You are on page 1of 138

‫الدراسات اإلسالمية‬

‫السلم‪ 112 :‬عام‬

‫إعداد الدكتور‬
‫محمد بن عبد العزيز بن سعيد‬

‫‪-0-‬‬
‫مادة‬
‫الدراسات اإلسالمية‬
‫السلم‪ 112 :‬عام‬

‫إعداد الدكتور‪ :‬محمد بن عبد العزيز بن سعيد‬

‫نسخة تجريبية إلبداء المالحظات أرجو التواصل على اإليميل‬


‫‪mbinsaeed@alfaisal.edu‬‬
‫‪1436‬ه – ‪2015‬م‬

‫‪-1-‬‬
‫مقدمة‬
‫احلمد هلل وحده والصالة والسالم على من ال نيب بعده‪ ،‬وبعد ‪:‬‬
‫فإن من أعظم القربات إىل اهلل تعاىل طلب العلم الشرعي‪ ،‬ومعرفة دين اهلل على بصرية‬
‫وهو من عالمة اخلريية يف اجملتمع ‪ -‬ذكورا وإناثا‪ -‬حينما يعتين بشرع اهلل تعاىل تعلما وتعليما‬
‫وعمال قال تعاىل‪ { :‬قل هذه سبيلي أدعو إلى هللا على بصيرة أنا ومن‬
‫اتبعني }‪ ،‬و قال ‪ " :‬من يرد اهلل به خريا يفقهه يف الدين "‪.‬‬
‫وقد أعددت هذا املنهج مضمنا إياه ما حيتاجه الطالب والطالبة مما يتعلق ببناء اجملتمع‬
‫املسلم بناء سليما ‪ ،‬وذلك بذكر مفهومه و منهج بنائه ومصادر الرتبية فيه ‪ ،‬و مساته ‪ ،‬و‬
‫التطرق جلملة من املشكالت اليت حتف بأفراده وسبل الوقاية منها ‪ ،‬وبيان األحكام املتعلقة‬
‫باألسرة يف اجلملة ؛ ليخرج لنا جيل واع و متوازن حيافظ على مبادئه وقيمه وهويته‪ ،‬ويكون‬
‫خري عدة لدينه ووطنه ‪.‬‬
‫وقد اعتمدت يف تأليف هذا املنهج على مراجع كثرية منها املقررات اجلامعية ؛ لكي ال‬
‫خنرج عن اإلطار املرسوم يف اجلامعات األخرى‪ ،‬كما وضعته على أحدث النظريات الرتبوية‬
‫من مناهج وطرق تدريس‪ ،‬وعلم نفس تربوي‪ ،‬وغريها وأضفت زيادات بسيطة اقرتحها مجلة‬
‫من الطالب والطالبات جزاهم اهلل خري اجلزاء فرأيت أمهيتها واحلاجة إىل إضافتها ‪ ،‬فجاء‬
‫املقرر منوع األساليب التدريسية‪ ،‬والتعليمية متوافقا مع الثقافات املختلفة‪.‬‬

‫كما مت تزويد املنهج بالرسوم التوضيحية‪ ،‬واألنشطة التعليمية وملفات اإلجناز ؛ حماوال أن‬
‫أبرز مقرر الدراسات اإلسالمية يف حلة جديدة بأسلوب علمي سهل يسري على من يقوم‬
‫بتعليمه وتعلمه ‪.‬‬
‫وعلى الرغم من هذا أجد أن الفصل الدراسي الواحد ال يكفي إلضافة كل املواضيع‬
‫املتعلقة ببناء اجملتمع وأحكام األسرة ‪ ،‬ولكن حسبنا من القالدة ما أحاط بالعنق؛ لذلك‬
‫ينبغي ملن يدرس هذا املنهج أن يسهم يف إثراء احملاضرة مبشاركات طالبية تضفي نوعا من‬
‫التكامل والتوازن والتناغم ‪ ،‬وقد أرفقت يف هناية املنهج ملحقا يضم مواضيع متعددة ليشارك‬
‫هبا الطالب والطالبات خالل الفصل الدراسي ‪.‬‬

‫‪-2-‬‬
‫هذا‪ ،‬واهلل أسأل أن جيعل هذا العمل خالصا لوجهه الكرمي‪ ،‬موصال ملرضاته سبحانه إنه‬
‫‪.‬‬ ‫مسيع جميب‪.‬‬
‫د‪ /‬حممد بن عبد العزيز بن سعيد‬
‫‪1438/3/4‬ه‬

‫‪-3-‬‬
‫األهداف العامة للمقرر‬
‫يتوقع من الدارس بعد إنهائه هذه الوحدة ما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬يوضح املقصود باجملتمع ‪.‬‬
‫‪ -2‬يؤمن بتميز اجملتمع اإلسالمي‪.‬‬
‫‪ -3‬يعدد مسات اجملتمع اإلسالمي‪.‬‬
‫‪ -4‬يناقش عوامل حتقيق األمن الفكري يف اجملتمع اإلسالمي‪.‬‬
‫‪ -5‬يعدد القواعد الوقائية من الشبهات الفكرية املعاصرة‪.‬‬
‫‪ -6‬يناقش األحكام الشرعية املتعلقة باألمر باملعروف والنهي عن املنكر‪.‬‬
‫‪ -7‬يشرح املقصود باملشكالت االجتماعية‪.‬‬
‫‪ -8‬يؤمن بأمهية التمسك باآلداب واألحكام الشرعية‪.‬‬
‫‪ -9‬يناقش املفاهيم األساسية ببعض املشكالت االجتماعية‪.‬‬
‫يتجنب األسباب املؤدية لالحنراف اجلنسي‪.‬‬ ‫‪-10‬‬
‫حيذر املخدرات واملسكرات‪.‬‬ ‫‪-11‬‬
‫يوضح خطورة التدخني‪.‬‬ ‫‪-12‬‬
‫يؤمن خبطورة التقليد والتبعية لغري املسلمني‪.‬‬ ‫‪-13‬‬
‫يؤمن حبماية اإلسالم لألسرة‪.‬‬ ‫‪-14‬‬
‫يناقش األحكام املتعلقة باألسرة‪.‬‬ ‫‪-15‬‬
‫يناقش األحكام الشرعية املتعلقة بالنكاح‪.‬‬ ‫‪-16‬‬
‫حيذر املخالفات الشرعية يف الزواج‪.‬‬ ‫‪-17‬‬
‫يعدد صورا للمخالفات الشرعية يف الزواج‪.‬‬ ‫‪-18‬‬
‫يبني احلقوق الزوجية‪.‬‬ ‫‪-19‬‬
‫يناقش األحكام املتعلقة بالطالق‪.‬‬ ‫‪-20‬‬

‫‪-4-‬‬
‫وحدات المقرر‬

‫‪ -‬الوحدة األولى‪ :‬سمات المجتمع اإلسالمي‪.‬‬


‫‪ -‬الوحدة الثانية‪ :‬أبرز المشكالت االجتماعية‪ ،‬أسبابها وعالجها‪.‬‬
‫‪ -‬الوحدة الثالثة‪ :‬أحكام األسرة في اإلسالم‪.‬‬

‫‪-5-‬‬
‫الوحدة األولى‬
‫سمات المجتمع اإلسالمي‬

‫األهداف العامة للوحدة‪:‬‬


‫يتوقع من الدارس بعد إنهائه هذه الوحدة ما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬يؤمن بتميز اجملتمع اإلسالمي‪.‬‬
‫‪ -2‬يعدد مسات اجملتمع اإلسالمي‪.‬‬
‫‪ -3‬يناقش عوامل حتقيق األمن الفكري يف اجملتمع اإلسالمي‪.‬‬
‫‪ -4‬يعدد القواعد الوقائية من الشبهات الفكرية املعاصرة‪.‬‬
‫‪ -5‬يناقش األحكام الشرعية املتعلقة باألمر باملعروف والنهي عن املنكر‪.‬‬

‫موضوعات الوحدة‪:‬‬

‫‪ ‬املوضوع األول‪ :‬اجملتمع (املفهوم‪ ،‬املكونات األساسية)‪.‬‬


‫‪ ‬املوضوع الثاين‪ :‬مفهوم اجملتمع املسلم ومنهج بنائه ومصادر الرتبية ‪.‬‬
‫‪ ‬املوضوع الثالث‪ :‬بيان مسات اجملتمع اإلسالمي‪.‬‬

‫‪-6-‬‬
‫الموضوع األول‬
‫المجتمع (المفهوم‪ ،‬المكونات األساسية)‬

‫خلق اهلل اإلنسان على أن يكون ألوفا بطبيعته‪ ،‬حمبا لالجتماع‪ ،‬فليس بوسع إنسان أن‬
‫يعيش منفردا‪ ،‬ولقد ذكر املختصون بعلم النفس واالجتماع أن أقصى أنواع التعذيب لإلنسان‬
‫حبسه انفراديا‪ ،‬فحاجة الفرد إىل الفرد كحاجة العضو إىل العضو ‪ ،‬واخللية إىل اخللية(‪.)1‬‬
‫ورغم أن التفكري االجتماعي قدمي قدم اإلنسان نفسه‪ ،‬إال أن االجتماع اإلنساين مل يصبح‬
‫موضوعا للعلم إال يف فرتة الحقة‪ ،‬وكان أول من نبه إىل وجود هذا العلم‪ ،‬واستقالل موضوعه‬
‫عن غريه ابن خلدون حماوال ربط فكره و معتقداته اإلسالمية مبا شاهده يف رحالته‪ ،‬يف تفسري‬
‫العمران البشري واالجتماع اإلنساين‪ ،‬وألف كتابه " ديوان املبتدأ واخلرب يف تاريخ العرب‬
‫والرببر ومن عاصرهم من ذوي الشأن األكرب"‪ ،‬واملعروف باسم مقدمة ابن خلدون‪ ،‬مث‬
‫ظهرت من بعد الفلسفات والنظريات اليت تسعى إىل تفسري حب الفرد إىل العيش يف‬
‫مجاعات‪ ،‬وتفسر سلوكياته يف حماولة لفهم السلوك اإلنساين االجتماعي و التنبؤ به يف‬
‫مواقف خمتلفة؛ واستفاد الغرب من آراء العلماء والفالسفة املسلمني بصفة عامة وابن خلدون‬
‫بصفة خاصة يف نشأة علم االجتماع (‪.)2‬‬
‫أوالً‪ :‬تعريف المجتمع‪:‬‬
‫‪ -‬المجتمع لغة‪ :‬موضع االجتماع واجلماعة من الناس(‪.)3‬‬
‫‪ -‬المجتمع اصطالحاً‪ :‬هناك العديد من التعريفات يف علم االجتماع حول اجملتمع إال‬
‫أهنا تنحصر حول عدد كبري من األفراد املستقرين يف منطقة جغرافية ما ‪ ،‬جتمعهم روابط‬
‫اجتماعية ومصاحل مشرتكة‪ ،‬تصحبها أنظمة تضبط سلوكهم وسلطة تراعها(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬انظر ‪ :‬اجملتمع اإلسالمي حملمد أمني املصري ص ‪ ، 8‬علم االجتماع واجملتمع من منظور إسالمي‪ ،‬أبو إلياس معتز‬
‫حممد عبد احلميد ‪.‬‬
‫(‪ )2‬رواد علم االجتماع‪ ،‬حممد شهاب‪.‬‬
‫(‪ )3‬انظر ‪ :‬املعجم الوسيط مادة مجع ص ‪.136‬‬
‫(‪ )4‬علم االجتماع واجملتمع من منظور إسالمي‪ ،‬أبو إلياس معتز حممد عبد احلميد ‪.‬‬

‫‪-7-‬‬
‫وقدميا كان يُشرتط يف اجملتمعات االستقرار يف مكان ما‪ ،‬ولكن اآلن مع التقنيات احلديثة‪،‬‬
‫واالتصاالت اليت ربطت العامل كله فأصبح كما يقال (قرية صغرية) فانتفى هذا الشرط‪ ،‬فمن‬
‫املمكن أن يكون هناك جمموعة من األفراد تربطهم روابط وأفكار ومصاحل مشرتكة‪ ،‬لكنهم يف‬
‫مناطق خمتلفة مرتامية األطراف‪ ،‬ولعل ذلك يتضح يف مصطلح اجملتمع اإلسالمي‪ ،‬فاجملتمع‬
‫اإلسالمي جمتمع له فكره وثقافته وجيمع أفراده مصاحل دنيوية وأخروية مشرتكة‪ ،‬ولديه نظام‬
‫الشريعة منظما له كما لديه السلطة اإلهلية راعية له(‪.)1‬‬
‫ثانياً‪ :‬المكونات األساسية للمجتمعات ‪:‬‬
‫اإلنسان‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫الروابط ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫املصاحل واألهداف املشرتكة ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫العرف أو القانون ‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫(‪)2‬‬
‫األرض ‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫مالحظات‪:‬‬
‫‪ -‬كلما كانت املؤسسات اليت تربط بني أفراد اجملتمع قوية وذات تأثري كلما زاد متاسك‬
‫تلك اجملتمعات‪.‬‬
‫‪ -‬كلما كانت البيئة اليت تتفاعل عليها هذه املكونات أكثر حتديدا كلما كان متاسك‬
‫هذا اجملتمع وجتانس أفراده أكرب‪.‬‬

‫(‪ )1‬علم االجتماع واجملتمع من منظور إسالمي‪ ،‬أبو إلياس معتز حممد عبد احلميد‪.‬‬
‫(‪ )2‬انظر ‪ :‬اجملتمع واألسرة يف اإلسالم للدكتور حممد طاهر اجلواليب ص ‪.14‬‬

‫‪-8-‬‬
‫الموضوع الثاني‬
‫تعريف المجتمع المسلم‬

‫إن اجملتمع املسلم ككل جمتمع إنساين له نفس العناصر األساسية املكونة لكل جمتمع‪ ،‬بيد أنه‬
‫يتميز ببعض الروابط كالعقيدة اإلسالمية‪ ،‬وحتكيم الشريعة فهو يزيد على العناصر السابقة‬
‫باعتماد اإلسالم عقيدة ومنهج حياة ‪.‬‬
‫وعلى هذا ميكن تعريفه بأنه ‪ :‬عدد هائل من األفراد املسلمني‪ ،‬مجعت بينهم مصاحل‪ ،‬وعاشوا‬
‫معا يف أرض واحدة‪ ،‬واتبعوا اإلسالم عقيدة‪ ،‬ومنهج حياة(‪.)1‬‬
‫منهج بناء المجتمع المسلم ‪:‬‬
‫لبناء جمتمع مسلم متمسك بثوابته اإلسالمية ال بد من االهتمام برتبية اإلنسان يف كل‬
‫املراحل واألحوال فردا يف األسرة‪ ،‬وتلميذا يف املدرسة‪ ،‬وطالبا يف اجلامعة‪ ،‬أو عامال يف‬
‫املصنع‪ ،‬أو موظفا يف اإلدارة‪ ،‬ورجال كان أم امرأة وتربيته يف شىت اجملاالت تربية روحية‪،‬‬
‫وبدنية‪ ،‬وعملية(‪.)2‬‬
‫مصادر التربية ‪:‬‬
‫مصادر الرتبية يف اإلسالم هي القرآن الكرمي‪ ،‬والسنة‪ ،‬واجتهادات أئمة أهل السنة‪ ،‬وما‬
‫يستمد من احلياة مما تقتضيه‪ ،‬وال يتعارض مع أحكام الشريعة‪.‬‬
‫وستتضح هذه املصادر من خالل ذكر األصول اليت ترتكز عليها تربية املسلم وهي ‪:‬‬
‫‪ -1‬عقيدة التوحيد‪ ،‬وأثرها يف السلوك اإلنساين‪.‬‬
‫‪ -2‬عبادة اهلل تعاىل‪ ،‬وإصالحها الفرد واجملتمع‪.‬‬
‫‪ -3‬تنظيم املعامالت حسب األحكام الشرعية‪.‬‬
‫‪ -4‬األخالق اإلسالمية‪ ،‬ودورها يف بناء العالقات االجتماعية‪.‬‬
‫‪ -5‬األمر باملعروف والنهي عن املنكر واثره الرتبوي‪.‬‬
‫‪ -6‬طلب العلم‪ ،‬ودوره يف وعي اجملتمع‪.‬‬

‫(‪ )1‬انظر ‪ :‬اجملتمع واألسرة يف اإلسالم حملمد طاهر اجلوايب ص ‪. 14‬‬


‫(‪ )2‬انظر ‪ :‬املصدر السابق ص ‪.22‬‬

‫‪-9-‬‬
‫‪ -7‬ضرورة العمل وقيمته‪ ،‬وأثره يف عزة النفس ويف ثواب اآلخرة‪.‬‬
‫‪ -8‬االعتزاز باإلسالم‪ ،‬ودفع الشبهات عنه‪.‬‬
‫فإذا ترىب أفراد اجملتمع على هذه األصول استقام سلوكهم وتآخوا‪ ،‬وسعوا مجيعا إىل تنميته مبا‬
‫حيقق مطالبهم الروحية كالعقيدة والعبادة‪ ،‬واملادية بتوفري متطلبات اجلسم مما أحل اهلل تعاىل‪.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫(‪ )1‬اجملتمع واألسرة يف اإلسالم حملمد طاهر اجلوايب ص ‪. 23-22‬‬

‫‪- 10 -‬‬
‫الموضوع الثالث‬
‫سمات المجتمع اإلسالمي‬

‫متيز اجملتمع اإلسالمي عن غريه من اجملتمعات بعدد من السمات جعلته حبق جمتمعا فريدا‪ ،‬مل‬
‫تعرف البشرية جمتمعا غريه مجع يف ثناياه هذه السمات احلميدة؛ ليكون أمنوذجا يرجتى ومثاال‬
‫حيتذى عند العقالء من بين البشر‪.‬‬
‫إن من أبرز مسات اجملتمع اإلسالمي أنه جمتمع‪:‬‬
‫ملتزم بالشرع‬

‫جاد‬

‫متسامح‬
‫مسات اجملتمع اإلسالمي‬

‫آمن‬

‫متناصح‬

‫تسوده املساواة‬

‫مرتاحم‬

‫مطيع ألويل األمر‬


‫ولعلنا هنا نتحدث عن بعض من هذه السمات‪:‬‬
‫السمة األولى‪ :‬مجتمع ملتزم بالشرع‬
‫ونعين هبذه السمة أن للمجتمع اإلسالمي مرجعيته العليا وهي الوحي بشقيه الكتاب والسنة‬
‫يصدر عنها اجملتمع يف كل تصرفاته‪ ،‬فهي اليت تدير شؤون أفراده وحتكم تصرفاهتم وهذا من‬
‫مقتضيات االستخالف يف األرض قال تعاىل‪ { :‬إِ َّنما كان ق ْول ال ُ‬
‫م ْؤ ِمنِين إِذا ُد ُعوا‬

‫‪- 11 -‬‬
‫م‬ ‫م أ ْن ي ُقو ُلوا س ِم ْعنا وأط ْعنا و ُأولئِك ُ‬
‫ه ُ‬ ‫إِلى ال َّل ِه ور ُ‬
‫سو ِل ِه ِلي ْح ُكم بيْن ُه ْ‬
‫ال ُم ْف ِل ُحون}(‪.)1‬‬
‫إن االلتزام والقيام مبا تأمر به شريعة اجملتمع هو دليل قوة االستمساك بالعقيدة‪ ،‬وهذا ما‬
‫جيعلنا نشدد على أن اجملتمع اإلسالمي جمتمع يقوم على أساس العقيدة وأهنا أكرب ميزة متيزه‬
‫عن غريه من اجملتمعات‪.‬‬
‫وهذا األمر يعين ما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬أن اجملتمع اإلسالمي حيتكم إىل قاعدة احلسن ما حسنه الشرع‪ ،‬والقبيح ما قبحه‬
‫الشرع‪.‬‬
‫‪ -2‬أنه جمتمع ملتزم التزاماُ ال حتويل عنه وال تبديل باألحكام الشرعية اليت تنظم تصرفات‬
‫األفراد وشؤون األسرة وأخالقيات اجملتمع‪.‬‬
‫‪ -3‬أن هذا اجملتمع يرى االلتزام جزءا من التزامه الديين وعبوديته هلل‪.‬‬
‫‪ -4‬أنه هذا اجملتمع ال يلتفت إىل تلك الدعوات اليت تصدر بني احلني واآلخر مغلفة‬
‫باسم احلرية والتطور وحقوق اإلنسان وهي يف حقيقتها تسعى إىل النيل من ثوابت اجملتمع‬
‫واملساس بالتزاماته جتاه مرجعيته العليا‪.‬‬
‫‪ -5‬أن هذا االلتزام الذي جيعل اجملتمع اإلسالمي متميزا‪ ،‬جيعله كذلك عرضة للنقد‪،‬‬
‫واهلجوم من قبل أعداء اإلنسانية الطاهرة وهو ما ينبغي أن يتنبه له أفراد اجملتمع اإلسالمي‪.‬‬
‫(‪)2‬‬

‫السمة الثانية‪ :‬مجتمع جاد‪:‬‬


‫يف اجملتمع اإلسالمي مظاهر عدة تشهد على أنه جمتمع جاد ال مكان فيه لصغائر األمور‬
‫وسفاسفها‪ ،‬وميكن أن نعد احلرص على العلم النافع والسعي إىل العمل الصاحل أبرز مظهرين‬
‫يتضح من خالهلما جدية هذا اجملتمع‪.‬‬

‫(‪ )1‬سورة النور‪ ،‬اآلية (‪.)51‬‬


‫(‪ )2‬انظر ‪ :‬اإلسالم وبناء اجملتمع تأليف الدكتور حسن عبد الغين أبو غدة وآخرون ص ‪. 30‬‬

‫‪- 12 -‬‬
‫المظهر األول‪ :‬العلم النافع‬
‫إن العلم النافع هو كل علم حيقق مرضاة اهلل تعاىل وجيلب النفع لعباده‪ ،‬فاجملتمع اإلسالمي‪،‬‬
‫يرحب هبذا العلم ويهيئ املناخ املناسب له؛ ألنه الوسيلة الفاعلة لتحقيق مقاصد ثالثة حيرص‬
‫عليها اجملتمع وهي توجيه التفكري‪ ،‬وإصالح العمل‪ ،‬وإجياد الوازع النفسي‪.‬‬
‫إن اجملتمع اإلسالمي يرفض كل علم ال يكون وسيلة لتحقيق إحدى الغايات السامية‬
‫للمجتمع‪ ،‬ويصنفه على أنه علم ال ينفع‪ ،‬وقد أرشدنا النيب ‪ ‬إىل هذا الفهم حني استعاذ‬
‫‪ ‬من هذا العلم‪ ،‬فكان يقول‪« :‬اللهم إين أعوذ بك من علم ال ينفع»(‪ )1‬هذا النوع من‬
‫العلم يسعى اجملتمع اإلسالمي إىل حماصرته والتضييق على أهله أيا كان الوعاء الذي يظهر‬
‫فيه هذا العلم؛ ألن حمصلته واحدة وهي الرتويح للعبث وإضاعة الوقت‪ ،‬والتشكيك يف‬
‫الثوابت‪ ،‬وإثارة الشبهات‪ ،‬وهي أمور كان خيلو اجملتمع اإلسالمي منها يف عصوره الذهبية‪.‬‬
‫المظهر الثاني‪ :‬العمل الصالح‬
‫يتبع العلم النافع العمل الصاحل إذ أهنما متالزمان‪ ،‬وال يتصور انفصاهلما‪ ،‬إذا ال يكون العمل‬
‫صاحلا ما مل ينب على علم نافع‪ ،‬وهلذا قدم اهلل تعاىل األمر بالعلم على األمر بالعمل يف قوله‬
‫م ْؤ ِمنِين‬ ‫م أ َّن ُه لا إِله ا ْلأ ال َّل ُه و ْ‬
‫است ْغ ِف ْر ِلذ ْن ِبك و ِل ْل ُ‬ ‫اعل ْ‬
‫ْ‬ ‫تعاىل‪{ :‬‬
‫نات}(‪ ،)2‬وال قيمة لعلم نافع‪ ،‬ما مل يتبعه عمل صاحل فقد ذم اهلل تعاىل هذا‬ ‫م ْؤ ِم ِ‬
‫وا ْل ُ‬
‫االنفصام يف قوله سبحانه‪{ :‬ك ُبر م ْقتا ِع ْند ال َّل ِه أ ْن ت ُقو ُلوا ما لا ت ْفع ُلون }(‪.)3‬‬
‫إن مفهوم العمل الصاحل‪ ،‬مرتبط مبفهوم العبادة كما يفهما اجملتمع اإلسالمي فدائرة العمل‬
‫الصاحل واسعة‪ ،‬فكل عمل يؤدي إىل مرضاة اهلل وجيلب النفع إىل البشرية فهو عمل صاحل‬
‫يرحب به اجملتمع اإلسالمي‪.‬‬

‫(‪ )1‬أخرجه مسلم يف صحيحه‪ ،‬حديث رقم [‪.]2722‬‬


‫(‪ )2‬سورة حممد‪ ،‬اآلية (‪.)19‬‬
‫(‪ )3‬سورة الصف‪ ،‬اآلية (‪.)3‬‬

‫‪- 13 -‬‬
‫يف الوقت نفسه يضيق اجملتمع اإلسالمي على األعمال العبثية بكل أنواعها؛ ألهنا مضيعة‬
‫للوقت‪ ،‬مهدرة للجهد‪ ،‬مشغلة عن اجلد‪ ،‬وال مكان يف جمتمع أنيطت به مهمة اخلالفة يف‬
‫(‪)1‬‬
‫األرض ملثل هذه األعمال مهما حاول أهلها تزيينها للناس‪.‬‬
‫السمة الثالثة‪ :‬مجتمع متسامح‪:‬‬
‫التسامح يف اللغة‪ :‬مصدر ساحمه إذا أبدى له السماحة القوية؛ وأصل السماحة‪ :‬السهولة يف‬
‫(‪)2‬‬
‫املخالطة واملعاشرة‪ ،‬وهي‪ :‬لني الطبع يف مظان تكثر يف أمثاهلا الشدة‪.‬‬
‫إن السماحة صفة بارزة من صفات اجملتمع اإلسالمي؛ ألهنا ظاهرة يف ثنايا اإلسالم كله‬
‫فاألحكام الشرعية مبنية عليها فهذا قول اهلل تعاىل ينطق هبا‪{ :‬فم ِن ْ‬
‫اض ُط َّر غيْر باغ ولا‬
‫عاد فلا إِ ْثم عليْ ِه}(‪ ،)3‬واهلل تعاىل يصف رسوله ‪ ‬بالسماحة ويوجهه للمداومة عليها‪،‬‬
‫َّ‬
‫م ول ْو ُك ْنت ف ًّظا غ ِليظ‬ ‫وذلك يف قوله تعاىل‪{ :‬ف ِبما ر ْحمة ِمن الل ِه ِل ْنت ل ُه ْ‬
‫ضوا ِم ْن ح ْو ِلك}(‪ ،)4‬ويلخص هذا القول النيب ‪« :‬أحب الدين إىل اهلل‬ ‫لانف ُّ‬
‫ب ْ‬ ‫الق ْل ِ‬
‫احلنيفية السمحة»(‪.)5‬‬
‫تظهر السماحة يف اجملتمع اإلسالمي جلية يف املواطن اليت يظن فيها ظهور ضدها كاالنفعال‬
‫واملشادة والغضب واألنانية‪ ،‬وذلك يف حاالت البيع والشراء‪ ،‬واالختالط يف أماكن املنافع‬
‫واالحتكاك يف الطرق العامة‪ ،‬فإن أبناء اجملتمع اإلسالمي ميتثلون قول النيب ‪« :‬رحم اهلل‬
‫رجال مسحا إذا باع وإذا اشرتى وإذا اقتضى»(‪ ،)6‬فالسماحة مبفهومها الواسع‪ ،‬صفة مصاحبة‬
‫لتصرفات أفراد اجملتمع اإلسالمي‪ ،‬فهم بعيدون عن االنفعاالت حذرون من املشاحنات‪،‬‬
‫معرضون عن التجاوزات‪ ،‬وهذا ما تقتضيه األخوة يف الدين‪.‬‬
‫وال يعين هذا أن السماحة حمصورة بني املسلمني فيما بينهم‪ ،‬فقد أمر اهلل تعاىل هبا مع‬
‫املخالفني يف الدين‪ ،‬فأمر باإلحسان إىل الوالدين الكافرين‪ ،‬وأذن سبحانه برب املخالفني ما مل‬

‫(‪ )1‬انظر ‪ :‬اإلسالم وبناء اجملتمع تأليف الدكتور عبد الفتاح أبو غدة وآخرون ص ‪.31‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬أصول النظام االجتماعي يف اإلسالم للطاهر بن عاشور‪ ،‬ص‪.266‬‬
‫(‪ )3‬سورة البقرة‪ ،‬اآلية (‪.)173‬‬
‫(‪ )4‬سورة آل عمران‪ ،‬اآلية (‪.)159‬‬
‫(‪ )5‬أخرجه البخاري تعليقا يف كتاب اإلميان‪ ،‬باب الدين يسر‪.‬‬
‫(‪ )6‬أخرجه البخاري يف صحيحه‪ ،‬حديث رقم [‪.]2076‬‬

‫‪- 14 -‬‬
‫يكونوا حماربني‪ ،‬وأباح الزواج من نساء اليهود والنصارى‪ ،‬وأجاز املعامالت الدنيوية معهم‪،‬‬
‫وهذه هي السماحة بعينها‪ ،‬وهذا غري الوالء الذي ال يكون إال هلل ويف اهلل‪.‬‬
‫وال يعذر املسلم برتك السماحة واإلعراض عنها حبجة أن غريه ال يعىن هبا أو حبجة كثرة‬
‫اهلموم وضغط العمل وسوء األحوال‪ ،‬فإن اهلل تعاىل وصف عباد الرمحن بقوله‪{ :‬و ِع ُ‬
‫باد‬
‫جاه ُلون قا ُلوا‬
‫م ال ِ‬
‫ض ه ْونا و إِذا خاطب ُه ُ‬‫شون على ْاألأ ْر ِ‬ ‫من ا َّل ِذين ي ْ‬
‫م ُ‬ ‫الر ْح ِ‬
‫َّ‬
‫سلاما}(‪.)1‬‬
‫س بْ ِن‬ ‫فع ْن أنأ ِ‬
‫وسرية النيب ‪ ‬حافلة باألحداث اليت تؤكد مساحته مع كل من تعامل معهم أ‬
‫ول اهللِ ‪ ،‬وعلأي ِه ِرداء أْجنرِايني أغلِي ُ ِ ِ‬ ‫ت أأم ِشي مع رس ِ‬ ‫ِ‬
‫ظ احلأاشيأة‪ ،‬فأأ ْأد أرأكهُ‬ ‫أأْ أ ٌ أ‬ ‫أمالك ‪ ، ‬قأ أال‪ُ « :‬كْن ُ ْ أ أ أ ُ‬
‫ت ِهبأا‬ ‫أثر ْ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ت إِ أىل أ ِ ِ‬
‫ص ْف أحة عُنُق أر ُسول اهلل ‪ ‬أوقأ ْد أ أ‬ ‫يدة‪ ،‬نأظأْر ُ‬ ‫ايب‪ ،‬فأ أجبأ أذهُ بِ ِرأدائِِه أجْب أذة أش ِد أ‬
‫أ ْأعأرِ ي‬
‫ِ ِ ِ ِ ِ‬ ‫اشيةُ ِّ ِ ِ ِ ِ ِِ‬ ‫ِ‬
‫ت‬‫الرأداء‪ ،‬م ْن شدَّة أجْب أذته‪ُ ،‬مثَّ قأ أال‪ :‬يأا ُحمأ َّم ُد ُم ْر ِيل م ْن أمال اهلل الَّذي عْن أد أك‪ ،‬فأالْتأت أف أ‬ ‫أح أ‬
‫ك‪ُ ،‬مثَّ أ أأمأر لأهُ بِ أعطأاء»(‪.)2‬‬ ‫ض ِح أ‬
‫ول اهلل ‪ ‬فأ أ‬
‫إِلأي ِه رس ُ ِ‬
‫ْ أُ‬
‫و كلما كان اجملتمع إىل اإلسالم أقرب كان باب السماحة فيه أوسع وأرحب فيحسن باملرء‬
‫أن جياهد نفسه لتصبح السماحة خلقا الزما له‪{ :‬وما ُيلقَّاها إِ َّلا ا َّل ِذين صب ُروا وما‬
‫ُيلقَّاها إِ َّلا ُذو حظ ع ِظيم } ‪.‬‬
‫(‪)4( )3‬‬

‫السمة الرابعة‪ :‬مجتمع آمن‪:‬‬


‫‪ -‬أوالً‪ :‬مفهوم األمن ومجاالته‪:‬‬
‫إن مفهوم األمن وجماالته يدور حول معاين االطمئنان والسالمة من املكاره املتوقعة وانتفاء‬
‫اخلوف‪ ،‬قال الراغب األصبهاين‪" :‬أصل األمن طمأنينة النفس وزوال اخلوف"(‪.)5‬‬
‫وإذا علمنا أن جماالت احلياة وجوانبها متعددة متنوعة‪ ،‬فإنه يتحصل لدينا يف املقابل معىن‬
‫مشويل لألمن‪ ،‬وهو السكينة واالستقرار النفسي‪ ،‬واالطمئنان القليب‪ ،‬واختفاء مشاعر اخلوف‬

‫(‪ )1‬سورة الفرقان‪ ،‬اآلية (‪.)63‬‬


‫(‪ )2‬أخرجه مسلم يف صحيحه‪ ،‬حديث رقم [‪.]1057‬‬
‫(‪ )3‬سورة فصلت‪ ،‬اآلية (‪)35‬‬
‫(‪ )4‬انظر ‪ :‬اإلسالم وبناء اجملتمع للدكتور حسن عبد الغين أبو غدة وآخرون ص ‪.33‬‬
‫(‪ )5‬مفردات ألفاظ القرآن ‪.90/1‬‬

‫‪- 15 -‬‬
‫يف احلياة على مستوى الفرد واجملتمع‪ ،‬ويف جماالهتا املختلفة املتشعبة‪ :‬االجتماعية‪،‬‬
‫واالقتصادية‪ ،‬والسياسية‪ ،‬والفكرية‪.‬‬
‫إن حاجة اإلنسان إىل نعمة األمن واألمان ال تقل أمهية عن نعمة الطعام والشراب‪ ،‬فاإلنسان‬
‫قد جيوع ويعطش فيصرب وال يرى أن شيئا قد فاته‪ ،‬ولكنه إذا فقد األمن وصار خائفا فال‬
‫يكاد يتلذذ بطعام أو شراب‪ ،‬وال يهنأ براحة بال‪ ،‬وصدق املصطفى الكرمي ‪ ‬إذ قال‪« :‬من‬
‫أصبح منكم آمنا يف سربه‪ ،‬معاىف يف جسده‪ ،‬عنده قوت يومه فكأمنا حيزت له الدنيا»(‪،)1‬‬
‫فانظر كيف أنزل أمن اإلنسان يف بيته مقرونا بالعافية يف بدنه وحبصوله على قوت يومه منزلة‬
‫(‪)2‬‬
‫إحراز الدنيا كلها‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬عوامل تحقيق األمن في المجتمع اإلسالمي‪:‬‬

‫عوامل حتقيق األمن يف اجملتمع اإلسالمي‬


‫الوازع الديين يف قلوب أبناء اجملتمع املسلم‬

‫تطبيق التشريع اإلسالمي‬

‫االهتمام بالقواعد الوقائية من الشبهات الفكرية املعاصرة‬

‫األمر باملعروف والنهي عن املنكر‬

‫إن خصيصة األمن اليت اتسم هبا اجملتمع اإلسالمي مل تكن لتتحقق لوال توفر أمور‪:‬‬
‫‪ -1‬الوازع الديين يف قلوب أبناء اجملتمع املسلم‪ :‬فاإلميان الصادق يقتضي منع كل أشكال‬
‫األذى والعدوان على اآلخرين بغري وجه حق قال ‪« :‬ال يزين الزاين حني يزين وهو مؤمن‪،‬‬
‫وال يشرب اخلمر حني يشرهبا وهو مؤمن‪ ،‬وال يسرق حني يسرق وهو مؤمن‪ ،‬وال ينتهب ُهنبة‬
‫يرفع الناس إليه فيها أبصارهم حني ينتهبها وهو مؤمن»(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬أخرجه الرتمذي‪ ،‬حديث رقم [‪ ،]2268‬وابن ماجه‪ ،‬حديث رقم [‪.]4131‬‬
‫(‪ )2‬انظر ‪ :‬الثقافة اإلسالمية للدكتور هشام بن سعيد أزهر وآخرين ص‪. 165‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه البخاري يف صحيحه‪ ،‬حديث رقم [‪.]2295‬‬

‫‪- 16 -‬‬
‫‪ -2‬تطبيق التشريع اإلسالمي‪ :‬بأحكامه اليت جاءت بكل ما من شأنه أن حيفظ املصاحل‪،‬‬
‫ومن أهم األحكام اليت جاءت هبا الشريعة الغراء أحكام العقوبات من حدود وقصاص‬
‫م‬ ‫َّ‬ ‫اص حياة يا ُأو ِلي ْاألأ ْلبا ِ‬
‫ب لعل ُك ْ‬ ‫م ِفي ال ِقص ِ‬‫وتعزيرات‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ول ُك ْ‬
‫(‪)2( )1‬‬
‫ت َّت ُقون} ‪.‬‬
‫‪ -3‬االهتمام بالقواعد الوقائية من الشبهات الفكرية املعاصرة‪ ،‬وهذه القواعد على النحو‬
‫التايل(‪:)3‬‬

‫تعزيز اليقني بأصول اإلسالم‬


‫تكوين العقل الناقد‬

‫القواعد الوقائية من الشبهات الفكرية املعاصرة‬


‫التأصيل الشرعي‬
‫عدم التعرض خلطاب الشبهات من غري املتخصص‪.‬‬
‫القراءة الوقائية يف كتب الردود على الشبهات ‪ ،‬بشروط‬
‫ترتيب األولويات الكربى يف النظر اإلنساين على مراد اهلل‪.‬‬
‫تعزيز الربامج اجلماعية املفيدة فكريا وعاطفيا‬
‫الدعاء واالبتهال‬

‫القاعدة األولى‪ :‬تعزيز اليقين بأصول اإلسالم‬


‫وذلك من خالل االهتمام اجلاد بطرح دالئل أصول اإلسالم بصورة عقلية تزيد من اإلميان‬
‫وتعزز اليقني ‪ ،‬وحتمي القلب من هليب الشكوك ‪ ،‬وأن القلب إذا مل يكن موقنا هبذه األصول‬
‫عارفا بدالئلها فإنه يكون سريع الشك قريب االضطراب ‪.‬‬

‫(‪ )1‬سورة البقرة‪ ،‬اآلية (‪.)179‬‬


‫(‪ )2‬انظر ‪ :‬الثقافة اإلسالمية املستوى الثالث للدكتور هشام بن سعيد أزهر وآخرين ص ‪. 166‬‬
‫(‪ )3‬انظر هذه القواعد بتصرف يف كتاب سابغات ألمحد بن يوسف السيد ص ‪. 71-56‬‬

‫‪- 17 -‬‬
‫وهذه القضية هلا حضور كبري يف القرآن الكرمي‪ ،‬ومن وسائل تعزيز اليقني‪:‬‬

‫إحياء وإشاعة عبادة التفكر يف آيات اهلل الكونية‬

‫وسائل تعزيز اليقني بأصول اإلسالم‬


‫إشاعة عبادة التفكر يف آيات اهلل الشرعية‪ ،‬وربط الناس بالقرآن والسنة الصحيحة‬
‫العناية بالكتب اليت اهتمت ببيان دالئل صحة أصول اإلسالم‬
‫االهتمام يف اخلطاب الدعوي باحلديث عن اهلل وصفاته وعظمته ووحدانيته‬
‫االهتمام بعبادة القلوب يف الدعوة والعلم والعمل‬
‫قصص املسلمني اجلدد‬

‫‪-‬أوال‪ :‬إحياء وإشاعة عبادة التفكر يف آيات اهلل الكونية‪.‬‬


‫لقد جاء يف كتاب اهلل توضيح العالقة بني التفكر وبني إدراك احلقائق الكربى فقال‬
‫سبحانه‪{:‬الذين يذكرون هللا قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في‬
‫خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك }(‪ ،)1‬فإهنم بعد‬
‫تفكر استدلوا خبلق السماوات واألرض على نفي العبثية والعشوائية ‪.‬‬
‫وكذلك التأمل والتفكر يف النفس ويف اآلفاق يؤدي إىل اليقني بصحة القرآن ‪ {:‬سنريهم‬
‫آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق }‪ ،‬والضمري يف "‬
‫أنه " عائد إىل القرآن ‪.‬‬
‫بل ذم اهلل سبحانه املعرضني عن التفكر يف آياته فقال ‪ { :‬وجعلنا السماء سقفا‬
‫محفوظا وهم عن آياتها معرضون }‪.‬‬
‫‪ -‬ثانيا‪ :‬إشاعة عبادة التفكر يف آيات اهلل الشرعية ‪ ،‬وربط الناس بالقرآن والسنة الصحيحة ‪.‬‬

‫(‪)1‬سورة آل عمران‪ ،‬األية (‪. )191‬‬

‫‪- 18 -‬‬
‫‪ -‬ثالثا‪ :‬العناية بالكتب اليت اهتمت ببيان دالئل صحة أصول اإلسالم؛ وقد كتب العلماء‬
‫قدميا وحديثا يف هذا اجملال فنجد كثريا من املتقدمني كتبوا يف إعجاز القرآن كاخلطايب والرماين‬
‫والباقالين واجلرجاين وغريهم‪ ،‬كما جند أكثر من ذلك يف باب دالئل النبوة ككتاب أيب نعيم‬
‫األصبهاين ‪ ،‬والقاضي عبد اجلبار ‪ ،‬والبيهقي ‪ ،‬وغريهم كثري ‪.‬‬
‫وهناك بعض الكتب املعاصرة‪ ،‬منها‪:‬‬
‫‪ -‬كتاب (النبأ العظيم) حملمد عبد اهلل دراز ‪ ،‬وما أمجله من كتاب يتحدث عن دالئل‬
‫صحة القرآن ‪ ،‬وصدق النيب ‪ ، ‬بعبارات أدبية ‪ ،‬وتعبريات بيانية تالمس املشاعر‬
‫والوجدان ‪.‬‬
‫‪ -‬كتاب (براهني وأدلة إميانية) لعبد الرمحن حسن حبنكة امليداين ‘ ‪ ،‬وكتاب (نبوة حممد‬
‫من الشك إىل اليقني) لفاضل السامرائي‪.‬‬
‫‪ -‬كتاب (األدلة العقلية النقلية على أصول االعتقاد) لسعود العريفي ‪ ،‬وهو كتاب كبري ذو‬
‫مستوى عايل من التحريرات‪.‬‬
‫‪ -‬كتاب (كامل الصورة) ألمحد بن يوسف السيد‪.‬‬
‫‪ -‬كتاب ( آليات ووسائل البناء العقدي يف اجملتمع ) حملمد بن عبد العزيز بن سعيد‪.‬‬
‫‪ -‬رابعا‪ :‬االهتمام يف اخلطاب الدعوي باحلديث عن اهلل وصفاته وعظمته ووحدانيته‪.‬‬
‫‪ -‬خامسا‪ :‬االهتمام بعبادة القلوب يف الدعوة والعلم والعمل؛ إذ إن الوقاية من شبهات‬
‫الشك والكفر واإلحلاد لن تكون لقلب مل يذق حالوة اإلميان ؛ إذ إنه لن يشعر باخلسارة‬
‫والفقد لو تركه‪ ،‬وأما من ذاق طعم اإلميان ولذته فلن يرضى بأي بديل آخر؛ ولذلك فإن‬
‫العناية تقوية إميان القلب وتعلقه باهلل سبحانه ‪ ،‬وتوكله وإنابته وخشيته وحمبته ورجائه ملن أكرب‬
‫أسباب الوقاية من الشبهات ‪ ،‬فأين حضور هذه القضية يف خطابنا ؟ وهل أعطيناها القدر‬
‫الذي يستحقه ؟‬
‫إن مما ال شك فيه وال ريب أن كثريا من الشبهات منشؤها ضعف اإلميان وعدم تذوق‬
‫حالوته ‪ ،‬ولذا حنن حباجة إىل مراجعة إمياننا وقلوبنا وأعمالنا وصدقنا مع اهلل سبحانه ‪ ،‬وهذا‬
‫كله من الوقاية واملناعة القوية ضد احلرب الفكرية املوجهة إىل اإلسالم وثوابته ‪.‬‬

‫‪- 19 -‬‬
‫‪ -‬سادسا‪ :‬قصص املسلمني اجلدد؛ فإن هلا أثرا كبريا يف االرتياح اإلمياين وتعزيز اليقني‬
‫وخاصة حني ترى تنوع ختصصاهتم ‪ ،‬واختالف بلداهنم ‪ ،‬وأهنم إمنا دخلوا اإلسالم عن قناعة‬
‫ورضا ‪ ،‬وشعور باألفضل ‪ ،‬هذا كله مع شدة التشويه الذي ميارس ضد اإلسالم واملسلمني ‪،‬‬
‫مث جند تزاحم الغربيني والشرقيني على بوابة اإلسالم !‪.‬‬
‫ومن أمجل الربامج اليت ميكن أن تشاهد يف ذلك برنامج ( بالقرآن اهتديت ) لفهد الكندري‬
‫وفقه اهلل ‪.‬‬
‫القاعدة الثانية‪ :‬تكوين العقل الناقد‬
‫العقل الناقد‪ :‬هو العقل الفاحص الذي ال يقبل دعوى دون دليل‪ ،‬وال يقبل األدلة الفاسدة ‪،‬‬
‫وال مترر عليه املغالطات املنطقية ‪.‬‬
‫إن كثريا من الشبهات اليت أثرت على شرحية من الشباب كان من أهم عوامل تأثريها‪ :‬غياب‬
‫التفكري الناقد‪ ،‬والعقلية الفاحصة؛ ولذلك فإن العناية بغرس معاين التفكري الصحيح‪ ،‬القادر‬
‫على التمييز بني املقبول واملردود من املعلومات‪ ،‬يعترب أمرا مهما جدا يف التحصني من‬
‫الشبهات وتعزيز املناعة الفكرية ‪.‬‬
‫وقد اعتىن علماء املسلمني بالفحص والتدقيق يف املعلومات قبل قبوهلا‪ ،‬ومن أبرز الصور اليت‬
‫متثل ذلك ‪ :‬ما أنتجه علماء احلديث من منظومة فحصية مذهلة‪ ،‬نقدوا هبا رواة احلديث‪ ،‬ومل‬
‫يغرتوا مبجرد الظاهر‪ ،‬وقارنوا بني الروايات‪ ،‬وضعفوا املنقطعات‪ ،‬واكتشفوا الكذابني حىت صار‬
‫منهجهم النقدي مأمونا على سنة النيب ‪.‬‬
‫كذلك اعتىن علماء املسلمني ببيان أسس اجلدل واملناظرة ‪ ،‬وحتدثوا عن احلجج املقبولة‬
‫والدعاوى املردودة يف كتب ‪ ":‬علم اجلدل "‪.‬‬
‫ومما يساهم يف تقوية أدوات العقل الناقد‪ :‬أن يكون على دراية بطرق البحث العلمي‬
‫ومهاراته‪ ،‬فالعقل الناقد حيتاج إىل معرفة مبصادر املعلومات‪ ،‬وكيف يتعامل معها ليتثبت‬
‫ويدقق‪.‬‬
‫القاعدة الثالثة‪ :‬التأصيل الشرعي‬
‫التأصيل الشرعي هو دراسة أصول الفنون الشرعية كالعقيدة ‪،‬والفقه‪ ،‬وأصول الفقه‪ ،‬و‬
‫املصطلح‪ ،‬واللغة‪ ،‬وعلوم القرآن ‪.‬‬

