Professional Documents
Culture Documents
التيارات الفكرية
إعداد
د .أحمد اإلمام إبراهيم
ملخص الدراسة
التيارات الفكرية من صور الغزو الخارجي ،الوافد على األمة اإلسالمية ،ترجو
أن تحل محل النظم اإلسالمية ،وتنزل منزلها ،وتتبوأ مكانها ،وتطلب مكانتها.
وقد مرت بمجموعة من مراحل النشأة ،حتى أسفرت عن وجهها على يد دعاتها
وعمالئها ،وال تزال تسري في األمة ،وتستهدف مصادرها وعلماءها ،حتى ذاع
صيتها ،وانتشر فكرها ،وقد أخذت بأساليب ووسائل التطور ،حتى التبس الحق
نظر لندرة تصنيع وإعداد
بالباطل عند عدد غفير من الناس ،وروادها في ازديادً ،ا
فضال عن غفلتهم وغفوتهم ،باإلضافة لضعف وسائلهم وأساليبهم.
ً دعاة الحق،
وال ريب أن الباطل ال قرار له ،وأن الزبد يذهب جفاء ،وما ينفع الناس يمكث
في األرض ،وال تزال طائفة من األمة ظاهرة على الحق ،تسعى لمواجهة هذه
التيارات ،وتطلب إنقاذ الناس من سمومها ،بفقه الدعوة ،وآليات البالغ .وقد جاء
البحث يبرز مفهوم التيارات الفكرية ،ومراحل نشأتها ،وعوامل تطورها ،وفقه
مواجهتها ،انطالًقا من رسالة األزهر العالمية ،في بالغ دين الله للعالمين.
المقدمة
-وبعد: الحمد لله وحده ،والصالة والسالم على من ال نبي بعده -
وقد مرت التيارات الفكرية بمجموعة من مراحل النشأة ،حتى أسفرت عن
وجهها على يد دعاتها وعمالئها ،وال تزال تسري في األمة ،وتستهدف مصادرها
وعلماءها ،حتى ذاع صيتها ،وانتشر فكرها ،وقد أخذت بأساليب ووسائل التطور،
نظر
حتى التبس الحق بالباطل عند عدد غفير من الناس ،وروادها في ازديادً ،ا
فضال عن غفلتهم وغفوتهم ،باإلضافة لضعف
ً لندرة تصنيع وإعداد دعاة الحق،
وسائلهم وأساليبهم.
وال شك أن الباطل ال قرار له ،وأن الزبد يذهب جفاء ،وما ينفع الناس
يمكث في األرض( ،)1وال تزال طائفة من األمة ظاهرة على الحق ،تسعى لمواجهة
هذه التيارات ،وتطلب إنقاذ الناس من سمومها ،بفقه الدعوة ،وآليات البالغ.
وقد جاء البحث :يبرز مفهوم التيارات الفكرية ،ومراحل نشأتها ،وعوامل
تطورها ،وفقه مواجهتها ،انطالًقا من رسالة األزهر العالمية ،في بالغ دين الله
للعالمين.
[أواًل] :اإللمام بأصول دراسة التيارات الفكرية ،فمن غفل المدخل تنكب
طمعا في
ً [ثال اثا] :الوقوف على سبل فقه مواجهة التيارات الفكرية،
وطلبا للنجاة.
اإلعدادً ،
()2 ()1
ثم ثم التحليلي وأما عن المنهج المستخدم فهو المنهج االستقرائي
االستنباطي( .)3وقد جاءت خطة البحث مشتملة على مقدمة وتمهيد يتناول أبرز
مصطلحات عنوان البحث ،وثالثة مباحث على النحو التالي:
وفيه مطلبان:
المطلب األول :أين ومتى ولماذا وكيف ينشأ التيار الفكري؟.
( )3هو عملية االستدالل غير المباشر التي تبدأ بعدد محدود من المفردات الجزئية ،بغرض
تعميم الحكم المنطبق عليها في حكم عام يشملها هي وغيرها من المفردات األخرى
ا
مستقبًل[ .ينظر :االستقراء المماثلة ،سواء ما هو قائم منها اآلن أو ما يمكن أن نصادفه
والمنهج العلمي ،محمود زيدان ،ص ،42دار النهضة العربية .مناهج البحث العلمي،
عبد الرحمن بدوي ،ص ،31دار النهضة العربية3691 ،م].
( )4هو منهج يقوم على دراسة اإلشكاالت العلمية المختلفة تفكي اكا أو تركيباا أو تقوي اما [أبجديات
البحث :فريد األنصاري ،ص ،69:مطبعة النجاح الجديدة ،المغرب ،ط :األولى،
3661م].
( )1هو السير بالعقل من قضايا يقينية ،أو من مبادئ ثابتة مسلم بها ،حتى يستخلص العقل منها
قضايا أخرى دون االلتجاء إلى التجربة[ .ينظر :مناهج البحث عند مفكري اإلسًلم،
علي سامي النشار ،ص ،123دار النهضة العربية ،بيروت3632 ،م .المنطق ومناهج
البحث .محمد عبد الله الشرقاوي ،ص ،319دار الثقافة العربية ،مصر3663 ،م].
641 العدد ( -3131/3102 )23المجلد األول
حولية كلية الدعـوة اإلسالمية بالقاهرة
وفيه مطلبان:
المطلب األول :كيف يتطور ،وينتشر ،وينتقل التيار الفكري؟.
