You are on page 1of 14

* ‫دليو‬ ‫فضيل‬

‫الملخص‬
،‫ التكـتالت اإلعالمية الضخمة‬،‫ التغيرات السياسية اإلقليمية والدولية‬:‫إن التغيرات السريعة التي عرفها مجال اإلعالم مؤخرا‬
‫ جعلت نظريات الصحافة والنماذج المطورة لها الحقا في مجال علوم‬،...‫ عولمة االتصاالت‬،‫تكاثر القنوات الفضائية المتخصصة‬
.‫اإلعالم واالتصال عاجزة نسبيا عن تقديم تفسير وفهم شاملين لما يحدث في انظمة وسائل اإلعالم عبر مختلف مناطق العالم‬
‫ سيتم عرض النظريات الكالسيكية االربع (السلطويةوالسوفيتيةوالليبراليةوالمسؤولية االجتماعية) مذيلة‬،‫وفي هذا اإلطار‬
ْ
‫التشاركية) والنماذج الثالثة لـ"هالين ومانشيني" (الليبراليوالديمقراطي التشاركيوالتعددي‬-‫بنظريتي ماك كوايل (التنموية والديمقراطية‬
‫ مع اإلشارة في كل محطة إلى بعض المقاربات‬،)...‫ المركزي اإلنساني‬،‫ الزبوني‬،‫ الوطني‬،‫االستقطابي) وتطوراتها الالحقة (االبوي‬
.‫النقدية لها‬
‫ النماذج اإلعالمية‬،‫ نظريات الصحافة‬،‫ انظمة وسائل اإلعالم‬:‫الكلمات المفاتيح‬

Résumé
Les récents changements rapides dans le domaine des médias: les changements politiques régionaux et
internationaux, les conglomérats de médias de masse, la prolifération des chaînes satellitaires spécialisées, la
mondialisation des communications ... ont fait que des théories de la presse et des modèles développés plus tard
dans le domaine des sciences de l'information et de la communication soient relativement incapables de fournir
une explication plausible et une compréhension complète de ce qui se passe dans les systèmes des médias à
travers le monde. Dans ce contexte, les quatre théories classiques de la presse (Autoritaire, Soviétique, Libérale
et Responsabilité sociale) seront présentées avec les deux théories de McQuail(de développement et
démocratique participative) et les trois modèles de Hallin et Mancini (Liberal, Corporatiste-Démocratique et
Pluraliste polarisé) et leurs développements ultérieurs (Paternaliste, Nationaliste, Clienteliste, Humano-
centrique…), en référence à certaines approches critiques.

Mots clés : Systèmes des moyens d’information, théories de la presse, modèles des relations médias-
politiques

Summary
The recent rapid changes in the field of media: regional and international political changes, mass media
conglomerates, the proliferation of specialized satellite channels, the globalization of communications ... have
made theories of the press and models developed later in the field of information and communication sciences
relatively incapable of providing a comprehensive explanation and understanding of what happens in Media
Systems around the world. In this context, the Four Classic Theories of the Press(Authoritarian, Soviet –
Communist-, Liberal, &Social Responsibility) will be presented with the two McQuail theories (Development
and Democratic-Participant) and the three models of Hallin and Mancini (Liberal, Democratic Corporatist &
Polarized Pluralist) and their subsequent developments (Paternalist, Nationalist, Clientelist,Humanocentric…
(Nationalist, withreference to somecriticalapproaches.

Keywords: Media Systems, Theories of the press, models of media-politics relations.

9‫قس نطينة‬-‫ لكية علوم العالم والتصال جامعة صاحل بوبنيدر‬،‫*أس تاذ التعلمي العايل‬

2217 ‫ ديسمرب‬21 ‫العدد‬ 106 ‫جمةل العلوم الاجامتعية‬


‫فضيل دليو‬ ‫النظمة العالمية يف العامل‪ :‬من نظرايت الصحافة اىل ما بعد الامنذج العالمية‬

‫ْ‬
‫مقترحين ثالثة نماذج مثالية للعالقة‬ ‫‪)MANCINI: 2004‬‬ ‫مقدمة‬
‫بين وسائل اإلعالم والسياسة في اوروبا الغربية وامريكا‬ ‫إن التغيرات السريعة والواسعة التي عرفها مجال‬
‫الشمالية (الليبرالي‪ ،-Liberal-‬الديمقراطي التشاركي –‬ ‫اإلعالم مؤخرا‪ :‬التغيرات السياسية في محيط العالم الغربي‪،‬‬
‫‪ -DemoraticCorporatist‬والتعددي االستقطابي–‬ ‫التكـتالت اإلعالمية الضخمة‪ ،‬تكاثر القنوات الفضائية الدولية‬
‫‪ ،)-PolarizedPluralist‬مع تاكيد ظرفيتها والدعوة إلى تحديد‬ ‫المتخصصة‪ ،‬عولمة االتصاالت‪ ،...‬جعلت النظريات والنماذج‬
‫نماذج اخرى تبعا لمناطق جغرافية غير غربية‪.‬مما جعل بعض‬ ‫المطورة الحقا في مجال علوم اإلعالم واالتصال عاجزة نسبيا‬
‫المهتمين يقدمون محاوالت تصنيفية اخرى ( ‪NISBET‬‬ ‫عن تقديم تفسير وفهم شاملين لما يحدث في انظمة وسائل‬
‫‪ ...)CURRAN et al.: 2009( ،)&Moehler : 2005, 14‬ال‬ ‫اإلعالم‪.‬‬
‫يتسع المجال لتفصيل الكالم حولها هنا‪ ،‬حيث سنكـتفي‬ ‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬سيتم تقييم االفكار المتعلقة بمجال‬
‫ْ‬
‫بنظريتي ماك‬ ‫بعرض تباعا النظريات الكالسيكية االربع مذيلة‬ ‫االنظمة اإلعالمية وعالقتها –الموسومة تقليديا بالتبعية‬
‫كوايل وببعض التصنيفات الموالية لها وخاصة النماذج الثالثة‬ ‫المركزية‪-‬باالنظمة السياسية الوطنية‪.‬‬
‫لـ"هالين ومانشيني" وتطوراتها الالحقة‪ ،‬مع اإلشارة في كل‬ ‫إن التراث الفكري في مجال االنظمة اإلعالمية‬
‫محطة إلى بعض المقاربات النقدية لها‪:‬‬ ‫تصدرتها منذ الخمسينيات من القرن الماضي نظريات‬
‫اوال) نظريات الصحافة‬ ‫الصحافة‪ .‬وهي نظريات معيارية اساسا‪ ،‬النها تستهدف التفكير‬
‫تصدرت نظريات الصحافة مشهد الدراسات التي‬ ‫في الكيفية التي ينبغي –او من المتوقع‪-‬ان تعمل بها وسائل‬
‫اهتمت بتحليل ومقارنة االنظمة اإلعالمية في العالم من وجهة‬ ‫اإلعالم في عالقتها بالسلطة السياسية‪.‬‬
‫نظر غربية‪ ،‬فضال عن كمية ونوعية االنتقادات التي تلقتها من‬ ‫ففي عام ‪ ،1226‬نشر "سيبرت‪ ،‬بيترسون وشرام"‬
‫داخل وخارج االوساط اال كاديمية الغربية‪ .‬وفيما يلي عرض‬ ‫(‪ )SIEBERT, PETERSON &SCHRAMM‬كـتابهم (اربع‬
‫موجز لها‪:‬‬ ‫نظريات للصحافة‪)Four Theories of the Press :‬شاع‬
‫الحديث عنها‪ ،‬هي‪:‬‬
‫‪-1‬النظرية السلطوية‬
‫‪ -‬النظرية السلطوية‪ :‬الصحافة تقيد حرية وسائل‬
‫بدا النقاش يكـثر في الخمسينيات من القرن الماضي‬ ‫اإلعالم لحماية النظام االجتماعي المعمول به‪.‬‬
‫حول اختالف اشكال وسائل اإلعالم واهدافها المرتبطة‬ ‫‪ -‬النظرية السوفيتية‪ :‬تلعب الصحافة دور المحرض‪،‬‬
‫باالنظمة االجتماعية والسياسية في دول الشمال التي كانت‬ ‫الدعاية والتوجيه في خدمة الشيوعية‪.‬‬
‫حينها تعيش اجواء الحرب الباردة بين معسكري االتحاد‬ ‫‪ -‬النظرية الليبرالية‪ :‬حرية التعبير والمبادرة‪.‬‬
‫السوفييتي وامريكا‪ .‬وفي سياق ذلك‪ ،‬اسس "سيبرت وزمياله"‬ ‫‪ -‬نظرية الصحافة المسؤولة (المسؤولية االجتماعية)‪.‬‬
‫(‪)SIEBERT, PETERSON & SCHRAMM: 1956‬‬ ‫وفي منتصف الثمانينيات من القرن الماضي‪ ،‬اضاف‬
‫بناء على توصيفهم لوجود اربعة انظمة‬ ‫الربع نظريات ً‬
‫إليها عالم االجتماع البريطاني "ماك كوايل" ( ‪McQUAIL,‬‬
‫سياسية‪ ،‬تتراوح اطرافها بين االستبداد والحرية‪ .‬ولقد تكـفل‬ ‫‪ )Denis:1983, 84-98‬نظريتين‪ ،‬هما‪:‬النظرية التنموية‬
‫"سيبرت" بتحرير اولها (النظرية السلطوية‪ :‬ص ص‪)37-2 .‬‬ ‫الديمقراطية‪-‬التشاركية‬ ‫(‪)Development‬ونظرية‬
‫العتبارها اقدمها والمحك الذي ُتعرض في مقا ِّبله النظريات‬ ‫(‪ ،)Democratic Participant‬والتي هي في الحقيقة شبيهة‬
‫االخرى‪:‬‬ ‫بالنموذج الديمقراطي الذي تكلم عنه في العشريتين‬
‫تضع هذه النظرية الصحافة في خدمة الدولة او الملك‬ ‫السابقتين كل من "وليامس" و"كران" (سنتكلم عنهما الحقا)‪.‬‬
‫او االمير‪ ،‬وهي تبرر الرقابة المسبقة ومعاقبة الصحافيين إذا‬ ‫وفي مطلع اال لفية الثالثة‪ ،‬حاول تجديد نظريات‬
‫خرجوا عن المعايير التي تحددها السلطات السياسية‪ .‬ويمكن‬ ‫الصحافة كل من "هالن ومانشيني" ( &‪HALLIN‬‬
‫مالحظة هذه النظرية في االنظمة الدكـتاتورية‪ ،‬عند تطبيق‬

‫العدد ‪ 21‬ديسمرب ‪2217‬‬ ‫‪107‬‬ ‫جمةل العلوم الاجامتعية‬


‫فضيل دليو‬ ‫النظمة العالمية يف العامل‪ :‬من نظرايت الصحافة اىل ما بعد الامنذج العالمية‬

