Professional Documents
Culture Documents
بحث حول العجز الموازني للدولة
بحث حول العجز الموازني للدولة
:بحث بعنوان
نورهان بوحلة
صغير ايمان
مشهد نورة
1
خطة البحث
مقدمة
خاتمة
مراجع
1
. 1 .مقدمة
دتع الموازنة العامة وسيلة من الوسائل الفعالة في تنفيذ السياسة المالية والتي تستخدمها معظم دول العالم لمعرفة وضعها المالي ،كما
تسعى إلى تحقيق التوازن االقتصادي في موازنتها بغية تفادي حصول العجز ،ويعتبر هذا األخير من أكثر المشاكل االقتصادية اً نتشارا
في اآلونة األخيرة ،والذي مس موازنات مختلف الدول على حد سواء المتقدمة منها والنامية ،وهذا نتيجة االرتفاع المتزايد والمستمر
لمعدالت هذا العجز خاصة بالنسبة للدول النامية التي ارتفع فيها حجم النفقات مقارنة بحجم اإليرادات ،فهذه األخيرة أصبحت عاجزة عن
تغطية نفقاتها وذلك راجع إلى محدودية إيراداتها ،بحيث تعتمد أغلبية هاته الدول بدرجة كبيرة على مورد واحد في التصدير مً ا أثر سلبيا
على النشاط االقتصادي فيها ،وكما أثر أيضا على تحقيق التنمية االقتصادية فيها ،فسعت جاهدة على تنويع إيراداتها وترشيد نفقاتها كما
عملت على إيجاد أساليب لمعالجة هذا العجز لتفادي اآلثار السلبية الناجمة عنه إال أن معظمها لم تتوصل إلى حلول جذرية ما أدى إلى تفاقم
العجز فيها وأثر ذلك على تحصيل معدالت النمو االقتصادي مما ساهم في تراجع اقتصادياتها .و الجزائر واحدة من بين البلدان التي يع
اني اقتصادها من وجود اختالل في الموازنة العامة والمتمثل في العجز ،وهذا راجع إلى أن جانب إيراداتها الذي يرتكز على مصدر واحد
وهو البترول ،هذا ما جعل االقتصاد الجزائري ذات طبيعة ريعية يعتمد بشكل كلي على مداخيل الجباية البترولية في تمويل الموازنة العامة
مقارنة باإليرادات العادية ،فأصبحت المو ازنة العامة متوقفة على تقلبات أسعار هذه المادة في األسواق العالمية ما يجعلها عرضة
للصدمات الخارجية ،وكما أن هذا العجز ناجم أيضا عن االرتفاع الهائل في حجم اإلنفاق العام بحيث وجهت نسبة كبيرة منه إلى
االستهالك ،وهذا ما أدى إلى قصور اإليرادات عن تغطية النفقات .سعت الجزائر جاهدة في مواجهة هذه الظاهرة بوضعها مجموعة من
اإلصالحات االقتصادية ،وذلك عن طريق القيام بتنويع إيراداتها كما عملت على تقليص نفقاتها ،وهذا بغية الوصول إلى التوازن
االقتصادي وتحقيق االستقرار النقدي والمالي ،ومن أجل تحفيز معدالت النمو االقتصادي على االرتفاع هذا يساعدها على تنفيذ مشاريعها
ووصولها لألهداف المرجوة لتحقيق التنمية االقتصادية 2. .مشكلة الدراسة يعتبر عجز الموازنة من أكثر االختالالت التي مست موازنات
مختلف الدول سواء متقدمة أو نامية ،ومن بينها الجزائر بحيث ارتبطت موازنتها بوجود تباين بين أدواتها ،ونتيجة االنخفاض الرهيب في
أسعار البترول أصبحت اإليرادات عاجزة على تغطية النفقات ما أدى إلى ارتفاع في عجز الموازنة وأثر ذلك على معدالت النمو
:االقتصادي وأثر أيضا على النشاط االقتصادي للدولة .وعليه يتم طرح اإلشكالية التالية
االشكالية
هل تنامي العجز الموازني في الجزائر مرتبط بالتوسيع في السياسة النفقية أم بطرق تمويله ام بكالهما ؟
2
املبحث األول :ماهية العجز املوازين
كل هذه التعاريف السابقة يمكن حصرها في المفهوم التقليدي للعجز ،ونالحظ ان هذه المفاهيم تحصر مفهوم العجز في الحكومة المركزية
فقط بحيث أن هذا المقياس ال يقدم لنا صورة كافية عن حجم العجز ،ألنه ال يأخذ جميع القطاعات العامة بعين االعتبار.
ومن خالل هذه التعاريف يتضح لنا جليا مفهوم العجز الموازنة للدولة حيث يمكننا القول بان العجز الموازني هو ذلك النقص في اإليرادات
الحكومية عند تمويل النفقات العامة بأشكالها المتنوعة سواء كانت نفقات استثمارية أو جارية ،فقصور اإليرادات العامة المقدرة عن سداد
النفقات العامة وزيادة النفقات العامة عن اإليرادات العامة للدولة يعبر عن عجز في الموازنة العامة للدولة.
إّن أبسط تعريف لمفهوم عجز الميزانية هو زيادة النفقات عن اإليرادات ،وهناك تعريفات ُأخرى كتعريفه بأّن ه الرصيد السالب
للميزانية العامة للدولة ،بمعنى أّن ه عند القيام بمراجعة الميزانية فال بد من تعادل أو توزان المدخول (اإليرادات أو العائدات) مع
النفقات (المصروفات) ،وعندما يكون الناتج تفّو ق النفقات على اإليرادات نستطيع القول أن هناك عجزًا في الميزانية ،وعندما
تزيد اإليرادات على النفقات فذلك دليل على وجود فائض في الميزانية ،وهي الرصيد اإليجابي للميزانية ،والحالة العكسّية
لعجزها .تلجأ بعض الدول إلى االقتراض عند وقوع العجز في ميزانيتها ،أّما في حالة الفائض فيتّم تخصيصه لميزانية السنة
المقبلة ،مع إدخال مشاريع ونفقات إضافية يغّط يها المردود الفائض من السنة الماضية ،أو تحويله إلى مشاريع ذات أهمية
كبرى.
3
لعجز الموازنة العامة للدولة أشكال متعددة ومختلفة نذكر اهمها فيما يلي:
العجز الجاري:
يعبر العجز الجاري عن صافي مطالب القطاع الحكومي من الموارد والZذي يجب تمويلZه بZاالقتراض ،ويقZاس هZذا النZوع من
العجز بالفرق اإلجمالي بين مجموع انواع اإلنفاق واإليرادات العامة لكل الهيئات الحكومية مطروحا منZZZه2 1اإلنفZZZاق الحكZZZومي
المخصص لسداد الديون المتراكمة من السنوات السابقة بمعZZنى آخZZر هZZو الفZZرق بين اإلنفZZاق العZZام الجZZاري واإليZZرادات العامZZة
3
الجارية.
