You are on page 1of 16

‫مقياس ‪ :‬تاريخ العالقات الدولية المعاصرة‬ ‫السنة الجامعية‬

‫‪2021/2020‬‬
‫األستاذة ‪ :‬د‪ /‬العابد نائلة‬

‫المحور األول‪ :‬التطور التاريخي للعالقات الدولية‬

‫من خالل هذا المحور سنتناول موضوع الدراسة وفقا لفترات تاريخية متتالية لكل منها خصائص تميزها على‬
‫المرحلة السابقة لها والالحقة أيضا ‪ ،‬حتى نتمكن من تحديد طبيعة النظام الدولي السائد وتحديد مكانة الدولة‬
‫كفاعل مرتبط بهذا النظام ‪ ،‬لذلك فتحديد تلك الفترات المتتالية لتاريخ العالقات الدولية سيكون استنادا إلى مجموعة‬
‫متغيرات‪.‬‬
‫تجدر اإلشارة إلى أن التصنيف الكرونولوجي الذي سنعتمد عليه في دراسة تاريخ العالقات الدولية مختلف من‬
‫باحث أكاديمي إلى آخر ‪ ،‬حسب تعدد المدارس وتعدد الزاوية التي ينظر منها كل باحث للظاهرة محل الدراسة‪.‬‬
‫جذور تاريخية ساهمت في بلورة المجال العلمي للعالقات الدولية‬
‫ا‬ ‫وألن الظواهر الدولية المعاصرة وجدت لها‬
‫سنقدم دراسة مسحية موجزة بشأن شتى المراحل التاريخية التي مرت بها العالقات الدولية كتأريخ وكتنظير ‪،‬منذ‬
‫العهد اإلغريقي ‪ ،‬مرو ار بالقرون الوسطى‪ ،‬فالعصر الحديث ‪ ،‬وصوال إلى فترة القرن العشرين وما بعدها ‪.‬‬
‫‪ .I‬العالقات الدولية في العهد اإلغريقي‪:‬‬
‫شهدت العصور القديمة أشكاال عدة للعالقات الدولية ‪،‬وحتى وإن اختلفت تلك االرتباطات عن الشكل الذي نراه‬
‫اآلن إال أنها مثلت اللبنات األولى لتأسيس علم العالقات الدولية والقانون الدولي المعاصر‪.‬‬
‫ساهم اإلغريق في إرساء العالقات الدولية في حدود مفاهيم وتطبيقات وتفاعالت بيئتهم ‪،‬حيث عرفت‬
‫العالقات الدولية بين شتى المدن اليونانية تنظيما وثباتا في ظل سياسة التوسع ‪.‬‬
‫‪ -‬أرسى اإلغريق نمط عالقات الدولة المدينة ‪ ، city-state‬يتميز هذا النمط بوجود مدن في شكل دويالت‬
‫صغيرة في فضاء جغرافي وثقافي موحد ومنسجم ‪ ،‬الشيء الذي أعطى لهذه المدن طابع الدويالت هو‬
‫استقاللها وقوتها االقتصادية المبنية على التجارة الخارجية ‪.‬‬
‫‪ -‬في زمن السلم تميزت العالقات الدولية بالتعاهد وتبادل البعثات الدبلوماسية المؤقتة وإرسال السفراء ‪،‬وفي‬
‫حالة نشوب الخالفات تلجأ للتحكيم ‪،‬بحيث تم تأسيس ما يعرف بالمجالس من أجل حسم الصراعات فيما‬
‫بينها ‪،‬وهذه الممارسة تعد بداية إلخضاع المنازعات إلى مؤسسات من غير دولة المدينة ‪ .‬كما أنهم ﺍبتﺩﻋﻭﺍ‬
‫ﻁﺭيقة عﻘﺩ ﺍلمﺅتمﺭﺍﺕ ﺍإلقليمية التي عرفت بالمؤتمرات "ﺍألمفﻜتيﻭنية" التي كانت تهدف إلى إيجاد مبادئ‬
‫عامة للحفاظ على المصالح المشتركة ‪.‬‬
‫‪ -‬أما في زمن الحرب فكانت تحكمها مجموعة من الضوابط والقواعد القانونية منها ‪ :‬عدم بدء الحرب إال بعد‬
‫اإلعالن عنها ‪ ،‬حرمة المعابد والمالعب ‪ ،‬عدم االعتداء على الجرحى واألسرى‪.‬‬

‫قسم التاريخ والجغرافيا‬ ‫المدرسة العليا لألساتذة" آسيا جبار"‬ ‫جامعة قسنطينة ‪3‬‬
‫مقياس ‪ :‬تاريخ العالقات الدولية المعاصرة‬ ‫السنة الجامعية‬
‫‪2021/2020‬‬
‫األستاذة ‪ :‬د‪ /‬العابد نائلة‬

‫لم يبق الوضع على حاله بسبب اندالع الحروب االستعمارية بين المدن اإلغريقية ومستعمراتها خاصة حروب‬
‫البيلوبونيز التي أدت إلى سقوط المدن اليونانية أمام جيوش اإلسكندر األكبر لتصبح بذلك جزءا ال يتج أز من‬
‫الدولة الرومانية التي أصبحت تعرف فيما بعد باإلمبراطورية الرومانية‪.‬‬
‫تعد اإلمبراطورية الرومانية من الكيانات التي كان لها أثر كبير في تاريخ العالقات الدولية ‪،‬واعتبرت أول‬
‫دولة عالمية في تاريخ البشرية ‪.‬‬
‫‪ -‬لجأت اإلمبراطورية إلى استخدام القوة كأفضل وسيلة في عالقاتها الخارجية ‪،‬غير أنها لم تغفل عن الجانب‬
‫الدبلوماسي في التعامل‪.‬‬
‫‪ -‬من أجل تقنين العالقات الدولية بين اإلمبراطورية ومستعمراتها ‪،‬وضع الرومان عدة قوانين ‪ ،‬أبرزها قانون‬
‫‪‬‬
‫الشعوب أو ما أصبح يعرف بالقانون الطبيعي ‪،‬وكان يمثل مجموعة من المبادئ المثالية للعدل واإلنصاف‪.‬‬
‫‪ .II‬العالقات الدولية في العصور الوسطى ‪:‬‬
‫يؤرخ لمرحلة عصور الظالم من انهيار اإلمبراطورية الرومانية في القرن الخامس إلى غاية سقوط القسطنطينية‬
‫على يد محمد الفاتح في ‪1453‬م ‪ ،‬تطورت العالقات الدولية في خضم هذه المرحلة بطابع ديني ‪ ،‬نتج عنه‬
‫تبلور مضامين وتوجهات فكرية جديدة ‪.‬‬
‫شهدت أوروبا خالل هذه الفترة سيادة النظام اإلقطاعي‪،‬الذي رافقته تجزئة للسلطة ما بين السلطة‬
‫السياسية 'سلطة األباطرة' والسلطة الدينية 'سلطة رجال الدين' في ظل غياب سلطة مركزية تفرض‬
‫هيمنتها على جميع األقاليم ويمكنها حفظ األمن والنظام ‪،‬وهنا برز دور الدين المسيحي ‪ ،‬فإلى جانب‬
‫سيطرت الكنيسة المسيحية على الشؤون الروحية ‪ ،‬اضطلعت بدور حاسم في إرساء قواعد سلوكية‬
‫وتصورات بغية تنظيم ومن ثم تقنين العالقات الدولية بين جميع الوحدات السياسية ‪،‬تكريسا للسلم واألمن‬
‫( كاللجوء لتوقيع معاهدات الهدنة وتحريم الحرب ومشاكل الحدود) فقد تمكنت من ربط تلك الوحدات‬
‫المختلفة ببعضها البعض ضمن وحدة سياسية واحدة كانت أشبه بنظام دولي ‪،‬باعتمادها على السلطة‬
‫الدينية والدنيوية والدعوة للسالم المسيحي بين الممالك األوروبية‪ ،‬واعتمدت على نظام السلم‬
‫اإللهي‪،‬فضال عن مواقف التعصب ضد اإلسالم في عالقة عدم استقرار بين أوروبا المسيحية والبالد‬
‫اإلسالمية العربية‪،‬إذ هيمنت النزعة الصليبية على هذه العالقات و نتج عنها سلسلة الحروب الصليبية‬
‫التي دامت ما يقارب ثالثة قرون‪.‬‬

‫‪ ‬تحولت تلك المبادئ إلى مصادر أساسية للقانون الدولي العام الحديث‪،‬واستمد المنظور المعياري في العالقات الدولية فرضياته من تلك األفكار‪ ،‬كما تأثرت‬
‫النظرية الواقعية التقليدية التي يتزعمها مكيافيلي بمتغير القوة ‪ ،‬غير أنها كانت أفكار غير ممنهجة وغير متماسكة في إطار نظري يسمى بنظرية العالقات‬
‫الدولية ‪.‬‬

