Professional Documents
Culture Documents
ُيَع د علم االجتماع من التخصصات األكاديمية الحديثة نسبًّي ا؛ فقد ظهر في أوائل القرن التاسع عشر كرٍّد على الحداثة التي أّث رت على حياة األفراد بجعلهم
أكثر انعزالّية رغم تأثيرها اإليجابي في زيادة الترابط بين دول العالم ،وتحقيق التكامل في العالم أكثر فأكثر .ويعتبر أيضا علم االجتماع كمجال دراسي
.مجااًل منفصاًل عن العلوم الطبيعية
إذ يهتم علم االجتماع بسلوك اإلنسان ككائن اجتماعي بداًل من دراسة العالم الماّد ي ،ويعتمد بشكل أكبر على التفسير ومنهجيات البحث النوعي ،ويهتم
.بالقواعد والعمليات االجتماعية التي تربط الناس وتفصلهم كأفراد ومجموعات ومؤسسات ،وهناك توّج ه لجعل علم االجتماع علم تطبيقي أكثر
علم االجتماع هو العلم الذي ُيعنى بدراسة الحياة االجتماعية ،والسلوكيات ،والتفاعالت ،والقواعد ،والعمليات االجتماعية لألفراد والجماعات والمجتمعات،
وتشمل العلوم االجتماعّية مجموعة من التخصصات األكاديمية التي ُت عنى بفحص المجتمع ،وكيفية تفاعل الناس وتصرفاتهم مع بعضهم البعض ،والتطور
.الثقافي ،والبناء االجتماعي ،وتركيبة المجتمعات وخصائصها ومشاكلها ووظائفها ،والتأثير على العالم
الرواد المؤسسون :برز العديد من علماء االجتماع عبر التاريخ ،وكان لهم أثر بارز في تأسيس هذا العلم وتطويره ،ومن أشهرهم 1
».ابن خلدون :الذي ُيعد مؤسس علم العمران البشري و من أبرز مؤلفاته «مقدمة إبن خلدون•
.أوغست كونت :وهو أّو ل من أطلق على هذا العلم مصطلح علم االجتماع•
:و في هذا السياق يمكن مالحظة عدم وجود تعريف موّح د لعلم االجتماع
أوجست كونت :عرف أوجست كونت علم االجتماع بأنه؛ "العلم الذي يهتم بدراسة المجتمع ،ومهمته دراسة الظواهر االجتماعية دراسة وضعية علمية•،
".والكشف عن العالقة بين الظواهر المختلفة
أميل دوركايم :عرف ميل دوركايم علم االجتماع بأنه؛ "العلم الذي يهتم بدراسة البناء االجتماعي وما به من مؤسسات ،كما أّك د على دراسة الظواهر•
"االجتماعية وأنماط الحياة والمشكالت
.استطاع دوركهايم تحويل علم االجتماع إلي علم مستقل بذاته ووضع أسسه المنهجية
:وفيما يلي أهم إسهامات أميل دور كايم في مجال تأسيس علم االجتماع
.أكد أن موضوع علم االجتماع هو دراسة الحقائق أو الوقائع االجتماعية مثل األسرة 1-
.أكد أن علم االجتماع علم موضوعي يستخدم المنهج العلمي في دراسة الوقائع االجتماعية مثله مثل باقي العلوم 2-
.دعا إلي دراسة الوقائع االجتماعية كوقائع خارجة عن ذواتنا بوصفها أشياء مثلها مثل الظواهر الطبيعية 3-
.أكد أن المجتمع أكبر من مجموع أفراده ألنه يضع القواعد التي يلتزم بها األفراد 4-
.أكد علي الطابع القهري للحقائق أو الوقائع االجتماعية التي ينصاع لها الفرد مقهورا أحيانا وطواعية أحيانا أخرى 5-
:طبق دور كايم هذه المبادئ المنهجية علي دراسة التغيرات والمشكالت في المجتمع الذي كان يعيش فيه فدرس **
.االنتحار 3.
.يسعي دوركايم إلي التدليل على نمو تقسيم العمل بوصفة يمثل عملية تاريخية ضرورية ويؤدي بالتالي إلى تزايد التضامن االجتماعي بين الناس
فهذه الوظائف يؤديها الناس وقد انتظموا في ترتيب طبقي محدد تتباين فيه درجات الثروة والقوة والهيبة االجتماعية وأيضا إن تطور الصناعة وتقسيم
العمل الحاصل به لن يؤدي إلى صراع المصالح والتفكك ,لذا على الدولة االستمرار في دعم النسق األخالقي العام في المجتمع لكي اليحدث خالف ذلك
.
