You are on page 1of 7

‫النظرية البنائية الوظيفية‬

‫مقدمة‬
‫تعتبر النظرية البنائية الوظيفية من أكثر النظريات االجتماعية شيوعا ً واستخداما ً في مجال علم‬
‫االجتماع االسري‪ .‬إذ تهدف هذه النظرية إلى معرفة كيف يعمل المجتمع؟ وكيف تعمل االسرة؟‬
‫وماهي العالقة بين األسرة والمجتمع الكبير التي هي جزء منه؟ ‪ .‬وقد استخدمت هذه النظرية من قبل‬
‫علماء االجتماع واألنثروبولوجيا‪ .‬وعندما يحاول علماء هذه النظرية استخدامها فإنهم يحاولون‬
‫اإلجابة على ثالثة اسئلة هامه هي‪ :‬ماهي الوظائف التي تقوم بها األسرة؟ وماهي الوظائف التي يقوم‬
‫بها االفراد لخدمة األسرة؟ والسؤال الثالث واالخير‪ :‬ماهي االحتياجات الي تحاول األسرة توفيرها‬
‫ألفرادها؟ كما يحرص علماء هذه النظرية على دراسة العالقة بين األسرة والنظم االجتماعية األخرى‬
‫من الرواد األوائل المؤسسين للنظرية البنائية الوظيفية في علم االجتماع أوغست كونت ‪ ,‬ودوركايم ‪,‬‬
‫وهربرت سبنسر ‪ .‬فهؤالء هم الذين وضعوا الحجر األساسي لهذه النظرية‪ ،‬ثم جسد هذه النظرية فيما‬
‫ومالينوفسكي‪.1.‬‬ ‫بعد علماء األنثروبولوجيا مثل راد كليف براون‪,‬‬

‫اإلطار العام للنظرية‬


‫ان البنائية الوظيفية تمثل أكثر النظريات السوسيولوجية المعاصرة رواجا ً ليس فقط في المجتمعات‬
‫األوربية – مصدر علم االجتماع الغربي ‪ -‬والواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬التي تبنت أفكار هذه‬
‫النظرية ودعمتها من خالل المؤسسة األكاديمية بصورة واضحة‪ ،‬بل أيضا ً انتشرت مسلماتها في‬
‫بلدان كثيرة من العالم وعلى رأسها ما يسمى بالدول المتخلفة أو بلدان العالم الثالث‪.‬‬

‫وترجع تسميتها بالبنائية الوظيفية الستخدامها مفهومي البناء ‪ Structure‬والوظيفة ‪، Function‬‬


‫وتنطلق الوظيفية من عدة قضايا مترابطة‪ ،‬فهي تسلم بأن المجتمع يمثل كالً مؤلفا ً من أجزاء مترابطة‬
‫يؤدي كل منها وظيفة معينة من أجل خدمة أهداف الكل‪ ،‬ومعنى ذلك أن المجتمع ما هو إال نسق يضم‬
‫‪2‬‬
‫مجموعة من العناصر المتساندة التي تساهم في تحقيق تكامله‪.‬‬

‫‪ 1‬سلوى الخطيب‪" .‬نظرة في علم االجتماع األسري" ‪ ،‬نظريات االسرة‪.‬‬


‫أمل ابراهيم المالح‪ ،‬نظرية البنائية الوظيفية في علم االجتماع‪ ،‬مجلة روزا اليوسف المصرية ‪19 ,‬نوفمبر ‪2019‬‬ ‫‪2‬‬
‫والبنائية الوظيفية تقوم على عدد من المقوالت واألفكار األساسية التي تنطلق منها تحليالت أنصار‬
‫هذه النظرية‪ ،‬وتعتبر مقولة النسق االجتماعي ‪ Social System‬من المقوالت األساسية للنظرية‪،‬‬
‫وهذا ما ظهر بوضوح في تحليالت رائد علم االجتماع األمريكي " تالكوت بارسونز" حيث جعل‬
‫مقولة النسق االجتماعي هي اإلطار الفكري العام الذي تقوم عليه نظرية األنساق االجتماعية ‪Social‬‬
‫‪، system theory‬والتي تعتبر إحدى النظريات الهامة للبنائية الوظيفية المعاصرة‪ ،‬وتشير هذه‬
‫النظرية إلى أن المجتمع ما هو إال بناء أو نظام اجتماعي يتكون من مجموعة من األنساق االجتماعية‬
‫المتبادلة وظيفيا ً مثل النسق االجتماعي‪ ،‬والسياسي‪ ،‬واالقتصادي والعائلي وغيرها من األنساق‬
‫األخرى التي تؤثر في عملية استقرار مكونات البناء االجتماعي أو المجتمع ككل‪.‬‬

