Professional Documents
Culture Documents
Cognitive and Cultural Systems and Their Aesthetic Impact On The Self'" "
Cognitive and Cultural Systems and Their Aesthetic Impact On The Self'" "
اشراف
) (1جميل صلبيا ,المعجم الفلسفي ,ج ,2ط ,3دار الكتاب اللبناني ,القاهرة ,ص .471
) (2عبد العزيز بو الشعير ,النظام المعرفي بين الفكرية االسالمي والغربي ,ط ,1منتدى المعارف ,بيروت,
لبنان2014 ,م ,ص.97
) (3نصر محمد عارف :مفهوم النظام المعرفي والمفاهيم المتعلقة به ( ورقة قدمت الى نحو نظام معرفي
اسالمي :حلقة دراسية ,ص .63
2
فقد كان النظام المعرفي قائما ً ومدركا ً ومستوعبا ً يحدد مصادر المعرفة وعالقتها
وأوزانها النسبية ومراتبها وكل أبعادها ويقيم بناء منسجما ً المصادر من ناحية ،وبين مختلف
العلوم الطبيعية واإلنسانية والعقائدية من ناحية أخرى ،بحيث كلما اختلت هذه المعادلة وارتبك
النظام المعرفي ظهرت عملية إعادة التوازن للنظام المعرفي ،وإعادة تفعليه وتشغيله ،تلك
العملية التي حملت اليوم إسالمية المعرفة أو التوحيد اإلسالمي للعلوم أو التأصيل اإلسالمي
للعلوم ..الخ (. )1
إن االنسان يبني معرفته بهذا العالم من خالل نشاطه العلمي والذهني ,والبناء الذي يعتمده
االنسان بواسطة هذا النشاط هو ما نسميه العلم والمعرفة ,أما لفحص عملية البناء نفسها " تتبع
مراحلها ,نقد أسسها ,بيان مدى ترابط أجزائها محاولة البحث عن ثوابت صياغتها صياغة
()2
تعميمية ,محاولة استباق نتائجها " فذلك ما يشكل موضوع االبستمولوجيا
وحول إشكالية صياغة نظرية المعرفة عند الفالسفة وصعوبة دراستها تعلل " الموسوعة
الفلسفية المختصرة " تلك الصعوبة بالقول " :إن المشكلة المركزية في نظرية المعرفة الحديثة
هي التوفيق بين الطبيعة الذاتية للفكر وبين دعوانا أننا نعرف ما هو خارج أفكارنا وتلك لم تكن
مشكلة بالنسبة ألرسطو إذ أعتبر أن العقل أنما يكشف نظاما ً كان من قبل موجودا ً في الواقع حتى
جاء كانت فقلب الوضع األرسطي وزعم أن النظام في معرفتنا يأتي من العقل وحده ,وتقبل
بيرس المشكلة الحديثة وقدم له حله الخاص ,بدأ بيرس بالقول بأننا على وعي بكوننا نتصل في
خبرتنا بالواقع مباشرة ويتكون الواقع من األشياء الكائنة سواء فكرنا فيها أو لم نفكر ,أضف إلى
ذلك أننا إذا أردنا اجتناب المفاجآت غير السارة فإنه يجب علينا أن نسعى ألن نكيف سلوكنا مع
هذه االشياء ,والى هنا يتفق بيرس مع أرسطو " (.)3
وقد تمثلت عملية إعادة التوازن للنظام المعرفي في ثالثة محاور أساسية :
أولها ،إعادة تجديد المنهاج والعلوم األفكار الموروثة.
ثانيها ،إعادة تصحيح مفاهيم التعامل مع الغيب أو ما يطلق عليه إجابات األسئلة النهائية
أو الكلية التي تتعلق بأصل الوجود وغايته ،وطبيعة الخالق وعالقة اإلنسان به ،أو ما يمكن
اختصاره في مسائل اإليمان باهلل ومالئكته وكتبه ورسله واليوم اآلخر والقضاء والقدر،
وانعكاساتها على ثقافة اإلنسان وعلومه وسلوكياته.