وفيه مطلبان:
المطلب األول :أهمية وحكم دراسة التيار الفكري ،وشروط دارسه ِّ
ومدرسه.
وقد ختمت البحث بخاتمة تلم شمله ،وتجمع ثماره ،ورصدت بعض التوصيات،
وفهرست الموضوعات والمراجع ،جرًيا على سنة البحوث األكاديمية.
والله الموفق.
التمهيد
تحديد المفاهيم
ال ريب أن تحديد المفاهيم يزيل اللبس ،ويرفع الغموض ،ويحدد مصطلح
البحث ،وفيما يلي بيان ألبرز مصطلحات عنوان البحث.
( )3لسان العرب ،أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم (ابن منظور) ،حرف التاء – تير
– ( ،)61/2دار صادر -بيروت ،ط3232 ،1:هـ.
( )4المصدر السابق (.)61/2
( )1المصدر السابق (.)61/2
( )2النهاية في غريب الحديث واألثر البن األثير ( ،)414/3ت :الطناحي ،ط3131 ،3:هـ
3691 -م.
641 العدد ( -3131/3102 )23المجلد األول
حولية كلية الدعـوة اإلسالمية بالقاهرة
تاراة أُخرى"( ،)1أي :مرة أخرى ،ويقال :تارة وتارة، عيد ُكم َو ِمنها ُن ِ
خر ُج ُكم َ ُن ُ
ويقبض
أي :مرة ومرة ،وكذا تيار الهواء يأتي ويذهب ،ويعلو ويهبطُ ،
وفقا ًلتجاهات الرياح. ويبسط ،ويثبت ويتغير ،ويؤثر ويتأثر ا ُ
كثيرة متتابعة :كما في قوله تعالىُ " :ث َّم أَْر َسْلَنا ُرُسَلَنا َت ْتَرى" ،أي:
()2
إذن التيارات لغة" :حركة وافدة تتأثر باتجاهات الريح فتتباين خصائصها
تبعا لذلك".
وصفاتها ً
(ج) مصطلح "التيارات" من حيث الدًللة اًلصطالحية:
تنسب كلمة "فكرية" إلى الفكر ،والفكر هو :إعمال الخاطر في الشيء،
والتفكير هو :إعمال العقل في قضية من القضايا للوصول إلى الحقيقة
فيها(.)1
(ج) مصطلح "الفكرية" من حيث الدًللة اًلصطالحية:
وأما عن الداللة االصطالحية لكلمة "فكر" فال تدرك إال بالقيد ،فالفكر
العام إعمال الخاطر في الشيء بال قيد وال شرط ،وال ريب أن الخاطر غير
معصوم ،ومن ثم فالنتائج تحتمل الصواب والخطأ ،وتحتاج المعالجة
والتقويم ،ولذا قرر أهل العلم أن نتاج الخاطر في مقام الظن ،فما يقر اليوم
ينقض في الغد ،ويستمر في إطار المعالجة والتقويم ،والجانب التجريبي خير
أنموذج على هذا ،ونتاجه مقيد ألنه صادر عن مقيد –الخاطر ،-والمقيد
في مقام الظن ،والظن ال يبلغ رتبة اليقين بحال.
وال ريب أن كل نتاج علمي ،محل بحث ودرس ،فيؤخذ منه ويرد عليه،
شيئا"( ،)2ولذا قال ()1
"والحق أحق أن يتبع" " ،والظن ال يغني من الحق ً
األوائل" :قولي صواب يحتمل الخطأ ،وقول غيري خطأ يحتمل الصواب"(.)3
وإن قيل المذاهب الفكرية فهي" :آراء وأفكار اجتهادية ،فيما يخص
شئون الكون وخالقه واإلنسان والمجتمع ،يؤخذ منها ،ويرد عليها ،ظهرت
كحلول مؤقتة ،استجابة لتحديات حضارية ،أوجدتها ظروف تاريخية
معينة"(.)4
أو "هي صناعة العقل ،ومسرح نشاطه الذهني وعطاؤه الفكري ،فيما
يعرض له من قضايا الوجود والحياة سواء أكان صو ًابا أو خطأ"(.)5
أيضا
وصح نسبة المذاهب إلى الفكر ألن الفكر مصدرها ،ومن ثم فهي ً
تحتمل الخطأ والصواب ،وتحتاج المعالجة والتقويم ،ومرد هذا كله للمعصوم،
وال عصمة إال للوحي الصحيح الصريح.
المعاصرة في اللغة تطلق على" :مدة معلومة لوجود جيل من الناس ،أو
ملك ،أو نبي ،أو دين ،ويعين باإلضافة ،فيقال :عصر إبراهيم ،وعصر
النبوة ،وعصر الجاهلية ،وعصر االنفتاح ..إلخ"(.)3
وفي تفسير الخازن" :هو الدهر والزمن الذي تجري فيه صنوف الحياة
الدنيا من حلوها ومرها ،وخيرها وشرها"(.)5
حيا في
المعاصرة في اًلصطالح" :كل ما كتب له البقاء من القديم ،وال يزال ً
المبحث األول
يمر التيار الفكري بمجموعة من مراحل النشأة ،وال يتأتى رصد هذه المراحل إال
بإجابة التساؤالت التالية ،وسأتناولها في مطلبين ،لنصل من خاللها لبيان مرحلة
نشأة التيار الفكري:
( )3ألن الناس إما مسلم أو غير مسلم ،والبيئات تبعاا لذلك.
