Professional Documents
Culture Documents
ثانيا ،لم يكن هدف مارسيل موس كما هو الحال بالنسبة لدوركايم إلحاق العلوم االجتماعية بعلم االجتماع
والجعل منها فروعا بل كانت غايته خلق نسق من العلوم المهتمة باإلنسان.
ثالثا ،داخل هذه النسق المكون من العديد من العلوم االجتماعية ستهتم السوسيولوجيا بدراسة بنيات وحياة
األنساق االجتماعية أي االهتمام بدراسة المؤسسات .
رابعا بالنسبة لمارسيل موس داخل المؤسسات هناك ظواهر تمس كل جوانب المجتمع ،وهذه الظواهر
سينعتها بالكلية .فهي حاضرة في كل األبعاد المؤسساتية ،االقتصادية والقانونية والدينية.
مشروع مارسيل موس البحثي كان يقترب كثيرا من االثنولوجيا ،فهو يعيد النظر في
مقولة علم خاص ،وقد كان تصوره قريبا من ما نسميه اليوم باألنتروبولوجيا .كما أن
الحديث عن الواقع كواقع كلي مرتبط بشكل كبير بمالحظة المجتمعات العتيقة عكس
المجتمعات المعاصرة التي يتمتع أفرادها باالختالف واالستقالل عن بعضهم البعض
ومؤسساتها تتميز بتعارض كبير مع بعضها البعض .المجتمعات العتيقة تظهر ككل
منسجم ،فمؤسساتها مترابطة فيما بينها وأفرادها تجمعهم ،الكثير من القواسم
المشتركة ،فيه هذه المجتمعات استطاع مارسيل موس دراسة الظواهر االجتماعية
الكلية.
ص58-57-56 :
الهبة كظاهرة اجتماعية كلية
-في مقاله حول الهبة سينشر مارسيل موس جزء من نتائج بحث كبير معنون باألشكال العتيقة للعقد .لقد
عارض مارسيل موس تصور عالم االقتصاد الكالسيكي آدم سميت الذي دافع عن وجود أشكال اقتصادية
كونية متعلقة بالتبادل المربح على مستوى السوق.
-بالنسبة لمارسيل موس نحن ال نتبادل فقط الممتلكات والثروات واألشياء النافعة فقط بل أيضا الكثير من
أشكال اللياقة والرقص واالحتفال وهي تظهر كأشكال تطوعية تخفي الكثير من االلزام.
-لقد اهتم مارسيل موس بالهبة من خالل مالحظات اثنوغرافية لمجتمعات عتيقة .الهبة بالنسبة له ظاهرة
اجتماعية ألنها تشكل فعال جماعيا والزاميا وكلية ألنها تتم في إطار عالقات اجتماعية.
-الهبات التي يتبادلها الناس تأخذ الكثير من األشكال المادية والرمزية ورغم تعددها فهي خاضعة لثالث
قواعد أساسية :
أن تهب وأن تقبل الهبة وأن ترد الهبة.
yassine2020@@2020 -
أشكال الهبة تنظم بأشكال مختلفة حسب المجتمعات لكنها تبقى خاضعة لقواعد محددة:
• يجب أوال أن تهب بشكل معين فظاهريا الوهب يجب أن يأخذ شكل فعل طوعي وحر ويعبر
عن المودة.
• وأخيرا يجب أن ترد الهبة بشكل جيد من دون افراط أو تفريط في موضوع الهبة ومن
دون تأخر أو تسرع.
البوتالتش
تتجسددد الهبددة فددي شددكلها القددديم فددي طقددوس البددوتالتش ف دي القبائددل
العتيقة وخاصة لدى قبائل الهنود فدي الشدمال الشدرقي مدن أمريكدا.
