬ ‫‪1.9‬‬ ‫الشمال الغربي‬

‫‪2.7‬‬ ‫سوسة‬ ‫‪2.2‬‬ ‫الوسط الشرقي‬

‫‪2.6‬‬ ‫المنستير‬ ‫‪2.1‬‬ ‫الجنوب الشرقي‬

‫‪2.6‬‬ ‫قبلي‬ ‫‪2.2‬‬ ‫الجنوب الغربي‬


‫‪ -‬المعهد الوطني لإلحصاء‬ ‫المصدر‪ - :‬المسح متعدد المؤشرات ‪2011.2012 / 4‬‬

‫أهم العوامل المؤثرة في انخفاض الخصوبة‪:‬‬

‫يمكن حصر أهم العوامل المحدّدة النخفاض الخصوبة في تراجع الوفيات وخاصة منها وفيات‬
‫الرضّع واألطفال‪ ،‬وإقرار برنامج لتنظيم األسرة منذ سنة ‪ 1966‬وتحرير المرأة والتنمية االقتصادية‬
‫واالجتماعية وارتفاع مستويات التعليم خاصة لدى اإلناث وما نتج عنه من تأ ّخر في ّ‬
‫سن الزواج ودخول‬
‫المرأة سوق الشغل وانخراطها في الحداثة بأشكال وصيغ متعدّدة‪.‬‬

‫سن المستوى التعليمي من العوامل الرئيسية التي ساهمت في تطوير السلوك اإلنجابي وفي‬
‫ويعتبر تح ّ‬
‫دخول المرأة للحياة العملية خارج البيت‪ .‬وقد أولت تونس‪ ،‬وال تزال‪ ،‬مجال التعليم والتكوين أه ّمية كبرى‬
‫سم ذلك‬
‫صصت له نسبة هامة من ناتجها المحلي اإلجمالي‪ .‬ويتج ّ‬
‫واعتبرته من العناصر الدافعة للنمو وخ ّ‬
‫في تراجع نسبة األ ّمية لدى السكان من الفئة ‪ 10‬سنوات فأكثر التي انتقلت من ‪ % 31.7‬سنة ‪ 1994‬إلى‬
‫‪ % 18.8‬سنة ‪ 2014‬وحسب الجنس من ‪ % 42.3‬إلى ‪ %25.0‬لدى اإلناث ومن ‪ % 21.3‬إلى ‪12.4‬‬
‫‪ %‬لدى الذكور‪.‬‬

‫ّإال أن هذه المعدالت تخفي تباينات ها ّمة أحيانا بين الجهات وبين الوسطين البلدي وغير البلدي‪ ،‬إذ تس ّجل‬
‫واليات الشمال الغربي والوسط الغربي أعلى نسب أ ّمية لدى اإلناث تراوحت بين ‪ 34.8‬و ‪،% 41.1‬‬
‫وتأتي إثر ذلك واليتا زغوان والمهدية بنسبة أ ّمية تقارب ثلث اإلناث من ‪ 10‬سنوات فأكثر‪ .‬أما بين‬

‫‪23‬‬
‫الهوة شاسعة بين مستويات األمية إذ تبلغ ‪ % 12.5‬بالوسط البلدي‬
‫الوسطين البلدي وغير البلدي فإن ّ‬
‫و‪ % 32.2‬بالوسط غير البلدي وذلك سنة ‪ .2014‬ويصبح الوضع أكثر قتامة إذا تعلّق األمر باإلناث‬
‫مستواهن التعليمي المرحلة االبتدائية إذ ّ‬
‫أن أكثر من نصف السكان اإلناث وطنيا ينتمين‬ ‫ّ‬ ‫الالتي ال يتعدى‬
‫إلى هذه الفئة‪ ،‬وثالثة أرباعهن يتواجدن بالواليات األقل نموا والسابق ذكرها‪ .‬في المقابل‪ ،‬فإن نسبة‬
‫التمدرس في سن ‪ 14-6‬سنة‪ ،‬والتي تترجم الجهود المبذولة في مجال التعليم‪ ،‬بلغت حوالي ‪% 95.7‬‬
‫للذكور و‪ % 95.9‬لإلناث خالل سنة ‪ .2014‬وبالمقارنة مع الفترات الماضية‪ ،‬نالحظ أن المعادلة انقلبت‬
‫لفائدة اإلناث خاصة في المرحلتين الثانوية والجامعية‪ .‬وتكفي اإلشارة هنا إلى أن حوالي ثلثي عدد الذين‬
‫اجتازوا امتحان الباكلوريا (الثانوية العامة) هم من اإلناث‪.‬‬

‫تطور المستوى التعليمي‪ ،‬وخاصة لدى اإلناث‪ ،‬على مستوى وعي األزواج بأه ّمية الصحة‬
‫ّ‬ ‫وينعكس‬
‫اإلنجابية وعلى سلوكهم اإلنجابي‪ .‬فكلما ارتفع المستوى التعليمي كلما انخفض عدد األطفال والعكس‬
‫صحيح‪ .‬ففي سنة ‪ 1994‬كان معدّل األطفال المولودين أحياء لدى النساء ( ‪ 15-47‬سنة ) يقدّر بــ ‪5.7‬‬
‫طفال لدى األم األ ّمية وأصبح ‪ 4.1‬طفال سنة ‪ 2006‬وبـ‪ 2.4‬طفال لدى األم ذات المستوى التعليمي الثانوي‬
‫و‪ 1.3‬طفال لدى األمهات ذوات مستوى التعليم العالي (‪ 2.1 : 2006‬طفال لدى األمهات من التعليم الثانوي‬
‫والعالي)‪ .‬وتشير نتائج المسح متعدد المؤشرات ‪ )2011-2012( 4‬أن أعلى مستويات المؤشر اإلجمالي‬
‫س ّجلت لدى األمهات األميّات في حين لم تتجاوز النسبة لدى األمهات من مستوى التعليم العالي‬
‫للخصوبة ُ‬
‫‪ 2.0‬طفال‪.‬‬

‫ويعتبر تأ ّخر ّ‬
‫سن الزواج الذي بدأ منذ ستينات القرن الماضي وتواصل خالل العقود األخيرة‪ ،‬عامال محدّدا‬
‫في انخفاض الخصوبة وذلك لتقليصه لفترة احتمال الحمل‪ .‬وفي تونس‪ ،‬البلد الذي تقع فيه الوالدات بصفة‬
‫شبه كليّة في إطار الزواج‪ ،‬يصبح هذا العامل من أكثر العوامل تأثيرا في تراجع الخصوبة‪ .‬وتبرز هيكلة‬
‫سن الزواج يواصل أثره في تزايد نسب ّ‬
‫العزاب في المجتمع من‬ ‫السكان حسب الحالة الزواجيّة أن تأخر ّ‬
‫الجنسين وفي كل الفئات العمرية المعنية‪ .‬ويعدّ الزواج لدى الفئة العمرية ‪ 19-15‬سنة نادرا إذ تقدّر نسبة‬
‫العزوبة لدى هذه الفئة بـ ‪ % 96.2‬لإلناث و‪ % 99.3‬للذكور وذلك سنة ‪ .2014‬وبالنسبة للفئة ‪24-20‬‬
‫سنة فهي ‪ % 82.8‬لإلناث و‪ % 97.1‬للذكور‪.‬‬

‫تطور الهيكلة العمرية للسكان‪:‬‬


‫‪ّ .5.III‬‬

‫تطور الهيكلة العمريّة للسكان أثر انخفاض الخصوبة‪ .‬فقد عرف الهرم السكاني الذي كان‬
‫يعكس ّ‬
‫يتصف بخصوصيات المجتمعات الشابة تغيّرا جذريا هاما‪ ،‬إذ لم تعد تمثل فئة األطفال دون ‪ 5‬سنوات‬
‫سوى ‪ % 8.2‬من مجموع السكان سنة ‪ 2011‬مقابل ‪ % 11.0‬سنة ‪ 1994‬وارتفعت إلى ‪ % 8.84‬سنة‬
‫‪ .2014‬كما عرفت فئة األطفال ‪ 14-5‬سنة تراجعا ليمثّل حجمها ‪ % 14.92‬من مجموع السكان سنة‬
‫‪24‬‬
‫تطورت نسبة السكان في سن النشاط (‪ 15-59‬سنة) من‬
‫‪ 2014‬مقابل ‪ % 23.8‬سنة ‪ .1994‬في المقابل ّ‬
‫‪ % 56.9‬من مجموع السكان سنة ‪ 1994‬إلى ‪ % 64.5‬سنة ‪ .2014‬كما ارتفعت نسبة السكان الذين تفوق‬
‫أعمارهم ‪ 60‬سنة من ‪ % 3.8‬من المجموع سنة ‪ 1994‬إلى ‪ % 11.7‬سنة ‪ ،2014‬وهو ما يؤشر لتشيّخ‬
‫سط والبعيد وحسب اإلسقاطات السكانية للمعهد الوطني لإلحصاء‪ ،‬فإن‬
‫طفيف للسكان‪ .‬وعلى المدى المتو ّ‬
‫هذه الفئة سوف تمثل خالل سنوات ‪ 2021‬و ‪ 2031‬و ‪ 2041‬على التوالي ‪ 14.1%‬و ‪ 18.2%‬و ‪22.6‬‬
‫‪ %‬من السكان وذلك حسب السيناريو المعتدل‪.‬‬

‫‪ .6.III‬التوقعات السكانية ‪:‬‬

‫في إطار اإلعداد للمخطط الخماسي للتنمية االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬أنجز المعهد الوطني‬
‫لإلحصاء خالل سنة ‪ 2015‬دراسة حول التوقعات السكانية للفترة ‪ 2044-2014‬اعتمدت‪ ،‬كمنطلق لها‪،‬‬
‫نتائج اإلحصاء العام للسكان والمساكن لسنة ‪ 2014‬وكذلك إحصائيات الحالة المدنية وخاصة منها المتعلقة‬
‫بالوالدات والوفيات والزواج‪ .‬وقد تض ّمنت الدراسة قسما خاصا بالتوقعات السكانية على مستوى الواليات‬
‫من حيث العدد والجنس والفئات العمرية‪ .‬ويل ّخص الجدول التالي بعضا من نتائج الدراسة المذكورة ‪:‬‬

‫المؤشرات (حسب فرضية االنخفاض المعتدل للخصوبة)‬ ‫التوقعات السكانية ‪ :‬بعض‬ ‫الجدول ‪:8‬‬

‫‪2044‬‬ ‫‪2041‬‬ ‫‪2034‬‬ ‫‪2031‬‬ ‫‪2021‬‬ ‫‪2014‬‬

‫‪13425087‬‬ ‫‪12928199 11295786 10982754‬‬ ‫عدد السكان‬

‫‪1.91‬‬ ‫‪1.96‬‬ ‫‪2.28‬‬ ‫‪2.46‬‬ ‫المؤشر‬


‫(‪)2024‬‬ ‫اإلجمالي‬
‫للخصوبة‬

‫‪79.5‬‬ ‫‪87.1‬‬ ‫‪75.9‬‬ ‫ذكور ‪73.8‬‬ ‫مؤمل‬


‫(‪)2024‬‬ ‫الحياة‬

‫‪82.4‬‬ ‫‪81.4‬‬ ‫‪80.1‬‬ ‫‪78.5‬‬ ‫إناث‬ ‫عند‬

‫(‪)2024‬‬ ‫الوالدة‬

‫‪18.6‬‬ ‫‪23.1‬‬ ‫‪25.5‬‬ ‫نسبة الفئة ‪23.8 -0‬‬


‫‪14‬‬

‫‪58.8‬‬ ‫‪58.7‬‬ ‫‪60.4‬‬ ‫الفئة ‪64.5‬‬ ‫نسبة‬

‫‪25‬‬
‫‪59-15‬‬

‫‪22.6‬‬ ‫‪18.2‬‬ ‫‪14.1‬‬ ‫نسبة الفئة ‪11.7 60‬‬


‫سنة و‪+‬‬
‫المصدر ‪ :‬المعهد الوطني لإلحصاء‪ :‬دراسة التوقعات السكانية ‪2044-2014‬‬

‫الخالصة‬

‫يبرز تحليل المؤشرات الديمغرافية أن الخصوبة انخفضت في البداية نتيجة لتراجع الوفيات وذلك‬
‫التطور العلمي والتقني في المجال الص ّحي في تراجع الوفيات‬
‫ّ‬ ‫وفقا لقاعدة التحول الديمغرافي‪ .‬فقد ساهم‬
‫فاختل بذلك التوازن بين الوالدات والوفيات وعرف النمو السكاني نسقا سريعا‪ .‬ثم‪ ،‬ومع تراجع وفيات‬
‫الرضع واألطفال خاصة‪ ،‬تغير السلوك اإلنجابي لألزواج مدفوعا بانطالق البرنامج الوطني لتنظيم األسرة‬
‫وإتاحة خدماته المجانية للجميع‪ .‬كما أن تأخر ّ‬
‫سن الزواج ألسباب اجتماعية وثقافية واقتصادية دعّم السلوك‬
‫اإلنجابي المتوازن وساهم في تراجع الخصوبة بصفة ملحوظة‪ .‬وخالل العشرية األخيرة عرفت الخصوبة‬
‫ارتفاعا تدريجيا ساهمت فيه عدّة عوامل من أهمها تطور عدد الزيجات‪.‬‬

‫أما عن هيكلة السكان‪ ،‬فتتمثل أبرز االستنتاجات في تواصل الوزن الديمغرافي للشباب (حوالي ثلث‬
‫السكان) بالرغم من تقلص حجم الفئات العمرية الصغيرة‪ ،‬واالرتفاع النسبي للفئة العمرية ‪ 60‬سنة فأكثر‬
‫وهي تمثل بذلك‪ ،‬إضافة إلى حجم السكان النشيطين وارتفاع نسبة الفئات الشابة‪ ،‬تحديات كبرى بدأت‬
‫البالد في مواجهتها وهي تحديات ستتواصل خالل العقود القليلة القادمة ال سيما فيما يتعلق بالتشغيل‬
‫والتعليم والحماية االجتماعية‪.‬‬

‫القوة‬
‫القدرات وآليات العمل السكاني‪ :‬عناصر ّ‬ ‫‪.IV‬‬

‫بتدرج وبالتوازي مع التحوالت والتغييرات التي عرفها‬


‫ّ‬ ‫ت ّم بناء وتنفيذ مفردات السياسة السكانية‬
‫المجتمع سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا‪ .‬وسمحت المساحة الزمنية المقدرة بأكثر من ‪ 50‬سنة من‬
‫التخطيط والتنفيذ والتجارب في توفّر خبرة تراكميّة ها ّمة من حيث الك ّم والكيف‪ ،‬هي نتاج نجاحات‬
‫متحولة‪ .‬ويمكن الجزم اليوم بأن‬
‫ّ‬ ‫وإخفاقات عرفتها مسيرة التعاطي مع قضايا السكان المختلفة في ظروف‬
‫والمكونات والقدرات على مستويات عدّة سمحت بتحقيق‬
‫ّ‬ ‫السياسة السكانية التونسية تختزل عديد العناصر‬
‫نجاحات وإنجازات تؤ ّكدها الكثير من المؤ ّ‬
‫شرات الكميّة والنوعيّة سواء المتصلة منها بالجانب السكاني‬

‫‪26‬‬
‫الكمي أو بقدرات السكان وظروف عيشهم بالرغم م ّما س ّجل من تفاوت وتمييز بين الفئات والجهات‪ .‬ولع ّل‬
‫من أهم ما أكسب تلك السياسة قيمتها وفاعليتها العناصر التالية‪:‬‬

‫‪ .1.IV‬اإلرادة السياسية‪:‬‬

‫وتطورها وتنفيذها‪ ،‬وهي إرادة‬


‫ّ‬ ‫ونموها‬
‫ّ‬ ‫كانت اإلرادة السياسية وراء إقرار السياسة السكانية‬
‫تواصلت منذ أواخر الخمسينات مترجمة عن رؤية واضحة آنذاك وشاملة‪ ،‬خلفيتها حتمية العالقة بين‬
‫السكان وحجمهم وهيكلتهم وخصوصياتهم من جهة‪ ،‬والتنمية البشرية واالقتصادية واالجتماعية من جهة‬
‫ثانية‪.‬‬