‫ويؤكد أنصار البنائية الوظيفية التقليدية أو المعاصرة على أهمية وجود نوع من االتفاق أو الشعور‬
‫العام لقيام نوع من التفاعل االجتماعي المتماسك‪ ،‬وذلك حول عدد من القيم والمعتقدات العامة (‬
‫الجمعية) التي يجب أن يتفق حولها أعضاء النسق االجتماعي بحيث يكون هناك إتفاق حول هذه القيم‬
‫الجمعية ‪ Collective Values‬سواء كانت ثقافية أو اجتماعية أو دينية أو سياسية أو اقتصادية أو‬
‫مجموعة العادات والتقاليد واألعراف والقوانين‪ ،‬والسيما أن هذه القيم هي التي تشكل درجة الوعي‬
‫االجتماعي واالتفاق العام الذي يحدد بدوره اإليديولوجيا االجتماعية ‪ social Ideology‬التي تعزز‬
‫من عمليات التماسك والتضامن االجتماعي وإتفاق األعضاء ومكونات النسق أو التنظيم حول جميع‬
‫األهداف والغايات العامة‪ ،‬التي يسعى ويهدف إليها كل من النسق األكبر بأعضائه الذين ينتمون إليه‪،‬‬
‫ولقد حرص الكثير من رواد نظرية البنائية الوظيفية على ضرورة وضع شروط ومتطلبات وحوافز‬
‫وجزاءات لكي تعزز من عمليات وجود الوعي واالتفاق الجمعي كي يلعب دورا ً أساسيا ً في عملية‬
‫التماسك والتضامن االجتماعي ‪.Social Solidarity‬‬

‫وقد أوضح" شيستر برنارد" "‪ "Chester Barnard‬ضرورة وجود النسق التعاوني‬
‫‪ ،Cooperative – system‬وذلك من خالل التعاون بين األفراد فكل نظام أو نسق يكون عنصرا ً‬
‫تابعا ً لألنساق الكبرى التي يعتبر جز ًء منها‪ ،‬كما أن كل نسق من هذه األنساق الفرعية يتضمن بدوره‬
‫نسقا ً تعاونيا ً داخلياً‪ .‬والنسق االجتماعي عبارة عن مجموعة فاعلين أو أكثر يحتل كل منهم مركزا ً أو‬
‫مكانة اجتماعية متمايزة عن اآلخرين‪ ،‬ويؤدي دورا ً متمايزا ً عن اآلخرين فهو يعد نمطا ً منظما ً يحكم‬
‫العالقات بين األفراد‪ ،‬ينظم حقوقهم وواجباتهم تجاه بعضهم البعض‪.‬‬
‫أهم االنتقادات التي وجهت إلى النظرية البنائية الوظيفية‬
‫‪ .1‬قد يكون أهم نقد وجه إلى نظرية البنائية الوظيفية‪ -‬وخاصة بارسونز باعتباره أشهر ممثلي‬
‫النظرية الوظيفية المعاصرين‪ -‬هو ذلك النقد الذي وجهه عالم االجتماع األمريكي " رايت‬
‫ميلز" في كتابه " التصورات السوسيولوجية"‪ ،‬فقد رأى " ميلز" أن " بارسونز" قد حول‬
‫كل أبنية المجتمع إلى مجاالت رمزية‪ ،‬وبهذه الكيفية يقدم " بارسونز" تبريرا ً أخالقيا ً‬
‫الستمرارية ذوي السلطة في المجتمع في التحكم فيه‪ ،‬ويضفي على حكمهم صفة‬
‫المشروعية‪.‬‬

‫‪ .2‬إن تأكيد " بارسونز" على فكرة التوازن عن طريق الخضوع للمعايير السائدة والمشتركة‬
‫بين الناس‪ ،‬إنما هو تحذير من أي تمرد أو محاولة لتغيير األوضاع القائمة‪ ،‬كما أن افتراض‬
‫أن هناك قيما ً ومعايير مشتركة بين جميع األفراد ال يستند إلى أي أدلة إمبيريقية‪.‬‬

