You are on page 1of 736

‫الــعـــــــدد ‪ ۩ 57‬غـشـت ۩ ‪2023‬م‬

‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫‪Researcher's journal‬‬
‫‪of Legal and Judicial Researches and Studies‬‬

‫–‬ ‫–‬

‫رئيس التحرير – الأستاذ جعفر القاسمي‬


‫المساواة وعدم التمييز بين الجنسين ‪ :‬الماهية والمفهوم‪ ................................................................................................‬الدكتورة زاهية شكري‬ ‫‪‬‬
‫التهر ب الضريبي بالمغرب‪ ..............................................................................................................................................‬الدكتور عبيد عبد الدائم‬ ‫‪‬‬
‫القاسمي‬ ‫جعفر‬
‫اكرام القبابي‬ ‫تاذ و ذة‬ ‫البخاري– الأس‬
‫الانتظامي‬ ‫التحرير‬ ‫رئيسمحمد‬ ‫طرق ابرام وتنفيذ الصفقات العمومية والمنازعات الناشئة‪........................‬الدكتور محمد الزاهي و د‬ ‫‪‬‬
‫الاعتبارات البيئية في مرحلة منح رخصة البناء‪ .................................................................................................................‬الدكتور رضوان سفراوي‬ ‫‪‬‬
‫الجدل الفقهي حول التدخل الجنائي في الشركات التجارية وموقف المشرع الموريتاني‪ ...................‬الدكتور الشيخ سيداتي أحمدو أحمد مولود‬ ‫‪‬‬
‫حقوق الإنسان بين النظرية والمذهبية‪ ...........................................................................................................................‬الدكتور أشخلف عبد الله‬ ‫‪‬‬
‫المصادر التمويلية ذات الطبيعة الغير جبائية للجماعات الترابية ودورها في التنمية‪ ..............................................................‬الدكتور عزيز الذهبي‬ ‫‪‬‬
‫النوافذ الاسلامية المصرفية –مفهومها واحكامها‪ .....................................................................................‬الدكتور مصطفى ناطق صالح مطلوب‬ ‫‪‬‬
‫مسؤولية الدولة عن مكافحة تمويل الجماعات الإرهابية ‪ -‬دراسة مقارنة‪ ..............................................................................‬الدكتورة وفاء رزوق‬ ‫‪‬‬
‫الإجراءات المسطرية لممارسة حق الشفعة‪ ..................................................................................................................‬الدكتورة فدوى بوزكري‬ ‫‪‬‬
‫البيداغوجيا الإبداعية ‪ :‬بين التفاعل والإبداع‪ ................................................................................................................‬الدكتور عبد الرزاق خالدي‬ ‫‪‬‬
‫تأثير المراقبة الإلكترونية على وضعية حقوق الإنسان‪ ...................................................................................‬الأستاذ عبد الله محمد خاتم الكعبي‬ ‫‪‬‬
‫دور التجارة الإلكترونية في تطور اقتصاد المملكة العربية السعودية‪ .........................................................................‬الأستاذ محمد أحمد النعيري‬ ‫‪‬‬
‫فرص التعليم عن بعد في ظل جائحة كورونا‪ .........................................................................................................‬الأستاذ خويتم سعيد الراشدي‬ ‫‪‬‬
‫الشباب الموريتاني والمشاركة السياسية‪ :‬التمثلات وأسباب العزوف‪ ............................................................................‬الأستاذ محمد مولود ابنين‬ ‫‪‬‬
‫الانتقال العلماني وآثاره الاجتماعية‪ ..................................................................................................................................‬الأستاذ ياقين العنابي‬ ‫‪‬‬
‫دعوى المسؤولية الممكن رفعها ضد المحافظ على الأملاك العقارية‪ ..................................................................................‬الأستاذ سعد بنكروم‬ ‫‪‬‬
‫دستور ‪ 2011‬وسؤال توسيع مجال الحقوق والحريات‪ ........................................................................................................‬الأستاذ رشيد لمقدم‬ ‫‪‬‬
‫إشكالية تنفيذ الأحكام القضائية ضد الإدارة‪ ...........................................................................................................‬الأستاذ عبد المجيد الوغليظي‬ ‫‪‬‬
‫قراءة في تطور أشكال العقاب داخل المجتمعات البشرية‪ ...............................................................................................‬الأستاذ هشام الصافي‬ ‫‪‬‬
‫مفهوم النظام العام الرقمي‪ ........................................................................................................................................‬الأستاذ حسن أبوالقاسم‬ ‫‪‬‬
‫القسمة العقاري ‪-‬نزع الملكية وقسمة الأموال المشتركة بين الزوجين‪ .................................................................................‬الأستاذ الحبيب زيات‬ ‫‪‬‬
‫الحكامة الإدارية بالمغرب ‪ -‬من أين إلى أين ؟‪ .....................................................................................................................‬الأستاذ نبيل كبيري‬ ‫‪‬‬
‫قراءة في الإشكالات العملية المرتبطة بالمهن القانونية والقضائية‪ .......................................................................................‬الأستاذ كريم لحمين‬ ‫‪‬‬
‫اختصاص المحكمة الدستورية في الطعون الانتخابية التشريعية‪ ..............................................................................‬الأستاذ نور الدين أبو عبد الله‬ ‫‪‬‬
‫دور التقاضي بسوء نية في هدر الز من القضائي‪ ..............................................................................................................‬الأستاذ معاد أهرواي‬ ‫‪‬‬
‫مسار التطور العلاقات الموريتانية الجزائرية‪ ...........................................................................................................‬الأستاذ الشيخ الطاهر ولد أبي‬ ‫‪‬‬
‫الاقتصاد الرقمي ودوره في تحقيق التنمية‪ ..................................................................................................‬الأستاذ عبد العزيز مبارك الراشدي‬ ‫‪‬‬
‫المجتمع المدني وبلورة السياسات الترابية‪ ...........................................................................................................................‬الأستاذ هشام شطو‬ ‫‪‬‬

‫‪‬‬ ‫‪La gestion de la trésorerie et le système Cash Pooling .........................................................Docteur AKHAYAD Loubna‬‬
‫‪‬‬ ‫‪Bref regard sur le droit des sociétés commerciales Syrien ........................................... Docteur Mohamed Saer Rahal‬‬
‫‪‬‬ ‫‪L'interception entre l'intelligence Artificielle et le régime juridique des affaires….…….........…...Abouhafs Abdelhafid‬‬
‫‪‬‬ ‫‪Regard critique sur la constitutionnalisation de la régionalisation avancée au Maroc ...............MEZGHERI MOHAMED‬‬
‫‪‬‬ ‫‪L’industrie déterminant de l’avantage concurrentiel national….........….....Mme. ALLALI Aicha - Mme. NASSRI Rania‬‬
‫‪‬‬ ‫‪Le droit à l’oubli numérique………………………………………………………….....……………………..BENCHEKH Salama‬‬
‫‪‬‬ ‫‪L’organisation territoriale des fonctions de la santé au Maroc .................................................. Docteur ABBASSI Inan‬‬

‫ر دمد ‪ISSN: 2550 – 603X‬‬


‫جميع حقوق النشر محفوظة لسنة ‪ 2023‬م ®‬
‫‪P1‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬
‫‪-‬‬ ‫‪@ mail.‬‬
‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫ن أُوتُوا اْلعِلْمَ‬
‫َالذِي َ‬
‫كمْ و َ‬ ‫(يَ ْرفَعِ اللَ ُه الَذِي َ‬
‫ن آ َمنُوا مِن ُ‬
‫خبِيرٌ)‬
‫َاللهُ بِمَا َتعْمَلُونَ َ‬
‫درَجَاتٍ و َ‬
‫َ‬
‫صدق الله العظيم‬

‫اآلية الحادية عرش (‪ )11‬من سورة المجادلة‬

‫‪P2‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫مجلة الباحث‬
‫للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية‬

‫مسؤولا المجلة‪:‬‬

‫محامي بهيئة المحامين بالرباط‬ ‫عضو المجلس الوطني لنادي قضاة المغرب‬
‫اللجنة العلمية‪:‬‬
‫الأعضاء من داخل المملكة المغربية‪:‬‬

‫‪P3‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫‪.104‬‬

‫‪.120‬‬

‫الأعضاء من باقي الأقطار العربية‪:‬‬

‫‪P4‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫لجنة التنقيح والمراجعة اللغوية والنشر‪:‬‬

‫اعتمادات مجلة الباحث للدراسات القانونية‪:‬‬

‫‪ISSN‬‬

‫‪Arcif‬‬

‫‪isi indexing‬‬ ‫‪SCRIP‬‬

‫‪P5‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫مجلة الباحث‬
‫للدراسات والأبحاث القانونية والقضائية‬
‫‪www.allbahit.com‬‬

‫تبقى كل الأراء والمواقف الواردة بالمقالات المنشورة بالمجلة ملزمة لأصحابها ولا تلزم المجلة وطاقمها‬

‫‪majalatlbahit2017@gmail.com‬‬ ‫‪word‬‬

‫‪212 771374747‬‬ ‫‪wathssap‬‬

‫‪.22‬‬

‫‪P6‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫فهرسة العدد‪:‬‬

‫‪31‬‬

‫‪13‬‬

‫‪44‬‬

‫‪13‬‬

‫‪79‬‬

‫‪331‬‬

‫‪311‬‬

‫‪353‬‬ ‫–‬

‫‪395‬‬

‫‪P7‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫‪311‬‬

‫‪311‬‬

‫‪331‬‬

‫‪313‬‬

‫‪359‬‬

‫‪315‬‬

‫‪313‬‬

‫‪379‬‬

‫‪133‬‬ ‫‪1122‬‬

‫‪111‬‬

‫‪153‬‬

‫‪P2‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫‪115‬‬

‫‪113‬‬

‫‪171‬‬

‫‪411‬‬

‫‪434‬‬

‫‪411‬‬

‫‪441‬‬

‫‪451‬‬

‫‪411‬‬

‫‪411‬‬

‫‪P7‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬
‫‪517‬‬

‫‪511‬‬

‫‪133‬‬

‫‪149‬‬

‫‪115‬‬

‫‪111‬‬

‫‪P 10‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫افتتاحية العدد‪ ،‬يقدمها‪ :‬ذ محمد القاسمي‬


‫بسم لله الكريم‪ ،‬وبه نستعين‪ ،‬وبفضله‬
‫نمضي ونغدوا في طريقنا حتى نبلغ مقام اليقين‪،‬‬
‫والصلاة والسلام على أشرف المرسلين‪ ،‬نهر الهدى‬
‫وبحر الندى وعلى آله وصحبه أجمعين‪ ،‬رب اشرح‬
‫لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني‬
‫يفقهوا قولي‪...‬أما بعد‪ :‬تتمة للمسار الذي بدأناه‬
‫مند سنوات خلت في مجال النشر العلمي والبحث‬
‫الأكاديمي‪ ،‬فإنه لمن دواعي السرور أن نقص‬
‫شريط عدد جديد من أعداد مجلتنا‪ ،‬ويتعلق الأمر بالعدد ‪ 75‬غشت ‪ ،0202‬هذا‬
‫الأخير جاء بعد اصدار ثلة من الأعداد المتنوعة من المجلة‪ ،‬بين تلك المتعلقة‬
‫بالقانون الخاص أو تلك المتعلقة بالقانون العام‪ ،‬بالإضافة إلى إصدار ستة أعداد‬
‫متعلقة بجائحة كورونا وحالة الطوارئ الصحية التي مازال العالم يتجرع‬
‫ويلاتهما‪ ،‬راجين من الله العلي القدير أن يعجل برفعهما‪ ،‬آمين‪...‬‬
‫فالعدد السابع والخمسون (‪ )75‬من هذا الصرح غني بمقالات وأبحاث في‬
‫مجال القانون والعدالة‪ ،‬ألفها أساتذة التعليم العالي ودكاترة وممارسين‬
‫وباحثين في أسلاك الدكتوراه من المغرب وبعض الدول العربية الشقيقة‪،‬‬
‫ستشكل بلا شك أو أدنى ريب إضافة للخزانة القانونية الرقمية‪ ،‬ومادة علمية‬
‫يعتمدها الفقيه والمتخصص والباحث وكل مهتم بالتأليف في الشأن القانوني‬
‫والقضائي المغربي والمقارن سواء في القانون العام أو الخاص على حد سواء‪...‬‬
‫فالشكر الجزيل لكل من ساهم من قريب أو بعيد في تأليف وصياغة بنيان‬
‫هذا العدد‪ ،‬والشكر الجزيل للجنة العلمية وللجنة التنقيح والمراجعة اللغوية‬
‫والنشر‪ ،‬وفي انتظار اصدار العدد ‪ 75‬شتنبر ‪ ،0202‬تفضلوا بقبول أسمى‬
‫عبارات التقدير والاحترام؛ والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته…‬
‫حرر بالمملكة المغربية في ‪0202/25/20‬‬

‫‪P 11‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫‪P 12‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫المساواة وعدم التمييز بين الجنسين ‪:‬‬


‫الماهية والمفهوم‬
‫‪Gender equality and non-discrimination : what it is and the concept‬‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫مند مؤتمر بينجين المنعقد سنة ‪ 5791‬بزغ في حقل التشريع مفهوم المساواة بين‬
‫الجنسين‪ .‬هذا المتغير أدى بالفاعلين في املجال إلى تنبيه املجتمع إلى أن هناك فئة عريضة تم‬
‫تجاهلها أوتناسيها‪ ،‬فانبرت جهات حقوقية للدفاع عن قضايا المرأة‪ ،‬وعلى حث الجهات المعنية‬
‫على ضرورة التفكيرفي تشريع يخدم طرفي املجتمع دون استثناء وال تمييز‪ .1‬وما أن حلت نهاية هذا‬
‫القرن حتى كانت تلك الحقوق قد حظيت باالعتراف‪.2‬وهكذا شغلت مسألة المساواة الضمير‬
‫اإلنساني بشكل كبير‪ ،3‬فأكد املجتمع الدولي في العديد من المواثيق واإلعالنات والعهود الدولية‬
‫على موضوع التمييزوالحد منه ‪ ،‬وضرورة احترام دول العالم لمبدأ المساواة بين الذكورواإلناث‬
‫في التمتع بحقوق اإلنسان األساسية‪ . 4‬وقد رفعت الدول تحدي حلحلة القضايا النسائية منذ‬
‫مطلع القرن العشرين‪ ،‬فاتخذت في سبيل تحقيق بغيتها تدابيروإجراءات تباينت بتباين توجهات‬
‫و أيدولوجية املجتمعات‪ .‬فأخذت هيئة األمم المتحدة‪ 5‬على عاتقها توحيد الرؤى والخيارات‬

‫‪ -1‬الحسين الروحي ‪ « ،‬مأسسة النوع االجتماعي بين تغيير النص القانوني باسم المساواة والتشبت باإلرث التقليدي» ‪ ،‬جامعة محمد‬
‫الخامس ‪ ،‬الرباط ‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ‪ ،‬سال‪ .‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬مقالة‪ ،‬عدد مزدوج‬
‫‪ ، 130-127‬يوليوز‪ -‬أكتوبر ‪ : 2016‬ص‪.157‬‬
‫‪ -2‬البرنامج الدولي للدورات التدريبية في مجال حقوق اإلنسان والمنتدى األسيوي لحقوق اإلنسان والتنمية‪ « ،‬دائرة الحقوق» دليل‬
‫تدريبي لدعاة الحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية‪ ،‬جامعة بيروت العربية‪ ،‬سنة ‪ :0222‬ص‪.38‬‬
‫‪ -3‬امبارك بوطلحة‪ « ،‬حق المرأة في المساواة بين مدونة األسرة والتزامات المغرب الدولية»‪ ،‬أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في‬
‫القانون الخاص‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية سال‪ ،‬الموسم الجامعي ‪ :2020-2017‬ص ‪.276‬‬
‫‪ -4‬غازي عايد الغثيان الساليطة‪ « ،‬الحماية القانونية للمرأة ضد التمييز في مجال العمل ” دراسة في االتفاقيات الدولية والقوانين‬
‫الوطنية‟» ‪ ،‬مقدم إلى المؤتمر الدولي المنظم بكلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية السويسي – جامعة محمد الخامس –‬
‫المملكة المغربية‪ -‬يومي ‪ 30‬و‪ 31‬مارس ‪ 2017‬تحت عنوان‪ ” :‬الشغل التشغيل والمقاولة النسائية ‪ :‬تشغيل المرأة بين الواقع والقانون‬
‫أية أفاق‟‪ :‬ص ‪.2‬‬
‫‪ -5‬حسب قول أحد أعضاء اللجنة الثالثة التابعة لألمم المتحدة ” إنشاء األمم المتحدة قد تم أساسا لمكافحة التمييز في العالم‟ (محمد‬
‫يوسف علوان ‪ «،‬مبدأ المساواة وعدم التمييز ‪ :‬دراسة في القانونين الدولي واألردني»‪ :‬ص ‪. )5‬‬

‫‪P 13‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫الفكرية بوضع عدة تشريعية دولية لردم هوة وضعية الالمساواة بين الرجل والمرأة ‪ ، 6‬ولهذا فال‬
‫عجب أن يحتل الحق في المساواة وعدم التمييز مكان الصدارة في معظم الدساتير وإعالنات‬
‫الحقوق الوطنية‪ ،‬وفي مقدمتها إعالن حقوق اإلنسان والمواطن في فرنسا في عام ‪ ، 5977‬وأن‬
‫يتصدر االتفاقيات الدولية لحقوق اإلنسان العالمية منها أو اإلقليمية‪ . 7‬فالمساواة لم تكن‬
‫وليدة العصور الحديثة‪ ،‬بل تضرب بجذورها في أعماق التاريخ البشري‪ ،‬فقد تطور هذا المبدأ‬
‫مع تطورالبشرية‪ ،‬وتنوع بتنوعه‪ ،‬و اتخذ عدة مظاهرله‪ ،‬واختلف الفقهاء والمفكرون في مدلوله‬
‫باختالف مدارسهم ومشاربهم و اتجاهاتهم‪ . 8‬هذا المدلول دفعنا إلى تقسيم موضوع المقالة إلى‬
‫مبحثين‪ :‬المبحث األول عنون ب‪:‬اإلطار القانوني لمبدأ المساواة ‪ ،‬والمبحث الثاني عنون ب‪:‬‬
‫مفهوم التمييزوأشكاله‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬اإلطارالقانوني لمبدأ المساواة‬

‫ركزت حركة حقوق اإلنسان المهتمة بقضايا المرأة على توسيع التعريفات الحالية‬
‫للحقوق بما يغطي المزيد من االنتهاكات المرتكبة ضد المرأة بصفة خاصة‪ .9‬وبالتحديد في‬
‫غضون العقود األخيرة الماضية‪ .‬وقد تطورت التشريعات المعنية بالمساواة في بعض األنظمة‬
‫القانونية الوطنية و أيضا اإلقليمية‪ .‬إذ تحتوي تلك التشريعات على ًالمفاهيم والتعريفات‪ ،‬و‬
‫كذا الفقه القانوني‪ ،‬مما نتج عنه أخذ الحماية ضد التمييز والحصول على المساواة إلى‬
‫مستويات أعلى‪ . 10‬تصديرا لذلك ووصوال إلى ترسيخ معنى المساواة بصفة عامة كي نصل إلى‬
‫تحديد معنى ومقصود المساواة بين الجنسين‪ ،‬حتى يمكن العمل على التعامل معها بشكل‬
‫سليم‪.‬‬

‫سوف نبدأ بتمهيد نوضح فيه بإيجازمعنى المساواة لغة واصطالحا ( المطلب األول)‬
‫‪،‬ثم نلي ذلك بتأصيل للمساواة على مستوى الفقه والتشريع ( المطلب الثاني ) على أن نختم‬

‫‪ -6‬الحسين الروحي‪ :‬مأسسة النوع االجتماعي ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 165‬‬


‫‪ -7‬محمد يوسف علوان‪ :‬مبدأ المساواة وعدم التمييز‪ ،‬مرجع سابق‪ :‬ص ‪.2‬‬
‫‪-8‬عمار مساعدي‪ «،‬مبدأ المساواة وحماية حقوق اإلنسان في أحكام القرآن ومواد اإلعالن»‪ ،‬دراسة تحليلية تأصيلية لمبدأ المساواة‬
‫وحقوق اإلنسان في الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‪ ،‬السنة ‪ :2006‬ص ‪. 7‬‬
‫‪ -9‬دائرة الحقوق‪ ،‬مرجع سابق‪ :‬ص ‪. 38‬‬
‫‪10‬‬
‫‪- Bob Hepple, Chair Dimitrina Petrova, Executive Director The Equal Rights Trust,« Declaration‬‬
‫‪of Principles on Equality», Declaration of Principles on Equality 2008 The Equal Rights Trust:p1‬‬

‫‪P 14‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫المبحث األول بالتمييز بين المساواة وما يشابهها (عالقتها بالعدالة االجتماعية‪ ،‬وبالنوع‬
‫االجتماعي‪ ،‬ثم بمبدأ عدم التمييز)‪( .‬المطلب الثالث)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬التعريف بالمساواة من حيث اللغة واالصطالح‬

‫أوال) معنى المساواة في اللغة‪:‬‬

‫المساواة لغة ‪ :‬من ”سواء‟ الش يء أي مثله ‪ ،‬والجمع أسواء ‪ ،‬واستوى الشيئان‬
‫وتساويا أي تماثال ‪ ،‬ويقال ساوى الشيئ أي عادله ‪ ،‬ثم يقال فالن وفالن سواء أي متساويان‪ .11‬و‬
‫ال يعنى بها إلغاء الفروقات البيولوجية أي الجنسية بين المرأة والرجل‪ ،‬وال يعنى بها إلغاء مبدأ‬
‫توزيع الواجبات‪ ،‬و إنما يعنى بها إلغاء التمييزأو عدم اإلنصاف أو االضطهاد أو العنف أو تقليص‬
‫وتحجيم القدرات والفرص والتباين في توزيع الموارد و المكانات ‪ (. 12‬أتفق مع هذا التفسيرالذي‬
‫أعطي لمعنى المساواة بين الرجل و المرأة‪ ،‬ألنه واضح و دقيق‪ ،‬ومن ثمة يزيل أي لبس في الفهم)‪.‬‬

‫ورد في المعجم الفرنس ي »‪ «le Robert‬أن المساواة تتعلق بخاصية ماهو مساو‪ ،‬بما‬
‫يستدعي مفاهيم المشابهة‪ ،‬التماثل‪ ،‬القياس‪ ،‬التطابق‪ ،‬الموازنة‪ ،‬التناصف‪ ،‬الهوية‪13...‬‬

‫ثانيا ) معنى المساواة في االصطالح‪:‬‬

‫يستعمل لفظ المساواة بمعان كثيرة كالمشابهة والمماثلة والتكافؤ وغيرها‪ ،‬ومن‬
‫المماثلة قوله تعالى" قل إنما أنا بشرمثلكم"‪.‬‬
‫ومن معنى التكافؤ قول رسول الله صلى عليه وسلم "المسلمون تتكافأ دماؤهم"‪14‬‬

‫وفي القرآن الكريم ‪ :‬سوي الشيئ يسويه تسوية أي عدله وجعله ال عوج فيه كقوله‬
‫تعالى ‪« :‬ثم سواه ونفخ فيه من روحه»‪ .‬سوي الش يء ‪:‬جعله على كمال واستعداد لما أنش ئ من‬
‫أجله‪ ،‬كقوله تعالى‪ «:‬أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم سواك رجال»‪ .‬سوي الش يء بالش يء‪ :‬جعله‬
‫مثله سواء بسواء فكانا مثلين‪ ،‬فالشيئان متعادالن ومتماثالن‪ ،‬كقوله تعالي˸« مثل الفريقين‬

‫‪ -11‬بشرى الوردي ‪«،‬مبدأ المساواة في الوظيفة العمومية المغربية»‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام والعلوم السياسية ‪ ،‬كلية‬
‫العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية – سال‪ 71 -‬أكتوبر ‪ :0278‬ص‪.5‬‬
‫شيرين شكري‪ ،‬أميمة أبو بكر‪" :‬المرأة والجندر"‪ ،‬مشكالت الحضارة‪ ،‬حوارات لقرن جديد‪ ،‬ماي ‪ ،0220‬ص‪-12 721 :‬‬
‫‪13‬‬
‫‪-J.JRousseau: du contrat social ,II,XI.‬‬
‫‪ -14‬أيمن نصر عبد العال ‪" :‬مظاهر اإلخالل بالمساواة في اإلجراءات الجنائية‪ ،‬دراسة تأصيلية تحليلية مقارنة"‪ ،‬الطبعة األولى ‪:0270‬‬
‫ص ‪.71‬‬

‫‪P 15‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫كاألعمى واألصم والبصير والسميع هل يستويان مثال»‪ .‬وهذا هو المعنى اللغوي للمساواة كما‬
‫عرضته معاجم اللغة العربية ‪،‬وكما جاء في االستعمال القرآني‪.15‬‬

‫وفي الحديث الشريف ”ال يزال الناس بخيرما تباينوا‟ ‪ ،‬وفي رواية أخرى”ما تفاضلوا‟‪.‬‬

‫و يتضح من هذا التعريف أن المساواة تعني في أبسط ما تعنيه التماثل والتشابه بين‬
‫األشياء إذا كانت متعادلة‪ .‬غير أن هذا التعريف ال يكفي إلزالة الغموض واللبس على مبدأ‬
‫المساواة ‪ ،‬لذلك البد من تعريفها من وجهة نظر القانون وهذا ما سوف نتطرق له في المطلب‬
‫الموالي‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬تأصيل المساواة على مستوى الفقه والتشريع‬

‫أوال) على مستوى الفقه ‪:‬‬

‫فالمساواة قانونا غير المساواة لغة إذ تثير العديد من اإلشكاالت‪ ،‬سواء على صعيد‬
‫املجتمعات أو على صعيد المدارس الفقهية‪ ،‬واألمر ال يقتصرعلى المدارس الغربية‪ ،‬فالمساواة‬
‫بالنسبة إلى‪:‬‬

‫‪ -‬الفيلسوف فلتير ‪":Voltaire‬هي الشيئ الطبيعي بامتياز وفي اآلن ذاته الوهمي‬
‫بامتياز"‪( ، 16‬ال أتفق مع رأي هذا الفيلسوف ‪ ،‬أراه جانب الصواب كونه وصف المساواة بالشيئ‬
‫الوهمي بامتياز‪ :‬فالمساواة حق من حقوق اإلنسان األصيلة من منظورعقلي ‪ ،‬وهومنظوريدرس‬
‫الوضع من خالل عدسة الحقوق ‪ ،‬وإال على المشرع الدولي والوطني واألكاديميين الباحثين‬
‫ودعاة حقوق اإلنسان واملجتمع‪ ...‬أن يتوقفوا عن المطالبة بشيئ وهمي ‪ ،‬وليركنوا إلى التمييز و‬
‫العودة إلى زمن العبودية واالستضعاف‪.)...‬‬

‫‪ -15‬علي عمارة « المساواة وعدم التمييز بين الجنسين في العمل بين الجهود الدولية والعربية والتشريع المصري»‪ ،‬القاهرة ‪:0277‬‬
‫ص ‪.50‬‬
‫‪16‬‬ ‫‪- J.JRousseau: du contrat social ,II,XI‬‬

‫‪P 16‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫‪ -‬العالمة عالل الفاس ي‪ ":‬يجب أن تتمتع المرأة بما يتمتع به الرجل من حقوق ‪ ،‬وأن تقوم‬
‫بما يقوم به الرجل من واجبات‪ .‬ومن حقها أن تتساوى مع الرجل المساواة التي ال تتنافى مع طبائع‬
‫االشياء ‪ ،‬ولذلك يمكنها أن تشارك في الصالح العام بالخدمة والفكرواالرشاد‪.17"...‬‬

‫‪ -‬األستاذ أحمد الخمليش ي‪" :‬ال تتو افق دائما مع العدل‪ ،‬لكونها تثيرالجدل الذي ال ينتهي‬
‫حول تطبيقها في كثير من وقائع الحياة وجزئياتها"‪ ،‬ويتشعب النقاش أكثر عند إضافة مصطلح‬
‫ثالث هوحقوق اإلنسان ‪ .‬ولقد أبان األستاذ الخمليش ي تبعا لذلك عن صعوبة استخالص نظرية‬
‫للمساواة في الفقه اإلسالمي‪ ،‬وذلك نتيجة التطورالمستمرلمفهوم المساواة‪.18‬‬

‫والبد من اإلشارة إلى أن المساواة ليست نوعا واحدا‪ ،‬بل هي أنواع‪ ،‬حتى وإن كان‬
‫موضوعها واحدا‪ ،‬فهناك المساواة المطلقة والمساواة النسبية‪ ،‬كما توجد مساواة ر افعة‬
‫وأخرى خافضة‪ ،‬ومساواة فعلية وأخرى قانونية‪.19‬‬

‫ثانيا ) على مستوى التشريع‪:‬‬

‫أكد رجال القانون الفرنسيون وفي مقدمتهم ‪ A.lyon – Caen‬حيث أشارإلى أن المساواة‬
‫القانونية بمفهومها الحصري يجب أن تترجم من خالل االبتعاد عن كل تفرقة‪.20‬‬

‫وذهب المشرع األلماني إلى عدم االقتصارعلى المساواة بين الذكورواإلناث‪ ،‬و إنما حتى‬
‫بين البشر كافة في قوله‪" :‬كل البشر سواسية أمام القانون"‪ .‬فمبدأ المساواة يعتبر أحد دعائم‬
‫الدولة القانونية إن لم يكن أهمها‪ ،‬على أساس سيادة القانون ال تعلو ما لم تطبق أحكامها على‬

‫‪ -17‬محمد المهدي الحجوي الثعالبي‪" :‬المرأة بين الشرع والقانون للفقيه الحجوي" ‪ -‬دراسة وتعليق‪( -‬وثيقة فقهية حقوقية مقارنة‬
‫حررها الفقيه الحجوي سنة ‪ ،7383‬لتبقى شاهدة على سبق فقهاء الشريعة في المطالبة بحقوق المرأة األسرية واالجتماعية والمدنية‬
‫والسياسية)‪ ،‬أبريل ‪ : 0277‬ص ‪.38‬‬
‫‪ -18‬محمد سعيد بناني « الحريات والحقوق أية أفاق في ضوء القانون الدستوري للشغل بالمغرب»‪ ،‬الجزء الخامس‪ ،‬دجنبر‬
‫‪:0273‬ص‪830‬‬
‫‪ -‬للتوسع أكثر في أنواع المساواة راجع‪ :‬عمار مساعدي‪ :‬مبدأ المساواة وحماية حقوق اإلنسان ‪،‬مرجع سابق ‪،‬الصفحات من‪82‬‬ ‫‪19‬‬

‫إلى ‪. 80‬‬
‫‪A-Lyon-Caen: ‟L'égalité et la loi en droit du travail”, Droit social, 1990, n°1.page: 68 -75-20‬‬
‫‪-https://signal.sciencespo-lyon.fr/article/236975/L'égalité et la loi en droit du travail‬‬

‫‪P 17‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫قدم المساواة‪ .21‬وتماشيا مع الصيرورة العالمية الداعية إلى المساواة بين الجنسين خصص‬
‫الدستورالمغربي لسنة ‪ 1155‬الفصل ‪ 57‬والفصل ‪ 561‬للنهوض بالمساواة ين الجنسين‪. 22‬‬

‫وجدير بالذكر أن الشريعة اإلسالمية مصدر من مصادر التشريع‪ ،‬وفي جوهرها أساسا‬
‫ً‬
‫متينا للمساواة‪ ،‬فالبشر المنتشرون في القارات أسرة واحدة انبثقت من أصل واحد‪ ،‬ال مكان‬
‫بينهم للتفاضل في أساس الخلقة و ابتداء الحياة ‪ .23‬ومن اآليات البينات التي تتضح فيها المساواة‬
‫َّ ْ َ َ َ َ‬ ‫َََ ُ‬ ‫َ َ ُّ َ َّ ُ َّ ُ َ َّ ُ ُ َّ‬
‫احد ٍة َوخل َق‬ ‫و‬
‫ٍ ِ‬ ‫س‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫م‬‫ِ‬ ‫م‬‫ك‬ ‫ق‬ ‫ل‬ ‫خ‬ ‫ي‬ ‫ذ‬
‫بين الرجل والمرأة قوله تعالى‪﴿ :‬يا أيها الناس اتقوا ربكم ِ‬
‫ال‬
‫َ َ ُّ َ َّ ُ َّ َ َ ْ َ ُ‬ ‫ً َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫اس ِإنا خلقناكم‬ ‫ِم ْن َها ز ْو َج َها َو َبث ِم ْن ُه َما ِر َجاال ك ِث ًيرا َو ِن َس ًاء ۚ﴾ (سورة النساء‪ ،‬اآلية ‪﴿ ،)5‬يا أيها الن‬
‫َ َّ َ ْ َ ُ‬ ‫َْ ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َ َ ُ َٰ َ َ َْ َ ُ ْ ُ ُ ً َ‬
‫وبا َوق َبا ِئ َل ِلت َعا َرفوا ۚ ِإ َّن أك َر َمك ْم ِعند الل ِه أتقاك ْم﴾ (سورة‬ ‫ِمن ذك ٍر و أنثى وجعلناكم شع‬
‫الحجرات‪ ،‬اآلية ‪ ،)51‬كما جاء في حديث الرسول الكريم «أن النساء شقائق الرجال في األحكام»‪.‬‬
‫َ‬
‫ض َل ِل َع َرِب ٍي َعلى‬‫وما أكده المصطفى (صلى الله عليه وسلم) في خطبة الوداع بقوله « َأ َال َال َف ْ‬
‫َّ َّ ْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫أ ْع َج ِم ٍي َوال ِل َع َج ِم ٍي َعلى َع َرِب ٍي َوال ِأل ْح َم َر َعلى أ ْس َو َد َوال أ ْس َو َد َعلى أ ْح َم َر ِإال ِبالتق َوى »‪.‬‬

‫وتجري التفرقة كذلك بين المساواة في القانون والمساواة أمام القانون‪ .‬ويتعلق‬
‫النوع األول من المساواة بعملية تكوين القانون‪ ،‬ويقع على كاهل المشرع تحقيقها عند صوغ‬
‫القانون‪ ،‬كما يحدث عند تضمين مبدأ المساواة بين الرجال والنساء مثال‪ ،‬في الدساتيرالوطنية‬
‫وفي القوانين العادية‪ .‬أما النوع الثاني من المساواة‪ ،‬فيتعلق بعملية تطبيق القانون‪ ،‬أي عندما‬
‫تمارس اإلدارة نشاطها في تنفيذ القانون‪ ،‬وبمعنى آخر‪ ،‬فهي تعنى بضمان التطبيق الفعلي لمبدأ‬
‫المساواة الدستوري في جميع الميادين‪.24‬‬

‫و البد من تمييزالمساواة عن المفاهيم المشابهة لها وهذا ما سنتوقف عنده في المطلب‬


‫الثالث‪.‬‬

‫‪ -21‬محمد سعيد بناني‪ :‬الحريات والحقوق أية أفاق‪ ،‬مرجع سابق‪ :‬ص‪. 838‬‬
‫‪ -22‬دستور المملكة ‪ 0277‬صادر األمر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 37.77.7‬بتاريخ ‪ 03‬يوليو ‪ ، 0277‬الجريدة الرسمية للمملكة‬
‫المغربية المؤرخة في‪ 82‬يوليو ‪ 0277‬عدد ‪ 5378‬مكرر ‪.‬‬
‫‪ -23‬ميساء عبد الكريم أبو اصليح‪" :‬حق المساواة في القانون الدولي لحقوق اإلنسان"‪ ،‬رسالة الدكتوراه‪ ،‬جامعة الشرق األوسط ‪-‬‬
‫كلية الحقوق‪ -‬قسم القانون العام ‪ ،0273 -‬ص‪.72:‬‬
‫‪ -24‬محمد يوسف علوان‪ :‬التمييز المحظور في القانون الدولي‪ ،‬مرجع سابق ص‪. 5 :‬‬

‫‪P 12‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫المطلب الثالث ‪ :‬التمييزبين المساواة وما يشابهها ‪:‬‬

‫غربلة السياق القولي‪ :‬أي مساواة نقصد؟ هل نعني العدالة االجتماعية ؟ هل هي النوع‬
‫االجتماعي ؟ هل هي المناصفة؟ هل هي مبدأ عدم التمييز‪...‬؟‬

‫‪ ‬المساواة والعدالة االجتماعية‪:‬‬

‫تعتبر المساواة من األركان الرئيسية الالزمة لتحقيق العدالة و إقرار الحقوق‬


‫والحريات في أي مجتمع بشري ‪ ،25‬إذ بالعدالة تستقيم الحياة‪ .‬فالعدل هو وضع األمور في‬
‫مواضعها وهو ضد الظلم‪ ،‬فالبعض يرى أن العدل والمساواة واحد إال أن األمر خالف ذلك‪،‬‬
‫فالمساواة هي التوزيع بالتساوي ويكون التوزيع بالتساوي متطابقا مع العدل عندما توضع األمور‬
‫في موضعها الصحيح‪ ،‬ويكون ظلما لو لم يكن كذلك‪ . 26‬فمفهوم العدالة االجتماعية قديم‬
‫وعالمي في الوقت ذاته ‪ .27‬وفي هذا الخضم اقترحت اإلسكوا تعريفا للعدالة االجتماعية يرتكز‬
‫على مبادئ المساواة واإلنصاف والحقوق والمشاركة‪ ، 28‬ووضعت األمم المتحدة تعريفا‬
‫للعدالة االجتماعية مفاده أن تحقيق هذا المبدأ يكمن في توزيع ثمار النمو االقتصادي بعدل‬
‫و إنصاف‪ .‬كما يتضح من هذا التعريف اإلجرائي أيضا‪ ،‬تقاطع مفهومي النمو الشامل والتنمية‬
‫المستدامة مع مفهوم العدالة االجتماعية ‪( 29‬نحبذ هذا التعريف ألن فيه ربط بين ثالوث‬
‫المساواة والعدالة االجتماعية والتنمية المستدامة‪ ،‬ألن هذه المتالزمة هي أساس الكرامة‬
‫اإلنسانية‪ ،‬والحاجة لها كالحاجة للماء والهواء‪ ،)...‬كما أن العدالة االجتماعية والمساواة لن‬
‫تتحقق فقط بالتركيز على الحقوق المدنية والسياسية‪ ،‬و إنما أيضا بالتركيز على الحقوق‬
‫االقتصادية واالجتماعية والثقافية التي تعتبرركيزة أساسية من ركائزالديمقراطية‪. 30‬‬

‫‪ -25‬أيمن نصر عبد العال‪ :‬مظاهر اإلخالل بالمساواة ‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص‪.20 :‬‬
‫‪ - 26‬المملكة المغربية‪ ،‬المعهد العالي للقضاء ومعهد راؤول و النببرغ لحقوق اإلنسان والقانون اإلنساني في مملكة السويد‪" :‬حقوق‬
‫اإلنسان في مجال الشغل وتطبيقاتها في القضاء الوطني ‪ ،"0271‬ص‪.87 :‬‬
‫‪ -27‬س عيد محمد علي محمد السوالحساني‪" :‬الحماية القانونية لمبدأ المساواة في الدستور اإلماراتي – دراسة مقارنة ‪ -‬المملكة المغربية‬
‫وجمهورية مصر العربية"‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في ا لحقوق شعبة القانون العام‪ ،‬جامعة محمد الخامس كلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية‪ -‬أكدال‪ -‬تخصص ‪ :‬علم السياسة والقانون الدستوري ‪ ،2011-2010:‬ص‪12 :‬‬
‫‪28‬‬
‫‪-UNITED NATIONS ,ESCWA Economic and Social Commission for Western Asia:"Social‬‬
‫‪Protection as a Tool for Justice", Social Development Bulletin, Vol 5,Issue No.2,Januari2015‬‬
‫‪p:2.‬‬
‫‪ -29‬المملكة المغربية‪ ،‬البرلمان‪ ،‬مجلس المستشارين‪" :‬المنتدى البرلماني للعدالة االجتماعية "‪ ،‬يومي ‪17‬و‪ 20‬فبراير ‪ ،2016‬ص‪3:‬‬
‫‪ -30‬قراءة في القرار بقانون رقم (‪ )6‬لعام ‪ 2016‬بشأن الضمان االج تماعي"‪ ،‬مركز المرأة لإلرشاد القانوني واالجتماعي‪ -‬فلسطين ‪-‬‬
‫›‪- https://www.wclac.org‹Library‬‬ ‫‪2016117‬أكتوبر‪2012‬‬

‫‪P 17‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫تعتبر المساواة من األركان الرئيسية الالزمة لتحقيق العدالة و إقرار الحقوق‬


‫والحريات في أي مجتمع بشري ‪ ،‬وفي ذات الوقت فإن تخلفها يعني سمه من سمات الظلم ‪،31‬‬
‫بالعدالة تستقيم الحياة ‪ ،‬فالعدل هو وضع األمور في مواضعها وإعطاء كل ذي حق حقه وهو‬
‫ضد الظلم ‪ ،‬فالبعض يرى أن العدل والمساواة واحد إال أن األمر خالف ذلك ‪ ،‬فالمساواة هي‬
‫التوزيع بالتساوي ويكون التوزيع بالتساوي متطابقا مع العدل عندما توضع األمور في موضعها‬
‫الصحيح‪ ،‬ويكون ظلما لو لم يكن كذلك‪ ،32‬فمفهوم العدالة االجتماعية قديما وعالميا في‬
‫الوقت ذاته‪ .33‬ووضعت األمم المتحدة تعريفا للعدالة االجتماعية مفاده أن تحقيق هذا المبدأ‬
‫يكمن في توزيع ثمار النمو االقتصادي بعدل و إنصاف ‪ .‬كما يتضح من هذا التعريف اإلجرائي‬
‫أيضا ‪ ،‬تقاطع مفهومي النموالشامل والتنمية المستدامة مع مفهوم العدالة االجتماعية‪ .34‬كما‬
‫أن العدالة االجتماعية والمساواة لن تتحقق فقط بالتركيز على الحقوق المدنية والسياسية‪،‬‬
‫و إنما أيضا بالتركيز على الحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية التي تعتبر ركيزة أساسية‬
‫من ركائزالديمقراطية ‪.35‬‬

‫‪ ‬النوع االجتماعي‪:‬‬

‫لقد أضحى مبدأ المساواة المبني على النوع االجتماعي من أهم المبادئ اإلنسانية‬
‫الذي تحرص الدول على التمسك به‪ ،‬باعتباره أحد الدعائم األساسية لبناء دولة القانون‪. 36‬‬
‫ويحيل مفهوم النوع االجتماعي إلى التصنيف االجتماعي وترتيبه للمرأة وللرجل ‪ .37‬ولإلشارة أثار‬
‫هذا المفهوم جدال معرفيا‪ ،‬ولم يكن تعامل الدراسات النوعية مع المفهوم تعامال بسيطا بل‬
‫كان تعامال مع حقائق مركبة مما حدا بالدارسين للمفهوم اعتماد مقاربات علمية في دراسة النوع‬
‫االجتماعي‪ . 38‬إن استخدام مصطلح النوع االجتماعي أو مصطلح الجنس‪ ،‬أصبحا يعبران عن‬
‫مدلولين ‪ :‬األول ثقافي والثاني بيولوجي‪ .‬وأهمية استخدام مصطلح النوع االجتماعي وتحليله‪ ،‬فهو‬

‫‪ -31‬أيمن نصر عبد العال‪ :‬مظاهر اإلخال ل بالمساواة ‪ ،‬مرجع سابق ‪ :‬ص ‪02‬‬
‫‪ -32‬المعهد العالي للقضاء‪ :‬حقوق اإلنسان في مجال الشغل ‪،‬مرجع سابق‪ :‬ص‪. 87‬‬
‫‪ -33‬الدكتور سعيد محمد علي محمد السوالحساني « الحماية القانونية لمبدأ المساواة ‪ ،‬مرجع سابق ‪ :‬ص‪.70‬‬
‫‪ -34‬مجلس المستشارين‪ :‬المنتدى البرلماني للعدالة االجتماعية ‪،،‬مرجع سابق‪:‬ص‪8‬‬
‫‪ -35‬قراءة في القرار بقانون رقم (‪ )7‬لعام ‪ 0277‬بشأن الضمان االجتماعي‪ ،‬مرجع سابق‪ :‬ص ‪8‬‬
‫‪ - 36‬ابتسام المعتصم بالله‪" :‬مبدأ المساواة المبني على النوع االجتماعي في القانون الدولي الخاص المغربي"‪ ،‬أطروحة لنيل شهادة‬
‫الدكتوراه في القانون الخاص‪ ،‬جامعة مح مد الخامس‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية – السويسي ‪ -‬الرباط‪ ،‬السنة‬
‫الجامعية ‪ ،2012-2017 :‬ص‪.3 :‬‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫‪ -37‬محمد بنحساين‪" :‬النوع والقانو االجتماعي المغربي"‪ ،‬مجلة القانو المغربي‪ ،‬مطبعة دار السالم‪ ،‬العدد ‪ ،0277 :88‬ص‪.088:‬‬
‫‪ -38‬الحسين الروحي‪ :‬مأسسة النوع االجتماعي ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪. 777 :‬‬

‫‪P 20‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫الوسيلة التي يستطاع أن يوضح ويحلل بها األسباب الهيكلية والثقافية والعوامل السياسية‬
‫واالقتصادية التي أدت إلى التمايز وساهمت في استمراره‪ ،39‬حيث‪ ،‬يجري توزيع البيانات‬
‫اإلحصائية وفقا للجنس‪ .‬وإن مصطلح « النوع االجتماعي » يستخدم لتحليل األدوار‬
‫والمسؤوليات والقيود والفرص وحاجات المرأة والرجل في املجاالت كلها وفي أي سياق‬
‫اجتماعي‪ . 40‬وتنزيله اقتض ى ميدانيا استعمال مفاهيم قابلة للتطبيق‪ ،‬فاتفق على المساواة‬
‫كمعيار قابل للقياس بين الجنسين‪ ،‬إال أن البعض استعمله استعماال ميكانيكيا معتمدا على‬
‫أرقام جافة‪ ،‬مقاربة كمية أفرغت المصطلح من حمولته المعرفية‪ .‬والبحث في مفهوم المساواة‬
‫في معزل عن البيئة المفاهيمية للنظام المعرفي يفرغ مفهوم المساواة من محتواه ويفقده القوة‬
‫التي كان يتصف بها داخل النظام العام‪ .‬في حين كان من الواجب استعماله داخل رزنامة معرفية‬
‫متكاملة‪.41‬‬

‫وينبغي التمييزبين المساواة والهوية‪ :‬الفارق بين هذين المفهومين أي المساواة والهوية‪،‬‬
‫من حيث الداللة اللغوية‪ ،‬يتمثل في أن المساواة تعني أن نكون مثل اآلخرين‪ ،‬وأن نتمتع مثلهم‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫بكل الحقوق على قدم المساواة قانونيا واجتماعيا و اقتصاديا‪ ,‬في حين أن الهوية تعني‪ -‬رغم‬
‫تعدد تعريفاتها‪ -‬أن نتميز عن اآلخرين‪ ،‬وأن نبحث عنها في الذات الداخلية الفردية أو الجماعية‬
‫عما نختلف فيه عنهم من قيم وثقافة ومعتقدات‪ : 42‬بمعنى لكل شخص هويته المميزة له‪ ،‬ولكنه‬
‫ينبغي أن يتمتع على قدم المساواة مع غيره في مجتمع بعينه بنفس الحقوق وبنفس الحريات‪.‬‬

‫والمساواة والمناصفة من ناحيتها‪ ،‬تعني المساواة في التمثيل بين النساء والرجال –‬


‫بالمعنى الكمي – في جميع الميادين‪ ،‬وخاصة في الهيئات التمثيلية النيابية وهيئات صنع القرار‪43‬‬

‫وخالفا لهذا المنحى نرى من جانبنا في تشبت بعض المؤسسات ( األحزاب‬ ‫‪.‬‬
‫السياسية)بالمطالبة بالمناصفة‪ :‬أي المساواة الكمية في التمثيل ‪،‬ظلما كبيرا لكال الطرفين‬

‫‪ -39‬شيرين شكري‪ ،‬أميمة أبو بكر‪ :‬المرأة والجندر‪،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.728:‬‬


‫‪ -40‬منظمة العمل الدولية‪ ،‬مكتب أنشطة أصحاب األعمال‪" :‬الدور الريادي لمنظمات أصحاب األعمال في حقل المساواة بين الجنسين"‪،‬‬
‫دراسات حالة من ‪ 72‬دول‪ ،‬السنة ‪ ،0225‬ص‪.0:‬‬
‫‪ -41‬الحسين الروحي‪ :‬مأسسة النوع االجتماعي ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪. 778:‬‬
‫‪-42‬عبد العليم محمد‪ ”:‬المساواة والهوية‪ :‬الفارق بين زمنين‟‪ ،‬قضايا وآراء‪ ،‬مجلة األهرام‪ -‬مصر‪-‬‬
‫‪- https://gate.ahram.org.eg/daily/News/724070.aspx‬‬
‫‪43‬‬
‫‪-Le Conseil national des droits de l’homme – UNESCO: " Education à la citoyenneté et aux‬‬
‫‪droits de l’homme: Manuel pour les jeunes au Maroc" .Année 2015, p:165.‬‬

‫‪P 21‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫المرأة والرجل معا ‪ ،‬لهذا نعتقد أنه يجب إعمال معيار الكفاءة كمحدد أساس ي في ولوج مراكز‬
‫القرار‪،‬وبالتالي إعطاء لكل ذي حق حقه‪.‬‬

‫و بخصوص المساواة وعدم التمييز ففي بدايات الفكر التحليلي القانوني لظاهرة عدم‬
‫التمييز‪ ،‬لم يميز الفقه القانوني بين مفهومي عدم التمييزوالمساواة‪ ،‬حيث كان هناك خلط بين‬
‫المفهومين‪ ،‬لكن ما لبث أن تبين لرجال الفكر القانوني بأن هذين المفهومين متكامالن وغير‬
‫متطابقين‪ .‬هذه الخالصة تمكن من الوصول إلى النتيجة اآلتية‪ :‬فمبدأ المساواة يهدف إلى‬
‫التحذير من أي محاولة لمعاملة مختلفة في مجال الحريات أو الحقوق أو الواجبات للحصول‬
‫على امتياز في العمل‪ ...‬في حين أن مبدأ عدم التمييز هو عبارة عن مجموعة هذه المبادئ من‬
‫المساواة مجتمعة‪ ،‬فهو يتناول مجموعة من العناصر الدائمة والثابتة غير المتبدلة و التي ال‬
‫يمكن لها في أي حال من األحوال أن تكون محل اعتبار‪ 44‬ومن جهة أخرى ال تعني المساواة غياب‬
‫التمييز وال يعني غياب المساواة وجود التمييز‪ ، 45‬فالعالقة بين المساواة ومبدأ عدم التمييز هي‬
‫عالقة تعايش مشترك‪.46‬‬

‫و البد من اإلشارة إلى أن هناك فرقا بين التمييز ومبدأ التمايز‪ ،‬ذلك أن التمييز فيه‬
‫خرق لحقوق اإلنسان في حين أن التمايزال عالقة له بخرق حقوق اإلنسان‪. 47‬أما عن عالقة مبدأ‬
‫التمايز‪ 48‬بمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص‪ ،‬فداخل التمايز يجب أن تكون هناك مساواة‪ .‬وهو ما‬
‫تم التعبير عنه من قبل األستاذ ‪ Jean Rivero‬بارتباط "المساواة بالتمايز"‪ ،‬وهي التي تقبل في‬
‫الحاالت املختلفة‪ ،‬والمبررة باسم المصلحة العامة‪.‬‬

‫‪ -44‬محمد عرفان الخطيب‪ :‬مبدأ عدم التمييز في تشريع العمل المقارن المفهوم‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.13 :‬‬
‫‪45‬‬
‫‪ -‬منظمة العمل الدولية‪" :‬نظرة جديدة إلى الن مو االقتصادي‪ :‬نحو مجتمعات عربية منتجة وشاملة"‪ ،‬المكتب اإلقليمي للدول‬
‫العربية‪ ،‬برنامج األمم المتحدة اإلنمائي ‪ -‬المركز اإلقليمي في الدول العربية‪ -‬بيروت‪ ،0278 ،‬ص‪.53 :‬‬
‫‪46‬‬
‫‪- Le Conseil national des droits de l’homme – UNESCO: Education à la citoyenneté. Op.Cit,‬‬
‫‪P:33.‬‬
‫‪ -‬حوار أجريناه مع األستاذ سعيد بناني بتاريخ ‪ 78‬يناير ‪ 0200‬على الساعة ‪ 78:22‬زواال‬ ‫‪47‬‬

‫َّ‬
‫وتحزبوا "تمايز أفر ُاد الجماعة‬ ‫بعضهم عن بعض وتنافسوا‬
‫تفرقوا واختلف ُ‬
‫القوم ‪َّ :‬‬
‫ُ‬ ‫تماي ًزا‪ ،‬فهو ُمتماِيز‪ ،‬تمايز‬
‫‪ -‬تمايز يتمايز‪ُ ،‬‬
‫‪48‬‬

‫الشيئان ‪ :‬اختلفا على وجه التغاير ‪-‬‬‫عدة أحزاب"‪ .‬تمايز َّ‬ ‫َّ‬
‫وتوزعوا بين ّ‬
‫‪https://www.arabdict.com/ar/‬‬

‫‪P 22‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫وبذلك فإن مبدأ التمايزيرد منظما لحاالت مختلفة ال تخرج عن مبدأ المساواة وتكافؤ‬
‫الفرص‪ ،‬وذلك عند المساواة في الحظوظ عند تساوي الحاالت‪ . 49‬مما يدفعنا إلى النبش في‬
‫مفهوم التمييزوأشكاله لتفادي أي لبس‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬مفهوم التمييزوأشكاله‬

‫المطلب األول‪ :‬مفهوم التمييز‬

‫أوال) التمييزمن حيث اللغة‪:‬‬

‫إن التمييز اسم يرفع إبهاما في الشيئ قبله‪ ، 50‬وبالمفهوم اللغوي يعني التفرقة‪ ، 51‬وكلمة‬
‫تمييزمصدرللفعل ميزومازالشيئ يعني عزله ‪ ،‬وفرزه ونحاه عنه ‪ ،‬ويقال تميزالقوم يعني تحزبوا‬
‫وتفرقوا‪.‬‬

‫وفي القرآن الكريم‪ ،‬قال تعالى ˸« وامتزوا اليوم أيها املجرمون»( سورة يس‪ -‬اآلية‪)17‬‬

‫ثانيا ) التمييزمن حيث اإلصطالح‪:‬‬

‫يعرف التمييز بأنه أي تغيير أو استبعاد أو تفضيل‪ ،‬متخذ على أساس العرق أو اللون أو‬
‫الجنس أو الدين أو الرأي السياس ي أو األصل الوطني أو المنشأ االجتماعي‪ ،‬يكون من شأنه إلغاء‬
‫المساواة والمعام لة في االستخدام والمهنة أو اإلضرار بها‪ .‬وال يشترط تو افر النية لتو افر حالة‬
‫التمييز‪ ،‬بل يتو افرالتمييزسواء كان مباشرا أو غيرمباشر‪ ،‬فالمهم هو تأثيرالحرمان أو الحد من‬
‫المساواة في الفرص و المعاملة الناشئة عن االختالف في المعاملة بين الجنسين‪ .52‬وعلى ذلك‬
‫‪،‬فإن التمييزالذي نهتم ببحثه هو التمييزاالقتصادي‪.‬‬

‫ثالثا) التمييزحسب المعاييرالدولية‬

‫‪ -49‬للتوسع أكثر في العالقة بين المساواة و التمايز وتكافؤ الفرص راجع‪ :‬محمد سعيد بناني‪ :‬الحريات والحقوق أية أفاق‪ ،‬مرجع‬
‫سابق‪ ،‬الصفحات من‪ 877‬إلى‪. 807‬‬
‫‪ -50‬عباس عبد القادر ‪ «،‬مبدأ عدم التمييز ضد المرأة في القانون الدولي‪ ،‬انضمام الجزائر لالتفاقيات الدولية لمنع أشكال التمييز» ‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪،‬‬
‫جامعة الجلفة‪ ،‬مجلة الحقوق والعلوم اإلنسانية ‪،‬العدد ‪ 05‬المجلد األول‪ :‬ص‪. 878‬‬
‫‪51‬‬
‫‪ -‬محمد عرفان الخطيب ‪:‬مبدأ عدم التمييز في تشريع العمل المقارن المفهوم‪ ،‬مرجع سابق‪ :‬ص‪77‬‬
‫‪-52‬علي عمارة‪ :‬المساواة وعدم التمييز بين الجنسين ‪ ،‬مرجع سابق‪ :‬ص‪51‬‬

‫‪P 23‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫تشير مجموعة من االتفاقيات الدولية ومواثيق حقوق اإلنسان إلى مفهوم التمييز ضد‬
‫المرأة بشكل صريح‪ 53‬كاالتفاقية رقم ‪ 511‬الخاصة بالتمييز في مجال االستخدام والمهنة ‪.54‬‬
‫و اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييزضد المرأة (‪...55)5797‬‬

‫كما تعرف بعض االتفاقيات الدولية لحقوق اإلنسان التمييزبارتكازها على اآلثار‪ ،‬حيث‬
‫يشمل حظر التمييز التدابير غير التمييزية واملحايدة في الظاهر‪ ،‬ولكنها تمييزية على مستوى‬
‫النتائج واآلثارالتي تحدثها‪.56‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬أشكال التمييز˸‬

‫وقد يقع التمييزفي القانون وفي السياسات‪ ،‬فنكون بصدد التمييزفي القانون ‪de jure or‬‬
‫‪ légal discrimination‬وقد يقع في العمل أو في الممارسة‪ ،‬فنكون بصدد التمييزفي الو اقع ‪de‬‬
‫‪facto discrimination‬‬

‫وقد يحدث التمييز في االستخدام والمهنة في العديد من أماكن العمل املختلفة ‪ ،‬وفي‬
‫جميع أنواع العمل‪ .‬ويتخذ التمييزبين الجنسين في االستخدام والمهنة كظاهرة أشكاال كثيرة‪ .‬غير‬
‫أن كل أشكال التمييزتشترك في سمة واحدة إذ تنطوي على معاملة الناس بشكل مختلف بسبب‬
‫خصائص معينة مثل العرق أو اللون أو الجنس‪ ،‬مما يسفرعنه إضرارا بالمساواة في االستخدام‬
‫والمعاملة‪ :‬أي أنه يفض ي إلى عدم المساواة وإلى توطيدها‪ ،‬فتتقيد حرية البشرفي تنمية قدراتهم‬
‫وفي اختيار مهنتهم ومواصلة انتهاجها‪ ،‬وتقييد طموحاتهم الشخصية‪ .‬بغض النظر عن المقدرة‬
‫فال يمكن تنمية المهارات والكفاءات‪ ،‬وتحجب مكافآت العمل ويسود إحساس بالمهانة‬
‫واإلحباط وعجزاإلرادة ‪.57‬‬

‫‪ -‬الدستور الجديد وآفاق حقوق اإلنسان بالمغرب‪ ،‬مجلة مسالك ‪:‬عدد مزدوج ‪، 0278 / 03-01‬السنة العاشرة ‪ :‬ص ‪723‬‬ ‫‪53‬‬

‫‪ -54‬عرفت المادة األولى التمييز‪:‬‬


‫أ‪ -‬أي ميز أو استثناء أو تفضيل يتم على أساس العنصر أو اللون أو الجنس أو الرأي السياسي أو األصل الوطني أو المنشأ االجتماعي ويسفر عن إبطال أو انتقاص‬
‫المساواة في الفرص أو في المعاملة على صعيد االستخدام أو المهنة ‪.‬‬
‫ب‪ -‬أي ضرب من ضروب الميز أو االستثناء أو التفضيل يكون أثره إبطال أو انتقاص المساواة في الفرص أو المعاملة على صعيد االستخدام والمهنة قد يحدده العضو‬
‫المعني بعد التشاور مع الهيئات المناسبة‪ ( .‬عباس عبد القادر ‪ :‬مبدأ عدم التمييز ضد المرأة ‪ ،‬مرجع سابق ‪:‬ص‪) 878‬‬
‫‪ -55‬تنص المادة األولى من االتفاقية على أنه ” ألغراض هذه االتفاقية ‪ ،‬يعني مصطلح التمييز ضد المرأة أي تفرقة أو استبعاد أو تقييد يتم على أساس الجنس ‪،‬ويكون‬
‫من آثاره أو أغراضه توهين أو إحباط االعتراف للمرأة بحقوق اإلنسان والحريات األساسية في الميادين السياسية واالقتصادية واالجتماعية والثقافية والمدنية أو في أي‬
‫ميدان آخر‟‬
‫‪ - 56‬الدستور الجديد وآفاق حقوق اإلنسان بالمغرب‪ ،‬مرجع سابق ‪ :‬ص‪772‬‬
‫‪-57‬علي عمارة‪ :‬المساواة وعدم التمييز ‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص‪78 :‬‬

‫‪P 24‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫والتمييزنوعان مباشروغيرمباشر‪:‬‬

‫أوال) التمييز المباشر‪:‬‬

‫يقصد بالتمييز المباشر المعاملة التمييزية لشخص معين لسبب من األسباب‬


‫ً‬
‫املحظورة قانونا كالجنس أو األصل أو غير ذلك‪ ،‬بشكل تجعل هذا األخير في مركز قانوني أدنى‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫من المركز القانوني الممنوح لشخص آخر يعمل أو عمل سابقا أو سيعمل الحقا في العمل ذاته‬
‫وهو في ظروف هذا الشخص نفسها‪.58‬‬

‫ثانيا) التمييزغيرالمباشر‪:‬‬

‫التمييزغيرالمباشر‪ ،‬فهوالذي يكشفه األثرالناتج عن إجراء أو معياريبدوظاهريا محايدا‬


‫‪ ،‬غيرأنه يؤدي في الحقيقة لذات األثرالناجم عن التمييزالمباشر‪.‬‬

‫ويحدث التمييز غير المباشر‪ ،‬عندما يكون للقواعد والممارسات التي قد تبدو‬
‫محايدة أثارا سلبية على أفراد جماعة معينة‪ ،‬بغض النظر عما إذا كانوا قد استوفوا الشروط‬
‫الواجب تو افرها لشغل الوظيفة أم ال‪.59‬‬

‫وإن مدلول التمييز بنوعيه تناوله الفقيه الفرنس ي ‪M.Minė‬قائال‪ :‬إن العبرة ليست في‬
‫التفرقة ما بين التمييز المباشر وغير المباشر‪ ،‬و إنما في تطور السياسة العالمية الهادفة إلى‬
‫الضغط على أصحاب العمل إلى اإليمان بفضاء قانوني استشرافي جديد يعمل على وضع قيم‬
‫اجتماعية عالمية جديدة ‪ ،60‬نميل إلى هذا الرأي‪ ،‬ألن التمييز‪ ،‬كيفما كان نوعه‪ ،‬فله أثاروأضرار‬
‫على الفرد واملجتمع برمته‪ ،‬إذن يجب التعاون والتضامن للقضاء على أي صنف منهما ‪،‬‬
‫وبالمناسبة نحترم كل هذه المفاهيم‪ ،‬لكن ما نرنو إليه وما نتطلع إليه وما نتشوق له هو‬

‫‪ -58‬محمد عرفان الخطيب‪ :‬مبدأ عدم التمييز في تشريع العمل المقارن المفهوم‪ ،‬مرجع سابق‪ :‬ص‪77‬‬
‫‪ -59‬فاشتراط إتقان لغة معينة للحصول على وظيفة‪ ،‬عندما ال يكون إتقان اللغة الزما في ممارسة هذه الوظيفة‪ ،‬يعد شكال من أشكال‬
‫التمييز غير المباشر‪ .‬وقد يحدث التمييز غير المباشر عندما تحدث معاملة تفضيلية لفئات معينة من العمال‪ ،‬فاستثناء عمال المنازل‬
‫أو عمال الزراعة أو العمال الموسميين من تدابير الحماية االجتماعية بحكم القانون في معظم البلدان‪ ،‬يمكن أن يسفر عن تمييز غير‬
‫مباشر ضد شتى الجماعات والنساء ذوات الدخل المنخفض ‪ ،‬والعمال المنتمون إلى أقليات إثنية والمهاجرون والعمال المسنون‪ ،‬كلهم‬
‫يعانون أكثر من غيرهم من هذا النوع من التمييز‪ .‬ونخلص مما سبق إلى أنه يكون التمييز غير مباشر متى وجد إجراء تمييز ضد أو‬
‫يحابي شخصا ينتمي إلى جنس معين أو قومية أو ديانة معينة ‪ ،‬وال يستند لعناصر موضوعية ومستقلة عن شخص أو جنس المعنى‬
‫به ‪ ،‬فهو بالضرورة تمييز ضد الجنس اآلخر( على عمارة ‪ :‬المساواة وعدم التمييز بين الرجل والمرأة ‪ ،‬مرجع سابق‪:‬ص‪. )70‬‬
‫‪ -‬محمد عرفان الخطيب‪" :‬مبدأ عدم التمييز في تشريع العمل المقارن‪ ،‬نطاق التطبيق واإلثبات"‪ ،‬مجلة جامعة دمشق للعلوم‬ ‫‪60‬‬

‫االقتصادية والقانونية‪ ،‬قسم القانون الخاص ‪ -‬المجلد ‪ - 05‬العدد األول‪ ،0223 -‬ص‪.78 :‬‬

‫‪P 25‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫اإلنصاف وليس المساواة ‪ .‬فالمساواة نطالب بها كبداية للوصول إلى اإلنصاف‪ ،‬بكل بساطة‬
‫نجد اإلنصاف الذي هو جبر الضرر و إعطاء كل ذي حق حقه يعوض الجور التاريخي على المرأة‬
‫وعلى حقوقها‪ ،‬وذلك باالعتماد على إطار القانون الدولي لحقوق اإلنسان المكون من مجموعة‬
‫من االتفاقيات والتوصيات‪ .‬ومن هذا المنطلق يحق لنا التساؤل عن مدى التزام المشرع‬
‫المغربي بهذا اإلطار لضمان تطبيق المساواة بين الجنسين‪.‬‬

‫المراجـ ـ ـ ـ ـ ـ ـع‪:‬‬

‫امبارك بوطلحة‪ :‬حق المرأة في المساواة بين مدونة األسرة والتزامات المغرب‬ ‫‪-‬‬
‫الدولية‪ ،‬أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون الخاص‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية سال ‪ ،‬الموسم الجامعي ‪. 1111-1157‬‬

‫بشرى الوردي‪ :‬مبدأ المساواة في الوظيفة العمومية المغربية‪ ،‬أطروحة لنيل‬ ‫‪-‬‬
‫الدكتوراه في القانون العام والعلوم السياسية‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية – سال‪ 59 -‬أكتوبر‪1151‬‬

‫ميساء عبد الكريم أبو اصليح‪ :‬حق المساواة في القانون الدولي لحقوق‬ ‫‪-‬‬
‫اإلنسان‪ ،‬رسالة الدكتوراه‪ ،‬جامعة الشرق األوسط ‪ -‬كلية الحقوق‪ -‬قسم القانون العام‬

‫سعيد محمد علي محمد السوالحساني‪ :‬الحماية القانونية لمبدأ المساواة في‬ ‫‪-‬‬
‫الدستوراإلماراتي – دراسة مقارنة ‪ -‬المملكة المغربية وجمهورية مصرالعربية‪ ،‬أطروحة لنيل‬
‫الدكتوراه في الحقوق شعبة القانون العام‪ ،‬جامعة محمد الخامس كلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية‪ -‬أكدال‪ -‬تخصص ‪ :‬علم السياسة والقانون الدستوري ‪-1151:‬‬
‫‪.1155‬‬

‫ابتسام المعتصم بالله‪ :‬مبدأ المساواة المبني على النوع االجتماعي في القانون‬ ‫‪-‬‬
‫الدولي الخاص المغربي‪ ،‬أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون الخاص‪ ،‬جامعة محمد‬
‫الخامس‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية – السويس ي‪ -‬الرباط‪ ،‬السنة‬
‫الجامعية ‪1157-1159 :‬‬

‫‪P 26‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫محمد المهدي الحجوي الثعالبي‪ :‬المرأة بين الشرع والقانون للفقيه الحجوي ‪-‬‬ ‫‪-‬‬
‫دراسة وتعليق‪( -‬وثيقة فقهية حقوقية مقارنة حررها الفقيه الحجوي سنة ‪ ،5717‬لتبقى‬
‫شاهدة على سبق فقهاء الشريعة في المطالبة بحقوق المرأة األسرية واالجتماعية والمدنية‬
‫والسياسية)‪ ،‬أبريل ‪.1156‬‬

‫غازي عايد الغثيان الساليطة‪:‬الحماية القانونية للمرأة ضد التمييز في مجال‬ ‫‪-‬‬


‫العمل ‪ :‬دراسة في االتفاقيات الدولية والقوانين الوطنية‪ ،‬مقدم إلى المؤتمر الدولي المنظم‬
‫بكلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية السويس ي – جامعة محمد الخامس –‬
‫المملكة المغربية‪ -‬يومي ‪ 11‬و‪ 15‬مارس ‪ 1159‬تحت عنوان‪ :‬الشغل التشغيل والمقاولة‬
‫النسائية ‪ :‬تشغيل المرأة بين الو اقع والقانون أية أفاق ‪.‬‬

‫محمد يوسف علوان‪ :‬مبدأ المساواة وعدم التمييز ‪ :‬دراسة في القانونين الدولي‬ ‫‪-‬‬
‫واألردني‬

‫محمد يوسف علوان‪ :‬التمييز املحظور في القانون الدولي‪ ،‬سياسات عربية‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫دراسات وأوراق تحليلية‪ ،‬عمان األردن‪1151 ،‬‬

‫عمار مساعدي‪ :‬مبدأ المساواة وحماية حقوق اإلنسان في أحكام القرآن ومواد‬ ‫‪-‬‬
‫اإلعالن‪ ،‬دراسة تحليلية تأصيلية لمبدأ المساواة وحقوق اإلنسان في الشريعة اإلسالمية‬
‫والقانون الوضعي‪.‬‬

‫أيمن نصرعبد العال ‪ :‬مظاهراإلخالل بالمساواة في اإلجراءات الجنائية‪ ،‬دراسة‬ ‫‪-‬‬


‫تأصيلية تحليلية مقارنة‪ ،‬الطبعة األولى ‪1151‬‬

‫علي عمارة‪ :‬المساواة وعدم التمييز بين الجنسين في العمل بين الجهود الدولية‬ ‫‪-‬‬
‫والعربية والتشريع المصري‪ ،‬القاهرة ‪1155‬‬

‫شيرين شكري‪ ،‬أميمة أبو بكر‪ :‬المرأة والجندر‪ ،‬مشكالت الحضارة‪ ،‬حوارات‬ ‫‪-‬‬
‫لقرن جديد‪ ،‬ماي ‪1111‬‬

‫‪P 27‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫الحسين الروحي ‪:‬مأسسة النوع االجتماعي بين تغيير النص القانوني باسم‬ ‫‪-‬‬
‫المساواة والتشبت باإلرث التقليدي‪ ،‬املجلة المغربية لإلدارة املحلية والتنمية ‪ ،‬مقالة ‪،‬عدد‬
‫مزدوج ‪ ، 511-517‬يوليوز‪ -‬أكتوبر‪1156‬‬

‫محمد بنحساين‪ :‬النوع والقانون االجتماعي المغربي‪ ،‬مجلة القانون المغربي‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫مطبعة دارالسالم‪ ،‬العدد ‪.1156 :11‬‬

‫محمد سعيد بناني‪ :‬الحريات والحقوق أية أفاق في ضوء القانون الدستوري‬ ‫‪-‬‬
‫للشغل بالمغرب‪ ،‬الجزء الخامس‪ ،‬دجنبر ‪1157‬‬

‫محمد عرفان الخطيب‪ :‬مبدأ عدم التمييز في تشريع العمل المقارن‪ ،‬نطاق‬ ‫‪-‬‬
‫التطبيق واإلثبات‪ ،‬مجلة جامعة دمشق للعلوم االقتصادية والقانونية‪ ،‬قسم القانون الخاص‬
‫‪ -‬املجلد ‪ - 11‬العدد األول‪.‬‬

‫محمد عرفان الخطيب‪ :‬مبدأ عدم التمييز في تشريع العمل المقارن المفهوم‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫مجلة جامعة دمشق للعلوم االقتصادية والقانونية‪ ،‬قسم القانون الخاص ‪ -‬املجلد ‪ - 11‬العدد‬
‫الثاني‪1117 -‬‬

‫عباس عبد القادر ‪ :‬مبدأ عدم التمييز ضد المرأة في القانون الدولي‪ ،‬انضمام‬ ‫‪-‬‬
‫الجزائر لالتفاقيات الدولية لمنع أشكال التمييز ‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية ‪،‬جامعة‬
‫الجلفة‪ ،‬مجلة الحقوق والعلوم اإلنسانية ‪،‬العدد ‪ 11‬املجلد األول‬

‫عبد العليم محمد‪ :‬المساواة والهوية‪ :‬الفارق بين زمنين‪ ،‬قضايا وآراء‪ ،‬مجلة األهرام‪-‬‬
‫مصر‪-https://gate.ahram.org.eg/daily/News/724070.aspx -‬‬

‫روان عبيد ‪:‬قراءة في القرار بقانون رقم (‪ )6‬لعام ‪ 1156‬بشأن الضمان‬ ‫‪-‬‬
‫االجتماعي‪ ،‬مركزالمرأة لإلرشاد القانوني واالجتماعي‪ -‬فلسطين أكتوبر‪. 1157‬‬

‫دائرة الحقوق‪ :‬دليل تدريبي لدعاة الحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫جامعة بيروت العربية‪ ،‬سنة ‪.1111‬‬

‫‪P 22‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫المملكة المغربية‪ ،‬المعهد العالي للقضاء ومعهد راؤول و النببرغ لحقوق‬ ‫‪-‬‬
‫اإلنسان والقانون اإلنساني في مملكة السويد‪ :‬حقوق اإلنسان في مجال الشغل وتطبيقاتها في‬
‫القضاء الوطني ‪.1159‬‬

‫المملكة المغربية‪ ،‬البرلمان‪ ،‬مجلس المستشارين‪ :‬المنتدى البرلماني للعدالة‬ ‫‪-‬‬


‫االجتماعية ‪ ،‬يومي ‪57‬و‪ 11‬فبراير‪.1156‬‬

‫دستور المملكة ‪ 1155‬صادر األمر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 75.55.5‬بتاريخ‬ ‫‪-‬‬
‫‪ 17‬يوليو ‪ ، 1155‬الجريدة الرسمية للمملكة المغربية المؤرخة في‪ 11‬يوليو ‪ 1155‬عدد ‪1761‬‬
‫مكرر‬

‫الدستور الجديد و آفاق حقوق اإلنسان بالمغرب‪ ،‬مجلة مسالك‪ :‬عدد مزدوج‬ ‫‪-‬‬
‫‪، 1151 / 17-19‬السنة العاشرة ‪.‬‬

‫منظمة العمل الدولية‪ ،‬مكتب أنشطة أصحاب األعمال‪ :‬الدور الريادي‬ ‫‪-‬‬
‫لمنظمات أصحاب األعمال في حقل المساواة بين الجنسين‪ ،‬دراسات حالة من ‪ 51‬دول‪ ،‬السنة‬
‫‪.1111‬‬

‫منظمة العمل الدولية‪ :‬نظرة جديدة إلى النمو االقتصادي‪ :‬نحو مجتمعات‬ ‫‪-‬‬
‫عربية منتجة وشاملة‪ ،‬المكتب اإلقليمي للدول العربية‪ ،‬برنامج األمم المتحدة اإلنمائي‪ -‬المركز‬
‫اإلقليمي في الدول العربية‪ -‬بيروت‪1151 ،‬‬

‫‪Le Conseil national des droits de l’homme – UNESCO: Education à‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪la citoyenneté et aux droits de l’homme: Manuel pour les jeunes au Maroc‬‬
‫‪.Année 2015‬‬

‫‪Bob Hepple, Chair Dimitrina Petrova, Executive Director The Equal‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪Rights Trust: Declaration of Principles on Equality, Declaration of Principles on‬‬
‫‪Equality 2008 The Equal Rights Trust.‬‬

‫‪J.JRousseau: du contrat social ,II,XI‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪P 27‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

A-Lyon-Caen: L'égalité et la loi en droit du travail, Droit social, 1990, -


n°1

https://signal.sciencespo-lyon.fr/article/236975/L'égalité et la loi -
en droit du travail

UNITED NATIONS ,ESCWA Economic and Social Commission for -


Western Asia: Social Protection as a Tool for Justice, Social Development
Bulletin, Vol 5,Issue No.2, Januari2015

P 30 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫التهرب الضريبي بالمغرب‬


‫‪Tax evasion in Morocco‬‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫تعتبر ظاهرة التهرب الضريبي من الظواهر األكثر انتشارا في اقتصاديات الدول الحديثة‬
‫نظرا لخطورتها و اتساع نطاقها على مستوى كبير‪ ،‬لكونها تؤثرسلبا على مداخيل الدولة وبالتالي‬
‫على أنشطتها ووظائفها المتعددة‪.‬‬

‫والمغرب كغيره من الدول عمل على اعتماد ونهج كافة الوسائل القانونية لمكافحة هذه‬
‫الظاهرة‪ ،‬باعتبارها تقوم على التحايل والتهرب المكلفين من دفع لضرائب بغض النظر عن‬
‫الشكل الذي يأخذه هذا التهرب‪ ،‬وما ينجم عنه من أضرار وخيمة ال تقتصر فقط على تقليص‬
‫إيرادات الدولة بل اإلخالل بواجباتهم تجاه وطنهم‪.‬‬

‫كما تشكل عائق في تحقيق األهداف التنموية‪ ،‬لكونه وسيلة تساهم في تحقيق االستقرار‬
‫االقتصادي عن طريق حمايته من التضخم واالنكماش‪ ،‬كما يوظف من أجل حماية اإلنتاج‬
‫الوطني من المنافسة األجنبية وتحسين وثيرة النمو‪ ،‬فظال عن كونه أداة لتذويب الفوارق‬
‫االجتماعية وإعادة توزيع الدخل والثروة بين مختلف فئات املجتمع‪.‬‬

‫وفي هذا الصدد نجد المشرع المغربي تصدى لهذه الظاهرة في القوانين الجبائية‪ ،‬وقرر‬
‫لها عقوبات جبائية كما خول لإلدارة الضريبية صالحيات المر اقبة وحق تنزيل الجزاءات‬
‫الجبائية وتقديم الشكاوى للقضاء‪ ،‬كأسلوب وقائي قبلي‪.‬‬

‫لذا فمواجهة ظاهرة التهرب من الضريبة يقتض ي أوال معرفة األسباب التي تدفع إلى التهرب‬
‫الضريبي؟ ومعرفة الطرق واألساليب التي يجب إتباعها للمكافحة التهرب والحد منه؟ ووضع‬
‫حدود وقوانين صارمة للقضاء على هذه الظاهرة ويثير موضع التهرب الضريبي بالمغرب جملة‬
‫من التساؤالت من قبيل‪ :‬ماهي األسباب الكامنة وراء التهرب؟ ‪-‬ماهي أشكال هذا التهرب الضريبي؟‬
‫و أثاره؟ ‪-‬ماهي سبل مكافحة التهرب الضريبي؟‬

‫‪P 31‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫المبحث األول‪ :‬اإلطارالمفاهيمي للتهرب الضريبي‬

‫لما كان التهرب الضريبي ذا تأثير سلبي ومحايد على مالية الدولة‪ ،‬بات من الضروري أن‬
‫نتعرف على ماهية التهرب الضريبي‪ ،‬وعلى أنواعه وأسبابه‪ ،‬و أثاره التي يتركها التهرب سواء من‬
‫الناحية المالية أو السياسية أو االجتماعية أو االقتصادية‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬مفهوم التهرب الضريبي و أنواعه‬

‫اختلفت النظريات الفقهية في القوانين الجبائية في وضع تعريف محدد للتهرب الضريبي‪،‬‬
‫لكونه يتشابه مع بعض المفاهيم األخرى‪ ،‬ولهذا فدراسة موضوع التهرب الضريبي تحتم علينا‬
‫أوال تعريفه وتمييزه عن بعض المفاهيم المشابهة له (الفقرة األولى) تم التطرق إلى أنواعه‬
‫(الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬مفهوم التهرب الضريبي وتميزه عن الغش الضريبي‬

‫سوف أتطرق في هذه الفقرة إلى ماهية التهرب الضريبي (أوال)‪ ،‬تم بعد ذلك إلى تمييزه عن‬
‫الغش الضريبي(ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬ماهية التهرب الضريبي‬

‫لقد اختلف فقهاء القانون الجبائي في إعطاء تعريف محدد للتهرب الضريبي‪ ،‬فهناك من‬
‫ينظر إليه على أساس وسيلة يتم بمقتضاه إستغالل الثغرات القانونية التي تركها المشرع‬
‫واستعمال وسائل مشروعة وقانونية قصد التخلص من أداء الضريبة سواء كليا أو جزئيا‪.61‬‬

‫ويقصد بالتهرب الضريبي ذلك السلوك الذي من خالله يحاول المكلف القانوني عدم‬
‫دفع الضريبة المستحقة عليه كليا أو جزئيا‪ ،‬حيث يرى أنها تشكل عبئا عليه فيعمل على‬
‫مقاومتها من خالل التخلص منها أونقل عبئها إلى شخص أخر‪ ،‬وهذا يعني أن التهرب يشمل جميع‬
‫الحركات المادية والعمليات املحاسبية واألعمال القضائية التي يستعملها الملزم للتهرب من‬
‫دفع الضريبة‪.62‬‬

‫‪ 61‬يحي صافي وأخرون‪ :‬الغش الضريبي‪ ،‬مطبعة الهالل العربية للطباعة والنشر‪ ،‬الرباط‪ ،‬السنة ‪ ،6991‬ص‪.82‬‬
‫‪ 62‬عنابي رضوان‪ :‬التهرب الضريبي دراسة قانونية سوسيولوجية‪ ،‬مجلة المنارة للدراسات القانونية واإلدارية‪،‬‬
‫المجلد عدد ‪ ،8‬سنة ‪ ،8168‬ص ‪.54‬‬

‫‪P 32‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫كما عرفها البعض بكونها محاولة الممول أو المكلف بالضريبة التخلص من أعباء‬
‫الضريبة وعدم االلتزام القانوني بأدائها كليا أو جزئيا‪ .63‬وفي نفس االتجاه عرفها البعض األخر‬
‫بكون التهرب الضريبي هو عدم قيام المكلف بدفع الضريبة أو الوفاء بالتزامه كليا أو جزئيا تجاه‬
‫الدو ائر المالية مما يؤثر على حصيلة الدولة من الضريبة‪ ،‬وذلك باستخدام طرق ووسائل‬
‫مشروعة أو غيرمشروعة‪.64‬‬

‫كما اعتبره البعض العمل الذي يلجأ بموجبه الخاضع للضريبة إلى التملص من الضريبة‬
‫دون أن يخالف القانون‪.65‬‬

‫وفي هذا اإلطار تبنى مجلس الضرائب بفرنسا مفهوم التهرب الضريبي على أساس‬
‫االستفادة من ثغرات النصوص الجبائية املحلية من خالل االعتماد على وسائل تعسفية غير‬
‫معاقب عليها جنائيا ومدنيا وتختلف حسب األنظمة الجبائية لكل دولة‪ .66‬ومن هنا فالتهرب‬
‫الضريبي يدخل في إطارالتملص من أداء الضريبة في الوقت املحدد‪ ،‬من خالل استعمال وسائل‬
‫احتيالية وتحايل على النصوص القانونية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬تميزالتهرب الضريبي عن الغش الضريبي‬

‫بالرجوع إلى قانون تجريم الغش الضريبي لسنة ‪.675776‬‬

‫نجده ال يميز بين التهرب الضريبي والغش الضريبي‪ ،‬لكونه يستعمل مصطلح التملص أو‬
‫التأخيرعن تقديم اإلقرارات برقم المعامالت وأحيانا أخرى يستعمل كلمة نقصان أو إغفال‪.‬‬

‫ويفرق العديد من االقتصادين بين الغش الضريبي والتهرب الضريبي‪ ،‬باعتبار أن األول‬
‫مرادف للتهرب الضريبي غير المشروع أي الغش بمفهومه القانوني‪ ،‬بينما ينصرف الثاني إلى‬
‫التهرب الضريبي المشروع أي بمفهومه االقتصادي‪.‬‬

‫‪ 63‬بن بعالش خاليدة‪ :‬مكافحة الغش والتهرب الضريبي في التشريع الجزائري‪ ،‬مجلة المستقبل للدراسات القانونية‬
‫والسياسية‪ ،‬المجلد ‪ ،4‬العدد‪ ،18‬السنة ‪ ،8186‬ص‪.28‬‬
‫‪ 64‬خالد الخطيب‪ :‬التهرب الضريبي‪ ،‬مجلة جامعة دمشق‪ ،‬المجلد ‪ ،61‬العدد‪ ،18‬السنة ‪ ،8111‬ص‪.611‬‬
‫‪ 65‬موالي الحسن تمازي‪ :‬مصدر تفافة المواطنة في عالقة الخاضع للضريبة باإلدارة الجبائية‪ ،‬المجلة المغربية‬
‫لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬عددمزدوج‪ ،54-55‬ماي –غشت ‪ ،8118‬ص‪.61‬‬
‫‪66 ABDELKADER TIALATI :la fraude et l’évasion fiscales internationales ,Revue‬‬
‫‪Almayadine,N°4 Anneé 1989,p82.‬‬
‫‪ 67‬ظهير شريف رقم ‪66،91،6‬الصادر في صفر ‪ ،6566‬الموافق ‪89‬يوليوز‪6991‬بتنفيذ القانون المالي رقم‬
‫‪91،2،2‬للسنة المالية ‪ ،6996/6991‬المنشور بالجريدة الرسمية‪ ،‬عدد‪ ،5296‬بتاريخ فاتح يوليوز‪.6991‬‬

‫‪P 33‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫وعموما فالغش الضريبي يقصد به التملص من أداء الضرائب المستحقة عبر اعتماد‬
‫الغش والتزويرفي المقتضيات القانونية والضريبية‪.‬‬

‫وبالرغم من الجهود الفقهية والقضائية الزال غموض مفهوم الغش الضريبي سائدا‬
‫لعدم وضوحه عن التهرب الضريبي‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬أنواع التهرب الضريبي‬

‫تتعدد صور و أنواع التهرب الضريبي سواء من حيث مطابقته للمعايير التشريعية أو من‬
‫حيث القصد اإلداري للملزم‪.‬‬

‫أوال‪ :‬التهرب المشروع‬

‫يتمثل في استغالل المكلف لبعض الثغرات القانونية بغية عدم تحقق الضريبة عليه‬
‫بصورة صحيحة وعدم االلتزام بدفعها دون أن يضع نفسه في مركزاملخالف للقانون‪ ،‬ويمكن أن‬
‫يحدث التهرب المشروع عن طريق طبيعي وذلك بتجنب الو اقعة المنشئة للضريبة‪.68‬‬

‫ويتحقق هذا النوع من التهرب باالستعانة بأهل الخبرة واالختصاص مستغلين في ذلك أي‬
‫خلل أو ثغرة في النصوص القانونية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬التهرب غيرالمشروع‬

‫يعتمد المكلف على وسائل الغش واالحتيال للتخلص من أداء الضريبة‪ ،‬وهو ما يعرف‬
‫بالغش الضريبي‪ ،‬من خالل إخفاء األموال أو محل اإلقامة ليتعذر على اإلدارة تحصيل أموالها‬
‫أو فتح اعتمادات بالبنوك بأسماء وهمية أو نقل أمواله إلى الخارج‪ .‬أو غيرها من‬
‫التصرفات التي تتضح فيها النية السيئة للمكلف سواء وحده أو بمساعدة موظفي السلطات‬
‫الضريبية بغية التملص من دفع الضريبة أو جزء منها‪.69‬‬

‫‪ 68‬خالد الخطيب‪ :‬التهرب الضريبي‪ ،‬منشورات مجلة القضاء المدني‪ ،‬سلسلة دراسات وأبحات‪ ،‬المجلد العدد‪،6‬‬
‫سنة ‪ ،8164‬ص‪.46‬‬
‫‪ 69‬خالد الشاوي‪ :‬نظرية الضريبة والتشريع الضريبي الليبي‪ ،‬جامعة فاريونسن‪ ،‬السنة الجامعية ‪6929‬م‪،‬‬
‫ص‪.224‬‬

‫‪P 34‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫كما نجد تهرب ضريبي بسيط وهو كل فعل مرتكب بسوء نية من أجل مخادعة اإلدارة‬
‫الجبائية للوصول إلى خضوع أقل للضريبة‪ ،‬من خالل تقديم تصاريح ناقصة تتضمن بيانات‬
‫خاطئة لتقديرالضريبة‪.‬‬

‫ومقابل هذا النوع هناك تهرب ضريبي مركب يعتمد على طرق تدليسية‪ ،‬من خالل محو‬
‫كل األثارالحقيقية لألنشطة‪.‬‬

‫وهي حالة الملزم الذي يقدم إلدارة الضرائب محاسبة مزيفة وفواتيركاذبة‪.70‬‬

‫وال شك أن مثل هذه التصرفات تشكل خطر على الخزينة العامة للدولة‪ ،‬من خالل‬
‫انخفاض إيرادات الدولة وعدم تحقيق العدالة الجبائية‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أسباب التهرب الضريبي‬

‫تعددت أسباب التهرب الضريبي حسب نوعية السياسة المالية والجبائية ومدى انتشار‬
‫ما يدفعنا للتطرق‬ ‫الوعي الضريبي والتضامن االجتماعي بين مواطنين‪ ،‬وهذا‬
‫إلى أسباب الذاتية المرتبطة بالمكلف (الفقرة األولى) وأسباب موضوعية مرتبطة باإلدارة‬
‫(الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬أسباب ذاتية مرتبطة بالمكلف بأداء الضريبة‬

‫تتمثل هذه األسباب الذاتية في الوعاء الضريبي واألخالق المالية للمكلفين لعدة عوامل‬
‫منها‪:‬‬

‫‪ -‬اعتقاد الشخص أنه يدفع للدولة أكثرمما يأخذه منها‪ ،‬لكونها أداة افتقارللشعوب‪.‬‬

‫‪ -‬شعورالفرد بثقل العبء الضريبي وعدم العدالة في توزيع العبء الضريبي ما يدفعه من‬
‫التهرب من أدائها‪.‬‬

‫‪ 70‬البوهالي صفاء‪ :‬التهرب الضريبي بالمغرب‪ :‬المفهوم األسباب وسبل المكافحة‪ ،‬مجلة المنارة للدراسات القانونية‬
‫واإلدارية‪ ،‬المجلد عدد خاص‪ ،‬سنة ‪ ،8181‬يناير‪ ،‬ص ‪.258‬‬

‫‪P 35‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬أسباب موضوعية مرتبطة باإلدارة الضريبية‬

‫شكلت االجراءات وتعقد المساطر باإلدارة الضريبية مجال للتحايل والتهرب الضريبي‪،‬‬
‫وهذا ما نجده من خالل‪:‬‬

‫‪ -‬إرتفاع معدية الضريبة وثقل العبء الضريبي على المكلفين‪ ،‬يدفع بهم إلى التهرب أو‬
‫الغش في التصريح بالضريبة‪.‬‬

‫‪ -‬الشطط في استعمال السلطة التقديرية من قبل اإلدارة الضريبية في تقدير الوعاء‬


‫الضريبي المفروض عليهم‪ ،‬يؤدي في الكثيرمن الحاالت إلى التهرب من أداء الضريبة‪.‬‬

‫‪ -‬تعقد النظام الضريبي من خالل فرض إجراءات معقدة وضعف الرقابة الجبائية‪.71‬‬

‫‪ -‬استفحال الرشوة وضعف الكفاءة في التكوين وضعف الوسائل المادية والبشرية‪،‬‬


‫يساهم بشكل كبيرفي التهرب الضريبي‪.72‬‬

‫كل هذه األسباب تساهم بشكل كبيرا في التهرب المكلفين من أداء الضريبة وبالتالي تدهور‬
‫إيرادات مالية الدولة وتعطيل عجلة التنمية‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬اثاروسبل مكافحة التهرب الضريبي‬

‫تختلف طرق مكافحة التهرب الضريبي تبعا للنظام الضريبي في كل بلد وحسب الضريبة‬
‫المفروضة في كل بلد‪.‬‬

‫وهذا ما يدفعنا لمعرفة األثار التهرب الضريبي (المطلب األول) وسبل الكفيلة للحد من‬
‫ظاهرة التهرب الضريبي (المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬األثارالتهرب الضريبي بالمغرب‬

‫من المعلوم أنه كلما زاد حجم التهرب الضريبي زادت نتائجه و أثاره السلبية على كافة‬
‫الميادين‪ ،‬سواء من الناحية االقتصادية أو االجتماعية أو المالية‪.‬‬

‫‪ 71‬عيسى بولخوخ‪ :‬الرقابة الجبائية كأداة لمحاربة التهرب والغش الضريبي‪ ،‬رسالة ماستر‪ ،‬جامعة الحاج لخطر‬
‫باتنة‪ ،‬كلية العلوم االقتصادية وعلوم‪ ،‬الجزائر‪ ،‬السنة ‪ ،8115/8112‬ص‪.21‬‬
‫‪ 72‬محمد السباعي العليقي‪ :‬المراقبة الجبائية في المغرب‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات الوطنية لإلدارة‪ ،‬الرباط‪،‬‬
‫السنة ‪ ،6992‬ص ‪.621‬‬

‫‪P 36‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫الفقرة األولى‪ :‬األثاراالقتصادية للتهرب الضريبي بالمغرب‬

‫تشكل الضريبة المورد األساس ي في التنمية االقتصادية‪ ،‬لكونها تساهم في خلق التوازن‬
‫بين كافة القطاعات الصناعية والفالحية والخدمات‪.‬‬

‫وتعتمد على اإلعفاءات والتصاعد الضريبي لتحقيق أهداف تنموية وعدالة في توزيع‬
‫الدخول والحو افز‪.‬‬

‫غير أن التهرب الضريبي من الفاعلين االقتصاديين يؤدي إلى انكماش اقتصادي نتيجة‬
‫إفالس المؤسسات العاجزة عن المنافسة‪.73‬‬

‫كما يؤدي إلى انخفاض حجم اإليرادات الحكومة وتأثيره على االستثمار وعرقلة مشاريع‬
‫التنمية‪.‬‬

‫وهذا يدفعها لرفع سعر الضريبة لسد العجز الخاص في اإليرادات وبالتالي اللجوء إلى‬
‫االقتراض‪ ،‬لتمويل مشاريعها سواء عن طريق القروض املحلية أو الخارجية‪ ،‬وما يشكله من‬
‫إنهاك إليرادات الدولة وتحولها لخدمة الدين العمومي عوض تحقيق التنمية‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬األثاراالجتماعية للتهرب الضريبي‬

‫يترتب عن التهرب الضريبي نتائج وخيمة على السياسة االجتماعية‪ ،‬خاصة فيما يتعلق‬
‫بتوجه االقتصاد الوطني‪ .‬بحيث يؤدي إلى انخفاض مستوى اإلنتاج و انتشار البطالة والفقر‪،‬‬
‫ومن جهة ثانية يساهم في توزيع غيرالعادل للدخول والثروات بين مختلف مكونات املجتمع وهو‬
‫ما يعيق تحقيق العدالة االجتماعية‪.74‬‬

‫ولتقييم حجم تأثير التهرب الضريبي و انعكاساته من الناحية االجتماعية واالقتصادية‬


‫يتحتم على الدولة نهج وسائل فعالة وجزاءات جبائية صارمة للحد منه‪.‬‬

‫‪ 73‬الطاهر القضاوي‪ :‬التهرب الضريبي وسبل الحد منه‪ ،‬مجلة الجرائم المالية من خالل قرارات المجلس األعلى‪،‬‬
‫الندوة الجهوية السابعة‪ ،‬دار الطالبة‪ ،‬وجدة ‪/26‬مايو –فاتح يونيو ‪ ،8116‬ص‪.264‬‬
‫‪74‬الطاهر القضاوي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.261‬‬

‫‪P 37‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أليات وسبل الحد من التهرب الضريبي بالمغرب‬

‫عمد المشرع المغربي إلى إصدار نصوص قانونية عاقبت بمقتضاه المتهربين من دفع‬
‫الضرائب إلى جانب الجزاءات الجبائية ذات الصفة اإلدارية المفروضة من قبل المصالح‬
‫الضريبية‪ .‬وهذا ما سوف نتناوله من خالل التطرق إلى أليات مكافحة التهرب الضريبي بالمغرب‬
‫(الفقرة األولى) تم بعد ذلك نتناول سبل الحد من ظاهرة التهرب الضريبي (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬أليات مكافحة التهرب الضريبي بالمغرب‬

‫لمعالجة ومكافحة التهرب الضريبي البد من التطرق إلى السياسة الجبائية المعتمدة من‬
‫طرف الدولة (أوال)‪ ،‬تم بعد ذلك نتناول الرقابة الجبائية ملحاربة التهرب الضريبي(ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬السياسة الجبائية‬

‫ظل التشريع الضريبي خاليا من أي نص يجرم التهرب الضريبي إلى حدود سنة ‪،5776‬‬
‫وذلك كرد فعل على مثل هذه السلوكيات المنافية لألخالق ولروح المواطنة‪ ،‬واعتبر الغش‬
‫الضريبي مخالفة معاقب عليها بغرامات مالية وبعقوبات حبسية ‪.75‬‬

‫إال أنه خضع لتعديالت حيث ألغيت الصيغة الجنائية للتهرب من الضريبة لتصبح‬
‫العقوبة السالبة للحرية مقرونة بحالة تكرار عملية التهرب‪ ،‬ومقصورة على بعض املخالفات‬
‫الحبسية‪ ،‬كما أنها لم ترد إال على مستوى الضرائب الرئيسية الثالثة دون غيرها من‬
‫الضرائب‪.76‬‬

‫وبالنسبة للمخالفات التي تم إقرارالتجريم في حالة تكرارها تشمل‪:‬‬

‫‪ -‬تقديم أو تسليم فاتورات صورية‪.‬‬

‫‪ -‬تقديم تقييدات محاسبية مزيفة أو صورية‪.‬‬

‫‪ -‬بيع بدون فاتورات بصفة متكررة‪.‬‬

‫‪ 75‬كريم ادعاني‪ :‬تجريم الغش الضريبي في المغرب‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة‪ ،‬وحدة العلوم‬
‫الجنائية مجامعة عبد المالك السعدي كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬طنجة‪ ،‬السنة الجامعية‬
‫‪ ،8116/8111‬ص‪.16‬‬
‫‪ 76‬هذه الضرائب الضريبة على الشركات والضريبة على الدخل والضريبة على القيمة المضافة‪.‬‬

‫‪P 32‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫‪ -‬إخفاء أو إتالف وثائق الحسابات المطلوبة قانونا ويتعرض كل مرتكب لألفعال‬


‫المذكورة لغرامات مالية فقط تتراوح ما بين ‪ 1‬أالف و‪11‬ألف درهم‪.77‬‬

‫وهي الغرامات تبقى غير كافية لردع المكلفين وإجبارهم على تنفيذ التزاماتهم الضريبية‬
‫ليبقى شرط تجريم مرتبط بحالة العود‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الرقابة الجبائية كأداة ملحاربة التهرب الضريبي‬

‫أجازالمشرع المغربي لإلدارة الجبائية كل الوسائل القانونية والتنظيمية الالزمة من أجل‬


‫مر اقبة مختلف التصريحات التي يدلي بها‬

‫المكلفين مخافة أن تكون غير صحيحة وغير صادقة‪ ،‬أثناء التصريح سواء بحسن النية‬
‫أو بسوء النية من أجل التهرب من أداء الضريبية‪.‬‬

‫فالمشرع الضريبي بالمغرب اعتمد على مهمة الفحص الضريبي الموكلة لمصالح‬
‫المديرية العامة للضرائب بموجب مرسوم الصادر في ‪ 11‬نوفمبر‪5797‬بشأن تنظيم وزارة‬
‫المالية‪ .‬كما تتكون من مصالح إدارة الرقابة المالية التي تم إنشاؤها في سنة ‪ 1111‬داخل‬
‫المديرية العامة للضرائب‪ ،‬وقد حدد مجموعة من الشروط الشكلية في مسطرة الفحص‬
‫املحاسبي تفاديا لتعسف اإلدارات وتعزيزللضمانات التي يتمتع بها المكلفين‪.‬‬

‫وهي شروط تجعل تطبيقها يتطلب تو افرالعناصراألتية‪:78‬‬

‫‪ -‬يخضع لمسطرة الفحص الضريبي الخاضعون للضرائب والرسوم الملزمون قانونا‬


‫بمسك محاسبة منتظمة‪.‬‬

‫‪ -‬يعهد بممارسة هذه المهمة إلى أحد الموظفين املحلفين على أن يكون له رتبة مفتش‬
‫مساعد على األقل‪ ،‬وأن يكون معتمدا للقيام بمر اقبة الضرائب‪.‬‬

‫‪ -‬ينبغي االحتفاظ بالوثائق مدة ‪ 51‬سنوات لتقدم إلى المكلف بالفحص عند الحاجة‪.‬‬

‫‪ 77‬أنظر المادة ‪ 695‬المتعلقة بالجزاءات الجنائية في قانون المالية‪ ،8111،‬رقم ‪24.14‬جريدة رسمية‪ ،‬عدد‬
‫‪.4228‬‬
‫‪78‬صفاء البوهالي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.22‬‬

‫‪P 37‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫كما نجد مسطرة التصحيح الضريبي التي تخضع ملجموعة من الشكليات ومراحل تتميز‬
‫بالخص وصية لكونها تتجسد في انتقال المفتش املحقق إلى مكاتب المقاولة أو المقر االجتماعي‬
‫للملزمين‪ ،‬مع منعه من نقل أية وثيقة محاسبية إلى مقر اإلدارة الضريبية إال بترخيص من‬
‫الخاضع للضريبة ومقابل تسليمه وصل بذلك‪.79‬‬

‫أما بخصوص أجال هذه المسطرة فقد حددتها مدونة الضرائب كحد أدنى في أكثرمن ‪6‬‬
‫أشهر للمنشآت التي تعادل أو يقل مبلغ رقم معامالتها المصرح بها عن ‪ 11‬مليون دون احتساب‬
‫الضريبة على القيمة المضافة‪ ،‬وكحد أقص ى أكثرمن ‪ 51‬شهرا بالنسبة للمنشآت التي يفوق رقم‬
‫معامالتها المصرح به عن ‪ 11‬مليون دون احتساب الضريبة على القيمة المضافة‪.‬‬

‫وعموما هذه المسطرة تشكل ضمانات أساسية وحقيقية للملزم لمالها من ارتباط‬
‫بحقوق الدفاع املخولة له في إطارها كمسطرة حضورية تهدف إلى إشراك الملزمين في عملية‬
‫تصحيح الوعاء الضريبي لمعرفة وسائلهم وحججهم و إثباتاتهم ومو اقفهم من األساس المعتمد‬
‫في تصفية الضريبة في إطارالمراجعة‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬سبل الحد من التهرب الضريبي بالمغرب‬

‫لمعالجة ومكافحة التهرب الضريبي يجب العمل على إصالح اإلدارة‬


‫الضريبية(أوال)وتحسين العالقة مع المكلف (ثانيا)‬

‫أوال‪ :‬إصالح اإلدارة الضريبية‬

‫هناك مجموعة من اإلجراءات الوقائية تساهم في الحد من التهرب الضريبي على المستوى‬
‫الوطني من خالل‪:‬‬

‫‪ -‬العمل على تطويراإلدارة الضريبية وذلك بتطويرالوظائف الضرورية لألنظمة والبرامج‬


‫من خالل زرع الثقة لدى المكلفين والتعاون معهم‪.‬‬

‫‪ -‬تحقيق العدالة الضريبية من خالل تبسيط المساطر الجبائية وجعل معدل الضريبة‬
‫في حدود المعقول الن ارتفاع معدل الضريبة يؤدي إلى التهرب الضريبي‪.‬‬

‫‪ 79‬وزارة االقتصاد والمالية‪ :‬ميثاق الملزم في مجال المراقبة الضريبية‪ ،‬منشورات المديرية العامة للضرائب‪،‬‬
‫الرباط‪ ،‬السنة ‪ ،8165‬ص‪.6‬‬

‫‪P 40‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫‪ -‬اإلعفاءات الضريبية يجب أن تكون مدروسة بشكل جيد ويستفيد منها أشخاص بحاجة‬
‫إلى إعفاءات وإال أدى األمر إلى تهرب ضريبي من قبل دافع الضرائب‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬تحسين عالقة المكلف واإلدارة الضريبية‬

‫يسعى المشرع من خالل إصالحات الضريبية إلى إزالة وتقليص التوتر الموجود بين‬
‫المكلف واإلدارة الضريبية‪ ،‬وكسب ثقة المكلف مع اإلدارة من خالل مجموعة من اإلجراءات‬
‫منها‪:‬‬

‫‪ -‬نشرالوعي الضريبي من خالل إقناع المكلف بدفع الضريبة المترتبة عليه لكونه واجب‬
‫وطني يساهم في تعزيزوتنمية البالد على جميع المستويات االقتصادية واالجتماعية والثقافية‪.‬‬

‫‪ -‬تحقيق العدالة الضريبية من خالل جعل معدل الضريبة في حدود المعقول‪.‬‬

‫‪-‬القيام بحمالت توعوية وتحسيسية لجميع المكلفين بضرورة أداء الضريبة باعتبارها‬
‫واجب وطني يخدم المصلحة العامة للدولة‪.‬‬

‫‪ -‬معاقبة كل مكلف أو مساهم في جريمة التهرب من أداء الضريبة‪.‬‬

‫خاتمة‪:‬‬

‫عموما لمكافحة والحد من جريمة التهرب الضريبي يتحتم على الدولة إصالح السياسة‬
‫الجبائية المعتمدة وتحسين العالقة بين المكلف واإلدارة الضريبية لكسب ثقة المكلف من‬
‫خالل تبسيط اإلجراءات الضريبية وسن ضريبة معقولة تساهم في إصالح وتطوروتنمية الدولة‪.‬‬

‫الئحة المراجع‪:‬‬

‫المراجع باللغة العربية‬

‫الكتب‪ - :‬يحي الصافي وآخرون‪ :‬الغش الضريبي‪ ،‬مطبعة الهالل العربية للطباعة والنشر‪،‬‬
‫الرباط السنة ‪5776‬م‪.‬‬

‫الرسائل الجامعية‪- :‬محمد مكو‪ :‬إشكالية التهرب الضريبي في المغرب‪-‬دراسة قانونية‪-‬‬


‫رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص تخصص القانون المدني واألعمال جامعة عبد‬
‫المالك السعدي‪ ،‬طنجة‪ ،‬السنة الجامعية ‪1117-1119‬م‪.‬‬

‫‪P 41‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫‪-‬خالد الشاوي‪ :‬نظرية الضريبة والتشريع الضريبي الليبي جامعة فاريونسن‪ ،‬السنة‬
‫الجامعية ‪5777‬م‪.‬‬

‫‪-‬عيس ى بولخوخ‪ :‬الرقابة الجبائية كأداة ملحاربة التهرب والغش الضريبي رسالة ماستر‪،‬‬
‫جامعة الحاج لخضر باتنة كلية العلوم االقتصادية وعلوم التسيير‪ ،‬الجزائر‪ ،‬السنة الجامعية‬
‫‪1111-1111‬م‪.‬‬

‫‪-‬محمد السباعي العليقي‪ :‬المر اقبة الجنائية في المغرب رسالة لنيل دبلوم الدراسات‬
‫الوطنية لإلدارة‪ ،‬الرباط‪ ،‬السنة ‪5771‬م‪.‬‬

‫‪-‬إبراهيم طرش ي‪ :‬التهرب الضريبي وأليات مكافحته رسالة ماسترفي القانون العام لألعمال‬
‫كلية الحقوق جامعة قصدي مرباح ورقلة سنة ‪1151.1151‬م‪.‬‬

‫‪-‬كريم ادعاني‪ :‬تجريم الغش الضريبي في المغرب رسالة لنيل الدراسات العليا المعمقة‬
‫وحدة العلوم الجنائية جامعة عبد المالك السعدي‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية‪ ،‬طنجة‪ ،‬السنة الجامعية ‪1119-1116‬م‪.‬‬

‫مجالت‪- :‬الطاهر القضاوي‪ :‬التهرب الضريبي وسبل الحد منه‪ ،‬مجلة الجرائم المالية من‬
‫خالل قرارات املجلس األعلى‪ ،‬الندوة الجهوية السابعة‪ ،‬دار الطالبة‪ ،‬وجدة ‪/15‬ماي‪ ،‬فاتح‪،‬‬
‫يونيو‪1119،‬م‪.‬‬

‫‪-‬خالد الخطيب‪ :‬التهرب الضريبي‪ ،‬منشورات مجلة القضاء المدني سلسلة دراسات‬
‫و أبحاث‪ ،‬املجلد العدد ‪ ،9‬السنة ‪1151‬م‪.‬‬

‫‪-‬البوهالي صفاء‪ :‬التهرب الضريبي بالمغرب –المفهوم األسباب وسبل المكافحة‪ ،‬مجلة‬
‫المنارة للدراسات القانونية واإلدارية‪ ،‬املجلد عدد خاص‪ ،‬سنة ‪1111‬م‪.‬‬

‫‪-‬عنابي رضوان‪ :‬التهرب الضريبي دراسة قانونية سوسيولوجية‪ ،‬مجلة المنارة للدراسات‬
‫القانونية واإلدارية‪ ،‬املجلد عدد‪ ،11‬السنة ‪1151‬م‪.‬‬

‫‪-‬بن بعالش خاليدة‪ :‬مكافحة الغش والتهرب الضريبي في التشريع الجزائري مجلة‬
‫المستقبل للدراسات القانونية والسياسية‪ ،‬املجلد ‪ ،1‬العدد ‪ ،11‬السنة ‪1115‬م‪.‬‬

‫‪P 42‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫‪-‬موالي الحسن تمازي‪ :‬مصدر ثقافة المواطنة في عالقة الخاضع للضريبة باإلدارة‬
‫الجبائية‪ ،‬املجلة المغربية لإلدارة املحلية والتنمية عدد مزودج ‪11/11‬ماي ‪/‬غشت ‪1111‬م‪.‬‬

‫‪-‬وزارة االقتصاد والمالية‪ :‬ميثاق الملزم في مجال المر اقبة الضريبية‪ ،‬منشورات‬
‫المديرية العامة للضر ائب‪ ،‬الرباط‪ ،‬السنة ‪1151‬م‪.‬‬

‫النصوص التشريعية‪:‬‬

‫‪-‬قانون المالية ‪ ،1116‬رقم ‪ 11.11‬جريدة الرسمية عدد‪.1171‬‬

‫‪-‬طهير شريف رقم ‪99،76،5‬الصادر في صفر ‪5159‬المو افق ‪17‬يوليوز ‪ 5776‬بتنفيذ‬


‫القانون المالي رقم‬

‫‪76،7،7‬للسنة المالية ‪ ،5779/5776‬المنشوربالجريدة الرسمية عدد ‪ ،1175‬بتاريخ فاتح‬


‫يوليوز‪.5776‬‬

‫المراجع باللغة الفرنسية‪:‬‬

‫‪-ABDELKADER TIALATI :la fraude et l’e’vasion fiscales internationales,‬‬


‫‪Revue Almayadine, N°Année 1989.‬‬

‫‪P 43‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫طرق ابرام وتنفيذ الصفقات العمومية والمنازعات‬


‫الناشئة عنها على ضوء مرسوم ‪ 8‬مارس ‪0202‬‬
‫‪Modes de passation et d'exécution des marchés publics et les conflits qui en‬‬

‫‪découlent à la lumière du décret du 8 Mars 2023‬‬


‫مقدمة‪:‬‬
‫تعد الصفقات العمومية الوسيلة األساسية التي تعتمدها الدولة لتنفيذ سياستها‬
‫التنموية وقد حددها المشرع في مرسوم الصفقات العمومية الجديد ‪ 7‬مارس ‪ ،1111‬بأنها كل‬
‫‪":‬عقد بعوض يبرم بين صاحب مشروع وشخص ذاتي أواعتباري يدعى مقاوال أوموردا أوخدماتيا‬
‫‪،‬ويهدف إلى تنفيذ أشغال أو تسليم توريدات أو القيام بخدمات "‪.80‬‬

‫كما أن لموضوع الصفقات العمومية أهمية معتبرة تكمن في ارتباطها بالمرفق العام ‪،‬اذ‬
‫أنها تتعلق بمجموع العقود التي تبرمها المر افق العامة في إطارقانون الصفقات العمومية ونظرا‬
‫لما تتمتع به الصفقات العمومية من أهمية ونظام قانوني متميز ‪،‬فإنه تثور منازعات بشأن‬
‫إبرامها وتنفيذها ‪،‬حيث تبدو هذه المنازعات في الو اقع العملي أثناء تطبيق النصوص القانونية‬
‫‪،‬إذ قد يحدث تصادم بين مصلحة الشخص المعنوي باعتباره أحد أطراف العقد مع مصلحة‬
‫المتعاقد معها أو المتعهد ‪،‬باعتباره الطرف الثاني في هذا العقد‪ ،‬وذلك فيما يتصل بمدى‬
‫مشروعية استخدام هذا الشخص المعنوي لسلطاته اتجاه المتعاقد أو المتعهد أو بمدى أداء‬
‫االلتزامات المتبادلة بينهما ‪،‬وهذا سيؤدي المحالة إلى رفض اعتراض الطرف المتضرر‪،‬وبالتالي‬
‫قيام منازعات الصفقات العمومية‪ ،‬حيث سيسلك صاحب الحق طريقا يلجأ إليه للمطالبة‬
‫بحقه و ذلك باللجوء الى القضاء او الوسائل البديلة كالتحكيم ‪.‬‬

‫‪80 Article n du décret des marchés publics du 8 mars 2023.‬‬

‫‪P 44‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫يمكن تعريف المنازعات اإلدارية بأنها النزاعات التي تكون الدولة طرفا فيها‪ ،‬ويعهد‬
‫باالختصاص لجهة القضاء اإلداري باعتباره الجهة القضائية للحسم في هذه النزاعات نظرا‬
‫لطبيعتها الخاصة ‪ ،81‬وألن القضاء اإلداري يستطيع أن يمارس الرقابة على أعمال اإلدارة‪.82‬‬

‫كما يقصد بها الرقابة القضائية ألعمال السلطة اإلدارية التي تمارسها وتباشرها املحاكم‬
‫القضائية على اختالف أنواعها وعلى مختلف درجاتها ومستوياتها‪ ،‬وذلك عن طريق وبواسطة‬
‫تحريك الدعاوى والطعون القضائية املختلفة ضد أعمال السلطات اإلدارية غيرالمشروعة‪.83‬‬

‫ولما كانت اإلدارة تتحرك بمقتض ى قرارات إدارية وفقا للنصوص القـانـونـيـة‪ ،84‬توجه إما‬
‫إلى شخص مـعـنـوي أو إدارة عمومية أو مـؤسـسـة عـمـومـية أو مؤسسة خاصة أو شخص طبيعي‪،‬‬
‫فعدم قبوله من الطرف اآلخر على اعتبار انه غير شرعي ينشأ المنازعة اإلدارية‪ ،‬ولتفادي النزاع‬
‫ال بد من إجراءات إداريـة لـحـل هـذه اإلشـكـالـيـة إمـا بـالـطـرق الـوديـة إن أمـكـن‪ ،‬وإن تعذرذلـك فـمـا‬
‫عـلـى الطرف اآلخرإال اللـجـوء إلـى الـطـعـون اإلدارية ‪ ،85‬أو القضاء او التحكيم‪.‬‬

‫إشكالية البحث‬

‫طرح مجال إبرام وتنفيذ الصفقات العمومية العديد من التساؤالت والفرضيات كونها‬
‫عمليات مرتبطة بالخزينة العامة وارتباطها أساسا بالمال العام‪ ،‬ونظرا للمنازعات التي تنشا‬
‫عنها‪ ،‬حرص المشرع المغربي على تنظيمها وتأطيرها وفق نصوص قانونية‪ .‬ومن هنا نطرح‬
‫اإلشكالية االتية‪ :‬فيما تتمثل أهم المنازعات الناجمة عن إبرام وتنفيذ الصفقة العمومية؟‬

‫ستتم معالجة هذه اإلشكالية أعاله عبر مبحثين‪ :‬المبحث االول‪ :‬طرق ابرام الصفقات‬
‫العمومية والمنازعات الناشئة عنها على ضوء المرسوم الجديد ‪ .1111‬المبحث الثاني‪ :‬طرق‬

‫‪81‬انظر‬
‫‪- Fernand Collavet :", l'arbitrage dans les procès ou sont parties les personnes publiques",R.D.P,‬‬
‫‪1906,p47.‬‬
‫‪ 82‬استقر قضاء المحكمة االدارية العليا لمصر على تعريفها‪« :‬إجراءات الخصومة القضائية بين الفرد واإلدارة ويشترط لتحققها ما يلي‬
‫أ وال‪ :‬ان ترفع للمطالبة بحق من الحقوق الناتجة عن تسيير اإلدارة للمرافق العامة التي تدار وفقا للقانون العام واساليبه‬
‫ثانيا‪ :‬ان يتضح فيها وجه السلطة العامة ومظهرها‬
‫ثالثا‪ :‬ان يكون القانون العام هو الواجب التطبيق على المنازعة‬
‫قرار المحكمة االدارية العليا بمصر بتاريخ ‪ 41‬نوفمبر ‪ ،4891‬في الطعن رقم ‪ 4981‬للسنة القضائية الثالثين‪ ،‬مجموعة السنة الواحدة‬
‫و الثالثين‪ ،‬ص ‪.481‬‬
‫‪83‬عوابدي عمار‪« :‬النظرية العامة للمنازعات االدارية في النظام القضائي الجزائري «‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬جزء اول والثاني‬
‫‪4881‬ص ‪.41‬‬
‫‪ 84‬حسن محمد هند "التحكيم في المنازعات اإلدارية دار الكتب القانونية‪ ،‬مصر‪ ،‬المجلة الكبرى دون ذكر ط وتاريخها‪ ،‬ص ‪.41‬‬
‫‪ 85‬موالي إدريس الحالبي الكتاني‪ ":‬العقود اإلدارية " دون ذكر المطبعة ط ‪4999 4‬ص ‪.11‬‬

‫‪P 45‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫تنفيذ الصفقات العمومية والمنازعات الناشئة عنها على ضوء المرسوم رقم ‪1.51.171‬المتعلق‬
‫بدفترالشروط اإلدارية العامة والمطبقة على صفقات االشغال‬

‫المبحث األول‪ :‬طرق ابرام الصفقات العمومية والمنازعات الناشئة على ضوء المرسوم‬
‫الجديد رقم ‪2 -11-431‬‬

‫تكمن أهمية إبرام وتنفيذ الصفقات العمومية بصورة واضحة في كونها عمليات متصلة‬
‫بالخزينة العامة للمملكة وارتباطها بالمال العام‪ ،‬واإلدارة أو المصلحة المتعاقدة أثناء إقبالها‬
‫على التعاقد تحرص على إيجاد الطرف المتعاقد معها بدقة وشفافية‪ ،‬وال يمكن لإلدارة أن تقوم‬
‫بتخصيص الصفقة إال للمتعاقد أوللمؤسسة التي ترى أنها قادرة على تنفيذها على أحسن وجه‪،‬‬
‫وهذا ما يجعل اإلدارة أو المصلحة المتعاقدة ملزمة قبل إبرام العقد‪ ،‬ان تتأكد أوال من قدرات‬
‫المتعامل المتعاقد معها سواء التقنية أو المالية أو حتى التجارية‪86.‬‬

‫وبالرجوع ألحكام المرسوم الجديد للصفقات العمومية بالمغرب رقم ‪1 -22-431‬الذي‬


‫تم نشره بالجريدة الرسمية رقم ‪7176‬بتاريخ ‪ 7‬مارس ‪ 2023‬نجد أنه قد حدد طرق إبرام‬
‫الصفقات العمومية‪ ،‬وتنص المادة األولى منه على أن عملية إعداد و ابرام الصفقات العمومية‬
‫التي تبرمها إحدى الهيئات المتعاقدة‪ ،‬تخضع ملجموعة من المبادئ‪.87‬‬

‫وتجدراإلشارة أن المشرع المغربي في ضل أحكام المرسوم السالف الذكر‪ ،‬حاول بشكل‬


‫أوسع وأعمق تكريس المبادئ العامة التي تقوم عليها الصفقات العمومية‪ ،‬وذلك بإحترام مبدأ‬
‫حرية الولوج الى الصفقات العمومية ‪ ،‬ومبدأ المساواة في معاملة المتنافسين و ضمان حقوقهم‬
‫إضافة الى الشفافية في اختيارات صاحب المشروع ‪ ،‬فهذا ما أضفى نوعا من الثقة لدى‬
‫المتعاملين المتعاقدين الباحثين عن فرص للدخول إلى الطلبيات العمومية من خالل تحسين‬
‫الظروف العملية إلبرام الصفقة‪ ،‬وعليه فإن عملية إبرام الصفقات العمومية تتضمن كيفيات‬
‫وطرق مختلفة سيتم التطرق اليها الحقا ‪ ،‬عند خرق هذه المبادئ التي تقوم عليها عملية إبرام‬
‫الصفقات العمومية‪ ،‬تنشب نزعات مختلفة بين األطراف المتعاقدة سواء كانت في مرحلة‬
‫اإلبرام أو أثناء مرحلة تنفيذ الصفقة العمومية‪.‬‬

‫‪-86‬بوزبرة سهيلة مواجهة الصفقات المشبوهة مذكرة لنيل شهادة الماجستير القانون الخاص فرع قانون السوق جامعة جيجل ‪4999‬‬
‫ص‪.71‬‬
‫‪-87‬انظر نص المادة األولى من المرسوم رقم ‪ ،2-22-431‬المتضمن تنظيم الصفقات العمومية‪.‬‬

‫‪P 46‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫وعليه ستتم معالجة هذا البحث من خالل مطلبين اساسين‪ ،‬يتجلى (المطلب األول) في‬
‫أساليب إبرام الصفقات العمومية في إطار المرسوم رقم ‪ ،2-22-431‬أما في (المطلب الثاني)‬
‫سنتطرق للمنازعات المتعلقة بإبرام الصفقات العمومية‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬أنواع ومساطر ابرام الصفقات العمومية‬

‫القاعدة في القانون الخاص أن األفراد أحرار في اختيار شركائهم في العقد‪ ،‬وفي أساليب‬
‫إبرام هذا العقد‪ ،‬أما في القانون العام فإن اإلدارة ال تتمتع بهذه الحرية التامة‪ ،‬ألن إجراءات‬
‫وأساليب إبرام الصفقات العمومية تحكمها نصوص قانونية‪ ،‬وتخضع للرقابة‪ ،‬وهذا ما يؤكد‬
‫الطبيعة المتميزة للعقد اإلداري بصفة عامة ولعقود الصفقات العمومية بصفة خاصة‪.‬‬

‫تتمثل (الفقرة األولى) في أنواع الصفقات العمومية اما تتمثل (الفقرة الثانية) في مساطر‬
‫وإجراءات ابرام الصفقات العمومية على ضوء مرسوم ‪ 7‬مارس ‪.1111‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬أنواع الصفقات العمومية ‪Type de marché et mode de leur‬‬


‫‪passation‬‬

‫حدد المرسوم رقم ‪ 2-22-431‬المتعلق بالصفقات العمومية في المواد ‪51.7.7.9‬‬

‫‪ 51.51.55.‬سبع أنواع للصفقات العمومية‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬صفقات إطار‪Marché- cadre‬‬

‫حسب المادة ‪9‬من مرسوم رقم ‪ 2-22-431‬يمكن إبرام صفقات تدعى «صفقات ‪ -‬إطار»‬
‫عندما يتعذر مسبقا وبصورة كاملة‪ ،‬تحديد كمية ووتيرة تنفيذ أي عمل يكتس ي صبغة توقعية‬
‫ومتكررة ودائمة‪.88‬‬

‫ال تحدد صفقات اإلطار إال الحدين األدنى واألقص ى لألعمال التي يتم حصرها حسب‬
‫قيمتها أو كميتها والتي يمكن طلبها خالل فترة معينة ال تفوق السنة الجارية إلبرامها ويجب‪ ،‬أن‬
‫يحدد الحدان األدنى واألقص ى من لدن صاحب المشروع‪ 89‬قبل أي دعوة إلى المنافسة أو إجراء‬
‫أي مفاوضة‪ .‬حيث ال يجوزأن يفوق الحد األقص ى لألعمال ضعف الحد األدنى‪.‬‬

‫‪88‬المادة ‪1‬من مرسوم الصفقات العمومية‬


‫‪ 89‬صاحب المشروع هو السلطة المختصة او كل شخص يعين بمقرر للسلطة المذكورة من اجل اعداد الصفقات العمومية وابرامها‬
‫وتنفيذها باسم احدى الهيئات المشار اليها في ال مادة‪ 4‬من مرسوم الصفقات العمومية‬

‫‪P 47‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫تبرم الصفقات اإلطار لمدة محددة ال تتجاوز ا السنة الجارية وتتضمن دفاتر الشروط‬
‫الخاصة المتعلقة بالصفقات اإلطاربندا يتعلق بالتجديد الضمني في حدود مدة إجمالية لثالث‬
‫او خمس سنوات حسب الحالة‪. 90‬‬

‫ثانيا‪ :‬الصفقات القابلة للتجديد ‪Marchés reconductibles‬‬

‫طبقا لمقتضيات المادة ‪ 7‬من مرسوم ‪ 7‬مارس‪ 1111‬يجوز لصاحب المشروع إبرام‬
‫صفقات تدعى صفقات قابلة للتجديد إذا أمكن لصاحب المشروع تحديد كميات األعمال‬
‫ً‬
‫مسبقا‪ ،‬بأكبر قدر ممكن من الدقة والتي تكتس ي طابعا توقعيا ومتكررا ودائما‪ .‬ويجب ان تحدد‬
‫الصفقات القابلة للتجديد على وجه الخصوص مواصفات ومحتوى وكيفيات تنفيذ وثمن‬
‫األعمال املحتمل إنجازها خالل مدة ال تتجاوزالسنة الجارية‪ .‬وتم التنصيص على الئحة األعمال‬
‫التي يمكن أن تكون موضوع صفقات قابلة للتجديد لمدة ثالث او خمس سنوات في الملحق رقم‬
‫‪ 1‬من المرسوم السالف الذكر‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬صفقات بأقساط اشتراطية ‪Marchés à tranches conditionnelles‬‬

‫نصت المادة ‪ 7‬من مرسوم الصفقات العمومية على ان الصفقات بأقساط اشتراطية‬
‫هي صفقات تنص على قسط ثابت مشمول باالعتمادات المتوفرة يكون صاحب الصفقة‬
‫متأكدا من إنجازه‪ ،‬وقسط أو أقساط اشتراطية يتوقف تنفيذها على توفر االعتمادات وتبليغ‬
‫أمرأوأوامربالخدمة تأمربتنفيذ القسط أواألقساط المعنية داخل اآلجال املحددة في الصفقة‪.‬‬
‫يشكل القسط الثابت واألقساط االشتراطية بصورة منفردة مجموعة أعمال متجانسة‬
‫ومستقلة ووظيفية وعند عدم اصدار االمر بالخدمة المتعلق بقسط او عدة أقساط اشتراطية‬
‫في االجال املحددة يمكن لصاحب الصفقة بطلب منه‪:‬‬

‫‪ ‬إما االستفادة من تعويض عن االنتظارإذا نصت الصفقة على ذلك وفق الشروط التي‬
‫تحددها‬

‫‪ ‬إما العدول عن إنجازالقسط أو األقساط االشتراطية المعنية‪.‬‬

‫إذا قرر صاحب المشروع العدول عن إنجاز قسط أو عدة أقساط اشتراطية‪ ،‬قام بتبليغ‬
‫هذا المقرر‪ ،‬بواسطة أمر بالخدمة إلى صاحب الصفقة‪ .‬وفي هذه الحالة‪ ،‬يمنح لصاحب‬

‫‪90‬انظر الئحة االعمال التي يمكن ان تكون موضوع صفقات اإلطار في الملحق رقم‪ 4‬من مرسوم الصفقات العمومية‬

‫‪P 42‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫الصفقة تعويض يدعى «تعويض العدول عن اإلنجاز»‪ ،‬إذا نصت الصفقة عن ذلك ووفق‬
‫الشروط التي تحددها‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬صفقات محصصة ‪Marchés allotis‬‬

‫‪ -‬حسب المادة ‪51‬من مرسوم الصفقات العمومية يمكن أن تكون األشغال أو‬
‫التوريدات أوالخدمات موضوع صفقة فريدة أوصفقة محصصة‪ .91‬يختارصاحب المشروع بين‬
‫هاتين الكيفيتين إلنجاز األعمال بالنظر إلى المزايا المالية التقنية التي توفرها أو عندما يكون‬
‫من شأن التحصيص تشجيع مشاركة المقاوالت الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة‬
‫والتعاونيات و اتحاد التعاونيات والمقاولين الذاتيين‪ .‬يمكن لصاحب المشروع عند االقتضاء‪،‬‬
‫حصرعدد الحصص التي يمكن إسنادها إلى نفس المتنافس ألسباب تتعلق بما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬ضمان التموين‪.‬‬

‫‪-‬قدرة صاحب العمل على إنجازالصفقة بالنظرإلى مخطط التحمل الخاص به‪.‬‬

‫‪ -‬أجل التنفيذ‪.‬‬

‫‪-‬مكان التنفيذ أو التسليم‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬صفقة تصورو إنجاز ‪Marché de conception–réalisation‬‬

‫تعتبر صفقة تصور و إنجاز كل صفقة أشغال فريدة تبرم مع صاحب عمل أو تجمع‬
‫ألصحاب أعمال وتتعلق بما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬إما بتصورالمشروع وبتنفيذ األشغال‪.‬‬

‫‪ -‬وإما بتصورمنشأة كاملة و إنجازها وتسليمها‪.‬‬

‫يمكن لصاحب المشروع أن يلجأ إلى صفقة تصور و إنجاز عندما يتبين ان‪ :‬إنجاز‬
‫المشروع يتطلب منذ البداية‪ ،‬إشراك صاحب التصور مع منجز العمل؛ وأن موضوع الصفقة‬

‫يقصد بالحصة ما يلي‪:‬‬ ‫‪91‬‬

‫‪-‬فيما يتعلق بالتوريدات مادة أو مجموعة من المواد أو أشياء أو سلع لها نفس الطبيعة وتكتسي صبغة متجانسة أو متشابهة أو متكاملة؛‬
‫‪ -‬فيما يتعلق باألشغال ‪ :‬جزء من العمل المراد إنجازه أو حرفة أو مجموعة أعمال تندرج ضمن مجموعة متجانسة إلى حد ما وتتوفر‬
‫على مواصفات تقنية متشابهة أو متكاملة‬
‫فيما يخص الخدمات ‪ :‬جزء من العمل المراد إنجازه أو مجموعة من األعمال تندرج ضمن مجموعة متجانسة إلى حد ما وتتوفر‬ ‫‪-‬‬
‫على مواصفات تقنية متشابهة أو متكاملة‬

‫‪P 47‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫يتعلق بمشروع بنية تحتية من نوع خاص أو بأعمال ذات طبيعة خاصة تتطلب طرائق خاصة‬
‫ومبتكرة ومراحل تصنيع مندمجة بشكل وثيق‪.‬‬

‫تتضمن صفقة التصور واإلنجاز التزاما بتحسين مستوى النجاعة الطاقية تبرم صفقة‬
‫التصور واإلنجاز عن طريق المباراة طبقا لمقتضيات الفرع الثاني من الباب الرابع من مرسوم‬
‫الصفقات العمومية كما حددت المادة ‪ 55‬من المرسوم شروط اللجوء الى صفقة التصور و‬
‫االنجاز‪.92‬‬

‫سادسا‪ :‬الحوارالتنافس ي ‪Dialogue compétitif‬‬

‫يعد الحوار التنافس ي من مستجدات المرسوم الجديد للصفقات العمومية وهو‬


‫المسطرة التي يقوم بموجبها صاحب المشروع بإجراء حوارمع المترشحين المقبولين للمشاركة‬
‫فيه من أجل تحديد أو تطويرحلول من شأنها تلبية حاجاته‪.‬‬

‫ينصب الحوارالتنافس ي على مشاريع تكتس ي طابعا معقدا أو مشاريع مبتكرة ال يستطيع‬
‫صاحب المشروع‪ ،‬بوسائله الخاصة‪ ،‬تحديد الشروط التقنية إلنجازها‪ ،‬والتركيبة القانونية‬
‫والمالية المتعلقة بها‪.‬‬

‫يتم إجراء مسطرة الحوارالتنافس ي عبر ثالث مراحل متتالية كما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬الدعوة إلى المنافسة‬

‫‪ -‬سير الحوار التنافس ي حيت يقوم صاحب المشروع بإجراء حوار تنافس ي مع كل مترشح‬
‫من المترشحين المقبولين لتقديم عرض‬

‫‪ -‬نتائج الحوارالتنافس ي‬

‫سابعا‪ :‬العرض التلقائي ‪L’offre spontanée‬‬

‫في إطار تشجيع البحث العلمي وحث المقاوالت المغربية على االبتكار اتاح المرسوم‬
‫الجديد للصفقات العمومية لكل مقاول أو مورد أو خدماتي أن يقترح‪ ،‬بمبادرة منه‪ ،‬على صاحب‬

‫‪92‬الحصول على ترخيص مسبق من رئيس الحكومة ومن الوزير المكلف بالداخلية‪.‬‬

‫‪P 50‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫المشروع كل مشروع أو فكرة أو عملية تقدم وظائف جديدة أو خدمات جديدة أو ابتكارات تقنية‬
‫تستجيب لحاجة محتملة لم يتم تحديدها مسبقا من لدن صاحب المشروع‪.‬‬

‫وحسب نفس المادة ال يمكن أن يعتبرعرضا تلقائيا كل عرض سبق أن كان موضوع دعوة‬
‫إلى المنافسة‪ .‬ال يمكن ايضا أن يتعلق العرض التلقائي بمشروع سبق أن قام صاحب المشروع‬
‫بإنجاز دراسات في شأنه‪ ،‬إال إذا تبين أن هذه الدراسات أصبحت متجاوزة‪93.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬مساطر وإجراءات ابرام الصفقات العمومية على ضوء مرسوم ‪ 7‬مارس‬
‫‪1111‬‬

‫رجوعا ألحكام المرسوم رقم ‪ 2-22-431‬نجد أنه قد حدد في المادة ‪57‬طرق إبرام‬
‫الصفقات العمومية‪ ،‬حيث نظمها في ثالث مساطر هي طلب العروض او المباراة او المسطرة‬
‫التفاوضية‪.‬‬

‫أوال‪ :‬مساطرابرام الصفقات العمومية‬

‫‪ .5‬طلب العروض ‪L’appel d’offres‬‬

‫جاءت المادة ‪ 11‬من مرسوم ‪ 7‬مارس ‪ ،1111‬مؤكدة أن القاعدة في مجال التعاقد هي‬
‫أسلوب المناقصة‪ ،‬ومما ال شك فيه أن هذا األسلوب يحقق عدة مزايا تتمثل فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬يجسد أسلوب المناقصة مبدأ الشفافية في التعاقد وعالنية اإلجراءات‪ ،‬وهذا أمر‬
‫مطلوب للحد من ظاهرة الفساد المالي‬

‫‪-‬يكرس هذا األسلوب مبدأ المساواة بين العارضين‪،‬‬

‫‪ -‬يحقق هذا األسلوب مبدأ المنافسة الشريفة بين العارضين‪ ،‬ويكفل أمامهم سبل‬
‫المشاركة في المناقصة إذا تو افرت فيهم الشروط المعلن عنها‪،‬‬

‫‪ 93‬تجدر اإلشارة الى ان صاحب العرض التلقائي يستفي د من هامش لألفضلية يتخذ شكل زيادة تتراوح بين خمسة بالمائة (‪ )%1‬وعشرة‬
‫بالمائة (‪ ) %49‬من التنقيط اإلجمالي للعرض‪ .‬إن المشرع المغربي وان بدأ محددا ألنواع الصفقات العمومية‪ ،‬فإنه من جهة أخرى ذكر‬
‫أكثر من أسلوب أو طريقة إلبرامها بما يعني أنه فسح مجال الحرية لإلدارة الختيار األسلوب والنمط الذي يليق بها‪ ،‬حسب ظروف كل‬
‫عملية تعاقدية مع إلزامها بتحمل المسؤولية الكاملة في حال اختيار طريقة للتعاقد دون األخرى‪ ،‬خاصة حين تفضيل أسلوب المسطرة‬
‫التفاوضية عن المناقصة‪ ،‬هذا ما يدفعنا للحديث عن مساطر ابرام الصفقات العمومية في المغرب ‪.‬‬

‫‪P 51‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫‪ -‬يوفرهذا األسلوب قدرا واسعا من الحماية للمال العام و‪ ،‬يبعد اإلدارات العمومية عن‬
‫المعامالت المشبوهة‪،‬‬

‫‪ -‬يوفرهذا األسلوب حماية لآلمرين بالصرف ويحفظ حيادهم‪،‬‬

‫‪ -‬يمكن أسلوب المناقصة الرأي العام من مر اقبة وتتبع معظم المراحل المتعلقة‬
‫بالصفقة خاصة من خالل ما ينشرفي الصحف وبوابة الصفقات العمومية‪.‬‬

‫وتعرف المناقصة حسب نص المادة ‪ 11‬من مرسوم ‪ 7‬مارس ‪ ،1111‬أنها تلك الوسيلة‬
‫التي تستهدف اإلدارة من خاللها الحصول على عدة متعاهدين متنافسين من أجل تقديم‬
‫أحسن(أفضل) عرض‪ ،‬كما نجد أن نفس المادة من المرسوم السالف الذكر قد بينت أشكال‬
‫المناقصة حيث نصت على انه يمكن ان يكون طلب العروض مفتوحا او محدودا‪ 94‬او باالنتقاء‬
‫المسبق كما يمكن أي يكون طلب العروض وطنيا او دوليا‪.95‬‬

‫واشارت المادة ‪ 57‬من مرسوم الصفقات العمومية الى انه عالوة على طلب العروض‬
‫المفتوح يمكن أيضا ابرام صفقات وفق مسطرة طلب العروض المفتوح المبسط‪ ،‬عندما‬
‫يساوي او يقل المبلغ التقديري للصفقة عن مليون (‪ )5.111.111‬درهم دون احتساب الرسوم‪.‬‬

‫يخضع طلب العروض المفتوح أو املحدود للمبادئ التالية‪:‬‬

‫‪ ‬الدعوة إلى المنافسة‬

‫‪ ‬فتح األظرفة في جلسة عمومية‬

‫‪ ‬فحص العروض من لدن الجنة طلب العروض‬

‫‪ 94‬يكون طلب العروض مفتوحا عندما يمكن لكل متنافس الحصول على ملف االستشارة و تقديم عرضه و يكون طلب العروض محدودا‬
‫عندما ال يسمح بتقديم العروض اال للمتنافسين الذين قرر صاحب المشروع استشارتهم ‪.‬ال يجوز إبرام صفقات عن طريق طلب العروض‬
‫المحدود إال بالنسبة لألعمال ا لتي ال يمكن تنفيذها سوى من لدن عدد محدود من المقاولين أو الموردين أو الخدماتيين اعتبارا لطبيعتها‬
‫وخصوصيتها وألهمية الكفاءات والموارد الواجب تسخيرها والوسائل والمعدات التي يتعين استعمالها‪ ،‬على أن يقل المبلغ التقديري لهذه‬
‫األعمال عن خمسة ماليين (‪ )109990999‬در هم دون احتساب الرسوم‪.‬‬
‫‪ 95‬يكون طلب العروض وطنيا عندما ال يقبل للمشاركة فيه إال المتنافسين المقيمين في المغرب‪ .‬وفي هذا الصدد اشارت المادة ‪ 48‬من‬
‫مرسوم ‪ 9‬مارس ‪ 4947‬الى ان ما عدا الحاالت المبررة‪ ،‬بصورة قانونية بشهادة إدارية يعدها صاحب المشروع تحت مسؤوليته‪ ،‬يتم‬
‫اللجوء إلى طلب العروض الوطني إذا كان المبلغ التقديري للصفقة يقل أو يساوي عشرة ماليين (‪ )4909990999 ،99‬درهم دون احتساب‬
‫الرسوم بالنسبة لصفقات األشغال ومليون (‪ 409990999 ،99‬درهم دون احتساب الرسوم بالنسبة لصفقات التوريدات والخدمات‪.‬‬
‫ويكون طلب العروض دوليا عندما يتم قبول المتنافسين المقيمين أو غير المقيمين في المغرب للمشاركة فيه‪ .‬ويهم الصفقات التي يتجاوز‬
‫مبلغها التقديري الحدود المذكورة أعاله ‪.‬‬

‫‪P 52‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫‪ ‬اختيار العرض األكثر أفضلية من الناحية االقتصادية من لدن لجنة طلب العروض‬
‫قصد اقتراحه على صاحب المشروع‬

‫‪ ‬وجوب قيام صاحب المشروع الذي يجري طلب العروض بتبليغ الكلفة التقديرية‬
‫لألعمال إلى أعضاء لجنة طلب العروض طبقا لمقتضيات المادة ‪ 17‬من مرسوم‬
‫الصفقات العمومية‬

‫يكون طلب العروض باالنتقاء المسبق عندما ال يسمح بتقديم العروض بعد استشارة‬
‫لجنة االنتقاء المسبق‪ ،‬إال للمتنافسين الذين يتوفرون على المؤهالت الـكافية والسيما من‬
‫الناحية التقنية والمالية‪.‬‬

‫‪ .1‬المباراة ‪Le concours‬‬

‫تمكن المباراة من إجراء تبار بين المتنافسين على أساس برنامج‪ ،‬من أجل إنجاز عمل‬
‫يستوجب أبحاثا خاصة ذات طابع تقني أو جمالي أو مالي‪.‬‬

‫تهم األعمال التي يمكن أن تكون موضوع مباراة‪ ،‬على وجه الخصوص‪ ،‬املجاالت‬
‫المتعلقة بتهيئة التراب الوطني وبالتعميرأو بالهندسة وكذا األعمال التي تكون موضوع صفقات‬
‫تصور و انجاز‪ .‬وتنظم المباراة على أساس برنامج يعده صاحب المشروع‪ .‬كما تتضمن المباراة‬
‫دعوة عمومية للمنافسة‪ ،‬ويمكن للمتنافسين الذين يرغبون في المشاركة إيداع طلب القبول‪.‬‬
‫ويقتصر إيداع المشاريع على المتنافسين المقبولين من لدن لجنة المباراة إثر جلسة القبول‬
‫طبقا لمقتضيات المادة ‪ 91‬من المرسوم السالف الذكر‪.‬‬

‫‪ .1‬المسطرة التفاوضية ‪Procédure négociée‬‬

‫طبقا لمقتضيات المادة ‪ 79‬من مرسوم ‪ 7‬مارس ‪ 1111‬تعتبر المسطرة التفاوضية‬


‫طريقة من طرق إبرام الصفقات تختار بموجبها لجنة تفاوض نائال للصفقة بعد استشارة‪،‬‬
‫حسب الحالة‪ ،‬متنافس أو أكثر وبعد التفاوض في شأن شروط الصفقة‪96.‬‬

‫‪ 96‬تبرم الصفقات التفاوضية بإشهار مسبق وبعد إجراء منافسة أو بدون إشهار مسبق وبدون إجراء منافسة‪ .‬وحددت المادة ‪ 98‬حالة‬
‫اللجوء الى الصفقات التفاوضية‪.‬‬

‫‪P 53‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫ينصب هذا التفاوض على وجه الخصوص‪ ،‬على الثمن وأجل التنفيذ وتاريخ االنتهاء أو‬
‫التسليم وعلى شروط التنفيذ أو تسليم العمل وال يجوز في أي حال من األحوال‪ ،‬أن ينصب هذا‬
‫التفاوض على موضوع الصفقة ومحتواها‪.‬‬

‫‪ .1‬سندات الطلب ‪Bon de commande‬‬

‫يمكن لصاحب المشروع القيام بناء على سندات طلب باقتناء توريدات وبإنجازأشغال‬
‫أو خدمات‪ ،‬وذلك في حدود خمسمائة ألف ‪ 111.111‬درهم مع احتساب الرسوم‪.‬‬

‫يتم تقدير حد خمسمائة ألف (‪ )111.111‬درهما المشار إليه أعاله في إطار سنة مالية‬
‫واحدة‪ ،‬حسب أعمال من نفس النوع وحسب کل آمربالصرف أو آمربالصرف مساعد‪.‬‬

‫ثانيا‪ -‬إجراءات إبرام الصفقات العمومية على ضوء مرسوم ‪ 7‬مارس ‪1111‬‬

‫حدد المشرع المغربي جملة من اإلجراءات األساسية واإللزامية لعملية إبرام الصفقات‬
‫العمومية والتي يمكن تلخيصها فيما يلي‪:‬‬

‫‪ .5‬نشرالبرنامج التوقعي لثالث سنوات‬

‫من اجل تكريس مبدا الشفافية وإعطاء الحق في معلومة لجميع المقاوالت‬
‫والمؤسسات الراغبة في المشاركة في الصفقات العمومية وكذلك من اجل حكامة جيدة‬
‫للصفقات العمومية أكد المشرع المغربي من خالل المرسوم الجديد للصفقات العمومية على‬
‫ضرورة نشر البرنامج التوقعي لثالث سنوات (عوض سنة واحدة في مرسوم ‪ .)1151‬من خالل‬
‫المادة ‪ 59‬من مرسوم الصفقات العمومية يعين على صاحب المشروع‪ ،‬في بداية كل سنة مالية‪،‬‬
‫وقبل متم الثالثة أشهر األولى من على أبعد تقدير‪ ،‬بنشر البرنامج التوقعي لثالث سنوات‬
‫للصفقات التي يعتزم إبرامها برسم السنة المالية المعنية والسنتين المواليتين‪ .‬وذلك في جريدة‬
‫ذات توزيع وطني وفي بوابة الصفقات العمومية‪ .‬يعلق هذا البرنامج التوقعي‪ ،‬من لدن صاحب‬
‫المشروع‪ ،‬في مقارالهيئة التابع لها طيلة مدة ثالثين يوما على األقل‪.97‬‬

‫‪97‬يحب أن يتضمن البرنامج التوقعي لثالث سنوات على وجه الخصوص‪ ،‬ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬بالنسبة للسنة المالية المعنية‪ ،‬اإلشارة‪ ،‬بالنسبة لكل صفقة إلى موضوع الدعوة إلى المنافسة‪ ،‬وطبيعة العمل‪ ،‬ومكان التنفيذ‪ ،‬وطريقة‬
‫اإلبرام المعتزم اعتمادها‪ ،‬والتق دير المتوقع لكلفة العمل‪ ،‬والفترة الزمنية المتوقعة لنشر إعالن الدعوة إلى المنافسة‪ ،‬وعند االقتضاء‪ ،‬بيان‬
‫ما إذا كانت الصفقة مخصصة للمقاولة الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة وللتعاونية والتحاد التعاونيات وللمقاول الذاتي؛‬
‫‪-‬بالنسبة للسنتين المواليتين للسنة المعنية تقديم مجمع للمشاريع أو العمليات الرئيسية التي يعتزم صاحب المشروع إنجازها في إطار‬
‫البرمجة الميزانياتية الممتدة على ثالث سنوات‪.‬‬

‫‪P 54‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫‪ .1‬تحديد الحاجات‬

‫تكتس ي هذه المرحلة أهمية بالغة حيث تعتبر اول خطوة تقوم بها اإلدارة من اجل تلبية‬
‫حاجياتها من االشغال او التوريدات او الخدمات‪ .‬ونظرا ألهمية هذه المرحلة جاءت المادة ‪ 1‬من‬
‫مرسوم الصفقات العمومية بمجموعة من الضوابط التي يجب على اإلدارة اتباعها من اجل‬
‫تحديد حاجياتها‪.‬‬

‫حسب المادة ‪ 1‬من مرسوم الصفقات العمومية يجب على صاحب المشروع أن يقتصر‬
‫عند تحديد األعمال موضوع الصفقة‪ ،‬على االستجابة لطبيعة الحاجات المراد تلبيتها وحجمها‪.‬‬
‫كما يتعين على صاحب المشروع‪ ،‬قبل أي دعوة إلى المنافسة أو إجراء أي مفاوضة أن يحدد بكل‬
‫ما يمكن من الدقة الحاجات المراد تلبيتها‪ ،‬والمواصفات التقنية ومحتوى األعمال المزمع‬
‫تنفيذها‪ ،‬وأن يحرص عندما يستلزم إبرام الصفقة ذلك‪ ،‬على الحصول على التراخيص وعلى‬
‫القيام باإلجراءات المطلوبة بموجب النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل‪.98‬‬

‫ومن مستجدات المرسوم الجديد للصفقات العمومية فيما يتعلق بصفقات األشغال‬
‫يتعين على صاحب المشروع‪ ،‬قبل الشروع في مسطرة إبرام الصفقة التأكد عند االقتضاء‪ ،‬من‬
‫تصفية الوعاء العقاري المزمع إنجازالمشروع عليه‪ ،‬ما عدا في حالة الحصول على ترخيص من‬
‫رئيس الحكومة‪ .99‬وفيما يتعلق بإنجاز األعمال التي تتضمن مكونا حرفيا‪ ،‬يتم تحديد الحاجات‬
‫من لدن صاحب المشروع على أساس منتوجات الصناعة التقليدية المغربية‪ .‬وبصفة عامة‬
‫يجب تحديد الحاجات على أساس منتوجات مغربية المنشأ أو باإلحالة إلى معايير مغربية‬
‫معتمدة‪ .‬وفي حالة انعدامهما يتم تحديد الحاجات على أساس منتوجات أجنبية المنشأ‬
‫تستجيب للمعايير المطبقة في المغرب أو للمعايير الدولية في حالة عدم وجود معايير مطبقة في‬
‫المغرب‪ .‬كما يجب أن تحدد المواصفات التقنية لألعمال موضوع الصفقة وفق معاييرتتعلق‪،‬‬
‫على وجه الخصوص‪ ،‬بالنجاعة والقدرة والجودة المطلوبة‪.‬‬

‫‪ .1‬اعداد تقديركلفة االعمال‬

‫قبل أي دعوة إلى المنافسة أو إجراء أي مفاوضة‪ُ ،‬يعد صاحب المشروع تقديرا لكلفة‬
‫األعمال المزمع إنجازها‪ ،‬حسب خصائص ومحتوى هذه األعمال واألثمنة المطبقة في السوق‪،‬‬

‫‪98‬المادة ‪ 1‬من مرسوم الصفقات العمومية‪.‬‬


‫‪99‬المادة ‪ 1‬من مرسوم الصفقات العمومية‬

‫‪P 55‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫مع مراعاة جميع االعتبارات واإلكراهات المتعلقة على وجه الخصوص‪ ،‬بشروط وأجل التنفيذ‪.‬‬
‫كما يمكن إعداد تقدير كلفة األعمال على أساس مراجع األثمان في حالة وجودها‪ .‬يتضمن‬
‫التقدير المعد‪ ،‬وفقا لمقتضيات المادة ‪ 6‬من مرسوم الصفقات العمومية مختلف األثمان‬
‫الواردة حسب الحالة‪ ،‬في جدول األثمان‪ ،‬البيان التقديري المفصل‪ ،‬وجدول األثمان والبيان‬
‫التقديري المفصل‪ ،‬وجدول الثمن اإلجمالي‪ ،‬ويقصد بالمبلغ اإلجمالي للتقدير مبلغ التقدير مع‬
‫احتساب جميع الرسوم‪.100‬‬

‫إذا كانت الصفقة محصصة‪ ،‬قام صاحب المشروع بإعداد تقدير لكل حصة‪ .‬يضمن‬
‫تقدير كلفة األعمال في وثيقة مكتوبة وموقعة من لدن صاحب المشروع‪ .‬يحتفظ بهذه الوثيقة‬
‫في ملف الصفقة‪.‬‬

‫‪ .1‬اعداد ملف طلب العروض‬

‫يتضمن ملف طلب العروض ما يلي‪:‬‬

‫أ) اإلعالن عن طلب العروض أو الرسالة الدورية المنصوص عليها في المادة ‪ 15‬من مرسوم‬
‫الصفقات العمومية حسب الحالة؛‬

‫ب) دفترالشروط الخاصة هو عبارة عن وثائق تتضمن مجموعة من القواعد واألحكام التي‬
‫تضعها اإلدارة مسبقا بإرادتها المنفردة‪ ،‬وذلك قبل أي دعوة للمنافسة بما لها من‬
‫إمتيازات السلطة العامة ‪ ،‬حيث تطبق على عقودها وصفقاتها العمومية‪ ،‬حيث تمكن‬
‫المترشحين من التعرف على طبيعة ومضمون الخدمة‪ ،‬و مكان التركيب أو التسليم و‬
‫مقتضيات الضمان أو الصيانة‪ ،‬كما تحدد اإلختيارات و المقاييس التي سوف تستعمل‬
‫لمعرفة مدى مطابقة المنتوج الذي سيستلم أو األعمال التي ستنجز‪ ،‬و من جهة أخرى‬
‫تحدد فيه‪ :‬الشروط العامة و إلتزامات المتعاقد‪ ،‬مبلغ الكفالة‪ ،‬التعويضات‪،‬‬
‫الضمانات‪ ،‬التأمينات‪ ،‬العقوبات‪ ،‬شروط فسخ العقد و التسبيقات التي يستفيد منها‬
‫المتعاقد و كيفيات الدفع‪ ،‬ومن ثم يمكن القول أن دفتر الشروط الخاصة يشكل جزءا‬
‫مهما في ملف الصفقة‪ ،‬ذلك أنه يحدد شروط إبرام الصفقة و كيفيات تنفيذها في إطار‬
‫األحكام التنظيمية ‪.‬‬

‫‪100‬المادة ‪ 6‬من مرسوم الصفقات العمومية‬

‫‪P 56‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫ت) التصاميم والوثائق التقنية عند االقتضاء؛‬

‫ث) عقد االلتزام المشار إليه في المادة ‪ 11‬من مرسوم الصفقات العمومية والذي يلتزم‬
‫بموجبه المتنافس بإنجاز االعمال موضوع الصفقة طبقا للشروط المنصوص عليها في‬
‫دفاترالتحمالت وذلك مقابل ثمن يقترحه؛‬

‫ج) جدول األثمان او البيان التقديري المفصل؛‬

‫ح) التصريح بالشرف؛‬


‫التصريح بمخطط التحمل؛ ‪101‬‬ ‫خ)‬

‫د) نظام االستشارة هو وثيقة تحدد شروط تقديم العروض ومعايير وكيفيات إسناد‬
‫الصفقة‪ .‬يكون كل طلب عروض موضوع نظام استشارة يعده صاحب المشروع؛‬

‫طبقا لمقتضيات المادة ‪ 15‬من مرسوم الصفقات يبين نظام االستشارة‪ ،‬على وجه‬
‫الخصوص‪ ،‬البيانات التالية‪:‬‬

‫الئحة الوثائق التي يجب أن يدلي بها المتنافسون؛‬

‫معايير قبول المتنافسين واسناد الصفقة‪ .‬ويجب ان تكون لهذه المعايير صلة‬
‫مباشرة بموضوع الصفقة المراد ابرامها‪ ،‬وان تكون موضوعية‪ ،‬وان ال تكون‬
‫تمييزية وغيرمتناسبة مع محتوى االعمال المزمع إنجازها؛‬

‫نسبة خمسة عشرة في المئة (‪ )%51‬المطبقة في إطار األفضلية الوطنية‬


‫المنصوص عليها في المادة ‪ 519‬من نفس المرسوم؛‬

‫العملة أو العمالت القابلة للتحويل التي يجب أن يعبر بها عن ثمن العرض المالي‪،‬‬
‫إذا كان المتنافس غيرمقيم بالمغرب؛‬

‫اللغة أو اللغات التي يجب أن تحرر بها الوثائق المضمنة في الملفات والعروض‬
‫المقدمة من لدن المتنافسين؛‬

‫‪101‬وهو التصريح الذ ي يعده المتنافس والذي يبين الصفقات العمومية التي يتولى تنفيذها‪ ،‬بصفته صاحب الصفقة او بصفته متعاقدا‬
‫من الباطن‪ ،‬عند تقديم عرضه الى صاحب المشروع؛‬

‫‪P 57‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫عند االقتضاء‪ ،‬الشروط والكيفيات التي يتم وفقها فحص العروض البديلة‬
‫وتقيمها بالمقارنة مع الحل األساس ي المنصوص عليه في دفترالشروط الخاصة؛‬

‫عند االقتضاء‪ ،‬العدد األقص ى للحصص التي يمكن إسنادها إلى نفس المتنافس‬
‫وطريقة إسناد الحصص مجموعة القانون المغربي؛‬

‫عند االقتضاء‪ ،‬رقم الثمن أو األثمنة األحادية األساسية وبيانها ومبلغها التقديري‬
‫أو مبالغها التقديرية؛‬

‫‪ .1‬االعالن عن الصفقة ‪La publicité‬‬

‫اإلعالن عن المناقصة يهدف إلى إضفاء الشفافية على العمل اإلداري‪ ،‬حيث يتم إعالم‬
‫المتنافسين المعنيين ‪ ،‬مما يفسح املجال للمنافسة و يضمن إحترام مبدأ المساواة و يسمح‬
‫لإلدارة بإختيار أفضل العروض‪ ،‬و طبقا للمادة ‪ 11‬من مرسوم ‪ 7‬مارس ‪ 1111‬المتعلق‬
‫بالصفقات العمومية‪ ,‬فالنشرإجباري وذلك في بوابة الصفقات العمومية و في جريدتين توزعان‬
‫على الصعيد الوطني على االقل ‪ ,‬يختارهما صاحب المشروع ‪ ,‬تكون احداهما باللغة العربية‬
‫‪.‬ينشر االعالن بلغة نشر كل من الجريدتين اللتين تم اختيارهما ‪ ،‬و يجب أن تحتوي اإلعالنات‬
‫على المعلومات المنصوصة عليها في الفقرة االولى من المادة ‪ 11‬من المرسوم السالف الذكر ‪.‬‬

‫‪ .6‬إيداع العروض‬

‫بعد اإلعالن عن الصفقة يتقدم المتعهدون بعطاءاتهم وعروضهم إلى اإلدارة المعنية‬
‫من خالل األجل املحدد من طرف اإلدارة‪ ،‬ويبقى المتعهد ملتزما بعرضه طيلة مدة األجل‪ .‬حيث‬
‫نصت المادة ‪ 16‬من مرسوم الصفقات العمومية على ان المتنافسين يظلون ملتزمين بالعروض‬
‫التي قدموها طيلة مدة ستين يوما تسري‪ ،‬حسب الحالة‪ ،‬ابتداء من تاريخ جلسة فتح األظرفة أو‬
‫من تاريخ توقيع الصفقة من لدن نائل الصفقة عندما تكون هذه الصفقة صفقة تفاوضية‪.102‬‬

‫‪ .9‬فتح األظرفة وإرساء الصفقة‬

‫‪102 .‬غير أنه إذا اعتبرت لجنة طلب العروض أنه يتعذر عليها تحديد اختيارها خالل أجل صالحية العروض المنصوص عليه‪ ،‬يطلب‬
‫صاحب المشروع‪ ،‬قبل انتهاء هذا االجل‪ ،‬من المتنافسين المعنيين‪ ،‬بواسطة رسالة موجهة عن طريق البريد المضمون مع إشعار‬
‫بالتوصيل‪ ،‬تمديد أجل صالحية عروضهم لمدة إضافية يحددها‪.‬‬

‫‪P 52‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫تكون جلسة فتح اظرفة المتنافسين عمومية‪ .‬وتنعقد هذه الجلسة في المكان واليوم‬
‫والساعة املحددة في إعالن طلب العروض أو في الرسالة الدورية‪ .‬إذا صادف هذا اليوم يوم عيد‬
‫أو عطلة‪ ،‬تعقد الجلسة في نفس الساعة من يوم العمل الموالي ‪.‬تتم مسطرة فتح األظرفة طبقا‬
‫لمقتضيات المواد من ‪ 17‬الى ‪11‬ويتم اخبار نائل الصفقة بقبول عرضه من طرف صاحب‬
‫المشروع‪ ،‬وذلك برسالة مضمونة مع اشعار بالتوصل او باي وسيلة تعطي تاريخا مؤكدا‪ ،‬داخل‬
‫أجل ال يتعدى ثالثة أيام ابتداء من تاريخ انتهاء أشغال لجنة طلب العروض ‪.‬كما يخبر أيضا‬
‫صاحب المشروع‪ ،‬داخل االجل نفسه‪ ،‬المتنافسين المقصيين‪ ،‬مع بيان أسباب رفض‬
‫عروضهم‪ ،‬وذلك بواسطة رسالة موجهة عن طريق البريد المضمون مع إشعار بالتوصل‪ .‬ترفق‬
‫هذه الرسالة بالوثائق المضمنة في ملفاتهم وذلك طبقا للمادة ‪ 19‬من المرسوم‪.‬‬

‫‪ .7‬المصادقة على الصفقة وتبليغها‬

‫ال تعتبر الصفقات التي تبرمها الدولة والجماعات الترابية صحيحة ونهائية اال بعد‬
‫المصادقة عليها من لدن السلطة املختصة ‪.‬كما ال تعتبر الصفقات التي تبرمها المؤسسات‬
‫العمومية صحيحة ونهائية إال بعد المصادقة عليها من لدن السلطة املختصة والتأشيرعليها من‬
‫لدن مر اقب الدولة‪ ،‬إذا كان هذا التأشير إلزاميا ‪.‬ال تعتبر الصفقات التي تبرمها االشخاص‬
‫االعتبارية االخرى الخاضعة للقانون العام والمشار إليها في المادة ‪ 1‬من مرسوم ‪ 7‬مارس ‪1111‬‬
‫صحيحة ونهائية إال بعد المصادقة عليها من لدن السلطة املختصة‪.‬‬

‫ال تتم المصادقة على الصفقات من لدن السلطة املختصة إال بعد انصرام أجل انتظار‬
‫مدته خمسة عشريوما تبتدئ من اليوم الموالي لتاريخ انتهاء أشغال لجنة فتح األظرفة أو لتاريخ‬
‫توقيع الصفقة من لدن نائلها إذا كانت هذه الصفقة صفقة تفاوضية‪ .‬وحددت المادة ‪511‬من‬
‫مرسوم السالف الذكر أجل تبليغ المصادقة على الصفقة إلى نائلها في أجل أقصاه ستون يوما‬
‫ابتداء من تاريخ فتح األظرفة أو تاريخ التوقيع على الصفقة من لدن نائلها‪ ،‬إذا كانت هذه‬
‫الصفقة تفاوضية‪.‬‬

‫‪P 57‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫المطلب الثاني‪ :‬المنازعات المتعلقة بإبرام الصفقة العمومية‬

‫إن الغرض األساس ي من إبرام الصفقات العمومية يكمن في تحقيق المصلحة والمنفعة‬
‫العامة‪ ،‬وبإعتبار الصفقات العمومية من أهم الوسائل التي تمكن اإلدارة من إنجاز مختلف‬
‫األشغال‪ ،‬و اقتناء اللوازم الضرورية من أجل تحقيق مختلف الخدمات والمشاريع المراد‬
‫إنجازها‪.‬‬

‫وللصفقة العمومية أهمية كبيرة في تجسيد هذه المشاريع والبرامج‪ ،‬وذلك عن طريق‬
‫تدخل الدولة بوضع مبالغ مالية مهمة‪ ،‬األمر الذي يحتم على اإلدارة أثناء قيامها بالتعاقد أن‬
‫تبحث على الطرف األكثر كفاءة‪ ،‬والذي يقدم لها أحسن و أفضل العروض وذلك حتى تتأكد‬
‫الدولة من اإلستجابة لألهداف المسطرة هذا من جهة ومن جهة أخرى احترام اإلدارة ألهم‬
‫المبادئ األساسية في عقد الصفقة العمومية‪ ،‬وهي حرية الولوج الى الصفقات العمومية‬
‫واحترام الشفافية والمنافسة والمساواة بين المترشحين ‪.103‬‬

‫كما نجد أن المشرع المغربي نص على احترام و مراعاة هذه المبادئ التي تقوم عليها‬
‫إجراءات إبرام الصفقات العمومية‪ ،‬وقام أيضا باستحداث مبدأين اخرين ال يقالن اهمية عن‬
‫المبادئ األخرى ‪ ،‬أال وهما النجاعة و الحكامة الجيدة ‪.‬و طبقا لمقتضيات المادة األولى من‬
‫المرسوم السالف الذكريتوجب على صاحب المشروع اخد بعين االعتبار‪ ،‬عند إبرام الصفقات‬
‫العمومية‪ ،‬حسب الحالة‪ ،‬االبعاد االقتصادية واالجتماعية والبيئية وااليكولوجية وكذا أهداف‬
‫التنمية المستدامة والنجاعة الطاقية والحفاظ على الموارد المائية وتثمين المنظر المعماري‬
‫وحماية التراث الوطني والمأثر التاريخية ومتطلبات تشجيع االبتكار والبحث والتطوير ‪.‬تروم كل‬
‫هذه المبادئ تأمين فعالية الصفقات العمومية وحسن استعمال المال العام‪ .‬كما تجدر‬
‫اإلشارة الى ان أي إخالل بهذه القواعد والمبادئ يؤدي إلى نشوء منازعات‪ ،‬ومن هنا تظهر‬
‫منازعات الصفقات العمومية المتعلقة بمرحلة اإلبرام‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬اإلخالل بمبدأ الشفافية والعالنية‬

‫ظهر مصطلح الشفافية في الثمانينات في العلوم اإلدارية‪ ،‬بعدها أستخدم في عدة‬


‫قوانين لغرض تقريب المواطن من اإلدارة‪ ،‬وبعدها انتقل إلى املجال السياس ي ثم املجال‬

‫‪103‬المادة األولى من مرسوم الصفقات العمومية‬

‫‪P 60‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫اإلقتصادي‪ ،‬وبعد التسعينات اتسع هذا المصطلح في العقود العامة خاصة عقود الصفقات‬
‫العمومية‪.104‬‬

‫فالشفافية في مجال الصفقات العمومية بمثابة الضمانة القانونية التي تؤكد أن‬
‫عمليات إختيارالمتعامل المتعاقد مع اإلدارة قد تمت وفق وسائل مشروعة وقانونية‪ ،‬فالتعامل‬
‫دون احترام مبدأ الشفافية من شأنه أن يخلق أعمال غيرمشروعة وغيرنزيهة‪ ،‬وعلى اإلدارة أثناء‬
‫إبرام الصفقات العمومية أن تلتزم بالشفافية‪ ،‬حيث تفسح املجال إلشراك جميع األشخاص‬
‫واألفراد الذين يهمهم األمر والذين تتحقق فيهم و تنطبق عليهم شروط المشاركة ‪ ،‬حيث يخبر‬
‫المهتمين بالمناقصة و إبالغهم بالشروط العامة للعقد و كيفية الحصول على ملف طلب‬
‫العروض و المواصفات و قائمة األسعار‪ ،‬ولشفافية في مجال الصفقات العمومية أهمية كبيرة‬
‫كونها الضمانة القانونية لحماية األموال العمومية من الضياع وكشف مختلف التالعبات‬
‫والممارسات الغيرالمشروعة أثناء التعاقد‪ ،‬واالبتعاد من ساحة الفساد‪.105‬‬

‫و أقر المشرع المغربي بوجوب اتخاذ جميع التدابير الالزمة‪ ،‬وذلك من أجل تعزيز‬
‫الشفافية والمسؤولية والعالنية في ابرام الصفقات العمومية‪ .‬وتتجلى هذه التدابير التي من‬
‫شانها تكريس مبدا الشفافية من خالل‪:‬‬

‫‪-‬عالنية المعلومات المتعلقة بإجراءات إبرام الصفقات العمومية‪،‬‬

‫‪ -‬اإلعداد المسبق لشروط المشاركة واالنتقاء‪،‬‬

‫‪-‬وضع معايير موضوعية ودقيقة التخاذ القرارات المتعلقة بإبرام الصفقات العمومية‪،‬‬

‫‪ -‬ممارسة كل طرق الطعن في حالة عدم إحترام قواعد إبرام الصفقات العمومية‪.‬‬

‫ومن خالل هذه القواعد نجد أن مبدأ الشفافية يقوم على مبدأ أخرال يقل أهمية‪ ،‬وهو‬
‫مبدأ العالنية الذي يعتبر وسيلة لضمان الشفافية‪ ،‬وبالتالي إحترام القانون‪ ،‬فمبدأ العالنية‬
‫يهدف إلى اإلعالن عن المناقصة مثال عن طريق فتح مجال التعاقد أمام كل من يجد لديه القدرة‬

‫‪104‬رجدال فتيحة –سعداوي فطيمة‪ ,‬منازعات الصفقات العمومية‪ ,‬مذكرة التخرج لنيل شهادة الماجستير في القانون العام ‪,‬بجاية ‪4941‬‬
‫ص ‪.41‬‬
‫‪ 105‬زوزو زوليخة‪ ,‬جرائم الصفقات العمومية و اليات مكافحتها في ظل القانون المتعلق بالفساد‪ ,‬مذكرة التخرج لنيل شهادة الماجستير‬
‫في القانون الجنائي ‪,‬ورقلة‪,4944,‬ص ‪.488-489‬‬

‫‪P 61‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫والمتطلبات الالزمة لتنفيذ العملية موضوع الصفقة‪ ،‬ومن أجل ضمان علم األفراد المهتمين‬
‫بموضوع الصفقة ولكي يتسنى لهم تقديم عروضهم في المواعيد واآلجال املحددة‪.106‬‬

‫والمشرع المغربي في نص المادة ‪ 11‬من المرسوم‪ ،‬نص على وجوب والزامية اإلشهار‬
‫الصحفي وااللكتروني (عبر بوابة الصفقات العمومية) للصفقة العمومية‪ ،‬كما تنص نفس‬
‫المادة من نفس المرسوم على وجوب احتواء االعالن على مجموعة من الشروط والبيانات التي‬
‫يجب أن تتوفر في اإلعالن‪ ،‬وذلك من أجل جعله في صورة واضحة لموضوع الصفقة المراد‬
‫إبرامها‪.‬‬

‫وفي األخير نخلص إلى أن وسيلة اإلشهار بمثابة الضمانة التي تمكن اإلدارة من تبيان‬
‫إحترامها لهذا المبد أ وهذا عن طريق تطبيقها الصارم إلجراءات اإلشهارالمنصوص عليها قانونا‬
‫لإلعالن عن الصفقة‪ ،‬غير أن تطبيق إجراءات اإلشهار لوحدها ال يفي بالغرض‪ ،‬بإعتبار أن‬
‫اإلدارة قد أوفت بإلتزامها لبلوغها مبدأ الشفافية فاألمر يطلب أيضا أن يكون محتوى ملف‬
‫طلب العروض خاليا من كل ما من شانه ان يمس مبدأ الشفافية‪107.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬اإلخالل بمبدأ المنافسة‬

‫يقصد بمبدأ حرية المنافسة إعطاء الفرصة لكل من تتوفر فيه شروط التقدم‬
‫للمناقصة‪ ،‬وذلك لغرض عرضها على اإلدارة المتعاقدة من أجل إمكانية إختيار أفضل‬
‫المتعاقدين ‪ ،‬حيث تعتبر هذه الكيفية لمدة طويلة كقاعدة إلبرام الصفقات العمومية‪ ،‬وذلك‬
‫لتو افقها مع مفهوم الليبرالية االقتصادية بقيامها على مبدأ المنافسة و بتو افقها مع مفهوم‬
‫المصلحة العامة‪ ،‬لكن هذا المبدأ ال يمحي سلطة اإلدارة المتعاقدة في تقدير صالحيات‬
‫العارضين و كفاءتهم على أساس مقتضيات المصلحة العامة‪ ،‬بل تتمتع بسلطة تقديرية في‬
‫استبعاد األشخاص غير األكفاء في التعاقد ولها أن تستخدم هذا الحق في كافة مراحل العملية‬
‫التعاقدية‪ ،‬ولكن يجب أن يكون بنصوص قانونية أو بشروط تضعها اإلدارة المتعاقدة‬
‫نفسها‪.108‬‬

‫‪106‬عوابدي عمار‪ ،‬دروس في القانون اإلداري‪(,‬د ‪,‬ط)‪,‬ديوان المطبوعات الجامعية الجزائر‪ 4999,‬ص‪419‬‬
‫‪107‬رجدال فتيحة –سعداوي فطيمة‪ ,‬منازعات الصفقات العمومية‪ ,‬مذكرة التخرج لنيل شهادة الماجستير في القانون العام ‪,‬بجاية ‪4941‬‬
‫ص ‪46‬‬
‫‪108‬رجدال فتيحة –سعداوي فطيمة‪ ,‬منازعات الصفقات العمومية‪ ,‬مذكرة التخرج لنيل شهادة الماجستير في القانون العام ‪,‬بجاية ‪4941‬‬
‫ص ‪41‬‬

‫‪P 62‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫واإلدارة أو المصلحة المتعاقدة ملزمة بإحترام هذا المبدأ ‪ ،‬فال يمكن لها أن تقوم بمنع‬
‫متعهد أو إقصاءه من المشاركة إال في حالة عدم توفر الشروط المنصوص عليها في المناقصة‪،‬‬
‫و تعتبر المشاركة أمر اختياري و متروك للمتعاقد‪ ،‬غير أن اإلدارة تتمتع ببعض الصالحيات و‬
‫االمتيازات التي تخول لها إبعاد المتعاقد األقل كفاءة في نضرها ولها الحق في ذلك‪ ،‬إال أنها ال‬
‫يمكن لها أن تقوم بإبعاد المتعاهدين الراغبين في المشاركة والذين تتوفر فيهم جميع الشروط‬
‫القانونية المطلوبة ‪ ،‬كأن يقوما بتقديم أحسن العروض من الناحية التقنية والمالية‪ ،‬وأن تقف‬
‫اإلدارة موقفا مبدأ حياديا إزاء كل المتنافسين وليس لها أن تقوم بتفضيل مرشح على أخر ‪ ،‬و‬
‫اال عد فعلها من قبيل املحاباة وعليه فبمجرد تجسيد مبدأ حرية المنافسة بين مختلف‬
‫المتعاقدين والمتعهدين و المقاولين مع اإلدارة فإن ذلك يضمن الشفافية في مختلف‬
‫التعامالت التي تقوم بها اإلدارة‪ ،‬و ذلك من أجل تدعيم المنافسة بين أكبر عدد ممكن من‬
‫المهتمين بالنشاط موضوع الصفقة‪ ،‬فال يتم التعاقد على فئة من األشخاص محددين‬
‫بذواتهم‪.109‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬اإلخالل بمبدأ المساواة في التعامل مع المتنافسين‬

‫يقصد بمبدأ المساواة تحقيق المعاملة المتساوية بين كافة المتنافسين‪ ،‬وذلك عن‬
‫طريق تطبيق نفس األحكام والشروط على جميع المشاركين دون تفضيل أثناء التعاقد‪ ،‬واإلخالل‬
‫بهذا المبدأ يتمثل في وسائل التمييز بين متعامل وآخر‪ .‬كان يتم تفضيل بعض المتنافسين دون‬
‫البقية في االطالع على ملف طلب العروض او بعض الوثائق التكميلية للملف كالتصاميم‪ ،‬أو أن‬
‫تقوم اإلدارة بالمفاوضات بشأن إرساء الصفقة مثال على متنافس واحد دون سواه ‪.110‬‬

‫إن تحقيق هذا المبدأ يضمن سالمة المتعاقد مع اإلدارة من خطر االستبعاد غير‬
‫القانوني و غير المنصف في حقه أثناء التعاقد‪ ،‬و تجدر اإلشارة إلى أن مرسوم الصفقات‬
‫العمومية اكد في مادته األولى على وجوب احترام هذا المبدأ و لعل السبب هو رغبة المشرع‬
‫المغربي في تحقيق المساواة بين جميع المترشحين ‪ ،‬و ذلك أثناء إبرام مختلف التعامالت ‪ ،‬و من‬
‫أجل منع مختلف التجاوزات و تجدراإلشارة أن اإلدارة أو المصلحة المتعاقدة ملزمة بالمعاملة‬

‫‪109‬رجدال فتيحة – سعداوي فطيمة‪ ,‬منازعات الصفقات العمومية‪ ,‬مذكرة التخرج لنيل شهادة الماجستير في القانون العام ‪,‬بجاية ‪4941‬‬
‫ص ‪.41‬‬
‫‪110‬رجدال فتيحة –سعداوي فطيمة‪ ,‬منازعات الصفقات العمومية‪ ,‬مذكرة التخرج لنيل شهادة الماجستير في القانون العام ‪,‬بجاية ‪4941‬‬
‫ص ‪.49‬‬

‫‪P 63‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫المطابقة لجميع المترشحين‪ ،‬فليس لها أن تتعاقد على أساس اعتبارات تفضيلية ألن من شأن‬
‫ذلك أن يمس بمبدأ الشفافية‪ ،‬كما ليس لها أن تعفي أحد المترشحين ‪ ،‬و في حالة عدم امتثال‬
‫اإلدارة لذلك فإن قوانين العقوبات تكفل حماية مبدأ المساواة في الصفقات العمومية فتنص‬
‫على عقوبة لكل من يخل بهذا المبدأ‪.111‬‬

‫وفي األخير نخلص إلى أن المبادئ التي جاءت بها المادة األولى من مرسوم الصفقات‬
‫العمومية وكما تم التطرق اليها سابقا والتي تقوم عليها عملية إبرام الصفقات العمومية تقتض ي‬
‫بالضرورة إعالم كافة المتنافسين ومنحهم أجال محددا واخضاعهم لقواعد المنافسة الواحدة‬
‫دون أي تمييزبينهم‪ ،‬وأن تكون قواعد اختيارالمتنافسين واضحة ومحددة وتكون من قبل الجهة‬
‫املخولة قانونا لذلك‪.112‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬طرق تنفيذ الصفقات العمومية والمنازعات الناشئة عنها على ضوء‬
‫المرسوم رقم‪ 2.14.394‬المتعلق بدفتر الشروط اإلدارية العامة والمطبقة على صفقات‬
‫االشغال‪.‬‬

‫العقد اإلداري عقد يتكون من تقابل إرادتي الطرفين المتعاقدين (اإلدارة‪ ،‬والمتعامل‬
‫المتعاقد معها‪ )،‬واإلدارة عندما تقبل على إبرام العقد أو الصفقة تنفرد بوضع مجموعة من‬
‫الشروط‪ ،‬ويقتصر دور المتعاقد معها على قبول هذه الشروط أو رفضها‪ ،‬وعليه فإن إبرام هذا‬
‫العقد ال يتم إال عن طريق مو افقة ورض ى الطرف المتعاقد‪.113‬‬

‫واذا كانت قاعدة (العقد شريعة المتعاقدين )هي التي تسري على العقود بصفة عامة‪،‬‬
‫فنجد أن هذه القاعدة السالفة الذكر ال تطبق على إطالقها في العقود اإلدارية‪( ،‬هذه القاعدة‬
‫ال تلزم اإلدارة في العقود اإلدارية بقدر ما تلزمها في العقود المدنية) وتتميز العقود اإلدارية عن‬
‫باقي العقود األخرى أن أحد أطر افها يكون إداريا يعمل من أجل الصالح العام ومن أجل حسن‬
‫سير المرفق العام‪ ،‬وهذا ما يبرز اختالل في المساواة بين اإلدارة والطرف المتعاقد معها فيما‬

‫‪111‬في هذا الصدد بينت المحكمة اإلدارية بالرباط قسم القضاء الشامل بتاريخ ‪1/1/4944‬في الملف رقم ‪" 17/74/4944‬إن خطأ‬
‫اإلدارة في إقصاء المدعية من الصفقة‪ ،‬مخالف للمبادئ الدستورية المتصلة بالشفافية والنزاهة وحرية المنافسة واتصاله باألضرار‬
‫المادية والمعنوية المتمثلة في الخسارة الحقيقية وفوات الكسب الناتجة عن ضياع فرصة الفوز في الصفقة‪ ،‬فضال عن المساس بسمعتها‬
‫كشركة رائدة في السوق‪ ،‬يدل على قيام عناصر المسؤولية اإلدارية في حق الجماعة المدعى عليها"‪.‬‬
‫‪112‬رجدال فتيحة –سعداوي فطيمة‪ ,‬منازعات الصفقات العمومية‪ ,‬مذكرة التخرج لنيل شهادة الماجستير في القانون العام ‪,‬بجاية ‪4941‬‬
‫ص ‪.49‬‬
‫‪113‬رجدال فتيحة – سعداوي فطيمة‪ ,‬منازعات الصفقات العمومية‪ ,‬مذكرة التخرج لنيل شهادة الماجستير في القانون العام ‪,‬بجاية ‪4941‬‬
‫ص ‪.49‬‬

‫‪P 64‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫يخص الحقوق واإللتزمات الناشئة عن العقد‪ ،114‬كما نجد أن اإلدارة أثناء ممارستها لسلطاتها‬
‫وحقوقها كثيرا ما تتعسف في إستعمال هذه الحقوق ‪ ،‬مما يؤدي إلى إحتمال نشوب نزاعات و‬
‫خالفات خاصة في مرحلة تنفيذ الصفقة أو العقد المبرم بين الطرفين‬

‫وعليه خصص أن نخصص (المطلب األول) لتبيان مساطر تنفيذ الصفقات العمومية‬
‫أما (المطلب الثاني) فخصصناه إلبرازأهم المنازعات المتعلقة بمرحلة تنفيذ الصفقة‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬تنفيذ الصفقات العمومية‬

‫إن السبب األساس من إبرام الصفقات العمومية ‪ ،‬هو تنفيذها وينتج عن التنفيذ أثار‬
‫بالنسبة لكال الطرفين(المصلحة المتعاقدة‪ ،‬والمتعامل المتعاقد) ‪ ،‬وتنفيذ العقد بصفة عامة‬
‫في مجال العقود اإلدارية يمتاز بعدم المساواة بين األطراف المتعاقدة في الحقوق واإللتزمات‪،‬‬
‫ويترجم عدم المساواة في العقود اإلدارية لصالح اإلدارة ‪ ،‬وذلك باعتبار أن العقد مرتبط‬
‫بالمر افق العمومية التي تهدف إلى تحقيق الصالح العام‪ ،‬وهذا ما يجعل اإلدارة تنفرد بمجموعة‬
‫من السلطات واإلمتيازات التي تخلق تفاوتا بين الحقوق والواجبات بين اإلدارة و الطرف‬
‫المتعاقد معها‪ ،‬ومن أجل إبرازأهم اآلثارالناجمة لكال الطرفين يستوجب التطرق أوال لسلطات‬
‫اإلدارة في مواجهة المتعاقد معها ‪،‬و نتطرق إلى الحقوق والتزامات المتعامل مع اإلدارة ‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬سلطات اإلدارة إزاء المتعاقد معها‬

‫تتولى اإلدارة تنظيم ادارة المر افق العامة بما يكفل استمرار سيرها بانتظام واطراد‪،‬‬
‫وذلك لغرض إشباع الحاجات العامة‪ ،‬وتحقيق النفع العام ولكفالة قيام اإلدارة بهذه‬
‫المسؤوليات واالختصاصات الهامة‪ ،‬أقر لها القضاء والمشرع مجموعة من اإلمتيازات‬
‫والسلطات الهامة‪ ،‬وهي بمثابة حقوق تتمتع بها اإلدارة في العقد‪ ،‬كما يتمتع المتعاقد مع اإلدارة‬
‫بالمقابل بمجموعة من الحقوق واإللتزامات وبناء على ما سبق ذكره فإن أبرز السلطات التي‬
‫تتمتع بها اإلدارة تكمن في‪:‬‬

‫‪ -‬سلطة اإلشراف والتوجيه‪.‬‬

‫‪ -‬سلطة تعديل عقد الصفقة‪.‬‬

‫‪114‬عادل السعيد أبو الخير‪ ,‬القانون اإلداري‪,‬اإلسكندرية‪ ,‬مصر ص ‪ 661‬و‪.661‬‬

‫‪P 65‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫‪-‬سلطة توقيع الجزاءات على المتعامل المتعاقد‪.‬‬

‫أوالـ سلطة اإلشراف والتوجيه‪:‬‬

‫يقصد بها حق اإلدارة في مر اقبة تنفيذ العقد اإلداري والتأكد من أنه يتم وفق نصوص‬
‫العقد‪ ،‬ودفاترالشروط الخاصة سواء من الناحية المالية أو من الناحية التقنية‪ ،‬وكذا توجيه‬
‫أعمال التنفيذ المتفق عليها في بنود الصفقة واختيار أنسب الطرق والسبل التي تؤدي إليه‪،‬‬
‫والتحقق أيضا من قيام المتعامل المتعاقد بالتزاماته المالية تجاه اإلدارة وضبط كل ما يقوم‬
‫بينهما من روابط مالية‪.‬‬

‫كقاعدة عامة فسلطة اإلشراف والتوجيه تعتبرمن النظام العام ‪ ،‬فال يجوزاالتفاق على‬
‫مخالفتها أو التنازل عنها وهي حقوق ثابتة لإلدارة حتى وان لم ينص عليها العقد ‪ ،‬غير أن اإلدارة‬
‫ال يجوز لها أن تبالغ في ممارسة هذه السلطة إلى درجة تصل الى تغير طبيعة العقد أو الصفقة‪،‬‬
‫ألن تجاوزهذا النطاق يؤدي إلى آن نكون بصدد سلطة تعديل شروط العقد ‪ ،‬وهذا ما يرتب حق‬
‫للمقاول في المطالبة بالتعويض إذا تضرر من جراء ذلك ‪،‬و تتجسد سلطة اإلدارة في اإلشراف‬
‫والتوجيه في مرحلة تنفيذ الصفقة بتقيد حرية المتعاقد مع اإلدارة في تنفيذ العقد بأي وسيلة‬
‫كانت‪ ،‬كما لها كامل الحق في المر اقبة على مدى احترام اإللتزامات المتفق عليها في بنود‬
‫العقد‪.115‬‬

‫وسلطة اإلدارة في اإلشراف والتوجيه أثناء تنفيذ الصفقة ال تخص نوع واحد من العقود‬
‫فهي مقررة لكافة العقود اإلدارية غير أن هذه السلطة تختلف من عقد ألخر ‪ ،‬فهي مرتبطة‬
‫بنوعية وطبيعة ودرجة إتصالها بالمرفق العام الذي تسهر اإلدارة على حسن تسيره في كافة‬
‫الظروف ‪ ،‬مثال‪ :‬في عقود األشغال العامة نجد أن اإلدارة تتمتع بسلطات واسعة في الرقابة و‬
‫التوجيه‪ ،‬فلها أن تأمرببدء التنفيذ ويقوم رجالها الفنيون بتحديد خطوات سيرالعمل ومواعيد‬
‫التسليم ‪ ،‬وما تقوم اإلدارة باستحداثه من تعديالت أثناء تنفيذ العقد‪ ،‬غيرأنه في عقود التوريد‬
‫نجد العكس تماما ‪،‬فنجد حق اإلدارة في اإلشراف والتوجيه يختلف حيث يكون محدود ‪،‬‬
‫فتدخل اإلدارة يقتصرفقط على فحص البضائع أو األدوات و أوضاع وطرق تنفيذ العقد ‪.‬‬

‫‪115‬رجدال فتيحة – سعداوي فطيمة‪ ,‬منازعات الصفقات العمومية‪ ,‬مذكرة التخرج لنيل شهادة الماجستير في القانون العام ‪,‬بجاية ‪4941‬‬
‫ص ‪.49‬‬

‫‪P 66‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫ثانيا ـ سلطة تعديل عقد الصفقة‪:‬‬

‫تتمتع اإلدارة إلى حد ما بسلطة تعديل أحكام عقد الصفقة بإرادتها المنفردة‪ ،‬وتعتبر‬
‫هذه السلطة أحد أهم مظاهر تميز العقد اإلداري عن العقد المدني‪ ،‬فنجد أن أحكام العقد‬
‫المدني تقر بأن العقد شريعة المتعاقدين‪ ،‬فال يجوزنقضه أو تعديله إال إذا اتفق الطرفان على‬
‫ذلك‪ ،‬وخالفا لذلك فإن العقد اإلداري وعلى عكس القواعد المعمول بها في مجال القانون‬
‫الخاص يمكن لجهة اإلدارة تعديله بإرادتها المنفردة‪ ،‬ويكاد فقه القانون والقضاء يجمع على أن‬
‫كل العقود اإلدارية قابلة لتعديل من جانب اإلدارة بما في ذلك عقود الصفقات العمومية‪.‬‬

‫تستمد هذه السلطة قوتها من القضاء اإلداري‪ ،‬وتعرف على أنها إمتياز قانوني يخول‬
‫لإلدارة من أجل المصلحة العامة وحسن سير المر افق العامة آن تعدل من مقدار إلتزامات‬
‫المتعاقد معها‪ ،‬وذلك إما بالزيادة أو النقصان وذلك عن طريق ألية تسمى الملحق‪ ،‬وبالعودة‬
‫للمرسوم رقم‪ 2.14.394‬المتعلق بدفتر الشروط اإلدارية العامة والمطبقة على صفقات‬
‫االشغال‪ ,‬وتحديدا المادة ‪ 51‬منه التي سمحت لإلدارة المتعاقدة إبرام مالحق ويعرف الملحق‬
‫على أنه عقد إضافي للصفقة االصلية يعاين اتفاق إرادة الطرفين ويهدف الى تغيير او تتميم بند‬
‫اوعدة بنود من السفقة‪ ،‬دون تغييرموضوعها اومحل تنفيذها‪ .‬واإلدارة أثناء إقبالها على تعديل‬
‫عقد الصفقة يجب عليها أن تتقيد ببنود دفتر الشروط اإلدارية العامة والمطبقة على صفقات‬
‫االشغال وتحديدا المادة ‪ 51‬التي حددت حاالت جوازاللجوء الى العقود الملحقة‪.‬‬

‫ثالثا ـ سلطة توقيع الجزاءات على المتعامل المتعاقد‪:‬‬

‫لإلدارة سلطة توقيع عقوبات على المتعاقد معها‪ ،‬وذلك في حالة ما إذا ثبت إهماله‬
‫وتقصيره في تنفيذ إلتزاماته التعاقدية‪ ،‬أو عدم مراعاته آلجال التنفيذ أو عدم إحترامه للشروط‬
‫التعاقدية‪ ،‬ولعال الهدف من توقيع تلك الجزاءات هو السعي إلى تأمين سيرالمرفق العام واجبار‬
‫الطرف المتعاقد مع اإلدارة على الوفاء بإلتزاماته التعاقدية على أكمل وجه‪ ،‬وتأخذ الجزاءات‬
‫املحتمل توقيعها على المتعامل المتعاقد عدة صوروأشكال منها‪:‬‬

‫‪ )5‬الجزاءات المالية‪:‬‬

‫‪P 67‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫هي العقوبات ذات الطابع المالي التي تسلط على المتعامل المتعاقد من أجل إجباره‬
‫على تنفيذ الصفقة‪ ،‬والتي تأخذ أحد الصور التالية‪ :‬فرض الغرامات‪ ،‬ومصادرة مبلغ الضمان‬
‫او الضمانات‪.‬‬

‫ا ـ فرض الغرامات‪ :‬إذا لم ينفذ المتعاقد مع اإلدارة إلتزاماته التعاقدية في األجال المقررة‬
‫أو نفذها تنفيذا غير مطابق للمواصفات المتفق عليها‪ ،‬جاز لإلدارة فرض غرامات مالية عليه‪،‬‬
‫وهوما أكدته المادتين ‪ 61‬و‪ 66‬من نص المرسوم رقم‪ 2.14.394‬المتعلق بدفترالشروط اإلدارية‬
‫العامة والمطبقة على صفقات االشغال‪ ،‬وتدخل ضمن فرض الغرامة صورتان وهما‪:‬‬

‫‪ -‬الغرامة التأخيرية‪ :‬في حالة تأخر المتعامل المتعاقد في تنفيذ الصفقة العمومية في‬
‫أجلها وموعدها املحدد‪ ،‬تلجأ المصلحة المتعاقدة إلى الغرامة التأخيرية‪ ،‬وذلك جزاء تأخره في‬
‫اإلنجاز ولضمان حسن سير المر افق العامة واستمرارها في تلبية اإلحتياجات العامة للجمهور‬
‫وفي هذا الصدد يتم تطبيق غرامة عن كل تأخير إذا كان التأخير يتعلق باآلجال اإلجمالي لتنفيذ‬
‫الصفقة ما عدا إذا نص دفتر الشروط الخاصة على خالف ذلك‪ ،‬يحدد مبلغ هذه الغرامة في‬
‫واحد على ألف من مبلغ الصفقة‪.‬‬

‫‪ -‬الغرامة الناجمة عن اإلخالل باإللتز امات التعاقدية‪ :‬يمكن أن توقع على المتعامل‬
‫المتعاقد في حالة التنفيذ الغيرالمطابق لبنود وأحكام الصفقة العمومية غرامات مالية نتيجة‬
‫إخالله بإلتزاماته التعاقدية‪ ،‬من حيث عدم اإللتزام بتنفيذ الصفقة طبقا للمواصفات المتفق‬
‫عليها‪ ،‬وحتى يضفي المشرع المغربي طابع المشروعية إشترط تحديد نسبة العقوبات وكيفية‬
‫فرضها أو اإلعفاء عنها في دفاتر الشروط الخاصة‪ ،‬كما ألزم المصلحة المتعاقدة بتضمين كل‬
‫صفقة نسبة العقوبات المالية‪ ،‬وتقتطع الغرامات المالية من الدفعات‪.‬‬

‫ب ـ مصادرة مبلغ الضمان‪ :‬ألزم قانون تنظيم الصفقات العمومية المصلحة المتعاقدة‬
‫الحصول على الضمانات الضرورية التي تضمن تنفيذ الصفقة‪ ،‬وهذا ما نصت عليه نص المادة‬
‫‪51‬المتعلق بدفتر الشروط اإلدارية العامة والمطبقة على صفقات االشغال‪ ،‬وتتمثل هذه‬
‫الضمانات أساسا في الضمان المؤقت الذي ال يجب ان يتجاوز مبلغه اثنين بالمائة من المبلغ‬
‫التقديري لكلفة االعمال المعد من لدن صاحب المشروع والضمان النهائي يحدد مبلغه في ثالثة‬
‫في المائة من المبلغ األصلي للصفقة مع تحويل السنتيمات الى الدرهم األعلى ما عدا اذا نص‬
‫دفتر الشروط الخاصة على خالف ذلك ‪ ،‬وذلك حسب نص المادة ‪ 51‬من المرسوم السالف‬

‫‪P 62‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫الذكر‪ ،‬و االقتطاع الضامن حيث في غياب بنود مخالفة في دفتر الشروط الخاصة ‪,‬يتم خصم‬
‫اقتطاع ضامن من الدفعات المسلمة الى المقاول و ذلك طبقا للشروط المقررة في المادة ‪61‬‬
‫من المرسوم السالف الذكر‪.‬‬

‫‪ )1‬الفسخ‪:‬‬

‫تنص المادة ‪ 97‬من المرسوم المتعلق بدفتر الشروط اإلدارية العامة والمطبقة على‬
‫صفقات االشغال على ما‪ :‬يلي " يوجه صاحب المشروع إعذارا إلى المقاول يبلغ إليه بأمر‬
‫بالخدمة يبين فيه بالتحديد اإلخالالت المسجلة ضده واألجل الذي عليه ان يعالج فيه هذه‬
‫اإلخالالت‪." .‬‬

‫حيث ال يجوز أن يقل هذا األجل عن خمسة عشر (‪ )51‬يوما من تاريخ تبليغ اإلعذار‪ ،‬ما‬
‫عدا إذا ارتأى صاحب المشروع أن هناك استعجال‪.‬‬

‫وإذا انصرم هذا األجل‪ ،‬ولم يقم المقاول بتنفيذ التدابير المبينة في اإلعذار‪ ،‬تقوم‬
‫السلطة املختصة خالل أجل أقصاه ثالثون (‪ )11‬يوما بعد انتهاء التاريخ املحدد في اإلعذار‬
‫التصريح بإحدى اإلجراءات التالية حسب خطورة اإلخالالت‪:‬‬

‫ا ـ فسخ الصفقة‪ ،‬ويمكن أن يكون هذا الفسخ إما فسخ بدون قيد أو شرط وإما فسخ‬
‫مقرون بحجز الضمان النهائي ويتم اقتطاع المبلغ المطابق اإلصالح االختالالت أو العيوب‬
‫المعاينة نسبيا من مبلغ االقتطاع الضامن وعند االقتضاء من المبالغ المستحقة للمقاول دون‬
‫اإلخالل بحقوق الممكن القيام بها ضده بأية وسيلة من وسائل التحصيل إما الفسخ متبوعا‬
‫بإبرام صفقة جديدة مع مقاول آخر أو تجمع على نفقة ومخاطر المقاول األولي إلتمام األشغال‬
‫طبقا لمقتضيات المادة ‪ 76‬من المرسوم ‪ 1.51.117‬السالف ذكره‪ .‬كما يمكن إتباع فسخ‬
‫الصفقة بإقصاء المقاول املخل مؤقتا أو نهائيا من المشاركة في الصفقات العمومية وفق‬
‫الشروط الواردة في المادة ‪ 517‬من المرسوم المذكورأعاله رقم ‪.1.51.117‬‬

‫ب ـ القيام بالتنفيذ المباشر على نفقة ومخاطر المقاول‪ ،‬في هذه الحالة‪ ،‬تقوم السلطة‬
‫املختصة بإحالل مؤقتا محل المقاول املخل‪ .‬وكيل أعمال إما صاحب المشروع نفسه وإما‬
‫مقاول آخرلإلشراف على إتمام األشغال موضوع الصفقة باستعمال الوسائل المادية والبشرية‬
‫للمقاول املخل‪ ،‬وذلك على حساب ومخاطر هذا األخير‪ .‬ويقوم صاحب المشروع باقتناء‬

‫‪P 67‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫التوريدات والمواد الضرورية للقيام بالتنفيذ المباشر ويحسبها على المقاول املخل وال يكون‬
‫التنفيذ المباشرإال جزئيا‪.‬‬

‫تلجأ المصلحة المتعاقدة لوسيلة الفسخ متى رأت أن المتعامل المتعاقد قد أخل‬
‫بإلتزاماته التعاقدية‪ ،‬وذلك بعد أن تقوم اإلدارة بإعذاره من أجل الوفاء في اآلجال املحددة‪،‬‬
‫ولإلدارة حق فسخ العقد اإلداري سواء تم النص على هذا الفسخ أو إن لم يتم النص عليه‪ ،‬دون‬
‫اللجوء إلى القضاء وهذا الحق يعتبر مظهرا من مظاهر السلطة العامة بمعنى لإلدارة حق‬
‫إستعماله بإرادتها المنفردة‪ ،‬وعليه فال يمكن للمتعامل المتعاقد اإلعتراض على قرار فسخ‬
‫العقد باإلرادة المنفردة للمصلحة المتعاقدة‪.‬‬

‫ما عادا اذا كان الفسخ تعسفيا او مشوبا بعيب انعدام السبب كما قضت املحكمة‬
‫اإلدارية بالرباط في الحكم رقم ‪ 165‬بتاريخ‪ 2014/2/10‬في الملف رقم ‪,2011/13/158‬حيث بينت‬
‫املحكمة "ان وفاء المدعية بجميع التزاماتها قبل صدورقرارالفسخ الجزئي للصفقة‪ ،‬يكون معه‬
‫القرار المذكور مشوبا بعيب انعدام السبب المبرر إللغائه‪ .‬ولما كان فسخ الصفقة من طرف‬
‫المدعى عليها تعسفيا‪ ،‬ولعدم ارتكازقرارالفسخ على سبب جدي‪ ،‬يجعل مسؤولية اإلدارة قائمة‬
‫في فسخ عقد الصفقة"‪.116‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬حقوق والتزامات المتعاقد مع اإلدارة‬

‫يستمد المتعامل المتعاقد حقوقه أساسا من العقد اإلداري‪ ،‬وهذه الحقوق تعتبربمثابة‬
‫التزامات تقع على عاتق اإلدارة‪ ،‬فلوال هذه الحقوق لما كان بوسع اإلدارة أن تجد أطر افا تتعاقد‬
‫معها‪ ،‬وباعتبار الطرف المتعاقد مع اإلدارة شخص عاديا يسعى دائما لتحقيق الربح‪ ،‬فإنه تقع‬
‫عليه مجموعة من اإللتزمات أثناء تنفيذه لصفقة ومن ثمة فإن حقوق والتزامات المتعاقد مع‬
‫اإلدارة هي كاآلتي‪:‬‬

‫أوال ـ التزامات المتعاقد مع اإلدارة‪ :‬يعمل المتعامل المتعاقد على أداء إلتزامه التعاقدي‬
‫بنفسه‪ ،‬وعليه إحترام المواعيد واألجال المتفق عليه إلنجازالعقد‪.‬‬

‫‪5‬ـ األداء الشخص ي للعقد موضوع التعاقد‪:‬‬

‫‪116‬عبد الرحيم الضاوي ‪,‬الصفقات العمومية على ضوء العمل القضائي‪ ,‬مطبعة األمنية‪ -‬الرباط ‪ 4948,‬ص ‪.798‬‬

‫‪P 70‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫يلتزم المتعاقد مع اإلدارة بتنفيذ إلتزاماته التعاقدية بنفسه و‪ ،‬يعتبر هذا اإللتزام من‬
‫القواعد العامة في العقود اإلدارية‪ ،‬وعليه فإن ألداء الشخص ي للعقد واجب التنفيذ حتى وان‬
‫لم ينص عليه صراحة في العقد‪ ،‬وهذا التنفيذ يكون وفق ما نصت عليه شروط العقد أو دفاتر‬
‫الشروط الخاصة وأسس التعاقد المرتبطة عموما باإلمكانيات والمؤهالت والقدرات المالية‬
‫والخبرة التي يتمتع بها المتعامل المتعاقد‪.‬‬

‫ويعتبر التنفيذ الشخص ي لإللتزام التعاقدي شرطا إلزاميا ينتج عنه نتيجة هامة تتمثل‬
‫في عدم إمكانية تنازل الطرف المتعاقد بأداء المهام الموكلة إليه للغير‪ ،‬و اإلخالل بهذا الشرط‬
‫يرتب خطأ جسيما يحمل المتعامل المتعاقد كافة األضرارالناتجة عن ذلك‪ ،‬كما يعطي لإلدارة‬
‫حق تسليط أقص ى الجزاءات والعقوبات‪ ،‬عليه والتي تتمثل في فسخ العقد على مسؤولية‬
‫المتعامل المتعاقد‪ ،‬ومع ذلك يمكن للمتعاقد إستثناءا أن يلجأ إلى التعامل الثانوي أو ما يسمى‬
‫بالتعاقد من الباطن‪ ، 117‬وهذا ما أكدته نص المادة ‪ 515‬من مرسوم الصفقات العمومية ‪ .‬ال‬
‫يجوز ان يتجاوز التعاقد من الباطني خمسين في المائة من مبلغ الصفقة‪ ،‬مع احتساب جميع‬
‫الرسوم او ان يشمل الحصة او الجزء الرئيس ي منها‪.‬‬

‫‪ -1‬التزام المتعاقد مع اإلدارة بتنفيذ إلتزاماته في المواعيد املحددة‪:‬‬

‫حتى يتم ضمان تسير المر افق العامة بانتظام واطراد‪ ،‬يجب أن يلتزم المتعاقد مع‬
‫اإلدارة بتنفيذ الصفقة في اآلجال والمواعيد املحددة في العقد‪ ،‬واألصل هو أن ينص في العقد أو‬
‫الصفقة المبرمة على تاريخ بداية تنفيذ األعمال الموصوفة في الصفقة‪ ،‬وان لم يتم النص عليها‬
‫في العقد‪ ،‬فإن تلك البداية تتحسب بداية من تاريخ التوصل باألمربالخدمة‪.‬‬

‫ثانيا ـ حقوق المتعاقد مع اإلدارة‪ :‬الحق في الحصول على المقابل المالي‬

‫تقابل سلطات اإلدارة في توقيع الجزاءات والغرامات المالية على المتعامل المتعاقد‬
‫حقوق يتمتع بها هذا األخير‪ ،‬و هي حقوق معترف بها صراحة في الفقه والقضاء اإلداري ‪ ،‬وذلك‬
‫من أجل تمكينه من اإلستمراربالوفاء بإلتزماته التعاقدية و يبقى الحق في الحصول على المقابل‬
‫المالي وهو بمثابة حق من الحقوق التي يتمتع بها ويأخذ المقابل المالي عدة صور منها‪ :‬السعر‪،‬‬
‫الثمن‪ ،‬الرسم‪ ،‬وذلك حسب طبيعة ونوع العقد المبرم كما يمكن أن يكون الدفع دفعة واحدة‬

‫‪ 117‬التعاقد من الباطن عقد مكتوب يعهد بموجبه صاحب الصفقة تحت مسؤوليته الى الغير بتنفيذ جزء من الصفقة المسندة اليه‬

‫‪P 71‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫أو عن طريق أقساط عن كل مرحلة من إنجازجزء من العمل المطلوب أو بأي شكل من األشكال‬
‫املحددة قانونا‪.‬‬

‫ويخضع الدفع لقاعدة عامة "الدفع بعد تأدية الخدمة" أي أن اإلدارة ملزمة بدفع‬
‫السعر أو الثمن المتفق عليه في بنود الصفقة بعد اإلنتهاء من إنجاز األعمال المتفق عليها ‪ ،‬أو‬
‫تسليم التوريدات المطلوبة أو تسليم األصناف المتفق عليها في العقد ودفاترالشروط الخاصة‬
‫‪ ،‬وكإستثناء للقاعدة المذكورة سلفا نجد أن المشرع المغربي أتاح للمتعاقد حق الحصول على‬
‫تسبيق في حدود عشرة في المائة من مبلغ الصفقة و ذلك طبقا لمقتضيات مرسوم رقم‬
‫‪ 1.51.191‬الخاص بالدفع المسبق في الصفقات العمومية و كذلك الحصول عن تسبيق عن‬
‫التموين و هو مبلغ مالي تدفعه المصلحة المتعاقدة للمتعاقد معها شرط أن يقدم لها وثائق‬
‫تثبت وتؤكد وجود المواد والمنتجات الضرورية لتنفيذ العقد أو الصفقة ‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة أن التسبيق بغض النظر عن شكله (التسبيق الجزافي أو التسبيق على‬
‫التموين) يعتبر بمثابة سلفة يقتض ي األمر إستردادها (استرجاعها) من المصلحة المتعاقدة‪،‬‬
‫وذلك عن طريق خصم قيمة تلك التسبيقات من المبالغ المالية المستحقة ل لمتعامل‬
‫المتعاقد‪ ،‬والمدفوعة له في شكل دفعات على الحساب أو التسوية على رصيد الحساب بداية‬
‫من دفع أول كشف أو فتورة‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬المنازعات المتعلقة بتنفيذ الصفقة‬

‫بإعتبار اإلدارة صاحبة مشروع الصفقة المبرمة ونظرا لكون اإلدارة تظل محتفظة‬
‫بكامل صفاتها األصلية وبجميع إختصاصاتها كسلطة عامة تعمل لتحقيق الصالح العام ‪،‬‬
‫ومكلفة قانونا بتنظيم المر افق العامة فمن الضروري ان تسهر على تنفيذ الصفقة العمومية‬
‫بالكيفية التي تراها مناسبة ‪ ،‬وهذا ما يجعلها تلجأ في بعض األحيان إلى بعض التصرفات التي‬
‫من شأنها اإلضرار بمصالح المتعامل المتعاقد معها ‪ ،‬وهذا التعارض في المصالح بين األطراف‬
‫المتعاقدة هو ما يؤدي إلى إخالل أحد طرفي العالقة التعاقدية بإلتزاماته التعاقدية سواءا تعلق‬
‫األمر باإلدارة أو المقاول ‪ ،‬وعليه فإن أهم المنازعات الناشئة أثناء عملية تنفيذ الصفقة‬
‫العمومية يمكن حصرها في إخالل اإلدارة بإلتزماتها التعاقدية سواء التقنية أو المالية ‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬إخالل اإلدارة بالشروط التقنية‬

‫‪P 72‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫بموجب العقد اإلداري تلتزم اإلدارة بتنفيذ اإلتزاماتها الناشئة عن هذا العقد‪ ،‬والتي‬
‫يقابلها إلتزام الطرف المتعاقد معها بتنفيذ إلتزاماته التعاقدية‪ ،‬وتجدر اإلشارة أن اإلتزامات‬
‫األطراف المتعاقدة عديدة ومتنوعة وذلك حسب اختالف نوع وطبيعة العقد المبرم‪ ،‬ومن بين‬
‫اإلخالالت التعاقدية المرتبة للمنازعات المتعلقة بمرحلة تنفيذ الصفقة نجد تلك المتعلقة‬
‫بالجانب التقني والتي تتمثل أهمها في‪:‬‬

‫أوال ـ إخالل اإلدارة بإلتزاماتها التعاقدية بتمكين المتعاقد معها من البدء من تنفيذ‬
‫العقد ‪:‬‬

‫المتعاقد مع اإلدارة ملزم بتنفيذ إلتزاماته التعاقدية واإلنتهاء من جميع األشغال الواردة‬
‫في بنود العقد ودفاتر الشروط في األجل املحدد‪ ،‬وفي حالة عدم اإلنتهاء من تلك األعمال يكون‬
‫عرضة ملختلف العقوبات والجزاءات نتيجة عدم الوفاء بإلتزاماته التعاقدية في المدة املحددة‪،‬‬
‫ومن أجل تمكين الطرف المتعاقد من إنجازاألعمال المتفق عليها في العقد واإلنتهاء منها في األجل‬
‫املحدد في العقد ‪ ،‬فإن اإلدارة ملزمة بتوفير جميع الشروط الضرورية الالزمة لتمكين المتعاقد‬
‫معها من البدء في تنفيذ الصفقة و تسليمها في األجال املحددة‪ ،‬و اخالل االدارة بإلتزامها بتمكين‬
‫المتعاقد معها من البدء في تنفيذ الصفقة يمكن حصرها في صورتين ‪:‬‬

‫ـ الصورة األولى‪ -‬إخالل اإلدارة بإلتزاماتها بتسليم موقع تنفيذ العقد‪ :‬ومن أجل تمكين‬
‫الطرف المتعاقد من تنفيذ إلتزاماته التعاقدية ‪ ،‬فاإلدارة ملزمة بتسليم موقع محل تنفيذ‬
‫اإللتزام المتفق عليه في العقد المبرم‪ ،‬غيرأن تسليم موقع العمل لوحده أمرال فائدة منه إلعتبار‬
‫أن اإلدارة أوفت بإلتزامها التعاقدي بل هي ملزمة أن تحرص أن يكون الموقع خالي من جميع‬
‫الموانع والعوائق سواء المادية أو القانونية التي تحول دون قيام المتعاقد في تنفيذ العقد‪،‬‬
‫وأن تقوم بتسليمه في الموعد المتفق عليه في العقد و يحق للمتعاقد المطالبة بفسخ الصفقة‬
‫اذا تبين غير ذلك‪ ,‬و في هذا السياق قضت املحكمة اإلدارية بالرباط في الحكم رقم ‪ 5151‬بتاريخ‬
‫‪ 2015/3/31‬في الملف رقم ‪" 2014/7114/84‬أن ثبوت قرار فسخ الصفقة كان نتيجة المشاكل‬
‫القانونية بشأن الوعاء العقاري المقام فوقه األشغال يجعل الشركة المدعية ال تتحمل أي‬
‫مسؤولية عنه‪ .‬وفي ظل ثبوت احترام المدعية اللتزاماتها فإنه يكون من حقها الحصول على‬
‫المبلغ الباقي بذمة اإلدارة فضال عن اقتطاع الضمان وفوائد التأخير مع رفع اليد عن الضمان‬

‫‪P 73‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫النهائي البنكي‪ ،‬مع إعمال السلطة التقديرية لتحديد التعويض عن الضررالناجم عن التأخيرفي‬
‫إنجازاألشغال الذي تتحمل مسؤوليته اإلدارة"‪.118‬‬

‫‪-‬الصورة الثانية‪ -‬تتمثل في عدم تقديم اإلدارة للمواد الضرورية للتنفيذ ‪ :‬يتعين على‬
‫اإلدارة زيادة عن تسليم موقع التنفيذ المتفق عليه دون موانع مادية أو قانونية أن تلتزم أيضا‬
‫بتوفير جميع المواد الضرورية الالزمة لمباشرة عملية التنفيذ ‪ ،‬وأن تكون تلك المواد مالئمة‬
‫لتنفيذ األعمال الواردة في بنود الصفقة ‪ ،‬وتجدراإلشارة أن تسليم الموقع دون تلك المواد أمر‬
‫ال فائدة منه‪ ،‬وذلك إعتبارا أن تلك المواد بمثابة أليات التنفيذ الذي لن يتم إال عن طريقها ‪،‬‬
‫وهذا ما يحتم على اإلدارة من تمكين المتعامل المتعاقد بكل التراخيص القانونية والرسومات‬
‫الهندسية التي يتم التنفيذ على أساسها ‪ ،‬والتي تستوجب بالضرورة الحصول عليها قبل البدء‬
‫في تنفيذ األشغال ‪ ،‬وعليه فبمجرد إخالل اإلدارة بأحد هذه اإللتزمات يرتب عليه منازعات ‪.‬‬

‫و في هذا الصدد بينت محكمة االستئناف اإلدارية بالرباط من خالل القرار رقم ‪5717‬‬
‫المؤرخ في‪ 2012/05/02‬في الملف رقم ‪7/07/75‬ان "الضرر الالحق صاحب الصفقة من جراء‬
‫اإليقاف لألشغال وتوقفها نهائيا‪ ،‬لعدم توفر تصاميم دراسات المنشآت الخاصة بعبور‬
‫الشعبات ولعدم تحمل الصفقة للغالف المالي يجعل التعويض املحكوم به كاتب الضبط‬
‫التغطية تلك التحمالت مبررا"‪.119‬‬

‫ثانيا ـ اإلخالل بالشروط المتعلقة بنوعية الخدمات المطلوبة‪:‬‬

‫يظهر هذا اإلخالل حين تقوم اإلدارة بفرض نوعية معينة من الخدمات وهذه الخدمات‬
‫لم يتفق عليها الطرفان في الصفقة األصلية‪ ،‬أو لم يتطرقا إليها في العقد أثناء إبرامه‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬إخالل اإلدارة بالتزاماتها المالية ‪:‬‬

‫هذه المنازعات تخص الجانب المالي لصفقة وتنشأ نتيجة إخالل أحد الطرفين‬
‫المتعاقدين بإلتزاماته المالية وهذه المنازعات تتعلق أساسا بتسديد مستحقات الصفقة‪ ،‬او‬
‫التأخيرفي تسديدها‪ ،‬وبارجاع مبلغ الضمان ومن أهم األسباب المؤدية الى نشوء المنازعات نذكر‬
‫ما يلي‪:‬‬

‫‪118‬عبد الرحيم الضاوي ‪,‬الصفقات العمومية على ضوء العمل القضائي‪ ,‬مطبعة األمنية‪ -‬الرباط ‪ 4948,‬ص ‪.741‬‬

‫‪119‬عبد الرحيم الضاوي ‪,‬الصفقات العمومية على ضوء العمل القضائي‪ ,‬مطبعة األمنية‪ -‬الرباط ‪ 4948,‬ص ‪.441‬‬

‫‪P 74‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫أوال ـ إخالل اإلدارة بإلتزام أداء المقابل المادي للعقد ‪ :‬المقابل المادي للعقد هو الثمن‬
‫المستحق للمتعاقد مع اإلدارة ‪ ،‬فبمجرد اإلنتهاء من األشغال والوفاء باإللتزمات التعاقدية تلتزم‬
‫اإلدارة بأدائه للمتعاقد معها‪ ،‬وذلك شريطة تتطابق األعمال المنجزة مع الشروط التي تم‬
‫التعاقد على أساسها‪ ،‬والمقابل المادي للعقد المستحق من المتعاقد ال يمكن تعديله باإلرادة‬
‫المنفردة لإلدارة فهو إلتزام غير قابل للتعديل وهو بمثابة شرط تم اإلتفاق عليه في بنود العقد‪،‬‬
‫فكل إخالل بهذا اإللتزام من شأنه أن يرتب مسؤولية اإلدارة تجاه المتعاقد معها‪.‬‬

‫ثانيا ـ تأخر اإلدارة في الوفاء بإلتزماتها بأداء المقابل المادي للعقد ‪ :‬التأخر في تسديد‬
‫مستحقات الصفقة تشكل وتخلق منازعة من شأنها أن تثير عدة إشكاالت ومناز عات بين‬
‫الطرفين المتعاقدين‪ ،‬فالصفقة العمومية بمثابة عقد معاوضة ترتب لكال الطرفين إلتزمات‬
‫وحقوق ‪ ،‬فنجد أن المتعامل المتعاقد مع اإلدارة ملزم بتنفيذ األشغال أو الخدمات موضوع‬
‫الصفقة حسب األشكال والمواصفات المتفق عليها وبالمقابل نجد اإلدارة ملزمة بدفع المقابل‬
‫المالي وذلك حسب الطرق التي حددها القانون ‪ ،‬ونجد في هذا الصدد نص المادة ‪ 61‬من‬
‫المرسوم رقم‪ 2.14.394‬المتعلق بدفتر الشروط اإلدارية العامة والمطبقة على صفقات‬
‫االشغال حددت كيفيات الدفع ‪ ،‬و في حالة ما إذا أخلت المصلحة المتعاقدة بهذا اإللتزام فمن‬
‫حق المتعاقد معها مطالبة اإلدارة بتنفيذه‪ ،‬فتقاعس اإلدارة بالوفاء بإلتزاماتها من شأنه أن يثير‬
‫منازعات بين الطرفين المتعاقدين ‪.‬‬

‫ثالثا ـ إخالل اإلدارة بإلتزامها برد الضمان النهائي ‪ :‬يلتزم المتعاقد مع اإلدارة بأداء تأمين‬
‫نهائي كضمان للوفاء بإلتزاماته التعاقدية تحتفض به اإلدارة لحين تمام عملية تنفيذ الصفقة‪،‬‬
‫و في حالة إخالل المتعامل المتعاقد بتنفيذ تلك األعمال على النحو المنصوص عليه في العقد‬
‫يحق لإلدارة مصادرته‪ ،‬وتثور مسؤولية اإلدارة التعاقدية إذا إمتنعت عن اإلفراج عن الضمان‬
‫النهائي رغم وفاء المتعاقد بإلتزاماته التعاقدية‪ ،‬وعند التسليم النهائي لمشروع الصفقة فاإلدارة‬
‫ملزمة بالقيام بعملية التسوية على حساب الرصيد النهائي و يترتب عن ذلك رد إقتطاعات‬
‫الضمان ‪ ،‬وشطب الكفاالت التي كونها المتعامل المتعاقد عند اإلقتضاء‪ ،‬كما يتعين على‬
‫المصلحة المتعاقدة أن تقوم بصرف الدفعات على الحساب أوالتسوية النهائية في أجل ال يمكن‬
‫أن يتجاوز ستين (‪ )61‬يوم إبتدءا من تاريخ إستالم الكشف أو الفاتورة ‪ ,‬حيث ذهبت املحكمة‬
‫اإلدارية بأكادير في الحكم عدد ‪ 5179‬بتاريخ‪ 2018/10/02‬في الملف عدد ‪ 2018/7114/704‬الى‬

‫‪P 75‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫"أن تسلم المشروع بدون تسجيل أي تحفظ بشأنه داخل مدة الضمان يبقى من حق المدعية‬
‫استرداد الكفالة النهائية لكونه لم يعد لوجودها تحت تصرف المدعى عليها أي مبررقانوني‪ .‬كما‬
‫تفرض الفوائد القانونية لتغطية الضرر الناتج عن التأخير في أداء مستحقات مالية محددة‬
‫مسبقا والتي ال جدال في استحقاقها أما المستحقات التي تتوقف على التحقق من الوقائع‬
‫المدعى بها وعلى مجادلة الطرفين في تحديد المسؤولية فإنه يترتب على المنازعة فيها الحكم‬
‫فقط بالتعويض المناسب لجبرالضررالناتج عنها وبالتالي فال مجال للحكم بالفوائد القانونية‬
‫على ما تم تحديده"‪ .120‬كما أقرت املحكمة اإلدارية بالرباط في الحكم رقم‪ 79‬بتاريخ‪2013/1/15‬‬
‫في الملف رقم‪" 2012/13/196‬بضرورة استرجاع الضمان والحصول على تعويض عن التأخير‬
‫في األداء و ذلك لقيام دليل على إنجاز المدعية ألشغال الصفقة من خالل محضر التسليم‬
‫النهائي ‪ -‬دون أن تنازع الجماعة المدعى عليها في مضمون الوثيقتين وهو ما يفيد إقرارها بإنجاز‬
‫المدعية لألشغال ‪ -‬يجعل الطلب الرامي إلى استرجاع الضمان مؤسس ويجعل مطالبة المدعية‬
‫في الحصول على تعويض عن التأخير مستند على أساس ما دامت الجماعة قد امتنعت عن‬
‫تسليم مبلغ الضمان رغم انتهاء األشغال"‪.121‬‬

‫وهذه التسوية تأتي بعد التنفيذ الكامل والمرض ي لألشغال والخدمات واألشكال‬
‫والكيفيات المتفق عليها في الصفقة‪ ،‬وعند اإلخالل بإلتزام التسوية فالمتعامل مع اإلدارة له‬
‫الحق في المطالبة بالمبلغ المستحق ‪.‬‬

‫رابعا ـ اإلستعمال الغير المشروع لسلطة التعديل ‪ :‬طبقا لمقتضيات المادة ‪ 51‬من‬
‫المرسوم رقم‪ 2.14.394‬المتعلق بدفتر الشروط اإلدارية العامة والمطبقة على صفقات‬
‫االشغال‪ ,‬يحق لإلدارة أن تلجأ إلى سلطة تعديل العقد أو الصفقة سواء تم النص عليه في بنود‬
‫الصفقة أو إن لم ينص على ذلك‪ ،‬وتلجأ المصلحة المتعاقدة لسلطة تعديل العقد في حالة ما‬
‫إذا إستوجبت المصلحة العامة ذلك‪ ،‬و من أجل تكيف العقد المبرم مع المستجدات الطارئة ‪,‬‬
‫و اذا كانت سلطة التعديل من اإلمتيازات الممنوحة لإلدارة بموجب القانون فهذا ال يعني أن‬
‫سلطة تعديل العقد من جانب اإلدارة أن يمارس بصفة مطلقة دون وضع بعض القيود ‪ ،‬ألن‬
‫ذلك يؤدي إلى اإلضرار الغير المبرر بالمتعاقد معها‪ ،‬وعليه فبمجرد خروج اإلدارة عن ضوابط‬
‫التعديل القانونية من إستهداف المصلحة العامة وضرورة توفر مبرر للتعديل ‪ ،‬وأن ينصب‬

‫‪120‬عبد الرحيم الضاوي ‪,‬الصفقات العمومية على ضوء العمل القضائي‪ ,‬مطبعة األمنية‪ -‬الرباط ‪ 4948,‬ص ‪.711‬‬
‫‪121‬عبد الرحيم الضاوي ‪,‬الصفقات العمومية على ضوء العمل القضائي‪ ,‬مطبعة األمنية‪ -‬الرباط ‪ 4948,‬ص ‪.794‬‬

‫‪P 76‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫التعديل على جزء من العقد ال كله ‪،‬و عدم إتصاله بموضوع الصفقة أو تجاوزه لنطاق‬
‫المشروعية فمن شأن ذلك أن يرتب مسؤولية اإلدارة في تحمل المسؤولية وهذا ما أكدته‬
‫محكمة النقض المغربية في القرار عدد ‪ 2/656‬الصادر بتاريخ ‪ 2019/5/30‬في الملف اإلداري‬
‫عدد ‪" 2017/2/4/4448‬إن اإلدارة باعتبارها صاحبة المشروع والطرف القوي في العقد‬
‫الساهرة على تدبير مر افقها بما يلزم من حكامة‪ ،‬وفقا لمبادئ احترام القانون والشفافية‬
‫والحياد والمصلحة العامة‪ ،‬لم تسلك مع المتعاقد ما كان يجب من إجراءات قانونية ومساطر‬
‫لتدبير الصفقة‪ ،‬قد عرفت تزايد في حجم الخدمات المطلوبة والخدمات اإلضافية وغيرها‬
‫لضرورة ملحة لم تكن متوقعة‪ .‬كما أنها وباعتبارها صاحبة المشروع وتملك سلطة المر اقبة‬
‫والتوجيه أثناء تنفيذ الصفقة لم تعترض على الخدمات المنجزة‪ ،‬وخاصة تلك التي لم تشملها‬
‫بنود التعاقد مما تكون معه قد آثرت ضمنيا االنقياد إلى القواعد العامة للعقود وااللتزامات‪،‬‬
‫وهي القواعد التي ارتكزت عليها املحكمة إلى جانب تلك العقود اإلدارية‪ ،‬حينما قضت على‬
‫الطاعنة باألداء‪ ،‬مؤيدة الحكم المستأنف‪ ،‬وتكون فيما نحت به مؤسسا قانونا‪ ،‬وما بالوسيلة‬
‫على غيرأساس"‪.122‬‬

‫خامسا ـ اإلخالل بالشروط المتعلقة بالفوائد التأخيرية ‪:‬يقصد بالفوائد التأخيرية تلك‬
‫المبالغ المالية والقيم المستحقة للمتعاقد مع اإلدارة وذلك في حالة عدم حصوله على مبلغ‬
‫الدفع على الحساب‪ ،‬ويتم حسابها ابتداء من اليوم الذي يلي تاريخ نهاية الستين يوم ابتداء من‬
‫تاريخ التسلم‪ .‬وفي هذا الصدد بينت املحكمة اإلدارية بالرباط "إن إتمام األشغال المتفق عليها‬
‫ووقوف التسليم النهائي يجعل طلب رفع اليد عن الضمانة وإرجاعها مبني على أساس قانوني‪،‬‬
‫كما أن التعويض عن التماطل مؤسسة طبقا للفصل ‪ 111‬من قانون االلتزامات والعقود لثبوت‬
‫توصل الجهة المدعى عليها باإلنذار باألداء وتخلفها عن االستجابة له‪ ،‬مما يتعين تحديد مبلغه‬
‫حسب القدراملحدد في منطوق الحكم"‪.123‬‬

‫سادسا ـ اإلخالل بالشروط المتعلقة باألشغال التكميلية ‪:‬يقصد باألشغال التكميلية تلك‬
‫الخدمات واألشغال اإلضافية التي توكله اإلدارة إلى المتعاقد معها بإنجازها مع العلم أن هذه‬
‫األشغال اإلضافية لم يتفق عليها الطرفان أثناء إبرام الصفقة األصلية وغير مدرجة في بنود‬

‫‪122‬هشام باب ا‪ ,‬المنازعات المتعلقة بالصفقات العمومية في ضوء القرارات الصادرة عن محكمة النقد‪ ,‬مكتبة دار السالم‪ ,‬الطبعة األولى‪,‬‬
‫‪.4944‬‬
‫‪ 123‬الحكم رقم‪ 4179‬بتاريخ‪4949 /96/44‬في الملف رقم‪.1/1441/4949‬‬

‫‪P 77‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫الصفقة ودون تحديد أو اإلتفاق على السعر املحدد لها‪ ،‬إال أنه يجب على المصلحة المتعاقدة‬
‫أن تقترح سعرا معينا لهذه األشغال التكميلية‪ ،‬و هذا ما أكده قرار محكمة النقض‬
‫عدد‪1/653‬الصادر بتاريخ ‪ 2014/05/15‬في الملف اإلداري عدد ‪ ,2012/1/4/1503‬حيث بينت‬
‫"أن عقد الصفقة هوعقد من جانبين يقض ي بتنفيذ كل من طرفيه اللتزاماته‪ ،‬مما يجعل اإلدارة‬
‫ملزمة بالوفاء بمستحقات المقاولة التي أنجزت األشغال المتفق عليها في ذلك العقد‪ ،‬وغالبا أن‬
‫يستحق صاحب الصفقة المتعاقد مع اإلدارة الثمن بعد أداء العمل أو جزء منه بناء على وثائق‬
‫تثبت اإلنجاز أو ا لتسليم أو هما معا‪ ،‬ومسألة إثبات تسليم األعمال موضوع الصفقة يتم‬
‫بمختلف الوسائل القانونية والتي تختلف باختالف نوع العمل المطلوب تسليمه‪ ،‬وأن صحتها‬
‫تحتم حصول صاحب الصفقة على مستحقاته‪ ،‬كما أن عدم تجاوز األشغال اإلضافية ما هو‬
‫مسموح به قانونا (‪ %51‬من المبلغ الكلي للصفقة) وعدم إثبات اإلدارة كون هذه األشغال ال‬
‫تخرج عن أغراض التعاقد األصلي للصفقة ال تستلزم عقدا ملحقا بشأن تلك األشغال‪ ،‬وأن‬
‫الزيادة في حجم تلك األشغال يجعل المقاولة المعنية باألمر محقة في الحصول على المبالغ‬
‫المالية التي افتضاها إنجازاألشغال المذكورة"‪.124‬‬

‫خاتمة‪:‬‬

‫اخيرا ان المشرع المغربي قد عدد طرق وأساليب إبرام وتنفيذ الصفقات العمومية‪،‬‬
‫بحيث تخضع كل عملية من هذه العمليات (إبرام والتنفيذ) الى قانون صارم‪ ،‬من خالل المبادئ‬
‫التي تحكم قانون الصفقات العمومية‪ ،‬اال انه يتعرض الطرفان المتعاقدان بالرغم من كل هذا‪،‬‬
‫الى نشوء المنازعات املختلفة بينهما‪ ،‬مما يدفعهم الى البحث عن أفضل الحلول‪.‬‬

‫حاول المشرع المغربي توجيه المتعاقدين ألفضل الحلول لحل خالفاتهما‪ ،‬فإن وقع نزاع‬
‫بين المصلحة المتعاقدة والمتعامل المتعاقد معها في إحدى هتين المرحلتين بسبب تعسف‬
‫اإلدارة في استعمال سلطاتها‪ ،‬أو إخالل المتعامل المتعاقد بالتزاماته‪ ،‬أو مخالفة أحدهما لبنود‬
‫العقد فإنه يستوجب حل هذا النزاع اما باللجوء الى القضاء اواستعمال الوسائل البديلة لفض‬
‫المنازعات كالتحكيم‪.‬‬

‫قائمة المراجع‪:‬‬

‫‪124‬هشام بابا‪ ,‬المنازعات المتعلقة بالصفقات العمومية في ضوء القرارات الصادرة عن محكمة النقد‪ ,‬مكتبة دار السالم‪ ,‬الطبعة األولى‪,‬‬
‫‪.4944‬‬

‫‪P 72‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫أوال ـ الكتب‪:‬‬

‫‪ ‬هشام بابا‪ ،‬المنازعات المتعلقة بالصفقات العمومية في ضوء القرارات الصادرة عن‬
‫محكمة النقد‪ ,‬مكتبة دارالسالم‪ ,‬الطبعة األولى‪.1115 ,‬‬

‫عبد الرحيم الضاوي‪ ،‬الصفقات العمومية على ضوء العمل القضائي‪ ،‬مطبعة‬ ‫‪‬‬
‫األمنية ‪ -‬الرباط ‪.1157,‬‬

‫عادل السعيد أبو الخير‪ ،‬القانون اإلداري‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‬ ‫‪‬‬

‫عوابدي عمار‪ ،‬دروس في القانون اإلداري‪( ،‬د‪،‬ط) ديوان المطبوعات الجامعية‬ ‫‪‬‬
‫الجزائر‪. 1111,‬‬

‫عوابدي عمار‪« :‬النظرية العامة للمنازعات االدارية في النظام القضائي‬ ‫‪‬‬


‫الجزائري «‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬جزء اول والثاني ‪5771‬ص ‪51‬‬

‫حسن محمد هند "التحكيم في المنازعات اإلدارية دارالكتب القانونية‪ ،‬مصر‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫املجلة الكبرى دون ذكرط وتاريخها‪ ،‬ص ‪59‬‬

‫موالي إدريس الحالبي الكتاني‪ ":‬العقود اإلدارية " دون ذكرالمطبعة ط ‪.1111 5‬‬ ‫‪‬‬

‫االطروحات والرسائل‪:‬‬

‫رجدال فتيحة –سعداوي فطيمة‪ ،‬منازعات الصفقات العمومية‪ ،‬مذكرة‬ ‫‪‬‬


‫التخرج لنيل شهادة الماجستيرفي القانون العام ‪ ،‬بجاية ‪. 1151‬‬

‫زوزو زوليخة‪ ,‬جرائم الصفقات العمومية و اليات مكافحتها في ظل القانون‬ ‫‪‬‬


‫المتعلق بالفساد‪ ,‬مذكرة التخرج لنيل شهادة الماجستير في القانون الجنائي ‪,‬ورقلة‪,1151,‬ص‬
‫‪.577-577‬‬

‫بوزبرة سهيلة مواجهة الصفقات المشبوهة مذكرة لنيل شهادة الماجستير‬ ‫‪‬‬
‫القانون الخاص فرع قانون السوق جامعة جيجل ‪ 1117‬ص‪.19‬‬

‫النصوص القانونية‪:‬‬

‫‪P 77‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫المرسوم الجديد للصفقات العمومية بالمغرب رقم ‪ 2-22-431‬الذي تم نشره‬ ‫‪‬‬


‫بالجريدة الرسمية رقم ‪7176‬بتاريخ ‪ 7‬مارس ‪.2023‬‬

‫المرسوم رقم ‪1.51.171‬المتعلق بدفترالشروط اإلدارية العامة والمطبقة على‬ ‫‪‬‬


‫صفقات االشغال‪.‬‬

‫المراجع بالفرنسية‪:‬‬

‫‪Fernand Collavet :", l'arbitrage dans les procés ou sont parties les personnes‬‬
‫‪publiques",R.D.P, 1906,‬‬