‫إن الرؤية السياسية الرسمية ومرجعياتها كانت‪ ،‬خالل الستينات والسبعينات والثمانينات خاصة‪ ،‬زاخرة‬
‫بالمواقف والقرارات التي تؤ ّكد أنه ال سبيل لتحقيق التنمية الشاملة واستمرارها إال من خالل االهتمام‬
‫تطور حجمها‪ ،‬باإلضافة إلى الموارد األخرى‪ .‬لذلك كانت المسألة‬
‫ّ‬ ‫بالموارد البشرية وتنميتها وترشيد‬
‫السكانية وانعكاساتها على النظام االجتماعي واالقتصادي موضع اهتمام اعتبارا أنها تؤثر على التغيّر‬
‫مكونات النسق االجتماعي واالقتصادي والثقافي‪.‬‬
‫الهيكلي في ّ‬

‫مدعو إلى االستثمار في الصحة والصحة اإلنجابية وفي التعليم وتوفير‬


‫ّ‬ ‫ومن هذا المنظور‪ ،‬فإن كل المجتمع‬
‫الغذاء وتأمين نوعية حياة جيدة وفي النهوض بالمرأة والشباب وتمكينهم‪ ،‬واالستثمار في األجيال الشابة‬
‫وفي البيئة والمحيط‪ ...‬هذا بالطبع على المستوى النظري والسياسي‪ .‬ويبقى الواقع دون هذا المشهد‬
‫المأمول كما سيأتي‪.‬‬

‫ومن الطبيعي أن تكون هذه اإلرادة السياسية والتوافق شبه الكلي الحاصل حولها من الفاعلين المجتمعين‪،‬‬
‫مر السنوات‪ ،‬حتى أن بعض‬
‫والمحرك لمختلف العناصر واآلليات التي غذت السياسة السكانية على ّ‬
‫ّ‬ ‫الدافع‬
‫المختصين عبّر عن ذلك بالقول بأن "االهتمام بالسياسة السكانية في تونس يعتبر من تقاليد الدولة‬
‫وأولوياتها"‪.‬‬

‫ومن تجليات اإلرادة السياسية في المجال السكاني‪ ،‬انخراط تونس في كل المؤتمرات والمبادرات الدولية‬
‫ذات العالقة والتي من أبرزها مسار المؤتمر الدولي للسكان ‪ ،1994‬وفي إعالن األلفية واعتمادها أهدافه‬
‫الثمانية سنة ‪ 2000‬والتزامها بخطة عمل بيجين حول المرأة ‪ ،1995‬واعتمادها في سبتمبر ‪ 2015‬خطة‬
‫التنمية المستدامة وأهدافه السبعة عشر‪ ،‬إضافة إلى رفعها كل التحفظات عن اتفاقية القضاء على أشكال‬
‫التمييز ضد المرأة (سيداو)‪ ،‬وهو ما يفرض عليها اليوم تحديد خياراتها السكانية وصياغة سياستها‬

‫‪27‬‬
‫السكانية من جديد على أساس التحوالت العميقة التي عرفتها وعلى أساس التزاماتها الدولية وضمن مقاربة‬
‫قائمة على حقوق اإلنسان ومبادئها‪.‬‬

‫‪ .2.IV‬التشريع السكاني ‪:‬‬

‫يعتبر التشريع السكاني‪ ،‬إحداثا وتطويرا‪ ،‬من أهم ركائز السياسة السكانية والضامن الستدامتها‬
‫ولحماية الحقوق ضمنها‪ .‬لقد واكبت انطالق السياسة السكانية التونسية سلسلة من القرارات والنصوص‬
‫التشريعية التي كان لبعضها تأثيرا مباشرا على الوضع السكاني ولبعضها اآلخر تأثيرا غير مباشر‪.‬‬

‫فقد انطلقت السياسة السكانية من نص تشريعي هو "مجلة األحوال الشخصية" الصادرة في ‪ 13‬آب‪/‬‬
‫ويقر نظاما جديدا للزواج‬
‫ّ‬ ‫أغسطس ‪ ،1956‬وهو القانون الذي ينظم أوضاع الفرد الشخصية والعائلية‬
‫بإلغاء تعدّد الزوجات وتنظيم الطالق وإقرار العديد من حقوق المرأة‪ .‬وقد ت ّم تنقيح وإثراء القانون عديد‬
‫المرات بما يكسب المرأة واألسرة المزيد من الحقوق‪ .‬ثم جاء قانون ‪ 8‬كانون الثاني‪ /‬ينايركانون الثاني‪/‬‬
‫يناير ‪ 1961‬الذي يسمح باستيراد وسائل منع الحمل واإلشهار لها وبيعها‪.‬‬

‫وأقر سنة ‪ 1( 1965‬تموز‪ /‬يوليو) قانون إجازة اإلجهاض اإلرادي على أن يكون ذلك ابتداء من الطفل‬
‫ّ‬
‫الخامس وخالل األشهر الثالثة األولى من الحمل‪ .‬ثم وقع تعديل هذا القانون باألمر الصادر في ‪ 26‬أيلول‪/‬‬
‫وأقر ضمانات لحماية سالمة األم‪.‬‬
‫سبتمبر ‪ 1973‬الذي ألغى شرط عدد األطفال ّ‬

‫وتعلق اإلجراء الثالث الهام بتحديد السن الدنيا القانونية للزواج وذلك منذ ‪( 1965‬مجلة األحوال‬
‫الشخصية) على أساس ‪ 15‬سنة للمرأة و‪ 18‬سنة للرجل‪ ،‬قبل أن تعدّل بقانون ‪ 20‬شباط‪ /‬فبراير ‪1964‬‬
‫لتصبح ‪ 17‬سنة للمرأة و‪ 20‬سنة للرجل‪ ،‬وبقانون ‪ 14‬أيار‪/‬مايو ‪ 2007‬لتصبح السن الدنيا القانونية‬
‫للزوجين ‪ 18‬سنة‪.‬‬

‫وفرض قانون تشرين الثاني‪ /‬نوفمبر ‪ 1964‬المت ّمم بالقرار الوزاري تموز‪/‬يوليو ‪ 1995‬على المقبلين على‬
‫الزواج إجراء الفحص الطبي السابق للزواج واالستظهار بشهادة في ذلك‪.‬‬

‫إلى جانب هذه التشريعات وغيرها ذات التأثير المباشر‪ ،‬هناك العديد من النصوص القانونية والترتيبيّة‬
‫ذات أثر غير مباشر على العديد من مكونات الشأن السكاني تشمل مجاالت األحوال الشخصية والتعليم‬
‫والشغل والحماية االجتماعية وحقوق المرأة والطفل والمسنين والصحة والجنسيّة ‪.‬‬

‫‪.3.IV‬التنظيم المؤسسي ‪:‬‬

‫‪28‬‬
‫سسي‪ ،‬فيمكن القول بأن قضايا السكان في تونس‪ ،‬وإن لم تحظ قط‬
‫أما على المستوى المؤ ّ‬
‫بتخصيص وزارة لها‪ ،‬مثلما هو الحال في بعض الدول العربية‪ ،‬فإن بعضا منها ت ّمت إدارتها والتعامل‬
‫والرصد والتقييم وأخرى لإلنجاز واإلدارة‪.‬‬
‫للتصور ّ‬
‫ّ‬ ‫سسات‬
‫معها ضمن مؤ ّ‬

‫يمكن اعتبار وزارة التنمية واالستثمار والتعاون الدولي المؤسسة األبرز المكلّفة‪ ،‬من ضمن مشموالت‬
‫بتصور وتنسيق السياسة السكانية ومتابعة تنفيذها بالتنسيق والتعاون مع الهياكل المعنيّة األخرى‪.‬‬
‫ّ‬ ‫أخرى‪،‬‬
‫وتتولّى اإلدارة العامة لتنمية الموارد البشرية ضمن الوزارة تلك المهام على المستوى العملي واإلجرائي‪.‬‬

‫كما تض ّم الوزارة عدّة هياكل أخرى تهت ّم مباشرة أو بصفة غير مباشرة بالشأن السكاني مثل اإلدارة العامة‬
‫للتنمية الجهوية والمندوبية العامة للتنمية الجهوية المكلفة بوضع سياسة التنمية الجهوية‪ ،‬والمعهد الوطني‬
‫للمنافسة والدراسات الكميّة الذي يهت ّم خاصة بإنجاز الدراسات‪ ،‬والمعهد الوطني لإلحصاء الذي سيقع‬
‫التطرق إلى مهامه ضمن فصل الحق‪.‬‬
‫ّ‬

‫المجلس األعلى للسكان‪:‬‬

‫أ ُنشئ المجلس األعلى للسكان سنة ‪ 1974‬وأوكلت إليه مهمة تحديد التوجهات االستراتيجية للبالد في‬
‫المجال السكاني ووضع السياسة الوطنية في المجال‪ .‬ومن أبرز مهامه أيضا السهر على التوافق بين‬
‫الخيارات السكانية الوطنية ومخططات التنمية االقتصادية واالجتماعية‪.‬‬

‫ويرأس المجلس الوزير األول ويض ّم في عضويته عددا كبيرا من الوزارات والمنظمات الوطنية الكبرى‪.‬‬
‫سعت تركيبته منذ ‪ 2007‬لتشمل أحزاب المعارضة‪.‬‬
‫كما تو ّ‬

‫وعلى المستوى الجهوي أحدثت سنة ‪ 1974‬أيضا المجالس الجهوية للسكان برئاسة الوالّة (المحافظون)‬
‫لمتابعة األوضاع السكانية ووضع برامج العمل الجهوية‪.‬‬

‫الديوان الوطني لألسرة والعمران البشري‬

‫من المؤسسات الهامة التي أ ُحدثت للتكفل بالجانب الديمغرافي وترشيد اإلنجاب وضمان االنتفاع بخدمات‬
‫الصحة اإلنجابية‪ ،‬نجد الديوان الوطني لألسرة والعمران البشري‪ ،‬حسب تسميته الحالية التي تغيّرت أكثر‬
‫من مرة‪ ،‬والذي أنشئ سنة ‪( 1973‬القانون عدد ‪ 17‬في ‪ 23‬آذار‪ /‬مارس ‪ )1973‬وتتمثل مهامه التي‬
‫ينجزها في إطار السياسة السكانية الوطنية‪ ،‬في‪:‬‬

‫‪ -‬الق يام بالدراسات والبحوث االقتصادية واالجتماعية والديمغرافية‪ ،‬والتعريف بالمسائل السكانية‬
‫بالنمو االقتصادي واالجتماعي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫النمو السكاني‬
‫ّ‬ ‫وعالقة‬

‫‪29‬‬
‫النمو‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬عرض المقترحات ذات الصبغة التشريعية والترتيبية الرامية إلى تحقيق التناسق بين‬
‫الديمغرافي والتنمية االقتصادية‪.‬‬
‫‪ -‬إعداد برامج عمل ترمي إلى النهوض باألسرة والمحافظة على توازنها‪.‬‬
‫‪ -‬متابعة تحقيق األهداف الوطنية في ميدان السياسة الديمغرافية وسياسة األسرة‪.‬‬
‫‪ -‬اإلعالم والتثقيف السكاني‬
‫‪ -‬تقديم خدمات تنظيم األسرة والصحة اإلنجابية‬
‫‪ -‬التكوين في مجاالت تدخله‪.‬‬

‫تطور المجتمع وتحوالته في‬


‫لقد ساير الديوان الوطني لألسرة والعمران البشري إلى حدود سنة ‪ّ 2010‬‬
‫توجهاته وبرامج عمله‪ ،‬وقام من خالل الدراسات والبحوث التي أنجزها بتقصي المتغيرات المستجدة‬
‫والحاجيات المستحدثة‪ .‬وحرص في تقديمه لخدمات الصحة االنجابية لكل الفئات العمرية وللجنسين بصفة‬
‫مجانية للجميع على االنخراط ضمن منهج الحقوق اإلنجابية التي دعا إليها وث ّمنها برنامج عمل المؤتمر‬
‫تنوعت‬
‫الدولي للسكان والتنمية ‪ ،1994‬وما تاله من تظاهرات دولية ذات عالقة بالسكان‪ .‬وتبعا لذلك ّ‬
‫برامجه وخدماته وتجاوز تأمين خدمات تنظيم األسرة إلى منظومة متكاملة وثرية من خدمات الصحة‬
‫اإلنجابية والجنسية للنساء والشباب والرجال بما في ذلك الوقاية من السيدا (اإليدز) والسرطانات النسائية‬
‫صي اإلعاقة لدى الجنين وغيرها‪ .‬ويض ّم الديوان مركزا دوليا للتكوين والبحوث في مجال السكان‬
‫وتق ّ‬
‫والصحة اإلنجابية ّ‬
‫تغطي خدماته المستويين الوطني واإلقليمي (العربي واإلفريقي)‪.‬‬

‫ّإال أن عدم وضوح الرؤية الرسمية في المجال السكاني‪ ،‬مثلما سبقت اإلشارة إليه‪ ،‬حدّت من إشعاع‬
‫الديوان ومبادراته خالل الخماسية األخيرة وقلّصت من الجهد البحثي الذي ميّزه من قبل ومن وظيفته في‬
‫خولها له القانون‪ ،‬خاصة بعد أن ت ّم إلغاء‬
‫اقتراح التعديالت أو اإلثراءات التشريعية والتدريبية التي ّ‬
‫المجلس األعلى للسكان الذي كان الديوان أمينا عاما له‪.‬‬

‫‪ .4.IV‬توفّر الخبرات والكفاءات‪:‬‬

‫كنتيجة طبيعية إلحدى مكونات السياسة السكانية والتنموية التي اعتمدتها البالد منذ عقود وحظيت‬
‫بالصدارة في سلّم أولويات البالد‪ ،‬أي سياسة التعليم للجميع ورفع القدرات المعرفية للسكان‪ ،‬وتبعا للتعاطي‬
‫مع قضايا السكان لفترة زمنية طويلة‪ ،‬تتوفّر البالد اليوم على كفاءات وطاقات بشرية متخصصة سواء في‬
‫التخطيط االستراتيجي ووضع المقاربات والمناهج العملية الفاعلة والبحث السكاني وإنتاج العطيات‬
‫والبيانات بنوعية تراعي كل معايير الدقّة والموثوقية العلمية‪ .‬وقد كانت هذه الكفاءات والقدرات‪ ،‬وال‬
‫تزال‪ ،‬مح ّل تقدير وتثمين من طرف جهات وهياكل إقليمية ودولية‪ .‬وال أد ّل على ذلك من أن عديد الدول‬

‫‪30‬‬
‫في العالم استأنست واسترشدت بالتجربة التونسية في وضع وتنفيذ سياساتها السكانية‪ .‬وتحصلت تونس‬
‫على عديد الجوائز العالمية وعلى تقدير دولي لنجاحها وكفاءة إطاراتها في التعاطي مع الشأن السكاني‪،‬‬
‫منها‪ :‬جائزة المعهد الدولي للتنمية واألعمال اإلنسانية لليونسكو (‪ ،)1974‬وجائزة األمم المتحدة للسكان‬
‫(‪ ،)1987‬واختيار تونس من طرف صندوق األمم المتحدة للسكان كمركز امتياز في مجال السكان في‬
‫إفريقيا والعالم العربي (‪ ،)1994‬وترأّس تونس لرابطة الشراكة جنوب – جنوب في مجالي الصحة‬
‫اإلنجابية والسكان (‪ )1995‬وغيرها من الجوائز وصيغ التقدير‪ .‬ولم يكن كل ذلك لوال الموارد البشرية‬
‫ال ُكفُؤ في المجال والتي ال يزال العديد منها ينشطون كخبراء في عديد الدول ويساهمون بمعارفهم‬
‫ومهاراتهم في وضع وتنفيذ سياسات وبرامج سكانية وتنموية‪.‬‬