‫قسم التاريخ والجغرافيا‬ ‫المدرسة العليا لألساتذة" آسيا جبار"‬ ‫جامعة قسنطينة ‪3‬‬
‫مقياس ‪ :‬تاريخ العالقات الدولية المعاصرة‬ ‫السنة الجامعية‬
‫‪2021/2020‬‬
‫األستاذة ‪ :‬د‪ /‬العابد نائلة‬
‫شكل انتشار اإلسالم خالل هذه المرحلة أث ار بالغا في تطور العالقات الدولية ‪،‬يبرز ذلك األثر فيما‬
‫تضمنته التعاليم اإلسالمية من مبادئ وقيم لتنظيم العالقات الدولية بطابع أخالقي‪ ،‬على أساس العدل‬
‫والمساواة والتنديد بالظلم واالستعباد (وهي نفسها المبادئ التي نادت بها المدرسة المثالية والقانونية في‬
‫العالقات الدولية أعقاب الحرب العالمية األولى) ‪ ،‬والتي انبثقت عن مصادر ثالث هي‪:‬القرآن ‪،‬السنة‬
‫واالجتهاد ‪،‬وكان مصدر الوحدة العالمية التي يدعو إليها اإلسالم مبينة أساسا على اإليمان بجميع الرسل‬
‫دون تمييز أو تعصب انطالقا من وحدة األديان واإليمان برب العالمين‪.‬‬
‫كانت العالقات الدولية تتمحور حول دارين ‪:‬‬
‫‪ -‬دار اإلسالم ‪:‬الدولة اإلسالمية التي تعتمد على الوحدة الدينية بالرغم من االختالف في اللغة والجنس (أي‬
‫الدار التي يسودها اإلسالم بين جميع الناس مسلمين ودونهم) ‪.‬‬
‫‪ -‬دار الحرب ‪:‬الدول التي يدين أهلها بتعاليم مخالفة لإلسالم وال يعني أنها في حالة حرب دائمة بل أساس‬
‫العالقة هو السالم ما لم يط أر ما يوجب الحرب ‪،‬وقد أقرت الشريعة إقامة جميع أشكال المعامالت والعالقات‬
‫‪‬‬
‫معهم ‪.‬‬
‫‪ .III‬العالقات الدولية في العصر الحديث ‪:‬‬
‫خالل القرن الخامس عشر عرف العالم اإلسالمي والعالم األوروبي تحوالت جذرية في األوضاع السياسية التي‬
‫أثرت بدورها في العالقات الدولية‪.‬‬
‫على صعيد الشرق اإلسالمي عرف العالم اإلسالمي قيام الدولة العثمانية التي اعتمدت منذ ظهورها على‬
‫الساحة الدولية على سياسة توسعية مكنتها من تشكيل قوة إسالمية مؤثرة في أوروبا إلى غاية هزيمتها‬
‫في البلقان‪.‬‬
‫أما على الصعيد األوروبي ‪ ،‬فقد شهدت أوروبا عدة تحوالت سياسية واجتماعية هامة بداية من انتهاء‬
‫حرب المائة عام ‪‬وتفكك النظام االقطاعي وانتشار نزعة النهضة والتنوير (نشر حرية االعتقاد وفصل‬
‫الدين عن السلطة‪ ،‬نمو الصناعة والمبادالت التجاري‪، )...,‬ضمن مرحلة تاريخية جديدة من التنظيم في‬
‫ظل ما يعرف بالدولة القومية ‪،‬حيث ظهر الشكل الجديد لتنظيم المجتمعات وهو الدولة القومية التي‬

‫‪‬هناك من يرى بوجود دار ثالثة وهي دار الصلح أو دار العهد وهي التي لم يظهر عليها المسلمون وعقد أهلها معهم صلحا ‪،‬يقدمون الخراج دون أن تؤخذ‬
‫منهم جزية رقابهم‪.‬‬
‫‪ ‬تعرف بأنها أطول الحروب في التاريخ منذ عهد وليام الفاتح‪،‬وهي مصطلح أطلق على سلسلة الصراعات التي نشبت بين فرنسا وانجلترا‪،‬واستمرت مدة‬
‫‪ 116‬سنة من ‪ 1337‬إلى عام ‪ ، 1453‬حيث ادعى بالنتاجانت وهم ملوك اإلنجليز واألسرة الحاكمة في المملكة المتحدة أحقية ملكيتهم للعرش الفرنسي‬
‫واإلنجليزي على حد سواء‪،‬بالرغم من ادعاء عائلة فالو أحقية ملكها لعرش فرنسا فقط ‪،‬مع العلم أن انجلت ار كانت ترغب في التخلص من تبعيتها لفرنسا‬
‫العتبارات سياسية اقتصادية كونها تعتمد في جزء من اقتصادها على إمارة الفالندر‪،‬هذه الحرب عرفت فترات عديدة من السالم قبل أن تنتهي ويطرد اإلنجليز‬
‫من فرنسا باستثناء منطقة كاليه‪.‬‬

‫قسم التاريخ والجغرافيا‬ ‫المدرسة العليا لألساتذة" آسيا جبار"‬ ‫جامعة قسنطينة ‪3‬‬
‫مقياس ‪ :‬تاريخ العالقات الدولية المعاصرة‬ ‫السنة الجامعية‬
‫‪2021/2020‬‬
‫األستاذة ‪ :‬د‪ /‬العابد نائلة‬
‫حلت محل الكيانات االقطاعية واندثرت معها فكرة االمبراطورية ‪،‬هذه الكيانات الجديدة تميزت باستقالل‬
‫سلطتها على إقليمها وعلى السكان داخله بعيدا عن االلتزامات الروحية لألمراء اتجاه البابوية ‪.‬‬
‫كما شهدت خالل هذه المرحلة ما بات يعرف بحرب الثالثين عاما (‪ )1648-1618‬التي أدت إلى‬
‫انهيار دعائم السالم الذي عرفته أوروبا في المرحلة السابقة بسبب التصادم الديني بين الكاثوليك بزعامة‬
‫اسبانيا والبروتستانت بزعامة فرنسا ‪،‬واعتبرت أهم حدث في القرن السابع عشر ‪ ،‬إذ انتهت بتوقيع معاهدة‬
‫السالم المعروفة بمعاهدة وستفاليا التي كان لها الفضل الكبير في إرساء قواعد جديدة للعالقات الدولية‬
‫كونها وضعت ألول مرة أسس النظام الدولي الحديث ومبادئ القانون الدولي العام‪ ،‬من خالل أفكار لم‬
‫تكن معروفة من قبل نذكر منها ‪:‬‬
‫‪ -‬هذا النظام الجديد جعل العالقات الدولية محصورة في تلك العالقات التي تنشأ بين الدول القومية ذات‬
‫السيادة ‪،‬وال تشمل أي نوع آخر من الهيئات أو الجماعات التي ال تتوفر فيها مقومات الدولة وخصائصها‬
‫مهما كان دورها في المجتمع الدولي ‪.‬‬
‫‪ -‬الدولة القومية هي وحدة التعامل األساسية ‪،‬أين كانت العالقات تتم على مستوى رسمي بين الحكومات‬
‫وفق مبدأ السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول ومبدأ الوالء القومي ‪.‬‬
‫‪ -‬ظهور بعض المفاهيم والمصطلحات الجديدة مثل ‪ :‬دبلوماسية المؤتمرات التي كانت على شكل لقاءات بين‬
‫الملوك واألمراء لتبادل وجهات النظر ‪ ،‬مبدأ المساواة بين الدول دون النظر إلى طبيعة نظمها الداخلية أو‬
‫الدينية ‪،‬إحالل نظام البعثات الدبلوماسية الدائمة بدل نظام البعثات الدبلوماسية المؤقتة الذي فتح المجال‬
‫إلى إقرار القواعد الدبلوماسية كالحصانات واالمتيازات الخاصة برجال السلك الدبلوماسي ‪ ،‬إلى جانب إقرار‬
‫مبدأ توازن القوى‪ ‬كوسيلة لصيانة السالم بين الدول األوروبية وتدوين القواعد القانونية التي تسير عليها‬
‫الدول ‪.‬‬
‫الفترة التي أعقبت مؤتمر وستفاليا عرفت موجة من التوتر وعدم االستقرار في العالقات بين الدول‬
‫األوروبية مما أدى إلى اختالل مبدأ توازن القوى ‪.‬األمر الذي تطلب انعقاد عدة مؤتمرات من أجل تنظيم‬
‫العالقات بين الدول وحفظ األمن والسلم الدوليين ‪،‬من بينها معاهدة أوتريخت ‪، 1713‬معاهدة باريس‬
‫‪ ،1763‬مؤتمر فيينا ‪ ، 1815‬مؤتمر اكس الشابال ‪ ،1818‬مؤتمر باريس ‪ ،1856‬مؤتمر برلين‬
‫‪ ،1884‬وصوال الى مؤتمري الهاي للسالم المنعقدين في ‪ 1899‬و ‪.1907‬‬
‫خالل عصر المؤتمرات شهدت أوروبا تحوالت عديدة أحدثت تغييرات في النظام األوروبي وأثرت بدورها‬
‫على البيئة الدولية نذكر أهمها فيما يلي‪:‬‬

‫‪‬توازن القوى ‪ :‬المساواة بين الدول بحيث يمكن منع وردع أي دولة من أن تصل إلى درجة من القوة تستطيع بموجبها أن تهدد استقالل دولة‬
‫أو دول أخرى‪.‬‬