) (1نصر محمد عارف ,حول دالالت مفهوم اسالمية المعرفة ,الفكر االسالمي :العدد ,15تموز /يوليو,
1994م ,ص.65 -64
) (2محمد عابد الجابري " تطور الفكر الرياضي والعقالنية المعاصرة " دار الطليعة ,بيروت , 1982 ,ص
. 42
) (3فؤاد كامل وأخرون " الموسوعة الفلسفية المختصرة " دار القلم ,بيروت ,لبنان , 1980 ,ص .139
3
ثالثها :إعادة النظر في الفكر الوافد من خارج النسق المعرفي اإلسالمي وتفعيل منهاج
فهمه ونقده وهضمه.
وان عملية التأسيس للنظام المعرفي هذه تستند في جوهرها إلى ما يسمى بـ النموذج
المعرفي أو الناظم المعرفي كما يسميه « أ بو القاسم حاج حمدا ولهذا فعند الحديث عن النظام
المعرفي نجد أنفسنا أمام جملة من المفاهيم المتعلقة به ،كالنسق المعرفي مثالً ورؤية العالم
( ) World Viewفنحن في الحقيقة ال يمكن أن نفصل النموذج المعرفي عن النظام المعرفي ،
()1
كما ال يمكن الفصل بين رؤية العالم والنظام المعرفي ،فهي مفاهيم متداخلة متشابكة متكاملة
) (1توماس كوهن ,بنية الثورات العلمية ,تر :شوقي جالل ,عالم المعرفة ,الكويت ,المجلس الوطني للثقافة
والفنون واالدب 1992 ,م ,ص.244
) (2محمد الرازي ,مختار الصحاح ,دار الكتاب العربي ,بيروت 1981 ,م ,ص .84
) (3محمد زغور ,أثر العولمة على الهوية الثقافية لالفراد والشعوب ,االكاديمية للدراسات االجتماعية
واالنسانية ,2010 ,ص.94
) (4حسين حريم ,السلوك التنظيمي ,سلوك االفراد والمنظمات ,دار زهرة للنشر والتوزيع ,عمان1997 ,م,
ص .245
4
المساحة ،بتعريف يبدو أنه أفضل تعريف أُعطي للثقافة وهو التعريف الذي جاء أثناء انعقاد
مؤتمر اليونسكو للثقافة عام . 1982تعتبر الثقافة جزء ال يتجزأ من الحضارة ما دامت تهتم بما
ليس ماديا ً أو تقنيا ً كاآلداب والفنون والتراث والعادات والتقاليد واألعراف وغير ذلك ،وفي ذات
الوقت للثقافة عالقة تفاعلية مع التنمية والبناء المجتمعي ،فالثقافة اليوم جزء أساسي من التنمية
الشاملة إذ ال يمكن ألي تخطيط مستقبلي في مجال التنمية ،أن ينجح في ظل غياب المقاربة
الثقافية والتي أصبحت اليوم تسهم بشكل كبير وفعّال للرفع من مستوى األفراد سياسيا ً واقتصاديا ً
()1
واجتماعيا ً وعلميا ً وتربوياً.
أن المؤلف الوحيد الذي يعتبر ان الثقافة تشكل عنصرا اساسيا في النمو المعرفي ويجعلها
()2
في صلب نظريته هو جيروم برونر المولود سنة 1915م .
ي الذي حصل في األلفيّة األخيرة جعل الثقافةَ ركنا ً أساسيّا ً ال
ي والمعرف ّ ّ
إن التطور الثقاف ّ
ي الذي س ّهل علينا سُبل
أضف إلى ذلك التطور التكنولوج ّ
ْ يُمكن تجاهله في العالقات اإلنسانية،
الحصول على المعرفة ,اال ان في كثير من األحيان هناك سبب يقف عائقا ً أو يحول بين
األشخاص ووصولهم لمرحلة االكتمال أال وهو التوافق الفكري أو التوافق الثقافي ،وهناك
نموذجين إنسانيين في العالقات:
النموذج األول :وهو التوافق الفكري والتوافق الثقافي وفيه تكون العالقة اإلنسانية سلسةً
متكاملة نتيجة للتكافؤ الذي يكون موجودا ً بين الفردين.
