You are on page 1of 27

‫شعبة علم النفس‬

‫أسس علم االجتماع‬

‫األستاذ ياسين يسني‬


‫السنة الدراسية ‪2023-2022‬‬
‫)‪MAUSS MARCEL (1872-1950‬‬
‫مارسيل موس‬

‫‪ ‬مراسيل موس سوسيولوجي واثنولوجي فرنسي‪.‬‬


‫‪ ‬ابن أخت دوركايم وأحد أهم حاملي مشعل التقليد البحثي‬
‫الدوركايمي‪.‬‬
‫‪ ‬االثنولوجيا حقل معرفي اهتم بترتيب االثنيات ودراستها‪.‬‬

‫‪ ‬ارتبطت نشأة االثنولوجيا بشكل كبير بأعمال مورغان وتايلور‪.‬‬


‫• سيلعب موس دورا كبيرا في مأسسة علم‬
‫االثنولوجيا‪ ،‬حيث سيكون من مؤسسي معهد‬
‫االثنولوجيا سنة ‪.1926‬‬

‫• سينشر مارسيل موس أعماال مهمة في هذا‬


‫اإلطار ونخص بالذكر هنا دراسته الشهيرة‬
‫حول الهبة والتضحية‪.‬‬
‫• المدرسة الدوركايمية‪،‬‬
‫ستعرف نجاحا مهما مع‬
‫االثنولوجيا‪ ،‬وخاصة أعمال‬
‫مراسيل موس الذ سيطور‬
‫بشكل كبير المنهج‬
‫الدوركايمي وهذا ما يمكننا‬
‫التعرف عليه من خالل عمله‬
‫الشهير حول الهبة‪.‬‬
‫• في مقاله حول الهبة المقتطف‬
‫من عمل كبير حول أشكال‬
‫التبادل في المجتمعات‬
‫العتيقة‪ ،‬سيضع مارسيل‬
‫موس أسس مفهوم الظاهرة‬
‫االجتماعية الكلية‪.‬‬
‫في برنامجه البحثي سيركز مارسيل موس على أربع نقط‬
‫أساسية‪:‬‬
‫‪‬أوال‪ ،‬مهمة علم االجتماع هي دراسة الواقع البشري الملموس سواء كان فرديا أو جماعيا‪ .‬موضوع علم‬
‫االجتماع ال يقتصر فقط على «االجتماعي» بل تتداخل فيه أبعاد مختلفة بيولوجية ونفسية وتاريخية‪.‬‬

‫‪‬ثانيا‪ ،‬لم يكن هدف مارسيل موس كما هو الحال بالنسبة لدوركايم إلحاق العلوم االجتماعية بعلم االجتماع‬
‫والجعل منها فروعا بل كانت غايته خلق نسق من العلوم المهتمة باإلنسان‪.‬‬

‫‪‬ثالثا‪ ،‬داخل هذه النسق المكون من العديد من العلوم االجتماعية ستهتم السوسيولوجيا بدراسة بنيات وحياة‬
‫األنساق االجتماعية أي االهتمام بدراسة المؤسسات ‪.‬‬