‫قسم التاريخ والجغرافيا‬ ‫المدرسة العليا لألساتذة" آسيا جبار"‬ ‫جامعة قسنطينة ‪3‬‬
‫مقياس ‪ :‬تاريخ العالقات الدولية المعاصرة‬ ‫السنة الجامعية‬
‫‪2021/2020‬‬
‫األستاذة ‪ :‬د‪ /‬العابد نائلة‬
‫الثورة الفرنسية ‪/‬الحروب النابولونية‬
‫كان المجتمع الفرنسي مرتبا على شكل هرم طبقي ‪،‬حيث عرف سيطرة ثالثة طبقات رئيسية تسيطر على‬
‫الحكم وتستحوذ على العائدات االقتصادية للبالد ‪،‬احتفظت باالمتيازات اإلقطاعية بنفوذ قوي فوق سلطة‬
‫القانون‪ ،‬أال وهي الملك وحاشيته ‪ ،‬طبقة النبالء 'األرستقراطيين' ورجال الدين'اإلكليروس' ‪،‬وتأتي في الواجهة‬
‫األخرى الطبقة البرجوازية التي سطع نجمها منذ االكتشافات الجغرافية وتتكون من البحارة والمغامرين الذين‬
‫تمكنوا من خالل استثماراتهم ومداخليهم من تأسيس طبقة جديدة في المجتمعات األوروبية ‪،‬وبالرغم من أن هذه‬
‫الطبقة ضمت المثقفين واألدباء المهتمين بشتى مجاالت العلوم إال أنها كانت محرومة من المشاركة واألداء‬
‫السياسي والدفاع عن مصالحها أمام النظام التقليدي ‪،‬وفي القاعدة نجد الفالحين والعمال والحرفيين وغيرهم ممن‬
‫لم تكن تتوفر لهم أي حقوق اقتصادية أو سياسية أو اجتماعية ‪.‬‬
‫أوضاع المجتمع الفرنسي التي لم تكن تتوافق ومعطيات العصر الجديد بعد نهاية العصور الوسطى كانت‬
‫على رأس األسباب التي أدت إلى انفجار الثورة الفرنسية ‪ ،‬وإلى جنب فساد نظام الدولة وغياب العدالة‬
‫االجتماعية ‪ ،‬األزمات االقتصادية التي انعكست على الصناعة والميدان المالي والتجاري ‪ ،‬تضارب المصالح‬
‫بين الطبقات ‪ ،‬نجد أسبابا أخرى من بينها انتشار الوعي السياسي ‪ ،‬وقيام حركة فكرية تنويرية تحت مبادئ‬
‫العدل والمساواة ‪ ،‬ناهيك عن تأثير الثورات التحررية األوروبية التي كانت هي األخرى دافعا النتفاضة الشعب‬
‫الفرنسي ونذكر على سبيل المثال الثورات االنجليزية في القرن السابع عشر ‪ ،‬والثورة التحريرية األمريكية في‬
‫مواجهة اإلمبراطورية االنجليزية ‪.‬‬
‫ومهما تعددت األسباب فإنها كانت تصب في اتجاه واحد أال وهو التغيير والتطلع نحو الحرية والتخلص‬
‫من األرستقراطية التقليدية بتحقيق المساواة االجتماعية والسياسية واالقتصادية سيما بعد مطالبة الثورة بتبني‬
‫النظام الجمهوري ‪،‬األمر الذي هز دعائم المجتمع األوروبي ‪،‬واعتبرت هذه التحوالت تهديدا واضحا للنظم‬
‫السياسية للبلدان المجاورة ‪.‬‬
‫تعد الحروب النابليونية سلسلة من الصراعات التي حدثت في أوروبا خالل حكم نابليون بونابرت‬
‫لفرنسا‪،‬شاركت فيها دول عدة من بينها انجلترا‪،‬النمسا‪،‬روسيا‪،‬مملكة بروسيا‪،‬االمبراطورية العثمانية ‪ ،‬وفي حين‬
‫يرى البعض بأنها اندلعت مع بداية حكم نابليون ‪ ،‬يرى آخرون أنها امتداد لحروب الثورة الفرنسية‪.‬‬
‫حيث يتراوح تاريخ البداية بين عام ‪ 1799‬عند تولي نابليون الحكم وعام ‪ 1803‬بتجدد إعالن الحرب بين‬
‫بريطانيا وفرنسا‪ ،‬وقد أعلنت هذه الحروب نتيجة انتهاك اتفاقيات معاهدة أميان وتبادل االتهامات بذلك‪ ،‬وانتهت‬
‫‪‬‬
‫في ‪ 18‬يوليو ‪ 1815‬بهزيمة نابليون بمعركة واترلو وإجبار فرنسا على توقيع معاهدة باريس الثانية‪.‬‬

‫‪‬بسبب النوعية التوسعية الفرنسية التي أخلت بالنظام األوروبي خاضت الدول األوروبية مجموعة من الحروب من أجل توقيف المد الفرنسي‬
‫‪،‬وكان من بين تلك الحروب ‪ :‬حرب التحالف األول‪ ،‬حرب التحالف الثاني ‪ ،‬معركة طرف الغار ‪ ،‬معركة أوسترليتز ‪ ،‬معركة يينا ‪ ،‬معركة‬
‫اليبزج ‪ ،‬معركة واترلو‪.‬‬

‫قسم التاريخ والجغرافيا‬ ‫المدرسة العليا لألساتذة" آسيا جبار"‬ ‫جامعة قسنطينة ‪3‬‬
‫مقياس ‪ :‬تاريخ العالقات الدولية المعاصرة‬ ‫السنة الجامعية‬
‫‪2021/2020‬‬
‫األستاذة ‪ :‬د‪ /‬العابد نائلة‬
‫لقد كانت تلك الحروب السبب األول في ظهور فن الحرب الحديث‪،‬حيث قدمت صو ار متعددة للحرب‬
‫الخاطفة وحرب الحركة ‪،‬وتقليل االعتماد على الحصون الدفاعية ‪،‬واالعتماد اإلداري على الموارد المحلية للبالد‬
‫المحتلة أو التي تقاتل فيها الجيوش ‪ ،‬كما برزت مفاهيم جديدة على ما أطلق عليه استراتيجية الخصم ‪ ،‬ودور‬
‫الروح المعنوية في موازين القوى ‪.‬وبغض النظر على األخطاء السياسية واإلستراتيجية التي ارتكبها نابليون إال‬
‫أنه انتهج أساليب محددة في إدارة المعارك‪.‬‬
‫لقد عكست األوضاع منذ مطلع القرن الثامن عشر مرحلة جديدة من تطور العالقات الدولية وظهور نظام‬
‫تعدد األقطاب من الدول األوروبية ‪،‬واتجاه كل قوة إلى اتخاذ قرارها إزاء الحرب والسلم‪،‬على أساس المصالح‬
‫القومية ‪ ،‬كما لعب الموقع اإلستراتيجي والمال دورهما في نتائج الحروب التي عرفتها هذه الفترة ‪.‬‬
‫مرحلة التحالفات األوروبية ‪1871-1815‬‬
‫تعد هذه الفترة من أهم المراحل التي مرت بها البيئة الدولية ألنها غنية باألحداث التي طبعت تاريخ العالقات‬
‫الدولية‪ ،‬كانت فيها بريطانيا أكبر قوة وكادت سيطرتها أن تكون مطلقة ‪،‬بدأ فيها تاريخ جديد للعالقات بظهور‬
‫بوادر المجتمع الدولي الذي حل محل المجتمع األوروبي ‪.‬‬
‫✓ مؤتمر فيينا ‪1815‬‬
‫بسبب السياسة التوسعية الفرنسية التي أخلت بالنظام األوروبي ‪ ،‬تحالفت عسكريا كل من اإلمبراطورية‬
‫المجرية وبريطانيا وروسيا وبروسيا ضد فرنسا وتم على إثر ذلك اإلطاحة بحكم نابليون ‪،‬وعقدت الدول المنتصرة‬
‫مؤتمر فيينا بقيادة المستشار النمساوي ميترينخ إلعادة ترتيب األوضاع في أوروبا وتحقيق توازن نسبي بين الدول‬
‫األوروبية ‪،‬وقمع التيارات الفكرية التي نشرتها الثورة‪ ،‬وظهر على إثر ذلك ما يسمى بالوفاق األوروبي الذي على‬
‫أساسه كانت المشاكل الدولية تحل بواسطة مؤتمرات وفقا للمصلحة المشتركة وتوافق اآلراء ‪،‬خرج المؤتمر‬
‫بمبادئ عدة من بينها‪:‬‬
‫‪ -‬إعادة تنظيم التوازن الدولي الذي أقرته معاهدة وستفاليا والمحافظة عليه ‪.‬‬
‫‪ -‬إقامة حاجز من الدول حول فرنسا تكون بمثابة دفاع أمامي ألوروبا ضد قوة فرنسا ومبادئها مثل ‪ :‬هولندا‬
‫واتحاد الراين وسويس ار‬
‫‪ -‬توحيد الدويالت األلمانية التسعة والثالثين في شكل ألمانيا الموحدة بقيادة بروسيا بعد حوالي نصف قرن من‬
‫التفكك وعدم االستقرار ‪ ،‬ونتج عن ذلك أن أصبحت ألمانيا دولة قوية ومستقلة عن الهيمنة النمساوية منذ‬
‫‪. 1868‬‬
‫‪ -‬إرساء قواعد وأسس إنسانية دولية جديدة مثل ‪ :‬مبدأ المشروعية ‪،‬مبدأ الحياد الدائم ‪ ،‬تنظيم العالقات‬
‫الدبلوماسية بين الدول ‪ ،‬تحريم االتجار بالرقيق ‪،‬وإقرار مبدأ المالحة في البحار واألنهار الدولية‪.‬‬
‫تدعيما لق اررات المؤتمر تم االتفاق على تشكيل ما يعرف بالحلف المقدس أو التحالف المحافظ كنوع جديد من‬
‫التنظيم‪،‬وجاء هذا الحلف باقتراح من قيصر روسيا االسكندر األول الذي دعا لتشكيل اتحاد يقوم على أساس‬

