You are on page 1of 30

‫اجمللد (‪ )20‬ـ العدد (‪ )01‬ـ ‪2023‬‬

‫‪83‬‬ ‫‪ISSN: 1112-4938, EISSN: 2600-6456‬‬

‫مبادئ العالقات الدولية يف اإلسالم يف ظل املتغريات املعاصرة‬


‫‪The principles of international relations in Islam‬‬
‫‪under contemporary variables.‬‬

‫د‪ .‬عباس حفصي‬ ‫‪‬‬


‫أحمد ياسين لغويني‬
‫قسم العلوم اإلسالمية‪ ،‬جامعة عامر ثليجي‬ ‫قسم العلوم اإلسالمية‪ ،‬جامعة عامر ثليجي‬
‫األغواط‪( ،‬اجلزائر)‬ ‫األغواط‪( ،‬اجلزائر)‬
‫خمرب الدراسات اإلسالمية واللغوية‪ -‬قسم‬ ‫خمرب الدراسات اإلسالمية واللغوية‪ -‬قسم‬
‫العلوم اإلسالمية األغواط‪.‬‬ ‫العلوم اإلسالمية األغواط‪.‬‬
‫‪a.hafsi@lagh-univ.dz‬‬ ‫‪ay.leghouini@lagh-univ.dz‬‬

‫تارخي االستالم‪ 2021/11/22 :‬تارخي القبول للنرش‪ 2022/04/27 :‬تارخي النرش‪2023/01/01 :‬‬

‫ملخص‬
‫يتميز فقه السياسة الرشعية بشموليته يف تنظيم مجيع أنواع ومستويات العالقات‬
‫السياسية؛ سواء ما تعلق منها بعالقة الدولة بأفرادها ورعاياها‪ ،‬أو ما كان من عالقات الدولة‬
‫بغريها من الدول‪ ،‬ومما يتميز به كذلك أنه تأسس عىل مبادئ وقواعد حتفظ مقاصده وأصوله؛‬
‫من خالل اجلمع بني ميزيت الثبات واملرونة‪ ،‬وقد مر التاريخ الدويل بمراحل عديدة منذ عصور‬
‫العالقات الدولية التقليدية وصوال إىل عرص القانون الدويل احلديث‪ ،‬وال تزال املتغريات عىل‬

‫‪ ‬المؤلف المراسل‪.‬‬
‫‪https://www.asjp.cerist.dz/en/PresentationRevue/202‬‬ ‫جامعة الوادي ـ اجلزائر ‪..............................‬‬
2023 ‫) ـ‬01( ‫) ـ العدد‬20( ‫اجمللد‬
ISSN: 1112-4938, EISSN: 2600-6456
84

‫ تبعا لتغريات موازين القوة بني الدول املتصارعة واملتنافسة عىل زعامة‬،‫الساحة الدولية تتجدد‬
.‫العامل‬
‫وتسعى هذه الدراسة لكشف تأثري التغريات الدولية املعارصة عىل قواعد العالقات‬
.‫الدولية يف ضوء مبادئ الرشيعة اإلسالمية‬
‫ املتغريات‬،‫ التغريات الدولية‬،‫ مبادئ العالقات الدولية‬:‫ الكلامت املفتاحية‬-
.‫ السياسة الرشعية‬،‫ اإلسالم‬،‫املعارصة‬

Abstract:

lawful policy jurisprudence is characterised by its broad coverage


of all types and levels of political relations. It regulates both the state's
relationship with its citizens and subjects, on the one hand, and the
state's relationship with other states, on the other. It is also distinguished
by its principles and regulations that protect its objectives and
principles, by combining the advantages of stability and flexibility.
From the eras of traditional international relations to the era of modern
international law, international history has gone through many stages.
Changes at the international level are still renewed, according to
changes in the balance of power between the conflicting and competing
countries for world leadership.
This study seeks to reveal the impact of recent international
changes on the rules of international relations in light of Islamic law
principles.

Keywords: international relations principles, international


changes, contemporary changes, Islam, lawful policy.

‫عباس حفص‬.‫ د‬-‫مبادئ العالقات الدولية يف اإلسالم يف ظل املتغريات املعارصة ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ أمحد ياسني لغويني‬
‫اجمللد (‪ )20‬ـ العدد (‪ )01‬ـ ‪2023‬‬
‫‪85‬‬ ‫‪ISSN: 1112-4938, EISSN: 2600-6456‬‬

‫مقدمة‬
‫احلمد هلل رب العاملني‪ ،‬محدا يوايف نعمه ويكافئ مزيده‪ ،‬وصىل اهلل عىل سيدنا حممد‬
‫وعىل آله وسلم تسليام كثريا إىل يوم الدين‪ ،‬أما بعد‪:‬‬
‫فقد حظيت العالقات الدولية باهتامم كبري من علامء املسلمني منذ صدر اإلسالم‪ ،‬فقد‬
‫حفلت بكثري من مواضيعها تفاسري القرآن الكريم‪ ،‬ووردت يف كتب السرية واحلديث الرشيف‬
‫نامذج ومراسالت ومعامالت بني قيادة الدولة اإلسالمية وغريها من الدول‪ ،‬كام تكلم الفقهاء‬
‫يف مؤلفاهتم الفقهية عن قواعد احلرب والسلم‪ ،‬وكان من الواضح لدى علامء املسلمني‬
‫منظومة األحكام واملبادئ والقيم األساسية للتعامل مع غري املسلمني والدول غري املسلمة‪.‬‬
‫لكن التغريات التي استجدت وتراكمت لقرون جعلت ما يفصل املسلمني عن ذلك‬
‫الرتاث الزاخر ليس جمرد مدة زمنية طويلة تعد بمئات السنني‪ ،‬بل تفصلهم عنه أيضا تطورات‬
‫نوعية هائلة عرفتها جمتمعات العامل يف كافة املجاالت واألصعدة‪ ،‬وباخلصوص عىل مستوى‬
‫ما صار يعرف بالعالقات الدولية‪ ،‬وهو ما يعظم املسؤولية عىل علامء اإلسالم والباحثني يف‬
‫الفقه اإلسالمي‪ ،‬ليدفعوا باالجتهاد التأصييل ليواكب املسلمون تنظريا وممارسة وتأثريا‬
‫وتأطريا التغريات الدولي َة املستجدة‪.‬‬
‫ومنهج هذه الدراسة هو االستقراء والتحليل‪ ،‬وذلك ملا تقتضيه من تتبع املبادئ‬
‫املستنبطة من نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية الرشيفة‪ ،‬وكذا تتبع وحتليل كربيات‬
‫النوازل الدولية التي أوجدت وأوجبت تغيريات كبرية عىل مستوى الفهم واملامرسة فقها‬
‫وتنزيال ومواكبة وتطويرا‪.‬‬
‫وقد تطرق هلذا املوضوع كثري من الباحثني من أبرزهم‪ :‬الدكتور حممد عامرة يف كتيب‬
‫بعنوان "العامل اإلسالمي واملتغريات الدولية الراهنة"‪ ،‬والدكتور وهبة الزحييل يف كتيبه‬

‫‪https://www.asjp.cerist.dz/en/PresentationRevue/202‬‬ ‫جامعة الوادي ـ اجلزائر ‪..............................‬‬


‫اجمللد (‪ )20‬ـ العدد (‪ )01‬ـ ‪2023‬‬
‫‪ISSN: 1112-4938, EISSN: 2600-6456‬‬
‫‪86‬‬

‫"العالقات الدولية يف اإلسالم"‪ ،‬كام مجع الدكتور حممد أبو زهرة يف كتاب له بنفس العنوان‬
‫َ‬
‫مباحث ومسائل مهمة يف العالقات الدولية يف اإلسالم‪.‬‬
‫وخطة هذا البحث مقدمة ومتهيد ومبحثان ثم خامتة كام ييل‪:‬‬
‫مقدمة‪ :‬وفيها ذكر املوضوع وأمهيته وإشكاليته‪ ،‬ومنهج الدراسة‪ ،‬ودراسات سابقة‪..‬‬
‫متهيد‪ :‬تناول رعاية اإلسالم للمتغريات الدولية‪ ،‬ومفهوم العالقات الدولية احلديث‪.‬‬
‫املبحث األول‪ :‬مبادئ العالقات الدولية يف اإلسالم‪.‬‬
‫املطلب األول‪ :‬املبادئ اإلسالمية العامة للعالقات الدولية‪.‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬أسس العالقات الدولية يف اإلسالم يف حال السلم‪.‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬أسس العالقات الدولية يف اإلسالم يف حال احلرب‪.‬‬
‫املبحث الثاين‪ :‬املتغريات املعارصة يف العالقات الدولية وأثرها عىل احلارض اإلسالمي‪.‬‬
‫املطلب األول‪ :‬سقوط اخلالفة اإلسالمية‪ ،‬وأثره عىل محاية املبادئ اإلسالمية للعالقات‬
‫الدولية‪.‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬املعاهدات الدولية املعارصة‪ ،‬وأثرها عىل فقه احلرب والسلم‪.‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬تطور التقسيم الفقهي للعامل‪ ،‬ومفهوم األمة الواحدة‪ ،‬وشكل الدولية‬
‫اإلسالمية املطلوبة‪.‬‬
‫خامتة‪ :‬وفيها ذكر أهم نتائج البحث‪.‬‬

‫مبادئ العالقات الدولية يف اإلسالم يف ظل املتغريات املعارصة ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ أمحد ياسني لغويني‪ -‬د‪.‬عباس حفص‬
‫اجمللد (‪ )20‬ـ العدد (‪ )01‬ـ ‪2023‬‬
‫‪87‬‬ ‫‪ISSN: 1112-4938, EISSN: 2600-6456‬‬

‫متهيد‪:‬‬
‫يف بداية هذه الدراسة ال بد من بيان منظور الرشيعة اإلسالمية ألمهية مواكبة املتغريات‬
‫الدولية‪ ،‬وأبني كذلك مفهوم العالقات الدولية‪.‬‬
‫أوال‪ :‬رعاية املتغريات الدولية يف اإلسالم‪:‬‬
‫لقد وجه القرآن الكريم املسلمني إىل التعاطي مع الشؤون الدولية ورصد املتغريات‬
‫احلاصلة من حول املجتمع اإلسالمي الناشئ‪ ،‬وإىل إدراك أبعاد الرصاع القائم بني القوتني‬
‫العظميني يف ذلك الوقت‪ ،‬كام نجد ذلك يف مطلع سورة الروم‪ ،‬واهلدف من ذلك أن تستعد‬
‫القوة اإلسالمية اجلديدة الصاعدة حلسم هذا الرصاع لصاحلها‪ ،‬ليس بنرص قوة عىل أخرى‪،‬‬
‫وإنام بإبعاد القوتني م ًعا عن مركز الصدارة لصالح القوة املسلمة‪ ،‬والبشارة يف اآلية للمؤمنني‬
‫بالنرص هي يف الواقع بشارة النرص للجامعة اإلسالمية عىل املدى البعيد‪ ،‬وإن اختذت صفة‬
‫اإلشارة للنرص املؤقت الذي سيحرزه الروم يف بضع سنني يف رصاعهم مع الفرس عىل أن يأيت‬
‫أمر اهلل يف النهاية بنرص رسالة احلق والقائمني هبا‪ ،‬ويف ذلك قوله تعاىل‪" :‬ويومئذ يفرح‬
‫املؤمنون بنرص اهلل ينرص من يشاء وهو العزيز الرحيم ‪ .‬وعد اهلل ال خيلف اهلل وعده ولكن‬
‫أكثر الناس ال يعلمون" (الروم‪ :‬اآلية‪.)6 :‬‬
‫ولقد كان من املفهوم جيدا لدى خلفاء الرسول صىل اهلل عليه وسلم فكرة اإلسالم‬
‫عن تطور احلياة‪ ،‬فيقول عمر ريض اهلل عنه‪" :‬ال جتربوا أوالدكم عىل أخالقكم فإهنم خلقوا‬
‫لزمان غري زمانكم"‪1 .‬‬

‫املتغريات ُّ‬
‫تدل لغ ًة عىل األمور التي من شأهنا التبدل والتحول واالختالف‪.2‬‬
‫االصطالح الفقهي عىل تقرير قواعد تغري األحكام بتغري الزمان؛ فاملناطات‬
‫ُ‬ ‫وقد جرى‬
‫التي تنزل عىل وفقها أحكام املستجدات تتغري‪ ،‬وتبعا هلا تتغري األحكام القديمة لتالئم التغري‬