‫القرارات‪:‬‬

‫قراراملحكمة االدارية العليا بمصربتاريخ ‪ 51‬نوفمبر‪ ،5771‬في الطعن رقم ‪1171‬‬ ‫‪‬‬
‫للسنة القضائية الثالثين‪ ،‬مجموعة السنة الواحدة و الثالثين‪ ،‬ص‪171‬‬

‫القرار عدد‪2/656 :‬الصادر بتاريخ ‪ 2019/5/30‬الملف اإلداري عدد‪:‬‬ ‫‪‬‬


‫‪2017/2/4/4448‬‬

‫لقرار عدد‪1/653 :‬الصادر بتاريخ ‪ 2014/05/15‬الملف اإلداري عدد‪:‬‬ ‫‪‬‬


‫‪2012/1/4/1503‬‬

‫‪P 20‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫الاعتبارات البيئية في مرحلة منح‬


‫رخصة البناء‬
‫‪Environmental considerations at the stage of granting a building permit‬‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫إلى جانب املخططات والتقاسيم التي تشكل الدعامة األساسية لتنظيم وحماية‬
‫المستوطنات البشرية وكذلك التحكم في نموها‪ ،‬تعتمد الدولة على وسائل وأدوات موازية‬
‫لضمان وضبط ومر اقبة عمليات التعميراملختلفة‪.‬‬

‫وتسهراألجهزة اإلدارية املختصة في هذا املجال على جعل مشاريع التجهيزوالبناء وتقسيم‬
‫األراض ي مطابقة للتصورات واالختيارات التي تحملها وثائق التعمير‪ ،‬وينص قانون البيئة في هذا‬
‫السياق على عدم تسليم الرخصة اإلدارية في مجال البناء والتجزئات إال بعد التأكد من تأثيرها‬
‫املحتمل على البيئة‪ ،‬حيث وجب رفضها إذا كانت لها عو اقب سلبية على البيئة أو على راحة‬
‫وطمأنينة الساكنة ‪.125‬‬

‫هنا أناط المشرع بالشرطة اإلدارية مهمة تطبيق وإحترام قانون التعمير خاصة فيما‬
‫يتعلق بالتقيد بتوجهات التصاميم واملخططات‪.‬‬

‫وقد عرف تعريف رخصة البناء جدال فقهيا كبيرا‪ ،‬ومن أهم التعاريف التي يمكن صياغتها‬
‫تعريف الفقيه ‪ la Tournière‬الذي عرف رخصة البناء بكونها‪" :‬هي عمل أو فعل تالحظ بموجبه‬

‫‪ 125‬راجع المادة السادسة من قانون البيئة رقم‪ ،11/30‬الصادر بتطبيقه الظهير الشريف رقم ‪ 10300.1‬ربيع األول ‪ 11- 1111‬ماي‬
‫‪01330‬‬

‫‪P 21‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫السلطة العمومية أن تنفيذ األشغال المزمع إنجازها يمكن الترخيص لها بالنظر الى النصوص‬
‫المتعلقة بالتعمير"‪. 126‬‬

‫ومنح رخصة البناء تمربمراحل ومسطرة تخول للسلطة اإلدارية‪ ،‬المكلفة بمنح الرخصة‬
‫دراسة المشروع المزمع القيام به ال من حيث التجهيزات فقط‪ ،‬ولكن من حيث مدى تأثيرها على‬
‫البيئة‪.‬‬

‫من هنا نتساءل‪ :‬ما هي إذن الخصائص العامة لرخصة البناء؟ وما هو دورها في مجال‬
‫املحافظة على البيئة بالمغرب؟‬

‫المطـ ـ ـل ـ ـ ـ ـ ــب األول‪ :‬الخصائص العامة لرخصة البن ـ ـ ـ ــاء‪.‬‬

‫سنعالج الخصائص العامة لرخصة البناء من خالل التطرق الى تحديد أطراف رخصة‬
‫البناء‪ ،‬تم تحديد نطاقها وأخيرا تحديد الجهات املختصة بمنحها‪.‬‬

‫الفقـ ـ ـ ـ ــرة األولـ ـ ـ ـ ـ ــى‪ :‬أطراف رخصة البناء‪.‬‬

‫من حيث أطراف رخصة البناء‪ ،‬نجد أن المشرع في إطار قانون ‪ 51/71‬المتعلق بالتعمير‬
‫لم يحدد األطراف التي يجوزلها الحصول على رخصة البناء‪ ،‬لكن الرخصة يمكن الحصول عليها‬
‫سواء كان الشخص طبيعي أو ذاتي‪ ،‬وفي المقابل فالمشرع يمنع القيام بأي بناء دون الحصول‬
‫على رخصة لمباشرة ذلك‪127.‬‬

‫وطبقا للقواعد العامة فإن رخصة البناء يمكن الحصول عليها من طرف أحد االشخاص‬
‫اآلتي ذكرهم‪:‬‬

‫‪ )5‬المالك ‪ :‬حيث طبقا للقانون رقم ‪ 128 17/17‬للمالك حق إقامة ما شاء من األبنية لكن‬
‫البد له من الحصول على رخصة بذلك‪129:‬‬

‫صاحب حق اإلرتفاق‪130.‬‬ ‫‪)1‬‬

‫‪126‬‬
‫‪SALAM HACHAMA ,l’autorisation de construire école national d’administration, centre de recherche‬‬
‫‪et d’études administrative. Année 1990, P 19.‬‬
‫‪ 127‬راجع المادة ‪ 19‬من قانون ‪ 44/89‬المتعلق بالتعمير‪.‬‬
‫‪ 128‬الصادر بتطبيقه الظهير الشريف رقم ‪ 4/44/419‬في ‪ 41‬دي الحجة‪ 44) 4174‬يونيو ‪(4944‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 78/99‬المتعلق‬
‫بمدونة الحقوق العينية ج‪.‬ر ‪ 1889‬بتاريخ ‪ 41‬ذي الحجة ‪41) 4174‬نونبر ‪ ( 4944‬ص ‪.1191‬‬
‫‪ 129‬راجع المادتين ‪ 41‬و ‪ 48‬من قانون ‪ 78/99‬المتعلق بمدونة الحقوق العينية‪.‬‬
‫‪ 130‬راجع المادة ‪ 16‬من قانون ‪ 78/99‬المتعلق بمدونة الحقوق العينية‪.‬‬

‫‪P 22‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬
‫صاحب حق المطل‪131.‬‬ ‫‪)1‬‬
‫صاحب حق السطحية‪132.‬‬ ‫‪)1‬‬
‫صاحب حق الكراء الطويل األمد‪133.‬‬ ‫‪)1‬‬
‫صاحب حق الزينة‪134.‬‬ ‫‪)6‬‬
‫صاحب حق اإلنتفاع‪135.‬‬ ‫‪)9‬‬

‫أما فيما يخص األشخاص الذاتية فنجد أن المادة ‪ 11‬من قانون ‪ 51/ 71‬لم تحدد فيما‬
‫إذا كانت هذه األشخاص ملزمة بالحصول على رخصة البناء‪ ،‬لكن بالرجوع إلى منشور‪5791‬‬
‫ومنشور ‪ ،5771‬فإن الدولة ممثلة في الجماعات الترابية ملزمة بضرورة الحصول على إذن‬
‫بالبناء في حالة رغبتها في إقامة بناء معين‪.‬‬

‫الفقرة الث ـ ـ ـ ــانية‪ :‬نطـ ـ ـ ـ ــاق رخص ـ ــة البن ـ ـ ــاء‪.‬‬

‫أما من حيث نطاق رخصة البناء فيختلف من حيث الدائرة الترابية‪ ،‬ومن حيث األشغال‬
‫والبناءات‪ ،‬فمن حيث الدو ائر الترابية‪ 136‬حيث نجد أن المادة ‪ 11‬من قانون ‪ 51/71‬المتعلق‬
‫بالتعميريحددها فيما يلي‪:‬‬

‫‪ .5‬داخل الدو ائرالمنصوص عليها في المادة األولى أعاله في المناطق المشاراليها في الفقرة‬
‫الثانية من المادة ‪ 13757‬من هذا القانون الذي تكتس ي صبغة خاصة تستوجب خضوع‬
‫تهيئتها للرقابة إدارية‪.‬‬

‫‪ .1‬خارج الدو ائر المنصوص عليها في البند السابق والتجمعات القروية الموضوع لها‬
‫تصميم تنمية على طول السكك الحديدية والطرق والمواصالت غيرالطرق الجماعية‪.‬‬

‫‪ 131‬راجع المادة ‪ 61‬من قانون ‪ 78/99‬المتعلق بمدونة الحقوق العينية‪.‬‬


‫‪ 132‬راجع المادة ‪ 449‬من قانون ‪ 78/99‬المتعلق بمدونة الحقوق العينية‪.‬‬
‫‪ 133‬راجع المادة ‪ 446‬من قانون ‪ 78/99‬المتعلق بمدونة الحقوق العينية‪.‬‬
‫‪ 134‬راجع المادة ‪ 471‬من قانون ‪ 78//99‬المتعلق بمدونة الحقوق العينية‪.‬‬
‫‪ 135‬راجع المادة ‪ 94‬من قانون ‪ 78/99‬المتعلق بمدونة الحقوق العينية‪.‬‬
‫‪ 136‬وتقصد بالدوائر الترابية المنصوص عليها في المادة األولى من قانون‪ :44/89‬المجموعات العمرانية المتكونة من كل أو بعض‬
‫جماعة حضرية أو مراكز محددة والمناطق المحيطة لها ولدلك إن اقتضى الحال من أرض قروية تجاورها وتربطها بها عالقات اقتصادية‬
‫وثيقة وتستلزم تنميتها بصورة رشيدة القيام بتهيئتها تهيئة جماعة أو تزويدها بتجهيزات مشتركة أو إنجاز هاتين العملتين معا فيها‪.‬‬
‫‪ 137‬تنص الفقرة ‪ 4‬من المادة ‪ 49‬على ما يلي‪« :‬جميع أو بعض أراضي جماعة قروية أو جماعات قروية تكتسي صبغة خاصة سياحية أو‬
‫صناعية أو منجمية ويستوجب نموها العمراني المرتقب تهيئة تخضع لرقابة إدارية‪ ،‬وتتولى اإلدارة تحديد هذه المناطق باقتراح من‬
‫مجالس الجماعات المختصة أو بطلب من عامل العمالة المعنية في حالة عدم صدور اقتراح من هذه المجالس‪0‬‬

‫‪P 23‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫‪ .1‬داخل التجزئات المأذون في إحداثها عمال بالتشريع المتعلق بتجزئة االراض ي وتقسيمها‬
‫و إقامة املجموعات السكنية‪.‬‬

‫وقد أضافت المادة ‪ 11‬من قانون ‪ 51 /71‬إمكانية الحصول على رخصة البناء خارج‬
‫الدو ائر المنصوص عليها في المادة ‪ 11‬المذكورة أعاله وذلك إما في جميع أو بعض أراض ي‬
‫المملكة‪ ،‬أو فيما يتعلق بأصناف من المباني يتم تحديدها بمرسوم‪.‬‬

‫وتظهر هذه االستشارة أيضا على مستوى تصميم التنطيق و إرتفاقات التعمير الالزمة‬
‫والمصاحبة للتنطيق‪ ،‬وإلى حد ما تخصيص األراض ي لفتح الطرقات وإحداث المساحات‬
‫العمومية وبعض المساحات الخضراء‪ ،‬وقلما يتم برمجة وتحديد العقارات الالزمة ملختلف‬
‫المر افق العامة والمصالح العامة‪ ،‬لذا فان عملية تنفيذها تتم أساسا بقرارات شرطة التعمير‬
‫أكثرمما تتم بواسطة برامج محددة ومشاريع يتم تحضيرها عند إعداد مخططات التهيئة‪.‬‬

‫الفق ـ ـ ــرة الث ـ ــالثـ ـ ـ ــة‪ :‬نطاق رخصة البناء من حيث األشغال والبنايات المنجزة‪.‬‬

‫لم يحدد المشرع المغربي في قانون ‪ 51/71‬المتعلق بالتعمير األشغال والبناءات التي‬
‫تخضع للحصول على رخصة البناء‪ ،‬وحتى على المستوى الفقهي ال نجد تفسيرا لمفهوم البناء‬
‫المنصوص عليه في قانون التعمير المغربي‪ ،‬بل حتى القانون المصري في معرض حديثه عن‬
‫م فهوم البناء لم يعطي تعريف‪ ،‬بل أشار إلى جريمة إقامة منشاة لغرض معين‪ .‬فنتحدث عن‬
‫جريمة القيام بإنشاء أحد المنشآت لكن بدون حصول على ترخيص بذلك من الجهات‬
‫املختصة‪138.‬‬

‫لذلك فإن المشرع المغربي أحسن صنعا عندما لم يضع تعريف لمفهوم البناء حيث‬
‫يبقى ذلك من إختصاص الفقه‪.‬‬

‫من هنا نجد أن الحصول على رخصة البناء يستلزم التأكد من التصاميم والوثائق‬
‫المقدمة من طرف المعني باألمر‪ ،‬كونها تراعي الضوابط العامة للبناء المنصوص عليها في‬
‫قانون التعمير‪ ،139‬ويتأكد هذا األمر بمطالعتنا ملجموعة من مواد القانون ‪ 51/71‬التي فرضت‬

‫‪ 138‬أحمد مهدي‪ ،‬الحماية القانونية للبيئة ودفوع البراءة الخاصة بها‪ ،‬دار الفكر والقانون للنشر والتوزيع‪ ،‬لسنة ‪ .4996‬ص ‪.477‬‬
‫‪ 139‬حميد بوجيدة‪ ،‬رخصة البناء‪ ،‬منشورات المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬سلسلة دالئل التيسير‪ ،‬دار النشر المغربية‪ ،‬الرباط‬
‫‪ ،4881‬ص ‪.44‬‬

‫‪P 24‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫مجموعة من الشروط لتسليم رخصة البناء‪ ،‬كالنص على ضرورة االستعانة بمهندس معماري‬
‫مختص‪140.‬‬

‫من هنا يفهم أن هذه اإلستعانة تتعلق فقط بتصاميم وخرائط يتم إعدادها من طرف‬
‫المهندس‪ ،‬لكن المادة ‪ 11‬من نفس القانون كانت أكثر تفصيال عندما نصت على ضرورة وضع‬
‫التصاميم المتميزة من طرف المهندس التي تكون موضوع كل دراسة قبل الشروع في األشغال‪.‬‬

‫لكن التساؤل المطروح هل المهندس عند وضعه لهذه الخرائط والرسوم يراعي البعد‬
‫البيئي؟ هل بإمكانه رفض طلب المعني باألمر إذا كان يخالف الضوابط المتعلقة بحماية‬
‫البيئة؟ لإلجابة يمكن القول أن دور المهندس المعماري أو حتى المهندسين املختصين يبقى‬
‫قاصر على السهر على مطابقة الدراسات التقنية المنجزة في البناء مع التصميم الهندس ي‪ ،‬تم‬
‫متابعة تنفيذ أشغال المبنى ومر اقبة مدى مطابقتها للتصاميم الهندسية وبيانات رخصة البناء‪.‬‬

‫الفقرة الرابعـ ـ ـ ـ ـ ــة‪ :‬الجهات املختصة لمنح رخصة بناء‪.‬‬

‫فيما يخص الجهات املختصة لمنح رخصة البناء‪ ،‬نجد أنها تختلف بحسب نوع األشغال‬
‫المراد القيام بها‪ ،‬وبحسب النظام القانوني أو التنظيمي الذي تخضع له الجماعة‪ ،‬لكن يبقى‬
‫رئيس مجلس الجماعة‪ ،‬هو املختص لمنح رخصة البناء‪ ،‬أو رئيس مجلس الجماعة القروية‬
‫المزمع إقامة البناء على أرضها بتنسيق مع رئيس مجلس الجماعة الحضرية‪ ، 141‬بإستثناء بناء‬
‫المساجد الذي يعود فيه اختصاص منح رخصة البناء الى عامل المنطقة‪. 142‬‬

‫ومنح رئيس الجماعة أو رجل السلطة املحلية لرخصة البناء‪ ،‬ال يتم إال بعد التأكد من‬
‫توفرالشروط العامة التي تخضع لها البنايات العمومية والخاصة‪ ،‬حفاظا على الصحة وجمالية‬
‫المدن‪ ،‬وبعض المقتضيات األخرى المتعلقة بمجال الحفاظ على البيئة‪ ،‬وبمقتض ى الفقرة‬
‫األولى من المادة ‪ 11‬من الظهيرالمذكور‪ ،143‬نالحظ أن المشرع المغربي من خالل هذا الظهيرلم‬
‫يتوقف على مجرد إستشارة املجالس الجماعية فيما يخص مخططات التعمير بل أراد لها أن‬

‫‪ 140‬راجع المادة ‪ 19‬من قانون ‪ 44/89‬المتعلق بالتعمير‪.‬‬


‫‪ 141‬تنص المادة ‪ 19‬من قانون ‪ 44/89‬على أنه‪ " :‬في حالة سكوت رئيس مجلس الجماعة تعتبر رخصة البناء مسلمة عند انقضاء شهرين‬
‫من تاريخ إيداع طلب الحصول عليها"‪0‬‬
‫‪142‬‬
‫‪KAOUAKIB KADIRI KHADIJA, environnement et aménagement urbain, problématique d’une‬‬
‫‪approche marocaine ; page 110.‬‬
‫‪ 143‬بوجيدة محمد‪ ،‬رخصة البناء منشورات المجلة المغربية لإلدارة المحلية للتنمية‪« ،‬سلسلة دالئل التيسير» دار النشر المغربية‪ ،‬الرباط‬
‫‪ ،4886‬ص ‪044‬‬

‫‪P 25‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫تلعب دور أهم من ذلك يتجلى أساسا في مساهمتها في وضع مشروع تهيئة ترابية‪ ،‬لكن هذه‬
‫المساهمة ال تترجم إال عن طريق منحها حق مناقشة المشاريع والتجهيزات التي قامت بإنجازها‬
‫وإعدادها مسبقا اإلدارة المكلفة بالتعمير‪ ،‬ويمكن التأكيد على ذلك من خالل الدورالعام الذي‬
‫تطلع به الجماعات املحلية على ضوء بعض المناشير الوزارية الصادرة في هذا الشأن ومنها‬
‫منشورالسيد الوزيراالول‪ 144‬عدد ‪ 119‬الصادرفي ‪ 6‬ماي ‪ 5799‬المنش ئ للخلية الوزارية المكلفة‬
‫بدراسة مشاريع مخططات التهيئة من جهة وإستشارة املجلس الجماعي من جهة أخرى قبل‬
‫إعداد الوثائق التقنيةـ ثم المنشور عدد ‪ 511‬الصادر في ‪ 6‬أبريل ‪ 5797‬الصادر عن وزير الدولة‬
‫المكلف بالداخلية‪ ،‬الموجه الى السادة العمال والذي يلح فيه على أن الوثائق التقنية يقع‬
‫بإتفاق بين المصالح اإلقليمية المكلفة بالتعمير‪ ،‬واملجالس الجماعية من جهة والمصالح‬
‫الخارجية لبعض الوزارات المعنية من جهة أخرى حتى تكون تلك الوثائق التي ترسم الطرق‬
‫والمساحات والمناطق الخضراء والمناطق السكنية بمختلف أنواعها والمناطق الصناعية‬
‫والمصالح اإلدارية والمناطق االجتماعية واالقتصادية مطابقة للمطلوب سواء من ناحية‬
‫الموقع أو من ناحية المساحة‪ ،‬والتي يتم اإلتفاق عليها مسبقا من طرف الجميع‪.145‬‬

‫كما تظهر إختصاصات الجماعات املحلية في مجال حماية البيئة في العديد من‬
‫المستويات‪ ،‬منها توزيع الماء والكهرباء‪ ،‬ومنها أيضا حماية الغابة في حدودها الترابية لكن ما‬
‫يهمنا على مستوى املجال العمراني هو دورها في حماية البيئة من التلوث الناتج عن النفايات‬
‫المنزلية خاصة منها الصلبة‪ ،‬كما تعمل على التأكد من قنوات التطهير أثناء أشغال التجزئة‬
‫العقارية‪ ،‬ومدى صالحيتها ومقاييس إرتباطها بالشبكات الرئيسية كما تعمل المصالح الجماعية‬
‫على جمع النفايات الصلبة وتحديد أماكن وضعها وكيفية تصريفها‪.146‬‬

‫فإعطاء الجماعات املحلية سلطة منح رخص البناء‪ ،‬و إنشاء تجزئات العقارية‪ ،‬إضافة‬
‫الى سحب رخص المؤسسات الصناعية المزعجة والخطيرة ‪ ،‬هي وسائل تساعد الجماعة على‬
‫حماية البيئة‪ ،‬على المستوى املحلي خاصة وعلى المستوى الوطني عامة‪ .‬وجدير بالذكر أن‬
‫إسناد هذه االختصاصات إلى الجماعات املحلية لدليل على رغبة المشرع في إشراك فعال لكافة‬

‫‪ 144‬حسب الفصل ‪ 91‬من الدستور أصبح يترأس الحكومة رئيس الحكومة وليس الوزير األول‪.‬‬
‫‪ 145‬عبد الرحمان البكريوي‪ ،‬التعمير المنشئ ضروري لتنمية التخطيط الحضري‪ ،‬االدارة العمومية والتغيير الجمعية المغربية للعلوم‬
‫االدارية‪ ،‬الشعبة الوطنية للعلوم اإلدارية‪ ،‬إفريقيا الشرق‪ ،‬الدار البيضاء ‪ 4898‬ص ‪.49‬‬
‫‪146‬‬
‫‪MEKOUR MOHAMED ALI , communes et environnement. Localiser l’écologie l’état et les‬‬
‫‪collectivités locales au Maroc pressede l’institut d’études politiques de Toulouse 1989 Afrique orient‬‬
‫‪P/122.‬‬

‫‪P 26‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫المواطنين في مجال التعمير والبيئة‪ ،‬إال أن التساؤل الذي يطرح نفسه هو هل ظهير ‪5796‬‬
‫إستطاع تحقيق االهداف المرسومة؟ وهل تعتبر مقتضياته ناجحة من الناحية العملية؟ إن‬
‫نقل السلطة التي كانت بأيدي الباشاوات والقياد الى رؤساء املجالس الجماعية ال زال قاصرا‪،‬‬
‫وذلك نتيجة مجموعة من العوامل‪ ،‬يأتي في مقدمتها ضعف الوسائل التقنية والبشرية الكفيلة‬
‫بمر اقبة عملية البناء‪.‬‬

‫الفقرة الخامسة‪ :‬أهمية املحافظة على البيئة كشرط من شروط منح رخصة البناء‪.‬‬

‫تظهر المعادلة بين رخصة البناء وحماية البيئة في كل من المواد ‪ 11‬و ‪ 11‬و ‪ 91‬و ‪ 19‬و‬
‫‪ 14717‬المتعلقة بالضوابط العامة للبناء من قانون ‪ 51/71‬حيث يتعلق األمربالوثائق التي يجب‬
‫أن يشتمل عليها ملف طلب رخصة البناء من أجل تحديد الغرض أو األغراض املخصصة لها‬
‫االرض والثانية تتعلق بتسليم رخصة البناء على ضوء بعض اإلعتبارات ومنها البيئة‪.‬‬

‫فمن حيث األغراض املخصصة لها االراض ي نجد أن المشرع في المادة ‪ 11‬من قانون‬
‫‪ 51/71‬إشترط لتسليم رخصة البناء ضرورة التحقق أن البناء المزمع إقامته تتوفرفيه الشروط‬
‫التي تفرضها األحكام التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل خاصة تلك األحكام الواردة في‬
‫تصاميم التنطيق وتصاميم التهيئة‪ ،‬هذه األحكام التي تسري على القواعد التي يتضمنها مخطط‬
‫توجيه التهيئة العمارية‪ ،‬خاصة تلك المتعلقة بتمييزالمناطق السكنية عن باقي المناطق األخرى‬
‫(تجارية‪ ،‬صناعية‪ ،‬غابوية‪ ،‬سياحية)‪.‬‬

‫فإذا تعلق األمر بالحصول مثال على رخصة بناء مصنع‪ ،‬فالبد من اإلدالء بوثائق تبين نوع‬
‫المواد السائلة والصلبة والغازية ‪ ،‬إضافة إلى معرفة نسبة إضرارها بالصحة العمومية‬
‫والزراعة‪ ،‬ومعرفة مسار قنوات الصرف بصفة مباشرة‪ ،‬أو غير مباشرة‪ ،‬ومدى تأثيرها على‬
‫املحيط البيئي‪ ،‬حيث أنه في كثير من األحيان عند عدم مراعاة هذه المقتضيات تنتج أضرار‬

‫‪ 147‬تنص المادة ‪ 17‬من القانون ‪ 44/89‬على ما يلي «تسلم رخصة البناء بعد التحقق من أن المبنى المزمع إقامته تتوفر فيه الشروط التي‬
‫تفرضها األحكام التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل‪ ،‬خصوصا األحكام الواردة في قطاع التنطيق وتصاميم التهيئة»‪.‬‬
‫‪ ‬تنص المادة ‪ 11‬من نفس القانون على ‪ ... :‬و يجب أن تتوفر فيه المتطلبات األمنية الالزمة بحيث تجعل المستعمل لها والدولة‬
‫في مأمن من كل خطر يترتب على استخدامها بصورة غير قانونية‪.‬‬
‫‪ ‬تنص المادة ‪ 11‬من نفس القانون على ‪ :‬ال تسلم الرخصة إذا كانت األرض المزمع إقامة المبنى عليها غير موصولة بشبكة‬
‫الصرف الصحي أو شبكة توزيع الماء الصالح للشرب"‬
‫‪ ‬تنص المادة ‪ 11‬من نفس القانون على ‪ " :‬يعاقب بغرامة من ‪ 499999‬إلى ‪ 4999999‬درهم مالك المبنى الذي يستعمله بنفسه‬
‫أو يجعله في متناول غيره إلستعماله قبل الحصول على رخصة السكن أو شهادة المطابقة"‬
‫‪ ‬تنص المادة ‪ 18‬من نفس القانون على تحدد ضوابط البناء العامة ‪ – ...‬شروط تهوية المحالت خصوصا فيما يتعلق بمختلف‬
‫األحجام واألجهزة التي تهم الصحة والنظافة‪ -...‬مواد وطرق البناء المحظور استخدامها بصورة دائمة ‪ – ...‬طرق الصرف‬
‫الصحي والتزويد بالماء الصالح للشرب‪"...‬‬

‫‪P 27‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫وخيمة على المستوى البيئي‪ ،‬كالتلوث الناتج عن عدم إحترام وجهة قنوات الصرف الصحي أو‬
‫القواعد المتعلقة بالمعالجة والتخزين والتصفية‪ ،‬باإلضافة الى الضجيج المنبعث منها‪.148‬‬

‫وعلى مستوى السكن إشترط المشرع العديد من القواعد التي تهم املجال الصحي‬
‫والوقائي للساكنة بالمغرب‪ ،‬حيث إشترط في الحصول على رخصة البناء ضرورة توفر بعض‬
‫الضوابط التي نص عليها في المادة ‪ 17‬من قانون ‪ 51/71‬والتي تتجلى أساسا في ضوابط السالمة‬
‫الواجب مراعاتها في المباني‪ ،‬والشروط الواجب تو افرها كمتطلبات الصحة والمرور وحماية‬
‫المدن ومقتضيات الراحة العامة خصوصا قواعد إستقرار المباني ومكانتها ومساحة املحالت‬
‫وحجمها و أبعادها وشروط تهويتها‪ ، 149‬وتوفير األجهزة التي تهم الصحة والنظافة ثم مواد وطرق‬
‫البناء التي يحضر إستخدامها بصورة دائمة‪ ،‬والتدابير المعدة للوقاية من الحريق إضافة إلى‬
‫طرق الصرف الصحي والتزويد بالماء الصالح للشرب‪ ،‬يمكن للسلطة املختصة آنذاك منح‬
‫رخصة البناء إضافة إلى الشروط األخرى المتعلقة باملجال البيئي‪.‬‬

‫واشتراط مثل هذه القواعد في مجال منح رخصة المبناء يكون الغرض منه حماية البيئة‬
‫بصفة عامة وحماية السكان بصفة خاصة من األخطار التي تلحق بها نتيجة مخالفة هذه‬
‫القواعد مما قد ينعكس على املحيط البيئي وعلى الصحة العامة للسكان وفي هذا انسجام مع‬
‫بعض القوانين التي هدف المشرع من خاللها وضع نوع من التناسق بين قوانين التعميروبعض‬
‫القوانين الخاصة‪150.‬‬

‫لكن اإلشكال المطروح من وجهة نظرنا هو غياب جزاءات قوية بإمكانها ردع املخالفين‬
‫خاصة فيما يتعلق بالشق البيئي‪ ،‬وفي هذا تقصيرمن المشرع الذي عليه التدخل بفرض جزاءات‬
‫زجرية بإمكانها ردع املخالفين‪.‬‬

‫وعلى خالف المشرع المغربي فإن المشرع الجزائري كان أكثر وضوحا فيما يخص منح‬
‫رخصة البناء‪ ،‬حيث إعتمد معيارين يسمح بموجبهما تعريف وتحديد األشغال وأعمال التهيئة‬

‫‪ 148‬األسعد العيدي‪ ،‬المحافظة على البيئة الطبيعية في المغرب التدبير القانوني واإلداري‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون‬
‫العام‪ ،‬جامعة الحسن الثاني عين الشق‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬سنة ‪ 4887‬ص ‪.44‬‬
‫‪ 149‬الوكاري محمد‪ ،‬العقار والتنمية الحضرية‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬كلية العلوم‬
‫القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬الرباط‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،4891-4891‬ص ‪.4‬‬
‫‪ 150‬راجع الفصل العاشر من الظهير الشريف الصادر بتاريخ ‪ 7‬شوال ‪ 41 )4774‬غشت ‪ (4841‬الخاص بتنظيم المحالت المضرة‬
‫بالصحة والمحالت المزعجة والمحالت الخطرة‪ ،‬جريدة رسمية بتاريخ ‪ 1‬شتنبر ‪ 4841‬المعدل بمقتضى ظهير ‪ 44‬جمادى الثانية ‪4714‬‬
‫)‪ 47‬أكتوبر ‪.(4887‬‬

‫‪P 22‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫التي تخضع لدراسة مدى التأثير في البيئة‪ ،151‬معيار الحجم ومعيار األثار المبنيان على دراسة‬
‫تحدد حالة المكان ومحيطه مع التركيزبالخصوص على الثروات الطبيعية والمساحات الفالحية‬
‫والغابوية والبحرية والمائية‪ ،‬تم تحليل أثارها على البيئة وال سيما األماكن والمناظر والحيوان‬
‫والنبات واألوساط الطبيعية والتوازنات اإليكولوجية وحسن الجواروالضجيج‪.‬‬

‫المطلـ ـ ـ ـ ــب الثانـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي‪ :‬البناء بدون رخصة‪.‬‬

‫إن حركة التمدن السريع التي عرفها المغرب نتيجة لعوامل إقتصادية و إجتماعية‬
‫إضافة الى عامل النمو الديموغرافي والهجرة القروية ‪ ، 152‬كانت السبب الرئيس ي في خلق أزمة‬
‫سكنية حادة في المدن الكبرى‪ ،‬وتشير بعض اإلحصائيات إلى أن نسبة تزايد النمو الديموغرافي‬
‫حددت في ‪ %51.6‬بالمقارنة مع عدد السكان سنة ‪ ،5771‬حيث وصل عدد سكان المدن الى‬
‫‪ 56.161.611‬نسمة‪ ،‬بينما وصل عدد سكان القرى الى ‪ 51.117.191‬نسمة‪ ،‬بينما وصلت نسبة‬
‫التمدن الى ‪.153 %11.5‬‬

‫الش يء الذي ساهم في ظهورمدن الصفيح والتجزئات السرية غيرالقانونية‪ ،‬والتي خففت‬
‫نوعا ما من هذه األزمة‪ ،‬لكن سلبياتها فاقت إيجابياتها‪ ،‬حيث خلفت أزمة على المستوى البيئي‪،‬‬
‫تجلت أساسا في تشوه جمالية المدن و إنتشارالتلوث الناتج عن إنعدام قنوات الصرف الصحي‬
‫وغيرذلك من سلبيات هذا النوع من السكن‪.‬‬

‫من هنا نطرح السؤال التالي ‪ :‬أين تتمظهرسلبيات البناء بدون رخصة؟‬

‫الفق ـ ـ ـ ــرة االول ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى‪ :‬السكن العشوائي‬

‫عرفت وزارة السكنى السكن العشوائي‪ ،‬بالسكن السري أو السكن غير الالئق‪ ،‬وهو ذلك‬
‫السكن الثابت المبني بالمواد الصلبة أو املجهز بصفة جزئية في أغلب األحيان وهو يتم بدون‬
‫تحصيل رخصتي التجزيء والبناء ‪ ،154‬بينما عرفه بعض الفقه بكونه كل سكن مبني بالمواد‬

‫‪ 151‬وناس يحيى‪ ،‬اآلليات القانونية لحماية البيئة في الجزائ ر‪ ،‬رسالة دكتوراه في القانون العام‪ ،‬جامعة أبو بكر بلقايد‪ ،‬تلمسان ‪ 4991‬ص‬
‫‪.49‬‬
‫‪ 152‬عبد الحق صافي‪ :‬الملكية المشتركة للعمارات والدور المنقسمة إلى شقق أو طبقات أو محالت‪ ،‬شرح لنصوص القانون رقم ‪49/99‬‬
‫الطبعة الثانية ‪ ،4998-4179‬ص ‪.44‬‬
‫‪ 153‬عبد الحق صافي‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.44‬‬
‫‪ 154‬عبد الحق صافي‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.44‬‬

‫‪P 27‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫الصلبة‪ ،‬وغيرمجهزتجهيزا تاما‪ ،‬وبدون رخصة تجزيئية وال رخصة بناء‪ ،‬ويشكل تجمعات سكنية‬
‫كبيرة داخل المدارالحضري للمدينة أو المراكزأو قريب منها بمسافة يحددها القانون ‪.155‬‬

‫وبذلك فهو ليس بسكن الصفيح الذي تستعمل فيه ألواح القصدير‪ ،‬وال بالسكن‬
‫القانوني المرخص ببنائه طبقا لقوانين التعمير وتصاميم البناء‪ ،‬وليس بسكن فردي بل هو‬
‫تجمع سكني كبير يشكل أحياءا بل مدنا في بعض المناطق‪ ،‬ومهما قيل عن هذا النوع من البناء‬
‫الذي تنعدم فيه الشروط الدنيا التي تتطلبها املحافظة على كرامة اإلنسان في سكناه‪ ،‬ويخلوا‬
‫من التجهيزات األساسية والمر افق االجتماعية‪.‬‬

‫لكن رغم كل ذلك يبقى هو الشكل السكني الوحيد الذي أكد قدرته على إستيعاب نسبة‬
‫مهمة جدا من الفئات اإلجتماعية ذات الدخل المتوسط أو املحدود فأكد فاعليته في التخفيف‬
‫ولو جزئيا من حدة أزمة السكن‪.‬‬

‫وقد تبنى المغرب إستراتيجية التدخل في األحياء غير القانونية على مقاربة مزدوجة‪،‬‬
‫األولى تستهدف في تنظيمها من خالل إدماجها كشكل من أشكال العمران‪ ،‬فيما تتأسس المقاربة‬
‫الثانية على مقاربة وقائية تعتمد على تهيئة عقارية مالئمة لفائدة السكان الذين غالبا ما يكونون‬
‫زبناء محتملين للسكن غيرالقانوني‪.‬‬

‫و إبتداء من سنه ‪ 1111‬مرالتدخل في األحياء غيرالقانونية من عمليات إلعادة هيكلة هذه‬


‫األحياء الى تدخالت مندمجة في إطار شراكة مع المتدخلين المعنيين‪ ،‬تم إعادة هيكلة األحياء‬
‫ناقصة التجهيزوإعادة التأهيل الحضري للمدن والمراكزالحضرية‪.‬‬

‫وقد إنتشر هذا النوع من السكن خالل العشرين سنة األخيرة‪ ،‬فأصبح يستقطب نسبة‬
‫عالية‪ ،‬من السكان الحضريين‪ ،‬وحسب اإلحصائيات المنجزة في هذا املجال يحتضن هذا النوع‬
‫من السكن أكثرمن ‪ 157111‬أسرة تتمركزغالبيتها في الوسط الحضري بنسبة ) ‪ ( %91,1‬في حين‬
‫تنتشرالنسبة المتبقية أي )‪( %11,1‬في الوسط القروي الخاضع للترخيص وقد عرف هذا النوع‬
‫من السكن تزايدا بما قدره ‪ 561917‬أسرة أي بنسبة ‪ %15.9‬من املجموع العام‪.156 .‬‬

‫‪ 155‬محمد معنى السنوسي‪ ،‬أضواء على قضايا التعمير والسكنى‪ ،‬دار النشر المغربية بالدار البيضاء ‪ ،4899‬ص ‪.44‬‬
‫‪ 156‬األطلس الجهوي لحصيلة إنجازات اإلسكان والتعمير والتنمية المجالية‪ ،‬فضاء العيش الكريم متجذرة في تاريخ العمران المغربي‪،‬‬
‫حصيلة تقدم برنامج تحسين ظروف سكن قاطني دور الصفيح سنة ‪.4999‬‬

‫‪P 70‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫ومهما قيل عن هذا النوع من البناء الذي تنعدم فيه الشروط الدنيا التي تتطلبها‬
‫املحافظة على كرامة االنسان في سكناه‪ ،‬حيث يخلو من جل التجهيزات األساسية والمر افق‬
‫االجتماعية‪ ،‬ويبقى رغم كل ذلك هوالشكل السكني الوحيد الذي أكد قدرته على استيعاب نسبة‬
‫مهمة جدا من الفئات االجتماعية ذات الدخل المتوسط و املحدود حيث أكد فاعليته في‬
‫التخفيف ولو جزئيا من حدة أزمة السكن‪.‬‬

‫وتشكل الظروف االقتصادية واالجتماعية وإرتفاع معدل الهجرة القروية‪ ،‬وتضخم‬


‫المدن دون أن تساويه حركة في البناء من أجل السكن‪ ،‬من أهم االسباب في إنتشارهذه الظاهرة‬
‫الخطيرة على جميع المستويات ديمغر افيا وإجتماعيا ومعماريا‪.‬‬

‫وعلى المستوى البيئي يلعب السكن العشوائي دورا كبيرا في إحداث بعض األضراربالبيئة‬
‫في المغرب إذ يتميزهذا النوع من السكن بإنعدام التجهيزات األساسية‪ ،‬والمر افق االجتماعية‪،‬‬
‫وبتطوره السريع كما وكيفا‪ ،‬وغزوه المدن المغربية‪ ،‬وتهديد مستقبلها ال في التنسيق والجمال‬
‫العمراني فحسب‪ ،‬بل كذلك في استمرارتهديد حياة وسالمة المواطنين‪.‬‬

‫وهذا اإلفتقار للتجهيزات األساسية كقنوات الصرف الصحي)شبكة الماء الصالح‬


‫للشرب‪ ،‬الكهرباء… ( ينعكس سلبا على المستوى الصحي للسكان‪ ،‬حيث يتم اإلعتماد على‬
‫النافورات العمومية التي تفتقرإلى التجهيزات والوقاية الصحية باإلضافة الى التلوث الناتج عن‬
‫الصرف الصحي والنفايات‪.‬‬

‫واذا كان انتشار السكن العشوائي في المغرب يرجع للعديد من العوامل أهمها النمو‬
‫الديموغرافي والهجرة القروية من البادية الى المدينة‪ ،‬فيمكن القول من وجهة نظرنا أن هناك‬
‫مراحل أخرى يمكن إستحضارها‪ ،‬كضعف تكوين الخبراء القانونيين في قوانين التعميرو أنظمة‬
‫البناء حيث يتعامل المشرع مع املجزئ غير المرخص له بكيفية ليست في حجم مخالفته‪ ،‬إذ‬
‫تبقى اإلدارة مجرد شرطة إدارية‪ ،‬وحتى إذا ما طبق عليه القانون فالعقوبة تبقى محدودة ال‬
‫تتجاوز الغرامة المالية البسيطة‪ ،‬أمام ما يحققه املجزئ من أرباح وبذلك تجعله ال يتوانى عن‬
‫مواصلة مخالفته لهذه القوانين‪.‬‬

‫إضافة الى عامل الوعي الذي يفتقرإليه جل ضحايا البناء العشوائي‪ ،‬حيث ال يميزهؤالء‬
‫بين تجزئة مرخص لها وتجزئة عشوائية‪ ،‬وبين منزل قانوني وآخرغيرقانوني‪ ،‬وبين حي يتوفرعلى‬

‫‪P 71‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫التجهيزات الضرورية والمر افق الالزمة‪ ،‬والحي الذي ال يتوفر على ذلك‪ ،‬من هنا يجد المواطن‬
‫في تواضع وبساطة الحي السكني العشوائي ضالته التي يبحث عنها‪ ،‬وذلك في غياب توعية تقوم‬
‫بها األجهزة المسؤولة لصالح هذه الفئات االجتماعية‪ ،‬وتوضح لها حاجيات الحياة بالمدينة التي‬
‫تختلف في بعض جوانبها عن الحياة بالبادية‪ ،‬وهنا يبرز دور املجتمع المدني في املجاالت‬
‫اإلقتصادية واإلجتماعية‪ ،‬حيث ال يقل دورها أهمية عن دور الحكومة والقطاع الخاص‪،‬‬
‫فالمؤسسات المدنية تشكل بإمتياز ما يمكن نعته بالرأسمال اإلجتماعي ودورها أضحى مطلوبا‬
‫من خالل تبني السياسات االقتصادية واالجتماعية‪157.‬‬

‫وتكريسا لمفهوم دسترة الحكامة الجيدة ودور املجتمع المدني‪ ،‬جاء في الخطاب‬
‫الملكي‪ ..." :‬تقوية اليات تخليق الحياة العامة‪ ،‬وربط ممارسة السلطة والمسؤولية العمومية‬
‫بالمر اقبة واملحاسبة…" ‪. 158‬‬

‫ورغم املجهودات التي بدلها المغرب حيث تم إعالن ‪ 11‬مدينة معلنة بدون صفيح في إطار‬
‫تو افق مع الشركاء املحليين الذين تعود إليهم مهمة تحديد طرق إنجاز البرنامج والمدة الزمنية‬
‫ألنهائه حتى سنه ‪.1591155‬‬

‫ورغم ذلك يمكن القول أن الحكومة فشلت في سياساتها السكنية‪ ،‬إذ أن العرض والطلب‬
‫في سوق البناء والسكنى ال يتناسبان‪ ،‬ففي الوقت الذي يتحتم على الحكومة تنفيذ مخطط‬
‫سكني لبناء ‪ 111.111‬سكن في السنة من أجل تدارك العجز السكني‪ ،‬نجد أن معدل البناء ال‬
‫يتجاوز ‪ 11,111‬مسكن سنويا‪ ،‬أي أن ما يبنى من المنازل ال يتجاوز سدس ما يحتاجه سكان‬
‫البالد‪ ،‬وتبقى خمسة أسداس بدون تغطية‪ ،‬ما يدفع بالسكان باإلتجاه الى سوق البناء‬
‫العشوائي‪.160‬‬

‫‪ 157‬سعيد بلعيساوي‪ :‬دور هيئات المجتمع المدني في تخليق المؤسسات قراءة في ضوء دستور ‪ ،4944‬مداخلة بمناسبة الندوة العلمية‬
‫المنظمة من طرف ودادية موظفي العدل‪ ،‬المكتب الجهوي بخريبكة‪ ،‬حول موضوع المستجدات الدستورية إشكالية التنزيل‪ ،‬بتاريخ ‪ 1‬ماي‬
‫‪ ،4944‬منشور بسلسلة إضاءة في الدراسات القانونية تحت عنوان المواطنة وسؤال تخليق الحياة العامة ‪ ،‬ص ‪.69‬‬
‫‪ 158‬مقتطف من خطاب جاللة الملك محمد السادس بتاريخ ‪ 8‬مارس ‪.4944‬‬
‫‪ 159‬األطلس الجهوي لحماية انجازات اإلسكان والتعمير والتنمية المجالية لسنة ‪ ،4999‬عملية تقدم برنامج تحسين ظروف سكن قاطني‬
‫دور الصفيح‪ 4944-4991،‬سبع سنوات من اإلنجاز‪ ،‬منشور عن حكومة عباس الفاسي‪.‬‬
‫‪ 160‬عبد الحق صافي‪ ،‬الملكية المشتركة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.47‬‬

‫‪P 72‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫وباإلضافة إلى ظاهرة البناء العشوائي نجد نوعا آخرمن األبنية أصبحت تلعب دورا كبيرا‬
‫في إمتصاص الجزء األكبر من الساكنة المغربية ذات الدخل املحدود والذي عرف انتشارا على‬
‫مدى السنوات الفارطة إبان عهد الحماية وبعدهاـ والذي يتجلى في السكن الصفيحي‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬السكن الصفيحي‪.‬‬

‫تعتبر أحياء الصفيح وحدات سكنية مجردة من أبسط وسائل الراحة التي تستجيب‬
‫لكرامة االنسان‪ ،‬فهي تتميز بإنعدام المر افق والخدمات اإلجتماعية والصحية وشبكات البنية‬
‫األساسية‪ ،‬كما أن المواد المستعملة في بناء الصفيح كالخشب والصفائح واللدائن‪ ،‬ال تشكل‬
‫بأي حال من األحوال حماية من خطر عو اقب البرودة والرطوبة والحر‪ ،‬إضافة الى إمكانية‬
‫اإلنهياربسبب تهاطل األمطار‪.‬‬

‫وقد بدأت أحياء الصفيح في الظهور ابتداء من سنة ‪ ،5711‬وجاء ذلك نتيجة الهجرة‬
‫القروية من البوادي الى المدن‪ ،‬نظرا لسوء ظروف الحياة في البادية‪ ،‬أمام توسع استيالء‬
‫المعمرين على األراض ي الفالحية‪ ،‬وجلب اليد العاملة القروية ألوراش العمل في المدن ونواحيها‪،‬‬
‫فتوالت الهجرة القروية في مراحل زمنية عديدة‪ ،‬وعلى الخصوص في سنة ‪ 5717‬عقب األزمة‬
‫االقتصادية العالمية‪ ،‬وسنة ‪ 5711‬عقب الحرب العالمية الثانية‪ ،‬وسنوات ‪ 5717 - 5711‬بداية‬
‫االستقالل‪ ،‬وسنوات ‪ 5771 - 5775‬في مواسم الجفاف األخيرة‪.‬‬

‫وتتميز أحياء الصفيح باإلكتظاظ السكاني ‪ ،‬ففي الغالب ما يقطن في البراكة أو الكوخ‬
‫الواحد أكثر من عائلة‪ ،‬وهذا ما يزيد في صعوبة ظروف الحياة‪ ،‬ويسهل إنتشار المآس ي‬
‫االجتماعية‪ ،‬حيث ترتفع نسبة الجريمة‪ ،‬والتفكك العائلي واالجتماعي‪ ،‬مما يؤدي الى إرتفاع‬
‫معدل الوفيات‪ ،‬في مقابل إنخفاض متوسط األعمار‪ ،‬وتواضع دخل العائالت‪.‬‬

‫ويمكن القول أن ظهير ‪ 59‬يونيو ‪ 5771‬بمثابة قانون رقم ‪ ،51/71‬لم يغير كثيرا من‬
‫مقتضيات قانون التعمير في إطار ظهير ‪ 11‬يوليوز ‪ 5711‬في الجوهر‪ ،‬بل إستجد فقط بعض‬
‫الجوانب محاوال ضبط النمو الحضري وتأثيراته‪ ،‬ومواكبة تطورالحواضروالمراكزالحضرية‪،‬‬
‫وبعض األجزاء من القرى املجاورة لها‪ ،‬ومن بين مستجداته محاولته التخفيف من اإلجراءات‬
‫المسطرية إلعداد وثائق التعمير املختلفة‪ ،‬والمصادقة عليها قصد إخراجها الى حيز الوجود‬
‫بالسرعة الفعالية المطلوبتين من أجل التحكم في ضبط التعبيروالبناء‪.‬‬

‫‪P 73‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫كما أنه وضع األسس القانونية للتصاميم المتعلقة بالتهيئة العمرانية التي كانت تحدد‬
‫اإلختيارات الكبرى للتعميرالممكن تنميته‪ ،‬إستجابة للحاجيات التي يطرحها النموالحضري على‬
‫المدى البعيد‪ ،‬والتي كانت بمثابة الدراسات األساسية إلعداد تصاميم التهيئة وتصاميم‬
‫التنطيق‪ ،‬وفضال عن ذلك توخت مقتضيات القانون الجديد حماية وتهيئة المناطق ذات‬
‫الصبغة الخاصة التي توجد خارج التجمعات الحضرية‪ ،‬والمناطق املجاورة لها‪ ،‬واملجموعات‬
‫العمرانية و إقرار قواعد جديدة تهدف الرفع من مستوى البعد البيئي في المغرب‪ ،‬إضافة الى‬
‫وضع إجراءات جديدة لردع املخالفات في ميدان التعمير وخاصة في مجال البناء‪ ،‬تطبعها‬
‫الصرامة والسرعة في التدخل لمعالجة جميع املخالفات المتعلقة بالبيئة‪ ،‬وتفعيل دور‬
‫المتدخلين للحيلولة دون انتشار البنايات غير القانونية والعشوائية و الصفيحية التي تعتبر‬
‫تهديد فعلي للجانب البيئي في المغرب‪.‬‬

‫خ ـ ـ ـ ـاتمـ ـ ـة‪:‬‬

‫و كخالصة يمكن القول أن مقتضيات قانون ‪ 51/71‬المتعلق بالتعمير تعرف بعض‬


‫القصور‪ ،‬حيث ال نجد مادة أو فصل صريح ينص على حماية البيئة في إطارأعمال البناء‪ ،‬سواء‬
‫تعلق األمربالسكن العشوائي أو السكن الصفيحي‪ ،‬حيث نجد فقط بعض اإلشارات والتي يبقى‬
‫لها عالقة و إرتباط بأعمال البناء ال لحماية البعد البيئي‪ ، 161‬خاصة ما يترتب عن هذا النوع من‬
‫السكن من أثارسلبية على البيئة من جهة‪ ،‬وعلى صحة المواطن من جهة ثانية في المقابل يمكن‬
‫القول أن قانون ‪ ، 162 55/11‬كان أكثر شمولية وأكثر وضوح عندما وضع األهداف والمبادئ‬
‫العامة‪ ،‬حيث إعتبر أن حماية البيئة واستصالحها هو من األهداف العامة‪ ،‬حيث ينص على‬
‫ضرورة حماية البيئة من كل أشكال التلوث أي كان مصدره‪ ، 163‬كما إعتبر أن حماية البيئة‬
‫واستصالحها وحسن تدبيرها هو جزء من السياسة المندمجة للتنمية االقتصادية واالجتماعية‬
‫والثقافية‪ 164‬كما نص نفس القانون على ضرورة إقرار التوازن الضروري بين متطلبات التنمية‬

‫‪ 161‬تنص المادة الرابعة في فقرتها الثالثة من القانون ‪ 44/89‬على‪ ... " :‬تحديد المساحات الخضراء الرئيسية التي يجب القيام بإحداثها‬
‫وحمايتها أو إبراز قيمتها أو بهما معا"‪0‬‬
‫‪ ‬تنص المادة ‪ 18‬من نفس القانون في فقرتها الثانية على‪ ... " :‬مواد وطرق البناء المحظور استخدامها بصورة دائمة ‪ ...‬طرق‬
‫الصرف الصحي والتزويد بالماء الصالح للشرب ‪0"...‬‬
‫‪ 162‬الصادر بتطبيقه الظهير الشريف رقم ‪ 4097018‬الصادر في ‪ 49‬ربيع األول ‪ 44) 4141‬ماي ‪ ،(4997‬جريدة رسمية عدد ‪-1449‬‬
‫‪ 49‬ربيع اآلخر ‪ 48) 4141‬يونيو ‪ - 4997‬ص ‪.4‬‬
‫‪ 163‬راجع الفقرة األولى من المادة ‪ 4‬من قانون ‪.44/97‬‬
‫‪ 164‬راجع الفقرة األولى من المادة ‪ 4‬من قانون ‪.44/97‬‬

‫‪P 74‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫الوطنية ومتطلبات حماية البيئة حين إعداد املخططات القطاعية للتنمية وإدماج مفهوم‬
‫التنمية المستدامة حين وضع وتنفيذ هذه املخططات‪.165‬‬

‫وهذا ما يجب أن يتقيد به مشرع قانون ‪ 51/71‬المتعلق بالتعميرـ سواء تعلق األمر‬
‫بالقوانين المرجعية كقانون ‪ ،55/11‬أو في المفهوم الجديد للتنمية المستدامة‪ ،‬خاصة في‬
‫الشق المتعلق بخفض الموارد الطبيعية والبيئية فاإلستدامة من المنظور البيئي تعني دائما‬
‫وضع الحدود أمام اإلستهالك والنموالسكاني والتلوث بمختلف أنواعه سواء تعلق األمربالتلوث‬
‫الفجائي المتمثل في تصادم الناقالت داخل البحار‪ ،‬أو التلوث الزراعي الذي تتسبب فيه‬
‫املخصبات النباتية أو المبيدات الحشرية أو مخلفات الحيوانات‪ ،‬وبذلك فللحفاظ على التراث‬
‫البيئي العالمي‪ ،‬والموارد الطبيعية من أجل األجيال القادمة تستلزم إيجاد حلول قابلة‬
‫لالستثمار اقتصاديا للحد من استهالك الموارد و إيقاف التلوث وحفظ الموارد الطبيعية على‬
‫قاعدة الموارد المادية والبيولوجية‪ ،‬وعلى النظم اإليكولوجية والنهوض بها‪.‬‬

‫الئ ـح ـ ـ ـ ــة الم ـ ــراج ـ ـ ـ ــع‬

‫أحمد المهدي‪ ،‬الحماية القانونية للبيئة ودفوع البراءة الخاصة بها‪ ،‬دار الفكر‬ ‫‪‬‬
‫والقانون للنشروالتوزيع سنة ‪.1116‬‬

‫حميد بوجيدة‪ ،‬رخصة البناء منشورات املجلة المغربية باإلدارة املحلية‬ ‫‪‬‬
‫والتنمية سلسلة دالئل التيسيردارالنشرالمغربية الرباط ‪.5776‬‬

‫عبد الرحمن البكريوي‪ ،‬التعمير المنش ئ ضروري لتنمية التخطيط الحضري‬ ‫‪‬‬
‫اإلدارة العمومية والتغيير‪ ،‬الجمعية المغربية للعلوم اإلدارية الشعبة الوطنية للعلوم اإلدارية‬
‫افريقيا الشرق الدارالبيضاء ‪.5777‬‬

‫عبد الحق صافي‪ ،‬الملكية المشتركة للعمارات والدور المنقسمة الى شقق أو‬ ‫‪‬‬
‫طبقات أو محالت‪ ،‬شرح لنصوص القانون رقم ‪ ،57 /11‬الطبعة الثانية‪.1117 ،‬‬

‫محمد معنى السنوس ي‪ ،‬أضواء على قضايا التعميروالسكنى‪ ،‬دارالنشرالمغربية‬ ‫‪‬‬


‫الدارالبيضاء ‪.5777‬‬

‫راجع الفقرة األولى من المادة ‪ 4‬من قانون ‪.44/97‬‬ ‫‪165‬‬

‫‪P 75‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫وناس ي يحيى‪ ،‬اآلليات القانونية لحماية البيئة في الجزائر رسالة دكتوراه في‬ ‫‪‬‬
‫القانون العام‪ ،‬جامعة أبو بكربلقايد تلمسان ‪.1119‬‬

‫الوكاري محمد‪ ،‬العقاروالتنمية الحضارية‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا‬ ‫‪‬‬
‫في القانون الخاص‪ ،‬جامعة محمد الخامس كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‬
‫الرباط سنة ‪.5771 - 5771‬‬

‫االسعد العيدي‪ :‬املحافظة على البيئة الطبيعية في المغرب التدبير القانوني‬ ‫‪‬‬
‫واإلداري‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون جامعة الحسن الثاني عين الشق كلية‬
‫العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية الدارالبيضاء سنة ‪.5771‬‬

‫‪‬‬ ‫‪SALAM HACHAMA, l’autorisation de construire, école nationale‬‬


‫‪d'administration centre de recherche et d'étude administrative année, 1990.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪KAOUAKIB KADIRI KHADIJA , environnement et aménagement‬‬


‫‪urbain problématique d'une approche marocaine année 1980.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪MEKOUR MOHAMED ALI, commune et environnement, localiser‬‬


‫‪l'écologie d'État et les collectivités locale au Maroc Année 1989.‬‬

‫‪P 76‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫الجدل الفقهي حول التدخل الجنائي في الشركات‬


‫التجارية وموقف المشرع الموريتاني‬
‫‪The octdrinal debate on criminal interference in commercial companies and the position of‬‬
‫‪the Mauritanian legislator‬‬
‫إلى تحتل الشركات التجارية أهمية قصوى وكبرى في الوقت الراهن لما لها من تأثيرعلى‬
‫اقتصاد الدول بمختلف االنظمة السائدة فيها‪ ،‬إذ أصبحت الشركات التجارية تنتشربصورة‬
‫متزايدة بغية تحقيق التنمية االقتصادية والرفع من معدالت ونسب االنتاج‪.‬‬

‫وإذا كانت الشركات التجارية على هذا النحو هي الوسيلة المثلى لالستغالل والنشاط‬
‫التجاري‪ ،‬إال أنها في المقابل مادة خصبة الرتكاب املخالفات ومسرح للتجاوزات وألجل ذلك اقترن‬
‫إرساء النظام القانوني للشركات التجارية بتجريم محتم تفرضه عديد االعتبارات وذلك ألن بعث‬
‫هذه المؤسسات يستوجب توفيرمناخ من الثقة والشفافية‪.‬‬

‫غير أن احتواء القانون الجنائي للشركات التجارية أثار رؤى متباينة ومختلفة بين مؤيد‬
‫ومعارض‪ ،‬وطرح هذا اإلشكال بصفة خاصة في فرنسا منذ القرن ‪ 57‬مع ظهور قانون ‪5711‬‬
‫المتعلق بالشركات والذي تضمن عدة أحكام جزائية‪ ،‬ومنذ ذلك التاريخ بدأ العد التنازلي لميالد‬
‫فرع جديد من فروع القانون يسمى القانون الجنائي للشركات التجارية‪166‬‬

‫يذهب بعض الفقه إلى وجود قوانين جنائية متعددة بتعدد المصالح التي تحميها‪ ،‬كالقانون الجنائي المالي‪،‬‬ ‫‪166‬‬

‫والقانون الجنائي للعمل‪ ،‬والقانون الجنائي لألعمال‪ ،‬والقانون الجنائي االقتصادي‪ ،‬والقانون الجنائي لالستثمار‪...‬فلكل‬
‫فرع من هذه القوانين موضوع خاص يمثل المصلحة المراد حمايتها‪ ،‬وهذا النهج هو السائد في الفقه الفرنسي‪ ،‬ويتبنى‬
‫أغلب الفقه الجنائي في الدول األوروبية والفقه العربي هذا النهج أيضا‪ ،‬وزيادة على ذلك بدأت تعرف بعض الفروع‬
‫أيضا تقسيمات فرعية أخرى‪ ،‬فالقانون الجنائي لألعمال بدأت تظهر له فروع كالقانون الجنائي للبنوك والقانون‬
‫الجنائي للشركات‪ ،‬ومن هنا يجد القانون الجنائي للشركات سندا منطقيا وواقعيا لوجوده‪.‬‬
‫ويعارض بعض الفقه التوجه السابق خوفا من االنقالب التشريعي الذي يمكن أن يتعرض له القانون الجنائي الخاص‪،‬‬
‫خاصة في المجال االقتصادي والمتابعة المستمرة لدينامكية الظواهر االقتصادية‪ ،‬مما يؤدي إلى ظهور معانغير‬

‫‪P 77‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫أما بالنسبة للقانون الموريتاني فإن هذا الفرع من القانون ظهرمتأخرا جدا أي مع ظهور‬
‫مدونة التجارة الموريتانية التي تبنت في جل أحكامها التشريع الفرنس ي المنظم للشركات‬
‫التجارية‪.167‬‬

‫واإلشكال الذي يطرح نفسه في هذا اإلطار يتلخص فيما يلي‪ :‬هل إن الجانب الزجري‬
‫المعتمد على الردع ينسجم مع مفهوم التجارة في محيط سياس ي وثقافي يعتنق حرية المبادرة‬

‫محددة ومفاهيم غامضة اصطلح عليها ب (تقنية التجريم المفتوح) مما يمكن أن يؤدي إلى التضحية بالمفهوم التقليدي‬
‫لقاعدة الشرعية الجزائية‪.‬‬
‫انظر في ذلك‪:‬‬
‫* محمد عبد الرحيم عنبر‪ ،‬الموسوعة الشاملة للمبادئ القانونية‪ ،‬دار الشعب‪ ،‬القاهرة ‪ ،7711‬الجزء العاشر ص‪.71‬‬
‫وانظر أيضا‪:‬‬
‫*محمد زكي أبو عامر‪ ،‬سليمان عبد المنعم‪ ،‬قانون العقوبات الخاص‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬المؤسسة الجامعية للدراسات‬
‫والنشر والتوزيع‪( ،‬مجد) بيروت‪ ،7777 ،‬ص‪.71‬‬
‫وبالتالي حسب هذا االتجاه فليس هناك مبرر للتمييز بين القسم الخاص من قانون العقوبات وبين القوانين الجنائية‬
‫الخاصة‪ ،‬فالقسم الخاص يكفي ليحيط بكافة األفعال المعدودة من الجرائم‪ ،‬سواء وردت في القانون األساسي العقابي‬
‫أو وردت في نصوص وقوانين خاصة‪ ،‬وهذا يتماشى مع مبدأ وحدة قانون العقوبات وهذا ما يتبناه التشريع الجنائي‬
‫اإلسباني‪.‬‬
‫وهناك اتجاه وسطي ثالث يحرص أنصاره على التنويه إلى أن استقالل قانون العقوبات الخاص ال يعني انفصاله‬
‫تماما عن قانون العقوبات العام‪ ،‬فيبقى قانون العقوبات األصل العام الذي ينبغي الرجوع إليه لسد النقص‪ ،‬فيكون‬
‫هنا قانون العقوبات نفسه جزءا من النظام القانوني العام يستعين بفروعه في المسائل التي لم ينظمها‪ ،‬وينادي بعض‬
‫الفقه بضرورة التفرقة بين قانون العقوبات العام والخاص بحيث يكون القانون مطبقا ويخاطب جميع األشخاص‬
‫والوقائع فهو قانون عقوبات عام‪ ،‬أما إذا كان مقصو ار على طائفة معينة من األفراد بحكم صفتهم الخاصة أو وجودهم‬
‫في ظروف معينة ووقائع محددة بحسب موضوعها‪ ،‬فنكون بصدد قانون عقوبات خاص ( قانون العقوبات االقتصادي‪،‬‬
‫والقانون الجنائي للشركات التجارية‪.)..‬‬
‫انظر في ذلك‪:‬‬
‫*مأمون سالمة‪ ،‬قانون العقوبات‪ ،‬القسم العام‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪71‬و ‪ .71‬وفوزية عبد الستار‪ ،‬شرح قانون‬
‫العقوبات‪ ،‬القسم الخاص‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،1222 ،‬ص‪.4‬وعلي عبد القادر القهوجي‪،‬‬
‫شرح قانون العقوبات‪ ،‬القسم العام‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،7771،‬ص‪ 44‬و‪.43‬‬
‫قانون ‪ 14‬جويلية ‪ 7181‬من الجدير بالذكر أن هذا القانون باإلضافة إلى مدونة التجارة الفرنسية وخاصة‬ ‫‪167‬‬

‫المواد من ‪ 71‬إلى ‪ 48‬المكونة للباب الثالث من الكتاب األول المتعلق بالشركات التجارية‪ ،‬وقانون ‪ 1‬مارس ‪7713‬‬
‫المنقح الرامي إلى تأسيس الشركات ذات المسؤولية المحدودة‪ ،‬هي مجموعة القوانين التي كانت تحكم الشركات‬
‫التجارية في موريتانيا قبل صدور مدونة التجارة‪ ،‬انظر المادة ‪ 182‬من م‪ .‬ت‪.‬‬

‫‪P 72‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫الفردية مبدأ والمنافسة وسيلة لتحقيق التطور والنمو االقتصادي مع كل ما يتطلبه ذلك من‬
‫إزالة للقيود بجميع أنواعها‪ ،‬ومن ذلك نزع النصوص الزجرية أوالحد منها في أغلب الميادين‪168‬؟‬

‫إن اإلجابة على هذه اإلشكالية تقتض ي التطرق للمو اقف الفقهية سواء منها تلك‬
‫المعارضة لتدخل القانون الجنائي في ميدان الشركات التجارية(المطلب األول) أو تلك المؤيدة‬
‫لذلك التدخل والتي يبدو أن التشريعات المعاصرة تأثرت بها(المبحث الثاني)‬

‫المبحث األول‪ :‬اإلتجاه الر افض لتدخل القانون الجنائي في ميدان الشركات التجارية‬

‫يذهب أنصار هذا اإلتجاه إلى التأكيد على التباين بين القانون التجاري الذي ينبني على‬
‫الثقة والسرعة في المعامالت والقانون الجنائي الذي يتسم بالشدة والصرامة‪ ،‬فال موجب‬
‫حسب نظرهم للجوء للقانون الجنائي لحماية الشركات التجارية‪ ،‬باعتبار ذلك يؤدي إلى خنق‬
‫روح المبادرة كما يكبل حركة المسيرين ويجعلهم في خوف وقلق مستمرين‪ ،‬مما يؤثر على نمو‬
‫الشركات التجارية‪.169‬‬

‫وبناء على ذلك اقترح هؤالء تعويض اآلليات الجنائية بآليات مدنية واعتبارها كافية لتوفير‬
‫الحماية خاصة وأن الشركات تبني على رضا األطراف‪ ،‬وأن هؤالء أحرارفي تسيير شؤون شركاتهم‬
‫وال داعي إلدخال هذه اآللية المرعبة في عالم األعمال الذي تلعب فيه الحرية والمبادرة الفردية‬
‫دورا مهما في تشجيع االستثمارفي هذا املجال‪.‬‬

‫ومن هذا المنطلق فإن بعض فقهاء القانون رأى في النصوص الجزائية التي بدأت تغزو‬
‫حقل األعمال والقوانين التي تنظم هذا الميدان ومنها بالضرورة قوانين الشركات‪ ،‬تدخال غريبا‬
‫في هذا الجسد وال يمكن التسامح معه إال بمضض‪ 170،‬إذ أن هذه الزيادة في الطابع الزجري ملجال‬

‫العجمي بالحاج حمودة‪ ،‬رضا الوسالتي‪ ،‬حاتم بالرحومة‪" ،‬التقرير الختامي" ملتقى حول الجديد في مجلة‬ ‫‪168‬‬

‫الشركات التجارية‪ ،‬مركز المصالحة والتحكيم‪ ،‬تونس‪ 11 -18‬جانف‬


‫‪ ،7‬ص‪.714‬‬
‫عبد المنعم العبيدي‪ ،‬السياسة الجنائية في إطار الشركة خفية االسم‪ ،‬مركز البحوث القانونية والدراسات السياسية‬ ‫‪169‬‬

‫واالجتماعية‪ ،‬تونس ‪ ،1274‬ص ‪.78‬‬


‫رشيد بن فريحة‪ ،‬خصوصية التجريم والعقاب في القانون الجنائي لألعمال جرائم الشركات التجارية نموذجا‪،‬‬ ‫‪170‬‬

‫أطروحة دكتوراه في القانون‘جامعة أبو بكر بلقايد بتلمسان‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪، 1271 /1278 ،‬ص‬
‫‪.11‬‬

‫‪P 77‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫األعمال ستضرب خصوصيات العمل التجاري عرض الحائط خصوصا ما يتعلق بجانب‬
‫السرعة واالئتمان فكيف لمستثمريبحث عن الربح أن يجد نفسه متابعا بغرامات تكلفه أحيانا‬
‫جل رأس ماله‪ ،‬هذا إن لم يفقد حريته أصال؟!‬

‫فهذا الزحف الجنائي يسير في اتجاه مناقض لما تقتضيه حرية الحركة الواجبة في حياة‬
‫األعمال والروح التي يجب أن تسود المشروع‪ ،171‬من الجرأة والمبادرة التجارية وتجريب‬
‫استراتيجيات جديدة للنهوض بالمشروع ورفع إنتاجيته‪ ،‬وبالجملة حرية الحركة للقائمين على‬
‫اإلدارة األمرالذي ال يمكن التوفيق بينه وبين التهديد بالعقوبة الجنائية‪.172‬‬

‫وهذا ما دعا أحد كبار فقهاء القانون التجاري إلى التأسف‪ ،‬لكون عنصر النهوض‬
‫بالشركات التجارية قد صاحبه تدخل من قبل القضاء الجزائي‪ ،‬ودعا فقيه آخر إلى القول بأن‬
‫هذا األسلوب هوأسلوب من أساليب العصورالقديمة وال يتناسب مع الدورالذي يجب أن تلعبه‬
‫الشركات التجارية في االقتصاد الوطني‪173.‬‬

‫ولقد تعجب أحد الفقهاء األمريكيين من األسلوب الذي اتبعه المشرع الفرنس ي في قانون‬
‫الشركات الصادر عام ‪ 5766‬بتكثيف النصوص الجزائية داخله قائال‪" :‬إن واضعي نصوص‬
‫القانون الخاص بعام ‪ 5766‬قد استكملوا عملهم بنصوص جزائية ذات حجم وقسوة ليس لها‬
‫مثيل في دول العالم المتمدن‪ ،‬ولي أن أتساءل بأي منطق قد قبل واضعو هذا القانون معاملة‬
‫مديري الشركات التجارية على ذات النسق الذي يعامل به األشقياء أو المنحرفون‪."174‬‬

‫وفي إطار اإلخراج من دائرة التجريم يرى هؤالء الفقهاء أن القانون الجنائي قد تعدى‬
‫حدود عدم الجدوى وما يترتب عنها من تعطيل لروح المبادرة في المؤسسة إلى حد الخطورة‪،‬‬
‫وذلك عندما يستعمل التجريم كوسيلة ضغط‪ ،‬وهو ما عبر عنه البعض "بالمفعول الملوث‬
‫للقانون الجنائي"‪.‬‬

‫‪ 171‬إيهاب الروسان‪ ،‬خصائص الجريمة االقتصادية ‪ -‬تأصيل وتفصيل‪ ،‬دراسة في المفهوم واألركان‪ ،‬مجلة دفاتر‬
‫السياسة والقانون‪ ،‬العدد‪ ،1‬جوان ‪ ،4944‬ص‪.11‬‬
‫‪172 Henry LAUNAIS et Louis ACCARIAS, Droit pénale spécial des sociétés par actions et‬‬

‫‪a responsabilité limitée, Dalloz, paris,1964, P. IX et X.‬‬


‫‪174J.A‬‬
‫‪KEVORKIAN, Quelques critiques pragmatiques de la loi française sur les sociétés‬‬
‫‪commerciales, Gaz.paris, 1968, P. 97.‬‬

‫‪P 100‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫ويرى هؤالء الفقهاء أنه يمكن االكتفاء عند الضرورة بالنصوص الجنائية العامة الواردة‬
‫صلب القوانين الجنائية وال حاجة بالتالي إلى خلق فرع جديد وهو القانون الجنائي للشركات‬
‫التجارية‪.175‬‬

‫إضافة إلى ذلك يعتقد أنصارهذا التيارأن هناك قواعد كافية تتعلق بالمسؤولية المدنية‬
‫في حالة وجود ضرر أو انحراف تجاري‪ ،‬كنظرية التعسف في استعمال الحق‪ ،176‬ونظرية‬
‫المنافسة غيرالمشروعة‪ ،177‬وهما نظريتان كفيلتان بإصالح أي ضرربجزاءات مدنية كالتعويض‬
‫والبطالن بدل اللجوء إلى أسلوب رادع ولعل قانون شيرمان الصادرعن الكونغرس األمريكي سنة‬
‫‪ 5771‬والذي تبعه قانون كاليتون سنة ‪ 5751‬أبرز نموذج في هذا الصدد‪ ،‬إذ تصديا للممارسات‬

‫فيما يتعلق بسياسة التجريم والعقاب يجب أن نالحظ أن السياسة الج ازئية قد عرفت ثالثة نظم متكاملة تبدو فيما‬ ‫‪175‬‬

‫يلي‪:‬‬
‫األول‪ :‬عدم اعتبار التجريم من خالل قانون العقوبات الوسيلة الوحيدة لمواجهة االنحراف االجتماعي‪ ،‬وضرورة‬
‫التنسيق بين سياسة مكافحة الجريمة مع سياسات التنمية االجتماعية واالقتصادية والسياسية والثقافية‪ ،‬ويتحقق هذا‬
‫الهدف من خالل الحد من التجريم‪.‬‬
‫والثاني ‪ :‬هو الحد من عيوب العقوبات المقيدة للحرية وخاصة القصيرة المدة لما لها من آثار سلبية وخطيرة سواء‬
‫على المحكوم عليه أو على أسرته أو على المجتمع نفسه‪ .‬ويتحقق هذا الهدف من خالل سياسة الحد من العقاب‪،‬‬
‫وقد قيل بأن هذا النظام يستوعب نظام الحد من التجريم‪ ،‬ألنه ال جريمة بغير عقوبة‪ ،‬فإذا ما حد المشرع من االلتجاء‬
‫إلى العقوبات وخاصة المقيدة للحرية منها تحقق الحد من التجريم‪ ،‬وقد برز هذا االتجاه في المؤتمر األول لألمم‬
‫المتحدة لمكافحة الجريمة ومعاملة المذنبين الذي عقد في جنيف عام ‪ 7733‬فقد أوصى بالعمل على عدم تطبيق‬
‫العقوبة المقيدة للحرية إال على األشخاص الذين اقترفوا جرائم خطيرة‪.‬‬
‫والثالث تطور نظام العدالة الجزائية من خالل توفير بدائل إجرائية تستوعب األهداف التي قام عليها نظام الحد من‬
‫العقاب‪ ،‬وتضيف إليه مفهوما جديدا يتصل بالعدالة الناجزة اعتمادا على مفهوم متطور لسلطة الدولة في العقاب‪،‬‬
‫فال يقتصر دورها على مجرد إيالم المحكوم عليه‪ ،‬بل يمتد إلى تأكيد ضمانات أن األصل في المتهم البراءة والتوفيق‬
‫بين حقوق المتهم وحقوق المتضرر من الجريمة بعيدا عن اآلثار السلبية إلجراء المحاكمات الطويلة وتحقيق التناسب‬
‫في رد الفعل بين الجريمة المنسوبة إلى المتهم واإلجراءات المتخذة ضده في إطار جديد يحقق العدالة الناجزة‪ ،‬وقد‬
‫اهتمت الجمعية الدولية لقانون العقوبات ببحث هذا الموضوع‪ ،‬فبحثته في مؤتمرها الرابع عشر المنعقد بالقاهرة في‬
‫سنة ‪.7714‬‬
‫راجع بهذا الخصوص ولمزيد التوسع‪:‬‬
‫*أحمد فتحي سرور‪ ،‬العالم الجديد بين االقتصاد والسياسة والقانون‪ ،‬دار الشروق‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪ ،1223 ،1‬ص ‪488‬‬
‫وما بعدها‪.‬‬
‫نص المشرع الموريتاني على هذه النظرية في المادة ‪ 78‬من ق‪ .‬إ‪ .‬ع‪.‬‬ ‫‪176‬‬

‫الكتاب الخامس من مدونة التجارة الموريتانية المعنون بعنوان "في حرية األسعار والمنافسة "‬ ‫‪177‬‬

‫‪P 101‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫االحتكارية التي كانت تقوم بها بعض الشركات خالل القرن التاسع عشر إضرارا بالمستهلكين‪،‬‬
‫وذلك بفرض الثمن الذي تريده بعد القضاء على المنافسين‪ .178‬فكانت طرق العالج في هذين‬
‫القانونين إما باختراق المشروعات االحتكارية أو بفرض التعويضات وبالتالي لم تكن المعالجة‬
‫عن طريق القانون الجنائي‪179‬‬

‫لكن على الرغم من نجاح الحماية المدنية والتجارية إال أنها قد ال تجدي نفعا في بعض‬
‫األحيان‪ ،‬وذلك لصعوبة اللجوء إليها في غالب الحاالت كصعوبة إثبات الضرر المستحق‬
‫للتعويض‪ .180‬وحتى القضاء يالحظ أنه يتشدد في قبول الدعوى المدنية المرفوعة من قبل‬
‫بعض األشخاص كالدائنين والعاملين بالشركة‬

‫من بين األساليب المستعملة في هذا الشأن‪:‬‬ ‫‪178‬‬

‫‪ -‬اإلغراق‪ :‬ويقصد به أن تغرق الشركة المنافسة السوق بسلعها‪ ،‬بسعر يقل عن التكلفة فتضطر الشركات المنافسة‬
‫األخرى المنتجة لنفس السلعة إلى البيع بسعر تلك الشركة‪ ،‬وإال فإن كساد سلعها وانصراف الزبائن عنها يصبح أم ار‬
‫محققا‪ ،‬وهذا الوضع يصيبها حتما بالخسارة واإلفالس‪ ،‬لتترك المجال أمام الشركة المنافسة للتحكم في السوق وفرض‬
‫السعر الذي تريده للسلعة؛‬
‫‪ -‬تلجأ بعض الشركات إلى شراء السلعة المنافسة بسعر أعلى ثم تبدأ بتخزينها تدريجيا إال أن تشح في السوق وينعدم‬
‫عرضها تقريبا‪ ،‬وعندما يكثر الطلب عليها تخرجها بمقادير محددة وتفرض السعر الذي تريده للسلعة؛‬
‫‪ -‬تتفق بعض الشركات المنتجة لسلعة واحدة إلى تقسيم األسواق العالمية بينها إللغاء المنافسة في المنطقة المخصصة‬
‫لكل واحدة منها وبالتالي تستطيع كل شركة في منطقتها أن تفرض السعر الذي تريده للسلعة؛‬
‫‪ -‬تلجأ بعض الشركات إلى تقليد العالمات التجارية ووضعها على سلعة من إنتاج شركة أخرى لكي توحي للمستهلك‬
‫بأن هذه السلعة صادرة عنها‪ ،‬أو أنها مكونة من ذات العناصر المكونة للسلعة ذات العالمة األصلية‪ ،‬أو أنها في‬
‫نفس وزنها أو كمها أو مقاسها‪.‬‬
‫للمزيد انظر‪:‬‬
‫* عبود السراج مكافحة الجرائم االقتصادية والظواهر االنحرافية‪ ،‬الندوة العلمية الحادية واألربعون ‪(:‬الجرائم االقتصادية‬
‫وأساليب مواجهتها) أكاديمية نايف العربية للعلوم األمنية‪ ،‬الرياض – المملكة العربية السعودية‪ ،‬من ‪ 78‬إلى ‪71‬‬
‫جمادى األولى ‪7471‬ه الموافق ل ‪42 -11‬سبتمبر ‪7778‬م‪ ،‬منشور ‪ ،7771‬ص‪.18-13‬‬
‫محمد محيي الدين عوض‪ ،‬أهم المظاهر االقتصادية االنحرافية واإلجرامية‪ ،‬الندوة العلمية الحادية واألربعون‬ ‫‪179‬‬

‫‪(:‬الجرائم االقتصادية وأساليب مواجهتها) أكاديمية نايف العربية للعلوم األمنية‪ ،‬الرياض – المملكة العربية السعودية‪،‬‬
‫من ‪ 78‬إلى ‪ 71‬جمادي األول‪ 7471‬الموافق ل ‪ 42 -11‬سبتمبر ‪ ، 7778‬منشور ‪ ،7771‬ص‪.47 -41‬‬
‫‪ 180‬أحمد محمد اللوزي‪ ،‬الحماية الجزائية لتداول األوراق المالية‪- ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬األردن‪،‬‬
‫الطبعة األولى‪7447،‬ه‪1272 ،‬م‪ ،‬ص‪.733‬‬

‫‪P 102‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫وحتى البطالن كجزاء مدني يبدوفي هذا املجال كارثة وإجراء غيرعادل في آثاره‪ ،‬ويخلق نوعا‬
‫من عدم االستقرارفي العالقات القانونية‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬اإلتجاه لمؤيد لتدخل القانون الجنائي في ميداان الشركات التجارية‬

‫يرى أنصار هذا اإلتجاه أن االتجاه السابق لم يأخذ بعين االعتبار خصوصية القانون‬
‫الجنائي للشركات التجارية‪ ،181‬إذ يرجع احتواء القانون الجنائي للشركات التجارية إلى أهميتها‬
‫باعتبارها أحسن وسيلة لتركيز رأس المال ولتطوير املجتمع واالقتصاد ولتدعيم السياسة‬
‫الوطنية‪ ،‬فاألنشطة األكثر مردودية للمؤسسات الخاصة تسيرها الشركات التجارية‪ ،‬وهو ما‬
‫يؤدي إلى لزوم إفرادها بقانون جنائي مستقل بذاته يراعي مختلف خصوصياتها ويمكنها من‬
‫تجنب كل ما من شأنه أن يحد من نشاطها ويسهل ظروف التأقلم ومسايرة التطور حتى تصمد‬
‫وتحافظ على كيانها وتواصل القيام بوظيفتها على أحسن الظروف‪.182‬‬

‫فهل يمكن في هذه الحالة غض الطرف عن عديد األفعال التي من شأنها أن تؤذي الشركة‬
‫واملحيطين بها وبالتبعية االقتصاد الوطني؟‬

‫إن اإلجابة عن هذا التساؤل حسب اإلتجاه المؤيد لتدخل القانون الجنائي في ميدان‬
‫الشركات التجارية ال يمكن أن تكون إال بالنفي‪ ،‬فتدخل القانون الجنائي يعد أمرا ضروريا‬
‫لحماية الشركات التجارية‪ ،183‬ذلك أن الحرية االقتصادية وإن كانت تتعارض مع قواعد القانون‬

‫ليس هناك إجماع بخصوص المميزات والخصائص التي يتمتع بها القانون الجنائي للشركات التجارية‪ ،‬فهناك‬ ‫‪181‬‬

‫من اعتبر أن خصائص هذا القانون تتمثل في‪ :‬أنه قانون تكميلي للقانون الجنائي وأنه يتميز بالكثافة من الناحية‬
‫التجريمية‪ ،‬وأنه قانون رمزي ومحدد‪.‬‬
‫‪ -‬للمزيد من التفصيل انظر‪:‬‬
‫* ابن خدة رضى‪ ،‬محاولة في القانون الجنائي للشركات التجارية – تأصيل وتفصيل وفق آخر المدخلة بقانون ‪.23‬‬
‫‪ ،12‬دار السالم للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬يوليو ‪ ،1272‬ص ‪.722 -13‬‬
‫طارق البختي‪ ،‬المنظومة الزجرية لشركات المساهمة بين الصرامة والمرونة‪ ،‬مكتبة الرشاد‪ ،‬اسطات‪ ،‬الملكة‬ ‫‪182‬‬

‫الغربية‪ ،1271 ،‬ص ‪ 721‬وما بعدها‪.‬‬


‫يمكن القول إ ن الزجر عبر العقوبة الجنائية أصبح الثقة المتزايدة في الجزاء الجنائي في حماية التوجهات‬ ‫‪183‬‬

‫االقتصادية واالجتماعية للدولة‪ ،‬بل أصبح القيد األبرز على مبدأ الحرية االقتصادية‪ ،‬األمر الذي تولد عنه‪ ،‬إضافة‬
‫إلى القانون الجنائي‪ ،‬قوانين جنائية خاصة وقوانين جنائية تكميلية‪ ،‬إنها تعكس سلطة الدولة في الحد عبر القانون‬
‫من مدى المبادرة الفردية‪.‬‬

‫‪P 103‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫الجنائي‪ ،‬فإن تلك الحرية تتطلب وجود قانون جنائي يسعى للحد من تجاوزات الحرية ذاتها أي‬
‫حماية الحرية من إساءة استعمال الحرية‪ ،184‬إذ يبدو القانون الجنائي مؤهال أكثر من فروع‬
‫القانون األخرى لحل كل المشاكل التي يطرحها االنحراف في مجال األعمال‪.‬‬

‫ويقول أحد الفقهاء في ذلك‪" :‬إنه من أجل حماية الشركاء ودائني الشركة ضد األساليب‬
‫المنحرفة وغير األمنية للقائمين على إدارتها فإنه ال يكفي التسليم بالمسؤولية المدنية‬
‫والجزاءات المهنية؛ فإننا في الو اقع لم نجد عالجا ناجعا وأكثر فعالية من التهديد بالعقوبات‬
‫الجزائية الصارمة‪185.‬‬

‫وحتى قانون شيرمان وكاليتون اللذان سبقت اإلشارة إليهما لم يجدا مناصا من إقحام‬
‫النصوص الجنائية في موادهما‪ ،‬إذ تضمنا في تعديالتهما عددا من الجرائم لمواجهة الممارسات‬
‫االحتكارية والمنافسة غيرالمشروعة للشركات التجارية‪.186‬‬

‫لكن‪ ،‬لئن كان المبدأ العام يقضي بقصر تدخل القانون الجنائي على حماية المصالح القانونية الجوهرية‪ ،‬فإن مما ال‬
‫ينقض صحة هذا المبدأ أن تتسع دائرة التدخل الجنائي الستيعاب طائفة من المصالح الجديدة‪ ،‬إما ألن وجودها لم‬
‫يكن مقر ار في السابق‪ ،‬وإما ألنها كانت موجودة فعال‪ ،‬إال أن سنة التطور اقتضت االرتقاء بها إلى مصف المصالح‬
‫الجديرة بالحماية الجنائية اعتبا ار لما أصبح لها من قيمة ال تضاهى‪.‬‬
‫فهذه الظواهر الجديدة أو التي أعيد اكتشافها من جديد هي التي أخذ الفقه الجنائي المعاصر يعنى بدراستها في إطار‬
‫االهتمام بما بات يعرف ب(المصالح المشاعة أو األموال الجماعية)‪.‬‬
‫صحيح أن هذا الفقه ال يجمع على رأي واحد بشأن األساس المعتمد لشمولية هذه األموال الجديدة بالحماية الجنائية‪،‬‬
‫وال بشأن الحدود المرسومة لهذه الحماية‪ ،‬إال أن ثمة من يقول بأن امتداد القانون الجنائي إلى هذا النطاق يحتمل أن‬
‫يوصف بكونه توسعا معقوال في بعض الحاالت‪ ،‬كما يمكن أن يوصف بكونه توسعا غير معقول في حاالت أخرى‬
‫حسب طبيعة المعايير المعتمدة‪.‬‬
‫للمزيد من التفصيل انظر‪:‬‬
‫*عبد الحفيظ بالقاضي‪ ،‬التدخل الجنائي بين التقييد بالحد األدنى والمد التوسعي الشامل‪ ،‬القانون الجنائي المعاصر‬
‫والتغيير في النموذج اإلرشادي‪ ،‬مقال منشور بمجلة القصر‪ ،‬العدد ‪ ،72‬يناير ‪ ،1223‬ص‪.41‬‬
‫‪ 184‬حسن عز الدين دياب‪ ،‬تدخل القانون الجنائي في النشاط االقتصادي‪ ،‬ملتقى العدالة الجزائية‪ :‬أي تطور‪ ،‬جندوبة‬
‫اطبرقة‪ -‬تونس‪ ،‬أيام ‪ 72-7-1‬مارس‪ ،1221 ،‬ص ‪.773‬‬
‫‪185 Jean–marie ROBERT, Le droit pénale des affaires , Que sais-j ?, PUF, Paris, 1976 ,‬‬

‫‪P .67.‬‬
‫‪ 186‬عبود السراج‪ ،‬مكافحة الجرائم االقتصادية‪ ،...‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.17-11‬‬

‫‪P 104‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫ولعل ذلك ما دعا جانبا كبيرا من الفقهاء إلى القول بحتمية التدخل الجنائي في مجال‬
‫األعمال التجارية والمالية واالقتصادية‪ ،187‬فعجز الحماية المدنية والتجارية ملجال األعمال‬
‫على نحو ما سبق بيانه‪ ،‬ينضاف إليه قصور قواعد القسم الخاص من القانون الجنائي عن‬
‫التصدي لالنحر افات في مجال األعمال التجارية والمالية واالقتصادية‪ ،‬لكون القائمين على‬
‫هذا الحقل يتمتعون بالسلطة والنفوذ الذي يؤهلهم إلى االنحراف واإلساءة‪ ،‬لذلك لزم التدخل‬
‫بوضع الحدود والقيود الالزمة لكبح جماح هذه السلطة وحماية المصالح اللصيقة بحركة‬
‫التجارة‪ ،‬وذلك من خالل إيجاد قانون جنائي لجرائم رجال األعمال‪ ،‬يحسم فكرة الفلسفة من‬
‫التجريم وأهدافها والصوراملجرمة والعقوبات المالئمة إضافة إلى تحديد القواعد اإلجرائية‪.188‬‬

‫فال شك أن األثر الرادع للعقوبة الجنائية عامل هام في مكافحة الجرائم بصفة عامة‬
‫ولجرائم رجال األعمال بصفة خاصة‪ ،‬والتهديد بالعقوبة يصرف الكثيرين عن السلوك اإلجرامي‬
‫كما أن توقيعها يحول غالبا دون عودة من قام بها مرة أخرى‪.‬‬

‫وتزيد فاعلية األثر الرادع للعقوبة كلما ازدادت يقينية توقيعها على مرتكب الجريمة‬
‫وسرعة البت في جريمته وتنفيذ العقوبة عليه‪189‬؛ فمن المسلم به أن القواعد اآلمرة المقترنة‬
‫بجزاءات جنائية لها وقع نفساني أعمق لدى من يتجه نحو مخالفتها‪ ،‬كما أنها تغرس الطمأنينة‬
‫لدى األفراد لشعورهم بالحماية من التجاوزات واالعتداءات بنصوص جنائية رادعة‪.‬‬

‫ويكفي دليال على ضرورة االستعانة بالجزاء الجنائي في هذا املجال أنه مع بداية‬
‫الثالثينيات من القرن الماض ي‪ ،‬حينما بدأ المشرع الفرنس ي في األخذ بفكرة التدخل الجزائي في‬
‫محيط الشركات عن طريق جرائم خاصة بعيدا عن القواعد التقليدية المتعلقة بجرائم‬

‫ولعل ما يدعو لالستغراب أن يتحول بعض الفقهاء ممن ناضل وعارض التدخل الجزائي في مجال األعمال‬ ‫‪187‬‬

‫باألمس القريب إلى المناداة بمزيد من هذا التدخل للحد من قوة وتسلط رجال المال واألعمال والشركات الكبرى‪.‬‬
‫للمزيد انظر‪:‬‬
‫*عبد الحفيظ بالقاضي‪ ،‬التدخل الجنائي بين التقيد بالحد األدنى والمد التوسعي الشامل‪ ،‬القانون الجنائي المعاصر‬
‫والتغيير في النموذج اإلرشادي‪ ،‬مجلة القصر‪ ،‬المغرب‪ ،‬العدد‪ ،72‬جانفي ‪ ،1223‬ص‪.47‬‬
‫هيكل أحمد عثمان‪ ،‬جرائم رجال األعمال المالية والتجارية‪ ،‬الندوة العلمية المنعقدة حول جرائم رجال األعمال‬ ‫‪188‬‬

‫المالية والتجارية‪ ،‬المركز العربي للبحوث القانونية والقضائية‪ ،‬بيروت – لبنان‪ ،‬بتاريخ ‪ 4 -1‬جويلية ‪ ،1271‬ص‪.71‬‬
‫سعيد قاسم العاقل‪ ،‬اتجاهات التشريع والفقه ودوره في الحد من جرائم رجال األعمال‪ ،‬الندوة العلمية المنعقدة‬ ‫‪189‬‬

‫حول جرائم رجال األعمال المالية والتجارية‪ ،‬المركز العربي للبحوث القانونية والقضائية‪ ،‬بيروت – لبنان‪ ،‬بتاريخ ‪-1‬‬
‫‪ 4‬جويلية ‪ ،1271‬ص ‪.1‬‬

‫‪P 105‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫األموال بدأ عدد المنازعات واالنحر افات الخاصة بإدارة الشركة في التناقص‪ ،‬وال يمكن إسناد‬
‫هذه الظاهرة إال للخوف من هذا الحارس الجديد المسمى بالقاض ي الجزائي‪.190‬‬

‫وعليه أصبح التدخل الجنائي في مجال األعمال عموما وفي مجال الشركات التجارية أمرا‬
‫مسلما به في جل التشريعات الحديثة‪ 191‬وذلك بتأييد ودعم من فقهاء القانون الذين يرون هذا‬
‫التدخل يستند إلى مبررات وأسس يمكن حصرها في ثالث نقاط هي‪ :‬إعادة التوازن بين المراكز‬
‫في حياة األعمال‪192‬؛ حماية االدخارالعام‪193‬؛ حماية روح المبادرة في إدارة األعمال‪.194‬‬

‫وقد اهتمت جل التشريعات بما فيها التشريع الموريتاني بتوفير الضمانات الكفيلة‬
‫للشركات التجارية من خالل توفير النصوص الزحرية الهادفة إلى تكريس حماية جنائية فعالة‬
‫لتلك الشركات‪.‬‬

‫يتضح من خالل هذه الدراسة أن ميالد القانون الجنائي للشركات التجارية كان ميالدا‬
‫عسيرا واكبته العديد من النقاشات بين مؤيد ومعارض‪ ،‬غير أنه في األخير أصبح و اقعا ملموسا‬
‫على مستوى التشريعات المعاصرة بما فيها التشريع الموريتاني الذي سعى على غرار باقي‬
‫التشريعات المقارنة إلى وضع جملة من النصوص الجنائية الخاصة بالشركات التجارية من‬

‫‪190Jean‬‬ ‫‪LARGUIER et Philippe CONTE, Droit pénale des affaires, A. C, Paris, 1998, P 296.‬‬
‫‪ 191‬إدريس النوازلي‪ ،‬اإلثبات الجنائي لجرائم األعمال بالوسائل الحديثة‪ ،‬المطبعة والوراقة الوطنية‪ ،‬المغرب‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪ ،1274،‬الجزء األول‪ ،‬ص‪.43‬‬
‫ابن خدة رضى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.721‬‬ ‫‪192‬‬

‫إن تشجيع االستثمار وإنعاش االقتصاد بإعطاء الحرية لرجل األعمال لتدبير وتسيير مشاريعه وأعماله‪ ،‬بما‬ ‫‪193‬‬

‫يضمن مصالحه الخاصة‪ ،‬يقابله حماية المساهمين والمدخرين والدائنين من اإلدارة السيئة أو غير األمينة للمشروع‪،‬‬
‫فالحفاظ على ثقة كل الفاعلين االقتصاديين في السوق هو أساس استمرار االقتصاد الوطني في االزدهار والتقدم‪.‬‬
‫للمزيد انظر‪:‬‬
‫* محمد بن حم‪ ،‬مفهوم جرائم رجال األعمال المقاصد ونطاق تطبيق القانون‪ ،‬الندوة العلمية المنعقدة حول جرائم‬
‫رجال األعمال المالية والتجارية‪ ،‬المركز العربي للبحوث القانونية والقضائية‪ ،‬بيروت – لبنان ‪ ،‬بتاريخ ‪ 4-1‬جويلية‬
‫‪ 1271‬ص ‪.18-13‬‬
‫روح المبادرة هي ظاهرة نفسية جماعية‪ ،‬وهي روح المشروع‪ ،‬لذا فإنه لحماية هذه الروح ال بد من وضع نظام‬ ‫‪194‬‬

‫جزائي‪ ،‬بحيث يتصدى للمشاريع الفيروسية والمديرين غير األمناء‪ ،‬نظ ار لتأثيرهم السلبي والخطير على حياة األعمال‪.‬‬
‫للمزيد انظر‪:‬‬
‫* حسني أحمد الجندي‪ ،‬القانون الجنائي للمعامالت التجارية‪( ،‬القانون الجنائي للشركات التجارية) مطبعة جامعة‬
‫القاهرة والكتاب الجامعي‪ ،‬مصر‪ ،7717 ،‬الجزء األول‪ ،‬ص‪.11‬‬

‫‪P 106‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫خالل مدونة التجارة‪ ،‬مقسما تلك النصوص إلى أحكام مشتركة تخص كل اإلنحر افات المرتكبة‬
‫في ميدان الشركات التجارية‪ ،‬فضال عن وضع أحكام جزائية تخص الجرائم المرتكبة في كل‬
‫شركة على حدة‪ ،‬األمرالذي يمكن من خالله التأكيد على تبني المشرع الموريتاني لرأي الإلتجاه‬
‫الفقهي القائل بضرورة تدخل القانون الجنائي في ميدان الشركات التجارية‪.‬‬

‫قائمة المراجع‬

‫أوال المؤلفات الفهية‬

‫‪ -‬ابن خدة رض ى‪ ،‬محاولة في القانون الجنائي للشركات التجارية – تأصيل وتفصيل وفق‬
‫آخر المدخلة بقانون ‪ ،11 .11‬دار السالم للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫يوليو ‪.1151‬‬

‫‪ -‬طارق البختي‪ ،‬المنظومة الزجرية لشركات المساهمة بين الصرامة والمرونة‪ ،‬مكتبة‬
‫الرشاد‪ ،‬اسطات‪ ،‬الملكة الغربية‪.1159 ،‬‬

‫‪ -‬إدريس النوازلي‪ ،‬اإلثبات الجنائي لجرائم األعمال بالوسائل الحديثة‪ ،‬المطبعة‬


‫والور اقة الوطنية‪ ،‬المغرب‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،1151،‬الجزء األول‪.‬‬

‫‪ -‬أحمد محمد اللوزي‪ ،‬الحماية الجزائية لتداول األوراق المالية‪- ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬دار‬
‫الثقافة للنشروالتوزيع‪ ،‬األردن‪ ،‬الطبعة األولى‪5115،‬ه‪1151 ،‬م‪.‬‬

‫‪ -‬حسني أحمد الجندي‪ ،‬القانون الجنائي للمعامالت التجارية‪( ،‬القانون الجنائي‬


‫للشركات التجارية) مطبعة جامعة القاهرة والكتاب الجامعي‪ ،‬مصر‪ ،5777 ،‬الجزء األول‪.،‬‬

‫محمد عبد الرحيم عنبر‪ ،‬الموسوعة الشاملة للمبادئ القانونية‪ ،‬دار الشعب‪ ،‬القاهرة‬
‫‪ ،5799‬الجزء العاشر‪.‬‬

‫‪ -‬محمد زكي أبو عامر‪ ،‬سليمان عبد المنعم‪ ،‬قانون العقوبات الخاص‪ ،‬الطبعة الثانية‪،‬‬
‫المؤسسة الجامعية للدراسات والنشروالتوزيع‪( ،‬مجد) بيروت‪.5777 ،‬‬

‫‪ -‬فوزية عبد الستار‪ ،‬شرح قانون العقوبات‪ ،‬القسم الخاص‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دارالنهضة‬
‫العربية‪ ،‬القاهرة‪.1111 ،‬‬

‫‪P 107‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫‪ -‬علي عبد القادر القهوجي‪ ،‬شرح قانون العقوبات‪ ،‬القسم العام‪ ،‬دار المطبوعات‬
‫الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪.5779،‬‬

‫‪ -‬عبد المنعم العبيدي‪ ،‬السياسة الجنائية في إطار الشركة خفية االسم‪ ،‬مركز البحوث‬
‫القانونية والدراسات السياسية واالجتماعية‪ ،‬تونس ‪.1151‬‬

‫‪ -‬أحمد فتحي سرور‪ ،‬العالم الجديد بين االقتصاد والسياسة والقانون‪ ،‬دار الشروق‪،‬‬
‫مصر‪ ،‬ط‪.1111 ،1‬‬

‫ثانيا‪ :‬الملتقيات والندواة العلمية‬

‫‪ -‬محمد محيي الدين عوض‪ ،‬أهم المظاهر االقتصادية االنحر افية واإلجرامية‪ ،‬الندوة‬
‫العلمية الحادية واألربعون ‪(:‬الجرائم االقتصادية وأساليب مواجهتها) أكاديمية نايف العربية‬
‫للعلوم األمنية‪ ،‬الرياض – المملكة العربية السعودية‪ ،‬من ‪ 56‬إلى ‪ 57‬جمادي األول‪5159‬‬
‫المو افق ل ‪ 11 -17‬سبتمبر‪ ، 5776‬منشور‪.5777‬‬

‫‪ -‬عبود السراج مكافحة الجرائم االقتصادية والظواهر االنحر افية‪ ،‬الندوة العلمية‬
‫الحادية واألربعون ‪(:‬الجرائم االقتصادية وأساليب مواجهتها) أكاديمية نايف العربية للعلوم‬
‫األمنية‪ ،‬الرياض – المملكة العربية السعودية‪ ،‬من ‪ 56‬إلى ‪ 57‬جمادى األولى ‪5159‬ه المو افق‬
‫ل ‪ 11 -17‬سبتمبر ‪5776‬م‪ ،‬منشور‪.5777‬‬

‫‪ -‬حسن عز الدين دياب‪ ،‬تدخل القانون الجنائي في النشاط االقتصادي‪ ،‬ملتقى العدالة‬
‫الجز ائية‪ :‬أي تطور‪ ،‬جندوبة اطبرقة ‪ -‬تونس‪ ،‬أيام ‪ 51-7-7‬مارس‪.1119 ،‬‬

‫‪ -‬محمد بن حم‪ ،‬مفهوم جرائم رجال األعمال المقاصد ونطاق تطبيق القانون‪ ،‬الندوة‬
‫العلمية المنعقدة حول جرائم رجال األعمال المالية والتجارية‪ ،‬المركز العربي للبحوث‬
‫القانونية والقضائية‪ ،‬بيروت – لبنان‪ ،‬بتاريخ ‪ 1-1‬جويلية ‪.1151‬‬

‫‪ -‬هيكل أحمد عثمان‪ ،‬جرائم رجال األعمال المالية والتجارية‪ ،‬الندوة العلمية المنعقدة‬
‫حول جرائم رجال األعمال المالية والتجارية‪ ،‬المركز العربي للبحوث القانونية والقضائية‪،‬‬
‫بيروت – لبنان‪ ،‬بتاريخ ‪ 1 -1‬جويلية ‪.1151‬‬

‫‪P 102‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫‪ -‬سعيد قاسم العاقل‪ ،‬اتجاهات التشريع والفقه ودوره في الحد من جرائم رجال‬
‫األعمال‪ ،‬الندوة العلمية المنعقدة حول جرائم رجال األعمال المالية والتجارية‪ ،‬المركزالعربي‬
‫للبحوث القانونية والقضائية‪ ،‬بيروت – لبنان‪ ،‬بتاريخ ‪ 1 -1‬جويلية ‪.1151‬‬

‫‪ -‬العجمي بالحاج حمودة‪ ،‬رضا الوسالتي‪ ،‬حاتم بالرحومة‪" ،‬التقرير الختامي" ملتقى‬
‫حول الجديد في مجلة الشركات التجارية‪ ،‬مركز المصالحة والتحكيم‪ ،‬تونس ‪ 19 -16‬جانفي‬
‫‪.1115‬‬

‫ثالثا‪ :‬المقاالت العلمية‬

‫‪ -‬عبد الحفيظ بالقاض ي‪ ،‬التدخل الجنائي بين التقيد بالحد األدنى والمد التوسعي‬
‫الشامل‪ ،‬القانون الجنائي المعاصر والتغيير في النموذج اإلرشادي‪ ،‬مجلة القصر‪ ،‬المغرب‪،‬‬
‫العدد ‪ ،51‬جانفي ‪.1111‬‬

‫‪ -‬إيهاب الروسان‪ ،‬خصائص الجريمة االقتصادية ‪ -‬تأصيل وتفصيل‪ ،‬دراسة في المفهوم‬


‫واألركان‪ ،‬مجلة دفاترالسياسة والقانون‪ ،‬العدد‪ ،9‬جوان ‪.1151‬‬

‫رابعا‪ :‬األطاريح‬

‫‪ -‬رشيد بن فريحة‪ ،‬خصوصية التجريم والعقاب في القانون الجنائي لألعمال جرائم‬


‫الشركات التجارية نموذجا‪ ،‬أطروحة دكتوراه في القانون‘جامعة أبو بكر بلقايد بتلمسان‪ ،‬كلية‬
‫الحقوق والعلوم السياسية‪.1159 /1156 ،‬‬

‫‪P 107‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫–‬

‫حقوق الإنسان بين النظرية‬


‫والمذهبية‬
‫‪Human rights between theory and doctrinal‬‬
‫ملخص‪:‬‬
‫أصبحت حقوق اإلنسان علما قابال للقياس بالمفهوم الواسع‪ ،‬ألنه يقوم على المناهج‬
‫المعتمدة في العلوم االجتماعية واإلنسانية‪ ،‬غير أن جميع هذه العلوم تندرج ضمن المعرفة‬
‫العلمية الخ اضعة للمناهج القابلة للتأويالت املختلفة‪ ،‬والتي ال يمكن الحسم في علميتها‬
‫بالمفهوم الضيق كما هو الحال في العلوم الطبيعية كالرياضيات والفيزياء وغيرها‪ ...‬لذلك فإن‬
‫حقوق اإلنسان تعد من بين العلوم المعرضة لتأثير المعتقدات والفلسفات واأليديولوجيات‬
‫وتحدث أثرا في مضمونها و اتجاهاتها‪ ،‬وهذا األمر يحدث إذا كانت هذه األيدولوجيات مدعومة‬
‫بوسائل وإمكانيات ال ينافسها أحد على ذلك‪ ،‬إال أن هذا األسلوب يمكن أن يمس بعدد مهم من‬
‫القواعد التي تحكم حقوق اإلنسان‪ ،‬كما يمكن أن يؤثر عن باقي التصورات والفلسفات‬
‫والمعتقدات التي تكون منسجمة مع األبعاد اإلنسانية لكنها غير مفعلة بسبب حكر‬
‫األيديولوجيات المسيطرة على المفاهيم والتصورات املحددة لحقل حقوق اإلنسان‪ .‬الكلمات‬
‫المفتاحية‪ :‬المذهبية‪ ،‬النظرية‪ ،‬علم حقوق اإلنسان‪ ،‬التأثيروالتأثر‪.‬‬

‫‪Abstract:‬‬

‫‪Human rights have become a measurable science in the broad sense,‬‬


‫‪because it is based on the approved curricula in the social and human sciences.‬‬
‫‪However, all these sciences fall within the scientific knowledge subject to‬‬
‫‪curricula subject to various interpretations, and whose scientificity cannot be‬‬

‫‪P 110‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫‪determined in the narrow sense, as is the case in natural sciences such as‬‬
‫‪mathematics and physics etc. ... Therefore, human rights are among the sciences‬‬
‫‪subject to the influence of beliefs, philosophies and ideologies that have an‬‬
‫‪impact on their content and trends. This happens if these ideologies are‬‬
‫‪supported by means and capabilities that no one can compete with. However,‬‬
‫‪this method can affect a significant number of rules that govern human rights,‬‬
‫‪and it can also affect the rest of the perceptions, philosophies and beliefs that are‬‬
‫‪consistent with human dimensions, but are not activated due to the monopoly of‬‬
‫‪the controlling ideologies on the specific concepts and perceptions of the field of‬‬
‫‪human rights.‬‬

‫‪Key words: denominational, the théorie, the science of Human Rights,‬‬


‫‪Influence and influence.‬‬

‫مقدمة‪:‬‬

‫التمييزبين المذهب والنظرية مسألة في غاية األهمية وذات حساسية مفرطة‪ ،‬ألن الخلط‬
‫بين المفهومين يمكن أن يؤدي إلى نتائج غيرمنسجمة مع الموضوعية والو اقعية‪ ،‬وتكون كذلك‬
‫مخالفة للحقائق العلمية والمعرفية‪ .‬وهذا ما يحدث فعال في كثير من األحيان عندما ينطلق‬
‫البعض من الحقائق العلمية وينسبها إلى المذهب‪ .‬علما أن المذهب يقوم على رأي أساس ي أو‬
‫مجموعة من اآلراء لتوجيه الفهم والسلوك باستقاللية عن التجربة‪ ،‬بل إن المذهب هو الذي‬
‫يخضع التجربة‪ ،‬بمعنى ما‪ ،‬ألفكاره‪ ،‬فهو قطعي وثابت وشمولي وهذا كله ال يناسب ميدان العلوم‬
‫الطبيعية وهو ميدان تطبيق النظرية‪ ،‬فغالبا ما يكون المذهب ذا امتداد أبعد من امتداد‬
‫النظرية التي تخص جانبا معينا من ميدان ما‪ .‬أما النظرية فهي تنطلق من فرضيات وتحاول‬
‫اإلجابة عن تساؤالت التي تثيرها باعتماد المناهج العلمية والمعرفية‪ ،‬وتقتض ي النظرية العلمية‬
‫التجرد من الذات والمعتقدات والمصالح الشخصية‪ ،‬وتكون قابلة للتحقق تجريبيا وخاضعة‬
‫للقياس‪.‬‬

‫تأثير المذهبية في ميادين المعرفة العلمية ليس سهال‪ ،‬ألن العلم محدد وخاص‪ ،‬وألن‬
‫المذهب حتى وإن نجح في جعل بعض الحقائق العلمية منتسبة له في المدى القصير‪ ،‬إال أن‬

‫‪P 111‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫العلم قادر عن كشف ذلك الزيف على المدى المتوسط أو البعيد‪ .‬ورغم ذلك فإن المذاهب‬
‫المرتبطة بالقوى العظمى تمتلك اإلمكانيات التي تسمح لها بفرض بعض الممارسات أو‬
‫األساليب باعتبارها حقائق علمية وموضوعية‪.‬‬

‫بحكم أن مجال القوانين والحقوق غير خاضع للقياس العلمي بالمفهوم الدقيق‪ ،‬فإن‬
‫المذهبية يمكنها أن تستغل هذا املجال كمدخل إلقرار بعض األعراف والسلوكيات وصبغها‬
‫بصبغة الممارسات الفضلى‪ ،‬وإعطائها صفة القواسم المشتركة بين البشرية‪ ،‬في حين أن ذلك‬
‫لم يكن سوى تعبيرا عن وجهة نظر مذهبية استغلت سالمة المنطلقات‪ ،‬وتعسفت في توظيف‬
‫الحقائق‪ .‬وهنا يطرح التساؤل حول مدى اعتبار حقوق اإلنسان ميدانا قابال للقياس العلمي‬
‫الصارم وغير متأثر بأية نزعة مذهبية أو توجه أيديولوجي أو عقائدي؟ إن الجواب عن هذه‬
‫اإلشكالية الرئيسية يمر عبر تحديد التطورات التي عرفتها حقوق اإلنسان‪ ،‬موازاة مع التطورات‬
‫التي عرفها املجتمع الدولي في إطار القانون الدولي العام والعالقات الدولية‪ ،‬والوقوف عن‬
‫التوجهات المعبر عنها من خالل تأثير أيديولوجيات الفواعل الحقيقية في السياسة الدولية‪،‬‬
‫وعالقتها بخلق المبادئ والقيم اإلنسانية المتعارف عليها عالميا‪.‬‬

‫أهداف الدراسة‪ :‬تحاول هذه الدراسة تسليط الضوء على بعض المداخل التي تعتمدها‬
‫بعض المذاهب أو األيدولوجيات لتثبيت مفاهيمها داخل حق حقوق اإلنسان‪ ،‬بعدما تكون قد‬
‫تداولت بشكل مستمر‪ ،‬ولقيت االستحسان من قوى مؤثرة وفاعلة في المنتظم الدولي‪ ،‬ويتم‬
‫فرض ذلك عن باقي الدول التابعة لها‪ ،‬وهذه المفاهيم في مضمونها تكون في الو اقع تعبيرا عن‬
‫فلسفات وتصورات وعقائد محددة‪ ،‬وال تكون تعبيرا عن و اقع طبيعي أو حقوق طبيعية‪ ،‬لكن‬
‫هذا التداول يحاول تشكيل الحقوق والحريات وفق تصور يناسب المذهب أو األيدلوجية‪ ،‬مما‬
‫يشكل ضبابية في بعض األحيان ونوعا من التوظيف التعسفي لممارسات ليست علمية وليست‬
‫طبيعية‪ ،‬رغم تقاطعها مع بعض األبعاد اإلنسانية‪.‬‬

‫المناهج المعتمدة‪ :‬حاولنا اعتماد المنهج االستقرائي والمنهج االستنباطي انطالقا من‬
‫تحديد مجموعة من المالحظات بخصوص طبيعة بعض األيدولوجيات كنوع من المالحظات‬
‫العامة‪ ،‬بهدف إعادة تشكيل القاعدة الكلية‪ ،‬من خالل االعتماد على أسس نظرية‪ ،‬وهذه‬
‫المنهجية يمكن أن تقودنا إلى االقتراب من الحقيقة‪ .‬ولتأكيد هذه األخير قمنا بتوظيف المنهج‬
‫االستداللي أو االستنباطي من أجل تطبيق هذه النظريات والفرضيات على أرض الو اقع من‬

‫‪P 112‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫خالل رصد توظيف بعض األيدولوجيات لمفاهيم تبدو ذات صبغة طبيعة‪ ،‬إال أنها في الو اقع‬
‫موظفة بشكل يتعارض مع المناهج العلمية والموضوعية‪ ،‬مع الحرص الشديد للتأكد من صحة‬
‫ما تم رصده أو معالجته في إطارقواعد البحث العلمي والحقائق الملموسة‪.‬‬

‫خطة الدراسة‪ :‬لقد قسمنا هذه الدراسة إلى أربعة مطالب وكل مطلب يتضمن عدة فروع‬
‫وفقرات على الشكل التالي‪ :‬المطلب األول‪ :‬التمييز بين النظرية والمذهبية في إطار حقل حقوق‬
‫اإلنسان‪ .‬المطلب الثاني‪ :‬منظور األيدولوجيات لمفاهيم حقوق اإلنسان‪ .‬المطلب الثالث‪:‬‬
‫مداخل المذاهب في التأثيرعلى قواعد وفلسفة حقوق اإلنسان‪ .‬المطلب الرابع‪ :‬توظيف معايير‬
‫حقوق اإلنسان بطريقة انتقائية ومزدوجة‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬التمييزبين النظرية والمذهبية في إطارحقل حقوق اإلنسان‬

‫يتطلب التمييز بين النظرية والمذهبية بحثا أكثر مما سوف تثيره هذه الدراسة‪ ،‬إال أن‬
‫إثارته في هذا المطلب فرضه طبيعة الموضوع المتعلق بمجال حقوق اإلنسان‪ ،‬سيما أن هذه‬
‫األخيرة صيغت جل قواعدها في ظروف خاصة‪ ،‬بحيث غابت عن صياغتها دول كثيرة لم تكن‬
‫موجودة أصال‪ ،‬أو أن وجودها كان مرتبطا بالدول االستعمارية‪ ،‬سيما أن األمم المتحدة كانت‬
‫قد أنشأت جهازا رئيسيا يشرف على تنظيم العملية االستعمارية‪ ،195‬مع اإلشارة إلى أن التمثيلية‬
‫داخل جل األجهزة الرئيسية لألمم المتحدة كانت وما زالت نسبية وتمييزية‪ ،‬ألن الدول الصناعية‬
‫الكبرى تتمتع بوضعا خاصا داخل هذه المنظمة‪ ،‬مع اإلشارة إلى أن جل هذه الدول الفاعلة في‬
‫القانون الدولي والعالقات الدولية تنتمي لديانة وثقافة وتاريخ مشترك‪ ،‬وطبيعة عالقتها بباقي‬
‫الدول قائم على أساس التعالي والخضوع والتبعية‪ .196‬وهذا الوضع ألقى بضالله على صياغة‬
‫عدة قوانين دولية كرست ممارسات وأعراف وإجراءات غيرمنسجمة مع مبادئ حقوق اإلنسان‪،‬‬
‫كما هي متعارف عليها دوليا وعلى رأسها المساواة وعدم التمييز‪ ،197‬وال يمكن كذلك تغافل تأثيره‬
‫على نشأت المنظومة الحمائية الدولية‪ .‬واإلقراربحقيقة وفكرة أن المؤسسات الدولية ال تعمل‬
‫وفق مبدأ المساواة الفعلية وعدم التمييز‪ ،‬والتسليم بهذه الحقيقة ليس بهدف التقليل من شأن‬
‫القانون الدولي لحقوق اإلنسان أو المنظومة الحمائية الدولية‪ ،‬ولكن للتأكيد على أن هذه‬

‫‪ 195‬انظر الفصل الثالث عشر من ميثاق األمم المتحدة الذي أنشأ "مجلس الوصاية"‪.‬‬
‫‪ 196‬صرح مسؤول السياسة الخارجية باالتحاد األوروبي‪" ،‬جوزيب بوريل" يوم ‪ 71‬أكتوبر ‪ 2222‬خالل افتتاح األكاديمية‬
‫الدبلوماسية األوروبية الجديدة في بلجيكا‪ ،‬بأن "أوروبا حديقة‪ ،‬لقد بنينا حديقة‪ ،‬أفضل مزيج من الحرية السياسية والرخاء‬
‫االقتصادي والترابط االجتماعي استطاعت البشرية أن تبنيه‪ ،‬لكن بقية العالم ليس حديقة تماما‪ ،‬وبقية العالم هو أدغال‪".‬‬
‫‪ 197‬إن ميثاق األمم المتحدة كرس مبدأ التمثيلية النسبية وأعطى للدول العظمى تمثيلية دائمة‪ ،‬أنظر مثال المادة ‪ 22‬من الميثاق‪.‬‬

‫‪P 113‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫المؤسسات نشأت في ظروف تحكمت فيها ممارسات غير منسجمة مع مبادئ وقيم حقوق‬
‫اإلنسان‪ ،‬بفضل سيادة أيديولوجيات ومعتقدات ال تعبر عن كل مكونات املجتمع الدولي أو‬
‫العالمي‪ ،‬نتيجة سيادة نظام دولي يسمى بنظام الثنائية القطبية‪ .‬وهذا األخيركان له تأثيرعلى كل‬
‫مستويات الحقوق والحريات األساسية‪ ،‬وعلى المؤسسات الدولية المعنية بحماية حقوق‬
‫اإلنسان‪ ،‬أو المرتبطة بها‪ .‬فرغم أن حقوق اإلنسان عالمية وكونية‪ ،‬إال أن العالم عرف ميالد‬
‫مرحلة جديدة بعد انهيار المعسكر الشرقي‪ ،‬تميزت بسيطرة ثقافة وفلسفة محددة سميت‬
‫بالديمقراطية الليبرالية الغربية‪ .‬وهذه األخيرة سوف تلعب دورا رئيسيا في تشكيل مفاهيم حقوق‬
‫اإلنسان وتحديد مجاالتها ووجهتها‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬مفهوم النظرية في حقل حقوق اإلنسان‬

‫أصبحت حقوق اإلنسان كنظرية مرتبطة بالعلوم اإلنسانية واالجتماعية‪ ،‬لذلك فهي‬
‫تعتمد نفس المناهج العلمية المعتمدة لدى هذه العلوم‪ ،‬إال أن حقوق اإلنسان كو اقع‬
‫وكممارسة تنفرد بكونها الفرع الوحيد من هذه العلوم المرتبطة بكل العلوم وبكل مجاالت‬
‫الحياة بدون استثناء‪ ،‬فال يمكن تصورخلو العلوم من قواعد حقوق اإلنسان كيفما كان نوعها‪،‬‬
‫وفي إطار ارتباطها بالقانون الدولي العام‪ ،‬يرى البعض أن األخير يعتبر مستقال عن باقي القوانين‬
‫الدولية‪ ،‬ألنه يعتمد عدة مبادئ وقيم تتناقض إما كليا أو جزئيا مع القانون الدولي العام‪ .‬لذلك‬
‫فالحديث على كون القانون الدولي لحقوق اإلنسان فرعا من فروع القانون الدولي العام مجانب‬
‫للموضوعية والعلمية‪ .‬ألن القانون الدولي لحقوق اإلنسان أصبح يحتكم إلى مبادئ وقيم يمكن‬
‫اعتبارها محط إجماع دولي‪ ،‬باعتبارها قواسم مشتركة لإلنسانية‪ ،‬ومن جهة أخرى فقد كرست‬
‫الممارسة عدة مؤشرات ومعاييريمكن اعتبارها مناهج علمية لقياس الممارسات والتعرف على‬
‫اإلجراءات المناسبة والموضوعية‪ ،‬وكذلك اعتمادها في عملية التصنيف والتقييم‪ ،‬مما يوحي‬
‫أننا أمام علم يمكن أن يخضع للقياس‪ ،‬ويعتمد اإلنسانية كأرضية مشتركة ومصدرا للحقوق‬
‫وضمانة للكرامة‪ ،‬ومعيارا فاصال بين الخير والشر‪ ،‬وبين الحق والباطل‪ ،‬وبين العدل والظلم‪،‬‬
‫وبين الحماية واالنتهاك‪.‬‬

‫‪P 114‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫لقد تأسس القانون الدولي العام على مبدأ السيادة المطلقة للدول على شأنها‬
‫الداخلي‪ 198،‬وعلى عالقاتها بالدول والكيانات املختلفة‪ ،‬فقرارات الدول مهما كانت طبيعتها تعتبر‬
‫شأنا داخليا مرتبطا بسيادة الدولة‪ ،‬ويحق لها التعامل بالمثل في جميع املجاالت ومن بينها قرار‬
‫إعالن الحرب‪ .‬والفرد ليس له أية شخصية دولية مستقلة‪ ،‬بل هو جزء مما تملكه الدولة‬
‫وتتصرف في مصيره وفق ما تفرضه مصالحها‪.‬‬

‫بالمقابل إن حقوق اإلنسان ال تعتد بالسيادة المطلقة وتقلل من شأنها كلما ارتبطت‬
‫بالحقوق والحريات األساسية‪ ،‬كما ال يحق للدولة التضرع بعدم التدخل في شؤونها الداخلية‬
‫والمس بسيادتها إذا قامت بانتهاك أحد الحقوق الواردة في القانون الدولي لحقوق اإلنسان‪ ،‬وال‬
‫يمكنها التضرع كذلك بالمعاملة بالمثل في القضايا الحقوقية واإلنسانية‪ .‬هذا من جانب طبيعة‬
‫قواعد القانون الدولي لحقوق اإلنسان‪ ،‬أما من زاوية الحقوق والحريات األساسية فإن جل‬
‫الباحثين والدول الحامية لحقوق اإلنسان والمنظومة الحمائية الدولية‪ ،‬تعتبرها قواسم‬
‫مشتركة بين الجنس البشري بغض النظرعن االنتماءات الجغر افية أو العقائدية أو االجتماعية‬
‫أو اللون أو نوع الجنس‪ .‬لذلك فإننا أمام مجال تشترك فيه البشرية جمعاء‪ ،‬مما يفرض علينا‬
‫الحديث عن مجال محفوظ لإلنسانية ومحكوم بقواعد قابلة للقياس‪.‬‬

‫ارتباط الحقوق والحريات األساسية بطبيعة اإلنسان التي تحمل جوانب الخير والشر‬
‫يفرض وضع معايير لحماية هذه الحقوق من كل التأثيرات التي يمكن أن تسمح بطغيان جانب‬
‫الشر في نفوس الناس سواء كانوا حاكمين أو محكومين‪ .‬ووضع هذه المعايير استدعى القيام‬
‫بدراسات مختلفة للتوفيق بين المصالح والرغبات التي تفرضها الطبيعة البشرية‪ ،‬وما ينتج عنها‬
‫من خصوصيات واستثناءات ال يمكن الحسم فيها إال باعتماد المناهج الموضوعية والعلمية‬
‫والمعرفية‪ ،‬وهذه األدوات هي التي خلصت إلى استنتاجات حول الطبيعة البشرية والوصول إلى‬
‫النتائج الو اقعية للتعبيرعن األرضية المناسبة لصياغة حقائق تثبت و اقعية وموضوعية هذه‬
‫الحقوق من خالل أنها‪:‬‬

‫‪ 198‬أنظر الفقرة ‪ 1‬من المادة ‪ 2‬من ميثاق األمم المتحدة لعام ‪ .7491‬وهذه الفقرة في الواقع تتناقض مع مبدأ السيادة النسبية في‬
‫مجال حقوق اإلنسان‪ ،‬كما تتناقض مع مبدأ التدخل في الشؤون الداخلية في حالة وجود االنتهاكات الجسيمة ضد األفراد‪.‬‬

‫‪P 115‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫‪ -5‬تشرح البيانات‪ ،‬والمالحظات‪ ،‬والتجارب الدقيقة‪ ،‬والنظريات التفسيرية المنهجية‪،199‬‬


‫والتعبير عن العالقات المستمرة بينها والمترابطة‪ ،‬والكشف عن النظام في سلوكها‪،‬‬
‫وأصالتها‪ ،‬وتحديد مفهومها ومعانيها ومضامينها‪.‬‬

‫‪ -1‬تعبرعن مكوناتها بشكل موجز‪ ،‬مبينا غرض هذا العلم كنظرية علمية‪.‬‬

‫‪ -1‬شاملة لكافة جوانب الظاهرة قدراإلمكان‪.‬‬

‫‪ -1‬متفردة في موضوعها ومشروعها التفسيري‪.‬‬

‫‪ -1‬لها سند في الو اقع‪ ،‬أي تعتمد في صياغتها على الو اقع‪ ،‬وقابلة لالختبارالعلمي والقياس‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬موقع المذهبية في حقل حقوق اإلنسان‬

‫شقت الحقوق والحريات األساسية طريقها إلى الوجود بعد مرورها بعدة محطات‬
‫تاريخية‪ ،‬واحتكت بعدة فلسفات وتصورات ومعتقدات وخصوصيات وإمكانيات مختلفة‬
‫وثورات‪ ،200‬وهذه العوامل لم تمرمرورالكرام دون إحداث تأثيرعلى مسارومصيرهذه الحقوق‪،‬‬
‫بل لقد تم التعبيرعنها بمختلف التعابيرإلى حد التناقض بسبب اختالف التصورات والفلسفات‬
‫والثقافات وغيرها‪ ،‬لذلك كانت هذه الحقوق تلبس ثوبا معينا أو تتمظهربلون معين‪ ،‬ثم بعد ذلك‬
‫تغير أشكالها وألوانها بمرور الزمان والظروف والبيئة بالمفهوم الواسع‪ ،‬مما يعني أن حقوق‬
‫اإلنسان لم تسلم من تأثير الثقافات والحضارات التي عاشت في كنفها‪ .‬وهذا ال يعني أن هذه‬
‫الحقوق ليست أصيلة في شخص اإلنسان‪ ،‬بل إن توظيفها وتكييفها حسب الوضع السياس ي‬
‫واأليديولوجي السائد هوالذي أثرعلى مضمونها وأصالتها‪ ،‬وأصبغها صبغة مذهبية بلباس ولون‬
‫اإلنسانية‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬منظوراأليدولوجيات لمفاهيم حقوق اإلنسان‬

‫االختالفات األيدولوجية بين الشعوب واألمم هو أمر و اقع قائم بذاته وال يمكن نكرانه‪،‬‬
‫وهو ما يطلق عليه البعض بالخالفات المبدئية‪ ،201‬وإن هذه األخيرة تنطلق من خلفيات تاريخية‬

‫‪ 199‬تعتمد الهيئات الدولية لحقوق اإلنسان أساليب موضوعية وعلمية صارمة من خالل اختصاصها في تفسير بنود االتفاقيات‬
‫الدولية لحقوق اإلنسان‪ ،‬من خالل إصدار تعليقات عامة أو توصيات عامة‪ ،‬وهذه األخير تخضع لمعايير وتصورات تعتمد‬
‫المناهج العلمية والموضوعية بشكل صارم‪.‬‬
‫‪ 200‬على رأس هذه الثورات "الثورة األمريكية لعام ‪ "7111‬و"الثورة الفرنسية لعام ‪"7114‬‬
‫‪ 201‬أحمد سليم سعيفان‪ ،‬الحريا ت العامة وحقوق اإلنسان‪ :‬دراسة تاريخية وفلسفية وسياسية وقانونية مقارنة‪ ،‬الجزء األول‪،‬‬
‫منشورات الحلبي الحقوقية ‪ ،2272‬ص‪.9‬‬

‫‪P 116‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫وعقائدية وثقافية مختلفة‪ ،‬وتؤثرعلى الحقوق بشكل مباشر‪ ،‬فما يعتبره قوم حقا‪ ،‬قد ال يبدوا‬
‫بالضرورة كذلك لدى قوم آخر‪ .202‬فضال عن تقاطع حقوق اإلنسان وتطورها العبرالزمني‪ ،‬لذلك‬
‫ينبغي الوقوف على تأثير مختلف التصورات والفلسفات التي تعبر عنها األيديولوجيات على‬
‫فلسفة حقوق اإلنسان‪ ،‬وعلى صياغة قواعدها وفق قوالب مناسبة ألهداف وغايات هذه‬
‫األيديولوجيات‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬المذهب الليبرالي الفرداني‬

‫ترى النظرية الليبرالية أن الحقوق الفردية هي حقوقا طبيعية لصيقة باإلنسان‪ ،‬يكتسبها‬
‫منذ والدته ويظل محتفظا بها حتى مماته‪ ،‬وأن مصدر هذه الحقوق هو القانون الطبيعي‪ ،‬وأنها‬
‫مرتبطة بالنظام الطبيعي لألشياء‪ ،‬وهي حقوق ال تقبل التقييد أو التصرف أو التجزئة‪ ،‬والدولة‬
‫نفسها وجدت من أجل حماية الحقوق والحريات األساسية‪ ،‬وهذه األخيرتصاغ لها قوانين وتعد‬
‫لها برامج لحمايتها‪ .‬كل هذه الحقائق مقبولة ومستحسنة ومناسبة لكل الناس‪ ،‬إال أنه ينبغي‬
‫التركيز على تنزيل هذه الحقائق على أرض الو اقع كنوع من الثوابت التي تشكل تقاطع كل‬
‫الثقافات والفلسفات والعقائد‪ .‬لذلك فإن قراءة ممارسات الفلسفة الليبرالية يمكن أن تفض ي‬
‫إلى اإلقرار بحقيقة أن الحقوق والحريات المقصودة هي الحقوق الفردية‪ ،‬باعتبار هذه األخيرة‬
‫حقوقا منسجمة مع فكرة قداسة الفكر الليبرالي للفرد على حساب الجماعة‪ ،‬وهنا يتضح تأثير‬
‫المذهب الفرداني على حقوق اإلنسان‪ ،‬بحيث يتم صياغة قواعد حقوق اإلنسان متناغمة مع‬
‫عقائد األيدولوجية الغربية الليبرالية‪ ،‬مما يجعل قيم باقي الشعوب في مهب الريح‪ .‬رغم أنها يمكن‬
‫أن تتضمن ما يؤهلها بأن تعبرعن مستويات إنسانية متقدمة أو استثنائية‪ ،‬والتي يمكن أن تكون‬
‫كذلك مشتركا لإلنسانية جمعاء‪ .‬إال أن الو اقع العملي أثبت أن الفلسفة الليبرالية هي الوحيدة‬
‫التي يمكن أن نستقي منها المفاهيم والمعاييرالمعبرعن اإلنسانية‪ ،‬كما أنها الوحيدة التي أثبتت‬
‫قدرتها على البقاء واالستمرار‪ ،‬وأنها األقرب للحقوق الطبيعية‪ ،‬وأنها المنسجمة مع الحقوق‬
‫والحريات األساسية‪ .‬لقد تم تسويق هذه االدعاءات األخيرة من خالل توظيف عدة عوامل منها‬
‫ما هو تاريخي‪ ،‬ومنها ما ارتبط بالقوة والتحكم وامتالك وسائل الترويج والتأثيروالسيطرة‪.‬‬

‫‪ 202‬جغلول زغدود وعالوة هوام‪ ،‬حقوق اإلنسان وإشكالية المفهوم‪ ،‬مجلة التربية‪ ،‬جامعة األزهر‪ ،‬العدد ‪ ،799‬سنة ‪،2272‬‬
‫ص ‪.197‬‬

‫‪P 117‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫لقد أصبحت املجتمعات األمريكية للشمال‪ ،‬واألوربية للغرب‪ ،‬تشترط على الدول األقل‬
‫تقدما ال العمالة الزهيدة األجوروالنفط فحسب و إنما أيضا اصطفافا وراء تقاليدها وأخالقها‪.‬‬
‫وإن عربة التسوق اإليديولوجية األتية من الغرب تحمل‪ ،‬وهي تتدحرج نحو سائر مناطق العالم‬
‫األخرى حرية التعبير‪ ،‬والتبادل وتنقل الناس والمال وتحررالمرأة وحق االنتخاب‪ ،‬وإعادة تعريف‬
‫المثلية بوصفها تصرفا بشريا مشروعا‪ .203‬وإن هذه العربة هي الوحيدة التي يمكنها أن تنقذ‬
‫البشرية وتحمي الحقوق والحريات األساسية حسب تعبير "فوكوياما" في كتابه "نهاية‬
‫التاريخ"‪ ،204‬إن الخروج عن هذه الكوبة كما تعبر عنها الليبرالية الغربية‪ ،‬يعتبر مدخال مهما‬
‫لمهاجمة باقي األيدولوجيات على أساس أنها انتهاك لحقوق اإلنسان‪ ،‬وهذا التعسف‬
‫اإليديولوجي أصبح قاعدة آمرة لتحكيم مدى انسجام أية ممارسة مع مبادئ حقوق اإلنسان‪،‬‬
‫وهنا تظهر الثغرة أو الفجوة الكبرى التي تجعل الحقوق والحريات األساسية محكومة بحكم‬
‫و اقع ومنطق وفلسفة وتصورات المذهب الليبرالي الغربي‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬المذهب االشتراكي‬

‫يرى المذهب االشتراكي أن اإلنسان هو نتاج التاريخ‪ ،‬لذلك ليس للفرد حقوقا طبيعية‬
‫ثابتة‪ ،‬وال وجودا مستقال عن مجتمعه‪ ،‬وبحكم أن الفرد ال يتمتع بمكانة أمام الجماعة‪ ،‬فإن‬
‫حقوق الجماعة تسمو على حقوقه‪ ،‬وإذا تمتع الفرد بأحد هذه الحقوق فهي ليس إال امتيازات‬
‫عارضة تقررها الجماعة كما تشاء وتسحبها متى تشاء‪ .‬وإن الحقوق ال يمكن لها أن تتحقق إال في‬
‫بيئة معينة‪ ،‬تستقرفيها األوضاع المادية بالتحررمن كل الضغوطات‪ ،‬فيتحررالفرد سياسيا من‬
‫ضغط الدولة‪ ،‬و اقتصاديا من ضغط الحاجة‪ ،‬ودينيا من ضغط االعتقاد الديني‪ ،‬وعائليا من‬
‫قيود السيطرة العائلية‪ ،205‬فالحقوق الفردية حسب المذهب االشتراكي هي حقوق طوباوية‬
‫ومزيفة‪ ،‬ويتساءل أنصار هذا المذهب عن قيمة الحرية في الترشح واالنتخاب إذا كان البطن‬
‫خاليا والرأس خاويا‪ ،‬لذلك فالحقوق الو اقعية هي الحقوق االقتصادية واالجتماعية‬

‫‪ 203‬إيمانويل تود‪ ،‬أين نحن من هذا كله؟ خطاطة للتاريخ اإلنساني‪ ،‬ترجمة فتحي ليسير‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار التنوير للطباعة‬
‫والنشر بيروت لبنان سنة ‪ ،2227‬ص ‪.27‬‬
‫‪ 204‬لتفصيل أكثر أنظر الصفحات األخيرة من كتاب فوكوياما "نهاية التاريخ واإلنسان األخير" ترجمة فؤاد شاهين وآخرون‪،‬‬
‫مطبعة مركز اإلنماء القومي‪ ،‬لبنان‪ ،‬سنة ‪.7442‬‬
‫‪ 205‬محمد عصفور‪ ،‬الحرية في الفكرين الديمقراطي واالشتراكي‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪ .7417‬ص‪.711-187‬‬

‫‪P 112‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫والثقافية‪ ،‬والتي ينبغي أن تخضع للتفسير االقتصادي والتأكيد على ترابط الحقوق والطبقية‬
‫وجودا وعدما‪.206‬‬

‫تأثير اختالف اإليدلوجية الليبرالية والماركسية بخصوص تقييم طبيعة الحقوق‬


‫وأولوياتها‪ ،‬ظهر بشكل واضح عند المناقشات التي وقعت بين الدول بخصوص إقرارعهد واحد‬
‫أو عهدين لحقوق اإلنسان‪ ،‬مما أدى في األخير إلى إقرار عهدين دوليين لحقوق اإلنسان سنة‬
‫‪ ،2075766‬وهذا اإلقرار ليس له أية قيمة قانونية أو إجرائية أو إنسانية مضافة للحقوق‬
‫والحريات األساسية‪ ،‬بقدرما كان إرضاء لألطراف المتصارعة والفاعلة في العالقات الدولية في‬
‫تلك الفترة‪ ،‬لذلك فإن قوة الفواعل الدولية لها تأثير مباشر وغير مباشر على صياغة قواعد‬
‫القانون الدولي لحقوق اإلنسان‪ ،‬وعلى تشكيل ثقافة وفلسفة حقوق اإلنسان‪ ،‬وعلى فرض قيم‬
‫ومبادئ بشكل تعسفي وإعطائها بعدا دوليا وعالميا‪ ،‬بحيث ال تتناقض مع فلسفاتهم‬
‫و أيدولوجياتهم‪ ،‬وعقائدهم‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬حقوق اإلنسان من منظورالشريعة اإلسالمية والدين اإلسالمي‬

‫يرى الكثير من الفقهاء الشريعة اإلسالمية أن اإلسالم منح لإلنسان كل الحقوق التي‬
‫تتطلبها الح ياة اإلنسانية الكريمة‪ ،‬والتي تيسرلإلنسان وتساعده على حراسة الدين والذود عنه‬
‫وسياسة شؤون دنياه‪ ،‬وهي في ذلك‪ -‬يعني الحقوق‪ -‬حقوق واسعة تتجاوز بعمومها وجزئياتها‬
‫بكثير ما عدته عقول البشر من حقوق‪ ،‬وقد أحاطها اإلسالم بضوابط وقيود صارمة‪ ،‬وأحاطها‬
‫بأوامر ونواهي تصب كلها في مصب حمايتها‪ ،‬ألن من شأن إقرارها شق الطريق السوي إلقامة‬
‫املجتمع اإلسالمي الحقيقي‪.208‬‬

‫إن ربط حقوق اإلنسان بحراسة الدين يمكن أن يكون مدخال‪ ،‬يعتبره البعض غير‬
‫منسجم مع حقوق اإلنسان وليس من أنواعه‪ ،‬إضافة إلى أن فرض هذه الحراسة يمكن كذلك‬
‫أن تكون مدخال العتبار الدين ناقصا ويحتاج لمن يحميه‪ .‬وإن ادعاء بأن هناك حقوقا واسعة‬
‫تتجاوز بعمومها وجزئياتها بكثير ما عدته عقول البشر يحتاج من الفقهاء الذين صاغوا اإلعالن‬
‫بإدراجها في بنوده كتشريع يمكن أن يكون بديال عن اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان‪ ،‬كما ينبغي‬

‫‪ 206‬نفس المرجع أعاله‪ ،‬ص‪.729‬‬


‫‪ 207‬تم إقرار عهدين دوليين لحقوق اإلنسان سنة ‪ 7411‬العهد األول خاص بالحقوق المدنية والسياسية‪ ،‬والعهد الثاني خاص‬
‫بالحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية‪.‬‬
‫‪ 208‬وردت هذه العبارة في البيان العالمي عن حقوق اإلنسان في اإلسالم الصادر في ‪7417/24/74‬‬

‫‪P 117‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫أن تكتسب هذه الحقوق صفة االستحسان‪ ،‬بنفس درجة االستحسان الذي حظيت به بنود‬
‫اإلعالن العامي لحقوق اإلنسان والتي أصبحت جزء ال يتجزأ من دساتيرمعظم دول العالم‪.‬‬

‫بالمقابل فإن القران الكريم لم ينص على تعبير "الحرية" في أية آية من آياته‪ ،‬إال أنه نص‬
‫وكرس مفهوم الكرامة اإلنسانية‪ ،209‬فكان من باب أولى لفقهاء الشريعة اإلسالمية التمييز بين‬
‫الحرية كمفهوم مرن ومطاط ومتغير‪ ،‬والكرامة اإلنسانية كمفهوم قار ومقر بحقوق وحقائق‬
‫ملموسة‪ ،‬مع تبيان القيمة الحقوقية واإلنسانية للمفهومين‪ .‬علما أن تنصيص القوانين‬
‫والتشريعات على حق من الحقوق ال يعنى مطلقا بأن األفراد والجماعات سوف تتمتع بهذه‬
‫الحقوق تلقائيا‪ ،‬مما يجعلها "حقوقا رسمية"‪ .‬بالمقابل إذا لم ينص عليها التشريع لكنها تمارس‬
‫على أرض الو اقع فهي تصنف ضمن "الحقوق الفعلية"‪ ،‬لذلك ينبغي التذكير بأن حوارالله مع‬
‫الشيطان‪ ،‬وتحدي األخير للخالق دون أن يقوم الله بتدميره‪ 210‬هو تعبير حقيقي على وجود‬
‫"الحرية الفعلية" في الممارسة اإلسالمية حتى وإن لم ينص عليها النص القرآني‪ ،‬وإن التعبير‬
‫عن الكرامة اإلنسانية هي اإلقرار بوجود حقوقا حقيقية وو اقعية‪ ،‬ويمكن البحث كذلك عن‬
‫مدى تأثيرالفلسفة والعقيدة اإلسالمية األصيلة على ممارسات المسلمين وعلى رأسهم القائمين‬
‫على إنفاذ القانون أو تطبيق النصوص الدينية‪ .211‬لذلك إن كان الدين اإلسالمي قد عبر عن‬
‫الحقوق والحريات األساسية بشكل لم يعبر عنه العقل البشري كما جاء في البيان العالمي‪ ،‬إال‬
‫أن فقهاء الشريعة لم يستطيعوا ترجمة هذه الحقوق والحريات إلى و اقع عملي‪ ،‬أو على أقل‬
‫تقدير جعلها حاضرة في مخيال املجتمعات اإلسالمية كنوع من الثقافة املحددة لنوع العالقات‬
‫االجتماعية أو ممارسات األفراد والجماعات أو القائمين على إنفاذ القوانين‪ ،‬إذا استثنينا بعض‬
‫الممارسات المعزولة في الفترات السابقة‪ ،‬لذلك ينبغي إعادة قراءة النصوص الدينية قراءة‬
‫اك‬ ‫اك إ َّال َ ْح َم ًة ل ْل َع َالم َين"‪"َ ،212‬و َما َأ ْ َس ْل َن َ‬
‫منسجمة مع األبعاد العالمية واإلنسانية َ"و َما َأ ْ َس ْل َن َ‬
‫ر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ِ‬ ‫ر‬
‫ُ ْ‬ ‫ُُ‬ ‫َّ َ‬ ‫َ‬ ‫َّ َ َّ ً َّ‬
‫اس َب ِش ًيرا َون ِذ ًيرا"‪ 213‬واألخالقية " َو ِإن َك ل َعلى خل ٍق َع ِظ ٍيم"‪ .214‬والحرية " َوق ِل ٱل َح ُّق‬ ‫ِإال كافة ِللن ِ‬

‫يال‪ ،‬سورة‬ ‫ض ا‬ ‫ت َوفَض َّْلنَا ُه ْم على َكثِير ِم َّم ْن َخ َل ْقنَا ت َ ْف ِ‬ ‫‪َ 209‬ولَقَ ْد ك ََّر ْمنَا َبنِي آدَ َم َو َح َم ْلنَا ُه ْم فِي ْالبَ ِر َو ْالبَحْ ِر َو َرزَ ْقنَاهُم ِمنَ َّ‬
‫الطيِبَا ِ‬
‫اإلسراء‪ ،‬اآلية ‪.12‬‬
‫ت ْال َم ْعلُو ِم‪،‬‬‫ظ ِرينَ ‪ِ ،‬إلَى يَ ْو ِم ْال َو ْق ِ‬‫ب فَأ َ ْنظِ ْرنِي ِإلَى يَ ْو ِم يُ ْب َعثُونَ ‪ ،‬قَا َل فَإِنَّكَ مِ نَ ْال ُم ْن َ‬ ‫‪ 210‬سورة الحجر‪ ،‬من اآلية ‪ 21‬إلى ‪" .92‬قَا َل َر ِ‬
‫صينَ "‬ ‫ض َو َأل ُ ْغ ِو َينَّ ُه ْم أَجْ َمعِينَ ‪ِ ،‬إ َّال ِع َبادَكَ مِ ْن ُه ُم ْال ُم ْخلَ ِ‬
‫ب ِب َما أ َ ْغ َو ْيتَنِي َألُزَ ِين ََّن لَ ُه ْم فِي األ َ ْر ِ‬
‫قَا َل َر ِ‬
‫‪ 211‬رد عمر ابن عبد العزيز على وال له استأذنه في تعذيب أناس ليعترفوا فيقول‪" :‬أعجب من استئذانك في عذاب بشر وكأني‬
‫لك حصن من عذاب الله أو أن رضائي ينجيك من سخطه‪ ،‬فمن قامت عليه بينة أو أقر فخذ بذلك ومن أنكر فاستحلفه وخل‬
‫سبيله‪ ،‬ألن يلقوا الله بخياناتهم أحب إلي من أن ألقى الله بدمائهم‪".‬‬
‫‪ 212‬سورة األنبياء اآلية رقم ‪.721‬‬
‫‪ 213‬سورة سبأ اآلية رقم ‪.21‬‬
‫‪ 214‬سورة القلم‪ ،‬اآلية رقم ‪.9‬‬

‫‪P 120‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬
‫َ ٓ َْ ْ ُ‬ ‫َ ٓ َْ ْ‬ ‫ُ َ‬
‫ِمن َّرِبك ْم ۖ ف َمن شا َء فل ُيؤ ِمن َو َمن شا َء فل َيكف ْرۚ "‪ .215‬هذه األليات القرآنية ينبغي إخراجها من‬
‫طابعها الخصوص ي إلى طابعها الكوني‪ ،‬لتكون منسجمة مع الفهم الصحيح للنص القرآني‪ ،‬من‬
‫جهة‪ ،‬وإدراجها ضمن القيم اإلنسانية‪ ،‬باعتبارها قيمة مضافة للقواسم المشتركة بين الجنس‬
‫البشري من جهة ثانية‪ .‬وفي هذه الحالة يكون النص الديني تعبيرا عن جانب من الحقوق‬
‫الطبيعية واألصيلة‪ ،‬وليس عن تجسيدا لخصوصيات تهم املجتمعات اإلسالمية‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬مداخل المذاهب في التأثيرعلى قواعد وفلسفة حقوق اإلنسان‬

‫فصل حقوق اإلنسان املختلفة عن بعضها البعض من األمورالصعبة والمستعصية‪ ،‬ألن‬


‫الحقوق في بعض األحيان تتكامل وفي أخرى تتنافس‪ ،‬فالحق في حرية التعبيرأو في محاكمة علنية‬
‫قد تصطدم مع الحق في الخصوصية‪ ،‬وكذلك الحق الثقافي والديني مع الحق في عدم التمييزعلى‬
‫بعض األسس بسبب هذا التعارض‪ ،‬لذلك تركت درجات من المرونة للدول لمعالجة مدى‬
‫حماية هذه الحقوق‪.‬‬

‫كان موضوع التفريق بين الحقوق المدنية والسياسية من جهة والحقوق االقتصادية‬
‫واالجتماعية والثقافية من جهة أخرى‪ ،‬محل جدل في أروقة األمم المتحدة‪ ،‬وذلك ألن هذا‬
‫الموضوع مرتبط بالمفهوم النسبي لحقوق اإلنسان عامة‪ ،‬فالفهم االشتراكي يرى أن الحقوق‬
‫االقتصادية واالجتماعية تسبق الحقوق السياسية والمدنية‪ ،‬وأول مظاهر هذه الحرية‬
‫االقتصادية حق العمل والتعليم والرعاية الطبية‪ ،‬ثم تأتي بعد ذلك حرية الصحافة والتعبير‬
‫والرأي‪ ،‬ويتناقض هذا التقييم تماما مع ترتيب األولويات للحقوق اإلنسانية لدى الغرب إذ‬
‫تسبق الحقوق المدنية والسياسية غيرها من الحقوق وذلك نتيجة سيطرت المنظور الفردي‬
‫الليبرالي‪.216‬‬

‫إن تسمية الحقوق المدنية والسياسية وكذلك الحقوق االقتصادية واالجتماعية‬


‫والثقافية ب " العهدين" وباقي االتفاقيات الدولية ضمن النواة الصلبة لحقوق اإلنسان ب‬
‫"االتفاقيات" له ما يبررسيما أن مفهوم العهد له داللته الخاصة مقارنة بمفهوم االتفاقية‪.‬‬

‫‪ 215‬سورة الكهف‪ ،‬اآلية رقم ‪.24‬‬


‫‪ 216‬أماني محمود فهمي‪ ،‬حقوق اإلنسان في عالقات الشرق والغرب‪ ،‬مجلة السياسة الدولية‪ ،‬مركز األهرام للدراسات السياسية‬
‫واالستراتيجية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬عدد ‪ ،41‬سنة ‪ ،7444‬ص ‪.17‬‬

‫‪P 121‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫الفرع األول‪ :‬العهد األول لحقوق اإلنسان بين الحقوق األساسية واالمتداد التاريخي‬
‫للفلسفة الليبرالية‬

‫تعتبر جل الحقوق الوارد في العهد األول الخاص بالحقوق المدنية والسياسية حقوقا‬
‫أساسية‪ ،‬مما يعني أن هذه الحقوق مرتبطة بالكرامة اإلنسانية‪ ،‬قبل أن ترتبط بأي اعتبار أخر‬
‫كيفما كان نوعه‪ ،‬فالحق في الحياة والرأي والتعبير والمعتقد وتقرير المصير‪ ...‬ال يمكن ألحد‬
‫التنكرلها أونفيها‪ ،‬وإال سوف يكون في مواجهة مباشرة مع الحقوق الطبيعية‪ ،‬والقواعد العرفية‬
‫اآلمرة والملزمة‪ ،‬والقواسم المشتركة بين البشرية جمعاء‪.‬‬

‫ترجمة هذه الحقوق السابقة يمر عبر جسور مختلفة للعبور إلى الو اقع العملي وإلى‬
‫الممارسة‪ ،‬وهذا المساريحتاج إلى أدوات وبرامج وسياسات وتصورات‪ ،‬كل هذه اآلليات ال يمكن‬
‫أن تنبثق من الفراغ أو تخرج من وعاء إنساني يعبر عن فكرة محل اتفاق وقبول كل التصورات‬
‫والفلسفات والمعتقدات‪ .‬سيما أن األخيرة يمكن أن تعبر عن نوع من االختالف يصل حد‬
‫التناقض والتنافر‪.‬‬

‫هناك فلسفات و أيدولوجيات أعطت لهذه الحقوق وزنا كبيرا‪ ،217‬بالمقابل هناك‬
‫أيدولوجيات أخرى احتقرت هذه الحقوق واعتبرتها طوباوية‪ ،‬حيث قامت بالرفع من شأن حقوق‬
‫أخرى مختلفة‪ .‬هذا المد والجز بخصوص القيمة الحقوقية واإلنسانية والقانونية ملختلف‬
‫الحقوق هو المدخل األساس ي لأليدولوجيات للتعبير عن تصوراتها ومعتقداتها وفلسفتها‬
‫المرتبطة بقيمها وعاداتها وهويتها الحضارية‪.‬‬

‫االنتقال من الحقوق والحريات األساسية إلى الحقوق الفردية يكشف لنا عن جزء من‬
‫االختالف الحاصل بين األيدولوجيات ليبرز التناقض بينها في الفهم والتعبير‪ ،‬كما أن أجيال‬
‫حقوق اإلنسان بدورها يمكن أن تقرب الصورة أكثربخصوص امتداد البعد األيديولوجي للتعبير‬
‫عن الحقوق المدنية والسياسية‪ ،‬حيث هناك توجه يدعو إلى التحرر بدل الحرية‪ ،‬وتلبية‬
‫الرغبات والشهوات بدل حماية الكرامة اإلنسانية‪ .‬لذلك أصبح البعض يفتخر بأعضائه‬
‫الحساسة‪ ،‬وحياته الخاصة ألنها تدرربحا كبيرا عندما يعرضها أمام شاشات الكاميرات لتحصل‬

‫‪ 217‬عبرت عن هذه الحقوق المنظومة الغربية منذ عهد مكنا كارتا لسنة ‪ 7271‬مرورا بالثورة األمريكية لعام ‪ ،7111‬والثورة‬
‫الفرنسية لعام ‪ ،7114‬كل هذه المحطات التاريخية كرست فيها الحقوق المدنية والسياسية مما يعني أن الفلسفة الرأسمالية‬
‫وامتدادها الطبيعي الفلسفة الليبرالية لم تعترف سوى بهذه الحقوق وكيفتها وفق متطلبات العرض والطلب اللذان يفرضهما‬
‫السوق‪.‬‬

‫‪P 122‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫على كثير من المشاهدات‪ ،‬والشركات التجارية والصناعة تشجع ذلك بشكل كبير وتدفع مقابل‬
‫مادي لمن يتفنن في اإلثار لجلب أكبر عدد من هذه المشاهدات‪ .‬سخاء هذه الشركات ال يمكن‬
‫ربطه بأية عالقة مع الحقوق والحريات األساسية‪ ،‬بل هو مرتبط بشكل كبير بالربح‪ ،‬لذلك فإن‬
‫حماية الدول الليبرالية لألشخاص الذين يعرضون هذه المشاهد الغير األخالقية والماسة‬
‫بكرامتهم‪ ،‬يفسر التناغم بين الفلسفة الليبرالية وتحقيق أرباح الشركات‪ .‬وال يعنى أو يرتبط‬
‫بحقوق اإلنسان بأية رابطة حقوقية أو إنسانية‪.‬‬

‫أصبح اإلنسان بين معادلة الربح وحماية الكرامة اإلنسانية والحقوق والحريات‬
‫األساسية أداة من األدوات ذات التوظيف المتعدد األشكال واألوجه‪ ،‬بحيث في عالقته بالربح‬
‫فهوأداة جيدة لالستهالك لتحقيق رقم معامالت دسم للشركات‪ ،‬مقابل دفع أجرة لتلبية الغرائز‬
‫والشهوات‪ ،‬حتى وإن عرض حياته الخاصة والحميمية لالنتهاك والهتك‪ .218‬وفي عالقته بالحرية‬
‫الفردية فاإلنسان أداة للضغط على الحكومات االستبدادية لتقديم التنازالت‪ ،‬و أثبت الو اقع‬
‫أن الدول الليبرالية ال ترغب في تشجيع الشعوب على تقرير مصيرها بل في تكريس أنظمة‬
‫استبدادية فاسدة ليسهل التحكم فيها واستغالل مواردها‪ ،‬هذا التوجه في الحرية ال يمكن‬
‫فصله عن التوجه الليبرالي الذي يسعى في المقام األول واألخيرلتحقيق األرباح وال يهمه أي اعتبار‬
‫أواهتمام للجوانب األخالقية أواإلنسانية والحقوقية والوجدانية‪ .219‬لذلك لقد اختلط الحابل‬
‫بالنابل ولم نعد نميز بين الضحية والجالد‪ ،‬حيث فعال هناك حقوقا تنتهك تحت ادعاء أن‬
‫األشخاص متحررين‪ ،‬وهناك سياسات تمارس ألجل التسترعلى هذه االنتهاكات بتقديم حفنة من‬
‫المال لألشخاص في أمس الحاجة إليها‪ .‬وهنا يظهراالختالف العميق بين مفهوم حقوق اإلنسان‬
‫(ما يمكن أن نسميه حقوق اإلنسان) الذي يتشاركه النخب – معظمها في الغرب – وبين ما تعنيه‬
‫هذه الحقوق (ما يمكن أن نسميه حقوق اإلنسان) بالنسبة للغالبية العظمى من العالم‪.‬‬
‫فحقوق اإلنسان هي أيدولوجية نيويورك‪-‬جنيف‪-‬لندن التي تركز على القانون الدولي‪ ،‬العدالة‬
‫الجنائية ومؤسسات الحكم عالميا‪ .‬فحقوق اإلنسان ِنتاج لـ ‪ %5‬فقط من العالم‪ .‬أما باقي‬
‫العالم‪ ،%77 ،‬فيرى أن النضال في مجال حقوق اإلنسان من بين العديد من اآلليات التي يمكن‬
‫أن تحدث تغييرا اجتماعيا هادفا‪ .‬فبحكم طبيعتها‪ ،‬انخفضت حدة مرونة وتكيف وو اقعية وتنوع‬

‫‪ 218‬من بين حقوق اإلنسان األساسية حقه في حماية حياته الخاصة‪ ،‬بحيث أن جل القوانين الوطنية تجرم تصوير الشخص وهو‬
‫داخل منزله‪.‬‬
‫‪ 219‬دخلت الواليات المتحدة األمريكية ومعها الدول الغربية إلى عدد كبير من الدول بهدف نشر الديمقراطية وحقوق اإلنسان‬
‫وتحولت بعد ذلك هذه الدول إلى دول فاسدة ومخربة ومدمرة مثال "العراق‪ ،‬أفغانستان‪ ،‬ليبيا‪"....‬‬

‫‪P 123‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫حقوق اإلنسان – فهي معايير ديمقراطية من القاعدة إلى القمة‪ ،‬بدال من قواعد موثوقة من‬
‫القمة إلى القاعدة‪.220‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬انحيازالفكر االشتراكي للحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية‬

‫عرفت لجنة حقوق اإلنسان التي كانت تابعة للمجلس االقتصادي واالجتماعي لألمم‬
‫المتحدة نقاشات حادة بين الدول االشتراكية والليبرالية‪ ،‬وعلى وجه الخصوص أولوية‬
‫مجموعة محددة من حقوق اإلنسان وطرق تحقيقها‪ .‬حيث انحازت الدول االشتراكية إلى‬
‫تكريس الحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية‪ ،221‬بالمقابل انحازت الدول الليبرالية إلى‬
‫تكريس الحقوق المدنية والسياسية‪ ،222‬التي كانت تعتبرها شيئا متمما للحرية والديمقراطية‪،‬‬
‫ودافعت بقوة عن مبدأ إنشاء لجنة أو محكمة لحقوق اإلنسان تشرف على وضع هذه الحقوق‬
‫موضع التنفيذ‪ ،‬بالمقال فإن العهد الثاني لم يتضمن اللجنة المعنية بالحقوق االقتصادية‬
‫واالجتماعية والثقافية‪ ،‬وهذه اآللية تعتبر أساسية لتنزيل مقتضيات الحقوق الواردة في هذا‬
‫العهد‪.223‬‬

‫لوال هذا التباين في فرض األولويات‪ ،‬لكان هناك عهد واحد يجمع بين كل الحقوق‬
‫السابقة‪ ،‬إ ال أن البعد اإليديولوجي كان صاحب الفصل والكلمة األخيرة‪ ،‬وإن السياق السياس ي‬
‫الذي ساد هذه الفترة كان حاسما في تبنى العهدين بدل عهد واحد‪ .‬إن هذه االعتبارات ال يمكن‬
‫بأي حال من األحوال أن تكون ذات عالقة بتجويد حقوق اإلنسان أو الرقي بها أو تكريسها‪ ،‬أو‬
‫ذات قيمة ح قوقية أو إنسانية‪ ،‬بقدر ما كان صراعا سياسيا له خلفيات أيدولوجية‪ .‬لذلك‬
‫أصبحت الدول الغربية ال تتدخل في شؤون الدول األخرى املحسوبة على الدول المنتهكة لحقوق‬
‫اإلنسان للحقوق االقتصادية أو االجتماعية‪ ،‬أو مهما بلغت مجتمعات هذه الدول من فقر أو‬
‫معاناة صحية أو بيئة‪ .‬لكن ال تتردد الدول الليبرالية في انتقاد الدول التي تنتهك الحقوق المدنية‬

‫‪220‬ستيفن هوبجود‪ ،‬حقوق اإلنسان‪ :‬ماضيهم حسب التاريخ‪ ،‬تم االطالع عليه يوم االثنين ‪ 71‬أكتوبر ‪ 2222‬على الساعة ‪72‬‬
‫صباحا‪ .‬أنظر الرابط أسفله ‪https://www.openglobalrights.org › human-rights-past-the.‬‬
‫‪ 221‬العهد الدولي الخاص بالحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية‪ ،‬اعتمد وعرض للتوقيع والتصديق واالنضمام بموجب‬
‫قرار الجمعية العامة لألمم المتحدة ‪ 2222‬ألف (د‪ )27-‬المؤرخ في ‪ 71‬ديسمبر ‪ ،7411‬تاريخ بدء النفاذ‪ 2 :‬يناير ‪ ،7411‬وفقا‬
‫ألحكام المادة ‪ 21‬منه‪.‬‬
‫‪ 222‬العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية اعتمد وعرض للتوقيع والتصديق واالنضمام بموجب قرار الجمعية العامة‬
‫لألمم المتحدة ‪ 2222‬ألف (د‪ )27-‬المؤرخ في ‪ 71‬ديسمبر‪ ،7411‬تاريخ بدء النفاذ‪ 22 :‬مارس ‪ ،1976‬وفقا ألحكام المادة ‪94‬‬
‫منه‪ .‬لمراجعة نص العهد انظر‪ :‬األمم المتحدة‪ ،‬مجموعة صكوك دولية‪ ،‬المجلد األول (الجزء األول)‪ ،‬جنيف‪ ،‬مركز األمم‬
‫المتحدة لحقوق اإلنسان‪ ،7442، 7449 ،‬ص‪.11-21 ،‬‬
‫‪ 223‬أصبح العهد الثاني الخاص بالحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية يتمتع باللجنة المعنية إال أنها جاءت بقرار من المجلس‬
‫االقتصادي واالجتماعي لألمم المتحدة رقم ‪ 7411|71‬بتاريخ ‪ 21‬ماي ‪.7411‬‬

‫‪P 124‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫والسياسية‪ ،‬وعلى وجه الخصوص الحقوق المرتبطة بالحق في التعبير أو الرأي أو الحريات‬
‫الفردية‪ .‬لذلك فإن جل الدول التي تستهدفها الدول الغربية هي الدول التي تقمع المظاهرات‬
‫وحرية الصحافة والحق في التعبير وعدم إجراء االنتخابات‪ ،‬وبشكل عام جميع الحقوق ذات‬
‫االرتباط بالجانب السياس ي والمعتقد‪ .‬أما االنتهاكات المرتبطة بما هو اقتصادي أو اجتماعي‬
‫مهما بغت من الجسامة و أثرت على حياة األفراد وسالمة أجسادهم و أنفسهم وعقولهم إال أنها‬
‫تبقى من الدرجة الثانية ألنها ليس مدخال أساسيا للتدخل في شؤون الداخلية للدول حسب‬
‫الفلسفة الليبرالية‪.‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬توظيف معاييرحقوق اإلنسان بطريقة انتقائية ومزدوجة‬

‫تعتبر حقوق اإلنسان قواعد قانونية وإجرائية‪ ،224‬وقواعد عرفية تواترت وتحولت إلى‬
‫مبادئ وقيم اكتسبت صفة القواعد العرفية اآلمرة‪ ،225‬وما يميز أكثر هذه القواعد هو أنها‬
‫أصبحت تحتكم إلى معايير ومقاييس بفضل مجهودات الهيئات الدولية سواء منها‪ ،‬االجتهادات‬
‫ذات الطابع الفقهي‪ ،‬أو من خالل ما يصدر على شكل التعليقات العامة‪ .‬كل هذا املجهود كرس‬
‫عدة معايير تقاس عليها مصداقية القوانين‪ ،‬وممارسات القائمين على إنفاذ القانون‪ ،‬لذلك‬
‫تعتبرهذه الحالة خطوة جد متقدمة في إطارتعزيزحقوق اإلنسان والنهوض بها وحمايتها‪ .‬إال أنه‬
‫يالحظ توظيف هذه المعاييربنوع من االنتقاء‪ .‬حيث تعتمد هذه المعاييرفيما له عالقة بالحقوق‬
‫والحريات الفردية التي كرستها الفلسفة الليبرالية‪ ،‬وتستثنى من هذه العملية بعض القيم التي‬
‫جاءت بها الحضارات األخرى‪ ،‬وعلى رأس هذه المعاييرالتدابيرالخاصة التي تعتمد لتفسيربعض‬
‫الحقوق ذات الطابع التفضيلي لبعض الفئات االجتماعية‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬التدابيرالخاصة بحقوق المرأة‬

‫تنص االتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة على أنه " ال يعتبر‬
‫اتخاذ الدول األطراف تدابيرخاصة تستهدف حماية األمومة‪ ،‬بما في ذلك تلك التدابيرالواردة في‬
‫هذه االتفاقية‪ ،‬إجراء تمييزيا"‪ .226‬تشير هذه الفقرة إلى أن معاملة المرأة والرجل بشكل يوحي‬
‫بعدم تفعيل مبدأ المساواة بسبب الفروق البيولوجية‪ ،‬ال يعتبر تمييزا‪ ،‬وأن هذا التمييز سوف‬

‫‪ 224‬المقصود جميع الحقوق واإلجراءات الواردة في االتفاقيات التسعة لحقوق اإلنسان والتي تعتبر النواة الصلبة لحقوق اإلنسان‬
‫‪ 225‬على سبيل المثال المواد الواردة في اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان‪ ،‬حيث تحولت جل هذه المواد إلى قواعد عرفية آمرة‬
‫وملزمة‪ ،‬كما أنه ال يتصور خلوها من دساتير الدول‪.‬‬
‫‪ 226‬الفقرة ‪ 2‬من المادة ‪ 9‬من االتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة مرجع سابق‪.‬‬

‫‪P 125‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫يفرض صياغة تدابيرذات طابع دائم‪ ،‬ألن هذه الفروقات ال يمكن تغييرها بحكم الو اقع أو بحكم‬
‫الطبيعة‪ ،‬إال إذا حدث العكس عندما يحين الوقت الذي تبرر فيه المعرفة العلمية‬
‫والتكنولوجية المشارإليها في الفقرة ‪ 1‬من المادة ‪ 55‬إجراء عملية مراجعة لها‪.227‬‬

‫خروج بعض مواد االتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة عن‬
‫مبدأ المساواة ومبدأ عدم التمييز‪ ،‬يمكن أن يعطي االنطباع بتحيز االتفاقية إلى المرأة على‬
‫حساب حقوق الرجل‪ ،‬إال أن هذا االنطباع عندما يستحضرمنطق اإلنصاف بدل منطق العدل‬
‫بالمفهوم الصارم والتقليدي‪ ،‬يمكن أن يبرر تفعيل منهج االنتقال من العام إلى الخاص ومن‬
‫الكل إلى الجزء‪ ،‬كما يمكن أن يفعل منطق التناسب والمعقول والضروري‪ ،‬وهذا التعامل‬
‫تفرضه قواعد طبيعية وأخرى و اقعية وتفرضه المعاملة الحقوقية واإلنسانية‪.‬‬

‫كل ما سبق ال يمكن املجادلة بشأنه إذا فعلنا المقاربات المناسبة والمعقولة والضرورية‪.‬‬
‫لكن يمكن مجادلة األيدولوجيات التي تكيل بالمكيالين‪ ،‬عندما ترى أن نفس المنهج السابق ال‬
‫يمكن تفعيله في سياق نظام سياس ي وعقائدي يعتبرالرجل مسؤوال عن تكاليف الحياة الزوجية‬
‫بكل تفاصيلها‪ ،‬بالمقابل يحق له أن يرث حصة تعادل ضعف حصة المرأة‪ .228‬إذا كانت هذه‬
‫القاعدة األخيرة تبدو للبعض نوعا من التمييزوعدم المساواة‪ ،‬فالبد أن نتساءل عن أي نوع من‬
‫المعاملة التي تكلف الرجل بكل تفاصيل الحياة الزوجية بما فيها طلب المرأة لزوجها أداء أجرة‬
‫عن رضاعة أبنائهما؟ إن المنطق المفعل في التدابيرالخاصة سواء الدائمة أوالمؤقتة هو نفسه‬
‫المفعل بالنسبة آلية الكريمة التي تتحدث عن "للذكرمثل حض األنثيين"‪ ،‬إال أنه ال يمكن تفعيل‬
‫هذه القاعدة القرآنية في سياق نظام ال يؤمن بهذا التقسيم لألدوار بالمفهوم اإلسالمي‪ ،‬وإال‬
‫سوف يتحول إلى الظلم‪ ،‬ألن الرجل أعطي له حق ضعفين في الميراث ليس لتكريمه و إنما‬
‫لتكليفه‪ ،‬وإذا خرجت المعاملة عن هذه القاعدة فإن هذا التفضيل يصبح تمييزا حقيقيا‪ ،‬وإن‬
‫تعدد هذه المناهج يمكن أن تكون جوابا وتفسرا ملختلف الوضعيات والظروف والسياقات مما‬
‫يحتم على املجتمع الدولي وضع معايير لتقدير وضعية الخصوصيات مقابل وضعية القيم‬
‫والمبادئ‪ ،‬كفاصل محدد للمو اقف اإلنسانية واألخالقية والحقوقية‪ ،‬والتي تتأسس على‬
‫قاعدة ومنطق تقسيم األدوار حسب اإلمكانيات والطاقات املختلفة لألطراف‪ ،‬بما يتناسب مع‬

‫‪ 227‬تنص الفقرة ‪ 2‬من المادة ‪ 77‬من االتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة على أنه " يجب أن تستعرض‬
‫التشريعات الوقائية المتصل ة بالمسائل المشمولة بهذه المادة استعراضا دوريا في ضوء المعرفة العلمية والتكنولوجية‪ ،‬وأن يتم‬
‫تنقيحها أو إلغاؤها أو توسيع نطاقها حسب االقتضاء"‪.‬‬
‫ُوصي ُك ُم اللَّهُ فِي أ َ ْو َال ِد ُك ْم ۖ لِلذَّك َِر مِ ثْ ُل َح ِظ ْاألُنث َ َيي ِْن " سورة النساء‪ ،‬اآلية ‪.77‬‬
‫‪" 228‬ي ِ‬

‫‪P 126‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫االختالفات البيولوجية والنفسية‪ .‬ألنه عندما نأخذ بعين االعتبار االعتبارات األخيرة‪ ،‬يبقى‬
‫تفعيل العدل بالمفهوم التقليدي غير قادر على إحقاق الحق رغم أنه يمكن أن يفعل القانون‪،‬‬
‫مما يفرض تفعيل منطق اإلنصاف كمعاملة ذات طابع إنساني لسد الثغرات واألخذ باالعتبارات‬
‫واالستثناءات‪ ،‬والوقوف على منطق التناسب المفض ي لنتائج تراعي جميع االعتبارات وتقدر‬
‫األولويات وتقيم المصالح وفق منطق التناسب والضروري والمعقول والمقبول‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬معيار تحديد األوليات بين حقوق المثليين وحقوق الشعوب في تقرير‬
‫مصيرها‬

‫كانت منظمة الصحة العالمية منذ أقل من ‪ 11‬سنة ترى بأن المثلية خلل نفس ي‪ ،‬وعدلت‬
‫عن موقفها بحجة أن العلم أثبت عكس ذلك‪.229‬‬

‫يحق لنا التساؤل عن سبب عجز العلم في إثبات هذا األمر قبل سنة ‪ ،2305771‬كما يحق‬
‫لنا التساؤل عن سبب إصرارعدة علماء إلثبات عالقة المثلية بالجنات التي يحملها البشرتزامنا‬
‫مع هذه الفترة‪ ،‬والتساؤل كذلك عن إصرار الدول الغربية على تقنين حق الزواج المثلي بشكل‬
‫سريع لم يراعي أي اعتبار‪ ،231‬وتشجيع اإلعالم على نشر ثقافة المثلية على نطاق واسع‪،232‬‬
‫و اتجاه القضاء إلى إصدار أحكام قاصية ضد كل من يعترض عن المثلية‪ .233‬مما يطرح في األخير‬
‫التساؤل الجوهري عن طبيعة الخلفيات التي حكمت التطورات الكبيرة والسريعة والجذرية !؟‬
‫علما أن الموضوع ال عالقة له بإثبات الحقائق العلمية بل بفرض التوجهات السياسية‬

‫‪ 229‬لتفنيد هذا االدعاء فإن فريق من الباحثين بجامعة "نورث ويستيرن" األميركية أجرى دراسة علمية عام ‪ 2279‬شملت‬
‫فحص الحمض النووي لـ ‪ 922‬ذكر من المثليين الجنسيين‪ .‬لم يتمكن الباحثون من العثور على جين واحد مسؤول عن توجههم‬
‫الجنسي‪ ،‬وقالوا بأن "الجينات كانت إما غير كافية‪ ،‬وإما غير ضرورية لجعل أي من الرجال شاذًّا جنسيا‪ .‬وعلق أستاذ علم‬
‫الجينات األميركي "آالن ساندرز" على هذه الدراسة قائال‪" :‬الجينات ليست هي القصة الكاملة‪ ،‬إنها ليست كذلك"‪.‬‬
‫‪ 230‬في ورقة بحثية نشرتها أستاذة علم االجتماع "آميباتلر" راجعت فيها كل الدراسات االستقصائية منذ ‪7411‬م التي تناولت‬
‫نسب األشخاص الذين كان لديهم شريك جنسي مثلي في الواليات المتحدة‪ ،‬تبين للباحثة أن النسب كانت تتضاعف منذ ‪7447‬م‬
‫فصاعداا مما يعني أن العوامل اإلعالمية واالجتماعية والسياسية لها دور كبير في تحديد الميول الجنسي‪ ،‬وإال لو كانت المثلية‬
‫الجنسية جينية فقط لظلت النسب ثابتة‪.‬‬
‫‪ 231‬أصدرت المحكمة العليا في الواليات المتحدة األمريكية عام ‪ 2271‬حكما تاريخيا‪ ،‬يقضي بمنح الحق للمثليين بالزواج في‬
‫كافة الواليات األمريكية‪ ،‬وهو الحكم الذي وصفه الرئيس باراك أوباما‪ ،‬بأنه "انتصار ألمريكا‪ ...‬وانتصار للحب"‪ .‬انظر الرابط‬
‫‪https://arabic.cnn.com‬‬
‫‪ 232‬ظهور منصات رقمية وهي عبارة عن مكتبات مرئية تحتوي على أفالم ومسلسالت وعروض متعددة الجنسيات‪ ،‬حيث‬
‫انتشرت انتشارا عالميا واسعا‪ ،‬وأكثرها انتشارا هي شبكة "نتفليكس األمريكية" التي تنشر ثقافة المثلية بدون ضوابط أو مراعات‬
‫ألي اعتبارات‪ ،‬وهذا ما أقرته كذلك المجلة الطبية البريطانية ‪ BMJ‬بخصوص التوجه الذي ذهبت فيه "أفالم ديزني" التي‬
‫أصبحت تنشر اإليحاءات الجنسية على نطاق واسع في جميع برامجها‪.‬‬
‫‪ 233‬في ديسمبر عام ‪ ،2274‬أصدر قاض أميركي حكما بالسجن ‪ 71‬عاما على رجل‪ ،‬ألنه انتزع علما للمثليين عن باب كنيسة‬
‫وأحرقه أمام ناد للتعري (بي بي سي سنة ‪.)2274‬‬

‫‪P 127‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫واأليدلوجية‪ ،‬سيما أن العلم أثبت من جهة أخرى أن المثلية كانت ومازالت سببا في ظهور عدة‬
‫أمراض عضوية ونفسية‪.234‬‬

‫ربط األحداث والوقائع باإلطارالزمني مسألة في غاية األهمية والموضوعية‪ ،‬ألنها تساعد‬
‫على كشف الخلفيات والحقائق‪ ،‬لذلك فإن سنة "‪ "5771‬شكلت منعطفا كبيرا وتحوال عميقا في‬
‫العالقات والسياسة الدولية‪ .‬فهذا المنعطف هو الذي هيأ األجواء النتصار الفكر الليبرالي‬
‫وإعالن الحكومة العالمية وقيادة العالم‪ .‬وهذه الزعامة ال تتم من خالل المؤسسات ذات الطابع‬
‫اإلداري والقانوني فقط‪ ،‬لكن من خالل فرض ثقافة وفلسفة وفكرمتناغم مع الليبرالية الغربية‬
‫ومنسجم مع مصالحها‪ ،‬لذلك كان التركيز عن محو كل ما يمكن أن يتناقض مع حرية الترويج‬
‫لتسويق المنتوجات ومرورها إلى كل بقاع العالم‪ ،‬وهذه الفكرة تقتض ي القضاء على كل القيم‬
‫األخالقية واإلنسانية والدعوة لتلبية الرغبات والشهوات‪ ،‬وهذه األخيرة تعتبر ضامنة لترويج‬
‫البضائع والمنتوجات بال تحفظ أوحدود‪ ،‬ومن هنا جاء التناغم بين تهيئة اإلنسان لالنكباب على‬
‫تلبية غرائزه وشهواته وقدرته على االستهالك‪ ،‬وتحقيق الشركات العمالقة ألرقام معامالت‬
‫خيالية‪.‬‬

‫تعتبر التساؤالت السابقة ضرورية للوقوف على حقيقة أن العلم يستغل في قضايا لها‬
‫ارتباط بأيديولوجيات ومعتقدات من أجل إقرارأمرو اقع بعيد عن العلم والنواميس الطبيعية‪،‬‬
‫وتسليط الضوء على اإللحاح المنقطع النظير لليبرالية الغربية على فرض أمر و اقع غير طبيعي‬
‫بدعوى حماية حقوق اإلنسان‪.‬‬

‫بالمقابل إذا كانت الحقوق والحريات األساسية من ضمن اهتمامات الفلسفة الغربية‪،‬‬
‫فإن الحقوق والحريات تشترط عدم تجزئتها وتقييدها أو التصرف فيها‪ ،‬كما تتصف بالتكامل‬
‫والشمولية والعالمية‪ ،‬لذلك ينبغي الوقوف عند خلفيات الليبرالية الغربية في استماتتها في‬
‫الدفاع عن حقوق المثليين‪ ،‬وتهميش حقوق الشعوب في تقرير مصيرها‪ ،‬ليس من خالل عدم‬
‫االهتمام‪ ،‬ولكن من خالل األمرالمباشر‪ ،‬باضطهاد حقوق هذه الشعوب‪ ،‬أومن خالل التشجيع‬

‫‪ 234‬كشفت سوزان هوبكنز‪ ،‬كبيرة المستشارين الطبيين في وكالة األمن الصحي البريطانية‪ ،‬انتشار مرض جدري القرود بشكل‬
‫ملحوظ بين “المثليين ومزدوجي الميول الجنسية” في كل من المملكة المتحدة وأوروبا‪ .‬وقالت في تصريحات نشرتها‪ ،‬الجمعة‪،‬‬
‫صحيفة “دايلي ميل” إنه “تم تسجيل نسبة ملحوظة من الحاالت الحديثة لمرضى جدري القرود في المملكة المتحدة وأوروبا‬
‫بين المثليين من الذكور ومزدوجي الميول الجنسية”‪ .‬وقالت السلطات الصحية البريطانية إنها تشتبه في حدوث إصابات بجدري‬
‫القرود عبر عالقات جنسية بين أشخاص مثليي الجنس‪ ،‬وهو ما أكدته أيضا السلطات الصحية في كندا‪ ،‬حسب “الديبيش”‪ .‬اقرأ‬
‫المزيد على الرابط التالي‪https://al3omk.com/749150.html :‬‬

‫‪P 122‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫على ذلك بالدعم السياس ي والعسكري واللوجستيكي‪ ،235‬أو من خالل السكوت على ذلك بشكل‬
‫ممنهج ألجل إبعاد قضاياهم على اهتمامات األمم المتحدة‪ ،236‬علما أن هذه االنتهاكات تعني‬
‫بالماليين من األشخاص يتوزعون عبرعدة دول وقارات‪ .‬مع ضرورة التمييزبين نوع العنف الذي‬
‫يمكن أن يواجه به "مجتمع الميم" وبين طبيعة الجرائم التي تمارس ضد الشعوب التي تريد‬
‫تقرير مصيرها والتي تواجه انتهاكات جسيمة وخطيرة مخلفة ماليين من القتلى والجرحى‬
‫والمعاقين واملختفين والمهجرين‪ ...‬ورغم ذلك عندما تتقاطع مصالح الدول الليبرالية مع هذه‬
‫الحقوق يتم تبريرها بتصورات لم يقع عليها أي إجماع أو تو افق كالفوض ى الخالقة‪ ،‬في سبيل‬
‫نقل الديمقراطية والحرية إلى الشعوب المتخلفة والمتوحشة‪.‬‬

‫فمثال إذا كانت الحرب الروسية األوكرانية هي حرب وجود‪ ،‬انطالقا من رغبة الغرب في‬
‫خنق الروس ووضع أسلحة الناتوعلى الحدود الروسية كنوع من تسيج تحركات الدولة الروسية‪،‬‬
‫فالبد من التساؤل عن موقع الحرب الدعائية األمريكية بخصوص اتهام روسيا باضطهادها‬
‫حقوق المثليين في عز الحرب‪ ،‬إن هذه الدعاية تعبر عن طبيعة الحقوق التي تسعى الواليات‬
‫المتحدة نشرها في المستقبل القريب كنوع من الحرب على القيم اإلنسانية وباسم اإلنسانية في‬
‫إطارفرض هيمنة القيم الليبرالية التي تخاطب اإلنسان في بعده المادي وتهدد مضمونه الروحي‬
‫والفكري والثقافي والنفس ي‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬التوظيف المزدوج للشعارات السياسية في المالعب الرياضية‬

‫يتحدث باومان في كتابه "الحداثة واإلبهام"‪ ،‬عن فكرة االندماج باعتبارها الموقف الذي‬
‫تتخذه الحداثة من اآلخر‪ ،‬أي اندماج واستيعاب اآلخرفي ثقافة مغايرة‪ .‬ففي الثقافة الحديثة ال‬
‫يكون اآلخر مقبوال إال بتقديم والئه العلني لقيمـ"نا"‪ ،‬وتلك هي الطريق األولى لالندماج‪ .‬وثمة‬
‫طريقة أخرى هي الرفض العلني لقيمـ"نا"‪ ،‬بحيث يكون طرده واضطهاده مبررا‪ .‬وهنا البد من‬
‫سرد بعض النماذج التي تجسد هذا الموقف على أرض الو اقع‪ ،‬فبعد أن رفض العب كرة القدم‬
‫المسلم "إدريسا غاي"‪ ،‬المشاركة في جولة االحتفال بتحرر المثليين‪ ،237‬تم استجواب الالعب‬

‫‪ 235‬حالة اليمن نموذجا‪ ،‬فهي حرب بالوكالة بين كثير من الدول وهي في نفس الوقت قد انتهكت حقوق الشعب اليمنى‬
‫‪ 236‬حالة فلسطين وما ترتكبه إسرائيل من جرائم عندما تثبت تقوم الواليات المتحدة باستعمال حق الفيتو لتجنب إدانة إسرائيل‬
‫أو متابعة جنودها أمام المحكمة الجنائية الدولية‪.‬‬
‫‪ 237‬هذه القضية وقعت في نفس األسبوع الذي أصبح فيه "جيك دانيلز" أول العب كرة قدم بريطاني منذ عقود يفصح عن‬
‫مثليته ‪.‬وقد تلقى دانيلز ‪-‬البالغ من العمر ‪ 71‬عاما‪ -‬احتفاء كبيرا ودعما منقطع النظير‪ ،‬مقابل مواجهة الالعب "إدريسا" بضرورة‬
‫تقديم االعتذار رغما عن حريته في االعتقاد‪.‬‬

‫‪P 127‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫المسلم على موقفه من المشاركة في جولة االحتفال بتحرر المثليين‪ ،‬فقد طالب االتحاد‬
‫الفرنس ي لكرة القدم بتقديم االعتذار مما يعني عليك أن تنبذ معتقداتك‪ ،‬وتنحني أمام شعار‬
‫"مجتمع الميم"‪.‬‬

‫يحدث هذا طبعا في الوقت الذي يرفض فيه االتحاد الدولي لكرة القدم واألجهزة التابعة‬
‫له‪ ،‬رفع أي شعار له عالقة بالجوانب السياسية أو العقائدية‪ ،‬إال أن أمر الو اقع يتحدث عن‬
‫ممارسة االنتقائية من خالل الكيل بالمكيالين‪ .‬فقد جمد االتحاد الدولي كل أنشطة منتخبات‬
‫روسيا من طرف رئيس الـ ‪ FIFA‬السويسري "جياني انفانتينو"‪ ،‬من خالل فرض عقوبات تأديبية‬
‫على منتخباتها و أنديتها‪ ،‬ولو أن إطارها رياض ي محض إال أن محركاتها سياسية صرفة‪ ،‬تتنافى مع‬
‫مبدأ "عدم تدخل الرياضة في السياسة"‪ ،‬التي دوما ما تعاملت به "فيفا" في مقاربتها لعدة‬
‫جوانب‪ ،‬لعل أبرزها الشعارات المناهضة للعدوان اإلسرائيلي على قطاع غزة‪ .238‬وفي خضم‬
‫األحداث الجارية‪ ،‬أثار"أيكون دمير"‪ ،‬قائد فريق أرضروم سبورت التركي‪ ،‬جدال واسعا‪ ،‬بعد رفضه‬
‫ارتداء قميص تضامني مع أوكرانيا‪ ،‬على غرار الحملة الواسعة التي تشهدها مختلف الدوريات‬
‫األوروبية‪ .‬إن الوقائع من هذا القبيل تكاد ال تحص ى‪ ،‬مما نخلص منه أن فرض بعض القوانين‬
‫أوالمبادئ ذات العالقة بحقوق اإلنسان في المالعب الرياضية ليس سوى فرض قيم وممارسات‬
‫لفلسفة و أيدولوجية محددة‪ .‬ولهذا فإن الحقوق والحريات تقع تحت تأثير المذهبية‬
‫واإليدلوجية‪ ،‬من خالل االهتمام بكل ما له عالقة بتلبية الرغبات والشهوات في النفس البشرية‪،‬‬
‫مما يجعل هذه الفكرة تلقى االستحسان والقبول‪ ،‬ويحدث ذلك بعد التأكد من تجريد اإلنسان‬
‫من قيمه ومبادئ وغاياته الكبرى كذات فاعلة له أدوارإنسانية وأخالقية واجتماعية‪.‬‬

‫خاتمة‪:‬‬

‫يتسع التوظيف السيئ للعلم والمعرفة ولبعض المبادئ والقيم التي تعتبر ملكا مشتركا‬
‫لإلنسانية‪ ،‬ليشمل كل مناحي الحياة‪ ،‬بما فيها التأثيرعلى ثقافات الشعوب ومعتقداتهم وأسلوب‬
‫حياتهم‪ ،‬ولقد تجلت معالم هذا التأثير بشكل واضح بظهور العولمة‪ ،‬وساهمت التكنلوجيا في‬
‫نشر هذا التأثير بشكل سريع عبر مو اقع التواصل االجتماعي وجميع وسائل األخرى المرئية‬
‫والمكتوبة والمسموعة‪ ،‬وجاءت الوسائل ذات التأثير السريع في عز تهيئة المناخ والظروف‬

‫‪ 238‬إلى جانب الشعارات المستعملة في المالعب الرياضية‪ ،‬ينبغي اإلشارة هنا إلى دور الواليات المتحدة األمريكية في إجهاض‬
‫تقرير المقرر األممي "ريتشارد غولدستون" سنة ‪ 2224‬ألجل إفالت إسرائيل من العقاب على حساب العدالة الجنائية الدولية‪،‬‬
‫وهذا ما تحقق على أرض الواقع‪.‬‬

‫‪P 130‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫المناسبة حيث عرف املجتمع الدولي تحوال جوهريا على مستوى العالقات الدولية التي أصبحت‬
‫تحت تأثير النظام السياس ي الدولي املحكوم باألحادية القطبية‪ ،‬وظهور حكومة تدعي العالمية‪،‬‬
‫وهذه األخيرة حاولت بكل الوسائل اختزال كل الثقافات والفلسفات واألديان في منظومة فكرية‬
‫وفلسفية وعقائدية واحدة هي الليبرالية الغربية‪ ،‬ولم تكتف بتقديم نفسها كبديل لباقي النظم‬
‫السياسية فقط‪ ،‬بل حاولت إنهاء التاريخ البشري‪ ،‬وفرضت ادعاء أن القيم الليبرالية ال يعلو‬
‫فوقها أية قيم أخرى‪ ،‬ألنها هي نفسها التي عبرت عنها اإلنسانية واألخالق والطبيعة‪ ،‬لذلك فإن‬
‫العولمة هي الغطاء الشرعي لممارسات الليبرالية الغربية‪ ،‬وهي المعيار كذلك للتمييز بين الحق‬
‫والباطل‪ .‬هذه العقيدة وظفت حقوق اإلنسان لتكريس ادعاء مركزيتها الغربية‪ ،‬وأن فلسفة‬
‫حقوق اإلنسان هي نفسها الفلسفة التي تنادي بها الليبرالية الغربية كنوع من التالزم الذي ال‬
‫يقبل االنفكاك‪ .‬لذلك أصبحت حقوق اإلنسان في كثير من جوانبها وتفاصيلها القانونية‬
‫واإلجرائية غير قادرة عن التعبير عن تصورات خارج الفلسفة الليبرالية‪ ،‬ومن نتائج ذلك التنكر‬
‫لباقي القيم اإلنسانية التي تعبرعنها مختلف األمم والشعوب‪ ،‬ويمكن رصد ذلك من خالل تسيج‬
‫الحريات الفردية وجعلها تتطور في فلك تتناغم فيه مع حرية السوق وما يحكمها من قواعد‬
‫مؤسسة على إشباع الغرائز وتلبية الرغبات‪ ،‬وهذا األسلوب الذي يحاول خطاب الجانب‬
‫الشهواني في شخص اإلنسان هو دعامة الدعاء أن الفلسفة الغربية هي فلسفة الحقوق‬
‫والحريات‪ ،‬وأن األساس هو السعي لرفاهية الفرد‪ ،‬وهذا الهدف األخير هو غاية يبرر جميع‬
‫الوسائل المعتمدة حتى وإن كانت على حساب الكرامة اإلنسانية أو هويته الحضارية أو على‬
‫حساب األخالق والقيم اإلنسانية‪ ،‬وهذا األساس هو نفسه الذي يبرر استخدام القوة في‬
‫العالقات الدولية واللجوء لحق الفيتو على حساب حقوق الشعوب في تقرير المصير أو‬
‫استعماله لإلفالت من العقاب‪ ،‬أو التحررمن بعض القوانين الدولية كميثاق األمم المتحدة‪ ،‬أو‬
‫الجهربحق القوى العظمى في حماية المصالح القومية حتى وإن استدعى األمرإعالن الحرب دون‬
‫اللجوء ملجلس األمن‪ ،‬وشرعنة االنتهاكات الخطيرة والجسيمة ضد حق الشعوب بتبريرات واهية‬
‫كالفوض ى الخالقة أو تصديرالديمقراطية وحقوق اإلنسان‪.‬‬

‫كل الممارسات والفلسفات السابقة هي مداخل حقيقة للمذهب الفردي الليبرالي للتأثير‬
‫على صياغة قواعد حقوق اإلنسان وعلى استحسان بعض المبادئ القيم المتعارف عليها دوليا‪،‬‬
‫كما أنها مداخل كذلك للتأثير على سير اإلجراءات التي تعتمدها بعض الهيئات الدولية لحقوق‬
‫اإلنسان وصبغتها بالصبغة المذهبية التي تتو افق مع مصالح فلسفات و أيدولوجيات محددة‪،‬‬

‫‪P 131‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫وجعلها منسجمة ومتو افقة مع الموضوعية والعلمية واإلنسانية بشكل تعسفي‪ ،‬وهذا التالزم‬
‫كرسه التوجه العالمي نحو فرض القيم المادية التي تؤمن بالرغبة واللذة والنشوة والتمتع‬
‫كغاية من غايات اإلنسان في مصارحياته‪.‬‬

‫قائمة المراجع‪:‬‬

‫الكتب‬

‫‪ ‬إيمانويل تود‪ ،‬أين نحن من هذا كله؟ خطاطة للتاريخ اإلنساني‪ ،‬ترجمة فتحي ليسير‪،‬‬
‫الطبعة األولى‪ ،‬دارالتنوير للطباعة والنشربيروت لبنان سنة ‪.1115‬‬

‫‪ ‬أحمد سليم سعيفان‪ ،‬الحريات العامة وحقوق اإلنسان‪ :‬دراسة تاريخية وفلسفية‬
‫وسياسية وقانونية مقارنة‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية ‪.1151‬‬

‫‪ ‬فوكوياما "نهاية التاريخ واإلنسان األخير" ترجمة فؤاد شاهين وآخرون‪ ،‬مطبعة مركز‬
‫اإلنماء القومي‪ ،‬لبنان‪ ،‬سنة ‪.5771‬‬

‫‪ ‬محمد عصفور‪ ،‬الحرية في الفكرين الديمقراطي واالشتراكي‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪.5765‬‬

‫املجالت العلمية‪.‬‬

‫‪ ‬جغلول زغدود وعالوة هوام‪ ،‬حقوق اإلنسان وإشكالية المفهوم‪ ،‬مجلة التربية‪ ،‬جامعة‬
‫األزهر‪ ،‬العدد ‪ ،511‬سنة ‪.1151‬‬

‫‪ ‬أماني محمود فهمي‪ ،‬حقوق اإلنسان في عالقات الشرق والغرب‪ ،‬مجلة السياسة‬
‫الدولية‪ ،‬مركزاألهرام للدراسات السياسية واالستراتيجية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬عدد ‪ ،76‬سنة ‪.5777‬‬

‫اإلعالنات واالتفاقيات الدولية‪.‬‬

‫‪ ‬اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان لسنة ‪.5717‬‬

‫‪ ‬البيان العالمي عن حقوق اإلنسان في اإلسالم لسنة ‪.5775‬‬

‫‪ ‬العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لسنة ‪.5766‬‬

‫‪ ‬العهد الدولي الخاص بالحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية لسنة ‪.5766‬‬

‫‪P 132‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫المصادر التمويلية ذات الطبيعة الغير‬


‫جبائية للجماعات الترابية ودورها في‬
‫التنمية‬
‫‪Sources of financing of a non-tax nature for territorial communities and their‬‬
‫‪role in development‬‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫تشكل الموارد المالية الرصيد المالي للجماعات الترابية‪ ،‬أي الرأسمال الذي تتحرك‬
‫بواسطته هذه الجماعات في مختلف الميادين واملجاالت‪ ،‬التي لها ارتباط بالتنمية الترابية‪،‬‬
‫فبازدياده يتضاعف حجم التدخل‪ ،‬وبقلته يتقلص دور الجماعة الترابية في أداء وظيفتها‬
‫التنموية‪.‬‬

‫فمحدودية تدخالت الجماعات الترابية ليست فقط قانونية وإدارية‪ ،‬و إنما ترجع‬
‫بالدرجة األولى‪ ،‬إلى عدم توفرالهيئات الترابية على موارد مالية كافية‪ ،‬للقيام بالدورالمنوط بها‬
‫حسب ما هو منصوص عليه في القوانين التنظيمية للجماعات الترابية‪.239‬‬

‫وتتشكل الموارد المالية للجماعات الترابية من موارد ذاتية‪ ،‬إلى جانب الموارد المرصودة‬
‫من الدولة قصد مساعدتها على القيام باألدوارالمنوطة بها على أحسن وجه‪ ،‬إضافة إلى الموارد‬
‫املحولة من الدولة عند نقل اختصاص معين للجماعة الترابية‪ ،‬كما أكدت على ذلك المادة ‪515‬‬
‫من الدستور والذي أكد على أنه‪" :‬تتوفر الجهات والجماعات الترابية األخرى‪ ،‬على موارد مالية‬
‫ذاتية‪ ،‬وموارد مالية مرصودة من قبل الدولة‪ ،‬كل اختصاص تنقله الدولة إلى الجهات‬
‫والجماعات الترابية األخرى يكون مقترنا بتحويل الموارد المطابقة له"‪ ،‬وهو المقتض ى الذي‬
‫أكدته القوانين التنظيمية للجماعات الترابية‪ ،‬والتي تقض ي بأنه‪" :‬تتوفر الجماعات الترابية‬

‫‪ -239‬عصام القرني‪" ،‬التدبير الجبائي الترابي بين محدودية الحصيلة وثقل الرهانات"‪ ،‬المجلة المغربية للقانون‬
‫اإلداري والعلوم اإلدارية‪ ،‬عدد مزدوج‪ ،7-4 ،‬السنة ‪ ،4941‬ص ‪0447‬‬

‫‪P 133‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫لممارسة اختصاصاتها على موارد مالية ذاتية وموارد مالية ترصدها لها الدولة وحصيلة‬
‫االقتراضات"‪.240‬‬

‫ومن خالل رصد موارد الجماعات الترابية‪ ،‬يتضح أنها تتصدرها الضرائب والرسوم المأذون‬
‫للجماعة الترابية بتحصيلها طبقا للقوانين الجاري بها العمل‪ ،‬ثم األتاوى واألجورعن الخدمات‬
‫المقدمة‪ ،‬مما يوضح مدى أهمية الجبايات املحلية كأحد الموارد الرئيسية لتمويل ميزانيات‬
‫الجماعات الترابية‪.‬‬

‫تتعدد موارد الجماعات الترابية‪ ،‬ويمكن تصنيفها إلى نوعين‪ :‬المصادر التمويلية ذات‬
‫الطبيعة الجبائية‪ ،‬والمصادر التمويلية ذات الطبيعة غير الجبائية‪ ،‬والتي تنقسم بدورها إلى‬
‫موارد غير جبائية عادية (ذاتية)‪( ،‬المطلب األول)‪ ،‬إضافة إلى الموارد االستثنائية (المطلب‬
‫الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬الموارد غيرالجبائية الذاتية للجماعات الترابية‬

‫أسند المشرع مجموعة من الموارد الذاتية ذات الطبيعة غير الجبائية إلى ميزانيات‬
‫الجماعات الترابية‪ ،‬وذلك قصد تمويل حاجياتها األساسية‪ ،‬وتنقسم إلى صنفين‪ :‬يرتبط األول‬
‫باألمالك الجماعية‪ ،‬التي أصبحت تساهم بشكل كبيرفي تنمية موارد الجماعات الترابية (الفقرة‬
‫األولى)‪ ،‬أما المورد اآلخر فيتمثل في مداخيل الملك الغابوي (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬أمالك الجماعات الترابية‬

‫تعتبراألمالك الجماعية من الموارد غيرالجبائية للجماعات الترابية‪ ،‬التي تعد أداة فعالة‬
‫لتحقيق التنمية‪ ،‬وتلعب دورا مهما داخل الميزانية الجماعية‪ ،‬فهي تشكل ثروة جماعية يحق‬
‫لكل فرد االنتفاع منها في حدود ما تقره القوانين‪ ،‬كما تعد أداة مهمة لتسييرالمر افق العمومية‬
‫املختلفة‪.241‬‬

‫‪ -240‬المادة ‪ 496‬من القانون التنظيمي ‪ 444041‬المتعلق بالجهات‪0‬‬


‫‪ -‬المادة ‪ 461‬من القانون التنظيمي ‪ 444041‬المتعلق بالعماالت واألقاليم‪0‬‬
‫‪ -‬المادة ‪ 417‬من القانون التنظيمي ‪ 447041‬المتعلق بالجماعات‪0‬‬
‫‪ -241‬منية بلمليح‪ ،‬قانون األمالك العمومية بالمغرب‪ ،‬منشورات المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬سلسلة‬
‫مؤلفات وأعمال جامعية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬السنة ‪ ،4998‬ص ‪016‬‬

‫‪P 134‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫ويقصد باألمالك الجماعية‪ ،‬مختلف الممتلكات التي ترجع ملكيتها للجماعات‬


‫الترابية‪ ،242‬وتنقسم إلى صنفين من األمالك‪ :‬األمالك العامة واألمالك الخاصة‪ ،‬تمثل األولى كل‬
‫األمالك التي تخصص إلشباع حاجيات النفع العام‪ ،243‬فهذا النوع من األمالك يندرج ضمن‬
‫خانة إخضاعها للقواعد االستثنائية‪ ،‬وذلك من أجل املحافظة عليها‪ ،‬وهناك أمثلة عديدة لهذا‬
‫النوع من األمالك‪ ،‬كاألزقة والطرقات والمساحات العمومية‪ ،‬واآلثار التاريخية‪ ،‬وكذلك‬
‫النافورات والتجهيزات المعدة لإلنارة وغيرها‪.‬‬

‫أما األمالك الخاصة‪ ،‬فهي األمالك التي يمكن للجماعات الترابية أن تتصرف فيها مثل‬
‫التصرفات التي يجريها األفراد على ممتلكاتهم‪ ،‬بحيث تكون موضوع جميع التصرفات المعروفة‬
‫في التعامل المدني‪ ،‬والهدف من كل ذلك هو إنماء الميزانية الترابية وإغناء االعتمادات‬
‫المرصودة بها‪.‬‬

‫و إيمانا بأهمية وقيمة األمالك الجماعية‪ ،‬نظمها المشرع بمجموعة من القوانين سواء‬
‫ذات الصبغة الخاصة‪ ،‬أو تلك التي تتخذ صبغة عامة مرتبطة أساسا بالقوانين المنظمة‬
‫للجماعات الترابية‪ ،‬والتي يمكن تصنيفها وتحديدها من خالل الجدول التالي‪:‬‬

‫جدول‪ :‬التنظيم القانوني ألمالك الجماعات الترابية‬

‫املحتوى والعناصر‬ ‫المادة‬ ‫الجماعة‬


‫الترابية‬

‫تتصرف الجماعات في أمالكها بصفتها المالك القانوني لها في إطار‬


‫السلطات واالختصاصات املخولة لها بموجب القانون‪ ،‬ولهذا يقوم‬
‫المادة ‪ 71‬من الرئيس تنفيذا لمقررات املجلس بما يلي‪:‬‬
‫القانون التنظيمي ‪ -‬إبرام كل مراجعة لألكرية؛‬
‫رقم‬ ‫للجماعات‬
‫‪ -‬يدبرأمالك الجماعة ويحافظ عليها؛‬ ‫الجماعات‬
‫‪551.51‬‬

‫‪ -242‬عبد القادر خراص‪ ،‬تدبير األمالك الجماعية وتنمية الرصيد العقاري للجماعات الترابية‪ ،‬مطبعة دار وليلي‪،‬‬
‫مراكش‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،4997 ،‬ص ‪0416‬‬
‫‪ -243‬محمد بوجيدة وميلودة بوخال‪ ،‬أمالك الجماعات الترابية وهيئاتها‪ ،‬منشورات المجلة المغربية لإلدارة المحلية‬
‫والتنمية‪ ،‬سلسلة دالئل التسيير‪ ،‬عدد ‪ ،1‬سنة ‪ ،4881‬ص ‪048‬‬

‫‪P 135‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫‪ -‬يباشر أعمال الكراء والبيع واالقتناء والمبادلة وكل معاملة تهم‬


‫الملك الخاص الجماعي؛‬
‫‪ -‬يدبر الملك العمومي الجماعي‪ ،‬ويمنح رخص اإلحتالل المؤقت‬
‫بإقامة بناء؛‬
‫‪ -‬يتخذ اإلجراءات الالزمة لتدبير المر افق العمومية التابعة‬
‫للجماعة‪.‬‬

‫تتوفر العماالت واألقاليم على أمالك عقارية خاصة وعامة‪ ،‬ولهذا‬


‫يقوم رئيس مجلس العمالة أو اإلقليم بتنفيذ مداوالت املجلس‬
‫المادة ‪ 71‬من‬
‫ومقرراته ولهذا الغرض‪:‬‬
‫القانون التنظيمي‬
‫العماالت‬
‫المتعلق بالعماالت ‪ -‬يحافظ على أمالك العمالة أو اإلقليم ويديرها؛‬ ‫واألقاليم‬
‫رقم ‪ -‬ينجز أعمال الكراء والبيع واإلقتناء والتفويت والمبادلة وكل‬ ‫واألقاليم‬
‫‪551.51‬‬
‫معاملة تهم الملك الخاص للعمالة أواإلقليم؛‬
‫‪ -‬يقوم بإبرام أو مراجعة األكرية وعقود إيجاراألشياء؛‬
‫‪ -‬يقوم بتدبيرالملك العمومي للعمالة أواإلقليم؛‬
‫‪ -‬يتخذ اإلجراءات الالزمة لتدبير الملك العمومي للعمالة أواإلقليم‬
‫ويمنح رخص االحتالل المؤقت للملك العمومي طبقا للنصوص‬
‫التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل‪.‬‬

‫يتداول مجلس الجهة في القضايا التالية‪:‬‬ ‫المادة ‪ 77‬من‬


‫القانون التنظيمي ‪ -‬تحديد سعرالرسوم واألتاوى ومختلف الحقوق التي تقبض‬ ‫الجهات‬
‫للجهات رقم ‪ 555.51‬لفائدة الجهة؛‬
‫‪ -‬تدبيرأمالك الجهة واملحافظة عليها وصيانتها؛‬
‫‪ -‬اقتناء العقارات الالزمة الضطالع الجهة بالمهام الموكلة إليها‬
‫أومبادلتها؛‬

‫‪P 136‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫‪ -‬الهبات والوصايا‪ ،‬االقتراضات والضمانات الواجب منحها‪.‬‬

‫المصدر‪ :‬تركيب شخص ي انطالقا من القوانين التنظيمية للجماعات الترابية‪.‬‬

‫وبالرغم من الدورالذي تلعبه األمالك الجماعية في مجال التدخل االقتصادي‪ ،‬وفي مجال‬
‫تطوير االستثمار الترابي على صعيد الجماعات الترابية‪ ،‬سواء بتوفير العقار أو الحصول على‬
‫بعض المداخيل المالية التي تمكن من دعم ميزانية التجهيز‪ ،‬فإن ذلك لم يتحقق على أرض‬
‫الو اقع لعدة أسباب‪ ،‬منها‪ :‬قدم النصوص التشريعية والتنظيمية المعمول بها في ميدان‬
‫الممتلكات‪ ،244‬وتشتتها وعدم مواكبتها لروح قانون التنظيم الترابي والتطورات التي عرفتها‬
‫الجماعات الترابية واإلصالحات الجهوية الجديدة التي مست منظومة الالمركزية‪ .245‬هذا‬
‫إضافة إلى عدم توفر التشريع المتعلق بالممتلكات الجماعية على نصوص خاصة لبعض‬
‫املجاالت الحيوية‪ ،‬الش يء الذي يؤدي إلى تطبيق النصوص المنظمة ألمالك الدولة‪.‬‬

‫وإلى جانب هذه االختالالت القانونية‪ ،‬تعاني الجماعات الترابية من سوء تدبيرواستغالل‬
‫الممتلكات الجماعية‪ ،‬فتعرف بعض الجماعات خصاصا واضحا في الموارد البشرية ذات‬
‫كفاءة‪ ،‬إذ يظل التأطيرغيركاف خاصة فيما يتعلق بتدبيرواستغالل الممتلكات‪ ،246‬خصوصا مع‬
‫ما للعنصرالبشري من دور فعال في كل تدبيرسليم واستغالل عقالني وترشيد للموارد المالية‪.‬‬

‫كما تؤدي ظاهرة تفويتات األمالك الجماعية الخصوصية ‪-‬والسيما األراض ي‪ -‬بأثمان‬
‫رمزية‪ ،‬ال تراعي السومة العقارية السائدة لفائدة الخواص‪ ،‬إلى تقليص الرصيد العقاري من هذه‬
‫األراض ي مما يؤثر على مالية الجماعات الترابية‪ ،‬وبالتالي عدم مراعاة المصلحة العامة‬
‫املحلية‪.247‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬مداخيل الملك الغابوي‬

‫‪244- BASRI.D, La décentralisation au Maroc : de la commune à la Région, édition Nathon,‬‬

‫‪Paris, 1994, p.122.‬‬


‫‪245-‬‬ ‫‪KHATABI.M, Aspects particuliers de la législation marocaine sur le domaine public‬‬
‫‪de l’Etat et des collectivités locales, REMALD, n°1, 1983, p.390‬‬
‫‪246- BOUJIDA.M, L’exploitation rationnelle du patrimoine des collectivités locales,‬‬

‫‪REMALD, n°9, 1994, P.75.‬‬


‫‪ -247‬ميلود بوخال‪" ،‬اختالالت اإلطار القانوني والتنظيمي ألمالك الجماعات الترابية"‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة‬
‫المحلية‪ ،‬عدد مزدوج ‪ ،5-4‬السنة ‪ ،4887‬ص ‪041‬‬

‫‪P 137‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫إن المفهوم العام لمصطلح الغابة يحيل إلى أنها عبارة عن مساحة شاسعة مكسوة‬
‫بأشجار مختلفة‪ ،‬يعيش بها عدد من الكائنات الحية ذات طبيعة نباتية‪ ،‬وهناك نوعان من‬
‫الغابات‪ ،‬األول هو الذي نمت دون تدخل اإلنسان في غرسها وتكاثرت وبلغت ذروتها‪ ،‬والثاني‬
‫عكس األول‪ ،‬فاالزدهاروتكاثراألشجاريكون من عمل وتدخل اإلنسان بواسطة الغرس‪.248‬‬

‫فالغابة تساهم بشكل كبيرفي دعم الموارد المالية للجماعات الترابية‪ ،‬خاصة تلك التي‬
‫تتوفر على ثروة غابوية مهمة‪ ،249‬ولهذا وجب االهتمام بها ألنها تعتبر موردا ماليا وبيئيا‪ ،‬في نفس‬
‫الوقت‪ ،‬لذا فمن الضروري تنميته والحفاظ عليه‪ ،‬نظرا لما يمكنه أن يوفرمن موارد مالية يكون‬
‫لها أثرإيجابي على مالية الجماعات الترابية‪.250‬‬

‫ومنذ سنة ‪ 1977‬تخلت الدولة عن منتوج الملك الغابوي لفائدة الجماعات الترابية التي‬
‫توجد الغابات تحت نفوذها‪ ،‬حيث نص الفصل ‪ 14‬من الظهير بمثابة قانون‪ 251‬الصادر بتاريخ‬
‫‪ 11‬شتنبر ‪ 5796‬المنظم لمساهمة السكان في تنمية االقتصاد الغابوي‪ ،‬على أن الموارد المالية‬
‫الناجمة عن الملك الغابوي‪ ،‬الو اقعة داخل الحدود الترابية للجماعة‪ ،‬تدفع إلى ميزانية‬
‫الجماعة الترابية المذكورة‪.‬‬

‫ومنذ صدور هذا القانون‪ ،‬أصبح للجماعات الترابية نوع من المداخيل الجديدة التي‬
‫تدرموارد مالية جد مهمة على ماليتها‪ ،‬حتى يتسنى لها مواكبة ركب التنمية الترابية والمساهمة‬
‫فيه‪ .‬وقد فرض القانون المتعلق بتنظيم مساهمة السكان في تنمية االقتصاد الغابوي‪ ،‬على‬
‫الجماعات الترابية برمجة ‪ 29 %‬كحد أدنى من المداخيل الغابوية إلعادة التشجير وتحسين‬

‫‪ -248‬كريم لحرش‪ ،‬تدبير مالية الجماعات الترابية‪ ،‬مكتبة الرشاد‪ ،‬للنشر والتوزيع‪ ،‬سطات‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬السنة‬
‫‪ ،2017‬ص ‪011‬‬
‫‪ -249‬نجيب جيري‪ " ،‬قصور النظام القانوني والتنظيمي ألمالك الجماعات الترابية وإشكالية التمويل غير الجبائي‬
‫للتنمية المحلية بالمغرب"‪ ،‬مجلة أمالك الدولة‪ ،‬العدد ‪ ،4‬الطبعة األولى‪ ،4944 ،‬ص ‪099‬‬
‫‪ -250‬عبد العالي الفياللي‪" ،‬الجماعات الترابية بالمغرب بين الحكامة المالية وتجويد آليات الرقابة"‪ ،‬أطروحة لنيل‬
‫الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬جامعة سيدي محمد بن عبد الله‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‬
‫بفاس‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،4941-4941‬ص ‪0418‬‬
‫‪ -251‬ظهير شريف بمثابة قانون رقم ‪ 40160719‬بتاريخ ‪ 41‬رمضان ‪ 49( 4786‬شتنبر ‪ )4816‬يتعلق بتنظيم‬
‫مساهمة السكان في تنمية االقتصاد الغابوي‪ ،‬صادر بالجريدة الرسمية العدد ‪ 7771‬بتاريخ ‪ 44‬شتنبر ‪،4816‬‬
‫ص ‪091‬‬

‫‪P 132‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫الغابات وتلبية و إقامة نقط الماء والمسالك الغابوية‪ ،‬وخلق المناطق الخضراء وحماية‬
‫الغابة‪.252‬‬

‫وبذلك‪ ،‬فالملك الغابوي بالمغرب يغطي حوالي ‪ 8‬ماليين و‪ 969‬ألف هكتار‪ ،‬وبالتالي فهو‬
‫يعد من المساهمين في دعم الموارد المالية للجماعات الترابية خاصة التي تتوفر على ثروة‬
‫غابوية مهمة‪ .253‬وال يتأتى تحقيق تنمية محلية‪ ،‬إال بفضل تخصيص جل المداخيل الغابوية‬
‫لفائدة ميزانيتها‪ ،‬واستثمار مداخيلها في خلق مشاريع تنموية مهمة‪ ،‬تنفع جميع الساكنة‬
‫الترابية‪.254‬‬

‫وعليه‪ ،‬تتوفر الجماعات الترابية على رصيد عقاري مهم تستطيع بمقتضاه إنجاز مشاريعها‬
‫االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬المدرجة في البرامج واملخططات الترابية‪.255‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الموارد غيرالجبائية االستثنائية للجماعات الترابية‬

‫رغم تنامي اإليرادات الذاتية للجماعات الترابية‪ ،‬وكذا الموارد املحولة من الدولة‪ ،‬فإنها‬
‫مازالت تعاني من خصاص مالي‪ ،‬لذلك عادة ما تلجأ إلى البحث عن موارد استثنائية لتغطية‬
‫نفقاتها‪ ،‬خاصة مع االختصاصات الهامة الممنوحة لها‪ ،‬لذلك يتم اللجوء إلى القروض لتمويل‬
‫ميزانيتها (الفقرة األولى)‪ ،‬إضافة اإلمدادات العمومية والتي تعد من بين الوسائل التي تمكن‬
‫الجماعات الترابية من حل إشكالية التمويل (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬القروض‬

‫‪ -252‬أحمد حضراني‪" ،‬النظام الجبائي المحلي على ضوء التشريع المغربي والمقارن"‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة‬
‫المحلية والتنمية‪ ،‬سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية‪ ،‬العدد ‪ ،44‬السنة ‪ ،4994‬ص ‪060‬‬
‫‪ -253‬دورية وزير الداخلية حول إعداد ميزانيات الجماعات الترابية برسم سنة ‪ ،2008‬رقم ‪ ،102‬المديرية العامة‬
‫للجماعات‪ ،‬مديرية المالية ‪ ،2007/09/28‬ص ‪041‬‬
‫‪ -254‬محمد رحيم ومصطفى فراح‪ ،‬إطاللة على الشأن المحلي‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪،‬‬
‫السنة ‪ ،2002‬ص ‪073‬‬
‫‪ -255‬صالح العمراني‪ ،‬الملك الغابوي بين النص القانوني واإلكراهات الواقعية‪ ،‬مطبعة األمنية‪ ،‬الرباط‪ ،‬السنة‬
‫‪ ،4946‬ص ‪01‬‬

‫‪P 137‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫يعتبر القرض دينا ماليا مستحقا عن الجماعة الترابية أو الهيئة املحلية‪ ،‬بموجب عقد‬
‫سداد أصل الدين والفوائد وبشروط محددة‪ ،‬والذي أصبحت تلجأ إليه الجماعات الترابية‬
‫لتمويل بعض التجهيزات والمشاريع التنموية والتي تستغرق وقتا طويال‪.256‬‬

‫كما يعتبرالقرض املحلي مصدرا استثنائيا تلجأ إليه الجماعات الترابية‪ ،‬من أجل تغطية‬
‫النفقات غيرالعادية‪ ،‬لذلك فهومورد تنتفي فيه صفة الدورية واالنتظام‪ .‬ومن تم فالقرض عامة‬
‫هو عقد دين مالي تستدين الدولة أو إحدى الهيئات العامة‪ ،‬من الجمهور سواء األفراد‬
‫الطبيعيون أوالمعنويون أوالدول‪ ،‬على أساس رد قيمته مع دفع فوائد عنه طيلة فترة العقد‪.257‬‬

‫وقد شكلت القروض مصدرا تمويليا مفضال لدى الجماعات الترابية لتمويل برامجها‬
‫االستثمارية‪ ،‬نظرا للخصاص الذي تعرفه مواردها الذاتية‪.258‬‬

‫وتجدراإلشارة إلى أن القروض تعد مصدرا تمويليا لميزانية التجهيزدون التسيير‪ ،‬كما يمكن‬
‫أن تخصص لتمويل مساهمات الجماعة الترابية في مشاريع تكون موضوع عقود تعاون أو‬
‫شراكة‪ ،259‬ويسجل هذا الجزء في الميزانية‪ ،‬كما أن تسديد الدين يسجل في إطار االعتمادات‬
‫املخصصة لميزانية التسيير‪ ،‬ويعتبرنفقة إجبارية‪.260‬‬

‫ونظرا ألهمية هذه القروض فقد اهتمت بها السلطات العمومية منذ السنوات األولى‬
‫لالستقالل‪ ،‬وذلك للحاجة الملحة لتمويل االستثمارات العمومية الترابية‪ .261‬فالقروض تبقى‬
‫من بين اآلليات الناجعة لحل مشكل التمويل لالستجابة الحتياجات التنمية الترابية‪.262‬‬

‫‪ -256‬مريم زان‪" ،‬النظام المالي للجهة على ضوء القانون التنظيمي رقم ‪ ،"444041‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية‬
‫والتنمية‪ ،‬عدد مزدوج ‪ ،441-446‬يناير‪ -‬أبريل ‪ ،4946‬ص ‪0494‬‬
‫‪ -257‬عبد الفتاح بلخال‪ ،‬علم المالية العامة والتشريع المالي المغربي‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مطبعة فضالة‪ ،‬المحمدية‪،‬‬
‫الطبعة األولى‪ ،‬السنة ‪ ،2005‬ص ‪0135‬‬
‫‪ -258‬محمد علي أديبا‪ ،‬إشكالية االستقالل المالي للجماعات المحلية بالمغرب‪ :‬نحو مقاربة واقعية‪ ،‬منشورات المجلة‬
‫المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬العدد ‪ ،48‬السنة ‪ ،4994‬ص ‪0471‬‬
‫‪ -259‬المادة الثانية‪ ،‬من نفس المراسيم‪0‬‬
‫‪ -260‬نور الدين السعداني‪ ،‬الجماعات الترابية بالمغرب بين توسيع االختصاصات التدبيرية وإكراهات االستقاللية‬
‫المالية –دراسة تحليلية‪ ،-‬مطبعة دار السالم‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪ ،4941‬ص ‪019‬‬
‫‪ -261‬أمينة بنخيلة‪" ،‬االقتراض الجماعي المساطر والنتائج"‪ ،‬مجلة المنارة للدراسات القانونية واإلدارية‪ ،‬العدد‬
‫السادس‪ ،‬أبريل ‪ ،4941‬ص ‪0499‬‬
‫‪ -262‬حورية المرضي‪" ،‬موارد الجماعات الترابية ودورها في التنمية‪ ،‬الجماعات الترابية بالجهة الشرقية كنموذج"‪،‬‬
‫أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بوجدة‪ ،‬السنة الجامعية‬
‫‪ ،4991-4997‬ص ‪0419‬‬

‫‪P 140‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫ونظرا للطابع العمومي للجماعات الترابية‪ ،‬وغياب إرادة حقيقية للمؤسسات القرضية‬
‫الخاصة (القطاع البنكي) بمنحها القروض‪ ،‬بادرت الدولة المغربية إلى إحداث صندوق التجهيز‬
‫الجماعي سنة ‪ 5761‬للمساهمة في تنمية الجماعات‪ ،‬بمنحها قروضا وسلفات لفائدة مشاريع‬
‫التجهيزاألساسية‪ ،‬وقد أعيد تنظيمه سنة ‪ 5771‬ثم سنة ‪ 5776‬بقانون خاص‪.263‬‬

‫ويعد صندوق التجهيز مؤسسة عامة متمتعة بالشخصية المعنوية واالستقالل المالي‪،‬‬
‫ويخضع لوصاية الدولة ومر اقبتها‪ ،‬كما أنه يخضع للقانون المتعلق بمزاولة نشاط مؤسسات‬
‫االئتمان ومر اقبتها‪ ،‬فمن مهام هذا الصندوق هو المساهمة في تنمية الجماعات الترابية‪.264‬‬
‫عن طريق منح مالية في شكل قروض‪ ،‬وتقديم مختلف الدعائم اللوجستيكية في نفس الغرض‬
‫في إطارما سمي بالمساعدات التقنية‪.‬‬

‫إن أهمية صندوق التجهيز الجماعي تتجلى من خالل الحرص على التوفيق بين مهمته‬
‫المزدوجة كبنك وكمؤسسة ذات منفعة جماعية‪ .‬فبوصفه بنكا‪ ،‬يسعى الصندوق إلى تحقيق‬
‫مستوى من المردودية الستمرارية وتأمين نشاطه‪ ،‬حتى يتمكن وبشكل أفضل من أداء مهمته‬
‫للمنفعة الجماعية‪ ،‬التي تهدف إلى الرقي بالتنمية الترابية وتحسين إطارعيش المواطن‪.265‬‬

‫وإلى جانب هذا‪ ،‬فإن صندوق تجهيز الجماعات الترابية يضع شروطا كثيرة للحصول على‬
‫القروض‪ ،‬كاشتراطه النجاعة المالية للمشروع‪ ،‬وأن يتم تدبير المشروع بطريقة حيوية من‬
‫الناحية المؤسساتية‪ ،‬وأن يكون المقترض متوفرا على إمكانية تسيير المشروع على الوجه‬
‫األكمل أو اللجوء إلى العقد‪.266‬‬

‫‪ -263‬ظهير شريف رقم ‪ ،40180468‬صادر في ‪ 6‬ذي الحجة ‪ 47( 4719‬يونيو ‪ ،)4818‬جريدة رسمية عدد ‪،4171‬‬
‫بتاريخ ‪ 48‬ذو الحجة ‪ 46( 4719‬يونيو ‪ ،)4818‬ص ‪ 04814‬وقد تم تغييره بالظهير الشريف رقم ‪408401‬‬
‫صادر في ‪ 1‬صفر ‪ 1( 4147‬غشت ‪ )4884‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 74089‬المتعلق بإعادة تنظيم صندوق تجهيز‬
‫الجماعات الترابية‪ ،‬جريدة رسمية عدد ‪ 1461‬بتاريخ ‪ 48‬صفر ‪ 48( 4147‬غشت ‪ ،)4884‬ص ‪ 04941‬وتم‬
‫تتميمه بالظهير الشريف رقم ‪ 40860499‬الصادر في ‪ 46‬ربيع األول ‪ 4( 4141‬غشت ‪ )4886‬بتنفيذ القانون‬
‫رقم ‪ ،44086‬جريدة رسمية عدد ‪ ،1174‬بتاريخ ‪ 8‬رجب ‪ 44( 4141‬نونبر ‪ ،)4886‬ص ‪.4117‬‬
‫‪ -264‬عبد الناصر بنفارس‪" ،‬مصادر تمويل الجماعات الترابية وشروط تحقيق استقاللها المالي"‪ ،‬أطروحة لنيل‬
‫الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بفاس‪ ،‬السنة الجامعية ‪،4949-4941‬‬
‫ص ‪0491‬‬
‫‪ -265‬حورية المرضي‪ ،‬موارد الجماعات الترابية ودورها في التنمية‪ ،‬الجماعات الترابية بالجهة الشرقية كنموذج"‪،‬‬
‫أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بوجدة‪ ،‬السنة الجامعية‬
‫‪ ،4991-4997‬ص ‪0418‬‬
‫‪266- CHABIH.J, «Aspects financiers de la décentralisation territoriale au Maroc», Thèse‬‬

‫‪de doctorat en droit public, Uni, Paris II, 1993, p. 2780‬‬

‫‪P 141‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫إال أن المالحظ فيما يخص مجاالت صندوق التجهيزالجماعي‪ ،‬أنه تم تقييده بميادين مهمة‪،‬‬
‫لكن غابت ميادين أخرى ال تقل أهمية‪ ،‬كمجاالت الصحة والبنيات ذات البعد االستثماري‬
‫بالمفهوم االقتصادي‪.267‬‬

‫ولتجاوز الفراغ القانوني بالنسبة لعمليات االقتراض تم إصدار المراسيم التطبيقية‬


‫للقوانين التنظيمية للجماعات الترابية‪ ،‬ومن بينها المراسيم التي تحدد القواعد التي تخضع‬
‫لها عمليات االقتراض التي تقوم بها هذه الجماعات‪ ،268‬والتي عرفت االقتراض بكونه كل عملية‬
‫يتم بموجبها وضع أموال أو االلتزام بوضعها‪ ،‬من طرف مؤسسة ائتمان‪ ،‬رهن تصرف الجماعة‬
‫الترابية التي تكون ملزمة بإرجاعها وفق شروط تعاقدية‪.269‬‬

‫كما نصت المادة الخامسة من المراسيم التطبيقية الثالث المنظمة لعمليات االقتراض‬
‫للجماعات الترابية‪ ،‬على أنه يمكن لهذه األخيرة اللجوء إلى االقتراضات لدى مؤسسات االئتمان‬
‫الوطنية أو األجنبية أو الدولية‪ ،‬ويتم الترخيص بذلك لدى هذه المؤسسات‪ ،‬بموجب قرار‬
‫مشترك للسلطة الحكومية المكلفة بالداخلية والسلطة الحكومية المكلفة بالمالية‪ ،‬داخل‬
‫أجل أقصاه عشرون (‪ )11‬يوما من تاريخ توصلهما من قبل رئيس مجلس الجماعة الترابية‬
‫المعنية بنسخة من رسالة تحمل مو افقة مؤسسة االئتمان المعنية‪.‬‬

‫وتعتبر جماعة أكادير أول جماعة تلج أسواق القروض الدولية‪ ،‬من خالل عملية إصدار‬
‫سندات الطلب بمبلغ مليار درهم عن طريق اكتتاب خاص لمؤسسات استثمارية وطنية ودولية‬
‫من خالل البنك األوروبي للتنمية وإعادة اإلعمار)‪ ، (BERD‬باعتباره أحد المشتركين في إصدار‬
‫سندات القرض‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬اإلمدادات العمومية‬

‫تعد اإلمدادات العمومية عبارة عن تمويالت تقدمها الدولة أو أشخاص اعتبارية أخرى‬
‫خاضعة للقانون العام للجماعات الترابية قصد تغطية نفقاتها‪ ،‬أو هي المساعدات المالية التي‬

‫‪ -267‬عادل تميم‪" ،‬صندوق التجهيز الجماعي بين إكراهات االقتراض وآفاق التمويل االستثماري المحلي"‪ ،‬مجلة‬
‫المتوسط للدراسات القانونية والقضائية‪ ،‬العدد ‪ ،7‬يونيو ‪ ،4941‬ص ‪061‬‬
‫‪ -268‬مرسوم رقم ‪ 40410481‬ومرسوم رقم ‪ 40410481‬ومرسوم رقم ‪ ،40410486‬الصادرة في ‪ 41‬من رمضان‬
‫‪ 8( 4179‬يونيو ‪ )4941‬بتحديد القواعد التي تخضع لها عمليات االقتراض التي تقوم بها على التوالي كل من‬
‫الجهة والعمالة واإلقليم والجماعة‪0‬‬
‫‪ -269‬المادة األولى من المراسيم المتعلقة بتحديد القواعد التي تخضع لها عمليات االقتراض‪ ،‬السالفة الذكر‪0‬‬

‫‪P 142‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫تقدمها الدولة‪ ،‬في شكل مبالغ مالية إلى الوحدات الترابية‪ ،‬بهدف تغطية العجز الحاصل في‬
‫ميزانياتها‪ ،‬وتختلف فيما بينها حول الهدف من اإلعانات‪ ،‬تبعا الختالف فلسفاتها وإمكانياتها‪.270‬‬

‫ويمكن التمييز بين نوعين من اإلمدادات المالية للجماعات الترابية‪ ،‬يتعلق األول‬
‫باإلعانات أو المساعدات العمومية (الفقرة األولى)‪ ،‬والثاني بالموارد المالية املحولة من طرف‬
‫الدولة ( الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬المساعدات العمومية‬

‫تنقسم اإلعانات أو المساعدات العمومية إلى قسمين‪ ،‬إمدادات التسيير (أ)‪ ،‬وإمدادات‬
‫التجهيز(ب)‪.‬‬

‫أ‪ :‬إمدادات التسيير‬

‫ويطلق عليها اسم "المساعدات الموازنة"‪ ،‬وغالبا ما تكون هذه اإلعانات عبارة عن‬
‫مساعدات إجمالية تملك الجماعة الترابية الحق في صرفها بحسب رغبة املجلس‪ ،‬بحيث تتوفر‬
‫الجماعة الترابية على حرية تخصيصها لنفقاتها العادية‪ ،‬إذ ال يمكنها أن تتوقف مثال عن دفع‬
‫مرتبات موظفيها ومستخدميها‪ ،‬أو نفقات أقساط الدين‪....‬إلخ‪ .‬غير أنها قد تكون مخصصة‬
‫إلنفاق معين‪ ،‬كما الحال في اإلمدادات االستثنائية للقيام بمهام تدخل في إطار ميزانية التسيير‬
‫املحددة مسبقا‪ .‬وتخصص لتغطية التوازن التقديري لميزانيات التسيير‪ ،‬نظرا للعجز الذي‬
‫تعرفه العديد من هذه الميزانيات‪ .‬كما يالحظ أن مساعدات التسيير غالبا ما تكون مساعدات‬
‫إجمالية‪.‬‬

‫ب‪ :‬إمدادات التجهيز‬

‫ويقصد بها المبالغ المالية التي تمنحها الدولة للمجالس المنتخبة‪ ،‬والتي غالبا ما تكون‬
‫مخصصة ألنشطة محددة‪ ،‬وتخضع لشروط مسبقة تحددها الجهات المانحة‪ ،‬قصد تمويل‬

‫‪ -270‬محمد علي أديبا‪ ،‬إشكالية االستقالل المالي للجماعات المحلية بالمغرب‪ :‬نحو مقاربة واقعية‪ ،‬منشورات المجلة‬
‫المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬العدد ‪ ،48‬السنة ‪ ،4994‬ص ‪0414‬‬

‫‪P 143‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫تجهيزات تم االعتراف لها بطابعها الجماعي‪ ،‬مثل البنايات لغايات إدارية (بنايات إدارية‪ ،‬مرآب‬
‫السيارات‪....‬إلخ)‪ ،‬أو بنايات لغايات تجارية (أسواق كبرى‪ ،‬مذابح‪ ،‬غرف تبريدية‪....‬إلخ)‪ ،‬أو‬
‫بنايات لغايات ثقافية أو دينية (مساجد‪ ،‬دور الشباب‪....‬إلخ)‪ ،‬حيث يتم تمويل هذه التجهيزات‬
‫إما كليا أو جزئيا‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬فإن إعانات التجهيز تعتبر أداة مالية مهمة‪ ،‬تمنحها الدولة للجماعات الترابية‬
‫قصد تمكينها من مواجهة األعباء االستثمارية‪ ،‬وتشجيعها على إنجاز التجهيزات ذات الفائدة‬
‫المشتركة وطنيا أو ترابيا‪ ،‬ال سيما وأن وظيفة الجماعات الترابية لم تعد تقتصر‪ ،‬كما كان في‬
‫السابق‪ ،‬على املجال اإلداري الصرف‪ ،‬بل تعدى األمر ذلك‪ ،‬ليشمل وضع و إقامة البنيات‬
‫والبرامج التجهيزية التي من شأنها استقبال االستثمارات الترابية‪.271‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬الموارد المالية املحولة‬

‫بما أن الموارد الذاتية للجماعات الترابية تبقى ضعيفة ودون مستوى تحقيق شروط‬
‫التنمية املحلية‪ ،‬وتشكل إلى جانب ذلك أحد مظاهر األزمة المالية للوحدات الترابية‪ ،‬فإن هذه‬
‫الوحدات تلجأ بشكل كبير لوسائل تمويلية أخرى من أجل النهوض بوضعيتها المالية‪ ،‬الش يء‬
‫الذي تأكدت معه فكرة أن الجماعات الترابية تستقبل موارد خارجية أكثر مما تحصل عليه‬
‫محليا‪ .‬إذ تعتمد ميزانياتها بشكل كبير على حصصها من ضرائب الدولة‪ ،‬سواء ميزانيات‬
‫الجماعات أو مجالس العماالت واألقاليم (أوال)‪ ،‬أو ميزانيات الجهات (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬الموارد املحولة لفائدة ميزانيات الجماعات ومجالس العماالت واألقاليم‬

‫شكل إحداث الضريبة على القيمة المضافة في أبريل ‪ 1986‬محطة أساسية ضمن‬
‫تحقيق األهداف التي وضعها القانون اإلطار ‪ 3.83‬المتعلق باإلصالح الضريبي‪ ،‬لتدعيم جبايات‬
‫الجماعات الترابية وضمان انتظام المساعدات التي تقدمها الدولة لها‪ ،‬إذ تم تخصيص حصة‬
‫ثابتة تقدر بنسبة ‪ % 30‬من العائد السنوي للضريبة على القيمة المضافة‪ ،‬والتي يتم توزيعها‬
‫على ميزانيات الجماعات ومجالس العماالت واألقاليم بشكل خاص‪ ،‬دون ميزانيات الجهات‪.‬‬
‫ومسألة توزيع هذه الحصة لم تنص عليها ال القوانين المنظمة للمالية املحلية وال النصوص‬