‫‪ .5.IV‬توفّر البيانات والمعطيات ‪:‬‬

‫من العوامل اإليجابية التي يمكن أن ترشد السياسيين وأصحاب القرار والفاعلين المجتمعين‬
‫ونشطاء المجتمع المدني‪ ،‬توفر البيانات الكمية والنوعية التي تساعد على التشخيص واتخاذ القرار وتحديد‬
‫التوجهات‪ .‬ويتوفّر بتونس كما تراكميا هائال من البيانات والمعطيات السكانية الكميّة والنوعية تداولت على‬
‫إنتاجه المؤسسات والهياكل المعنيّة سواءا في إطار عملها العادي أو بمناسبة إعداد الخطط التنموية العامة‬
‫واالستراتيجيات القطاعيّة وذلك على امتداد ‪ 5‬عقود‪.‬‬

‫كما أ ُنجزت خالل السنوات الخمس األخيرة عديد البحوث والدراسات والمسوحات لعل من أهمها في‬
‫المجال‪ ،‬اإلحصاء العام للسكان والسكنى لسنة ‪ ،2014‬والمسح متعدد المؤشرات ‪)2011-2012( 4‬‬
‫ودراسة اإلسقاطات السكانية ‪ ،2044-2014‬وعشرات الدراسات والبحوث العامة أو القطاعية التي‬
‫أنجزها المعهد الوطني لإلحصاء ومؤسسات أخرى وأفرزت كما هائال من المعطيات‪ .‬كما أن االستشارة‬
‫المجتمعية حول الصحة واالستشارة المجتمعية حول التعليم يوفّران موردا آخر للبيانات والمعطيات‪.‬‬

‫‪ .6.IV‬منظومة البيانات واإلحصاءات التنموية والسكانية‪:‬‬

‫باإلضافة إلى المؤسسات العمومية المعنيّة بتنمية قدرات السكان وتأمين حقوقهم في مجاالت‬
‫التعليم والتكوين والشغل والطفولة والشباب والمرأة والمسنين والرعاية االجتماعية وحماية البيئة‬
‫والمحيط‪ ،‬وهي أساسا الوزارات والهياكل القطاعية الملحقة بها‪ ،‬تتوفّر بتونس آليات وطاقات وطنيّة في‬
‫وتطورت في‬
‫ّ‬ ‫مجال جمع المعطيات السكانية والتنمويّة وتحليلها ونشرها واستعمالها‪ .‬تش ّكلت عبر السنين‬
‫هيكلتها وقدراتها ونوعية مخرجاتها‪ ،‬إذ وقع اعتماد منظومة جديدة لإلحصاء على الصعيد الوطني‬
‫وإحداث المجلس الوطني لإلحصاء بهدف تأكيد صحة المعطيات والمؤشرات وتجنب التضارب بينها‬
‫وضمان تواصل تدفقها واحترام تواترها‪ .‬وقام المعهد الوطني لإلحصاء بتطوير وتعزيز وسائله لجمع‬

‫‪31‬‬
‫صة عبر تحسين كفاءاته التّقنية وأساليبه وتحديث‬
‫وتحليل المعطيات على المستويين الوطني والجهوي خا ّ‬
‫تجهيزاته المعلوماتيّة‪.‬‬

‫كما يتوفّر لدى الديوان الوطني لألسرة والعمران البشري ومختلف الوزارات المعنية بالقضايا السكانية‬
‫نظم جمع وتحليل إحصائية وقواعد بيانات يتم تحيينها وتعصيرها باستمرار لتستوعب محدّدات السياسة‬
‫السكانية‪.‬‬

‫وتت ّم متابعة االتجاهات الديمغرافيّة بفضل التعدادات والتحقيقات والبحوث والمسوحات الميدانية التي‬
‫تنجزها تونس بانتظام والتي من أه ّمها التعداد العا ّم للس ّكان والسكنى الذي ينجز ك ّل عشر سنوات كان‬
‫آخرها سنة ‪ .2014‬كما أعدّت تونس في سنة ‪ 2015‬إسقاطات حول الس ّكان إلى أفق سنة ‪ 2044‬بعد أن ت ّم‬
‫قبلها إسقاطات أخرى سنة ‪ 1995‬إلى حدود سنة ‪ 2029‬ت ّم تحيينها سنة ‪.2000‬‬

‫ومن مها ّم المنظومة الوطنية لإلحصاء باألساس تزويد اإلدارات العمومية والمؤسسات االقتصادية‬
‫والمنظمات ووسائل اإلعالم والباحثين وسائر المستعملين بالمعلومات اإلحصائية المتعلقة بالمجاالت‬
‫السكانية واالقتصادية واالجتماعية والبيئية وغيرها‪.‬‬

‫وتتمتع هياكل المنظومة الوطنية لإلحصاء باالستقاللية العلمية وتقوم بمهامها وفق المصطلحات والضوابط‬
‫المنهجية والتقنيات المتعارف عليها في هذا الميدان وتتولى جمع المعلومات ومعالجتها وخزنها ونشرها‬
‫وفق المعايير والمتطلبات التي يقتضيها إنتاج المعلومة اإلحصائية الجيّدة‪.‬‬

‫تتكون المنظومة الوطنية لإلحصاء من هياكل ومؤسسات مكلفة بجمع ومعالجة وخزن وتحيين ونشر‬
‫ّ‬
‫اإلحصائيات الرسمية وبتنسيق النشاط اإلحصائي‪ .‬وتشتمل المنظومة الوطنية لإلحصاء على ‪:‬‬

‫المجلس الوطني لإلحصاء‪:‬‬

‫الذي تتمثل مهامه األساسية في اقتراح التوجهات العامة لألنشطة اإلحصائية الوطنية وتحديد األولويات‬
‫مع ضبط آليات التنسيق اإلحصائي‪ .‬كما يعدّ المجلس فضاءا للتشاور بين منتجي ومستعملي المعلومة‬
‫اإلحصائية من أجل تطوير إنتاج المعطيات إلى جانب النظر في البرامج اإلحصائية بالنسبة للهياكل‬
‫والمؤسسات اإلحصائية العمومية واقتراح برنامج وطني لإلحصاء لفترة معينة‪.‬‬

‫المعهد الوطني لإلحصاء ‪:‬‬

‫يمثل المعهد الوطني لإلحصاء الهيكل التنفيذي المركزي للمنظومة الوطنية لإلحصاء وتتمثل مهامه أساسا‬
‫في ‪:‬‬

‫تزويد اإلدارات العمومية والمؤسسات االقتصادية والمنظمات ووسائل اإلعالم والباحثين وسائر‬ ‫•‬

‫‪32‬‬
‫المواطنين بالمعلومات اإلحصائية المتعلقة بمختلف المجاالت‪.‬‬
‫جمع المعلومات اإلحصائية ومعالجتها وتحليلها ونشرها بالتنسيق مع الهياكل العمومية األخرى‬ ‫•‬
‫لإلحصاء‪.‬‬
‫القيام بتنفيذ التعدادات السكانية والمسوح الديموغرافية واالجتماعية واالقتصادية وإعداد اإلحصائيات‬ ‫•‬
‫المستخرجة من مختلف السجالت اإلدارية‪.‬‬
‫تنظيم التوثيق اإلحصائي الوطني المتعلق بالنشاط التنموي وذلك بتجميع المعطيات المنتجة من قبل‬ ‫•‬
‫مختلف مكونات المنظومة الوطنية لإلحصاء‪.‬‬
‫التنسيق الفني لألنشطة اإلحصائية العمومية خاصة من خالل إعداد المنهجيات واآلليات اإلحصائية‬ ‫•‬
‫المستعملة داخل البالد ومقاربتها مع مثيالتها في الخارج (المصطلحات‪ ،‬المناهج اإلحصائية‪،‬‬
‫المواصفات‪ ،‬التصانيف‪)...‬‬
‫صة‪ .‬ويعتبر هذا التعاون عامال‬
‫تطوير التعاون الدولي في ميدان اإلحصاء مع الجهات األجنبية المخت ّ‬ ‫•‬
‫أساسيا لتحديث العمل اإلحصائي وأداة مميزة لتنسيق النشاط اإلحصائي وتأمين مالءمته مع المعايير‬
‫والمصطلحات اإلحصائية المتعامل بها دوليا وتبادل الخبرات في مختلف الميادين اإلحصائية‪.‬‬

‫المعهد التونسي للدراسات االستراتيجيّة ‪:‬‬


‫يقوم المعهد التونسي للدراسات االستراتيجيّة المحدّث سنة ‪ 1993‬بإنجاز بحوث ودراسات استشرافية‬
‫للمستقبل القريب والبعيد حول القضايا واألوضاع ذات األثر على التم ّ‬
‫شي التنموي للمجتمع التونسي‬
‫في كل أبعادها السياسية واالقتصادية واالجتماعية والثقافية‪.‬‬

‫الهياكل اإلحصائية العمومية األخرى ‪:‬‬

‫تتولى الهياكل المختصة والتابعة للوزارات والجماعات المحلية والمنشآت والمؤسسات العمومية‪ ،‬والتي‬
‫يبلغ عددها ‪ 48‬هيكال‪ ،‬جمع المعلومة اإلحصائية ذات العالقة بمجاالت نشاطها ومعالجتها وتحليلها‬
‫ونشرها‪.‬‬

‫الهياكل اإلحصائية الخاصة ‪:‬‬

‫إضافة إلى ذلك‪ ،‬تقوم الهياكل والمؤسسات اإلحصائية الخاصة بجمع واستغالل المعلومات اإلحصائية غير‬
‫المتوفّرة والضرورية إلنجاز التحاليل والدراسات التي تقوم بها في نطاق نشاطها‪ ،‬مع إعالم المجلس‬
‫الوطني لإلحصاء بذلك‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫‪ .7.IV‬مشاركة المجتمع المدني في وضع وتنفيذ السياسة السكانية ‪:‬‬

‫تعتبر مكونات المجتمع المدني من العناصر الداعمة للسياسة السكانية منذ انطالق محطاتها‬
‫األولى‪ ،‬وأحد مقومات نجاح بعض برامجها‪ .‬فلقد تبنّى عدد من المنظمات‪ ،‬على قلة عددها‪ ،‬منذ ستينات‬
‫القرن الماضي البرنامج الوطني لتنظيم األسرة في ظرف زمني وإطار ثقافي يصعب معه نجاح مثل هذا‬
‫البرنامج‪ .‬وال يمكن اليوم أن نستعرض قصة نجاح هذا البرنامج دون أن نث ّمن‪ ،‬بعد اإلرادة السياسية‪،‬‬
‫التوافق المجتمعي الذي حصل حوله والذي كانت منظمات المجتمع أحد عناصره‪ .‬ومما يذكر في هذا‬
‫الصدد‪ ،‬الجهود الكبرى والمتميزة التي بذلها االتحاد الوطني للمرأة التونسية على امتداد عقود من أجل‬
‫التعريف بتنظيم األسرة والصحة اإلنجابية وتغيير العقليات والمواقف والسلوكيات حول السلوك اإلنجابي‬
‫ورفع درجة وعي النساء خاصة والرجال أيضا بمزايا المباعدة بين الوالدات على صحة المرأة وتمكينها‪،‬‬
‫المكون المدني‬
‫ّ‬ ‫وعلى األسرة والمجتمع‪ .‬وتعتبر مساهمة الجمعية التونسية للصحة اإلنجابية‪ ،‬وهي‬
‫التنوع إذ أنها لم‬
‫صص‪ ،‬كبيرة من حيث الحجم ومن حيث تغطيتها لكل البالد تقريبا‪ ،‬وكذلك من حيث ّ‬
‫المتخ ّ‬
‫تتوقّف عند مستوى اإلعالم والتثقيف وتغير العقليات والممارسات‪ ،‬بل تجاوزتها إلى تقديم الخدمات القارة‬
‫والمتنقلة في بعض المناطق‪ ،‬واالهتمام بقضايا الشباب والصحة الجنسية واإلنجابية‪ ،‬وإنجاز بعض‬
‫الدراسات العمليّة‪ .‬كما كان لالتحاد العام التونسي للشغل أيضا دوره في نشر ثقافة ترشيد اإلنجاب داخل‬
‫المؤسسات اإلنتاجية بين العمال والعامالت‪.‬‬

‫يتحرك في اتجاهين متكاملين‬


‫ّ‬ ‫لقد كان التعاطي مع قضايا تنظيم األسرة ونشر التعليم وتمكين المرأة خاصة‬
‫وبنسقين متوازيين‪ ،‬اتجاه ينطلق من الحكومة والبرلمان والمؤسسات الرسميّة يعمل على توفير التشريعات‬
‫يتحرك من أجل نشر المعرفة والمعلومة‬
‫ّ‬ ‫واألطر المالئمة‪ ،‬وآخر ينبع من القاعدة‪ ،‬من المجتمع المدني‪،‬‬
‫وتغيير المواقف والسلوكيات ورفع درجة الوعي بالتحديات واألخطار‪.‬‬

‫وتتواصل اليوم مساهمة المجتمع المدني في التعامل مع القضايا السكانية من خالل النسيج‬
‫تبوأت منزلتها كوسيط بين مؤسسات السلطة الرسمية والمجتمع‪،‬‬
‫المتنامي للمنظمات والجمعيات التي ّ‬
‫وبينها وبين العائلة‪ .‬ولئن تعددت المنظمات والجمعيات قبل ثورة كانون الثاني‪ /‬يناير ‪ 2011‬ليقارب عددها‬
‫العشرة آالف فإنها تضخمت أكثر من حيث الك ّم لتبلغ ‪ 18822‬جمعية ومنظمة مسجلة ولها وجود قانوني‬
‫(إلى تاريخ ‪ 16‬أيار‪ /‬مايو ‪.)2016‬‬

‫أما على مستوى التحرك والتأثير والفاعلية‪ ،‬فاألمر مختلف تماما سواء كان قبل الثورة أو بعدها‪ ،‬إذ أن‬
‫نسبة مكونات المجتمع المدني البارزة بمشاركتها وأنشطتها وخدماتها ومساهماتها بقيت متواضعة مقارنة‬
‫بالعدد الجملي سواء قبل الثورة أو بعدها‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫كما أن الطفرة التي عرفتها البالد خالل السنوات األخيرة في عدد الجمعيات لم يستفد منها المجال السكاني‬
‫كثيرا اعتبارا إلى توجه العديد منها إما نحو المجال الثقافي الفني (‪ ،)% 18.5‬أو إلى العمل الخيري‬
‫االجتماعي (‪ ،)% 12.55‬إالّ أن نسبة ال بأس بها من الجمعيات ُمصنّفة كجمعيات تنموية (‪)% 10.5‬‬
‫تنشط في مجاالت التشغيل وتحسين ظروف العيش والمشاريع المتناهية الصغر الخ‪...‬‬

‫جمعيات المجتمع المدني حسب مجاالت العمل‬ ‫الشكل ‪: 4‬‬

‫المصدر‪ :‬مركز اإلعالم والتكوين والدراسات والتوثيق حول الجمعيات (إفادة)‬

‫تحركها في المجال السكاني وبعثت أخرى‪ ،‬من بينها الجمعية التونسية للصحة‬
‫ومع ذلك واصلت جمعيات ّ‬
‫اإلنجابية‪ ،‬الجمعية التونسية لمقاومة األمراض المنقولة جنسيا والسيدا‪ ،‬الجمعية التونسية لإلعالم والتوجيه‬
‫حول السيدا وتعاطي المخدرات‪ ،‬الجمعية التونسية للقابالت‪ ،‬جمعية توحيدة بن الشيخ‪ ،‬الجمعية العلمية‬
‫للدراسات السكانية والهجرة والصحة‪...‬‬