‫‪https://www.asjp.cerist.dz/en/PresentationRevue/202‬‬ ‫جامعة الوادي ـ اجلزائر ‪..............................‬‬


‫اجمللد (‪ )20‬ـ العدد (‪ )01‬ـ ‪2023‬‬
‫‪ISSN: 1112-4938, EISSN: 2600-6456‬‬
‫‪88‬‬

‫احلاصل‪ .‬ونجد من الفقهاء من قرر أن األحكام من حيث القابلية للتغري منقسمة إىل نوعني؛‬
‫كام ذكر اإلمام ابن قيم اجلوزية‪ :‬فالنوع األول ما ال يتغري عن حالة واحدة هو عليها‪ ،‬ال بحسب‬
‫األزمان وال األمكنة وال اجتهاد األئمة‪ ،‬كوجوب الواجبات‪ ،‬وحتريم املحرمات‪ ،‬واحلدود‬
‫املقدرة بالرشع عىل اجلرائم ونحو ذلك‪ ،‬فهذا ال يتطرق إليه تغري وال اجتهاد خيالف ما وضع‬
‫عليه‪ .‬وأ ما النوع الثاين فام يتغري بحسب اقتضاء املصلحة له زمانا ومكانا وحاال كمقادير‬
‫التعزيرات وأجناسها وصفاهتا‪3 ..‬‬

‫ثانيا‪ :‬مفهوم العالقات الدولية‪:‬‬


‫العالقات الدولية يف اللغة‪ :‬مصطلح مركب من لفظني‪" :‬العالقات" و"الدولية"؛ فأما‬
‫العالقات‪ :‬فهي مجع "عالقة"‪ ،‬من علق يعلق علوقا‪ ،‬والعلوق تديل اليشء من يشء أعىل منه‪،‬‬
‫وكل يشء التزم شيئا علق به‪ .‬وعليه فالعالقات هي الصالت والراوبط التي تربط األشياء‬
‫ببعضها البعض‪4.‬‬

‫وأما الدولية‪ :‬فنسبة إىل الدولة‪ ،‬من الفعل دول‪ ،‬ومعناه التحول من مكان آلخر‪،‬‬
‫ويقصد هبا الغلبة والقوة كقوله تعاىل‪" :‬وتلك األيام نداوهلا بني الناس" (آل عمران‪:‬‬
‫اآلية‪ )140:‬أي نقلبها بينهم فمرة تكون الغلبة لطائفة ومرة تكون ألخرى‪.5‬‬
‫العالقات الدولية يف االصطالح‪ :‬مفهوم العالقات الدولية بشكل عام يتناول عالقات‬
‫الدول والشعوب فيام بينها‪ ،‬وتعرف العالقات الدولية بأهنا كل عالقة ذات طبيعة سياسية أو‬
‫من شأهنا إحداث انعكاسات وآثار سياسية متتد إىل ما وراء احلدود اإلقليمية لدولة واحدة‪.6‬‬
‫كام تعرف بأهنا األسس التي حتكم العالقات بني الدول املختلفة دينيا وعرقيا وإقليميا‬
‫يف حاالت السلم واحلرب‪ ،‬أو السياسة الدولية التي مادهتا األساسية الرصاع من أجل القوة‬
‫بني الدول ذات السيادة‪.7‬‬
‫مبادئ العالقات الدولية يف اإلسالم يف ظل املتغريات املعارصة ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ أمحد ياسني لغويني‪ -‬د‪.‬عباس حفص‬
‫اجمللد (‪ )20‬ـ العدد (‪ )01‬ـ ‪2023‬‬
‫‪89‬‬ ‫‪ISSN: 1112-4938, EISSN: 2600-6456‬‬

‫ووجود جمموعة القواعد والقيم واملعايري املرتابطة التي حتكم عمل العالقات بني‬
‫الدول وحتدد مظاهر االنتظام واخللل فيها خالل فرتة معينة من الزمن هو ما يسمى "النظام‬
‫السيايس الدويل"‪.8‬‬
‫املبحث األول‪ :‬مبادئ العالقات الدولية يف اإلسالم‪:‬‬
‫من صفة املبادئ أن تكون ثابتة غري قابلة للتغري‪ ،‬ومر ُّد ذلك إىل كوهنا راعية للمصالح‬
‫الدائمة للبرش‪ ،‬يف مجيع أحواهلم عىل املستوى الفردي أو اجلامعي‪ ،‬ولذلك نجد املبادئ‬
‫اإلسالمية مقرتنة بجميع األحوال املختلفة للناس‪ ،‬عىل أنحاء متعددة من الترشيعات العقدية‬
‫والعملية واألخالقية‪.‬‬
‫املطلب األول‪ :‬املبادئ العامة للعالقات الدولية يف اإلسالم‪:‬‬
‫يتناول هذا املطلب املبادئ العامة واألسس الكربى للعالقات الدولية يف الرشيعة‬
‫اإلسالمية من خالل نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية واستنباطات فقهاء السياسة‬
‫الرشعية‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬عاملية اإلسالم‪:‬‬
‫الدولة اإلسالمية دولة دعوة‪ ،‬حتمل رسالة اإلسالم وتبرش هبا وتدعو إليها مجيع البرش‪،‬‬
‫وحتمل لواء خالفة الرسول صىل اهلل عليه وسلم يف الدعوة والبالغ بخامتة الرشائع اإلهلية‪:‬‬
‫"قل يا أهيا الناس إين رسول اهلل إليكم مجيعا" (األعراف‪ :‬من اآلية‪.)158:‬‬
‫كام يقع عليها واجب محاية األقليات املسلمة‪ ،‬وهي املجموعات التي تعيش يف دولة‬
‫أخرى‪ ،‬والقانون الدويل يعرف األقليات القومية‪ ،‬وال ينظر لألقليات الدينية رغامً عن أنه حفظ‬
‫هلا حقوقها املتعلقة بشعائرها الشخصية‪ ،‬أما اإلسالم فال تقف العنرصية أو العرقية حاجزا ً‬

‫‪https://www.asjp.cerist.dz/en/PresentationRevue/202‬‬ ‫جامعة الوادي ـ اجلزائر ‪..............................‬‬


‫اجمللد (‪ )20‬ـ العدد (‪ )01‬ـ ‪2023‬‬
‫‪ISSN: 1112-4938, EISSN: 2600-6456‬‬
‫‪90‬‬

‫أمام اال نتامء األوسع له‪ ،‬ومهمة الدولة اإلسالمية تقتيض حفظ حقوق األقليات املسلمة دون‬
‫النظر إىل أصوهلا العرقية أو العنرصية‪.9‬‬
‫الفرع الثاين‪ :‬العدالة‪:‬‬
‫العدل هو املقصد األكرب الذي يمكن إرجاع كل املبادئ والقيم اإلسالمية ‪-‬‬
‫واجلذر الذي ترجع إليه مجيع القيم‪ ،‬وعليه تقوم كل‬
‫ُ‬ ‫واإلنسانية‪ -‬إليه‪ ،‬فهو قيم ُة القيم‬
‫العالقات اإلنسانية يف اإلسالم‪ ،‬ولذلك جعله القرآن الكريم غاية إرسال الرسل وإنزال‬
‫الكتاب‪ ،‬قال اهلل تعاىل‪( :‬لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب وامليزان ليقوم‬
‫مجيع القيم األخرى‬ ‫مة ٍ‬
‫كلية تنبثق‬ ‫الناس بالقسط) (احلديد‪ :‬اآلية‪ ،)25 :‬ومن العدل كقي ٍ‬
‫ُ‬
‫السياسية وغري السياسية‪ ،‬فاملساواة أداة لتحقيق العدل‪ ،‬واحلرية فرع عن العدل‪ ،‬ومثل ذلك‬
‫يقال الشورى‪ 10..‬ولذا قرر شيخ اإلسالم ابن تيمية أن عامة ما هنى الكتاب والسنة من‬
‫املعامالت يعود إىل حتقيق العدل والنهي عن الظلم‪.11‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬املساواة‪:‬‬

‫قرر اإلسالم مبدأ املساواة بني الناس مجيعا‪ ،‬فكام جعلهم رشكاء يف األصل واملصري‪،‬‬
‫جعلهم متامثلني يف احلقوق والواجبات‪ ،‬وجعلهم سواسية أمام رشع اهلل‪ ،‬وقد كان تقرير‬
‫اإلسالم هلذا املبدأ بمثابة وثبة مل يعرف هلا التاريخ مثيال‪ ،‬وال زالت قمة شاخمة مل يرتفع إليها‬
‫البرش أبدا‪ ،‬وحتى ذلك الذي قررته الثورة الفرنسية وغريها من الناحية النظرية وبقي يراود‬
‫األجيال عندهم‪ ،‬نجد اإلسالم قد حققه من الناحية العملية والنظرية معا‪ ،‬وبصورة أعمق‪،‬‬
‫ومنذ مئات السنني‪.‬‬

‫مبادئ العالقات الدولية يف اإلسالم يف ظل املتغريات املعارصة ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ أمحد ياسني لغويني‪ -‬د‪.‬عباس حفص‬
‫اجمللد (‪ )20‬ـ العدد (‪ )01‬ـ ‪2023‬‬
‫‪91‬‬ ‫‪ISSN: 1112-4938, EISSN: 2600-6456‬‬

‫ونصوص الكتاب والسنة حافلة بتقرير مبدأ املساواة‪ ،‬ومن ذلك ما جاء يف قصة املرأة‬
‫املخزومية التي رسقت فاستشفع هلا قومها بأسامة بن زيد ريض اهلل عنه ملكانته من رسول‬
‫اهلل‪ ،‬فقال له رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم‪ :‬أتشفع يف حد من حدود اهلل‪ ،‬ثم قام فاختطب‬
‫قال‪ :‬إنام أهلك الذين قبلكم أهنم كانوا إذا رسق فيهم الرشيف تركوه‪ ،‬وإذا رسق فيهم‬
‫وايم اهلل لو أن فاطمة بنت حممد رسقت لقطعت يدها‪.12‬‬
‫الضعيف أقاموا عليه احلد‪ُ ،‬‬
‫الفرع الرابع‪ :‬الكرامة اإلنسانية‪:‬‬
‫ٍ‬
‫كحق طبيعي لكل إنسان‪ ،‬واعتربها مبدأ احلكم وأساس‬ ‫رعى اإلسالم الكرام َة‬
‫املعاملة‪ ،‬فال جيوز إهدار كرامة أحد‪ ،‬أو إباحة دمه ورشفه‪ ،‬سواء أكان حمسن ًا أم مسيئ ًا‪ ،‬مسلامً‬
‫أم غري مسلم؛ ألن العقاب إصالح وزجر‪ ،‬ال تنكيل وإهانة‪ ،‬وال حيل رشع ًا السب واالستهزاء‬
‫والشتم وقذف األعراض‪ ،‬كام ال جيوز التمثيل بأحد حال احلياة أو بعد املوت‪ ،‬ولو من األعداء‬
‫أثناء احلرب أو بعد انتهائها‪ ،‬وحيرم التجويع واإلظامء والنهب والسلب‪ ،‬قال رسول اإلسالم‬
‫ى‬
‫صىل اهلل عليه وسلم ‪« :‬إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم»‪ ،13‬وأعظم نص –‬
‫عىل اإلطالق‪ -‬قرر مبدأ الكرامة اإلنسانية هو قول املوىل عز وجل‪{ :‬ولقد كرمنا بني آدم}‬
‫(اإلرساء‪ :‬من اآلية‪14 .)70 :‬‬

‫الفرع اخلامس‪ :‬الوحدة اإلنسانية والتعايش الديني‪:‬‬


‫ينظر اإلسالم إىل البرش عىل أهنم جنس واحد‪ ،‬ينتمون مجي ًعا إىل آدم ‪-‬عليه السالم‪-‬‬
‫فال يمنع من وجود صلة قائمة عىل اإلنسانية؛ قال تعاىل‪{ :‬يا أهيا الناس إنا خلقناكم من ذكر‬
‫وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند اهلل أتقاكم إن اهلل عليم خبري}‬
‫س َواحدَ ٍة‬ ‫(احلجرات‪ :‬اآلية‪ ،)13:‬ويقول تعاىل‪َ { :‬يا َأ ُّهيَا الن ُ‬
‫َّاس ا َّت ُقوا َر َّبك ُُم ا َّلذي َخ َل َقك ُْم م ْن َن ْف ٍ‬