العجز الشامل:
وهو عبارة عن التعريف التقليدي للعجز المالي ،فالعجز المZZالي يقيس الفZZرق السZZالب بين إجمZZالي النفقZZات الحكوميZZة متضZZمنة
مدفوعات الفوائد وغير مشتملة على مدفوعات اهتالك الديون الحكومية ،وبين اإليرادات الحكومية متضمنة اإليرادات الضريبية
وغير الضريبية ،وغير مشتملة على الدخل من االقتراض ،فالعجز الشZZامل يحZZاول توسZZيع مفهZZوم العجZZز ليشZZمل باإلضZZافة إلى
الجهاز الحكومي جميع الكيانات الحكومية األخرى كالهيئات المحلية والهيئات الالمركزية والمشاريع العامة للدولة ،ومنه يصZZبح
العجز مساويا للفرق بين مجموع إيرادات الحكومة والقطاع العام ومجموع نفقات الحكومة والقطاع العام ،بحيث أن هZZذا العجZZز
ال بد من تغطية باقتراض جديد ،إضافة إلى ذلك فهذا العجز يقدم صورة وافية لكل أنشZطة الكيانZZات الحكوميZZة ،دون اقتصZZارها
على الحكومة المركزية والتي ال تشكل إال جزءا منهZZا ،فZZالنظرة الشZZاملة للقطZZاع الحكZZومي تسZZتدعي عZZدم اسZZتبعاد المؤسسZZات
المالية الحكومية عند قياس العجز مثل الخسائر التي يتكبدها البنك المركزي لقاء الوظائف التي يقوم بها.
العجز األساسي:
يستند هذا النوع من العجز على استبعاد الفوائد المستحقة على الديون ،فهذه الفوائد هي نتيجة لعجز سابق وليسZZت نتيجZZة للنشZZاط
المالي الحالي للدولة فهذا النوع من العجز يقدم لنا صورة واضحة لنا عن السياسات الميزانية الحالية من خالZZل اسZZتبعاد الفوائZZد،
ويهدف هذا المقياس إلى التعرف على مدى التحسن او التدهور الذي حدث على المديونية الحكوميZZة نتيجZZة للسياسZZات الميزانيZZة
التجارية ،ويقدم أيضا تقييما على مدى القدرة على تحمل العجز الحكومي ،ويعZZرف هZZذا النZZوع من العجZZز بZZالعجز بZZدون فوائZZد
الستبعاده لجميع اعتمادات الفوائد ،حيث يهدف هذا المقياس إلى التعرف على تحسين أو تدهور مديونية الحكومة نتيجة للسياسZZة
الميزانية الجارية ،ولكن ما يؤخذ على هZZذا المفهZZوم اسZZتبعاده لعنصZZر عZZام من عناصZZر العجZZز في الZZدول الناميZZة وهZZو الفوائZZد
المستحقة على الديون الخارجية ،والتي اصبحت تشكل عبئا كبيرا على هذه الدول.4
العجز التشغيلي:
العجز التشغيلي هو ذلك العجز الذي يمثل متطلبات االفتراض الحكومي والقطاع العام مخصوما منه الجزء الذي دفع من فوائZZد
من اجل تصحيح التضخم ،وذلك من خالل معامZZل التصZZحيح النقZZدي ويحتZZوي سZZعر الفائZZدة المZZدفوع للZZدائنين جZZزءا من النقZZود
لتعويضهم عن الخسائر الناجمة نتيجة الرتفاع األسعار ،فمعظم الدول تعاني من معدالت التضخم ،لذا يشترط الZZدائنون ربZZط قيم
ديونهم وفوائدها بالتغيرات في األسعار ،الن التضخم يعمل على تخفيض القيم الحقيقية للديون القائمة ،وغالبا ما ال تكون الفوائZZد
التي تدفع في تغطية خسائر انخفاض القيمة الحقيقية للديون كافية ،وفي مثZZل هZZذه الحZZاالت يرتفZZع حجم غZZذا تم اسZZتخدام مقيZZاس
صافي احتياجات لقطاع الحكومي من الموارد.
العجز الهيكلي:
وهو مقياس يحاول ان يمحي أثر العوامل الطارئة او المؤقتة والتي تؤثر على الموازنة العامة مثZZل تغZZيرات األسZZعار وانحZZراف
أسعار الفائدة في المدى الطويل ،ويستبعد هذا المقياس مبيعات األصول الحكومية ألنها تمثل مردودا غZZير عZZادي ويZZبين لنZZا هZZذا
العجز عجز معدالت نمو اإليرادات الخاصة عن مسايرة معدالت نمو النفقات العامZZة بشZZكل دائم وغZZير مفZZاجئ او مZZؤقت ،فهZZو
عجز دائم يستبعد أثر العوامل المؤقتة او العارضة والZZتي تكZZون مZZؤثرة على العجZز المZZالي إضZZافة 1إلى التذبZZذبات في الZZدخل
المحلي وأسعار الفائدة
3
4
نفس المرجع السابق
4
تمويل عجز الموازنة العامة للدولة بواسطة االقتراض:
تلجأ الحكومة إلى االقتراض بكل أنواعه من اجل تمويل عجز الموازنة العامة وقد يكون هذا االقتراض داخليا ،او خارجيا ،بحيث
يتم تحديد نوعية القرض ومبلغه ومدة االكتتاب وكل الشروط المتعلقة بالقرض ،وتتوقف طبيعة القرض على عدة عوامل اهمها
المبالغ التي تحتاجها موازنة الدولة ومدى استعداد الجهة المقرضة لتقديم هذه المبالغ من جهة وعلى الوضعية االقتصادية السائدة
للدولة من جهة أخرى وبالتالي فالظروف العامة التي تعيشها الدولة هي من بين العوامل التي تحدد معالج االقتراض الذي سوف
تلجأ إليه فقد يكون قرضا داخليا وقد يكون قرضا خارجيا.
)1تمويل عجز الموازنة بواسطة االقتراض الداخلي:
هناك العديد من اشكال االقتراض الداخلي حيث تلجأ إليها الدولة عندما تكون هناك قدرة تمويل محلية ومن اهم المصادر
هي البنك المركزي والبنوك التجارية او االقتراض من الجمهور.