‫قسم التاريخ والجغرافيا‬ ‫المدرسة العليا لألساتذة" آسيا جبار"‬ ‫جامعة قسنطينة ‪3‬‬
‫مقياس ‪ :‬تاريخ العالقات الدولية المعاصرة‬ ‫السنة الجامعية‬
‫‪2021/2020‬‬
‫األستاذة ‪ :‬د‪ /‬العابد نائلة‬
‫ديني‪،‬أين يكون للملوك والية تشبه والية آباء الكنيسة ويتم من خالله تطبيق المبادئ المسيحية على األمور‬
‫السياسية ‪ ،‬غير أن هذا الحلف لم يالق التأييد من باقي الدول األوروبية بسبب غموض فكرة التنظيم في‬
‫العالقات الدولية ‪.‬‬
‫✓ مؤتمر اكس الشابال ‪1818‬‬
‫كانت انجلت ار من بين الدول التي رفضت االنضمام للحلف المقدس ‪،‬وبدال من ذلك شكلت حلفا رباعيا‬
‫ضم كل من روسيا بروسيا والنمسا ‪ ،‬وعقدت الدول األربع المؤتمر من أجل مناقشة العقوبات التي فرضتها‬
‫معاهدة باريس الثانية على فرنسا ‪.‬وافق الحلفاء على الجالء من األراضي الفرنسية على أن تقوم فرنسا بدفع‬
‫جميع ما تبقى عليها من تعويضات وغرامات خاصة بعد أن أبدت رغبتها في إعادة تحقيق التوازن والسالم‪.‬‬
‫بالرغم من مختلف التحالفات والمؤتمرات التي عقدت بهدف القضاء على التيار الحر المتصاعد في أوروبا‬
‫إال أنها لم تتمكن من مواجهة رغبة الشعوب التي انتفضت ضد األنظمة االستبدادية والحكم األجنبي‪ ،‬األمر الذي‬
‫استدعى عقد مؤتمرات جديدة واستحداث مبادئ جديدة أيضا لمواجهة ذلك ‪ ،‬وكان من بين تلك األخيرة ‪ :‬مؤتمر‬
‫تروباو‪ (1820‬طالبت فيه روسيا بإنشاء حلف أوروبي يمنح للدول الكبرى حق التدخل في الدول التي تشتعل فيه‬
‫الثورات وقد قوبل االقتراح بالرفض حفاظا على مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول )‪ ،‬مؤتمر اليباخ‬
‫‪ ، 1821‬مؤتمر فيرونا ‪.......1822‬‬
‫وألن المبادئ التي جاء بها مؤتمر فيينا لم تحترم من طرف الدول كونها جاءت لخدمة مصالح الدول الكبرى‬
‫فكذلك الحال بالنسبة للمؤتمرات الالحقة ‪،‬وبالرغم من الجهود التي بذلت –فيما بعد‪ -‬من طرف دعاة السالم‬
‫ومؤتمري الهاي‪ ‬إال أن الصراعات والنزاعات تواصلت بين الدول‪.‬‬

‫‪ .IV‬العالقات الدولية في فترة القرن العشرين وما بعهدها‪:‬‬


‫كان التنافس الدولي بين القوى األوروبية الكبرى بغية توسيع مستعمراتها وإخضاعها بالقوة من أجل‬
‫الحصول على الثروة وتأمين األسواق الخارجية للفائض من انتاجها السمة البارزة لبداية القرن العشرين ‪،‬حيث‬
‫عملت على تعزيز قدراتها العسكرية سواء عن طريق تقوية الجيوش البرية والبحرية أو عن طريق انشاء شبكة‬
‫تحالفات وتكتالت باالعتماد على سياسة امبريالية ‪،‬وهو الوضع الذي أدى إلى اندالع الحرب العالمية األولى‬
‫على إثر انتشار سلسلة من األزمات التي كانت سببا في زيادة حدة التوتر بين تلك الدول ‪ .‬المالحظ أن هذا‬
‫التنافس أكد على وجود أكثر من عامل محرك وموجه للعالقات الدولية ‪،‬حيث أصبح العامل الصناعي والتقدم‬
‫االقتصادي مواكبا لعامل القوة العسكرية في تحديد مكانة الدول داخل المجتمع الدولي ‪.‬‬

‫‪‬يعد أول جمعية عمومية لبحث مسائل التعاون الدولي وإرساء آليات لفض النزاعات الدولية‪،‬وإقرار مبدأ التسوية السلمية للنزاعات عن طريق‬
‫لجان تحقيق وإنشاء محكمة التحكيم الدائمة ‪.‬‬

‫قسم التاريخ والجغرافيا‬ ‫المدرسة العليا لألساتذة" آسيا جبار"‬ ‫جامعة قسنطينة ‪3‬‬
‫مقياس ‪ :‬تاريخ العالقات الدولية المعاصرة‬ ‫السنة الجامعية‬
‫‪2021/2020‬‬
‫األستاذة ‪ :‬د‪ /‬العابد نائلة‬
‫لقد خلقت الحرب العالمية األولى واقعا دوليا جديدا تميز ببروز ظواهر ومفاهيم جديدة ‪ ،‬حيض تمخض عن‬
‫ذلك انهيار سياسة توازن القوى بسبب ضعف بريطانيا وفرنسا ‪،‬وبالمقابل‪ ،‬ظهرت قوى فاعلة جديدة في المجتمع‬
‫‪‬‬
‫الدولي ممثلة في كل من‪:‬الواليات المتحدة األمريكية ‪ ،‬ألمانيا ‪ ،‬إيطاليا واليابان ‪ ،‬وتم إحالل نظام األمن الجماعي‬
‫محل سياسة توازن القوى‪ ،‬ضف إلى ذلك فقد تم تدعيم ظاهرة األحالف ‪،‬واستحداث األسلحة وإلى جانب زوال حكم‬
‫االمبراطوريات وظهور دول قومية جديدة جاء على اثر هذه الحرب قيام أول ثورة اشتراكية وهي الثورة البلشفية التي‬
‫أعلنت منذ بدايتها على سعيها للقضاء على االمبريالية ودعت الدول للدخول في مفاوضات للحد من الحرب ‪.‬‬

‫العالقات الدولية في عصر التنظيمات‬

‫األزمات التي تعرضت لها الدول األوروبية بعد انتهاء الحرب العالمية األولى والتي أدت إلى انتشار‬
‫الفقر واألمراض أثبت عدم فعالية المؤتمرات والمعاهدات الدولية السابقة في الحفاظ على السالم في النسق‬
‫الدولي ‪،‬إلى جانب تزعزع نظام توازن القوى الذي كان يحكم العالقات الدولية ‪ ،‬هذا األمر دفع بالدول والمنظرين‬
‫إلى البحث عن سبل جديدة لتحقيق السلم واألمن وتوجيه العالقات الدولية وفق أسس جديدة ‪،‬وبالتالي جاءت‬
‫الحاجة لتغير النظام الدولي التقليدي بإيجاد شكل جديد من أشكال التنظيم وهو انشاء منظمة دولية تهدف للحد‬
‫من التسلح وتحقيق األمن ‪،‬واحالل نظام األمن الجماعي بدال من نظم األمن الفردية ‪.‬‬
‫إذا‪ ،‬تم اخضاع مبدأ السيادة لسلطة دولية تمتلك سلطة تنفيذ الق اررات الصادرة عنها وتبلور هذا المفهوم‬
‫بتأسيس منظمة عصبة األمم بمقتضى معاهدة فرساي في ‪ 28‬يونيو ‪ 1919‬لتمثل بداية عهد جديد في‬
‫العالقات الدولية كونها أول منظمة دولية ذات طابع عالمي تتمتع بالشخصية القانونية ‪.‬‬
‫غير أن ظهور عصبة األمم وما صدر عنها من مواثيق واتفاقيات لنزع السالح وتسوية النزاعات الدولية بالطرق‬
‫السلمية لم يفلح في تحقيق استقرار الوضع الدولي بل لم يضع حدا الندالع الحروب ‪ ،‬خاصة وأن المنظمة واجهت‬
‫مجموعة من التحديات واألزمات على المستوى الدولي أهمها األزمة االقتصادية العالمية وما ترتب عنها من آثار ‪،‬‬
‫ليتعرض السالم العالمي مرة أخرى لالنهيار بسبب استالم أدولف هتلر الحكم في ألمانيا وغزو اليابان لمنشوريا‬
‫‪ 1931‬ثم الصين ‪ 1938‬واعتداء القوات الفاشية على الحبشة ‪.1936‬‬

‫‪‬يقوم هذا النظام على مبدأ التزام جميع الدول بنبذ الحرب ومناهضة العدوان أيا كانت الدولة المعتدية وأيا كان سبب عدوانها ‪،‬وتختلف‬
‫معاهدات األمن الجماعي عن األحالف والمعاهدات التي تقوم عليها سياسة توازن القوى من حيث أنها تقيم التزام بين عدد من الدول في‬
‫حين أن االلتزامات مع النظام الجماعي تمتد لتشمل سائر أعضاء المجتمع الدولي ‪.‬‬