‫‪ .3‬كما ينتقد " بوبوف" عالم االجتماع السوفيتي النظريات الوظيفية على أساس أنها تصور‬
‫المجتمع على أنه نظام أبدي ال يعرف التطور واالنتقال إلى وضع جديد كما أنه يفسر الحياة‬
‫االجتماعية بمتاهات من الجدل المدرسي الكالمي والتصورات القيمية البعيدة والمنفصلة عن‬
‫الحياة الواقعية‪ ،‬كما ينتقد " بارسونز" على أساس أنه يقرر أن بواعث وأهداف األفعال‬
‫االجتماعية ال تحددها األسباب المادية‪ ،‬بل تحددها سيكولوجية األفراد بوصفهم ممثلين‬
‫يقومون بأدوار محددة لهم من قبل أن تحددها القيم التي يعتبرها مطلقة وأبديه؛ ألن مصدرها‬
‫هو مجال غير حسي أو تجريبي‪ ،‬أي أنه " هللا" وهنا يتفق " بارسونز" مع كل من يبررون‬
‫للسلطة حكمها في كل زمان بإدعاء إنها ممثلة إلرادة هللا‪.‬‬

‫وأخيرا ‪ ...‬يالحظ مما سبق أن النظرية البنائية الوظيفية تعرضت ألوجه نقد عديدة وأهمها هو إهمالها‬
‫لمشاكل التغير االجتماعي‪ ،‬أو كيف ولماذا يحدث هذا التغير‪ ،‬وقد اتهم بارسونز بأنه تقبل األسطورة‬
‫األمريكية التي تحث على الثبات االجتماعي أكثر من اهتمامه بقضايا التغير االجتماعي‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫أشكال البنائية الوظيفية‬

‫‪ 3‬يوسف زروق‪ ,‬النظرية البنائية الوظيفية في علم االجتماع‪,‬‬


‫‪https://sociomaroc.blogspot.com/2012/04/29-2009-0729.html‬‬
‫صحيح ان البنائية تهتم بدراسة البنى ووظائفها بيد انها ليست نظرية سوسيولوجية ذات لون واحد‬
‫بل يمكن الوقوف على ثالثة اشكال لها‪:‬‬

‫‪ -‬الوظيفية الفردية‬

‫في هذا الشكل من النظرية فقد وقع التركيز على حاجات الفاعلين االجتماعين والبنى االجتماعية التي‬
‫تظهر لتلبية هذه الحاجات‪ .‬فمثال االسرة النووية التي تتكون عادة من أبوين وبضعة أوالد ظهرت‬
‫لتلبي بعض الحاجات الفردية كالتمتع بالحرية والعيش باالستقاللية والعمل والتربية الخاصة في مقابل‬
‫ذلك لم تعد االسرة الممتدة المكونة من االبوين واالبناء واالزواج والزوجات وابناءهم ؛ لم تعد قادرة‬
‫على تلبية الحاجات الفردية‪.‬‬

‫الوظيفية العالقاتية‬ ‫‪-‬‬

‫في هذا الشكل يقع التركيز على آليات العالقات االجتماعية التي تساعد في التغلب على التوترات التي‬
‫قد تمر بها العالقات االجتماعية ‪ .‬هذا النوع نجده موضوع اهتمام لدى االنثربولوجين امثال راد‬
‫كلييف براون و مالينوفسكي ‪ .‬فالوظيفية العالقاتية تعمل ‪ ،‬مثال ‪ ،‬عبر شعيرة طقسية من الشعائر ‪،‬‬
‫على التخفيف من التوترات في اطار العالج النفسي‪.‬‬
‫الوظيفية االجتماعية‬ ‫‪-‬‬

‫هنا يقع التركيز على البنى والمؤسسات االجتماعية الكبرى وعلى عالقاتها ببعضها البعض وتاثيراتها‬
‫الموجهة لسلوكات االفراد والمجتمعات كالوظيفيةالتي تقوم بها مؤسسات كالجامعة او المستشفى او‬
‫االذاعة او التلفزيون او االسرة او المسجد او المدرسة… فالمسألة تتعلق بالمجتمع ال باالفراد‪.‬‬