‫‪ -271‬كريم لحرش‪ ،‬تدبير مالية الجماعات الترابية بالمغرب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪016‬‬

‫‪P 144‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫التنظيمية المتعلقة بقواعد تمويل الجماعات الترابية املحددة لطرق تدبير نشاطها‪ ،‬بل ترك‬
‫األمرلوزارة الداخلية بصفتها السلطة الوصية على الجماعات الترابية‪.272‬‬

‫إذ لم يتم إقرارمعاييرمحددة لتوزيع حصة الجماعات الترابية من الضريبة على القيمة‬
‫المضافة إال سنة ‪ ،5776‬حيث صدرمنشوروزيرالداخلية عدد ‪ 17‬بتاريخ ‪ 16‬يناير ‪ 5776‬لوضع‬
‫معاييرعامة للتوزيع تتوخى السهولة والموضوعية والشفافية‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬يتم تقسيم حصة الجماعات الترابية من الضريبة على القيمة المضافة‪ ،‬والتي‬
‫تمثل ‪ % 11‬من المنتوج السنوي لهاته الضريبة كما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬حصة أولى تمثل ‪ %11‬تحتفظ بها وزارة الداخلية وتخصصها لتغطية‬


‫بعض التحمالت المشتركة أو الطارئة للجماعات الترابية‪.‬‬

‫‪ ‬حصة ثانية تمثل ‪ %71‬يخضع توزيعها لمعاييرمحددة تتمثل في‪:‬‬

‫‪ -‬ضمان حد أدنى من الموارد للجماعات الترابية المعنية على شكل حصة‬


‫جز افية بغض النظرعن حجمها أو إمكانياتها؛‬

‫‪ -‬ضمان نوع من التوازن للتخفيف من التفاوتات الجبائية الكبرى بين الجماعات‬


‫الترابية؛‬

‫‪ -‬تشجيع جهود تنمية الموارد الذاتية‪.‬‬

‫ويتم تدبير حصة الجماعات الترابية من الضريبة على القيمة المضافة بواسطة‬
‫حساب خصوص ي للخزينة في قانون مالية السنة‪ ،‬يحمل اسم "حصة الجماعات الترابية من‬
‫منتوج الضريبة على القيمة المضافة"‪ ،‬ويعد وزير الداخلية اآلمر بالصرف لهذا الحساب‬
‫الخصوص ي‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الموارد املحولة لفائدة ميزانيات الجهات‬

‫‪ -272‬عبد اللطيف بروحو‪ ،‬مالية الجماعات الترابية بين واقع الرقابة ومتطلبات التنمية‪ ،‬منشورات المجلة المغربية‬
‫لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬العدد ‪ ،81‬سنة ‪ ،4946‬ص ‪0294‬‬

‫‪P 145‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫نص القانون ‪ 47.96‬المنظم للجهات‪ 273‬الصادرسنة ‪ ،1997‬على تخصيص نسبة محددة‬


‫من الضريبة على الدخل وكذا الضريبة على الشركات لصالح ميزانيات الجهات‪ ،‬كما نص على‬
‫تزايد هاته النسبة مع مرور السنين‪ ،‬إذ انتقلت من ‪ % 1‬من منتوج الشركات‪ ،‬و ‪ % 1‬من منتوج‬
‫الضريبة على الدخل في قانون المالية لسنة ‪ ،1998‬وبقيت هذه النسبة قارة إلى حين صدور‬
‫القانون التنظيمي ‪ 111.14‬المتعلق بالجهات‪ 274‬في يوليوز ‪ 1151‬الذي نص على تقوية الموارد‬
‫المالية املحولة للجهات لمواكبة مشروع الجهوية المتقدمة‪.‬‬

‫وهكذا نجد أن قانون مالية سنة ‪ 1156‬قد رفع من هاته النسبة إلى ‪ % 2‬من منتوج‬
‫الضريبة على الدخل‪ ،‬و ‪ % 2‬من منتوج الضريبة على الشركات‪ ،‬و تطورت هاته النسبة من سنة‬
‫ألخرى إلى أن وصلت للسقف املحدد‪ ،‬أي ‪ % 5‬من منتوج الضريبة على الدخل و ‪ % 1‬من منتوج‬
‫الضريبة على الشركات‪ ،‬كما نص قانون مالية ‪ 1156‬كذلك على الرفع من حصة الجهات من‬
‫منتوج الضريبة على عقود التأمين من ‪ % 13‬إلى ‪.%11‬‬

‫تضاف إليها اعتمادات مالية من الميزانية العامة للدولة والتي بلغت سقف ‪ 51‬مليار‬
‫درهم سنة ‪ ، 1115‬كما نصت على ذلك المادة ‪ 188‬من القانون ‪.111.14‬‬

‫ويتم تدبير كل هاته الموارد المالية املحولة لفائدة الجهات بواسطة حساب خصوص ي‬
‫للخزينة في قانون مالية السنة‪ ،‬تحت اسم الصندوق الخاص المتعلق بمنتوج حصص‬
‫الضرائب املخصصة للجهات‪ ،‬ويعتبروزيرالداخلية اآلمربالصرف بالنسبة لهذا الصندوق‪.‬‬

‫وتعتمد تقنية توزيع موارد هذا الحساب الخاص‪ ،‬على تقسيمها إلى صنفين‪ :‬بحيث يتم‬
‫توزيع الصنف األول بالتساوي بين الجهات‪ ،‬لتأمين حد أدنى من الموارد لكل منها‪ ،‬بينما يتم توزيع‬
‫النصف اآلخرحسب مساحة كل جهة وعدد سكانها القانوني املحدد في آخرإحصاء عام للسكان‬
‫والسكني‪.‬‬

‫‪ -273‬القانون رقم ‪ 11086‬المتعلق بتنظيم الجهات‪ ،‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 4081091‬بتاريخ ‪ 47‬من‬
‫ذي القعدة ‪ 4( 4141‬أبريل ‪ ،)4881‬الصادر بالجريدة الرسمية عدد ‪ ،1119‬بتاريخ ‪ 41‬ذي القعدة ‪ 7( 4141‬أبريل‬
‫‪ ،)4881‬ص ‪0116‬‬
‫‪ -274‬القانون التنظيمي رقم ‪ 444041‬المتعلق بالجهات‪ ،‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 4041097‬بتاريخ ‪49‬‬
‫من رمضان ‪ 1( 4176‬يوليو ‪ ،)4941‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ،6799‬الصادرة بتاريخ ‪ 6‬شوال ‪ 47( 4176‬يونيو‬
‫‪ ،)4941‬ص ‪06641‬‬

‫‪P 146‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫وقد تم تحديد معايير توزيع هاته الموارد بين الجهات بموجب المرسوم رقم‬
‫‪ 1.51.779‬الصادربتاريخ ‪ 11‬دجنبر‪ ،1151‬على الشكل التالي‪:‬‬

‫‪ % 50 ‬توزع بالتساوي بين الجهات (معيارجزافي)؛‬

‫‪ % 37,5 ‬توزع بناء على عدد سكان الجهة ؛‬

‫‪ % 12,5 ‬توزع بناء على مساحة الجهة‪.‬‬

‫كما تجدر اإلشارة إلى أن المشرع‪ 275‬نص على موارد أخرى للجهات‪ ،‬كموارد صندوق‬
‫التأهيل االجتماعي‪ ،‬والذي يعد مصدرا تمويليا مؤقتا‪ ،‬يهدف إلى سد العجز في مجاالت التنمية‬
‫البشرية والبنيات التحتية األساسية والتجهيزات‪ ،‬السيما في مجال الماء الصالح للشرب‪،‬‬
‫والكهرباء‪ ،‬والسكن غير الالئق‪ ،‬والصحة‪ ،‬والتربية‪ ،‬وشبكة المواصالت‪ .‬ويعتبر رئيس الحكومة‬
‫آمرا بقبض مداخيل وصرف نفقات هذا الصندوق‪.‬‬

‫وكذلك صندوق التضامن بين الجهات‪ ،‬والذي يهدف إلى ضمان التوزيع المتكافئ‬
‫للموارد قصد التقليص من التفاوتات فيما بينها‪ ،‬ويعتبر وزير الداخلية آمرا بقبض مداخيل‬
‫وصرف نفقات هذا الصندوق‪.‬‬

‫كما ينبغي اإلشارة إلى نوع آخر من الموارد املحولة من الدولة إلى الجماعات الترابية‬
‫بمختلف أصنافها‪ ،‬ويتعلق األمر بفوائد األموال المودعة بالخزينة العامة‪ ،‬والمتأتية من‬
‫الضرائب والجبايات والرسوم التي تم تحصيلها لفائدة هذه الجماعات‪.‬‬

‫حري بالذكر كذلك أن الموارد املحولة من طرف الدولة تمثل حصة األسد من مجموع‬
‫موارد الجماعات الترابية‪ ،‬إذ فاقت ‪ % 64‬سنة ‪.2021‬‬

‫خاتمة‪:‬‬

‫إذا كانت مؤشرات التنمية املحلية تقاس بمدى فعالية تدخالت الوحدات الالمركزية في‬
‫تنزيل مخططاتها على أرض الو اقع‪ ،‬وفق مقاربة و اقعية تحدد بموضوعية األهداف المسطرة‪،‬‬
‫فإن تحقيق هذه الغايات رهين بما يتوفر لهذه الهيئات من موارد مالية تبلورها في إطار مشاريع‬

‫‪ -275‬الفصل ‪ 142‬من دستور ‪.2011‬‬

‫‪P 147‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫تنموية‪ ،‬وكلما ارتبطت هذه اإلمكانيات المالية بموارد ذاتية كلما تعززاالستقالل المالي وتأكدت‬
‫مصداقية الفعل املحلي وارتفع هامش حرية مجاالت تدخل الجماعات الترابية‪.‬‬

‫فالموارد المالية مؤشر هام على مدى استقاللية الجماعات الترابية‪ ،‬لكن التركيز عليها‬
‫قد ال يفيد في إدراك المدلول الكلي لالستقالل المالي‪ ،‬فمهما ارتفعت حجم الموارد‪ ،‬فإنها في ظل‬
‫سياسة إنفاقية غير معقلنة تجعله غير ذي جدوى‪ ،‬مما يصعب معه إدراك مفهوم االستقالل‬
‫المالي باالعتماد على الموارد دون النفقات‪.‬‬

‫الئحة المراجع‪:‬‬

‫عصام القرني‪" ،‬التدبير الجبائي الترابي بين محدودية الحصيلة وثقل الرهانات"‪ ،‬املجلة‬
‫المغربية للقانون اإلداري والعلوم اإلدارية‪ ،‬عدد مزدوج‪ ،1-1 ،‬السنة ‪.1159‬‬

‫منية بلمليح‪ ،‬قانون األمالك العمومية بالمغرب‪ ،‬منشورات املجلة المغربية لإلدارة‬
‫املحلية والتنمية‪ ،‬سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬السنة ‪.1117‬‬

‫عبد القادرخراص‪ ،‬تدبيراألمالك الجماعية وتنمية الرصيد العقاري للجماعات الترابية‪،‬‬


‫مطبعة داروليلي‪ ،‬مراكش‪ ،‬الطبعة األولى‪.1111 ،‬‬

‫محمد بوجيدة وميلودة بوخال‪ ،‬أمالك الجماعات الترابية وهيئاتها‪ ،‬منشورات املجلة‬
‫المغربية لإلدارة املحلية والتنمية‪ ،‬سلسلة دالئل التسيير‪ ،‬عدد ‪ ،1‬سنة ‪.5771‬‬

‫‪BASRI.D, La décentralisation au Maroc : de la commune à la Région, édition‬‬


‫‪Nathon, Paris, 1994‬‬

‫‪KHATABI.M, Aspects particuliers de la législation marocaine sur le‬‬


‫‪domaine public de l’Etat et des collectivités locales, REMALD, n°1, 1983‬‬

‫‪BOUJIDA.M, L’exploitation rationnelle du patrimoine des collectivités‬‬


‫‪locales, REMALD, n°9, 1994‬‬

‫ميلود بوخال‪" ،‬اختالالت اإلطارالقانوني والتنظيمي ألمالك الجماعات الترابية"‪ ،‬املجلة‬


‫المغربية لإلدارة املحلية‪ ،‬عدد مزدوج ‪ ،5-4‬السنة ‪.5771‬‬

‫‪P 142‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫كريم لحرش‪ ،‬تدبير مالية الجماعات الترابية‪ ،‬مكتبة الرشاد‪ ،‬للنشر والتوزيع‪ ،‬سطات‪،‬‬
‫الطبعة الثالثة‪ ،‬السنة ‪.2017‬‬

‫نجيب جيري‪" ،‬قصور النظام القانوني والتنظيمي ألمالك الجماعات الترابية وإشكالية‬
‫التمويل غير الجبائي للتنمية املحلية بالمغرب"‪ ،‬مجلة أمالك الدولة‪ ،‬العدد ‪ ،5‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫‪.1151‬‬

‫عبد العالي الفياللي‪" ،‬الجماعات الترابية بالمغرب بين الحكامة المالية وتجويد آليات‬
‫الرقابة"‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬جامعة سيدي محمد بن عبد الله‪ ،‬كلية‬
‫العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بفاس‪ ،‬السنة الجامعية ‪.1151-1151‬‬

‫ظهير شريف بمثابة قانون رقم ‪ 5.96.111‬بتاريخ ‪ 11‬رمضان ‪ 11( 5176‬شتنبر ‪)5796‬‬
‫يتعلق بتنظيم مساهمة السكان في تنمية االقتصاد الغابوي‪ ،‬صادر بالجريدة الرسمية العدد‬
‫‪ 1111‬بتاريخ ‪ 11‬شتنبر‪ ،5796‬ص ‪.79‬‬

‫أحمد حضراني‪" ،‬النظام الجبائي املحلي على ضوء التشريع المغربي والمقارن"‪ ،‬املجلة‬
‫المغربية لإلدارة املحلية والتنمية‪ ،‬سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية‪ ،‬العدد ‪ ،11‬السنة ‪.1115‬‬

‫دورية وزير الداخلية حول إعداد ميزانيات الجماعات الترابية برسم سنة ‪ ،2008‬رقم‬
‫‪ ،102‬المديرية العامة للجماعات‪ ،‬مديرية المالية ‪ ،2007/09/28‬ص ‪.59‬‬

‫محمد رحيم ومصطفى فراح‪ ،‬إطاللة على الشأن املحلي‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مطبعة النجاح‬
‫الجديدة‪ ،‬الدارالبيضاء‪ ،‬السنة ‪.2002‬‬

‫صالح العمراني‪ ،‬الملك الغابوي بين النص القانوني واإلكراهات الو اقعية‪ ،‬مطبعة‬
‫األمنية‪ ،‬الرباط‪ ،‬السنة ‪.1156‬‬

‫مريم زان‪" ،‬النظام المالي للجهة على ضوء القانون التنظيمي رقم ‪ ،"555.51‬املجلة‬
‫المغربية لإلدارة املحلية والتنمية‪ ،‬عدد مزدوج ‪ ،519-516‬يناير‪ -‬أبريل ‪.1156‬‬

‫عبد الفتاح بلخال‪ ،‬علم المالية العامة والتشريع المالي المغربي‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مطبعة‬
‫فضالة‪ ،‬املحمدية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬السنة ‪.2005‬‬

‫‪P 147‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫محمد علي أديبا‪ ،‬إشكالية االستقالل المالي للجماعات املحلية بالمغرب‪ :‬نحو مقاربة‬
‫و اقعية‪ ،‬منشورات املجلة المغربية لإلدارة املحلية والتنمية‪ ،‬العدد ‪ ،17‬السنة ‪.1115‬‬

‫نور الدين السعداني‪ ،‬الجماعات الترابية بالمغرب بين توسيع االختصاصات التدبيرية‬
‫وإكراهات االستقاللية المالية –دراسة تحليلية‪ ،-‬مطبعة دار السالم‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫سنة ‪.1151‬‬

‫أمينة بنخيلة‪" ،‬االقتراض الجماعي المساطر والنتائج"‪ ،‬مجلة المنارة للدراسات‬


‫القانونية واإلدارية‪ ،‬العدد السادس‪ ،‬أبريل ‪.1151‬‬

‫حورية المرض ي‪" ،‬موارد الجماعات الترابية ودورها في التنمية‪ ،‬الجماعات الترابية‬
‫بالجهة الشرقية كنموذج"‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية بوجدة‪ ،‬السنة الجامعية ‪.1111-1111‬‬

‫عبد الناصر بنفارس‪" ،‬مصادر تمويل الجماعات الترابية وشروط تحقيق استقاللها‬
‫المالي"‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية بفاس‪ ،‬السنة الجامعية ‪.1157-1159‬‬

‫حورية المرض ي‪ ،‬موارد الجماعات الترابية ودورها في التنمية‪ ،‬الجماعات الترابية بالجهة‬
‫الشرقية كنموذج"‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية بوجدة‪ ،‬السنة الجامعية ‪.1111-1111‬‬

‫عادل تميم‪" ،‬صندوق التجهيز الجماعي بين إكراهات االقتراض و آفاق التمويل‬
‫االستثماري املحلي"‪ ،‬مجلة المتوسط للدراسات القانونية والقضائية‪ ،‬العدد ‪ ،1‬يونيو ‪.1159‬‬

‫مرسوم رقم ‪ 1.59.171‬ومرسوم رقم ‪ 1.59.171‬ومرسوم رقم ‪ ،1.59.176‬الصادرة في ‪51‬‬


‫من رمضان ‪ 7( 5117‬يونيو ‪ )1159‬بتحديد القواعد التي تخضع لها عمليات االقتراض التي تقوم‬
‫بها على التوالي كل من الجهة والعمالة واإلقليم والجماعة‪.‬‬

‫‪P 150‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫النوافذ الاسلامية المصرفية –مفهومها‬

‫واحكامها‬
‫‪Islamic banking windows - their concept and provisions‬‬
‫ملخص البحث‪:‬‬

‫يركز البحث على موضوع مهم واساس ي يتمثل في اعتماد النو افذ االسالمية لدى‬
‫المصارف الربوية‪ ،‬باعتبار ان االخيرة تتعاطى بالفوائد الربوية في تعامالتها بالتالي يثير موضوع‬
‫النو افذ االسالمية اهتماما بالغا في مدى شرعية النو افذ االسالمية واموالها طالما هي تنشا من‬
‫خالل المصرف الربوي‪.‬‬

‫إن اعتماد النو افذ االسالمية في المصارف الربوية تم تنظيمه في العديد من الدول‬
‫العربية واالجنبية بموجب تشريعات خاصة او انظمة متميزة عن القواعد القانونية للمصرف‬
‫الربوي بسبب خصوصية هذه النو افذ االسالمية‪.‬‬

‫وعليه فان النو افذ االسالمية هي وسيلة اساسية مهمة في تنشيط العمل المصرفي‬
‫عموما واالستثمارات المتنوعة على وفق الصيغ الشرعية واالسالمية في مجاالت التعامالت‬
‫المالية االسالمية‪.‬كلمات مفتاحية‪( :‬النافذة‪ ،‬االسالمية‪ ،‬الربا‪ ،‬التعامل‪ ،‬االستثمار)‬

‫‪ABSTRACT‬‬

‫‪The research focuses on an important and basic issue represented in the‬‬


‫‪adoption of Islamic windows in usurious banks, given that the latter deals with‬‬
‫‪usurious interests in its transactions. Therefore, the issue of Islamic windows‬‬
‫‪raises great interest in the extent of the legitimacy of Islamic windows and their‬‬
‫‪funds as long as they are established through the interest-based bank.‬‬

‫‪P 151‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫‪The adoption of Islamic windows in interest-based banks has been‬‬


‫‪organized in many Arab and foreign countries under special legislation or‬‬
‫‪systems distinct from the legal rules of interest-based banks due to the specificity‬‬
‫‪of these Islamic windows.‬‬

‫‪Accordingly, Islamic windows are an important primary means in activating‬‬


‫‪banking work in general and various investments according to Sharia and Islamic‬‬
‫‪formulas in the fields of Islamic financial transactions. Keywords: window,‬‬
‫‪Islamic, usury, dealing, investment‬‬

‫المقدمة‪:‬‬

‫أوال‪ :‬التعريف بالموضوع واهميته‪.‬‬

‫ان انتشار النظام المصرفي اإلسالمي وعدم تأثره باألزمات المالية املحلية والدولية ادى‬
‫الى اكتسابه قوة و مرونة عالية ألداء مهامه وتحقيق نسب نجاحات كبيرة في مجال اقبال االفراد‬
‫والمؤسسات المالية حاليا على اختالف توجهاتها إلى الصيرفة االسالمية‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وعطاء أدى إلى‬ ‫وان عدم تعامل النو افذ اإلسالمية بشكل عام بالفائدة الربوية أخذا‬
‫وضع اسس متينة لها في الو اقع العملي المصرفي وتأثر المصارف الربوية التقليدية‬
‫بالصيرفةاإلسالمية مما ادى الى تجاوب هذه المصارف مع هذا النظام وادىلفتح نو افذ إسالمية‬
‫تمارس االعمال المصرفية اإلسالمية في عدد من المصارف التجارية الربوية‪ ،‬وما حققتههذه‬
‫النو افذ اإلسالمية من قفزات نوعية أساسية في االقتصاد والتنمية واالستثمار‪ ،‬لتحقيق‬
‫العديد من األهدافومن بينها جذب األموال والمدخرات واستثمارها بأساليب التمويل الشرعي‬
‫اإلسالمي البعيدة عن الربا‪.‬‬

‫ونلحظ في إطار فتح النو افذ اإلسالمية في المصارف التقليدية الربوية اتجاهين‪ :‬األول‬
‫يؤيد الفكرةويراها الطريق االمثل لنشرثقافة النظام المصرفي اإلسالمي والتوسع به‪.‬‬

‫أما الثاني فهو يعارض التجربة ألن ذلك يؤدي للتداخل في أالعمال في المصرف‬
‫الواحدبين األعمال المصرفية التقليدية الربوية وبين تلك األعمال المصرفيةاإلسالميةمما قد‬

‫‪P 152‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫يؤدي الى فشل هذه التجربة وعدم إقبال األفراد للصيرفة اإلسالمية والتعامل معها‪ ،‬نظرا‬
‫الختالط االموال‪.‬‬

‫ومع وجود هذين االتجاهين نرى عمليا انتشارالنو افذ اإلسالمية بشكل واسع ليس على‬
‫الصعيد املحلي او االقليمي العربي واالسالمي فحسب‪ ،‬بل انتهجت هذه التجربة العديد من‬
‫المصارف الدولية حيث قامت العديد من المصارف والمؤسسات المالية العالمية مثل‬
‫مصرف ‪Citibank‬والمصرف السعودي االمريكي ومجموعة ‪ ANZ‬االسترالية‪-‬النيوزلندية وغيرها‬
‫بفتح نواف اإلسالمية لتداول المنتجات اإلسالمية واإلسهام في نشرالعمل المصرفي اإلسالمي‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬مشكلة الموضوع‪.‬‬

‫تتعلق مشكلة الموضوع في امكانية فصل الذمة المالية بين المصرف الربوي والنافذة‬
‫االسالمية‪ ،‬و ايضا مسالة تشكيل هيئة الرقابة الشرعية في النافذة االسالمية ومتطلبات اختيار‬
‫اعضائها في ظل المصرف الربوي‪ ،‬وعرض لمشكلة اساسية تتمثل بدعم قطاعات النو افذ‬
‫االسالمية في المصارف الربوية وجعل االقبال اليها واسعا من خالل لجوء االفراد والشركات‬
‫اليها‪ ،‬ومن جانب اخر مدى توفر الغطاء القانوني للنو افذ االسالمية من تشريعات او انظمة‬
‫خاصة لكي تتجاوزاي مشكالت قانونية تصادفها‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬تساؤالت الموضوع‪.‬‬

‫تتمثل اهم تساؤالت الموضوع باالتي‪:‬‬

‫‪-5‬ما هي النافذة االسالمية وما اهميتها؟‬

‫‪-1‬ما االجراءات المطلوبة لفتح النافذة االسالمية وطريقة اداء عملها؟‬

‫‪-1‬ما هي التجارب الموجودة في مجال النافذة االسالمية؟‬

‫‪-1‬مدى تقبل وجود النو افذ االسالمية في المصارف الربوية؟‬

‫رابعا‪ :‬منهج الموضوع‪.‬‬

‫سيتم التركيز على أهم المستجدات في موضوع النو افذ اإلسالمية في المصارف الربوية‬
‫وبيان موقف المشرع العراقي من ذلك خصوصاعندما صدرت تعليمات المصرف المركزي‬

‫‪P 153‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫العراقي رقم ‪ 6‬لسنة ‪ 1155‬في الصيرفة اإلسالميةواعتماد قانون المصارف االسالمية العراقي رقم‬
‫‪ 11‬لسنة ‪ 1151‬فيما بعد‪،‬وكيفية معالجتها لهذا الموضوع مع االشارة لبعض القوانين كما‬
‫فيقانون إنشاء المصارف اإلسالمية في لبنان رقم ‪ 191‬لسنة ‪1111‬وقانون المصارف اإلسالمية‬
‫اإلماراتي رقم ‪ 6‬لسنة‪ 5771‬مع االشارة الى بعض التجارب العربية األجنبية في تبني فكرة النو افذ‬
‫في المصارف الربوية‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬هيكلية الموضوع‪.‬‬

‫سيتم معالجة الموضوع من خالل االتي‪ :‬المبحث األول‪ :‬مفهوم النو افذ اإلسالمية‬
‫المصرفية‪ .‬المبحث الثاني‪ :‬االحكام الفقهية والقانونية للنو افذ اإلسالمية المصرفية‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬مفهوم النو افذ اإلسالمية المصرفية‬

‫ال بد من تحديد معنى النو افذ اإلسالمية المصرفية التي تمارس تقديم الخدمات‬
‫المصرفية المالية في المصارف الربوية‪ ،‬وبيان أهميتها في المصارف التقليدية وذلك في‬
‫المطلبين االتيين‪ :‬المطلب األول‪ :‬التعريف بالنو افذ اإلسالمية المصرفية‪ .‬المطلب الثاني‪:‬‬
‫أهمية النو افذ اإلسالمية‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬التعريف بالنو افذ اإلسالمية المصرفية‬

‫عرفت النو افذ االسالميةبأنها‪":‬االنتقال من وضع المصرفية التقليدية المبنية على سعر‬
‫الفائدة إلى المصرفية اإلسالمية القائمة على مقاصد الشريعة اإلسالمية"(‪.)276‬‬

‫جاء التعريف عاما وكأنما يقصد به تحول المصرف الربوي بالكامل الى اسالمي مع ان‬
‫الغرض الدقيق للنافذة االسالمية اقتصارها على اعمال معينة ومحددة ضمن المصرف‬
‫الربوي‪.‬‬

‫ويعرفها آخر بأنها‪":‬تلك الجهات التي تنتمي إلى بنوك تقليدية تمارس جميع األنشطة‬
‫المصرفية طبقا ألحكام الشريعة االسالمية"(‪. )277‬‬

‫)‪ )276‬د‪.‬ضرار الماحي ود‪.‬محمد عوض‪ ،‬الفروع والنوافذ االسالمية في البنوك التقليدية‪ ،‬مجلة تفكر‪ ،‬معهد اسالم المعرفة‪،‬‬
‫جامعة الجزيرة‪-‬السودان‪ ،‬مجلد ‪ ،72‬عدد ‪ ،2224 ،7‬ص ‪. 19‬‬
‫)‪ )277‬حسين حسين شحاته‪ ،‬الضوابطالشرعيةلفروعالمعامالتاإلسالميةبالبنوكالتقليدية‪ ،‬ص‪ ،2‬بحث منشور بتاريخ كانون الثاني‬
‫‪ ،2227‬وعلى موقع ‪.https://down.ketabpedia.com/files/bkb/bkb-fi03901-ketabpedia.com.doc:‬‬

‫‪P 154‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫وقد جاء التعريف اعاله ليبين انها جهات مستقلة تنشا في إطار المصرف الربوي اال ان‬
‫اعمالها تكون وفق احكام الشريعة االسالمية‪.‬‬

‫ومن جانب اخرعرفت بانها‪":‬قيام المصرف الربوي بتخصيص جزء اومكان من المصرف‬
‫ربوي لكي يقدم جانب ما يقدمه من خدمات تقليدية"(‪. )278‬‬
‫ً‬
‫وذهب اخر الى انها‪":‬ادارة داخل المصرف التقليدي يتم إنشاؤها خصيصا للعمل وفق‬
‫أحكام الشريعة اإلسالمية ومبادئها من اجل تقديم الخدمات المصرفية اإلسالمية املختلفة‬
‫ً‬
‫وتحقيق أهداف المصرف اإلسالمي مما يستلزم في النافذة أن تكون ذات طبيعة مختلفة تماما‬
‫عن المصرف التقليدي"(‪.)279‬‬

‫يؤكد التعريف على انها جهاز اداري موجود داخل المصرف الربوي لكن تنشا بشكل‬
‫خاص لممارسة اعمال الصيرفة االسالمية‪.‬‬

‫كما وعرفت على إنها‪":‬وحدات تابعة لمصارف تقليدية تمارس أعمال الصيرفة‬
‫ً‬
‫اإلسالمية تحت رقابة هيئات شرعية مختصة و تعمل وفقا للقوانين النافذة"(‪.)280‬‬

‫جاء التعريف اعاله متضمن العديد من االشارات المهمة على اعتبار النافذة وحدات‬
‫اساسية لممارسة اعمال التمويل والمصرفية االسالمية مع وجود رقابة خاصة تتمثل بالرقابة‬
‫الشرعية تظهروفق التشريعات المرعية‪.‬‬

‫وعليه تعد النو افذ اإلسالمية من أهم الكيانات المبتكرة في المصارف التقليدية بحيث‬
‫تقدم خدمات متنوعه تحت اشراف هيئة متخصصة للرقابة الشرعية على عمليات النافذة‬
‫االسالمية وفق احكام الشريعة االسالمية وان هذه النافذة تختلف بذات الوقت من مصرف إلى‬
‫آخر فبعضها يقدم خدمات مصرفية متكاملة لعمالء المصرف ومنها ما يقدم خدمات معينة‬
‫كخدمات االستثماروالتمويل وغيرها‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أهمية النو افذ اإلسالمية‬

‫)‪ )278‬د‪.‬فهد الشريف‪ ،‬الفروع االسالمية التابعة للمصارف الربوية‪ ،‬دراسة في ضوء االقتصاد االسالمي‪ ،‬المؤتمر العالمي‬
‫الثالث لالقتصاد االسالمي‪ ،‬جامعة ام القرى‪ ،‬السعودية‪ ،2221 ،‬ص ‪.72‬‬
‫)‪ )279‬عارف محمد الخير الحاج‪ ،‬الرقابة الشرعية على النوافذ اإلسالمية بالبنوك التقليدية دراسة تحليلية للتجربة الماليزية‪،‬‬
‫رسالة ماجستير مقدمة إلى مجلس الجامعة اإلسالمية العالمية في ماليزيا‪ -‬كلية أحمد إبراهيم للحقوق‪ ،2221 ،‬ص ‪21‬‬
‫)‪(280‬د‪ .‬أحمد الدخيل ‪ ،‬النوافذ اإلسالمية في المصارف الحكومية العراقية‪ ،‬دراسات اقتصادية إسالمية‪ ،‬المجلد التاسع عشر‪،‬‬
‫العدد الثاني‪ ، 2272 ،‬ص ‪.12‬‬

‫‪P 155‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫إن ممارسة النو افذ اإلسالمية ألعمالها من خالل البنوك التقليدية يهدف الى تحقيق‬
‫عدة أمورمنها(‪:)281‬‬

‫‪ -5‬وجود اعتقاد لدى المصارف التقليدية بان المصارف اإلسالمية كالمصارف التقليدية‬
‫تقوم بتقديم خدمات التمويل وخصوصا التشابه بين المرابحات والقروض مما عززالمصارف‬
‫التقليدية بإنشاء نو افذاسالمية خاصه بها‪.‬‬

‫‪ -1‬رغبه المصارف التقليدية بالمنافسة في مقابل المصارف االسالمية بعد النجاحات‬


‫التي حققتها في جذب الموارد المالية وتحقيق األرباح‪.‬‬

‫‪ -1‬الهدف األسمى والمهم للمصارف التقليدية من خالل فتح النو افذ اإلسالمية هو‬
‫الحفاظ على عمالئها واستعادة العمالء الذين فقدتهم ونتيجة لقناعة القائمين على المصرف‬
‫الربوي على نجاح و انتشار الصيرفة اإلسالمية بشكل كبير وواسع و اتاحه الفرصةألصحاب‬
‫المصارف التقليدية بالتعرف عن قرب على منافعها‪.‬‬

‫‪ -1‬رغبة بعض المصارف الربوية بالتحول التدريجي نحو المصرفية اإلسالمية‪.‬‬

‫‪ -1‬تلبية احتياجات بعض العمالء الراغبين في التعامل على وفق المصارف اإلسالمية لكي‬
‫ال يبتعدوا عن المصارف التقليدية‪.‬‬

‫‪-6‬تعد النو افذ اإلسالمية في المصارف الربوية من التجارب غاية في األهمية اذ اتجهت‬
‫العديد من المصارف العالمية المشهورة التخاذ أسلوب النو افذ العاملة وفق الشريعة‬
‫االسالمية كوسيلة لجذب واستقطاب المليارات من الدوالرات والماليين من الناس مما اكسبها‬
‫قوة عاليةومتانه مصرفية اذ أن أعمال البنوك بدأت تعتمد على النو افذ االسالمية مما يدلل‬
‫على مكانتها في االقتصاد العالمي(‪. )282‬‬

‫‪-9‬وتبرزأهمية قيام المصارف التقليدية بفتح نو افذ إسالمية هو كسراحتكارالمصارف‬


‫اإلسالمية لمثل هذه المنتجات وزيادة توسع دائرة المنتفعين منها أكثر وتسارع في تطور لدى‬
‫المصارف الربويةبنحو األفضل‪.‬‬

‫)‪ )281‬د‪.‬لطف محمد السرحي‪ ،‬الفروع االسالمية في البنوك التقليدية‪ ،‬بحث مؤتمر المصارف االسالمية اليمنية‪ ،‬الواقع وافاق‬
‫المستقبل‪ ،‬نادي رجال االعمال‪ ،‬اذار ‪ ،2272‬ص‪2‬و ‪.9‬‬
‫)‪ )282‬زهرة بني عامر‪ ،‬النوافذ االسالمية ما لها وما عليها‪ ،‬مقالة منشورة بتاريخ ‪ ، 2277-2-72‬وعلى الموقع‪:‬‬
‫‪http://www.iefpedia.com/vb/formdisplay.php‬‬

‫‪P 156‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫ولقد بلغ عدد المصارف التقليدية التي قامت بفتح نو افذ إسالمية ما يقارب ‪111‬‬
‫مصرف حول العالم و بحجم اصول يصل الى ‪ 111‬ملياردوالرأمريكي(‪)283‬على وفق تقريراملجلس‬
‫العام للبنوك والمؤسساتاإلسالمية في البحرين منها ‪ 11‬مصرف في بريطانيا وعلى رأسها مصرف‬
‫‪ )284(HSBC‬الذي يقدم خدماته المصرفية اإلسالمية عبروحدته الخاصة ويطلق عليه اسم امانه‬
‫‪ HSBC AMANAH‬المؤسسة عام ‪ 5777‬وتديرحاليا أكثرمن ‪ 57‬ملياردوالرمن هذه المنتجات‬
‫اإلسالمية حول العالم(‪.)285‬‬

‫وقد قام مصرف ‪ ABC INTERNATIONAL BANK‬في بريطانيا ايضا بفتح نافذة‬
‫اسالميه باإلضافة الى مصرف ‪ DEUTSCHE BANK‬وتجدر االشارة هنا الى أن عدد البنوك في‬
‫بريطانيا والتي تقدم خدماتها المصرفية اإلسالمية بلغ ‪ 11‬مصرف منها ‪ 1‬اسالميه و‪ 59‬مصرفا‬
‫تقليديافيه عدة نو افذ إسالمية تقدم من خاللها هذه المنتجات اإلسالمية(‪. )286‬‬

‫ومن المصارف ايضا التي اعتمدت على هذه التجربة (مصرف درسدنر كالي‬
‫نورث بنسن) الذي أسس وحده متخصصه للصيرفة اإلسالمية ومجموعة ‪ )287(ANZ‬األسترالية‬
‫النيوزيلندية في إنشاء قسم الخاص بالتمويل اإلسالمي ومصرف ‪ CITIBANK‬الذي أسس وحدة‬
‫تمويل إسالمية متخصصة عام ‪ 5771‬قبل أن يفتح فرعا اسالميا برأس مال مستقل في البحرين‬
‫عام ‪ 5776‬وغيرها الكثير من المؤسسات المالية والمصرفية(‪.)288‬‬

‫)‪ )283‬د‪.‬محمد البلتاجي‪ ،‬مشكالت االدارة الشرعية في المصارف التقليدية ذات النوافذ االسالمية‪ ،‬ورقة عمل مقدمة للمؤتمر‬
‫السنوي للهيئات الشرعية‪ ،‬البحرين‪ ،2272 ،‬ص‪. 9‬‬
‫)‪ HSBC )284‬وهي اختصار لعبارة ‪HONGKONG AND SHANGHAI BANKING CORPORATION‬‬
‫وهي من اكبر المؤسسات المتخصصة في الخدمات المصرفية والمالية في العالم يتضمن اتحاد مجموعة كبيرة من البنوك فيما‬
‫بينها ومركزه الرئيس لندن ويغطي ما يقارب اكثر من ‪ 12‬بلد ‪ .‬لمزيد من التفاصيل‪:‬‬
‫‪HTTP://WWW.HSBC.COM/ABOUT-HSBC‬‬
‫)‪ )285‬ينظر موقع المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية االسالمية‪/https://www.cibafi.org :‬‬
‫)‪ )286‬فؤاد بنعلي‪ ،‬البنوك االسالمية في اوربا الواقع واالفاق‪ ،‬مجلة االقتصاد االسالمي العالمي‪ ،‬المجلس العام للبنوك‬
‫والمؤسسات المالية االسالمية‪ ،‬البحرين‪ ،‬العدد ‪ ،72‬ايار ‪ ،2272‬ص‪. 97‬‬
‫)‪ )287‬وهي اختصار ‪ AUSTRALIA AND NEW ZEALAND‬وهي من اكبر المصارف في استراليا وتعد من اهم‬
‫المجموعات المصرفية العالمية ومركزه الرئيس في مدينة ملبورن ‪ .‬ولمزيد من التفاصيل‪:‬‬
‫‪HTTP://WWW.ANZ.COM.AU/ABOUT-US/ORR-COMPANY.PROFILE/FACTS/HISTORY‬‬
‫)‪ )288‬د‪.‬سعيد المرطان‪،‬تقويم المؤسسات التطبيقية لالقتصاد اإلسالمي النوافذ اإلسالمية للمصارف التقليدية ‪ ،‬ص‪ ، 72‬متاح‬
‫على الموقع‪/https://iefpedia.com/arab/wp-content/uploads/2009/06 :‬‬

‫‪P 157‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫وقامت كل من ‪ CITY GROUP‬و‪ USB‬منذ تسعينيات القرن الماض ي بفتح نواف‬


‫االسالمية الى جانب الصيرفة الربوية التقليدية التي تمارسها(‪ )289‬مما يدل على أهمية العمل‬
‫المصرفي االسالمي و نجاحه لدى مصارف الدول الغيراإلسالمية‪.‬‬

‫و يالحظ وبما ال يقبل الشك أن قيام المصارف التقليدية بالمسارعة بفتح نو افذ‬
‫إسالمية يعد من اهم االدلة على نجاح تجربة المصارف اإلسالمية والتي صارتتحقق نمو سنوي‬
‫قدره ‪ %11‬فيدل دليال قاطعا على النظرفي احكام الشريعة االسالمية السمحاء ليس فقط ممكن‬
‫في كل زمان ومكان بل هو مربح ومبارك ايضا لألفراد(‪، )290‬تصديقا لقوله تعالى‪" :‬يمحق الله‬
‫الربا ويربي الصدقات والله ال يحب كل كفارأثيم" (‪. )291‬‬

‫وتبرز أهمية هذه التجربة بما تتمتع به من درجة عالية من األمان بحيث انه لو فشلت‬
‫التجربة او تعرضت ألي خسارة فانه سيكون ذلك مقتصرا على التجربة فقط دون أن يتأثر‬
‫المصرف الرئيس بذلك‪.‬‬
‫ً‬
‫عالميا في قطاع الخدمات المالية اإلسالمية‪،‬‬ ‫وتجدراالشارة الى ان مملكة البحرين ً‬
‫مركزا‬
‫والدولة المضيفة ألكبر تجمع من المؤسسات المالية اإلسالمية في الشرق األوسط‪ .‬وتضم‬
‫البحرين اليوم منظمات وهيئات مهمة لتطوير الخدمات اإلسالمية منها ‪ 7‬نافذة تابعة‬
‫ً‬
‫للمصارف التقليدية‪ ،‬لقد كان النم و في قطاع الخدمات المصرفية اإلسالمية كبيرا‪ ،‬حيث قفزت‬
‫الموجودات اإلجمالية في هذا القطاع من ‪ 5.7‬مليار دوالر أمريكي في العام ‪ 1111‬إلى ‪ 11.9‬مليار‬
‫دوالر أمريكي في يوليو ‪.)292( 1111‬‬

‫وفي احصائية حديثة بلغ عدد البنوك التقليدية التي تمتلك نو افذ إسالمية ‪ 75‬بنكعام‬
‫‪ 1157‬مقارنة بعدد ‪ 71‬بنك تقليدي لهم نو افذ إسالمية لعامي ‪ 1159‬و ‪ 1156‬في حين كانت‬
‫البنوك التقليدية التي تمتلك نو افذ إسالمية ‪ 71‬بنك لعامي ‪1151‬و ‪ 1151‬مقارنة بعدد ‪ 71‬بنك‬
‫عام ‪ 1151‬ومقدار أصول الصيرفة العالمية لغاية ‪ 1111‬محوالي ‪ 1‬تريليون دوالر وعدد فروع‬
‫ووحداتا لتمويل والصيرفة اإلسالمية التابعة للبنوك التقليدية حوالي ‪ 111‬وحدة(‪.)293‬‬

‫)‪ )289‬تريز منصور‪ ،‬الصيرفة االسالمية مفهومها وتطورها في اسواق المال العالمية‪ ،‬مجلة الجيش اللبناني‪ ،‬عدد ‪ ،212‬نيسان‬
‫‪ ،2221‬ص ‪.2‬‬
‫)‪ )290‬موقع االقتصاد العالمي االسالمي‪HTTP://WWW.IESGS.COM :‬‬
‫)‪ )291‬سورة البقرة‪ /‬االية ‪.211‬‬
‫)‪ )292‬دغسانطاهرطلفاح‪ ،‬الصيرفةاإلسالميةفيالبنوكالتقليديةمالهاوماعليها‪ ،‬كلية الشريعة ‪ ،‬جامعة الكويت‪ ،‬ص‪.22‬‬
‫)‪ )293‬المصدر ذاته‪ ،‬ص‪.79‬‬

‫‪P 152‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫ونجد قيام العديد من المصارف التقليدية في العراق كما في مصرفي الر افدين والرشيد‬
‫الحكوميين بإنشاء النو افذ اإلسالمية حيث قام مصرف الرشيد بفتح نافذة إسالمية في بغداد‬
‫ويعد أحد ثالثة فروع سيقومالمصرف بفتحها للعمل من النو افذ اإلسالمية‪ ،‬وعلى نظام‬
‫وتوقع المستشار السابق لدى محافظ‬ ‫اإلسالمية(‪)294‬‬ ‫مصرفي قائم على أساس الشريعة‬
‫المصرف المركزي العراقي السيد مظهرمحمد صالح في حديث له بان‪":‬فتح النو افذ اإلسالمية‬
‫في المصارف الحكومية التقليدية سيؤدي إلى زيادة نشاطها بنسبة تزيد على ‪ %11‬وبين‬
‫انالحكومةالعر اقية خصصت ما يقرب من ‪ 11‬مليار دينار لدعم مصرفي الر افدين والرشيد‬
‫مناصفة لفتح النو افذ االسالمية واضاف ايضا بان قانون المصارف العراقي النافذ لم يفرق‬
‫بين الصيرفة االستثمارية والصيرفة التجارية حيث ال يوجد سند قانوني أو فقرة في قانون‬
‫المصارف العراقي لتنظيم المصارف اإلسالمية ويحدد عملها"(‪ ،)295‬وهذا االمرطبعا قبل تشريع‬
‫قانون المصارف االسالمية في العراق عام ‪. 1151‬‬

‫والجديربالذكرأن النو افذ اإلسالمية في المصارف الحكومية العر اقية بدأت وفقا لما‬
‫أعلنه المصرف المركزي في شهر أيار عام ‪ 1151‬ومما يؤكد االتجاه وعزم الحكومة العر اقية‬
‫باالتجاه الى المصرفية اإلسالمية لدى مصارفها التقليدية ما نصت عليه المادة (‪ )19‬من قانون‬
‫الموازنة العامة االتحادية للعراق لعام ‪ 1151‬والمرقم ‪ 11‬لسنة ‪ )296(1151‬حيث جاء فيه‪":‬تلتزم‬
‫وزارة المالية االتحادية بتمويل مبلغ اضافي لزيادة راس مال النو افذ اإلسالمية في كل من مصرف‬
‫الر افدين والرشيد وبمبلغ ‪ 11‬ملياردينارلكل منهما بناء على طلب من المصرف المركزي العراقي‬
‫وقيام المصرف المركزي العراقي بالمو افقة على فتح النافذة اإلسالمية في مصارف القطاع‬
‫الخاص الراغبة في ذلك‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬االحكام الفقهية والقانونية للنو افذ اإلسالمية المصرفية‬

‫ان تجربة النو افذ اإلسالمية تعد من التجارب األساسية على صعيد المصارف الربوية‬
‫التقليدية وإن هذه الفكرة والتجربة الجبارة التي ظهرت و انتشرت بشكل كبير كان هناك من‬
‫يؤيدها ومن يرفضها و ايضا البد من االشارة الى اجراءات تأسيس النو افذ ومتطلباتها القانونية‬

‫)‪ )294‬ينظر الموقع‪HTTP://WWW.ALBAWWABA.NET/CATEGORY/ECONOMIC :‬‬


‫الموقع‪:‬‬ ‫)‪ )295‬نص كالم السيد مظهر محمد صالح منشور بتاريخ ‪ ،2277-2-22‬وعلى‬
‫‪HTTP://WWW.ALSUMARIANEWS.COM/AR/IRAQ-BUSINESS-NEWS/LIST-3‬‬
‫)‪ )296‬القانون منشور في الوقائع العراقية بالعدد ‪ 9222‬في ‪. 2272/2/72‬‬

‫‪P 157‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫االساسية لكي تظهر للو اقع العملي وكل ذلكوفقا للمطلبين اآلتيين‪ :‬المطلب األول‪ :‬االتجاهات‬
‫المؤيدة والمعارضة لتجربة النو افذ اإلسالمية‪ .‬المطلب الثاني‪ :‬تأسيس النو افذ اإلسالمية‬
‫ومتطلباتها‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬االتجاهات المؤيدة والمعارضة لتجربة النو افذ اإلسالمية‬

‫يتطلب االمرهنا بيان اآلراء الفقهية التي تدعم وجود هذه النو افذ في المصارف الربوية‪،‬‬
‫واآلراء التي تعارض ذلك ووفقا للفرعين التاليين‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬االتجاه المؤيد‬

‫من اهم األسانيد التي يعتمد عليها هذا االتجاه هي‪:‬‬

‫‪ -5‬أن تبني المصارف الربوية لتجربة النو افذ اإلسالمية يعد من أهم وسائل محاربة الربا‬
‫استنادا الى قوله تعالى‪" :‬وأحل الله البيع وحرم الربا"(‪ ، )297‬ويعد هذا الراي مقصدا اساسيا‬
‫لدعم املجتمعات االسالمية في رفع بلوى الربا عنه‪.‬‬

‫‪ -1‬قد ال تتو افر لدى بعض الدول السند القانوني لغرض إنشاء مصارف إسالمية تعمل‬
‫على وفق الشريعة اإلسالمية فتعد النافذة االسالمية في المصرف التقليدي بديال مؤقتا لحين‬
‫التحول الكامل للعمل المصرفي االسالمي او فتح مصارف إسالمية قائمة بحد ذاتها(‪. )298‬‬

‫‪ -1‬االعتماد على النو افذ اإلسالمية يعد اعتر افا من المصارف الربوية بجدواها‬
‫وتنويع أساليب االستثمار والتمويل من خاللها بشرط ان تكون متو افقة مع‬ ‫االقتصادية(‪)299‬‬

‫الشريعةاإلسالمية(‪.)300‬‬

‫‪ -1‬نجاح تجربة النو افذ اإلسالمية في هذه المصارف قد يؤدي مستقبال لتحول المصارف‬
‫الربوية بالكامل إلى المصارف اإلسالمية(‪ )301‬وذلك بسبب النتائج التي ستحققها من جراء العمل‬
‫المصرفي اإلسالمي‪.‬‬

‫)‪ )297‬سورة البقرة‪ /‬اآلية ‪. 211‬‬


‫)‪ )298‬مصطفى ابراهيم محمد‪ ،‬تقييم ظاهرة تحول البنوك التقليدية للمصرفية االسالمية‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬الجامعة االمريكية‬
‫المفتوحة‪ ،‬قسم االقتصاد االسالمي‪ ،‬مكتب القاهرة‪ ،2221 ،‬ص‪. 772‬‬
‫)‪ )299‬د‪ .‬سعيد المرطان‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص ‪. 71‬‬
‫)‪ )300‬د‪.‬احمد شعبان محمد‪ ،‬البنوك االسالمية في مواجهة االزمات المالية‪ ،‬ط‪ ،7‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬االسكندرية‪ ،2272 ،‬ص‬
‫‪. 217‬‬
‫)‪ )301‬د‪ .‬فهد الشريف‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص ‪. 22‬‬

‫‪P 160‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫‪ -1‬أن تو افرعنصرالخبرة المتراكمة في المصارف الربوية يعطي امكانية واسعة في سبيل‬


‫تطوير العمل المصرفي اإلسالمي من خالل اعتماد المصارف الربوية على تجربة النافذة‬
‫االسالمية(‪ )302‬اال انه بالمقابل تعد هذه الميزة تحديا كبيرا ضد المصارف االسالمية كون ان‬
‫المصارف الربوية هي اعرق تاريخاو اكثركفاءه وخبرة من المصارف اإلسالمية(‪. )303‬‬

‫‪ -6‬ضرورة إعطاء الحق لمثل هذه المصارف في تبني وتقديم خدمات ومنتجات مصرفية‬
‫ومالية اسالميه لعمالئها على المدى البعيد مع انتقاء العمليات المصرفية اإلسالمية المناسبة‬
‫وهذا الرأي يتالءم مع فلسفة الشريعة اإلسالمية بالتدرج في تحريم املحرمات‪ ،‬و أنوجود النو افذ‬
‫اإلسالمية داخل المصرف التقليدي سوف يشجع على التعايش المشترك بين نظامين مصرفيين‬
‫مختلفين اصال بينهما بدل المواجهة غيرهذه الفائدة(‪. )304‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬االتجاهات المعارضة‬

‫ظهر اتجاه ثان بشأن تجربة النو افذ اإلسالمية يعد ر افض لهاومن اهم حججه بهذا‬
‫الشأن هي‪:‬‬

‫‪ -5‬الخوف من أن يؤدي فتح النو افذ اإلسالمية في المصارف التقليدية الى التشويش على‬
‫حسن سير تطبيقها في أذهان العاملين والعمالء على حد سواء(‪. )305‬‬

‫‪ -1‬مسألة المو افقة الشرعية على إنشاء النو افذ االسالمية حيث ان البعض يصر على‬
‫عدم جوازإنشاء النافذة االسالمية من بنوك تقليدية ربوية(‪.)306‬‬

‫‪ -1‬ان التعامل مع النو افذ اإلسالمية في المصارف الربوية سيؤدي الى اختالط األموال‬
‫الحالل والحرام ويتعذرالفصل بينهما في الكثيرمن األحيان(‪.)307‬‬

‫)‪ )302‬مصطفى ابراهيم محمد‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص ‪. 777‬‬


‫)‪ )303‬شوقي بو رقبة‪ ،‬تقييم الكفاءة التشغيلية للمصارف االسالمية‪ ،‬بحث منشور المجلة االسالمية االقتصادية‪ ،‬المجلد‪ ،77‬العدد‬
‫‪ ، 2221 ،7‬ص ‪. 7‬‬
‫)‪ )304‬مصطفى ابراهيم‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪777‬؛ د‪.‬سمير الشيخ‪ ،‬فلسفة تطبيق المصرفية االسالمية في البنوك التقليدية‪ ،‬ص‪،71‬‬
‫منشورة بتاريخ ‪ ،2277/72/2‬وعلى الموقع‪https://iefpedia.com/arab/?p=29703 :‬‬
‫)‪ )305‬د‪.‬سعيد المرطان‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.71‬‬
‫)‪ )306‬أ‪.‬سليمان عبد الله ناصر‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.2‬‬
‫)‪ )307‬مصطفى ابراهيم‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص ‪.772‬‬

‫‪P 161‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫‪ -1‬يالحظ أن هذه النو افذ ما هي إال وسيلة تسعى المصارف الربوية لكسب فرص السوق‬
‫المالي االسالمي‪ ،‬ومثل هذه النو افذ ال تعد سوى واجهة شكلية إقامتها المصارف الربوية لغرض‬
‫الفوزبحصة من سوق العمل المصرفي اإلسالمي الذي يتزايد اإلقبال عليه بشكل واسع‪.‬‬

‫‪ -9‬أن العديد من المصارف التقليدية التي فتحت نو افذ اإلسالمية قد ال تطبق مبادئ‬
‫الشريعة اإلسالمية في تعامالتها المالية مع الزبائن اال شكليا‪ ،‬مما يؤدي الى انها تقوم بتقديم‬
‫نظرة غير سليمة عن الصيرفة اإلسالمية‪ ،‬وكذلك ضعف الوعي فيما يخص مفاهيم التمويل‬
‫اإلسالمي مما يشكل مشكلة في التسويق المصرفي اإلسالمي مع غياب قنوات اعالمية متخصصة‬
‫في نشرثقافة الصيرفة اإلسالمية والتمويل واالستثماراإلسالمي لدول الغرب(‪.)308‬‬

‫ومما سبق نجد أن هذا االتجاه يحرم التعامل مع المصارف الربوية وإن كانت لديها‬
‫نافذة اسالميه العتبار أن هذه النافذة اصال تابعة للمصرف التقليدي والتابع تابع وبالتالي ال‬
‫يشجع هذا االتجاه االعتماد على النو افذ اإلسالمية‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬تأسيس النو افذ اإلسالمية ومتطلباتها‬

‫سيتم في هذا المطلب التركيز على طريقة إنشاء النو افذ اإلسالمية في المصارف الربوية‬
‫واهم الضوابط واإلجراءات الخاصة بها ضمن إطار المصرف التقليدي‪ ،‬واالشارة للتشريعات‬
‫القانونية التي نصت او اشارت للنو افذ االسالمية المصرفية قدراالمكان‪.‬‬

‫اذ البد من وجود التوجه الحقيقي لقيادات المصرف التقليدي في ذلك وااللتزام‬
‫بالضوابط الشرعية وتجنب ارتكاب املخالفات الشرعية وفهم قضية الحالل والحرام واوجدت‬
‫العديد من البنوك ال مركزية ضمن النصوص القانونية المنظمة لها مجموعة من اإلجراءات‬
‫والضوابط‪ ،‬وتباينت التشريعاتبشان تضمينهالموقف واضح من مسالة النو افذ اإلسالمية‪.‬‬

‫فلم يتضمن قانون المصارف اإلسالمية اإلماراتي ذي الرقم ‪ 6‬لسنة ‪ 5771‬أي نصوص‬
‫تنظم عمل النو افذ اإلسالمية‪ ,‬ويشير الو اقع العملي بأن األسلوب المتبع هو تأسيس مصارف‬
‫إسالمية جديدة أو أن يتبنى المصرفالتقليدي الراغب في التحول للمصرفية اإلسالمية مبدأ‬
‫التحول الكلي وفق خطة زمنية معلنة‪ ,‬اذال يوجد في القطاع المصرفي اإلماراتيفكرة االزدواجيةفي‬
‫التعامل داخل المصرف الواحد سواء في شكل فروع إسالمية أو نو افذ أو منتجات إسالمية ‪ ,‬مع‬

‫)‪ )308‬فؤاد بنعلي‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص ‪.92‬‬

‫‪P 162‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫استمرارالمصرف بالعمل بالنظام التقليدي‪ ،‬ويظهرلنا ذلك جليا من خالل تتبع نشرة المصرف‬
‫المركزي اإلماراتي الخاصة بالبنوك العاملة داخل دولة اإلمارات حيث يوجد عدة بنوك تحمل‬
‫أسماء مزدوجة تقليدية وإسالمية مثال ذلك مصرف أبو ظبي الوطني ومصرف أبو ظبي اإلسالمي‬
‫ومصرف دبي التجاري ومصرف دبي اإلسالمي(‪.)309‬‬

‫كما أكد على ذلك المصرف المركزي اإلماراتي للعديد من البنوك التقليدية التي تعمل‬
‫في دولة االمارات العربيةالمتحدةعلى فتح النو افذ اإلسالمية من خالل التزام هذه المصارف‬
‫بمسك سجالت حسابات منفصلة للخدمات المصرفية اإلسالمية في المصرف التقليدي‬
‫لعمالئه تكون بالضرورة منفصلة عن سجالت الخدمات المصرفية التقليدية الربوية لعمالئه‬
‫داخل المصرفباإلضافة الى اعداد حساب األرباح والخسائر والميزانية العمومية لقسم‬
‫الخدمات المصرفية اإلسالمية بالمصرف بشكل منفصل أيضا(‪. )310‬‬

‫وهذا ما ظهر جليا في القروض والسلف للمواطنين وملختلف القطاعات عن طريق‬


‫النو افذ اإلسالمية لهذه المصارف مما يعزز دور الصيرفة اإلسالمية في المصارف التقليدية‬
‫الحكومية ويفتح آفاقا جديدة لتنويع االستثمارات و انتهاج أساليب التمويل االستثماري أكثر‬
‫قربا من أحكام الشريعة اإلسالمية ونجد ضرورة مباركة الجهود التي تصدر من السلطة‬
‫التنفيذية أو المالية والمصرفية العر اقية والخطوات التي تنتهجها في تطبيق احكام الشريعة‬
‫االسالمية على المعامالت المالية والمصرفية في العراق اذ تعد خطوة أولى وأساسية‪،‬‬
‫وتعدماليزيا والتي تعد من أهم دول الصيرفة اإلسالمية بالسماح للمصارف التقليدية بفتح‬
‫نو افذ اإلسالمية منذ عام ‪ 5771‬وعلى وفق شروط معينة(‪.)311‬‬

‫ومن جانب اخر نالحظ قرار هيئة الرقابة الشرعية ملجموعة ‪HSBC‬المصرفية وحدة‬
‫امانه للصيرفة اإلسالمية‪-‬الشرق األوسط في ‪ 1111-1-11‬ما نصه‪":‬يعتبر إنشاء وحدة مصرفية‬
‫إسالمية تابعة لمصرف تقليدي مقبوال من الناحية الشرعية شريطة التقيد بالضوابط التالية‪:‬‬

‫)‪ )309‬مصرف اإلمارات العربية المتحدة المركزي‪ ،‬كشف بأسماء البنوك الوطنية وتوزيع فروعها في دولة اإلمارات العربية‬
‫المتحدة ‪ ،‬كشف رقم (‪ )7‬متاح على موقع مصرف اإلمارات العربية المتحدة ‪ www.centralbank.ae‬للمزيد من التفصيالت‬
‫أنظر إلى د‪ .‬عبدالعزيز الغرير‪ ،‬فصل البنوك التقليدية عن اإلسالمية ال يخدم القطاع المصرفي والعمالء‪ ،‬مقال منشور في‬
‫جريدة الشرق األوسط ‪ ،‬العدد ‪ 77 ،72122‬رجب ‪ 71-7924‬يونيو ‪.2221‬‬
‫)‪ )310‬عبد الفتاح منتصر‪ ،‬مقالة بعنوان‪ :‬المركزي لن يغلق النوافذ االسالمية في البنوك التقليدية‪ ، 2277/2/4 ،‬متاحة على‬
‫الموقع‪HTTP://WWW.ALBAYAN.AE/RES/HTML :‬‬
‫)‪ )311‬أ‪.‬سليمان عبد الله ناصر‪ ،‬مقالة تجربة ماليزيا ومقارنتها بالتجربة اليمنية‪ ،‬مؤتمر المصارف االسالمية في اليمن‪ ،‬ص‪،7‬‬
‫المقام بتاريخ‪ ،2272/2/22 :‬منشور على الموقع‪HTTP://WWW.NWESYEMEN.NET :‬‬

‫‪P 163‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫‪ -5‬أن تكون حسابات الوحدة المصرفية اإلسالمية منفصلة عنحسابات المصرفي التقليدي‪-1 .‬‬
‫أال تنعكس أرباح وخسائر القسم الربوي على أرباح وخسائر القسم االسالمي‪ -1 .‬أن تكون كل‬
‫المعامالت القائمة بالوحدة المصرفية اإلسالمية متو افقة مع الشريعة وتحت رقابة علماء‬
‫الشريعة"‪.‬‬

‫وفي قرار اخر ايضا صدر بخصوص دور املجامع الفقهية في ترشيد مسيرة المؤسسات‬
‫المالية اإلسالمية اذ نص على ضرورة التنسيق بين هيئات الرقابة الشرعية في المؤسسات‬
‫المالية اإلسالمية وضرورة التعاون بين هيئات الرقابة الشرعية في المؤسسات المالية واملجامع‬
‫الفقهية والدولية للتنسيق والتعاون وتبادل اآلراء(‪. )312‬‬

‫وأجاز أيضا المشرع اللبناني للمصارف التقليدية فتح نو افذ اإلسالمية حيث‬
‫منحمصرف االعتماد اللبناني الرخصة لذلك تحت اسمالمصرف االسالمي للتنمية ومصرف‬
‫لبنان والمهجر واشترط القانون أن يكون رأس مال النافذة االسالمية بحدود ‪ 11‬مليون دوالر‬
‫باعتبارأن الضمانات متوفرة في رأس مال المصرف القائمة اصال (‪.)313‬‬

‫وفي وقت قريب اعتمدت سلطنة عمان ومن خالل المرسوم السلطاني رقم ‪ 67‬لسنة‬
‫‪ 1151‬والخاص بإصدار تعديالت على بعض أحكام القانون المصرفي العماني رقم ‪ 551‬لسنة‬
‫‪ 1111‬الصيرفة االسالمية من خالل اضافة الباب السادس للقانون المصرفي العماني والذي‬
‫جاء تحت مسمى "األعمال المصرفية اإلسالمية"اذ اجازت المادة (‪ )511‬منه على اختصاص‬
‫المصرف المركزي بالترخيص لممارسة االعمال المصرفية اإلسالمية من خالل النو افذ‬
‫اإلسالمية في المصارف التقليدية واعفت المادة (‪ )511‬من هذا القانون المصارف المرخص‬
‫لها بمزاولة تلك األعمال من الرسوم التي تفرض على المعامالت المتعلقة بتملك األموال‬
‫العقارية والمنقولة او ايجارها أو استئجارها التي تجرى ألغراض مزاولة األعمال المصرفية‬
‫اإلسالمية وبينت المادة (‪ )516‬من ذات القانون على وجود لجنة للرقابة الشرعية على النافذة‬
‫االسالمية مع قيام مجلس املحافظين بإنشاء هيئة عليا للرقابة الشرعية(‪. )314‬‬

‫)‪ )312‬قرار رقم ‪ 22/1/742‬بشان دور المجامع الفقهية في ترشيد مسيرة المؤسسات المالية االسالمية اليات وصيغ‪ ،‬مجمع الفقه‬
‫االسالمي الدولي المنبثق عن منظمة التعاون االسالمي‪ ،‬الدورة ‪ ،22‬الجزائر‪.2272 ،‬‬
‫)‪ )313‬تريز منصور‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص ‪.2‬‬
‫)‪ )314‬تجدر االشارة الى ان المادة (‪ )722‬من المرسوم السلطاني رقم ‪ 14‬لسنة ‪ 2272‬نص على ‪" :‬يختص مجلس المحافظين‬
‫بوضع اللوائح والتعاميم واالرشادات المتعلقة باألعمال المصرفية االسالمية سواء فيما يتعلق بالترخيص التنظيم واالدارة‬
‫والرقابة الشرعية راس المال االئتمان حدود االستثمار والكشوف المحاسبة التقارير االفصاح وادارة المخاطر وغيرها‪.‬‬

‫‪P 164‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫اما بخصوص موقف المشرع العراقي فيالحظ قيام المصرف المركزي العراقي‬
‫بإصدارتعليمات الصيرفة اإلسالمية رقم ‪ 6‬لسنة ‪ 1155‬والتيتنظم العمل المصرفي االسالمي في‬
‫َ‬
‫العر اقوالتي بقيت نافذة ولم تلغ بعد صدور قانون المصارف االسالمية العراقي عام ‪ ،1151‬اذ‬
‫نصت المادة (‪ )1 /5‬من التعليمات على إعطاء صالحية للمصرف المركزي في فتح نو افذ‬
‫إسالمية للمصارف التقليدية‪ ،‬وبينت التعليمات في المادة (‪ )1‬منها على اهم اهداف النافذة‬
‫االسالمية في تقديم الخدمات المصرفية وممارسة عمليات التمويل واالستثمارحسب الشريعة‬
‫االسالمية و تحريم الربا اخذا واعطاء بكل أوجه المعروفة سواءلحسابها او لحساب الغير‪ ،‬مع‬
‫بيان ذلك في عقد تأسيسها ومن بين األهداف أيضا تطوير وجذب وسائل استثمار االموال‬
‫والمدخرات وتوجيهها نحو المشاركة في عمليات االستثمار وفقا ألحكام الشريعة االسالمية‬
‫الغراء‪.‬‬

‫واشارت المادة (‪ )51‬من التعليمات على جواز قيام المصارف التجاريةواالستثمارية‬


‫بفتح نافذة إسالمية على وفق الشروط التالية‪ :‬اخذ مو افقه المصرف المركزي العراقي‬
‫المسبقة على إجراءات فتح مثل هذه النو افذ ضمن الخطة السنوية لفتح النو افذ و تحويل‬
‫نشاط فرع موجود يمارس الصيرفةالتقليدية الى ممارسة االعمال المصرفية اإلسالمية بعد‬
‫مو افقة المصرف المركزي العراقي على تحويل نشاطه‪.‬‬

‫وال بد أن يتم تخصيص رأس مال مستقل مصدره معروف بعيد عن شبهات الربا وله‬
‫استقاللية عن اموال البنك االخرى‪ ،‬ويقوم المصرف بمراجعة نشاطه األساس ي وعقد تأسيسه‬
‫لكي يتالئم مع نشاط المصرفية اإلسالمية ويحق للنافذة بعد تأسيسها أن تمارس كل األنشطة‬
‫المسموح بها في ظل أحكام الشريعة اإلسالمية‪.‬‬

‫والبد ان يكونلكل نافذة هيكلية ادارية خاصة تتضمن مديرا للنافذة و اقسام ادارية‬
‫وتنفيذية اخرى ولها خبرة في العمل المصرفي اإلسالمي‪.‬‬

‫وبينت المادة (‪ )51‬من التعليمات ايضا على قواعد النظم المالية واملحاسبية وإعداد‬
‫البيانات المالية للفصل بين حسابات النو افذ والمصرف الرئيس وإعداد التقاريرالشهرية عن‬
‫المركزالمالي للنافذة وارساله الى المصرف المركزي العراقي المديرية العامة لمر اقبة الصيرفة‬

‫‪P 165‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫واالئتمان والقيام بإيجاد أدوات التحوط(‪ )315‬المناسبة للنافذة والتي تحول دون تملكها لألصول‬
‫والسلع التي يشتريها وتعرضه ملخاطرمختلفة‪.‬‬

‫ففي العراق صدرت تعليمات رقم (‪ )6‬لعام ‪ 1155‬من قبل المصرف المركزي العراقي‬
‫نظمت بموجبها عمل النو افذ اإلسالمية في المصارف العر اقية عموما والحكومية منها على وجه‬
‫الخصوص(‪ ،)316‬وتم بموجبها فتح أكثر من فرع إسالمي تابع لمصرف الر افدين ومصرف‬
‫الرشيد‪ ،‬غير إن المتابع لو اقع النو افذ اإلسالمية في المصارف الحكومية العر اقية يجد إن‬
‫المشرع العراقي قد عدل عن موقفه الداعم إلى وجود النو افذ اإلسالمية ضمن تشكيالت‬
‫المصارف الحكومية (الر افدين والرشيد) ‪ ،‬فقد نصت المادة (‪ )11‬من قانون الموازنة العامة‬
‫العر اقية لسنة ‪ 1151‬على االتي‪" :‬يفك ارتباط كل من النافذة اإلسالمية التابعة لمصرف‬
‫الرشيد ومصرف الر افدين وإلحاقها بمصرف النهرين اإلسالمي وعلى أن يتم نقل رأس مال‬
‫النافذتين وموجوداتها من المصرفين المذكورين أعاله إلى مصرف النهرين اإلسالمي"‪.‬‬

‫وبهذا يكون المشرع العراقي قد تبنى موقف تشريعي جديد يميل فيه إلى عدم تبني فكرة‬
‫وجود النو افذ اإلسالمية ضمن هيكلية المصارف الحكومية العر اقية الربوية وان األسلوب‬
‫األمثل للتحول هو بتأسيس مصارف حكومية إسالمية مستقلة وخيرمثال على ذلك هو مصرف‬
‫النهرين اإلسالمي الذي تأسس بموجب القانون رقم ‪ 71‬لسنة ‪.1151‬‬

‫ومن المعلوم انه إذا كان المصرف الذي يريد اعتماد نافذة إسالمية مصرفا غيرحكومي‬
‫ً‬
‫فيجب تعديل عقد تأسيسه لغرض ممارسة النافذة لخدمات الصيرفة اإلسالمية‪ ،‬أما إذا كان‬
‫المصرف تابع لقطاع الدولة فيجب تعديل قانون إنشائه ليناسب مع النافذة اإلسالمية التي‬
‫يراد فتحها(‪.)317‬‬

‫والبد من وجود هيئة رقابة شرعية في النافذة االسالمية المصرفية وهي عبارة عن هيئة‬
‫او إدارة تر اقب ما تقوم به النافذة االسالمية من اعمال وتتأكد من مطابقتها ألحكام الشريعة‬
‫اإلسالمية الغراء‪ ،‬ويتم ممارسة هذه الرقابة من قبل هيئة او ادارة تعد سلطة مستقلة بحد ذاتها‬

‫)‪ )315‬التحوط‪ :‬هو الوقاية واالحتماء من المخاطر فهو فن ادارة المخاطر لالسعار من خالل اخذ مراكز عكسية عند التعامل في‬
‫ادوات المشتقات او هو االجراءات التي تتخذ لحماية المال من التقلب غير المتوقع وذلك باقل كلفة‪ .‬للتفاصيل ينظر‪ :‬د‪.‬عادل‬
‫عبد الفضيل‪ ،‬االحتياط ضد مخاطر االستثمار في المصارف االسالمية ‪ ،‬ط‪ ،7‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬االسكندرية‪،2277 ،‬‬
‫ص‪. 721‬‬
‫)‪ )316‬التعليمات منشورة على موقع المصرف المركزي العراقي الصفحة الرسمية للبنك ‪www.cbi.iq‬‬
‫)‪ )317‬المادة (‪ )72‬من تعليمات الصيرفة االسالمية في العراق‪.‬‬

‫‪P 166‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫لغرض االبتعاد عن أي تأثير او ضغوط من االدارة التنفيذية للبنك بشكل عام‪ ،‬وهي تتكون من‬
‫اشخاص طبيعيين من كبار رجال العلم في الشرع واالقتصاد والقانون‪ ،‬وقد يطلق على هذه‬
‫الهيئة عدة مسميات اخرى كما في هيئة االفتاء‪ ،‬لجنة الرقابة الشرعية‪ ،‬المر اقب الشرعي‪،‬‬
‫ً‬
‫هيئة الفتوى(‪ ،)318‬وعرفت بأنها‪ :‬جهاز يضم عددا من الفقهاء والمتخصصين في المعامالت‬
‫المالية‪ ،‬يضع الضوابط الشرعية المستمدة من األدلة الشرعية‪ ،‬وتكون هذه الضوابط ملزمة‬
‫للمؤسسة ويتابع تنفيذها للتأكد من سالمة التنفيذ(‪ )319‬ويالحظ على هذا التعريف انه جعل دور‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫هيئة الرقابة الشرعية دورا شامال ال يقتصر على مجرد المر اقبة الشرعية بل يتعداه إلى وضع‬
‫الضوابط الشرعية الملزمة ‪.‬‬

‫وعرفها اخربأنها‪ :‬جهازمستقبل من الفقهاء املختصين في فقه المعامالت ويجوزان يكون‬


‫احدهم من املختصين في مجال المؤسسات المالية وله المام بفقه المعامالت وتكون فتواها‬
‫صادرة باألغلبية الملزمة ‪ ،‬وتهتم بتوجيه النشاطات ومر اقبتها واالشراف عليها للتأكد من‬
‫التزامها بأحكام الشريعة االسالمية(‪.)320‬‬

‫ومن الجدير بالذكر ان مجلس الخدمات المالية اإلسالمية قد عرف هيئة الرقابة‬
‫الشرعية بأنها‪(( :‬كيان محدد تم إنشاؤه أوالتعاقد معه من قبل مؤسسة خدمات مالية إسالمية‬
‫إلنجازنظام الضوابط الشرعية وتطبيقه)) (‪.)321‬‬

‫يتضح من التعريفات السابقة‪ ،‬انها متفقة على ان الهدف من عمل هذه الهيئة هو ان‬
‫ً‬
‫يكون عمل شركة التكافل‪ ،‬وغيرها من المؤسسات المالية اإلسالمية متو افقا مع أحكام‬
‫ومبادئ الشريعة اإلسالمية‪.‬‬

‫وتكون هيئة الرقابة الشرعية(‪ )322‬متخصصة ودائمة وفعالة تتكون من العلماء الموثوق‬
‫بهم والمشهود بعلمهم وصدقهم وخبراتهم في مجاالت العمل المصرفي اإلسالمي لكي تتولى تنظيم‬

‫(‪ )318‬د‪ .‬محمد محمود العجلوني‪ ،‬البنوك االسالمية‪ ،‬ط‪ ،2‬دار المسيرة‪ ،‬عمان‪-‬االردن‪ ،2272 ،‬ص‪.717-712‬‬
‫(‪ )319‬د‪.‬يوسف بن عبدالله الشبيلي‪ ،‬الرقابة الشرعية على شركات التأمين التعاوني‪ ،‬بحث مقدم الى مؤتمر التأمين التعاوني‪:‬‬
‫ابعاده وافاقه وموقف الشريعة اإلسالمية منه‪ ،‬بالتعاون بين الجامعة األردنية‪ ،‬مجمع الفقه اإلسالمي الدولي‪ ،‬المنظمة اإلسالمية‬
‫للتربية والعلوم والثقافة (ايسيسكو)‪ ،‬والمعهد اإلسالمي للبحوث والتدريب (عضو مجموعة البنك اإلسالمي للتنمية)‪ ،‬عمان‪،‬‬
‫للفترة من ‪ 72-77‬ابريل ‪ ،2272‬ص‪.2‬‬
‫(‪ )320‬مصطفى سلعس‪ ،‬اثر انتشار ثقافة التكافل على مبيعات شركات التأمين اإلسالمي‪ ،‬بحث مقدم الى كلية االقتصاد‪ ،‬جامعة‬
‫دمشق‪ ،‬قسم الدراسات العليا‪ ،2224 ،‬ص‪.72-4‬‬
‫(‪ )321‬مجلس الخدمات المالية اإلسالمية‪ ،‬المعيار رقم (‪ ،)22‬العناصر األساسية في عملية المراجعة الرقابية لشركات التكافل‬
‫وإعادة التكافل (قطاع التأمين اإلسالمي)‪ ،2271 ،‬ص‪.14‬‬
‫)‪ )322‬هيئة الرقابة الشرعية‪ :‬وهي عبارة عن هيئة او ادارة تراقب ما يقوم به المصرف االسالمي او النافذة االسالمية من اعمال‬
‫وتتأكد من مطابقتها ألحكام الشريعة االسالمية الغراء ويتم ممارسة هذه الرقابة من قبل هيئة او ادارة تعد سلطة مستقلة بحد‬

‫‪P 167‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫العقود وصياغتها والتأكد من صحة المعاملة التي تتم عبر النافذة وال بد أن تكون هذه الهيئة‬
‫الشرعية مستقلة بالتأكيد عن إدارة المصرف الربوي‪ ،‬والسبب في ذلك لكي ال تخضع هذه الهيئة‬
‫لتأثيرات وضغوطات من اإلدارة مما قد يسبب انحر افا عن أهدافه الرقابية داخل النافذة‬
‫االسالمية‪.‬‬

‫ومن مهام الهيئة الشرعية للنافذة االسالميةبالمصرف التقليدي هي محاولة التنسيق‬


‫بين الهيئة الشرعية واإلدارة التنفيذية للمصرف المسؤول عن النو افذ والتنسيق بين المصرف‬
‫والجهات اإلشر افية لتوضيح الجوانب الشرعية لعمل النو افذ االسالمية والعمل على نشر‬
‫الوعي المصرفي اإلسالمي بين العمالء من خالل اللقاءات المتعددة والنشرات التعريفية بهذا‬
‫الخصوص(‪.)323‬‬

‫واكدت التعليمات في المادة (‪ )6‬على ضرورة وجود الهيئة الشرعية في النافذة‬


‫االسالمية في المصارف الربوية وهي البد ان تتكون من عدد ال يقل عن (ثالثة أشخاص وال يزيد‬
‫عن خمسة) وأن يكونوا متمتعين بالخبرة في احكام الشريعة االسالمية واالعضاء االخرون يكونوا‬
‫خبراء في األعمال المصرفية والقانونية والمالية وال يحق وفقا للتعليمات أن يكون أعضاء الهيئة‬
‫الشرعية من االداريين او الموظفين في المصرف التقليدي الربوي ذاته‪ ،‬وحددت التعليمات مدة‬
‫تعيينهم في الهيئة ثالث سنوات قابلة للتجديد وبمو افقة الهيئة العامة للمصرف و مو افقة‬
‫المصرف المركزي العراقي‪.‬‬

‫واشار قانون المصارف االسالمية العراقي رقم ‪ 11‬لسنة ‪ 1151‬النافذ على(‪ )324‬ضرورة‬
‫تعين الهيئة التأسيسية لكل مصرف عندت أسيسه وبمو افقة البنك المركزي العراقي هيئة‬
‫تسمى (هيئةالرقابةالشرعية)‪ ،‬اذ تتألف هيئة الرقابة الشرعية من (‪ )1‬خمسة أعضاء يكون‬
‫(ثالثة) منها في األقل منذوي الخبرة في الفقه اإلسالمي واصوله (و اثنان) منهم في األقل من ذوي‬
‫الخبرة واالختصاص في االعمال المصرفية والقانونية والمالية‪ ،‬وينتخب أعضاء الهيئة من بينهم‬
‫رئيسا وعضوا تنفيذيا ولها ان تستعين بمن تراه مناسبا من األشخاص والهيئات لتحقيق‬

‫ذاتها لغرض االبتعاد عن اي تأثير او ضغوط من االدارة التنفيذية للبنك بشكل عام وهي تتكون من اشخاص طبيعيين ومن كبار‬
‫رجال العلم في الشرع واالقتصاد والقانون ويطلق على هذه الهيئة عدة مسميات منها هيئة االفتاء او لجنة الرقابة الشرعية او‬
‫المراقب الشرعي او هيئة الفتوى‪ .‬للتفاصيل اكثر ينظر‪ :‬د‪ .‬محمد محمود العجلوني‪ ،‬البنوك االسالمي‪ ،‬ط‪ ،2‬دار المسيرة ‪،‬‬
‫عمان‪ ،2272 ،‬ص‪. 717-712‬‬
‫)‪ )323‬د‪.‬محمد البلتاجي‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪ 1‬و‪4‬و‪. 72‬‬
‫(‪ )324‬المادة ‪ 1‬من القانون‪.‬‬

‫‪P 162‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫اهدافها‪ ،‬مع مالحظة وجود قيد مهم بانه ال يجوز ان يكون أعضاء هيئة الرقابة الشرعية من‬
‫اإلداريين او الموظفين من المدراء او من أعضاء مجلس اإلدارة او المساهمين في المصرف‬
‫وتكون مدة العضوية (‪ )1‬ثالث سنوات قابلة للتجديد بمو افقة الهيئة العامة للمصرف بعد‬
‫استحصال مو افقة البنك‪ ،‬ويكون اثر قرارات الهيئة ملزمة للمصرف‪.‬‬

‫ومن الضروري أن يكون أعضاؤها من ذوي الكفاءات العلمية‪ ،‬ومن المتخصصين في‬
‫ميداني المعامالت المالية واالقتصاد اإلسالمي‪ ،‬وأن ال يقل عددها عن ثالثة درءا للتواطؤ‪ ،‬وان‬
‫يأتي أعضاء الهيئة باالختيارمن قبل الجمعية العمومية للبنك ال من مدير البنك ‪ ،‬مما يكسبهم‬
‫قوة في إصدارالفتاوى الشرعية للبنك دون تحقيق مصلحة شخصية بالبقاء في منصب عضوية‬
‫هيئة الرقابة الشرعية ‪ ،‬إضافة إلى حضور جلسات مجلس اإلدارة والجمعية العمومية حتى‬
‫يكونوا على اطالع على تعامالت البنك مع ضرورة أن تكون فتاوى وآراء الهيئة ملزمة وواجبة‬
‫التنفيذ(‪.)325‬‬

‫ولمصرف النهرين االسالمي العراقي وهو شركة عامة حكومية هيأة للرقابة الشرعية(‪،)326‬‬
‫تتألف منأربعة أعضاء من ذوي الخبرة واالختصاص في الفقه اإلسالمي وأصوله‪ ،‬ويتم اختيارهم‬
‫من مجلس ادارة المصرف(‪ .)327‬ونجد ان االمر هنا منتقد الن وضع اعضاء في الهيئة بعدد زوجي‬
‫غير دقيق ويفضل ان يكون عددهم ‪ 1‬او خمسة اعضاء وذلك للترجيح والفصل عند تساوي‬
‫االصوات‪.‬‬

‫وتضع الهيئة صيغ عمل المصرف ولها مراجعة معامالته وتصرفاته وإصدار القرارات‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫بخصوصها طبقا ألحكام الشريعة اإلسالمية‪ ،‬وتصدر الهيئة قراراتها وفقا لمبادئ الشريعة‬
‫اإلسالمية األكثرمالئمة دون التقيد بمذهب معين‪ ،‬وتكون قراراتها ملزمة ونهائية‪.‬‬

‫وتكون وظيفة الهيئة(‪)328‬ابداء اآلراء الشرعية للمعامالت التي تقوم بها النافذة االسالمية‬
‫في المصرف الربوي وبيان عدم مخالفتها ألحكام الشريعة اإلسالمية مع رفع تقريرسنوي ملجلس‬
‫إدارة المصرف الربوي والجمعية العمومية للمساهمين ويحق للهيئة الشرعية أن تقترح ما تراه‬

‫)‪ )325‬د‪ .‬نصر سلمان‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.74‬‬


‫(‪)326‬المادة(‪ )77‬من القانون‪.‬‬
‫(‪)327‬المادة ‪77‬من قانون مصرف النهرين االسالمي النافذ ‪ ،‬والمادة(‪/1‬ثالثا) من النظام الداخلي لمصرف النهرين االسالمي‬
‫العراقي رقم ‪ 7‬لسنة ‪.2271‬‬
‫)‪ )328‬المادة (‪ )1‬منقانونالمصارفاالسالميةالعراقيالنافذ‬

‫‪P 167‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫مناسبا لتحقيق أعمال المصرف على الوجه الشرعي ويكونللهيئة الشرعية رئيس وعضو‬
‫تنفيذي يتم اختيارهم باالنتخاب من بين اعضائها وتكون القرارات وكل اإلجراءات تصدر من‬
‫الهيئة الشرعية ملزمة(‪ )329‬لإلدارة التنفيذية للمصرف حتى ال تبقى هذه القرارات والتوجيهات‬
‫توصيات غيرملزمة وبالتالي تفقد الهيئة مكانتها األساسية في النافذة االسالمية‪.‬‬

‫واستنادا للمادة (‪ )51‬من التعليمات الصيرفة االسالمية في العراق التي وضحت بان‬
‫تؤسس في كل نافذة في المصارف التقليدية قسم خاص للتدقيق الشرعي الداخلي ضمن الهيكل‬
‫التنظيمي للمصرف وتكون مهمتها مراجعة اإلجراءات املحاسبية وخطة التدقيق السنوية‬
‫وضوابط املحاسبة واداره املخاطر وإصدار التوصيات بالمو افقة عليها ويراجع تقرير مر اقب‬
‫الحسابات الخارجي فيما يتعلق بكشوفات المصارف والفروع المالية و إبالغ مجلس اإلدارة‬
‫بذلك ومراجعة التقاريرالواجب تقديمها من النافذة الى المصرف المركزي العراقي‪.‬‬

‫والبد من االشارة الى انه ال يجوز حل الهيئة الشرعية او اعفاء أي عضو فيها اال بقرار‬
‫مسبب من مجلس إدارة المصرف بأغلبية ثلثي األعضاء ومو افقة الهيئة العامة للمصرف(‪. )330‬‬

‫ان وجود قانون خاص للمصارف االسالمية سيوفرنقلة نوعية ومهمة في مجال االستثمار‬
‫المصرفي االسالمي وادوات تمويله وفقا ألحكام الشريعة االسالمية السمحاء‪ ،‬مما سيؤدي في‬
‫النهاية ان انتهجت الخطط االقتصادية واالستثمارية الصحيحة والدقيقة لتطوير االقتصاد‬
‫الوطني بشكل كبيرويحقق مكاسب لم تستطع المصارف الربوية ان تحققها‪.‬‬

‫وقد اكتفت بعض المصارف اإلسالمية بالنص في نظامها األساس ي أو في قانون إنشائها‬
‫فقط على االلتزام بأحكام الشريعة اإلسالمية دون النص على األسلوب الذي يحقق هذا االلتزام‬
‫ومثال ذلك البنك اإلسالمي للتنمية في جدة‪ ،‬إذ اليوجد فيه رقابة شرعية فهو يعرض‬
‫استفساراته على لجان منبثقة عن مجمع الفقه اإلسالمي(‪.)331‬‬

‫وهناك من الدول من أعلن عن تشكيل هيئة عليا شرعية وقانونية ومصرفية بقرار من‬
‫مجلس الوزراء تتولى الرقابة العليا على المصارف والمؤسسات المالية والشركات االستثمارية‬

‫)‪ )329‬المادة (‪ )7/27‬من قانون تنظيم العمل المصرفي السوداني لعام ‪.2229‬‬
‫)‪ )330‬المادة ‪ 4‬من قانون المصارف االسالمية العراقي‪.‬‬
‫)‪ )331‬فالح بدر الحميدي السبيعي ‪ ،‬الرقابة القانونية على البنوك اإلسالمية ‪ ،‬رسالة ماجستير ‪ ،‬كلية الدراسات القانونية العليا ‪،‬‬
‫جامعة عمان العربية ‪ ،‬األردن ‪ ،2221 ،‬ص‪.44‬‬

‫‪P 170‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬
‫ً‬
‫اإلسالمية للتحقق من مشروعية معامالتها وفقا ألحكام الشريعة اإلسالمية وتلحق هذه الهيئة‬
‫بوزارة الشؤون اإلسالمية واألوقاف(‪.)332‬‬

‫على عكس بعض التشريعات العربية كالتشريع اإلماراتي الذي تبنى مبدأ الرقابة‬
‫الشرعية المزدوجة من خالل هيئتين للرقابة الشرعية ‪ ،‬الهيئة األولى هي هيئة داخلية في‬
‫المصرف اإلسالمي أو المؤسسة أو الشركة االستثمارية اإلسالمية وتمارس رقابة ذاتية داخلية‬
‫والبد من مو افقة الهيئة العليا للرقابة الشرعية على تشكيل أسماءأعضاء هيئة الرقابة‬
‫الداخلية‪ ،‬والهيئة الثانية هي هيئة عليا للرقابة الشرعية تشكل بقرارمن مجلس الوزراء وتمارس‬
‫الرقابة بصفة عامة على أعمال المصرف اإلسالمي الداخلية للتأكد من مطابقة المعامالت‬
‫المصرفية والتصرفات واآلراء الفقهية ألحكام وقواعد الشريعة اإلسالمية(‪.)333‬‬

‫الخاتمة‬

‫من خالل ما تم عرضه في هذا البحث توصلنا إلى جملة من النتائج والتوصيات وهي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬النتائج‪:‬‬

‫‪-5‬تمثل النو افذ االسالمية ادوات مهمة في التعامالت المالية المصرفية االسالمية‪.‬‬

‫‪-1‬قيام العديد من المصارف الربوية باعتماد النو افذ االسالمية بشكل واسع وجذب‬
‫العمالء من االفراد والشركات اليها لما تحققه من اهمية في النشاط التجاري‪.‬‬

‫‪-1‬ان اعتماد المصارف الربوية االوربية واالمريكية للنو افذ االسالمية يمثل اكبر دعم‬
‫اساس ي ومهم لتطويرها بشكل واسع وذلك يعطي بالضرورة ومن باب اولى اعتمادها بشكل واسع‬
‫من الدول العربية واالسالمية في المصارف الربوية‪.‬‬

‫‪-1‬خضوع فتح النو افذ االسالمية في أي مصرف ربوي الى ضوابط ونصوص قانونية‬
‫خاصة بها تختلف عما هو مطبق على المصارف الربوية‪.‬‬

‫‪-6‬اعتمدت العديد من الدول ومن خالل تشريعاتها على النو افذ االسالمية من خالل‬
‫وضع القواعد القانونية الخاصة بها والمالئمة لها بسبب خصوصية هذه النو افذ االسالمية‪.‬‬

‫)‪ )332‬المادة (‪ )1‬من القانون االتحادي اإلماراتي بشأن المصارف اإلسالمية رقم (‪ )1‬لسنة ‪. 7411‬‬
‫)‪ )333‬المادة (‪ )1-1‬من القانون اإلماراتي بشأن المصارف اإلسالمية رقم (‪ )1‬لسنة ‪.7411‬‬

‫‪P 171‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫‪-9‬ان النو افذ االسالمية تتعامل باألمورالمالية المشروعة وعليه البد من وجود هيئة او‬
‫جهة متخصصة لمر اقبة ومتابعة اعمالها وعقودها وما تقدمه للجمهور من خدمات مالية‬
‫ومصرفية وهذه الهيئة او الجهة هي هيئة الفتوى الشرعية المصرفية او كما تسمى هيئة الرقابة‬
‫الشرعية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬التوصيات‪:‬‬

‫‪-5‬تعديل نص المادة ‪/55‬اوال من قانون مصرف النهرين االسالمي العراقي الى ضرورة تعيين‬
‫اعضاء هيئة الرقابة الشرعية من خمسة اعضاء من ذوي الخبرة واالختصاص في الفقه‬
‫االسالمي واحكامه‪.‬‬

‫‪ -1‬من خالل التطبيق العملي في هذا املجال البد من البحث على التوعية بطبيعة العمل‬
‫المصرفي اإلسالمي وتعيين هيئة الرقابة الشرعية والعمل على النو افذ اإلسالمية في المصارف‬
‫الربوية مما يمثل قيمه اضافيه حقيقية لعمل النظام المصرفي‪.‬‬

‫‪ -1‬نوص ي بضرورة حث الجهات ذات العالقة كالمصرف المركزي العراقي ورابطة‬


‫المصارف المستقلة في العراق على تسليط االضواء على االنجازات المتحققة األوضاع والتي‬
‫ستحققها المصارف اإلسالمية بوجه عام والنو افذ اإلسالمية في المصارف الربوية بوجه خاص‬
‫وذلك لدعمها بشكل كبيروشامل وحث المؤسسات المالية والمصرفية الربوية للتحول تدريجيا‬
‫نحو المصرفية اإلسالمية‪.‬‬

‫‪ -1‬اقترح توفير الدعم المالي والفني للنو افذ اإلسالميةالمفتوحة في المصارف الربوية‬
‫وتوزيع نشاطاتها المالية والمصرفية نحو األفضل واالستفادة من تجارب الدول في هذا املجال‬
‫وال ضيرفي نقل تجارب احدى الدول المالية العربية او االجنبية للعراق لالستفادة من مميزات يا‬
‫وتجاوزمساوئها‪.‬‬

‫‪ -6‬نقترح إعداد دورات تدريبية وتثقيفية و توضيحية للعاملين في املجال المصرفي واالدارات‬
‫لهذه المصارف لحثهم على التحول الكلي للمصرفية االسالمية او التعامل مع المنتجات‬
‫اإلسالمية من خالل فتح النو افذ اإلسالمية‪.‬‬

‫‪P 172‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫الئحة المراجع‪:‬‬
‫د‪.‬ضرار الماحي ود‪.‬محمد عوض‪ ،‬الفروع والنو افذ االسالمية في البنوك التقليدية‪ ،‬مجلة‬
‫تفكر‪ ،‬معهد اسالم المعرفة‪ ،‬جامعة الجزيرة‪-‬السودان‪ ،‬مجلد ‪ ،51‬عدد ‪.1117 ،5‬‬
‫حسين حسين شحاته‪ ،‬الضوابطالشرعيةلفروعالمعامالتاإلسالميةبالبنوكالتقليدية‪،‬‬
‫ص‪ ،1‬بحث منشوربتاريخ كانون الثاني ‪.1115‬‬
‫د‪.‬فهد الشريف‪ ،‬الفروع االسالمية التابعة للمصارف الربوية‪ ،‬دراسة في ضوء االقتصاد‬
‫االسالمي‪ ،‬المؤتمرالعالمي الثالث لالقتصاد االسالمي‪ ،‬جامعة ام القرى‪ ،‬السعودية‪.1111 ،‬‬
‫عارف محمد الخير الحاج‪ ،‬الرقابة الشرعية على النو افذ اإلسالمية بالبنوك التقليدية‬
‫دراسة تحليلية للتجربة الماليزية‪ ،‬رسالة ماجستيرمقدمة إلى مجلس الجامعة اإلسالمية العالمية في‬
‫ماليزيا‪ -‬كلية أحمد إبراهيم للحقوق‪.1116 ،‬‬
‫أحمد الدخيل ‪ ،‬النو افذ اإلسالمية في المصارف الحكومية العر اقية‪ ،‬دراسات اقتصادية‬
‫إسالمية‪ ،‬املجلد التاسع عشر‪ ،‬العدد الثاني‪. 1151 ،‬‬
‫لطف محمد السرحي‪ ،‬الفروع االسالمية في البنوك التقليدية‪ ،‬بحث مؤتمر المصارف‬
‫االسالمية اليمنية‪ ،‬الو اقع و افاق المستقبل‪ ،‬نادي رجال االعمال‪ ،‬اذار ‪.1151‬‬
‫زهرة بني عامر‪ ،‬النو افذ االسالمية ما لها وما عليها‪ ،‬مقالة منشورة بتاريخ ‪ ، 1155-1-51‬وعلى‬
‫الموقع‪.http://www.iefpedia.com/vb/formdisplay.php :‬‬
‫محمد البلتاجي‪ ،‬مشكالت االدارة الشرعية في المصارف التقليدية ذات النو افذ االسالمية‪،‬‬
‫ورقة عمل مقدمة للمؤتمرالسنوي للهيئات الشرعية‪ ،‬البحرين‪.1151 ،‬‬
‫فؤاد بنعلي‪ ،‬البنوك االسالمية في اوربا الو اقع واالفاق‪ ،‬مجلة االقتصاد االسالمي العالمي‪،‬‬
‫املجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية االسالمية‪ ،‬البحرين‪ ،‬العدد ‪ ،51‬ايار ‪.1151‬‬
‫تريزمنصور‪ ،‬الصيرفة االسالمية مفهومها وتطورها في اسواق المال العالمية‪ ،‬مجلة الجيش‬
‫اللبناني‪ ،‬عدد ‪ ،111‬نيسان ‪.1116‬‬
‫مصطفى ابراهيم محمد‪ ،‬تقييم ظاهرة تحول البنوك التقليدية للمصرفية االسالمية‪ ،‬رسالة‬
‫ماجستير‪ ،‬الجامعة االمريكية المفتوحة‪ ،‬قسم االقتصاد االسالمي‪ ،‬مكتب القاهرة‪.1116 ،‬‬
‫احمد شعبان محمد‪ ،‬البنوك االسالمية في مواجهة االزمات المالية‪ ،‬ط‪ ،5‬دار الفكر‬
‫الجامعي‪ ،‬االسكندرية‪.1151 ،‬‬

‫‪P 173‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫شوقي بو رقبة‪ ،‬تقييم الكفاءة التشغيلية للمصارف االسالمية‪ ،‬بحث منشور املجلة‬
‫االسالمية االقتصادية‪ ،‬املجلد‪ ،55‬العدد ‪. 1119 ،5‬‬
‫مصطفى ابراهيم‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪555‬؛ د‪.‬سمير الشيخ‪ ،‬فلسفة تطبيق المصرفية‬
‫االسالمية في البنوك التقليدية‪ ،‬ص‪ ،59‬منشورة بتاريخ ‪.1155/51/1‬‬
‫عبد الفتاح منتصر‪ ،‬مقالة بعنوان‪ :‬المركزي لن يغلق النو افذ االسالمية في البنوك‬
‫التقليدية‪ ، 1155/1/7 ،‬متاحة على الموقع‪.HTTP://WWW.ALBAYAN.AE/RES/HTML :‬‬
‫سليمان عبد الله ناصر‪ ،‬مقالة تجربة ماليزيا ومقارنتها بالتجربة اليمنية‪ ،‬مؤتمر المصارف‬
‫االسالمية في اليمن‪ ،‬ص‪ ،5‬المقام بتاريخ‪ ،1151/1/11 :‬منشور على الموقع‪:‬‬
‫‪.HTTP://WWW.NWESYEMEN.NET‬‬
‫يوسف بن عبدالله الشبيلي‪ ،‬الرقابة الشرعية على شركات التأمين التعاوني‪ ،‬بحث مقدم الى‬
‫مؤتمر التأمين التعاوني‪ :‬ابعاده و افاقه وموقف الشريعة اإلسالمية منه‪ ،‬بالتعاون بين الجامعة‬
‫األردنية‪ ،‬مجمع الفقه اإلسالمي الدولي‪ ،‬المنظمة اإلسالمية للتربية والعلوم والثقافة (ايسيسكو)‪،‬‬
‫والمعهد اإلسالمي للبحوث والتدريب (عضو مجموعة البنك اإلسالمي للتنمية)‪ ،‬عمان‪ ،‬للفترة من‬
‫‪ 51-55‬ابريل ‪.1151‬‬
‫مصطفى سلعس‪ ،‬اثر انتشار ثقافة التكافل على مبيعات شركات التأمين اإلسالمي‪ ،‬بحث‬
‫مقدم الى كلية االقتصاد‪ ،‬جامعة دمشق‪ ،‬قسم الدراسات العليا‪.1117 ،‬‬
‫فالح بدر الحميدي السبيعي ‪ ،‬الرقابة القانونية على البنوك اإلسالمية ‪ ،‬رسالة ماجستير ‪،‬‬
‫كلية الدراسات القانونية العليا ‪ ،‬جامعة عمان العربية ‪ ،‬األردن ‪.1119 ،‬‬

‫‪P 174‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫مسؤولية الدولة عن مكافحة تمويل‬

‫الجماعات الإرهابية ‪ -‬دراسة مقارنة‬


‫‪State responsibility for combating the financing of terrorist groups-A Comparative Study‬‬
‫مقدمة‪:‬‬

‫شكلت أحدات الحادي عشر من سبتمبر من عام ‪1115‬م نقطة تحول مهمة في مسيرة‬
‫العالم مع الظاهرة اإلرهابية‪ ،‬حيث برزت جريمة تمويل اإلرهاب مع ظهور تنظيمات إرهابية‬
‫عديدة‪ ،‬وبالنظر إلى أهمية مكافحة هذا النوع من الجرائم‪ ،‬الذي يوفر منابع تغذي الجرائم‬
‫اإلرهابية‪ ،‬فإن المؤسسات المالية والمنظمات الدولية تتكاتف في مكافحة جريمة تمويل‬
‫اإلرهاب‪ ،‬وذلك من أجل تجفيف منابع التمويل‪ ،‬ومن ثم الحد من الجرائم اإلرهابية والتي تعتمد‬
‫على األموال التي ترصد لها‪ ،‬في حالة وضع آليات تحد من وصولها والوقوع في أيدي اإلرهابيين‪.334‬‬

‫وقد بدأت العديد من الجهات المصرفية في تتبع والتحفظ على األصول والودائع‬
‫الخاصة ببعض المنظمات والهيئات المتصلة بالجماعات اإلرهابية أو تلك التي تقوم بتمويل‬
‫العمليات اإلرهابية‪ ،‬كما أن غالبية التشريعات في العالم لم تجرم جريمة تمويل اإلرهاب إال في‬
‫نهاية التسعينيات من القرن الماض ي حيث أصبحت جريمة قائمة بذاتها‪ ،‬حيث سنت غالبية‬
‫الدول قوانين ضد اإلرهاب للتغلب على هذه الظاهرة على المستوى الوطني قبل تجريم تمويل‬
‫اإلرهاب‪.‬‬

‫كما بذلت عدة جهود دولية لمكافحة تمويل اإلرهاب‪ ،‬أهمها تلك الجهود التي قامت بها‬
‫املجموعة الدولية للعمل المالي وتوصياته ‪FATF‬إضافة إلى أن األمم المتحدة شهدت جهودا‬
‫كبيرة في مجال مكافحة تمويل اإلرهاب من أهمها إعداد "اإلتفاقية الدولية لقمع تمويل اإلرهاب‬
‫‪" 5777‬‬

‫‪ -334‬نجاجرة‪ ،‬كمال‪ :‬مكافحة تمويل اإلرهاب ‪ -‬دراسة مقارنة‪ ،‬المتحدة للنشر والتوزيع‪ ،‬تاريخ النشر‪ ،4944/97/97،‬ص ‪.44‬‬

‫‪P 175‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫كما تمثل مكافحة تمويل اإلرهاب الجبهة األساسية في الحرب على اإلرهاب‪ ،‬وذلك ألن‬
‫المال يعتبر املحرك الرئيس ي للجماعات اإلرهابية‪ 335،‬والمكون األساس ي لها‪ ،‬فمن خالل تمويل‬
‫هذه الجماعات تتمكن من تجنيد اإلرهابيين‪ ،‬وتعدهم وتدربهم بواسطته‪ ،‬وتوفربه المستلزمات‬
‫الضرورية وأدوات التنفيذ من أسلحة‪ ،‬ومتفجرات‪ ،‬وآالالت‪ ،‬وهكذا‪ ،‬فالتمويل هو أساس نجاح‬
‫العمليات اإلرهابية‪ ،‬والعنصر الفاعل في تحقيق أهدافها‪ ،‬وبالتالي فإن منع تمويل اإلرهاب‬
‫وقمعه يتطلب تعاونا دوليا شامال متسم بحسن النية ملحاصرة وتجفيف مصادرتمويل اإلرهاب‪،‬‬
‫وتجريم المساعدة على تمويل اإلرهاب وتجريم عمليات غسل األموال‪336 ،‬وكذلك ضرورة‬
‫التعاون وتبادل المعلومات حول األنشطة المشبوهة‪ ،‬وإجراء رقابة فاعلة على الحسابات‬
‫المصرفية وحركات األموال بين الدول‪ ،‬خصوصا على شبكة اإلنترنت‪.‬‬

‫وبالتالي فدراسة منع تمويل اإلرهاب وقمعه يثير عدة إشكاليات‪ ،‬وموضوعا شائكا سواء‬
‫على المستوى الدولي أو القانون الوطني ومن هنا تبرز إشكالية البحث‪ :‬ماهي الوسائل التي‬
‫إعتمدها المغرب واملجتمع الدولي في مكافحة تمويل اإلرهاب والجماعات المتطرفة؟‬

‫الفقرة االولى‪ :‬أهمية مكافحة ومحاربة تمويل اإلرهاب؟‬

‫يشكل تمويل اإلرهاب عنصرا أساسيا وجوهريا البد منه لتنفيذ واستمرار العمليات‬
‫اإلرهابية‪ ،‬ألن المال يعتبرعصب الجماعات اإلرهابية‪ ،‬والمكون األساس ي لها‪ ،‬فمن خالل تمويل‬
‫هذه الجماعات تتمكن هذه األخيرة من تجنيد اإلرهابيين‪ ،‬وتعدهم وتدربهم بواسطته‪ ،‬وتوفر به‬
‫المستلزمات الضرورية‪ ،‬وأدوات التنفيذ من أسلحة‪ ،‬ومتفجرات‪ ،‬وآالت‪ ،‬وهكذا‪ ،‬فالتمويل هو‬
‫أساس نجاح العمليات اإلرهابية‪ ،‬والعنصرالفاعل في تحقيق أهدافها‪ ،‬لذلك فإن تحديد مفهوم‬
‫التمويل ومصادره يضحى أمرا بالغ األهمية‪.‬‬

‫أوال‪ :‬ماهية تمويل االرهاب‬

‫ظهرمصطلح تمويل اإلرهاب حديثا ضمن مصطلحات القانون الدولي والقانون الجنائي‬
‫الوطني‪ ،‬فالتجريم والعقاب المفروض كانا ينصبان على مكافحة اإلرهاب فقط‪ ،‬ولم يتم‬
‫االلتفات إلى تجريم تمويل الجماعات اإلرهابية وتجميد أموالها بشكل واضح‪ ،‬كوسيلة لتجفيف‬

‫‪ -335‬عبد الوهاب عرفة‪ :‬الشامل في جريمة غسل األموال السيد‪ ،‬المكتب الفني للموسوعات القانونية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬يونيو ‪ ،4947‬ص‬
‫‪.74‬‬
‫‪ -336‬فاضل شايع علي‪ :‬تمويل اإلرهاب عن طريق غسيل األموال‪ ،‬دار السنهوري القانونية والعلوم السياسية‪ ،‬مارس ‪ ،4946‬ص ‪.49‬‬

‫‪P 176‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫منابع اإلرهاب‪ ،‬إال عام ‪ 5777‬م بعد صدور االتفاقية الدولية لقمع تمويل اإلرهاب‪ ،‬التي جاءت‬
‫لمكافحة ظاهرة تمويل اإلرهاب الذي يتميزبالطابع العالمي‪.337‬‬

‫ويمكننا القول بأن تمويل اإلرهاب هو نوع من المساهمة الجنائية أو االشتراك‬


‫بالمساعدة في األعمال اإلرهابية‪ ،‬وإذا أخذنا بذلك فهو مجرم بتجريم العمل اإلرهابي وتابع له‪،‬‬
‫ولكن التمويل له أبعاد متعددة تتعدى نطاق المساعدة بالنظر إلى تعدد مصادره‪ ،‬ومن ثم‬
‫اهتمت التشريعات الوطنية واالتفاقيات الدولية – وفقهاء القانون بوضع مفهوم محدد‬
‫للتمويل حيث عرفته االتفاقية الدولية لقمع تمويل اإلرهاب لعام ‪ 5777‬م بأنه يشمل‪:‬‬

‫"أي ش يء له قيمة مادية أو معنوية منقول كان أم عقار‪ ،‬أو وثائق قانونية أو أدوات بأي‬
‫شكل كانت‪ ،‬وكذلك المساعدات اإللكترونية والرقمية وعمليات االئتمان المصرفية‪ ،‬وشيكات‬
‫المسافرين والشيكات البنكية والحواالت البريدية واألسهم والسندات والحواالت وخطابات‬
‫االعتماد"‪ .338‬كما عرفه البعض بأنه‪" :‬تقديم المساعدات المادية‪ ،‬وكذلك األسلحة بكافة‬
‫أنواعها‪ ،‬والمأوى والمهن والتدريب ووسائل النقل واالتصال والوثائق لجهات إرهابية داخلية أم‬
‫خارجية‪ ،‬وكذلك القيام بعمليات مصرفية لمصلحتها واستثمار وغسيل أموالها"‪339.‬‬

‫ثانيا‪ :‬مصادرتمويل اإلرهاب وأساليبه‬

‫تتنوع مصادرتمويل اإلرهاب سواء من مصادرقانونية كالتبرعات المسموح بها والمشاريع‬


‫التجارية‪ ،‬أو من مصادرغير قانونية كغسيل األموال أو تجارة املخدرات أو غيرها‪ ،‬وسوف نتناول‬
‫كل مصدرمن المصدرين بالتفصيل فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -5‬تمويل جرائم اإلرهاب من المصادرالمشروعة‬

‫يعد التمويل العصب الحقيقي للنشاطات اإلرهابية‪ ،‬فيتم الحصول على المواد وتجنيد‬
‫األفراد وشراء والئهم‪ ،‬حيث يأتي التمويل عادة من أفراد متعاطفين مع فكر تلك التنظيمات‬
‫اإلرهابية‪ ،‬إال أنهم ال يريدون االنخراط فيها حفاظا على وضعهم االجتماعي واالقتصادي‪ ،‬فيقتصر‬
‫دورهم على التمويل‪ ،‬ويتم تمويل المنظمة اإلرهابية من مصادر مالية تم الحصول عليها بشكل‬

‫‪337‬‬
‫‪-Erik Nemeth, Cultural Security: Evaluating the Power of Culture in International Affairs, vol. 5 (World‬‬
‫‪Scientific, 2014) , 67.‬‬
‫‪ -338‬محمد ا حمد على كاسب‪ ،‬المسؤولية الجنائية الدولية‪ ،‬لجريمة تبييض األموال فى اطار من التشريعات العربية والوطنية واالتفاقيات‬
‫الدولية وعالقتها بتمويل اإلرهاب الدولى‪ ،‬المصرية للنشر و التوزيع ‪ ،4944‬ص ‪.41‬‬
‫‪ -339‬محمد احمد على كاسب‪ ،‬مرجع سابق ص‪.41 ،‬‬

‫‪P 177‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫قانوني كالهبات من المتبرعين‪ ،‬وهم األثرياء‪ ،‬ومن المشاريع التجارية المشروعة‪ ،‬أو من خالل‬
‫المؤسسات ال خيرية بدال من استخدام أموالها لألغراض الخيرية‪ ،‬واالستثمار في األسهم أو‬
‫العقارات بواسطة أفراد أو جمعيات تدعم األعمال اإلرهابية‪.‬‬

‫ويالحظ حجم الدورالذي تلعبه األموال ذات المصدرالمشروع في دعم الجريمة اإلرهابية‬
‫يتغير بتغير الجماعة اإلرهابية‪ ،‬وبتغير مكان مصدر تمويلها‪ ،‬إن كان في نفس الموقع الجغرافي‬
‫الذي تمارس فيه أعمالها اإلرهابية‪ ،‬أو في مكان آخر‪.‬‬

‫ومن أهم مصادر تمويل اإلرهاب المشروعة جمع التبرعات واألموال للجمعيات الخيرية‬
‫ُ‬
‫واألنشطة الخيرية‪ ،‬فبعد الحادي عشر من سبتمبر ‪ 1115‬م‪ ،‬اهتمت األجهزة ذات الصلة‬
‫ُبمكافحة اإلرهاب وبعض الحكومات‪ ،‬مثل الحكومة األميركية‪ ،‬وبعض الحكومات العربية‪،‬‬
‫خصوصا تلك التي كان لها تجاربها في مجال مكافحة اإلرهاب‪.‬‬

‫‪ -1‬تمويل جرائم اإلرهاب من مصادرغيرمشروعة‬

‫يقصد بتمويل اإلرهاب من المصادر غير مشروعة أن يكون الدخل الناش ئ بشكل مباشر‬
‫من أنشطة مختلفة تدرإيرادات غيرمشروعة قانونا‪ ،‬وهنا يظهرالتعامل في املخدرات على سبيل‬
‫المثال‪ ،‬وكذلك الخطف واالبتزاز ودفع مبالغ الفدية‪ ،‬إال أن أهم المداخل غير المشروعة هي‬
‫تهريب املخدرات‪ ،‬نظرا للمردود الضخم من األموال الذي تدرها هذه التجارة غيرالمشروعة‬

‫كما قد يتمثل هذا المصدر في الدعم المالي الذي تقدمه بعض الدول والمنظمات ذات‬
‫البنى التحتية الضخمة بما فيه الكفاية لجمع األموال وتوفيرها للمنظمة اإلرهابية لتنفيذ‬
‫عمليات إرهابية وهنا تكمن صعوبة مكافحة تمويل المنظمة اإلرهابية‪.‬‬

‫كما أن هناك التمويل الذي يتخذ صورة تدريب الجماعات اإلرهابية على القيام بأعمالها‬
‫التخريبية‪ ،‬والتمويل من الفدية‪ ،‬والتمويل من السطو المسلح على خزائن الشركات الكبرى‬
‫والبنوك التجارية‪ ،‬والتمويل من الهدايا والتبرعات‪340 ،‬والتمويل من التهديد واالبتزاز لبعض‬
‫الدول إلجبارها على اتخاذ موقف معين أو التصرف بطريقة معينة‪ ،‬ويتضح من ذلك أن هناك‬
‫جوانب متعددة إلنفاق التمويل في الجرائم اإلرهابية التي ازدادت وتنوعت وتطورت في العصر‬

‫‪ -340‬عبد العزيز عبد الله مح مد المعمري‪ :‬جريمة تمويل االرهاب بين األحكام العامة في قانون العقوبات والقانون الخاص‪ ،‬دار النهضة‬
‫العربية للنشر والتوزيع‪ ،‬ديسمبر ‪.17 ،4948‬‬

‫‪P 172‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫الحديت‪ ،‬فلم تعد تقتصر على شراء األسلحة والمعدات وغيرها من األدوات والوسائل التي‬
‫تستخدم في ارتكاب الجريمة اإلرهابية‪ ،‬ولكن شملت أمورا شتى كانت التشريعات الدولية‬
‫والوطنية حريصة على امتداد تجريم عمليات اإلنفاق إليها بقدرالمستطاع‪.‬‬

‫فقد تبين أن هناك أمواال يتم إنفاقها على اإلعداد الذهني والفكري لإلرهابيين والمنفذين‬
‫للعمليات اإلرهابية‪ ،‬بجانب أموال يتم إنفاقها على الدعاية واإلعالن‪ ،‬وأخرى على إنشاء مراكز‬
‫للتجنيد وقنوات فضائية ومو اقع إلكترونية لكسب التأييد وتجنيد األفراد‪ ،‬وذلك كله بهدف‬
‫اإلعداد للجريمة اإلرهابية أو الترويج لها‪ ،‬أو تسويق أفكاراإلرهاب ونشرها‪.‬‬

‫‪ -3‬دوراإلرهاب اإللكتروني في تمويل اإلرهاب‬

‫يعد اإلرهاب اإللكتروني مصدرا من مصادر تمويل اإلرهاب‪ ،‬حيت يرتبط اإلنترنت بعالقة‬
‫مباشرة بتمويل اإلرهاب فهناك أساليب إلكترونية تزيد من قوة الجماعات اإلرهابية وهي‬
‫اإلعالم‪ ،‬فاإلنترنت نوع من اإلعالم ومن خالله يتم نشر المعلومات وترويج الدعايات للجماعات‬
‫اإلرهابية والدعم العالمي للشبكات‪ ،‬حيت كان استخدام اإلنترنت في العمليات اإلرهابية ودعمها‬
‫محدودا قديما‪ ،‬لعدم وجود اإلنترنت لكن مع تواجده ظهر ما يسمى باإلرهاب اإللكتروني الذي‬
‫يعتمد على اإلنترنت في ترويع الناس وإلحاق الضرر بهم وتهديدهم‪ ،‬ومن األساليب التي تتبعها‬
‫الجماعات اإلرهابية للتمويل إلكترونيا من جهات ومنظمات عبرتوفيرالدعم واإلعالن على شبكة‬
‫اإلنترنت‪ ،‬ونشر أخبار الجماعات أول بأول‪ ،‬وجمع المعلومات عن األشخاص عبر مو اقع‬
‫التواصل االجتماعي الصطياد األشخاص القابلين لالنحراف نحو اإلرهاب‪ ،‬ومن لديهم القابلية‬
‫للجماعات اإلرهابية‪ ،‬ومما يساعد الجماعات اإلرهابية باللجوء إلى التمويل بهذه األساليب عبر‬
‫اإلنترنت‪ ،‬هي سهولة قيام الجماعات بنشر وبت ما يريدونه على الشبكة دون رقابة لعدم وجود‬
‫ج ة معينة تتحكم بالمعروض على الشبكة العنكبوتية‪ ،‬وسهولة استخدامها وقلة التكلفة‬
‫وضعف الخبرة لدى الجهات األمنية والقضائية )‪.‬في التعامل مع الجرائم اإللكترونية ) ويبرزدور‬
‫شبكة اإلنترنت في تمويل الجماعات المتطرفة في التقارب الذي يمنحه اإلنترنت بين العناصر‬
‫اإلرهابية عبر تبادل األفكار ومناقشة الخطط والمبادئ التي سيسيرون عليها فوجدوا أن أمن‬
‫وسيلة و أكثرها دقة و أقواها هي استخدام اإلنترنت في تمويل اإلرهاب‪.‬‬

‫‪P 177‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫ثالثا‪ :‬دورالمؤسسات المالية في محاربة اإلرهاب‬

‫يمكن للمؤسسات المالية مساعدة الحكومات والدو ائر الحكومية في الحرب ضد‬
‫اإلرهاب؛ إذ يمكنها المساعدة من خالل منع المعلومات والكشف عنها وتقاسمها‪ ،‬فعليها السعي‬
‫لمنع المنظمات اإلرهابية من الوصول إلى خدماتها المالية‪ ،‬ومساعدة الحكومات في جهودها‬
‫للكشف عن التمويل اإلرهابي المشبوه واالستجابة على وجه السرعة لالستفسارات الحكومية‪.‬‬

‫فعلى المستوى المؤسس ي‪ ،‬للمؤسسات المالية أربعة أنشطة رئيسية في مكافحة تمويل‬
‫اإلرهاب‪ :‬الضوابط الداخلية والعناية الواجبة تجاه العمالء ‪ ،‬والمر اقبة ‪ ،‬وحفظ السجالت ‪،‬‬
‫واإلبالغ عن األنشطة المشبوهة‪ ،‬وقد يتطلب إنشاء ضوابط داخلية جديدة من المؤسسات‬
‫المالية تغييرنماذج قبول العمالء وإجراءات التشغيل أنظمة المعلومات‪ ،‬كما من المهم ً‬
‫أيضا‬ ‫و‬
‫تدريب الموظفين على اإلجراءات الجديدة لضمان التطبيق الناجح للضوابط الداخلية وعملية‬
‫االمتثال لمكافحة غسل األموال ومكافحة تمويل اإلرهاب ككل‪ ،‬وبشكل عام يسيرتمويل اإلرهاب‬
‫ً‬
‫جنبا إلى جنب مع غسيل األموال وهذا هو السبب في أن عمليات التحقق من الخلفية ألعضاء‬
‫أيضا في حماية المنظمة‪ ،‬كما يجب ً‬
‫أيضا‬ ‫مجلس اإلدا ة والمساهمين والموظفين تساعد ً‬
‫ر‬
‫التحقق من التبرعات والمساهمات للتأكد من أنها من مصادرمشروعة‪.341‬‬

‫وفي يوم الجمعة ‪ 11‬فبراير كان اليوم األخير للجلسة العامة ملجموعة العمل المالي في‬
‫باريس افتتح أسبوع ‪ FATF‬في ‪ 11‬فبراير حيت ناقش المندوبون القضايا الرئيسية في مكافحة‬
‫غسل األموال وتمويل اإلرهاب‪.‬‬

‫قررت مجموعة العمل المالي باإلجماع بين أعضائها سحب المملكة المغربية من عملية‬
‫المر اقبة المعززة المعروفة باسم "القائمة الرمادية" ‪ ،‬بعد تقييم مدى امتثال النظام الوطني‬
‫للمعاييرالمتعلقة بـ مكافحة غسل األموال وتمويل اإلرهاب ‪ ،‬منذ اعتماد مجموعة العمل المالي‬
‫في فبراير ‪ 1115‬لخطة العمل الخاصة بالمملكة المغربية‪ .‬تم اتخاذ هذا القرار خالل اجتماع‬
‫الجمعية العامة ملجموعة العمل المالي )‪ ، (FATF‬الذي عقد في باريس ‪ ،‬فرنسا ‪ ،‬في الفترة من ‪11‬‬
‫إلى ‪ 11‬فبراير ‪.1111‬‬

‫‪341‬‬
‫‪-Roberto Durrieu, Rethinking Money Laundering & Financing of Terrorism in International Law:‬‬
‫‪Towards a New Global Legal Order (Martinus Nijhoff Publishers, 2013), 220–244.‬‬

‫‪P 120‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫يأتي قرار مجموعة العمل المالي بعد االستنتاجات اإليجابية الواردة في تقرير خبراء‬
‫املجموعة‪ ،‬والتي أقرت الزيارة الميدانية التي تمت في بلدنا في الفترة من ‪ 56‬إلى ‪ 57‬يناير ‪.1111‬‬

‫رحب هذا التقرير‪ ،‬الذي رفع بموجبه المغرب من القائمة الرمادية‪ ،‬بااللتزام السياس ي‬
‫الرسمي للمملكة بمطابقة النظام الوطني لمكافحة غسل األموال وتمويل اإلرهاب مع المعايير‬
‫الدولية‪ ،‬فضال عن ذلك‪ .‬االحترام الكامل من قبل بلدنا لجميع التزاماته في المواعيد املحددة‪.342‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬التعاون المغربي‪ -‬الدولي في المسائل الجنائية المتعلقة بمكافحة تمويل‬
‫اإلرهاب‪ :‬السياق ونظرة عامة‬

‫يعد تمويل اإلرهاب‪ ،‬من أعقد وأخطرالجرائم التي خصها المنتظم الدولي باهتمام بالغ‪،‬‬
‫و أفرد لها آليات تصدي قانونية ومؤسساتية متعددة سواء على مستوى الوقاية أو المكافحة‪،‬‬
‫الرتباطها من جهة بإعادة توظيف عائدات الجريمة ومن جهة ثانية لتوجيه هذه العائدات نحو‬
‫تمويل أفعال جرمية شنيعة على رأسها الفعل اإلرهابي‪.‬‬
‫ُ‬
‫كما أن إثبات أن المعالجة القانونية الدولية تعد بمثابة حجر الزاوية في منع تمويل‬
‫اإلرهاب وقمعه وغيرها بعد أن أثبت الو اقع فشل الجهود المبذولة داخل نطاق الدولة الواحدة‬
‫أو من الجرائم المنظمة‪.‬‬

‫أوال‪ :‬تجريم تمويل اإلرهاب في القانون المغربي‬

‫تم تجريم تمويل اإلرهاب بموجب القانون رقم ‪ 11.11‬المتعلق بمكافحة اإلرهاب‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫المصادق عليه في ‪ 17‬مايو ‪ ،1111‬وأضيفت المادة ‪ 1-157‬الحقا والتي تعتبر أعماال إرهابية‪ :‬أي‬
‫وسيلة‪ ،‬مباشرة أو غير مباشرة‪ ،‬من خالل توفير أو جمع أو شراء األموال أو القيم‪ ،‬أو الممتلكات‬
‫بقصد استخدامها‪ ،‬أو مع العلم أنها ستستخدم كليا أو جزئيا الرتكاب عمل إرهابي‪ ،‬سواء حدث‬
‫الفعل المذكور أم ال‪ ،343‬فمن المالحظ‪ ،‬أن القانون لم يعرف بشكل صريح تمويل اإلرهاب‪ ،‬بل‬
‫قام فقط بتجريم بعض أشكال األنشطة التي اعتبرها أعماال إرهابية‪ ،‬أدرجت المادة ‪157-1‬‬
‫أشكالها‪ ،‬لكنها لم تشمل جميع أشكال التمويل المذكورة في المادة ‪ 1‬من االتفاقية الدولية لقمع‬

‫‪342‬‬
‫‪https://www.fatf-gafi.org/fr/countries/detail/Maroc.html‬‬
‫‪ -343‬مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق األوسط وشمال أفريقيا‪ ,‬تقرير التقييم المشترك حول مكافحة غسل األموال وتمويل‬
‫اإلرهاب‪ ,‬مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق األوسط وشمال أفريقيا ‪(Menafatf.org, n.d.),‬‬
‫‪.http://www.menafatf.org/sites/default/files/MENAFATF.5.07.A.P6.R1_02-01-08_.pdf‬‬

‫‪P 121‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫تمويل اإلرهاب‪ ،‬حيث اقتصر الفعل على استخدام األموال لتنفيذ عمل إرهابي‪ ،‬العمل دون‬
‫توسيع نطاق استخدامه من قبل منظمة إرهابية أو من قبل إرهابي‪ ،‬من المعتقد على نطاق‬
‫واسع أنه يجرم تمويل اإلرهاب ‪ ،‬سواء تم العمل اإلرهابي أم ال‪.344‬‬

‫كما جرم القسم ذاته تقديم المساعدة أوالنصيحة لعمل تمويل اإلرهاب وأضاف المادة‬
‫‪ 157.1‬التي تعاقب كل من أقنع غيره بأي وسيلة من الجرائم المنصوص عليها في قانون مكافحة‬
‫اإلرهاب أو دفعه أو دفعها للقيام بذلك أو تحريضه على القيام بذلك‪ ،‬وتعتبر جرائم تمويل‬
‫اإلرهاب جريمة أصلية لغسيل األموال‪ ،‬حيث تنص المادة ‪ 11‬من قانون مكافحة اإلرهاب على‬
‫أن األموال المغربية تجرم عمليات أو عائدات غسل الممتلكات إذا كان الغرض من هذه‬
‫العمليات أواألعمال هوتمويل اإلرهاب‪ ،‬كما لم يحدد قانون مكافحة اإلرهاب ما إذا كانت جرائم‬
‫تمويل اإلرهاب تنطبق بغض النظرعما إذا كان الشخص المتهم بارتكاب الجريمة في نفس البلد‬
‫أو في دولة مختلفة عن الدولة التي يوجد فيها اإلرهابي‪ ،‬لكن السلطات المغربية ذكرت أنه إذا‬
‫كان المتهم في جريمة تمويل اإلرهاب مغربيا ‪ ،‬فإنه يعاقب بغض النظرعما إذا كان الشخص قد‬
‫ارتكب الجريمة في نفس الدولة أو في دولة غير الدولة التي يوجد فيها التنظيم اإلرهابي‪ ،‬أو التي‬
‫وقع فيها العمل اإلرهابي وفق نص المادة ‪ 955‬من قانون اإلجراءات الجنائية‪.‬‬

‫كما تنص المادة ‪ 157 .1‬من قانون العقوبات على أن مرتكبي جريمة تمويل اإلرهاب‬
‫بالنسبة لألشخاص الطبيعيين‪ ،‬يعاقبون بالحبس من ‪ 1‬إلى ‪ 11‬سنة وغرامة من ‪ 111111‬إلى‬
‫مليوني درهم‪ ،‬أما بالنسبة لألشخاص االعتباريين يعاقب بغرامة من ‪ 5،111،111‬إلى‬
‫‪ 1،111،111‬درهم‪ ،‬وتطبق العقوبات على األشخاص االعتباريين دون اإلخالل بالعقوبات التي‬
‫قد تصدربحق مديريها أو موظفيها المتورطين في الجرائم‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬دورالتعاون الدولي في منع تمويل التطرف العنيف‬


‫ً‬ ‫ً‬
‫يلعب التعاون الدولي دورا مهما في منع عمليات تمويل اإلرهاب‪ ،‬وقد ازداد حجم هذا‬
‫ً‬
‫مؤخرا كواحد‬ ‫الجزء بعد إضفاء الشرعية الدولية واملحلية على هذا التعاون‪ ،‬وقد برزهذا الدور‬
‫من أهم التحوالت المنهجية لالستراتيجية الدولية الحديثة للوقاية من اإلرهاب‪ً ،‬‬
‫نظرا ألن‬
‫عمليات التمويل لم تكن على رأس أولويات املجتمع الدولي حتى وقت قريب‪ ،‬ومع ذلك‪ ،‬فإن‬

‫‪ -344‬حجيوي نور سعيد‪ :‬جريمة تمويل اإلرهاب في القانون المغربي والمقارن‪ ،‬دراسة مركزة للبناء القانوني لجريمة تمويل اإلرهاب‪،‬‬
‫دار األمان‪ ،4998 ،‬ص ‪.17‬‬

‫‪P 122‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫الظروف واألحداث املختلفة التي مر بها العالم‪ ،‬خاصة منذ نهاية القرن الماض ي وبداية القرن‬
‫الحالي‪ ،‬دفعت املجتمع الدولي إلى فهم األدوات العديدة التي تستخدمها مجموعات التطرف‬
‫العنيف؛ وقد أدى هذا الجهد ً‬
‫أيضا إلى فهم أن أحد أهم األدوات هو التمويل‪ ،‬وقد دفع ذلك‬
‫مجلس األمن والجمعية العامة لألمم المتحدة والمنظمات اإلقليمية إلى إصدار قرارات ملزمة‬
‫وصياغة اتفاقيات دولية و إقليمية من شأنها مكافحة تمويل المنظمات اإلرهابية‪.345‬‬

‫;و تأسيس لجنة مكافحة اإلرهاب تابعة ملجلس األمن انطالقا من قراري مجلس األمن‬
‫‪ 5191‬سنة ‪ 1115‬و ‪ 5611‬سنة ‪ 1111‬إلى تعزيز قدرة الدول األعضاء في األمم المتحدة على منع‬
‫وقوع أعمال إرهابية سواء داخل حدودها أو خارجها‪346.‬‬

‫باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬ركزت مجموعة العمل المالي )‪ (FATF‬جهودها على المستوى العالمي‬
‫لمكافحة تمويل اإلرهاب وتبنت عدة طرق لتحقيق هذا الهدف‪ ،‬واألهم من ذلك‪ ،‬جاء التعاون‬
‫الدولي في منع وقمع تمويل اإلرهاب على مستويين أساسيين‪:‬‬

‫•منع وصول األموال إلى الجماعات اإلرهابية من خالل فرض قيود على تحويل األموال‬
‫وحركتها عبرالدول وتجميد األموال المملوكة للمنظمات اإلرهابية‪.‬‬

‫• تجريم األفراد أو المنظمات المتورطة في تمويل اإلرهاب‪.‬‬

‫خاتمة‪:‬‬

‫إن تمويل اإلرهاب من أهم التهديدات األمنية الدولية واملحلية التي تواجه المغرب‬
‫واملجتمع الدولي‪ ،‬بسبب التصعيد األخير وشدة العمليات اإلرهابية في أجزاء كثيرة من العالم‪،‬‬
‫أصبح من المؤكد اآلن أننا ال نستطيع مناقشة أساليب وإجراءات وعو اقب الجماعات‬
‫المتطرفة دون التعامل مع أحد أهم جوانب عملها‪ ،‬وهو التمويل ألن المنظمات اإلرهابية‬
‫تستمد قوتها بشكل أساس ي من مصادر تمويلها‪ ،‬فعندما تتنوع مصادر الدخل يزداد خطر‬
‫التنظيمات اإلرهابية والجرائم التي ترتكبها‪.‬‬

‫‪ -345‬سريست إسماعيل الباجالني‪ :‬مواجهة جريمة تمويل اإلرهاب في القانون الدولي والداخلي "دراسة تحليلية مقارنة"‪ ،‬دار الفكر‬
‫الجامعي‪ 94 ،‬يناير ‪ ،4948‬ص ‪.11‬‬
‫‪ -346‬هشام بوحوش‪ :‬دور لجنة مكافحة اإلرهاب التابعة لمجلس األمن في مكافحة اإلرهاب الدولي‪ ،‬العدد ‪ 11‬ديسمبر ‪ ،4941‬ص‬
‫‪.411‬‬

‫‪P 123‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫وقد اتخذت العديد من الدول والمنظمات الدولية إجراءات مختلفة تهدف إلى تجفيف‬
‫مصادر تمويل اإلرهاب وتجميد أموال المنظمات اإلرهابية لمنع جرائمها ومكافحتها‪ ،‬وهذا‬
‫يجعل تمويل اإلرهاب أكثر خطورة بطبيعته باعتباره جريمة دولية‪ ،‬وهذا يجعل محاكمة الجاني‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫أمرا ً‬
‫من خالل نظام العدالة الجنائية ً‬
‫صعبا ويتطلب تعاونا فعاال بين الدول‪ ،‬عالوة على ذلك ‪،‬‬
‫فإن المنظمات المتطرفة تدرك بشكل خاص أهمية التمويل في الحفاظ على وجودها وضمان‬
‫استمرارية نشاطها اإلجرامي‪.‬‬

‫وتبقى الدولة هي المسؤولة الوحيدة في مكافحة هذه الظاهرة الخطيرة فباإلضافة‬


‫للمجهودات السابقة الذكر‪ ،‬يجب على الدولة إصالح هدة قطاعات منها محاربة الهشاشة‬
‫والفقرالذي يجعل الشباب بصفة خاصة مالذا سهال لهذه الجماعات المتطرفة‪.‬‬

‫الئحة المراجع‪:‬‬

‫عبد الوهاب عرفة‪ :‬الشامل في جريمة غسل األموال السيد‪ ،‬المكتب الفني‬ ‫‪‬‬
‫للموسوعات القانونية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬يونيو ‪.1151‬‬

‫فاضل شايع علي‪ :‬تمويل اإلرهاب عن طريق غسيل األموال‪ ،‬دار السنهوري‬ ‫‪‬‬
‫القانونية والعلوم السياسية‪ ،‬مارس ‪.1156‬‬

‫عبد العزيزعبد الله محمد المعمري‪ :‬جريمة تمويل االرهاب بين األحكام العامة‬ ‫‪‬‬
‫في قانون العقوبات والقانون الخاص‪ ،‬دارالنهضة العربية للنشروالتوزيع‪ ،‬ديسمبر ‪.1157‬‬

‫هشام بوحوش‪ :‬دور لجنة مكافحة اإلرهاب التابعة ملجلس األمن في مكافحة‬ ‫‪‬‬
‫اإلرهاب الدولي‪ ،‬العدد ‪ 11‬ديسمبر‪.1151‬‬

‫حجيوي نورسعيد‪ :‬جريمة تمويل اإلرهاب في القانون المغربي والمقارن‪ ،‬دراسة‬ ‫‪‬‬
‫مركزة للبناء القانوني لجريمة تمويل اإلرهاب‪ ،‬داراألمان‪.1117 ،‬‬

‫سريست إسماعيل الباجالني‪ :‬مواجهة جريمة تمويل اإلرهاب في القانون الدولي‬ ‫‪‬‬
‫والداخلي "دراسة تحليلية مقارنة"‪ ،‬دارالفكرالجامعي‪ 15 ،‬يناير‪.1157‬‬

‫نجاجرة‪ ،‬كمال‪ :‬مكافحة تمويل اإلرهاب ‪ -‬دراسة مقارنة‪ ،‬المتحدة للنشر‬ ‫‪‬‬
‫والتوزيع‪ ،‬تاريخ النشر‪.1111/11/11،‬‬

‫‪P 124‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫محمد احمد على كاسب‪ ،‬المسؤولية الجنائية الدولية‪ ،‬لجريمة تبييض األموال‬ ‫‪‬‬
‫فى اطارمن التشريعات العربية والوطنية واالتفاقيات الدولية وعالقتها بتمويل اإلرهاب الدولى‪،‬‬
‫المصرية للنشروالتوزيع ‪.2021‬‬

‫‪‬‬ ‫‪Nemeth, Erik. Cultural Security: Evaluating the Power of Culture in‬‬
‫‪International Affairs. Vol. 5. World Scientific, 2014.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪Durrieu, Roberto. Rethinking Money Laundering & Financing of‬‬


‫‪Terrorism in International Law: Towards a New Global Legal Order. Martinus‬‬
‫‪Nijhoff Publishers, 2013.‬‬

‫‪P 125‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫الإجراءات المسطرية لممارسة حق‬

‫الشفعة‬
‫‪Procedural formalities for the exercise of the right of pre-emption‬‬
‫مقدمة‪:‬‬

‫إن الملكية الخاصة يضمنها الدستور ويحميها القانون‪ ،‬ولها مركز خاص في العديد‬
‫من االتفاقيات الدولية‪ ،347‬ويراد بهذا الحق قدرة الفرد على أن يصبح مالكا‪ ،‬كما يعطيه وحده‬
‫دون سواه الحق في استعمال ذلك الش يء‪ ،‬واستغالله‪ ،‬والتصرف فيه‪ ،‬بدون تعسف وضمن‬
‫الحدود التي رسمها القانون والنظام العام‪ ،‬وال يمكن االعتداء على هذا الحق أو نزعه إال في إطار‬
‫الحدود التي رسمها القانون‪.‬‬

‫وقد بلور المشرع المغربي هذا المفهوم الخاص لحق الملكية في مختلف قوانينه‪،‬‬
‫بدءا بالقانون األسمى للبالد من خالل الفصل ‪ 11‬من دستور المملكة‪ ،348‬حيث نص على ما يلي‪:‬‬
‫" يضمن القانون حق الملكية‪ ،‬ويمكن الحد من نطاقها وممارستها بموجب القانون‪ ،"...‬وكذلك‬
‫مدونة الحقوق العينية‪ 349‬حينما نصت في مادتها ‪ 11‬على أنه‪ " :‬ال يحرم أحد من ملكه إال في‬
‫األحوال التي يقررها القانون‪."...‬‬

‫‪ -347‬تنص المادة ‪ 71‬من اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان الصادر في ‪ 72‬ديسمبر ‪ 7741‬على ما يلي‪ " :‬لكل‬
‫فرد حق في التملك‪ ،‬بمفرده أو باالشتراك مع غيره‪ .‬ال يجوز تجريد أحد من ملكه تعسفا "‪.‬‬
‫‪ -348‬ظهير شريف رقم ‪ 7.77.77‬صادر في ‪ 11‬من شعبان ‪ 17( 7441‬يوليوز ‪ )1277‬بتنفيذ نص الدستور‪،‬‬
‫منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 3784‬مكرر – ‪ 11‬شعبان ‪ 42( 7441‬يوليوز ‪ )1277‬ص‪.4827 :‬‬
‫‪ -349‬القانون رقم ‪ 47.21‬المتعلق بمدونة الحقوق العينية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 7.77.711‬بتاريخ‬
‫‪ 13‬ذي الحجة ‪ 11( 7441‬نونبر ‪ ،)1277‬منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 3771‬بتاريخ ‪ 11‬ذو الحجة ‪7441‬‬
‫(‪ 14‬نونبر ‪ ،)1277‬ص‪.3313 :‬‬

‫‪P 126‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫وقد أصبحت القوانين الحديثة تعتبر الملكية مؤسسة حقوقية يراد منها أن تؤدي‬
‫وظيفة اجتماعية‪ ،‬ولتحقيق هذا الهدف كان البد أن تفرض على حق الملكية قيود تحد من‬
‫سلطة المالك على ملكه‪ ،‬وتمنعه من أن يستعملها فيما يتعارض مع مصالح الجماعة‪ ،‬ومن هذه‬
‫القيود حق الشفعة‪ ،350‬هذا الحق الذي يعتبر قيدا يرد على حق الملكية لكونه يمكن كل من‬
‫تو افرت فيه شروط األخذ بالشفعة‪ 351‬من أن يأخذ الحصة المبيعة من يد المالك الجديد الذي‬
‫انتقلت إليه‪.‬‬

‫ويقصد بالشفعة عند فقهاء القانون‪ " :‬حق ممنوح للشريك على الشيوع في أن ينتزع‬
‫لنفسه الحصة الشائعة التي باعها أحد الشركاء للغير في مقابل أن يدفع للمشتري الثمن‬
‫ومصروفات العقد والمصروفات الضرورية والنافعة التي أنفقها منذ البيع "‪.352‬‬

‫‪ -350‬الشفعة لغة‪ :‬بضم الشين وسكون لفاء مشتقة من الشفع وهو خالف الوتر الذي هو الزوج‪ ،‬تقول كان وت ار‬
‫الشفعة‪ ،‬و َّ‬
‫الشفعة في الدار واألرض‪ :‬القضاء بها‬ ‫فشفعته شفعا‪ ،‬وشفع الوتر من العدد شفعا صيره زوجا‪ ،‬ثم قال‪ :‬و ُّ‬
‫لصاحبها‪.‬‬
‫‪ -‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬مادة الشفع‪ ،‬الجزء الرابع‪ ،‬المطبعة الميرية‪ ،‬ببوالق – مصر‪ ،‬الطبعة األولى ‪7422‬ه‪،‬‬
‫ص‪.477 :‬‬
‫وسميت بذلك ألن األخذ بها يضيف بسببها الشفيع الحصة المشفوعة فتصير بذلك الحصتان شفعا بعد أن‬
‫كانت التي بيده وترا‪.‬‬
‫‪ -‬محمد برادة اغزيول‪ ،‬الدليل العملي للعقار غير المحفظ‪ ،‬منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية‪،‬‬
‫سلسلة الدراسات واألبحاث‪ ،‬مطبعة فضالة‪ ،‬المحمدية‪ ،‬العدد‪ ،1 :‬الطبعة الثانية‪ ،‬أبريل ‪ ،1221‬ص‪.774 :‬‬
‫أما اصطالحا يقصد بالشفعة‪ " :‬أخذ شريك ممن تجدد ملكه الالزم اختيا ار بمعاوضة عقار أو ما يتبعه بمثل‬
‫الثمن أو قيمة الشقص أو ما حدده الشارع في عوض الشقص "‪.‬‬
‫‪ -‬الشيخ خليل بن إسحاق الجندي المالكي‪" ،‬المختصر"‪ ،‬مكتبة اإلمام مالك‪ ،‬الطبعة األولى ‪7411‬ه‪1221/‬م‪،‬‬
‫ص‪.778 :‬‬
‫‪ -351‬تنص المادة ‪ 474‬من مدونة الحقوق العينية على مايلي‪ " :‬يشترط لصحة طلب الشفعة أن يكون طالبها‪:‬‬
‫‪ -‬شريكا في الملك المشاع وقت بيع حصة شريكه في العقار أو الحق العيني؛‬
‫‪ -‬أن يكون تاريخ تملكه للجزء المشاع سابقا على تاريخ تملك المشفوع من يده للحصة محل الشفعة؛‬
‫‪ -‬أن يكون حائ از لحصته في الملك المشاع حيازة قانونية أو فعلية؛‬
‫‪ -‬أن يكون المشفوع منه قد تملك الحصة المبيعة بعوض "‪.‬‬
‫‪ -352‬مأمون الكزبري‪ ،‬التحفيظ العقاري والحقوق العينية األصلية والتبعية في ضوء التشريع المغربي‪ ،‬شركة الهالل‬
‫العربية للطباعة والنشر‪ ،‬الرباط‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،7711 ،‬ص‪ 717 :‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪P 127‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫وعرفها البعض اآلخر‪ 353‬بكونها سبب من أسباب كسب الملكية‪ ،‬وهي رخصة إذا‬
‫استعملها الشفيع تملك عقارا باعه صاحبه لغيره‪ ،‬وحل الشفيع محل المشتري في هذا البيع‬
‫بشروط معينة‪.‬‬

‫أما بالنسبة للمشرع المغربي فقد عرفها في المادة ‪ 171‬من مدونة الحقوق العينية‬
‫بأنها‪ " :‬أخذ شريك في ملك مشاع أو حق عيني مشاع حصة شريكه المبيعة بثمنها بعد أداء الثمن‬
‫ومصروفات العقد الالزمة والمصروفات الضرورية النافعة عند االقتضاء "‪.‬‬

‫كما عرفها الفصل ‪ 791‬من قانون االلتزامات والعقود في فقرته األولى بأنها‪ " :‬إذا باع‬
‫أحد المالكين على الشياع ألجنبي حصته الشائعة‪ ،‬جاز لباقيهم أن يشفعوا هذه الحصة‬
‫ألنفسهم‪ ،‬في مقابل أن يدفعوا للمشتري الثمن ومصروفات العقد والمصروفات الضرورية‬
‫والنافعة التي أنفقها منذ البيع‪ .‬ويسري نفس الحكم في حالة المعاوضة‪."...‬‬

‫وعليه‪ ،‬يمكن القول أن الشفعة كو اقعة قانونية‪ ،‬حق خوله المشرع للشفيع كي‬
‫يكسب الحصة المبيعة بعد تو افر عدة شروط‪ ،‬فهي بذلك لصيقة بالشفيع ومرتبطة بالعقار‬
‫المشفوع‪ ،‬ولقد نظمها المشرع المغربي في الفصل الرابع من الباب األول من القسم األول من‬
‫الكتاب الثاني المتعلق بأسباب كسب الملكية والقسمة‪ ،‬وبالضبط في المواد من ‪ 171‬إلى ‪،151‬‬
‫كما نظمها في إطار قانون االلتزامات والعقود في الباب األول من القسم السابع المتعلق‬
‫باالشتراك من الكتاب الثاني‪ ،‬وبالضبط في الفصول من ‪ 791‬إلى‪.796‬‬

‫وتتجلى أهمية البحث في موضوع اإلجراءات المسطرية لممارسة حق الشفعة في كونه‬


‫يرتبط بالملكية العقارية والتي تعد أساس كل تنمية اقتصادية واجتماعية‪ ،‬فالشفعة من‬
‫الحقوق التي أقرتها الشريعة اإلسالمية وقننتها العديد من التشريعات الوضعية لفائدة‬
‫أشخاص يوجدون في مركز قانوني معين‪ ،‬يمكن المطالبة بها عن طريق دعوى قضائية إذا‬
‫تو افرت شروطها‪ ،‬والشفعة شرعت أصال لرفع ضرر الشركة‪ ،‬أي األضرار التي يمكن أن تحدث‬
‫للشريك أو الشركاء من دخول شخص جديد محل الشريك القديم الذي ألفه الشركاء واعتادوا‬

‫‪ -353‬عبد الرزاق أحمد السنهوري‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المدني‪ ،‬أسباب كسب الملكية‪ ،‬دار النهضة العربية‪،‬‬
‫القاهرة – مصر‪ ،‬الجزء التاسع‪ ،‬طبعة ‪ ،7781‬ص‪.448 :‬‬

‫‪P 122‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫التعامل معه‪ ،‬وذلك بحلول الشريك محل المشتري فيما اشتراه ولو جبرا عليه‪ ،‬بعد تسلمه ما‬
‫دفعه فيه‪.‬‬

‫مما سبق يمكن القول أن للشفعة أهمية قصوى على أكثر من مجال‪ ،‬ففي املجال‬
‫االقتصادي ترمي إلى منع تجزئة العقارات وتشتتها إلى قطع صغيرة لدرجة يصعب معها مواصلة‬
‫العمل فيها‪ ،‬وهو ما ينعكس سلبا على التطور االقتصادي والعقاري‪ ،‬وفي املجال االجتماعي‬
‫تكتس ي الشفعة أهمية بالغة باعتبارها تساهم في تحقيق السلم االجتماعي بواسطة تحقيق‬
‫األمن واالستقرار املجتمعي‪ ،‬وذلك عن طريق التقليل من المنازعات العقارية والتقليص منها‪،‬‬
‫ويعتبرهذا الهدف هو السبب الرئيس ي الذي من أجله شرعت الشفعة‪.‬‬

‫فالمشرع المغربي خول للشريك على الشياع أن يسترد من أي مشتر الحصة التي‬
‫اشتراها من شريك آخ ر بمقتض ى حق الشفعة‪ ،‬وفق إجراءات وآجال محددة بعد ثبوت حالة‬
‫الشياع‪ ،‬وثبوت السبب مقابل أدائه للمفوت له الثمن والرسوم القانونية المترتبة عن العقد‬
‫قانونا‪ ،‬ولما كانت الشفعة تتم إما رضائيا أو قضائيا‪ ،‬فإنه في الحالة األخيرة البد من استصدار‬
‫حكم من املحكمة املختصة يقض ي بها‪ ،‬لذلك يطرح تساؤل حول اإلجراءات الواجب إتباعها‬
‫للحصول على حكم يقررالشفعة‪ ،‬وما هي السلطات الممنوحة للقضاء في هذا اإلطار؟‬

‫تتفرع عن هذه اإلشكالية المركزية التي تحدد اإلطار العام لموضوع هذا البحث‬
‫التساؤالت التالية‪:‬‬

‫‪ -‬ما هي شروط ممارسة الشفعة؟‬

‫‪ -‬ما هي اآلجال التي يتعين مراعاتها لممارسة حق الشفعة؟‬

‫‪ -‬ما هو المقابل الذي يتعين على الشفيع أداؤه للمشفوع منه لكي يستحق الشفعة؟‬

‫تقتض ي معالجة هذا الموضوع تقسيمه إلى مبحثين‪ :‬سيخصص (األول) لإلجراءات‬
‫الممهدة لممارسة الشفعة‪ ،‬بينما سيتناول (الثاني) اإلجراءات الجوهرية لممارسة الشفعة‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬اإلجراءات الممهدة لممارسة الشفعة‬

‫‪P 127‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫تنص المادة ‪ 111‬من مدونة الحقوق العينية في فقرتها األولى على ما يلي‪ " :‬يمكن للمشتري‬
‫بعد تقييد حقوقه في الرسم العقاري أو إيداعها في مطلب التحفيظ أن يبلغ نسخة من عقد‬
‫شرائه إلى من له حق الشفعة‪ ،‬وال يصح التبليغ إال إذا توصل به شخصيا من له الحق فيها‪."...‬‬

‫فاألفعال اإلرادية الرامية إلى تأسيس حق عيني أو نقله إلى الغير أو اإلقرار به أو تغييره‬
‫أو إسقاطه‪ ،‬ال تنتج أي أثرولو بين األطراف إال من تاريخ التقييد في الرسم العقاري‪ ،‬وال شفعة إال‬
‫بوجود البيع‪ ،‬وال أثر لهذا البيع إال من تاريخ التقييد بالرسم العقاري (المطلب األول)‪ ،‬ويتعين‬
‫على المشتري توجيه إنذار بالشراء إلى الشفيع حتى يتسنى له ممارسة حقه في الشفعة‪ ،‬هذا‬
‫اإلنذار يجب أن تتوفر فيه مجموعة من الشروط وتسلك فيه مجموعة من اإلجراءات (المطلب‬
‫الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬تقييد عقد الشراء بالرسم العقاري‬

‫عندما تتعلق الشفعة بعقار محفظ‪ ،‬يجب أن يكون السند الذي بمقتضاه تملك‬
‫منه‪355‬‬ ‫الشفيع‪ 354‬الحصة التي يشفع بسببها‪ ،‬مقيدا في الصك العقاري قبل قيام المشفوع‬
‫بتسجيل سنده‪ ،‬دون إعارة أي اهتمام ألي من السندين أسبق تاريخا‪.356‬‬

‫فقد جاء في الفصل ‪ 66‬من ظهير التحفيظ العقاري‪ ،357‬كما تم تغييره وتتميمه‬
‫بالقانون رقم ‪ 51.19‬أن‪ " :‬كل حق عيني متعلق بعقار محفظ يعتبر غير موجود بالنسبة للغير إال‬
‫بتقييده‪ ،‬و ابتداء من يوم التقييد‪ ،‬في الرسم العقاري من طرف املحافظ على األمالك‬
‫العقارية‪."...‬‬

‫‪ -354‬هو من له الحق في استشفاع حصة شائعة في عقار مشاع أو حق عيني مشاع‪.‬‬


‫‪ -355‬هو من تملك الحصة المشفوعة في العقار أو الحق العيني المشاع بعوض بصفة الزمة واختيارية‪ ،‬والمشفوع‬
‫منه إما أن يكون شريكا في الملك المشاع و إما أن يكون أجنبيا عنه‪.‬‬
‫‪ -356‬محمد أو القاضي‪ ،‬أحكام الشفعة في ضوء التشريع والفقه والقضاء‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪،‬‬
‫طبعة ‪ ،1224‬ص‪.18 :‬‬
‫‪ -357‬الظهير الشريف الصادر في ‪ 7‬رمضان ‪ 71( 7447‬غشت ‪ )7774‬بشأن التحفيظ العقاري‪ ،‬كما تم تغييره‬
‫وتتميمه بالقانون رقم ‪ ،74.21‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 7.77.711‬بتاريخ ‪ 11‬نونبر ‪ ،1277‬منشور‬
‫بالجريدة الرسمية عدد ‪ 3771‬بتاريخ ‪ 14‬نونبر ‪ ،1277‬ص‪.3313 :‬‬

‫‪P 170‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫وبالتالي فملكية العقار املحفظ ال تنتقل إال من تاريخ التقييد‪ ،‬وبذلك فالبيع غير‬
‫المقيد ال ينقل الملكية فيما بين المتعاقدين‪ ،‬ويترتب على ذلك أن المشتري ال يصبح مالكا للعين‬
‫المبيعة ما دام لم يقيد شراءه‪.‬‬

‫واإلشكال الذي يثار هو هل تتوقف ممارسة حق الشفعة من طرف الشفيع على هذا‬
‫التقييد أم أن هناك إمكانية لممارسة حق الشفعة في البيع غيرالمقيد؟‬

‫بالرجوع إلى الفصل ‪ 69‬من ظهير التحفيظ العقاري‪ ،‬يتبين أن البيع ال يعتبر موجودا‬
‫إال من تاريخ تقييده بالرسم العقاري‪ ،358‬ولما كانت العبرة في األسبقية بالنسبة للعقارات‬
‫املحفظة هي للتقييد‪ ،‬ألن الحقوق العينية العقارية ال تنشأ وال تنتقل حتى بين المتعاقدين إال‬
‫اعتبارا من تاريخ تقييدها في السجل العقاري‪ ،‬فإن الشريك الذي لم يقيد حقه أو الذي قيد حقه‬
‫بعد أو في نفس تاريخ تقييد الحق المتصرف فيه ال يستطيع أن يطالب بشفعة هذا الحق‪.359‬‬

‫وذهب جانب من الفقه‪ 360‬إلى جوازاألخذ بالشفعة‪ ،‬ولو أن العقد لم يسجل ألن البيع‬
‫ينعقد صحيحا بصرف النظرعن التسجيل الذي ينحصرأثره في تقييد نقل الملكية‪.‬‬

‫في حين استقر القضاء المغربي على عدم جواز ممارسة الشفعة إال في البيع المقيد‪،‬‬
‫ألن الوجود القانوني للحق ال ينشأ إال بتقييده في الرسم العقاري‪ ،‬سواء بين األطراف المتعاقدة‬
‫أو بالنسبة لألغيار‪ ،‬حيث ينتج عن التقييد الحقيقي عدم االعتراف به و إبقاؤه في طي الكتمان‪،‬‬
‫ألن مشتري العقار املحفظ ال يصير مالكا له‪ ،‬إال بتمام إجراءات التقييد‪ ،‬أما قبل ذلك فليس له‬
‫إال مجرد حقوق شخصية تجاه البائع‪.‬‬

‫‪ -358‬يقصد بالرسم العقاري‪ ،‬الدفتر أو الكناش الذي تسجل فيه البيانات المختلفة المتعلقة بالعقار وتدون فيه كافة‬
‫الحقوق الواردة عليه من طرف المحافظ على األمالك العقارية‪ ،‬وهو المصطلح الذي درج عليه القضاء في كثير من‬
‫الق اررات‪.‬‬
‫‪ -‬عبد الخالق أحمدون‪ ،‬التحفيظ العقاري بالمغرب‪ ،‬مطبعة طوب بريس‪ ،‬الرباط‪ ،‬طبعة ‪ ،1272‬ص‪.71 :‬‬
‫‪ -359‬مأمون الكزبري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.711 :‬‬
‫‪ -360‬محمد خيري‪ ،‬قضايا التحفيظ العقاري في التشريع المغربي‪ ،‬دار النشر المعرفة‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة الخامسة‪،‬‬
‫‪ ،1227‬ص‪.341 :‬‬

‫‪P 171‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫حيث جاء في قرار صادر عن املجلس األعلى‪ 361‬ما يلي‪ ... " :‬إن أجل الشفعة في العقار‬
‫املحفظ يبتدئ من تاريخ تسجيل البيع المراد شفعته في الرسم العقاري للملك المبيع جزء منه‪،‬‬
‫وليس من تاريخ إيداعه لدى املحافظة العقارية‪.‬‬

‫املحكمة عللت قرارها بأن بداية أجل الشفعة يكون من تاريخ تسجيل البيع في الرسم‬
‫العقاري ال من تاريخ إيداعه بكناش التقييد باملحافظة العقارية الذي يتعذرإطالع العموم عليه‪،‬‬
‫تكون قد عللته تعليال كافيا "‪.‬‬

‫وإلثبات أن الحصة قد انتقلت إلى مالك آخر‪ ،‬يجب على الشريك المطالب بالشفعة‬
‫أن يحصل على نسخة من عقد البيع المقيد مع شهادة املحافظ على األمالك العقارية بثبوت‬
‫هذا الشراء بأنه سجل في الرسم العقاري‪.‬‬

‫وهذا ما أكدته المادة ‪ 171‬من مدونة الحقوق العينية التي تنص على ما يلي‪ " :‬يتعين‬
‫على طالب الشفعة إثبات بيع الحصة المطلوب شفعتها‪ .‬فإذا كان العقار محفظا يتعين عليه‬
‫إثبات تقييد البيع بالرسم العقاري "‪.‬‬

‫و أيضا الفقرة الثانية من المادة ‪ 177‬من نفس المدونة التي جاء فيها‪ " :‬فإذا كان‬
‫العقار محفظا فإن الحصة المشفوعة ال تؤخذ إال من يد المشتري المقيد بالرسم العقاري "‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬إذا أحجم المشتري عن تقييد شراءه بالصك العقاري‪ ،‬فإن الشفيع يجب عليه‬
‫أن يطالب المشتري بتقييد شرائه على الرسم العقاري حتى يتمكن بدوره من تقييد االستحقاق‬
‫بالشفعة‪ ،‬ويستمد هذا الحق من القانون الذي يخول له أن يحل محل المشتري في أخذ الحصة‬
‫المبيعة‪ ،‬وحتى يتسنى للشفيع التعبير عن موقفه من ممارسة الشفعة‪ ،‬يجب أن يكون عالما‬
‫ببيع شريكه لحصته الشائعة في العقار‪ ،‬ولهذا يتعين على المشتري أن يوجه للشفيع إنذارا‬
‫بحصول البيع‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬توجيه إنذاربالشراء إلى الشفيع‬

‫‪ -361‬قرار رقم ‪ 774‬صادر بتاريخ ‪ 7773/7/71‬الملف العقاري عدد ‪ ،77/1172‬أورده عبد العزيز توفيق‪ ،‬قضاء‬
‫المجلس األعلى في الشفعة خالل أربعين سنة‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى‪،7777 ،‬‬
‫ص‪.741 :‬‬

‫‪P 172‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫تنص الفقرة األولى من المادة ‪ 111‬من مدونة الحقوق العينية على ما يلي‪ " :‬يمكن‬
‫للمشتري بعد تقييد حقوقه في الرسم العقاري أو إيداعها في مطلب التحفيظ أن يبلغ نسخة من‬
‫عقد شرائه إلى من له حق الشفعة‪ ،‬وال يصح التبليغ إال إذا توصل به شخصيا من له الحق فيها‪،‬‬
‫ويسقط حق هذا األخير إن لم يمارسه خالل أجل ثالثين يوما كاملة من تاريخ التوصل"‪.‬‬

‫فبمقتض ى هذه المادة يحق للمشتري الذي قيد شراءه في الرسم العقاري أن يبلغ هذا‬
‫الشراء إلى كل الشركاء الذين لهم الحق في الشفعة‪ ،‬وهذا التبليغ يكون إما بواسطة رسالة‬
‫مضمونة مع اإلشعاربالتوصل‪ ،‬وإما بواسطة كتابة الضبط‪.‬‬

‫ويتعين أن يتضمن التبليغ تحت طائلة البطالن جميع البيانات الكافية‪ ،‬خاصة‬
‫األسماء العائلية والشخصية وموطن أو محل إقامة كل من البائع والمشتري‪ ،‬وبيان الحصة‬
‫المبيعة بيانا كافيا‪ ،‬وبيان الثمن المؤدى فيها‪ ،‬ومبلغ التحسينات والمصاريف الالزمة للعقد‪،‬‬
‫من واجب تحرير العقد وواجبات التسجيل‪ ،‬ورقم الرسم العقاري أو مطلب التحفيظ أو مراجع‬
‫عقد التفويت‪.362‬‬

‫وتتم الممارسة في هذه الحالة عادة بأن يقوم الشريك الراغب في الشفعة والذي‬
‫توصل بهذا التبليغ بإعالم المشتري برغبته في األخذ بالشفعة‪ ،‬ويؤدي له الثمن والمصاريف‪،‬‬
‫ويحرران عقدا يعترف فيه المشتري بتمكين الشريك من الشفعة‪ ،‬وبهذا تنتهي القضية‪ ،‬وال يبقى‬
‫للشفيع إال أن يسجل هذا العقد باملحافظة على األمالك العقارية‪ ،‬ليكون حجة ضد الجميع‪.363‬‬

‫وإذا لم يقبل المشتري الثمن الذي عرضه عليه الشريك‪ ،‬أو لم يحرر معه عقد تنازله‬
‫عن الحصة المشفوعة‪ ،‬فعلى هذا الشريك أن يقوم بإيداع الثمن والمصاريف بصندوق‬
‫املحكمة لحساب المشتري داخل األجل القانوني‪ ،‬ويكفيه في هذه الحالة أن يتقدم إلى رئيس‬
‫املحكمة االبتدائية مستدال بالتبليغ الذي توصل به من المشتري ويطلب منه أن يودع الثمن‬
‫والمصاريف في صندوق املحكمة لحساب المشتري‪.‬‬

‫‪ -362‬الفقرة الثانية من المادة ‪ 424‬من مدونة الحقوق العينية‪.‬‬


‫‪ -363‬محمد ابن معجوز‪ ،‬أحكام الشفعة في الفقه اإلسالمي والتقنين المغربي المقارن‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار‬
‫البيضاء‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ ،7774‬ص‪.477 :‬‬

‫‪P 173‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫وهذا ما نصت عليه المادة ‪ 116‬من مدونة الحقوق العينية التي جاء فيها‪ " :‬يجب على‬
‫من يرغب في األخذ بالشفعة أن يقدم طلبا إلى رئيس املحكمة االبتدائية املختصة يعبر فيه عن‬
‫رغبته في األخذ بالشفعة‪ ،‬ويطلب فيه اإلذن له بعرض الثمن والمصروفات الظاهرة للعقد عرضا‬
‫حقيقيا ثم بإيداعهما في صندوق املحكمة عند رفض المشفوع منه للعرض العيني الحقيقي‪،‬‬
‫وأن يقوم بكل ذلك داخل األجل القانوني وإال سقط حقه في الشفعة "‪.‬‬

‫وفي نفس االتجاه جاء في حكم صادر عن املحكمة االبتدائية بالقنيطرة‪ 364‬ما يلي‪... " :‬‬
‫تقدم المدعي بطلب يرمي إلى عرض قيمة المبيع على المدعى عليها فرفضت التوصل بمبلغ‬
‫العرض فقام بإيداع المبلغ بصندوق املحكمة والتمس الحكم بالمصادقة على العرض العيني‬
‫‪ ...‬وحيث لما كان حق الشفعة في عقار محفظ‪ ،‬يقع بالتعبير الصريح عن الرغبة في ممارستها‬
‫وبإيداع الثمن ومصروفات العقد على ذمة المشفوع منه داخل األجل المنصوص عليه في ظهير‬
‫التحفيظ العقاري وهو سنة من تقييد الشراء على الرسم العقاري فإن الثابت ‪ ...‬أن المدعي‬
‫أودع بصندوق هذه املحكمة ‪ ...‬مبلغ ‪ ...‬شاملة لثمن المبيع ‪ ...‬ورسوم التسجيل ‪ ...‬باإلضافة إلى‬
‫أجرة محررالعقد ‪ ...‬حكمت املحكمة بالمصادقة على العرض العيني ‪."...‬‬

‫وحسب المقتضيات المسطرية المتعلقة بتبليغ االستدعاء واألحكام‪ ،‬فإن اإلشعار‬


‫بالبيع ال ينتج أي أثرإذا لم يبلغ إلى من له الحق في الشفعة شخصيا‪ ،‬وال يكفي تبليغه في موطنه‬
‫ألقاربه أو خدمه أو أي شخص يسكن معه‪ ،‬وإذا كان الشريك المعني قاصرا لزم تبليغ اإلشعار‬
‫إلى نائبه القانوني مع التنصيص فيه على صفته هذه‪ ،‬وإذا تعدد الشفعاء يجب أن يوجه اإلنذار‬
‫إلى كل واحد منهم‪ ،‬حتى من كانت رتبته متأخرة الحتمال أن يترك الشفعاء المتقدمون شفعتهم‬
‫فيأخذ المتأخربالشفعة‪.365‬‬

‫وإغفال إنذار أي من الشفعاء يترتب عليه وقوع اإلنذار باطال‪ ،‬فال تنفتح إجراءات‬
‫الشفعة‪ ،‬وينبغي أن يتم إنذارالشفيع أو الشفعاء في موطن كل منهم‪.‬‬

‫فإذا مض ى األجل القانوني وهو ‪ 11‬يوما من تاريخ التوصل بالتبليغ‪ ،‬ولم يمارس‬
‫الشريك حقه‪ ،‬بحيث لم يعبر عن رغبته في الشفعة‪ ،‬أو لم يؤد الثمن والمصاريف للمشتري‪ ،‬أو‬

‫‪ -364‬حكم رقم ‪ 82‬صادر بتاريخ ‪ ،1221/77/17‬ملف عدد ‪( 21/141‬غير منشور)‪.‬‬


‫‪ -365‬عبد الرزاق أحمد السنهوري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.821 :‬‬

‫‪P 174‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫لم يتم اإليداع بصندوق املحكمة‪ ،‬فإن حقه في الشفعة يسقط‪ ،‬وال يستطيع أن يتمسك بأي‬
‫أجل آخر‪ ،‬ألن هذا التبليغ إذا وقع على الوجه القانوني يقطع كل أجل على الشريك‪ ،‬هذا ما‬
‫سيتم التطرق إليه في المبحث الموالي‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬اإلجراءات الجوهرية لممارسة الشفعة‬

‫قد تتم الشفعة رضائيا‪ ،‬وذلك عندما يعلم أحد المشتاعين بتفويت أحد شركائه في‬
‫العقار حصته كليا أو جزئيا لشخص آخر‪ ،‬ويريد أن يمارس حقه في الشفعة‪ ،‬يتقدم بالطلب‬
‫للمشتري بصفة ودية ليتخلى له عنها مقابل الثمن والمصروفات فيستجيب له المشتري فيثبتان‬
‫هذه الشفعة في العقد‪.‬‬

‫وقد تتم الشفعة قضاء‪ ،‬وذلك عندما ال يقع التراض ي بين الشفيع والمشفوع‪،‬‬
‫ولممارسة هذه الدعوى البد من إتباع مجموعة من اإلجراءات المسطرية تتمثل في إعالن‬
‫الشفيع عن رغبته في األخذ بالشفعة (المطلب األول)‪ ،‬واحترام اآلجال املحددة قانونا لممارسة‬
‫الشفعة (المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬اإلعالن عن الرغبة في ممارسة حق بالشفعة‬

‫يعتبر اإلعالن عن الرغبة في ممارسة حق الشفعة‪ ،‬اإلجراء األساس ي التي تنبني عليه‬
‫اإلجراءات األخرى والتي ال يمكن اتخاذها في غيبته‪ ،‬فمن خالله يعبر الشفيع عن إرادته في أن‬
‫يأخذ الحصة المبيعة من مشتريها‪ ،‬وذلك عن طريق عرض عيني حقيقي للثمن المؤدى‪ ،‬يقوم‬
‫به الشفيع لفائدة المشتري‪ ،‬وكذا مبلغ ما أدخل على العقار من تحسينات‪ ،‬وما أدى من‬
‫مصاريف الزمة للعقد‪ ،‬وهذا ما أكده قرار صادر عن املجلس األعلى بقوله‪ " :‬العبرة في نزاعات‬
‫الشفعة بالمطالبة القضائية وكذا العرض العيني "‪.366‬‬

‫فحينما يعلم الشريك أن حصة أحد شركائه انتقلت إلى مالك جديد ببيع أوبمعاوضة‪،‬‬
‫ويرغب في استعمال حقه في الشفعة‪ ،‬يتعين عليه أن يبلغ للمالك الجديد رغبته في الشفعة إما‬
‫بواسطة رسالة أو مباشرة‪ ،‬فإن قبل هذا المشفوع منه أن يمكن هذا الشريك من الشفعة حررا‬

‫‪ -366‬قرار عدد ‪ 111‬صادر بتاريخ ‪ ،1227/7/71‬ملف مدني عدد ‪ ،1222/4/7/1441‬منشور بمجلة الحقوق‬
‫المغربية‪ ،‬دار اآلفاق المغربية‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬اإلصدار الثالث‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬يناير ‪ ،1271‬ص‪.112 :‬‬

‫‪P 175‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫وثيقة بذلك ‪ ،‬وبهذا تنتهي القضية وينتقل النصيب المشفوع إلى ملكية الشفيع‪ ،‬ويقيد ذلك في‬
‫الرسم العقاري‪.‬‬

‫وهذا اإلعالن وإن كان ال يوقف األجل فيما إذا كان الشريك الذي قام به خاضعا ألجل‬
‫من اآلجال املحددة الستعمال حق الشفعة‪ ،‬كما أنه ال يعتبر بداية إلجراءات الشفعة‪ ،‬إال أنه‬
‫إجراء ضروري لتحريك القضية‪ ،‬ولمعرفة موقف المشتري من رغبة الشريك في الشفعة‪.367‬‬

‫والشفيع ال يعتبرممارسا لحق الشفعة إال إذا أبدى رغبته في االستشفاع‪ ،‬إذ يرى بعض‬
‫الفقهاء‪ 368‬أن إعالن الرغبة في األخذ بالشفعة عبارة عن إرادة منفردة صادرة من جانب الشفيع‪،‬‬
‫فهي تصرف قانوني صادر من جانب واحد‪ ،‬فهذه اإلرادة التي صدرت من جانب الشفيع هي‬
‫العنصر الذي يستكمل به عناصر األخذ بالشفعة‪ ،‬وبمجرد إعالنها إلى كل من البائع والمشتري‬
‫تتكامل هذه العناصر‪ ،‬فيحل الشفيع محل المشتري إزاء البائع بحكم القانون‪ ،‬وبالتالي لم يعد‬
‫بإمكان الشفيع التراجع عن تلك الرغبة بإرادته المنفردة‪ ،‬بل يتوقف ذلك عن رض ى المشتري‪.‬‬

‫حيث جاء في حكم صادرعن املحكمة االبتدائية بالقنيطرة‪ 369‬أنه‪ ... " :‬وحيث لما كان‬
‫حق الشفعة في عقار محفظ يقع بالتعبير الصريح عن الرغبة في ممارستها ‪ ...‬ومادام أن تقديم‬
‫الدعوى يعد إعالنا للشفيع برغبته في ممارسة حق الشفعة والتي تم تبليغها للمشفوع منه الذي‬
‫أجاب عنها ‪ ...‬حكمت املحكمة باستحقاق المدعي للشفعة ‪."...‬‬

‫وتجدراإلشارة أنه إذا لم يقبل المشفوع منه أن يمكن الشفيع من شفعته‪ ،‬تعين على‬
‫هذا األخير أن يلتجئ إلى القضاء داخل األجل المقرر للشفعة إلعالن رغبته في أخذ الحصة‬
‫المبيعة‪.‬‬

‫ويكون هذا اإلعالن بواسطة املحكمة التي يقع العقار في دائرتها ألن دعوى الشفعة‬
‫تعتبر دعوى عينية‪ ،‬ولهذا تكون املحكمة االبتدائية هي املختصة بالنظر في هذه الدعوى‪ ،‬حيث‬
‫إن الشريك الراغب في الشفعة يتقدم إلى رئيس املحكمة بمقال استعجالي يطلب منه فيه إصدار‬
‫أمر إلى كتابة الضبط من أجل أن تقوم بتبليغ المشتري برغبته في شفعة الحصة التي اشتراها‪،‬‬

‫‪ -367‬محمد ابن معجوز‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.314 :‬‬


‫‪ -368‬عبد الرزاق أحمد السنهوري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.747 :‬‬
‫‪ -369‬حكم رقم ‪ 474‬صادر بتاريخ ‪ ،1221/72/4‬ملف عقاري عدد ‪( ،1/717‬غير منشور)‪.‬‬

‫‪P 176‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫و أنه مستعد ألداء الثمن والمصاريف للمشتري‪ ،‬و أنه يعرضه عليه‪ ،‬وإال أمر الرئيس بصندوق‬
‫املحكمة لحساب المشتري‪ ،‬مع تحريرمحضربذلك‪.370‬‬

‫جاء في قرار صادر عن املجلس األعلى أنه‪ " :‬يلزم الشفيع بعرض و إيداع الثمن‬
‫والمصروفات المعلومة من العقد‪ ،‬أو التي أثبت المشفوع منه إنه كان يعلمها وليس من قبيل‬
‫ذلك مصاريف الوساطة في البيع‪ ،‬مادامت ليست مضمنة بالعقد وال علم بها للشفيع بصفته‬
‫هذه‪ ،‬وال يبدأ األجل لذلك فيها إلى بعد حصول العلم من قبلهن وإن العلم بالمبلغ المؤدى‬
‫للوسيط في البيع قد ال يحصل للشفيع إال بعد تقديم المشفوع منه الحجة على ذلك "‪.371‬‬

‫ويجب أن يتضمن المقال جميع البيانات الضرورية من ذكر ألسماء الطرفين‬


‫وعنوانهما مع تحديد كامل للعقار موضوع الشفعة ومقدار النصيب المطلوب شفعته‪ ،‬وتاريخ‬
‫انتقال هذا الشقص إلى المشفوع منه‪ ،‬أو تاريخ علمه بهذا االنتقال‪.‬‬

‫هذا وتنحصر أطراف دعوى الشفعة في الشفيع والمشتري فقط دون إدخال البائع‬
‫كطرف ثالث في النزاع‪ ،‬وهذا ما أكده قرار صادر عن املجلس األعلى‪ 372‬الذي جاء فيه‪ " :‬دعوى‬
‫الشفعة يكفي توجيهها ضد المشتري الستشفاع الحصة المبيعة وليس من الالزم إدخال البائع‬
‫فيها ‪."...‬‬

‫إال أن الشفيع قد يضطرأحيانا إلى إدخال البائع في الدعوى‪ ،‬إذا كانت الحصة المبيعة‬
‫تتعلق بعقار غير محفظ‪ ،‬وكانت عملية التفويت غير ثابتة إال استنادا إلى إقرار المشتري‪ ،‬ألن‬
‫الحكم الذي يستصدره في مواجهة هذا األخير‪ ،‬قد يشل األول مفعوله‪ ،‬بناء على مبدأ األثر‬
‫النسبي لألحكام‪.373‬‬

‫‪ -370‬محمد ابن معجوز‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.313 :‬‬


‫‪ -371‬قرار عدد ‪ 4471‬الصادر بتاريخ ‪ 78‬غشت ‪ 1277‬في الملف المدني عدد ‪ ،1221/4/7/4434‬منشور‬
‫بمجلة الحقوق‪ ،‬قضايا المنازعات العقارية‪ ،‬دار نشر المعرفة‪ ،‬الرباط‪ ،‬اإلصدار الثاني والعشرون‪ ،‬طبعة ‪،1274‬‬
‫ص‪.431 :‬‬
‫‪ -372‬قرار رقم ‪ 744‬صادر بتاريخ ‪ 7711/4/7‬ملف مدني عدد ‪ ،344424‬أورده عبد العزيز توفيق‪ ،‬مرجع‬
‫سابق‪ ،‬ص‪.13 :‬‬
‫‪ -373‬محمد أو القاضي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.771 :‬‬

‫‪P 177‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫وعندما يصدر الرئيس أمره بتبليغ اإلعالن إلى المشتري وعرض الثمن عليه عرضا‬
‫حقيقيا‪ ،‬يقوم الشريك بإيداع الثمن والمصاريف بصندوق املحكمة إن لم يقبله المشتري بعد‬
‫عرضه عليه عرضا حقيقيا‪ ،‬وإن لم يتم إيداع الثمن في الصندوق داخل األجل سقط حق‬
‫الشريك في الشفعة‪ ،‬وال بد أن يقع كل من العرض واإليداع بعد تقييد المشفوع منه لشرائه في‬
‫الرسم العقاري‪ ،‬وداخل األجل املحدد للشفعة‪.‬‬

‫ثم تقوم كتابة الضبط بتنفيذ األمر الصادر عن رئيس املحكمة‪ ،‬وذلك بأن تبلغ‬
‫للمشتري رغبة الشريك المدعي في شفعة الحصة التي اشتراها‪ ،‬و إيداعه للثمن بصندوق‬
‫املحكمة لحسابه‪ ،‬فإن قبل المشتري هذا العرض وو افق على تمكين الشريك من الشفعة حرر‬
‫كاتب الضبط محضرا بذلك ودفع الثمن والمصاريف للمشتري حاال إن كان قد بقي عند‬
‫الشفيع‪ ،‬وإال أذن بحيازته من صندوق املحكمة إن كان قد أودعه فيه‪ ،‬ثم يمكن الشريك من‬
‫نسخة من املحضر المذكور ليقدمها للمحافظة العقارية لتقييدها‪ ،‬وبذلك يتم نقل ملكية‬
‫الحصة المشفوعة إلى هذا الشريك‪.374‬‬

‫وإن لم يقبل المشتري هذا العرض‪ ،‬وامتنع من تمكين الشريك من الشفعة‪ ،‬فإن كاتب‬
‫الضبط يحررمحضرا بذلك‪ ،‬ويتم إيداع الثمن والمصاريف بصندوق املحكمة‪ ،‬ثم يقوم الشفيع‬
‫برفع دعوى عادية يطلب فيها الحكم بصحة العرض واإليداع والحكم بشفعة الحصة التي‬
‫اشتراها المشفوع منه‪ ،‬ويدلي بمحضرالعرض وبما يثبت استحقاقه للشفعة‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أجل ممارسة حق الشفعة‬

‫لقد حدد المشرع أجل ممارسة حق الشفعة في المادة ‪ 111‬من مدونة الحقوق‬
‫العينية التي تنص على أنه‪ " :‬يمكن للمشتري بعد تقييد حقوقه في الرسم العقاري أو إيداعها في‬
‫مطلب التحفيظ أن يبلغ نسخة من عقد شرائه إلى من له حق الشفعة‪ ،‬وال يصح التبليغ إال إذا‬
‫توصل به شخصيا من له الحق فيها‪ ،‬ويسقط حق هذا األخير إن لم يمارسه خالل أجل ثالثين‬
‫يوما كاملة من تاريخ التوصل‪.‬‬

‫يتعين أن يتضمن التبليغ تحت طائلة البطالن بيانا عن هوية كل من البائع والمشتري‪،‬‬
‫مع بيان عن الحصة المبيعة وثمنها والمصروفات ورقم الرسم العقاري أو مطلب التحفيظ أو‬

‫‪ -374‬محمد ابن معجوز‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.311 :‬‬

‫‪P 172‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫مراجع عقد التفويت‪ ،‬فإن لم يقع هذا التبليغ فإن حق الشفعة يسقط في جميع األحوال بمض ي‬
‫سنة كاملة من تاريخ التقييد إذا كان العقار محفظا أو اإليداع إذا كان العقار في طور التحفيظ‪،‬‬
‫وبمض ي سنة على العلم بالبيع إن كان العقار غير محفظ‪.‬‬

‫وإذا لم يتحقق العلم بالبيع فبمض ي أربع سنوات من تاريخ إبرام العقد "‪.‬‬

‫من خالل هذه المادة يتبين أن آجال ممارسة الشفعة هي آجال واجبة االحترام وال يرد‬
‫عليها وقف أوانقطاع‪ ،‬وإال ترتب عن ذلك سقوط الحق في الشفعة‪ ،‬فهي تختلف باختالف نوعية‬
‫العقارموضوع الدعوى‪.‬‬

‫فبالنسبة للحالة المتعلقة بشفعة عقار غير محفظ‪ ،‬يجب ممارسة حق الشفعة‬
‫داخل أجل سنة يبتدئ من تاريخ العلم بالبيع الحاصل في الملكية الشائعة‪ ،‬أما في حالة عدم‬
‫العلم فبمقتض ى أربع سنوات من تاريخ إبرام العقد‪ ،‬فقد جاء في حكم صادر عن املحكمة‬
‫االبتدائية بالناظور‪ 375‬ما يلي‪ " :‬تنحصر مدة ممارسة حق الشفعة في العقارات غير املحفظة‬
‫بالنسبة للشفيع الحاضرفي أربع سنوات من تاريخ إبرام العقد "‪.‬‬

‫وفي نفس االتجاه جاء في قرارصادرعن محكمة االستئناف بالرباط‪ 376‬ما يلي‪ " :‬إذا كان‬
‫الشفيع غيرمقيم و أنكرعلمه بالشراء‪ ،‬فإن أجل الشفعة هو أربع سنوات "‪.‬‬

‫ومما تجدراإلشارة إليه أن أجل الشفعة يعتبرأجل سقوط ال أجل تقادم‪ ،377‬ال تخضع‬
‫للوقف وال لالنقطاع وال تطبق عليها مقتضيات الفصل ‪ 175‬من قانون االلتزامات والعقود‪،‬‬
‫بهدف تفدي تكراردعاوى الشفعة والستقرارالمعامالت وخاصة في العقار‪.‬‬

‫‪ -375‬حكم رقم ‪ 411‬صادر بتاريخ ‪ 1227/23/23‬ملف عقاري رقم ‪ ،24/817‬منشور بمجلة األمالك‪ ،‬العدد‪:‬‬
‫‪ ،72‬سنة‪ ،1277 :‬ص‪.137 :‬‬
‫‪ -376‬قرار رقم ‪ 747‬صادر بتاريخ ‪ 71‬دجنبر ‪ 1227‬ملف عقاري عدد ‪ ،71/1227/41‬منشور بمجلة القضاء‬
‫والقانون‪ ،‬مطبعة األمنية‪ ،‬الرباط‪ ،‬العدد‪ ،782 :‬سنة‪ ،1271 :‬ص‪.178 :‬‬
‫‪ -377‬وما يؤكد ذلك هو العبارة التي استعملها المشرع في الفقرة الثانية من المادة ‪ 424‬من مدونة الحقوق العينية‬
‫عندما قال‪ ... " :‬فإن حق الشفعة يسقط ‪ "...‬وفي الفصل ‪ 718‬من قانون االلتزامات والعقود‪" :‬يسقط حق المالك‬
‫على الشياع في األخذ بالشفعة بعد مضي سنة من علمه بالبيع الحاصل من المالك معه ‪."...‬‬
‫وحيث جاء في قرار صادر عن المجلس األعلى ما يلي‪ ... " :‬أجل الشفعة أجل سقوط ال أمد تقادم ال تعتريه أسباب‬
‫التوقف وال االنقطاع "‪.‬‬

‫‪P 177‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫وبالنسبة للحالة المتعلقة بشفعة العقاراملحفظ‪ ،‬يجب ممارسة حق الشفعة داخل‬


‫أجل ثالثين يوما من تاريخ التبليغ‪ ،‬ويسري هذا األجل على الشفيع الذي بلغه شخصيا المشتري‬
‫المقيد في الرسم العقاري نسخة من عقد الشراء‪ ،‬وإال سقط حقه عند انصرام هذا األجل‪،‬‬
‫ويعتبرهذا األجل كامال ويتم احتسابه ابتداء من تاريخ التوصل بالتبليغ‪ ،‬الش يء الذي ينسجم مع‬
‫مقتضيات الفصول من ‪ 155‬إلى ‪ 151‬من قانون المسطرة المدنية‪ ،‬وكذا الفصول من ‪ 515‬إلى‬
‫‪ 511‬من قانون االلتزامات والعقود‪.‬‬

‫أما إذا لم يقع هذا التبليغ فإن حق الشفعة يسقط في جميع األحوال بمض ي سنة‬
‫كاملة من تاريخ التقييد إذا كان العقار محفظا أو اإليداع إذا كان العقار في طور التحفيظ‪،‬‬
‫فالمشرع المغربي جعل من التقييد بالرسم العقاري نقطة االنطالق الحتساب سجل السنة‬
‫الكاملة المؤدية في حالة عدم ممارسة الشفعة إلى سقوط الحق في هذه الحالة األخيرة‪ ،‬وجعل‬
‫من تاريخ اإليداع بطلب التحفيظ نقطة االنطالق الحتساب أجل السنة المؤدية إلى سقوط‬
‫الحق في الشفعة كلما تعلق األمربالعقارفي طورالتحفيظ‪.‬‬

‫وفي الختام‪ ،‬تجدر اإلشارة إلى أنه بعدما يتقدم الشفيع أمام املحكمة لرفع الدعوى‬
‫وذلك بمقال مرفق بالوثائق الالزمة‪ ،‬ومن ذلك الوثائق المثبتة الستحقاقه الحصة المشفوعة‪،‬‬
‫فإن املحكمة تصدر حكمها إما بالمصادقة على العرض العيني واستحقاق الشفيع الحصة أو‬
‫بإلغاء الدعوى‪.‬‬

‫فإذا صدرحكم نهائي بالمصادقة على العروض العينية فإن الشفيع يستحق الحصة‬
‫المشفوعة ويكتسبها عن طريق الشفعة‪ ،‬ويكون الحكم النهائي سندا لملكية الشفيع‪.‬‬

‫ويالحظ من مقتضيات الشفعة أن هذا الحكم هودليل إثبات ملكية الشفيع‪ ،‬فالحكم‬
‫إذن ليس سببا للملكية‪ ،‬فسبب الملكية هو الشفعة‪ ،‬أما الحكم النهائي بالشفعة فال يعدو أن‬

‫‪ -‬قرار رقم ‪ 87‬صادر بتاريخ ‪ ،7713/7/7‬ملف مدني عدد ‪ ،7177‬أورده عبد العزيز توفيق‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪:‬‬
‫‪.32‬‬
‫وفي نفس االتجاه قضى قرار صادر عن محكمة االستئناف بتازة ما يلي‪ ... " :‬حيث أن أجل الشفعة هو أجل سقوط‬
‫ال تقادم‪ ،‬ذلك أن البيع كان سنة ‪ 1224‬وطلب الشفعة قدم سنة ‪ 1223‬أي سنتين من تاريخ البيع‪ ،‬وأن أجل الشفعة‬
‫ال يمكن في جميع األحوال أن يتجاوز سنة ‪."...‬‬
‫‪ -‬قرار رقم ‪ 72‬صادر بتاريخ ‪ ،1221/72/8‬ملف رقم ‪( 21/777‬غير منشور)‪.‬‬

‫‪P 200‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫يكون إجراء موجودا منذ أن مارس الشفيع إجراءات الشفعة في األجل وطبق الشكليات‬
‫المنصوص عليها في القانون‪.‬‬

‫ويتولى تنفيذ الحكم بالمصادقة على العروض العينية واستحقاق الشفعة املحافظ‬
‫على األمالك العقارية‪ ،‬وذلك بناء على طلب يرفعه إليه الشفيع مصحوبا بنسخة من الحكم‬
‫المذكور‪ ،‬ويشترط في هذا األخيرأن يكون قد اكتسب قوة الش يء المقض ي به كما نص على ذلك‬
‫الفصل ‪ 61‬من ظهير التحفيظ العقاري‪ ،‬بحيث يقوم املحافظ آنذاك بتقييده في الرسم‬
‫العقاري‪ ،‬وبالتالي تنتقل الملكية في اسم الشفيع‪ ،‬وإذا استوفت الشفعة إجراءاتها‪ ،‬فإنه يترتب‬
‫عن ذلك آثارقانونية تتجلى في كون الشفيع يحل محل المشتري اتجاه البائع بقوة القانون‪.‬‬

‫وتبقى المالحظة الممكن إبداؤها هي أن المشرع المغربي لم يخصص لموضوع‬


‫اإلجراءات والقواعد المسطرية لممارسة الشفعة سوى بعض المواد التي لم تنظم كل الجوانب‬
‫المتعلقة بها‪ ،‬فكان عليه أن يحدد هذه اإلجراءات التي يجب على الشفيع أن يسلكها ليتمكن من‬
‫استشفاع الحصة المبيعة‪ ،‬بما فيها كيفية األداء وأجله‪ ،‬باإلضافة إلى ربطه ممارسة حق‬
‫الشفعة في العقاراملحفظ بإثبات الشفيع لتقييد البيع بالرسم العقاري‪.‬‬

‫الئحة المراجع‬

‫‪ -‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬مادة الشفع‪ ،‬الجزء الرابع‪ ،‬المطبعة الميرية‪ ،‬ببوالق –‬
‫مصر‪ ،‬الطبعة األولى ‪5111‬ه‪.‬‬

‫‪ -‬الشيخ خليل بن إسحاق الجندي المالكي‪" ،‬املختصر"‪ ،‬مكتبة اإلمام مالك‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى ‪5117‬ه‪1119/‬م‪.‬‬

‫‪ -‬عبد الخالق أحمدون‪ ،‬التحفيظ العقاري بالمغرب‪ ،‬مطبعة طوب بريس‪ ،‬الرباط‪،‬‬
‫طبعة ‪.1151‬‬

‫‪ -‬عبد الرزاق أحمد السنهوري‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المدني‪ ،‬أسباب كسب‬
‫الملكية‪ ،‬دارالنهضة العربية‪ ،‬القاهرة – مصر‪ ،‬الجزء التاسع‪ ،‬طبعة ‪.5767‬‬

‫‪ -‬عبد العزيز توفيق‪ ،‬قضاء املجلس األعلى في الشفعة خالل أربعين سنة‪ ،‬مطبعة‬
‫النجاح الجديدة‪ ،‬الدارالبيضاء‪ ،‬الطبعة األولى‪.5777 ،‬‬

‫‪P 201‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫‪ -‬مأمون الكزبري‪ ،‬التحفيظ العقاري والحقوق العينية األصلية والتبعية في ضوء‬


‫التشريع المغربي‪ ،‬شركة الهالل العربية للطباعة والنشر‪ ،‬الرباط‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬الطبعة‬
‫الثانية‪.5779 ،‬‬

‫‪ -‬محمد ابن معجوز‪ ،‬أحكام الشفعة في الفقه اإلسالمي والتقنين المغربي المقارن‪،‬‬
‫مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدارالبيضاء‪ ،‬الطبعة الثانية ‪.5771‬‬

‫‪ -‬محمد أو القاض ي‪ ،‬أحكام الشفعة في ضوء التشريع والفقه والقضاء‪ ،‬مطبعة‬


‫النجاح الجديدة‪ ،‬الدارالبيضاء‪ ،‬طبعة ‪.1111‬‬

‫‪ -‬محمد برادة اغزيول‪ ،‬الدليل العملي للعقار غير املحفظ‪ ،‬منشورات جمعية نشر‬
‫المعلومة القانونية والقضائية‪ ،‬سلسلة الدراسات واألبحاث‪ ،‬مطبعة فضالة‪ ،‬املحمدية‪،‬‬
‫العدد‪ ،1 :‬الطبعة الثانية‪ ،‬أبريل ‪.1119‬‬

‫‪ -‬محمد خيري‪ ،‬قضايا التحفيظ العقاري في التشريع المغربي‪ ،‬دار النشر المعرفة‪،‬‬
‫الرباط‪ ،‬الطبعة الخامسة‪.1117 ،‬‬

‫‪P 202‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫البيداغوجيا الإبداعية ‪ :‬بين التفاعل والإبداع‬


‫‪Creative pedagogy : between interaction and creativity‬‬
‫ملخص المقال‪:‬‬

‫البيداغوجيا اإلبداعية هي عبارة عن نهج تعليمي يهدف إلى تنمية قدرات اإلبداع والتفكير‬
‫الخالق لدى األفراد‪ ،‬وذلك بتصميم بيئة تعليمية تشجع على االبتكار والتجديد‪ ،‬واستخدام‬
‫استراتيجيات التدريس اإلبداعي لتحفيزاألفراد على التفكيرالناقد والمنطقي‪.‬‬

‫وتتضمن ممارسات البيداغوجيا اإلبداعية استخدام التعلم التفاعلي والعمل التعاوني‬


‫والتفكيرالنقدي‪ ،‬وتشجيع التفكيراإلبداعي وتوفيرالمناخ المناسب لتطويرالمواهب اإلبداعية‬
‫لدى األفراد‪.‬‬

‫ويمكن تطبيق مفاهيم البيداغوجيا اإلبداعية في العديد من املجاالت التعليمية‬


‫والتربوية‪ ،‬مثل التعليم العالي والتدريب المنهي والتعليم األساس ي وغيرها‪ ،‬ويمكن االستفادة منها‬
‫في تطويرقدرات األفراد وتحسين النتائج التعليمية والمهنية‪.‬‬

‫وعلى الرغم من وجود بعض المعيقات التي تواجه تطبيق البيداغوجيا اإلبداعية‪ ،‬إال أنه‬
‫يمكن التغلب عليها من خالل التركيزعلى تحديدها وتطبيق الحلول المناسبة لها‪.‬‬
‫ً‬
‫حقيقيا في‬ ‫ويمكن القول إن تنمية القدرات اإلبداعية لدى األفراد تعتبر استثما ًرا‬
‫ً‬
‫مفتاحا‬ ‫مستقبلهم ومستقبل املجتمعات‪ ،‬وأن االهتمام بتطبيق البيداغوجيا اإلبداعية يمثل‬
‫لتحقيق النجاح والتميزفي العديد من املجاالت‪.‬‬

‫‪Résumé de l'article:‬‬

‫‪P 203‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

La pédagogie créative est une approche éducative qui vise à développer la


créativité et les capacités de pensée créative des individus, en concevant un
environnement éducatif qui encourage l'innovation et l'innovation, et en
utilisant des stratégies d'enseignement créatives pour motiver les individus à
penser de manière critique et logique.

Les pratiques pédagogiques créatives comprennent l'utilisation de


l'apprentissage interactif, du travail collaboratif et de la pensée critique,
encourageant la pensée créative et fournissant un environnement approprié
pour le développement des talents créatifs chez les individus.

Les concepts de pédagogie créative peuvent être appliqués dans de


nombreux domaines éducatifs, tels que l'enseignement supérieur, la formation
professionnelle, l'éducation de base et autres, et peuvent être utilisés pour
développer les capacités des individus et améliorer les résultats scolaires et
professionnels.

Bien qu'il existe certains obstacles à l'application de la pédagogie créative,


ils peuvent être surmontés en se concentrant sur leur identification et en
appliquant des solutions appropriées.

On peut dire que le développement des capacités créatives des individus


est un véritable investissement dans leur avenir et celui des sociétés, et que
l'intérêt pour l'application d'une pédagogie créative est la clé du succès et de
l'excellence dans de nombreux domaines.

:‫مقدمة‬

‫تعد البداغوجيا اإلبداعية من البيداغوجيات الحديثة التي يجب اعتمادها في المدرسة‬


.‫ وذلك نظرا لتزايد الطموحات وتعدد الحاجات وتنوعها‬.‫المعاصرة‬

P 204 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫فمن الوهم االعتقاد أن التربية والتعليم أفعال إنسانية بعيدة الصلة عن مفاهيم اإلبداع‬
‫واالبتداع واإلبداعية‪ ،‬فكل تعلم هو في جوهره وأصله فعل إبداعي ينجم عن مثول “مسار ذهني‬
‫متكامل يجري في دماغ المتعلم طفال كان أم كهال‪ ،‬ويكون موجها آليا نحو تحصيل مكتسب‬
‫معرفي أو مكتسب مهاري جديد ينضاف إلى املخزون من المكتسبات والمعارف والخبرات‬
‫والمهارات السابقة‪ .‬والتعلم ال يكون إال بعد حدوث تغييرات وجدانية سلوكية تتغيربموجبها بنية‬
‫ذلك الدماغ المتعلم بمفعول التكيف والمواءمة مع المعلومة الجديدة القادمة من‬
‫و يعني هذا أنه على التربية أن تكون متجددة في أهدافها و مناهجها حتى ال تنعزل‬ ‫املحيط”‪378‬‬

‫عن املجريات والطفرات النوعية التي يشهدها العالم معرفيا وعلميا وقيميا‪ .‬فالذات المتعلمة‬
‫في أغلب ما رسخ واستقر من أطروحات ورؤى بيداغوجية وتعليمية حديثة هي بالضرورة “ذات‬
‫فاعلة منشئة” حينما تتعلم بمفردها أو مستطيعة بغيرها أو متفاعلة مع ذوات أخرى من أقرانها‪.‬‬

‫وعلىه فإن التعلم هو منشأ الذات المتعلمة‪ ،‬إنها تبتدع تجربة تعلمها على نحو مختلف‬
‫ال يشبه غيره من التجارب التعلمية األخرى‪ ،‬تجربة فريدة على خالف ما نظنه من كونها محكومة‬
‫بالتشابه المعمم والتضارع المنمط‪ ،‬وإن كنا نعلم مجموعة أفراد نفس الش يء‪ ،‬ونبلغهم ذات‬
‫املحتويات والمقررات المدرسة وفق برمجة ما وأهداف محددة مسبقا‪ ،‬إنها سنة االختالف‬
‫الكوني الدال على عظمة الخالق وال تبديل لخلق الله‪.‬‬

‫إن التعلم من هذا المنظور العرفاني العصبي يبقى إنشاء و ابتداعا و إبداعا‪ ،‬وهو في‬
‫َ‬
‫مطلق األحوال ِب ْدع منشئه (أي المتعلم) ‪ ،‬ومبتدع من تسبب في اختالق مساراته وتهيئة أسباب‬
‫تحصيله بتدبيربيداغوجي مسبق (أي المدرس)‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫واألمرال ينافرالمدلول المعجمي المستكن في الفعل َبدع من اللغة العربية فـ “بدع الش يء‬
‫َ‬
‫والب ْدع الش يء الذي يكون أوال‪ ،‬وفالن ِب ْدع في هذا‬
‫يبدعه بدعا و ابتدعه‪ :‬أنشأه وبدأه‪ ،‬والبديع ِ‬
‫ْ‬

‫األمر أي أول لم يسبقه أحد والمبتدع الذي يأتي أمرا على شبه لم يكن ابتدأه إياه وفي القرآن‬
‫قوله تعالى‪ُ “ :‬ق ْل َما ُك ْن ُت ب ْد ًعا ِم َن ُّ‬
‫الر ُس ِل”‪ 379‬أي ما كنت أول من أرسل وقد أرسل قبلي رسل كثير‬ ‫ِ‬
‫“‪.380‬‬

‫‪ -4378‬تعريف دوكوتال سنة ‪ 4898‬وما عقبه من تعريفات تعود إلى تيارات نفسية عرفانية عصبية مختلفة‬
‫‪ 379‬سورة األحقاف اآلية ‪8‬‬
‫‪ -4380‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬مادة (ب‪،‬د‪،‬ع)دار إحياء التراث العربي‪،‬بيروت لبنان‪ ،‬المجلد األول‪،‬ط‪ ،4887 ،7‬ص ص ‪]714-714‬‬

‫‪P 205‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫كما ان العولمة بتجلياتها املختلفة وما تفرضه من تحديات في كل مجاالت الحياة‬


‫أصبحت من العوامل التي تحتم االستفادة من آليات البيداغوجيا اإلبداعية في كل مؤسسة‬
‫تعليمية عصرية تراهن على الجودة الحقيقية على المستويين الكمي والكيفي بشكل يستجيب‬
‫ويتالءم مع المقاييس العالمية‪.‬‬

‫فكل تعلم إذن ينطوي على تجربة فريدة يخوضها الفرد ليقطع أطوارحياته ومسارتكوينه‬
‫‪ ،‬وهو مع كل تجربة يضيف شيئا جديدا مبتدعا لشخصيته وألسلوب عمله ‪ ،‬مهارات وكفايات‬
‫قد توظف نفس املحتويات لكن بطرق وأساليب تختلف عن طرق غيره وأساليبه وتقنياته‪.‬‬

‫فالظاهرة البيداغوجية اذن مختلفة ومتغيرة وغيريقينية وغيرمتوقعة‪ ،‬رغم ما توحي به‬
‫في ظاهرها من صبغة تقنية مقننة باعتبارها علما أو مجموعة من الكفاءات والمهارات التي تميز‬
‫صنعة كل مشتغل بالتدريس‪.‬‬

‫فكما أن البيداغوجيا أو “علم تقنيات التدريس وسبل تطويرها” تطرح نفسها موضوع‬
‫درس وعقلنة وتحليل وتفسير وتأويل علوم التربية والتعليميات وسائر التخصصات المهتمة‬
‫بالعملية التعليمية التعلمية‪ ،‬فإنها في عمقها “البراكسيس ي”‪.381‬‬

‫العملي تجوز لدارسها والمنشغل بها أن يمنحها تعريفا يرى فيها‪" :‬علم هندسة الممكن‬
‫والمتاح من أجل بلوغ أهداف تعليمية تتسم بأقص ى حدود الوجاهة والنجاعة واإلنصاف"‪.‬‬

‫والتدريس أو التعليم بالموازاة لم يعد يكتفى فيه بالتعريفات التقليدية بما هو “عملية‬
‫تواصل تفض ي إلى بناء المعرفة‪ ،‬و إنما صار من ضروب “التصرف في بناء المعرفة و”إدارة‬
‫للتعلمات وعملية التعلم برمتها ‪ ،‬أي إدارة الفصل وهندسة الوضعيات وتنظيم التواصل وبناء‬
‫التقويمات …”‪.382‬‬

‫إن كل ما سبق يجعل من البيداغوجيا منشودا نظريا مفارقا مقيدا بالتقعيد والتنظير‪،‬‬
‫أي بالتشابه والتنميط والتصنيف‪ ،‬فنقول بيداغوجيا كذا وكذا (البيداغوجيا التقليدية‪،‬‬

‫أن هناك ث الثة أنشطة أساسية للبشر‪ :‬التفكير واإلبداع والبراكسيس‪ ،‬كما ان‬ ‫‪ -7381‬كان الفيلسوف اليوناني الشهير أرسطو يعتقد َّ‬
‫الفيلسوف البولندي أوغست شسكوفسكي «وهو من الهيغيليين الجدد» أحد أوائل الفالسفة الذين استخدموا مصطلح البريكسس على أنَّه‬
‫عمل موجَّه نحو تغيير المجتمع‬
‫‪382‬‬
‫‪René CAHAY, Maryse HONOREZ, Brigitte MONFORT, François REMY, Jean THERER, Les styles‬‬
‫‪d’apprentissage Une recherche du LEM (Laboratoire d’Enseignement Multimédia de l’Université de‬‬
‫‪Liège),p2‬‬

‫‪P 206‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫الحديثة‪ ،‬بيداغوجيا النشاط‪ ،‬البيداغوجيا الفارقية‪ ،‬التفريقية‪ ،‬بيداغوجيا المشروع‪،‬‬


‫بيداغوجيا اللعب…)‬

‫وعلى خالفها تحافظ الممارسات البيداغوجية على تنوعها وتفردها بوصفها أساليب‬
‫فردية ونماذج اجتماعية موروثة حينما تنطبع بشخصية المدرس و ابداعه الخالق ومو اقفه‬
‫ومعارفه وخبراته وأساليبه في تطبيق تلك المفاهيم النظرية المقنن‪ ،‬لتخلف آثارا منجزة ال تشبه‬
‫غيرها وال مثيل لها في السابق وال في ما سيأتي بعدها من األفعال‪ ،‬مهما كان ذلك النمط التعليمي‬
‫وذلك المنوال البيداغوجي محافظا أو محاكيا ألنموذج بعينه من نماذج التدريس وطرائقه‪.‬‬

‫فما هو مفهوم االبداع؟ و ماهى هي النظريات المفسرة إلبعاده وجوانبه؟ وماذا تعني‬
‫البيداغوجيا اإلبداعية وفيما تختلف عن بقية البيداغوجيات والمقاربات؟ وما هي سمات‬
‫التلميذ أو الطالب المبدع؟‬

‫سنعالج هذه االشكالية في اربعة محاور على الشكل التالي‪ :‬املحور األول‪ :‬مفهوم اإلبداع‬
‫والنظريات المفسرة لجوانبه و أبعاده‪ .‬املحور الثاني‪ :‬مفهوم البيداغوجيا اإلبداعية و‬
‫مرجعياتها النظرية‪ .‬املحور الثالث‪ :‬خصائص وسمات المتعلمين المبدعين‪ .‬املحور الرابع‪:‬‬
‫عوائق تنمية القدرات اإلبداعية‪.‬‬

‫املحوراألول‪ :‬مفهوم اإلبداع والنظريات المفسرة لجوانبه و أبعاده‬

‫أ‪ -‬مفهوم اإلبداع‪:‬‬

‫اإلبداع هو امتالك فكرة أو أفكار جديدة شريطة أن تكون شخصية أصيلة وذات معنى‬
‫ونافعة‪ ،‬وتشير بعض المعاجم اللغوية إلى أن اإلبداع هو إخراج وتوليد أفكار أو أشياء غير‬
‫مسبوقة‪ ،‬لذلك فإنه يقترب دالليا من مجموعة من المفاهيم كاالختراع واالكتشاف واالبتكار‪.‬‬
‫وفي هذا السياق يعرف "إليف يول تورانس" اإلبداع بأنه "عملية تشبه البحث العلمي‪ ،‬فهو‬
‫اإلحساس بالمشاكل وتشكيل األفكاروالفرضيات‪ ،‬ثم اختبارهذه الفرضيات وتعديلها للوصول‬
‫إلى النتائج المرغوبة"‪ ،‬ويفهم من هذا القول أن اإلبداع هو القدرة على الخيال والتصور التي‬
‫تمكن من إيجاد حلول لبعض المسائل والمشكالت‪.‬‬

‫إن اإلبداع هو ظاهرة اجتماعية ذات مضمون ثقافي وحضاري‪ ،‬حيث يحمل الفرد في‬
‫إطارها صفة المبدع إذا تجاوز تأثيره في املجتمع حدود المقاييس العادية والمعايير المألوفة‬

‫‪P 207‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫الفكرية أو العلمية أو الفنية أو الثقافية التي يمارس فيها المبدع تأثيرا شخصيا واضحا في‬
‫اآلخرين‪.‬‬

‫و ُيمكن تعريف اإلبداع (باإلنجليزية )‪: Creativity‬على أنه تحويل األفكار الجديدة‬
‫والخيالية إلى حقيقة و اقعية‪ ،‬ويتميزاإلبداع بالقدرة على إدراك العالم بطرق مبتكرة وجديدة‪،‬‬
‫وصنع روابط بين ظواهر لم تكن تبدو مرتبطة ببعضها‪ ،‬والمساهمة في‬ ‫و إيجاد أنماط خفية‪ُ ،‬‬

‫إيجاد الحلول خارج الصندوق‪ ،‬وبهذا فإن اإلبداع يتضمن عمليتين رئيسيتين هما التفكير ثم‬
‫اإلنتاج‪.383‬‬

‫يتضمن اإلبداع مرحلتين أساسيتين ال يكتمل إال بوجود كلتيهما‪ :‬التفكير و اإلنتاج‪ ،‬إذ ال‬
‫بناء على هذه األفكار‪ ،‬حيث يتطلب‬ ‫يكفي أن ُيفكرالشخص بطريقة إبداعية‪ ،‬بل عليه التصرف ً‬
‫ً‬
‫مجموعة من المهارات وهي كاآلتي‪384:‬‬ ‫اإلبداع‬

‫‪ -‬القدرة على إدراك العالم بطرق جديدة‪.‬‬

‫‪ -‬إيجاد أنماط خفية‪.‬‬

‫‪ -‬إقامة روابط بين ظواهر تبدو غيرمرتبطة‪.‬‬

‫‪ -‬إيجاد الحلول‪.‬‬

‫و ُيمكن تنمية اإلبداع لدى األشخاص من خالل عدد من التقنيات‪ ،‬ومنها ما يأتي‪:385 :‬‬

‫‪ -‬بناء المهارات األساسية لإلبداع‪.‬‬

‫‪ -‬التشجيع على اكتساب المعرفة الخاصة بمجال معين‪.‬‬


‫َ‬
‫‪ -‬تحفيزومكافأة األشخاص الذين يمتلكون الفضول واالستكشاف‪.‬‬

‫‪ -‬العمل على بناء الدافع وخاصة الدافع الداخلي‪.‬‬

‫‪ -‬تعزيزالثقة بالنفس‪ ،‬والتشجيع على املخاطرة‪.‬‬

‫‪383‬‬
‫‪"What is Creativity? (And why is it a crucial factor for business success?)", creativityatwork., Retrieved‬‬
‫‪24/8/2022. Edited.‬‬
‫‪384‬‬
‫‪Linda Naiman, "What is Creativity? " ،www.creativityatwork.com, Retrieved 2021-3-28. Edited.‬‬
‫‪385‬‬
‫‪Creativity", www.newworldencyclopedia.org, Retrieved 29-3-2021. Edited.‬‬

‫‪P 202‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫‪ -‬التركيزعلى اإلتقان والمنافسة الذاتية‪.‬‬

‫‪ -‬تعزيزالمعتقدات الداعمة حول اإلبداع‪.‬‬

‫‪ -‬توفيرفرص االختيارواالكتشاف‪.‬‬

‫‪ -‬تطويراإلدارة الذاتية‪ ،‬ومهارات ما وراء المعرفة‪.‬‬

‫‪ -‬تطوير أساليب التدريس واستراتيجياته لتسهيل األداء اإلبداعي‪.‬‬


‫ب‪ -‬النظريات المفسرة لجوانب اإلبداع و أبعاده‪.‬‬

‫إن مسألة اإلبداع ليست وليدة اليوم ولكنها من المشكالت العريقة التي تعددت حولها‬
‫النظريات واختلفت في تفسيرها وتحديد جوانبها و أبعادها المتعددة والمتباينة نشير منها إلى‬
‫النظريات التالية‪:‬‬

‫‪ ‬نظرية اإللهام‪ ،‬التي تفرض أن األعمال اإلبداعية تظهربشكل فطري لدى اإلنسان المبدع‬
‫بمعزل عن التجارب والخبرات المتوفرة لديه‪،‬‬

‫‪ ‬نظرية التحليل النفس ي‪ ،‬التي درس في إطارها سيغموند فرويد العوامل النفسية الداخلية‬
‫التي تدفع المبدعين إلى إنجازأعمالهم اإلبداعية من خالل تفجيرالمكبوتات والتعبيرعنها‬
‫في شكل مشاعروأحاسيس و أفكار‪.‬‬

‫‪ ‬النظرية العقلية‪ ،‬التي ترى أن اإلبداع هو نتاج للعقل وللفكر‪ ،‬حيث ذهب جاك جيلفورد‬
‫إلى أن اإلبداع هو تنظيم يتكون من مجموعة من القدرات العقلية منها‪ :‬الطالقة والمرونة‬
‫واألصالة والحساسية تجاه المشكالت‪.‬‬

‫‪ ‬نظرية قياس الذكاء‪ ،‬التي ترى أن هناك عالقة بين السلوك والذكاء واإلبداع ‪،‬لذلك فإن‬
‫اإلبداع مثل الذكاء يجب أن يخضع للقياس وللبحث التجريبي ألنه يوجد لدى األفراد‬
‫بنسب متفاوتة‪.‬‬

‫‪ ‬النظرية االجتماعية‪ ،‬وهي التي تؤكد على دور املحيط االجتماعي في عملية اإلبداع وفي‬
‫االنتاج اإلبداعي‪ ،‬إلى جانب تأثيرالعوامل التربوية والثقافية واالقتصادية‪.‬‬

‫‪P 207‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫‪ ‬نظرية حل المشكالت‪ ،‬التي تفترض أن العملية اإلبداعية هي إيجاد حل إبداعي لمشكلة‬


‫غير عادية‪ ،‬وقد اعتمد هذا االفتراض في إجراء دراسات حول طبيعة العملية اإلبداعية‬
‫وتعليم اإلبداع‪ ،‬وقد انعكس ذلك بشكل إيجابي على تطويروبلورة البرامج التربوية لتقوية‬
‫اإلبداع لدى المتعلمين‪ ،‬على أساس أن تفعيل القدرة على التخيل هي األساس في عملية‬
‫إيجاد الحل اإلبداعي ألية مشكلة من المشكالت‪.‬‬

‫املحورالثاني‪ :‬مفهوم البيداغوجيا اإلبداعية ومرجعياتها النظرية‪.‬‬

‫تعني البيداغوجيا في دالالتها اللغوية‪ ،‬تهذيب الطفل وتأديبه وتأطيره وتكوينه وتربيته‪.‬‬
‫وقد تعني الذي ير افق المتعلم إلى المدرسة‪ .‬وتدل أيضا على التربية العامة‪ ،‬أو فن التعليم‪ ،‬أو‬
‫فن التأديب‪ ،‬أو نظرية التربية التي تنصب على جميع الطرائق والتطبيقات التربوية التي تمارس‬
‫داخل المؤسسة التعليمية‪.‬‬

‫وقد يكون المقصود بها أيضا ذلك العلم الذي يتناول التربية في أبعادها الفيزيائية‬
‫والثقافية واألخالقية‪ ،‬أو يدل على مجموعة من العلوم التربوية النظرية والتطبيقية‪ ،‬كعلم‬
‫النفس التربوي‪ ،‬وعلم االجتماع التربوي‪ ،‬وعلم التخطيط التربوي‪ ،‬وعلم االقتصاد التربوي‪،‬‬
‫وعلم اإلحصاء التربوي‪ ،‬وعلم مناهج البحث‪ ،‬والسياسة التربوية‪ ،‬وفلسفة التربية‪ ،‬والديدكتيك‬
‫وغيرها من العلوم‪.‬‬

‫ومن هنا‪ ،‬فكلمة البيداغوجيا" إغريقية األصل‪ ،‬وكانت تدل على العبد الذي ير افق‬
‫الطفل في تنقالته‪ ،‬وبخاصة من البيت إلى المدرسة‪ .‬ولقد تطور استعمال الكلمة‪ ،‬وأصبح يدل‬
‫على المربي ‪ (Pedagogue) .‬والبيداغوجيا هي جملة األنشطة التعليمية ‪ -‬التعلمية التي تتم‬
‫ممارستها من قبل المعلمين والمتعلمين‪386.‬‬

‫أما البيداغوجيا اإلبداعية فهي عبارة عن مفهوم تعليمي يركز على تنمية القدرات‬
‫اإلبداعية لدى األفراد‪ ،‬وذلك بتصميم بيئة تعليمية تشجع على االبتكار والتجديد‪ ،‬واستخدام‬
‫استراتيجيات التدريس اإلبداعي لتحفيزاألفراد على التفكيرالناقد والمنطقي‪.‬‬

‫‪ - 386 -‬أحمد أوزي‪ :‬المعجم الموسوعي لعلوم التربية‪ ،‬دار النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬المغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪ 4996‬م‪،‬‬
‫ص‪.419:‬‬

‫‪P 210‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫تعتمد مرجعيات البيداغوجيا اإلبداعية على عدة نظريات‪ ،‬منها‪:‬‬

‫نظرية التعلم االجتماعي ‪ Social Learning Theory:‬وهي نظرية تعتمد على التفاعل بين‬ ‫‪‬‬

‫األفراد وبيئتهم‪ ،‬وتعتبرالنمو والتطورفي املجتمع نتيجة لهذا التفاعل‪.‬‬

‫نظرية التعلم البنائي ‪ Constructivist Learning Theory:‬وتعتمد على أن المعرفة‬ ‫‪‬‬

‫تتكون من تجارب األفراد وتفاعالتهم مع بيئتهم‪ ،‬و أنه من المهم توفير بيئة تعليمية‬
‫تشجع على بناء المعرفة والتعلم النشط‪.‬‬

‫نظرية الذكاءات المتعددة ‪ Multiple Intelligences Theory:‬وتعتمد على فكرة وجود‬ ‫‪‬‬

‫أنواع مختلفة من الذكاءات لدى األفراد‪ ،‬و أنه يمكن تطويركل منها بشكل منفصل‪.‬‬

‫كما تتضمن مرجعيات البيداغوجيا اإلبداعية استراتيجيات تدريس متنوعة ومبتكرة‪،‬‬


‫مثل التعلم التفاعلي والعمل التعاوني والتفكيرالنقدي‪ ،‬وتشجيع التفكيراإلبداعي وتوفيرالمناخ‬
‫المناسب لتطويرالمواهب اإلبداعية لدى األفراد‪.‬‬

‫ويمكن تطبيق مفاهيم البيداغوجيا اإلبداعية في العديد من املجاالت التعليمية‬


‫والتربوية‪ ،‬مثل التعليم العالي والتدريب المنهي والتعليم األساس ي وغيرها‪ ،‬ويمكن االستفادة منها‬
‫في تطويرمهارات األفراد وزيادة إنتاجيتهم و إبداعهم في مجاالت العمل والحياة بشكل عام‪.‬‬
‫ً‬
‫تعتبرالبيداغوجيا اإلبداعية أيضا أداة مهمة للتغييراالجتماعي‪ ،‬حيث يمكن استخدامها‬
‫لتحقيق التنمية المستدامة في مجاالت مثل البيئة والتعليم واالقتصاد والثقافة‪ ،‬وذلك عن‬
‫طريق تشجيع االبتكاروالتجديد وتحسين العمليات واألساليب الحالية‪.‬‬

‫باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬يمكن تطبيق مفاهيم البيداغوجيا اإلبداعية في املجال الفني‬
‫واإلبداعي‪ ،‬وتحفيز الفنانين والمبدعين على االبتكار والتجديد و إنتاج أعمال فنية جديدة‬
‫ومتنوعة‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫إن البيداغوجيا اإلبداعية مفهوما هاما في مجال التعليم والتربية‪ ،‬وتعتبر ضرورية‬
‫لتحسين العمليات التعليمية وتطويرالمهارات اإلبداعية لدى األفراد‪ .‬وتحتاج هذه المفاهيم إلى‬
‫تطبيقات عملية ودراسات دقيقة لتحقيق أقص ى فائدة منها في املجال التعليمي وفي مجاالت‬
‫الحياة األخرى‪.‬‬

‫‪P 211‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫إنها تستهدف تكوين متعلمين يمتلكون العلم والمعرفة والتكنولوجيا‪ ،‬ويتميزون بقدرات‬
‫وكفايات جيدة في جميع التخصصات‪ ،‬ليصبحوا متعلمين مبدعين قادرين على اإلنتاج ومواجهة‬
‫الوضعيات الصعبة بواسطة ما تم اكتسابه من تعلمات معرفية وخبرات منهجية‪ ،‬وقد عرفها‬
‫عبد الكريم غريب بقوله‪ ":‬إنها االنشطة والعمليات المنظمة التي يقوم بها المتعلم ألجل ابتكار‬
‫أفكارأو اكتشاف أشياء تتميزبتفردها "‪ ،‬وفي السياق ذاته تجدراإلشارة إلى أن العملية اإلبداعية‬
‫تتمثل أيضا في تحليل النصوص وفهمها وتفسيرها وتأويلها‪ ،‬وقد تتجاوز هذا التحليل إلى تقديم‬
‫تصورات فكرية جديدة‪.‬‬

‫أما سوزان فيلطو ‪ Suzanne Filteau‬فقد اعتبرت التربية اإلبداعية أوبيداغوجيا اإلبداع‬
‫‪ la créativité de la pédagogie‬سيرورة أو عملية تعليمية تضع المتعلم أمام وضعية مشكلة‪،‬‬
‫حيث يضطر إلى استحضار موارده النظرية والمنهجية والمهارية ورؤيته الثاقبة لحلها‪ ،‬وعلى‬
‫ضوء ذلك تظهرقدرة المتعلم على إنتاج أفكارجديدة‪ ،‬وخصوصا تلك األفكارالنابعة من حسه‬
‫اإلبداعي‪.‬‬

‫تؤكد بعض الدراسات على أن للبيداغوجيا اإلبداعية مرجعيات نظرية وتطبيقية‬


‫متعددة نذكر منها‪ :‬اللسانيات التوليدية التحويلية (اإلبداعية اللغوية) وبيداغوجيا األهداف‬
‫والكفايات ونظرية الجودة التربوية ومبادئ التربية الحديثة والمعاصرة ومقومات البحث العلمي‬
‫واالختراع التقني والتنمية ومقررات الحياة المدرسية والتنشيط التربوي‪ ،‬كما تذهب دراسات‬
‫اخرى إلى أن البيداغوجيا اإلبداعية تستند إلى كل أنواع الذكاءات والكفاءات الذاتية التعلمية‬
‫التي تمكن المتعلم من مواجهة أسئلة الو اقع الموضوعي عن طريق تشغيل ما درسه واستوعبه‬
‫عبرامتداد سنواته الدراسية‪.‬‬

‫املحورالثالث‪ :‬خصائص وسمات المتعلمين المبدعين‪:‬‬

‫يمكن تحديد أهم الخصائص والصفات المميزة للمبدعين في ما يلي‪:‬‬

‫العقل المتسائل الخالق‪ :‬وهي صفة فطرية في اإلنسان (الفضول‪ ،‬حب‬ ‫‪‬‬
‫االستطالع) التي تعززها التربية والتدريب المبكر‪.‬‬

‫النشاط المتميز‪ :‬ويتجلى في كثرة تساؤل المتعلم عن ما يدور حوله‪ ،‬وكذلك في‬ ‫‪‬‬
‫امتالكه لدرجة عالية من الذكاء‪ ،‬تمكنه من إدراك األشياء بطريقة تختلف عن االخرين‪.‬‬

‫‪P 212‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫القدرة على التحليل‪ :‬أي القدرة على تجميع المعلومات وتحليلها وتقويمها‬ ‫‪‬‬
‫واالحتفاظ بها بشكل منظم من أجل استخدامها في أماكنها المناسبة‪.‬‬

‫القدرة على التفكير اإلبداعي‪ :‬يتمتع المتعلم المبدع بالقدرة على التفكير‬ ‫‪‬‬
‫اإلبداعي واالستنباط والتخيل‪ ،‬وتحليل المعلومات بطريقة مختلفة عن اآلخرين‪.‬‬

‫اإلصرار‪ :‬يتمتع المتعلم المبدع باإلصرار والتحدي لتحقيق أهدافه و إنجاز ما‬ ‫‪‬‬
‫ً‬
‫متحمسا للعمل بجد لتحقيق النجاح‪.‬‬ ‫يريده‪ ،‬ويكون‬

‫االستقاللية‪ :‬يتمتع المتعلم المبدع باالستقاللية في التفكيروالعمل‪ ،‬وال يحتاج‬ ‫‪‬‬


‫إلى إشراف مستمرأو إرشاد من اآلخرين‪ ،‬ويكون قاد ًرا على التخطيط والتنظيم والتنفيذ بشكل‬
‫مستقل‪.‬‬

‫الحس الفني‪ :‬يتمتع المتعلم المبدع بالحس الفني واإلبداعي‪ ،‬ويتميزبالقدرة على‬ ‫‪‬‬
‫اإلنتاج الفني والتعبيراإلبداعي‪ ،‬وتصميم األفكاربطريقة مختلفة وجديدة‪.‬‬
‫ً‬
‫خاصا للتفاصيل ويحاول‬ ‫ً‬
‫اهتماما‬ ‫االهتمام بالتفاصيل‪ :‬يولي المتعلم المبدع‬ ‫‪‬‬
‫إيجاد التفاصيل الصغيرة التي يمكن أن تحسن من جودة العمل النهائي‪.‬‬

‫هذه بعض الخصائص والسمات التي تميزالمتعلمين المبدعين وتساعد في تطويراإلبداع‬


‫لديهم‪ .‬ومن المهم ً‬
‫أيضا مالحظة أن االبتكار واإلبداع هما مفاهيم متعلقة‪ ،‬حيث يتمتع المتعلم‬
‫المبدع بالقدرة على إيجاد حلول إبداعية و ابتكارية للمشكالت المعقدة والتحديات‪ ،‬وتنفيذها‬
‫بشكل ناجح‪ .‬ويمكن أن تتضمن الخصائص والسمات التي تشاركها المتعلمين المبدعين بعض‬
‫الخصائص التي يتمتع بها المبتكرون‪ ،‬مثل االستعداد لتحمل املخاطر والتجارب الجديدة‬
‫والتحديات الصعبة والتغير‪ ،‬والقدرة على التعاون والعمل الجماعي‪ ،‬واإلدراك الواعي للحاجة‬
‫إلى التغييروالتحسين المستمر‪.‬‬

‫املحورالرابع‪ :‬عوائق تنمية القدرات اإلبداعية‪:‬‬

‫هناك العديد من المعيقات التي يمكن أن تعوق تنمية القدرات اإلبداعية‪ ،‬ومن بينها‬
‫نشيرمنها إلى ما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬البرامج والمقررات الدراسية التي تتضمن معطيات علمية ومعرفية ال تحفزعلى اإلبداع‪.‬‬

‫‪P 213‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫‪ ‬البيئة السلبية‪ :‬بيئة سلبية يمكن أن تحبط رغبة األفراد في التفكيراإلبداعي والتجريبي‪،‬‬
‫وتقلل من إصرارهم وتشجعهم على االلتزام باألفكارالتقليدية‪.‬‬

‫‪ ‬العوائق الثقافية واالجتماعية‪ :‬العوائق الثقافية واالجتماعية تتمثل في القيود‬


‫والتوقعات االجتماعية التي تحدد السلوك والتصرفات‪ ،‬وتعرقل املجال لالستكشاف‬
‫واالبتكار‪.‬‬

‫‪ ‬نقص الموارد والتسهيالت‪ :‬يمكن أن تكون نقص الموارد والتسهيالت‪ ،‬مثل المال‬
‫والوقت والمواد والتجهيزات‪ ،‬عوامل مؤثرة في تقليل فرصة األفراد للتفكير والتجريب‬
‫بطرق إبداعية‪.‬‬

‫‪ ‬القلق والضغوط النفسية‪ :‬القلق والضغوط النفسية يمكن أن تحجب التفكير‬


‫اإلبداعي والتخيل‪ ،‬وتجعل األفراد يركزون فقط على األشياء السلبية‪.‬‬

‫‪ ‬الخبرة املحدودة ونقص التعليم‪ :‬الخبرة املحدودة ونقص التعليم في مجاالت معينة‬
‫ً‬
‫عامال ر ً‬
‫ئيسيا في تحديد نطاق قدرات اإلبداعية التي يمكن لألفراد‬ ‫يمكن أن تكون‬
‫تطويرها ‪.‬‬

‫‪ ‬االنفصال بين الموضوعات‪ :‬االنفصال الدراس ي بين الموضوعات يمكن أن يعيق تطوير‬
‫المهارات اإلبداعية لألفراد‪ ،‬إذ أنه يمنعهم من الربط بين الموضوعات املختلفة و إيجاد‬
‫حلول مبتكرة للمشاكل المعقدة‪.‬‬

‫‪ ‬وسيلة التلقين واإلمالء المعتمدة في الطرائق التقليدية للتدريس‪ ،‬والتي قد يفرضها‬


‫ضغط الزمن البيداغوجي واالرتباط باالمتحانات اإلشهادية‪.‬‬

‫‪ ‬التقويم التقليدي الذي يطالب المتعلمين باستظهار المعارف واسترجاعها‪ ،‬دون‬


‫االرتقاء بها إلى درجات متميزة من التفكير‪.‬‬

‫‪ ‬غياب أو ضعف الدعم والمواكبة التربوية ‪، Accompagnement Pédagogique‬‬


‫لمعالجة االختالالت والتغيرات والنقائص التي يعاني منها المتعلم‪.‬‬

‫إن التدبيرالديداكتيكي لبيداغوجيا اإلبداع يتطلب االعتماد على المبادئ واالليات‬

‫‪P 214‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫التالية‪:‬‬

‫‪ ‬تهييئ وإعداد وضعيات ديداكتيكية تتميز بخصائص النشاط اإلبداعي‪ ،‬وتشعر المتعلم‬
‫بالحاجة إلى اإلبداع واالبتكار‪.‬‬

‫‪ ‬تمكين المتعلم من تقديم أكبرقدرمن األلفاظ والمصطلحات واألفكار‪.‬‬

‫‪ ‬تحسيس المتعلم بمرونة النشاط التربوي وجعله يتكيف مع المعطيات الجديدة‪.‬‬

‫‪ ‬تأصيل اإلنتاج الذي يصدرعن المتعلم وتشجيعه عليه‪.‬‬

‫‪ ‬مساعدة المتعلم على بناء أفكاربأساليب وطرق جديدة‪.‬‬

‫‪ ‬احترام أسئلة المتعلم و أفكاره األصيلة و إبراز قيمتها وفسح املجال أمامه لإلبداع واالبتكار‬
‫مع تجنب إصداراألحكام المسبقة‪.‬‬

‫‪ ‬االسترشاد بالوسائل الديداكتيكية المعاصرة‪.‬‬

‫‪ ‬تشجيع آليات الحواروالنقد والمناقشة بشكل علمي وموضوعي‪.‬‬

‫‪ ‬ربط المعارف والمهارات بالو اقع المعيش ي خصوصا حينما يتعلق األمر بمفاهيم مجردة‬
‫كالرياضيات‪ ،‬وذلك من خالل إعطاء أمثلة حية ومناسبة تمكن المتعلم من تجسيد تعلماته‬
‫واالنتقال من النظري إلى التطبيقي‪.‬‬

‫‪ ‬استغالل القواسم المشتركة بين المواد الدراسية املختلفة (اللغة العربية ‪ /‬التربية‬
‫اإلسالمية ‪ /‬الجغر افيا ‪ /‬العلوم الطبيعية ‪ /‬التربية التشكيلية ‪ /‬الرياضيات)‪.‬‬

‫‪ ‬تحفيز المتعلم على معرفة تاريخ االكتشافات واالختراعات والتعرف على سير أصحابها‪،‬‬
‫والدو افع المؤدية إلى اكتشافاتهم واختراعاتهم‪.‬‬

‫‪ ‬استخدام آ ليات التفكير اإلبداعي الرقمي تماشيا مع التقنيات الحديثة وبعض التطبيقات‬
‫التعليمية المرتبطة باللوحات التفاعلية وبرامج الحاسوب وغيرها‪ ،‬وعلى المربي أو المدرس‬
‫القيام باالختيار المناسب لهذه االليات حسب طبيعة المادة والمهارات التي يسعى إلى‬
‫تنميتها‪.‬‬

‫‪P 215‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫إن النظرية االبداعية التربوية ال يمكن أن تتحقق داخل المؤسسة التعليمية إال بالسعي‬
‫المستمر وراء التحديث والتجديد وتجنب التكرار واالجترار واستنساخ التجارب التربوية و‬
‫العتيقة‪ ،‬الش يء الذي يتطلب التشجيع على فلسفة التخطيط وإعادة البناء وتطوير البحث‬
‫العلمي وتنمية القدرات الذاتية على االختراع واالكتشاف بهدف مواجهة كل التحديات اآلنية‬
‫والمستقبلية‪ ،‬ومن الشروط التي تستوجبها البيداغوجيا االبداعية االحتكام إلى الجودة‬
‫الحقيقية على المستويين الكمي والكيفي‪ ،‬بشكل يستجيب ويتالءم مع المقاييس العالمية‬
‫للتربية والتعليم ‪.‬‬

‫خالصة القول التعلم فعل ِب ْدع منقطع النظيرمن إنجازالمتعلم ذاته ال يضاهيه في ذلك‬
‫غيره لما يتصف به الدماغ البشري من خصائص الليونة واللدونة والفرادة‪ ،‬والتعليم على نفس‬
‫القدر‪ ،‬فعل موصول بالبيداغوجيا أو فن التدريس ال يقل ابتداعا وخلقا و ابتكارا عنه‪ ،‬ألنه نتاج‬
‫أسلوب مدرس بعينه في زمان ومكان محددين ومع جمهور معين من المتعلمين لهم درجات‬
‫متباينة من الصعوبات تميزهم أساليبهم الخاصة وطبيعة تفاعالتهم مع املحتويات والمعارف‬
‫المدرسة وفي ما بينهم من سياق تعليمي إلى آخروإن في نطاق المنوال التدريس ي الواحد واملحتوى‬
‫المقررالمضبوط والهدف المنتقى‪.‬‬

‫خاتمة‪:‬‬
‫ً‬
‫تفكيرا‬ ‫يمكن االستنتاج من دراسة البيداغوجيا اإلبداعية أن اإلبداع هو قدرة تتطلب‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ومستمرا‪ ،‬وقدرة على االبتكار والتجديد والتعلم والتطوير‪ .‬وتأتي البيداغوجيا اإلبداعية‬ ‫خالقا‬
‫كأحد الحلول الممكنة لتطويرالقدرات اإلبداعية عند األفراد‪.‬‬

‫ومن خالل التركيز على البيئة التعليمية وتصميمها بشكل يشجع على اإلبداع والتفكير‬
‫الخالق‪ ،‬وتطبيق استراتيجيات التدريس اإلبداعي وتشجيع التفكير الناقد والمنطقي‪ ،‬يمكن‬
‫تنمية القدرات اإلبداعية لدى األفراد‪.‬‬

‫على الرغم من وجود معيقات تحول دون تنمية القدرات اإلبداعية لدى األفراد‪ ،‬إال أن‬
‫هذه المعيقات يمكن التغلب عليها من خالل التركيز على تحديدها والعمل على إيجاد الحلول‬
‫المناسبة للتغلب عليها‪.‬‬

‫‪P 216‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬
‫ً‬
‫وتجديدا‬ ‫ً‬
‫إبداعيا‬ ‫ً‬
‫تفكيرا‬ ‫في النهاية‪ ،‬يمكن القول إن التطورالتكنولوجي واالجتماعي يتطلب‬
‫ً‬
‫حقيقيا في‬ ‫ً‬
‫مستمرا‪ ،‬وأن االستثمار في تنمية القدرات اإلبداعية لدى األفراد يمثل استثما ًرا‬
‫مستقبل األفراد واملجتمعات‪.‬‬