.يعتقد دوركايم إن هناك بعض اإلصالحات االجتماعية الضرورية التي يتعذر بدونها إقامة عدالة حقيقية وإيجاد تضامن اجتماعي قوي
.كما انه يري ال يتعين فصل األخالق عن العلم وإنما يجب إن نحاول إقامة علم أخالقي مختلف تماما عن تلك الفلسفة األخالقية
يعتقد دوركهايم أن تقسيم العمل ظاهرة ليست حديثة النشأة ولكن الجانب االجتماعي لها أخذ يظهر بوضوح منذ وآخر القرن الثامن عشر .يتفق دوركهايم
.مع وجهة نظر العالم أوجست كونت الذي يقول إن تقسيم العمل ليس مجرد ظاهرة اقتصادية وإنما شرط أساسي للحياة
يتميز المجتمع بسمات اجتماعية خاصة ,إذ يغلب على السلوك اإلنساني فيه التجانس االجتماعي ,والذي تكون فيه األفكار والمعتقدات والعادات واآلراء ,
وطرائق السلوك الفردي ولجماعي ,أما من حيث القانون واألخالق والضبط االجتماعي فهناك والء ملحوظ للضمير الجمعي الذي يعني مجموعة
المعتقدات والعواطف العامة بين أعضاء المجتمع
والتي تكون نسقا خاصا ومثل هذا الضمير العام له وجوده الخاص المتميز فهو يدوم عبر الزمن ,ويعمل على توحيد األجيال ,والضمير الجمعي يعيش
.بين األفراد لكنه يتميز بالقوة واالستقالل وبخاصة حينما تزداد رجة التشابه بين األفراد وهذا من وجهة نظر دوركايم
ينظر دوركايم إلى علم االجتماع من حيث كونه يهتم بدراسة المجتمع وما ينبعث عنه من ظواهر دراسة علمية وصفية تحليلية ولكي يحقق العلم هذه الغاية
فانه البد من منهج علمي يستطيع بفضله إلى الوصول إلى قوانين الظواهر ولقد وضع دوركهايم الخصائص التي يجب أن تتميز بها دراسات علم
:االجتماع والتي يمكن إيجازها في اآلتي
.يجب دراسة الظواهر االجتماعية باعتبارها أشياء بمعنى إن تخضع للمالحظة والتجربة 1.
.يجب على الباحث إن يتحرر من كل فكرة سابقة يعرفها عن الظاهرة حتى ال يقع أسير األفكار الشخصية 2.
.يجب على الباحث إن يبتدأ بتعريف الظاهرة التي يتخذها مادة للدراسة 3.
يجب على الباحث عند دراسة طائفة خاصة من الظواهر االجتماعية إن يبذل قصارى جهده في مالحظة هذه الظواهر من الناحية التي تبدو فيها 4.
.مستقلة عن مظاهرها الفردية
.دراسة نشأة الظاهرة والوقوف على عناصرها ألن الظاهرة شئ معقد وتتألف من أجزاء كثيرة 1.
.دراسة عالقات التي تربط الظاهرة بما عداها من الظواهر التي تنتمي إلى شعبتها 3.
.االنتفاع بمطلق المقارنة في دراسة الظواهر 4.
.الكشف عن الوظيفة االجتماعية التي تؤديها الظاهرة وما خضعت له هذه الوظيفة من تطور وذلك في ضوء دراسة تاريخ الظاهرة 5.
.تحديد القوانين التي يصل إليها الباحث من دراساته ويجب صياغة هذه القوانين بدقة ألنها هي التي تكون مادة العلم 6.