‫وتعمل هذه الجمعيات أساسا على مواضيع ذات صلة بالصحة والحقوق اإلنجابية ورصد تطور األوضاع‬
‫الديمغرافية والسكانية‪ .‬وتتحرك جمعيات ومنظمات أخرى كثيرة ضمن مكونات السياسة السكانية األخرى‬
‫مثل الحث في التعليم‪ ،‬وتمكين المرأة‪ ،‬والنهوض بالمرأة الريفيّة‪ ،‬وحقوق الطفل والصحة العامة‪ ،‬وتشغيل‬
‫‪35‬‬
‫الشباب‪ ،‬والحقوق البيئية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬والتنمية الشاملة وغيرها‪ .‬ومن بين هذه الفئة الثانية‬
‫نذكر‪ :‬الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق االنسان‪ ،‬المنتدى التونسي للحقوق االقتصادية واالجتماعية‪،‬‬
‫الجمعية التو نسية للنساء الديمقراطيات‪ ،‬االتحاد الوطني للمرأة التونسية‪ ،‬جمعيات حماية البيئة والمحيط‪،‬‬
‫جمعيات التنمية‪ ،‬االتحاد العام التونسي للشغل (‪ )UGTT‬وغيرها‪ ،‬دون أن ننسى أن المجتمع المدني كان‬
‫ممثال وبكثافة في تركيبة المجلس األعلى للسكان‪.‬‬

‫وخالل الفترة األخيرة‪ ،‬شارك ممثلو المجتمع المدني في كل مراحل إعداد المخطط الخماسي للتنمية‬
‫االقتصادية واالجتماعية ‪ ،2020-2016‬سواء على المستوى القطاعي الوطني أوعلى المستوى الجهوي‬
‫في كل الواليات والمعتمديات‪ ،‬وشارك أيضا وبفاعلية في الحوار المجتمعي إلصالح التعليم والحوار‬
‫المجتمعي إلصالح قطاع الصحة‪.‬‬

‫ومع ذلك‪ ،‬يرى أغلب المتابعين أن مستوى المشاركة النوعيّة للمجتمع المدني اليوم في الشأن السكاني‬
‫متواضع‪ ،‬إذ باستثناء الجمعيات المتخصصة كليا في المجال‪ ،‬تبقى مساهمة باقي الجمعيات ظرفية وتفتقر‬
‫إلى االستدامة والعمق بصفة عامة‪.‬‬

‫وتتمثل مشاركة المجتمع المدني في المجال السكاني أساسا في أنشطة التوعية والتثقيف‪ ،‬وأنشطة‬
‫المناصرة وكسب التأييد‪ ،‬وتقديم بعض الخدمات‪ ،‬وبدرجة أقل في الرصد والمتابعة والتقييم‪.‬‬

‫القدرات وآليات العمل السكاني ‪ :‬الحدود ومواطن الضعف‬ ‫‪.V‬‬

‫يتحرك فيه‬
‫ّ‬ ‫القوة وعناصرها التي ميّزت السياسة السكانية التونسية والمحيط العام الذي‬
‫إن نقاط ّ‬
‫المتعاملون مع قضاياها‪ ،‬وإن كانت آثارها ونتائجها مؤ ّكدة على عديد األصعدة‪ ،‬فإنها لم تفلح‪ ،‬حسب‬
‫معطيات ومؤشرات الواقع الحالي‪ ،‬في بلوغ مستويات كانت مأمولة وفي تغيير بعض أوضاع فئات سكانية‬
‫التعرض إليها آنفا‪ ،‬وهي أوضاع قامت من أجل تغييرها ثورة كانون الثاني‪ /‬ينايركانون الثاني‪/‬‬
‫ّ‬ ‫كثيرة وقع‬
‫الرؤية السكانية اليوم‬
‫يناير ‪ .2011‬ويمكن إرجاع أسباب ذلك إلى جملة من العناصر من أهمها أن ّ‬
‫أصبحت غير واضحة وغير محددة‪ ،‬ومما زاد الوضع غموضا أن البالد توقّفت عن العمل في إطار‬
‫مخطط تنموي اقتصادي واجتماعي كما كانت من قبل‪ ،‬وذلك منذ ثورة كانون الثاني‪ /‬ينايركانون الثاني‪/‬‬
‫يناير ‪ .2011‬ويرى بعض المختصين والعاملين في الشأن السكاني أن هذا الوضع يؤ ّ‬
‫شر لغياب التو ّجهات‬
‫والخيارات في المجال السكاني فال يمكن بالتالي الحديث عن سياسة سكانية اليوم في تونس خاصة فيما‬
‫النمو الديمغرافي ومستويات الخصوبة المقترح بلوغها واتجاهات الهجرة الداخلية‬
‫ّ‬ ‫يتصل باتجاهات‬
‫‪36‬‬
‫والخارجية‪ .‬ومن الطبيعي في هذا الوضع أن تضيق زاوية الرؤيا لدى مخططي ومعدّي الدراسات‬
‫االستشرافية اعتبارا لغياب المنطلقات السكانية األساسية والضرورية لكل عملية تخطيط واستشراف‪ .‬ومن‬
‫طبيعي أيضا أن يكون البعد السكاني باهتا اليوم في الخطط واالستراتيجيات الوطنية القطاعية منها‬
‫والجهوية والمحلية‪ .‬ولالستدالل على ذلك تكفي اإلشارة إلى غياب االهتمام تقريبا‪ ،‬عدى لدى عدد من‬
‫الخبراء‪ ،‬بالنقلة الديمغرافية التي تسللت شيئا فشيئا متمثلة في تو ّجه منحنيات النمو السكاني والخصوبة‬
‫نحو األعلى‪ ،‬فقد سجلت البالد ارتفاعا تدريجيا في عدد الوالدات الذي بلغ حوالي ‪ 226‬ألف والدة سنوية‪،‬‬
‫وقفزة في مستوى المؤشر اإلجمالي للخصوبة الذي بلغ ‪ 2.46‬طفال للمرأة الوحدة‪ .‬وكأن البالد لم تعرف‬
‫برنامجا لتنظيم اإلنجاب احتفلت هذه السنة بمرور ‪ 50‬سنة على انطالقه‪ ،‬وقام الجميع لسنوات عديدة‬
‫باإلشادة به وبنجاحاته وريادته في المنطقة بل وحتى في العالم‪ ،‬في حين أن دوال من المنطقة لم ّ‬
‫تتبن أي‬
‫برنامج رسمي لتنظيم األسرة هي اليوم في نفس المستوى أو تكاد‪ .‬ثم ماذا أعدّت البالد من ظروف‬
‫وخدمات تعليمية وصحية وثقافية وترفيهية التساع قاعدة الهرم بعد أن تقلصت قبل ذلك إلى مستويات‬
‫أ ُغلقت من ّ‬
‫جرائها عديد المدارس االبتدائية ؟ وهل اتخذت الجهات المعنية إجراءات عملية لتأمين حقوق‬
‫الشباب في المشاركة والشغل الالئق والسكن‪ ،‬وهو الذي بلغ بكثافة هذه السنوات مرحلة الزواج ما يؤكده‬
‫تطور ب‪ % 36‬خالل الفترة ‪ 2014-2004‬؟‬
‫النمو الملحوظ لعدد الزيجات الذي ّ‬

‫ولكن الالفت للنظر أن الوثيقة التوجيهية للمخطط الذي يجري إعداده والذي سينطلق العمل به قريبا‪ ،‬لم‬
‫تأت ولو بإشارة إلى الرؤية السكانية للبالد وال إلى اختياراتها وتوجهاتها‪ ،‬ولم تحدد المسالك التي يمكن أن‬
‫تسعى المؤسسات والهياكل المعنية بالشأن السكاني إلى اتباعها‪ ،‬أي أن األمر بقي ضبابيا أو أ ُريد له أن‬
‫يبقى كذلك‪ .‬إن التحاور مع عدد من القائمين على مؤسسات عمومية تشتغل كليا أو جزئيا على القضايا‬
‫السكانية يبرز الحيرة التي يجدها هؤالء في غياب توجه سكاني رسمي واضح يسمح لهم بالتخطيط‬
‫والتصور والمبادرة‪ .‬كما نجد نفس هذه الحيرة حتى لدى بعض المشرفين على هياكل أممية أو من مكونات‬
‫المجتمع المدني المختصة الذين يأملون في أن تحدد الدولة رؤيتها السكانية‪.‬‬

‫سسي‪ ،‬فإن الوضع يشكو اليوم غياب هيكل للتنسيق والمتابعة والتقييم وتحديد‬
‫وعلى المستوى المؤ ّ‬
‫االتجاهات الوطنية في مجمل القضايا السكانية‪ ،‬ويؤ ّمن اإلدماج بينها‪ ،‬وبينها وبين السياسات التنموية‪ .‬فلئن‬
‫دأب المجلس األعلى للسكان على االنعقاد سنويا خاصة خالل الفترة ‪ 2009-2000‬بما سمح بالتقييم‬
‫لتطور الوضع الديمغرافي وقضايا السكان‪ ،‬والوقوف على التحديات وتحديد الرؤى والتوجهات‪،‬‬
‫ّ‬ ‫المنتظم‬
‫فإن إلغاءه بداية من سنة ‪ 2010‬وإعادة النظر في منظومة المجالس العليا‪ ،‬وإدراج متابعة األوضاع‬
‫السكانية ضمن مجلس يشمل المحاور االجتماعية المختلفة‪ ،‬مثّل نكسة للموقف ّ‬
‫الرسمي من ملف السكان‬
‫وتراجع ا في مستوى االلتزام بمفرداته‪ .‬ومن تداعيات ذلك أن ال جهة موكول إليها اليوم متابعة الشأن‬

‫‪37‬‬
‫السكاني والتنسيق بين المتد ّخلين في الشأن السكاني ورصد إنجازاته وإخالالته وخاصة تحديد التو ّجهات‬
‫واالختيارات االستراتيجية للبالد في المجال‪.‬‬
‫وبالرغم من بعث المجالس الجهوية للسكان وتثبيتها بنص قانوني‪ ،‬فإن التعاطي مع القضايا السكانية بقي‬
‫مركزيا وظلّت مشاركة الجهات فيه متواضعة‪ .‬وتكفي اإلشارة هنا إلى أن المجالس الجهوية للسكان لم تكن‬
‫فاعلة ولم تكن تجتمع قبل إلغائها سوى الختيار المرشحين لجائزة رئيس الجمهورية للص ّحة اإلنجابية‪.‬‬

‫أ ّم ا على مستوى القدرات المهنية للمؤسسات وللمشرفين على الشأن السكاني‪ ،‬وبالرغم من‬
‫الكفاءات العالية المتوفرة لديهم والتي سبقت اإلشارة إليها‪ ،‬فإن جملة من النقائص ومواطن الضعف تحد ّ‬
‫من فاعليتهم ومن نوعية مخرجاتهم‪ .‬فالواضح‪ ،‬والمتفق حوله تقريبا‪ ،‬أن الكفاءات السكانية التونسية في‬
‫حاجة ماسة إلى تعزيز قدراتها حول تقنيات ومقاربات العمل الجماعي والتشاركي في التصور والتنفيذ‪.‬‬
‫كما أن وظيفة التحليل المعمق لنتائج الدراسات وللبيانات والبرمجة القائمة على األدلة الثابتة ومقاربات‬
‫التصرف‪ /‬اإلدارة القائم على النتائج تعوز الكثيرين‪.‬‬
‫ّ‬

‫على مستوى آخر‪ ،‬ومع توفّر ك ّم كبير من البيانات والمعطيات التي أنتجتها المؤسسات المخت ّ‬
‫صة‬
‫والهياكل البحثيّة‪ ،‬فإن اإلجماع قائم على تواضع استثمار هذا "الكنز" المعرفي‪ ،‬وتواضع الدراسات‬
‫والبحوث التحليليّة المع ّمقة لتلك البيانات والمعطيات‪ .‬إن المسوح والدراسات القيّمة علميا كثيرا ما يقع‬
‫االكتفاء منها بنتائجها األوليّة قبل أن تتخذ مكانا لها في المكاتب واألدرج‪ .‬ويعزو البعض ذلك إلى غياب‬
‫اإلرادة أوال‪ ،‬وإلى الغياب شبه الكلّي للشراكة والتكامل بين المؤسسات المعنية بالشأن السكاني والجامعات‪.‬‬
‫كما يُس ّجل غياب برنامج بحثي مهيكل على المدى المتوسط وعلى المدى الطويل حول القضايا السكانية‪،‬‬
‫يعكس ويساير التحوالت االجتماعية والثقافية للمجتمع التونسي‪.‬‬

‫ومن القضايا المعبرة عن ضعف االستفادة من المعطيات والخصائص السكانية في التنمية‪ ،‬نذكر الهجرة‬
‫بفرعيها الداخلية والخارجية‪ .‬ذلك أن إحدى أهم الهنات في منظومة التخطيط والحوكمة في تونس أنها لم‬
‫تكن لها في يوم من األيام سياسة واضحة للنزوح والهجرة‪ ،‬ومتكاملة العناصر واستشرافية‪ .‬إن كل ما‬
‫كان‪ ،‬وما ال يزال إلى اليوم‪ ،‬هي فقرات في خطب سياسية أو مؤسسات وهياكل قليلة العدد ومحدودة‬
‫ّ‬
‫توظف سياسيا‪ .‬إن الحراك السكاني الداخلي ال يأتي فجأة وبكثافة ّإال في حال‬ ‫المسؤولية واإلمكانات‬
‫الحروب أو الكوارث الطبيعية الكبرى‪ ،‬كما أن العديد من الدراسات والمؤشرات وكل اإلسقاطات السكانية‬
‫كانت تؤذن بحراك السكان من مناطق معينة وفي اتجاه آخر عادة ما تكون غير مهيأة الستقبال الوافدين‬
‫إليها من حيث البنية األساسية والسكن والشغل والخدمات وغيرها‪ .‬وكنتيجة لذلك‪ ،‬تشهد الواليات الساحلية‬

‫‪38‬‬
‫كثافة سكانية كبيرة تتزايد منذ عقود‪ ،‬كما أن واليات الشمال الغربي األربع (الكاف‪ ،‬سليانة‪ ،‬جندوبة‪،‬‬
‫باجة) سجلت استنادا إلى إحصاء ‪ 2004‬وإحصاء ‪ ،2014‬تراجعا في عدد ساكنيها وليس فقط في نسبة‬
‫نموهم‪ .‬وال يزال نزيف السكان إليها متواصال إذ أفصحت نتائج اإلحصاء األخير أن عدد القادمين إليها‬
‫ّ‬
‫خالل الفترة ‪ 2014-2009‬بلغ ‪ 18600‬ساكنا في حين غادرها ‪ 53600‬ساكنا خالل نفس الفترة‪ .‬وال‬
‫تختلف واليتا القيروان والقصرين عن واليات الشمال الغربي بل تفوقانها في مستوى صافي الهجرة‬
‫الداخلية السلبي (‪ 13800‬قادم و‪ 45600‬مغادر خالل نفس الفترة)‪ .‬أما عن الهجرة الخارجية‪ ،‬وبالرغم من‬
‫ارتفاع درجة وعي أصحاب القرار والسياسيين في بداية ما بعد الثورة بأهميتها وضرورة وضع سياسية‬
‫متكاملة واستراتيجيات للتحرك ومؤسسات للرصد والتنفيذ والمتابعة‪ ،‬فإنه ال شيء ملموس إلى اليوم‪.‬‬
‫وبقيت النصوص والمقترحات والمشاريع تراوح مكانها واستفحلت ظاهرة الهجرة غير النظامية التي‬
‫أودت بحياة آالف األشخاص والتي زادت من حدتها التضييقات للحصول على تأشيرة دخول بلدان شمال‬
‫المتوسط وحتى بعض الدول العربية‪.‬‬

‫ومما يبعث التساؤل أن ال شيء يؤشر عن رفع درجة الوعي بأهمية الهجرة في التنمية واستثمارها عمق‬
‫وجدية أكثر خالل السنوات القادمة‪ ،‬ذلك أن الوثيقة التوجيهية للمخطط التنموي القادم ‪2020-2016‬‬
‫خصصت مساحات ووضعت أهدافا حول االهتمام بالتونسيين بالخارج وتأطيرهم وتعزيز عالقتهم بوطنهم‬
‫ومشاركتهم السياسية‪ ،‬دون أن تتناول مسألة الهجرة كعنصر ومنشط تنموي‪ ،‬وما يفرضه ذلك من وضع‬
‫استراتيجيات وآليات عمل ومقاربات تنفيذ‪.‬‬