‫‪- 20 -‬‬
‫القاعدة الرابعة‪ :‬عدم التعرض لخطاب الشبهات من غير المتخصص‬
‫من املهم ملن يتخصص يف الرد على الشبهات أن يكون عارفا بتفاصيلها وقائليها وتارخيها‪،‬‬
‫ورمبا حيتاج إىل قراءة بعض كتبهم‪ ،‬أو الدخول إىل بعض مواقعهم وصفحاهتم‪ ،‬حىت حيسن‬
‫اجلواب عنها‪ ،‬وأما غري املتخصص فإن يف دخوله إىل عامل الشبهات خماطرة غري مأمونة‬
‫العواقب‪ ،‬خصوصا إذا قرأ كتبهم‪ ،‬أو استعرض تغريداهتم ومشاركاهتم يف شبكات التواصل‪،‬‬
‫إما من باب التعرف على ما عند اآلخرين‪ ،‬أو من باب الفضول وتضييع الوقت‪ ،‬أو من باب‬
‫الثقافة العامة وحنو ذلك‪ ،‬وهناك من دخل إىل صفحات وحسابات إحلادية بدافع حسن‬
‫فتأثر تأثرا سلبيا كبريا ما كان يريده وال يظنه‪ ،‬وهذا يذكرنا بتحذيرات السلف الصاحل من‬
‫االستماع إىل أهل البدع؛ ألن القلوب ضعيفة والشبه خطافة كما قال الذهيب‪ ،‬تعاىل‪.‬‬
‫القاعدة الخامسة ‪ :‬القراءة الوقائية في كتب الردود على الشبهات‬
‫ميكن ملن يريد أن يتخصص يف الرد على الشبهات أن يقرأ يف كتب الردود والشبهات أن‬
‫يقرأ يف تلك الكتب بشروط‪ ،‬منها‪:‬‬

‫‪ -‬األول‪ :‬أن تكون الشبهات معاصرة ومنتشرة ‪.‬‬


‫‪ -‬الثاين‪ :‬أن تكون من الكتب اليت جتمل يف ذكر الشبهات وتفصل يف الرد‪ ،‬وليس العكس‪.‬‬
‫‪ -‬الثالث‪ :‬أن يكون الرد حمكما‪.‬‬
‫ومن الكتب املناسبة يف جمال الرد على الشبهات املعاصرة وتقرأ على سبيل الوقاية‪:‬‬
‫‪ ‬كتاب ( السنة و مكانتها يف التشريع اإلسالمي ) ملصطفى السباعي ‪.‬‬
‫‪ ‬كتاب ( كامل الصورة ) ألمحد بن يوسف السيد ‪.‬‬
‫القاعدة السادسة ‪ :‬ترتيب األولويات الكبرى في النظر اإلنساني على مراد اهلل‬
‫حيتاج الشاب والفتاة يف جمال األولويات الكربى معرفة الرتتيب الصحيح ألمهية هذه األمور‪:‬‬
‫‪ -‬اإلميان باهلل واتباع دينه ‪.‬‬
‫‪ -‬التقدم العلمي واملادي ‪.‬‬
‫‪ -‬القيم األخالقية ‪.‬‬

‫‪- 21 -‬‬
‫‪ -‬احلرية الشخصية غري املقيدة بشيء ‪.‬‬
‫فحني خيتل ترتيب األمهية بني هذه األمور ال يقف الشخص موقفا صحيحا متوازنا جتاهها ‪،‬‬
‫فمثال لو كان عند شاب أن التقدم املادي هو رأس اهلرم ‪ ،‬فكيف ستكون نظرته لغري‬
‫املسلمني الذين حققوا السبق يف هذا اجملال ؟ وكيف سينظر للمسلمني ؟‪.‬‬
‫وأما حني يرجع إىل القرآن ليعرف مراد اهلل سبحانه وما قاله يف ذلك فسيجد أن أقوام األنبياء‬
‫كانوا على درجة عالية من التقدم املادي ‪ ،‬ولكن القرآن مل يصور هذا التقدم يف مقابل‬
‫كفرهم باهلل سبحانه على أنه جناح حقيقي ‪ ،‬وليس ذلك لعدم أمهية احلضارة العلمية والتقدم‬
‫الصناعي ‪ ،‬وإمنا ليعلم الناس أن هذه األمور جيب أال حترف اإلنسان عن الغاية األوىل اليت‬
‫وجد هلا ‪ ،‬وهي عبادة اهلل سبحانه وتعاىل ‪ ،‬فإذا كان هذا التقدم صارفا عن حتقيقها فهو‬
‫مذموم ‪.‬‬

‫القاعدة السابعة ‪ :‬تعزيز البرامج الجماعية المفيدة فكرياً وعاطفياً‬


‫إن انتماء الشاب إىل الربامج اجلماعية اليت جتتذب اهتمامه ‪ ،‬ونشاطه ‪ ،‬سواء على نطاق‬
‫العائلة أو األصحاب يعطيه أغناء معرفيا وعاطفيا ‪ ،‬ويقطع الطريق على كثري من أنواع الفساد‬
‫للتسلل إىل دائرة اهتماماته وجهوده ‪ ،‬إهنا تعطيه فرصة الكتشاف قدراته ‪ ،‬مث الشعور بالثقة‬
‫واهلوية ‪ ،‬وهذا يشكل مانعا نفسيا من االندفاع املضاد لألفكار غري الصحيحة ‪.‬‬
‫فمن املهم جدا االعتاء بالربامج العائلية املفيدة ‪ ،‬اليت تعطي ساحة من احلوار والفكر ‪ ،‬مثل‬
‫برامج القراءة اجلماعية ‪ ،‬ومن مث النقاش يف القدر املقروء ‪ ،‬وكذلك األندية الثقافية اليت يديرها‬
‫الثقات احلريصون على اهلوية اإلسالمية وحنو ذلك من الربامج ‪.‬‬
‫القاعدة الثامنة ‪ :‬الدعاء واالبتهال‪:‬‬
‫وذلك بصدق اللجأ إىل اهلل وسؤاله الثبات على الدين الصحيح و الوقاية من الشبهات‬
‫واألفكار املضللة قال إبراهيم اخلليل ‪ {:‬واجنبني وبني أن نعبد الأصنام }(‪،)1‬‬
‫وقال رسول اهلل ‪ " : ‬اللهم لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت وإليك أنبت وبك‬

‫(‪ )1‬سورة إبراهيم ‪ ،‬اآلية ( ‪.) 35‬‬

‫‪- 22 -‬‬
‫خاصمت ‪ ،‬أعوذ بعزتك ال إله إال أنت أن تضلين ‪ ،‬أنت احلي الذي ال ميوت ‪ ،‬واجلن‬
‫واإلنس ميوتون " (‪.)1‬‬
‫اس‬ ‫مة ُأ ْخ ِرج ْ‬
‫ت ِلل َّن ِ‬ ‫م خيْر ُأ َّ‬
‫‪ -4‬األمر باملعروف والنهي عن املنكر‪ ،‬قال تعاىل‪ُ { :‬ك ْن ُت ْ‬
‫وف وت ْنه ْون ع ِن ال ُم ْنك ِر}(‪ ، )2‬فجعل املوىل تبارك وتعاىل األمر‬ ‫تأْ ُم ُرون ِبا ْلم ْع ُر ِ‬
‫باملعروف والنهي عن املنكر خصيصة من خصائص هذه األمة وهو ما سنتحدث عنه يف‬
‫السمة اخلامسة‪.‬‬

‫السمة الخامسة‪ :‬أنه مجتمع متناصح‪:‬‬


‫تبقى مسة التناصح من أبرز مسات اجملتمع املسلم ونقصد بالتناصح‪ :‬تبادل النصيحة بني‬
‫طرفني من أطراف اجملتمع يقال‪ :‬تناصح الصديقان أي تبادال النصيحة(‪.)3‬‬
‫ويندرج التناصح حتت باب األمر باملعروف والنهي عن املنكر هذا الباب العظيم الذي ال غىن‬
‫للمجتمع املسلم عنه إذ يعد (األمر باملعروف والنهي عن املنكر) مسة من مسات األمة‬
‫ت‬‫مة ُأ ْخ ِرج ْ‬
‫م خيْر ُأ َّ‬
‫اإلسالمية نالت هبا اخلريية من بني سائر األمم‪ ،‬قال تعاىل‪ُ { :‬ك ْن ُت ْ‬
‫اس تأْ ُم ُرون ِبا ْلم ْع ُر ِ‬
‫وف وت ْنه ْون ع ِن ال ُم ْنك ِر}(‪.)4‬‬ ‫ِلل َّن ِ‬
‫وف وت ْنه ْون ع ِن ال ُم ْنك ِر} مدح هلذه األمة ما أقاموا‬ ‫قال القرطيب‪{" :‬تأْ ُم ُرون ِبا ْلم ْع ُر ِ‬
‫ذلك واتصفوا به‪ ،‬فإذا تركوا التغيري وتواطؤوا على املنكر زال عنهم اسم املدح وحلقهم اسم‬
‫الذم‪ ،‬وكان ذلك سببا هلالكهم "(‪.)5‬‬
‫واألمر باملعروف والنهي عن املنكر من خصائص املؤمنني اليت ال ميكن أن تفارقهم أبدا فكلما‬
‫متثلت صورة مؤمن كانت هذه الصفة من صفاهتا البارزة‪ ،‬فال ميكن تصور املؤمن بدوهنا قال‬
‫الرا ِك ُعون‬
‫سائِ ُحون َّ‬ ‫تعاىل واصفا عباده املؤمنني‪{ :‬ال َّتائِ ُبون العا ِب ُدون ال ِ‬
‫حام ُدون ال َّ‬

‫(‪ )1‬أخرجه مسلم يف صحيحه ‪،‬حديث رقم [ ‪. ]2717‬‬


‫(‪ )2‬سورة آل عمران‪ ،‬اآلية (‪.)110‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬معجم اللغة العربية املعاصرة للدكتور أمحد خمتار عمر ‪ 2219/3‬مادة‪ :‬نصح‪.‬‬
‫(‪ )4‬سورة آل عمران‪ ،‬اآلية (‪.)110‬‬
‫(‪ )5‬اجلامع ألحكام القرآن ‪.173/4‬‬

‫‪- 23 -‬‬
‫م ْنك ِر وا ْلحا ِف ُظون ِل ُح ُدو ِد‬
‫اهون ع ِن ال ُ‬
‫وف وال َّن ُ‬
‫آم ُرون ِبا ْلم ْع ُر ِ‬
‫اج ُدون ال ِ‬ ‫س ِ‬
‫ال َّ‬
‫ال َّل ِه وب ِ‬
‫ش ِر ال ُم ْؤ ِمنِين}(‪.)1‬‬
‫وسنتحدث فيما يلي عن مسائل تتعلق باألمر باملعروف والنهي عن املنكر على النحو التايل‪:‬‬

‫‪-‬أوالً‪ :‬تعريف األمر بالمعروف والنهي عن المنكر‪:‬‬


‫كثرت تعريفات العلماء لألمر باملعروف والنهي عن املنكر غري أهنا تصب يف معىن مفاده أن‬
‫األمر باملعروف والنهي عن املنكر‪ :‬األمر بواجبات الشرع والنهي عن حمرماته(‪.)2‬‬
‫‪-‬ثانيا‪ :‬أمهية األمر باملعروف والنهي عن املنكر‪:‬‬

‫أهمية األمر بالمعروف والنهي عن المنكر‬

‫حماية المجتمع المسلم‬ ‫تحقيق العبودية هلل وحده‬

‫حماية المجتمع من العقوبات اإللهية‬

‫حماية المجتمع من أضرار المعاصي وانتشارها‬

‫حفظ الكليات الخمس (الدين‪ ،‬والنفس‪ ،‬والعقل‪ ،‬والعرض‪ ،‬والمال)‬

‫تكمن أمهية األمر باملعروف والنهي عن املنكر يف األمور التالية(‪:)3‬‬


‫‪ -1‬تحقيق العبودية هلل وحده‪:‬‬

‫(‪ )1‬سورة التوبة‪ ،‬اآلية (‪.)112‬‬


‫(‪ )2‬انظر‪ :‬الزواجر عن اقرتاف الكبائر ‪.146/2‬‬
‫(‪ )3‬انظر ‪ :‬الثقافة اإلسالمية املستوى الثالث تأليف الدكتور هشام أزهر وآخرين ص‪.323-315‬‬

‫‪- 24 -‬‬
‫فاألمر باملعروف والنهي عن املنكر أصل من أصول اإلسالم‪ ،‬بل هو الغاية اليت بعث اهلل من‬
‫سولا أ ِن‬ ‫أجلها الرسل عليهم الصالة والسالم قال تعاىل‪{ :‬ولق ْد بع ْثنا ِفي ُك ِل ُأ َّ‬
‫مة ر ُ‬
‫اغوت }(‪.)1‬‬‫الط ُ‬ ‫اع ُب ُدوا ال َّله و ْ‬
‫اجتنِ ُبوا َّ‬ ‫ْ‬
‫‪ -2‬حماية المجتمع المسلم‪:‬‬
‫حماية المجتمع من العقوبات اإللهية‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬
‫لقد توعد اهلل سبحانه وتعاىل هذه األمة أن يصيبها مثل ما أصاب األمم السابقة إذا تركت‬
‫سوا ما ُذ ِك ُروا ِب ِه أ ْنجيْنا‬ ‫واجب األمر باملعروف والنهي عن املنكر قال تعاىل‪{ :‬فل َّ‬
‫ما ن ُ‬
‫كانوا‬
‫موا ِبعذاب بئِيس ِبما ُ‬ ‫سو ِء وأخ ْذنا ا َّل ِذين ظل ُ‬
‫ا َّل ِذين ي ْنه ْون ع ِن ال ُّ‬
‫س ُقون}(‪.)2‬‬‫ي ْف ُ‬
‫ب‪ -‬حماية المجتمع من أضرار المعاصي وانتشارها‪:‬‬
‫فال خيفى ما للمعاصي واملنكرات من أضرار على الفرد واجملتمع يف الدنيا واآلخرة‪ ،‬وباألمر‬
‫باملعروف والنهي عن املنكر حيفظ اجملتمع من الرذائل واملوبقات‪ ،‬وينحسر الشر‪ ،‬وختتفي‬
‫املنكرات‪ ،‬وتعمه الفضائل واملكرمات‪.‬‬

‫حفظ الكليات الخمس (الدين‪ ،‬والنفس‪ ،‬والعقل‪ ،‬والعرض‪ ،‬والمال)‪:‬‬ ‫ج‪-‬‬


‫فشرعت األحكام والعقوبات الزاجرة حلماية هذه الكليات‪ ،‬وشرعت احلدود محاية هلذه‬
‫الكليات‪.‬‬
‫‪-‬نماذج لحفظ قطاع الهيئة للكليات الخمس‬
‫ذكر الرئيس العام هليئة األمر باملعروف والنهي عن املنكر إحصائيات للقضايا اليت باشرهتا‬
‫اهليئة خالل العامني املاضيني‪ ،‬ومت إحالتها للجهات املختصة ملتابعة اإلجراءات فيها‪ ،‬حيث‬
‫بلغ عدد قضايا االبتزاز للفتيات حبدود ‪ 1748‬قضية‪ ،‬وبلغ عدد قضايا السحر والشعوذة‬
‫‪ 417‬قضية‪ ،‬وبلغ عدد قضايا االجتار بالبشر ‪ 943‬قضية‪ ،‬وبلغ عدد قضايا اخلمور‬
‫واملخدرات ‪ 7098‬قضية‪ ،‬وبلغ عدد مصانع اخلمور اليت مت اكتشافها وتدمريها بأيدي رجال‬

‫(‪ )1‬سورة النحل‪ :‬اآلية (‪.)36‬‬


‫(‪ )2‬سورة األعراف‪ ،‬اآلية (‪.)165‬‬

‫‪- 25 -‬‬
‫اهليئة ‪ 1108‬مصانع‪ ،‬إضافة إىل معاجلة وحدة اجلرائم املعلوماتية لت ‪ 836‬بالغا من مواطنني‬
‫تعرضوا لنشر مقاطع عن طريق مواقع التواصل االجتماعي‪ ،‬والرفع حبجب ‪ 26857‬موقعا‬
‫إلكرتونيا حيوي خمالفات عقائدية وأخالقية‪ ،‬ورصد ‪ 146‬حسابا يف مواقع التواصل‬
‫االجتماعي تستغل لنشر الرذيلة والفساد‪ ،‬والشذوذ‪ ،‬والقبض على أصحاهبا‪ ،‬وإحالتهم‬
‫جلهات االختصاص‪ ،‬وإعداد التقارير الالزمة عن ‪ 13‬برناجما من برامج التواصل االجتماعي‬
‫وخطرها(‪.)1‬‬
‫‪-‬ثالثا‪ :‬حكم األمر باملعروف والنهي عن املنكر‪:‬‬
‫يعد األمر باملعروف والنهي عن املنكر فريضة من الفرائض قال النووي‪" :‬قد تطابق على‬
‫وجوب األمر باملعروف والنهي عن املنكر الكتاب والسنة واإلمجاع‪ ،‬وهو أيضا من النصيحة‬
‫اليت هي من الدين"(‪.)2‬‬
‫ولكنهم اختلفوا‪ :‬هل األمر باملعروف والنهي عن املنكر فرض عني أم فرض كفاية؟‬
‫مجهور العلماء على أنه من فروض الكفاية‪ ،‬قال األلوسي‪" :‬إن العلماء اتفقوا على أن األمر‬
‫باملعروف والنهي عن املنكر من فروض الكفايات‪ ،‬ومل خيالف يف ذلك إال النزر"(‪.)3‬‬
‫واستدل اجلمهور بعدة أدلة منها‪:‬‬
‫مة ي ْد ُعون إِلى الخيْ ِر و يأْ ُم ُرون‬ ‫م ُأ َّ‬ ‫‪ -1‬قول اهلل تعاىل‪{ :‬و ْلت ُك ْن ِم ْن ُك ْ‬
‫الم ْف ِل ُحون }(‪ ،)4‬والشاهد من اآلية‬ ‫م ُ‬ ‫م ْنك ِر و ُأولئِك ُ‬
‫ه ُ‬ ‫وف و ي ْنه ْون ع ِن ال ُ‬
‫ِبا ْلم ْع ُر ِ‬
‫أن (من) يف (منكم) للتبعيض وهذا يدل على أن األمر باملعروف والنهي عن املنكر فرض‬
‫على الكفاية(‪.)5‬‬
‫صلاة وآت ُوا‬ ‫قاموا ال َّ‬
‫ض أ ُ‬ ‫م ِفي ْاألأ ْر ِ‬ ‫‪ -2‬وبقوله تعاىل‪{ :‬ا َّل ِذين إِ ْن مكَّ َّن ُ‬
‫اه ْ‬
‫وف ونه ْوا ع ِن ا ْل ُم ْنك ِر}(‪ ،)6‬ووجه الداللة من اآلية‪ :‬أن‬
‫ال َّزكاة وأم ُروا ِبا ْلم ْع ُر ِ‬

‫(‪ )1‬انظر‪http: //www.alriyadh.com/986938 :‬‬


‫(‪ )2‬انظر‪ :‬شرح صحيح مسلم ‪.22/2‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬روح املعاين ‪.21/4‬‬
‫(‪ )4‬سورة آل عمران‪ ،‬اآلية (‪.)104‬‬
‫(‪ )5‬اجلامع ألحكام القرآن ‪.165/4‬‬
‫(‪ )6‬سورة احلج‪ ،‬اآلية (‪.)41‬‬

‫‪- 26 -‬‬
‫القيام باألمر باملعروف والنهي عن املنكر يقتضيه التمكني يف األرض وليس كل الناس‬
‫ممكنون(‪.)1‬‬
‫‪-‬رابعاً‪ :‬وسائل األمر بالمعروف والنهي عن المنكر‪:‬‬
‫وردت وسائل القيام باألمر باملعروف والنهي عن املنكر يف قول النيب ‪« :‬من رأى منكم‬
‫منكرا فليغريه بيده‪ ،‬فإن مل يستطع فبلسانه‪ ،‬فإن مل يستطع فبقلبه‪ ،‬وذلك أضعف اإلميان»‪.‬‬
‫فمن هذا احلديث الشريف يتبني أن وسائل تغيري املنكر هي‪:‬‬
‫اإلنكار باليد‪ ،‬و يشرتط لإلنكار باليد ما يلي ‪:‬‬ ‫‪-1‬‬
‫أ‪ -‬تعذر اإلنكار بغريه‪ :‬كأن يكون صاحب املنكر قد استُنفذ معه أسلوب النصيحة‬
‫بالرفق واللني‪ ،‬والتخويف والرتغيب والرتهيب‪.‬‬
‫ب‪ -‬أال يغلب على ظن امل ِ‬
‫نكر أن اإلنكار باليد سيسبب منكرا أكرب‪.‬‬
‫ِ ُ‬
‫ج‪ -‬أن يكون للمنكر والية عامة أو خاصة على من وقع يف املنكر‪ ،‬كوالية السلطان على‬
‫رعيته‪ ،‬أو والية من يفوض إليه السلطان تنفيذ األحكام واحلدود‪ ،‬ووالية الوالد على ابنه‪.‬‬
‫اإلنكار باللسان‪ :‬وهذه الوسيلة الثانية اليت تنتقل إليها إذا مل يتمكن من اإلنكار‬ ‫‪-2‬‬
‫باليد وله مراتب وآداب‪:‬‬
‫التعريف بحكم الشرع‪.‬‬ ‫أ‪-‬‬
‫ب‪ -‬النصح والوعظ‪ :‬وهذه املرتبة تستعمل مع من يفعل املنكر وهو عامل حبكمه يف‬
‫يل ر ِبك‬ ‫قال تعاىل‪ْ { :‬‬
‫اد ُع إِلى س ِب ِ‬ ‫الشرع فينبه ويذكر باحلكمة واملوعظة احلسنة‪،‬‬
‫ِبا َّلتِي ِهي أ ْحس ُن}(‪ ،)2‬وينصح سرا‬ ‫م‬
‫ِبا ْل ِحكْم ِة وا ْلم ْو ِعظ ِة الحسن ِة وجا ِد ْل ُه ْ‬
‫وال يشهر به‪ ،‬ويشعره املنكر أنه حيب له ما حيب لنفسه من اخلري‪ ،‬ويكره له ما يكرهه لنفسه‪.‬‬
‫ُ‬
‫ج‪ -‬التعنيف في القول‪ :‬وال يلجأ إليه إال عند الضرورة‪ ،‬وعند عدم جدوى الوعظ‬
‫والنصح‪ ،‬وبعد اإلصرار على املعصية‪ ،‬أو ترك الواجب‪ ،‬من غري سب أو شتم أو فحش يف‬
‫القول‪.‬‬

‫(‪ )1‬اجلامع ألحكام القرآن ‪.165/4‬‬


‫(‪ )2‬سورة النحل‪ :‬اآلية (‪.)125‬‬

‫‪- 27 -‬‬
‫اإلنكار بالقلب‪ :‬ومعناه كراهية املنكر‪ ،‬وبغضه‪ ،‬والشعور باحلزن لوقوعه‪ ،‬قال املناوي‬ ‫‪-3‬‬
‫" فبقلبه؛ ألن ذلك مقدوره‪ ،‬فيكرهه بقلبه‪ ،‬ويعزم أنه لو قدر عليه بقول أو فعل أزاله‪ ...‬وهذا‬
‫واجب عينا على كل مسلم خبالف الذي قبله"(‪.)1‬‬
‫ومن صور كراهية املنكر‪ ،‬عدم البقاء يف املكان الذي يرتكب فيه وإظهار الغضب وعدم‬
‫الرضا من فعله(‪.)2‬‬

‫خامسا‪ :‬قواعد في األمر بالمعروف والنهي عن المنكر‪:‬‬


‫ً‬
‫لألمر باملعروف والنهي عن املنكر قواعد وأصول ينبغي أن يراعيها (احملتسب) يف عمله‪ ،‬منها‪:‬‬
‫‪ -1‬تقديم األهم على المهم‪ :‬فليس من احلكمة وال من فقه اإلنكار أن ننكر على يرتك‬
‫سنة من السنن مع علمنا بأنه ال يصلي أو ال يزكي‪ ،‬ومن غري املعقول أن ننكر على من وقع‬
‫يف مكروه مع علمنا بأنه غارق يف الكبائر من احملرمات‪ ،‬وقد قال رسول اهلل ‪ ‬ملعاذ بن جبل‬
‫َّك أستأأِِْت قأت ْوما أ ْأه أل كِتأاب‪ ،‬فأِإ أذا ِجْئتأت ُه ْم‪ ،‬فأ ْادعُ ُه ْم إِ أىل أ ْن‬ ‫‪ ‬حني بعثه إىل اليمن‪« :‬إِن أ‬
‫ِ‬
‫أخِ ْربُه ْم أ َّ‬
‫أن‬ ‫ك‪ ،‬فأأ ْ‬ ‫ك بِ أذل أ‬ ‫ول اللَّ ِه‪ ،‬فأإِ ْن ُه ْم أطأاعُوا لأ أ‬ ‫أن ُحمأ َّمدا أر ُس ُ‬‫يأ ْش أه ُدوا أ ْن الأ إِلأهأ إَِّال اللَّهُ‪ ،‬أوأ َّ‬
‫أخِ ْربُه ْم‬ ‫ِ‬
‫ك‪ ،‬فأأ ْ‬ ‫ك بِ أذل أ‬‫صلأ أوات ِيف ُك ِّل يأت ْوم أولأْيتلأة‪ ،‬فأِإ ْن ُه ْم أطأاعُوا لأ أ‬ ‫س أ‬ ‫اللَّهأ قأ ْد فأتر أ ِ‬
‫ض أعلأْيه ْم َخأْ أ‬ ‫أ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص أدقأة تتُ ْؤ أخ ُذ م ْن أ ْغنيأائ ِه ْم فأتتُتأرُّد أعلأى فُت أقأرائ ِه ْم‪ ،‬فأِإ ْن ُه ْم أطأاعُوا لأ أ‬
‫ك‬ ‫ض أعلأْي ِه ْم أ‬ ‫أن اللَّهأ قأ ْد فأتأر أ‬
‫أ َّ‬
‫اك وأكرائِم أأمواهلِِم وات َِّق د ْعوأة املظْلُ ِوم‪ ،‬فأِإنَّه لأيس بتيتنأه وبت ِ ِ‬ ‫ك‪ ،‬فأِإيَّ أ‬ ‫ِ‬
‫بِ أذل أ‬
‫اب»(‪.)3‬‬‫ني اللَّه ح أج ٌ‬ ‫ُ ْ أ أْ ُ أ أ ْ أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ْ‬ ‫أ‬ ‫ْ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫‪ -2‬التثبت‪ :‬فال نتعجل يف اإلنكار قبل أن نتثبت ونتبني حقيقة األمر‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬يا‬
‫يبوا ق ْوما ِبجهالة‬
‫ص ُ‬‫اسق ِبنبإ فتبيَّ ُنوا أ ْن ُت ِ‬
‫مف ِ‬ ‫َّ‬
‫أيُّها ال ِذين آم ُنوا إِ ْن جاء ُك ْ‬
‫ص ِب ُحوا على ما فع ْل ُت ْم نا ِد ِمين }(‪ ،)4‬وال يعين التثبت أن يتجسس على الناس؛‬ ‫ف ُت ْ‬
‫ألنه مأمور برتك التجسس وتتبع عورات الناس‪ ،‬فالشرع مل يأمرنا بذلك‪ ،‬وإمنا أمرنا باإلنكار‬
‫يشاهد‪ ،‬حيث قال ‪« :‬من رأى منكم منكرا‪ ،»...‬وتتبع عورات الناس يفسدهم‪،‬‬ ‫على ما أ‬

‫(‪ )1‬فيض القدير ‪.131/6 -255/3‬‬


‫(‪ )2‬انظر‪ :‬فقه الدعوة يف إنكار املنكر لعبد احلميد الباليل‪ ،‬ص‪.65‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه البخاري يف صحيحه‪ ،‬برقم [‪.]1496‬‬
‫(‪ )4‬سورة احلجرات‪ ،‬اآلية (‪.)6‬‬

‫‪- 28 -‬‬
‫وينزع الثقة فيما بينهم‪ ،‬وينشر سوء الظن‪ ،‬قال عليه ‪« :‬إنك ان اتبعت عورات الناس‬
‫أفسدهتم أو كدت تفسدهم»(‪.)1‬‬
‫‪ -3‬ال إنكار على مجتهد وال على مختلف فيه‪ :‬قال ابن قدامة‪" :‬ويشرتك يف إنكار‬
‫املنكر أن يكون معلوما كونه منكرا بغري اجتهاد‪ ،‬فكل ما هو يف حمل االجتهاد فال حسبة‬
‫فيه"(‪ ،)2‬ويستثين القاضي أبو يعلى من ذلك إذا كان اخلالف ضعيفا يف مسألة من املسائل‪،‬‬
‫فيقول‪" :‬ما ضعف اخلالف فيه‪ ،‬وكان ذريعة إىل حمظور متفق عليه‪ ...‬فيدخل يف إنكار‬
‫احملتسب حبكم واليته"(‪.)3‬‬
‫‪ -4‬ترك االستفزاز واستخدام اإلقناع‪ :‬حىت ال يصر املنكر عليه على منكره‪ ،‬فقد هنانا‬
‫اهلل تعاىل عن سب آهلة املشركني ملا يرتتب على ذلك من ردة فعل ال حتمد عقباها‪ ،‬قال‬
‫سبُّوا ال َّله ع ْدوا ِبغيْ ِر ِع ْلم‬
‫ون ال َّل ِه في ُ‬
‫سبُّوا ا َّل ِذين ي ْد ُعون ِم ْن ُد ِ‬
‫تعاىل‪{ :‬ولا ت ُ‬
‫}(‪ ،)4‬ولننظر إىل خليل اهلل إبراهيم ‪ ‬كيف أقام احلجة على خصمه باحلجة البينة‪:‬‬
‫يم‬
‫اه ُ‬ ‫م ْلك إِ ْذ قال إِبْر ِ‬‫اه ال َّل ُه ال ُ‬
‫اهيم ِفي ر ِب ِه أ ْن آت ُ‬ ‫م تر إِلى ا َّل ِذي ح َّ‬
‫اج إِبْر ِ‬ ‫{أل ْ‬
‫يم فإِ َّن ال َّله‬
‫اه ُ‬‫يت قال إِبْر ِ‬ ‫يت قال أنا ُأ ْح ِيي و ُأ ِم ُ‬ ‫ر ِبي ا َّل ِذي ُي ْح ِيي و ُي ِم ُ‬
‫ب ف ُب ِهت ا َّل ِذي كفر‬ ‫ت ِبها ِمن الم ْغ ِر ِ‬ ‫س ِمن المشْ ِر ِق فأْ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫يأْتِي ِبال َّ‬
‫ش ْ‬
‫وال َّل ُه لا ي ْه ِدي الق ْوم َّ‬
‫الظا ِل ِمين}(‪.)5‬‬
‫‪ -5‬الستر‪ :‬فاإلسالم حيب السرت‪ ،‬وينهى عن تتبع العورات‪ ،‬ما مل يكن صاحب املنكر‬
‫جماهرا بني الناس‪ ،‬وقد وجه النيب ‪ ‬رجال من أصحابه استشاره ماعز ‪ ‬بعد وقوعه يف‬
‫فاحشة الزنا فأشار عليه أن خيرب النيب ‪ ،‬فلما أقيم عليه احلد قال النيب ‪ ‬لذلك الرجل‬
‫هزال‪ ،‬لو كنت سرتته بثوبك كان خريا لك»(‪ ،)6‬قال ابن حجر‪:‬‬ ‫هزال‪« :‬ويلك يا ّ‬ ‫وامسه ّ‬

‫(‪ )1‬أخرجه أبو داود يف سننه‪ ،‬برقم [‪ ،]4888‬وصححه األلباين‪.‬‬


‫(‪ )2‬خمتصر منهاج القاصدين‪ ،‬ص‪.113‬‬
‫(‪ )3‬اآلداب الشرعية البن مفلح ‪.186/1‬‬
‫(‪ )4‬سورة األنعام‪ ،‬اآلية (‪.)108‬‬
‫(‪ )5‬سورة البقرة‪ ،‬اآلية (‪.)258‬‬
‫(‪ )6‬أخرجه أمحد يف املسند برقم [‪ ،]21891‬وقال األرنؤوط‪ :‬صحيح لغريه‪.‬‬

‫‪- 29 -‬‬
‫"يستحب ملن وقع يف معصية وندم أن يبادر إىل التوبة منها‪ ،‬وال خيرب أحدا ويسترت بسرت اهلل‪،‬‬
‫وإن اتفق أنه خيرب أحدا فيستحب ان يأمره بالتوبة وسرت ذلك عن الناس"(‪.)1‬‬
‫فإذا كان صاحب املنكر جماهرا به‪ ،‬أو تعدى ضرره غريه من املسلمني فعند ذلك جيب‬
‫التحذير منه‪ ،‬قال ابن العريب‪" :‬إذا كان متظاهرا بالفاحشة جماهرا‪ ،‬فإين أحب مكاشفته‬
‫والتربيح به لينزجر هو وغريه"(‪.)2‬‬

‫اخلالصة‬

‫للمجتمع اإلسالمي مسات عديدة منها‪ :‬ملتزم بالشرع‪ ،‬جاد‪ ،‬متسامح‪ ،‬آمن‪،‬‬ ‫•‬
‫متناصح‪ ،‬تسوده املساواة‪ ،‬مرتاحم‪ ،‬مطيع ألويل األمر‪.‬‬
‫من عوامل حتقيق األمن يف اجملتمع اإلسالمي‪ :‬الوازع الديين يف قلوب أبناء اجملتمع‬ ‫•‬
‫املسلم‪ ،‬تطبيق التشريع اإلسالمي‪ ،‬االهتمام بالقواعد الوقائية من الشبهات الفكرية‬
‫املعاصرة‪ ،‬األمر باملعروف والنهي عن املنكر‪.‬‬
‫القواعد الوقائية من الشبهات الفكرية املعاصرة‪ :‬تعزيز اليقني بأصول اإلسالم‪ ،‬تكوين‬ ‫•‬
‫العقل الناقد‪ ،‬التأصيل الشرعي‪ ،‬عدم التعرض خلطاب الشبهات من غري املتخصص‪،‬‬
‫القراءة الوقائية يف كتب الردود على الشبهات بشروط‪ ،‬ترتيب األولويات الكربى يف‬
‫النظر اإلنساين على مراد اهلل‪ ،‬تعزيز الربامج اجلماعية املفيدة فكريا وعاطفيا‪ ،‬الدعاء‬
‫واالبتهال‪.‬‬
‫من وسائل تعزيز اليقني بأصول اإلسالم‪ :‬إحياء وإشاعة عبادة التفكر يف آيات اهلل‬ ‫•‬
‫الكونية‪ ،‬إشاعة عبادة التفكر يف آيات اهلل الشرعية‪ ،‬وربط الناس بالقرآن والسنة‬
‫الصحيحة‪ ،‬العناية بالكتب اليت اهتمت ببيان دالئل صحة أصول اإلسالم‪ ،‬االهتمام‬

‫(‪ )1‬فتح الباري ‪.125/12‬‬


‫(‪ )2‬املصدر السابق‪.‬‬

‫‪- 30 -‬‬
‫يف اخلطاب الدعوي باحلديث عن اهلل وصفاته وعظمته ووحدانيته‪ ،‬االهتمام بعبادة‬
‫القلوب يف الدعوة والعلم والعمل‪ ،‬قصص املسلمني اجلدد‪.‬‬
‫األمر باملعروف والنهي عن املنكر هو‪ :‬األمر بواجبات الشرع والنهي عن حمرماته‪.‬‬ ‫•‬
‫أمهية األمر باملعروف والنهي عن املنكر‪ :‬حتقيق العبودية هلل وحده‪ ،‬محاية اجملتمع‬ ‫•‬
‫املسلم‪.‬‬
‫حكم األمر باملعروف والنهي عن املنكر‪ :‬مجهور العلماء على أنه من فروض الكفاية‪.‬‬ ‫•‬
‫وسائل األمر باملعروف والنهي عن املنكر‪ :‬وردت وسائل القيام باألمر باملعروف‬ ‫•‬
‫والنهي عن املنكر يف حديث النيب ‪« :‬من رأى منكم منكرا فليغريه بيده‪ ،‬فإن مل‬
‫يستطع فبلسانه‪ ،‬فإن مل يستطع فبقلبه‪ ،‬وذلك أضعف اإلميان»‪.‬‬
‫يشرتط لألمر باملعروف والنهي عن املنكر شروط بعضها يتعلق ( ِ‬
‫باملنكر احملتسب)‪،‬‬ ‫•‬
‫وبعضها يتعلق (باملن أكر عليه)‪.‬‬
‫قواعد يف األمر باملعروف والنهي عن املنكر‪ :‬تقدمي األهم على املهم‪ ،‬التثبت‪ ،‬ال‬ ‫•‬
‫إنكار على جمتهد وال على خمتلف فيه‪ ،‬ترك االستفزاز واستخدام اإلقناع‪ ،‬السرت‪.‬‬

‫‪ -1‬اذكر أهم مسات اجملتمع اإلسالمي‪.‬‬


‫التقويم‬
‫‪ -2‬عدد القواعد الوقائية من الشبهات الفكرية املعاصرة‪.‬‬
‫‪ -3‬بني وسائل تعزيز اليقني بأصول اإلسالم‪.‬‬
‫‪ -4‬عرف األمر باملعروف والنهي عن املنكر‪.‬‬
‫‪ -5‬ناقش آراء العلماء يف حكم األمر باملعروف والنهي عن املنكر‪.‬‬
‫‪ -6‬عدد شروط األمر باملعروف والنهي عن املنكر‪.‬‬
‫‪ -7‬اذكر قواعد األمر باملعروف والنهي عن املنكر‪.‬‬

‫‪- 31 -‬‬
‫مصادر التعلم‬

‫‪ -1‬حلية طالب العلم‪ ،‬تأليف‪ :‬بكر بن عبد اهلل أبو زيد‪.‬‬


‫‪ -2‬شرح حلية طالب العلم‪ ،‬تأليف‪ :‬حممد بن صاحل العثيمني‪.‬‬
‫‪ -3‬مدخل لدراسة العقيدة اإلسالمية‪ ،‬تأليف‪ :‬عثمان مجعة‪.‬‬

‫‪- 32 -‬‬
‫‪ -‬قدم ورقة حبثية عن مسات اجملتمع اإلسالمي يف عهد النيب ‪.‬‬
‫‪ -‬قارن بني مسات اجملتمع اإلسالمي ومسات اجملتمعات الغربية يف العصر احلايل‪.‬‬
‫‪ -‬قدم ورقة حبثية عن حفظ الشريعة للكليات اخلمس (الدين‪ ،‬والنفس‪ ،‬والعقل‪،‬‬
‫والعرض‪ ،‬واملال)‪.‬‬

‫تقومي الوحدة األوىل‬


‫اذكر أهم مسات اجملتمع اإلسالمي‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫عدد القواعد الوقائية من الشبهات الفكرية املعاصرة‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫بني وسائل تعزيز اليقني بأصول اإلسالم‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫عرف األمر باملعروف والنهي عن املنكر‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫ناقش آراء العلماء يف حكم األمر باملعروف والنهي عن املنكر‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫عدد شروط األمر باملعروف والنهي عن املنكر‪.‬‬ ‫‪-6‬‬
‫اذكر قواعد األمر باملعروف والنهي عن املنكر‪.‬‬ ‫‪-7‬‬

‫‪- 33 -‬‬
‫الوحدة الثانية‬
‫أبرز المشكالت االجتماعية‪ ،‬أسبابها وعالجها‬

‫األهداف العامة للوحدة‪:‬‬


‫يتوقع من الدارس بعد إنهائه هذه الوحدة ما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬يشرح المقصود بالمشكالت االجتماعية‪.‬‬
‫‪ -2‬يؤمن بأهمية التمسك باآلداب واألحكام الشرعية‪.‬‬
‫‪ -3‬يناقش المفاهيم األساسية ببعض المشكالت االجتماعية‪.‬‬
‫‪ -4‬يتجنب األسباب المؤدية لالنحراف الجنسي‪.‬‬
‫‪ -5‬يحذر المخدرات والمسكرات‪.‬‬
‫‪ -6‬يوضح خطورة التدخين‪.‬‬
‫‪ -7‬يؤمن بخطورة التقليد والتبعية لغير المسلمين‪.‬‬

‫موضوعات الوحدة‪:‬‬

‫‪ ‬مقدمة‪.‬‬
‫‪ ‬الموضوع األول‪ :‬المشكلة األولى‪ ( :‬االنحراف الجنسي)‪.‬‬
‫‪ ‬الموضوع الثاني‪ :‬المشكلة الثاني‪ ( :‬المخدرات والمسكرات)‪.‬‬
‫‪ ‬الموضوع الثالث‪ :‬المشكلة الثالثة‪ ( :‬التدخين)‪.‬‬
‫‪ ‬الموضوع الرابع‪ :‬المشكلة الرابعة‪ ( :‬التقليد والتبعية لغير المسلمين)‪.‬‬

‫‪- 34 -‬‬
‫مقدمة‬

‫تعريف المشكلة االجتماعية‪:‬‬


‫هي ضعف متزايد يف القيم االجتماعية اليت يتمسك هبا اجملتمع وال يرغب يف التفريط‬
‫هبا‪ -‬مهما كانت هذه القيم‪ ، -‬وهلذا نرى اختالفات املشكالت االجتماعية حسب‬
‫اختالف النسق القيمي الذي يتبناه اجملتمع(‪.)1‬‬

‫(‪)2‬‬
‫الموضوع األول‪ :‬أبرز المشكالت االجتماعية‪ ،‬أسبابها وعالجها‬
‫المشكلة األولى‪ :‬االنحراف الجنسي‬

‫إن مشكلة االحنراف اجلنسي لدى الشباب تعد من أخطر املشاكل وأكثرها ضررا دينيا‬
‫ودنيويا عليهم وعلى جمتمعهم‪ ،‬ويأِت على رأس ;‪ `g‬فعل الزنا وعمل قوم لوط‪.‬‬
‫‪ -‬ومها يف شرع اهلل من كبائر الذنوب‪ ،‬فقد قرن اهلل تعاىل الزنا باإلشراك به وقتل النفس‬
‫احملرمة فقال تعاىل‪{ :‬وا َّل ِذين لا ي ْد ُعون مع ال َّل ِه إِلها آخر ولا ي ْق ُت ُلون ال َّن ْفس‬
‫ل ذ ِلك ي ْلق أثاما *‬ ‫ا َّلتِي ح َّرم ال َّل ُه ا ْلأ ِبا ْلح ِق ولا ي ْز ُنون وم ْن ي ْفع ْ‬
‫يه ُمهانا}(‪،)3‬‬
‫ذاب ي ْوم ال ِقيام ِة و ي ْخ ُل ْد ِف ِ‬
‫ف ل ُه الع ُ‬ ‫ُيضاع ْ‬
‫م ُرنا‬
‫ما جاء أ ْ‬‫‪ -‬وأما فعل قوم لوط فقد عاقبهم اهلل عليه أشد العقاب فقال تعاىل‪{ :‬فل َّ‬
‫ضود *‬ ‫س ِجيل م ْن ُ‬‫مط ْرنا عليْها ِحجارة ِم ْن ِ‬ ‫جع ْلنا عا ِليها سا ِفلها وأ ْ‬
‫(‪)4‬‬
‫الظا ِل ِمين ِبب ِعيد}‬
‫ُمس َّومة ِع ْند ر ِبك وما ِهي ِمن َّ‬

‫(‪ )1‬علم النفس االجتماعي‪ ،‬أبو إلياس معتز حممد‪.‬‬


‫(‪ )2‬هتذه املشتتكالت مستتتفادة متتن كتتتاب‪ :‬الثقافتتة اإلستتالمية للتتدكتور هشتتام أزهتتر والتتدكتور فيصتتل بتتالعمش‪ ،‬والتتدكتورة‬
‫فتحية عبيد‪ ،‬ص‪ 243-226‬مع بعض اإلضافات ‪.‬‬
‫(‪ )3‬سورة الفرقان‪ ،‬اآلية (‪.)69-68‬‬
‫(‪ )4‬سورة هود‪ ،‬اآلية (‪.)83-82‬‬

‫‪- 35 -‬‬
‫تحريم اإلسالم للمقدمات المفضية للزنا‪:‬‬
‫لعظم هذه اجلرمية‪ ،‬وبشاعتها يف النفوس‪ ،‬وآثارها السيئة على اجملتمع‪ ،‬مل يكتف اإلسالم‬
‫بتحرميها‪ ،‬بل حرم املقدمات املفضية هلا‪ ،‬وفرض أمورا تقي منها فمن ذلك‪:‬‬
‫‪ -1‬حترمي اخللوة باملرأة األجنبية(‪ :)1‬إذ يقول النيب ‪« :‬ال خيلون رجل بامرأة إال ومعها‬
‫ذو حمرم»(‪ ،)2‬ويؤكد خطورة املسألة بقوله‪« :‬إياكم والدخول على النساء» فقال رجل من‬
‫األنصار‪ :‬يا رسول اهلل‪ :‬أفرأيت احلمو؟ قال‪« :‬احلمو املوت»(‪.)3‬‬
‫ضوا‬
‫م ْؤ ِمنِين ي ُغ ُّ‬ ‫‪ -2‬حترمي النظر إىل املرأة األجنبية‪ :‬ويف هذا يقول تعاىل‪ُ { :‬ق ْ‬
‫ل ِل ْل ُ‬
‫م إِ َّن ال َّله خ ِبير ِبما‬
‫م ذ ِلك أ ْزكى ل ُه ْ‬
‫م و ي ْحف ُظوا ُف ُروج ُه ْ‬
‫ِم ْن أبْصا ِر ِه ْ‬
‫صن ُعون}(‪.)4‬‬‫ي ْ‬
‫هني املرأة عن جمانبة احلشمة بالتكسر واخلضوع عند حمادثة الرجال‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫ضن‬
‫ض ْ‬
‫نات ي ْغ ُ‬
‫م ْؤ ِم ِ‬ ‫فرض احلجاب على املرأة‪ :‬ويف هذا يقول تعاىل‪{ :‬و ُق ْ‬
‫ل ِل ْل ُ‬ ‫‪-4‬‬
‫ِم ْن أبْصا ِر ِه َّن و ي ْحف ْظن ُف ُروج ُه َّن ولا ُي ْب ِدين ِز ينت ُه َّن ا ْلأ ما ظهر ِم ْنها‬
‫ض ِربْن ِب ُخ ُم ِر ِه َّن على ُج ُيو ِب ِه َّن ولا ُيبْ ِدين ِز ينت ُه َّن ا ْلأ ِل ُب ُعولتِ ِه َّن }(‪.)5‬‬
‫و ْلي ْ‬

‫عقوبته الدنيوية‪:‬‬
‫ختتلف عقوبة الزاين بني كونه حمصنا أو غري حمصن‪ ،‬واحملصن هو من سبق له الوطء يف نكاح‬
‫صحيح ولو مرة واحدة‪.‬‬
‫‪ -‬فغري احملصن وغري احملصنة عقوبتهما أن جيلدا مائة جلدة ويغربا عن بلدمها عاما كامال‪،‬‬
‫واحد ِم ْن ُهما ِمائة ج ْلدة‬
‫ِ‬ ‫ل‬ ‫وفيهم يقول تعاىل‪{:‬ال َّزانِي ُة وال َّزانِي ف ْ‬
‫اج ِل ُدوا ُك َّ‬