‫َو َخ َل َق من َْها زَ ْو َج َها} (النساء‪ :‬من اآلية‪ )1 :‬ويف ذلك تقرير لوحدة األصل‪ ،‬مما يقتيض عدم‬

‫‪https://www.asjp.cerist.dz/en/PresentationRevue/202‬‬ ‫جامعة الوادي ـ اجلزائر ‪..............................‬‬


‫اجمللد (‪ )20‬ـ العدد (‪ )01‬ـ ‪2023‬‬
‫‪ISSN: 1112-4938, EISSN: 2600-6456‬‬
‫‪92‬‬

‫التاميز باجلنس‪ ،‬أو الطبقة‪ ،‬وكان ‪-‬صىل اهلل عليه وسلم‪ -‬جييز وفود املرشكني‪ ،‬ويت َأ َّلف‬
‫كريم قوم فأكرموه))‪ ،15‬وأجاز القرآن‬
‫ُ‬ ‫كبارهم‪ ،‬ويلني هلم القول‪ ،‬وكان يقول‪(( :‬إذا أتاكم‬
‫الكريم أجاز مودة من مل يقاتلنا يف الدين من غري املسلمني‪ ،‬ومل خيرجنا من ديارنا‪ ،‬ومل يظاهر‬

‫ين َملْ ُي َقات ُلوك ُْم يف الدِّ ين َو َملْ‬


‫اّلل َعن ا َّلذ َ‬ ‫عىل إخراجنا‪ ،‬فيقول ‪-‬تبارك وتعاىل‪{ :-‬ال َين َْهاك ُُم َّ ُ‬
‫ب ا ْمل ُ ْقسطنيَ إن ََّام َين َْهاك ُُم َّ ُ‬
‫اّلل َعن‬ ‫وه ْم َو ُت ْقس ُطوا إ َل ْيه ْم إ َّن َّ َ‬
‫اّلل ُحي ُّ‬ ‫ُخيْر ُجوك ُْم م ْن د َيارك ُْم َأ ْن ت َ ُّ‬
‫َرب ُ‬
‫اه ُروا ع ََىل إ ْخ َراجك ُْم َأ ْن ت ََو َّل ْو ُه ْم َو َم ْن‬
‫ين َقا َت ُلوك ُْم يف الدِّ ين َو َأ ْخ َر ُجوك ُْم م ْن د َيارك ُْم َو َظ َ‬
‫ا َّلذ َ‬
‫َيت ََو َّهلُ ْم َف ُأ ْو ََل َك ُه ُم ال َّظامل ُ َ‬
‫ون} (املمتحنة‪.16)9 ،8 :‬‬
‫الفرع السادس‪ :‬التعاون اإلنساين وتبادل املنافع‪:‬‬
‫أقر اإلسالم مبدأ التعاون اإلنساين وتبادل املنافع بني الناس‪ ،‬قال اهلل تعاىل‪{ :‬وتعاونوا‬
‫عىل الرب والتقوى وال تعاونوا عىل اإلثم والعدوان واتقوا اهلل إن شديد العقاب} (املائدة‪:‬‬
‫اآلية‪ ،) 2 :‬وقد دعا النبي صىل اهلل عليه وسلم بالعمل والقول إىل التعاون يف عالقة الدول‬
‫بعضها بالبعض؛ ومما يدلل عىل ذلك‪ :‬أنه عندما جاء إىل املدينة عقد مع اليهود حل ًفا أساسه‬
‫التعاون عىل الرب‪ ،‬ومحاية الفضيلة‪ ،‬ومنع األذى‪ ،‬وكان يطلق عىل هذا احللف‪" :‬الصحيفة" وقد‬
‫تضمنت هذه الصحيفة الكثري من األحكام التي تبني كيفية حتقيق التعاون بني املسلمني‬
‫واليهود؛ كام عقد النبي ‪-‬صىل اهلل عليه وسلم‪ -‬مع قبائل العرب معاهدات‪ ،‬مبعثها التسامح‪،‬‬
‫وروحها الرمحة‪ ،‬منها صلح احلديبية‪ ،‬وقد عقد تعاونًا دول ًّيا يف جمال الزراعة مع هيود خيرب‪،‬‬
‫حيث أقرهم رسول اهلل ‪-‬صىل اهلل عليه وسلم‪ -‬عىل أرضهم‪ ،‬وهلم نصف ما َخي ُرج منها من‬
‫ثمر أو زرع‪.17‬‬
‫الفرع السابع‪:‬احلرية‪:‬‬

‫مبادئ العالقات الدولية يف اإلسالم يف ظل املتغريات املعارصة ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ أمحد ياسني لغويني‪ -‬د‪.‬عباس حفص‬
‫اجمللد (‪ )20‬ـ العدد (‪ )01‬ـ ‪2023‬‬
‫‪93‬‬ ‫‪ISSN: 1112-4938, EISSN: 2600-6456‬‬

‫تكمن فلسفة احلرية يف اإلسالم يف العبودية الكاملة هلل تعاىل‪ ،‬وهذه العبودية تعني أن‬
‫يكون لإلنسان كامل احلرية بني بني جنسه‪ ،‬وذلك أنه ما دام الكل عباد هلل تعاىل فهم أحرار‬
‫فيام بينهم‪ ،‬فإذا وعى اإلنسان هذا املعنى للحرية‪ ،‬أحس يف الواقع هبا‪ ،‬وعاش بني ربوعها كريم‬
‫النفس‪ ،‬ال َيستذل لقوة‪ ،‬وال مال‪ ،‬وال جاه‪.‬‬
‫وتلقني العبودية احلقة للبرش من أهم وظائف الرسل ‪-‬صلوات اهلل وسالمه عليهم‪-‬‬
‫فمهمتهم ‪-‬مجي ًعا‪ -‬هي إزالة عبودية البرش للبرش؛ لتحل حملها عبودية مجيع البرش هلل تعاىل‪.‬‬
‫وقد هدم اإلسالم نظام الطبقات من أساسه؛ فالناس يف نظره سواسية‪ ،‬ال يتفاضلون‬
‫َّاس إنَّا َخ َل ْقنَاك ُْم م ْن َذك ٍَر َو ُأن َثى‬
‫إال بالتقوى‪ ،‬والعمل الصالح‪ ،‬يقول اهلل تعاىل‪َ { :‬يا َأ ُّهيَا الن ُ‬
‫اّلل َأتْ َقاك ُْم} (احلجرات‪ :‬من اآلية‪.18)13 :‬‬
‫َو َج َع ْلنَاك ُْم ُش ُعو ًبا َو َق َبائ َل ل َت َع َار ُفوا إ َّن َأك َْر َمك ُْم عنْدَ َّ‬
‫الفرع الثامن‪ :‬الفضيلة‪:‬‬
‫إن اإلسالم يتمسك بالفضيلة سواء أكانت بني اآلحاد أم كانت بني اجلامعات‪ ،‬وسواء‬
‫أكانت يف حال احلرب أم يف حال السلم‪ ،‬وأيا كان النوع أو جنس الذين يتصلون هبم أو‬
‫خيتلفون معهم‪ ،‬ذلك ألن قانون عام‪ ،‬يشمل األبيض واألسود‪ ،‬واألمحر واألصفر‪ ،‬ويشمل‬
‫الناس مجي ًعا يف كل األقطار واألمصار‪ ،‬وأشد ما كان يدعو إليه القرآن الكريم يف األمر‬
‫بالفضيلة هو‪ :‬ما يقرتن باجلهاد؛ خشية أن تندفع النفوس يف حال احتدام القتال إىل ما خيالف‬
‫أمريا عىل جيش أوصاه يف‬
‫ذلك املبدأ اهلام‪ .‬وكان رسول اهلل ‪-‬صىل اهلل عليه وسلم‪ -‬إذا بعث ً‬
‫خريا‪ ،‬وقال‪ :‬اغْزوا بسم اهلل‪ ،‬ويف سبيل اهلل‪،‬‬
‫خاصة نفسه بتقوى اهلل‪ ،‬ومن معه من املسلمني ً‬
‫قاتلوا من كفر باهلل‪ ،‬وال تَغ ُّلوا‪ ،‬وال تغدروا‪ ،‬وال مت ِّثلوا‪ ،‬وال تقتلوا وليدً ا‪ ،19‬وامتدح اهلل تعاىل‬
‫ون ال َّط َعا َم ع ََىل ُح ِّبه م ْسكينًا َو َيت ًيام َو َأس ًريا} (اإلنسان‪.20)8 :‬‬
‫{و ُي ْطع ُم َ‬
‫من يطعم األرسى بقوله‪َ :‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬أسس العالقات الدولية يف اإلسالم يف حال السلم‪:‬‬

‫‪https://www.asjp.cerist.dz/en/PresentationRevue/202‬‬ ‫جامعة الوادي ـ اجلزائر ‪..............................‬‬


‫اجمللد (‪ )20‬ـ العدد (‪ )01‬ـ ‪2023‬‬
‫‪ISSN: 1112-4938, EISSN: 2600-6456‬‬
‫‪94‬‬

‫لقد أوىل الرشع احلنيف إلحالل السالم عناية كبرية يف حياة الناس يف مجيع أحواهلم‪،‬‬
‫ومن أوضح شواهد ذلك أن اسم "اإلسالم" مشتق من السالم‪ ،‬وبه حتية املسلمني يف الدنيا‬
‫ويف اآلخرة‪ ،‬ويف نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية ما يؤكد أن السالم من أعظم املقاصد‬
‫الرشعية املرعية‪ ،‬ويف ىصل أسس وأحكام التعامل بني الدولة املسلمة وغريها‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬األصل يف العالقات الدولية يف اإلسالم‪:‬‬
‫واحلرب أمر طارئ عىل البرشية‪ ،‬عىل‬
‫ُ‬ ‫السلم‪،‬‬
‫األصل يف العالقات الدولية يف اإلسالم‪ِّ :‬‬
‫اجن َْح َهلَا َوت ََوك َّْل ع ََىل َّ‬
‫اّلل } (األنفال‪:‬‬ ‫لس ْلم َف ْ‬
‫رأي مجهور الفقهاء‪ ،‬قال اهلل تعاىل‪َ { :‬وإ ْن َجن َُحوا ل َّ‬
‫اآلية‪ ،)61:‬وقال تعاىل‪َ { :‬يا َأ ُّهيَا ا َّلذ َ‬
‫ين َآ َمنُوا ا ْد ُخ ُلوا يف ِّ‬
‫الس ْلم كَا َّف ًة } (البقرة‪ :‬اآلية‪،)208:‬‬
‫اّلل َلك ُْم َع َل ْيه ْم َسب ًيال‬ ‫وقال تعاىل‪َ { :‬فإن ا ْعتَزَ ُلوك ُْم َف َل ْم ُي َقات ُلوك ُْم َو َأ ْل َق ْوا إ َل ْيك ُُم َّ‬
‫الس َل َم َف َام َج َع َل َّ ُ‬
‫} (النساء‪ :‬اآلية‪.)90:‬‬
‫واحلرب مرشوعة يف اإلسالم وهي جهاد يف سبيل اهلل‪ ،‬ألجل تبليغ دعوة اإلسالم‬
‫ونرش العقيدة السمحة‪ ،‬وإقامة احلق والعدل والفضيلة‪ ،‬ودرء الظلم ومنع الفساد‪ ،‬وحفظ‬
‫التوازن‪ ،‬ومتكني أرباب العقائد والعبادات من أداء عباداهتم‪ ،‬ولدفع الفتنة يف الدين عن‬
‫ين ُي َقات ُلو َنك ُْم َو َال‬
‫اّلل ا َّلذ َ‬
‫املستضعفني من غري ظلم وال عدوان‪ ،‬قال تعاىل‪َ { :‬و َقات ُلوا يف َسبيل َّ‬
‫ين َّّلل َفإن‬ ‫وه ْم َحتَّى َال َتك َ‬
‫ُون ف ْتنَ ٌة َو َيك َ‬
‫ُون الدِّ ُ‬ ‫َت ْعتَدُ وا } (البقرة‪ :‬اآلية‪ ،)190:‬وقال‪َ { :‬و َقات ُل ُ‬
‫ان إ َّال ع ََىل ال َّظاملنيَ } (البقرة‪ :‬اآلية‪.21)193:‬‬
‫ا ْنت ََه ْوا َف َال عُدْ َو َ‬
‫الفرع الثاين‪ :‬حرمة االعتداء وانحصار وجوب القتال ضد املعتدين‪:‬‬
‫إن الفضيلة اإلسالمية تقتيض ترك االعتداء عىل اآلخرين‪ ،‬وتدعونا إىل معاملة‬
‫األسا رى معاملة طيبة‪ ،‬حتى ولو كان األعداء يعاملون أرسانا معاملة سيئة‪ ،‬فيمتدح اهلل تعاىل‬
‫ون ال َّط َعا َم ع ََىل ُح ِّبه م ْسكينًا َو َيت ًيام َو َأس ًريا} (اإلنسان‪)8 :‬‬
‫{و ُي ْطع ُم َ‬
‫من يطعم األسري بقوله‪َ :‬‬