‫قائمة المراجع باللغة العربية‪:‬‬

‫‪ -5‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬مادة (ب‪،‬د‪،‬ع)دارإحياء التراث العربي‪،‬بيروت لبنان‪ ،‬املجلد‬
‫األول‪،‬ط‪.5771 ،1‬‬

‫‪ -2‬جميل حمداوي – من أجل نظرية تربوية جديدة‪ :‬البيداغوجيا االبداعية مقال منشور‬
‫على موقع ‪ :‬مجلة مدرستي للتربية والتعليم بتاريخ ‪ 57‬يونيو ‪www.madrassaty.com 1151‬‬

‫‪ -1‬أمجد قاسم "البيداغوجيا وأدوات التفكير" مقال منشورعلى موقع‪.‬‬

‫"التربية والثقافة ‪ ،‬التعلم االلكتروني" تاريخ النشر ‪ 7‬ماي ‪.1155‬‬

‫‪ -1‬أحمد أوزي‪ :‬المعجم الموسوعي لعلوم التربية‪ ،‬دار النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪،‬‬
‫المغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪1116‬م‪.‬‬

‫قائمة المراجع باللغات األجنبية‪:‬‬

‫‪1- Suzanne Filteau – (Pédagogie Collégiale) Printenps 2012-vol 25 N°‬‬

‫‪2- René CAHAY, Maryse HONOREZ, Brigitte MONFORT, François REMY,‬‬


‫‪Jean THERER, Les styles d’apprentissage Une recherche du LEM (Laboratoire‬‬
‫‪d’Enseignement Multimédia de l’Université de Liège),p2.‬‬

‫‪3- Linda Naiman, "What is Creativity? " ،www.creativityatwork.com,‬‬


‫‪Retrieved 2021-3-28. Edited.‬‬

‫‪P 217‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫تأثير المراقبة الإلكترونية على وضعية‬


‫حقوق الإنسان‬
‫‪he impact of electronic surveillance on the human rights situation‬‬
‫مقدمة‪:‬‬

‫تمثل المر اقبة اإللكترونية إحدى القضايا األساسية في العصر الحديث والتي أخذت‬
‫ً‬
‫اهتماما ً‬
‫كبيرا بين األوساط العلمية السياسية واألمنية املختلفة؛ وذلك على اعتبار أن موضوع‬
‫المر اقبة من الموضوعات التي تمس الحريات العامة وحقوق اإلنسان‪ ،‬كما ترتبط قضية‬
‫ً‬
‫المر اقبة اإللكترونية بالنواحي التطورالسياس ي والديمقراطية وخاصة في التعامل مع الجوانب‬
‫التي تمس العالم اإللكتروني وما أنتجته تكنولوجيا االتصال والمعلومات من أدوات ومفردات‬
‫حديثة للتعبير عن الرأي‪ .‬وعلى هذا األساس تعد المر اقبة اإللكترونية من الموضوعات التي‬
‫تعكس حالة التوازن األمني والسياس ي بين كيفية توظيف التكنولوجيا الحديثة في زيادة حرية‬
‫التعبير‪ ،‬وكيفية المر اقبة واالشراف من الحكومات واألجهزة املختلفة على املحتوى اإللكتروني‪،‬‬
‫ومن ثم تتبع كيفية استخدام الوسائل اإللكترونية والتي أصبحت مجال اهتمام السلطات‬
‫املختلفة (‪.)387‬‬

‫ومما ال شك فيه أنه وسائل التكنولوجيا المعاصرة قد احتلت المكانة األولى على مستوى‬
‫نقل األفكار والبيانات والمعلومات وعملية تبادل اآلراء واالتجاهات املختلفة؛ حيث أصبحت‬
‫الوسائل اإللكترونية بما تشتمل عليه من تطبيقات اجتماعية ووسائل تواصل حديثة من بين‬

‫‪ -387‬سليمان مختار النحوي‪ :‬مشكلة المراقبة اإللكترونية‪ ،‬الجامعة اللبنانية‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية واإلدارية‪،‬‬
‫مجلة الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬العدد ‪ ،12‬لبنان‪ ،1271 ،‬ص ‪.121‬‬

‫‪P 212‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫أبرزالوسائل التي تنقل األحداث والصورونواحي المعرفة املختلفة على نحو سريع ودقيق‪ ،‬ومن‬
‫ثم فإن الفضاء اإللكتروني يمثل العالم الحديث الذي ال يستطيع اإلنسان العيش بدونه‪ ،‬كما‬
‫أن استخدام تلك التكنولوجيا المعاصرة تعد إحدى حقوق اإلنسان المعترف بها على المستوى‬
‫الدولي‪ ،‬وعلى الرغم من ذلك إال أن انتشارالوسائل االتصالية والمعلوماتية الحديثة قد مكنت‬
‫المستخدمين من زيادة حرية التعبير وسهولة عملية تبادل اآلراء واألفكار من خالل األدوات‬
‫اإللكترونية‪ ،‬وهو األمر الذي أدى إلى اتجاه الحكومات إلى استخدام أنواع متباينة من الرقابة‬
‫واالشراف على الكثيرمن المو اقع اإللكترونية التي يتم االعتماد عليها في العصرالحديث؛ وذلك‬
‫في ضوء فرض السيطرة‪ ،‬وكذلك االتجاه نحو محاربة الجرائم اإللكترونية املختلفة‪ ،‬والحفاظ‬
‫على األمن القومي‪ ،‬وكذلك حفظ أمن واستقرارالحياة الشخصية لألفراد والمؤسسات(‪.)388‬‬

‫وفي هذا اإلطار يمكن اإلشارة إلى أن الوسائل اإللكترونية الحديثة بما تشتمل عليه من‬
‫أساليب وأدوات وتطبيقات تعد بمثابة البيئة اإللكترونية التي يتم من خاللها ممارسة الحريات‬
‫والتعبير عن أحد أهم حقوق اإلنسان؛ األمر الذي يعكس أثر عملية المر اقبة اإللكترونية على‬
‫ً‬
‫نفوس األفراد وخاصة على مستوى تقييد الحريات‪ ،‬ومن ناحية أخرى تضع الحكومات البرامج‬
‫الرقابية التي يمكن من خاللها متابعة األحوال العامة ودراسة الرأي العام وتحديد اآلراء‬
‫والتوجهات التي تؤثر بشكل كبيرعلى صناعة الرأي العام على المستوى الدولي‪ ،‬وهو األمرالذي‬
‫قد يراه المواطن على اعتبارأنه إحدى وسائل تحجيم اآلراء والتعصب الواضح(‪.)389‬‬

‫ومن هنا فقد جاء موضوع البحث الراهن‪ ،‬الذي يحاول الباحث من خالله إلقاء الضوء‬
‫على العالقة التي تربط بين التطور التكنولوجي الحديث وعمليات المر اقبة اإللكترونية‪ ،‬التي‬
‫تضعها الحكومة كإحدى السياسات التي قد تقوم بمثابة إحدى آليات تقييد الحريات وقمعها‪.‬‬

‫مشكلة الدراسة‪ :‬ما أثرالمر اقبة اإللكترونية على حقوق اإلنسان والحريات العامة؟‬

‫تساؤالت الدراسة‪:‬‬

‫‪ -388‬هيام صالح محمد بدر الدين‪ :‬التكنولوجيا ودورها في التعبير عن الرأي وتأثيرها على المجتمع‪ ،‬المجلة‬
‫القانونية‪ ،‬المجلد ‪ ،72‬العدد ‪ ،4‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة القاهرة‪ ،‬فرع الخرطوم‪ ،1217 ،‬ص ‪.7771‬‬
‫‪389‬‬
‫‪- Jeremie Harris: Free Expression in the Age of the Internet Social and Legal‬‬
‫‪Boundaries, Route ledge Taylor and Francis group, New York, 2018, P 115.‬‬

‫‪P 217‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫في ضوء ما تم عرضه من موضوع البحث والمشكلة البحثية المطروحة ومن خالل‬
‫التساؤل العام‪ ،‬يمكن عرض التساؤالت اآلتية‪:‬‬

‫‪ -‬ما المقصود بالمر اقبة اإللكترونية وآلياتها في دولة اإلمارات العربية المتحدة؟‬

‫‪ -‬ما القواعد القانونية لممارسة الحريات العامة وحقوق اإلنسان في املجال‬


‫الرقمي؟‬

‫‪ -‬ما دور القضاء في ضمان حماية الحريات العامة وحقوق اإلنسان في املجال‬
‫الرقمي؟‬

‫‪ -‬ما التأثير القانوني للمر اقبة اإللكترونية على الحريات العامة ؟‬

‫‪ -‬ما أبرز القيود التي تفرضها المر اقبة اإللكترونية على الحريات العامة وحقوق‬
‫اإلنسان؟‬

‫أهداف الدراسة‪:‬‬

‫يتمثل الهدف العام للدراسة الراهنة في تحديد أثر المر اقبة اإللكترونية على حقوق‬
‫اإلنسان والحريات العامة‪ ،‬وفي ضوء هذا الهدف تتفرع األهداف اآلتية‪:‬‬

‫‪ -‬تحديد المقصود بالمر اقبة اإللكترونية وآلياتها في دولة اإلمارات العربية‬


‫المتحدة‪.‬‬

‫‪ -‬رصد القواعد القانونية لممارسة الحريات العامة وحقوق اإلنسان في املجال‬


‫الرقمي‪.‬‬

‫‪ -‬تحديد دورالقضاء في ضمان حماية الحريات العامة وحقوق اإلنسان في املجال‬


‫الرقمي‪.‬‬

‫‪ -‬التعرف على مدى التأثيرالقانوني للمر اقبة اإللكترونية على الحريات العامة‪.‬‬

‫‪P 220‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫‪ -‬الكشف عن أبرزالقيود التي تفرضها المر اقبة اإللكترونية على حقوق اإلنسان‬
‫والتغلب عليها‪.‬‬

‫أهمية الدراسة‪:‬‬

‫تكتسب الدراسة أهمية كبيرة على المستويين النظري والتطبيقي‪ ،‬ويمكن عرض هذه‬
‫األهمية كاآلتي‪:‬‬

‫‪ -‬تمثل المر اقبة اإللكترونية من القضايا الهامة التي ينبغي إلقاء الضوء على‬
‫مفهومها وآلياتها في العصرالحديث‪.‬‬

‫‪ -‬يرغب الباحث من خالل الموضوع في تحديد اللوائح والنصوص القانونية التي‬


‫تحكم كيفية ممارسة الحريات العامة وحقوق اإلنسان في املجال الرقمي‪ ،‬إلى‬
‫جانب الكشف عن الدور الذي تقوم به المؤسسات القضائية في حماية تلك‬
‫ً‬
‫الحريات‪ ،‬فضال عن رصد أبرز القيود المفروضة من ِقبل الحكومات على‬
‫الحريات العامة وحقوق اإلنسان‪.‬‬

‫‪ -‬تعد المر اقبة اإللكترونية من أبرز القضايا المطروحة على الساحة العلمية‬
‫على المستوى السياس ي واألمني؛ وذلك في ضوء العالقة التي تربط بينها والتمتع‬
‫بالحريات العامة والحفاظ على حقوق اإلنسان‪.‬‬

‫‪ -‬أصبحت عملية التقدم في املجال السياس ي مرتبطة بكيفية ممارسة‬


‫ً‬
‫الديمقراطية والتطوروخاصة في تلك القضايا التي ترتبط بالفضاء اإللكتروني‪.‬‬

‫‪ -‬تعد المر اقبة اإللكترونية من األدوات المعاصرة التي يتم من خاللها التعبيرعن‬
‫الرأي وتكوين االتجاهات واألفكاروتبادل المعلومات في ضوء املجال اإللكتروني‪.‬‬

‫‪ -‬ترتبط قضية المر اقبة اإللكترونية بعملية التوازن بين تحقيق النواحي األمنية‬
‫والسياسية واالستقرار‪ ،‬مع الحفاظ على الحريات العامة حرية التعبيروالفكر‪.‬‬

‫‪ -‬يمثل املجال الرقمي أحد أبرز الوسائل التي يتم من خاللها التعبير عن الرأي‬
‫وممارسة حقوق اإلنسان من خالل االعتماد على الوسائل اإللكترونية‪.‬‬

‫‪P 221‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫‪ -‬انتشرت في اآلونة األخيرة الكثيرمن الجرائم اإللكترونية؛ األمرالذي دفع بالكثير‬


‫من الحكومات إلى وضع مجموعة من البرامج الرقابية التي يتم من خاللها‬
‫متابعة ما يدورعلى المستوى الدولي‪.‬‬

‫‪ -‬قامت الكثير من الحكومات في العصر الحديث بوضع مجموعة من السياسات‬


‫الرقابية التي تهدف إلى االشراف على املجال اإللكتروني المفتوح‪ ،‬من أجل‬
‫متابعة الرأي العام ودراسات االتجاهات واألفكار السياسية التي يتم طرحها؛‬
‫األمر الذي اعتبره الكثيرون من وسائل تقييد الحرية؛ مما يعكس أهمية‬
‫ً‬
‫الموضوع المطروح ويجعله محال للبحث والدراسة‪.‬‬

‫املحوراألول‪ :‬اإلطارالنظري للمر اقبة اإللكترونية‬


‫ً‬
‫أوال‪ :‬مفهوم الفضاء اإللكتروني‪:‬‬

‫وهو العالم االفتراض ي التي يتم من خالله ممارسة عمليات نقل وتبادل المعلومات‬
‫والمعارف والثقافات املختلفة‪ ،‬وهو املجال الذي يتم في إطاره فرض عملية المتابعة والمر اقبة‬
‫اإللكترونية(‪.)390‬‬

‫هذا ويعود أصل مصطلح الفضاء اإللكتروني إلى الكاتب وليام جيبسون الذي طرحه في‬
‫الثمانينيات من القرن العشرين؛ حيث يعرفه بأنه‪" :‬مجموعة من األدوات التي تقوم في األساس‬
‫على مجال الحاسب اآللي‪ ،‬عن طريق ربط الشبكات المتصلة‪ ،‬وفي ضوء تنظيم البيانات‬
‫والمعلومات‪ ،‬وهو األمر الذي تطور ً‬
‫كثيرا في العصر الحديث‪ ،‬وأصبح هذا املجال اإللكتروني‬
‫بمثابة البيئة المتطورة التي تعتمد على وسائل التواصل الحديثة في عملية الربط ونقل البيانات‬
‫والمعلومات ودعم العالقات اإلنسانية بال حدود"(‪.)391‬‬

‫كما يعرف الفضاء اإللكتروني بأنه‪" :‬الفضاء الذي تدور فيه المعلومات والبيانات‬
‫والعالقات اإلنسانية دون حدود‪ ،‬كما أن هذا الفضاء ال يمكن رؤيته ألنه غير مادي‪ ،‬وهو كذلك‬

‫‪ -390‬خالد محمد غازي‪ :‬صحافة الخط الساخن‪ ،‬وكالة الصحافة العربية للنشر والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪ ،1217 ،‬ص ‪.41‬‬
‫‪391‬‬
‫‪- Terry Daughtry: Freedom of Expression on the Internet, Gale Cengage Learning,‬‬
‫‪2010, P 33.‬‬

‫‪P 222‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫غير مرتبط بالمسافة أو الوقت‪ ،‬فهو مجال افتراض ي من خالل التفاعل بين األفراد عن طريق‬
‫الشبكات اإللكترونية المتواصلة وتوظيف تطبيقات التواصل االجتماعي الحديثة"(‪.)392‬‬

‫وعليه يقوم الفضاء اإللكتروني على الحاسوب اآللي الذي يعرف بأنه‪" :‬جهاز لمعالجة‬
‫البيانات والمعلومات بعمليات حسابية ومنطقية بصفة آلية ودون تدخل بشري أثناء التشغيل‪،‬‬
‫ً‬
‫وعادة ما يعمل بالترقيم الثنائي‪ .‬كما يعرف ً‬
‫أيضا بأنه‪" :‬جهازإلكتروني يقوم باستقبال البيانات‬
‫ً‬
‫وتخزينها‪ ،‬ومـن ثـم إجراء مجموعة من العمليات الحسابية والمنطقية عليها وفقا لسلسلة من‬
‫التعليمـات والبـرامج املختزنة في ذاكرته‪ ،‬ومن ثم إخراج نتائج المعالجة على وحدات اإلخراج‬
‫املختلفة"‪ .‬ويتكون الحاسب اآللي من عدة مكونات هي‪ :‬وحدات إدخال‪ ،‬وحدات معالجة‪،‬‬
‫وحدات إخراج‪ ،‬برامج تشغيل‪ ،‬لغات برمجة‪ ،‬البرامج المساعدة‪ ،‬وبرامج التطبيقات‪ .‬وتعد تلك‬
‫المكونات بمثابة وحدات مسئولة عن إدخال المعلومات والبيانات إلى الحاسب اآللي‪ ،‬تمهي ًدا‬
‫لتنفيذ مهام أخرى عليها‪ ،‬ومن هذه الوحدات لوحة المفاتيح المستخدمة إلدخال أوامر‬
‫منصوصة‪ ،‬والماسح الضوئي إلدخال الصور والنماذج على هيئتها للحاسب اآللي‪ ،‬والكاميرا‪،‬‬
‫والميكرفون إلدخال الصوت والمؤثرات الصوتية‪ ،‬وغيرها من وحدات اإلدخال التي يكون هدفها‬
‫األساس ي هو إدخال البيانات للحاسب اآللي وتغذيته بالمعلومات(‪.)393‬‬

‫ثانيا‪ :‬مفهوم المر اقبة اإللكترونية‪:‬‬

‫تشير المر اقبة اإللكترونية إلى‪" :‬العملية التي يتم من خاللها اعتماد نظم الرقابة أو‬
‫االشراف على استخدام الحاسب اآللي‪ ،‬بهدف ممارسة العملية الرقابية وفق مجموعة من‬
‫األدوات اإللكترونية التي يتم اعدادها من أجل هذا الهدف ‪،‬من خالل الشكل الذي يوفرالوقت‬
‫والجهد والتكليفة ويساعد في عملية الوصول إلى النتائج المطلوبة"(‪.)394‬‬

‫‪ -392‬صالح عبد الحميد ويمنى عاطف‪ :‬اإلعالم والفضاء اإللكتروني‪ ،‬دار أطلس للنشر واإلنتاج اإلعالمي‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪ ،1273‬ص ‪.121‬‬
‫‪ -393‬إيهاب أبو العزم‪ :‬الرخصة الدولية لقيادة الحاسب اآللي‪ ،‬مفاهيم تكنولوجيا المعلومات‪ ،‬منشورات دار الحكمة‪،‬‬
‫طرابلس‪ ،‬ليبيا‪ ،1271 ،‬ص ‪.17‬‬
‫‪ -394‬شريف درويش اللبان‪ :‬شبكة اإلنترنت في الوطن العربي بين حرية التعبير وميكانزمات الرقابة‪ ،‬مجلة االتجاهات‬
‫الحديثة في المكتبات والمعلومات للنشر والتوزيع‪ ،‬المجلد ‪ ،71‬العدد ‪ ،17‬القاهرة‪ .1224 ،‬ص ‪.11‬‬

‫‪P 223‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫كما تعرف عملية المر اقبة اإللكترونية بأنها‪" :‬العملية التي يتم من خاللها التركيز على‬
‫متابعة ما يدور عبر شبكة اإلنترنت على مستوى القرارات واألفكار والمعلومات‪ ،‬ودراسة اآلراء‬
‫العامة واالتجاهات من خالل االعتماد على أدوات تكنولوجيا متخصصة"(‪.)395‬‬
‫والمر اقبة اإللكترونية هي ً‬
‫أيضا‪" :‬العملية التي يتم من خاللها دراسة المتغيرات الخاصة‬
‫عبرشبكة اإلنترنت‪ ،‬ومتابعة الرأي العام من خالل األسلوب اإللكتروني عن بعد؛ وذلك في ضوء‬
‫االعتماد على مجموعة من البرامج الرقابية والتي تساعد في عملية تحقيق النتائج السريعة‬
‫والشاملة"(‪.)396‬‬

‫والمر اقبة اإللكترونية هي‪" :‬عملية التهيئة للمتطلبات التكنولوجية والبرمجيات في سبيل‬
‫معالجة البيانات المعلومات وشبكة الربط اإللكتروني وإدارة قواعد أنظمة المعلومات من أجل‬
‫األشراف والرقابة على ما يدورفي إطارشبكة اإلنترنت ويتم ذلك من خالل مجموعة من الوسائل‬
‫اإللكترونية والمتخصصين أي أن نظام المر اقبة اإللكترونية يتكون من البيئة التكنولوجية‬
‫وبرامج التخزين والنقل والقائمين على عملية المتابعة أو االشراف(‪.)397‬‬

‫هذا وتعرف المر اقبة اإللكترونية بأنها‪" :‬عملية التحكم في المعلومات ونشرها من خالل‬
‫شبكة اإلنترنت‪ ،‬ويتم ذلك في ضوء المتابعة واالشراف على المو اقع اإللكترونية‪ ،‬كما تدور‬
‫المر اقبة اإللكترونية حول فرض السيطرة على التطبيقات الخاصة بمو اقع التواصل‪ ،‬في‬
‫سبيل التعرف على الرأي العام واالتجاهات من قبل الحكومات"(‪.)398‬‬

‫هذا وتختلف األسباب التي تقف وراء عملية المر اقبة اإللكترونية بين الحفاظ على األمن‬
‫واالستقرار من التهديدات الخارجية‪ .‬ومن أشهر الدول التي تفوقت في مجال المر اقبة‬
‫اإللكترونية نجد كوريا الشمالية و إيران والسعودية واإلمارات وقطر ومصر‪ ،‬هذا وقد نظر‬
‫البعض إلى أن المر اقبة اإللكترونية تعد من األفعال التي تخالف المبادئ الدولية الخاصة‬

‫‪ -395‬وردة خالف‪ :‬دور الرقابة اإللكترونية في مكافحة الفساد اإلداري‪ ،‬المجلة الجزائرية للدراسات التاريخية والقانونية‪،‬‬
‫المجلد ‪ ،8‬العدد ‪ ،4‬المركز الجامعي‪ ،‬الجزائر‪ ،1211 ،‬ص ‪.84‬‬
‫‪ -396‬عادل عبد الصادق‪ :‬الفضاء اإللكتروني والديمقراطية بين التحوالت والتحديات‪ ،‬المركز العربي للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،1271 ،‬ص ‪.71‬‬
‫‪ -397‬محمد مصطفى رفعت‪ :‬الرأي العام في الواقع االفتراضي وقوة التعبئة االفتراضية‪ ،‬دار العربي للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،1271 ،‬ص ‪.124‬‬
‫‪ -398‬المرجع السابق نفسه‪ :‬ص ‪.172‬‬

‫‪P 224‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫بتطبيق حقوق اإلنسان فيما يتعلق بوسائل االتصال املختلفة‪ ،‬كما أن عملية المر اقبة تمثل‬
‫ً‬
‫انتهاكا لحرية التعبير والرأي في املجال العام‪ .‬ومن النواحي الهامة التي ينبغي اإلشارة إليها عند‬
‫تعريف المر اقبة اإللكترونية تلك المبادئ التي أقرتها وثيقة المبادئ الدولية لتطبيق حقوق‬
‫ً‬
‫اإلنسان فيما يتعلق بمر اقبة االتصاالت؛ حيث نجد أن هناك ثالثة عشرمبدئا يتعلق بمر اقبة‬
‫االتصاالت‪ ،‬قد اتفق على تلك المبادئ الخبراء الدوليين في الخصوصية الرقمية والمنظمات‬
‫املختلفة على مستوى العالم‪ ،‬مثل مؤسسة الحدود الرقمية ومؤسسة الحقوق الرقمية‬
‫األوروبية وقد تم ذلك في أكتوبر ‪ 1151‬في بروكسل‪ ،‬هذا وقد تم االتفاق على اإلطار العام لتلك‬
‫المبادئ في ديسمبر ‪ ،1151‬ثم بعد ذلك بدأت صياغة المبادئ على يد خبراء الخصوصية‪ ،‬وتم‬
‫عرضها في سبتمبر ‪ ،1151‬كما صدرت النسخة النهائية من تلك المبادئ في مايو ‪1151‬؛ حيث‬
‫تناولت كيفية إجراء الحكومة لعملية الرقابة اإللكترونية من خالل االعتماد على الوسائل‬
‫التكنولوجية الحديثة‪ ،‬وفي ضوء تلك المبادئ يتم وضع اإلطارالحقوقي للحريات الرقمية(‪.)399‬‬

‫هذا وقد قامت مجموعات املجتمع المدني بالعمل على نشر تلك المبادئ على مستوى‬
‫التشريعات الوطنية المتعلقة بهذا الصدد‪ ،‬وفي ضوء تلك الوثيقة فقد تم وضع مجموعة من‬
‫المبادئ التي ينبغي عدم معارضتها من قبل الحكومات أو المؤسسات فيما يتعلق بالرقابة على‬
‫ً‬
‫تشريعا‬ ‫االتصاالت‪ .‬ومن بين تلك المبادئ‪ ،‬نجد قانونية الرقابة؛ حيث ينبغي أن يكون هناك‬
‫ً‬
‫مؤهال أمام الجميع واضح ودقيق‪ ،‬في سبيل حفظ الحقوق‪ ،‬كما نجد ً‬
‫أيضا ضرورة تو افرعنصر‬
‫المشروعية؛ حيث ال يجوز فرض المر اقبة اإللكترونية إال من خالل الهيئات الحكومية‬
‫أيضا‪ ،‬نجد عنصر‬‫المتخصصة وفي سبيل تحقيق األهداف المشروعة‪ ،‬ومن بين المبادئ ً‬
‫ً‬
‫أيضا مبدأ المالئمة؛‬ ‫الضرورة في سبيل تحقيق هدف مشروع وعدم انتهاك حقوق اإلنسان‪ ،‬و‬
‫حيث ينبغي أن تتناسب عملية المر اقبة اإللكترونية المسموح بها في القانون مع الهدف‬
‫المشروع الذي تما س المر اقبة من أجله‪ ،‬كما ينبغي ً‬
‫أيضا أن تكون عملية المر اقبة‬ ‫ر‬
‫اإللكترونية لالتصاالت متو افقة مع حقوق اإلنسان ومبادئ الديمقراطية‪ ،‬ويكون الهدف‬
‫األساس ي هو حفظ األمن القومي(‪.)400‬‬

‫‪399‬‬
‫‪- World trends in freedom of expression and media development special digital‬‬
‫‪focus, UNESCO, 2015.‬‬
‫‪ -400‬جاسم يونس الحريري‪ :‬مستقبل الحريات السياسية في دولة اإلمارات العربية المتحدة‪ ،‬دار الجنان للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫دبي‪ ،‬اإلمارات العربية المتحدة‪ ،1212 ،‬ص ‪.777‬‬

‫‪P 225‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫املحورالثاني‪ :‬تأثيرالمر اقبة االلكترونية على وضع حقوق اإلنسان‪:‬‬

‫تشيرحقوق اإلنسان إلى الحقوق التي يتمتع بها جميع البشروالتي ال تمنحها دولة معينة‪،‬‬
‫كما أنها حقوق تتسم بالعالمية يتساوى فيها الجميع دون تفرقة‪ ،‬هذا وقد اعتمد اإلعالن‬
‫العالمي لحقوق اإلنسان الذي أقرته الجمعية العامة لألمم المتحدة سنة ‪ 5717‬أول وثيقة‬
‫قانونية تحدد حقوق اإلنسان األساسية التي يجب حمايتها على المستوى العالمي‪ ،‬وقد أقرت‬
‫تلك الوثيقة مبادئ اتفاقيات ومعاهدات حقوق اإلنسان الحالية والمستقبلية‪ ،‬وغير ذلك من‬
‫الصكوك القانونية والركائز األخرى‪ .‬وفي هذا اإلطار يمكن اإلشارة إلى أن حقوق اإلنسان تمثل‬
‫حجراألساس الذي قام عليه القانون الدولي لحقوق اإلنسان‪ ،‬والذي قررأن الجميع متساوون‬
‫في الحقوق؛ وذلك في ضوء ما جاء عن اإلعالنات واالتفاقيات والقرارات الدولية لحقوق‬
‫اإلنسان(‪.)401‬‬

‫وهنا يمكن اإلشارة إلى أن حقوق اإلنسان هي عبارة عن‪" :‬مجموعة المبادئ أو المعايير‬
‫التي تصف نموذج السلوك اإلنساني على اعتبار أن تلك الحقوق من أساسيات مبادئ‬
‫اإلنسانية‪ ،‬كما أنها مالزمة للبشر بغض النظر عن أية فروق‪ .‬كما تعتمد حقوق اإلنسان على‬
‫القوانين املحلية والدولية التي ينبغي أن تراعي احترام حقوق اإلنسان وتعترف بالكرامة البشرية‬
‫ومبادئ المساواة الثابتة بين البشر وهو األمر الذي يؤكد على ركائز الحرية والعدل وتحقيق‬
‫السالم‪.‬‬

‫وفي هذا السياق يتضح أنه ال يوجد تعريف واحد دقيق محدد لحقوق اإلنسان‪ ،‬ولكن‬
‫تظهرالكثيرمن التعريفات على حسب اختالف الثقافات واملجتمعات المتباينة‪ .‬وعلى الرغم من‬
‫ذلك إال أن هناك نوع من االتفاق على تعريف أساس ي لحقوق اإلنسان تناوله (رينيه كاسان) وهو‬
‫أبرزواضعي اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان؛ حيث نظرإلى هذا المفهوم على اعتبارأنه‪" :‬إحدى‬
‫الفروع الخاصة من الدراسات االجتماعية؛ حيث يقوم هذا الفرع بدراسة العالقات بين الناس‬
‫من خالل االستناد على الكرامة اإلنسانية والعمل على تحديد الحقوق"(‪.)402‬‬

‫‪ -401‬األمم المتحدة حقوق اإلنسان مكتب المفوض السامي الموقع الرسمي‪:‬‬


‫‪https://www.ohchr.org/ar/what-are-human-right‬‬
‫‪ -402‬معتوق عبد الله الشريف‪ :‬حقوق اإلنسان – مفاهيم وآليات‪ ،‬دار مدارك للنشر والتوزيع‪ ،‬دبي‪ ،‬اإلمارات العربية‬
‫المتحدة‪ ،1271 ،‬ص ‪.11‬‬

‫‪P 226‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫كما عرف (كارل فاساك) حقوق اإلنسان بأنها‪" :‬ذلك العلم الذي يهم كل شخص والذي‬
‫يقوم على احترام القانون‪ ،‬كما يشتمل هذا العلم على المبادئ األساسية لحفظ الكرامة‬
‫اإلنسانية في ضوء القوانين الوضعية الوطنية والدولية‪ ،‬والتي ينبغي أن تنص على الحقوق‬
‫ً‬
‫وخاصة الحق في المساواة والذي يعد إحدى أساسيات املحافظة على النظام العام"(‪.)403‬‬

‫وقد عرف الفرنس ي (ماديو) حقوق اإلنسان بأنها‪" :‬علم دراسة الحقوق الشخصية على‬
‫المستوى الوطني والدولي؛ حيث يقوم هذا العلم على تأييد الكرامة اإلنسانية واملحافظة عليها‬
‫في ضوء مراعاة الحقوق التي يقررها النظام العام"(‪.)404‬‬

‫كما يمكن تعريف حقوق اإلنسان على اعتبار أنها‪" :‬مجموعة من المطالب والحقوق‬
‫واجبة الوفاء لكل البشرعلى قدم المساواة دون التميز"(‪.)405‬‬

‫وعلى المستوى القانوني فإن حقوق اإلنسان تمثل ذلك العلم الذي تكفله القوانين‬
‫واألنظمة الشرعية املختلفة؛ حيث تضع المبادئ األساسية له مع التأكيد على ضرورة اهتمام‬
‫الحكومات املختلفة بتنفيذ المبادئ األساسية التي يقوم عليها هذا العلم‪ .‬وقد اهتمت منظمة‬
‫األمم المتحدة بحقوق اإلنسان من خالل التأكيد على ضرورة حفظ األمن والسالم الدوليين‪ ،‬في‬
‫ضوء مراعاة كافة الحقوق اإلنسانية‪ ،‬كما كان لمنظمة األمم المتحدة الدور البارز في الكشف‬
‫عن مجموعة االنتهاكات حول العالم بخصوص حقوق اإلنسان(‪.)406‬‬

‫ومن النواحي الهامة التي ينبغي اإلشارة إليها أن توصيات الجمعية العامة رقم ‪ 159‬لسنة‬
‫‪ 5717‬بشأن إصدار اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان‪ ،‬لم تكن كافية لضمان كافة الحقوق‬
‫اإلنسانية‪ .‬وعليه نجد دور الجمعية العامة لألمم المتحدة سنة ‪ 5711‬في التأكيد على حقوق‬
‫اإلنسان من الناحية المدنية والسياسية‪ ،‬وكذلك رعاية األحوال االجتماعية واالقتصادية‪،‬‬
‫وعليه تم رفع مشروع للجمعية العامة لألمم المتحدة نتج عنه صدور ميثاقين يعبران عن‬

‫‪ -403‬المرجع السابق نفسه‪ :‬ص ‪.44‬‬


‫‪ -404‬عبد الجبار عبد الوهاب الجبوري‪ :‬حقوق اإلنسان بين النصوص والنسيان‪ ،‬دار الفارابي للنشر والتوزيع‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫لبنان‪ ،1273 ،‬ص ‪.71‬‬
‫‪ -405‬قاسم محمد كريم‪ :‬الديموقراطية وحقوق اإلنسان المتضمنة في كتب التاريخ في بعض الدول العربية‪ ،‬ابن‬
‫النفيس للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪ ،1277 ،‬ص ‪.41‬‬
‫‪406‬‬
‫‪- Mart Susi, Arturs Kucs: Human Rights Law and Regulating Freedom of Expression‬‬
‫‪in New Media, Taylor & Francis Group, 2019, P 71.‬‬

‫‪P 227‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫الحقوق المدنية والسياسية؛ وذلك من خالل قرار الجمعية العامة رقم ‪ 1516‬وكان ذلك في‬
‫ديسمبر ‪ ،5766‬ومن أبرز نتائج هذين الميثاقين نجد التصديق على العهد الخاص بالحقوق‬
‫المدنية والسياسية والتي أقرت حرية الفكر والضمير والعقيدة الدينية‪ ،‬وكذلك حرية الرأي‬
‫والتعبير‪ ،‬والحق في التجمع‪ ،‬وحرية المشاركة في الحياة العامة والسياسية(‪.)407‬‬

‫ثانيا‪ :‬مظاهرالتأثير‬

‫ال شك أن الفضاء اإللكتروني أصبح مجاال خصبا النتهاك حقوق اإلنسان وباتت‬
‫ا لمنصات الرقمية ليست غير حصينة أمام المر اقبة واعتراض االتصاالت وجمع البيانات‬
‫ً‬
‫فحسب‪ ،‬بل يمكن في الحقيقة أن تيسر هذه الممارسات‪ ،‬وتعرض بذلك مجموعة من حقوق‬
‫اإلنسان للخطر‪ .‬والتأثير الخطير بشكل خاص على الحق في الخصوصية‪ ،‬فالحق في حرية الرأي‬
‫والتعبير‪ ،‬والحق في التجمع السلمي وتكوين الجمعيات‪ ،‬والحق في الحياة العائلية‪ ،‬والحق في‬
‫ً‬
‫الصحة‪ ،‬قد تتعرض هي أيضا للخطر‪.408‬‬

‫وإذا كانت التكنولوجيا الرقمية تمنح في الو اقع العديد من الفوائد واإليجابات التي ال‬
‫ُ‬
‫يمكن إنكارها‪ .‬فقيمتها بالنسبة إلى حقوق اإلنسان والتنمية ال تقدر بثمن‪ .‬فهي تمكننا من‬
‫التواصل والترابط مع الناس في جميع أنحاء العالم بشكل غير مسبوق‪ ،‬ومن التعبئة واإلعالم‬
‫والتحقيق‪ ،‬ومن استخدام االتصاالت المشفرة وصور األقمار الصناعية وتدفق البيانات من‬
‫ً‬
‫أجل الدفاع مباشرة عن حقوق اإلنسان وتعزيزها‪ .‬ويمكننا حتى أن نستخدم الذكاء االصطناعي‬
‫كي نتوقع انتهاكات حقوق اإلنسان الممكنة ونتصدى لها‪ .‬لكن كل ذلك ال ينسينا جانبها المظلم‪.‬‬
‫وال يمكننا أن نعبرعن هذا الجانب المظلم إال بأشد العبارات‪ ،‬فالثورة الرقمية هي قضية عالمية‬
‫أساسية من قضايا حقوق اإلنسان‪ .‬وفوائدها الواضحة ال تلغي ً‬
‫أبدا مخاطرها الجلية التي ال‬
‫خاضع ْين‬
‫َ‬ ‫لبس فيها‪ .‬كما ال يمكننا أن نقبل بأن يكون الفضاء اإللكتروني والذكاء االصطناعي غير‬
‫متاحين لحقوق اإلنسان‪ .‬فنحن نتمتع بنفس الحقوق في العالم‬ ‫لإلدارة واإلشراف أو غير َ‬

‫‪ -407‬شفيق السامرائي‪ :‬حقوق اإلنسان في المواثيق واالتفاقيات الدولية‪ ،‬دار المعتز للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪،‬‬
‫‪ ،1274‬ص ‪.11‬‬
‫‪408‬‬
‫‪https://www.ohchr.org/ar/stories/2014/11/mass-surveillance-exceptional-measure-or-dangerous-‬‬
‫‪habit‬‬

‫‪P 222‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫االفتراض ي والعالم الو اقعي‪ .‬وهذا ما أكدت عليه الجمعية العامة لألمم المتحدة ومجلس‬
‫حقوق اإلنسان‪.409‬‬

‫واليوم‪ ،‬تتعرض حرية اإلنترنت للخطربشكل متزايد من خالل أدوات وتكتيكات ما يمكن‬
‫تسميته باالستبداد الرقمي التي انتشرت بسرعة في جميع أنحاء العالم‪ .‬لقد استغلت األنظمة‬
‫القمعية‪ ،‬وشاغلو المناصب الذين لديهم طموحات استبدادية‪ ،‬وعناصر حزبية عديمة‬
‫الضمير‪ ،‬المساحات غير المنظمة لمنصات وسائل التواصل االجتماعي‪ ،‬وحولوها إلى أدوات‬
‫للتشويه السياس ي والسيطرة املجتمعية‪.‬‬

‫لقد كانت وسائل التواصل في بعض األحيان بمثابة ساحة للنقاش المدني‪ ،‬إال أنها تميل‬
‫اآلن بشكل خطير نحو التوجهات المعادية لليبرالية‪ ،‬مما يعرض مستخدمي اإلنترنت إلى حملة‬
‫غيرمسبوقة تستهدف حرياتهم األساسية‪.‬‬

‫وبناء على ما سبق‪ ،‬فإن مجموعة من الحكومات تنشر أدوات متقدمة لتحديد‬
‫المستخدمين ومر اقبتهم على نطاق هائل‪ .‬ونتيجة لهذه التوجهات‪ ،‬انخفضت حرية اإلنترنت في‬
‫العالم للعام التاسع على التوالي في ‪.1157‬‬

‫وتتيح وسائل التواصل للناس العاديين والجماعات المدنية والصحفيين إمكانية‬


‫الوصول إلى جمهوركبيربتكلفة قليلة أو بدون تكلفة‪ ،‬ولكنها في المقابل توفرأيضا منصة مفيدة‬
‫للغاية وغيرمكلفة لعمليات التأثيرالخبيث التي يقوم بها ممثلون أجانب ومحليون على حد سواء‪.‬‬

‫لقد استخدم الزعماء السياسيون األفراد لتشكيل اآلراء عبر اإلنترنت بشكل خفي في ‪17‬‬
‫من أصل ‪ ،61‬وهو رقم جديد‪ .‬ففي العديد من الدول‪ ،‬تزامن ظهورالشعوبية واليمين المتطرف‬
‫مع نمو مجموعات الغوغائيين عبر اإلنترنت الذين هم عبارة عن مستخدمين أصليين وحسابات‬
‫احتيالية أو آلية‪ ،‬حيث يصنعون جمهورا عريضا ذا اهتمامات متشابهة‪ ،‬ويحملون رسائلهم‬
‫السياسية بمحتوى خاطئ أو مثيرلالشمئزاز‪ ،‬وينسقون نشرها عبرمنصات متعددة‪.410‬‬

‫وعليه‪ ،‬تعد عملية الحفاظ على الحريات العامة وحقوق اإلنسان إحدى الركائز‬
‫األساسية التي تقوم عليها الديمقراطية في العصر الحديث؛ وذلك في ضوء الحفاظ على حقوق‬

‫‪409‬‬
‫‪https://www.ohchr.org/ar/2019/10/human-rights-digital-age‬‬
‫‪410‬‬
‫‪https://institute.aljazeera.net/ar/ajr/article/901‬‬

‫‪P 227‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬
‫األفراد ً‬
‫بعيدا عن القيود التي يتم فرضها‪ ،‬كما أن احترام تلك الحقوق األساسية من ضرورات‬
‫تحقيق األمن‪ .‬هذا وتعد قضية المر اقبة اإللكترونية من القضايا الهامة التي تؤثرعلى الحقوق‬
‫ً‬
‫المفترض تو افرها في بييئة الفضاء اإللكتروني وخاصة في ظل اإلجراءات األمنية والقانونية‬
‫والقيود التي تفرضها الحكومات من منطلق الحفاظ على األمن العام‪ ،‬وهو األمر الذي يراه‬
‫البعض تقويض للحريات العامة وحقوق اإلنسان؛ األمرالذي يؤكد أن تلك البيئة ليست فضاء‬
‫من غيرالقانون(‪.)411‬‬

‫الئحة المراجع‪:‬‬

‫سليمان مختارالنحوي‪ :‬مشكلة المر اقبة اإللكترونية‪ ،‬الجامعة اللبنانية‪ ،‬كلية الحقوق‬
‫والعلوم السياسية واإلدارية‪ ،‬مجلة الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬العدد ‪ ،11‬لبنان‪.1157 ،‬‬

‫هيام صالح محمد بدر الدين‪ :‬التكنولوجيا ودورها في التعبير عن الرأي وتأثيرها على‬
‫املجتمع‪ ،‬املجلة القانونية‪ ،‬املجلد ‪ ،51‬العدد ‪ ،1‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة القاهرة‪ ،‬فرع الخرطوم‪،‬‬
‫‪.1115‬‬

‫خالد محمد غازي‪ :‬صحافة الخط الساخن‪ ،‬وكالة الصحافة العربية للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫القاهرة‪.1115 ،‬‬

‫صالح عبد الحميد ويمنى عاطف‪ :‬اإلعالم والفضاء اإللكتروني‪ ،‬دارأطلس للنشرواإلنتاج‬
‫اإلعالمي‪ ،‬القاهرة‪.1151 ،‬‬

‫إيهاب أبوالعزم‪ :‬الرخصة الدولية لقيادة الحاسب اآللي‪ ،‬مفاهيم تكنولوجيا المعلومات‪،‬‬
‫منشورات دارالحكمة‪ ،‬طرابلس‪ ،‬ليبيا‪.1159 ،‬‬

‫شريف درويش اللبان‪ :‬شبكة اإلنترنت في الوطن العربي بين حرية التعبير وميكانزمات‬
‫الرقابة‪ ،‬مجلة االتجاهات الحديثة في المكتبات والمعلومات للنشروالتوزيع‪ ،‬املجلد ‪ ،51‬العدد‬
‫‪ ،15‬القاهرة‪.1111 ،‬‬

‫‪ -411‬كريمة قالعة‪ :‬حرية الرأي والتعبير في اإلعالم اإللكتروني ما بين بوادر التشريع وضوابط الممارسة اإلعالمية‪،‬‬
‫مجلة الدراسات‪ ،‬العدد ‪ ،1271 ،38‬ص ‪.711‬‬

‫‪P 230‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫وردة خالف‪ :‬دور الرقابة اإللكترونية في مكافحة الفساد اإلداري‪ ،‬املجلة الجزائرية‬
‫للدراسات التاريخية والقانونية‪ ،‬املجلد ‪ ،6‬العدد ‪ ،1‬المركزالجامعي‪ ،‬الجزائر‪.1111 ،‬‬

‫عادل عبد الصادق‪ :‬الفضاء اإللكتروني والديمقراطية بين التحوالت والتحديات‪ ،‬المركز‬
‫العربي للنشروالتوزيع‪ ،‬القاهرة‪.1151 ،‬‬

‫محمد مصطفى رفعت‪ :‬الرأي العام في الو اقع االفتراض ي وقوة التعبئة االفتراضية‪ ،‬دار‬
‫العربي للنشروالتوزيع‪ ،‬القاهرة‪.1157 ،‬‬

‫جاسم يونس الحريري‪ :‬مستقبل الحريات السياسية في دولة اإلمارات العربية المتحدة‪،‬‬
‫دارالجنان للنشروالتوزيع‪ ،‬دبي‪ ،‬اإلمارات العربية المتحدة‪.1111 ،‬‬

‫معتوق عبد الله الشريف‪ :‬حقوق اإلنسان – مفاهيم وآليات‪ ،‬دارمدارك للنشروالتوزيع‪،‬‬
‫دبي‪ ،‬اإلمارات العربية المتحدة‪.1151 ،‬‬

‫عبد الجبارعبد الوهاب الجبوري‪ :‬حقوق اإلنسان بين النصوص والنسيان‪ ،‬دارالفارابي‬
‫للنشروالتوزيع‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.1151 ،‬‬

‫قاسم محمد كريم‪ :‬الديموقراطية وحقوق اإلنسان المتضمنة في كتب التاريخ في بعض‬
‫الدول العربية‪ ،‬ابن النفيس للنشروالتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪.1157 ،‬‬

‫شفيق السامرائي‪ :‬حقوق اإلنسان في المواثيق واالتفاقيات الدولية‪ ،‬دار المعتز للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪.1151 ،‬‬

‫‪P 231‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫دور التجارة الإلكترونية في تطور اقتصاد‬

‫المملكة العربية السعودية‬


‫‪The role of e-commerce in the development of the economy of the Kingdom of Saudi Arabia‬‬

‫ملخص‪:‬‬

‫تهدف هذه الدراسة للوقوف على حجم تزايد إستخدام التكنولوجيا واإلنترنيت‪ ،‬بحيث‬
‫أصبحت التجارة التجارة اإللكترونية من أسرع الطرق إلنشاء وتوسيع األعمال التجارية حول‬
‫العالم‪ ،‬وفي المملكة العربية السعودية تحديدا تزداد شعبية التجارة اإللكترونية يوما بعد يوم‪،‬‬
‫كما تزداد إهتمامات المستهلكين عبرخاصية اإلنترنيت باعتباره من أكثراألساليب سهولة وراحة‪،‬‬
‫إذ أنه في السنوات القليلة الماضية شهدت التجارة اإللكترونية في السعودية إرتفاعا ملحوظا‬
‫نتيجة البيئة االقتصادية المناسبة التي خلفتها المملكة العربية السعودية لما وفرته من‬
‫إمكانيات متطورة وسريعة تلبي الحاجيات العامة‪ .‬الكلمات المفتاحية‪ :‬التجارة‪ ،‬التجارة‬
‫اإللكترونية‪ ،‬التقلبات اإلقتصادية‪.‬‬

‫‪Abstract‬‬

‫‪This study aims to determine the size of the increasing use of technology‬‬
‫‪and the Internet, so that e-commerce has become one of the fastest ways to‬‬
‫‪establish and expand businesses around the world, and in the Kingdom of Saudi‬‬
‫‪Arabia in particular, the popularity of e-commerce is increasing day by day, and‬‬
‫‪the interests of consumers through the Internet feature are increasing as one of‬‬
‫‪the most easy and comfortable methods, as in the past few years e-commerce in‬‬

‫‪P 232‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫‪Saudi Arabia has witnessed a significant rise as a result of the appropriate‬‬


‫‪economic environment left by the Kingdom of Saudi Arabia for what Its‬‬
‫‪availability of advanced and fast capabilities meets public needs.‬‬

‫المقدمة‪:‬‬

‫تتميزحياة اإلنسان في هذا العصربممارسة أنشطة متعددة ومختلفة‪ ،‬ترتبط في كثيرمنها‬


‫بتكنولوجيا المعلومات واالتصاالت‪ ،‬والتي تتسم بالسرعة ووفرة المعلومات‪ ،‬ومن بين ما أفرزه‬
‫هذا التطور ظهور أنشطة وأعمال جديدة تعدت الحدود المادية والجغر افية‪ ،‬وألغت جميع‬
‫القيود التي تحد من حرية اإلنسان في ممارسته لمعامالته‪412.‬‬

‫وقامت الثورة في مجال التكنولوجيا واالتصاالت بالمساهمة في زيادة الت اربط بين‬
‫أسواق العالم‪ ،‬مما أضفى على المعامالت التجارية صفة العالمية‪ ،‬وظهر ما أصبح يعرف‬
‫بالتجارة االلكترونية‪ ،‬حيث أظهرت شبكة اإلنترنت طرق جديدة لنقل المعلومات وتخزينها‬
‫وتبادل المنتجات والسلع والخدمات من خالل النقل اإللكتروني‪ ،‬وأصبحت اإلنترنت من الركائز‬
‫األساسية التي تعتمد عليها التجارة سواء على الصعيد الداخلي أو الصعيد الخارجي‪ ،‬كما أنها‬
‫أصبحت وسيلة مهمة في إتمام اإلتفاقيات واألعمال والتسويق والتبادل التجاري‪ ،‬لذلك إنتشر‬
‫مفهوم التجارة اإللكترونية على المستوى األكاديمي والعلمي‪413.‬‬

‫ً‬ ‫ً‬
‫وشهد العالم بالسنوات األخير اهتماما مت ازيدا بالتجارة االلكترونية كنتيجة حتمية‬
‫وضرورية للتطوارت والمستجدات الحديثة في مجال تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت‪ ،‬حيث‬
‫قامت وال ازلت تقوم شبكة االنترنت بدور محوري ومهم كوسيط الستكمال القيام بأعمال‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫التجارة بشكلها الحديث والمعاصر‪ ،‬حيث حدث تحوال كبي ار من الشكل التقليدي للتجارة إلى‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الشكل االلكتروني الحديث‪ ،‬وأصبحت التجارة االلكترونية و اقعا ملموسا في ظل البيئة الحالية‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫وهذا ما جعل للتجارة االلكترونية دوارمركزيا لتطوير اإلنتاجية‪ ،‬وأصبحت بالتالي محركا‬
‫لالقتصاد وتطوره ونموه‪ ،‬فقد منحت إمكانيات كبيرة للدول املختلفة بتحسين أوضاعها‪ ،‬وتنويع‬

‫‪ 412-‬حماد‪ ،‬طارق عبدالعال‪ ،‬التجارة اإللكترونية المفاهيم التجارب التحديات األبعاد التكنولوجية والمالية والتسويقي‬
‫والقانونية‪ ،‬األسكندرية‪ :‬الدار الجامعية‪ ،8112 ،‬ص ‪.41‬‬
‫‪ 413-‬رأفت رضوان‪ ،‬عالم التجارة اإللكترونية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬المنظمة العربية للتنمية اإلدارية‪6999 ،‬م‪ ،‬ص‪.58‬‬

‫‪P 233‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫اقتصادها وصاد ارتها‪ ،‬فاالنتشار الكبيرة للتقنية والتجارة االلكترونية يحقق لها المساهمة في‬
‫النمو االقتصادي بشكل كبير‪.‬‬

‫ويرى الباحث أن التجارة االلكترونية بارتباطها واعتمادها الكلي على التكنولوجيا‪ ،‬والتي‬
‫باتت متغيرومتطورة بشكل يومي متسارع‪ ،‬ومرتبطة بجميع مجاالت الحياة‪ ،‬أصبحت هي األخرى‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫مرتبطة كذلك بشكل رئيس على مستوى األفراد واملجتمعات والدول‪ ،‬مما يجعلها العبا مهما في‬
‫حلقة االقتصاد‪.‬‬

‫‪ ‬أهمية البحث‪.‬‬

‫تستمد هذه الدراسة أهميتها النظرية من الجوانب التالية‪:‬‬

‫‪ -‬تطرق الموضوع لجانب مهم‪ ،‬يعد سمة هذا العصروهوالتكنولوجيا‪ ،‬وكذلك االقتصاد‬
‫ً ً‬
‫الذي يعد عامال مهما بتطوراالقتصاد‪.‬‬

‫‪ -‬موضوع التجارة االلكترونية هو موضوع يتحدث ويتغير باستمرار‪ ،‬ويحتاج لدراسات‬


‫بشكل مستمرلمواكبة التطوارت‪.‬‬

‫‪ -‬تساعد إجابات عينة الدراسة في تحديد أهم السلبيات والصعوبات التي يواجهها‬
‫مستخدمي مو اقع التجارة اإللكترونية‪.‬‬

‫‪ -‬تسهم إجابات عينة الدراسة في إيجاد العديد من المقترحات التي تعمل على تحسين‬
‫التجارة اإللكترونية‪ ،‬مما يؤدي إلى زيادة التطوراالقتصادي‪.‬‬

‫في حين األهمية التطبيقية تتمثل في‪:‬‬

‫‪ -‬تسهم نتائج الدراسة في تزويد الجهات المعنية بو اقع التجارة اإللكترونية ودورها في‬
‫تطورإقتصاد المملكة العربية السعودية‪.‬‬

‫‪ -‬تساعد نتائج الدراسة بوضع مجموعة من المقترحات لتحسين التجارة اإللكترونية من‬
‫وجهة نظرالمستخدمين‪ ،‬األمرالذي يؤدي إلى تحسين التطوراالقتصادي‪.‬‬

‫‪P 234‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫‪ -‬تتيح املجال أمام الباحثين في إعداد دراسات أخرى متعلقة بموضوع البحث‪ ،‬لتجنب‬
‫عدم تكرارالدراسة‪.‬‬

‫أهداف البحث‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫يهدف البحث إلى ما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬التعرف على مدى التأثير اإليجابي للتجارة االلكترونية على تطور إقتصاد المملكة‬
‫العربية السعودية‪.‬‬

‫‪ -‬الكشف عن مدى التأثيرالسلبي للتجارة االلكترونية على تطورإقتصاد المملكة العربية‬


‫السعودية‪.‬‬

‫‪ -‬بيان و اقع الصعوبات التي تواجه التجارة االلكترونية في المملكة العربية السعودية‪.‬‬

‫‪ -‬وضع مجموعة من المقترحات للتغلب على الصعوبات التي تواجه التجارة االلكترونية‬
‫في المملكة العربية السعودية‪.‬‬

‫‪ -‬معرفة دور التجارة اإللكترونية في تطورإقتصاد المملكة العربية السعودية خالل الفترة‬
‫الممتدة مابين ‪ 1151‬و ‪1115‬؟‬

‫‪ ‬مشكلة البحث ‪:‬‬

‫أنتجت التطوارت الحديثة في عالم التكنولوجيا طرق جديدة للممارسة التجارة عن طريق‬
‫شبكة اإلنترنت التي أثرت على العمليات التجارية وطريقة شراء السلع وطلب الخدمات‪ ،‬لذلك‬
‫ً‬
‫أصبحت التجارة اإللكترونية أمرا ضروريا لجميع الدول إلحداث تطوارت إقتصادية داخل‬
‫الدولة‪ ،‬فقد لعبت التجارة اإللكترونية دوار بارزا في إتمام العمليات التجارية بطرقها الحديثة‬
‫والمعاصرة‪ ،‬فقد تبدل أسلوب التجارة التقليدية إلى أسلوب التجارة اإللكترونية الحديثة‪،‬‬
‫وسعت الدول إلى تعزيز دور التجارة اإللكترونية ألنها باتت و اقع ملموس يستخدمه الجميع‪،‬‬
‫ويتوقع خالل السنوات القادمة ستصبح التجارة اإللكترونية الطريقة المعتمدة في المعامالت‬
‫التجارية‪ ،‬لذلك يجب على جميع الدول معرفة التحديات والصعوبات التي تواجه ممارسة‬
‫التجارة اإللكترونية في الدول‪ ،‬األمرالذي يؤدي إلى االستفادة منها بالشكل األمثل لتسهيل القيام‬

‫‪P 235‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫بالعمليات التجارية‪ ،‬مما يجعل المنشآت االقتصادية على مختلف أحجمها واختالف أنشطتها‪،‬‬
‫أن تعد العدة للدخول إلى عالم التجارة االلكترونية‪ ،‬ومعرفة كيف يمكن تذليل صعوباتها من‬
‫أجل تحقيق فوائدها‪ً ،‬‬
‫وبناء على ما سبق ستحاول هذه الدراسة اإلجابة عن السؤال الرئيس ي‬
‫التالي‪:‬‬

‫ما دورالتجارة االلكترونية في تطورإقتصاد المملكة العربية السعودية؟ ويتفرع‬ ‫‪‬‬


‫من السؤال الرئيس ي عدد من االسئلة الفرعية هي‪:‬‬
‫ً‬
‫‪ -‬هل تؤثرالتجارة اإللكترونية إيجابيا في تطورإقتصاد المملكة العربية السعودية؟‬
‫ً‬
‫‪ -‬هل تؤثرالتجارة اإللكترونية سلبا في تطورإقتصاد المملكة العربية السعودية؟‬

‫‪ -‬ما الصعوبات التي تواجه التجارة اإللكترونية في المملكة العربية السعودية؟‬

‫‪ -‬ما المقترحات للتغلب على الصعوبات التي تواجه التجارة اإللكترونية في المملكة‬
‫العربية السعودية؟‬

‫‪ -‬هل هناك دور للتجارة اإللكترونية في تطور إقتصاد المملكة العربية السعودية خالل‬
‫الفترة الممتدة مابين ‪ 1151‬و ‪ 1115‬؟‬

‫املحوراألول‪ :‬ماهية التجارة اإللكترونية‬

‫أصبحت التجارة االلكترونية تكنولوجيا لتحريك ودفع التطور االقتصادي‪ ،‬وأصبحت‬


‫ً‬ ‫ً‬
‫تلعب دو ار مركزيا لتطوير اإلنتاجية‪ ،‬فلقد منحت الدول والمؤسسات إمكانات جديدة‬
‫للمشاركة بقنوات عالمية ذات مكانة كبيرة‪ ،‬وتحسين وضع هذه الدول والمؤسسات‪ ،‬وتنويع‬
‫ً‬
‫االقتصاد‪ ،‬وأصبحت تشكل حضورا يوميا في حياة الغالبية‪ 414،‬لتمكنهم من الخدمات الصحية‬
‫واإلدارية‪ ،‬والتجارية‪ ،‬كما أصبحت التجارة اإللكترونية تمثل أحد قطاعات التطور التي تعتمد‬
‫على تكنولوجيا المعلومات الحديثة التي تسفيد منها عن طريق إجراء العمليات التجارية‬
‫بسهولة ويسر من خالل اإلعتماد على البيانات الخاصة بها‪ ،‬والتي يمكن تجميعها وتخزينها‬

‫‪ 414-‬أوذينة‪ ،‬زكريا‪ ،‬النمو االقتصادي في تكنولوجيا المعلومات‪ ،‬رسالة ماجستير غير منشورة‪ ،8161،‬قسم العلوم‬
‫االقتصادية‪ ،‬كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‪ ،‬جامعة محمد بوضياف‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ص ‪.29‬‬

‫‪P 236‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫ونظرا‬ ‫االقتصادية‪415،‬‬ ‫ومعالجتها وتبادلها بين عدة جهات لها عالقة بالجوانب التجارية أو‬
‫للتطوارت السريعة والمدهشة التي ارفقت إستخدام التجارة اإللكترونية من خالل الشركات‬
‫العالمية املختلفة‪ ،‬فقد أستدعى ذلك من الشركات األخرى الدخول إلى التجارة اإللكترونية‬
‫عن طريق إعداد الدراسات الالزمة للتعرف على آلية الوصول إلى عالم التجارة اإللكترونية‪،‬‬
‫وذلك لكي تستطيع هذه الشركات مواكبة التطوارت والسير في طريقها لكي تتمكن من تحقيق‬
‫فوائد عديدة‪416.‬‬ ‫أهدافها إقتداء بالشركات التي تستخدم التجارة اإللكترونية وحققت‬

‫وعليه فسنتطرق لدراسة لمفهوما هذه التجارة اإللكترونية وخصائصها (أوال)‪ ،‬والوقف‬
‫على أنواعها وأهدافها بالمملكة العربية السعودية (ثانيا)‪ ،‬ومنافعها (ثالثا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬مفهوم التجارة اإللكترونية وخصائصها‬


‫ُ‬
‫تعرف التجارة اإللكترونية بأنها عملية لبيع وشراء المنتجات والسلع‪ ،‬أو الخدمات‬
‫املخت لفة عن طريق متصفحات الويب‪ ،‬وهذه الطريقة تعتمد على اإلنترنت‪ ،‬سواء كان ذلك عن‬
‫طريق موقع المتاجراإللكترونية الخاص بالشركة‪ ،‬أو تطبيق الهاتف الذكي‪.‬‬

‫كما تعرف أيضا بأنها مجموع عمليات البيع والشراء التي تتم عبر االنترنت‪ ،‬وتشمل هذه‬
‫التجارة تبادل المعلومات وصفقات السلع االستهالكية والتجهيزات وخدمات المعلومات‬
‫المالية والقانونية‪ ،‬وتستعمل هذه التجارة وسائل مختلفة إلتمام الصفقات‪ ،‬مثل الفاكس‬
‫والبريد االلكتروني والهاتف‪ ،‬واالنترنت بشكل عام‪417.‬‬

‫أما المنظمة العالمية للتجارة فتعرفها بأنها مجموعة متكاملة من عمليات إنتاج وتوزيع‬
‫وترويج وبيع المنتجات من خالل شبكات االتصاالت الشراء والبيع للمعلومات أو السلع أو‬
‫ً‬
‫الخدمات عن طريق استعمال شبكات الكمبيوتر حاليا ومستقبال وباستخدام أي عدد من‬
‫الشبكات الضخمة التي تشكل االنترنت‪.‬‬

‫‪ 415-‬رمضان‪ ،‬مدحت‪ ،‬الحماية الجنائية للتجارة اإللكترونية – دراسة مقارنة‪ ،‬القاهرة‪ :‬دار النهظة العربية‪،‬‬
‫‪ ،8116‬ص ‪.61‬‬

‫عبد الخالق‪ ،‬السيد‪ ،‬التجارة اإللكترونية والعولمة‪ ،‬القاهرة‪ :‬المنظمة العربية لمتنمية اإلدارية‪ ،8111 ،‬ص‬ ‫‪416-‬‬

‫‪.21‬‬
‫‪ 417-‬البدور‪ ،‬زيدان‪ ،‬واقع التجارة االلكترونية في الدول العربية دراسة حالة‪ :‬الجزائر‪ -‬مصر‪ ،‬رسالة ماجستير‬
‫غير منشورة‪ ،8162 ،‬جامعة محمد خيضر‪ ،‬الجزائر‪.28 ،‬‬

‫‪P 237‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫إن هذا يعني أن التجارة اإللكترونية تتضمن جميع العمليات األساسية المساهمة في‬
‫بيع منتج ً الختالف األدوات استهالكي أو خدمي أو فكري‪ ،‬ولكن هذه العمليات املختلفة تأخذ‬
‫ً‬
‫شكال جديدا المساعدة على تنفيذها وهي األدوات المعلوماتية اإللكترونية‪.‬‬

‫وتستخدم التجارة اإللكترونية في الكثير من الحاالت الحيوية واالقتصادية كما‬


‫تستخدم في الصناعة لتبادل الطلبات بين منتج وموزع‪ ،‬وفي الخدمات لالستفسار عن مواعيد‬
‫القطارات‪ ،‬وفي السياحة لحجز رحلة سياحية‪ ،‬وفي الصحة لتبادل المشورة الطبية‪ ،‬وفي اإلدارة‬
‫لدفع الضرائب‪ ،‬وفي الزراعة لالستفسارعن أسعاراملحاصيل‪ ،‬وفي التعليم للتعليم عن بعد‪.‬‬
‫وللتجارة اإللكترونية عدة خصائص من أبرزها‪418:‬‬

‫‪ .5‬الطابع العالمي أو دولي‪:‬‬

‫تتميز التجارة اإللكترونية بتخطيها الحدود الجغر افية والمكانية‪ ،‬حيث أتاح اإلنترنت‬
‫العديد من الوسائل اإللكترونية إلقامة األنشطة التجارية‪.‬‬

‫‪ .1‬الطابع المتداخل في التخصصات للتجارة اإللكترونية‬

‫فأتحت التجارة اإللكترونية في تقديم الخدمات من خالل المو اقع اإللكترونية عن طريق‬
‫اإلنترنت كاألقراص الدمجة والموسيقى و أفالم الفيديو التي تتضمن دروس وب ارمج حاسوب‬
‫ومعلومات‪.‬‬

‫‪ .1‬غياب المستندات الورقية للمعامالت في التجارة اإللكترونية‬

‫تمر الصفقات التجارية بم ارحل عديدة كالتفاوض والتعاقد والدفع‪ ،‬لذلك ساعدت‬
‫المو اقع التجارية مستخدميها على إجراء الم ارحل و إتمام الصفقات دون إستخدام األوارق‬
‫والمستندات‪.‬‬

‫‪ .1‬عدم الكشف عن هوية المتعاملين‬

‫أتاح اإلنترنت لألشخاص بأن يقيموا معامالت تجارية دون معرفتهم لبعضهم‪.‬‬

‫‪ 418-‬بومايله‪ ،‬سعيد؛ وبوباكور‪ ،‬فارس‪ ،‬أثر التكنولوجيا الحديثة لإلعالم واالتصال في المؤسسة االقتصادية‪،‬‬
‫‪ 8168‬جامعة أبي بكر بلقايد‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ص‪.11‬‬

‫‪P 232‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫‪ .1‬سرعة تغييرالمفاهيم واألنشطة في التجارة اإللكترونية‬

‫تتغير أنشطة التجارة اإللكترونية بشكل سريع‪ ،‬وذلك إلرتباطها بوسائل اإلتصال‬
‫اإللكتروني التي تتعرض إلى تغيرات تكنولوجية سريعة‪ ،‬مما يؤدي إلى تغييرقوانين وترتيبات ونظم‬
‫التجارة اإللكترونية‪.‬‬

‫‪ .6‬توفيرالمصاريف الخاصة بالمتجراإللكتروني‬

‫عندما تفكر في إنشاء شركة أو محل تجاري على أرض الو اقع‪ ،‬فسيتحتم عليك توفير‬
‫العديد من رؤوس األموال واألصول التي ستتطلب لتجهيزها كثير من األشياء قبل البدء بشكل‬
‫فعلي‪ ،‬وذلك مثل‪ :‬رسوم اإليجار‪ ،‬الديكوروالتجهيز‪ ،‬المعدات باإلضافة إلي رواتب العاملين‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫أما إذا أعدت النظرفي األمر‪ ،‬وقررت في إنشاء متجرا إلكترونيا لمنتجاتك‪ ،‬أو الخدمة التي‬
‫ً‬
‫تقدمها أوال‪ ،‬فستجد إن تكلفة المشروع التي قد أعددتها لمشروعك سوف تقل إلي النصف‬
‫ً‬
‫تقريبا‪ ،‬فـ تكلفة انشاء متجر إلكتروني يعد أقل في التكلفة من إنشاء شركة تجارية تقليدية على‬
‫أرض الو اقع‪.419‬‬

‫‪ .9‬التواصل الفعال مع المستهلك‬

‫بمعنى الوصول الفعال للعمالء بغض النظرعن الزمان والمكان‪ ،‬ومن ثم يسهل التعامل‬
‫ً‬
‫مع العديد من الشركات سواء املحلية أو العالمية‪ ،‬و أيضا العمالء بكل سهولة ويسر‪ ،‬وفي أي‬
‫وقت وأي مكان‪.‬‬
‫ميزة تنوع المنتجات‪420‬‬ ‫‪.7‬‬

‫من أهم خصائص التجارة اإللكترونية التي تميزها‪ ،‬هي كونها صرح تجاري كبير ومفتوح‪،‬‬
‫ُ‬
‫فهناك العديد من املجاالت والشركات التي تقدم مختلف المنتجات والسلع‪ ،‬كما تمكنك من‬

‫‪419‬‬
‫‪- Moradi, M. A., & kabryaee, M. (n.d.). Impact of Information Communication‬‬
‫‪Technology on Economiv Growth in Selected Islamic Contries. Retrieved Octobre 31,‬‬
‫‪2017, from econpapers.repec.org, p25.‬‬
‫‪ 420-‬الحبيب‪ ،‬طه‪ ،‬أثر تكنولوجيا المعلومات واإلتصاالت على النمو االقتصادي في الدول النامية دراسة قياسية‬
‫خالل الفترة ‪ ،2015-2005‬مجلة البحوث االقتصادية والمالية‪ ،8162 ،‬ص‪.86‬‬

‫‪P 237‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫التواصل معها بشكل يسير وبسيط‪ .‬فالتنوع الرائع للمنتجات والخدمات المتاحة على شبكة‬
‫اإلنترنت؛ تسمح لك بالمقارنة والتدقيق لالختيارمن العروض ما يناسبك وما يناسب شركتك‪.‬‬

‫‪ .7‬زيادة األرباح‬

‫يساعد التسويق اإللكتروني عن طريق شبكة اإلنترنت في توفيرالعديد من الفرص لعرض‬


‫المنتجات أو الخدمات التي تقدمها‪ ،‬سواء على متجرك اإللكتروني أو حتى من خالل مو اقع‬
‫خاصة بالتجارة اإللكترونية مثل ‪ ebay, Etsy‬وغيرها في مختلف أنحاء العالم‪.‬‬

‫‪ .51‬توفيرالجهود والوقت‬

‫تعمل التجارة اإللكترونية على توفير الكثير من الوقت والجهد المبذول‪ ،‬فأنت لست‬
‫بحاجة للسفرإلى الخارج أو التحرك من مكانك حتى تتمكن من إتمام صفقة ما أو شراء خدمة أو‬
‫ُ‬
‫منتج معين‪ .‬فبنقرة ذر واحدة تستطيع أن تشتري أو حتى تبيع ما تريده عن طريق بطاقات‬
‫ُ‬
‫االئتمان‪ ،‬أو بواسطة وسائل الدفع اإللكتروني املختلفة التي تتيحها البلد الخاصة بك‪.‬‬

‫كل هذه الخصائص المميزة تعود عليك وعلى منتجاتك باإليجاب من خالل‪ :‬زيادة أرباح‬
‫الشركة‪ ،‬زيادة الوعي ومعرفة العالمة التجارية الخاصة بك‪ ،‬سهولة جذب عمالء جدد من‬
‫مختلف أنحاء العالم‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬أنواعها وأهداف التجارة اإللكترونية بالمملكة العربية السعودية‬


‫تنقسم التجارة اإللكترونية إلى أربعة أقسام رئيسية ً‬
‫تبعا للعالقة بين العميل والتاجر‪،‬‬
‫يمكن تصنيفهم كاآلتي‪:421‬‬
‫ً‬
‫استخداما في عالم التجارة اإللكترونية‪،‬‬ ‫‪ ‬من شركة إلى مستهلك ‪ (B2C):‬هو النموذج األكثر‬
‫إذ يقوم على إجراء المعامالت بين الشركة والمستهلك‪ .‬على سبيل المثال‪ :‬عند قيام أحد‬
‫ُ‬
‫المشترين بشراء هاتف من خالل متجر إلكتروني‪ ،‬تعد هذه المعاملة بين الشركة‬
‫والمستهلك‪.‬‬

‫‪ 421-‬بومايله‪ ،‬سعيد؛ وبوباكور‪ ،‬فارس‪ ،‬أثر التكنولوجيا الحديثة لإلعالم واالتصال في المؤسسة االقتصادية‪،‬‬
‫‪ 8168‬جامعة أبي بكر بلقايد‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ص‪.66‬‬

‫‪P 240‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬
‫ً‬
‫‪ ‬من شركة إلى شركة ‪ (B2B):‬يعتمد على إجراء البيع والشراء بين الشركات وبعضها‪ ،‬وغالبا‬
‫ما تكون المعامالت في صورة مواد خام ومعدات أو بضائع بالجملة‪ .‬على سبيل المثال‪:‬‬
‫مصنع وتاجرجملة‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫المعامالت التي تحدث بين‬

‫‪ ‬من مستهلك إلى مستهلك ‪ (C2C):‬أشبه بالنموذج األول إلى حد كبير‪ ،‬لكن تكون التعامالت‬
‫فيه بين المستهلكين وبعضهم‪ .‬تقدم معظم المتاجراإللكترونية الكبرى إمكانية فعل ذلك‬
‫اآلن‪ ،‬فيمكن ألي أحد االشتراك بحساب بائع وعرض المنتجات التي يريد بيعها على‬
‫حسابه بالمتجراإللكتروني ‪.‬‬

‫‪ ‬من مستهلك إلى شركة ‪ُ (C2B):‬يعد أحد النماذج التقليدية التي يقوم المستهلك فيها عادة‬
‫بتقديم خدمة إلى شركة ما‪ .‬على سبيل المثال‪ :‬عندما تقوم شركتك بشراء إحدى خدمات‬
‫تصميم الشعار اإللكتروني من على موقع خمسات‪ ،‬يكون حينها النموذج المطابق لذلك‬
‫هو)‪.(C2B‬‬
‫ً‬
‫أما بالنسبة لتصنيف شركات التجارة اإللكترونية وفقا للمعروض من المنتجات‬
‫والخدمات‪ ،‬فيمكن تقسيم أنواعها كاآلتي‪:‬‬

‫‪ ‬شركات بيع البضائع ‪:‬النوع األشهرللمتاجراإللكترونية‪ ،‬إذ تعرض البضائع مثل المالبس‬
‫ُ‬
‫واألثاث واألطعمة‪ .‬أي تعتمد على بيع السلع المادية التي ترسل إلى المستهلك بمجرد‬
‫الشراء‪ ،‬ومن أشهرأمثلتها متجرأمازون ‪.‬‬

‫‪ ‬شركات تقديم الخدمات ‪:‬هي التي تقوم ببيع الخدمات التي ترغب بها عبر اإلنترنت ‪.‬أبرز‬
‫ُ‬
‫األمثلة على ذلك نموذج الـ ‪ SaaS‬لألعمال إذ تباع فيه البرمجيات في صورة خدمات لها‬
‫سنويا أو ً‬
‫شهريا ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫اشتراك وخطط للدفع إما‬

‫‪ ‬شركات المنتجات الرقمية ‪:‬تختلف المنتجات الرقمية عن السلع المادية‪ ،‬إذ يمكن أن‬
‫تتمثل في كتاب إلكتروني أو في برنامج للحاسوب أو في دورة تدريبية‪ .‬على سبيل المثال‪:‬‬

‫أكاديمية حسوب توفر ً‬


‫عددا من الدورات التدريبية عالية الجودة المتخصصة في‬ ‫‪-‬‬
‫البرمجة‪ ،‬وتعد تلك الدورات من المنتجات الرقمية‪.‬‬

‫‪P 241‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫لقد اتجه البعض من األفراد للعمل في التجارة اإللكتروني‪ ،‬كما أتجه البعض األخر‬
‫لالعتماد عليها في شراء العديد من السلع والخدمات‪ ،‬وذلك قد ساهم في ازدياد أهمية التجارة‬
‫اإللكترونية‪ ،‬وتوسع مجالتها‪ ،‬والتي تهدف إلى‪422:‬‬

‫‪ ‬الوصول للمستهلك في أي وقت‬

‫ولعل أهم اهداف التجارة االلكترونية هي العمل طوال اليوم وعلى مدار الساعة‪ ،‬ويعد‬
‫ذلك من أهم األهداف التي يحرص الشخص صاحب العمل التجاري على تحقيقها؛ فالتجارة‬
‫اإللكترونية ال ترتبط بمواعيد للعمل‪ ،‬فهي تمكن المشتري من الوصول إلى ما يريده في أي وقت‬
‫وفي أي مكان‪.‬‬

‫الوصول للمستهلك في أي مكان‪423‬‬


‫‪‬‬

‫تهدف التجارة اإللكترونية إلى الوصول للمستهلك أو المشتري بغض النظر عن مكانه‬
‫المتواجد فيه بعد اتمام عملية تصميم متجر الكتروني احترافي؛ إذ يمكن إتمام عملية البيع‬
‫والشراء وكل طرف من أطر افها (البائع والمشتري) في دولة مختلفة عن األخرى بل وفي قارة‬
‫مختلفة عن األخرى‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫والوصول للعمالء في أي مكان قد ساهم كثيرا في توسيع نطاق العمل‪ ،‬خاصة للمتاجر‬
‫اإللكترونية التي تعتمد على الخدمات‪ ،‬أوالتي تتعاقد مع شركات كبرى لتوصيل منتجاتها للعمالء‬
‫في الدول املختلفة‪.‬‬

‫التخفيض من تكلفة المشروع التجاري‪424‬‬


‫‪‬‬

‫‪ 422-‬جبريل‪ ،‬سعيد صالح‪ ،‬واقع التجارة اإللكترونية في فلسطين والتحديات المستقبلية‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬غزة‪:‬‬
‫جامعة األزهر‪ ،‬كلية االقتصاد والعلوم اإلدارية‪ ،8168 ،‬ص‪.25‬‬

‫‪ 423-‬ديمش‪ ،‬سمية‪ ،‬التجارة اإللكترونية حقيقتها وواقعها في الجزائر‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬جامعة منتوري‪ -‬قسنطينة‪،‬‬
‫كلية العلوم االقتصادية وعلوم التيسير‪ ،8166 ،‬ص ‪.668‬‬
‫‪ 424-‬الشيخ‪ ،‬فؤاد‪ ،‬عواد‪ ،‬محمد سلمان‪ ”،‬المعوقات المدركة لتبني تطبيقات التجارة اإللكترونية في الشركات‬
‫األردنية”‪ ،‬المجلة األردنية في إدارة األعمال‪ ،‬المجلد ‪ ،6‬العدد‪ ،6‬مطبعة الجامعة األردنية‪ ،‬األردن‪ ،8114 ،‬ص‬
‫‪.92‬‬

‫‪P 242‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫تعتبر التكلفة الناتجة عن انشاء محاال تجاريا تقليديا‪ ،‬مثل قيمة اإليجار أو قيمة شراء‬
‫ً‬
‫موقع املحل التجاري‪ ،‬والمصاريف الشهرية‪ ،‬كفواتيرالكهرباء‪ ،‬والمياه‪ ،‬إضافة إلى ذلك تكاليف‬
‫أجورالعمال من األمورالتي تقلل أرباح هذا املحل التجاري‪.‬‬
‫َ ً‬
‫أما التجارة اإللكترونية تساعد في تجنب قدرا كبيرا من هذه التكاليف‪ ،‬األمر الذي يسهم‬
‫في تخفيض تكلفة السلعة بالتزامن مع جودتها العالية‪ ،‬فهوأحد أهم اهداف التجارة االلكترونية‬
‫ً‬
‫أيضا‪.‬‬

‫‪ ‬عرض المنتج المناسب للعميل‬


‫ً‬
‫يعد واحدا من أهداف التجارة اإللكترونية‪ ،‬معرفة النمط السلوكي للعمالء‪ ،‬ومن ثم يتم‬
‫إنشاء ملف معين بواسطة أفضل شركة تصميم مو اقع ليشمل كافة المنتجات والخدمات التي‬
‫يهتم بها كل عميل‪ ،‬األمر الذي يساعد في إظهار المنتج المناسب لكل عميل‪ ،‬ومن ثم رفع معدل‬
‫الشراء‪ ،‬وزيادة سرعة العمليات التجارية‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬منافع التجارة اإللكترونية‪425‬‬

‫من الواضح وجود عدة فروق بين التجارة اإللكترونية والتجارة التقليدية‪ ،‬فكل منهم‬
‫ً‬
‫يتخذ شكال مختلف ألداء نفس المهمة‪ .‬بالنسبة للتجارة التقليدية على العميل أن يذهب إلى‬
‫املحل التجاري بنفسه ويدفع مقابل السلع التي يختارها‪ .‬أما في التجارة اإللكترونية‪ ،‬فبنقرة‬
‫واحدة يمكنك شراء المنتجات بغض النظرعن مكان تواجدها وتواجدك‪.‬‬
‫ولكل نوع منهم مميزات ومنافع مهمة‪ ،‬لكن مع هذا ُتحقق التجارة اإللكترونية اآلن ً‬
‫نموا‬
‫غير مسبوق في نسب المبيعات السنوية‪ .‬كما أنها تالحق ركب التطور وتواكب التغيرات‬
‫التكنولوجية؛ في محاولة منها لتوفير تجربة متكاملة للمستهلكين بأبسط الطرق‪ ،‬وتتمثل أهم‬
‫مميزاتها في اآلتي‪426:‬‬

‫‪ 425-‬أبازيد‪ ،‬ثناء‪ ،‬واقع التجارة اإللكترونية والتحديات التي تواجهها عربيا ً ومحلياً‪ ،‬مجلة جامعة تشرين‪ ،‬سلسلة‬
‫العلوم االقتصادية والقانونية‪ ،‬المجلد (‪ )86‬العدد (‪ ،8114 )5‬ص‪.46‬‬
‫‪426‬‬
‫‪- Salahuddin, M., & Gow, J. (2015). The effect of the Internet on economic growth in‬‬
‫‪SouthernAfrican contries: Acombinaton of panel and time series approachescou.‬‬
‫‪Retrieved octobre 30, 2017, p69.‬‬

‫‪P 243‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫‪ ‬سرعة الشراء‬

‫تتيح التجارة اإللكترونية للمستهلكين التسوق من أي مكان وفي أي وقت‪ ،‬فليس من‬
‫الضروري أن يذهب المستهلك إلى مدينة أخرى لشراء منتجات معينة‪ ،‬فقط ببضع نقرات يمكنه‬
‫الحصول على المنتجات التي يريدها دون عناء!‬
‫إضافة إلى توفرعدد كبير من المنتجات المتاحة أمام ُ‬
‫المشترين‪ .‬ففي السابق‪ ،‬لم يكن‬
‫ً‬
‫محليا‪ ،‬لكن اآلن بإمكانك‬ ‫المشتري اقتناء وشراء ُمنتجات إال المنتجات المصنوعة‬
‫بمقدور ُ‬
‫الشراء من كل دول العالم‪ ،‬وبذلك سيكون أمام المشتري مجموعة ال بأس بها من المنتجات‪.‬‬

‫َّ‬
‫التسوق‬ ‫‪ ‬سهولة‬

‫من مميزات التجارة اإللكترونية تو افرها على مدار الساعة‪ ،‬على عكس المتاجر‬
‫ً‬
‫محدودا‬ ‫التقليدية التي تلتزم بساعات تشغيل معينة‪ .‬عالوة على ذلك‪ ،‬لم يعد المستهلك‬
‫بالمتاجر املحيطة به فقط‪ ،‬بل يمكنه شراء أي منتج يريده حتى لو كان في الجهة األخرى من‬
‫العالم‪.‬‬

‫كذلك توفرالمتاجراإللكترونية بعض الخصائص التي ال تتوفربالمتاجرالتقليدية‪ .‬من‬


‫أهمها ميزة البحث عن المنتجات من خالل شريط البحث والتصفح السريع بالعين للمنتجات‬
‫المتواجدة بنفس الصفحة‪ ،‬وهو ما يوفر على المستهلك جهد وعناء البحث عن المنتجات‬
‫بالمتاجرالتقليدية ‪.‬‬

‫‪ ‬انخفاض التكاليف وإمكانية التوسع‬

‫ال يستدعي إنشاء متجر إلكتروني قيام صاحب المشروع بتأجير مكان لعرض المنتجات‬
‫أوإنفاق مبالغ طائلة على تجهيزه‪ ،‬بل يمكنه إطالق متجره اإللكتروني بأقل تكاليف في أسرع وقت‪،‬‬
‫ً‬
‫نظرا النخفاض متطلباته المالية مقارنة بالمتاجر التقليدية‪ .‬كما أن عمليات التوسع ال تحتاج‬
‫إلى إنشاء فروع جديدة بأماكن أخرى‪ ،‬بل أصبح باإلمكان قيام الشركات بعمل قفزات توسعية‬
‫لمناطق جغر افية بعيدة ‪427.‬‬

‫‪ 427-‬أوذينة‪ ،‬زكريا‪ ،‬النمو االقتصادي في تكنولوجيا المعلومات‪ ،‬رسالة ماجستير غير منشورة‪ ،8161،‬قسم العلوم‬
‫االقتصادية‪ ،‬كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‪ ،‬جامعة محمد بوضياف‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ص ‪.59‬‬

‫‪P 244‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫فال ترتبط المتاجر اإللكترونية بموقع جغرافي واحد‪ ،‬بل يمكن زيارتها من أي مكان‬
‫بالعالم مما يعني سهولة االنتشار الرقمي‪ .‬فبفضل انتشار التسويق اإللكتروني و انتشار وسائل‬
‫التواصل اإلجتماعي أصبح توسيع الحصة السوقية أكثر ً‬
‫يسرا‪ .‬وهوما يجعل التجارة اإللكترونية‬
‫موفرة في تكاليف اإلنشاء والتشغيل والتوسع ‪.‬‬

‫من الواضح أن التجارة اإللكترونية تتفوق على التجارة التقليدية بالعديد من النواحي‪،‬‬
‫ً‬
‫بداية من توفيرالوقت والجهد والتكاليف‪ ،‬وصوال إلى تقديم مميزات أخرى‪ ،‬مثل‪ :‬إتاحة كوبونات‬
‫الخصم وتوفير العروض بشكل أفضل‪ ،‬وال ننس ى استجابة مشاريع التجارة اإللكترونية إلى‬
‫آليات التسويق الداخلي )‪ (inbound marketing‬التي تمثل أغلب االتجاهات الحديثة‬
‫للمسوقين‪.‬‬
‫كذلك من بين المنافع نجد‪428:‬‬

‫‪ ‬خدمة المشتري دون التقيد بحدود زمانية ومكانية‪.‬‬

‫‪ ‬عرض المنتجات والخدمات المتنوعة بطريقة سهلة وسريعة‪.‬‬

‫‪ ‬إنشاء إتصاالت تسويقية مع عميل مجموعة عمالء‪.‬‬

‫‪ ‬تصميم خدمات وسلع تتناسب مع رغبات العمالء ومتطلباتهم‪.‬‬

‫‪ ‬قلة التكاليف المستخدمة في عمليات الدعاية واإلعالن والتوزيع والتصنيع وأجور‬


‫العاملين‪.‬‬

‫‪ ‬توسيع نطاق نشرالسلعة والخدمات بشكل سريع وذات فاعلية عالية‪.‬‬

‫‪ ‬عدم اللجوء إلى تخزين المنتجات بكميات كبيرة مما يؤدي إلى تقليل تكلفة اإلحتفاظ‬
‫به‪ ،‬كما قللت مخاطرالتخزين التي تتعرض لها السلع‪.‬‬

‫‪ ‬الدخول إلى األسواق العالمية للمنافسة‪.‬‬

‫‪ 428-‬حماد‪ ،‬طارق عبدالعال‪ ،‬التجارة اإللكترونية المفاهيم التجارب التحديات األبعاد التكنولوجية والمالية والتسويقي‬
‫والقانونية‪ ،‬األسكندرية‪ :‬الدار الجامعية‪ ،8112 ،‬ص‪.48‬‬

‫‪P 245‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫املحور الثاني‪ :‬آثار التجارة اإللكترونية على إقتصاد المملكة العربية السعودية والدول‬
‫العربية‬

‫تعرف العالقات االقتصادية المتبادلة بين الدول نموا مطردا سواء أكان ذلك بسبب‬
‫الكميات الهائلة من السلع والخدمات التي يتم تبادلها بين الدول من خالل التجارة عامة‪ ،‬أو‬
‫بسبب األصول المالية المتداولة بين الدول‪ ،‬أم بسبب النشاط المتعاظم للشركات الدولية‬
‫متعددة الجنسيات‪ ،‬ومما ال شك فلقد كان للثورة التكنولوجية األثر الكبير على مجال إقتصاد‬
‫الدول‪.‬‬

‫ففقي تقرير قد أصدرته غرفة الرياض ممثلة في مرصد قطاع دعم األعمال بخصوص‬
‫المكانة االقتصادية العالمية للمملكة‪ ،‬بهدف رصد وتحليل أهم المؤشرات االقتصادية الدولية‬
‫للمملكة العربية السعودية‪ ،‬بحيث سلطت على أهم اإلنجازات العالمية للمملكة عبر تحقيق‬
‫مراتب متقدمة ملختلف النواحي االقتصادية‪.‬‬

‫وتأسيسا عليه سنتطرق لدراسة دورالتطورالتقني في تطويرالتجارة اإللكترونية (أوال)‪،‬‬


‫وكذلك الوقوف على آثار التجارة اإللكترونية على إقتصاد المملكة العربية السعودية (ثانيا)‪،‬‬
‫ثم دراسة آثار التجارة اإللكترونية على إقتصاد الدول العربية (ثالثا)‪429.‬‬

‫أوال‪ :‬دورالتطورالتقني في تطويرالتجارة اإللكترونية‬

‫يعتبرالتطوراإلقتصادي عن ارتفاع دخل الفرد الحقيقي وليس النقدي‪ ،‬فيشيرالدخل‬


‫النقدي إلى مقدار الوحدات النقدية التي يحصل عليها الفرد خالل مدة معينة‪ ،‬أما الدخل‬
‫الحقيقي يعبر عن الدخل النقدي مقسم على المستوى العام لألسعار‪ ،‬بمعنى مقدار الخدمات‬
‫والسلع التي يستطيع الفرد الحصول عليها من خالله إنفاقه لدخله القومي‪430.‬‬

‫‪ 429-‬ديمش‪ ،‬سمية‪ ،‬التجارة اإللكترونية حقيقتها وواقعها في الجزائر‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬جامعة منتوري‪ -‬قسنطينة‪،‬‬
‫كلية العلوم االقتصادية وعلوم التيسير‪ ،8166 ،‬ص‪.25‬‬
‫‪ 430-‬الشيخ‪ ،‬فؤاد‪ ،‬عواد‪ ،‬محمد سلمان‪ ”،‬المعوقات المدركة لتبني تطبيقات التجارة اإللكترونية في الشركات‬
‫األردنية”‪ ،‬المجلة األردنية في إدارة األعمال‪ ،‬المجلد ‪ ،6‬العدد‪ ،6‬مطبعة الجامعة األردنية‪ ،‬األردن‪،8114 ،‬‬
‫ص‪.54‬‬

‫‪P 246‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫كما عرفه ريمون باربأنه اإلرتفاع الذي يحصل في الثروات المتاحة والسكان‪ ،‬أما فرنسوا‬
‫بيروا عرفه‪ :‬بأنه اإلرتفاع الذي يحصل خالل فت ارت زمنية طويلة مع وجود مؤشر إيجابي في‬
‫دولة ما‪.‬‬

‫ومنه فالتطور التقني له إنعكاس كبير يشمل العديد من الميادين لعل أبرزه ميدان‬
‫التجارة اإللكترونية بإعتباره مجال حيوي خاصة في ظل حقبة الثورة التكنولوجية التي شكلت‬
‫نهضة ُبركانية في دولة المملكة العربية السعودية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬آثارالتجارة اإللكترونية على إقتصاد المملكة العربية السعودية‬

‫في دراسة لمرصد قطاع دعم األعمال بغرفة الرياض عن التجارة اإللكترونية في‬
‫السعودية‪ ،‬فإن المملكة العربية السعودية شهدت تطورا كبيرا في التجارة اإللكترونية للحاق‬
‫بعالم التقنية في قطاع التجارية اإللكترونية لتصل نسبة المتعاملين في التسوق والدفع‬
‫اإللكتروني إلى نحو ‪ % 99‬من السكان‪ ،‬إذا وحلت الســعودية في المركز الـ ‪ 55‬بين دول مجموعة‬
‫العشــرين والـ ‪ 17‬عالميا على مؤشــرالتجــارة اإللكترونية لعــام ‪.1111‬‬

‫وأصبحـت السـعودية أحـد أكبـر األسواق العالميـة في التجارة اإللكترونية خالل عـام‬
‫‪ ،1157‬وتوسـعت بشـكل كبيـرإلـى أن وصـل حجـم التعامالت فـي التجـارة اإللكترونية إلى نحـو ‪1.7‬‬
‫مليـاردوالرخـالل عـام ‪ 1111‬بسـبب جائحـة كورونا‪ ،‬ويتوقع أن تصل إيرادات التجارة اإللكترونية‬
‫في السعودية في العام ‪ 1111‬إلى ‪ 9.11‬مليار دوالر بمعدل نمو سنوي ‪431.%6.7‬‬

‫وساهمت التجارة اإللكترونية في المملكة في الحسابات القومية بعائد بلغ ‪ 51.17‬مليار‬


‫دوالر في العام ‪ 1111‬وفقا لقطاعات التجارة اإللكترونية‪ ،‬وأشارت الدراسة إلى أن المملكـة‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫شـهدت نمـوا كبيـرا مقارنـة بالعالـم وفقـا لعـدد مسـتخدمي اإلنترنت نتيجـة توفـراألجهزة املحمولـة‬
‫وشـبكات اإلنترنت باإلضافة إلى زيادة دخل سـكان المملكة مقارنة بمتوسط العالم‪ ،‬كل تلك‬
‫العوامل أدت إلى وصول نسبة مستخدمي اإلنترنت فـي المملكـة لنحـو ‪ % 71.6‬عـام ‪ ،1111‬وزادت‬
‫إلـى ‪ % 71‬عـام ‪.1115‬‬

‫‪ 431-‬الحبيب‪ ،‬طه‪ ،‬أثر تكنولوجيا المعلومات واإلتصاالت على النمو االقتصادي في الدول النامية دراسة قياسية‬
‫خالل الفترة ‪ ،2015-2005‬مجلة البحوث االقتصادية والمالية‪ ،8162 ،‬ص‪.11‬‬

‫‪P 247‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫وحدد الدراسة إلى أن عـدد المتاجـر اإللكترونية ارتفـع فـي المملكـة لتبلــغ ‪ 17.67‬ألف‬
‫متجــرومنصــة للتجــارة اإللكترونية فــي نهايــة النصــف األول مــن العــام ‪ ،1111‬بزيــادة قدرهــا ‪1195‬‬
‫منصــة إلكترونــية مقارنــة بالعــام الذي سبقه والتــي بلــغت نســبة زيادتهـا فيه نحـو ‪ %51‬فقـط وفقا‬
‫لبيانات وزارة التجارة‪ ،‬وأضافت أنه من المتوقع أن يصل عــدد المتاجــروالمنصــات اإللكترونية‬
‫خالل العام الجاري إلى نحو ‪ 16.11‬ألف متجرإلكتروني حيث جاءت بأعلى معدل زيادة بلغت نحو‬
‫‪ % 19‬مقارنـة بالعـام السـابق نتيجـة اسـتمرارجائحـة كورونا‪.‬‬
‫ويرجع هذا التطور بناءا على توصيات تم األخذ بها مسبقا وهما كالتالي‪432:‬‬

‫‪ -‬أهمية التنسيق وتكامل الجهود بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص الستكمال‬
‫مسيرة اإلنجازات والتقدم للمؤش ـرات االقتصادية والمقاييس العالمية ومعالجة‬
‫التحديات والمعوقات اإلدارية والمالية والتنظيمية التي تحول دون ذلك‪.‬‬

‫‪ -‬ضــرورة تدعيــم وزيــادة نســب مشــاركة القطاع الخاص فــي تنفيذ مبــادرات‬
‫واســتراتيجيات برامج رؤية المملكة ‪ ،1111‬ال سيما في المرحلة الحالية ‪.‬‬

‫‪ -‬أهميــة تفعيــل جميــع أنــواع الرقابة لمشــاريع وبرامــج الرؤيــة ‪1111‬م‪ ،‬وتنفيــذ اللوائــح‬
‫واألنظمة من الجهات ذات العالقة املخولة بمتابعة جدولة تنفيذ المشاريع وفق األوقات‬
‫الزمنية املحددة والجودة المطلوبة‪.‬‬

‫‪ -‬أهميــة إعــداد المزيد مــن التقاريروالدراسات الدورية لمتابعة رصد اإلنجازات لمشــاريع‬
‫الرؤية ‪ 1111‬بشكل دوري وربط اإلنجاز باملخططات المســتقبلية للمنشآت متناهية‬
‫الصغر والصغيرة والمتوسـطة والكبيرة وتذليل التحديات والمعوقات‪ ،‬وتقديم الحلول‬
‫المناسبة‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬آثارالتجارة اإللكترونية على إقتصاد الدول العربية‬

‫‪432‬‬
‫‪- Moradi, M. A., & kabryaee, M. (n.d.). Impact of Information Communication‬‬
‫‪Technology on Economiv Growth in Selected Islamic Contries. Retrieved Octobre 31,‬‬
‫‪2017, from econpapers.repec.org, p19.‬‬

‫‪P 242‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫من المنتظر أن تفتح التجارة اإللكترونية آفاقا متعددة ومجاالت كثيرة للدول العربية‬
‫ومن أهمها املجال االقتصادي‪ 433،‬ومن المأمول أن يكون للتجارة اإللكترونية آثار متعددة‬
‫ومرغوبة على جوانب اقتصادية متعددة‪ .‬والستخدام التجارة اإللكترونية أثر كبيرفي طرق عمل‬
‫الشركات ولها تأثيرواضح في أسعارالبضائع والمنتجات‪ .‬ويمكن تلخيص تأثيراتها بالنقاط اآلتية‪:‬‬

‫‪ .5‬تعمل التجارة اإللكترونية على تحسين الكفاءة والقدرة التنافسية بين المنشآت بفعل‬
‫دخول المعرفة والمعلومات كأصل مهم ورئيس من أصول رأس المال كما تتاح الفرصة لزيادة‬
‫حجم عمليات البيع من خالل االستفادة من المقدرة على التسوق عبر اإلنترنت طوال ساعات‬
‫النهار والليل دون أن تزيد التجارة اإللكترونية من الضغوط التنافسية على المنشآت‪ ،‬وذلك‬
‫بفعل تخفيض تكلفة المنتجات‪ ،‬ألن تطبيق هذا النوع من التجارة سيؤدي إلى زيادة كمية هذه‬
‫المنتجات وسعي المنشآت إلى ترويجها في مناطق جديدة لم تكن تتوجه إليها من قبل‪ .‬وإلى تقديم‬
‫أفضل عروض البيع لجذب العمالء‪ ،‬وتقديم تسهيالت كثيرة للمستهلك‪ ،‬مما يؤدي إلى زيادة‬
‫النفقات العامة األخرى‪ ،‬وبذلك تفقد المنشآت األقل كفاءة قدرتها على المنافسة‪.‬‬

‫‪ .1‬تعمل التجارة اإللكترونية على زيادة اإلنتاجية والنمواالقتصادي للدول العربية بسبب‬
‫الكفاءة في عرض السلع والخدمات وتقليل القيود للدخول إلى األسواق والمقدرة العالية‬
‫بالحصول على المعلومات الالزمة‪ ،‬باإلضافة إلى تخفيض كلفة المواد وتسريع الحصول عليها‬
‫وتخفيض تكاليف اإلنتاج" الكفاءة باستخدام برمجيات التسييرالذاتي‪.‬‬

‫‪ .1‬التجارة اإللكترونيـة يمكـن أن تغـير مـن تركيبـة المشروعات والقطاعات االقتصادية‬


‫واإلنتـاج عموما‪434:‬‬

‫ويالحظ أن أثرها على المستوى الرأس ي بالنسبة للمشروعات ذو أهمية كبيرة‪ .‬فمن‬
‫المعروف أن كـل منتج هو عبارة عن توليفة من مجموعة من المواد والخدمات‪ .‬فالكتاب الذي‬
‫نقرأه في المكتبة ‪ -‬على سبيل المثال‪ -‬يحتوي على أفكار للمؤلف‪ ،‬وأوراق طبع عليها‪ ،‬وخدمات‬
‫التجميع والتغليف‪ ،‬ثم تأتى عملية تسويق الكتاب ونقله إلى أماكن توزيعه‪ .‬فكل هذه السلع‬

‫‪ 433-‬رمضان‪ ،‬مدحت‪ ،‬الحماية الجنائية للتجارة اإللكترونية – دراسة مقارنة‪ ،‬القاهرة‪ :‬دار النهظة العربية‪،‬‬
‫‪ ،8116‬ص‪.86‬‬

‫‪ 434-‬حماد‪ ،‬طارق عبدالعال‪ ،‬التجارة اإللكترونية المفاهيم التجارب التحديات األبعاد التكنولوجية والمالية والتسويقي‬
‫والقانونية‪ ،‬األسكندرية‪ :‬الدار الجامعية‪ ،8112 ،‬ص‪.41‬‬

‫‪P 247‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫والخدمات المتعلقة بإنتاج الكتاب يمكن أن تتم كلها بواسطة مشروع واحد يتكفل بتداول هذا‬
‫المنتج بين المؤلف والقارئ وكل ذلك بفضل مشروعات متخصصة‪ ،‬وهكذا يظهر أن التوسع‬
‫الرأس ي هـو درجـة مـن التكامل بين السلع والخدمات في نفس المشروع‪.‬‬

‫ويترتب علـي مـا سـبق أثر إيجابي للتجارة اإللكترونية يتمثل في انخفاض تكاليف‬
‫المبادالت ونقـل المعلوماتية‪ ،‬وهكذا أصبحت تكنولوجيا المعلوماتية واالتصاالت شرطا‬
‫جوهريا في إتمام العمل في االقتصاد كذلك يالحظ أن من شأن عمل التجارة اإللكترونية أن‬
‫تجعل الصفقات تتم على نحو أسرع‪ ،‬ومن شأن كل ذلك أن تزيد إنتاجية دوران رأس المال‪.‬‬

‫‪ . 1‬إتاحة الفرصة أمام المنشآت الصغيرة والمتوسطة العربية للنفاذ إلى أسواق جديدة‬
‫لتصريف منتجاتها وكسراحتكارالمنشآت الدولية الكبيرة لهذه األسواق‪ ،‬حيث لم تعد المنشآت‬
‫الصغيرة بحاجة إلى وسائط تقليدية للبيع‪ ،‬ولم تعد بحاجة إلى االنتقال إلى البالد األخرى و إقامة‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وكاالت فيها‪ ،‬ولكن أصبحت بحاجة إلى وسطاء المعلومات الذين يلعبون دورا مؤثرا في التجارة‬
‫اإللكترونية‪ ،‬خاصة إذا علمنا أن أي منظمة مهما كان انتماؤها وطبيعة عملها تستطيع الدخول‬
‫إلى الشبكة وعرض ما تشاء من سلع وخدمات و أفكار دون أية قيود‪ ،‬ألن المنافسة أصبحت‬
‫عالمية النطاق‪ .‬كما أن االستثمار لفتح موقع تجارى على اإلنترنت سيكون أقل إذا ما قورن‬
‫باالستثمارالضروري الالزم لفتح محل تجاري بالطريقة التقليدية‪.‬‬

‫‪ .1‬ستؤدي التجارة اإللكترونية بما تحمله من تكنولوجيا متطورة إلى تحسين طرق إدارة‬
‫الشركات لسالسل التزويد التي تربطها مع زبائنها ومورديها‪ ،‬وإلى مزيد من تقسيمات العمل وتغيير‬
‫في أنماطه وأساليبه والتخلي عن بعض العناصر البشرية‪ ،‬باإلضافة إلى االستغناء عن بعض‬
‫الوكالء والمتاجر سواء متاجر البيع بالجملة أو التجزئة‪ ،‬مما سيكون لهذا كله أثر غير محمود‬
‫على زيادة معدالت البطالة حتى ولو كانت بطالة مؤقتة ممكن أن تزول على المدى الطويل‪.‬‬

‫‪ .6‬تسهيل عملية التسوق الشخص ي بين الدول العربية‪ ،‬والذي يتيح لشركة ما في دولة‬
‫عربية ما أن تسوق منتج لشخص معين أو مجموعة معينة من األشخاص لدولة عربية أخرى‬
‫وبطريقة أفضل من أي وسط إعالني‪ .‬وقد ظهرت في اآلونة األخيرة أدوات متعددة ومتطورة في‬
‫مجال التجارة اإللكترونية‪ ،‬ومن شأن هذه األدوات تسهيل المعامالت التجارية سواء أكان ذلك‬
‫على المستوى املحلي أم الدولي‪ .‬وبفضل هذه األدوات المتطورة يسهل اتصال المشروعات‬
‫بعضها ببعض مقللة بذلك تكاليف النقل والتحويـل وغيرها‪ .‬كما أن هذه األدوات المتطورة‬

‫‪P 250‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫تساعد كثيرا في عمل الحكومات السيما في تقدير الضرائب والرسوم الجمركية وغيرها من‬
‫الحقوق المستحقة للدولة‪.‬‬

‫ويجب أن تبذل في هذا املجال جهـودا متعددة على المستوى الدولي" وتغطى مجاالت‬
‫متعددة (كالجمارك‪ ،‬التحويل اإللكتروني‪ ،‬اإلجراءات اإلدارية‪ ،‬المواصالت‪ ،‬البنوك ووسـائـل‬
‫الـدفع‪ ،‬التأمين والمعلومات التجارية)‪ ،‬وكل ذلك في سبيل التوصل إلى قواعـد مـوحـدة تحكـم‬
‫مـثـل هـذه المسائل على المستوى الدولي‪435.‬‬

‫‪ .9‬من أهم اآلثار التي يمكن أن تنجر عن تطبيق التجارة اإللكترونية في الدول العربية‬
‫إتاحة الفرصة لتوطيد العالقات االقتصادية بينها خاصة و أنه تجمعها العديد من الخصائص‬
‫(كالدين واللغة والثقافة والتجاور) التي تسهل وتسرع عمليات التبادل فيما بينها‪ .‬فبفضل‬
‫اإلنترنت أصبحت الحدود والفواصل بين المنتج والمستهلك – في أغلب األحيان‪-‬غير موجودة‬
‫تقريبا‪.‬‬

‫‪ .7‬تخفض التجارة اإللكترونية من مطرح الضريبة في مهن متعددة كالصر افة ومبيعات‬
‫الكتب‪.‬‬

‫‪ .7‬تسمح التجارة اإللكترونية بنشوء المؤسسات والشركات االفتراضية ‪Virtual‬‬


‫‪ Enterprise-‬على المستوى العربي والتي تتشكل من تجمع عدة مؤسسات وشركات من دول‬
‫مختلفة تتمكن من االستجابة الجماعية لمتطلبات ومتغيرات السوق‪ ،‬كما تستطيع بتطوير‬
‫منتجات جديدة في الحاالت التي ال يمكن لها أن تحقق ذلك بكفاءة عالية عند عملها بصورة‬
‫منفردة‪.‬‬

‫باإلضافة إلى هذه التأثيرات المباشرة تحرص بعض املجتمعات على استخدام النشر‬
‫اإللكتروني‪ 436‬في تسليط الضوء على تجاربها اإلنسانية واالجتماعية املختلفة‪ ،‬رغم انهيار الكثير‬
‫من الحدود والمسافات بفعل ثورة المعلومات وتطورتكنولوجيا االتصاالت وهي تؤكد بذلك على‬

‫‪ 435-‬بومايله‪ ،‬سعيد؛ وبوباكور‪ ،‬فارس‪ ،‬أثر التكنولوجيا الحديثة لإلعالم واالتصال في المؤسسة االقتصادية‪،‬‬
‫‪ 8168‬جامعة أبي بكر بلقايد‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ص‪.25‬‬
‫‪ 436-‬الشيخ‪ ،‬فؤاد‪ ،‬عواد‪ ،‬محمد سلمان‪ ”،‬المعوقات المدركة لتبني تطبيقات التجارة اإللكترونية في الشركات‬
‫األردنية”‪ ،‬المجلة األردنية في إدارة األعمال‪ ،‬المجلد ‪ ،6‬العدد‪ ،6‬مطبعة الجامعة األردنية‪ ،‬األردن‪،8114 ،‬‬
‫ص‪.58‬‬

‫‪P 251‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫الجوانب اإلنسانية من هويتها الحضارية‪ ،‬فالجانب اإلنساني من حياة كل مجتمع كان وسيبقى‬
‫عامال مهما في تعزيز الشعور باالنتماء لهذا املجتمع‪ ،‬وحافزا للعمل والتضامن بين مختلف أبناء‬
‫املجتمع على اختالف شرائحهم االجتماعية واالقتصادية‪ .‬فلماذا ال تستثمر ساحات النشر‬
‫اإللكترونية عبراإلنترنت بكل مزاياها في نشر تراثنا وثقافتنا العربية و إيصال تجاربنا اإلنسانية‬
‫إلى شعوب العالم؟ فقد فرضت اإلنترنت تحديا أساسيا ال يمكن إغفاله‪ ،‬فليس لنا خيار إال أن‬
‫نجد مكانا في هذه الشبكة العالمية‪ ،‬والتي أصبحت جزء أساسيا من الحياة السياسية‬
‫واالجتماعية والثقافية والعلمية‪ .‬أنه حان الوقت لالهتمام بنشر الدين اإلسالمي كما فعل‬
‫التجارالمسلمون في بدية انتشاره وكذلك اللغة والثقافة العربية أكثرمن ذي قبل‪.‬‬

‫ولقد لعبت شبكة المعلومات العالمية اإلنترنت دورا مهما في السنوات األخيرة في فك‬
‫العزلة عن المثقف المعارض وعن الثقافة النقدية بصفة عامة‪ .‬فإذا كان النظام المستبد‬
‫يحكم إغالق السبل أمام الكتابة المضادة‪ ،‬فأن شبكة اإلنترنت ال تفتأ تفتح سبيال بعد سبيل‪.‬‬
‫وهذا األمرال يوفرفقط أمام المثقف فرصة التواصل في محيطه األدنى‪ ،‬بل يوفرالفرصة أيضا‬
‫للتواصل مع العالم‪ ،‬وفي هذه الفترة من المهم جدا أن يعني المثقف العربي بالصحافة‬
‫اإللكترونية وبالكتاب اإللكتروني والنشر اإللكتروني عبر اإلنترنت وان يقيم أو اثق الروابط مع‬
‫شتى المو اقع‪437.‬‬

‫يجب االهتمام بنشر الثقافة العربية عبر اإلنترنت وبذلك يمكننا تحصين الثقافة‬
‫العربية من مخاطر العولمة الجارفة وبالتالي يمكننا الحفاظ على الهوية العربية ونقل رسالتنا‬
‫إلى العالم كله عبر شبكة اإلنترنت إلثراء الثقافة العالمية‪ .‬فإذا أخذنا بعين االعتبار أن معظم‬
‫مستخدمي اإلنترنت هم من األطفال والشباب وإذا نظرنا إلى مدى التغييرالذي أحدثته اإلنترنت‬
‫في أنماط الحياة وأساليب التعليم في القرن العشرين وما نشاء عنه من ظهور سلوكيات جديدة‬
‫بين األجيال الصغيرة بالذات سنكتشف أن غياب مو اقع عربية تحاكي أجيالنا وتتعامل معهم‬
‫بروح العصر سيؤدي إلى تهميش الدور التربوي والحضاري والتراثي الذي تلعبه ثقافتنا العربية‪،‬‬
‫وستجعلهم عرضة لالمتصاص وبالتالي سيبدأ اختفاء وضعف هويتنا العربية‪ .‬علينا توظيف‬
‫التكنولوجيا الحديثة لخدمة الثقافة العربية واالهتمام بالنشر اإللكتروني عبر اإلنترنت التي‬
‫وصلت إلى العالم اجمع‪ .‬مما ال شك فيه أنه أصبح من الممكن أالن أن مشكلة اللغة العربية‬

‫‪ 437-‬عبد الخالق‪ ،‬السيد‪ ،‬التجارة اإللكترونية والعولمة‪ ،‬القاهرة‪ :‬المنظمة العربية لمتنمية اإلدارية‪ ،8111 ،‬ص‪.45‬‬

‫‪P 252‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫و إفتقار البرامج العربية ذات محركات البحث القوية القادرة على الحد وخاصة وان اللغة‬
‫اإلنكليزية هي اللغة المستخدمة في تبادل المعلومات على مستوى الشبكات العالمية‪.‬‬

‫خاتمة‪:‬‬

‫تعد فوائد و إيرادات التجارة اإللكترونية ضخمة جدا بشكل كان يصعب على العقل‬
‫تصورها‪ ،‬ويعود السبب في ذلك إلى أن عمليات التجارة اإللكترونية تتم عبرشبكة االنترنيت التي‬
‫استطاعت إلغاء الحدود االقتصادية بين الدول بصفة عامة‪ ،‬والمملكة العربية السعودية‬
‫بصفة خاصة‪ ،‬لقد استطاعت الدول المتقدمة استغالل تقنية التجارة اإللكترونية بشكل مثالي‬
‫واخترقت أسواق العالم بشكل منقطع النظير‪ ،‬وبدأت تحقق إيرادات ضخمة جدا‪ ،‬ورغم‬
‫السلبيات الكثيرة المر افقة للتجارة اإللكترونية والمؤثرة بشكل كبير على النظام املحاسبي‪ ،‬إال‬
‫أن شركات الدول المتقدمة تحاول وبشكل دؤوب تقليص تلك السلبيات بشتى الوسائل نظرا لما‬
‫تحققه التجارة اإللكترونية من عوائد ضخمة لها بشكل خاص ولدولها بشكل عام‪.‬‬

‫وبالرغم من وجود الكثيرمن الصعوبات لدى الدول العربية في سبيل اإلفادة من التجارة‬
‫اإللكترونية‪ ،‬إال أن هناك أمل كبير في تخطي هذه العقبات واللحاق بركب الدول األخرى في هذا‬
‫املجال‪ .‬ولكن لن يتحقق ذلك إال بوضع وتفعيل استراتيجيات بعيدة ومتوسطة المدى وعلى‬
‫المستويين القومي واإلقليمي لتطويرقطاع تقنية المعلومات والتجارة اإللكترونية‪.‬‬

‫ومن التوصيات التي ينبغي االهتمام بها‪:‬‬

‫‪ ‬إعطاء األولوية لقطاع العلوم وتقنية المعلومات في إعداد وصياغة برامج وخطط‬
‫التعليم‪.‬‬

‫‪ ‬إنشاء مراكز وهيئات وطنية في مجال تقنية المعلومات واالتصاالت‪ ،‬ودعمها‬


‫باإلمكانيات المادية والمعنوية بغرض تطويرالقاعدة التكنولوجية والعلمية وتعزيزدور‬
‫البحوث والتطويرفي البالد العربية‪.‬‬

‫‪ ‬تبني سياسة التثقيف التكنولوجي واستخدام تقنية المعلومات بين أفراد املجتمع‪،‬‬
‫وذلك من خالل برامج التدريب والتعليم في المؤسسات المهنية واإلدارية‪ ،‬مع االهتمام‬
‫بنشر الوعي التقني في المؤسسات التعليمية واألكاديمية وتحديث مناهج التعليم بما‬
‫يتناسب والبيئة التكنولوجية‪.‬‬

‫‪P 253‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫‪ ‬توجيه وتخصيص االستثمارات املحلية وجذب رؤوس األموال األجنبية في مجال قطاع‬
‫تقنية المعلومات واالتصاالت‪.‬‬

‫‪ ‬تحرير قطاع االتصاالت وتقنية المعلومات من اإلدارة الحكومية وتبني سياسة‬


‫تخصيص هذه القطاعات في أسواق تنافسية حرة‪ ،‬وهذا في سبيل تطوير نوعية وجودة‬
‫خدماتها بأسعارتنافسية‪.‬‬

‫‪ ‬سن التشريعات القانونية وتحديد األطر التنظيمية لحماية مستخدمي تقنية‬


‫المعلومات والحفاظ على حقوق المستهلكين والبائعين في بيئة التجارة اإللكترونية‪.‬‬

‫‪ ‬تعزيزودعم دورالمصارف التجارية في المعامالت التجارية اإللكترونية من خالل تسهيل‬


‫إتمام وتحصيل المدفوعات والحفاظ على حقوق األطراف المتعاملين‪.‬‬

‫‪ ‬دعم برامج التعاون فيما بين الدول العربية في مجال التكنولوجيا وتقنية المعلومات‬
‫واالستعانة بخبرات الدول األخرى في هذا املجال‪.‬‬

‫‪ ‬استغالل تطبيقات التجارة اإللكترونية في مختلف القطاعات االقتصادية في كل دولة‪،‬‬


‫مع االهتمام باستثمارذلك في دعم التبادل التجاري اإللكتروني فيما بين الدول العربية‪.‬‬

‫الئحة المراجع‪:‬‬

‫كتب‪:‬‬ ‫‪.5‬‬

‫حماد‪ ،‬طارق عبدالعال‪ ،‬التجارة اإللكترونية المفاهيم التجارب التحديات‬ ‫‪‬‬


‫األبعاد التكنولوجية والمالية والتسويقي والقانونية‪ ،‬األسكندرية‪ :‬الدارالجامعية‪.1111 ،‬‬

‫ر أفت رضوان‪ ،‬عالم التجارة اإللكترونية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬المنظمة العربية للتنمية‬ ‫‪‬‬
‫اإلدارية‪5777 ،‬م‪.‬‬

‫رمضان‪ ،‬مدحت‪ ،‬الحماية الجنائية للتجارة اإللكترونية – دراسة مقارنة‪،‬‬ ‫‪‬‬


‫القاهرة‪ :‬دارالنهظة العربية‪.1115 ،‬‬

‫عبد الخالق‪ ،‬السيد‪ ،‬التجارة اإللكترونية والعولمة‪ ،‬القاهرة‪ :‬المنظمة العربية‬ ‫‪‬‬
‫لمتنمية اإلدارية‪.1116 ،‬‬

‫‪P 254‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫رسائل جامعية‪:‬‬ ‫‪.1‬‬

‫أوذينة‪ ،‬زكريا‪ ،‬النمو االقتصادي في تكنولوجيا المعلومات‪ ،‬رسالة ماجستيرغير‬ ‫‪‬‬


‫منشورة‪ ،1156،‬قسم العلوم االقتصادية‪ ،‬كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‪،‬‬
‫جامعة محمد بوضياف‪ ،‬الجزائر‪.‬‬

‫البدور‪ ،‬زيدان‪ ،‬و اقع التجارة االلكترونية في الدول العربية دراسة حالة‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫الجزائر ‪ -‬مصر‪ ،‬رسالة ماجستيرغيرمنشورة‪ ،1151 ،‬جامعة محمد خيضر‪ ،‬الجزائر ‪.‬‬

‫بومايله‪ ،‬سعيد؛ وبوباكور‪ ،‬فارس‪ ،‬أثر التكنولوجيا الحديثة لإلعالم واالتصال‬ ‫‪‬‬
‫في المؤسسة االقتصادية‪ 1151 ،‬جامعة أبي بكربلقايد‪ ،‬الجزائر‪.‬‬

‫جبريل‪ ،‬سعيد صالح‪ ،‬و اقع التجارة اإللكترونية في فلسطين والتحديات‬ ‫‪‬‬
‫المستقبلية‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬غزة‪ :‬جامعة األزهر‪ ،‬كلية االقتصاد والعلوم اإلدارية‪.1151 ،‬‬

‫ديمش‪ ،‬سمية‪ ،‬التجارة اإللكترونية حقيقتها وو اقعها في الجزائر‪ ،‬رسالة‬ ‫‪‬‬


‫ماجستير‪ ،‬جامعة منتوري ‪ -‬قسنطينة‪ ،‬كلية العلوم االقتصادية وعلوم التيسير‪.1155 ،‬‬

‫مقاالت‪:‬‬ ‫‪.1‬‬

‫الحبيب‪ ،‬طه‪ ،‬أثر تكنولوجيا المعلومات واإلتصاالت على النمو االقتصادي في‬ ‫‪‬‬
‫الدول النامية دراسة قياسية خالل الفترة ‪ ،2015-2005‬مجلة البحوث االقتصادية والمالية‪،‬‬
‫‪.1157‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫أبازيد‪ ،‬ثناء‪ ،‬و اقع التجارة اإللكترونية والتحديات التي تواجهها عربيا ومحليا‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫مجلة جامعة تشرين‪ ،‬سلسلة العلوم االقتصادية والقانونية‪ ،‬املجلد (‪ )19‬العدد (‪.1111 )1‬‬

‫الشيخ‪ ،‬فؤاد‪ ،‬عواد‪ ،‬محمد سلمان‪ ”،‬المعوقات المدركة لتبني تطبيقات‬ ‫‪‬‬
‫التجارة اإللكترونية في الشركات األردنية”‪ ،‬املجلة األردنية في إدارة األعمال‪ ،‬املجلد ‪ ،5‬العدد‪،5‬‬
‫مطبعة الجامعة األردنية‪ ،‬األردن‪.1111 ،‬‬

‫‪ .1‬المراجع األجنبية‪.‬‬

‫‪P 255‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

 Moradi, M. A., & kabryaee, M. (n.d.). Impact of Information


Communication Technology on Economiv Growth in Selected Islamic Contries.
Retrieved Octobre 31, 2017, from econpapers.repec.org

 Salahuddin, M., & Gow, J. (2015). The effect of the Internet on


economic growth in SouthernAfrican contries: Acombinaton of panel and time
series approachescou. Retrieved octobre 30, 2017.

P 256 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫فرص التعليم عن بعد في ظل جائحة كورونا‬


‫‪Distance education opportunities in light of the corona pandemic‬‬
‫مقدمة‪:‬‬

‫لقد أبانت جائحة كورونا عن ضرورة التعلم اإللكتروني الذي لم يعد ترف ثقافي أو فكري‬
‫و إنما بات ضرورة حتمية ال يرتقي العمل التربوي إال بها‪ ،‬وليس من المسوغ على الدول التنصل‬
‫من حتميته في ظل األوضاع الراهنة والتي أبان عليها فيروس كورونا المستجد بما ال يدع مجاال‬
‫للشك‪ .‬ناهيك عن التطور المعرفي والتكنولوجي السريع‪ ،‬الذي بات يشكل جزء أساس ي من‬
‫حياتنا اليومية‪ ،‬والذي أثر على منظمات وهيئات املجتمع‪ ،‬وأدى إلى ضرورة البحث في املجال‬
‫التربوي عن أفضل الطرق واألساليب التي تساعد المتعلمين على التعلم‪ ،‬وتوفر بيئة تعليمية‬
‫تفاعلية تناسب احتياجات المتعلمين في القرن الحادي والعشرين‪ ،‬وتساعدهم على تطوير‬
‫قدراتهم‪ ،‬حتى يكونوا قادرين على التعامل مع متغيرات هذا العصر وتواكب تطوراته وتواجه‬
‫تحدياته‪.438‬‬

‫ومن المعلوم أنه في العصر الحالي لم يعد التعليم منحصر في طبقة أو فئة معينة دون‬
‫غيرها بل أصبح واجبا وطنيا يلزم الجميع بالتمدرس االجباري في سن معينة ومن يتخلف عن‬
‫ذلك يتعرض للعقاب‪ .‬كما ساهمت ثورة المعلومات واالتصاالت في التشجيع على التعليم‬
‫وتسهيل عملية الولوج إليه‪ ،‬وبالتالي ازدادت تشهد المؤسسات التعليمية وتقدمت تقدما‬
‫واضحا في مواكبة العملية التعليمية‪ ،‬كما ارتفع عدد الطلبة الملتحقين بمؤسسات التعليم‪،‬‬
‫وازدياد معدل انتقال الطلبة من بلد إلى آخر‪ ،‬إضافة إلى دخول الجامعات في العملية التنافسية‬
‫على الصعيد العالمي‪ ،‬وذلك بسبب النمو السريع لتقنيات اإلنترنت‪ ،‬لذا أصبحت الحاجة‬
‫ضرورية إلدخال نظم تعليمية حديثة من شأنها أن تنهض بتطوير التعليم العالي‪ ،‬والتقدم‬
‫واالرتقاء به من التعلم التقليدي إلى التعلم اإللكتروني‪.‬‬

‫‪ 438‬التعليم عن بعد ‪ :‬االستجابة لجائحة كورونا‪ ،‬مجموعة مؤلفين‪ ،‬المركز العربي للبحوث التربوية لدول الخليج ‪ ،4949 ،‬ص ‪.6‬‬

‫‪P 257‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫إن التعليم يمثل األسس المتينة التي تنهض باملجتمع وتساهم في بناء الدولة جنبا مع‬
‫القضاء والصحة واألمن‪...‬بل يمكن القول أن التعليم أهمها؛ إذ ال يمكن أن نؤسس لقضاء جيد‬
‫دون تعليم جيد وهكذا بالنسبة للصحة واألمن وغيره من املجاالت التي تبقى مشروطة في جودتها‬
‫بالتعليم‪ .‬وال يمكن الحديث عن تنمية خاصة في بعدها المستديم دون بناء تعليم حيوي‬
‫يستجيب لتحديات العولمة التي باتت تهدد خصوصيات الدول وتمحي هوياتهم وتطمس‬
‫شخصيتهم الثقافية والفكرية دون مرتكزتعليمي قادرعلى مواجهة تداعياتها ودفع تحدياتها بما‬
‫يتالءم مع تعزيزالهوية دون االنكفاء عليها ولكن االنخراط االيجابي في العصرومواكبة تطوراته‬
‫دون االنمحاء والذوبان فيه‪ .‬وبالتالي‪ ،‬التعليم اليوم يواجه في عصر الثورة التكنولوجية والثورة‬
‫الرقمية العديد من التحديات والفرص التي فرضتها التطورات الهائلة في مجال تكنولوجيا‬
‫المعلومات واالتصاالت والبرمجيات الرقمية وما تخولها من أفاق مستقبلية متعددة إذا تم‬
‫التعامل معها بمنطق الفرصة التي يجب أن تغتنم‪.‬‬

‫ولمعالجة هذا البحث نقترح اإلشكالية التالية‪:‬‬

‫ما هي دو افع ومبررات تبني نظام التعليم عن بعد؟ وكيف يساهم في تجاوز اختالالت‬
‫التعليم التقليدي؟‬

‫أهمية الموضوع‪:‬‬

‫ال شك أن هذا الموضوع يأتي في سياق أزمات متتالية لعل أهمها انشار جائحة كورونا‪،‬‬
‫لذلك فإن من أهم الحلول المقدمة لعدم توقف الحياة التعليمية هو التعليم عن بعد وما‬
‫يتيحه من اإلمكانيات التي تساهم في االستشراف المستقبلي للتعليم والتحديات التي باتت تلقيها‬
‫األوكات الطبيعية على البشرية‪ ،‬فمن الضروري‪ ،‬إذا‪ ،‬التفكيرفي حل عملي حتى ال تتوقف مر افق‬
‫الدولة الحيوية وعلى رأسها التعليم الذي هو أحد أهم األعمدة في تنمية الدول وخدمة‬
‫املجتمعات‪.‬‬

‫اإلشكالية‪ :‬كيف يساهم التعليم عن بعد في حل األزمات؟ املحور األول‪ :‬اإلطار العام‬
‫للتعليم عن بعد‪ .‬املحورالثاني‪ :‬دورالتعليم في تجاوزاألزمات‪.‬‬

‫املحوراألول‪ :‬اإلطارالعام للتعليم عن بعد‬

‫‪P 252‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫يعتبر التعليم من أهم الحقوق اإلنسانية التي يجب الدفاع عنها وصيانتها وضمان‬
‫استمرارها وحصول الجميع على تعليم جيد ومالءم ومتاح‪ ،‬ألن العملية التعليمية خصوصا في‬
‫المراحل األولى هي التي تصنع عقل وفكر اإلنسان‪ ،‬ويهذب أخالقه ويصقل مهاراته وقدراته‪،‬‬
‫ويطور إبداعاته‪ ،‬ويساعد في تشكيل وعيه االجتماعي والسياس ي الذي ينعكس على دوره في‬
‫املجتمع ومشاركته في صناعة مستقبله وبناء دولته من خالل خلق جيل قادر على تحمل‬
‫المسؤولية‪.‬‬

‫والدول العربية‪ ،‬كغيرها من الدول‪ ،‬عرفت قدر التعليم ومكانته ضمن أولويات املجتمع‬
‫ولو متأخرا بعض الش يء‪ ،‬حيث أصدرت قرارا عن طريق مجلس الجامعة العربية رقم (‪ 1111‬في‬
‫عام ‪ )5767‬والذي تضمن إنشاء لجنة إقليمية عربية دائمة الحقوق اإلنسان العربي‪ ،‬وتنمية‬
‫الوعي بحقوق اإلنسان لدى الشعب العربي‪ ،‬وباألخص حقه في التعليم‪ .‬وبعد أن أبرزت المادة‬
‫(‪ )16‬من اإلعالم العالمي لحقوق اإلنسان‪ ،‬حق اإلنسان في التعليم‪ ،‬وذلك من خالل مبادئ‬
‫أساسية يمكن أن نجملها في ما يلي‪:439‬‬

‫مجانية التعليم خصوصا‪ ،‬في مراحله األولية واألساسية؛‬

‫أن يكون التعليم األولي إجباريا؛‬

‫أن يكون التعليم الفني و المنهي متاحا بشكل عام؛‬

‫أن يكون التعليم للجميع على قدم المساواة؛‬

‫ولذلك‪ ،‬فالتعليم عن بعد يعد أحد المداخل الرئيسية لمعالجة اختالالت التعليم‬
‫ولمواجهة تحديات العصر كتحدي وباء كورونا‪ ،‬ويمثل التعليم عن بعد أحد أشكال التعليم‬
‫الحديث الذي يعتمد على استخدام الوسائط اإللكترونية في العملية التعليمية من خالل‬
‫تسهيلها وتيسيرولوجيتها ألنه يقوم على إلغاء قيد الزمن وقيد المكان وعدم االلتزام بوقت معين‬
‫أو مكان محدد إال في حدود قليلة وضمن شروط معينة‪ ،‬كما أنه يركز على الحس اإلبداعي لدى‬
‫الطالب والتلميذ من خالل التفاعل اإليجابي وتجاوز عملية التلقين التي تعتمد على شحن‬
‫الطالب بكمية المعلومات التي ال فائدة منها عوض تمكينه من البحث الذاتي عن المعلومة‬

‫‪ 439‬رافدة الحريري‪ ،‬نظم وسياسات التعليم وتطويرها في دول مجلس التعاون الخليجي‪ ،‬دار اليازودي‪ ،4949 ،‬ص ‪.11‬‬

‫‪P 257‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫ونقدها وتمحيصها؛ وهو ما يعمل على تفعيله التعليم اإللكتروني‪ ،‬من خالل تحويل العملية‬
‫التعليمية برمتها من أسلوب التلقين إلى أسلوب اإلبداع واالبتكار‪ ،‬وهو ما يسهم في تنمية مهارات‬
‫التفكير‪ ،‬و إنتاج طلبة باحثين أكثر منهم متلقين‪ ،‬مما يزيد في توسيع مفهوم التعليم الذاتي‬
‫باالعتماد على طاقاته وقدراته‪ ،‬وسرعة تعلمه ووفقا لما لديه من خبرات ومهارات سابقة؛ وذلك‬
‫بغية إرضاء الطالب بأن يصبح مطلوبا بعد تخرجه في سوق العمل وإرضاء كافة أجهزة املجتمع‬
‫المستفيدة من هذه العملية‪.440‬‬

‫وال يزال هدف الوصول لتعليم جيد عن بعد في الدول العربية بعيد المنال في أغلب هذه‬
‫الدول‪ ،‬نظرا ألن أغلب المؤسسات التعليمية عاجزة عن تمويل هذه التكنولوجية المكلفة‬
‫والباهظة الثمن‪ ،‬وبالتالي تظل أغلب المؤسسات التعليمية بما فيها الجامعات غير مهيأة‬
‫الستيعاب هذه الوسائط اإللكترونية‪ ،‬خصوصا وأن استعمالها يحتاج تكوين معين األمر الذي‬
‫ال يوجد في أغلب مجتمعاتنا التي تفتقرللعنصرالبشري الكفء في هذه املجاالت رغم املجهودات‬
‫المبدولة على هذا الصعيد‪ ،‬ناهيك عن ضعف االستثمارفي مجال البحث العلمي‪ ،‬ولتجاوزهذه‬
‫العثرات يقترح الباحثون جملة من المعاييرواألسس التي يجب التوفرعليها ومن جملتها‪:441‬‬

‫إصالح التعليم يتعين أن يتم في إطار تكاملي‪ ،‬ومقاربة شمولية تجمع أجزاءه مع بعض‬
‫وينظرإليه كوحدة متجانسة؛‬

‫العمل على تكوين عنصر بشري متخصص ينتج لنا خبراء متخصصين في مجال التعليم‬
‫اإللكتروني من أجل تحسين جودة التعليم ورفع قيمته؛‬

‫تبني منظومة حديثة سواء في األليات والوسائل؛‬

‫االبتعاد عن التعميم؛‬

‫االستمرارية واالستدامة كمنهج عمل‪.‬‬

‫فالتعليم عن بعد يلبي احتياجات الطلبة والتالميذ ويتيح لهم جميع الفرص التعليمية‬
‫على قدم من المساواة خصوصا االستفادة من التجارب الدولية الرائدة في هذا املجال‪ ،‬ألنه من‬

‫‪ 440‬أحمد إبراهيم أحمد‪ ،‬الجودة الشاملة في اإلدارة التعليمية والمدرسية‪ ،‬دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر‪ ،4997 ،‬ص‬
‫‪.466‬‬

‫‪ 441‬سعاد محمد عيد‪ ،‬تخطيط السياسة التعليمية والتحديات الحضارية المعاصرة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.417‬‬

‫‪P 260‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫المتيسر اليوم االنفتاح على تجارب أخرى من خالل ما تتيحه الشبكة العنكبوتية‪ ،‬وبالتالي‪،‬‬
‫تنمية مهارات التفكيرلدى الطلبة والبحث والتمحيص والنقد‪ ،‬ما يعززالتعلم الذاتي القائم على‬
‫أسس نشطة ويعزز القيم االجتماعية ويسهم في تربية األجيال وينمي قدرتهم على التواصل مع‬
‫اآلخرين بحيث يسمح التعليم اإللكتروني بإتاحة الفرصة للطلبة للتفاعل الفوري فيما بينهم من‬
‫جهة وبينهم وبين المعلم من جهة أخرى من خالل الوسائل اإللكترونية مثل حلقات النقاش‬
‫وغرف الحوار وغيره كما يعمل على نشر ثقافة التعلم والتدرب الذاتيين في املجتمع ويعد األفراد‬
‫لتحمل أعباء المستقبل بما يحقق تنمية املجتمع‪.442‬‬

‫املحورالثاني‪ :‬دورالتعليم في تجاوزاألزمات‬

‫لقد أصبح التعليم عن بعد أداة لصناعة التقدم والنهضة في عصر أصبح فيه التقدم‬
‫معرفيا وأصبحت فيه النهضة تكنولوجية بالدرجة األولى في ظل تحول االقتصاد العالمي إلى‬
‫اقتصاد يعتمد على المعرفة وتقنياتها في ظل ثورة االتصاالت والمعلومات والوسائل التعليمية‬
‫المتعددة التي يشكل فيها اإلنسان أهم مكوناتها‪ .‬وتعد العالقة بين التعليم والتنمية من األمور‬
‫المثيرة للجدل والنقاش فالتعليم في مفهومه الواسع من شأنه تسريع خطط التنمية التي بدورها‬
‫تسعى إلى رفع التعليم‪ ،‬وبالعكس فإن الجهل وغياب الوعي يخلق التخلف‪ ،‬ويعوق تنفيذ خطط‬
‫التنمية القومية‪.443‬‬

‫وقد بات واضحا أن التنمية الحقيقية ال يمكن ان تنطلق وتعم فوائدها دون االهتمام‬
‫بالتعليم الذي هو من أهم أدوات تنمية الطاقات البشرية‪ ،‬على اعتبار أن اإلنسان هو محور‬
‫التنمية وأساسها‪.‬‬

‫وأصبح التعليم في وقتنا الحاضريحتل مركزالصدارة في عداد العوامل التي تحقق مسيرة‬
‫املجتمعات النامية‪ ،‬وهو شرط ضروري يتر افق مع كل عمل تنموي خالله‪ ،‬تتحقق السيطرة على‬
‫الذات وعلى الطبيعة ويعرف المواطن حقوقه وواجباته‪ ،‬ويتحقق االكتفاء الذاتي ويتمكن‬
‫املجتمع من حل مشاكله والعمل على التكيف مع الظروف العالمية‪ .‬ولما كانت الجامعات إحدى‬

‫‪ 442‬بوطهرة أسيا‪ ،‬دور التعليم اإللكتروني في تحسين جودة التعليم العالي والبحث العلمي بالجامعة الجزائرية‪ ،‬مرجع ساب‬
‫مجلة الدراسات اإلعالمية‪ ،‬المركز الديمقراطي العربي‪ ،‬العدد األول‪ ،‬يناير ‪ ،4949‬ق‪ ،‬ص ‪.66‬‬
‫‪ 443‬رمزي أحمد عبد الحي‪ ،‬التعليم عن بعد في الوطن العربي و تحديات القرن الحادي و العشرين‪ ،‬مكتبة األنجلو المصرية‪،4949 ،‬‬
‫ص ‪.41‬‬

‫‪P 261‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫المؤسسات التربوية والتعليمية الرئيسية التي تزود املجتمع بما يحتاجه من الكفاءات الفنية‬
‫واإلدارية كان البد من وجود فلسفة إدارية لها تخدم هدف تنمية القوى العاملة والتخطيط لها‬
‫وتقف على حاجات األفراد ومتطلبات املجتمع و اتجاهات العصرالذي نعيش فيه‪.‬‬

‫ويقوم التعليم عن بعد على صفات أساسية منها‪ :‬البساطة والسرعة في نقل المعلومة‬
‫عبرالويب‪ .‬كما أنه ال يحتاج إلى تثبيت برنامج أو أقراص مضغوطة على جهاز الكمبيوترالخاص‬
‫بك‪ ،‬كل ما تحتاجه هو االتصال بشبكة اإلنترنت ومتصفح الويب‪ .‬باإلضافة لذلك‪ ،‬يوفر لك‬
‫التعلم دون توقف‪ ،‬بما يعني أن جميع الدورات متاحة على مدار الساعة طوال أيام األسبوع‪،‬‬
‫ويمكن من إعادة املحتوى كلما أتيحت لك الفرصة‪ .‬وأي شخص قادر على التعلم من منزله‬
‫ومكتبه‪ ،‬وفي الساعة التي تالئمه مادام الوصول يكون مجاني إلى األدلة اإللكترونية‪ ،‬مما يعني‬
‫أن االشتراك يحتوي على حق الوصول إلى الكتيبات اإللكترونية للفصل الدراس ي )‪ً ، (PDF‬‬
‫جنبا‬
‫إلى جنب مع التمارين التدريبية واختصارات مفيدة من السهل اتباعها‪ ،‬حيث تكون تعليمات‬
‫خطوة بخطوة مما يعني أن أي شخص يمكنه مشاهدة الدورات التدريبية عدة مرات عكس‬
‫التعليم التقليدي الذي يرتكزعلى الوجود المباشروالعيني‪.444‬‬

‫إن مرور العالم أجمع بجائحة كورونا قد أثبت أن التعلم عن بعد ليس مجرد حل مؤقت‬
‫ألزمة عابرة‪ ،‬بل هو نمط من أنماط التعليم‪ ،‬الذي يمكن اعتباره موازيا للتعليم المدرس ي‪،‬‬
‫وداعما له‪ ،‬وإن االهتمام بالتعلم اإللكتروني‪ ،‬يعد من ضرورات الحياة‪ ،‬لسببين رئيسين‪ ،‬هما‪:‬‬
‫أوال أن اكتساب أساسيات الث قافة الرقمية‪ ،‬واستخدام أدواتها في التعلم والعمل‪ ،‬وفي كثير من‬
‫شؤون الحياة اليومية‪ ،‬أصبح في مقدمة األمور التي يحتاجها الجميع ثانيا‪ :‬أن التحول الرقمي‬
‫التدريجي في تصريف المعامالت الرسمية منها والخاصة‪ ،‬يعهد السبيل لتطبيق ممارسات التعلم‬
‫عن بعد‪ ،‬كجزء طبيعي من خبرات الحياة اليومية لجميع الناس لذلك على راسمي سياسات‬
‫التعليم وخبراء التخطيط التربوي أن يعيدوا النظرفي كثيرمن المسلمات التي تسيرنظام التعليم‬
‫الحاضر وأن يستشرفوا خصائص نظام تعليم مبتكر‪ ،‬يؤهل الجيل القادم للتعلم الذاتي‬
‫المستمرالذي طالما حلم به المفكرون وأوصت المؤتمرات العالمية للتوجه نحوه‪ ،‬وأن يتخذوا‬
‫من التدابيرالعملية ما يضمن‪:‬‬

‫‪444‬‬
‫‪Bareq Raad Raheem, Amirullah Khan, THE ROLE OF E-LEARNING IN COVID-19 CRISIS, international‬‬
‫‪journal of creative research thoughts, volume 8, issue March 2020.‬‬

‫‪P 262‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫‪ ‬تبني سياسة تعليمية تثمر تجربة التعلم عن بعد‪ ،‬في إجراء تطويرشامل لنظام التعليم‬
‫بمدخالته وعمليات ومخرجاته؛‬

‫‪ ‬وضع معايير لضبط العمل في نطاق مفهوم التعلم عن بعد‪ ،‬بما في ذلك مواصفات‬
‫مصادره وأدو اته‪ ،‬واألساليب المتبعة في تقييم تحصيل التعليم واألداء‪ ،‬وتقدير‬
‫مستويات الشهادات المدرسية والمؤهالت األكاديمية؛‬

‫‪ ‬تأهيل جميع المعنيين بتخطيط التعليم وقيادة مؤسساته وإداراته في مجال التعلم عن‬
‫بعد‪ .‬وممارسته في أداء أعمالهم اليومية؛‬

‫‪ ‬تطوير برامج تأهيل المعلمين قبل الخدمة و أثناء العمل‪ ،‬وبخاصة في مجال تخطيط‬
‫دروس ونشاطات التعلم عن بعد‪ ،‬بما في ذلك التعلم اإللكتروني‪ ،‬ومتابعة أداء الطلبة‬
‫وتقييم نتائج تحصيلهم‪.‬‬

‫‪ ‬ایجاد مصدرذي كفاءة مهنية عالية التولى مسؤولية البحث والتطويرلتصميم مصادر‬
‫التعلم الرقمي وأدو اته‪ ،‬من أجل تنمية الخبرة الالزمة لضمان تطبيق التعلم عن بعد‬
‫بالمستوى المطلوب‬

‫‪ ‬العمل على توفير متطلبات البنية التقنية االساسية الالزمة إلتاحة خدمات التعلم‬
‫اإللكتروني واستمرارها وفي المثل يقال رب ضارة نافعة‪ .‬فهل تنجح كورونا الصارة في‬
‫التحول النافع للتعليم عن بعد‪.‬‬

‫وجملة القول‪ ،‬فإن التعليم عن بعد جاء ليتجاوز نقائص التعليم التقليدي‪ ،‬كما جاء‬
‫ليتجاوز األزمات التي تركتها األوبئة والجوائح خصوصا جائحة كورونا‪ ،‬كما أنه يمكن االستفادة‬
‫مما يتيحه التعليم عن بعد للمساهمة في حل بعض المشاكل التي ينتجها التعليم التقليدي‪،‬‬
‫مثل االكتظاظ الذي تعرفه أغلب المؤسسات التعليمية والجامعات والكليات‪ ،‬كما يمكن عن‬
‫طريقه تفادي النقص الموجود في األطر التعليمية والكوادر الجامعية‪ ،‬كما أنه يتيح إمكانية‬
‫االستفادة من الجامعات العريقة في الدول المتقدمة وما تتيحه من فرص وتطبيقات إلغناء‬
‫المعرفة املحلية واالنفتاح على تجارب أخرى دون تكلفة باهظة الثمن‪ ،‬وبنتائج جيدة‪.‬‬

‫الئحة المراجع‪:‬‬

‫‪P 263‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫التعليم عن بعد ‪ :‬االستجابة لجائحة كورونا‪ ،‬مجموعة مؤلفين‪ ،‬المركزالعربي للبحوث‬


‫التربوية لدول الخليج ‪.1111 ،‬‬

‫ر افدة الحريري‪ ،‬نظم وسياسات التعليم وتطويرها في دول مجلس التعاون الخليجي‪ ،‬دار‬
‫اليازودي‪.1157 ،‬‬

‫أحمد إبراهيم أحمد‪ ،‬الجودة الشاملة في اإلدارة التعليمية والمدرسية‪ ،‬دار الوفاء لدنيا‬
‫الطباعة والنشر‪.1111 ،‬‬

‫بوطهرة أسيا‪ ،‬دور التعليم اإللكتروني في تحسين جودة التعليم العالي والبحث العلمي‬
‫بالجامعة الجزائرية‪ ،‬مرجع ساب مجلة الدراسات اإلعالمية‪ ،‬المركزالديمقراطي العربي‪ ،‬العدد‬
‫األول‪ ،‬يناير‪.1157‬‬

‫رمزي أحمد عبد الحي‪ ،‬التعليم عن بعد في الوطن العربي و تحديات القرن الحادي‬
‫والعشرين‪ ،‬مكتبة األنجلو المصرية‪.1151 ،‬‬

‫‪P 264‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫الشباب الموريتاني والمشاركة السياسية‪:‬‬


‫التمثلات وأسباب العزوف‬
‫‪Mauritanian youth and political participation: representations and reasons for reluctance‬‬
‫ملخص‪:‬‬

‫تسعى هذه المعالجة إلى تسليط الضوء على موضوع راهن يشغل اهتمام الباحثين‬
‫والمتتبعين للشأن العام خاصة في شقه الشبابي‪ ،‬يتعلق األمربرصد و اقع المشاركة السياسية‬
‫للشباب الموريتاني ومستويات تمثالت الشباب للفعل السياس ي وآليات التمكين السياس ي‬
‫للشباب‪ ،‬وتركز بشكل أساس على بحث طبيعة العالقة بين الشباب والمؤسسات السياسية‬
‫خاصة األحزاب وأسباب عزوف الشباب عن االنتماء لهذه األحزاب‪ .‬الكلمات المفتاحية‪:‬‬
‫المشاركة السياسية ‪ -‬الشباب – التمثالت االجتماعية‪ -‬العزوف‪.‬‬

‫مقدمة‪:‬‬

‫لئن كان حضور الشباب الديمغرافي والعددي يبدو للوهلة األولى جليا من خالل الهرم‬
‫السكاني للبالد‪ ،‬فإن هذا الحضور العددي ال يواكبه في الو اقع حضور فعلي في الحياة العامة‬
‫ومراكز القيادة والتدبير‪ ،‬سواء الدو ائر اإلدارية أو مؤسسات الفعل السياس ي وفي مقدمتها‬
‫األحزاب السياسية التي تشكل اإلطار المناسب لترجمة حضور الشباب ومشاركته في العملية‬
‫السياسية‪ ،‬األمرالذي يفتح املجال أمام إثارة عديد األسئلة حول حالة الال تجانس أو التناقض‬
‫هذه‪ ،‬بين اكتساح عددي لهذه الفئة مقابل انحسارلوجودها في مراكزالقرار‪،‬‬

‫ذلك أن المشاركة السياسية تعتبر إحدى معايير القياس لمدى ديمقراطية النظام‬
‫السياس ي وتماسكه‪ ،‬وكذلك طبيعة الثقافة السياسية للمواطنين‪ ،‬وترتبط المشاركة السياسية‬

‫‪P 265‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫بمفاهيم أخرى ذات داللة متقاربة في حقل العلوم السياسية وعلم االجتماع السياس ي من قبيل‬
‫التنشئة السياسية والثقافة السياسية والعملية الديمقراطية ‪ ....‬الخ‪.‬‬

‫ولذلك فإن مستوى المشاركة السياسية يعبر من جهة عن مدى الوعي السياس ي‬
‫للمواطن‪ ،‬ومن جهة ثانية يعكس مستوى تطورالمنظومة السياسية للبلد ككل‪،‬‬

‫والمشاركة السياسية من حيث هي عملية طوعية إرادية‪ ،‬تتحقق عبر عدة آليات‬
‫كاالنتساب لألحزاب السياسية أوالمشاركة في االنتخابات والعضوية في الهيئات المنتخبة‪ ،‬وحتى‬
‫بطرق تبدو احتجاجية كالمشاركة في التظاهرات والتجمعات العمومية والنشاطات التي‬
‫تستهدف التعبيرعن موقف ما اتجاه حدث أو موضوع أو قضية تتعلق بالشأن العام‪.‬‬

‫من هذا المنطلق تبدو إثارة سؤال المشاركة السياسية للشباب أكثر من مشروعة‪ ،‬فإلى‬
‫أي حد يبدو الشباب الموريتاني مهتما بالمشاركة السياسية؟ وما هي طبيعة نظرته للشأن العام‬
‫عموما ومؤسسات الشأن السياس ي بشكل خاص؟ بمعني آخرما هي طبيعة العالقة بين الشباب‬
‫واألحزاب السياسية؟ ما هي التمثالت االجتماعية للشباب اتجاه األحزاب السياسية والحياة‬
‫السياسية بشكل عام؟ كيف يمكن تفسيرظاهرة العزوف عن المشاركة السياسية لدى الشباب‬
‫وما هي أهم العوامل المؤدية لها؟ وكيف يمكن تطوير وتعزيز المشاركة السياسية للشباب‬
‫الموريتاني؟‬

‫انطالقا من هذه التساؤالت تنطلق هذه المعالجة من فرضية رئيسية هي كاآلتي‪:‬‬

‫قاد عدم توفر األحزاب السياسية الموريتانية على رؤية وبرامج ملموسة الستيعاب‬
‫الشباب وتأطيرهم‪ ،‬باإلضافة لضعف ثقة الشباب في هذه األحزاب إلى ضعف مشاركتهم‬
‫السياسية‪.‬‬

‫إن البحث عن إجابات لألسئلة اآلنفة يتطلب مستهال أن نعرج بش يء من التأصيل‬


‫للمفاهيم الرئيسة المركبة لها‪ ،‬وبشكل أكثر دقة وتحديدا مفهومي الشباب والمشاركة‬
‫السياسية‬

‫أوال‪ :‬مفهوم الشباب‬

‫‪P 266‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫على الرغم من كثرة تداول هذا المفهوم واستخدامه سواء في الدراسات واألبحاث أو على‬
‫مستوى الخطابات والنقاش العمومي‪ ،‬إلى أنه مع ذلك ليس بالبساطة والسهولة التي يتصور‬
‫البعض‪ ،‬فمصطلح الشباب يبقى ملتبسا وغامضا وليس محل اتفاق حول معنى محدد ثابت له‪،‬‬

‫فإذا كانت منظمة األمم المتحدة قد ربطت تعريف الشباب بالنظرإلى الفئة العمرية لهم‬
‫حيث تعتبرالشباب هم "تلك الفئة التي تتراوح أعمارها بين ‪ 51‬و‪ 11‬سنة دون المساس بتعريفات‬
‫أخرى تعتمدها الدول األعضاء"‪445.‬‬

‫فإن ذلك لم يجعل من مسألة إيجاد تعريف للمفهوم بالمهمة السهلة‪ ،‬فهذا التعريف‬
‫الذي صاغته األمم المتحدة يبدو أكثر مالئمة للعمليات اإلحصائية منه للبحث السيسولوجي‪،‬‬
‫فمفهوم الشباب يختلف ويتباين من بلد آلخرومجتمع ملجتمع باعتباره فئة تمتازبالتحول وعدم‬
‫االستقرار؛‬

‫وحسب بعض الباحثين فإن الشباب هو المرحلة الممتدة ما بين فترة المراهقة حتى‬
‫مرحلة البلوغ؛‬

‫وفي موريتانيا ال يوجد تعريف مضبوط بالنصوص يحدد هذا الفئة‪ ،‬لكن البالد اعتمدت‬
‫في تعريفها للشباب نفس الداللة التي يحيل إليها الميثاق اإلفريقي للشباب والذي صادقت عليها‬
‫موريتانيا‪ ،‬حيث يحدد هذا الميثاق سنة الشاب في ‪ 11‬عاما‪.‬‬

‫ويبدوأن هذا التحديد هوالذي سيجري بها العمل رسميا‪ ،‬حيث تم تحديد السن القانوني‬
‫لل ترشح للمقاعد املخصصة لالئحة الوطنية للشباب خالل االستحقاقات االنتخابية البرلمانية‬
‫والتي تم استحداثها ألول مرة (ستجري االنتخابات يوم ‪ 51‬مايو ‪446.)1111‬‬

‫في السياق األكاديمي يبدو التعريف مختلف باختالف مشارب الباحثين ومرجعياتهم‪،‬‬
‫حيث يعتبر عالم االجتماع الفرنس ي ادغارموران بأن الشباب هم الحلقة األضعف في التماسك‬

‫‪ 445‬قرار الجمعية العامة لألمم المتحدة رقم‪ A/RES/50/81 :‬بتاريخ ‪ 4886/97/47‬بإعالن يوم عالمي للشباب‪.‬‬
‫‪ 446‬قانون نظامي رقم ‪ - 4947-947‬يتضمن تعديل أحكام المادة ‪ 7‬جديدة من القانون النظامي رقم ‪4949-979‬‬
‫الصادر بتاريخ ‪ 41‬يوليو ‪، 4949‬القاضي بتعديل األمر القانوني رقم ‪ 84-949‬الصادر بتاريخ ‪ 91‬أكتوبر ‪4884‬‬
‫‪،‬المعدل‪ ،‬المتضمن القانون النظامي المتعلق بانتخاب النواب في الجمعية الوطنية‪ – .‬الجريدة الرسمية العدد ‪4149‬‬
‫بتاريخ ‪ 4947/94/49‬ص ‪.447‬‬

‫‪P 267‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫االجتماعي‪ ،‬وغالبا تتم دراستهم باعتبارهم ينتمون إلى عالم مختلف‪ ،‬وباعتبارهم فئة خاصة في‬
‫بيئتهم االجتماعية يعيشون أزمات متعددة سواء في الشغل أو االندماج االجتماعي‪447.‬‬

‫أما تالكوت بارسونزفيتحدث عن الشباب في إطار نسق وظيفي يسهل االنتقال من مرحلة‬
‫الطفولة إلى مرحلة الرشد‪ ،‬وغالبا ما يتسم هذا االنتقال باالضطراب وعدم االستقرار ومحاولة‬
‫اكتشاف الذات‪.‬‬

‫وال تفض ي هذه التعريفات على اختالفها في الوقوف على ضبط جامع مانع للمفهوم الذي‬
‫يبقى محل جدل كبير كمصطلح حديث نسبيا ظهر أساسا خالل حقبة الستينات من القرن‬
‫العشرين إبان الحركة الطالبية في فرنسا حيث برز مفهوم الشباب بقوة للتعبير االندفاع‬
‫والحيوية التي يتصف بها الحراك حينها‪.‬‬

‫وألن موضوع هذه المعالجة يدور حول الشباب‪ ،‬والشباب الموريتاني تحديدا‪ ،‬فإنه ال‬
‫بأس من العودة بش يء من اإلسهاب لدورومكانة هذا الشباب وتطورمشاركته التاريخية في الشأن‬
‫العام‪،‬‬

‫ذلك أن الدولة الموريتانية حديثة النشأة عرفت من ذو اإلرهاصات األولى الستقاللها‬


‫حراكا سياسيا نشطا كان له دور حاسم في رسم معالم المستقبل السياس ي للبالد الحقا‪ ،‬وقد‬
‫سجل الشباب الموريتاني حضوره في مختلف المراحل السياسية البارزة في تاريخ البالد ‪ ،‬فكان‬
‫له سبق المساهمة في تفاصيل البدايات ‪ ،‬بدايات االستقالل والتحرر وتشكل معالم الدولة‬
‫الوطنية‪ ،‬و رغم طبيعة التركيبة االجتماعية للبالد التي يهيمن عليها الطابع القبلي حيث تعود‬
‫الكلمة والقرارالنهائي لشيوخ القبيلة ووجهائها‪ ،‬فإن الشباب مع ذلك استطاع أن يفرض لنفسه‬
‫موطئ قدم متقدم في المشهد ‪ ،‬فكان أول رئيس للبالد هو أحد شبابها وفاعليها السياسيين‬
‫الرئيس المؤسس املختار ولد داداه‪ ،‬الذي قاد البالد لسنوات تجاوزت فيها تحديات االستقالل‬
‫واالعتراف الدولي والصمود في وجه العواصف السياسية ‪ ،‬وقبل ذلك تأسست رابطة الشباب‬
‫الموريتاني وحزب الشباب الموريتاني حيث ضما في صفوفهما عددا من الفاعلين الشباب‬

‫‪447‬‬ ‫‪Edgar Morin, la connaissance:‬‬ ‫‪Anthropologie‬‬ ‫‪de‬‬ ‫‪la‬‬ ‫‪connaissance‬‬


‫)‪(paris :Seuil,1986‬‬

‫‪P 262‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫الذين خرجوا من عباءات ابرزاألحزاب السياسية القائمة حينها(الوفاق واالتحاد) حيث سيكون‬
‫لهذه الكيانات الشبابية وقادتها دورسياس ي كبيرفي مستقبل البلد المستقل حديثا حينها‪448.‬‬

‫فالشباب الموريتاني إذا أبان منذ الوهلة األولى عن رغبة واستعداد حاسم لالنخراط في‬
‫العمل السياس ي و إبراز مشاركته في الشأن العام عبر كافة القنوات المتاحة وبذلك سجل‬
‫حضوره في مختلف مراحل الحياة السياسية للبلد منذ االستقالل وصول للوقت الراهن حيث‬
‫تعالت األصوات المطالبة بحضور ومشاركة سياسية أكثر حضورا وفعالية وفي موقع ما قدمة‬
‫لصنع القرار‪ ،‬ويبدو أن هذه األصوات بدأت تستقطب اآلذان الصاغية على مستوى جهات‬
‫القرار‪ ،‬فقد تمكن عدد من الشباب من الولوج لمسؤوليات مختلفة في القطاعات الهامة‬
‫للدولة( العدل‪ ،‬الدبلوماسية‪ ،‬الداخلية‪ ،‬المالية‪ )...‬عبر بوابة المدرسة الوطنية لإلدارة‬
‫والصحافة والقضاء الجهاز اإلداري المكلف باكتتاب وتكوين الموظفين في المناصب اإلدارية‪،‬‬
‫كما أتاح تشكيل مجلس للشباب (تمت إعادة تنظيمه وتوسيعه مؤخرا ليصبح املجلس الوطني‬
‫للشباب) الفرصة لوصول عدد منهم للواجهة السياسية ‪ ،‬ولعل أبرز مظاهر تجسيد المشاركة‬
‫السياسية للشباب هوقراراستحداث الئحة وطنية للشباب ألول مرة تضم ‪ 55‬مقعد في البرلمان‬
‫للشباب دون سنة ‪ 11‬سنة من بينهم وجوبا ممثلين لذوي االحتياجات الخاصة‪449.‬‬

‫ثانيا‪ :‬مفهوم المشاركة السياسية‬

‫إذا كان أغلب الدارسين والباحثين في العلوم السياسية واالجتماعية درج على استخدام‬
‫مصطلح المشاركة حسب السياق الفكري والداللي الذي يرد فيه‪ ،‬فإن إيجاد تعريف محدد لهذا‬
‫المفهوم ظل مثار خالف وصعوبة وذلك لتعدد الخلفيات والسياقات التي يتم تناوله فيها‪،‬‬
‫ولتعدد املحاوالت التي تناولت هذا المفهوم مما زاد من صعوبة تعريفه‪،‬‬

‫إن انتماء المفهوم ألكثر من حقل معرفي( العلوم السياسية‪ ،‬علم االجتماع)‪ 450‬قد زاد‬
‫من غموضه من جهة ومن جهة أخرى أعطى فرصة لغزارة البحث واإلنتاج حوله ‪ ،‬ففي رحلة‬
‫البحث عن إيجاد التعريف والتأصيل المفاهيمي له تبارى عدد من المفكرين والفالسفة وعلماء‬
‫االجتماع‪ ،‬حيث نظر افالطون إلى مفهوم المشاركة السياسية من خالل حديثه عن‬

‫‪ 448‬محمد األمين ولد سيدي باب‪ ،‬مظاهر المشاركة السياسية في موريتانيا‪ ،‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬يناير‬
‫‪ ،5002‬ص ‪. 81‬‬
‫‪ - 449‬القانون النظامي المحدد آللية انتخاب النواب في الجمعية الوطنية ‪ -‬الجريد الرسمية العدد ‪ – 4149‬م س‬
‫‪ -450‬إبراهيم ابراش‪ ،‬علم االجتماع السياسي‪ ،‬دار الشروق للنشر والتوزيع‪ ،‬القاهرة ‪ 4889‬ص ‪41‬‬

‫‪P 267‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫الديمقراطية باعتبار المشاركة إحدى مظاهر الديمقراطية‪ ،‬في حين تعرض أرسطو للمفهوم في‬
‫سياق السعي للخير العام(المنفعة العامة)‪ ،451‬فيما ركزت كتابات علماء السياسة الرواد في‬
‫الغرب من أمثال مونتسكيو وأليكسيس دي توكفيل وجون ستوارت ميل على دور المواطن‬
‫الفاعل في تحديد شكل ومضمون املجال العام‪ ،‬أما جان جاك روسو فقد اعتبر المشاركة‬
‫السياسية هي القدرة على مزاولة السيادة أو ممارستها‪ ،‬وهناك أيضا من المفكرين من ربط‬
‫عملية المشاركة بالنموذج الديمقراطي للمجتمع وأهمية بناء مؤسسات سياسية فعالة حيث‬
‫تكون هذه المؤسسات هي التي تهيأ الظروف المواتية للمشاركة السياسية ‪ ،‬فالمشاركة‬
‫السياسية الفعالة والمؤثرة تظل رهينة بتوسع فرص التنافس السياس ي‪ ،‬ومن أبرز المفكرين‬
‫الذين دافعو عن هذا الطرح نوردلينجر‪ ،‬وروبرت دال‪ ،‬وهنتجتون‪ ،‬ويالحظ من خالل مختلف‬
‫التعريفات السابقة أن المشاركة السياسية ال تتحقق إال إذا كان النشاط سياسيا أو ذا حمولة‬
‫سياسية يكون هدفه التأثير في الحكومة أو ممارسة ضغط على صانعي القرار قصد توجيه‬
‫السياسة العامة أو البرامج الحزبية‪ ،‬وغير ذلك من المشاركات يختلف عن المشاركة‬
‫السياسية حيث إنه يدخل في مجاالت أخرى اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية وذلك باختالف‬
‫ممارسه والفضاء الموجه له؛‬

‫كما عرفها بعضهم أنها "األنشطة التي تهدف إلى التأثير في اختيار الحكام ومهامهم التي‬
‫يقومون بها والتأثير في بعض قرارات السلطة"‪ ،452‬أما الباحث الفرنس ي فيلب براو فيرى أن‬
‫المشاركة السياسية هي " جميع األنشطة الفردية أو الجماعية التي قد تعطي للمحكومين تأثيرا‬
‫على أداء النظام السياس ي"‪.‬‬

‫وهكذا فإن المشاركة السياسية تعد سمة بارزة من سمات املجتمع الديمقراطي وإحدى‬
‫عوامل رقي املجتمع ونضجه ‪ ،‬حيث تتيح للمواطنين التعبير عن آرائهم ومو اقفهم ‪ ،‬كما تمكن‬
‫الفاعلين من التأثير على السياسات الحكومية‪ ،‬والقيام بدور هام في رسم السياسة العامة‬
‫للدولة‪ ،‬هذا فضال عن كونها تنمي الشعوربالمسؤولية وروح المبادرة والتعلق بالصالح العام‪،‬‬

‫وإذا كانت التعريفات السابقة أتاحت التعرف على مفهوم المشاركة السياسية‪ ،‬فما هي‬
‫أشكال هذه المشاركة وما أبرز قنواتها ؟ ما هي التمثالت االجتماعية للشباب اتجاه األحزاب‬

‫‪ 451‬إبراهيم ابراش‪ ،‬علم االجتماع السياسي‪ ،‬دار الشروق للنشر والتوزيع ‪ ،‬القاهرة ‪ 4889‬مرجع سابق ص ‪41‬‬
‫‪ - 452‬السيد يس – الثورة والتغير االجتماعي ‪ -‬مركز الدراسات السياسية واالسترانيجيه باألهرام – العدد ‪41‬‬
‫‪ 4811‬ص ‪.19‬‬

‫‪P 270‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫السياسية والحياة السياسية بشكل عام؟ ما ابرزأسباب عزوف الشباب عن المشاركة ؟ وكيف‬
‫يمكن تطويروتعزيزالمشاركة السياسية للشباب الموريتاني؟‬

‫‪ .5‬أشكال المشاركة السياسية‪:‬‬

‫اختلف الباحثون في تصنيف األشكال التي تأخذها المشاركة السياسية‪ ،‬فهذا المفهوم‬
‫الذي بدا في التشكل منذ القرن السابع عشر في سياق النهضة الثقافية والفكرية التي عرفتها‬
‫القارة األوروبية وتبلور مفهوم الفضاء العام بما يحيل إليه من ضرورة الرقابة على السلطة‬
‫السياسية‪ ،‬قد يأخذ عدة أشكال ومستويات‪ ،‬ولعل أبرزهذه األشكال مايلي‪:‬‬

‫‪ -‬المشاركة المنظمة‪ :‬وهي التي تتم في إطار مؤسسات قائمة تمثل حلقة الوصل بين‬
‫المواطن والنظام السياس ي وذلك عن طريق األجهزة والمر افق اإلدارية التي تقوم ببلورة‬
‫وصياغة مطالب المواطن ودمجها في شكل برامج سياسية قابلة للتطبيق تسعى‬
‫الحكومة واملجالس المنتخبة واألحزاب السياسية وكذلك والنقابات والمنظمات‬
‫المهنية كل من موقعه في تجسيدها‪ ،453‬وهذا النوع من المشاركة يعتبراألكثر ديمومة‬
‫صلة باإلطارالذي تتم ممارسته فيه‪.‬‬

‫‪ -‬المشاركة المستقلة‪ :‬وهي التي يقوم بها المواطن بشكل فردي طوعي حر ومستقل‪،‬‬
‫بحيث تكون له الحرية في تحديد نوع مشاركته وطبيعتها‪ ،‬ويكون له االختيارفي أن يشارك‬
‫أو اليشارك‪.‬‬

‫‪ -‬المشاركة الظرفية‪ :‬وهذا النوع من المشاركة يرتبط بالمناسبات الظرفية ويتجسد من‬
‫خالل التصويت في االنتخابات أو عمليات االستفتاء الذي جري حول قضية أو موضوع‬
‫ما يهم الرأي العام‪ ،‬ويمتاز هذا النوع من المشاركة بطابعه المؤقت حيث يمثل الفئة‬
‫غيرالمؤطرة سياسيا‪.‬‬

‫‪ -1‬قنوات المشاركة السياسية‪:‬‬

‫‪ 453‬احسان محمد الحسن ‪ ،‬علم االجتماع السياسي ‪ ،‬المكتبة الوطنية ‪ ،‬جامعة الموصل ‪.٤٨٩١ ،‬‬

‫‪P 271‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫تتم المشاركة السياسية عبر عدة قنوات‪ ،‬وقد اختصر بعض علماء االجتماع والعلوم‬
‫السياسية ‪ 454‬أبرزها في ما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬االنتماء لألحزاب السياسية‪:‬‬

‫تشكل األحزاب السياسية أحد أهم مؤسسات المشاركة السياسية بل وتعتبر التجسيد‬
‫الفعلي للممارسة الديمقراطية‪ ،‬فكثيرا ما تم النظر للتعددية للحزبية كشرط للعملية‬
‫الديمقراطية ومقياسا لمدى نجاح التجربة الديمقراطية ألي لبد‪ ،‬وذلك لما تتيحه من حرية‬
‫االختيار للمواطن بين البرامج واألحزاب التي تعكس وجهة نظره حيال الشأن العام والموقف‬
‫منه‪ ،‬ويعتبر االنتماء للحزب سلوكا وعمال تطوعيا للفرد وإحدى الحريات العامة التي تكفلها‬
‫الدساتير في النظم الديمقراطية‪ ،‬حيث يسمح هذا االنتماء لألفراد بتوحيد أفكارهم وجهودهم‬
‫في شكل برامج ومشاريع سياسية يدافع عنها الحزب ويسعى لتطبيقها عند وصوله للسلطة‬
‫ويختلف مستوى مشاركة األفراد حسب رغبتهن وحماسهم فهناك المتعاطف مع الحزب‬
‫والمناضل فيه وهناك العضو الفاعل والقائد ‪ ،‬فيما يمثل الحزب اإلطار التنظيمي المالئم‬
‫لتأطير المشاركة السياسية وتفعيلها من خالل الربط بين المواطنين والسلطة‪ ،455‬وتعمل‬
‫األحزاب على حث المواطنين من أجل المشاركة السياسية خاصة في المواسم االنتخابية حيث‬
‫تقوم بتقديم المرشحين ورسم البرامج االنتخابية وهي بذلك تمثل إحدى أهم قنوات المشاركة‬
‫السياسية‪.‬‬

‫‪ -‬المشاركة عن طريق اإلعالم ووسائل التواصل اإلجتماعي‪:‬‬

‫بات اإلعالم وخاصة وسائل التواصل االجتماعي الحديثة إحدى قنوات المشاركة‬
‫السياسية المهمة‪ ،‬حيث أتاحت لألفراد خيارالتحررمن القيود التنظيمية وااللتزامات الحزبية‪،‬‬
‫فأصبحت وسيلة للتعبير عن المو اقف والمطالب و أداة ضغط على السلطة ذات تأثير كبير‬
‫بحكم سهولة استخدامها وكثرة المنخرطين فيها‪ ،‬ولقد شكلت األحداث التي عرفها العالم العربي‬
‫خالل العشرية األخيرة أو ما سمي بالربيع العربي دليال على قوة تأثير هذه الوسائل‪ ،‬حيث كانت‬

‫‪ 454‬فيليب برو‪ ،‬علم االجتماع السياسي‪ ،‬ترجمة محمد عرب‪ ،‬بيروت المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر ‪6992‬‬
‫ص ‪.211‬‬
‫‪ 455‬احسان محمد الحسن‪ ،‬علم االجتماع السياسي ‪ ،‬المكتبة الوطنية ‪ ،‬جامعة الموصل ‪ .٤٨٩١ ،‬مرجع سابق ص‬
‫‪.26‬‬

‫‪P 272‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫المنابر األكثر استخداما من لدن القوى السياسية والفعاليات المدنية والتنظيمات‬


‫االحتجاجية‪.‬‬

‫‪ -‬المشاركة عن طريق التصويت في االنتخابات‪:‬‬

‫يعتبر التصويت في االنتخابات أهم مظاهر المشاركة السياسة في النظام الديمقراطي‪،‬‬


‫حيث يرتك هذا التصويت بتجسيد إرادة الناخب الطي يختارممثليه في املجالس المنتهية أي أن‬
‫مشاركة الشعب تتم عن طريق اختيارممثيله‪ ،‬وبغض النظرعن اختالف األنظمة االنتخابية من‬
‫بلد آلخر فإن صوت المواطن في االنتخابات يبقى التعبير عن مشاركته السياسية والتالجمة‬
‫الفعلية لها ويجد هذا التعبيرقيمته أكثرفي األنظمة التي تحترم نتائج صناديق االقتراع وما تفرزه‪.‬‬

‫‪ -‬المشاركة عن طريق االستفتاء الشعبي‪:‬‬

‫تمثل المشاركة عن طريق في االستفتاء الشعبي إحدى اكثر انواع المشاركة تمكينا‬
‫للمواطنين من إبداء الرأي حول قضية ما تكون في الغالب ذات أهمية وطنية بالغة‪ ،‬وترتبط هذه‬
‫الممارسة بما يسمى الديمقراطية التمثيلية حيث يتاح لشعب ممارسة السلطة من خالل إبداء‬
‫رأيه‪ ، 456‬ويلجأ إلى تطبيق هذا التوع من المشاركة في األنظمة الديمقراطية التي تفضل قبل‬
‫تطبيق قانون أو اتخاذ إجراء محدد نيل المو افقة الشعبية عليه ‪ ،‬لذلك تعمد إلى إجراء‬
‫االستفتاء‪ ،‬على إن هذا األخير قد يكون مطلوبا دستوريا في بعض المسائل‪ ،‬وقد تكون السلطة‬
‫حرة في استعماله‪ ،‬ولعل من أبرز األمثلة التي يمكن استحضارها في هذا السياق هو ما قام به‬
‫الجنرال شارل ديغول سنة ‪ 5767‬عندما قام بطرح مشروع هو صاحبه لالستفتاء الشعبية بغية‬
‫التأكد من مدى التأييد الشعبي له‪ ،‬وحين لم ينل المشروع تصويب األغلبية قدم استقالته‪.‬‬

‫‪ .1‬التمثالت االجتماعية للشباب اتجاه األحزاب السياسية‬

‫بما أن موضوع المعالجة يتعلق أساسا بالمشاركة السياسية لدى فئة محددة من‬
‫املجتمع وهي الشباب‪ ،‬فإنه من األهمية بمكان بعد تأصيل المفاهيم الرئيسية( الشباب‬
‫والمشاركة السياسية) أن نبحث في جوهر التمثالت االجتماعية لهؤالء الشباب حيال الحياة‬
‫الحزبية وكيف يبنون تصوراتهم للحزب السياس ي باعتباره أحد أهم قنوات المشاركة السياسية‬

‫‪ 456‬طارق محمد عبد الوهاب‪ ،‬سيكولوجية المشاركة السياسية مع دراسة في علم النفس السياسي في البيئة العربية‪،‬‬
‫دار غريب للطباعة والنشر‪ ،‬القاهرة ‪ - 8111‬ص ‪688‬‬

‫‪P 273‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫‪ ،‬ذلك أن التمثالت االجتماعية ينبني عليها الجزء األكبر من حياة األفراد والجماعات‪ ،‬فهي‬
‫ترتبط بو اقعهم المعاش وبحياتهم اليومية وبتفاصيل الو اقع من حولهم بكل تجلياته‬
‫وتفاصليه‪.،‬‬

‫فالتمثالت توجهنا إلى الطريقة التي تحدد مختلف الجوانب التي تهم و اقع الحياة‬
‫اليومية‪ ،‬وتشير كذلك للكيفية التي نؤول من خاللها هذه الجوانب ونحكم عليها ونقيمها‪ ،‬وإذا‬
‫لزم األمراتخاذ موقف منها‪ ،457‬يقول مؤسس نظرية التمثالت االجتماعية موسكو فيتش ي ‪:‬‬

‫"التمثالت االجتماعية تشير إلى مجموعة من المفاهيم والبيانات واإليضاحات التي تبع‬
‫من الحياة اليومية‪ ،‬فهي تعادل األساطير ونسق القيم في املجتمعات التقليدية‪ ،‬بل يمكن عدها‬
‫بمثابة النسخة المعاصرة للحس المشترك"‪458.‬‬

‫و انطالقا إذا من هذه التصورات المرتبطة بالتمثالت االجتماعية وأهميتها كأداة لدراسة‬
‫المو اقف واالنطباعات لدى األفراد‪ ،‬نحاول رصد تمثالت الشباب حول األحزاب السياسية‪،‬‬
‫وكيف تساهم هذه التمثالت في بناء مو اقفهم من األحزاب ومن العملية السياسية بشكل عام‬
‫هل تشكل عامل جذب أم عنصرعزوف عن المشاركة؛‬

‫فالو اقع أن تمثالت الشباب الموريتاني هي مزيج متعارض ومتناقض أحيانا‪ ،‬ففي الوقت‬
‫الذي تبدي فئة كبيرة من هذا الشباب سخطا على األجيال السابقة وتتهمها بالهيمنة والسيطرة‬
‫و إقصاء الشباب بل والعمل على إبعادهم عن دو ائر القرار‪ ،‬ال تقدم هذه الفئة في ذات الوقت‬
‫رؤية بديلة أوتطرح قطيعة مع الممارسات محل االنتقاد‪ ،‬ولذلك نجدها تتشبث وتشيد في بعض‬
‫األحيان برموز حقب وفترات كانت تنتقدها‪ ،‬وحتى على مستوى العقلية والممارسات تبقى‬
‫األقرب إلعادة انتاج الماض ي منها للقطيعة وبصمات الجيل الجديد؛‬

‫لذلك فإن بعض الباحثين يرى انه يمكن الحديث عن مفهوم األجيال في أغلب املجاالت‬
‫باستثناء املجال السياس ي‪ ،‬حيث تغيب روح المبادرة والتجديد مقابل استمرارالنمط وتكراره؛‬

‫من هنا تبدأ أزمة المشاركة السياسية لدى الشباب‪ ،‬كنتيجة مباشرة لتمثالتهم اتجاه‬
‫األحزاب السياسية والسياسيين‪ ،‬حيث ينظرون لألحزاب الساسية في الغالب أنها كيانات‬

‫‪457‬‬ ‫‪- Denise jodlete ; représentations sociales :un domaine en expansion, : les‬‬
‫‪représentations sociales 7ém ed (paris :PUF,1989) p31‬‬
‫‪458 - Maurice Debesse, L’adolescence (paris :PUF 1979) p12‬‬

‫‪P 274‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫شخصية أو مشخصنة ترتبط بالزعيم الواحد الذي يحتكر كل نشاطات الحزب والسلكة فيه‪،‬‬
‫ومن الصعوبة بل النادرعزله أو تغييره إال بعد الوفاة‪ ،‬كما أن قوانين األحزاب ونصوصها تكرس‬
‫هذه الهيمنة من خالل جعل زعيم الحسم حاضرا وحاسما في كل الهيئات وصاحب القراراألخير‪،‬‬

‫وقد فرضت هذه الخصائص التنظيمية والسياسية التي تطغى على و اقع األحزاب‬
‫السياسية في البالد تهميشا و إقصاءا للشباب‪ ،‬وبالتاي لم يجدو ذواتهم فيها‪ ،‬مما جعل هذه‬
‫األحزاب تكرس قطيعة مع الشباب وتعيش دو ائرمغلقة في ظل غياب شبه تام للحراك السياس ي‬
‫الحزبي‪ ،‬ونتيجة لهذه الوضعية باتت األحزاب السياسية تعيش حالة جمود مما كون لدى‬
‫الشباب صورة سلبية اتجاهها‪ ،‬حيث ينظرون لها بأنها ال يمكن االعتماد عليه في خلق التغيير‬
‫وقيادته‪ ،‬وهذا ما يعطيهم المبررالكافي للعزوف عن اإلنتساب لها‪.‬‬

‫لقد عرفت موريتانيا التعددية الحزبية مع دستور ‪ 11‬يوليو ‪ 5775‬الذي كرس هذا‬
‫التعددية بعد سنوات من األحكام العسكرية وهيمنة الحزب الواحد بعد االستقالل‪ ،‬فبدأت‬
‫بأحزاب معدودة( الحزب الجمهوري‪ ،‬اتحاد القوى الديمقراطية ‪ ،‬التجمع من أجل الديمقراطية‬
‫والوحدة‪ ،‬االتحاد من أجل الديمقراطية والتقدم) لكنها ما لبثت أن قاربت المائة حزب ‪ ،‬وبدل‬
‫أن تقوي وتعززالتجربة الديمقراطية ساهمت في إضعافها ‪ ،‬فباتت التعددية تضعف تأثرالنخب‬
‫الحزبية بسبب حالة التشرذم واالنشقاق ‪ ،‬حيث بدى أن أغلب هذه األحزاب يتمركز حول‬
‫شخص رئيسه ويغلق التنافس في وجه بقية القادة والزعماء اآلخرين ما يضطرهم في النهاية إلى‬
‫االنشقاق وتأسيس أحزابهم الخاصة‪ ،‬وهذا الوضع يؤثركثيرا في تمثالت الشباب بصورة سلبية‪،‬‬
‫ففي النهاية من وجهة نظرهم تظل هذه األحزاب رغم تعددها تتشابه وتتطابق ‪ ،‬حين ال فرق‬
‫يرتبط بالمشاريع والبرامج‪ ،‬مما يؤثر في الممارسات السياسية للشباب ويجعل انتسابهم لهذه‬
‫األحزاب إن حصل اليتم عن قناعة وال يترتب عليه التزام و انضباط ‪،‬‬

‫وقد أظهرت دراسة ميدانية دراسة ميدانية لقياس نسبة المشاركة السياسية لدى‬
‫الشباب الموريتاني من خالل نموذج االنتخابات التشريعية والبلدية لسنة ‪ 1157‬االنتخابات‬
‫الرئاسية ‪ .1157‬قم بها الباحث و تم االعتماد فيها على أسلوب المقابلة وخاصة مع فئة الشباب‬
‫الجامعي في جامعة نواكشوط‪ ،‬حيث أجريت المقابلة مع ‪ 11‬شابا تم اختيارهم بشكل عشوائي‬
‫من أجل رصد و اقع مشاركة الشباب ومعرفة أسباب ضعفها أو قوتها‪ ،‬حيث كانت مقابالت‬
‫مفتوحة لكي تتيح مجال مناقشة حر وتفاعل أكثر مع الشباب بوصفه مجتمع الدراسة ‪ ،‬اظهرت‬

‫‪P 275‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫هذه الدراسة مدى عزوف الشباب وأحيانا سخطهم اتجاه الطبقة السياسية ‪ ،‬وقد لوحظ بأن‬
‫أغلبية من شملتهم المقابلة غير منتمين ألي حزب لعدة أسباب‪.‬‬

‫تقريبا نسبة غير المنتمين ‪ % 71‬فيما صرح ‪ % 51‬بانتمائهم الحزبي ‪.‬‬

‫تم تقييم المشاركة السياسية لهؤالء الشباب من خالل مدى انتسابهم لألحزاب بوصفها‬
‫قناة المشاركة الرئيسية وكذلك تسجيلهم في الالئحة االنتخابية وتصويتهم في آخر اقتراعين‬
‫عرفتهما البالد (االنتخابات الرئاسية ‪ 1157‬والبلدية والتشريعية ‪459)1157‬‬

‫لقد أعطت هذه المقابلة نتيجة أولية بارزة بشأن عزوف الشباب عن االنتماء األحزاب‬
‫حيث اتفق اغلبهم أن السبب األول لهذا العزوف هو عدم الثقة في هذه األحزاب التي ال تعبر في‬
‫رأيهم إال عن مصالح أصحابها‪...‬‬

‫وعوض االنخراط في األحزاب يفضل بعضهم أشكاال أخرى من المشاركة كاالحتاج (‪)%11‬‬
‫مقاطعة االنتخابات (‪)%11‬‬

‫النضال عير مو اقع التواصل االجتماعي ‪%51‬‬

‫التصويت في االنتخابات ‪%57‬‬

‫ويالحظ من خالل الرجوع إلى معلومات االنتخابات التشريعية والبلدية لسنة ‪ 1157‬ان‬
‫نسبة المشاركة لدى الفئة العمرية ‪11-57‬سنة لم تتجاوز ‪.%7‬‬

‫وبالتالي فإن تمثالت الشباب لهذه األحزاب تميل بشكل عام إلى تكريس نوع من التماهي‬
‫بين الحزب وقيادته‪ ،‬وتتلخص في موقفين أساسين‪:‬‬

‫‪ -‬انعدام الثقة‪:‬‬

‫إذ تكاد هذه الصورة تتكرر لدى معظم الشباب‪ ،‬حيث يبقى انعدام الثقة وغياب‬
‫المصداقية القاسم المشترك الذي يختزل صورة الحزب في أذهان هؤالء‪ ،‬فأغلب تصرفات قادة‬
‫األحزاب تهدف في النهاية لتحقيق مصالحهم الشخصية ومصالح مقربيهم‪ ،‬وبالتالي فإنه في نظر‬

‫‪ - 459‬دراسة ميدانية لقياس نسبة المشاركة السياسية لدى الشباب الموريتاني من خالل نموذج االنتخابات التشريعية‬
‫والبلدية لسنة ‪ 4949‬االنتخابات الرئاسية ‪ -4948‬إعداد الباحث محمد مولود ابنين‪.‬‬

‫‪P 276‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫هؤالء ال جدوى من المشاركة السياسية التي تتم عن طريق مثل هذه الكيانات‪ ،‬واالنتساب لها‬
‫عديم الجدوى وال أهيمة له في إحداث تغييرفعلي في السياسية و املجتمع‪,‬‬

‫‪ -‬االنخراط مقابل الخدمة‪:‬‬

‫تشكلت لدى غالبية الشباب صورة سلبية اتجاه األحزاب السياسية على النحو الذي‬
‫أشرنا له سابقا‪ ،‬ولكن هذه الصورة أدت في المقابل لظهورفئة من الشباب تتسم بالو اقعية أو‬
‫البرغماتية المبينة على حسابات عقالنية دقيقة ‪ ،‬حيث يربطون انتسابهم لهذه األحزاب بمقدار‬
‫الخدمات التي يمكنهم الحصول عليها منها‪ ،‬فهم يسعون من خاللها لتحقيق مصالحهم‬
‫الشخصية كربط العالقات بكبار المسوؤلين و إيجاد فرص توظيف أو تحقيق مصالح مالية‬
‫تجارية كالصفقات مثال‪,,,‬الخ‪ ،‬فيما يشبه االتفاق غيرالمعلن بيه هؤالء الشباب وهذه األحزاب‪,‬‬

‫ولذلك فإن الشباب في سياق هذه المقاربة يميزون بين األحزاب التي يمكن التعويل عليها‬
‫لتحقيق هذه األهداف وتلك التي ال يمكنها تقديم ش يء لهم؛‬

‫ويترتب على إعادة بناء تمثالت الشباب حول األحزاب السياسية القول بأن األمرال يتعلق‬
‫بغياب الوعي السياس ي لدى الشباب بقدر ما هو درجة من الوعي تعكس فهما لطبيعة هذه‬
‫األحزاب ‪ ،‬فالشباب يظهردائما وعيا عاليا بالقضايا التي تهمه وهوما يتجسد في الحضورالفاعل‬
‫من خالل عدة قنوات أخرى غيراألحزاب وكمنها الحركات االحتجاجية ومنظمات املجتمع المدني‬
‫ووسائل التواصل ا الجتماعي حيث يوظف كل هذه األدوات للتعبير عن ذاته وإعالن مو اقفه‬
‫حيال القضايا الكبرى والجوهرية للبالد‪.‬‬

‫‪ .1‬أسباب وعوامل عزوف الشباب عن االنخراط في األحزاب‪:‬‬

‫ينظر بعض الباحثين إلى االنتساب لألحزاب السياسية على انه أسمى تعبير عن درجة‬
‫المشاركة في أي نظام سياس ي‪ ،‬ومؤشر على مدى الوعي واالهتمام بالشأن العام‪ ،‬وبالرغم من‬
‫ذلك فإن انتساب الشباب الموريتاني لألحزاب السياسية ال يزال ضعيفا ومحدودا‪ ،‬وذلك‬
‫نتيجة لعدة أسباب وعوامل أبرزها‪:‬‬

‫‪ -‬ضعف أو انعدام الثقة في األحزاب؛‬

‫‪ -‬غياب الحراك الديمقراطي الداخلي(تجديد و انتخاب هيئات الحزب)‬

‫‪P 277‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫‪ -‬ضعف الوعي السياس ي لدى الشباب‬

‫‪ -‬انشغال الشباب بمشاكله الذاتية( البطالة‪ -‬التعليم‪ -‬التفكيرفي الهجرة‪..‬الخ)‬

‫‪ .1‬آليات تعزيزالمشاركة السياسية للشباب‪:‬‬

‫إذا كان المقصود بالمشاركة السياسية –كما تمت اإلشارة إليه فيما سبق‪ -‬هو مساهمة‬
‫الفرد الحرة والطوعية في الشأن العام‪ ،‬سواء كان ذلك بشكل منظم عبر مؤسسات وهياكل‬
‫المشاركة‪ ،‬او بشكل تلقائي مؤقت عبر وسيلة من وسائل المشاركة األخرى‪ ،‬من خالل إبداء‬
‫الرأي‪ ،‬فإن هذه المشاركة بشكل عام ال تزال ضعيفة لدى فئة الشباب ‪ ،‬مما يحتم اتخاذ‬
‫إجراءات محفزة لهذا المشاركة تضمن تمكين الشباب بشكل فعلي وخلق حافزمشاركة لديه‪،‬‬
‫ولعل من بين أهم هذه اإلجراءات والخطوات‪:‬‬

‫‪ -‬إعادة النظرفي طريقة التفكيربالسياسية‪ :‬فقد تجذرمع الوقت نمط من التفكيراتجاه‬


‫السياسة بشكل عام والعمل الحزبي بشكل خاص يسوده منطق التحصيل أو "الغنيمة" حتى‬
‫باتت صورة السياس ي أو رجل السياسة في أذهان العامة مرتبطة بالسعي للنفوذ وجمع الثروة ‪،‬‬
‫األمرالذي يوسع من دائرة عزوف الشباب عن المشاركة وينفرهم في العمل السياس ي‪ ،‬مما يحتم‬
‫إعادة تغيير نمط التفكير السياس ي حتى تستعيد األحزاب ثقتها كمنابر لتدبير الشأن العام‬
‫ومدارس للتكوين السياس ي ينال األشخاص فيها مو اقعهم وأدراهم حسب جهودكم وقدرتهم‬
‫السياسية والتعبوية والخطابية واإلقناعية‪ ،‬وليس بمنطق الزبونية والحظوة‪.‬‬

‫‪ -‬تكريس الديمقراطية الداخلية لألحزاب‪ :‬فمسالة الديمقراطية داخل األحزاب تعد هي‬
‫األخرى من عوامل العزوف عن المشاركة واإلنتماء لهذه األحزاب وخاصة لدى الفئات الشابة‬
‫التي باتت ترى في هذه األحزاب مجرد كيانات عائلية أو قبلية تخدم مصالح مجموعات ضيقة‪،‬‬
‫حيث تظل نفس الوجوه في قيادة وواجهة الحزب دون أن تتيح لعموم المنخرطين فرصة‬
‫المشاركة في اتخاذ القراروالتناوب على قيادة الحزب‪ ،‬ولذلك فإن تكريس الديمقراطية الداخية‬
‫في هذه األحزاب من خالل دمقرطة الحزب وتمكين منتسبيه من أخذ القرارات في إطارالنصوص‬
‫المنظمة له تشكل إحدى حو افرالمشاركة األساسية وتمكين الشباب‪.‬‬

‫‪ -‬تنمية الثقافة السياسية‪ :‬ذلك إن خلق ثقافة سياسية لدى الشباب من خالل التربية‬
‫على المواطنة من شانه أن يضمن في المستقبل مشاركة سياسية فاعلة‪ ،‬فال يمكن بناء نظام‬

‫‪P 272‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫سياس ي ديمقراطي دون تنمية الوعي السياس ي لدى المواطن وخاصة فئة الشباب التي تمثال‬
‫غالبية سكان البلد والطاقة الحية في املجتمع التي يقع عليها رهان المستقبل‪ ،‬وكلما زاد الوعي‬
‫السياس ي لدى الشباب كلما ارتفعت مشاركته السياسية‪.‬‬

‫خاتمة‪:‬‬

‫إذا كان الشباب الموريتاني يشكل غالبية سكان البالد‪ ،‬والوقود املحرك للعملية‬
‫السياسية فإن مشاركة وتمكين هذا الشباب بما يضمن له تصدر واجهة الفعل وتبوء مكانته‬
‫المستحقة في صنع القرار ال تزال ضعيفة‪ ،‬وترتبط بحاالت موسمية كالتسجيل على الالئحة‬
‫االنتخابية والتصويت لمرشحين في الغالب ليس بدافع النتماء السياس ي أو الحزبي‪ ،‬ولذلك تظل‬
‫هذه المشاركة رهينة إرادة جادة تخلق لها الظروف واألسباب الكفيلة بتحقيقها كدعامة‬
‫أساسية للنظام السياس ي وللتجربة الديمقراطية في البالد‪.‬‬

‫المراجع‪:‬‬

‫‪ .5‬الكتب‬

‫‪ -‬محمد األمين ولد سيدي باب‪ ،‬مظاهر المشاركة السياسية في موريتانيا‪ ،‬مركز دراسات‬
‫الوحدة العربية‪ ،‬يناير‪.1111‬‬

‫‪ -‬إبراهيم ابراش‪ ،‬علم االجتماع السياس ي‪ ،‬دارالشروق للنشروالتوزيع‪ ،‬القاهرة ‪.5777‬‬

‫‪ -‬الفحص ى المهدي‪ ،‬مدخل لدراسة العلوم السياسية‪ ،‬دارالنشروالتوزيع مكتبة العرفان‬


‫للنشروالتوزيع‪ ،‬مطبعة قرطبة أكادير‪.1157‬‬

‫‪ -‬ماجد محيي آل غزاي‪ ،‬المشاركة السياسية اآلليات والعوامل المؤثرة‪ ،‬دراسة نظرية‪،‬‬

‫‪ -‬احسان محمد الحسن‪ ،‬علم االجتماع السياس ي‪ ،‬المكتبة الوطنية‪ ،‬جامعة الموصل‪،‬‬
‫‪.٤٨٩١‬‬

‫‪ -‬برهان غليون‪ ،‬الديمقراطية وحقوق اإلنسان في الوطن العربي سلسلة كتب المستقبل‬
‫العربي (‪( ٤١‬مركزدراسات الوحدة العربية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط ‪٢ ٢ ،‬‬

‫‪P 277‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫‪ -‬طارق محمد عبد الوهاب‪ ،‬سيكولوجية المشاركة السياسية مع دراسة في علم النفس‬
‫السياس ي في البيئة العربية‪ ،‬دارغريب للطباعة والنشر‪ ،‬القاهرة ‪1111.‬‬

‫‪ .1‬املجالت‪:‬‬

‫شقير محمد‪ ،‬أصول الظاهرة الحزبية بالمغرب‪ ،‬املجلة المغربية لعلم االجتماع‪ ،‬العدد‬
‫‪.5771 ، 51 -55‬‬

‫‪-‬محمد مولود ابنين‪ ،‬دراسة ميدانية لقياس نسبة المشاركة السياسية لدى الشباب‬
‫الموريتاني من خالل نموذج االنتخابات التشريعية والبلدية لسنة ‪ 1157‬االنتخابات الرئاسية‬
‫‪.1157‬‬

‫‪ .1‬األطاريح والرسائل الجامعية ‪ -‬باليحا مروان‪" ،‬الشباب والمشاركة‪ :‬دراسة في محددات‬


‫االختيار بين االحتجاج والفعل السياس ي المؤسساتي"‪ ،‬أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في‬
‫القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية – جامعة ابن زهر ‪. 1157‬‬

‫‪ .1‬المراجع األجنبية‪:‬‬

‫? ‪- Michel Offerlé (Aout 2010) les partis politiques collection que sais- je‬‬
‫‪presses Universitaires de France 7éme édition.‬‬

‫‪- Denise jodlete ; représentations sociales :un domaine en expansion, : les‬‬


‫‪représentations sociales 7ém ed (paris :PUF,1989).‬‬

‫‪- Maurice Debesse, L’adolescence (paris :PUF 1979).‬‬

‫‪P 220‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫الانتقال العلماني وآثاره الاجتماعية‬


‫‪Secular transition and its social implications‬‬
‫مقدمة‪:‬‬

‫إذا كان مفهوم "العلمانية" كما أثبت عبد الوهاب لمسيري في تنقيبه وبحثه عن داللته‪،‬‬
‫قد تجاوزعبرعملية الترشيد المادي ‪ ،‬الذي عرفته كل مجاالت الحياة‪ ،‬الداللة على فصل الدين‬
‫عن الدولة إلى الداللة على مرجعية تفسيرية شاملة‪ ،‬تتميز بخضوع كل مجال من هذه املجاالت‬
‫للقوانين الكامنة فيه‪ ،‬وباستمداده مرجعيته من ذاته‪ ،‬وبانفصال كل تلك املجاالت عن‬
‫المنظومات الدينية واألخالقية‪ ،‬وعن الغائيات اإلنسانية‪ ،‬وأنها مرجعية متحركة في إطارمتتالية‬
‫من ثالثة مراحل هي التحديث‪ ،‬والحداثة‪ ،‬وما بعد الحداثة تؤول إلى انتقال من عالم متماسك‬
‫فيه معيارية إلى عالم مفكك بال معيارية ‪ ، 460‬فإن االنتقال العلماني بهذا المعنى يعني تفكيك‬
‫كل القيم األخالقية و الدينية وحتى الفلسفية اإلنسانية لصالح التحرر الذاتي المادي ‪ ،‬وهو ما‬
‫يؤكده "أنجلهارت " و"كريستيان ويلزل " في نموذجهما التصوري للتطوراالجتماعي الذي ربطاه‬
‫بالتحرر المادي ‪ ،461‬والمعرفي ‪ ،‬واالجتماعي ‪ ،‬مفترضين بذلك من هذا التحرر المتغير المتحكم‬

‫‪460‬عبد الوهاب لمسيري " الموسوعة اليهودية " المجالد الثاني ص ‪ 71 -77 -74‬دار لشروق عمان ‪ ،‬األردن ‪.‬‬
‫‪ 461‬جعللللل "رونالللللد انجلهللللارت " و"كريسللللتيان ولللللزل " فللللي كتابهمللللا المعنللللون "التحللللديث ‪ ،‬والتغيللللر الثقللللافي ‪ ،‬والديمقراطيللللة ‪،‬‬
‫سلللليرورة التنميللللة البشللللرية " " ‪Modernization, Cultural Change, and Democracy The Human‬‬
‫‪ " Development Sequence‬مللللن التحللللرر المللللادي بتحقيللللق األمللللن الوجللللودي المللللادي جللللذر السللللالل السللللببية فللللي تشللللكيل‬
‫األنظملللة الثقافيلللة واالجتماعيلللة ‪ ،‬وهلللو ملللا يلللدل عللللى ملللدى عملللق حضلللوراللداللة الشلللاملة لمفهلللوم العلمانيلللة ‪ -‬كملللا حلللددها المسللليري‪-‬‬
‫فللللي تصللللور "انجلهللللارت وولللللزل" ‪ ،‬خاصللللة وأن هللللذه الداللللللة عنللللد المسلللليري ‪ ،‬تستحضللللر رؤيللللة تطبيعيللللة وتحييديللللة لإلنسللللان ‪ ،‬إذ‬
‫تنظر إليه معرفيا ككائن طبيعي اقتصادي جنساني ممتد للطبيعة المادة ‪.‬‬
‫تعللللد نظريللللة تسلسللللل التنميللللة البشللللرية (‪ ، )HDS‬التللللي اقترحهللللا رونالللللد إنجلهللللارت وكريسللللتيان ويلللللزل ( ‪Inglehart and‬‬
‫‪ ، )Welzel 2005‬واحلللدة ملللن أبلللرز نظريلللات التحلللديث‪ ،‬والتلللي تلللنص عللللى أن التنميلللة االقتصلللادية والتغيلللرات فلللي القللليم الثقافيلللة‬
‫التحرريلللة والديمقراطيلللة مرتبطلللة ارتباطلللا وثيقلللا ‪ ،‬ويفترضلللان أن هلللذه العمليلللات اللللثالث تتبلللع اتجاهلللا سلللببيا مشلللتركا‪ ،‬حيلللث تلللوفر‬
‫المللللوارد االقتصللللادية وسللللائل التحللللرر‪ ،‬والتللللي بللللدورها تللللوفر الللللدافع لمؤسسللللات أكثللللر ديمقراطيللللة ‪ ،‬وبمللللرور الوقللللت تمررررر البلرررردان‬
‫بمرحلررة انتقاليرررة حيررث تتغيرررر قررريم مواطنيهررا مرررن عكررس الحاجرررة إلرررى البقرراء علرررى قيررد الحيررراة إلرررى الحاجررة إلرررى عرري حيررراة تقريرررر‬
‫المصررير‪ .‬وفللي نهايللة المطللاف‪ ،‬تتغيللر الطريقللة التللي يحكللم بهللا بلللد مللا لللتعكس هللذه القلليم التحرريللة ( ‪Inglehart and Welzel‬‬
‫‪.)2005; Welzel 2013‬‬
‫انظر ‪:‬‬

‫‪P 221‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫في إحداث التطورات االجتماعية سواء ما تعلق منها بالعالقات االجتماعية – السياسية‪ ،‬أو‬
‫‪462.‬‬ ‫الثقافية – املجتمعية‬

‫هكذا إذن تبرز إشكالية البحث في آثار االنتقال العلماني التحرري من عالم المنظومات‬
‫القيمية ذات المعيارية المتجاوزة للذات و الطبيعة ‪ ،‬أي األخالقية والدينية إلى عالم المرجعية‬
‫المعرفية ذات السيولة القيمية ‪ ،‬والتي يمكن صياغتها على النحو التالي ‪ :‬أي آثار لالنتقال‬
‫العلماني التحرري على النظام االجتماعي ؟ وألن النظام االجتماعي يعد نسقا عاما وشامال‬
‫ملجاالت متعددة ‪ ،‬فسيتم االقتصار على ثالثة مستويات ضمن هذا النظام نظرا لتضمنها في‬
‫الدراسة التي قدمها "فالنغان ولي" ‪ ،‬باعتبارها أرضية "أمبريقية " تسعف من خالل المعطيات‬
‫والخالصات التي أتت بها في إبرازآثارهذا االنتقال التحرري ‪.‬‬

‫وبناء على ما تقدم سيتم تناول اإلجابة عن هذه اإلشكالية بالتطرق بداية إلى تقييم مدى‬
‫الو اقعية األنطولوجية لهذا االنتقال العلماني ‪ ،‬من خالل تسليط الضوء على مدى تمايزقطبيه‬
‫القيميين ‪ ،‬قطب قيم السلطة ‪ ،‬وقطب قيم التحرر (املحور األول) ‪ ،‬ليتم االنتقال بعد ذلك إلى‬
‫رصد آثاراالنتقال بين هاذين القطبين على المستويات الثالثة للنظام االجتماعي (املحورالثاني)‪.‬‬

‫املحور األول‪ :‬التحقق الو اقعي لالنتقال القيمي العلماني بين قطبي قيم السلطة وقيم‬ ‫‪‬‬

‫التحرر‪.‬‬

‫تقدم الدراسة األمبريقية التي رصدا "فالنغان ولي "‪ 463‬فيها تأثيراالنتقال من التمركزحول‬
‫قيم السلطة ذات األساسين الديني و الحداثي العقالني نحو التمركز حول قيم التحرر و التعبير‬
‫عن الذات صورة عن اآلثار االجتماعية الناجمة عن هذا االنتقال العلماني ‪ ،‬وذلك على ثالث‬
‫مستويات اجتماعية هي ‪:‬‬

‫‪« Revising the Human Development Sequence Theory Using an Agent-Based Approach and‬‬
‫‪Data » Viktoria Spaiser and David J.T. Sumpter , School of Politics and International Studies,‬‬
‫‪University of Leeds, Social Science Building, Leeds, LS2 9JT, United Kingdom 2016 , p 1 .‬‬
‫‪ 462‬انظر ‪:‬‬
‫‪Ronald The Human Development Sequence Modernization, Cultural Change, and Democracy‬‬
‫‪Inglehart . Christian Welzel. Cambridge University Press Cambridge, New York, Melbourne,‬‬
‫‪Madrid, Cape Town, Singapore, São Paulo.‬‬

‫‪463‬‬
‫» ‪« The New Politics , Culture Wars, and The Authoritarian Libertarian Value Change‬‬
‫‪Scott C. Flanagan and Aie-Rie Lee Comparative Political Studies Vol. 36 No. 3, April 2003‬‬
‫‪235-270 Sage Publications.‬‬

‫‪P 222‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫مستوى ممارسة الفرد إرادته في عالقته بالسلطات االجتماعية والسياسية الذي يتحدد‬
‫االنتقال السابق فيه من هيمنة قيم االحترام والوالء للسلطة وللنظام‪ ،‬نحو قيم االستقاللية‪،‬‬
‫والحرية‪ ،‬والمشاركة الحازمة في أنشطة تحدي النخبة‪ ،‬والحق في عدم االمتثال للقواعد‬
‫االجتماعية والسلطات القانونية ‪ ،464‬وهو ما تمت اإلشارة إليه سابقا بالمستوى االجتماعي‬
‫الخارجي؛‬

‫مستوى عالقة األفراد باملجموعة وموقفهم من العادات والمعتقدات المتسقة ومن‬


‫األفكار الجديدة ‪ ،‬ومن فكرة الحقيقة المطلقة ‪ ،‬ومن املجموعات العرقية أو الدينية املختلفة‬
‫‪،‬ويتحدد االنتقال ضمن هذا المستوى من هيمنة قيم التو افق مع املجموعة‪ ،‬واالنغالق حول‬
‫العادات والمعتقدات المتسقة داخليا ‪ ،‬وعدم الثقة في األفكار الجديدة‪ ،‬وعدم التسامح مع‬
‫ومن املجموعات العرقية أو الدينية املختلفة ‪ ،‬مع اإليمان بالحقيقة المطلقة إلى قيم عدم‬
‫التو افق ‪ ،‬واالنفتاح على أنظمة معتقدات غير متكاملة‪ ،‬وعلى تعددية املجموعات ‪ ،‬واألفكار‪،‬‬
‫و أنماط الحياة املختلفة و التمحورحول اإلنسان ‪ ،‬واعتقاد نسبية الحقيقة ‪ ،‬و التصورات‬
‫المتغيرة وغير الراسخة حول النفس والو اقع‪ ، 465‬وهو ما تمت اإلشارة إليه سابقا بالمستوى‬
‫المعرفي الداخلي‪.‬‬

‫مستوى عالقة االفراد باآلخرين ومو اقفهم من الوالء وخدمة اآلخرين ومصالح املجموعة‬
‫والقواعد األخالقية‪ ،‬ويتحدد االنتقال ضمن هذا المستوى من إنكار الذات‪ ،‬وقوة الوالءات‬
‫الجماعية القوية‪ ،‬وخدمة اآلخرين‪ ،‬ووضع مصالح املجموعة قبل مصالح الفرد‪ ،‬وااللتزام‬
‫بالقواعد األخالقية الصارمة‪ ،‬إلى االنغماس في الذات‪ ،‬والبحث عن المتعة‪ ،‬وعن الحد األقص ى‬
‫من التنمية الشخصية‪ ،‬وضعف والءات املجموعة‪ ،‬ووضع مصالح المرء الخاصة قبل اآلخرين‬
‫‪ ،‬وهو ما تمت اإلشارة إليه سابقا بالمستوى العالئقي العاطفي ‪.‬‬

‫وضع "فالنغان ولي " جدوال يتضمن عشرين مؤشرا ميزا فيها بين قيم السلطة وقيم التحرر‬
‫ضمن األبعاد الثالثة السابقة ‪ ،‬حيث وضع مؤشرات ثمانية لتمثيل تقابل قيم الوالء مع قيم‬
‫االستقالل الذاتي الخاصة بالبعد الفرعي األول )‪.(D1‬‬

‫‪464‬‬
‫‪Adorno, Theodore W., Frenkel-Brunswik, E., Levinson, D. J., & Sanford, R. N. (1950). The‬‬
‫‪authoritarian personality. New York: Harper.‬‬
‫‪465‬‬
‫‪Rokeach, M. (1960). The open and closed mind. New York: Basic Books.‬‬

‫‪P 223‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫الجدول (‪)5‬‬

‫وهي احترام السلطة‪ ،‬والحفاظ على النظام ومكافحة الجريمة ‪ ،‬تعليم األطفال الطاعة واألخالق‬
‫الحميدة‪ ،‬وجوب اتباع تعليمات األعلى منزلة ‪ ،‬مقابل التشديد على حرية التعبير‪ ،‬والمزيد من‬
‫الرأي في الحكومة‪ ،‬وفي أمكنة العمل‪ ،‬وفي التجمعات‪ ،‬وتربية األطفال على االستقاللية‪ ،‬و‬
‫تفضيل مكان العمل بفرص استخدام المبادرة الخاصة‪466.‬‬

‫وبالنسبة للبعد الثاني)‪ ، (D1‬فقد تضمن ستة مؤشرات تقابل بين نظم المعتقدات‬
‫المغلقة والمتسقة ‪ ،‬مع نظم المعتقدات المفتوحة وغير المتكاملة ‪ ،‬وهي ‪ :‬اإليمان بأن (اإلله )‬

‫‪466‬‬
‫‪The New Politics , Culture Wars, and The Authoritarian Libertarian Value Change IDEM P‬‬
‫‪4.‬‬

‫‪P 224‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫حقيقي ومهم وشخص ي ‪ ،‬اإليمان بالخطيئة والجحيم والشيطان أي االعتقاد بأن هناك مبادئ‬
‫توجيهية واضحة تماما‪ ،‬فيما يتعلق بما هو خيروما هو شر‪ ، ،‬والحذرمن التغييرمقابل االعتقاد‬
‫بأن مفاهيم اإلله والشيطان غير واضحة أي االعتقاد بعدم وجود معايير مطلقة للخير ‪ ،‬والشر‬
‫‪ ،‬وأن كل ش يء نسبي ويعتمد على الظروف ‪ ،‬وتربية األطفال على الخيال ‪ ،‬واإليمان بأن األفكار‬
‫الجديدة دائما هي األفضل ‪.‬‬

‫وبالنسبة للبعد الثالث ( ‪ ) D1‬فتضمن ستة مؤشرات تقابل بين إنكار الذات و االنغماس‬
‫في الذات ‪ ،‬وهي ‪ :‬أهمية اإلخالص الزوجي‪ ،‬وأهمية محبة واحترام الوالدين ‪ ،‬وأولوية المصلحة‬
‫بكامل‬ ‫التمتع‬ ‫مقابل‬ ‫الخاصة‬ ‫المنفعة‬ ‫على‬ ‫العامة‬
‫الحرية الجنسية ‪ ،‬و تمتع اآلباء بحياتهم الخاصة وعدم التضحية برفاههم من أجل أطفالهم ‪،‬‬
‫و إيثارالمنفعة الخاصة على المصلحة العامة‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أن "فالنغان ولي" وضعا مقياسين للمؤشر الثالث من البعد الثالث‬
‫يتضمن المقياس األول فيها اختيارات ‪ -‬لتقيم مدى الشعور بإمكانية تبرير أنواع مختلفة من‬
‫السلوكات الفردية ‪ -‬متعلقة بسؤال إلى أي مدى ينبغي تقييد األفراد من ممارسة تفضيالتهم‬
‫الخاصة ‪ ،‬أو االنغماس في رغباتهم لحساب املجتمع أوغيره‪.‬‬

‫وقد رجح أن االنتقال القيمي سيكرس قبول السماح لألفراد بمزيد من االستقاللية‪،‬‬
‫وتبرير القيام بسلوكات مختلفة‪ ،‬حتى لو كانت غير قانونية أو ضارة باآلخرين ‪ ،‬كما رجح‬
‫االستعداد للتغاض ي عن اإلجراءات التي ال يوجد فيها ضحية عدا الدولة‪ ،‬أو املجتمع بشكل عام‬
‫‪ ،‬كإجراءات الغش في الضرائب‪ ،‬وتجنب أجرة وسائل النقل العام‪ ،‬والمطالبة بالمزايا‬
‫الحكومية التي ال يحق الحصول عليها‪ ،‬وقبول الرشوة‪ ،‬والتغاض ي عن القمامة‪ ،‬والشرب أثناء‬
‫القيادة‪.‬‬

‫أما المقياس الثاني‪ ،‬فيتضمن اختيارات – لتقييم "االنغماس في الذات على حساب‬
‫اآلخرين"‪ ،‬والتي يوجد فيها ضحية فردية ستعاني من بعض الخسائر الشخصية نتيجة لهذا‬
‫اإلجراء‪.‬‬

‫وقد رجح أن االنتقال القيمي سيكرس قبول تبرير الكذب ألجل المنفعة الخاصة‪،‬‬
‫والحفاظ على األموال التي تم العثور عليها ‪ ،‬وشراء ش يء معلوم أنه مسروق ‪ ،‬وعدم اإلبالغ عن‬

‫‪P 225‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫األضرار التي تم إلحاقها باآلخرين من سرقة السيارات ‪ ،‬وعن اللهو بركوب السيارات المسروقة‬
‫‪ ،‬وعن سرقة شؤون اآلخرين ‪ ،‬وعن الطالق‪ 467.‬وبالعودة إلى القيم املحصل عليها في الجدول‬
‫السابق‪ ،‬يتأكد تحقق االنتقال العلماني القيمي وفق ما تم ترجيحه من اتجاهات بين الذين تم‬
‫تصنيفهم ضمن قطب السلطة‪ ،‬والذيم صنفوا ضمن قطب التحرر ؛ حيث أتت جميع قيم‬
‫األوزان املحصل عليها في االتجاه المتوقع ‪ ،‬فقد تراوح متوسط الوزن على العناصرالعشرين من‬
‫مستوى منخفض بلغ ‪ 1.111‬لبريطانيا إلى مستوى مرتفع بلغ ‪ 1.167‬في ألمانيا الغربية‪.‬‬

‫وكان متوسط األوزان لكل دولة في جميع الدول االثنتي عشرة هو ‪ ،1.111‬كما تم إجراء‬
‫تحليل العوامل لعينة واحدة مجمعة من جميع المستجيبين من جميع الدول االثنتي عشرة‪،‬‬
‫وكان متوسط عامل الوزن للعينة املجمعة ‪ ،1.151‬كما تم إنشاء مقياس بعد التسلط ‪ /‬التحرر‬
‫كمقياس مضاف بسيط عبر هذه العناصر العشرين‪ ،‬وبالنسبة لجميع العناصر‪ ،‬تم ترميز‬
‫االستجابة التحررية على أنها النهاية العليا لتوزيع االستجابة ألغراض إنشاء المقياس‪.‬‬

‫املحورالثاني ‪ :‬نتائج دراسة "فالنغان ولي " حول االنتقال العلماني القيمي‬

‫سيتم عرض النتائج المتوصل إليها من قبل "فالنغان ولي " في دراستهما آلثار االنتقال‬
‫العلماني التحرري ‪ ،‬التي انطلقا فيها من المقارنة بين عينتين مختلفتين من األفراد ‪ ،‬عينة‬
‫المدافعين عن قيم السلطة ‪ ،‬وعينة التحررين أو المدافعين عن القيم التحررية ‪ ،‬ليتم تصنيف‬
‫تلك النتائج وفق المستويات االجتماعية الثالث في خالصة تركيبية موضحة آلثار االنتقال‬
‫العلماني التحرري االجتماعية ‪.‬‬

‫النتيجة األولى ‪ :‬ارتفاع االغتراب النفس ي‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫يقدم الجدول (‪ )1‬في دراسة "فالنغان ولي "‪ ،‬اآلثار النفسية الناجمة عن االنتقال‬
‫العلماني القيمي نحو التحرر وقيم التعبير عن الذات حيث يرصد العالقة بين القيم التحررية‬
‫ومؤشرات (موقفية ) أربعة للرضا ‪ ،‬و خمسة أخرى لالغتراب ‪ ،468‬وقد أتت النتائج مؤكدة على‬
‫ُ‬
‫عكس ما افترض حصوله مع االنتقال العلماني التحرري ‪ ،‬إذ كان من المفترض أن يزيد التحرر‬
‫من الشعور بالسعادة في جميع جوانب حياة المتحررين ‪ ،‬لكن العالمات السلبية في كل‬

‫‪467‬‬
‫‪The New Politics , Culture Wars, and The Authoritarian Libertarian Value Change IDEM p‬‬
‫‪8‬‬
‫‪468‬‬
‫‪The New Politics , Culture Wars, and The Authoritarian Libertarian Value Change IDEM p‬‬
‫‪4‬‬

‫‪P 226‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫المؤشرات الفردية األربعة للرضا وفي المؤشر المشترك أيضا ضمن الجدول والخاصة بكل‬
‫الدول باستثناء النمسا تؤكد أن هذا االفتراض عكس ي تماما ‪.‬‬

‫الجدول (‪)1‬‬

‫عالقة المتغيرات النفسية بمكون القيم‬

‫ففي دول من أصل اثنتي عشرة دولة كما هو مبين في الجدول ترتبط سلبا القيم التحررية‬
‫بالرضا عن الحياة ‪ ،‬وكذلك ترتبط سلبا بالرضا الوظيفي والمالي في ثمانية دول من أصل اثنتي‬
‫عشرة دولة‪ ،‬و أيضا بالرضا عن الحياة المنزلية في احدى عشرة دولة من أصل اثنتي عشرة دولة‪.‬‬

‫وما يمكن استخالصه من هذه النتائج هيمنة القيم التحررية تحدث اغترابا نفسيا لدى‬
‫األفراد ‪ ،‬يتجسد في ارتفاع معدالت عدم الرضا لدى المتحررين ‪ ،‬وفي المقابل تحدث هيمنة‬
‫القيم األخالقية الدينية رضا نفسيا لدى المؤمنين بتلك القيم ‪ ،‬وهو ما أكده "انجلهارت" نفسه‬
‫اعتمادا على دراسته لتقارير(‪" )WVS‬رابطة مسح القيم العالمية" لسنة ‪ ،469 5775‬حيث‬
‫كشف عن ترابط مهم بين الرضا عن الحياة ككل ‪ ،‬وحضور الكنيسة ‪ ،‬ومستشهدا على نفس‬
‫النتيجة بدراسات أجريت من ‪ 5761‬حتى أو ائل ‪ ، 5771‬والتي أثبتت أن من يحضرون الكنيسة‬
‫بانتظام ‪ ،‬أو يتمسكون ببعض المعتقدات الدينية هم أكثر سعادة من أولئك الذين ال يفعلون‬
‫ذلك‪.‬‬

‫‪469‬‬
‫‪Inglehart Ronald 1990. Culture Shift in Advanced Industrial Societies. Princeton: Princeton‬‬
‫)‪University Press., pp. 227-229‬‬

‫‪P 227‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫وقد وجدت دراسات حديثة أن اإليمان الديني ال يرتبط فقط بمستويات أعلى من‬
‫السعادة‪ ،‬ولكن بشعور أكبر بالتكامل املجتمعي‪ ،‬مع صحة بدنية وعقلية أفضل‪ ،‬وأجهزة مناعة‬
‫أقوى‪ ،‬وطول عمر أكبر‪470 .‬‬

‫النتيجة الثانية ‪ :‬االنفتاح على التعددية العرقية والثقافية واالغتراب الوطني‬ ‫‪‬‬

‫يؤكده الجدول (‪ 471 )1‬في دراسة "فالنغان ولي " دائما في الجزء المعنون باالغتراب من‬
‫خالل القيم المثبتة به أن األفراد التحررين أقل اغترابا ‪ ،‬أوأكثرتسامحا مع املجموعات املختلفة‬
‫عرقا ودينا ‪ ،‬وكذلك هم مع أنماط الحياة أو السلوك املختلفة عن أنماط حياتهم و سلوكهم ‪.‬‬

‫التحرريون‪ ،‬إذن‪ ،‬أكثر انفتاحا على تعددية الثقافات و أنماط الحياة ‪ ،‬إذ هناك عالقات‬
‫إيجابية كبيرة بين القيم التحررية والتسامح في جميع الدول االثنتي عشرة‪ ،‬مع متوسط ارتباط‬
‫بنسبة ‪ 1.11‬موزعة على تلك الدول ‪ ،‬ومتوسط ارتباط للدول مجتمعة بنسبة ‪.1.15‬‬

‫وفيما يتعلق الشعورباالنتماء الوطني فمقياس الوطنية (‪ )patriotism‬الذي ُيعنى بقياس‬


‫درجة اعتزاز الفرد بوطنه‪ ،‬واستعداده للتضحية من أجله ‪ ،‬فبيانات الجدول السابق (‪ )1‬تبين‬
‫أن مستويات الوطنية‪ ،‬وفقا لهذا التعريف‪ ،‬مرتفعة نسبتها في "ألمانيا" و"إسبانيا"‪ ،‬ومنخفضة‬
‫في "الواليات المتحدة"‪ ،‬وهو ما يدل على أن عدم ثقة التحرريين في السلطة يؤثر على شعورهم‬
‫الوطني بقوة في دول ما بعد الفاشية‪472.‬‬

‫‪Gallup, George, Gallup Jr., George, & Lindsay, Michael. (2000). Surveying the religious landscape:‬‬
‫‪Trends in U.S. beliefs. Harrisburg, PA: Morehouse.‬‬
‫‪Koening, Harold G. (1999). The healing power of faith: Science explores medicine’s last great frontier.‬‬
‫‪New York: Simon & Schuster.‬‬
‫‪472‬‬
‫‪The New Politics , IDEM 12‬‬

‫‪P 222‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫وبشكل عام‪ ،‬فمتوسط العالقة بين القيم التحررية والوطنية موزعة على الدول االثنتي‬
‫عشرة موزعة بلغ ‪ ، 1.11‬وفي العينة مجتمعة بلغ ‪ ،1.16‬ما يعني أن القيم التحررية تضعف‬
‫الشعورالوطني ‪ ،‬وأنها ترفع من مستوى هذا هذا النوع من االغتراب‪.‬‬

‫وما يمكن ق وله على سبيل االستخالص التركيبي بين نتائج المعطيات السابقة سواء ما‬
‫تعلق منها بعالقة قيم التحررباالغتراب النفس ي ‪ ،‬أو باالنفتاح على التعددية وباالغتراب الوطني ‪،‬‬
‫إن االنتقال نحو القيم التحررية يرفع من االغتراب النفس ي‪ ،‬بإضعافه الشعور بالرضا عن‬
‫الحياة‪ ،‬والرضا الوظيفي والمالي والرضا عن الحياة المنزلية‪ ،‬قياسا إلى الشعوربالرضا عن هذه‬
‫المناحي بين معتنقي القيم األخالقية الدينية‪ ،‬كما يؤدي هذا االنتقال من جهة أخرى إلى إضعاف‬
‫الشعور باالنتماء الوطني‪ ،‬أما على المستوى املجتمعي المرتبط بعالقة األفراد باملجموعات‬
‫املختلفة عرقيا أو ثقافيا ‪ ،‬أو ذوات أنماط الحياة املختفة فيتميزبقوة االنفتاح والقبول‪ ،‬إال أنه‬
‫تجدر اإلشارة إلى أن قوة هذا االنفتاح ال قوة التماسك بين مجموعات النسيج االجتماعي ‪ ،‬بل‬
‫على العكس الرتباطه بتآكل هذا التماسك كما اثتب ذلك "بونتام " في دراسته لتطورالرأسمال‬
‫االجتماعي في "الواليات المتحدة األمريكية" ابتداء من ستينيات القرن العشرين ‪.‬‬

‫إن لهذه النتائج انعكاسا على عالقة األفراد التحررين بالمؤسسات املجتمعية‬
‫والحكومية‪ ،‬وبقضايا الصراع الثقافي‪ ،‬وتغير أنماط المشاركة المهيمنة‪ ،‬سيتم تناولها فيما‬
‫سيأتي‪.‬‬

‫النتيجة الثالثة‪ :‬االغتراب المؤسساتي‬ ‫‪‬‬

‫ثمة نتائج أخرى تؤكد ارتفاع مستويات ارتياب األفراد في المؤسسات االجتماعية و‬
‫السياسية (الحكومية ) ‪ ،‬نتيجة هذا االنتقال العلماني التحرري ‪ ،‬وهوما أثبتته دراسة "فالنغان‬
‫ولي"‪ ،‬مع مقياس الثقة في مؤسسات مجتمعية هي ‪ :‬خمس الكنيسة ‪ ،‬والشركات الكبرى ‪،‬‬
‫والنظام التعليمي ‪ ،‬والصحافة ‪ ،‬والنقابات ‪ ،‬حيث أظهرت نتائجه أن ألغلبية التحرريين ثقة‬
‫ضئيلة ‪ ،‬أو معدومة في هذه المؤسسات‪ ،‬باستثناء النظام التعليمي‪.‬‬

‫فبالنسبة للكنيسة أعرب ‪ ٪97‬من التحرريين في هذا المقياس عن ثقة ضئيلة‪ ،‬أو معدومة‬
‫فيها مقارنة ب ‪ ٪11‬فقط من الذين صنفهم "فالنغان ولي " مدافعين عن السلطة ‪ ،‬وأرجع كل‬
‫منهما هذه النتيجة إلى أن معظم التحرريين يعتبرون األخالق التقليدية التي تتبناها الكنيسة‬

‫‪P 227‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫مقيدة للغاية‪ ،‬ومتجاوزة‪ ،‬وتتعارض مع سعيهم لتحقيق الذات‪ ،‬وأن الجماعات الدينية املختلفة‬
‫مصدر لالنقسام‪ ،‬والصراع على الصعيدين الوطني والدولي‪ ،‬حيث تتمسك بعناد باملجتمعات‬
‫وتحاول فرض مختلف العقائد والمطلقات التي يعتبرها التحرريون مجرد افتراءات للعقل‬
‫البشري‪.‬‬

‫وبالنسبة لمؤسسات الصحافة واإلعالم التلفزي فالنتائج جاءت غير بديهية إلى حد ما‪،‬‬
‫حيث يشير"فالنغان " إلى تقارب مستويات الثقة في هذه المؤسسات بين التحرريين و المدافعين‬
‫عن السلطة ‪ ،‬لكنه يشيرإلى رأي هذه املجموعة األخيرة حول التحيزالتحرري اللبرالي الذي تعرفه‬
‫هذه المؤسسات ويسوق بعض األدلة الداعمة لهذا الرأي ‪ ،‬منها أن لدى النخبة اإلعالمية‬
‫مع ‪ 117‬صحفيا في أكثر‬ ‫مقابالت "ليشتر وروثمان"‪473‬‬ ‫مو اقف ال تمثل عامة السكان؟ فنتائج‬
‫وسائل اإلعالم تأثيرا في أمريكا‪ ،‬أثبتت أن ‪ ٪57‬فقط من الصحفيين شعروا بأن المشاكل البيئية‬
‫مبالغ فيها‪ ،‬و‪ ٪71‬منهم يؤمنون بحق المرأة في اإلجهاض‪ ،‬و‪ ٪79‬يرون أن الحكومة ال ينبغي أن‬
‫تنظم الجنس‪ ،‬و‪ ٪11‬فقط يرون أن المثلية الجنسية خاطئة‪ ،‬و‪ ٪51‬فقط يرون أن المثليين‬
‫جنسيا ال ينبغي أن يدرسوا في المدارس العامة ‪ ،‬وبالتالي فهذه الردود – في رأي "فالنغان ولي " ‪-‬‬
‫تبين أن النخبة اإلعالمية تحمل قيما تحررية قوية ال تمثل المو اقف الوسيطة للسكان ككل ‪.‬‬

‫ومنها مدى انعكاس هذا التحيز في محتوى تقاريرالنخبة اإلعالمية حيث يرى أن األدلة‬
‫بشأن اإلبالغ عن الحمالت االنتخابية وتقاريرها مختلطة‪ ،‬ويبقى من المشكوك فيه أن يظهر‬
‫تحيز حزبي واضح باستمرار في التقارير اإليجابية والسلبية للمرشحين ‪ ،‬لكن ومع ذلك‪ ،‬ففيما‬
‫يخص القضايا السياسية الجديدة‪ ،‬يعتقد احتمال التحيز بالنظر إلى أن المو اقف اليسارية‬
‫الجديدة غالبا ما تعتبر هي المو اقف الصحيحة سياسيا‪ ،‬وأن الصحفيين قد يعتبرون أنفسهم‬
‫مدافعين عن الحق في الخيارات المستقلة ملختلف الجماعات والمصالح ‪.474‬‬

‫وبالنسبة للمؤسسة الوحيدة التي يظهر فيها التحرريون ثقة أكبر من المدافعين عن‬
‫السلطة وهي (االتحادات النقابية)‪ ،‬ففي الو اقع‪ ،‬عند النظر إلى النسب المئوية الفعلية‪ ،‬ال‬
‫يتعلق األمر بارتفاع ثقة التحرريين في النقابات‪ ،‬بل إن المدافعين عن السلطة ال يثقون في‬

‫‪473‬‬
‫‪Lichter, S. Robert, Rothman, Stanley, & Lichter, Linda S. (1986). The media elite:‬‬
‫‪new power brokers. Bethesda, MD: Adler & Adler. America’s‬‬
‫‪474‬‬
‫‪Norris, Pippa. (Ed.). (1999). Critical Citizens: Global Support for‬‬
‫‪Oxford University Press. DemocraticGovernment.NY:‬‬

‫‪P 270‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫النقابات‪ ،‬ف ‪ ٪17‬من التحرريين لديهم ثقة ضئيلة أو معدومة في النقابات‪ ،‬أقل قليال من‬
‫متوسطهم العام ‪ ،‬لكن ‪ ٪66‬من السلطويين ال يثقون في النقابات‪ ،‬لذا فإن الفرق الرئيس ي هنا‬
‫يكمن في أن السلطويين يرون أن النقابات تخل بالنظام االجتماعي ‪.‬‬

‫وكما هو مبين في الجدول (‪ )1‬فقد جاء متوسط العالقات المتبادلة‪ ،‬والمشتركة عبر‬
‫الدول بين القيم وعدم الثقة المؤسسية املجتمعية متراوحا بين نسبتي ‪ 1.19‬و ‪ 1.15‬عبر هذه‬
‫المؤسسات املجتمعية الخمس ‪ ،‬و أبلغ ‪ ٪61‬من التحرريين عن ثقة ضئيلة أو معدومة مقارنة ب‬
‫‪ ٪11‬فقط من المدافعين عن السلطة ‪.‬‬

‫وما يمكن استخالصه من المعطيات السابق اتجاه األفراد نحو تبني القيم التحررية‬
‫يضعف شعور الثقة لديهم في المؤسسات املجتمعية كالكنيسة ‪ ،‬المؤسسات اإلعالمية ‪ ،‬و‬
‫االتحادات النقابية ‪.‬‬

‫ويزداد هذا التوجه قوة حيث تصبح االختالفات بين السلطويين والتحرريين أكثر حدة‬
‫عند االنتقال إلى المؤسسات الحكومية‪ ،‬ويؤكد ذلك نتائج المقياس المعتمد في تلك الدراسة‬
‫الذي شمل خمس مؤسسات حكومية هي البرلمان ‪ ،‬والخدمة المدنية‪ ،‬والنظام القانوني ‪،‬‬
‫والشرطة ‪ ،‬والقوات المسلحة‪475 .‬‬

‫وعلى ضوء هذه البيانات المضمنة في الجدول ‪ ،‬يتضح أن صنف التحررين أضعف ثقة‬
‫في جميع المؤسسات سواء املجتمعية ‪ ،‬أو الحكومية ‪ ،‬وفي هذا السياق يرى "فالنغان و لي " أن‬
‫هذا الوضع من عدم ثقة التحرريين في جميع المؤسسات ‪ ،‬تقريبا ‪ ،‬ال يمثل فقط انعكاسا لعدم‬
‫ثقتهم في السلطة ‪ ،‬ولكن أيضا لشعورهم بفقدان االستقاللية في مواجهة المؤسسات الكبيرة‬
‫املجهولة الهوية ‪ ،‬فما يهدد ممارسة استقاللهم التحرري الذاتي ‪ ،‬وال يمكنهم السيطرة عليه‪ ،‬ال‬
‫يثقون به‪.‬‬

‫إنهم ال يعتقدون إمكانية الوثوق بالمؤسسات الكبيرة لتعزيز مصالحهم الشخصية‪ ،‬بل‬
‫يعتقدون رجحان أن تتصرف بطرق من شأنها أن تضر بحريتهم ‪ ،‬أو بيئتهم أو أمنهم المالي أو‬
‫سالمتهم ‪ ،‬وهكذا بدا أن التلوث وسالمة المنتجات وجشع الشركات أصبحت قضايا رئيسية ‪،‬‬

‫‪475‬للحصول على البيانات المستخدمة في دراسة "فالنغان ولي " يمكن الرجوع إلى‪:‬‬
‫‪Measuring and Comparing Values in 16 Countries of the Western World‬‬
‫‪https://www.gesis.org/angebot/daten-finden-und-abrufen/european-values-study‬‬

‫‪P 271‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫مع ظهور ظاهرة جديدة نسبيا تتمثل في المظاهرات ضد المنظمات الدولية والشركات الكبرى‬
‫‪476.‬‬

‫النتيجة الرابعة ‪ :‬هيمنة القيم التحررية على قضايا اليسارالجديد‬

‫يؤدي االنتقال العلماني إلى تبني التحررين قضايا يسارجديد ضمن دائرة الصراع الثقافي‬
‫‪ ،‬تعكس رؤاهم المعرفية لقضايا األخالق‪ ،‬وحقوق اإلنسان‪ ،‬ونوعية الحياة‪ ،‬وقضايا تحدي‬
‫النخبة‪.‬‬

‫ويرجع ذك إلى سببين هما ‪ :‬تناقص الفائدة الحدية لقضايا السياسة القديمة ‪ ،‬وتبني‬
‫رؤية ما بعد حداثية ورفاه منفتح على تعددية وجهات النظر العالمية وعلى القيم التحررية‪،‬‬
‫والضغط من أجل الحرية في تبني أنماط حياة جديدة‪ ،‬و اتخاذ أنواع جديدة من الخيارات‬
‫الشخصية ‪477.‬‬

‫و يؤكد الجدول (‪ )1‬في دراسة " فالنغان ولي " ارتباط قضايا اليسار الجديد بالقيم‬
‫التحررية ‪ ،‬فبالنسبة ل‪:‬‬

‫القيم التحررية وقضايا األخالق‬

‫‪ 476‬فالواليات المتحدة‪ ،‬على سبيل المثال‪ ،‬شهدت في صيف عام ‪ 4999‬أعمال الشغب ضد منظمة التجارة العالمية في سياتل والمظاهرات‬
‫ضد الشركات الكبرى في المؤتمر الديمقراطي في "لوس أنجلوس" ‪.‬‬
‫‪ 477‬تمظهرت في دعوات إضفاء الشرعية على المخدرات ‪ ،‬والجنس الحر ‪ ،‬واإلجهاض ‪ ،‬والطالق بدون موجب أو سبب ‪ ،‬وتحرير‬
‫القيود المفروضة على المواد اإلباحية ‪ ،‬و وتخليص حرية التعبير من أي نوع من الرقابة ‪ ،‬وتحرير المرأة ‪ ،‬وحقوق األقليات ‪ ،‬وحماية‬
‫البيئة ‪ ،‬والسالم العالمي وحكومة عالمية واحدة ‪ ،‬وفصل الكنيسة عن الدولة ‪ ،‬وإخراج التربية األخالقية من المدارس‪.‬‬
‫انظر ‪:‬‬
‫‪The New Politics , Culture Wars, and The Authoritarian Libertarian Value Change IDEM p 17‬‬

‫‪P 272‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫تتأكد العالقة بين االنتقال العلماني و انفصال قيمه التحررية عن المبادئ األخالقية‬
‫الصريحة والمطلقة‪ ،‬واعتبار األخالق مجرد مسألة تفضيل شخص ي ‪ ،‬ويؤكد ذلك االنقسام‬
‫الحاد بين التحررين والمدافعين عن حول قضايا "اإلجهاض"‪ ،‬و"القتل الرحيم‪ /‬االنتحار"‪،‬‬
‫و"تعاطي املخدرات"‪ ،‬و"الدعارة" و"المثلية الجنسية"‪ ،‬و"القيم األسرية البديلة ‪ ،"478‬وهو ما‬
‫تؤكده معطيات الجدول (‪ )1‬في كون االنتقال العلماني التحرري يتجه نحو تعزيز الدفاع ودعم‬
‫القضايا الالأخالقية في وجه القضايا األخالقية ‪.‬‬

‫القيم التحررية و قضايا حقوق اإلنسان‬

‫تؤكد معطيات الجدول نفسه على أن التحرريين‪ ،‬بفعل ارتفاع مستوى تسامحهم أو‬
‫"المباالتهم « ‪ ،‬و انفصالهم عن القيم التقليدية‪ ،‬وتأكيدهم على أهمية وحق كل فرد في السعي‬
‫إلى تحقيق الذات بالكامل‪ ،‬حتى في التضحية باآلخرين‪ ،‬مؤيدون بشكل أقوى بكثير لحقوق المرأة‬
‫واألقليات وفق هذا التصورمقارنة بالسلطويين ‪ ،‬الذين ليسوا بالضرورة معادين لحقوق المرأة‬
‫واألقليات‪ ،‬لكنهم بالتأكيد ال يذهبون إلى مدى ما يفعله التحرريون بشأن هذه القضايا‪.479‬‬

‫القيم التحررية و قضايا نوعية الحياة‬

‫تؤكد معطيات الجدول (‪ ) 1‬أن التحرريين أكثر استعدادا لقبول ضرائب أعلى لمنع‬
‫التلوث‪ ،‬والتبرع بالمال طواعية للقضايا البيئية ‪ ،‬ويعزو "فالنغان ولي " ذلك إلى أن التحرريين‬
‫يعتقدون أن النظام البيئي اإليكولوجي ظهر من خالل التطور وبالتالي فهو موجود في حالة هشة‬

‫‪ 478‬اسررتند تقيرريم قضرررية "القرريم األسرررية البديلررة " إلررى مؤشررررين‪ ،‬أحرردهما يسررأل عررن الشررعور برررأن الررزواج مؤسسررة عفررا عليهرررا‬
‫الرررزمن‪ ،‬والثررراني يسرررأل عمرررا إذا كررران مرررن الصرررواب للمررررأة أن تخترررار إنجررراب أطفرررال خرررارج إطرررار الرررزواج‪ ،‬ودون عالقرررة مسرررتقرة‬
‫مع أي رجل‪ ،‬ومن المرجح أن يؤيد التحرريون البدائل التي تختلف اختالفا جذريا عن األسرة التقليدية‪.‬‬
‫‪479‬‬
‫‪The New Politics , Culture Wars, and The Authoritarian Libertarian Value Change IDEM p‬‬
‫‪22.‬‬

‫‪P 273‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫من االعتماد المتبادل ‪ ،‬وأن اإلنسان بتدخله في هذا التوازن البيئي الدقيق يهدد من خالل‬
‫ممارساته االستغاللية‪ ،‬بتدمير الظروف التي تجعل الحياة ممكنة‪.‬‬

‫القيم التحررية و قضايا التغييرالسياس ي (تحدي النخبة)‬

‫يستخلص "فالنغان ولي " من معطيات الجدول السابق أن التحررين يدافعون عن‬
‫الحاجة إلى تغييرات جذرية كبيرة‪ ،‬وعن تبرير العنف السياس ي ‪480‬الذي يصل إلى المدى الذي ال‬
‫ينظر فيها إلى أي سلطة على أنها شرعية ‪ ،‬وإلى النظر إلى عدم االمتثال ‪ ،‬وحتى إلى العنف‬
‫الفوضوي ‪.‬‬

‫على أنهما ليسا مشاكل خطيرة‪ ،‬وهو ما يعني أن القيم التحررية تعمل على تبرير تفكيك‬
‫مؤسسات السلطة و األعمال الفوضوية ‪.‬‬

‫خالصة‪:‬‬

‫تأكيدا على ما تم االنطالق منه من كون دراسة "فالنغان ولي " ترصد تأثير االنتقال من‬
‫التمركز حول قيم السلطة ذات األساسين الديني و العلماني العقالني نحو التمركز حول قيم‬
‫التحرر و التعبير عن الذات على ثالث مستويات اجتماعية ‪ ،‬فإن هذه الخالصة سيتم تصنيف‬
‫النتائج المقدمة سابقا وفق هذه المستويات الثالثة ‪ ،‬فما تم تأكيده من حصول االغتراب‬
‫النفس ي و عدم الثقة في المؤسسات االجتماعية و السياسية ‪ ،‬وتفضيل خيارات التغييرات‬
‫الجذرية ‪ ،‬وتبريرعدم االمتثال للقواعد االجتماعية والسلطات القانونية وتبريرالعنف السياس ي‬
‫األعمال الفوضوية تندرج ضمن آثار المستوى االجتماعي الخارجي ‪ ،‬أما تم تأكيده من التمركز‬
‫حول انفصال القيم التحررية واألفكار الجديدة عن المبادئ األخالقية الصريحة والمطلقة‬
‫والتحررمن العادات والمعتقدات المتسقة ‪ ،‬واعتبار األخالق مجرد مسألة تفضيل شخص ي من‬
‫باملجموعة ‪ ،‬مع التأكيد على قيم عدم التو افق‪ ،‬واالنفتاح على أنظمة معتقدات غير متكاملة ‪،‬‬
‫وعلى تعددية املجموعات‪ ،‬واألفكار‪ ،‬و أنماط الحياة املختلفة والتمحور حول اإلنسان ‪ ،‬واعتقاد‬
‫نسبية الحقيقة‪ ،‬و التصورات المتغيرة وغير الراسخة حول النفس والو اقع فتندرج ضمن آثار‬
‫المستوى االجتماعي الداخلي ‪ ،‬وبالنسبة لما تم تأكيده من تمركز حول البحث عن تحقيق‬

‫‪ 480‬يتكرررون معيرررار العنرررف مرررن مؤشررررين‪ ،‬ويوضرررح أن التحررررريين أكثرررر اسرررتعدادا مرررن السرررلطويين لتبريرررر القترررال مرررع الشررررطة‬
‫واالغتيال السياسي‪.‬‬

‫‪P 274‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫المصالح الشخصية و إيثار المنفعة الذاتية على المصلحة العامة ‪ ،‬وضعف الوالء الوطني‬
‫االنغماس في الذات‪ ،‬والبحث عن المتعة‪ ،‬وعن الحد األقص ى من التنمية الشخصية‪ ،‬وضعف‬
‫والءات املجموعة‪ ،‬ووضع مصالح المرء الخاصة قبل اآلخرين ‪ ،‬وهو ما تمت اإلشارة إليه سابقا‬
‫بالمستوى العالئقي العاطفي ‪ ،‬فيندرج ضمن آثارالمستوى العالئقي العاطفي‪.‬‬

‫هكذا إذن يبدو التأثير السلبي لحركة االنتقال العلماني على تلك المستويات االجتماعية‬
‫الثالث‪ ،‬ومدى تأثير املحددات المعرفية التي انبنى عليها التصور المعرفي لنموذج هذا االنتقال‪،‬‬
‫وهو ما يدعو إلى إعادة النظر في هذه املحددات‪ ،‬خاصة وأن ثمة ما ِيؤكد اآلثار اإليجابية‬
‫للمحددات المعرفية ذات األصول المعرفية األخالقية و الدينية كما سبقت اإلشارة ‪.‬‬

‫المراجع‬

‫‪ )5‬عبد الوهاب لمسيري " موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية " الجزء الثاني دارلشروق‬
‫عمان‪ ،‬األردن ‪ ،‬الطبعة األولى ‪.5777‬‬

‫)‪1‬‬ ‫‪Revising the Human Development Sequence Theory Using an‬‬


‫‪Agent-Based Approach and Data » Viktoria Spaiser and David J.T. Sumpter,‬‬
‫‪School of Politics and International Studies, University of Leeds, Social Science‬‬
‫‪Building, Leeds, LS2 9JT, United Kingdom 2016.‬‬

‫)‪2‬‬ ‫‪Modernization, Cultural Change, and Democracy The Human‬‬


‫‪Development Sequence RONALD INGLEHART . CHRISTIAN WELZEL‬‬
‫‪CAMBRIDGE UNIVERSITY PRESS Cambridge, New York, Melbourne, Madrid,‬‬
‫‪Cape Town, Singapore, São Paulo‬‬

‫)‪3‬‬ ‫‪Mark, Noah P. 2002. “Cultural Transmission, Disproportionate‬‬


‫‪Prior Exposure, and the Evolution of Cooperation.” American Sociological Review‬‬
‫‪67: 323–44.‬‬

‫‪https://www.jstor.org/stable/3593079‬‬

‫‪P 275‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

4) Adorno, Theodore W., Frenkel-Brunswik, E., Levinson, D. J., &


Sanford, R. N. (1950). The authoritarian personality. New York: Harper.