أخرجه مسلم في صحيحه ،كتاب الطهارة ،باب االستطابة ،حديث (.)233 ()4
وأما عن البيئة غير اإلسالمية ،فهي بيئة قابلة إلنشاء التيارات وتنميتها،
والعمل على نشرها بكل قوة ،ذلك الفتقارها لمنهجية اتسمت بخصائص تغنيها
فضال عن افتقارها لمصادر موثوقة تعتمد عليها ،وتنطلق
عن البحث هنا وهناكً ،
من خاللها ،وإذا كان األمر كذلك ،فال مانع مطلًقا من العمل على إنشاء تيارات
فكرية مستمدة من وحي العقل الذي ال سقف له ،وال يضيرها بحال أن تأخذ نتًَفا
من شتى األمم بما يوافق ويتفق مع هواها ،سواء أكانت هذه األمم غارقة في
القدم ،أو هالكة في الحداثة ،مما جعل منهجها البشري يتطور بتطور الزمان
والمكان ،ليس في وسائله فحسب ،بل في أصوله وقواعده ،مما وسمها بالتحريف
والتزييف ،ومنحها شعار الهوى في كل شيء ،فصار الهوى معبودها ،ولو بلغ
وعقال. الهوى مبلغهَّ ،
وتنكر للمعلوم بالضرورة ،والثابت بداهة وفطرة ً
باطنا،
ظاهرا ،وتنكروا له ً
ً وفي فترة من الزمان رفعوا شعار المسيحية
العتقادهم أنه إلى الصورة والشكل ،أقرب منه إلى الحقيقة والواقع ،فهو عبارة
عن طقوس تؤدى داخل جدران مقطوعة الصلة بالواقع الحياتي ،فراق لهم ذلك
َعطوا َما لِ َقْي َصَر لِ َقْي َصَر َو َما لِّل ِه لِّل ِه"(.)2
حتى قالوا" :أ ْ
حرصا
مما دفع بعض رجال الكنيسة التخاذ ق اررات في الواقع المعاصرً ،
منهجا ،فكان رد الفعل الخروج
ً على صورتهم ،وبقاء لسلطتهم ،واتخذوا السطوة
على الكنيسة ،مما ترتب عليه انشطار الكنيسة ،وانشقاق األتباع.
وبناء عليه :فال مانع مطلًقا من إنشاء تيارات في البيئات التي ال تعرف
لها منهجية مقدسة ،وال مصادر معتمدة ،مما جعل الكلمة تتفق على أن البيئة
التي تصنَّع فيها التيارات ،وتنشأ بها ،وتنمو في رحابها ،هي بيئة الغرب غير
المسلم.
وال ريب أن قانون الصراع قائم ومستمر إلى أن يرث الله األرض ومن
عليها ،ومن طالع التاريخ أدرك ،ومن تأمل الحقائق تبين.
فينشأ التيار في البيئة غير المسلمة ،وفي الوقت الذي تعادى فيه
المنهجية الربانية الشاملة ،حتى يكون الجهل والجهال ،والغفلة والتغافل ،والغزو
واالعتداء ،هو الشعار والراية ،حينها وفقط ينشأ التيار الفكري ،ففي أمة موسى
-#-تنكر القوم للمنهجية الربانية ،وقتلوا األنبياء ،وعادوا الحق وأهله ،وقاسوا
"( ،)1فبرز اإللحاد الغائب على الشاهد ،وقالوا قولتهم الشهيرة" :
ونما وترعرع وتطور بتطور الزمان ،وعلى هذا فقس.
وكل منهج له دعاة وأتباع ووسائل وأساليب ،وبمقدار اكتمال هذه المعالم
يصل المنهج للقاصي والداني ،وجنود الله تترى ،فإذا بلغت الدعوة ،وقامت
َحًدا"(.)4 ِّ
ُّك أ َ
الحجة ،وانتفت الشبهة ،انتهى دور الدعاةَ " ،وال َيظلم َرب َ
ومن خالل هذه التقدمة والتوطئة السابقة ،تتضح أسباب نشأة التيار الفكري،
وتتبلور فيما يلي:
-1غياب المنهجية الربانية ،والجهل بها.
-2عدم القناعة بالمنهجية الربانية.
-3الظن بعجز المنهجية الربانية عن تفسير شئون الكون والحياة،
وبمجموع هذا كله ينشأ التيار الفكري ،في ظل استبدال المنهج الرباني
المعصوم بالمنهج الوضعي.
يسعى التيار الفكري لهدم الدين الحق ،ويطلب أن يحل محله ،ويتبوأ مكانه
ومنزلته ،فعدو التيار الفكري على اإلطالق هو الدين الحق.
(ب) عالقة التيار الفكري بالفرق:
الفرق من صور الغزو الداخلي ،بينما التيار من صور الغزو الخارجي ثم
الداخلي.
وأما عن العالقة بين التيار الفكري والدين الوضعي ،فهي عالقة منافع،
فيأخذ منه التيار ويترك ،ويتخذه وسيلة لترسيخ أقدامه ،ثم يجعله صورة
وشكال ،ثم يهلكه ويبيده بعد الوصول لهدفه وغرضه.