‫مبادئ العالقات الدولية يف اإلسالم يف ظل املتغريات املعارصة ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ أمحد ياسني لغويني‪ -‬د‪.‬عباس حفص‬
‫اجمللد (‪ )20‬ـ العدد (‪ )01‬ـ ‪2023‬‬
‫‪95‬‬ ‫‪ISSN: 1112-4938, EISSN: 2600-6456‬‬

‫قهرا بالغلبة‪ ،‬فأثنَى اهلل عىل هؤالء‬


‫واملقصود باألسري‪ :‬هو احلريب من أهل دار احلرب‪ ،‬يؤخذ ً‬
‫وطلب رضاه‪ ،‬ورمحة منهم له‪ ،‬وهكذا تكون‬
‫َ‬ ‫األبرار بإطعامهم هؤالء؛ تقر ًبا بذلك إىل اهلل‪،‬‬
‫معاملة املسلمني لغريهم عىل أساس الفضيلة‪ ،‬ال يعدوهنا‪ ،‬فال يقتل املسلمون املستأمنني أثناء‬
‫احلرب‪ ،‬حتى ولو قتل األعداء مستأمني املسلمني‪ ،‬فال قتال إال مع املحاربني‪ ،‬ومن حيملون‬
‫ب‬ ‫ين ُي َقات ُلو َنك ُْم َوال َت ْعتَدُ وا إ َّن َّ َ‬
‫اّلل ال ُحي ُّ‬ ‫اّلل ا َّلذ َ‬
‫{و َقات ُلوا يف َسبيل َّ‬
‫السالح‪ ،‬قال تعاىل‪َ :‬‬
‫ا ْمل ُ ْعتَد َ‬
‫ين} (البقرة‪ )190 :‬فاحلرب ال تكون إال عىل املعتدين‪ ،‬ويف هذه اآلية أذن للمسلمني يف‬
‫القتال عىل أنه دفاع ‪-‬يف سبيل اهلل‪ -‬للتمكن من عبادته‪ ،‬ثم أمرهم بعدم االعتداء بالقتال‪ ،‬أو‬
‫يف القتال‪ ،‬أما عدم االعتداء بالقتال؛ فيكمن يف عدم مبادأة الكفار‪ ،‬وأما عدم االعتداء يف‬
‫القتال؛ فيكمن يف عدم قتل من ال يقاتل؛ كالنساء‪ ،‬والصبيان‪ ،‬والشيوخ‪ ،‬واملرىض‪ ،‬أو من ألقى‬
‫إىل املسلمني السلم أو كف عن حرهبم‪.22‬‬
‫اهلل َي ْأ ُم ُر‬
‫وكل العالقات اإلنسانية يف اإلسالم قائمة عىل العدالة‪ ،‬يقول تعاىل‪{ :‬إ َّن َ‬
‫با ْل َعدْ ل َواإل ْح َسان} (النحل‪ :‬من اآلية‪ ،)90 :‬ولذلك فإن الدولة اإلسالمية وهي يف حال‬
‫السلم حترتم كل احلقوق التي تكتسبها الدول األخرى ويكتسبها رعاياها‪.23‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬الوفاء بالعهود وااللتزام بالعقود‪:‬‬
‫ين آ َمنُوا َأ ْو ُفوا با ْل ُع ُقود} (املائدة‪:‬‬
‫أمر اإلسالم بالوفاء بالعهد‪ ،‬فيقول تعاىل‪َ { :‬يا َأ ُّهيَا ا َّلذ َ‬
‫من اآلية‪ )1 :‬يعني‪ :‬أوفوا بالعقود التي عاهدمتوها ربكم‪ ،‬والعقود التي عاهدمتوها إياه‪،‬‬
‫فروضا‪ ،‬فأمتوها بالوفاء‪ ،‬والكامل‪،‬‬
‫ً‬ ‫وأوجبتم هبا عىل أنفسكم حقو ًقا‪ ،‬وألزمتم أنفسكم هبا هلل‬
‫والتامم منكم هلل‪ ،‬بام ألزمكم هبا‪ ،‬وملن عاقدمتوه منه‪ ،‬بام أوجبتموه له هبا عىل أنفسكم‪ ،‬وال‬
‫تنقضوها بعد توكيدها‪.‬‬

‫‪https://www.asjp.cerist.dz/en/PresentationRevue/202‬‬ ‫جامعة الوادي ـ اجلزائر ‪..............................‬‬


‫اجمللد (‪ )20‬ـ العدد (‪ )01‬ـ ‪2023‬‬
‫‪ISSN: 1112-4938, EISSN: 2600-6456‬‬
‫‪96‬‬

‫ُوال} (اإلرساء‪ :‬من اآلية‪ )34 :‬يعني‪:‬‬ ‫{و َأ ْو ُفوا با ْل َع ْهد إ َّن ا ْل َع ْهدَ ك َ‬
‫َان َم ْسئ ً‬ ‫ويقول تعاىل‪َ :‬‬
‫أيضا‪،‬‬
‫أوفوا بالعقد الذي تعاقدون الناس يف الصلح بني أهل احلرب واإلسالم؛ وفيام بينكم ً‬
‫ويف البيوع واإلجيارات‪ ،‬وغري ذلك من العقود‪ ،‬واهلل تعاىل سيسأل ناقض العهد عن نقضه‬
‫إياه‪ ،‬يقول‪ :‬فال تنقضوا العهود اجلائزة بينكم‪ ،‬وبني َمن عاهدمتوه أهيا الناس‪ ،‬فتح ِّقروه‪،‬‬
‫وتغدروا بمن أعطيتموه ذلك‪.‬‬
‫ونبه القرآن أن من ينقض العهد يكون مذمو ًما‪ ،‬بل هو رش الدواب عند اهلل‪ ،‬فقد َن َعى‬
‫القرآن الكريم عىل اليهود نقضهم العهد الذي كان بني رسول اهلل ‪-‬صىل اهلل عليه وسلم‪-‬‬
‫ت من ُْه ْم ُث َّم‬
‫َاهدْ َ‬ ‫ُون ا َّلذ َ‬
‫ين ع َ‬ ‫اّلل ا َّلذ َ‬
‫ين َك َف ُروا َف ُه ْم ال ُيؤْ من َ‬ ‫اب عنْدَ َّ‬ ‫رش الدَّ َو ِّ‬ ‫وبينهم‪ ،‬فيقول‪{ :‬إ َّن َ َّ‬
‫ون} (األنفال‪ )56 ،55 :‬يقول ابن عباس‪" :‬هم قريظة‪،‬‬ ‫ون ع َْهدَ ُه ْم يف ك ُِّل َم َّر ٍة َو ُه ْم ال َي َّت ُق َ‬
‫َين ُق ُض َ‬
‫فإهنم نقضوا عهد رسول اهلل ‪-‬صىل اهلل عليه وسلم‪ -‬وأعانوا عليه املرشكني بالسالح يف يوم‬
‫أيضا يوم اخلندق"‪.24‬‬
‫بدر‪ ،‬ثم قالوا‪ :‬أخطأنا‪ ،‬فعاهدهم مرة أخرى‪ ،‬فنقضوه ً‬
‫املطلب الثالث‪ :‬أسس العالقات الدولية يف اإلسالم يف احلرب‪:‬‬
‫احلرب وضع استثنائي جبل الناس عىل كرهه ملا فيه من املشقة واخلوف واخلطر‬
‫وتعريض األنفس لإلتالف أو اإلعاقة‪ ،‬قال اهلل تعاىل يف آية فرض القتال‪( :‬كتب عليكم القتال‬
‫وهو كره لكم) (البقرة‪ :‬اآلية‪ ،)216 :‬ومع ذلك فإن حال احلرب واجلهاد فيها من الثواب‬
‫العظيم يف اآلخرة‪ ،‬ومن لذة النرص عىل األعداء والظفر بالغنائم‪ ،‬ما جيعلها خريا حمضا‪ ،‬ولذا‬
‫ختمت اآلية‪( :‬وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خري لكم) (البقرة‪ :‬اآلية‪.)216 :‬‬
‫الفرع األول‪ :‬الدفاع عن دار اإلسالم وأهلها‪ ،‬ورد ظلم املعتدي‪:‬‬
‫إذا أراد العدو اهلجوم عىل املسلمني فإنه يصري دفعه واجبا عىل املقصودين كلهم وعىل‬
‫غري املقصودين‪ ،‬كام تعاىل‪( :‬وإن استنرصوكم يف الدين فعليكم النرص) (األنفال‪ :‬اآلية‪..)72:‬‬

‫مبادئ العالقات الدولية يف اإلسالم يف ظل املتغريات املعارصة ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ أمحد ياسني لغويني‪ -‬د‪.‬عباس حفص‬
‫اجمللد (‪ )20‬ـ العدد (‪ )01‬ـ ‪2023‬‬
‫‪97‬‬ ‫‪ISSN: 1112-4938, EISSN: 2600-6456‬‬

‫وهذا جيب بحسب اإلمكان عىل كل أحد بنفسه وماله مع القلة والكثرة وامليش والركوب‪ ،‬كام‬
‫كان املسلمون ملا قصدهم العدو عام اخلندق مل يأذن اهلل يف تركه ألحد كام أذن يف ترك اجلهاد‬
‫ابتداء لطلب العدو الذي قسمهم فيه إىل قاعد وخارج‪ ،‬بل ذم الذين يستأذنون النبي صىل اهلل‬
‫عليه وسلم (يقولون إن بيوتنا عورة وما هي بعورة إن يريدون إال فرارا) (األحزاب‪:‬‬
‫اآلية‪ ، )13:‬فهذا دفع عن الدين واحلرمة واألنفس وهو قتال اضطرار وذلك قتال اختيار‬
‫للزيادة يف الدين وإعالئه وإلرهاب العدو كغزاة تبوك ونحوها‪.25‬‬
‫الفرع الثاين‪ :‬نرصة املظلومني واملستضعفني‪:‬‬
‫هيدف اإلسالم إىل إقامة العدل وإنصاف املظلومني واملستضعفني يف األرض‪،‬‬
‫وحتريرهم من جور البرش ومنع الظلم واجلور واالعتداء عليهم‪ ،‬ولذلك قرر مبدأ نرصة‬
‫املظلومني واملستضعفني وإجارة املستجريين‪ ،‬قال اهلل تعاىل‪( :‬وما لكم ال تقاتلون يف سبيل‬
‫اهلل واملستضعفني من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية‬
‫الظامل أهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصريا) (النساء‪ :‬اآلية‪،)75:‬‬
‫ومعنى ذلك أنه سبحانه وتعاىل قال للمؤمنني‪" :‬وما شأنكم ال تُقاتلون يف سبيل اهلل وعن‬
‫مستضعفي أهل دينكم وم َّلتكم الذين قد استضعفهم الكفار فاستذلوهم ابتغاء فتنتهم‬
‫وصدِّ هم عن دينهم"‪.26‬‬
‫ومما يدل عليه من السنة النبوية الرشيفة ما ورد عن رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم أنه‬
‫قال‪" :‬لقد شهدت يف دار عبد اهلل بن جدعان حلفا لو دعيت به يف اإلسالم ألجبت؛ حتالفوا‬
‫أن ير ُّدوا الفضول عىل أهلها‪ ،‬وأال يغزو ظاملٌ عىل مظلوم"‪ ،27‬ويف هذا احلديث تقرير رشعي‬
‫للتحالفات واملواثيق التي تنظم إىل تنظيم العالقات اإلنسانية عىل املستوى الدويل‪ ،‬كام فيه‬
‫التقرير واحلث عىل االشرتاك يف دعاوى واتفاقات لنرصة املظلومني‪ ،‬مثل املنظامت الدولية‬