‫والقوة من خالل سيطرتها ورقابتها الصارمة على وسائل اإلنتاج‬ ‫حالة الطوارئ او االحكام العرفية‪ ،‬في حالة الحرب او في‬
‫الفكري وفي مقدمتها وسائل اإلعالم‪.‬‬ ‫البلدان المحتلة‪ .‬إن تطبيق هذه النظرية عادة ما يستهدف‬
‫‪-3‬النظرية الليبرالية‬ ‫حماية النظام االجتماعي القائم ومؤسساته‪ .‬ومن ابرز امثلتها‬
‫التشخيصية‪ :‬اسبانيا في عهد "فرانكو"‪ ،‬الجزائر اثناء االحتالل‬
‫ُيرجع محررها "سيبرت" (ص ص‪ )71-32 .‬تاريخ‬
‫الفرنسي وبعض الفترات بعده‪ ...‬لكن المرجعية التاريخية‬
‫النظرية الليبرالية إلى نهاية القرن ‪ ،17‬اين ظهرت الول مرة‬
‫المؤسسة لها عند اصحاب النظرية تكمن في اوروبا القرون‬
‫االفكار السياسية التحررية في انجلترا‪ ،‬وتشكلت في القرن ‪13‬‬
‫الوسطى‪ ،‬حيث كانت "الحقيقة" بين ايدي نخب سياسية او‬
‫–الذي اعتبر مرحلة انتقالية‪ -‬وازدهرت في القرن ‪ .12‬وقد‬
‫امراء نصبوا انفسهم كمرشدين لبقية افراد المجتمع‪ .‬وبلغت‬
‫رافقت بالطبع تطور الديمقراطيات السياسية التمثيلية‬
‫هذه النظرية ذروتها في القرن ‪ 16‬وجزء كبير من القرن ‪،17‬‬
‫والحريات الدينية والتجارة الحرة والسياحة في اوروبا‪.‬‬
‫عندما كان الحكام يستعملون الصحف للتواصل عموديا مع‬
‫تقترح هذه النظرية الجمع بين "حرية التعبير الفردية"‬
‫افراد الشعب وتلقينهم افكارهم‪.‬‬
‫و"حرية المبادرة"‪ .‬بدا تطبيق هذا النموذج في صحافة الراي‬
‫وبالطبع‪ ،‬ادى هذا النموذج السلطوي إلى ظهور ردود‬
‫قبل ان ينتقل إلى صحافة الخبر‪ ،‬مرافقا تطور االنظمة‬
‫فعل معارضة من طرف بعد النخب البورجوازية في اوروبا التي‬
‫السياسية االوروبية نحو الديمقراطيات الليبرالية‪.‬‬
‫كانت تدعو إلى حرية التعبير واسست لظهور مفهوم حرية‬
‫ويبدو ان هذه النظرية استلهمت اسسها النظرية من‬
‫الصحافة المرتبط بالنظرية الليبرالية‪ ،‬والتي سنتكلم عنه‬
‫اعمال بعض منظري الليبرالية‪ ،‬مثل "جون ميلتون (القرن‬
‫الحقا‪ ،‬رغم كونها وردت في الكـتاب في المرتبة الثانية‬
‫‪ )17‬وطوماس جيفرسون (القرن ‪ )13‬و"جون ستيورت ميل"‬
‫الرتباطها التاريخي باالولى‪.‬‬
‫(‪ )John Stuart Mill: OnLiberty, 1868‬حول الحرية‪ .‬وهي‬
‫َتعتبر ان حرية الصحافة عنصر ضروري لوجود المجتمعات‬ ‫‪-2‬النظرية السوفييتية‬
‫الحرة‪ ،‬والتي يجب ان تحرر الصحافة من الرقابة المسبقة‬ ‫ستوعب في‬‫يمكن لهذه النظرية "الشيوعية" ان ُت َ‬
‫وتجعلها مسؤولة فقط امام القانون عن انشطتها التي قد‬ ‫سابقتها "السلطوية" او ان تعتبر فرعا منها‪ ،‬لكن من الناحية‬
‫تخالف حقوق او حريات اخرى‪ ،‬وان تسمح بامتالك االفراد‬ ‫التاريخية‪ ،‬طبقها اصحابها (وخصوصا محررها‪ :‬شرام‪ ،‬ص ص‪.‬‬
‫لوسائل اإلعالم وبالحصول على المعلومات‪ .‬وبالرغم من ان‬ ‫‪ )146-122‬على فترة ما بعد الحرب العالمية االولى‪ ،‬حيث‬
‫الهدف الرئيس من وجودها هومراقبة الحكومة‪ ،‬التي ال يحق‬ ‫انيط بوسائل اإلعالم دور الدعاية والتربية الجماعية والتنمية‬
‫لهاان تمتلك وسائالإلعالم‪ ،‬فإن من اهدافها العمل على‬ ‫من اجل بناء الشيوعية وتعميم الحقيقة التاريخية للماركسية‪-‬‬
‫تحقيق اكبر قدر من الربح المادي من خالل اإلعالن والترفيه‬ ‫اللينينية‪ .‬ففي عام ‪ 1217‬وضع "لينين" اسس هذا النظرية‬
‫والدعاية‪.‬‬ ‫والتي قوامها طبعا تبعية وسائل اإلعالم للحزب الشيوعي‪ .‬ومن‬
‫ولقد تعرضت هذه النظرية للكـثير من االنتقادات‪،‬‬ ‫االنظمة السياسية التي حاولت تطبيقها في السابق دون‬
‫بسبب مبالغتها في استغالل الحرية والملكية الخاصة لوسائل‬ ‫جدوى‪ :‬االتحاد السوفييتي (التي سميت باسمه)‪ ،‬دول اوروبا‬
‫اإلعالم‪ ،‬فعرضت االخالق العامة للخطر بغية اإلثارة‬ ‫الشرقية‪ ،‬بعض دول العالم الثالث ذات التوجه االشتراكي‪،‬‬
‫والتسويق‪ ،‬وتعدت على حرية االخرين وحياتهم الخاصة‪ ،‬كما‬ ‫وحاليا بعض الدول مثل كوبا وكوريا الشمالية‪.‬‬
‫اعطت االولوية لتحقيق اهداف مالكي وسائل اإلعالم‬ ‫وتستعمل الصحافة في هذه النظرية كوسيلة للسلطة‬
‫والمعلنين على حساب مصالح المجتمع‪ .‬كما ادت إلى احتكار‬ ‫المركزية‪ ،‬وتكون حسبها وسائل اإلعالم ملكا للدولة وغير‬
‫متزايد لوسائل اإلعالم‪.‬‬ ‫ربحية ويتحكم في نشاطها وتحديد اهدافها الحزب الشيوعي‪،‬‬
‫باعتباره وكيال للطبقة العاملة التي يجب ان تحتفظ بالسلطة‬

‫العدد ‪ 21‬ديسمرب ‪2217‬‬ ‫‪108‬‬ ‫جمةل العلوم الاجامتعية‬


‫فضيل دليو‬ ‫النظمة العالمية يف العامل‪ :‬من نظرايت الصحافة اىل ما بعد الامنذج العالمية‬

‫اي ان هذه النظرية تستهدف في الوقت نفسه اإلعالم‬ ‫ونتج عن مثل هذه االنتقادات ظهور افكار جديدة في‬
‫والترفيه والحصول على الربح إلى جانب االهداف االجتماعية‪،‬‬ ‫الساحة اإلعالمية االمريكية خاصة‪ ،‬عقب الحرب العالمية‬
‫والتي من بينها تجنب نشر او عرض ما يساعد على الجريمة او‬ ‫الثانية‪ ،‬شخصتها اساسا نظرية المسؤولية االجتماعية‪:‬‬
‫العنف او العنصرية‪ ،‬او التدخل في حياة االفراد الخاصة؛ مع‬ ‫‪-4‬نظرية المسؤولية االجتماعية‬
‫السماح للقطاعين العام والخاص بامتالك وسائل اإلعالم‬
‫يعترف محررها (بيترسون‪ :‬الفصل الثالث من كـتاب‬
‫ولكنها تشجع اكـثر هذا االخير‪.‬‬
‫"سيبرت" الجماعي) انه اعتمد في صياغتها على اعمال لجنة‬
‫‪-8‬النظرية التنموية‬ ‫حرية الصحافة غير الحكومية (‪( )1247‬المسماة باسم رئيسها‪:‬‬
‫‪McQUAIL,‬‬ ‫في عام ‪ 1233‬اضاف "ماك كوايل" (‬ ‫هتشينز‪ )Hutchins /‬وعلى ممارسات إعالمية واقعية‪ .‬وقدمها‬
‫ْ‬
‫نظريتين‬ ‫‪ )Denis‬في مؤلفه حول نظرية االتصال الجماهيري‬ ‫على اساس انها ردة فعل على الصعوبات التي يواجهها‬
‫معياريتين‪ ،‬كانت اولهما النظرية التنموية ‪-‬التي سبقه إليها‬ ‫المواطنون الذين يريدون إنشاء وسائل إعالمهم الخاصة‬
‫"هاشتن" (‪ -)HACHTEN : 1981‬واستلهم منها تقرير "ش‪.‬‬ ‫نتيجة االحتكار المتزايد لوسائل اإلعالم في المدن الكبيرة‬
‫ماكبرايد" (اليونسكو‪ )1233 :‬بعض افكاره‪ ،‬على اعتبار ان‬ ‫ليس من طرف السلطة السياسية كما في االنظمة الديكـتاتورية‬
‫هذه النظرية تعكس وضعية البلدان النامية التي كانت وسائل‬ ‫ولكن من طرف تجمعات اقتصادية كانت تحارب اساسا –‬
‫إعالم الكـثير منها تخضع للهيمنة االجنبية وللتبعية‬ ‫عندما كانت متضررة من ذلك‪ -‬احتكار الحكومة لوسائل‬
‫االقتصادية‪ .‬كما كانت هذه الدول تعاني من نقص مزمن في‬ ‫اإلعالم‪.‬‬
‫الموارد البشرية والمادية الضرورية لتجنيد نخبها (ومنهم‬ ‫ولقد تم الحديث عن هذه الممارسات االحتكارية‬
‫الصحافيين) لمباشرة وتدعيم جهود التنمية‪.‬‬ ‫المتزايدة لوسائل اإلعالم في مطلع الكـتاب بالقول بانها‬
‫ولتحقيق هذه التنمية يدعو هذا النموذج مهنيــي‬ ‫"تستدعي واجب المسؤولية االجتماعية وان تكون كل‬
‫اإلعالم إلى تجنيد انفسهم مع وخلف نخب السلطة السياسية‬ ‫االطراف ممثلة في مجتمع تعددي‪ ،‬كما يجب وان تتاح‬
‫(الحزب الحاكم او المهيمن) لدعم المهام المجتمعية الكبرى‬ ‫للجمهور كل االراء الممكنة حول قضية ما والمعلومات الكافية‬
‫والتنمية الوطنية‪ .‬وبالتالي "فإن بعض حريات وسائل اإلعالم‬ ‫التخاذ قراراته‪ .‬وفي حالة عدم تحمل وسائل اإلعالم الخاصة‬
‫تصبح خاضعة لمسؤولية الصحافيين في التعاون إلنجاز هذه‬ ‫هذه المسؤوليات‪ ،‬قد يكون من الضروري ان تتكـفل بها‬
‫المهام" (‪ ،)McQUAIL, Denis: 1994, 162‬حيث يصبح‬ ‫وكاالت إعالمية عمومية"‪.‬‬
‫للدولة الحق في التدخل في عملهم وممارسة الرقابة والسيطرة‬ ‫مع العلم ان هذا النموذج تم تبنيه اساسا في امريكا‬
‫وذلك للمحافظة على تنفيذ االهداف التنموية‪ .‬كما ترى هذه‬ ‫الشمالية‪ ،‬كرد فعل على تجاوزات النموذج الليبرالي البدائي‬
‫النظرية انه يجب ان تعطي وسائل اإلعالم االهتمام في‬ ‫ومنتجاته الصحافية "الصفراء" الفاضحة والمثيرة وتهديداته‬
‫محتواها باللغة والثقافة الوطنيتين‪ ،‬مع إعطاء االولوية في‬ ‫االحتكارية‪ ،‬وكدعوة إلى ضرورة تحلي وسائل اإلعالم ذاتيا‬
‫التغطية اإلخبارية والمعلومات إلى الدول النامية االخرى التي‬ ‫بروح المسؤولية والصحافيين بالمهنية الضرورية التي تجعلهم‬
‫ترتبط بالدولة جغرافيا او ثقافيا او سياسيا‪.‬‬ ‫يعطون االولوية لنشر االخبار المهمة في الحياة السياسية‬
‫وفي سياق ذلك‪ ،‬اقترح بعض الجامعيين وبعض‬ ‫واالجتماعية ويلتزمون بالمعايير المهنية مثل الصدق‬
‫المؤسسات االممية على دول الجنوب ربط االتصال باهداف‬ ‫والموضوعية والتوازن والدقة‪ ...‬كما استلزم ذلك دعوة وسائل‬
‫التنمية الشاملة‪ ،‬ربطا يتجاوز االستخدام التقليدي االحادي‬ ‫اإلعالم إلى تبني قوانين اخالقية ومهنية توافقية تنص على‬
‫والجزئي لوسائل االتصال (نشر المعلومات بهدف التوعية نشرا‬ ‫التزاماتها المجتمعية‪ ،‬على اعتبار ان الحرية اإلعالمية حق‬
‫مبسطا وفي اتجاه نازل) لفائدة تبني نموذج دمج تنمية وسائل‬ ‫وواجب ومسؤولية في الوقت نفسه‪.‬‬