ً
(د) عالقة التيار الفكري بالمذاهب.
التيار أخص ،والمذهب أعم ،والعالقة بينهما كالعالقة بين التيار الفكري
والدين الوضعي.
وحاصل ما تقدم :أن التيار الفكري يستفيد من الجميع ،ثم يقضي عليه في
الوقت المالئم له ،وال يعادي سوى الدين الحق ،والصراع في حقيقته بينهما،
ِّ َّ ِّ َّ ِّ ِّ ِّ ِّ ِّ
نوره وصدق الله" :يريدو َن أَن يطفئوا َ
نور اللـه بأَفواههم َوَي َأبى اللـه إال أَن يت َّم َ
المبحث الثاني
وفيه مطلبان:
المطلب األول :كيف يتطور ،وينتشر ،وينتقل التيار
الفكري؟.
المطلب الثاني :أسباب قبول التيار الفكري ،وآثاره.
التيار الفكري يخضع لعوامل تطور بعد مرحلة النشأة ،وتتضح عوامل تطور
التيار الفكري من خالل إجابة التساؤالت التالية ،وقد رصدتها في مطلبين ضب ً
طا
للفائدة.
قد ًل يقال في وقت آخر ،بل قد يقال غيره وأكثر منه في وقت ًلحق ،ولكل
حادثة حديث ،ولكل حكم أسباب وعلل.
وبناء على ما تقدم :يمكنني القول بأن هناك تيارات لم تحظ بالظهور،
وتيارات أخرى حظيت بالظهور لكن لم يكتب لها البقاء ،وتيارات ثالثة حظيت
بالظهور وكتب لها البقاء بفعل التطور والتطوير ،عبر العوامل المذكورة في
صدر المطلب.
فإن توقف باب الوسائل واألساليب ،توقف الذيوع واالنتشار ،وإال فال.
وال ريب أن شغل الدعاة بأنفسهم وبيئتهم وبني جلدتهم من أساليب العدو
في تحقيق مآربه ،والوصول ألهدافه ،ألنه بال ريب يسعى لخدمة الباطل ،والباطل
جاء ال َح ُّق
ال قرار له ،وجولة الباطل ساعة ،وجولة الحق إلى قيام الساعةَ " ،وقل َ
فمن الطرق المباشرة :وسائل البث المسموعة والمقروءة والمرئية لمختلف الفئات
واألعمار.
ومن الطرق غير المباشرة :نقل التيار عبر عمالء الداخل ،ممن يحسبهم
الجاهل دعاة الحق والبصيرة ،فالزي زي العلم والعلماء ،واللسان يدس السم في
ِّ
اللسان"(،)1 يم ناف ٍق ِّ
عل ِّ أخ َوف ما أخاف على أ َّمِّتي ُّ
كل م ِّ العسل ،وفي الحديثْ " :
وطريقه معلوم :تحريف وانتحال وتأويل مذموم.
وفرض التيار بلسان القوة ،ونشر أفكاره ومبادئه ،وشرعنته في صورة قوانين
ملزمة ،ومعاقبة الخارج عليها بالسجن واإلبعاد والطرد واإلقصاء!!.
ش َعب» (.(3/393/4
ي في «ال ُّ
ي في «الكبير» ( ،)441/33والبيهق ُّ
أخرجه الطبران ُّ
()3
هدم األخالق والمبادئ والمثل التي ورثها الخلف عن الذين أنعم الله
عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ،واستبدال أولئك
بدعاة التيارات ورموزها.
وعليه :فالتيار الفكري يسعى بكل قوة للتطور والذيوع واالنتشار والثبات
طمعا في أن يكون لسان حاله ومقاله :ما أريكم إال ما أرى،ً والرسوخ،
وحرصا على أن ِّ
يسبح الناس بحمده آناء الليل وأطراف النهار. ً
وإذا كانت هذه التيارات هدامة ،وتسعى لهدم الدين الحق ،فما سبب قبول
البيئات للتيار الفكري؟.
ضعفا
ً الضعف والفقر والحاجة :يلعب التيار الفكري على وتر مد اليد
نفسيا سلم وفقر وحاجة ،ومن مد يده ال يمكن أن يمد قدمه ،ومن هزم ً ًا
َعدوا َلهم َما نفسه لعدوه ،واألمم التي تتواكل تؤكل ،ولذا قال ربنا" :وأ ِّ
َ
َّ ِّ ِّ الخ ِّ ِّ استَ َ ِّ
ينآخر َ يل ترِّهبو َن ِّبه َعد َّو اللـه َو َعد َّوكم َو َ طعتم من ق َّوٍة َو ِّمن ِّرباط َ
الل ِّـه
بيل َّيء في س ِّ
َ
اللـه يعَلمهم وما ت ِّنفقوا ِّمن َش ٍ
َ َ
دون ِّهم ال تَعَلمونهم َّ
َ ِّمن ِّ
اجنح َلها َوتََوَّكل لم َف َ ف ِّإَليكم َوأَنتم ال تظَلمو َن ﴿َ ﴾٠٦وإِّن َج َنحوا ِّل َّ
لس ِّ ي َو َّ
العليم" ،وقالَ" :ف َال تَ ِّهنوا َوتَ ْدعوا ِّإَلى َّ الل ِّـه ِّإَّنه ه َو َّ
عَلى َّ
()2
السْل ِّم السميع َ َ
ِّ َّ
َعَل ْو َن َواللـه َم َعك ْم َوَلن َيت َرك ْم أ ْ
()3
َع َماَلك ْم" . َوأَنتم ْاأل ْ
فقدان الثقة في المنهج ودعاته :إن الكالم المرسل ال يرفع بناء ،وال يشيد
عمارا ،فإن وافقه العمل فبها ،وإال فال.