‫‪https://www.asjp.cerist.dz/en/PresentationRevue/202‬‬ ‫جامعة الوادي ـ اجلزائر ‪..............................‬‬


‫اجمللد (‪ )20‬ـ العدد (‪ )01‬ـ ‪2023‬‬
‫‪ISSN: 1112-4938, EISSN: 2600-6456‬‬
‫‪98‬‬

‫اإلنسانية التي تعمل عىل إغاثة املظلومني ونرصهتم‪ ،‬والدفاع عن حقوقهم‪ ،‬ومقاومة الظلم‬
‫والطغيان يف أي مكان من أنحاء العامل‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬عدم اإلكراه يف الدين‪:‬‬
‫إذا بلغت رسالة اهلل تعاىل كاملة واضحة إىل الناس وقامت حجته تعاىل عليهم مجيعا‪،‬‬
‫فإن كل إنسان يتحمل مسؤولية اختياره من غري إكراه‪ ،‬كام قال تعاىل‪{ :‬ال إكراه يف‬
‫الدين}(البقرة‪ :‬اآلية‪ ،)256:‬فال جمال لقبول املسلمني فرض دين غري دينهم عليهم‪ ،‬وال جمال‬
‫هلم لفرض دينهم عىل غريهم‪ ،‬لقوله تعاىل‪{ :‬ولو شاء ربك آلمن من يف األرض كلهم مجيعا‬
‫أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنني}(يونس‪ :‬اآلية‪.)99:‬‬
‫ولذلك مل جيوز الرشع للمسلمني يف حال احلرب إكراه الناس عىل الدخول يف اإلسالم‪،‬‬
‫كام مل جيوز تعدي رضورات احلرب سواء يف صد العدوان أو اهلجوم‪ ،‬فال جيوز التمثيل باجلثث‬
‫وال قتل األرسى وال سفك دماء املدنيني‪ ،‬وال ختريب العامر أو قتل احليوان إال ملنع متويل‬
‫العدو‪ ،‬كام ال جيوز التعرض لغري املقاتلني‪.28‬‬
‫الفرع الرابع‪ :‬املعاملة باملثل‪:‬‬
‫وهذا مبدأ مقرر يف مجيع قوانني الدنيا‪ ،‬واإلسالم مل يثرب عىل من تعامل به‪ ،‬وهو مبدأ‬
‫متشعب من مبدأ العدالة‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم‬
‫واتقوا اهلل واعلموا أن اهلل مع املتقني} (البقرة‪ :‬من اآلية‪ ،)194:‬وال شك أن الفضيلة‬
‫اإلسالمية تدعو إىل جتاوز هذه القاعدة إىل الصفح والتسامح والصرب وضبط النفس‪ ،‬إذا كان‬
‫ذلك ال يفيض إىل اهلوان‪.29‬‬
‫وال يتناىف ذلك مع مبدأ العدالة وال مع الفضيلة وال مع التسامح‪ ،‬ألنه ال يصح أن‬
‫يؤدي التسامح إىل شيوع الظلم‪ ،‬إذ أن شيوع الظلم فيه شيوع الفساد‪ ،‬واهلل ال حيب الفساد‪،‬‬

‫مبادئ العالقات الدولية يف اإلسالم يف ظل املتغريات املعارصة ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ أمحد ياسني لغويني‪ -‬د‪.‬عباس حفص‬
‫اجمللد (‪ )20‬ـ العدد (‪ )01‬ـ ‪2023‬‬
‫‪99‬‬ ‫‪ISSN: 1112-4938, EISSN: 2600-6456‬‬

‫وإن الفضيلة اإلسالمية ليست فضيلة مستسلمة مستخذية‪ ،‬بل هي فضيلة إجيابية واقعة‪ ،‬ال‬
‫ختضع للرش وال لألرشار‪ ،‬بل تستعيل عليهم مجيعا‪.30‬‬
‫املبحث الثاين‪ :‬املتغريات املعارصة يف العالقات الدولية‬
‫وأثرها عىل احلارض اإلسالمي‬
‫هيدف هذا املبحث إىل تسليط الضوء عىل تأثري أهم الوقائع الدولية التي حدثت يف هذا‬
‫الزمن عىل احلياة اإلسالمية املعارصة‪ ،‬مع استحضار مبادئ وقواعد العالقات الدولية التي‬
‫مرت معنا يف املبحث األول‪.‬‬
‫املطلب األول‪ :‬سقوط اخلالفة اإلسالمية وأثره عىل محاية‬
‫املبادئ اإلسالمية للعالقات الدولية‬
‫أكرب نازلة وقعت عىل املستوى اإلسالمي واملستوى الدويل يف العرص احلارض هي‬
‫سقوط اخلالفة اإلسالمية‪ ،‬إذ معه دخل العامل اإلسالمي حالة خلو العرص من الدولة‬
‫اإلسالمية اجلامعة احلامية‪ ،‬وهو األمر الذي انعكس بآثاره عىل املسلمني وعىل مجيع األمم‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬خلو العرص من اخلالفة اإلسالمية‪:‬‬
‫لقد افرتض اإلمام اجلويني(‪478‬ه) خلو الزمان عن األئمة ووالة األمر يف كتابه‬

‫بخلوه عن الكُفاة ذوي الرصامة ُخ َّ‬


‫لوه عمن يستحق‬ ‫ِّ‬ ‫"غياث األمم يف التياث الظلم"‪ ،‬وذلك‬
‫اإلمامة‪ ،‬واستسهل تقدير ذلك بافرتاض أن يكون ذو الكفاية والدراية مضطهدا مهضوما‬
‫منكوبا بعرس الزمان مصدوما‪ ،31‬وقد وفق يف افرتاضه إىل توقع ما حصل بعد نحو قرنني من‬
‫زمانه؛ حني سقطت اخلالفة العباسية بالكامل عىل أيدي التتار سنة ‪656‬ه‪1258/‬م‪ ،‬ومثله ما‬
‫وقع بعد ذلك بسبعة قرون حني سقطت اخلالفة العثامنية سنة ‪1342‬ه‪1924 /‬م‪ ،‬والفرق أن‬
‫اخللو األول تم تداركه بشكل أرسع وأحزم من طرف السلطان اململوكي الظاهر بربس حني‬

‫‪https://www.asjp.cerist.dz/en/PresentationRevue/202‬‬ ‫جامعة الوادي ـ اجلزائر ‪..............................‬‬


‫اجمللد (‪ )20‬ـ العدد (‪ )01‬ـ ‪2023‬‬
‫‪ISSN: 1112-4938, EISSN: 2600-6456‬‬
‫‪100‬‬

‫عمل عىل إحياء خالفة العباسيني عىل النحو الذي اقرتحه اجلويني‪ ،‬لكن السقوط العثامين مل‬
‫يتدارك وال تزال األمة اإلسالمية يف فراغ سيايس عىل مستوى اخلالفة العظمى‪ ،‬وما انجر عليه‬
‫من انتقاض احلكم بالرشيعة وتفرق وتنازع وختلف‪.‬‬
‫الفرع الثاين‪ :‬انتقاص املبادئ بغياب اخلالفة اإلسالمية‪:‬‬
‫إن أعظم ما ُمنيت به البرشية من جراء سقوط دولة اخلالفة اإلسالمية هو انحسار دعوة‬
‫اإلسالم‪ ،‬وتعثر وظيفة الدولة اإلسالمية يف تبليغ هذا الدين جلميع الناس واستنقاذ البرش من‬
‫العبودية لغري اهلل تعاىل‪ ،‬فقد وجد علامء األمة ودعاهتا ومصلحوها أنفسهم أمام تركة ثقيلة من‬
‫اجلهل والتخلف والضالل من جراء الغزو الغريب ألرض اإلسالم وتقاسم دول االستدمار‬
‫األورويب ألجزاء العامل اإلسالمي‪ ،‬ولذلك تداعى علامء األمة إىل إحياء واجب االجتهاد‬
‫والتجديد الديني واإلصالح الفكري واالجتامعي داخل شعوب األمة اإلسالمية‪ ،‬يف الوقت‬
‫الذي مل تنقطع جهود الدعوة غري الرسمية إىل اإلسالم يف أنحاء العامل من خالل جهود الدعوة‬
‫الفردية وجهود املراكز اإلسالمية‪ ،‬حتى إن الديانة اإلسالمية حتقق تقدما كبريا يف معدالت‬
‫الدخول فيها‪ ،‬وذلك أوال للقوة الذاتية لإلسالم‪.‬‬
‫العاملي الشامل"‪ ،‬الذي جيمع بني‬
‫َّ‬ ‫لقد خرس العامل بغياب دولة اخلالفة اإلسالم "النظا َم‬
‫"كتاب الوحي" و"كتاب الكون"‪ ،‬وبني "عامل الغيب" و"عامل الشهادة"‪ ،‬نظام جيمع بني "سيادة‬
‫الرشيعة" و"سلطة األمة املؤمنة"‪ ،‬يراعي "الفردية" التي ال حتقق السعادة للفرد إال بـ "اجلامعية"‬
‫التي حتقق السعادة لـ "املجموع"‪.32‬‬
‫واستبدى بالعامل نظام دويل قائم عىل الفلسفة الوضعية التي تقف باحلقائق عندما تدركه‬
‫احلواس والتجارب احلسية من الواقع املحسوس‪ ،‬وعىل فلسفة ترشيعية وسياسية ال تضع عىل‬
‫"امل صلحة" أية قيود دينية أو أخالقية‪ ،‬فيفصل الدين عن الدولة وشؤون العمران‪ ،‬وجعلت‬

‫مبادئ العالقات الدولية يف اإلسالم يف ظل املتغريات املعارصة ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ أمحد ياسني لغويني‪ -‬د‪.‬عباس حفص‬
‫اجمللد (‪ )20‬ـ العدد (‪ )01‬ـ ‪2023‬‬
‫‪101‬‬ ‫‪ISSN: 1112-4938, EISSN: 2600-6456‬‬

‫"الفرد" و"الفردية" حمور اهتاممها وحافز التقدم‪ ،‬وجعلت "الطبقة الربجوازية" وحدها حاملة‬
‫رسالة النهضة والتقدم واملستأثرة بأغلب وأطيب اخلريات والثمرات‪.33‬‬
‫ٍ‬
‫خاف ما ترتب عىل سيادة هذا النظام الغريب من انتشار للظلم والعدوان‬ ‫وغري‬
‫واالحتالل واالنحالل األخالقي الديني‪ ،‬وما إىل ذلك من عدم نرصة املظلومني‬
‫واملستضعفني يف العامل‪ ،‬إال يف املناطق التي ترتكز فيها الثروات؛ ليأيت التدخل املبارش وغري‬
‫املبارش من طرف الدول القوية باختالق املشاكل والفوىض واحلروب واخلراب‪ ،‬فيستنجد‬
‫أبناء تلك الدول أو بعضهم بالدول القوية‪ ،‬وحينها تصبح تلك الدول الضعيفة ميدانا وسوقا‬
‫لبيع وجتريب األسلحة واستغالل الثروات بدعوى تقديم "احلامية" و"حماربة اإلرهاب"‬
‫و"مساعدة" الدول عىل االستقرار والتنمية وغري ذلك‪.‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬املعاهدات الدولية املعارصة‪ ،‬وأثرها عىل فقه احلرب والسلم‪.‬‬
‫املعاهدات اتفاقات تربم بني دولتني أو أكثر لتنظيم العالقات فيام بني أطرافها‪ ،‬ويف‬
‫الغالب تنشأ هذه املعاهدات عند هناية احلروب والرصاعات أو قبل نشوهبا لتفادي اخلسائر‬
‫البرشية واملادية من جرائها‪ ،‬ولذا فإن العالقة وثيقة بني املعاهدات وأوضاع احلرب والسلم‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬املعاهدات الدولية املعارصة‪:‬‬
‫أكدت الرشيعة اإلسالمية عىل وجوب االلتزام باملعاهدات التي يتم إبرامها بني‬
‫املسلمني وغريهم‪ ،‬ما مل يكن النقض واإلخالل من طرفهم‪ ،‬قال اهلل تعاىل‪( :‬إال الذين عاهدتم‬
‫من املرشكني ثم مل ينقصوكم شيئا ومل يظاهروا عليكم أحدا فأمتوا إليهم عهدهم إىل مدهتم)‬
‫(التوبة‪ :‬اآلية‪ ،)4:‬فال جيوز يف اإلسالم نقض املعاهدات ونكثها إذا كانت قد أبرمت بإرادة‬
‫حقيقية كاملة ألجل صالح املسلمني‪.‬‬