5) Rokeach, M. (1960). The open and closed mind. New York: Basic
Books.

http://garfield.library.upenn.edu/classics1979/A1979HJ26700001.pdf

6) Inglehart Ronald 1990. Culture Shift in Advanced Industrial


Societies. Princeton: Princeton University Press. (1990, pp. 227-229)

7) Gallup, George, Gallup Jr., George, & Lindsay, Michael. (2000).


Surveying the religious landscape: Trends in U.S. beliefs. Harrisburg, PA:
Morehouse.

8) Koening, Harold G. (1999). The healing power of faith: Science


explores medicine’s last great frontier. New York: Simon & Schuster.

9) Lichter, S. Robert, Rothman, Stanley, & Lichter, Linda S. (1986). The


media elite: America’s new power brokers. Bethesda, MD: Adler & Adler.

10) Norris, Pippa. (Ed.). (1999). Critical Citizens: Global Support for
Democratic Government.NY: Oxford University Press.

11) Measuring and Comparing Values in 16 Countries of the Western


World.https://www.gesis.org/angebot/daten-finden-und-abrufen/european-
values-study

P 276 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫دعوى المسؤولية الممكن رفعها ضد المحافظ‬


‫على الأملاك العقارية‬
‫‪A liability lawsuit can be filed against the governor of real estate‬‬
‫مقدمة‪:‬‬

‫يخضع املحافظ على األمالك العقارية باعتباره موظفا عموميا لجميع المقتضيات‬
‫القانونية والتنظيمية والمهنية التي توجبها ممارسة الوظيفة العمومية‪ ،481‬كما يتحمل‬
‫مسؤولية جنائية تخضع لنظام قانوني وقضائي مستقل بقواعد (مطلب ثان)‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫تحمله مسؤولية مدنية وهي تعتبرمسؤولية تقصيرية تجد سندها في الخطأ المنهي الناتج عن عدم‬
‫القيام بااللتزامات المعروضة عليه قانونا‪ ،‬والتي تؤدي إلى إلحاق أضرار بالغير (مطلب اول)‬
‫باإلضافة أيضا إلى مسؤوليته المالية (مطلب ثالث)‪.‬‬

‫المطلب االول‪ :‬دعوى المسؤولية المدنية ضد املحافظ على األمالك العقارية‬

‫بالرجوع إلى مقتضيات الفصل ‪ 61‬من ظهير االلتزامات والعقود نجده يتطرق لمسؤولية‬
‫املحافظة العقاري عن األخطاء التي يتسبب فيها‪ ،‬بحيث بعدما قرر مبدأ عدم إمكانية إقامة أي‬
‫دعوى مدنية ضد قرار محافظ‪ ،‬أكد في الفقرة األخيرة على مراعاة تطبيق القواعد الخاصة‬
‫بمسؤولية الدولة وموظفيها كما هو منصوص عليها في الفصول ‪ 97‬و‪ 71‬من ظهير االلتزامات‬
‫والعقود‪.‬‬

‫‪ -481‬محمد الحياني‪ :‬المسؤولية في نظام التحفيظ العقاري المغربي‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مؤسسة النخلة للكتاب‪،‬‬
‫وجدة‪ ،4002 ،‬ص ‪.000‬‬

‫‪P 277‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫لكن ما دامت مسؤولية املحافظ على األمالك العقارية ال يمكن أن تكون إال عن اإلخالل‬
‫بااللتزام المنهي‪ 482‬فهل يمكن القول بأن مسؤوليته تقصيريه أم أنها مسؤولية من نوع خاص؟‪483‬‬

‫فقرة اولى‪ :‬متابعة املحافظ في إطاردعوى المسؤولية التقصيرية‬

‫إن املحافظ على األمالك العقارية عندما يرتكب خطأ في التحفيظ العقاري نتيجة‬
‫استعماله وسائل تدليسيه‪ ،‬يمكن أن تتم متابعته في إطار المبادئ العامة للمسؤولية‬
‫التقصيرية‪ ،484‬ويتعين على من يدعي تضرره‪ ،‬إذا كان في نيته الحصول على التعويض عن الضرر‬
‫أن يوفرحجتين‪:‬‬

‫‪ -5‬حجة توفره على حق تملك أو نوع آخر من الحقوق العينية التي كانت على العقار‬
‫لمصلحته‪ ،‬والتي لم تنتف إال بسبب عمليه التحفيظ‪ .‬وفي هذا اإلطار يمكن اإلشارة‬
‫إلى أن محكمة االستئناف بالرباط في قرارها بتاريخ ‪ 5711/51/51‬أقرت على أنه يمكن‬
‫للمحكمة التي تعرض عليها دعوى في الموضوع هدفه البحث عن حقوق كل طرف على‬
‫العقارالذي ادعى بأنه حفظ بطريقة غيرقانونية‪485‬؛‬

‫‪ -1‬حجه ارتكاب تدليس من طرف املحافظ او المستفيد‪.‬‬

‫وقد ذهب أحد الباحثين‪ 486‬إلى القول بأن التدليس المنصوص عليه في الفصل ‪ 61‬من‬
‫ظهيرالتحفيظ يجب أخذه بمفهومه العام كو اقعه ترتب عنها ضررمقصود‪ ،‬وهواالتجاه الغالب‬
‫لدى الفقه القانوني واالجتهاد القضائي الذي يفسر مفهوم التدليس بصفة عامة‪ .‬بحيث يكفي‬
‫أن يكون المستفيد من التحفيظ ذو نية سيئة‪ ،‬حتى يثبت تدليسه وال حاجه للقيام بمناورات‬
‫تدليسية‪ ،‬كما هو الشأن في الميدان التعاقدي‪ .‬وبذلك يفسر التدليس الوارد في الفصل ‪61‬‬

‫‪ -482‬عبد االله مرابط‪ :‬إلغاء مطلب التحفيظ لعدم متابعة المسطرة‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص‪،‬‬
‫كلية الحقوق‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬الرباط‪ ،4002/4002 ،‬ص ‪.004‬‬
‫‪ -483‬عبد الحفيظ أبو الصبر‪ :‬مسؤولية المحافظ على األمالك العقارية والرهون بالمغرب‪ ،0991/0994 ،‬ص ‪.22‬‬
‫‪ -484‬عمر موسى‪ :‬الدعاوى الكيدية أثناء مسطرة التحفيظ العقاري‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص‪،‬‬
‫كلية الحقوق‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬الرباط‪ ،4002/4002 ،‬ص ‪.000‬‬
‫‪ -485‬قرار محكمة االستئناف بتاريخ ‪ ،0912/00/01‬أورده بول ديكر‪ ،‬القانون العقاري المغربي‪ ،‬الطبعة الثانية‪،0922 ،‬‬
‫الرباط‪ ،‬ص ‪.010‬‬
‫‪ -486‬محمد بن الحاج السلمي‪ ،‬سياسة التحفيظ العقاري بالمغرب بين اإلشهار العقاري والتحفيظ االجتماعي‪ ،‬رسالة لنيل‬
‫دبلوم الدراسات العليا‪ ،‬المدرسة الوطنية لإلدارة‪ ،‬سنة ‪ ،0921/0922‬ص‪.012‬‬

‫‪P 272‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫حسب المفهوم العام بالفعل المتعمد الذي يلحق الضرر‪ .‬إال أن المطالبة بالتعويض نتيجة‬
‫التدليس تتقادم بمرور خمس سنوات ابتداء من اليوم الذي يعلم فيه المدلس عليه بوقوع‬
‫التحفيظ أو التدليس‪ .‬أو بعشرين سنة ابتداء من تاريخ اتخاذ قرارالتحفيظ‪.‬‬

‫فقرة ثانية‪ :‬مدى إعمال دعوى اإلثراء بال سبب في مواجهة املحافظ على األمالك العقارية‬

‫إن اإلثراء بال سبب هو و اقعة تقوم على انتقال قيمة مالية من ذمة إلى أخرى‪ ،‬دون أن‬
‫يكون لهذا االنتقال سبب قانوني يرتكزعليه كمصدرله‪ .487‬وكما هو معلوم‪ ،‬تقوم دعوى اإلثراء‬
‫بال سبب على ثالثة أركان‪ :‬إثراء المدين‪ ،‬افتقار الدائن المترتب على اإلثراء‪ ،‬و انعدام السبب‬
‫القانوني لإلثراء‪488.‬‬

‫فهل يحق للمضرور عالوة على حقة في تحريك دعوى المسؤولية اإلدارية الموجهة ضد‬
‫الدولة‪ ،‬أو الدعوى الموجهة ضد املحافظ على األمالك العقارية‪ ،‬اللجوء إلى دعوى اإلثراء بال‬
‫سبب ضد الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية؟‬

‫ذهب أحد الباحثين إلى أن السبب القانوني لإلثراء يمكن أن يتمثل أيضا في قراريصدرمن‬
‫جهة اإلدارة‪ ،489‬وفي هذا الصدد أعطت محكمة النقض الفرنسية للمتضررمن التحفيظ الحق‬
‫في إقامة دعوى مرتكزة على نظرية اإلثراء بال سبب‪ 490‬والمنظمة بمقتض ى الفصل ‪ 66‬من ظهير‬
‫االلتزامات والعقود‪.‬‬

‫إال أن تعويض المتضررمن التحفيظ العقاري عن طريق االعتراف لفائدته بدعوى اإلثراء‬
‫بال سبب ليس حال ناجعا‪ ،‬وذلك راجع لكون هذه الدعوى ال تستعمل في كل حاالت التدليس‬
‫باعتبار أن شروطها ليست محددة بكيفية واضحة‪ ،‬فهي عبارة عن طعن ال يستعمل إال بعد‬
‫استنفاذ طافة الطعون المنصوص عليها في الفصل ‪ 61‬من ظهيرالتحفيظ العقاري‪ ،‬مما يترتب‬
‫عليه تضييع الوقت وكذا تحمل المعني مصاريف كثيرة‪.‬‬

‫‪-487‬عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المدني‪ ،‬نظرية االلتزام بوجه عام‪ ،‬مصادر االلتزام‪ ،‬دار إحياء التراث‬
‫العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ص‪.004‬‬
‫‪ -488‬عبد القادر لشقر‪ ،‬محاضرات في قانون التحفيظ العقاري‪ ،‬ورقة الترقيم‪ ،‬السنة ‪ ،4001/4002‬ص‪.22‬‬
‫‪ -489‬عبد اإلله لمرابط‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.002‬‬
‫‪ -490‬قرار بتاريخ ‪ 00‬نونبر ‪ ،0922‬مجموعة لما وراء البحار ‪ ،0924‬ص‪ ،042‬أورده‪ :‬محمد الحاج السلمي‪ ،‬مرجع‬
‫سابق‪ ،‬ص‪.012‬‬

‫‪P 277‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫وفي حالة ما إذا سلمنا بأحقية المضرور في تحريك دعوى اإلثراء بال سبب‪ ،‬فمن هم‬
‫األشخاص المستفيدون من ذلك؟‬

‫في هذا الصدد ذهب أحد الباحثين إلى القول بأنه ما دمنا نتحدث عن ضحايا التحفيظ‪،‬‬
‫بأن أطراف مسطرة التحفيظ العقاري يحق لهم رفع هذه الدعوى ضد الوكالة الوطنية‬
‫للمحافظة العقارية التي اغتنت على حسابهم بغض النظر عن النوع االعتناء‪491.‬‬

‫لكن إذا كانت دعوى اإلثراء بال سبب مطالبة مشروعة من جانب أطراف مسطرة‬
‫التحفيظ أو التقييد‪ ،‬فإن وجه الصعوبة الذي يطرح ويحول دون انتصار المتضرر في دعواه‪،‬‬
‫تتمثل في كون القرار الوزيري المتعلق بتعيين نظام إدارة املحافظة على األمالك العقارية تعتبر‬
‫رسوما مستخلصة حقوق مكتسبه لخزينه الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية‪492.‬‬

‫لكن هذا ال ينفي مشروعية وأحقية أطراف مسطرة التحفيظ في المطالبة باسترداد‬
‫الرسوم المستخلصة على اعتبار أنها دفعت للمحافظة العقارية‪ ،‬ألجل قيام هذه األخيرة‬
‫باإلجراءات الالزمة إلجراءات التحفيظ والتقييد‪ ،‬حسب ما أكدت عليه دوريات املحافظة‬
‫العقارية‪ 493‬حيث كرست حق المتضررفي استرداد الرسوم في حالتين‪:‬‬

‫‪ ‬األولى تتعلق بدفع غير؛‬

‫‪ ‬والثانية تتعلق بعدم قيام محافظ العقاري باإلجراءات المطلوبة كال او بعضا‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬المسؤولية الجنائية للمحافظ على األمالك العقارية‬

‫يخضع املحافظ العقاري لألحكام القانونية المنظمة للمسؤولية الجنائية التي تطبق على‬
‫مختلف موظفي وأعوان الدولة في حالة متابعتهم جنائيا من طرف القضاء أو في حالة ارتكابهم‬
‫ألخطاء أو مخالفات ذات طابع منهي‪ ،‬بحيث يتعرض املحافظ للتوقيف أو النقل أو إعادة الترتيب‬
‫من مهام املحافظ إلى إطارعادي أو العزل عند االقتضاء‪.‬‬

‫‪ -491‬عبد اإلله لمرابط‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.002‬‬


‫‪ -492‬أنظر الفصل ‪ 22‬من القرار الوزيري الصادر بتاريخ ‪ 02‬يونيو ‪.0902‬‬
‫‪ -493‬الدورية رقم ‪ 42‬بتاريخ ‪ 02‬يناير ‪ ،0941‬صادرة عن رئيس مصلحة المحافظة العقارية‪.‬‬

‫‪P 300‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫فقرة اولى‪ :‬باعتباره املحافظ على األمالك العقارية‬

‫‪ ‬جريمة التزويرفي املحررات الرسمية‪:‬‬

‫ينص الفصل ‪ 511‬من القانون العقاري رقم ‪ 51.19‬في قسمه الثالث الذي جعله المشرع‬
‫للعقوبات‪" :‬تطبيق أحكام القانون الجنائي على من‪:‬‬

‫‪ -5‬يقوم عن علم وبقصد ربح غير مشروع لشخص آخر‪ ،‬بتزوير أو تزييف أو تحريف‬
‫الرسوم العقارية أونظائرها أوالقوائم أوالشهادات التي سلمها املحافظ على األمالك‬
‫العقارية‪ ،‬طبقا لهذا القانون يستعمل مستندات مزورة أو مزيفة أو محرفة على‬
‫الكيفية المذكورة؛‬

‫‪ -1‬يقترف زورا في املحررات المقدمة بقصد التقييد أو التشطيب‪ ،‬إما بتزييف أو تحريف‬
‫كتابات أو توقيعات‪ ،‬وإما بخلق أشخاص وهميين أو باصطناع اتفاقات أو تصرفات أو‬
‫إبراءات أو إدراج ذلك في تلك السندات بعد تحريرها‪ ،‬بإضافة أو تزييف شروط أو‬
‫تصريحات أو وقائع كان غرض تلك املحررات أو تثبتها‪.‬‬

‫ونظم المشرع جريمة التزوير في املحررات الرسمية في الفرع الثالث من الباب السادس‬
‫تحت عنوان‪ :‬التزوير والتزييف واالنتحال من القانون الجنائي‪ ،‬حيث عرف التزوير في الفصل‬
‫‪ 115‬منه بـ‪" :‬تزويراألوراق هو تغييرالحقيقة فيها بسوء نية‪ ،‬تغييرا من شأنه أن يسبب ضررا متى‬
‫وقع في محرر بإحدى الوسائل المنصوص عليها في القانون"‪ .‬كما ينص الفصل ‪ 111‬من نفس‬
‫القانون بالمعاقبة بالسجن المؤبد كل قاض أو موظف عمومي وكل موثق أو عدل ارتكب أثناء‬
‫قيامه بوظيفته تزويرا بإحدى الوسائل اآلتية‪:‬‬

‫‪ ‬وضع توقيعات مزورة؛‬

‫‪ ‬تغييراملحررأو الكتابة أو التوقيع‪...‬‬

‫ونظرا للظروف العصيبة التي يشتغل فيها املحافظ على األمالك العقارية على صعيد‬
‫جميع املحافظات في ظل تزايد القضايا المعروضة عليه‪ ،‬بصفته موظفا عموميا قد تحمله على‬
‫السقوط في فخ التزوير والتحايل ألجل السطو على ملك الغير‪ .‬وغالبا ما يتم الزج بالمسؤولية‬
‫الجنائية للمحافظ العقاري عندما تثار قضية على ملك الغير بداعي قيامه أثناء تحريره الورقة‬

‫‪P 301‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫الرسمية في إطارمزاولته لوظيفته بتغييرجوهرها أوبإحداث في ظروف تحريرها‪ ،‬وذلك إما بكتابة‬
‫اتفاقيات تخالف ما رسمه أو أماله األطراف المعنيون أو بإثبات صحة وثائق يعلم أنها غير‬
‫صحيحه‪494.‬‬

‫فقرة ثانية‪ :‬باعتباره موظفا عموميا‬

‫‪ ‬جريمة االختالس‪:‬‬

‫ال ينازع أحد في جريمة االختالس التي يرتكبها الموظف العام ويكون موضوعها أموال‬
‫موجودة في حيازته بمقتض ى وظيفته أو بسببها‪ ،‬حيث يستوي في هذا أن تكون تلك األموال عامة‬
‫أو خاصة أو موكولة ألحد األفراد‪ ،‬ويعلل هذا التجريم أيضا أن فعل الموظف العمومي هنا‬
‫ينطوي على خيانة األمانة العامة التي حملتها الدولة إليه والثقة التي وضعتها فيه حينما عهدت‬
‫إليه لحيازة المال لحسابها‪495.‬‬

‫ينص الفصالن ‪ 115‬و‪ 111‬من ق‪.‬ج على جريمة االختالس بحيث يعاقب بالسجن من‬
‫خمسة إلى عشرين سنة وبغرامة مالية من خمسة آالف إلى مئة ألف درهم كل قاض أو مفوض‬
‫عمومي بدد أواختلس أواحتجزبدون حق أوأخفى أمواال عامة أوخاصة أوسندات تقوم مقامها‬
‫أو حججا أو عقودا أو منقوالت موضوعة تحت يده بمقتض ى وظيفته أو بسببها‪.‬‬

‫‪ ‬جريمة الرشوة‪:‬‬

‫تباينت التعاريف الفقهية للرشوة‪ ،‬وتكاد تتفق هذه التعاريف على العناصر األساسية‬
‫المكونة لجريمة الرشوة‪ ،‬حيث عرفها البعض بأنها‪" :‬اتجارالموظف العام في أعمال وظيفته أو‬
‫امتناعه عنها"‪ ،496‬وعرفها البعض أيضا بأنها‪" :‬اتجارالموظف العام بوظيفته أو استغاللها بأن‬
‫يطلب أو يقبل أو يحصل على عطية أو وعد بها ألداء عمل من أعمال وظيفته أو االمتناع عنه أو‬
‫اإلخالل بواجباته"‪497.‬‬

‫‪ -494‬هشام البصري‪ :‬المسؤولية الجنائية‪ ،‬دراسة مكامن الخلل في الحماية العقارية‪ ،‬مقال منشور بجريدة الصباح‪ ،‬عدد‬
‫‪.9242‬‬
‫‪ -495‬نورالدين العمراني‪ :‬شرح القانون الجنائي الخاص‪ ،‬ص‪.22‬‬
‫‪ -496‬محمود نجب حسني‪ :‬قانون العقوبات‪-‬القسم الخاص‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬سنة ‪ ،0990‬القاهرة‪ ،‬ص‪.02‬‬
‫‪ -497‬محمد زكي أبو عامر‪ :‬القانون الجنائي –القسم الخاص‪ ،-‬الدارالبيضاء‪ ،0911 ،‬ص‪.120‬‬

‫‪P 302‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫وقد صدر قرار ملحكمة النقض في هذا اإلطار يعتبر الرشوة هي ضبط الموظف متلبسا‬
‫بمبلغ لم يستطع لسبب تحصله عليه من طرف الغير‪ ،‬يقيم جنحة االرتشاء في حقه مقابل‬
‫امتناعه عن القيام بعمل يدخل في إطار وظيفته‪498.‬‬

‫‪ ‬جريمة استغالل النفوذ‪:‬‬

‫جرم المشرع استغالل النفوذ في الفصل ‪ 111‬من ق‪.‬ج حيث جاء فيه‪" :‬يعد مرتكبا‬
‫لجريمة استغالل النفوذ ويعاقب بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات وبغرامة من خمسة آالف‬
‫درهم إلى مئة ألف درهم من طلب أو قبل عرضا أو وعدا أو تسلم هبة أو هدية أو أي فائدة أخرى‪،‬‬
‫من أجل تمكين شخص أو محاولة تمكينه من الحصول على وسام أو رتبة شرفية أو مكافأة أو‬
‫مركزا أو وظيفة أو خدمة أو أية مزية أخرى تمنحها السلطة العمومية بصفته أو أي ربح ناتج عن‬
‫اتفاق يعقد مع سلطة عمومية أو مع إدارة موضوعة تحت إشر افها‪ .‬وبصفة عامة الحصول‬
‫على قرارلصالحه من تلك السلطة أو اإلدارة مستغال بذلك نفوذه الحقيقي أو المفترض وإذا كان‬
‫الجاني قاضيا أوموظفا عموميا أومتوليا مركزا نيابيا فإن العقوبة ترتفع إلى الضعف ألن جريمة‬
‫استغالل النفوذ تهدم أهم مبدأ دستوري أال وهو مبدأ المساواة بين المواطنين أمام المر افق‬
‫العامة للدولة"‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬مسؤولية املحافظ على األمالك العقارية المالية‬

‫يلعب نظام التحفيظ العقاري دورا كبيرا في ضبط الملكية العقارية وسائر الحقوق‬
‫العينية‪ ،‬وفي تطوير المشاريع االقتصادية واالجتماعية من خالل ما يوفره من أمن وما يشكله‬
‫من ضمانة أساسية ال غنى عنها الستقرار المعامالت ونموها في ظل الحماية القانونية‪499.‬‬

‫ولتحقيق ذلك يجب إخضاعه لمسطرة خاصة تستهدف تحقيق عنصرين أساسيين هما‪:‬‬

‫‪ ‬استكشاف أنواع التملك الالمشروع وخاصة الترامي غيرالقانوني على ملك الغير؛‬

‫‪ -498‬قرار محكمة النقض عدد ‪ 0/210‬المؤرخ في ‪ ،4002/2/00‬ملف جنحي عدد ‪ ،4002/2102‬الغرفة الجنائية‪.‬‬
‫‪ -499‬عبد الخالق أحمدون‪ ،‬نظام التحفيظ العقاري بالمغرب بين النظرية والتطبيق‪-‬دراسة في االجتهاد القضائي واإلداري‪،‬‬
‫مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدارالبيضاء‪ ،4040 ،‬ص ‪.02‬‬

‫‪P 303‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫وتتميز هذه المسطرة بطابعها‬ ‫إهدارها‪500‬‬ ‫‪ ‬منع إغفال الحقوق المشروعة لتفادي‬
‫الوقائي‪ ،‬حيث تعمل على تطهير العقار من الحقوق العالقة به والمشكوك في صحتها‬
‫ويهدف نظام التحفيظ العقاري إلى إعطاء كل عقاررسما عقاريا خاصا به وهورسم نهائي‬
‫غير قابل للطعن فيه‪ ،‬ولو تم تأسيسه ً‬
‫بناء على غش أو تدليس‪ ،‬وبالتالي فإن الشخص‬
‫المستفيد من عملية التحفيظ والذي صدر الرسم العقاري باسمه يعتبر هو المالك‬
‫القانوني للعقار املحفظ‪ 501‬الش يء الذي يؤدي إلى ضياع المرتفقين وال يبقى لألطراف‬
‫المتضررة سوى المطالبة بالتعويض المادي عن حقوقهم المتضررة من جراء‬
‫التحفيظ‪ ،‬وهو ما ذهبت إليه محكمة النقض في قرار لها تحت عدد ‪ 1334‬والصادر في‬
‫‪ 1111/1/11‬حيث جاء فيه "‪502‬كل حق عيني عقار لم يسجل في الرسم العقاري يعتبر‬
‫غيرموجود‪".‬‬

‫ومن ثم فإن مسطرة التحفيظ قد تعترضها عدة إكراهات وصعوبات في مختلف مراحلها‪.‬‬

‫ففيها يخص طلب التحفيظ فإن اإلشكال الرئيس ي الذي يطرح نفسه في هذا الصدد‬
‫يتعلق بمسألة إرفاق الطلب بالوثائق والمستندات التي تدعمه وتؤكده‪ .‬فهذه المسألة أثارت‬
‫ومازالت تثير العديد من اإلشكاالت نظرا للصياغة التي جاء بها الفصل ‪ 14‬من القانون‬
‫العقاري‪ 503.51.19‬الذي جاء فيه "يقدم طالب التحفيظ مع مطلبه أصول أو نسخ رسمية‬

‫‪500‬‬
‫‪- Victor grasse. Le droit foncier outremer, son évolution depuis l’indépendance thèse‬‬
‫‪1968. P 137.‬‬
‫‪ -501‬خالد ميداوي‪ ،‬تطور نظام التحفيظ العقاري بمنطقة الشمال‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون‬
‫الخاص‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬الرباط‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،1994 / 1995‬ص‪.10‬‬
‫هذا وترد عدة استثناءات على قاعدة التطهير واكتساب الرسم العقاري صفة نهائية غير قابلة ويتعلق األمر باألمالك العامة‬
‫واألمالك المحبسة وحقوق المياه والحقوق المحبسة‪.‬‬
‫‪-‬لالطالع أكثر أنظر كتاب‪ :‬التحفظ العقاري والحقوق العينية األصلية والتبعية في ضوء التشريع المغربي‪ ،‬لألستا مأمون‬
‫الكزبري‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬التحفيظ العقاري‪ ،‬شركة الهالل العربية للطباعة والنشر‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬سنة ‪،1988‬‬
‫ص‪. 90-19 :‬‬
‫‪ -502‬قرار صادر عن محكمة النقض تحت عدد ‪ ،1334‬بتاريخ ‪ 4‬ماي ‪ ،2005‬منشور بمجلة المنازعات العقارية من خالل‬
‫قضاء المجلس األعلى‪ ،‬سنوات ‪ ،2000 / 2005‬عدد ‪ ،3‬سلسلة دالئل علمية‪ ،‬ص‪.22‬‬
‫‪ -503‬الفصل ‪ 14‬من القانون العقاري ‪.02.02‬‬

‫‪P 304‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫للرسوم والعقود والوثائق التي من شأنها أن تعرف بحق الملكية وبالحقوق العينية المترتبة على‬
‫الملك‪".‬‬

‫ويتضح من هذا الفصل أنه جاء عاما في صياغته وال يتضمن أي إلزام أو أي شكل من‬
‫أشكال الرقابة التي قد يمارسها املحافظ على األمالك العقارية على غرار الرقابة التي يمارسها‬
‫على الوثائق المؤيدة لطلبات التقييد الواردة في الفصلين ‪ 72‬و‪ 73‬من القانون‪ 51.19‬اللهم‬
‫إمكانية طلب املحافظ على األمالك العقارية من طالب التحفيظ ترجمة الوثائق المدلى بها‬
‫بواسطة ترجمان محلف إذا كانت محررة بلغة أجنبية وعلى نفقته كما جاء في الفصل ‪ 15‬من‬
‫القانون‪.50451.19‬‬

‫وهوما دفع بالعديد من المهتمين إلى التأكيد على ضرورة إجبارية إرفاق مطلب التحفيظ‬
‫بالمستندات والوثائق الضرورية والمؤيدة لمطلبهم وذلك بالنظرإلى كون مطلب التحفيظ يعتبر‬
‫قرينة قانونية على وجود حق خاص في حالة تعرضات على مطلب التحفيظ بحيث يكون موقع‬
‫طالب التحفيظ مدعى عليه والمتعرض مدعي وعلى هذا األخيرإثبات ادعائه‪ 505‬تطبيقا للقاعدة‬
‫القانونية البينة على من ادعى‪.‬‬

‫وهو ما يدفعنا إلى القول بالتناقض في الخطاب القانوني الموجه للمحافظ العقاري من‬
‫طرف المشرع نظرا إللزام المشرع للمحافظ‪ .‬بضرورة تعليل قراره القاض ي برفض طلب‬
‫التحفيظ خصوصا وأن هذا األخير ال يتوفر على اآلليات العلمية والفنية التي تؤهله للتأكد من‬
‫هوية طالب التحفيظ وهو ما يجعلنا نؤكد على ضرورة تقديم هذا األخير للوثائق الدالة على‬
‫الحق العيني المطلوب تحفيظه‪.‬‬

‫ومن هنا فإننا ندعو المشرع المغربي إلى إعادة النظر في الفصل ‪ 15‬من القانون ‪51.19‬‬
‫بما يتماش ى مع صالحيات املحافظ ومهامه على اعتبار أنه مسؤول عن أي خطأ صدر منه أثناء‬
‫القيام بعملية التقييدات أو التشطيبات في الرسوم العقارية أما فيما يتعلق بإشهار الحقوق‬
‫العينية العقارية وحتى ال تمر عمليات التحفيظ في جو من السرية والكتمان وتطبيقا لمبدأ‬

‫‪ -504‬ينص الفصل ‪ 15‬من القانون ‪ 02.02‬على ما يلي‪" :‬يمكن للمحافظ على األمالك العقارية أن يطلب على نفقة طالب‬
‫التحفيظ ترجمة الوثائق المدلى بها بواسطة ترجمان محلف إ ا كانت محررة بلغة أجنبية‪".‬‬
‫‪ -505‬جمعة محمد الزريقي‪ ،‬نظام الشهر العقاري في الشريعة اإلسالمية دراسة مقارنة مع نظام السجل العيني منشورات دار‬
‫اآلفاق الجديدة‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبعة األولى‪1408 ،‬هـ‪0911 /‬م‪ ،‬ص ‪.020‬‬

‫‪P 305‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫العلنية في ميدان الشهر العقاري‪ ،‬فقد قرر المشرع المغربي من خالل القانون العقاري ‪14.07‬‬
‫القيام بعملية إشهار واسعة لجميع عمليات التحفيظ بدءا من مطلب التحفيظ حتى تأسيس‬
‫الرسم العقاري‪.506‬‬

‫ومن أجل ذلك كان من الضروري إيجاد آلية قانونية من شأنها تنظيم الملكية العقارية‬
‫وما يرد عليها من حقوق عينية والحفاظ على استقرارها في إبرام التصرفات المتضمنة نقل أو‬
‫إنشاء أو تعديل أو تأسيس أو إقرار أو تغيير أو إسقاط الحق العيني العقاري لتكون حجة على‬
‫الكافة ذلك ال يتحقق إال بإخضاعها لعملية الشهرالعقاري‪.507‬‬

‫وباعتبار عملية اإلشهار العقاري هي الطريق القانوني والوحيد لتنظيم الملكية العقارية‬
‫وجهل الكثيرين بها السيما في أوساط األسرة القانونية‪ ،‬بالرغم من الصالحيات الواسعة التي‬
‫يتمتع بها املحافظ على األمالك العقارية في مر اقبة مدى صحة السندات والتصرفات‬
‫المعروضة عليه قصد إشهارها قبل أي إجراء آخر في عملية الشهر وإجراءاته خاصة ما يندرج‬
‫تحت مر اقبة الوثائق‪ .‬أو ما قد يصدر من قرارات عن املحافظ على األمالك العقارية متعلقة‬
‫باإللغاء أو التعديل أو التأييد وهو ما من شأنه يخلق منازعات عقارية تؤثر سلبا على مبدأ‬
‫استقرار المعامالت‪ ،‬وذلك راجع إما لعدم التطبيق الصحيح للنصوص القانونية أو لعدم فهم‬
‫نظام اإلشهارالعقاري‪.‬‬

‫ورغم الجهود التي بذلتها الدولة في هذا املجال إال أنه ال زال تحقيق استقرار المعامالت‬
‫العقارية أمرا بعيدا‪ ،‬خاصة وأن الطلب على العقار في تز ايد مستمر السيما مع دخول الدولة‬
‫ضمن منظومات السوق العالمية والتي تقتض ي السرعة في المعامالت وتحقيق االئتمان على‬
‫أساس الثقة خاصة في وجه المستثمراألجنبي‪.‬‬

‫ونفس الش يء يمكن قوله بالنسبة لتعليق اإلعالنات لدى الجهات املختصة فهذه األخيرة‬
‫ال تحقق النتائج المطلوبة منها بالنظر لجهل نسبة كبيرة من المواطنين ملحتوى هذه التعليقات‬
‫باإلضافة إلى ما تعرفه لوحات اإلشهار لدى المقاطعات واملحاكم أو املحافظات من اكتظاظ في‬
‫اإلعالنات واختالطها ببعضها البعض‪.‬‬

‫‪ -506‬محمد خيري‪ ،‬العقار وقضايا التحفيظ في التشريع المغربي‪ ،‬مطبعة المعارف الجديدة‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة ‪ ،0142‬ص‪.022‬‬
‫‪ -507‬لالطالع أكثر أنظر مقتضيات الفصول ‪ 65‬و‪ 67‬و‪ 18‬و‪ 68‬من القانون العقاري ‪.14.07‬‬

‫‪P 306‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫كما أن تهاون بعض السلطات وخصوصا في البوادي من تعليق خالصة التحفيظ‬


‫واإلعالن عن التحديد يشكل عامال أساسيا في عرقلة هذه التقنية‪.508‬‬

‫أما بخصوص مسطرة التحديد ضمن مسطرة التحفيظ وبالنظرألهميتها في اتخاذ قرارات‬
‫التحفيظ‪ ،‬وكذلك المهندس المساح الطبوغرافي في العناية الالزمة حتى تمرفي أحسن الظروف‪،‬‬
‫وحتى تساهم في إبرازمعالم العقار و اتخاذ قرار التحفيظ ً‬
‫بناء على المساحة النهائية املحددة في‬
‫التصميم النهائي‪.‬‬

‫وبالرغم من هذه األهمية الكبيرة والدور الهام لهذه العملية‪ ،‬فإنها تطرح مجموعة من‬
‫الصعوبات سواء بالنسبة للمحافظ العقاري أو بالنسبة للمهندس المساح الطبوغرافي‪ ،509‬وهي‬
‫صعوبات وإكراهات ذات طابع قانوني أو تقني ومن بين هذه الصعوبات القانونية ما يتعلق‬
‫بالفصل ‪ 19‬من القانون العقاري ‪ ،14.07‬وما يخلقه من تأويالت وصعوبات في التطبيق من حيث‬
‫دور المهندس الطبوغرافي وإمكانية تفويض بعض اختصاصهم للتقنيين وقد تحفظ التقنيون‬
‫الطوبوغر افيون بشأن قيامهم باإلجراءات المباشرة لعمليات التحديد في غياب المهندس‬
‫الطبوغرافي‪.510‬‬

‫وأمام هذا اإلشكال فمنذ دخول القانون ‪ 14.07‬حيز التنفيذ ‪ 24‬نونبر ‪ 2011‬لوحظ نوع‬
‫من التعثر في إنجاز التحديد‪ ،‬كما يوجد إشكال آخر يتعلق بمدى أحقية صاحب اإليداع حسب‬
‫الفصل ‪ 84‬من متابعة المسطرة بما في ذلك تعيين حدود وعائه العقاري للمهندس ولتالفي هذا‬
‫اإلشكال أصدر المدير العام للوكالة الوطنية للمحافظة العقارية مذكرة في هذا االتجاه تحت‬
‫رقم ‪ ،122‬بتاريخ ‪ 5‬دجنبر ‪ ،2011‬تسمح لرئيس مصلحة المسح العقاري بإمكانية تفويض‬
‫الصالحيات املخولة له إلنجازعملية التحديد إلى التقنيين الطبوغر افيين‪.‬‬

‫المساح على اعتبار أنه رب الملك الجديد‪ ،‬ويتضح من هذا اإلشكال ضياع حقوق‬
‫المستفيد من اإليداع طبقا للفصل ‪ 84‬من القانون ‪.14.07‬‬

‫‪ -508‬أنور البكوري‪ ،‬دور المحافظ على األمالك العقارية في تحقيق الملكية على ضوء مستجدات قانون ‪ ،14.07‬ص‪.49‬‬
‫‪ -509‬إبراهيم يحضيه‪ ،‬اإلشكاالت العملية في مسطرة التحفيظ اإلدارية‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص‪ ،‬جامعة‬
‫القاضي عياض‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،4002/4002‬ص ‪.29‬‬
‫‪ -510‬محمد خيري‪ ،‬العقار وقضايا التحفيظ العقاري‪ ،‬م‪.‬س‪ .‬ص‪.021-022‬‬

‫‪P 307‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫ومن هنا‪ ،‬فإننا نرى ضرورة تدخل المشرع لمنح الصفة من البداية للمستفيدين من‬
‫اإليداع طبقا للفصل ‪ 84‬خاصة الصفة لحضورعملية التحديد هذه العملية ال تحرك المسطرة‬
‫وال تتابع بدون إنجازها‪.511‬‬

‫كما يوجد إشكال آخر مرتبط بعدم وقوع تبليغ االستدعاء للمجاورين‪ ،‬وذلك بالرغم من‬
‫تعدد طرق التبليغ‪ ،‬ومرد ذلك راجع إلى نقص البيانات الواردة ببطائق االستدعاء والمستمدة‬
‫من تصريحات طالب التحفيظ‪ ،‬مما يؤدي إلى رجوع هذه البطائق بعبارة غيرمعروف أو يقطن في‬
‫عنوان آخر‪ .‬وهنا نتساءل هل يعد عدم الحضور أو عدم القيام بتبليغ املجاورين والمتدخلين‬
‫ً‬
‫باالستدعاء لحضورعملية التحديد سببا يوجب إلغاء عملية التحديد‪512‬؟‬

‫وباإلضافة إلى اإلشكاالت القانونية‪ ،‬تعرف مسطرة التحديد عدة إشكاالت عملية‬
‫وو اقعية على المستوى التقني أهمها طبيعة عمل المهندس المساح الطبوغرافي‪ ،‬ويتمثل هذا‬
‫في أنه إذا كان عمل المهندس ال يطرح أي إشكال على المستوى التقني‪ ،‬فإن الوضع يختلف‬
‫عندما يتعلق األمرباألمورذات الطابع القانوني‪ ،‬وذلك الفتقاده الدراية بقواعد القانون والفقه‬
‫اإلسالمي والحقوق العينية والحقوق العرفية اإلسالمية‪ ،‬وأحكام المواريث والوصايا وقانون‬
‫التحفيظ العقاري والمسطرة المدنية وقانون االلتزامات والعقود‪ ،‬وهي كلها قوانين ذات ارتباط‬
‫بالعمليات القانونية التي حددها الفصالن ‪ 20‬و ‪ 21‬من قانون التحفيظ العقاري‪.513‬‬

‫كما يوجد إشكال آخريرتبط بمدة عملية التحديد‪ ،‬بحيث ال يتجاوزفي معظم األحيان يوما‬
‫واحدا بل ساعة أو ساعتين‪ ،‬وهو ما ال يكفي إلجراء بحث قانوني مفصل عن حالة العقار سواء‬
‫من حيث و اقع الحيازة أوالحقوق الواردة على العقار‪ ،‬بحيث يتمثل دورالمهندس فقط في مجرد‬
‫عمليات تقنية من تحديد لموقع العقار‪ ،‬ورسم الخريطة المؤقتة‪ ،‬وتحديد المساحة‬
‫والمشتمالت‪ .‬وهو ما يضفي على هذه المرحلة صفة الطبوغر افية أكثرمما هي قانونية‪.514‬‬

‫‪ -511‬إبراهبم يحضيه‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.22‬‬


‫‪ -512‬هشام بصري‪ ،‬إشكاالت تدبير مسطرة التحديد على ضوء القانون ‪ ،14.07‬منشورات المنبر القانوني‪ ،‬سلسلة ندوات‬
‫وأبحاث‪ ،‬العدد ‪ ، 1‬مطبعة المعارف الجديدة‪ ،‬الرباط‪ ، 2012 ،‬ص‪.20-19‬‬
‫‪ -513‬إدريس الفاخوري‪ ،‬ص‪.20-19‬‬
‫‪ -514‬بوشعيب اإلدريسي‪ ،‬التطهير في نظام التحفيظ العقاري وفق القانون رقم ‪ ،14.07‬منشورات مجلة المنار‪ ،‬سلسلة‬
‫البحوث الجامعية‪ ،‬العدد ‪ ،2014‬مطبعة دار السالم للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬الرباط‪ ،‬ص‪.042‬‬

‫‪P 302‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫ومن بين الصعوبات المتعلقة بمسطرة التحفيظ‪ ،‬نجد كذلك‪ ،‬ما يتعلق بمبدأ القوة‬
‫المطلقة للقيد في الرسم العقاري في الفصل ‪ 62‬من القانون ‪ ،14.07‬والمتمثل في أن األخذ بهذا‬
‫المبدأ يثير مجموعة من اإلكراهات والصعوبات القانونية والعملية في آن واحد‪ ،‬ويتجسد ذلك‬
‫في حالة عدم عكسه الوضعية الحقيقية للعقار من الناحية القانونية فيما يخص المالك‬
‫الحقيقي وأصحاب الحقوق العينية الواردة عليه‪ ،‬أو من الناحية المادية فيما يتعلق بالبيانات‬
‫الالزمة للعقار كالموقع والحدود والمساحة خاصة عند ثبوت في وقت الحق أن هذا القيد ال‬
‫يستند على أسس قانونية وو اقعية سليمة‪.515‬‬

‫ومن بين الصعوبات الو اقعية أيضا‪ ،‬نجد تقاعس الورثة على تضمين إراثه الهالك‬
‫بالرسم العقاري‪ ،‬نظرا لغياب األجل القانوني الملزم لذلك‪ ،‬كما جاء في الفصل ‪ 82‬من القانون‬
‫العقاري ‪ ،51614.07‬الذي ترك الباب مفتوحا لرغبة الورثة في تسجيل اإلراثة في الرسوم‬
‫العقارية‪ ،‬وتزداد األمور صعوبة في حالة ترك الهالك ألكثر من زوجة وورثة‪ ،‬كما يصبح المشكل‬
‫عويصا في حالة ترك وصية أو وصايا أو تركة لقاصرين مما يتطلب األمرحصرتركة الهالك مع ما‬
‫يتطلب ذلك من إجراءات ومصاريف‪.‬‬

‫الئحة المراجع‪:‬‬

‫محمد الحياني‪ :‬المسؤولية في نظام التحفيظ العقاري المغربي‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪ ،‬مؤسسة النخلة للكتاب‪ ،‬وجدة‪.1111 ،‬‬

‫عبد االله مرابط‪ :‬إلغاء مطلب التحفيظ لعدم متابعة المسطرة‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم‬
‫الدراسات العليا في القانون الخاص‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬الرباط‪،‬‬
‫‪.1116/1111‬‬

‫عبد الحفيظ أبو الصبر‪ :‬مسؤولية املحافظ على األمالك العقارية والرهون بالمغرب‪،‬‬
‫‪.5771/5771‬‬

‫‪ -515‬محمد بن الحاج السلمي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.040-009‬‬


‫‪ -516‬لالطالع أكثر أنظر مقتضيات الفصل ‪ 82‬من القانون العقاري‪.14.07‬‬

‫‪P 307‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫عمر موس ى‪ :‬الدعاوى الكيدية أثناء مسطرة التحفيظ العقاري‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم‬
‫الدراسات العليا في القانون الخاص‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬الرباط‪،‬‬
‫‪.1119/1116‬‬

‫محمد بن الحاج السلمي‪ ،‬سياسة التحفيظ العقاري بالمغرب بين اإلشهار العقاري‬
‫والتحفيظ االجتماعي‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا‪ ،‬المدرسة الوطنية لإلدارة‪ ،‬سنة‬
‫‪.5797/5799‬‬

‫عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المدني‪ ،‬نظرية االلتزام بوجه عام‪،‬‬
‫مصادرااللتزام‪ ،‬دارإحياء التراث العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.‬‬

‫عبد القادر لشقر‪ ،‬محاضرات في قانون التحفيظ العقاري‪ ،‬ورقة الترقيم‪ ،‬السنة‬
‫‪.1117/1119‬‬

‫الدورية رقم ‪ 11‬بتاريخ ‪ 51‬يناير‪ ،5717‬صادرة عن رئيس مصلحة املحافظة العقارية‪.‬‬

‫هشام البصري‪ :‬المسؤولية الجنائية‪ ،‬دراسة مكامن الخلل في الحماية العقارية‪ ،‬مقال‬
‫منشوربجريدة الصباح‪ ،‬عدد ‪.7111‬‬

‫نورالدين العمراني‪ :‬شرح القانون الجنائي الخاص‪.‬‬

‫محمود نجب حسني‪ :‬قانون العقوبات‪-‬القسم الخاص‪ ،‬دارالنهضة العربية‪ ،‬سنة ‪،5771‬‬
‫القاهرة‪.‬‬

‫محمد زكي أبو عامر‪ :‬القانون الجنائي –القسم الخاص‪ ،-‬الدارالبيضاء‪.5777 ،‬‬

‫عبد الخالق أحمدون‪ ،‬نظام التحفيظ العقاري بالمغرب بين النظرية والتطبيق‪-‬دراسة‬
‫في االجتهاد القضائي واإلداري‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدارالبيضاء‪.1111 ،‬‬

‫خالد ميداوي‪ ،‬تطور نظام التحفيظ العقاري بمنطقة الشمال‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم‬
‫الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬الرباط‪ ،‬السنة الجامعية ‪1994 /‬‬
‫‪.1995‬‬

‫‪P 310‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫جمعة محمد الزريقي‪ ،‬نظام الشهرالعقاري في الشريعة اإلسالمية دراسة مقارنة مع نظام‬
‫السجل العيني منشورات داراآلفاق الجديدة‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبعة األولى‪1408 ،‬هـ‪5777 /‬م‪.‬‬

‫محمد خيري‪ ،‬العقار وقضايا التحفيظ في التشريع المغربي‪ ،‬مطبعة المعارف الجديدة‪،‬‬
‫الرباط‪ ،‬الطبعة ‪.1151‬‬

‫أنور البكوري‪ ،‬دور املحافظ على األمالك العقارية في تحقيق الملكية على ضوء‬
‫مستجدات قانون ‪.14.07‬‬

‫إبراهيم يحضيه‪ ،‬اإلشكاالت العملية في مسطرة التحفيظ اإلدارية‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم‬
‫الماسترفي القانون الخاص‪ ،‬جامعة القاض ي عياض‪ ،‬السنة الجامعية ‪.1151/1151‬‬

‫هشام بصري‪ ،‬إشكاالت تدبير مسطرة التحديد على ضوء القانون ‪ ،14.07‬منشورات‬
‫المنبرالقانوني‪ ،‬سلسلة ندوات و أبحاث‪ ،‬العدد ‪ ،1‬مطبعة المعارف الجديدة‪ ،‬الرباط‪.2012 ،‬‬

‫بوشعيب اإلدريس ي‪ ،‬التطهير في نظام التحفيظ العقاري وفق القانون رقم ‪،14.07‬‬
‫منشورات مجلة المنار‪ ،‬سلسلة البحوث الجامعية‪ ،‬العدد ‪ ،2014‬مطبعة دار السالم للطباعة‬
‫والنشروالتوزيع‪ ،‬الرباط‪.‬‬

‫‪P 311‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫دستور ‪ 0222‬وسؤال توسيع مجال الحقوق‬


‫والحريات‬
‫‪The 2011 constitution and the question to expand the field of rights and freedoms‬‬
‫ملخص‪:‬‬

‫شكل تبني دستور ‪ 1155‬قفزة نوعية في مجال تكريس الحقوق والحريات‪ ،‬جعلت منه‬
‫ميثاقا حقيقيا لها‪ .‬فقد تجاوز المشرع الدستوري المغربي حالة الجمود والثبات التي كانت‬
‫تعرفها الدساتير السابقة في شقها المرتبط بدسترة الحقوق والحريات‪ ،‬محدثا بذلك ثورة على‬
‫مستوى نمط هذه الدسترة‪.‬‬

‫فمن خالل الغوص في ثنايا الوثيقة الدستورية لسنة ‪ ،1155‬يالحظ أن مجال الحقوق‬
‫والحريات قد عرف توسعا كبيرا‪ ،‬سواء من خالل التزام المغرب بحقوق اإلنسان كما هي متعارف‬
‫عليها دوليا‪ ،‬وعبر االعتراف بسمو االتفاقيات الدولية على التشريعات الوطنية‪ ،‬وكذا من حيث‬
‫حجم الحقوق والحريات التي تم تكريسها والتفصيل فيها في صلب الدستور بمختلف أجيالها‪.‬‬
‫الكلمات المفاتيح‪ :‬الحقوق ‪ -‬الحريات – دستور‪ – 1155‬التكريس الدستوري‪.‬‬

‫‪Abstract :‬‬

‫‪The adoption of the 2011 constitution constituted a qualitative leap in the‬‬


‫‪field of enshrinement of rights and freedoms, which made it a real charter for‬‬
‫‪them. The Moroccan constitutional legislator has overcome the state of‬‬
‫‪stagnation and steadfastness that previous constitutions knew in the part related‬‬
‫‪to the constitutionalization of rights and freedoms, thus causing a revolution at‬‬
‫‪the level of the pattern of this constitutionalization.‬‬

‫‪By diving into the folds of the constitutional document of 2011, it is noted‬‬
‫‪that the field of rights and freedoms has witnessed a great expansion, both‬‬

‫‪P 312‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫‪through Morocco's commitment to human rights as they are internationally‬‬


‫‪recognized, and through recognizing the transcendence of international‬‬
‫‪conventions over national legislation, as well as in terms of the volume of rights‬‬
‫‪and freedoms that have been granted, and detailed at the core of the constitution‬‬
‫‪with its various generations.‬‬

‫‪Key words: Rights – Freedoms – Constitution of 2011 – Constitutional‬‬


‫‪consecration.‬‬

‫مقدمة‪:‬‬

‫يعد موضوع الحقوق والحريات من المواضيع التي باتت تحظى باهتمام عالمي و إقليمي‬
‫خاص‪ ،‬كونه مؤشرا رئيسيا على مستوى تقدم املجتمعات وتطورها ورقيها ونمائها‪ ،‬ومقياسا داال‬
‫على مدى ديمقراطية األنظمة السياسية‪ ،‬بعدما انتقلت الديمقراطية من مفهومها التقليدي‪،‬‬
‫الذي كا ن يقتصر على ما يتصل بتنظيم السلطات فقط‪ ،‬لتشمل إلى جانب ذلك كل ما يتعلق‬
‫بالحقوق والحريات‪.517‬‬

‫اعتبارا لذلك‪ ،‬تم بلورة وصياغة هذه الحقوق والحريات وتأكيد كفالتها في إعالنات‬
‫الحقوق والمواثيق واالتفاقيات الدولية والعالمية واإلقليمية‪ ،‬و اتجهت كافة الدول إلى إقرارها‬
‫في دساتيرها الوطنية‪ ،‬حتى أضحت مالزمة لها ومكونا أصليا لها في شكلها ومضمونها‪ ،‬ولم يعد‬
‫باإلمكان الحديث عن دستوربدون حقوق وحريات‪.518‬‬

‫وقد تمخض عن هذا التوجه موجة دستورية جديدة اجتاحت مختلف األنظمة‬
‫الدستورية‪ ،‬وجعلت من الحقوق والحريات الموضوع األسمى في دساتير الدول‪ ،‬حيث عملت‬
‫الدساتير الحديثة على أن تكون الحقوق والحريات الواردة في صلبها أكثر إسهابا وتفصيال مما‬

‫‪ 517‬أحمد بوز‪ ،‬القانون الدستوري لحقوق اإلنسان‪ :‬دراسة في الحماية الدستورية للحقوق والحريات في المغرب والتجارب المقارنة‪،‬‬
‫مطبعة شمس برينت‪ ،‬سال‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،1212 ،‬ص ‪.4‬‬
‫محمد نويري‪ ،‬دور القضاء الدستوري في حماية الحقوق والحريات األساسية بالمغرب‪ :‬دراسة تحليلية مقارنة‪ ،‬أطروحة‬ ‫‪518‬‬

‫لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬جامعة محمد األول‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬وجدة‪ ،‬السنة الجامعية‬
‫‪ ،1271-1271‬ص ‪.44‬‬

‫‪P 313‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫كان عليه األمر في الدساتير القديمة‪ ،‬التي كانت تنص على الحقوق والحريات بشكل محتشم‪.519‬‬
‫وأصبح تبني دستورجديد بمثابة لحظة أساسية لإلقراربأولوية الحقوق والحريات على السلطة‬
‫والتنظيم‪ ،‬واالنتقال بالنص الدستوري من سؤال المؤسسات‪ ،‬إلى فكرة تحقيق دولة الحقوق‬
‫والحريات‪ ،‬عبرعملية اإلغناء المادي والقانوني للوثيقة الدستورية بمرجعية حقوق اإلنسان‪.520‬‬

‫وبالبحث في تاريخ الدستورانية المغربية‪ ،‬نجد أن التناول الدستوري للحقوق والحريات‬


‫قد ظل ثابتا في جميع الدساتير المغربية منذ أول دستور سنة ‪ ،5761‬مع بعض التعديالت‬
‫املحدودة التي أدخلها كل من دستور‪ ،5771‬عندما نص على التزام المملكة بحقوق اإلنسان كما‬
‫هي متعارف عليها عالميا‪ ،521‬ودستور ‪ ،5776‬عندما كرس حرية المبادرة الفردية‪ ،522‬و اتسم‬
‫باملحدودية قياسا بالتطور الحاصل على مستوى القانون الدستوري للحقوق والحريات في‬
‫التجارب المقارنة‪.523‬‬

‫بيد أن الظروف السياسية واالقتصادية واالجتماعية التي عاشها المغرب بداية العشرية‬
‫الثانية من األلفية الثالثة‪ ،‬خاصة ما تعلق منها بسياق الربيع العربي‪ ،‬الذي اجتاح عددا من‬
‫الدول العربية‪ ،‬كان لها دور حاسم في تبني دستور جديد للمملكة سنة ‪ ،5241155‬وسع مجال‬

‫صالح أزحاف‪ ،‬التحول النوعي للحقوق والحريات األساسية في الدستور المغربي‪ ،‬منشورات المجلة المغربية لألنظمة‬ ‫‪519‬‬

‫القانونية والسياسية‪ ،‬العدد ‪ ،1271 ،73‬ص ‪.13‬‬


‫محمد أتركين‪ ،‬الدستور والدستورانية من دساتير فصل السلط إلى دساتير صك الحقوق‪ ،‬سلسلة الدراسات الدستورية (‪،)7‬‬ ‫‪520‬‬

‫مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،1221 ،‬ص ‪.71‬‬
‫ديباجة دستور المملكة المغربية لسنة ‪ ،7771‬الصادر األمر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 7.71.733‬بتاريخ ‪ 77‬ربيع‬ ‫‪521‬‬

‫اآلخر ‪ 7( 7474‬أكتوبر ‪ ،)7771‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 4711‬بتاريخ ‪ 74‬ربيع اآلخر ‪ 74 ( 7474‬أكتوبر ‪ ،)7771‬ص‬
‫‪.7133-7141‬‬
‫‪ 522‬الفصل ‪ 73‬من دستور المملكة المغربية لسنة ‪ ،7778‬الصادر األمر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 7.78.731‬بتاريخ ‪14‬‬
‫جمادى األولى ‪ 1( 7471‬أكتوبر ‪ ،)7778‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 4412‬بتاريخ ‪ 18‬جمادى األولى ‪ 72( 7471‬أكتوبر‬
‫‪ ،)7778‬ص ‪.1171-1111‬‬
‫أحمد بوز‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 778‬و‪.771‬‬ ‫‪523‬‬

‫دستور المملكة المغربية لسنة ‪ ،1277‬الصادر األمر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 7.77.77‬بتاريخ ‪ 11‬شعبان ‪7441‬‬ ‫‪524‬‬

‫(‪ 17‬يوليوز ‪ ،)1277‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 3784‬مكرر بتاريخ ‪ 11‬شعبان ‪ 42( 7441‬يوليوز ‪ ،)1277‬ص ‪-4822‬‬
‫‪.4811‬‬

‫‪P 314‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫التكريس الدستوري للحقوق والحريات بشكل غيرمسبوق في أي وثيقة دستورية مغربية أخرى‪،‬‬
‫لدرجة جعلت البعض يذهب إلى حد اعتباره دستورالحقوق والحريات‪.525‬‬

‫من هنا تثار اإلشكالية التالية‪ :‬كيف عمل المشرع الدستوري لسنة ‪ 1155‬على توسيع‬
‫مجال الحقوق والحريات داخل ثنايا الوثيقة الدستورية وتجاوزنقائص الدساتيرالسابقة؟‬

‫وألننا نسائل الوثيقة الدستورية عن مدى توسيعها ملجال الحقوق والحريات‪ ،‬فإن ذلك‬
‫يقتض ي منا اعتماد مقاربة دستورية تحليلية‪ ،‬سنحاول من خاللها أن نخوض في صلب دستور‬
‫‪ ،1155‬لنكشف النقاب عن مخرجاته فيما يتعلق بنتائج دسترة الحقوق والحريات‪.‬‬

‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬نجد أن دستور ‪ 1155‬تضمن العديد من المقتضيات ذات الصلة‬
‫بمجال الحقوق والحريات‪ ،‬توزعت على مختلف أجزاء الدستور‪ ،‬بدء من ديباجته التي كرست‬
‫انخراط المغرب في المنظومة الكونية لحقوق اإلنسان باعتباره مدخال أساسيا لتوسيع مجال‬
‫الحقوق والحريات (المطلب األول)‪ ،‬ومرورا بمختلف أبواب الدستور التي عملت على تعزيز‬
‫وتفصيل الحقوق والحريات موضوع الدساتير السابقة‪ ،‬وأضافت إليها أخرى لم تكن موجودة‬
‫من قبل (المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬انخراط الدستور في المنظومة الكونية لحقوق اإلنسان مدخل أساس ي‬
‫لتوسيع مجال الحقوق والحريات‪:‬‬

‫جاء دستور ‪ 1155‬بمجموعة التعديالت تؤكد عزم المغرب االنخراط في المنظومة‬


‫الحقوقية الدولية‪ ،‬همت باألساس التزام المغرب بحقوق اإلنسان كما هي متعارف عليها دوليا‬
‫(الفقرة األولى)‪ ،‬وتكريس الحقوق والحريات موضوع االتفاقيات الدولية من خالل االعتراف‬
‫بسمو االتفاقيات الدولية على التشريعات الوطنية (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫ميمون خراط‪ ،‬حقوق اإلنسان في الدستور المغربي بين السمو الكوني والخصوصية الوطنية‪ ،‬ضمن دستور ‪1277‬‬ ‫‪525‬‬

‫بالمغرب‪ :‬مقاربات متعددة‪ ،‬منشورات مجلة الحقوق‪ ،‬العدد ‪ ،1271 ،3‬ص ‪.121‬‬

‫‪P 315‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫الفقرة األولى‪ :‬اإلقرارالدستوري بااللتزام بحقوق اإلنسان كما هي متعارف عليها دوليا‪:‬‬

‫تعتبر حقوق اإلنسان قواعد كونية‪ ،‬شكلت عبر التاريخ مجاال لنضال اإلنسان على‬
‫اختالف انتمائه وجنسه ولونه‪ ،‬فهي رصيد مشترك لإلنسانية جمعاء‪ ،‬دون انتقاء أو تمييز‪.526‬‬
‫وتستمد عالمية حقوق اإلنسان أساسها من كون الحقوق الطبيعية ثابتة المضمون‪ ،‬وتحمل‬
‫نفس الدالالت ونفس املحتوى‪ ،‬ومن المفروض أن تتمتع الكائنات البشرية بها‪ ،‬بصرف النظر‬
‫عن النظام السياس ي أونمط الحكم‪ ،‬على نحويمنع مصادرتها بشكل تعسفي أوغيرقانوني ويؤدي‬
‫إلى حرمانهم منها‪.527‬‬

‫من هذا المنطلق‪ ،‬يعتبرالقانون الدولي لحقوق اإلنسان مصدرا مؤسسا لحقوق اإلنسان‬
‫بشكلها الدولي المتعارف عليه عالميا‪ ،‬ومرجعا مفسرا لمضمونها‪ ،‬مما جعل منه مرجعية ال‬
‫محيد عنها بالنسبة للدساتير‪ ،528‬بالشكل الذي يؤدي إلى ربط التوثيق الدستوري للحقوق‬
‫والحريات ببعدها الكوني‪ ،‬وتجاوز إشكال الخصوصية الوطنية‪ .529‬ومن تم فال مجال لحرمان‬
‫األفراد من حقوقهم وحرياتهم األساسية بحجة أن النظام الدستوري ال يعترف لهم بتلك الحقوق‬
‫أو بجزء منها‪.‬‬

‫لذلك‪ ،‬أبى دستور ‪ ، 1155‬من خالل ديباجته‪ ،‬إال أن يؤكد على عدد من المبادئ‬
‫وااللتزامات المتعلقة باحترام القانون الدولي لحقوق اإلنسان‪ ،‬والمتمثلة في إعالن تشبت‬
‫المملكة بحقوق اإلنسان كما هي متعارف عليها عالميا‪ ،‬وتعهدها بااللتزام بما تتضمنه مواثيق‬
‫المنظمات الدولية من مبادئ وحقوق وواجبات‪.530‬‬

‫وتستمد هذه االلتزامات المنصوص عليها في الديباجة أهميتها أساسا من اعتبارالدستور‬


‫نفسه بأن الديباجة جزء ال يتجزأ منه‪ ،531‬إضافة إلى كونها جاءت مباشرة بعد تحديد األسس‬

‫محمد مرحوم‪ ،‬حقوق اإلنسان بين التنصيص الدستوري وحماية المحكمة الدستورية‪ ،‬مجلة القانون المغربي‪ ،‬العدد ‪،47‬‬ ‫‪526‬‬

‫يناير ‪ ،1277‬ص ‪.478‬‬


‫يوسف البحيري‪ ،‬تأصيل مسؤولية الدولة المغربية في مجال حقوق اإلنسان‪ :‬المكتسب والرهان‪ ،‬ضمن المواطنة وحقوق‬ ‫‪527‬‬

‫اإلنسان بالمغرب‪ ،‬سلسلة الندوات واأليام الدراسية‪ ،‬العدد ‪ ،11‬المطبعة والوراقة الوطنية الحي المحمدي الداوديات‪ ،‬مراكش‪،‬‬
‫الطبعة األولى‪ ،1223 ،‬ص ‪.48‬‬
‫أحمد بوز‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.47‬‬ ‫‪528‬‬

‫صالح أزحاف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.17‬‬ ‫‪529‬‬

‫ديباجة دستور المملكة المغربية لسنة ‪.1277‬‬ ‫‪530‬‬

‫أحمد بوز‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.741‬‬ ‫‪531‬‬

‫‪P 316‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫المرجعية لهوية الدولة‪ ،‬وهو ترتيب دستوري يحمل بين طياته دالالت عميقة‪ ،‬جعلت البعض‬
‫يجزم بأن الدولة المغربية ستضع على عاتقها تفعيل وإعمال االحترام العالمي لحقوق اإلنسان‪،‬‬
‫كدعامة أساسية قائمة بذاتها لمكانة حقوق اإلنسان في السياسات العمومية ومالءمة التشريع‬
‫الوطني للمعاييرالدولية لحقوق اإلنسان‪.532‬‬

‫بل إن هن اك من ذهب إلى أن المملكة المغربية تلتزم باحترام مقتضيات االتفاقيات‬


‫الدولية الحقوقية التي تشكل في مجموعها القانون الدولي لحقوق اإلنسان‪ ،‬ومن بينها اإلعالن‬
‫العالمي لحقوق اإلنسان‪ ،‬والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية‪ ،‬والعهد الدولي‬
‫الخاص بالحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية‪ ،‬و اتفاقية القضاء على جميع أشكال‬
‫التمييزالعنصري‪ ،‬و اتفاقية مكافحة جميع أشكال التمييزضد المرأة‪ ،‬و اتفاقية حقوق الطفل‪،‬‬
‫و اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعامالت أو العقوبات القاسية أو الالإنسانية‬
‫أو المهينة‪ ،‬وغيرها من اتفاقيات األمم المتحدة لحقوق اإلنسان التي تعتبربمثابة النواة الصلبة‬
‫في مجال حقوق اإلنسان‪ .‬وهو األمر الذي سيضع على عاتق الدولة ضرورة المصادقة على كل‬
‫االتفاقيات والبروتوكوالت الملحقة بها‪ ،‬وعدم تأويلها بالشكل الذي قد يمس بها‪ ،‬وعدم تقييدها‬
‫أو تضييق مجال ممارستها‪ ،‬وا لعمل على مالءمة القوانين الوطنية مع مقتضياتها‪ ،‬وضمان‬
‫ممارستها على أرض الو اقع‪ ،‬وحمايتها من كل أنواع االنتهاك‪ ،‬و إيجاد اآلليات والسبل الكفيلة‬
‫بحمايتها‪ .533‬كما يفرض عليها من جانب آخر االنخراط في دينامية تقديم التقارير الدورية إلى‬
‫األجهزة املختصة‪ ،‬واستقبال اإلجراءات الخاصة‪ ،‬والتفاعل مع التوصيات والمالحظات‬
‫الصادرة عن اآلليات األممية‪ ،‬إضافة إلى العمل على نشرقيم وثقافة حقوق اإلنسان‪.534‬‬

‫وإلى جانب تأكيد ديباجة دستور ‪ 1155‬على التشبت بحقوق اإلنسان كما هي متعارف‬
‫عليها دوليا‪ ،‬فقد تضمنت التأكيد على االلتزام بحماية منظومتي حقوق اإلنسان والقانون الدولي‬
‫اإلنساني والنهوض بهما‪ ،‬واإلسهام في تطويرهما‪ ،‬مع مراعاة الطابع الكوني لتلك الحقوق‪ ،‬وعدم‬
‫قابليتها للتجزيء‪ ،535‬وهوالتزام بحماية حقوق اإلنسان في فترات السلم والحرب‪ ،‬واعتراف بكونها‬

‫يوسف البحيري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.111‬‬ ‫‪532‬‬

‫أحمد مفيد‪ ،‬ضمانات الحقوق والحريات األساسية في دستور ‪ ،1277‬في دستور حقوق اإلنسان قراءات وأبحاث‪،‬‬ ‫‪533‬‬

‫منشورات المجلة المغربية للسياسات العمومية‪ ،‬سلسلة دفاتر حقوق اإلنسان ‪ ،7‬عدد ‪ ،1271 ،1‬ص ‪.77‬‬
‫نفس المرجع السابق‪ ،‬ص ‪..77‬‬ ‫‪534‬‬

‫ديباجة دستور المملكة المغربية لسنة ‪.1277‬‬ ‫‪535‬‬

‫‪P 317‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫كل غير قابل للتجزئة‪ ،‬ومن تم ضرورة حمايتها مجتمعة وعدم إمكانية التمييز في إطارها‪ ،‬بالنظر‬
‫ألن بعضها يكمل البعض اآلخر‪ ،‬والمساس بحق معين سيؤثرال محالة على العديد من الحقوق‬
‫األخرى‪.536‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬تكريس الدستورللحقوق والحريات موضوع االتفاقيات الدولية‪:‬‬

‫استندت الكثير من االنتقادات التي وجهت للوثائق الدستورية لما قبل دستور ‪1155‬‬
‫بشأن عالقة القانون الدولي بالقانون الداخلي‪ ،‬على كونها لم تحسم في مدى درجة القاعدة‬
‫الدولية في مواجهة القاعدة الداخلية‪ ،‬هل تفوقها سموا أم تتساوى معها من حيث القيمة‬
‫القانونية‪ .537‬فعلى الرغم من إعالن دستوري ‪ 5771‬و‪ 5776‬تشبت المغرب بحقوق اإلنسان كما‬
‫هي متعارف عليها عالميا‪ ،538‬فإن غياب مقتضيات صريحة تعطي لالتفاقيات الدولية المصادق‬
‫عليها سموا على القوانين الداخلية‪ ،‬ظل يطرح صعوبات في تحديد مكانتها في النظام القانوني‬
‫المغربي‪.539‬‬

‫وبصدور دستور ‪ ،1155‬تطورت مسألة التعاطي الدستوري مع القانون الدولي بشكل‬


‫عام‪ ،‬والمعاهدات الدولية بشكل خاص‪ ،‬حيث حاول المشرع الدستوري أن يكرس وضوحا‬
‫قانونيا بين االلتزامات الدولية للمغرب ونظامه القانوني الداخلي‪ ،540‬عندما أعلن أن المملكة‬
‫تجعل االتفاقيات الدولية‪ ،‬كما صادق عليها المغرب‪ ،‬وفي نطاق أحكام الدستور وقوانين‬
‫المملكة وهويتها الوطنية الراسخة‪ ،‬تسمو فور نشرها على التشريعات الوطنية‪ ،‬والعمل على‬
‫مالءمة هذه التشريعات مع ما تتطلبه تلك المصادقة‪ .541‬وهو األمر الذي يعني االلتزام‬
‫الدستوري للمغرب في حالة المصادقة على المعاهدة أو االتفاقية الدولية بتنفيذها دون‬

‫أحمد مفيد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 77‬و‪.71‬‬ ‫‪536‬‬

‫فدوا بنبنعيسى‪ ،‬مدى فعالية الحماية الوطنية لحقوق اإلنسان بالمغرب‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬جامعة‬ ‫‪537‬‬

‫موالي اسماعيل‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬مكناس‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،1271-1278‬ص ‪.41‬‬
‫نص كل من دستور ‪ 7771‬ودستور ‪ 7778‬في ديباجتهما على ما يلي‪" :‬وإدراكا منها لضرورة إدراج عملها في إطار‬ ‫‪538‬‬

‫المنظمات الدولية‪ ،‬فإن المملكة المغربية‪ ،‬العضو العامل النشيط في هذه المنظمات‪ ،‬تتعهد بالتزام ما تقتضيه مواثيقها من‬
‫مبادئ وحقوق وواجبات وتؤكد تشبثها بحقوق اإلنسان كما هي متعارف عليها عالميا"‪.‬‬
‫عادلة الوردي‪ ،‬مكانة االتفاقيات الدولية في الدستور المغربي‪ ،‬ضمن دستور ‪ 1277‬بالمغرب‪ :‬مقاربات متعددة‪،‬‬ ‫‪539‬‬

‫منشورات مجلة الحقوق‪ ،‬العدد ‪ ،1271 ،3‬ص ‪.711‬‬


‫محمد نويري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.427‬‬ ‫‪540‬‬

‫ديباجة دستور المملكة المغربية لسنة ‪.1277‬‬ ‫‪541‬‬

‫‪P 312‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫التحجج بقانونه الداخلي‪ ،‬ويفرض عليه تعديل قانونه الداخلي من أجل مالءمته مع تلك‬
‫االتفاقيات‪.542‬‬

‫وإذا كانت القراءة السطحية لما ورد في ديباجة الدستورتدل على أنه قد شكل قطيعة مع‬
‫الدساتير السابقة وحسم في مسألة السمو لصالح المعاهدات الدولية على حساب القوانين‬
‫الوطنية‪ ،543‬فإن قراءة متمعنة لنفس المقتضيات الدستورية تفيد أن المشرع الدستوري قد‬
‫أخذ موقفا وسطا بين سمو مطلق للمعاهدات الدولية وبين إنكار للمرجعية الدولية لحقوق‬
‫اإلنسان‪ ،544‬حيث نجد أنه ربط هذا السمو بشروط إجرائية‪ ،‬عندما جعله ينضبط لمصادقة‬
‫الدولة على المقتض ى االتفاقي ونشره في الجريدة الرسمية‪ ،‬وأخرى موضوعية‪ ،‬تتمثل في عدم‬
‫الخروج عن نطاق ثالث محددات دستورية‪ ،‬أولها الدستور‪ ،‬وثانيها قوانين المملكة‪ ،‬وثالثها‬
‫الهوية الوطنية الراسخة للمملكة‪.545‬‬

‫ورغم ما يمكن قوله عن دستور ‪ ،1155‬كونه لم يأت بجديد بخصوص مكانة المعاهدات‬
‫الدولية‪ ،‬حينما نص على سموها وسحبه في ذات الوقت بإحاطته بشروط معينة‪ ،546‬فإنه على‬
‫األقل قد حقق تقدما نسبيا فيما يخص ضبط العالقة بين المعاهدات الدولية والقانون‬
‫الوطني‪ ،‬حيث باتت الهرمية الدستورية تتسم بنوع من الوضوح‪ ،‬فالدستور هو أعلى مرجع‬
‫قانوني‪ ،‬تليه القوانين التنظيمية‪ ،‬واالتفاقيات الدولية تندرج في مرتبة أدنى منها‪ ،‬لكنها تسمو‬
‫على القوانين العادية‪.547‬‬

‫وهو ما من شأنه توسيع دائرة الحقوق والحريات وعدم حصرها فيما هو منصوص عليه‬
‫دستوريا‪ ،‬بل تعدي ذلك إلى اشتمال الحقوق والحريات موضوع االتفاقيات الدولية التي صادق‬

‫المصطفى بوكرين‪ ،‬المعاهدات الدولية بين السمو الدستوري وإقرار رقابة المحكمة الدستورية‪ ،‬ضمن القضاء الدستوري‬ ‫‪542‬‬

‫المغربي‪ :‬المستجدات واآلفاق‪ ،‬منشورات المجلة المغربية لألنظمة القانونية والسياسية‪ ،‬العدد الخاص رقم ‪ ،71‬مطبعة األمنية‪،‬‬
‫الرباط‪ ،‬الطبعة ‪ ،1277 ،7‬ص ‪.717‬‬
‫نفس المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.717‬‬ ‫‪543‬‬

‫محمد مرحوم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.471‬‬ ‫‪544‬‬

‫محمد نويري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.421‬‬ ‫‪545‬‬

‫محمد مرحوم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.471‬‬ ‫‪546‬‬

‫فدوا بنبنعيسى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.44‬‬ ‫‪547‬‬

‫‪P 317‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫عليها المغرب‪ ،548‬والتي ال تشكل تعارضا مع دستور المملكة وقوانينها وهويتها الوطنية‪ .‬وهو ما‬
‫يدل عليه كذلك الفصل ‪ 57‬من دستور‪ ،1155‬حينما أقربمبدأ المساواة بين النساء والرجال في‬
‫الحقوق والحريات المدنية والسياسية واالقتصادية واالجتماعية والثقافية والبيئية‪ ،‬الواردة‬
‫في الباب الثاني من الدستور‪ ،‬وفي مقتضياته األخرى‪ ،‬وكذا في االتفاقيات والمواثيق الدولية‪،‬‬
‫كما صادق عليها المغرب‪ ،‬وكل ذلك في نطاق احترام أحكام الدستور وثوابت المملكة‬
‫وقوانينها‪.549‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مظاهرتوسيع مجال الحقوق والحريات الواردة في متن الدستور‪:‬‬

‫شكل دستور ‪ 1155‬بداية مرحلة جديدة في تاريخ التعامل الدستوري مع الحقوق‬


‫والحريات بالمغرب‪ ،‬إذ ألول مرة في تاريخه الدستوري سيتم تخصيص باب كامل للحقوق‬
‫والحريات األساسية‪ ،‬وهو الباب الثاني‪ ،‬احتوى على ‪ 15‬فصال‪ ،‬باإلضافة إلى فصول أخرى على‬
‫امتداد الدستور‪ ،‬عملت على تكريس الحقوق والحريات المدسترة سابقا (الفقرة األولى)‪ ،‬كما‬
‫أقرت حقوقا وحريات جديدة (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬تدقيق وتعزيزالدستورللحقوق والحريات الكالسيكية‪:‬‬

‫حرص المشرع الدستوري لسنة ‪ 1155‬على إقرار مجموعة من الحقوق والحريات التي‬
‫تضمنت ها الدساتير السابقة للمغرب‪ ،‬وعمل على توسيعها وتفصيلها‪ ،‬سواء منها المدنية‬
‫والسياسية‪ ،‬أو االقتصادية واالجتماعية والثقافية‪.‬‬

‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬احتلت الحقوق والحريات المدنية والسياسية حصة األسد ضمن الئحة‬
‫الحقوق والحريات المنصوص عليها في دستور ‪ ،5501155‬حيث عرفت إضافات هامة جعلت‬
‫مضمونها يتطابق مع ما تضمنته مقتضيات العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية‪.‬‬
‫وهكذا فقد استهلت الوثيقة الدستورية اإلعالن عن الحقوق والحريات بالتأكيد على مبدأ‬
‫المساواة بين الرجال والنساء في الحقوق المدنية والسياسية واالقتصادية واالجتماعية‬

‫عبد اإلله أمين‪ ،‬حقوق اإلنسان والحريات العامة المحددات المرجعية والضمانات القانونية والمؤسساتية‪ ،‬سلسلة إضاءات‬ ‫‪548‬‬

‫في الدراسات القانونية‪ ،‬العدد ‪ ،77‬مطبعة صبحي‪ ،‬قلعة السراغنة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مارس ‪ ،1212‬ص ‪.774‬‬
‫الفصل ‪ 77‬من دستور المملكة المغربية لسنة ‪.1277‬‬ ‫‪549‬‬

‫حميد اربيعي‪ ،‬حقوق اإلنسان في المغرب بين الكونية والخصوصية‪ ،‬منشورات مؤسسة عالل الفاسي‪ ،‬مطبعة النجاح‬ ‫‪550‬‬

‫الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،1278 ،‬ص ‪.711‬‬

‫‪P 320‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫والثقافية والبيئية‪ ،‬وعلى سعي الدولة إلى تحقيق المناصفة بينهما‪ .551‬وأكدت على أسمى‬
‫الحقوق اإلنسانية على اإلطالق‪ ،‬وهوالحق في الحياة‪ ،‬وأوكلت حمايته للقانون‪ ،552‬لتتجاوزبذلك‬
‫تجاهله من طرف الدساتير السابقة‪ ،‬و أقرت حق الفرد في سالمة شخصه و أقربائه وحماية‬
‫ممتلكاته‪.553‬‬

‫وتأكيدا منه على أن األصل في الحماية الجنائية للحقوق والحريات يرتبط أساسا‬
‫بالدستوروبالشرعية الدستورية‪ ،554‬اتجه المشرع الدستوري لسنة ‪ 1155‬نحو حظركل أشكال‬
‫التمييزبسبب الجنس أو اللون أو المعتقد أو الثقافة أو االنتماء االجتماعي أو الجهوي أو اللغة أو‬
‫اإلعاقة أو أي وضع شخص ي مهما كان‪ ،555‬عالوة على تجريم مجموعة من الممارسات واألفعال‬
‫الماسة بالحق في الحياة وسالمة األشخاص‪ ،‬مثل المس بالسالمة الجسدية أو المعنوية‬
‫لألشخاص‪ ،‬من قبل أي جهة كانت‪ ،‬عامة أو خاصة‪ ،‬وفي أي ظرف‪ ،‬وممارسة التعذيب بكافة‬
‫أشكاله‪ ،‬وكل المعامالت القاسية أو الالإنسانية أو المهينة أو الحاطة بالكرامة اإلنسانية‪،556‬‬
‫واالعتقال التعسفي أو السري واالختفاء القسري‪ ،557‬واإلبادة وغيرها من الجرائم ضد‬
‫اإلنسانية‪ ،‬وجرائم الحرب وكافة االنتهاكات الجسيمة والممنهجة لحقوق اإلنسان‪.558‬‬

‫كما أسس المشرع الدستوري ملجموعة من المبادئ الدستورية الضامنة للعدالة‬


‫الجنائية‪ ،559‬من خالل تمتيع كل شخص تم اعتقاله بظروف اعتقال إنسانية‪ ،‬وبحقوق أساسية‬
‫من بينها قرينة البراءة والحق في الحصول على محاكمة عادلة‪ ،560‬وحق التقاض ي والطعن في‬

‫الفصل ‪ 77‬من دستور المملكة المغربية لسنة ‪.1277‬‬ ‫‪551‬‬

‫الفصل ‪ 12‬من دستور المملكة المغربية لسنة ‪.1277‬‬ ‫‪552‬‬

‫الفصل ‪ 17‬من دستور المملكة المغربية لسنة ‪.1277‬‬ ‫‪553‬‬

‫أحمد بوز‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 718‬و‪.711‬‬ ‫‪554‬‬

‫تصدير دستور المملكة المغربية لسنة ‪.1277‬‬ ‫‪555‬‬

‫الفصل ‪ 11‬من دستور المملكة المغربية لسنة ‪.1277‬‬ ‫‪556‬‬

‫الفصل ‪ 14‬من دستور المملكة المغربية لسنة ‪.1277‬‬ ‫‪557‬‬

‫الفصل ‪ 14‬من دستور المملكة المغربية لسنة ‪.1277‬‬ ‫‪558‬‬

‫كريم لحرش‪ ،‬الدستور الجديد للمملكة المغربية شرح وتحليل‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة الثالثة‪،‬‬ ‫‪559‬‬

‫‪ ،1217‬ص ‪.722‬‬
‫الفصل ‪ 14‬من دستور المملكة المغربية لسنة ‪.1277‬‬ ‫‪560‬‬

‫‪P 321‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫األحكام القضائية‪ ،561‬والحق في التعويض عن الخطأ القضائي‪ ،562‬تعليل األحكام القضائية‬


‫وصدورها في جلسة علنية‪.563‬‬

‫إلى جانب ذلك‪ ،‬عمل دستور ‪ 1155‬على حماية حق الشخص في حياته الخاصة‪ ،‬بمنع‬
‫االنتهاكات والتجاوزات التي قد تطال حرمة المنزل وسرية االتصاالت الشخصية‪ ،‬وضمن حرية‬
‫التنقل عبرالتراب الوطني واالستقرارفيه ومغادرته والعودة إليه ‪ ،564‬وكفل حماية خاصة لحرية‬
‫الفكر والرأي والتعبيربكل أشكالها‪ ،‬فضال عن حرية اإلبداع والنشروالعرض‪ ،565‬وأكد ألول مرة‬
‫على حق المواطنات والمواطنين في الحصول على المعلومات‪ ،566‬واشتمل على حزمة من‬
‫التدابيرالمرتبطة بحرية الصحافة‪ ،567‬وتولى تأطيروحماية حريات االجتماع والتجمهروالتظاهر‬
‫السلمي وتأسيس الجمعيات واالنتماء النقابي والسياس ي‪ .568‬إضافة إلى تكريس الدستور الحق‬
‫في المشاركة في إدارة الشؤون العامة وتكافؤ الفرص بين الرجال والنساء في ولوج الوظائف‬
‫االنتخابية‪.569‬‬

‫ومن جهة ثانية‪ ،‬أقرت الوثيقة الدستورية معظم الحقوق االقتصادية واالجتماعية‬
‫والثقافية المتضمنة في المواثيق الدولية خاصة العهد الدولي الخاص بالحقوق االقتصادية‬
‫واالجتماعية والثقافي ة‪ ،‬وعملت على تدعيمها بإلقاء عبء تحقيق االستفادة منها على الدولة‬
‫والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية‪ ،‬التي يتوجب عليها تعبئة كل الوسائل المتاحة‪،‬‬
‫لتيسير أسباب استفادة المواطنات والمواطنين‪ ،‬على قدم المساواة منها‪ ،570‬متجاوزة الفراغ‬
‫الدستوري الذي كانت تعرفه الدساتيرالسابقة في هذا املجال‪.‬‬

‫الفصل ‪ 771‬من دستور المملكة المغربية لسنة ‪.1277‬‬ ‫‪561‬‬

‫الفصل ‪ 711‬من دستور المملكة المغربية لسنة ‪.1277‬‬ ‫‪562‬‬

‫الفصل ‪ 713‬من دستور المملكة المغربية لسنة ‪.1277‬‬ ‫‪563‬‬

‫الفصل ‪ 14‬من دستور المملكة المغربية لسنة ‪.1277‬‬ ‫‪564‬‬

‫الفصل ‪ 13‬من دستور المملكة المغربية لسنة ‪.1277‬‬ ‫‪565‬‬

‫الفصل ‪ 11‬من دستور المملكة المغربية لسنة ‪.1277‬‬ ‫‪566‬‬

‫الفصل ‪ 11‬من دستور المملكة المغربية لسنة ‪.1277‬‬ ‫‪567‬‬

‫الفصل ‪ 17‬من دستور المملكة المغربية لسنة ‪.1277‬‬ ‫‪568‬‬

‫الفصل ‪ 42‬من دستور المملكة المغربية لسنة ‪.1277‬‬ ‫‪569‬‬

‫الفصل ‪ 47‬من دستور المملكة المغربية لسنة ‪.1277‬‬ ‫‪570‬‬

‫‪P 322‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫والمالحظ أن حضور الحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية داخل ثنايا الوثيقة‬


‫الدستورية تميز بإعادة التأكيد على الحق في التعليم‪ ،‬وبعض الحقوق االقتصادية‪ ،‬كالحق في‬
‫العمل‪ ،571‬والحقوق النقابية من خالل حق تأسيس النقابات‪ ،572‬والحق في اإلضراب‪ ،573‬وحق‬
‫الملكية وحرية النشاط االقتصادي‪ ،574‬والتكريس الدستوري ألول مرة لبعض الحقوق‬
‫االجتماعية‪ ،‬كالحق في الضمان االجتماعي والحق في السكن والحق في الصحة‪ ،575‬والحق في‬
‫حماية األسرة والطفولة‪ ،576‬إضافة إلى االعتراف بالحقوق الثقافية عبر ترسيم التعددية‬
‫اللغوية‪.577‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬دسترة أصناف جديدة من الحقوق والحريات‪:‬‬

‫دخل المشرع الدستوري المغربي مرحلة حاسمة في تكريسه للحقوق والحريات بانفتاحه‬
‫على الجيل الثالث من حقوق اإلنسان‪ ،‬حيث توقف عند بعض حقوق التضامن من خالل‬
‫تأكيده على الحق في الحصول على الماء‪ ،‬باعتباره من مكونات الوجود وال يمكن ألي كائن‬
‫االستغناء عنه‪ ،‬والحق في العيش في بيئة سليمة‪ ،‬والحق في التنمية المستدامة‪ .578‬وعلى غرارما‬
‫نص عليه بخصوص الحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية‪ ،‬أوجب دستور ‪ 1155‬الدولة‬
‫والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية بضرورة تعبئة كل الوسائل المتاحة قصد تيسير‬
‫أسباب استفادة المواطنات والمواطنين‪ ،‬على قدم المساواة منها‪.‬‬

‫والمالحظ أن المشرع الدستوري لم يقتصر في تكريسه للحقوق البيئية والتنموية على‬


‫األجيال الحاضرة فقط‪ ،‬بل مدها في الزمان لتشمل األجيال القادمة حينما جعل من واجبات‬
‫الدولة العمل على تحقيق تنمية بشرية مستدامة‪ ،‬من شأنها تعزيز العدالة االجتماعية‪،‬‬
‫والحفاظ على الثروات الطبيعية الوطنية‪ ،‬وعلى حقوق األجيال القادمة‪.579‬‬

‫الفصل ‪ 47‬من دستور المملكة المغربية لسنة ‪.1277‬‬ ‫‪571‬‬

‫الفصل ‪ 1‬من دستور المملكة المغربية لسنة ‪.1277‬‬ ‫‪572‬‬

‫الفصل ‪ 17‬من دستور المملكة المغربية لسنة ‪.1277‬‬ ‫‪573‬‬

‫الفصل ‪ 43‬من دستور المملكة المغربية لسنة ‪.1277‬‬ ‫‪574‬‬

‫الفصل ‪ 47‬من دستور المملكة المغربية لسنة ‪.1277‬‬ ‫‪575‬‬

‫الفصل ‪ 41‬من دستور المملكة المغربية لسنة ‪.1277‬‬ ‫‪576‬‬

‫الفصل ‪ 3‬من دستور المملكة المغربية لسنة ‪.1277‬‬ ‫‪577‬‬

‫الفصل ‪ 47‬من دستور المملكة المغربية لسنة ‪.1277‬‬ ‫‪578‬‬

‫الفصل ‪ 43‬من دستور المملكة المغربية لسنة ‪.1277‬‬ ‫‪579‬‬

‫‪P 323‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫وتواصل اعتراف الدستور بالحقوق البيئية والتنموية من خالل توسيع نطاق تطبيق‬
‫القوانين بإضافة الميدان البيئي والتنمية المستدامة‪ ،‬حيث أصبح القانون يختص بالتشريع‬
‫في ميدان القواعد المتعلقة بالبيئة وحماية الموارد الطبيعية والتنمية المستدامة‪ ،‬ويضع إطار‬
‫لألهداف األساسية لنشاط الدولة في الميادين االقتصادية واالجتماعية والبيئية والثقافية‪.580‬‬

‫كما وسع دستور ‪ 1155‬اختصاصات املجلس االقتصادي واالجتماعي لتشمل املجال‬


‫البيئي‪ ،‬وتم إحداث املجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي‪ ،581‬الذي أصبح يبدي رأيه في‬
‫التوجهات العامة في القضايا البيئية والتنمية المستدامة‪ ،‬وألزم الحكومة باستشارة هذا‬
‫املجلس في القضايا ذات الطابع البيئي‪.582‬‬

‫مقابل حقوق التضامن‪ ،‬وسعيا منه إلقرارحقوق بعض الفئات ذات الوضع الخاص‪ ،‬أو‬
‫الفئات األولى بالرعاية‪ ،583‬نص دستور‪ 1155‬على مجموعة من الحقوق والحريات الفئوية‪ ،‬كما‬
‫هوالشأن فيما يخص المغاربة المقيمين بالخارج‪ ،‬الذين حرص على تمكينهم من التمتع بحقوق‬
‫المواطنة كاملة‪ ،‬بما فيها الحق في التصويت والترشيح في االنتخابات‪ ،584‬وضمان أوسع مشاركة‬
‫لهم في المؤسسات االستشارية وهيئات الحكامة الجيدة‪ ،585‬ونص على مجلس الجالية المغربية‬
‫بالخارج‪ ،‬باعتباره مؤسسة دستورية‪ ،‬يعهد إليها تأمين الحفاظ على عالقات قوية مع هويتهم‬
‫الوطنية وضمان حقوقهم وصيانة مصالحهم‪.586‬‬

‫كما متع المشرع الدستوري األجانب‪ ،‬وألول مرة في تاريخ المغرب‪ ،‬بمجموعة من الحقوق‬
‫والحريات‪ ،‬على رأسها االعتراف لهم بالحريات األساسية التي يتمتع بها المواطنون المغاربة‪،‬‬

‫الفصل ‪ 17‬من دستور المملكة المغربية لسنة ‪.1277‬‬ ‫‪580‬‬

‫الفصل ‪ 737‬من دستور المملكة المغربية لسنة ‪.1277‬‬ ‫‪581‬‬

‫الفصل ‪ 731‬من دستور المملكة المغربية لسنة ‪.1277‬‬ ‫‪582‬‬

‫أحمد بوز‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.714‬‬ ‫‪583‬‬

‫الفصل ‪ 71‬من دستور المملكة المغربية لسنة ‪.1277‬‬ ‫‪584‬‬

‫الفصل ‪ 71‬من دستور المملكة المغربية لسنة ‪.1277‬‬ ‫‪585‬‬

‫الفصل ‪ 784‬من دستور المملكة المغربية لسنة ‪.1277‬‬ ‫‪586‬‬

‫‪P 324‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫وفقا لما يحدده القانون‪ ،‬وتمكين المقيمين منهم بالمغرب من المشاركة في االنتخابات‬
‫املحلية‪ ،587‬محدثا بذلك طفرة نوعية هامة‪.588‬‬

‫كما أولى دستور‪ 1155‬عناية للشباب حينما حث السلطات العمومية على اتخاذ التدابير‬
‫المالئمة من أجل توسيع وتعميم مشاركتهم في التنمية االقتصادية واالجتماعية والثقافية‬
‫والسياسية للبالد‪ ،‬ومساعدتهم على االندماج في الحياة النشيطة والجمعوية وتقديم المساعدة‬
‫للذين تعترضهم صعوبة في التكيف المدرس ي أو االجتماعي أو المنهي‪ ،‬وتيسير ولوجهم للثقافة‬
‫والعلم والتكنولوجيا‪ ،‬والفن والرياضة واألنشطة الترفيهية‪ ،‬وتوفير الظروف المواتية لتفتق‬
‫طاقاتهم الخالقة واإلبداعية في كل املجاالت‪ ،589‬مع التأكيد على إحداث مجلس استشاري‬
‫للشباب والعمل الجمعوي‪ ،‬كهيئة استشارية في ميادين حماية الشباب والنهوض بتطوير الحياة‬
‫الجمعوية‪ ،‬وهو مكلف بدراسة وتتبع المسائل التي تهم هذه الميادين‪ ،‬وتقديم اقتراحات حول‬
‫كل موضوع اقتصادي واجتماعي وثقافي يهم مباشرة النهوض بأوضاع الشباب والعمل‬
‫الجمعوي‪ ،‬وتنمية طاقاتهم اإلبداعية‪ ،‬وتحفيزهم على االنخراط في الحياة الوطنية‪ ،‬بروح‬
‫المواطنة المسؤولة‪.590‬‬

‫وفي نفس اإلطار‪ ،‬لم يغفل المشرع الدستوري األشخاص والفئات ذوي االحتياجات‬
‫الخاصة‪ ،‬حيث ألزم السلطات العامة بوضع وتفعيل سياسات موجهة لصالح هذه الفئات‪،‬‬
‫تتمثل بالخصوص في معالجة األوضاع الهشة لفئات من النساء واألمهات‪ ،‬واألطفال‬
‫واألشخاص المسنين‪ ،‬والوقاية منها‪ ،‬وإعادة تأهيل األشخاص الذين يعانون من إعاقة‬
‫جسدية‪ ،‬أو حسية حركية‪ ،‬أوعقلية‪ ،‬وإدماجهم في الحياة االجتماعية والمدنية‪ ،‬وتيسير تمتعهم‬
‫بالحقوق والحريات المعترف بها للجميع‪ ،591‬والسهرعلى ضمان تكافؤ الفرص للجميع‪ ،‬والرعاية‬
‫الخاصة للفئات االجتماعية األقل حظا‪.592‬‬

‫الفصل ‪ 42‬من دستور المملكة المغربية لسنة ‪.1277‬‬ ‫‪587‬‬

‫الشريف تيشيت‪ ،‬الحقوق والحريات األساسية في ظل دستور ‪ ،1277‬ضمن دستور ‪ 1277‬بعد خمس سنوات‪ :‬حصيلة‬ ‫‪588‬‬

‫وآفاق‪ ،‬مجلة مسالك الفكر والسياسة واالقتصاد‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬العدد ‪ ،1278 ،42-47‬ص ‪.31‬‬
‫الفصل ‪ 44‬من دستور المملكة المغربية لسنة ‪.1277‬‬ ‫‪589‬‬

‫الفصل ‪ 712‬من دستور المملكة المغربية لسنة ‪.1277‬‬ ‫‪590‬‬

‫الفصل ‪ 44‬من دستور المملكة المغربية لسنة ‪.1277‬‬ ‫‪591‬‬

‫الفصل ‪ 43‬من دستور المملكة المغربية لسنة ‪.1277‬‬ ‫‪592‬‬

‫‪P 325‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫خاتمة‪:‬‬

‫إن البحث في تكريس دستور‪ 1155‬للحقوق والحريات جعلنا نقف أمام نقلة بنيوية نوعية‬
‫في مجال دسترة الحقوق والحريات‪ ،‬حيث انخرطت الوثيقة الدستورية عمليا في جيل دساتير‬
‫الحقوق والحريات‪ ،‬وبوأتها مكانة مهمة على المستوى الكمي‪ ،‬بإحداث باب خاص بالحريات‬
‫والحقوق األساسية‪ ،‬وزيادة عدد الفصول الخاصة بها‪ ،‬وعلى المستوى النوعي‪ ،‬عبرتأكيدها على‬
‫المرجعية الدولية لحقوق اإلنسان‪ ،‬وسمو االتفاقيات الدولية على التشريعات الوطنية‪ ،‬وعبر‬
‫تضمين الئحة مفصلة بعدد من الحقوق والحريات التي تحتوي عليها الصكوك الدولية‬
‫واإلقليمية لحقوق اإلنسان‪ ،‬بعضها كان إلى زمن قريب عبارة عن طموحات وأحالم‪.‬‬

‫بيد أن دستور ‪ 1155‬وإن كان يبدو‪ ،‬على هذا المستوى‪ ،‬مسايرا للتجارب الدستورية‬
‫المقارنة في عدد من الجوانب‪ ،‬فإن ذلك لم يمنع من تسجيل بعض الحدود والقيود التي تكتنف‬
‫التكريس الدستوري للحقوق والحريات‪ .‬ويظهر ذلك جليا من خالل ربطه التمتع ببعض تلك‬
‫الحقوق والحريات بعدم التعارض مع عدد من الثوابت‪ ،‬وهوما يسمح بإمكانية استغاللها للحد‬
‫من الحقوق والحريات‪ .‬باإلضافة إلى صياغة بعض الحقوق والحريات في شكل مساعي‬
‫ومتنمنيات‪ ،‬وجعلها مجرد أهداف ستعمل الدولة من أجل تحقيقها‪ ،‬إن توفرت اإلمكانيات‪،‬‬
‫وليس التزامات تقع على الدولة مسؤولية ضمانها‪ ،‬وهو ما ينطبق على الحقوق والحريات ذات‬
‫الطابع االقتصادي واالجتماعي والثقافي وحقوق الجيل الثالث‪.‬‬

‫الئحة المراجع‪:‬‬

‫الكتب‪:‬‬

‫أحمد بوز‪ ،‬القانون الدستوري لحقوق اإلنسان‪ :‬دراسة في الحماية الدستورية‬ ‫‪‬‬
‫للحقوق والحريات في المغرب والتجارب المقارنة‪ ،‬مطبعة شمس برينت‪ ،‬سال‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫‪1111‬؛‬

‫عبد اإلله أمين‪ ،‬حقوق اإلنسان والحريات العامة املحددات المرجعية‬ ‫‪‬‬
‫والضمانات القانونية والمؤسساتية‪ ،‬سلسلة إضاءات في الدراسات القانونية‪ ،‬العدد ‪،55‬‬
‫مطبعة صبحي‪ ،‬قلعة السراغنة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مارس ‪1111‬؛‬

‫‪P 326‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫كريم لحرش‪ ،‬الدستورالجديد للمملكة المغربية شرح وتحليل‪ ،‬مطبعة النجاح‬ ‫‪‬‬
‫الجديدة‪ ،‬الدارالبيضاء‪ ،‬الطبعة الثالثة‪1115 ،‬؛‬

‫محمد أتركين‪ ،‬الدستوروالدستورانية من دساتيرفصل السلط إلى دساتيرصك‬ ‫‪‬‬


‫الحقوق‪ ،‬سلسلة الدراسات الدستورية (‪ ،)5‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪.1119 ،‬‬

‫األطروحات والرسائل‪:‬‬

‫فدوا بنبنعيس ى‪ ،‬مدى فعالية الحماية الوطنية لحقوق اإلنسان بالمغرب‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬جامعة موالي اسماعيل‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬مكناس‪ ،‬السنة الجامعية ‪1159-1156‬؛‬

‫محمد نويري‪ ،‬دور القضاء الدستوري في حماية الحقوق والحريات األساسية‬ ‫‪‬‬
‫بالمغرب‪ :‬دراسة تحليلية مقارنة‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬جامعة محمد‬
‫األول‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬وجدة‪ ،‬السنة الجامعية ‪.1157-1159‬‬

‫المقاالت‪:‬‬

‫أحمد مفيد‪ ،‬ضمانات الحقوق والحريات األساسية في دستور ‪ ،1155‬في دستور‬ ‫‪‬‬
‫حقوق اإلنسان قراءات و أبحاث‪ ،‬منشورات املجلة المغربية للسياسات العمومية‪ ،‬سلسلة‬
‫دفاترحقوق اإلنسان ‪ ،5‬عدد ‪1151 ،7‬؛‬

‫الشريف تيشيت‪ ،‬الحقوق والحريات األساسية في ظل دستور ‪ ،1155‬ضمن‬ ‫‪‬‬


‫دستور ‪ 1155‬بعد خمس سنوات‪ :‬حصيلة و آفاق‪ ،‬مجلة مسالك الفكر والسياسة واالقتصاد‪،‬‬
‫مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬العدد ‪1156 ،11-17‬؛‬

‫المصطفى بوكرين‪ ،‬المعاهدات الدولية بين السمو الدستوري و إقرار رقابة‬ ‫‪‬‬
‫املحكمة الدستورية‪ ،‬ضمن القضاء الدستوري المغربي‪ :‬المستجدات واآلفاق‪ ،‬منشورات‬
‫املجلة المغربية لألنظمة القانونية والسياسية‪ ،‬العدد الخاص رقم ‪ ،57‬مطبعة األمنية‪ ،‬الرباط‪،‬‬
‫الطبعة ‪1157 ،5‬؛‬

‫‪P 327‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫حميد اربيعي‪ ،‬حقوق اإلنسان في المغرب بين الكونية والخصوصية‪ ،‬منشورات‬ ‫‪‬‬
‫مؤسسة عالل الفاس ي‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدارالبيضاء‪ ،‬الطبعة األولى‪1156 ،‬؛‬

‫صالح أزحاف‪ ،‬التحول النوعي للحقوق والحريات األساسية في الدستور‬ ‫‪‬‬


‫المغربي‪ ،‬منشورات املجلة المغربية لألنظمة القانونية والسياسية‪ ،‬العدد ‪1157 ،51‬؛‬

‫عادلة الوردي‪ ،‬مكانة االتفاقيات الدولية في الدستور المغربي‪ ،‬ضمن دستور‬ ‫‪‬‬
‫‪ 1155‬بالمغرب‪ :‬مقاربات متعددة‪ ،‬منشورات مجلة الحقوق‪ ،‬العدد ‪1151 ،1‬؛‬

‫محمد مرحوم‪ ،‬حقوق اإلنسان بين التنصيص الدستوري وحماية املحكمة‬ ‫‪‬‬
‫الدستورية‪ ،‬مجلة القانون المغربي‪ ،‬العدد ‪ ،17‬يناير‪1157‬؛‬

‫ميمون خراط‪ ،‬حقوق اإلنسان في الدستور المغربي بين السمو الكوني‬ ‫‪‬‬
‫والخصوصية الوطنية‪ ،‬ضمن دستور ‪ 1155‬بالمغرب‪ :‬مقاربات متعددة‪ ،‬منشورات مجلة‬
‫الحقوق‪ ،‬العدد ‪1151 ،1‬؛‬

‫يوسف البحيري‪ ،‬تأصيل مسؤولية الدولة المغربية في مجال حقوق اإلنسان‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫المكتسب والرهان‪ ،‬ضمن المواطنة وحقوق اإلنسان بالمغرب‪ ،‬سلسلة الندوات واأليام‬
‫الدراسية‪ ،‬العدد ‪ ،11‬المطبعة والور اقة الوطنية الحي املحمدي الداوديات‪ ،‬مراكش‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪.1111 ،‬‬

‫القوانين‪:‬‬

‫دستور المملكة المغربية لسنة ‪ ،5771‬الصادر األمر بتنفيذه الظهير الشريف‬ ‫‪‬‬
‫رقم ‪ 5.71.511‬بتاريخ ‪ 55‬ربيع اآلخر‪ 7( 5151‬أكتوبر‪ ،)5771‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 1591‬بتاريخ‬
‫‪ 51‬ربيع اآلخر‪ 51 ( 5151‬أكتوبر‪ ،)5771‬ص ‪5111-5119‬؛‬

‫دستور المملكة المغربية لسنة ‪ ،5776‬الصادر األمر بتنفيذه الظهير الشريف‬ ‫‪‬‬
‫رقم ‪ 5.76.519‬بتاريخ ‪ 11‬جمادى األولى ‪ 9( 5159‬أكتوبر ‪ ،)5776‬الجريدة الرسمية عدد ‪1111‬‬
‫بتاريخ ‪ 16‬جمادى األولى ‪ 51( 5159‬أكتوبر ‪ ،)5776‬ص ‪1171-1171‬؛‬

‫‪P 322‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫دستور المملكة المغربية لسنة ‪ ،1155‬الصادر األمر بتنفيذه الظهير الشريف‬ ‫‪‬‬
‫رقم ‪ 5.55.75‬بتاريخ ‪ 19‬شعبان ‪ 17( 5111‬يوليوز ‪ ،)1155‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 1761‬مكرر‬
‫بتاريخ ‪ 17‬شعبان ‪ 11( 5111‬يوليوز‪ ،)1155‬ص ‪.1619-1611‬‬

‫‪P 327‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫إشكالية تنفيذ الأحكام القضائية ضد الإدارة‬


‫‪The problematic implementation of judicial rulings against the administration‬‬
‫ملخص‪:‬‬

‫تعد إشكالية عدم تنفيذ األحكام القضائية النهائية الصادرة في مواجهة اإلدارة إشكالية‬
‫معقدة ألن تعكس من جهة مصلحة ذوي الحقوق يتعين تجسيدا لدولة الحق و القانون‪ ،‬ومن‬
‫جهة أخرى الحفاظ على استمرارية المرفق العمومي‪ ،‬فإذا كانت هذه اإلشكالية تضرب في العمق‬
‫مصالح ذوي الحقوق بسبب عدم تنفيذ األحكام الصادرة في مواجهة اإلدارة بحيث إن هذا األمر‬
‫يحول دون تحصيل أصحاب األحكام القضائية لحقوقهم‪ ،‬وهذا فيه مساس بالحقوق التي‬
‫يفترض أن ال قضاء بأحكامه هو حاميها‪ ،‬فإنه أحيانا قد تقدم بعض المسوغات التي تتذرع بها‬
‫اإلدارة كالحفاظ على استمرارية خدمات المرفق العام من أجل االمتناع عن تنفيذ األحكام‬
‫القضائية النهائية‪ ،‬غيرأنه ال ينبغي التوسع في الذرائع التي تقدمها اإلدارة‪ ،‬و إنما ينبغي حصرها‬
‫في الحدود الدنيا احتراما لهيبة القضاء‪ ،‬وحفاظا على مبدأ المشروعية‪ ،‬وصونا لدولة الحق‬
‫والقانون بحيث ال يعقل أن يسلك المتقاض ي المسطرة القضائية من أجل تحصيل حقوقه أو‬
‫استرجاعها بما تتطلبه هذه المسطرة من إجراءات طويلة و معقدة ليجد نفسه أمام أحكام‬
‫قضائية غيرمنفذة في مواجهة اإلدارة لذلك يقتض ي األمرالنظرفي اآلليات الكفيلة لضمان تنفيذ‬
‫األحكام الصادرة في مواجهة اإلدارة‪.‬‬

‫تمهيد‪:‬‬

‫تثير إشكالية تنفيذ األحكام القضائية ضد اإلدارة نقاشا فقهيا و قانونيا ألنها مرتبطة‬
‫بشكل عميق بمنزلة الدولة و مؤسساتها فيما يتعلق بتطبيق القانون‪ ،‬ومدى مشروعية تمييزها‬
‫عن األشخاص الطبيعيين علما أن لإلدارة تصرفات قانونية تخولها امتياز السلطة العامة من‬
‫قبيل استعمال القوة العمومية‪ ،‬وسلطة نزع الملكية‪ ،‬كما أنها لها تصرفات تنزل بالدولة إلى‬
‫مرتبة الشخص الطبيعي من قبيل التعويض عن الضرر‪ ،‬وذلك بحكم التحوالت التي عرفها‬
‫مجال تدخلها وأدو اته‪ ،‬وبحكم التطورات القانونية و الحقوقية المواكبة‪ ،‬وكذا االجتهادات‬

‫‪P 330‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫القضائية و الفقهية التي اختلفت في تحديد عدد من المفاهيم كالمصلحة العامة‪ ،‬و المرفق‬
‫العام و غيرهما‪ ،‬ففي حالة عدم تنفيذ األحكام القضائية النهائية‪ ،‬فإن هذه األحكام تبقى بدون‬
‫جدوى مادام أن المعني بها ال يستطيع استيفاء حقه فعال بتنفيذ الحكم بسبب امتناع اإلدارة‬
‫عن تنفيذ هذه األحكام أو تماطلها‪ ،‬وال ينص القانون املحدث للمحاكم اإلدارية على مقتضيات‬
‫خاصة لمواجهة امتناع اإلدارة عن تنفيذ األحكام الصادرة ضدها‪ ،‬ولذا فالمرجع الممكن‬
‫اعتماده هو المادة السابعة من القانون ‪ 15-71‬املحدث للمحاكم اإلدارية التي تحيل على‬
‫مقتضيات المسطرة المدنية‪ ،‬ولعل هذا الفراغ القانوني الذي يعاني منه القضاء اإلداري‬
‫المغربي هو ما يدعم امتناع اإلدارة عن تنفيذ األحكام الصادرة ضدها تحت ذرائع متعددة‪ ،‬فإذا‬
‫كان تنفيذ األحكام القضائية ضد الخواص سواء أكانوا طبيعيين أومعنويين ألن القاض ي العادي‬
‫يتوفر على وسائل اإلكراه و الجبر‪ ،‬فإن القاض ي اإلداري ال يملك أية سلطة إلكراه اإلدارة على‬
‫التنفيذ‪ ،‬كما أن هذا الفراغ القانوني يتيح إمكانيات واسعة للدولة و مؤسساتها للتحجج بعدم‬
‫توفرأو عدم كفاية االعتمادات المالية‪ ،‬أو عدم وضوح نص الحكم القضائي وبالتالي الحاجة إلى‬
‫تأويله و تفسيره‪ ،‬أو برؤيتها الضيقة و املحافظة على النظام العام و المصلحة العامة‪ ،‬ففي‬
‫الحاالت التي تمتنع فيها اإلدارة عن تنفيذ األحكام القضائية الصادرة ضدها فإن هذا األمريكرس‬
‫االنطباع بأن اإلدارة ال تحترم مبدأ المشروعية الذي يجب أن يلتزم به الجميع على قدم‬
‫المساواة‪ ،‬إذ يفترض في اإلدارة أن تشكل النموذج بالنسبة للغير في االلتزام بالقوانين‪ ،‬وتنفيذ‬
‫األحكام القضائية الصادرة ضدها‪ ،‬فمبدأ المشروعية هو مظهر أساس ي لدولة القانون يقتض ي‬
‫من خالله احترام اإلدارة للقانون بمفهومه الواسع‪ ،‬بما فيها أحكام القضاء في الحاالت التي‬
‫تخاطب فيها‪ ،‬فرغم وجود قرينة السالمة التي تتمتع بها أعمال اإلدارة االنفرادية أو التعاقدية‪،‬‬
‫فإن هذا األمر ال يمنع من خروج اإلدارة عن مسارها الصحيح مما يجعل أعمالها عرضة للطعن‬
‫أمام القضاء اإلداري‪ ،‬فاإلدارة ملزمة باحترام سلطة القضاء وتنفيذ أحكامه النافذة‪ ،‬وقد يتجلى‬
‫هذا االمتناع في عدة مظاهر منها‪ :‬االمتناع الصريح في شكل قرار إداري جديد يخلق وضعية‬
‫جديدة يصبح معه تنفيذ الحكم مستحيال‪ ،‬وقد يتخذ االمتناع شكل التنفيذ المعيب عن طريق‬
‫التنفيذ المتأخرأو التنفيذ الناقص‪.‬‬

‫‪P 331‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫املحوراألول‪ :‬تعدد األسباب المانعة من تنفيذ اإلدارة من تنفيذ األحكام الموجهة ضدها‪.‬‬

‫يعد تنفيذ األحكام القضائية النهائية مسألة وجوبية إذ ال معنى لوجود هذه األحكام من‬
‫دون تنفيذ‪ ،‬لذلك يفترض في اإلدارة أن تلتزم باألحكام القضائية بطريقة اختيارية احتراما للقضاء‬
‫و القانون السيما وأن مسطرة التقاض ي تتميز بتعقد إجراءاتها وطولها‪ ،‬وإال فصاحب الحق‬
‫سيكون مضطرا للجوء إلى الوسائل القانونية المتاحة من أجل إجبارها على التنفيذ‪،‬‬
‫يتقرر إيقافها‪594‬‬ ‫فالمقتضيات الدستورية‪ 593‬تنص على أن األحكام القضائية النهائية التي لم‬
‫الصادرة عن القضاء ملزمة للجميع‪ ،‬ويجب على السلطات العمومية تقديم المساعدة الالزمة‬
‫لتنفيذ هذه األحكام ألن عدم تنفيذ األحكام القضائية يمس في الصميم هيبة و حرمة القضاء‪،‬‬
‫فاإلخالل بمبدأ عدم احترام األحكام يصير بمبدأ المشروعية إلى العدم‪ ،595‬فما يطمح إليه كل‬
‫متقاض من رفع دعواه لدى القضاء اإلداري ليس هو إغناء االجتهاد القضائي في المادة اإلدارية‬
‫بل استصدار حكم لصالحه يحمي حقوقه المعتدى عليها من طرف اإلدارة مع ترجمة منطوقه‬
‫على أرض الو اقع بتنفيذه‪ ،‬وعليه فالجميع يتفق على ضرورة تنفيذ األحكام القضائية غير أن‬
‫اإلدارة قد تجد نفسها أمام صعوبة التنفيذ ألسباب قانونية أو و اقعية‪ ،‬وأحيانا ملجرد التأخيرو‬
‫التماطل من اإلدارة‪ ،‬وهذا األمر يثير مجموعة من التساؤالت‪ :‬ماهي الوسائل الكفيلة لحث‬
‫اإلدارة على التنفيذ؟ وهل يمكن اللجوء إلى وسائل التنفيذ الجبري إلرغامها على التنفيذ؟ وماهي‬
‫اإلشكاليات المتولدة في حالة التنفيذ الجبري على اإلدارة؟ وكيف يمكن التوفيق بين إلزامية‬
‫تنفيذ األحكام القضائية النهائية و بين متطلبات الحفاظ على سير المر افق العمومية و عدم‬
‫تعطيل خدماتها؟‬

‫المبحث األول‪ :‬األسباب الموضوعية والقانونية المؤدية إلى عدم تنفيذ األحكام‬
‫القضائية الصادرة ضد اإلدارة‪.‬‬

‫تتعدد األسباب التي تدفع اإلدارة إلى االمتناع عن تنفيذ األحكام القضائية بحيث يمكن‬
‫الحديث في الشق األول عن األسباب الموضوعية و القانونية السيما وأن "املحاكم اإلدارية ال‬
‫تتوفر على مرجعية قانونية خاصة بها بشأن األحكام الصادرة عنها التي يظل إطارها القانوني‬

‫‪ -593‬الفصل (‪ )446‬من الدستور‪.‬‬


‫‪ -594‬ينص الفصل ‪ 764‬من قانون المسطرة المدنية على ما يلي‪ ":‬ال يوقف الطعن أمام محكمة النقض التنفيذ إال في األحوال اآلتية‪:‬‬
‫األحوال الشخصية‪ ،‬والزور الفرعي‪ ،‬و التحفيظ"‪ ،‬عالوة على ذلك يمكن للمحكمة بطلب صريح من رافع الدعوى و بصفة استثنائية أن‬
‫تأمر بإيقاف األحكام و القرارات الصادرة في القضايا اإلدارية و مقررات السلطات اإلدارية التي وقع ضدها طلب اإللغاء‪.‬‬
‫‪ " -595‬تنفيذ األحكام اإلدارية" لحسني سعد عبد الواحد‪ ،‬مطابع المجلي الوطني للدفاع‪ ،‬القاهرة‪ ،4891 ،‬ص‪.1‬‬

‫‪P 332‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫مستمد من القواعد العامة للتنفيذ الجبري المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية بينما‬
‫لم يخصص القانون املحدث للمحاكم اإلدارية أهمية كبيرة لموضوع تنقيذ أحكام القضاء‬
‫اإلداري مشيرا فقط إلى أن التنفيذ يتم بواسطة كتابة ضبط املحكمة التي أصدرت الحكم‪ ،‬في‬
‫الوقت الذي كان يفترض فيه أن يدقق هذا القانون في اإلجراءات و التدابير الكفيلة بتنفيذ‬
‫األحكام القضائية الصادرة ضد اإلدارة ألنه ال معنى لوجود قضاء إداري ال تنفذ أحكامه مادام‬
‫أن من أبرز الغايات التي يتوخاها المتقاض ي من لجوئه للقضاء هو استيفاء حقوقه و الدفاع‬
‫عنها أمام االعتداء أم التعسف أو الشطط‪ ،‬وعليه فاملحكوم لفائدته يواجه العديد من‬
‫الصعوبات في سبيل تنفيذ األحكام القضائية الصادرة في مواجهة اإلدارة‪ ،‬فالقضاء اإلداري‬
‫يصدرأحكاما قضائية ضد اإلدارة إما بإلغاء قراراتها غيرالمشروعة أو الحكم عليها بالتعويض‪،‬‬
‫إال أنه ال يتوفر على سلطة حقيقية إلجبارها على التنفيذ لعدم توفره على الوسائل المادية و‬
‫القانونية للقيام بذلك"‪ ،596‬فإلى جانب هذا السبب المتمثل في غياب إطارقانوني خاص بتنفيذ‬
‫األحكام القضائية الصادرة في مواجهة اإلدارة‪ ،‬هناك صعوبات قانونية أخرى تتمثل أساسا في‬
‫صعوبة تفسير الحكم القضائي أو فهم مقصوده‪ ،‬إال أن هذه الصعوبة" ال تعطي لإلدارة حق‬
‫التملص من التزاماتها بتنفيذ الحكم تنفيذا كامال و صحيحا ألنها يمكنها اللجوء إلى الجهة‬
‫القضائية المصدرة للحكم لتستفسرها عن كيفية تنفيذ أحكامها حين يكون هناك ما يدعو‬
‫للشك في تفسيرها"‪ ،597‬وعليه لتجاوزهذه الصعوبة يفترض أن يكون منطوق األحكام القضائية‬
‫واضحا يزيل التفسيرات المتعددة التي تتذرع بها اإلدارة للتماطل او االمتناع عن تنفيذ األحكام‬
‫القضائية‪ ،‬وكذلك يساهم في تسهيل إجراءات التنفيذ و تسريعها‪ ،‬كما ينص قانون المسطرة‬
‫المدنية‪ 598‬على قيام عون التنفيذ باإلجراءات المتعلقة بطرق التنفيذ في حالة رفض المدين‬
‫الوفاء بالدين املحكوم به دون األحكام التي تقض ي بإلغاء القرارات الصادرة عن السلطات‬
‫اإلدارية "بسبب التجاوز في استعمال السلطة التي ال تقض ي بأي حق مالي حتى يتأتى اعتماد‬
‫مسطرة التنفيذ الجبري بشأنها أوتوجيه أوامرإلى اإلدارة من أجل إجبارها على التنفيذ باالعتماد‬
‫على أنه‪ :‬ليس للشخص المتضرر من عدم التنفيذ أن يطلب من املحكمة اإلدارية إصدار أمر‬
‫لإلدارة الممتنعة عن التنفيذ من أجل االمتثال لحكمه لما في ذلك من تطاول على مبدأ فصل‬

‫‪ " -596‬القضاء اإلداري المغربي" لحسن صحيب‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية و التنمية‪ ،‬ع ‪ ،99‬الدار البيضاء‪ ،‬ط ‪ ،4999‬ص‬
‫‪.181‬‬
‫‪ " -597‬إشكالية تنفيذ األحكام القضائية في مواجهة اإلدارة" لحميد أمالل‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،4999 ،‬ص‪.41‬‬
‫‪ -598‬الفقرة األخيرة من الفصل ‪ 119‬من ق‪.‬م‪.‬م‬

‫‪P 333‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫السلطات"‪ ،599‬ومن بين األسباب القانونية هو تعارض قواعد تنفيذ األحكام اإلدارية مع ظهير‬
‫‪ ،5711‬فهذا الظهيرينص على أن األحكام والقرارات التي تكون بمقتضاها الخزينة العامة أوأحد‬
‫الصناديق التابعة إلدارة عمومية ملزمة باألداء ال يمكن تنفيذها في حالة ما إذا طلب فيها النقض‬
‫إال تحت مسؤولية األطراف الذي حصلوا عليه بإعطائهم ضمانات حسب الشروط المقررة في‬
‫هذا الظهير‪ ،600‬وعليه فغالبا ما تتمسك اإلدارة بطلبها بالنقض ضد سند التنفيذ‪ ،‬وامتناعها‬
‫لذلك عن تنفيذه أو تثير بشأنه صعوبات قانونية باالعتماد على هذا الطعن االستثنائي‪ ،‬وقد‬
‫اعتبر قاض ي التنفيذ باملحكمة اإلدارية بالرباط في معرض صرفه النظر عن الصعوبة المثارة"‬
‫إن مقتضيات ظهير‪ 5711‬املحتج بخرقها مستبعدة من التطبيق بقواعد المسطرة المدنية التي‬
‫جاءت الحقة على الظهير المذكور‪ ،‬ومسندة بشكل صريح ملحكمة النقض إمكانية إيقاف تنفيذ‬
‫األحكام القضائية النهائية الصادرة في المادة اإلدارية سواء بالكفالة أو بدونها"‪ ،601‬أما محكمة‬
‫النقض فاعتبرت " أن أحكام ظهير ‪ 5711‬ألغيت صراحة بمقتض ى الفصل الخامس من ظهير‬
‫‪ 5791‬المتعلق بالمصادقة على قانون المسطرة المدنية الذي حدد الحاالت التي يتعين فيها‬
‫إيقاف التنفيذ بسبب الطعن بالنقض‪ ،‬وهو الفصل الواجب التطبيق في النازلة‪ ،‬فمحكمة‬
‫االستئناف حين اعتبرت أن الطعن بالنقض في القرارالقاض ي باألداء بوقف التنفيذ اعتمادا على‬
‫ظهير ‪ 5711‬الذي تم إلغاؤه تكون قد طبقت مقتضيات قانونية غير نافذة تم إلغاؤها‪ ،‬فكان‬
‫قرارها خارقا للقانون مما يتعين معه التصريح بنقض القرار المطعون فيه"‪ .602‬ومن بين‬
‫األسباب المؤدية إلى عدم تنفيذ األحكام القضائية هو اصطدام تنفيذ أحكام القضاء الشامل‬
‫بإكراهات برمجة بند في الميزانية‪ ،‬فهذا األمر ينسحب أيضا على قضايا االعتداء المادي التي‬
‫أفرزت األحكام الصادرة بمناسبتها في مواجهة الدولة في نطاق الفصل ‪ 97‬من قانون االلتزامات و‬
‫العقود‪ ،‬تعذرتنفيذ بسبب عدم توفرالدولة على بند في الميزانية مخصص لتنفيذ هذه األحكام‬
‫على غرار البند المسمى بالتحمالت المشتركة التي تقتطع منه كل المبالغ المالية في إطار‬
‫التعويض عن األضرار التي تسببها األشياء المملوكة للدولة من خالل قيام الوكيل القضائي‬
‫للمملكة بإعداد لقوائم من أجل عرضها على وزير المالية بصفته اآلمر بالصرف‪ ،‬ثم على قسم‬
‫الميزانية و املحاسبة الذي ييهئ االلتزام من أجل عرضه في مرحلة موالية على المر اقب المالي‬

‫‪ -599‬قرار الغرفة اإلدارية بمحكمة النقض الصادر بتاريخ ‪ ،4881-91-44‬الذي اعتبر أن امتناع اإلدارة عن التنفيذ ال يخول للقاضي‬
‫اإلداري إصدار أمر لإلدارة من أجل التنفيذ وأنه ليس على المحكوم لفائدته سوى طرق باب قضاء اإللغاء أو قضاء التعويض‪.‬‬
‫‪ -600‬الفصل األول من ظهير ‪.4811-96-41‬‬
‫‪ -601‬أمر صادر عن رئيس المحكمة اإلدارية بالرباط بتاريخ ‪ 4944-99-41‬في الملف ‪.4944/697‬‬
‫‪ -602‬قرار محكمة النقض عدد ‪ 191‬بتاريخ ‪ 4998-94-44‬منشور بمجلة مجلس القضاء األعلى‪ ،‬عدد ‪ ،14‬ص ‪.418‬‬

‫‪P 334‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫بهدف التأشير عليه ليحول في نهاية المطاف إلى جهة الخزينة العامة للمملكة التي تتولى أداء‬
‫المبلغ للطرف المعني‪ ،‬فنقص االعتمادات المالية تتعلق أساسا بمبدأ سنوية الميزانية‬
‫المعمول بها في المغرب‪ ،‬وبالتالي فإن صدور حكم يقض ي بأداء مبلغ مالي يصطدم أثناء تنفيذه‬
‫بغياب اعتمادات مخصصة لهذه الغرض داخل بنود الميزانية‪ ،‬لذا فتنفيذ هذه األحكام يقتض ي‬
‫انتظار برمجة االعتمادات خالل السنة المالية الموالية باستثناء بعض المؤسسات التي تعمل‬
‫بشكل مسبق على تخصيص االعتمادات لتنفيذ األحكام القضائية‪ ،‬وعليه يتعين على‬
‫المؤسسات األخرى إعداد دراسات توقعية من أجل توقع األحكام الصادرة ضدها والمبالغ‬
‫املحكوم بها من أجل تدبيرتنفيذ األحكام الصادرة ضدها‪ ،‬ففي الكثيرمن الحاالت تختبئ اإلدارة‬
‫وراء انعدام أو قلة الموارد الكفيلة بتنفيذ الحكام القضائية‪ ،‬فقد اعتبرجانب من الفقه أن هذا‬
‫األمرفيه شطط في استعمال السلطة يستوجب التعويض فضال عن أن الدولة يفترض فيها مألة‬
‫الذمة‪ ،‬ومن بين األسباب القانونية التي تؤدي باإلدارة إلى االمتناع عن تنفيذ األحكام القضائية‬
‫هو الحفاظ على األمن النظام العام بحيث يعد الحفاظ على األمن و النظام العام بصوره‬
‫الثالث( الصحة‪ ،‬األمن‪ ،‬السكينة) من أهم أسباب وجود اإلدارة‪ ،‬لذلك فإذا كان " تنفيذ الحكم‬
‫القضائي من شأنه المساس باألمن العام و إيقاع الخلل بالمصالح اإلدارية والمر افق العامة‬
‫فإنه ال يتم تنفيذه"‪ ،603‬وهنا تجد األحكام القضائية نفسها أمام مصلحتين كلتاهما تؤدي إلى‬
‫الحفاظ على النظام العام‪ ،‬فمن جهة فتنفيذ األحكام القضائية النهائية يساهم في االستقرار‬
‫االجتماعي و األمن القضائي‪ ،‬لكن من جهة أخرى قد تظهر مصلحة أخرى وهي الحفاظ على‬
‫النظام العام فهنا تضطر اإلدارة إلى تأخير أو تعطيل تنفيذ األحكام القضائية تفاديا لكل ما من‬
‫شأنه أن يخل بالنظام بحيث يتم تقديم الصالح العام على الصالح الخاص‪ ،‬غير أنه البد من‬
‫ت دقيق مفهوم النظام العام الذي يتميز بالعمومية و التجريد في إطار تنفيذ األحكام القضائية‬
‫حتى ال يتخذ ذريعة للتأخير أو االمتناع عن تنفيذ األحكام القضائية‪ ،‬فإذا كان هذا االمتناع قد‬
‫يمليه واجب الحفاظ على النظام العام‪ ،‬فإنه ينبغي عدم التوسع فيه حفاظا على القوة الملزمة‬
‫للش يء المقض ي به‪ ،‬فاإلدارة بقدر ماهي تأخذ بعين االعتبار الحفاظ على النظام العام‪ ،‬فإنها‬
‫تأخذ بعين االعتبارمصلحة أخرى وهي تنفيذ األحكام القضائية حفاظا على حقوق الغيرواحتراما‬
‫للقانون وتعزيزا للثقة في العدالة وتحقيقا لألمن القضائي‪.‬‬

‫‪ " -603‬إشكالية تنفيذ األحكام اإلدارية الصادرة في مواجهة اإلدارة" ( مرجع سابق) ص ‪.49‬‬

‫‪P 335‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬األسباب الذاتية و الشخصية المانعة من تنفيذ اإلدارة لألحكام‬


‫القضائية‪.‬‬

‫إذا كانت بعض األسباب التي تدفع اإلدارة إلى االمتناع عن تنفيذ األحكام القضائية‬
‫مرتبطة بمعطيات أو مادية خارج عن إرادة اإلدارة قد تكون ذات طبيعة قانونية أو موضوعية‪،‬‬
‫فإنه في الشق الثاني قد تظهر بعض األسباب األخرى حيث يكون فيها إلرادة اإلدارة دورا في‬
‫نشوئها‪ ،‬ومنها‪ :‬الدو افع الشخصية فبعض "رجال اإلدارة لم يتخلصوا من بعض األفكار و‬
‫الممارسات السلبية‪ ،‬ويعتبرون األحكام القضائية مجرد توصيات غير ملزمة‪ ،‬وال يقدمون على‬
‫تنفيذها إال إذا كانت في صالح اإلدارة‪ ،‬أما إذا كان ضد اإلدارة فيمتنعون عن التنفيذ وفي أحسن‬
‫األحوال يتأخرون في التنفيذ‪ ،‬ويعتقد هذا النوع من رجال اإلدارة أن تنفيذ الحكم القضائي‬
‫يمكن أن يكشف عن سوء تسييره اإلداري مما يؤدي إلى فقدان الثقة في اإلدارة‪ ،‬كما أن هؤالء‬
‫يعتقدون بأن المواطن ال يقاض ي اإلدارة و إنما يقاض ي المسؤول عن اتخاذ القرار في اإلدارة‪،‬‬
‫وهناك من يتمسك بمبدأ الفصل بين السلطات لتجنب إجبار اإلدارة على تنفيذ األحكام‬
‫القضائية‪ ،‬إال أن استقالل القضاء عن اإلدارة ال يعني تجاهل القرارات الصادرة عن بعضهما‬
‫البعض ألن ذلك سيترتب عنه فوض ى و اضطراب في النظام العام"‪ ،604‬فأحيانا يكون للهواجس‬
‫الشخصية صدى في امتناع اإلدارة عن تنفيذ األحكام القضائية‪ ،‬وفي بعض األحيان تتدخل‬
‫االعتبارات السياسية في عرقلة تنفيذ األحكام القضائية السيما أن " أكثر اإلدارات امتناعا عن‬
‫تنفيذ هذه األحكام هي الهيئات املحلية‪ ،‬حيث تكون المنازعات القضائية نتيجة لوجود خالفات‬
‫شخصية أو حزبية مما يجعل عملية التنفيذ معقدة‪ ،‬حيث يكون التنفيذ منوطا بموظفين غير‬
‫محايدين وحساسيتهم تجاه القانون أضعف مما يؤدي إلى انتهاك مبدأ المشروعية و سيادة‬
‫القانون‪ ،‬وبالتالي يعمدون إلى وضع عقبات مادية أو قانونية في وجه تنفيذ األحكام اإلدارية‬
‫الصادرة في مواجهة إدارتهم‪ ،605‬وعليه يتضح أن ثمة مجموعة من األسباب التي تتضافرلتفاقم‬
‫إشكالية تأخير أو عدم تنفيذ األحكام القضائية النهائية الصادرة في مواجهة اإلدارة سواء تعلق‬
‫األمرباألسباب القانونية أو الموضوعية‪ ،‬أو تعلق األمر باألسباب الشخصية أو السياسية‪.‬‬

‫‪ " -604‬إشكالية تنفيذ األحكام اإلدارية الصادرة في مواجهة اإلدارة" ( مرجع سابق) ص ‪.41‬‬
‫‪ " -605‬تنفيذ األحكام اإلدارية" ( مرجع سابق)‪ ،‬ص ‪.176‬‬

‫‪P 336‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫المبحث الثالث‪ :‬صورامتناع اإلدارة عن تنفيذ األحكام القضائية‪.‬‬

‫تتعدد صور امتناع اإلدارة عن تنفيذ األحكام القضائية ومن بينها‪" :‬التماطل في التنفيذ‬
‫حيث تلجأ اإلدارة أحيانا إلى التماطل في تنفيذ األحكام القضائية مما يصعب على القاض ي‬
‫اإلداري إلزام اإلدارة بالتنفيذ في وقت محدد أو حتى تحديد هذا الوقت ألن اإلدارة دائما م تعتبر‬
‫أن التأخير في التنفيذ له ما يبرره"‪ ،606‬فاإلدارة أحيانا قد تتفادى االمتناع الصريح فتلجأ إلى‬
‫التنفيذ الجزئي أوالناقص‪ ،‬ومع ذلك يبقى هذا التنفيذ صورة من صورة االمتناع بحيث ال تتقيد‬
‫اإلدارة بشكل حرفي لما جاء في مضمون الحكم القضائي‪ ،‬بل تقوم بتنفيذه تنفيذا ناقصا أو‬
‫جزئيا بما يتو افق مع رغبتها‪ ،‬فاألصل أن "اإلدارة يتعين أن تنفذ الحكم بشكل كامل و صحيح‬
‫لكن حينما تريد اإلدارة أن تتجنب االمتناع الصريح أو التأخير في التنفيذ فإنها تلجأ إلى التنفيذ‬
‫الناقص أو الجزئي‪ ،‬فهذه الصورة من االمتناع يظهر جليا من خالل إغفال اإلدارة لبعض اآلثار‬
‫القانونية و المادية التي يرتبها الحكم عند تنفيذه‪ ،‬فمثال كالعمل على إعادة موظف اتخذ قرار‬
‫العزل في حقه‪ ،‬وتم إلغاؤه بحكم قضائي إلى وظيفته أو منصب أقل غير الذي كان يشغله في‬
‫السابق أو حرمانه من حقه في التعويض أو في الترقية‪ ،‬وهذا النوع من التنفيذ يعد بمثابة عقاب‬
‫تمارسه اإلدارة في حق المدعي الذي تجرأ أو خاصمها أمام القضاء"‪ ،607‬وهناك صورة أخرى من‬
‫صور االمتناع ويتعلق األمر باالمتناع الصريح رغم أن اإلدارة غالبا ما تتجنب هذا االمتناع ألنها‬
‫تتفادى المواجهة مع القضاء‪ ،‬كما أن اإلدارة ال تريد أن تتهم بكونها إدارة غير ديمقراطية تخرق‬
‫القانون‪ ،‬وال تلتزم بأحكام القضاء حتى وإن لجأت اإلدارة إلى االمتناع الصريح فإنها ال تصدرقرارا‬
‫صريحا بالرفض‪ ،‬و إنما يتخذ غالبا شكل قرارسلبي باعتبارها قرارا ال يتضمن القيام بأي إجراء‬
‫تنفيذي فهو ينفذ بنفسه و ينتج آثاره عند صدوره في الحال‪ ،‬وهو بذلك ال يتقيد بأجل الستين‬
‫يوما للطعن باإللغاء على اعتبار أنه قرار مستمر في آثاره‪ ،‬وأن الطعن فيه يظل مفتوحا لطالما‬
‫تستمر حالة االمتناع من جانب اإلدارة المصدرة له سواء كان قرارا صريحا بالرفض أو قرارا‬
‫ضمنيا بالرفض‪ "،‬فالقرارالضمني الصادرعن وزيرالعدل القاض ي برفض إرجاع الطاعن لخطة‬
‫العدالة يجعل هذا الرفض مستمرا في آثاره مما يظل الطعن فيه باإللغاء مفتوحا و غير مقيد‬

‫‪ " -606‬إشكالية تنفيذ األحكام اإلدارية الصادرة في مواجهة اإلدارة" ( مرجع سابق)‪ ،‬ص ‪.74‬‬
‫‪ " -607‬إشكالية تنفيذ األحكام القضائية الصادرة ضد اإلدارة" لثائرة نزال‪ ،‬مجلة مسالك في الفكر والسياسة واالقتصاد‪ ،‬ع ‪،79-48‬‬
‫السنة ‪ ،4941‬ص ‪.411‬‬

‫‪P 337‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫بأجل ‪ 61‬يوما املحدد لدعوى اإللغاء"‪ ،608‬وأما فيما يخص القرار اإلداري اإليجابي فمن أشهر‬
‫األمثلة على ذلك قضية" فابريكي" إذ صدر قرارا من مجلس الدولة الفرنس ي يقض ي بإلغاء قرار‬
‫عزله من العمل كحارس في البلدية إال أن العمدة امتنع عن التنفيذ بإصدار قرار صريح بعدم‬
‫التنفيذ تحت طائلة استحالة إرجاع الموظف إلى حالته األصلية ليتولى بعد ذلك مجلس الدولة‬
‫من جديد إلغاء القرار‪ ،‬وأحيانا قد تلجأ اإلدارة إلى تغيير قوانينها التنظيمية ليس من أجل‬
‫المصلحة العامة‪ ،‬بل هي مناورة تعتمدها اإلدارة للتحايل على تنفيذ الحكم القضائي المكتسب‬
‫لقوة الش يء المقض ي به‪ ،‬ولعل امتناع اإلدارة عن تنفيذ األحكام القضائية فيه ضررخاص يمس‬
‫مباشرة املحكوم لصالحه‪ ،‬وفيه أيضا ضرر عام حيث يفقد املجتمع ثقته في القضاء مادام أنه‬
‫يصدر أحكاما قضائية نهائية ال تجد سبيلها إلى التنفيذ‪ ،‬وعليه يتضح بأن صور االمتناع عن‬
‫التنفيذ متعددة بحيث قد تكون هناك نية واضحة لدى اإلدارة لالمتناع عن التنفيذ من خالل‬
‫االمتناع الصريح‪ ،‬وقد تكون هناك نية مبيتة لدى اإلدارة لالمتناع عن التنفيذ من خالل‬
‫التماطل في التنفيذ أو التنفيذ الجزئي لمنطوق الحكم القضائي الصادرفي مواجهة اإلدارة‪.‬‬

‫المبحث الرابع‪ :‬التجارب المقارنة في مجال تنفيذ األحكام القضائية الصادرة ضد‬
‫اإلدارة‪.‬‬

‫إن إشكالية عدم تنفيذ األحكام القضائية غير منحصرة في دولة دون غيرها بل تستفحل‬
‫في الدول التي تعتمد األساليب البيروقراطية في التدبير اإلداري‪ ،‬وسوء تعامل اإلدارة مع‬
‫المرتفقين‪ ،‬ولذلك تعاملت العديد من الدول بحزم و صرامة مع هذه الظاهرة من خالل تجريم‬
‫االمتناع عن تنفيذ األحكام القضائية الصادرة ضد الدولة كما هو عليه الحال " في مصر من‬
‫خالل المادة ‪ 511‬من قانون العقوبات المعدل بالقانون رقم ‪ 511‬الصادر سنة ‪ 5711‬الذي‬
‫يعاقب بالحبس و العزل لكل موظف عمومي استعمل سلطة وظيفته في وقف تنفيذ األوامر‬
‫الصادرة عن الحكومة أو أحكام القوانين و اللوائح أو تأخير تحصيل األموال و الرسوم أو وقف‬
‫تنفيذ حكم أوأمرصادرمن أي جهة مختصة‪ ،‬وكذلك يعاقب بالحبس و العزل كل موظف امتنع‬
‫عمدا عن تنفيذ حكم مما ذكر بعد مض ي ثمانية أيام منذ إنذاره على يد محضر إذا كان تنفيذ‬
‫الحكم أواألمرداخال في اختصاص الموظف"‪ ،609‬باإلضافة إلى الجزاءات الجنائية و اإلدارية التي‬

‫‪ -608‬حكم صادر عن المحكمة اإلدارية بالرباط‪ ،‬رقم ‪ ،4199‬بتاريخ ‪ 4947-91-46‬منشور بموقع العلوم القانونية ‪.‬‬
‫‪ " -609‬إشكالية تنفيذ األحكام القضائية" المصطفى التراب‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية و التنمية‪ ،‬دار النشر المغربية‪ ،‬ع ‪،4888 ،41‬‬
‫ص ‪.41‬‬

‫‪P 332‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫أقرها المشرع المصري فقد كرس االجتهاد القضائي في مصر الجزاءات المدنية‪ ،‬واعتبر أن‬
‫امتناع الموظف املختص عن تنفيذ الحكم دون مبرر هو قرار سلبي خاطئ ينطوي على مخالفة‬
‫لقوة الش يء المقض ي به‪ ،‬وهي مخالفة قانونية لمبدأ أساس ي وأصل من األصول القانونية‪ ،‬ومن‬
‫ثم وجب اعتبار "خطأ المدعى عليه خطأ شخصيا يستوجب مسؤوليته عن التعويض‬
‫المطلوب‪ ،610‬بل إن االجتهاد القضائي المصري سارإلى أبعد من ذلك حينما اعتبرفي أحد قراراته‬
‫الوزيرمدنيا أصيال باعتباره محدثا للضررفي حين اعتبرالحكومة مدنية بصفة تبعية أواحتياطية‬
‫إلهمالها في الرقابة أو اإلشراف"‪ ،611‬وأما في التشريع الفرنس ي فقد عولجت إشكالية تنفيذ‬
‫األحكام القضائية الصادرة ضد اإلدارة عبر ثالث مراحل‪ ،‬أولها سنة ‪ 5761‬حيث أحدثت لجنة‬
‫التقريرو الدراسات‪ ،‬وهي لجنة قضائية على صعيد مجلس الدولة أسندت لها النظر في تظلمات‬
‫المواطنين من الصعوبات التي يصادفونها أثناء تنفيذ القرارات الصادرة عن مجلس الدولة في‬
‫مواجهة اإلدارة إال أن دورها املحدود وعدم قدرتها على الحد من هذه الظاهرة دفع المشرع‬
‫الفرنس ي إلى إحداث مؤسسة الوسيط سنة ‪ ،5791‬والذي خول لها سلطة توجيه أوامر لإلدارة‬
‫قصد تنفيذ بعض األحكام التي امتنعت عن تنفيذها أو كانت سببا في عرقلة تنفيذها‪ ،‬إال أن هذا‬
‫األمر لم يمنع اإلدارة من التمادي في االمتناع‪ ،‬لذلك لجأ المشرع الفرنس ي إلى تبني بعض‬
‫األساليب إلجبار اإلدارة على التنفيذ مثل أسلوب الغرامة التهديدية سنة ‪ ،5771‬والتي يمكن أن‬
‫تمتد إلى الموظف الذي تسبب في عدم التنفيذ‪ ،‬وذلك في إطار المسؤولية التأديبية و المالية‬
‫للموظف من خالل تقديمه ملحكمة التأديب و املحاسبة المالية‪ ،612‬وعليه يتضح بأن التجارب‬
‫المقارنة اعتنت بهذه الظاهرة نظرا النعكاساتها على صورة دولة الحق والقانون‪ ،‬فهذه الدول‬
‫قد راكمت عقودا من التجربة في سبيل حل هذه اإلشكالية‪ ،‬فحري بالدول األخرى االستفادة من‬
‫تجارب هذه الدول‪.‬‬

‫املحورالثاني‪ :‬الوسائل الممكنة إلجباراإلدارة على تنفيذ األحكام القضائية‬

‫تعتمد اإلدارة في عدم تنفيذ األحكام القضائية على مجموعة من المبررات الموضوعية‬
‫أو الذاتية‪ ،‬وعدم التنفيذ يلحق بالمتضرر أضرارا مباشرة ألنه يمس حقوقه و مصالحه‬
‫الشخصية‪ ،‬ولكن في نفس الوقت يحدث أضرارا اعتبارية و معنوية للمجتمع حيث يفترض في‬

‫‪ " -610‬القضاء اإلداري‪ ،‬قضاء اإللغاء" لسليمان الطماوي ‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،4941 ،‬ص ‪.411‬‬
‫‪ " -611‬القضاء اإلداري‪ ،‬قضاء اإللغاء" (مرجع سابق) ص ‪.419‬‬
‫‪ " -612‬عدم تنفيذ أحكام القضاء اإلداري من طرف اإلدارة " لحبيب العطشان‪ ،‬مجلة القضاء و القانون‪ ،‬ع ‪ ،4999 ،416‬ص‪.41-46‬‬

‫‪P 337‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫اإلدارة أن تعطي القدوة في احترام القانون و القضاء‪ ،‬و االلتزام بمبدأ المشروعية‪ ،‬بينما نجد في‬
‫الو اقع أن اإلدارة تتملص من تنفيذ األحكام القضائية بذرائع واهية‪ ،‬لذلك عملت التشريعات‬
‫الحديثة على البحث عن الوسائل و السبل القانونية الممكنة لتجاوز هذه اإلشكالية‪ ،‬ومنها‬
‫الحكم بالغرامة التهديدية على اإلدارة الممتنعة عن التنفيذ‪ ،‬وإمكانية الحجزعلى أموال اإلدارة‬
‫الممتنعة عن التنفيذ‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬الغرامة التهديدية‬

‫تعد الغرامة التهديدية إحدى الوسائل القانونية التي يمكن للمتضرر سلوكها ضد عدم‬
‫تنفيذ اإلدارة لألحكام القضائية حيث" يمكن للدائن الحصول على التنفيذ العيني متى كان األمر‬
‫يتعلق بالقيام بعمل أو االمتناع عن عمل لصيق بشخص المنفذ عليه‪ ،‬ممكن و جائز قانونا و‬
‫تلزم إرادته في تنفيذه‪ ،‬وال تسعفه إجراءات التنفيذ األخرى‪ ،‬ومن خصائص هذه الغرامة أنها‬
‫تهديدية أوال وتحكمية‪ ،‬وال يقض ى بها إال بناء على طلب‪ ،‬وهي تنقلب في نهاية المطاف إلى المطالبة‬
‫بالتعويض يحدد تبعا لطبيعة الضرر و أهميته ومداه الناتج عن االمتناع عن التنفيذ مع األخذ‬
‫بعين االعتبار تعنت المدين"‪ ،613‬وعليه فالغرامة التهديدية هو ذلك المبلغ من المال الذي ال‬
‫يهدف إلى تعويض املحكوم لصالحه‪ ،‬وال يهدف كذلك إلى تعويضه عن األضرارالتي لحقته جراء‬
‫تماطل املحكوم في تنفيذ الحكم بقدرما تهدف إلى إجباراملحكوم عليه على تنفيذ الحكم الصادر‬
‫في حقه دون تأخير‪ ،‬وقد أيد القضاء المغربي تطبيق الغرامة التهديدية على اإلدارة الممتنعة عن‬
‫التنفيذ مع عدم وجود ما يمنع تطبيقها وذلك بالعديد من القرارات و األحكام‪ ،‬ومنها الحكم‬
‫الصادر عن املحكمة اإلدارية بالرباط حيث جاء فيه" حيث اتضح أن الحكم موضوع التنفيذ‬
‫يتمثل في قرار إلغاء العزل مع ما يترتب على ذلك من آثار قانونية‪ ،‬لذلك فإن األمر يتعلق بتنفيذ‬
‫عيني يتمثل في التزام املحكوم عليه بإرجاع المدعي إلى الحالة التي كانت قبل الحكم بإلغاء قرار‬
‫العزل‪ ،‬حيث إنه بمقتض ى الفصل ‪ 117‬من ق‪.‬م‪.‬م فإنه يحق لرئيس املحكمة أن يصدر أمرا‬
‫بغرامة تهديدية يؤديها املحكوم عليه عن كل فترة يمتنع فيه عن التنفيذ"‪ ،614‬ومنها الحكم‬
‫الصادرعن املحكمة اإلدارية بالرباط ضد وزيرالتربية الوطنية حيث جاء فيه" حيث إن الفصل‬
‫‪ 117‬من قانون المسطرة المدنية الذي ينص على أن الغرامة التهديدية كوسيلة إلجباراملحكوم‬

‫‪ " -613‬الغرامة الت هديدية و الحجز في مواجهة اإلدارة الممتنعة عن تنفيذ األحكام و القرارات اإلدارية" (مرجع سابق)‪ ،‬ص ‪.69-18‬‬
‫‪ " -614‬الدليل العملي لالجتهاد القضائي في المادة اإلدارية" ألحمد بوعشيق‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية و التنمية‪ ،‬ع ‪،4991 ،46‬‬
‫ص ‪.167‬‬

‫‪P 340‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫عليه على التنفيذ قد ورد ضمن الباب الثالث من القانون المذكور المتعلق بالقواعد العامة‬
‫بشأن التنفيذ الجبري لألحكام‪ ،‬وحيث إن املحاكم اإلدارية تطبق القواعد المقررة في قانون‬
‫المسطرة المدنية ما لم ينص قانون على خالف ذلك طبقا للمادة ‪ 9‬من القانون رقم ‪،71.15‬‬
‫وحيث ال يوجد نص قانوني يستثني اإلدارة من فرض غرامة تهديدية عليها في حالة امتناعها عن‬
‫تنفيذ حكم قضائي في مواجهتها"‪ ،615‬وعليه يتضح أن القضاء ال يتوانى عن فرض الغرامة‬
‫التهديدية في مواجهة اإلدارة الممتنعة عن تنفيذ األحكام القضائية الصادرة ضدها‪ ،‬وهذا‬
‫التوجه القضائي دعمه جانب من الفقه " حيث اعتبر أن الحكم بالغرامة التهديدية على اإلدارة‬
‫يعد خطوة إيجابية في اتجاه إجبار اإلدارة على تنفيذ األحكام القضائية الصادرة في مواجهتها‪،‬‬
‫حيث إن القضاء اإلداري أظهر استعدادا لمواجهة هذا الرفض املخل بمبدأ سيادة القانون‪،‬‬
‫فالحكم بالغرامة التهديدية هي وسيلة أكثر فعالية من االقتصار على القول بأن عدم التنفيذ‬
‫يفتح حق التقاض ي عن طريق اإللغاء و التعويض"‪ ،616‬وقد عرفت محكمة النقض تطورا فيما‬
‫يخص إعمال الغرامة التهديدية في مواجهة اإلدارة الممتنعة عن التنفيذ " حيث ميزت في البداية‬
‫بين قضاء اإللغاء و قضاء التعويض‪ ،‬وقررت عدم إمكانية إجبار اإلدارة على التنفيذ عن طريق‬
‫الغرامة التهديدية إال عندما يتعلق األمر بدعوى اإللغاء"‪ ،617‬وهذا ما تبنته محكمة االستئناف‬
‫بمراكش في قرارلها حيث جاء فيه" وصح ما عاب المستأنف على الحكم المستأنف بالخصوص‬
‫ذلك أن الغرامة التهديدية تندرج ضمن إجراءات التنفيذ الجبري لألحكام‪ ،‬ويتجلى الهدف من‬
‫الحكم بها في إجباراملحكوم عليه على تنفيذ الحكم الصادرضده بالقيام بعمل أواالمتناع القيام‬
‫بعمل في حالة رفضه و امتناعه الصريح عن التنفيذ طبقا لمقتضيات المادة ‪ 117‬من قانون‬
‫المسطرة المدنية التي تنص على أن إذا رفض المنفذ عليه أداء التزام أو خالف التزاما باالمتناع‬
‫عن عمل أثبت عون التنفيذ ذلك في محضره‪ ،‬وأخبرالرئيس الذي يحكم بغرامة تهديدية‪ ،‬وحيث‬
‫إنه بالرجوع إلى الحكم املحتج باالمتناع عن تنفيذ مقتضياته يتبين أنه إنما قض ي بمبالغ مالية‪،‬‬
‫وهي مخاطبة بالمقتض ى القانوني أعاله بل تطبق بشأنها قواعد التنفيذ الجبري المنصوص‬
‫عليها في الباب الثالث من القسم التاسع من قانون المسطرة المدنية إن كان مجال‬
‫لتطبيقها"‪ ،618‬فإذا كان أحد التوجهات القضائية تقض ي بأن الحكم بالغرامة التهديدية ال تسري‬

‫‪ "-615‬الدليل العملي لالجتهاد القضائي في المادة اإلدارية" (مرجع سابق)‪ ،‬ص ‪.114‬‬
‫‪ " -616‬الغرامة التهديدية و تنفيذ األحكام القضائية الصادرة ضد اإلدارة" آلمال المشرفي‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية و التنمية‪ ،‬ع‬
‫‪ ،4889 ،79‬ص ‪.18‬‬
‫‪ " -617‬الغرامة التهديدية و الحجز في مواجهة اإلدارة الممتنعة عن تنفيذ أحكام القضاء اإلداري" (مرجع سابق)‪ ،‬ص ‪.481‬‬
‫‪ -618‬الغرامة التهديدية و الحجز في مواجهة اإلدارة الممتنعة عن تنفيذ أحكام القضاء اإلداري" (مرجع سابق)‪ ،‬ص ‪.481‬‬

‫‪P 341‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫إال على دعاوى اإللغاء‪ ،‬فإن توجه قضائي آخر أقر بالغرامة التهديدية في كافة القضايا‪ ،‬وال يميز‬
‫بين دعاوى اإللغاء ودعاوى التعويض‪ ،‬وهذا ما ذهبت إليه املحكمة اإلدارية بالرباط" حيث تعتبر‬
‫الغرامة التهديدية وسيلة قانونية إلجباراملحكوم على التنفيذ متى كان األمريتعلق بالقيام بعمل‬
‫أو االمتناع عنه لصيق بشخص المنفذ عليه‪ ،‬وتلزم إرادته في تنفيذه دون أن تسعف فيه‬
‫إجراءات التنفيذ الجبري‪ ،‬وشرط في ذلك أن يكون التنفيذ ممكنا و جائزا وامتناع المنفذ عليه‬
‫غيرمبررسواء تعلق األمرفي إطاردعوى اإللغاء اوالقضاء الشامل مادام إمكانية التنفيذ الجبري‬
‫غيرممكنة في حقه"‪ ،‬فتعميم الحكم بالغرامة التهديدية على كافة القضايا هو توجه وجد صداه‬
‫لدى بعض األوساط الفقهية التي أكدت على أن نفس المبررات التي تدعو إلى تحديد الغرامة في‬
‫إطار القضاء الشامل المعتمدة من طرف محكمة النقض هي نفسها المتاحة إلعمالها في إطار‬
‫قضاء اإللغاء‪ ،‬و أنه ال داعي للتفرقة بين الدعويين فيما يخص تحديد الغرامة التهديدية مادام‬
‫أن النتيجة واحدة وهي امتناع اإلدارة عن التنفيذ‪ ،‬وتعلق التنفيذ بإرادتها المنفردة ذلك أن مبدأ‬
‫فصل السلطات‪ ،‬وما يستتبعه من استقالل اإلدارة وعدم توجيه أوامر لها لم يتخذ إال ليضمن‬
‫لإلدارة حرية الحركة وليس عدم االلتزام بقوة الش يء المقض ي به‪ ،‬فإلى جانب التوجه القضائي‬
‫الذي أخذ بعدم التمييز بين دعاوى اإللغاء و دعاوى القضاء الشامل عند حكمه بالغرامة‬
‫التهديدية في مواجهة شخص من أشخاص القانون العام‪ ،‬فهي الدعوة التي تبناها جانب من‬
‫الفقه المغربي‪ ،619‬وإن كان اتجاه فقهي يرى بعدم صواب تطبيق ألية الغرامة التهديدية على‬
‫أشخاص القانون العام في رمته لما ينطوي عليه من إهدارملجموعة من المبادئ و القواعد التي‬
‫يتأسس عليه القانون اإلداري‪ ،620‬فالغرامة التهديدية قد تفرض على المسؤول عن عدم ننفيذ‬
‫الحكم القضائي شخصيا‪ ،‬ومن أبرز االجتهادات القضائية في هذا الباب ما يعرف بقضية‬
‫"العطاوي" ضد رئيس جماعة تونفيت‪ ،‬والذي يتعلق برفض رئيس املجلس تنفيذ حكم إلغاء‬
‫قرار عزل السيد "محمد العطاوي" من وظيفة جماعية‪ ،‬ومن التخلي عن القرار الملغى وإرجاع‬
‫الطاعن إلى وظيفته و تسوية وضعيته اإلدارية‪ ،‬وبالتالي تم فرض الغرامة التهديدية ضد رئيس‬
‫الجماعة شخصيا لكونه ساهم في عرقلة تنفيذ معتمدا على فكرة المسؤولية الشخصية‬
‫للموظف الممتنع عن التنفيذ‪ ،621‬ومن ثم تواترت األوامر القضائية الصادرة عن املحاكم‬

‫‪ " -619‬الغرامة التهديدية و الحجز في مواجهة اإلدارة الممتنعة عن تنفيذ األحكام الصادرة ضدها" لمحمد القصري‪ ،‬سلسلة دراسات‪ ،‬ع‬
‫‪ ،71‬ص‪.44‬‬
‫‪ " -620‬مباحث في مستجدات القضاء اإلداري" للحياللي امزيد‪ ،‬سلسلة مؤلفات جامعية‪ ،4997 ،‬ص‪.61‬‬
‫‪ " -621‬الدليل العملي لالجتهاد القضائي في المادة اإلدارية" ( مرجع سابق)‪ ،‬ص ‪.164‬‬

‫‪P 342‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫اإلدارية التي تحكم بفرض الغرامة التهديدية الشخصية في مواجهة اآلمرين بالصرف في اإلدارة‬
‫من وزارء و رؤساء جماعات ترابية‪ ،‬ومن األمثلة على ذلك األمر رقم ‪ 1115‬الصادر ضد وزير‬
‫الصحة بتاريخ ‪ ،1151 -17-15‬وكذا األمررقم ‪ 1561‬الصادرضد رئيس املجلس الجماعي للرباط‬
‫بتاريخ ‪ ،1156-17-55‬فقد جاء في هذه األوامر أن تحديد الغرامة التهديدية لإلجبار على تنفيذ‬
‫األحكام الصادرة ضد اإلدارة يكون في مواجهة الممتنع عن التنفيذ‪ ،‬والذي أسماه الفصل ‪117‬‬
‫من قانون المسطرة المدنية المنفذ عليه و ليس املحكوم عليه‪ ،‬وهذه العبارة األخيرة يتجاوز‬
‫معناها الشخص ليتسع لكل من يقوم مقامه في التنفيذ‪ ،‬ويندرج ضمن هذا المفهوم ممثل‬
‫الشخص المعنوي العام املحكوم عليه‪ ،622‬وعليه يتضح بأن الحكم على اإلدارة الممتنعة عن‬
‫تنفيذ األحكام القضائية بالغرامة التهديدية هي من الوسائل القانونية المبتكرة من أجل دفع‬
‫اإلدارة إلى االلتزام بمبدأ المشروعية‪ ،‬و تنفيذ األحكام الحائزة لقوة الش يء المقض ي به‪ ،‬واحترام‬
‫دولة الحق و القانون‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬الحجزعلى أموال اإلدارة الممتنعة عن التنفيذ‬

‫يعد الحجز على األموال صورة من صور التنفيذ الجبري لألحكام القضائية المعمول بها‬
‫في قانون المسطرة المدنية المنصوص عليها في الباب الرابع من القسم التاسع المتعلق بطرق‬
‫التنفيذ‪ ،‬إال أنه إذا كان الحجزعلى أموال الخواص أمرا طبيعيا وال إشكال فيه‪ ،‬فإن الحجزعلى‬
‫أموال األشخاص المعنوية العامة يطرح العديد من اإلشكاالت نظرا ألن هذا الحجز قد يؤدي‬
‫إلى عرقلة السير العادي للمرفق العمومي بانتظام و اضطراد‪ ،‬فإذا كانت" عدم قابلية األموال‬
‫العامة للحجز تجعل هذه األموال تتمتع بحماية قانونية فإن ذلك يفتقر للمبرر القانوني حينما‬
‫يمتنع الشخص المعنوي العام عن تنفيذ حكم قضائي حائز لقوة الش يء المقض ي به بدون أي‬
‫مبرر"‪ ،623‬وهذا ما أقرته املحكمة اإلدارية بوجدة في األمر االستعجالي عدد ‪ 1115/59‬ضد‬
‫المكتب الوطني للكهرباء‪ ،‬والتي أكد في أحد قراراتها على ما يلي‪ ":‬وحيث إنه إذا كان ال يجوزالحجز‬
‫على المال فليس لكون هذه األموال غير قابلة للحجز مادام أنه ال يوجد أي نص يمنع من ذلك‪،‬‬
‫بل لكون الدولة و المؤسسات التابعة لها مليئة الذمة و ال يخش ى عسرها طبقا للمادة ‪ 517‬من‬
‫قانون االلتزامات والعقود‪ ،‬لكن في حالة االمتناع غيرالمبررعن تنفيذ األحكام القضائية الحائزة‬
‫لقوة الش يء المقض ي به كما هو األمر في نازلة الحال حيث يحرص المحجوز عليه على عدم‬

‫‪ " -622‬الغرامة التهديدية و الحجز في مواجهة اإلدارة الممتنعة عن تنفيذ أحكام القضاء اإلداري" (مرجع سابق) ص ‪.494‬‬
‫‪ " -623‬القضاء اإلداري المغربي" (مرجع سابق) ص ‪.644‬‬

‫‪P 343‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫التنفيذ ليس إنكارا لحق طالب التنفيذ فيما يطالب به بل ملجرد تقادم الدين موضوع السند‬
‫التنفيذي وكون أموال المكتب ال تقبل الحجز‪ ،‬فتصبح مالءة الذمة غيرمجدية في التنفيذ ذلك‬
‫أن التنفيذ ال يشترط فيه عسر المدين بل مجرد عدم الوفاء بدون مبرر‪ ،‬لذلك فالمبررات‬
‫القانونية التقليدية املحتج بها على رد الحجزفي مواجهة أشخاص القانون العام من يسرو ثقة و‬
‫قواعد املحاسبة تصبح غير ذي فائدة في تعطيل إجراء الحجز‪ ،‬إذ أن يسر المدين ال يحول دون‬
‫التنفيذ عليه‪ ،‬وأما الثقة في اإلدارة تعتبر مفهوما متجاوزا إذ إن المفروض أن التنفيذ ال يجري‬
‫إال إذا امتنعت اإلدارة عن الوفاء بالتزاماتها‪ ،‬وأما قواعد املحاسبة ال يمكن أن تكون بحال حائال‬
‫دون التنفيذ‪ ،‬ثم إن مدلول المصلحة العامة الذي تتركزعليه قاعدة عدم قابلية األموال العامة‬
‫بالحجز يجب أن يعاد فيها النظر باالسترشاد بمبادئ النظام العام المتمثلة من باب أولى في‬
‫احترام مبدأ المشروعية وسيادة القانون ومبدأ قوة الش يء المقض ي به الذي باحترامها يحترم‬
‫النظام العام ألجل ذلك يبقى الدفع املجرد بعدم قابلية أموال المكتب الوطني للكهرباء للحجز‬
‫باعتباره مؤسسة عمومية غير مؤسس"‪ ،624‬وتجدر اإلشارة إلى أن مناط إيقاع الحجز التنفيذي‬
‫على منقوالت المرفق العمومي هو تقدير ما إذا كانت هذه المنقوالت غير الزمة لسير المرفق أم‬
‫ال‪ ،‬حيث إنه ال يجوزالحجزعلى سيارة اإلسعاف وال على شاحنة جمع النفايات ألنها تعد ضرورية‬
‫لسير المرفق العام‪ ،‬وذلك قياسا على الفصل ‪ 117‬من قانون المسطرة المدنية‪ ،‬والذي يمنع‬
‫الحجز على الكتب و اللوازم الضرورية لعمل المحجوز عليه‪ ،‬وتطبيقا لهذا االتجاه تم الحجز‬
‫على أموال بلدية بني أدرار لتنفيذ حكم قض ى عليه بمبالغ مالية لفائدة المسمى "هرو محمد"‪،‬‬
‫وتم حجزمنقوالت هذه البلدية ممثلة في سيارة و تلفازومكيف باعتبارأن هذه المنقوالت ال يضر‬
‫بيعها واستيفاء الدين المستحق على البلدية بسير المرفق العام‪ ،‬ولهذه الوسيلة دور مهم في‬
‫إجبار اإلدارة على التنفيذ للحجز على أموالها‪ ،‬وهذا ما حصل بمناسبة تنفيذ حكم قضائي‬
‫إلزامي و نهائي بالحجز على مجموعة من السيارات بالملف التنفيذي عدد ‪ 11/77‬الصادر عن‬
‫املحكمة اإلدارية بفاس في مواجهة اإلدارة الممتنعة عن التنفيذ‪" ،‬وتقرر تحديد تاريخ بالمزاد‬
‫العلني غيرأن املجلس المنفذ عليه ولتفادي الحجزعليه بادرإلى تنفيذ الحكم تلقائيا تفاديا لبيع‬
‫المحجوزات‪ ،‬ووفى بالتزامه المالي موضوع السند التنفيذي"‪ ،625‬فالحجز على أموال اإلدارة‬
‫الممتنعة عن تنفيذ األحكام القضائية قد يتخذ صورة الحجز التنفيذي على المنقوالت غير‬

‫‪ " -624‬الدليل العملي لالجتهاد في المادة اإلدارية" (مرجع سابق) ص ‪.664‬‬


‫‪ " -625‬الغرامة التهديدية و الحجز في مواجهة اإلدارة الممتنعة عن تنفيذ أحكام القضاء اإلداري" ( مرجع سابق) ص ‪.86‬‬

‫‪P 344‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫الضرورية بالنسبة لسير المر افق العمومية‪ ،‬وقد تتخذ صورة الحجز لدى الغير ضمن وسائل‬
‫التنفيذ الجبري‪ 626‬لألحكام‪ ،‬وتتصف مسطرة الحجز لدى الغير بكونها " تطال أموال املحكوم‬
‫عليه الموجودة بين يدي الغير باعتبار هذا األخير مدينا للمحكوم عليه بتلك األموال مادام أن‬
‫القانون المدني يجعل أموال المدين جميعها ضمانا لجميع ديونه ويجيز بالتالي إمكانية تتبعها‬
‫ولو كانت بيد الغير وإجباره على تسليمها"‪ ،627‬فقد مر الحجز لدى الغير كوسيلة إلجبار اإلدارة‬
‫على التنفيذ بعدة مراحل‪ ،‬و اتخذ القضاء بشأنه مجموعة من المو اقف‪ ،‬ففي البداية كان‬
‫هناك اجتهاد قار ينص على عدم الحجز على األموال العمومية‪ ،‬وهذا التوجه لم يأت من فراغ‬
‫بل جاء نتيجة اقتباسه ألهم اجتهادات القضاء اإلداري الفرنس ي التي تسيرفي هذا االتجاه ومنها"‬
‫القرار الصادر عن محكمة النقض الفرنسية بتاريخ ‪ 15‬دجنبر ‪ ،5779‬والذي لم يستثن أموال‬
‫أشخاص القانون العام من الحجزفقط بل جعل هذا المنع قاعدة عامة ولو تعلق األمربأموال‬
‫ملك أشخاص القانون العام وإن كانت تمارس نشاطا صناعيا أو تجاريا‪ ،‬إذ إن مبدأ عدم قابلية‬
‫أموال أموالها للحجزال يسمح باللجوء إلى طرق التنفيذ الواردة في القانون الخاص‪ ،‬وعليه فإن‬
‫هذه المسألة بالنسبة للدولة يجب أن ال تطرح أصال"‪ ،628‬ويقوم هذا التصورعلى أساس الغاية‬
‫الكبرى من المال العام‪ ،‬وهي تحقيق المنفعة العامة وضمان سير المرفق العام باضطراد و‬
‫انتظام‪ ،‬وعليه ال يجوزالحجزعلى هذا المال مادام أن الحجزيتعارض مع تلك الغاية‪ ،‬وقد أكد‬
‫املجلس األعلى(سابقا) " عدم حواز إيقاع الحجز على أموال الشخص المعنوي العام الفتراض‬
‫مالءة ذمته"‪ ،629‬وقد حافظ هذا املجلس على نفس التوجه‪ ،‬وباعتباره أعلى هيئة قضائية حينئذ‬
‫سارت املحاكم األدنى درجة على نفس منوال املجلس األعلى للقضاء(سابقا)‪ ،‬وقضت بحظر‬
‫التنفيذ الجبري على اإلدارة مستندة في ذلك كما سبق القول إلى مجموعة من المبررات أهمها‪" :‬‬
‫عرقلة سيرالمرفق العام‪ ،‬وتعارض مبدأ الحجزمع طبيعة األموال العمومية التي ال تقبل الحجز‬
‫باإلضافة إلى هذا فإن هذه المسطرة تعتبر تعديا للقضاء على اختصاص السلطات املخول لها‬
‫وضع القانون المالي و تنفيذه"‪ ،630‬ثم استقر بعد ذلك على إمكانية اقتصار الحجز على‬
‫الحسابات الخصوصية‪ ،‬فالقضاء اإلداري في محاولته التوفيق بين خصوصية المال العام من‬

‫‪ -626‬المادة (‪ ) 184‬تنص على أن" يتم حجز ما للمدين لدى الغير بناء على سند تنفيذي أو بأمر يصدره رئيس المحكمة االبتدائية بناء‬
‫على طلب الرجوع إليه عند وجود صعوبة"‪.‬‬
‫‪ " -627‬الغرامة التهديدية و الحجز في مواجهة اإلدارة الممتنعة عن تنفيذ أحكام القضاء اإلداري" (مرجع سابق) ص ‪.491‬‬
‫‪ " -628‬التطلع إلحداث مسطرة لتنفيذ األحكام و القرارات الصادرة في مواجهة اإلدارة" لمحمد الزياني‪ ،‬ع ‪ ،4999 ،96‬ص ‪.11‬‬
‫‪ -629‬قرار المجلس األعلى عدد ‪ 8894/9‬بتاريخ ‪.4884-91-96‬‬
‫‪ " -630‬الغرامة التهديدية و الحجز في مواجهة اإلدارة الممتنعة عن تنفيذ أحكام القضاء اإلداري" ( مرجع سابق) ص ‪.61‬‬

‫‪P 345‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫جهة‪ ،‬وحرصه على تطبيق القانون من جهة أخرى سارفي كثيرمن اجتهاداته إلى جوازالحجزعلى‬
‫األموال العمومية شريطة أن ال تكون هذه األموال ضرورية لضمان استمرارية سيرالمرفق العام‬
‫بانتظام و اضطراد‪ ،‬وبعد ذلك أضحى التوجه القضائي يجيز القضاء الحجز على الميزانية‬
‫العامة للدولة على اعتبار أن ليس هناك نص يحظر الحجز على األموال العمومية‪ ،‬وباعتبار أن‬
‫االمتناع عن التنفيذ يجعل مالءة ذمة اإلدارة كمبررلعدم الحجزعليها مبررا متجاوزا‪ ،‬ثم صدرت‬
‫أحكام بتصحيح الحجزعلى حساب الخزينة العامة للمملكة لدى بنك المغرب‪ ،‬واعتبار الخازن‬
‫العام منفذا عليه مع إمكانية الحكم عليه بغرامة تهدبدية شخصية‪ ،‬ومن أبرز القرارات‬
‫القضائية في هذا اإلطار قضية "فاطمة العنصري" ضد المكتب الجهوي لالستثمار باللوكوس‪،‬‬
‫ففي هذه القضية " صدر ابتدائيا عن املحكمة اإلدارية بالرباط حكما يقض ي بأداء المكتب‬
‫الجهوي لالستثمار لفائدة المدعية تعويضا مدنيا قدره ثمانية ماليين درهم مع النفاذ المعجل‬
‫في حدود الربع لكن المكتب املحكوم عليه رفض التنفيذ‪ ،‬وأمام هذا الرفض لجأت المدعية إلى‬
‫مسطرة الحجزلدى الغير‪ ،‬وتم بناء على الحكم االبتدائي والذي يشكل سندا تنفيذيا حجزالمبلغ‬
‫املحدد في الربع والمشمول بالنفاذ المعجل من حساب المكتب المذكوربين يدي الخزينة العام‬
‫للمملكة‪ ،‬وتقدمت المدعية إلى السيد رئيس املحكمة اإلدارية بالرباط بصفته هذه بطلب‬
‫تلتمس فيه التصديق على هذا الحجز‪ ،‬فاستجاب رئيس املحكمة لهذا الطلب‪ ،‬وأصدرأمرا يجيز‬
‫فيه حجز أموال المؤسسات العمومية في حالة رفضها بدون مبرر لتنفيذ حكم قضائي صادر في‬
‫مواجهتها في غياب نض قانوني صريح يمنع ذلك‪ ،‬حيث برر القاض ي الدفع المقدم من طرف‬
‫المكتب بكونه مؤسسة عمومية وأن أمواله أموال عامة ال يجوزالحجزعليها بأنه على الرغم من‬
‫أموال المكتب تقدم كإعانات من طرف الدولة إال أنه بمجرد تحويلها لحساب المكتب بصفته‬
‫مؤسسة عمومية فإنها تدخل في الذمة المالية لهذه الشخص المعنوي الذي له كيان خاص‬
‫ذاتي يستقل عن ميزانية الدولة تماما‪ ،‬وهذا يجعل مصدرأمواله ال اعتبارله في إمكانية حجزها‪،‬‬
‫وأضاف أن السبب الرئيس ي في عدم جواز الحجز على األموال العمومية هو كونها مليئة الذمة‬
‫أي أنها قادرة على الوفاء بكل ديونها مما يجعلها الدائن في مأمن من عسرها وال يخش ى على‬
‫حقوقه من الضياع‪ ،‬وال حاجة له للجوء إلى الحجز على أموالها‪ ،‬إال أن هذا المبدأ ال يأخذ على‬
‫إطالقيته حيث يستبعد تماما في حالة امتناع اإلدارة عن التنفيذ عن اإلذعان لحكم صادر في‬
‫مواجهتها‪ ،‬إذ ال يجوزاالحتماء وراء هذا المبدأ لتفادي تنفيذ حكم حائزلقوة الش يء المقض ي به‬
‫وإلضاعة الحقوق‪ ،‬كما أنه ال يوجد أي نص قانوني يعفي أي محكوم عليه من تنفيذ األحكام‬

‫‪P 346‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫القضائية الصادرة في مواجهتها سواء أكانت مؤسسة عمومية أو غيرها مادام ان الحكم مذيل‬
‫بالصيغة التنفيذية"‪ ،631‬فال يمكن أن يكون مبدأ عدم قابلية األموال العامة للحجزعائقا أمام‬
‫تنفيذ األحكام القضائية الصادرة في مواجهة اإلدارة‪ "،‬هذا ولم تميزاألحكام القضائية المندرجة‬
‫تحت لواء هذا االتجاه بين هذه األموال العامة على اختالف أشكالها‪ ،‬إذ شمل الحجز أموال‬
‫أشخاص القانون العام من الميزانية العامة بحجية أن قاعدة عدم حواز الحجز تجد مجال‬
‫تطبيقها في الحالة التي يؤدي فيها الحجز إلى عرقلة السير العادي للمرفق العمومي على أساس‬
‫أن المبالغ المحجوزة هي مرصودة لنفقات محددة وعليها تتوقف استمراريته في أداء خدماته‪،‬‬
‫كما أن أشخاص القانون العام يفترض فيها الخضوع لألحكام الصادرة في حقها وتنفيذها‬
‫تجسيدا لمبدأ المشروعية‪ ،‬واحترام األحكام الحائزة لقوة الش يء المقض ي به‪ ،‬كما أن هذه‬
‫األشخاص المعنوية يفترض فيها مالءة الذمة وال يخش ى عسرها‪ ،‬وليس انطالقا من اعتبار‬
‫األموال العامة غير قابلة للحجز مادام ال يوجد أي نص قانوني صريح يمنع ذلك"‪ ،632‬عموما‬
‫يبقى الحجز على أموال اإلدارة الممتنعة عن التنفيذ إحدى الوسائل القانونية التي ابتكرت في‬
‫مجال حل إشكالية امتناع اإلدارة عن تنفيذ األحكام القضائية سواء كان عن طريق الحجز‬
‫التنفيذي على المنقوالت غير الضرورية أو عن طريق الحجز لدى الغير إلجبار اإلدارة على أداء‬
‫حقوق الغير‪.‬‬

‫المبحث الثالث‪ :‬القواعد القانونية التي تساهم في حل إشكالية امتناع اإلدارة عن تنفيذ‬
‫األحكام القضائية‪.‬‬

‫تساهم بعض القواعد القانونية في حل أو على األقل التخفيف من تداعيات امتناع‬


‫اإلدارة عن تنفيذ األحكام القضائية‪ ،‬فحينما يتعلق األمر بالتماطل في تنفيذ األحكام كإحدى‬
‫الصور التي تجسد امتناع اإلدارة عن تنفيذ األحكام القضائية‪ ،‬فاألصل أنه " ال يكفي تحرير‬
‫محضر االمتناع عن التنفيذ من طرف عون التنفيذ أو مأمور التنفيذ حتى نقول بأن اإلدارة‬
‫ممتنعة عن التنفيذ بل البد معرفة ما إذا كانت التصريحات الواردة على لسان اإلدارة المنسوبة‬
‫إليها تشير إلى امتناعها الصريح و غير المبرر في التنفيذ أم تتضمن إشارة إلى اتخاذ إلجراء من‬
‫اإلجراءات التي تبرر إرجاء التنفيذ ألن الجهة املخولة لها بتكييف تصريحات اإلدارة و إعطائها‬

‫‪ " -631‬الغرامة التهديدية و تنفيذ األحكام القضائية الصادرة ضد اإلدارة" (مرجع سابق) ص ‪.81-84‬‬
‫‪ -632‬القرار عدد ‪ 197‬الصادر عن عن محكمة االستئناف اإلدارية بالرباط‪ ،‬في ‪.4946-91-79‬‬

‫‪P 347‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫المعنى القانوني السليم هو القاض ي وليس مأمور التنفيذ"‪ ،633‬غير أنه أصبح في اآلونة األخيرة "‬
‫يعتد بمحضراالمتناع فقط الذي يحرره مأمورالتنفيذ فقط دون التأكد من نوايا اإلدارة‪ ،‬حيث‬
‫جاء في قرار ملحكمة النقض ما مفاده" الغرامة التهديدية لم يشترط لها الفصل ‪ 117‬من قانون‬
‫المسطرة المدنية سوى التاكد من امتناع تنفيذ حكم قابل للتنفيذ سواء كان عدم التنفيذ كليا‬
‫أو جزئيا‪ ،‬ولم يقرن المقتض ى القانوني المذكور الحكم بالغرامة من التأكد من نوايا املحكوم‬
‫عليه"‪ ،634‬وما تنبغي اإلشارة إليه أن القانون الفرنس ي قد " حمل مسؤولية التأخيرفي التنفيذ إلى‬
‫الشخص المشرف على تسيير اإلدارة التي تصدر ضدها األحكام القضائية‪ ،‬ولذلك أعطى‬
‫الصالحية ملجلس الدولة في تحديد الغرامة التي تفرض على الشخص المعنوي العام الذي ال‬
‫يحترم تنفيذ أحكام القضاء"‪ ،635‬ومن بين القواعد القانونية التي تساهم في حل إشكالية امتناع‬
‫اإلدارة عن تنفيذ األحكام القضائية أن " اإلدارة حينما تمتنع فقد يتخذ هذا االمتناع شكل قرار‬
‫سلبي باعتباره قرارا ال يتضمن القيام بأي إجراء تنفيذي فهو ينفذ بنفسه‪ ،‬وينتج آثاره عند‬
‫صدوره في الحال‪ ،‬وهو بذلك ال يتقيد بأجل الستين يوما للطعن باإللغاء على اعتبار أنه قرار‬
‫مستمر في آثاره‪ ،‬وأن الطعن فيه يظل مفتوحا لطالما تستمر حالة االمتناع من جانب اإلدارة‬
‫المصدرة له سواء كان قرارا صريحا بالرفض أو قرارا ضمنيا بالرفض‪ ،‬فالقرارالضمني الصادر‬
‫عن وزير العدل القاض ي برفض إرجاع الطاعن لخطة العدالة يجعل هذا الرفض مستمرا في‬
‫آثاره مما يظل الطعن فيه باإللغاء مفتوحا وغيرمقيد بأجل ‪ 61‬يوما املحدد لدعوى اإللغاء"‪،636‬‬
‫ومن بين المبادرات التي يمكن أن تساهم في حل إشكالية امتناع اإلدارة عن التنفيذ أن السلطة‬
‫التنفيذية‪ 637‬على إحداث لجنة وزارية لمعالجة هذه اإلشكالية حيث حثت القطاعات الوزارية‬
‫على تعميم المنشور على كافة المصالح اإلدارية التابعة لها‪ ،‬وكذا المؤسسات العمومية‬
‫الخاضعة لوصايتها‪ ،‬والسهر على تطبيق مضامينه و االلتزام بمقتضياته من أجل تكريس‬
‫القانون و احترام حرمة القضاء‪ ،‬وقد أنيطت بهذه اللجنة الوزارية‪ 638‬مجموعة من المهام ومنها‪:‬‬
‫البحث عن سبل الوقاية لتفادي الممارسات و القرارات اإلدارية التي من شأنها التسبب في‬

‫‪ "-633‬الغرامة التهديدية و ال حجز في مواجهة اإلدارة الممتنعة عن تنفيذ أحكام و قرارات القضاء اإلداري" لمحمد قصري‪ ،‬مجلة‬
‫المحاكم المغربية‪ ،‬ع ‪ ،1‬يناير ‪ ،4991‬ص‪.481‬‬
‫‪ -634‬القرار رقم ‪ 49‬لمحكمة النقض الصادر يتاريخ ‪.4944-94-44‬‬
‫‪ " -635‬تنفيذ األحكام القضائية الصادرة ضد الجماعات الترابية" لكريم الشكاري ‪ ،‬مقال منشور بموقع العلوم القانونية ‪ ،‬دجنبر ‪.4941‬‬
‫‪ -636‬حكم صادر عن المحكمة اإلدارية بالرباط‪ ،‬رقم ‪ ،4199‬بتاريخ ‪ 4947-91-46‬منشور بموقع العلوم القانونية ‪.‬‬
‫‪ -637‬منشور أصدرته في السابع من دجنبر سنة ‪ 4941‬تحت ‪.4941/41‬‬
‫‪- 638‬تتكون هذه اللجنة من ‪ :‬وزير العدل‪ ،‬وزي ر الدولة المكلف بحقوق اإلنسان‪ ،‬أمين الحكومة‪ ،‬وزير االقتصاد‪ ،‬الوكيل القضائي‬
‫للمملكة‪...،‬‬

‫‪P 342‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫المنازعات‪ ،‬وإعداد إطار قانوني خاص بالتنفيذ في مواجهة أشخاص القانون العام يوازن بين‬
‫إلزامية تنفيذ األحكام القضائية الحائزة لقوة الش يء المقض ي به وبين ضرورة ضمان استمرارية‬
‫المرفق العام‪ ،‬وتأهيل المصالح القانونية المكلفة بالمنازعات‪ ،‬وتكوين الموارد البشرية‬
‫المعنية‪ ،‬غير أن التساؤل المطروح حول نجاعة و فعالية هذا اإلجراء خصوصا أمام غياب أي‬
‫نص قانوني يلزم اإلدارة بتنفيذ األحكام القضائية النهائية‪ ،‬وعليه يتضح أنه إلى جانب الوسائل‬
‫القانونية كالغرامة التهديدية أو الحجز على أموال اإلدارة‪ ،‬أن ثمة مجموعة من القواعد‬
‫القانونية و اإلجراءات التي تساهم في حل إشكالية امتناع اإلدارة عن تنفيذ األحكام القضائية‪.‬‬

‫خاتمة‪:‬‬

‫يبدو من خالل ما سبق أن إشكالية عدم تنفيذ األحكام القضائية النهائية الصادرة في‬
‫مواجهة اإلدارة إشكالية معقدة ألنها تنطوي على مصلحتين يتعين مراعاتهما تجسيدا لدولة‬
‫الحق و القانون‪ ،‬فإذا كانت هذه اإلشكالية تهدد من جهة مصالح ذوي الحقوق ألن عدم التنفيذ‬
‫هذا يحول دون تحصيل أصحاب األحكام القضائية لحقوقهم‪ ،‬وهذا فيه هدر للحقوق التي‬
‫يفترض أن القضاء بأحكامه هو حاميها‪ ،‬فإنه أحيانا قد تظهر بعض المبررات التي تتذرع بها‬
‫اإلدارة كالحفاظ على استمرارية خدمات المرفق العام من أجل االمتناع عن تنفيذ األحكام‬
‫القضائية النهائية‪ ،‬غيرأنه ال ينبغي التوسع في الذرائع التي تقدمها اإلدارة‪ ،‬و إنما ينبغي حصرها‬
‫في الحدود الدنيا احتراما لهيبة القضاء‪ ،‬وحفاظا على مبدأ المشروعية‪ ،‬وصونا لدولة الحق و‬
‫القانون بحي ث ال يعقل أن يسلك المتقاض ي المسطرة القضائية من أجل تحصيل حقوقه أو‬
‫استرجاعها بما تتطلبه هذه المسطرة من إجراءات طويلة و معقدة ليجد نفسه أمام أحكام‬
‫قضائية غير منفذة في مواجهة اإلدارة التي يفترض أن تكون هي القدوة باعتبارها ممثلة الدولة‬
‫في احترام األحكام القضائ ية الحائزة لقوة الش يء المقض ي به‪ ،‬وهذا األمر يخل بثقة المتقاض ي‬
‫في القضاء باعتباره المالذ لحماية حقوقه‪ ،‬لذلك فإن المشرع وضع بعض الوسائل القانونية‬
‫التي بإمكانها أن تساهم في حل هذه اإلشكالية أو التخفيف منها على األقل‪ ،‬ومن جملة ما وضعه‬
‫المشرع في هذا الجانب هو الحكم على اإلدارة بالغرامة التهديدية من أجل إجبارها على التنفيذ‪،‬‬
‫و أيضا الحجز على أموال اإلدارة‪ ،‬وقد أثارت هذه الوسائل نقاشات قانونية وفقهية وقضائية‬
‫نظرا لغياب وسائل قانونية خاصة بتنفيذ األحكام الصادرة في مواجهة اإلدارة مادامت أن قانون‬
‫املحاكم اإلدارية يحيل على القواعد العامة المتعلقة بالتنفيذ الجبري دون أن يأخذ بعين‬

‫‪P 347‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫االعتبار خصوصية املحكوم عليه في هذا النوع من األحكام القضائية ويتعلق األمر باإلدارة التي‬
‫يعهد إليها تقديم مجموعة من الخدمات للمرتفقين‪ ،‬ولذلك فأي مساس بمالية هذه اإلدارة جراء‬
‫تنفيذ هذه األحكام القضائية الصادرة ضدها قد تكون له انعكاسات مباشرة على مصالح‬
‫المرتفقين‪ ،‬وعليه فهذه األحكام تتفادى الحجزعلى العقارات و المنقوالت الضرورية ألداء هذه‬
‫الخدمات‪ ،‬وتلجأ في المقابل إلى الحجزعلى العقارات والمنقوالت غيرالضرورية‪ ،‬وبذلك القضاء‬
‫أحيانا قد يتمسك بالمعنى الحرفي لمبدأ المشروعية‪ ،‬واألحكام الحائزة لقوة الش يء به‪ ،‬وتارة‬
‫يميل لجهة اإلدارة من منطلق مالءة الذمة‪ ،‬وصعوبة الحجزعلى األموال العمومية ألنها مرصودة‬
‫لتقديم خدمات لعامة الناس‪ ،‬وتارة أخرى يسلك مسلكا وسطا فال هو يريد المساس بمبدأ‬
‫المشروعية و ال هو يرغب في تعطيل خدمات المر افق العمومية‪.‬‬

‫المصادرو المراجع‬

‫‪ -5‬المؤلفات‬

‫‪" -‬القضاء اإلداري المغربي" لحسن صحيب‪ ،‬املجلة المغربية لإلدارة املحلية و التنمية‪،‬‬
‫ع ‪ ،71‬الدارالبيضاء‪ ،‬ط ‪.1117‬‬

‫‪ " -‬إشكالية تنفيذ األحكام القضائية الصادرة ضد اإلدارة" لثائرة نزال‪ ،‬مجلة مسالك في‬
‫الفكرو السياسة و االقتصاد‪ ،‬ع ‪ ،11-17‬السنة ‪.1151‬‬

‫‪ " -‬إشكالية تنفيذ األحكام القضائية في مواجهة اإلدارة" لحميد أمالل‪ ،‬جامعة محمد‬
‫الخامس‪.1117 ،‬‬

‫‪ " -‬إشكالية تنفيذ األحكام القضائية" المصطفى التراب‪ ،‬املجلة المغربية لإلدارة املحلية‬
‫و التنمية‪ ،‬دارالنشرالمغربية‪ ،‬ع ‪.5777 ،19‬‬

‫‪ " -‬الدليل العملي لالجتهاد القضائي في المادة اإلدارية" ألحمد بوعشيق‪ ،‬املجلة المغربية‬
‫لإلدارة املحلية و التنمية‪ ،‬ع ‪.1111 ،56‬‬

‫‪ " -‬الغرامة التهديدية و الحجز في مواجهة اإلدارة الممتنعة عن تنفيذ األحكام الصادرة‬
‫ضدها" ملحمد القصري‪ ،‬سلسلة دراسات ‪ ،‬ع ‪.19‬‬

‫‪P 350‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫‪ " -‬الغرامة التهديدية و تنفيذ األحكام القضائية الصادرة ضد اإلدارة" آلمال المشرفي‪،‬‬
‫املجلة المغربية لإلدارة املحلية و التنمية‪ ،‬ع ‪.5777 ،17‬‬

‫‪ " -‬القضاء اإلداري‪ ،‬قضاء اإللغاء" لسليمان الطماوي ‪ ،‬الطبعة األولى‪.1151 ،‬‬

‫‪ " -‬تنفيذ األحكام اإلدارية" لحسني سعد عبد الواحد‪ ،‬مطابع املجلي الوطني للدفاع‪،‬‬
‫القاهرة‪.5771 ،‬‬

‫‪ " -‬تنفيذ األحكام القضائية الصادرة ضد الجماعات الترابية" لكريم الشكاري ‪ ،‬مقال‬
‫منشوربموقع العلوم القانونية ‪ ،‬دجنبر‪.1159‬‬

‫‪ " -‬عدم تنفيذ أحكام القضاء اإلداري من طرف اإلدارة " لحبيب العطشان‪ ،‬مجلة‬
‫القضاء و القانون‪ ،‬ع ‪.1117 ،516‬‬

‫‪ " -‬مباحث في مستجدات القضاء اإلداري" للجياللي امزيد‪ ،‬سلسلة مؤلفات جامعية‪،‬‬
‫‪.1111‬‬

‫‪ "-‬التطلع إلحداث مسطرة لتنفيذ األحكام و القرارات الصادرة في مواجهة اإلدارة" ملحمد‬
‫الزياني‪ ،‬ع ‪.1117 ،76‬‬

‫‪ "-‬الغرامة التهديدية و الحجز في مواجهة اإلدارة الممتنعة عن تنفيذ أحكام و قرارات‬


‫القضاء اإلداري" ملحمد قصري‪ ،‬مجلة املحاكم المغربية‪ ،‬ع ‪ ،1‬يناير‪.،1119‬‬

‫‪ -1‬القرارات القضائية‬

‫‪ -‬قراراملجلس األعلى عدد ‪ 7711/7‬بتاريخ ‪.5771-19-16‬‬

‫‪ -‬القراررقم ‪ 11‬ملحكمة النقض الصادربتاريخ ‪.1151-15-51‬‬

‫‪ -‬القرارعدد ‪ 171‬الصادرعن محكمة االستئناف اإلدارية بالرباط‪ ،‬في ‪.1156-11-11‬‬

‫‪ -‬أمرصادرعن رئيس املحكمة اإلدارية بالرباط بتاريخ ‪ 1155-17-59‬في الملف ‪.1155/671‬‬

‫‪ -‬حكم صادرعن املحكمة اإلدارية بالرباط‪ ،‬رقم ‪ ،111‬بتاريخ ‪ 1151-19-16‬منشوربموقع‬


‫العلوم القانونية‪.‬‬

‫‪P 351‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫قراءة في تطور أشكال العقاب داخل‬


‫المجتمعات البشرية‬
‫‪The evolution of forms of punishment within human societies‬‬
‫نعرض في هذا المقال لتطور فكرة العقاب في املجتمعات البشرية على امتداد الحقب‬
‫والمراحل التاريخية‪ ،‬فالعقوبة والجزاء هما أمران ظال محايتين للجماعة البشرية ‪.‬فإذا كنا‬
‫نعرف السجين‪ ،‬وهو نزيل المؤسسة العقابية ‪،‬اليوم بكونه هو فرد من أفراد املجتمع قام‬
‫بالتعدي على قوانين و أنظمة‪ ،‬وتم اإلمساك به من قبل الجهات الرسمية للدولة وتم التحقيق‬
‫معه‪ ،‬وبناء عليه صدرفيه حكم بمدة عقوبة معينة يمض ي بها في السجن ؛ وإذا كانت المؤسسات‬
‫العقابية تشير اليوم إلى األماكن التي يحتجز فيها األشخاص بموجب احكام قضائية أو أوامر‬
‫قبض أو حبس ومنعهم من التصرف بنفسه حتى يتبين حاله أو لخوف من هروبه الستيفاء‬
‫العقوبة المقررة عليه‪ .‬وتسمى في القواميس القانونية بالسجن أو الحبس‪ :‬تلك المؤسسات‬
‫ً‬
‫المعدة خصيصا الستقبال املحكوم عليهم بعقوبات مقيدة للحرية(‪ .)639‬فإن التاريخ البشري‬
‫يبين بوضوح أسبقية العقاب على السجن‪ ،‬وأن ميالد السجن بتعبير ميشال فوكو هو لحظة‬
‫فارقة في تاريخ البشرية‪ .‬وذلك على الرغم من االنتقادات التي توجه لهذه األخيرة‪ ،‬حيث يرى‬
‫ً‬
‫ليمرت على أن رد الفعل املجتمعي إزاء السلوك المنحرف‪ ،‬غالبا ما يفض ي إلى تقويته‪ ،‬وليس إلى‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫اختزاله‪ ،‬فالمؤسسات العقابية مثال تلعب دورا فعاال في إفراز املجرمين والعتاة منهم أكثر من‬
‫إصالحهم‪ ،‬و أيما كانت األسباب األصلية للسلوك أو لالنحراف األولى‪ ،‬فإن الجزاءات االجتماعية‬
‫تؤدي إلى االنحراف الثانوي‪)640( .‬‬

‫لكننا نرى أن «لمبرت" قدم نظريته ليبين من خاللها أن ضعف الضبط االجتماعي في‬
‫املجتمع يؤدي إلى انتشار الجريمة وتفاقم معدالتها بذلك املجتمع‪ ،‬يؤدي الضبط المفرط فيه‬
‫إلى اتجاه البعض نحو ارتكاب سلوك إجرامي فيقول "إننا ألفنا أن االنحراف يؤدي إلى أعمال‬

‫( ‪ )639‬إسحاق إبراهيم منصور‪ ،‬الموجز في علم اإلجرام والعقاب‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،4898 ،‬ص‪.467‬‬
‫( ‪ )640‬محمد سالمة محمد‪ ،‬الدفاع االجتماعي في مواجهة الجريمة‪ ،‬االسكندرية‪ ،‬دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر‪ ،4996 ،‬ص ‪.441‬‬

‫‪P 352‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫الضبط االجتماعي‪ ،‬ولكن األكثر أهمية هو أن وسائل الضبط االجتماعي قد تكون بدورها‬
‫مسئولة عن االنحراف(‪ ،)641‬قد هذه الفكرة صائبة إلى حد ما‪ ،‬غير أنها تبقى في نظرنا خاصة‬
‫باملجتمعات التي يزيد فيها الضبط االجتماعي‪ ،‬ولذلك فإنها ال تفسر جميع أشكال السلوك‬
‫اإلجرامي(‪. )642‬‬

‫‪ ‬أشكال العقاب في املجتمعات العتيقة‬

‫ظهرت العقوبات في املجتمع اإلنساني القديم‪ ،‬ولكنها اختلفت باختالف األزمنة واألمكنة‪،‬‬
‫ومرت بمراحل تطورمنذ األزمنة البدائية إلى العصرالحديث‪ ،‬فإذا كانت العقوبة اليوم هي جزاء‬
‫يقرره القانون ويوقعه القاض ي على من تثبت مسئوليته عن الجريمة‪ ،‬فإنها كانت في الماض ي‬
‫تعكس فقط إرادة وقدرة من يملك القوة وإكراه وضعف من ال يملكها‪.‬‬

‫تعود أقرب مرحلة تتوفرخاللها أدلة علمية على شكل حياة اإلنسان إلى العصرالحجري‪،‬‬
‫فخالل تلك المرحلة عاش اإلنسان حياة خوف وصراع من أجل البقاء في بيئة ال يبقى فيها إال‬
‫األقوى واألكثرشراسة من البشروالحيوانات على حد سواء‪ ،‬حينها كان اإلنسان والحيوان يمثل‬
‫ً‬
‫كل واحد منهما غذاء لآلخر وخطرا على اآلخر‪ ،‬فالقتل كان من األعمال التي توفر العيش لكليهما‬
‫يأتيانه بالغريزة‪ ،‬وتحت وطأة هذه الخصائص المتوحشة وما تعج به الطبيعة من ظواهرمهلكة‬
‫تميزت الحياة االجتماعية األولى باالندفاع الشديد نحو تمجيد القسوة والعنف‪ ،‬ولما كان أي‬
‫تجمع يفرزبالضرورة سلطة ما‪ ،‬فإن السلطة التي ظهرت في بداية تشكل املجتمع خالل المراحل‬
‫المتأخرة من العصرالحجري أوبعده ‪،‬كانت معبرة عن كل هذه الظروف ومرتكزة عليها‪ ،‬فالقسوة‬
‫والعنف هي التي تقيم السلطة وتمنحها الشرعية‪ ،‬وأدى االزدياد في عدد األفعال املجرمة إلى‬
‫استحالة مواجهة الخارجين على نطاق التجريم من قبل صاحب السلطة بمفرده‪ ،‬األمر الذي‬
‫دفع الب ابليين وقدماء المصريين إلى سن قوانين تتضمن أنواع الجرائم وعقوباتها‪ ،‬وصياغة‬
‫بعض القواعد المنظمة لالتهام والتحقيق القضائي واملحاكمة‪ ،‬ومن ثم قيام الملك بتفويض‬
‫كثيرمن أعمال القضاء لمن ينوب عنه ‪.‬‬

‫( ‪ )641‬عبدالله عبد النبى غانم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.479‬‬


‫( ‪ ) 642‬عبدالله أحمد عبدالله المصراتى‪ ،‬قراءة إجتماعية معاصرة في النظريات المفسرة للجريمة واإلنحراف‪ ،‬ليبيا‪ ،‬جامعة‬
‫قاريونس‪ ،‬كلية اآلداب والعلوم‪ ،4994 ،‬ص ص‪.74-79‬‬

‫‪P 353‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫وقد بقى اإلنسان طيلة العصرالحجري القديم‪ ،‬يدفع القوة بالقوة دون وازع يرجعه عن‬
‫ً‬
‫الظلم واالعتداء‪ ،‬فكان يعيش في حالة تربص وحذر‪ ،‬وكانت حياته مسرحا لنزاع وحروب متصلة‪،‬‬
‫ال يأمن فيها على حياته‪ ،‬وال يستقر معه على حال‪ ،‬ومن أجل ذلك اقتضت سالمته واستقرار‬
‫حياته وجود وازع يمنع من الظلم واالعتداء‪ ،‬وكان هذا الوازع‪ ،‬هواألساس الذي قام عليه مفهوم‬
‫القانون والعقوبة‪ ،‬وإلى هذا يشير "ابن خلدون" في مقدمته بالقول‪ ،‬ثم إن هذا االجتماع إذا‬
‫حصل للبشر كما قررنا وتم عمران العالم به‪ ،‬فال بد من وازع يدفع بعضهم عن بعض لما في‬
‫طباعهم الحيوانية من العدوان والظلم‪.‬‬

‫ويبدو مما تقدم بأن القوة على الرغم مما تنطوي عليه من معنى القسوة والظلم‪ ،‬إال أنها‬
‫ً‬
‫دفعت اإلنسان إلى احترام اإلنسان اآلخر خوفا من بطشه‪ ،‬وبذلك خلق الوازع التنظيمي لرسم‬
‫العالقات بين الجماعات البدائية‪ ،‬الذي بدونه سيزداد العدوان والظلم أكثرفأكثر‪.‬‬
‫ً‬
‫على أن استعمال القوة لم يكن مقصورا على العالقات بين الجماعات املختلفة حسب‪،‬‬
‫و إنما كان يعد كذلك األساس الذي يدور حوله العالقات بين أفراد الجماعة الواحدة‪ ،‬ففي‬
‫داخل إطار الجماعة نجد أن النظام العقابي كان يقوم على أساس االنتقام الشخص ي أو الثأر‪،‬‬
‫ً‬
‫فكان كل فرد يثأر لنفسه إذا ما وقع عليه أي اعتداء‪ ،‬ولما كانت الجماعات البدائية تبلغ حدا‬
‫من الضآلة يندر معه وقوع اعتداءات من بعض أفرادها على البعض اآلخر‪ ،‬فإننا ال نكاد نجد‬
‫لديها جزاءات محددة لصوراالعتداء املختلفة‪ ،‬و إنما كان الفرد المعتدي عليه هو الذي يقدرما‬
‫إذا كان الفعل الذي وقع عليه يعتبراعتداء يستوجب العقاب أم ال‪ ،‬وهو الذي يقدرنوع العقاب‬
‫ومقدا ه وهو الذي يوقعه بنفسه أو بمعاونة أهله وأصدقائه ً‬
‫أيضا ‪ ،‬أما خارج دائرة الجماعة‬ ‫ر‬
‫فقد ظلت القوة هي الوسيلة الوحيدة التي تحسم كل نزاع بين الجماعات املختلفة مهما كان‬
‫نوعه‪ ،‬وهي التي تحمي الحق بل وتخلقه‪ ،‬ألن تقدير الحق أو الواجب مبنى على قوة الخصم أو‬
‫ضعفه دون تفرقة في ذلك بين أمرمدني وأمرجنائي‪ ،‬فكل اعتداء على حق كان يعد جريمة تدفع‬
‫المعتدي عليه وبشدة إلى االنتقام‪ ،‬إن هذه الحالة كانت تتفق مع معيشة القوم وعقليتهم‪ ،‬إذا‬
‫ً‬
‫ال تعترف الجماعة بحق للغريب عنها في تقرير العقوبات‪ ،‬بل تعتبره عدوا يحل قتله‪ ،‬وال تعتد‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫باالعتداء على شخص الغيرأو ماله‪ ،‬فال تعتبره جريمة وال يجرعلى صاحبه وزرا وال عارا‪ ،‬بل كان‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫السلب مسلكا شريفا‪ ،‬واإلغارة مبعثا للفخر‪ ،‬واالنتقام واجبا تحتمه المروءة ‪.‬‬

‫‪P 354‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫لقد كان االنتقام الفردي هو الطابع المميز لهذا العصر‪ ،‬لذلك كانت القوة هي األساس‬
‫الذي تدورحوله العالقات بين أفراد الجماعة الواحدة أو بينهم وبين الجماعات األخرى‪ ،‬غيرأنه‬
‫يجب التمييز بين عالقات أعضاء الجماعة الواحدة ببعضهم وعالقاتهم بغيرهم من الجماعات‬
‫األخرى‪ ،‬وقد اتخذت العقوبات نمطين إحداهما داخل الجماعة‪ ،‬والثاني خارج الجماعة ويتضح‬
‫ذلك من خالل اآلتي‪:‬‬

‫‪ .‬العقاب داخل الجماعة البشرية الصغيرة‬

‫حدث داخل الجماعة الواحدة تمييز بين األفعال التي تمس كيان الجماعة كلها وتضر‬
‫بمصالحها وتهدد أمنها ‪،‬واألفعال التي ال تصل إلى هذا الحد من الخطورة وتعتبر ماسة بكيان‬
‫األفراد فقط‪ ،‬والنوع األول يمكن أن نسميه الجرائم العامة‪ ،‬أم النوع الثاني فيمكن تسميته‬
‫بالجرائم الخاصة‪ ،‬والكثرة الغالبة من األفعال كان ينظر إليها على أنها تخص المعتدي‬
‫والمعتدي عليه وحدهما وليس فيها ما يعكر أمن الجماعة وصفوها‪ ،‬فأفراد الجماعة يقفون‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫موقفا سلبيا وال يناصرون أحدا ضد آخر‪ ،‬فالقتل والجرح والضرب والسرقة إن وجدت ‪ ،‬ألنه‬
‫لم تكن هناك أموال وإن وجدت فهي مملوكة على الشيوع بينهم‪ ،‬كلها أفعال ال تحفل بها‬
‫الجماعة‪ ،‬أما الجرائم العامة فكانت محصورة في الخروج على تقاليد الجماعة الخاصة‬
‫بالقواعد التي تحكم نظم الزواج‪ ،‬كالزواج من غير أعضاء الجماعة إذا كانت تأخذ بنظام‬
‫االقتراب‪ ،‬أو الزواج من أعضاء الجماعة إذا كانت تأخذ بنظام االغتراب‪ ،‬فهذه املخالفة تعتبرزنا‬
‫ً‬
‫محرما‪ ،‬وكذلك الحال في القتل بالسحرأو إلحاق األذى باستعمال السحر‪ ،‬وفي الجرائم العامة‬
‫تطبق الجماعة ‪ -‬عن طريق شيوخها أو رؤسائها – أشد أنواع العقاب ضد الخارج على تقاليده‪،‬‬
‫ومن صورهذا العقاب اإلعدام أو النفي خارج الجماعة أو إتالف أحد أعضاء جسم الجاني مثل‬
‫فقئ العين أو صم األذن أو قطع اللسان‪ ،‬فالجريمة والعقوبة تستندان إلى أساس ديني سواء في‬
‫الجرائم العامة أو الخاصة‪ ،‬فالجريمة ذنب ديني والعقوبة تكفير عنه ولذلك اتسمت العقوبة‬
‫ً‬
‫بالقسوة إرضاء لآللهة وخوفا من غضبها‪.‬‬

‫العقاب ومبدأ التضامن‬

‫إذا حدث اعتداء على شخص ينتمي إلى جماعة أخرى فمبدأ التضامن يوجب على أفراد‬
‫جماعة الجاني مظاهرته ومساعدته‪ ،‬ويوجب على جماعة املجني عليه االنتقام من الجاني‬
‫وجماعته‪ ،‬فتقوم سلسلة من الحروب والغارات ال تنتهي بين الجماعات‪ ،‬فالقوة هي فيصل كل‬

‫‪P 355‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫نزاع‪ .‬وقد ساعد على نمو روح العداء ضد الجماعات األخرى حياة العزلة االقتصادية‬
‫والسياسية واالجتماعية التي سادت بين الجماعات‪ ،‬مما ترتب عليه عدم االعتراف لألجنبي عن‬
‫ً‬
‫الجماعة بأي حق من الحقوق‪ ،‬بل كان االعتداء عليه مبعثا للفخروالتباهي من جانب المعتدي‪،‬‬
‫وترتب على قيام نظام الجماعة على مبدأ التضامن مع شيوع الملكية الجماعية إلى عدم حصر‬
‫دائرة االنتقام في شخص معين أو مال بذاته‪ ،‬ومن هنا ساد مبدأ المسئولية التضامنية‪ ،‬وبالنظر‬
‫إلى عدم وجود سلطة عليا تعترف بها الجماعات المتنازعة ‪ ،‬فإنه لم يكن هناك مناص من‬
‫االلتجاء إلى القوة لفض كل ما يثورمن منازعات مهما كانت تفاهة هذا النزاع ‪.‬‬

‫ويبدو مما تقدم أن القوة كانت فيصل كل نزاع في عالقة الجماعة بغيرها من الجماعات‪،‬‬
‫ويعتقد أن سبب التجاء األفراد في الجماعات البدائية إلى القوة‪ ،‬هو أن مفهوم حقوق الفرد‬
‫ً‬
‫الخاصة لم يكن معترفا بها‪ ،‬إذ كانت الملكية جماعية‪ ،‬وكان االلتجاء إلى القوة للدفاع عن المال‬
‫أو العرض هو الوسيلة الوحيدة المتوفرة في ذلك الحين‪ .‬وقد ساعد على االلتجاء إلى االنتقام‬
‫الشخص ي عدم وجود قواعد دينية‪ ،‬تحظر االلتجاء إلى القوة‪ ،‬ولم يتالش مبدأ استعمال القوة‬
‫إال بعد أن تغيرت أنماط تفكيرالقوم‪ ،‬وبدأ الشعورباحترام حقوق الغير‪ ،‬فقل الرجوع إلى القوة‬
‫للدفاع عن النفس والمال‪ ،‬والذي ساعد على اختفاء القوة ازدياد سلطة رؤساء الجماعات‬
‫الذين اعتمدوا على قوتهم‪ ،‬أو على دهائهم وحنكتهم في إقناع األفراد بترك أسلوب االلتجاء إلى‬
‫القوة‪ ،‬و اندثرت فكرة االنتقام الشخص ي واستعمال القوة عندما تأصلت الديانة في قلوب‬
‫ً ً‬
‫األفراد ومنحت الرؤساء سلطانا قويا استطاعوا بموجبه أن يوقعوا الجزاء على من يعص ى‬
‫أوامرهم‪ ،‬وأصبحت السلطة المطلقة بيدهم واختفى بذلك كل أثر الستعمال القوة في تنظيم‬
‫العالقات بين األفراد‪.‬‬

‫العقاب داخل العشيرة‬

‫اتخذت العقوبة في داخل مجتمع العائلة – أي عند انتماء الجاني واملجني عليه إلى نفس‬
‫العائلة– صورة التأديب لرب العائلة على أفرادها‪ ،‬وكانت هذه السلطة متسعة فشملت قتل‬
‫الجاني أو طرده من العائلة‪ ،‬وال نستطيع أن ننكر على العقوبة في نطاق املجتمع العائلي طابعها‬
‫العام‪ ،‬إذ كان رئيس هذا املجتمع وممثله هو الذي يوقعها‪ ،‬وكانت بعض األفعال التي توقع من‬
‫أجلها تتخذ طابع خيانة املجتمع‪ ،‬كالفرارمن القتال‪ ،‬وتثيرفي أغلبها شعوراالستنكارالعام‪.‬‬

‫‪P 356‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬
‫ً‬
‫أما إذا كان الجاني منتميا إلى عائلة غير عائلة املجني عليه‪ ،‬فقد اتخذت العقوبة صورة‬
‫االنتقام الفردي‪ ،‬إذ يهب املجني عليه تنصره عائلته إلى االنتقام من الجاني الذي تناصره عائلته‬
‫كذلك‪ ،‬ويتخذ االنتقام صورة الحرب الصغيرة ويترتب عليه من الضرر ما يفوق في الغالب ضرر‬
‫الجريمة‪.‬‬

‫ويعرف "أوجست كونت" األسرة بأنها الخلية األولى في جسم املجتمع وأنها النقطة األولى‬
‫التي يبدأ منها التطور‪ ،‬وهي الوسط الطبيعي واالجتماعي الذي ترعرع فيه الفرد‪ ،‬كما يعرفها‬
‫"هربرت سبنسر" بأنها الوحدة البيولوجية واالجتماعية‪ ،‬ويشيرإليها "ويليام أجبرن" بأنها منظمة‬
‫ً‬
‫دائمة نسبيا مكونة من زوج وزوجة وأطفال أو بدونهم‪ ،‬ويرى أن العالقات الجنسية هي المبرر‬
‫األساس ي لوجود األسرة‪ ،‬وأنها من مميزات األسرة في كافة المستويات الثقافية‪ .‬فالعائلة هي‬
‫تجمع اجتماعي قانوني ألفراد اتحدوا بروابط الزواج والقرابة أو بروابط التبني‪ ،‬وهم في الغالب‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫يشاركون بعضهم بعضا في منزل واحد‪ ،‬ويتفاعلون تفاعال متبادال طبقا ألدواراجتماعية محددة‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫تحديدا دقيقا وتدعمها ثقافة عامة‪.‬‬
‫ً‬
‫كما أن الخلية االجتماعية األولى – أساسا لنشأة الدولة فقد بدأت األسرة أو العائلة على‬
‫أساس االنتماء إلى األم‪ ،‬وتطورت بعد ذلك إلى مرحلة أخرى وهي التي صار انتماء األسرة فيها إلى‬
‫األب‪ ،‬واألسرة أو العائلة تتكون عادة من األب واألم واألوالد سواء قل عددهم أو كثر‪ ،‬ثم تطور‬
‫الحال بعد ذلك إلى تكوين عدد أسر‪ ،‬ومن هذا إلى القبيلة المكونة من عدة عائالت حتى وصل‬
‫التطور إلى التنظيم الحديث الذي يضم عدة عائالت في شكل أو صورة أمة تكون الدولة‪،‬‬
‫وأصحاب هذه النظرية يعتبرون سيادة الوالد على أسرته و أبنائه هي اللبنة األولى التي انبثقت‬
‫عنها السلطة السياسية‪ ،‬وهذا ما نعثر عليه في التراث القديم وخاصة عند "أرسطو" في كتابه "‬
‫ً‬
‫السياسة " أن العائلة تنشأ أوال ثم تتحد مع عدة عائالت بقصد إشباع وتوفير الحاجات التي ال‬
‫يمكن للعائلة أن تنهض بها منفردة ومن ثم تتكون القرية‪ ،‬ومن اتحاد عدد من القرى تتكون‬
‫الدولة‪ ،‬ومنذ عهد "أرسطو" وجدت هذه النظرية ً‬
‫عددا من المؤيدين عبر مختلف العصور‬
‫يرجعون قيام الدولة إلى سيطرة األب على األسرة ‪.‬‬

‫العقاب في املجتمع االثني‬

‫ظلت العقوبة في داخل املجتمع االثني مرتبطة بسلطة التأديب التي لرئيس املجتمع على‬
‫أفراده‪ ،‬وإن تميزت باتساع هذه السلطة بالنظر إلى نمو فكرة المصلحة المشتركة‪ ،‬مما أدى إلى‬

‫‪P 357‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫تعدد األفعال التي توصف بالخيانة وتنوعها‪ ،‬و اتخذت العقوبة في هذا املجتمع طابع "االنتقام‬
‫ً‬
‫الجماعي" من الجاني باعتباره خائنا‪ ،‬ولم يندثر االنتقام الفردي في حالة انتماء الجاني واملجني‬
‫عليه إلى عائلتين مختلفتين تنتميان إلى العشيرة‪ ،‬ولكن مالحظة املخاطرالتي تجلبها على املجتمع‬
‫ً‬
‫هذه الحروب الصغيرة حملت السلطة في العشيرة على فرض القيود عليها حصرا لها في نطاق‬
‫ضيق‪ ،‬وكانت أبرزهذه القيود هي القصاص وتحريم االنتقام في أمكنة ومواسم محددة‪.‬‬
‫ً‬
‫أما إذا كان الجاني منتميا إلى عشيرة املجني عليه‪ ،‬فقد كانت الحرب بين العشيرتين هي‬
‫األثرالطبيعي للجريمة‪ ،‬وقد اتخذت العقوبة بذلك طابع "االنتقام من عدوخارجي" فكانت صورة‬
‫أخرى لالنتقام الجماعي‪ ،‬فمن أشكال العقوبة في القضاء البدوي التي توقع على الجاني وحده‬
‫دون تضامن الجماعة الثأرية التي ينتمي إليها‪ ،‬إذا كانت الجريمة تخل بالشرف كالسرقة أو‬
‫الجرائم الجنسية‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫فالهدف من العقوبة هدفا انتقاميا‪ ،‬ثم تطور من االنتقام الفردي إلى االنتقام الجماعي‬
‫باالقتصاص من الجاني تحت إشراف الجماعة أو العشيرة‪ ،‬ثم االنتقام الديني في ظل نظام‬
‫القبيلة التي تكونت من مجموعة من العشائر‪ ،‬ومع ذلك غلب على العقوبة طابع‬
‫االنتقام من الجاني‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫و إننا نجد تمايزا واضحا بين الوحدات القرابية الحقيقية المكونة للوحدة السياسية‬
‫ً‬
‫العشائرية في املجتمعات البدوية‪ ،‬حيث تضم تلك الوحدة العشائرية الثأرية مثال العائلة‬
‫األصلية التي انحدرت عن الجد األكبر للوحدة القبلية الكبرى التي تنتمي إليها‪ ،‬وهي في كثير من‬
‫األحيان تعتبرالجماعة المسيطرة أو الرئيسة في تلك الوحدات العشائرية التي قد تضم العائالت‬
‫المكتتبة أو المنضمة إليها والتي قد تتعدد أصولها‪.‬‬

‫العقاب القبلي‬

‫إن القبيلة ظهرت في مرحلة متأخرة‪ ،‬جراء تكاثرالعشائرالطوطمية وتوالدها وتجمعها في‬
‫بقعة جغر افية محددة‪ ،‬ومن الصعب تحديد تاريخ معين لبدء العصر القبلي‪ ،‬ولكن ما يمكن‬
‫تأكيده أن القبائل استقرت في بعض المناطق فنشأت بين أفرادها عالقات متداخلة ومتشابكة‬
‫أسفرت عن قيام منازعات ومشكالت‪ ،‬وقد استوجب ذلك قيام حكم من بين أفراد القبيلة (قد‬
‫ً‬
‫يكون رئيسا) قادر على الفصل في الخالفات والمنازعات وإصدار األوامر والنواهي وتنفيذ‬

‫‪P 352‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫العقوبات بحق من يخرج عن القواعد واألعراف السائدة‪ ،‬وهكذا ظهرت السلطة التي تسهرعلى‬
‫ً‬
‫تنظيم مختلف العالقات بين أفراد القبيلة وفقا لهذا الرأي‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ولم يكن انضمام مجموعة من العشائرفي قبيلة ما عامال مذيبا تماما بين عشائرحريصة‬
‫على استقاللها لمواجهة عدو مشترك‪ ،‬ولذلك ظلت حالة انتماء الجاني إلى عشيرة غير عشيرة‬
‫ً‬
‫املجني عليه سببا إلثارة الحرب بينهما‪ ،‬ولكن هذا الوضع لم يكن ليتفق مع المصلحة العامة‬
‫للقبيلة بعد أن تماسكت عشائرها‪ ،‬فكان ال بد من وسيلة للحد منه‪ ،‬وقد استمدت هذه الوسيلة‬
‫من نظم الحرب ذاتها‪ ،‬فإذا كانت الحرب تنتهي في العادة باتفاقية صلح تحسم المسائل التي‬
‫أثارت الحرب وتلك التي ترتبت على قيامها‪ ،‬فإنه من السائغ تجنب الحرب ابتداء عن طريق اتفاق‬
‫ينظم المسائل التي يراد حسمها بالعنف؛ وإذا كان أهم ما تضمنه اتفاقيات الصلح هو إلزام‬
‫المهزوم بتسليم مال إلى المنتصر‪ ،‬فإن تجنب الحرب مستطاع عن طريق عقد اتفاق تلزم به‬
‫عشيرة الجاني بتسليم مال إلى عشرة املجني عليه‪.‬‬

‫وقد ظل للعقوبة في مجتمع القبيلة طابع "االنتقام الجماعي"‪ ،‬و اتضح هذا الطابع بصفة‬
‫خاصة بالنسبة لألفعال التي تهدد أمن املجتمع كالخيانة واألفعال التي تمس الدعائم الدينية‬
‫التي ي قوم عليها‪ ،‬وتميزت من أجل ذلك بقسوة بالغة‪ ،‬ولكن طرأ على نظام العقوبة تعديل كان‬
‫الدين مصدره‪ ،‬فقد تميز مجتمع القبيلة باعتماد واضح على الدين في نشأته وتنظيمه‪ ،‬ذلك أن‬
‫في مقدمة األسباب التي دعت العشائر المتجاورة إلى االنضمام في قبيلة كان اشتراكها أو تقاربها‬
‫في العقائد الدينية‪ ،‬وقد حرص شيخ القبيلة وأعوانه على الدين باعتباره الرابطة التي تكفل‬
‫الوحدة القبلية‪ ،‬وظهر أثر ذلك في إسناد سلطاته إلى الدين واعتباره وظيفته األساسية هي‬
‫استبقاء مرضاة اآللهة وحمايتها للقبيلة‪ ،‬وقد استتبع ذلك تغييرفي النظرإلى الجريمة والعقوبة‪،‬‬
‫فالجريمة يفسرها تقمص األرواح الشريرة والشياطين جسد الجاني وتوجيهها إياه إلى الفعل‬
‫ً‬
‫اإلجرامي سعيا إلغضاب اآللهة ؛ والعقوبة هي الوسيلة إلى استرداد رضاء اآللهة‪ ،‬والطريق إلى‬
‫ً‬
‫ذلك هو "التكفير" عن الجريمة‪ ،‬ويتحقق التكفير بإنزال العذاب بالجاني طردا لألرواح الشريرة‬
‫منه استرضاء لآللهة التي أساءها ارتكاب الجريمة‪ ،‬وبذلك حل "التكفير" محل "االنتقام‬
‫ً‬
‫الجماعي" غرضا للعقوبة‪ ،‬ودخلت الطقوس الدينية في إجراءات النطق بالعقوبة وتنفيذها على‬
‫ً‬
‫نحوظهربه الجاني في صورة الضحية التي تقدم لآللهة دفعا لغضبها واستبقاء لحمايتها للمجتمع‬
‫فموضوع القانون البدائي ينصب على دراسة العوامل والقوى المتعددة التي تعمل على وجود‬

‫‪P 357‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬
‫ً‬
‫النظام وعلى وحدة وتماسك القبيلة البدائية‪ ،‬وهما أيضا يحكمان كل األعمال اليومية والحياة‬
‫العامة ألعضائها‪.‬‬

‫فاالنتقام ومقابلة العدوان بالعدوان هو دستور القبائل وأسلوب الحياة وهو ما يضمن‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫االنتصار دائما للطرف األقوى ولو كان معتديا‪ ،‬وتعتبر السياسة العقابية في جميع األحوال‬
‫ً‬
‫الشخصية تحركها دو افع التأثر لدى الفرد ولدى القبيلة‪ ،‬ثم ما لبث أن اتخذ االنتقام طابعا‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫دينيا التسام السلطة بالطابع الديني وأضحى خضوع األفراد لها نوعا من الخضوع للدين‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫وأصبحت الجريمة عصيانا دينيا‪ ،‬وباتت العقوبة تكفيرا عن ذلك العصيان وكان سيد القبيلة‬
‫أو زعيمها لآللهة‪ ،‬له سلطة الحياة والموت على أفراد قبيلته‪ ،‬وعلى األفراد قبول الجزاء مما بلغ‬
‫من قسوة مرضاة لآللهة‪ ،‬لذلك اختلت العالقة بين الجريمة والعقوبة و اتسمت بالقسوة‬
‫واإلفراط ‪.‬‬

‫ويرى تارد" أن الجماعات اإلجرامية هي أقرب في تكونيها ونظمها وممارسة نشاطها إلى‬
‫جماعات مهنية‪ ،‬وال يمكن وصف القبائل في مجتمع ما تغلب عليه صفات معينة‪ ،‬تربطهم روابط‬
‫الدم أو المصاهرة وهي في الغالب ال تغزو وال تقاتل إال بعد االعتداء عليها أو على مراعيها و انتهاك‬
‫حرماتها‪ ،‬في المقابل تتصف بالنزاهة واإلخالص والوفاء بالعهد‪ ،‬وهي صفات تفتقر املجتمعات‬
‫ً‬
‫حاليا إلى معظمها‪ ،‬وأنها إذا اضطرت إلى القتال والحروب فإنها تتصرف بشجاعة وعنفوان بعيدة‬
‫عن الخسة والمهانة‪.‬‬

‫وقد أشار" مالينوفسكي " في صدرمقدمته لكتاب (الجريمة والعرف في مجتمع بدائي) إلى‬
‫أن موضوع القانون البدائي ينصب على دراسة العوامل والقوى المتعددة التي تعمل على وجود‬
‫النظام وعلى وحدة وتماسك القبيلة البدائية‪ ،‬وأن معرفة هذه العوامل تشكل قاعدة للنظريات‬
‫األنثروبولوجية في التنظيم البدائي‪ ،‬وتكون بمثابة المبادئ الموجهة للتشريع وتنفيذ العقوبات‬
‫على الجاني‪ ،‬فالقانون والنظام يتحكمان في جميع أوجه النشاط في القبائل البدائية‪ ،‬وهما ً‬
‫ً‬
‫يحكمان أيضا كل األعمال اليومية والحياة العامة ألعضائها‪ ،‬فاإلنسان القبلي يخضع لقواعد‬
‫ً ً‬
‫قبيلته ولقيودها وتقاليدها وعرفها خضوعا تاما ‪.‬‬

‫وتطبق املجتمعات القبلية العرف الذي يتمتع بدرجة عالية من المرونة بحيث ال يقوم‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫تطبيقه في المنازعات أو الحاالت املختلفة تطبيقا حرفيا‪ ،‬فالقاعدة العرفية ال تجرم أفعاال‬
‫معينة في ذاتها‪ ،‬بقدر ما تنص على اإلجراءات العرفية المتبعة في تسوية منازعات معينة‪ ،‬ومن‬

‫‪P 360‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫المفهوم أنه ال توجد سلطة شرعية منوطة بإصدار القواعد العرفية‪ ،‬ولكنها وسائل تستقر‬
‫وبتأصل إتباعها بقدر جدواها في تحقيق الترضية والوصول بالمتنازعين إلى تسوية مقبولة‬
‫للنزاع‪ ،‬ولكننا نجد في حاالت معينة أن الجماعات القبلية تتفق فيما بينها عند مواجهة مشكلة‬
‫معينة على تسوية تتبع في الحاالت المماثلة‪ ،‬ومن المؤكد أن القضاء القبلي يفتقر إلى القصر‬
‫المنظم في تنفيذ أحكامه‪ ،‬حيث ال توجد شرطة رسمية‪ ،‬ولكن تنفيذ القاعدة العرفية‬
‫ً‬
‫والعقوبات المقررة يستند إلى حقائق اجتماعية أخرى منها مثال حق الجماعة في االعتماد على‬
‫قوتها الذاتية في الحصول على حقوقها المقررة‪ ،‬ودعم الجماعة لكل عضو من أعضائها في‬
‫مواجهته لآلخرين‪ ،‬كما أن منها عالقات المصاهرة والمصالح المشتركة في استثمارموارد الثروة‬
‫الطبيعية‪.‬‬

‫فدراسة نسق التقنين والجزاء والسلطة والزعامة في املجتمعات القبلية ترتبط بالضرورة‬
‫بدراسة النسق السياس ي الذي يحتل مركزًا ً‬
‫مهما في بناء تلك املجتمعات البسيطة‪.‬‬

‫العقاب في العصرالحديث‬

‫يرى "روتمان" أن الفكر المسيحي تولى تقديم العقوبة كعالج طبي على يد القديس‬
‫"أوغسطين" والقديس "توما االكويني" وعلى هدى هذا الفكرظهرت عقوبة التوبة الكنسية التي‬
‫تتجلى في عزل املجرم بـ (دير) ليتأمل حياته إال أن التطبيق العملي لهذه الفكرة الدينية أسفرعن‬
‫تعسف واضح في استعمالها استمر حتى نهاية القرن الثامن عشر عدا بعض االستثناءات‬
‫القليلة‪.‬‬

‫ويقرر"روتمان" أن القرن السابع عشرشهد حركة فكرية معارضة للفكرالمسيحي قامت‬


‫على أكتاف العديد من الفالسفة ومن اتجاهات هذه الحركة الفكرية بصدد العقوبة االهتمام‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫بإصالح املجرم وإعادته إلى املجتمع عضوا نافعا‪ ،‬ولقد تبنى هذه الحركة فيما بعد الفقيه‬
‫"‬ ‫"جروسيوس‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫أما عن فكر "هوبز" فيرى "روتمان" أنه يعطي للعقوبة غرضا رئيسيا أال وهو الوقاية‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫العامة وغرضا ثانويا هو اإلصالح والتأديب ‪.‬‬

‫كما يرى "روتمان" أن "هيجل" مال إلى حتمية تكافؤية العقوبة مع الجريمة المرتكبة أي‬
‫أنه كان يميل نحوإقرارفكرة العدالة المطلقة‪ ،‬ومع هذا يرى "هيجل" أن العقاب يمكن أن يكون‬

‫‪P 361‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫محققا لإلصالح االجتماعي على أساس أنه يعتبر العقاب نوعا من قهر شخصية املجرم ونفيها‬
‫حتى تظهر شخصية جديدة مخالفة للشخصية اإلجرامية التي أثرت في اإلنسان وجعلته يقع في‬
‫براثن الجريمة‪.‬‬

‫وقد كان الهدف من العقوبة السالبة للحرية مجرد حبس حرية اإلنسان ليكفرعن ذنبه‪،‬‬
‫ولينتقم املجتمع لحقه المعتدي عليه بارتكاب الجريمة ثم تحول الهدف إلى إبعاده عن املجتمع‬
‫ً‬
‫حتى انتهاء مدة العقوبة المقض ي بها‪ ،‬وحاليا أصبح هدف العقوبة السالبة للحرية إصالح‬
‫املحكوم عليه بعد عالجه من مرض الجريمة‪ ،‬ولما كان العالج بالمفهوم الطبي النفس ي ال يعرف‬
‫ميعاد تحققه من جهة كما أنه عادة يحتاج إلى وقت طويل ألننا نعالج نفس المذنب ال جسده‬
‫من جهة أخرى‪ ،‬ولما كان اإلصالح كذلك يحتاج إلى الوقت غيرمحدد كالعالج‪ ،‬لذا بدأ البحث في‬
‫مقدار العقوبة السالبة للحرية على ضوء تحقيق هذين الهدفين المعاصرين العقوبة‪ ،‬وترتيب‬
‫على هذا انتقاد العقوبة السالبة للحرية قصيرة المدة بل‪ ،‬ولقد وصل الحال إلى حد المطالبة‬
‫بإلغاء تقرير العقوبة السالبة للحرية قصيرة المدة في التشريع حتى ال ينطق بها القاض ي‪ ،‬كما‬
‫نادى أنصار هذا االتجاه بأن ال يقدم القضاة على النطق بها وأن تحدد سياستهم القضائية في‬
‫ً‬
‫النطق بالغرامة أو حتى بالبراءة بدال منها حتى تسايرالهدف الحقيقي المعاصر من وراء العقوبة‬
‫السالبة للحرية‪ ،‬وحتى ال يتعارض المذنب املحكوم عليه بعقوبة سالبة للحرية قصيرة المدة (‬
‫ً‬
‫كموظف أو كرجل أعمال يقض ي عليه بعقوبة الحبس لمدة شهر مثال لو اقعة إصابة خطأ )‬
‫ملخالطة املجرمين الخطرين داخل العنابرالجماعية أو خلف أسوارالسجن بوجه عام ‪.‬‬

‫وتفرع عن هذا الرأي كذلك من ينادي بأنه إذا كان من الالزم إقرارالعقوبة السالبة للحرية‬
‫ً‬
‫قصيرة المدة وفقا لسياسة تدرج السلم العقابي فانه يجب أن يخضع المذنب بعد قضاء هذه‬
‫المدة القصيرة داخل السجن للعالج النفس ي واالجتماعي خارج السجن تحت إشراف مختصين‬
‫معينين من قبل الدولة وهذه أول مشكلة قانونية تنبثق عن تطورغرض العقوبة السالبة للحرية‬
‫في املجتمع المعاصرالمتأثربأفكارالمدرسة العلمية وحركة الدفاع االجتماعي ‪.‬‬

‫شهد الفكر اإلنساني إبان القرنين الثامن عشر والتاسع عشر تطورات هائلة شملت شتى‬
‫المعارف والعلوم اإلنسانية‪ ،‬ونتيجة هذه التطورات ارتقت اإلنسانية في أفكارها ومعيشتها‪،‬‬
‫ً‬
‫واكتشف الفرد آفاقا جديدة في حياته المادية وعالقاته االجتماعية‪ ،‬وقد انعكس كل ذلك على‬
‫النظام القانوني بصفة عامة وعلى فكرة العقوبة بوجه خاص ‪.‬‬

‫‪P 362‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫وعلى الرغم من أن المسيحية قد سادت في أوروبا و انتشرت معها تعاليمها التي تدعو إلى‬
‫التسامح والرحمة فقد اتصفت العقوبات – طوال العهود التي سبقت الثورة الفرنسية –‬
‫بالقسوة البالغة‪ ،‬ويعلل ذلك بتأثير عوامل أخرى غلبت في النظم القانونية على التعاليم‬
‫المسيحية‪.‬‬

‫وقد بدأت العقوبة منذ الثورة الفرنسية تتطور حيث كان اتجاهها البارزهو "اإلقالل من‬
‫مقدار اإليالم الذي تنطوي عليه"‪ ،‬وتبدو معالم هذا التطور واضحة عند المقارنة بين نظم‬
‫العقوبات التي سادت في العهد السابق على الثورة والنظم التي جاء بها تشريع الثورة والتشريعات‬
‫الالحقة عليه‪ ،‬ومن هنا يمكن تحديد معالم التطورللعقوبة في ثالث ٍ‬
‫نواح ‪:‬‬

‫من الناحية األولى اعترفت التشريعات القديمة بعقوبات قاسية كالعقوبات البدنية التي‬
‫تقوم على بتر بعض األعضاء أو إعدام بعض الحواس أو الجلد والضرب‪ ،‬والعقوبات المهينة‬
‫كطبع عالمات غيرقابلة للزوال على جسد الجاني تدل على جريمته‪ ،‬وهذه العقوبات قد اختفت‬
‫من التشريعات الحديثة‪ ،‬وكذلك الحد من قسوة العقوبات المطبقة‪ ،‬وذلك بأن هجرت معظم‬
‫التشريعات عقوبات بتر األعضاء والجلد وتشويه جسم اإلنسان وسائر العقوبات األخرى التي‬
‫تضمنتها التشريعات القديمة التي يجمع بينها طابع القسوة والعنف وعدم التناسب بين قدر‬
‫اإلثم أو الخطيئة وبين العقوبة المطبقة عليه‪ ،‬وقل عدد الجرائم المعاقب عليها باإلعدام‬
‫و انحصر في جرائم االعتداء على الحياة وجرائم التجسس‪ ،‬كما ظهرت فكرة الظروف املخففة‬
‫وجعل العقوبة بين حدين أدنى و أقص ى للقاض ي أن يتخير مقدار العقوبة بينهما حسبما تفصح‬
‫عنه شخصية الجاني‪ ،‬وبراعته في ارتكاب الجريمة‪.‬‬

‫ومن الناحية الثانية فإن العقوبات القاسية التي تشرك التشريعات القديمة والحديثة‬
‫ً ً‬
‫في االعتراف بها كعقوبة اإلعدام قد اختلف نطاقها اختالفا كبيرا‪ ،‬فكانت فيما مض ى مقررة لعدد‬
‫كبير من الجرائم‪ ،‬ومنها ما هو قليل الخطورة في ذاته‪ ،‬أما التشريعات الحديثة فتحصرها في‬
‫جرائم االعتداء على الحياة في صورة مباشرة أو غيرمباشرة‪ ،‬بل إن منها ما قد حذفها‪ ،‬ويبرزهذا‬
‫االختالف توسع القضاء أو النطق بها‪ ،‬في حين يميل القضاء الحديث إلى الحد من نطاقها عن‬
‫طريق الظروف املخففة ويتوسع رئيس الدولة في استعمال سلطته في العفو عنها‪.‬‬
‫ً ً‬
‫أما الناحية الثالثة فقد تطورت أساليب تنفيذ العقوبات تطورا كبيرا‪ ،‬فكان طابعها فيما‬
‫مض ى التعذيب والتنكيل‪ ،‬وطابعها في التشريع الحديث هو االتجاه إلى اإلصالح والتأهيل‪،‬‬

‫‪P 363‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫فالتشريعات الحديثة تقتصرعلى تنفيذ اإلعدام بمجرد إزهاق الروح‪ ،‬وأغلبها ال يعرف إال أسلوب‬
‫تنفيذ واحد يحدده القانون ويمتنع القاض ي التصرف فيه ‪.‬‬

‫ولقد ساهم التطور االجتماعي في هذه المرحلة في إحداث تغيرات جذرية في اتجاهات‬
‫ومفاهيم العلمية العقابية‪ ،‬وأهم تغييرتمثل في التحول من العقاب كهدف بحد ذاته إلى تحويل‬
‫العقاب إلى محاولة لإلصالح‪ ،‬أي ظهرت الدعوة إلى إلغاء أساليب التعذيب والعقوبات‬
‫الجسيمة‪ ،‬وحلت مكانها فكرة التهذيب واإلصالح ‪.‬‬

‫وهذه الحركات اإلصالحية اتسع نطاق دائرتها وظهرت في فرنسا وأمريكا‪ ،‬ففي عام ‪5996‬م‬
‫نشأت جماعات لإلصالح في أمريكا و إنجلترا بهدف العمل على مساعدة النزالء باسترداد مكانتهم‬
‫االجتماعية‪ ،‬وثمرة هذه الجهود كانت إنشاء أول إصالحية في فيالدلفيا تتضمن عدة مبان صحية‬
‫في عام ‪5759‬م ‪.‬‬
‫ً‬
‫وفي نهاية القرن التاسع عشركان ينظرللمؤسسات العقابية على أنها للردع أوال واإلصالح‬
‫ً‬
‫ثانيا‪ ،‬ولكن مع حلول القرن العشرين تغيرت هذه النظرية وأصبحت المؤسسة العقابية أداة‬
‫لإلصالح‪ ،‬مع اعتماد نظام الدرجات واالمتيازات بداخل المؤسسة العقابية‪ ،‬والذي يقصد به‬
‫ً‬
‫انتقال النزيل من درجة إلى أخرى أفضل كلما كان سلوكه حسنا‪ ،‬وباإلضافة لهذا النظام تم‬
‫اعتماد نظام آخروهو التصنيف إلى فئات حسب حالة كل سجين وقابليته لإلصالح‪ ،‬فأصبحت‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫رسالة المؤسسة العقابية هي اإلصالح أوال والردع ثانيا‪ ،‬والتي أخذت على عاتقها مسئولية إعادة‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫الثقة بنفس النزيل وإعداده نفسيا وجسميا ومهنيا وثقافيا ‪.‬‬

‫ويمكن القول إن العقوبة في القانون الوضعي تمثل ذلك الجزء الذي ينتقص من حقوق‬
‫قانونية للمجرم ويوقع بواسطة السلطة القضائية على مرتكب الفعل اإلجرامي‪ ،‬وهذا االنتقاص‬
‫ينطوي على إيالم للمجرم جزاء ما كسبت يداه‪ ،‬والعقوبة توقع على املجرم متى اعتدى على‬
‫مصلحة قانونية من المصالح التي حماها المشرع بنصوصه وقوانينه‪.‬‬

‫‪P 364‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

‫مفهوم النظام العام الرقمي‬


The notion of Digital Public Order
:‫ملخص‬

‫يتناول هذا المقال بالدراسة والتحليل إشكالية حفظ النظام العام في الفضاء‬
‫ من خالل‬،‫ وتكون نقطة االنطالق من تحديد اإلطار النظري لمفهوم النظام العام‬،‫اإللكتروني‬
‫ كما يبين المقال المصادر التي يستمد منها هذا المفهوم‬،‫تحديد المفهوم ونشأته وتطوره‬
‫ وتعمل الدراسة في طور الحق على تأصيل فكرة النظام العام‬.‫شرعيته والخصائص التي تميزه‬
‫ باإلضافة إلى إبراز مساهمة المشرع المغربي في تأطيره وحمايته في الفضاء‬،‫الرقمي ومدلوالته‬
‫ األمن‬،‫ الرقمنة‬،‫ النظام العام‬:‫مفتاح‬-‫ كلمات‬.‫الرقمي ودور القضاء واالجتهاد القضائي في ذلك‬
.‫السيبراني‬

Résumé :

Le présent article aborde le problème du maintien de l’ordre public dans le


monde numérique. En effet, le point de départ consiste à mettre en évidence le
cadre théorique de cette notion à travers la présentation du concept, son
évolution historique, ses fondements et ses caractéristiques. De surcroit, dans la
deuxième partie nous allons définir la notion de l’ordre public numérique et ses
fondements conceptuels, avant de mettre l’accent sur les dispositions législatives
visant le maintien de cette notion ainsi que le rôle de la jurisprudence dans ce
cadre. Mots-clés : ordre public, digitalisation, cybersécurité.