‫االصول االنثروبولوجية والبايولوجية للنظرية‬


‫ظهر مصطلح الوظيفية في الثالثينات من القرن العشرين عند علماء االنثربولوجيا على الخصوص‬
‫درس هذان العالمان في جامعة‬
‫أمثال راد كليف براون و برونسلوي مالينوفسكي ‪ .‬وفي االربعينات َّ‬
‫شيكاغو مما أدى الى انتشار مصطلح االنثربولوجيا الوظيفية في الواليات المتحدة االمريكية ‪ .‬وفيما‬
‫بعد مثلت اعمال كل من تالكوت بارسونز و روبرت ميرتون البنائيةالوظيفية في أعمق ما كتب حول‬
‫النظرية التي تنظر الى المجتمع باعتباره نظاما نسقيا يتمتع بالكثير من االنسجام بين مكوناته البنائية‪.‬‬
‫أما النظرية البايولوجية فتعد أحد مرجعياتالوظيفية ‪ ،‬ومنها يمكن القول انه إذا كانت العناصر المكونة‬
‫للجسم االنساني تكون وحدة بيولوجية متكاملة ‪ ،‬أي سيفونية متكاملة تتسم باالنسجام ‪ ،‬إال أن‬
‫الوظيفيين وكما هو الحال في النظرية االجتماعية البيولوجية في مالحظاتها لفروق بين الجسم‬
‫البشري والمجتمع ال يتجاهلون أيضا عنصر الصراعات في المجتمعات لكنهم ينظرون اليها بوصفها‬
‫توترات بريئة ‪ .‬أي انها عبارة عن تمهيدات الى اقامة نظام اجتماعي افضل ‪ .‬فهي في منظورهم‬
‫ايجابية وليست هدامة للمجتمع‪.‬‬

‫االصول السوسيولوجية للنظرية‬

‫ان البنائية الوظيفية كنظرية سوسيولوجية تعتبر المجتمع مجموعة من التنظيمات المتراتبة التي‬
‫يساهم كل منها في االستقرار االجتماعي للمجتمع هذا يعني أن الوظيفية تركز اكثر ما يكون التركيز‬
‫على التوازن االجتماعي للمجتمع وليس على التغير االجتماعي ‪ .‬فالعناصر المكونة للمجتمع تُد َْرس‬
‫من حيث الوظيفة الخاصة والمحددة التي تقدمها للحفاظ على ترابط النسق االجتماعي لهذا المجتمع او‬
‫ذاك‪ .‬اما النسق االجتماعي فهو عبارة عن مجموعة من العناصر المترابطة بعضها ببعض ‪ ،‬وأي‬
‫خلل في أحدها البد وان يؤثر في باقي العناصر ‪ .‬وبدورهم يقول الوظيفيون ان النسق االجتماعي‬
‫يمكن ان يحافظ على االستقرار طاما ان كل عنصر يقوم بوظيفة‪.‬‬

‫أخيرا يمكن القول ان كونت و دوركايم و سبنسر كانوا اهم ثالثة رواد اجتماعيين اثروا تأثيرا كبيرا‬
‫على النظرية البنائية الوظيفية‪.‬‬
‫اوجست كونت‬
‫نظر كونت الى المجتمع باعتباره وحدة تتمتع بالكثير من االستقرار ‪ ،‬وعلى الرغم من انه عارض‬
‫الثورات واالنقالبات واالنتفاضات اال انه لم يبد قلقا على مصير المجتمع بما ان االستقرار يغلب‬
‫عليه ‪ .‬بل ان كونت كان مؤمنا بان المجتمع يتصف بالتوازن وليس بالصراعات ‪ .‬لذا رأى في‬
‫االنساق االجتماعية وكأنها أنساق عضوية او بيولوجية‪.‬‬
‫الوظيفية عند سبنسر‬
‫رأى سبنسر أن المجتمع في انساق يتشابه مع كثير من االنساق البيولوجية بل انه اكثر الرواد الذين‬
‫شبهوا المجتمع باالنساق البيولوجية‪ ،‬فالكائنات العضوية واالنساق االجتماعية في المجتمع هي‬
‫كائنات متشابهة من حيث قدرتها على النمو والتطور ‪ .‬ان ازدياد حجم االنساق االجتماعية كازدياد‬
‫الكثافة السكانية – مثال ‪ -‬سيؤدي الى ازدياد انقسام المجتمع الى انساق اكثر تعقيدا وتمايزا وهذا هو‬
‫حال االعضاء البيولوجية او الكائن الحي ‪ .‬وقد الحظ سبنسر ان التمايز التدريجي للبنى في كل‬
‫االنساق االجتماعية والبيولوجية يقترن بتمايز تدريجي في الوظيفة ‪ .‬ولعل أهم ما جاء به سبنسر هو‬
‫استعماله لمصطلحي” البنية والوظيفة “هاتين الكلمتين بلورهما سبنسر اكثر من كونت‪.‬‬
‫أخيرا فان قانون التطور االجتماعي الذي جاء به سبنسر قد اثر في نظريات التطور عند علماء‬
‫االجتماع الوظيفيين الذين جاؤوا بعده وفي طليعتهم تالكوت بارسونز و دوركايم‪.‬‬