‫العدد ‪ 21‬ديسمرب ‪2217‬‬ ‫‪109‬‬ ‫جمةل العلوم الاجامتعية‬


‫فضيل دليو‬ ‫النظمة العالمية يف العامل‪ :‬من نظرايت الصحافة اىل ما بعد الامنذج العالمية‬

‫ولذلك فهي تدعو االقليات والمجتمعات المحلية‬ ‫االتصال الجماهيري خصوصا واالتصال عموما (من خالل‬
‫والجهوية إلى امتالك وتمويل وتسيير وإنتاج محتويات وسائل‬ ‫المعلمين‪ ،‬المرشدين‪ )...‬في خطط التنمية الشاملة‪.‬‬
‫اإلعالم الموجهة إليها‪ .‬النها ترى بان وسائل اإلعالم صغيرة‬ ‫وبالرغم من اهمية النتائج التي توصلت إليها بعض‬
‫الحجم والتي تتسم بالتفاعل والمشاركة افضل من وسائل‬ ‫الدراسات الميدانية المدعمة لذلك‪ ،‬فالمالحظ ‪-‬حسب عزي‪،‬‬
‫اإلعالم المهنية الضخمة التي يتدفق مضمونها في اتجاه واحد‬ ‫عبد الرحمان (‪ -)112 :1220‬انها لم تتمكن من إنشاء تصور‬
‫وتسعى عادة لخدمة المؤسسات المركزية ومراكز القرار‬ ‫نظري متكامل بقدر ما افادت في توفير بعض المعرفة‬
‫السياسية واالقتصادي‪ .‬فهي ترى ضرورة مشاركة المواطنين في‬ ‫الميدانية المجزاة في عدد من البلدان المتخلفة‪ .‬كما انها القت‬
‫المستويات المحلية باعتبارهم شركاء اإلعالميينفي مهمتهم‪.‬‬ ‫بعض االنتقادات مفاد اهمها انها تنظر لخدمة النخب الحاكمة‬
‫ومما ساهم في إحياء مثل هذه االفكار (االتصال‬ ‫القائمة على السياسات التنموية اكـثر من خدمتها للسياسات‬
‫االفقي والتساوي التواصلي بين المنتج والمستهلك‬ ‫نفسها‪ ،‬فمعظم الحكومات "العالم ثالثية" تربط بين وجودها‬
‫اإلعالميين‪ ،‬استعمال وسائل اإلعالم الجديد‪ )...‬انتشار‬ ‫بذاتها وتحقيق هذه السياسات‪ .‬مما ادى في الواقع إلى رفض‬
‫االنترنت وتكنولوجيا التواصل الجديدة على حساب وسائل‬ ‫النقد وتوسيع مجال الرقابة والقمع على الرغم من النص في‬
‫ً‬
‫استثناء‪،‬‬ ‫قوانين معظم هذه الدول على عدم جواز ذلك إال‬
‫اإلعالم واالتصال الجماهيرية التقليدية‪.‬‬
‫وهو ما ادى إلى جعل النظام اإلعالمي في هذه الدول يقترب‬
‫ثانيا) محدودية نظريات الصحافة وبعض‬
‫كـثيرا من النظام اإلعالمي السلطوي‪.‬‬
‫التصنيفات البديلة‬
‫ومع ذلك‪ ،‬فقد ادت هذه الجهود التنظيرية –على‬
‫بداية‪ ،‬يمكن تاكيد ما قلناه سابقا حول نظريات‬ ‫االقل‪-‬إلى دخول مفهوم اإلعالم التنموي في ادبيات النظم‬
‫الصحافة الكالسيكية االربع‪ ،‬فيما يخص كونها تعتبر معيارية‬ ‫اإلعالمية المقارنة‪ ،‬إضافة إلى النظم االربعة التقليدية‪.‬‬
‫اساسا‪ ،‬النها تستهدف –حسب "ماك كوايل"التفكير فيما‬
‫‪-2‬نظرية المشاركة الديمقراطية‬
‫ينبغي ان تكون عليه وسائل اإلعالم في معظم المجتمعات‬
‫الوطنية رغم تمايزاتها االجتماعية واختالف خلفياتها‬ ‫يرى "ماك كوايل" (‪ )McQUAIL: 1983, 163‬ان‬
‫التاريخية‪ ،‬وانها "عامة" الن ممارسات المؤسسات اإلعالمية‬ ‫حيثيات هذه النظرية التي تسمى ايضا بـ"التشاركية" او‬
‫تجمع في الواقع وفي الكـثير من البلدان بين عدة عناصر‬ ‫"المجتمعية"‪ ،‬استوجبتها ظروف وسائل اإلعالم في الدول‬
‫المتقدمة والتي تعاني من جهة‪ ،‬من َسلعنة واحتكار متز ْ‬
‫ايدين‬
‫سلطوية‪ ،‬ليبرالية ومسؤولة (‪.)McQUAIL: 1994, 113‬‬
‫بل إنها –حسب "ديمرس" ( ‪DEMERS : 2014,‬‬ ‫لوسائل اإلعالم الخاصة من طرف مؤسسات إعالمية ضخمة‬
‫‪ -)71‬تلعب ثالثة ادوار نموذجية معيارية‪ :‬يندرج اولها في‬ ‫ومن جهة اخرى‪ ،‬من مركزية وبيروقراطية ونخبوية المؤسسات‬
‫سياق الحرب الباردة بكالم محرريها بصيغة "نحن في الغرب"‬ ‫العمومية لإلذاعة والتلفزيون والتي انشئت في سياق نموذج‬
‫عن النموذجين "الليبرالي" و"المسؤولية االجتماعية" مقابل‬ ‫المسؤولية االجتماعية (في اوروبا خاصة من خالل نظام‬
‫النموذج الشيوعي‪ ،‬ويتمثل ثانيها في تقديم "المسؤولية‬ ‫القنوات العمومية مثال)‪.‬‬
‫االجتماعية للصحافة" كـتحسين طبيعي لليبرالية البدائية‬ ‫وباإلضافة إلى ذلك‪ ،‬فإن هذه النظرية‪ ،‬التي تنسحب‬
‫للصحافة‪ ،‬وثالثها في اقتراح الواقع االمريكي كنموذج للحرية‪.‬‬ ‫اساسا على المجتمعات الليبرالية المتقدمة‪ ،‬تعتمد ايضا على‬
‫مع تجاهل مثال‪ ،‬الخصائص المميزة لبرامج الخدمة العامة في‬ ‫بعض عناصر النظرية التطورية لوسائل اإلعالم مثل تلك التي‬
‫اوروبا الغربية‪ .‬فما بالك بمميزات وسائل إعالم باقي دول‬ ‫تركز على "قاعدة" المجتمع وعلى قيمة االتصال االفقي‬
‫العالم غير الغربي‪.‬‬ ‫والتفاعلي واولويته على االتصال السلطوي العمودي (من‬
‫وفي السياق نفسه‪ ،‬انتقدت الصينية"زهاو" ( ‪ZHAO:‬‬ ‫االعلى إلى االسفل)‪.‬‬
‫‪ )2012, 148‬المركزية الغربية للنظريات الكالسيكية االربع‬

‫العدد ‪ 21‬ديسمرب ‪2217‬‬ ‫‪110‬‬ ‫جمةل العلوم الاجامتعية‬


‫فضيل دليو‬ ‫النظمة العالمية يف العامل‪ :‬من نظرايت الصحافة اىل ما بعد الامنذج العالمية‬

‫* كان من البديهي معالجة الصحافة في مجالها‬ ‫ولكيفية طرحها للنموذج السوفييتي بجذوره الماركسية‬
‫السياسي الوطني الخاص الذي تمارس فيه‪ ،‬مما كان يوحي‬ ‫وتحوالته "اللينينية الستالينية" في االتحاد السوفييتي مع عدم‬
‫بارتباطها القوي به‪ .‬لذلك كانت تناقش الحيثيات الفضائية‬ ‫إعارتها ادنى اهتمام لتحوالته في الصين "الماوية" بمبادئها‬
‫والقانونية والثقافية لهذا االرتباط‪ ،‬مغفلة التدويل والعولمة‬ ‫الكونفوشيوسية العالقة‪.‬‬
‫اللذين اضعفا "سيادة" الدول اإلعالمية تدريجيا منذ مطلع‬ ‫النكي""غوناراتن"‬ ‫الـ"سري‬ ‫اكد‬ ‫كما‬
‫التسعينيات من القرن الماضي‪.‬‬ ‫(‪CLIFFORD: 2009, ( ) S.:2005, 56،GUNARATNE‬‬