‫‪‬رابعا بالنسبة لمارسيل موس داخل المؤسسات هناك ظواهر تمس كل جوانب المجتمع‪ ،‬وهذه الظواهر‬
‫سينعتها بالكلية‪ .‬فهي حاضرة في كل األبعاد المؤسساتية ‪ ،‬االقتصادية والقانونية والدينية‪.‬‬
‫مشروع مارسيل موس البحثي كان يقترب كثيرا من االثنولوجيا ‪ ،‬فهو يعيد النظر في‬
‫مقولة علم خاص‪ ،‬وقد كان تصوره قريبا من ما نسميه اليوم باألنتروبولوجيا‪ .‬كما أن‬
‫الحديث عن الواقع كواقع كلي مرتبط بشكل كبير بمالحظة المجتمعات العتيقة عكس‬
‫المجتمعات المعاصرة التي يتمتع أفرادها باالختالف واالستقالل عن بعضهم البعض‬
‫ومؤسساتها تتميز بتعارض كبير مع بعضها البعض‪ .‬المجتمعات العتيقة تظهر ككل‬
‫منسجم‪ ،‬فمؤسساتها مترابطة فيما بينها وأفرادها تجمعهم‪ ،‬الكثير من القواسم‬
‫المشتركة‪ ،‬فيه هذه المجتمعات استطاع مارسيل موس دراسة الظواهر االجتماعية‬
‫الكلية‪.‬‬
‫ص‪58-57-56 :‬‬
‫الهبة كظاهرة اجتماعية كلية‬
‫‪ -‬في مقاله حول الهبة سينشر مارسيل موس جزء من نتائج بحث كبير معنون باألشكال العتيقة للعقد‪ .‬لقد‬
‫عارض مارسيل موس تصور عالم االقتصاد الكالسيكي آدم سميت الذي دافع عن وجود أشكال اقتصادية‬
‫كونية متعلقة بالتبادل المربح على مستوى السوق‪.‬‬
‫‪-‬بالنسبة لمارسيل موس نحن ال نتبادل فقط الممتلكات والثروات واألشياء النافعة فقط بل أيضا الكثير من‬
‫أشكال اللياقة والرقص واالحتفال وهي تظهر كأشكال تطوعية تخفي الكثير من االلزام‪.‬‬
‫‪ -‬لقد اهتم مارسيل موس بالهبة من خالل مالحظات اثنوغرافية لمجتمعات عتيقة‪ .‬الهبة بالنسبة له ظاهرة‬
‫اجتماعية ألنها تشكل فعال جماعيا والزاميا وكلية ألنها تتم في إطار عالقات اجتماعية‪.‬‬
‫‪ -‬الهبات التي يتبادلها الناس تأخذ الكثير من األشكال المادية والرمزية ورغم تعددها فهي خاضعة لثالث‬
‫قواعد أساسية ‪:‬‬
‫أن تهب وأن تقبل الهبة وأن ترد الهبة‪.‬‬

‫‪yassine2020@@2020 -‬‬
‫أشكال الهبة تنظم بأشكال مختلفة حسب المجتمعات لكنها تبقى خاضعة لقواعد محددة‪:‬‬

‫• يجب أوال أن تهب بشكل معين فظاهريا الوهب يجب أن يأخذ شكل فعل طوعي وحر ويعبر‬
‫عن المودة‪.‬‬

‫• ويجب أيضا قبول الهبة بشكل مناسب وفيه الكثير من الكياسة‪.‬‬

‫• وأخيرا يجب أن ترد الهبة بشكل جيد من دون افراط أو تفريط في موضوع الهبة ومن‬
‫دون تأخر أو تسرع‪.‬‬
‫البوتالتش‬
‫تتجسددد الهبددة فددي شددكلها القددديم فددي طقددوس البددوتالتش ف دي القبائددل‬
‫العتيقة وخاصة لدى قبائل الهنود فدي الشدمال الشدرقي مدن أمريكدا‪.‬‬
‫البوتالتش هدو تجمدع احتفدالي كبيدر تحضدر فيده الكثيدر مدن أشدكال‬
‫التبدادل‪ ،‬وتتندافس خاللده القبائدل فيمدا بينهدا مدن خدالل تددمير أكبدر‬
‫عددد مددن الممتلكدات‪ .‬فالقبيلددة التددي تددمر أكبددر عددد مددن الممتلكددات‬
‫تستطيع وضع القبيلة المنافسة في وضع حرج ومهين‪ ،‬بينما القبيلة‬
‫الفائزة تحصل على الحظوة واالعتراف االجتماعي‪.‬‬
‫ص‪51:‬‬
‫وظائف الهبة‬
‫إن الهبة وسيلة لخلق العالقات االجتماعية ومد جسور التواصل‬
‫مع اآلخر لكن من الممكن أن تأخذ شكل عنف رمزي ممارس‬
‫على اآلخر وخاصة الشخص غير القادر على رد الهبة‪ .‬سيعمل‬
‫ليفي ستراوس على تطوير أفكار مارسيل موس حول الهبة‬
‫وخاصة في حديثه عن التبادل كفعل اجتماعي أساسي لبناء‬
‫‪.‬‬ ‫البشرية‬ ‫الجماعات‬ ‫بين‬ ‫التحالفات‬
‫النظرية الوظيفية‬
‫• الوظيفة مفهوم متعدد المعاني ارتبط في البداية بالبيولوجيا‪ ،‬ويحيل إلى مساهمة العنصر‬
‫(العضو) في الحفاظ على حياة مجموع منظم (جهاز عضوي)‪ .‬بتعبير آخر التحليل الوظيفي‬
‫يعتبر أن للظاهرة االجتماعية في المجتمع الذي توجد فيه غاية يجب الكشف عنها والبحث‬
‫عن مدى مساهمتها في الحفاظ على االشتغال العادي للمجتمع‪.‬‬