وتعتبر سندات الخزينة العمومية من اهم المكونات الرئيسية للدين العام الداخلي بالعملة الوطنية فيمكن ان تكون سندات
بمدة ثالثة أشهر أو سندات من فئة ستة أشهر او سندات من فئة السنة بحيث تختلف نسب الفوائد االسمية المدفوعة
باختالف الفئات ،وفي الغالب ما تقوم الدولة بوضع إجراءات لالكتتاب في هذه السندات من اجل تشجيع الجمهور
والمؤسسات غير المصرفية والجهاز المصرفي لالكتتاب فيها ،فنجاح هذه القروض يعتمد على توفر فائض السيولة ومدى
الثقة بالحكومة ،إضافة إلى مدى قدرة الدولة على المحافظة على القيم الحقيقية للقروض للمحافظة على أموال الشخص
المكتتب ومن بين اهم وأبرز المحددات التي تحكم القروض الداخلية ما يلي:
قدرة االقتصاد الوطني على تقديم القروض :فترتبط هذه المقدرة بمدى قدرة البلد على االدخار أي حجم المواد التي يستهلكها
األفراد من الدخول المحققة في فترة معينة وهو بدوره يتوقف على حجم الدخل الوطني وحجم االستهالك الوطني ،وبالتالي فغن
قدرة االقتصاد على تقديم القروض ترتفع عند ارتفاع الدخل القومي او انخفاض االستهالك.
قدرة االقتصاد على خدمة القروض :ينجر عن لجوء الدولة إلى الدين العام الداخلي التزامات مستقبلية واجبة السداد عندما يحين
تاريخ االستحقاق وهو األمر الذي يجب اخذه بعين االعتبار عندما تقوم بالحصول على هذا القرض فيجب ان تحاول الحكومة
توجيه القرض إلى المجاالت اإلنتاجية التي تحقق عوائد في المستقبل تساعد على تسديد خدمة القروض ،ولكن غالبا ما تستخدم
هذه القروض لتغطية نفقات استهالكية وهو ما يشكل عبئا على موازنة الدولة يؤدي إلى إضعاف المركز المالي للدولة.
وجود سوق واسعة ومنظمة األوراق المالية :والتي تتيح المجال لتداول السندات وغيرها من أدوات الدين العام وترفع من
رغبة األفراد في شراءها وذلك نظرا للسيولة العالية التي تتمتع بها.
وبشكل عام يمكن االعتماد على هذه االدوات في تمويل عجز الموازنة العامة للدولة ،غذا ما تم توفير البيئة المناسبة
والمالئمة لهذه اآللية من جهة وان ال تكون قيمة العجز كبيرة وتكون أسبابها أسباب هيكليه إضافة إلى ذلك ال بد ان تتجاوز
نسبة القروض الداخلية نسبة معينة من الدخل الوطني ،وتلك النسبة تتحكم فيها األوضاع االقتصادية السائدة للدولة.
)2تمويل عجز الموازنة العامة عن طريق االقتراض الخارجي:
تلجأ الدولة لهذا االقتراض عندما تعجز مصادر التمويل الداخلية بما فيها االقتراض عن توفير التمويل الضروري ،أو
تكون الدولة بحاجة لعمالت أجنبية لتغطية عجز ميزان مدفوعاتها ،وبالتالي نالحظ ان الدولة تلجأ لهذا النوع من االقتراض
عندما ال تكون المصادر الداخلية لالقتراض كافية لتمويل عجز الموازنة العامة لذلك تلجأ للمصادر الخارجية ألنه هو
السبيل الوحيد لعالج وتمويل هذا العجز ،فهو عبارة عن عقد يربط الدولة مع المؤسسات المالية الدولية كصندوق النقد
الدولي والبنك الدولي وأيضا المؤسسات اإلقليمية بحيث يكون هذا العقد بالعمالت األجنبية.
فيعتبر هذا النوع من األدوات غير التضخمية لتمويل عجز الموازنة العامة للدولة ويستعمل لسد نفقات الدولة بالعمالت
األجنبية ،وذلك عند قصور المدخرات المحلية عن توفير متطلبات حاجات النفقات العامة ،فتوفر هذه القروض قوة شرائية
جديدة للدولة ومنه زيادة كمية الموارد االقتصادية وهو ما يؤدي إلى زيادة الثروة الوطنية ومنه زيادة الموارد االقتصادية
المتاحة لالستعمال.
ولقد لجأت معظم الدول النامية لهذا النوع من االقتراض خصوصا في فترة الثمانينات من القرن الماضي وتوسعت فيه
وهو ما وفر لها مصدرا من مصادر التمويل من جهة ووسع ثقل المديونية الخارجية من جهة أخرى وبالتالي نقول أن هذا
النوع من االقتراض يكلف الكثير بالنسبة للدول التي تلجأ إليه ،وتلجأ الدولة إلى هذا النوع من االقتراض في حالة عدم
توفر مصادر التمويل الداخلية من أجل تمويل عجزها الموازي ،وبالتالي عدم كفاية المدخرات المحلية لتمويل المشاريع
5
الضرورية للتنمية يؤدي للجوء القروض وتختلف طبيعة القروض الخارجية وشروطها باختالف الجهة المقرضة وبشكل
عام تقسم مصادر القروض الخارجية إلى:
القروض من البنوك التجارية وأسواق المال الدولية :وتمنح هذه القروض وفقا ألسعار السوق بأسعار فائدة مرتفعة وفترات
استحقاق قصيرة ،وما تتميز به أن الحصول عليها سريع مقارنة بالمصادر األخرى.
القروض الحكومية الرسمية :وتعرف هذه القروض بالقروض الثنائية وتمنح بموجب اتفاقيات رسمية بين الدول بحيث تختلف
شروطها من دولة ألخرى ،وشروطها عادة ما تكون أسهل من حيث سعر الفائدة وفترة االستحقاق من القروض التجارية.
القروض من المنظمات الدولية :وتعرف هذه القروض بالقروض المسيرة وتقدم من طرف الهيئات والمنظمات الدولية مثل
صندوق النقد والبنك الدولي ومن بين مميزاتها انها تمنح بشروط ميسرة من حيث أسعار لفائدة وفترة االستحقاق وفي الغالب ما
تكون موجهة ألغراض معينة ولكن بالرغم من أهمية هذا المصدر إال أنه أصبح في السنوات األخيرة سببا رئيسيا للكثير من
األزمات االقتصادية التي تعاني منها الدول النامية بسبب التدخالت والقيود التي تفرضها الجهات المقرضة على هذه الدول.
ويمكن أن تكون هذه القروض الخارجية سببا رئيسيا في ارتفاع مديونية الدولة غذ ما تمادت في استعمالها فعوض ان تكون أداة
لعالج عجز الموازنة بشكل خاص واالختااللت االقتصادية بشكل عام تكون وسيلة لتفاقم أزمتها االقتصادية مثل تزايد العجز في
ميزان المدفوعات ،كما انها تعد سببا في انخفاض االحتياطات النقدية الدولية ،أما أثرها على الموازنة العامة للدولة فيكمن في
زيادة أعبائها فتشكل مبالغ خدمة الدين الخارجي ممثلة في األقساط والفوائد جزءا هاما من نفقات الموازنة العامة وهو األمر
الذي يؤدي عند زيادتها غلى الحد من حرية التصرف في الموازنة العامة ،ما يؤثر سلبا على تحقيق أهداف السياسة الميزانية.