‫قسم التاريخ والجغرافيا‬ ‫المدرسة العليا لألساتذة" آسيا جبار"‬ ‫جامعة قسنطينة ‪3‬‬
‫مقياس ‪ :‬تاريخ العالقات الدولية المعاصرة‬ ‫السنة الجامعية‬
‫‪2021/2020‬‬
‫األستاذة ‪ :‬د‪ /‬العابد نائلة‬
‫الجدير بالذكر أن تأسيس هذه المنظمة لم يقض على السياسة اإلمبريالية التي انتهجتها القوى الكبرى المتنافسة ‪،‬‬
‫وبدال من ذلك استمرت تلك السياسة في أشكال جديدة ممثلة في نظام االنتداب‪ ، ‬بل واستمرت حتى بعد الحرب‬
‫العالمية الثانية من خالل نظام الوصاية الذي أقرته هيئة األمم المتحدة ‪.‬‬
‫لقد عرفت فترة ما بين الحربين العالميتين األولى والثانية اهتماما بالغا بدراسة العالقات الدولية بشكل يتجاوز‬
‫دراسة القانون إلى دراسات تتعلق بالدبلوماسية ودراسات الجغرافيا السياسية ‪ ،‬وفوق ذلك كله ‪ ،‬فإن ما يميز هذه الفترة‬
‫من الجانب النظري هو تلك المحاورة الجدلية التنظيرية بين دعاة المدرسة المثالية ودعاة المدرسة الواقعية ‪،‬ففي حين‬
‫كان المثاليون يركزون على أساس 'كيف يجب أن يتصرف السياسيون' رافضين مبدأ استخدام القوة في العالقات‬
‫الدولية‪،‬مؤكدين على مبادئ بديلة تتمثل في الحقوق وااللتزامات القانونية الدولية ‪،‬يركز الواقعيون على أساس 'كيف‬
‫يتصرف السياسيون فعال' معتمدين على مبدأ القوة كمحرك رئيس لمسار العالقات الدولية ‪.‬‬
‫على الرغم من الصراعات التي كانت تحكم العالقات بين القوى الكبرى خاصة مع فشل عصبة األمم في‬
‫تأدية دورها إال أن ذلك لم يمنع من البحث عن حلول وآليات ليجاد نظام عام لألمن‪ ،‬فجاءت الخطوات األولى‬
‫بإنشاء منظمة جديدة تخلف عصبة األمم وهي هيئة األمم المتحدة‪،‬والتي ظهرت الخطوات األولى إلنشائها مع ميثاق‬
‫األطلنطي ومؤتمر موسكو ‪ 1943‬الذي أقر بضروة انشاء منظمة دولية تقوم على المساواة والسالم ‪،‬وتم تأكيد هذا‬
‫الطرح في مؤتمر طهران أين شكلت هيئة دراسات في واشنطن من أجل وضع مبادئ المنظمة ‪،‬وتم خالل مؤتمر‬
‫يالطا مناقشة حق الدول الكبرى في ممارسة النقض ' الفيتو' ‪،‬في حين استبدل نظام االنتداب بنظام الوصايا ‪.‬‬
‫وصوال الى مؤتمر سان فرانسيسكو ‪ 1945‬الذي تم فيه اعداد ميثاق المنظمة والنظام األساسي لمحكمة العدل الدولية‬
‫وكان من أهم مبادئها توجيه العالقات الدولية ‪،‬حفظ األمن والسلم الدوليين ‪ ،‬وتحقيق التعاون الدولي لحل المشكالت‬
‫الدولية وفق مبدأ المساواة بين الدول االعضاء ‪.‬‬
‫بتأسيس هذه المنظمة عرفت العالقات الدولية منحى جديد يقوم على أساس نبذ القوة وعدم استخدامها أو التلويح‬
‫بها وأصبحت العالقات الدولية تدور حول محورين ‪:‬‬
‫‪ -‬العالقات األمريكية السوفييتية وهي عالقات بين الشرق الشيوعي والغرب الرأسمالي وتدور حول خالفات‬
‫وقضايا سياسية وإيديولوجية تتعلق باألمن القومي والعسكري ووسائل الحد من األسلحة النووية ومشكالت المجال‬
‫الحيوي ومناطق النفوذ‪.‬‬
‫‪ -‬العالقات بين الشمال والجنوب ( بين الدول الغنية والدول الفقيرة أو دول العالم الثالث) وكانت معظم القضايا‬
‫تتعلق بالجانب االقتصادي ومشاكل التنمية ‪.‬‬

‫‪‬يعد هذا النظام كحل وسط بين مطلب وودرو ويلسون في حق تقرير المصير وبين مطلب الدول االستعمارية التقليدية في السيطرة المطلقة ‪،‬‬
‫ومفاده أن الدول التي كانت تحت سيطرة ألمانيا والدولة العثمانية غير جاهزة لالستقالل فوضعت عصبة األمم دولة منتدبة لتجهيزها لالستقالل سياسيا‬
‫وثقافيا واقتصاديا ‪ ،‬هذه الدول تبقى تحت إشراف عصبة األمم والدول المنتدبة تقدم تقارير للجنة االنتداب التابعة للعصبة حول مدى التقدم في تلك‬
‫الدول ‪.‬‬

‫قسم التاريخ والجغرافيا‬ ‫المدرسة العليا لألساتذة" آسيا جبار"‬ ‫جامعة قسنطينة ‪3‬‬
‫مقياس ‪ :‬تاريخ العالقات الدولية المعاصرة‬ ‫السنة الجامعية‬
‫‪2021/2020‬‬
‫األستاذة ‪ :‬د‪ /‬العابد نائلة‬

‫العالقات الدولية خالل الحرب الباردة‬


‫تعرف الحرب الباردة بأنها صراع تستخدم فيه األطراف كل أنواع القوة ما عدا المسلحة منها ‪ ،‬من أجل‬
‫إخضاع الطرف اآلخر ‪ ،‬تتسم بالتوتر الشديد ألن كل طرف يشعر بأنه مهدد‪ ،‬مع احتمال عدوان مسلح ضده‪.‬‬
‫وقد اختلف الباحثون حول تحديد بداية هذه الفترة ‪ ،‬فمنهم من يرجعها إلى مؤتمر سان فرانسيسكو ‪،‬ومنهم من‬
‫يرجعها إلى نهاية الحرب العالمية الثانية أو اإلعالن عن مبدأ ترومان ‪.‬‬
‫االنتصارات التي جاءت بعد الحرب العالمية الثانية كرست نفوذ كال من الواليات المتحدة األمريكية واالتحاد‬
‫السوفييتي ودعمت مكانتهما كقوتين عظميين على حساب تراجع القوى االستعمارية التقليدية ‪،‬فأصبحت العالقات‬
‫الدولية خالل مرحلة الحرب الباردة تقوم على توازن دولي جديد قوامه الرعب السوفييتي األمريكي ‪ ،‬بحيث تميزت‬
‫بالشك والريبة والصراع المحتدم الذي جاء نتيجة لترسب تصورات كل طرف تجاه اآلخر ‪،‬ولم تكن تجارب‬
‫التعاون السابقة التي خاضها الطرفان كافية لتوثيق العالقات بينهما ‪.‬‬
‫انطالقا من تناقض المصالح الحيوية واإلستراتيجية ومن أجل توجيه العالقات الدولية تبنى كال الطرفين‬
‫توجهات وسياسات مختلفة ‪ ،‬كانت في الحقيقة عبارة عن فعل ورد فعل تماشيا مع أوضاع البيئة الدولية في تلك‬
‫المرحلة ‪.‬‬
‫‪ -‬تبنت الواليات المتحدة األمريكية نظريات سياسية كان على رأسها نظرية االحتواء‪ ،‬والتي تقوم على أن‬
‫االتحاد السوفييتي قوة إمبريالية تسعى للهيمنة على العالم وبالتالي على الواليات المتحدة األمريكية تقديم‬
‫الدعم السياسي والعسكري واالقتصادي في حالة أي تهديد يوجه إلى حكومة غير شيوعية مادامت تواجه‬
‫قوة أخرى شيوعية ‪ ،‬وبدأ تطبيق هذه السياسة في تركيا واليونان من منطلق مساعدة الشعوب الحرة التي‬
‫تناضل ضد التدخالت األجنبية الشيوعية ‪.‬‬
‫‪ -‬أعلنت الواليات المتحدة األمريكية بعد ذلك على مشروع مارشال الذي يقوم على وجوب تقديم مساعدات‬
‫ألوروبا الغربية قبل انهيارها اقتصاديا ‪،‬وتم ألجل ذلك إنشاء منظمة التعاون االقتصادي األوروبي ‪،‬وألن‬
‫المشروع امتدت دعوته إلى أوروبا الشرقية فقد اعتبره االتحاد السوفييتي نوعا من االستعمار‪ ،‬فأعلن بذلك‬
‫عن إنشاء منظمة الكومنفورم ‪.‬‬
‫أمام اتساع الخالف بين القوتين وانتشار الفوضى في أوروبا مع انفجار المعارك بين األحزاب على‬ ‫‪-‬‬
‫شكل حروب العصابات ‪،‬أعلنت الواليات المتحدة األمريكية عن أول خطواتها العسكرية في منظومة‬
‫الدفاع ضد االتحاد السوفييتي من خالل تأسيس الحلف األطلسي كأول منظمة عسكرية تسعى للحفاظ‬
‫على أمن وسالمة الدول المنظمة ضد أي توجه شيوعي أو اشتراكي‪ .‬مع ظهور الصين كتهديد للوجود‬
‫األمريكي انتشرت األزمات‪،‬وتوسعت من الشرق األقصى إلى إفريقيا وأمريكا الالتينية ‪،‬لتعود مرة أخرى‬