‫(‪ )1‬نعين باألجنبية‪ :‬اليت ال تكون زوجة له وال إحدى حمارمه‪.‬‬


‫(‪ )2‬متفق عليه‪ ،‬صحيح البخاري برقم [‪ ،]2844‬وصحيح مسلم برقم [‪.]1341‬‬
‫(‪ )3‬متفق عليه‪ ،‬صحيح البخاري‪ ،‬حديث رقم [‪ ،]4934‬وصحيح مسلم برقم [‪.]2172‬‬
‫(‪ )4‬سورة النور‪ ،‬اآلية (‪.)30‬‬
‫(‪ )5‬سورة النور‪ ،‬اآلية (‪.)31‬‬

‫‪- 36 -‬‬
‫م ُت ْؤ ِم ُنون ِبال َّل ِه وا ْلي ْو ِم‬ ‫ولا تأْ ُخ ْذ ُكم ِب ِهما رأْفة ِفي ِد ِ َّ‬
‫ين الل ِه إِ ْن ُك ْن ُت ْ‬ ‫ْ‬
‫(‪)1‬‬
‫شه ْد عذاب ُهما طائِفة ِمن ال ُم ْؤ ِمنِين} ‪.‬‬ ‫آخ ِر و ْلي ْ‬
‫ال ِ‬
‫ويف الصحيح عن زيد بن خالد ‪ ‬عن رسول اهلل ‪« :‬أنه أمر فيمن زىن ومل حيصن جبلد‬
‫مائة وتغريب عام»(‪.)2‬‬
‫‪ -‬وأما احملصن واحملصنة فعقوبتهما الرجم باحلجارة حىت املوت ففي الصحيح عن عمر ‪‬‬
‫قال‪« :‬لقد خشيت أن يطول بالناس زمان حىت يقول قائل‪ :‬ال جند الرجم يف كتاب اهلل‬
‫أحصن إذا قامت البينة‬
‫فيضلوا برتك فريضة أنزهلا اهلل‪ ،‬أال وإن الرجم حق على من زىن وقد أ أ‬
‫أو كان احلمل‪ ،‬أو االعرتاف‪ ،‬أال وقد رجم رسول اهلل ‪ ‬ورمجنا بعده»(‪.)3‬‬
‫‪-‬عقوبة عمل قوم لوط على قول أكثر أهل العلم القتل للفاعل واملفعول به‪ ،‬سواء كان‬
‫حمصنني أم ال‪ ،‬وقال بعضهم‪ :‬عقوبته كعقوبة الزنا‪ ،‬وقال بعضهم‪ :‬إن عقوبته التعزير‪.‬‬
‫عقوبته األخروية‪:‬‬
‫توعد املوىل تبارك وتعاىل من أتى هذه الفواحش ومل يتب منها يف الدنيا بأشد الوعيد‪ ،‬وقد‬
‫سبق قوله تعاىل‪{ :‬وا َّل ِذين لا ي ْد ُعون مع ال َّل ِه إِلها آخر ولا ي ْق ُت ُلون ال َّن ْفس ا َّل ِتي‬
‫ف ل ُه‬ ‫ح َّرم ال َّل ُه ا ْلأ ِبا ْلح ِق ولا ي ْز ُنون وم ْن ي ْفع ْ‬
‫ل ذ ِلك ي ْلق أثاما * ُيضاع ْ‬
‫يه ُمهانا}(‪،)4‬‬
‫ذاب ي ْوم ال ِقيام ِة و ي ْخ ُل ْد ِف ِ‬
‫الع ُ‬
‫اآلثار المترتبة على هذه الفواحش‬
‫من أبرز اآلثار السلبية املرتتبة على هذه الفواحش فيما يلي‪:‬‬
‫األضرار الدينية‪ :‬فاالحنرافات اجلنسية تورث موت القلب وبعده عن اهلل‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫األضرار االجتماعية‪ :‬كاختالط األنساب‪ ،‬وكثرة اللقطاء‪ ،‬وفقدان املرأة لعفتها‬ ‫أ‪-‬‬
‫وشرفها‪ ،‬وفقدان البكر لعذريتها مما يؤثر بعد ذلك سلبا على زواجها‪.‬‬
‫األضرار األخالقية‪ :‬إذ هذه االحنرافات تفسد املروءة‪ ،‬وتذهب الفضيلة‪ ،‬وتئد الغرية‪.‬‬ ‫‪-2‬‬

‫(‪ )1‬سورة النور‪ ،‬اآلية (‪.)2‬‬


‫(‪ )2‬أخرجه البخاري برقم [‪.]2506‬‬
‫(‪ )3‬متفق عليه‪ ،‬صحيح البخاري برقم [‪ ،]6441‬وصحيح مسلم برقم [‪.]1691‬‬
‫(‪ )4‬سورة الفرقان‪ ،‬اآلية (‪.)69-68‬‬

‫‪- 37 -‬‬
‫األضرار الصحية‪ :‬فقد توعد اهلل تبارك وتعاىل القوم الذين تستشري فيهم الفاحشة‬ ‫‪-3‬‬
‫بشىت األمراض‪ ،‬إذ يقول النيب ‪« :‬مل تظهر الفاحشة يف قوم قط حىت يعلنوا هبا إال فشا‬
‫فيهم الطاعون‪ ،‬واألوجاع اليت مل تكن مضت يف أسالفهم الذين مضوا»(‪ ،)1‬وقد صدق‬
‫احلبيب ‪ ‬إذ األمراض انتشرت اليوم بسبب هذه الفواحش حىت ال ختفى على أحد كالزهري‬
‫والسيالن واإليدز‪.‬‬

‫الموضوع الثاني‬
‫المشكلة الثانية‪ :‬المخدرات والمسكرات‬

‫املخدرات واملسكرات يف اإلسالم حمرمة بكل أنواعها‪ ،‬وقد نص القرآن صراحة على حرمة‬
‫ُ‬
‫صاب‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫أ‬‫ل‬‫ْ‬ ‫ا‬‫و‬ ‫ر‬ ‫س‬
‫ِ‬ ‫ي‬ ‫م‬ ‫ل‬
‫ْ‬ ‫ا‬‫و‬ ‫ر‬ ‫م‬ ‫خ‬ ‫ال‬ ‫ا‬‫م‬ ‫ن‬‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫إ‬ ‫وا‬ ‫ن‬
‫ُ‬ ‫آم‬ ‫ين‬ ‫ذ‬
‫ِ‬ ‫َّ‬
‫ل‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ه‬‫ُّ‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫يا‬ ‫{‬ ‫تعاىل‪:‬‬ ‫اخلمر‪ ،‬فقال‬
‫ُ‬ ‫ْ ُ‬ ‫ُْ‬
‫وه لع َّل ُك ْم ُت ْف ِل ُحون}(‪.)2‬‬
‫اجتنِ ُب ُ‬ ‫طان ف ْ‬‫شيْ ِ‬ ‫لام ِر ْجس ِم ْن عم ِل ال َّ‬ ‫وا ْلأ ْز ُ‬
‫فإذا كان هذا شأن اخلمر اليت تعترب من أقل املسكرات‪ ،‬واملخدرات ضررا فكيف بغريها من‬
‫املخدرات‪ ،‬كما أنه قد صح عن النيب ‪ ‬أنه قال‪« :‬كل مسكر حرام»(‪.)3‬‬
‫عقوبتها الشرعية‪:‬‬
‫أما اخلمر فقد ثبت يف السنة أن شارهبا جيلد‪ ،‬وأما مقدار اجللد فقد روى مسلم أن عليا ‪‬‬
‫جلد شارهبا أربعني جلدة‪ ،‬وقال‪« :‬جلد النيب ‪ ‬أربعني‪ ،‬وجلد أبو بكر أربعني‪ ،‬وعمر‬
‫أربعني وكل سنة‪ ،‬وهذا أحب إيل»(‪ .)4‬ويف بعض الروايات أن عمر ‪ ‬زاد أربعني جلدة ملا‬
‫رأى الناس تساهلوا يف اخلمر‪.‬‬
‫وتعترب مشكلة املخدرات من أخطر املشاكل؛ ملا هلا من آثار شنيعة على الفرد واألسرة‬
‫واجملتمع‪ ،‬وملا فشا أمرها يف هذا الزمان اختذت بالدنا موقفا حازما من مروجيها‪ ،‬ومهربيها‪،‬‬

‫(‪ )1‬أخرجه ابن ماجه برقم [‪ ،]4019‬وحسنه األلباين‪.‬‬


‫(‪ )2‬سورة املائدة‪ ،‬اآلية (‪.)90‬‬
‫(‪ )3‬متفق عليه‪ ،‬صحيح البخاري برقم [‪ ،]4087‬وصحيح مسلم برقم [‪.]977‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه مسلم يف صحيحه برقم [‪.]1707‬‬

‫‪- 38 -‬‬
‫وقد صدر قرار من جملس هيئة كبار العلماء رقم ‪ 138‬بتاريخ ‪1407/6/20‬هت يقضي بقتل‬
‫مهرب املخدرات‪ ،‬وبتعزير مروجيها تعزيرا بليغا ميكن أن يصل إىل القتل‪ ،‬وقد صدر األمر‬
‫السامي رقم ‪/4‬ب‪ 9666/‬وتاريخ ‪1407/7/10‬هت لكل من وزارة العدل ووزارة الداخلية‬
‫باعتماد العمل بقرار جملس هيئة كبار العلماء السابق(‪.)1‬‬
‫واليوم مثة عدد من الدول تنادي بتطبيق العقوبة ذاهتا‪.‬‬
‫عقوبتها األخروية‪:‬‬
‫قال النيب ‪« :‬كل مسكر حرام‪ ،‬إن على اهلل جل جالله عهدا ملن يشرب املسكر أن‬
‫يسقيه من طينة اخلبال»‪ ،‬قال‪« :‬عرق أهل النار أو عصارة أهل النار»(‪ ،)2‬وقال ‪« :‬ومن‬
‫شرب اخلمر يف الدينا فمات وهو يدمنها مل يتب مل يشرهبا يف اآلخرة»(‪.)3‬‬
‫خامساً‪ :‬األضرار المترتبة على تعاطي المسكرات والمخدرات‪:‬‬
‫ورد عن عثمان بن عفان ‪ ‬أنه مسى اخلمر (أم الخبائث)؛ وهذا ألن من سكر يقع بسكره‬
‫يف شىت الذنوب واآلثام‪ ،‬وقد يرتكب شىت اجلرائم حتت وطأة سكره‪ ،‬ولذلك فإن األضرار‬
‫املرتتبة على هذه اآلفة املدمرة أكثر من أن حتصى‪ ،‬سواء أكانت أضرارا صحية تؤدي إىل‬
‫اهلالك وتسبب السرطان أم أضرارا اجتماعية‪ ،‬أم اقتصادية‪.‬‬

‫الموضوع الثالث‬
‫المشكلة الثالثة‪ :‬التدخين‬

‫يف العامل اليوم أكثر من ‪ 50‬ألف حبث علمي من (‪ )80‬دولة كلها تدين التبغ وتؤكد أنه‬
‫م‬
‫بات و ُيح ِر ُم عليْ ِه ُ‬
‫الط ِي ِ‬
‫م َّ‬ ‫مدمر للصحة‪ ،‬واهلل تبارك وتعاىل يقول‪{ :‬و ُي ِح ُّ‬
‫ل ل ُه ُ‬
‫الخبائِث }(‪ ،)4‬فهل ميكن أن نعد التدخني من الطيبات دون اخلبائث‪ ،‬ويقول تعاىل‬

‫(‪ )1‬املخدرات اخلطر واملقاومة‪ ،‬اإلدارة العامة ملكافحة املخدرات‪.‬‬


‫(‪ )2‬أخرجه مسلم‪ ،‬حديث رقم [‪.]2002‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه مسلم برقم [‪.]2003‬‬
‫(‪)4‬سورة األعراف‪ ،‬اآلية (‪.)157‬‬

‫‪- 39 -‬‬
‫يل ال َّل ِه ولا ُت ْل ُقوا‬ ‫(‪)1‬‬
‫م} ‪ ،‬ويقول‪{ :‬وأ ْن ِف ُقوا ِفي س ِب ِ‬ ‫كذلك‪{ :‬ولا ت ْق ُت ُلوا أ ْن ُفس ُك ْ‬
‫ِبأيْ ِدي ُك ْم إِلى ال َّت ْه ُلك ِة}(‪ ،)2‬وقد ثبت مما مضى من اإلحصاءات أن التدخني قاتل من‬
‫الطراز األول‪.‬‬
‫وقد صدرت عشرات الفتاوى من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء حبرمة شرب‬
‫الدخان‪ ،‬وبيعه‪ ،‬وزراعته‪ ،‬فمن ذلك الفتوى رقم ‪ 15928‬ونصها‪" :‬ال جتوز زراعة الدخان‪،‬‬
‫وال بيعه‪ ،‬وال استعماله؛ ألنه حرام من عدة وجوه‪ :‬ألضراره الصحية العظيمة‪ ،‬وخلبثه‪ ،‬وعدم‬
‫ف ائدته‪ ،‬وعلى املسلم تركه‪ ،‬واالبتعاد عنه‪ ،‬وعدم زراعته واالجتار به؛ ألن اهلل إذا حرم شيئا‬
‫حرم مثنه "(‪.)3‬‬

‫الموضوع الرابع‬
‫المشكلة الرابعة‪ :‬التقليد والتبعية لغير المسلمين‬

‫أوالً‪ :‬تعريف التقليد‪:‬‬


‫حماكاة الشباب املسلم للكفار وتشبههم هبم فيما خيالف السلوك اإلسالمي ‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬أشكال ومجاالت التقليد‪:‬‬
‫احملاكاة قد تكون يف امللبس واملركب واملأكل واملشرب واألخالق وغري ذلك وهو ما ميكن أن‬
‫نطلق عليه ‪ " :‬التقليد يف السلوك " ‪ ،‬أما التقليد يف العقيدة فال شك أنه أخطر مقاما ‪ ،‬إذ‬
‫هو سبيل مفض إىل الكفر والعياذ باهلل تعاىل ‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬حكم التقليد‪:‬‬
‫األصل يف التقليد لغري املسلمني فيما فيه خمالفة السلوك اإلسالمي أنه حمرم شرعا‪ ،‬وذلك؛‬
‫لقول النيب ‪": ‬من تشبه بقوم فهو منهم "(‪)4‬قال ابن كثري ‪" :‬فأِف ِيه أدأاللأةٌ أعلأى النت َّْه ِي‬

‫(‪ )1‬سورة النساء‪ ،‬اآلية (‪.)29‬‬


‫(‪ )2‬سورة البقرة‪ ،‬اآلية (‪.)195‬‬
‫(‪ )3‬فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء ‪.120/15‬‬
‫(‪)4‬أخرجه أبو داود يف سننه برقم ‪ ، 4031‬وقال األلباين ‪ :‬حسن صحيح ‪.‬‬

‫‪- 40 -‬‬
‫َّشبُّ ِه بِالْ ُكفَّا ِر ِيف أقْتواهلِِم وأفْتعاهلِِم‪ ،‬ولِب ِ‬
‫اس ِه ْم أوأ ْأعيأ ِاد ِه ْم‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِِ‬
‫الشَّديد أوالتت َّْهديد أوالْ أو ِعيد‪ ،‬أعلأى الت أ‬
‫أ ْ أ أ ْ أأ‬
‫(‪)1‬‬
‫اليت مل تشرع لنا وال نتُ أقر أعلأْيت أها "‬ ‫ك ِم ْن أ ُُموِرِه ُم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫أو ِعبأ أاداهت ْم أو أغ ِْري ذأل أ‬
‫رابعاً‪ :‬خطورة التقليد‪:‬‬
‫‪ -1‬إن التقليد هو اخلطوة األوىل يف طريق التبعية الكاملة‪ ،‬فالتقليد يف الظاهر هو داللة‬
‫على نوع من التقليد الباطن‪ ،‬وهذا والعياذ باهلل قد يفضي إىل الظن بأن ديانة غري اإلسالم‬
‫هي أفضل من اإلسالم(‪.)2‬‬
‫‪ -2‬إن املقلد يلغي بتقليده وجوده ويقضي على شخصيته ‪ ،‬ويوقف حركة عقله وتفكريه‬
‫ليفكر بعقوهلم ‪ ..‬هذا يف التقليد ككل ‪ ،‬فكيف إذا كان التقليد يف الضار دون النافع‪.‬‬
‫خامساً‪ :‬سبب تقليد المسلم لغيره ‪:‬‬
‫كانت أمتنا اإلسالمية مقصدا لألمم األخرى فقد كانت األمم هي اليت تسعى لتقليدها‪،‬‬
‫وكان أبناء األمم يرحتلون إىل ديار اإلسالم لنيل العلوم بشىت أنواعها ‪ ،‬فلما فقدت األمة‬
‫مكانتها بني األمم ‪ ،‬وضعفت قوهتا ‪ ،‬صار بنوها هم الذين يقلدون أعداءهم‪.‬‬
‫سادساً‪ :‬وسائل معالجة ظاهرة التقليد ‪:‬‬
‫‪ -1‬إحياء روح االعتزاز بالدين اإلسالمي يف نفوس شبابنا وشاباتنا‪.‬‬
‫‪ -2‬تعريف الشباب املسلم بسرية نبيهم ‪ ‬وصحبه الكرام ‪ ،‬ليكون التقليد له وهلم إذ‬
‫من املؤسف أن عددا كبريا من أبناء املسلمني ال يعرف من سرية نبيه ‪ ‬إال النزر اليسري‪.‬‬
‫‪ -3‬بيان اجلانب الزائف يف احلضارة الغربية‪ ،‬من خالل بيان كثرة الداخلني يف اإلسالم يف‬
‫هذا الزمان ‪ ،‬مما يدل على أن األمم تعيش يف خواء ‪ ،‬وتبحث عن الدين الذي ميأل هذا‬
‫اخلواء ‪ ،‬وكذا من خالل إبراز أقوال الغربيني أنفسهم عن أوضاعهم ‪ ،‬وأقوال املنصفني منهم‬
‫(‪)3‬‬
‫عن اإلسالم وحضارته‬

‫(‪ )1‬تفسري ابن كثري ‪.257/1‬‬


‫(‪ )2‬املصدر السابق ص ‪.242‬‬
‫(‪ )3‬املصدر السابق ص ‪. 243‬‬

‫‪- 41 -‬‬
‫الوحدة الثالثة‬
‫أحكام األسرة في اإلسالم‬

‫الأهداف العامة للوحدة‪:‬‬


‫يتوقع من الدارس بعد إنهائه هذه الوحدة ما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬يؤمن بحماية اإلسالم لألسرة‪.‬‬
‫‪ -2‬يناقش األحكام المتعلقة باألسرة‪.‬‬
‫‪ -3‬يناقش األحكام الشرعية المتعلقة بالنكاح‪.‬‬
‫‪ -4‬يحذر المخالفات الشرعية في الزواج‪.‬‬
‫‪ -5‬يعدد صوراً للمخالفات الشرعية في الزواج‪.‬‬
‫‪ -6‬يبين الحقوق الزوجية‪.‬‬
‫‪ -7‬يناقش األحكام المتعلقة بالطالق‪.‬‬

‫موضوعات الوحدة‪:‬‬

‫‪ ‬الموضوع األول‪ :‬األسرة في اإلسالم‪.‬‬


‫‪ ‬الموضوع الثاني‪ :‬الخطبة‪.‬‬
‫‪ ‬الموضوع الثالث‪ :‬النكاح ومقاصده وأحكامه‪.‬‬
‫‪ ‬الموضوع الرابع‪ :‬المخالفات الشرعية في الزواج‪.‬‬
‫‪ ‬الموضوع الخامس‪ :‬الحقوق الزوجية‪.‬‬
‫‪ ‬الموضوع السادس ‪ :‬الطالق والعدة ‪.‬‬
‫‪ ‬الموضوع السابع ‪ :‬الخلع ‪.‬‬

‫‪- 42 -‬‬
‫الموضوع األول‬
‫األسرة في اإلسالم‬

‫أوال‪ :‬مفهوم األسرة‪:‬‬


‫‪-‬األسرة في اللغة‪ :‬تطلق على عدة معاين منها‪:‬‬
‫الدرع احلصينة‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫أهل الرجل وعشريته ألنه يتقوى هبم(‪.)1‬‬ ‫‪-2‬‬
‫‪ -‬األسرة في االصطالح‪ :‬هي تلك الوحدة االجتماعية اليت تتكون من الزوج والزوجة‪،‬‬
‫واليت حتكمها جمموعة من احلقوق والواجبات‪ ،‬وهي الشكل االجتماعي الشرعي املعرتف‬
‫به إلجناب األبناء(‪.)2‬‬
‫تعترب األسرة هي احملضن األول لإلنسان إذ يعيش فيها أطول حياته‪ ،‬فيتشرب منها العقيدة‬
‫واألخالق واألفكار والعادات والتقاليد‪ ،‬ولذلك فإهنا إما أن تكون مصدر خري لإلنسان‪ ،‬أو‬
‫تكون معول هدم للدين واألخالق والقيم‪ ،‬يؤكد ذلك ما جاء عن أيب هريرة ‪ ‬أنه كان‬
‫يقول‪ :‬قال رسول اهلل ‪« : ‬ما من مولود إال يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه‬
‫وميجسانه‪ ،‬كما تنتج البهيمة هبيمة مجعاء هل حتسون فيها من جدعاء»(‪.)3‬‬
‫مث يقول أبو هريرة واقرأوا إن شئتم‪ِ { :‬ف ْطرت ال َّل ِه ا َّلتِي فطر ال َّناس عليْها لا‬
‫تبْ ِديل ِلخ ْل ِق ال َّل ِه} اآلية(‪.)4‬‬
‫وإذا كان الرجل واملرأة أساس األسرة‪ ،‬فإن األسرة هي أساس اجملتمع فال وجود لألسرة إال‬
‫بالرجل واملرأة وال وجود للمجتمع إال باألسرة‪ ،‬وصالح األسرة متوقف على صالح الرجل‬
‫واملرأة‪ ،‬وصالح اجملتمع متوقف على صالح األسرة‪.‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬املعجم الوسيط مادة أسر ص ‪ ، 17‬تاج العروس ‪ 51/10‬مادة أسر‪.‬‬
‫(‪)2‬انظر ‪ :‬األسرة يف اإلسالم مقرر جامعة امللك سعود ص ‪.2‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه مسلم يف صحيحه برقم [‪.]2658‬‬
‫(‪ )4‬سورة الروم‪ ،‬اآلية (‪.)30‬‬

‫‪- 43 -‬‬
‫ثانياً‪ :‬المقاصد الشرعية من تكوين األسرة‪:‬‬

‫يهدف اإلسالم إىل حتقيق مقاصد عظيمة بتكوين األسرة وحتقيق مثرات ذات أثر وفعالة‪،‬‬
‫وبعيدة املدى يف حياة الفرد واجملتمع‪ ،‬إذ إن األسرة نعمة من نعم اهلل امنت اهلل هبا على عباده‬
‫م‬
‫س ُك ْ‬ ‫واختارها هلم لتستقر هبم احلياة قال تعاىل‪{ :‬و ِم ْن آياتِ ِه أ ْن خلق ل ُك ْ‬
‫م ِم ْن أ ْن ُف ِ‬
‫م مو َّدة ور ْحمة إِ َّن ِفي ذ ِلك لآيات‬
‫س ُك ُنوا إِليْها وجعل بيْن ُك ْ‬
‫أ ْزواجا ِلت ْ‬
‫ِلق ْوم يتفكَّ ُرون}(‪.)1‬‬
‫وميكن أن نلخص أهم وأبرز مقاصد األسرة يف اإلسالم فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬إقامة حدود اهلل وحتقيق شرعه ومرضاته‪.‬‬
‫‪ -2‬إقامة البيت املسلم؛ الذي يبىن على حتقيق عبادة اهلل‪.‬‬

‫(‪ )1‬سورة الروم‪ ،‬اآلية (‪.)21‬‬

‫‪- 44 -‬‬
‫‪ -3‬حتقيق مقصد إجناب النسل املؤمن الصاحل‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬وب َّ‬
‫ث ِم ْن ُهما ِرجالا‬
‫كثِيرا ونِساء}(‪ ،)1‬فاإلجناب مطلب موجود ولذلك وصف القرآن البنني بأهنم أحد‬
‫ياة ال ُّد ْنيا}(‪ )2‬وقال‬
‫المال وا ْلب ُنون ِز ين ُة الح ِ‬
‫ُ‬ ‫عنصري زينة احلياة الدنيا فقال تعاىل‪{ :‬‬
‫النيب ‪« :‬تزوجوا الودود الولود فإين مكاثر بكم األمم يوم القيامة»(‪.)3‬‬
‫م ِم ْن ن ْفس‬ ‫‪ -4‬حتقيق السكن النفسي والطمأنينة‪ ،‬قال تعاىل‪َّ ُ :‬‬
‫{هو ال ِذي خلق ُك ْ‬
‫(‪)4‬‬
‫س ُكن إِليْها }‬
‫واحدة وجعل ِم ْنها ز ْوجها ِلي ْ‬
‫ِ‬
‫‪ -5‬حفظ النسب؛ ومن أجل ذلك حرم اإلسالم الزنا والتبين‪ ،‬وشرعت األحكام اخلاصة‬
‫بالعدة‪ ،‬وعدم كتم ما يف األرحام‪ ،‬وإثبات النسب‪ ،‬وغري ذلك من األحكام‪.‬‬
‫‪ -6‬املشاركة يف حتمل أعباء احلياة بني الزوجني‪ ،‬وهو مقصد نبيل من مقاصد األسرة يف‬
‫اإلسالم‪ ،‬قال‪« :‬الدنيا متاع‪ ،‬وخري متاعها املرأة الصاحلة»(‪.)5‬‬
‫‪ -7‬حتقيق النمو اجلسدي والعاطفي‪ ،‬وذلك بإشباع النزعات الفطرية وامليول الغريزية‪،‬‬
‫وتلبية املطالب النفسية والروحية واجلسدية باعتدال‪.‬‬
‫‪ -8‬التدريب على حتمل املسؤولية‪ ،‬فاألسرة مؤسسة للتدريب على حتمل املسؤوليات‬
‫وإبراز الطاقات‪.‬‬
‫‪ -9‬جتسيد معاين التكافل االجتماعي وروح التعاون(‪.)6‬‬

‫(‪ )1‬سورة النساء‪ ،‬اآلية (‪.)1‬‬


‫(‪ )2‬سورة الكهف‪ ،‬اآلية (‪.)46‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه أبو داود‪ ،‬حديث رقم [‪.]2050‬‬
‫(‪ )4‬سورة األعراف ‪ ،‬اآلية (‪.)189‬‬
‫(‪ )5‬أخرجه مسلم يف صحيحه‪ ،‬حديث رقم [‪.]1467‬‬
‫(‪ )6‬انظتتر‪ :‬األستترة يف اإلستتالم مقتترر جامعتتة امللتتك ستتعود‪ ،‬ص‪ ،11-9‬ومهتتددات األستترة املعاصتترة لفاطمتتة عبتتدالرمحن‬
‫ص‪ ، 4‬فقه األسرة ألمحد علي طه ريان ص ‪. 4‬‬

‫‪- 45 -‬‬
‫ثالثاً‪ :‬مقومات األسرة‪:‬‬

‫مقومات األسرة‬

‫تبادل احلقوق‬ ‫االتصال الصحيح‬


‫حسن املعاملة‬ ‫الرمحة واملودة‬
‫والواجبات‬ ‫باهلل تعاىل‬

‫اهتم اإلسالم حبماية األسرة من الفساد‪ ،‬ووضع هلا مقومات وأسسا تساعدها على حتقيق‬
‫التوافق بني الزوج والزوجة داخل األسرة‪ ،‬وفيما يلي أهم هذه املقومات‪:‬‬
‫االتصال الصحيح باهلل تعالى‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬
‫االتصال الصحيح باهلل سبحانه وتعاىل يعترب من أهم املقومات اليت تضمن لألسر سعادهتا يف‬
‫الدنيا واآلخرة؛ ألن أساسه هو املنهج الرباين الذي بني ما جيب على كل فرد من أفراد األسرة‬
‫من واجبات‪ ،‬وأرشد إىل طريق السعادة يف األسر واجملتمعات‪.‬‬
‫ب‪ -‬الرحمة والمودة‪:‬‬
‫اإلسالم حرص على أن تقوم حقوق الزوجني وواجباهتما على أساس من املودة والرمحة‪ ،‬قال‬
‫س ُك ُنوا إِل ْيها وجعل‬
‫م أ ْزواجا ِلت ْ‬
‫س ُك ْ‬ ‫تعاىل‪{ :‬و ِم ْن آياتِ ِه أ ْن خلق ل ُك ْ‬
‫م ِم ْن أ ْن ُف ِ‬
‫بيْن ُك ْم مو َّدة ور ْحمة}(‪ ،)1‬ومل يذكر اهلل تعاىل احلب‪ ،‬وجيعله رباطا‪ ،‬بل ذكر املودة والرمحة‬
‫وجعلهما الرباط؛ ألن احلب ليس أساسا لدوام العشرة‪ ،‬وغالبا ما تنطفي جذوته بعد الزواج‪،‬‬
‫فهو ليس من عناصر الثبات يف احلياة الزوجية‪ ،‬فكم رأينا رباطا قام على احلب مث ما لبث أن‬
‫تراخى وانتهى بالفرقة‪ ،‬أما املودة والرمحة فهما رباط روحي منهما تنشأ احملبة لتالئم بني‬
‫جسدين تعدمها حلياة مستقرة ومستمرة‪ ،‬ومشاركة يف إنشاء األسرة(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬سورة الروم‪ ،‬اآلية (‪.)21‬‬


‫(‪ )2‬انظر‪ :‬األسرة يف اإلسالم مقرر جامعة امللك سعود‪ ،‬ص‪12-11‬‬

‫‪- 46 -‬‬
‫وسائل تحقيق المودة والرحمة بين الزوجين‬

‫‪ -1‬الكلمة الطيبة‪ :‬وهي املفتاح الذهيب للحياة الزوجية ميت قيلت يف الوقت والكيفية‬
‫املناسبة وهي تبقى يف ذاكرة اإلنسان (الزوجني)‪ ،‬وقد حيتاج أن يستدعيها الطرف األخر يف‬
‫مواقف اإلحباط والضغوط املختلفة‪.‬‬
‫‪ -2‬اشباع احلاجات من الطرف اآلخر‪ :‬وهو أمر نسيب خيتلف حسب مبدأ الفروق‬
‫الفردية‪ ،‬ومن هنا ال يوجد أي طريقة إلزامية يف حل هذه احلاجات وإشباعها‪ ،‬فالبعض حيتاج‬
‫خلق جو جلسات الصفاء والسمر‪ ،‬والبعض حيب اهلدايا‪ ،‬والبعض يكتفي بالكلمات الطيبة‪.‬‬
‫‪ -3‬ادراك الفروق الفردية والتكوينية‪ :‬جتعل كل فرد يعطي ويأخذ بطريقة تكشف عن‬
‫شخصيته مبا يف ذلك مستوى نضجه وطريقة تفكريه‪.‬‬
‫‪ -4‬معرفة أن صفات األنسان (عيوب وقصور) قد تتغري وميكن تعديلها‪ :‬إن وجدت‬
‫الظروف املالئمة‪ ،‬وإذا أعطي الشخص الوقت الكايف والتوجيه املفيد كما ميكن أن يتعلم كل‬
‫طرف كيفية اإلنصات والتفاعل والتجاوب بطريقة مرحية ومرنة‪.‬‬

‫‪- 47 -‬‬
‫‪ -5‬اخللق والدين‪ :‬يعترب الدين ومستوى اخللق من أهم عوامل اصالح األسرة املسلمة بل‬
‫إن هناك عددا من الدراسات أكدت أن عزوف أحد الزوجني عن أداء واجباته الدينية سبب‬
‫يف وقوع اخلالفات الزوجية‪.‬‬
‫‪ -6‬الكفاءة‪ :‬فالبد أن يكون الزوجان على درجة من الكفاءة يف حالة الطلب والقبول‬
‫والكفاءة تكون باملهارات الشخصية واألخالقية العالية‪ ،‬والقدرة املتوازنة بني القيام بالواجبات‬
‫وأخذ احلقوق‪.‬‬
‫‪ -7‬التزين‪ :‬يعد التزين من اجلوانب اجلمالية اليت كان يعتين هبا النيب ‪ ‬فقد جاء يف‬
‫حديث ابن عباس ب‪« :‬لقد رأيت على رسول اهلل ‪ ‬أحسن ما يكون من احللل»‪ ،‬وقال‬
‫عبداهلل بن عباس ب‪" :‬أحب أن اتزين لزوجيت كما أحب أن تتزين يل"‪ ،‬والتزين يكون حبسن‬
‫اهليئة والصورة‪ ،‬وحسن النظرة والرائحة‪ ،‬وحسن املنطق والفكر‪.‬‬
‫‪ -8‬االحتواء‪ :‬ويكون عاطفيا وفكريا وجسديا‪ ،‬ويعين احتضان مشاعر وآالم الشخص‬
‫اآلخر انفعاليا وجسديا وفكريا؛ سواء يف حلظات الفرح أو احلزن‪.‬‬
‫ج‪ -‬حسن المعاملة‪:‬‬
‫أوجب اإلسالم حسن املعاملة بني أفراد اجملتمع عامة وأفراد األسرة خاصة‪ ،‬وبني الزوجني‬
‫وه َّن‬ ‫بصورة مؤكدة بنصوص القرآن الكرمي‪ ،‬وأحاديث الرسول ‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬و ِ‬
‫عاش ُر ُ‬
‫هوا ش ْيئا و ي ْجعل ال َّل ُه ِف ِ‬
‫يه‬ ‫وه َّن فعسى أ ْن تكْر ُ‬
‫م ُ‬‫ه ُت ُ‬
‫وف فإِ ْن ك ِر ْ‬‫ِبا ْلم ْع ُر ِ‬
‫خيْرا ك ِثيرا}(‪.)1‬‬
‫وقال ‪« :‬استوصوا بالنساء خريا»(‪.)2‬‬
‫د‪ -‬تبادل الحقوق والواجبات‪:‬‬
‫للمحافظة عل متاسك األسرة واستقرارها فإن ذلك يتطلب من الزوجني القيام مبجموعة من‬
‫احلقوق والواجبات املتبادلة بينهما فالزوج له حق الطاعة يف املعروف؛ بأن جتتهد الزوجة يف‬
‫إرضائه ملا يف ذلك من املصلحة واخلري لألسرة حيث جعل النيب ‪ ‬رضا الزوج على زوجته‬

‫(‪ )1‬سورة النساء‪ ،‬اآلية (‪.)19‬‬


‫(‪ )2‬متفق عليه‪ ،‬صحيح البخاري‪ ،‬حديث رقم [‪ ،]3331‬وصحيح مسلم‪ ،‬حديث رقم [‪.]1468‬‬

‫‪- 48 -‬‬
‫سببا لدخول اجلنة‪ ،‬فقال‪« :‬أميا امرأة ماتت وزوجها راض عنها دخلت اجلنة»(‪ )1‬ومن ذلك‬
‫القرار يف بيته وعدم اخلروج إال بإذنه؛ ألن البيت ميدان وظيفتها الفطرية ونشاطها الطبيعي‪،‬‬
‫وهذا يتطلب منها حضورا دائما‪ ،‬ومالزمة مستمرة تتابع فيها شئون األبناء واحتياجاهتم‪،‬‬
‫وتراعي مصاحل املنزل وتدبر شئونه‪ ،‬فيكون واحة لألمن والسكينة والراحة جلميع أفراد األسرة‬
‫زوجا وأبناء قال تعاىل‪{ :‬وق ْرن ِفي ُب ُيوتِ ُك َّن ولا تب َّر ْجن تب ُّرج ال ِ‬
‫جاه ِل َّي ِة‬
‫الأُولى}(‪ ،)2‬وقال ‪« :‬واملرأة راعية يف بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها»(‪.)3‬‬
‫ويف املقابل للزوجة من احلقوق ما يكفل هلا االستقرار والسعادة‪ ،‬فأوجب على الزوج حتسني‬
‫وف }(‪ ،)4‬كما أوجب عليه‬ ‫وه َّن ِبا ْلم ْع ُر ِ‬ ‫خلقه مع زوجته والرفق هبا‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬و ِ‬
‫عاش ُر ُ‬
‫توفري ما حتتاج إليه الزوجة من طعام ومسكن وكسوة حىت وإن كانت غنية؛ لقول تعاىل‪:‬‬
‫وف لا ُتك َّل ُ‬
‫ف ن ْفس ْاألأ‬ ‫سو ُت ُه َّن ِبا ْلم ْع ُر ِ‬
‫{وعلى الم ْو ُلو ِد ل ُه ِر ْز ُق ُه َّن و ِك ْ‬
‫سعها}(‪.)5‬‬
‫ُو ْ‬

‫رابعاً‪ :‬أركان األسرة‬

‫(‪ )1‬أخرجه ابن ماجة يف سننه من حديث أم سلمة برقم [‪ ،]1854‬وضعفه األلباين يف تعليقه على سنن ابن ماجة‪.‬‬
‫(‪ )2‬سورة األحزاب‪ ،‬اآلية (‪.)33‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه البخاري يف صحيحه‪ ،‬حديث رقم [‪.]2409‬‬
‫(‪ )4‬سورة النساء‪ ،‬اآلية (‪.)19‬‬
‫(‪ )5‬سورة البقرة‪ ،‬اآلية (‪.)23‬‬

‫‪- 49 -‬‬
‫‪-‬أوال‪ :‬الزوج‪:‬‬
‫ضل ال َّل ُه‬ ‫امون على النِسا ِء ِبما ف َّ‬ ‫ال ق َّو ُ‬
‫{الرج ُ‬
‫ِ‬ ‫‪-‬وظيفته‪ :‬القوامة لقوله سبحانه‪:‬‬
‫(‪)1‬‬
‫جال‬
‫لر ِ‬ ‫م} ‪ ،‬وقال تعاىل‪{ :‬و ِل ِ‬ ‫موا ِل ِه ْ‬
‫م على ب ْعض و ِبما أ ْنف ُقوا ِم ْن أ ْ‬ ‫ب ْعض ُه ْ‬
‫عليْ ِه َّن درجة وال َّل ُه ع ِز يز ح ِكيم }(‪ ،)2‬ودرجة الرجال على النساء هي درجة اإلشراف‬
‫والرعاية والذود عن األسرة‪ ،‬وهي درجة الرفق والرمحة والتعاون‪ ،‬وكل الصفات الواجبة يف حق‬
‫الرجل يف معاشرته ألهله؛ وليست حماباة للرجل وال تنقيصا من حق املرأة أو مكانتها‪ ،‬وإمنا‬
‫هي مسؤولية ملقاة على عاتق الرجل‪ ،‬وبكلمة جامعة هي درجة القوامة‪ ،‬والقوامة هي‪:‬‬
‫الصيانة والرعاية والكفالة والحماية‪ ،‬فالقوامة تعين قيام الزوج على أسرته باحلماية والرعاية‬
‫والصيانة والتدبري ويشمل ذلك‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يوفر هلم كل أسباب احلياة من مسكن ومطعم وملبس‪ ،‬ورعايتهم ومحايتهم من‬
‫كل سوء‪.‬‬
‫‪ -2‬الرعاية الدينية‪ :‬أي أن يعلمهم دينهم وشريعة رهبم؛ لقوله تبارك وتعاىل‪{ :‬يا أيُّها‬
‫اس وا ْل ِحجار ُة عل ْيها‬
‫ودها ال َّن ُ‬‫م نارا و ُق ُ‬ ‫َّ‬
‫ه ِلي ُك ْ‬
‫م وأ ْ‬
‫ال ِذين آم ُنوا ُقوا أ ْن ُفس ُك ْ‬
‫صون ال َّله ما أمر ُه ْم و ي ْفع ُلون ما ُي ْؤم ُرون }(‪،)3‬‬ ‫شداد لا ي ْع ُ‬ ‫ملائِكة ِغلاظ ِ‬
‫فالقوامة ليست سيفا مسلطا على املرأة بل هي تكليف للرجل ومحاية للمرأة(‪.)4‬‬
‫‪-‬ثانياً‪ :‬الزوجة‪:‬‬
‫ب ِبما‬
‫حات قانِتات حا ِفظات ِل ْلغيْ ِ‬
‫ُ‬ ‫‪-‬وظيفتها‪ :‬احلافظية لقوله سبحانه‪{ :‬فال َّ‬
‫صا ِل‬
‫ح ِفظ ال َّل ُه }(‪ ،)5‬فحافظية املرأة ال تقتصر على حفظ حقوق الزوج‪ ،‬بل تشمل كل حقوق‬
‫اهلل تعاىل املكلفة هبا‪ ،‬عن عمر بن اخلطاب ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪« :‬أال أخربك خبري ما‬

‫(‪ )1‬سورة النساء‪ ،‬اآلية (‪.)34‬‬


‫(‪ )2‬سورة البقرة‪ ،‬اآلية (‪.)228‬‬
‫(‪ )3‬سورة التحرمي‪ ،‬اآلية (‪.)6‬‬
‫(‪ )4‬انظ تتر ‪ :‬زه تترة التفاست تتري أليب زه تترة ‪ ، 1667/3‬األست تترة يف اإلس تتالم ص ‪ ، 13‬دع تتائم است تتتقرار األس تترة يف ظت تتل‬
‫الشريعة‪.‬‬
‫(‪ )5‬سورة النساء‪ ،‬اآلية (‪.)34‬‬

‫‪- 50 -‬‬
‫يكنز املرء؟ املرأة الصاحلة‪ ،‬إذا نظر إليها سرته‪ ،‬وإذا أمرها أطاعته‪ ،‬وإذا غاب عنها‬
‫حفظته»(‪.)1‬‬
‫قوله‪« :‬إذا نظر إليها سرته»‪ :‬ينظر الزوج إىل زوجته فتسره؛ يعين ذلك أهنا تعجبه ويسكن‬
‫إليها‪ ،‬وال يعين هذا أن تكون فاتنة اجلمال اجلسدي‪ ،‬فاجلمال مجال الروح ومجال اخللق‬
‫ومجال احلافظية‪ ،‬أما مجال املظهر فذلك يذبل ويزول‪.‬‬
‫قوله‪« :‬وإذا أمرها أطاعته» هذه الطاعة مقرونة بالقوامة اليت جتعل من الزوج ربانا لسفينة‬
‫األسرة‪ ،‬والرئيس عادة يستجاب ألوامره ويطاع يف املعروف وفيما يرضي اهلل تعاىل لقول‬
‫رسول اهلل ‪« :‬ال طاعة يف معصية‪ ،‬إمنا الطاعة يف املعروف»(‪ ،)2‬والطاعة ليست طاعة‬
‫خضوع أو نزول عن مستوى اإلنسانية‪ ،‬بل هي طاعة تضمن استقرار األسرة وسالمة‬
‫رحلتها‪.‬‬
‫قوله‪« :‬وإذا غاب عنها حفظته»‪ :‬أي حتفظه يف نسبه فإن أنفس ما حتفظه املرأة أنساب‬
‫األمة‪ ،‬وأيضا حتفظه يف أبنائه تأمر باحلسن‪ ،‬وتزجر عن القبيح‪ ،‬وحتفظه يف ماله تدبريا للنفقة‬
‫واقتصادا يف املعيشة‪ ،‬فاملرأة الصاحلة القانتة مربية األجيال وصانعة املستقبل(‪.)3‬‬
‫‪-‬ثالثا‪ :‬األبناء‪:‬‬
‫وواجبهم االحرتام والطاعة يف املعروف‪ ،‬واإلحسان إىل الوالدين‪ ،‬ورعايتهما ومحايتهما يف‬
‫كربمها كما رعوه وسهروا عليه يف صغره قال تعاىل‪{ :‬وقضى ربُّك ا ْلأ ت ْع ُب ُدوا ا ْلأ إِيَّ ُ‬
‫اه‬
‫ل‬
‫لاهما فلا ت ُق ْ‬
‫هما أ ْو ِك ُ‬ ‫ما يبْ ُلغ َّن ِع ْندك ال ِكبر أح ُد ُ‬
‫و ِبا ْلوا ِلديْ ِن إِ ْحسانا إِ َّ‬
‫ض ل ُهما جناح ال ُّذ ِل‬
‫اخ ِف ْ‬
‫ل ل ُهما ق ْولا ك ِر يما * و ْ‬ ‫هما و ُق ْ‬ ‫ل ُهما ُأف ولا ت ْنه ْر ُ‬
‫ب ْارح ْم ُهما كما ربَّيانِي ص ِغيرا}(‪.)4‬‬ ‫لر ِ‬ ‫الر ْحم ِة و ُق ْ‬
‫ِمن َّ‬

‫(‪ )1‬أخرجه أبو داود يف سننه برقم [‪ ،]1664‬وضعفه األلباين يف تعليقه على سنن أيب داود‪.‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه البخاري‪ ،‬حديث رقم [‪.]7257‬‬
‫(‪ )3‬انظر ‪ :‬األسرة يف اإلسالم ص‪. 14‬‬
‫(‪ )4‬سورة اإلسراء‪ ،‬اآلية (‪.)24-23‬‬

‫‪- 51 -‬‬
‫اخلالصة‬

‫• األسرة يف اللغة‪ :‬تطلق على عدة معاين منها‪ :‬الدرع احلصينة‪ ،‬أهل الرجل وعشريته‬
‫ألنه يتقوى هبم‪.‬‬
‫• األسرة في االصطالح‪ :‬هي تلك الوحدة االجتماعية اليت تتكون من الزوج والزوجة‪،‬‬
‫واليت حتكمها جمموعة من احلقوق والواجبات‪ ،‬وهي الشكل االجتماعي الشرعي‬
‫املعرتف به إلجناب األبناء‪.‬‬
‫• أهم وأبرز مقاصد األسرة يف اإلسالم‪ :‬إقامة حدود اهلل وحتقيق شرعه ومرضاته‪ ،‬و‬
‫إقامة البيت املسلم؛ الذي يبىن على حتقيق عبادة اهلل‪ ،‬وحتقيق مقصد إجناب النسل‬
‫املؤمن الصاحل‪ ،‬وحتقيق السكن النفسي والطمأنينة‪ ،‬و حفظ النسب‪ ،‬واملشاركة يف‬
‫حتمل أعباء احلياة بني الزوجني‪ ،‬وحتقيق النمو اجلسدي والعاطفي‪ ،‬والتدريب على‬
‫حتمل املسؤولية‪ ،‬وجتسيد معاين التكافل االجتماعي وروح التعاون‪.‬‬
‫• مقومات األسرة يف اإلسالم‪ :‬تبادل احلقوق والواجبات‪ ،‬وحسن املعاملة‪ ،‬والرمحة‬
‫واملودة‪ ،‬واالتصال الصحيح باهلل تعاىل‪.‬‬
‫• أركان األسرة يف اإلسالم‪ :‬الزوج‪ ،‬والزوجة‪ ،‬واألبناء‪.‬‬

‫‪ -1‬عرف األسرة يف اللغة واالصطالح‪.‬‬


‫التقويم‬
‫‪ -2‬اشرح مقاصد تكوين األسرة يف اإلسالم‪.‬‬
‫‪ -3‬بني مقومات األسرة يف اإلسالم‪.‬‬
‫‪ -4‬وضح أركان األسرة يف اإلسالم‪.‬‬