النموذج الثاني :فهو االختالف الفكري والتوافق الثقافي ففي هذه الحال يكون الشخصين
على مستوى واحد من الثقافة والمعرفةّ ،إال أن ما يحول بينهما هو االختالف الفكري وذلك نتيجةً
للمعتقدات التي يحملها كالً منهما ،وفي هذه الحال قد يودي بهما للوصول إلى طريق مسدود,
خاصة إذا أصر كل منهما على التمسك بأفكاره ومبادئه ورفض التخلّي عن شيء منها في سبيل
()3
الطرف االخر.
تشمل مقومات الهوية الثقافية أسسا هامة في حد ذاتها هي موضوعا لها وهي :
أوال :اإلنسان بحيث يعتبر اإلنسان هو المعنى بالهوية الثقافية ،وهو المعني بهذه
الحياة ،وهو محور وأساس الهوية الثقافية ،ال غيره من الكائنات الحية األخرى ،بحيث أن
) (1عرين البيروني ,أهمية الثقافة في بناء المجتمعات2020 ,م ,عربي ( موقع الكتروني) رابط الموضوع
/https://e3arabi.comعلم-االجتماع/أهمية-الثقافة-في-بناء-المجتمعات/
) (2برتران تروادك ,علم النفس الثقافي ,تر :حكمت خوري ,ط ,1دار الفارابي ,لبنان2009 ,م ,ص .24
) (3جراح عالونة ,كيف تؤثر الثقافة على العالقات البشرية ,مقال ,دونة الجزيرة ( موقع الكنروني ) رابط
الموضوع /https://www.aljazeera.net/blogs/2019/1/30كيف-تؤثر-الثقافة-على-العالقات-البشرية
5
اإلنسان في حضارة اإلسالم وفي تحقيق أهداف سعادته يجد انطالقه في اآلية الكريمة :ولقد
كرمنا بني آدم .
ثانيا :التوازن في الشخصية أي ذلك التوازن المادي والروحي لألفراد وللشعوب ،
بحي ث يكون اعتدال وتوازن كفيل بالحفاظ على الحياة الطبيعية للفرد ،دون تغليب حياة المادة
على حياة الروح ،لكي ال يكون هناك خلال في الشخصية أو في الذات ،احتياطا لعدم تغليب كفة
( )1
لكفة أخرى ،بتغذية اإلنسان ماديا باألكل وروحيا بالعبادة .
ثالثا :اإليمان الحقيق ي وذلك بإيمان أفراد المجتمعات بما يتماشى وحضاراتهم ومعتقداتهم
ونمط حياتهم وإيمانهم باالنتماء لمجتمع ما في كل جوانب خصوصياته ،كما هو في اإليمان في
األمة اإلسالمية باإليمان باهلل وبالرساالت السماوية ،فقيم المسلم مستمدة من وحي هللا تعالى .
رابعا :النفس وال روح الجماعية واألخوة واإلنسانية :إن اإلنسان بحاجة لغيره ،وأنه
بالطبع اجتماعي وإنساني ،ليس فردي وذاتي وأناني ،هو بحاجة للتعاون والتعامل وأن يكون
عالميا بالحفاظ على شخصه وتفاعله مع غيره .
خامسا :القيم الثقافية :وهذا بتمجيد القيم الحسنة والفاضلة ،وحب العدل والحق
والمساواة والتطلع إلى المفاهيم فوق الحسية لتشجيع االلتزام بالفضائل ومحاسن األخالق ،
()2
بالقضاء على الرذائل ومساوئ األخالق .
النظم المعرفية والثقافية واثرها الجمالي على الذات:
ان البعد الفني والجمالي للحياة اليومية في األسس الجمالية لعملية موضوعية تدفق
الخبرة ،مما يشير جون ديوي إلى وجود صلة قوية بين الذات كعمل لتوحيد التجربة ،والفن
كعمل من الخيال نحو تحويل التجربة العاطفية والجسدية .ناقش بشكل نقدي فكرة الفن كمجال
ثقافي محدد ومعزول ،وتجربة جمالية مختلفة عن التجربة اليومية الشائعة .باختصار ،الفن ،
كنشاط في الحياة اليومية ،يسهل إضفاء الطابع الموضوعي على التجربة ،وتحويل تدفق الخبرة
إلى شيء يمكننا الحصول على تجربة جمالية فية ،من خالل توحيدها العاطفي.