‫‪ -‬بعض التصنيفات البديلة لنظريات الصحافة‬ ‫‪ )14‬االعتماد الحصري لهذه النظريات على مركزية اوروبية‬
‫تاريخية‪ ،‬نظرية وتطبيقية رغم ادعائها تقييم الصحافة حول‬
‫افرزت ادبيات الصحافة واالتصال الجماهيري عدة‬
‫العالم برمته‪ .‬ولذلك وجب‪- ،‬حسب رايه‪-‬إدماج االبستمولجية‬
‫تصنيفات بديلة لنظريات الصحافة االربع‪ .‬وفيما يلي عرض‬
‫الغربية مع التصوف المشرقي في "نظرية مركزية إنسانية"‬
‫كرونولوجي موجز الهمها‪:‬‬
‫(‪ )HumanocentricTheory‬دينامية لوسائل االتصال وحرية‬
‫‪ -‬في سياق انتقاد نظريات الصحافة الكالسيكية‪ ،‬قلل‬
‫التعبير لتحل محل النظريات المعيارية اإللزامية الثابتة‪.‬‬
‫اليساري البريطاني "ويليامس" ( ‪WILLIAMS, R. : 1962,‬‬
‫وهناك من راى بانها ال تقدم اربع نظريات بل نظرية‬
‫‪ )93‬من اهمية البعد السياسي –عماد تصنيف النظريات‬
‫واحدة –بالمعنى القانوني التفسيري‪/‬المنطقي وليس بالمعنى‬
‫االربع‪ -‬مقترحا بديال تصنيفيا رباعيا ايضا وذي فائت متشابهة‬
‫العلمي الصارم! ‪ -1‬تتضمن اربعة امثلة‪ ،‬فهي تحدد النظريات‬
‫لكنه يعتمد على االشكال التنظيمية اكـثر من اعتماده على‬
‫االربع من داخل واحدة منها‪ :‬الليبرالية الكالسيكية والتي‬
‫االيديولوجيات السياسية‪ :‬النظام السلطوي (السلطة المطلقة‬
‫تتميز بتقسيم العالم السياسي إلى قسمين‪ :‬الفرد مقابل‬
‫لالقلية الحاكمة)‪ ،‬االبوي (نظام سلطوي نخبوي مع رقابة قوية‬
‫المجتمع او الدولة‪ .‬فهذه "النظريات" تشير إلى "اشياء"‬
‫وإشاعة قيم َتد ِّعي خدمة الجماهير)‪ ،‬التجاري (خاضع لقوى‬
‫مختلفة تماما من حيث الممارسة التاريخية ( ‪NERONE:‬‬
‫السوق) والديمقراطي‪ .‬وهو يعتبر اول مقترح اوروبي مهم‬
‫‪.)1995, 17-21‬‬
‫يصنف انظمة وسائل اإلعالم‪.‬‬
‫وباختصار‪ ،‬فإن النظريات الكالسيكية االربع تصنف‬
‫‪ -‬تاله في نهاية الستينيات تصنيف ثالثي فنلندي‬
‫كنظريات معيارية غربية إلى حد كبير وتحتاج إلى تحديث‬
‫قوامه االهداف االساسية لالتصال الجماهيري‪:‬‬
‫ومراجعة‪.‬‬
‫المذهبي‪/‬اإليديولوجي (سياسي‪ ،‬ديني‪ ،)...‬التجاري (يغذيه‬
‫إن بناء هذه النظريات كان يقوم –حسب ماكويل‬
‫اإلشهار واالستهالك) واإلخباري (لتنوير الجماهير ومن دون‬
‫(‪- )McQUAIL: 1994‬على ثالث افكار رئيسة‪ ،‬نعرضها‬
‫تجارية)‬ ‫وال‬ ‫ايديولوجية‬ ‫رقابة‬
‫مرفقة بالتطورات الطارئة عليها‪:‬‬
‫(‪.)NORDENSTRENG:1997,102‬‬
‫* بالنسبة لوسائل اإلعالم‪ ،‬ما كان يهم دراسته اساسا‬
‫‪ -‬وفي عام ‪ 1272‬عرض "ميرل" و"لونشتاين"‬
‫هو المحتوى الصحافي‪ /‬اإلخباري‪ ،‬على حساب محتويات‬
‫(‪ )MERILL & LOWENSTEIN: 1979, 164‬فلسفاتهما‬
‫اخرى مثل االفالم‪ ،‬اإلشهار‪ ،‬الترفيه‪ ...‬وهو ما ال ينطبق على‬
‫الخمس حول انظمة الصحافة‪" :‬سلطوية" مع تدخل حكومي‬
‫الواقع المعيش حاليا وخاصة فيما ُيبث من محتويات سمعية‬
‫سلبي‪" ،‬اجتماعية‪-‬وسطية" مع تدخل حكومي إيجابي‪،‬‬
‫بصرية وإلكـترونية‪.‬‬
‫"ليبرالية" من دون اي تدخل حكومي‪" ،‬اجتماعية‪-‬ليبرالية"‬
‫* بالرغم من وجود عالقة تبعية تاريخية بين الصحافة‬
‫مع حد ادنى من التدخل الحكومي‪ ،‬و"اجتماعية‪-‬سلطوية"‪.‬‬
‫والحياة السياسية‪ ،‬فقد نمت بقوة –نتيجة حرية الصحافة‬
‫‪ -‬اما االمريكي "هاشتن" (‪)HACHTEN : 1981‬‬
‫وتطور رغبات الجمهور‪-‬المحتويات اإلعالمية المتعلقة‬
‫(‪ ،)CLIFFORD et al. : 2009, 6‬فقد اقترح مراجعة‬
‫بالموضوعات االقتصادية والثقافية والدينية والرياضية‪...‬‬
‫تصنيف النظريات الكالسيكية االربع اختزاال وإثر ًاء‪ ،‬حيث‬
‫بجانب المحتويات السياسية التقليدية‪.‬‬

‫العدد ‪ 21‬ديسمرب ‪2217‬‬ ‫‪111‬‬ ‫جمةل العلوم الاجامتعية‬


‫فضيل دليو‬ ‫النظمة العالمية يف العامل‪ :‬من نظرايت الصحافة اىل ما بعد الامنذج العالمية‬

‫* المراقبة (‪)Watchdog‬‬ ‫ابقى على مفهومي الصحافة السلطوية والشيوعية وجمع بين‬
‫* إعالم الجمهور (‪)Public information‬‬ ‫متغيري الليبرالية والمسؤولية االجتماعية في مفهوم غربي‬
‫واحد مع إضافة نوعين جديدين‪ :‬الثوري (ومثاله جريدة‬
‫‪Mobilizing citizen‬‬ ‫* تعبئة مشاركة المواطنين (‬
‫الـ"برافدا السوفييتية" في مرحلتها االولى) والتنموي (في‬
‫‪.)participation‬‬
‫افريقيا خاصة)‪ ،‬لكنه َعدل عن خماسيته بعد تفكك االتحاد‬
‫)‬ ‫(‪R.: 2005،BLUM‬‬ ‫‪ -‬اما السويسري "بلوم"‬ ‫السوفييتي في إصدارين الحقين (‪ )0227 ،1220‬ليعتمد‬
‫(‪LAGOS: 2013, 5; CLIFFORD & al.: ،MELLADO‬‬ ‫تصنيفا رباعي المفاهيم‪ :‬سلطوي‪ ،‬غربي‪ ،‬ثوري وتنموي‪.‬‬
‫‪ )13‬فقد اقترح عام ‪ 0222‬ستة نماذج استلهمها من النماذج‬ ‫‪ -‬وفي عام ‪ 1233‬جعل كل من "سبارك وسبليتشل"‬
‫الثالثة لـ"هالن ومانشيني"‪ :‬النموذج "الليبرالي االطلسي‪-‬‬ ‫(‪ )SPARKS and SPLICHAL: 1988, 186‬هذا التصنيف‬
‫الهادي"‪ ،‬النموذج "الزبوني" الخاص بدول جنوب اوروبا‪،‬‬ ‫ثنائيا (تجاريا‪/‬ابويا)‪.‬‬
‫نموذج "الخدمة العمومية" الخاص بدول شمال اوروبا‪،‬‬ ‫‪-‬اما البريطاني "كران" (‪CURRAN, James :1221‬‬
‫النموذج "الصدامي" الخاص بدول اوروبا الشرقية‪ ،‬النموذج‬ ‫)‪ ،‬فقد قدم بديال جزئيا عن النظريات االربع االصلية تفرد فيه‬
‫"الوطني" العربي االسيوي والنموذج "القيادي" الخاص باسيا‬ ‫على الخصوص بنموذج "الديمقراطية الراديكالية" والتي هي‬
‫وبحر الكاريبي‪.‬‬ ‫شبيهة بالديمقراطية التشاركية لـ"ماك كوايل" او بما اشتهر‬
‫‪ -‬ونعود إلى ماك كوايل‪ ،‬الذي قلص تصنيفه‬ ‫الحقا عند البعض باسم "الديمقراطية االجتماعية" وعن‬
‫لنظريات الصحافة المعيارية الست سابقة الذكر‪ ،‬فجعلها‬ ‫البعض االخر باسم الديمقراطية االشتراكية‪ ...‬وهي تبرز الدور‬
‫اربعة نماذج في الطبعة االخيرة من كـتابه ( ‪McQUAIL:‬‬ ‫الموازي لوسائل اإلعالم في المجال العمومي وتبرر التدخل‬
‫‪:)CLIFFORD et al.: 2009, 11( )2005, 185-186‬‬ ‫العمومي في العمليات االتصالية (الملكية‪ ،‬السوق‪ )...‬لضمان‬
‫الليبرالية‪-‬التعددية (او نموذج السوق)‪ ،‬المسؤولية االجتماعية‬ ‫االستقالل الحقيقي لوسائل اإلعالم وتنوع االراء (‪DOBEK-‬‬
‫(او نموذج المصلحة العامة)‪ ،‬النموذج المهني (االحترافي)‪،‬‬ ‫‪.)Ostrowska:2010, 2-4‬‬
‫ونموذج اإلعالم البديل‪.‬‬ ‫‪ -‬يعتبر اقتراح "هالن ومانشيني" ( ‪HALLIN‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬تبقى النظريات المعيارية الكالسيكية ذات‬ ‫‪ )&MANCINI: 2004‬الخاص بالنماذج المثالية الثالثة‬
‫اهمية تاريخية قابلة لالستغالل حاليا كمحك لتقييم التطورات‬ ‫(الليبرالي‪ ،‬الديمقراطي التشاركي والتعددي االستقطابي)‬
‫الراهنة في الساحة اإلعالمية‪.‬‬ ‫للعالقة بين انظمة وسائل اإلعالم واالنظمة السياسية اهم‬
‫الشكل (‪ )1‬يوضح العالقة بين تصنيف النظريات‬ ‫محاولة تجديدية لنظريات الصحافة االربع من خالل القيام‬
‫االربع للصحافة وبعض التصنيفات الالحقة‬ ‫بدراسة وصفية امبريقية لواقع انظمة وسائل اإلعالم في‬
‫السلطوية‬ ‫الليبرالية المسؤولية الشيوعية‬ ‫‪1‬‬
‫االجتماعية السوفيتية‬ ‫الغرب‪ .‬ونظرا لمحوريته في جل الدراسات التي خصت االنظمة‬
‫االتصال التنموي‬ ‫الديمقراطية التشاركية‬ ‫‪2‬‬
‫اإلعالمية في العالم‪ ،‬فقد تم تفصيل الحديث عنه في مبحث‬
‫الديمقراطية‬ ‫السلطوية‬ ‫التجارية االبوية‬ ‫‪3‬‬
‫االبوية‬ ‫التجارية‬ ‫‪4‬‬ ‫الحق مستقل‪.‬‬
‫سلطوية‪ -‬سلطوية‬ ‫ليبرالية ليبرالية‪ -‬مركزية‪-‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪ -‬وفي تصنيف امريكي تلخيصي معاصر قدمه‬
‫اجتماعية‬ ‫اجتماعية اجتماعية‬
‫"اوفيرهولزر" و"هـ‪ .‬جاميسون" ( ‪Overholser& Hall‬‬
‫الماركسية‬ ‫الشيوعية‬ ‫الليبرالية الراديكالية‬ ‫‪9‬‬
‫النقدية لليبرالية‬ ‫الديمقراطية‬ ‫‪ )NORDENSTRENG: 2006( )Jamieson :2005‬نالحظ‬
‫‪ .1‬نظريات الصحافة لـ"سيبرت وزميليه" (‪)1226‬؛ ‪.0‬‬ ‫خمسة انواع‪ /‬وظائـف إعالمية‪:‬‬
‫النظريتان اإلضافيتان لـ"ماك كوايل" (‪)1237‬؛ ‪ .3‬االشكال‬ ‫* سوق االفكار (‪)Marketplace of ideas‬‬
‫التنظيمية لـ"ويليامس" (‪)1263‬؛ ‪ .4‬النظامان الرئيسان عند‬ ‫* ترتيب االولويات(‪)Agenda-setting‬‬