‫قسم التاريخ والجغرافيا‬ ‫المدرسة العليا لألساتذة" آسيا جبار"‬ ‫جامعة قسنطينة ‪3‬‬
‫مقياس ‪ :‬تاريخ العالقات الدولية المعاصرة‬ ‫السنة الجامعية‬
‫‪2021/2020‬‬
‫األستاذة ‪ :‬د‪ /‬العابد نائلة‬
‫للشرق األوسط ( أزمة الكونغو‪،‬أزمة كوبا ‪،‬أزمة قناة السويس ‪، )...‬في ظل تنامي الصراع خالل هذه‬
‫الفترة لجأ االتحاد السوفييتي إلى تأسيس حلف وارسو ‪.‬‬
‫دخلت العالقات الدولية مرحلة جديدة بعد أزمة الصواريخ والحرب الفيتنامية أين تأكد وجود التقارب‬
‫العسكري بين الطرفين ‪ ،‬وأصبحت تقوم على سياسة الوفاق والتعايش ‪ ،‬حيث وافقت الواليات المتحدة‬
‫األمريكية على بسط السيطرة السوفييتية في أوروبا الشرقية وتم إقامة الخط الساخن الذي يربط البيت‬
‫األبيض بالكرملين ‪،‬كما وقع الطرفان اتفاقيات عديدة من بينها اتفاقيات الفضاء الخارجي ‪ ،‬اتفاقيات حظر‬
‫التكاثر النووي ‪.....‬‬
‫اعتمادا على مبدأ التعايش السلمي ظهر في العالقات الدولية ما عرف بسياسة الوفاق الدولي التي تعني‬
‫االنتقال من الحرب الباردة واستخدام القوة إلى إقامة عالقات تعاون متكافئ بين الشرق والغرب‪ ،‬هذه‬
‫السياسة سعت للقضاء على التوتر بين المعسكرين وإيجاد عالقات تعاون في الجوانب االقتصادية‬
‫والتكنولوجية واإلنسانية كذلك ‪ ،‬وإلى جانب تبادل الزيارات واللقاءات والمبادالت الثقافية ‪ ،‬وقع الطرفان‬
‫سلسلة من الصفقات واالتفاقيات التجارية ‪ ،‬ليسود في العالقات الدولية نوع من السالم بسبب خوف كل‬
‫طرف من اندالع حرب نووية ‪،‬وتقاسمهما بالتالي المصير المشترك ‪.‬‬
‫عرفت العالقات الدولية منحى جديد بدخول الحرب الباردة مرحلتها الثانية ‪ ،‬حيث تصاعدت أصوات القوى‬
‫اليمينية المتطرفة بالمطالبة بالعودة لسياسة المواجهة مع االتحاد السوفيتي وتزامن ذلك مع وصول ريغن‬
‫للسلطة‪ ،‬بالمقابل تدخل االتحاد السوفييتي في أفغانستان ‪ ،‬وأعلن غورباتشوف بعد توليه زمام السلطة‬
‫على تبني سياسة البروسترويكا التي حملت في طياتها بذور االنهيار‪.‬‬
‫من أجل إدارة الصراع بين القوتين العظميين الواليات المتحدة األمريكية واالتحاد السوفييتي ‪ ،‬ظهرت‬
‫هناك العديد من النظريات اإلستراتيجية ‪ ،‬كنظرية االحتواء‪،‬ونظرية االنتقام الشامل ‪ ،‬ونظرية المباريات‬
‫وغيرها من النظريات التي جاءت كتعبير حقيقي عن الصراع االيديولوجي‪-‬العسكري الذي ميز العالقات‬
‫األمريكية‪-‬السوفييتية خالل فترة الحرب الباردة ‪،‬وفضال عن ذلك يمكن اعتبار الدراسات التي قدمها هانس‬
‫مورجنثاو األكثر تأثي ار في البحوث الصادرة في الواليات المتحدة األمريكية على امتداد السنوات العشرين‬
‫التي أعقبت الحرب العالمية الثانية ‪،‬فقد كان دورها في تأكيد المكانة المؤثرة لمتغير القوة في العالقات‬
‫الدولية ‪ ،‬هذا وتمثل دراسات كل من جون ماكندر ونيكوال سبيكمان حول دور المتغير الجغرافي أو‬
‫المتغير الديمغرافي مساهمات إضافية على تأكيد تلك المكانة التي تتبوأها القوة إبان فترة الحرب الباردة ‪.‬‬

‫قسم التاريخ والجغرافيا‬ ‫المدرسة العليا لألساتذة" آسيا جبار"‬ ‫جامعة قسنطينة ‪3‬‬
‫مقياس ‪ :‬تاريخ العالقات الدولية المعاصرة‬ ‫السنة الجامعية‬
‫‪2021/2020‬‬
‫األستاذة ‪ :‬د‪ /‬العابد نائلة‬
‫العالقات الدولية بعد نهاية الحرب الباردة‬
‫السياسة التي انتهجها غورباتشوف أحدثت تغييرات جذرية في االتحاد السوفييتي ‪ ،‬ولكنها أيضا أثرت‬
‫على مجمل الدول االشتراكية في أوروبا الشرقية ‪،‬أين أبدت األحزاب الشيوعية تحفظا إزاء هذه السياسة ‪ ،‬وحتى‬
‫تلك التي كانت خارج أوروبا الشرقية لم تكن موافقة عليها ‪ .‬هذا الوضع أدى إلى حدوث أزمات حادة بين‬
‫التيارات الموالية والتيارات المعارضة ‪ ،‬فكان تطبيق التجربة السوفييتية على الدول االشتراكية والشيوعية دون‬
‫األخذ بعين االعتبار واقع كل بلد هو ما ساهم في انهيار المنظومة االشتراكية ككل ‪ ،‬خاصة مع انقسام المجتمع‬
‫واألحزاب أيضا بين معارض ومؤيد ومتحفظ‪.‬‬
‫سياسة البروسترويكا التي دعت للتعددية أدت إلى انتشار فوضى سياسية ‪ ،‬قيام البرلمان السوفييتي بسن وإلغاء‬
‫القوانين المتعلقة بالمناهج واألحزاب والنقابات ‪ ،‬واالتجاه نحو اقتصاد السوق والملكية الخاصة أدى إلى تدهور‬
‫األوضاع السياسية واالقتصادية واالجتماعية ‪ ،‬األمر الذي دفع بالسوفييت لطلب العون من الغرب ‪ ،‬قدم على‬
‫إثر ذلك غورباتشوف مجموعة من التنازالت سواء للغرب أو القوى الداخلية المعادية للشيوعية ‪،‬وبعد توقيع اتفاقية‬
‫الحد من األسلحة النووية وتحقيق الوحدة األلمانية تفشت بوادر االنهيار ‪.‬‬
‫أثر انهيار االتحاد السوفييتي على طبيعة العالقات الدولية ككل ‪ ،‬إذ انعكس على شكل التوازن الدولي‬
‫خاصة فيما يتعلق بصراع الجنوب والشمال ‪،‬كون توازن الرعب خالل الحرب الباردة قد منع من انفراد قوة واحدة‬
‫بالهيمنة على العالم ‪ ،‬إلى جانب دوره في خفض التوترات الدولية من خالل تقديمه لسلسة من المبادرات التي‬
‫تحمل رؤيته للعالقات الدولية ‪.‬‬
‫انهيار االتحاد السوفييتي أدى إلى انهيار نظام الثنائية القطبية وخروج الواليات المتحدة األمريكية بعقلية‬
‫المنتصر‪،‬حيث حاولت تلك األخيرة تكريس هذا الفكر في العالقات الدولية بإعالنها على تبني النظام الدولي‬
‫الجديد على لسان الرئيس األمريكي جورج بوش (على إثر حرب الخليج الثانية والحشد الدولي ضد العراق) في‬
‫محاولة للترويج إلى فكرة النظام الذي سيتولى نشر السلم والتعاون والمساواة بين الدول ‪.‬‬
‫الوضع الدولي بعد نهاية الحرب الباردة وصف بعدة مسميات ‪ :‬نظام العولمة ‪ ،‬األمركة ‪ ،‬النظام‬
‫العالمي‪....‬وكانت أبرز معالمه تتمثل في ثورة االتصاالت والمعلومات التي تتعدى حدود الدول ‪ ،‬بروز فواعل‬
‫جديدة وتنامي دور الشركات المتعددة الجنسيات واتساع ظاهرة االندماج بينها ‪ ،‬إلى جانب شيوع قيم الديمقراطية‬
‫وحقوق اإلنسان التي سمحت بظهور ما يعرف بالمجتمع المدني العالمي ‪ ،‬ضف إلى ذلك تنامي النزعات القومية‬
‫والدينية وتزايد المشاكل العالمية العابرة للحدود ‪.‬‬

‫قسم التاريخ والجغرافيا‬ ‫المدرسة العليا لألساتذة" آسيا جبار"‬ ‫جامعة قسنطينة ‪3‬‬
‫مقياس ‪ :‬تاريخ العالقات الدولية المعاصرة‬ ‫السنة الجامعية‬
‫‪2021/2020‬‬
‫األستاذة ‪ :‬د‪ /‬العابد نائلة‬
‫عموما ‪ ،‬نهاية الحرب الباردة أفرزت عدة تحوالت في مسار العالقات الدولية نختزلها فيما يلي ‪:‬‬
‫✓ تحوالت هيكلية بنيوية ‪ :‬ترتبط بانهيار النظام الدولي التقليدي (نظام وستفاليا‪،‬نظام فرساي‪ ،‬نظام يالطا)‬
‫وظهور نظام دولي جديد تظهر فيه الواليات المتحدة األمريكية كقوة منفردة ‪،‬وتسيطر عليه القوة بمفهومها‬
‫الشامل (اقتصادية‪،‬سياسية‪،‬عسكرية ‪.)...‬في هذا الصدد ظهر جدل واسع حول فعلية بروز هذا النظام‬
‫الدولي الجديد من عدمه ‪،‬وأيضا حول بنية هذا النظام ‪.‬‬
‫▪ الجدل حول وجود النظام الدولي الجديد من عدمه ‪:‬‬
‫‪ -‬بمجرد انهيار االتحاد السوفييتي برزت الواليات المتحدة األمريكية بكل معالم التفوق دون منافس ‪،‬‬
‫وأصبحت تتحمل المسؤولية الدولية أمام القضايا الجديدة التي ترتبط البيئة والتنمية‪.‬‬
‫‪ -‬ال يوجد نظام دولي جديد وإنما انتقال لحالة تعدد القوى ‪ :‬ألن التحوالت التي ظهرت بعد نهاية الحرب‬
‫الباردة غير ثابتة والقوة العسكرية ليست القوة الوحيدة ‪،‬فالواليات المتحدة األمريكية ليست دولة عظمى‬
‫وحيدة بل توجد قوى أخرى برزت على الساحة الدولية بسبب تنامي قوتها االقتصادية والتكنولوجية‬
‫والثقافية‪ ،‬من بينها الصين واليابان وروسيا ‪.‬‬
‫‪ -‬يوجد نظام دولي انتقالي ( نظام جديد في طور التكوين) ‪ :‬التحوالت التي عرفها العالم أثرت على‬
‫النظام الدولي ولكن هذا األخير غير واضح وغير مكتمل المالمح والقواعد والمبادئ ‪،‬لذلك لم نتمكن من‬
‫وضع تسمية أو مصطلح محدد له ‪ ،‬خاصة وأن العديد من االعتبارات تتداخل في تحديد بنيته وليست‬
‫القوة هي المعيار الوحيد لذلك‪.‬‬
‫▪ الجدل حول بنية النظام الدولي الجديد‪:‬‬
‫‪-‬النظام الدولي أحادي القطبية ‪ :‬تلعب الواليات المتحدة األمريكية دور القطب الوحيد المهيمن في‬
‫العالقات الدولية ألنها تمتلك كل مقومات القوة على رأسها القوة العسكرية‪،‬وقد تكرس دورها خاصة بعد‬
‫أحداث ‪ 11‬سبتمبر‪.‬‬
‫‪ -‬النظام الدولي متعدد األقطاب ‪ :‬بظهور المنظمات الدولية والقوى االقتصادية الصاعدة أصبحت‬
‫الواليات المتحدة األمريكية تواجه منافسة‪،‬وبالتالي ال يمكنها السيطرة منفردة على كل التفاعالت الدولية‪.‬‬
‫✓ تحوالت نمطية تفاعلية على مستوى إعادة توزيع وترتيب عناصر القوة ‪ :‬باتت القوة االقتصادية تتبوأ‬
‫الصدارة بعدما كانت القوة العسكرية هي المتحكم في العالقات الدولية ‪ ،‬فأصبحنا نتحدث عن وجود نظام‬
‫اقتصادي عالمي يتميز بعولمة األحداث واألوضاع وبروز التكتالت االقتصادية إلى جانب ظاهرة االعتماد‬
‫المتبادل ‪.‬‬
‫✓ التحوالت القيمية ‪ :‬تحول الصراع من إيديولوجي إلى حضاري‪ ،‬فبعد انهيار االتحاد السوفييتي وجدت الواليات‬
‫المتحدة األمريكية نفسها دون عدو يضمن لها التماسك والوجود ‪،‬ولتأكيد هذا الطرح ظهرت نظرية صدام‬
‫الحضارات لصموييل هنتنجتون ( التي ترى بأن الصراع بعد الحرب الباردة يأخذ شكل الصراع الحضاري بين‬