.Iتمويل عجز الموازنة اإلصدار النقدي الجديد
يعتبر اإلصدار النقدي الجديد كأسلوب لتمويل عجز الموازنة العامة للدولة وذلك عن طريق خلق كمية إضافية من النقود بدون
تغطية ،فهذه السياسة التي تعد تمويال بالعجز أو تمويال هي زيادة تستهدف بها الدولة تمويل الزيادة في اإلنفاق الحكومي ،ألنه
يترتب على إصدار النقود الجديدة غير المغطاة ارتفاعا في األسعار وهذه الضغوط تفاوت قوتها على حسب مرونة الجهاز
اإلنتاجي ،ونظرا لما لهذه الطريقة ن آثار سلبية على االقتصاد فغن الدول نادرا ما تلجأ إليها في عملية تمويل عجز الموازنة العامة،
وتستند في القيام باإلصدار النقدي الجديد على سلطتها في اإلشراف على النظام النقدي وتوجيهه ،وتقوم بتحديد القواعد التي يسير
بمقتضاها وتحديد كمية اإلصدار.
.IIتمويل عجز الموازنة العامة للدولة بواسطة الضرائب
تعتبر الضريبة من اهم الركائز األساسية لميزانية الدولة فنجد ان معظم الدول تحاول دائما تطوير هيكلها الضريبي من اجل تحصيل
أكبر قد ممكن من اإليرادات الضريبية ،وتعمل جاهدة لمكافحة التهرب الضريبي بجميع انواعه ومعاقبة المتهربين من دفع
الضرائب ،ففي الدول المتقدمة يقدمون الضريبة لما لها من دور فعال في تمويل الموازنة العامة للدولة لذلك نجد أن اإليرادات
الضريبية تحتل نسبة عالية من إيرادات الميزانية على عكس ما هو موجود في الدول النامية فهي تمثل نسبة قليلة ومحتشمة بسبب
هشاشة األنظمة الضريبية في هذه الدول التي ساعدت على تفشي ظاهرة التهرب الضريبي وتدني الموارد المالية للموازنة واتساع
الفجوة بين اإلنفاق العام واإليرادات العامة وبالتالي تزايد العجز في الموازنة العامة ،لذلك فغن إعادة إصالح األنظمة الضريبية
والسهر على تنظيم القطاع لضريبي يؤدي إلى التقليل من هذه اآلثار ،وتعتبر السياسة الضريبية من اهم األدوات التي تستخدمها
الدول لتمويل عجز الموازنة العامة وذلك سواء رفع نسب ضرائب معينة او استحداث انواع جديدة من الضرائب.5
يعود تفاقم العجز في دولة ما إلى أسباب متعددة ،تنحصر في عوامل تؤدي إلى نمو اإلنفاق العام وأخرى ترجع إلى انهيار اإليرادات
العامة .ويمكن إجمال أهم األسباب وأكثرها قوة في تشكيل هذا العجز الى
أ زيادة أعباء الديون العامة المحلية والخارجية :لقد ظهر هذا العامل في عقد السبعينات والثمانينات وهذا بعد أن تخلفت العديد
من الدول النامية عن سداد ديونها بسبب تفاقم حجمها ،فوجدت هذه الدول نفسها أمام خيارين صعبين إما أن توقف عملية التنمية
االقتصادية أو تقوم بخدمة الديون الخارجية ،حيث إذا ركزت هذه الدول على تمويل التنمية االقتصادية ال يمكنها أن تسدد التزاماتها
الخارجية ومنه تهتز سمعتها لدى الدول ،أما إذا قامت بتسديد ديونها فال يمكنها أيضًا تحقيق أهدافها التنموية ،وأعباء خدمة هذه الديون
تظهر في الموازنة العامة للدولة من خالل حساب الفوائد المستحقة على الديون الداخلية والخارجية ضمن النفقات الجارية ،أما أقساط
الديون تظهر في باب التحويالت لرأسمالية ،ومع تزايد المديونية الداخلية والخارجية ارتفع معها اإلنفاق الخاص بتغطية هذه الديون
ب اإلنفاق العسكري :اإلنفاق العسكري له دور كبير في تفاقم حجم اإلنفاق العام وزيادته بمعدالت كبيرة في أغلب الدول النامية،
وخاصة تلك الدول التي تعاني من توترات مستمرة سياسية وعسكرية ،وال يقتصر اإلنفاق العسكري على بنود اإلنفاق الخاصة
بالمرتبات واالحتياجات من السلع والخدمات ،بل يمتد األمر ليشمل مخصصات االستيراد من السالح والعتاد وتكاليف
الصيانة،...وخطورة هذا النوع من النفقات أنها تتم عادة بالعملة االجنبية
ت اتساع نمو العمالة الحكومية :حيث زاد عدد الموظفين والعاملين في القطاع الحكومي ،ولقد ترتب عن تزايد العمال والموظفين
زيادة في األجور والمرتبات وهذا ما أدى إلى النمو المتزايد في اإلنفاق العام جراء نمو العمالة الحكومية
ث األزمات االقتصادية :تؤ دي األزمات االقتصادية إلى إحداث العجز في الموازنة العامة للدولة ،ألنها تؤدي إلى نقص الموارد
المالية للدولة نتيجة ضعف مقدرة األفراد على تأدية ما عليهم من واجبات مالية من ناحية ،وما تتطلبه هذه األزمات من الدولة من زيادة
5
6
حجم اإلنفاق العام لعالج آثارها في صورة إعانات للعمال العاطلين ،ونفقات إلعادة النشاط االقتصادي من ناحية أخرى ،ومن بين هذه
األزمات األزمة االقتصادية العالمية التي عصفت بأسعار النفط في سنة 2014
ج التوسع في النفقات غبر الضرورية يعد اإلسراف على إقامة المباني الحكومية الضخمة والفخمة وصرف نفقات كبيرة على
شراء األثاث الفاخر وتزيين هذه المرافق من األسباب الرئيسية لتزايد اإلنفاق العام ،فصرف نفقات كبيرة على هذه المرافق اإلدارية
وعلى موظفيها يزيد من اتساع حجم اإلنفاق العام بشكل عام ،وبالتالي ينعكس تأثيره السلبي على رصيد الموازنة العامة
ح زيادة الدعم السلعي واإلنتاجي وزيادة اإلنفاق العام على االستهالك :كلما زاد اتساع نطاق تدخل الدولة في النشاط
االقتصادي والحياة االقتصادية زاد معها حجم اإلنفاق ،فتوجه الدولة لدعم بعض السلع المحلية ودعم المنتجين المحليين يزيد من حجم
نفقاتها التحويلية وهو ما يؤثر على الحجم الكلي لإلنفاق العام
خ سياسة التمويل بالعجز :تعد سياسة التمويل بالعجز آلية من آليات تمويل برامج التنمية بهدف كسب الوقت عند تكوين رأس