البوتالتش هدو تجمدع احتفدالي كبيدر تحضدر فيده الكثيدر مدن أشدكال
التبدادل ،وتتندافس خاللده القبائدل فيمدا بينهدا مدن خدالل تددمير أكبدر
عددد مددن الممتلكدات .فالقبيلددة التددي تددمر أكبددر عددد مددن الممتلكددات
تستطيع وضع القبيلة المنافسة في وضع حرج ومهين ،بينما القبيلة
الفائزة تحصل على الحظوة واالعتراف االجتماعي.
ص51:
وظائف الهبة
إن الهبة وسيلة لخلق العالقات االجتماعية ومد جسور التواصل
مع اآلخر لكن من الممكن أن تأخذ شكل عنف رمزي ممارس
على اآلخر وخاصة الشخص غير القادر على رد الهبة .سيعمل
ليفي ستراوس على تطوير أفكار مارسيل موس حول الهبة
وخاصة في حديثه عن التبادل كفعل اجتماعي أساسي لبناء
. البشرية الجماعات بين التحالفات
النظرية الوظيفية
• الوظيفة مفهوم متعدد المعاني ارتبط في البداية بالبيولوجيا ،ويحيل إلى مساهمة العنصر
(العضو) في الحفاظ على حياة مجموع منظم (جهاز عضوي) .بتعبير آخر التحليل الوظيفي
يعتبر أن للظاهرة االجتماعية في المجتمع الذي توجد فيه غاية يجب الكشف عنها والبحث
عن مدى مساهمتها في الحفاظ على االشتغال العادي للمجتمع.
• التفسير الوظيفي سيظهر في القرن التاسع عشر في اللحظة التي كان يحاول فيها
األنتروبولوجيون والسوسيولوجيون دراسة الظواهر االجتماعية كما تدرس الظواهر
البيولوجية.
• يعتبر دوركايم األب الروحي للنظرية الوظيفية ألنه اعتبر أن الغاية األساسية من
المؤسسات االجتماعية هي إشباع الحاجات االجتماعية لألفراد.
• كما شدد في تفسير الظواهر االجتماعية على البحث في أسباب وجودها ووظائفها
االجتماعية.
• علة الظاهرة االجتماعية ووظائفها تمكن باألساس في التضامن االجتماعي والحفاظ على
المجتمع ككل عضوي.
• يحضر التفسير الوظيفي في مؤلف "األشكال األولية للحياة الدينية" ،فهو لم ينظر إلى الدين
كخرافة وأسطورة بل كمكون وظيفي داخل المجتمع ،فهو عامل وحدة و تضامن داخل
المجتمع.
• في العلوم االجتماعية الوظيفية ليست تيارا بحثيا موحدا استطاع أن يجمع من حوله الكثير
من المقترحات المتوافقة .يجب النظر إلى الوظيفية كنمط تفسير مرتبط بالعديد من النظريات
المختلفة.
• هناك مسلمتين منهجيتين يقوم عليهما التفسير الوظيفي:
أوال ،اعتبار أن كل الظواهر االجتماعية يجب تفسيرها من خالل نتائجها.
ثانيا ،يجب إرجاع كل هذه النتائج إلى المجتمع ككل ،أي إلى النسق االجتماعي ككل.
التيار البحثي الوظيفي سينقسم إلى ثالثة تيارات فرعية:
-الوظيفية المطلقة(.مالينوفسكي)
• الوظيفية البنيوية(.بارسنز)
• الوظيفية النسبية(.مورتن)
الوظيفية المطلقة(.مالينوفسكي)
برونيسالف كاسبر مالينوفسكي )-)1942 -1884 Bronisław Malinowskiأنتروبولوجي بولندي.
• الثقافة والمجتمع وحدة عضوية ،فالتقاليد والعادات االجتماعية جزء من النسق الكلي للبناء الثقافي
المتكامل في نظامه ووظائفه.
• كل عنصر ثقافي يلعب دورا ايجابيا داخل المجتمع.
"من أهداف استعمال المالبس في المناطق التي نعيش فيها حماية الجسم من درجات الحرارة المنخفضة.