فالفن يستدعي دالالت مفرداته الجمالية من الواقع اإلنساني بما يحقق توازنا بين اإلنسان
وبيئته .فالفن أداة من أدوات التقدم والنمو واالرتقاء في الحياة ،وهو يتمتع بسمتان ( :األولى :
الثقافة البصرية وتتمثل بمقدرته على إنتاج صور مقبولة وممثلة اجتماعيا ،والثانية :تعددية
تشكيله ,فالفنان البد إن يخضع العاطفة لالستجابة الواعية؛ لذا نراه يستعين بعناصر إيمائية
) (1محمد زغور ,أثر العولمة على الهوية الثقافية لالفراد والشعوب ,مصدر سابق ,ص .94
) (2اسعد السحمراني ,ويالت العولمة على الدين واللغة والثقافة ,دار النفائس ,ط2002 ,1م ,ص .82
6
تصويرية يعكسها على سطح النتاج بفهم أكثر تفصيال تتداخل فيه رؤى ثقافية وفلسفية تحرره من
(.)1
قيود التمثيل الواقعي
وتعد هذه المعرفة الوحيدة التي ينبغي إن يركن إليها الفنان ؛ فهو يؤسس نظرية جمالية
فنية إبداعية تحكمها حتمية الصراع مع عالم األشياء ,إما فيما يتعلق باالستجابة الجمالية للمتلقي
فهي عالقة ذات بموضوع ،وعلة بمعلول ،عالقة تستكمل أسبابها وتقوي دعائمها ال بانكفاء
الذات على نفسها وهي تتأمل بنوع من الصوفية أو التسامي ،الن أالنا المتلقية ال وجود لها إال
في صلتها مع نتاج فني تستجلي منطقه وتتجاوزه ،أنها معرفة ناتجة عن عمليات معرفية شعورية
خاضعة لتأمل وتفكير وبحث شاق عن الجمال تلتحم بإشكال المعرفة األخرى التي تهدف إلى
مضاعفة معرفة اإلنسان بذاته وبالعالم الخارجي .ولو حاولنا إن نسوغ ألنفسنا تحليل األسباب
التي بموجبها نتذوق النتاجات الفنية وننقدها بما يمنحنا استبصارا بطبيعة االستجابة الفنية،
والوقوف على الظروف المنتجة التي تؤثر في عالقة كينونتنا مع األشياء في محاولة تحليل بنية
النتاج المنطقية بحسب مسوغاته الفكرية والشكلية التي تدين بتسويغها إلى الرغبة في استعادة
الدافع الفني األصلي الذي أوجده الفنان والذي يمنحنا تلك البهجة التي تهزنا في مواجهة اإلعمال
الفنية ؛ لوجدنا إن الشكل الفني المتناسق للنتاج يضاعف من إدراك المتلقي لمعنى النتاج ،األمر
الذي جعل (أفالطون) يركز على عوامل " االنسجام " كونه شرطا للجمال فيما أكد (أرسطو)
(.)2
على عامل " التناسق " نموذجا مالزما للموضوع الجمالي
وهذا هو المعيار الذي يرتبط بسيكولوجية الفنان من جهة ،وبالمتلقي (الناقد) من الجهة
األخرى الذي نحن بصدد تحليل استجاباته الجمالية ،فضال عن إن هذا األخير يحدد هل وفق
الفنان أو فشل ،ولماذا ؟ لذا يتعين إن نكشف عن ماهية الحكم الجمالي الذي يتحدد باإلدراك
الجمالي في محاولة إلبراز ماهية بنيته المنطقية بحيث يمكننا استنباط نهج سديد في التحليل
والتركيب ،فالرضا الم تأتي عن الحكم الجمالي مستقل عن كل مصلحة أو منفعة ،وهو يرتبط
بملكة الرغبة الخالصة ،المتجردة ,والبد من القول إن الموضوع الفني هو من التنوع بحيث
يستحيل إن ندرسه في جوانب من دون األخرى ،الن استجابتنا الجمالية إنما هي شكل من إشكال
السلوك االجتماعي الذي عادة م ا يتخذ مكانه داخل نشاطنا السيكولوجي ضمن غيره من وقائع
) (1نادية محمود شريف ,االساليب المعرفية االدراكية وعالقتها بمفهوم التمايز النفسي ,مجلة عالم الفكر ,
المجلد الثالث عشر ,العدد ,1995 ,2ص .35
) (2هيال عبد الشهيد ,تربية الحكم الجمالي في ضوء االساليب المعرفية المعاصرة ,جامعة بغداد ,كلية الفنون
الجميلة ,مجلة كلية التربية االساسية ,العدد 2012 ,74م ,ص.8
7
الحياة النفسية ،والبد من إن نصف سلوك اإلنسان إزاء الجمال ،كما نصف سلوكه الحسي ،أو
()1
سلوكه اإلدراكي .