ً
ولذا قرن ربنا –سبحانه -بين اإليمان والعمل الصالح في مواطن عدة.
وبالجملة :إن التيار الفكري يبدأ طريقه في الوقت الذي يجد البيئة
تطلبه وتنادي عليه ،ليخرج لها وينزل رحابها في صورة (المنقذ) ،فقد
استشرى الجهل ،وعم الضعف والفقر والحاجة ،وفقد الناس الثقة في
المنهج والرموز ،وصار أرباب التيارات كعبة البيئة المستهدفة وقبلتهم،
وحينها ي َقبل التيار الفكري بكل أريحية ،وينزل في صورة المقيم المستقر،
ال الضعيف الراحل.
وال ريب أن اإلسالم دعا أتباعه إلعمال عقولهم ،وجعله مناط التكليف،
وحذر من تغافله ،فأمر بالتفكر والتدبر في حدود طاقة العقل ،وفي إطار أدواته.
ف َب َدأَ
ض َفانظروا َك ْي َ ومن أدلة ذلك قوله تعالى" :ق ْل ِّسيروا ِّفي ْاأل َْر ِّ
اْل َخْل َق"( ،)1وقوله تعالىَّ" :ل َعَّلك ْم تَ ْع ِّقلو َن"( ،)2وقوله تعالى" :أََف َال تَ ْع ِّقلو َن"( ،)3وقوله
ِّ ِّ
تعالى" :أََف َال َينظرو َن" ،وقوله تعالىَ" :فْل َينظر ْاإل َ
نسان"(.)5 ()4
بل أقام به الحجة ،ودفع به الشبهة في مواطن عدة ،ومن ذلك قوله تعالى:
َش ِّهدوا َخْلَقه ْم َست ْكتَب َش َه َادته ْم ين ه ْم ِّع َباد َّ
الر ْح َم ِّـن ِّإ َناثًا أ َ ِّ َّ ِّ
" َو َج َعلوا اْل َم َالئ َك َة الذ َ
ين"( ،)7وقولهَ " :وإَِّّنا أ َْو ِّإيَّاك ْم ويسأَلو َن"( ،)٠وقوله" :قل هاتوا برهانكم ِّإن كنتم ِّ ِّ
صادق َ ْ َ ََْ ْ ْ َ َ ْ
ين" ،إلى أن قال في شأن المتغافلين والجاحدين: ()8 ٍ
ض َالل ُّمِّب ٍ ِّ
َل َعَلى هًدى أ َْو في َ
ير"( ،)9وقال" :أ َْم تَ ْح َسب الس ِّع ِّ
اب َّ "وَقالوا َلو كَّنا َنسمع أَو َنع ِّقل ما كَّنا ِّفي أَصح ِّ
ْ َ َْ ْ ْ َ ْ َ
وأما عن آثار التيارات الفكرية التي تطلب الدين الحق هدًفا ،وترجو أن تحل
محله ،فمن أبرزها:
تقديس العقل :فقد برز في البيئة مناهج التقديس ،حيث المنهج العقلي
عند "ديكارت" (ت1٠5٦:م) ،والتجريبي عند "فرنسيس بيكون"
(ت1٠2٠:م) ،في القرن السابع عشر ،ثم أدى تأليهه في القرن الثامن
عشر إلى وجود فلسفة التنوير في فرنسا ،والمنهج النقدي مع "كانط"
األلماني (ت18٦4:م).
وكما كان لـ "نيتشه" دور بارز في إيجاد هذا النظام ،حيث ركز
على مبدأ القوة في كتابه "إرادة القوة" ،كما ركز على "السوبر مان" أو
اإلنسان األعلى في كتابه "هكذا تكلم زرادشت"(.)3
األشالء ،ال هدف يجمعها ،وال غاية توحدها ،فهذا ليبرالي ،وذا علماني،
واآلخر إلحادي ،وهلم جرا.
الخلط بين الدين الحق واآلخر الوضعي :فقد أنزلت التيارات الدين الحق
منزلة الدين الوضعي ،وأعملت القياس ،وهو قياس مع الفارق ،ففي
الوقت الذي نادت فيه المسيحية المحرفة بأنها ديانة ملهمة ،ورفضت
االعتماد على العقل ،والبحث الحر ،جاءت التيارات تندد بالدين الحق،
وتنزله منزلة الدين المحرف!! وتزعم أنه ال يحترم العقل والعقالنية ،وفي
الوقت الذي اعتمدت فيه الكنيسة آراء بطليموس في الطبيعة ،وربطت
اآلراء العلمية بالكنيسة ،وشكلت محاكم للتفتيش على كل من يخرج عن
دائرة الكنيسة ،جاءت التيارات تنادي بفصل العلم عن الدين ،نتيجة لما
حدث من الكنيسة تجاه العلم والعلماء.
والبهتان.
المبحث الثالث
وفيه مطلبان:
المطلب األول :أهمية وحكم دراسة التيار الفكري ،وشروط
دارسه ومدرسه.