‫العدد ‪ 21‬ديسمرب ‪2217‬‬ ‫‪112‬‬ ‫جمةل العلوم الاجامتعية‬


‫فضيل دليو‬ ‫النظمة العالمية يف العامل‪ :‬من نظرايت الصحافة اىل ما بعد الامنذج العالمية‬

‫بنظام الديمقراطية الراديكالية‪.‬‬


‫"سبارك وسبليتشل" (‪)1233‬؛ ‪ .2‬فلسفات انظمة الصحافة‬
‫عند لونشتاين (‪)1272‬؛ ‪ .6‬تصنيف"كران" (‪ )1221‬المتميز‬
‫الشكل (‪ :)0‬االنظمة اإلعالمية وما يقابلها من قيم اتصالية عند ماك كوايل (‪)McQUAIL : 1992‬‬
‫"اعتماد اي منها يؤثر على العملية االتصالية برمتها"‬
‫السلطة(قمة‪-‬قاعدة)‬ ‫التضامن(قاعدة‪-‬قمة)‬ ‫العدالة‪/‬المساواة‬ ‫الحرية‬ ‫القيمة االساسية‬
‫نموذج الديمقراطية (االجتماعية) ارتباط وسائل اإلعالم بجماعات نظام شمولي‪/‬تسلطي‬ ‫نظام حرية السوق‬ ‫المحيط االجتماعي‬
‫اجتماعية فرعية‬
‫حرية اتصال غير مقيدة مواساة‪ ،‬وصول عادل إلى وسائل زيادة القواسم المشتركة‪ ،‬تشارك تحكم‪/‬امتثال‪/‬‬ ‫الهدف‬
‫مطابقة‬ ‫اإلعالم‪ ،‬تعبير عادل في وسائل االفاق‪ ،‬التزام إرادي‬
‫اإلعالم عن مختلف مكونات‬
‫المجتمع‬
‫تحكم خفيف‪ ،‬هيمنة تحكم ثقيل‪ :‬تدخل عمومي تحكم ثقيل‪ :‬ترتيبات الوصول تحكم شمولي‪ :‬نظام‬ ‫الية التحكم الرئيسة‬
‫لضمان العدالة في الوصول وفي وتمثيل إيجابي للمجموعات تحكم مركزي‬ ‫اليات السوق‬
‫المجتمعية الفرعية‬ ‫استعمال وسائل االتصال‬
‫سياسي‪،‬‬ ‫سوق إقصائي‪ ،‬حرية إدماج‪ ،‬ديمقراطية‪ ،‬حرية إيجابية اعتراف تعاطف مع منظورات بديلة إقصاء‬ ‫الفلسفة الكامنة‬
‫هيمنة‪ ،‬تجانس‬ ‫سلبية‬
‫االصوات "الموافقة"‬ ‫كل الجماعات الفرعية‬ ‫اي احد لديه الوسائل كل الجماعات االجتماعية‬ ‫المتواصلون‬
‫فقط‬ ‫للقيام بذلك‬
‫مصدر الشكلين بتصرف عن‪. Dobek-Ostrowska:2010, 2-3:‬‬
‫‪ -‬النموذج المتوسطي او التعددي االستقطابي‪ :‬تندمج‬ ‫ثالثا) النماذج الثلثة لعلقة وسائل االعلم‬
‫فيه وسائل اإلعالم في االحزاب السياسية مع تدخل قوي‬ ‫بالسياسة في العالم الغربي‬
‫للدولة‪ ،‬مما يجعل الصحافة‪ ،‬مثال‪ ،‬نخبوية وموجهة سياسيا‬ ‫في مطلع اال لفية الثالثة اقترح "هالن ومانشيني"‬
‫وذات نسبة توزيع منخفضة‪ .‬ومن الدول العاملة به‪ :‬اليونان‪،‬‬ ‫(‪ )HALLIN &MANCINI: 2004‬ثالثة نماذج مثالية‬
‫إيطاليا‪ ،‬البرتغال‪ ،‬اسبانيا وفرنسا (في حدود النموذج) ‪...‬‬ ‫للعالقة بين انظمة وسائل اإلعالم واالنظمة السياسية‪.‬‬
‫‪ -‬نموذج شمال ووسط اوروبا او النموذج التشاركي‬ ‫وقد تم تحديد هذه النماذج تبعا لمناطق جغرافية في‬
‫الديمقراطي‪ :‬يعتمد التعايش بين البعدين التجاري واالجتماعي‬ ‫كل من امريكا الشمالية واوروبا‪ .‬ولذلك يعتبر عملهما محاولة‬
‫مع محدودية تدخل الدولة‪ ،‬وهو يسود في وسط وشمال‬ ‫تجديدية لنظريات الصحافة االربع من خالل القيام بدراسة‬
‫اوروبا والدول االسكندنافية (النمسا‪ ،‬المانيا‪،‬بلجيكا‪،‬‬ ‫وصفية امبريقية لواقع انظمة وسائل اإلعالم في الغرب‪،‬‬
‫سويسرا‪ ،‬الدنمرك‪ ،‬فنلندا‪ ،‬السويد‪ ،‬هولندا‪ ،‬السويد)‪،‬‬ ‫مكنتهما من استعمال اربعة ابعاد قياسية لتحديد ثالثة نماذج‬
‫ويتميز بنسبة توزيع عالية للصحف الوطنية والحزبية‬ ‫إعالمية‪:‬‬
‫والتجارية‪ ،‬مع تمثيل معتبر للسياسيين والفاعلين‬ ‫‪ -‬االسواق الوطنية لوسائل اإلعالم (وخاصة المكـتوبة‬
‫االجتماعيين في نظام البث العمومي‪.‬‬ ‫منها)‪،‬‬
‫‪ -‬ونموذج شمال االطلسي او النموذج الليبرالي‪ :‬يعتمد‬ ‫‪ -‬مدى عكس انظمة وسائل اإلعالم لالنقسامات‬
‫على اليات السوق وهو مهيمن في بريطانيا و ايرلندا‪ ،‬وفي‬ ‫السياسية (التوازي السياسي)‪،‬‬
‫امريكا الشمالية (و‪ .‬م‪ .‬ا‪ .‬وكندا)‪ .‬ويتميز بنسبة توزيع متوسطة‬ ‫‪ -‬درجة تطور المهنة الصحافية (االحترافية)‪،‬‬
‫للصحف‪ ،‬وبتعددية ومهنية واضحتين في وسائل إعالم التي‬ ‫‪ -‬ودرجة وطبيعة تدخل الدولة في نظام وسائل‬
‫يغلب عليها الطابع التجاري البعيد عن الرقابة السياسية‪.‬‬ ‫اإلعالم‪.‬‬
‫وتبعا لهذه االبعاد المعيارية االربعة حدد الكاتبان‬
‫ثالثة نماذج إعالمية في العالم الغربي‪:‬‬

‫العدد ‪ 21‬ديسمرب ‪2217‬‬ ‫‪113‬‬ ‫جمةل العلوم الاجامتعية‬


‫فضيل دليو‬ ‫النظمة العالمية يف العامل‪ :‬من نظرايت الصحافة اىل ما بعد الامنذج العالمية‬