‫إن األمثلة عديدة عن غياب العمق في التعاطي مع الشأن السكاني بمختلف روافده ومع ثنائية‬
‫السكان والتنمية واالكتفاء بالتخطيط والبرمجة باستحضار عدد من المؤشرات الديمغرافية وخاصة النمو‬
‫السكاني والتطور الكمي لبعض الفئات العمرية‪.‬‬

‫من ناحية أخرى‪ ،‬وبالرغم من مساهمة المجتمع المدني في تجسيم عديد مكونات السياسة السكانية‪،‬‬
‫فإن هذه المساهمة تبقى متواضعة كما كان باإلمكان أن تكون أكثر بروزا وإيجابيّة وأوضح أثرا‪ .‬ويعود‬
‫تواضع المساهمة النوعيّة الفاعلة للمجتمع المدني في المشاركة في وضع وتنفيذ االستراتيجيات والبرامج‬
‫ومعالجة القضايا السكانية إلى عديد األسباب من أهمها‪:‬‬

‫‪ -‬ضعف إرادة المؤسسات العمومية في التعامل المنتظم والمستند إلى مرجعيات صلبة وواضحة مع‬
‫مكونات المجتمع المدني‪.‬‬

‫‪ -‬غياب التنسيق بين مؤسسات الدولة والمجتمع المدني وبين مكونات هذا األخير فيما بينها بما يوحي بأن‬
‫مفهوم "الشراكة" الحقيقية ليس موحدا بين مختلف األطراف وال معتمدا‪ ،‬وهو المفهوم القائم على أن‬

‫‪39‬‬
‫الشراكة هي اتفاق وعقد بين طرفين أو أكثر بخصوص تحقيق أهداف مشتركة يفترض أن تتضمن شكال‬
‫من أشكال االعتراف باآلخر وبدوره كشريك في إنجاز عملية التنمية بمختلف روافدها‪.‬‬

‫‪ -‬حداثة الكثير من الجمعيات وافتقارها إلى الخبرة والكفاءات‪.‬‬

‫‪ -‬تواضع اإلمكانات البشرية والمادية للجمعيات‪.‬‬

‫‪ -‬تواضع القدرات المعرفية في المجاالت السكانية في التحليل والتصور واالقتراح‪.‬‬

‫‪ -‬عدم توفر رؤية وطنية سكانية واضحة ما ال يساعد المجتمع المدني على الفاعلية واالستدامة في األداء‪.‬‬

‫التحول من وضع المساند أو المتحرك‬


‫ّ‬ ‫‪ -‬عدم قدرة العديد من منظمات المجتمع المدني في تونس على‬
‫الظرفي إلى وضع الفاعل التنموي الحقيقي‪.‬‬

‫وأي مقاربات ؟‬
‫أي مفهوم‪ّ ،‬‬
‫دمج السياسة السكانية ضمن استراتيجية التنمية‪ّ :‬‬ ‫‪.VI‬‬

‫إن دمج السياسة السكانية ضمن السياسة أو االستراتيجية التنموية يتجاوز التكامل أو التوافق في‬
‫األهداف لكال السياستين أو تضمين االستراتجية التنموية فصال أو فقرة حول القضايا السكانية‪ ،‬إلى تبني‬
‫واستبطان الرؤيا السكانية والبعد السكاني ضمن كل مراحل ومكونات استراتيجية‪ /‬سياسة التنمية‪ ،‬أي أن‬
‫تصور البرامج والسياسات التنموية‬
‫ّ‬ ‫تؤخذ في االعتبار المتغيرات السكانية وتأثيراتها الكمية والنوعية عند‬
‫وعند صياغة أهدافها وآليات تنفيذها وكذلك نوعية تأثّرها بباقي عناصر االستراتيجية ‪/‬السياسة التنموية‪،‬‬
‫كأن نتساءل مسبقا مثال عن أثر تشريع ما أو برنامج ما في المجال الجبائي أو العمراني أو الصناعي أو‬
‫الثقافي أو التعليمي أو الرياضي على المتغيرات السكانية وخصائص السكان في األمد القريب والمتوسط‬
‫والبعيد‪ .‬وكذا الشأن عند اتخاذ قرار بالمرور من نمط اقتصادي إلى آخر (من اقتصاد محمي مثال إلى‬
‫اقتصاد السوق)‪ ،‬علينا أن نتساءل عن تأثيرات ذلك على مستويات الفقر‪ ،‬وعلى توزيع الثروة وتوزيع‬
‫السكان والهجرة الداخلية واألوضاع الصحية وغيرها‪.‬‬

‫تعرف األمم المتحدة في بعض وثائقها اندماج القضايا السكانية ضمن التنمية بأنه "يشمل‬
‫في هذا الصدد ّ‬
‫إدخال العوامل السكانية بشكل نظامي في عملية التخطيط ألنها تؤثّر وتتأثّر بشكل كبير بالمتغيرات‬
‫األخرى المتعلقة بخطط التنمية"‪.‬‬

‫سم في صياغة وثيقة أو أهداف أو جداول بل هو عملية‬


‫الدمج بين القضايا السكانية والتنمية ال يتج ّ‬
‫منهجيّة تتطلب توفّر جملة من الثوابت من أهمها‪:‬‬

‫‪40‬‬
‫• االلتزام الرسمي والتزام المتدخلين برؤية استراتيجية مندمجة للتنمية ذات بعد سكاني تؤ ّمن إطارا‬
‫التصور والتخطيط وتحديد األهداف وضبط آليات التنفيذ‬
‫ّ‬ ‫تتحرك ضمنه المؤسسات ويقع فيه‬
‫ّ‬ ‫عاما‬
‫وتتخذ ضمنه القرارات‪ .‬هذا االلتزام يضمنه موقف واختيارات سياسية واضحة‪ ،‬دون أن يكون‬
‫ذلك الدمج مرتبط بمسؤول أو بفترة أو ظرف معيّن‪.‬‬
‫• قناعة كل المساهمين والمشرفين على العملية التنموية ووعيهم بأهمية وجدوى ذلك الدمج‪ :‬قناعة‬
‫يمكن أن تكتسب بالتدريب أو المحاورة‬
‫• وضوح األبعاد السكانية في خطط ال تنمية بحيث ال تقرأ من بين السطور وال تكون موضوع تأويل‬
‫وتفسيرات متعددة‪.‬‬
‫تصورا وتخطيطا وتنفيذا ضمن رؤية تنموية‬
‫ّ‬ ‫• توفّر القدرة والكفاءة لدى المخططين على العمل‬
‫سكانية مندمجة‪ .‬ويمكن ضمان ذلك من خالل التدريب الرامي إلى الرفع من مستوى المعرفة‬
‫النظرية والمهارات العملية في مجاالت التحليل والتفاعل االقتصادي واالجتماعي والسكاني‪.‬‬
‫• التنسيق والشراكة الفاعلة الدائمين والمتواصلين بين مختلف المتدخلين وهو ما يفرض وجود‬
‫هيكل فني تعهد إليه تلك المهمة‪.‬‬
‫• تطوير المنظومة المؤسسية الدافعة لعملية اإلدماج حتى تتجاوز طرق ومناهج عملها التقليدية‬
‫المنغلقة على ذاتها إلى أساليب أكثر شمولية وتكامل وتفتح على محاور وجوانب أخرى من التنمية‬
‫( أجهزة اإلحصاء‪ ،‬التخطيط‪ ،‬القطاعات الرئيسية في التنمية‪ :‬العمل‪ ،‬التعليم‪ : )...‬أساليب جديدة‬
‫في جمع المعلومات الضرورية وفي تقنيات التخطيط واإلدارة والتقييم (مثال‪ :‬استخدام أنظمة‬
‫وطنية إحصائية يكون السكان أحد مكوناتها القارة واألساسية في كل قطاعات التنمية االقتصادية‬
‫واالجتماعية)‬
‫• يفرض الدمج الحقيقي للبعد السكاني في عملية التخطيط للتنمية التركيز منذ البداية على النتائج أي‬
‫التحوالت التي ستحصل للسكان على المستويين الكمي والنوعي وهذا يتطلّب اعتماد مقاربة‬
‫"التصرف ‪ /‬التخطيط حسب النتائج" ‪.Result Based Approach‬‬
‫إن دمج البعد السكاني ضمن السياسة التنموية يؤ ّمن نسبة هامة من النجاح وتحقيق األهداف‪.‬‬
‫ويضمن اإلدماج الحقيقي والناجح تجاوز النظرة الضيّقة التي تختزل المسألة السكانية في الجانب‬
‫الكمي (عدد‪ ،‬نمو‪ ،‬توزيع) إلى نظرة أكثر عمقا ترمي إلى تنمية الموارد البشرية وتحقيق نوعية عيش‬
‫أفضل وتضمن حقوق األجيال القادمة‪ .‬كما أن كل عملية تخطيط يجب أن تحدّد الفرص والمخاطر‬
‫الداخلية والخارجية والتي من بينها ما هو في عالقة بالسكان‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫وانطالقا من هذا العرض النظري‪ ،‬وباستقراء آراء المختصين والخبراء والعاملين في الشأن السكاني‪،‬‬
‫يتبين أن المواقف والقراءات تختلف‪ ،‬مع بروز الموقف الذي يرى أن البعد السكاني لم يكن مدمجا تماما‪،‬‬
‫بالمفهوم الذي سبق عرضه‪ ،‬ضمن الخطط التنموية‪.‬‬

‫صحيح أن جل وثائق مخططات التنمية االقتصادية واالجتماعية من الستينات إلى اليوم (‪ 13‬مخططا)‬
‫تضمنت إشارات أو فقرات أو فصوال تحت عنوان " الوضع السكاني" أو ما شابهه‪ ،‬إال أنها اقتصرت في‬
‫غالب األحيان على سرد للوضع الديمغرافي الراهن وأحيانا لتوقعات لبعض المؤشرات الكمية‪.‬‬

‫كما نجد عادة في الوثائق التوجيهية لهذه المخططات ومقدماتها ما يوحي بأن البعد السكاني الكمي والنوعي‬
‫سوف يكون أحد المرجعيات التي يستند إليها المخطط‪ ،‬لكن دون إبراز أن التنمية الشاملة والمستدامة التي‬
‫يرمي إليها المخطط التنموي تتطلب التحديد الشامل والدقيق للترابطات بين السكان والموارد والتنمية‪،‬‬
‫ودون التركيز الواضح على ضرورة تحقيق التوازن المتناغم والديناميكي بين تلك العناصر‪ ،‬وأن اإلدماج‬
‫الحقيقي لقضايا السكان في االستراتيجيات اإلنمائية من شأنه أن يهيّئ للتنمية أفضل ظروف التحقّق‬
‫واالستدامة‪ ،‬فالترابط الحيوي بين السكان والتنمية في التخطيط واإلنجاز ال يحصل إال إذا وضعت الخطط‬
‫التنموية ضمن سياقات التغيّرات الديمغرافية وضمن واقع قدرات الناس في مجاالت الصحة والصحة‬
‫اإلنجابية والتعليم والشغل وممارسة الجميع لحقوقهم وغيرها‪.‬‬

‫لكل ذلك ال يمكن الجزم بأن مستوى إدماج البعد السكاني ضمن السياسات والخطط التنموية في تونس كان‬
‫عاليا‪ ،‬كما أنه لم يكن غائبا تماما‪ ،‬فقد كان المخططون وال يزالون‪ ،‬وكذلك الهياكل القطاعية‪ ،‬يستندون في‬
‫عملهم‪ ،‬تخطيطا وتقييما‪ ،‬إلى جملة من المؤشرات السكانية الكمية‪ .‬كما أن وجود المجلس األعلى للسكان‬
‫سابقا بعضوية أغلب الوزراء وعدد ها ّم من السياسيين‪ ،‬مث ّل إطارا جيدا للعرض والتحاور في قضايا‬
‫تنموية عامة وخصوصية ضمن إطار سكاني وعلى خلفية مؤشرات ومعطيات كمية ونوعية ذات عالقة‬
‫بخصوصيات السكان وقدراتهم‪.‬‬

‫السكان في المخططات التنموية‬

‫خالل الستينات والسبعينات‪ ،‬وبالتوازي مع جهودها لوضع أسس تنمية اقتصادية واجتماعية‪،‬‬
‫اعتمدت تونس برنامج ا لتنظيم األسرة بهدف تقليص مستويات الخصوبة المرتفعة آنذاك والتي كان يرى‬
‫فيها المخططون عامال معطال للتنمية‪ .‬لكن المخططات التنموية األولى لم تتعرض بوضوح وتفصيل للبعد‬
‫السكاني في التنمية‪ ،‬وهو ما تغير نسبيا في المخططين السادس والسابع للتنمية (‪-1987-1986-1982‬‬
‫‪ )1991‬الذين كانت من بين مرتكزاتهما التقليص من نسبة النمو السكاني لبلوغ ‪ % 1.1‬سنة ‪،2001‬‬

‫‪42‬‬
‫وتطوير الجهات والتقليص من الفوارق بينها‪ ،‬والحد من الهجرة الداخلية نحو المدن وتنمية الريف‬
‫والتقليص من البطالة‪.‬‬

‫تعرضت وثيقة المخطط الثامن (‪ )1992-1996‬بشيء من التأكيد إلى‬


‫وفي سردها للتحديات القائمة‪ّ ،‬‬
‫الوضع السكاني إذ أن الوزن الديمغرافي ال يزال مصدر قلق وانشغال نظرا لتأثيره على زيادة طلبات‬
‫الشغل وعلى ضرورة تطوير التجهيزات والخدمات الجماعية‪ .‬وتنص الوثيقة على أن النمو الديمغرافي‬
‫يعتبر المحور الرئيسي الذي تنطلق منه كل عملية تخطيط ولتحديد أهدافها‪ ،‬وأن السكان هم عنصر إنتاج‬
‫صت على ضرورة تقليص الفوارق الجهوية في التنمية االقتصادية واالجتماعية‪.‬‬
‫واستهالك‪ .‬كما ن ّ‬

‫وتطورت المقاربة في إعداد المخطط التاسع للتنمية (‪ ،)1997-2001‬فإلى جانب انطالق أشغال اإلعداد‬
‫والتفكير من الجهات‪ ،‬استند المخطط على ‪ 21‬دراسة استراتيجية تناولت عديد المحاور والقضايا المتصلة‬
‫بالالمركزية وتنمية القدرات البشرية‪ ،‬والنزوح والتنمية الريفية‪ ،‬وتمويل التعليم والصحة وغيرها‪ .‬كما‬
‫تكونت ‪ 4‬لجان فرعية ضمن استشارة وطنية حول تونس في القرن ‪ 21‬من بينها واحدة أوكل إليها إعداد‬
‫"استراتيجية السكان والمجتمع المدني"‪.‬‬

‫وتواصل نفس التعاطي مع القضايا السكانية في المخططات الموالية أي تأكيد اعتماد المؤشرات‬
‫الديمغرافية كأحد أسس التخطيط التنموي خاصة في تحديد الحاجيات الجهوية وفي مجال البنية األساسية‬
‫والخدمات‪.‬‬

‫وبعد أن أوقفت تونس ما بعد الثورة العمل بالمخطط الخماسي للتنمية االقتصادية واالجتماعية ألكثر من ‪5‬‬
‫سنوات‪ ،‬يتم حاليا (‪ )2016‬إعداد المراحل النهائية ألول مخطط تنموي ما بعد الثورة للفترة ‪2020-2016‬‬
‫والذي من المتوقع اعتماد صيغته النهائية والشروع في مرحلة العمل به مع بداية النصف الثاني من سنة‬
‫‪.2016‬‬