‫‪- 52 -‬‬
‫الموضوع الثاني‬
‫الخطبة في اإلسالم‬

‫مقدمة عن ِ‬
‫الخطبة‪:‬‬
‫ملا كان الزواج من أخطر العقود ملا فيه من التكاليف وااللتزامات ما ليس يف غريه‪ ،‬وترتتب‬
‫عليه آثارا عديدة كثبوت النسب وحرمة املصاهرة وغري ذلك‪ ،‬حض اإلسالم على أن يكون‬
‫مسبوقا مبقدمة قبل عقد الزواج تسمى باخلطبة ليكون الزوج على بينة من الطرف اآلخر‪،‬‬
‫ويتحقق هلما هبذا العقد الراحة والسعادة البيتية‪.‬‬
‫أوالً‪ :‬معنى الخطبة‪:‬‬
‫‪ِ -‬‬
‫الخطبة لغة‪ :‬بكسر اخلاء مصدر أخطأب واملراد ‪ :‬طلب املرأة للزواج(‪.)1‬‬
‫‪ -‬الخطبة اصطالحاً‪ :‬طلب الرجل وإظهار رغبته يف الزواج من امرأة معينة خالية من املوانع‬
‫الشرعية(‪.)2‬‬
‫فإذا متت اإلجابة على هذا الطلب فقد متت اخلطبة‪ ،‬ويعترب ما بني اخلاطبني وعدا متبادال‬
‫على عقد الزواج يف املستقبل‪ ،‬ومن شأن اخلطبة أن تتيح لكال الطرفني التعرف على‬
‫صفات اآلخر اخلألقية واخلُلُقية‪ ،‬والتحقق من مقدار االنسجام بعد الزواج‪ ،‬وبذلك ينبين‬
‫الزواج على أساس قوي من الوضوح والثقة والتفاهم‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬مشروعية الخطبة‪:‬‬
‫‪ -‬ثبتت مشروعية اخلطبة من الكتاب والسنة واإلمجاع والعرف‪.‬‬
‫م ِب ِه ِم ْن ِخ ْطب ِة‬
‫ض ُت ْ‬
‫م ِفيما ع َّر ْ‬‫‪ -1‬القرآن‪ :‬قوله تعاىل‪{ :‬ولا ُجناح عليْ ُك ْ‬
‫النِساءِ}(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬انظر ‪ :‬خمتار الصحاح للرازي مادة ‪ :‬خطب ص ‪.92‬‬


‫(‪ )2‬انظر‪ :‬نظام األسرة يف اإلسالم للدكتور حممد عقلة ‪ ، 57/1‬وانظر ‪ :‬الفقته امليستر يف ضتوء الكتتاب والستنة لنخبتة‬
‫من العلماء ص‪.293‬‬
‫(‪ )3‬سورة البقرة‪ ،‬اآلية (‪.)235‬‬

‫‪- 53 -‬‬
‫‪ -2‬السنة‪ :‬قوله ‪« : ‬إذا خطب أحدكم امرأة‪ ،‬فإن استطاع أن ينظر إىل ما يدعوه إىل‬
‫نكاحها فليفعل»(‪.)1‬‬
‫‪ -3‬اإلمجاع‪ :‬انعقد اإلمجاع على جواز اخلطبة‪ ،‬وهو ما تواضع عليه الناس يف أعرافهم‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬مدة الخطبة‪:‬‬
‫ليس للخطبة مدة حمددة يف الشرع‪ ،‬وإن كان يستحسن أال تطول لئال ختالطها خالفات‬
‫وحمظورات شرعية‪.‬‬
‫رابعاً‪ :‬مقاصد الخطبة‪:‬‬
‫تتحقق باخلطبة األمور التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬التعرف على رغبة اخلاطب يف نكاح املرأة‪ ،‬وذلك عندما يطلبها من وليها‪.‬‬
‫‪ -2‬وضوح الرؤية للخاطب يف املوافقة على تزوجيه من عدم ذلك‪.‬‬
‫‪ -3‬أن املدة اليت بني اخلطبة وبني العقد متثل مرحلة تروي وتبصر للطرفني ليطمئن كل‬
‫واحد منهما ويتأكد أنه وفق حلسن االختيار‪ ،‬حبيث لو ظهر ألحدمها رغبة يف العدول عن‬
‫النكاح ألي سبب من األسباب ألمكنه ذلك‪ ،‬إذ إن الرتك قبل عقد النكاح أيسر وأسهل‬
‫من حصوله بعده‪ ،‬فالرتاجع بعد إبرام العقد والدخول صعب‪ ،‬بل يرتتب عليه أحيانا قضايا‬
‫مالية ومشاكل ودعاوى عديدة‪.‬‬
‫‪ -4‬إن نظر اخلاطب إىل خمطوبته بالشروط الشرعية‪ ،‬ال يأِت غالبا إال بعد اخلطبة‪ ،‬ومن‬
‫خالله يتعرف على أوصاف خمطوبته اخللقية واخللقية‪ ،‬وهو من دواعي دوام احلياة الزوجية‪.‬‬
‫‪ -‬خامساً‪ :‬المخالفات الشرعية في الخطبة‪:‬‬

‫الخلوة مع المخطوبة والخروج معها‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬

‫(‪ )1‬أخرجه أبو داود‪ ،‬حديث رقم [‪ ،]2082‬قال احلافظ ابن حجر‪ " :‬وسنده حسن وله شاهد من حديث حممتد بتن‬
‫مسلمة‪ ،‬وصححه ابن حبان واحلاكم " فتح الباري ‪.227/9‬‬

‫‪- 54 -‬‬
‫من املخالفات اليت تقع يف فرتة اخلطوبة وقبل العقد‪ :‬اجللوس مع املخطوبة والتحدث واخلروج‬
‫معها‪ ،‬وهو أمر حمرم شرعا؛ ألن خطبة النكاح ال يرتتب عليها أثر شرعي كالعقد فيبقى كل‬
‫من اخلاطب واملخطوبة أجنبيا عن اآلخر قال ‪« :‬ال خيلون رجل بامرأة إال مع ذي‬
‫حمرم»(‪ ،)1‬فال جتوز اخللوة بينهما‪.‬‬
‫ومما يؤسف له أن بعض اجملتمعات اإلسالمية متارس فيها تصرفات غري مشروعة يف هذا‬
‫الصدد‪ ،‬حيث مسحوا بإجراء عالقات بني اخلاطب واملخطوبة‪ ،‬بعيدة كل البعد عن املنهج‬
‫اإلسالمي‪ ،‬والسبب يف ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬ضعف الوازع الديين‪.‬‬
‫‪ -‬التقصري يف الرتبية اإلسالمية الصحيحة‪.‬‬
‫‪ -‬التأثر بأحوال وعادات وتقاليد غري املسلمني‪.‬‬
‫‪ -‬التأثر بدعاة الزيغ واالحنالل‪ ،‬حيث مسح هؤالء للخاطب أن خيتلي مبخطوبته‪ ،‬وأذنوا له يف‬
‫اخلروج هبا إىل األسواق واملالهي واحلدائق والشواطئ وحنوها من األماكن العامة‪ ،‬ولرمبا وافق‬
‫أهل الفتاة على سفر اخلاطب هبا دون حسيب وال رقيب بدعوى تعرف بعضهما على بعض‬
‫عن قرب‪.‬‬
‫وهذه التصرفات ال يقرها اإلسالم بل مينعها وحيرمها وحيذر منها؛ ألنه يريد أن جيعل املخطوبة‬
‫يف سياج حصني‪ ،‬ودرة مصونة يف بيت أهلها‪ ،‬حىت عقد النكاح وليست ألعوبة يعبث هبا كل‬
‫عابث‪ ،‬ويستمتع هبا كل مستهرت حبجة أهنا خطيبته حىت يذهب حياؤها‪ ،‬ويُقضى على‬
‫عفافها يف حالة ضعف اخلاطبني‪.‬‬
‫ب‪ -‬الظهور أمام الخاطب بلباس غير محتشم‪:‬‬
‫من املخالفات اليت تقع يف النظرة الشرعية‪ ،‬وهي ظهور املخطوبة أمام اخلاطب بلباس غري‬
‫حمتشم‪ ،‬كاللباس العاري‪ ،‬والقصري وغري ذلك‪ ،‬فاخلاطب رجل أجنيب عن املخطوبة‪.‬‬
‫ج‪ -‬خطبة الرجل على خطبة أخيه‪:‬‬
‫من املخالفات اليت قد تقع يف اخلطبة هو ِخطبة الرجل المرأة خمطوبة وإجابة أهل املخطوبة‬
‫له‪ ،‬ومن الشروط الواجب مراعاهتا يف اخلطبة أال تكون املرأة خمطوبة من الغري‪ ،‬فإذا كنت‬

‫(‪ )1‬متفق عليه‪ ،‬صحيح البخاري برقم [‪ ،]5233‬وصحيح مسلم برقم [‪.]1341‬‬

‫‪- 55 -‬‬
‫كذلك فال حيل خلاطب آخر أن خيطب على خطبة األول إذا أجيب باملوافقة من املخطوبة‬
‫نفسها أو ممن ميلك حق املوافقه(‪ ،)1‬ويدل على هذا التحرمي قول النيب ‪« : ‬ال خيطب‬
‫أحدكم على خطبة أخيه‪ ،‬حىت ينكح أو يرتك»(‪ ،)2‬وقد بني الفقهاء أن هذا النهي إمنا يتوجه‬
‫إذا كان قد حصل الرضا والقبول باخلاطب األول‪ ،‬أما إذا كانت املخطوبة أو أولياؤها قد‬
‫عربوا عن رفضهم لألول واعتذارهم له فيجوز حينها خطبة الثاين‪.‬‬
‫واحلكمة من هذا النهي هو حرص اإلسالم على عدم إشاعة روح التباغض والنزاع واخلالف‬
‫بني أفراد اجملتمع؛ ألن خطبة املخطوبة تؤدي إىل إفساد قلب األول وإيغار صدره فيتحول‬
‫الزواج إىل سبب لتفسخ اجملتمع وتباغضه بدال من أن يكون سببا يف بنائه وتعاونه وترامحه(‪.)3‬‬
‫منع رؤية الخاطب لمخطوبته‪:‬‬ ‫د‪-‬‬
‫من املخالفات اليت تقع يف اخلطوبة عدم رؤية اخلاطب ملخطوبته عند بعض األسر حيث مينع‬
‫الويل ذلك باسم العادات والتقاليد‪ ،‬وينبغي للويل أن ميكن اخلاطب من النظر إىل خمطوبته(‪،)4‬‬
‫واألدلة على ذلك كثرية‪ ،‬منها ما رواه جابر ‪ ‬قال‪ :‬مسعت النيب ‪ ‬يقول‪« :‬إذا خطب‬
‫أحدكم املرأة‪ ،‬فقدر أن يرى منها بعض ما يدعوه إىل نكاحها فليفعل»(‪ ،)5‬وعن املغرية بن‬
‫شعبة ‪ ‬أنه خطب امرأة فقال ‪« :‬انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما»(‪.)6‬‬
‫واحلكمة من ذلك واضحة وجلية يف احلديث حيث قال ‪« :‬أحرى أن يؤدم بينكما» أي‪:‬‬
‫تدوم املودة بينكما‪.‬‬
‫والسبب أيضا يف إباحة النظر إىل املخطوبة أن يكون الزوج على علم تام مبواصفات زوجته‪،‬‬
‫وأن يكون أبعد من الندم الذي قد يالزمه طول حياته(‪.)7‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬اإلنصاف مع الشرح الكبري ‪ ،72/20‬وأحكام الزواج والطالق‪ ،‬ص‪.43‬‬


‫(‪ )2‬أخرجه البخاري‪ ،‬حديث رقم [‪.]5144‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬حماضرات يف نظام اإلسالم‪ ،‬ص‪.79‬‬
‫(‪ )4‬أحكام الزواج والطالق يف اإلسالم لبدران أبو العينني‪ ،‬ص‪.31‬‬
‫(‪ )5‬أخرجه أبو داود يف سننه‪ ،‬حديث رقم [‪.]2082‬‬
‫(‪ )6‬أخرجه الرتمذي يف سننه‪ ،‬حديث رقم [‪.]1087‬‬
‫(‪ )7‬انظر‪ :‬حجة اهلل البالغة لويل اهلل الدهلوي ‪.124/2‬‬

‫‪- 56 -‬‬
‫فتعرف كل من اخلاطب واملخطوبة على بعضهما أمر ال بد منه قبل عقد النكاح لكي‬
‫يطمئن الطرفان‪ ،‬ويقدمان على إجرائه ومها على يقني من دوامه وبقائه على أساس سليم‬
‫ودعائم قوية‪ ،‬وقواعد ثابتة‪ ،‬فإن مفاجأة كل من الزوجني لصاحبه يوم الزواج تعريض للحياة‬
‫الزوجية لالحنالل(‪.)1‬‬
‫ه – إخفاء عيوب اخلاطب أو املخطوبة عند االستشارة ‪:‬‬
‫من املخالفات اليت يقع فيها بعض الناس أنه عندما يستشار أحدهم يف خاطب أو خمطوبة‬
‫يكتم ما فيهما من صفات حممودة أو مذمومة والواجب أن يذكر ما فيهما من حماسن أو‬
‫مساوئ ‪ ،‬وال يكون ذلك من الغيبة بل من النصيحة املرغب فيها شرعا(‪.)2‬‬
‫‪ -‬شروط إباحة النظر إلى المخطوبة‪:‬‬

‫وضع العلماء هلذا النظر مجلة من الشروط حىت ال يكون وسيلة للفساد والفتنة وهي‪:‬‬
‫‪ -1‬أن تكون املرأة ممن ترجى موافقتها‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يكون النظر بوجود حمرم املرأة كأبيها أو أخيها‪ ،‬فال ينفرد اخلاطب باملخطوبة سواء‬
‫أكان ذلك يف السيارة أم يف البيت أم يف غريمها من األماكن؛ لكوهنا أجنبية عنه‪ ،‬ووجه‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬أحكام الزواج والطالق يف اإلسالم‪ ،‬ص‪.39‬‬


‫(‪ )2‬انظر ‪ :‬الفقه امليسر يف ضوء الكتاب والسنة لنخبة من العلماء ص ‪.294‬‬

‫‪- 57 -‬‬
‫اعتبار املخطوبة أجنبية عن اخلاطب أن ما بينهما ال يعدو كونه جمرد وعد بالزواج مستقبال‪،‬‬
‫فتبقى أجنبية عنه حىت يتم عقد الزواج‪.‬‬
‫‪ -3‬أال يقصد من النظر الشهوة والتلذذ‪.‬‬
‫‪ -4‬أن يقتصر على القدر الذي جيوز النظر إليه‪.‬‬
‫‪ -5‬أن يكون عازما على اخلطبة مقدما عليها بال عبث‪.‬‬
‫ويرى مجهور العلماء جواز النظر إليها بدون إذهنا أو علمها واستدلوا بفعل جابر ‪ ‬حيث‬
‫قال‪ :‬خطبت امرأة فكنت أختبأ هلا حىت رأيت منها ما دعاين إىل نكاحها‪.‬‬
‫وألن النظر بغري إذهنا جيعل اخلاطب يراها بدون تصنع‪ ،‬بعيدة عن الزينة اليت قد خترجها‬
‫أحيانا عن خلقتها احلقيقية‪ ،‬وباإلمكان حتقق النظر إليها على هذا الوجه بإذن وليها وموافقته‬
‫وهو أسلم وأبعد عن الريبة‪.‬‬
‫وإن مل يتيسر للخاطب النظر إىل خمطوبته لسبب ما‪ ،‬فله أن يرسل امرأة ثقة كأمه أو أخته‬
‫تتأملها مث تصفها له‪.‬‬
‫المرأة التي يحل خطبتها(‪:)1‬‬
‫إن اخلاطب ال جيوز له أن خيطب إال من حتل له من النساء‪ ،‬فالالِت حيرم نكاحهن عليه‪ ،‬ال‬
‫جيوز له أن يتقدم خلطبتهن‪ ،‬واحملرمات من النساء نوعان‪:‬‬

‫(‪ )1‬انظر ‪ :‬الوجيز يف فقه السنة والكتاب العزيز لعبد العظيم بن بدوي حممد ص ‪ ، 292‬فقته األسترة ألمحتد ريتان ص‬
‫‪ ، 162‬اإلسالم وبناء اجملتمع ص ‪.172‬‬

‫‪- 58 -‬‬
‫‪-‬النوع األول‪ :‬المحرمات حرمة مؤبدة وهن‪ :‬الالِت يرجع حترميهن إىل سبب ال يقبل‬
‫الزوال‪ ،‬فيحرم على الرجل الزواج بواحدة منهن بأي حال وعلى مدى الدهر‪.‬‬
‫‪-‬النوع الثاني‪ :‬المحرمات حرمة مؤقتة ‪َّ :‬‬
‫وهن من ال حيل الزواج بواحدة منهن ملن حرمت‬
‫عليه ما دام سبب احلرمة قائما‪ ،‬فإن زال سبب احلرمة جاز التزوج هبن(‪.)1‬‬
‫أما المحرمات حرمة مؤبدة فهن ثالثة أصناف‪:‬‬
‫حمرمات بالنسب‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫حمرمات باملصاهرة‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫حمرمات بالرضاع‪.‬‬ ‫‪-3‬‬

‫(‪ )1‬انظر ‪ :‬فقه األسرة ألمحد علي طه ريان ص ‪.162‬‬

‫‪- 59 -‬‬
‫أوالً‪ :‬المحرمات بالنسب‪:‬‬
‫م‬
‫م وبن ُات ُك ْ‬
‫مه ُات ُك ْ‬‫م ُأ َّ‬
‫ت عليْ ُك ْ‬
‫{ح ِرم ْ‬‫وهن سبع‪ ،‬وقد نص اهلل تعاىل عليهن بقوله‪ُ :‬‬
‫ت}(‪ )1‬وهن على‬ ‫ات الأُ ْخ ِ‬ ‫ات ا ْلأ ِخ وبن ُ‬
‫م وبن ُ‬‫ات ُك ْ‬
‫م وخال ُ‬
‫م ُات ُك ْ‬
‫م وع َّ‬
‫وأخو ُات ُك ْ‬
‫التفصيل كاآلِت‪:‬‬
‫‪ -1‬األمهات سواء من جهة األم أو األب وإن علون‪.‬‬
‫‪ -2‬البنات وهي ابنة الصلب وبناهتا وبنات البنني وإن نزلت درجتهن‪.‬‬
‫‪ -3‬األخوات سواء شقيقات أم ألب أم ألم‪.‬‬
‫‪ -4‬العمات من أخوات األب وأخوات األجداد وإن علوا من جهة األب أو األم‪.‬‬
‫‪ -5‬اخلاالت من أخوات األم وأخوات اجلدات وإن علون من جهة األب أو األم‪.‬‬
‫‪ -6‬بنات األخ أو بنات أوالده الذكور واإلناث وإن نزلن‪.‬‬
‫‪ -7‬بنات األخت وبنات أوالدها الذكور واإلناث‪ ،‬وإن نزلن‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬المحرمات بالمصاهرة وهن أربع‪:‬‬
‫‪ -1‬أمهات النساء‪ ،‬فمن عقد على امرأة حرم عليه مجيع أمهاهتا من النسب والرضاع وإن‬
‫ات نِسائِ ُك ْم}(‪.)2‬‬ ‫مه ُ‬ ‫علون لقوله تعاىل‪{ :‬وأ َّ‬
‫‪ -2‬الربائب وهن بنات النساء فكل بنت للزوجة من نسب أو رضاع حترم على الرجل إن‬
‫دخل بأمها‪ ،‬وبنت بنتها مبنزلة بنتها وإن نزلت‪ ،‬وإن فارق أمها قبل أن يدخل هبا حلت له‬
‫م اللاَّتِي دخ ْل ُت ْ‬
‫م‬ ‫م ِم ْن نِسائِ ُك ُ‬‫م اللاَّتِي ِفي ُح ُجو ِر ُك ْ‬ ‫ابنتها‪ ،‬لقوله تعاىل‪{ :‬وربائِ ُب ُك ُ‬
‫ونوا دخ ْل ُت ْم ِب ِه َّن فلا ُجناح عليْ ُك ْم }(‪.)3‬‬ ‫م ت ُك ُ‬
‫ِب ِه َّن فإِ ْن ل ْ‬
‫‪ -3‬حالئل األبناء‪ ،‬وهن زوجات أبنائه‪ ،‬وأبناء أبنائه‪ ،‬وإن سفلوا‪ ،‬سواء كان ابنه من‬
‫صلا ِب ُك ْم}‪ ،‬وهؤالء حيرمن‬ ‫م ا َّل ِذين ِم ْن أ ْ‬ ‫ل أبْنائِ ُك ُ‬‫نسب أو رضاع لقوله تعاىل‪{ :‬وحلائِ ُ‬
‫مبجرد عقد األبناء عليهن لعموم اآلية‪.‬‬

‫(‪ )1‬سورة النساء‪ ،‬اآلية (‪.)23‬‬


‫(‪ )2‬سورة النساء‪ ،‬اآلية (‪.)23‬‬
‫(‪ )3‬سورة النساء‪ ،‬اآلية (‪.)23‬‬

‫‪- 60 -‬‬
‫‪ -4‬زوجات األب القريب والبعيد‪ ،‬من قبل األب أو األم‪ ،‬من نسب أو رضاع؛ لقوله‬
‫آباؤ ُك ْم ِمن النِسا ِء ا ْلأ ما ق ْد سلف}(‪ ،)1‬وهؤالء‬
‫ُ‬ ‫تعاىل‪{ :‬ولا ت ْن ِك ُحوا ما نكح‬
‫حيرمن على االبن مبجرد عقد أبيه عليهن‪ ،‬والعلة يف التحرمي أن زوجة األب مقامها مقام األم‬
‫تكرميا وتعظيما‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬المحرمات بالرضاع‪:‬‬
‫‪ -‬الرضاع احملرم هو‪ :‬مص طفل دون احلولني لبنا ثاب عن محل أو شربه أو حنوه( )‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫رابعا ‪ :‬حكم الرضاع ‪:‬‬


‫م فلا ُجناح‬ ‫ض ُعوا أ ْولاد ُك ْ‬
‫ست ْر ِ‬ ‫‪ -‬الرضاع مشروع؛ لقوله تعاىل‪{ :‬و إِ ْن أر ْد ُت ْ‬
‫م أ ْن ت ْ‬
‫عليْ ُك ْم} (‪ ،)3‬حكم الرضاع كحكم النسب يف حترمي النكاح‪ ،‬وثبوت احملرمية‪ ،‬وإباحة‬
‫اخللوة والنظر‪ .‬فهو موجب للقرابة ناشر للتحرمي بشروطه‪ ،‬والدليل على التحرمي بالرضاع‪:‬‬
‫الكتاب‪ ،‬والسنة‪ ،‬واإلمجاع‪.‬‬
‫الرضاع ِة }‬‫م ِمن َّ‬ ‫م وأخو ُات ُك ْ‬
‫َّ‬
‫م اللاتِي أ ْرض ْعن ُك ْ‬ ‫‪ -‬الكتاب‪ :‬فقوله تعاىل‪{ :‬و ُأ َّ‬
‫مه ُات ُك ُ‬
‫(‪)4‬وذلك يف سياق بيان احملرمات من النساء‪.‬‬
‫‪ -‬السنة‪ :‬فحديث عائشة ك قالت‪ :‬قال رسول اهلل ‪( :‬إن الرضاعة ُحتأِّرم ما حترم الوالدة)‬
‫(‪ .)5‬وحديث ابن عباس ب قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪ ‬يف بنت محزة‪( :‬إهنا ال حتل يل‪ ،‬إهنا ابنة‬
‫أخي من الرضاعة‪ ،‬وحيرم من الرضاعة ما حيرم من الرحم) (‪.)6‬‬
‫‪ -‬اإلمجاع‪ :‬فقد أمجع علماء األمة على التحرمي بالرضاع(‪.)7‬‬

‫(‪ )1‬سورة النساء‪ ،‬اآلية (‪.)22‬‬


‫(‪ )2‬انظر ‪ :‬الفقه امليسر يف ضوء الكتاب والسنة لنخبة من العلماء ص ‪.331‬‬
‫(‪ )3‬سورة البقرة ‪ ،‬اآلية ( ‪. ) 233‬‬
‫(‪ )4‬سورة النساء ‪ ،‬اآلية ( ‪. ) 23‬‬
‫(‪ )5‬أخرجه البخاري برقم (‪ ،)2646‬ومسلم برقم (‪.)1444‬‬
‫(‪ )6‬أخرجه البخاري برقم (‪ ،)5100‬ومسلم برقم (‪ .)1447‬واللفظ ملسلم‪.‬‬
‫(‪ )7‬انظر ‪ :‬الفقه امليسر يف ضوء الكتاب والسنة لنخبة من العلماء ص ‪.331‬‬

‫‪- 61 -‬‬
‫ويشترط في التحريم بالرضاع ما يلي‪:‬‬
‫أن يكون الرضاع يف احلولني فال يؤثر الرضاع بعد السنتني لقوله تعاىل‪{ :‬وا ْلوا ِلد ُ‬
‫ات‬ ‫‪-1‬‬
‫الرضاعة} (‪ ،)1‬مع‬ ‫م َّ‬‫امليْ ِن ِلم ْن أراد أ ْن ُيتِ َّ‬
‫ه َّن ح ْوليْ ِن ك ِ‬ ‫ض ْعن أ ْولاد ُ‬ ‫ُي ْر ِ‬
‫ني} (‪ ،)2‬وحلديث أم سلمة ك قالت‪ :‬قال رسول اهلل ‪:‬‬ ‫صالُهُ ِيف أع أام ْ ِ‬ ‫ِ‬
‫قوله تعاىل‪ { :‬أوف أ‬
‫(ال حيرم من الرضاعة إال ما فتق األمعاء يف الثدي‪ ،‬وكان قبل الفطام) (‪.)3‬‬
‫أن يكون َخس رضعات ولو متفرقات يف أرجح أقوال العلماء ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫أن يكون اللنب ثاب عن محل ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫أن يكون لنب امرأة (‪.)4‬‬ ‫‪-4‬‬

‫شروط حترمي الرضاع‬

‫أن يكون َخس رضعات‬


‫أن يكون الرضاع يف‬ ‫أن يكون اللنب ثاب عن‬
‫ولو متفرقات يف أرجح‬ ‫أن يكون لنب امرأة‪.‬‬
‫احلولني‪.‬‬ ‫محل‪.‬‬
‫أقوال العلماء‪.‬‬

‫(‪ )1‬سورة البقرة اآلية ( ‪. ) 233‬‬


‫(‪ )2‬سورة لقمان اآلية ( ‪. ) 14‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه الرتمذي برقم (‪ )2131‬وقال‪ .‬حسن صحيح‪ ،‬وصححه األلباين يف اإلرواء برقم (‪.)2150‬‬
‫(‪ )4‬انظر ‪ :‬الفقه امليسر يف ضوء الكتاب والسنة ص ‪ ، 331‬واإلسالم وبناء اجملتمع ص ‪.175‬‬

‫‪- 62 -‬‬
‫النوع الثاني‪ :‬المحرمات حرمة مؤقتة وهن األصناف التالية‪:‬‬
‫المحرمات بسبب الجمع‪ ،‬وهو ضربان‪:‬‬ ‫(أ)‬
‫األول‪ :‬جمع حرم ألجل القرابة بين المرأتين‪ ،‬وهو ثابت في ثالث‪:‬‬
‫‪ -1‬اجلمع بني األختني؛ لقوله تعاىل‪{ :‬وأ ْن ت ْجم ُعوا ب ْين الأُ ْختيْ ِن}(‪ ،)1‬وسواء كانتا‬
‫من أبوين‪ ،‬أو من أحدمها‪ ،‬من نسب أو رضاع‪.‬‬
‫‪ -2‬اجلمع بني املرأة وعمتها‪.‬‬
‫‪ -3‬اجلمع بني املرأة وخالتها‪ ،‬والدليل يف هذين ما روى أبو هريرة ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول‬
‫اهلل ‪« :‬ال جيمع بني املرأة وعمتها‪ ،‬وال بني املرأة وخالتها»(‪.)2‬‬
‫وقد نبه ‪ ‬على احلكمة يف حترمي ذلك بقوله يف حديث آخر‪« :‬إنكن إذا فعلنت ذلك قطعنت‬
‫أرحامكن»(‪ ،)3‬فهو يفضي إىل قطيعة الرحم ملا بني الزوجات من التغاير والتنافر‪ ،‬والضابط‬
‫لهذا النوع‪ :‬أنه حيرم اجلمع بني كل امرأتني حبيث لو كانت إحدامها ذكرا حرمت عليه‬
‫األخرى‪.‬‬

‫الثاني‪ :‬تحريم الجمع لكثرة العدد‪:‬‬


‫فال حيل للرجل أن جيمع بني أكثر من أربع زوجات باتفاق العلماء؛ لقوله تعاىل‪{ :‬ف ْ‬
‫ان ِك ُحوا‬
‫ما طاب ل ُك ْم ِمن النِسا ِء م ْثنى و ُثلاث و ُرباع}(‪ ،)4‬يعين اثنتني أو ثالثا أو أربعا؛‬
‫وألن النيب ‪ ‬قال لغيالن بن سلمة حني أسلم وحتته عشر نسوة‪« :‬أمسك أربعا وفارق‬
‫سائرهن»(‪.)5‬‬

‫(‪ )1‬سورة النساء‪ ،‬اآلية (‪.)23‬‬


‫(‪ )2‬متفق عليه‪ ،‬صحيح مسلم برقم [‪ ،]5108‬وصحيح مسلم برقم [‪.]1408‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه ابن حبان يف صحيحه برقم [‪ ،]4104‬وضعفه األلباين‪.‬‬
‫(‪ )4‬سورة النساء‪ ،‬اآلية (‪.)3‬‬
‫(‪ )5‬أخرجه الرتمذي يف سننه برقم [‪ ،]1128‬وابن ماجه برقم [‪ ،]1954‬وصححه األلباين كمتا يف إرواء الغليتل بترقم‬
‫[‪.]1883‬‬

‫‪- 63 -‬‬
‫(ب) زوجة الغير‪ ،‬ومعتدة الغير‪:‬‬
‫ات ِمن النِسا ِء إِ َّلا ما ملك ْ‬
‫ت أيْم ُان ُك ْم}(‪ ،)1‬واملراد‬ ‫لقول اهلل تعاىل‪{ :‬وا ْل ُ‬
‫م ْحصن ُ‬
‫باحملصنات هنا‪ :‬املتزوجات‪ ،‬وقد عطفهن على احملرمات من النساء يف اآلية اليت قبلها‪.‬‬
‫(ج) المطلقة البائنة بينونة كبرى‪:‬‬
‫فإهنا ال حتل ملطلقها حىت تنكح زوجا غريه؛ لقوله تعاىل‪{ :‬فإِ ْن ط َّلقها فلا ت ِح ُّ‬
‫ل ل ُه ِم ْن‬
‫ب ْع ُد ح َّتى ت ْن ِكح ز ْوجا غ ْير ُه}(‪ ،)2‬والعلة يف ذلك تعظيم أمر النكاح‪ ،‬وإكرام املرأة‪ ،‬اليت‬
‫كانت يف اجلاهلية تطلق مرات عديدة دون حد‪ ،‬وتراجع مرات عديدة دون حد‪.‬‬
‫المحرمات الختالف الدين‪:‬‬ ‫(د)‬
‫س ُكوا ِب ِعص ِم الكوا ِف ِر}(‪،)3‬‬ ‫م ِ‬ ‫ال حيل ملسلم نكاح كافرة غري كتابية‪ ،‬لقوله تعاىل {ولا ُت ْ‬
‫ات ح َّتى ُي ْؤ ِم َّن }(‪ ،)4‬وال حيل ملسلمة أن ينكحها‬ ‫مشْ ِرك ِ‬‫وقوله تعاىل‪{ :‬ولا ت ْن ِك ُحوا ال ُ‬
‫مشْ ِر ِكين ح َّتى‬ ‫كافر‪ ،‬كتابيا كان أو غري كتايب لقوله تعاىل‪{ :‬ولا ُت ْن ِك ُحوا ال ُ‬
‫(‪)5‬‬
‫وه َّن إِلى‬ ‫وه َّن ُم ْؤ ِمنات فلا ت ْر ِج ُع ُ‬ ‫م ُ‬ ‫ُي ْؤ ِم ُنوا} ‪ ،‬وقوله سبحانه‪{ :‬فإِ ْن ع ِل ْ‬
‫م ُت ُ‬
‫ال ُكفَّا ِر لا ُه َّن ِحل ل ُه ْم ولا ُه ْم ي ِح ُّلون ل ُه َّن }(‪.)6‬‬
‫(ه) المحرمة بسبب اإلحرام‪:‬‬
‫نكح احملرم وال ي ِ‬
‫نكح‬ ‫ال حيل نكاح حمرم وال حمرمة يف أرجح قويل أهل العلم؛ لقوله ‪« : ‬ال ي ِ‬
‫ُ‬ ‫أ‬
‫وال خيطب»(‪.)7‬‬

‫(‪ )1‬سورة النساء‪ ،‬اآلية (‪.)24‬‬


‫(‪ )2‬سورة البقرة‪ ،‬اآلية (‪.)230‬‬
‫(‪ )3‬سورة املمتحنة‪ ،‬اآلية (‪.)10‬‬
‫(‪ )4‬سورة البقرة‪ ،‬اآلية (‪.)221‬‬
‫(‪ )5‬سورة البقرة‪ ،‬اآلية (‪.)221‬‬
‫(‪ )6‬سورة املمتحنة‪ ،‬اآلية (‪.)10‬‬
‫(‪ )7‬أخرجه مسلم يف صحيحه برقم [‪.]1409‬‬

‫‪- 64 -‬‬
‫الزانية‪:‬‬ ‫(و)‬
‫فإنه حيرم نكاحها حىت تتوب؛ لقوله تعاىل‪{ :‬لا ي ْن ِك ُح إِ َّلا زانِية أ ْو ُمشْ ِركة}(‪)1‬؛ وألهنا إذا‬
‫كانت مقيمة على الزنا مل يأمن أن تلحق به ولدا من غريه‪ ،‬وتفسد فراشه‪ ،‬فحرم نكاحها‬
‫كاملعتدة‪.‬‬
‫وللتحريم على التأبيد أو التوقيت غايات وحكم كثيرة أهما‪:‬‬
‫‪ -‬حرص اإلسالم على إجناب الذرية السليمة من األمراض الوراثية‪ ،‬حيث أثبت العلم‬
‫احلديث أن الزواج بالقريبات قد يؤدي يف العديد من احلاالت إىل إجناب النسل احلامل‬
‫لألمراض الوراثية‪.‬‬
‫‪ -‬إن تزوج القريبات كاألمهات والعمات واخلاالت يتناىف مع أصل التعظيم والتكرمي‬
‫الذي جيب أن يتعامل فيه معهن‪ ،‬ملا حيصل بني الزوجني من عالقات‪ ،‬أو يقع بينهما من‬
‫خالفات تأباها طبيعة العالقة مع األم واألخت والعمة واخلالة القائمة على أساس‬
‫التعظيم والتكرمي ولسمو(‪.)2‬‬
‫معايير االختيار بين الزوجين في اإلسالم‪:‬‬

‫(‪ )1‬سورة النور‪ ،‬اآلية (‪.)3‬‬


‫(‪ )2‬األسرة يف اإلسالم مقرر جامعة امللك سعود‪ ،‬ص‪53‬‬

‫‪- 65 -‬‬
‫حث اإلسالم من يرغب يف النكاح من اجلنسني على حسن االختيار‪ ،‬وبذل اجلهد يف‬
‫اختيار الطرف اآلخر املناسب‪.‬‬
‫وقد جعل كثري من العلماء واملربني حسن اختيار الزوج لزوجته من حقوق األوالد على أبيهم‬
‫– وهو كذلك يف حق الزوجة ‪-‬؛ ألن نتائج هذا االختيار‪ ،‬ستظهر على األوالد بال ريب‪ ،‬إذ‬
‫إن حال الزوج أو الزوجة من حيث الدين واألخالق والسلوك سينعكس على أبنائهم‪ ،‬وال‬
‫ينتبه ملثل هذا األمر إال املوفقون الذين منحهم اهلل بعد النظر‪ ،‬والتنبه للعواقب‪.‬‬
‫أوالً‪ :‬معايير اختيار الزوجة‬
‫اختيار الزوجة هو اخلطوة األوىل يف طريق تكوين وبناء األسرة املسلمة‪ ،‬وهو أمر يف غاية‬
‫األمهية‪ ،‬وذلك؛ ألن الزوجة هي مهوى فؤاد الزوج‪ ،‬ورمز شرفه‪ ،‬ووعاء ولده؛ ولذا ينبغي أن‬
‫يكون اختيارها وفق معايري وأسس ثابتة‪ ،‬حتقق مقاصد الزواج ومراميه‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫‪ -1‬أن تكون ذات دين وخلق‪ :‬يقول النيب ‪« :‬تنكح املرأة ألربع ملاهلا‪ ،‬وحلسبها‪،‬‬
‫وجلماهلا‪ ،‬ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك»(‪ ،)1‬فالدين واالنسجام يف الفكر واملعتقد‬
‫هو العنصر األساسي يف االختيار‪ ،‬وهو وصف تتضاءل أمام أمهيته كل املقاييس اليت وضعها‬
‫الناس واملقصود من هذا احلديث كما يقول اإلمام النووي‪" :‬أن النيب ‪ ‬أخرب مبا يفعله الناس‬
‫يف العادة؛ فإهنم يقصدون هذه اخلصال األربع‪ ،‬وآخرها عندهم ذات الدين فاظفر أنت أيها‬
‫املسرتشد بذات الدين ال أنه أمر بذلك"(‪.)2‬‬
‫ويزيد األمر تأكيدا وتوضيحا بقول النيب ‪« :‬الدنيا متاع وخري متاعها املرأة الصاحلة»(‪،)3‬‬
‫ويقول ‪« :‬ما استفاد املؤمن بعد تقوى اهلل خريا له من زوجة صاحلة إن أمرها أطاعته‪ ،‬وإن‬
‫نظر إليها سرته‪ ،‬وإن أقسم عليها أبرته‪ ،‬وإن غاب عنها نصحته يف نفسها وماله»(‪ ،)4‬ويقول‬
‫ب ِبما ح ِفظ‬ ‫حات قانِتات حا ِفظات ِل ْلغ ْي ِ‬
‫ُ‬ ‫اهلل سبحانه يف املرأة الصاحلة‪{ :‬فال َّ‬
‫صا ِل‬
‫ال َّل ُه}(‪.)5‬‬

‫(‪ )1‬متفق عليه‪ ،‬صحيح البخاري‪ ،‬حديث رقم [‪ ،]5090‬وصحيح مسلم‪ ،‬حديث رقم [‪.]3708‬‬
‫(‪ )2‬شرح النووي على مسلم ‪.51/10‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه مسلم يف صحيحه‪ ،‬حديث رقم [‪.]3716‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه ابن ماجه يف سننه‪ ،‬حديث رقم [‪.]1857‬‬
‫(‪ )5‬سورة النساء‪ ،‬اآلية (‪.)34‬‬

‫‪- 66 -‬‬
‫‪ -2‬أن تكون ولوداً‪ :‬فإجناب األوالد أمل كل زوجني‪ ،‬فبهم تقر العني وتسعد النفس‪،‬‬
‫وهبم يكون لإلنسان وارث أصيل وخلف مأمول‪ ،‬وهذا هو رجاء عباد اهلل الصاحلني ومبتغاهم‬
‫واجنا و ُذ ِر يَّاتِنا ُق َّرة أ ْع ُين‬ ‫يقول تعاىل‪{ :‬وا َّل ِذين ي ُقو ُلون ربَّنا ه ْ‬
‫ب لنا ِم ْن أ ْز ِ‬
‫اجع ْلنا ِل ْل ُم َّت ِقين إِماما}(‪.)1‬‬
‫و ْ‬
‫ويتم معرفة ذلك بسابقتها مع غريه إن كانت ثيبا‪ ،‬وعن طريق متابعة أسرة املخطوبة أي‬
‫بالنظر إىل أصوهلا وأخواهتا إن كانت بكرا‪ ،‬وبإجراء التحاليل الطبية بعد االتفاق للخاطب‬
‫واملخطوبة كما أن الصحة والشباب من أمارات معرفة صالحية الفتاة لإلجناب غالبا(‪.)2‬‬
‫‪ -3‬أن تكون ودوداً‪ :‬أي حانية على زوجها مطيعة له‪ ،‬بعيدة عن أسباب سخطه‬
‫وغضبه‪ ،‬وقد فسر النيب ‪ ‬بعض آثار هذا الود بقوله‪« :‬خري النساء من إذا نظرت إليها‬
‫سرتك وإذا أمرهتا أطاعتك‪ ،‬وإذا أقسمت عليها أبرتك‪ ،‬وإذا غبت عنها حفظتك يف نفسها‬
‫ومالك»(‪.)4()3‬‬
‫‪ -4‬يستحب الزواج بالبكر‪ :‬ليتمكن احلب‪ ،‬ويتم األنس‪ ،‬وتدوم األلفة؛ فالطبع جمبول‬
‫على األنس بأول حمبوب؛ وهلذا قال النيب ‪ ‬جلابر ‪ ‬حني أخربه بالزواج من ثيب‪« :‬فهال‬
‫تزوجت بكرا تضاحكك وتضاحكها‪ ،‬وتالعبك وتالعبها»(‪.)5‬‬

‫ثانياً‪ :‬معايير اختيار الزوج‬


‫لقد أكد اإلسالم يف هذا الشأن وهو اختيار الزوج وشريك احلياة على عدة أمور على املرأة‬
‫ووليها احلرص عليها‪ ،‬منها‪:‬‬
‫الدين‪ :‬يقول النيب ‪« :‬إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه‪ ،‬إال تفعلوا‬ ‫‪-1‬‬
‫تكن فتنة يف األرض وفساد عريض»(‪ ،)6‬فعلى املرأة ووليها احلرص على ذلك يف اختيار‬

‫(‪ )1‬سورة الفرقان‪ ،‬اآلية (‪.)74‬‬


‫(‪ ) 2‬انظر‪ :‬املرأة واألسرة يف القرآن والسنة للدكتورة نوال العيد والدكتورة شريفة بنت أمحد احلازمي‪ ،‬ص‪.125-124‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه النسائي‪ ،‬حديث رقم [‪.]3231‬‬
‫(‪ )4‬األسرة يف اإلسالم مقرر جامعة امللك سعود‪ ،‬ص‪.55‬‬
‫(‪ )5‬أخرجه مسلم يف صحيحه‪ ،‬حديث رقم [‪.]3715‬‬
‫(‪ )6‬أخرجه الرتمذي عن أيب هريرة ‪ ، ‬حديث رقم [‪ ،]1084‬وحسنه األلباين‪.‬‬

‫‪- 67 -‬‬
‫وقبول الزوج‪ ،‬فال يرضون بتزويج إال من له دين وتقوى‪ ،‬فمثل هذا الزوج خيشى اهلل يف‬
‫زوجته‪ ،‬ويراقبه يف معاملتها‪ ،‬ويؤدي الذي فرضه اهلل عز وجل هلا‪ ،‬مما يروى يف هذا الشأن أن‬
‫ت إِ أَّ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫يل فأ أم ْن أ أُزِّو ُج أها؟ قأ أال‪:‬‬ ‫رجال قال للحسن بن علي ب‪ :‬إِ َّن عْندي ابْتنأة ِيل أوقأ ْد ُخطبأ ْ‬
‫ض أها أملْ يأظْلِ ْم أها»(‪.)1‬‬
‫أحبَّت أها أ ْكأرأم أها أوإِ ْن أأبغأ أ‬ ‫ِ‬
‫اف اللَّهأ فأإ ْن أ أ‬
‫« أزِّو ْج أها أم ْن أخيأ ُ‬
‫حسن الخلق‪ :‬فدماثة األخالق ومساحتها‪ ،‬ولطف املعشر‪ ،‬أمر مطلوب بني الزوجني‬ ‫‪-2‬‬
‫لتدوم العشرة‪ ،‬ويطيب العيش‪ ،‬واملال واجلمال والنسب ليست كافية إلقامة حياة زوجية حتفها‬
‫املودة والرمحة‪ ،‬وال ميكن حبال أن تكون هذه الصفات بديال عن الدين وحسن اخللق‪.‬‬
‫المال‪ :‬ال مانع من رغبة الفتاة يف أن يكون الزوج ذو مال يغنيه بالقدر الذي تنال به‬ ‫‪-3‬‬
‫الزوجة يف كنفه ما تريد من أساسيات احلياة‪ ،‬وقد جاء يف احلديث‪« :‬نعم املال الصاحل للمرء‬
‫الصاحل» (‪ ،)2‬فهذا مطلب مقبول؛ ولذلك حدود معينة ينبغي أال يتجاوزها‪ ،‬واهلل حيثنا على‬
‫عدم االعتماد على جمرد النظرة املادية يف أمر الزواج‪ ،‬حيث قال سبحانه‪{ :‬إِ ْن ي ُك ُ‬
‫ونوا‬

‫م ال َّل ُه ِم ْن ف ْ‬
‫ض ِل ِه}(‪ ،)3‬قال أبو بكر الصديق ‪ " : ‬أطيعوا اهلل فيما أمركم‬ ‫ُفقراء ُي ْغنِ ِه ُ‬
‫به من النكاح ينجز لكم ما وعدكم من الغىن "(‪.)4‬‬
‫‪ -4‬الحسب‪ :‬التكافؤ يف احلسب من أسباب التجانس بني الزوج وزوجته فال بأس من‬
‫تطلع الفتاة إىل أن يكون الزوج ذا حسب‪ ،‬ونقصد باحلسب‪ :‬الصفات احلميدة اليت‬
‫يتصف هبا األصول أو مفاخر اآلباء‪ ،‬كالعلم والشجاعة واجلود والتقوى(‪.)5‬‬

‫(‪ )1‬كتاب النفقة على العيال البن أيب الدنيا ‪ 273 /1‬أثر رقم [‪.]125‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه البخاري يف األدب املفرد‪ ،‬حديث رقم [‪.]299‬‬
‫(‪ )3‬سورة النور‪ ،‬اآلية (‪.)32‬‬
‫(‪ )4‬أورده ابن كثري يف تفسري سورة النور آية (‪.)32‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬املرأة واألسرة يف القرآن والسنة‪ ،‬ص‪ ،126‬الفقه اإلسالمي وأدلته للزحيلي ‪.6751/9‬‬

‫‪- 68 -‬‬
‫اخلالصة‬

‫• ِ‬
‫الخطبة لغة‪ :‬بكسر اخلاء مصدر خطأب فالن فالنة ِخطبا ِ‬
‫وخطبة‪ :‬إذا طلبها للزواج‪.‬‬ ‫أ‬
‫الخطبة اصطالحاً‪ :‬طلب الرجل وإظهار رغبته يف الزواج من امرأة معينة خالية من‬ ‫•‬
‫املوانع الشرعية‪.‬‬
‫ثبتت مشروعية اخلطبة من الكتاب والسنة واإلمجاع والعرف‪.‬‬ ‫•‬
‫ليس للخطبة مدة حمددة يف الشرع‪ ،‬وإن كان يستحسن أال تطول لئال ختالطها‬ ‫•‬
‫خالفات وحمظورات شرعية‪.‬‬
‫تتحقق باخلطبة األمور التالية‪ :‬التعرف على رغبة اخلاطب يف نكاح املرأة‪ ،‬وذلك‬ ‫•‬
‫عندما يطلبها من وليها‪ ،‬وضوح الرؤية للخاطب يف املوافقة على تزوجيه من عدم‬
‫ذلك‪ ،‬أن املدة اليت بني اخلطبة وبني العقد متثل مرحلة تروي وتبصر للطرفني ليطمئن‬
‫كل واحد منهما‪ ،‬إن نظر اخلاطب إىل خمطوبته بالشروط الشرعية‪ ،‬ال يأِت غالبا إال‬
‫بعد اخلطبة‪ ،‬ومن خالله يتعرف على أوصاف خمطوبته اخللقية واخللقية‪.‬‬
‫من املخالفات الشرعية يف اخلطبة‪ ،‬اخللوة مع املخطوبة واخلروج معها‪ ،‬الظهور أمام‬ ‫•‬
‫اخلطاب بلباس غري حمتشم‪ ،‬وخطبة الرجل على خطبة أخيه‪ ،‬ومنع رؤية اخلاطب‬
‫ملخطوبته‪.‬‬
‫أباح اإلسالم للخاطب النظر إىل املخطوبة بشروط؛ هي‪ :‬كأن تكون املرأة ممن ترجى‬ ‫•‬
‫موافقتها‪ ،‬ويكون النظر بوجود حمرم‪ ،‬وأال يقصد بالنظر الشهوة والتلذذ‪ ،‬وأن يقتصر‬
‫على القدر الذي جيوز منها‪ ،‬ويكون اخلاطب عازما على اخلطبة بال عبث‪.‬‬
‫تنقسم احملرمات من النساء إىل حمرمات حرمة مؤبدة‪ ،‬و حمرمة مؤقتة‪.‬‬ ‫•‬
‫تنقسم احملرمات من النساء حرمة مؤبدة إىل‪ :‬حمرمات بالنسب‪ ،‬وحمرمات باملصاهرة‪،‬‬ ‫•‬
‫وحمرمات بالرضاع‪.‬‬
‫تنقسم احملرمات من النساء حرمة مؤقتة إىل‪ :‬حمرمات بسبب اجلمع‪ ،‬زوجة الغري‬ ‫•‬
‫ومعتدة الغري‪ ،‬واملطلقة بينونة كربى‪ ،‬واحملرمة بسبب اإلحرام‪ ،‬والزانية‪.‬‬
‫هناك معايري الختيار الزوجني يف اإلسالم‪.‬‬ ‫•‬