المطلب الثاني :منهجية دراسة التيار الفكري ،وخطورته،
وفقه مواجهته.
وإذا كان التيار الفكري يمر بمراحل نشأة ،وعوامل تطور ،فكيف نواجه التيار
الفكري؟.
ال يتأتى رصد آلية المواجهة إال بإجابة تساؤالت ،جمعتها في مطالبين على
النحو التالي:
عموما ،وما
ً -1أنها تطلع طالب العلم على ما يحدث في الغرب والعالم
يكيده أعداء اإلسالم ويحيكونه من أجل السيطرة على العالم اإلسالمي
،والقضاء على الدين الحق المنزل من عند الله تعالى ،وإحالل بدله
بعيدا عن
هذه األفكار والتيارات والمذاهب والنظم التي تنشئها عقولهم ً
الدين وضوابطه.
-2تفتح لطلبة العلم نافذة على العالم حتى يحذر المسلم من هذا الذي يدبَّر
وقديما قال الشاعر:
ً له،
( )3التيارات والمذاهب الفكرية المعاصرة في ميزان اإلسًلم ،د .ماجد عبد السًلم إبراهيم،
(ص )31-6بتصرف غير يسير ،ط3215 ،3:هـ.
614 العدد ( -3131/3102 )23المجلد األول
حولية كلية الدعـوة اإلسالمية بالقاهرة
()1
الناس يقع فيه
فنحن ندرس هذه التيارات والمذاهب حتى نحذرها ونبتعد عنها ،ونتجنب
الوقوع فيها.
-3لنرد عليها ،ونبين بطالنها وتهافتها :ونحن في هذا نقتدي بالقرآن الكريم
الذي رد على جميع الطوائف والمذاهب الباطلة ،كما يقول اإلمام ابن
العربي " :-~-خذوا مني نصيحة مشحونة بنكت األدلة ،وهي أن الله
سبحانه وتعالى رد على الكفار على اختالف أصنافهم من ملحدة وعبدة
أوثان وأهل كتاب وصابئة ومشركة ويهودية ،وساق أدلته أفضل سياق،
وجاء أحكم نظام ،وأبدع ترتيب ،فعلى هذا فعول"( ،)3وعلماؤنا منذ القدم
وهم يقومون بهذه المهمة النبيلة ،وصدق الله إذ يقولَ " :وما َ
كان
كاف ًة َفَلوال نَفر ِّمن ك ِّل ِّفرَق ٍة ِّمنهم ِّ
طائَف ٌة لِّ َيتََفَّقهوا ِّفي ؤمنو َن لِّي ِّنفروا َّ
الم ِّ
ََ َ
يهم َل َعَّلهم َيح َذرو َن"( ،)4وصدق رسوله ين ولِّي ِّنذروا َقومهم ِّإذا رجعوا ِّإَل ِّ
ِّ
ََ َ الد َ
العظيم -ﷺ -إذ يقول" :يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون
عنه تحريف الغالين ،وانتحال المبطلين ،وتأويل الجاهلين"(.)5
( )3البيت ألبي فراس الحمداني [ديوان العصر العباسي ،عالم األدب ،بدون تاريخ].
( )4تقدم تخريجه (ص.)41
( )1العواصم من القواصم ،محمد أبو بكر بن العربي ،ت :محب الدين الخطيب ،ومحمود
االستانبولي( ،ص ،)335مكتبة السنة ،ط3234 ،9:هـ3664-م.
( )2سورة التوبة.344:
(5
) السنن الكبرى للبيهقي ( ،)19445مشكل اآلثار للطحاوي ( ،)32٠8وجزم الحافظ
العالئي بأن الـحديث حسن [ينظر :الحطة (ص.])71
611 العدد ( -3131/3102 )23المجلد األول
حولية كلية الدعـوة اإلسالمية بالقاهرة
-٠لنقف على العوامل التي ساعدت على انتقالها إلى المجتمع اإلسالمي:
إن هذه التيارات والمذاهب التي ندرسها ،وإن كان منشؤها الغرب ولكن
ما لبثت أن انتقلت إلينا نحن في الشرق عبر الدعاة الذين صنعهم
الغرب على عينه ،ورباهم على موائد فكره ،وبثهم في بالد اإلسالم،
وهؤالء هم الذين عناهم "زويمر" (ت1952:م) زعيم المنصرين بقوله:
"ينبغي أن يكون تبشير المسلمين بواسطة رجال منهم ،ألن الشجرة ال
( )3البداية والنهاية ،ابن كثير ،)11/1( ،ت :علي شيري ،دار إحياء التراث العربي،
بيروت ،ط3213 ،3:هـ.
611 العدد ( -3131/3102 )23المجلد األول
حولية كلية الدعـوة اإلسالمية بالقاهرة
يقطعها إال فرع منها"( ،)1ولعلهم هم الذين عناهم النبي -ﷺ -بقوله
عندما سئل عن الدعاة على أبواب جهنم" :هم من جلدتنا ،ويتكلمون
بألسنتنا"( ،)2يقول الشيخ محمود شاكر" :إن الذين تولوا كبر هذا الصراع،
والذين ورثوهم من خلفهم إنما هم رجال منا ،من بني جلدتنا ،من أنفسنا،
ينطقون بلساننا ،وينظرون بأعيننا ،ويسيرون بيننا آمنين"(.)3
( )3الموسوعة الميسرة ،د .مانع الجهني ( ،)995/3الندوة العالمية للشباب بالرياض ،ط،2:
3241هـ.