‫• التفسير الوظيفي سيظهر في القرن التاسع عشر في اللحظة التي كان يحاول فيها‬
‫األنتروبولوجيون والسوسيولوجيون دراسة الظواهر االجتماعية كما تدرس الظواهر‬
‫البيولوجية‪.‬‬
‫• يعتبر دوركايم األب الروحي للنظرية الوظيفية ألنه اعتبر أن الغاية األساسية من‬
‫المؤسسات االجتماعية هي إشباع الحاجات االجتماعية لألفراد‪.‬‬
‫• كما شدد في تفسير الظواهر االجتماعية على البحث في أسباب وجودها ووظائفها‬
‫االجتماعية‪.‬‬
‫• علة الظاهرة االجتماعية ووظائفها تمكن باألساس في التضامن االجتماعي والحفاظ على‬
‫المجتمع ككل عضوي‪.‬‬
‫• يحضر التفسير الوظيفي في مؤلف "األشكال األولية للحياة الدينية"‪ ،‬فهو لم ينظر إلى الدين‬
‫كخرافة وأسطورة بل كمكون وظيفي داخل المجتمع ‪ ،‬فهو عامل وحدة و تضامن داخل‬
‫المجتمع‪.‬‬
‫• في العلوم االجتماعية الوظيفية ليست تيارا بحثيا موحدا استطاع أن يجمع من حوله الكثير‬
‫من المقترحات المتوافقة‪ .‬يجب النظر إلى الوظيفية كنمط تفسير مرتبط بالعديد من النظريات‬
‫المختلفة‪.‬‬
‫• هناك مسلمتين منهجيتين يقوم عليهما التفسير الوظيفي‪:‬‬
‫أوال‪ ،‬اعتبار أن كل الظواهر االجتماعية يجب تفسيرها من خالل نتائجها‪.‬‬

‫ثانيا‪ ،‬يجب إرجاع كل هذه النتائج إلى المجتمع ككل‪ ،‬أي إلى النسق االجتماعي ككل‪.‬‬
‫التيار البحثي الوظيفي سينقسم إلى ثالثة تيارات فرعية‪:‬‬
‫‪ -‬الوظيفية المطلقة‪(.‬مالينوفسكي)‬
‫• الوظيفية البنيوية‪(.‬بارسنز)‬
‫• الوظيفية النسبية‪(.‬مورتن)‬
‫الوظيفية المطلقة‪(.‬مالينوفسكي)‬
‫برونيسالف كاسبر مالينوفسكي )‪-)1942 -1884 Bronisław Malinowski‬أنتروبولوجي بولندي‪.‬‬

‫• مالينوفسكي أنتربولوجي بريطاني‪ ،‬اشتهر‬


‫بدراساته الميدانية حول سكان جزر‬
‫تروبرياند في أستراليا‪.‬‬
‫• يعتبر مالينوفسكي من مؤسسي النظرية‬
‫الوظيفية‪ ،‬التي كانت بالنسبة له تجاوزا‬
‫لنظريات أنتربولوجية كبيرة ونخص بالذكر‬
‫هنا النظرية التطورية والنظرية االنتشارية‪.‬‬
‫تقوم النظرية الوظيفية المطلقة على مجموعة من األفكار األساسية‪:‬‬

‫• كل الوظائف الثقافية في كل المجتمعات هي استجابات لحاجات بيولوجية بما في ذلك المؤسسات‬


‫االجتماعية ‪-‬األسرة استجابة للحاجة الجنسية‪.‬‬

‫• الثقافة والمجتمع وحدة عضوية ‪ ،‬فالتقاليد والعادات االجتماعية جزء من النسق الكلي للبناء الثقافي‬
‫المتكامل في نظامه ووظائفه‪.‬‬
‫• كل عنصر ثقافي يلعب دورا ايجابيا داخل المجتمع‪.‬‬
‫"من أهداف استعمال المالبس في المناطق التي نعيش فيها حماية الجسم من درجات الحرارة المنخفضة‪.‬‬
‫المالبس تؤدي وظيفتها استجابة إلحدى حاجات الفرد البيولوجية‪ .‬غير أن هذه الحاجة موسمية‪ .‬إن المالبس‬
‫ضرورة بيولوجية في فصل الشتاء‪ ،‬ولكنها غير ضرورية‪ ،‬بل مزعجة‪ ،‬في فصل الصيف في المناطق شبه‬
‫االستوائية‪ ،‬وعلى الرغم من ذلك نرتدي المالبس طوال السنة‪ ،‬والتغيير الوحيد الذي ندخله عليها ينحصر‬
‫في ثقل المالبس والمواد المصنوعة منها‪ .‬لقد اكتسبت المالبس مجموعة من الوظائف االجتماعية التي ال‬
‫ترتبط ال من قريب أو بعيد بالحاجة البيولوجية األساسية"‪.‬‬