المال ،أي العمل على صناعة العجز قصدًا في الموازنات العامة يتم تمويله من خالل زيادة االئتمان المصرفي وطباعة النقد ،وذلك ألن
الدول النامية لديها موارد غير مستغلة كثيرة ،وبالتالي فإن سياسة التمويل بالعجز سوف تعمل على زيادة الطلب على تلك الموارد،
ومن ثم ارتفاع األسعار وتحويل الموارد لصالح تراكم رأس المال
د التضخم وتدهور القوة الشرائية للنقود :يؤدي تدهور القوة الشرائية للنقود إلى نمو اإلنفاق العام من خالل دفعه نحو التزايد في
الموازنة العامة ،بحيث تزيد تكلفة شراء المستلزمات السلعية والخدمية التي تحتاجها الدولة لتأدية وظائفها التقليدية ً،ومع اشتداد
الضغوط التضخمية تضطر الدولة كثيرا إلى تقرير عالوات غالء لموظفيها لتعويض االنخفاضً الذي يطرأ على دخولهم الحقيقية ،كما
تقوم أيضا بزيادة مخصصات الدعم السلعي وترتفع تكلفة االستثمارات العامة ،وتنخفض اإليرادات الحقيقية الضريبية للدولة .كما يؤدي
تدهور قيمة العملة إلى زيادة مدفوعات خدمة الدين ،باإلضافة إلى زيادة تكلفة الواردات االستهالكية خاصة من السلع الغدائية
1.1.2.2العوامل المتعلقة بتراجع اإليرادات العامة :من أسباب العجز في الموازنة هو تباطؤ معدالت نمو اإليرادات العامة،
ومن بين أهم العوامل التي تؤدي إلى انخفاض هذه األخيرة هي كما يلي - :أ ضعف الجهد الضريبي :من أهم المقاييس األساسية التي
وضعها االقتصاديون لقياس الجهد الضريبي هي الطاقة الضريبية ،وفي أغلب األحيان يقاس الجهد الضريبي بنسبة حصيلة الضرائب
على مختلف أنواعها إلى الناتج المحلي اإلجمالي ،وتتسم الدول النامية بانخفاض هذه النسبة والسبب في ذلك يكمن في انخفاض متوسط
دخل الفرد وانخفاض الوعي الضريبي لدى المكلفين بالضريبة وتوسع نطاق االقتصاد غير الرسمي
ب جمود النظام الضريبي :عدم تطور النظام الضريبي وجموده يساهم في إضعاف موارد الدولة السيادية ،فبقاء النظام الضريبي
متخلفا يؤدي إلى عدم استجابتها(النظم الضريبية) إلى زيادة ونمو اإليرادات مع الدخل القومي ،إضافة إلى ذلك فإن األنظمة الضريبية
7
مليئة باالستثناءات والتعقيدات التي تضعف حصيلتها وبالتالي تراجع اإليرادات العامة
ت التهرب الضريبي :ظاهرة التهرب الضريبي تعد ظاهرة عالمية قديمة اقترن وجودها بوجود الضريبة ،حيث يقلص التهرب
الضريبي من أهمية النظام الضريبي ويهدد وجوده ،و يؤدي إلى إنقاص الحصيلة الضريبية مما يؤثر على الموازنة العامة للدولة ألن
الضرائب تمثل الجزء الكبير من اإليرادات العامة
ث ظاهرة المتأخرات المالية :يقصد بها التأخر في تحصيل الضريبة في مواعيدها المقررة قانونا ،ويرجع ذلك للكثير من األسباب
لعل من أبرزها اإلهمال الكبير من العمال المختصين بتحصيل الضرائب وضعف اإلمكانيات وكثرة التعقيدات الموجودة في التشريعات
الضريبية وغيرها
ج التدهور الواضح في التحصيل الضريبي الناجم عن التدهور في األسعار العالمية للمواد الخام :تمثل المواد الخام
موردًا رئيسيًا في العديد من الدول النامية ،حيث أن االنخفاض في األسعار أدى إلى خسارة الدول للكثير من الموارد المالية سواء كان
بشكل مباشر أو غير مباشر ،فلما تكون الدولة هي المالكة لمصادر اإلنتاج كملكيتها لحقول إنتاج البترول تكون خسارة مباشرة ،وأما
الخسارة غير مباشرة فتكون عند انخفاض الضرائب على أرباح الشركات التي تعمل في إنتاج وتصدير هذه المواد ،ويزداد هذا األمر
تعقيدًا لما يكون المصدر الرئيسي للبلد متأتي من مادة واحدة أو مادتين من المواد الخام ،وأن تدهور األسعار لهذه المواد يعتبر بمثابة
كارثة اقتصادية تعود على الدولة ،وذلك نتيجة النخفاض مستويات الدخل واإلنفاق مما يعود باألثر السلبي على الحصيلة الضريبية
المباشرة وغير المباشرة
ا
االقتصادي ،الراية ،الجزائر . 2 (.2013 ( ،تومي صالح ،مدخل للنظرية القياسية االقتصادية ،ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر)1999( ،
8
عرفت الجزائر عجز مستمر في موازنتها العمومية منذ بداية األلفية تحت تأثير عوامل متعددة بعضها يتعلق بتوسع اإلنفاق العمومي
.وأخرى بأساليب إدارة إي ارداتها
.1نظرة على تطور العجز الموازني في الجزائر خالل الفترة 2016-2000
سجلت الج ازئر تواصل اختالل التوازن الموازني خالل الفترة 2016-2000بسبب التوسع في اإلنفاق العمومي في مختلف البرامج
التنموية ،وكذا للسياسة الحذرة اتجاه ضخ موارد الجباية البترولية في الدائرة القتصادية؛ والجدول التالي يبرز تطور العجز الموازني بين
سنتي .2016-2000
الجدول رقم :01تطور رصيد الموازنة بين سنتي 2016-2000
يتضح لنا من الجدول رقم ، 01تنامي كبير للعجز الموازني خالل الفترة الممتدة
بين سنتي 2016و، 2000حيث انتقل من حوالي 60مليار دينار إلى 3236
مليار دينار ،بارتفاع يتعدى 52مرة ،وقد بلغ مداه سنة 2016حيث سجلت نسبته
إلى الناتج المحلي الخام حوالي % ،23و عزى هذا التنامي إلى سببين اثنين :
يتعلق السبب األول بتزايد حجم النفقات العمومية بمعدالت كبيرة جدا ،نتيجة البرامج
التنموية انطالقا من برنامج اإلنعاش االقتصادي إلى برامج دعم النمو وتوطيده في
الفترة ما بين ،2001-2014حيث تواصل ار تفاع النفقات من 199.8مليار دينار
سنة 2000إلى حوال 8854.1مليار دينار 7.4مرة سنة ، 2015مع تسجيل
انخفاضها إلى حدود 7984.1سنة ، 2016أي بحوالي % 10مقارنة بسنة ، 2015
بسبب سياسات ترشيد النفقات العمومية التي انتهجتها الحكومة.