‫‪- 69 -‬‬
‫‪ -1‬عرف اخلطبة يف اللغة واالصطالح‪ ،‬وحكمها الشرعي‪.‬‬
‫التقويم‬
‫‪ -2‬وضح مقاصد اخلطبة يف اإلسالم‪.‬‬
‫‪ -3‬ناقش املخالفات الشرعية يف اخلطبة‪ ،‬وأسباهبا‪.‬‬
‫‪ -4‬أباح الشرع للخاطب النظر إىل خمطوبته‪ ،‬ناقش ذلك موضحا شروط النظر‪.‬‬
‫‪ -5‬تكلم عن احملرمات من النساء‪.‬‬
‫‪ -6‬قارن بني معايري اختيار الزوج‪ ،‬ومعايري اختيار الزوجة يف اإلسالم‪.‬‬

‫‪- 70 -‬‬
‫الموضوع الثالث‬
‫النكاح (ومقاصده وأحكامه)‬

‫أوالً‪ :‬تعريف النكاح‪:‬‬


‫‪ -‬النكاح لغةً‪ :‬الضم والتداخل‪ ،‬يقال‪ :‬تناكحت األشجار‪ ،‬إذا انضم بعضها إىل‬
‫بعض‪ ،‬ويراد به عقد الزواج‪ ،‬يقال‪ :‬نكح فال ٌن امرأة نكاحا إذا تزوجها‪ ،‬ويراد به أيضا الوطء‬
‫يقال‪ :‬نكح فالن امرأته أو زوجته إذا جامعها(‪.)1‬‬
‫‪ -‬النكاح اصطالحاً‪ :‬عقد يتضمن إباحة استمتاع كل من الزوجني باآلخر‪ ،‬على الوجه‬
‫املشروع(‪.)2‬‬
‫ثانياً‪ :‬حكم النكاح‪:‬‬

‫الوجوب‬

‫اإلباحة‬ ‫النكاح مندوب إليه‬ ‫االستحباب‬


‫يف اجلملة للنصوص‬
‫الواردة يف الرتغيب‬
‫فيه‬

‫التحرمي‬ ‫الكراهة‬

‫النكاح مندوب إليه يف اجلملة للنصوص الواردة يف الرتغيب فيه‪ ،‬قال الوزير ابن هبرية‪ :‬اتفقوا‬
‫على أن النكاح من العقود الشرعية املسنونة بأصل الشرع(‪.)1‬‬

‫(‪ ) 1‬انظر‪ :‬لسان العرب مادة‪ :‬نكح‪ ،‬معجم مقاييس اللغة البن فارس مادة‪ :‬نكح‪ ،‬املصباح املنري للفيومي مادة‪ :‬نكح‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬الفقه امليسر يف ضوء الكتاب والسنة ص ‪.291‬‬

‫‪- 71 -‬‬
‫لكن عند التفصيل‪ ،‬خيتلف حكم باختالف حال الشخص؛ لذلك تعرتيه األحكام التكليفية‬
‫اخلمسة‪ ،‬وهي على النحو التايل‪:‬‬
‫الوجوب‪ :‬وذلك يف حالة كون الرجل قادرا على املهر والنفقة‪ ،‬وتاقت نفسه إىل‬ ‫‪-1‬‬
‫الزواج‪ ،‬وخشي على نفسه الوقوع يف احملظور؛ فالزواج جيب على مثل هذا يف قول عامة‬
‫الفقهاء؛ ألنه حينئذ يلزمه صون نفسه عن احلرام‪ ،‬فإن تاقت إليه نفسه وعجز عن اإلنفاق‬
‫م ال َّل ُه‬ ‫ست ْع ِف ِ َّ‬
‫ف ال ِذين لا ي ِج ُدون نِكاحا ح َّتى ُي ْغنِي ُه ُ‬ ‫فإنه يسعه قوله تعاىل‪{ :‬و ْلي ْ‬
‫ض ِل ِه}(‪ ،)2‬وعليه أن يكثر من الصيام حلديث‪« :‬يا معشر الشباب‪ ،‬من استطاع‬ ‫ِم ْن ف ْ‬
‫منكم الباءة فليتزوج‪ ،‬ومن مل يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء»(‪.)3‬‬
‫االستحباب‪ :‬و ذلك يف حالة كون الرجل قادرا على املهر والنفقة‪ ،‬ويأمن على نفسه‬ ‫‪-2‬‬
‫الوقوع يف احملظور فالزواج هنا مستحب؛ ليحقق معىن من املعاين اليت شرع من أجلها‪ ،‬مثل‬
‫اإلحصان‪ ،‬وطلب الولد‪ ،‬وحنو ذلك‪.‬‬
‫الكراهة‪ :‬وذلك يف حالة كون الرجل يف خلقته أو طبعه الغالب ما خيل حبقوق‬ ‫‪-3‬‬
‫الزوجة إخالال ال يصل إىل حد اإلضرار هبا‪.‬‬
‫التحريم‪ :‬وذلك يف حالة كون الرجل يعلم أنه خيل حبق الزوجة‪ ،‬سواء من الناحية‬ ‫‪-4‬‬
‫املعنوية أو املادية‪ ،‬كمن به علة مرضية ال يقدر معها املعاشرة الزوجية‪ ،‬وكذلك من ال يستطيع‬
‫حبال النفقة على الزوجة وحنو ذلك‪.‬‬
‫اإلباحة‪ :‬إذا مل توجد هناك دوافع‪ ،‬وال موانع‪ ،‬أو كانت متساوية‪ ،‬ومن العلماء من‬ ‫‪-5‬‬
‫قال يف هذه احلالة يكون مستحبا‪ ،‬حلديث‪« :‬يا معشر الشباب»(‪.)4‬‬
‫وهذا األحكام تطّرد بالنسبة للرجل واملرأة على حد سواء‪.‬‬

‫(‪ )1‬اإلفصاح عن معاين الصحاح ‪.110/2‬‬


‫(‪ )2‬سورة النور‪ ،‬اآلية (‪.)33‬‬
‫(‪ )3‬متفق عليه‪ ،‬صحيح البخاري‪ ،‬حديث رقم [‪ ،]5065‬وصحيح مسلم‪ ،‬حديث رقم [‪.]3464‬‬
‫(‪ )4‬انظ تتر‪ :‬املغ تتين الب تتن قدام تته ‪ ،341/9‬واملق تتدمات املمه تتدات الب تتن رش تتد ‪ ،454/1‬وأح تتاكم األس تترة يف الش ت تريعة‬
‫اإلسالمية للشرباصي‪ ،‬ص‪ ،25-24‬املرأة يف القرآن والسنة‪ ،‬ص‪.131-130‬‬

‫‪- 72 -‬‬
‫ثالثاً‪ :‬الترغيب في النكاح(‪:)1‬‬
‫لقد رغبت نصوص كثرية من القرآن الكرمي والسنة النبوية يف النكاح ومن ذلك ما يلي‪:‬‬
‫فأما الكتاب فمنه‪:‬‬
‫َّ‬
‫النسا ِء م ْثنى و ُثلاث و ُرباع‬ ‫م ِمن ِ‬
‫ان ِك ُحوا ما طاب ل ُك ْ‬ ‫قوله تعاىل‪{ :‬ف ْ‬ ‫‪-1‬‬
‫م ذ ِلك أ ْدنى أ َّلا‬
‫ت أيْم ُان ُك ْ‬ ‫م أ َّلا ت ْع ِد ُلوا فو ِ‬
‫احدة أ ْو ما ملك ْ‬ ‫فإِ ْن ِخ ْف ُت ْ‬
‫ت ُعو ُلوا}(‪.)2‬‬
‫م‬
‫م و إِمائِ ُك ْ‬
‫صا ِل ِحين ِم ْن ِعبا ِد ُك ْ‬ ‫قوله تعاىل‪{ :‬وأ ْن ِك ُحوا ْاألأيامى ِم ْن ُك ْ‬
‫م وال َّ‬ ‫‪-2‬‬
‫م ال َّل ُه ِم ْن ف ْ‬
‫ض ِل ِه}(‪.)3‬‬ ‫ونوا ُفقراء ُي ْغنِ ِه ُ‬
‫إِ ْن ي ُك ُ‬
‫‪ -3‬قوله تعايل‪ - :‬يف مقام االمتنان به على عبادة‪{ -‬و ِم ْن آياتِ ِه أ ْن خلق ل ُك ْ‬
‫م ِم ْن‬
‫م مو َّدة ور ْحمة إِ َّن ِفي ذ ِلك‬ ‫س ُك ُنوا إِليْها وجعل ب ْين ُك ْ‬
‫م أ ْزواجا ِلت ْ‬
‫س ُك ْ‬
‫أ ْن ُف ِ‬
‫لآيات ِلق ْوم يتفكَّ ُرون}(‪.)4‬‬
‫السنَّة فمنها‪:‬‬
‫وأما من ُّ‬
‫َّ‬
‫‪ -1‬حديث عبد اهلل بن مسعود ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪« :‬يا معشر الشَّباب من‬
‫(‪)5‬‬
‫أغض للبصر وأحصن للفرج‪ ،‬ومن مل يستطع فعليه‬ ‫فليتزوج؛ فإنَّه ّ‬
‫َّ‬ ‫استطاع منكم الباءة‬
‫بالصوم فإنَّه له وجاء»(‪.)7( )6‬‬
‫َّ‬
‫النيب‬
‫النيب ‪ ‬يسألون عن عبادة ِّ‬ ‫‪ -2‬حديث أنس ‪ ‬قال‪ :‬جاء ثالثة رهط إىل بيوت أزواج ِّ‬
‫كأهنم تقالَّوها فقالوا‪ :‬وأين حنن من ِّ‬
‫النيب ‪ ،‬قد غفر اهلل له ما تقدَّم من‬ ‫ُخِربوا َّ‬
‫‪ ‬فلما أ ْ‬
‫تأخر‪ .‬قال أحدهم‪َّ :‬أما أنا فأصلِّي الليل أبدا‪ .‬وقال آخر‪ :‬أنا أصوم الدهر وال‬ ‫ذنبه وما َّ‬
‫أفطر‪ ،‬وقال آخر‪ :‬أنا أعتزل النساء فال أتزوج أبدا‪ ،‬فجاء رسول اهلل ‪ ‬فقال‪« :‬أنتم الذين‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬الوالية يف النكاح للعويف ‪.50/1‬‬


‫(‪ )2‬سورة النساء‪ ،‬اآلية (‪.)3‬‬
‫(‪ )3‬سورة النور‪ ،‬اآليات (‪.)33-32‬‬
‫(‪ )4‬سورة الروم‪ ،‬اآلية (‪.)21‬‬
‫(‪ )5‬الباءة‪ :‬هي مؤن النِّكاح‪ ،‬أو اجلماع‪ ،‬أو مها معا‪ .‬انظر تفصيل ذلك يف فتح الباري (‪.)109-108/9‬‬
‫(‪ )6‬وجاء‪ :‬أي قاطع للشهوة‪ .‬انظر‪ :‬النهاية يف غريب احلديث (‪ ،)152 /5‬وفتح الباري (‪.)110/9‬‬
‫(‪ )7‬متفق عليه‪ ،‬صحيح البخاري برقم [‪ ،]5065‬وصحيح مسلم برقم [‪.]1400‬‬

‫‪- 73 -‬‬
‫لكين أصوم وأفطر‪ ،‬وأصلِّي وأرقد‪،‬‬ ‫قلتم كذا وكذا؟ أما واهلل إين ألخشاكم هلل وأتقاكم له‪ِّ ،‬‬
‫مين»(‪.)1‬‬
‫ِّساء‪ ،‬فمن رغب عن سنَّيت فليس ِّ‬‫أتزوج الن أ‬
‫و َّ‬
‫أن رسول اهلل ‪ ‬قال‪« :‬الدُّنيا متاع‪ ،‬وخري متاع الدُّنيا‬‫‪ -4‬حديث عبد اهلل بن عمرو ‪َّ ‬‬
‫املرأة الصاحلة»(‪.)2‬‬
‫فإين مكاثر‬‫تزوجوا الودود الولود ِّ‬‫أن رسول اهلل ‪ ‬قال‪َّ « :‬‬‫‪ -5‬حديث معقل بن يسار ‪َّ ‬‬
‫بكم األمم»(‪.)3‬‬
‫رابعاً‪ :‬أركان النكاح‬
‫الركن في اللغة‪ :‬ركن الشيء‪ :‬جانبه األقوى(‪.)4‬‬ ‫‪-‬‬
‫الركن في االصطالح‪ :‬ركن الشيء ما ال وجود لذلك الشيء إال به‪ ،‬كالقيام والركوع‬ ‫‪-‬‬
‫وأركان النكاح ‪:‬‬ ‫؛‬
‫(‪)5‬‬
‫والسجود للصالة‬

‫زوجان‬

‫إجياب‬
‫قبول‬

‫‪ -‬األول‪ :‬الزوجان‪ :‬وجيب أن يكونا خاليني من املوانع اليت متنع صحة النكاح بأن ال تكون‬
‫املرأة من اللواِت حيرمن على الرجل بنسب أو رضاع أو مصاهرة‪ ،‬أو عدة أو غري ذلك‪.‬‬
‫‪-‬الثاني‪ :‬اإليجاب‪ :‬وهو اللفظ الصادر من الويل‪ ،‬أو من يقوم مقامه (وكيال) بلفظ إنكاح‬
‫أو تزويج ‪ ،‬كأن يقول الويل‪ :‬زوجتك ابنيت على مهر قدره كذا‪.‬‬

‫(‪ )1‬أخرجه البخاري يف صحيحه برقم [‪.]5063‬‬


‫(‪ )2‬أخرجه مسلم يف صحيحه برقم [‪.]1467‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه أبو داود يف سننه برقم [‪ ،]2050‬وصححه األلباين يف تعليقه على سنن أيب داود‪.‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬الكليات للكفوي فصل الراء ص ‪. 481‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬املصدر السابق ‪ ،‬و التعريفات للجرجاين‪ ،‬ص‪ ،112‬اإلسالم وبناء اجملتمع ص‪. 189‬‬

‫‪- 74 -‬‬
‫‪-‬الثالث‪ :‬القبول‪ :‬وهو اللفظ الصادر من الزوج أو من يقوم مقامه‪ ،‬كأن يقول‪ :‬قبلت هذا‬
‫الزواج(‪.)1‬‬
‫خامساً‪ :‬األلفاظ التي ينعقد بها الزواج‪:‬‬
‫ينعقد النكاح بقول الويل للزوج‪ :‬زوجتك‪ ،‬وأنكحتك ابنيت‪ ،‬وينعقد بكل لفظ يدل عليه‪.‬‬
‫سادساً‪ :‬شروط النكاح‪:‬‬
‫الزواج من أغلظ املواثيق وأكرمها عند اهلل؛ ألنه عقد متعلق بذات اإلنسان ونسبه؛ وهلذا‬
‫العقد شروط كسائر العقود الصحيحة‪ ،‬لكنه يسمو عليها باختصاص وصفه بامليثاق الغليظ‬
‫ْ‬
‫م إِلى ب ْعض‬ ‫كما ورد يف قوله تعاىل‪{ :‬وكيْف تأ ُخ ُذون ُه وق ْد أ ْفضى ب ْع ُ‬
‫ض ُك ْ‬
‫وأخ ْذن ِم ْن ُك ْم ِميثاقا غ ِليظا }(‪.)2‬‬
‫واهلدف من هذه الشروط هو محاية األسرة اليت سيتم إنشاؤها من االختالف والتصدع‬
‫والتفرق والتفكك‪ ،‬وهتيئة املناخ املالئم لتحقيق األهداف املرجوة من النكاح‪ ،‬ومن مث كان هلذا‬
‫العقد شروط أربعة‪:‬‬

‫األول‪ :‬تعيين الزوجين‪:‬‬


‫فال يصح عقد النكاح على واحدة ال يُعيِّنها كقوله‪" :‬زوجتك بنيت" إن كان له أكثر من‬
‫واحدة‪ ،‬أو يقول‪" :‬زوجتها ابنك" إن كان له عدة أبناء‪ .‬بل ال بد من تعيني ذلك باالسم‪:‬‬
‫كفاطمة وحممد‪ ،‬أو بالصفة‪ :‬كالكربى أو الصغرى أو باإلشارة كأن يقول‪ " :‬زوجتها ابنك‬
‫هذا" ‪.‬‬

‫(‪ )1‬انظر ‪ :‬الفقه امليسر يف ضوء الكتاب والسنة ص ‪ ،296‬األسرة يف اإلسالم ص ‪ ،59‬مغين احملتاج ‪ ،39/3‬واملغين‬
‫‪.482-481/9‬‬
‫(‪ )2‬سورة النساء‪ ،‬اآلية (‪.)21‬‬

‫‪- 75 -‬‬
‫الثاني‪ :‬رضا كل من الزوجين باآلخر‪:‬‬
‫فال يصح إن أكره أحدمها عليه‪ ،‬وال سيما املرأة‪ ،‬فإن رضاها أساس يف عقد الزواج‪ ،‬سواء‬
‫أكانت بكرا أم ثيبا لقوله ‪« :‬ال تنكح األمي حىت تستأمر وال تنكح البكر حىت تستأذن‪،‬‬
‫قيل‪ :‬وكيف إذهنا؟ قال‪ :‬أن تسكت»(‪ ،)1‬وهبذا ندرك أن رضا املرأة ال بد منه عند الزواج‪،‬‬
‫سواء سبق هلا الزواج أو كانت بكرا‪.‬‬
‫أما اليت سبق هلا الزواج فال بد أن تصرح برضاها‪ ،‬إذ ال مينعها احلياء من أن تصرح‪ ،‬خبالف‬
‫البكر اليت يغلب عليها احلياء عادة‪ ،‬فيكتفى منها بالسكوت أو أية قرينة يفهم منها رضاها‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬الشهادة على عقد النكاح‪:‬‬
‫فهي شرط الزم يف عقد النكاح ال يعترب صحيحا بدوهنا؛ حلديث جابر‪ ‬مرفوعا‪« :‬ال‬
‫نكاح إال بويل وشاهدي عدل»(‪.)2‬‬
‫الحكمة من وجوب اإلشهاد‪:‬‬
‫‪ -1‬نظرا ملكانة عقد النكاح‪ ،‬وعظم هذا العقد وما يرتتب عليه من املصاحل والفوائد كان‬
‫لزاما من اشرتاط الشهادة يف عقد النكاح‪ ،‬ومن مصاحل النكاح كما هو معروف‪ :‬اإلرث‪،‬‬
‫والنسب‪ ،‬واملصاهرة‪ ،‬واحملرمية وما أشبه ذلك‪.‬‬
‫‪ -2‬يف اإلشهاد على عقد النكاح منعا للتجاحد بني املتعاقدين‪ ،‬وبعدا لسوء الظن‬
‫بينهما‪ ،‬وحفاظا على حق الولد بينهما‪.‬‬
‫‪ -3‬يف الشهادة على النكاح تفريق بني احلالل واحلرام‪ ،‬فاحلالل يبني باإلخبار‪ ،‬واإلعالم‬
‫والظهور‪ ،‬واحلرام شأنه اخلفاء والتسرت وعدم الظهور(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬متفق عليه‪ ،‬صحيح البخاري‪ ،‬حديث رقم [‪ ،]513‬وصحيح مسلم برقم [‪.]1419‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه الطرباين يف الستنن الكتربى بترقم [‪ ،]299‬وصتححه األلبتاين يف اجلتامع الصتغري ‪ ،1254/2‬وانظتر‪ :‬املغتين‬
‫‪ ،347/9‬وحاشية الروض املربع ‪ ،276/6‬اإلسالم وبناء اجملتمع‪ ،‬ص‪.155‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬مقدمات النكاح حملمد السديس‪ ،‬ص‪.295-294‬‬

‫‪- 76 -‬‬
‫الرابع‪ :‬موافقة الولي‪:‬‬
‫وهو أن يعقد للمرأة وليها كأبيها وأخيها‪ ،‬فلو زوجت املرأة نفسها‪ ،‬أو زوجت غريها كابنتها‬
‫أو أختها‪ ،‬أو وكلت غري وليها يف تزوجيها ولو بإذن وليها مل يصح النكاح يف احلاالت‬
‫الثالث؛ وذلك ملا يأِت‪:‬‬
‫‪ -1‬أن اهلل تعاىل خاطب األولياء بالنكاح فقال‪{ :‬وأ ْن ِك ُحوا ْاألأيامى ِم ْن ُك ْم}(‪.)1‬‬
‫‪ -2‬حديث أيب موسى األشعري ‪ ‬أن النيب ‪ ‬قال‪« :‬ال نكاح إال بويل»(‪ ،)2‬وهو‬
‫لنفي احلقيقة الشرعية‪ ،‬أي‪ :‬ال نكاح موجود يف الشرع إال بويل بدليل ما ورد عن عائشة ك‬
‫قالت‪ :‬قال رسول اهلل ‪« :‬أميا امرأة نكحت بغري وليها فنكاحها باطل‪ ،‬فنكاحها باطل‪،‬‬
‫فنكاحها باطل»(‪.3‬‬
‫الحكمة من اشتراط الولي‪:‬‬
‫‪ -1‬أن الويل أكثر خربة منها بالرجال‪ ،‬الختالطه بالناس‪ ،‬ومعرفته بأحواهلم إضافة إىل أن‬
‫املرأة سريعة التأثر فرمبا ختطئ يف اختيار األصلح هلا‪.‬‬
‫‪ -2‬أن زوج املرأة سيصبح عضوا يف أسرهتا‪ ،‬ومن غري الالئق أن ينضم إىل األسرة عضو‬
‫يكون رب األسرة غري راض عنه‪.‬‬
‫‪ -3‬إشعار الزوج بتضامن األسرة مع ابنتهم ومساعدهتم هلا‪ ،‬مما يوفر محاية للمرأة حيث‬
‫حيسب الزوج حساب أوليائها‪ ،‬وال يتصور إمكانية إحلاق الضرر هبا‪.‬‬
‫‪ -4‬أن فيه إكراما للمرأة وإبعادا هلا عن خدش حيائها عندما تتوىل تزويج نفسها(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬سورة النور‪ ،‬اآلية (‪.)32‬‬


‫(‪ )2‬أخرجه أبو داود يف سننه‪ ،‬حديث رقم [‪ ،]2085‬والرتمذي برقم [‪ ،]1101‬وقال‪ :‬حتديث حستن‪ ،‬وابتن ماجته‬
‫برقم [‪.]1881‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه أبو داود يف سننه‪ ،‬حديث رقم [‪ ،]2083‬والرتمذي برقم [‪ ،]1102‬وقال‪ :‬حتديث حستن‪ ،‬وابتن ماجته‬
‫برقم [‪ ،]1879‬وانظر‪ :‬املغين ‪.355/9‬‬
‫(‪ )4‬انظتتر‪ :‬نظتتام االستترة يف اإلستتالم حملمتتد صتتديق‪ ،‬ص‪ ،92‬األستترة يف اإلستتالم مقتترر جامعتتة امللتتك ستتعود‪ ،‬ص‪،62‬‬
‫املرأة واألسرة يف القرآن والسنة‪ ،‬ص‪ ،132‬الفقه امليسر يف ضوء الكتاب والسنة ص ‪.295‬‬

‫‪- 77 -‬‬
‫سادساً‪ :‬الشروط في النكاح‪:‬‬
‫المراد بها‪ :‬ما يشرتطه أحد الزوجني أو كالمها يف صلب العقد‪ ،‬أو يتفقان عليه قبل العقد‬
‫مما يصلح بذله واالنتفاع به‪ ،‬وهي غري شروط النكاح وتنقسم إىل قسمني‪:‬‬

‫اشرتاط انتقال املرأة إىل‬


‫بيت زوجها ومتكينه من‬
‫االستمتاع معها‬ ‫شروط يتضمنها العقد وإن‬
‫مل تذكر يف صلبه؛ ومنها‪:‬‬
‫واشرتاط النفقة والسكىن على الزوج‪.‬‬

‫اشرتاط الرجل على امرأته‬ ‫شروط نفع معينة‪ ،‬يشرتطها‬ ‫الشروط الصحيحة‬
‫يف عقد الزواج تقسيط‬ ‫أحد الزوجني فتكون ملزمة‬
‫املهر‪ ،‬إكمال دراستها‪ ،‬أو‬ ‫لآلخر إذا رضي هبا ومل‬

‫الشروط في النكاح‬
‫أن تستمر يف وظيفتها ‪.‬‬ ‫تكن خمالفة للشرع‪.‬‬

‫شروط فاسدة بنفسها مع‬


‫يشرتط الزوج أال مهر هلا‪،‬‬
‫بقاء العقد صحيحا؛‬
‫أو ال نفقة هلا‬
‫ومنها‪:‬‬

‫نكاح املتعة‬ ‫الشروط فاسدة‬

‫شروط فاسدة مفسدة‬


‫نكاح التحليل‬
‫للعقد‬

‫نكاح الشغار‬

‫‪- 78 -‬‬
‫القسم األول‪ :‬الشروط الصحيحة وهي نوعان‪:‬‬
‫‪-‬النوع األول‪ :‬شروط يتضمنها العقد وإن لم تذكر في صلبه‪:‬‬
‫وذلك مثل اشرتاط انتقال املرأة إىل بيت زوجها ومتكينه من االستمتاع معها‪ ،‬وكاشرتاط النفقة‬
‫والسكىن على الزوج‪ ،‬فهذه من مضمون العقد ودال عليها شرعا كما دل عليها عرفا‬
‫وعادة(‪.)1‬‬
‫‪-‬النوع الثاني‪ :‬شروط نفع معينة‪ ،‬يشترطها أحد الزوجين فتكون ملزمة لآلخر إذا رضي‬
‫بها ولم تكن مخالفة للشرع‪.‬‬
‫وذلك مثل اشرتاط الرجل على امرأته يف عقد الزواج تقسيط املهر‪ ،‬وكاشرتاط املرأة عليه زيادة‬
‫يف املهر‪ ،‬أو إكمال دراستها‪ ،‬أو أن تستمر يف وظيفتها فعلى الزوج أن يفي مبا اشرتطت‬
‫عليه‪ ،‬وهلا حق املطالبة به أو الفسخ إن مل يف مبا وعدها به وقد أمر اهلل تعاىل بالوفاء‬
‫بالعهود فقال‪ { :‬وأ ْو ُفوا ِبع ْه ِد ال َّل ِه إِذا عاه ْد ُت ْم }(‪ ،)2‬ويف احلديث‪« :‬إن أحق الشروط‬
‫أن توفوا به ما استحللتم به الفروج»(‪.)3‬‬
‫القسم الثاني‪ :‬شروط فاسدة‪ ،‬وهي نوعان‪:‬‬
‫‪-‬النوع األول‪ :‬شروط فاسدة بنفسها مع بقاء العقد صحيحا‪:‬‬
‫كأن يشرتط الزوج أال مهر هلا‪ ،‬أو ال نفقة هلا‪ ،‬فيفسد الشرط ويصح العقد؛ ألن ذلك‬
‫الشرط يعود إىل معىن زائد يف العقد ال يلزم ذكره وال يضر اجلهل به‪.‬‬
‫‪-‬النوع الثاني‪ :‬شروط فاسدة مفسدة للعقد‪:‬‬
‫مثل أن يشرتط تزوجها مدة معينة وهو نكاح املتعة‪ ،‬أو يتزوجها ليحللها لزوجها األول‪ ،‬وهو‬
‫نكاح التحليل‪ ،‬أو يشرتط الويل على الزوج أن يزوجه أخته‪ ،‬وهو نكاح الشغار‪ ،‬فهذه ثالثة‬
‫أنواع من األنكحة الفاسدة‪ ،‬وفيما يلي بياهنا‪:‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬املغين ‪.483/9‬‬


‫(‪ )2‬سورة النحل‪ :‬اآلية (‪.)91‬‬
‫(‪ )3‬متفق عليه‪ ،‬صحيح البخاري برقم [‪ ،]2721‬وصحيح مسلم بترقم [‪ ،]1418‬وانظتر‪ :‬املغتين ‪،485-484/9‬‬
‫واإلسالم وبناء اجملتمع‪ ،‬ص‪.157‬‬

‫‪- 79 -‬‬
‫األول‪ :‬نكاح المتعة‪:‬‬
‫‪-‬املتعة لغة‪ :‬بضم امليم وكسرها‪ :‬مشتقة من املتاع‪ ،‬وهو ما يستمتع به(‪.)1‬‬
‫‪-‬املتعة اصطالحا‪ :‬أن ينكح الرجل املرأة بشيء من املال مدة معينة ينتهي النكاح بانتهائها‬
‫من غري طالق(‪.)2‬‬
‫حكمه‪:‬‬
‫باطل باتفاق علماء املسلمني‪ ،‬وقد دل على حترمي نكاح املتعة الكتاب والسنة واإلمجاع‪.‬‬
‫م أ ْو‬
‫واج ِه ْ‬
‫م حا ِف ُظون * ْاألأ على أ ْز ِ‬
‫وج ِه ْ‬
‫م ِل ُف ُر ِ‬ ‫‪-‬الكتاب‪ :‬قوله تعاىل‪ { :‬وا َّل ِذين ُ‬
‫ه ْ‬
‫مان ُه ْم }(‪ ،)3‬واملتمتع هبا ليست زوجة‪ ،‬وال يف حكم الزوجة يف نظر الشارع‪،‬‬ ‫ت أي ْ ُ‬‫ما ملك ْ‬
‫وال فيما تعارف عليه الناس‪.‬‬
‫‪ -‬السنة‪ :‬قول النيب ‪« :‬يا أيها الناس إين كنت قد أذنت لكم يف االستمتاع من النساء‪،‬‬
‫وإن اهلل قد حرم ذلك إىل يوم القيامة»(‪.)4‬‬
‫‪-‬اإلجماع‪ :‬فإن األمة بأسرها قد أمجعت على حترمي املتعة إال من ال يلتفت إليه(‪.)5‬‬
‫الحكمة من تحريم نكاح المتعة‪:‬‬
‫‪ -1‬أن املقصود األمسى للزواج هو السكن وتكوين األسرة‪ ،‬وال يأِت هذا كله إال بدوام‬
‫العشرة‪ ،‬وشعور الزوجة باالستقرار‪ ،‬وبأن حياهتا الزوجية مستدامة‪.‬‬
‫‪ -2‬أنه لو فتح باب الزواج املؤقت‪ ،‬ألقبل الناس إليه ابتغاء قضاء احلاجة اجلنسية لقلة‬
‫كلفته‪ ،‬وسهولة مؤونته‪ ،‬ولضاع بذلك اهلدف األمسى الذي من أجله أودع اهلل فينا غريزة‬
‫اجلنس وهو بقاء النوع اإلنساين وعمران الكون‪.‬‬
‫‪ -3‬أنه يضر باألوالد كذلك‪ ،‬حيث ال جيدون بيتا يستقرون فيه ‪.‬‬
‫‪ -4‬إكرام املرأة من أن تتخذ للذة واملتعة من قبل العديد من األشخاص على التوايل(‪.)6‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬الصحاح ‪ ،1282/3‬ولسان العرب ‪.329/8‬‬


‫(‪ )2‬انظر‪ :‬املغين ‪.46/10‬‬
‫(‪ )3‬املؤمنون‪ ،‬اآلية (‪.)6-5‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه مسلم يف صحيحه ‪ ،‬حديث رقم [‪.]3422‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬حاشية الروض املربع ‪.325/6‬‬
‫(‪ )6‬انظر‪ :‬اإلسالم وبناء اجملتمع‪ ،‬ص‪ ،159‬موسوعة الفقه اإلسالمي حملمد التوجيري ‪. 40/4‬‬

‫‪- 80 -‬‬
‫الثاني‪ :‬نكاح التحليل‪:‬‬
‫‪-‬وهو أن يتزوج املطلّقة ثالثا بعد انقضاء عدَّهتا‪ ،‬أو يدخل هبا‪ ،‬مثّ يطلقها؛ ليُحلّها للزوج‬
‫األول (‪.)1‬‬
‫‪-‬حكمه‪:‬‬
‫‪-‬حرام(‪)2‬؛ وذلك حلديث عبد اهلل بن مسعود ‪« :‬لعن رسول اهلل ‪ ‬املحلِّل واحمللَّل‬
‫ُ‬
‫له»(‪ ،)3‬فدل ذلك على حترمي نكاح التحليل؛ ألنه ال يكون اللعن إال على فعل احملرم ؛ وألن‬
‫األصل يف مشروعية الزواج الدوام واالستقرار واالستمرار‪ ،‬واحمللل ال يقصد شيئا من ذلك ‪،‬‬
‫ومن مقاصد الشريعة يف الزواج الثاين التعرف على احلياة الزوجية اجلديدة‪ ،‬فتوازن املرأة بني‬
‫الزوجني‪ ،‬فتعرف الفرق بني العشرتني‪ ،‬فيكون ذلك درسا جديدا حلياة زوجية جديدة‪ ،‬وبناء‬
‫أسرة جديدة‪ ،‬وترابط أسري واجتماعي مع أسرة جديدة‪ ،‬فمىت تغريت الرتبية‪ ،‬رمبا يكون هلذا‬
‫التغري األثر الطيب على احلرث‪ ،‬فيكون العطاء من الزوجني أكثر‪ .‬وإن حصل طالق من‬
‫الزوج الثاين‪ ،‬فإهنا إن رجعت إىل الزوج األول‪ ،‬رجعت بعد دراسة مقارنة بني الزوجني‪،‬‬
‫وحماسبة للنفس‪ ،‬فبعد ذلك تزول اخلالفات غالبا‪ ،‬وتقوى الروابط‪ ،‬فيكون احلكم لسلطان‬
‫العقل املبين على سلطان الشرع بعيدا عن سلطان اهلوى(‪.)4‬‬
‫الثالث‪ :‬نكاح الشغار‪:‬‬
‫‪-‬الشغار لغة‪ :‬اخللو من العِوض‪ ،‬يقال‪ :‬مكان شاغر‪ ،‬أي خال‪ ،‬واجلهة شاغرة أي‪ :‬خالية‪،‬‬
‫ومسي بالشغار خللوه من املهر(‪.)5‬‬
‫اصطالحا‪ :‬وهو أن يزوج الرجل ابنته أو أخته أو غريمها ممن له الوالية عليها‪ ،‬على‬
‫ً‬ ‫‪-‬الشغار‬
‫أن يزوجه اآلخر ابنته أو أخته أو غريمها ممن له الوالية عليها‪ ،‬ويتم النكاح مبوجب هذا‬
‫الشرط (‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬املوسوعة الفقهية امليسرة يف فقه الكتاب والسنة املطهرة حلسني العوايشة ‪. 51/5‬‬
‫(‪ )2‬املصدر السابق ‪.49/10‬‬
‫(‪ )3‬أخرجتته الرتمتتذي يف ستتننه بتترقم [‪ ،]1120‬وقتتال‪ :‬حستتن صتتحيح‪ ،‬وصتتححه األلبتتاين يف صتتحيح اجلتتامع الصتتغري‬
‫وزيادته برقم [‪.]5101‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬مغين احملتاج ‪ ،182/3‬وكشاف القناع ‪ ، 94/5‬الزواج بنية الطالق لصاحل املنصور ص ‪.41‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬الصحاح ‪ ،700/2‬ولسان العرب ‪.417/4‬‬

‫‪- 81 -‬‬
‫‪-‬حكمه‪:‬‬
‫اتفق أهل العلم على أن نكاح الشغار منهي عنه‪ ،‬فهو باطل‪ ،‬جيب التفريق فيه‪ ،‬سواء كان‬
‫مصرحا فيه بنفي املهر‪ ،‬أو مسكوتا عنه؛ وذلك حلديث جابر بن عبداهلل ب‪« :‬هنى رسول‬
‫(‪)2‬‬
‫اهلل ‪ ‬عن الشغار»‬
‫والنهي يقتضي الفساد‪ ،‬فيكون العقد فاسدا(‪)3‬؛ ملا فيه من ظلم للمرأتني وإجحاف حبقهما‪،‬‬
‫فمثل هذا الزواج يقصد منه الويل – غالبا – حتقيق مصلحته وجلب منفعته‪ ،‬فيغض كل‬
‫منهما الطرف عن مساوئ اآلخر(‪.)4‬‬

‫اخلالصة‬

‫النكاح لغة‪ :‬الضم والتداخل ويراد به عقد الزواج‪ ،‬يقال‪ :‬نكح فال ٌن امرأة نكاحا إذا‬ ‫•‬
‫تزوجها‪ ،‬ويراد به أيضا الوطء‪.‬‬
‫النكاح اصطالحا‪ :‬عقد يتضمن إباحة وطء بلفظ إنكاح أو تزويج ‪.‬‬ ‫•‬
‫ثبتت مشروعية اخلطبة من الكتاب والسنة واإلمجاع والعرف‪.‬‬ ‫•‬
‫رغبت نصوص كثرية من القرآن الكرمي والسنة النبوية يف النكاح‪.‬‬ ‫•‬
‫أركان النكاح‪ :‬الزوجان‪ ،‬والقبول‪ ،‬و اإلجياب‪.‬‬ ‫•‬
‫شروط النكاح‪ :‬تعيني الزوجني‪ ،‬ورضا كل من الزوجني باآلخر‪ ،‬والشهادة على عقد‬ ‫•‬
‫النكاح‪ ،‬و موافقة الويل‪.‬‬
‫تنقسم الشروط يف النكاح إىل شروط صحيحة‪ ،‬وشروط فاسدة‪.‬‬ ‫•‬
‫‪.‬‬
‫املتعة لغة‪ :‬بضم امليم وكسرها‪ :‬مشتقة من املتاع‪ ،‬وهو ما يستمتع به‬ ‫•‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬موسوعة الفقه اإلسالمي حملمد التوجيري ‪. 39/4‬‬


‫(‪ )2‬أخرجه مسلم يف صحيحه‪ ،‬حديث رقم [‪.]1417‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬املغين ‪ ،42/10‬وحاشية الروض املربع ‪.318/6‬‬
‫(‪ )4‬انظتتر‪ :‬املغتتين ‪ ،42/10‬وحاشتتية التتروض املربتتع ‪ ،318/6‬والتتزواج يف اإلستتالم للتتدكتور حممتتد الصتتاحل‪ ،‬ص‪،131‬‬
‫واألسرة يف اإلسالم مقرر جامعة امللك سعود‪ ،‬ص‪.66‬‬

‫‪- 82 -‬‬
‫املتعة اصطالحا‪ :‬أن ينكح الرجل املرأة بشيء من املال مدة معينة ينتهي النكاح‬ ‫•‬
‫‪.‬‬
‫بانتهائها من غري طالق‬
‫حكم نكاح املتعة ‪:‬باطل باتفاق علماء املسلمني‪ ،‬وقد دل على حترمي نكاح املتعة‬ ‫•‬
‫الكتاب والسنة واإلمجاع‪.‬‬
‫نكاح التحليل‪ :‬هو أن يطلق الرجل امرأته ثالثا‪ ،‬فيتزوجها رجل على شريطة أن‬ ‫•‬
‫‪.‬‬
‫يطلقها بعد وطئها‪ ،‬لتحل لزوجها األول‬
‫حكم نكاح التحليل‪ :‬حرام‪.‬‬ ‫•‬
‫الشغار لغة‪ :‬اخللو من العِوض‪ ،‬يقال‪ :‬مكان شاغر‪ ،‬أي خال‪ ،‬واجلهة شاغرة أي‪:‬‬ ‫•‬
‫‪.‬‬
‫خالية‪ ،‬ومسي بالشغار خللوه من املهر‬
‫• الشغار اصطالحا‪ :‬وهو أن يزوج الرجل ابنته أو أخته أو غريمها ممن له الوالية عليها‪،‬‬
‫على أن يزوجه اآلخر ابنته أو أخته أو غريمها ممن له الوالية عليها‪ ،‬ويتم النكاح‬
‫مبوجب هذا الشرط‪.‬‬
‫• حكم نكاح الشغار‪ :‬اتفق أهل العلم على أن نكاح الشغار منهي عنه‪.‬‬

‫‪ -1‬عرف النكاح‪ ،‬وحكمه شرعا‪.‬‬


‫التقويم‬
‫‪ -2‬اشرح أركان النكاح‪.‬‬
‫‪ -3‬تكلم عن شروط النكاح‪.‬‬
‫‪ -4‬ناقش شروط النكاح‪.‬‬
‫قارن بني نكاح املتعة والتحليل والشغار‪.‬‬ ‫‪-5‬‬

‫‪- 83 -‬‬
‫الموضوع الرابع‬
‫المخالفات الشرعية في الزواج‬

‫يعد الزواج ضرورة من ضرورات احلياة‪ ،‬إذ به حتصل مصاحل الدين والدنيا‪ ،‬وبه حيصل االرتباط‬
‫بني الناس‪ ،‬وبسببه حتصل املودة والرتاحم‪ ،‬ويسكن الزوج إىل زوجته والزوجة إىل زوجها‪،‬‬
‫والزواج أدعى إىل غض البصر وإحصان الفرج إال أن هذا العقد قد تقع فيه بعض املخالفات‬
‫الشرعية اليت ال بد أن نوضحها ونقف عليها ونبني رأي الشرع فيها‪ ،‬ومن ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬غالء المهور‪ ،‬واإلسراف في حفالت الزفاف‪:‬‬
‫من املخالفات واملعوقات يف الزواج رفع املهور وجعلها حمال للمفاخرة واملتاجرة ‪ ،‬ال لشيء إال‬
‫مللء اجملالس بالتحدث عن ضخامة هذا املهر دون تفكري يف عواقب ذلك‪ ،‬وال يعلمون أهنم‬
‫قد سنوا يف اإلسالم سنة سيئة‪ ،‬وأن ضخامة املهر مما يسبب كراهة الزوج لزوجته وتربمه منها‬
‫عند أدىن سبب‪ ،‬وأن سهولة املهر مما يسبب الوفاق واحملبة بني الزوجني ومما يوجد الربكة يف‬
‫الزواج(‪ ،)1‬قال عمر بن اخلطاب ‪« : ‬أأأال أال تُتغالُوا بِصد ِق الن ِ‬
‫ِّساء‪ ،‬فأِإنت أَّها لأ ْو أكانأ ْ‬
‫ت أمك ُْرأمة‬ ‫أ‬ ‫ُُ‬ ‫أ‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬الزواج وفوائده وآثاره النافعة لعبد اهلل اجلار اهلل‪ ،‬ص‪.36‬‬

‫‪- 84 -‬‬
‫ول اللَّ ِه ‪ْ ‬امأرأأة ِم ْن‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِيف ُّ‬
‫أص أد أق أر ُس ُ‬
‫َّيب ‪ ،‬أما أ ْ‬ ‫الدنْتيأا‪ ،‬أ ْأو تأت ْق أوى عْن أد اللَّه لأ أكا أن أ ْأوأال ُك ْم هبأا النِ ُّ‬
‫ت ْامأرأةٌ ِم ْن بأتنأاتِِه أ ْكثأتأر ِم ْن ثِْن أ ْيت أع ْشأرةأ أُوقِيَّة»(‪.)1‬‬ ‫نِسائِِه‪ ،‬وأال أ ِ‬
‫ُصدقأ ْ‬
‫أ أ ْ‬
‫وترجع املغاالة يف املهور إىل مجلة من األسباب اخلاطئة‪:‬‬
‫اخلوف على ابنتهم‪ ،‬واحلرص على تأمني‬
‫مستقبلها‪ ،‬وحتقيق استقرارها‬

‫اجلهل وغياب التصور اإلسالمي الصحيح‬


‫للمهر‬

‫تغيري النظرة إىل الزوج الكفء صاحب الدين‬

‫أسباب املغاالة يف املهور‬


‫واخللق‪ ،‬وربطه بالقدرة املالية وحدها‪.‬‬

‫سيطرة النظرة املادية للزواج حىت أصبح وكأنه‬


‫عقد بيع وشراء عند بعضهم‪ ،‬والرابح فيه من‬
‫يكسب املال الكثري‪.‬‬

‫العادات والتقاليد واألعراف االجتماعية‬


‫اخلاطئة‬

‫رغبة الزوج يف الظهور مبظهر الغين القادر‬

‫‪ -1‬اخلوف على ابنتهم‪ ،‬واحلرص على تأمني مستقبلها‪ ،‬وحتقيق استقرارها‪.‬‬


‫‪ -2‬اجلهل وغياب التصور اإلسالمي الصحيح للمهر‪.‬‬
‫‪ -3‬تغيري النظرة إىل الزوج الكفء صاحب الدين واخللق‪ ،‬وربطه بالقدرة املالية وحدها‪.‬‬
‫‪ -4‬سيطرة النظرة املادية للزواج حىت أصبح وكأنه عقد بيع وشراء عند بعضهم‪ ،‬والرابح‬
‫فيه من يكسب املال الكثري‪.‬‬

‫(‪ )1‬أخرجه أبو داود يف سننه‪ ،‬حديث رقم [‪ ،]2106‬قال األلباين‪ :‬حسن صحيح‪.‬‬

‫‪- 85 -‬‬
‫‪ -5‬العادات والتقاليد واألعراف االجتماعية اخلاطئة؛ كاالغرتار باملظاهر‪ ،‬واحلرص على‬
‫التفاخر‪ ،‬وجماراة اآلخرين‪ ،‬واملباهاة الزائفة‪.‬‬
‫‪ -6‬رغبة الزوج يف الظهور مبظهر الغين القادر(أمام الناس‪ ،‬وأمام أهل الزوجة)‪.‬‬

‫ومن املخالفات أيضا اإلسراف والتبذير يف إقامة الوالئم وتكاليف الزيارات بني أسرة الزوجني‬
‫وكل هذه األمور تثقل كاهل الزوج وليست هي يف صاحل الزوجة‪.‬‬
‫مفاسد المغاالة في المهور‪:‬‬
‫قلة الزواج بسبب العجز عن كلفته‪.‬‬