( )4تقدم تخريجه.
( )1أباطيل وأسمار لمحمود شاكر (ص ،)34مكتبة الخانجي ،ط4115 ،1:م.
( )2أساليب الغزو الفكري للعالم اإلسًلمي ،المستشار علي جريشة( ،ص ،)35ط :دار
السًلم.
611 العدد ( -3131/3102 )23المجلد األول
حولية كلية الدعـوة اإلسالمية بالقاهرة
وأما على الصعيد الدعوي فمما يجب أن يلم به الدعاة وال بد :التيارات
الفكرية ،ويدركوا غورها ،ويستشعروا خطرها ،ويبصروا األمة بمخاطرها في
إكماال لمسيرة الدعوة في ً حاضرها ومآلها ،وينقذوا أنفسهم ،ويسعوا إلنقاذ غيرهم،
الل ِّـه َعلى َب ٍ
صيرة أَنا َو َم ِّن اتََّب َعني"(،)1 رحاب قوله تعالى" :قل ه ِّـذِّه سبيلي أَدعو ِّإَلى َّ
َ َ
بل ال ينبغي أن يجاز طالب الدعوة إال بإدراكها نظرًيا ،وإلمامه بفقه مواجهتها
عمليا.
تطبيًقا ً
وإال فالفاجعة العظمى حين يستقطب طالب الدعوة ،وخريج جامعة األزهر
وسبيال لذيوعها ونشرها.
ً ليكون بوًقا من أبواق دعوتها،
ِّ
وأما عن مدرس التيارات الفكرية فينبغي أن يكون ً
ملما بالتيارات ،مستغرًقا
متعايشا في مستنقع أفكارها ورموزها ووسائلها وأساليبها،
ً في دراستها وبحثها،
خبير بعقلية أربابها،
اعيا بأهدافها وأبعادها وغاياتهاً ،ا
متابعا لحركتها وسيرها ،و ً
ً
مدركا فقه السياسة الدعوية في التعامل مع التيار ودعاته،
ومآالت مخططهمً ،
طا بفقه مواجهته.
ومحي ً
الحكم على التيار وفًقا لكل مرحلة من م ارحله ،والجمع بين أقوال العلماء
في الحكم عليه ،بمراعاة عامل الزمان والمكان ،وتطور الفكر ،وتنوع
الوسائل ،وتعدد األساليب ،وتغير المسميات.
وطلبا.
ودفعا ً
إدراك فقه مواجهة التيار وقاية ً
فإن تم لك ذلك فقد تخصصت في دراسة التيارات الفكرية ،وإال فأنت
حاطب ليل ،وإن اجتمع لك مع هذه المنهجية آلية البحث العلمي وطرقه
فهنيئا لك سعيك ،وشكر الله لك سد ثغرك.
وآدابهً ،
طوعا
التحاكم والحكم بالتيارات الفكرية ،والعيش والتعايش في رحابها ً
وكرًها.
وعليه :فالتيارات الفكرية تهدف لمحو الدين الحق ،مما يترتب عليه محو
العقيدة الصحيحة ،والشريعة القويمة ،واألخالق الحميدة ،وهذا لعمري هو
الطامة الكبرى ،والموت البطيء الذي ًل يبقي وًل يذر.
العدل واإلنصاف.
ومن أهمل
وإذا كانت رسالة اإلسالم عالمية ،فإن دعوته كذلك عالميةَ ،
وحتما سيخترق ،فوجب أن نعد العدة لطلب القوم في
ً الطلب عجز عن الدفع،
عقر دارهم ،إلنقاذهم من إهالك أنفسهم ،ودمار اإلنسانية من حولهم ،رحمة بهم،
وهداية لهم ،بال إكراه وإجبار ،وإنما إقامة حجة ودفع شبهة "لِّ َئ َّال َيكو َن لِّلنَّ ِّ
اس
الل ِّـه ح َّج ٌة َب ْع َد ُّ
الرس ِّل"(.)2 عَلى َّ
َ
ومن صور فقه الطلب:
( )3أنصح بإقامة وحدة أو قسم بكلية الدعوة خاصة ،والكليات المناظرة عامة ،يتعلم فيه الطالب
فن الجدل والمناظرة بالتي هي أحسن ،وهو قسم جدير بالعناية واالهتمام ،وخاصة في
المرحلة الراهنة ،ليجبر تقصيرنا في هذا الجانب في الفترة الماضية.