أن هناك من نظر إلى الجمال في بعده االجتماعي ،فاعتبر الجميل هو كل ما يستجيب
للشيء ،بحيث طبيعة الوجود للممارسة االجتماعية لإلنسان ،ويستند إلى الصفات الطبيعية
االجتماعي للفرد هي المتحكم األساسي في إدراكه الجمالي .ولعل هذا الرأي يسير في ركب
التصور المادي المـاركسي الذي يعتبر الوجود االجتماعي هو الذي يحدد الوعي .وقد قال به كثير
من النقاد المؤمنين بالماركسية كمذهب فلسفي ،من خالل نظرتهم للحكم الجمالي على أنه نتاج
سوسيوثقافي يصدر عن اإلنسان كنتيجة حتمية لعالقته بمحيطه االجتماعي ،إذ الذي ال يحمل
()2
ثقافة عالية ،ال يتوقع منه أن يصدر أحكاما جمالية سامية ونبيلة.
وأما االنشغال بالشكل الفني كمجال لتجلي الجمال في األدب ،فال ترى فيه الماركسية
سوى نوع من العجز عن تحمل تعقيدات الحياة ،وسعي إلى طمس حقيقة الواقع ،عبر الدعوة إلى
استقاللية العمل األدبي .وموقف مثل هذا ال يمكن أن يتسم بالبراءة ،ألن مهمة التعبير الجمالي
تقتضي اإلشارة إلى الواقع بإظهار ما يحمله من تناقضات.
كما ان للثقافة الجمالية اثر ل لشخصية في أبعادها المختلفة؛ النفسية ،والعقلية والجسمية،
وتعمل على رسم معالم للشخصية ،تصبح فيها فاعلة حضاريا ،بما تتمتع به من مؤهالت .ذلك أن
«الشعور المتطور بالجمال إنما يهذب من السلوك»(.)3
يؤكد “شيللر” على أن الخبرة اليومية «تعلن بشكل عام تقريبا عن اقتران الذوق المهذب
المصقول بالوضوح العقلي ،وحيوية الشعور ،وحرية السلوك ،بل وعلو رتبته كذلك ،على حين
يقترن الذوق الفج عادة بأضداد ذلك كله»( .)4وبالتالي ينزع اإلنسان دائما إلى ما هو جميل،
فتعجبه الزهرة المتفتحة وتأسره البسمة المتهللة ،ويسلب لبه القول الحسن .وبذلك تغدو عناصر
الجمال مجسات يمكن أن يقاس بها تقويم السلوك ،وتصبح الثقافة الجمالية موردا هاما لتقويم
()5
السلوك ،وتنميته .ذلك «أن تهذيب األخالق هو الذي يشكل هدف الفن»
) (1مصطفى عبده ,فلسفة الجمال ودور العقل في االبداع الفني ,ط ,2مكتبة مدبولي ,القاهرة1999 ,م ,ص
.47
) (2جيروم سولنيتز النقد الفني دراسة جمالية وفلسفية ,تر فؤاد زكريا المؤسسة العربية للدراسات والنشر
ط 1981/2ص.29
) (3فريدريش شيللر :التربية الجمالية لإلنسان ،ترجمة وتقديم وفاء محمد إبراهيم ،الهيئة المصرية العامة
للكتاب ,القاهرة1991 ,م ,ص.186
) (4المصدر نفسه.