‫في الموضوع‪ ،‬مثل‪ ،‬السياقات االقتصادية او الثقافية‬ ‫‪-1.3‬بعضملمح محدودية النماذج الثلثة‬
‫(‪ )JACKUBOWICZ: 2010, 10‬او الدينية‪ .‬ومن جهتها‬ ‫اشار الكاتبان "هالن ومانشيني" نفسهما في إصدار‬
‫تحفظت الصينية (‪ )ZHAO : 2012,144‬حول ترتيب‬ ‫الحق (‪ )HALLIN & MANCINI: 2012, 278-304‬إلى‬
‫االبعاد المؤثرة في وسائل اإلعالم مشيرة إلى تفضيلها البدء‬ ‫حدود نماذجهما الثالثة‪ ،‬التي اعتبراها "مثالية"‪ ،‬وإلى تجنب‬
‫بمناقشة النظام السياسي‪ -‬اإلعالمي بالحديث عن الدولة وليس‬ ‫المبالغة في تثمين صالحيتها ودالالتها النها‪:‬‬
‫عن السوق‪ ،‬الموحي بنظرة راسمالية مركزية (باهمية ظهور‬ ‫‪-‬اوال وقبل كل شيء‪ ،‬تركز على الدولة القومية‪/‬‬
‫الراسمالية‪ ،‬تدعيمها وانتشارها في غرب اوروبا وخارجها)‪،‬‬ ‫الوطنية‪ ،‬وهذا المستوى من التحليل يسمح بمقاربة خاصة‬
‫مقابل من يفضل التركيز على الثورات االجتماعية المناهضة‬ ‫للعالقات اإلعالمية‪-‬السياسية ولكنه يغفل ظواهر اخرى ذات‬
‫للراسمالية واالمبريالية وعلى اهمية دور الدول الناتجة عنها‪،‬‬ ‫اهمية (مثل التطورات العابرة للحدود في االسواق اإلعالمية‬
‫فيبدا مناقشته ُببعد الدولة‪ ،‬والتي بالمناسبة كان لها دور مهم‬ ‫في اوروبا)‪.‬‬
‫في نشاة االنظمة اإلعالمية في الغرب ايضا ( ‪ZHAO :‬‬ ‫‪-‬ويتعلق سبب اخر بكون الحاالت الموجزة داخل كل‬
‫‪.)2012,150‬وخالفا لمالحظة "هالن ومانشيني" حول النفوذ‬ ‫نموذج تختلف اختالفا كبيرا (وخاصة داخل النموذج‬
‫المتزايد للنموذج الليبرالي في جميع انحاء العالم‪ ،‬فقد اثبتت‬ ‫الليبرالي)‪ .‬ونتيجة لذلك‪ ،‬تتضمن النماذج مجموعة واسعة‬
‫–حسب رايها‪ -‬قيادة الحزب الواحد في الصين انها فائـقة‬ ‫من الحاالت التي قد ُيطمس التمييز بينها‪ .‬وعالوة على ذلك‪،‬‬
‫المرونة والتكيف‪،‬مستشهدة بما اكده "برادي" ( ‪BRADY:‬‬ ‫فانظمة وسائل اإلعالم داخل الدولة الواحدة من التي شملتها‬
‫‪ )2008, 202‬حول كون نظامها السياسي الشيوعي احادي‬ ‫الدراسة قد ال تكون متجانسة (على سبيل المثال‪ ،‬االختالفات‬
‫الحزب اصبح امرا راسخا بقدر ترسخ االنظمة السياسية في‬ ‫الهيكلية بين نظام المطبوعات ونظام البث في المانيا)‪.‬‬
‫الدول الغربية‪ .‬وقد يعود ذلك إلى استعماله تقنيات دعائية‬ ‫‪ -‬وثمة نقطة اخرى هي ديناميكية نظم وسائل‬
‫جديدة تشمل العقالنية‪ ،‬اإلقناع‪ ،‬المدح والنقد البناء‪ ،‬اعتماد‬ ‫اإلعالم‪ ،‬والتي ال يمكن مقاربتها ككيانات ثابتة‪ .‬وبالتالي‪ ،‬فإن‬
‫المقارنات‪ ،‬تعزيز النقاش ومناشدة العواطف‪ ...‬متجاوزا النمط‬ ‫انظمة وسائل اإلعالم ستتطور دائما وستكون هناك دائما‬
‫الدعائي الماوي التبسيطي والحاد والذي اصبح محبطا لالمال‬ ‫تغيرات ناتجة عن عمليات تطورها‪ ،‬بحيث تصبح إعادة النظر‬
‫(‪.)BRADY: 2008, 71‬‬ ‫في خصائص النماذج المذكورة ضرورية مع مرور الوقت‪.‬‬
‫‪-2.3‬بعض محاوالت تطبيق وتكييف االطار‬ ‫‪ -‬وهناك تحفظ اخر يتمثل في االستبعاد التام لعامل‬
‫التحليلي للنماذج الثلثة في مجاالت جغرافية اخرى‬ ‫مؤثر يتمثل في التقنيات االنترنتية ووسائل اإلعالم الجديدة‬
‫بعد عرض بعض االنتقادات لهذه النماذج‪ ،‬تجدر‬ ‫التي تعتبر ذات اهمية مركزية لفهم تحوالت نظم وسائل‬
‫اإلشارة إلى بعض الدراسات التي حاولت تطبيق وتكييف هذا‬ ‫اإلعالم‪ ،‬فضال عن انماط االتصال بداخلها‪ ،‬بينها وخارجها‬
‫اإلطار في مجاالت جغرافية اخرى‪ ،‬مثل عمل "دوبك‬ ‫(‪ .)JACKUBOWICZ: 2010, 10‬باإلضافة إلى ذلك‪،‬‬
‫واخرون" (‪ )DOBEK-Ostrowska& al.: 2010‬الذي‬ ‫ينتقد "هاردي" (‪ )HARDY: 2008, 20‬إهمال جميع اشكال‬
‫تضمن دراسات حاولت تطبيق إطار "هالن ومانشيني" لنظم‬ ‫وسائل اإلعالم الترفيهية‪ ،‬مؤكدا ما سبقه إليه ماك كوايل‬
‫وسائل اإلعالم في اوروبا الوسطى والشرقية‪ .‬كما اشرف "هالن‬ ‫(‪ )CLIFFORD: 2009, 11( )0222‬من تحفظ حول‬
‫ومانشيني" على عمل جماعي يقارن بين انظمة وسائل اإلعالم‬ ‫نظريات الصحافة وكل متغيراتها الالحقة بسبب محدودية‬
‫غير الغربية (‪ )HALLIN &MANCINI: 2012‬وشمل‬ ‫تطبيقها على السينما‪ ،‬الصناعة الموسيقية والفيديوية‪ ،‬وحتى‬
‫دراسة حاالت انظمة وسائل إعالم عدة دول‪ :‬جنوب افريقيا‪،‬‬ ‫الرياضة والتلفزيون‪.‬‬
‫روسيا‪ ،‬البرازيل‪ ،‬الصين‪ ،‬العالم العربي‪ ،‬بولندا‪ ،‬دول‬ ‫‪ -‬وانتقد اخرون تركيز "هالن ومانشيني" على العالقات‬
‫البلطيق‪ ...‬بغية اقتراح بدائل ونماذج إضافية‪.‬‬ ‫اإلعالمية‪-‬السياسية‪ .‬الن هذا المنظور يتجاهل متغيرات مؤثرة‬

‫العدد ‪ 21‬ديسمرب ‪2217‬‬ ‫‪114‬‬ ‫جمةل العلوم الاجامتعية‬


‫فضيل دليو‬ ‫النظمة العالمية يف العامل‪ :‬من نظرايت الصحافة اىل ما بعد الامنذج العالمية‬

‫‪ -‬النظام االعلمي الصيني في سياق تاريخي عالمي‬ ‫وفيما يلي نبذة موجزة عن انظمة وسائل إعالم في‬
‫يالحظ على النموذج اإلعالمي الصيني –بخالف‬ ‫بعض هذه الدول‪:‬‬
‫الروسي‪-‬انه لم ينهار بل تكيف وصمد‪ ...‬مع استمرار الدور‬ ‫‪ -‬نموذج انظمة وسائل االعلم والسياسة في جنوب‬
‫المهيمن للدولة في وسائل اإلعالم‪ ،‬وذلك بالسيطرة‬ ‫افريقيا‬
‫االستراتيجية على نظامها وعلى توجههاااليديولوجي‪ ،‬مقابل‬ ‫‪HALLIN‬‬ ‫يرى "هادالند" (‪( )Adrian Hadland‬‬
‫التخلي عن احتكار اإلنتاج والتوزيع وخاصة في مجاالت‬ ‫‪ )&MANCINI: 2012, 96-118‬ان النماذج الثالث غير‬
‫الترفيه واالعمال التجارية (‪.)ZHAO: 2012, 153‬‬ ‫مناسبة لجنوب افريقيا بسبب إغفالها لعدة عناصر فاعلة‪،‬‬
‫و"عالوة على ذلك‪ ،‬فإن التحكم في تحرير المجال‬ ‫تتمثل اهمها في اللغة والعرق واإلثنيات والدين والمهاجرين‪،‬‬
‫اإلعالمي واستغالله باشكال معتبرة (الدفع نقدا‪ ،‬االبتزاز‪،‬‬ ‫كعناصر محددة للسوق ولدور الدولة‪ ،‬باإلضافة إلى تميزها‬
‫إغراءات مهنية‪ ،‬برامج تدريبية مؤدلجة‪ ،‬منح االعتماد‬ ‫بوجود نظام شبه ديمقراطي بحزب قوي‪/‬مهيمن في ديمقراطية‬
‫الصحافي لغير الصحافيين‪ )...‬جعل الدارسين يصفون في‬ ‫ناشئة‪ ،‬وتدخل مكـثف في وسائل اإلعالم‪ ،‬وانعدام صحافة‬
‫التسعينات تطور وسائل اإلعالم في الصين بانه "تسويق‬ ‫حزبية سياسية‪ ،‬مع زبونية إعالمية‪ ،‬رقابة ذاتية وضغوط‬
‫تجاري من دون استقاللية" (‪ )CHAN: 1993‬او "احترافية‬ ‫بدعوى اإلعالم التنموي‪ ،‬واحترافية بطيئة‪ ...‬كما ان التوجه‬
‫من دون ضمانات" (‪.)ZHAO: 2012, 162( ")YU: 1994‬‬ ‫نحو مزيد من الليبرالية يقاوم بشدة‪.‬‬
‫فقد نجد الكـثير من الصحافيين متاثرين بالمفاهيم‬
‫‪ -‬نموذج وسائل االعلم الروسية في سياق‬
‫االنجلوامريكية والمفاهيم المحلية في ان واحد‪ .‬وفي هذا‬
‫ديناميكية مرحلة ما بعد الفترة السوفيتية‬
‫السياق‪ ،‬تجمع بعض المواقع الرسمية بين مفاهيم‬
‫"المصداقية‪ ،‬الموضوعية‪ ،‬الحياد" ومفاهيم "التوجيه‪ ،‬الوعي‬ ‫(‪VARTANOVA: 2012, 140-‬‬ ‫ترى "فارتانوفا"‬
‫واالخالق"‪ .‬فهناك مناطق غموض وتداخل بين التقاليد‬ ‫‪ )141‬ان نظام وسائل اإلعالم الروسيمعقد ويتضمن عدة‬
‫الصحافية الحزبية الشيوعية وبين النمط التحرري الغربي‪.‬‬ ‫خصائص من نموذج "االستقطاب التعددي" وبعضها من‬
‫ولذلك‪ ،‬فإن "زهاو" (‪ )ZHAO: 2012, 168-171‬تؤكد ان‬ ‫النموذج الليبرالي‪ ...‬ويمكن وصفه بالنموذج "التجاري‬
‫الدولتي"‪ ،‬حيث تحولت الدولة الروسية‪ ،‬من خالل احتضان‬ ‫ْ‬
‫االنظمة المالية واالنظمة اإلعالمية تعمالن بمنطقين مختلفين‬
‫في الصين‪ ،‬وال زالتا تتعايشان لحد االن‪.‬‬ ‫نخب السياسة ورجال االعمال‪ ،‬إلى اهم قوة موجهة لسياسة‬
‫وسائل اإلعالم‪ .‬مما ادى إلى هيمنة إعالم جهوي‪ /‬محلي يخضع‬
‫‪ -‬النظام االعلمي العربي العابر للحدود‬
‫لتحالف سياسي اقتصادي غير رسمي ويتميز باإلثارة‪ ...‬واحيانا‬
‫من الشائع قبل مطلع اال لفية الثالثة تصنيف هذا‬ ‫بالصراع بين مصالح متعارضة العراق وديانات وثقافات‬
‫النظام ضمن نظرية اإلعالم التنموي خاصة‪،‬مع تجاوز بعض‬ ‫متعددة‪.‬‬
‫الخصوصيات المحلية والسياق العالمي‪ .‬لكن ذلك لم يعد‬ ‫باإلضافة إلى التعارض بين خطاب وسائل اإلعالم‬
‫مقنعا وخاصة بعد ظهور النماذجالثالثةلـ"هالن ومانشيني"‬ ‫والممارسات اليومية للجماهير الذي انتج انعدام ثقة‬
‫(‪ .)0224‬وفي هذا اإلطار‪ ،‬يرى (مروان م‪ .‬ك‪).‬‬ ‫المواطنين وخيبة املهم بصفة متنامية في سياسة وسائل‬
‫(‪ ) M. Kraidy: 2012, 177-200،MARWAN‬ان العالم‬ ‫اإلعالم‪ ،‬الحظت الكاتبة (ص‪ )140.‬وجود قوة هامشية‬
‫العربي ُيعد بمثابة إحدى مناطق العالم التي قد تعتبر فيها‬ ‫معارضة لتاثير الدولة في وسائل اإلعالم –صحافيين‬
‫اسبقية الدولة الوطنية كوحدة تحليلية اولية مضللة؛ مالحظا‬ ‫استقصائيين ومعارضين‪ ،‬ناشطين على االنترنت وجماهير‬
‫مع "هالن" بان "انظمة وسائل اإلعالم ال تتطابق بالضرورة‬ ‫نشطة‪-‬نشطت في تاسيس صحافة حرة‪ ،‬انترنت حرة وقيم‬
‫تماما مع حدود الدولة القومية‪ /‬الوطنية" ( ‪HALLIN: 2009,‬‬ ‫اخالقية في الوسائل الحديثة‪.‬‬