‫‪https://www.asjp.cerist.dz/en/PresentationRevue/202‬‬ ‫جامعة الوادي ـ اجلزائر ‪..............................‬‬


‫اجمللد (‪ )20‬ـ العدد (‪ )01‬ـ ‪2023‬‬
‫‪ISSN: 1112-4938, EISSN: 2600-6456‬‬
‫‪102‬‬

‫ويف العرص احلارض ارتبطت دول العامل بمواثيق ومعاهدات دولية وعالقات‬
‫دبلوماسية‪ ،‬وصار مفهوم الدولة احلديثة متوجها إىل االعتبار اجلغرايف بشكل أسايس‪ ،‬ولذا‬
‫أصبحت احلدود اإلقليمية لدول العامل مرعية وحمرتمة‪ ،‬فال يقبل من دولة أن خترتق حدود‬
‫دولة أخرى‪ ،‬وإذا فعلت ذلك اعتُرب عدوانا منها عىل تلك الدولة تدينه (هيئة األمم املتحدة)‬
‫حسب مواد ميثاقها الشهري (ميثاق األمم املتحدة) املربم بتاريخ ‪ 26‬جوان ‪ ،1945‬وقد يدينه‬
‫(جملس األمن) الذي يملك القوة التنفيذية لتطبيق قرارات األمم املتحدة‪ ،‬ويعا َقب املُدان‬
‫بفرض عقوبات اقتصادية أو عسكرية‪ .‬وال شك أن هلذا الواقع الدويل أثر مبارش عىل عالقات‬
‫احلرب والسلم‪.‬‬
‫الفرع الثاين‪ :‬أثر املعاهدات الدولية املعارصة عىل فقه احلرب والسلم‪:‬‬
‫قسم الفقهاء فقه اجلهاد إىل نوعني‪ :‬جهاد طلب وجهاد دفع‪ ،‬وال شك أن للمتغريات‬
‫الدولية عىل مستوى املواثيق واملعاهدات أثرا عىل النوعني‪:‬‬
‫‪ -1‬جهاد الطلب يف العرص احلارض‪:‬‬

‫جهاد الطلب هو غزو العدو يف عقر داره إلزاحة السلطات الطاغية التي تقف يف وجه‬
‫الدعوة وحتجر عىل شعوهبا أن تستمع أي دعوة جديدة‪ ،‬وهذا النوع استُغني عنه اليوم‪ ،‬إذ مل‬
‫ي ُعد هو الوسيلة املتعينة إليصال كلمة اإلسالم إىل أمم األرض‪ ،‬بل أصبح أمام املسلمني اليوم‬
‫وسائل وقنوات سلمية شتى غري احلرب والقتال‪ ،‬حتقق غاية تبليغ كلمة اإلسالم إىل العامل‪،‬‬
‫دون جيوش حماربة وال جنود جمندة‪ ،‬ومن ذلك وسائل اإلعالم املختلفة‪ ،‬وشبكة املعلومات‬
‫العاملية األنرتنت‪ ،‬وهي وسائل جبارة تستطيع أن خترتق األسوار‪ ،‬وتدخل عىل الناس بيوهتم‪،‬‬
‫وال حتتاج إىل إذن الرقيب‪ ،‬وال سامح احلكومة‪.‬‬

‫مبادئ العالقات الدولية يف اإلسالم يف ظل املتغريات املعارصة ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ أمحد ياسني لغويني‪ -‬د‪.‬عباس حفص‬
‫اجمللد (‪ )20‬ـ العدد (‪ )01‬ـ ‪2023‬‬
‫‪103‬‬ ‫‪ISSN: 1112-4938, EISSN: 2600-6456‬‬

‫وهذه اآلليات املعارصة حتتاج إىل جيوش جرارة من املجاهدين املدربني املجهزين‬
‫املدربني املجهزين بالعلم واملعرفة‪ ،‬وبالبيان واإلعالم‪ ،‬والدعوة باحلكمة واملوعظة احلسنة‪،‬‬
‫واجلدال بالتي هي أحسن‪ ،‬بلغات العامل املختلفة‪.34‬‬
‫‪ -2‬جهاد الدفع يف العرص احلارض‪:‬‬

‫وهو اجلهاد الواجب لدفع العدو عن أرض املسلمني ودمائهم وحرماهتم‪ ،‬ومن هذا‬
‫اجلهاد جهاد التحرير لألمة من بقايا االستعامر‪ ،‬الذي ال يزال ينشب أظفاره يف أجزاء منها‬
‫ومناطق من "دار اإلسالم" التي جيب أن ختلو للمسلمني وحترر من كل سلطان أجنبي‪.‬‬
‫يف مقدمة هذه املناطق‪ :‬فلسطني أرض اإلرساء واملعراج واملسجد األقىص‪ ،‬التي‬
‫ابتليت بأخبث وأفجر وأرشس أنواع االستعامر‪ ،‬وهو االستعامر الصهيوين العنرصي‬
‫االستيطاين اإلحاليل اإلرهايب الوحيش‪ ،‬الذي فرض نفسه باألسلوب الدموي والعنف‬
‫الوحيش عىل منطقة ليست له‪ ،‬واستطاع بالقوة والكيد ومساعدة الغرب أن ينترص عىل أهل‬
‫الديار‪ ،‬وأن يشتتهم يف اآلفاق‪.‬‬
‫ومن املقرر فقها أن الفرض العيني عىل املسلمني مجيعا يف البالد املحتلة فلسطني أن‬
‫ينفروا خفافا وثقاال لطرد العدو الكافر‪ ،‬فإن عجز أهل فلسطني عن طرد العدو وحترير األرض‬
‫–أو تقاعسوا أو جبنوا ‪ -‬كان عىل أقرب اجلريان إليهم أن يقاتلوا بجوارهم أو حيلوا حملهم يف‬
‫طرد العدو الغازي الكافر‪ ،‬فإن عجز اجلريان أو تقاعسوا عن مقاومة العدو كام هو احلاصل يف‬
‫"دول الطوق" وجب عىل من يليهم‪ ،‬ثم من يليهم‪ ،‬حتى يشمل املسلمني كافة‪.‬‬
‫وهبذا انتقل واجب اجلهاد العيني إىل املسلمني كافة يف أنحاء العامل‪ ،‬عليهم أن ينفروا‬
‫خفافا وثقاال‪ ،‬وجياهدوا بأمواهلم وأنفسهم يف سبيل اهلل‪ ،‬كل بام يقدر عليه‪ .‬وهذا واجب‬
‫املسلمني جتاه أي جزء من أرض اإلسالم‪ ،‬حيتله عدو غاز كافر‪.35‬‬
‫‪https://www.asjp.cerist.dz/en/PresentationRevue/202‬‬ ‫جامعة الوادي ـ اجلزائر ‪..............................‬‬
‫اجمللد (‪ )20‬ـ العدد (‪ )01‬ـ ‪2023‬‬
‫‪ISSN: 1112-4938, EISSN: 2600-6456‬‬
‫‪104‬‬

‫وهذا مما تقرر معنا يف مبدأ وجوب نرصة املستضعفني واملظلومني يف املبحث األول‪،‬‬
‫وهو رضب من أرضب اجلهاد الواجب يف كل عرص‪ ،‬فعىل املسلمني نرصة إخواهنم املسلمني‪،‬‬
‫ودفع العدوان عليهم من أعداء اإلسالم‪ ،‬ودرء الفتنة عنهم يف دينهم واخلوف عنهم يف‬
‫نفوسهم وأمواهلم وأعراضهم‪ ،‬وأقل ما جيب عىل املسلمني نحو إخواهنم الذين خيوضون‬
‫معركة التحرير أال يقدموا تسهيالت لألعداء‪ ،‬بل جيب عرقلته وصده بكل مستطاع‪.‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬تطور التقسيم الفقهي للعامل ومفهوم األمة الواحدة‬
‫وشكل الدولية اإلسالمية املطلوبة‬
‫إن التغريات الدولية الكربى التي وقعت يف القرون األخرية قد ألقت بظالهلا عىل‬
‫مفاهيم ومباحث علم السياسة الرشعية والفقه السيايس اإلسالمي عموما‪ ،‬فقد فرضت تطورا‬
‫رض وريا كبريا عىل مستوى الفهم والتنزيل لعدد من قضايا السياسة والعالقات الدولية بني‬
‫املقاصد والوسائل وبني الثوابت واملتغريات‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬تطور التقسيم الفقهي للعامل‪ :‬دار اإلسالم ودار احلرب ودار العهد‪:‬‬
‫من املقررات يف الرشيعة اإلسالمية أن الدنيا كلها ‪-‬كام يذكر اإلمام الشافعي رمحه‬
‫اهلل‪ -‬بحسب األصل دار واحدة‪ ،‬وأرض اهلل الواسعة خللق اهلل مجي ًعا واحدة‪ ،‬ال حيظر عىل‬
‫أحد مكان منها إال بسبب معترب يف الرشع يوجب ذلك‪.‬‬
‫وقد عرف يف الفقه اإلسالمي يف وقت مبكر تقسيم علامء اإلسالم العاملَ إىل‪ :‬دار‬
‫اإلسالم ودار احلرب‪ ،‬ومرد هذا التقسيم إىل ثقافة ذلك العرص وطبيعة احلروب التي كانت‬
‫تقوم فيه عىل أساس ديني‪ ،‬ويالحظ أن الفهم غري الدقيق هلذه املسألة أسهم يف تشكيل موقف‬
‫سلبي لدى الكثري من غري مسلمي عرصنا‪ ،‬بل وحتى صار يشكل غبشا فكريا عىل بعض أبناء‬
‫اإلسالم‪.‬‬

‫مبادئ العالقات الدولية يف اإلسالم يف ظل املتغريات املعارصة ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ أمحد ياسني لغويني‪ -‬د‪.‬عباس حفص‬
‫اجمللد (‪ )20‬ـ العدد (‪ )01‬ـ ‪2023‬‬
‫‪105‬‬ ‫‪ISSN: 1112-4938, EISSN: 2600-6456‬‬

‫وخالصة ما ذكره الفقهاء حول (دار اإلسالم) يف بيان رشوطها‪:‬‬


‫‪ -1‬أن تكون السلطة واملنعة فيها للمسلمني‪ ،‬وإن مل يكن جل سكاهنا مسلمني‪ ،‬بل قال‬
‫بعضهم‪ :‬ولو مل يكن فيها مسلمون غري مسلمون غري احلكام‪.‬‬
‫‪ -2‬أن تظهر فيها أحكام اإلسالم وشعائره‪ ،‬ولو جزئيا‪ ،‬مثل أحكام األرسة واألحوال‬
‫الشخصية‪ ،‬وظهور شعائر اإلسالم مثل‪ :‬بناء املساجد‪ ،‬وإقامة اجلمع واجلامعات‪ ،‬وصيام‬
‫رمضان وغري ذلك من الشعائر‪.‬‬
‫‪ -3‬أن يأمن املسلمون فيها عىل أنفسهم بحكم إسالمهم‪ ،‬وأهل الذمة بمقتىض عقد ذمتهم‪.‬‬
‫أما (دار احلرب) فهي التي يكون السلطان فيها ألهل الكفر‪ ،‬فال جتري فيها أحكام‬
‫اإلسالم‪ ،‬وال تقام فيها شعائره‪ ،‬وال يأمن أهلها بأمان املسلمني‪.36‬‬
‫وبعض العلامء ذهب إىل تقسيم ثالثي‪ ،‬بإضافة (دار العهد) وتسمى بأسامء أخرى مثل‬
‫"دار الصلح" و"دار املوادعة" و"دار املهادنة"‪ ،‬وهي التي كان بينها وبني املسلمني عهد عُقد‬
‫ابتداء‪ ،‬أو عُقد عند ابتداء القتال معها‪ ،‬عندما خيريهم املسلمون بني العهد أو اإلسالم أو القتال‬
‫فأهلها يعقدون صلحا مع احلاكم اإلسالمي عىل رشوط تشرتط من الفريقني‪.37‬‬
‫وهناك من أضاف دارا رابعة سموها "دار احلياد"‪ ،‬ورأى آخرون أن الدار الرابعة‬
‫سموها "دار البغي" أي التي يكون األمر فيها للبغاة‪.38‬‬
‫التكييف الفقهي لتقسيم العامل يف العرص احلارض‪:‬‬
‫رغم أن عاملنا اجلديد –يف عرص العوملة‪ -‬مل يعد مقسام عىل أساس ديني‪ ،‬إال أنه يمكن‬
‫القول أن التقسيم الثالثي للعامل ال زال له جمال‪ ،‬وذلك كام ييل‪:‬‬
‫‪ -1‬دار اإلسالم يف العرص احلارض‪ :‬مجيع البالد اإلسالمية‪ ،‬واملقصود البلدان التي‬
‫تسكنها اليوم غالبية مسلمة وإن ختلف حكامها عن حتكيم الرشيعة اإلسالمية‪.‬‬