‫وقد ورد في الوثيقة التوجيهية لهذا المخطط‪ ،‬التي تحدد الرؤية االقتصادية واالجتماعية العامة وتضبط‬
‫األوليات التنموية للفترة القادمة‪ ،‬الحديث عن منوال جديد للتنمية يراعي مبادئ حقوق اإلنسان وقواعد‬
‫اإلنصاف والعدالة ويعمل على إرساء مقومات الحوكمة الرشيدة‪ .‬وفي باب استعراض الضغوطات‬
‫الداخلية‪ ،‬تضمنت الوثيقة فقرة بعنوان "حدة التفاوت في الفرص" وأخرى حول "الضغوط الديمغرافية"‬
‫است ُعرضت خاللهما بعض نتائج تعداد سنة ‪ 2014‬المتصلة بالتغيّر الحاصل على مستوى التركيبة السكانية‬
‫خاصة حجم السكان النشيطين وما يطرحه من تحديات‪ ،‬وتنامي نسبة المسنين وما يتطلبه من خدمات‬
‫ورعاية اجتماعية وصحية‪ .‬كما استعرضت الوثيقة عددا من المؤشرات النوعية حول قدرات السكان‬
‫التعليمية والصحية وفي مجال الشغل‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫وشدّدت الوثيقة على أن منوال التنمية البديل ينبغي أن يكون منواال إدماجيا شامال على أن يكون اإلدماج‬
‫"متعدد األبعاد ال يركز حصريا على الجوانب النقدية الربحية وإنما يشمل قضايا الصحة والتعليم والمعرفة‬
‫والتكنولوجيا واإلسكان والخدمات االجتماعية بشكل عام"‪ ،‬دون أن تقدّم تعريفا لمصطلح اإلدماج ولكن‬
‫الواضح أن المقصود هو شمولية المحاور والقطاعات واحتوائها ضمن المخطط‪.‬‬

‫األولويات السكانية لتونس ما بعد الثورة‪:‬‬ ‫‪.VII‬‬

‫تفصح البيانات والمؤشرات ذات العالقة بالسكان والتنمية أن تونس ما قبل ‪ 2011‬حقّقت إنجازات‬
‫ونجاحات في تجسيم العديد من توصيات وأهداف برامج عمل المؤتمرات الدولية ذات العالقة بالسكان‬
‫التي التزمت بها‪ ،‬وعلى رأسها برنامج عمل المؤتمر الدولي للسكان والتنمية المنعقد بالقاهرة سنة ‪1994‬‬
‫وذلك بمستويات طيبة نسبيا‪ .‬فقد توفّقت في السيطرة على ّ‬
‫نموها الديموغرافي وترشيده وبلغت المرحلة‬
‫األخيرة من انتقالها الديموغرافي بسرعة لم تتجاوز األربعين سنة وهو ما جنّبها أوضاعا صعبة وإشكاالت‬
‫ليس من اليسير التغلّب عليها‪ .‬كما نجحت في تحقيق عديد النتائج وبلوغ مستويات مرضيّة في تنمية‬
‫قدرات سكانها في المجال الصحي والتعليمي والتكويني‪ ،‬و ُخ ّ‬
‫صت األسرة والمرأة والشباب والطفولة‬
‫والمسنين بمنظومة تشريعيّة ومؤسسية تضمن لهم قدرا من ممارسة العديد من الحقوق‪.‬‬
‫وحظيت الفئات ذات االحتياجات الخاصة‪ ،‬من فقراء ومعوزين ومعوقين بالعديد من البرامج والمبادرات‬
‫االجتماعية والتضامنية سعيا لضمان العيش الكريم لهم واالستجابة لحاجياتهم‪ .‬وتوفّرت األطر والظروف‬
‫لممارسة الجميع لحقوقهم اإلنجابية وإتاحة خدماتها المجانية لهم في الحضر كما في الريف‪ .‬ولئن تبقى هذه‬
‫النتائج اإليجابية هامة باالستناد إلى المعدالت العامة والمؤشرات على المستوى الوطني‪ ،‬فإن تعميق‬
‫التحليل وتفصيله على مستوى الجهات الجغرافية للبالد والفئات االجتماعية وحسب النوع االجتماعي‪،‬‬
‫مثلما يقتضيه التحليل الموضوعي‪ ،‬يبرز وضعا آخر أكثر ّ‬
‫تأزما وأقل نجاحا عنوانه " فوارق بين الجهات‬
‫والفئات وحقوق البعض دون البعض اآلخر "‪.‬‬
‫إن المتف ّحص الدقيق في البيانات والمؤشرات الكميّة والنوعيّة وواقع السكان يمكنه أن يقف على حقيقة‬
‫ثابتة وهي أن للبلد واجهتان‪ :‬واحدة مرفّهة نسبيا تتوفّر بها البنية األساسية المقبولة وتُض ّخ فيها‬
‫االستثمارات العمومية والخاصة وتؤ ّمن فرص الشغل بحجم مقبول وتتوفر فيها الخدمات الصحيّة‬
‫والتربوية واالجتماعية والثقافية بمستويات طيبة‪ ،‬وهي بصفة عامة المناطق الساحليّة الشرقيّة‪ ،‬وأخرى‬
‫المتطورة وتق ّل فيها االستثمارات العمومية‬
‫ّ‬ ‫ترتفع بها نسب الفقر والبطالة وتفتقر إلى البنية األساسية‬

‫‪44‬‬
‫والخاصة وفرص الشغل وتتردّى فيها الخدمات دون إتاحتها للجميع‪ ،‬وهي المناطق الداخلية والغربيّة‬
‫للبالد‪.‬‬
‫ولم يكن هذا الوضع بسبب عوامل طبيعيّة أو أمنيّة أو ثقافيّة‪ ،‬بل هو نتيجة خيارات غير صائبة ومنوال‬
‫يكرس مبادئ العدالة االجتماعية في توزيع الثروة ورعاية السكان واالستجابة لتطلعاتهم وتأمين‬
‫تنمية ال ّ‬
‫حقوقهم دون تمييز أو إقصاء‪.‬‬
‫صل يسمح ببروز الفوارق التي تصل حدّ ّ‬
‫الهوة أحيانا بين أوضاع فئة من‬ ‫لذلك فإن التقييم الموضوعي المف ّ‬
‫السكان وفئة أخرى‪ .‬كما أن نوعية الخدمات‪ ،‬وإن توفّرت‪ ،‬فهي في كثير من األحيان والجهات‪ ،‬دون‬
‫المقاييس والضوابط التي تضمن الفاعلية واحترام حقوق اإلنسان‪.‬‬
‫من ناحية أخرى‪ ،‬تميّزت فترة التسعينات واأللفين في تونس بتسييس الهياكل والمؤسسات حتى تكون في‬
‫خدمة النظام‪ ،‬وهو ما حدّ من فاعليتها ومن موضوعيّة تدخالتها‪ ،‬ومن توفير خدماتها للجميع بنفس القدر‬
‫والنوعيّة‪.‬‬
‫ومن خالل الحوارات التي أجريت ضمن هذه الدراسة مع عدد من خبراء الشأن السكاني والعاملين فيه‪،‬‬
‫ومن خالل استقصاء آراء ومواقف مسؤولين ومشرفين على هياكل ومصالح معنيّة بالقضايا السكانية سواء‬
‫على مستوى التخطيط والرصد والتنفيذ والمتابعة والتقييم‪ ،‬واستنادا إلى الوثيقة التوجيهية للمخطط وبالنظر‬
‫في خالصات وتوصيات عدد من الدراسات والبحوث والتقارير وخاصة منها خالل السنوات الخمس‬
‫األخيرة‪ ،‬يمكن تحديد أهم االولويات السكانية لتونس في المرحلة الراهنة فيما يلي‪:‬‬

‫• ضرورة تحديد الرؤية الوطنية السكانية‪ ،‬وتحديد الفاعلين السياسيين ومكونات المجتمع المدني‬
‫لمواقفهم من النهج الذي على البالد أن تتبنّاه في كل ما يتعلق بالسكان من حيث مكوناتهم الكمية‬
‫وخصائصهم النوعية‪ ،‬ورسم العالقات بين القضايا السكانية والتنمية المستدامة كما جاءت في‬
‫خطة التنمية ‪ 2030‬التي اعتمدتها البالد‪ .‬إن المتابع للشأن الوطني التونسي خالل السنوات الخمس‬
‫األخيرة يالحظ أن هناك شبه تجاهل مقصود من كل األطراف تقريبا للشأن السكاني باستثناء‬
‫بعض األصوات المتطرفة التي تسمع من حين آلخر والتي تمثل خطرا على بعض المكتسبات‬
‫وعلى الحقوق‪.‬‬

‫• حتميّة أن تكون للبالد سياسة سكانية مكتوبة ضمن وثيقة رسمية تنبع من استشارة مجتمعية‬
‫شاملة تجمع أصحاب القرار بالخبراء وممثلي المجتمع المدني والقطاع الخاص واألحزاب‬
‫السياسية والمرجعيات الحقوقية كما الدينية‪ .‬ويقع االستئناس في وضعها بالتجربة الثرية لتونس‬
‫وتراكماتها ونجاحاتها وإخفاقاتها وكذلك بالتجارب الناجحة في مجتمعات أخرى‪ .‬ومن المهم أيضا‬

‫‪45‬‬
‫يقرها ويضمن حمايتها وتجسيم مفرداتها‪ ،‬وذلك حتى ال تكون‬
‫أن يسند هذه السياسة نصا تشريعيا ّ‬
‫خاضعة ألهواء المتداولين على السلطة وتوجهاتهم الفكرية أو العقائدية‪.‬‬

‫• تدعيم التنظيم المؤسسي السكاني وذلك من خالل بعث هيكل عمومي بمساهمة حقيقية وفاعلة من‬
‫المجتمع المدني توكل إليه مهمة تع ّهد السياسة السكانية ومتابعة تنفيذ عناصرها وتقييم مخرجاتها‬
‫والتنسيق بين المتدخلين فيها والتقدم بمقترحات لتطويرها‪ّ .‬‬
‫إن إلغاء المجلس األعلى للسكان منذ‬
‫سنة ‪ ،2010‬وإدراج دراسة القضايا السكانية ضمن مجلس أعلى شامل للمحاور االجتماعية‬
‫والصحية وغيرها‪ ،‬إضافة إلى أن هذا األخير بقي نصا مكتوبا ال وجود فعلي له إذ أنه لم يجتمع‬
‫وال مرة واحدة‪ ،‬أحدث فراغا كبيرا كان من نتائجه غياب الرؤية السكانية وضعف التنسيق‬
‫والتكامل بين العاملين في المجال‪.‬‬

‫• معالجة الفوارق الكبرى بين الجهات على مستوى التنمية وما يتصل بها من عوامل مثل القدرات‬
‫البشرية‪ ،‬والخدمات توفرا ونوعا‪ ،‬والفرص في الشغل والمشاركة‪ ،‬وإرساء قواعد الحوكمة‬
‫الرشيدة من خالل اعتماد مقاربة حقوق اإلنسان في التخطيط والتنفيذ‪ ،‬والعمل على القضاء على‬
‫تسرب‬
‫كل أشكال التهميش والتمييز بين السكان والمناطق وإصالح المنظومات والقطاعات التي ّ‬
‫إليها الفساد بكل أشكاله وأنواعه‪.‬‬

‫• إيالء قضايا الشباب العناية التي تستحقها على مستوى السياسات والبرامج والمؤسسات واآلليات‬
‫في مجتمع شاب يبلغ متوسط العمر فيه ‪ 32.4‬عاما والعمر الوسيط (‪ % 50‬من المجتمع دونه)‬
‫‪ 31.0‬عاما‪ .‬وال تستمد العناية بقضايا الشباب وجاهتها من الوزن الديمغرافي لهذه الفئة فحسب‪،‬‬
‫بل إن الوضع أصبح ينذر بكثير من الخطر إن لم تضع الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع‬
‫المدني ثقلها من أجل توفير الظروف والفرص للشباب حتى يغير واقعه‪ .‬وتكفي هنا اإلشارة إلى‬
‫المستويات المرتفعة لبطالة الشباب المتحصل على شهادات جامعية والتي تقدر بحوالي ‪% 21‬‬
‫للذكور و ‪ % 41.1‬لإلناث‪ ،‬في حين أن معدل البطالة العا ّمة بلغ خالل الثالثية األولى لسنة‬
‫‪ 16.3%( %15.4 ،2016‬سنة ‪ )1994‬وتمتد فترة البطالة بين سنة وسنتين لدى ‪ % 29.8‬من‬
‫طالبي الشغل‪ ،‬وأكثر من سنتين لدى ‪ % 36.2‬منهم (سنة ‪.)2014‬‬

‫نسبة البطالة لدى الشباب من خريجي التعليم العالي (‪)%‬‬ ‫الجدول ‪: 9‬‬

‫‪46‬‬
‫الثالثية ‪4‬‬ ‫الثالثية ‪3‬‬ ‫الثالثية ‪2‬‬ ‫الثالثية ‪1‬‬
‫• ‪2015‬‬ ‫• ‪2015‬‬ ‫• ‪2015‬‬ ‫• ‪2015‬‬

‫• ‪20.7‬‬ ‫• ‪21.4‬‬ ‫• ‪19.9‬‬ ‫• ‪20.8‬‬ ‫ذكور‬


‫• ‪41.1‬‬ ‫• ‪41.1‬‬ ‫• ‪38.4‬‬ ‫• ‪39‬‬ ‫إناث‬
‫المصدر‪ :‬المعهد الوطني لإلحصاء‬

‫من ناحية أخرى‪ ،‬ونتيجة لغياب سياسة شبابية متكاملة منذ عقود وتواصل هذا الوضع خالل‬
‫الخمسية األخيرة‪ ،‬انتشرت بين الشباب أنماط عيش وسلوكيات مجلبة للضرر مثل تعاطي‬
‫المخدرات بأنواعها‪ ،‬حتى أن بعض اإلحصائيات تشير إلى أن نسبة كبيرة من الموقوفين في‬
‫السجون هم هناك بتهمة تعاطي المخدرات أو ترويجها مما جعل مكونات عدة من المجتمع المدني‬
‫وعدد من النشطاء الحقوقيين يقودون حملة مناصرة من أجل مراجعة القانون المجرم لتعاطي‬
‫المخدرات نحو التخفيف‪ .‬إن بطالة الشباب وانسداد األفق أمام العديد منهم واليأس الذي تملّك‬
‫الكثيرين من بينهم‪ ،‬هي من األسباب التي دفعت‪ ،‬وال تزال‪ ،‬عشرات اآلالف من الشباب لإلبحار‬
‫نحو أوروبا بطرق غير نظامية وفي قوارب الموت‪ ،‬وقد ابتلع البحر المئات‪ ،‬إن لم يكن اآلالف‬
‫منهم‪.‬‬

‫ّ‬
‫إن قضايا الشباب هي قضايا مصيرية‪ ،‬لذلك فهي تعتبر من األولويات الكبرى التي يتوجب منحها‬
‫ما تستحق من الدرس والتحليل والعناية وإيجاد الحلول‪ ،‬خاصة وأنها تجاوزت الوضع المادي‬
‫المعيشي والسلوكي للشباب إلى مستويات أخرى جديرة بتعميق الدرس مثل المشاركة والهوية‬
‫والتطرف الديني المغذّي لإلرهاب‪ .‬إن تونس خالل السنوات األخيرة‪ ،‬ومن مصادر عديدة‬
‫ومتطابقة‪ ،‬هي ّأول مصدّر لإلرهابيين بدعوى الجهاد وذلك بالرغم من ّ‬
‫أن عدد سكانها ال يتجاوز‬
‫الـ‪ 11‬مليون شخص‪.‬‬

‫• تثمين رأس المال البشري بما يسمح بتأمين الحقوق وممارستها وتوفير القدرات والطاقات‬
‫الضرورية لمواجهة التحديات اعتبارا أن التنمية الشاملة والمستدامة تفرض حتمية توفر طاقات‬
‫وكفاءات بشرية قادرة على وضع وتنفيذ االستراتيجيات والبرامج وعلى تقديم الخدمات الجيدة‬
‫وتبني صيغ إنتاج واستهالك مجدية ومستدامة‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫• معالجة الظواهر االجتماعية المنتهكة للحقوق وخاصة الفقر والبطالة الذين يمثالن عنصرين‬
‫ّ‬
‫معطلين للتنمية االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬وتهديدا لالستقرار واألمن االجتماعيين‪.‬‬