9
ورغم أن ارتفاع اإلنفاق العمو مي يعود إلى أسباب حقيقية وأخرى ظاهرية ،إال أنه
فسر إلى حد كبير اعتماد أهداف نمو االقتصاد الج ازئري على سياسة المي ازنية،
بالنظر لمحدودية مساهمة القطاع الخاص ،وقد بلغ متوسط نسبة نفقات التسيير إلى
إجمالي النفقات حوالي % 60خالل الفترة الممتدة بين سنتي 2016-2008
(انخفاضها النسبي منذ سنة 2014عن متوسط الفترة المدروس) بفعل اآلثار الناجمة
أساسا عن ارتفاع كتلة الرواتب والتعويضات ،تجهيزات المكاتب والصيانة...الخ.
أما السبب الثاني فيرتبط بالتطورات التي عرفتها إيرادات الدولة ،خاصة فيما
يتعلق بإيرادات الجباية البترولية التي تمثل نسبة معتبرة من إيرادات الموازنة العامة
للدولة ،حيث يقدر متوسط مساهمتها بـــــحوالي % 54خالل الفترة المدروسة،
وعموما فقد عرفت إيرادات الموازنة ارتفاع من 1138.9مليار دينار سنة2000
إلى ما يقارب 4747.4مليار دينار سنة، 2016بما يمثل حوالي( 2.4مرة).
إن االنخفاض الحاد في أسعار النفط المتزامن مع ارتفاع حجم اإلنفاق العمومي
جعل الخطر مضاعف على التوازنات المالية للدولة واستقرارها؛ والتحدي القائم أمام
الحكومة الجزائرية حسب صندوق النقد الدولي
هو ضرورة إحالل الجباية العادية محل الجباية البت تباع سياسات
رولية ،وضغط النفقات الجارية إلى أدنى حد ممكن وا
ترشيدها ،وتعميق إصالحات الجيل الثاني والبحث عن مصادر تمويلية بديلة
للمشاريع التنموية.
- 2تحليل العوامل المتعلقة بهيكل اإليرادات العامة للدولة:
تعتبر التطورات التي عرفتها إيرادات الدولة من أهم العوامل التي أدت إلى تنامي
العجز الموازني ،فعند تفحصنا لهيكلها نجد أن الجباية البترولية من أهم مصادر
، 2016-2000والجدول أدناه يلخص لنا ذلك. تمويل الموازنة العامة ،بنسبة متوسطة تمثل أكثر من %54خالل الفترة
10
يتضح لنا من الجدول أعاله أن موارد النفط تلعب دو ار هاما في توازن المواز ني
العامة للدولة ،حيث مثلت في المتوسط ما يقارب % 54لفترة الدراسة ،إال أن الشيء
المالحظ كذلك هو التنامي التدريجي للموارد المتأتية من الجباية العادية ،في مقابل
انخفاض نسبة مساهمة الجباية البترولية في إيرادات الميزانية من حوالي % 63في
بداية األلفية إلى حوالي% 35سنة ، 2016خاصة بعد انهيار أسعار النفط في
السنوات األخيرة ،مع العلم أنه ال يتم احتساب السعر الحقيقي لبرميل النفط المطلوب،
والمقدر بحوالي 80دوالر كمتوسط للفترة الممتدة بين ، 2011-2016في حين
السعر المرجعي يقدر بـ 37دوالر للبرميل منذ 2007وهو سعر إعداد مشروع
الموازنة من دون احتساب العجز المسجل في نهاية كل سنة مالية ،والذي يتم تغطيته
بتدخالت صندوق ضبط اإلي اردات الممول من الجباية البترولية .والجدول أدناه يمثل
حجم الهوة بين السعر المرجعي المقدر إلعداد الموازنة وسعرها التوازني
يتضح من الجدول رقم 03تنامي الهوة بين السعر المرجعي الذي تبنى على
أساسه سياسة الموازنة وسعرها التوازني من سنة إلى أخرى ،وهو ما يعكس حجم
العجز الموازني من جهة ،والسياسة الحذرة في ضخ تلك األموال في الدائرة الحقيقية
بسبب ضعف الطاقة االستيعابية اللقتصاد ،لكننا نرى أن هذه الفجوة غير مبررة
كونها تؤثر على الفرق بين قيمة فوائض الجباية البترولية الداخلة لصندوق ضبط
الموارد وفوائضه الحقيقية ،ما يجعله مجرد آلية لتحويل الموارد مع فرق في الزمن
فقط ،فالحكومة تعود كل مرة لتمويل عجز مو ازنتها إلى موارد الصندوق الذي أصبح
وكأنه يتلقى أموال أكثر مما يجب ،فالمشرع سمح بذلك من أجل وضع تلك األموال
في حسابات خارج الموازنة ليعود إليها مرات عديدة خالل السنة لتمويل العجز بدال
ُ من اللجوء لتغير السعر المرجعي عد على أساسه الموازنة
الذي ت .
ما نخلص إليه أن كل تذبذب في أسعار النفط سينعكس ال محالة على حجم
إيرادات الموازنة وبالتالي حجم اإلنفاق العام ولعل العجز الموازني الكبير المسجل
في السنوات األخيرة خير دليل على ذلك.
- 3تحليل العوامل المتعلقة بتنامي النفقات العامة:
عرفت الجزائر منذ بداية األلفية تنامي كبير في نفقاتها العمومية بشقها الجاري
واالستثماري
،وذلك ضمن مختلف برامجها التنموية؛ و الجدول أدناه يلخص لنا تطور
مخصصات الموازنة خالل الفترة الممتدة بين سنتي 2016-2000
11
يتضح من الجدول رقم،04أن النفقات العامة عرفت ارتفاع بحوالي 7مرات من
سنة 2000إلى سنة 2016حيث انتقلت من حوالي 1199.8مليار دينار إلى
حوالي 7949.1سنة ، 2016مع تسجيل تذبذبات في نسب نموها من سنة إلى
أخرى.