‫‪https://www.asjp.cerist.dz/en/PresentationRevue/202‬‬ ‫جامعة الوادي ـ اجلزائر ‪..............................‬‬


‫اجمللد (‪ )20‬ـ العدد (‪ )01‬ـ ‪2023‬‬
‫‪ISSN: 1112-4938, EISSN: 2600-6456‬‬
‫‪106‬‬

‫‪ -2‬دار العهد يف العرص احلارض‪ :‬تعترب مجيع بلدان العامل بالنسبة للمسلمني اليوم (دار‬
‫العهد) باستثناء دولة الكيان الصهيوين‪ ،‬فالبلدان املسلمة مرتبطة وملتزمة مع دول العامل بـ‬
‫(ميثاق األمم املتحدة) إذ هي دول أعضاء يف هذه اهليئة‪.‬‬
‫‪ -3‬دار احلرب يف العرص احلارض‪ :‬دولة الكيان الصهيوين (إرسائيل) هي وحدها (دار‬
‫احلرب) اليوم‪ ،‬ألهنا دولة مغتصبة حمتلة باملكر والقوة الغاشمة‪ ،‬قامت عىل التقتيل واملجازر‬
‫البرشية‪ ،‬وترشيد أصحاب األرض وهتجريهم يف اآلفاق إىل اليوم‪ ،‬ولذلك ال خيتلف املسلمون‬
‫يف اعتبارها (دار حرب)‪ ،‬جيب اجلهاد لتحريرها وإرجاعها للحارضة اإلسالمية‪ ،‬وحتقيق‬
‫العودة ألهلها إىل ديارهم وأرضهم‪.39‬‬
‫الفرع الثاين‪ :‬مفهوم األمة الواحدة‪:‬‬
‫لقد ظل مفهوم "األمة الواحدة" التي جتمعها رابطة اإلسالم وحتميها شوكة الدولة منذ‬
‫قرره النص القرآين الرصيح "وأن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون"(األنبياء‪:‬‬
‫اآلية‪ ،)92:‬إىل أن سقطت اخلالفة العثامنية‪ ،‬وتشكل نظام دويل جديد أصبحت فيه األمة‬
‫اإلسالمية غري موجودة من الناحية القانونية‪ ،‬حيث ال تقر (هيئة األمم املتحدة) بأمة إسالمية‪،‬‬
‫وإنام ببقايا دولة اإلسالم التي صارت دويالت ضعيفة توصف كل واحدة منها "أمة" كام تذكر‬
‫دساتري الوطنية كذلك‪ ،‬وفق التقسيم املسموم املشؤوم الذي فرض عىل شعوب املسلمني‪،‬‬
‫عىل إثر ما يعرف باتفاق "سايكس بيكو" الذي أجهز عىل تركة الدولة العثامنية‪ ،‬دويالت‬
‫ضعيفة قائمة عىل أفكار وافدة تقدس الرتاب وتتحاكم لقيم الوطنية والقومية‪ ،‬وال تلتفت‬
‫للدين‪ ،‬وال تعرف مفهوم األمة الواحدة املرتابطة برباط الدين‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪" :‬الديمقراطية"‪" ،‬اخلالفة"‪" ،‬الدولة اإلسالمية"‪ ،‬هل هناك هيكل رشعي‬
‫مقصود؟‬

‫مبادئ العالقات الدولية يف اإلسالم يف ظل املتغريات املعارصة ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ أمحد ياسني لغويني‪ -‬د‪.‬عباس حفص‬
‫اجمللد (‪ )20‬ـ العدد (‪ )01‬ـ ‪2023‬‬
‫‪107‬‬ ‫‪ISSN: 1112-4938, EISSN: 2600-6456‬‬

‫الديمقراطية حكم أو سلطة الشعب‪ ،‬ويقصد هبا حكم الشعب بواسطة الشعب أو من‬
‫خالل اختيار الشعب ملن ينوب عنه يف احلكم‪ ،‬ويمكن القول بأن تداول كلمة الديمقراطية يف‬
‫أوروبا ازداد منذ القرن السابع عرش وخاصة يف القرن الثامن عرش وذلك من خالل ازدهار‬
‫الليربالية السياسية‪ ،‬أما بالنسبة للعرب فلم تدخل كلمة الديمقراطية اللغة العربية إال من‬
‫خالل الغرب يف أواخر القرن التاسع عرش‪.40‬‬
‫خيلص الكثري من املعارصين إىل أن الديمقراطية هي أفضل صيغة ابتكرها العقل‬
‫اإلنساين حتى اآلن لإلدارة السياسية للمجتمع‪ ،‬حيث تعترب مقابال للشورى أو تطبيقا معارصا‬
‫هلا‪ ،‬وأنه ال تعارض بني اإلسالم والديمقراطية‪ ،‬من حيث هي آليات ووسائل؛ ال توجب‬
‫اعتقادا خمالفا للرشع‪ ،‬أو حتل حراما أو حترم حالال‪ ،‬وإنام هي طريقة لتنظم احلياة السياسية‬
‫واالجتامعية واالقتصادية للمجتمعات اإلنسانية‪.41‬‬
‫ويمكن القول أنه ال وجود يف اإلسالم املنزَّ ل –أي القرآن وصحيح السنة‪ -‬ملا يسميه‬
‫البعض "نظام احلكم اإلسالمي" أو‪" :‬نظام اخلالفة اإلسالمية"‪ ،‬بل "اخلالفة" نفسها إنام هي‬
‫معنى إمجايل‪ ،‬أمجع املسلمون عىل رشعيته ورضورته‪ ،‬ولكنه ليس نظاما‪ .‬وحتى لفظ "اخلالفة"‪،‬‬
‫ً‬
‫وقبله لفظ "اخلليفة"‪ ،‬إنام هو واحد من األلفاظ املعرب هبا عن الدولة اإلسالمية اجلامعة‪ ،‬وعن‬
‫رأسها وقائدها‪ ،‬وهو لفظ من ألفاظ أخرى استعملت أو يمكن استعامهلا‪ ،‬مثل اإلمامة‬
‫واإلمام‪ ،‬واإلمارة واألمري‪ ،‬والرئاسة والرئيس‪ ،‬وأمري املؤمنني وأمري املسلمني‪ .‬ومجيع هذه‬
‫املصطلحات واأللقاب ال حتيل عىل نظام رشعي حمدد موصوف‪ ،‬وال حتى عىل جتربة تارخيية‬
‫موحدة أو متشاهبة‪ ،‬بل هي أنامط عديدة‪ ،‬ختتلف باختالف الدول واألقطار واألفرا د‪.42‬‬
‫وحتى "اخلالفة الراشدة" نفسها‪ ،‬وهي النموذج األمثل يف الباب‪ ،‬كان بني عهودها‬
‫األربعة اختالفات سياسية وتنظيمية معروفة‪ ،‬مع أن فرتة اخللفاء األربعة كلهم هي فرتة قصرية‬

‫‪https://www.asjp.cerist.dz/en/PresentationRevue/202‬‬ ‫جامعة الوادي ـ اجلزائر ‪..............................‬‬


‫اجمللد (‪ )20‬ـ العدد (‪ )01‬ـ ‪2023‬‬
‫‪ISSN: 1112-4938, EISSN: 2600-6456‬‬
‫‪108‬‬

‫جدا‪ ..‬فالنظام السيايس‪ ،‬والتدبري السيايس‪ ،‬والقرار السيايس‪ ،‬والعالقات واملؤسسات‬


‫السياسية‪ ،‬هذ ه كلها أمور مل جيمعها يف حقبة اخللفاء الراشدين‪ ،‬سوى املبادئ والتوجهات‬
‫العامة‪ ،‬مع العدل والنزاهة واالستقامة‪ ،‬التي يعرب عنها بوصف اخلالفة الراشدة‪ ،‬ووصف‬
‫اخللفاء األربعة ‪-‬اخلمسة‪ -‬باخللفاء الراشدين‪.43‬‬
‫وبالتايل فإن االعتبار الرشعي ملدى قيام الدولة اإلسالمية عىل مجع املسلمني ورعاية‬
‫مصاحلهم يف العاجل واآلجل‪.‬‬

‫مبادئ العالقات الدولية يف اإلسالم يف ظل املتغريات املعارصة ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ أمحد ياسني لغويني‪ -‬د‪.‬عباس حفص‬
‫اجمللد (‪ )20‬ـ العدد (‪ )01‬ـ ‪2023‬‬
‫‪109‬‬ ‫‪ISSN: 1112-4938, EISSN: 2600-6456‬‬

‫خامتة‪:‬‬
‫يف ختام هذا البحث أورد أهم النتائج واخلالصات التي توصلت إليها‪:‬‬
‫‪ -‬ضبط اإلسالم جمال العالقات الدولية بقواعد رشعية كلية تنظم العالقة بني الدولة‬
‫اإلسالمية وغريها من دول العامل‪.‬‬
‫‪ -‬املبادئ الكلية يف العالقات الدولية تعترب يف الرشيعة اإلسالمية من األمور الثوابت التي‬
‫ال تقبل التغري أو التبدل عىل كل حال‪.‬‬
‫‪ -‬واقع العالقات الدولية خاضع للتغري املستمر تبعا لتغري األعراف الدولية واملعاهدات‬
‫الدولية املتجددة‪ ،‬وهو جمال نظر واجتهاد ألهل الفقه يف السياسة الرشعية‪.‬‬
‫‪ -‬من أبرز املتغريات الدولية التي وقعت يف هذا العرص سقوط اخلالفة اإلسالمية وجتزؤ‬
‫أطراف األمة اإلسالمية الواحدة إىل جمموعة من الدويالت ضعيفة السيادة مسلوبة‬
‫اإلرادة مشوشة اهلوية‪.‬‬
‫‪ -‬انعكس سقوط اخلالفة اإلسالمية بشكل مبارش عىل واقع العالقات الدولية يف العامل‪،‬‬
‫حيث استبدلت املبادئ التي رعتها دولة اإلسالم لقرون بمبادئ غربية صورية مادية‬
‫استغاللية‪ ،‬وبذلك فقد العامل أكرب دولة نارصة للمظلومني وللقضايا الدولية العادلة‪.‬‬
‫‪ -‬انتهى التنظيم الدويل املعارص إىل مواثيق ومعاهدات دولية وعالقات دبلوماسية تنظم‬
‫عالقات الدول فيام بينها‪ ،‬وغدت احلدود اإلقليمية للدول مرعية وحمرتمة‪ ،‬فال يقبل من‬
‫دولة أن خترتق حدود دولة أخرى‪ ،‬وإذا فعلت ذلك اعتُرب عدوانا منها عىل تلك الدولة‬
‫تدينه (هيئة األمم املتحدة)‪ ،‬وقد يدينه (جملس األمن) الذي يملك القوة التنفيذية‬
‫لتطبيق قرارات األمم املتحدة‪ ،‬ويعا َقب املُدان بفرض عقوبات اقتصادية أو عسكرية‪.‬‬
‫وال شك أن هلذا الواقع الدويل أثر مبارش عىل عالقات احلرب والسلم‪.‬‬