‫• وضع منوال تنموي يؤمن ّ‬


‫الرفاه والعدالة االجتماعية والقطع مع التمييز والتهميش لفئة من‬
‫السكان‪ .‬لقد فشل منوال التنمية المعتمد خالل العقدين الماضيين في تحقيق طموحات الناس‬
‫وتركيز حوكمة سياسية واقتصادية واجتماعية رشيدة وعادلة‪ ،‬وهو ما أدى إلى تردّي المستوى‬
‫المعيشي لشرائح كبيرة من الناس واتساع رقعة الفقر وتعميق الفوارق وذلك بالرغم من تخصيص‬
‫حوالي ‪ % 20‬من الناتج المحلي اإلجمالي للمصاريف والتحويالت ذات الطابع االجتماعي‪ .‬ومن‬
‫شأن هذه المفارقة أن تؤكد أن التصرف في اإلمكانيات والموارد لم يكن يخضع ألدنى مبادئ‬
‫الحوكمة الرشيدة والتوزيع العادل لثمار التنمية‪ .‬ومن تداعيات ذلك ما تعايشه البالد اليوم من‬
‫إخالالت في مالءمة الموارد البشرية لمتطلبات التنمية ومن تراجع في مستوى خدمات التعليم‬
‫والصحة على سبيل الذكر ال الحصر‪.‬‬

‫• إرساء أرضية متكاملة وناجعة للحماية االجتماعية في إطار رؤية استشرافية متكاملة لالندماج‬
‫االجتماعي تهدف إلى تحقيق التنمية الشاملة وتأمين الحق في العيش الكريم للجميع وخاصة للفئات‬
‫الضعيفة والهشة‪ ،‬وبناء مجتمع عادل ومتوازن‪ .‬ويفرض هذا تقييم وإعادة النظر في منظومة‬
‫الحماية االجتماعية المعتمدة حاليا استنادا إلى منوال توافقي مع األطراف االجتماعية وضمن‬
‫مقاربة تشاركية‪ ،‬مع تغليب المعالجة االقتصادية للفقر القائمة على تنمية القدرات وتوفير الفرص‬
‫والبيئة المالئمة للمبادرة‪.‬‬

‫• التكريس الفاعل لممارسة الحقوق اإلنجابية من طرف الجميع اعتبارا لكونها إحدى روافد حقوق‬
‫اإلنسان أوال ولعالقتها المباشرة بتمكين المرأة ومشاركتها‪ ،‬وبالتنمية االقتصادية واالجتماعية بل‬
‫وأيضا أل ن ممارسة الحقوق اإلنجابية تساهم بصفة غير مباشرة في تنمية ثقافة السلم واالستقرار‬
‫االجتماعيين‪.‬‬

‫• العمل على الحد من النزوح نحو المدن الكبرى والمناطق الحضرية التي كثيرا ما تكون غير‬
‫مهيأة الحتواء الوافدين عليها مما يزيد من تفاقم إشكاالت التهيئة الترابية والبيئية والمحيط ومشاكل‬
‫السكن والبطالة وما قد ينتج عن كل ذلك من سلوكيات ضارة‪ .‬ولن يكون ذلك إال بتنمية مناطق‬
‫المغادرة والجهات الداخلية ذات المؤشرات التنموية المتواضعة‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫• وضع سياسة متكاملة للهجرة الخارجية تتضمن رؤية واضحة وأسس واقعية تأخذ في االعتبار‬
‫المحيط ا لدولي القريب والبعيد وتساهم في أن تكون الهجرة مسلك تنمية اقتصادية وفكرية وثقافية‬
‫مع إحداث المؤسسات واآلليات الفاعلة لبلوغ ذلك‪ّ ،‬‬
‫وأال يقتصر التعامل مع الهجرة كخيار وفرص‬
‫وعنصر تنمية‪ ،‬من خالل العناية بالمهاجرين وتأطيرهم والتي عادة ما تستثمر لغايات دعائية‬
‫وسياسية‪.‬‬

‫• تنمية الوعي البيئي الجماعي إثر التدهور الذي عرفته عناصر البيئة والمحيط في تونس من‬
‫أرض وهواء وماء خاصة مع ضعف الرقابة خالل السنوات األخيرة واالستغالل العشوائي‪،‬‬
‫وأحيانا اإلجرامي‪ ،‬للغابات وللغطاء النباتي والمجاري المائية‪ .‬إن انخراط تونس ضمن خطة‬
‫التنمية المستدامة ‪ 2030‬يفرض عليها العمل على تحقيق أهدافها الـ‪ 17‬التي يتصل ‪ 7‬منها بحماية‬
‫البيئة واألرض واستدامة التنمية‪ .‬ويكفي أن نشير هنا إلى أن كلفة التدهور البيئي تقدر بـ‪% 2.7‬‬
‫من الناتج المحلي اإلجمالي‪ .‬ويرجع ذلك باألساس إلى أنماط االنتاج واالستهالك المت ّبعة‬
‫سع العمراني المفرط والعشوائي حيث تم مثال استهالك‬
‫والمستهلكة للطاقة وللمياه‪ ،‬وإلى التو ّ‬
‫‪ 3000‬هك من األراضي سنة ‪ 2013‬مقابل ‪ 300‬هك فقط في الستينات‪ .‬وفي مجال المياه‪ ،‬تعد ّ‬
‫تونس من أكثر البلدان فقرا في الحوض الجنوبي للبحر األبيض المتوسط حيث تقدر كميات المياه‬
‫المتاحة للفرد الواحد بـ ‪ 470‬مترا مكعبا في السنة مقابل ‪ 1000‬متر مكعب كحد أدنى على‬
‫المستوى العالمي‪ ،‬وسيتفاقم هذا العجز خالل السنوات القادمة‪.‬‬

‫• وضع منوال للشراكة المنتجة والقادرة على التغيير بين المؤسسات العمومية المختصة ومكونات‬
‫المجتمع المدني في المجال السكاني‪ ،‬إذ نادرا ما نجد اليوم صيغ شراكة حقيقية فاعلة ومستدامة‬
‫بين القطاعين‪ ،‬فالكل يخطط وينشط بمعزل عن اآلخر في غالب األحيان‪ ،‬وكثيرا ما ال يتجاوز‬
‫التعامل مستوى المشاركة والحضور في تظاهرة أنجزها هذا الطرف أو ذاك‪ .‬ولقد تض ّمنت‬
‫الوثيقة التوجيهية للمخطط الخماسي للتنمية االقتصادية واالجتماعية ‪ ،2020-2016‬اعتماد مبدأ‬
‫الشراكة والتوافق بين القطاعات العمومي والخاص والمجتمع المدني في وضع السياسات وإجراء‬
‫اإلصالحات والتنفيذ والتقييم‪ ،‬وهو ما تضمنته أيضا وثيقة خطة التنمية المستدامة ‪ 2030‬ومن‬
‫قبلها برنامج عمل المؤتمر الدولي للسكان والتنمية ‪.1994‬‬

‫‪49‬‬
‫ّ‬
‫إن ما ورد في هذه القائمة ال يعني أن تلك هي كل األولويات السكانية لتونس اليوم‪ ،‬بل إنها أكثر األولويات‬
‫المتداولة بين المختصين والعارفين بالشأن السكاني والعاملين فيه من القطاعين العمومي والمدني‪ ،‬وتلك‬
‫التي خلصت إليها بعض الدراسات الحديثة‪ .‬كما ورد ذكر لمواضيع اعتبرها البعض أيضا من األولويات‬
‫مثل تعزيز بُعد النوع االجتماعي في السياسات والبرامج وتمكين المرأة ومزيد تأهيل ورعاية المؤسسة‬
‫األسرية‪.‬‬

‫التوصيــــــــــــــات ‪:‬‬ ‫‪.VIII‬‬

‫تضمنت مختلف الدراسات والبحوث والتقارير المنجزة خالل السنوات الخمس األخيرة والمتعلقة‬
‫يتكرر العديد منها في أكثر من وثيقة‪ ،‬وهو ما‬
‫ّ‬ ‫بمكونات وعناصر السياسة السكانية توصيات ومقترحات‬
‫يد ّل على أن هناك وعيا مشتركا بأبرز النقائص والحدود والتحديات السكانية وشبه توافق على الحلول‬
‫التحرك نحو تجسيمها في‬
‫ّ‬ ‫الممكنة لذلك‪ ،‬كما أن تواتر نفس المقترحات عبر الزمن يؤ ّ‬
‫شر أيضا إلى أن‬
‫الواقع واالستجابة إليها ضعيف إن لم يكن مفقودا‪.‬‬

‫واستنادا إلى محتوى تلك الدراسات والتقارير وإلى نتائج الحوارات التي أجريت في إطار هذه الدراسة‬
‫واالستبيانات التي وقع ملؤها من طرف عدد من العاملين والمهتمين بالشأن السكاني‪ ،‬نعرض التوصيات‬
‫التالية من منظور السعي إلى تجاوز هنات السياسة السكانية ومكوناتها في عالقتها بالتنمية ورفع تحدياتها‪.‬‬
‫وتتضمن القائمة قسما خاصا بتعزيز قدرات المؤسسات والمباشرين للقضايا السكانية اعتمدنا فيه على ما‬
‫طالب به المستجوبون والمحاورون وعلى استخالصاتنا من كل ما تضمنته الدراسة‪.‬‬

‫‪ .1.VIII‬أه ّم التوصيات حول السياسة السكانية والتنمية‪:‬‬

‫‪ .1‬إطالق حوار مجتمعي بمشاركة كل القوى والفاعلين والمختصين من أجل تحديد دقيق للرؤية‬
‫الوطنية في مجال السكان وصياغة سياسة سكانية واضحة تُعتمد بنص تشريعي‪.‬‬

‫‪ .2‬إعادة بعث وتنشيط المجلس األعلى للسكان والمجالس الجهوية للسكان بتركيبة متعددة‬
‫االختصاصات وبمشاركة المجتمع المدني والقطاع الخاص والخبراء وتمكينها من ظروف العمل‬
‫الناجع وآلياته‪.‬‬

‫‪ .3‬وضع آلية لرصد تطور المؤشرات السكانية‪ /‬التنموية‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫‪ .4‬تطوير القدرات الوطنية في مجال السكان والتنمية وذلك من خالل إعادة النظر في نظام تدريس‬
‫االختصاصات المتعلقة بها بكليات العلوم اإلنسانية واالجتماعية وإعداد برامج مالئمة للتدريس‪.‬‬

‫‪ .5‬تعزيز القدرات لتحليل المعطيات المتصلة بالسكان والتنمية وإشراك الجامعات ومراكز البحث‬
‫والجمعيات العلمية والمجتمع المدني‪.‬‬

‫أقره الدستور الجديد للبالد فيما يتعلق‬


‫‪ .6‬اإلسراع في نسق تجسيم خيارات تونس ما بعد الثورة وما ّ‬
‫بتقليص الفوارق بين الفئات والجهات وبين الرجل والمرأة في مختلف المجاالت التربوية‬
‫واالقتصادية واالنتفاع بالخدمات ذات الجودة وتأمين العدالة في المشاركة والفرص وتفعيل مبدأ‬
‫التمييز اإليجابي‪.‬‬

‫‪ .7‬المعالجة الفاعلة والقائمة على التغيير لظواهر الفقر والبطالة والنزوح والهجرة‪ ...‬وذلك بمقاربات‬
‫تشاركية وبعيدا عن كل استثمارات سياسية ألوضاع السكان‪.‬‬

‫‪ .8‬على متخذي القرار والمخططين أن يتجاوزوا اإلطار القطاعي الضيق إلى مقاربة وتماش يدمجان‬
‫األبعاد السكانية في وضع وتنفيذ السياسات التي تهدف إلى تحقيق التنمية‪ ،‬وهذا يتطلب اكتساب‬
‫مهارات وطرق عمل تتالءم ومبدأ الدمج‪.‬‬

‫‪ .9‬إنشاء فريق عمل فني متعدّد االختصاصات لتطوير خطة عمل ترمي إلى تعزيز إدماج البعد‬
‫السكاني ضمن خطط التنمية‪.‬‬

‫‪ .10‬اعتماد عملية اإلسقاطات السكانية في كل تخطيط عام أو قطاعي‪ ،‬وهي طريقة يكون فيها السكان‬
‫هم المنطلق لتحديد الحاجيات القطاعية وضبط األولويات ووضع البرامج‪.‬‬

‫‪.11‬التطوير الكمي والنوعي للنشاط البحثي حول قضايا السكان الهامة ومن ضمنها قضايا الشباب‬
‫والتطرف واإلرهاب ‪ ...‬من منظور تنموي حقوقي‬
‫ّ‬ ‫والهجرة والشغل‪ ،‬وتشيّخ السكان والعنف‬
‫شامل‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫‪.12‬العمل على رفع درجة الوعي لدى واضعي السياسات والبرامج ولدى السكان عامة على‬
‫المستويات الوطنية والجهوية والمحلية بأهمية البعد البيئي واالستدامة في التنمية‪ ،‬وتوفير األطر‬
‫واآلليات المالئمة لمشاركة كل األطراف في ذلك وخاصة منها المجتمع المدني‪.‬‬

‫‪ .13‬العمل بجدية وفاعلية على الوفاء بااللتزامات الوطنية حول االنخراط ضمن خطة التنمية‬
‫المستدامة ‪ ،2030‬والعمل على تحقيق أهداف التنمية المستدامة بمستويات عالية‪.‬‬

‫‪ .14‬اإلسراع بوضع القائمة الكاملة للمؤشرات الوطنية ألهداف التنمية المستدامة وذلك بمشاركة كل‬
‫األطراف المعنية‪.‬‬

‫‪ .15‬بعث آلية لرصد ومتابعة تنفيذ أهداف التنمية المستدامة‪.‬‬

‫‪.16‬دعم تماشي التخطيط الجهوي للتنمية من خالل إدماج أكثر للمتغيرات السكانية‪ ،‬ومقاربات حقوق‬
‫اإلنسان والنوع االجتماعي وتطوير قدرات الهياكل الجهوية ماديا وبشريا‪.‬‬

‫‪ .17‬االستفادة من التقنيات الحديثة‪ ،‬لتعصير عمليات جمع البيانات السكانية المنتجة من هياكل‬
‫المنظومة اإلحصائية بما في ذلك منظومة الحالة المدنية‪ ،‬وتقاسمها ونشرها بما يوفّر سهولة‬
‫الوصول إليها‪.‬‬

‫‪ .2.VIII‬التوصيات الخاصة بتعزيز قدرات المؤسسات والمجتمع المدني والموارد البشرية في مجال‬
‫السكان والتنمية‪.‬‬

‫بهدف تطوير قدرات العاملين والناشطين في مجال القضايا السكانية والتنمية ومعالجة الفجوات في‬
‫المعارف والمهارات المتصلة بها‪ ،‬يُقترح أن تُن ّظم ورشات عمل ودورات تكوينيّة على المستويين الوطني‬
‫والجهوي وذلك في المواضيع التالية‪:‬‬

‫‪ .1‬وضع وكتابة مشروع سياسة سكانية متكاملة تستجيب لتحديات المرحلة‪ :‬الرؤية‪ ،‬المرجعيات‪،‬‬
‫المبادئ‪ ،‬األسس‪ ،‬األهداف‪ ،‬العناصر‪...‬‬

‫‪52‬‬
‫‪ .2‬مفهوم اإلدماج الحقيقي للقضايا السكانية في الخطط التنموية وتقنياته وآلياته‪.‬‬

‫‪ .3‬طرق وأساليب وتقنيات استثمار البيانات واالسقاطات السكانية في كل تخطيط عام أو قطاعي بما‬
‫يجعل السكان هم المنطلق لتحديد الحاجيات القطاعية وضبط األولويات التنموية‪.‬‬

‫‪ .4‬تقنيات التحليل المع ّمق للبيانات والمعطيات السكانية وتبادلها‪.‬‬

‫‪ .5‬العالقة بين السياسة السكانية من جهة واألمن االجتماعي واالستدامة من جهة ثانية‪.‬‬

‫‪ .6‬االلتزامات الدولية لتونس فيما يتصل بالقضايا السكانية والتنمية وما تستوجبه من خيارات‬
‫ومبادرات على الصعيد الوطني (خاصة المؤتمر الدولي للسكان والتنمية وخطة التنمية ‪، 2030‬‬
‫أهداف التنمية المستدامة)‪.‬‬