‫حصول اإلسراف والتبذير احملرمني شرعا‪.‬‬ ‫من مفاسد املغاالة يف املهور‬

‫جشع الويل‬

‫يرتتب على كل ما سبق مفاسد عظيمة منها‪:‬‬


‫‪ -1‬قلة الزواج بسبب العجز عن كلفته‪.‬‬
‫‪ -2‬حصول اإلسراف والتبذير احملرمني شرعا‪.‬‬
‫‪ -3‬جشع الويل بامتناعه من تزويج الكفء الصاحل الذي يظن أنه ال يدفع له صداقا‬
‫كثريا‪ ،‬فيعدل عنه إىل تزويج من يبذل هذه األشياء ولو كان غري مرضي من جهة دينه‬
‫وخلقه(‪.)1‬‬
‫‪ -‬إجبار البالغة على الزواج‪:‬‬
‫من املخالفات يف الزواج أن جيرب الويل املرأة على الزواج‪ ،‬وقد اتفق العلماء على أن البكر‬
‫البالغة تستأذن يف أمر زواجها؛ ألن اهلل جعل الزواج سكنا‪ ،‬ومودة‪ ،‬ورمحة بني األزواج‪،‬‬
‫وإجبار املرأة وإكراهها عليه يتناىف مع هذ املعاين؛ لقول النيب ‪« :‬األمي أحق بنفسها من‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬الزواج وفوائده وآثاره النافعة لعبد اهلل اجلار اهلل‪ ،‬ص‪.43‬‬

‫‪- 86 -‬‬
‫وليها والبكر تستأذن يف نفسها وإذهنا صماهتا»(‪ ،)1‬وإذا كان التشريع اإلسالمي قد جعل‬
‫للمرأة احلق يف فسخ نكاحها باخللع إذا أصبحت كارهة لزوجها‪ ،‬وتكدرت حياهتا الزوجية‪،‬‬
‫فمن باب أوىل أال جيعل ألحد أن جيربها على الزواج وهي كارهة ابتداء(‪.)2‬‬
‫‪ -‬عضل الولي‪:‬‬
‫من املخالفات اليت تقع للمرأة يف الزواج هو عضلها ومنعها من الزواج‪.‬‬
‫‪-‬العضل لغةً‪ :‬يأِت مبعىن املنع واحلبس عن الشيء‪ ،‬يقال‪ :‬عضل املرأة عن الزوج مبعىن‪ :‬منعها‬
‫وحبسها(‪.)3‬‬
‫‪-‬العضل اصطالحاً‪ :‬منع املرأة من التزويج بكفئها إذا طلبت ذلك ورغب كل واحد منهما‬
‫يف صاحبه(‪.)4‬‬
‫حكم العضل‪:‬‬
‫و ّأما حكم العضل فال خالف يف حترميه؛ ألنَّه نوع من الظلم الذي يتناىف ومشروعية الوالية يف‬
‫النِّكاح؛ إذ هي والية نظر وإحسان‪ ،‬ال والية قهر وإذالل واستبداد‪ ،‬ومن األدلّة على حترمي‬
‫العضل ما يلي‪:‬‬
‫َّ‬
‫وه َّن أ ْن‬
‫ض ُل ُ‬
‫م النِساء فبل ْغن أجل ُه َّن فلا ت ْع ُ‬ ‫‪ -1‬قوله تعاىل‪{ :‬و إِذا طل ْق ُت ُ‬
‫وف}(‪.)5‬‬
‫م ِبا ْلم ْع ُر ِ‬‫ي ْن ِك ْحن أ ْزواج ُه َّن إِذا تراض ْوا بيْن ُه ْ‬
‫وه َّن} لألولياء كما اختاره أكثر املفسرين وإليه‬
‫ض ُل ُ‬ ‫فاخلطاب هنا يف قوله تعاىل‪{ :‬فلا ت ْع ُ‬
‫ذهب مجهور الفقهاء(‪.)6‬‬
‫يف هذه اآلية‪ ،‬زوجت‬ ‫ومما يؤكد هذا ما رواه البخاري عن معقل بن يسار‪ ‬قأال‪« :‬نزلت ّ‬
‫أختا يل من رجل فطلقها‪ ،‬فلما انقضت عدهتا جاء خيطبها‪ ،‬فقلت‪ :‬واهلل لن تعود إليك أبدا‬
‫فأنزل اهلل هذه اآلية فقال معقل‪ :‬اآلن أفعل يا رسول اهلل‪ ،‬فزوجها إياه»(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬أخرجه مسلم يف صحيحه برقم [‪.]1421‬‬


‫(‪ )2‬انظر‪ :‬أحكام النكاح لعمر األشقر‪ ،‬ص‪.147‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬لسان العرب ‪ ،451/11‬واملصباح املنري ‪.415/2‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬املغين ‪.383/9‬‬
‫(‪ )5‬سورة البقرة‪ ،‬اآلية (‪.)232‬‬
‫(‪ )6‬انظر‪ :‬الوالية يف النكاح للعويف ‪.140/2‬‬

‫‪- 87 -‬‬
‫(‪)2‬‬
‫حيث هنى النيب ‪ ‬عن الضرر‪ ،‬وال شك أن‬ ‫‪ -2‬حديث‪« :‬ال ضرر وال ضرار»‬
‫العضل ضرر على املرأة‪.‬‬
‫فإذا تحقق العضل من الولي دون سبب مقبول‪ ،‬انتقلت الوالية إلى السلطان لما يأتي‪:‬‬
‫‪ -1‬قول النيب ‪« :‬فإن اشتجروا فالسلطان ويل من ال ويل له»(‪.)3‬‬
‫‪ -2‬ألن الويل قد امتنع ظلما من حق توجه عليه‪ ،‬فيقوم السلطان أو نائبه مقامه إلزالة‬
‫الظلم‪ ،‬كما لو كان عليه دين وامتنع عن قضائه(‪.)4‬‬

‫أسباب العضل‪:‬‬

‫العادات والتقاليد الخاطئة‬

‫أسباب العضل‬

‫طمع الولي‬

‫إن الناظر إىل أسباب العضل جيد أهنا كثرية متشعبة‪ ،‬تتنوع حبسب الزمان‪ ،‬واملكان‪ ،‬واألحوال‬
‫ومن ذلك‪:‬‬
‫‪ -1‬العادات والتقاليد الخاطئة‪:‬‬
‫يعد متسك بعض العائالت حبصر الزواج على عائلة معينة أو قبيلة من األسباب اليت تؤدي‬
‫إىل عضل املرأة من الزواج‪ ،‬وقد يربر بعضهم ذلك بأن مثل هذا األمر فيه مصاحل ملا فيه من‬
‫تقارب بني الزوجني يف العادات والتقاليد‪ ،‬مما يقلل اختالف وجهات النظر بينهما‪ ،‬وإذا ما‬
‫اختلفا كان الصلح سهال وميسورا‪.‬‬

‫(‪ )1‬أخرجه البخاري يف صحيحه برقم [‪.]5130‬‬


‫(‪ )2‬أخرجه ابن ماجة يف سننه برقم [‪ ،]2341 ،2340‬وأخرجه احلاكم‪ ،‬وقتال‪" :‬هتذا حتديث صتحيح اإلستناد علتى‬
‫شرط مسلم" انظر‪ :‬املستدرك على الصحيحني ‪ ،58/2‬وانظر الوالية يف النكاح للعويف ‪.141/2‬‬
‫(‪ )3‬أخرجتته أبتتو داود يف ستتننه بتترقم [‪ ،]2083‬والرتمتتذي بتترقم [‪ ،]1102‬وقتتال‪ :‬حتتديث حستتن‪ ،‬وابتتن ماجتته ب ترقم‪:‬‬
‫[‪.]1879‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬مغين احملتاج ‪ ،153/3‬واملغين ‪ ،384/9‬اإلسالم وبناء اجملتمع‪ ،‬ص‪.157‬‬

‫‪- 88 -‬‬
‫إن تزوج الفتاة من األسر القريبة منها أمر ال مانع منه لتحصيل تلك املنافع‪ ،‬أما املرفوض‬
‫شرعا فهو أن متنع املرأة من الزواج إال من أبناء عمومتها أو قبيلتها مع كراهة الفتاة لذلك‪،‬‬
‫وقد يكون األقارب ال يرغبون يف تلك الفتاة فيبقيها وليها رهن االنتظار إىل أن يتقدم أحدهم‬
‫وقد ال حيدث ذلك‪ ،‬يف الوقت الذي يتقدم فيه العديد من اخلطاب هلا من غريهم‪ ،‬فيؤدي‬
‫ذلك بالفتاة إىل العنوسة‪ ،‬وقلة الفرص يف الزوج املناسب؛ وألجل ذلك وجب على الويل أن‬
‫تكون غايته حتقق مصاحل موليته الدينية‪ ،‬والدنيوية(‪ ،)1‬قال ‪« :‬إذا جاءكم من ترضون دينه‬
‫وخلقه فزوجوه‪ ،‬إال تفعلوا تكن فتنة يف األرض وفساد عريض»(‪.)2‬‬
‫‪ -2‬طمع الولي‪:‬‬
‫إن طمع الويل يف مال موليته يعد سببا من األسباب اليت تدعوه لعضل موليته وذلك من أجل‬
‫استغالل ماهلا‪ ،‬وضمان عدم انتقال ذلك املال آلخر‪ ،‬كأن تكون املرأة موظفة‪ ،‬أو ثرية‪ ،‬أو‬
‫أن يتقاضى الويل ماال ألجل حضانته هلا‪ ،‬وبالتايل مينع الويل هذه املرأة من الزواج بسبب‬
‫الطمع مبا لديها من مال(‪.)3‬‬

‫‪ -‬التزام التزويج وفق الترتيب العمري‪:‬‬


‫من األعراف الشائعة يف بعض أوساطنا االجتماعية رفض الويل تزويج ابنته الصغرى إذا تقدم‬
‫هلا خاطب كفؤ ورضيت به؛ ألن ابنته الكربى مل ختطب بعد‪ ،‬فهو ال يزوج الصغرى قبل‬
‫الكربى‪ ،‬وهذا املسلك خيتاره بعض اآلباء مراعاة لنفسية البنت الكربى‪ ،‬وليس هناك دليل‬
‫شرعي على مراعاة الرتتيب يف الزواج‪.‬‬
‫واحلقيقة أن تأخري زواج الصغرى ألجل الكربى له سلبيات عدة‪ ،‬منها‪:‬‬
‫‪ -1‬إحلاق الضرر بالبنت الصغرى‪ ،‬فالزواج الكفؤ قد ال يتوافر يف كل وقت‪ ،‬فرمبا مينع‬
‫الويل زواج الصغريات قبل الكبريات‪ ،‬ومن مث تكرب الصغريات ويصبحن كلهن عوانس عنده‪.‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬عضل املرأة من النكاح لسهاد البياري‪ ،‬ص‪.62‬‬


‫(‪ )2‬أخرجه الرتمذي يف سننه برقم [‪ ،]1085‬وقال‪ :‬هذا حديث حسن غريب‪.‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬عضل املرأة من النكاح‪ ،‬ص‪.61‬‬

‫‪- 89 -‬‬
‫‪ -2‬إحداث جفوة وفجوة بني األختني‪ ،‬فمآل هذا التصرف أن ال تظفر الكربى بزوج‪،‬‬
‫وحترم الصغرى من الكفؤ الذي ارتضته لنفسها‪.‬‬
‫والواجب على الويل يف مثل هذه احلال أن ينظر لألمور نظرة صحيحة متوازنة‪ ،‬ال يلحق ضررا‬
‫بالصغرى وال بالكربى‪ ،‬فليزوج الصغرى‪ ،‬وليحط الكربى برعايته‪ ،‬وجبو من الدفء واحلنان‪،‬‬
‫ويليب حاجاهتا املادية‪ ،‬كي تشعر أهنا موضع قبول وتقدير‪ ،‬ويبين لديها القناعة والقبول الواعي‬
‫بزواج أختها قبلها‪ ،‬وحيرص على أخذ رأيها يف أمر زواج أختها‪ ،‬بل ويفتح هلا اجملال للمشاركة‬
‫يف جتهيزها وشراء لوازم زواجها‪ ،‬واألكثر أمهية مما سبق أن يسعى إىل تزوجيها وخيتار هلا الرجل‬
‫الصاحل‪ ،‬وخيطبه هلا(‪.)1‬‬

‫اخلالصة‬

‫من املخالفات الشرعية يف الزواج‪ :‬غال املهور يف حفالت الزفاف‪ ،‬وإجبار البالغة‬ ‫•‬
‫على الزواج‪ ،‬وعضل الويل‪ ،‬والتزام التزويج وفق الرتتيب العمري‪.‬‬
‫العضل لغة‪ :‬يأِت مبعىن املنع واحلبس عن الشيء‪ ،‬يقال‪ :‬عضل املرأة عن الزوج مبعىن‪:‬‬ ‫•‬
‫منعها وحبسها‪..‬‬
‫العضل اصطالحا‪ :‬منع املرأة من التزويج بكفئها إذا طلبت ذلك ورغب كل واحد‬ ‫•‬
‫منهما يف صاحبه‪.‬‬
‫حكم العضل‪ :‬ال خالف يف حترميه‪.‬‬ ‫•‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬املرأة واألسرة يف القرآن والسنة للدكتورة نوال العيد والدكتورة شريفة احلازمي‪ ،‬ص‪.161‬‬

‫‪- 90 -‬‬
‫• أسباب العضل‪ :‬العادات والتقاليد اخلاطئة‪ ،‬وطمع الويل‪.‬‬
‫‪ -1‬ناقش املخالفات الشرعية يف الزواج‪ ،‬وأسباهبا‪.‬‬
‫التقويم‬
‫‪ -2‬عرف العضل لغة‪ ،‬واصطالحا‪ ،‬وحكمه شرعا‪ ،‬وأسبابه‪.‬‬

‫‪- 91 -‬‬
‫الموضوع الخامس‬
‫الحقوق الزوجية‬

‫أوال‪ :‬حقوق الزوجة‪:‬‬


‫احلياة الزوجية عالقة محيمة بني الرجل واملرأة‪ ،‬ال جتاريها عالقة‪ ،‬وامليثاق بينهما ميثاق يستحق‬
‫أن يبذل كل منهما ما يف وسعه؛ وألمهية تلك العالقة ولضمان استمرارها‪ ،‬وحلمايتها‬
‫وللمحافظة على ما بني الزوجني من مودة ورمحة‪ ،‬ومن تآلف وتعاطف؛ ألجل ذلك وأكثر‬
‫شرع اهلل عز وجل للزوجني واجبات يقوم هبا كل طرف منهما‪ ،‬هي مبثابة حقوق لكل منهما‬
‫على اآلخر‪.‬‬
‫الحقوق المالية‪:‬‬
‫إذا مت عقد الزواج بشكل صحيح‪ ،‬ترتبت عليه آثار عدة‪ ،‬من أمهها‪ :‬احلقوق والواجبات‬
‫الزوجية املتبادلة‪ ،‬واملشرتكة بني الزوجني‪ ،‬واليت تتنوع ما بني حقوق مادية وأخرى معنوية‪.‬‬
‫وفيما يلي بيان للحقوق املادية للزوجة على زوجها‪ ،‬واليت تتمثل يف املهر والنفقة‪:‬‬

‫‪- 92 -‬‬
‫المهر‪ :‬املهر ويسمى الصداق‪ ،‬نوع من اهلدية املالية الواجبة للزوجة مبقتضى عقد‬ ‫‪-1‬‬
‫النكاح‪ ،‬واملهر وإن مل يكن من أركان عقد الزواج‪ ،‬وال من شروط صحته إال أن اإلسالم‬
‫شرعه‪ ،‬إشعارا ملكانة املرأة‪ ،‬وتطييبا لنفسها‪ ،‬وإعانة هلا ملواكبة فطرهتا‪ ،‬ورغبتها يف التزين‬
‫والتجمل لزوجها‪ ،‬وتوسعة عليها لقضاء وشراء مستلزمات الزوجية‪.‬‬
‫ويف ذلك إبطال ملا كان يفعله أهل اجلاهلية من ظلمها‪ ،‬وأخذ مهرها‪ ،‬فرفع اإلسالم عنها‬
‫هذا اإلصر‪ ،‬وفرض هلا املهر‪ ،‬وجعله حقا هلا على الرجل‪ ،‬ولو عقد عليها بدون مهر فلها‬
‫مهر املثل‪ ،‬واملهر حق هلا‪ ،‬وليس ألحد أن يأخذ شيئا منه إال برضاها واختيارها‪ ،‬قال‬
‫يء ِم ْن ُه ن ْفسا‬
‫م ع ْن ش ْ‬ ‫سبحانه‪{ :‬و ُآتوا النِساء ص ُدقاتِ ِه َّن نِ ْحلة فإِ ْن ِ‬
‫طبْن ل ُك ْ‬
‫وه هنِيئا م ِر يئا}(‪.)1‬‬
‫ف ُك ُل ُ‬
‫ومل حتدد الشريعة حدا لقلته‪ ،‬وال لكثرته‪ ،‬بل تركته حبسب ظروف الناس وعاداهتم‪ ،‬وحثت‬
‫على تيسريه‪ ،‬وعدم املغاالة فيه‪ ،‬والنصوص جاءت كلها تشري إىل أن املهر ميكن أن يكون‬
‫أي شيء له قيمة ولو خامتا من حديد‪ ،‬أو تعليما لكتاب اهلل عز وجل‪ ،‬وما شابه ذلك إذا‬
‫تراضى عليه الزوجان‪.‬‬
‫‪-‬مقدار المهر‪ :‬املهر إما أن يكون متفقا عليه بني الطرفني‪ ،‬ومذكورا يف العقد‪ ،‬فيسمى عند‬
‫الفقهاء بت (املهر املسمى)‪ ،‬أو غري متفق عليه فيجب فيه ما يسمى بت (مهر املثل)(‪.)2‬‬
‫إذا مسي املهر يف العقد‪ ،‬وقدم الزوج املهر‪ ،‬مث فسخ العقد‪ ،‬أو وقع الطالق قبل الدخول أو‬
‫اخللوة الصحيحة فللزوجة نصف املهر‪.‬‬
‫م‬
‫ض ُت ْ‬
‫وه َّن وق ْد فر ْ‬
‫س ُ‬‫وه َّن ِم ْن قبْ ِل أ ْن تم ُّ‬
‫م ُ‬‫والدليل قوله عز وجل‪{ :‬و إِ ْن ط َّل ْق ُت ُ‬
‫م ا ْلأ أ ْن ي ْع ُفون أ ْو ي ْع ُفوا ا َّل ِذي ِبي ِد ِه ُع ْقد ُة‬
‫ض ُت ْ‬
‫ف ما فر ْ‬
‫ص ُ‬
‫ل ُه َّن ف ِر يضة فنِ ْ‬
‫كاح}(‪.)3‬‬
‫النِ ِ‬
‫فهذا نص صريح بأنه وجب هلا نصف املهر إال أن تعفو املرأة عن حقها؛ فيسقط عن الرجل‬
‫نصف املهر أو يعفو هو عن حقه فيكون املهر كامال للمرأة‪.‬‬

‫(‪ )1‬سورة النساء‪ ،‬اآلية (‪.)41‬‬


‫(‪ )2‬انظر‪ :‬املرأة واألسرة يف القرآن والسنة‪ ،‬ص‪187‬‬
‫(‪ )3‬سورة البقرة‪ ،‬اآلية (‪.)237‬‬

‫‪- 93 -‬‬
‫النفقة‪ :‬من واجبات الزوج حنو زوجته أن ينفق عليها ولو كانت موسرة‪ ،‬فقد وضع‬ ‫‪-2‬‬
‫اإلسالم على عاتق الرجل مسئولية اإلنفاق على زوجته وأوالده يف املقام األول‪ ،‬فكما كفل‬
‫اإلسالم للمرأة املهر بداية عرسها؛ فإنه كفل هلا يف أثناء احلياة الزوجية النفقة عليها‪.‬‬
‫فالنفقة املالية‪ ،‬وما يتصل هبا من سكىن‪ ،‬ولباس‪ ،‬وغذاء‪ ،‬وعالج‪ ،‬وسفر‪ ،‬وحنوه مما تستلزمه‬
‫نفقة مثيالت الزوجة يف اجملتمع‪ ،‬محّله اإلسالم الزوج‪ ،‬وكلفه به؛ باعتباره الطرف الذي يتوىل‬
‫شؤون الكسب والسعي والعمل خارج البيت‪ ،‬يف حني صان اإلسالم املرأة عن احلاجة إىل‬
‫النفقة‪ ،‬ومن مث االضطرار إىل بعض األعمال‪ ،‬اليت فيها التبذل يف األسواق‪ ،‬ومزامحة الرجال‪،‬‬
‫وأوكل الشارع احلكيم إليها رعاية شئون بيتها الداخلية‪ ،‬وتدبري أموره‪ ،‬وتنظيمه‪ ،‬وإعداده‬
‫مكانا هادئا هانئا مستقرا جلميع أفراد األسرة‪.‬‬
‫وقد أمرت الشريعة هبذا احلق فأوصت به‪ ،‬وأكدت عليه كما يف قوله تعاىل‪{ :‬وعلى‬
‫(‪)1‬‬
‫ق ُذو‬ ‫وف} ‪ ،‬وقوله سبحانه‪ِ { :‬ل ُي ْن ِف ْ‬ ‫سو ُت ُه َّن ِبا ْلم ْع ُر ِ‬
‫الم ْو ُلو ِد ل ُه ِر ْز ُق ُه َّن و ِك ْ‬
‫ف ال َّل ُه‬
‫اه ال َّل ُه لا ُيك ِل ُ‬
‫ما آت ُ‬
‫ق ِم َّ‬
‫سعة ِم ْن سعتِ ِه وم ْن ُق ِدر عل ْي ِه ِر ْز ُق ُه ف ْل ُي ْن ِف ْ‬
‫ن ْفسا إِ َّلا ما آتاها}(‪.)2‬‬
‫ومن السنة النبوية ما جاء عن معاوية القشريي قال‪ :‬قلت‪ :‬يا رسول اهلل ما حق زوجة أحدنا‬
‫عليه قال‪« :‬أن تطعمها إذا طعمت‪ ،‬وتكسوها إذا اكتسيت – او اكتسبت – وال تضرب‬
‫الوجه‪ ،‬وال تقبح‪ ،‬وال هتجر إال يف البيت»(‪ ،)3‬وكذلك قوله ‪ ‬يف حجة الوداع‪« :‬وهلن‬
‫عليكم رزقهن وكسوهتن باملعروف»(‪ ،)4‬وورد التحذير من اإلخالل بالنفقة يف قوله ‪« :‬‬
‫(‪)6( )5‬‬
‫كفى باملرء إمثا أن يضيع من يقوت» ‪.‬‬

‫(‪ )1‬سورة البقرة‪ ،‬اآلية (‪.)233‬‬


‫(‪ )2‬سورة الطالق‪ ،‬اآلية (‪.)7‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه أبو داود يف سننه‪ ،‬حديث رقم [‪ ،]2142‬وقال األلباين‪ :‬حسن صحيح‪.‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه مسلم يف صحيحه‪ ،‬حديث رقم [‪.]1218‬‬
‫(‪ )5‬أخرجه أبو داود يف سننه عن ابن عمرو ‪ ، ‬حديث رقم [‪ ،]1692‬وصحح إسناده شعيب األرناؤوط‪.‬‬
‫(‪ )6‬انظر‪ :‬املرأة واألسرة يف القرآن والسنة‪ ،‬ص‪188‬‬

‫‪- 94 -‬‬
‫وقد وعد اهلل الزوج على هذه النفقة أجرا كبريا‪ ،‬ترغيبا للرجل يف احملافظة عليها وعدم‬
‫اإلخالل هبا‪ ،‬ففي احلديث‪« :‬إنك لن تنفق نفقة تبتغي هبا وجه اهلل إال أجرت عليها حىت ما‬
‫جتعل يف فم امرأتك»(‪.)1‬‬
‫متى تجب نفقة الزوجية؟‬
‫جيب على الزوج النفقة من حني الدخول بالزوجة يف مسكن الزوجية‪ ،‬وليس مبجرد العقد فإنه‬
‫إذا عقد عليها‪ ،‬ومل يدخل هبا ال زالت النفقة على أبيها أو وليها‪.‬‬
‫أسباب سقوط وجوب النفقة‪:‬‬
‫تسقط نفقة الزوجة بأسباب منها‪:‬‬
‫‪ -1‬إذا امتنعت الزوجة عن متكني زوجها من حقه الشرعي يف معاشرهتا‪ ،‬أو حبست عنه‬
‫حبيث ال ميكن للزوج أن يستمتع معها‪ ،‬فالنفقة وإن كانت واجبة فإن االستمتاع حق للزوج‬
‫إذا فقد ومل يتمكن منه سقطت النفقة‪.‬‬
‫‪ -2‬إذا نشزت الزوجة على زوجها باالمتناع عن طاعته‪ ،‬وهجران فراشه والنشوز يف اللغة‪:‬‬
‫مأخوذ النشز‪ ،‬وهو املكان املرتفع من األرض فكأن املرأة ارتفعت عن زوجها وصارت عصية‪.‬‬
‫‪ -3‬إذا سافرت الزوجة حلاجتها ال حلاجة زوجها؛ فإنه ال جيب عليه اإلنفاق عليها مدة‬
‫سفرها اخلاصة هبا‪ ،‬وإن كانت نفقته عليها واحلال هذه من باب اإلكرام والتودد والرب‬
‫واملعاشرة باملعروف‪ ،‬أما إذا سافرت حلاجته فالنفقة واجبة عليه‪.‬‬

‫حكم تعجيل النفقة‪:‬‬


‫جيوز تعجيل النفقة كأن يعطي الرجل زوجه نفقة سنة مقدما‪ ،‬ومن غاب عنها زوجها‪ ،‬ومل‬
‫يرتك هلا نفقة‪ ،‬أو كان حاضرا ومل ينفق عليها؛ لزمته النفقة عما مضى؛ ألنه دين يف عنقه‪ ،‬هلا‬
‫أن تطالبه به‪ ،‬وإن أعسر فبعد اليسار يعوضها عما فات‪.‬‬
‫امتناع الزوج عن اإلنفاق‪:‬‬

‫(‪ )1‬أخرجه البخاري يف صحيحه عن سعد بن أيب وقاص‪ ،‬حديث رقم [‪.]56‬‬

‫‪- 95 -‬‬
‫قضت القواعد الشرعية بوجوب إنفاق الزوج على زوجته‪ ،‬وأنه ال حيل له العدول عنه مهما‬
‫كان‪ ،‬ولكن بعض األزواج ممن ال خالق هلم وال ضمري يردعهم‪ ،‬تسيطر عليه أهواؤه‪ ،‬وتسول‬
‫له نفسه األمارة بالسوء‪ ،‬أن يقصر يف هذا الواجب الشرعي؛ لضعف دينه‪ ،‬وقلة إميانه‪.‬‬
‫ولكن الشريعة الغراء مل ترتك ذلك بدون أن تضع حال جذريا؛ فإن الزوج إن امتنع عن‬
‫اإلنفاق على زوجته فإن األمر ال خيلو من أن يكون موسرا أو معسرا؛ فإن كان موسرا فإن‬
‫حاله ال خيلو من أحد أمرين‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يكون له مال ظاهر معروف‪ ،‬فإن قدرت الزوجة على ماله أخذت منه قدر‬
‫كفايتها بغري إذنه؛ ألن النيب ‪ ‬قال هلند ك زوجة أيب سفيان ‪ ‬عندما شكت إليه ُشح‬
‫زوجها‪« :‬خذي ما يكفيك وولدك باملعروف»(‪.)1‬‬
‫وإذا مل تقدر الزوجة على األخذ منه‪ ،‬فلها أن ترفع أمرها إىل القاضي‪ ،‬وتطلب فرض النفقة‪،‬‬
‫فإن قام بالنفقة فهو املطلوب‪ ،‬وإن أىب ُحبس فإن صرب على احلبس أخذ احلاكم النفقة من‬
‫ماله إن كان من جنس النفقة‪ ،‬وإن كان من غري جنسها كالعروض والعقار‪ ،‬فإن اجلمهور‬
‫يرون أن املال يباع لتدفع النفقة منه للزوجة على قدر كفايتها وألن النيب ‪ ‬قال هلند‪:‬‬
‫«خذي ما يكفيك»(‪ ،)2‬ومل يفرق ‪ ‬بني مال ومال‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يكون الزوج معسرا‪ ،‬واملعسر هو العاجز الذي ال يستطيع الوفاء لزوجته مبا أوجبه‬
‫اهلل هلا من نفقة شرعية بأي وجه من الوجوه‪ ،‬وهنا ينبغي على الزوجة أن تصرب وحتتسب‪،‬‬
‫وتعني زوجها مبا تستطيع‪ ،‬حىت يفرج اهلل عنه كربه‪ ،‬ويوسع رزقه‪.‬‬
‫نفقة المطلقة‪:‬‬
‫على الزوج أن ينفق على زوجته إذا طلقها طالقا رجعيا؛ ألهنا ما زالت يف عصمته أما إذا‬
‫طلقها طالقا بائنا‪ ،‬فال نفقة هلا وال سكىن؛ حلديث فاطمة بنت قيس ك عندما طلقها‬
‫زوجها البتة – يعين ثالثا – فقال هلا النيب ‪« :‬ال نفقة وال سكىن»(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬أخرجه البخاري يف صحيحه‪ ،‬حديث رقم [‪.]5364‬‬


‫(‪ )2‬أخرجه البخاري يف صحيحه برقم [‪.]5364‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه البزار يف مسنده‪ ،‬حديث رقم [‪.]4830‬‬

‫‪- 96 -‬‬
‫وأما إذا كانت الزوجة حامال فإنه لو طلقها الطلقة األخرية فلها النفقة؛ ألجل اجلنني الذي‬
‫يف بطنها‪ ،‬الذي هو ولده‪ ،‬وهو مكلف باإلنفاق عليه‪ ،‬وال ميكن فصل الولد عن األم؛ ألهنما‬
‫مل فأ ْن ِف ُقوا عليْ ِه َّن ح َّتى يض ْعن‬ ‫زال يف بطنها قال عز وجل‪{ :‬و إِ ْن ُك َّن ُأولا ِ‬
‫تح ْ‬
‫ح ْمل ُه َّن}(‪ ،)1‬فإذا هلا سكىن‪ ،‬وهلا نفقه طيلة محلها‪ ،‬حىت ولو كان الطالق مبتوتا بالثالث‪.‬‬
‫الحقوق المعنوية‪:‬‬
‫إن من عوامل النجاح يف احلياة الزوجية التميز يف معرفة حاجيات الطرف اآلخر املادية‬
‫واملعنوية وهي حقوق كل طرف منهما على اآلخر(‪.)2‬‬
‫ومن الحقوق المعنوية للزوجة على زوجها‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬المعاشرة بالمعروف‪:‬‬
‫إنك لتعجب حني ترى بعض الرجال يرى أنه أعطى املرأة حقها حني أطعمها‪ ،‬وكساها‪،‬‬
‫وأسكنها‪ ،‬وهو مل يرع يوما نفسيتها‪ ،‬ومل يتفهم أبدا حاجتها املعنوية‪ ،‬ومتطلباهتا النفسية وهو‬
‫ال يقبل باستشارهتا يف أموره‪ ،‬وال يتلطف معها يف أوامره‪ ،‬بل قد يقرن أوامره بالتعايل أحيانا‪.‬‬
‫املرأة عاطفة تتدفق‪ ،‬ومشاعر تتألق‪ ،‬شبهها النيب ‪ ‬بالقوارير يف الرقة واللطافة وضعف البنية‬
‫حني قال‪« :‬رويدك يا أجنشة سوقك بالقوارير»(‪ )3‬وذلك لسرعة تأثرهن‪.‬‬
‫ولكي تسعد األسرة كلها وليتحول البيت إىل جنة وادعة‪ ،‬راعى اإلسالم هذا اجلانب يف‬
‫املرأة فأشبعه‪ ،‬فهي سكن الزوج‪ ،‬وحمضن الولد‪ ،‬وقد أمر اهلل عز وجل بالرفق هبا‪ ،‬ومراعاة‬
‫مشاعرها‪ ،‬ورهافة حسها‪ ،‬وقد أكد اإلسالم على ذلك قوال وعمال من خالل هدي الكتاب‬
‫والسنة يف كيفية التعامل مع الزوجات‪ ،‬وقد بينا سابقا صورا من املعاشرة احلسنة يف وسائل‬
‫حتقيق املودة‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬الغيرة والحماية‪:‬‬
‫الغرية على الزوجة من عالمات حمبتها‪ ،‬ودالئل رفعة مكانتها إذ الزوج يريد أن يكون وحيدا‬
‫يف احلظوة لديها‪ ،‬واالستمتاع جبماهلا وخصاهلا‪ ،‬ولكن ينبغي أن تكون الغرية باعتدال بعيدا‬

‫(‪ )1‬سورة الطالق‪ ،‬اآلية (‪.)6‬‬


‫(‪ )2‬انظر‪ :‬املرأة واألسرة يف القرآن والسنة‪ ،‬ص‪.191-189‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه البخاري يف صحيحه عن أنس ‪ ، ‬حديث رقم [‪.]6210‬‬

‫‪- 97 -‬‬
‫عن سوء الظن‪ ،‬وتصيد األخطاء‪ ،‬فليس املقصود هنا إحصاء العيوب‪ ،‬وتقصي العثرات؛ ألن‬
‫ذلك ينغص احلياة الزوجية‪ ،‬وإذا بلغ األمر إىل الشك والريبة واالهتام؛ فإن ذلك مرض خطري‬
‫رمبا أدى إىل تدمري احلياة الزوجية‪.‬‬
‫وقد جاء بيان الغرية احملمودة واملذمومة يف حديث النيب ‪ ‬حيث قال‪« :‬فأما الغرية اليت حيب‬
‫اهلل عز وجل فالغرية يف الريبة‪ ،‬وأما الغرية اليت يبغض اهلل عز وجل فالغرية يف غري ريبة»(‪.)1‬‬
‫ثالثاً‪ :‬عدم اإلضرار واإليذاء‪:‬‬
‫ومن صور إيذاء الزوجة‪:‬‬
‫الهجر والغياب‪ :‬فاإلضرار بالزوجة حيصل بغياب طويل للزوج عنها؛ أو هبجر طويل‬ ‫أ‪-‬‬
‫منه هلا يف الفراش؛ ألن ذلك فيه تضييع حلقها‪ ،‬وتعريضها للفنت‪ ،‬وقد سأل عمر ‪ ‬ابنته‬
‫حفصة ك فقال‪ :‬يا بنية‪ .‬كم تصرب املرأة على زوجها؟ فقالت‪ :‬سبحان اهلل مثلك يسأل مثلي‬
‫عن هذا؟ فقال‪ :‬لوال أين أريد النظر للمسلمني ما سألتك‪ .‬قالت‪َ :‬خسة أشهر‪ .‬ستة أشهر‬
‫فوقت للناس يف مغازيهم ستة أشهر يسريون شهرا‪ ،‬ويقيمون أربعة ويسريون شهرا راجعني(‪.)2‬‬
‫وقد جعل اهلل يف املعاشرة الزوجية أجرا كما يف احلديث‪« :‬ويف بضع أحدكم صدقة » قالوا‪:‬‬
‫يا رسول اهلل أيأِت أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال‪ « :‬أرأيتم لو وضعها يف حرام‬
‫أكان عليه فيها وزر؟ فكذلك إذا وضعها يف احلالل كان له أجر» (‪.)3‬‬
‫ب‪ -‬اإلضرار الجنسي‪ :‬يدخل يف باب اإلضرار اجلنسي بالزوجة أن يعجل الزوج زوجته‬
‫بعد أن يقضي حاجته منها‪ ،‬وقبل أن تقضي حاجتها منها ففي احلديث‪« :‬إذا جامع أحدكم‬
‫فليصدقها‪ ،‬مث إذا قضى حاجته قبل أن تقضي حاجتها فال يتُ ْع ِجلها حىت تقضي‬
‫ُ‬ ‫أهله‬
‫حاجتها»(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬أخرجه النسائي‪ ،‬حديث رقم [‪ ،]2558‬وحسنه األلباين‪.‬‬


‫(‪ )2‬انظر‪ :‬املغين ‪ ،31/7‬تاريخ املدينة ‪.403/1‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه مسلم برقم [‪.]1006‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه أبو يعلى‪ ،‬حديث رقم [‪.]4201‬‬

‫‪- 98 -‬‬
‫ومن اإليذاء هلا إتياهنا يف غري موضع احلرث أو يف أثناء حيضها‪ ،‬وكل ذلك حمرم‪ ،‬قال اهلل‬
‫المتط ِه ِر ين}(‪ ،)1‬وهو أمر تنفر منه الفطرة‬
‫ب ُ‬ ‫تعاىل‪ { :‬إِ َّن هللا ُي ِح ُّ‬
‫ب ال َّت َّوا ِبين و ُي ِح ُّ‬
‫السليمة‪ ،‬ويأباه الطبع السوي‪ ،‬فمواقعة املرأة أثناء احليض تسبب كثريا من األمراض للرجل‬
‫واملرأة على حد سواء‪ ،‬وال غرو فإن اهلل ال حيرم على عباده إال ما كان خبيثا‪.‬‬
‫ولنتأمل يف عادة اليهود ومن قلدهم من العرب يف اجلاهلية أهنم ال يؤاكلون احلائض‪ ،‬وال‬
‫يساكنوها‪ ،‬فنهى اإلسالم عن ذلك كما حرم إتيان احلائض ومسح بالتمتع مبا دون الفرج‬
‫فكان دين اإلسالم دين الوسطية‪ ،‬وخري األمور أوسطها فحفظ صحة املرأة اجلسمية والنفسية‬
‫حني منع من وطئها‪ ،‬وكذا حني أباح مباشرهتا فيما دون الفرج‪.‬‬
‫ومن اإلضرار بالزوجة العزل عنها دون رضاها‪ ،‬فاإلسالم وإن قد أباح العزل لكنه شرط إذن‬
‫الزوجة فعن عمر بن اخلطاب ‪ ‬أن النيب ‪« :‬هنى عن العزل عن احلرة إال بإذهنا » (‪)2‬؛‬
‫ألن هلا يف الولد حقا‪ ،‬وعليها يف العزل ضرر‪ ،‬فلم جيز إال بإذهنا؛ وألن يف العزل تفويتا لكمال‬
‫لذهتا‪ ،‬وهلا حق يف اجلماع كالرجل فاشرتط إذهنا‪.‬‬
‫ومن هنا يظهر لنا حرص اإلسالم على حفظ حق املرأة ليس فيما حيمي حياهتا فحسب بل‬
‫وفيما تكتمل به سعادهتا ومتعتها‪.‬‬
‫إفشاء األسرار الزوجية‪ :‬ومن اإلضرار بالزوجة إفشاء األسرار اخلاصة بينها وبني‬ ‫ج‪-‬‬
‫زوجها‪ ،‬والواجب على الزوجني كليهما عدم فعل ذلك؛ رعاية ألمانة‪ ،‬وحفظا للسر‪ ،‬وتقديرا‬
‫للخصوصية‪ ،‬فإن من حق كل زوج من الزوجني على اآلخر أال حيدث مبا حيصل بينهما‪.‬‬
‫ففي احلديث‪« :‬إن من أشر الناس عند اهلل منزلة يوم القيامة‪ ،‬الرجل يفضي إىل امرأته‪،‬‬
‫وتفضي إليه مث ينشر سرها»(‪.)3‬‬
‫فلتهنأ املسلمات بشرع رب العاملني‪ ،‬الذي ضمن هلن أسرار املعاشرة‪ ،‬وحفظ كرامتهن‪،‬‬
‫وليفتخرن بذلك على غريهن من نساء الشرق والغرب‪.‬‬

‫(‪ )1‬سورة البقرة‪ ،‬اآلية (‪.)222‬‬


‫(‪ )2‬أخرجه أمحد يف املسند‪ ،‬حديث رقم [‪.]212‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه مسلم يف صحيحه‪ ،‬حديث رقم [‪.]1437‬‬

‫‪- 99 -‬‬
‫حقوق الزوج‬
‫كما أن للزوجات حقوقا على أزواجهن ناقشناها سابقا فإن اإلسالم أوجب على الزوجات‬
‫أمورا هي حقوق لألزواج عليهن‪ ،‬على املرأة املسلمة أن تأخذ هبا يف حياهتا مع زوجها لتستقر‬
‫حياهتا وتنعم حبياة طيبة‪ ،‬مليئة باحلب والتقدير واالحرتام والعطاء ومن تلك احلقوق اليت جتب‬
‫للرجل على زوجته‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬القوامة والطاعة في المعروف‪:‬‬
‫ينشأ البشر عادة على شكل مجاعات‪ ،‬وكل جتمع بشري حيتاج إىل رئيس يسوس أموره‪،‬‬
‫وينظم شئونه‪ ،‬مهما بلغ ذلك اجملتمع من الرقي‪ ،‬ومهما بلغ من الدميوقراطية والشورى‪ ،‬وسواء‬
‫صغر ذلك اجملتمع أو كرب فإنه ينبغي أن حيمل راية القيادة فيه شخص واحد فقط؛ ألن تعدد‬
‫الرؤساء يؤدي إىل صراعات ونزاعات‪ ،‬تنتهي ببقاء واحد فقط على رأس اهلرم‪.‬‬
‫ويف األسرة بوصفها أحد التجمعات البشرية جعلت القيادة بيد الرجل‪ ،‬وكلّف حبملها يف قول‬
‫م على‬ ‫َّ‬ ‫اهلل عز وجل‪ِ { :‬‬
‫ضل الل ُه ب ْعض ُه ْ‬
‫امون على النِسا ِء ِبما ف َّ‬ ‫ال ق َّو ُ‬‫الرج ُ‬
‫ب ْعض و ِبما أ ْنف ُقوا ِم ْن أ ْموا ِل ِه ْم}(‪.)1‬‬
‫معنى القوامة‪:‬‬
‫‪-‬القوامة في اللغة‪ :‬تأِت القوامة يف اللغة ملعاين عدة منها‪ :‬احملافظة واإلصالح‪ ،‬ومنه قوله عز‬
‫امون على النِسا ِء}(‪.)2‬‬ ‫ال ق َّو ُ‬ ‫وجل { ِ‬
‫الرج ُ‬
‫جين‪ :‬قيّم املرأة‪ :‬زوجها؛ ألنه يقوم بأمرها‪ ،‬وما حتتاج إليه‪ ،‬وقام الرجل‬
‫قال أبو الفتح ابن ّ‬
‫على املرأة‪ :‬صاهنا(‪.)3‬‬
‫‪-‬القوامة في االصطالح‪ :‬والية‪َّ ،‬‬
‫يفوض مبوجبها الزوج تدبري شئون زوجته‪ ،‬والقيام مبا‬
‫يصلحها‪.‬‬
‫ويصور أعداء الدين واجلهلة به (القوامة) يف شريعة اإلسالم على أهنا تسلط الرجل على‬
‫املرأة‪ ،‬وأهنا بعض خملفات عهد استعباد النساء‪ ،‬ويرون أن تفرد الرجل بالسلطة مل يعد مقبوال‬

‫(‪ )1‬سورة النساء‪ ،‬اآلية (‪.)34‬‬


‫(‪ )2‬سورة النساء‪ ،‬اآلية (‪.)34‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬لسان العرب‪ ،‬مادة قوم‪.‬‬

‫‪- 100 -‬‬


‫يف زمان يقولون إن املرأة استعادت فيه مكانتها االجتماعية‪ ،‬ونالت أعلى الشهادات‪،‬‬
‫واكتسبت خربة واسعة يف احلياة‪.‬‬

‫والحق أن القوامة في اإلسالم تكليف ال تشريف‪ ،‬ورعاية ال تسلط‪.‬‬

‫مراعاة الطبيعة البشرية‬

‫الحكمة في جعل القوامة بيد‬


‫فطرة المرأة السوية‬
‫الرجل دون المرأة‬

‫خصائص الرجل‬

‫‪ -1‬مراعاة الطبيعة البشرية‪ :‬إذن إن مهام القوامة تستلزم تغليب العقل على العاطفة‪،‬‬
‫والتأين يف االنفعال‪ ،‬والدقة يف االستجابة‪ ،‬وهذا موافق لطبائع الرجل دون املرأة‪ ،‬اليت ِ‬
‫وهبت‬
‫من الصفات ما يناسب مهام األمومة‪ ،‬من سرعة استجابة للمثريات‪ ،‬وغلبة العاطفة‪ ،‬فلو‬
‫جعلت القوامة هلا مع طبيعتها العاطفية وسرعة تأثرها‪ ،‬لكان يف ذلك ضرر على األسرة‪.‬‬
‫فطرة المرأة السوية‪ :‬حتتاج املرأة عادة إىل قوة تستند إليها‪ ،‬وتشعر معها باألمان‪،‬‬ ‫‪-2‬‬
‫ومىت شعرت بتخلي زوجها عن القوامة فقدت سعادهتا وأمنها‪ ،‬فاملرأة تستشعر احلاجة إىل‬
‫القوامة من الناحية الواقعية‪ ،‬بل جتد قمة السعادة مع زوجها هبا‪ ،‬ويف املقابل جيد الرجل‬
‫السعادة عندما يشعر باحتياج املرأة إليه‪ ،‬وامتالكه قوى الرعاية واحلماية هلا‪.‬‬
‫خصائص الرجل‪ :‬فالنفقة اليت أوجبها اهلل على الرجل ربطها باخلصائص اليت متيز‬ ‫‪-3‬‬
‫الرجل‪ ،‬وبالنفقة اليت يتحملها وجوبا‪ ،‬وهذان السببان منصوص عليهما يف قول اهلل عز وجل‬

‫‪- 101 -‬‬


‫م على ب ْعض و ِبما‬ ‫َّ‬
‫ضل الل ُه ب ْعض ُه ْ‬
‫امون على النِسا ِء ِبما ف َّ‬ ‫ال ق َّو ُ‬‫الرج ُ‬
‫{ ِ‬
‫أ ْنف ُقوا ِم ْن أ ْموا ِل ِه ْم}(‪.)1‬‬
‫وعلى الزوجة مهما بلغت من علم وثقافة‪ ،‬ومنصب وسلطان‪ ،‬عليها أن تسلم مببدأ قوامة‬
‫الزوج عليها‪ ،‬وتتوافق معه على االستجابة لقيادته لألسرة‪ ،‬فيما يوافق الشرع وحيقق املصلحة‪،‬‬
‫وال تصطدم معه يف الرأي‪ ،‬ولتهتم يف مناقشاهتا معه بأن تتبادل األفكار معه تبادال فعليا‪ ،‬وال‬
‫تسعى الستقطاهبا استقطابا مدمرا‪.‬‬
‫والشريعة أمرت الزوجة بطاعة زوجها يف املعروف؛ تيسريا للرجل‪ ،‬وإعانة له على محل هذه‬
‫ت امل ْرأةُ‬ ‫ول اللَّ ِه ‪« :‬إِذأا صلَّ ِ‬
‫األمانة‪ ،‬وأداء ذلك التكليف‪ ،‬أع ْن أِأيب ُهأريْتأرةأ قأ أال‪ :‬قأ أال أر ُس ُ‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫اب اجلأن َِّة‬
‫أي أبْتو ِ‬ ‫صنأت فأترجها‪ ،‬وأطأاعت بتعلأها دخلأ ِ‬
‫ت م ْن أ ِّ أ‬
‫ت أش ْهأرأها‪ ،‬أو أح َّ ْ ْ أ أ أ أ ْ أ ْ أ أ أ ْ‬ ‫ص أام ْ‬
‫َُخُ أس أها‪ ،‬أو أ‬
‫(‪)2‬‬
‫ت»‬
‫أشاءأ ْ‬
‫ثانياً‪ :‬التمكين من المعاشرة الزوجية‪:‬‬
‫ينبغي أن تستحضر الزوجة دائما أن رضا زوجها عنها من أسباب دخوهلا اجلنة‪ ،‬وأن عليها‬
‫أن جتتهد يف أداء حقوقه الشرعية‪ ،‬بالقدر الذي حترص فيه على دخول اجلنة‪ ،‬فعن أم سلمة‬
‫ك قالت‪ :‬قال رسول اهلل ‪« :‬أميا امرأة ماتت وزوجها عنا راض دخلت اجلنة»(‪.)3‬‬
‫ومن حقوق الزوج اليت عليها مراعاهتا‪ ،‬أن متكنه من املعاشرة الزوجية‪ ،‬وقضاء الوطر مىت‬
‫أرادها وعلى الفور؛ إذ إن ذلك مقصد من مقاصد النكاح‪ ،‬فعن أيب هريرة ‪ ‬قال‪ :‬قال‬
‫رسول اهلل ‪« :‬والذي نفسي بيده ما من رجل يدعو امرأته إىل فراشه فتأىب عليه إال كان‬
‫الذي يف السماء ساخطا عليها حىت يرضى عنها»(‪.)4‬‬
‫و حيسن التنبيه هنا بأن هذا اإلمث مقيد حبال غضب الزوج كما أن اإلمث يرتفع عن املرأة يف‬
‫حاالت منها إذا كان الزوج ناشزا ومل يقم حبق الزوجة أو كان لدى الزوجة عذر شرعي‬
‫كمرض‪ ،‬أو علة نفسية أو حنو ذلك‪.‬‬