المالبس تؤدي وظيفتها استجابة إلحدى حاجات الفرد البيولوجية .غير أن هذه الحاجة موسمية .إن المالبس
ضرورة بيولوجية في فصل الشتاء ،ولكنها غير ضرورية ،بل مزعجة ،في فصل الصيف في المناطق شبه
االستوائية ،وعلى الرغم من ذلك نرتدي المالبس طوال السنة ،والتغيير الوحيد الذي ندخله عليها ينحصر
في ثقل المالبس والمواد المصنوعة منها .لقد اكتسبت المالبس مجموعة من الوظائف االجتماعية التي ال
ترتبط ال من قريب أو بعيد بالحاجة البيولوجية األساسية".
لقد اقترن مركب المالبس في ثقافتنا بما يمكن أن نطلق عليه «نشاط الجنس» ،وهكذا أصبح هذا المركب
أساسا لمعظم معتقداتنا عن الحشمة وأصبح يلعب دورا هاما في كبت الشهوات الجنسية.
وعلى العكس من ذلك يستعمل مركب المالبس أيضا إلثارة اهتمام الجنس اآلخر وتحريك الرغبات
الجنسية .وتسهم المالبس أيضا في تعريف الناس بالمنزلة االجتماعية للشخص الذي يرتديها ...وأخيرا توفر
المالبس للفرد منفذا للميول الجمالية وتساعده على إشباع رغبته في الحصول على إعجاب زمالئه به».
• (رالف لنتون ،دراسة في اإلنسان ،ترجمة عبد المالك الناشف ،منشورات المكتبة العصرية،1964،
ص )519 – 517بتصرف.
الوظيفية البنيوية
تالكوت بارسونز ))1979-1902 Talcott Parsons
عالم اجتماع أمريكي
ومن أهم مؤلفات بارسونز: الوظيفية و البنية أو ما سينعته بالبنيوية الوظيفية .كما
بنية الفعل االجتماعي (،)1937 سيوجه عمله نحو التحليل السوسيولوجي للمجتمع ككل،
النسق االجتماعي (،)1951
نحو نظريّة عا ّمة في الفعل (،)1953 فالتفسير الوظيفي بالنسبة له يجب أن ينطلق من الكل
-النظام االجتماعي الذي يخلق أشكال التضامن اإلجتماعي واإلندماج الداخلي ويحافظ على توازن المجتمع.
-نظام الممارسات الذي يلعب دور التكيف داخل المجتمع ويسمح للفرد باالستجابة لحاجاته الطبيعية والتكيف مع محيطه البيئي.
-نظام الشخصية الذي يوجه األفراد نحو أهداف معينة ،فالنظام االجتماعي يقتضي تحديد األهداف وسائل الوصول إليها.
الوظيفية النسبية
مورتن روبرت )Robert King Merton ((1910-2003
سوسيولوجي أمريكي
ثانيا ،التمييز بين الوظائف الظاهرة والوظائف الخفية :الوظائف الظاهرة هي الوظائف التي تهدف
المؤسسة إلى تحقيقها بشكل معلن وإرادي أما الوظائف الخفية فهي الوظائف التي تمارس بشكل كامن ومن
دون أن تكون في الحسبان.
ثالثا ،التعدد الوظيفي فاألفراد يقومون بالكثير من الوظائف كما أن الوضعيات االجتماعية المختلفة التي
يعيشونها تفرض عليهم تغيير وظائفهم باستمرار.
رابعا ،الخلل الوظيفي :جذور هذا المفهوم نجده في مفهوم األنوميا عند دوركايم فهناك بعض الوظائف
غايتها إثارة الفوضى عوض النظام .ويمكن أن نميز هنا أيضا بين خلل وظيفي ظاهر وخلل وظيفي خفي .
البنيوية
• سنشهد النشأة الفعلية للبنيوية في سنة 1949تاريخ مناقشة
أطروحة دكتوراه حول "البنيات األولية للقرابة" من طرف "كلود
ليفي ستراوس.