) (5فريدريك هيغل :المدخل إلى علم الجمال ،فكرة الجمال ،ترجمة جورج طرابيشي ،دار الطليعة للطباعة
والنشر ,بيروت ,لبنان,ط1978 ,1م ,ص.53
8
وظائف الثقافة الجمالية:
-1تسعى الثقافة الجمالية إلى اكتشاف الجمال في اإلنسان ،والطبيعة ،كما في الفن،
والمجتمع .وغايتها األساسية هي تنمية وتربية اإلنسان .ليحقق االنسجام مع نفسه،
ومع اآلخرين.
-2غاية التربية الجمالية « أن تعد األفراد لتذوق الجمال في صوره المتعددة والتي من
خاللها تتاح الفرصة اإلبداعية ،وتكتسب المهارات ،وتنمو المعرفة ،ويتسع اإلدراك،
وتُع َّمق الرؤية ،وتزداد إمكانية الفرد على التمييز بين األشياء»(.)1
-3وبذلك تشمل الثقافة الجمالية «كل الوسائل التربوية العملية والنظرية التي تجعل
اإلنسان جميال في إحساساته ،وأفكاره ،وفي أخالقه ،وسلوكه ،وفي جميع شؤونه،
مما ينعكس عليه سعادة ،واغتباطا ،وعلى المجتمع أمنا وسالما».
-4تجعل الثقافة الجمالية ما هو جمالي موضوعا لها فإنها تمثل اإلرث غير المادي
للوجود اإلنساني ،ولو أراد اإلنسان دراسة الحياة من جميع جوانبها ما استطاع
(.)2
تجاهل مظهرها الجمالي
كما ان مادة علم النفس من أقرب المواد النظرية المرتبطة بنفس وذات اإلنسان فهي مادة
تزود الطالب بالخلفية المعرفية عن سلوكه وعن عملياته المعرفية واإلدراكية ( التفكير -
االنفعاالت -األدراك -الدوافع ...الخ ،وما من شك في قيمة ادخال مثيرات أو معينات الذائقة
الجمالية في تلك الموضوعات وذلك لرفع تذوق الطالب إلى قيمة وجمال النفس الجميلة وذلك في
حالة انفعالها وحالة دوافعها وحالة ادراكها .إن المقصد بالجمال في هذا البحث هو البحث عن
جمال النفس وذلك باستخدام جميع المثيرات أو المعينات الجمالية التي تسمو بنفس الطالب فتجعله
يقدر قيمة ذاته ويقدر ما حباه هللا تعالى من امكانات في تلك النفس ،وال يخفى مقولة " من عرف
قيمة نفسه عرف ربه ،فالجمال والسمو بالنفس مطلب ديني واجتماعي وثقافي وهو وإن كان
مهما ً ومطلوبا ً في كل تعليمنا إال أن النظرة الواقعية لمقررات علم النفس في المرحلة الثانوية ،ال
يجد فيها إال االهتمام بالنواحي المعرفية فقط لكل ما يضمه موضوعات المقرر وذلك رغم ما
) (1علي خليل مصطفى أبو العينين وآخرون :األصول الفلسفية للتربية ،قراءات ودراسات ،دار الفكر ،عمان،
األردن1423 ،هـ ،ص.284
) (2عبد هللا محمد عبد المعطي :أطفالنا ،خطة عملية للتربية الجمالية سلوكا وأخالقا ،دار التوزيع والنشر
اإلسالمي ،بور سعيد ،مصر 1421 ،هـ ،ص.10
9
تمتلكه المادة من موضوعات ي مكن استخدامها في إبراز جمال النفس عند وضع دوافعها وعند
()1
انفعاالتها .