‫تصور نظام وطني جامع وفاعل لجمع وتحليل المعطيات واستثمارها على الصعيدين الوطني‬
‫ّ‬ ‫‪.7‬‬
‫والجهوي في عمليات التخطيط‪.‬‬

‫‪ .8‬تقنيات إعداد وإنجاز الدراسات والبحوث العملية لفائدة اإلطارات العليا والمتوسطة العاملة ببنوك‬
‫المعطيات بمختلف الوزارات ذات المنحى السكاني التنموي‪.‬‬

‫‪ .9‬إنتاج وحدات تدريب حول محاور السكان والتنمية ( الصحة والحقوق اإلنجابية ‪ -‬تمكين المرأة‬
‫والشباب ‪ -‬تعزيز القدرات – التنمية المستدامة ‪ -‬مساهمة المجتمع المدني – الشراكة – التشريع‬
‫السكاني – المناصرة للقضايا السكانية‪.)...‬‬

‫‪.10‬التخطيط التنموي والسكاني الجهوي‪ /‬المحلي وذلك تناغما مع التو ّجه المعتمد في إعداد المخطط‬
‫الجديد للتنمية االقتصادية واالجتماعية ‪ ،2020-2016‬الذي انطلق من الواليات‪.‬‬

‫‪ .11‬المصطلحات اإلحصائية السكانية‪ :‬تعريفها وطرق احتسابها وأوجه استغاللها‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫‪ .12‬تقنيات المناصرة وكسب التأييد للقضايا السكانية في عالقتها بالتنمية‪.‬‬

‫‪ .13‬مبادئ وعناصر ّ‬
‫خطة التنمية المستدامة ‪ 2030‬وأهداف التنمية المستدامة وغاياتها‪.‬‬

‫‪ .14‬إعداد المؤشرات الوطنية ذات العالقة بالسكان والتنمية ألهداف التنمية المستدامة‪.‬‬

‫‪ .15‬تطوير المعرفة والتملّك بأساليب العمل الجماعي والمشترك‪.‬‬

‫‪.16‬صيغ الشراكة الحقيقية والفاعلة بين الهياكل العمومية والمجتمع المدني والقطاع الخاص في‬
‫المجال السكاني‪.‬‬

‫‪ .17‬تقنيات المقاربة القائمة على حقوق اإلنسان في التخطيط والتنفيذ والتقييم‪.‬‬

‫‪ .18‬تقنيات التصرف‪ /‬اإلدارة المستندة إلى النتائج والتغيير بدل األنشطة واإلنجاز‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫المالحــق‬

‫‪55‬‬
‫الملحق ‪ : 1‬إعالن قادة العالم حول السكان سنة ‪ 30 :1967‬رئيسا وملكا فقط‬
‫ومن بين الموقّعين عليه الرئيس التونسي األسبق الحبيب بورقيبة‬

‫‪56‬‬
57
58
59
‫امللحق ‪ : 2‬مؤشرات إحصائيّة‬

‫المؤشرات‬
‫سنة ‪ 10982,754 :2014‬ألف‬ ‫سنة ‪ 8785,2 : 1994‬ألف‬ ‫عدد السكان‬

‫سنة ‪%20.5 :2014‬‬ ‫سنة ‪22.7 : 1994‬‬ ‫نسبة الوالدات لكل ألف ساكن‬
‫سنة ‪16.7 :1999‬‬

‫سنة ‪%1.03 :2014‬‬ ‫سنة ‪%1.7 : 1994‬‬ ‫المعدل الخام للنمو الديمغرافي‬

‫سنة ‪ 32.4 :2014‬سنة‬ ‫سنة ‪ 27.2: 1994‬سنة‬ ‫متوسط العمر‬

‫سنة ‪ 4.1 :2014‬فردا‬ ‫سنة ‪ 5.2 :1994‬فردا‬ ‫متوسط حجم األسرة‬

‫سنة ‪%11.7 :2014‬‬ ‫سنة ‪%3.8 :1994‬‬ ‫نسبة المسنين (‪ 60‬سنة ‪ )+‬من مجموع‬
‫السكان‬

‫سنة ‪ :2014‬ذكور‪ 73.8 :‬سنة‬ ‫سنة ‪ :1994‬ذكور‪ 69,5:‬سنة‬ ‫مؤمل الحياة عند الوالدة حسب الجنس‬
‫إانث‪ 78.5 :‬سنة‬ ‫إانث‪ 73.3 :‬سنة‬

‫سنة ‪ 16.7 :2012‬لكل ‪ 1000‬والدة‬ ‫سنة ‪ 31.8 :1994‬لكل ‪ 1000‬والدة‬ ‫نسبة وفيات الرضع‬
‫حية‬ ‫حية‬

‫سنة ‪ 27.7 :2011‬عاما‬ ‫سنة ‪ 25.4 :1995‬عاما‬ ‫متوسط عمر المرأة عند أول زواج‬

‫سنة ‪%62.5 :2012‬‬ ‫سنة ‪%59.7 :1994‬‬ ‫نسبة استعمال وسائل منع الحمل‬

‫سنة ‪ 2.46 :2015‬طفال‬ ‫سنة ‪ 2.9 :1994‬طفال‬ ‫المؤشر اإلجمالي للخصوبة (عدد األطفال‬
‫سنة ‪ 2.16 :2004‬طفال‬ ‫لكل امرأة)‬

‫سنة ‪ 44.8 :2009‬لكل ‪ 100‬ألف‬ ‫سنة ‪ 68.9 :1994‬لكل ‪ 100‬ألف‬ ‫نسبة وفيات األمهات‬
‫والدة حية‬ ‫والدة حية‬

‫‪60‬‬
‫سنة ‪ :2014‬ذكور‪%95.7 :‬‬ ‫نسبة التمدرس للفئة العمرية (‪ 6-14‬سنة) سنة ‪ :1994‬ذكور‪%89.0 :‬‬
‫إانث‪%95.9 :‬‬ ‫إانث‪%83.2 :‬‬

‫سنة ‪ :2014‬ذكور‪%12.4 :‬‬ ‫سنة ‪ :1994‬ذكور‪%21,3 :‬‬ ‫نسبة األمية لدى الرجال والنساء ‪ :‬عشر‬
‫إانث‪%25.0 :‬‬ ‫إانث‪%42.3 :‬‬ ‫سنوات فما فوق‬
‫العامة‪%18.8 :‬‬ ‫العامة ‪%.31 :‬‬

‫سنة ‪ :2014‬ذكور‪%11.4 :‬‬ ‫سنة ‪ :1994‬ذكور‪%15.7 :‬‬ ‫نسبة البطالة‬


‫إانث‪%22.2 :‬‬ ‫إانث‪%18.1 :‬‬
‫العامة‪%14.8 :‬‬ ‫العامة‪%16.3 :‬‬

‫سنة ‪%15.5 :2011‬‬ ‫سنة ‪%32.4 :2000‬‬ ‫نسبة الفقر‬

‫الهجرة الداخلية والخارجية‬

‫‪2014 - 2009‬‬ ‫‪2004 - 1999‬‬

‫‪1163.4‬‬ ‫‪1124.9‬‬ ‫التحرك داخل الوالية (باأللف)‬


‫ّ‬

‫‪414.7‬‬ ‫‪444.6‬‬ ‫هجرة بين الواليات (باأللف)‬

‫‪69.4‬‬ ‫‪76.1‬‬ ‫مغادرون إلى الخارج (باأللف)‬

‫‪50.7‬‬ ‫‪28.1‬‬ ‫قادمون من الخارج (باأللف)‬

‫البيئة والمحيط‬

‫سنة ‪28.50 :2010‬‬ ‫سنة ‪25.88 :2006‬‬ ‫انبعاث الغازات الدفيئة (طن مكافئ ثاني‬
‫أكسيد الكربون)‬

‫سنة ‪% 13.5 :2011‬‬ ‫نسبة الغطاء النباتي‬

‫سنة ‪ 16.23 : 2009‬م‪2‬‬ ‫مساحة األرض الخضراء للفرد الواحد‬

‫‪ 6684‬كم‪2‬‬ ‫المساحة الجملية للغابات‬

‫‪ 11‬ألف هكتار سنواي‬ ‫األراضي التي تضيع كل سنة بسبب‬


‫االنجراف المائي والفيضانات‬

‫‪ 19‬ألف هكتار سنواي (غري متجددة)‬ ‫األراضي التي تضيع كل سنة نتيجة‬
‫التصحّر‬

‫‪61‬‬
‫ابلتصحر‬
‫ّ‬ ‫‪ : % 22‬مناطق صحراوية ‪ :% 17 -‬مناطق شديدة اإلصابة‬ ‫المناطق حسب تأثّرها بالتصحّر‬
‫ابلتصحر‬
‫ّ‬ ‫‪ :% 32‬مناطق مصابة بصفة متوسطة‬

‫سنة ‪% 58.2 : 2014‬‬ ‫سنة ‪% 39.5 : 1994‬‬ ‫نسبة األسر المرتبطة بشبكة الصرف‬
‫الصحي‬

‫‪62‬‬
‫طور هرم السكان في تونس‬
‫الملحق ‪ : 3‬ت ّ‬

‫‪1956‬‬ ‫‪1966‬‬
‫‪80 & +‬‬ ‫‪80 &+‬‬

‫‪70‬‬ ‫‪70‬‬

‫ذكور‬ ‫إناث‬
‫‪60‬‬ ‫‪60‬‬

‫‪50‬‬ ‫‪50‬‬ ‫ذكور‬ ‫إناث‬


‫‪40‬‬ ‫‪40‬‬

‫‪30‬‬ ‫‪30‬‬

‫‪20‬‬ ‫‪20‬‬

‫‪10‬‬ ‫‪10‬‬

‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬
‫‪10 9‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪9 10‬‬ ‫‪10 9‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪9 10‬‬

‫‪80 &+‬‬
‫‪1984‬‬ ‫‪1975‬‬
‫‪70‬‬ ‫‪80 &+‬‬

‫‪60‬‬ ‫‪70‬‬

‫‪50‬‬ ‫ذكور‬ ‫إناث‬ ‫‪60‬‬


‫‪40‬‬
‫‪50‬‬
‫ذكور‬ ‫إناث‬
‫‪30‬‬
‫‪40‬‬
‫‪20‬‬
‫‪30‬‬
‫‪10‬‬
‫‪20‬‬
‫‪0‬‬
‫‪10‬‬
‫‪10 9 8 7 6 5 4 3 2 1 0 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10‬‬
‫‪0‬‬
‫‪10 9‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪9 10‬‬

‫‪2004‬‬ ‫‪1994‬‬
‫‪80 &+‬‬ ‫‪80 &+‬‬

‫‪70‬‬ ‫‪70‬‬

‫‪60‬‬
‫ذكور‬ ‫إناث‬ ‫‪60‬‬

‫‪50‬‬ ‫‪50‬‬

‫‪40‬‬ ‫‪40‬‬
‫ذكور‬ ‫إناث‬
‫‪30‬‬ ‫‪30‬‬

‫‪20‬‬ ‫‪20‬‬

‫‪10‬‬ ‫‪10‬‬

‫‪0‬‬
‫‪0‬‬
‫‪10 9‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪9 10‬‬ ‫‪10 9‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪9 10‬‬

‫‪63‬‬
2029 2014
80 &+
70
‫ذكور‬ ‫إناث‬
60
50
Mascu Féminin
40
30
20
10
0
109 8 7 6 5 4 3 2 1 0 1 2 3 4 5 6 7 8 910

64
‫الملحق ‪ :4‬الكثافة السكانية حسب الوالية ‪2014‬‬

‫‪65‬‬
‫الملحق ‪ :5‬نسبة األمية حسب الوالية ‪ 10( 2014‬سنوات فما فوق)‬

‫‪66‬‬
‫الملحق ‪ :6‬نسبة البطالة حسب الوالية ‪2014‬‬

‫‪67‬‬
‫المصـــادر ‪:‬‬
‫▪ المعهد الوطني لإلحصاء تونس ‪ :‬نتائج عمليتي إحصاء السكان والسكنى ‪ 2004‬و ‪2014‬‬
‫▪ المعهد الوطني لإلحصاء ‪ :‬إسقاطات السكان النشيطين والطلبات اإلضافية للشغل ‪2019-1999‬‬
‫▪ المعهد الوطني لإلحصاء ‪ :‬قاعدة البيانات اإلحصائية‬
‫▪ وزارة التنمية واالستثمار والتعاون الدولي تونس‪ :‬التقرير الوطني حول السكان والتنمية – القاهرة‬
‫زائد ‪20‬‬
‫▪ الديوان الوطني لألسرة والعمران البشري تونس ‪ :‬تقرير الجمهورية التونسية حول متابعة تنفيذ‬
‫برنامج عمل المؤتمر الدولي للسكان والتنمية ‪2004-1994‬‬
‫▪ الديوان الوطني لألسرة والعمران البشري ‪ :‬انعكاس برنامج تنظيم األسرة على القطاعات‬
‫االجتماعية‬
‫▪ الديوان الوطني لألسرة والعمران البشري ‪ :‬السكان في تونس‬
‫▪ وزارة التنمية واالستثمار والتعاون الدولي‪ :‬المسح العنقودي متعدد المؤشرات ‪2013 :MICS 4‬‬
‫▪ الديوان الوطني لألسرة والعمران البشري‪ :‬المسح العنقودي متعدد المؤشرات ‪2007 :MICS 3‬‬
‫▪ الجمهورية التونسية ‪ :‬وثائق المخططات الخماسية للتنمية االقتصادية واالجتماعية ‪12-11-10-9‬‬
‫▪ وزارة التنمية واالستثمار والتعاون الدولي‪ :‬الوثيقة التوجيهية لمخطط التنمية االقتصادية‬
‫واالجتماعية ‪2020-2016‬‬
‫▪ عبد الناظر أحمد‪ :‬السياسة السكانية والتنمية بتونس‪ ،‬البناء والخصائص والدروس المستفادة‬
‫▪ عبد الناظر أحمد ‪ :‬الديوان الوطني لألسرة والعمران البشري ‪ :‬المهام‪ ،‬والبرامج‬
‫▪ عبد الناظر أحمد‪ :‬الهبة الديمغرافية في تونس‪ ،‬الفرص والتحديات‬
‫▪ المجلس األعلى للسكان تونس‪ :‬التقارير والمخرجات‪ ،‬من ‪ 2001‬إلى ‪2009‬‬
‫▪ الديوان الوطني لألسرة والعمران البشري‪ :‬أهم نتائج البحوث المع ّمقة للمسح التونسي لصحة‬
‫األسرة‬
‫وزارة البيئة والتنمية المستديمة تونس‪ :‬المؤشرات الوطنية للتنمية المستديمة ‪2010‬‬ ‫▪‬
‫▪ مركز التكوين واإلعالم والتوثيق حول الجمعيات تونس ‪www :ifeda.org.tn‬‬
‫▪ اآلسكوا ‪ :‬مسح التطورات االقتصادية واالجتماعية في المنطقة العربية ‪2015-2014‬‬
‫▪ صندوق األمم المتحدة للسكان ‪ :‬تقرير حالة سكان العالم ‪2011‬‬
‫▪ جامعة الدول العربية ‪ /‬المشروع العربي لصحة األسرة ‪ :‬صحة األسرة العربية والسكان‪،‬‬
‫▪ أمين مدني ‪ :‬السياسات والبرامج السكانية وحقوق اإلنسان‬
‫▪ البنك الدولي‪ :‬قاعدة البيانات‬
‫‪68‬‬
‫ تقارير التنمية البشرية‬: ‫▪ برنامج األمم المتحدة اإلنمائي‬
▪ Office National de la Famille et de la Population : Fécondité et
planification familiale en Tunisie
▪ Office National de la Famille et de la Population : Documents et rapports
de l’atelier de la réflexion stratégique 2008
▪ Jacques Vallin et Thérèse Locoh : Population et développement en
Tunisie : la métamorphose
▪ Boukhris Mohamed : Population et développement en Tunisie
▪ UNFPA Tunisie : Rapport d’évaluation du programme et d’élaboration de
la stratégie de population
▪ Institut National des statistiques : Les projections de la population 2014-
2044

69

You might also like