إن تنامي النفقات العامة في المجمل يعود إلى ارتفاع أسعار المحروقات التي
أدت إلى تحول جذري في السياسة المالية عامة وسياسة اإلنفاق الحكومي خاصة،
حيث اتبعت الجزائر سياسة إنفاقية توسعية قصد الخروج من التبعات السلبية
إللصالحات االقتصادية لسنوات التسعينيات ،وبذلك ارتفع حجم اإلنفاق العام بشقيه
الجاري واالستثماري ،كما توضحه معدالت النمو في الجدول رقم 04
إن أهم ما ميز سياسة اإلنفاق الحكومي في الفترة الممتدة بين سنة 2000وسنة
2007هو االرتفاع الكبير في نفقات التجهيز مقارنة بنفقات التسيير ،فبعدما كانت
نسبتها سنة 2000تقدر بــ %، 26.5فقد وصلت إلى % 48.5سنة ، 2007وهذه
الزيادة المعتبرة مردها إلى تطبيق برامج اإلنعاش االقتصادي ودعم النمو االقتصادي
بين ،2001-2009حيث عملت على استثمار عائدات البترول بالدرجة
األولى في قطاعات األشغال العمومية والبناء والفالحة والري ومختلف مشاريع البنية
التحتية ...؛ إال أنه منذ سنة 2010بدأت وتيرة تنامي نفقات االستثمار تعرف
تراجع سنة بعد سنة لتصل إلى أدنى مستوياتها سنة ، 2016حيث لم تتعدى
مخصصاتها %39من إجمالي النفقات العمومية ،رغم أن مخصصات نفقات التجهيز
في ميزانية سنة 2016بأرقامها المطلقة مرتفعة مقارنة بسنوات ما قبل ، 2014
حيث سجلت ميزانية نفقات التجهيز حوالي 3176مليار دينار ،في حين لم تتعدى
مخصصات نفقات التجهيز 1552.5مليار دينار سنة ، 2007أما ما بين سنتي
2016و 2015فقد انخفضت بحوالي %18.7بسبب سياسة الترشيد التي انتهجتها
الحكومة الجزائرية بشكل واضح بعد تراجع أسعار النفط منذ النصف الثاني من سنة
2014.
إن ارتفاع نفقات التجهيز في هذه الفترة ال يعني انخفاض نفقات التسيير ،فهذه
األخيرة شهدت ارتفاعا ملحوظا باألرقام المطلقة حيث ارتفعت من حوالي881 .مليار
دينار سنة 2000إلى حوالي 4807مليار دينار سنة (2016أكثر من 5مرات)
12
وهذا بسبب ارتفاع نفقات األجور والرواتب ،والتدخالت االجتماعية الكثيفة نتيجة
االحتجاجات المتكررة واإلضرابات وغيرها من األسباب ،وقد شكلت نسبتها إلى
إجمالي النفقات العامة حوالي % 60سنة ، 2016والشكل أدناه يلخص لنا تطور
نفقات التسيير مقارنة بنفقات التجهيز.
يتضح من الشكل أعاله تنامي النفقات العامة بشكل الفت منذ بداية األلفية مع
تواصل هيمنة نفقات التسيير على هيكلها ،حيث بلغ متوسط نسبة نفقات التسيير إلى
النفقات العامة خالل الفترة، .2008-2016 :حوالي %، .0960.وذلك راجع آللثار
الناجمة أساسا عن ارتفاع كتلة الرواتب والتعويضات لعمال اإلدارات المركزية
وااللمركزية ،والتي تستحوذ في المتوسط على حوالي 35 %من نفقات التسيير،
باإلضافة إلى قيمة التحويالت التي تستأثر بنسبة %، 40ثم فوائد الدين العام بنسبة ، %7وأخيرا نفقات المعدات واألدوات بحوالي%18
ministre.gov.dz/ar
يتضح من الجدول رقم ، 05أن تمويل عجز الموازنة في الجزائر مر بمرحلتين
هامتين :المرحلة األولى قبل سنة ، 2016والمرحلة الثانية بعدها؛
أ -مرحلة ما قبل سنة : 2016تميزت باالعتماد على مصادر التمويل التقليدية،
فمنذ سنة 2000توسعت الحكومة في تمويل عجزها عن طريق طلب تسبيقات من
البنك المركزي )إصدار نقدي( وطرح اإلصدا ارت السندية في السوق المحلية ،وذلك
على عكس ما كان يحدث قبل سنة، 2000 .حيث كانت تعتمد على التمويل
الخارجي ،مع اإلشارة إلى أن ظهور أرصدة التمويل سالبة في الجدول أعاله يثبت أن
الخزينة تسدد ما يستحق عليها من قروض وديون.
إذا ما نستنتجه في هذه المرحلة هو ابتعاد الجزائر عن التمويل الخارجي للعجز
الموازني وتوسعها في اإلصدارات السندية الداخلية.
ب -مرحلة ما بعد سنة: 2006 .أصبحت الحكومة تعتمد بالدرجة األولى على
صندوق ضبط الموارد في تمويل عجز موازنتها ،وذلك من خالل تدخالته التي
عرفت تنامي ملحوظ في الفترة الممتدة من ، 2015-2006حيث انتقلت هذه
األخيرة من 91.5 .مليار دينار سنة 2006إلى حوالي 2965مليار دوالر كأقصى
قيمة سنة ( 2014ارتفاع بحوالي 53 .مرة) ،ولعل الشكل أدناه يوضح لنا ذلك ،من
خالل المقارنة بين رصيد الموازنة ورصيد صندوق وحجم تدخالته.
14
المصدر :باالعتماد على المعطيات الواردة في الجدول رقم 5و الجدول رقم1
الشركات العمومية والتنازل عن بعض القطاعات التي تحتكرها منذ سبعينيات القرن
الماضي ،خاصة تلك التي تعاني من تدهور اإلنتاج وقلة التنافسية.
في اعتقادنا استدامة المقدرة التمويلية للدولة يتطلب تحقيق ما يلي:
-ترشيد النفقات العمومية واالبتعاد عن اإلسراف والتبذير؛
-التحكم في االستهالك العمومي خاصة في مجال استهالك الطاقة التي عرفت
تنامي غير مسبوق في السنوات األخيرة؛
-مراجعة أساليب الدعم الحكومي من خالل توجيهه لمستحقيه؛
-الرفع من كفاءة وفعالية النفقة العمومية؛
-االنتقال من نمط الميزانية التقليدية إلى ميزانية األداء والبرامج ؛
-تنويع االقتصاد الوطني في إطار النموذج االقتصادي الجديد.
-دخال تنويع مصادر الدخل الوطني من خالل التمويل عن طريق البورصة ،وا
األدوات المالية اإلسالمي حالل الجباية العادية محل الجباية البترولية وتوسيع.