قائمة المصادر:
.1جميل صلبيا ,المعجم الفلسفي ,ج ,2ط , 3دار الكتاب اللبناني ,القاهرة,
.2عبد العزيز بو الشعير ,النظام المعرفي بين الفكرية االسالمي والغربي ,ط ,1منتدى
المعارف ,بيروت ,لبنان2014 ,م,
.3نصر محمد عارف :مفهوم النظام المعرفي والمفاهيم المتعلقة به ( ورقة قدمت الى نحو
نظام معرفي اسالمي :حلقة دراسية,
.4نصر محمد عارف ,حول دالالت مفهوم اسالمية المعرفة ,الفكر االسالمي :العدد ,15
تموز /يوليو1994 ,
.5محمد عابد الجابري " تطور الفكر الرياضي والعقالنية المعاصرة " دار الطليعة ,
بيروت 1982 ,
.6فؤاد كامل وأخرون " الموسوعة الفلسفية المختصرة " دار القلم ,بيروت ,لبنان ,
1980
.7توماس كوهن ,بنية ا لثورات العلمية ,تر :شوقي جالل ,عالم المعرفة ,الكويت ,المجلس
الوطني للثقافة والفنون واالدب 1992 ,م
.8محمد الرازي ,مختار الصحاح ,دار الكتاب العربي ,بيروت 1981 ,م
) (1سعاد محمد عمر ,تصور تدريسي مقترح قائم على الذائقة الجمالية في علم النفس لتنمية التحصيل والسلوم
االخالقي لدى طالب المرحلة الثانوية ,مجلة كلية التربية ,جامعة عين شمس ,العدد ,41ج,2017 ,4
ص.251
10
.9محمد زغور ,أثر العولمة على الهوية الثقافية لالفراد والشعوب ,االكاديمية للدراسات
االجتماعية واالنسانية,2010 ,
.10حسين حريم ,السلوك التنظيمي ,سلوك االفراد والمنظمات ,دار زهرة للنشر والتوزيع,
عمان1997 ,م,
.11عرين البيروني ,أهمية الثقافة في بناء المجتمعات2020 ,م ,عربي ( موقع الكتروني)
.12برتران تروادك ,علم النفس الثقافي ,تر :حكمت خوري ,ط ,1دار الفارابي ,لبنان,
2009م,
.13جراح عالونة ,كيف تؤثر الثقافة على العالقات البشرية ,مقال ,دونة الجزيرة ( موقع
الكنروني )
.14اسعد السحمراني ,ويالت العولمة على الدين واللغة والثقافة ,دار النفائس ,ط,1
2002م
.15نادية محمود شريف ,االساليب المعرفية االدراكية وعالقتها بمفهوم التمايز النفسي,
مجلة عالم الفكر ,المجلد الثالث عشر ,العدد 1995 ,2
.16هيال عبد الشهيد ,تربية الحكم الجمالي في ضوء االساليب المعرفية المعاصرة ,جامعة
بغداد ,كلية الفنون الجميلة ,مجلة كلية التربية االساسية ,العدد 2012 ,74م,
.17مصطفى عبده ,فلسفة الجمال ودور العقل في االبداع الفني ,ط ,2مكتبة مدبولي,
القاهرة1999 ,م
.18جيروم سولنيتز النقد الفني دراسة جمالية وفلسفية ,تر فؤاد زكريا المؤسسة العربية
للدراسات والنشر ط1981/2
.19فريدريش شيللر :التربية الجمالية لإلنسان ،ترجمة وتقديم وفاء محمد إبراهيم ،الهيئة
المصرية العامة للكتاب ,القاهرة1991 ,م,
.20فريدريك هيغل :المدخل إلى علم الجمال ،فكرة الجمال ،ترجمة جورج طرابيشي ،دار
الطليعة للطباعة والنشر ,بيروت ,لبنان,ط1978 ,1م,
خليل مصطفى أبو العينين وآخرون :األصول الفلسفية للتربية ،قراءات .21علي
ودراسات ،دار الفكر ،عمان ،األردن1423 ،هـ.،
.22عبد هللا محمد عبد المعطي :أطفالنا ،خطة عملية للتربية الجمالية سلوكا وأخالقا ،دار
التوزيع والنشر اإلسالمي ،بور سعيد ،مصر 1421 ،هـ.،
11
.23سعاد محمد عمر ,تصور تدريسي مقترح قائم على الذائقة الجمالية في علم النفس لتنمية
التحصيل والسلوم االخالقي لدى طالب المرحلة الثانوية ,مجلة كلية التربية ,جامعة عين
شمس ,العدد ,41ج,2017 ,4
12