‫لقد اقترن مركب المالبس في ثقافتنا بما يمكن أن نطلق عليه «نشاط الجنس»‪ ،‬وهكذا أصبح هذا المركب‬
‫أساسا لمعظم معتقداتنا عن الحشمة وأصبح يلعب دورا هاما في كبت الشهوات الجنسية‪.‬‬

‫وعلى العكس من ذلك يستعمل مركب المالبس أيضا إلثارة اهتمام الجنس اآلخر وتحريك الرغبات‬
‫الجنسية‪ .‬وتسهم المالبس أيضا في تعريف الناس بالمنزلة االجتماعية للشخص الذي يرتديها‪ ...‬وأخيرا توفر‬
‫المالبس للفرد منفذا للميول الجمالية وتساعده على إشباع رغبته في الحصول على إعجاب زمالئه به»‪.‬‬

‫• (رالف لنتون‪ ،‬دراسة في اإلنسان‪ ،‬ترجمة عبد المالك الناشف‪ ،‬منشورات المكتبة العصرية‪،1964،‬‬
‫ص ‪ )519 – 517‬بتصرف‪.‬‬
‫الوظيفية البنيوية‬
‫تالكوت بارسونز )‪)1979-1902 Talcott Parsons‬‬
‫عالم اجتماع أمريكي‬

‫سيكون لبرسنر دور مهم في نقل التفسير الوظيفي من‬

‫األنتربولوجيا إلى السوسيولوجيا وسيحاول الجمع بين‬

‫ومن أهم مؤلفات بارسونز‪:‬‬ ‫الوظيفية و البنية أو ما سينعته بالبنيوية الوظيفية‪ .‬كما‬

‫بنية الفعل االجتماعي (‪،)1937‬‬ ‫سيوجه عمله نحو التحليل السوسيولوجي للمجتمع ككل‪،‬‬
‫النسق االجتماعي (‪،)1951‬‬
‫نحو نظريّة عا ّمة في الفعل (‪،)1953‬‬ ‫فالتفسير الوظيفي بالنسبة له يجب أن ينطلق من الكل‬

‫وبعد ذلك االنتقال إلى األجزاء وليس العكس‪.‬‬


‫• اهتم بارسونز بمفهوم بنية الفعل االجتماعي وقد استفاد في بنائه من أعمال فيبر وباريتو ودوركايم‪.‬‬
‫فالفعل بالنسبة له قصدي وصادر عن فرد يمتلك مواردا تمكنه من خلق األوضاع المادية والرمزية‪.‬‬
‫لكن هذا ال يعني أن برسنز كان فردانيا‪ .‬فالفعل ورغم ارتباطه بخيارات ومقاصد الفرد‪ ،‬فهذه األخيرة‬
‫مرتبطة بمجموعة من المعايير االجتماعية التي تشكل البنية االجتماعية‪.‬‬
‫في مؤلفه "النظام االجتماعي" يتحدث بارسنز عن خمس أنماط كونية من القيم داخل الفعل‬
‫االجتماعي‪:‬‬
‫• ‪-‬فعل عاطفي قائم على أساس اتباع عاطفة معينة أو على أساس كبحها‪.‬‬
‫• ‪ -‬فعل موجه نحو الفرد أو الجماعة ‪،‬فإما أن يكون الفعل مشتركا مع االخرين أو مسألة شخصية‪.‬‬
‫• ‪ -‬الفعل إما عام أو خاص مرتبط بقيم كونية أو قيم وقناعات شخصية‪.‬‬
‫• ‪-‬الفعل إما ذاتي أو موضوعي‪ ،‬فتقييم الغير يتم إما من خالل خصائصه الشخصية أو نتائج‬
‫سلوكاته‪.‬‬
‫• ‪-‬الفعل إما خصوصي أو انتشاري فإما أن يأخذ الفعل بعين االعتبار اآلخرين أو يتجاهلهم‪.‬‬
‫اهتم بارسنز أيضا بوظائف البنيات االجتماعية‪ ،‬فكل بينة اجتماعية بالنسبة له تؤدي وظيفة داخل المجتمع‪ .‬وقد قسمها إلى أربعة‬
‫أنظمة فرعية‪:‬‬
‫‪-‬النظام الثقافي الذي يضع أنظمة المراقبة االجتماعية التي تساعد على إنتاج وإعادة انتاج القيم الجماعية المنسجمة‪.‬‬