:‫مقدمة‬

P 365 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫لقد خلق اإلنسان كائنا اجتماعيا بطبعه‪ ،‬فال يمكنه االستمرار إال مع غيره من األفراد‬
‫الذين يتقاسمون معه شبه طباعه وعاداته‪ ،‬هذا التعايش كان ينتظم قديما في صورة قبيلة أو‬
‫عشيرة‪ ،‬ومع تطور السلوك البشري وتغير الزمان والمكان واألحوال أصبحنا نتحدث اآلن عن‬
‫األمة والدولة كإطار ينتظم فيه األفراد‪ .‬وعليه‪ ،‬كانت الحاجة ماسة إلى وجود قواعد تنظم‬
‫الروابط االجتماعية التي تحكم عالقات األفراد‪ ،‬وهو الدورالذي تضطلع به القواعد القانونية‬
‫في وقتنا الحالي‪.‬‬

‫ويقصد بالقواعد القانونية مجموعة القواعد التي تنظم الروابط االجتماعية وتقوم على‬
‫احترامها سلطة عامة توقع الجزاء على من يخالفها‪ .643‬وتستمد هذه القواعد قوتها من مجموعة‬
‫من المصادرأهمها التشريع المكتوب الذي يصدرعن سلطة أساسية في الدولة تسمى بالمشرع‪.‬‬
‫حيث قد يرى هذا األخير –المشرع ‪ -‬في بعض األحيان ترك الحرية لألفراد في تنظيم شؤونهم‬
‫بأنفسهم‪ ،‬فيورد بمقتض ى ذلك قواعد يمكن االحتكام إليها كما يمكن تالفيها‪ ،‬وتسمى هذه‬
‫القواعد بالقواعد المكملة‪ ،‬وقد يرى المشرع في أحيان أخرى أن هناك أمورا يتعين عليه‬
‫تنظيمها بنفسه وال يترك فيها مجاال الختيار األفراد‪ ،‬وهي القواعد التي ال يجوز االتفاق على ما‬
‫يخالف حكمها أوالتحلل من الخضوع لها‪ ،‬وهي المتصلة بمفهوم النظام العام‪ ،‬وهذا ما يسوقنا‬
‫إلى التساؤل عن ماهية هذا المفهوم؟‬

‫ترتبط فكرة النظام العام نشأة وتطورا بظهورفكرة الدولة القومية حيث املجتمع المنظم‬
‫سياسيا والمقسم إلى حكام ومحكومين؛ وهي بذلك فكرة متصلة اتصاال مباشرا باملجتمع كونها‬
‫مستمدة من مجموعة القواعد المعبرة عن القيم واألسس العليا الكامنة في ضميرالجماعة مما‬
‫يجعلها صمام األمان لهوية املجتمع وحفظ ثوابته‪ .‬ومع هذه الوظيفة السامية تكون فكرة‬
‫النظام العام إحدى أهم األفكار القانونية الكبرى التي ال يساهم رجل القانون وحده في تحديد‬
‫كنهها وتأطير مضمونها؛ بل يشاركه فيها صائغو ضمير الدولة ومفكروها كل في مجال تخصصه؛‬
‫مما يجعلها بحق مفصال من مفاصل الربط بين مجموعة من العلوم؛ األمرالذي سينعكس سلبا‬
‫على تحديد طبيعة هذه الفكرة المتنوعة االستخدام‪.644‬‬

‫‪ 643‬الطيب الفصايلي‪ ،‬المدخل لدراسة القانون‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،4888 ،‬ص ‪.41‬‬
‫‪ 644‬عليان بوزيان‪ ،‬أثر حفظ النظام العام على ممارسة الحريات العامة‪ ،‬أطروحة دكتوراه في الشريعة والقانون‪ ،‬كلية العلوم االنسانية‪،‬‬
‫جامعة وهران‪ ،‬الجزائر‪ ،4991 ،‬ص‪.1 :‬‬

‫‪P 366‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫ولم يتوقف األمر عند تعدد منابع الفكرة بين مختلف العلوم االنسانية بل تعداه إلى‬
‫تغلغلها في ثنايا النظرية العامة للقانون؛ إذ تجد مكانا بارزا لها في مختلف فروع القانون بقسميه‬
‫العام والخاص؛ فهي في القانون الخاص مجموعة القواعد القانونية التي تنظم المصالح‬
‫األساسية والعليا في املجتمع في شكل قواعد آمرة وناهية يمنع على األفراد االتفاق على مخالفتها‬
‫في الحال والمآل‪ .‬وهي في القانون العام تعتبر هدفا يجب أن تبتغيه سلطات الضبط التشريعي‬
‫واإلداري والقضائي من أجل إشاعة األمن وصيانة الصحة العمومية وتوفيرالسكينة العامة‪.645‬‬

‫إن محاولة فرض منظومة قانونية موحدة في كل دولة قومية مع بداية القرن التاسع عشر‬
‫في أوروبا من أجل إخضاع المبادرات الفردية والحريات التعاقدية لسلطان القانون‪ ،‬دفع بالفكر‬
‫القانوني األوروبي إلى البحث عن ضابط يقوم بدورالدرع الحامي للقيم والمصالح العليا للدولة‪،‬‬
‫ومن ثم تم استعارة مصطلح النظام العام ليكون األداة القانونية في الضبط االجتماعي كحد‬
‫على سلطان اإلرادة‪.646‬‬

‫منذ نهاية القرن الماض ي وبعد انتشار شبكة االنترنيت وتكنولوجيا المعلوميات‬
‫واكتساحها ألغلب مجاالت الحياة كان المشرع ملزما بمواكبة هذا التطور بواسطة قواعد‬
‫قانونية تؤطرالعالم االفتراض ي كتلك التي تؤطرالعالم الحقيقي‪ ،‬وبالتالي كان من الضروري من‬
‫جهة تعديل بعض النصوص القانونية وتوسيع نطاق تطبيقها لتشمل العالم االفتراض ي‪ ،‬ومن‬
‫جهة أخرى سن قواعد جديدة بالنسبة للمجاالت التي ال تسعها التشريعات السابقة‪.‬‬

‫ولقد حاول المشرع المغربي تأطيرالعالم الرقمي بمجموعة من النصوص التي يروم جزء‬
‫مهم من قواعدها الحفاظ على النظام العام الرقمي‪ ،‬وحيث إننا في الطور األول من تنزيل هذه‬
‫القواعد القانونية‪ ،‬أضف إلى ذلك أن هذا املجال يعرف تطورا مستمرا ومضطرا مما يصعب‬
‫من مهمة تأطيره من طرف المشرع‪ ،‬خصوصا وأن حدوده ومجاالت تغطيته تزيد يوما بعد يوم‪،‬‬
‫فمجموعة من المعامالت يتم رقمنتها باستمرار نظرا لعدة أسباب أهمها كون هذه المعامالت‬
‫الرقمية أكثر فعالية سواء من ناحية الوقت أو التكلفة‪ .‬لكل هذه االعتبارات كان لزاما علينا‬
‫كباحثين في العلوم القانونية تناول المفاهيم الكبرى للقانون والبحث في مدى إمكانية تنزيلها‬
‫والتعامل معها في العالم الرقمي‪.‬‬

‫‪ 645‬عليان بوزيان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.1 :‬‬


‫‪ 646‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.41 :‬‬

‫‪P 367‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫تتجلى أهمية هذا البحث في ارتباطه بمفهوم النظام العام الذي تفرق الباحثون في تحديد‬
‫ماهيته وضبطه نظريا‪ ،‬بحيث ما يزال يكتنف جوانبه من الغموض والعمومية الكثير‪ ،‬وال أدل‬
‫على ذلك من عدد األبحاث حوله‪ .‬وهكذا‪ ،‬فأهمية موضوع النظام العام الرقمي تكمن في حداثته‬
‫وندرة الكتابات حوله‪ ،‬على أساس أن مادة البحث والتي يتكون جزء مهم منها من مجموعة من‬
‫النصوص القانونية‪ ،‬مازالت في المراحل األولى لتنزيلها‪ .‬كما يمكننا أن نشير إلى راهنية البحث‬
‫بالنظر للظروف التي يمر بها العالم في هذه المرحلة والمرتبطة أساسا بانتشار جائحة كورونا‪،‬‬
‫وهو ما عزز قيمة العالم الرقمي وقاد األفراد والحكومات والمنظمات إلى السعي نحو استعمال‬
‫الوسائل التكنولوجية واللجوء إلى العالم الرقمي أكثر‪.‬‬

‫كما تظهر أهمية الموضوع جلية في معالجته لمسألة مدى مواكبة القاعدة القانونية‬
‫للتطورات التي تعرفها املجتمعات‪ ،‬ومدى احتوائها وتأطيرها لنشاط األفراد وتعامالتهم وما يعرف‬
‫ذلك من تطورات‪ ،‬إضافة إلى بيان اإلكراهات والمعيقات التي يمكن أن تتولد عن تكييف‬
‫مجموعة من النصوص القانونية مع خصوصيات العالم الرقمي‪ .‬وسنحاول أن نسبرأغوارهذا‬
‫الموضوع مسترشدين بقواعد القانون الخاص والعام على حد السواء‪ ،‬وهو ما سيمكننا من‬
‫اإللمام بالموضوع من كافة جوانبه‪ .‬ونظرا لألهمية البالغة التي يكتسيها الموضوع‪ ،‬سنحاول‬
‫بسط تمفصالته من خالل اإلشكالية التالية‪ :‬إلى أي حد يمكن تأصيل مفهوم النظام العام‬
‫الرقمي بالمغرب؟ وما مدى مساهمة التشريع والقضاء في تحديد مدلوله وتأطيره وحمايته؟‬
‫وتتفرع عن هذه اإلشكالية مجموعة من األسئلة الفرعية من قبيل‪:‬‬

‫ما مفهوم النظام العام وكيف كانت نشأته وتطوره ؟‬

‫كيف يمكننا الحديث عن مفهوم النظام العام الرقمي وما خصوصياته؟‬

‫كيف يمكن التمييزبين حدود النظام العام بمفهومه التقليدي وحدوده في العالم الرقمي؟‬

‫كيف ساهم التشريع في تأطيروتحديد مدلول النظام العام الرقمي؟‬

‫كيف يمكن للقضاء المساهمة في حفظ النظام العام في العالم الرقمي؟‬

‫وهكذا‪ ،‬ومن أجل تناول هذا الموضوع بالبحث والدراسة سنعمل على تقسيمه إلى‬
‫محورين‪ :‬األول سنرى فيه مفهوم النظام العام ومصادره وخصائصه‪ ،‬أما الثاني فسنخصصه‬
‫لدراسة مدلول النظام العام الرقمي وتأطيره وحمايته‪ ،‬وبالتالي تكون هندسة البحث على الشكل‬

‫‪P 362‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫التالي‪ :‬املحور األول‪ :‬النظام العام‪ :‬مفهومه‪ ،‬مصادره‪ ،‬وخصائصه‪ .‬املحور الثاني‪ :‬النظام العام‬
‫الرقمي‪ :‬مدلوله وتأطيره وحمايته‪.‬‬

‫املحوراألول‪ :‬النظام العام‪ :‬مفهومه‪ ،‬مصادره‪ ،‬وخصائصه‪.‬‬

‫إن تطور املجتمع في العقود األخيرة من الناحية التكنولوجية والرقمية أدى إلى ظهور‬
‫عوالم أخرى غير العالم الحقيقي الذي جرت العادة على تأطيره بواسطة القواعد القانونية‪ .‬إذ‬
‫أحدث لنا التطور التكنولوجي عالما آخر افتراضيا من خالل شبكة االنترنيت‪ ،‬وأصبح أغلبنا‬
‫يمض ي زمنا مهما من حياته في هذا العالم‪ .‬وبالتالي برزت الحاجة ماسة إلى تقنينه وضبط‬
‫القواعد التي تحكمه من طرف المشرع‪ .‬وهكذا‪ ،‬البد في مرحلة أولى من بسط المفاهيم‬
‫األساسية التي يتناولها الموضوع من خالل طرح مدلوالت فكرة النظام العام(أوال)‪ ،‬وهو ما‬
‫سيمكننا في مرحلة الحقة من اإلحاطة بالموضوع بشكل أدق من خالل دراسة المصادر‬
‫التشريعية والتنظيمية للنظام العام باإلضافة إلى خصائصه(ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬مفهوم فكرة النظام العام‪.‬‬

‫إن مفهوم النظام العام مفهوم مرن يختلف مضمونه من حيث الزمان والمكان وفقا‬
‫لألنظمة السائدة في كل مجتمع‪ ،‬فما يعتبر من النظام العام في مكان معين قد ال يعتبر كذلك في‬
‫مكان آخر‪ .‬لذلك فهو مفهوم متغير ونسبي‪ ،‬إذ ال يمكن حصره وال تقديم تعريف دقيق له‪ ،‬فهو‬
‫من المفاهيم القانونية األكثر غموضا‪ .‬وعليه‪ ،‬فأغلب التعريفات التي جاد بها الفقه كانت‬
‫تعريفات تقريبية ومن زوايا نظر متقاربة أحيانا ومتباعدة أحيانا أخرى‪ ،‬لكنها كانت تدور حول‬
‫محورأساس ي أال وهو حماية المصلحة العامة التي تعلو على مصلحة األفراد‪.‬‬

‫وهكذا‪ ،‬يمكن القول بأنه مجموعة القواعد القانونية المنظمة للمصالح التي تعلو على‬
‫المصلحة الفردية سواء أدخلت تلك المصالح في املجال السياس ي أو االجتماعي أو االقتصادي‬
‫أو الخلقي‪ ،‬ولو لم يرد بهذه القواعد نص تشريعي‪ .647‬كما عرفه "جودوليوري المرداندير"‬
‫بمجموعة الشروط الالزمة لألمن واآلداب العامة التي ال غنى عنها لقيام عالقات سليمة بين‬
‫المواطنين‪ ،‬بما يناسب عالقاتهم االقتصادية‪.648‬‬

‫‪ 647‬ماموني ربيعة‪ ،‬حدوش تسعديت‪ ،‬النظام العام االجتماعي‪ ،‬رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪،‬‬
‫جامعة مولود معمري‪ ،‬تيزي وزو‪ ،4941 ،‬ص ‪.7‬‬
‫‪ 648‬فيصل نسيغة‪ ،‬رياض دنش‪ ،‬النظام العام‪ ،‬مجلة المنتدى القانوني‪ ،‬العدد الخامس‪ ،‬ص ‪.466‬‬

‫‪P 367‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫إن مفهوم النظام العام قد تطوربتطوروظائف الدولة‪ ،‬فهذه األخيرة أصبحت فضال عن‬
‫وظائفها السابقة طرفا هاما في المعادلة االقتصادية واالجتماعية والثقافية‪ ،‬الش يء الذي‬
‫انعكس إيجابا على مفهوم النظام العام‪ ،‬بحيث لم يعد يكتس ي طابع االستثناء المقيد للحرية‬
‫الفردية فقط بل أصبح ضابطا أساسيا‪ .‬وهكذا‪ ،‬أصبحنا نتحدث عن مجموعة من المفاهيم‬
‫المرتبطة بالنظام العام والتي تولدت عن تطور املجتمع وتطور وظائف الدولة‪ ،‬ونتحدث هنا‬
‫بالخصوص عن مفاهيم من قبيل‪ :‬النظام العام اإلداري‪ ،‬النظام العام االقتصادي‪ ،‬النظام‬
‫العام االجتماعي‪...‬‬

‫فأما النظام العام اإلداري فيقصد به مجموعة من القواعد التي تستهدف تحقيق‬
‫المصالح العامة‪ ،‬سواء كانت اجتماعية أو سياسية أو اقتصادية‪ ،‬أو هو السير العام والمنتظم‬
‫للمر افق العامة‪ ،‬وهو الذي يحمي ما قد يهدد اإلدارة بمفهومها العام من أخطار‪ ،649‬وغالبا ما‬
‫يروم تطبيق قواعد النظام العام اإلداري تحقيق ثالثة أهداف أساسية‪ :‬األمن العام‪ ،‬والسكينة‬
‫العامة‪ ،‬والصحة العامة‪ .‬وعندما نقول األمن العام‪ ،‬فإننا نقصد به حماية حياة األشخاص‬
‫وممتلكاتهم من كل خطر سواء أكان مصدر هذا الخطر فعل االنسان أو فعل الطبيعة‪ .‬أما‬
‫السكينة العامة‪ ،‬فيقصد بها تلك اإلجراءات التي تهدف إلى املحافظة على الهدوء العام ومنع كل‬
‫مظاهراالزعاج‪ .‬بينما يقصد بالصحة العامة حماية صحة المواطنين من األمراض واألوبئة‪.‬‬

‫وبالنسبة للنظام العام االقتصادي فيعرف بكونه نظام إيجابي يهدف إلى تحديد ما يجب‬
‫أن يتضمنه ال عقد من أحكام‪ ،‬فينقسم إلى نظام عام اقتصادي توجيهي ونظام عام حمائي‪.‬‬
‫ونتحدث عن النظام العام االقتصادي التوجيهي عندما يكون املجتمع في بعض األحيان في‬
‫حاجة إلى توجيه معامالت وعالقات الفرد‪ ،‬فيجبر على المشاركة لتحقيق هدف اقتصادي أو‬
‫اجتماعي‪ ،‬فالهدف من هذه القواعد هو توجيه العالقات االقتصادية من أجل تحقيق منفعة‬
‫عامة‪ .‬أما النظام العام االقتصادي الحمائي فيهدف إلى الدفاع عن مصلحة المتعاقد الضعيف‬
‫في العقد نظرا لتفوق الطرف اآلخراقتصاديا عليه‪.650‬‬

‫أما النظام العام االجتماعي فيقصد به مجموعة القواعد والمبادئ التي تستهدف حماية‬
‫العامل وتكفل الظروف االنسانية للشغل ولحياة المستخدمين‪ ،‬سواء تعلق األمرباألجرأو بإنهاء‬

‫‪ 649‬أحمد الجراري‪ ،‬النظام العام اإلداري في زمن كورونا‪ ،‬مجلة استشراف للدراسات واألبحاث القانونية‪ ،‬العدد الخامس‪ ،‬شتنبر‬
‫‪ ،4949‬ص ‪.8‬‬
‫‪ 650‬ماموني ربيعة‪ ،‬حدوش تسعديت‪ ،‬مرجع سابق‪ ،4941 ،‬ص ‪ 1‬و‪.1‬‬

‫‪P 370‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫العقد والفصل التعسفي والتعويض عنه‪ ،‬أو بالسالمة المهنية والرعاية الصحية‪ ،‬أو بتنظيم‬
‫ساعات و أيام العمل‪ .651‬فالغاية من كل هذه القواعد هي حماية طرفي عقد العمل وحماية‬
‫مصالحهما‪ ،‬خصوصا الطرف الضعيف في العقد‪.‬‬

‫ويعود ظهورفكرة النظام العام إلى عهد نظرية األحوال عندما لجأ بعض الفقهاء في أو ائل‬
‫القرن الرابع عشرإلى التفرقة بين القوانين المستحسنة أو المالئمة وبين القوانين البغيضة أو‬
‫الغير مفيدة‪ .‬فاألولى يمكن أن تسري وتمتد خارج إقليم الدولة ويطبقها القاض ي الوطني‪ ،‬أما‬
‫األخرى فتقف عند حدود إقليم الدولة التي صدرت فيها وال يسوغ للقاض ي الوطني تطبيقها‬
‫ملخالفتها لقيم ومبادئ مجتمعه‪ ،‬إذ يعتبر الفقه هذه التفرقة أصل فكرة النظام العام بالمعنى‬
‫الحالي بوصفها وسيلة الستبعاد القوانين األجنبية المتعارض مع األسس التي يقوم عليها‬
‫املجتمع الوطني‪ .652‬ومن جهة أخرى هناك من يقول بأن أصل ظهور فكرة النظام العام لصيق‬
‫بظهورتنازع القوانين‪ ،‬ومرتبط باسم الفقيه اإلطالي "بارتول" زعيم المدرسة اإليطالية التي تعد‬
‫أول مدرسة وضعت النواة األولى لفكرة النظام العام‪.653‬‬

‫ثانيا‪ :‬المصادرالمؤطرة للنظام العام وخصائصه‪.‬‬

‫إن فكرة النظام العام تسمح بدخول األفكاروالظواهراالجتماعية السائدة في املجتمع إلى‬
‫دائرة المعامالت بين األفراد‪ ،‬فعندما كان النظام الحر بنزعته الفردية‪ ،‬ومبدأ عدم التدخل‪،‬‬
‫يمثالن الفلسفة السائدة في املجتمع في زمن معين‪ ،‬كان مبدأ سلطان اإلرادة من أهم تطبيقات‬
‫فكرة النظام العام‪ .‬وهو ما أدى إلى تضرر طبقات اجتماعية واسعة‪ ،‬فكان البد من تدخل‬
‫القانون استجابة لحاجات هذه الفئات‪ .‬وبهذا المعنى يمكن القول أن القانون هو تلك األداة‬
‫التي يمكن بواسطتها الحفاظ على حقوق المستضعفين في املجتمع بالخصوص‪ ،‬مع مراعاة‬
‫حقوق الفئات األخرى‪.‬‬

‫وتحديد مضمون فكرة النظام العام يوجب علينا قراءة آراء الجماعة ومعتقداتها‬
‫وفلسفتها وما تسعى إلى تحقيقه‪ ،‬فالتيار السائد في املجتمع في زمن معين هو الذي يسمح لنا‬
‫بتحديد مضمون فكرة النظام العام‪ ،‬وبالتالي تصبح هذه الفكرة تعبيرا صادقا عن التصورالكلي‬
‫لضميراملجتمع‪ ،‬وال أدل على ذلك من أن القاض ي وهو بصدد تحديد مضمون فكرة النظام العام‬

‫‪ 651‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.49‬‬


‫‪ 652‬أحمد عبد الكريم سالمة‪ ،‬القانون الدولي الخاص‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار النهضة‪ ،‬القاهرة‪ ،4999 ،‬ص ‪.111‬‬
‫‪ 653‬يحيى قاسم علي‪ ،‬المدخل لدراسة القانون دراسة مقارنة‪ ،‬كوميت للتوزيع‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬القاهرة‪ ،4881 ،‬ص ‪.19‬‬

‫‪P 371‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫ال يتقيد برأيه الشخص ي‪ ،‬و إنما مقيد بإمالءات الجماعة و أفكارها وادعاءاتها‪ .‬وعلى هذا‬
‫األساس‪ ،‬يرتبط القانون وجودا وعدما بالغاية التي وضع من أجلها وهي المصلحة العامة‪ ،‬كما‬
‫يعتبرالنظام العام بمثابة المرجع األساس واألصلي في مراجعة القانون للتأكد من انسجامه مع‬
‫الغاية التي وضع من أجلها والنظرفي مآله‪ ،‬ووضع ضوابط تسلبه صفة المشروعية إذا انحرف‬
‫عنها‪.‬‬

‫أما بالنسبة لتأطير هذا المفهوم من الناحية القانونية فيمكننا الحديث عن مجموعة‬
‫من المصادر التي تساهم بشكل أو بآخر لتحقيق هذه الغاية‪ ،‬وأول هذه المصادر يتمثل في‬
‫االتفاقيات الدولية التي تعمل على تنزيل مبادئ وقواعد تلزم جميع رعايا الدولة‪ ،‬وطبعا البد من‬
‫أن تكون هذه القواعد متو افقة مع مبادئ وقيم املجتمع‪ ،‬وبالتالي تكون جزءا ال يتجزأ من‬
‫النظام العام‪ .‬ويحدث أن يصادق بلد ما على اتفاقية دولية قد تحوي في طياتها بعض‬
‫المقتضيات التي تخالف النظام العام لذلك املجتمع‪ ،‬وفي هذه الحالة تصادق الدولة االتفاقية‬
‫في مجملها مع التحفظ على تلك المقتضيات املخالفة لنظامها العام‪.‬‬

‫أما ثاني المصادر فهو دستور الدولة‪ ،‬باعتباره النص القانوني األسمى والجامع ألهم‬
‫القواعد الكبرى التي تنظم حياة األفراد‪ ،‬وعليه يمكن القول بأن النص الدستوري من أهم‬
‫النصوص التي تسهم في تأطير النظام العام‪ ،‬على اعتبار أنه نص يستمد قوته ومشروعيته من‬
‫اإلرادة الشعبية (االستفتاء بالنسبة لنموذج المغرب)‪ .‬وعلى غرار هذه النصوص‪ ،‬فالنصوص‬
‫القانونية العادية والتنظيمية تساهم أيضا في هذا األمر‪ ،‬وكذلك األمربالنسبة لالجتهاد القضائي‬
‫الذي يعد أيضا مصدرا من مصادر تكريس النظام العام بما يسنه من قواعد جديدة وتفسير‬
‫للقواعد القانونية الموجودة‪.‬‬

‫ولدراسة النظام العام البد من معرفة السمات التي تميزه والخصائص التي تطبع ماهيته‪،‬‬
‫أول هذه الخصائص كون النظام العام فكرة وطنية لصيقة باملجتمع الذي بلورها من خالل‬
‫تصرفات وسلوك أفراده‪ ،‬فهي فكرة ذات طابع وطني تختلف من دولة إلى أخرى وتتعلق المبادئ‬
‫العامة التي تستقرفي ضميراملجتمع من حيث الدين واآلداب والسياسة واالقتصاد وغيرها‪ ...‬وما‬
‫يميزالنظام العام أيضا‪ ،‬كونه مفهوما نسبيا فهو يرتكزعلى قواعد أساسية يقوم عليها املجتمع‪،‬‬
‫ولذلك فهومفهوم متطوربتطوراملجتمع‪ ،‬ومن ثم يكون نسبيا يختلف من مكان إلى آخرومن زمن‬
‫إلى آخر‪ ،‬الختالف المثل والمبادئ باختالف الجهات واألفكاروالمعتقدات واألزمنة‪.‬‬

‫‪P 372‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫كما أن النظام العام يتميز بصفة العمومية‪ ،‬والمقصود في هذا المقام أن يكون النظام‬
‫العام المراد حمايته أوإعادة استتبابه متصال بمجموعة من األفراد غيرمحددين بذواتهم‪ ،‬وليس‬
‫بفرد واحد بعينه حاله في ذلك حال القاعدة القانونية التي ال تنفك عن صفة العمومية‪ ،‬حيث‬
‫ال سبيل لتحقيق المصلحة العامة لألفراد في ظل غياب طابع العمومية والتجريد‪ .‬ويرى بعض‬
‫الفقه أن طبيعة فكرة النظام العام ال عالقة لها بالفلسفة السياسية واالجتماعية للدولة‪ ،‬فهي‬
‫فكرة قانونية محايدة على خالف فكرة الخير المشترك ذات الطبيعة السياسية‪.654‬‬

‫املحور الثاني‪ :‬النظام العام الرقمي‪ :‬مدلوله وتأطيره وحمايته‪.‬‬

‫إن الهدف األساس ي من هذا البحث هو تأصيل فكرة النظام العام ومحاولة ربطها بالعالم‬
‫الرقمي باعتبارها مقصدا عاما من وراء التشريع‪ ،‬بحيث تستخدم كمعيار مؤطر لسلوك الفرد‪،‬‬
‫فالغاية األساسية التي تسعى إليها كل القواعد القانونية تتمثل في كيفية ضمان ممارسة‬
‫الحقوق والحريات في إطارمن النظام العام‪.‬‬

‫من خالل هذا املحور‪ ،‬سنحاول جاهدين بذل وسعنا لبسط مدلول النظام العام الرقمي‪،‬‬
‫الش يء الذي يمكن اعتباره محاولة أولى لتناول مفهوم جديد كهذا(أوال)‪ ،‬وهو األمر الذي‬
‫سيمكننا من دراسة مدى تأطيره وحمايته سواء من طرف التشريع أو القضاء (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬مدلول فكرة النظام العام الرقمي‪.‬‬

‫إن مهمة تحديد المفاهيم لها من الصعوبة ما يجعلها عسيرة المنال‪ ،‬خصوصا عندما‬
‫يتعلق األمر بمفهوم جديد أو مفهوم فضفاض ومرن كمفهوم النظام العام‪ ،‬و إننا في محاولتنا‬
‫هذه لتأسيس هذا المفهوم لن نخرج عن املجال الذي حلقت حوله تعاريف الفقهاء لمفهوم‬
‫النظام العام‪ ،‬على اعتبار أن المفهوم الذي نحاول اإلحاطة به امتداد لفكرة النظام العام في‬
‫العالم الرقمي‪ .‬وهكذا‪ ،‬يمكن أن نقول بأن النظام العام الرقمي هومجموعة القواعد السياسية‬
‫واالجتماعية واالقتصادية والخلقية التي تحكم سلوك األفراد في العالم الرقمي‪ ،‬أو هو تلك‬
‫األسس التي اتفق األفراد على احترامها وحمايتها خالل ممارستهم ألنشطتهم االقتصادية‬
‫واالجتماعية إلكترونيا‪.‬‬

‫‪ 654‬عليان بوزيان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.16/11‬‬

‫‪P 373‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫وهنا سنجد أنفسنا أمام مجموعة من االشكاالت المرتبطة بمحاولة التعريف هذه‪ .‬أول‬
‫هذه االشكاالت يتعلق بتحديد المدلول المادي للعالم الرقمي‪ ،‬حيث إن التطور التكنولوجي‬
‫الذي تنامى في ظل الثورة المعلوماتية أدى إلى بروز جيل جديد من المفاهيم‪ ،‬كمفهوم العولمة‬
‫الذي يشيرإلى حالة من انفتاح شعوب العالم على بعضها البعض اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا‪،‬‬
‫ومفهوم القرية الكونية الذي يشير إلى حالة من اختزال المسافة والزمن‪ .‬وبالتالي يبرز إشكال‬
‫الحدود المكانية لتطبيق النصوص القانونية المؤطرة للعالم الرقمي أي نطاق التطبيق‬
‫القاعدة القانونية في الفضاء اإللكتروني‪.‬‬

‫وتأسيسا على ما سبق‪ ،‬إذا كانت القواعد القانونية التي يصدرها المشرع يبتغي بها تأطير‬
‫سلوك األفراد داخل مجال ترابي معين ومحدد بدقة‪ ،‬تبعا لمبدأ إقليمية القوانين والذي يحكم‬
‫أغلب النصوص القانونية‪ ،‬نظرا لكون املجال الترابي في هذه الحالة محصور بالحدود‬
‫الجغر افية والقانونية للدولة؛ فإن حدود العالم الرقمي يصعب حصرها وتأطيرها جغر افيا‪.‬‬

‫ينبثق عن إشكال نطاق تطبيق القواعد المؤطرة للعالم الرقمي إشكال أخر‪ ،‬وهو‬
‫المتعلق بمرجعية تلك األسس السياسية واالجتماعية واالقتصادية والخلقية التي يقوم عليها‬
‫مفهوم النظام العام فاختالط املجتمعات في الفضاء اإللكتروني يجعل من الصعب االتفاق على‬
‫قواعد مشتركة تؤطر كل املجاالت ويتو افق عليها الجميع في كل أنحاء العالم‪ ،‬فالعالم الرقمي‬
‫أنشأ مجموعة من العالقات والروابط االقتصادية واالجتماعية بين عدد كبير من األشخاص‬
‫الذين ينتمون إلى مجتمعات ذات بيئة اجتماعية وثقافية مختلفة‪ .‬وبالتالي يمكننا القول بأن‬
‫أهم المصادر التي يمكن أن يعهد إليها بتأطير النظام العام الرقمي هي االتفاقيات والمعاهدات‬
‫الدولية‪ ،‬على اعتبار توحيدها إلرادة مجموعة من الشعوب واملجتمعات حول قواعد قانونية‬
‫موحدة‪ ،‬حيث تصبح بهذا المعنى شريعة عامة‪ ،‬وهو نموذج اإلعالن العالمي لحقوق االنسان‪.‬‬

‫ومن جانب آخر‪ ،‬يتقاطع النظام العام اإلداري في الو اقع مع النظام العام اإلداري في‬
‫الفضاء الرقمي في كون أن كليهما يرميان إلى تحقيق المصلحة العامة وحماية اإلدارة مما قد‬
‫يهددها من أخطار‪ ،‬غير أنه إذا كان النظام اإلداري يهدف إلى تحقيق األمن العام والسكينة‬
‫العامة والصحة العامة فالنظام العام اإلداري الرقمي من المفترض أن يكتفي إلى حد ما بحفظ‬
‫األمن العام أكثر‪ ،‬على اعتبار أن السكينة العامة والصحة العامة لهما من الخصوصية ما‬
‫يجعلهما في منأى عن التهديد المباشرملخاطرالفضاء اإللكتروني‪.‬‬

‫‪P 374‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫وأما بالنسبة للنظام العام االقتصادي فالظاهر أن هناك نقاط تقاطع كثيرة مع النظام‬
‫العام االقتصادي الرقمي‪ ،‬حيث إن مجموعة من القواعد التي تؤطر عالقات األفراد‬
‫االقتصادية في الو اقع تمتد أيضا إلى العالم الرقمي‪ ،‬فالغش أو التدليس في عقود البيع مثال من‬
‫أسباب فساد العقد سواء أكان العقد ورقيا أو إلكترونيا‪ ،‬صريحا أو ضمنيا‪ ،‬ومن البديهي أيضا‬
‫كونه يخضع لنفس االستنكار في كل مجتمعات العالم‪ ،‬ألن هذا من قواعد النظام العام التي‬
‫تستمد مشروعيتها من األسس األخالقية المشتركة بين مختلف الشعوب‪.‬‬

‫ومعلوم أن املجال االقتصادي يعتمد حاليا وبشكل كبير على املجال الرقمي فرقم‬
‫معامالت السوق اإللكترونية يزداد يوما بعد يوم‪ ،‬وبالتالي تزداد نسبة نشاط األفراد الذي‬
‫يشتغل جزء كبير منهم لدى مشغلين وشركات من دول أجنبية يقوم نشاطها على بيع سلع أو‬
‫خدمات في الفضاء اإللكتروني‪ ،‬وهنا يمكننا الحديث عن قواعد النظام العام االجتماعي التي‬
‫تعمل على تنظيم العالقة بين هذين الطرفين‪ ،‬وعن إمكانية تأطير عقود العمل هذه من طرف‬
‫التشريع المكتوب بالشكل الذي يضمن حقوق طرفين العقد والطرف الضعيف باألساس‪،‬‬
‫ويحفظ قواعد النظام العام االجتماعي المشتركة بين الشعوب‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬تأطيروحفظ النظام العام الرقمي‪.‬‬

‫لقد حاول المشرع المغربي منذ السنوات األولى للثورة المعلوماتية تأطيروحفظ النظام‬
‫العام الرقمي من خالل مجموعة من النصوص القانونية التي تواترت على مدى سنوات‪ ،‬من‬
‫أولها القانون المتمم ملجموعة القانون الجنائي والمرتبط بالجرائم المتعلقة بنظم المعالجة‬
‫اآللية للمعطيات‪ ،655‬والذي صدر بالجريدة الرسمية في نهاية سنة ‪ ،1111‬حيث حدد مجموعة‬
‫من العقوبات لمرتكبي الجرائم المعلوماتية‪ ،‬ويعتبرهذا النص من أول النصوص القانونية التي‬
‫عملت على حفظ النظام العام الرقمي من خالل تجريم مجموعة من األفعال المرتكبة بشكل‬
‫إلكتروني‪ .‬يمكننا الحديث أيضا عن القانون المتعلق بزجرإهانة علم المملكة ورموزها‪ ،656‬حيث‬
‫حدد هذا القانون عقوبة جريمة إهانة العلم المملكة ورموزها بواسطة أفعال مادية‬

‫‪ 655‬القانون رقم ‪ 91097‬بتتميم مجموعة القانون الجنائي في ما يتعلق بالجرائم المتعلقة بنظم المعالجة اآللية للمعطيات‪ ،‬الصادر بتنفيذه‬
‫الظهير الشريف رقم ‪ 940970481‬صادر في ‪ 46‬رمضان ‪ 44( 4141‬نونبر ‪ ،)4997‬ج ر عدد ‪ 1414‬بتاريخ ‪ 44‬دجنبر ‪.4997‬‬
‫‪ 656‬القانون رقم ‪ 41091‬المتعلق بزجر إهانة علم المملكة ورموزها‪ ،‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 40910491‬صادر في ‪49‬‬
‫ذي القعدة ‪ 49 ( 4146‬دجنبر ‪ ،)4991‬ج ر عدد ‪ 1799‬بتاريخ ‪ 44‬دجنبر ‪.4991‬‬

‫‪P 375‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫كالمكتوبات والمطبوعات والملصقات سواء أكانت معروضة في الو اقع أو بواسطة الوسائل‬
‫اإللكترونية‪.‬‬

‫ومع تطور النشاط اإللكتروني‪ ،‬كانت الحاجة ماسة إلى تشريعات إضافية تؤطر هذا‬
‫املجال‪ ،‬وعلى هذا األساس صدرالقانون المتعلق بالتبادل االلكتروني للمعطيات القانونية‪،657‬‬
‫والذي جاء لتحديد النظام المطبق على المعطيات القانونية التي يتم تبادلها بطريقة إلكترونية‬
‫والمعادلة بين الوثائق املحررة ورقيا وتلك المعدة بشكل إلكتروني‪ ،‬وعلى التوقيع اإللكتروني‪،‬‬
‫وقد عملت المقتضيات التشريعية لهذا القانون على حماية وتأطيرالنظام العام الرقمي بفروعه‬
‫املختلفة‪ ،‬كالنظام العام اإلداري واالقتصادي واالجتماعي‪ .‬وفي نفس االتجاه‪ ،‬يعتبر القانون‬
‫المتعلق بحماية األشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخص ي‪ 658‬من أبرز‬
‫القوانين الهادفة إلى حفظ النظام العام الرقمي‪ ،‬حيث عزز الترسانة القانونية السابقة الذكر‬
‫بمجموعة من المقتضيات التي تحمي األمن االقتصادي واالجتماعي والنفس ي لألفراد من خالل‬
‫حماية معطياتهم الشخصية في الفضاء اإللكتروني بالخصوص‪ ،‬وهو ما يعتبر بدون شك من‬
‫صميم النظام العام‪.‬‬

‫إن المصلحة العامة تقتض ي مواكبة التشريع للتطورات التي يعرفها املجتمع‪ ،‬فالقانون‬
‫هو تعبير عن إرادة املجتمع‪ ،‬بل هو أسمى تعبير عن إرادة األمة‪ .‬وهكذا‪ ،‬فقد اقتضت هذه‬
‫المواكبة تقنين مجموعة من األنشطة االقتصادية في صيغتها اإللكترونية وهو ما عجل بصدور‬
‫قانون حماية المستهلك‪ ،659‬حيث يعد من النصوص التشريعية المؤطرة للنظام العام‬
‫االقتصادي الرقمي‪ ،‬إذ وردت بين مضامينه مجموعة من القواعد القانونية الرامية إلى حماية‬
‫الحقوق االقتصادية لألشخاص في إطار المعامالت التجارية‪ ،‬وقد تم تأطير هذه المعامالت في‬
‫صيغتها العادية وصيغتها اإللكترونية أيضا‪ ،‬حيث خصص الباب الثاني من القسم الرابع‬
‫للعقود التجارية المبرمة عن بعد‪ ،‬ناهيك عن التعبير الحرفي الصريح للمشرع عن دخول كل‬

‫‪ 657‬القانون رقم ‪ 17091‬المتعلق بالتبادل االلكتروني للمعطيات القانونية‪ ،‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 94.91.448‬صادر في‬
‫‪ 48‬ذي القعدة ‪ 79( 4149‬نونبر ‪ ،)4991‬ج ر عدد ‪ 1191‬بتاريخ ‪ 6‬دجنبر ‪.4991‬‬
‫‪ 658‬القانون رقم ‪ 98099‬المتعلق بحماية األشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي‪ ،‬الصادر بتنفيذه الظهير‬
‫الشريف رقم ‪ 94.98.41‬صادر في ‪ 44‬صفر ‪ 49( 4179‬فبراير ‪ ،)4998‬ج ر عدد ‪ 1144‬بتاريخ ‪ 47‬فبراير ‪.4998‬‬
‫‪ 659‬القانون رقم ‪ 74099‬القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك‪ ،‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 4044097‬صادر في ‪ 41‬ربيع‬
‫األول ‪ 49( 4174‬فبراير ‪ ،)4944‬ج ر عدد ‪ 1874‬بتاريخ ‪ 1‬ابريل ‪.4944‬‬

‫‪P 376‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫األحكام والمقتضيات المتعلقة بالعقود المبرمة عن بعد في كنف النظام العام من خالل المادة‬
‫‪.11‬‬

‫لقد فرضت الثورة الرقمية تحول مجموعة من األنشطة االقتصادية والمهنية من شكلها‬
‫التقليدي إلى الصيغة اإللكترونية‪ ،‬وهو ما فرض على المشرع تكييف تلك النصوص التي كانت‬
‫تؤطر هذه األنشطة في صيغتها األولى مع الوضعية الحالية‪ .‬من هذه األنشطة نذكر مهنة‬
‫الصحافة‪ ،‬حيث تمت إعادة تأسيس التشريع المؤطر لها والمتمثل في القانون المتعلق‬
‫بالصحافة والنشر‪ 660‬ليشمل الصحافة اإللكترونية‪ ،‬والتي أصبحت تعرف إقباال كبيرا ونشاطا‬
‫متزايدا على حساب الصحافة الورقية‪.‬‬

‫وعلى غراركل هذه النصوص المذكورة‪ ،‬هناك مجموعة من النصوص األخرى التي تروم‬
‫من قريب أو من بعيد حفظ النظام الرقمي أو تأطيره‪ ،661‬غير أن من أهم النصوص التشريعية‬
‫الحديثة التي تطال النظام العام الرقمي بشكل مباشر القانون المتعلق باألمن السيبراني‪،662‬‬
‫حيث يعتبر أول نص قانوني يختص بشكل أساس ي باألمن اإللكتروني أو السيبراني‪ ،‬وهو مفهوم‬
‫لصيق بموضوعنا حول النظام العام الرقمي ألن األمن من محددات النظام العام‪ ،‬وفي مدلول‬
‫هذا القانون يقصد باألمن السيبراني مجموعة من التدابير واإلجراءات ومفاهيم األمن وطرق‬
‫إدارة املخاطر واألعمال والتكوينات و أفضل الممارسات والتكنولوجيات التي تسمح لنظام‬
‫معلومات أن يقاوم أحداثا مرتبطة بالفضاء اإللكتروني‪ ،‬من شأنها أن تمس بتو افر وسالمة‬
‫وسرية المعطيات املخزنة أو المعالجة أو المرسلة‪ ،‬والخدمات ذات الصلة التي يقدمها هذا‬
‫النظام أو تسمح بالولوج إليه‪.‬‬

‫وقد جاء هذا التشريع بتأسيس هيئة مختصة باألمن اإللكتروني أطلق عليها إسم السلطة‬
‫الوطنية لألمن السيبراني‪ ،‬وبالمدلول الحرفي للمادة ‪ 15‬من هذا النص‪ ،‬فإن هذه السلطة تعمل‬
‫على التصدي ألي هجوم إلكتروني يمكن أن يمس بالوظائف الحيوية للمجتمع‪ ،‬أو الصحة‪ ،‬أو‬

‫‪ 660‬القانون رقم ‪ 99047‬المتعلق بالصحافة والنشر‪ ،‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 40460444‬صادر في ‪ 6‬ذي القعدة ‪4171‬‬
‫(‪ 49‬غشت ‪ ،)4946‬ج ر ‪ 6184‬بتاريخ ‪ 41‬غشت ‪.4946‬‬
‫‪ 661‬نذكر على سبيل المثال القانون رقم ‪ 17041‬القاضي بتغيير وتتميم بعض أحكام مجموعة القانون الجنائي‪ ،‬الصادر بتنفيذه الظهير‬
‫الشريف رقم ‪ 40460491‬صادر في ‪ 47‬شوال ‪ 49( 4171‬يوليو ‪ ،)4946‬ج ر ‪ 6184‬بتاريخ ‪ 41‬غشت ‪.4946‬‬
‫والقانون رقم ‪ 64046‬المحدثة بموجبه وكالة التنمية الرقمية‪ ،‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 4041041‬صادر في ‪ 9‬ذي الحجة‬
‫‪ 79( 4179‬غشت ‪ ،)4941‬ج ر عدد ‪ 6691‬بتاريخ ‪ 41‬شتنبر ‪.4941‬‬
‫والقانون رقم ‪ 74047‬المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات‪ ،‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 4049041‬صادر في ‪ 1‬جمادى‬
‫اآلخرة ‪ 44( 4178‬فبراير ‪ ،)4949‬ج ر عدد ‪ 6611‬بتاريخ ‪ 44‬مارس ‪.4949‬‬
‫‪ 662‬القانون رقم ‪ 91049‬المتعلق باألمن السيبراني‪ ،‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 4049068‬صادر في ‪ 1‬ذي الحجة ‪41( 4114‬‬
‫يوليو ‪ ،)4949‬ج ر عدد ‪ 6891‬بتاريخ ‪ 79‬يوليو ‪.4949‬‬

‫‪P 377‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫السالمة‪ ،‬أو األمن‪ ،‬أو التقدم االقتصادي أو االجتماعي‪ ،‬وهو ما يمكن اعتباره من صميم النظام‬
‫العام الرقمي‪ .‬وعليه‪ ،‬يمكن القول بأن المشرع المغربي حاول تأطيروحفظ النظام العام الرقمي‬
‫من خالل مجموعة من التشريعات وعبر امتداد زمني دام قرابة العشرين سنة‪ .‬وهنا يمكننا‬
‫التساؤل عن دورالقضاء في هذا الباب؟‬

‫إن الدور األساس ي الذي يضطلع به القضاء يتمثل في تفسير النصوص التفسير الصحيح‬
‫واألقرب لتحقيق غايات التشريع والمتمثلة في تحقيق المصلحة العامة وحفظ النظام العام‬
‫وتجنب المساس به‪ ،‬وهو دور محوري في تنزيل النصوص وتكييفها مع معطيات الو اقع‪ .‬وحيث‬
‫إن كل هذه النصوص التي تم ذكرها والتي تروم حفظ النظام العام الرقمي البد لها من تفسير‬
‫وإسقاط على أرض الو اقع؛ يمكننا القول بأن التفسيرالقضائي لهذه المقتضيات ال يقل أهمية‬
‫عن التشريع نفسه‪ .‬وعلى غرار الوظيفة التفسيرية للقاض ي‪ ،‬ال يمكننا إغفال دور االجتهاد‬
‫القضائي في حفظ النظام العام الرقمي باعتباره مصدرا مهما من مصادر القاعدة القانونية‪،‬‬
‫وبالنظر كذلك لما للقاض ي من سلطة تقديرية واسعة في تكييف الوقائع وتحديد ما إذا كانت‬
‫تمس بالنظام العام أم ال‪.‬‬

‫خاتمة‪:‬‬

‫تأسيسا على ما سبق‪ ،‬وبالنظر لما يشكله مفهوم النظام العام من أهمية على مستوى‬
‫المنظومة القانونية ألي بلد‪ ،‬يمكننا القول أن من العسير تحديد إطار مفاهيمي دقيق لفكرة‬
‫النظام العام الرقمي‪ ،‬على اعتباراألبعاد الكثيرة واملحددات املختلفة التي يشملها هذا المفهوم‪،‬‬
‫شأنه في ذلك شأن مفهوم النظام العام الذي ما يزال يسيل من مداد الباحثين الكثير‪ ،‬لكن تبقى‬
‫هذه محاولة أولية اقتضتها نزعة البحث العلمي رغبة في تناول المفهوم وإلقاء الضوء على دور‬
‫التشريع في تحديد ماهيته‪ ،‬حيث يتبين من خالل ما سبق أن المشرع المغربي أطرهذا المفهوم‬
‫من خالل مجموعة من القواعد القانونية التي تم ذكرها‪ ،‬وال يمكننا أن نغفل دور القضاء في‬
‫تأطير تنزيل هذه القواعد وتفسيرها‪ .‬وختاما‪ ،‬إن كل هذه المعطيات واالعتبارات تسائل الباحثين‬
‫في العلوم القانونية لتناول مفاهيم كهذه والتفصيل فيها بقدرما تضطلع به من أهمية في النظرية‬
‫العامة للقانون؟‬

‫الئحة المصادروالمراجع‪:‬‬

‫‪P 372‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫أحمد عبد الكريم سالمة‪ ،‬القانون الدولي الخاص‪ ،‬دار النهضة‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫الطبعة األولى‪.1117 ،‬‬

‫الطيب الفصايلي‪ ،‬المدخل لدراسة القانون‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار‬


‫البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى‪.5777 ،‬‬

‫يحيى قاسم علي‪ ،‬المدخل لدراسة القانون دراسة مقارنة‪ ،‬كوميت للتوزيع‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،‬الطبعة األولى‪.5779 ،‬‬

‫عليان بوزيان‪ ،‬أثر حفظ النظام العام على ممارسة الحريات العامة‪ ،‬أطروحة‬
‫دكتوراه في الشريعة والقانون‪ ،‬كلية العلوم االنسانية‪ ،‬جامعة وهران‪ ،‬الجزائر‪.1119 ،‬‬

‫ماموني ربيعة‪ ،‬حدوش تسعديت‪ ،‬النظام العام االجتماعي‪ ،‬رسالة لنيل شهادة‬
‫الماسترفي القانون‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة مولود معمري‪ ،‬تيزي وزو‪.1159 ،‬‬

‫أحمد الجراري‪ ،‬النظام العام اإلداري في زمن كورونا‪ ،‬مجلة استشراف‬


‫للدراسات واألبحاث القانونية‪ ،‬العدد الخامس‪ ،‬شتنبر ‪.1111‬‬

‫فيصل نسيغة‪ ،‬رياض دنش‪ ،‬النظام العام‪ ،‬مجلة المنتدى القانوني‪ ،‬العدد‬
‫الخامس‪.1117 ،‬‬

‫القانون رقم ‪ 11.11‬المتعلق باألمن السيبراني‪ ،‬الصادربتنفيذه الظهيرالشريف‬


‫رقم ‪ 5.11.67‬صادر في ‪ 1‬ذي الحجة ‪ 11( 5115‬يوليو ‪ ،)1111‬ج ر عدد ‪ 6711‬بتاريخ ‪ 11‬يوليو‬
‫‪.1111‬‬

‫القانون رقم ‪ 15.51‬المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات‪ ،‬الصادر‬


‫بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 5.57.51‬صادر في ‪ 1‬جمادى اآلخرة ‪ 11( 5117‬فبراير ‪ ،)1157‬ج ر‬
‫عدد ‪ 6611‬بتاريخ ‪ 51‬مارس ‪.1157‬‬

‫القانون رقم ‪ 65.56‬املحدثة بموجبه وكالة التنمية الرقمية‪ ،‬الصادر بتنفيذه‬


‫الظهير الشريف رقم ‪ 5.59.19‬صادر في ‪ 7‬ذي الحجة ‪ 11( 5117‬غشت ‪ ،)1159‬ج ر عدد ‪6611‬‬
‫بتاريخ ‪ 51‬شتنبر ‪. 1159‬‬

‫‪P 377‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫القانون رقم ‪ 91.51‬القاض ي بتغيير وتتميم بعض أحكام مجموعة القانون‬


‫الجنائي‪ ،‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 5.56.511‬صادر في ‪ 51‬شوال ‪ 57( 5119‬يوليو‬
‫‪ ،)1156‬ج ر‪ 6175‬بتاريخ ‪ 51‬غشت ‪.1156‬‬

‫القانون رقم ‪ 77.51‬المتعلق بالصحافة والنشر‪ ،‬الصادر بتنفيذه الظهير‬


‫الشريف رقم ‪ 5.56.511‬صادر في ‪ 6‬ذي القعدة ‪ 51( 5119‬غشت ‪ ،)1156‬ج ر ‪ 6175‬بتاريخ ‪51‬‬
‫غشت ‪.1156‬‬

‫القانون رقم ‪ 15.17‬القاض ي بتحديد تدابيرلحماية المستهلك‪ ،‬الصادربتنفيذه‬


‫الظهير الشريف رقم ‪ 5.55.11‬صادر في ‪ 51‬ربيع األول ‪ 57( 5115‬فبراير ‪ ،)1155‬ج ر عدد ‪1711‬‬
‫بتاريخ ‪ 9‬ابريل ‪.1155‬‬

‫القانون رقم ‪ 17.17‬المتعلق بحماية األشخاص الذاتيين تجاه معالجة‬


‫المعطيات ذات الطابع الشخص ي‪ ،‬الصادر بتنفيذه الظهيرالشريف رقم ‪ 15.17.51‬صادرفي ‪11‬‬
‫صفر‪ 57( 5111‬فبراير‪ ،)1117‬ج رعدد ‪ 1955‬بتاريخ ‪ 11‬فبراير ‪.1117‬‬

‫القانون رقم ‪ 11.11‬المتعلق بالتبادل االلكتروني للمعطيات القانونية‪،‬‬


‫الصادربتنفيذه الظهيرالشريف رقم ‪ 15.19.517‬صادرفي ‪ 57‬ذي القعدة ‪ 11( 5117‬نونبر‪،)1119‬‬
‫ج رعدد ‪ 1171‬بتاريخ ‪ 6‬دجنبر ‪.1119‬‬

‫القانون رقم ‪ 59.11‬المتعلق بزجر إهانة علم المملكة ورموزها‪ ،‬الصادر‬


‫بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 5.11.571‬صادر في ‪ 57‬ذي القعدة ‪ 11 ( 5116‬دجنبر ‪ ،)1111‬ج ر‬
‫عدد ‪ 1171‬بتاريخ ‪ 11‬دجنبر‪. 1111‬‬

‫القانون رقم ‪ 19.11‬بتتميم مجموعة القانون الجنائي في ما يتعلق بالجرائم‬


‫المتعلقة بنظم المعالجة اآللية للمعطيات‪ ،‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪15.11.579‬‬
‫صادرفي ‪ 56‬رمضان ‪ 55( 5111‬نونبر‪ ،)1111‬ج رعدد ‪ 1595‬بتاريخ ‪ 11‬دجنبر ‪.1111‬‬

‫‪P 320‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫القسمة العقاري ‪-‬نزع الملكية وقسمة‬


‫الأموال المشتركة بين الزوجين‪-‬‬
‫‪Real estate division-expropriation and division of joint funds between spouses‬‬
‫ملخص‪:‬‬

‫تعتبر القسمة العقارية الطريق الغالب إلنهاء الشيوع‪ ،‬وتكون بكيفية رضائية او عن‬
‫طريق اللجوء الى القضاء‪ ،‬كما انها يمكن ان تكون دعوى مستقلة ال تخالطها أي دعوى او انها‬
‫تلتقي مع بعض الدعاوى او المساطرالتي تعقدها او تطيل من مدتها على غرارالتقائها بمسطرة‬
‫نزع الملكية او دعوى انهاء العالقة الزوجية وضرورة اقتسام األموال المشتركة بين الزوجين‪،‬‬
‫حيث يكون لزاما على المشتاعين او طرفي العالقة الزوجية ان يدبروا دعوى القسمة بالمراعاة‬
‫مع خصوصيات الدعاوى القائمة وباالحتكام الى النصوص القانونية الواجبة التطبيق‪ .‬الكلمات‬
‫المفتاح‪ :‬القسمة ‪ -‬نزع الملكية‪-‬الطالق‪-‬الكد والسعاية‪ -‬دعوى القسمة‪-‬مسطرة القسمة‪-‬‬
‫التعويض‪-‬اتباث االشتراك‪.‬‬

‫‪Abstract:‬‬

‫‪Real estate division isconsidered the mostcommonway to end the common,‬‬


‫‪and itis by consensualmeans or by resorting to the judiciary, and itcanalsobe an‬‬
‫‪independentlawsuitthatis‬‬ ‫‪not‬‬ ‫‪mixed‬‬ ‫‪withanylawsuit‬‬ ‫‪or‬‬
‫‪itmeetswithsomelawsuits or proceduresthatcomplicate or prolongits duration,‬‬
‫‪similar to meeting with the expropriation or termination of marital relationship‬‬
‫‪and the need to share the joint fundsbetween the spouses, where the buyersor‬‬

‫‪P 321‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫‪the parties to the marital relationship are obliged to manage the division‬‬
‫‪lawsuittakingintoaccount the particularities of the existinglawsuits and‬‬
‫‪referring to the applicable legaltexts.‬‬

‫‪Key words‬‬

‫‪Division - expropriation-divorce-toil and sponsorship-division lawsuit-‬‬


‫‪division ruler-.‬‬

‫مقدمة‪:‬‬

‫القسمة بكسر القاف اسم مؤنث بمعنى التجزئة والنصيب والحظ والجمع أقسام‪.663‬‬
‫وتعني أيضا الفرز وعزل نصيب كل شريك‪ ،‬فهي الفعل الصادر عن القاسم‪ ،‬وهو تحويل الش يء‬
‫المشترك إلى أشياء صغيرة ومتمايزة فيما بينها‪ ،‬وهي أيضا األثر المشاهد من فعل القاسم وهو‬
‫الحصة المفرزة‪.664‬وعرفها المالكية بكونها تعيين نصيب كل شريك في مشاع (عقارأو غيره)‪ ،‬ولو‬
‫كان التعيين باختصاص تصرف فيما عين له‪ ،‬مع بقاء الشركة في الذات‪ ،‬وهذا التعريف يشمل‬
‫عندهم أنواع القسمة الثالثة‪ :‬قسمة المهايأة‪ ،‬وقسمة المراضاة‪ ،‬وقسمة القرعة‪ ،665‬وعرفها‬
‫الفقيه المالكي ابن عرفة بأنها‪" :‬تصيير مشاع مملوك من مالكين فأكثر معينا ولو باختصاص‬
‫تصرف فيه‪.666‬‬

‫‪ -663‬ابن منظور‪-‬لسان العرب‪ -‬مادة قسم‪ -‬دار صادر بيروت‪ -‬الطبعة السادسة ‪ ،2991‬م ‪2121‬هـ‪ -‬ج ‪ -21‬ص ‪.119‬‬
‫‪ 664‬أحمد الغازي الحسيني‪-‬طوارئ القسمة‪-‬أطروحة لنيل دكتوراه الدولة‪-‬كلية الحقوق الرباط‪-‬أكدال السنة الجامعية ‪-2992‬‬
‫سم‪:‬اسم من‬ ‫سمات وقِ َ‬ ‫س َمة[مفرد]‪ :‬ج قِ ْ‬ ‫‪-2991‬ص‪ \ 21‬ولمزيد من اإلفادة فالقسمة حسب معجم اللغة العربية المعاصرة ف ِق ْ‬
‫ظ ‪،‬حِ صّة‪. \،‬حسب معجم‬ ‫ارزُ قُو ُه ْم مِ ْنهُ}\ نصيب‪ ،‬ح ّ‬ ‫س َمةَ أُولُو ا ْلقُ ْربَى َوا ْليَت َا َمى َوا ْل َم َ‬
‫سا ِكينُ فَ ْ‬ ‫{وإِ َا َحض ََر ا ْل ِق ْ‬ ‫اقتسام الشّيء " َ‬
‫ُ‬
‫س َمة ا ْل َما ِل"‬‫س َمتَهُ" "قِ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫س َمة َونَ ِصيب" "أ َخذ كُ ُّل ش َِريكٍ قِ ْ‬ ‫صتَهُ‪ُ " .‬ك ُّل ش َْيءٍ قِ ْ‬ ‫س َمتَهُ ‪:‬نَ ِصيبَهُ‪ ،‬حِ َّ‬ ‫س َمة [ق س م] نالَ ِق ْ‬ ‫الغني قِ ْ‬
‫ث "\وحسب معجم الرائد قسمة ج قسم‪-2 .‬أن يأخذ كل من الشركاء أو الورثة حصته من المال أو الميراث أو‬ ‫س َمةُ ا ْل َ‬
‫مِيرا ِ‬ ‫"قِ ْ‬
‫جزأه‪ .‬وجعله نصفين‪ .‬وبين القوم‪ :‬أعطى كالًّ نصيبه‪ .‬يقال‪:‬‬ ‫سماً‪َّ :‬‬ ‫س َم الشي َء ـ ِ قَ ْ‬ ‫نحو لك‪-1 .‬نصيب‪ \.‬وحسب المعجم الوسيط قَ َ‬
‫س َم) فالن فالناً‪ :‬أخذ ك ّل منهما‬ ‫سام‪ .‬ويقال‪ :‬قسم القوم الشيء بينهم‪ :‬أخذ ك ٌّل منهم نصيبه منه‪( .‬قَا َ‬ ‫الرزق‪ .‬فهو القَ َّ‬ ‫قسم الله ِ ّ‬
‫سموا المال بينهم‪ .‬والقو َم‪:‬‬ ‫َّ‬
‫س َم) الشي َء‪ :‬جزأه أجزاء‪ .‬يقال‪ :‬ق َّ‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫س َمه‪ .‬ويقال‪ :‬قاسمه المال‪ .‬فهو قسيمه فيه‪ .‬وفالنا‪ :‬حلف له‪( .‬ق َّ‬ ‫قِ ْ‬
‫سا َمة)‪ :‬ما يعزله القاسم لنفسه من رأس المال‬ ‫سما ً هنا وقسما ً هناك‪ .‬ويقال‪ :‬حكم القاضي بالقسامة‪ :‬باليمين‪( .‬القُ َ‬ ‫فرقهم قِ ْ‬ ‫َّ‬
‫سم)‪:‬‬ ‫سن‪( .‬القَ ْ‬ ‫سر على طيّه‪ .‬وال َح َ‬ ‫أول طيِّها حت ّى تتك ّ‬ ‫سام ّي)‪ :‬الذي يَ ْطوي الثياب ّ‬ ‫سام‪( .‬القَ َ‬
‫سا َمة)‪ :‬صنعة الق ّ‬ ‫ليكون أجرا ً له‪( .‬ال ِق َ‬
‫سمين (يراد به المصدر)‪ ،‬وقِسمين (يراد به النصيب أو الجزء من الشيء المقسوم)‪ .‬والعطاء‪.‬‬ ‫(مصدر) يقال‪ :‬هذا ينقسم قَ ْ‬
‫جزاء ِبقدر ا ْلعدَد الثَّانِي َويُسمى األول‬ ‫س َمة عدد على آخر تجزئة األول أ َ َ‬ ‫سم يقسمه (وال يجمع)‪(\ .‬فِي ا ْلحساب) ق ْ‬ ‫يقال‪ :‬عنده قَ ْ‬
‫س َمة‪ \.‬وحسب معجم لغة الفقهاء القسمة بكسر فسكون ج قسم ‪ ،‬االقتسام‬ ‫ِ ْ‬‫ق‬ ‫ْ‬
‫ل‬ ‫ا‬ ‫ارج‬ ‫َ‬
‫خ‬ ‫والناتج‬ ‫ه‬ ‫ي‬
‫ِْ‬ ‫َ‬ ‫ل‬‫ع‬‫َ‬ ‫وم‬ ‫س‬ ‫ْ‬
‫ق‬
‫َ ُ‬ ‫م‬ ‫ْ‬
‫ل‬ ‫ا‬ ‫خر‬ ‫سوم َو ْاآل‬ ‫ا ْل َم ْق ُ‬
‫‪ )2‬قسمة إفراز ‪ :‬وهي القسمة التي أمكن التعديل فيها ‪ .‬من غير رد ‪ )1‬قسمة تعديل‪ :‬وهي التي ال تستقيم الحصص فهيا‬
‫متساوية إال بأن يجعل مع بعضها عوضا –قسمة الغرماء‪ :‬قسمة مال المدين المفلس على دائنيه العاديين‪.‬‬
‫‪665‬احمد الدردير‪-‬الشرح الصغير على أقرب المسالك إلى مذهب اإلمام مالك‪-‬دار المعارف ‪ 9/959‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -666‬االمام التسولي‪-‬كتاب البهجة في شرح التحفة‪- ،‬وبهامشه حلى المعاصم لفكر ابن عاصم ‪-‬دار الرشاد الحديثة‪ ،‬طبعة‬
‫م‪ ،2992‬ج‪ ،1‬ص ‪.111‬انظر أيضا ‪-‬الشيخ ابو بكر حسن الكشناوي‪ ،‬أسهل المدارك شرح ارشاد السالك في فقه امام االئمة‬
‫مالك‪ ،‬ج‪ ،9‬ط‪ ،1‬القاهرة‪ ،‬ص‪.15‬‬

‫‪P 322‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫ومن الناحية القانونية لم يعرف المشرع المغربي القسمة العينية و إنما تمت اإلشارة في‬
‫مدونة الحقوق العينية إلى القسمة البتية باعتبارها أداة لفرز نصيب كل شريك في الملك‬
‫وينقض ي بها الشياع ونفس األمرفي قانون المسطرة المدنية‪.667‬وعرفها مأمون الكزبري بما يلي‪:‬‬
‫هي التي تجري بتقسيم الش يء المشترك إلى عدة أقسام مفرزة بعضها عن بعض تتفق مع حصص‬
‫الشركاء الذين يستقل كل واحد منهم بقسم يتناسب وحصته بكيفية تضع حدا لحالة الشياع‪،‬‬
‫وال يلجأ إليها إال إذا كان العقارالمشاع قابال لها‪.668‬‬

‫و انضم القضاء من خالل احكامه الى من عرفوا القسمة حيث جاء في قرار ملحكمة‬
‫النقض صادر بتاريخ ‪ 1111\16\51‬ان "دعوى القسمة تهدف الى تمكين كل متقاسم من حظه‬
‫في جميع أجزاء المال القابل للقسمة العينية‪.669‬وعموما فالقسمة عملية حل المقسوم بتعيين‬
‫الحصة الشائعة وتحول الملكية الشائعة لكل من الشركاء الى ملكية مفرزة بحيث يستقل كل‬
‫شريك بنصيبه عن باقي الشركاء‪.‬‬

‫والقسمة مشروعة بكتاب الله وسنة رسوله واجمع عليها علماء االمة‪ .‬فقد جاء في كتاب‬
‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫َ ْ‬ ‫ََ‬
‫‪(:‬ون ِب ْئ ُه ْم أ َّن ال َم َاء ِق ْس َمة َب ْي َن ُه ْم ۖ ك ُّل ِش ْر ٍب ُّم ْحتض ٌر)‪ ،670‬ومعنى ذلك ان القوم‬ ‫الله الكريم‬
‫يتقاسمون الماء والناقة فلهم يومهم وللناقة يومها‪ .671‬وفي السنة وردت العديد من األحاديث‬
‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬
‫عليه وسل َم‬ ‫النبوية الدالة على جواز القسمة ومنها‪ :‬قوله (ص)‪":‬قض ى رسول ِ‬
‫الله صلى الله ِ‬
‫ُ َ‬ ‫بالشفعة فيما لم ُي َ‬ ‫ُّ‬
‫الحدود فال شفعة"‪.672‬ودرج الناس على التخلص من مشاكل‬ ‫ِ‬ ‫وقعت‬
‫ِ‬ ‫قس ُم فإذا‬ ‫ِ‬
‫و اضرار الشيوع بالقسمة وقد اشارت عديد الكتب لذلك‪ ،‬فما كان بحسب المنطق السليم و‬
‫التفكير القويم واعماال للعقل من بد من التخلص منه بالقسمة‪ ،673‬واستدل الفقهاء في ذلك‬
‫ات‬ ‫َّ َ‬ ‫َّ َّ َ َ ُ َ َ ُ‬ ‫ض ُه ْم َع َل ٰى َب ْ‬
‫بقوله تعالى‪َ ( :‬وإ َّن َكث ًيرا م َن ْال ُخ َل َطاء َل َي ْبغي َب ْع ُ‬
‫ض ِإال ال ِذين آمنوا وع ِملوا الص ِالح ِ‬
‫ٍ‬ ‫ع‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫َو َق ِل ٌ‬
‫يل َّما ُه ْم )‪.674‬‬

‫‪ -667‬الفصول من ‪926‬الى‪911‬و الفصل ‪ 159‬من قانون المسطرة المدنية‪.‬‬


‫‪ -668‬مأمون الكزبري‪ :‬التحفيظ العقاري والحقوق العينية األصلية والتبعية في ضوء التشريع المغربي‪ ،‬م س‪-‬ص ‪.219‬‬
‫‪ 669‬مأمون الكزبري ‪-‬التحفيظ العقاري والحقوق العينية – م س ‪-‬ص ‪.261‬‬
‫‪ 670‬سورة القمر‪-‬اآلية ‪.12‬‬
‫‪ 671‬جالل الدين محمد بن احمد المحلي وجالل الدين عبد الرحمن بن ابي بكر السيوطي‪ ،‬تفسير الجاللين‪ ،‬ط‪ ،1‬بغداد‪،‬‬
‫مطبعة بابل‪ ،‬عبد الرحمن حياوي‪ ،2921 ،‬ص‪.111‬‬
‫‪672‬رواه الشيخ محمد بن اسماعيل ابو عبد الله البخاري الجعفي‪ ،‬صحيح البخاري‪ ،‬تحقيق د‪ .‬مصطفى ديب البغا‪ ،‬ج‪ ،1‬ط‪،9‬‬
‫بيروت‪ ،‬دار ابن كثير اليمامة‪ ،2921 ،‬ص‪.111‬‬
‫‪673‬السيد علي فكري‪ ،‬المعامالت المادية واالدبية‪ ،‬ج‪ ،2‬ط‪ ،2‬القاهرة‪ ،‬مطبعة مصطفى البابي الحلبي‪ ،‬ص‪.159‬‬
‫‪674‬سورة" ص"‪-‬اآلية ‪11‬‬

‫‪P 323‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫أما في اإلجماع فقد كان الناس ‪-‬وما زالوا ‪-‬منذ عهد رسول الله صلوات الله وسالمه عليه‬
‫حتى يومنا هذا يتعاملون بالقسمة في المواريث وفي غير المواريث دون نكير من أحد حيث قال‬
‫ً‬
‫صاحب البدائع" فكانت شرعيتها متوارثة"‪.675‬‬

‫والخروج من الشيوع بالقسمة يكون رضاء او باللجوء الى القضاء الذي يبت في الموضوع‬
‫بحكم قابل للطعن وفق المساطر القانونية المتبعة وفي احترام لآلجال المقررة‪ ،‬وفي بعض‬
‫األحيان تخالط دعوى القسمة بعض الدعاوى والمساطر تجعل الشركاء امام مساطر‬
‫أخرى ونصوص قانونية هي األولى بالتطبيق من تلك المطبقة في القسمة وهو ما سنتطرق اليه‬
‫من خالل تناولنا لموضوع قسمة عقار خاضع لمسطرة نزع الملكية‪ ،‬ومن خالل انهاء الشيوع‬
‫من عدمه خالل انهاء العالقة الزوجية‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬دعوى القسمة وقانون نزع الملكية‬

‫حق الملكية ليس مطلقا اذ يمكن الحد من مداه إذا ما دعت ضرورة النمو االقتصادي‬
‫واالجتماعي ذلك شريطة االحتكام الى اإلجراءات المنصوص عليها قانونا‪ ،‬وهو ما يسمى بنزع‬
‫الملكية للمنفعة العامة هذا األخيرة يمثل نوعا من عدم المساواة بين اإلدارة والخواص‪.676‬‬

‫ولتحقيق نوع من العدل بين اإلدارة والخواص ‪-‬في حالتنا هذه هم الشركاء المشتاعين في‬
‫العقار والذين يريدون قسمته اما رضائيا او بدعوى قضائية امام املحكمة املختصة – سن‬
‫المشرع قوانين تحدد شروط نزع الملكية‪ ،‬والمسطرة الواجبة االتباع‪ ،‬وعلى المتضررمن ذلك‬
‫االلتجاء الى القضاء تحقيقا للعدالة المنشودة‪.‬‬

‫اوال‪ :‬شروط نزع الملكية‬


‫له‪677‬‬ ‫حدد المشرع المغربي من خالل القانون رقم ‪ ،9.75‬وكذا المرسوم التطبيقي‬
‫شروط نزع الملكية من أجل المنفعة العامة وهي‪:‬‬

‫‪ -‬تحقيق المصلحة العامة‪ :‬فالهدف من نزع الملكية هو القيام بأعمال تكتس ي صبغة‬
‫المنفعة العامة‪ ،‬هذه األخيرة اهتم الفقه المغربي والقضاء بتعريفها وسكت المشرع كعادته‬

‫‪675‬عالء الدين الكاساني‪-‬بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع‪-‬م س‪-‬ج‪-1‬ص‪.15‬‬


‫‪676‬محمد األعرج واألستاذ سمير أحيذار ” اختصاص القضاء اإلداري الشامل في مادة نزع الملكية ” العدد ‪ 71‬من‬
‫منشورات المجلية المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪.2006-‬‬
‫‪677‬المرسوم رقم ‪ 2.22.322‬الصادر في ‪ 2‬رجب ‪ 16( 1403‬أبريل ‪ )1723‬ج‪.‬ر عدد ‪ 3625‬بتاريخ ‪ 15‬يونيو ‪1723‬‬

‫‪P 324‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫عن ذلك‪ ،‬وتسعى هذه المنفعة الى تحقيق هدفين هما املحافظة على النظام وتحقيق المصلحة‬
‫العامة‪.678‬‬

‫‪ -‬احترام نطاق نزع الملكية‪ :‬حيث ان نزع الملكية يستهدف العقارات والحقوق العينية‬
‫العقارية التي يملكها االفراد دون المنقوالت‪ ،‬إال إذا أصبحت هذه األخيرة تكتس ي صبغة عقارية‬
‫عن طريق الضم واإلدماج‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬مسطرة نزع الملكية‬

‫تمرمسطرة نزع الملكية بمرحلتين‪ ،‬مرحلة إدارية ومرحلة قضائية‪:679‬‬

‫‪-‬المرحلة اإلدارية‪ :‬تبتدئ ببحث اداري تتواله السلطة اإلدارية املختصة ويخضع لإلشهار‬
‫القانوني ويودع لدى الجماعات المعنية ولدى مصلحة املحافظة العقارية‪ ،‬يليه اإلعالن عن‬
‫المنفعة العامة بمرسوم يتخذ باقتراح من الوزير المعني باألمر‪ ،‬ويكون بمثابة تعيين للمنطقة‬
‫التي يمكن نزع ملكيتها ويتم نشره في الجريدة الرسمية وكذا في جريدة أو عدة جرائد مأذون لها‬
‫في نشر اإلعالنات القانونية‪ ،‬ويعلق بمكاتب الجماعة التي تقع فيها المنطقة المقرر نزع ملكيتها‪.‬‬
‫وإذا ثبت أن هذا اإلعالن يقتصرعلى منطقة ما فإنه يتعين على السلطة اإلدارية املختصة تحديد‬
‫األراض ي المراد نزع ملكيتها بكل دقة وأن تصدر بذلك مقرر التخلي الذي يجب اتخاذه في أجل‬
‫سنتين تبتدئ من تاريخ اإلعالن عن المنفعة العامة‪ ،‬وإذا انصرم هذا األجـل دون أن يتم إصـدار‬
‫هذا المقررفإنه يتعين تجديــد إعالن المنفعـة العامة‪ .‬ويودع مشروع التخلي لدى املحافظة على‬
‫األمالك العقارية التابع لها موقع العقارات‪ .‬وعلى إثر ذلك يقوم املحافظ بتسليم نازع الملكية‬
‫شهادة تثبت أن مشروع المقررالمذكورقد تم قيده بالرسم العقاري بالنسبة للعقارات املحفظة‬
‫أو في سجل التعرضات فيما يتعلق بالعقارات في طور التحفيظ‪ ،‬وإذا كان األمر يتعلق بعقارات‬
‫غيرمحفظة فإن مشروع مقررالتخلي يودع لدى كتابة ضبط املحكمة اإلدارية الو اقع العقارفي‬
‫نفوذها الترابي‪ .‬ويجوز بعد ذلك لألطراف االتفاق على مبلغ التعويض واال يمكنهم اللجوء الى‬
‫القضاء‪ .‬هذا االخير ير اقب مشروعية المسطرة اإلدارية لنزع الملكية عن طريق دعوى اإللغاء‬

‫‪678‬محمد األعرج واألستاذ سمير أحيذار ” اختصاص القضاء اإلداري الشامل في مادة نزع الملكية ” العدد ‪ 71‬من منشورات‬
‫المجلية المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪.2006-‬‬
‫‪679‬مليكة الصروخ ‪ -‬العمل اإلداري‪-‬الطبعة األولى ‪ 2012-1434‬م‪.‬‬

‫‪P 325‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫للشطط في استعمال السلطة‪ ،‬إذا أثبت المعنيون باألمر أن الغرض من نزع الملكية ال ينصب‬
‫على تحقيق المنفعة العامة‪.‬‬

‫‪-‬المرحلة القضائية‪ :‬وتشمل أوال مرحلة الحيازة حيث يتعين على طالب نزع الملكية‬
‫التوجه إلى املحكمة اإلدارية الو اقع العقارفي دائرة نفوذها لتقديم طلب ألجل الحكم له بحيازة‬
‫العقار مقابل إيداع أو دفع مبلغ التعويض المقترح‪ ،‬وثانيا مرحلة نقل الملكية التي تنزع بإيداع‬
‫نازع الملكية طلبا لدى املحكمة اإلدارية الو اقع الملك في نفوذها‪ ،‬فيتولى رئيس املحكمة‬
‫املختصة أو القاض ي المفوض من قبله إصدار حكم يقض ي بنقل الملكية‪ ،‬وأخيرا تحديد‬
‫التعويض عن نقل الملكية الذي تختص املحاكم اإلدارية بتقديرقيمته مراعية في ذلك مجموعة‬
‫من االعتبارات كشموله الضررالحالي واملحقق وتحديد مقدارالتعويض حسب قيمة العقاريوم‬
‫صدور قرار نزع الملكية‪ ،‬على أن املحكمة قد تكتفي بالتعويض المقترح من طرف نازع الملكية‬
‫وقد تعدله بناء على طلب الشركاء‪ ،‬كما أنها قد تلجأ إلى انتداب خبير في الموضوع‪.‬وبناء على‬
‫التقرير الذي ينجزه هذا األخير يتم تحديد التعويض‪.680‬وللمحكمة كامل السلطة لتعديل‬
‫التعويض المقترح إذا ما تبين لها عدم انسجام النتيجة التي انتهى إليها هذا األخير مع الو اقع‪.‬‬
‫وإذا ما تم التراض ي بين الشركاء ونازع الملكية حول التعويض المقترح من طرف هذا األخير‪ ،‬فإن‬
‫املحكمة ال يسعها إال اإلشهاد على االتفاق المبرم بين الطرفين‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬تحويل مطالب المشتاعين من المطالبة العينية الى المطالبة بالتعويض‬

‫باالستناد الى المقتضيات الواردة في الفصل ‪ 17‬من قانون نزع الملكية ألجل المنفعة‬
‫العامة‪ 681‬نستنتج ان حقوق أطراف دعوى القسمة باعتبارها من الدعاوى العينية تتحول من‬
‫المطالبة بفرز النصيب من العقار محل القسمة إلى حقوق في التعويض من نازع الملكية وال‬
‫يمكن المطالبة بغير ذلك‪ ،‬كما أن صدور المرسوم القاض ي بنزع ملكية العقار ألجل المنفعة‬
‫العامة‪ ،‬يوجب االمتناع عن االستمرار في قسمته عينا‪682.‬‬

‫‪ 680‬غير أن هذا ال يعني بالضرورة أن المحاكم اإلدارية تتقيد بالمبلغ الذي يحدده التقرير بحرفيته‪ ،‬فلها أن تعتمد على خبرة واحدة أو‬
‫أكثر دون التقيد بما جاء فيها ألجل تحديد التعويض المستحق للمنزوع ملكيته‪ .‬وإذا ما حددت الخبرة القضائية مبلغ التعويض عن‬
‫نزع ملكية عقار أقل من مبلغ التعويض المعروض من طرف اإلدارة نازعة الملكية يجعل المبلغ األخير هو الواجب األخذ به‪.‬‬
‫‪ 681‬الذي جاء فيه "ال يمكن لدعاوى الفسخ أو االستحقاق وجميع الدعاوى العينية االخرى أن توقف نزع الملكية أو أن تحول‬
‫دون إنتاج آثاره‪ ،‬وتحول حقوق المطالبين إلى حقوق في التعويض ويبقى العقار خالصا منها"‪.‬‬
‫‪682‬ألغي الفصل ‪ 165‬من ق‪.‬م‪.‬م بموجب القانون رقم ‪ 11.19‬الصادر بتنفيذ الظهير الشريف رقم ‪ 2/11/19‬بتاريخ ‪ 19‬فبراير‬
‫‪ ،1111‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 5221‬بتاريخ ‪ ،1111/11/15‬ص ‪.159‬‬

‫‪P 326‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫هذه المطالبة بحقوق التعويض من نازع الملكية تثيرالعديد من التساؤالت حول‪:‬‬

‫‪ ‬أوال‪ :‬التعويض المعمول به هل هو القيمة املحددة بموجب تقرير الخبير‪ ،‬بمعنى هل‬
‫يستحق المالكون نصيبهم وفق الثمن املحدد بموجب الخبرة المنجزة بمقتض ى دعوى‬
‫القسمة أم وفق ما تقترحه اإلدارة نازعة الملكية من تعويض‪ .‬وكإجابة على هذا التساؤل‬
‫استقر الفقه ومعه القضاء على اعمال المقتض ى األخير‪ ،‬وما للشركاء في حالة عدم‬
‫رضاهم عنه اال الطعن في قيمته أمام املحكمة اإلدارية‪.683‬‬

‫‪ ‬ثانيا‪ :‬محل نزع الملكية هل هو العقار المشاع بأكمله ام فقط جزء منه‪ .684‬فاذا كان‬
‫العقارالمنزوع ملكيته هو العقارالمشاع بأكمله فال يثارهنا أي اشكال نظرا الستحقاق‬
‫جميع المالكين لحقوق مادية في مواجهة نازع الملكية‪ ،‬اما إذا كان العقار المنزوع‬
‫ملكيته هو فقط جزء من العقار المشاع فغالبا ما تطرح إشكاالت بخصوص الموازنة‬
‫بين مصالح األطراف‪ ،‬ولتحقيق هذه الموازنة يقترح قسمة التعويض الوارد على الجزء‬
‫المنزوع من اجل المنفعة العامة بين جميع المشتاعين‪ ،‬واللجوء الى قسمة الجزء‬
‫المتبقي قسمة عينية إذا كانت ممكنة وإال فقسمة التصفية‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬دعوى اقتسام األموال المشتركة بين الزوجين‬

‫ان مسألة اقتسام األموال المشتركة بين الزوجين من المسائل القانونية التي اثارت‬
‫جدال قبل مدونة االسرة و اثناء دخولها حيز التنفيذ‪ ،‬بدعوى ان حق المرأة بعد االنفصال أو‬
‫الوفاة في اقتسام الموارد المتأتية خالل الحياة الزوجية مناصفة بين الزوجين ظلما للرجل أكثر‬
‫مما هو إنصاف للمرأة‪ ،‬غير اخدين باالعتبار أن المرأة عملت طويال في المصانع و انخرطت في‬
‫سوق العمل وصار لها مورد مالي غالبا ال تختص به لنفسها بل يضاف إلى موارد األسرة وينفق‬
‫فيما يتم إنفاقه على هذه األسرة‪ ،‬ومتجنبين المرور على ما تقوم به المرأة من أعباء‬
‫منزلية‪ ،‬ناهيك عن أعمال ماتزال تقوم بها إلى اآلن في الكثيرمن األرياف كالعمل في الحقل زراعة‬

‫‪683‬محمد الكشبور‪-‬مرجع سابق‪-‬ص ‪.269‬‬


‫‪684‬جيهان زواش‪-‬دعوى قسمة العقار ودور القضاء في حماية المتقاسم‪-‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون العقود والعقار‪-‬‬
‫شعبة القانون الخاص‪ ،‬تحت إشراف الدكتور إدريس الفاخوري‪ ،‬جامعة محمد األول‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية‪ ،‬وجدة‪ ،‬السنة الجامعية‪ ،1121-1122 :‬ص‪ 15 :‬و‪.16‬‬

‫‪P 327‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫وحصادا ورعاية ماشية وغيرها‪ ،‬وهي كلها ليست مكلفة بها أصال وال تلزمها بها أي شريعة أو شرع‪،‬‬
‫وإن كانت األعراف كرستها كجزء من وظيفتها‪.‬‬

‫وعليه فالقول بحق المرأة في شراكة زوجها فيما يكتسبانه من أموال بعد زواجهما‬
‫يكتسب وجاهة‪ ،‬فوقائع حياتنا تطرح عشرات المشكالت والصعوبات التي تواجهها المرأة عند‬
‫انفصالها عن زوجها حيث تجد نفسها بعد رحلة عمرليست قصيرة خالية الوفاض وقد تبددت‬
‫سنين عمرها أو بعضها وتبددت مواردها المالية‪ .‬وهو ما تنبه اليهالمشرع المغربي في مدونة‬
‫االسرة من خالل المادة ‪ ،68517‬وقبل ذلك من خالل ما تطرق اليه الفقه عند حديثه عن حق‬
‫الكد والسعاية‪ 686‬ولعل أول من اجتهد و أفتى في مسألة "الكد والسعاية" هو الفقيه المالكي‬
‫(أحمد بن عرضون)‪ 687‬في القرن العاشر الهجري وهو أول من قال بحق الزوجة بنصف مال‬
‫األسرة المكتسب بعد انعقاد الزوجية عند وقوع الطالق أو الوفاة وقبل اقتسام التركة استنادا‬
‫لكدها وسعايتها في تثميرهذا المال‪.688‬‬

‫وان كانت المادة ‪ 17‬وحق الكد والسعاية‪ ،‬يجمعهما نفس الهدف‪ ،‬وهو الحفاظ على‬
‫حقوق كل من الزوجين‪ ،‬أثناء اقتسام األموال المكتسبة بينهم‪ ،‬فان بينهما بعض الفروق‬
‫الجوهرية من قبيل ان‪:‬‬

‫–مؤسسة الكد والسعاية تهم جميع أفراد األسرة وليس الزوجين فقط‪ ،‬على خالف ما‬
‫تضمنته مدونة األسرة التي تتكلم عن الزوجين فقط‪.‬‬

‫‪685‬والتي تضمنت ما يلي‪ " :‬لكل من الزوجين مة مالية مستقلة عن مة اآلخر‪ ،‬غير أنه يجوز لهما في إطار تدبير األموال‬
‫التي ستكتسب أثناء قيام الزوجية‪ ،‬االتفاق على استثمارها وتوزيعها‪ .‬يضمن هذا االتفاق في وثيقة مستقلة عن عقد الزواج‪.‬‬
‫يقوم العدالن بإشعار الطرفين عند زواجهما باألحكام السالفة الذكر إ ا لم يكن هناك اتفاق فيرجع للقواعد العامة لإلثبات‪ ،‬مع‬
‫مراعاة عمل كل واحد من الزوجين وما قدمه من مجهودات وما تحمله من أعباء لتنمية أموال األسرة "‬
‫‪686‬وهو بذل الجهد في العمل والسعي وراء الرزق ‪ -‬وهو حق المرأة في الثروة التي تنشئها وتكونها مع زوجها خالل فترة‬
‫الحياة الزوجية‪ ،‬وهذا الحق يضمن للزوجة إ ا انتهت العالقة الزوجية بينها وبين زوجها إما بالطالق أو الوفاة بأن يتم تحديد‬
‫وحساب مجموع الثروة التي تم تكوينها خالل فترة الحياة الزوجية فتحصل على جزء منها مقابل ما بذلته من مجهودات‬
‫مادية ومعنوية إلى جانب زوجها‪ -‬ومن التعريفات التي أعطيت له‪ ،‬نجد أنه ” حق شخصي يقوم على أساس مساهمة السعاة‬
‫في إطار شركة عرفية على تنمية ا لثروة األسرية أو تكوينها مقابل استحقاقهم جزء من المستفاد يتناسب وقدر مساهمتهم‬
‫حين إجراء القسمة‪ ،‬وكل لك يتم وفق مقتضيات العرف المحلي \الحسين الملكي ‪-‬وهو حقوقي ومحام مغربي مخضرم‬
‫وصاحب نظرية "الك ّد والسعاية" المتوفى في الرباط عام ‪. 1122‬‬
‫‪687‬هو اإلمام‪ ،‬القاضي‪ ،‬ا لفقيه‪ ،‬العالم أبو العباس أحمد بن الحسن بن يوسف بن عمر بن يحيى المعروف والمشتهر بابن‬
‫الزجَلي‪ ،‬ال ُموسوي‪ ،‬الصَّالحي‪ ،‬المغربي‪ ،‬المالكي‪ُ .‬ولد عام ‪911‬هـ بقرية تلمبوط التابعة إلقليم شفشاون شمالي‬‫عَرضون‪َّ ،‬‬
‫المغرب‪.‬‬
‫‪688‬موقع (مرايانا) الكد والسعاية‪ .‬ابن عرضون الفقيه المغربي الذي أفتى بحماية حقوق النساء وتحصينها ضد العنف‬
‫االقتصادي‪ .‬الكاتب علي بنهرار تاريخ ‪.1112\1\5‬‬

‫‪P 322‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫–مؤسسة الكد و السعاية تقوم على أساس العرف املحلي وليس إرادة األطراف‪ ،‬عكس‬
‫ما تنص عليه المادة ‪ 17‬من مدونة األسرة‪ ،‬التي تفسح املجال كامال إلعمال مبدأ سلطان اإلرادة‪.‬‬

‫وما يهمنا نحن في مقالنا هذا هو مسألة قسمة األموال المشتركة بين الزوجين عند‬
‫الطالق‪.‬وتجدر اإلشارة إلى أن الطالق ال يؤدي بالضرورة إلى انتهاء حالة الشيوع‪ ،‬بل يعد من بين‬
‫األسباب المبررة لطلب إنهاءها‪ ،‬فحالة االشتراك تظل قائمة حتى تتم تصفية األمالك المشتركة‪،‬‬
‫وهو ما يعني أنه يمكن للطليقين اإلبقاء على حالة الشيوع بينهما‪.‬‬

‫فمن الثابت أن المشرع وإن رتب عن الطالق إمكانية انتهاء االشتراك في األمالك إال انه لم‬
‫يفرض على الزوجين أن يقوما بقسمة المشترك وتصفيته في إطارنفس قضية الطالق‪ ،‬أوفي إطار‬
‫قضية مستقلة‪ ،‬والمستحسن جعل القسمة الحقة للطالق على اعتبار‪:‬‬

‫‪ ‬ان قسمة المشترك ال تتم إال بعد أداء الديون أو تأمين ما يلزم ألدائها‪ ،‬وإعداد مشروع‬
‫قسمة فيها‪ ،‬وهو ما قد يؤدي إلى طول إجراءات التقاض ي‪.‬‬

‫‪ ‬ان النظر في قضية الطالق وفي مسألة االشتراك من شأنه أن يجعل قضية الطالق ذات‬
‫طابع مدني مالي‪ ،‬في حين أن رغبة المشرع المغربي في قضايا األحوال الشخصية اتجهت‬
‫إلى اإلبقاء على طابعها العائلي‪ ،‬حيث يتركزاهتمام املحكمة في هذه المرحلة على محاولة‬
‫اإلصالح وإلى اتخاذ الوسائل الوقتية الالزمة والقرارات الفورية المتصلة باألبناء‪ ،‬أكثر‬
‫من اهتمامها بالمنازعات ذات الطبيعة المالية‪.‬‬

‫والقسمة تتم وفقا للقواعد العامة الواردة في مدونة الحقوق العينية وقانون المسطرة‬
‫المدنية‪ ،‬غير ان ما يطرح اشكاال هو مسألة إثبات الملكية المشتركة موضوع طلب القسمة‪،‬‬
‫و إثبات هذا املجهود أو هذه المساهمة في تنمية هذه الثروة المكتسبة خالل فترة الزواج‪.‬‬

‫فبحسب األصل فالمطالب بحق املجهود الذي بذله والدورالذي كان له في تنمية األموال‬
‫التي يتوفر عليها الزوج اآلخر هو الذي يتحمل عبء إثبات ذلك‪ ،‬وهو ما قضت به عديد املحاكم‬
‫الوطنية كاملحكمة االبتدائية بالرباط التي قضت بأن "عدم إثبات المدعية لحجة قانونية كونها‬
‫ساهمت بشكل فعال في تنمية وازدهار ثروة زوجها إعماال لقاعدة المدعى مطالب بالبينة‪،‬‬
‫يستوجب رد الدعوى على حالتها" واملحكمة االبتدائية بالبيضاء – قسم قضاء األسرة‪ -‬التي‬
‫قضت بعدم قبول طلب المطلقة لعلة أنها لم تثبت مساهمتها في الشقة الوحيدة التي يمتلكها‬

‫‪P 327‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫الزوج‪ ،‬كما جاء أيضا في حكم صادرعن املحكمة االبتدائية بالدارالبيضاء – قسم قضاء األسرة‬
‫"وحيث مادام المدعى قد ادعى حقا له على ما اكتسبته زوجته خالل فترة الزواج ولم يدل بما‬
‫يثبت مساهمته في تنمية تلك األموال وأن الوثائق المدلى بها من طرفه ال تنهض لحجة في إثبات‬
‫ما يدعيه وبذلك يبقى طلبه مخالفا لمقتضيات القواعد العامة في اإلثبات ويبقى غير مبرر‬
‫ويتعين التصريح برفضه"‬

‫ولكن يمكن للمحكمة أن تأخذ بعين االعتبارالراتب أو األجرة التي يحصل عليها كل واحد‬
‫منهما ومدى املجهودات أو األعباء التي تحملها الزوجين لتنمية األموال المكتسبة أثناء قيام‬
‫الزوجية وبذلك يمكن أن تقوم بتوزيع هذه األموال بحسب النسبة التي تعود لكل واحد منهما‬
‫وقد يعتمد في ذلك على كافة وسائل اإلثبات المقررة قانونا وان كانت الوسيلة الوحيدة لإلثبات‬
‫التي يمكن أن تقف عائقا أمام المدعى هو ما يتعلق بالفصل ‪ 111‬من ق ل ع‪689‬لكون ان العالقة‬
‫الزوجية في مجتمع محافظ مثل المغرب تقوم على الثقة وفي االعم الغالب ال يكون هناك أي‬
‫توثيق بين الزوجين هذا من جهة ومن جهة ثانية يمكن ان يكون احد الزوجين ال يمارس أي عمل‬
‫مأجور خاصة بالنسبة للمرأة غير العاملة أو المرأة التي تقوم باألشغال المنزلية فقط فكيف‬
‫يمكن لهذه األخيرة أن تثبت مساهمتها في األموال التي يمتلكها الزوج وكذا ما تحملته من أعباء‬
‫لتنمية هذه األموال؟ مما يعني أن الطلبات التي ستتقدم بها هذه الفئة (المرأة غيرالعاملة) أمام‬
‫القضاء سوف يكون مصيرها عدم قبول الطلب النعدام اإلثبات‪.‬‬

‫وهنا يبقى الدورعلى عاتق القضاء من أجل حماية هذه الفئة من الزوجات غيرالعامالت‬
‫خصوصا الزوجة التي تكون قد قضت عمرا طويال مع زوجها والتي قد تبين األبحاث التي قد تقوم‬
‫بها املحكمة أنها فعال ساهمت بمجهودها وسعيها في تنمية أموال األسرة‪.‬‬

‫خاتمة‬

‫إذا كان المشرع المغربي قد اعطى الحق ألي الشريك في الخروج من الشيوع اما رضاء‬
‫او بالتوجه الى القضاء فانه وكما رأينا قد يرتبط هذا الحق ببعض الدعاوى والمساطر التي‬
‫تفرض على الشريك اما تحويل مطالبه كما رأينا في مسطرة نزع الملكية للمنفعة العامة حيث‬

‫‪689‬التي تنص على أن‪ " :‬االتفاقات وغيرها من األفعال القانونية التي يكون من شأنها أن تنشئ أو تنقل أو تعدل أو تنهي‬
‫االلتزامات أو الحقوق‪ ،‬والتي يتجاوز مبلغها أو قيمته ا عشرة آالف درهم‪ ،‬ال يجوز إثباتها بشهادة الشهود‪ .‬ويلزم أن تحرر‬
‫بها حجة رسمية أو عرفية‪ ،‬وإ ا اقتضى الحال لك أن تعد بشكل إلكتروني أو أن توجه بطريقة إلكترونية‪".‬‬

‫‪P 370‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫لم تصبح للمطالبة العينية جدوى ويستغنى عنها بالمطالبة بالتعويض وما يصاحب ذلك من‬
‫منازعات حول قيمته وتحديد املحكمة املختصة بذلك‪ ،‬او ما يرتبط بمشاق اثبات كد الزوجة‬
‫وسعايتها إذا ما تعلق االمر بإنهاء العالقة الزوجية و اقتسام األموال المشتركة بين الزوجين‪.‬‬

‫المراجع المعتمدة‬

‫‪ -‬القران الكريم‬

‫‪ -‬ابن منظور‪-‬لسان العرب‪ -‬مادة قسم‪ -‬دار صادر بيروت‪ -‬الطبعة السادسة ‪ ،5779‬م‬
‫‪5159‬هـ‪ -‬ج ‪.51‬‬

‫‪ -‬أحمد الغازي الحسيني‪-‬طوارئ القسمة‪-‬أطروحة لنيل دكتوراه الدولة‪-‬كلية الحقوق‬


‫الرباط‪-‬أكدال السنة الجامعية ‪.5771-5775‬‬

‫‪-‬معجم اللغة العربية المعاصرة \معجم الغني\ معجم الرائد \المعجم الوسيط \معجم‬
‫لغة الفقهاء‪.‬‬

‫‪ -‬احمد الدردير‪-‬الشرح الصغيرعلى أقرب المسالك إلى مذهب اإلمام مالك‪-‬دارالمعارف‪.‬‬

‫‪-‬االمام التسولي‪-‬كتاب البهجة في شرح التحفة‪- ،‬وبهامشه حلى المعاصم لفكرابن عاصم‬
‫‪-‬دار الرشاد الحديثة‪ ،‬طبعة م‪ ،5775‬ج‪ -- ،1‬الشيخ ابو بكر حسن الكشناوي‪ ،‬أسهل المدارك‬
‫شرح ارشاد السالك في فقه امام االئمة مالك‪ ،‬ج‪ ،1‬ط‪ ،1‬القاهرة‪.‬‬

‫‪-‬قانون المسطرة المدنية‪.‬‬

‫‪ -‬مأمون الكزبري‪ :‬التحفيظ العقاري والحقوق العينية األصلية والتبعية في ضوء‬


‫التشريع المغربي‪.‬‬

‫‪ -‬جالل الدين محمد بن احمد املحلي وجالل الدين عبد الرحمن بن ابي بكر السيوطي‪،‬‬
‫تفسيرالجاللين‪ ،‬ط‪ ،1‬بغداد‪ ،‬مطبعة بابل‪ ،‬عبد الرحمن حياوي‪.5771 ،‬‬

‫‪ -‬صحيح البخاري‪ ،‬تحقيق د‪ .‬مصطفى ديب البغا‪ ،‬ج‪ ،1‬ط‪ ،1‬بيروت‪ ،‬دارابن كثيراليمامة‪،‬‬
‫‪.5779‬‬

‫‪P 371‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫‪-‬السيد علي فكري‪ ،‬المعامالت المادية واالدبية‪ ،‬ج‪ ،5‬ط‪ ،5‬القاهرة‪ ،‬مطبعة مصطفى‬
‫البابي الحلبي‪.‬‬

‫‪-‬عالء الدين الكاساني‪-‬بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع‪-‬م س‪-‬ج‪.-9‬‬

‫‪-‬محمد األعرج واألستاذ سمير أحيذار ” اختصاص القضاء اإلداري الشامل في مادة نزع‬
‫الملكية ” العدد ‪ 95‬من منشورات املجلية المغربية لإلدارة املحلية والتنمية‪.1116-‬‬

‫‪-‬المرسوم رقم ‪ 1.71.171‬الصادرفي ‪ 1‬رجب ‪ 56( 5111‬أبريل ‪ )5771‬ج‪.‬رعدد ‪ 1671‬بتاريخ‬


‫‪ 51‬يونيو ‪.5771‬‬

‫‪-‬محمد األعرج واألستاذ سمير أحيذار ” اختصاص القضاء اإلداري الشامل في مادة نزع‬
‫الملكية ” العدد ‪ 95‬من منشورات املجلية المغربية لإلدارة املحلية والتنمية‪.1116-‬‬

‫‪-‬مليكة الصروخ‪ -‬العمل اإلداري‪-‬الطبعة األولى ‪ 1151-5111‬م‪.‬‬

‫‪-‬محمد الكشبور‪-‬القسمة القضائية‪.‬‬

‫‪-‬جيهان زواش ‪ -‬دعوى قسمة العقارودور القضاء في حماية المتقاسم‪-‬رسالة لنيل دبلوم‬
‫الماستر في قانون العقود والعقار‪-‬شعبة القانون الخاص‪ ،‬تحت إشراف الدكتور إدريس‬
‫الفاخوري‪ ،‬جامعة محمد األول‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬وجدة‪،‬‬
‫السنة الجامعية‪.1151-1155 :‬‬

‫‪-‬موقع (مرايانا) الكد والسعاية‪ .‬ابن عرضون الفقيه المغربي الذي أفتى بحماية حقوق‬
‫النساء وتحصينها ضد العنف االقتصادي‪ .‬الكاتب علي بنهرارتاريخ ‪.1115\1\1‬‬

‫‪P 372‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫الحكامة الإدارية بالمغرب من أين إلى أين ؟‬


‫‪Administrative governance in Morocco-from where to where‬‬
‫مقدمة‪:‬‬

‫تشكل اإلدارة العمومية بالمغرب الوسيلة القانونية و الدستورية التي تستخدمها الدولة‬
‫لتلبية حاجيات المواطنين و السهر على خدمة مصالحهم ‪ ،‬وتنفيذ برامجها و سياساتها‬
‫العمومية‪ ،‬و هي بذلك تكتس ي أهمية بالغة ‪،‬ألنها هي جوهركل بناء و نماء في كل واجهات الحياة‬
‫العامة و المناخ العام للتنمية االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬لذلك تشكل دراسة الو اقع التواصلي‬
‫باإلدارة منطلقا يمكن من تقويم فعالية اإلدارة واحترامها للمبادئ األساسية التي تقوم عليها‬
‫دولة الحق و القانون ‪،690‬ألنه يعتبر املحك األساس ي الذي يحكم التجارب اإلدارة و مسلسل‬
‫اإلصالح هو خدمة المواطن و تحسين الخدمات اإلدارية المقدمة إليه و توفير ظروف العمل‬
‫للموظفين‪.691‬‬

‫ومن تم وجب على اإلدارة أن تبحث دائما عن أنسب الطرق التي تحقق للمرتفقين أعلى‬
‫مستوى من الرضا ‪،‬و التي تمكنها أيضا من تحقيق أعلى مستوى من المردودية و اإلنتاجية‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬فإنه على الرغم من أن اإلدارة يجب أن تقيم عالقات تفاعل قوية مع املجتمع‬
‫باعتباره مآل خدماتها واملحدد الشتغالها واستمراريتها‪ ،‬تطبيقا لما أكدت عليه المدارس‬

‫‪ -‬عبد الحق عقلة‪" .‬القانون اإلداري الجزء األول المبادئ األساسية لدراسة القانون والعلم اإلداريين "‪ ،‬الطبعة الثالثة‬ ‫‪690‬‬

‫‪ 4002‬مطبعة دار القلم ص‪.42:‬‬


‫‪ -691‬عبد الحفيظ أدمينو "نظام البيروقراطية اإلدارية بالمغرب" أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام السنة الجامعية‬
‫‪، 4004/4002‬جامعة محمد الخامس ‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية أكدال الرباط ص‪.432:‬‬

‫‪P 373‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫السولكية من أهمية دور العالقات اإلنسانية داخل اإلدارة وفي عالقتاها بمحيطها‪ ،‬فقد ظلت‬
‫اإلصالحات اإلدارية بعيدة من تطويرهذه العالقة‪.‬‬

‫فمعظم تلك اإلصالحات كانت ترتكز على إصالح النصوص القانونية دون االهتمام‬
‫بتحسين عالقاتها مع الجمهور عبر تطوير طرق التواصل وولوج مختلف التدخالت التي راكمت‬
‫تعديل العمل اإلداري‪.‬‬

‫فبالرغم من انتشار قيم الديمقراطية‪ ،‬استمرت األجهزة اإلدارية في جفائها تجاه‬


‫المرتفقين‪ ،‬هذا طبعا في ظل تواجد للنصوص القانونية التي تنص على ضرورة تحسين معاملة‬
‫واستقبال الجمهوروتبسيط اإلجراءات أمامه‪ ،‬مما جعلها نصوصا قانونية فارغة من مضمونها‪.‬‬

‫ومن أجل توجيه المرجعية داخل المرفق العمومي‪ ،‬اعتمدت الدولة ثقافة الصالح العام‬
‫كإطار يجب أن يحكم عمل المرفق واشتغاله‪ .‬فامتالكها للصالح العام جعل المر افق اإلدارية‬
‫في موقع أقوى تجاه باقي المكونات داخل املجتمع‪ ،‬إال أن الو اقع يثبت أن هذه الثقافة لم تستطع‬
‫الثبات حتى داخل المر افق العمومية وذلك ألسباب عدة‪ 692،‬كانتشار الرشوة والفساد اإلداري‬
‫وتبذير المال العام‪ ،‬وبالتالي التصادم بين المرجعيات المعتمدة‪ ،‬وهذا ما أثر بشكل كبير على‬
‫اندماج المواطن في مسلسل اإلصالح اإلداري‪ ،‬خاصة وأن اإلصالحات المتوالية لم تعمل إال على‬
‫إعادة اإلنتاج ولم تستطع تغييروترسيخ القيم القادرة على تفعيل دينامية التغيير‪.693‬‬

‫إن المفهوم الحديث لإلدارة ال يعتمد على كفاءة و قدرات أطرهاإلنجاز األعمال بسرعة‬
‫ودقة فحسب‪،‬بل يعتمد أيضا على ما تتمتع به هذه اإلدارة أو تلك من عالقات طيبة في مجال‬
‫إدارتهارو طريقة تواصلها مع اآلخرين‪694.‬‬

‫و التواصل لغة يعني التالقي و االلتقاء‪ ،‬و كلمة "تواصل" على وزن "تفاعل" تشتق من‬
‫الوصل والذي يعني جمع الش يء بالش يء‪ ،‬و منها وصل المكان أي بلغ المكان‪ ،‬و واصل أي داوم و‬

‫‪ -692‬نجيب بودربالة‪ :‬الرشوة والمجتمع‪ ،‬منشورات الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،2111 ،‬ص ‪.24‬‬
‫‪ -693‬نجيب بودربالة‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.00‬‬
‫‪ _ 694‬السنوسي بوعالم التحرير اإلداري و قواعده‪ ،‬مطبعة دار النشر المغربية‪ ،‬عين السبع‪ ،‬الدارالبيضاء‪ ،4004 ،‬ص ‪.2‬‬

‫‪P 374‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫استمر‪ ،‬و منها أيضا تواصل الرجالن أي تالقى الرجالن و تفاعال‪ 695.‬وعليه فالتواصل يفيد معنى‬
‫التأثيرالمتبادل بين طرفي أو أطراف عملية التفاعل‪.‬‬

‫أما على المستوى اإلداري فإن التواصل "يعني حماية الفرد وضمان وصوله إلى المعلومة‬
‫التي تهمه من الجهة اإلدارية التي يتعامل معها"‪ .‬ويعني أيضا العملية التي تنقل بها المعلومات‬
‫بين المرسل و المرسل إليه بإحدى طرق االتصال املختلفة و هي إما بالقول أو الكتابة أو بالسمع‬
‫أو بالرؤية أو بهما معا‪696.‬‬

‫من خالل ما سبق يمكن التأكيد على أن التواصل اإلداري يجد أهميته في ما يشكله من‬
‫وسيلة لربط الجهازاإلداري بالعاملين و بالجمهورالخارجي و العكس‪ ،‬فمن خالل تواصل فعال و‬
‫جيد تستطيع اإلدارة نقل خططها و سياساتها تجاه المستويات اإلدارية املختلفة واألفراد و‬
‫األجهزة األخرى المتعاملة معها‪ ،‬مما يساعد على خلق جومن التفاهم بين أعضاء الجهازاإلداري‬
‫و المتعاملين معه لتحقيق أهدافه بفعالية‪ ،‬لذلك فهو يلعب دورا مهما داخل المنظمة اإلدارية‪،‬‬
‫و يشكل قطب الرحى عند مزاولته لكافة العمليات اإلدارية من تنظيم و تخطيط و رقابة‪ ،‬بحيث‬
‫يعتبر الركيزة األساسية التي تعتمد عليها األطر اإلدارية في تحقيق أهدافها‪ ،‬و لذلك ليس هناك‬
‫من ينكر أهمية وصول البيانات و الحقائق والمعلومات إلى اإلدارة بالصورة الصحيحة و في‬
‫الوقت المناسب‪ ،‬و هو ما يساعد على اتخاذ القرارات السليمة وفي توفير المعلومات الكاملة و‬
‫الصحيحة التي يحتاج إليها الجهاز اإلداري‪697.‬‬

‫ويرتبط التواصل اإلداري أشد االرتباط بمنظومة الحكامة‪ ،‬التي ترتبط نوع التدبير‬
‫بالقطاع العمومي‪ ،‬ومستوى المساءلة العامة في الدولة‪ :‬يعكس المؤشراألول مستوى الفعالية‬
‫والكفاءة في ميادين عدة‪ :‬اإلدارة‪ ،‬العدالة –مثال‪ ،-‬كما يقيس باألساس مستوى أداء اإلدارة‬
‫بالقطاع العام المعروف بسوء التدبير‪ ،‬و سيادة ما يعرف بأزمة الحكامة التواصلية‪.‬‬

‫‪ _695‬المنجد في اللغة و األعالم‪ ،‬دار المشرق‪ ،‬بيروت‪،‬لبنان الطبعة ‪ ،2141 ،41‬ص ‪.103‬‬
‫‪ _ 696‬ماهي عليش‪ :‬من مظاهر الفكر اإلداري الحديث‪ :‬االتصاالت و أثرها في اإلنجاز اإلداري و في رفع كفاءة العاملين‪ ،‬مجلة‬
‫االقتصاد و اإلدارة‪ ،‬عدد ‪ ،23‬أكتوبر ‪ ،2142‬ص ‪.30‬‬
‫‪ _697‬باهي محم د‪ :‬المبادئ و األسس العملية للتحرير اإلداري‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدارالبيضاء‪ ،2112 ،‬ص ‪.222‬‬

‫‪P 375‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫فبالرجوع إلى أشغال المناظرة األولى حول اإلصالح اإلداري بالمغرب‪ ،‬نستشف األسباب‬
‫التي تؤدي إلى أزمة الحكامة التواصلية فيما يخص العالقة ما بين اإلدارة والمتعاملين معها‪،‬‬
‫سواء التنظيمية والمؤسساتية أو القانونية منها‪ ،‬وهي كالتالي‪:‬‬

‫‪ -‬غياب رؤية شمولية لالستقبال واإلرشاد‪ ،‬حيث تتسم اإلجراءات المعمول بها‬
‫باالنفرادية من طرف بعض القطاعات اإلدارية‪ ،‬وبنظرة تقليدية لالستقبال؛‬

‫‪ -‬غياب معلومات صحيحة وكاملة ودقيقة عن الخدمات التي تسديها المصالح اإلدارية‪،‬‬
‫وعدم االهتمام الكافي بالرد على االستفسارات الكتابية والهاتفية وغيرها للمواطنين‪ ،‬بخصوص‬
‫تنظيم واختصاصات المصالح والمشاكل التي يطرحونها بشأن خدمات تلك المصالح؛‬

‫‪ -‬عدم توفر معظم اإلدارات على ملصقات وأشكال أو رسوم بيانية داخل بناية اإلدارة‬
‫تمكن من االهتداء إلى المر افق والمكاتب التي تهم الو افدين عليها؛‬

‫‪ -‬عدم احترام اآلجال والبطء في الرد على الطلبات وفي معالجة القضايا والملفات التي تهم‬
‫المتعاملين مع اإلدارة‪ ،‬وهو ما ينتج عنه عزوف المواطن عن االلتجاء إلى التظلم والشكوى؛‬

‫‪ -‬تهيب المواطن من اإلدارة‪ ،‬بفعل الممارسات السلبية المكرسة في عالقة اإلدارة‬


‫بالمرتفقين؛‬

‫‪ -‬غياب الوعي بأهمية الشكايات والتظلمات كر افد هام من رو افد إصالح اإلدارة‬
‫وتحسين أساليب تنظيمها وتسييرها؛‬

‫‪ -‬اهتمام اإلدارة في غالب األحيان بالتدبيراليومي وتجاهل البعد العالئقي لإلدارة؛‬

‫‪ -‬تعدد وتشعب المساطرواإلجراءات والمسالك وكثرة الوثائق المطلوبة من المواطنين؛‬

‫‪ -‬تغييب المرتفق في إعداد السياسات والبرامج المعدة أصال لتلبية رغباته واالستجابة‬
‫لحاجياته؛‬

‫‪ -‬عدم توفر المتعامل مع اإلدارة عل الوسائل التي تمكنه من مطالبتها باالستفادة من‬
‫خدماتها بشفافية و وضوح وفي إطاراحترام القانون؛‬

‫‪P 376‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫‪ -‬عدم التقيد الفوري لإلدارة بتنفيذ األحكام القضائية النهائية الصادرة في مواجهتها‪ ،‬مما‬
‫يولد لدى المرتفق شعورا باالستهانة بحرمة القضاء وهيبته في غياب اآلليات المؤسساتية‬
‫والقانونية والمالية المساعدة على تسريع وثيرة تنفيذ هذه األحكام من لدن اإلدارة‪698.‬‬

‫كل هذا يدفعنا إلى القول بأن عوائق نجاح اإلصالح اإلداري ال تتمثل فقط في قوة اإلدارة‬
‫وتغييبها للمجتمع‪ ،‬بل تكمن أيضا في المقاومة المذهبية والذهنية التي يبديها أفراد املجتمع‬
‫(ثقافة الخضوع واملحافظة‪ ،‬واالنتظارية‪ ،)...‬حيث أن مجهودات تطوير قيم الدولة و أساليب‬
‫تدخلها (المردودية‪ ،‬الفعالية‪ ،‬الكفاءة‪ ،)...‬لم يصاحب بتحول في ثقافة الجمهور (اإلبداع‪،‬‬
‫الخلق‪ ،‬التكيف‪ .699)...‬إن هذا التعارض من الطبيعي أن يؤدي إلى تناقض بين البرامج‬
‫واالقتراحات المقدمة وبين النتائج املحققة‪ .‬وفي ظل هذا الوضع يبدو تهميش الو اقع االجتماعي‬
‫نتيجة حتمية‪ ،‬بشكل قلص من قوة هذه اإلصالحات‪ ،‬وهو ما يفسرالمشكل االجتماعي‪ -‬النفس ي‬
‫الذي سقطت فيه معظم اإلصالحات اإلدارية‪ ،‬حيث التناقض األبدي بين الو اقع والخطاب‪،‬‬
‫وبين القول والفعل واالهتمام بالمظاهر عوض الجوهر‪700.‬‬

‫وما تجب اإلشارة إليه‪ ،‬هو أن تراكم االختالالت التي شملت اشتغال الجهاز اإلداري‪،‬‬
‫أفض ى إلى قوة الخصائص البيروقراطية (المركزية والتضخم والبطء)‪ ،‬أثرت على قدرة هذه‬
‫األجهزة على قبول المبادرات التي تروم تعديل هذه الوضعية‪ .‬ونظرا لسطحية اإلصالحات التي‬
‫لم تستطع النفاذ إلى عمق اإلدارة العمومية بسبب تعدد أنواع المقاومات فقد استطاعت فئة‬
‫كبارالموظفين المتكونة من بيروقراطيي اإلدارة العمومية من أن تحقق امتيازات عديدة (مادية‬
‫واجتماعية)‪ ،‬أدت إلى جعل مصالحها بمنأى عن أي مساس‪ ،‬خاصة وأنها دائمة البحث عن‬
‫السلطة والمو اقع السياسية‪ ،‬فضال عما تمنحه الوظيفة العمومية من شعورباألمان يقوي قيم‬
‫املحافظة ومقاومة التغيير‪.701‬‬

‫‪ -698‬نوال الهناوي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.232-230‬‬

‫‪ _699‬سلمي مصطفى‪ :‬مساهمة المواطن والموظف في العمل اإلداري من منظوم العلم اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.243‬‬

‫‪ -700‬علي السدجاري‪ :‬الدولة واإلدارة بين التقليد والتحديث‪ ،‬سلسلة البحوث اإلدارية‪ ،2110 ،‬ص ‪.34‬‬

‫‪ _701‬كميمش عبد الله‪ :‬تطور مفهوم اإلصالح اإلداري بالمغرب‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون في القانون‬
‫العام‪ ،‬جامعة محمد األول وجدة السنة الجامعية ‪ ،4000/2111‬ص ‪.11‬‬

‫‪P 377‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫لذلك أصبحت إشكالية أزمة الحكامة التواصلية تشكل أهم االنشغاالت الراهنة سواء‬
‫على الصعيد الحكومي أو املجتمعي نظرا للمرحلة الراهنة التي تعرف استكمال بناء دولة الحق‬
‫والقانون‪ ،‬ونظرا للتطور السريع للمحيط الدولي الذي يؤكد على تكريس ثقافة حقوق‬
‫اإلنسان‪.702‬‬

‫فعالقة اإلدارة بالمواطن أصبحت مفهوما يختزل نوعا من االزدواجية في الرؤيا‪ :‬ازدواجية‬
‫بين "النظرة السلطوية "التي تحتكرها اإلدارة ‪،‬و نظرة "الزبون "التي يفرضها سياق الحداثة‬
‫تغذيها متطلبات الفعالية و التنافسية‪. 703‬‬

‫إذا كان التدبير العمومي الجديد من المنظور الشمولي يسعى إلى تطوير أساليب التدبير‬
‫والرفع من قيمتها في سبيل تقديم خدمات بجودة عالية وبأقل تكلفة ممكنة وفي وقت زمني‬
‫معقول يتناسب وطبيعة الخدمة المقدمة للمتعاملين مع اإلدارة بعيدا عن التعقيدات‬
‫واإلجراءات المسطرية الطويلة والمعقدة‪ ،‬فإن هذا سيرد االعتبار إلى العنصر التواصلي الذي‬
‫يجب أن يحتكم إلى مبادئ العدل واإلنصاف والمساواة والشفافية في التعامل مع المرتفقين‬
‫والقضاء على كل الظواهر اإلدارية المعتلة‪ ،‬كالرشوة واملحسوبية والزبونية والتسلط‪.‬‬

‫إن أهمية العالقة التواصلية تتجلى من خالل ما توصلت إليه الدراسات الميدانية التي‬
‫تم إنجازها من طرف بعض الخبراء والباحثين في مجال علم اإلدارة‪ ،‬والتي خلصت إلى أن العملية‬
‫التواصلية ليست كأداة من أدوات التوجيه فقط‪ ،‬بل كأساس لتحقيق أهداف المنظمة من‬
‫خالل المشاركة الفعالة لألفراد بها من خالل ما يتوفرون عليه من مهارات في املجال االتصالي‪.704‬‬

‫‪ -702‬سعيد حام صي‪" :‬سياسات القرب ودورها في تحديث الممارسات السياسية واإلدارية بالمغرب الحديث‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه‬
‫في القانون العام‪ ،‬وحدة علم السياسة والقانون الدستوري‪ ،‬جامعة محمد الخامس كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية أكدال‬
‫‪ ،‬السنة الجامعية ‪ -4020/4001‬ص‪.211:‬‬
‫‪ -‬اإلصالح اإلداري بالمغرب "أعمال المناظرة الوطنية األولى لإلصالح اإلداري المنظمة من طرف وزارة الوظيفة العمومية‪،‬‬ ‫‪703‬‬

‫منشورات المجلة‬
‫المغربية لإلدارة المحلية و التنمية‪ ،‬سلسلة نصوص ووثائق ‪،‬العدد ‪ 4004/14‬ص‪. 241:‬‬
‫‪ -704‬محمد البعدوي‪ ،‬أساليب القيادة الفعالة‪ :‬مقاربة وظيفية حول صفات ومهارات القائد الناجح‪ ،‬مكتبة دار السالم للطباعة والنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،4024 ،‬ص ‪.24‬‬

‫‪P 372‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫بإلقاء نظرة على منجزات مختلف القطاعات اإلدارية ‪ .‬يتضح أنه على الرغم من‬
‫املجهودات التي قامت بها بعض اإلدارات‪،‬فإن العمل يبقى غير مكتمل و ذلك راجع لألسباب‬
‫التالية‪: 705‬‬

‫طغيان المفهوم القانوني لتبسيط المساطرعلى جل البدائل المقدمة و يتضح‬ ‫‪-‬‬


‫ذلك من خالل االقت راحات الهادفة إلى تعديل القوانين والمراسيم أو المناشير والدوريات‬
‫اإلدارية‪ ،‬مما يتطلب دعوة الوزارات إلى التركيز على المفاهيم الحديثة للتبسيط والتي تراهن‬
‫على تأهيل العنصر البشري بالدرجة األولى الستيعاب التعقيد و تجاوزه و المساهمة في خلق‬
‫بديل أكثرمرونة واالستجابة لرغبات المواطنين و المقاوالت‪.‬‬

‫طغيان االنشغال بالمساطر الداخلية لإلدارة المتعلقة بتدبير شؤون‬ ‫‪-‬‬


‫الموظفين و التدبيرالمالي والتنظيم الداخلي للمصالح اإلدارية على حساب المساطرالمتعلقة‬
‫بالمواطنين‪.‬‬

‫اعتبار تبسيط المساطر اإلدارية حكرا على الخاليا المكلفة بهذا الموضوع‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫بينما يجب أن ينظرإليه كهاجس يومي ملختلف مكونات اإلدارة المركزية و املحلية‪ ،‬و اعتباردور‬
‫هذه الخاليا كمؤطرومنشط لمشروع التبسيط‪.‬‬

‫‪ -‬ندرة معالجة التعقيدات بصفة جذرية و بمنظور منهجي أي دراستها في العمق وفحصها‬
‫فحصا شامال ومفصال وذلك باستخراج حلول مستديمة و أكثر نجاعة تؤدي إلى تحسن ملموس‬
‫بالنسبة لإلدارة و المرتفق على حد سواء‪.‬‬

‫لقد حاول المغرب اتخاذ العديد من التدابير من أجل إصالح المساطر اإلدارية‪ ،‬إال أن‬
‫هذه اإلجراءات باءت بالفشل‪ ،‬و لم تكن نتيجة تصور عام للوضعية التي يجب أن تكون عليها‬
‫هذه المسطرة‪ ،‬و إنما كانت برغماتية وجزئية‪ ،‬فالتفكيرفي إصالح المساطراإلدارية بدون التفكير‬
‫في إصالح الهياكل‪ 706‬أدى إلى إصالحات غيرمنسجمة و معرضة باستمرارللتهميش و اإلقصاء‪.‬‬

‫‪ 705‬اإلصالح اإلداري بالمغرب ‪ :‬أعمال المناظرة الوطنية األولى ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 200 :‬‬
‫‪706‬‬ ‫‪Benazzi Lakhdar : "l’administration publique et le changement des préjuges a‬‬
‫‪combattre" Revue marocaine de droit et d’ecnomie du develeppement N° 23, p‬‬
‫‪26.‬‬

‫‪P 377‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫فبالرغم من التدابيرالمتخذة في مجال تليين المساطراإلدارية‪ ،‬فال زال هناك ضعف على‬
‫مستوى التواصل اإلداري‪ ،‬فالمستعمل يهدر طاقات ومجهودات كبيرة للحصول على الخدمة‬
‫المنشودة‪.‬‬

‫و حتى على مستوى الهياكل اإلدارية‪ ،‬فاإلدارة المغربية بقيت سجينة النموذج التقليدي‬
‫الذي ال يتو افق بالضرورة مع الو اقع االجتماعي والثقافي‪ ،‬ويتجلى هذا النموذج أكثر في عدم‬
‫مراعاة نطاق اإلشراف وإحداث منظمات ضخمة يشكل حجمها أحد العوامل األساسية في قلة‬
‫مردوديتها وعدم فعاليتها‪.‬‬

‫فبالرغم من املجهودات المبذولة في مجال تحديث اإلدارة المغربية‪ ،‬نالحظ أن هناك بون‬
‫شاسع بين األماني و الو اقع‪ ،‬فلم يتم تسجيل أي رد فعل حقيقي و ملموس‪ .‬إن األمرال يتعلق هنا‬
‫بإحداث خاليا للتبسيط‪ ،‬ولكن على الخصوص بإصدارإجراءات تنظيمية واضحة في هذا الشأن‬
‫‪ .‬و هذا الوضع عبر عنه الملك محمد السادس بقوله في افتتاح املجلس األعلى لإلنعاش الوطني‬
‫يوم ‪ 1‬ماي ‪( 1111‬البيروقراطية اإلدارية تعتبر من أكبر عوائق التنمية ‪ ...‬فاإلدارة بإجراءاتها‬
‫المعقدة و س لوكياتها الرتيبة وسوء تدبيرها للمرفق العمومي يضاف إلى ذلك انكماشها على‬
‫نفسها و عجزها عن التواصل مع محيطها واالستماع النشغاالت المتعاملين معها يؤدي إلى‬
‫تزايد ظواهرسلبية تتمثل على الخصوص في الالمباالة إزاء مصالح المواطنين و كذلك‬

‫و بالرغم من دقة ووضع بعض المساطراإلدارية‪ ،‬فإن الجهات التي سهرت على وضعها لم‬
‫تشرك المعنيين إلبداء آرائهم و اقتراحاتهم حول هذه المساطر المعنيين بها‪ ،‬ومن ثمة يمكن‬
‫القول بأن عملية تقنين المساطر اإلدارية ظلت جزئية‪ ،‬و في حاجة إلى التعديل والتجديد و‬
‫المراجعة المستمرة‪.‬‬

‫إن التجربة العملية قد أبانت عن عدم احترام التدابير‪ 707‬التي تم اتخاذها في مجال‬
‫تبسيط المساطراإلدارية‪ ،‬مما ساهم في استمرارالوضع على ما هوعليه داخل اإلدارة المغربية‪،‬‬
‫و بالتالي يجب التفكيرفي مراجعة اإلجراءات والمساطراإلدارية و تحليلها لمعرفة الالزم منها وغير‬
‫الالزم لالستعاضة عنه بما هو أبسط من ناحيتي الجهد والوقت‪ ،‬وتفادي الوثائق اإلدارية‬

‫‪ 707‬كمنشور وزير الشؤون اإلدارية بتاريخ ‪ 21‬يناير ‪ 2114‬و المتعلق بمسطرة تصفية المعاشات‪ ،‬و كذا منشور الوزير األول الصادر‬
‫بتاريخ ‪ 40‬نونبر ‪ 2114‬بشأن تبسيط المساطر اإلدارية ‪.‬‬

‫‪P 400‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫الزائدة وغيرالضرورية بقدراإلمكان‪ ،‬وذلك لتجنب المرتفقين ضياع المزيد من الوقت والمال‪،‬‬
‫بل وفي بعض األحيان ضياع حقوق البعض منهم‪.‬‬

‫و المستثمر يضيق و يختنق من إدارة تضيع على االقتصاد الوطني وعلى سوق التشغيل‬
‫كثيرا من فرص التنمية التي يراهن عليها االستثمار الخاص الوطني واألجنبي‪ .‬فبدون إدارة مرنة‬
‫شفافة وخدومة‪ ،‬وبدون قضاء عادل قوي و نزيه و مستقل ال يمكن أن نحسب و نعول على ثقة‬
‫المستثمركان وطنيا أو أجنبيا‪.708‬‬

‫كما أن القرارات املحصورة العدد واملحدودة التأثير على و اقع الحياة اليومية التي تم‬
‫اتخاذها في بداية انطالق أوراش اإلصالحات اإلدارية لم تذهب بعيدا بالبعد الجوهري ونفاذ‬
‫العمق في الجسم اإلداري وفي املحيط االجتماعي‪.‬‬

‫و تظل إشكالية إصالح اإلدارة العمومية تختزل في إصالح النصوص التشريعية والقانونية‬
‫والتنظيمية وفي اإلكثارمن المناظرات والندوات واالكتفاء باإلعالن عن التدابير اإلصالحية التي‬
‫تأتي أو ال تأتي‪.‬‬

‫إن خطة مناهضة الرشوة على أهميتها وفي أبعادها السياسية واالقتصادية واالجتماعية‪،‬‬
‫لم ترق إلى المستوى الذي يجعل من تفعيلها وتجسيدها أساسا من أسس دولة الحق والقانون‬
‫ورجة فكرية فكرته من شأنها أن تكرس قيم التحديث والتطور والتأهيل إلدارتنا‪ .‬وما تزال بؤر‬
‫الفساد اإلداري واملحسوبية والزبونية تعشعش في بعض المصالح العمومية دون وازع أخالقي أو‬
‫رادع قانوني‪.‬‬

‫كما أن بعض اإلدارات ما تزال لم تستوعب تطبيق المفهوم الجديد للسلطة وفلسفة‬
‫االنفتاح على المواطن‪ ،‬وهو ما يشكل عائقا أمام بناء إدارة الجوارفي عالقة اإلدارة بالمواطن‪.‬‬

‫والو اقع أن الصورة العامة ألداء اإلدارة المغربية تظل دون مستوى مواجهة التحديات‬
‫الخارجية ولرهان التنمية الشاملة والمستديمة‪ ،‬ومن تم تأتي املحاوالت اإلصالحية في تصورها‬
‫وصياغتها مجزأة ومنعزلة أو منفصلة عن التوجهات التنموية‪ ،‬فال تتضمن الخطط الوطنية‬

‫‪ 708‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.203 :‬‬

‫‪P 401‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫للتنمية االقتصادية واالجتماعية المعتمدة في السابق محاور مؤسسية نابعة من أولويات‬


‫التنمية‪.‬‬

‫و تظل توجهات اإلصالح اإلداري في صورتها التقليدية مبنية على أسس منهجية بعيدة عن‬
‫نظرة تحديثية شمولية و كلية و متكاملة‪.‬‬

‫‪-‬إن المنهجية المعتمدة في مجال إصالح اإلدارة المغربية منهجية تقليدية و نمطية‬
‫وسكونية بدل أن تكون تحديثية ودينامية‪ ،‬فهي تهتم فقط بالهياكل واألنظمة واللوائح‬
‫واإلجراءات وتهميش البعد األدائي والتدبيري عن منظومة اإلصالح اإلداري‪.‬‬

‫كما أن برنامج إصالح الجهازاإلداري لم ترتكزعلى توجهات و أولويات تنموية‪ ،‬إذ ال يمكن‬
‫الفصل بين رهانات التنمية الشاملة والمستديمة ومتطلبات اإلصالح اإلداري الذي هو بحق‬
‫مربط الفرس وصمام األمان في إنجاز الرؤية اإلستراتيجية الكفيلة بتحقيق التنمية في المسار‬
‫النسقي للحرية االقتصادية القائمة على التنافسية واالنفتاح االقتصادي‪.‬‬

‫لقد مرت سنوات على انطالق مسيرة التناوب في بالدنا‪ .‬إال أن أوراش اإلصالح اإلداري التي‬
‫تندرج في سياق ميثاق حسن التدبير لم تعرف بعد طريقها لتفعيل توجهاته وترجمتها إلى تدابير‬
‫وإجراءات عملية ملموسة‪ ،‬و بالرغم من اإلجماع التو افقي على إصالح اإلدارة كحلقة أساسية‬
‫ووازنة في مسلسل اإلصالحات الهيكلية التي يتطلع إليها املجتمع المغربي فإنه ظل حبيس‬
‫الخطاب السياس ي وبرنامج األحزاب السياسية على اختالف مو اقعها داخل الحكومة أو في‬
‫المعارضة‪ ،‬و الو اقع أن التغيير ال تقاس قيمته بنبرة ونكهة الخطاب بقدر ما تقيم بوتيرة ودرجة‬
‫ترجمته و تجسيده على أرض الو اقع المعيش وفي خدمة المواطنين قوال و فعال ‪ .‬إن عدم تدارك‬
‫هذه الوضعية السلبية سيحول دون تمكين اإلدارة العمومية من أن تكون في مستوى الرهانات‬
‫واالستحقاقات والمستجدات الوطنية والدولية ومواجهة التحديات املحلية و الخارجية‪ .‬و في‬
‫الحقيقة لقد بذلت مجهودات صوب تحديث اإلدارة‪ ،‬لكنها تظل دون تطلعات المواطنين‬
‫والفاعلين االقتصاديين واالجتماعيين على حد سواء‪ .‬و لذا أصبح إصالح هذه المساطرضروريا‬

‫‪P 402‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫ألن السيرالعادي لإلدارة ال يتناسب مع اإلفراط في هذه الشكليات و ما يترتب عن ذلك من ارتفاع‬
‫في التكاليف و تأخرفي اإلنجاز‪. 709‬‬

‫كما أن النصوص الموجودة أثبتت عجزها عن تحصين العمل اإلداري من مظاهر‬


‫الفساد‪ ،‬حيث يطغى تبذير المال العام إما بسبب غياب ترشيد اإلنفاق‪ ،‬أو ضعف عمليات‬
‫تدقيق الحسابات‪ ،‬أو عدم فعالية نظام الرقابة أو طغيان ظاهرة اإلمتيازات‪ ،‬ولعل ما تنشره‬
‫وسائل اإلعالم من خروقات على صفحاتها خير مثال‪ ،‬بحيث يتم تبذير المال العام ويصرف في‬
‫غيرموضعه‪.710‬‬

‫فالمواطنين لم يكن لهم الحق إال في مجموعة من المناظرات المتكررة غير المنتهية‪ ،‬و‬
‫األيام الدراسية والندوات التي تعد بالفعل ضرورية إلنضاج التفكير و اقتراح التوصيات التي‬
‫تكون في الغالب سديدة ومليئة باألفكار الحكيمة‪ ،‬ولكنها ال يمكن أن تحل محل العمل‪ ،‬و‬
‫السلطات الحكومية ال تحس أبدا بواجب ترجمة نتائج وتوجيهات هذه الدراسات إلى قوانين‬
‫ملزمة‪.‬‬

‫في الحقيقة ال تكفي اإلرادة السياسية إلصالح الجهازاإلداري‪ ،‬فهذه اإلرادة موجودة‪ ،‬إنما‬
‫ينقص حكومة قوية صارمة منسجمة كفؤة‪ ،‬و التي تلعب دور القوة الدافعة الضرورية لكل‬
‫مشروع إصالحي‪ ،‬غير أن الحكومة لم تملك الوقت الكافي لتنفيذ ما وعدت به في مجال إصالح‬
‫اإلدارة العمومية من أجل تحسين وتحديث التدبيراإلداري ‪.‬‬

‫إن حكومة التناوب السابقة لم تمتلك التصميم والعزم الكافيتين لقيادة اإلصالحات‬
‫التي ال يمكن تأجيلها باستمرار‪ ،‬فعوض أن تفي هذه الحكومة بوعودها‪ ،‬فإنها أبانت عن‬
‫استقالة وعجز تامين‪ ،‬فقد اكتفت بإجراءات "التحسيس" دون نتيجة و اقعية على المستوى‬
‫القانوني‪.‬‬

‫‪709‬‬ ‫‪El Moussaoui Rachid :" l’administration est-elle réformable ? beaucoup de‬‬
‫‪projets peu de réalisations " ;Revue marocaines des régimes juridiques et‬‬
‫‪politiques ,N 3 -4 2003 P : 20.‬‬
‫‪710‬‬ ‫‪El Moussaoui Rachid: op-cit P : 21.‬‬

‫‪P 403‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫وعلى مستوى " ميثاق حسن التدبير"‪ ،‬فإن هذا األخيرال يمتلك القوة القانونية اإللزامية‪،‬‬
‫وأصبح بالتالي مجرد حسن نية على األقل‪ ،‬ما دام لم يترجم إلى إجراءات ملموسة ذات طابع‬
‫تشريعي و تنظيمي‪.‬‬

‫غير أن هذا ال يمكن أن ينسينا حقيقة أساسية هو كون اإلصالح اإلداري عمال طويال‬
‫المدى يجب أن يكون ممتدا في الزمان بإخفاقاته ونجاحاته‪ ،‬وهو يفرض إعادة النظرالمتكررة‪،‬‬
‫والتحسينات المستمرة والدورية على قاعدة عمل " تقييمي وموضوعي وارتباطا مع تطلعات‬
‫المواطنين‪ ،‬إن اإلصالح اإلداري هو ديناميكية صيرورة ليست لها نهاية‪.‬‬

‫وإذا كان تبسيط المساطراإلدارية يعتبرخطوة مهمة في اتجاه تحسين الحكامة التواصلية‬
‫باإلدارة العمومية‪ ،‬فإنه سيساهم ال محالة في تخليق هذه اإلدارة‪ ،‬والتخفيف من السلوكات‬
‫السائدة التي تنتج عن ظاهرة التعقيد اإلداري‪.‬‬

‫الئحة المراجع المتعلقة بالمقال‬

‫‪ -‬عبد الحق عقلة‪" .‬القانون اإلداري الجزء األول المبادئ األساسية لدراسة القانون‬
‫والعلم اإلداريين "‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪ 1111‬مطبعة دارالقلم‪.‬‬

‫‪ -‬عبد الحفيظ أدمينو "نظام البيروقراطية اإلدارية بالمغرب" أطروحة لنيل الدكتوراه في‬
‫القانون العام السنة الجامعية ‪،1111/1115‬جامعة محمد الخامس ‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية أكدال الرباط‪.‬‬

‫‪ -‬نجيب بودربالة‪ :‬الرشوة واملجتمع‪ ،‬منشورات الجمعية المغربية ملحاربة الرشوة‪ ،‬مطبعة‬
‫النجاح الجديدة‪.5777 ،‬‬

‫‪ -‬السنوس ي بوعالم التحرير اإلداري و قواعده‪ ،‬مطبعة دار النشر المغربية‪ ،‬عين السبع‪،‬‬
‫الدارالبيضاء‪.1111 ،‬‬

‫_ المنجد في اللغة و األعالم‪ ،‬دارالمشرق‪ ،‬بيروت‪،‬لبنان الطبعة ‪.5776 ،17‬‬

‫_ ماهي عليش‪ :‬من مظاهر الفكر اإلداري الحديث‪ :‬االتصاالت و أثرها في اإلنجاز اإلداري‬
‫وفي رفع كفاءة العاملين‪ ،‬مجلة االقتصاد و اإلدارة‪ ،‬عدد ‪ ،51‬أكتوبر‪.5775‬‬

‫‪P 404‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫‪ -‬باهي محمد‪ :‬المبادئ و األسس العملية للتحرير اإلداري‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪،‬‬
‫الدارالبيضاء‪.5779 ،‬‬

‫‪ -‬علي السدجاري‪ :‬الدولة واإلدارة بين التقليد والتحديث‪ ،‬سلسلة البحوث اإلدارية‪،‬‬
‫‪.5771‬‬

‫_ كميمش عبد الله‪ :‬تطورمفهوم اإلصالح اإلداري بالمغرب‪،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات‬
‫العليا المعمقة في القانون في القانون العام‪ ،‬جامعة محمد األول وجدة السنة الجامعية‬
‫‪.1111/5777‬‬

‫‪ -13‬سعيد حامص ي‪" :‬سياسات القرب ودورها في تحديث الممارسات السياسية واإلدارية‬
‫بالمغرب الحديث‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬وحدة علم السياسة والقانون‬
‫الدستوري‪ ،‬جامعة محمد الخامس كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية أكدال ‪،‬‬
‫السنة الجامعية ‪.1151/1117‬‬

‫‪ - 14‬اإلصالح اإلداري بالمغرب "أعمال المناظرة الوطنية األولى لإلصالح اإلداري المنظمة‬
‫من طرف وزارة الوظيفة العمومية ‪،‬منشورات املجلة المغربية لإلدارة املحلية و التنمية‪،‬سلسلة‬
‫نصوص ووثائق ‪،‬العدد ‪.1111/67‬‬

‫‪ -15‬محمد البعدوي‪ ،‬أساليب القيادة الفعالة‪ :‬مقاربة وظيفية حول صفات ومهارات‬
‫القائد الناجح‪ ،‬مكتبة دارالسالم للطباعة والنشروالتوزيع‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة األولى‪.1151 ،‬‬

‫‪ 16‬اإلصالح اإلداري بالمغرب ‪ :‬أعمال المناظرة الوطنية األولى ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 511 :‬‬
‫‪17‬‬ ‫‪Benazzi Lakhdar : "l’administration publique et le changement des‬‬
‫‪préjuges a combattre" Revue marocaine de droit et d’ecnomie du develeppement‬‬
‫‪N° 23.‬‬

‫‪18‬كمنشور وزير الشؤون اإلدارية بتاريخ ‪ 56‬يناير ‪ 5771‬و المتعلق بمسطرة تصفية‬
‫المعاشات‪ ،‬و كذا منشور الوزير األول الصادر بتاريخ ‪ 11‬نونبر ‪ 5771‬بشأن تبسيط المساطر‬
‫اإلدارية‪.‬‬

‫‪P 405‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫قراءة في الإشكالات العملية المرتبطة‬


‫بالمهن‬
‫القانونية والقضائية‬
‫‪Read about the practical problems associated with the legal and judicial professions‬‬
‫ال شك ان المهن القانونية والقضائية تحظى بدور مهم في حفظ االمن القانوني‬
‫والقضائي‪ ،‬خاصة المفوضين القضائيين والخبراء القضائيين وكذا مهنة النساخة التي سبق‬
‫لوزارة العدل ان طالبت بحذفها وإدماج ممتهنيها بساللم موظفي كتابة الضبط‪ ،‬وجهاز ضباط‬
‫الشرطة القضائية الذي تم تأطيره بموجب ظهائر ونصوص قانونية خاصة و عامة‪ ،‬ومهنة‬
‫املحاماة التي تشكل عصب قطاع العدالة وبالرغم من دلك فان جل القوانين المنظمة لهده‬
‫المهن عرفت عدة تعديالت مغيرة ومتممة له لسد الثغرات والنو اقص التي تعتريها والتي نحاول‬
‫التطرق لها فيما يلي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬االشكاالت المثارة بخصوص المفوضين القضائيين‪:‬‬

‫بالرجوع إلى المادة الثانية من القانون ‪ 75/11‬نجدها تنص على أنه " تحدث بدو ائر‬
‫املحاكم االبتدائية مكاتب المفوضين القضائيين للقيام بالمهام المنوطة بهم طبقا لهدا القانون‬
‫أمام مختلف محاكم المملكة"‪.‬وهكذا فان المفوض القضائي بمجرد نجاحه في المباراة وخالل‬
‫نهاية التكوين يرخص له وزيرالعدل بموجب قراريحدد فيه مقرمكتبه لمزاولة المهنة ‪.‬فحسب‬
‫المادة أعاله اختصاص المفوض القضائي مرتبط بدائرة املحكمة االبتدائية التي تشمل مقر‬
‫تواجد مكتبه بها ‪،‬فكل محكمة يقع بدائرة اختصاصها مجموعة من مكاتب المفوضين‬
‫القضائيين بالرغم من أن نفس المادة أعاله تنص على عبارة "أمام مختلف محاكم ‪ "....‬التي‬
‫توحي بأنه يمكن للمفوض القضائي أن يمارس مهامه على الصعيد الوطني‪.‬‬

‫‪P 406‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫في حين جاءت المواد ‪ 51‬و‪11‬و‪ 15‬من نفس القانون لتبن بشكل جلي ان المفض القضائي‬
‫يعمل تحت دائرة نفود املحكمة االبتدائية التي عين بها‪.‬‬

‫وهكذا نصت المادة ‪ 51‬على "إذا تغيب مفوض قضائي او عاقه عائق مؤقت اصدررئيس‬
‫املحكمة االبتدائية لمقره امرا بتكليف مفوض قضائي اخر بنفس الدائرة ‪" ...‬وهو االمر الدي‬
‫يؤكد بقاء المفوض القضائي مختصا في الحيزالجغرافي الذي تشمله املحكمة االبتدائية المعين‬
‫بدائرتها‪.‬‬

‫وقد نصت المادة ‪ 11‬على انه "تمسك كتابة الضبط سجال وفق نموذج يحدد بقرار وزير‬
‫العدل يؤشرعل صفحاته رئيس املحكمة االبتدائية املختصة" وهو األمر الذي يؤكد على رابطة‬
‫االختصاص المكاني بين المفوض القضائي واملحكمة التي يوجد بدائرتها مقر مكتبه ‪,‬كما أن‬
‫طالب اإلجراء حسب المادة ‪ 15‬من نفس القانون يختارالمفوض القضائي من بين المفوضين‬
‫القضائيين الموجودة مقارمكاتبهم بدائرة املحكمة المطلوب القيام باإلجراءات بدائرة نفوذها ‪.‬‬

‫وهكذا فان االختصاص المكاني للمفوض القضائي حسب ما جاء في مواد القانون المشار‬
‫إليه سابقا يبقى لصيقا بدائرة املحكمة االبتدائية التي عين بدائرتها مهما كان حيزها الجغرافي‪.‬‬

‫سلطة المر اقبة والتأديب التي يخضع لها المفوض القضائي‪:‬‬

‫إذا كان المفوض القضائي يتمتع بالحماية القانونية أثناء مزاولته لمهامه حسب نص‬
‫المادة ‪ 19‬من قانون ‪ 11.75‬التي تنص على انه يتمتع المفوض القضائي أثناء مزاولته لمهامه‬
‫بالحماية القانونية التي تنص عليها مقتضيات الفصلين ‪ 161‬و‪ 169‬من القانون الجنائي "فانه‬
‫في المقابل يخضع لسلطة المر اقبة من طرف رئيس املحكمة أو من ينوب عنه في دلك بغية‬
‫التأكد من األعمال واإلجراءات التي يقوم بها من الناحية الشكلية والموضوعية باعتبارأن رئيس‬
‫املحكمة يكون لديه ملف شخص ي مفتوح لكل مفوض قضائي تحت مر اقبته و إشر افه أو من‬
‫ينتدبه لهده الغاية حسب ما هومنصوص عليه في المادتين ‪55‬و‪ 56‬من نفس القانون ‪ ,‬وهوالذي‬
‫يعد التقارير بشان الخروقات التي يرتكبها المفوض القضائي ويحيلها على وكيل الملك‪،‬كما‬
‫يمكن له أن يضع حدا إللحاق الكاتب الذي اختاره المفوض القضائي عند تبوث مخالفة خطيرة‬
‫في حقه‪.‬‬

‫‪P 407‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫أما فيما يخص سلطة مر اقبة وكيل الملك فانه يتخذ ما يراه مناسبا بخصوص التقارير‬
‫التي تحال عليه من طرف رئيس املحكمة بخصوص املخالفات التي يرتكبها المفوض‬
‫القضائي‪،‬كما يمكنه أن يقوم بتفتيش مكتب هدا األخير التابع لدائرة نفوذه مع إشعار السيد‬
‫الوزير باالختالالت المهنية الخطيرة التي تتبثها محاضر البحث‪ ،‬مع إمكانية اتخاذ قرار التوقيف‬
‫المؤقت عندما تستوجب الضرورة دلك وتحريرالمتابعة التأديبية بناء على تقريررئيس املحكمة‬
‫أو شكاية المتضرر أو تقرير الهيئة الوطنية للمفوضين القضائيين كما أن عمليات تصفية‬
‫المشاركة تجرى تحت مر اقبة وكيل الملك‪،‬و إذا ما تم التساهل في هدا األمر بغية تبسيط‬
‫اإلجراءات والمساطر القضائية فانه يبقى من الضروري حصول المفوض القضائي على االدن‬
‫من رئيس املحكمة مع إشعار وكيل الملك بمهمة تنفيذ إجراء معين خارج دائرة االختصاص‬
‫الترابي للمحكمة حتى يتسنى لسلطة المر اقبة مواكبة وتتبع اإلجراءات والملفات و ما قد‬
‫يطالها من إخالالت مهنية ونزاعات بين منفذ اإلجراء وطالبه والجهة المنفذ عليها‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬بخصوص الخبراء القضائيين‪:‬‬

‫تنظم مهنة الخبراء القضائيون بموجب القانون ‪ ،11.11‬ونظرا للدورالطالئعي الذي يقوم‬
‫به الخبراء القضائيين في مجال سرح العدالة فانه يتم اللجوء إلى الخبرة إلجراء التحقيق في‬
‫المسائل الفنية والتقنية والعلمية التي يصعب إدراكها واستخالصها واستحالة التقريرفيها‪.‬و‬
‫على هذا األساس فقد ساهمت في االرتقاء بالعمل القضائي و جودة خدمات العدالة لكن هذا ال‬
‫يجعل المهن القضائية ال تعيش معوقات و مشاكل تؤثرعلى فعاليتها نذكرمن بينها‪:‬‬

‫تحديد فصول المتابعة بخصوص الجروح غير العمدية الناتجة عن حادثة سير حسب‬
‫مدة العجز الحقيقة للضحايا و هو ما يتطلب انجاز خبرة طبية في الموضوع إذا تجاوزت مدة‬
‫العجزالمدونة بالشهادة الطبية األولية ‪ 11‬يوما ‪.‬‬

‫إال انه عمليا نصادف عدة عر اقيل مردها أساسا قلة الخبراء املحلفين بدائرة نفوذ هده‬
‫املحكمة ‪.‬او بطئ إنجازها الرتباطات األطباء المهنية من جهة ‪.‬‬

‫ومن جهة أخرى يثارإشكال قانوني بخصوص هده النقطة و المتعلق أساسا بعدم تحديد‬
‫الجهة املختصة النجازالخبرة الطبية و الطرف الذي يتحمل أداء صائرها ‪.‬‬

‫‪P 402‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫و نقترح تعيين عدد كافي من الخبراء في دائرة نفوذ هده املحكمة حسب التخصص فضال‬
‫عن تحديد الجهة التي تتحمل أداء صائرالخبرة‪.‬‬

‫و نالحظ أيضا أنه في أيام الديمومة و خارج أوقات العمل في العطل الوطنية و الدينية و‬
‫عطل نهاية األسبوع ال تسلم بها الشواهد الطبية بدعوى عدم وجود الطبيب املختص لمنح‬
‫الشواهد الطبية و هو ما يؤثرفي اتخاذ القرارالمناسب في حق الجناة‪.‬‬

‫*عدم منح الفرص لجميع الخبراء القضائيين بالرغم من تسجيلهم بالجدول و أدائهم‬
‫القسم‪.‬‬

‫*عدم احترام الترتيب في تعيين الخبيرو احترام اختصاصاتهم‪.‬‬

‫*انعدام االستقاللية و ذلك بالخضوع للرقابة و المسائلة و التأديب من قبل القطاع‬


‫الحكومي المكلف بالعدل (الوزارة الوصية)‪.‬‬

‫*ازدواجية سلطة الرقابة و التأديب‪.‬‬

‫*مسألة التخليق و تنقيح المهن من الشوائب غير المهنية والفساد الذي قد يطال هذه‬
‫الخيرة‪.‬‬

‫* عدم انجاز الخبراء القضائيين للمهام المسندة اليهم في الوقت المناسب الذي تحدده‬
‫املحكمة‪،‬مما يؤدي إلى تأخرالبث في الملفات‪.‬‬

‫ونقترح لتجاوزهدا اإلشكال نقترح تعيين أطباء لتسليم الشواهد الطبية للضحايا و أيضا‬
‫للمحروسين نظريا متى دعت الضرورة لدلك لحسن تصريف األشغال و تسهيل مأمورية اتخاذ‬
‫القرارات المناسبة في القضايا ذات االرتباط بدلك ‪.‬‬

‫و على هذا المعطى فالبد من تحديث هذه المهن و الرقي بها من اجل إرساء عالقات مهنية‬
‫سليمة كشرط أساس ي وجوهري لتقديم خدمة قضائية ناجعة لتحقيق األمن القانوني و‬
‫القضائي و تحقيق عدالة مستقلة و محايدة و نزيهة من خالل مراعاة المشاكل التي تعوق هذه‬
‫المهن لجعلها في استقاللية تامة عن الجهات الوصية وخضوعها بشكل كلي فيما يتعلق بالرقابة‬
‫و التوجيه و التأديب‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬فيما يخص مهنة النساخة‪:‬‬

‫‪P 407‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫‪-‬تم تنظيم مهنة النساخة بموجب القانون رقم ‪ 17.11‬الصادربتاريخ ‪ 11‬يونيو ‪ 1115‬و قد‬
‫كانت موجودة فيما قبل بموجب نصوص متفرقة مرتبطة بخطة العدالة و االشكاالت التي بقيت‬
‫عالقة بهاته المهنة بالرغم من تنظيمها من طرف المشرع بموجب القانون المشاراليه سابقا و‬
‫هي أن هذا األخيرلم يحدد لها صفة و لم يعترف صراحة بالناسخ هل هومساعد للقاض ي "قاض ي‬
‫التوثيق" في أداء مهامه أم هو مستقل عنه؟فحسب المواد ‪ 1،7‬و ‪ 7‬فهو يمارس مهامه بمقر‬
‫املحكمة االبتدائية (قسم قضاء األسرة) ويلتزم بالتوقيت اإلداري للعمل إذن اإلشكال الذي يبقى‬
‫مطروحا هو هل يمارس وظيفة عمومية من خالل التزامه بالتوقيت اإلداري و مقر العمل‬
‫باملحكمة االبتدائية و كذا خضوعه للسلطة الرئاسية أم يمارس مهنة حرة مستقلة؟‪.‬‬

‫و هناك إشكال آخر يطرح في هذا املجال هو ازدواجية الوصاية و الرقابة و التأديب‪،‬‬
‫فحسب المواد ‪ 11‬و ‪ 11‬من القانون المنظم فالناسخ يخضع لرقابة قاض ي التوثيق و لرقابة‬
‫و وجهة نظره على السيد‬ ‫الوزارة الوصية‪ ،‬بحيث أن قاض ي التوثيق هو الذي يحيل الشكاية‬
‫وكيل الملك وهذا األخيريحيل المتابعة على غرفة المشورة التي تبلغ قرارها لوزيرالعدل (المادة‬
‫‪.)11‬‬

‫و هناك إشكالية أخرى تتجلى في عدم االستقاللية من خالل التداخل مع مهنة العدول‬
‫بحيث أنه ال يمكن استخراج النسخ إال بعد مو افقة قاض ي التوثيق و توقيع العدلين بخالف‬
‫نسخ األحكام التي تحتاج إلى توقيع كاتب الضبط مما يطرح مسألة البطئ والتعقيد ويجعل عمل‬
‫الناسخ بدون فائدة‪.‬‬

‫بالنسبة للحلول و اآلفاق‪:‬‬

‫لتفادي نظام التضمين المقام في مهنة النساخة الذي يمتاز بالفوضوية و العشوائية‬
‫والبطء والتعقيد قد يؤدي إلى ضياع النسخ واألرشيف بأكمله على خالف ما تحتاج إليه العدالة‬
‫من السرعة و جودة الخدمات بما يتالئم و المعايير الدولية و التنافسية االقتصادية في ظل‬
‫إحداث املحكمة االلكترونية أو الرقمية فانه من وجهة نظرنا نقترح إلغاء مهنة النساخة بصفة‬
‫عصري‬ ‫توثيقي‬ ‫قضاء‬ ‫واعتماد‬ ‫كاملة‬
‫يعتمد على النظام المعلوماتي مع العمل على إدماج كافة فئة النساخ ضمن الوظيفة العمومية‬
‫(كتابة الضبط)‪.‬‬

‫‪P 410‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫رابعا‪ :‬بالنسبة لجهازضباط الشرطة القضائية‪:‬‬

‫نجد أن هذا الجهازقد تم تأطيره بموجب ظهائر ونصوص قانونية خاصة و عامة‪.‬‬

‫فكما ل ال يخفى على أحد الدور المهم المنوط بهذا الجهاز في مجال العدالة و خاصة‬
‫مسألة التحري و ضبط الجريمة ومرتكبيها و تقديمهم إلى العدالة وفق تعليمات قانونية دقيقة‬
‫ومضبوطة‪ ،‬إال أنه نجد هناك بعض اإلشكاالت تعترض هذا الجهازنذكرمن بينها‪:‬‬

‫*عدم االستقاللية‪ :‬بحيث نجد أن ضباط الشرطة القضائية يسيرون برأسين الجهاز‪،‬‬
‫الذي يتبعون له و جهازالنيابة العامة‪.‬‬

‫*مسألة التكوين و الكفاءة و التخصص بحيث نجد أن أغلب الضباط ليس لهم تكوين‬
‫في املجال القانوني و كذلك العلمي فأغلب الضباط مستوياتهم ال تتجاوز السنتين األوليتين من‬
‫التعليم العالي‪ ،‬وهناك من ليس لهم بالكل تكوين في املجال القانوني‪.‬‬

‫* و لذلك و من وجهة نظرنا فالبد من تحديث هذا الجهازبإحداث ضباط شرطة قضائية‬
‫ذوي كفاءة وخبرة وتكوين عال في هذا املجال تابعين بشكل مباشرلجهازي النيابة العامة وقضاء‬
‫التحقيق من حيث سلطة الرقابة و التوجيه و التأديب‪.‬‬

‫خامسا‪:‬فيما يخص مهنة املحاماة‪:‬‬

‫باستقرائنا للمادة ‪ 17‬من القانون المنظم لمهنة املحاماة و التي تنص على أنه "ال يمكن‬
‫اعتقال املحامي أو وضعه تحت الحراسة النظرية‪ ،‬إال بعد إشعارالنقيب‪ ،‬ويستمع إليه بحضور‬
‫النقيب أو من ينتدبه لذلك‪.‬‬

‫ال يجرى أي بحث مع املحامي‪ ،‬أو تفتيش لمكتبه‪ ،‬من أجل جناية أو جنحة ذات صلة‬
‫بالمهنة‪ ،‬إال من طرف النيابة العامة أو قاض ي التحقيق وفق المقتضيات أعاله‪.‬‬

‫ال يمكن تنفيذ حكم إفراغ مكتب محام إال بعد إشعارالنقيب ‪ ،‬و اتخاذ اإلجراءات الالزمة‬
‫لضمان مصالح موكليه‪".‬‬

‫فان الشكايات المقدمة ضد املحامين تطرح مجموعة من االشكاالت العملية نذكرمنها‪:‬‬

‫‪P 411‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫* إشكال وضع املحامي رهن تدابيرالحراسة النظرية عند ارتكابه لجنحة تستدعي ذلك ‪،‬‬
‫بحيث يجب إشعار النقيب وفي حالة تعذر ذلك لسبب من األسباب يؤدي إلى عرقلة اإلجراءات‬
‫القانونية‬

‫* ضرب مبدأ المساواة أمام القانون عرض الحائط بالتنصيص على الشكليات‬
‫اإلجرائية في القانون المنظم لمهنة املحاماة‪.‬‬

‫وتبعا لإلشكاالت المذكورة أعاله نقترح بعض االقتراحات من اجل تجاوزها من بينها ‪:‬‬

‫* االستماع إلى املحامي بدون التنصيص على ضرورة حضور النقيب أو من يمثله عند‬
‫االستماع اليه من طرف النيابة العامة و ذلك لكون الجهة الموكل إليه ذلك هي جهة قضائية‬
‫ودورها حماية حقوق وحريات األفراد و تسريعا للبت في الشكايات‬

‫* االكتفاء بإشعار النقيب عند وضع املحامي رهن تدابير الحراسة النظرية سواء أكان‬
‫اإلشعار قبلي أو بعدي‬

‫*إشعار النقيب و في حالة تعذرذلك إشعارمن يمثله‪.‬‬

‫* تعيين رسمي من يمثل النقيب لدى كل محكمة ابتدائية‪.‬‬

‫*صعوبة انجاز األبحاث التي يكون أحد أطر افها محامون لعدم استجابة مؤسسة‬
‫النقيب للحضورإلى جانب املحامي المشتكى به‪.‬‬

‫* عدم إدالء املحامي بتوكيل من موكله مما يؤدي إلى بعض النزاعات بين املحامين حول‬
‫النيابة في الملفات خصوصا في قضايا حوادث السير و كذلك تصوير ملفات و محاضر ال شأن‬
‫لهم بها سوى تسريبها للغير‪.‬‬

‫* إشكالية التنازل من طرف المشتكي شخصيا بدال من املحامي خاصة في الحاالت‬


‫الموجبة لالعتقال أو الوضع تحت تدابيرالحراسة النظرية‪.‬‬

‫* إشكالية التبليغ للجلسات من طرف السادة المفوضين القضائية و غياب نص قانوني‬


‫ينظم هذه اإلشكالية‪.‬‬

‫‪P 412‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫وتجدر االشارة في االخير ان لكل قانون نو اقص وثغرات ال تظهر ألول مرة مع سنه وبداية‬
‫تطبيقه ‪،‬و إنما مع مرورالزمن وظهوربعض الحاالت التطبيقية التي لم يتوقعها المشرع ‪،‬ولذلك‬
‫يصبح لزاما على هدا االخير تعديله أوإلغاؤه بقانون جديد إليجاد حلول لهذه الثغرات أوالحاالت‬
‫التطبيقية التي لم يقننها المشرع‪.‬‬

‫‪P 413‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫اختصاص المحكمة الدستورية في الطعون‬


‫الانتخابية التشريعية‬
‫‪The jurisdiction of the Constitutional Court in legislative and electoral appeal‬‬

‫مقدمة‬

‫من أجل ضمان نزاهة العملية اإلنتخابية ‪ ،‬فتح المشرع باب الطعن في المقررات ذات‬
‫الصلة باإلنتخابات أمام الجهة القضائية املختصة‪ ،‬ذلك أن النظام القضائي المغربي الذي‬
‫يتسم باإلزدواجية بين القضاء العادي واإلداري يفرض على أطراف النزاع أن يتقيدوا بقواعد‬
‫اإلختصاص التي تتسم بالنظام العام و بالتالي ال يجوز مخالفتها مهما كان‪ ،‬و رفع الدعوى أمام‬
‫الجهة القضائية التي أحال عليها المشرع للبث في النازلة‪ ،‬كما ينضاف في المادة اإلنتخابية‬
‫اختصاص من نوع اخر‪ ،‬وهو القضاء الدستوري و الذي يختص بالبث في مجال معين طبقا‬
‫ألحكام الدستورو بعض القوانين التنظيمية‪.‬‬

‫كما وضع المشرع المغربي ترسانة من النصوص و المقتضيات القانونية التي تحدد‬
‫بكيفية مضبوطة و دقيقة شكليات و إجراءات تقديم الطعون اإلنتخابية أمام الهيئة القضائية‬
‫املختصة‪ ،‬وتكتس ي دراسة مسطرة الطعون اإلنتخابية أهمية قصوى‪ ،‬اذ أنها تمكن مختلف‬
‫الفاعلين من اإللمام بطرق و مساطرالطعن‪ ،‬و الجهات املختصة و كل األمورالمتعلقة باالجال‪،‬‬
‫وبذلك تساهم في ترسيخ اإلنتخابات الحرة و النزيهة كشرط أساس ي لتكريس الديمقراطية‪ ،‬ألن‬
‫غياب ذلك يعني غياب الديمقراطية‪ ،‬فإن الحق يتجرد من قيمته العلمية إذا لم يستطع صاحبه‬
‫إثبات الدليل على من يدعيه أمام السلطة املختصة‪ ،‬و التي عليها تمحيص ما يقدم لها من أدلة‬
‫وفق الشروط القانونية‪ ،‬و الفصل في الدعوى إعتمادا على الدليل الذي اقتنعت به‪ ،‬فمدعي‬
‫الحق لن يستطع أخذ حقه إال بعد أن يقدم الدليل عليه‪ ،‬و القاض ي ال يستطيع الفصل في‬
‫الدعوى و البث في طلبات الطاعنين و دفوعهم إال في ضوء ما يقدم له من أدلة‪ ،‬وعليه من خالل‬

‫‪P 414‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫هذا المقال سيتم الحديث عن إختصاص املحكمة الدستورية في النظر في الطعون التشريعية‬
‫‪ ،‬و من خالل ذلك سيتم طرح إشكاالت أهمها‪:‬‬

‫ماهي سلطات القاض ي الدستوري في الرقابة على عريضة الطعن اإلنتخابي ‪ ،‬و ماهي‬
‫اإلجراءات المتخذة لذلك ثم ماهي العر اقيل التي تحد من فعالية املحكمة الدستورية في املجال‬
‫االنتخابي و ما السبل الكفيلة للحد منها ؟‪.‬‬

‫ولإلجابة على هذه اإلشكاالت سيتم تقسيم الموضوع إلى مبحثين‪ :‬المبحث األول‪ :‬سلطات‬
‫القاض ي الدستوري في الرقابة على عريضة الطعن االنتخابي و البث فيها‪ .‬المبحث الثاني‪:‬‬
‫العر اقيل التي تحد من فعالية املحكمة الدستورية في املجال االنتخابي و سبل تجاوزها‪.‬‬

‫المبحث األول ‪ :‬سلطات القاض ي الدستوري في الرقابة على عريضة الطعن اإلنتخابي و‬
‫البث فيها‪:‬‬

‫يقتض ي لقبول عريضة الطعن المقدمة أمام املحكمة الدستورية أن تستوفي هذه األخيرة‬
‫مجموعة من الشروط وهو ما سيتم الحديث عنه فيما يلي‪:‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬إجراءات تقديم عريضة الطعن اإلنتخابي‬

‫تخضع عريضة الطعن اإلنتخابي لرقابة مشددة من قبل القاض ي الدستوري من خالل‬
‫دقة تحققه من البيانات المتضمنة في العريضة و مدى إحترامها للشكليات المنصوص عليها في‬
‫القانون‪.‬‬

‫الفقرة األولى الصفة و المصلحة و األهلية‬

‫من المسلم به فقها وقضاءا أن ال دعوى بال مصلحة‪ ،‬ويقصد بالمصلحة الفائدة العملية‬
‫التي يراد تحقيقها بااللتجاء إلى القضاء‪ ،‬تلك هي القاعدة التي أشار إليها قانون المسطرة‬
‫المدنية المغربي حيث ينص الفصل األول منه على " أنه ال يصح التقاض ي إال ممن له الصفة‬
‫واألهلية والمصلحة إلثبات حقوقه"‬

‫فالصفة تتوفر كلما كانت هناك مصلحة شخصية مباشرة لر افع الدعوى سواء أكان‬
‫ر افع الدعوى هو الشخص الذي كان مرشحا في اإلقتراع المطعون فيه أم كان ناخبا في الدائرة‬

‫‪P 415‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫االنتخابية التي وقع فيها الطعن اإلنتخابي‪ ،‬إذ يكفي أن يثبت الطاعن العالقة التي تربط بين‬
‫مصلحته وبين االنتخاب المطعون فيه‪711‬‬

‫وقد حددت المادة ‪ 71‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 15-79‬المتعلق بمجلس النواب من لهم‬
‫الصفة والمصلحة واألهلية في أربع جهات في المنازعات االنتخابية ألعضاء مجلس النواب وهي‪:‬‬
‫الناخبون‪ ،‬المرشحون المعنيون بأمر االنتخاب‪ ،‬عمال العماالت واألقاليم‪ ،‬كاتب اللجنة‬
‫الوطنية لإلحصاء‪،‬ومن غير هؤالء األشخاص ال يحق ألحد اللجوء إلى املحكمة الدستورية‬
‫بمناسبة المنازعات التي قد تطال العملية االنتخابية‪ ،‬وهكذا فأي طعن في انتخاب أعضاء‬
‫مجلس النواب ممن ليس له الصفة وخارج من هم مذكورين في المادة ‪ 71‬من القانون المشار‬
‫إليه أعاله‪ ،‬فإن مصيره عدم القبول‪ ،‬حيث قض ى املجلس الدستوري في قرارله‪:‬‬

‫"وحيث أن المآخذ تتمثل في أن السيد عبد اللطيف الجراري فازبمقعد انتخابي بالدائرة‬
‫االنتخابية المطعون فيها‪ ،‬وبالتالي تنعدم فيه صفة الطاعن ومصلحته في الطعن في االنتخابات‬
‫التشريعية التي جرت بالدائرة االنتخابية املحمدية التابعة لعمالة املحمدية‪.‬‬

‫و أيضا أن عريضة الطعن المقدمة من طرف السيد عبد الرحمان العزوزي لم تتضمن‬
‫صفة الطاعن المنصوص عليها بموجب المادة ‪ 15‬من القانون التنظيمي رقم ‪17- 71‬المتعلق‬
‫باملجلس الدستوري‪ .‬وقد جاء رد املحكمة كما يلي ‪ :‬وحيث أن هذين الدافعين مردودان لكون‬
‫الفائز عبد اللطيف الجراري الذي قدم الطعن في مواجهة السيد محمدالعطواني بمفرده‪،‬‬
‫طالبا إلغاء انتخابه يبقى مرشحا له الصفة (المصلحة) التي تخول له حق تقديم الطعن وأن‬
‫السيد عبد الرحمان العزوزي باعتباره مرشحا فإن له الصفة التي تخول له حق الطعن فقضت‬
‫املحكمة الدستورية برفض الطلب‪712.‬‬

‫وعليه فإن املحكمة الدستورية تتأكد من صفة الطاعن الناخب من الوثائق المدلى بها‪،‬‬
‫أما إذا كان مرشحا‪ ،‬فإن املحكمة ترجع إلى الئحة المترشحين للتأكد من ورود إسمه فيها‪.‬‬

‫‪711‬خالد الشلللللرقاوي السلللللموني‪ " ،‬المجلس الدسلللللتوري ورقابته على االنتخابات التشلللللريعية أبي رقراق للطباعة‬
‫والنشر‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،8114‬الرباط‪ ،‬ص ‪.82‬‬
‫‪712‬قرار المجلس الدستوري رقم‪ 199/99‬الصادر في ‪ 1‬يونيو ‪4999‬‬

‫‪P 416‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬شكليات العريضة و الجهة املختصة‪:‬‬

‫تنص المادة ‪ 15‬من القانون التنظيمي المتعلق باملجلس الدستوري في فقرتها األولى على‬
‫أنه "يجب أن تكون العرائض ممضاة من أصحابها أو من محام مسجل في جدول إحدى هيأت‬
‫املحامين بالمغرب‪ ،‬وأن تتضمن االسم العائلي واالسم الشخص ي للمنتخب المنازع في‬
‫انتخابه“‪...‬‬

‫وعليه‪ ،‬فإن الشكليات التي ينبغي أن تتو افر في العريضة هي‪:‬أن المسطرة كتابية أمام‬
‫املجلس الدستوري ويكون ذلك بواسطة عريضة الطعن مكتوبة وممضاة من طرف أصحابها أو‬
‫محام مسجل في جدول إحدى هيئات املحامين بالمغرب‪.‬‬

‫وهكذا قض ى املجلس الدستوري في إحدى قراراته برفض طلب يرمي إلى إلغاء نتيجة‬
‫االنتخاب الذي أجرى في ‪ 9‬سبتمبر ‪ 1119‬بالدائرة االنتخابية "أكادير إدوتنان" عمالة أكادير‪'713‬‬
‫حيث أن أحكام الفقرة األولى من المادة ‪ 15‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 17.71‬توجب أن تتضمن‬
‫العرائض االسم الشخص ي للمنتخب المنازع في انتخابه‪ ،‬وحيث إن عريضة الطاعن المذكور‪،‬‬
‫ال تتضمن االسم العائلي واالسم الشخص ي للمنتخب المنازع في إنتخابه ‪،‬األمر الذي يتعين معه‬
‫التصريح بعدم قبولها‪.‬‬

‫كما ال يتم أيضا قبول الطعون العتبارات شكلية أخرى‪ ،‬كعدم إمضائها خاصة وأن‬
‫القوانين التنظيمية المتعلقة باملجلس الدستوري سواء المغربي أوالفرنس ي ينص على أن تكون‬
‫العرائض ممضاة من أصحابها‪ ،‬أو من محام مسجل بالجدول‪ ،‬على إعتبار أن أهمية التوقيع‬
‫تكمن في تصريح الطاعن عن التزامه بما جاء في العريضة‪ ،‬ونود أن نشير هنا إلى أنه بخالف‬
‫املحكمة الدستورية المغربية‪ ،‬فإن املجلس الدستوري الفرنس ي قام منذ‪ 5779‬بتعديل‬
‫إجراءات‪ ،‬بما يمكن الطاعنين من إصالح االختالالت الشكلية التي تشوب العريضة كتوقيعها‬
‫مثال وال يحكم فيها بعدم القبول إال بعد إنذاراألطراف بإصالحها‪.‬‬

‫ولإلشارة فإن الطاعن يتمتع بحق رفع أكثر من طعن واحد في نفس العريضة وفي نفس‬
‫الوقت‪ ،‬وينصب كل واحد على موضوع معين في عمليات اإلقتراع‪.‬‬

‫‪713‬قرار رقم ‪ 12/682‬الصادر بتاريخ ‪ 8112-66-86‬الجريدة الرسمية عدد ‪.4195‬‬


‫‪-‬قرار رقم ‪ 16/114‬الصادر بتاريخ ‪ 8116/66/82‬الجريدة الرسمية عدد ‪4491‬‬

‫‪P 417‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫وفي هذا اإلطار فقد أفضت املحكمة الدستورية في إحدى قراراتها "حيث إن المطعون في‬
‫انتخابه يدفع بعدم قبول ‪714‬عريضة الطعن من حيث الشكل بدعوى‪ :‬أنها قدمت من طرف‬
‫السيد ب‪.‬زفي طلب واحد في مواجهة المطعون في انتخابهم األربعة رغم تباين الوقائع المتعلقة‬
‫بكل واحد منهم‪.‬‬

‫لكن حيث من جهة‪ ،‬إنه ليس في القانون ما يمنع الطعن‪ ،‬بعريضة واحدة في نتائج‬
‫إنتخابية لفائزين متعددين ما دام هذا الطعن بهم نفس الدائرة اإلنتخابية‪ ،‬ونفس اإلنتخاب‬
‫ويستوفي الشروط المضمنة في الفقرة األولى من المادة ‪ 15‬من القانون التنظيمي المتعلق‬
‫باملجلس الدستوري‪".715‬‬

‫كما يجب أن تتضمن العريضة لكي تكون مقبولة‪ ،‬أيضا طلب إلغاء نتائج اإلنتخاب وليس‬
‫فقط تصحيح عدد األصوات التي حصل عليها مرشح معين من أجل الحصول على تعويض‬
‫مصاريف الدعاية‪.716‬‬

‫وإضافة إلى كل هذه الشكليات المتعلقة بالبيانات الواجب تضمينها بعريضة الطعن‬
‫فهناك إجراءات أخرى تتعلق بالوقائع والمستندات‪ ،‬المفترض توفرها بعريضة الطعن ‪،‬ونقصد‬
‫هنا الوقائع التي يقوم عليها الطعن‪،‬كما يلزم أن تكون لها صلة بالمستندات والحجج المدلى بها‬
‫إلثبات وتعزيزادعاءات الطاعن‪.‬‬

‫وعلى هذا األساس أصدر القاض ي الدستوري عدة قرارات‪ ،‬تقض ي برفض الطلبات‬
‫الرامية إلى إلغاء نتائج االنتخاب‪ ،‬نتيجة عدم استيفائه بالشروط السالفة الذكر‪ ،‬وهكذا قضت‬
‫املحكمة بشأن االنتخابات المتعلقة بتجديد ثلث مجلس المستشارين‪ ،‬في نطاق هيئة‬
‫الجماعات املحلية‪ ،‬بجهة طنجة ‪ -‬تطوان‪ ،‬على إثر االقتراع الذي أجري يوم ‪6‬أكتوبر ‪ 1111‬بما‬
‫يلي‪:‬‬

‫" وحيث إنه يستفاد من هذه الفقرة األخيرة أن المستندات المدلى بها والمشفوعة‬
‫بعريضة الطعن يجب أن تكون ذات صلة بالوسائل املحتج بها وحيث إن ما أدلى بها الطاعن من‬

‫‪714‬قرار رقم ‪ 19/618‬الصادر بتاريخ ‪ ،8119-1-18‬الجريدة الرسمية عدد ‪4656‬‬


‫‪715-le requête (N) 97-2229 du 14 octobre 1997, vienne 2 en circRe) p : 118.‬‬

‫‪ 716-‬محملللللد األعرجمحملللللد قصلللللري‪ :‬الطعلللللون االنتخابيلللللة بلللللين احكلللللام التسلللللريع وقلللللرارات القضلللللاء‬
‫المغربي‪ ،‬الطبعة ‪ ،8116‬ص ‪.611‬‬

‫‪P 412‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫محضر كل من مكتب التصويت رقم ‪ 1‬والمكتب المركزي والوصل النهائي بالترشيح ومطبوع‬
‫انتخابي ليس له عالقة بالوسائل املحتج بها في عريضة الطعن‪.717‬‬

‫وحيث إن الطاعن لم يدل بأي مستند لدعم أسباب البطالن التي يتمسك بها‪ ،‬األمرالذي‬
‫يجعل طلبه مجردا من أي حجة تثبت ما ادعاه ويستوجب بالتالي التصريح بعدم قبوله‪.‬‬

‫كما أنه موازاة مع تقديم الطاعن للبيانات المتعلقة بالوقائع والوسائل املحتج بها‪،‬يجب‬
‫عليه أن يشفع عريضته بالمستندات المدلى بها إلثبات تلك الوسائل‪...‬‬

‫ويعتبر شرط االثبات شرطا جوهريا وركنا أساسيا لقبول العريضة على اعتبار أنه‬
‫الوسيلة التي يعتمد عليها األفراد في صيانة حقوقهم‪ ،‬وهي األداة الضرورية لقاض ي االنتخاب‬
‫لتمكينه من تكوين قناعته بعد التحقيق من صحة الوقائع القانونية‪.‬‬

‫وفي هذا املجال نسجل أنه نسبة العرائض التي يتم رفضها بعلة انعدام وسائل االثبات‬
‫تظل مرتفعة سواء أمام املجلس الدستوري المغربي أو الفرنس ي ‪.،‬فبالنسبة لهذا األخير‪ ،‬فهو‬
‫يحدد انعدام وسائل االثبات في الحاالت التالية‪:‬‬

‫تقديم عرائض التي ادعت الوقائع دون إثبات‪.‬‬

‫تقديم عرائض لمآخد غير محددة بما فيه الكفاية‪.‬‬

‫عرض المآخد التي ال أثر لها أو غير العاملة بالنظر لطابعها املحدود‪ ،‬وغير المؤثر اعتبارا‬
‫للفارق الكبيرلألصوات‪.‬‬

‫ونعتقد ان هذا التنصيص يعد مسألة طبيعية على اعتبار أنه يفترض في من ينازع في‬
‫عملية انتخابية‪ ،‬عليه تقديم الحجج الضرورية لتأسيس طعنه‪ ،‬وهي نفس المقاربة المعتمدة‬
‫من طرف املجلس الدستوري المغربي‪ ،‬بحيث يعتمد في حيثيات قرارته على نفس التعليالت‬
‫السالف ذكرها‪.‬‬

‫‪717-‬قرار رقم ‪ 15/446‬الصادر بتاريخ ‪ 8115/16/86‬الجريدة الرسمية عدد ‪.4691‬‬


‫‪-‬قرار رقم ‪ 12/614‬الصادر بتاريخ ‪ 8119/14/82‬الجريدة الرسمية عدد ‪4158‬‬
‫‪-‬قرار رقم ‪ 12/685‬الصادر بتاريخ ‪ 8119/68/15‬الجريدة الرسمية عدد ‪.4195‬‬

‫‪P 417‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫المطلب الثاني‪ :‬تقنيات البث في الطعون االنتخابية‬

‫إذا كانت سلطة القاض ي الدستوري مقيدة في مجال مر اقبة اإلجراءات الشكلية لتقديم‬
‫عريضة الطعن االنتخابي‪ ،‬فإنه يملك سلطة تقديرية واسعة في مجال البث في جوهر ومضمون‬
‫عرائض الطعون االنتخابية من حيث تكييف الوقائع وتقييمها‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬اإلحالة واألمربإجراء التحقيقات‬

‫إن املحكمة الدستورية ال يمكنها أن تبث في نزاع انتخابي إال إذا تمت اإلحالة إليه عن طريق‬
‫توجيه عريضة الطعن إلى األمانة العامة للمحكمة‪ ،‬هذه العريضة يجب أن تراعي مجموعة من‬
‫الشروط الشكلية ليتم قبولها من طرف املحكمة‪.‬‬

‫حيث حدد القانون التنظيمي رقم ‪ 17-71‬المتعلق باملجلس الدستوري في ‪ 51‬يوما من‬
‫تاريخ اإلعالن عن نتيجة االقتراع األجل الذي يتم داخله الطعن طبقا للقانون‪،‬وبالتالي فتوجيه‬
‫العريضة إلى املجلس يجب أن تكون داخل هذا األجل‪ ،‬وأن املحكمة تدفع بعدم قبول العرائض‬
‫التي تحال إليها خارج األجل القانوني‪718.‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أنه ال يؤخذ بعين االعتبار تاريخ توجيه العريضة‪ ،‬بل تاريخ تسجيلها‪،‬‬
‫وقد حددت المادة ‪ 71‬من هذا القانون من لهم الصفة والمصلحة واألهلية في توجيه عرائض‬
‫الطعن إلى املجلس‪ ،‬الناخبون والمرشحون المعنيون بأمراالنتخاب‪ ،‬عمال العماالت واألقاليم‬
‫وأخيرا كاتب اللجنة الوطنية لإلحصاء‪.‬‬

‫ويترتب عن تقييد سلطة املحكمة الدستورية في مجال الدعاوى اإلنتخابية من خالل‬


‫حصر تدخلها للبث في النزاع بمقتض ى طعن محال إليها‪ ،‬انفالت الكثير من العمليات االنتخابية‬
‫الغيرالمشروعة من رقابتها بسبب عدم تقديم طعون بشأنها‪ ،‬أي أن املحكمة الدستورية ال يمكنها‬
‫البث في العديد من الخروقات والتجاوزات التي قد تطال العملية االنتخابية‪ ،‬بسبب عدم تقديم‬
‫عريضة الطعن في شأنها من طرف الطاعن‪ ،‬وخصوصا إذا كان هذا األخير على علم مسبق‬
‫بانعدام فرص نجاحه في هذا االنتخاب‪ ،‬وإما لدرايته بأن طريقة التقاض ي أمام املحكمة‬
‫الدستورية تفرض إقامة الدليل على وقوع املخالفة‪ ،‬و أيضا بيان تأثيرها على نتيجة االقتراع‪.‬‬

‫‪718‬عسو منصور‪ ،‬أحمد مفيد‪ ،‬نعيمة البالي‪ ،‬القانون االنتخابي المغربي‪ ،‬مطبعة أنفو ‪-‬برائت‪ ،‬طبعة ‪ ،8116‬ص‬
‫‪.882‬‬

‫‪P 420‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫وهذه أموريصعب عليه القيام بها‪ ،‬إذ ليس من السهل اإلتيان باألدلة والمستندات في المنازعات‬
‫االنتخابية‪.‬‬

‫أما األمربالتحقيق فيعد إجراءا إداريا ذا طابع كتابي سري تأمربه املحكمة الدستورية في‬
‫النازلة المعروضة عليها‪ ،‬إذا تبين لها أن الوقائع المراد التحقيق فيها‪ ،‬لها تأثير على نتيجة‬
‫االقتراع‪ ،‬كما يعتبر إجراءا استثنائيا عند املحكمة الدستورية ألنها ترفض الكثير من العرائض‬
‫دون إجراء تحقيق سابق إذا كانت غير مقبولة‪ ،‬أو ليس لها تأثير في نتيجة االنتخاب ‪719‬لهذا أول‬
‫عمل تقوم به املحكمة بعد قبولها عريضة الطعن هو تعيين المقررالذي يؤدي وظيفة أساسية‬
‫تتمثل في تهييئ ملف الدعوى االنتخابية من تاريخ تكليفه بالملف إلى حين إعداد مشروع القرار‬
‫فهو العضو الذي يستعين به قاض ي االنتخاب للبث في القضية المعروضة عليه‪.‬‬

‫وتملك املحكمة الدستورية المغربية كما هو الشأن بالنسبة لنظيره الفرنس ي سلطة‬
‫تقديرية في تعيين المقرر‪ ،‬ويصدرقرارالتعيين من قبل رئيس املحكمة‪ ،‬وال يتم اإلعالن عن اسمه‬
‫إال في حالة إجراء تحقيق‪ ،‬حيث يشيرالقرارإلى اسم المقررالذي تم تكليفه بالقيام بالتحقيق‪.720‬‬

‫فالتحقيق يعتبر إجراءا يستعين به القاض ي الدستوري للتأكد من صحة ادعاءات‬


‫الطاعن والوقوف عند الحقيقة التي يصعب عليه معرفتها والتأكد من الظروف التي مرت فيها‬
‫العملية االنتخابية‪.‬‬

‫فهو مرحلة من الدعوى تثار فيها مناقشة الوسائل الو اقعية والقانونية المدعمة بكل‬
‫طلب أو دفع بحيث يسعي كل خصم إلى إقناع القـاض ي بصحة ادعاءاته أو بعدم صحة ادعاءات‬
‫خصمه‪ ،‬كما أن القاض ي يسعى من جانبه إلى اإللمام بوقائع النزاع والتأكد من مطابقتها‬
‫للحقيقة تسهيال لمهمته في الفصل في النزاع‪721.‬‬

‫‪ 719‬حيث رفض المجلس الدستوري في العديد من القرارات إجراء تحقيق ألنه رأى أن ال ضرورة من ذلك ومثال‬
‫على ذلك‪ :‬القرار رقم ‪ 19/616‬الصادر في ‪ 86‬ماي ‪ 8119‬والقرار رقم ‪ 19/168‬الصادر في ‪ 4‬دجنبر ‪.8112‬‬
‫‪ 720‬بوعزاوي بوجمعة‪" ،‬مراقبة صحة االنتخابات التشريعية المباشرة في المغرب"‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في‬
‫القانونالعام‪ ،‬جامعة محمد األول‪ ،‬كلية الحقوق بوجدة‪.8116 ،‬‬
‫‪721‬محمد المجذوبي اإلدريسي‪" ،‬إجراءات التحقيق في الدعوى في قانون المسطرة المدنية المغربي"‪ ،‬مطبعة الكاتب‬
‫المغربي‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،6994 ،‬ص ‪.2‬‬

‫‪P 421‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫فإذا تبين للقاض ي أن وسائل الطعن تستدعي إجراء تحقيق فإنه يأمربإجرائه‪،‬ويستدعي‬
‫في هذا اإلطارمن يرى االستفادة من التحقيق معهم‪ ،‬سواء كانوا ناخبين أو أعضاء يسهرون على‬
‫سيراالقتراع بمكاتب التصويت‪.‬‬

‫وقد صدرت عن املحكمة الدستورية عدة قرارات من أجل القيام بإجراء تحقيقات في‬
‫النوازل التي تعرض عليها‪ ،‬وخير مثال على ذلك القرار رقم ‪ 19/611‬الصادر في ‪16‬يوليو ‪1119‬‬
‫والذي جاء في حيثياته ‪ :‬وبعد االطالع على المالحظات المتعلقة بالبحث الذي أجراه في النازلة‬
‫املجلس الدستوري في ‪ 57‬فبرايرو‪ 51‬و‪ 15‬مارس ‪1119‬والمودعة بأمانته العامة في ‪ 7‬و‪ 51‬أبريل‬
‫‪ ،1119‬وحيث يستفاد من االطالع على األوراق المدرجة في الملفين وعلى نتيجة التحقيق والبحث‬
‫اللذين قاما بهما املجلس الدستوري‪ ،‬فإن املجلس يقض ي بإلغاء انتخاب السيد محمد قداري‬
‫عضوا بمجلس المستشارين على إثر االقتراع الذي أجري في ‪ 7‬شتنبر ‪ 1116‬في نطاق الهيئة‬
‫الناخبة المكونة من ممثلي غرف الصناعة التقليدية بجهة مكناس تافياللت‪".‬‬

‫وفي قرارآخر‪ ،‬صرحت املحكمة الدستورية ‪ " :‬وحيث أنه يبين من االطالع على الوثائق التي‬
‫استحضرها املجلس من كل من املجلس األعلى ومحكمة االستئناف بمراكش واملحكمة‬
‫االبتدائية بابن جرير ومن التحقيق الذي استلزم في النازلة بقصد التأكد من طبيعة بعض‬
‫وقائعها‪ ،‬فإن املجلس يقض ي بالغاء انتخاب السيد جمال الدين العكرود عضوا بمجلس النواب‬
‫مع إعادة االنتخاب المتعلق بالمقعد الذي كان يشغله‪722.‬‬

‫انطالقا من هذه القرارات‪ ،‬يتبين أن املحكمة قامت بإجراء التحقيقات من أجل االطالع‬
‫عن قرب على وقائع القضية ومحاولة اإللمام بكل تجلياتها‪.‬‬

‫ومن جهة أخرى‪ ،‬يكلف المقرربتلقي تصريحات الشهود بعد أدائهم اليمين بين يديه‪ ،‬على‬
‫أن الشهود يدلون بشهادة للمقرر دون حضور الطاعن والمطعون في انتخابه ويؤدون القسم‬
‫المنصوص عليه في الفصل ‪ 71‬من قانون المسطرة المدنية‪.‬‬

‫كما يمكن للمحكمة أن ترفض االستماع إلى الشهود إذا لم يدل الطاعن بالحجة‪ ،‬وهكذا‬
‫نجد في العديد من قراراته حيث أن الطاعن لم يدل بأية وثيقة تزيد ما يدعيه‪ ،‬و اكتفي بطلب‬

‫‪ 722‬قرار المحكمة الدستورية رقم ‪ 14/111‬الصادر في ‪ 9‬فبراير ‪.8114‬‬

‫‪P 422‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫االستماع إلى الشهود دون اإلتيان بإثبات أوقرينة تبررذلك‪ ،‬فإنه يتعين معه التصريح بعدم قبول‬
‫طلبه‪.‬‬

‫كما يمكن للمحكمة أن تكلف من أعضائها أو المقرر المعين للقيام في عين المكان‬
‫بإجراءات التحقيق التي يرى ضرورة القيام بها‪ .‬وتحرر محتويات التحقيق وإجراءاته في محضر‬
‫تطلع عليه األطراف املحلية األمانة العامة للمحكمة الدستورية وتدلي بمالحظاتها في شأنه كتابه‬
‫في غضون ‪7‬أيام ‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬المداولة وإصدارالقرار‬

‫بعد أن تصبح الدعوى جاهزة للبث فيها‪ ،‬تجتمع املحكمة بدعوى من رئيسها للتداول‪ ،‬ثم‬
‫بعد ذلك يتم إصدار قرار في شأنها‪،‬و تتداول املحكمة الدستورية بناءا على تقرير يعده المقرر‬
‫وبعد التأكد من كل المعطيات والوقائع التي تحيط بالنازلة المعروضة عليه‪ ،‬على غرار النظام‬
‫الفرنس ي‪ ،‬يقوم رئيس املحكمة بتعيين المقرر الذي يقوم بتلقي تصريحات الشهود والقيام‬
‫بالتحقيقات الالزمة ثم يعد محضرا بذلك ويدعو المعنيين باألمر لالطالع عليه باألمانة العامة‬
‫للمحكمة و إبداع مالحظاتهم في شأنه كتابة في غضون ‪ 7‬أيام‪.‬‬

‫في هذا الصدد تجتمع املحكمة بدعوة من رئيسها‪ 723‬وال تكون مداوالتها صحيحة إال إذا‬
‫حضرها تسعة من أعضائه على األقل‪ 724،‬وفي حالة تعذرحضورالرئيس يقوم العشراألكبرسنا‬
‫مقامه‪ ،725‬وتتخذ القرارات بأغلبية ثلثي األعضاء الذين تتألف منهم املحكمة ‪726.‬‬

‫وهكذا تجد في جل قراراتها العبارة التالية ‪ " :‬وبعد االستماع إلى تقرير العضو المقرر‬
‫والمداولة طبقا للقانون "‪ ،‬لتنطلق بعد ذلك املحكمة بالقرارالذي ال يقبل أية وسيلة من وسائل‬
‫الطعن‪ ،‬ويكون الزما لكل الهيئات والسلطات‪.‬‬

‫أما بخصوص إصدار القرار فعندما تكون القضية جاهزة تبث فيها املحكمة الدستورية‬
‫بعد االستماع إلى تقرير المقرر داخل أجل ‪ 61‬يوما‪ 727،‬إال أن المشرع لم يحدد أجال للمقرر‬

‫‪723‬المادة ‪ 64‬من القانون التعليمي رقم ‪ 81-92‬المتعلق بالمجلس الدستوري‪.‬‬


‫‪724‬المادة ‪ 61‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 81-92‬المتعلق بالمجلس الدستوري‪.‬‬
‫‪725‬الفقرة ‪ 4‬من المادة ‪ 41‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 81-92‬المتعلق بالمجلس الدستوري‪.‬‬
‫‪726‬الفقرة ‪ 4‬من المادة ‪46‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 81-92‬المتعلق بالمجلس الدستوري‪.‬‬
‫‪727‬المادة ‪ 25‬من القانون ‪ 89-92‬المتعلق بالمجلس الدستوري‪.‬‬

‫‪P 423‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫ليجعل القضية جاهزة‪ ،‬ولم يحدد أجال للمحكمة للبث في الطعون االنتخابية منذ تاريخ تسجيلها‬
‫إلى تاريخ البث فيها‪ ،‬مما جعل العديد من المنازعات االنتخابية تتعطل أمام املحكمة الدستورية‬
‫وال تفصل فيها إال بعد مرور سنتين أو أكثر‪ 728،‬من هنا نتساءل وبوضوح‪،‬هل هذا التأخير الذي‬
‫تعرفه املحكمة يترجم نوعا من الخلل في وظيفتها الرقابية على االنتخابات البرلمانية ؟ وبالتالي‬
‫عجزها عن إرساء عدالة سياسية حقيقية‪ ،‬أم أنه دليل على عدم جرأتها في اتخاذ القرارفي منأى‬
‫عن كل ضغط أو تأثيرسياس ي؟‪.‬‬

‫فالقاض ي الدستوري يملك في المادة االنتخابية سلطة تقديرية واسعة الختيار الوقت‬
‫المناسب للبث في الدعوى وإصدار القرار في النازلة على اعتبار أن القانون لم يلزمها بأجل‬
‫محدد‪ ،‬األمر الذي يفتح لها الباب على مصراعيه للتعجيل أو التأجيل في بعض المنازعات‬
‫االنتخابية دون البعض اآلخر على عكس اإلنتخابات الجماعية والتي برجع فيها االختصاص إلى‬
‫املحاكم اإلدارية‪ ،‬إذ أن القانون قيد القاض ي اإلداري بأجل محدد للبث في الطعون االنتخابية‪،‬‬
‫حيث أن املحكمة اإلدارية تبث في الطعون المتعلقة بانتخاب أعضاء املجالس املحلية وأعضاء‬
‫الغرف الفالحية في ظرف ‪ 11‬يوما من تاريخ إيداعها بكتابة الضبط بهذه املحكمة‪729.‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬العر اقيل التي تحد من فعالية املحكمة الدستورية في املجال االنتخابي‬
‫وسبل تجاوزها‬

‫ال أحد يستطيع أن ينفي الدورالكبيرالذي لعبته املحكمة الدستورية في تخليق االنتخابات‬
‫التشريعية وتطهيرها من بعض الشوائب‪ ،‬لكن رغم ذلك‪ ،‬فحصيلة املحكمة في هذا املجال تبقى‬
‫غير كافية وال تبعث على االرتياح‪ ،‬العتبارات متعددة منها ما هو قانوني مرتبط بالنصوص‬
‫التشريعية‪ ،‬ومنها ما هو موضوعي مرتبط بالممارسة وطريقة اشتغال املحكمة (المطلب األول)‪.‬‬
‫ومن هنا أصبحت الضرورة ملحة إلدخال تعديالت وتحسينات على طريقة عمل املحكمة (‬
‫المطلب الثاني) ‪.‬‬

‫‪728‬لوالد داجو‪" ،‬القضاء الدستوري بالمغرب المجلس الدستوري والمنازعات االنتخابية"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم‬
‫الدراسات العليا المعمقة في القانون العام‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬أكدال ‪ -‬الرباط‪ ،‬ص ‪.56‬‬
‫‪729‬عسو منصور‪ ،‬المنازعات االنتخابية في العمل القضائي للمحاكم اإلدارية"‪ ،‬منشورات المجلة المغربية لإلدارة‬
‫المحلية والتنمية‪ ،‬سلسلة مواضيع الساعة‪ ،‬العدد ‪ ،56‬سنة ‪ ،8115‬ص ‪644‬‬

‫‪P 424‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫المطلب األول‪ :‬االكراهات على مستوى القانوني و المؤسساتي‬

‫رغم المكاسب واإلنجازات التي حققتها املحكمة في مر اقبة صحة االنتخابات البرلمانية‪،‬‬
‫فإنه الزالت بعض العر اقيل التي تحد من فعاليته‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬على المستوى القانوني‬

‫أدى بعض القصور في التشريع والنصوص القانونية إلى ضعف دور القاض ي الدستوري‬
‫في محاربة وزجر الغش االنتخابي على العديد من المستويات وفي جميع أطوار العمليات‬
‫االنتخابية‪.‬‬

‫فمثال أثناء العملية الممهدة لإلقتراع خصوصا فيما يتعلق بمر اقبة التقطيع االنتخابي‬
‫فإن الممارسة في المغرب قد جعلت القانون التنظيمي ملجلس ي البرلمان ينص على أن إحداث‬
‫الدو ائر االنتخابية يتم بمرسوم (المادة ‪ ،)1‬وبالتالي فهي تفلت من رقابة املحكمة الدستورية‬
‫التي تختص بالنظر في دستورية القوانين وليس المراسيم ‪،‬اذ أن القانون التنظيمي ملجلس‬
‫النواب حدد على سبيل الحصرحاالت إلغاء االنتخاب‪730،‬مستبعدا بذلك قبول أية وسيلة ترتكز‬
‫على اإلخالل بمبدأ المساواة في التمثيل السياس ي‪ ،‬ومما ال شك فيه أن تقييد حرية املحكمة في‬
‫تقدير مدى تأثير التقطيع االنتخابي على نتائج االقتراع لها انعكاسات سلبية على صدق ونزاهة‬
‫االنتخابات البرلمانية‪.731‬‬

‫فبالرغم من القرارات التي أصدرها االجتهاد القضائي المغربي في مجال العمليات‬


‫االنتخابية‪ ،‬فإنه لم تثر أمامه قضايا تخص التقطيع االنتخابي تمكننا من استنتاج مبادئ‬
‫وقواعد نطبقها في الممارسة المغربية‪ ،‬باستثناء حكم صادر عن املحكمة االبتدائية بالرباط‬
‫بمناسبة االنتخابات الجماعية‪ ،‬إذ استند فيه الطاعن إلى عدم قانونية التقطيع‪ ،‬وقد صرحت‬
‫املحكمة بخصوصه على أنه ال يمكن االعتماد على كون التقسيم اإلداري معيبا لطلب الغاء‬

‫‪730‬المادة ‪ 22‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 26-96‬المتعلق بمجلس النواب‬


‫‪ 731‬عزيزة الغداني‪ " ،‬مراقبة المجلس الدستوري لصحة االنتخابات التشريعية في المغرب بين الفعالية‬
‫والمحدودية"‪ ،‬منشورات المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬سلسلة دراسات‪ ،‬عدد ‪ ،64‬سنة ‪ ،8116‬ص‬
‫‪.669‬‬

‫‪P 425‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫نتيجة االنتخاب‪ ،‬ألن أمر التقسيم موكول إلى السلطة اإلدارية وقد يخضع إلى وسائل طعن‬
‫خاصة‪.732‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬على المستوى المؤسساتي‬

‫هناك إكراهات مرتبطة ببينة املحكمة وتركيبيتها (طريقة التعيين) ‪،‬إن تناول موضوع‬
‫تعيين قضاة املحكمة الدستورية بالمغرب معناه التساؤل عن الشروط الواجب توفرها لتحديد‬
‫اختيارات التعيين‪ ،‬والكيفية التي تتم بها ؟ وبالرجوع إلى التجارب الدستورية المقارنة‪ ،‬يتبين أنه‬
‫ليس هناك نظام مثالي في تعيين قضاء املحاكم الدستورية‪ ،‬حيث يالحظ وجود اختالف في مجال‬
‫ومعاييروشروط التعيين بين تجربة وأخرى ‪ ،‬فالدستورالمغربي الذي أخذ من التجربة الفرنسية‬
‫نموذجا ال يحدد أية معايير أو شروط لتعيين أعضاء املحكمة الدستورية‪ ،‬سواء المهنية منها‬
‫(التكوين‪ ،‬اللغة‪ ،‬السن األدنى والسن األعلى‪ .)...‬أو التقنية المتعلقة بالتمييز بين المتخصص‬
‫وغير المتخصص‪ ،‬من التقني والسياس ي‪ 733.‬ويشكل نمط تعيين قضاة املحكمة عامال محددا‬
‫لطبيعة المؤسسة ووظيفتها‪ ،‬ما دام أن غياب معاييرمحددة على هذا المستوى‪ ،‬يمكن أن يجعل‬
‫مسطرة التعيين مبنية على عناصرشخصية كفكرة " رد الجميل "‪ ،‬الصداقة واملجاملة‪ ،‬وبالتالي‬
‫فنمط التعيين يطرح إشكاليتين رئيسيتين ‪ :‬األولى تتعلق بسلطة التعيين أي من هي الجهة املخولة‬
‫قانونيا ودستوريا بتعيين أعضاء املحكمة‪ ،‬والثانية البحث إذا ما كان هذا النمط أوالسياسة في‬
‫التعيين تتالءم مع المهام التي أسندت للمحكمة‪ ،‬إذن فأي مغربي يتمتع بحقوقه السياسية‬
‫والمدنية يمكن له أن يكون عضوا في املجلس إذا تم اختياره من طرف الملك أو رئيس مجلس ي‬
‫البرلمان‪ ،‬دون أن يكون مقيدا بأي شرط يتعلق بالتكوين القانوني أو التمثيلية السياسية‪.‬‬
‫إضافة إلى أن تعيين أعضاء املحكمة من قبل جهات سياسية يدفع إلى التشكيك في‬
‫استقالليته‪.734‬وهنا نتساءل ‪ :‬ماذا يمكن أن يفعل أوأن يقوم به طبيب أومهندس داخل املحكمة‬
‫من المفروض أن تكون مهمته قانونية بحثة ؟ وهل يستطيع أن يواكب تطور مجال مغاير من‬
‫الذي اكتسبه او له دراية به ؟‬

‫‪732‬حكم صادر بتاريخ ‪.66/6/6926‬‬


‫‪733-A. Zejjari, " Le conseil constitutionnel, Remald, Nº 10, 1995, p : 10.‬‬

‫‪ 734‬عبد الرحيم منار السليمي‪ ،‬مناهج عمل القاضي الدستوري بالمغرب‪ ،‬دراسة سوسيو قضائية‪ ،‬منشورات المجلة‬
‫المغربية لإلدارة المحلية و التنمية‪ ،‬سلسلة مؤلفات و أعمال جامعية‪ ،‬عدد‪ ،61‬سنة ‪ ،4996‬ص‪.11‬‬

‫‪P 426‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫فتركبية املحكمة تمزج بين ما هومنهي (التكوين القانوني)‪ ،‬وما هوتقني (طبيب) مما يجعل‬
‫عملها يعرف بعض القصور‪ ،‬فاملحكمة ونظرا للدور الكبير المنوط بها وللمكانة التي تحتلها‬
‫داخل الهرم القضائي المغربي‪ ،‬كان يجب أن تتشكل من أشخاص يتمتعون بدراية كافية بمجال‬
‫القانون‪ ،‬وأن ال يسمح لمن ليس له تكوين قانوني بأن يلج إليه‪ ،‬ألن موضوع المنازعات‬
‫االنتخابية باعتباره إحدى الوظائف التي تشتغل عليها املحكمة الدستورية ‪،‬هو موضوع معقد‬
‫يحتاج إلى موهبة ومعرفة مسبقة بأمورالتحقيق والتشريع‪ ،‬وبالتالي إضفاء شرعية أكبروضمانة‬
‫أكبر لالقتراع وتعزيز من ثقة المتقاضين في العدالة‪ ،‬ألنهم يدركون أن طعونهم هي بين أشخاص‬
‫أكفاء ملمين بعملهم‪ ،‬وبالتالي يستطيعون إرجاع الحق لصاحبه متى ظهر لهم ذلك‪ ،‬خصوصا‬
‫وأن الكل يعلم بأن االنتخابات والمنازعات االنتخابية بصفة خاصة تهدف إلى إيجاد حلول‬
‫وإجابات عن مشاكل واختالالت ميزت االقتراع‪ ،‬وتهدف إلى إنتاج مؤسسات دستورية تسهر على‬
‫الدفاع عن المواطنين‪ ،‬زد على ذلك‪ ،‬أن قرارالقاض ي الدستوري يغلب عليه الطابع السياس ي‪،‬‬
‫وذلك راجع إلى حداثة عهد المغرب بالتجربة الديمقراطية ومحدودية االجتهاد القضائي‬
‫الدستوري ‪،‬وطبيعة مسطرة التعيين في املحكمة الدستورية واالعتبارات المتحكمة فيها‪ ،‬وإلى‬
‫كونها حكما بين أطراف سياسية متنازعة على السلطة‪ ،‬مما يجعلها أحيانا ال تتمتع باالستقاللية‬
‫والتجرد الحقيقي‪ ،‬وغير قادرعلى كشف خبايا األمورفي بعض الملفات الحساسة‪ ،‬مما تنعكس‬
‫سلبا على جودة المنتوج الدستوري‪ ،‬مجمل القول‪ ،‬لقد أثبتت الممارسة القضائية في المغرب‬
‫عن قصور املحكمة الدستورية في أداء وظيفتها‪ ،‬وهذا ما أثر سلبا على مردوديتها‪ ،‬وبالتالي‬
‫أصبحت الضرورة ملحة لتحسين مناهج ووسائل عمل هذا الجهاز حتى يستطيع أن يسترجع‬
‫هيبته كمؤسسة دستورية قادرة على ضبط آليات وميكانيزمات انتخاب أعضاء البرلمان‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬تحسين وسائل و مناهج عمل املحكمة الدستورية‬

‫تتعلق الوسائل باإلمكانيات المادية والبشرية والقانونية المتاحة للمجلس للقيام بمهامه‬
‫في أحسن الظروف (الفقرة األولى) أما المناهج فتتعلق بطريقة عمله واشتغاله وبكيفية‬
‫استخدام تلك الوسائل (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬تـطـويـررسـائـل عـمـل القاض ي الدستوري‬

‫بما أن املحكمة الدستورية عبارة عن مؤسسة قائمة بذاتها‪ ،‬فإنها تحتاج إلمكانيات مادية‬
‫وبشرية كافية للقيام بمهامها في أحسن الظروف ولتحقيق أكبر قدر من المردودية‪ ،‬فلكي تقوم‬

‫‪P 427‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫املحكمة بدور فعال و إيجابي في النظر في الطعون االنتخابية‪ ،‬فإنها تحتاج إلى وسائل مادية‬
‫وبشرية هامة لمساعدتها في مهامه المتعددة‪ ،‬باإلضافة إلى العنصر البشري الحاسم المتكون‬
‫من األعضاء‪ ،‬تحتاج املحكمة إلى طاقم إداري هام إلعداد العمل وإلى مساعدة مقررين مؤهلين‪،‬‬
‫وإلى وثائق ووسائل العمل المتطورة‪ ،‬خاصة عندما تتراكم القضايا والطعون االنتخابية‪.735‬‬

‫هذه العناصرالبشرية وعلى اختالف أصنافها وتكوينها تلعب دورا هاما في تحليل القضايا‬
‫وتجهيزها والقيام بالتحقيقات الضرورية للوصول إلى الحقيقة بغية تحقيق العدالة واإلنصاف‬
‫للطرف المتضرر‪ ،‬ولن يتأتى تحقيق هذه األهداف إال بالتوفر على أطر وكفاءات مؤهلة علميا‬
‫وتقنيا وخاضعة لتكوين قانوني يسمح لها القيام بدورها الطالئعي في أحسن الظروف‪.‬‬

‫أما من جهة أخرى‪ ،‬فباإلضافة إلى العناصر البشرية السابقة الذكر تحتاج املحكمة إلى‬
‫اعتمادات مالية تمكنها من العمل والقيام بوظيفتها بعيدا عن أي تأثيرات خارجية‪ ،‬هذه‬
‫االعتمادات تشمل أجوروتعويضات الرئيس واألعضاء والموظفين‪ ،‬إضافة إلى نفقات التسيير‪،‬‬
‫وهذا ما جعل المشرع يلحق ميزانية املحكمة ضمن الميزانيات الملكية‪ ،‬وهذا إن دل فإنما يدل‬
‫على المكانة المتميزة التي تحتلها هذه المؤسسة الدستورية داخل الهرم المؤسساتي للمملكة‪.‬‬

‫ويظهر بجالء ضرورة توفير اإلمكانيات المالية والبشرية الالزمة للمحكمة عندما يتم‬
‫إصدار األمر بإجراء األبحاث والتحقيقات في قضية ما‪ ،‬وما يتطلبه األمر من انتقال إلى عين‬
‫المكان واالستقرار واالستماع إلى الشهود وما يصاحبه من مصاريف اإلقامة والتجوال‬
‫والتسيير‪.736‬‬

‫غيرأن توفيرهذه اإلمكانيات يصبح بال معنى إذا لم يتم التحرك من أجل تعزيز الجوانب‬
‫القانونية والتي أبانت الممارسات عن قصورفي التشريع وفي النصوص القانونية المنظمة لعمل‬
‫القاض ي الدستوري في المنازعات اإلنتخابية‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬تحسين مناهج عمل القاض ي الدستوري‬

‫‪735‬عبد العزيز النويضي‪ ،‬العدالة و السياسة‪ :‬االنتخابات و القضاء الدستوري في المغرب‪ ،‬مطبعة النجاح‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪ ،4991 ،‬الدارالبيضاء‪ ،‬ص ‪.414‬‬
‫‪736‬عبد المالك أعزاز‪ " ،‬الضمانات والضوابط لصحة االنتخابات المقبلة "‪ ،‬منشورات المجلة المغربية لإلدارة‬
‫المحلية والتنمية‪ ،‬سلسلة مواضيع الساعة‪ ،‬عدد ‪ ،22‬سنة ‪ ،8118‬ص ‪.61‬‬

‫‪P 422‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫فلكي تطلع املحكمة بدورها الطالئعي في محاربة الغش االنتخابي وضمان نزاهة االقتراع‪،‬‬
‫فالبد من تحسين مناهج عملها‪ ،‬بالصـورة التي تعيد ثقة المتقاضين فيه ‪ ،‬إن تحسين مناهج‬
‫عمل املحكمة الدستورية تشكل ضمانات مسطرية للنزاهة والفعالية وتقدم ضمانات هامة‬
‫للمتقاضين على أساس أن القاض ي الدستوري هوالقاض ي الذي تتلخص مهمته في إحقاق الحق‬
‫والبحث عن العدالة‪.‬‬

‫ف من بين مجاالت تحسين مناهج عمله نذكر ‪ :‬تحديد آجال واضحة للبث في الطعون‬
‫االنتخابية‪ ،‬ف من أجل السير العادي للعمليات االنتخابية وضمان نزاهتها‪ ،‬أقر المشرع المغربي‬
‫الطعون االنتخابية كوسيلة عملية لتصحيح العيوب التي من شأنها أن تلحق بإرادة المواطنين‬
‫في أية عملية انتخابية‪، 737.‬لكن التأخر الفادح في البث في هذه الطعون يعد قصورا خطيرا لما‬
‫ينبع عنه منعدم استقرار في المراكز القانونية لألشخاص‪ ،‬ويشكل هاجسا مستمرا بالنسبة‬
‫للمطعون في انتخابه‪ ،‬وإحساسا بنوع من إنكار العدالة بالنسبة للطاعن‪ ،‬السيما إذا استغرق‬
‫البث في الدعوى ما يقارب أو يفوق مدة الوالية االنتخابية‪.738‬‬

‫وبالرجوع إلى المادة ‪ 11‬من القانون التنظيمي المتعلق باملجلس الدستوري التي تنص‬
‫على أنه‪ " :‬عندما تكون القضية جـاهزة يبث فيها املجلس الدستـوري داخل أجل ‪ 61‬يوما بعد‬
‫االستماع على تقريرالمقرر"‪ ،‬أي أن المشرع لم يحدد بدقة المدة التي يستغرقها قضاة املحكمة‬
‫الدستورية في تجهيز القضية من أجل البث فيها‪ ،‬حيث جعلها مفتوحة‪ ،‬وبالتالي فأجل البث في‬
‫هذه الطعون يرجع إلى السلطة التقديرية للمحكمة التي ما إذا كانت القضية أو الدعوى جاهزة‬
‫أم تحتاج لمزيد من الوقت‪ ،‬ولعل أفضل وسيلة هي تحديد القانون التنظيمي للمحكمة أو‬
‫للبرلمان‪ ،‬أجال للمجلـس للبت في الطعون‪ ،‬انطالقا من تاريخ رفعها إليه مع تقييد المقـرر أو‬
‫المقررين بأجل محددة لوضع تقريرهم في القضية‪ ،‬وتقييد الطاعن والمطعون في انتخابه كذلك‬
‫بآجال محددة لتقديم العرائض والمطعون في انتخابه كذلك بآجال محددة لتقديم العرائض‬
‫والمذكرات الجوابية‪ 739.‬هذا خالفا لما يحصل في فرنسا‪ ،‬حيث أن املجلس الدستوري الفرنس ي‬

‫‪737‬محمد عامري‪ " ،‬الطعون االنتخابية بالمغرب "‪ ،‬مطبعة افريقيا الشرق‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،6992‬ص ‪.98‬‬
‫‪738‬إدريس بلمحجوب‪ * ،‬توجهات العمل القضائي في المنازعات االنتخابية بين الغرفة اإلدارية والمجلس‬
‫الدستوري"‪ ،‬دفاتر المجلس األعلى‪ ،‬العدد ‪ ،8112 ،2‬ص ‪.86‬‬
‫‪739‬‬ ‫‪Kamal el guelloa,conseil constitutionnel , juge électoral, étude analytique du‬‬
‫‪contentieux électoral concernant les électionslégislatives de 1997, mémoire pour‬‬
‫‪l’obtention de DESA, en droit public, Rabat,2001‬‬

‫‪P 427‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫يمتاز بالسرعة والفعالية في البث في القضايا المعروضة عليه‪ ،‬ففي سنة ‪ 5775‬تمت االنتخابات‬
‫النيابية في ‪ 51‬و ‪ 15‬يونيو (نظام االقتراع الفردي بدورتين)‪ ،‬وفحص املجلس إثرها ‪ 61‬عريضة‬
‫وأصدر ‪ 11‬مقررا و أنهى كل ذلك في شهر دجنبر ‪( 5775‬حوالي ‪6‬أشهر)‪ .‬وفي سنة ‪ ،5777‬توصل‬
‫املجلس ب ‪ 77‬عريضة طعن وأصدر‪ 71‬مقررا في نفس اآلجال‪ ،‬وفي انتخابات مارس ‪ ،5771‬قدمت‬
‫‪ 111‬عريضة وأصدر املجلس ‪519‬مقررا كذلك تم بين شهر أبريل ودجنبر‪ ،‬فالفرق شاسع بين‬
‫املحكمة الدستورية المغربية ونظيرها الفرنسية‪ ،‬ومن ثم فالدعوة أصبحت ضرورية لتمكين‬
‫املحكمة من وسائل عمل كافية مع تحديد آجال اليجوزتجاوزها للبث في الطعون‪ ،‬ألن هذا األمر‬
‫قد أصبح ذو أهمية بالغة حتى يبقى للطعون معنى وتؤدى الوظيفة التي أنشئت من أجلها‪.‬‬

‫خاتمة ‪:‬‬

‫وخالص القول أن االنتخابات هي التجسيد الفعلي والحقيقي للتعبير عن إرادة الشعب‬


‫وحقه في االختيار‪ ،‬وبالتالي فمن الالزم توفيركل الشروط والضمانات لتمراالنتخابات في ظروف‬
‫سليمة ‪ ،‬فمن البديهي‪ ،‬أن القضاء يمارس الرقابة على المنازعات االنتخابية في جميع المراحل‬
‫سواء الممهدة أو المواكبة أو الالحقة بغية تحقيق سالمة االنتخاب‪ ،‬على اعتبار أن النزاهة‬
‫والشفافية والمصداقية تعتبر من الشروط األساسية والالزمة لمصداقية االنتخابات‬
‫ومصداقية المؤسسات التي تنبثق عنها‪.‬‬

‫فال غرو إذن أن القضاء يلعب دورا متميزا في ضبط مختلف العمليات باعتباره آلية مهمة لتقنية‬
‫املجال االنتخابي وتخليق الحياة السياسية وإعادة الثقة للممارسة السياسية باعتبارها‬
‫ممارسة نبيلة تروم تحقيق انخراط المواطن في الحياة العامة واشتراكه في الشأن العام‪.‬‬

‫الئحة المراجع المعتمدة ‪:‬‬

‫خالد الشرقاوي السموني‪ " ،‬املجلس الدستوري ورقابته على االنتخابات التشريعية أبي‬
‫رقراق للطباعة والنشر‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،1111‬الرباط‪.‬‬

‫محمد قصري‪ :‬الطعون االنتخابية بين احكام التسريع وقرارات القضاء المغربي‪ ،‬الطبعة‬
‫‪.1119‬‬

‫‪P 430‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫‪-‬عسو منصور‪ ،‬أحمد مفيد‪ ،‬نعيمة البالي‪ ،‬القانون االنتخابي المغربي‪ ،‬مطبعة أنفو ‪-‬‬
‫برائت‪ ،‬طبعة ‪.1119‬‬

‫‪-‬بوعزاوي بوجمعة‪" ،‬مر اقبة صحة االنتخابات التشريعية المباشرة في المغرب"‪،‬‬


‫أطروحة لنيل الدكتوراه في القانونالعام‪ ،‬جامعة محمد األول‪ ،‬كلية الحقوق بوجدة‪.1115 ،‬‬

‫‪-‬محمد املجذوبي اإلدريس ي‪" ،‬إجراءات التحقيق في الدعوى في قانون المسطرة المدنية‬
‫المغربي"‪ ،‬مطبعة الكاتبالمغربي‪ ،‬الطبعة األولى‪.5771 ،‬‬

‫‪-‬عسو منصور‪ ،‬المنازعات االنتخابية في العمل القضائي للمحاكم اإلدارية"‪ ،‬منشورات‬


‫املجلة المغربية لإلدارةاملحلية والتنمية‪ ،‬سلسلة مواضيع الساعة‪ ،‬العدد ‪ ،19‬سنة ‪.1111‬‬

‫‪-‬عزيزة الغداني‪ " ،‬مر اقبة املجلس الدستوري لصحة االنتخابات التشريعية في المغرب‬
‫بين الفعالية واملحدودية"‪ ،‬منشورات املجلة المغربية لإلدارة املحلية والتنمية‪ ،‬سلسلة دراسات‪،‬‬
‫عدد ‪ ،91‬سنة ‪.1119‬‬

‫‪ -‬عبد الرحيم منار اسليمي‪ ،‬مناهج عمل القاض ي الدستوري بالمغرب‪ ،‬دراسة سوسيو‬
‫قضائية‪ ،‬منشورات املجلة المغربية لإلدارة املحلية والتنمية‪ ،‬سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية‪،‬‬
‫عدد‪ ،61‬سنة ‪.1116‬‬

‫‪-‬عبد العزيزالنويض ي‪ ،‬العدالة و السياسة‪ :‬االنتخابات و القضاء الدستوري في المغرب‪،‬‬


‫مطبعة النجاح‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،1119 ،‬الدارالبيضاء‪.‬‬