‫العدد ‪ 21‬ديسمرب ‪2217‬‬ ‫‪115‬‬ ‫جمةل العلوم الاجامتعية‬


‫فضيل دليو‬ ‫النظمة العالمية يف العامل‪ :‬من نظرايت الصحافة اىل ما بعد الامنذج العالمية‬

‫والدينية‪ .‬وهو في الوقت نفسه‪ ،‬شبه ليبرالي (استقطابي‬ ‫‪ ،)101‬والتي نتجت بالطبع عن اتفاقية "سايكس بيكو"‬
‫تعددي) النه يتميز بدور قوي للدولة بل بهيمنتها‪.‬‬ ‫واالحتالل االوروبي للعالم العربي‪-‬اإلسالمي‪.‬‬
‫‪ -‬النظام االعلمي في امريكا الجنوبية‬ ‫فوسائل اإلعالم العربية المعاصرة تتكون في سوق‬
‫إقليمية عربية متداخلة بشكل متفاوت‪ ،‬ومركبة فوق النظم‬
‫قام الجامعيان "ميادو" و"الغوس" (‪،MELLADO‬‬
‫الوطنية ومندمجة في سوق وسائل اإلعالم العالمية‪ ،‬وذلك‪،‬‬
‫‪ )LAGOS: 2013, 19-20‬بمحاولة دراسية لتحديد العوامل‬
‫على الرغم من انها في كـثير من النواحي متميزة عن كل منهما‬
‫السياسية واالقتصادية واالجتماعية والثقافية والتكنولوجية‬
‫(الوطنية والعالمية)‪.‬‬
‫التي تساهم في فهم وتحليل االنظمة اإلعالمية في‬
‫وبالطبع يعتبر هذا النظام متفاوتا داخليا‪ .‬حيث‬
‫الديمقراطيات الناشئة‪ ،‬وذلك من خالل تجربةإحدى دول‬
‫تختلف انظمتها السياسية واإلعالمية اختالفا كبيرا‪ :‬فالدول‬
‫امريكا الجنوبية (الشيلي) وتحديدا في فترة ما بعد‬ ‫ً‬
‫ومحافظة اجتماعيا من بلدان الهالل‬ ‫الخليجية اكـثر غنى ماليا‬
‫الديكـتاتورية (‪ .)0211-1222‬ولقد تم اختيار هذه الفترة التي‬
‫الخصيب (االردن‪ ،‬لبنان‪ ،‬فلسطين وسوريا) والمغرب العربي‬
‫تلت سقوط نظام اوغوستو بينوشيه العسكري (‪)1222-1273‬‬
‫(الجزائر‪ ،‬المغرب وتونس)‪ .‬كما تختلف داخل كل منطقة من‬
‫لتميزها بنموذج اجتماعي انتقالي‪ ،‬اثر في نوع الديمقراطية‪،‬‬
‫هذه المناطق االنظمة السياسية واإلعالمية‪ ،‬فالسعودية مثال‬
‫في مفاهيم المشاركة السياسية والثقافة السياسية‪ ،‬وبالتالي في‬
‫تختلف عن الكويتولبنان عن سوريا والجزائر عن تونس‪...‬‬
‫ممارسة الصحافة وتطور وسائل اإلعالم‪ .‬وبالطبع‪ ،‬قد يكون‬
‫(‪.)MARWAN: 2012, 178‬‬
‫لهذا االثر بعض التشابه مع الديمقراطيات االخرى الناشئة في‬
‫امريكا الالتينية وفي مناطق اخرى من العالم‪.‬‬ ‫ولقد اختلف الباحثون في تصنيف هذا النظام‪ :‬ففي‬
‫وفي ضوء االنتقادات الموجهة للطابع‬ ‫عام ‪ ،1272‬صنف "وليام روغ" (‪ )William Rugh‬الصحافة‬
‫االنجلوساكسوني واالورومركزي لتصنيف "هالن ومانشيني"‬ ‫العربية إلى ثالثة نماذج‪ :‬التعبئة‪ /‬التعبوية (الجزائر‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫(‪ )0224‬والتي وسمته بالعجز عن تعميم نماذجه على مجاالت‬ ‫سوريا‪ ،‬العراق‪)...‬؛ المواالة (االردن‪ ،‬السعودية‪ ،‬تونس‪،‬‬
‫خارج العالم الغربي‪ ،‬مثل امريكا الالتينية‪ ،‬اقترح الكاتبان‬ ‫فلسطين ‪)...‬؛ والتنوع (لبنان‪ ،‬الكويت والمغرب)‪ .‬وقد اعتمد‬
‫تسعة عوامل تستعمل في تحليل االنظمة اإلعالمية في جميع‬ ‫في ذلك على متغيرين رئيسين هما خصائص اإلعالم (االربع‪:‬‬
‫انحاء العالم (بعضها تم استعماله في المقاربات الغربية‬ ‫الملكية‪ ،‬التنوع‪ ،‬االتجاه نحو السلطة‪ ،‬واالسلوب واللهجة‪/‬‬
‫وبعضها االخر جديد)‪ .‬وقد تم تجميع هذه العوامل في ثالثة‬ ‫النبرة) والظروف السياسية (الثالثة‪ :‬طبيعة المجموعة‬
‫ابعاد كبيرة‪ :‬البعد السياسي (النظام السياسي‪ ،‬البنية‬ ‫الحاكمة‪ ،‬وجود نقاش عام‪ /‬علني‪ ،‬وجود معارضة سياسية) ‪...‬‬
‫السياسية الوطنية‪ ،‬مستوى التوازي السياسي‪ ،‬الثقافة‬ ‫وفي سنة ‪ ،0224‬اضاف "روغ" تصنيفا اخر لنموذج اإلعالم‬
‫السياسية‪ ،‬حرية التعبير)؛ البعد الثقافي (القيم الثقافية في‬ ‫العربي المكـتوب تحت اسم "االنتقالي" والذي نقل إليه مصر‪،‬‬
‫االردن‪ ،‬تونس والجزائر ( ‪WILLIAM A. Rugh: 2004,‬‬
‫المجتمعات)؛ والبعد اإلعالمي (تدخل الدولة في النظام‬
‫اإلعالمي‪ ،‬تطور سوق وسائل اإلعالم؛ واالستقاللية المهنية‬ ‫‪.)253‬‬
‫في المجال الصحفي‪ ،‬على المستوى الفردي وكذلك على‬ ‫وفي االخير‪ ،‬يمكن القول ‪-‬من منظور نموذج "هالين‬
‫المستوى البنيوي)‪ .‬وفي كل بعد من هذه االبعاد‪ ،‬اقترحا‬ ‫ومانشيني"‪ ،-‬ان النظام اإلعالمي العربي اإلقليمي يعتبر‬
‫استخدام مؤشرات محددة (ديمقراطيات ناشئة‪ ،‬المركزية‪،‬‬ ‫نموذجا هجينا من نموذج االستقطاب التعددي والنموذج‬
‫جهوية‪ ،‬إثنية‪ ،‬قيم مهنية‪ ،)...‬يمكن ان تكون مفيدة للتحليل‬ ‫الليبرالي‪ ،‬والذي يظهر فيه دور الدولة‪ ،‬التوازي السياسي‪،‬‬
‫المقارن لالنظمة اإلعالمية المختلفة لكونها اكـثر شموال‬ ‫السلعنة‪ ،‬المهنية في مظاهر‪ /‬اشكال متعددة وتعاريف‬
‫بإدماجها لواقع وسياقات البلدان التي ال تتالءم مع‬ ‫مختلفة‪ .‬فالنظام ليبرالي‪ ،‬النه يتميز بتسويق متزايد إلى درجة‬
‫النموذجالمرجعيالمهيمن لالنظمة اإلعالميةفي الغرب‪.‬‬ ‫تهدد فيها احيانا الحسابات التجارية االعتبارات السياسية‬

‫العدد ‪ 21‬ديسمرب ‪2217‬‬ ‫‪116‬‬ ‫جمةل العلوم الاجامتعية‬


‫فضيل دليو‬ ‫النظمة العالمية يف العامل‪ :‬من نظرايت الصحافة اىل ما بعد الامنذج العالمية‬