‫‪-‬النظام االجتماعي الذي يخلق أشكال التضامن اإلجتماعي واإلندماج الداخلي ويحافظ على توازن المجتمع‪.‬‬

‫‪-‬نظام الممارسات الذي يلعب دور التكيف داخل المجتمع ويسمح للفرد باالستجابة لحاجاته الطبيعية والتكيف مع محيطه البيئي‪.‬‬

‫‪-‬نظام الشخصية الذي يوجه األفراد نحو أهداف معينة‪ ،‬فالنظام االجتماعي يقتضي تحديد األهداف وسائل الوصول إليها‪.‬‬
‫الوظيفية النسبية‬
‫مورتن روبرت )‪Robert King Merton ((1910-2003‬‬
‫سوسيولوجي أمريكي‬

‫تتلمذ روبير مورتن على يد بارسنز لكن‬


‫اسمه ونجاحه سيرتبط بجامعة كلومبيا‪.‬‬
‫في هذه الجامعة سيكون هناك اعتماد‬
‫كبير على المالحظات واألرقام‪ .‬لكن‬
‫مورتن سيدافع عن ضرورة أن تكون‬
‫الدراسات االمبريقية موجهة نظريا‪ .‬لذا‬
‫سيتحدث عن بحث امبريقي توجهه‬
‫نظرية متوسطة المدى‪.‬‬
‫• من خالل منظور قريب من دوركايم يختزل حقل الدراسة في‬
‫العناصر االجتماعية التي تشتغل حسب نمط معين وتتكرر‬
‫كاألدوار االجتماعية والمؤسسات والسيرورات االجتماعية‬
‫والعواطف الجماعية والمعايير االجتماعية ووسائل المراقبة‬
‫االجتماعية‪ .‬ثم يؤكد على ضرورة االنتقال بعد ذلك إلى إخضاع‬
‫العناصر االجتماعية المدروسة للتحليل الوظيفي‪ ،‬أي أن تفسر‬
‫من خالل وظيفتها أو وظائفها‪ ،‬وأخيرا يجب االنتهاء بتقييم‬
‫صارم لصالحية الفرضيات‪.‬‬
‫سيبني مورتن نظرية الوظيفية المتوسطة المدى على أساس‬
‫انتقاد التيارات الوظيفية السابقة‪:‬‬
‫• أوال مسألة البدائل الوظيفية‪ :‬فليس هناك بالنسبة لمورتن ضرورة وظيفية فالرغبات االجتماعية‬
‫والفزيولوجية يمكن تلبيتها بطرق مختلفة وقد يعوض بعضها بعضا‪ .‬فاألسرة تقوم برعاية األطفال ولكن‬
‫يمكن لمؤسسات أخرى كدور الحضانات تعويضها‪.‬‬

‫ثانيا‪ ،‬التمييز بين الوظائف الظاهرة والوظائف الخفية ‪ :‬الوظائف الظاهرة هي الوظائف التي تهدف‬
‫المؤسسة إلى تحقيقها بشكل معلن وإرادي أما الوظائف الخفية فهي الوظائف التي تمارس بشكل كامن ومن‬
‫دون أن تكون في الحسبان‪.‬‬

‫ثالثا‪ ،‬التعدد الوظيفي فاألفراد يقومون بالكثير من الوظائف كما أن الوضعيات االجتماعية المختلفة التي‬
‫يعيشونها تفرض عليهم تغيير وظائفهم باستمرار‪.‬‬