‫(‪ )1‬سورة النساء‪ ،‬اآلية (‪.)34‬‬


‫(‪ )2‬اخرجه ابن حبان يف صحيحه‪ ،‬حديث رقم [‪ ]4163‬وقال األلباين‪ :‬حسن لغريه‪.‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه الرتمذي يف سننه‪ ،‬حديث رقم [‪.]1161‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه مسلم يف صحيحه حديث رقم [‪.]1436‬‬

‫‪- 102 -‬‬


‫إن املرأة احلصيفة تسعى إلعفاف زوجها‪ ،‬وجذب اهتمامه إليها‪ ،‬وغض بصره‪ ،‬وحفظ فرجه‬
‫بشىت السبل؛ إذ هي بذلك تضمن لنفسها سعادة الدارين بإذن اهلل‪.‬‬
‫وتأكيدا لعظم هذا احلق‪ ،‬وأمهيته يف استقرار احلياة الزوجية‪ ،‬وحصول اإلعفاف‪ ،‬وقوة احملبة‬
‫واملودة بني الزوجني فإن الشرع جعل للزوج أن مينع زوجته من نوافل العبادات‪ ،‬كصيام‬
‫التطوع‪ ،‬وحج التطوع؛ ألن حقه واجب عليها فال جيوز مزامحة هذا احلق بانشغاهلا بنوافل‬
‫العبادات‪ ،‬يقول ‪« :‬ال حيل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إال بإذنه»(‪.)1‬‬
‫ومىت فقهت املرأة األولويات‪ ،‬تبني هلا أن أداء الواجب – طاعة الزوج – مقدم على أداء‬
‫نوافل العبادات‪ ،‬كما أن على الزوج أن يراعي ظروف زوجته النفسية والبدنية وأحواهلا‪ ،‬وال‬
‫يتعسف يف حتصيل حقه يف كل األحوال والظروف‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬حفظه في نفسها وماله وبيته‪:‬‬
‫ينبغي للزوجة أن تراعي حق زوجها فتحفظه يف نفسها‪ ،‬كما حتفظه يف ماله وبيته‪ ،‬وقد أثىن‬
‫حات قانِتات حا ِفظات‬ ‫ُ‬ ‫اهلل على الزوجات احلافظات ألزواجهن فقال‪{ :‬فال َّ‬
‫صا ِل‬
‫ب ِبما ح ِفظ ال َّل ُه}(‪ ،)2‬واملرأة الصاحلة األمينة هي خري خليفة للزوج على ماله وبيته‬
‫ِل ْلغيْ ِ‬
‫ونفسها‪ ،‬وقد حثها النيب ‪ ‬على هذا بقوله‪« :‬واملرأة راعية يف بيت زوجها‪ ،‬ومسؤولة عن‬
‫رعيتها»(‪.)3‬‬
‫وهنا بيان هلذا احلفظ بإجياز‪:‬‬
‫‪ -1‬حفظه في نفسها‪:‬‬
‫حفظ الزوجة لزوجها يف نفسها شامل؛ لعدم ارتكاهبا املخالفات الشرعية بشكل عام‪،‬‬
‫واملخالفات املتعلقة بالسمعة والشرف بشكل خاص‪ ،‬ومن صور ذلك‪:‬‬
‫أ‪ -‬على الزوجة أن حتفظه يف نفسها؛ بأن تبتعد عن مواطن الريبة‪ ،‬وجتتنب األماكن‬
‫املشبوهة‪ ،‬اليت فيها منكرات‪ ،‬كما حتفظه يف غيابه يف عرضه ومسعته‪ ،‬فال تتربج‪ ،‬وال تعرض‬

‫(‪ )1‬أخرجه البخاري يف صحيحه‪ ،‬حديث رقم [‪.]5195‬‬


‫(‪ )2‬سورة النساء‪ ،‬اآلية (‪.)34‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه البخاري‪ ،‬حديث رقم [‪.]893‬‬

‫‪- 103 -‬‬


‫نفسها للفتنة‪ ،‬وال تقف مواقف الشبهة‪ ،‬من باب أوىل أال ترتكب أي شكل من أشكال‬
‫العالقة احملرمة مع غريه‪.‬‬
‫ولك أن تتصوري الفرق بني حال زوج يغيب عن بيته‪ ،‬وهو يعلم أن فيه زوجة صاحلة‪،‬‬
‫يطمئن إليها‪ ،‬ويعلم أهنا لن تأِت مبا يسيء إليه وإليها يف الشرف والسمعة‪ ،‬وآخر خيرج من‬
‫بيته‪ ،‬ويف داخله شكوك وظنون وخوف على ماله وبيته‪ ،‬من زوجة ال حتفظ نفسها وال تعرف‬
‫لزوجها قدرا‪.‬‬
‫حات قانِتات‬ ‫ُ‬ ‫ب‪ -‬على الزوجة أن حتفظ زوجها يف دينه وسره قال عز وجل‪{ :‬فال َّ‬
‫صا ِل‬
‫ب ِبما ح ِفظ ال َّل ُه }(‪ ،)1‬فعليها أن تعني زوجها على االلتزام بدينه‪،‬‬ ‫حا ِفظات ِل ْلغيْ ِ‬
‫وتربية أسرته على ذلك‪ ،‬وأال تكون فتنة لزوجها‪ ،‬أو معوقة له عن فعل اخلري‪ ،‬أو مثبطة له عن‬
‫أح ُد ُك ْم قأت ْلبا أشاكِرا‪ ،‬أولِ أسانا ذأاكِرا‪ ،‬أوأزْو أجة ُم ْؤِمنأة‪،‬‬ ‫ِ ِ‬
‫ابتغاء األجر‪ ،‬فقد قال النيب ‪« :‬ليأتَّخ ْذ أ أ‬
‫تُعِني أأح أد ُكم علأى أأم ِر ِ‬
‫اآلخأرةِ»(‪.)2‬‬ ‫ُ أ ْ أ ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ض أح ِيف أو ْج ِه أها‬ ‫ت‪ ،‬نأ أ‬ ‫ظ ْامأرأأتأهُ‪ ،‬فأِإ ْن أأبأ ْ‬
‫صلَّى‪ ،‬أوأيْت أق أ‬
‫وقال ‪ « :‬أرح أم اللَّهُ أر ُجال قأ أام م أن اللَّْي ِل فأ أ‬
‫ت ِيف أو ْج ِه ِه‬‫ض أح ْ‬ ‫ت أزْو أج أها‪ ،‬فأِإ ْن أ أأىب‪ ،‬نأ أ‬ ‫ت‪ ،‬أوأيْت أقظأ ْ‬ ‫صلَّ ْ‬
‫املاء‪ ،‬رِحم اللَّه امرأأة قأام ِ‬
‫ت م أن اللَّْي ِل فأ أ‬‫أ أ أ ُ ْأ أ ْ‬
‫املاء»(‪.)3‬‬
‫أ‬
‫ج‪ -‬من حفظ الزوجة لزوجها أال تقبل أن توحي له يبدأ حياته معها مبعصية اهلل عز وجل‬
‫ورسوله ‪ ‬يف أهله‪ ،‬فيعق والدية‪ ،‬ويقطع رمحه من أجل رضاها؟ وهو ما أنبأ عنه النيب ‪‬‬
‫عن تغيري حال املسلمني وأخالقهم يف املستقبل‪ ،‬فأخرب عن ذلك الزمان بقوله‪« :‬وأطاع‬
‫الرجل زوجته وعق أمه‪ ،‬وبر صديقه‪ ،‬وجفا أباه»(‪.)4‬‬
‫د‪ -‬ومن حفظها لزوجها رعاية كرامته وشعوره‪ ،‬فال يرى منها إال ما حيب‪ ،‬وال يسمع‬
‫منها إال ما يرضي‪ ،‬وال يقابل منها مبا يكره‪ ،‬فالزوجة الصاحلة هي الزوجة ذات اخللق الراقي‪،‬‬
‫والتع امل اهلادي‪ ،‬ال ترفع صوتا‪ ،‬وال تؤذي زوجا‪ ،‬بل تتحبب إليه‪ ،‬وتبتعد عن مساخطه‪،‬‬

‫(‪ )1‬سورة النساء‪ ،‬اآلية (‪.)34‬‬


‫(‪ )2‬أخرجه ابن ماجه يف سننه‪ ،‬حديث رقم [‪ ]1856‬وصححه األلباين‪.‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه أبو داود يف سننه‪ ،‬حديث رقم [‪ ،]1308‬وقال األلباين‪ :‬حسن صحيح‪.‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه الرتمذي يف سننه من حديث علي بن أيب طالب ‪ ‬برقم [‪.]2210‬‬

‫‪- 104 -‬‬


‫وحترص على إرضائه‪ ،‬وإدخال السرور على قلبه فإذا دخل بيته‪ ،‬استقبلته هبيئة حسنة‪ ،‬بأهبى‬
‫حلة‪ ،‬وأمجل مظهر‪ ،‬وأزكى رائحة‪ ،‬وأعانته بكل ما يؤدي إىل راحته يف بيته‪ ،‬وختفيف العبء‬
‫عنه‪ ،‬بتهيئة طعامه ولباسه‪ ،‬وما إىل ذلك‪.‬‬
‫‪ -2‬حفظه في ماله‪:‬‬
‫أ‪ -‬على الزوجة أن حتفظ زوجها يف ماله‪ ،‬بأن تكون حسنة التدبري له‪ ،‬ال تبذر فيه‪ ،‬أو‬
‫تأخذ منه بغري إذنه‪ ،‬ما مل يكن مقصرا يف النفقة عليها‪ ،‬أو على أبنائها‪ ،‬فلها يف هذه احلالة‬
‫أن تأخذ ما يكفيها وأوالدها باملعروف‪ ،‬كما سبق ذكره‪.‬‬
‫ب‪ -‬من حفظ الزوجة لزوجها يف ماله أال تكلفه من املطالب املعاشية ما ال يقدر عليه‬
‫ويفوق طاقته‪ ،‬أو ما يلجئه للكسب احلرام إلرضائها‪ ،‬فقط كانت الزوجة من السلف الصاحل‬
‫تقول لزوجها إذا خرج إىل عمله‪ :‬اتق اهلل‪ ،‬وإياك والكسب احلرام‪ ،‬فإنا نصرب على اجلوع‪ ،‬وال‬
‫نصرب على النار‪.‬‬
‫والزوجة الراشدة هي اليت جتمع بني صيانة املال واحلنو على الولد‪ ،‬فقد مدح النيب ‪ ‬بذلك‬
‫نساء قريش حني قال‪« :‬خري نساء ركنب اإلبل‪ ،‬صاحل نساء قريش‪ ،‬أحناه على ولد يف صغره‪،‬‬
‫وأرعاه على زوج يف ذات يده»(‪.)1‬‬
‫ج‪ -‬من صور حفظ الزوجة ملال زوجها أال تنفق شيئا من ماله إال بإذنه وبعد أن تستوثق‬
‫من رضاه‪ ،‬كما يف احلديث‪« :‬ال تنفق املرأة شيئا من بيت زوجها إال بإذن زوجها » قيل‪ :‬يا‬
‫رسول اهلل‪ ،‬وال الطعام؟ قال‪« :‬ذاك أفضل أموالنا»‪ ،‬وإذا أعسر زوجها فلتتصدق عليه من‬
‫ماهلا‪ ،‬وإن مل يكن هلا مال‪ ،‬فلتصرب على شظف العيش معه‪ ،‬وال تنسى فضل زوجها عليها‪.‬‬
‫د‪ -‬على الزوجة أن حتفظ أسرار زوجها املالية‪ ،‬فال تفشيها‪ ،‬وال تفصح عن أحواله املالية‬
‫واألسرية شيئا‪ ،‬مما ال حيب أن يعرفه اآلخرون‪.‬‬
‫‪ -3‬حفظه في بيته‪:‬‬
‫أ‪ -‬على الزوجة أن حتفظ زوجها يف بيته‪ ،‬بأن ال تدخل بيته أحدا إال بإذنه‪ ،‬وعليها –‬
‫على وجه التأكيد – أن ال تدخل من تعلم أن زوجها يكرهه‪ ،‬يقول ‪« :‬فأما حقكم على‬

‫(‪ )1‬متفق عليه‪ ،‬صحيح البخاري برقم [‪ ،]5082‬وصحيح مسلم برقم [‪.]2527‬‬

‫‪- 105 -‬‬


‫نسائكم فال يوطئن فرشكم من تكرهون‪ ،‬وال يأذن يف بيوتكم ملن تكرهون»(‪ ،)1‬ويقول أيضا‪:‬‬
‫«وال تأذن يف بيته إال بإذنه»(‪.)2‬‬
‫ب‪ -‬من حفظ الزوجة لزوجها يف بيته أال جتعل فيه ما يسخط اهلل من املعاصي أو‬
‫األطعمة واألشربة احملرمة‪.‬‬
‫وليعلم الزوجان كالمها أن من أعظم أسباب السعادة دوام االتصال باهلل عز وجل‪ ،‬وأن‬
‫انقطاع الصلة باهلل كفيل بشقاء اإلنسان ونكده قال تعاىل‪{ :‬وم ْن أ ْعرض ع ْن ِذكْ ِري‬
‫فإِ َّن ل ُه م ِعيشة ض ْنكا }(‪)3‬؛ لذا على الزوجني كليهما أن يشدا على بعضهما يف‬
‫احملافظة على طاعة اهلل‪ ،‬وإقام الصالة‪ ،‬واإلكثار من االستغفار‪ ،‬ومن ذكر اهلل‪ ،‬ويطهرا بيتهما‬
‫من املنكرات؛ ليكونا دائمي الصلة باهلل برهبم‪.‬‬
‫رابعاً‪ :‬رعاية وتربية األبناء‪:‬‬
‫من حق الزوج على زوجته القيام برتبية أبنائه تربية صاحلة‪ ،‬ورعايتهم بكافة أنواع الرعاية اليت‬
‫تدخل ضمن مسؤولياهتا؛ وهذا احلق أوجب على املرأة منه على الرجل؛ سيما يف فرتة‬
‫الرضاعة والطفولة املبكرة؛ ألن مهام الرجل تقتضي اخلروج لطلب الرزق‪ ،‬ومل يؤت من الصرب‬
‫على األطفال‪ ،‬وسرعة االستجابة ملطالبهم والشفقة عليهم مثل الذي أوتيته املرأة؛ فهي تقوم‬
‫بذلك على مقتضى فطرهتا‪ ،‬ووفق احلنو النابع من غريزة األمومة لديها‪.‬‬
‫والرجل يتمىن أن ينشأ أوالده خري نشأة‪ ،‬وأن يكونوا على صورة ترضي ربه‪ ،‬وتعلي يف الناس‬
‫قدره‪ ،‬وختفف عنه من متاعب الرتبية بعد كربهم؛ لذلك كانت هذه املهمة اجلليلة حقا للزوج‬
‫على زوجته‪ ،‬مع عدم ختليه عن واجبه يف تربية أبنائه‪ ،‬ومشاركة زوجته يف هذه الغاية النبيلة‪،‬‬
‫اليت هلا أعظم األثر يف بناء األمم واجملتمعات‪.‬‬
‫وهذه ومضات موجزة في صور هذا الواجب التربوي‪:‬‬
‫‪ -1‬تربية األبناء على اإلميان باهلل‪ ،‬والتعلق به‪ ،‬واإلميان برسول اهلل ‪ ،‬واالقتداء به وأن‬
‫تغرس يف نفوسهم حقائق اإلميان بكل أركانه‪.‬‬

‫(‪ )1‬أخرجه الرتمذي يف سننه برقم [‪ ،]1163‬وقال‪ :‬هذا حديث حسن صحيح‪.‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه البخاري يف صحيحه برقم [‪.]5195‬‬
‫(‪ )3‬سورة طه‪ ،‬اآلية (‪.)124‬‬

‫‪- 106 -‬‬


‫‪ -2‬تربية األبناء على أداء فرائض العبادات‪ ،‬وتعويدهم عليها‪ ،‬وحتبيبها هلم‪ ،‬وتعليمهم ما‬
‫يلزم من أحكامها‪ ،‬وإرشادهم إىل ما يالئمهم من ِحكمها‪.‬‬
‫‪ -3‬تربية األبناء على مكارم األخالق‪ ،‬ومعايل األمور؛ فاألم هي معقل الرتبية وإذا قيل‪:‬‬
‫وراء كل عظيم امرأة؛ فتلك املرأة أكثر ما تكون هي األم‪.‬‬
‫ومن وجهة أخرى فإن عليها أن تجتنب أمورا ذات أثر سلبي في تربية األبناء‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫‪ -1‬على الزوجة أال تنتقد سلوك زوجها أمام أطفاله‪ ،‬ولتحفظ له هيبته حال حلِّه‬
‫وترحاله‪ ،‬وعليها أال تسرع بالشكوى إليه مبجرد دخوله املنزل من صراخ األوالد أو ما شابه‪،‬‬
‫وأال تطلب منه أن يكون قاسيا وشديدا يف معاقبتهم‪ ،‬وكأنه يلعب دور الشرطي معهم‪.‬‬
‫‪ -2‬على الزوجة أال تدعو على أبنائها‪ ،‬وال تضرهبم ضربا شديدا‪ ،‬خيرج عن حد التهذيب‬
‫والتأديب‪ ،‬فإن ذلك قد يؤذيهم منها‪ ،‬والنيب ‪ ‬يقول‪« :‬ال تدعوا على أنفسكم‪ ،‬وال تدعوا‬
‫على أوالدكم‪ ،‬وال تدعوا على أموالكم‪ ،‬ال توافقوا من اهلل ساعة يُسأل فيها عطاء فيستجيب‬
‫لكم»(‪ ،)1‬فعليها تربية أوالدها يف صرب وحنو ورمحة‪.‬‬
‫‪ -3‬على الزوجة أال تتخلى عن مهمة الرتبية‪ ،‬وأال هتملها بإسنادها إىل اخلادمات‪ ،‬اللواِت‬
‫ال يؤمتن على تربية األطفال؛ لعدم أهليتهن‪ ،‬ففي ذلك جناية من الوالدين على أطفاهلما‪،‬‬
‫وعلى نفسيهما وعلى األمة بأسرها‪.‬‬
‫أما إذا اختار الوالدان الكفءأ الناصح لرتبية ورعاية أبنائهما فال بأس‪.‬‬

‫اخلالصة‬

‫• احلقوق الزوجية‪ :‬حقوق الزوجة‪ ،‬وحقوق الزوج‪.‬‬

‫(‪ )1‬أخرجه مسلم يف صحيحه برقم [‪.]3009‬‬

‫‪- 107 -‬‬


‫• حقوق الزوجة‪ :‬حقوق مالية ( املهر‪ ،‬والنفقة)‪ ،‬وحقوق معنوية( املعاشرة باملعروف‪،‬‬
‫والغرية واحلماية)‪.‬‬
‫• حقوق الزوج‪ :‬القوامة والطاعة يف املعروف‪ ،‬والتمكني من املعاشرة الزوجية‪ ،‬وحفظه‬
‫يف نفسها وماله وبيته‪ ،‬ورعاية األبناء‪.‬‬
‫‪ -1‬ناقش احلقوق الزوجية يف اإلسالم‪.‬‬
‫التقويم‬
‫‪ -2‬قارن بني حقوق الزوج وحقوق الزوجة يف اإلسالم‪.‬‬

‫‪- 108 -‬‬


‫الموضوع السادس‬
‫الطالق‬

‫مقدمة‬
‫شرع اإلسالم الطالق ليكون خملصا لألسرة من البؤس الدائم والعذاب املستمر إذا مل تستقم‬
‫احلياة الزوجية بني الزوجني‪ ،‬وحفت بالنزاعات واخلالفات املستمرة‪ ،‬وهو مع ذلك وضع طرقا‬
‫وقائية لتفادي الطالق منها‪:‬‬
‫‪ -1‬أقام اإلسالم األسرة على أسس ثابتة ودعائم قوية جتعل وقوع الطالق أمرا نادرا أو يف‬
‫أضيق احلدود‪ ،‬ومن ذلك حسن االختيار ووضوح احلقوق والواجبات‪.‬‬
‫‪ -2‬اعترب القرآن الكرمي جمرد كراهية الزوج لزوجته سببا غري كاف إليقاع الطالق‪ ،‬ووجه‬
‫الزوج إىل أن زوجته اليت كرهها قد يكون فيها اخلري الكثري الذي ال يعلمه‪ ،‬قال تعاىل‪:‬‬
‫هوا شيْئا و ي ْجعل‬‫وه َّن فعسى أ ْن تكْر ُ‬
‫م ُ‬ ‫ه ُت ُ‬
‫وف فإِ ْن ك ِر ْ‬
‫وه َّن ِبا ْلم ْع ُر ِ‬
‫عاش ُر ُ‬
‫{و ِ‬
‫(‪)1‬‬
‫يه خيْرا كثِيرا} ‪ ،‬وهذا ما دعا إليه النيب ‪ ‬بقوله‪« :‬ال يفرك مؤمن مؤمنة إن كره‬ ‫ال َّل ُه ِف ِ‬
‫منها خلقا رضي منها آخر»(‪ ،)2‬ومعىن ال يفرك‪ :‬أي ال يبغض‪.‬‬
‫‪ -3‬أن اإلسالم وضع طرقا لعالج نشوز الزوجة وإعراضها عن طاعة زوجها بقوله تعاىل‪:‬‬
‫ضاج ِع‬
‫ِ‬ ‫وه َّن ِفي الم‬
‫اه ُج ُر ُ‬
‫وه َّن و ْ‬ ‫ه َّن ف ِع ُظ ُ‬
‫شوز ُ‬‫{ واللاَّتِي تخا ُفون ُن ُ‬
‫وه َّن فإِ ْن أط ْعن ُك ْم فلا تبْ ُغوا عل ْي ِه َّن س ِبيلا }(‪ ،)3‬وأيضا هناك حلول‬
‫اض ِر ُب ُ‬
‫و ْ‬
‫كذلك لنشوز الزوج وذلك إما بوعظ الزوج وتذكريه باحلقوق وهدي النيب ‪ ‬فإن مل‬
‫يستجب وسطت بينهما رجال حكيما من أهل اخلري واألمانة ينصحه فإن مل يستجب رفعت‬
‫شوزا أ ْو إِ ْعراضا فلا‬‫ت ِم ْن ب ْع ِلها ُن ُ‬ ‫أمره للقضاء قال تعاىل‪{ :‬و إِ ِن ْ‬
‫امرأة خاف ْ‬
‫ص ْل ُح خيْر }(‪.)5()4‬‬
‫ص ْلحا وال ُّ‬
‫ص ِلحا ب ْين ُهما ُ‬
‫ُجناح عليْ ِهما أ ْن ُي ْ‬

‫(‪ )1‬سورة النساء‪ ،‬اآلية (‪.)19‬‬


‫(‪ )2‬أخرجه مسلم برقم [‪.]1469‬‬
‫(‪ )3‬سورة النساء‪ ،‬اآلية (‪.)34‬‬
‫(‪ )4‬سورة النساء‪ ،‬اآلية (‪.)128‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬املرأة واألسرة يف القرآن والسنة‪ ،‬ص‪.266‬‬

‫‪- 109 -‬‬


‫‪ -4‬فإذا مل تنفع هذه الطرق يف حل املشكلة والشقاق فإن اإلسالم يقرتح حال آخر هو‬
‫شقاق بيْنِ ِهما فابْع ُثوا حكما ِم ْن‬ ‫م ِ‬ ‫التحكيم بني الزوجني لقوله تعاىل‪{ :‬و إِ ْن ِخ ْف ُت ْ‬
‫صلاحا ُيو ِف ِق ال َّل ُه بيْن ُهما }(‪.)1‬‬ ‫ه ِلها إِ ْن ُي ِر يدا إِ ْ‬
‫ه ِل ِه وحكما ِم ْن أ ْ‬
‫أ ْ‬
‫‪ -5‬فإذا فشلت مجيع الوسائل السابقة يف إنقاذ احلياة الزوجية وكان ال بد من إيقاع‬
‫الطالق فإن هذا ال يعين سد الباب أمام استئناف احلياة الزوجية من جديد؛ ولذلك شرع‬
‫اإلسالم جمموعة من األحكام اليت تتيح رجوع الرجل إىل زوجته حىت ولو وقع الطالق‪ ،‬ومن‬
‫ذلك مثال تشريع العدة اليت ترتبص فيها املرأة يف بيت زوجها بعد الطالق‪ ،‬وميتنع عليها أن‬
‫تتزوج بزوج آخر‪ ،‬وجعل الطالق ثالثة أنواع‪ :‬رجعي‪ ،‬وبائن بينونة صغرى‪ ،‬وبائن بينونة‬
‫كربى‪.‬‬
‫‪ -6‬ومن هنا يتبني لنا أن مقصد اإلسالم متوجه حنو اإلبقاء على كيان األسرة واحلفاظ‬
‫على الرابطة الزوجية‪.‬‬
‫أوال‪ :‬تعريف الطالق‪:‬‬
‫‪-‬الطالق لغةً‪ :‬الرتك واحلل واإلرسال يقال‪ :‬أطلقت األسري إذا حللت قيده وخليت عنه(‪.)2‬‬
‫‪-‬الطالق اصطالحاً‪ :‬هو حل قيد النكاح(‪.)3‬‬
‫ثانياً‪ :‬حكم الطالق‪:‬‬
‫الطالق جائز عند احلاجة إليه بنص القرآن احلكيم والسنة املطهرة وامجاع األمة‪ :‬أما القرآن‬
‫تان‬‫لاق م َّر ِ‬ ‫الكرمي فقد وردت نصوص عدة تدل على جوازه منها قوله تعاىل‪َّ { :‬‬
‫الط ُ‬
‫س ِر يح ِبإِ ْحسان}(‪ ،)4‬وقد مسيت سورة يف القرآن بسورة‬ ‫مساك ِبم ْع ُروف أ ْو ت ْ‬ ‫فإِ ْ‬
‫وه َّن‬
‫م النِساء فط ِل ُق ُ‬ ‫َّ‬ ‫الطالق وجاء فيها قوله تعاىل‪{ :‬يا أيُّها ال َّن ِب ُّ‬
‫ي إِذا طل ْق ُت ُ‬
‫ِل ِع َّدتِ ِه َّن }(‪.)5‬‬

‫(‪ )1‬سورة النساء‪ ،‬اآلية (‪.)35‬‬


‫(‪ )2‬انظر‪ :‬لسان العرب ‪.225/10‬‬
‫(‪ )3‬املغين ‪.323/10‬‬
‫(‪ )4‬سورة البقرة‪ ،‬اآلية (‪.)229‬‬
‫(‪ )5‬سورة الطالق‪ ،‬اآلية (‪.)1‬‬

‫‪- 110 -‬‬


‫ويف السنة أخبار كثرية تدل على مشروعيته كذلك منها حديث عمر ‪« ‬أن رسول اهلل ‪‬‬
‫طلق حفصة مث راجعها»(‪ ،)1‬وجاء يف الصحيحني أن ابن عمر‪ ‬طلق امرأته وهي حائض‪،‬‬
‫فسأل عمر رسول اهلل ‪ ‬عن ذلك فقال رسول اهلل ‪« :‬مره فلرياجعها مث ليرتكها حىت‬
‫تطهر مث حتيض‪ ،‬مث تطهر مث إن شاء أمسك بعد وإن شاء طلق قبل أن ميس‪ ،‬فتلك العدة‬
‫اليت أمر اهلل أن يطلق هلا النساء»(‪.)2‬‬
‫وقد امجعت األمة على مشروعيته‪ ،‬وما خيلو كتاب من كتب األحاديث أو الفقه اجلامعة إال‬
‫وفيها باب يتحدث عن الطالق‪ ،‬بل إن هناك من العلماء من أفرده مبؤلف خاص‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬أقسام الطالق‪:‬‬

‫يقسم الفقهاء الطالق إىل أقسام متعددة‪:‬‬


‫‪-‬أوالً‪ :‬من حيث المشروعية ينقسم إلى قسمين‪:‬‬

‫(‪ )1‬أخرجه أبو داود يف سننه برقم [‪ ،]2283‬وقال األلباين يف تعليقه عليه‪ :‬صحيح‪.‬‬
‫(‪ )2‬متفق عليه‪ ،‬صحيح البخاري برقم [‪ ،]5251‬وصحيح مسلم برقم [‪.]1471‬‬

‫‪- 111 -‬‬


‫‪ -‬الطالق السني‪ :‬واملراد به الطالق املوافق للسنة‪ ،‬وهو‪ :‬أن يطلق الرجل زوجته طلقة‬
‫واحدة يف طهر مل ميسها فيه‪ ،‬قال ابن مسعود ‪« :‬طالق السنة أن يطلقها طاهرا من غري‬
‫مجاع»(‪.)1‬‬
‫قال ابن قدامة‪ :‬وال خالف يف أنه إذا طلقها يف طهر مل يصبها فيه‪ ،‬مث يرتكها حىت تنقضي‬
‫عدهتا‪ ،‬أنه مصيب للسنة‪ ،‬مطلق للعدة اليت أمر اهلل تعاىل هبا‪.‬‬
‫‪-‬الطالق البدعي‪ :‬وهو خالف السنة‪ ،‬مسي به؛ ألنه طالق خمالف للسنة اليت أمر اهلل‬
‫ورسوله هبا وهو‪ :‬أن يطلق الرجل زوجته بلفظ الثالث بكلمة واحدة‪ ،‬أو يطلقها بلفظ‬
‫الثالث يف جملس واحد‪ ،‬أو يطلقها وهي حائض‪ ،‬أو يطلقها يف طهر جامعها فيه‪ ،‬فالطالق‬
‫يف مجيع هذه احلاالت يكون حراما‪ ،‬قال ابن قدامة‪ :‬أمجع العلماء يف مجيع األمصار‪ ،‬وكل‬
‫األمصار على حترميه‪ ،‬ويسمى طالق البدعة؛ ألن املطلق خالف السنة‪ ،‬وترك أمر اهلل تعاىل‬
‫ورسوله ‪.)2(‬‬
‫ثانياً‪ :‬ينقسم الطالق من حيث بقاء الزوجية وعدمها إلى قسمين‪:‬‬
‫‪ -‬طالق رجعي‪ :‬وهو الذي ميلك الزوج بعده إعادة زوجته إىل عصمته ما دامت يف العدة‬
‫ات‬ ‫مط َّلق ُ‬ ‫بدون توقف على رضاها؛ ألهنا زوجته ما دامت يف العدة؛ لقوله تعاىل‪{ :‬وا ْل ُ‬
‫من ما خلق ال َّل ُه‬ ‫ل ل ُه َّن أ ْن يكْ ُت ْ‬ ‫س ِه َّن ثلاثة ُق ُروء ولا ي ِح ُّ‬ ‫صن ِبأ ْن ُف ِ‬ ‫يتربَّ ْ‬
‫ق ِبر ِد ِه َّن‬ ‫ام ِه َّن إِ ْن ُك َّن ُي ْؤ ِم َّن ِبال َّل ِه وا ْلي ْو ِم ال ِ‬
‫آخ ِر و ُب ُعول ُت ُه َّن أح ُّ‬ ‫ِفي أ ْرح ِ‬
‫ل ا َّل ِذي عل ْي ِه َّن ِبا ْلم ْع ُر ِ‬
‫وف‬ ‫صلاحا ول ُه َّن ِم ْث ُ‬ ‫ادوا إِ ْ‬ ‫ِفي ذ ِلك إِ ْن أر ُ‬
‫ال عليْ ِه َّن درجة وال َّل ُه ع ِز يز ح ِكيم }(‪.)3‬‬ ‫لرج ِ‬ ‫و ِل ِ‬

‫‪ -‬طالق بائن‪ ،‬وهو على نوعين‪:‬‬


‫الطالق البائن بينونة صغرى‪ :‬وهو الذي ميلك الزوج بعده أن يعيد زوجته إليه‬ ‫‪-1‬‬
‫برضاها‪ ،‬وعقد جديد دون توقف على أن تنكح زوجا غريه‪.‬‬

‫(‪ )1‬أخرجه ابن ماجه يف سننه برقم [‪ ،]2020‬وقال األلباين يف تعليقه عليه‪ :‬صحيح‪.‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬املغين ‪.324/10‬‬
‫(‪ )3‬سورة البقرة‪ ،‬اآلية (‪.)228‬‬

‫‪- 112 -‬‬


‫الطالق البائن بينونة كبرى‪ :‬وهو الطالق الذي ال ميلك الزوج بعده أن يعيد إليه‬ ‫‪-2‬‬
‫زوجته إال برضاها وعقد ومهر جديدين‪ ،‬وبعد أن تنكح زوجا غريه نكاحا صحيحا ويدخل‬
‫هبا‪ ،‬مث يفارقها بسبب من أسباب الفرقة أو ميوت منها‪ ،‬وتنقضي عدهتا‪.‬‬
‫وقد دل على اشرتاط الدخول يف نكاح الثاين حديث رفاعة القرظي ‪ ‬أنه تزوج امرأة‪ ،‬مث‬
‫طلقها فتزوجت آخر فأتت النيب ‪ ‬فذكرت له أنه ال يأتيها وأنه ليس معه إال مثل ُهدبة‬
‫فقال ‪« :‬ال حىت تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك»(‪.)1‬‬
‫ثالثا‪ :‬من حيث العدد‪:‬‬
‫مساك‬ ‫ان فإِ ْ‬
‫اق م َّرت ِ‬
‫الطل ُ‬ ‫للزوج ثالث تطليقات كما بينها اهلل يف كتابه يف قوله تعاىل‪َّ { :‬‬
‫وه َّن‬
‫م ُ‬‫ما آتيْ ُت ُ‬‫م أ ْن تأْ ُخ ُذوا ِم َّ‬ ‫ل ل ُك ْ‬ ‫س ِر يح ِبإِ ْحسان ولا ي ِح ُّ‬ ‫ِبم ْع ُروف أ ْو ت ْ‬
‫م أ َّلا ُي ِقيما ُح ُدود ال َّل ِه فلا‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫شيْئا إِلا أ ْن يخافا ألا ُي ِقيما ُح ُدود الل ِه فإِ ْن ِخ ْف ُت ْ‬
‫ود ال َّل ِه فلا ت ْعت ُدوها وم ْن يتع َّد‬ ‫ت ِب ِه تِ ْلك ُح ُد ُ‬
‫ُجناح عليْ ِهما ِفيما ا ْفتد ْ‬
‫ل ل ُه ِمن ب ْع ُد ح َّتى‬ ‫مون*فإِن ط َّلقها فلا ت ِح ُّ‬ ‫الظا ِل ُ‬
‫م َّ‬
‫ه ُ‬ ‫ُح ُدود ال َّل ِه ف ُأولئِك ُ‬
‫تن ِكح ز ْوجا غيْر ُه }(‪.)2‬‬
‫فدلت اآليتان الكرميتان على أن الزوج ميلك من الطالق ثالث تطليقات‪ ،‬وجيعلها متفرقات‬
‫مرة بعد مرة‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬من حيث األلفاظ‪:‬‬
‫‪-‬الطالق الصريح‪ :‬بألفاظ تدل عليه دون قرائن‪ ،‬وال حتتاج إىل نية الطالق؛ ألهنا ال يراد هبا‬
‫غريه كقوله لزوجته‪ :‬أنت طالق‪ ،‬أو طلقتك‪ ،‬أو مطلقة وحنو ذلك من ألفاظ مادة‪ :‬الطالق‪.‬‬
‫‪-‬الطالق بألفاظ الكناية‪ :‬وهي اليت حتتمل معىن الطالق ومعىن غريه‪ ،‬وال تنصرف إىل‬
‫الطالق‪ ،‬وال يقع إال إذا نواه الزوج أو كانت هناك قرينة تدل عليه كقول الزوج لزوجته‪:‬‬
‫اخرجي‪ ،‬احلقي بأهلك‪ ،‬ال أريد أن أرى وجهك‪ ،‬اعتدِّي‪ ،‬أنت خلية‪ . .‬فهذه العبارات‬
‫وحنوها ال يقع هبا الطالق ما مل ينوه الزوج‪.‬‬
‫الرجعة بعد الطالق‪:‬‬

‫(‪ )1‬أخرجه البخاري يف صحيحه برقم [‪.]5317‬‬


‫(‪ )2‬سورة البقرة‪ ،‬اآلية (‪.)230-229‬‬

‫‪- 113 -‬‬


‫الرجعة بعد الطالق‬

‫بلفظ الكناية عند بعض‬ ‫باللفظ الصريح الدال عليها‪،‬‬


‫بالفعل‬
‫الفقهاء‪ ،‬ومنها‪:‬‬ ‫ومنها‪:‬‬

‫يطأها‬ ‫أنت عندي كما كنت‬ ‫راجعتك‬

‫يقبلها‬ ‫وأنت امرأِت‬ ‫أرجعتك‬

‫يلمسها بشهوة‬ ‫رددتك‬

‫أمسكتك‬

‫للزوج أن يراجع امرأته ما دام الطالق رجعيا وهي يف العدة‪ ،‬وتكون الرجعة بعدة أمور منها‪:‬‬
‫‪ -1‬باللفظ الصريح الدال عليها‪ ،‬كأن يقول‪ :‬راجعتك‪ ،‬أو أرجعتك‪ ،‬أو رددتك‪ ،‬أو‬
‫أمسكتك وحنو ذلك‪.‬‬
‫‪ -2‬بلفظ الكناية عند بعض الفقهاء‪ ،‬ومن ألفاظها‪ :‬أنت عندي كما كنت وأنت امرأِت‪.‬‬
‫‪ -3‬بالفعل كأن يطأها أو يقبلها أو يلمسها بشهوة‪.‬‬
‫قال ابن قدامة‪" :‬ومجلته أن الرجعة ال تفتقر إىل ويل‪ ،‬وصداق‪ ،‬وال رضى املرأة وال علمها‪،‬‬
‫بإمجاع أهل العلم"(‪.)1‬‬
‫ويرى شيخ اإلسالم ابن تيمية أن الوطء حتصل به الرجعة مع النية وهو رأي اإلمام مالك‪،‬‬
‫قال شيخ اإلسالم‪ :‬وهذا أعدل األقوال وأشبهها باألصول(‪.)2‬‬

‫مخالفات الطالق‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬املغين‪.558/10 :‬‬


‫(‪ )2‬انظر‪ :‬االختيارات الفقهية‪ ،‬ص‪.237‬‬

‫‪- 114 -‬‬


‫من املخالفات اليت يقع الزوجان عند الطالق أو بعده‬
‫سؤال املرأة الطالق من غري سبب‬

‫خروج املطلقة املعتدة من طالق رجعي من بيت زوجها‬

‫احللف بالطالق‬

‫‪ -1‬سؤال المرأة الطالق من غير سبب‪:‬‬


‫حيق للمرأة أن تطلب الطالق يف حاالت منها‪:‬‬
‫(أ) أن تكره أخلق الزوج أو ُخلقه وتبغضه حبيث ال تطيق العيش معه‪.‬‬
‫(ب) أن تكره دين الزوج‪ ،‬ويكون يف بقائها معه ضرر يف دينها حبيث يكون الرجل فاسقا‬
‫ال يؤدي الفرائض‪.‬‬
‫(ج) أن يكون يف عيشها مع الزوج ضرر عليها من الناحية اجلسدية أو النفسية‪ ،‬كأن‬
‫يكون ظاملا يعتدي عليها بالضرب والسب والشتم‪ ،‬ويكون ذلك سلوك دائم منه‪.‬‬
‫(د) أن يرتك القيام حبقوقها الواجبة؛ كأن يكون خبيال مقرتا عليها يف النفقة‪ ،‬أو يرتك‬
‫املبيت عندها لغري سبب‪ ،‬فيجوز هلا طلب الطالق لفوات حقوقها‪.‬‬
‫أما ما سوى ذلك من األحوال واهلفوات اليت تقع غالبا بني الزوجني يف احلياة اليومية من‬
‫خصومة‪ ،‬واختالف يف الرأي‪ ،‬وجفاء يف عالقة األهل أو نقص يف املودة واحملبة فال حيل‬
‫للمرأة أن تطلب الطالق من زوجها؛ ألن البيوت غالبا قائمة على املروءة وحسن العشرة؛‬
‫وألن احلياة الزوجية غالبا ال تسلم من املنغصات واملكدرات حىت يف بيت النبوة والصحابة؛‬
‫ولذلك ورد النهي األكيد والوعيد الشديد يف طلب املرأة الطالق من غري سبب مقنع وعذر‬
‫مرضي‪ ،‬قال رسول اهلل ‪« :‬أميا امرأة سألت طالق زوجها من غري بأس فحرام عليها رائحة‬

‫‪- 115 -‬‬


‫اجلنة»(‪ ،)1‬فالواجب على املرأة أن ختشى اهلل وتقف عند حدوده يف طلب الطالق حىت ال‬
‫تدخل يف هذا الوعيد وتعرض نفسها لسخط اهلل تعاىل(‪.)2‬‬
‫‪ -2‬خروج المطلقة المعتدة من طالق رجعي من بيت زوجها‪:‬‬
‫إن يف تشريع العدة للمطلقة حكمة عظيمة من جهة كوهنا تعني على مراجعة كل من الزوجني‬
‫نفسه فإن املرأة إذا طلقت طالقا رجعيا تعتد يف بيت الزوجية وتبقى فيه‪ ،‬فرياها الزوج وتراه‪،‬‬
‫فيكون هناك أمل بني الزوجني أن يرجعا لبعضهما‪ ،‬ويصلحا ذات بينهما؛ لذلك جاء األمر‬
‫بإبقاء املعتدة يف بيت الزوجية وقت العدة بقوله تعاىل‪{ :‬لا ُت ْخ ِر ُج ُ‬
‫وه َّن ِم ْن ُب ُيوتِ ِه َّن ولا‬
‫فاحشة ُمب ِينة }(‪ ،)3‬فنسب البيوت إىل الزوجات مبثابة التأكيد‬ ‫ي ْخ ُر ْجن إْال أ ْن يأْتِين ِب ِ‬
‫على أنه ال حيل إخراجها كأهنا مالكة هلذا البيت‪ ،‬ومن كان مالكا له ال خيرج منه‪.‬‬
‫لذلك ينبغي التمسك هبذه السنة وعدم هجراهنا‪ ،‬واإلنكار على كل أب أو أخ يدعو الزوجة‬
‫إىل اخلروج من بيت الزوجية إذا كانت مطلقة طالقا رجعيا وهي يف العدة؛ ألن بقاءها مدة‬
‫ل ال َّله‬
‫العدة يف بيت الزوجية قد يكون سببا يف مراجعة الزوج هلا قال تعاىل‪{ :‬لا ت ْد ِري لع َّ‬
‫ث ب ْعد ذ ِلك أ ْمرا}(‪.)4‬‬
‫ُي ْح ِد ُ‬
‫‪ -3‬الحلف بالطالق‪:‬‬
‫وهو تعليق الطالق على أمر يراد به احلث على فعل شيء أو منعه منه‪ ،‬أو طلب تصديقه أو‬
‫تكذيب غريه أو حنو ذلك‪.‬‬
‫‪-‬حكم الحلف بالطالق‪ :‬إن احلنث يف اليمني بالطالق ال يقع به الطالق وتلزم صاحبه‬
‫كفارة اليمني‪ ،‬لكن جيب اجتنابه ألنه حمرم فهو من احللف بغري اهلل لقوله ‪« :‬من كان‬

‫(‪ )1‬أخرجه أبو داود يف سننه برقم [‪ ،]2226‬وابن ماجه برقم [‪ ،]2055‬وصححه األلباين يف صحيح أيب داود برقم‬
‫[‪.]1928‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬مقال احلاالت اليت جيوز للمرأة طلب الطالق فيها‪ ،‬خالد البليهد من موقع‪:‬‬
‫‪www.saaid.net/Doat/binbulihed/f/‬‬
‫(‪ )3‬سورة الطالق‪ ،‬اآلية (‪.)1‬‬
‫(‪ )4‬سورة الطالق‪ ،‬اآلية (‪.)1‬‬

‫‪- 116 -‬‬


‫حالفا فليحلف باهلل»(‪ ،)1‬وملا فيه من االستهانة بعقد الزواج‪ ،‬ذلك امليثاق الغليظ والعقد‬
‫املتني‪ ،‬وملا فيه من الظلم والتعدي على الزوجات واألسر بال وجه حق(‪.)2‬‬
‫العدة‬
‫‪ -‬العدة في اللغة‪ :‬بكسر العني‪ ،‬مأخوذة من العدد؛ ألن املعتدة تعدد الشهر‪ ،‬قال‬
‫اجلوهري‪ :‬عدة املرأة أيام أقرائها‪ ،‬وقد اعتدت‪ ،‬وانقضت عدهتا‪ ،‬واملرأة معتدة(‪.)3‬‬
‫‪ -‬العدة في االصطالح‪ :‬هي الرتبص احملدود شرعا‪ ،‬أو هي‪ :‬مدة ترتبص فيها املرأة عقب‬
‫وقوع سبب الفرقة‪ ،‬فتمتنع عن التزويج فيه(‪.)4‬‬
‫‪-‬حكمها ودليلها‪:‬‬
‫العدة واجبة على كل امرأة مسلمة‪ ،‬أو كتابية‪ ،‬بنص الكتاب والسنة‪ ،‬فدليلها من الكتاب‬
‫صوا‬
‫وه َّن ِل ِع َّدتِ ِه َّن وأ ْح ُ‬
‫م النِساء فط ِل ُق ُ‬ ‫َّ‬ ‫قوله تعاىل‪{ :‬يا أيُّها ال َّن ِب ُّ‬
‫ي إِذا طل ْق ُت ُ‬
‫وه َّن ِم ْن ُب ُيوتِ ِه َّن ولا ي ْخ ُر ْجن ا ْلأ أ ْن يأْتِين‬
‫م لا ُت ْخ ِر ُج ُ‬ ‫َّ‬
‫ال ِع َّدة وا َّت ُقوا الله ربَّ ُك ْ‬
‫ود ال َّل ِه وم ْن يتع َّد ُح ُدود ال َّل ِه فق ْد ظلم ن ْفس ُه لا‬ ‫فاحشة ُمب ِينة وتِ ْلك ُح ُد ُ‬ ‫ِب ِ‬
‫ث ب ْعد ذ ِلك أ ْمرا}(‪.)5‬‬ ‫ل ال َّله ُي ْح ِد ُ‬
‫ت ْد ِري لع َّ‬
‫وأما من السنة‪ :‬فقول النيب ‪ ‬لفاطمة بنت قيس‪« :‬اعتدي يف بيت ابن أم مكتوم»(‪.)6‬‬