:االنتحار - 3
.ظهرت دراسة دوركايم الهامة عن االنتحار وذلك بعد مضي عامين على نشر مؤلفه قواعد
المنهج في االجتماع وأول خطوة بدئها دوركايم بأنه عرف االنتحار حيث واجه صعوبة في ذلك إلى أن خلص إلى أّن االنتحار هو كل حاالت الموت التي
.يكون نتيجة مباشرة أو غير مباشرة لفعل سلبي أو ايجابي قام به المنتحر نفسه ,وهو يعلم انه سيؤدي إلى هذه النتيجة
وبعد أن حدد دوركايم تعريف االنتحار إنتقل إلى مناقشة نقطة مهمة حيث حلل االنتحار من ناحية غير اجتماعية مثل ربط االنتحار بالمرض العقلي
وأيضا ربط االنتحار بالعوامل الكونية وأخيرا ربط االنتحار بالتقليد والمحاكاة وبعد ذلك يعتقد دوركهايم بعد أن فرغ من دراسته لجميع هذه األمور انه قد
.نجح في استبعاد العوامل الغير اجتماعية وبذلك ينتقل مباشرة إلى معالجة األسباب االجتماعية والمواقف االجتماعية التي تحدد هذه األسباب
:حاول دوركايم جمع حاالت االنتحار في ثالثة نماذج حيث يتضمن كل نموذج مجموعة من األسباب االجتماعية والنماذج الثالثة لالنتحار هي
حاول دوركايم في كتابه عن« الصور األولية للحياة الدينية » أن يقدم لنا تحليال دقيقا لصور ومصادر وطبيعة وأثار الدين من نفس ديانته السوسيولوجية.
وحاول أيضا دوركهايم أن يبحث عن أصل الدين وذلك بتحليل الدين في أكثر المجتمعات البدائية ,يعتقد دوركهايم إن التغيرات في الشكل تؤدي إلى
.تغيرات جوهرية في الطبيعة ,ويرى إن الوقوف على تطور المجتمع من البسيط إلى المركب سوف يحدد لنا مجرى التطور االجتماعي
.يؤكد دوركهايم على أن علم االجتماع له منهجا مخالفا لدراسة الظاهرة الدينية ,الدين بالنسبة لدوركهايم يجب أن يدرس كحقيقة اجتماعية
.دوركايم يرفض تفسير الدين على أنه نتاج تقسيمات عقلية زائفة أو توهم ناجما عن ضغط مشاعر معينة
حاول دوركايم معرفة أصل الديانات من خالل إحدى القبائل االسترالية التي تسمى االرونتا والتي كانت في نظره تمثل مرحلة أولى في النمو التطوري
فوجد أن أصل الديانات ديانة تعرف باسم التوتمية وهي أكثر صور الدين بساطة وتشير الطوطميةإلى اعتقاد داخلي في قوة غيبية أو مقدسة أو في مبدأ
.يحدد مجموعة من الجزاءات يتعين تطبيقها على كل من يحاول انتهاك المحرمات ويعمل في الوقت ذاته على دعم المسؤوليات األخالقية في الجماعة
إن نمط المجتمع عند دوركهايم يقوم على صورة التماسك االجتماعي السائدة في مجتمع فثمة مجتمع يسوده التماسك اآللى واالنخفاض في تقسيم العمل
:وثمة مجتمع آخر يسوده التماسك العضوي ويتميز بتعقد تقسيم العمل ويصور الجدول التالي أنماط التماسك االجتماعي عند دوركهايم
.السلوك يسيطر عليه التقاليد ومعتقدات وآراء متماثلة تزايد الفردية وينمي التخصص في العمل الفردي 1
القوانين واألخالق والضوابط االجتماعية يتحكم فيه العقاب القهري التأكيد على الصواب والعقاب 2
البناء السياسي لالجتماعات العامة و قيام عالقات التعاقد بين الحكومة والمواطنين 3
الدين الطوطمية والنزعة القبلية والتعصب لموطن اإلقامة وحدانية هللا 5
.االنتحار الغيري في سبيل المجاعة األناني واالنتحار باال مبرر نتيجة االنحراف عن المعايير 6
أشار دوركهايم أكثر من مرة إلى ما أطلق عليه «الفروع الخاصة» لعلم االجتماع وكان يحبذ صراحة ازدهار هذه الفروع ونموها على نطاق واسع »==
.وقال في هذا "إن علم االجتماع ال يستطيع أن يصبح علما إال إذا تخلى عن دعواه األولى في الدراسة الشاملة للواقع االجتماعي برمته ،وإال إذا ميز بين
" .مزيد من األجزاء والعناصر ،والجوانب التي يمكن أن تتخذ موضوعات لمشكالت محددة
وقد أيد دوركهايم البدء في علم االجتماع بالمرحلة التي أسماها كونت مرحلة التخصص .وقبل دوركايم صراحة فكرة أن علم االجتماع يجب أن يختص
بطائفة واسعة من النظم والعمليات االجتماعية .وكتب على سبيل المثال في كتابه «قواعد المنهج في علم االجتماع»أن علم االجتماع " شأنه شأن الكثير
.من العلوم االجتماعية " له من الفروع بقدر التنوعات الموجودة في الظاهرات االجتماعية