‫رابعا‪ ،‬الخلل الوظيفي‪ :‬جذور هذا المفهوم نجده في مفهوم األنوميا عند دوركايم فهناك بعض الوظائف‬
‫غايتها إثارة الفوضى عوض النظام‪ .‬ويمكن أن نميز هنا أيضا بين خلل وظيفي ظاهر وخلل وظيفي خفي ‪.‬‬
‫البنيوية‬
‫• سنشهد النشأة الفعلية للبنيوية في سنة ‪ 1949‬تاريخ مناقشة‬
‫أطروحة دكتوراه حول "البنيات األولية للقرابة" من طرف "كلود‬
‫ليفي ستراوس‪.‬‬
‫• في خمسينات القرن الماضي ستعرف البنيوية نجاحا كبيرا سيصل‬
‫أوجه في ستينات وسبعينات القرن الماضي‪ .‬وستتمكن البنيوية من‬
‫أن تشمل الكثير من العلوم االجتماعية و اإلنسانية كاللسانيات‬
‫والتاريخ واألدب وعلم النفس‪ .‬كما ستتبلور البنيوية على أساس‬
‫تالق مثمر بين األنتروبولوجيا واللسانيات البنيوية‪ .‬فمن جهة‬
‫سيتبنى كلود ليفي ستراوس مفهوم الظاهرة االجتماعية الكلية عند‬
‫مارسيل موس‪ ،‬ومن جهة أخرى سيطبق على هذه الظاهرة المنهج‬
‫الذي بلوره دو سوسير في مؤلفه دروس في اللسانيات العامة سنة‬
‫‪.1916‬هذه العملية المزدوجة كانت غايتها واضحة‪ .‬أوال‪ ،‬اكتشاف‬
‫القواعد التي تحكم المؤسسات أي المجتمعات البشرية‪ .‬ومن جهة‬
‫أخرى سيمكن هذا من إعداد تنظيم علمي لحقل العلوم االجتماعية‪.‬‬
‫ستقوم بنيوية ليفي ستراوس‪ ،‬على مجموعة من المسلمات‪:‬‬

‫المسلمة األولى تؤكد على ضرورة النظر إلى المجتمعات اإلنسانية كثقافات أي كمجموعة من األنساق الرمزية‪ .‬هذه األنساق‬ ‫•‬
‫الرمزية نجدها حاضرة عند دوركايم من خالل مفهوم المؤسسات أي أشكال فعل خاضعة لقواعد جماعية‪ .‬إنها أشكال قاهرة‬
‫تقيد الحياة‪ .‬إن االهتمام بهذه األشكال القهرية سيمكن بالنسبة لـ"ليفي ستراوس" من القبض على معطيات التجربة االجتماعية‪.‬‬
‫المسلمة الثانية تؤكد أن المؤسسات تحكمها قوانين محددة وأن هذه القوانين هي البنيات‪ .‬إن دراسة البنيات هي الموضوع‬ ‫•‬
‫األساسي الذي يجب أن يهتم به السوسيولوجي‪.‬‬
‫المسلمة الثالثة لها بعد منهجي‪ .‬فالكشف عن البنيات المنظمة للحياة االجتماعية ‪ ،‬تقتضي اعتماد المنهج الذي بلوره دو‬ ‫•‬
‫سوسير في اللسانيات‪ .‬سيعمل ليفي ستراوس على تطبيق المنهج اللساني على الثقافة‪ .‬فالثقافة عبارة عن شفرة مثلها في ذلك‬
‫مثل اللغة‪ .‬لذا من الممكن اعتماد المنهج الفيلولوجي المعتمد في اللسانيات في علم االجتماع‪ .‬كما يؤكد ليفي ستراوس أن‬
‫الكلمات ال معنى لها إال داخل العالقة التي تجمعها بباقي الكلمات األخرى المكونة للجملة‪ ،‬لذا فالخصائص الثقافية الخاصة‬
‫بمجتمع معين كشكل المؤسسات االجتماعية ليس لها معنى إال داخل بنية محدد من العالقات‪.‬‬
‫في المسلمة الرابعة يؤكد ليفي ستراوس أنه بغض النظر عن تنوع البنيات المنظمة وبغض النظر عن تنوع الثقافات هناك‬ ‫•‬
‫أشكال ثقافية موحدة وكونية‪ .‬هذه األشكال هي بمثابة مبادئ مؤسسة أساسية في الروح اإلنسانية‪.‬‬
‫في المسلمة الخامسة يؤكد ليفي ستراوس أن األفراد داخل المجتمع يشبهون العبي األوراق‪ .‬فقواعد اللعبة سابقة عليهم‬ ‫•‬
‫وخارجة عن إرادتهم‪ ،‬فحتى توزيع األوراق ال يخضع إلرادتهم‪ .‬داخل هذه البنيات من االكيد أنهم يعتمدون الكثير من الخطط‬
‫والتكتيكات‪ ،‬لكنهم رغم ذلك يضلون خاضعين لقواعد اللعبة‪ .‬وهذا ما يؤكد ضرروة تركيز التحليل السوسيولوجي على‬
‫البنيات وليس األفراد‪ ،‬وهذا التصور الشمولي يعكس لنا مدى تأثر بنيوية ليفي ستراوس بالسوسيولوجيا الدوركايمية‪.‬‬

You might also like