‫الحكمة من مشروعية العدة‪:‬‬


‫لقد شرع اهلل العدة‪ ،‬وألزم املرأة هبا حلكم عظيمة‪ ،‬منها‪:‬‬
‫‪ -1‬معرفة براءة الرحم حىت ال ختتلط األنساب‪.‬‬
‫‪ -2‬إمهال الزوج املطلق مدة‪ ،‬ليتمكن فيها من مراجعة زوجته املطلقة‪ ،‬طالقا رجعيا إذا‬
‫رغب فيها‪.‬‬

‫(‪ )1‬متفق عليه‪ ،‬صحيح البخاري برقم [‪ ،]3836‬وصحيح مسلم برقم [‪.]1646‬‬
‫(‪ )2‬األسرة يف اإلسالم‪ ،‬ص‪.168‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬الصحاح ‪ ،506/2‬ولسان العرب البن منظور ‪ 78/9‬مادة (عدد)‪.‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬الروض املربع مع حاشية ابن قاسم ‪.46/7‬‬
‫(‪ )5‬سورة الطالق‪ ،‬اآلية (‪.)1‬‬
‫(‪ )6‬أخرجه مسلم يف كتاب الطالق‪ ،‬حديث رقم [‪.]3697‬‬

‫‪- 117 -‬‬


‫تعظيم خطر عقد النكاح‪ ،‬ورفع قدره وإظهار شرفه ومنزلته‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫أنواع العدة‬

‫ختتلف أنواع العدة على حسب حال املرأة ونوع الفراق‪ ،‬من طالق أو موت الزوج وحنو ذلك‬
‫وهي على أقسام ثالثة‪:‬‬
‫‪-‬أوالً‪ :‬العدة باألشهر‪ :‬والنساء املعتدات باألشهر صنفان‪:‬‬
‫(أ) املطلقة اليت ال حتيض‪ ،‬سواء كانت يائسة كالكبرية يف السن‪ ،‬أو كانت ال حتيض لصغرها‪،‬‬
‫م‬
‫يض ِم ْن نِسائِ ُك ْ‬
‫سن ِمن الم ِح ِ‬ ‫وعدهتن ثالثة أشهر؛ لصريح اآلية‪{ :‬وال َّلائِي يئِ ْ‬
‫ضن}(‪.)1‬‬
‫م ي ِح ْ‬ ‫َّ‬
‫ش ُهر واللائِي ل ْ‬ ‫م ف ِع َّد ُت ُه َّن ثلاث ُة أ ْ‬
‫ارتبْ ُت ْ‬
‫إِ ِن ْ‬
‫(ب) املتوىف عنها زوجها‪ ،‬إذا مل تكن حامال‪ ،‬وعدهتا أربعة أشهر وعشرة أيام لآلية‪:‬‬
‫ش ُهر‬
‫س ِه َّن أ ْربعة أ ْ‬
‫صن ِبأ ْن ُف ِ‬
‫م و يذ ُرون أ ْزواجا يتربَّ ْ‬ ‫َّ‬
‫{وال ِذين ُيتوف َّْون ِم ْن ُك ْ‬
‫وعشْرا}(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬سورة الطالق‪ ،‬اآلية (‪.)4‬‬


‫(‪ )2‬سورة البقرة‪ ،‬اآلية (‪.)234‬‬

‫‪- 118 -‬‬


‫‪-‬ثانياً‪ :‬العدة بالقروء‪ :‬والقروء مجع قُت ْرء‪ ،‬واختلف العلماء يف القرء فقيل‪ :‬هو‪ :‬احليض‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬هو الطهر‪ ،‬واملعتدات بالقروء هن ذوات احليض‪ ،‬أي كل امرأة مطلقة حتيض‪ ،‬ودليل‬
‫س ِه َّن ثلاثة ُق ُروء}(‪.)1‬‬
‫صن ِبأ ْن ُف ِ‬ ‫مط َّلق ُ‬
‫ات يتربَّ ْ‬ ‫ذلك اآلية‪{ :‬وا ْل ُ‬
‫‪-‬ثالثاً‪ :‬املعتدات بوضع احلمل‪ :‬وهي‪ :‬كل امرأة حامل من زوج إذا فارقها الزوج بطالق أو‬
‫مال أج ُل ُه َّن أ ْن‬
‫ولات ْاألأ ْح ِ‬
‫ُ‬ ‫فسخ أو موت‪ ،‬فعدهتا بتمام وضع احلمل‪ ،‬لصريح اآلية‪{ :‬و ُأ‬
‫يض ْعن ح ْمل ُه َّن}(‪.)2‬‬
‫أحكام عدة الطالق‪:‬‬
‫تتعلق باملعتدة من طالق بعض األحكام فمن ذلك‪:‬‬
‫‪ -1‬أن املطلقة طالقا رجعيا تعترب زوجة هلا السكىن والنفقة ما دامت يف العدة‪.‬‬
‫‪ -2‬إذا مات أحد الزوجني يف العدة ورثه اآلخر‪.‬‬
‫‪ -3‬أن املعتدة من طالق رجعي ال جتوز خطبتها تصرحيا وال تعريضا‪.‬‬
‫‪ -4‬أما املطلقة طالقا بائنا فليست زوجة وال جتب هلا سكىن وال نفقة حلديث فاطمة‬
‫بنت قيس ملا طلقها زوجها البتة أي ثالث طلقات) وذهبت تسأل النيب ‪ ‬قال‪« :‬ال نفقة‬
‫لك وال سكىن»(‪ ،)3‬إال إذا كانت حامال فلها النفقة؛ ألجل احلمل حىت تضعه سواء كانت‬
‫ولات‬
‫ِ‬ ‫مطلقة طالقا بائنا أو طالقا رجعيا قد انقضت عدهتا لقوله تعاىل‪{ :‬و إِ ْن ُك َّن ُأ‬
‫ح ْمل فأ ْن ِف ُقوا عل ْي ِه َّن ح َّتى يض ْعن ح ْمل ُه َّن}(‪.)4‬‬
‫‪ -5‬جيوز خطبة املطلقة طالقا بائنا سواء بالتعريض أو التصريح(‪.)5‬‬

‫اخلالصة‬

‫(‪ )1‬سورة البقرة‪ ،‬اآلية (‪.)228‬‬


‫(‪ )2‬سورة الطالق‪ ،‬اآلية (‪.)4‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه مسلم‪ ،‬حديث رقم [‪.]3771‬‬
‫(‪ )4‬سورة الطالق‪ ،‬اآلية (‪.)6‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬البيوت السعيدة يف ضوء الكتاب والسنة للدكتورة إهلام اجلابري‪ ،‬ص‪.261‬‬

‫‪- 119 -‬‬


‫• الطالق لغة‪ :‬الرتك واحلل واإلرسال يقال‪ :‬أطلقت األسري إذا حللت قيده وخليت‬
‫عنه‪.‬‬

‫• الطالق اصطالحا‪ :‬هو حل قيد النكاح‪.‬‬

‫حكم الطالق‪ :‬جائز عند احلاجة إليه ‪.‬‬ ‫•‬


‫ينقسم الطالق من حيث املشروعية إىل طالق سين وطالق بدعي‪.‬‬ ‫•‬
‫ينقسم الطالق من حيث بقاء الزوجة وعدمه إىل طالق رجعي‪ ،‬وطالق بائن‪.‬‬ ‫•‬
‫ينقسم الطالق من حيث العدد‪ ،‬كما ينقسم من حيث األلفاظ إىل صرحيا‪،‬‬ ‫•‬
‫وبالكناية‪.‬‬
‫الرجعة بعد الطالق‪ :‬بالفعل‪ ،‬بلفظ الكناية عند بعض الفقهاء‪ ،‬باللفظ الصريح الدال‬ ‫•‬
‫عليها‪.‬‬
‫• من املخالفات اليت يقع الزوجان عند الطالق أو بعده‪ :‬سؤال املرأة الطالق من غري‬
‫سبب‪ ،‬و خروج املطلقة املعتدة من طالق رجعي من بيت زوجها‪ ،‬واحللف بالطالق‪.‬‬
‫• العدة في اللغة‪ :‬بكسر العني‪ ،‬مأخوذة من العدد؛ ألن املعتدة تعدد الشهر‪ ،‬قال‬
‫اجلوهري‪ :‬عدة املرأة أيام أقرائها‪ ،‬وقد اعتدت‪ ،‬وانقضت عدهتا‪ ،‬واملرأة معتدة‪.‬‬
‫• العدة في االصطالح‪ :‬هي الرتبص احملدود شرعا‪ ،‬أو هي‪ :‬مدة ترتبص فيها املرأة‬
‫عقب وقوع سبب الفرقة‪ ،‬فتمتنع عن التزويج فيه‪.‬‬
‫• العدة واجبة على كل امرأة مسلمة‪ ،‬أو كتابية‪.‬‬
‫• شرع اهلل العدة‪ ،‬وألزم املرأة هبا حلكم عظيمة‪ ،‬منها‪ :‬معرفة براءة الرحم حىت ال ختتلط‬
‫األنساب‪ ،‬و إمهال الزوج املطلق مدة‪ ،‬ليتمكن فيها من مراجعة زوجته املطلقة‪،‬‬
‫طالقا رجعيا إذا رغب فيها‪ ،‬تعظيم خطر عقد النكاح‪ ،‬ورفع قدره وإظهار شرفه‬
‫ومنزلته‪.‬‬
‫• أنواع العدة‪ :‬العدة باألشهر‪ ،‬والعدة بالقروء‪ ،‬والعدة بوضع احلمل‪.‬‬
‫‪ -1‬عرف الطالق لغة واصطالحا‪ ،‬حكمه الشرعي‪.‬‬
‫التقويم‬
‫‪ -2‬وضح أقسام الطالق‪.‬‬

‫‪- 120 -‬‬


‫ناقش املخالفات الشرعية يف الطالق‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫عرف العدة يف اللغة واالصطالح‪ ،‬واحلكمة منها‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫وضح أنواع العدة‪.‬‬ ‫‪-5‬‬

‫الموضوع السابع‬
‫الخلع‬

‫أوالً‪ :‬تعريف الخلع‪:‬‬


‫‪ -‬اخللع لغة‪ :‬من الفعل (خلع) وهو النزع والتجريد واإلزالة‪ ،‬فخلع الرجل ثوبه‪ ،‬أي أزاله(‪،)1‬‬
‫منها حديث كعب بن مالك ‪ (( : ‬إن من توبيت أن أخنلع من مايل صدقة)) (‪. )2‬‬
‫‪ -‬اخللع شرعا‪ :‬عرف الفقهاء اخللع تعريفات كثرية منها‪ :‬فراق الزوج لزوجته بعوض بألفاظ‬
‫خمصوصة(‪.)3‬‬
‫ومما سبق تظهر العالقة جلية بني املعىن يف اللغة واملعىن يف الشرع‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬ما يستنتج من تعريف الخلع ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يكون الزواج قائما‪ ،‬حىت ميكن خلعه‪ ،‬وأن يكون النكاح صحيحا‪ ،‬فال خلع‬
‫يف نكاح فاسد‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يكون الفراق بلفظ اخللع‪ ،‬أو ما يف معناه‪.‬‬
‫‪ -3‬البد من رضا الزوجني‪ ،‬ألنه فيه معىن املعاوضة‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬تنقسم ألفاظ الخلع إلى قسمين ‪:‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬لسان العرب‪.72/8‬‬


‫(‪ )2‬أخرجه البخاري ‪ ،‬حديث رقم [‪.]6690‬‬
‫(‪ )3‬انظر ‪ :‬شرح منتهى اإلرادات للبهوِت ‪ ،107/3‬احملرر أليب الربكات ‪.44/2‬‬

‫‪- 121 -‬‬


‫ألفاظ صرحية ‪ :‬كأن يقول ‪ :‬خالعتك ‪ ،‬وفسخت نكاحك‪ ،‬وفاديتك كما يف‬ ‫‪-1‬‬
‫ت ِب ِه }ِ ‪.‬‬
‫قول اهلل تعاىل ‪ { :‬فلا ُجناح عليْ ِهما ِفيما ا ْفتد ْ‬
‫ألفاظ كناية ‪ :‬كأن يقول هلا ‪ :‬برأتك أو أبرأتك أو أبنتك وحنو ذلك ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬

‫رابعا ‪ :‬أدلة مشروعية الخلع‪:‬‬


‫اخللع ثابت بالكتاب‪ ،‬والسنة‪ ،‬واإلمجاع‪:‬‬
‫س ِر يح‬
‫مساك ِبم ْع ُروف أ ْو ت ْ‬ ‫ان ۖ فإِ ْ‬ ‫اق م َّرت ِ‬ ‫الطل ُ‬ ‫‪-‬قوله تعاىل‪َّ { :‬‬
‫وه َّن شيْئا إِ َّلا أن‬
‫م ُ‬ ‫ما آتيْ ُت ُ‬ ‫م أن تأْ ُخ ُذوا ِم َّ‬ ‫ل ل ُك ْ‬‫ِبإِ ْحسان ۖ ولا ي ِح ُّ‬
‫م أ َّلا ُي ِقيما ُح ُدود ال َّل ِه فلا‬ ‫َّ‬
‫يخافا ألا ُي ِقيما ُح ُدود الل ِه فإِ ْن ِخ ْف ُت ْ‬
‫َّ‬
‫ود ال َّل ِه فلا ت ْعت ُدوها‬ ‫ت ِب ِه ۖ تِ ْلك ُح ُد ُ‬ ‫ُجناح عليْ ِهما ِفيما ا ْفتد ْ‬
‫مون}(‪.)1‬ذكر الرازي أن اآلية‬ ‫الظا ِل ُ‬ ‫م َّ‬ ‫ه ُ‬‫ولئِك ُ‬ ‫ومن يتع َّد ُح ُدود ال َّل ِه ف ُأ َٰ‬
‫نزلت يف مجيلة بنت عبد اهلل بن أيب ويف زوجها ثابت بن قيس بن مشاس‪ .‬وكانت تبغضه‬
‫قال‬
‫نعم ‪ ،‬أ‬ ‫قالت ‪ْ :‬‬
‫ْ‬ ‫عليه أح ِدي أقتأهُ»‬
‫رسول اهللِ ‪« : ‬أتأترِّدين ِ‬
‫ُ أ‬ ‫فقال ُ‬ ‫فأتت رسول اهلل ‪ ‬أ‬
‫رسول اهللِ ‪« :‬اقْتبأ ِل احلديقةأ وطلِّ ْق أها تأطْلِيأقة » (‪.)2‬‬
‫ُ‬
‫‪ -‬اإلمجاع‪ :‬أمجع الفقهاء على مشروعية اخللع‪.‬‬
‫خامسا ‪ :‬حكمة مشروعية الخلع‪:‬‬
‫جعل اهلل عز وجل الطالق بيد الرجل‪ ،‬يوقعه إذا شعر أنه ال يستطيع العيش بسعادة مع‬
‫زوجته‪ ،‬وأحس بنفرته من العشرة الزوجية معها‪ ،‬بعد أن تعييه وسائل العالج املشروعة‬
‫املتنوعة‪.‬‬
‫وألن املرأة مثل الرجل هلا حقوق وعليها واجبات‪ ،‬ومتلك من املشاعر والعواطف واألحاسيس‬
‫مثلما ميلك الرجل‪ ،‬فرمبا تكون هي اليت حتس بالنفرة من العشرة الزوجية معه‪ ،‬وأعيتها أيضا‬
‫وسائل العالج‪ ،‬فالشارع احلكيم مثلما جعل بيد الرجل الطالق لينهي به الزواج‪ ،‬كذلك‬

‫(‪ )1‬سورة البقرة‪ ،‬اآلية(‪.)229‬‬


‫(‪ )2‬أخرجه البخاري ‪ ،‬حديث رقم [‪.]5273‬‬

‫‪- 122 -‬‬


‫جعل سبحانه وتعاىل اخللع للزوجة‪ ،‬لتفتدي نفسها من زوجها‪ ،‬وذلك ببذل ما قدمه هلا من‬
‫صداق أو حسبما يتفقا(‪.)1‬‬
‫سادساً‪ :‬حكم الخلع التكليفي ‪:‬‬
‫يختلف حكم الخلع بحسب اختالف نوعه و نذكر هنا نوعين ‪:‬‬
‫‪-‬النوع األول ‪ :‬مباح وهو أن تكره املرأة زوجها لبغضها إياه‪ ،‬وختاف أال تؤدي حقه‪ ،‬وال‬
‫م ألا‬ ‫ِ ِِ‬
‫تقيم حدود اهلل يف طاعته‪ ،‬فلها أن تفتدي نفسها منه‪ ،‬ل أق ْوله تأت أع أاىل‪{:‬فإِ ْن ِخ ْف ُت ْ‬
‫ت ِب ِه} (‪ ،)2‬وروى البخاري‬ ‫ُي ِقيما ُح ُدود ال َّل ِه فلا ُجناح عليْ ِهما ِفيما ا ْفتد ْ‬
‫بإسناده‪ ،‬قال‪« :‬جاءت امرأة ثابت بن قيس إىل النيب ‪ ‬فقالت‪ :‬يا رسول اهلل ما أنقم‬
‫على ثابت من دين وال خلق‪ ،‬إال أين أخاف الكفر يف اإلسالم‪ ،‬فقال رسول اهلل‬
‫‪«:‬أتردين عليه حديقته؟» فالت‪ :‬نعم‪ .‬فردت عليه‪ ،‬وأمره ففارقها» وألن حاجتها داعية‬
‫إىل فرقته‪ ،‬وال تصل إليها إال ببذل العوض‪ ،‬فأبيح هلا ذلك ‪.‬‬
‫‪-‬النوع الثاين ‪ :‬حمرم وهو أن يعضل الرجل زوجته بأذاه هلا‪ ،‬ومنعها حقها ظلما‪ ،‬لتفتدي‬
‫ض ما‬ ‫وه َّن ِلت ْذه ُبوا ِبب ْع ِ‬ ‫ض ُل ُ‬ ‫ِ ِِ‬
‫نفسها منه‪ ،‬فهذا حمرم‪ ،‬ل أق ْوله تأت أع أاىل‪{ :‬ولا ت ْع ُ‬
‫وه َّن} ‪.‬‬
‫(‪)4( )3‬‬
‫م ُ‬ ‫آتيْ ُت ُ‬
‫سابعا‪ :‬هل الخلع فسخ أم طالق؟‬ ‫ً‬
‫اختلف العلماء يف كون اخللع فسخا أو طالقا والراجح واهلل أعلم أن اخللع فسخ بائن ال‬
‫طالق‪ ،‬سواء أوقعه بلفظ الفسخ‪ ،‬أو الطالق‪ ،‬أو اخللع‪ ،‬أو الفداء أو غري ذلك‪.‬‬
‫فاخللع فسخ بأي لفظ كان ما دام أنه بعوض‪ ،‬ال ينقص به عدد الطالق‪ ،‬فهو فرقة بائنة‪،‬‬
‫وفسخ للنكاح‪ ،‬وليس من الطلقات الثالث‪ ،‬إمنا هو فسخ للنكاح ملصلحة املرأة‪ ،‬مقابل ما‬
‫افتدت به‪ ،‬تأبِني به الزوجة‪ ،‬وال رجعة فيه‪ ،‬وتعتد منه حبيضة‪ ،‬ويباح يف احليض وحتل له بعقد‬
‫جديد إن رضيت وإن خالعها عدة مرات‪.‬‬

‫(‪ )1‬انطر األحوال الشخصية أليب زهرة ص‪ ، 301‬وانظر ‪ :‬الفقه امليسر للدكتور عبد اهلل املطلق وآخرين ‪.78/5‬‬
‫(‪ )2‬سورة البقرة‪ ،‬اآلية (‪.)229‬‬
‫(‪ )3‬سورة النساء‪ ،‬اآلية (‪.)19‬‬
‫(‪ )4‬انظر ‪ :‬الكايف يف فقه اإلمام أمحد البن قدامة ‪.96/3‬‬

‫‪- 123 -‬‬


‫وقد ذكر اهلل الطالق واخللع يف آية واحدة مما يدل على أهنما خمتلفان‪.‬‬
‫س ِر يح‬ ‫مساك ِبم ْع ُروف أ ْو ت ْ‬ ‫ان فإِ ْ‬ ‫اق م َّرت ِ‬ ‫الطل ُ‬ ‫‪ - 1‬قال اهلل تعاىل‪َّ { :‬‬
‫وه َّن شيْئا إِ َّلا أ ْن‬ ‫م ُ‬ ‫ما آتيْ ُت ُ‬ ‫م أ ْن تأْ ُخ ُذوا ِم َّ‬ ‫ل ل ُك ْ‬‫ِبإِ ْحسان ولا ي ِح ُّ‬
‫م أ َّلا ُي ِقيما ُح ُدود ال َّل ِه فلا‬ ‫َّ‬
‫يخافا ألا ُي ِقيما ُح ُدود الل ِه فإِ ْن ِخ ْف ُت ْ‬
‫َّ‬
‫ود ال َّل ِه فلا ت ْعت ُدوها وم ْن‬ ‫ت ِب ِه تِ ْلك ُح ُد ُ‬ ‫ُجناح عليْ ِهما ِفيما ا ْفتد ْ‬
‫مون }‬ ‫الظا ِل ُ‬‫م َّ‬ ‫ه ُ‬‫يتع َّد ُح ُدود ال َّل ِه ف ُأولئِك ُ‬
‫(‪.)1‬‬

‫ت امرأةُ ثأابِ ِ‬ ‫ِ‬


‫ت‪:‬‬ ‫َّيب ‪ ‬فأت أقالأ ْ‬ ‫س بْ ِن أمشَّاس إِ أىل النِ ِّ‬ ‫ت بْ ِن قأتْي ِ‬ ‫‪ - 2‬أو أع ِن ابْ ِن أعبَّاسبقأ أال‪ :‬أجاءأ ْ أ‬
‫ول اهللِ‬‫اف ال ُك ْفأر‪ ،‬فأت أق أال أر ُس ُ‬ ‫أخ ُ‬ ‫أين أ‬ ‫ول اهللِ‪ ،‬أما أنْ ِق ُم أعلأى ثأابِت ِيف ِدين أوال ُخلُق‪ ،‬إِال ِّ‬ ‫يأا أر ُس أ‬
‫قها(‪.)3( )2‬‬ ‫‪« :‬فأتتأترِّدين علأي ِه ح ِدي أقتأه»‪ .‬فأت أقالأت‪ :‬نأتعم‪ ،‬فأترَّد ْ ِ‬
‫ت أعلأْيه‪ ،‬أو أأمأرهُ ف أف أار أ‬ ‫ْ أْ أ‬ ‫ُ أ أْ أ ُ‬
‫قال شيخ ا ِإلسالم " ذهب كثري من السلف واخللف إىل أن اخللع فسخ للنكاح؛ وليس هو‬
‫من الطلقات الثالث كقول ابن عباس والشافعي وأمحد يف أحد قوليهما‪ ،‬وليس هو من‬
‫الطالق املكروه يف األصل وهلذا يباح يف احليض؛ خبالف الطالق "(‪.)4‬‬
‫ثامناً‪ :‬عدة المختلعة‪:‬‬
‫اختلف الفقهاء يف عدة املختلعة على قولني‪:‬‬
‫‪ -‬القول األول‪ :‬أن املختلعة تعتد بثالثة قروء‪ ،‬كعدة املطلقة‪ :‬وبه قال أبو حنيفة ومالك‬
‫والشافعي وأمحد يف رواية عنه واستدلوا مبا يلي‪:‬‬
‫س ِه َّن ثلاثة ُق ُروء }(‪ )5‬ووجه‬
‫صن ِبأن ُف ِ‬
‫ات يتربَّ ْ‬ ‫مط َّلق ُ‬‫بقوله تعاىل‪ { :‬وا ْل ُ‬
‫الداللة إن اهلل تعاىل بني أن عدة املطلقة ثالثة قروء‪ .‬واخللع طالق‪ ،‬فتدخل يف عموم‬
‫اآلية(‪.)6‬‬

‫(‪ )1‬سورة البقرة‪ ،‬اآلية (‪.)229‬‬


‫(‪)2‬أخرجه البخاري حديث رقم [ ‪.]5276‬‬
‫(‪ )3‬انظر ‪ :‬موسوعة الفقه اإلسالمي حملمد بن إبراهيم التوجيري ‪.232/4‬‬
‫(‪ )4‬انظر ‪ :‬جمموع الفتاوى ‪. 91/32‬‬
‫(‪ )5‬سورة البقرة‪ ،‬اآلية (‪.)228‬‬
‫(‪ )6‬انظر‪ :‬تفسري ابن كثري‪.276/1‬‬

‫‪- 124 -‬‬


‫‪ -‬القول الثاين‪ :‬تعتد املختلعة حبيضة واحدة‪ ،‬ويروى ذلك عن ابن عباس وابن عمر يف آخر‬
‫قوليه‪ ،‬ورواية عن اإلمام أمحد اختارها ابن تيمية‪ ،‬وابن القيم واستدلوا مبا يلي‪:‬‬
‫ثابت ب ِن قيس اختلعت من زوجها على‬ ‫أن امرأ أة ِ‬
‫‪ -‬ما رواه أبو داود عن ابن عباس قال‪َّ (( :‬‬
‫النيب ‪ ‬أن َّ‬
‫تعتد حبيضة)) (‪.)1‬‬ ‫ِ‬
‫النيب ‪ ،‬فأمرها ُّ‬‫عهد ِّ‬
‫(‪)3( )2‬‬
‫‪-‬عن ابن عمر قال ‪(( :‬عدة املختلعة حيضة)) ‪.‬‬
‫الراجح‪ :‬هو قول من قال إن عدة املختلعة حيضة واحدة‪.‬‬
‫مخالفات الخلع ‪:‬‬
‫‪ -‬من املخالفات اليت تقع فيها كثري من النساء يف مسألة اخللع هي أن تتقدم املرأة للقاضي‬
‫بطلب اخللع رغم وجود عيب يف زوجها سواء كان عيبا يف دينه أو خ ْلقه أو ُخلُقه ‪،‬‬
‫وهذا اإلجراء يوقع املرأة يف الضرر مرتني ‪ ،‬الضرر الواقع عليها من زوجها ‪ ،‬و العوض‬
‫الذي ستعيده إىل الزوج مرة أخرى و النيب ‪ ‬قال ‪ « :‬ال ضرر وال ضرار »ومن قواعد‬
‫الشريعة اإلسالمية أن الضرر يزال ‪.‬‬
‫لذلك فإن املرأة إذا كان يف زوجها عيب ديين أو خ ْلقي أو ُخلُقي فلها أن تطلب من القاضي‬
‫فسخ النكاح مباشرة وبدون عوض ألن طلب الفسخ لوجود عيب يف الزوج من حق املرأة يف‬
‫الشريعة اإلسالمية (‪.)4‬‬
‫‪ -‬ومن املخالفات ما يقوم به بعض األزواج من أذية الزوجة واإلضرار هبا أو منعها حقها‬
‫ظلما لتفتدي بنفسها منه وهذا أمر حمرم يف الشريعة ال جيوز للزوج ممارسته كما سبق بيانه‬
‫بدليله ‪.‬‬

‫(‪ )1‬أخرجه الرتمذي‪ ،‬حديث رقم [‪.]1185‬‬


‫(‪ )2‬أخرجه ابو داود‪ ،‬حديث رقم [‪.]2230‬‬
‫(‪ )3‬انظتتر ‪ :‬انظتتر املغتتين البتتن قدامتتة ‪ ، 97/8‬و صتتحيح فقتته الستتنة وأدلتتته وتوضتتيح متتذاهب األئمتتة لكمتتال بتتن الستتيد‬
‫مالك ‪.359/3‬‬
‫(‪ )4‬انظر ‪ :‬ضمانات حقوق املرأة الزوجية حملمد بن يعقوب الدهلوي ص ‪.117‬‬

‫‪- 125 -‬‬


‫اخلالصة‬

‫• اخللع لغة‪ :‬من الفعل (خلع) وهو النزع والتجريد واإلزالة‪ ،‬فخلع الرجل ثوبه‪ ،‬أي‬
‫أزاله(‪ ،)1‬منها حديث كعب بن مالك ‪ (( : ‬إن من توبيت أن أخنلع من مايل‬
‫صدقة)) (‪. )2‬‬
‫• اخللع شرعا‪ :‬عرف الفقهاء اخللع تعريفات كثرية منها‪ :‬فراق الزوج لزوجته بعوض‬
‫بألفاظ خمصوصة(‪.)3‬‬
‫• تنقسم ألفاظ اخللع إىل قسمني ‪ :‬ألفاظ صرحية‪ ،‬ألفاظ كناية‪.‬‬
‫‪ -1‬عرف اخللع لغة وشرعا‪.‬‬
‫‪ -2‬اشرح أحكام اخللع‪ ،‬ومشروعته‪.‬‬ ‫التقويم‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬لسان العرب‪.72/8‬‬


‫(‪ )2‬أخرجه البخاري ‪ ،‬حديث رقم [‪.]6690‬‬
‫(‪ )3‬انظر ‪ :‬شرح منتهى اإلرادات للبهوِت ‪ ،107/3‬احملرر أليب الربكات ‪.44/2‬‬

‫‪- 126 -‬‬


‫مصادر التعلم‬

‫الزواج العريف املشكلة واحلل والزواج السري ونكاح املتعة والزواج العريف عند‬ ‫‪-1‬‬
‫املسيحية وزواج املسيار‪ ،‬عبد رب النيب على اجلارحي‪.‬‬
‫الزواج العريف داخل اململكة العربية السعودية وخارجها دراسة فقهية واجتماعية‬ ‫‪-2‬‬
‫نقدية‪ ،‬عبد امللك بن يوسف املطلق‪.‬‬
‫األحوال الشخصية‪ ،‬حممد أبو زهرة‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫أحكام الزواج‪ ،‬البن تيمية‪.‬‬ ‫‪-4‬‬

‫‪- 127 -‬‬


‫صمم ورقة حبثية عن مكانة املرأة يف اإلسالم ويف التوراة واإلجنيل‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫صمم ورقة حبثية عن التبين يف اإلسالم‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫صمم ورقة حبثية عن الزواج العريف‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫صمم ورقة حبثية عن اخللع يف اإلسالم‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫تقومي الوحدة الثالثة‬


‫عرف األسرة يف اللغة واالصطالح‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫اشرح مقاصد تكوين األسرة يف اإلسالم‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫بني مقومات األسرة يف اإلسالم‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫وضح أركان األسرة يف اإلسالم‪.‬‬ ‫‪-4‬‬

‫‪- 128 -‬‬


‫عرف اخلطبة يف اللغة واالصطالح‪ ،‬وحكمها الشرعي‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫وضح مقاصد اخلطبة يف اإلسالم‪.‬‬ ‫‪-6‬‬
‫ناقش املخالفات الشرعية يف اخلطبة‪ ،‬وأسباهبا‪.‬‬ ‫‪-7‬‬
‫أباح الشرع للخاطب النظر إىل خمطوبته‪ ،‬ناقش ذلك موضحا شروط النظر‪.‬‬ ‫‪-8‬‬
‫تكلم عن احملرمات من النساء‪.‬‬ ‫‪-9‬‬
‫قارن بني معايري اختيار الزوج‪ ،‬ومعايري اختيار الزوجة يف اإلسالم‪.‬‬ ‫‪-10‬‬
‫عرف النكاح‪ ،‬وحكمه شرعا‪.‬‬ ‫‪-11‬‬
‫اشرح أركان النكاح‪.‬‬ ‫‪-12‬‬
‫تكلم عن شروط النكاح‪.‬‬ ‫‪-13‬‬
‫ناقش شروط النكاح‪.‬‬ ‫‪-14‬‬
‫قارن بني نكاح املتعة والتحليل والشغار‪.‬‬ ‫‪-15‬‬
‫ناقش املخالفات الشرعية يف الزواج‪ ،‬وأسباهبا‪.‬‬ ‫‪-16‬‬
‫عرف العضل لغة‪ ،‬واصطالحا‪ ،‬وحكمه شرعا‪ ،‬وأسبابه‪.‬‬ ‫‪-17‬‬
‫ناقش احلقوق الزوجية يف اإلسالم‪.‬‬ ‫‪-18‬‬
‫قارن بني حقوق الزوج وحقوق الزوجة يف اإلسالم‪.‬‬ ‫‪-19‬‬
‫عرف الطالق لغة واصطالحا‪ ،‬حكمه الشرعي‪.‬‬ ‫‪-20‬‬
‫قارن بني الطالق واخللع‪.‬‬ ‫‪-21‬‬
‫ناقش املخالفات الشرعية يف الطالق‪.‬‬ ‫‪-22‬‬
‫عرف العدة يف اللغة واالصطالح‪ ،‬وأنواعها‪ ،‬واحلكمة منها‪.‬‬ ‫‪-23‬‬
‫المواضيع المقترحة للمشاركات الطالبية‬

‫وقفات تدبرية من كتاب اهلل ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬


‫صفحات من سرية النيب ‪ ، ‬وسائر األنبياء عليهم السالم‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫صفحات من سري الصحابة والتابعني والصاحلني يف املاضي واحلاضر ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫صور ومناذج للمرأة القدوة ‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫تعامل النيب ‪ ‬مع زوجاته يف اجلانب اإلنساين ‪.‬‬ ‫‪-5‬‬

‫‪- 129 -‬‬


‫تعامل النيب ‪ ‬مع زوجاته يف اجلانب التعاوين ‪.‬‬ ‫‪-6‬‬
‫تعامل النيب ‪ ‬مع زوجاته يف اجلانب اجلمايل ‪.‬‬ ‫‪-7‬‬
‫تعامل النيب ‪ ‬مع زوجاته يف اجلانب الرتفيهي ‪.‬‬ ‫‪-8‬‬
‫احلوار ‪ :‬معناه ‪ ،‬وأصوله ‪ ،‬وآدابه ‪.‬‬ ‫‪-9‬‬
‫‪ -10‬احلجاب ‪ :‬تعريفه ‪ ،‬حكمه ‪ ،‬أدلته ‪ ،‬حكمته ‪ ،‬ملاذا التساهل يف احلجاب ؟‬
‫وسائل احملافظة على احلجاب ‪ ،‬شبهات حول احلجاب ‪.‬‬
‫‪ -11‬تعدد الزوجات ‪ :‬حكم التعدد ‪ ،‬وأدلته ‪ ،‬وضوابطه ‪ ،‬والشبهات املثارة حوله ‪،‬‬
‫ِحكم تعدد زوجات النيب ‪. ‬‬
‫‪ -12‬اللعان ‪ :‬تعريفه ‪ ،‬شروطه ‪ ،‬حكمه ‪ ،‬ما يرتتب عليه ‪.‬‬
‫‪ -13‬الظهار ‪ :‬تعريفه ‪ ،‬حكمه ‪ ،‬ألفاظه ‪ ،‬ما يرتتب على الظهار ‪.‬‬
‫‪ -14‬اإليالء ‪ :‬تعريفه ‪ ،‬حكمه ‪ ،‬احلكمة من مشروعيته‬
‫‪ -15‬القذف ‪ :‬تعريفه ‪ ،‬حكمه ‪ ،‬حكمة حترميه ‪ ،‬العقوبة واملخاطر املرتتبة على‬
‫القذف‪.‬‬
‫‪ -16‬الرشوة ‪ :‬تعريفها ‪ ،‬حكمها ‪ ،‬الفرق بني الرشوة واهلدية ‪ ،‬مضار الرشوة وأثرها يف‬
‫إفساد العالقات االجتماعية ‪.‬‬
‫‪ -17‬القنوات الفضائية ‪.‬‬
‫‪ -18‬العوملة ‪ :‬مفهوم العوملة ‪ ،‬أنواع العوملة ‪ ،‬كيف نتعامل مع العوملة ؟ ‪ ،‬دور الشباب‬
‫يف مواجهة العوملة ‪.‬‬
‫‪ -19‬الليربالية ‪ :‬مفهومها ‪ ،‬نشأهتا ‪ ،‬خصائصها ‪ ،‬خطورهتا ‪ ،‬موقف اإلسالم منها ‪.‬‬
‫‪ -20‬ثقافة االستهالك لدى اجملتمع ‪.‬‬
‫‪ -21‬البيع ‪ :‬تعريفه ‪ ،‬حكمه ‪ ،‬أدلته ‪ ،‬شروطه وضوابطه ‪.‬‬
‫‪ -22‬حترمي الربا ودوره يف حتقيق األمن االقتصادي ‪ :‬تعريف الربا ‪ ،‬أسباب حترمي الربا ‪،‬‬
‫دور حترمي الربا يف حتقيق األمن االقتصادي ‪ ،‬الفوائد االقتصادية لتحرمي الربا ومنعه‬
‫‪.‬‬

‫‪- 130 -‬‬


‫‪ -23‬حقوق اإلنسان ‪ :‬املقصود حبقوق اإلنسان ‪ ،‬حقوق اإلنسان يف اإلسالم ‪،‬‬
‫حقوق اإلنسان بني اإلسالم والغرب ‪ ،‬األسرة واملرأة بني حقوق اإلنسان يف‬
‫اإلسالم وحقوقه يف الغرب ‪.‬‬
‫‪ -24‬حقوق الوالدين ‪.‬‬
‫‪ -25‬حقوق الطفل يف اإلسالم ‪.‬‬
‫‪ -26‬حقوق اجلار ‪.‬‬
‫‪ -27‬حقوق األصدقاء واملعارف من املسلمني ‪.‬‬
‫‪ -28‬حقوق املرضى ‪.‬‬
‫‪ -29‬حقوق اليتيم ‪.‬‬
‫‪ -30‬حقوق كبار السن ‪.‬‬
‫‪ -31‬حقوق الفقراء واملساكني ‪.‬‬
‫‪ -32‬حقوق اخلدم ‪.‬‬
‫‪ -33‬حقوق املوتى ‪.‬‬
‫‪ -34‬حقوق غري املسلمني يف دولة اإلسالم ‪.‬‬
‫‪ -35‬عمل املرأة ‪ :‬مشروعيته ‪ ،‬وجماالته ‪ ،‬وضوابطه ‪.‬‬
‫‪ -36‬الشورى يف اإلسالم ‪ :‬تعريف الشورى ‪ ،‬أدلتها ‪ ،‬أهل الشورى ‪ ،‬مهام أهل‬
‫الشورى ‪ ، ،‬الفرق بني الشورى والدميقراطية ‪.‬‬
‫‪ -37‬دور األم يف الرتبية الدينية واخللقية ‪.‬‬
‫‪ -38‬دور األم يف الرتبية العقلية واجلسمية ‪.‬‬
‫‪ -39‬دور األم يف الرتبية االجتماعية واجلنسية ‪.‬‬
‫‪ -40‬مظاهر وعادات ينبذها اإلسالم ( هذا اجملال مفتوح للطالب والطالبة ) ‪.‬‬
‫‪ -41‬وسائل التواصل االجتماعي ‪ :‬تعريفها ‪ ،‬أثرها ‪ ،‬كيفية التعامل معها ‪ ،‬سلبياهتا‬
‫وآثارها ‪.‬‬

‫‪- 131 -‬‬


‫‪ -42‬اإلرهاب ‪ :‬ما املقصود باإلرهاب ؟ اإلرهاب واجلهاد ‪ ،‬احلكم الشرعي لإلرهاب‬
‫‪ ،‬عالقة الغرب باإلرهاب ‪.‬‬
‫‪ -43‬أخالقيات املهنة ‪.‬‬
‫‪ -44‬العمل التطوعي ‪ :‬مفهومه ‪ ،‬ومشروعيته ‪ ،‬وأهدافه ‪.‬‬
‫‪ -45‬األخالق يف ميزان اإلسالم ‪.‬‬
‫‪ -46‬اإلشاعة يف ميزان اإلسالم ‪.‬‬

‫الفهرس‬
‫الصفحة‬ ‫احملتويات‬
‫‪1‬‬ ‫مقدمة املقرر‬
‫‪4‬‬ ‫األهداف العامة للمقرر‬
‫‪5‬‬ ‫وحدات املقرر‬
‫‪6‬‬ ‫األهداف العامة للوحدة األوىل‬
‫‪7‬‬ ‫اجملتمع( املفهوم املكونات األساسية)‬
‫‪9‬‬ ‫تعريف اجملتمع املسلم‬
‫‪11‬‬ ‫جمتمع ملتزم بالشرع‬

‫‪- 132 -‬‬


‫الصفحة‬ ‫احملتويات‬
‫‪12‬‬ ‫جمتمع جاد‬
‫‪14‬‬ ‫جمتمع متسامح‬
‫‪15‬‬ ‫جمتمع آمن‬
‫‪15‬‬ ‫مفهوم األمن وجماالته‬
‫‪16‬‬ ‫عوامل حتقيق األمن يف اجملتمع اإلسالمي‬
‫‪17‬‬ ‫القواعد الوقائية من الشبهات الفكرة املعاصرة‬
‫‪23‬‬ ‫جمتمع متناصح‬
‫‪24‬‬ ‫تعريف األمر باملعروف والنهي عن املنكر‬
‫‪24‬‬ ‫أمهية األمر باملعروف والنهي عن املنكر‬
‫‪26‬‬ ‫حكم األمر باملعروف والنهي عن املنكر‬
‫‪27‬‬ ‫وسائل األمر باملعروف والنهي عن املنكر‬
‫‪29‬‬ ‫شروط األمر باملعروف والنهي عن املنكر‬
‫‪31‬‬ ‫قواعد يف األمر باملعروف والنهي عن املنكر‬
‫‪32‬‬ ‫هيئة األمر باملعروف والنهي عن املنكر‬
‫‪35‬‬ ‫اخلالصة‬
‫‪36‬‬ ‫التقومي‬
‫‪37‬‬ ‫مصادر التعلم‬
‫‪38‬‬ ‫ملف اإلجناز‬
‫‪39‬‬ ‫التقومي‬
‫‪40‬‬ ‫الوحدة الثانية‬
‫‪41‬‬ ‫مقدمة‬
‫‪43‬‬ ‫االحنراف اجلنسي‬
‫‪43‬‬ ‫التعريف‬
‫‪43‬‬ ‫حكمه الشرعي‬
‫‪44‬‬ ‫حترمي اإلسالم للمقدمات املفضية للزنا‬
‫‪45‬‬ ‫صفات اللباس الشرعي‬
‫‪46‬‬ ‫عقوبته الدنيوية‬

‫‪- 133 -‬‬


‫الصفحة‬ ‫احملتويات‬
‫‪46‬‬ ‫عقوبته األخروية‬
‫‪47‬‬ ‫اآلثار املرتتبة على هذه الفواحش‬
‫‪48‬‬ ‫مقارنة اجملتمعات اإلسالمية بغريها يف هذا الباب‬
‫‪50‬‬ ‫وسائل الوقاية من االحنراف اجلنسي‬
‫‪51‬‬ ‫اخلالصة‬
‫‪51‬‬ ‫التقومي‬
‫‪52‬‬ ‫املخدرات واملسكرات‬
‫‪52‬‬ ‫تعريفها‬
‫‪52‬‬ ‫حكمها الشرعي‬
‫‪53‬‬ ‫عقوبتها‬
‫‪53‬‬ ‫عقوبتها األخروية‬
‫‪54‬‬ ‫األضرار املرتتبة على تعاطي املسكرات واملخدرات‬
‫‪56‬‬ ‫اخلالصة‬
‫‪56‬‬ ‫التقومي‬
‫‪57‬‬ ‫التدخني‬
‫‪57‬‬ ‫مقدمة‬
‫‪58‬‬ ‫حكم التدخني‬
‫‪59‬‬ ‫أضرار التدخني‬
‫‪61‬‬ ‫سبل الوقاية‬
‫‪63‬‬ ‫اخلالصة‬
‫‪63‬‬ ‫التقومي‬
‫‪64‬‬ ‫التقليد والتبعية لغري املسلمني‬
‫‪64‬‬ ‫تعريف التقليد‬
‫‪64‬‬ ‫أشكال وجماالت التقليد‬
‫‪65‬‬ ‫خطورة التقليد‬
‫‪66‬‬ ‫سبب تقليد املسلم لغريه‬
‫‪66‬‬ ‫وسائل معاجلة ظاهرة التقليد‬

‫‪- 134 -‬‬


‫الصفحة‬ ‫احملتويات‬
‫‪67‬‬ ‫اخلالصة‬
‫‪67‬‬ ‫التقومي‬
‫‪68‬‬ ‫مصادر التعلم‬
‫‪69‬‬ ‫ملف اإلجناز‬
‫‪70‬‬ ‫تقومي الوحدة الثانية‬
‫‪71‬‬ ‫الوحدة الثالثة‬
‫‪72‬‬ ‫مفهوم األسرة‬
‫‪73‬‬ ‫املقاصد الشرعية من تكوين األسرة‬
‫‪75‬‬ ‫مقومات األسرة‬
‫‪76‬‬ ‫وسائل حتقيق املودة والرمحة بني الزوجني‬
‫‪78‬‬ ‫أركان األسرة‬
‫‪81‬‬ ‫اخلالصة‬
‫‪82‬‬ ‫التقومي‬
‫‪83‬‬ ‫اخلطبة‬
‫‪83‬‬ ‫مقدمة‬
‫‪83‬‬ ‫مشروعية اخلطبة‬
‫‪84‬‬ ‫مدة اخلطبة‬
‫‪84‬‬ ‫املخالفات الشرعية يف اخلطبة‬
‫‪84‬‬ ‫شروط إباحة النظر إىل املخطوبة‬
‫‪88‬‬ ‫املرأة اليت حيل خطبتها‬
‫‪95‬‬ ‫معايري االختيار بني الزوجني‬
‫‪99‬‬ ‫اخلالصة‬
‫‪100‬‬ ‫التقومي‬
‫‪101‬‬ ‫أحكام النكاح‬
‫‪101‬‬ ‫تعريف النكاح‬
‫‪101‬‬ ‫حكم النكاح‬
‫‪104‬‬ ‫أركان النكاح‬

‫‪- 135 -‬‬


‫الصفحة‬ ‫احملتويات‬
‫‪105‬‬ ‫األلفاظ اليت يعقد هبا النكاح‬
‫‪108‬‬ ‫شروط النكاح‬
‫‪112‬‬ ‫اخلالصة‬
‫‪113‬‬ ‫التقومي‬
‫‪114‬‬ ‫املخالفات الشرعية يف الزواج‬
‫‪117‬‬ ‫عضل الويل‬
‫‪120‬‬ ‫اخلالصة‬
‫‪120‬‬ ‫التقومي‬
‫‪121‬‬ ‫احلقوق الزوجية‬
‫‪121‬‬ ‫حقوق الزوجة‬
‫‪129‬‬ ‫حقوق الزوج‬
‫‪137‬‬ ‫اخلالصة‬
‫‪137‬‬ ‫التقومي‬
‫‪138‬‬ ‫الطالق‬
‫‪139‬‬ ‫تعريف الطالق‬
‫‪139‬‬ ‫أقسام الطالق‬
‫‪143‬‬ ‫الرجعة بعد الطالق‬
‫‪144‬‬ ‫خمالفات الطالق‬
‫‪146‬‬ ‫العدة‬
‫‪147‬‬ ‫أنواع العدة‬
‫‪148‬‬ ‫أحكام عدة الطالق‬
‫‪149‬‬ ‫اخلالصة‬
‫‪150‬‬ ‫التقومي‬
‫‪151‬‬ ‫اخللع‬
‫‪154‬‬ ‫عدة املختلعة‬
‫‪154‬‬ ‫اخلالصة‬
‫‪155‬‬ ‫التقومي‬

‫‪- 136 -‬‬


‫الصفحة‬ ‫احملتويات‬
‫‪156‬‬ ‫مصادر التعلم‬
‫‪157‬‬ ‫ملف االجناز‬
‫‪158‬‬ ‫تقومي الوحدة الثالثة‬
‫‪159‬‬ ‫املواضيع املقرتحة للمشاركات الطالبية‬
‫‪162‬‬ ‫الفهارس‬

‫‪- 137 -‬‬

You might also like