‫قسم التاريخ والجغرافيا‬ ‫المدرسة العليا لألساتذة" آسيا جبار"‬ ‫جامعة قسنطينة ‪3‬‬
‫مقياس ‪ :‬تاريخ العالقات الدولية المعاصرة‬ ‫السنة الجامعية‬
‫‪2021/2020‬‬
‫األستاذة ‪ :‬د‪ /‬العابد نائلة‬
‫الحضارة الغربية والحضارات غير الغربية خاصة الصينية واإلسالمية ‪ ،‬كون استفحال العولمة أدى إلى‬
‫ظهور فجوة بين البشر وهو ما يخلق نزاعات ثقافية تحدث بين أمم تنتمي لحضارات مختلفة )‪،‬ونظرية نهاية‬
‫التاريخ لفرانسيس فوكوياما( الصراعات الكبرى في العالم انتهت بانتصار الرأسمالية وهي آخر مرحلة يمكن أن‬
‫تصلها البشرية ألنها نموذج للقيم الذي يعلي من الحرية والمساواة وحقوق اإلنسان ) ‪.‬‬
‫كان لكل تلك التحوالت بمختلف أنواعها ‪ ،‬مع تعقيد عملية صياغة السياسة الخارجية وتفاقم قضاياها‬
‫وتزايد االهتمام بالمسائل االقتصادية أمام تقلص االهتمام بالمسائل العسكرية ‪ ،‬وبروز فواعل جديدة من‬
‫غير الدولة أثرها اإليجابي والسلبي في آن واحد على العالقات الدولية كتنظير وكممارسة ‪.‬‬
‫عرف التنظير في العالقات الدولية منعطفا جديد من خالل التحول في المفاهيم والنظريات ‪ ،‬حيث‬
‫ظهرت نظريات جديدة تعرف بالنظريات التكوينية أو ما بعد الوضعية مثل النظرية البنائية ‪ ،‬النظرية‬
‫النسوية ‪ ،‬نظرية ما بعد الحداثة ‪،‬أكدت هذه النظريات على دور القيم واألفكار والثقافة في توجيه العالقات‬
‫الدولية ‪ ،‬بظهور هذه النظريات عرفت العالقات الدولية ما يسمى بالمحاورة الثالثة بين النظريات‬
‫الوضعية وما بعد الوضعية ‪ ،‬إلى جانب ذلك تراجع دور الدولة كوحدة تحليل أساسية وفاعل رئيسي في‬
‫العالقات الدولية بعد ظهور فواعل أخرى من غير الدولة لها القدرة على إدارة وتسيير الشؤون العالمية ‪.‬‬
‫ناهيك عن التغييرات التي طرأت على مفاهيم مركزية في العالقات الدولية والتي من بينها توسيع مفهوم‬
‫القوة‪ ،‬األمن ‪ ،‬السيادة ‪،‬النزاع وغيرها ‪.‬‬

‫قسم التاريخ والجغرافيا‬ ‫المدرسة العليا لألساتذة" آسيا جبار"‬ ‫جامعة قسنطينة ‪3‬‬
‫مقياس ‪ :‬تاريخ العالقات الدولية المعاصرة‬ ‫السنة الجامعية‬
‫‪2021/2020‬‬
‫األستاذة ‪ :‬د‪ /‬العابد نائلة‬

‫العالقات الدولية كحقل دراسي مستقل‬

‫تعددت اآلراء حول األسباب التي أدت إلى ظهور العالقات الدولية كعلم مستقل‪ ، ‬حيث يرى البعض أن السبب‬
‫وراء ذلك هو وعي الطبقة البرجوازية بعدم كفاية التقنيات وقواعد الممراسة والتجربة في منع ظهور األزمات ‪ ،‬في‬
‫حين قدم ماكليالند األسبب التالية ‪:‬‬
‫‪ -‬الرغبة القوية بعد تجربة الحرب في تسخير المعالجة العلمية للعالقات الدولية خدمة للسلم والتفاهم‬
‫الدولي‪.‬‬
‫‪ -‬االعتقاد بأن العالقات الدولية ككل الظواهر هي قابلة لدراسة شاملة وممنهجة‪.‬‬
‫‪ -‬انتشار الديمقراطية والفكر االشتراكي في أوروبا ‪ ،‬األمر الذي جعل الرأي العام أمام مراقبة تسيير الشؤون‬
‫الخارجية لدولهم ‪.‬‬
‫ويبقى العامل األساسي في ارتقائها كحقل معرفي قائم بذاته هو الخوف من عودة الحرب ‪.‬‬
‫العالقات الدولية وإن كانت بميالد أوروبي خالص ( بريطانيا) إال أن هذا العلم قد تطور و تشكلت هويته‬
‫األكاديمية و المعرفية كمقرر دراسي مستﻘل في ﺍلﻭالياﺕ ﺍلمتحﺩﺓ ﺍألمﺭيﻜية بصﻭﺭﺓ خاصـة كونها دولة حديثة‬
‫تدخل المسرح الدولي ولم يكن يست هويها ما هو تاريخي وقادم من أوروبا ‪،‬فكانت لديها رغبة جامحة في إعادة بناء‬
‫العالم ‪،‬وبالتالي أرادت أن تكون لق ارراتها أداة علمية تجنبها أخطاء األوروبيين التي أوصلتهم للحرب‪.‬‬
‫إذا كانت العالقات الدولية كظاهرة إنسانية قد وجدت منذ الوجود البشري وتتابعت تطوراتها منذ ظهور الدولة‬
‫القومية ‪ ،‬فإن ظهورها على الساحة الدولية كحقل دراسي ومجال بحثي قد تأخر إلى بدايات القرن العشرين ‪ ،‬وذلك‬
‫ال يﻌني أنها لم تحظ بأي اهتمام‪ ،‬سواء من حيث التنظير أو الممارسة‪ ،‬حيث كانت تﻅهﺭ بصﻭﺭﺓ ﺃﻭ بأخﺭﻯ في‬
‫كثير مﻥ ﺍلﻭثائﻕ ﻭﺍلﻜتﺏ وأبحاث المفكرين و فالسفة التاريخ ﻭحتى في ﺍألساﻁيﺭ التي تحدثت عن الحروب‬
‫والمعاهدات ‪،‬واالتصاالت الدبلوماسية ودور الملوك ‪ ،‬ﻭﺫلﻙ منﺫ آالﻑ ﺍلسنيﻥ و في عصور ما قبل الميالد ‪،‬‬
‫(نجﺩ ﻫﺫﺍ مثال عند ﺭجل ﺍلسياسـة ﺍلهنـﺩﻱ كوتيليا ﻭﺍلﻔيلسﻭﻑ ﺍلصيني مينشﻭﺱ ‪،‬ﺍلمفﻜﺭ ﺍإليﻁـالي مﻜياﻓيللي‪،‬‬
‫ﻭفي ﺍلتاﺭيخ ﺍإلسالمي الماوردي‪"،‬ابن خلدون" باإلضافة إلى مساهمات كل من ﻫﻭبﺯ‪ ،‬بنثاﻡ‪ ،‬كانط‪ ،‬ﻫيغـل‪،‬‬
‫ماﺭكس ﻭﻏيﺭﻫﻡ)‪ ،‬غير أن هذه االسهامات وصفت بأنها دراسات مبعثرة وغير ممنهجة‪.‬‬
‫ابتداءا من القرن السابع عشر تكاثرت ﺍلﻜتاباﺕ ﺍلتي لها ﺍﺭتبـاﻁ مباشﺭ بالعالقاﺕ ﺍلﺩﻭلية‪ ،‬ﻭشـهﺩﺕ ﺍﺯﺩهـاﺭ‬
‫ثالثـة مﻭضـﻭعاﺕ هـي‪ :‬ﺍلﺩبلﻭماسية ﻭتﻭﺍﺯﻥ ﺍلﻘﻭﻯ ﻭﺍلقانﻭﻥ ﺍلﺩﻭلي‪.‬‬
‫‪ -‬ﺍﻋتباﺭﺍ مﻥ ﺍلﻘﺭﻥ ﺍلتاسع ﻋشﺭ ﻅهﺭﺕ مﺩﺭسة فﻜﺭية تﻁالﺏ بﺩﺭﺍسـة ﺍلﻅﻭﺍﻫﺭ ﺍالجتماﻋية بنﻔﺱ ﺍلﻁﺭيقة ﺍلتي‬
‫تﺩﺭﺱ بها ﺍلﻅـﻭﺍﻫﺭ ﺍلﻁبيﻌيـة‪ ،‬وكان لهﺫه ﺍلمﺩﺭسة تأثيﺭ كبير على تﻁﻭﺭ العلوم ﺍالجتماﻋية ( عرفت حركية‬