‫‪-‬عبد المالك أعزاز‪ " ،‬الضمانات والضوابط لصحة االنتخابات المقبلة "‪ ،‬منشورات‬
‫املجلة المغربية لإلدارة املحلية والتنمية‪ ،‬سلسلة مواضيع الساعة‪ ،‬عدد ‪ ،17‬سنة ‪.1111‬‬

‫‪-‬محمد عامري‪ " ،‬الطعون االنتخابية بالمغرب "‪ ،‬مطبعة افريقيا الشرق‪ ،‬الطبعة األولى‬
‫‪.5771‬‬

‫‪-‬إدريس بلمحجوب‪ " ،‬توجهات العمل القضائي في المنازعات االنتخابية بين الغرفة‬
‫اإلدارية واملجلس الدستوري"‪،‬دفاتراملجلس األعلى‪ ،‬العدد ‪.1111 ،1‬‬

‫‪ -‬القانون التنظيمي رقم ‪ 15-79‬المتعلق بمجلس النواب‪.‬‬

‫‪P 431‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫القانون التعليمي رقم ‪ 11-71‬المتعلق باملجلس الدستوري‪.‬‬

‫القانون التنظيمي رقم ‪ 11-71‬المتعلق باملجلس الدستوري‪..‬‬

‫‪ -‬قراراملجلس الدستوري رقم‪ 917/17‬الصادرفي ‪ 1‬يونيو ‪1117‬‬

‫‪-‬قراررقم ‪ 17/911‬الصادر بتاريخ ‪ 1117-55-19‬الجريدة الرسمية عدد ‪.1671‬‬

‫‪-‬قراررقم ‪ 19/661‬الصادر بتاريخ ‪ 1119/55/17‬الجريدة الرسمية عدد ‪1171‬‬

‫‪-‬قراررقم ‪ 11/119‬الصادر بتاريخ ‪ 1111/15/19‬الجريدة الرسمية عدد ‪.1571‬‬

‫‪-‬قراررقم ‪ 17/911‬الصادر بتاريخ ‪ 1117/11/17‬الجريدة الرسمية عدد ‪1611‬‬

‫‪-‬قراررقم ‪ 17/911‬الصادر بتاريخ ‪ 1117/51/11‬الجريدة الرسمية عدد ‪.1671‬‬

‫قراررقم ‪ 17/961‬الصادربتاريخ ‪ ،1117-6-11‬الجريدة الرسمية عدد ‪1919‬‬

‫‪-le requête (N) 97-2229 du 14 octobre 1997, vienne 2 en circRe) p : 118.‬‬


‫‪- Kamal el guelloa, conseil constitutionnel , juge électoral, étude‬‬

‫‪analytique du contentieux électoral concernant les élections législatives de‬‬


‫‪1997, mémoire pour l’obtention de DESA, en droit public, Rabat,2001‬‬

‫‪-A. Zejjari, " Le conseil constitutionnel, Remald, Nº 10, 1995‬‬

‫‪P 432‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫دور التقاضي بسوء نية في هدر الزمن‬


‫القضائي‬
‫‪The role of bad faith litigation in the waste of judicial time‬‬
‫مقدمة‬

‫تمثل مرحلة سير الدعوى والتحقيق فيها املحك الحقيقي للمحكمة ولألطراف‪ ،‬حيث إن‬
‫املحكمة مدعوة لتفعيل النصوص وتطبيقها‪ ،‬كما أن األطراف مدعوون لعرض أوجه دفاعهم‪،‬‬
‫ومطالبهم وبسط الوقائع وتقديم الحجج والبراهين‪ ،‬ليتحدد خالل هذه المرحلة مصير هذه‬
‫االدعاءات والمطالب‪ ،‬كل ذلك في إطاراجرائي قانوني وشكلي محدد ال سلطان فيه لإلرادة‪.740‬‬

‫واملحكمة في إطار تحقيقها للدعوى يجب أن تتوخى اإلسراع في اتخاذ اإلجراءات الالزمة‬
‫للحكم فيها‪ ،‬تحقيقا للنجاعة المنشودة في عمل القضاء‪ ،‬لكن يجب التوضيح أن البطء في‬
‫التقاض ي ال يعود في جميع األحوال إلى املحكمة‪ ،‬بل قد يعود إلى النصوص القانونية المنظمة‬
‫لسيراإلجراءات‪ ،‬لكونها تتسم بالتعقيد وتغليب الجانب الشكلي‪ ،‬باإلضافة إلى بعض الممارسات‬
‫التي أفرزها الو اقع العملي مثل ظاهرة التقاض ي بسوء نية التي أضحت عبئا يثقل كاهل القضاء‬
‫خاصة في ظل عجزالقواعد المسطرية عن وضع حد للظاهرة‪.‬‬

‫فال شك في أنه ال يمكن الوصول إلى مرحلة تكون فيها الخدمة القضائية تتميز بالسرعة‬
‫والفعالية‪ ،‬دون التوفرعلى إطارتشريعي ومسطري يكفل تحقيق البت داخل أجل معقول‪ ،‬ذلك‬
‫أن النصوص القانونية توضع في األصل لتسهيل عملية التقاض ي‪ ،‬غير أنها في بعض األحيان قد‬

‫‪ 740‬رشيد حوبابي‪ ،‬أحكام التبليغ بين النظر الفقهي والعمل القضائي في القانون المغربي والمقارن‪ ،‬مطبعة أمستيتون‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪ ،4998 ،‬ص‪.1:‬‬

‫‪P 433‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫تكون هي السبب في هدر الزمن القضائي‪ ،‬إما ألن مقتضياتها تسهم في ظاهرة هدر الزمن‬
‫القضائي‪ ،‬أو ألنها لم تستطع الحد من بعض الممارسات التي تؤدي إلى تمطيط أمد التقاض ي‪،‬‬
‫مثل ظاهرة التقاض ي بسوى نية‪ ،‬ولتحليل الموضوع ينبغي التركيز بداية على مبدأ التقاض ي‬
‫بحسن نية (أوال) ثم تسليط الضوء على بعض الممارسات التي تجسد التقاض ي بسوء نية‬
‫(ثانيا)‬

‫أوال‪ :‬مبدأ التقاض ي بحسن نية‬

‫إن األصل في التقاض ي هو حرية اللجوء إلى القضاء‪ ،‬ذلك أن حق اإلنسان في التقاض ي‬
‫من الحقوق التي أقرتها كل المواثيق الدولية والتشريعات الوطنية‪ ،‬مثل المادة الثامنة من‬
‫اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان التي قررت أن " لكل شخص الحق في أن يلجأ إلى املحاكم‬
‫الوطنية إلنصافه من أعمال فيها اعتداء على الحقوق األساسية التي يمنحها القانون"‪ ،‬والمادة‬
‫العاشرة من نفس اإلعالن التي تنص على أن لكل إنسان على أساس المساواة الكاملة في أن تنظر‬
‫في قضيته بإنصاف وبعالنية محكمة مستقلة تفصل في الحقوق التي له والواجبات التي عليه أو‬
‫في صحة كل اتهام جنائي يواجه به"‪.‬‬

‫وفي هذا اإلطارذهبت الدساتيرالوطنية في نفس االتجاه‪ ،‬ذلك أن الدستورالمغربي بدوره‬


‫ينص في الفصل ‪ 557‬على أن " حق التقاض ي مضمون لكل شخص للدفاع عن حقوقه وعن‬
‫مصالحه التي يحميها القانون"‪.‬‬

‫فالحق في التقاض ي إذا هو حق ذوا نطاق واسع‪ ،‬ذلك أن لكل شخص أن يقدم للقضاء‬
‫أي مطلب يرى عرضه عليه‪ ،‬حتى لو كان هذا المطلب غيرمحقق‪ ،‬أو كان ال يرتكزعلى أي أساس‪،‬‬
‫وما يقال عن حرية اإلدعاء‪ ،‬يقال مثله عن حرية الدفاع‪ ،‬وحرية سلوك مختلف طرق الطعن‪.‬‬
‫فالخصوم يستطيعون أن يدلون بما يشاؤون من دفوع‪ ،‬حتى لوكانت دفوعا واهية‪ ،‬كما يستطيع‬
‫أن يمارس أي طريق من طرق الطعن القانونية‪ ،‬عادية أو غير عادية‪ ،‬حتى لو كان مصير هذا‬
‫الطعن الرد املحتم‪.‬‬

‫إال أن هذا الحق يظل كسائر الحقوق‪ ،‬مقرونا بضرورة عدم التعسف في استعماله‪،‬‬
‫والتعسف كما عرفه الفقهاء هو ذلك التحايل على مقصود الشرع‪ ،‬أو هو التحايل لبلوغ هدف‬

‫‪P 434‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫لم يشرع الحق ألجله‪ ،741‬فحق التقاض ي كآلية لحل النزاع أو الوصول للحق‪ ،‬أو حمايته‪ ،‬ال‬
‫يستقيم وال يكتمل في تحقيق المبتغى منه مالم يتعزز بالمفهوم األخالقي‪ ،‬الذي يتجاوز المعيار‬
‫القانوني الصرف المتجرد‪ ،‬والقائم على شكليات مضبوطة وآليات مسطرية تؤطره‪ ،‬ولهذه‬
‫الغاية نجد المشرع قد أقرن حق التقاض ي بضرورة ممارسته بحسن نية‪.‬‬

‫وحسن النية يعتبربدوره من المبادئ األخالقية الهامة يحمله كل فرد في وجدانه وقناعته‬
‫كيفما كان مستواه العلمي أو المعرفي‪ ،‬وعليه فإنه يتعين على كل متقاض ممارسة حقه بحسن‬
‫نية‪ ،‬فكونه صاحب حق ال يشفع له في استعمال أساليب وطرق تقوم على سوء النية‪ ،‬ولو كان‬
‫من شأنها حماية حقوقه ومصالحه‪ ،‬بمعنى أنه ال مجال للقول بكون الغاية تبرر الوسيلة‪ ،‬فإن‬
‫لم تكن هذه األخيرة مشروعة وأخالقية‪ ،‬فال يمكن الحديث عن الغاية ولو كانت مشروعة‪.‬‬

‫والمشرع المغربي ما فتئ يذكر بضرورة التقاض ي بحسن نية كلما تسنت له فرصة ذلك‪،‬‬
‫فعالوة على الفصل ‪ 1‬من قانون المسطرة المدنية الذي ينص على أنه" يجب على كل متقاض‬
‫نص المشرع في الفصل ‪ 561‬من نفس القانون‪742‬‬ ‫ممارسة حقوقه طبقا لقواعد حسن النية"‬
‫على أنه إذا ما رأت محكمة االستئناف عند نظرها في استئناف أمر باألداء أن االستئناف لم‬
‫يقصد منه إال التسويف والمماطلة يمكن لها الحكم بغرامة مدنية ال تقل عشرة في المائة من‬
‫مبلغ الدين وال تفوق ‪ 11‬في المائة من هذا المبلغ لفائدة الخزينة‪ ،‬كما نص المشرع في الفصل‬
‫‪ 111‬من قانون المسطرة المدنية‪ ،‬على أن يحكم على الطرف الذي ال يقبل تعرضه‪ ،‬بغرامة ال‬
‫تتجاوز مائة درهم بالنسبة للمحاكم االبتدائية‪ ،‬وثالثمئة بالنسبة ملحاكم االستئناف‪،‬‬
‫وخمسمائة درهم بالنسبة ملحكمة النقض‪ ،‬دون مساس بالتعويض للطرف اآلخرعند االقتضاء‪.‬‬

‫ويحق ملحكمة النقض حسب الفصل ‪ 196‬من قانون المسطرة المدنية‪ ،‬أن تبت في‬
‫الطلب الذي يمكن أن يرفعه إليها المطلوب ضده في النقض للمطالبة بتعويض عن الضررالذي‬
‫لحقه بسبب رفع الطعن التعسفي‪.‬‬

‫كما نص المشرع في الفقرة األخيرة من المادة ‪ 11‬من مدونة األسرة‪ ،‬على أنه" إذا كان‬
‫سبب عدم توصل الزوجة باالستدعاء ناتجا عن تقديم الزوج لعنوان غير صحيح‪ ،‬أو تحريف في‬

‫‪ -741‬أحمد إبراهيم عبد التواب‪ ،‬النظرية العامة للتعسف في استعمال الحق اإلجرائي‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬القاهرة‪ ،4996 ،‬ص‪:‬‬
‫‪.791‬‬

‫‪ 742‬بقي الفصل كما هو في مشروع قانون المسطرة المدنية‪.‬‬

‫‪P 435‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫اسم الزوجة بسوء نية‪ ،‬تطبق على الزوج العقوبة المنصوص عليها في الفصل ‪ 165‬من القانون‬
‫الجنائي‪ ،‬بطلب من الزوجة المتضررة"‪ ،‬ونص أيضا في الفصل ‪ 17‬من قانون التحفيظ العقاري‪،‬‬
‫على أن‪ ":‬كل طلب للتحفيظ أو تعرض عليه‪ ،‬ثبت للمحكمة صدوره عن تعسف أو كيد أو سوء‬
‫نية يوجب ضد صاحبه غرامة لفائدة الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري‬
‫والخرائطية‪ ،‬ال يقل مبلغها عن عشرة في المائة من قيمة العقارأو الحق المدعى به‪ ،‬والكل دون‬
‫المساس بحق األطراف المتضررة في التعويض"‪.‬‬

‫وفي هذا الصدد سبق للقضاء أن أكد بدوره‪ 743‬على وجوب التقاض ي بحسن نية‪ ،‬إذ جاء‬
‫في قرار للمجلس األعلى (محكمة النقض حاليا) " إذا كان االلتجاء إلى القضاء حقا‪ ،‬فيجب أن‬
‫يمارس بحسن نية" وجاء في قرار آخر‪ ،‬أن " املجلس األعلى يعتبر توجيه الدعوى في عنوان غير‬
‫حقيقي للمدعى عليه‪ ،‬لحرمانه من درجة التقاض ي‪ ،‬أمرا يتنافى وقواعد حسن النية عند‬
‫التقاض ي‪ ،‬وفق أحكام الفصل ‪ 1‬من قانون المسطرة المدنية"‪.‬‬

‫إال أن ما تجدر مالحظته أخيرا في و اقع الممارسة القضائية‪ ،‬هو ضعف تفعيل‬
‫المقتضيات التي تنص على وجوب التقاض ي بحسن نية‪ ،‬وذلك وفق ما سبقت اإلشارة إليه‬
‫أعاله‪ ،‬ولعل من األسباب المباشرة لعدم تفعيلها‪ ،‬هو كون المشرع لم يرتب أي جزاء عند‬
‫اإلخالل بها على غرارما هو منصوص عليه في الفصل ‪ 1‬من قانون المسطرة المدنية‪ ،‬مما يجعله‬
‫نصا ميتا‪ ،‬يكتفي المشرع فيه بمخاطبة ضمير المتقاض ي‪ ،‬مع العلم أن من أبرز خصائص‬
‫القاعدة القانونية خاصية اإللزام على مخالفتها‪ ،‬فبدون إقران القاعدة القانونية بالجزاء على‬
‫مخالفتها ستظل قاعدة قانونية غيرمنتجة وغيرفعالة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬تجليات التقاض ي بسوء نية‬

‫تتعدد مظاهر التقاض ي بسوء نية أمام املحاكم‪ ،‬ويتفنن مجموعة من الفاعلين في حقل‬
‫العدالة في تجسيدها وممارستها كل فيما يخصه‪ ،‬فالمتقاض ي له دور في ذلك‪ ،‬وباقي األطراف‬
‫المتدخلة في مسطرة التقاض ي قد يكون لهم دورأيضا في تجسيد التقاض ي بسوء نية واستفحال‬

‫‪ -743‬ورد في قرار للمجلس األعلى (محكمة النقض حاليا) على أنه " إذا كان االلتجاء إلى القضاء حقا‪ ،‬فيجب أن يمارس‬
‫بحسن نية (القرار عدد ‪ 446‬في الملف ‪ ،878‬الصادر بتاريخ‪ 4891/94/41 ،‬منشور بمجلة قضاء المجلس األعلى عدد‬
‫‪ 71/76‬ص‪ .)41 :‬وجاء في قرار آخر على أن " المجلس األعلى يعتبر توجيه الدعوى في عنوان غير حقيقي للمدعى عليه‪،‬‬
‫لحرمانه من درجة التقاضي‪ ،‬أمر يتنافى وقواعد حسن النية عند التقاضي وفق أحكام الفصل ‪ 1‬من قانون المسطرة المدنية‬
‫(قرار عدد ‪ ،4711‬ملف تجاري‪ 497/86 ،‬صادر بتاريخ ‪ .4888/49/96‬مجلة قضاء المجلس األعلى عدد ‪16‬ن ص ‪.)444‬‬

‫‪P 436‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫هذه الظاهرة في ظل عجز التشريع على القضاء عليها‪ ،‬يخلق في الو اقع صعوبة كبيرة تواجه‬
‫القاض ي في االهتداء إلى وجه القضاء في الدعوى‪ ،‬ويؤدي بالتالي إلى تمديد مسطرة التقاض ي بما‬
‫فيه من هدرللزمن القضائي‪ ،‬الذي يؤدي بدوره إلى تراكم الملفات القضائية‪.‬‬

‫فبعض المتقاضين أو من ينوب عنهم يبرعون أحيانا ويجتهدون في التقاض ي بسوء نية‪،‬‬
‫حيث يلجأ بعضهم إلى استغالل المقتضيات المسطرية التي تلزم القاض ي بضرورة توجيه‬
‫اإلنذار‪ ،‬في حالة إغفال ذكر بعض البيانات‪ ،‬أو اإلعراض عن اإلدالء بالحجج‪ ،‬أو اإلدالء بنسخ‬
‫غير كافية من المقال أو المذكرات‪ ،‬منتظرين توجيه اإلنذار إليهم من املحكمة‪ ،‬وما يترتب عن‬
‫ذلك من إضاعة الوقت وإطالة أمد التقاض ي‪ ،‬مما يحول دون إيصال الحق إلى أصحابه في أجل‬
‫معقول‪.‬‬

‫وهكذا نجد أن المدعى عليه أووكيله يلتمس مهلة للجواب‪ ،‬فإذا أنذرته املحكمة للجواب‪،‬‬
‫أدلى بمذكرة دون أي نسخة فتضطر املحكمة معه إلى تنبيهه لإلدالء بنسخة أو نسخ كافية‪ ،‬وفي‬
‫حالة توصله يدلي بجواب تنقصه بعض البيانات‪ ،‬أو يشير إلى وثائق وحجج دون أن يرفقها‬
‫بالجواب‪ ،‬فتضطر املحكمة أيضا إلنذاره إلتمام البيانات الناقصة‪ ،‬وإرفاق الحجج بالجواب‪،‬‬
‫وبعد هذا وذاك قد يتعمد اإلدالء بمقال مضاد‪ ،‬وقد أغفل فيه بعض البيانات‪ ،‬وعدم إرفاقه‬
‫بأي نسخة أو وثيقة‪ ،‬منتظرا توجيه اإلنذارات من املحكمة‪.‬‬

‫وبعد صدورالحكم‪ ،‬وقد حاول القضاء أن يتجاوزكل هذه المعوقات والممارسات‪ ،‬ووقع‬
‫تبليغه للمحكوم عليه‪ ،‬ليعمد هذا األخير إلى استئنافه فيدلي بمقال استئنافي دون النسخ‬
‫المساوية لعدد األطراف المطعون ضدهم‪ ،‬وغير مرفق بنسخة من الحكم المستأنف‪ ،‬وناقصا‬
‫من بعض البيانات‪ ،‬وتعتريه بعض االختالالت‪ ،‬لتبدأ محكمة االستئناف مرحلة جديدة من‬
‫اإلنذارات ومسارا من اإلجراءات الجديدة‪.‬‬

‫وقد ال يحتاج المتقاض ي أو وكيله‪ ،‬الستغالل المقتضيات المسطرية ألجل تمطيط أمد‬
‫النزاع‪ ،‬فقد تكون الدعوى كيدية من أساسها‪ ،‬وتكون كذلك‪ ،‬متى قام المدعي برفع دعواه أمام‬
‫املحكمة طبقا لإلجراءات التي نص عليها القانون‪ ،‬ولكنها تنطوي على حيلة ومكيدة‪ ،‬لإليقاع‬
‫بالخصم في مآزق مرهقة‪ ،‬ومن األمثلة عليها أن يرفع شخص دعوى دون أن تكون له مصلحة‬
‫فيها‪.‬‬

‫‪P 437‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫وفي هذا الصدد توجد أيضا‪ ،‬بعض الدعاوى يمكن وصفها بالصورية‪ ،‬والمقصود بها تلك‬
‫الدعاوى التي يراد بها عرقلة دعوى صحيحة‪ ،‬أوالتغطية على إجراءات أوتصرفات غيرمشروعة‪،‬‬
‫ومن أمثلتها رفع دعوى الرجوع لبيت الزوجية‪ ،‬ال لش يء إال إليقاف نفقة الزوجة بإعالنها ناشزا‪.‬‬
‫أو طلب إجراء حجز تحفظي بناء على دين وهمي‪ ،‬أو دعوى الصعوبة في التنفيذ‪ ،‬فقط لعرقلة‬
‫تنفيذ الحكم‪.‬‬

‫كما قد يتحول البحث في إطار مقتضيات الفصل ‪ 95‬من قانون المسطرة المدنية إلى‬
‫وسيلة لتجميد الدعوى‪ ،‬عندما يعمد أحد محترفي الدعاوى الكيدية إلى تقديم شهود وهميين ال‬
‫وجود لهم‪ ،‬ويطلب استدعاءهم إلجراء البحث معهم‪ ،‬ويتكرر ذلك مرات عديدة دون جدوى‪ ،‬في‬
‫الوقت الذي تسمح مقتضيات الفصل ‪ 91‬من نفس القانون بإنذار المعني‬
‫بتقديم شهوده‪ ،‬والتكفل بإحضارهم للمحكمة‪.‬‬

‫وكمخرج لهذا الوضع‪ ،‬يرى البعض ضرورة التخفيف من كثرة اإلنذارات‪ ،‬وقصرها على‬
‫حاالت معينة وإعطاء املحكمة الصالحية بشأنها في حاالت أخرى‪ ،‬وعدم االلتفات إليها في‬
‫مواضيع أخرى‪ ،‬فيمكن إعفاء املحكمة من توجيه أي إنذار‪ ،‬في حالة عدم توفر المقال على‬
‫البيانات الضرورية‪ ،‬كعدم ذكر الهوية الكاملة للمدعى عليه‪ ،‬وفي حالة عدم اإلشارة إلى ملخص‬
‫الوقائع‪ ،‬وعدم إرفاق المقال بالنسخ الكافية المساوية لعدد األطراف‪ ،‬وذلك على غرار ما نص‬
‫عليه قانون المسطرة المدنية بالنسبة للطعن بالنقض‪ ،‬حيث رتب الفصل ‪ 111‬جزاء عدم‬
‫القبول بدون إنذار‪ ،‬على عدم توفر مقال النقض على بيان أسماء األطراف الشخصية‬
‫والعائلية‪ ،‬وموطنهم الحقيقي‪ ،‬وملخص الوقائع‪ ،‬والمستنتجات والوسائل‪ ،‬وإرفاقه بنسخة‬
‫الحكم النهائي‪ ،‬والنسخ الكافية لعدد األطراف‪ ،‬بل نص الفصل ‪ 111‬من قانون المسطرة‬
‫المدنية على جزاء التشطيب تلقائيا دون استدعاء الطرف‪ ،‬في حالة عدم تقديم مقال‪ ،‬أو‬
‫تقديمه موقعا من طرف طالب النقض نفسه‪ ،‬أو من طرف مدافع ال تتوفر فيه الشروط‬
‫المقررة‪.744‬‬

‫إن ما يمكن أن يقال أخيرا هو أن القضاء يعاني كثيرا من ظاهرة التقاض ي بسوء نية‪ ،‬لما‬
‫لها من تأثيرعلى تصفية الملفات القضائية بالسرعة الالزمة‪ ،‬وإذا كان يتوجب على كل مساعدي‬

‫‪-744‬عبد اللطيف التجاني‪ ،‬بعض عيوب وثغرات المسطرة وأثرها على سرعة البت والتنفيذ في المادة المدنية‪ ،‬مجلة اإلشعاع‬
‫العدد ‪ 44‬سنة ‪ 4999‬ص ‪.41‬‬

‫‪P 432‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫القضاء أن يتحملوا المسؤولية كل من موقعه في عملية إنتاج العدالة وأن يحاول تفادي كل ما‬
‫من شأنه إطالة أمد المسطرة‪ ،‬فإن على القاض ي أيضا التحلي بالفطنة الالزمة التي تجعله ال‬
‫يسايرمحترفي هذه األساليب الكيدية‪ ،‬وأن يتصدى لسد الثغرات بما له من صالحيات واسعة‪.‬‬

‫الئحة المراجع‪:‬‬
‫رشيد حوبابي‪ ،‬أحكام التبليغ بين النظر الفقهي والعمل القضائي في القانون المغربي‬
‫والمقارن‪ ،‬مطبعة أمستيتون‪ ،‬الطبعة األولى‪.1117 ،‬‬

‫أحمد إبراهيم عبد التواب‪ ،‬النظرية العامة للتعسف في استعمال الحق اإلجرائي‪،‬‬
‫الطبعة األولى‪ ،‬القاهرة‪.1116 ،‬‬

‫القرار عدد ‪ 116‬في الملف ‪ ،717‬الصادر بتاريخ‪ 5771/11/51 ،‬منشور بمجلة قضاء‬
‫املجلس األعلى عدد ‪ 11/16‬ص‪.)11 :‬‬

‫قرار عدد ‪ ،5191‬ملف تجاري‪ 111/76 ،‬صادر بتاريخ ‪ .5777/51/16‬مجلة قضاء املجلس‬
‫األعلى عدد ‪16‬ن ص ‪.151‬‬

‫عبد اللطيف التجاني‪ ،‬بعض عيوب وثغرات المسطرة و أثرها على سرعة البت والتنفيذ‬
‫في المادة المدنية‪ ،‬مجلة اإلشعاع العدد ‪ 11‬سنة ‪.1111‬‬

‫‪P 437‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫مسار التطور العلاقات الموريتانية الجزائرية‬


‫‪The course of development of Mauritanian-Algerian relations‬‬
‫الملخص‪:‬‬

‫تخلص هذه الدراسة إلى أن العالقات الموريتانية الجزائرية ضاربة في القدم منذ عهد‬
‫القو افل إلى اليوم‪ ،‬وقد تعززت مع استقالل الدولتين عن فرنسا وطبعها دائما التعاون الثنائي‬
‫سواء في املجال السياس ي أو االقتصادي‪.‬‬

‫وقد مرت هذه العالقات الثنائية بمراحل فتور نتيجة لتقلب مو اقف وسياسة األنظمة‬
‫التي حكمت البلدين منذ االستقالل إلى اليوم‪.‬‬

‫وقد كان لكل مرحلة من مراحل توجهات الدبلوماسية الموريتانية والجزائرية طابعهما‬
‫الخاص‪ ،‬ويمكن أن نالحظ ذلك من خالل تأثرالسياسية الخارجية للبلدين بشكل الحكم سواء‬
‫كان مدنيا أوعسكريا‪ ،‬وعلى العموم يظل طابع هذه العالقات هوالتعاون الثنائي واألخوة وحسن‬
‫الجواربحكم المصيرالمشترك للشعبين الشقيقين‪.‬‬

‫‪Abstract :‬‬

‫‪This study concludes that the Mauritanian-Algerian relations are ancient,‬‬


‫‪from the time of the caravans to today, and have been strengthened with the‬‬
‫‪independence of the two countries from France and have always been‬‬
‫‪characterized by bilateral cooperation, whether in the political or economic field.‬‬

‫‪These bilateral relations went through stages of apathy as a result of the‬‬


‫‪fluctuation of the positions and policies of the regimes that ruled the two‬‬

‫‪P 440‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫‪countries from independence to today. Each stage of the Mauritanian diplomacy‬‬


‫‪had directions‬‬

‫‪Algerian and Algerian have their own character, and we can notice this‬‬
‫‪through the foreign policy of the two countries is influenced by the form of‬‬
‫‪government, whether civil or military, and in general, the nature of these‬‬
‫‪relations remains bilateral cooperation, brotherhood and good neighborliness by‬‬
‫‪virtue of the common destiny of the two brotherly peoples.‬‬

‫المقدمة‪:‬‬

‫تجمع موريتانيا والجزائر روابط دينية وثقافية عديدة فالعديد من القبائل الموريتانية‬
‫تنحدرمن أصول جزائرية ال سيما منطقة آدرارالجزائرية (اتوات) وهي المنطقة التي كانت على‬
‫صلة بسكان الصحراء‪ ،‬حيث كانت نقطة تجمع ركب الحجاج المتوجهين للديارالمقدسة وكان‬
‫لعلمائها دوربارزفي الحياة الدينية لشعوب الصحراء مثل الشيخ لمغيلي ناشرالطريقة القادرية‬
‫في الصحراء‪.‬‬

‫وتكتس ي العالقات الموريتانية الجزائرية أهمية قصوى لما يربط الشعبين من تاريخ‬
‫مشترك وجغر افيا واحدة ووشائح قربي ضاربة في التاريخ منذ عهد القو افل‪ ،‬مما شكل عالقات‬
‫روحية واجتماعية وثقافية و اقتصادية بين الشعبين الشقيقين‪.‬‬

‫ومن منظورالعالقات الدولية يرى "هانس مورجانثو" أستاذ العالقات السياسية الدولية‬
‫أن جوهرالعالقات الدولية هو السياسة الدولية وأن موضوع السياسة الدولية هو الصراع بين‬
‫الدول المستقلة من أجل القوة‪ ،‬فيما يعرفها "هولتس ي" بكونها تلك العالقات الدولية التي تنشأ‬
‫داخل كل مجموعة من الكيانات السياسية قبائل‪ ،‬دول‪ ،‬مدن‪ ،‬أمم إمبراطوريات تربط بينها‬
‫تفاعالت تتميز بقدر كبير من التوتر ووفق قدر من االنتظام فالعالقات الدبلوماسية هي عالقات‬
‫منظمة بين الدول‪ ،‬كما أسلفنا ولكنها في نفس الوقت هي فن وبالتحديد في إدارة شؤون الدولة‬
‫عبر تنفيذ سياستها الخارجية‪ ،‬وهنا تبرز أهمية العالقات الدبلوماسية بين الدول في تنظيم‬
‫العالقات فيما بينا على أسس ودية وثيقة تؤمن مصالحها وتأخذ بعين االعتبار مبدأ السيادة‬
‫والمساواة لكل دولة‪ ،‬والعالقات بين موريتانيا والجزائر ليست استثناء من هذه القاعدة‬

‫‪P 441‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫فروابط عدة جمعت بين كل من البلدين على مر السنين ساهمت في تدعيمها وإرساءها حقائق‬
‫الجغر افيا والتاريخ‪.‬‬

‫فما هو مسار العالقات الموريتانية الجزائرية؟ وكيف تطورت؟‪ ،‬وبناء على هذا سنقسم‬
‫موضوع هذه الدراسة إلى محورين أساسيين‪ ،‬محورسياس ي‪ ،‬ومحوراقتصادي‪.‬‬

‫أوال‪ :‬املحورالسياس ي‬

‫ظهر االنحياز الموريتاني لصالح الجزائر قبل ظهور الدولة حينما وقع النائب السابق‬
‫حرمة ولد بابانا في مدينة "برن ‪ "Berne‬بسويسرا مع املجاهد عباس فرحات في شهريناير‪5716‬م‬
‫وثيقة التحريرالمغرب العربي وقد تضمنت الوثيقة أن أيا من الدولتين تتحر قبل األخرى تتعهد‬
‫بوضع إمكانياتها المادية والعسكرية والمعنوية في خدمة الدولة األخرى في كفاحها من أجل‬
‫االستقالل‪.‬‬

‫وكانت الثورة الجزائرية قريبة من الموريتانيين جغر افيا ووجدانيا‪ ،‬وكانت األموال تجمع‬
‫في موريتانيا لدعم الثورة مع بداية االستقالل‪ ،‬وهو أمر لم يقتصر على موريتانيا فحسب بل إن‬
‫مجتمعات البيظان في المنطقة بشكل عام كانت متعاطفة مع الجزائريين بشكل كبيير إلى حد‬
‫أن الرئيس الجزائري السيد عبد العزيزبوتفليقة كان مكلفا من قبل الثواربجمع التبرعات التي‬
‫كانت القبائل البيظانية في تمبكتو وأزواد و انواذيبو ولكويرة تقدمها للثورة وكثيرا ما ساق عبد‬
‫العزيز بوتفليقة –الذي كان يعرف حينها بلقب عبد القادر المالي‪ -‬األبقار واألغنام من تلك‬
‫األحواز‪ ،‬كما قال الرئيس بوتفليقة نفسه في حملته االنتخابية سنة ‪ ،1111‬وفي موريتانيا كانت‬
‫صور التعاطف كثيرة وعميقة ومرورا بالمو اقف النبيلة من منظمة األقاليم الصحراوية التي‬
‫عبر عنها في باريس كل من النائب سيد املختار ولد يحيى انجاي والمستشار سليمان ولد الشيخ‬
‫سيديا‪ ،‬وقد عبرت النخبة الوطنية في مؤتمر أالك مايو ‪ 5717‬عن دعمها لنضال الشعب‬
‫الجزائري ورفضها القاطع قبول االنضمام في منظمة األقاليم الصحراوية المشتركة باعتبار‬
‫ذلك يمثل طعنة لظهر الثورة الجزائرية‪ ،‬وهو الموقف الذي أكده الرئيس املختار ولد اداداه‬
‫ي الجنيرال ديكول أثناء زيارته لموريتانيا‪745.‬‬ ‫لضيفه الرئيس الفرنس‬

‫‪ -745‬م حمد إدريس حرمه بابانا‪ ،‬السياسة الخارجية الموريتانية (المحددات والتوجهات)‪ ،‬أطروحة لنيل دكتوراه دولة في القانون العام‪،‬‬
‫كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة تونس المنار‪ ،4991-4997 ،‬ص‪.199 :‬‬

‫‪P 442‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫وعندما حصلت موريتانيا على االستقالل سنة ‪ 5761‬ساندت كفاح الشعب الجزائري‬
‫ي واعترفت بالحكومة المؤقتة‪746.‬‬ ‫ضد االستعمارالفرنس‬

‫وقد كانت سنوات ‪ ،5791 ،5791‬و‪ 5791‬سنوات حاسمة في تطور نظام الرئيس املختار‬
‫ولد داداه الباحث عن استقالل حقيقي يحرره من عقدة االستقالل الممنوح والمكبل باتفاقيات‬
‫استعمارية‪ ،‬فهذه السنوات هي التي تم فيها اتخاذ القرارات الشهيرة بمراجعة االتفاقيات‬
‫الموقعة في ‪5765‬م بين الفرنسيين والموريتانيين‪ ،‬والخروج من منطقة الفرنك‪ ،‬و إنشاء العملة‬
‫الوطنية األوقية‪ ،‬وتأميم ميفرما‪ ،‬ودخول الجامعة العربية‪.‬‬

‫قاد الرئيس املختاربدء من سنة ‪5791‬م مجموعة إصالحات اعتبرت في حينها قرارات ثورية‬
‫كبرى ومؤشرا بارزا على التحول الجديد لنظام املختار في اتجاه سياسات تحررية في الخارج‬
‫وتقدمية في الداخل‪ ،‬لقد جسدت هذه اإلصالحات تطلعات الجماهيرالموريتانية ونخبها الواعية‬
‫وفي مقدمتها الحركات اليسارية والقومية التي كانت تضغط بإلحاح في هذا االتجاه‪ ،‬كما أن‬
‫ظروفا خارجية جديدة طرأت شجعت الرئيس املختار على التوجه نحو تحقيق هذه اإلصالحات‬
‫الهامة‪ ،‬لقد كان في مقدمة هذه الظروف المساعدة‪ ،‬االعتراف المغربي بموريتانيا سنة ‪5767‬م‬
‫وهو االعتراف الذي فتح بابا واسعا لموريتانيا لتطويرعالقاتها مع العالم العربي كما سمح لها في‬
‫نفس الوقت بالتوجه نحو انتهاج سياسات داخلية أكثر توازنا ومصداقية بعد ما أرغمتها حالة‬
‫العداء مع المغرب إلى االرتماء الكامل في األحضان الفرنسية‪ ،‬كما مثلت العالقات الموريتانية‬
‫مع الدول الموصوفة حينها بالثورية مثل الجزائر وليبيا وغينيا كوناكري والصين الشعبية دورا‬
‫بارزا في خلق األرضية المناسبة لمثل هذه القرارات‪747.‬‬

‫أما القرار الثاني الهام فقد كان يتعلق بإنشاء عملة وطنية بعد الخروج من منطقة النقد‬
‫الفرنس ي اإلفريقي التي مهد لها الطريق قرار مراجعة االتفاقات مع فرنسا‪ ،‬وقد شرح الرئيس‬
‫املختار ولد داداه في مذكراته الظروف التي اكتنفت بداية تفكيره في التوجه للخروج من منطقة‬
‫النقد الفرنس ي اإلفريقي و إنشاء عملة وطنية‪.‬‬

‫"كان نبأ تخفيض قيمة الفرنك الفرنس ي‪ ،‬الذي أخذت به علما عبرا إلذاعة عند وصولي‬
‫إلى فرنسا يوم ‪ 7‬من أغسطس ‪ ،5767‬برهانا على أننا مستقلين حقيقة‪ ،‬وأن ما لدينا ال نملكه في‬

‫‪ -746‬نفس المرجع السابق‪ ،‬ص‪.194 :‬‬


‫‪ -747‬سيد اعمر ولد شيخنا‪ ،‬موريتانيا المعاصرة شهادات ووثائق‪ ،‬الجزء األول‪ ،4891-4811 ،‬دار الفكر انواكشوط ‪ ،‬ص‪.414 :‬‬

‫‪P 443‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫الو اقع‪ .‬وكنا نحن الموريتانيين في منطقة الفرنك البلد الوحيد الذي يتوفرعلى ميزان مدفوعات‬
‫خارجية متوازن‪ .‬ومع ذلك كنا نعامل مثل ما يعامل اآلخرون‪ ،‬وثرواتنا الخاصة لم يحسب لها‬
‫حسابها‪ .‬وقد اقترن قرارنا الخروج من مطقة الفرنك بقرار مراجعة االتفاقيات‪ .‬وإذا كان‬
‫استقاللنا قد تم من الناحية القانونية عن طريق تحويل الصالحيات‪ ،‬فإن سك عملة وطنية لم‬
‫يوضع في الحسبان أصال‪ .‬وقد ربطت باستمراربين االستقالل والعملة‪ ،‬إذ كيف يكون المرء سيد‬
‫التصرف في أمواله في نظام ال سلطان له عليه؟‬

‫لقد مر عقد ونيف من عمر دولة االستقالل بوجود كوادر اقتصادية وطنية قادرة على‬
‫النهوض بمسؤوليات البناء الوطني‪ ،‬كما سمحت العالقات المميزة بين نظام الرئيس املختار‬
‫والنظام الجزائري الثوري بتجسيد ودعم هذا الحلم الوطني الكبير‪.‬‬

‫ورغم تشكيك البعض –حينها‪ -‬في جدو ائية امتالك عملية وطنية والخروج من منطقة‬
‫النقد الفرنس ي اإلفريقي‪ ،‬إال أن قرار إنشاء العملة الوطنية كان إلى جانب البعد السيادي فيه‬
‫خطوة كبيرة نحو االستقالل االقتصادي للبلد‪ ،‬حي سمح بإنشاء رأسمال وطني وقاعدة‬
‫اقتصادية وطنية كما يقول سيد أحمد ولد ابنيجارة‪748.‬‬

‫لقد ظل الرئيس املختار رغم كل ما شهدته عالقاته فيما بعد مع الجزائر من قطيعة‪،‬‬
‫يشيد بالموقف النبيل للجزائرمع موريتانيا في ذلك الوقت العصيب يقول الرئيس املختار(وما‬
‫كان إلنشاء العملة الوطنية والبنك المركزي‪ ،‬في ‪ 5791‬أن يتحققا في الظروف الجيدة التي تم‬
‫فيها لوال العون النفيس الذي قدمته لنا السلطات المصرفية الجزائرية حيث طبقت حرفيا‬
‫أوامر رئيس الجمهورية التي أعطت األولوية المطلقة لكل العمليات المعقدة التي سبقت مولد‬
‫األوقية)‪.‬‬

‫القرار الثالث الهام من القرارات الثورية كان هو القرار المتعلق بتأميم شركة حديد‬
‫موريتانيا "ميفرما" التي تشرف على استغالل حديد البالد منذ مطلع الستينات‪ ،‬وهي شركة‬
‫متعددة الجنسيات تقودها مجموعة روتشيلد‪ ،‬لقد جاء تأميم شركة ميفرما ضمن المناخ‬
‫الثوري الذي خلقته القرارات السابقة والتي مهدت الطريق لهذا القرار وهي مراجعة االتفاقات‬

‫‪ -748‬نفس المرجع السابق‪ ،‬ص‪.414 :‬‬

‫‪P 444‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫مع فرنسا و إنشاء عملة وطنية‪ ،‬حيث بات تأميم ميفرما ضرورة اقتصادية لتثبيت العملة وتوفير‬
‫رصيد ضامن لها حيث ال تمكن المراهنة على حديد تحت سلطة شركة أجنبية‪.‬‬

‫ومرة أخرى كانت الجزائر على الخط مع موريتانيا في واحد من أشد القرارات خطورة‬
‫وتعقيدا‪ ،‬يقول الرئيس املختارعن لقائه بالرئيس بومدين في أغسطس ‪ 5791‬وخالل هذه الزيارة‬
‫نفسها أطلعت الرئيس بومدين على قرارانا بتأمين شركة ميفرما تحت غطاء من السرية التامة‬
‫وطلبته المساعدة عند االقتضاء أي مساعدة يمكن أن تكون مهنية ومتعددة الوجوه‪ ،‬وهذا‬
‫بالفعل ما قدمته الجزائر إزاء هذا القرار الهام‪749.‬‬

‫وفيما يتعلق بانتماء موريتانيا إلى الجامعة العربية يقول الرئيس املختار ولألمانة‬
‫التاريخية أن السيد بومدين قد قام بالكثير من الجهود ليتم هذا االنتساب في أكثر الظروف‬
‫علنية‪ ،‬إذ كانت الطريقة المتبعة بالنسبة للدول التي سبقتنا أن يتم إعالن قبولها في مؤتمروزراء‬
‫الشؤون الخارجية‪ ،‬أما بالنسبة لنا فإن السيد بومدين باعتباره رئيس المؤتمر المصيف وبناء‬
‫على طلب من موريتانيا جعل قمة الرؤساء تتبنى قبول عضويتنا مباشرة في قيمة الجزائر‬
‫‪750.5791‬‬

‫وقد شكلت حرب الصحراء الغربية ‪ 5791‬منعطفا كبيرا في تاريخ العالقات الموريتانية‬
‫الجزائرية إلى حد القطيعة والتنافرنتيجة لوقوف الجزائرإلى جبهة البوليزاريو لكن ذلك لم يدم‬
‫طويال‪.‬‬

‫وكان انقالب العاشر من يوليو ‪ 5797‬بمثابة نصر كبير للجزائر والبوليزاريو وحلفائهم في‬
‫موريتانيا‪ ،‬وكان يمكن لهذا النصر أن يمتد وأن يصل إلى نتائج كبرى غير أن الموت المفاجئ‬
‫والغامض للرئيس هواري بومدين حد من ذلك‪ ،‬إال أن الجزائر ستستعد المبادرة في الساحة‬
‫الموريتانية مع وصول المقدم محمد خونا ولد هيدالة إلى السلطة‪ ،‬وبعد سقوط نظام الرئيس‬
‫هيدالة استمرت العالقات الجزائرية الموريتانية على نحو حسن بفعل سياسة الحياد التي‬

‫‪ -749‬نفس المرجع السابق‪ ،‬ص‪.414 :‬‬


‫‪ -750‬المركز الموريتاني للدراسات والبحوث االستراتيجية‪ ،‬الخريطة السياسية ومراكز القوى في موريتانيا‪ ،‬وحدة الدراسات السياسية‬
‫واألمنية‪ ،‬نواكشوط ‪.4944‬‬

‫‪P 445‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫انتهزها الرئيس ولد الطايع‪ ،‬وكان هناك تنسيق وتشاور بين البلدين وخالل أحداث سنغال ابريل‬
‫‪ 5777‬وقفت الجزائر مع موريتانيا على جميع األصعدة‪751.‬‬

‫كما أن الجزائر وموريتانيا عضوان في اتحاد المغرب العربي الذي يضم أيضا تونس‬
‫والمغرب وليبيا‪.‬‬

‫وقد حضر الرئيس معاوية ولد سيد أحمد الطايع إلى القمة العربية المعقدة في الجزائر‬
‫يومي ‪ 11‬و‪ 1111/11‬وكانت أول قمة عربية تعقد بعد وفاة الرئيس الفلسطين ياسر عرفات كما‬
‫جاءت بعد اغتيال رئيس وزراء لبنان رفيق الحريري‪752.‬‬

‫كما قام رئيس املجلس العسكري الحاكم في موريتانيا العقيد اعل ولد محمد فال بزيارة‬
‫رسمية للجزائرتستغرق يومين تم خاللها بحث التعاون الثنائي والقضايا اإلقليمية‪ ،‬وتعتبرهذه‬
‫أول زيارة رسمية يقوم بها ولد محمد فال للجزائر منذ االنقالب على نظام الرئيس معاوية ولد‬
‫الطايع الذي تولى السلطة بدوره عن طريق انقالب عام ‪753.5771‬‬

‫وشهدت العالقات بين الجزائر وموريتانيا حركة دبلوماسية كبيرة تمثلت في تلقي الرئيس‬
‫محمد ولد الشيخ الغزواني اتصاال هاتفيا من نظيره الجزائري السيد عبد املجيد تبون أواخر‬
‫ديسمبر الماض ي ‪ ،1115‬كما أكدت الجزائر وموريتانيا عزمهما على مواصلة الجهود في التعاون‬
‫الثنائي واالرتقاء به إلى آفاق أرحب بما يحقق طموحات وتطلعات الشعبين الشقيقين‪ ،‬وجاء ذلك‬
‫خالل استقبال الوزيراألول الموريتاني محمد ولد بالل وزيرالشؤون الخارجية والجالية الوطنية‬
‫بالخارج السيد رمضان لعمامرة الذي قام بزيارة عمل إلى موريتانيا بصفته مبعوثا خاصا لرئيس‬
‫الجمهورية السيد عبد املجيد تبون‪ ،‬كما عقد رمضان لعمامرة جلسة عمل مع نظيره الموريتاني‬
‫إسماعيل الشيخ تم خاللها التباحث حول جملة من القضايا المتعلقة بالعالقات الثنائية وكذا‬
‫مستجدات األوضاع على الصعيدين اإلقليمي والدولي واعرب الوزران عن ارتياحهما للمستوى‬
‫المتميز الذي حققه التعاون الثنائي في مجاالت عدة مشيدين بالتطور الملحوظ الذي تشهد‬
‫التبادالت التجارية بين البلدين رغم تداعيات جائحة كورونا كما تم االتفاق على إضفاء‬

‫‪ -751‬د‪ .‬محمد سالم الصوفي‪ ،‬أزمة الصحراء الغربية‪ ،‬تطورها السياسي واالجتماعي والتاريخي‪ ،‬مقاربة للنزاع من النشأة إلى عتبة‬
‫التسوية‪ ،‬الناشر‪ ،‬المركز الموريتاني الدولي للنشر واإلعالم (المدى)‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،4999‬ص‪.16 :‬‬
‫‪752‬‬
‫‪-httbs://www.echoroukonline.com‬‬
‫‪753 -‬‬
‫‪httbs://www.alquds.co.uk‬‬

‫‪P 446‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫ديناميكية جديدة على آليات العمل المشترك وتعزيز دوريها في ترجمة التوجيهات السامية‬
‫لقياديتي البلدين‪754.‬‬

‫كما أن زيارة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني إلى الجزائر التي دامت‬
‫ثالثة أيام بدعوة من نظيره الجزائري السيد عبد املجيد تبون تندرج ضمن إطارتقوية العالقات‬
‫الثنائية وتعزيز التعاون بين البلدين وتحت إشراف الرئيسين جرى توقيع اتفاقيات تعاون‬
‫متعددة‪ ،‬وقد أشاد الرئيس الجزائري عبد املجيد تبون بمستوى التعاون القائم بين البلدين كما‬
‫أكد الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني أن الزيارة كانت فرصة لترسيخ عالقات التعاون بين‬
‫الجزائر وموريتانيا واالرتقاء به إلى مستوى األخوة والصداقة التي تجمع البلدين والشعبين‬
‫الشقيقين‪755.‬‬

‫كما وصل إلى نواكشوط وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف يوم ‪ 11‬فبراير ‪1111‬‬
‫حامال رسالة من الرئيس الجزائري عبد املجيد تبون إلى نظير محمد ولد الشيخ الغزواني حول‬
‫العالقات الثنائية والتنسيق السياس ي‪ ،‬ووقع عطاف مع نظيره الموريتاني محمد سالم ولد‬
‫مرزوك اتفاقا يقض ي بتأسيس آلية مستدامة لتعزيز التنسيق السياس ي وقررا بدأ التحضير‬
‫لالستحقاقات الثنائية المقبلة خاصة التئام لجنة المتابعة و انعقاد الدورة العشرين للجينة‬
‫المشتركة الكبرى التي يترأسها رئيسا الحكومة في البلدين والمرتقب عقدها في الجزائر‪756 .‬‬

‫ثانيا‪ :‬املحوراالقتصادي‬

‫لم يقتصر التعاون الثنائي الموريتاني الجزائري بين عامي ‪ 5791-5769‬على الصعيدين‬
‫السياس ي والدبلوماس ي فقط ففي الميدان االقتصادي والمالي لم يكن العون الجز ائري عديم‬
‫الجدوى وبغض النظر عن القروض ذات الصبغة الكالسيكية‪ ،‬وفي هذا اإلطار قدمت الجزائر‬
‫هبة بمبلغ ‪111‬مليون فرنك غرب إفريقي وكان ذلك في السياق التالي يقول املختار ولد داداه‪:‬‬
‫"حدثت السيد الرئيس هواري أبو مدين ذات يوم عن المشاريع الكبرى لبنيتنا التحتية وركزت‬
‫على األهمية التي يوليها حزب الشعب الموريتاني وحكومته لمشروع إنشاء ميناء في المياه‬
‫العميقة بنواكشوط العتباره أمرا حيويا بالنسبة لبالدنا فرد علي السيد بومدين قائال أن‬

‫‪754‬‬
‫‪-httbs://www.alkhbar Nktt.mr‬‬
‫‪755‬‬
‫‪-httbs://www.france24.com‬‬
‫‪756 -‬‬
‫‪httbs://www.alquds.co.uk‬‬

‫‪P 447‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫الجزائر مستعدة بأن تساعد الجمهورية اإلسالمية الموريتانية في إنجاز هذا المشروع الذي‬
‫تولونه أهمية كبيرة فستمول دراسته أوال وتساهم مساهمة مهمة في تغطية تكاليف بناء وتجهيز‬
‫هذا الميناء عندما تكون نتائج الدراسة إيجابية"‪ ،‬وهوما كان بالفعل من خالل تقديم هذه الهبة‬
‫بمقيمة ‪ 111‬مليون فرنك إفريقي‪ ،‬ويضيف املختارولد داداه بناء على طلب منا قررت الصين أن‬
‫تأخذ على عاتقها تكاليف العملية بمجمها بما فيها الدراسة والتنفيذ‪ ،‬يقول السيد الرئيس‬
‫املختار ولد داداه وعندما أخبرت السيد الرئيس هواري بومدين بذلك "رد علي بأنني أستطيع‬
‫التصرف في ذلك المبلغ كما أريد" وكان املختار ولد داداه مصرا على أن يبقى أثر ملموس لتلك‬
‫الهبة المهمة واألخوية على األرض الموريتانية شاهدا على التضامن بين الشعبين الجزائري‬
‫والموريتاني‪ ،‬وقد كان مستشفى أالك الجهوي أهم اإلنجازات الممولة من تلك الهبة إضافة إلى‬
‫مشاريع أخرى أكثر تواضعا‪757.‬‬

‫كما أن الشركة الجزائية الموريتانية للصيد البحري ‪ AL MAP‬كانت شهادة على التعاون‬
‫االقتصادي بين البلدين‪ ،‬تأسست هذه الشركة في عام ‪ 5771‬وهي شركة مختلطة برأسمال أربعة‬
‫ماليين دوالر تبلغ قيمة استثماراتها حوالي ‪ 56‬مليون دوالر وأسهم الشركة موزعة بنسبة ‪%15‬‬
‫للحكومة الموريتانية و‪ %17‬للحكومة الجزائرية وحجم االستثمارالسنوي للشركة في حدود ‪51‬‬
‫آالف طن من السمك تبلغ قيمته حوالي ‪ 51‬ماليين دوالر‪ ،‬وتصدر هذه األسماك إلى الجزائر وما‬
‫ينقص عن استهالك السوق الجزائرية يجري تصديره إلى بعض األسواق العربية‪.‬‬

‫وفي إطار هذا التعاون تأتي مصفات نوايبو لتكرير البترول والتي بدأ اإلنتاج فيها بشكل‬
‫فعلي في ‪ 51‬تموز عام ‪ ،5771‬حيث تم افتتاح المصفات رسيما من قبل رئيس الدولة رئيس‬
‫اللجنة الوطنية للخالص الوطني وعدد من المسؤولين الموريتانيين‪ ،‬وهي أول مؤسسة‬
‫اقتصادية تضررت من خالل حرب الصحراء التي أنهكت االقتصاد الموريتاني وتنتج المصفات‬
‫سنويا حوالي ‪ 511‬مليون طن تستهلك السوق املحلية الموريتانية ما نسبته ‪ %11‬إلى ‪ %11‬من‬
‫اإلنتاج والباقي يجري تصديره إلى السوق اإلفريقية وبعض الدول األوروبية والواليات المتحدة‬
‫األمريكية‪758 .‬‬

‫‪ -757‬المختار ولد داداه‪ ،‬موريتانيا على درب التحديات‪ ،‬ط‪ ،4996 ،4‬دار النشر كرتاال‪ ،‬ص‪.118 :‬‬
‫‪ -758‬مجلة دنيا المجتمع‪ ،‬اسبوعية‪ ،‬عربية اقتصادية‪ ،‬العدد ‪ 19‬شباط‪/‬فبراير ‪.4897‬‬

‫‪P 442‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫يقول الرئيس محمد خونا ولد هيدالة "أما الجزائر فكانت عالقتنا معها غاية في القوة‪،‬‬
‫وقد زارنا الرئيس الشاذلي وظلت العالقات تتقوى باضطراد‪ ،‬وقد أقمنا معهم عددا من المشاريع‬
‫المشتركة مثل شركة النقل البحري ومصفات الغاز في نواذيبو‪ ،‬وشركة المنتجات النفطية‬
‫نفتك التي كنا نشتري عبرها المازوت الجزائري بشكل مخفض‪ ،‬هذا باإلضافة إلى مصنع السكر‬
‫وسوما غاز‪ ،‬ويضيف الرئيس محمد خونا ولد هيدالة في كتابه الذي صدر مؤخرا "من القصر‬
‫إلى األسر" كما كنا نعد لتوقيع اتفاق مع الجزائر لتصدر اللحوم الحمراء إليها ويقض ي االتفاق‬
‫بإنشاء مسلخ عصري في مدينة النعمة يتولى العمل فيه خبراء توفدهم الجزائروكانت مالي طرفا‬
‫في هذا االتفاق حيث نصدر و إياها عبر مطار النعمة اللحوم إلى الجزائر التي كانت تستورد‬
‫حاجياتها من هذه المادة من استراليا‪ ،‬ومع ذلك فإن هذه الجهود التي بذلت في هذا القطاع لم‬
‫تكن على قدر ما كنا نطمح إليه ألسباب منها الجفاف الذي ضرب البالد‪759.‬‬

‫وقد سعت الجزائرمنذ تأسيس اتحاد المغرب العربي سنة ‪ 5777‬إلى دعم هذا المشروع‬
‫حيث أولته األهمية التي يستحقها لتجسيد أهدافه‪ ،‬وصادقت على ‪ 17‬اتفاقية من أصل ‪ 17‬تم‬
‫إبرامها في إطاراالتحاد‬

‫وفي إطارجهودها لبناء تجمع مغاربي منسجم مع تاريخه وفاعل في محيطه أدرجت الجزائر‬
‫البعد المغاربي في مشاريعها التنموية الوطنية وإدراكا منها بأن هذه المشاريع االستراتيجية‬
‫الضخمة ستساهم في االندماج والتكامل االقتصادي المغاربي ومن بين هذه المشاريع طريق‬
‫السيار شرق غرب والربط الكهربائي والربط الهاتفي‪ ،‬كما بادرت الجزائر سنة ‪ 1111‬إلى إطالق‬
‫مشروع املجموعة االقتصادية المغاربية المشركة الذي من شأنه تحفيز االندماج االقتصادي‬
‫وتجسيد فرص التكامل مع التركيز على المقاربة االقتصادية‪ ،‬كما أن وثيقة المعاهدة التي تم‬
‫توقيعها من قبل دول االتحاد تؤكد على إقامة تعاون يحقق التنمية الصناعية والزراعية‬
‫والتجارية واالجتماعية للدول األعضاء و اتخاذ ما يلزم من وسائل لهذا الغرض خصوصا بإنشاء‬
‫مشروعات مشتركة إعداد برامج عامة ونوعية في هذا الصدد‪ ،‬وفي إطار تجسيد هذا التعاون‬
‫المغاربي انعقدت القمة المغاربية في نواكشوط في نوفمبر ‪ 5771‬وحضرها الرئيس الشاذلي بن‬
‫اجديد‪.‬‬

‫‪ -759‬محمد خونا ولد هيدالة‪ ،‬من القصر إلى األسر‪ ،‬تجربة رئيس مع أطول سجن سياسي في موريتانيا‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،4944 ،‬ص‪:‬‬
‫‪.444‬‬

‫‪P 447‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫وقد وفقت الجزائر إلى جانب موريتانيا ماديا ومعنويا في الكثير من القضايا التي تهم‬
‫موريتانيا بشكل خاص والمنطقة بشكل عام‪ ،‬و أنشأ البلدان لجنة كبرى للتعاون في كافة‬
‫املجاالت‪ ،‬وقد عقدت هذه اللجنة في ‪ 56‬مارس ‪ 1111‬اجتماعها بنواكشوط‪ ،‬ولعل أهم ما‬
‫أسفرت عنه هذه الدورة مشروعين هامين بالنسبة لموريتانيا يتعلق األول منهما ببروتكول خاص‬
‫بالعمل على إنهاء اإلطار الخاص ألشغال ترسيم مصفات نفط نواذيبو وإعادة تشغيلها‪ ،‬والثاني‬
‫يتعلق بإرساء التعاون في مجال األمن وخاصة فيما يتعلق بتبادل المعلومات والخبرات خاصة‬
‫الخبرة الجزائرية في مجال مكافحة اإلرهاب‪760.‬‬

‫وفي هذا السياق انعقدت اللجنة العليا المشتركة الموريتانية الجزائرية للتعاون في دورتها‬
‫‪ 57‬بالتوقيع على ‪ 56‬وثيقة تعاون وتضمن املحضر اتفاقيات ومذكرات تفاهم وبرامج تنفذ بين‬
‫البلدين في مجاالت متعددة‪ ،‬كما التوقيع خالل الجلسة الختامية على خارطة طريق متابعة‬
‫وتنفيذ التعاون بين البلدين من طرف الوزيراألول الموريتاني يحيى ولد حدمين ونظيره الجزائري‬
‫عبد المالك سالل‪.‬‬

‫وتتويجا لتوصيات هذه الدورة ‪ 57‬للجنة العليا المشتركة بين البلدين المنعقدة في ‪11‬‬
‫ديسمبركانون األول ‪ 1156‬في الجزائرالعاصمة و افق الرئيس بوتفليقة رسيما على فتح أول معبر‬
‫حدودي بين الجرائر وموريتانيا بعد اتفاق وقعته حكومة البلدين سابقا‪ ،‬ويربط المعبر مدينة‬
‫تيندوف الجزائرية ازويرات الموريتانية‪.‬‬

‫ودعا الوزير األول الجزائري عبد المالك سالل غرف التجارة والصناعة ورجال األعمال‬
‫إلى تكثيف التواصل والمشاركة في المعارض واللقاءات االقتصادية بين الجزائروموريتانيا من‬
‫أجل اغتنام فرص الشراكة المتاحة بين البلدين‪761 .‬‬

‫كما انعقدت اللجنة العليا المشتركة الموريتانية الجزائرية الدورة ‪ 57‬في نواكشوط‬
‫وبحضور الوزير األول الجزائري أيمن عبد الرحمن ونظيره الموريتاني محمد ولد بالل‪ ،‬وتم‬
‫التوقيع على ‪ 16‬اتفاقية وبروتوكول تفاهم‪ ،‬وقطت هذا االتفاقيات الطاقة والتحول الرقمي‬
‫والصيد البحري والزراعة والتنمية الحيوانية والتكوين المنهي والتجارة والصناعة والتجهيز‬
‫والنقل والعمل االجتماعي‪ ،‬كما وقع رئيس االتحاد الوطني ألرباب الموريتانيين محمد زين‬

‫‪760‬‬
‫‪- httbs://www.alquds.co.uk‬‬
‫‪761- httbs://radioalgerie.dz‬‬

‫‪P 450‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫العابدين ورئيس الكونفدرالية الجزائرية ألرباب العمل محمد سامي عقلي على هامش‬
‫اجتماعات اللجنة المشتركة اتفاق تعاون بين الهيئتين يهدف إلى تنسيق التعاون و اكتشاف آفاق‬
‫االستثمار بين البلدين ووضع آلية لتنسيق الجهود بين القطاعين الخاصين الموريتاني‬
‫والجزائري‪762.‬‬

‫وقد جاءت زيارة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني ‪ 1115/51/19‬في‬
‫إطارالتعاون بين البلدين وأشرف ولد الغزواني رفقة السيد الرئيس عبد املجيد تبون على حفل‬
‫توقيع مجموعة من االتفاقيات في مجال التعليم والصحة والتكوين المنهي والمؤسسات‬
‫الصغيرة وكذلك توقيع مذكرة تفاهم لبناء طريق تنيدوف ازويرات‪ ،763‬وتشير األرقام إلى أن‬
‫الجزائرتعتبرأحد أهم الممونين الرئيسيين لموريتانيا حيث ارتفعت قيمة الصادرات الجزائرية‬
‫نحو موريتانيا بـ ‪ %111‬خالل الثلث األول من سنة ‪ 1115‬مقارنة بنفس الفترة من عام ‪،1111‬‬
‫حسب معطيات المديرية العامة للجمارك الجزائرية والتي نشرتها وكالة األنباء الجزائرية‪،‬‬
‫ووفقا للمصدر ذاته فقد تم تسجيل ‪ 555‬عملية تصدير باتجاه موريتانيا عبر المركز الحدودي‬
‫البري "الشهيد مصطفى بن بلعيد" بوالية تيندوف خالل الفترة ما بين يناير كانون األول حتى‬
‫مارس آذارمن العام ‪ ،1115‬ويمثل ذلك بزيادة عمليات التصديرعن طريق المعبرالمذكوربنسبة‬
‫تتجاوز‪ %551‬مقارنة بالثلث من ‪.1111‬‬

‫وإلى جانب النقل البري يشهد النقل الجوي عبرطائرات الشحن ارتفاعا ملموسا حيث تم‬
‫نقل ما يزيد عن ‪ 51‬رحلة جوية منتجات فالحية لفائدة المستوردين الموريتانيين‪764.‬‬

‫خاتمة‪:‬‬

‫ونستنتج مما سبق أن العالقات الثنائية الموريتانية الجزائرية ضاربة في القدم منذ عهد‬
‫القو افل إلى اليوم‪ ،‬وقد مرت هذه العالقات بمراحل فتور نتيجة لتقلب سياسة األنظمة‬
‫وتوجهاتها السياسية في البلدين‪.‬‬

‫وقد طبع كل مرحلة من مراحل الدبلوماسية الموريتانية والجزائرية طابعها الخاص‪،‬‬


‫حيث يمكننا أن نالحظ مدى تأثر السياسة الخارجية للبلدين بشكل الحكم سواء كان عسكريا‬

‫‪762- httbs://www.ennaharonline.com‬‬
‫‪763- httbs://www.alaraby.co.uk‬‬
‫‪764- httbs://www.skynewsarabia.com‬‬

‫‪P 451‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫أو مدنيا مما انعكس على دبلوماسيتهما بالشخصنة وعدم الموضوعية والمو اقف الغامضة‬
‫التي انعكست سلبا على المصلحة العامة‪.‬‬

‫وفي الغالب العام هي عالقات أخوة وصداقة وحسن الجوار ومصير مشترك بحكم‬
‫الجغر افيا والمصيرالمشترك وهذا ما تعززالهوية العربية واإلسالمية للشعبين الشقيقين‪.‬‬

‫المراجع‪:‬‬

‫املختارولد داداه‪ ،‬موريتانيا على درب التحديات‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،1116‬دارالنشر‬ ‫‪)5‬‬
‫كرتاال‪.‬‬

‫سيد اعمر ولد شيخنا‪ ،‬موريتانيا المعاصرة شهادات ووثائق‪ ،‬الجزء األول‪،‬‬ ‫‪)1‬‬
‫‪ ،5771-5719‬دارالفكرانواكشوط‪.‬‬

‫محمد إدريس حرمه بابانا‪ ،‬السياسة الخارجية الموريتانية (املحددات‬ ‫‪)1‬‬


‫والتوجهات)‪ ،‬أطروحة لنيل دكتوراه دولة في القانون العام‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪،‬‬
‫جامعة تونس المنار‪.1111-1111 ،‬‬

‫محمد خونا ولد هيدالة‪ ،‬من القصر إلى األسر‪ ،‬تجربة رئيس مع أطول سجن‬ ‫‪)1‬‬
‫سياس ي في موريتانيا‪ ،‬الطبعة األولى‪.1151 ،‬‬

‫المركز الموريتاني للدراسات والبحوث االستراتيجية‪ ،‬الخريطة السياسية‬ ‫‪)1‬‬


‫ومراكزالقوى في موريتانيا‪ ،‬وحدة الدراسات السياسية واألمنية‪ ،‬نواكشوط ‪.1155‬‬

‫مجلة دنيا املجتمع‪ ،‬اسبوعية‪ ،‬عربية اقتصادية‪ ،‬العدد ‪ 17‬شباط‪/‬فبراير‬ ‫‪)6‬‬


‫‪.5771‬‬

‫‪httbs://www.alquds.co.uk )9‬‬

‫‪httbs://www.echoroukonline.com )7‬‬

‫‪httbs://www.aljazeera.net )7‬‬

‫‪httbs://www.alaraby.co.uk )51‬‬

‫‪httbs://www.alkhbar Nktt.mr )55‬‬

‫‪P 452‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫الاقتصاد الرقمي ودوره في تحقيق التنمية‬


‫‪The digital economy and its role in achieving development‬‬
‫مقدمة‪:‬‬

‫کانت الثورة التى شهدها العالم فى مجال المعلومات واالتصاالت خالل التسعينيات من‬
‫القرن الماض ي من تعزيز دور االقتصاد الرقمي في العديد من مناحي الحياة‪ ،‬حيث أصبحت‬
‫تکنولوجيا االتصاالت وتقنية المعلومات تلعب الدور األساس ى في القطاعات االقتصادية‬
‫املختلفة من خالل المساهمة في زيادة مستوي الکفاءة عبر عنصرين أساسيين( تقليل‬
‫التکلفة‪،‬واختصار الوقت ) تلک العنصرين إلنجاز المعامالت االقتصادية والمالية وتحسين‬
‫إنتاجية العمالة وزيادة مستويات المنافسة بين المؤسسات االقتصادية ‪ ،‬من جهة آخري‪،‬‬
‫ارتبط نمو دور االقتصاد الرقمي خالل السنوات الماضية من األلفية الجديدة مع ظهور‬
‫التقنيات المرتبطة بالثورة الصناعية والتى من بينها تقنيات الذکاء االصطناعي والبيانات‬
‫الضخمة و أنترنت األشياء والحواسبة السحابية‪.765‬‬

‫ويعد التحول الرقمي فى االقتصاد ضرورة يفرضها الوقت الراهن في ظل الحاجة إلى تنويع‬
‫االقتصاد للتخفيف من حدة االثار السلبية للکوارث واألزمات خاصة فى ظل جائحة کورونا‬
‫والذي عصفت باالقتصادات العالمية ‪ ،‬حيث ظهر االقتصاد الرقمى کحل للعديد من‬
‫المشکالت االقتصادية وأمکن االستفادة من الخصائص التى يتميز بها االقتصاد الرقمى من‬
‫کافة الدول التى لديها بنية رقمية مکنتها من نمو اقتصادها بشکل متسارع حيث يعمل االقتصاد‬
‫الرقمي على زيادة مستويات المرونة من خالل قدرته على تحقيق نقلة نوعية متسارعة فى األداء‬

‫‪ 765‬عبد الرحمن فرج السيد مصطفى‪ ،‬دور االقتصاد الرقمي فى النمو االقتصادي‪ ،‬المجلة العلمية للدراسات والبحوث المالية واإلدارية‪،‬‬
‫المقالة ‪ ،79‬المجلد ‪ ،47‬العدد ‪ ،7‬مارس ‪ ،4944‬الصفحة ‪.4169-4171‬‬

‫‪P 453‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫االقتصادي حيث أسهم في توفير العديد من الوظائف لألجيال الشابة المتز ايدة والتى تلتحق‬
‫بسوق العمل يوميا‪.766‬‬

‫أهمية الموضوع‪ :‬تكمن أهمية هذا الموضوع أنه يوضح األهداف الرئيسية للتحول‬
‫الرقمي االقتصادي وكيف يمكن االستفادة من التجارب المقارنة‪ ،‬وقد حققت دولة اإلمارات‬
‫إنجازات كبيرة خالل مرحلة التحول إلى اقتصاد رقمي منذ ‪ .1151‬وقد ساعدت هذه اإلنجازات‬
‫في تعزيز تنافسية االقتصاد الوطني لدولة اإلمارات‪ .‬مما يتطلب دراسته دراسة أكاديمية لتجاوز‬
‫كل العر اقيل التي يمكن أن يقع فيها‪.‬‬

‫مشكلة البحث‪:‬‬

‫ما هي األسس النظرية والقانونية التي يقوم عليها االقتصاد الرقمي؟ وكيف تبنت دولة‬
‫اإلمارات هذا النموذج؟‬

‫منهج البحث‪:‬‬

‫‪ ‬المنهج التاريخي‪ :‬سيتم استخدام المنهج التاريخي في بيان التاريخ االقتصادي لدولة‬
‫اإلمارات ومعرفة كيف تبنت نموذج االقتصاد الرقمي‪.‬‬

‫‪ ‬المنهج التحليلي‪ :‬والذي يعتمد على دراسة المشكلة كما توجد في الو اقع وتحليلها‬
‫والربط والتفسير للوصول إلى استنتاجات‪ ،‬فسيتم استخدامه لتحليل مقومات‬
‫االقتصاد الرقمي‪.‬‬

‫ولإلجابة عن هذه اإلشكالية‪ ،‬اعتمدنا الخطة التالية‪ :‬املحور األول‪ :‬مفهوم االقتصاد‬
‫الرقمي‪ .‬املحورالثاني‪ :‬أليات االقتصاد الرقمي‪.‬‬

‫املحوراألول‪ :‬مفهوم االقتصاد الرقمي وخصائصه‬

‫أوال‪ :‬مفهوم االقتصاد الرقمي‬

‫يعتبر اإلقتصاد الرقمي محصلة التفاعل بين إتجاهات تقدم تكنولوجيا المعلومات‬
‫واالتصال وبين المنظومة اإلقتصادية اإلقتصاد الكلي ‪ -‬اإلقتصاد الجزئي و إقتصاد القطاعات‬

‫‪ 766‬أحمد إبراهيم دهشان‪ ،‬اقتصاديات المعرفة وجه التنمية االقتصادية الحديثة‪ ،‬دار اليازودي‪ ،4944 ،‬ص‪.41‬‬

‫‪P 454‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫النوعية في الصناعة والزراعة والتجارة والبنوك والمال والصحة والتعليم والعالقات‬


‫اإلقتصادية الدولية والسياسات النقدية والسياسات المالية وغيرها) ويساعد اإلقتصاد‬
‫الرقمي في معرفة أثر اإلقتصاد على املجتمع وتشخيص المشكالت اإلقتصادية من حيث‬
‫األسباب والنتائج والمساهمة في إقتراح الحلول اإلقتصادية‪767‬‬

‫يتسم االقتصاد الرقمي في أيامنا هذه بتكنولوجيا كانت غيرمعروفة وقت ظهوره كمفهوم‬
‫ومنها الن فاذ إلى الحزمة العريضة التابثة بسرعة تبلغ عشرات الميجابيتات في الثانية والحزمة‬
‫العريضة النقالة والهواتف الذكية وتطبيقاتها والمو اقع الشبكية‪ ،‬حيث يشير االقتصاد‬
‫الرقمي إلى االقتصاد المعتمد على تكنولوجيا واالتصاالت وكمفهوم عام مرتبط بتمكين التحول‬
‫الرقمي في قطاعات رئيسية وحيوية مختلفة مثل الحكومة والسياسات والعامة واللوائح‬
‫التنظيمية‪ ،‬إذا فاالقتصاد الرقمي يعتمد على التقدم الهائل في االتصاالت وتكنولوجيا‬
‫المعلومات في انتاج وتجارة السلع وحركة رؤوس األموال‪768.‬‬

‫ثانيا‪ :‬خصائص االقتصاد الرقمي‬

‫يمكن إجمال خصائصه في األتي‪:769‬‬

‫أ ‪ -‬سهولة الوصول إلى مصادرالمعلومات‬

‫يعتمد نجاح ونمو االقتصاد الرقمي على قدرة األفراد والمؤسسات على المشاركة في‬
‫شبكات المعلومات ومو اقع االنترنت املختلفة ويتطلب االشتراك الفعال في تلك الشبكات وفي‬
‫االقتصاد الرقمي ضرورة توفر البنية التحتية في االقتصاد مثال ‪ :‬شبكة الكهرباء ‪ ،‬شبكة‬
‫التليفونات ‪ ،‬انخفاض تلك الخدمات توفر اآلالت واألجهزة والمعدات والمهارات والتعليم‬
‫والتدريب‪.‬‬

‫ب‪ -‬المنافسة وهيكل السوق في ظل االقتصاد الرقمي‪:‬‬

‫تؤثر تكنولوجيا المعلومات على درجة المنافسة وأساليبها وتحسين المراكز التنافسية‬
‫ويختلف هيكل السوق وفق درجة تطبيق تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت في االقتصاد‬

‫‪ 767‬أسامة عبد السالم السيد‪ ،‬االقتصاد الرقمي‪ ،‬دار عيداء‪ ،‬ص‬


‫‪ 768‬عاطف زيدان‪ ،‬االقتصاد الرقمي بين الواقع المأمول والمعاملة الضريبية الخاصة به‪ ،‬دار محمود للنشر والتوزيع‪ ،4944 ،‬ص‪ 1‬وما‬
‫بعدها‬
‫‪ 769‬خالد أحمد علي محمود‪ ،‬االقتصاد الرقمي الحديث وإدارة الموارد البشرية واإلنتاج السلعي‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،4948 ،‬ص‪441‬‬

‫‪P 455‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫الرقمي وذلك على المستويين املحلي والدولي ويجب أن تتكامل تكنولوجيا المعلومات مع‬
‫منظومات وقطاعات االقتصاد املختلفة وخاصة التصنيع والزراعة التعليم التدريب ‪ ،‬الخدمات‬
‫المالية والمصرفية واالستثمارية ‪.‬‬

‫ج ‪ -‬مستقبل االقتصاد الكلي في ظل االقتصاد الرقمي‪:‬‬

‫تلعب تكنولوجيا المعلومات دورا أساسيا في زيادة معدالت النمو االقتصادي وفي‬
‫االستثمارات الرأس مالية والتجارة االلكترونية الداخلية والخارجية وتؤثر االنترنت في أساليب‬
‫أداء المعامالت التجارية وأساليب العمل والزالت هناك بعض القضايا التي لم تحسم بعد في‬
‫االقتصاد الرقمي مثال ‪ :‬ما هو نصيب كل قطاع اقتصادي من التجارة االلكترونية؟‬

‫املحورالثاني‪ :‬أليات االقتصاد الرقمي‬

‫تأخذ المعلومات اإلقتصادية أشكاال مختلفة في اإلقتصاد الرقمي‪ ،‬فقد تكون في شكل‬
‫كلمات أو أصوات أوأشكال توضيحية كلها قد تكون رقمية أوغيررقمية ويقصد بالمعلومات تلك‬
‫المعلومات الموجودة على أشرطة ممغنطة أو أفالم‪ ،‬والتي ال يمكن تخزينها في الحواسيب‬
‫اإللكترونية أو تحويلها‪ ،‬في حين أن األشرطة أو الديسكات الممغنطة المركزة ‪ CD‬تأخذ أشكاال‬
‫رقمية حيث يمكن تحويلها بين الحواسيب اإللكترونية‪ ،‬وبالتحديد تم تحويل األشرطة والوسائل‬
‫التقليدية لتداول المعلومات إلى األسلوب الرقمي والديسكات والفلوبي ديسك‪ ،‬فيمكن تداول‬
‫المعلومات الرقمية بين مراكز المعلومات والحواسيب اإللكترونية في حالة تدعيم تلك‬
‫الحواسيب بالهواتف واألقمار الصناعية‪ ،‬ومن المعروف أيضا إمكانية تخزين وإسترجاع‬
‫المعلومات الرقمية‪ ،‬بجانب إستخدام الكاميرات اإللكترونية الرقمية وأجهزة تصوير‬
‫المستندات ‪ Scanner‬حتى الوصول إلى اإلنترنت و‪770(Word. Wide Web - (www.‬‬

‫وتعمل الدول على أليات تنفيذ التحول إلى االقتصاد الرقمى من أجل تحقيق التنمية فى‬
‫القطاعات االقتصادية ‪ ،‬حيث تم وضع االقتصاد الرقمي أحد البنود الهامة استرتيجيتها‪ ،‬وذلک‬
‫عن طريق تهيئة البيئة التشريعية ودعم البنية التحتية لتوفيرالمناخ المالئم لالقتصاد الرقمى‬
‫وتطبيقه فى جميع مجاالت االقتصاد القومى لجذب الکثير من االستثمارات وتعزيز النمو‬
‫االقتصادى‪.‬‬

‫‪ 770‬أسامة عبد السالم السيد‪ ،‬االقتصاد الرقمي‪ ،‬نفس المرجع السابق‪ ،‬ص‬

‫‪P 456‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫نالحظ مما سبق أن تأثيرات االقتصاد الرقمي تنمو بسرعة‪ ،‬حيث أدي االنتشار السريع‬
‫لالقتصاد الرقمي إلى تغيرات في العمليات واألنظمة داخل القطاعات االقتصادية الحالية‪ ،‬من‬
‫خالل إعادة تشکيل سلوک المستهلک الحالي‪ ،‬و التفاعالت التجارية و نماذج األعمال‪ ،‬و ظهور‬
‫عمليات و أنظمة وقطاعات اقتصادية جديدة داخل القطاعات الفردية‪،‬حيث أفرز االقتصاد‬
‫الرقمي ظهورالعديد من الشرکات الجديدة المعتمدة على الرقمنة بشکل کامل مثل‪" ،‬أوبر" أکبر‬
‫شرکة "سيارات أجرة" في العالم‪ ،‬و"فيسبوک" شرکة الوسائط العالمية األکثر شهرة في العالم‪،‬‬
‫و"علي بابا" أکبرشرکة تجزئة في العالم وأکثرها قيمة‪ ،‬مما يؤکد أن االقتصاد الرقمي يمثل دفعة‬
‫کبيرة لالقتصاد بشکل کبير‪.‬‬

‫وتوفر فرصة فريدة للبلدان لتسريع‬


‫وتأتي التقنيات الرقمية في مقدمة عمليات التنمية ِ‬
‫وتيرة النمو االقتصادي وربط المواطنين بالخدمات وفرص العمل‪ .‬وفي وقت األزمات‪ ،‬من‬
‫الكوارث الطبيعية إلى الجوائح كاألزمة التي يشهدها العالم مع جائحة كورونا‪ ،‬فإن التقنيات‬
‫ُ‬
‫الرقمية هي التي تبقي الناس والحكومات والشركات على اتصال‪ .‬وهي تتيح حلوال مبتكرة‬
‫للتحديات اإلنمائية المعقدة وتساعد على تقديم الخدمات المصرفية الرقمية وخدمات‬
‫التطبيب عن بعد‪.‬‬

‫ويتكون االقتصاد الرقمي من نشاطات اقتصادية وتجارية ومالية يتم إنجازها من خالل‬
‫ماليين العمليات المتزامنة التي تتم بين األفراد والجهات الحكومية والخاصة باستخدام‬
‫التقنيات الرقمية مثل تقنية “البلوك تشين”‪ ،‬والتي تمثل شبكة عالمية من الحواسيب يتم‬
‫عبرها إتمام الصفقات و انتقال األموال بشكل سريع وال مركزي‪ .‬وكذلك تقنية الذكاء الصناعي‬
‫ً‬
‫حيث االعتماد على “األتمتة” في اتخاذ القرارات‪ .‬هذا النوع من االقتصاد يعتمد كثيرا على‬
‫الخدمات الرقمية القائمة على توفربنية أساسية كفؤة يتم من خاللها تحويل األشياء (المادية)‬
‫إل ى بيانات ضخمة ومعلومات يتم تبادلها بسرعة عالية عبر منظومة متكاملة من شبكات‬
‫االتصاالت واالنترنت‪.‬‬

‫والمتطلبات الضرورية لرفع استخدام املجتمعات آليات االقتصاد الرقمي تعتمد على‬
‫توفر إمكانيات االتصال من خالل شبكة إنترنت ذات تكلفة مقبولة‪ ،‬ونظم اتصاالت مفتوحة‬
‫وآمنة وذات جودة مناسبة‪ ،‬وهي متطلبات قد يصعب توفرها في مستوى متقدم وموحد بين دول‬
‫ً‬
‫العالم‪ .‬تدل التجربة التاريخية للدول النامية على استفادتها نسبيا من ظهورالهواتف املحمولة‬

‫‪P 457‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫لخصائص بنيتها التحتية‪ ،‬التي امتازت بإنشاء أبراج االتصاالت بسرعة أعلى وتكلفة أقل من‬
‫نظيرتها في شبكات الهواتف الثابتة‪ ،‬التي واجهت عقبات بيروقراطية وطبوغر افية وتقنية حدت‬
‫من توسعها و انتشارها‪.771‬‬

‫قائمة المراجع‬

‫• محمد أبو الشامات‪ ،‬اتجاهات اقتصاد المعرفة في البلدان العربية‪ ،‬مجلة جامعة‬
‫دمشق للعلوم االقتصادية والقانونية‪ ،‬املجلد ‪ ،17‬العدد‪.651 - 175 ،1151 ،5‬‬

‫• سامر بابكر‪ ،‬اقتصاد المعرفة‪ ،‬سلسلة كتيبات تعريفية‪ ،‬صندوق النقد العربي‪ ،‬العدد‬
‫‪.1115 ،51‬‬

‫• برنامج األمم المتحدة اإلنمائي‪ ،‬المؤشر العالمي للمعرفة لسنة ‪ ،1115‬دار الغرير‬
‫للطباعة والنشر‪ ،‬دبي‪.1115،‬‬

‫• جبار بوكثير وفاطمة الزهراء قوني‪ ،‬اقتصاد المعرفة وعالقته باالقتصاد الرقمي بين‬
‫التبعية واالحتواء‪ ،‬المركز الجامعي عبد الحفيظ بوالصوف – ميلة‪ ،‬ورقة مقدمة في الملتقى‬
‫ۚ‬
‫الوطني الثالث حول المستهلك واالقتصاد الرقمي ضرورة االنتقال وتحديات الحماية‪،11 ،11 ،‬‬
‫أفريل‪.1157 ،‬‬

‫• محسن الخضيري‪ ،‬اقتصاد المعرفة‪ ،‬ط‪ ،5‬مجموعة النيل العربية‪ ،‬القاهرة‪.1115 ،‬‬
‫ً‬
‫• محمد دياب‪ ،‬اقتصاد المعرفة‪ :‬حقبة جديدة نوعيا في مسارالتطوراالقتصادي‪ ،‬مجلة‬
‫الجيش (الدفاع الوطني اللبناني)‪ ،‬العدد ‪ ،61‬تموز ‪ ،1117‬موقع الدفاع الوطني اللبناني‪:‬‬
‫ً‬
‫‪/https://www.lebarmy.gov.lb/ar/content‬اقتصاد‪-‬المعرفة‪-‬حقبة‪-‬جديدة‪-‬نوعيا‪-‬في‪-‬‬
‫مسار‪-‬التطور‪-‬االقتصادي‪ ،‬الفقرة (‪ ،)51‬تاريخ الدخول ‪.1111/55/5‬‬

‫• منيرة زياني‪ ،‬دوراقتصاد المعرفة في نجاح التخطيط االستراتيجي لمنظمات األعمال في‬
‫الجزائر‪ ،‬مجلة كلية التراث الجامعة‪ ،‬ملجد ‪ ،5‬العدد ‪ 51 ،11‬آذار‪.516 – 551 ،1111‬‬

‫• سوزان عبد الغني‪ ،‬مدى إمكانية التكامل بين تكنولوجيا المعلومات واالقتصاد المعرفي‬
‫ً‬
‫في المنظمات التعليمية‪ /‬كليتي العلوم والهندسة جامعة كركوك أنموذجا‪ :‬دراسة استطالعية‪،‬‬

‫‪771‬أحمد بناصر الراجحي‪ ،‬التحول لالقتصاد الرقمي ودوره في التنمية االقتصادية‪ ،‬أغسطس‪.4944 ،‬‬

‫‪P 452‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫مجلة تكريت للعلوم اإلدارية واالقتصادية‪ :‬جامعة تكريت‪ ،‬املجلد ‪ ،51‬العدد ‪– 17 ،1156 ،11‬‬
‫‪.66‬‬

‫• محمد عبد الغني‪ ،‬االقتصاد التقليدي في مقابل اقتصاد المعرفة والتنافسية‪ ،‬مجلة‬
‫كلية السياسة واالقتصاد‪ ،‬العدد ‪ ،6‬أبريل ‪.77- 11 ،1111‬‬

‫• منذرعبد الله‪ ،‬االقتصاد المعرفي‪ ،‬ط‪ ،5‬الجنادرية للنشروالتوزيع‪ ،‬عمان‪.1156 ،‬‬

‫• هبة عبد المنعم وسفيان وقعلول‪ ،‬اقتصاد المعرفة‪ :‬ورقة إطارية‪ ،‬صندوق النقد‬
‫العربي‪.1157 ،‬‬

‫• أحمد عبد الونيس ومدحت أيوب‪ ،‬اقتصاد المعرفة‪ ،‬ط‪ ،5‬مركز دراسات وبحوث‬
‫الدول النامية‪ ،‬مصر‪.1116 ،‬‬

‫• محمد عبد‪ ،‬تخطيط السياسة التعليمية والتحديات الحضارية المعاصرة‪ ،‬ط‪،5‬‬


‫مكتبة أنجلو المصرية‪ ،‬القاهرة‪.1151 ،‬‬

‫• مراد علة‪ ،‬االقتصاد المعرفي ودوره في تحقيق التنمية االقتصادية واالجتماعية في‬
‫ً‬
‫األقطارالعربية ‪ -‬دول مجلس التعاون الخليجي أنموذجا‪ ،‬ورقة مقدمة في المؤتمرالدولي العاشر‬
‫لالقتصاد والتمويل اإلسالمي‪ ،‬قطر‪ 11-11 ،‬آذار‪.1151‬‬

‫• ربحي عليان‪ ،‬اقتصاد المعرفة‪ ،‬ط‪ ،5‬دارصفاء للنشر والتوزيع‪.1151 ،‬‬

‫‪P 457‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫المجتمع المدني وبلورة السياسات‬


‫الترابية‬
‫‪Civil society and the development of territorial policies‬‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫لقد حاول المشرع الدستوري المغربي النهوض بدور املجتمع المدني من خالل‬
‫المقتضيات التي تضمنها دستور‪ ،1155‬و ذلك انسجاما مع مجموعة من المكتسبات الجديدة‬
‫التي حاول المشرع تكريسها من داخل الوثيقة الدستورية‪ ،‬كالتأكيد على مبدأ احترام حقوق‬
‫اإلنسان كما هو متعارف عليها دوليا‪ ،‬و ربط المسؤولية باملحاسبة‪ ،‬ودسترة مؤسسات و هيئات‬
‫حماية الحقوق و الحريات و الحكامة الجيدة و التنمية البشرية و المستدامة و الديمقراطية‬
‫التشاركية‪ ،‬وهو توجه يعكس رغبة المشرع الدستوري في ضمان حقوق األفراد و حرياتهم‪ ،‬و‬
‫النهوض باألوضاع االجتماعية للمواطن من خالل تبني أسلوب الحكامة في تدبيرالشأن العام‪ ،‬و‬
‫ذلك باالنفتاح على فعاليات املجتمع المدني و إشراكه في تدبير الشأن العام و املحلي و صنع‬
‫السياسات العمومية ‪ ،‬حيث لم تعد هذه األخيرة حكرا على الدولة‪.‬‬

‫ومن هنا بدأ الحديث عن متدخل آخر في السياسات العمومية؛ غير الدولة والجماعات‬
‫املحلية وغيرها من المؤسسات "الرسمية"؛ وهو املجتمع المدني‪ ،‬وذلك عبر أدوار مختلفة تبدأ‬
‫من المر اقبة وتصل إلى المشاركة في اإلعداد‪.‬‬

‫عند هذا المستوى وجب تحديد ما المقصود باملجتمع المدني‪ ،‬قبل الحديث عن دوره في‬
‫السياسات الترابية‪ ،‬إعدادا وبلورة‪.‬‬

‫ووجبت اإلشارة هنا إلى أن املجتمع المدني بدوره‪ ،‬هو مفهوم مستجد في القاموس‬
‫السياس ي المغربي المعاصر‪ ،‬كما أنه ينطوي على تعقيد كبير يظهر انطالقا من عتبة اللغة‪ ،‬إذ‬
‫تتأسس الطبيعة المعقدة لمفعوم املجتمع المدني من كونه‪ ،‬كما هو وارد في اللغة العربية على‬

‫‪P 460‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫األقل‪ ،‬مفهوما طارئا يجمع بين مصطلحين عربيين جديدين أيضا؛ "مجتمع" و"مدني"‪ ،‬لذلك‬
‫فإن تحليل المفهوم بنيويا عبر تركيبته اللغوية واالصطالحية يعتبر عتبة أولى تقود للتحديد‬
‫الشامل للمفهوم‪ ،‬وهو التحديد الذي سيمر‪ ،‬بطبيعة الحال‪ ،‬عبر وضعه في سياقه التاريخي‬
‫وفحصه على ضوء مسلسل تطورالفلسفة السياسية‪.‬‬

‫وتبعا ذلك نعثر في قاموس "المعاني"‪ ،‬أن مصطلح املجتمع يتأسس على جذع لغوي هو‬
‫القوم"‪ ،‬أي‬‫ُ‬ ‫فعل "اجتمع"‪ ،‬ولهذا الفعل تصاريف عدة حسب السياق‪ ،‬فمثال يقال "اجتمع‬
‫َّ‬ ‫انضم ُ‬
‫َّ‬
‫بعضهم إلى بعض‪ ،‬اتحدوا و اتفقوا‪ ،‬ويقال "اجتمع به ‪ /‬اجتمع معه" أي التقى به أو قابله‪،‬‬
‫ل َْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫"اج َت َم َع ُ‬
‫"اجت َم َع‬ ‫الرج ُل" أي استوت ِل ْح َيت ُه‪ ،‬وبلغ غاية شبابه‪ ،‬ومنه أيضا القو‬ ‫كما يقال ْ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬
‫الم ِاش ي" أي أسرع في مشيه‪.‬‬
‫ُ َ‬
‫أما املجتمع فله تعريف في معجم المعاني أيضا يفيد بأن امل ْجت َم ُع هو "موضع االجتماع‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫جماعة من الناس تربطها روابط ومصالح مشتركة وعادات وتقاليد وقوانين واحدة ُم ْجت َمع‬
‫المدينة"‪.‬‬
‫َ َ‬
‫"مدني‪( :‬اسم)‬ ‫كم نجد أن المصطلح يجد له تعريفا في معجم المعاني أيضا يفيد ما يلي‪:‬‬
‫اسم منسوب إلى َمدينة‪ ،‬خاص بالمواطن أو بمجموع المواطنين‪ ،‬عكس عسكري"‪)772(.‬‬

‫في حدود هذا التعريف يظهر أن مفهوم "مدني" هو مرتبط بالمدينة‪ ،‬أي أنه خاص بأهل‬
‫المدن‪ ،‬فهل هذا يعني أن سكان القرى ال يدخلون في دائرة املجتمع المدني؟‪ ،‬كما اعتبر‪ ،‬في‬
‫التعريف نفسه دائما‪ ،‬أنه خاص بالمواطن‪ ،‬وهنا إحالة على مفهوم آخرمتشعب هو المواطنة‪،‬‬
‫وفي سياق التعريف بالخلف اعتبرالمعجم أن المدني هو ضد العسكري‪ ،‬فهل العسكريون خارج‬
‫دائرة املجتمع المدني؟‬

‫هذه التساؤالت تقود إلى أن التعريف المعجمي العربي للمجتمع المدني موسوم بكثير‬
‫من عدم التدقيق‪ ،‬ذلك أنه ال يسع ما يحيل عليه المفهوم من معان أشمل في إطارتداوله الدارج‪.‬‬
‫هذا األمر مرتبط أيضا بكون المفهوم طارئ على اللغة العربية‪ ،‬إذ له أصل غربي باعتبار أنه‬
‫مفهوم أنتجه الفكر السياس ي الغربي بالتحديد‪ ،‬وقد ظهر بادئ األمر لدى الفالسفة اليونان‬
‫والرومان وفي مقدمتهم أرسطو الذي تحدث عن الجماعة السياسية (‪.)koinônia politikè‬‬

‫‪ - 772‬معجم المعاني‪.‬‬

‫‪P 461‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫كما برز عند شيشرون‪ ،‬وهو سياس ي عاش في عهد الدولة الرومانية‪ ،‬وذلك عند حديثه‬
‫بصريح العبارة عن املجتمع المدني (‪ )societas civilis‬والذي قصد به الجماعة السياسية في‬
‫المدينة (‪.)773‬‬

‫كما أن األصل الالتيني لمصطلح مجتمع هو "‪ ،" societas‬ويعبر عنه باللغة الفرنسية‬
‫بمصطلح "‪ ،" société‬والذي يحيل‪ ،‬في قاموس "‪ ،" larousse‬على عدة معان تحيل على "مجموع‬
‫الكائنات البشرية التي تعيش في مجموعة منظمة" أو "وسط بشري يعيش فيه الفرد في إطار‬
‫مؤسسات وقوانين وقواعد" (‪ .)7‬أما مفهوم "مدني"‪ ،‬وأصله الالتيني "‪ ،" civilis‬وبالفرنسية‬
‫"‪ "civil‬فهو يعني‪ ،‬في القاموس الفرنس ي دائما "ما هو منسوب للمواطن ووضعه باعتباره عضوا‬
‫في جماعة وطنية‪ ،‬على خالف العسكري أو الديني"‪.‬‬

‫ويقودنا تتبع المسار التاريخي لهذا المفهوم إلى تحديد طبيعته‪ ،‬وهنا يعتبر غازي‬
‫الصوراني‪ ،‬في كتاب "تطور مفهوم املجتمع المدني وأزمة املجتمع العربي"‪ ،‬أن "مفهوم املجتمع‬
‫المدني مرعبرأربع لحظات تخلص التطورالتاريخي للمفهوم‪:‬‬

‫‪-‬اللحظة األولى‪ :‬هي لحظة نشوئه اللغوي وتحديد معناه‪ ،‬وهي اللحظة التي بدأت منذ‬
‫عصرالنهضة وصوال إلى هيغل‪.‬‬

‫‪-‬اللحظة الثانية‪ :‬هي لحظة ماركس (كارل ماركس)‪ ،‬الذي حدد المفهوم استنادا إلى هيكل‬
‫قام بتجاوزه‪ ،‬من خالل مفهوم بديل أصبح هو المفهوم المتداول‪.‬‬

‫‪ -‬اللحظة الثالثة‪ :‬لحظة غرامش ي الذي عاد إلى "نبش" المفهوم‪ ،‬لكن الستخدامه في‬
‫سياق آخر ربما نتج عن تطور املجتمع البرجوازي‪ ،‬حيث يميز بين روسيا وبالتالي ضرورة الثورة‪،‬‬
‫وأوروبا الرأسمالية وضرورة حرب المو اقع‪ ،‬معتبرا أنه المستوى السياس ي املجتمعي المقابل‬
‫للمستوى السياس ي الذي هو الدولة‪ ،‬ويقصد به النقابات والمدرسة والكنيسة‪.‬‬

‫‪-‬اللحظة الرابعة‪ :‬العودة إلى المفهوم ‪ -‬وإلى غرامش ي‪ -‬على ضوء حركة المعارضة التي‬
‫نشأت في دول أوربا الشرقية (المنظومة االشتراكية) منذ بداية ثمانينات القرن العشرين‪،‬‬
‫لتنظيرحركة النقابات العمالية في بولندا‪ .‬ثم االستخدام اإليديولوجي له كمقابل لسلطة الدولة‬

‫‪773‬‬ ‫‪-Laudani Raffaele،« Aux origines de la société civile »، Le Monde‬‬


‫‪diplomatique، septembre 2012.‬‬

‫‪P 462‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫الشمولية‪ ،‬وادعاء تمثيل املجتمع‪ .‬وهذه اللحظة هي اللحظة التي جرى تعميمها‪ ،‬عبر التركيز‬
‫المكثف على المفهوم ؛ دراسة وإعالما؛ لتصبح هي لحظة التأثيروصياغة الوعي لدى قطاعات‬
‫من المثقفين والساسة‪ .‬وهي اللحظة التي أوجدت كل االلتباسات التي أحاطت بالمفهوم‪،‬‬
‫ووضعته محل شك وتشكيك‪ ،‬ألنها كانت "الكلمة السحرية" التي "فكت أسر" املجتمع‪ ،‬لكنها‬
‫دمرت االشتراكية لتصبح هي "الكلمة السحرية الضرورية لتجاوزالنظم االستبدادية من جهة‪،‬‬
‫و"اللعنة" التي استخدمتها "الرأسمالية العالمية" لتهديم النظم االشتراكية من جهة أخرى"‬
‫(‪.)774‬‬

‫إجماال‪ ،‬تسير كل التعاريف في سياق تعريف املجتمع المدني على أنه مجتمع مخالف‬
‫للمجتمع العسكري والديني والسياس ي‪ ،‬كما تسير في اتجاه اعتبار املجتمع المدني هو فاعل‬
‫مخالف للسلطة‪ ،‬لكنه في الوقت نفسه متحكم في خلقها وتوجيهها‪ ،‬وهنا يظهرتذبذب مفاهيمي‪،‬‬
‫ففي النهاية نحن أمام توجهين األول يقول إن املجتمع المدني هو الذي يشكل السلطة (في إطار‬
‫بيئة ليبرالية مع لوك‪ ،‬وفي سياق تدافع جدلي عن ماركس و غرامش ي) ‪ ،‬وتوجه آخر يعتبر أن‬
‫املجتمع المدني هو خارج السلطة ويسير بالموازاة معها‪ ،‬وهذا التوجه هو الذي ذهبت إليه‬
‫التعاريف الواردة في الوثائق واألدبيات األممية‪ .‬فمنظمة اليونسكوعلى سبيل المثال‪ ،‬وفي سياق‬
‫تعريفها بالشركاء في مجال التربية‪ ،‬تعتبرأن املجتمع المدني‪ ،‬والذي تنصفه في خانة الشركاء‪ ،‬هو‬
‫الذي يضم مجموعة من الجمعيات غير الحكومة وذات الهدف غير الربحي ‪ .‬وفي عدة وثائق‬
‫رسمية ومؤسساتية نجد تعاريف تعتبرتعرف املجتمع المدني بمكوناته التي تنحصر‪ ،‬في نظرها‪،‬‬
‫بشكل مجمل‪ ،‬في المنظمات غيرالحكومة‪ ،‬ففي الكتاب األبيض الخاص بالحكامة داخل االتحاد‬
‫األوربي نجد التعريف التالي مثال‪" :‬املجتمع المدني يضم المنظمات النقابيات ومنظمات أرباب‬
‫الشغل‪ ،‬والمنظمات غيرالحكومية‪ ،‬والجمعيات المهنية‪ ،‬والمنظمات الخيرية‪ ،‬والمنظمات التي‬
‫تدرج المواطنين في الحياة املحلية والجماعية‪ ،‬مع مساهمة محددة للكنائس والجماعات‬
‫الدينية"(‪)775‬‬

‫‪ - 774‬الصوراني غازي‪ ،‬تطور المجتمع المدني وأزمة المجتمع العربي‪ ،‬مركز دراسات الغد العربي‪ ،‬غزة‪-‬فلسطين‪،‬‬
‫الطبعة األولى‪ ،8115 ،‬ص ‪6‬و‪.2‬‬
‫‪775‬‬ ‫‪http://www.unesco.org/education/efa/fr/partnership/civil_society.shtml.‬‬

‫‪P 463‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫أما بخصوص تحديد مفهوم السياسة الترابية‪ ،‬فسنعمل على تحديد مفهوم التراب ثم‬
‫السياسات التربية‪.‬‬

‫من المعلوم أن التراب في التشريعات والدراسات واألبحاث يعتبر فضاء ومجاال ملختلف‬
‫المكونات الطبيعية والسكانية و املجتمعية الموجودة به دون إغفال مجموع العناصرالمشكلة‬
‫لوجود هذا التراب ارتباطا باألنشطة االجتماعية و االقتصادية و الثقافية و بالتالي السياسية‪.‬‬
‫إذن فالتراب الوطني هو نتاج تاريخ تشيد عبرقرون من طرف مجتمع له تنظيمه الخاص به بهدف‬
‫االستجابة لحاجيات التسيير واألمن و التنمية‪ ،‬و يعتبرمكونا من مكونات الهوية التي تستند إلى‬
‫املجال المشكل لألسس المادية للحياة الجماعية و استمراريتها التاريخية‪ ،‬و بهذا المعنى يصبح‬
‫التراب ذلك الفضاء المادي والجغرافي والسكاني والسياس ي والثقافي واالقتصادي‪ ،‬أي مجال‬
‫بشري و تاريخي المفروض تنميته المستمرة و التعامل معه يحتاج إلى استحضار مفهومه أثناء‬
‫أي تدبير مجالي‪ ،‬إي استحضار السياس ي إلى جانب الدينامية االجتماعية و االقتصادية و‬
‫الثقافية‬

‫تعتبر السياسة الترابية جزءا ال يتجزأ عن السياسات العمومية هذه األخيرة التي تعرف‬
‫بكونها الخطة التي تقوم على تصورات تنجزعلى أرض الو اقع لمعالجة مشكل معين يمس مجاال‬
‫عاما‪.‬‬

‫وهذا التوجه التعريفي هو ما يذهب إليه المعهد العالي للدراسات العمومية الفرنس ي‬
‫والذي يعرف السياسة العمومية بأنها "مجموع القرارات واألعمال والتدخالت المتخذة من قبل‬
‫الفاعلين المؤسساتيين واالجتماعيين ألجل إيجاد الحلول لمشكل جماعي ما"‪.‬‬

‫ويزيد جون كلود توينغ (‪ )Jean-Claude Thoenig‬عن هذا التعريف تعريفا أكثر دقة في‬
‫معجمه الخاصة بمصطلحات السياسات العمومية حين يقول إن السياسات العمومية هي‬
‫"التدخالت التي تقوم بها السلطة باستعمال القوة العمومية والشرعية الحكومية في مجال‬
‫محدد على مستوى املجتمع أو التراب (‪.)776‬‬

‫‪776‬‬‫‪Jean-Claude Thoenig, Dictionnaire des politiques publiques, 4e édition,‬‬


‫‪Presses de Sciences Po, 2014.‬‬

‫‪P 464‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫إذا كنا قد انطلقنا من كون السياسة العمومية الترابية هي مجموع تدخالت السلطة‪،‬‬
‫سواء كانت الدولة أو الجماعات الترابية‪ ،‬لحل مشكل يهم املجتمع والتراب‪ ،‬وإذا ما اعتبرنا أن‬
‫املجتمع المدني هو مواز للمجتمع الرسمي‪ ،‬أي رجال الدولة والجماعات الترابية وغيرها من‬
‫الهيئات المنوط بها تنزيل السياسات العمومية‪ ،‬فكيف يمكن تصورالعالقة بين املجتمع المدني‬
‫والسياسات العمومية ؟‬

‫هذه هي اإلشكالية التي سنعمل على دراستها خالل مقالنا هذا‪ ،‬والتي حددناها في‪ :‬أي دور‬
‫للمجتمع المدني في بلورة السياسات الترابية ؟ وماهي اآلليات الكفيلة بتحقيق ذلك؟‬

‫سنتناول هذه اإلشكالية بالدراسة من خالل‪ :‬أدوار املجتمع المدني في إعداد و بلورة‬
‫السياسات العمومية الترابية عبر ‪:‬‬

‫‪ -‬الوثيقة الدستورية‬

‫‪ -‬القوانين التنظيمية‬

‫أدواراملجتمع المدني في إعداد و بلورة السياسات العمومية‬

‫إن تفعيل مبدأ الديمقراطية التشاركية على المستوى الترابي‪ ،‬يرتكزأساسا على تمكين‬
‫المواطنين و المواطنات و هيئات املجتمع المدني ‪ ،‬من المشاركة السياسية الفعلية في تدبير‬
‫الشأن املحلي و بلورة السياسات الترابية ذات األولويات‪ ،‬و إيجاد الحلول إلشكاليات التنمية ‪،‬‬
‫ألن التنمية لم تعد محصورة فقط في مجموع املخططات التقنية التي تستهدف إلى تحقيق أرقام‬
‫اقتصادية ومالية ‪ ,‬بل إن البعد االستراتيجي للتنمية ‪ ،‬ينبغي أن يذهب في اتجاه تدعيم قدرات‬
‫األفراد في مجال اتخاذ القرارالتنموي ومشاركة الفاعلين في تدبيرالشأن املحلي‪ ،‬إنها ترتبط إلى‬
‫حد كبيربالبعد التخطيطي وذلك عبرآلية التخطيط االستراتيجي التشاركي‪ ،‬الذي يغدومنهجية‬
‫ديمقراطية تشجع التفكير املحلي الموجه نحو المستقبل و تسهل وتوجه مختلف الفرقاء‬
‫املحليين‪ ،‬كما يمثل عملية التواصل داخل الجماعات املحلية‪.‬‬

‫إن توسيع المشاركة والتشارك بين جميع الفاعلين يجب أن يكون بعيدا عن نظرة‬
‫التعالي السلطوي‪ ،‬وعن اإلقصاء بشتى أنواعه‪ ،‬بل السماح للفاعلين االجتماعيين‪ ،‬كاملجتمع‬
‫المدني والشركاء االقتصاديين والخواص‪ ،‬من أجل المشاركة في اتخاذ القرار التنموي وتعزيز‬
‫الثقة بين الناخب والمنتخب‪.‬‬

‫‪P 465‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫سنحاول من خالل هذا املحور مالمسة كال من المقتضيات الدستورية‪ ،‬التي جاء بها دستور‬
‫‪ ، 1155‬فيما يخص تفعيل الديمقراطية التشاركية والسماح للمواطنين واملجتمع‬
‫المدني بالمشاركة في التدبير الترابي‪ ،‬من خالل إعداد و بلورة السياسات العمومية ‪ ،‬و كذلك‬
‫بالنظرفي القوانين التنظيمية المنزلة ألحكام الدستورالمتعلقة بالجهات و الجماعات الترابية‪.‬‬

‫‪ -5‬أدواراملجتمع المدني من خالل الوثيقة الدستورية ‪:‬‬

‫إن عملية صنع السياسات العمومية عملية معقدة‪ ،‬لكن ذلك ال يمكن أن يشكل مبررا‬
‫يدفعنا للقول بضرورة انفراد الدولة كفاعل وحيد في إنتاجها‪ ،‬بل على النقيض من ذلك‪ ،‬فهذه‬
‫العملية المعقدة تجعل الدولة تتحمل عبئا كبيرا يمكن التخفيف منه بإشراك فاعلين آخرين‪،‬‬
‫لذلك فقد كان المشرع المغربي واعيا بخطورة هذا الدور و أهمية مساهمة بقية الفاعلين في‬
‫عملية صنع السياسات ‪ ،‬ويتضح ذلك جليا من خالل مقتضيات دستور‪ ،1155‬فإشراك املجتمع‬
‫المدني في هذه العملية لن يساهم في تخفيف العبء الملقى على كاهل الدولة بإعداد هذه‬
‫السياسات فقط‪ ،‬بل سيساهم في إنجاحها وتسهيل تقبلها من قبل المواطن الذي يعتبرالمعني‬
‫األساس ي بها ‪.‬‬

‫جاءت عدة فصول دستورية تؤسس للمشاركة الفعلية للمواطنين والمواطنات في‬
‫إعداد وبلورة السياسات العمومية ‪ ،‬سواء وطنيا أو محليا ‪:‬‬

‫فحسب‪.‬منطوق‪.‬الفصل‪ ":51‬تساهم الجمعيات المهتمة بقضايا الشأن العام‪،‬‬


‫والمنظمات غير الحكومية‪ ،‬في إطار الديمقراطية التشاركية‪ ،‬في إعداد قرارات ومشاريع لدى‬
‫المؤسسات المنتخبة والسلطات العمومية‪ ،‬وكذا في تفعيلها وتقييمها‪ .‬وعلى هذه المؤسسات‬
‫والسلطات تنظيم هذه المشاركة‪ ،‬طبق شروط وكيفيات يحددها القانون‪".‬‬

‫‪-‬الفصل‪ ":51‬تعمل السلطات العمومية على إحداث هيئات للتشاور‪ ،‬قصد إشراك‬
‫مختلف الفاعلين االجتماعيين‪ ،‬في إعداد السياسات العمومية وتفعيلها وتنفيذها وتقييمها‪".‬‬

‫‪-‬الفصل‪ ": 51‬للمواطنين والمواطنات الحق في تقديم عرائض إلى السلطات العمومية‪.‬‬
‫ويحدد قانون تنظيمي شروط وكيفيات ممارسة هذا الحق‪".‬‬

‫‪P 466‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫‪-‬الفصل‪ ":19‬للمواطنين والمواطنات حق الحصول على المعلومات‪ ،‬الموجودة في حوزة‬


‫اإلدارة ا لعمومية‪ ،‬والمؤسسات المنتخبة‪ ،‬والهيئات المكلفة بمهام المرفق العام‪".‬‬
‫‪-‬الفصل‪ -:11‬توسيع وتعميم مشاركة الشباب في التنمية‪ ،‬وإحداث مجلس استشاري‬
‫للشباب والعمل الجمعوي‪.‬‬

‫‪-‬الفصل‪":516‬يرتكز التنظيم الجهوي والترابي على مبادئ التدبير الحر‪ ،‬وعلى التعاون‬
‫والتضامن؛ ويؤمن مشاركة السكان المعنيين في تدبيرشؤونهم‪ ،‬والرفع من مساهمتهم في التنمية‬
‫البشرية المندمجة والمستدامة‪".‬‬

‫الفصل ‪ ":517‬تضع مجالس الجهات و الجماعات الترابية األخرى ‪ ،‬آليات تشاركية‬


‫للحوارو التشاورلتيسيرمساهمة المواطنين و المواطنات و الجمعيات في إعداد برامج التنمية و‬
‫تتبعها‪ .‬يمكن للمواطنات والمواطنين و الجمعيات تقديم عرائض الهدف منها مطالبة املجلس‬
‫بإدراج نقطة تدخل في اختصاصه ضمن جدول أعماله "‬

‫‪-‬الفصل‪ "51‬تتلقى المر افق العمومية مالحظات مرتفقيها‪ ،‬و اقتراحاتهم وتظلماتهم‪،‬‬
‫وتؤمن تتبعها‪.‬تقدم المر افق العمومية الحساب عن تدبيرها لألموال العمومية‪ ،‬طبقا للقوانين‬
‫الجاري بها العمل‪ ،‬وتخضع في هذا الشأن للمر اقبة والتقييم "‪.777‬‬

‫انطالقا من األحكام الدستورية أعاله يبدو أن الوثيقة الدستورية لسنة ‪ 1155‬قامت‬


‫بتحسين و تطوير عملية التواصل بين الجماعات الترابية و المواطنين و الجمعيات و نوعت‬
‫رو افد القرارالترابي عبرتقنيتين‪:‬‬

‫التقنية األولى ‪:‬اآلليات التشاركية للحوارو التشاورالغاية منها تحقيق هدفين ‪:‬‬

‫األول‪ :‬تيسيرمساهمة المواطنات و المواطنين و الجمعيات في إعداد برامج التنمية؛‬

‫الثاني‪ :‬تيسيرمساهمة المواطنات و المواطنين و الجمعيات في تتبع برامج التنمية‪.‬‬

‫التقنية الثانية‪ :‬تقديم العرائض من قبل المواطنين والمواطنات والجمعيات أمام‬


‫مجالس الترابية‪.‬‬

‫‪ -777‬الفصول ‪ 68‬و ‪ 62‬و‪ 64‬و ‪ 86‬و ‪ 22‬و ‪ 621‬و ‪ 629‬و‪ 641‬من الدستور المغربي لسنة ‪.8166‬‬

‫‪P 467‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫انطالقا من هذه المعطيات يبدو أن التقنية األولى (اآلليات التشاركية) الهدف منها فتح‬
‫قنوات للنقاش و التشاورو الحوارمن أجل تبادل وجهات نظرو مد جسرتبادل اآلراء بين املجتمع‬
‫بمواطنيه وجمعياته و بين املجالس المنتخبة حول قضايا برامج التنمية‪ ،‬و التنمية هنا قد‬
‫تشمل كل ش يء يهم الفضاء الترابي املحلي‪.‬‬

‫بمعنى أن هذه املجالس بحكم الدستور‪ ،‬أصبحت مطالبة بفتح قنوات النقاش و الحوار‬
‫أمام المواطنين و فعاليات املجتمع المدني‪ ،‬قبل اإلقدام على اتخاذ أي قرار يهم برامج التنمية‬
‫ومن جهة أخرى أضحى أيضا من حق المواطنين و الجمعيات تتبع هذه البرامج و تقييمها‪.‬‬

‫كما أنه من خالل هذه المقتضيات الدستورية يتضح بجالء األدوار التي أناطها‬
‫دستور‪ 1155‬بهيئات املجتمع المدني للمساهمة في إنتاج السياسات العمومية أو الترابية‪ .‬وما‬
‫يهمنا هنا وله عالقة بموضوع مقالنا هو‪ :‬األدوار التي خولها دستور ‪ 1155‬للمجتمع المدني على‬
‫المستوى الترابي‪.‬‬

‫باستقرائنا للفصول الدستورية التي سبق استعراضها‪ ،‬يمكن استخالص ثالثة أدوار‪:‬‬

‫أ‪ -‬المشاركة في إعداد السياسات الترابية ‪:‬‬

‫تعتبر مرح لة اإلعداد المرحلة المؤسسة إلعداد السياسات الترابية ‪ ،‬و يتم فيها تحديد‬
‫األولويات و المشكل أو المطالب المطروحة ثم حصر الموارد التي يمكن تسخيرها لمعالجته‬
‫وتشخيص المطلب االجتماعي المطروح‪ ,‬و من ثمة تحديد اختيارات الجماعة الترابية ‪ ،‬في‬
‫معالجة هذا المطلب بناء على التشخيص الذي أجرته‪ ،‬وهو أمر دقيق يستلزم معرفة مجموعة‬
‫من المعطيات و الظروف املحيطة قصد اختيار القرار أو الحل المالئم‪ ،‬فاتخاذ التصرف‬
‫المناسب هنا ينبع عن سلطة تقديرية تحاول أن تحقق التوازن بين المشكل المطروح من جهة‪،‬‬
‫واإلمكانيات المتاحة لمواجهته‪ ،‬و غالبا ما يتطلب مثل هذا االختيار إلماما عميقا بالمشكل و‬
‫حيثياته و كل الظروف املحيطة به أو المؤثرة فيه‪ ،‬وهو ما يجعل السلطات محتاجة أكثرمن أي‬
‫وقت مض ى إلى الفاعل المدني ‪ ،‬الذي أصبح يلعب دورا محوريا في هذه المرحلة و يساهم في وضع‬
‫مطلب اجتماعي معين ضمن اهتمامات و أجندة المؤسسات المنتخبة ( الفصل ‪ ،) 51‬و ذلك‬
‫بتحديد نوع المشاكل التي يعاني منها‪ ،‬و التعريف بأسبابها و درجة خطورتها و توضيح الصورة‬
‫بشكل أفضل لألجهزة الرسمية حتى تستطيع اإللمام بمختلف المطالب و المشاكل المطروحة‬

‫‪P 462‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫و الوقوف على أسبابها الحقيقية ‪ ،‬مما يسهل تحديد نوع و شكل التدخل في معالجة المشكل‪ ،‬و‬
‫على هذا األساس يلعب املجتمع المدني دورا أساسيا في مرحلة إعداد السياسات الترابية‪ ،‬من‬
‫خالل التشخيص الدقيق للمشكل أو المطالب االجتماعية و المر افعة و النضال من أجل جعل‬
‫هذا المطلب مبرمجا ضمن الذي أجندة الجماعة الترابية ‪ ،‬باعتماد جملة من اآلليات سنأتي‬
‫على ذكرها الحقا ‪.‬‬

‫سيكون دور هذا الشريك أكثر فاعلية لو تم إعطاؤه فرصة المشاركة في تنفيذ الحل‬
‫املختارفي السياسة الترابية التي تم اختيارها على أرض الو اقع ‪.‬‬

‫ب‪ -‬المشاركة في تنفيذ السياسات الترابية‬

‫إن الدستور الجديد لم يكتف فقط بالتأكيد على ضرورة إشراك املجتمع المدني في‬
‫عملية إعداد وبلورة السياسات‪ ،‬ولكن أيضا إشراكه في تنفيذها وذلك استجابة للفصول ‪51‬‬
‫و‪ 51‬و‪ 517‬من الدستور‪.‬‬

‫وبذلك تلي مرحلة اإلعداد مرحلة التنفيذ‪ ،‬و هي المرحلة األهم في إنتاج السياسات‬
‫الترابية حيث يتم تنزيل الحل الذي تم اختياره من عدة حلول على أرض الو اقع ‪ ،‬و يساهم‬
‫املجتمع المدني في إرساء هذه المرحلة ‪ ،‬و بالتالي يتحول من فاعل سلبي إلى فاعل إيجابي ‪،‬‬
‫يساهم في إنجاح تنفيذ هذه السياسات وخلق تواصل فعال مع الساكنة و المواطنين للتخفيف‬
‫من حدة عرقلة هذه المشاريع و الوعي بأهميتها و ضرورتها‪.‬‬

‫فاإلشراك في التنفيذ يجعل املجتمع المدني المتخصص في املجال التنموي والثقافي و‬


‫االجتماعي يتوفر على فرص مهمة لتقوية مركزه في السهر على تنفيذ السياسات التي تم برمجتها‬
‫في كثيرمن املجاالت‪ ،‬ويؤكد حضوره و قوته العملية باعتبارالتجارب التي ركامها و أيضا القتر ابه‬
‫من فئات املجتمع‪ ،‬كما أثبت حسن التعامل مع قضايا التنمية األكثرصعوبة (‪)778‬‬

‫ج‪ -‬المشاركة في تقييم وتتبع السياسات الترابية‬

‫‪ -778‬ذ‪ .‬حسن بوزيدي‪ ،‬دور المجتمع المدني بالمغربي في دستور ‪ ،8166‬سلسلة الفرقان‪ 8165 ،‬العدد ‪ 65‬ص‬
‫‪22:‬‬

‫‪P 467‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫يعتبرتقييم السياسات الترابية مدخال أساسيا نحو بناء ترسانة املحاسبة والمساءلة عبر‬
‫طرح مجموعة من التساؤالت في اتجاه بناء وجهة نظر مجتمعية حول مدى إجابة و استجابة‬
‫هذه السياسة لحاجيات املجتمع‪.‬‬

‫ف مرحلة التقييم هي مرحلة جوهرية في إنتاج السياسة الترابية و األداة الكفيلة بإعطائها‬
‫حسا و قيمة مضافة من خالل قياس مدى قدرتها على االستجابة لمطلب اجتماعي‪.‬‬

‫إن التصور الجديد لتدبير الشأن العام وفق الديمقراطية التشاركية يدفع نحو إشراك‬
‫املجتمع المدني إلى إخضاع املخططات والسياسات العمومية للتقييم والمر اقبة ‪،‬هذا التوجه‬
‫انتقل من الخطاب السياس ي و التأطيرالقانون العادي إلى النص الدستوري(‪.)779‬‬

‫إن عملية التقييم ال تقف فقط عند رصد االختالالت التي تعتري تطبيق سياسة عمومية‬
‫معينة‪ ،‬بل تتجاوز ذلك نحو تجميع المعطيات حول نجاعة تلك السياسة و تحديد الشروط‬
‫الكفيلة بنجاحه ‪.‬‬

‫و يتجلى الدور الهام للمجتمع المدني في مرحلة التقييم في الوقوف على مدى نجاعة‬
‫السياسة الترابية في قطاع معين و تحقيقها للنتائج التي وضعتها من خالل رسمها لألهداف في‬
‫بداية رسم السياسة الترابية ‪ ،‬وبالتالي الحفاظ على المال العام من التدبير ‪،‬كما يعتبر آلية‬
‫للمحاسبة والرقابة االجتماعية والشفافية و بالتالي تحقيق حكامة جيدة ‪.‬‬

‫هذه هي مجموعة األدوارالتي حددها دستور‪ ،1155‬وترك جزءا آخرللقوانين التنظيمية‬


‫لتحدد الكيفية التي تمارس بها هذه المشاركة ‪ ،‬واألمريتعلق بتقديم العرائض و هيئات التشاور‬
‫‪ ،‬و فيما يلي سنحاول التعرف على ما جاءت به القوانين التنظيمية من مقتضيات ‪.‬‬

‫‪ -1‬القوانين التنظيمية ذات البعد الترابي ‪:‬‬

‫تهدف هذه القوانين التنظيمية إلى إقامة جهوية متقدمة بالمغرب‪ ،‬كأساس لترسيخ‬
‫قواعد الحكامة الجيدة والديمقراطية املحلية والجهوية‪ ،‬و إفراز نخب مؤهلة لتدبير الشأن‬
‫املحلي‪ ،‬و انبثاق أقطاب اقتصادية وتنموية مندمجة اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وبيئيا في إطار‬

‫‪ - 779‬ذ حسن بوزيدي ‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.25:‬‬

‫‪P 470‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫التضامن و التشارك الوطني‪ .‬السؤال الذي نطرحه عالقة له بموضوعنا ‪ :‬ماهي اآلليات التي‬
‫جاءت بها القوانين التنظيمية إلشراك املجتمع المدني في إنتاج السياسات الترابية ؟‬

‫أ‪ -‬القانون التنظيمي للجهات ‪555.51‬‬

‫فيما يتعلق بالقانون التنظيمي المتعلق بالجهات نظم المسالة المتعلقة باآلليات‬
‫التشاركية للحوار و التشاور في المادتان ‪ 556‬و ‪ ، 559‬حيث نصت المادة ‪ 556‬على أنه "تطبيقا‬
‫إلحكام الفقرة األولى من الفصل ‪517‬من الدستورتحدث مجالس الجهات آليات تشاركية للحوار‬
‫و التشاورلتيسيرمساهمة المواطنات و المواطنين و الجمعيات في إعداد برامج التنمية و تتبعها‬
‫طبقا للكيفيات املحددة في النظام الداخلي للجهة"‪ ،‬و أضافت المادة ‪ " 559‬تحدث لدى مجلس‬
‫الجهة ‪ 1‬هيأت استشارية ‪:‬‬

‫‪ -‬هيئة استشارية بشراكة مع فعاليات املجتمع المدني تختص بدراسة القضايا الجهوية‬
‫المتعلقة بتفعيل مبادئ المساواة و تكافؤ الفرص و مقاربة النوع ‪.‬‬

‫‪ -‬هيئة استشارية تختص بدراسة القضايا المتعلقة باهتمامات الشباب ‪.‬‬

‫‪ -‬هيئة استشارية بشراكة مع الفاعلين االقتصاديين بالجهة تهتم بدراسة القضايا‬


‫الجهوية ذات الطابع االقتصادي‪.‬‬

‫يحدد النظام الداخلي للمجلس تسمية هاته الهيئات و كيفيات تأليفها و تسييرها ‪.‬‬

‫انطالقا من هذه األحكام نورد المالحظات التالية ‪:‬‬

‫‪ -‬المالحظة األولى ‪ :‬إن أول ما يثير االنتباه ‪ ،‬هو التضييق الخطير المتمثل في المضمون‬
‫الضعيف و املحدود ‪ ،‬الذي حصر فيه واضعو القانون التنظيمي للجهات املحتوى الدستوري‬
‫للفصل ‪ 517‬من دستور ‪ 1155‬فهذا األخير يعطي للمواطنين و المواطنات و الجمعيات عبر‬
‫اآلليات التشاركية للحوارو التشاورالحق في المساهمة في إعداد برامج التنمية و تتبعها‪ ،‬بمعنى‬
‫إدالء هذه األطراف بدلوها في كل برامج التنمية و تتبعها ‪.‬فالعبرة حسب الفصل ‪ 517‬بالحضور‬
‫في مجال التنمية وليس باآلليات التي تمكن من وصول المواطنين والمواطنات والجمعيات لهذا‬
‫الهدف‪ ،‬في حين أن القانون المنظم للجهات اختزل هذه اآلليات في ثالث هيئات استشارية فقط‬
‫‪ ،‬و لكن الخطيرليس في عدد هذه اآلليات التشاركية و إنما في املجاالت التي تغطيها هذه الهيئات‬

‫‪P 471‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫االستشارية ‪ ،‬فقراءة سريعة في مضمون و جوهر اآلليات التشاركية التي سطرها القانون‬
‫التنظيمي للجهات تبين أنه غطى فقط الجوانب المتعلقة بالقضايا التالية‪:‬‬

‫‪-‬القضايا الجهوية المرتبطة بتفعيل مبادئ المساواة و تكافئ الفرص مقاربة النوع؛‬

‫‪-‬القضايا المتعلقة باهتمامات الشباب؛‬

‫‪-‬القضايا الجهوية ذات الطابع االقتصادي‪.‬‬

‫من خالل هذا القانون التنظيمي نالحظ على أنه حصر مفهوم برامج التنمية الواردة في‬
‫الفصل ‪517‬من دستور ‪ 1155‬في هذه القضايا‪ .‬األمر الذي يثير العديد من االستفهامات حول‬
‫مفهوم التنمية عند واضعي القوانين التنظيمية للجماعات الترابية؟‬

‫و كمالحظة ثانية فإن القضايا أعاله و إن كانت تدخل في مجال برامج التنمية فبكل تأكيد‬
‫أنها ال تمس صلب برامج التنمية‪ ،‬فعمق و صلب برامج التنمية يهم التعليم الصحة‬
‫التشغيل‪...‬وهذه القضايا لم يتعرض إليها القانون التنظيمي للجهات و لم يضع آليات تمكن‬
‫السكان و الجمعيات من التشاورو الحوارحولها‪.‬‬

‫باإلضافة إلى ما سبق و كمالحظة ثالثة‪ ،‬فإن كان الفصل ‪517‬من دستور ‪ 1155‬لم يحدد‬
‫طبيعة اآلليات التشاركية للحوار و التشاور‪ ،‬فإن القانون التنظيمي اختزلها في الهيئات‬
‫االستشارية ‪ .‬و هذا التوجه بدوره غير دقيق ألنه عندما نفكك البناء اللغوي للفصل ‪517‬‬
‫سنالحظ انه استعمل عبارة "اآلليات التشاركية" بمعنى مساهمة المواطنات و المواطنين‬
‫والجمعيات في صناعة القرار في برامج التنمية و إشراكهم في بنائها ‪ ،‬و بالتالي وضع بصمات لهم‬
‫في مجاالت التنمية من خالل انشغاالتهم و احتياجاتهم اليومية‪ ،‬و بأي سند َّ‬
‫حول القانون‬
‫التنظيمي للجهات حق المواطنين و الجمعيات في إشراكهم في برامج التنمية و تتبعها إلى مجرد‬
‫مو اقف وآراء استشارية‪.‬‬

‫و أخيرا تجدراإلشارة أن اآلليات التي و ضعها القانون التنظيمي للجهات ‪ ،‬هي آليات ذات‬
‫طابع استشاري و بالتالي فهي ال تلزم املجلس الجهوي في ش يء بل أكثر من ذلك أن الفصل ‪517‬‬
‫من الدستور يتحدث عن مساهمة المواطنين و المواطنات في برامج التنمية عبر مرحلتين‬
‫‪:‬اإلعداد و التتبع ‪ ،‬و لكن اآلليات التي وضعها القانون التنظيمي و المتمثلة في الهيئات الثالثة‬

‫‪P 472‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫لئن اعتبرها تؤمن و لو بطريقة ضعيفة مساهمة المواطنين و الجمعيات في مرحلة اإلعداد فإن‬
‫القانون لم يضع اآلليات التي ستمكن من مساهمة هؤالء في تتبع هذه البرامج‪)780(.‬‬

‫باالنتقال من مسالة مناقشة اآلليات التشاركية إلى مناقشة مسالة العرائض يالحظ أن‬
‫الباب الخامس من القانون التنظيمي للجهات و على طول المساحة التشريعية الممتدة من‬
‫الفصل ‪557‬حتى المادة ‪ 511‬نظم هذا األخيرالعرائض‪.‬‬

‫ففي ما يخص شروط تقديم العرائض أشار إلى أنه " طبقا ألحكام الفقرة الثانية من‬
‫الفصل ‪ 517‬من الدستوريمكن للمواطنات و المواطنين و الجمعيات أن يقدموا و فقا الشروط‬
‫املحددة بهذه عرائض يكون الهدف منها مطالبة املجلس بإدراج نقطة تدخل في صالحياته ضمن‬
‫جدول أعماله"‪.‬‬

‫و ال يمكن أن يمس موضوع العريضة الثوابت المنصوص عليها في الفصل األول من‬
‫الدستور‪. 781‬‬

‫و بالرجوع إلى الشروط المنظمة بمقتض ى أحكام المادة ‪ 515‬من القانون التنظيمي‬
‫الخاص بالجهات‪ ،‬نجد أن الشرط سيفرزالعديد من المشاكل و سيجعل العالقة متوترة أحيانا‬
‫بين املجالس الجهوية و بين الجمعيات لسبب بسيط هو أن هذا الشرط ليس دقيقا و محكما‬
‫على مستوى الصيغة ‪ ،‬ألن الجمعيات فيها التي تشتغل على هدف واضح يظهر جليا من خالل‬
‫تسميتها (مثل جمعية محاربة الهدر المدرس ي آو الجمعيات التي تشتغل على البيئة ‪ )...‬فهدا‬
‫النوع من الجمعيات يمكن بسهولة معرفة مدى ارتباط نشاطها بموضوع العريضة ‪.‬لكن هناك‬
‫من الجمعيات من يظهر من خالل تسميتها أنها تشتغل على كل ش يء وعلى كل الملفات (مثل‬
‫الجمعيات التي تشتغل على التنمية ) فالتنمية تشمل كل ش يء و في هذه الحالة يصعب وضع‬
‫فواصل حاسمة بين موضوع العريضة و بين نشاط الجمعية الن مجاالت اهتمام الجمعية في‬
‫هذه الحالة تشمل كل األنشطة تقريبا‪.‬‬

‫كما أن الشروط التي وضعها القانون التنظيمي للجهات فيما يتعلق بمقدم العريضة من‬
‫قبل الجمعيات تطرح بعض اإلشكاليات ‪:‬‬

‫‪ _780‬المجلة المغربية للسياسات العمومية مرجع سابق ص ‪.652‬‬


‫‪ -781‬المادة ‪662‬من القانون التنظيمي ‪ 65.666‬المتعلق بالجهات‪.‬‬

‫‪P 473‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫‪ -5‬و هي في حالة تقديم العريضة وامتنع الرئيس عن تسليم الوصل المتعلق بإيداع‬
‫العريضة ما العمل في هذه الحالة؟ و ما العمل في حالة إذا رفض الرئيس تسلم العريضة بحجة‬
‫أن الشروط المنصوص عليها قانونا لم تحترمها الجمعية المعنية؟ فهل الجمعية يمكنها اللجوء‬
‫إلى القضاء مباشرة أم يتعين عليها مسطرة التظلم؟‬

‫‪ -1‬تتعلق بالحالة التي يقبل فيها الرئيس العريضة و يمنح الوصل ‪ ،‬و لكنه تراخى في إحالتها‬
‫على المكتب للتأكد من استيفائها للشروط المطلوبة قانونا فالقانون التنظيمي للجهات ال يشير‬
‫إطالقا إلى اآلجال الفاصلة بين تاريخ إيداع العريضة لدى الرئيس و بين إحالتها على المكتب‬
‫لتتضح الصورة أمام أصحاب العريضة حول الطريق الذي سيتبعونه في الدفاع عن العريض‬
‫‪.782‬‬

‫‪-‬ب‪ -‬القانون التنظيمي المتعلق بالعماالت و األقاليم ‪51_551‬‬

‫تضمن القانون رقم ‪ 51_551‬المتعلق بالعماالت و األقاليم في الباب الرابع منه‬


‫التنصيص على اآلليات التشاركية للحوار و التشاور بالتنصيص على "تحدث لدى مجلس‬
‫العمالة آواإلقليم هيئة استشارية بشراكة مع فعاليات املجتمع المدني تختص بدراسة القضايا‬
‫اإلقليمية المتعلقة بتفعيل مبادئ المساواة و تكافؤ الفرص و مقاربة النوع‪.‬‬

‫يحدد النظام الداخلي للمجالس تسمية هاته الهيئة و كيفية تأليفها و تسييرها "‬

‫انطالقا من هذه األحكام يبدو أن صناع القانون التنظيمي المتعلق بالعماالت و األقاليم‬
‫تبنوا فيما يخص " اآلليات التشاركية " هيئة استشارية واحدة مقارنة بالقانون التنظيمي‬
‫للجهات األمر الذي يعني أنهم اعتمدوا معيار التمثيلية المبني على االنتخاب فيما يخص هذا‬
‫التفاوت و االختالف على مستوى عدد الهيئات ‪ ،‬وهو اعتماد و اعتقاد في غير محله أصال لسبب‬
‫بسيط هو أن اآلليات أعاله تندرج ضمن أدوات المنطق التشاركي الذي يختلف عن المنطق‬
‫التمثيلي و تصبوا إلى توسيع دائرة التشارك و التشاور‪.‬‬

‫ج‪ -‬القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات ‪551.51‬‬

‫‪ -782‬عبد الغني أمريدة ‪.‬اآلليات التشاركية و العرائض أمام الجماعات الترابية في المغرب مجلة السياسات‬
‫العمومية مرجع سابق ص‪646:‬‬

‫‪P 474‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫يالحظ أن القانون التنظيمي للجماعات ‪ ،‬فيما يتعلق باآلليات التشاركية نص على أن‬
‫تحدث لدى مجلس الجماعة هيئة استشارية بشراكة مع فعاليات املجتمع المدني تختص‬
‫بدراسة القضايا المتعلقة بتفعيل مبادئ المساواة وتكافؤالقرص ومقاربة النوع وتسمى "هيئة‬
‫المساواة و تكافؤ الفرص و مقاربة النوع"‬

‫يحدد النظام الداخلي للمجلس كيفيات تأليف هذه الهيئة و تسيرها "‪.‬‬

‫يبدو أن الجماعات في المغرب ‪ ،‬لم تستفد كثيرا من مستجدات دستور ‪ 1155‬في الباب‬
‫المتعلق باآلليات التشاركية ‪ ،‬مقارنة بالباقي ‪ ،‬حيث أحدث لها هيئة استشارية واحدة هي هيئة‬
‫كانت موجودة تقريبا في الميثاق الجماعي السابق‪.‬‬

‫انطالقا مما سبق‪ ،‬نسجل المالحظات الجوهرية التالية ‪:‬‬

‫‪ ‬إن رغبة المشرع في االنفتاح على فعاليات املجتمع المدني من جمعيات و منظمات غير‬
‫حكومية‪ ،‬و الساكنة المعنية؛ لهو دليل قاطع على األعطاب التي خلفتها الديموقراطية‬
‫التمثيلية‪ ،‬فكان الرهان حول سمو الديموقراطية التشاركية و جاهزيتها كمكمل لألولى‪،‬‬
‫و بالتالي فالفاعل المدني أصبح يتمتع بأدوار أساسية في بلورة و تنفيذ السياسات‬
‫العمومية الترابية‪.‬‬

‫نية المشرع في تعزيزمبدأ االنفتاح ‪ ،‬وذلك بالنص على إحداث هيئات استشارية بشراكة‬
‫مع فعاليات املجتمع المدني‪ ،‬و هل الفئات الممثلة في الهيئات يتم اختيارها على أساس الكفاءة‬
‫والنزاهة‪ ،‬أم أن األمر يستدعي تو افقات و تقديم المصالح الشخصية عن المصلحة العامة؟ و‬
‫ماذا عن طريقة االختيار‪ ،‬هل ستتم بطريقة ديموقراطية تحتكم االنتخاب ‪،‬أم التعيين هومآلها؟‬

‫‪ ‬رغبة المشرع في منح فعاليات من املجتمع المدني صفة االقتراح‪ ،‬و بالتالي غلب على‬
‫الهيئة الطابع االستشاري دون التمتع بالصفة التقريرية ‪.783‬‬

‫‪ ‬تعبئة المواطن قصد تنمية الوعي التشاركي من أجل المصلحة املحلية العامة‪ ،‬وتنظيم‬
‫مشاركته في تحسين ظروف العيش‪ ،‬والحفاظ على البيئة و إنعاش التضامن وتنمية‬
‫الحركة الجمعوية المواطنة‪.‬‬

‫‪ / 783‬عبد الرحمان الماضي‪ ،‬أطروحة دكتوراه في القانون العام تحت عنوان ‪ :‬الحكامة الترابية التشاركية ‪ ،‬السنة‬
‫الجامعية ‪ ، 62/8168‬صص ‪.824 ،825 :‬‬

‫‪P 475‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫خاتمة ‪:‬‬

‫ال شك أن دور املجتمع المدني في الدستور الجديد‪ ،‬تقوى كثيرا خصوصا عندما أفرد له‬
‫الدستور بضعة فصول‪ ،‬حيث اعترف بأهمية دور املجتمع المدني في إعداد و تنفيذ و تقييم‬
‫السياسات العمومية والترابية‪ ،‬فمتى كان املجتمع المدني فاعال أساسيا في جميع هذه المراحل‪،‬‬
‫كلما كان له دور أساس ي في تلبية حاجيات شريحة كبيرة من املجتمع‪ ،‬وكذلك في تخليق الحياة‬
‫العامة والتقليل من إمكانيات التالعب بمصالح المواطنين‪ ،‬لوجود من يدافع عنهم و يحارب كل‬
‫أشكال الفساد الذي يتفش ى بالمر افق العمومية ‪.‬‬

‫لكن و اقع الحال و على مستوى الممارسة‪ ،‬نجد أن املجتمع المدني يعيش محنة‬
‫حقيقية‪ ،‬ألن الدستور لم يوضح له طريقة المشاركة‪ ،‬على اعتبار أنه القانون األسمى‪ ،‬الذي‬
‫يتضمن عموميات ال مسائل خاصة‪ ،‬و ترك األمر للقوانين التنظيمية لتحدد كيفية المشاركة‬
‫لتفعيل أدوار املجتمع المدني‪ ،‬السؤال الذي يمكن طرحه هنا هو‪ :‬هل بالفعل أن ما جاءت به‬
‫هذه القوانين التنظيمية يرض ي طموحات هيئات املجتمع المدني و يعكس بالفعل البعد‬
‫التشاركي بكل تجلياته‪ ،‬أم جاءت لتقنن و تقيد المشاركة بوضعها ملجموعة من الشروط بعضها‬
‫يقيد أكثرمما ييسر؟‬

‫وبالتالي يمكن القول على أن دستور‪ 1155‬كان ر اقيا ومتقدما فيما يتعلق بمجال الحقوق‬
‫والحريات‪ ،‬ولكن القوانين التنظيمية المنزلة للمقتضيات الدستورية‪ ،‬فيما يخص مشاركة‬
‫المواطنين وهيئات املجتمع المدني في إعداد وبلورة السياسات العمومية ال ترقى إلى مستوى‬
‫الوثيقة الدستورية‪.‬‬

‫و في ختام هذه الدراسة التي طرحت إشكالية مشاركة هيئات املجتمع المدني في تدبير‬
‫الشأن املحلي يمكننا القول إن عملية إعادة الثقة للفرد واملجتمع المدني ورسم معالم جديدة‬
‫لعالقة أكثر انفتاحا مع الدولة يمكن أن تنجز فقط في إطار التنسيق والتعاون ما بين املجتمع‬
‫المدني بكل تشكيالته ومنظماته وما بين الفاعل الرسمي وغير الرسمي‪ ،‬ومشاركة جميع‬
‫الفعاليات السياسية والمدنية والحقوقية واإلعالمية وتوحيد جهود جميع شرائح املجتمع في‬
‫إطار الديمقراطية التشاركية‪ ،‬من خالل تنزيل سليم لمقتضيات الدستور والتعبير عن إرادة‬
‫حقيقة من قبل الدولة في إشراك املجتمع المدني في إعداد وبلورة وتقييم السياسات العمومية‬
‫‪.‬‬

‫‪P 476‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫المراجع ‪:‬‬

‫محمد الغالي‪ ،‬سياسة القرب مؤشرعلى أزمة الديمقراطية التمثيلية‬ ‫‪‬‬

‫عبد الرحمان الماض ي‪ ،‬أطروحة دكتوراه في القانون العام تحت عنوان‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫الحكامة الترابية التشاركية‪ ،‬جامعة الحسن األول بسطات‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬السنة الجامعية ‪.1151/1151‬‬

‫رشيد لصفر‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام _التدبير ألتشاركي‬ ‫‪‬‬
‫لشان العام املحلي الجماعات الحضرية و القروية نموذجا سنة ‪. 1151_1117‬‬

‫محمد السقاوي‪ ،‬الديمقراطية التشاركية‪ ،‬براديغم لتدبيرالشأن العام املحلي‪،‬‬ ‫‪‬‬


‫رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام‪ ،‬جامعة الحسن األول‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية و االجتماعية بسطات‪ ،‬السنة الجامعية ‪. 1117_1117‬‬

‫محمد اليعكوبي‪ ،‬التصورالجديد لدوراملجلس الجماعي على ضوء القانون رقم‬ ‫‪‬‬
‫‪ ، 97.11‬املجلة المغربية لإلدارة املحلية و التنمية العدد ‪.1111 11‬‬

‫حسن بوزيدي‪ ،‬دوراملجتمع المدني بالمغربي في دستور‪ ،1155‬سلسلة الفرقان‪،‬‬ ‫‪‬‬


‫‪ 1151‬العدد ‪.91‬‬

‫عبد الغني أمريدة‪ ،‬اآلليات التشاركية والعرائض أمام الجماعات الترابية في‬ ‫‪‬‬
‫المغرب‪ ،‬مجلة السياسات العمومية‪.‬‬

‫الظهير الشريف رقم ‪ 5.51.71‬صادر في ‪ 11‬من رمضان ‪ 9 ( 5116‬يوليو ‪) 1151‬‬ ‫‪‬‬


‫بتنفيذ القانون التنظيمي رقم ‪ 555.51‬المتعلق بالجهات ‪.‬‬

‫الظهير الشريف رقم ‪ 5.51.71‬صادر في ‪ 11‬من رمضان ‪ 9 ( 5116‬يوليو ‪) 1151‬‬ ‫‪‬‬


‫بتنفيذ القانون التنظيمي رقم ‪ 551.51‬المتعلق بالعماالت و األقاليم ‪.‬‬

‫الظهير الشريف رقم ‪ 5.51.71‬صادر في ‪ 11‬من رمضان ‪ 9 ( 5116‬يوليو ‪) 1151‬‬ ‫‪‬‬


‫بتنفيذ القانون التنظيمي رقم ‪ 551.51‬المتعلق بالجماعات ‪.‬‬

‫‪P 477‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

 CHARLES maccio , penser le devenir de la démocratie construire la


démocratie participative, Lyon 2004.

 Clay ton thomas , »action publique et participation des citoyens »,

1155 ‫دجنبر‬-‫ نونبر‬515 ‫املجلة المغربية لإلدارة املحلية والتنمية عدد‬

P 472 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫مقاالت وأبحاث‬
‫قانونية وقضائية‬
‫باللغة الفرنسية‬

‫‪P 477‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

La gestion de la trésorerie et le système Cash Pooling


1. Chapitre 1- choix d’une structure de centralisation de
trésorerie
Dans ce chapitre, l'analyse va porter sur la situation des
groupes qui choisissent de confier la gestion de leur trésorerie à une
société holding, au lieu de la centraliser dans une banque de groupe
ou une société financière.
2. 1) le statut d'une banque de groupe ou une société
financière
L'optique d'un groupe est généralement d'obtenir une
autonomie financière maximale vis à vis des banques, et d'attirer
des capitaux extérieurs à la firme, puis de les faire circuler à
l'intérieur du groupe. Pour ce faire, des grands groupes choisissent
de créer leur propre banque784 ou une société financière.
La différence entre ces deux possibilités réside dans le cadre
juridique. En utilisant une banque de groupe, la société gestionnaire
de la trésorerie est dotée du statut d'établissement de crédit. La
société financière de groupe dispose elle, d'un type particulier
d'établissement de crédit.

784
A. CHEVALLIER, Les banques de groupes, les petites affiches, 1988.

P 420 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

3. 1-1 le rôle de la banque et de la société financière dans


la centralisation de trésorerie:
La banque de groupe se définit par deux éléments : la
participation du groupe dans le capital de la banque, et la part de
l’activité de la banque orientée vers le groupe.
Le choix d’un établissement de crédit comme centrale de
trésorerie peut être guidé par le fait que, pour des raisons
techniques, la participation d’une banque est nécessaire à la mise
en place du système.
L’équilibrage des positions de trésorerie se traduit en effet par
des ordres de virement multiples exécutés des comptes dits
secondaires vers le compte centralisateur. Le rôle traditionnel de la
banque en tant que teneur de comptes est alors essentiel pour
l’exécution de tels virements. Par ailleurs la banque peut apporter
une efficacité supérieure aux sociétés du groupe en leur donnant en
temps réel la position exacte des différents comptes concernés par
la centralisation. Il est en effet nécessaire que les gestionnaires de
la trésorerie du groupe aient en temps réel une parfaite
connaissance de la position des comptes en fonction des différents
encaissements à percevoir et des paiements à effectuer, ceci afin
d’avoir une vision la plus proche possible de la trésorerie
quotidienne. Un centralisateur non bancaire n’est pas toujours apte
à apporter un tel service.
La gestion de la trésorerie du groupe par un établissement de
crédit faisant fonction de structure centralisatrice et assurant lui

P 421 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

même la répartition des excédents, est donc la solution la plus


orthodoxe par rapport au droit bancaire, et la plus intégrée
techniquement.
Il est également possible, pour les mêmes raisons,
d’avoir recours à une société financière. La société dite financière
est en effet dotée du statut d’établissement de crédit, avec un
agrément soit dans la catégorie banque, soit dans la catégorie
société financière stricto sensu. Cette société assume alors la pleine
capacité financière et bancaire. Son activité est celle de tout
établissement de crédit sous réserve des limites découlant des
termes de son agrément ou de son statut légal spécial. (En
particulier les sociétés financières ne peuvent pas recevoir du
public des fonds à vue ou à moins de deux ans de terme, à moins
qu’elles y soient autorisées à titre accessoire).
4. 1-2- les avantages associés au statut de la banque et
de la société financière
L'avantage de la création d'une société centralisatrice dotée
d'un statut de banque réside dans le fait que la banque pourra
recevoir des fonds du public. Pour un groupe envisageant de
recevoir des dépôts du public et d'ouvrir largement sa filiale
financière vers l'extérieur, le statut de banque est le plus adapté785.
Il faut également ajouter que cette option dans la
centralisation de trésorerie constitue une défense anti-OPA

785
K. OHAMA, "Les banques de groupe en France", PUF, Coll; Gestion, 1991.

P 422 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

certaine, car la tentative de prise de contrôle du groupe se heurtera


aux règles particulières gouvernant les établissements de crédit.
La banque de groupe va matériellement apporter au groupe
une amélioration de l'exploitation bancaire et l'accès au marché des
changes. L'objectif d'optimisation financière qui lui est assigné va
se traduire par une diminution des frais financiers globaux au
niveau du groupe. En effet, le groupe pourra confier à sa banque le
soin d'assurer un certain nombre d'opérations financières courantes
telles que le service de caisse, les virements, la distribution des
dividendes, les opérations en capital, etc… diminuant de ce fait, le
coût total qui aurait résulté du passage par un intermédiaire
extérieur.
La banque devient la plaque tournante financière du groupe.
Elle élabore la politique financière globale et sert de point central
dans les mouvements de flux financiers intra-groupe, tant au point
de vue trésorerie à court terme, que dans le financement
d'investissements.
Du point de vue de la gestion financière, l’optimisation
recherchée de la centralisation à travers une banque de groupe se
traduit de plusieurs manières : diminution des frais financiers,
augmentation du pouvoir de négociation face aux autres banques,
meilleure organisation, accès au marché des changes et au marché
monétaire interbancaire...
Du point de vue de la sécurité juridique, la banque de groupe
permet la réalisation des opérations de centralisation sans risque de

P 423 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

déroger au monopole bancaire. Une banque de groupe, du fait de


son agrément en qualité d’établissement de crédit, peut sans
difficulté centraliser et gérer les excédents de trésorerie du groupe.
C’est l’objet même de son activité. Il n’y a alors bien évidemment
aucun problème juridique.
5. 1-3 les limites de choix d’un établissement de crédit
comme centrale de trésorerie
La création d’une banque de groupe, ou d’une société
financière de groupe, qui ont un statut officiel très contraignant et
pénalement protégé, est la solution la plus lourde à mettre en
œuvre.
En effet, au delà du montant du capital social minimum requis
par l’agrément et des démarches relatives à ce dernier, le coût de
fonctionnement de la structure que représente une banque de
groupe, qui doit respecter les obligations émanant de la
réglementation bancaire, est très important. L’établissement subit
alors tout le régime de tutelle et de surveillance de gestion et de
distribution du crédit prévu pour les établissements de crédit :
ratios, encadrements, déclarations, situations comptables spéciales,
etc...
Le recours à un établissement de crédit agréé est pour ces
raisons souvent limitées aux groupes les plus importants.
Cependant, il ne faut pas omettre un certain nombre de risques
associés à ce choix en faveur d'une banque de groupe.

P 424 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

Tout d'abord, la banque va souffrir d'une importante


vulnérabilité économique. Du fait que les entreprises commerciales
et industrielles peuvent connaître, en fonction de la conjoncture
économique, des variations importantes du volume de leur activité,
au niveau de leurs résultats et de leur situation financière. Cela va
se matérialiser par une réduction du volume des opérations
apportées par le groupe, en même temps qu'une certaine
dégradation de la qualité des concours distribués. De plus, le coût
des ressources nécessaires peut être augmenté à cause de la
réduction de la qualité de la société mère.
L'autre risque important est de voir la banque oublier de
prendre suffisamment en compte ses diverses obligations,
réglementaires ou professionnelles, s'imposant aux établissements
de crédit, dans l'optique de satisfaire aux intérêts du groupe.
6. 2) choix d’une holding comme entité centralisatrice

7. 2-1 l’intérêt du choix d’une société holding


La plupart des groupes utiliseront comme structure
pivot une société qui n’aura pas le statut d’établissement de crédit :
Ce sera généralement la société mère ou le holding du groupe.
C’est en effet l’un des avantages, pour un dirigeant d’entreprise, de
regrouper ses différentes sociétés dans un groupe bien structuré
grâce à un holding, que de pouvoir effectuer des mouvements de
fonds d’une société à l’autre. Mais ce pourra être aussi soit une

P 425 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

société spécialement créée pour l’occasion, soit une filiale


quelconque.
Cette société, qui par hypothèse ne devra pas adopter
l’appellation officielle « société financière », sera le produit d’une
spécialisation interne au groupe. Elle sera une sorte de trésorier
central compensateur, chargée d’obtenir de la trésorerie le
rendement maximal.
La centralisation des opérations de trésorerie par le holding va
permettre de maintenir une certaine cohérence dans la
hiérarchisation du groupe. Si ce montage satisfait la jurisprudence,
exigeant l’existence d’une unité économique liant les différentes
sociétés concernées, il satisfait également les sociétés sœurs ou
filiales. Cette fonction étant exercée par une société en position de
force, aucune rivalité ne peut s’établir entre celles-ci. La direction
assurant la répartition.
La trésorerie peut être centralisée au sein de la holding par la
mise en place d’un pool de trésorerie ou d’une convention
d’omnium.
En outre, par cet effet de levier financier, une holding
bénéficiera d’une capacité d’emprunt importante, favorable à la
croissance interne et/ou externe du groupe. Le rachat ou la prise de
contrôle d’une société par l’intermédiaire d’une holding, technique
appelée LBO (leverage buy-out) permettra en effet de réduire
substantiellement l’apport personnel des repreneurs et incitera les
investisseurs à s’associer au projet.

P 426 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

Enfin, l’établissement de comptes consolidés au sein du


groupe permettra à la holding, qui doit les approuver lors de la
tenue de son assemblée générale annuelle, d’apprécier la situation
de chacune des sociétés par rapport à ses sœurs.
8. 2-2 Principes de fonctionnement
L'objectif de ces opérations de trésorerie est de réaliser
un équilibre financier entre les mouvements de fonds, en
constituant un pool de trésorerie, afin de recevoir les excédents des
filiales ayant des disponibilités financières à court terme (inférieur
à 2 ans), pour les répartir entre celles qui, au même moment, ont
une trésorerie insuffisante et un besoin de liquidités.
Les disponibilités sont donc centralisées au niveau de la
holding, qui est mandatée par les filiales pour encaisser les créances
et régler les dettes. Pour que cela puisse être autorisé, il est
nécessaire que la holding détienne un lien de capital sur les autres
entités (50% confère d'office un pouvoir suffisant; moins suffit s'il
y a dispersion des autres titres dans le public).
Du fait de l'obligation par la loi bancaire d'avoir un lien en
capital entre les deux entités procédant au flux de trésorerie, la
holding devient obligatoirement le point de transit, dans la mesure
où l'une des filiales n'aurait pas de part suffisante dans le capital de
l'autre.
Dans le cadre de cette holding, l'ensemble des mouvements
vont se faire via une banque prestataire de services, qui servira

P 427 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

également d'intermédiaire dans le choix des financements et des


placements.
9. 2-3 La convention de pool
(i) Modalités juridiques.
Les groupes de sociétés dont la trésorerie n'est pas gérée par
une société financière de groupe (ici le cas d'une holding ou société
pivot) se voient dans l'obligation de signer entre elles une
convention dite d'omnium, afin de donner une validité juridique à
la gestion centralisée de leur trésorerie.
La convention d'omnium prévoit la mise en commun de
disponibilités financières, afin de les répartir en fonction des
besoins des parties signataires. Ces disponibilités sont centralisées
au niveau de la holding, laquelle est mandatée par les autres, pour
encaisser les créances et régler les dettes des autres sociétés.
Ainsi, la société holding pourra effectuer des prêts, avances
ou cautionnements et centraliser la trésorerie groupe, au niveau des
intérêts, des dividendes, de redevances etc…
Les conventions approuvées par le Conseil d'Administration
doivent prévoir un taux de rémunération ainsi que les modalités de
transfert et de retour des fonds. Le taux de rémunération est
librement fixé par les sociétés, mais doit respecter une réalité
économique pour qu'il soit accepté par l'administration fiscale. La
convention contient également, un engagement de la part de
l'entreprise vis à vis de la banque, d'assurer l'entière responsabilité

P 422 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

de toutes les conséquences pouvant résulter de cette gestion


centralisée de trésorerie.
Cette convention permet ainsi la mise en place de la structure
de base d'une centralisation. Cependant pour accentuer les pouvoirs
de cette centrale, il est possible de rédiger d'autres documents.
Ainsi, dans l'optique d'atteindre le degré maximum de
centralisation, la centrale de trésorerie devra signer un ordre
permanent de virement vers la société mère qui sera déposé auprès
des banques et des filiales pour que la société mère puisse disposer,
rapidement et sans contraintes, des fonds.
(ii) Modalités pratiques
Ce type d'organisation permet facilement de maîtriser
totalement l'ensemble des opérations de trésorerie. Selon le degré
de centralisation, un certain nombre de possibilités sont à sa
disposition.
Le principe de base va être pour la holding, de s'assurer que
les excédents des filiales des sociétés créditrices soient à la
disposition des sociétés ayant un besoin de trésorerie.
La position de trésorerie globale du groupe peut, après
compensation des excédents et insuffisances de trésorerie faire
apparaître un solde positif ou négatif. S'il s'agit d'une position
globalement débitrice, la société holding va pouvoir choisir de
prendre en charge ce découvert, ou alors, ce découvert va se répartir
au niveau des filiales débitrices dont les insuffisances de trésorerie

P 427 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

ne sont compensées qu'à hauteur des excédents de trésorerie des


filiales créditrices.
Dans le cas d'un solde net positif, il va être beaucoup plus
intéressant de profiter de cet effet de taille et d'effectuer des
placements à terme, notamment si structurellement, le groupe est
créditeur.
10. Chapitre 2- La mis en place d’un système de
cash pooling : du choix d'un type à l'analyse des
contraintes
Le fait de gérer la trésorerie d’un groupe nécessite de gérer les
remontées des fonds de l’ensemble des entités qui le compose ceci
dit plusieurs techniques se sont mise en place afin de répondre aux
dispositions des groupes d’autant plus que leurs développement
suit une tendance haussière ce qui nous mène à trouver des moyens
simple pour faciliter la gestion et surtout l’optimisée.
Dans ce chapitre on va essayer de présenter les différents
choix que dispose un groupe de sociétés pour la mise en place d'un
système de cash pooling
11. 1) choix d’un type de cash pooling
La société pivot consolide les comptes de chacune des
sociétés du groupe. L'administration de ces comptes nécessite d'en
contrôler les soldes, de transférer des fonds entre ceux qui
présentent un solde créditeur et ceux qui sont débiteurs, d'initier les
demandes de transferts, de calculer les taux d'intérêts et les frais de
transfert appliqués.

P 470 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

Dans un système de cash pooling on trouve généralement


deux techniques automatisées: Le cash pooling notionnel et
Nivellement comptable ou virement pour solde « zéro balance
account »
12. 1-1- centralisation automatique de la trésorerie
par remontée «virtuelle » des capitaux
13. a) Rappel sur la notion d’échelle d’intérêt :
Les tickets d’agios et échelles d’intérêt trimestrielles,
véritables révélateurs de la qualité de la gestion de trésorerie,
doivent être soigneusement contrôlés. Les tickets d’agios
mentionnent les montants des agios débiteurs, commission de plus
fort découvert et commission de mouvement. Les échelles
d’intérêts expliquent et justifient les agios prélevés. Ces documents
diffèrent d’une banque à l’autre. Sur certains, chaque ligne
représente une écriture, sur d’autres, directement une journée. Les
principaux termes des échelles d’intérêt sont :
 La date d’opération correspondant à la date à
laquelle la banque traite l’opération. Elle ne
signifie pas automatiquement que la valeur doit
être calculée à partir de cette date (cas d’une
remise de chèques traitée par la banque le
lendemain).
 Le libellé décrit la nature de l’opération.

P 471 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

 Les mouvements en capitaux, notamment les


mouvements débiteurs, servent au recalcule de la
commission de mouvement.
 Le solde en valeur, débiteur ou créditeur, constitue
l’information de base, puisqu’il détermine les
agios prélevés.
 Le nombre de jours représente la durée pendant
laquelle le solde en valeur reste constant.
 Le nombre débiteur est obtenu en multipliant le
solde débiteur par le nombre de jours. C’est sur le
total général des nombres débiteurs que sont
calculés les intérêts débiteurs.
 Le nombre créditeur est le résultat de la
multiplication du solde créditeur par le nombre de
jours. Le total des nombres créditeurs représente
généralement une déperdition puisque, en
principe, les soldes créditeurs ne sont pas
rémunérés.
Ce document constitue la synthèse de l’ensemble des
mouvements ayant affecté un compte bancaire d’une entreprise.
Dans l’hypothèse où cette entreprise est structurellement
excédentaire en trésorerie et qu’elle possède une ou des filiales qui
sont pour leur part déficitaires en liquidités à court terme, il serait
alors opportun de pouvoir « compenser » l’ensemble des
mouvements de ces dites sociétés pour ainsi optimiser le poids des

P 472 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

intérêts débiteurs au sein du groupe. Cette technique est


communément appelée fusion des échelles d’intérêts.
14. b) Cash pooling notionnel ou fusion d’échelle
d’intérêt
La fusion d’échelles d’intérêt prend la forme d’une
convention aux termes de laquelle une banque soumet à un groupe
de sociétés un solde global des intérêts dus au niveau de celui-ci
après compensation au sens financier et non juridique, des
positions créditrices et débitrices des différents comptes ouverts à
chacune des sociétés composant le groupe.
Cette technique implique toutefois, d’une part, l’acceptation
de la banque pour la mettre en œuvre et d’autre part,
l’établissement préalable d’une convention interne au groupe. Les
arguments habituellement mis en exergue par les banques pour
refuser la fusion en intérêts sont les suivants :
· Le risque de la banque porte sur chaque société et non sur le
compte fusionné, qui peut faire apparaître des soldes bien meilleurs
que ceux de certaines sociétés.
· Les déperditions financières de la banque, consécutivement
à la mise en place d’une fusion des échelles d’intérêt constituent un
frein important à son acceptation. En effet, en compensant, elle va
diminuer les recettes devant provenir de la facturation des positions
débitrices.
En définitive, chaque banque prend sa propre décision en
fonction avant tout, de l’intérêt que présente pour elle d’avoir le

P 473 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

groupe concerné comme client. En pratique, il est recommandé la


fusion en intérêts pour les entités gérées directement par la
trésorerie groupe. Dans ce cas, la gestion quotidienne en est
grandement facilitée.
En revanche, dans le cas des sociétés gérant elles-mêmes leur
flux de trésorerie et remontant leurs soldes à la société pivot, la
fusion en échelles d’intérêt génère une facturation unique sur la
société pivot, qui doit bien entendu faire l’objet d’une refacturation
à chaque société participante
La fusion des échelles d’intérêt doit être expressément
autorisée par le conseil d’administration de chaque entité
adhérente. Une convention de fusion doit être élaborée et précisées
les modalités de répartition des produits et charges.
15. 1-2- centralisation automatique de la
trésorerie par remontée « effective » de
capitaux

16. a- Nivellement comptable ou virement pour


solde « zéro balance account »
Par cette méthode, les banques réalisent des virements
physiques de fonds détenus par l’entreprise dans ses différents
comptes vers un compte pivot, puis du compte pivot vers les
comptes débiteurs de sorte à théoriquement ramener à zéro tous les
comptes autres que le pivot. Ces virements, effectués de façon
automatique à échéance fixe (journalière, hebdomadaire ou

P 474 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

mensuelle), peuvent conduire effectivement à la mise à zéro de


l’ensemble des comptes, ou être établis en fonction de critères plus
complexes : il peut être convenu que chaque compte se verra doter
d’un niveau de liquidités prédéfini, ou que des transferts ne soient
réalisés qu’au delà d’un plafond préétabli. Ce système a pour
principal avantage de permettre à l’entreprise d’avoir une vision
claire sur ses liquidités disponibles, puisque celles ci sont
effectivement regroupées sur un compte donné. Elle peut ensuite
optimiser leur utilisation. Les fonds transférés vers le compte pivot
peuvent être basculés sur un compte rémunéré ou encore être placés
sur le marché à des conditions intéressantes grâce au volume réuni.
17. b- Le nivellement direct
Il s’agit de remonter automatiquement les soldes en date de
valeur de tous les comptes des filiales vers le compte centralisateur
du groupe, afin de mettre le solde des comptes secondaires des
filiales à zéro. Les comptes secondaires sont nivelés selon une
périodicité déterminée par le trésorier. Leur solde peut être mis à
zéro ou limité à un seuil
Dans cette technique, les comptes secondaires des filiales sont
affectés et leurs soldes en date de valeur ou en date d’opération sont
nivelés périodiquement et automatiquement.
18. c- Le nivellement indirect(le miroring)
Chaque filiale doit ouvrir un compte auprès de la banque
centralisatrice appelé compte de reflet, compte de nivellement ou
encore compte miroir. Les comptes de reflets et le compte

P 475 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

centralisateur sont obligatoirement ouverts dans la même agence


bancaire. C’est à partir des comptes de reflet de chaque filiale que
l’on remonte les soldes secondaires vers le compte centralisateur.
Ce système permet d’éviter de polluer les comptes secondaires
des filiales par des opérations de pure gestion, et de simplifier le
contrôle des opérations de trésorerie. Le compte de reflet enregistre
en sens inverse les opérations que le compte secondaire effectue ,
son solde est ensuite remonté vers le compte centralisateur. La
remontée indirecte des soldes implique que les comptes
secondaires continuent de fonctionner selon leurs propres règles.
Le trésorier de chaque entité juridique est responsable de la gestion
opérationnelle de son compte secondaire.
En résumé,
 Le relevé du compte de reflet enregistre en sens inverse
des opérations
 Les comptes secondaires gardent leur mode de
fonctionnement quotidien normal ;
 La centralisation s’effectue à partir des comptes de
reflet ;
 Les comptes secondaires et les comptes de reflet sont
fusionnés pour le calcul des intérêts.
19. 2) les contraintes de la mise en place d’un
système de cash pooling
20. 2-1- Les contraintes juridiques

P 476 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

La mise en place d’une centralisation automatique de


trésorerie suppose, on l’a vu, des flux financiers depuis les
différentes sociétés sœurs ou filiales vers une société centralisatrice
appelée société-pivot, cette dernière en assurant la redistribution.
En termes plus juridiques, il s’agit donc, pour la société-pivot
de trésorerie, d’abord de recevoir des dépôts de sommes d’argent,
correspondant aux soldes créditeurs des comptes de certaines des
sociétés du groupe, et ensuite d’octroyer des crédits, par le biais des
virements d’équilibrage qu’elle effectue régulièrement au profit
des filiales dont les comptes sont débiteurs.
Or la réception de dépôts et l’octroi de crédits caractérisent
l’activité de banquier au sens de l’article 1 et 2 de la loi bancaire.
La loi bancaire, article 1er et suivants, définit en effet comme
étant des opérations de banque : La réception des fonds du public,
toute opération de crédit, ainsi que la mise à disposition de la
clientèle ou la gestion des moyens de paiement.
Ces opérations font l’objet d’un monopole. L’article 12 de la
même loi interdit expressément à toute personne autre qu’un
établissement de crédit d’effectuer des opérations de banque à titre
habituel, et à toute entreprise autre qu’un établissement de crédit
de recevoir du public des fonds à vue ou à moins de deux ans de
terme.
Se pose alors la question essentielle au regard de la
réglementation bancaire : Dans quelle mesure est il permit à une
personne, physique ou morale, d’accomplir des opérations de

P 477 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

centralisation et de gestion de trésorerie, sans être agréée comme


banque ou comme société financière ?
Cette question en réalité se dédouble :
La société qui serait chargée au sein du groupe de la fonction
crédit peut-elle d’une part procéder à une récolte des surplus de
trésorerie, c’est à dire éventuellement de dépôts à vue ou à moins
de deux ans de terme dont les banques ont le monopole ?
D’autre part, cette société peut-elle redistribuer
habituellement des crédits aux autres membres du groupe ?
A cet égard, les deux textes fondamentaux sont :
l’article 2 de la loi bancaire du 2 mars 2006 qui dispose que
« ne sont pas considérés comme fonds reçus du public », donc non
soumis au monopole bancaire, « les fonds reçus ou laissés en
compte par les associés en nom ou les commanditaires d’une
société de personnes, les associés ou actionnaires détenant au
moins 5 % du capital social, les administrateurs, les membres du
directoire et du conseil de surveillance ou les gérants ainsi que les
fonds provenant de prêts participatifs ».
Voilà qui autorise le transfert des soldes créditeurs des
comptes bancaires des filiales du groupe vers le compte de la
société centralisatrice.
L’article 12-3 de la même loi qui prévoit « qu’une entreprise,
quelle que soit sa nature, peut procéder à des opérations de
trésorerie avec des sociétés ayant avec elle, directement ou

P 472 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

indirectement, des liens de capital conférant à l’une des entreprises


liées, un pouvoir de contrôle effectif sur les autres ».
Voilà qui autorise les opérations de crédit entre sociétés d’un
même groupe sans infraction au monopole bancaire.
Les entreprises ont donc désormais une grande liberté
d’organisation.
La gestion des opérations de centralisation de trésorerie peut
aujourd’hui être confiée à une quelconque société industrielle ou
commerciale, ou à une société spécialisée dans les activités de
financement du groupe. La centralisation des flux de liquidités ne
requiert plus forcément le statut d’établissement de crédit, même si
la centrale de trésorerie emprunte une partie de ses ressources
auprès d’établissements de crédit ou sur le marché financier, à
condition toutefois qu’elle ne consente pas des prêts à des tiers
extérieurs au groupe.
Il est vrai que les raisons qui ont poussé à l’instauration du
monopole des établissements de crédit ne l’imposent pas quand il
s’agit d’opérations, certes à caractère bancaire, mais limitées aux
sociétés appartenant à un même groupe
21. 2-2- les contraintes réglementaires
22. a- Le risque d’abus de majorité
La mise en place de la centralisation est susceptible de
rencontrer l’opposition d’actionnaires minoritaires d’une des
sociétés concernées, qui pourraient se plaindre que celle-ci mette
systématiquement à la disposition du groupe ses disponibilités de

P 477 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

trésorerie, au lieu, par exemple, de procéder à une distribution de


dividendes. Les actionnaires s’estimant injustement lésés pourront
invoquer un abus du droit de vote de la part du ou des actionnaires
majoritaires, et intenter soit une action en réparation auprès de ces
derniers, soit une action en nullité de la décision de centraliser la
trésorerie. Le droit de vote au sein des assemblées ne doit pas en
effet être exercé de manière discrétionnaire, même si c’est à la
majorité qu’il appartient de définir la politique d’ensemble de la
société ainsi que les grands axes économiques et financiers en
résultant. Or cette majorité est essentiellement constituée des
actionnaires de la maison mère, et il peut apparaître que l’intérêt
supérieur du groupe ait été poursuivi alors que celui de l’une des
sociétés le composant aura été apparemment oublié.
Il y aura ainsi abus du droit de vote si la décision de
centralisation a été prise contrairement à l’intérêt général de la
société et dans l’unique dessein de favoriser les membres de la
majorité au détriment des autres actionnaires.
En pratique, l’abus de majorité ne pourra donc être caractérisé
que s’il existe des différences notables dans la composition de
l’actionnariat des sociétés prestataires ou bénéficiaires des flux de
trésorerie au sein des groupes.
En effet si la société mère détient, directement ou
indirectement, la quasi intégralité du capital des sociétés prêteuses
et celui des sociétés emprunteuses, il sera difficile de démontrer
que les décisions ont été prises « dans l’unique dessein de favoriser

P 500 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

les majoritaires ». Autrement dit, l’existence d’un abus de majorité


suppose nécessairement que le minoritaire contestataire n’ait aucun
intérêt dans les sociétés supposées bénéficiaires des excédents de
trésorerie prélevés sur la société dont il est associé (c’est à dire dans
notre cas la structure pivot)
23. b- Le risque d’abus de biens sociaux
En pratique, l’abus de biens sociaux sera évoqué dans deux
cas principaux :
 En cas de présence d’actionnaires minoritaires dans le
capital de certaines sociétés concernées, qui
estimeraient que le délit d’abus de biens sociaux résulte
des avances de montant élevé consenties
systématiquement, grâce au système de centralisation, à
une filiale du groupe en difficulté, avances pouvant
aboutir au financement de pertes irrécupérables.
 En cas de redressement ou de liquidation judiciaire, les
créanciers pourront estimer avoir été lésés par des
opérations de trésorerie ne correspondant pas à l’intérêt
réel des sociétés, sur lesquelles ils détiennent des
créances irrécouvrables. Un second risque inhérent à la
centralisation automatique de trésorerie est en effet un
risque de non liquidité. Un système de centralisation de
trésorerie ne doit pas permettre à une société
structurellement débitrice de trouver un financement

P 501 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

permanent qui risquerait à terme de mettre en difficulté


les autres sociétés du groupe.
4 conditions doivent donc être réunies pour que le délit soit
constitué :
 les dirigeants doivent avoir fait « usage de biens sociaux »
Cet usage de biens sociaux est indéniable dans notre
hypothèse, puisque des excédents de trésorerie ont été mis à la
disposition d’autres sociétés du groupe.
 Les dirigeants doivent avoir agi « dans leur intérêt
personnel »
L’abus de biens sociaux ne pourra être invoqué que dans la
mesure où il y a enrichissement personnel des dirigeants de la
société concernée, c’est à dire lorsque ceux ci sont actionnaires des
sociétés bénéficiaires des opérations contestées, ou de sociétés
contrôlant ces dernières (s’ils contrôlent par exemple le holding du
groupe).
 Les dirigeants doivent être de « mauvaise foi »
L’incrimination d’abus de biens sociaux requiert la mauvaise
foi du dirigeant poursuivi..
 Les opérations de trésorerie doivent être « contraires à
l’intérêt de la société »
L’usage des fonds sociaux doit enfin, et surtout, être contraire
à l’intérêt de la société ayant alimenté le pool de trésorerie.
Ici encore, comme en matière d’abus de majorité, se trouve
donc affirmée la nécessité de définir des modalités de centralisation

P 502 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

de trésorerie qui soient conformes à l’intérêt social de chaque


société participante, la société mère comme les filiales.
Les avances de trésorerie consenties à des conditions très
préférentielles par une société à une autre société du même
groupe ne constituent donc pas un abus de biens sociaux,
pourvu que les 3 conditions suivantes soient réunies :
 Une stratégie de groupe
Les opérations de trésorerie doivent être dictées par un intérêt
économique, social ou financier commun et s’inscrire dans le cadre
d’une politique élaborée pour l’ensemble du groupe
Il semble que dans notre hypothèse cette première condition
de stratégie concertée puisse être facilement remplie : les
opérations de trésorerie pratiquées le sont nécessairement en
exécution d’une convention de gestion centralisée le plus souvent
mise au point dans le cadre d’une politique financière globale à
laquelle sont intéressées toutes les sociétés du groupe (Convention
de pool).
La jurisprudence n’impose pas que cette politique financière
s’accompagne d’une stratégie commerciale commune, d’une
certaine unité économique, une telle interprétation aurait pour
conséquence de soumettre davantage les groupes à structure
conglomérale, c’est à dire non constitués d’unités de production
complémentaires les unes par rapport aux autres, au risque d’abus
de biens sociaux dans le cadre de la gestion centralisée de leur
trésorerie. On ne voit pas très bien pourquoi en la matière les

P 503 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

groupes les plus intégrés auraient davantage de liberté. Au


contraire, les groupes diversifiés sont généralement les plus
puissants, donc a priori les plus sûrs financièrement.
On admettra donc que l’intérêt commun puisse se manifester
uniquement sur le plan financier, par la création d’une centrale de
trésorerie permettant de réaliser des économies de frais financiers,
et même de traiter des opérations de placement rentables pour
chacune de ses composantes.
 L’existence d’une contrepartie
Les opérations de trésorerie ne doivent pas être démunies de
contrepartie, ou provoquer une rupture d’équilibre entre les
engagements des sociétés concernées.
La contrepartie la plus naturelle est la rémunération des fonds
prêtés à des conditions normales, puisqu’ils permettent au
bénéficiaire de se dispenser des frais, agios et commissions
bancaires. En pratique, une rémunération convenable est indexée
sur un taux de marché (TMP, T4M, PIBOR). Toutefois le niveau
de rémunération pourra être inférieur au taux en vigueur dans le
secteur bancaire, sinon l’opération n’aurait plus d’intérêt pour la
filiale créditée
La facturation d’intérêts à chaque société du groupe permettra
en principe d’éviter le risque d’abus de biens sociaux. Une absence
de rémunération sera cependant acceptable si la société prêteuse
peut montrer qu’elle y a un intérêt autre que monétaire, par

P 504 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

exemple au niveau de la stratégie économique, financière ou


sociale du groupe, pour le maintien de son équilibre.
Doivent donc être prises en compte, en cas de centralisation
de trésorerie, non seulement les contreparties financières
(rémunération des prêts), mais également toutes contreparties d’un
autre ordre, qui soient jugées suffisantes, et qui peuvent naître de
l’ensemble des relations nouées entre les sociétés prêteuses et
emprunteuses. La société, à qui on demande l’effort de mettre
systématiquement à la disposition du groupe ses excédents de
trésorerie, doit pouvoir tirer de l’opération « quelques avantages »
certains et incontestables .Un tel avantage pourra résulter du fait,
par exemple, que grâce à son appartenance à la centrale de
trésorerie, une filiale bénéficiera de conditions bancaires plus
favorables, auxquelles elle n’aurait jamais pu avoir accès
individuellement. Elle pourra aussi bénéficier de la logistique du
groupe en matière de gestion comptable et informatique de la
trésorerie. En somme, la contrepartie pour la société ayant décidé
le sacrifice pourrait consister dans les bienfaits attendus de
l’appartenance à l’ensemble économique.
 L’absence de risques financiers excessifs
En dernier lieu, il est nécessaire que les concours de trésorerie,
toujours dictés par l’intérêt du groupe, n’excèdent pas les
possibilités financières de la société qui en supporte la charge.
L’intérêt commun ne saurait justifier la réalisation d’opérations par
trop déséquilibrées.

P 505 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

Ainsi une société d’un groupe ayant une trésorerie abondante


peut venir en aide à une société sœur pour lui éviter de solliciter
des crédits bancaires onéreux. Mais cela suppose d’une part que
cette société ait suffisamment de fonds à proposer à l’autre, et
d’autre part que la société dans le besoin ne finance pas des
opérations à long terme, sinon la société créditrice pourrait se
retrouver en difficulté si elle ne retrouvait pas sa trésorerie pour
faire face à ses propres dépenses. Un tel risque sera en principe
réduit, dans la mesure où généralement, dans un système de
centralisation automatique et de compensation des soldes
bancaires, les différentes sociétés participantes se retrouvent tour à
tour créancières ou débitrices les unes des autres, par le jeu des
virements d’équilibrage réguliers. Il ne faudra cependant pas le
négliger si l’une des sociétés est structurellement créditrice en
trésorerie. En ce cas, la société pivot devra veiller à ce que les fonds
prêtés ne soient jamais totalement indisponibles, de façon à
permettre de les rapatrier en cas de besoins urgent. La notion même
de trésorerie implique en effet celle de liquidité.
En pratique, ce danger pourra être restreint en définissant
quantitativement le seuil au-delà duquel la trésorerie excédentaire
deviendra disponible pour être mise à disposition de la société
centralisatrice, et en prévoyant également que cette société
centralisatrice aura elle même une réserve obligatoire de façon à
subvenir, le cas échéant, aux besoins imprévus de la société
prêteuse.

P 506 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

24. c- le risque d'une confusion des patrimoines


La gestion centralisée de trésorerie présente un autre risque
sur le plan juridique : l’extension de la faillite de l’une des sociétés
à l’ensemble du groupe en raison d’une confusion de patrimoines.
Lorsqu’une telle confusion est établie, la liquidation judiciaire
de l’une des sociétés peut ainsi être étendue aux autres, malgré le
principe d’autonomie patrimoniale des sociétés groupées, et sans
qu’il y ait lieu de prononcer d’abord leur mise en redressement
judiciaire, ni de constater qu’elles sont, de manière autonome, en
état de cessation des paiements.
La confusion de patrimoine se traduit généralement par un
mélange des avoirs et des comptes des différentes entreprises. Il en
est ainsi toutes les fois que les mouvements de fonds révèlent en
fait l’existence d’un patrimoine global composé des différents
patrimoines du groupe ou lorsque les dirigeants ont sciemment géré
le groupe comme une seule société avec un patrimoine unique
mobilisable à leur guise.
Il ne faut donc pas négliger le risque que les mouvements de
fonds et les imbrications comptables résultant de la mise en place
d’une centralisation de trésorerie puissent être retenues comme l’un
des éléments caractérisant une confusion de patrimoine, l’examen
de la jurisprudence conduisant en effet à constater que la « faillite »
commune de plusieurs sociétés résulte assez fréquemment de leur
imbrication économique et financière.

P 507 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

En toute hypothèse la parfaite tenue de la comptabilité des


opérations de trésorerie au sein du groupe est donc un élément très
important et doit permettre de connaître très rapidement la position
de chaque société et le détail des opérations effectuées. En
conséquence, il est impératif que les différentes sociétés du groupe
continuent à avoir des comptes distincts et enregistrent de façon
autonome les écritures comptables retraçant leurs propres
mouvements de trésorerie. (Certaines banques recommandent que
les opérations de trésorerie fassent l’objet d’une journalisation « au
fil de l’eau » dans les comptes de bilan de chaque société). De
même la société pivot devra précisément identifier les écritures de
débit ou de crédit relatives à chaque société prêteuse ou
emprunteuse. Les rémunérations ou les coûts induits par les prêts
et emprunts doivent être extériorisés au niveau de chaque société.

P 502 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

é é é

Bref regard sur le droit des sociétés


commerciales Syrien :
Une étude brève des règles fondamentales générales et spécifiques des sociétés commerciales

Résumé
Le droit des sociétés en Syrie s’est développé trop doucement. En
effet, la précédente période législative en Syrie s’est caractérisée par
l’émanation de plusieurs législations couronnées enfin par l’ordonnance
législative n° 29, année 2011. En fait, la législation commerciale
syrienne n’a connu le développement que par l’émanation de cette
ordonnance. Ces développements se sont traduits essentiellement par
l’adoption de nouvelles formes sociales, surtout la société
unipersonnelle. Cependant, le droit syrien se caractérise toujours, malgré
son évolution, par la stagnation par rapport aux législations
commerciales modernes. Ce droit ignore encore à ce jour certaines
formes sociétaires, bien connues aujourd'hui dans le monde des sociétés,
à savoir la société par actions simplifiée. Ainsi, cette recherche vise
principalement à faire une étude brève des dispositions essentiels du
droit des sociétés commerciales syrien, et de jeter un coup d’oïl sur les
dispositions principales concernant les sociétés en général et les
caractéristiques principales de celles-ci.
Mots clés : sociétés commerciales- droit syrien- développement
législatif.

P 507 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

Importance et objectifs du sujet


L’importance du sujet consiste en particulier dans le fait d’être, à
nous connaissances, la première étude en langue française des
dispositions du droit des sociétés syrien. Ainsi, cette étude a pour objectif
principal d’élaborer un bref panorama visant essentiellement à :
- Expliquer les dispositions essentielles du droit des sociétés
commerciales, surtout celles concernant les principes généraux
communs de ces sociétés, et les règles spécifiques de chaque forme
sociétaire.
- Eclaircir essentiellement les dispositifs spéciaux de certaines
formes sociales spécifiques qui sont surtout la société à responsabilité
limitée unipersonnelle et la société créée de fait.
- Observer les développements du droit des sociétés syrien qui se
traduisent essentiellement par l’adoption de nouvelles formes sociales,
surtout celle qui s’appelle la société unipersonnelle. Le législateur
commercial syrien refusait malheureusement dans toutes ses législations
précédentes même celles qui sont relativement récentes (loi des sociétés
2008) la reconnaissance de la société unipersonnelle. En fait, le
législateur syrien a continué dans sa position négative envers cette
société et ne l’acceptée que par l’émanation de l’ordonnance législative
n° 29, année 2011, et cela sous la pression des appels des certains juristes
dont je suis un. A la réalité, on a fait appelle en 2008 (à travers d’un
article publié en revue des sciences économiques- université d’Alep) au
législateur afin d’adopter cette forme sociétaire spécifique et

P 510 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

importante, et cela moyennant certaines modifications qui sont dues au


droit des sociétés afin d’atteindre cet objectif.
1. Introduction : Panorama du droit des sociétés
1.1 Importance des sociétés
« Le monde juridique est peuplé de personnes physiques et de
personnes morales, celles-ci se déclinant principalement en sociétés et
en associations. »786. « Tout le monde connaît peu ou prou les sociétés
(…). Leur rôle dans l’activité économique est manifestement très
important »787.
En effet, les sociétés constituent un des principaux et importants
sujets du droit des affaires. Le monde des affaires n'est plus du domaine
spécifique aux individus ou aux personnes physiques, les sociétés sont
souvent aujourd’hui les acteurs essentiels des activités économiques et
commerciales. Ces dernières peuvent exploiter des géantes entreprises
économiques (aussi bien sur le plan national que sur le plan international)
que la personne physique ne veut pas s'aventurer à réaliser tout seul ou
plutôt ne peut pas les réaliser.
1.2 Notion de société
Le terme même de société comporte deux sens fondamentaux :
Le contrat : la société est une rencontre de volontés (de contracter),
librement, et solennellement déclarée, par laquelle deux ou plusieurs
personnes (et parfois morales aussi) mettent en commun des biens ou
leur industrie dans une entreprise économique commune en vue de

786
Maurice Cozian, Alain Viandier, Florence Deboissy, Manuel de droit des sociétés, 26ème éd. Litec
(LexisNexis), 2013, extrait de l'introduction.
787
P. LE Canu, B. Dondero, Droit des sociétés, 5ème, éd. LGDJ,2013. P. 19.

P 511 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

partager les bénéfices et les pertes qui peuvent en résulter. C'est le contrat
de société.
La personnalité morale : de la rencontre des personnes physiques
ayant réunis leurs volontés, se crée une personne morale, différente des
premières et surtout indépendante. En effet, cette nouvelle société a une
personnalité distincte de celles de chacun de ses membres. C’est cette
fiction juridique, admise et consacrée par toutes les législations
modernes de la plupart des pays du monde, ce qui place la société, entité
juridique autonome dans une place privilégiée. En raison de sa nature
spécifique assez complexe, la société n'est plus constituée simplement
d’un simple contrat créant des droits en faveur des parties et mettant des
obligations à leur charge, mais le contrat de société a pour objet principal
de faire naitre (créer) une personnalité morale distincte de celle de
chacun de ses parties (les associés). Cette personnalité juridique propre
de la société fait de celle-ci une institution organisée et durable, en vue
d'un objectif déterminé.
1.3 Définition et domaine du droit des sociétés
On entend par le droit des sociétés788, l'ensemble des règles
juridiques qui définissent les conditions générales et particulières, de
création, d’organisation et de fonctionnement de la société, entendu dans
son sens purement juridique et procédural particulier à ce domaine. Ce
droit peut être considéré alors comme l'ensemble des règles qui régissent
la vie des sociétés de leur naissance à leur mort par la liquidation 789

788
Ph. Merle, A. Fauchon, Droit commercial- sociétés commerciales, Précis Dalloz, édition 2022-2023.
789
David Calfoun, L'essentiel du droit des sociétés, édition 3, 2022, GUALINO Lextenso, Paris, France.

P 512 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

« Cette branche du droit régit les différentes étapes de la vie des sociétés
ainsi que les relations entre les acteurs du fonctionnement de ces
groupements : dirigeants, associés, organes de contrôle, etc. La matière,
très riche du point de vue théorique (personnalité morale, vote
majoritaire, intérêt social, règles propres aux sociétés cotées en bourse,
gouvernement d'entreprise, par exemple), a également un important
intérêt pratique, détenant la clé des problèmes juridiques les plus
cruciaux du droit des affaires (…) »790 . « On l’enseigne le plus souvent
autour de deux axes : les règles générales applicables à toute société, puis
les règles spéciales propres à chaque forme sociale »791. « C’est un droit
« géniteur » dont la maîtrise permet de donner naissance à des personne
morales, qui vont être des acteurs essentiels de la vie économique et
sociale »792. Ces acteurs sont en réalité les sociétés.
Le droit des sociétés est une matière fondamentale du droit des
affaires. Il constitue une branche importante et spécifique d'un droit
complexe qui s'appelle le droit des affaires et droit économique. Ces
deux terminologies sont, d'ailleurs, utilisées habituellement ensemble
l'une à côté de l'autre (coude à coude) dans les manuels et programmes
universitaires concernant la matière commerciale793. En fait, la
terminologie juridique classique utilisée dans le domaine commercial est
le droit commercial. Toutefois les manuels et les programmes
universitaires en la matière font aujourd'hui fréquemment référence à la

790
Bruno Dondero, Droit des sociétés, 3ème éd. DALLOZ 2013, descrip. Ouvr.
791
M.-H. Monserrie-Bon et L. Grosclaude, Droit des sociétés et des groupements, LGDJ, 2ème éd.
2013, P. 3.
792
Ibid.
793
Yves Guyon, Droit des affaires, tome 1 : Droit commercial général et sociétés, édition 12,
Economica, Paris, 2003.

P 513 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

terminologie du droit des affaires. S'agit-il alors d'une simple


terminologie à la mode ou d'une différence réellement profonde ?
« Le droit commercial est mixte car son domaine est à la fois
défini par la notion de commerçant et celle d’acte de commerce (…). Il
régit le monde des affaires (…) »794. C’est une branche du droit privé, du
fait qu'il est applicable aux relations entre particuliers, le droit
commercial est normalement défini comme l'ensemble des règles
juridiques applicables aux commerçants ou aux entreprises
commerciales, ainsi qu'aux contrats et aux opérations commerciales. Le
droit des affaires795 est une appellation ambiguë, certainement à cause de
son manque de précision, elle serait plus difficile à cerner et à définir.
Certains avancent d'ailleurs une formule, parlant ainsi du " droit
commercial des affaires". Le droit des affaires serait plus vaste et plus
étendu que le droit commercial, car il emprunte des règles juridiques très
diverses et variées. Le droit des affaires serait alors pluridisciplinaire ; Il
serait ainsi un mélange juridique des règles différentes et variées. C’est
ainsi qu’en Syrie, il y a plusieurs législations qui sont concernées par le
droit des affaires, nous pouvons citer par exemple, le droit commercial,
le droit des sociétés, le doit bancaire, le droit des assurances, le droit de
la concurrence, le droit de la protection du consommateur, le droit de la
propriété industrielle et commerciale, le droit financier dont le droit
boursier. Ce dont il est certain, et qui constitue l’élément clef dans la
définition du droit des affaires, c’est l’entreprise commerciale. Ainsi, le

794
Braud Alexandre , L'essentiel du droit commercial et des affaires , 5ème éd., GAULINO,2013-
2014,descrip. Ouvr. V. Egalement, Dominique Legeais, Droit commercial et des affaires, SIREY,20ème
éd. 2012.
795
I. Pilard, Droit des affaires : définition simple, études et débouchés, JDN, 2023.

P 514 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

droit des affaires serait donc généralement le droit de l'entreprise


économique. Il englobe toutes les règles juridiques concernant
l'organisation, le fonctionnement et les activités de cette entreprise et
tous les actes juridiques s’y rattachant, dès sa naissance, et durant sa vie
et jusqu’à sa mort.
1.4 Les différents types sociétaires en droit syrien
L'article 6 de l'ordonnance législative, n° 29, 2011, a énuméré et
défini les différentes formes de sociétés connues en droit Syrien. Celles-
ci se présentent comme suit :
1- Les sociétés commerciales : la société commerciale est celle
dont l'objet est l'exercice d'une activité commerciale ou celle
dont la forme juridique est une société anonyme ou société à
responsabilité limitée.
2- Les sociétés d'économie mixte : ce sont les sociétés que l'état ou
une des administrations publiques participent à un pourcentage
précis de son capital. Ces sociétés sont soumises aux
dispositions et règles édictées dans leur droit propre.
3- Les sociétés anonymes que l’Etat est le seul propriétaire : ce sont
les sociétés que l'Etat ou une des administrations publiques est
le seul propriétaire de son capital social. Ces sociétés sont
soumises aux dispositions appliquées aux sociétés anonymes.
Les actions de ces sociétés ne sont négociables qu'avec l'accord
du conseil des ministres.
4- Les sociétés des zones libres : ce sont celles dont le lieu (siège
principal) est dans une des zones libres en Syrie et elles sont

P 515 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

inscrites dans le registre des sociétés de cette zone. Elles


prennent la forme d'une société en nom collectif ou d'une société
en commandite ou d’une société à responsabilité limitée.
5- La société Holding : c'est une société anonyme publique ou
privée (particulière). La société Holding est celle dont l'objet est
soit l'acquisition des parts dans les sociétés à responsabilité
limitée ou des actions dans les sociétés anonymes, ou la
participation à l'institution de telles sociétés ou à la direction
(administration) des sociétés dont la société Holding détient des
parts ou actions.
6- Les sociétés étrangères : ce sont les sociétés dont l'objet est
limité à la conclusion des contrats et à l'exercice des activités
dont la réalisation s'effectue en dehors de la Syrie. Ces sociétés
sont interdites d'exercer des activités en Syrie.
7- Les sociétés civiles : la société dite « civile » est celle qui est
instituée entre des personnes exerçants des activités
professionnelles ou intellectuelles, ou celles dont l'objet est
civil, entendu au sens économique à but non lucratif. Cette
société est soumise aux dispositions du droit civil et aux
dispositions de son droit propre, ainsi qu’à ses contrats et ses
statuts spécifiques.
2 Les caractéristiques juridiques générales des sociétés
Jouissant de la personnalité juridique, la société présente plusieurs
avantages et intérêts faisant d’elle une organisation juridique intéressante
pour les investisseurs.

P 516 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

2.1 Intérêts et avantages de la société


La société, de par sa personnalité morale, jouit de l’avantage de ne
pas rencontrer certains inconvénients qui guettent l'entreprise
individuelle. Mais, l'intérêt de la société se traduit spécialement en ce
qu'elle a des avantages qu'aucune autre organisation ne peut bénéficier.
2.1.1 Les insuffisances de l'entreprise individuelle
Ces insuffisances peuvent généralement être distinguées sous deux
aspects tous deux négatifs : insuffisances à caractère économique et
insuffisances à caractère juridique.
2.1.1.1 Sur le plan économique et financier
La capacité économique et financière de l'entreprise est limitée
puisque les capitaux investis dans l'entreprise individuelle trouvent leur
source dans la seule fortune de l'investisseur. Même dans le cas où celui-
ci peut recourir à des crédits bancaires, l'obtention de ceux-ci reste
toujours dépendante du volume de sa fortune personnelle. C'est
pourquoi, les capitaux investis dans l'entreprise individuelle sont
proportionnels et en relation avec ses capacité et ses désirs. L'investisseur
peut donc constituer un frein pour le développement et la croissance de
sa propre entreprise s'il ne veut ou ne peut plus investir dans cette
entreprise. Aussi, le recours à la société permet de renforcer la capacité
économique et financière de l'entreprise investie en société. Car cette
dernière peut drainer des capitaux propres, en encourageant d'autres
investisseurs d'investir dans la société par l'acquisition des parts sociales.
La société renforce alors en même temps la capacité d'endettement de
l'entreprise par l’élargissement de la participation. D’un autre côté, le

P 517 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

facteur risque, évalué par les bailleurs de fonds (banque


d’investissement) sollicités par les entrepreneurs varient largement et
sont différemment appréciés, selon que celui-ci n’est personne physique
ou une société, du fait que les capacités patrimoniales et managériales
sont nettement différenciées.
2.1.1.2 Sur le plan juridique
Puisque l'entreprise individuelle n'a pas de personnalité morale lui
permettant de se distinguer de la personnalité juridique de l'investisseur,
elle n'a pas alors un patrimoine propre. Il s'ensuit donc deux
conséquences importantes. La première conséquence est la
responsabilité absolue de l'investisseur des dettes de l'entreprise
individuelle, à cause de la confusion des biens affectés à l'exploitation
de cette entreprise avec les autres biens de celle-ci. Et cela constitue le
résultat logique de l'inexistence de la personnalité morale de l'entreprise
individuelle. La société personne morale permet ainsi de distinguer le
patrimoine de l'entreprise des autres biens des autres associés. En bref,
la société assure à celui-ci une responsabilité limitée des dettes de
l'entreprise. Car dans le cadre de la société, l'investisseur n'est plus
responsable des dettes sociétaires qu’à la hauteur de son apport mis en
société.
La seconde conséquence se traduit par la menace de la vie
d'entreprise. En effet, faute de personnalité morale de l'entreprise, cette
dernière n'ayant pas d'existence distincte de celle de l'investisseur (maître
de l'affaire). Ainsi, la vie de l'entreprise reste liée au bon vouloir, aux
désirs et à la vie de l'investisseur. Et plus spécialement le décès de celui-

P 512 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

ci peut menacer sérieusement la continuité de son entreprise et cela à


cause des difficultés liées à la transmission, à l'indivision et au partage
de l'entreprise individuelle. La mise en société de l'entreprise offre donc
à celle-ci sa pérennité et sa continuité en facilitant la transmission ; sa
transmission moyennant la cession des parts sociales aux héritiers.
En conséquence, la technique sociétaire présente, tout en palliant
les insuffisances de l'entreprise individuelle, un triple intérêt :
- Elle permet d'abord, d’appuyer et renforcer la capacité
économique et financière de l'entreprise ;
- Elle assure ensuite la responsabilité, limitée au capital mis à la
disposition de la société, du maître de l'affaire ;
- Elle garantit la continuité et la pérennité de l'entreprise, au-delà
des limites de vie des initiateurs.
L'intérêt de la société ne se limite simplement pas à éviter les
insuffisances et inconvénients de l'entreprise individuelle, mais elle
présente spécialement des avantages particuliers importants.
2.1.2 Les avantages de la société
La société se présente comme une technique organisatrice du
partenariat de l'entreprise et du patrimoine. La société offre en effet, à un
groupement de personnes, désirant participer ensemble à une œuvre
commune, un cadre juridique efficace d'organisation leur permettant de
travailler ensemble afin de partager les profits et les pertes résultant de
cette entreprise commune.
2.1.2.1 La société : technique organisatrice du partenariat

P 517 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

La société est avant tout un groupement humain. Ainsi, elle


constitue un cadre organisateur efficace à un groupe de personnes, lui
permettant d'œuvrer en commun dans une entreprise commune, et de
partager les bénéfices et d’assumer les pertes éventuelles qui peuvent en
résulter toujours de manière solidaire. La société forme alors un moyen
d'organisation et de collaboration commune entre les différentes parties
ayant participé à l’entreprise.
2.1.2.2 La société : technique organisatrice de l'entreprise
La société constitue, spécialement, une technique d'organisation de
l'entreprise. En effet, la société permet d'éviter les défauts de l'entreprise
individuelle. Dépourvue de la personnalité morale, l'entreprise n'a alors
pas d'existence distincte de celle de l'investisseur et reste donc toujours
dépendante de l'existence, des capacités et des désirs de l'investisseur. La
société personne morale offre à l’entreprise une existence propre lui
permettant d’échapper à l’emprise de l’investisseur et de se libérer de sa
maîtrise. Dotée de la personnalité, la société a une existence et un
patrimoine propres. La technique sociétaire assure alors à l’entreprise la
personnalité morale qui peut lui garantir son existence, sa croissance et
sa continuité. La société garantit donc à l'entreprise la pérennité et la
perpétuité.
2.1.2.3 La société : technique organisatrice du patrimoine
La société constitue une technique d'affectation patrimoniale. Elle
est un moyen d’affectation du patrimoine dans la mesure où elle permet
à l'investisseur d'affecter une partie de sa fortune à une entreprise
commune par la participation au capital social de ladite société. Ainsi, la

P 520 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

société présente l’avantage de constituer une réponse logique et efficace


au principe de l'unité et de l'indivisibilité du patrimoine.
2.2 Nature juridique de la société
La question classique posée dans ce domaine est celle de savoir si
la société constitue un simple contrat ou une institution ? Autrement dit,
de quelle nature juridique la société est-elle ? Ou encore, est-ce que la
société a une nature spécifique autre que celle contractuelle ou
institutionnelle ? D'une part, la réponse est importante, mais elle n'est pas
aisée d'une autre part, car la société constitue à la réalité une créature
juridique spécifique et complexe. En fait, la nature juridique de la société
constitue une question importante, elle était l'objet d'un débat doctrinal
faisant rage. Cette question a soulevé une grande discussion doctrinale
sévère et sérieuse et elle a fait surgir des divergences doctrinales
importantes. Ainsi, certains disent que la société est un contrat, « la
société résulte de la volonté des personnes qui s’associent. Ces dernières
prennent des décisions relatives à son fonctionnement par l’intermédiaire
de leurs dirigeants ou en assemblées, elles peuvent décider d’y mettre un
terme (dissolution) »796. Alors que d’autres considèrent que la société est
une institution, « la société donne naissance à une personne juridique «
personne morale » autonome, distincte de celle des associés, animée par
un intérêt social plus large que le simple intérêt des associés qui est de
faire des économies et/ou des bénéfices. Cette conception institutionnelle
apparaît dans la définition du contrat de société qui utilise le terme «
instituée ». Par ailleurs, de nombreuses règles s’imposent à la volonté

Droit des sociétés- manuel et applications, DUNOD, éd. ,796France Guiramand, Alain Héraud
2013/2014, P.4.

P 521 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

des associés (règles de majorité dans les assemblées, organes de


contrôle…) : elles renforcent le caractère institutionnel de la société »797.
Mais, « la plupart des auteurs considèrent que la société est à la fois un
contrat et une institution au sein de laquelle coexistent des règles
contractuelles et institutionnelles »798. La société est alors à la fois un
contrat et une personne juridique : « un contrat car des personnes
s’engagent dans une obligation de faire (apporter, entreprendre en
commun, partager le bénéfice, contribuer aux pertes), et une personne
juridique puisqu’une personne morale va naître dotée d’un patrimoine et
d’une capacité juridique distincts de ses membres »799.
A la réalité, deux conceptions sont, en générale, apparues afin de
déterminer la nature juridique de la société. Ce sont la conception
classique et la conception moderne.
2.2.1 La conception classique de la société
Deux théories traditionnelles ont vu le jour pour expliquer la nature
juridique de la société : la théorie contractuelle et la théorie
institutionnelle. La conception classique de la société consiste donc en
deux axes essentiels ; le concept contractuel et le concept institutionnel.
2.2.1.1 Le concept contractuel de la société
Cette conception considère que la société est un contrat, c'est-à-dire
un accord gouverné par la volonté des parties. Cette volonté joue un rôle
primordial dans la vie de la société, de sa naissance et jusqu'à sa mort.
C'est cette volonté qui donne naissance à la société et c'est elle qui met

797
Ibid.
798
Ibid.
799
Ibid. P.3.

P 522 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

fin à sa vie. Alors, selon cette conception, c'est le contrat qui donne
naissance à la société et c'est lui qui organise toute la vie sociale ; il
organise les relations entre les associés eux-mêmes, les relations entre
les associés et la société et enfin, les rapports des associés et la société
envers les tiers. Le contrat est donc la pierre de touche des droits et des
obligations des associés.
Cette conception a été appuyée par une consécration législative.
En effet, le législateur des différents pays arabes et étrangers a adopté
cette conception dans sa définition de la société. Et le législateur syrien
ne faisant exception ; ainsi, il définit la société, dans son article 473 du
code civil comme “ un contrat par lequel deux ou plusieurs personnes
conviennent de participer à une entreprise commune par l'affectation des
biens ou leur industrie, afin de partager les bénéfices et les pertes qui
peuvent en résulter". En effet, la conception contractuelle de la société
apparaît clairement dans les sociétés de personnes où l'intuitu personae
et l'affectio societatis sont très marqués. Ces deux notions constituent
l'âme de la société de personnes ; ils jouent un rôle primordial durant
toute la vie sociale. Elles conditionnent la vie et la continuité de la
société. Alors, la bonne entente des associés assure l'existence et la vie
de la société et garantit le bon fonctionnement de celle-ci, en revanche,
la mésentente mène vers un terme à la volonté de coopérer. En
conséquence, la vie de la société s'attache à la volonté et au bon vouloir
des associés. Comme la société est née par un accord, elle peut mourir
par un accord.
2.2.1.2 La conception institutionnelle de la société

P 523 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

Cette conception considère que la société est un système juridique


réglementé par des règles légales impératives que les associés ne peuvent
par conséquent pas outrepasser les limites, ni les violer. La société n'est
plus un contrat laissé, exclusivement, en tant que tel, à la volonté de ceux
qui lui ont donné naissance, mais plutôt érigée en une véritable
institution, dépassant les volontés individuelles, et qui sera gouvernée
par des règles législatives et règlementaires spécifiques importantes.
La conception du système juridique apparaît évidemment dans les
sociétés de capitaux. En effet, dans ces sociétés, l'intuitu personae est
moins importante, car elle laisse la place à l'intuitu pécuniaire. Le
caractère pécuniaire constitue la colonne vertébrale des sociétés des
capitaux, car ces sociétés sont spécialement créées pour être un moyen
efficace pour attirer les capitaux et les investissements. En effet, le
caractère institutionnel des sociétés des capitaux s'explique par plusieurs
points : premièrement, dans ces sociétés, ce n'est pas seulement la
volonté des parties qui créée la société, mais c'est spécialement
l'autorisation gouvernemental précédente qui donne naissance à ces
sociétés. Deuxièmement, la cession des actions est en principe
totalement libre ; c'est le principe de la liberté de cession d'actions qui
existe dans le domaine de ces sociétés, enfin, la volonté sociale s'exprime
ici par la majorité ; les décisions sociales se prennent alors à la majorité
et non pas à l'unanimité. C'est la loi de la majorité qui gouverne la vie
politique sociétaire.
2.2.2 La conception moderne

P 524 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

Cette conception considère que la société est une technique


d'organisation de l'entreprise. La société n'est plus seulement un simple
contrat ou un système juridique, mais elle est spécialement aujourd'hui
une technique organisatrice des entreprises. Cette conception s'est
traduite par la création des sociétés unipersonnelles. Ces dernières ont
été adoptées par la plupart des législations étrangères et arabes y compris
la législation syrienne800. La société unipersonnelle constitue une forme
juridique très difficile à interpréter, elle ne peut être qu'une technique
d'organisation des entreprises. C'est-à-dire des règles et dispositions
consacrées aux services des besoins de l’entreprise ; cette société est
alors un moyen efficace de protéger l’entreprise ; elle assure sa continuité
et sa pérennité. La société unipersonnelle n'est en effet, que la
conséquence des développements économiques, sociales et surtout
juridiques qui se sont produits dans le monde des affaires, et surtout dans
le monde des sociétés commerciales modernes. Ces développements ont
affecté, d'une façon ou d'une autre, la nature juridique de la société.
En conséquence, on peut dire que la société est un contrat
complexe et de nature très spécifique. Elle est de nature mélange ; elle
est pluri formelle, pluri conceptuel. La société est alors une création
juridique complexe très difficile à appréhender. Elle n'est pas seulement
un simple contrat, mais elle est aussi un système juridique et une
institution et spécialement une technique organisatrice de l'entreprise
sociale. Il faudrait alors reconnaître que la société participe de tous ces
concepts.

800
Art., 53, ord. Lég. N° /29/, 2011.

P 525 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

3 Les différents types des sociétés commerciales et leurs


caractéristiques essentielles
Les sociétés commerciales prennent plusieurs types différents
jouissant des caractéristiques spécifiques et essentielles. Ainsi, on doit
d’abord connaître ces types sociaux avant qu’on traite leurs
caractéristiques spécifiques.
3.1 Classification traditionnelle des sociétés
La distinction traditionnelle entre les différents types des sociétés
prend généralement trois formes : sociétés à risques illimités et sociétés
à risques limité, sociétés de personnes et sociétés de capitaux, sociétés
dotées de la personnalité morale et celles dénouées de cette personnalité.
On peut connaître les formes différentes des sociétés à travers la
distinction classique qui oppose les sociétés à risques illimités aux
sociétés à risques limités, mais la distinction la plus traditionnelle réside
dans celle permettant de distinguer les sociétés de personnes des sociétés
de capitaux. Parmi les distinctions classiques des sociétés, on trouve
également la distinction entre les sociétés dotées de la personnalité
morale et celles dépourvues de cette personnalité.
3.1.1 Sociétés à risques illimités et sociétés à risques limités
Cette distinction traditionnelle repose sur l'importance des risques
encourus par les associés dans la société. Elle permet de mesurer la
portée des risques que les associés assument dans la société. Les risques
dans les sociétés à risques illimités sont illimités, on trouve dans cette
catégorie les sociétés en nom collectif. Dans cette société la
responsabilité des associés est si importante et dangereuse. En effet, les

P 526 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

associés dans cette forme sociale sont tenus indéfiniment et


solidairement des dettes sociales. Cette société constitue en fait
l'exemple type des sociétés à risques illimités ; la responsabilité des
associés n'est pas tout simplement et seulement absolue et indéfinie, mais
en plus, elle est aggravée par le caractère solidaire des engagements de
ceux-ci.
Les risques dans les sociétés à risques limités sont limités, on
trouve ici les sociétés les SA et SARL. Dans ces sociétés, les associés
ont limité leur risque, ils ne sont responsables des dettes sociales qu’à la
hauteur de leur apport. La responsabilité des associés est alors limitée et
en plus atténuée par l'absence du principe de la solidarité.
3.1.2 Sociétés de personnes et sociétés de capitaux
La distinction entre les sociétés de personnes et les sociétés de
capitaux constitue la distinction la plus classique des différentes formes
sociétaires. Elle repose sur l'importance du caractère personnel (intuitu
personae) ou financier (intuitu pécuniaire-financier) de la société.
Dans les sociétés de personnes, le caractère personnel l'emporte
sur le caractère financier. L'importance de l'intuitu personae est alors si
grande. Elle prédomine toute la vie de la société, de sa création jusqu'à
la mort de celle-ci. Ainsi, les bonnes relations entre les associés
gouvernent le bon fonctionnement de la société. L'affectio societatis est
très claire dans cette forme sociale et joue un rôle radical dans la vie de
cette société, elle assure la stabilité des rapports sociaux et garantit la
continuité et la croissance de la société, sa disparition durant la vie
sociale peut alors engendrer le suicide de ce groupement humain. Par

P 527 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

conséquent, l'affectio societatis et l'intuitu personae jouent un rôle radical


et décisif dans la vie des sociétés de personnes. Ces dernières sont alors
très personnalisées. Le caractère personnaliste dans ces sociétés
s'apprécie essentiellement au niveau de l'importance du risque financier
personnel accepté par les associés, ce caractère s'attache également à la
règle selon laquelle la vente ou l'achat des droits d'un associé ou la sortie
et l'entrée d'un nouvel associé sont soumis à l'accord unanime des
associés. En plus, la direction ou la gestion de la société est également
personnalisée ; les décisions collectives au sein de la société sont prises
aussi à l'unanimité des associés. Les parts sociales de ce genre de sociétés
ne sont ainsi cessibles qu'avec le consentement de tous les associés. On
trouve dans la catégorie des sociétés de personnes : la société en nom
collectif, la société en commandite simple et la société civile. La société
apparaît donc dans ces formes juridiques comme une technique
organisatrice du partenariat.
A l'opposé des sociétés de personnes, le caractère personnel dans
les sociétés de capitaux n’est en général guère primordial ; la personne
de l'associé ne compte pas et devient secondaire. En effet, c'est le
caractère capitaliste qui prime et donc a la plus grande importance.
L'intuitu pécuniaire prédomine alors dans les sociétés de capitaux. Ces
sociétés regroupent un grand nombre d'associés qui ne se connaissent
parfois même pas. Chaque associé peut, aussi, en principe, céder
librement ses actions ; c'est le principe de la libre négociabilité des titres
sociaux qui est applicable. Ainsi, la mort ou la mésentente des associés
ne peuvent pas entraîner la mort de la société. L'affectio societatis et

P 522 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

l'intuitu personae sont donc très faibles ou même parfois inexistantes.


L'exemple type de ces sociétés est représenté par les Sociétés Anonymes
(SA), surtout les grandes, spécialement celles cotées en bourse et surtout
de la taille des transfrontalières (multinationales). Ces sociétés sont
détenues, en réalité, par des milliers voire des millions d'actionnaires.
3.1.3 Sociétés dotées de la personnalité morale et celles
dépourvues de cette personnalité
En principe, et sauf exception, toutes les sociétés ont la personnalité
morale. Cette personnalité permet à la société d'avoir une existence
propre distincte de celle des associés, et surtout, d'avoir un patrimoine
social propre distinct du patrimoine personnel des associés. L'exception
est en effet faite pour les sociétés en participation qui constitue l'exemple
type de ces sociétés. La caractéristique essentielle la plus marquée de
cette société est le caractère secret et occulte de celle-ci. Les associés
veulent alors constituer une société sans l'immatriculer et sans la publier.
C’est alors la nature contractuelle qui prédomine dans la société ; ce sont
les clauses et les conventions statutaires (le contrat de société, considéré
comme charte fondatrice) qui régissent et guident la vie sociétaire.
Si les sociétés en participation constituent des sociétés dénuées de
par la loi de la personnalité morale, les sociétés créées de fait sont des
sociétés dépourvues en fait de cette personnalité. Seul le juge va qualifier
la collaboration des personnes en contrat de société. Et il n’aura recours
à cette qualification que s’il constatera que tous les éléments essentiels
du contrat de société sont réunis. Ces éléments sont : les apports, la
participation et le partage des bénéfices et des pertes et surtout l'intention

P 527 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

de s'associer. En effet, cette dernière joue dans ce domaine, un rôle


radical concernant l'opération de la qualification juridique. La
qualification de la société ne sera retenue sans caractériser l'affectio
societatis ; c'est elle qui va donner naissance à la société créée de fait.
Cette dernière puise alors son eau de vie de l'affectio societatis. Cette
notion joue donc un rôle fondamental dans la reconnaissance de
l'existence des sociétés créées de fait. L'affectio societatis a dans le
domaine des sociétés créées de fait une force constante, brillante et
colorée. Elle constitue ici une notion fondatrice de ces sociétés.
3.2 Les caractéristiques fondamentales des différents types
de sociétés
On traite ici les caractéristiques fondamentales spécifiques qui
caractérisent et distinguent chacun des types de sociétés commerciales,
leur donnant à chaque type sociétaire une couleur spécifique.
3.2.1 Les caractéristiques fondamentales des types classiques
de sociétés
On étudie ici les différents types classiques des sociétés
commerciales et leurs caractéristiques essentielles. Ces sociétés sont en
effet, la société en nom collectif, la société en commandite, la société en
participation, la société à responsabilité limitée et enfin la société
anonyme
3.2.1.1 La société en nom collectif (SNC)
3.2.1.1.1 Définition :
L'article 29 de l'ordonnance législative, n° 29, 2011(comportant le
droit des sociétés en Syrie), a défini cette société comme " la société qui

P 530 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

fonctionne sous une raison sociale. Elle est constituée entre deux ou
plusieurs associés qui sont responsables personnellement et
solidairement des obligations et dettes sociales".
3.2.1.1.2 Caractéristiques :
La société en nom collectif est l'exemple type des sociétés de
personnes, car elle englobe tous les éléments essentiels caractérisant ces
sociétés, et surtout le caractère personnel de la société. L'intuitu personae
gouverne toute la vie sociale de cette société (de sa naissance et jusque
sa mort). Cette société constitue la forme juridique la plus convenable
des petites entreprises économiques, et surtout les entreprises familiales.
Société fonctionnant sous une raison sociale, celle-ci est l'appellation
sous laquelle la société elle fonctionne. Elle est formée des noms
patronymiques de tous les associés ou de certains d'entre eux avec
l'addition du terme " et ses associés".
Le statut de l'associé dans la SNC est caractérisé par deux
éléments fondamentaux : 1- L’acquisition de l'associé de la qualité de
commerçant. Ainsi, en cas de faillite de la société, ce cas extrême
remonte inéluctablement à la faillite des associés801 . 2- La responsabilité
personnelle et solidaire des associés est la caractéristique la plus
importante de cette forme sociale. Les associés sont responsables
personnellement et solidairement de toutes les obligations et dettes
sociales. Elle constitue l'exemple type des sociétés à risque illimités ; les
risques sociaux sont, dans cette forme sociale, indéfinie et de plus,
aggravés par le caractère solidaire de l'engagement des associés.

801
Art.29, al.2-3, ord. Lég. N° 29, 2011.

P 531 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

3.2.1.2 La société en commandite (SC)


3.2.1.2.1 Définition :
La SC est définie par l'article 44, de l'ordonnance législative, n° 29,
2011 comme une société fonctionnant sous une raison sociale et englobe
deux catégories d'associés : les commandités (au moins un associé) et les
commanditaires. Les commandités qui ont le droit de participer à la
direction (gérance) de la société ; ils gèrent la société. Ils sont
personnellement et solidairement responsables des obligations et dettes
sociales. Les commanditaires qui font un apport sans avoir le droit de
participer à la gérance de la société et ils ne sont responsables des
obligations et dettes sociales qu’à la hauteur de leur apport.
Il est à noter qu'avant la promulgation du nouveau droit des
sociétés, par l'ordonnance législative, n° 29, 2011, le droit des sociétés
syrien connaissait deux sortes des sociétés en commandite : les SCS et
les SCA, mais avec l'apparition de cette loi, la société en commandite
par actions SCA a été supprimée de notre droit. C'est pourquoi, le droit
des sociétés syrien ne connait plus que les SC.
3.2.1.2.2 Caractéristiques :
Société fonctionnant sous une raison sociale. Cette raison sociale
ne contient que les noms des commandites ; il est interdit d'insérer dans
la raison sociale de cette société le nom d'aucun commanditaire. Ainsi,
si l'un des associés commanditaires a permis d'insérer son nom dans la
raison sociale, il sera responsable comme un associé commandité envers
les tiers de bonne foi.

P 532 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

Le dualisme du statut juridique des associés est la caractéristique


fondamentale de cette société. Deux catégories d'associés existent dans
la SC, les commandités et les commanditaires. Ce dualisme a donné à
chacune de ces deux catégories, un statut spécifique, plus
particulièrement à la deuxième. Les commandités, ils ont le même statut
juridique que ceux des associés des sociétés en nom collectif ; ils ont
alors la qualité du commerçant et répondent indéfiniment et
solidairement des dettes sociales. La gérance de la société en
commandite est réservée à ces associés, et donc les risques les plus
importants sont assumés par eux du fait de cette position. Les
commanditaires qui ne sont pas commerçants et ne répondent aux dettes
sociales qu’à la hauteur du montant de leur apport dans la société. C'est
pourquoi, ils sont privés de la gérance de la société ; ils ne peuvent faire
aucun acte de gestion, et il est interdit d'insérer leur nom dans la raison
sociale. Les commanditaires représentent en effet, la catégorie d'associés
investisseurs dans la société ; ils sont les fournisseurs de capitaux ; et
sont de ce fait, des associés bailleurs de fonds. Tandis que les
commandités représentent la catégorie d'associés- gérants ; ce sont les
associés politiques de la société.
3.2.1.3 La société en participation (SEP)
3.2.1.3.1 Définition :
La définition de la société en participation est donnée par l'article
51 ordonnance législative, n° 29, 2011. Ainsi, la SEP est " une société
conclue entre deux ou plusieurs personnes, elle ne peut pas être portée à

P 533 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

la connaissance des tiers et son existence est limitée entre les parties
contractants".
3.2.1.3.2 Caractéristiques :
Le caractère occulte de la SEP est la caractéristique la plus marquée
de cette société. Elle est créée pour rester secrète, non révélée ou publiée,
et de ce fait non portée à la connaissance du public. Le plus souvent, elle
est créée par défaut, c'est-à-dire par le non-respect des formalités
nécessaires à la création ou au fonctionnement de la société. C'est la
société qui a légalement un caractère occulte, c'est une société sans
personnalité morale. A défaut de cette dernière, la société n'a pas de
patrimoine propre et les associés restent alors propriétaires des biens
qu'ils mettent à la disposition de la société. En conséquence, chaque
associé agit en son nom personnel et il est seul engagé à l'égard des tiers.
Ainsi, les tiers n'ont pas de relation juridique avec la société, mais
seulement avec l'associé contractant. Si la société se dévoile aux yeux
des tiers, elle perd donc sa qualification juridique en tant que société en
participation et elle peut être traitée comme une société de fait.
Société à courte durée, la société en participation est une société
sans personnalité morale. C'est une des caractéristiques importante et
marquée de cette société. Ainsi, sans personnalité morale, la société n'est
pas soumise aux mesures de publication et d'immatriculation imposées
aux autres sociétés802. Sans personnalité morale, il n'y a pas
d'immatriculation. La SEP n'a donc pas de raison sociale, pas de
patrimoine propre, pas de siège social. Elle ne peut non plus ester en

802
Art. 51, al. 2, ord. Lég. N° 29, 2011.

P 534 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

justice ni conclure en son nom propre. Bref, n'ayant pas la personnalité


morale, cette société ne peut avoir aucune des attributs attachés à cette
personnalité. Les associés organisent en toute liberté la vie de la société,
ainsi, l'intuitu personae dans cette société est très forte. En effet, c'est le
contrat qui réglemente toutes les relations, les droits et les obligations
des associés803 . Alors l'affection societatis et l'intuitu personae sont très
marqués dans cette forme sociétaire et lui donnent une coloration
particulière.
3.2.1.4 La société à responsabilité limitée (SARL)804
3.2.1.4.1 Définition :
La SARL " est une société constituée entre deux personnes aux
moins et dont leur responsabilité étant à la hauteur de leur apport en
capital social".805
3.2.1.4.2 Caractéristiques :
La SARL est une société commerciale à une nature juridique mixte.
C'est une société commerciale par la forme, ainsi, elle est soumise aux
dispositions de la loi du commerce quel que soit son objet806. Une des
caractéristiques principales la plus marquée de cette société est la nature
juridique mixte, la SARL a "une nature hybride". C'est un mélange des
sociétés de capitaux et des sociétés de personnes. Elle emprunte certains
caractères à ces deux catégories de sociétés. En effet, la SARL est une
société de personne par son essence car l’intuitu personae est dominant

803
Art.52, ord. Lég. N° 29, 2011.
804
V. Spéc. Laure Siné, Le petit Droit des sociétés - Les notions clés en 20 fiches, DUNOD, éd., 2014 .
805
Art. 55, al. 1, ord. Lég. N° 29, 2011.

806
Art. 55, al.4, ord. Lég. N° 29, 2011.

P 535 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

dans cette société. Elle est souvent constituée entre des associés peu
nombreux, son capital est divisé en parts sociales non négociables. La
cession des parts sociales aux tiers peut faire l'objet d'un agrément, alors
que la cession de ces parts entre associés reste libre. Toutefois, la SARL
emprunte certains caractères aux sociétés de capitaux, surtout la
responsabilité limitée des associés. Ainsi, la responsabilité des associés
est limitée à leur apport, ce qui est une des caractéristiques la plus
marquée des sociétés de capitaux. La responsabilité des associés est
limitée au montant de leur apport, et la dénomination de cette société doit
être suivie par le terme de " société à responsabilité limitée". La SARL
ne comprend alors que des associés responsables uniquement dans la
limite de leur apport. La solvabilité de la société est donc liée au seul
montant des apports reçus. Le capital social est divisé en parts sociales
équitables et non négociables807 .Ce capital peut être uniquement sous la
forme d’apports en numéraire ou en nature. Les apports en industrie y
sont interdits.
Une des caractéristiques principales de cette société c’est que cette
société peut prendre la forme d'une société à responsabilité limitée
unipersonnelle. Le droit syrien a innové dans ce domaine ; il a permis la
constitution de société à responsabilité limitée n’ayant qu’une seule
personne, et cette société, dans ce cas, prendra l’appellation de société
unipersonnelle à responsabilité limitée (SURL).

807
Art. 56, al. 5, ord. Lég. N° 29, 2011.

P 536 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

Faute d'un pourcentage (majorité) plus élevé indiqué dans les


statuts, les décisions collectives sont prises en assemblée générale à une
majorité dépassant 50% du capital social représenté. Certaines décisions
importantes (exceptionnelles et risquée, engageant fortement la société)
exigent une majorité plus élevée qui est de 75% des parts représentées,
et cette majorité (75%) doit représenter, au moins, la moitié du capital
social. La nature de ces décisions considérées comme stratégiques
doivent porter sur un de ces sujets : la modification des statuts, la fusion
ou la dissolution de la société, et la transformation de sa forme
juridique808 .
3.2.1.5 La société anonyme (SA)
3.2.1.5.1 Définition :
Le droit syrien a créé deux catégories de sociétés anonymes : la SA
publique et la SA particulière (privée). L'article 86, al. 1, ord. Lég. N°
29, 2011 a définit la SA publique comme une société constituée de 10
actionnaires au moins, son capital est divisé en actions égalitaires qui
sont négociables et susceptibles d'être cotées en Bourse. La
responsabilité de l'actionnaire dans la SA est limitée à la hauteur de la
valeur nominale de ses actions dans la société, c'est-à-dire fixée
strictement au prorata de sa participation au capital de la société. Le droit
syrien a inventé la SA privée, celle-ci peut être constituée d'un certain
nombre d'actionnaires, pas moins de trois (3). Son capital est divisé en

808
Art. 74, ord. Lég. N° 29, 2011.

P 537 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

actions égalitaires, et la responsabilité des actionnaires y est limitée à la


hauteur de la valeur nominale de leurs actions dans la société809 .
3.2.1.5.2 Caractéristiques :
La SA est l'exemple type des sociétés par actions, elle constitue la
technique juridique la plus convenable aux grandes entreprises
économiques, voire aux entreprises géantes. A ce titre, elle est utilisée
comme un moyen efficace ayant pour objet de drainer l'épargne
publique. C'est pourquoi, certains auteurs ont considéré cette société de
“ merveilleux instrument du capitalisme moderne". La SA jouit d’un
pouvoir attractif exceptionnel des capitaux et par voie de conséquence
d'une capacité d'endettement très forte. En effet, l'importance des
capitaux propres que la SA peut réunir lui assure une capacité de
mobilisation des emprunts, en cas de recherche d’investissements, très
élevé. La SA peut émettre des valeurs mobilières ; et faire des appels
publics à l'épargne. Elle peut drainer alors des actions considérables. La
SA jouit donc d'une grande importance économique et surtout dans les
pays pratiquant une économie de marché.
C'est une société de capitaux par excellence ; l'intuitu personae
recule devant l'intuitu pécuniaire. Cette société n'est pas conclue sur la
base du principe de l’intuitu personae ; elle peut concerner des milliers,
voire des millions d’actionnaires qui ne se connaissent pas. Ainsi, le
caractère pécuniaire prédomine dans la SA. La personne de l'actionnaire
compte donc moins que les moyens financiers présentés par celui-ci. La

809
Art. 86, al. 2, ord. Lég. N° 29, 2011.

P 532 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

SA regroupe parfois un grand nombre d'associes, certains d'entre eux


sont de simples investisseurs, des bailleurs de fonds ; ils adhérent à la
société afin de réaliser un bon investissement, une bonne affaire. Ces
associés n'assistent pas aux assemblées générales des actionnaires.
Tandis que d'autres s'intéressent aux affaires sociales et à la vie politique
de la société, ce sont les associés politiques de celle-ci. Les actionnaires
réunies en assemblée élisent un conseil d’administration, ce conseil a
pour mission l'administration de la société, et confie la direction des
affaires sociales à un président élu par le conseil. Ce président est le
président de la société ; il l'a représenté envers les tiers810. La gérance de
la société anonyme est réservée au conseil d'administration et à son
président ; et les décisions collectives se prennent dans le cadre des
assemblées des actionnaires. Faute d'un pourcentage (majorité) plus
élevé indiqué dans les statuts, les décisions collectives sont prises en
assemblée à la majorité des voix dépassant 50% des actions représentées
dans l'assemblée811 (et cela pour les décisions ordinaires prise en
assemblée générale ordinaire), ou à la majorité dépassant les 2/3 deux
tiers des actions représentées dans l'assemblée812. Cette majorité doit
dépasser la moitié du capital social souscrit dans certains cas qui sont :
1- la modification des statuts, 2- la fusion de la société, 3- la dissolution
de la société813. En conséquence, on peut constater que la loi de la
majorité qui est appliquée dans la SA.

810
Art. 148, al.1, ord. Lég. N° 29, 2011.
811
Art. 167, ord. Lég. N° 29, 2011.
812
Art. 171, al. 1, ord. Lég. N° 29, 2011.
813
Art. 171, al. 2, ord. Lég. N°29, 2011.

P 537 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

Assujettie à des formalités lourdes814, la SA est une société


commerciale par la forme quel que soit son objet social, elle est ainsi
soumise aux règles et dispositions de la loi du commerce. Elle est
principalement une société à risque limité ; la responsabilité des
actionnaires est limitée aux apports. La SA ne comprend parmi ses
membres aucun actionnaire responsable au-delà du seuil de son apport.
Le capital de la société est divisé en actions nominales titrée à valeur
égale qui doit être au moins de 100 livre syrienne815 , les porteurs de ces
actions s'appellent les actionnaires. Ces actions ne sont pas successibles
d'être divisées, mais elles sont cessibles et successibles d'être cotées en
Bourse. En effet, la négociabilité des actions de la SA constitue une
caractéristique fondamentale colorant cette société. Les actions de celle-
ci sont librement cessibles et négociables. L'actionnaire est libre de céder
ses actions aux tiers. Il est à souligner que le capital social peut être
constitué aussi d’apports en numéraire qu’en nature ; les apports en
industrie sont alors interdits. Il est également important à rappeler que la
dénomination de la SA ne doit contenir aucun des noms de quelconque
personne physique, sauf si son objet est l'exploitation d'un brevet
d'invention inscrit au nom de cette personne. Cette dénomination
résultant souvent de l’objet de la société, et elle doit être suivie du terme
" société anonyme".
Il est à noter enfin que le droit des sociétés français connaît deux
types des SA. SA de type traditionnel ; elle est composée du conseil
d'administration, du président du conseil et des assemblées. Et la SA de

814
Art. 98-99. Ord. Lég. N°29, 2011.
815
Art.91, al. 1-2-3, ord. Lég. N°29, 2011.

P 540 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

type moderne ; elle comporte un directoire et un conseil de surveillance.


Le droit français a créé, en 1994 un nouveau type de SA, c’est la SAS
(société par actions simplifiées). Et en 1999, le droit français a créé aussi
la SASU (société par actions simplifiées unipersonnelle). Dans ce
contexte, il convient de souligner que le droit des sociétés commerciales
syrien se caractérise toujours, malgré son évolution, par le retard et la
stagnation par rapport aux législations commerciales modernes. La loi
syrienne ignore encore à ce jour cette société bien connue et très efficace
aujourd'hui dans le monde des affaires et des sociétés816.
3.2.2 Les caractéristiques fondamentales des types
particuliers des sociétés
On parle dans ce domaine de la société créée de fait et de la société
unipersonnelle.
3.2.2.1 La société créée de fait 817
La société créée de fait818 constitue une conception complexe et
importante en même temps. D'une façon, c'est une notion complexe, car
l'apparition de cette société a suscité plusieurs questionnements, qui

816
V. Sur cette société, spec. H. Alhoussari, L’autonomisation de la SAS, thèse, université de Rennes I,
2019, P.-H. CONAC, La société par actions simplifiée (SAS)- Bilan et perspectives, Col., Dalloz, 2016,
p. 1. J. Paillusseau," La nouvelle société par actions simplifiée-Le big bang du droit des sociétés (1er
partie)", art. D.Aff. n. 175, 23 sep. 1999, p. 1354, C. Cujatar, " De l'EURL à la SASU ou du big bang à la
transfiguration du concept de société par l'unipersonnalité ", Pet. Aff. 2000, n. 185, P.52, Didier Vallete, "
contexte et méthode de l'adoption du nouveau régime de la société par actions simplifiée (Art. 3 de la loi
du 12 juillet 1999), présentation du dispositif", Rev. Soc. Av. juin. 2000, P.215, P. Le Cannu, " La SAS
pour tous (loi n. 99-587, 12 juillet 1999, art. 3)", chron. 198, Bull. july, soc. Août -sep. 1999, p.841.
817
B. Jadaud, « Société en participation et sociétés et créées de fait de », J.C. sociétés, Fas. 44-F, n° 7,
Cozian, Viandier et Deboissey, Droit des sociétés, éd. Litec.2001, DIDIER, P., L'entreprise en société,
T.2, PUF, 1997.P. 546.
818
HOUIN, Rapport général sur les situations de fait, Travaux de l'association Henri CAPITANT, T. XI,
1957, P. 322.

P 541 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

concernent spécialement la notion et la nature juridique 819de ce type de


société. Ce qui a incité certains praticiens du droit des sociétés, à se
demander si cette société constitue une réalité ou une fiction820 ou encore
un mythe. Autrement dit, est-ce que cette société constitue une société
réelle ou une société fantôme ? D'une autre façon, la société créée de fait,
forme une création jurisprudentielle importante, elle a été inventée par la
jurisprudence qui lui fait produire des conséquences juridiques
importantes inédites. Parmi ces conséquences essentielles, l'acquisition
de la personne, malgré sa volonté, la qualité d'associé avec toutes les
conséquences et les effets juridiques qui peuvent en résulter, et qui se
traduisent spécialement par la participation aux bénéfices et aux pertes
de la société. Ces conséquences ont fait de cette société une notion
fonctionnelle importante et souple en même temps.
La qualification d’une situation juridique en société créée de fait
marque le souci d’adaptation du droit et de son rapprochement le plus
près possible de la réalité concrète, c'est-à-dire les faits. Il s’agit « d’une
construction jurisprudentielle tenant compte de la réalité des faits pour
en faire produire certaines conséquences »821. En effet, le juge va opérer
cette qualification lorsque les protagonistes n’ont pas respecté les formes
imposées pour la constitution des sociétés car leur comportement est
celui de véritables associés, même s’ils n’en ont pas pleinement

M. ,819Y. Chartier, '' La société dans le code civil après la loi du 4 jan. 1978'', JCP. G. 1978, n° 410
Gaudemaris, '' Théorie de l'apparence et sociétés'', Rev., soc. 1991, P. 465, LUCAS, F., '' la société dite
créée de fait'', Mél., GUYON, Dalloz, 2003, P. 737, M. Raimon, « Les sociétés non immatriculées et
l'engagement des associes vis à vis des tiers », Gaz., Pal., 21 déc. 2000.
820
Savatier, note sous Trib., civ., Seine, 3 mai 1922, DP., 1924, 209.
821
J. Vallansan, et E. Morvieux, « Société en participation et société créée de fait », GLN Joly, coll.
Pratique des affaires, 1996.