‫فكـتاباتهم عادة ما تعكس نظريات الصحافة االربع او‬ ‫خاتمة‬


‫ُمراجعتها شكليا‪،‬بدال من اعتماد بدائل اخالقية ومعيارية‬ ‫تشهد وسائل اإلعالم سلسلة من التغييرات التي تؤثر‬
‫كمنطلقات نظرية لالتصال العمومي‪ ،‬مع العلم انه من‬ ‫على نظريات الصحافة والنماذج المثالية المطورة لها بغية‬
‫البديهي ان المنظور اإلسالمي مثال‪ ،‬ال يمثل فقط مفاهيم‬ ‫تشخيص طبيعة االنظمة اإلعالمية في العالم‪:‬‬
‫اخالقيات اإلعالم(‪ )MOWLANA, H.: 1989‬بل نظريات‬ ‫‪ -‬وفرة اكـثر من وسائل اإلعالم ومن المحتويات‪.‬‬
‫معيارية من نوع متميز ايضا قوامه الترشيد والتوافق‬ ‫‪ -‬تقارب وتشابه اكبر بين وسائل اإلعالم‪.‬‬
‫والمصلحة العامة بعيدا عن الشخصنة الزعماتية المحلية‬ ‫‪ -‬تدويل اكبر (معايير عابرة للحدود الوطنية)‪ :‬لقد‬
‫والتقليد االعمى "الغيري"‪ .‬واالمر نفسه تقريبا قد ينطبق على‬ ‫اصبح من الصعب اكـثر فاكـثر‪ ،‬بل من غير المجدي‪ ،‬تطبيق‬
‫بعض الفلسفات االخالقية المحلية في افريقيا الجنوبية التي‬ ‫إطار معياري على وسيلة إعالم وطنية خارج سياقها الجغرافي‬
‫تركز على الروح الجماعية‪ ،‬وعلى بعض الحركات المعتبرة في‬ ‫والحضاري‪ ،‬بل والعالمي‪ .‬ولذلك دعا البعض‬
‫اسيا وامريكا الالتينية والتي تقاوم النماذج الغربية‪ .‬بل إننا‬ ‫(‪ ) S.:2005, 56،GUNARATNE‬إلى رؤية ذات مركزية‬
‫نجد كال من "ماسترتون" و"شياوجي" ( ; ‪Masterton: 1996‬‬ ‫إنسانية (‪ )HumanocentricTheory‬بدال من المركزية‬
‫‪ )Xiaoge: 2005‬يشيران مثال‪ ،‬إلى وجود ارضية للكالم عن‬ ‫الغربية‪.‬‬
‫"قيم اسيوية في الصحافة" ( ‪CLIFFORD& al.: 2009,‬‬
‫‪ -‬انتشار متزايد للتكـتالت‪ :‬العمودية (لمراحل وعوامل‬
‫‪ .)13‬واظن ان معظم هذه البدائل المحتملة تحوم حول‬ ‫اإلنتاج) واالفقية (بين وسائل اإلعالم المختلفة)‪ ،‬االمر الذي‬
‫إمكانية الجمع بين الحرية والمسؤولية وبدافع روحي قوي‬ ‫يثير المخاوف من فقدان استقاللية القرار‪ ،‬اإلبداع والتنوع‬
‫(إسالمي‪ ،‬كونفوشيوسي‪ ،‬مسيحي‪-‬التيني‪.)...‬‬ ‫الثقافي‪.‬‬
‫‪ -‬فقدان اإلجماع العام حول الوظيفة العمومية‬
‫لوسائل اإلعالم‪.‬‬
‫‪ -‬يعتبر البعد اإللكـتروني المعاصر لوسائل اإلعالم قمة‬
‫هذه التغيرات التي ستنمط نظريات مفسرة لالنظمة اإلعالمية‪.‬‬
‫وهو ما اشار إليه باحتشام "ماك كوايل" (‪ )0222‬في تصنيفه‬
‫الخماسي سابق الذكر باسم "اإلعالم البديل"‪.‬‬
‫كما تجدر اإلشارة في االخير إلى ان هذه المنظورات‬
‫الغربية ُالم ْنمذجة لالنظمة اإلعالمية تتجاهل متغيرات مؤثرة‬
‫في الموضوع‪ ،‬مثل‪ ،‬السياقات االقتصادية او الثقافية‬
‫(‪ )JACKUBOWICZ: 2010, 10‬او الدينية‪ .‬مما جعل‬
‫بعض الكـتاب في الغرب نفسه –بخالف بعض ْ‬
‫المغفلين‬
‫للمحددات الزماكانية في محيطنا الحضاري السباب نفسية‬
‫استتباعية‪ُ -‬يقرون بجدوى اعتماد المقاربات غير الغربية في‬
‫تشخيص ونمذجة االنظمة اإلعالمية باالعتماد على التقاليد‬
‫الثقافية والمعتقدات المحلية‪ ،‬مع لومهم اكاديمي افريقيا‪،‬‬
‫اسيا وامريكا الالتينية على التبعية وعدم اإلبداع في هذا‬
‫المجال باالعتماد على مثل هذه الخصوصيات الغنية‬
‫(‪.)CLIFFORD& al.: 2009, 13‬‬

‫العدد ‪ 21‬ديسمرب ‪2217‬‬ ‫‪117‬‬ ‫جمةل العلوم الاجامتعية‬


‫فضيل دليو‬ ‫ من نظرايت الصحافة اىل ما بعد الامنذج العالمية‬:‫النظمة العالمية يف العامل‬

‫المراجع‬
.1662 ،‫ تونس‬،‫ منظمة اال لسكو‬،‫ وسائل االتصال واثرها في المجتمع العربي المعاصر‬:‫ عبد الرحمن عزي‬-
- BRADY, A-M. : Marketing Dictatorship: Propaganda and Thought Work in Contemporary China, Rowman&
Littlefield Publishers, Maryland (UK). 2008.
- CLIFFORD G. Christians,Theodore Glasser,Denis McQuail,KaarleNordenstreng,Robert A. White : Normative
Theories of the Media: Journalism in Democratic Societies, University of Illinois Press. 2009.
- CURRAN, J.: “Rethinking the media as a public sphere” in P. Dahlgren & C Sparks (eds)- Communication &
citizenship (London Routledge) 1991.
- CURRAN, J., Iyengar, S., Lund, A. B., &Salovaara-Moring, I. (2009): Media System, Public Knowledge and
Democracy: A Comparative Study. European Journal of Communication, 24(5), 5-26.
- DEMERS, François: Teorías normativas de la prensa y tipos ideales para interpretar los discursos sobre el
periodismo, Rev. Comunicación y sociedad N°22 (jul-dic 2014), pp. 59-84. Disponible en:
www.comunicacionysociedad.cucsh.udg.mx/ sites/default/files/a3_16pdf .
- DOBEK-Ostrowska, Bogusława: Comparative Media Systems: European and Global Perspectives,
Budapest/ New York, Central EuropeanUniversityPress, 2010.
- GUNARATNE, Shelton A.: The Dao of the Press: A Humanocentric Theory, Hampton Press. US. 2005.
- HALLIN, Daniel C.& MANCINI, Paolo:Comparing Media Systems: Three Models of Media and Politics.Cambridge
University Press. USA. 2004.
- HALLIN, Daniel C.& MANCINI, Paolo: Conclusion. In D. C. Hallin& P. Mancini (Eds.), Comparing Media
Systems Beyond the Western World (pp. 278–304). Cambridge: Cambridge University Press. USA. 2012.
- MARWAN M. Kraidy: The Raise of Transnational Media Systems: Implications of Pan-Arab Media for Comparative
Research. Pp.177-200. In HALLIN & Mancini (Eds.), Comparing Media Systems Beyond the Western World. Cambridge:
Cambridge University Press. USA. 2012.
- McQUAIL, Denis: Mass Communication Theory. An introduction, London, Sage Pub., 1983, 1984, 1994.. 2005..
- MELLADO, Claudia : Redefining comparative analyses of media systems from the perspective of new democracies,
Communication & society, vol.26(4), 1-24/2013. In https://www.unav.es/fcom/communication-
society/es/articulo.php?art_id=467.
- MOWLANA, Hamid: Communication and cultural settings: An Islamic perspective. Bulletin of the Institute for
Communications Research, Keio University, 33, 1-21. 1989.
- NERONE, John C.: Last Rights: Revisiting Four Theories of the Press. University of Illinois Press, 1995.
- NISBET, E.C. & MOEHLER, D. C. (September, 2005) : Political communication systems in Sub-Saharan Africa:
developing integrated models of politics, media, & society. Paper accepted to the Political Communication Division at the 2005
annual meeting of the American Political Science Association, Washington, D.C.
- NORDENSTRENG, K. : Beyond the four theories of the press. In J. Servaes& R. Lee (eds.), Media & Politics in
Transition: Cultural Identity in the Age of Globalization , Leuven: Acco, 1997, 97-109.
- NORDENSTRENG, K. : Media & Society : In search of models. In Y.N. Zassoursky& O.M. Zdravomyslova (eds.),
Glasnost i zhurnalistika 1985-2005 [Glasnost and Journalism 1985-2005] Moscow: Gorbachev Foundation & Faculty of
Journalism, Moscow State University, 2006, 168-177. www.uta.fi/cmt/en/contact/staff/
kaarlenordenstreng/publications/media...
- SIEBERT, PETERSON & SCHRAMM: Four Theories of the Press, Urbana: University of Illinois Press, 1956.
- SPARKS C. and SPLICHA S.: « Journalistic education and professional socialisation », 16th conference,
International Association for Mass Communication Research, Barcelona, 25 July 1988.
- VARTANOVA, Elena: The Russian Media Model in the Context of Post-Soviet Dynamics pp.119-142. In Hallin&
Mancini : Comparing Media systems beyond the Western World, Cambridge. Cambridge University Press. USA. 2012.
- WILLIAMS, Raymond : Communications,Hardmondsworth, Penguin Books, Londres, 1962.
- WILLIAMS A. RUGH (2004): Arab Mass Media: Newspapers, Radio, and Television in Arab Politics, London,
Greenwood Publishing Group, USA.
- ZHAO, Yuezhi: Communication in China: Political Economy, Power and Conflict (State and Society in East Asia),
Lanham, Maryland: Rowman& Littlefield, 2008, 384 pp., (paperback). Reviewed by Wanning Sun University of Technology,

2217 ‫ ديسمرب‬21 ‫العدد‬ 118 ‫جمةل العلوم الاجامتعية‬


‫فضيل دليو‬ ‫النظمة العالمية يف العامل‪ :‬من نظرايت الصحافة اىل ما بعد الامنذج العالمية‬

‫‪Sydney In: International Journal of Communication 2 (2008), Book Review 959-963 1932-8036/2008BKR0959 Copyright © 2008‬‬
‫‪(Wanning Sun, w.sun@exchange.curtin.edu.au).‬‬
‫& ‪- ZHAO, Yuezhi: “Understanding China’s Media System in a World Historical Context” pp. 143-176. In HALLIN‬‬
‫‪Mancini (Eds.), Comparing Media Systems Beyond the Western World (pp. 278–304). Cambridge: Cambridge University‬‬
‫‪Press. USA. 2012.‬‬
‫الهوامش‬
‫‪ .1‬الذي يستدعي الدراسة الصارمة واختبار الفرضيات في ظروف محددة‪ ...‬فالنظرية السلطوية مثال ليست في الحقيقة نظرية بل‬
‫مجموعة من الممارسات "السلطوية" وكذلك نظرية المسؤولية االجتماعية النها تشير إلى مجموعة من المبادئ المهنية‪ ،‬اما النظرية السوفيتية‬
‫فقد بنيت لخدمة اجهزة دولة او حزب‪.)NERONE: 1995, 19( ...‬‬

‫العدد ‪ 21‬ديسمرب ‪2217‬‬ ‫‪119‬‬ ‫جمةل العلوم الاجامتعية‬

You might also like