‫‪https://www.asjp.cerist.dz/en/PresentationRevue/202‬‬ ‫جامعة الوادي ـ اجلزائر ‪..............................‬‬


‫اجمللد (‪ )20‬ـ العدد (‪ )01‬ـ ‪2023‬‬
‫‪ISSN: 1112-4938, EISSN: 2600-6456‬‬
‫‪110‬‬

‫‪ -‬خالصة االجتهاد الفقهي لعلامء العرص يف تكييف طبيعة العالقات الدولية بني الدول‬
‫املسلمة وغريها يف هذا العرص‪ :‬أن مجيع دول العامل املوقعة عىل مواثيق "األمم املتحدة"‬
‫هي دول معاهدة‪ ،‬فاألصل يف العالقة معها السلم‪ ،‬باستثناء الكيان الصهيوين املغتصب‬
‫ألرض اإلسالم فلسطني فإنه حمارب‪ ،‬والعالقة معه احلرب فقط‪.‬‬
‫‪ -‬من أعراف هذا العرص ما يعرف بالديمقراطية‪ ،‬وتدى عي الدول العظمى أهنا تسعى‬
‫إلحالهلا يف مجيع العامل كنظام عادل شامل للمجتمعات املختلفة‪ ،‬وباسم ذلك ختتلق‬
‫األزمات لتفرض التدخل يف شؤون الدول املستضعفة‪ ،‬واحلال أن املسلمني من أكرب‬
‫ضحايا هذا املسلك‪ .‬لكن ذلك ال يمنع من القول بأن الديمقراطية مقبولة كأداة لتنظيم‬
‫املجتمع ليختار من يرتضيه لقيادته ملصلحته‪ ،‬إذ أن االعتبار الرشعي ليس لصورة‬
‫حكمية تارخيية‪ ،‬وإنام االعتبار ملدى قيام الدولة اإلسالمية عىل مجع املسلمني ورعي‬
‫مصاحلهم يف العاجل واآلجل‪.‬‬

‫اهلوامش‪:‬‬

‫‪ 1‬مصطفى السباعي‪ ،‬املرونة والتطور يف الترشيع اإلسالمي‪ ،‬هذا هو اإلسالم‪ ،‬املكتب اإلسالمي‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪ ،1979‬ص‪.8،12‬‬
‫‪ 2‬مجال الدين ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬دار صادر‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪ ،1993 ،3‬ج‪ ،17‬ص‪.76‬‬
‫‪ 3‬ابن قيم اجلوزية‪ ،‬إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان‪ ،‬مكتبة املعارف‪ ،‬السعودية‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.331‬‬
‫‪ 4‬مجال الدين ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ج‪ ،10‬ص‪ .261‬و‪ :‬زين الدين الرازي‪ ،‬خمتار الصحاح‪،‬‬
‫املكتبة العرصية‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪ ،1999 ،5‬ص‪.216‬‬
‫‪ 5‬مجال الدين ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ج‪ ،11‬ص‪.252‬‬

‫مبادئ العالقات الدولية يف اإلسالم يف ظل املتغريات املعارصة ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ أمحد ياسني لغويني‪ -‬د‪.‬عباس حفص‬
‫اجمللد (‪ )20‬ـ العدد (‪ )01‬ـ ‪2023‬‬
‫‪111‬‬ ‫‪ISSN: 1112-4938, EISSN: 2600-6456‬‬

‫‪ 6‬منصور ميالد يونس‪ ،‬مقدمة لدراسة العالقات الدولية‪ ،‬جامعة نارص‪ ،‬ليبيا‪ ،1991 ،‬ص‪.11‬‬
‫‪ 7‬إبراهيم حممد البلولة‪ ،‬العالقات الدولية‪ :‬مفهومها‪ ،‬وقواعدها الرشعية‪ ،‬وتطبيقاهتا العملية يف ضوء القرآن‬
‫الكريم‪ ،‬أعامل املؤمتر العاملي للقرآن الكريم الكتاب الرابع‪ ،‬جامعة إفريقيا العاملية‪ ،‬السودان‪ ،2011 ،‬ص‪.67‬‬
‫‪ 8‬عصام عبد الشايف‪ ،‬مفهوم العالقات الدولية‪ :‬إشكاالت التعريف‪ ،‬موقع‪ :‬املعهد املرصي للدراسات‪،‬‬
‫ت‪.‬النرش ‪ .2016‬ت‪.‬الزيارة ‪.2021/10/10‬‬
‫‪ 9‬عيل بن نايف الشحود‪ ،‬اخلالصة يف فقه األقليات‪ ،‬بحث منشور عىل النت‪ ،2008 ،‬ص‪.557‬‬
‫‪ 10‬حممد بن خمتار الشنقيطي‪ ،‬األزمة الدستورية يف احلضارة اإلسالمية‪ ،‬منتدى العالقات العربية والدولية‪،‬‬
‫قطرا ‪ ،‬ط‪ ،2014 ،1‬ص‪.108‬‬
‫‪ 11‬أمحد ابن تيمية‪ ،‬السياسة الرشعية يف إصالح الراعي والرعية‪ ،‬وزارة الشؤون اإلسالمية‪ ،‬السعودية‪،1997 ،‬‬
‫ص‪.211‬‬
‫‪ 12‬صحيح البخاري‪ ،‬دار طوق النجاة‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪ ،2001 ،1‬ج‪ ،2‬ج‪ ،4‬ص‪.175‬‬
‫‪ 13‬صحيح البخاري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.176‬‬
‫‪ 14‬وهبة الزحييل‪ ،‬الفقه اإلسالمي وأدلته‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬سوريا‪ ،‬ط‪ ،2‬سنة ‪ ،1985‬ج‪ ،6‬ص‪.720‬‬
‫‪ 15‬سنن ابن ماجه‪ ،‬دار إحياء الكتب العربية‪ ،‬مرص‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪ .1223‬ومسند البزار‪ ،‬مكتبة العلوم واحلكم‪،‬‬
‫السعودية‪ ،‬ط‪ ،2009 ،1‬ج‪ ،12‬ص‪.188‬‬
‫‪ 16‬مناهج جامعة املدينة العاملية‪ ،‬مقرر السياسة الرشعية ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.741‬‬
‫‪ 17‬حممد أبو زهرة‪ ،‬العالقات الدولية يف اإلسالم‪ ،‬دار الفكر العريب‪ ،‬مرص‪ ،‬دط‪ ،1995 ،‬ص‪.25‬‬
‫‪ 18‬مناهج جامعة املدينة العاملية‪ ،‬مقرر السياسة الرشعية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.745،746‬‬
‫‪ 19‬صحيح مسلم‪ ،‬دار إحياء الرتاث العريب‪ ،‬لبنان‪ ،‬دط‪ ،‬ج‪ ،3‬ص‪.1358‬‬
‫‪ 20‬حممد أبو زهرة‪ ،‬العالقات الدولية يف اإلسالم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.35‬‬
‫‪ 21‬عبد العزيز اخلياط‪ ،‬املعاهدات واالتفاقات من العالقات الدولية يف أثناء السلم‪ ،‬جملة جممع الفقه اإلسالمي‬
‫التابع ملنظمة املؤمتر اإلسالمي‪ ،‬السعودية‪ ،‬العدد السابع‪ ،1992 ،‬ج‪ ،7‬ص‪.1675‬‬
‫‪ 22‬مناهج جامعة املدينة‪ ،‬السياسة الرشعية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.760‬‬
‫‪ 23‬عبد العزيز اخلياط‪ ،‬املعاهدات واالتفاقات من العالقات الدولية يف أثناء السلم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ج‪،7‬‬
‫ص‪.1673‬‬
‫‪ 24‬مناهج جامعة املدينة العاملية‪ ،‬مقرر السياسة الرشعية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.756-755‬‬

‫‪https://www.asjp.cerist.dz/en/PresentationRevue/202‬‬ ‫جامعة الوادي ـ اجلزائر ‪..............................‬‬


‫اجمللد (‪ )20‬ـ العدد (‪ )01‬ـ ‪2023‬‬
‫‪ISSN: 1112-4938, EISSN: 2600-6456‬‬
‫‪112‬‬

‫‪ 25‬أمحد ابن تيمية‪ ،‬جمموع الفتاوى‪ ،‬جممع امللك فهد لطباعة املصحف الرشيف‪ ،‬السعودية‪ ،‬دط‪،1995 ،‬‬
‫ج‪ ،28‬ص‪.358‬‬
‫‪ 26‬حممد بن جرير الطربي‪ ،‬جامع البيان يف تأويل القرآن‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬سوريا‪ ،‬ط‪ ،2000 ،1‬ج‪،8‬‬
‫ص‪.543‬‬
‫‪ 27‬احلافظ ابن امللقن‪ ،‬البدر املنري‪ ،‬دار اهلجرة ‪ ،‬السعودية‪ ،‬ط‪ ،2004 ،1‬ج‪ ،7‬ص‪.325‬‬
‫‪ 28‬عبد العزيز اخلياط‪ ،‬املعاهدات واالتفاقات من العالقات الدولية يف أثناء السلم ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.1673‬‬
‫‪ 29‬إبراهيم حممد البلولة‪ ،‬العالقات الدولية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.72‬‬
‫‪ 30‬حممد أبو زهرة‪ ،‬العالقات الدولية يف اإلسالم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.38‬‬
‫‪ 31‬إمام احلرمني عبد امللك اجلويني‪ ،‬غياث األمم يف التياث الظلم‪ ،‬دار الدعوة‪ ،‬ط‪ ،1980 ،2‬ص‪-385‬‬
‫‪.386‬‬
‫‪ 32‬حممد عامرة‪ ،‬العامل اإلسالمي واملتغريات الدولية الراهنة‪ ،‬دار الوفاء‪ ،‬مرص‪ ،‬ط‪ ،1997 ،1‬ص‪.29،30‬‬
‫‪ 33‬حممد عامرة‪ ،‬العامل اإلسالمي واملتغريات الدولية الراهنة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.9‬‬
‫‪ 34‬يوسف القرضاوي‪ ،‬فقه اجلهاد دراسة مقارنة ألحكامه وفلسفته يف ضوء القرآن والسنة ‪ ،‬مكتبة وهبة‪،‬‬
‫مرص‪ ،‬ط‪ ،2010 ،3‬ص‪.1336‬‬
‫‪ 35‬يوسف القرضاوي‪ ،‬فقه اجلهاد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.1329-1325‬‬
‫‪ 36‬يوسف القرضاوي‪ ،‬فقه اجلهاد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.877‬‬
‫‪ 37‬حممد أبو زهرة‪ ،‬العالقات الدولية يف اإلسالم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.59‬‬
‫‪ 38‬حممد العبيدي‪ ،‬أصول العالقات الدولية يف اإلسالم ورأي الشيباين يف املعاهدات‪ ،‬جملة الدراسات التارخيية‬
‫واحلضارية‪ ،‬العراق‪ ،‬ص ‪.80‬‬
‫‪ 39‬يوسف القرضاوي‪ ،‬فقه اجلهاد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.900‬‬
‫‪ 40‬حممد عبد العزيز أبو النجا‪ ،‬العلامنية الليربالية الديمقراطية الدولة املدنية يف ميزان اإلسالم‪ ،‬اللجنة العلمية‬
‫بجمعية الرتتيل‪ ،‬مرص‪ ،2011 ،‬ط‪ ،3‬ص‪.21‬‬
‫‪ 41‬فهمي هويدي‪ ،‬اإلسالم والديمقراطية‪ ،‬مركز األهرام للنرش‪ ،‬مرص‪ ،‬ط‪ ،1993 ،1‬ص‪.8،9‬‬
‫‪ 42‬أمحد الريسوين‪ ،‬فقه الثورة مراجعات يف الفقه السيايس اإلسالمي‪ ،‬دار الكلمة‪ ،‬مرص‪ ،2013 ،‬ص‪.84،85‬‬
‫‪ 43‬أمحد الريسوين‪ ،‬فقه الثورة مراجعات يف الفقه السيايس اإلسالمي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.85‬‬

‫مبادئ العالقات الدولية يف اإلسالم يف ظل املتغريات املعارصة ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ أمحد ياسني لغويني‪ -‬د‪.‬عباس حفص‬

You might also like