أوعية الجباية العادية مع مراعاة أن يبقى الضغط الجبائي
17
هناك عدة مصادر لتمويل عجز الموازنة ،يمكن تقسيمها إلى وسائل تمويل تقليدية ووسائل تمويل غير تقليدية
1.2.2.1 :تمويل عجز الموازنة العامة بالوسائل التقليدية :وهي بدورها تنقسم إلى نوعين :
– .أ -التمويل المحلي :يمكن للدولة تمويل عجز الموازنة عن طريق مصادر التمويل المحلي سواء عن طريق االقتراض من الجمهور أو
المؤسسات المصرفية ويمكن التفرقة بين ثالثة أنواع من االقتراض المحلي
االقتراض من المصرف المركزي :ليس لالقتراض من البنك المركزي تأثير انكماشي مباشر على الطلب الكلي ،ألن البنك المركزي
ليس مضطر لتخفيض االئتمان الممنوح لبعض القطاعات حتى يقوم بتوسيع االئتمان المقدم للحكومة ،وبالتالي فإن اإلنفاق المحلي
المصحوب باالقتراض من البنك المركزي له أثر توسعي على الطلب الكلي.
-ب -االقتراض من البنوك التجارية :تأتي هذه الطريقة من التمويل عن طريق بيع سندات الدين العمومي التي تصدرها الخزينة
18
العمومية للبنوك التجارية ،عندما يكون البنك التجاري احتياطات زائدة فلن يكون لهذا النوع من التمويل آثار على الطلب الكلي ويكون
اإلنفاق الحكومي الممول من هذا االقتراض آثار توسعية شبيهة باإلنفاق الممول من البنك المركزي ،أما إذا لم يكن لدى البنوك التجارية
احتياطات زائدة فإن اقتراض الحكومة من البنوك التجارية سيكون على حساب االئتمان الممنوح للقطاع الخاص
-االقتراض من القطاع الخاص خارج نطاق البنوك:يتم هذا النوع من التمويل عن طريق بيع سندات الدين العمومي للقطاع الخاص،
أي تحويل األموال من األفراد إلى الدولة من أجل تغطية العجز ،وتؤثر هذه الطريقة على الكتلة النقدية وعلى السيولة لدى المصارف
ب التمويل الخارجي :يكون مصدره خارج الدولة ويأخذ شكل المنح لدعم الموازنة الجارية والمعونات الخارجية لتمويل الموازنة
التطويرية ،وليست المعونات الخارجية كلها منح ،حيث لها قسم آخر في صورة قروض ميسر ة وتتميز هذه القروض بانخفاض أسعار
الفائدة وطول فترة السماح وطول آجال استحقاقها
تمويل عجز الموازنة بوسائل غير تقليدية ( التمويل بالعجز أو ما يعرف بالتمويل التضخمي ) :تقوم الدولة التي تعاني من
عجز في ميزانيتها العامة في بعض األحيان إلى اللجوء إلصدار كمية جديدة من النقود بدون تغطية ،وهذا ما يعرف بالتضخم المالي أو
"التضخم االقتصادي" والذي مفاده أن الزيادة التي تحدث في كمية النقود بيد العناصر االقتصادية ينجم عنها زيادة إقبال هذه األخيرة على
شراء السلع والخدمات بطريقة مفاجئة ،مما يؤ دي إلى ارتفاع األسعار ومن ثم انخفاض القيمة الحقيقية للنقود
( ( مختار ك ، 2017 . ،صفحة (232 . ( مختار ك ،.دون سنة النشر ،صفحة 232 ( مختار ك ، 2018 . ،صفحة :(110 ( حميدة 58_59 :( ، 2016_2015 ،ص (
(محمد هاني، 2018 ،صفحة . (113 عناية ، 2014 ،صفحة .(52
19
اخلامتة
يعتبر موضوع عجز الموازنة في الجزائر من أهم المواضيع التي يولي لها االقتصاديين اهتماما كبيرا وذلك لما تمثله الموازنة العامة من
أهمية في االقتصاد الوطني ،حيث تحاول معظم الدول سواء كانت متقدمة او نامية الوصول إلى تحقيق التوازن االقتصادي على جميع
األصعدة ،خصوصا ما تعلق بالتوازن في الموازنة العامة ،لذلك تسعى الدول جاهدة إلى تنويع إيراداتها وتنميتها من جهة وترشيد نفقاتها
من جهة أخرى ،إال انه من الواضح ان معظم الدول تعاني من مشكل عجز الموازنة العامة وذلك بسبب التزايد الهائل في نفقاتها العامة
ومحدودية إيراداتها ،والتي أصبحت ال تستطيع تغطية نفقاتها من جهة ومن جهة أخرى تركز إيراداتها على مصادر محدودة وغير
مستقرة ،وذلك ما تعاني منه الدول النامية بوجه التحديد والجزائر بوجه
املراجع
.أشواق بن قدور ،تطور النظام المالي والنمو االقتصادي ،الراية ،الجزائر1 .2013 ( ،
تومي صالح ،مدخل للنظرية القياسية االقتصادية ،ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر2 . ،
()1999
علي جدوع الشرفات ،التنمية االقتصادية في العالم العربي ،دار جليس الزمان للنشر 3 .
(.والتوزيع ،عمان2010( ،
محمد عبد العزيز عجمية _ إيمان عطية ناصف ،التنمية االقتصادية دراسات نظرية 4.
.وتطبيقيةقسم االقتصاد مكتبة التجارة جامعة االسكندرية ،مصر2003 ( ،
محمد مدحت مصطفى ـ سهير عبد الظاهر أحمد ،النماذج الرياضية للتخطيط والتنمية 5.
(.االقتصادية مكتبة ومطبعة اإلشعاع الفنية ،مصر1999( ،
الكتب . 1 :أشواق بن قدور ،تطور النظام المالي والنمو االقتصادي ،الراية ،الجزائر . 2 (.2013 ( ،تومي صالح ،مدخل للنظرية القياسية االقتصادية ،ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر( ،
. 3 )1999علي جدوع الشرفات ،التنمية االقتصادية في العالم العربي ،دار جليس الزمان للنشر والتوزيع ،عمان.4 (.2010( ،محمد عبد العزيز عجمية _ إيمان عطية ناصف ،التنمية االقتصادية
دراسات نظرية وتطبيقيةقسم االقتصاد مكتبة التجارة جامعة االسكندرية ،مصر.5 (.2003 ( ،محمد مدحت مصطفى ـ سهير عبد الظاهر أحمد ،النماذج الرياضية للتخطيط والتنمية االقتصادية مكتبة
(.ومطبعة اإلشعاع الفنية ،مصر1999( ،
20