• في خمسينات القرن الماضي ستعرف البنيوية نجاحا كبيرا سيصل
أوجه في ستينات وسبعينات القرن الماضي .وستتمكن البنيوية من
أن تشمل الكثير من العلوم االجتماعية و اإلنسانية كاللسانيات
والتاريخ واألدب وعلم النفس .كما ستتبلور البنيوية على أساس
تالق مثمر بين األنتروبولوجيا واللسانيات البنيوية .فمن جهة
سيتبنى كلود ليفي ستراوس مفهوم الظاهرة االجتماعية الكلية عند
مارسيل موس ،ومن جهة أخرى سيطبق على هذه الظاهرة المنهج
الذي بلوره دو سوسير في مؤلفه دروس في اللسانيات العامة سنة
.1916هذه العملية المزدوجة كانت غايتها واضحة .أوال ،اكتشاف
القواعد التي تحكم المؤسسات أي المجتمعات البشرية .ومن جهة
أخرى سيمكن هذا من إعداد تنظيم علمي لحقل العلوم االجتماعية.
ستقوم بنيوية ليفي ستراوس ،على مجموعة من المسلمات:
المسلمة األولى تؤكد على ضرورة النظر إلى المجتمعات اإلنسانية كثقافات أي كمجموعة من األنساق الرمزية .هذه األنساق •
الرمزية نجدها حاضرة عند دوركايم من خالل مفهوم المؤسسات أي أشكال فعل خاضعة لقواعد جماعية .إنها أشكال قاهرة
تقيد الحياة .إن االهتمام بهذه األشكال القهرية سيمكن بالنسبة لـ"ليفي ستراوس" من القبض على معطيات التجربة االجتماعية.
المسلمة الثانية تؤكد أن المؤسسات تحكمها قوانين محددة وأن هذه القوانين هي البنيات .إن دراسة البنيات هي الموضوع •
األساسي الذي يجب أن يهتم به السوسيولوجي.
المسلمة الثالثة لها بعد منهجي .فالكشف عن البنيات المنظمة للحياة االجتماعية ،تقتضي اعتماد المنهج الذي بلوره دو •
سوسير في اللسانيات .سيعمل ليفي ستراوس على تطبيق المنهج اللساني على الثقافة .فالثقافة عبارة عن شفرة مثلها في ذلك
مثل اللغة .لذا من الممكن اعتماد المنهج الفيلولوجي المعتمد في اللسانيات في علم االجتماع .كما يؤكد ليفي ستراوس أن
الكلمات ال معنى لها إال داخل العالقة التي تجمعها بباقي الكلمات األخرى المكونة للجملة ،لذا فالخصائص الثقافية الخاصة
بمجتمع معين كشكل المؤسسات االجتماعية ليس لها معنى إال داخل بنية محدد من العالقات.
في المسلمة الرابعة يؤكد ليفي ستراوس أنه بغض النظر عن تنوع البنيات المنظمة وبغض النظر عن تنوع الثقافات هناك •
أشكال ثقافية موحدة وكونية .هذه األشكال هي بمثابة مبادئ مؤسسة أساسية في الروح اإلنسانية.
في المسلمة الخامسة يؤكد ليفي ستراوس أن األفراد داخل المجتمع يشبهون العبي األوراق .فقواعد اللعبة سابقة عليهم •
وخارجة عن إرادتهم ،فحتى توزيع األوراق ال يخضع إلرادتهم .داخل هذه البنيات من االكيد أنهم يعتمدون الكثير من الخطط
والتكتيكات ،لكنهم رغم ذلك يضلون خاضعين لقواعد اللعبة .وهذا ما يؤكد ضرروة تركيز التحليل السوسيولوجي على
البنيات وليس األفراد ،وهذا التصور الشمولي يعكس لنا مدى تأثر بنيوية ليفي ستراوس بالسوسيولوجيا الدوركايمية.