‫‪‬نقصد بالحقل المستقل وجود مواضيع محددة و افتراضات و هيكل نظري و طرق بحث علمي مستقلة ‪ ،‬مع القدرة على الوصول إلى‬
‫استنتاجات ‪ ،‬فضال عن وجود إطار مفاهيمي يميزها عن باقي المواضيع األخرى ‪.‬‬

‫قسم التاريخ والجغرافيا‬ ‫المدرسة العليا لألساتذة" آسيا جبار"‬ ‫جامعة قسنطينة ‪3‬‬
‫مقياس ‪ :‬تاريخ العالقات الدولية المعاصرة‬ ‫السنة الجامعية‬
‫‪2021/2020‬‬
‫األستاذة ‪ :‬د‪ /‬العابد نائلة‬
‫استقالل و تخصص) بصفة عامة ﻭعلى ﺍلعالقاﺕ ﺍلﺩﻭلية بصفة خاصة ‪ ،‬حيث طالب الباحثون بضرورة تطبيق‬
‫المنهج العلمي في دراسة العالقات الدولية باعتبارها ظاهرة اجتماعية ‪.‬وخالل هذه المرحلة درست العالقات الدولية‬
‫في ﺇﻁار تيارات ومذاهب مختلفة ‪ ،‬إذ درست في مجال ﺍلعلﻭﻡ ﺍالجتماﻋية‪ ،‬ﺍلفلسفة‪ ،‬ﻭبﻌﺩ ﺫلﻙ فـي ﺇﻁاﺭ ﺍلتاﺭيخ‪،‬‬
‫ثﻡ ﺍلعلﻭﻡ ﺍلقانﻭنية‪ ،‬ﺍالﻗتصاﺩية ‪..‬ﺍلخ‪.‬‬
‫‪ -‬مع نشوب الحرب العالمية األولى ظهرت مجموعة من الدراسات التي حاولت التعرف مختلف العوامل التي تساعد‬
‫على فهم التطور الحقيقي للسياسات الخارجية للقوى العظمى‪ ،‬فظهرت على إثر ذلك دوريات متخصصة في‬
‫تنشيط الحقل الدراسي ‪ .‬ﺩﺭﺍسـة ﺍلعالقـاﺕ ﺍلﺩﻭليـة بصﻭﺭﺓ منهجية ﻭعلمية‪ ،‬ﺃصبحﺕ مﻁلبا مهما بﻌﺩ ﺍلحﺭﺏ‬
‫ﺍلعالمية ﺍألﻭلى ( سميت الدراسة بالبحث عن السلم في إطار التعرف على أسباب و جذور الحرب)‪ ،‬ﻭﻗﺩ تﺯﺍمﻥ‬
‫ﻫﺫﺍ ﺍلمﻁلﺏ مع ﺭﻏبة تﻭضيح ﺍلحياﺓ ﺍلﺩﻭلية بشفاﻓية و علمية والتخلص من ﺍلﺩبلﻭماسية ﺍلسﺭية ﻭجﻌل ﺍلمﺭﺍﻗبة‬
‫ﺍلﺩيمﻘﺭﺍﻁية على ﺍلسياسة ﺍلﺩﻭلية للﺩﻭل ممﻜنة‪.‬‬
‫مع بداية فترة الثالثينات أدرك الباحثون في مجال العالقات الدولية وجود فجوة بين المنظرين السيما أصحاب‬ ‫‪-‬‬
‫النظرية المثالية و النظرية الواقعية ‪ ،‬حيث طغى على الجو األكاديمي بعد الحرب العالمية األولى االهتمام بالبحث‬
‫عن طرق تحول دون قيام حرب عالمية ثانية و هو األمر الذي نشط حقل العالقات الدولية بسبب الحوار الذي‬
‫ظهر بين االتجاهين حول أنجع الطرق لضمان السالم الدولي‪.‬‬
‫‪ -‬شهﺩﺕ ﻓتﺭﺓ ﺍألﺭبﻌيناﺕ سلسلة مﻥ ﺍلﺩﺭﺍسـاﺕ فـي ﺍلعالقاﺕ ﺍلﺩﻭلية والتي ركزت على منهج ﺍلﻘﻭﺓ والمصلحة‬
‫القومية ‪ ،‬حيث أدت الحرب العالمية الثانية إلى تحويل التفكير في العالقات الدولية من المثالية إلى الواقعية ‪.‬‬
‫ﺍلتﻐييﺭﺍﺕ ﺍلبنيﻭية ﺍلحاصلة في ﺍلمجتمـع ﺍلـﺩﻭلي وﺍلناجمـة عـﻥ مجمﻭعة مﻥ ﺍلمﺅثﺭﺍﺕ ﻭﺍلﻌﻭﺍمل‪ ،‬مثل ‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫ﺍلتﻁﻭﺭ ﺍلتﻜنﻭلﻭجي ﻭﺍلصـناعي‪ ،‬ﻭﻋﺩﻡ تجانﺱ ﺍلمجتمع ﺍلﺩﻭلي منﺫ ﺍلحﺭبيﻥ ﺍلعالميتيﻥ‪ ،‬ﻭﺩخﻭل ﺍلعالﻡ ﺇلـى‬
‫ﺍلﻌصﺭ ﺍلنﻭﻭﻱ‪ ،‬ﻭﻅهﻭﺭ ﺃشخاص ﺩﻭلييﻥ جﺩﺩ مﻥ ﻏيﺭ ﺍلﺩﻭل‪ ،‬ﻭﺍلتـأثيﺭ ﺍلمتﺯﺍيﺩ للحركات ﺍالجتماﻋية ﻭﺍلسياسية‬
‫على ﺍلعالقاﺕ ﺍلﺩﻭلية‪ ،‬ﻭﺍلتﻁـﻭﺭ ﺍلمتﺯﺍيﺩ للتعاﻭﻥ بيﻥ ﺍلﺩﻭل" ﺍالﻋتماﺩ ﺍلمتباﺩل " مﻥ جهة ﻭ"ﺍلتبﻌية " ‪ ،‬ﻭبﺭﻭﺯ‬
‫ﺍلعالقة ﺍلمتباﺩلة ما بيﻥ ﺍلسياسـة ﺍلﺩﺍخليـة ﻭﺍلخاﺭجيـة للﺩﻭل ﻜل ﺫلﻙ ﺃﺩﻯ ﺇلى ﻋﺩﺩ مﻥ ﺍلتﻁﻭﺭﺍﺕ ﻗﺩ ﺃخﺫﺕ‬
‫مﻜانها في ﺍلسـتيناﺕ‪ ،‬ﻓبﺩﺃﺕ تﻅهﺭ مراكز ﺍلبحﺙ ﺍلعلمي ﻭﺍلمعاﻫﺩ ﻭﺍلبـﺭﺍمج فـي ﺍلجامعـاﺕ ‪ ،‬وظهرت مراكز‬
‫بحثية متخصصة بﺩﺭﺍسـة ﺍلمنـاﻁﻕ ﺍلجﻐﺭﺍﻓيـة ودراسة مناﻁﻕ محﺩﺩﺓ مﻥ ﺍلعالﻡ‪ ،‬وتطورت كذلك ﺍلﺩﺭﺍساﺕ‬
‫ﺍلمقاﺭنة ﺍلتي ساﻫمﺕ في نﻘل ﺩﺭﺍسة ﺍلعالقاﺕ ﺍلﺩﻭلية ﺇلى آفاﻕ جديدة‪.‬‬
‫مازال الجدال مستم ار منذ خمسينات القرن العشرين بين ﺃنصاﺭ االستقاللية في حﻘل ﺩﺭﺍسة ﺍلعالقاﺕ ﺍلﺩﻭلية ﻭبيﻥ‬
‫ﺍلمناﺩيﻥ بوالء هذا الفرع إلى فروع أخرى في مﻘﺩمتها ﺍلعلﻭﻡ ﺍلسياسية ﻭعلﻡ ﺍالجتماﻉ‪.‬‬
‫إن إنكار وجود حقل مستقل للعالقات الدولية نابع من الرؤية القائمة على أن كل علم من العلوم االجتماعية‬
‫األخرى مهتم بقدر معين بالشؤون الدولية‪ ،‬فاالقتصاد مثال يهتم بالجوانب المالية و االقتصادية للعالقات‬
‫الدولية‪،‬الجغرافيون يهتمون بها تحت اسم الجيوبوليتكس ‪ ،‬يدرسها المؤرخون تحت عنوان التاريخ الدبلوماسي ‪،‬‬
‫بينما يدرس رجال القانون الجوانب القانونية التي تحكم العالقات بين الدول ‪ ،‬و بالتالي فكل حقل يهتم جزئيا‬
‫بدراسة المجتمع الدولي من زاوية محددة و هذه الجوانب المجزأة ال تسمح للعالقات الدولية بأن تقيم حقال مستقال‪.‬‬

‫قسم التاريخ والجغرافيا‬ ‫المدرسة العليا لألساتذة" آسيا جبار"‬ ‫جامعة قسنطينة ‪3‬‬

You might also like