( )4سورة النساء.395:
614 العدد ( -3131/3102 )23المجلد األول
حولية كلية الدعـوة اإلسالمية بالقاهرة
إجماال ،ولن يخرج في ً ومن خالل اإلشارات السابقة يتضح فقه المواجهة
الح َس َن ِّة
ظة َ
وع َ ِّ
الحكم ِّة والم ِِّّ ِّ ِّ ِّ
جملته عن قوله تعالى" :ادع إلى َسبيل َربِّ َك ب َ َ َ
ض َّل َعن َسبيلِّ ِّه َوه َو أَعَلم َّك ه َو أَعَلم ِّب َمن ََحسن ِّإ َّن َرب َ
ِّ ِّ َّ ِّ
َوجادلهم بالتي ه َي أ َ
ِّ ِّ ِّ ِّ ِّ ِّ ِّ ِّ
ص َبرتم َله َو دين﴿َ ﴾125وإِّن عاَقبتم َفعاقبوا بمثل ما عوقبتم به َوَلئن َ ِّبالمهتَ َ
حزن َعَل ِّ اصبر وما صبرك ِّإال ِّب َّ ِّ ِّ
يهم َوال اللـه َوال تَ َ ين ﴿َ ﴾12٠و ِّ َ َ َ َخ ٌير للص ِّابر َ
َّ َّ َّ تَك في ض ٍ ِّ
ذين هم ذين اتََّقوا َوال َ يق مما َيمكرو َن ﴿ِّ ﴾127إ َّن الل َـه َم َع ال َ َ
حسنو َن" .
()1 م ِّ
ومن خالل ما سبق :يتضح أن التيار الفكري يسعى لمحو الدين الحق ،وأن
دراسته من ِّقبل الدعاة خاصة آكدة ،إلنقاذ أنفسنا ،وإنقاذ غيرنا ،وينبغي على
دارس التيارات أن يلم بأصول دينه ،خشية أن يكون فريسة لها ،وينبغي
تخصصا دقيًقا ،ويسد الثغر الدعوي،
ً لمدرس التيارات الفكرية أن يتخصص
وال ينشغل عن هدفه ومقصوده ،في صيانة األمة من براثن التيارات الهدامة،
فيقف على جذورها التاريخية ،ومراحل نشأتها ،وعوامل نموها وتطورها،
مدركا فقه مواجهتها وقاية
ووسائلها وأساليبها ،ويكمل مسيرة العلماء الثقاتً ،
وطلبا.
ودفعا ًً
الخاتمة
من خالل العرض السابق أكون قد وقفت –بفضل الله -على مجموعة من
النتائج البحثية والتوصيات:
ِّ
المصنع به ،وقبول البيئة له ،مع -2يرجع تطور التيار الفكري إليمان
توافر القوة المادية والمعنوية الخادمة له ،ويعود انتشار التيار الفكري
لتوافر الوسائل ،وقوة األساليب ،ويرسخ وينتشر من خالل إعمال باب
المتابعة ،وينتقل للبيئة المستهدفة ،بطرق سلمية مباشرة وغير مباشرة،
وطرق أخرى غير سلمية ،ويرجع سبب انتقاله للرغبة في القوة
طمعا في أن يسبح الناس بحمده آناء الليل وأطراف النهار،
واالستعالءً ،
وتقبله البيئات بسبب الجهل والضعف وفقدان الثقة في المنهج الحق
فضال عن تحسين صورة الخارج ،وغض الطرف عن سوءاته،
ً ودعاته،
ومن أبرز آثاره تقديس العقل ،واضطراب منظومة األخالق الفطرية،
واستبدال جل األنظمة اإلسالمية بأنظمة وضعية ،وإلزام الناس بها،
-3يسعى التيار الفكري لمحو الدين الحق ،وتتأكد دراسته من ِّقبل الدعاة
خاصة ،إلنقاذ األنفس ،وإنقاذ الغير ،وينبغي على دارس التيارات أن يلم
بأصول دينه ،خشية أن يكون فريسة لها ،وينبغي لمدرس التيارات الفكرية
تخصصا دقيًقا ،ويسد الثغر الدعوي ،وال ينشغل عن هدفه
ً أن يتخصص
ومقصوده ،في صيانة األمة من براثن التيارات الهدامة ،فيقف على
جذورها التاريخية ،ومراحل نشأتها ،وعوامل نموها وتطورها ،ووسائلها
ودفعا
مدركا فقه مواجهتها وقاية ً
وأساليبها ،ويكمل مسيرة العلماء الثقاتً ،
وطلبا.
ً
أبرز التوصيات
فهرس الموضوعات
stnotnoC
ملخص الدراسة 731 .................... ................................ ................................
المقدمة 731 ............................. ................................ ................................
المبحث األول :مراحل نشأة التيار الفكري741 ....................... ................................ .
التمهيد 741 .............................. ................................ ................................
تحديد المفاهيم 741 ...................... ................................ ................................
المبحث األول 741 ...................... ................................ ................................
مراحل نشأة التيار الفكري 741 ......................................... ................................
المطلب األول :أين ومتى ولماذا وكيف ينشأ التيار الفكري؟741 .................................... .
المطلب الثاني :نسب التيار الفكري ،وعالقته بغيره751 ............. ................................ .
المبحث الثاني 751 ...................... ................................ ................................
عوامل تطور التيار الفكري وآثاره 751 ................................ ................................
المطلب األول :كيف يتطور ،وينتقل ،وينتشر التيار الفكري؟711 ................................... .
المطلب الثاني :أسباب قبول التيار الفكري وآثاره711 ............... ................................ .
أسباب قبول التيار الفكري711 ........................................ ................................ :
المبحث الثالث 713 ...................... ................................ ................................
خطورة التيار الفكري ،ومنهجية 713 .................................. ................................
دراسته ،وفقه مواجهته 713 ............ ................................ ................................
الخاتمة 711 ............................. ................................ ................................
أبرز التوصيات 711 .................... ................................ ................................
قائمة المصادر والمراجع 711 .......................................... ................................
فهرس الموضوعات 711 ............... ................................ ................................