‫الوظيفية عند اميل دوركايم‬


‫اميل دوركايم دور موثر في تأسيس النظرية الوظيفية ‪ .‬ومبدئيا فان تاثيرات كونت و سبنسر‬
‫في الوظيفية تجد امتداداتها عند دوركايم في الكثير من ابحاثه سواء المتعلق منها بـ” تقسيم العمل‬
‫االجتماعي ” او ” االشكال االولية للحياة الدينية “‪ .‬اما فعليا فثمة معالجة لمفهوم الوظيفة وعالقتها‬
‫بالبنى االجتماعية كالدين والعمل والثقافة والفرق بين السبب االجتماعي والوظيفة االجتماعية …الخ‬
‫بعض اسهامات دوركايم في تأسيس البنائية الوظيفية‬
‫‪ -‬ان اهتمام دوركايم بالوقائع االجتماعية جعله يهتم ايضا باألجزاء المكونة للنسق االجتماعي من‬
‫جهة وعالقات االجزاء ببعضها البعض ومن ثم تأثيرها على المجتمع ‪ .‬ففي حديثه عن الوقائع‬
‫االجتماعية وجد نفسه مضطرا ال عطاها اهمية كونها تندرج في اطار في بنى ومؤسسات سعى‬
‫دوركايم الى البحث عنها‪.‬‬
‫‪ -‬اعتنى دوركايم كثيرا بالبنى والوظائف وعالقاتها بحاجيات المجتمع‪ .‬وهذا يعني اهتمامه بالبنية‬
‫والوظيفة كعنصرين هامين في التحليل السوسيولوجي‪.‬‬
‫‪ -‬من اهم االمور التي قام بها دوركايم تمييزه بين مفهومين هما ” السبب االجتماعي ” و ” الوظيفة‬
‫االجتماعية‪ “.‬اذ ان دراسة ” السبب االجتماعي ” سيعني االهتمام بمبرارات وجود البنية ‪ .‬اما‬
‫دراسة ” الوظيفة االجتماعية ” فستعني االهتمام بحاجيات المجتمع الكبيرة وكيفية تلبيتها من‬
‫طرف بنية معينة‪ .‬فمثال اذا درسنا سبب ظهور االسرة النووية فسنفكر ما اذا كان التصنيع‬
‫وانتقال الناس من حال الى حال هو السبب في ذلك ‪ ،‬كما سنتساءل عن وظيفة االسرة النووية‬
‫كبنية جديدة في المجتمع الصناعي‪.‬‬
‫رفض دوركايم رفضا قاطعا فكرة اسطورية الدين ‪ ،‬واكد في المقابل على انه ظاهرة عالمية‬ ‫‪-‬‬
‫وبالتالي البد وان تكون له وظيفة في المجتمعات البشرية ‪ .‬فمن بين وظائف الدين عند دوركايم‬
‫وابن خلدون العمل على توحيد الناس وخلق روح التضامن االجتماعي بينهم عن طريق القيم‬
‫الثقافية واالعتقادات الدينية التي يدعو اليها هذا الدين او ذاك‪.‬‬
‫مثال ‪ :‬وظيفة الشعائر الدينية‬
‫يقدم دوركايم في كتابه” االشكال االولية للحياة الدينية ” نموذجا للمعنى االجتماعي للشعائر الدينية او‬
‫الحفالت المراسمية ‪ .‬ففي نظره تحقق الشعائر الدينية التماسك االجتماعي من خالل أدائها الربع‬
‫وظائف‪:‬‬
‫‪ .1‬مراسم الحفل ‪ ،‬وهذه تهيئ الفرد للحياة االجتماعية من خالل فرض الطاعة عليه‪.‬‬
‫‪ .2‬إن وظيفة الشعائر الدينية تتمثل في كونها تقوي من تماسك المجتمع وترابط العالقات بين‬
‫االفراد والمجموعات‪.‬‬
‫‪ .3‬تجدد الشعائر الدينية لدى ممارستها التزام الفرد لتقاليد المجتمع‪.‬‬
‫‪ .4‬يشعر الفرد بالراحة والحماس االجتماعي اثناء مشاركته بالحفل الديني‪.‬‬
‫عبر هذه الحاالت االربع فإن الشعائر الدينية تساهم بتلبية الحاجات الدينية للفرد ‪ ،‬ومن ثم‬
‫يتضح من التفكير السوسيولوجي الدوركايمي ان كل وحدة اجتماعية في المجتمع لها عالقة بالمجتمع‬
‫الكبير وفي كل الوحدات الموجودة فيه ويعتقد دوركايم ان االنسجام في المجتمع يصبح واقعا مجسما‬
‫عندما تسود هذه الحالة الطبيعية ‪ .‬أي عند قيام هذه الوحدات االربع بوظائفها في المجتمع ككل‪.‬‬

You might also like