P 542 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

conscience. "La société créée de fait vise la situation dans laquelle


quelques personnes forment une société sans lui donner d’expression
officielle et souvent sans le savoir"822. Autrement dit, « la société créée
de fait n’est pas voulue, ni même pensée, en tant que telle par ses
initiateurs, mais se déduit d’une recherche comportementale conduite par
le juge »823 . Il est aujourd’hui acquis que, pour les sociétés non
immatriculées, l’affectio societatis est le critère fondamental de la
société. En effet, pour reconnaître l’existence d’une société créée de fait,
la jurisprudence va exiger l’existence de l’affectio societatis à qui elle va
reconnaître une place primordiale824. En fait, l’affectio societatis atteint,
dans ce domaine, son point culminant ; elle conditionne la naissance de
cette société, car sans cet élément subjectif, il n’y aurait plus rien.
Certains considèrent que cette société n'a que l'apparence d'une
société, car la jurisprudence s'appuie souvent sur l'existence apparente
ou présumée des éléments essentiels nécessaires à l'existence de la
société. Elle est alors une société intuitive ou présumée dont la
jurisprudence induit son existence moyennant la présomption de
l'existence des éléments indispensable à l'existence de la société.
L'existence de cette société reste probable ou encore soudaine. C'est une
société découverte ou parfois imaginée par la jurisprudence pour le seul
et même résultat, à savoir, la preuve de l'existence de celle-ci, et en tirer
toutes conséquences juridiques. Elle est donc créée afin d'effectuer une

822
R. Contin, Droit commercial, I, les entreprises commerciales, Paris, PUF, 1978, P. 57.
823
J. M. Bermond de Vaulx, « L’empire des faits et l’émergence de la notion de société », D. 1996,
Chron. P. 185. V. aussi F. X. Lucas, « La société dite créée de fait », Mél. GUYON, Dalloz 2003, P.
737, P. LE Cannu, Droit des sociétés, Montchrestien, 2002, n°1383).
824
J.J. Daigre, note sous CA., Versailles 17 mars 2000, Bull., Joly 2000, P. 874, G. Gibirila, note sous
Cass., Com., 16 juin 1998, Defrénois, 1999, art., 36959.

P 543 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

fonction précise qui est la réalisation de la justice, se traduisant par la


protection les droits et les intérêts aussi bien des parties que des tiers.
Elle est alors une notion fonctionnelle et pratique (pragmatique). En
conséquence, la société créée de fait n'est pas une société légale mais une
société de fait. Cela veut dire que cette société a une existence de fait et
non pas une existence légale. Elle est une invention jurisprudentielle et
non pas législative ; c'est une construction purement jurisprudentielle
prenant en considération la réalité des faits et dont l’objectif essentiel est
de lui faire produire des effets juridiques.
La société créée de fait doit être distinguée de la société de fait.
Cette dernière est une société affectée d'un vice de constitution, elle n'a
pas respecté les mesures légales exigées pour la validité de sa formation.
Dans cette société, la volonté et l'intention des parties s'orientent vers la
constitution d'une société légale et valide, mais, elle s'est transformée en
société de fait à cause de la violation des associés des mesures légales de
constitution. Ainsi, la société de fait n'est pas une sorte spécifique des
sociétés, mais elle est un cas pathologique qui peut affecter toutes les
formes des sociétés. En effet, l'existence légale diffère d'une société à
une autre, alors que l'existence de fait est unique pour toutes les sociétés.
La société créée de fait se distingue de la société de fait par
l'inexistence de la volonté des parties en vue de constituer une société
entre eux. Cette société est donc une société qui s'ignore. Elle s'est
induite à partir de l'analyse ultérieure des relations juridiques liant les
parties. Cette analyse doit prouver la réunion de tous les éléments
essentiels de la société qui sont : les apports, la participation aux

P 544 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

bénéfices et aux pertes et surtout l'affectio societatis. En conséquence,


on peut dire que la société créée de fait n'est pas créée selon la façon
légale traditionnelle pour la naissance et l'existence des sociétés légales
s'habillant les vêtements légaux des sociétés, mais au contraire, elle est
créée moyennant la réunion ultérieure et la mélange de tous les éléments
légaux indispensable à la naissance de cette société. Cette société
constitue alors une copie fausse, si l'on ose dire, des sociétés légales. Car
les associés, n'ont pas, dans cette société, l'intention de former une sorte
précise des sociétés légales.
3.2.2.2 La société unipersonnelle (SU)
« Il existe deux variétés principales de sociétés : la société
pluripersonnelle et la société unipersonnelle. Au départ, la société a
d'abord été pluripersonnelle : deux ou plusieurs personnes s'associent
pour réaliser une œuvre commune (...). Mais les choses ont évolué avec
la montée en puissance de la société unipersonnelle »825. La notion de la
société unipersonnelle consiste en le fait d'accorder à une seule personne
le droit instituer, par sa seule volonté unique, une société dans laquelle il
est le seul propriétaire de toutes ses parts ou actions et il n'est responsable
des dettes sociales qu’à la hauteur de son apport fait à la société.
La société unipersonnelle n'est donc qu'une sorte spécifique ou
plutôt une forme nouvelle des SARL, elle se forme par la seule volonté
unique de l'associé en vue de profiter du système de la limitation de la
responsabilité résultant de cette forme sociale. La société unipersonnelle
et la société à responsabilité limitée ne sont alors que deux faces à une

825
M. Cozian, A. Viandier, F. Deboissy, Manuel de droit des sociétés, op. cit, extrait de l'introduction,

P 545 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

seule monnaie. Cette relation forte entre ces deux sociétés a poussé
certains auteurs à dire que la société unipersonnelle est le fils unique de
la SARL826.
La société unipersonnelle doit être distinguée de l'entreprise
individuelle. La société unipersonnelle a pour but principal d'accorder à
l'investisseur individuel la possibilité de profiter de la responsabilité
limitée qui n'existe pas dans le cadre de l'entreprise individuelle et cela à
cause de l'absence de la personnalité morale de celle-ci. La société
unipersonnelle se distingue ainsi, et spécialement, de l'entreprise
individuelle par la faculté de profiter du système de la responsabilité
limitée. En effet, dans la société unipersonnelle l'investisseur n'est
responsable des dettes sociales qu’à la hauteur de son apport fait à la
société. Tandis que l'entreprise individuelle expose l'investisseur aux
risques de la responsabilité illimitée (absolue). Faut de la personnalité
morale de l'entreprise individuelle, l'investisseur est responsable, en
toute sa fortune actuelle et future, des obligations et des dettes résultant
de l'investissement de l'entreprise individuelle. La société unipersonnelle
est alors le moteur principal d'encourager les investissements individuels
sans subir le risque de la responsabilité absolue. Cette société constitue
la soupape de sécurité pour l'investisseur individuel, car elle lui permet
de profiter du système de la responsabilité limitée et échapper donc au
fantôme de la responsabilité absolue. La société unipersonnelle joue
alors, de cette façon, un rôle vital dans l'activisme du mouvement
d'investissement et plus spécialement dans les pays sous-développés où

826
Férderic Zenati, "Législation Française et communautaire en matière de droit privé, commentaire de
la loi du 11 Janvier 1985, Rev. Trim. Dr. Civ. 1985, p. 77.

P 546 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

prédominent les petits et moyens investissements. L'importance de la SU


consiste aussi dans le fait qu'elle autorise à l'investisseur individuel de
profiter du système de la responsabilité limitée sans besoin de constituer
des sociétés fictives. La SU forme donc un moyen efficace pour faire
disparaître ces sociétés.
La SU se distingue aussi par la souplesse et la facilité de sa
direction. En effet, dans cette société, c'est l'associé unique qui est le seul
responsable de sa direction. Cet associé unique effectue seul, sans la
consultation ou l'opposition de quiconque, toutes les affaires et actes
juridiques et prend toutes les décisions nécessaires à la direction souple,
facile et rapide, dans la mesure où les décisions collectives sont
remplacées dans la SU par des décisions individuelles rapides.
La SU jouit, en conséquence, de plusieurs caractéristiques
juridiques et économiques faisant d'elle un cadre juridique pratique,
simple et souple. Car la société n’est plus un simple contrat, mais aussi
une technique juridique d’organisation des entreprises
économiques827.C’est pourquoi, le législateur français a en effet tenté en
profiter au maximum. En fait, celui-ci a connu plusieurs sortes de cette
forme sociale828.

827
J. Paillusseau, La société anonyme, Technique d´organisation de l'entreprise, th. Paris, 1967, P.3,
Randoux, " Le droit des sociétés à la recherche d’un nécessaire équilibre, Rev. Soc. 2000, P.105.
828
EURL : entreprise unipersonnelle à responsabilité limitée (loi, 1985), EARLU : exploitation agricole à
responsabilité limitée unipersonnelle, SASU : société par actions simplifiée unipersonnelle (loi, 1999),
SELARLU : société d'exercice libérale à responsabilité limitée unipersonnelle, SUIR : société
unipersonnelle d'investissement à risque (loi, 2004). V. Pour la SASU, en particulier, J. Paillusseau," La
nouvelle société par actions simplifiée-Le big bang du droit des sociétés (1er partie)", art. D.Aff. n. 175,
23 sep. 1999, p. 1354; " La nouvelle société par actions simplifiée-Le big bang du droit des sociétés
(suite)", art. D.Aff. n. 176, 30 sep. 1999, p. 1385, C. Cujatar, " De l'EURL à la SASU ou du big bang à la
transfiguration du concept de société par l'unipersonnalité", Pet.Aff. 2000, n. 185, P.52, D. Vallete, "
Contexte et méthode de l'adoption du nouveau régime de la société par actions simplifiée (Art. 3 de la
loi du 12 juillet 1999), présentation du dispositif", Rev. Soc. Av. juin. 2000, P.215, P. Le Cannu, " La SAS
pour tous (loi n. 99-587, 12 juillet 1999, art. 3)", chron. 198, Bull. july, soc. Août -sep. 1999, p.841.

P 547 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

3.2.2.3 SU en droit syrien


Jusqu'une période très récente la SU était inconnue en notre droit
syrien. Celui-ci ne connaissait ou plutôt ne reconnaissait pas l'existence
de cette société. En effet, le droit syrien ne connaissait alors que les
sociétés pluripersonnelles ; il stipulait pour la création de la société
l'existence, au moins, de deux personnes. C'était alors le caractère
contractuel absolu et sacré de la société qui prédomine notre place
législative en matière des sociétés. Mais, le droit syrien est, relativement
récemment829, sorti de ce cercle contractuel sacré de la société en
consacrant la SU dans notre droit moderne des sociétés. Il a permis de
créer cette société sous la forme d'une société à responsabilité limitée830.
L'article 55, al., 2 de l’ordonnance législative, n° 29, 2011 édicte que la
société à responsabilité limitée peut être composée d’une seule personne,
et cette société s'appelle, dans ce cas, la société unipersonnelle à
responsabilité limitée (SURL). Cette position du législateur syrien,
malgré son retard, est louable. En effet, la SU jouit aujourd'hui d'une
importance particulière aussi bien sur le terrain juridique que sur le
terrain économique. Elle est le miroir reflétant les développements
juridiques et économiques apparues dans le monde des affaires et
spécialement dans l'univers des sociétés modernes. Cette importance fait
aujourd'hui de la société unipersonnelle une nécessite législative et un
besoin juridique et économique urgent dans notre droit moderne des
sociétés.

829
Art. 55, al. 2-3, ord. Leg. N, 29,2011.
830
Art. 55, al.,2-3, ord. Leg. N, 29, 2011.

P 542 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

En fait, l'environnement juridique et économique syrien moderne


offre un terrain fécond (un terrain d’élection) convenable pour la création
et l’existence de la SU syrienne. Cette société s'accorde bien aujourd'hui
avec la nouvelle face de l'économie syrienne qui commence à passer
rapidement de l'économie orientée à l'économie libre. La SU constitue
en effet, une des bases principales et importantes de cette économie. Par
conséquent, l'importance particulière de la SU et toutes ses
caractéristiques juridiques et économiques soulignée auparavant justifie
effectivement son adoption par notre droit des sociétés.
4. Les acteurs principaux de la société : les associés
Les associés sont les acteurs principaux de la société, ainsi se pose
la question qu’est-ce qu’un associé ?
4.1 Notion d’associé
Habituellement et classiquement, on parle des associés en ce qui
concerne les membres des sociétés de personnes et des actionnaires
lorsqu'il s'agit des membres des sociétés par actions (SA). Mais, pour le
législateur les deux nominations (associés et actionnaires) sont des
termes synonymes. La seule différence entre ces deux expressions
s'attache à la nature de la collectivité à laquelle ces personnes (associés
et actionnaires) appartiennent. La notion d'associé couvre alors les deux
termes : associés et actionnaires. En effet, traditionnellement, il existe
deux écoles doctrinales concernant la qualité d’associé. L’une, classique,
l’autre, qui peut être qualifiée de moderne. L’école classique considère
que l'associé est celui qui apporte un bien, a vocation aux bénéfices,
contribue aux pertes, tout en étant animé de l’affectio societatis ;

P 547 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

l’associé est alors, avant tout, partie au contrat de société. L’école


moderne considère que l’associé est essentiellement celui qui exerce
comme tel certaines prérogatives et surtout des droits de gouvernement
(droits politiques). L’associé est alors, avant tout, partie au contrat de
société, réalise un apport et jouit d'un droit d’intervention dans les
affaires sociales. Il a la possibilité d’exercer effectivement ce droit.
4.2 Droits et obligations des associés
En adhérant au contrat de société, les associés ont des droits et des
obligations. Ces droits et ces obligations ont pour fondement le pacte
social qui constitue le socle de la société. La collaboration des associés
dans un intérêt commun implique un ensemble des droits et des
obligations réciproques. En vérité, c'est la recherche d'un intérêt commun
qui donne au contrat de société une originalité particulière.
4.2.1 Obligations des associes
L’adhésion au contrat de société implique certaines contraintes
découlant du lien conventionnel que les associés viennent de nouer. En
effet, la communauté d'intérêt est l'âme du contrat de société. Par
conséquent, les obligations imposées aux associés traduisent en fait le
but et l'intérêt communs unissant ceux-ci. L'obligation principale qui
s'impose donc à l'associé est évidente. C'est de permettre à la société de
vivre et de prospérer. L'obligation de respecter l'intérêt social constitue
alors une obligation suprême et sacrée. De cette obligation découle en
effet, et surtout, l'obligation de bonne foi et son corollaire l'obligation de
non-concurrence. En plus, et comme l'associé a le droit de profiter des

P 550 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

bénéfices sociaux, il incombe à sa charge de participer aux pertes de la


société.
4.2.1.1 Obligation de bonne fois
L’associé doit se comporter en loyal associé aussi bien dans
l'exécution de ses obligations que dans l'usage de ses droits et
prérogatives. L'obligation de bonne foi doit gouverner tous les
comportements collectifs et individuels des associés durant toute la vie
sociale. Cette obligation se trouve en effet renforcée dans le contrat de
société par l'affectio societatis qui unit les associés autour d'un objet
commun. Alors, ce contrat doit sans doute reposer sur la bonne foi. La
société, à raison des efforts communs qu'elle exige de ses membres,
impose donc aux associés une obligation de bonne foi renforcée, une
sorte de fraternité. Cette obligation et cette fraternité permettent de poser
en principe qu'un associé ne doit rien faire contre l'intérêt social, et qu'il
doit subordonner ses intérêts individuels égoïstes à cet intérêt supérieur.
4.2.1.2 Obligation de non-concurrence
L'obligation de bonne foi impose aux associés une obligation de
non concurrence envers la société. On ne saurait admettre qu'un associé
puisse prétendre rester associé, alors qu'il ne se comporte en loyal
associé. Le contrat de société, imposant aux associés la collaboration
dans un but et intérêt communs, met à la charge de chaque associé une
obligation de ne pas concurrencer la société. L'esprit de ce contrat ne
saurait permettre à aucun associé de concurrencer en tant que tel sa
société. L'obligation de bonne foi renforcée imposée aux associés ne peut
faire admettre qu'un associé se serve de sa qualité d'associé afin de

P 551 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

concurrencer sa société. En effet, l'associé qui exerce une activité


concurrentielle à la société paraît violer les principes de base du droit des
sociétés ; son comportement semble contraire à l'intérêt commun
unissant les associés autour d'un but collectif commun.
4.2.1.3 Obligation de participation aux pertes de la société
En contrepartie du droit de participer aux bénéfices sociaux. Il y a
une obligation pesant sur chaque associé qui est celle de participer aux
pertes de l'exploitation sociale. En effet, la contribution aux pertes
constitue l'autre facette, l'envers de la participation aux bénéfices. Alors,
la participation aux résultats sociaux de la société prend deux formes :
une positive (Participation aux bénéfices), et une autre négative
(participation aux pertes). Ces deux formes de participation constituent
deux faces à une seule monnaie. La participation des associés aux
bénéfices et aux pertes de la société est en effet une condition essentielle
du contrat de société. Alors, tout associé a le droit profiter des résultats
positifs produit par l'activité sociale, mais il doit par contre contribuer
aux pertes sociales. C’est pourquoi les clauses léonines, (celles qui
attribue à l'associe la totalité des bénéfices ou celles l'exonérant de la
totalité des pertes sociales), sont sanctionnées ; elles sont alors nulles. En
effet, ces clauses sont contraires à l'esprit sociétaire fraternel qui
caractérise la société. Celle-ci est constituée dans un intérêt commun qui
confère à l'acte de société une originalité incontestable.
4.2.2 Droit des associés
L'associé reçoit en échange de son apport fait à la société un
ensemble des prérogatives variées : droits patrimoniaux, financiers et

P 552 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

politiques. Dans toutes sociétés, les associés jouissent d'un certain


nombre de droits propres. L'assemblée ne peut pas en priver les associés.
Le droit principal de l'associé est celui de de faire partie de la société 831
et de participer à la vie sociale. Ce droit constitue un droit intangible des
associés. Il est le critère fondamental de la qualité d'associé. Ce droit
permet d'abord à l'associé de participer à la formation de la volonté
sociale collective832. Mais ce droit ne confère pas seulement à l'associé
le droit à une participation politique à la vie sociale (participation aux
décisions sociales collectives), mais il lui confère également le droit à
une participation économique dans le vie sociale (participation aux
bénéfices). En conséquence, chaque associé dans la société jouit des
droits politiques et droits pécuniaires.
4.2.2.1 Droits patrimoniaux
Tout associé doit recevoir en contrepartie de son apport un droit sur
le patrimoine de la société. Il s'agit des parts d'intérêt dans les sociétés
de personnes, des actions dans les sociétés par actions (SA), des parts
sociales dans les autres formes sociétaires. Ces droits patrimoniaux sont
en principe librement cessibles dans les sociétés par actions (SA) alors
qu'ils ne sont cessibles dans les sociétés de personnes qu'avec l'accord de
tous les associés (l’unanimité des associés).

831
Il est donc difficile de l’exclure de celle-ci par l’assemblé des associés. Qualifiée de "monstruosité
juridique" violant les droits fondamentaux des associés, son admission en tant que principe général est
encore litigieuse. V. Sur ce sujet, Salma khaled S. Exclusion d'un associe dans les sociétés commerciales
à la lumière de la modification du code des sociétés commerciales par la loi du 16 mars 2009, Maison
du livre, 2013, Tunis. V. Egalement sur le bon usage des clauses d’exclusion dans la SAS, R. Dalmau, Du
bon usage des clauses d’exclusion dans les SAS – A propos de décisions récentes, Option Finance, 2023,
N. 1700.
832
Sur le contenu du droit de participer aux décisions collectives, v. C. KOERING, La règle « une action-
une voix », thèse Paris I, 2000, n° 366.

P 553 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

4.2.2.2 Droits financiers (pécuniaires) des associés


Ce droit représente le droit de l'associé de participer à la vie
économique de la société. Le droit essentiel de l'associé de participer à
la vie sociale n'a pas seulement un aspect politique, mais il a aussi un
aspect pécuniaire. Chaque associé a le droit de participer aux résultats de
l'exploitation sociale commune. Il a droit au partage des bénéfices lors
de la vie sociale. Le droit fondamental de l'associé, la raison d'être de son
appartenance à la société est de profiter des bénéfices qu'il partage avec
les autres associés. Alors, chaque associé, de par sa qualité a le droit au
partage des bénéfices sociaux, mais cela ne signifie pas que tous les
associés ont les mêmes droits dans la répartition de ceux-ci. Cela signifie
que chaque associé a droit, au même titre que les autres associés à une
part dans les bénéfices, même si sa part n'est pas obligatoirement égale à
celle des autres. Il n'est pas nécessaire que cette part soit égale pour tous,
d’où la validité des clauses de partage inégale. Certaines limites ne
sauraient toutefois être franchies : les clauses léonines sont ainsi
interdites. Tout associé doit alors profiter des résultats positifs produit
par l'activité sociale commune.
4.2.2.3 Droits politiques des associes
Le droit politique de l'associé est le droit de tout associé de
participer à la vie politique de la société. C'est-à-dire, chaque associé a
le droit d'intervenir dans les affaires sociales. Ainsi, les décisions
collectives expriment la volonté collective des associés. Cette volonté
peut être exprimée en assemblée générale ou en dehors des assemblées
(c’est le cas des sociétés de personnes), c'est-à-dire, par toute autre

P 554 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

manifestation de la volonté collective des associés prévue par la loi et/ou


par les statuts. Le droit fondamental dans ce domaine est le droit de tout
associé de participer aux décisions collectives de la société et son
corollaire le droit de vote.
Le droit reconnu à tout associé de participer aux décisions sociales
collectives est un droit fondamental de celui-ci. Car l'associé est celui qui
a le droit d'intervenir dans les affaires sociales communes. Par cette
prérogative, l'associé jouit de la faculté de participer à la formation de la
volonté sociale commune. Chaque associé doit alors avoir cette
possibilité d'intervenir dans la prise des décisions sociale collectives.
Cette possibilité peut parfois se ramener à une simple participation à la
prise des décisions importantes. Tous les associés peuvent participer aux
décisions sociales ; tous y participent essentiellement, mais non
seulement, par leur droit de vote. En effet, le droit de participer aux
décisions collectives englobe tous les droits qui consistent à permettre
aux associés de participer à l'élaboration des décisions sociales, en ayant
accès aux assemblées, en s'exprimant afin de faire valoir leurs opinions,
et enfin, en prenant part au vote. En conséquence, on peut dire que les
décisions sociales collectives doivent résulter d'une participation libre et
égalitaire des associés au processus décisionnel. Cette participation doit
se dérouler en respect d'une certaine égalité entre les associés. Il revient
à chaque associé d'en bénéficier s'il le souhaite, ou au contraire, de ne
pas exercer ce droit.
Le Droit de vote s’occupe ici une importance primordiale ; il doit
être exercé librement. Le droit de participer aux décisions sociales

P 555 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

collectives implique nécessairement le droit de vote. Ce dernier constitue


en effet, la dernière étape de la participation au processus décisionnel. Il
est la consécration et la matérialisation du droit de participer aux
décisions sociales collectives. Le droit de vote ne constitue pas un simple
droit mais il est un vrai pouvoir. En conséquence, le pouvoir de voter est
une prérogative sacrée de l'associé, car ce droit est la meilleure garantie
des droits pécuniaires de celui-ci. C'est le seul moyen pour lui d'influer
directement sur les orientations de la vie sociale et donc, à terme, sur la
réalisation et l'éventuels partage des bénéfices.
5. Les évènements majeurs de la société
Deux évènements majeurs influence la vie de la société : l’un
positif, se traduisant par la naissance de l'être social, et l’autre négatif qui
est la mort de celui-ci.
5.1 Naissance de la société : les conditions spécifiques de la
société
« La constitution d’une société résulte d’un contrat de société ou
bien, dans le cas de création d’une société unipersonnelle, d’un acte
unilatéral »833. Ainsi, « un contrat de société, ou bien un acte unilatéral
de volonté, est à l’origine de toute société »834. Pour que la société puisse
naître, certaines conditions doivent être réunies, ce sont les conditions de
fond et les conditions de forme.
5.1.1 Les conditions de fond spécifiques à la société

833
Béatrice et Francis Grandguillot, L'essentiel du droit des sociétés, 12ème éd., GAULINO, 2014, P.
17.
834
Ibid.

P 556 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

L'article 473 du code civil syrien définit la société comme " un


contrat par lequel deux ou plusieurs personnes conviennent de participer
à une entreprise commune par l'affectation des biens ou leur industrie,
afin de partager les bénéfices et les pertes qui peuvent en résulter". Cet
article met en évidence les caractères fondamentaux de la société qui sont
: l'affectation des biens ou des services, c'est-à-dire, les apports (la
participation au capital social), et le partage des bénéfices et les pertes
sociétaires (la participation aux résultats sociaux). Le législateur syrien
n'énumère pas alors l'intention d'associer (affectio societatis) parmi les
éléments principaux du contrat de société. Mais, il est constant en
doctrine et en jurisprudence qu'il n'y a pas de société sans cet élément
intentionnel qui s'appelle l'affectio societatis. En effet, les éléments
matériels de la société ne suffisent pas à caractériser et donner naissance
à la société, car ceux-ci peuvent se rencontrer parfois dans d'autres
contrats et spécialement dans ceux qui contiennent une clause de
participation aux bénéfices (ex. le contrat de travail avec participation
aux bénéfices). L'élément intentionnel de la société, qui s'appelle
l'intention de s'associer, apparaît alors dans ces cas complexes et douteux
comme le seul élément permettant d'isoler le contrat de société et de le
distinguer des autres contrats. L'affectio societatis ne constitue donc pas
tout simplement un troisième élément du contrat de société, mais un
élément fondamental de celle-ci. Ainsi, la société a trois éléments
essentiels qui sont : les apports, le partage des bénéfices et les pertes
sociétaires (la participation aux résultats sociaux) et l'affectio societatis
(intention de s'associer).

P 557 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

5.1.1.1 Les apports


Chaque associé doit participer par un apport. On entend par le mot
apport : l'opération juridique par laquelle l'associé met à la disposition de
la société, dont il est un de ses membres, des biens et droits, des
connaissances, un savoir-faire ou son travail, et il reçoit en contrepartie
des droits sociaux. Ces apports doivent être mis à la disposition de la
société dans le but principal de permettre à celle-ci de réaliser son objet
; les apports doivent servir l'intérêt social.
Selon les termes de l'article 473 du code civil, pour qu'il y ait une
société, des apports doivent être affectés à l'exploitation de l'entreprise
commune, sans apports il n'y aura donc pas de société. Il peut s'agir tout
d'abord, d'un apport en numéraire ; les associés peuvent apporter à la
société une somme d'argent, il peut s'agir ensuite, d'un apport en nature ;
les associés ont la possibilité d'apporter à la société d'autres biens que
l'argent, qu'ils soient des biens corporels ou incorporels. L'apport peut
également enfin être en industrie. L'associé peut participer dans une
société par sa seule industrie, cela veut dire, par son talent, son savoir-
faire, son habilité et son expérience (expérience technique : l'associé
apporte à la société une activité professionnelle). L'associé doit les
exercer au profit de la société. Il est à noter que cet apport a un régime
particulier ; il n'est pas pris en considération dans la détermination du
montant du capital social et en plus, cet apport n'est pas possible dans
toutes les formes juridiques sociétaires ; il est interdit dans les sociétés
anonymes et les sociétés à responsabilité limitée.

P 552 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

Les apports ont pour effet premier la constitution du capital social.


Ce dernier est formé par l'ensemble des apports affectés à l'exploitation
de l'entreprise sociétaire. Chaque associé reçoit en contrepartie de son
apport des parts ou actions sociales émises par la société bénéficiant de
l'apport. Ainsi, l'apport constitue un acte à caractère onéreux. L'associé
ne fait pas un apport gratuit à la société. Il le fait pour obtenir des droits
sociaux. L'apport est également à caractère aléatoire, car si l’associé a la
connaissance de la valeur de son apport, il ignore la valeur réelle des
droits sociaux (parts ou actions) reçues en contrepartie de cet apport.
L'apport confère à l'apporteur la qualité d’associé ; il confère à
l'associé des droits politiques et financiers. L'associé a le droit de
participer à la vie politique et économique de la société ; il a le droit
fondamental de participer aux décisions sociales collectives et le droit de
participer aux résultats sociaux (bénéfices et pertes de la société). Sans
apport, il n’y a pas de société, et il n’y a donc pas de qualité d'associé.
L'apport trace enfin la limite de l'obligation de l'associé envers la
société. Les obligations de l'associé sont intangibles ; le principe du droit
de l'associé à l'intangibilité de ses engagements sociaux interdit de
contraindre l'associé d'accepter l'augmentation de ses obligations en
l'obligeant d'augmenter son apport au cours de la vie sociale. Mais en
revanche, il ne faut pas oublier que l'obligation de l'associé envers les
tiers n'est pas dans certaines formes sociétaires limitée à la hauteur de
son apport. C'est le cas des sociétés en nom collectif ; les associés dans
cette forme de sociétés sont responsables indéfiniment des dettes

P 557 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

sociales. Au contraire, dans les sociétés par actions et les SARL, l'apport
limite les obligations des associés.
5.1.1.2 La participation et le partage des bénéfices et des
pertes
C'est le deuxième élément fondamental de la société. La recherche
et la réalisation des bénéfices constituent le but historique et essentiel de
la société. Cela permet en effet de distinguer la société des autres
groupements dont le but reste essentiellement marqué par le
désintéressement financier, comme l'association.
Chaque associé doit avoir vocation à participer aux résultats
sociaux. Cette participation prend en effet deux formes : la participation
aux bénéfices et la participation aux pertes. Chaque associé a le droit de
profiter des bénéfices réalisés par la société dont il est un de ses
membres. Cette participation positive aux résultats sociaux constitue la
contrepartie de son apport. Elle est donc un des droits et avantages
essentiels que confère la qualité d'associé. La deuxième face de la
participation aux résultats sociaux est la participation aux pertes sociales.
C'est la participation négative aux résultats sociétaires. Chaque associé
doit partager avec les autres associés les bénéfices et les pertes de la
société. Si la participation au partage des bénéfices de la société constitue
un des droits essentiels de l'associé, la participation au partage des pertes
sociales est une des obligations fondamentales qu'impose la qualité
d'associé. Le défaut de cette participation aux pertes conduit donc parfois
à l'inexistence de la qualité d'associé et par conséquent à celle de la
société.

P 560 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

Le partage des résultats de la société est, en principe, fonction de


la proportion de la participation de l'associé aux apports. Le partage se
fait alors proportionnellement aux apports. Mais ce principe n'est pas
d'ordre public. En effet, les associés peuvent prévoir une répartition
inégalitaire. Ceux-ci peuvent s'accorder d'organiser un mode de partage
inégal : un partage inégal malgré des apports égaux, un partage égal
malgré des apports inégaux. Ces clauses sont valables car ce qui est
essentiel dans ce domaine est que chaque associé doit avoir vocation à la
participation à la vie économique de la société (Participation aux
résultats sociaux). C'est-à-dire subsister pour chaque associé un espoir
de profit et un risque. En effet, il n’y a qu'une seule limite à ces
conventions : c'est la clause léonine. On entend par les clauses léonines
les clauses par lesquelles un associé peut avoir la part du lion. C'est-à-
dire, les clauses qui prévoient d'attribuer la totalité des bénéfices à un
seul associé ou celles mettant toutes les pertes à sa seule charge. Ces
clauses sont alors interdites dans le contrat de société. L'associé doit
avoir, au moins, une participation sérieuse aux résultats sociaux. C'est –
à-dire, il doit avoir une partie sérieuse des bénéfices ou subir
sérieusement une partie des risques. Ainsi, sont interdites aussi les
clauses qui aboutiront à un partage dérisoire ou fictif des résultats
sociétaires.
5.1.1.3 L'intention de s'associer (affectio societatis)835

835
V. En particulier, J. DE Bermond DE Vaulx, « Le spectre de l’affectio societatis », JCP. E. I, Etudes
et Chron. 346, P. 183, J. DE Bermond DE Vaulx, « A propos d’une conception exaltée de l’affectio
societatis », note sous CA Poitiers, 25 Mars 1992, Dr. Soc. Av. 1993, N 4, N. Reboul, « Remarques sur
une notion conceptuelle et fonctionnelle : l’affectio societatis », Rev. Soc. 2000, P. 426, Y. Guyon,
« Affectio societatis », refendu par N. Reboul, Juris. Class. Sociétés, Fasc. 20-10, 2, 2000, N 1, P. 2, N.

P 561 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

5.1.1.3.1 Notion de l'intention de s'associer


L'intention de s'associer est une notion d'origine latine qui s'appelle
l'affectio societatis. Elle désigne généralement l'intention de travailler en
commun. Cela veut dire, la volonté de tous les associés de collaborer,
d'une façon effective, dans un intérêt commun et sur un pied d'égalité, à
l’exploitation d’une entreprise commune. Chacun participe aux
bénéfices et aux pertes de la société. L'affectio societatis peut signifier
donc la participation de tous les associés dans la vie politique et
économique de la société. Autrement dit, l'intervention de tous, dans
l'intérêt commun, dans la gestion des affaires sociales.
5.1.1.3.2 Rôle de l'affectio societatis836
L'affectio societatis occupe une place importante et joue un rôle
efficace en droit des sociétés. Doctrine et jurisprudence se sont accordées
pour considérer que l'affectio societatis constitue un des éléments
importants de la société. L'affectio societatis est un élément
indispensable à l'existence de la société. Il ne serait se concevoir de
société en l'absence de cet élément constitutif du contrat de société. Son
défaut est alors incompatible avec l'existence d'une société. En effet, la
doctrine et la jurisprudence affirment que l'affectio societatis est un
élément constitutif et créatif de la société ; celle-ci ne peut voir le jour et
vivre une vie régulière sans cet élément essentiel. Son défaut, lors de la
formation de la société engendre la nullité de celle-ci. Révélateur de la

Thibierge, « De l’affectio societatis », in Liber amicorum Georges Daublon, Ed. Defrénois, 2001, P.
313.
836
V. sur ce sujet, Christophe VENZON, L’AFFECTIO SOCIETATIS, Mémoire DEA de droit des affaires,
2003, Faculté de droit, de sciences politiques et de gestion de Strasbourg, Université Robert Schuman.

P 562 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

vie sociale, l'affectio societatis constitue un moyen efficace de débusquer


les sociétés fictives, car il permet de démasquer celles-ci837. En effet, il
s'agit des sociétés que certaines personnes peuvent simulent d’y recourir,
pour faire semblant de constituer une société. Ces sociétés sont en réalité
des sociétés de façade destinées à masquer les agissements d’une seule
personne, qui a recours à des prête-noms. L'absence de toute volonté de
s'associer et l'absence de tout intérêt pour la gestion des affaires sociales
peut révéler le caractère fictif de ces sociétés.
Elément indispensable à la qualification de la société, l'affectio
societatis forme un critère distinctif de ce contrat (de société) par rapport
aux autres contrats et groupements juridiques voisins, surtout dans les
cas complexes et douteux. Elément caractéristique du contrat de société,
l'affectio societatis permet, par exemple, de distinguer ce contrat du
contrat de prêt et du contrat de travail avec participation aux bénéfices.
Sans doute, l'affectio societatis n'existe ni pour le prêteur, (qui ne
participe pas aux pertes sociales et qui n'a pas le droit de participer à la
direction et au contrôle des affaires sociales communes), ni pour
l'employé dont la position juridique est caractérisée par le lien de
subordination à l'employeur. L'affectio societatis est incompatible avec
le lien de subordination, car elle implique la participation de tous les
associés et sur un pied d'égalité aux affaires communes de la société.
L'affectio societatis permet également de distinguer la société des autres
institutions juridiques. Elle permet spécialement de distinguer la société
de l'indivision. Groupement volontaire, durable et organisée gouvernée

Comme l’affirme fort bien M. le Professeur Cozian « on en appelle à l’affectio societatis en cas de
837

doute ou de crise, c’est-à-dire dans des situations pathologiques ».

P 563 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

par l'affectio societatis, la société se distingue de l'indivision qui est un


groupement forcé, inorganisé et surtout précaire. L'affectio societatis
désignant la volonté de travailler en commun fait alors défaut dans le
cadre de l'indivision.
L'affectio societatis n'est pas seulement nécessaire lors de la
formation de la société, mais, élément durable, il doit prévaloir tout au
long de la vie sociale. Elle constitue, à cet égard, le cœur de l'être social
; son arrêt en cours de vie sociale peut causer alors la mort de la société.
L'affectio societatis ne constitue donc pas seulement un élément
organisateur et régulateur de la vie de la société, mais un élément
garantissant son existence et sa continuité. L'affectio societatis doit alors
exister tant que la société existe, élément durable, l'affectio societatis
garantit l'existence de la société et assure la stabilité et le parallélisme
des relations des associés. Car la mésentente entre les associés et le
trouble des relations entre ceux-ci peuvent engendrer la déstabilisation,
puis la mort de la société. Cela veut dire que l'affectio societatis doit
continuer durant toute la vie sociale, sa disparition en cours de celle-ci
peut conduire à la disparition de la société. L'affectio societatis constitue
donc la boussole de la société qui indique les bonnes directions des
associés et dessine les frontières que ceux-ci ne peuvent pas dépasser. Ce
principe leur impose de respecter l'intérêt commun. Chaque associé doit
respecter l'intérêt de ses coassociés et donc l'intérêt social. En
conséquence, l'affectio societatis constitue un élément indispensable non
seulement lors de la création de la société, mais durant toute sa vie et
jusqu' sa mort. Elément caractéristique de la société, il forme, d'un côté,

P 564 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

un élément constitutif, qualificatif et distinctif de la société, et de l'autre,


un élément organisateur et régulateur de la vie sociale.
5.1.2 Les conditions de forme spécifiques à la société
D'abord, il faut souligner que le contrat de société est, avant tout,
un contrat consensuel. C'est pourquoi, il doit réunir, pour sa validité,
toutes les conditions générales exigées pour la validité de tous les
contrats. Toutefois, le droit des sociétés est un droit formaliste. Il exige
pour la création de la société certaines conditions de forme. Alors, deux
conditions sont nécessaires dans ce domaine : l'écrit et la publication.
5.1.2.1 L'écrit
Le contrat de société doit être écrit. Cette exigence de l'écrit est
justifiée par la nature spécifique du contrat de société. Contrat complexe,
il contient des détails variés et importantes. Contrat à exécution
successive, le contrat de société est un contrat à longue durée ; il contient
des obligations qui s'exécutent successivement. En plus, le contrat de
société donne naissance à une personnalité morale distincte de celle de
ses membres. Cette personnalité juridique fait de la société un être
juridique social apte à acquérir des droits et à supporter des obligations.
Ainsi, l'exigence de l'écrit se présente comme étant indispensable dans
le domaine des sociétés, afin de protéger aussi bien les intérêts des parties
du contrat (les associés) que les intérêts des tiers (contractant avec la
société- créanciers). Ajoutant, en plus, que l'écrit constitue le support
indispensable et naturel de l'opération de la publication. C'est pourquoi,
le législateur a imposé la nécessité d'un contrat écrit pour prouver toutes

P 565 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

les sociétés- sauf les sociétés en participation838 . L'exigence de l'écrit ne


se limite pas à l'acte de société, mais elle est aussi exigée pour toutes les
modifications futures de cet acte. Compte tenu de l'importance de cette
exigence d'écrit, le législateur a imposé l'obligation d'organiser l'acte de
société et toutes ses modifications par un avocat, et sur sa responsabilité,
inscrit dans le registre des avocats pour une durée, d'au moins de cinq
ans839.
5.1.2.2 La publication
La publication des actes relatifs aux sociétés exige l'existence d'un
contrat écrit afin de pouvoir publier ce contrat et met les tiers en capacité
de connaître son contenu et ses détails. Ainsi, la publication du contrat
de société exige l'écrit de celui-ci, car cet écrit constitue en effet le
premier pas de la publication. La publication a alors pour objet principal
d'informer les tiers de l'existence de la société. La publication des actes
relatifs à la société est nécessaire afin que les associés puissent se tenir
de l'existence de celle-ci envers les tiers dans le cas nécessaire. La
publication exige ainsi des associés d'effectuer tous les actes juridiques
nécessaires afin d'informer officiellement les tiers de tout ce qui
concerne la société. La publication est une mesure indispensable pour
que la société puisse acquérir la personnalité morale envers les tiers 840.
A part la société en participation, le législateur a imposé, sous peine de
nullité, la publication de toutes les sociétés841.

838
Art. 17, al. 1, ord. Lég. N° 29, 2011.

839
Art. 17, al. 2, ord. Lég. N °29, 2011.
840
Art. 3, al. 1, ord. Lég. N °29, 2011.
841
Art. 4, al.1, ord. Lég. N °29, 2011.

P 566 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

Cette publication s’effectue par l'inscription, dans le registre des


sociétés, de l'acte de société, ses statuts et de toutes les informations
exigées par l'article 8842 de l’ordonnance législative, n° 29, 2011843, et
cela dans un délai d'un mois suivant la constitution de la société. La
publication de la société englobe également la publication de toutes les
modifications futures du contrat ou des informations exigées par l'article
8, de l’ordonnance législative, N °29, 2011. Ces modifications doivent
être publiées par l'inscription de celles-ci dans le registre du commerce
dans un délai de 30 jours à partir de la modification. Ainsi, cette dernière
n'est opposable aux tiers qu’à partir de sa publication844.
5.1.3 La personnalité morale de la société
La personnalité morale de la société se définit comme la capacité
de la société d'acquérir des droits et supporter des obligations. Autrement
dit, l'aptitude de la société d'être propriétaire d’un droit ou débitrice d'une
obligation. La personnalité morale fait de la société une entité juridique
capable de faire partie des relations juridiques. Dotée de la personnalité
morale, la société peut donc avoir une existence et un patrimoine propre,
elle peut contracter en son nom propre (par le biais de ses représentants
légaux).
5.1.3.1 Nature de la personnalité morale

L'article 8 de l’ordonnance législative, n° 29, 2011 dispose que " le certificat d'inscription de la
842

société ...doit contenir les informations suivantes : 1-numéros d'inscription, 2- nom de la société, 3-
forme de la société,4- sorte de la société, 5- objet de la société, 6- durée de la société, 7- capital de la
société,8- centre de la société, 9- nom des directeurs ou des membres du conseil d'administration…etc..".
843
Art. 3, al.2, ord. Lég. N °29, 2011
844
Art.3, al.3. Ord. Lég. N °29, 2011.

P 567 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

Deux théories ont apparu dans ce domaine : La théorie de la fiction


et celle de la réalité. La théorie de la fiction considère que la société ne
peut avoir la personnalité morale qu'avec une reconnaissance législative.
C'est le législateur qui dote la société de cette personnalité. La théorie de
la réalité considère, quant à elle, que la société peut avoir la personnalité
morale tant qu'elle a une existence indépendante et une volonté propre,
exprimée par ses représentants, distinctement de ses membres. Alors,
selon cette théorie, la société peut jouir de la personnalité morale, soit le
législateur a reconnu cette personnalité à la société ou non.
5.1.3.2 Acquisition par la société de la personnalité morale
La loi a doté toutes les sociétés, à l'exception des sociétés en
participation, de la personnalité morale. L’article 13, al. 1, de
l’ordonnance législative, n° 29, 2011 a prescrit que " toute société édictée
par cette loi- sauf la société en participation- acquiert la personnalité
morale à partir de sa publication (par la publicité)". Le code civil est parti
dans le même sens où il a disposé que " la société est une personne
morale par sa formation, mais cette personnalité ne peut être opposable
aux tiers qu'après la réalisation des mesures de la publication imposées
par la loi". Ce veut dire que la société ne peut avoir la personnalité
juridique qu’à partir de sa publication. Cette personnalité ne peut être
opposable aux tiers qu'après l'accomplissement des toutes les formalités
de publicité exigées par la loi845.

845
Art. 13, al. 2, ord. Lég. N °29, 2011.

P 562 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

5.1.3.3 Conséquences de l'acquisition de la personnalité


morale
La personnalité morale donne à la société une existence et une
volonté propre, distinctes de l'existence et de la volonté de ses membres.
C'est-à-dire qu'avec la personnalité morale, la société acquiert une
capacité juridique, un nom propre et surtout un patrimoine propre.
La capacité juridique de la société désigne l'aptitude de la société
d'acquérir des droits et de supporter des obligations, et la capacité de
celle-ci d'effectuer des actes juridiques. La société jouit donc d'une
capacité juridique complète, cela veut dire, une capacité de jouissance et
une capacité d'agir. La capacité juridique de la société permet à celle-ci
de pratiquer ses activités et de réaliser ses affaires afin de satisfaire à son
intérêt propre et en vue de réaliser son objet social pour lequel il a été
créé. En plus, cette capacité permet à la société d'être représentée en
justice en tant que demandeur ou défendeur. Il est à noter que cette
capacité de la société est une capacité qui lui est propre, c'est-à-dire
qu'elle est indépendante de la capacité de ses membres. En conséquence,
l'incapacité de l'un de ceux-ci (décès - faillite- ou une autre cause…), ne
peut, sauf disposition légale contraire, pas toucher l'existence et la vie de
la société.
La jouissance de la société d'un patrimoine propre, distinct du
patrimoine de ses membres, constitue une conséquence sûre et
primordiale de la personnalité morale de la société. En effet, il y a une
relation très forte entre la personnalité morale et le patrimoine propre de
la société. Ce patrimoine est lié fortement à sa personnalité. Ainsi,

P 567 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

l'inexistence de cette personnalité aboutit sûrement à l'inexistence d’un


patrimoine social propre, et c'est le cas des sociétés en participation. Les
associés dans cette société dépourvue de la personnalité morale et alors
d'un patrimoine propre, sont responsables personnellement des dettes
sociales. Alors que dans les sociétés personne morale, c'est la société
elle-même qui est responsable des dettes sociales ; les associés
contractent au nom propre de la société. Ainsi, les conséquences
juridiques de ces actes entrent directement dans le patrimoine social. Ce
dernier constitue la seule garantie ou la garantie principale des créanciers
sociaux, et cela est en effet, un des résultats principaux de la séparation
du patrimoine social du patrimoine des associés. Cette séparation fait
aussi de la société la propriétaire de tous les biens apportés à la société,
sauf en cas d'apport en jouissance. Et c'est pourquoi, on appelle ces biens
les biens sociaux, ou autrement dit le patrimoine social. Cette séparation
fait également de la société un être juridique responsable de ses
obligations y compris (et le plus spécialement) l'obligation de payer les
impôts (les impôts sociaux).
Il s'ensuit de la personnalité morale de la société, la création d'un
être juridique à une existence, une vie et surtout un nom propre distincte
des noms des associés. Cette existence impose alors la jouissance de la
société d'un nom propre. Cela veut dire que la société agit en son nom
propre et elle est représentée sous ce nom envers les tiers et devant la
justice. Le nom social est alors une appellation spécifique propre de la
société. Elle est parfois prise de son objet, et dans ce cas, on est en
présence d’un nom social. En effet, ce nom diffère selon le type (forme)

P 570 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

de la société : par exemple, dans les sociétés anonymes, ce nom est pris
de son objet avec l'addition du terme société anonyme privée ou
publique846, en plus, il est interdit que le nom de la SA soit pris du nom
de n'importe quelle personne, sauf dans le cas où l'objet de cette société
est l'investissement d'un brevet d'invention inscrit légalement au nom de
cette personne847. Il en va de même de la SARL où il faut ajouter au nom
de la société le terme : société à responsabilité limitée 848. Cette
appellation sociale peut également être prise des noms des associés ou
des noms de certains d'entre eux, et dans ce cas, on est en présence du
titre social. Ce dernier concerne les sociétés de personnes où prédomine
l'intuitu personae. En tout cas, le nom social ne doit pas être contraire
aux mœurs et à l'ordre public. Il est à noter que la société a également
une nationalité propre. Cela veut dire que la personnalité morale de la
société lui donne un état civil propre et distinct.
5.1.3.4 Intensité et limites de la personnalité morale
Le législateur a offert la personnalité morale à la société pour
réaliser son objet. Cela veut dire que la société jouit, durant toute la vie
sociétaire, de la naissance jusqu'à la mort, d'une personnalité morale
complète (absolue) afin d'effectuer tous les actes juridiques et toutes les
activités et les affaires indispensables à ce but.
En effet, la personnalité juridique de la société peut, pendant des
périodes précises de la vie sociale, être limitée. Ces périodes sont : la
période de constitution et celle de liquidation. La personnalité morale de

846
Art. 88, al. 2, ord. Lég. N °29, 2011.
Art. 88, al.1, ord. Lég. . N °29, 2011. 847
848
Art. 57, al.1, ord. Lég. N °29, 2011.

P 571 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

la société se limite ici au droit de celle-ci d'effectuer tous les actes


juridiques et économiques indispensable à la réalisation de l'objectif
social. Autrement dit, le caractère absolu de la personnalité morale de la
société se trouve limitée alors par la réalisation de l'objet sociale.
Toutefois, la personnalité morale de la société n'a pas la même intensité
durant toute la vie sociétaire. Cette personnalité juridique diffère selon
les différentes périodes de la vie sociale. Elle ne peut pas être complète
pendant toute la vie de la société, de sa naissance et jusqu'à sa mort.
La personnalité morale de la société est limitée durant la période
de la constitution de celle-ci. L'article 13, al. 2, de l’ordonnance
législative N°29, 2011, a disposé que " la société a, durant sa période de
constitution, une personnalité morale limitée aux mesures nécessaires à
sa constitution.". L'alinéa 3 du même article dispose que " tous les actes
qu’effectuent les initiateurs, au nom de la société pendant la période de
constitution entrent dans le patrimoine de la société après sa publication,
et cela à condition d’obtenir l’accord des organes sociaux concernés
quand la loi l'impose. Toutefois, les tiers ont, en cas de non publication
de la société, le droit de se tenir de sa personnalité". Alors, la personnalité
morale de la société n'a pas dans cette période (de constitution) un
caractère absolu, mais au contraire, elle est limitée. La société a, dans
cette période, une personnalité morale lui permettant d'effectuer les
mesures de sa publication et son inscription. Cela veut dire que, la société
jouit de la personnalité morale afin de réaliser seulement tous les actes
juridiques indispensables à sa naissance.

P 572 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

La personnalité morale de la société n'est pas limitée seulement


dans la période de constitution (période de naissance), mais elle l'est
également dans la période de la liquidation (période de mort). L'article
19, de l’ordonnance législative N°29, 2011, dispose que la personnalité
morale de la société demeure durant toute la période indispensable à sa
liquidation et pour les besoins de celle-ci seulement. Alors, la
personnalité morale de la société est limitée aux besoins de sa
liquidation. Cela veut dire que la société ne peut, dans cette période,
effectuer aucun acte de gestion ou d'investissement se projetant dans le
futur. La personnalité morale de la société continue alors durant cette
période, seulement pour accomplir les actes juridiques nécessaires à la
liquidation et non pas pour réaliser des activités et investissements
nouveaux. Cela veut dire que la personnalité juridique de la société
demeure spécialement pour régler la situation juridique de la société en
liquidation et cela en ce qui concerne les mesures et les besoins de la
liquidation. Car dans cette période, les directeurs de la société sont
remplacés par les liquidateurs. Ces derniers deviennent les représentants
de la société.
En somme, si la personnalité morale de la société a un caractère
absolu après sa constitution et durant sa vie, elle est portant limitée dans
cette période par l'objet social. Elle est aussi limitée dans la période de
constitution et la période de liquidation. Alors, la personnalité juridique
est limitée pour la société en constitution (période de naissance) et la
société en liquidation (période de mort).
5.2 La mort de la société : dissolution de société

P 573 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

La société prend fin par sa dissolution, on traite ainsi les cas de


dissolution et les effets de celle-ci, à savoir : la liquidation.
5.2.1 Les cas (causes) de la dissolution
Selon l'article 18, de l’ordonnance législative N°29, 2011, la société
prend fin dans les cas suivants : 1- l'expiration de la durée pour laquelle
la société a été constituée, 2- la réalisation du son objet, 3-la dissolution
consensuelle (par la volonté des associés), 4-la dissolution judicaire, 5-
la faillite de la société, 6- la fusion de la société, 7- la baisse du nombre
des associés par rapport au seuil minimum indiqué par la loi, et cela en
cas de non régularisation de la position juridique de la société durant la
période indiquée (6 mois) par le ministère compétent.
5.2.2 Les effets de la dissolution : la liquidation
La dissolution de la société entraîne la liquidation de celle-ci.
5.2.2.1 Nomination du liquidateur
Le liquidateur peut être nommé dans les statuts, mais, à défaut
d'une disposition statutaire, le liquidateur est nommé par une décision
ultérieure des associés, prise à la majorité, ou selon les règles nécessaires
(requises) pour la prise des décisions dans l'assemblée générale
ordinaire. Si les associés n'ont pas procédé à cette nomination, celle-ci
sera donc l'œuvre d'une décision judiciaire du tribunal compétent849.
5.2.2.2 Révocation du liquidateur
Le liquidateur est révoqué dans les mêmes conditions de sa
nomination. La nomination et la révocation du liquidateur, ne sont

849
Art. 20, ord. Lég. N °29, 2011.

P 574 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

opposables aux tiers, qu'à partir de la date de leur publication dans le


registre du commerce (registre des sociétés)850.
5.2.2.3 La personnalité morale limitée de la société durant la
liquidation
La liquidation limite la personnalité morale de la société. Cette
dernière a, pendant la période de la liquidation, une personnalité morale
limitée. C'est-à-dire que la personnalité morale de la société demeure
restreinte uniquement pour les besoins de l'opération de liquidation.
Ainsi, le liquidateur remplace les directeurs et devient le représentant
légal de la société. Il doit liquider l'actif existant et régler les créances de
la société. Il doit alors obtenir les droits de la société envers les tiers et
les associés, et régler ses dettes et ses obligations : il doit aussi effectuer
toutes les activités suspendues et exécuter les contrats en cours avant la
liquidation. Mais il ne peut réaliser des actes et activités nouveaux851.
Ainsi, certaines décisions sont réputées comme nulles durant la
liquidation de la société : la conclusion au nom de la société des contrats
afin de continuer l'activité de la société, la cession des parts ou actions
de la société ou n'importe quel acte ayant pour objet de diminuer les biens
de la société, à moins que celui-ci ne soit affirmée par l'accord de tous
les associés ou par l'assemblée générale de la société852.
5.2.2.4 Publication de la liquidation

850
Art. 28, ord. Lég. N °29, 2011.
851
Art. 24, N° 5, ord. Lég. N °29, 2011.
852
Art. 23, ord. Lég. N °29, 2011.

P 575 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

Les tiers doivent être informés sur la liquidation de la société. Selon


l’article 21 de l’ordonnance législative syrien N°. 29, Cette information
est effectuée par le moyen de :
- la publication de décision de la liquidation, celle de la nomination
des liquidateurs
(Qu’ils soient nommés volontairement ou par le juge), dans le
registre du commerce pendant une période de 3 jours à partir de la prise
de cette décision 853 .
- l’annonce de la liquidation de la société et les noms des
liquidateurs dans le Journal Officiel et dans deux Journaux quotidiens, et
cela durant une période d'une semaine au maximum, à partir de la date
de publication des décisions concernant la dissolution ou la nomination
des liquidateurs854.
- l'obligation de mentionner, sur tous les actes et documents
sociaux, la formule
" société en liquidation" 855.
- enfin, concernant la société anonyme, il faut informer la décision
de liquidation de la SA à la COB (commission des opérations de Bourse)
et cela durant une période de 3 jours à partir de la date de décision de la
liquidation856.

6. Conclusion

853
Art. 21, N° 1, ord. Lég. N °29, 2011.
854
Art. 21, N° 2, ord. Lég. N °29, 2011.
855
Art. 21, N° 4, ord. Lég. N °29, 2011.
856
Art. 21, N° 3, ord. Lég. N °29, 2011.

P 576 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

Au terme de cette modeste recherche, on peut dire qu’on a pu faire


un panorama bref mais général et global des différentes règles
essentielles organisant la vie sociétaire, celle-ci se représente en effet par
deux évènements majeurs à savoir : la naissance de la société et la
disparition (dissolution) de celle-ci. Ainsi, on a fait allusion au
fonctionnement des sociétés commerciales de leur naissance jusqu’à leur
mort, et tout cela selon les dispositions du nouveau droit des sociétés
commerciales syrien émané par l’ordonnance législative N°29, 2011. En
plus, on a remarqué les différentes sortes des sociétés connues en droit
des sociétés syrien, celles-ci ont été énumérées par l’article 6 de
l’ordonnance législative N°29, 2011. Ajoutons, on a mis l’accent sur les
différents types des sociétés commerciales et leurs caractéristiques
essentielles soit celles qui concernent les caractéristiques fondamentales
des types classiques des sociétés, ou celles s’attachant aux types
particuliers des sociétés qui sont en particulier la société unipersonnelle
(SU) et la société créée de fait.
Enfin, on a pu observer les importants développements du droit des
sociétés commerciales syrien, ceux-ci se traduisent en particulier par
l’adoption de la forme sociétaire unitaire qui s’appelle la société
unipersonnelle. Cette position législative positive envers cette société a
pour effet de mettre fin au regard négatif du législateur commercial
syrien envers la société unipersonnelle et de combler en même temps la
plus importante lacune du droit des sociétés syrien. La reconnaissance
législative de cette société fait du droit des sociétés syrien un droit
moderne et développé suivant ainsi les développements effectués, plus

P 577 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

ou moins, depuis longtemps dans les droits des sociétés modernes qui
s’intéressent et suivent les progrès du monde des affaires commerciales
mondiales.
Cependant, il convient de noter que le droit des sociétés
commerciales syrien se caractérise toujours, malgré son évolution, par le
retard et la stagnation par rapport aux législations commerciales
modernes. La loi syrienne ignore encore à ce jour certaines formes
sociétaires modernes, bien connues et très efficaces aujourd'hui dans le
monde des affaires et des sociétés, à savoir la société par actions
simplifiée (SAS).
Bibliographie
I- Traité et ouvrages généraux
A. Constantin, Droit des sociétés, Mémento Dalloz, 5èmeéd. 2012.
B. Alexandre , L'essentiel du droit commercial et des affaires ,
5ème éd., GAULINO, 2013-2014 .
B. Dondero, Droit des sociétés, DALLOZ ,3ème éd.2013.
B. et F. Grandguillot, L'essentiel du droit des sociétés,12ème, éd.,
GAULINO,2014.
D. Calfoun, L'essentiel du droit des sociétés, édition 3, GUALINO
Lextenso, 2022.
D. Legeais, Droit commercial et des affaires, SIREY,20ème éd.
2012.
D. Vidal, Droit des sociétés, 7ème, éd. LGDJ, 2010.
F. X. Lucas, Droit commercial, Actes de commerce- Commerçants-
Fond de commerce, Montchrestien, Focus Droit 1998.

P 572 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

France GUIRAMAND, Alain HÉRAUD, Droit des sociétés-


manuel et applications, DUNOD, éd. 2013/2014.
Houin, Rapport général sur les situations de fait, Travaux de
l'association Henri CAPITANT, T. XI, 1957.
J. Bonnard, Droit des sociétés, Hachette, éd. 2013.
L. Siné, Le petit Droit des sociétés - Les notions clés en 20 fiches ,
DUNOD, éd., 2014.
M. Cozian, A. Viandier, F. Deboissy, Droit des sociétés, éd. 14,
Litec. 2001 ; Manuel de droit des sociétés, 26ème éd. Litec (LexisNexis),
2013
M.-H. Monserrie-BON et L. Grosclaude, Droit des sociétés et des
groupements, LGDJ, 1-ème éd. 2013.
P. Didier, l'entreprise en société, T.2, PUF, 1997.
P. LE CANNU, B. DONDERO, Droit des sociétés, LGDJ,5ème éd.
2013.
P. LE Cannu, Droit des sociétés, Montchrestien, 2002.
Ph. Merle, A. Fauchon, Droit commercial- sociétés commerciales,
Précis Dalloz, 17ème, éd. 2014.
Ph. Merle, A. Fauchon, Droit commercial- sociétés commerciales,
Précis Dalloz, édition 2022-2023.
R. Contin, Droit commercial, I, les entreprises commerciales, Paris,
PUF, 1978.
Salma khaled Salma, Exclusion d'un associe dans les sociétés
commerciales à la lumière de la modification du code des sociétés
commerciales par la loi du 16 mars 2009, Maison du livre, 2013Tunis.

P 577 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

V. A. Jauffret, Droit commercial, LGDJ, éd. 24e par J. MESTRE et


M-E. TIAN- PANCRAZI, 1998.
V. Magnier, Droit des sociétés, 6ème, éd. DALLOZ 2013.
Y. Guyon, Droit des affaires, tome 1 : Droit commercial général et
sociétés, édition 12, Economica, Paris, 2003.
Y. Reinhard, Droit commercial, Actes de commerce, Commerçants,
Fond de commerce, Litec, 4eed. 1996.
II- Thèses et monographies
Alhoussari, L’autonomisation de la SAS, thèse, Université de
Rennes I. 2019. H.
C. KOERING, La règle « une action-une voix », thèse Paris I, 2000.
Ch. Venzon, L’AFFECTIO SOCIETATIS, Mémoire DEA, 2003.
Faculté de droit, de sciences politiques et
de gestion de Strasbourg, Université Robert Schuman.
J. Paillusseau, La société anonyme, Technique d´organisation de
l'entreprise, th. Paris, 1967.
III- Chroniques, articles, notes et conclusions et observations de
jurisprudence
B. Jadaud, « Société en participation et sociétés et créées de fait »,
J.C. sociétés, Fas. 44-F, n° 7.
C. Cujatar, " De l'EURL à la SASU ou du big bang à la
transfiguration du concept de société par l'unipersonnalité ", Petites
Affiches, 2000, n. 185, P.52.

P 520 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

D. Vallete, " Contexte et méthode de l'adoption du nouveau régime


de la société par actions simplifiée (Art. 3 de la loi du 12 juillet 1999),
présentation du dispositif", Rev. Sociétés. Av. juin. 2000, P.215.
F. Lucas, '' La société dite créée de fait'', Mél., GUYON, Dalloz,
2003, P. 737.
F. Zenati, "Législation Française et communautaire en matière de
droit privé, commentaire de la loi du 11 Janvier 1985 ", Rev. Trim. Dr.
Civ. 1985, p. 77.
G. Gibirila, note sous Cass., Com., 16 juin 1998, Defrénois, 1999,
art., 36959.
I. Pilard, Droit des affaires : définition simple, études et débouchés,
JDN, 2023.
J. M. Bermond DE Vaultx, '' L'empire des faits et l'émergence de la
notion de société '', D. 1996, chron. P.185 ; « A propos d’une conception
exaltée de l’affectio societatis », note sous CA Poitiers, 25 Mars 1992,
Dr. Soc. Av. 1993, N 4 ; « Le spectre de l’affectio societatis », JCP. E.
I, Etudes et Chron. 346, P. 183.
J. Paillusseau, " Le droit moderne de la personnalité morale",
R.T.D. Civ. 1993, P.705.
J. Paillusseau, “ La nouvelle société par actions simplifiée-Le big
bang du droit des sociétés (suite)", art. Dalloz ff. n. 176, 30 sep. 1999, p.
1385 ; " La nouvelle société par actions simplifiée-Le big bang du droit
des sociétés (1er partie)", art. Dalloz Aff. n. 175, 23 sep. 1999, p. 1354.
J. Vallansan, et E. Morvieux, « Société en participation et société
créée de fait », GLN Joly, coll. Pratique des affaires, 1996.

P 521 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

J.J. Daigre, note sous CA., Versailles 17 mars 2000, Bull., Joly
2000, P. 874.
M. Gaudemaris, '' Théorie de l'apparence et sociétés'', Rev., soc.
1991, P. 465.
M. Raimon, « Les sociétés non immatriculées et l'engagement des
associes vis à vis des tiers », Gaz., Pal., 21 déc. 2000.
N. Reboul, « Remarques sur une notion conceptuelle et
fonctionnelle : l’affectio societatis », Rev. Soc. 2000, P. 426.
N. Thibierge, « De l’affectio societatis », in Liber amicorum
Georges Daublon, Ed. Defrénois, 2001, P. 313.
P. Le Cannu, " La SAS pour tous (loi n. 99-587, 12 juillet 1999, art.
3)", chron. 198, Bull. july, soc. Août -sep. 1999, p.841; obs. sous Cass.
Com. 4 oct. 1994, D. 1995, P. 465, Defrénois 1995, P. 249.
R. Dalmau, Du bon usage des clauses d’exclusion dans les SAS –
A propos de décisions récentes, Option Finance, 2023, N. 1700.
Randoux, " Le droit des sociétés à la recherche d’un nécessaire
équilibre, Rev. Soc. 2000, P.105.
Savatier, note sous Trib., civ., Seine, 3 mai 1922, DP., 1924, 209.
Y. Chartier, '' La société dans le code civil après la loi du 4 jan.
1978'', JCP. G. 1978, n° 410.
Y. Guyon, « Affectio societatis », refendu par N. REBOUL, Juris.
Class. Sociétés, Fasc. 20-10, 2, 2000, N 1, P. 2.

P 522 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

L'interception entre l'intelligence Artificielle et le


régime juridique des affaires
L'interception entre l'Intelligence Artificielle et le régime
juridique des affaires. L'intelligence artificielle (IA) est un
processus d'imitation de l'intelligence humaine qui repose sur la
création et l'application d'algorithmes exécutés dans un
environnement informatique dynamique. Son but est de permettre
à des ordinateurs de penser et d'agir comme des êtres humains" 857.
Aujourd'hui, l'Intelligence Artificielle touche quasiment tous
les domaines de la vie quotidienne, parmi lesquels, on trouve le
domaine juridique qui est influencé par cette nouvelle technologie.
Cette dernière qui vise à faciliter les opérations complexes, par le
biais de collecte et traitement des données, ces données sont traitées
d'une manière quotidienne sans intervention humaine, qui se limite
dans la phase de programmation. Cette dernière qui permette à l'IA
de savoir et comprendre tout le processus.
En conséquence, le régime juridique des affaires est l'un de
ces domaines où l'IA peut jouer un rôle très important dans son
développement.

857
https://www.netapp.com/fr/artificial-intelligence/what-is-artificial- intelligence/#.text-
L'intelligence%20artificielle %20 (1A), agir%20comme%20des%20%C3%AAtres%20humains. & text-
Des%20syst%C3%A8mes%20informatiques (Consulté le 02/11/2021)

P 523 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

Le droit des affaires est une matière très vague, c'est pour cette
raison qu'une délimitation sera nécessaire.
Cependant, le monde des affaires est un monde basé sur des
réglementations bien précises où le législateur à essayer de tout
réglementer, afin d'assurer une bonne exploitation des entreprises
ainsi une protection de toutes les parties de ce monde en amont, les
commerçants personnes morales ou physiques, en aval, les
consommateurs autant qu'une partie faible dans le domaine tout ça
par le biais du contrat qui est le seul outil de toute les relations.
Ainsi, en analysant le marché, nous constatons que c'est un
jeu très dur, où toute faute peut être fatale, et par conséquent,
l'expulsion du jeu. Le marché est très compétitif, où les entreprises
sont appelées à suivre le rythme dès leurs pénétrations sous peine
d'être sanctionnées soit par les concurrents ou les consommateurs.
D'ailleurs, c’est pour ces raisons que le contrat peut être
considéré comme le pédale des affaires, alors que la concurrence
comme le moteur des affaires.
Nous allons essayer de mettre en œuvre la relation entre l'IA
et le contrat, pour aller vers l'impact de l'IA sur la compétitivité du
marché
 Le contrat vecteur essentielle pour l'Intelligence
Artificielle

P 524 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

Le contrat est vecteur essentielle pour l'IA, le phénomène


contractuel se complexifie, le modèle contractuel évolue et le
support se digitalise858
D’ailleurs, le contrat est considéré comme la pierre angulaire
de droit des affaires, on le trouve partout, toute opération
économique nécessite une relation contractuelle, toute les relations
dans le monde des affaires sont des contrats : le transport, la
distribution, la consommation... même la société commerciale qui
est base de monde des affaires est définie comme un contrat859.
Cependant, personne ne peut nier l'importance de temps dans
le monde des affaires « Time is money», de ce fait, le contrat
présente un enjeu économique puisqu'il est chronographe en raison
de plusieurs actes répétitifs et sans valeur ajoutée. C'est pour cette
raison que l'IA présentera un avantage en facilitant le contrôle de
compatibilité, de normativité et d'efficacité.
Dans ce contexte, la question qui se pose : qu'est-ce que l'IA
pourrait apporter au contrat ? Pour y répondre, nous allons faire une
analyse de l'application de l'IA dans le contrat comme étant un
acteur dans la relation contractuelle, mais aussi pour analyser la
réaction des parties de contrat quand l'IA sera l'objet de la relation
contractuelle.

858 Mostapha MEKKI, « Intelligence Artificielle et Contrat(s) », in Droit de l'Intelligence Artificielle, ouvrage collectif

sous la direction de Alexandra BENSAMOUN et Grégoire LOISEAU, LGDJ, 2019, P : 134.


859 Art 982 du DOC

P 525 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

Chapitre 1 : L’Intelligence Artificielle lors de processus de


contrat
On constate que, l’Intelligence Artificielle n'est plus une
simple technologie en développement perpétuel, mais plutôt un
acteur principal dans le quotidien du monde des affaires, y compris
le contrat.
Section 1 : Omniprésence d’une procédure circulaire,
multilatérale
En effet, personne ne peut nier l'importance stratégique de la
phase précontractuelle, celle de conclusion de contrat, car « un
contrat bien négocié c'est un contrat qui dure longtemps », ainsi le
contrat est un pari sur l'avenir qui constitue donne une source de
risques860 pourront nuire la relation contractuelle entre les parties
de contrats.
La conclusion du contrat suppose la réunion d'une offre et
d'une acceptation. L'offre est une proposition de contracter parce
que la rencontre de cette offre et d'une acceptation permet la
formation du contrat".
Au moment de la conclusion de contrat, nombreux acteurs
peuvent intervenir, plusieurs informations sont nécessaires dans
l'exécution (formalités, mentions, délais, modalités des paiements,
dates...ete.) doivent être respectés à peine de déchéance. Ainsi
l'inflation normative et l'enflure contractuelle rendent la conclusion
de contrat plus difficile.

860 Mustapha MEKKI, « Intelligence Artificielle et Contrat(s) » Op.cit., P: 140

P 526 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

Afin de réussir cette phase, dans un délai logique et avec une


certaine performance, l'Intelligence Artificielle peut intervenir,
puisqu'elle présente plusieurs avantages :
- Fonctionnement plus rapide qu'un esprit humain ;
- Combinaison des données plus que les bons juristes ;
Permission de l'interopérabilité entre différents registres
numériques ;
- Réduction de la distance entre les parties prenantes et les
tiers intervenants ;
- Renforcement de l'intégrité et la compatibilité des
documents et des données échangés
- Permission d'une liberté contractuelle grâce à une grande
transparence.
 Vers une procédure circulaire
Traditionnellement, le processus contractuel se présente de
manière linéaire", dans les opérations plus complexes, cet échange
est précédé par des pourparlers et de la conclusion de plusieurs
contrats préparatoires861
Le processus de conclusion du contrat devient plus
collaboratif, plus participatif et passé d'une procédure moins
linéaire à une procédure circulaire.
L'IA vient pour aider les professionnels de droit dans la
rédaction des contrats, grâce à des outils numérique, I'IA garanti

861 Mustapha MEKKI, « Intelligence Artificielle et Contrat(s) » Op.cit., P : 140

P 527 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

une meilleure accessibilité et une meilleure compréhensibilité du


droit862
Au sein des entreprises, la rédaction des contrats est dédiée
aux juristes, ainsi, elle peut être attribuée à des professionnels de
droit tel que les notaires et les avocats, ou des professionnels des
chiffres tels que les experts comptables863.
Aujourd'hui avec la propagation de la numérisation renforcée
par l'IA, d'autres intervenants sont apparus avec le développement
de < Legal techs >864 qui mettent à la disposition des parties des
logiciels permettant de rédiger des actes simples et sans l'assistance
d'un juriste professionnel
Les Legal techs proposent la réalisation avec le client d'un
acte basique respectant des modèles prédéterminés, c'est-à-dire
mettre le client au centre de la rédaction865.
Mais la question qui se pose c'est : quel est le sort des juristes
rédacteurs devant cette propagation des Legal techs ?

862 La procédure linéaire classique est la rencontre d'une offre et d'une acceptation, son objectif fondamental est

l'existence d'un consentement libre et éclairé pour un exercice plein et entier de la liberté contractuelle.
863 Accord de principe : Accord de différentes personnes s'engageant à concourir de bonne foi pour l'élaboration

d'un contrat dont le cadre est fixé dès l'origine et dont les conditions restent à déterminer
Accord partiel : accord intervenant sur des éléments distincts du contrat envisage.
864 Mustapha MEKKI, « Intelligence Artificielle et Contrat(s) » Op.cit., P : 141

865 Une legal tech est un Legal Technology, anglicisme signifiant « technologie juridique ». Ces legaltechs ont vu le

jour aux Etats-Unis avec l'apparition de RocketLawyer et Legalzoom qui sont venues bouleverser les pratiques
traditionnelles des praticiens du droit. Elles permettent, en faisant usage de la technologie et de logiciels
performants, d'offrir une large palette de services juridiques aux internautes grâce à des algorithmes de génération
documentaire. Le but poursuivi par ces legaltechs est d'automatiser le service juridique et donc d'instaurer de cette
manière une nouvelle relation entre le client et le professionnel du droit

P 522 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

D’après, le professeur Mustapha MEKKI : [L'avenir se situe


davantage dans une collaboration que dans une disruption... Les
raisons sont légion :
- La loi exige encore l'élaboration d'actes authentiques qui
ne peuvent être réalisé que par les officiers publics et ministériels.
- Les Legal techs ne peuvent pour l'instant réaliser que des
actes simples.
- Enfin comment concilier des Legal techs avec le devoir
de conseil qui pèse sur les rédacteurs d’actes ? qui devra répondre
des logues éventuels du logiciel ?]866
Cela veut dire que l'IA n'est toujours pas aussi intelligente afin
de remplacer définitivement les juristes personnes physiques.
 Vers une procédure multilatérale
Selon l'intervention de l'IA et le développement des outils
numérique nous sommes passés d'un processus contractuel
classique qui s'intéresse aux contractants et cocontractants, vers un
nouveau processus dont plusieurs acteurs peuvent intervenir, dans
ce cas nous parlons d'un processus multilatéral,
Si on prend l'exemple d'une plateforme numérique sécurisée
par une blockchain, nombreuses parties prenantes et tiers
intervenants ont un rôle à jouer dans ce processus, outre les parties
du contrat :

866 Mustapha MEKKI, « Intelligence Artificielle et Contrat(s) » Op.cit., P : 141

P 527 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

- Diagnostiqueurs ;
- Titulaires de droit de priorité ;
- Administrations ;
- Différents organismes...
Cependant, grâce aux plateformes numériques sécurisées, et
avec la technologie de blockchain ainsi que la gestion par IIA, la
mise en place de différents registres qui se digitalisent sera possible
et importante, de même, les erreurs et les incohérences seraient
immédiatement corrigées867
Il faut mettre l'accent sur que la blockchain est un grand livre
de comptes ouverts et accessible à tous en écriture et en lecture,
partagé sur un grand nombre d'ordinateurs à travers le monde.
Il s'agit d'un logiciel qui stocke et transfère de la valeur ou
des données via internet, de façon transparente, sécurisée et sans
organe central de contrôle868.
Développée à partir de 2008, la blockchain est en premier lieu
une technologie de stockage et de transmission d'informations.
Cette technologie offre de hauts standards de transparence et de
sécurité car elle fonctionne sans organe central de contrôle. Plus
concrètement, la blockchain permet à ses utilisateurs - connectés
en réseau de partager des données sans intermédiaires869.
 Vers une gestion de risque à méditer

867 Mustapha MEKKI, « Intelligence Artificielle et Contrat(s) », Op.cit., P : 144


868
Mohamed AININE, Les blockchains en droit des sociétés (Enjeux et perspectives) » mémoire pour l'obtention de
master en Droit Privé, sous la direction de Pr. Bouchta ALOUI, soutenu en 2020, a FSJES FES/ Maroc, P:8.
869 https://www.economie.gouv.fr/entreprises/blockchain-definition-avantage-utilisation-application#(Consulte le

21/07/2021)

P 570 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

Inflation normative, instabilité et globalisation de droit, forte


spécialisation des droits et de nette tendance à l'enflure des
contenus contractuels... etc. panorama des principaux risques qui
rend la conclusion d'un contrat dangereux et complexe870.
En ce sens la valeur ajoutée de l'IA réside dans une gestion
des risques inhérents à toute conclusion d'un contrat, par le biais
d'un espace de discussion transparent, interactif et sécurisé.
Le Big data871 aide à une numérisation des registres, des
documents et des actes, il optimise le rôle de l'IA, selon le
Professeur Mustapha MEKKI : [L’IA devient notamment un
partenaire précieux des parties et/ou de leurs conseils], car grâce à
l'IA, il est possible de détecter l'incompatibilité des clauses avec les
normes en vigueurs, ainsi la diminution des risques de passer à côté
d'une information déterminante, ou d'avoir des stipulations
contradictoires ou incohérentes.
Les Legal techs rendent transparent un niveau de réalité qui
était jusqu'à présent inaccessible872.
Mais la question qui se pose, comment l'IA peut réussir la
gestion contractuelle ? D'après l'HYPERLEX873 plusieurs LA sont

870 Mustapha MEKKI, « Intelligence Artificielle et Contrat(s) », Op.cit., P : 146

* désigne les ressources d'informations dont les caractéristiques en termes de volume, de vélociste et de variété
imposent l'utilisation de technologies et de méthodes analytiques particulières pour générer de la valeur, et qui
dépassent en général les capacités d'une seule et unique machine et nécessitent des traitements parallélisés.
871
Mustapha MEKKI, « Intelligence Artificielle et Contrat(s) », Op.cit., P:147
872 Antoine GARAPON, « les enjeux de la justice prédictive », La semaine juridique, LexisNexis, N" 1 et 2, 2017, P:

49.
873 Cette Legal techs connue pour analyser et procéder à la classification des archives, ainsi la rédaction des contrats

pour ses clients.

P 571 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

mises à contribution dans les traitements des outils de gestion


contractuelle874.
I y a tout d'abord la reconnaissance d'éléments visuels (OCR)
: les documents scannés, même anciens, vont pouvoir être traités
par la plateforme. La machine va être capable de lire l'image et d'en
reconnaître les caractères, tampons, signatures... L'OCR vient
proposer un texte nouvelle version : modifiable, re copiable...
Ensuite L'IA reconnait le type de contrat en fonction de son
ensemble de mots clés (même sans titre). Puis L’IA reconnaît
également si le document contient des blocs de texte, des clauses
contractuelles... L'IA est capable de reconnaître la présence d'une
clause d'obligation contractuelle et pourra l'extraire pour faciliter la
recherche des éléments dans un contrat.
Et enfin L'IA va pouvoir reconnaître les éléments clés dans
les contrats : les dates, les montants, les durées, les contreparties,
les noms de sociétés... etc.
 Le rôle de l’Intelligence Artificielle a l’occasion de
l’exécution de contrat
En effet, le commerce électronique ou le E-commerce
constitue aujourd'hui le quotidien de la vie des affaires, il valide les
transactions commerciales sans contact physique, il facilite les
relations commerciales entre le fournisseur et le consommateur.
La validation des transactions commerciales sont faites par le
biais de l'IA, des applications de l'intelligence artificielle peuvent

874
Livre Blanc, & comment gérer vos contrats à l'aide de l'intelligence artificielle ?», Hyperlex, P: 16 et 17.

P 572 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

être paramétrées pour intervenir de manière automatisée, voire


autonome, lors de la conclusion d'un contrat comme suit875 :
- Lorsque le client valide sa commande, l'IA confirme la
commande d'une manière automatisée sans l'intervention du
vendeur
- Le système valide toute commande qui réunit les
diverses conditions (informations complètes, disponibilité en
stock, paiement validé... etc.)
- Ainsi les stocks peuvent être gérer par l'IA, de manière à
commander directement auprès des fournisseurs habituels les
produits manquants.
Cette technologie présente des facilités pratiques, surtout que
le domaine des affaires est caractérisé par la rapidité « le temps c'est
de l'argent », mais ça n'empêche pas de présenter des critiques sur
cette intelligence.
D’après, l'article 19 du DOC dispose que « La convention
n'est parfaite que par l'accord des parties sur les éléments essentiels
de l'obligation, ainsi que sur toutes les autres clauses licites que les
parties considèrent comme essentielles. », donc c'est une condition
de fond primordiale.

875 Ces trois dernières années, le Maroc a été particulièrement prolifique en termes d'E-commerce. En 2018, le

Royaume a occupé là Se place en Afrique en termes d'E-commerce selon l'indice du commerce électronique
d'entreprise à consommateur (B2C) de la Conférence des Nations unies sur le commerce et le développement
(CNUCED). Si en Afrique le Maroc se hisse au 5e rang derrière d'autres pays comme le Nigeria et l'Afrique du Sud en
matière de taille de marché de l'E-commerce, il est passé de la 85e à la 81e place sur 151 pays évalués au niveau
mondial. Ce rapport de la CNUCED se base sur le nombre d'acheteurs en ligne, le niveau de sécurité des serveurs et
la facilité de paiement et de livraison.... Selon les statistiques de Maroc Télécommerce, entre 800 et 1000 sites d'E-
commerce sont actifs dans le Royaume (et proposant le paiement par carte bancaire), et près de 500 sites e-
commerce ont été créés au Maroc en 2019 dont 300 ont effectivement démarré leur activité cette même année.
Voir https://www.energiedin.ma/e-commerce-maroc/ (Consulté le 22/07/2021)

P 573 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

L'exploitation d'une application d'intelligence artificielle


pourrait prétendre qu'il n'a pas, formellement, donné son
consentement. En l'absence de convention valablement formée, il
refuserait alors d'assumer les obligations qui en résultent dans son
chef876 .
Par contre, des discussions pourraient survenir plus
fréquemment lorsque l'application d'IA procède à la conclusion du
contrat de manière autonome, en exploitant toute donnée à sa
disposition, et en s'appuyant sur son expérience avec un système de
type Machine Learning l'exploitant du système pourrait
ultérieurement se plaindre du choix ainsi réalisé (cocontractant
incapable d'exécuter correctement le contrat), et contester la
validité du contrat conclu.
Pour y répondre, la CNUDCI par le biais de la Convention
Des Nations Unies sur l'utilisation de communications
électroniques dans les contrats internationaux de New-York 2005
(adoptée le 23 novembre 2005 et entrée en vigueur le 1" mars
2013), traite l'utilisation de système de messageries automatisées
pour la formation des contrats.
Selon ladite convention, le système de messagerie automatisé
désigne : « Un programme informatique, un moyen électronique ou
un autre moyen automatisé utilisé pour entreprendre une action ou
pour répondre en tout ou en partie à des messages de données ou à

876 Hervé JACKIMEN Aspects contractuelles et de responsabilité civile en matière de IIA », in L'intelligence artificielle

et le droit, ouvrage collectif sous la coordination d'Hervé JACQUEMIN et Alexandre DE STREEL, Larcier, Bruxelles,
2017, P: 104.

P 574 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

des opérations, sans intervention ou contrôle d'une personne


physique à chaque action entreprise ou réponse produite ».
D’ailleurs, la note explicative de la CNUDCI pointe l'absence
d'intervention humaine comme élément caractérisant l'opération.
Quant à la formation des contrats, l'art 12 de la convention dispose
que : « La validité ou la force exécutoire d'un contrat formé par
l'interaction d'un système de messagerie automatisé et d'une
personne physique, ou bien par l'interaction de systèmes de
messagerie automatisés, ne peuvent être contestées au seul motif
qu'une personne physique n'est pas intervenue ou n'a pas contrôlé
chacune des opérations exécutées par les systèmes ni le contrat qui
en résulte877. »
Selon les professeurs Hervé JACQUEMIN et Jean-Benoît
HUBIN : (... Une proposition législative plus ambitieuse pourrait
être faite. Elle devrait en effet inclure plus clairement les systèmes
autonomes" (et pas seulement automatisés), tout en fixant des
critères pour attribuer les actions posées par l'intelligence
Artificielle à une personne physiques)878.

877 L'article 12 de la Convention énonce une règle de non-discrimination visant à préciser que, pour une opération

donnée, l'absence de contrôle ou d'intervention par un humain n'empêche pas en soi la formation d'un contrat.
Ainsi, si un contrat peut être invalidé pour un certain nombre d'autres raisons en vertu du droit interne, le seul tait
qu'un système de messagerie automatisé a été utilisé aux fins de sa formation ne le prive pas de sa valeur légale, de
sa validité ou de sa force exécutoire. Voir la Convention Des Nations Unies sur l'utilisation de communications
électroniques dans les contrats internationaux de New-York 2005, P : 74.
878 Actuellement, l'attribution des actions d'un système de messagerie automatise a une personne physique ou

morale se fonde sur le principe qu'un tel système ne peut fonctionner que dans les limites techniques prédéfinies
lors de sa programmation. Touetois, on peut envisager, au moins en théorie, que seront mises au point à l'avenir
des générations de systèmes d'information automatisés capables d'agir de façon autonome et pas simplement de
façon automatique. Ainsi, grâce aux progrès de l'intelligence artificielle, un ordinateur pourra être capable de tirer
des leçons de l'expérience, modifier les instructions de ses propres programmes et même concevoir de nouvelles
instructions. Voir la Convention Des Nations Unies sur l'utilisation de communications électroniques dans les
contrats internationaux de New-York 2005, P:74.

P 575 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

Section 2 : Assurer une bonne exécution de contrat


Quand des parties concluent un contrat, c'est pour qu'il soit
exécuté. L'exécution est donc. Un moment important de la vie du
contrat, en effet aux termes de l'art 230 du DOC : « Les obligations
contractuelles valablement formées tiennent lieu de loi à ceux qui
les ont faites, et ne peuvent être révoquées que de leur
consentement mutuel ou dans les cas prévus par la loi. »
Ce texte pose le principe de la force obligatoire des contrats
passés entre les personnes. Le contrat est donc la loi des parties, à
condition, toutefois, qu'il ait été régulièrement formé. En vertu de
ce principe, les parties sont tenues d'exécuter l'arrangement
contractuel qu'elles ont négocié, De même, elles ne peuvent pas
modifier unilatéralement le contrat.
De même les services que l'IA peut rendre au contrat sont
souvent rattachés à la phase d'exécution, cette phase qui peut être
la source de plusieurs risques tels que le retard dans l'exécution,
mauvais acheminement de documents ou de marchandises,
mauvaise volonté du débiteur, ou même le non-respect des délais...
etc. les outils numériques pourvus d'une intelligence artificielle
pourraient réduire cette part des risques.
D’ailleurs, le thème des smart contrats oscille entre virtualités
et fantasmes. Il fait partie de ces sujets qui obligent le juriste à faire
preuve d'imagination en privilégiant une approche spéculative au

P 576 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

détriment d'une approche descriptive. Les juristes doivent


cependant appréhender une technologie, celle des smart contrats
rattachés aux blockchains, qui prétend à terme se passer de leurs
services.
Les entreprises et les rédacteurs d'actes sont confrontés à
l'existence de contrats qui s'inscrivent dans la durée pour lesquels
des échéances doivent être respectées, des délais honorés, des actes
délivrés, des obligations exécutés... etc. le nombre de ces
opérations, sans valeur ajoutée juridique et ne nécessitant pas une
expertise spéciale, pouvant avoir des conséquences préjudiciables
si elles ne sont pas accomplies.
Pour limiter ce risque, le smart contrat peut automatiser
certaines de ces opérations en limitant la part de l'humain.
Le cas de smart contrat et l’exécution du contrat
L'expression smart contrat apparait pour la première fois en
1996, sous la plume de l'informaticien Nick SZABO. Ces contrats
sont définis comme suit: « New institutions, and new ways to
formalize the relationships that make up these institutions, are now
made possible by the digital revolution. I call these new contracts
"smart", because they are far more functional than their inanimate
paper-based ancestors. No use of artificial intelligence is implied
A smart contract is a set of promises, specified in digital form,

P 577 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

including protocols within which the parties perform on these


promises879.
Son idée de départ était de proposer un système permettant à
des personnes qui ne se connaissent pas de conclure des
transactions en toute sécurité880.
Le fait que les contrats de papier soient présentés comme les
ancêtres des contrats « intelligents » est susceptible d'être mal
interprété. On pourrait croire qu'il s'agit de remplacer un objet
juridique par un autre. En réalité, Nick SZABO ne se soucie
nullement d'établir sa réflexion à l'intérieur des limites du droit. Si
les concepts juridiques ne peuvent être entièrement écartés de son
analyse, c'est parce qu'il serait long coûteux de repenser
l'organisation sociale à partir de rien : il faut donc selon lui
s'inspirer du droit comme système de régulation pour bâtir un ordre
normatif distinct, plus puissant et plus efficace881.
Le Smart contrat n'est pas à proprement parler un contrat
intelligent. Ce n'est pas un contrat, mais un protocole informatique
qui automatise certains faits ou certains actes, ce n'est pas un
contrat intelligent car le programme ne fait que ce que le
programmeur a prévu qu'il fasse.

879 NICK SZABO, "Smart Contrats : Building Blocks for Digital Markets publié Sur le site
https://www.ton.hum.uva.n//rob/Courses/InformationinSpeech/CDROM/Literature/L01winterschool2006/szabo
best.vwh.net/smart contrats 2.html (Consulté le 23/07/2021)
880
Mustapha MEKKI, Intelligence Artificielle et Contrat(s) », Op.cit., P : 158.
881 Emmanuel NETTER, « Droit et numérique », publié sur le site : https://enetter.fr/le-contrat/section-1-droit-

commun-des-contrats/ii-lideal-de-rigueur-dans-lexecution-des-contrats/#note-7Consultéle23/07/2021)

P 572 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

Cependant, le smart contrat aujourd'hui ne gère ni l'imprévu


ni l'imprévision, il s'agit d'un simple algorithme de gestion des
opérations contractuelles. Toutefois, avec le développement de
l'intelligence artificielle, pourraient permettre demain de parler
réellement de contrat intelligent882.
En effet, il est important de mentionner que si les smart
contrats peuvent être conclus sur la base de la manifestation de
volonté des parties contractantes, ainsi les autres conditions sine
qua non qui sont exigés par l'article 2 du DOC. En un mot, les
contrats intelligents (smart contrats) sont des contrats soumis au
DOC, même si la majorité de la doctrine anglaise et française les
dénomment en tant que des programmes et la différence est
immense entre les deux dénominations. En d'autres termes, le smart
contrat ou contrat intelligent nécessite pour sa validité
l'accomplissement de tous les éléments essentiels du contrat, tel la
capacité, la déclaration de la volonté, objet licite et une cause
licite883.
A noter que, le smart contrat a pour raison d'automatiser
certaines tâches sans intervention d'un tiers. Le smart contrat peut
ainsi servir à automatiser l'exécution progressive d'un contrat sans
intervention humaine.
Le smart contrat intervient dans l'exécution de plusieurs types
de contrats tel que :

882 Par exemple : Si l'état de catastrophe naturelle est établi, alors une indemnité est automatiquement versée sur

un compte courant classique ou en bitcoin


883
Gaetan Guerlain, « Considérations sur les smart contrats », Dalloz IP/1T 2017, P : 512.

P 577 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

 La vente d'immeuble en l'état futur d'achèvement884


Le prix est payé de manière échelonnée, selon un
échelonnement imposé par les parties885. L'échelonnement repose
sur l'état d'avancement des travaux886. Le smart contrat pourrait
servir à relier en temps réel état d'avancement des travaux et
échelonnement dans le payement du prix.
Il suffirait que l'état d'avancement des travaux soit établi, ce
qui entraînera automatiquement libération des fonds soit par des
crypto-monnaie ou d'un virement sur un compte en banque
classique.
 Droit d'auteur
La blockchain et le smart contrat, alliés à l'IA, sont très utiles
pour assurer une mise en valeur au plus juste et en temps réel des
droits d'auteur. On pense en particulier à la production musicale.
Imaginons sur une blockchain un ensemble d'œuvres musicales
enregistrées. Pour chaque écoute, l'auteur se voit attribuer une
rémunération en temps réel et sur mesure. Les droits payés
correspondraient au temps réel d'écoute (10 secondes, une minute
ou la totalité de la chanson...) avec un paiement en crypto-monnaie
ou en monnaie légale, sans passer par un intermédiaire887.
 Droit des sociétés

884
Hassan ESSOUSSI, « Les smart contrats américains, un nouveau paradigme contractuel »> N°5, 2020, P :176
885
Loi n"107-12 promulguée par le Dahir n°1-16-05 du 23 rabil II 1437 (3 février 2016) modifiant et complétant la loi n°44-00
relative à la vente d'immeuble en l'état futur d'achèvement complétant le dahir du 9 ramadan 1331 (12 août 1913) formant code
des obligations et des contrats
886
Article 618-3 bis al 7 de la loi 107-12
887
Article 618-1 loi 107-12 ; ... en contrepartie d'un prix à payer par ce dernier, au tur et à mesure de l'avancement des travaux »

P 600 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

Les pactes d'actionnaires, pour la mise en œuvre d'un droit de


préemption ou de préférence, peuvent utiliser la technologie des
smart contrats. L'organisation d'une société dans sa globalité peut
s'appuyer sur une série de smart contrat pour le versement par
exemple des dividendes.
D’ailleurs, on peut même dans ce dernier cas envisager une
société entièrement algorithme par un réseau de smart contrat tel
que les Decentralized Autonomous Organizations888 (DAO).
Si ces applications nécessitent une adaptation des textes, et
d'améliorer encore la performance de l'IA, elles montrent comment
la technologie blockchain et des smart contrats peut amener le
législateur à repenser le mode de fonctionnement et la
configuration de certaines sûretés et garanties. Dans l'immédiat,
tout est une question d'imagination car le champ des possibles est
relativement large889.
Les traces limitant l'automatisation
La théorie est toujours parfaite mais la pratique ne l'est pas, le
smart contrat ne s'est pas substitué au contrat, il est jusqu'à
maintenant un moyen afin d'optimiser l'exécution, c'est pourquoi
ce smart contrat est la source de nouveaux risques qui doivent être
encadré par un ensemble de clauses contractuelles.
La question de la gestion de l'imprévisible

888
Une Decentralized Autonomous Organization (DAO ou en français << Organisation Autonome Décentralisée>>) est une
organisation fonctionnant grâce à un ensemble de smart contrat qui établissent et fournissent des règles de gouvernance à une
organisation. Ces règles sont transparentes et immuables car inscrites dans un réseau blockchain, une technologie de stockage et
de transmission d'informations, transparente, sécurisée, et fonctionnant sans organe central de contrôle
889
Mustapha MEKKI, « Intelligence Artificielle et Contrat(s) », Op.cit., P : 159.

P 601 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

Cependant, les clauses de contrat890 doivent gérer


l'imprévisible. Par conséquent, l'imprévisibilité de la force
majeure891 tel le cas de la propagation du COVID-19 ne peut pas
être smart contractualisée.
Cette affirmation doit être doublement relativisée :
- D'une part, l'intelligence artificielle, notamment les
systèmes de Deep Learning, devrait à l'avenir permettre d'intégrer
une part d'imprévu.
- D'autre part, s'il n'est pas pour l'instant possible pour un
smart contrat de gérer cet imprévu, une clause contractuelle peut
cependant prévoir qu'un tel événement imprévisible,
Constaté par un tiers et dont l'existence est intégrée à la
blockchain, entraînera le déclenchement d'un autre smart contrat
venant contrecarrer le fonctionnement du premier892.
D'après le professeur Mustapha MEKKI, Les clauses
contractuelles joueront un rôle indispensable dans la gestion de
risque de l'imprévision, tel que :
- La clause de force majeure, qui va prévoir les conditions de
de force majeure et ses effets :
- Des clauses de renégociation sont également nécessaires
dans un domaine où les technologies évoluent très vite. Les parties
doivent pouvoir adapter rapidement leur contrat.
Sorte de prévention contre l'irrémédiable

890
N'oublions pas que le smart contrat n'a rien d'un contrat intelligent, du moins pour le moment. Il ne peut faire que ce que le
programmeur a prévu qu'il fasse
891
Art 269 du DOC
892
Mustapha MEKKI, « Intelligence Artificielle et Contrat(s) », Op.cit., P : 161.

P 602 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

La force du smart contrat est aussi sa faiblesse : son


automaticité. Elle peut engendrer des dommages importants. Des
clauses contractuelles doivent avoir pour objet de limiter l'étendue
et de répartir la charge des risques inhérents à cette automatisation.
Cependant, se met en place une forme de compliance
numérique au moyen d'un ensemble de clauses de transparence, de
contrôle et de suivi.
L’importance de la question de la bonne foi
En effet, le smart contrat doté d'une intelligence artificielle
va pouvoir gérer des situations de plus en plus complexes.
Cependant, même augmenté d'une machine Learning, tout ne peut
pas être smart contractuel dans un contrat. Il existe un certain
nombre d'incompatibilités, tout d'abord, l'automaticité des smart
contrats est difficile à concilier avec le principe de bonne foi.
Principe général du droit des contrats ayant la valeur d'une règle
d'ordre893, la bonne foi non seulement ne peut être écartée en amont
mais, elle peut difficilement être prise en compte par un smart
contrat dont le principe même de fonctionnement est de ne pas
prendre en considération le comportement des parties894.
Chapitre 2 : L'Intelligence Artificielle figurant
comme objet de contrat
L'intelligence artificielle ainsi que les robots peuvent faire
l'objet de contrats divers et variés :

893
Art 231 du DOC
894
Mustapha MEKKI, « Intelligence Artificielle et Contrat(s) », Op.cit., P : 167.

P 603 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

- Que ce soit un robot industriel transportant de manière


autonome des colis dans un entrepôt ;
- Que ce soit des Robo-advisor895 conseillant un épargnant
pour ses futurs investissements ;
- Que ce soit des robots de nettoyage utilisés à des fins
domestiques par des particuliers....
D’ailleurs, on comprend aisément que la complexité du
produit et l'intervention d'un grand nombre d'acteurs ne permettent
pas de simplifier les normes potentiellement applicables et le cadre
conventionnel de ces contrats896.
En effet et afin d'identifier les dispositions légales applicables
aux contrats ayant pour objet des robots ou des applications
d'intelligence artificielle, le juriste est appelé à la qualification du
contrat, c'est-à-dire identifier les éléments pertinents de l'opération
afin de le classer dans une ou plusieurs catégories déterminées.
Cette qualification aidera le juriste à savoir si les parties ont
respecté les obligations qui leur incombent, à toutes les étapes du
processus contractuel, ainsi que les sanctions susceptibles d'être
prononcées en cas de manquement de l'une d'elles, tout en tenant
compte des éventuelles limitations de responsabilité établies par
ailleurs.

895
Sont des plateformes en ligne délivrant des conseils financiers ou permettant la gestion automatisée d'un portefeuille d'actifs.
Conçus à partir d'algorithmes informatiques, de Big data ou d'intelligence artificielle, à la différence des acteurs traditionnels
comme les banques privées ou les gestionnaires de patrimoine, ces robots nécessitent une intervention humaine.
896
Hervé JACKIMEN « Aspects contractuelles et de responsabilité civile en matière de IIA », Op.cit., P : 71.

P 604 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

En appliquant le principe de la liberté contractuelle, on peut


indiquer que, les dispositions légales ou réglementaires à respecter
de manière obligatoire en droit des contrats ou des obligations,
restent très limitées, cela veut dire que les parties font appel à leurs
engagements contractuels.
Au stade de la production du robot ou de l'application
d'intelligence artificielle, plusieurs contrats peuvent être conclus.
Cependant le produit peut suivre une chaîne commerciale de
distribution longue et complexe, marquée par l'intervention d'un
nombre plus ou moins élevé d'acteurs économiques.
Car il est quasiment impossible, de gérer seul et de manière
performante toutes les étapes de la distribution d'un produit. Les
opérateurs économiques préfèrent se concentrer sur les tâches dans
lesquelles ils sont les plus compétitifs.
Section 1 : l’hypothèse du contrat nommé et sui generis
Afin de qualifier le contrat dont l'objet est l'IA ou le robot897,
le premier réflexe consiste à consulter les dispositions du DOC
applicables aux contrats nommés, dont les règles n'ont pas eu de
changement depuis son adoption en 1913.

897
On dit d'un contrat ou d'une situation juridique qu'il est sui generis quand il n'est réductible à aucune catégorie préexistante ;
Il constitue alors, à lui seul, une espèce nouvelle

P 605 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

D'après les caractéristiques de l'IA ainsi que les robots, seul le


contrat de vente898 et le contrat de louage d'ouvrage899 qui peuvent
être l'objet de notre étude.
La qualification des contrats de fourniture informatique a fait
l'objet de controverses en doctrine :
- En matière de logiciel standard : Cette opération vise à
mettre à disposition d'un bien incorporel préconstitué, sans
transfert de propriété et pour une durée souvent illimitée, est, selon
les circonstances, qualifiée de vente, de louage de chose, de louage
d'ouvrage, voire de contrat sui generis.
- En matière de logiciel sur mesure : C'est une application
d'intelligence artificielle spécialement élaborée pour les besoins
d'un client, la qualification de louage d'ouvrage est généralement
préférée.
D’ailleurs, en pratique compte tenu du caractère
majoritairement supplétif des règles applicables, la qualification
susceptible d'être donnée à l'application d'intelligence artificielle
restera généralement sans réelle incidence. Ainsi dans une affaire
soumise à la Cour d'appel de Luxembourg, la convention entre un
cabinet médical et une entreprise informatique, ayant notamment
pour objet la fourniture de la version Windows d'un logiciel
standard, est qualifiée de vente par les parties.

898
Les robots sont composés d'éléments incorporels (logiciels, algorithmes, bases de données, etc.) et d'éléments matériels qui
leur permettent de se mouvoir dans l'espace (on vise tant le hardware que la structure tangible du robot). Les éléments matériels
constituent des biens meubles corporels pour lesquels le régime de la vente (ou du leasing, ou de la location) peut s'appliquer sans
difficulté particulière en termes de qualification. S'agissant par contre des éléments logiciels, des discussions sont permises.
899
Art 723 et suivant du DOC

P 606 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

La Cour d'appel reprend cette qualification, tout en précisant


que « contrairement aux droits acquis par l'acquéreur sur la chose
vendue dans le contrat de vente classique, les droits d'exploitation
du logiciel concédés aux acquéreurs sont en principe limités à un
droit d'usage personnel dans le domaine de l'informatique »900.
Selon le professeur Hervé JACKIMEN : il faut voir les
dispositions du Code civil applicables aux contrats nommés
comme une boîte à outil, à laquelle les parties ont recours au
moment de rédiger leur contrat sui generis ou, à défaut de
dispositions conventionnelles, comme le régime de droit commun
auquel elles acceptent de se soumettre à titre supplétif901.
D’ailleurs, cela permet également de résoudre les hypothèses
plus complexes impliquant des robots, dans lesquelles on ignore si
le dysfonctionnement résulte des éléments matériels ou
immatériels. On peut opter pour une application distributive des
règles ou, en cas de contradiction, se référer à l'adage Accessorium
Principale Sequitur902, de manière à suivre par absorption le régime
de la composante principale du produit.
Section 2 : La détermination des obligations des parties

900
C.SJ. Luxembourg 5 février 2003 ; Voir http://www.crid.be/pdf/public/4423.pdf (Consulté le 25/07/2021), les parties ont
qualifié l'opération de vente pour invoquer, selon le cas, les règles relatives à l'obligation de délivrance ou à la garantie des vices
cachés. Cela étant, comme le rappelle la Cour d'appel dans l'affaire précitée, « les obligations des parties (obligation de délivrance,
de garantie des vices, de conseil et d'information du côté du fournisseur, et obligation de collaborer et de payer le prix convenu
du côté de l'utilisateur) sont essentiellement les mêmes que le contrat soit qualifié de vente, de bail (acquisition d'une licence) ou
encore de contrat de vente complète par un contrat d'entreprise »

901
Hervé jackimen « Aspects contractuelles et de responsabilité civile en matière de l’IA, Op.cit., P : 83.
902
L'accessoire suit le principal. Si un bien ou le devenir d'un bien dépend d'un autre bien il peut être considérer juridiquement
comme son accessoire.

P 607 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

On constate que, plusieurs règles matérielles qui sont


applicables aux contrats nommées ou même tirées de la théorie
générale des obligations et qui peuvent être invoquées dans le
domaine de l'IA et des robots. Tel que l'obligation d'information a
la phase des pourparlers, ainsi que l'obligation de délivrance et la
garantie des vices cachés.
 L’importance de l’obligation d'information a la phase des
pourparlers
En effet, Le principe de la liberté contractuelle qui est
considéré comme le principe par excellence pour la validation des
contrats doit être libre et éclairé. Nombreuses sont les dispositions
légales qui réglementent l'obligation d'information.
Parallèlement, la doctrine et la jurisprudence ont établi
diverses obligations d'information (à la charge de l'une ou des deux
parties), spécifiquement destinées à faire adhérer chaque partie
contractante commune en toute connaissance de cause. Ils ont
trouvé leur source dans l'exigence de la bonne foi, qui est
essentielle à toutes les étapes du processus contractuel. De même
l'obligation s'impose également lorsque l'objet du contrat porte sur
un robot ou une application d'intelligence artificielle.
De manière générale, le fournisseur doit ainsi informer le
client sur les éléments caractéristiques du matériel fourni ou du
logiciel installé. Il doit le conseiller ou le mettre en garde, à la
lumière de ses attentes ou besoins concrets. Cette obligation
d'information lui impose également de se renseigner.

P 602 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

Parallèlement, le client a l'obligation de collaborer de bonne


foi à la définition du projet, en lui communiquant les informations
demandées.
Cependant, la complexité qui caractérise les robots ou les
applications d'intelligence artificielle peut être la source des risques
pour la sécurité des utilisateurs ou des tiers.
En outre, le comportement de la machine peut se caractériser
par l'imprévisibilité, puisqu'il résulte des algorithmes mis en place.
 La détermination de l’obligation de délivrance et garantie
des vices cachés.
Le vendeur est tenu de mettre à la disposition de l'acheteur,
suivant les modalités prévues, aux temps et lieu convenus, une
chose conforme à la chose vendue. Dans le domaine des
technologies de l'information (IT), cette obligation doit s'entendre
assez largement puisqu'elle vise également l'installation et la mise
en route du système. La livraison doit permettre le contrôle de
conformité, La chose livrée doit être conforme à ce qui avait été
convenu dans le contrat.
En matière de vente, la garantie légale est prévue aux articles
522 et suivants du DOC. En matière de logiciel, il a été admis que
pouvait constituer un vice, la lenteur d'exécution du programme, la
présence d'un virus, voire encore la perte ou la détérioration des
données à l'occasion de l'utilisation du programme903.

903
« La garantie contre les vices cachés est régulièrement invoquée en matière informatique, en dépit des inconvénients suscitent
par sa mise en œuvre et ses effets. Après un temps de perplexité, il est désormais largement admis que la garantie des vices cachés
s'applique au logiciel pour couvrir non seulement les défauts du support matériel, mais aussi les erreurs de conception ou de
programmation », Voir Didier GOBERT et Etienne MONTERO, « Les obligations de conformité et de garantie des vices cachés en

P 607 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

Cependant, en matière des dommages et intérêts, le régime est


différent suivant que le vendeur connaissait ou pas le vice affectant
la chose S'il est de bonne foi, le vendeur doit seulement D restituer
le prix et les frais occasionnés par la vente. S'il est par contre de
mauvaise foi, l'acheteur est en droit d'obtenir des dommages et
intérêts complémentaires. Pour protéger ce dernier, on renverse la
charge de la preuve à son profit en considérant que le vendeur
professionnel est présumé, avoir connaissance du vice.
Autrement dit, il ne pourra échapper à ses obligations, dans le
cadre de la garantie des vices cachés, que s'il démontre le caractère
indécelable du vice, pour tout vendeur normalement prudent et
diligent. Ces considérations sont particulièrement importantes dans
l'hypothèse d'une intelligence artificielle de type Machine
Learning. Dont le comportement n'est pas nécessairement
prévisible dans le chef du vendeur904.
Lorsqu'une application d'IA intervient de manière autonome
et cause des dommages, on peut aussi se demander si elle est
affectée d'un vice antérieur à la vente (sauf à démontrer qu'il était
présent en germe). Cette autonomie est en effet une des
caractéristiques du système et est généralement la raison pour
laquelle l'acheteur décide de l'acquérir.
D’ailleurs, en peut aussi essayer de limiter les conséquences
potentiellement préjudiciables. En d'autres termes, le producteur

matière informatique : le contrat Au secours des incertitudes légales et jurisprudentielles» publié sur le site
http://www.crid.be/pdf/public/4401.pdf (Consulté le 25/07/2021)
904
Hervé JACKIMEN « Aspects contractuelles et de responsabilité civile en matière de IIA », Op.cit., P : 87

P 610 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

doit concevoir son robot de telle sorte que malgré cette autonomie,
il puisse l'empêcher d'effectuer des comportements potentiellement
dommageables, garantissant ainsi un niveau de sécurité suffisant.

P 611 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

é
é é

Regard critique sur la constitutionnalisation de la


régionalisation avancée au Maroc
Critical view of the constitutionalization of advanced regionalization in Morocco

Résumé
Même si le timing du déclenchement du chantier de la
régionalisation avancée et de la réforme constitutionnelle au Maroc
est pratiquement le même, les motivations qui président à la
révision constitutionnelle ne sont pas celles qui ont mené à revoir
l’organisation territoriale du pays. La Constitution de 2011 est une
réforme qui s’est imposée face à un soulèvement populaire inscrit
dans la vague du printemps arabe, alors que la régionalisation
avancée est initialement une réflexion royale qui s’est concrétisée
en 2010 par l’instauration de la CCR905. On ne peut donc soutenir
que la Constitution de 2011 soit la consécration dédiée à la réforme
territoriale même si cette dernière en fait partie ; ce qui n’est pas
sans conséquences sur le contenu des textes, notamment, ceux qui
touchent à l’autonomie du pouvoir régional.

905
La Commission Consultative de la Régionalisation (CCR) a été instituée par le roi Mohammed
VI le 3 janvier 2010 afin de proposer une conception générale de la régionalisation avancée en gardant à
l'esprit toutes les dimensions y afférentes, ainsi que le rôle qui revient aux institutions constitutionnelles
compétentes dans sa mise en œuvre. Cette mission a été menée par Omar Azziman, ancien ambassadeur
de Rabat à Madrid. L’acronyme (CCR) faisant référence à la Commission est mentionné par le rapport
soumis au roi. (http://www.regionalisationavancee.ma/PDF/Rapport/Fr/L1_ConceptionGenerale.pdf).

P 612 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

Mots-clés :Régionalisation, constitutionnalisation,


autonomie, démocratie, constantes nationales.
Abstract
Although the advanced regionalization project and the
constitutional reform in Morocco were launched at nearly the same
time, the motivations preceding the constitutional amendments are
not the same as those that led to the review of the territorial
organization of the country. The 2011 Constitution is a reform that
emerged as a response to the popular uprising that was part of the
Arab Spring, whereas advanced regionalization was initially a
royal vision that was implemented in 2010 through the
establishment of the Consultative Committee of Regionalization.
Thus, it is impossible to claim that the 2011 Constitution is
dedicated to the territorial reform, albeit the latter is part of it;
which affects the content of the texts, particularly those relating to
the autonomy of regional authority.
Key Words
Regionalization, constitutionalization, autonomy, democracy,
national constants.
Introduction
Il va sans dire que la démocratie locale est l’une des facettes
brillantes de l’exercice de la démocratie en général. Dans un
contexte politique national favorable à la pratique démocratique,
les acteurs locaux trouvent souvent de l’aisance à s’exprimer et à

P 613 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

décider des affaires qui leur sont imparties au nom de la


décentralisation.
Si l’autonomie régionale en dit beaucoup sur le degré de
démocratisation d’un État, l’étude du contexte politique dans lequel
évolue cette démarche serait un aperçu essentiel pour comprendre
l’enjeu et les finalités des réformes. De ce fait, chercher l’étendue
de l’autonomie régionale dans les réformes entreprises au Maroc,
c’est d’abord s’intéresser au climat politique dans lequel ces
dernières ont éclos. Soulignons qu’elle a beau être purement
juridique, notre analyse constitutionnelle aura sans doute besoin de
ce détour politique pour comprendre les raisons profondes qui
entravent l’émergence d’un pouvoir régional plus autonome au
Maroc. S’arrêter sur les insuffisances des réformes qui se rattachent
au pouvoir régional nous renvoie donc à présenter les premières
barrières politiques qui orientent toutes les autres mesures dans un
sens restrictif de l’autonomie régionale. En effet, et tout au long du
processus de sa démocratisation, le Maroc s’est toujours préoccupé
d’établir une conciliation convenable entre ses valeurs
traditionnelles et les valeurs modernes de la démocratie, une
situation qui marque d’un trait particulier la démocratie ¨à la
marocaine¨ (1). Toutefois, l’attachement à une ligne conservatrice
semble prendre le dessus sur une vision moderniste au point de
s’écarter de la légalité constitutionnelle (2). Ceci est dû surement à
une stagnation dans la conception et l’interprétation des constantes
nationales (3).

P 614 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

a. Développement
1. Le cadre spécifique de la constitutionnalisation de la
régionalisation avancée
Dans une conception libérale avancée, il est
incontestablement admis que l’autonomie régionale est devenue
une partie intégrante de la démocratie locale, sinon la plus
expressive de ses composantes. Sa raison d’être se situe dans sa
capacité à mesurer les intentions politiques quant à une
régionalisation effective, même si la problématique des références
demeure toujours une contrainte à prendre en considération. En
effet, devant la pluralité des systèmes politico-juridiques, il serait
difficile de poser les éléments d’une évaluation adéquate.
Autrement dit, l’universalité de la démocratie locale n’est pas
chose évidente, chaque ensemble de mécanismes et de textes
répond naturellement à des données particulières. Néanmoins, un
pouvoir régional autonome demeure un idéal universel de la
décentralisation.
Au Maroc, la constitutionnalisation de la régionalisation
avancée n’était pas un impératif venant concrétiser la réforme
administrative, car le contexte dans lequel s’inscrit la Constitution
de 2011 est différent (1.1). Il n’était pas alors prioritaire de parler
d’un pouvoir régional plus autonome, et encore moins d’autonomie
politique (1.2).
1.1 La place de la régionalisation avancée dans la réforme
constitutionnelle

P 615 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

Sans doute, les manifestations réelles des intentions politiques


se trouvent toujours dans l’étendue des réformes. Avec une lecture
appropriée, celles-ci nous renseignent sans faute sur la nature de
l’ordre politique en place. Si nous ajoutons les vraies motivations
qui animent ces intentions, nous serions dans le panorama le plus
approximatif de la réalité politique. Sans ce raisonnement ordonné,
nous ne serions pas capables de scruter avec pertinence les raisons
directes ou indirectes qui mènent à la limitation de la liberté d’agir
de la région en tant qu’institution faisant partie d’un ensemble
étatique.
De ce fait, il faut préciser que la réforme constitutionnelle de
2011 au Maroc n’est pas le fruit d’une réflexion des décideurs à
reformuler l’architecture territoriale et institutionnelle, notamment
la régionalisation avancée. La révision de la Constitution était en
réalité une réponse à un soulèvement populaire906, beaucoup plus
qu’une volonté de renforcer la démocratie ou la décentralisation,
« l’irruption du mouvement du 20 février dans un paysage politique
réputé peu propice au changement met sur le devant de la scène la
question de la réforme de la Constitution »907.

906
Afin d’éviter de dériver sur un sujet parallèle, nous soulignons succinctement que la Constitution de
2011 s’est établie dans un climat de protestations populaires (du 20 février) revendiquant la liberté, la
dignité, la citoyenneté, la dissolution du parlement et la destitution du gouvernement, une monarchie
parlementaire, une Constitution démocratique et populaire, la séparation des pouvoirs, l’abrogation de
l’article 19 de la Constitution 1996, la séparation du pouvoir et de la richesse, l’instauration de la reddition
des comptes, la reconnaissance de la langue amazigh, etc. La régionalisation avancée s’y est inscrite dans
la continuité des choses, et non parce qu’elle faisait partie des revendications.
907
Madani, M., ¨Constitutionnalisme sans démocratie : la fabrication et la mise en œuvre de la Constitution
marocaine de 2011¨, in Bendourou, O., El Mossadeq, R., Madani M., (dir.), La nouvelle Constitution
marocaine à l’épreuve de la pratique, Actes du colloque organisé les 18 et 19 avril 2013, édition La
Croisée Des Chemins, 2014, p.33.

P 616 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

À titre comparatif, la révision constitutionnelle de 2003 en


France portait sur deux sujets de réformes : le Mandat d’arrêt
européen et l’organisation décentralisée de la République908. Le fait
que la décentralisation soit l’un des deux sujets de la révision est
un indicateur fort de l’importance allouée à la réforme territoriale.
Au Maroc, il est difficile de parler de réforme constitutionnelle de
la décentralisation, car la révision était plutôt une obligation
politique inévitable face au climat très tendu qui régnait dans la rue.
Le sujet de la régionalisation a été relégué au second plan.
D’autre part, et hormis quelques slogans portés par des
protestataires du Rif909, la question de la régionalisation au Maroc
n’a jamais été une revendication porteuse de réformes, ni de la part
des populations locales, ni des acteurs régionaux910. Comme cela a
été expliqué avant, le chantier était une volonté royale, exprimée
en 2010, et constitutionnalisée en 2011. Nous savons que la volonté
royale est un déclic de réformes au Maroc, mais le fait de
constitutionnaliser la régionalisation avancée n’explique pas
forcément un degré plus élevé d’autonomie régionale. Nous
estimons que le chantier porterait plus d’importance s’il faisait

908
La Constitution française du 4 octobre 1958 a fait l’objet d’une double révision constitutionnelle en
mars 2003 :
- Loi constitutionnelle n. 2003-267 du 25 mars 2003 relative au mandat d'arrêt européen ;
- Loi constitutionnelle n. 2003-276 du 28 mars 2003 relative à l'organisation décentralisée de la
République.
909
À l’image des catalans en Espagne, les populations du Rif du Maroc, une contrée qui se situe au nord-
est du pays, avaient toujours, plus que les autres, cette tendance revendicatrice des valeurs locales -et pour
certains de séparatisme-. Cette situation est due certainement à leur particularité culturelle et linguistique,
leur position géographique, et surtout à leur histoire doublement jalonnée, d’abord par leur combat contre
le colonialisme, et puis par leur persécution par l’ancien régime.
910
Notons également, dans le même sens, que les représentants de la région du Rif n’ont jamais évoqué la
question d’une autonomie plus élargie correspondante à leur culture, ce qui explique que la représentativité
locale au Maroc ne porte jamais sur des sujets susceptibles d’interpeller la notion de l’unité.

P 617 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

objet unique d’une révision constitutionnelle, ou sujet de


revendications populaires, le cas échéant, l’autonomie régionale
prendrait plus de place.
En Espagne, la Constitution de 1978 était une sorte de
compromis, résultat de longues négociations entre tous les acteurs
de la scène politique espagnole, y compris les représentants
régionaux. Dans la loi fondamentale chacun a trouvé son compte,
ainsi le texte a établit une régionalisation évolutive capable de
s’adapter à chaque fois aux revendications autonomistes de chaque
région, il « reconnaît et garantit le droit à l'autonomie des
nationalités et des régions qui la composent et la solidarité entre
elles »911. La norme fondamentale a permis de ce fait une
régionalisation asymétrique compatible aux diversités existantes.
On peut donc conclure que la régionalisation avancée au
Maroc n’était pas le projet déclencheur de la Constitution de 2011,
de la même manière que la réforme territoriale n’était pas l’objet
principal de la révision. Même s’il est dédié tout un Titre (IX) à la
décentralisation, comportant 12 articles, on ne saurait dire qu’il
s’agit d’une réforme constitutionnelle territoriale, car celle-ci
devait occupait beaucoup plus de place dans un éventail qui se
compose de 180 articles.
Quoi qu’il en soit, la révision portera sur les piliers suivants :
la consécration de la pluralité de l’identité marocaine et la
reconnaissance constitutionnelle de la composante Amazigh ; la

911
Art. 2 CE.

P 612 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

consolidation de l’État de droit ; la volonté d’ériger la justice en


pouvoir indépendant et de la renforcer ; la consolidation du
principe de la séparation des pouvoirs; la consécration du principe
de la nomination du Premier ministre au sein du parti arrivé en tête
des élections de la chambre des représentants et sur la base des
résultats du scrutin; le renforcement du pouvoir du Premier
ministre en tant que chef d’un exécutif effectif et pleinement
responsable; la constitutionnalisation du conseil de gouvernement;
le renforcement des organes et outils d’encadrement des citoyens;
la consolidation des mécanismes de moralisation de la vie publique
et la nécessité de lier l’exercice de l’autorité aux impératifs de
contrôle et de reddition des comptes; la constitutionnalisation des
instances en charge de la bonne gouvernance, des droits de
l’homme et de la protection des libertés.
Nous remarquons que le projet de la régionalisation avancée
ne figure pas parmi les piliers de cette réforme, ce qui explique
l’impossibilité d’évoquer la question d’une quelconque autonomie
élargie du pouvoir régional et encore moins une éventuelle
autonomie politique.
1.2 La régionalisation politique, option non envisageable dans
la Constitution de 2011
L’histoire juridique des États unitaires nous enseigne que le
fait d’offrir aux entités infra-étatiques un pouvoir normatif dans le
cadre d’une régionalisation politique n’est jamais une volonté
spontanée des pouvoirs publics. Le polycentrisme normatif dans

P 617 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

lequel on peut vraiment parler d’autonomie élargie est un processus


très complexe, développé à la fois, par des rapports de force entre
le centre et la périphérie, le poids que peut représenter l’identité de
chaque région dans ce rapport ainsi que le cadre juridique dédié à
cette cause. En se référant aux exemples d’États régionaux, on
remarque que seule la dimension constitutionnelle du droit est
capable d’organiser la répartition des pouvoirs et de la garantir.
L’étude comparative nous révèle qu’il y a bien des préalables à la
constitutionnalisation d’une régionalisation politique. Démontrer
l’absence de ces mêmes préalables à la Constitution de 2011 au
Maroc, donnera raison à l’improbabilité assez ressentie de
concevoir une régionalisation politique introduite dans la loi
fondamentale.
Nous allons reprendre le cas de l’Espagne comme exemple
comparatif pour trois raisons principales : d’abord pour sa forme
étatique unitaire initiale912, son régime politique monarchique et
parlementaire913, et ensuite pour la richesse et la complexité du
processus de sa régionalisation. Aragón Reyes, M914., souligne que
l'une des clés du processus extraordinaire et exemplaire du
changement politique qui a été vécu en Espagne lors du passage
d'une dictature à une démocratie, consiste à ce que les décisions
fondamentales concernant la forme d'État et la forme du

912
Nous utilisons ici l’adjectif ¨unitaire¨ avec beaucoup de prudence car dans toute la doctrine espagnole
aujourd’hui, on parle plutôt d’un État carrément fédéral dans la pratique.
913
L’alinéa 3 du premier article de la Constitution espagnole précise cette forme politique de l’État.
914
Aragón Reyes, M., ¨La construcción del Estado autonómico¨, Cuadernos Constitucionales de la
Cátedra Fadrique Furió Ceriol, n. 54-55, 2006, p.76.

P 620 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

gouvernement (État démocratique, autonomies territoriales,


monarchie parlementaire) que la Constitution de 1978 est venue
concrétiser, étaient en avance sur elle, étant adoptées aux premiers
stades de la transition915. Il explique aussi qu’avant que la
Constitution ne soit promulguée, il a été décidé que l'État ne serait
pas centralisé, mais reposerait sur l'autonomie territoriale. Bien que
cette autonomie ait été configurée comme "provisoire" (en
attendant la Constitution), et d'un contenu plus administratif que
politique (sans qu’il émane uniquement du pouvoir exécutif), le
principe d'organisation publique a été érigé en principe
d'autonomie régionale et a choisi d'étendre cette autonomie à
l'ensemble du territoire.
Le contenu de ces précisions évoque clairement un lien étroit
entre l’autonomie régionale espagnole et le processus de
démocratisation. La résonance de ce lien est très présente dans
toutes les phases de la transition, elle en constitue même l’une des
composantes fondamentales.
Au Maroc, rien de tout cela n’est établi. La révision
constitutionnelle n’a pas touché au domaine du régime politique et
« Le caractère plébiscitaire de la procédure d’adoption de la
Constitution se trouve accentué laissant ainsi entrevoir la nature
réelle de la ¨monarchie parlementaire¨. Le 1er juillet le peuple n’a

915
Dans un article intitulé ¨La mémoire malmenée de la transition espagnole à la démocratie¨, Baby, S.,
précise que « La transition espagnole légale vers la démocratie, entendue ici comme la période allant de
la mort de Franco en 1975 à l’arrivée des socialistes au gouvernement en 1982 ». Baby, S., ¨La mémoire
malmenée de la transition espagnole à la démocratie¨, Presses de Sciences Po, Vingtième Siècle, Revue
d'histoire, n. 127, 2015, p. 43. (https://www.cairn.info/revue-vingtieme-siecle-revue-d-histoire-2015-3-
page-42.htm), consulté le 10/05/2022.

P 621 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

pas été, en fait, appelé, en se prononçant sur le projet de


Constitution, à exercer son droit de vote mais à légitimer une
monarchie fortement secouée par le mouvement du 20 février »916.
D’une autre manière, une organisation territoriale très poussée
politiquement ne pouvait pas se trouver dans les priorités de la
Constitution de 2011. D’abord parce qu’elle n’était pas portée par
les revendications du soulèvement populaire, et puis parce qu’elle
constituerait à ce moment-là, au regard du pouvoir central, une
menace de plus à la stabilité du régime politique en place.
La régionalisation avancée est l’œuvre d’une réflexion royale,
la révision constitutionnelle est une réponse royale aux
revendications du mouvement du 20 février et le projet
d’autonomie de la région du Sahara est également une initiative
politique royale. Établir une régionalisation politique devrait donc
être une volonté royale. Or, nous l’avons déjà vu avec l’exemple
espagnol, et d’ailleurs dans tous les exemples possibles,
l’autonomie politique est un droit qui, soit il se revendique et
s’impose par un militantisme politique dans un État de droit, soit il
s’inscrit dans le nouvel ordre politique au cours des phases de
transition séparant deux périodes distinctes de l’existence d’un
État. Dans le cas du Maroc, nous ne pouvons pas parler de
transition politique car la révision constitutionnelle n’apporte
aucun changement substantiel en la matière ; et encore moins de loi
constitutionnelle réformant la décentralisation. Constitutionnaliser

Madani, M., ¨Constitutionnalisme sans démocratie : la fabrication et la mise en œuvre de la Constitution


916

marocaine de 2011¨, op.cit, p.75.

P 622 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

une régionalisation politique dans cet état de faits, c’est donner une
garantie suprême à l’existence d’un pouvoir concurrent au niveau
régional, au moment où la démocratie nationale peine encore à
trouver ses marques.
La révision constitutionnelle est surtout une réforme globale
d’une architecture politique marocaine devenue très contestable et
surtout réfractaire au changement. Ceci est d’autant plus vrai que
cette révision est revêtue d’une couverture politique très
prononcée, notamment en ce qui concerne les procédés de son
élaboration. Ce questionnement réoriente sensiblement notre
analyse vers une approche constitutionnaliste.
2. La transition démocratique à l’examen de la légalité
constitutionnelle
Si le fait de scruter le climat politique précédant la réforme
constitutionnelle pourrait nous informer sur les bases qui théorisent
à la constitutionnalisation de la régionalisation au Maroc, l’examen
des procédures d’adoption de la nouvelle Constitution nous permet,
lui, de mesurer l’étendue de la transition démocratique. Ainsi, les
garanties constitutionnelles d’un pouvoir régional plus autonome
ne sont pas cantonnées seulement dans le cadre politique ou la
teneur des textes, mais aussi et préalablement dans les critères du
constitutionnalisme moderne dont les principes coïncident avec les
valeurs de la démocratie.
El Mossadeq, R., constate que « Le processus de l’élaboration
de la nouvelle Constitution adoptée par référendum populaire le 1er

P 623 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

juillet 2011 a été traversé par des profondes déviances du pouvoir


constituant dérivé »917. Elle révèle que ces déviances « sont celles
qui, indépendamment de leurs ramifications politiques, relèvent
d’un fait juridique, soulèvent la transgression des règles de la
légalité constitutionnelle qui régissent le pouvoir constituant dérivé
et la constitutionnalité du texte constitutionnel lui-même »918.
Selon l’auteur, la procédure de révision était entachée
d’irrégularités constitutionnelles. Cette transgression, soulignons-
le, est à la fois une entrave à l’ordre formel des procédures
constitutionnelles de révision (2.1), et aussi à la pratique
constitutionnelle proprement dite (2.2).
2.1 La transgression des procédures formelles de la légalité
constitutionnelle
Dans le discours du 9 mars 2011, le roi annonce « une révision
constitutionnelle profonde vouée à la consolidation de la
démocratie et de l’État de droit » ainsi que l’établissement d’une
commission ad-hoc appelée ¨commission consultative¨ ; avant de
créer le lendemain une autre commission parallèle de suivi, de
concertation et de dialogue, dénommée ¨le mécanisme de suivi¨
présidée par le conseiller du roi. Le 10 juin, les deux organismes
remettent au roi, respectivement, le projet et le rapport de synthèse
concernant la révision constitutionnelle. Le 17 juin, le roi soumet
au peuple le projet de la nouvelle Constitution pour se prononcer

917
El Mossadeq, R., ¨Les dérives du pouvoir constituant¨, in Bendourou, O., EL Mossadeq, R., Madani,
M., (dir.), La nouvelle Constitution marocaine à l’épreuve de la pratique, genèse de la nouvelle
Constitution, op.cit, p.9.
918
Ibid.

P 624 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

par voie de referendum. Chose faite par une approbation


majoritaire.
L’exposé des faits relatifs à l’adoption de la Constitution de
2011 interpelle tout constitutionnaliste aguerri à la fois, sur les
procédures et le contenu de la réforme. Il est évident que cette
initiative monarco-juridique ne valorise aucunement le rôle d’une
assemblée constituante élue et composée des divers courants
formant le paysage politique du pays. Elle n’a de ce fait offert
qu’une part marginale, voire inexistante, à une expression locale
dans l’élaboration de la loi fondamentale. Certains acteurs
politiques ont appelé à ce procédé électif de l’assemblée
constituante, précisant que de cette manière la Constitution
proviendrait de la base, et non d’en haut, et n’écarterait aucune
composante de la société919. En prenant partie du
constitutionnalisme substantiel920, nous pensons que « Le
constitutionnalisme fait de la Constitution une norme juridique
émanant non du gouvernement mais du peuple constituant un
gouvernement»921.
La Constitution de 2011 pose le problème de sa ¨fabrication¨,
et la commission chargée de la concevoir souffre d’emblée d’un
déficit de légitimité politique. La création d’une deuxième

919
Yassine, A., « Islamiser la modernité », édition Al Ofok impressions, 1998, p. 303.
920
Par opposition à la notion formelle du constitutionnalisme qui se définit comme étant un ensemble de
procédures et de normes juridiques hiérarchisées, la notion substantielle, elle, se caractérise par son ¨ordre
juridique libéral¨, selon Friedrich, C.J., qui impose le respect, non seulement, des règles formelles, mais
également les principes et les valeurs.
921
Rouyer, M., ¨Les promesses du constitutionnalisme¨, Raisons politiques, n. 10, mai 2003, p.12, cité par
Madani, M., Constitutionnalisme sans démocratie : la fabrication et la mise en œuvre de la Constitution
marocaine de 2011, op.cit, p.83.

P 625 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

commission pour renforcer la première ne s’inscrit pas non plus


dans les standards du constitutionnalisme moderne. De ce fait,
« Cette procédure au cœur de laquelle s’installe le glissement d’un
pouvoir constituant dérivé vers un pouvoir constituant usurpé,
représente le premier volet des déviances du pouvoir constituant
dérivé et par là de la marginalisation de la Constitution en tant que
norme suprême »922. De même, l’interventionnisme monarchique
dans l’établissement des règles qui régissent le pouvoir constituant
dérivé pourrait être interprété comme une réitération de son
hégémonie923. Cette emprise est représentée par des incohérences
entre différentes parties du texte constitutionnel lui-même924.
Prenant par exemple celle qui reflète bien cette dernière idée et qui
se trouve entre d’une part, l’article premier de la loi fondamentale
qui précise que « Le Maroc est une monarchie constitutionnelle,
démocratique, parlementaire et sociale », dont le régime
constitutionnel « est fondé sur la séparation, l’équilibre et la
collaboration des pouvoirs», et l’article 174 qui consolide les
prérogatives royales concernant la révision de la Constitution,
puisqu’il indique que « Le Roi peut, après avoir consulté le
Président de la Cour constitutionnelle, soumettre par dahir au
Parlement un projet de révision de certaines dispositions de la
Constitution »; et d’autre part, entre celui-ci et l’article 2 qui fait

922
El Mossadeq R., ¨Les dérives du pouvoir constituant¨, op.cit, p.12.
923
Ibid.
924
El Mossadeq, R., ¨L’illusion du changement dans le nouveau projet constitutionnel¨, in La nouvelle
Constitution et l’illusion de changement, Bendourou, O., (dir.), Cahier de Wijhat Nadar (en arabe), 2011,
p.79.

P 626 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

référence à une souveraineté appartenant à la nation qui l’exerce


par ¨voie de referendum¨ ou ¨par l’intermédiaire de ses
représentants¨ choisis ¨au sein des institutions élues¨.
L’instauration de ce facteur de déséquilibre entre les pouvoirs,
au bénéfice de l’institution royale à travers le pouvoir constituant
dérivé, indique que cette déviance implicite est le fruit d’une
transgression juridique apparente. Elle se différencie ainsi d’une
transgression politique qui s’opère, elle, à l’hombre du respect des
règles de la légalité constitutionnelle qui organisent la formation et
le fonctionnement du pouvoir constituant dérivé.
Cette insuffisance démocratique affaiblit par commune
mesure et le contenant et le contenu de la loi fondamental, d’autant
plus que le délai925 dans lequel elle s’est établie nous semble un peu
forcé et faiblement convenable pour une réforme de telle
envergure.
Le lien entre la Constitution de 1996 et celle de 2011 est ainsi
rompu, alors que la révision de cette dernière est censée compléter
la précédente. Nous pensons que ce trait d’union aurait pu être
conservé si le discours royal du 9 mars n’avait fait aucune mention
au pouvoir constituant dérivé, voire plus encore, s’il a souligné le
caractère rigide de la révision en offrant au peuple, dépositaire du
pouvoir constituant originaire, et ses représentants élus le droit
d’établir lui-même sa nouvelle Constitution. Quelque soit le

925
Entre le 9 mars, la date du discours royal, et le 10 juin le jour de la remise du projet et de la synthèse
de la révision constitutionnelle, il n’était question que de trois mois pour ouvrir le débat avec les partis,
les syndicats, des organisations de jeunes et des acteurs associatifs culturels et scientifiques, afin de
recueillir leurs conceptions et mémorandums à ce sujet.

P 627 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

résultat, on parlera d’une expression populaire libre bâtie sur un


compromis qui ne peut qu’améliorer la qualité du texte
constitutionnel et la transition démocratique dans la forme, le
contenu et la durée. C’est dans ces conditions précises que le débat
sur la démocratie locale prendrait sens.
2.2 Les déviances de la pratique constitutionnelle
Dès sa promulgation, la Constitution de 2011 a suscité une
diversité d’opinions quant à ses apports à la transition
démocratique. Le premier courant estime que le texte
constitutionnel est une réforme considérable des institutions
politiques, de la justice, des libertés et des droits. Le deuxième, plus
attentif et pointilleux sur les principes du constitutionnalisme et les
valeurs de la démocratie, condamne les procédures et le contenu et
pense qu’il ne s’agit point d’une innovation, mais d’une
reproduction nuancée des anciens textes. Le dernier courant peut
être situé entre les deux premiers, dans la mesure où il ne peut juger
la réforme qu’à travers l’interprétation qu’on pourrait lui faire.
Effectivement, tout texte constitutionnel est tributaire d’une
interprétation. Sa valeur n’est réellement établie que par sa mise en
œuvre. De ce fait, il n’est pas plus significatif pour évaluer
l’étendue des dispositions de la loi fondamentale que la pratique
constitutionnelle elle-même.
Nous avons souligné dans le titre qui précède l’illégalité
constitutionnelle qui a entaché le pouvoir constituant, une déviance
qui questionne forcément le résultat de son œuvre. En effet, vue

P 622 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

sous l’angle de la pratique, la Constitution de 2011 était sujette de


multiples déformations. Bendourou, O926., constate dans une
analyse politico-constitutionnelle que dés son entrée en vigueur, la
Constitution marocaine a fait l’objet de 6 exemples de violations
substantielles et significatives927. Il serait probablement assez
suffisant de n’en citer que quelques unes pour exposer une pratique
constitutionnelle dérivée. La toute première concernait les
élections législatives anticipées à la chambre des représentants.
L’organisation de cette échéance démocratique centrale dans le
processus de transition devait suivre les dispositions de l’article
176 de la Constitution qui précise que « Jusqu’à l’élection des
Chambres du Parlement prévues par la présente Constitution, les
Chambres actuellement en fonction continueront d’exercer leurs
attributions, notamment pour voter les lois nécessaires à la mise en
place des nouvelles Chambres du Parlement, sans préjudice de
l’application de l’article 51 de la présente Constitution ». Cette
disposition est alors conditionnée par une autre, celle qui trouve ses
termes dans l’article 51 qui, lui, fait référence à l’intervention
royale dans la dissolution des deux chambres du Parlement, qui
elle-même est conditionnée par les articles 96, 97, 98928. L’article

926
Bendourou, O., ¨Réflexions sur la Constitution du 29 juillet 2011 et la démocratie¨, in Bendourou, O.,
EL Mossadeq, R., Madani, M., (dir.), La nouvelle Constitution marocaine à l’épreuve de la pratique,
op.cit, p. 136.
927
L’auteur cite et analyse les violations suivantes : L’organisation des élections législatives du 25
novembre 2011 ; nomination du chef du gouvernement et expédition des affaires courantes, nomination
des ambassadeurs ; l’intervention du roi dans le domaine gouvernemental et la constitution du deuxième
gouvernement, ainsi que dans les politiques publiques.
928
L’article 96 précise que « Le Roi peut, après avoir consulté le président de la Cour Constitutionnelle
et informé le Chef du Gouvernement, le président de la Chambre des Représentants et le président de la
Chambre des Conseillers, dissoudre par dahir, les deux Chambres ou l'une d'elles seulement. La
dissolution a lieu après un message adressé par le Roi à la Nation ». L’article 97 définit le délai de

P 627 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

en question souligne que « Le Roi peut dissoudre, par dahir, les


deux Chambres du Parlement ou l’une d’elles, dans les conditions
prévues aux articles 96, 97 et 98 ». La chambre des représentants
devait donc continuer de remplir ses fonctions en absence d’une
décision royale concernant sa dissolution. C’est pourquoi les
élections législatives ne devaient pas avoir lieu sans cette initiative
royale. Toujours est-il que le corps électoral a été sollicité par le
gouvernement pour se prononcer en novembre 2011 dans une
transgression évidente des dispositions de l’article 176 de la loi
fondamentale.
Dans la même suite, l’auteur évoque l’anti-constitutionnalité
qui a caractérisé la nomination du chef du gouvernement et
l’expédition des affaires courantes. Il met le point sur les conditions
de cette nomination en vertu de l’article 47 de la Constitution. Il
indique que le roi avait pris deux dahirs : « un dahir relatif à la
nomination de M. Benkirane comme nouveau chef du
gouvernement chargé d’entamer des négociations en vue de
proposer au roi la nomination du nouveau cabinet suite aux
élections législatives du 25 novembre 2011, un autre dahir
chargeant le gouvernement Abbas Fassi d’expédier les affaires
courantes. Or, l’article 47 ne permet au roi de charger le
gouvernement en place d’expédier les affaires courantes qu’à la

l’élection des chambres après dissolution, il stipule que «L'élection du nouveau Parlement ou de la
nouvelle Chambre intervient deux mois, au plus tard, après la dissolution ». Et enfin l’article 98, lui, offre
une garantie de stabilité initiale à la nouvelle Chambre élue lorsqu’il indique que « Lorsqu'une Chambre
est dissoute, celle qui lui succède ne peut l'être qu'un an après son élection, sauf si aucune majorité
gouvernementale ne se dégage au sein de la Chambre des Représentants nouvellement élue ».

P 630 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

suite de la démission du chef du gouvernement »929. Assurément,


cet article précise bien que le roi ne peut mettre fin aux fonctions
du gouvernement qu’ « À la suite de la démission du chef du
gouvernement », et que le gouvernement démissionnaire « expédie
les affaires courantes jusqu’à la Constitution d’un nouveau
gouvernement ». À suivre les procédures constitutionnelles, M.
Abbas El Fassi aurait dû présenter sa démission au roi, « ce qui
permet à ce dernier de mettre fin aux fonctions du gouvernement et
de le charger d’expédier les affaires courantes. C’est après cette
procédure que le roi doit désigner M. Benkirane comme nouveau
chef du gouvernement chargé de la formation du nouveau
cabinet »930.
Enfin, nous allons conclure ce tableau d’inconstitutionnalités
par l’interventionnisme royal dans les affaires publiques,
généralement réservées au domaine des compétences
gouvernementales. À ce propos, et en 2013, le roi nomme
AZZIMAN président du Conseil supérieur de l’Enseignement dans
un discours ou il décide de se charger de la question de
l’enseignement. Il déclare : « Nous avons décidé, en application
des dispositions transitoires prévues dans la Constitution,
d’opérationnaliser le Conseil supérieur de l’Enseignement dans sa
version actuelle, afin d’assurer l’évaluation des réalisations
accomplies dans le cadre de la décennie de la Charte nationale

929
BENDOUROU O., « Réflexions sur la Constitution du 29 juillet 2011 et la démocratie », op.cit, p.137.
930
Ibid.

P 631 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

d’Education et de Formation et de se pencher sur ce grand chantier


national »931. On peut expliquer cette décision, qui ne fait pas
partie, de toute évidence, des compétences royales, par son
intégration dans la case des orientations stratégiques de la politique
de l’État qui relève des attributions du conseil des
ministres932présidé par le roi933. Le Chef de l’État justifie cette
manipulation par le fait que « le secteur de l’éducation ne doit pas
être enserré dans un cadre politique stricto sensu, pas plus que sa
gestion ne doit être l’objet de surenchères ou de rivalités
politiciennes »934. Pour lui, « il n’est pas raisonnable que tous les
cinq ans, chaque nouveau gouvernement arrive avec un nouveau
plan », l’enseignement doit s’inscrire dans une dynamique de
continuité qui favorise « la formation et la mise à niveau des
ressources humaines »935.
En dépit des fins défendables invoquées par l’institution
royale, cette manœuvre interpelle « la problématique suscitée par
la disposition constitutionnelle (art. 49) relative aux ¨orientations
stratégiques de la politique de l’État¨, qui est ambiguë »936. On se
demande d’ailleurs sur les critères d’établissement de ces
orientations, car tout domaine est susceptible d’être stratégique
justifiant l’usurpation de la compétence en question. En somme,

931
Extrait du discours royal du 20 aout 2013.
932
L’article 49 C. dresse les compétences du conseil des ministres et en premier lieu : « Les orientations
stratégiques de la politique de l’État ».
933
L’article 48 C. indique que « Le Roi préside le Conseil des ministres composé du Chef du Gouvernement
et des ministres ».
934
Extrait du discours royal du 20 aout 2013.
935
Ibid.
936
BENDOUROU O., « Réflexions sur la Constitution du 29 juillet 2011 et la démocratie », », op.cit,
p.140.

P 632 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

« Les orientations stratégiques sont devenues un moyen permettant


au roi d’étendre ses attributions et de réduire par conséquent celles
du gouvernement. N’importe quel domaine peut être considéré
comme stratégique et relever ainsi des compétences royales.
Autrement dit, le roi peut élargir ses compétences pour récupérer
progressivement les compétences concédées explicitement au
gouvernement en vertu de la nouvelle Constitution »937. Ce constat
est révélateur, et rappelle que la monarchie en tant que constante
nationale consolidée par la Constitution de 2011, pourrait
constituer avec le principe de l’unité des limites en plus qui
pourraient ralentir le processus de la transition démocratique.
3. Le processus de démocratisation au Maroc à l’épreuve
des constantes nationales
Introduire les constantes nationales du Maroc dans une
analyse touchant à sa démocratisation revêt une importance
capitale. Leur respect est d’autant plus nécessaire pour guider les
réformes que pour limiter toute dérive non convenable au schéma
politique et démocratique en place.
Il va est certain que la marche vers la démocratie ne doit
jamais perdre de vue les données historiques, culturelles et
politiques spécifiques à chaque pays. Un modèle universel n’est
jamais forcément transposable à toutes les communautés humaines.
En revanche, les fondamentaux de la démocratie tels qu’ils sont

937
Ibid.

P 633 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

instaurés depuis le siècle des lumières, demeurent toujours valables


pour tout le monde.
L’article premier de la Constitution marocaine énonce que «
la Nation s’appuie dans sa vie collective sur les constantes
fédératrices, en l’occurrence la religion musulmane modérée,
l’unité nationale aux affluents multiples, la monarchie
constitutionnelle et le choix démocratique ». Ce sont les
fondamentaux qui font l’identité nationale du Maroc, et au même
temps les bornes qu’il ne faut jamais transcender. La logique de
notre recherche nous conduit à considérer deux constantes qui nous
semblent influentes dans l’analyse du sujet : la monarchie et la
question de l’unité.
Sans aller trop loin dans l’analyse de la démocratie, même si
elle constitue le chapitre dans lequel s’inscrit l’autonomie comme
forme évoluée du libéralisme, nous allons voir comment et
pourquoi les prérogatives du roi ne cessent de se fortifier, et quel
rapport ceci aurait-il avec la liberté d’initiative, à la fois de la
collectivité nationale et régionale (3.1). Ensuite nous allons vérifier
également dans quelle mesure l’idée de l’unité prend toujours le
dessus sur celle de l’autonomie (3.2).
3.1 Le renforcement des attributions du roi, éternel précurseur
des grandes réformes
La jonction entre la nature du régime politique d’un État et le
degré d’autonomie de ses régions peut paraître à première vue
invraisemblable. Pourtant l’influence de l’une sur l’autre est

P 634 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

évidente. D’une manière ou d’une autre, le politique oriente


l’administratif, voire même, le domine.
L’enjeu de la démocratie au Maroc ne doit pas être évalué
exclusivement à travers les différentes réformes entretenues à
l’échelon national ou local, mais surtout dans la vision royale, étant
donné que le roi est l’acteur principal de la scène politique.
L’institution royale avait toujours préservé la même réflexion
sur la nature et le mode d’emploi de la démocratie au Maroc, qui
s’appuie sur le fait que « chaque pays se doit d’avoir une
démocratie qui lui est spécifique »938. Dès son accès au pouvoir, le
roi définit la démocratie marocaine comme une forme particulière
liée à la spécificité du pays. Il ne s’agira en aucun cas d’une
adoption du modèle occidental, « La démocratie à l’espagnole est
bonne pour l’Espagne. Mais, c’est à un modèle spécifiquement
marocain que le Maroc aura à se référer »939.
Sur ce point précis, nous estimons qu’il n’y a pas de
démocratie à l’espagnole ou à la marocaine, la démocratie est
universelle et elle ne peut être réinventée car elle existe déjà. Seule
sa mise en place et les mécanismes de son exercice peuvent être
différents en fonction des particularités de chaque pays.
Mais, ce qui explique peut-être cette réticence au modèle
occidental c’est que l’institution royale était et reste encore le
principal catalyseur des changements politiques. Proposer de
grandes réformes ça revient à entrer en concurrence avec elle.

938
Extrait d’une interview royale accordée au magazine américain Time, du 26/06/2000.
939
Ibid.

P 635 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

Certes, le roi use de son pouvoir pour faire améliorer la qualité


démocratique et socio-économique du pays, mais sans, toutefois,
rompre avec les principes du régime monarchique, « il entend
toujours gouverner en plein pouvoir, sans renoncer à aucune
prérogative »940.
En dépit de l’intégration de principes démocratiques dans le
système politique marocain, la monarchie constitutionnelle
demeure basée sur la suprématie du roi. Au Maroc le roi est
¨souverain¨, la Constitution lui confère la supériorité des
prérogatives941 et la participation effective, voire, dominante dans
les trois pouvoirs. L’ « ambivalence de la Constitution de 2011
vient renforcer la suprématie du palais et ouvre la voie à la querelle
de l’interprétation entre d’un côté les légistes de la monarchie qui
veillent à perpétuer la conception sultanienne du pouvoir et de
l’autre côté des partis ou des organisations de la société civile qui
défendent une ¨interprétation démocratique¨ de la Constitution et
de sa mise en œuvre »942. Ceci se manifeste « d’abord, à travers la
participation évidente du monarque à l’exercice même du pouvoir
exécutif (…) le roi en assume en effet la codirection effective (…)

940
BELOUCHI B., « L’alternance, les mots et les choses », éd Afrique Orient, 2003, p.105.
941
Dans le Titre III de la Constitution, réservé à la royauté, l’article 47 précise que le roi « nomme le chef
du gouvernement (…) les membres du gouvernement (…) peut à son initiative (…) mettre fin aux fonctions
d’un ou de plusieurs membres du gouvernement (…) A la suite de la démission du chef du gouvernement,
le Roi met fin aux fonctions de l’ensemble du gouvernement…» ; l’article 48 indique que « Le Roi préside
le Conseil des ministres…» ; alors que dans l’article 51 « Le Roi peut dissoudre, par dahir, les deux
Chambres du Parlement ou l’une d’elles » ; il est selon les termes de l’article 53 « le Chef suprême des
Forces Armées Royales. Il nomme aux emplois militaires… » ; il préside suivant les dispositions de
l’article 54 « le Conseil supérieur de sécurité » ; le roi « signe et ratifie les traités » selon l’article 55 ; et
« préside le Conseil supérieur du pouvoir judiciaire » d’après l’article 56 ; il peut également proclamer
par Dahir « l’état d’exception » dans l’article 59.
942
MADANI M., « Constitutionnalisme sans démocratie : la fabrication et la mise en œuvre de la
Constitution marocaine de 2011 », op.cit, p.34.

P 636 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

Le roi en détient également les attributions les plus sensibles, au


regard de ses pouvoirs propres sur le plan diplomatique et militaire,
mais aussi des attributions confiées au Conseil des ministres, dont
il conserve la présidence (…) Ensuite, parce qu’il continue à puiser
sa légitimité dans son statut de commandeur des croyants, le roi
peut s’appuyer sur ce pouvoir califal (et la compétence générale qui
s’y rattache) pour justifier sa qualité d’organe législatif
potentiellement concurrent du Parlement (…) Enfin, s’agissant du
pouvoir judiciaire, dont l’indépendance n’est proclamée – de
manière ambivalente – qu’à l’égard des pouvoirs législatif et
exécutif, la nouvelle Constitution dote le monarque d’un statut de
¨garant¨ qui s’accompagne d’importantes prérogatives, tant en ce
qui concerne la présidence et la composition du nouveau Conseil
supérieur du pouvoir judiciaire que la nomination des magistrats,
dont l’article 57 prévoit qu’elle devra être systématiquement
approuvée par dahir (acte royal) dispensé de tout contreseing. Il en
va de même concernant la nouvelle Cour constitutionnelle, amenée
à remplacer le Conseil constitutionnel, et dont le président ainsi que
la moitié des membres demeurent – directement ou
indirectement – nommés par le roi »943. C’est la raison pour laquelle
il est presque l’acteur exclusif de toute grande réforme au Maroc,
y compris celle de la régionalisation avancée.

943
MELLONI D., « La Constitution marocaine de 2011 : une mutation des ordres politique et juridique
marocains », Revue Pouvoirs, , éd Le Seuil, n°145, 2013, p.10. (https://www.cairn.info/journal-pouvoirs-
2013-2-page-5.htm), consulté le 22/09/2020.

P 637 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

Certains auteurs pensent qu’ « il ne s’agit pas de soutenir que


cette dynamique est une dynamique de ¨transition
démocratique¨ »944 comme ce « fut le cas de la transition espagnole,
conduite par des réformateurs issus du franquisme. Au Maroc, il
est difficile de parler de transition démocratique, non pas parce que
le régime ne se serait jamais libéralisé, mais parce qu’il n’a jamais
été question de changement de régime au sens de remplacer les
institutions par d’autres »945.
Ce glissement politique et constitutionnel s’alimente d’une
interprétation extensive de l’article 19946, qui est à l’origine des
pouvoirs royaux. Cette lecture a transcendé la valeur symbolique
de l’article de telle manière que les frontières contenues dans
l’article 106947 de la Constitution de 1996 semblent ne pas
concerner l’article 19 dans sa globalité, mais uniquement certains
de ses fragments, à savoir la monarchie et l’Islam. La réédition de
cette vision discrétionnaire qui décompose l’article 19 de sa
référence symbolique s’est instituée sur l’ensemble de sa nouvelle
version dans la Constitution de 2011 qui s’est élaborée autour des

944
FERRIE J-N et DUPRET B., « La nouvelle architecture constitutionnelle et les trois désamorçages de
la vie politique marocaine », revue Confluences Méditerranée, éd L'Harmattan, n° 78, 3/2011, p. 25.
945
Ibid.
946
Cet article, qui fait partie du titre II intitulé « De la Royauté », est inscrit dans toutes les constitutions
du Maroc depuis la première de 1962 jusqu’à celle de 1996.
947
L’article dispose que « «La forme monarchique de l’État, ainsi que les dispositions relatives à la
religion musulmane, ne peuvent faire l’objet d’une révision constitutionnelle».

P 632 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

articles 41948 et 42949. Ils font tout les deux, respectivement,


référence à la qualité religieuse et temporelle des attributions du
roi. L’article 42 va même plus loin que l’article 19 des anciennes
constitutions, puisqu’il dote l’institution royale d’un lot
supplémentaire de prérogatives. Aussi le fait que l’article se
termine par « Les dahirs, à l'exception de ceux prévus aux articles
41, 44 (2ème alinéa), 47 (1er et 6ème alinéas), 51, 57, 59, 130 (1er
et 4ème alinéas) et 174 sont contresignés par le Chef du
Gouvernement » démontre que l’approche participative du pouvoir
est absente dans un ensemble de décisions.
Pour d’autres, c’est « face à des gouvernements qui se
succèdent et qui restent défaillants et des partis politiques absents
(…) la suprématie de la monarchie reste nécessaire dans la scène
politique actuelle (…) il est difficile de soutenir que le
gouvernement et le parlement accompagnent réellement le
processus de démocratisation. Il suffit de se rendre compte des
nombreuses réformes qui ne sont pas appliquées pour s’en
convaincre. Si la monarchie a le mérite d’engager des réformes qui

948
L’article précise que « Le Roi, Amir Al Mouminine, veille au respect de l'Islam. Il est le Garant du libre
exercice des cultes ; Il préside le Conseil supérieur des Oulémas, chargé de l'étude des questions qu'il lui
soumet ; Le Conseil est la seule instance habilitée à prononcer les consultations religieuses (Fatwas)
officiellement agréées, sur les questions dont il est saisi et ce, sur la base des principes, préceptes et
desseins tolérants de l'Islam ; Les attributions, la composition et les modalités de fonctionnement du
Conseil sont fixées par dahir ; Le Roi exerce par dahirs les prérogatives religieuses inhérentes à
l'institution d'Imarat Al Mouminine qui lui sont conférées de manière exclusive par le présent article ».
949
L’article stipule que « Le Roi, Chef de l'État, son Représentant suprême, Symbole de l'unité de la
Nation, Garant de la pérennité et de la continuité de l'État et Arbitre suprême entre ses institutions, veille
au respect de la Constitution, au bon fonctionnement des institutions constitutionnelles, à la protection du
choix démocratique et des droits et libertés des citoyennes et des citoyens, et des collectivités, et au respect
des engagements internationaux du Royaume ; Il est le Garant de l'indépendance du Royaume et de son
intégrité territoriale dans ses frontières authentiques ; Le Roi exerce ces missions par dahirs en vertu des
pouvoirs qui lui sont expressément dévolus par la présente Constitution ; Les dahirs, à l'exception de ceux
prévus aux articles 41, 44 (2e alinéa), 47 (1er et 6e alinéas), 51, 57, 59, 130 (1er alinéa) et 174 sont
contresignés par le Chef du Gouvernement ».

P 637 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

se sont avérées très importantes pour le développement


démocratique du pays, les hautes autorités politiques ne donnent
pas l’impression d’œuvrer pour leur mise en œuvre»950.
Partant d’un point de vue purement juridique, nous ne
pouvons ni justifier ni stigmatiser l’interventionnisme royal,
cependant, il ne relèverait sans doute pas de l’hérésie de percevoir
les limites de l’autonomie régionale dans les limites des institutions
législative et exécutive face aux pouvoirs du roi.
3.2 Une idée d’unité plus forte que l’idée d’autonomie
Au Maroc, il est difficile de concevoir une démarche
réformatrice qui ne prenne pas en compte les principes sacrés,
constitutionnalisés dans l’article premier de la loi fondamentale.
« On l’aura compris, la monarchie insiste sur le fait que la
démocratie dont il est question au Maroc ne saurait se construire
sur une rupture avec les principes sacrés du pays dont l’islam,
l’unité nationale et la monarchie, et ce qui représente l’identité de
tout Marocain »951. Cette obligation « mérite d’être clarifiée
puisque la nécessité de respecter les constantes nationales (…)
laisse place à des questionnements sur la relation entre ces
constantes dans le cadre du processus de démocratisation »952;
notamment entre le principe de l’unité, très présent dans toutes les
réformes qui ont suivi la Constitution de 2011, et la
démocratisation des institutions étatiques et infra-étatiques.

950
SAIDI AZBEG H., « Processus de démocratisation et monarchie constitutionnelle au Maroc », thèse de
doctorat en droit public, Université de Bordeaux Montesquieu, 2014, p. 293.
951
Ibid., p.361.
952
Ibid.

P 640 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

Comme nous l’avons déjà précisé, l’une des priorités sur


laquelle s’appuie la vision royale ainsi que l’ensemble des réformes
constitutionnelles, législatives et réglementaires est la question de
l’unité. Le roi appelle à « l’attachement aux sacralités et aux
constantes de la nation, notamment l’unité de l’État, de la nation et
du territoire »953. Précisons que l’unité de l’État est représentée par
l’unité de la nation dans la diversité culturelle, géographique,
linguistique et historique des régions qui la composent. Cette
composition hétérogène de tous les fragments de l’État nécessite
tout naturellement des réponses différenciées aux besoins et aux
revendications, selon les particularités de chaque population.
Nous savons que la tendance actuelle dans le monde est
d’offrir aux entités infra-étatiques une marge très importante
d’autonomie pour gérer leurs affaires locales, que ce soit dans le
cadre du fédéralisme comme la plupart des grands États du monde
(USA, Allemagne, Russie, Canada…), ou bien dans des États
régionaux tout aussi développés comme c’est le cas de l’Espagne
ou de l’Italie. Or, certains auteurs affirment que « Le Maroc n’est
pas un État fédéral. Aucune des collectivités composantes (régions,
préfectures, provinces, communes) ne dispose d’un pouvoir
normatif initial insusceptible d’être éliminé par la collectivité
supérieure. L’article 2 de la Constitution affirme que ¨ La
souveraineté appartient à la Nation qui l’exerce directement par
voie de référendum et indirectement par l’intermédiaire de ses

953
Discours royal du 3 janvier 2010.

P 641 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

représentants¨. La souveraineté est, dans la conception classique,


un attribut caractéristique de l’État. Il en résulte que l’indivisibilité
de la souveraineté est aussi celle de l’État et qu’autant que l’unité
de l’État elle s’oppose au fédéralisme. En outre, l’article 42 de la
Constitution précise que ¨ Le Roi Chef de l’État, son Représentant
Suprême, Symbole de l’unité de la Nation (…) Il est le Garant de
l’indépendance du pays et de l’intégrité territoriale du
Royaume…¨. Par conséquent, la décentralisation ne peut conduire
à donner à une collectivité territoriale la forme d’un État »954. Cet
énoncé renvoie à deux idées essentielles, tout aussi discutables
l’une que l’autre. La première, qui est à notre avis la moins
pertinente, évoque le pouvoir normatif, en tant qu’expression
suprême de l’autonomie, dans le seul cadre fédéral, négligeant ainsi
sa présence et son développement aussi dans des États initialement
unitaires, mais qui ont évolué vers une forme régionale qui offre
également des pouvoirs normatifs à leurs entités régionales, sans
pour autant devenir des États fédéraux (l’Espagne par exemple). Il
est certain que l’unité de l’État s’oppose au fédéralisme, puisqu’un
État fédéral n’est plus un État unitaire, aussi la décentralisation ne
conduit pas forcément à cette forme décomposée de l’État, mais
elle peut proposer une forme régionale beaucoup plus adaptée à un
État unitaire. En sus, un pouvoir normatif régional ne constitue pas
nécessairement une cause de décomposition de la souveraineté car
« elle serait une norme suprême fictive servant à faire accepter la

954
EL YAAGOUBI M., « Le droit administratif, thématique », op.cit, pp. 102/103.

P 642 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

puissance juridique de l’État, la source d’une métaprérogative


conférant à l’État l’indépendance juridique vis-à-vis de l’extérieur
et la suprématie et l’omnicompétence juridiques à l’intérieur. La
souveraineté serait une norme (supposée et non positive, donc un
concept) attributive de compétence conférant à l’État un droit dont
il serait le seul titulaire originaire possible : le droit au droit »955.
La deuxième idée, qui s’appuie sur l’article 42 de la
Constitution pour présenter le roi comme un ¨symbole de l’unité de
la nation¨, ne semble pas être complètement fondée eu égard à son
attachement à la première idée du pouvoir normatif. Si on considère
la symbolique du roi dans la préservation de l’unité nationale, par
opposition au fédéralisme, ceci n’enlève en rien à la capacité
normative des entités infra-étatiques dans une autre forme outre
que le fédéralisme. L’analyse de la réflexion de l’auteur pose le
constat que la royauté, garante de l’unité, n’est pas compatible avec
une idée d’autonomie élargie qui offrirait à la région un pouvoir
normatif. Il pense qu’ « Il est évident que la réforme régionale ne
devrait pas porter atteinte à l’unité de l’État »956. S’appuyant sur
l’argumentation de CHEVALIER J., il ajoute que « La
régionalisation relève d’une dynamique centrifuge qui, poussée au-
delà d’un certain seuil peut distendre et même casser le lien
d’allégeance nationale. Le rapport entre l’identité régionale et
l’identité nationale n’est plus de complémentarité et

955
Barraud B., « La souveraineté et la norme fondamentale », Les ANNALES DE DROIT, Presses
universitaires de Rouen et du Havre, n°12, 2018, p.10.
(https://journals.openedition.org/add/878?lang=en), consulté le 07/09/2020.
956
YAAGOUBI M., « Le droit administratif, thématique », op.cit, p.103.

P 643 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

d’enrichissement réciproque, mais d’opposition et de


substitution¨ »957. Nous retenons de l’argument de l’auteur
l’hypothèse de casser l’allégeance nationale, c’est-à-dire cette sorte
d’obligation de fidélité ou de soumission à la nation et au roi, pour
préciser qu’il ne s’agirait nullement de rupture de lien d’allégeance
à l’égard de la nation ou du roi lorsque chaque région légifère pour
satisfaire les intérêts de sa population locale, tout en restant partie
intégrante d’un ensemble national. La régionalisation dans ses
formes les plus démocratiques (régionalisation politique) est
aujourd’hui l’une des manifestations les plus brillantes de la
démocratie en générale ; le fait de la rejeter sous prétexte de rompre
l’allégeance nationale remet en cause tout le processus
démocratique et pose la démocratie et l’allégeance sur un niveau
de concurrence. Dans ce cas, il faudrait faire un choix entre
modernisation et maintien de constantes nationales.
b. Bibliographie
Articles :
BABY S., «La mémoire malmenée de la transition espagnole
à la démocratie », Presses de Sciences Po, Vingtième Siècle, Revue
d'histoire, n°127, 2015 ;
Barraud B., « La souveraineté et la norme fondamentale »,
Les ANNALES DE DROIT, Presses universitaires de Rouen et du
Havre, n°12, 2018 ;

957
Ibid.

P 644 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

BELOUCHI B., « L’alternance, les mots et les choses », éd


Afrique Orient, 2003;
BENDOUROU O., « Réflexions sur la Constitution du 29
juillet 2011 et la démocratie », », éd La Croisée Des Chemins, La
nouvelle Constitution marocaine à l’épreuve de la pratique, 2014;
El MOSSADEQ R., « Les dérives du pouvoir constituant »,
éd La Croisée Des Chemins, La nouvelle Constitution marocaine à
l’épreuve de la pratique, 2014;
FERRIE J-N et DUPRET B., « La nouvelle architecture
constitutionnelle et les trois désamorçages de la vie politique
marocaine », revue Confluences Méditerranée, éd L'Harmattan, n°
78, 2011 ;
Interview royale accordée au magazine américain ¨Time¨, du
26/06/2000 ;
MADANI M., « Constitutionnalisme sans démocratie : la
fabrication et la mise en œuvre de la Constitution marocaine de
2011 », in BENDOUROU O., EL MOSSADEQ R., MADANI M.,
(dir.), La nouvelle Constitution marocaine à l’épreuve de la
pratique, Actes du colloque organisé les 18 et 19 avril 2013, éd La
Croisée Des Chemins, 2014 ;
MELLONI D., « La Constitution marocaine de 2011 : une
mutation des ordres politique et juridique marocains », Revue
Pouvoirs, éd Le Seuil, n°145, 2013;
ROUYER M., «Les promesses du constitutionnalisme»,
Raisons politiques, n° 10, 2003 ;

P 645 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

Yassine A., « Islamiser la modernité », éd Al Ofok


impressions, 1998.
Textes :
Constitution du Maroc de 2011 ;
Constitution d’Espagne de 1978 ;
Loi constitutionnelle n° 2003-267 du 25 mars 2003 relative
au mandat d'arrêt européen ;
Loi constitutionnelle n° 2003-276 du 28 mars 2003 relative à
l'organisation décentralisée de la République.
Discours royaux :
Discours du 9 mars 2011 ;
Discours royal du 20 aout 2013.
Sites :
https://journals.openedition.org/add/878?lang=en;
https://www.cairn.info/journal-pouvoirs-2013-2-page-5.htm;
https://www.cairn.info/revue-vingtieme-siecle-revue-d-
histoire-2015-3-page-42.htm.
Thèses :
SAIDI AZBEG H., « Processus de démocratisation et
monarchie constitutionnelle au Maroc », thèse de doctorat en droit
public, Université de Bordeaux Montesquieu, 2014.
Cordonnées personnelles :
Adresse : 70, Rue Gutemberg, n°4, Emssallah, Tanger
Adresse électronique : mezgheri@gmail.com
Téléphone : 0674121314

P 646 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

é
é

L’industrie déterminant de l’avantage


concurrentiel national
Introduction :
Les schémas par lesquels les entreprises créent et
maintiennent un avantage concurrentiel à l'échelle mondiale
constituent la principale piste de toute analyse du rôle du pays
d'origine dans le processus de développement économique 958.
A cet effet, l’enjeu du cadre national est appréhendé d’abord,
à travers la nature de la compétitivité et la source de l’avantage
concurrentiel qui varient d’une industrie à une autre et même d’un
segment à un autre, ensuite à travers l’examen des conditions de
réussite internationales des firmes opérants à l’échelon national et
enfin, à travers les préalables permettant d’expliquer les raisons du
renforcement et de l’amélioration d’une position concurrentielle.
A cette fin, dans son livre intitulé "L'avantage compétitif des
nations", M. PORTER explique pourquoi un pays a plus de chances
d'être un pays d'origine que d'autres, et pourquoi certains pays

958
PORTER définit le pays d’origine comme étant le pays où l’on définit une stratégie, où sont élaborés
les produits et les procédés majeurs, et où résident les savoirs appartenant en propre à l’entreprise. C’est
la plateforme de la stratégie globale d’une industrie, le lieu où s’opère la complémentarité entre
avantages domestiques et avantages issus d’une position mondiale.

P 647 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

excellent dans la compétition internationale tandis que d'autres


échouent.
Dans ce contexte, la problématique centrale qui nous
interpelle est de savoir: quel est le rôle de l’industrie pour
construire un avantage concurrentiel national ?
Enfin, Pour répondre à cette question on va voir notre travail
de recherche en quatre points essentiels déterminants de l’avantage
concurrentiel national (facteurs, la demande, l’industrie, stratégie,
de structure et de rivalité des Organisations), dont on définira aussi
l’avantage concurrentiel
1/L’avantage concurrentiel et les facteurs
Le modèle de PORTER permet surtout d’aller au-delà des
traditionnels avantages comparatifs qu’on attribue à un pays
comme le territoire, le climat, les ressources naturelles ou la taille
de la population. Ces derniers critères s’avèrent en fait assez
superficiels dans la course à l’avantage compétitif réel.
Le diamant (le losange) de Porter dispose de quatre branches,
qu’on identifie comme les facteurs avancés liés à l’avantage
concurrentiel : Il s’agit de l’état des facteurs, de l’état de la
demande, la relation avec les industries de support (logistique,
distribution), et les différences de stratégie, de structure et de
rivalité des Organisations ( Figure 1). PORTER avance que les
pays sont plus à même de réussir dans les industries où le losange
national est le plus favorable.

P 642 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

Ce modèle met l’accent sur le point que l’Etat et le hasard


sont des facteurs extérieurs au diamant, bien que l’Etat joue un rôle
prépondérant dans la performance économique d’un pays.
Figure 1 : Les déterminants de l’avantage national

Source : M. PORTER, l’avantage concurrentiel des nations,


P. 141.
Pour ce qui concerne les facteurs on peut distinguer
l’importance relative de chaque facteur varie d’une industrie à une
autre et d’un secteur à l’autre, à cet effet, l’enjeu pour une économie
n’est pas uniquement comment créer les facteurs, mais également
leur mode de redéploiement, étant donné que l’excellence humaine

P 647 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

et technologique peut exister dans de nombreuses industries, donc


la disponibilité de tel ou de tel facteur est une explication suffisante
des performances au plan de la compétitivité959 .
Le rôle des facteurs dans la construction et le développement
d’un avantage concurrentiel est conçu au travers de leur allocation,
de telle manière qu’ils contribuent à l’amélioration de la
productivité, et non à travers la facilité de leur accession.960
Cependant,
Leur apport dans la réussite dans la compétition globale se
mesure par rapport aux autres composantes de l’avantage
concurrentiel d’une nation961.
1.1 .Typologie des facteurs
Selon la variété et la spécificité de leurs emplois, M.
PORTER distingue respectivement deux catégories de facteurs, la
première catégorie regroupe les facteurs élémentaires et complexes
et la deuxième regroupe les facteurs non spécialisés et les facteurs
spécialisés.
 Les facteurs élémentaires et les facteurs complexes.
Cette première catégorie met en évidence la variété des
facteurs selon leurs disponibilités en état naturelle et leurs
éventuels mécanismes de créations, étant donné que rare sont les
facteurs de production qui sont naturellement disponibles, d’où la

959
Michael PORTER, « Avantage concurrentiel des nations », Inter Edition, 1993, P. 84.
960
Claude MOZEROLE, « La mondialisation : théories, enjeux et débats », A. Colin, Paris 2005.
961
Djamila KACEMI, « Diagnostic économique et financier des programmes de stabilisation et
d’ajustement structurel de l’économie algérienne »Thèse de doctorat en sciences économiques,
Université Lyon 2 2008.

P 650 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

nécessité d’investissement continue dans leurs création et


amélioration.
 Les facteurs élémentaires : Ce type de facteurs échoient
au pays d’une façon naturelle ou peuvent être obtenus par
des investissements publics ou privés relativement faibles.
Quoiqu’ils contribuent à la création d’un avantage
concurrentiel difficile à préserver, ils revêtent de moins en
moins d’intérêts. Les facteurs élémentaires présentent les
caractéristiques suivantes :
- Ils sont de plus en plus disponibles sur les marchés
internationaux ;
- Ils conduisent les entreprises à se localiser dans les zones
de main-d’œuvre bon marché, mais ils n’expliquent pas pourquoi
tel pays devient le pays d’origine d’une telle ou d’une telle
industrie;
- Ils demeurent primordiaux dans les industries d’extraction,
liées à l’agriculture ou les industries exigeant peu de qualifications
technologiques ;
 Les facteurs complexes : Ce type de facteurs requièrent
des efforts d’investissements continus en équipements et
en formation. De même, les centres de formations et les
organismes censés former ce type de facteurs ont eux
même besoins de ressources humaines et technologiques
sophistiquées.
 Les facteurs spécialisés et non spécialisés

P 651 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

Cette frange de facteurs se différencie par rapport à la


spécificité d’emploi dans une telle ou une telle industrie et
également d’un secteur industriel à un autre.
 Les facteurs non spécialisés : dans cette catégorie de
facteurs ; nous pouvons citer à titre d’exemple les réseaux
routiers, le marché financier et une population active
suffisamment instruite et bon marché. Les facteurs non
spécialisés sont susceptibles d’être utilisés par un nombre
d’industries différentes, ils contribuent à la génération
d’avantages concurrentiels relativement sommaires ;
faciles d’être annulés ou contournés par les F.M.N ou
même d’être reproduits par d’autres pays et ils sont en
majorité disponibles dans tous les pays.
 Les facteurs spécialisés : Il s’agit d’individus possédant
des compétences spécifiques, d’infrastructures
particulières et tous les facteurs ne concernant qu’un
nombre limité d’industries. Ces facteurs permettent
l’acquisition d’avantages concurrentiels plus durables, ils
requièrent des investissements publics et privés plus
audacieux, ils sont rares et ils conditionnent l’innovation,
leurs productivité ailleurs est faible mais leur présence
dans le pays d’origine est indispensable962 .
Cependant, la disponibilité dans un pays à la fois des facteurs
spécialisés et des facteurs complexes nécessaires, confère à ses

962
M. PORTER, P. 87

P 652 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

industries l’opportunité de construire des avantages concurrentiels


sophistiqués et durables. A l’inverse, un avantage concurrentiel
bâtit sur le binôme facteurs élémentaires-facteurs non complexes
ne sera jamais élaboré et demeurera souvent éphémère, il durera
jusqu’au moment où un pays nouveau venu à la concurrence sera
en mesure de rivaliser avec le pays dominant963 .
A cet effet, on attribue à l’avantage par les facteurs un aspect
dynamique important, dont le niveau général des composantes d’un
avantage ne cesse de progresser (les compétences, les avancés de
la science et les techniques), d’où l’impératif de la formation et le
recyclage permanant des facteurs
1.2.La création de facteurs
La réussite d’un pays dans la course vers les avantages
concurrentiels, réside dans les secteurs où il se révèle
particulièrement apte à créer les facteurs nécessaires tout en
assurant leur amélioration permanente, d’où l’impératif possession
de mécanismes institutionnels performants de création de facteurs.
Ces mécanismes représentent la matrice fondamentale de la
compétitivité internationale dans une industrie, et devient de plus
en plus importants que les facteurs.
Par ailleurs, si les facteurs élémentaires et les facteurs non
spécialisés sont naturellement disponibles ou accessibles par de
faibles investissements et revêtent une importance marginale, les
facteurs les plus complexes et les plus spécialisés (vue les

963
M. PORTER P. 88

P 653 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

avantages durables qu’ils engendrent) suscitent de plus hauts


intérêts.
Dans un climat économique de plus en plus mondialisé
entrainant une compétitivité internationale de plus en plus féroce,
où la qualité moyenne des facteurs ne cesse de croitre au plan
mondial, l’impératif n’est pas seulement d’investir pour créer des
avantages concurrentiels, mais de réinvestir pour améliorer la
qualité des ressources c’est-à-dire de veiller à ce-que les facteurs
ne se déprécient pas964.
Néanmoins, la création et la valorisation de toutes les
gammes de facteurs n’est pas à la portée de tous les pays, d’où la
nécessité de sélectionner les domaines et les types de facteurs
décisifs pour une éventuelle allocation d’investissements
respectifs.
1.3 .Les handicaps au niveau des facteurs
L’existence d’handicaps partiels au niveau de certains
facteurs965, peut se révéler catalyseur d’une innovation
compensatrice966 dans la mesure où les entreprises seront
perspicaces et déterminées à les surmonter.
Ce type d’handicaps survient dès lors que les entreprises d’un
pays se trouvent dans l’obligation de payer le prix d’un facteur
donné, considérablement plus élevé que prix payé par ses

964
M. PORTER, PP.89-90.
965
On parle uniquement d’handicaps partiels, car l’excès d’handicaps peut déboucher sur la paralyse de
toute l’activité.
966
Une innovation capable d’éliminer de contourner ou de réduire le besoin en facteurs similaires,
particulièrement dans les facteurs élémentaires et non spécialisés.

P 654 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

concurrents étrangers. Cependant, l’abondance au sein d’une


économie de facteurs élémentaires entretient les entreprises dans
une autosatisfaction illusoire et entrave la mise en œuvre de
technologies plus complexes, et, les avantages concurrentiels qu’ils
entrainent tel que la croissance de la productivité, sont souvent
éphémères967.
A cet effet, les handicaps existants au niveau des facteurs
incitent les entreprises à ne pas se reposer sur les coûts de facteurs,
une option qui en plus de la compensation des handicaps permettra
la génération d’avantages de facteurs nouveaux, néanmoins le rôle
positif d’handicaps partiels dans l’innovation dépend des autres
déterminants tels que les ressources humaines adéquates, des
condition de demandes intérieure favorables et un engagement
soutenu des entreprises dans l’industrie considérée968.
2/La demande
Les caractères de la demande intérieure pour un bien ou un
service offert par un secteur constituent le deuxième déterminant
de l'avantage concurrentiel d'une nation. En effet, en plus de
l’intérêt statique quelle offre pour une économie par l’effet des
économies d’échelles, l’essentiel de son influence est dynamique
du fait qu’elle module le rythme et la qualité des progrès et des
innovations accomplis par les entreprises d’un pays969. Selon

967
PORTER, P. 92
968
M. PORTER, PP. 91-92
969
M. PORTER, P. 95.

P 655 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

M.PORTER, trois principales caractéristiques conditionnent


l’ampleur de la demande, il s’agit :
 De la composition de la demande intérieure (la nature des
besoins des consommateurs);
 Du volume et du mode de croissance de la demande;
 Des mécanismes par lesquels les préférences intérieures sont
transmises aux marchés étrangers (internationalisation de la
demande intérieure).
2.1.La composition de la demande intérieure
Michael Porter affirme que c'est la qualité (la nature et la
variété) de la demande sur le marché intérieur qui l'emporte sur la
quantité, dans la détermination de l'avantage concurrentiel. La
composition de la demande intérieure définit la façon dont les
entreprises appréhendent les besoins des consommateurs et les
satisfont.
Par conséquent, les éventuels avantages concurrentiels à
développer résideront dans les industries ou segments d’industries
ou les entreprises domestiques comprennent mieux et plus vite la
demande intérieure que leurs concurrents étrangers 970 . En incitant
les entreprises à innover, la demande intérieure contribue à la
sophistication des avantages concurrentiels crées.
PORTER énumère trois principales caractéristiques de la
demande intérieure :

970
M. PORTER, PP. 95-96.

P 656 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

- La segmentation de la demande : elle est déterminée par la


répartition de la demande pour divers variétés de produits
au niveau national, quoique certains segments industriels
sont plus globaux que d’autres, la segmentation de la
demande caractérise la plus part des industries971. La
portée de la segmentation de la demande dans la création
des avantages concurrentiels tout en étant conditionnée par
l’existence d’éventuelles économies d’échelles, tire son
importance dans le fait que les petits pays peuvent être
compétitifs dans tous les segments qui représentent une
part notable de leurs demande intérieure tout en
représentant une part modeste dans la demande à
l’étranger972 .
- La sophistication et l’exigence de la clientèle : la qualité
de la demande revêt une importance intrinsèque supérieure
à celle de la gamme des segments. En effet, le degré de
sophistication de la clientèle influencé principalement par
les facteurs de proximité et d’identité culturelle, contribue
à la perception par les entreprises des spécificités et des
complications des besoins au niveau global d’une part, et
la perception de la naissance de nouveaux produits, ce qui
permet l’implication de la clientèle au niveau du
développement des nouveaux

971
A l’exemple d’automobile dont on peut distinguer les voitures à grand cylindres et les voiture à petits
cylindres
972
M. PORTER, P. 98

P 657 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

- produits. L’ampleur de ce phénomène sera d’une grande


importance dès que la clientèle soit des entreprises973 .De
ce fait, une clientèle sophistiquée et exigeante contraint les
entreprises domestiques à progresser et à gagner des
segments toujours plus complexes974, ce qui engendre
l’enrichissement permanant de leurs avantages
concurrentiels construits975 .
- Anticipation des besoins des clients : en plus de
l’anticipation des besoins (nationaux et étrangers) appelés
à se généraliser qui par conséquent ; stimule le
développement des nouveaux produits, une demande
locale incitée par une clientèle hautement sophistiquée
contribue également au perfectionnement progressif des
produits existants. De ce fait, les entreprises domestiques
se voient offrir une opportunité d’accéder à des segments
industriels émergents et à l’amélioration des avantages
concurrentiels construits.
En somme, chacune des caractéristiques de la demande lance
différents signaux aux marchés et contribue à divers titres à la
définition, au modelage et à la satisfaction du marché
2.2.Le volume et le mode de croissance de la demande

973
Une clientèle constituée d’entreprises permet d’entrainer d’étroites collaborations dans le
développement de l’activité en général.
974
Le climat, la situation géographique, la fiscalité, la variété des normes et les contraintes sociales sont
autant de facteurs qui contribuent à la naissance d’une clientèle exigeante.
975
M. PORTER, P. 99.

P 652 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

Le volume et le mode de croissance de la demande intérieure


amplifient les positions concurrentielles acquises en influençant le
mode, la rapidité et la motivation des investissements. Ce que
confirme PORTER en précisant qu’une demande intérieure
sophistiquée ayant un effet d’anticipation des besoins
internationaux, elle peut par son volume et son mode de croissance
conforter un avantage concurrentiel national976 .
Cependant, dans les industries caractérisées à la fois par un
volume de la demande considérables et par un fort potentiel
d’économies d’échelles, les entreprises seront contraintes d’établir
des stratégies permettant d’accaparer la part tout en inscrivant les
besoins étrangers dans leur menu. Par ailleurs, les avantages
concurrentiels construits sur la base d’une demande domestique
étendue, peuvent constitués un véritable catalyseur du dynamisme
investissement et réinvestissement pour les entreprises locales.
En outre, le taux d’investissement est conditionné par la
vitesse de la croissance du marché domestique que de sa taille en
valeur absolue. Une allure qui présente une incitation pour
l’adoption des nouvelles industries et l’extension de leurs capacités
de production.
Néanmoins, la création d’éventuels avantages concurrentiels
est conditionné par la nature de la demande domestique, elle doit
en effet porter sur des segments appelant une demande similaire à
l’étranger.

976
M. PORTER, P. 104.

P 657 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

2.3.L’internationalisation de la demande intérieure


Par rapport à la finalité d’internationalisation de la
production domestique, donc de l’insertion dans la dynamique du
commerce mondial, le rôle de la demande est perçu à travers les
mécanismes d’internationalisation de biens et services produits au
niveau local d’une part, et par la façon dont elle véhicule à
l’étranger les besoins initialement domestiques. PORTER cite le
cas d’une clientèle - qu’elle soit domestique ou étrangère -
géographiquement mobiles, les voyages effectués à l'étranger,
peuvent mettre en évidence une opportunité de marché pour une
entreprise et contribuer à établir la présence de cette dernière assez
rapidement977.
3.L’industrialisation
C’est le troisième déterminant de l’avantage concurrentiel
national, il porte sur l'aptitude d'un secteur d'activités à collaborer
avec ses fournisseurs attitrés. En effet, la présence d'un bassin de
fournisseurs dans le marché intérieur peut procurer des avantages
à une entreprise. Une industrie de soutien, ou industrie amont,
lorsqu'elle est bien développée, constituera un avantage pour de
nouvelles firmes dans un secteur donné, en particulier dans les
domaines où les produits sont nouveaux dans un marché émergent
et en croissance.978

977
A titre d’exemple, PORTER cite le cas d’une clientèle d'étrangers venue en formation ou des touristes,
qui en revenant dans leur pays d'origine, véhiculent avec eux certaines valeurs acquises dans le pays
d'accueil, et créent ainsi un besoin pour certains produits.
978
Abdelkader SID AHMED, « économie de l’industrialisation à partir des ressources naturelles (I.B.R) »
Tome 1, PUBLISUD, 1989.

P 660 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

Une entreprise peut bénéficier de gains d'efficacité, de


communications rapides et de produits à prix intéressants lorsque
ses fournisseurs sont solides et à proximité géographique.
3.1. L’avantage concurrentiel des industries amont
Une gamme d’industries amont compétitives apporte de
notables opportunités pour les industries en aval dans la course vers
la conquête de l’avantage concurrentiel.
Elle offre l’opportunité d’accéder d’une façon efficace,
rapide, précoce et préférentielle aux inputs offrant le meilleur
rapport qualité/prix ; elle facilite et accélère le processus de
construction des avantages concurrentiels par la solide
coordination qu’elle procure et incite la modernisation et
l’innovation notamment dans le cas où elle est d’une dimension
internationale979 .
Grâce à cette interaction, l'entreprise peut bénéficier d'un
accès rapide à l'information, aux idées neuves et aux innovations
de ses fournisseurs. En retour, les fournisseurs y gagnent l'accès à
l'information sur les produits et les débouchés, qui leur permettent
d'améliorer leurs intrants et procédés.
3.2. L’avantage concurrentiel des industries apparentées
De façon similaire, la présence d'industries apparentées
procure des avantages concurrentiels à une nation et à ses
entreprises. Les firmes apparentées, qui disposent en l'occurrence
d'activités similaires ou identiques dans leurs chaînes de valeur

979
M. PORTER, P. 113.

P 661 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

respectives980, peuvent coordonner ou partager ces activités, en


particulier dans le domaine du développement.
Les firmes concurrentes peuvent bénéficier de gains de coûts,
d'occasions de production et d'innovation. Les firmes
complémentaires, quant à elles, profitent d'économies de coûts ou
d'innovations qui créent de nouvelles possibilités non perçues
auparavant981.
4.Stratégies, structures et rivalités des organisations
Les stratégies, les structures et les rivalités des organisations
constituent le quatrième pilier de l’avantage concurrentiel national,
étant donné que ; l’avantage concurrentiel national apparaît dans
les industries où les pratiques de management et les pratiques
organisationnelles induites par le cadre national convient bien aux
sources d’avantage concurrentiel spécifique de l’industrie
considérée982 .
Par ailleurs, les objectifs établis par les organisations ainsi
que les motivations qui animent les dirigeants et les salariés, varient
d’un pays à un autre et à l’intérieur d’un même pays.

980
M. PORTER définit la chaîne de valeur comme étant l’outil d’analyse qui permet d’identifier les
activités clés pour l’obtention d’un avantage concurrentiel parmi l’ensemble des activités que la firme
doit mettre en œuvre pour satisfaire un secteur ou segment. Il distingue a trois grandes catégories
d’activités dans une chaîne de valeur : les activités de soutien, les activités primaires liées à la production
et les activités primaires liées à la vente et au contact client. La chaîne de valeur permet de mettre en
évidence les activités clés de la firme, c’est à dire celles qui ont un impact réel en termes de coût ou de
différenciation par rapport aux concurrents. Le processus d’élaboration d’une chaîne de valeur doit
permettre à l’entreprise de connaître la stratégie à adopter pour réussir sur un secteur donné, la chaîne
de valeur idéale pour réussir cette stratégie, le positionnement des chaînes de valeur des concurrents et
de l’entreprise par rapport à celle ci, et enfin connaître ses forces et faiblesses afin de mieux orienter ses
décisions stratégiques.
981
ESSAMA NANGA , .E.E. et WOROU HOUNDEKON, .R.D. 2021. COOPETITION ET AVANTAGE
CONCURRENTIEL DANS LES ENTREPRISES DE LA TELEPHONIE MOBILE : LE CAS DU CAMEROUN. Revue
Française d’Economie et de Gestion. 2, 4 (avr. 2021).
982
M. PORTER, P. 119.

P 662 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

De ce fait, la réussite d’une organisation dépend d’une part,


du cadre national, et d’autre part, de la pertinence de leurs objectifs,
des objectifs des individus et des rivalités domestiques983.
Conclusion
L'environnement économique mondial est en constante
évolution. De nouvelles tendances sont nécessaires pour
caractériser de nouveaux paradigmes dans lesquels seules la
compétitivité et la rapidité d'adaptation peuvent relever les défis et
garantir la survie des entreprises et l'amélioration de la
compétitivité nationale.
La complexité croissante d'une industrie ou d'un segment
d'industrie fait intervenir un grand nombre de déterminants.
L'avantage concurrentiel de ces industries dépend du rythme de
modernisation de l'innovation, et seule la combinaison de tous les
déterminants peut créer les interactions et les conditions propices
au succès international.
Cependant, un engagement permanant dans la construction et
l’amélioration des bases concurrentielles des industries
domestiques constitue le défi majeur de toute économie, étant
donné que les déterminants du succès varient d’une industrie à
l’autre voir d’un segment industriel à un autre. Dès lors, le succès
à l’échelon international survient quand une nation dispose de
facultés et d’un engagement sans relâche à la construction et

983
Michael PORTER, « L’Avantage concurrentiel : comment devancer ses concurrents et maintenir son
avance ». DUNOD, Paris 1999. Et également, M. PORTER, « What is Strategy », Harvard Business Review,
1996.

P 663 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

l’enrichissement des déterminants de l’avantage concurrentiel


national.
Bibliographie :

 Abdelkader SID AHMED, « économie de


l’industrialisation à partir des ressources naturelles (I.B.R) » Tome
1, PUBLISUD, 1989.
 Claude MOZEROLE, « La mondialisation : théories,
enjeux et débats », A. Colin, Paris 2005.
 Elsa ASSIDON, « Les théories économiques du
développement », La Découverte 2002
 ESSAMA NANGA , .E.E. et WOROU
HOUNDEKON, .R.D. 2021. COOPETITION ET AVANTAGE
CONCURRENTIEL DANS LES ENTREPRISES DE LA
TELEPHONIE MOBILE : LE CAS DU CAMEROUN. Revue
Française d’Economie et de Gestion. 2, 4 (avr. 2021).
 M. PORTER, « What is Strategy », Harvard Business
Review, 1996.
 Michael PORTER, « Avantage concurrentiel des
nations », Inter Edition, 1993.
 Michael PORTER, « L’Avantage concurrentiel :
comment devancer ses concurrents et maintenir son avance ».
DUNOD, Paris 1999.

P 664 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

à é é
é

Le droit à l’oubli numérique


Résumé
la notion du droit à l'oubli numérique, soulève des questions
complexes liées à la protection de la vie privée et à la circulation
de l'information sur Internet. Il met en évidence les défis pratiques
et les tensions entre la libre expression et la suppression des
données personnelles. Les législations et réglementations ont tenté
de reconnaître ce droit, mais sa mise en œuvre reste complexe.
L’importance d'une sensibilisation et d'une responsabilisation
accrues des internautes dans la gestion de leurs données
personnelles, et l’appelle à une évolution continue du droit à l'oubli
numérique pour trouver un équilibre entre la protection des
individus et la libre circulation de l'information dans le monde
numérique est une nécessité incontournable.
Mots-clés : droit de l’oubli numérique, protection de la vie
privées, circulation de l’information, défis pratiques, équilibre,
sensibilisation.
Introduction
Aujourd’hui, avec la généralisation de l’Internet, de
l’évolution galopante des logiciels, les techniques de piratage et
d’usurpation, de « l’inaccessible qui devient facilement
accessible », la vie privée de l’individu semble être menacée et la

P 665 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

protection de ses données à caractère personnel ne sont plus à l’abri


de la violation.
Cette « révolution numérique » qui permet de sauvegarder les
données personnelles des individus est considérée selon Jacque
Therod comme un point qui porterait atteinte au droit humain le
plus fondamental, qui est le droit à l’oublie984. De nouveaux défis,
de nature à perturber la vie privée des individus par la conservation
de leur donnée par les moteurs de recherches pendant une durée
indéterminée, et le risque de leur réapparition, ont conduit une
réflexion croissante sur la nécessité de consacrer un nouveau droit
lié intrinsèquement à cette nouvelle technologie : qui est le droit à
l’oublie numérique985.
La notion de droit à l'oubli numérique a gagné en importance
à la suite de décisions clés de la Cour de justice de l'Union
européenne en 2014. Dans l'affaire Google Spain contre AEPD, la
Cour a reconnu le droit des individus à demander la suppression de
liens vers des informations personnelles sensibles et périmées,
considérant que le respect de la vie privée doit prévaloir sur l'intérêt
public à l'information.
Depuis lors, de nombreux pays ont pris des mesures pour
mettre en œuvre le droit à l'oubli numérique dans leur législation,
bien que les approches puissent varier. Certains pays ont adopté des
lois spécifiques, tandis que d'autres se sont appuyés sur des

984
Yves Détraigne et Anne-Marie Escoffier, Rapport d’information n°441 (2008-2009), la vie privée à
l’heure des mémoires numériques : pour une confiance renforcée entre citoyens et société de
l’information.
985
Voir à ce sujet la réflexion récente de la CNIL, dans son rapport annuel 2013, disponible sur le site :

P 666 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

réglementations plus larges sur la protection des données


personnelles.
Cependant, la mise en œuvre du droit à l'oubli numérique
soulève également des questions complexes, notamment en ce qui
concerne l'équilibre entre le droit à la vie privée et la liberté
d'expression, ainsi que les défis pratiques liés à la suppression ou à
la désindexation des informations sur Internet.
Cette introduction jettera les bases pour explorer plus en
profondeur le concept du droit à l'oubli numérique, ses implications
légales et éthiques, ainsi que les défis et les perspectives d'avenir.
Alors que nous naviguons dans un monde de plus en plus connecté,
il est essentiel de comprendre et de débattre de ces questions pour
trouver un équilibre entre la préservation de la vie privée
individuelle et la libre circulation de l'information.
L’examen de ses questions en toute profondeur devrait alors
s’orienter vers deux centres d’intérêts que nous nous proposons de
les passer en revue en deux titres :
Dans un premier temps, nous allons aborder la notion du droit
à l’oublie numérique (Première partie), pour procéder dans un
deuxième lieu à l’étude la mise œuvre du droit à l’oublie numérique
(Deuxième partie).
I. notion du droit à l’oublie numérique
Nous allons étudier la notion du droit à l’oubli, notamment sa
définition ( A), ainsi que sa place dans le domaine juridique (B).

P 667 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

A - Définition du droit à l’oublie numérique


Le droit à l'oubli est une notion juridique qui concerne la
protection de la vie privée et des données personnelles dans le
contexte numérique. Il reconnaît le droit d'une personne de
demander la suppression ou la désindexation de certaines
informations la concernant qui sont présentes en ligne, en limitant
la conservation des données personnelles et la possibilité de leur
annulation986. L'objectif principal du droit à l'oubli est de permettre
aux individus de contrôler la diffusion d'informations les
concernant et de préserver leur réputation, leur vie privée et leur
autonomie dans l'environnement numérique.
Les différentes définitions et approches du droit à l'oubli
peuvent varier en fonction des juridictions et des contextes
législatifs. Cependant, voici quelques définitions courantes :
1. Droit à la suppression : Cette approche considère le droit à
l'oubli comme le droit d'une personne de demander la
suppression complète des informations la concernant. Cela
signifie que les informations doivent être effacées ou rendues
inaccessibles, de sorte qu'elles ne puissent plus être trouvées
en ligne.
2. Droit à la désindexation : Cette approche se concentre sur le
droit de demander la suppression des résultats de recherche
qui renvoient à des informations spécifiques concernant une

986
Marion Barbezieux Le droit de l’oubli numérique : bilan et perspectives, Editions universitaires
Européennes – 2016, Deutshland / Allemagne, p 1213

P 662 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

personne. Cela implique que les moteurs de recherche


doivent retirer les liens vers les pages contenant ces
informations des résultats de recherche.
3. Droit à la rectification : Cette approche met l'accent sur le
droit de demander la correction ou la mise à jour
d'informations erronées ou obsolètes qui sont présentes en
ligne. Il s'agit de garantir l'exactitude des informations
personnelles diffusées sur Internet.
4. Droit à l'anonymisation : Cette approche concerne le droit de
demander l'anonymisation ou la pseudonymisation des
informations personnelles afin de préserver l'identité de la
personne concernée. Cela peut impliquer la suppression des
informations d'identification ou leur remplacement par des
données génériques.
Ces différentes définitions reflètent les diverses dimensions
du droit à l'oubli et les diverses situations dans lesquelles il peut
être invoqué. Les législations nationales, les décisions judiciaires
et les instruments internationaux peuvent fournir des définitions
plus spécifiques et des cadres juridiques pour le droit à l'oubli dans
différentes juridictions.
Il convient de noter que le droit à l'oubli n'est pas absolu et
doit être équilibré avec d'autres droits, tels que la liberté
d'expression et l'accès à l'information. Il peut y avoir des situations
où les intérêts publics ou légitimes peuvent prévaloir sur le droit à
l'oubli, par exemple dans le cas d'informations d'intérêt général,

P 667 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

telles que les actes criminels ou les fonctions publiques. A ce


niveau, on peut souligner certains moments importants de cette
histoire, notamment en France.
En 2004, la Cour de cassation a déclaré que le droit d'agir pour
le respect de la vie privée s'éteint au décès de la personne concernée
et n'est pas transmis à ses héritiers987. Ainsi, une commune qui a
mentionné des faits historiques dans son bulletin municipal,
remontant au XVIIIe siècle et liés à l'histoire d'une famille, n'a pas
été reconnue coupable d'atteinte à la vie privée des descendants de
cette famille988.
En 2013, le Conseil constitutionnel989 a statué sur la
conformité d'un article de loi concernant l'exception de vérité et
l'amnistie, en affirmant que l'interdiction de référence à des faits
amnistiés portait atteinte à la liberté d'expression. Le Conseil
constitutionnel a ainsi placé la liberté d'expression au-dessus du
droit à l'oubli représenté par l'amnistie. Il est donc affirmé que le
"droit à l'oubli" n'occupe pas la même position dans la hiérarchie
des normes que la liberté d'expression. Cette dernière bénéficie
d'une valeur constitutionnelle, puisqu'elle trouve ses fondements
dans l'article 11 de la Déclaration des droits de l'homme et du
citoyen de 1789. Ainsi, le Conseil constitutionnel donne la priorité
à la liberté d'expression par rapport au droit à l'oubli représenté par

987
Cour de cassation, chambre civile 2, audience du 8 juillet 2004, pourvoi 03-13.260, publié au bulletin
(http://legifrance.gouv.fr/affichJuriJudi.do?oldAction=rechJuriJudi&idTexte=JURITEXT000007048780).
988
Cour de cassation, chambre civile 2, audience du 8 juillet 2004, pourvoi 03-13.260.
989
Décision du Conseil constitutionnel n° 2013-319 QPC du 7 juin 2013.

P 670 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

l'amnistie, qui vise principalement à restaurer la paix politique et


sociale.
Une autre affaire judiciaire s'est intéressée au droit à l'oubli en
2014 : une personne, condamnée plusieurs années auparavant, a
souhaité empêcher la diffusion d'un documentaire retraçant l'affaire
dans laquelle elle avait été condamnée, au nom de la protection de
sa vie privée. La cour d'appel de Paris a affirmé que "le droit à
l'oubli …. n'a aucune reconnaissance légale et ne saurait prévaloir
sur le droit du public à l'information exhaustive et objective". La
cour d'appel de Paris a souligné que « la relation entre des faits
publics déjà divulgués ne peut en soi constituer une atteinte au
respect de la vie privée »990.
Cette jurisprudence française s’est tournée vers la constitution
d’un équilibre entre la liberté d’expression et la vérité historique.
Toutefois la consécration du droit à l’oublie viendra plus tard, avec
la décision de CJUE qui a statué que les exploitants de moteurs de
recherche doivent supprimer de leurs résultats les liens vers des
pages contenant des informations personnelles, en vertu du "droit
à l'oubli"991. La CJUE considère ce droit comme lié aux droits
fondamentaux de la vie privée et de la protection des données
personnelles. Cependant, la Cour note que des exceptions peuvent
exister, notamment pour les personnes jouant un rôle dans la vie
publique, où l'intérêt du public à accéder à l'information peut

990
Arrêt de la cour d’appel de Paris, pôle 2, chambre 7, 26 février 2014, RG 13/01241.
991
C-131/12 « Google Spain et Google », arrêt de la CJUE (grande chambre) du 13 mai 2014
(http://curia.europa.eu/juris/liste.jsf?language=fr&num=C-131/12#).

P 671 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

prévaloir. Depuis cette décision, de nombreux pays ont appliqué


cette position, mais la Cour suprême du Japon a jugé en janvier
2017 qu'un moteur de recherche n'était pas tenu de supprimer des
liens relatifs à des articles sur une personne arrêtée pour
pédopornographie, considérant que le droit à l'information
l'emportait sur le droit à l'oubli.
B- La place du droit à l’oublie numérique
Le droit à l'oubli numérique peut varier selon les systèmes
juridiques et les pays992. Cependant, dans de nombreux pays, le
droit à l'oubli numérique est principalement reconnu comme un
droit lié à la protection de la vie privée et des données personnelles.
Il est souvent associé au droit à la protection des données, qui
vise à garantir le contrôle des individus sur leurs informations
personnelles et à limiter leur diffusion ou leur utilisation abusive.
En effet, la majorité des opinions juridiques actuels, considèrent
que l'inclusion du droit à l'oubli numérique est l'un des éléments
essentiels de la vie privée. Selon cette conception, le concept
englobe tous les éléments personnels, même les des informations
publiques, car ce qui était considéré comme public dans le passé
sera intégré à la sphère de la vie privée à l'avenir. Autrement dit,
cela deviendra une question de vie privée993.
Au Maroc, le droit à l'oubli n'est pas spécifiquement reconnu
en tant que tel dans la législation nationale. Cependant, certaines

992
Voir à ce sens, Etienne Quillet, le droit à l’oubli numérique sur les réseaux sociaux, Master de droits
de l’homme et droit humanitaire dirigé par Emmanuel Decaux, Année universitaire 2011, université
Panthéon Assas, P21.
993

P 672 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

dispositions relatives à la protection des données personnelles


peuvent être invoquées pour garantir une certaine forme de droit à
l'oubli numérique.
La Loi n° 09-08 relative à la protection des personnes
physiques à l'égard du traitement des données à caractère
personnel, adoptée en 2009, établit un cadre juridique pour la
protection des données personnelles au Maroc. Cette loi vise à
protéger la vie privée des individus en régulant la collecte, le
traitement et la conservation des données à caractère personnel.
En vertu de cette loi, les personnes ont le droit de demander
la rectification ou la suppression des données inexactes,
incomplètes ou non pertinentes les concernant. Bien que cela ne
soit pas directement lié au droit à l'oubli, ces dispositions peuvent
être utilisées pour protéger la vie privée des individus en ligne.
De plus, le Maroc est signataire de la Convention du Conseil
de l'Europe sur la protection des données à caractère personnel
(Convention 108) et a adopté des mesures visant à se conformer
aux normes internationales en matière de protection des données.
Il est important de noter que l'application concrète du droit à
l'oubli numérique au Maroc peut dépendre de la jurisprudence des
tribunaux et de l'interprétation des lois existantes. Les décisions
judiciaires et les développements législatifs ultérieurs peuvent
influencer la reconnaissance et la mise en œuvre du droit à l'oubli
numérique dans le pays.

P 673 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

La CJUE a établi que le droit à l'oubli s'applique également


en dehors du territoire européen dans certaines circonstances. Dans
l'arrêt Google c. CNIL en 2014, la CJUE a décidé que les moteurs
de recherche tels que Google sont tenus de respecter les demandes
de déréférencement non seulement sur les versions européennes de
leurs mot eurs de recherche, mais également sur les versions non
européennes, lorsque les résultats sont accessibles depuis l'Union
européenne.
La CJUE a soutenu que le droit à la protection des données
personnelles et le droit au respect de la vie privée doivent prévaloir,
même en dehors des frontières de l'Union européenne, si les
utilisateurs européens sont concernés par les résultats de recherche.
Cela signifie que les individus ont la possibilité de demander la
suppression ou la désindexation de certaines informations les
concernant, même si ces informations sont accessibles en dehors
de l'Union européenne.
Cependant, il est important de noter que la portée
extraterritoriale du droit à l'oubli peut être complexe et peut varier
en fonction des juridictions et des législations nationales. Les
moteurs de recherche et les autres acteurs en ligne doivent naviguer
avec prudence dans ces questions et prendre en compte les
réglementations spécifiques de chaque pays où ils opèrent.

P 674 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

Toutefois, le droit à l’oubli numérique ne doit pas être


confondu avec le droit au déréférencement. Celui-ci ne s’applique
qu’en Europe994.
II. la mise œuvre du droit à l’oublie numérique
Le droit à l’oubli est lié à plusieurs difficultés pratique (A), sa
mise à niveau et son effectivité est indispensable (B)
A : difficultés liées à l’application du droit à l’oubli
Le droit à l'oubli est indéniablement reconnu en tant que droit.
Cependant, sa mise en pratique rencontre divers obstacles qui
rendent son application complexe :
D’abord ; l’infléchissement du droit à l’oubli face à d’autre
droits fondamentaux rend son application sensible. Il est important
de réexaminer le lien entre la sécurité et la vie privée. Les médias
abondent en avertissements contre les intrusions sécuritaires, avec
une tendance gouvernementale à la surveillance généralisée,
notamment par le biais de la vidéosurveillance995. Par exemple,
suite à des actes de violence, de nombreux lieux publics fréquentés,
tels que les gares, ont été équipés de caméras de surveillance. On
parle alors de dispositifs de sécurité préventifs996. Cette évolution
a créé un climat social de consentement en faveur de cette sécurité.
Aujourd'hui, la balance penche en faveur de la sécurité.

994
CJUE, Arrêt du 13 mai 2014, op cit
995
Jacky Durand, Un jeu de dupes entre Etat et élus, libération, 10 décembre 2009
996
commission des lois du Senat, rapport d’information « vie privée à l’heure des mémoires numérique »,
2009, disponible sur le sire : https://www.senat.fr/rap/r08-441/r08-441_mono.html#toc49

P 675 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

Ensuite, les difficultés liées à la nature d’interne. Certains


considèrent que l'anonymat sur Internet est une illusion997. En effet,
grâce à des recoupements d'informations, il est souvent possible
d'identifier facilement un internaute. De plus, dans la pratique, de
grandes entreprises adoptent un modèle économique basé sur le
gratuit et se livrent à des fusions, des regroupements ou des
acquisitions. Leur activité commerciale consiste souvent à
exploiter des sites web, collecter des données personnelles et les
revendre998. Ces opérations entraînent la fusion de leurs bases de
données, ce qui offre des possibilités considérables de
recoupements d'informations.
Internet présente des difficultés à concilier certains droits, tels
que ceux reconnus par la loi "Informatique et Libertés", avec la
protection des données personnelles999. Bien que les utilisateurs
aient théoriquement le contrôle sur l'installation des cookies, leur
refus peut avoir un impact significatif sur la navigation, voire
rendre l'accès à certains sites impossibles. Une étude de la CNIL
en 20091000 a démontré les contraintes liées au blocage des cookies.
Cependant, depuis l'ordonnance de 2011, les utilisateurs doivent
donner leur consentement préalable via un système d'opt-in, et les

997
Yves Eudes, le droit à l’oubli, un droit fondamental, publié le 2 avril 2009, leMonde. FR, disponible
sur le site : https://www.lemonde.fr/technologies/article/2009/04/01/le-droit-a-l-oubli-un-droit-
fondamental_1175265_651865.html
998
Michel Gentot, « La protection des données personnelles à la croisée des chemins », asmp.fr - Groupe
d’études Société d’information et vie privée, cité par : Charlotte Heylliard, le droit à l’oubli sur internet,
mémoire de Master 2 recherche, mention NDP, université Paris-Sud, 2011-2012, p 35
999
Op. Cit. « La vie privée à l’heure des mémoires numériques », Commission des lois du Sénat, 2009
1000
Voir à ce propos, CNIL, « La publicité ciblée en ligne », Communication présentée en séance plénière
le 5 février 2009, M. Peyrat Rapporteur, p 24

P 676 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

responsables du traitement des données doivent fournir des


informations « claires et complètes »1001 sur les cookies et les
moyens de s'y opposer. Cette évolution témoigne des difficultés
juridiques traversées pour résoudre la problématique des cookies et
adapter la protection des données personnelles à Internet.
Enfin, Le monde numérique offre de nouvelles possibilités
d'identification, notamment grâce à la géolocalisation qui est
devenue courante avec l'utilisation croissante des smartphones et
des GPS. Cependant, les utilisateurs peuvent parfois négliger leur
vie privée en partageant librement ces informations sur les réseaux
sociaux. La nécessité d'une certaine confidentialité n'est pas encore
pleinement perçue par la majorité des utilisateurs, et il est
envisageable que des litiges se présentent à l'avenir, similaires à
ceux liés à des photographies compromettantes lors des processus
d'embauche.
Les moteurs de recherche disposent de systèmes de stockage
temporaire appelés "caches", qui rendent plus difficile pour les
utilisateurs de supprimer complètement certaines informations des
résultats de recherche. La suppression des liens URL, des contenus
et des caches doit être distinguée. Parfois, même après la
suppression d'un contenu, il peut continuer à apparaître dans les
résultats de recherche via les caches car les moteurs de recherche

1001
CNIL, ce que le « le paquet Télécom » change pour les cookies, fiche pratique, p 3, disponible sur le
site : https://www.aide-joomla.fr/forge/documents/legislation/paquet_telecom_cookies_cnil_2012.pdf

P 677 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

mettent à jour ces informations à des intervalles variables en


fonction de la fréquentation et de la mise à jour des sites.
À l'heure actuelle, mis à part l'outil de demande de
suppression des caches1002,disponible pour les utilisateurs
disposant d'un compte Google en ligne, aucune procédure
simplifiée garantissant efficacement le droit à l'oubli n'est encore
mise en place pour les internautes.
De ce qui précède, on peut constater que le droit à l'oubli est
actuellement consacré de manière théorique, mais sa force en tant
que garantie reste illusoire. Ni la législation française ni les
directives européennes ne permettent véritablement d'établir un
droit à l'oubli. Sur Internet, il s'agit plutôt d'un principe limitant la
conservation des données personnelles dans le temps 1003. Il reste
encore beaucoup de chemin à parcourir pour permettre aux
utilisateurs d'être les seuls gardiens de leur histoire personnelle. Les
nouveaux droits liés à la généralisation d'Internet nécessitent une
recherche d'un niveau supérieur de protection, passant de la
réglementation de la collecte des données personnelles à la
reconnaissance d'un véritable droit à la "mort virtuelle"1004.

1002
CNIL, comment effacer des informations me concernant sur un moteur de recherche ?, c,il/fr, 4 Avril
2011
1003
Alain Bensoussan, « Le droit à l’oubli sur Internet », Gazette du Palais, 6 février 2010, n°37, p.3, cité
par Charlotte Heylliard, le droit à l’oubli sur internet, mémoire de Master 2 recherche, mention NDP,
université Paris-Sud, 2011-2012, p 41
1004
« Le droit à la mort virtuelle : plaidoyer pour les droits de l’homme numérique », la Lettre de
l’Arcep, juillet 209, p.22

P 672 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

B : la recherche d’une effectivité du droit à l’oubli


numérique
Il semble, dans un premier temps de parler du rôle de la
responsabilisation des différents intervenants en la matière,
commençant par les internautes et les acteurs de l’internet.
Pour assurer l'effectivité du droit à l'oubli dans le contexte
d'Internet, il est crucial de sensibiliser les utilisateurs en amont.
Trop souvent, ils confondent non-culpabilité et intimité dans
l'espace numérique. Cela implique de les sensibiliser sur
l'importance de protéger leur vie privée en ligne et de prendre des
mesures pour contrôler les informations les concernant. Les
internautes doivent comprendre que la divulgation de données
personnelles peut avoir des conséquences durables et qu'ils ont le
droit de demander la suppression ou la désindexation de ces
informations. Le droit de l’oubli prend une autre dimension, dans
le sens où les informations qui causent préjudice ont été
volontairement publiées en ligne par les internautes eux-mêmes.
Le président de la CNIL, Alex Türk1005, a exprimé sa tristesse
en constatant que de jeunes professionnels se voient refuser un
emploi en raison de photographies compromettantes circulant sur
Internet. Il qualifie ces jeunes de "négligents" et cite l'exemple d'un
individu qui s'est vu refuser un emploi en raison d'une photo le

1005
Voir à ce sujet, l’article de presse intitulé « Le droit à l’oubli, un droit fondamental », 2 avril 2009, Le
Monde.fr

P 677 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

montrant avec son pantalon baissé lors d'une soirée, mise à


disposition sur les réseaux sociaux
Les internautes doivent également être informés sur les règles
et les outils disponibles pour gérer leur présence en ligne de
manière proactive. En outre, il est important de promouvoir une
éducation numérique adéquate pour permettre aux utilisateurs de
naviguer de manière responsable et consciente sur Internet, en
comprenant les implications de leurs actions et en respectant les
droits et la vie privée des autres.
A titre d’illustration, Google, en tant que géant des moteurs
de recherche, met en avant une politique basée sur la transparence,
l'autodétermination et la pédagogie1006. Même sur YouTube, une
charte d'utilisation sous forme de vidéo est proposée pour rendre le
contenu encore plus explicite.
De nombreux acteurs de l'internet1007, qu'ils soient des réseaux
sociaux, des recruteurs ou des publicitaires, affirment se discipliner
et se préoccupent des problèmes liés à la gestion des informations
personnelles des internautes. Cependant, des doutes persistent
quant à la sincérité de leurs intentions. Il semble que la "pédagogie"
invoquée par les acteurs de l'internet relève davantage d'un discours
politique visant à se décharger de leur responsabilité en plaidant la
bonne foi.

1006
BATTISTI (Michèle) « Le droit à l’oubli numérique : un droit à reconstruire », Documentalistes-
Sciences de l’information 2010, vol. 47, n°1.
1007
Idem.

P 620 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

Les organisations mondiales jouent également un rôle crucial


dans la consécration du droit à l'oubli numérique pour tous. Elles
sont responsables de la création et de la promotion de normes et de
principes internationaux visant à protéger la vie privée et les droits
des individus sur Internet. Parmi ces organisations, on peut citer:
1. Les Nations Unies (ONU) : L'ONU encourage le respect des
droits de l'homme et de la vie privée dans le monde entier.
Elle a adopté des résolutions et des déclarations qui
reconnaissent l'importance de la protection des données
personnelles et du droit à la vie privée.
2. L'Union internationale des télécommunications (UIT) :
L'UIT est une agence spécialisée des Nations Unies qui se
concentre sur les technologies de l'information et de la
communication. Elle développe des normes techniques et des
politiques visant à promouvoir la confidentialité et la sécurité
des communications électroniques.
3. L'Organisation de coopération et de développement
économiques (OCDE) : L'OCDE a élaboré des
recommandations et des lignes directrices sur la protection de
la vie privée et la gestion des données personnelles. Ces
principes servent de référence pour de nombreux pays dans
l'élaboration de leurs lois et politiques de protection des
données.
4. L'Union européenne (UE) : L'UE a adopté le Règlement
général sur la protection des données (RGPD), qui établit des

P 621 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

règles strictes en matière de protection des données


personnelles et reconnaît le droit à l'oubli numérique. Le
RGPD s'applique à tous les États membres de l'UE et a eu une
influence mondiale sur les normes de protection des données.
Ces organisations mondiales travaillent ensemble pour
promouvoir la protection de la vie privée et des droits individuels
dans le contexte numérique. Leur action contribue à la
reconnaissance et à la consécration du droit à l'oubli numérique à
l'échelle mondiale, en encourageant les pays à adopter des lois et
des politiques de protection des données qui respectent ce droit
fondamental.
Conclusion :
En conclusion, le droit à l'oubli numérique est un enjeu crucial
dans notre société connectée. Il soulève des questions complexes
et souligne les tensions entre la protection de la vie privée et la libre
circulation de l'information sur Internet. Alors que les avancées
technologiques permettent une collecte, une conservation et une
diffusion toujours plus faciles des données personnelles, il est
essentiel de trouver un équilibre entre la protection des individus et
la liberté d'expression.
Les législations et les réglementations, tant au niveau national
qu'international, se sont efforcées de reconnaître et de consacrer le
droit à l'oubli numérique. Des décisions judiciaires et des directives
ont établi des principes pour permettre aux individus de contrôler

P 622 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

leurs informations personnelles et de demander leur suppression


lorsque cela est justifié.
Cependant, la mise en œuvre pratique du droit à l'oubli reste
complexe et confronte de nombreux défis, tels que la difficulté à
supprimer définitivement les données sur Internet ou à évaluer
l'équilibre entre le droit à la vie privée et le droit à l'information.
Il est crucial d'éduquer les internautes sur les enjeux liés au
droit à l'oubli et de les responsabiliser dans la gestion de leurs
données personnelles. Les efforts des acteurs de l'internet, des
organismes de réglementation et des organisations mondiales sont
nécessaires pour promouvoir des normes et des pratiques
respectueuses du droit à l'oubli.
En fin de compte, le droit à l'oubli numérique doit évoluer et
s'adapter à l'évolution technologique, tout en maintenant un
équilibre entre la protection des individus et la libre circulation de
l'information. Cela nécessite une réflexion continue, une
collaboration entre les parties prenantes et une prise de conscience
collective de l'importance de préserver la vie privée et les droits
individuels dans le monde numérique.
Références bibliographiques
Ouvrages :
- Alain Bensoussan, « Le droit à l’oubli sur Internet », Gazette
du Palais, 6 février 2010, n°37

P 623 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

- BATTISTI (Michèle) « Le droit à l’oubli numérique : un droit


à reconstruire », Documentalistes-Sciences de l’information 2010,
vol. 47, n°1
- Jacky Durand, Un jeu de dupes entre Etat et élus, libération,
10 décembre 2009
Articles de revue, de journaux, colloques, blogs et
communiqués de presse
- l’article de presse intitulé « Le droit à l’oubli, un droit
fondamental », 2 avril 2009, Le Monde.fr
Rapports
- Yves Détraigne et Anne-Marie Escoffier, Rapport
d’information n°441 (2008-2009), la vie privée à l’heure des
mémoires numériques : pour une confiance renforcée entre
citoyens et société de l’information.
- Rapport annuel de la CNIL de 2013
- Michel Gentot, « La protection des données personnelles à la
croisée des chemins », asmp.fr Groupe d’études Société
d’information et vie privée
- CNIL, « La publicité ciblée en ligne », Communication
présentée en séance plénière le 5 février 2009, M. Peyrat
Rapporteur
- CNIL, comment effacer des informations me concernant sur
un moteur de recherche ?, c,il/fr, 4 Avril 2011
Mémoires

P 624 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

- Charlotte Heylliard, le droit à l’oubli sur internet, mémoire de


Master 2 recherche, mention NDP, université Paris-Sud, 2011-
2012,
Autres documents
- Marion Barbezieux Le droit de l’oubli numérique : bilan et
perspectives, Editions universitaires Européennes – 2016,
Deutshland / Allemagne,
- Etienne Quillet, le droit à l’oubli numérique sur les réseaux
sociaux, Master de droits de l’homme et droit humanitaire dirigé
par Emmanuel Decaux, Année universitaire 2011, université
Panthéon Assas
Jurisprudence
- Décision du Conseil constitutionnel n° 2013-319 QPC du 7
juin 2013
- Arrêt de la cour d’appel de Paris, pôle 2, chambre 7, 26 février
2014, RG 13/01241
Droit interne
- Dahir n° O 1-11-82 du 27 chaabane 1432 (29 juillet 2011)
portant promulgation de la Constitution, Bulletin Officiel n° 5964
bis du 298 chaabane (30 juillet2011), p 1902.
- Dahir n°1-04-257 du 25 kaâda 1425 (7 janvier 2005) portant
promulgation de la loi n° 77-03 relative à la communication
audiovisuelle, publié dans Bulletin Officiel N°5288 - 03 février 05,
p 115 .

P 625 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

- Dahir n° 1-18-15 du 5 joumada II 1439 ( 22 février 2018)


portant promulgation de la loi n° 31-13 relative au droit d’accès à
l’information, publié dans le bulltin officiel N° 667 le 03-05-2018,
p 1142
Instruments internationaux
- La Déclaration universelle des droits de l’Homme
- Convention C182 concernant l’interdiction des pires formes
de travail des enfants et l’action immédiate en vue de leur
élimination, Organisation international du travail [OIT], 17 juin
1999, Doc OIT C182/1999, 87ème session (entrée en vigueur : 19
novembre 2000).
- CE, Règlement (CE) 2016/679 du Parlement européen et du
Conseil du 27 avril 2016 relatif à la protection des personnes
physiques à l’égard du traitement des données à caractère personnel
et à la libre circulation de ces données, et abrogeant la directive
95/46/CE (règlement général sur la protection des données), 2016
JO L1191.
- Le Règlement Général sur la Protection des Données
Personnelles entré en vigueur le 25 mai 2018.
En ligne
- Cour de cassation, chambre civile 2, audience du 8 juillet
2004, pourvoi 03-13.260, publié au
bulletin(http://legifrance.gouv.fr/affichJuriJudi.do?oldAction=rec
hJuriJudi&idTexte=JURITEXT000007048780).

P 626 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

- C-131/12 « Google Spain et Google », arrêt de la CJUE


(grande chambre) du 13 mai 2014
(http://curia.europa.eu/juris/liste.jsf?language=fr&num=C-
131/12#).
- commission des lois du Senat, rapport d’information « vie
privée à l’heure des mémoires numérique », 2009, disponible sur
le sire : https://www.senat.fr/rap/r08-441/r08-
441_mono.html#toc49
- Yves Eudes, le droit à l’oubli, un droit fondamental, publié le
2 avril 2009, leMonde. FR, disponible sur le site :
https://www.lemonde.fr/technologies/article/2009/04/01/le-droit-
a-l-oubli-un-droit-fondamental_1175265_651865.html
CNIL, ce que le « le paquet Télécom » change pour les
cookies, fiche pratique, p 3, disponible sur le site :
https://www.aidejoomla.fr/forge/documents/legislation/paquet_tel
ecom_cookies_cnil_2012.pdf9

P 627 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

é é
é

L’organisation territoriale des fonctions de la


santé au Maroc à la lumière de la Loi n° 08-22
Résumé
Tant attendue étant un élément fondamental de la réforme du
système de santé et de la généralisation de la couverture médicale
universelle, la publication de la loi 08.22 relative aux groupements
sanitaires territoriaux (GST) le 17 juillet 2023, constitue un pas
géant dans le renouvellement de l’organisation territoriale de la
santé au Maroc. Le pays compte énormément sur les GST pour
remédier aux carences managériales actuelles et aux problèmes
d’accès aux soins aux territoires.
Cependant, les GST ne vont pas repartir à zéro, d’énormes
efforts ont été déployer surtout cette dernière décennie en matière
de territorialisation des fonctions du système de santé, que les GST
devraient capitaliser pour réussir cette nouvelle construction
territoriale de la Santé.
Cet article tend à revenir sur les étapes marquantes de la
territorialisation des fonctions du système de santé au Maroc
relatives à la gouvernance et l’accès aux soins, tout en proposant
les principales pistes d’amélioration de ces fonctions à la lumière
de la nouvelle loi 08.22.

P 622 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

Mots clés :
Santé, Organisation territoriale, Groupements Sanitaires
Territoriaux, protection sociale, couverture sanitaire universelle.

GST

P 627 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

Introduction
Le Maroc connaît ces dernières années une véritable
réorganisation de ses champs politique, juridique, économique et
social. En effet, après la constitution de 2011, plusieurs chantiers
de réformes ont été lancés dont notamment celui de la
régionalisation avancée. La constitution a fait de la région un acteur
majeur de développement économique et social. L’article 137 de la
constitution marocaine dispose que : « les régions et les autres
collectivités territoriales participent à la mise en œuvre de la
politique générale de l’Etat et à l’élaboration des politiques
territoriales… »1008. Cela devrait se traduire, dans la pratique, par
des politiques et programmes répondant aux besoins des
populations locales.
L’organisation territoriale des politiques publiques est une
résultante de cette évolution dans la gestion des affaires publiques,
c’est l’adoption du découpage territorial comme levier de
réorganisation mais aussi de régulation et de gouvernance de
l’action publique. Elle vise une meilleure prise en compte des
caractéristiques du territoire par une organisation en proposant un
traitement territorialisé des problèmes publics pour y répondre au
mieux.
En effet la territorialisation des politiques publiques implique
le passage d’une politique uniforme, pour laquelle les mêmes

1008
Dahir n° 1-11-91 du 27 châabane 1432 (29 juillet 2011) portant promulgation du texte de la
constitution, BORM n° 5964 bis du 30 juillet 2011.

P 670 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

règles sont applicables sur l’ensemble du territoire de compétence,


à une politique adaptée aux spécificités des espaces identifiés.1009
C’est une opportunité pour identifier les besoins spécifiques aux
territoires et répondre aux demandes et enjeux locaux, en
s’éloignement de plus en plus des logiques de pilotage centralisé
de l’Etat.
Le territoire est un milieu d’interaction d’acteurs (publics,
privés, associatifs, politiques…), d’élaboration et de mise en œuvre
des actions publiques. C’est un système dynamique complexe qui
dépasse une simple entité politique ou administrative. C’est dans
ce sens que Lauriol définit le territoire comme « une entité qui
opère comme une organisation spatiale complexe économique,
sociale et politique et comme mode d’organisation des relations
entre un ensemble d’agents situés localement »1010.
Ainsi, dans cette dynamique de changement de paradigme des
politiques publiques et de structuration du pouvoir public, le
territoire apparait comme un nouvel élément constitutif de l’action
publique. Douillet définit la territorialisation comme la montée en
puissance des

1009
COLLIGNON, François, DU CHAFFAUT, Gilles, et LARBI, Abdelkader. La
territorialisation : menace ou levier de l’action publique. Atelier organisé par l’association des
dirigeants territoriaux anciens de l’INET, Entretiens territoriaux de Strasbourg, 2007, vol. 5, p.
2.
1010
LAURIOL, Jacques, PERRET, Véronique, TANNERY, Franck. L'espace et le territoire dans
l'agenda de recherche en stratégie, Revue française de gestion, 2008, no 4, p. 15.

P 671 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬
1011
« acteurs locaux » ou la valorisation de la « proximité » .
Le territoire constitue dans cette approche le lieu où se définissent
les problèmes publics, où s’engagent les réflexions sur les
transformations de l’action publique et les modalités de traitement
de ces problèmes 1012.
Pour le système national de santé marocain qui se retrouve de
plus en plus face à un ensemble de défis à leur tête l’accès des
citoyens aux soins aux territoires, l’organisation territoriale se
positionne comme une opportunité majeure pour améliorer la
gouvernance et la performance des services de santé dans les
régions.
Les enjeux de la territorialisation des politiques de santé au
Maroc en vue d’une équité d’accès aux soins sont multiples, et
passent nécessairement par des réformes institutionnelles,
juridiques et organisationnelles permettant de renforcer le
caractère préventif des politiques de santé, recentrer l’offre de soins
vers les soins primaires, faciliter les restructurations et promouvoir
l’efficience hospitalières, recomposer l’offre hospitalière au profit
du médico-social, ainsi de donner aux ressources humaines un
cadre leur permettant de valoriser pleinement leurs compétences et
leur engagement pour le service public de la santé.

1011
DOUILLET, Anne-Cécile. Les élus ruraux face à la territorialisation de l'action
publique. Revue française de science politique, 2003, vol. 53, no 4, p. 586.
1012
DE MAILLARD, Jacques. Le partenariat en représentations : contribution à l'analyse des
nouvelles politiques sociales territorialisées. Politiques et management public, 2000, vol. 18, no
3, p. 21-41.

P 672 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

Le grand chantier de la généralisation de la protection sociale


qui bénéficie de la Haute sollicitude du Roi, notamment par la
promulgation de la loi relative à la protection sociale1013 , est
aujourd’hui un accélérateur pour une reconfiguration du système
national de santé.
En effet, la promulgation d’une nouvelle loi-cadre relative au
système national de santé (SNS)1014 n’a pas tardé à voir le jour,
visant à « mettre en place un cadre juridique des objectifs
fondamentaux de la réforme du système national de santé et sa
restructuration selon une approche participative fondée sur
l’adhésion collective et responsable de l’Etat et de l’ensemble des
acteurs concernés »1015.
La révision globale de la gouvernance du système de santé
dans toutes ces composantes est une condition nécessaire à cette
réforme. La création de groupements sanitaires territoriaux (GST)
chargés de la mise en œuvre de la politique de l’Etat dans le
domaine de la santé par la territorialisation de l’offre de soins1016,
est une des principales composantes de cette réforme.
Cette création des GST au Maroc, devrait répondre de ce fait
à un des principes du SNS à savoir l’équité et l’équilibre dans la

1013
Dahir n° 1-21-30 du 09 Châabane 1442 (23 mars 2021) portant promulgation de la loi-cadre
n° 09-21 relative à la protection sociale, BORM Ar. n° 6975, du 05 Avril 2021.
1014
Dahir n° 1-22-77 du 14 joumada I 1444 (09 décembre 2022) portant promulgation de la loi-
cadre n° 06-22 relative au système national de santé, BORM Fr. n° 7178, du 16 Mars 2023.
1015
Préambule de la loi-cadre 06.22
1016
Art 2 de loi 06.22, op.cit.

P 673 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

répartition spatiale dans les ressources, des structures et des


prestations de santé sur l’ensemble du territoire national1017.
La promulgation de la Loi 08.221018 relative à la création des
groupements sanitaires territoriaux et le projet de loi 09.22 relatif à
la fonction sanitaire1019 retracent ensemble une première image sur
cette nouvelle organisation territoriale des services de santé.
Il ne faut pas perdre de l’esprit que l’instauration des GST au
Maroc n’est qu’un couronnement d’un long processus de
territorialisation des fonctions du système de santé qui s’est
accentuée durant cette dernière décennie par le département
ministériel chargé de la Santé, notamment en ce qui concerne la
gestion des ressources humaines et financières, ou la planification
de l’offre de soins.
La carte sanitaire régionale établit par les GST dans le cadre
des orientations générales de la carte sanitaire nationale et
comportant un inventaire global de l’offre de soins dans les
secteurs public et privé et détermine, pour le secteur public, les
mesures et les dispositions à même de garantir, la satisfaction des
besoins de la population en soins et prestations de santé au niveau
régional, l'harmonie et l'équité dans la répartition des ressources au

1017
Ibid., Art 4.
1018
Dahir n° 1-23-50 du 09 Douhijja 1444 (28 Juin 2023) portant promulgation de la loi n° 08-
22 relative à la création des groupements sanitaires de territoires, BORM Ar. n° 7213, du 17
Juillet 2023.
1019
Projet de la loi 09.22 relative à la fonction sanitaire, approuvée à l’assemblée générale du
parlement le 26 Avril 2003, en attende de publication au BORM.

P 674 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

niveau régional et la réduction des disparités au sein de la région


concernée en matière de l’offre de soins.1020
La bonne gouvernance et l’accès aux soins constituent
finalement les deux grands piliers de la nouvelle organisation
territoriale de la santé où les groupements sanitaires de territoires
constituent le socle de cette réforme.
En effet, la bonne gouvernance des ressources humaines et
financières est une condition majeure pour asseoir une
territorialisation des politiques de santé Ainsi, nous proposons de
tracer l’évolution de la gouvernance des territoires de santé au
Maroc à travers l’évolution respectives des fonctions de ressources
humaines et financières en soulignant les perspectives d’évolution
de ces fonctions (I). Toutefois, l’amélioration de l’accès aux
soins dans les territoires de santé est tributaire d’un renouvellement
de la planification territoriale de la santé et l’organisation des soins,
mais aussi du recours à un pilotage responsable des fonctions
logistiques et d’appui du système de santé marocain. Ainsi, nous
tentons de discuter l’évolution et les perspectives de la planification
sanitaires et des fonctions logistiques et d’appui dans les territoires
à la lumière de la loi 08.22.(II) Notre travail ne prétend aucunement
à l’exhaustivité vu que la question de la déconcentration des
fonctions du système de santé au Maroc a subi des changement
perpétuelles et ce depuis l’indépendance.

1020
Art 19 de loi 06.22, op.cit.

P 675 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

I. L’évolution de la gouvernance des territoires de santé au


Maroc
La gestion des ressources humaines et des ressources
financières constitue le socle de la gouvernance du système de
santé. La pénurie en matière de personnel médical et infirmier au
Maroc n’a nullement besoin d’être prouvé. Mais la mauvaise
répartition des ressources humaines au niveau des territoires,
amplifie le problème.
Sur le plan financier, le budget alloué au ministère de la santé
n’est pas en mesure de répondre aux multiples besoins du secteur.
La gestion non efficiente de ce budget retarde l’atteinte des
objectifs du système de santé.
La déconcentration de la gestion des ressources humaines
(RH) se présente actuellement comme l’une des réponses pour la
résolution des problèmes de la RH et créer un rééquilibre
territoriale.
La déconcentration des ressources humaines a connu une
évolution depuis les années 70, et a bénéficié d’un ensemble de
projets pour sa mise en œuvre. Depuis 2014 une accélération est à
remarquer dans cette déconcentration. La nouvelle organisation
territoriale prévoit de nouveaux mécanismes de gestion des RH (1)
De la même manière, la gestion des ressources financières au
ministère de la santé est déléguée progressivement vers les services
déconcentrés au niveau régional et provincial, mais aussi vers les

P 676 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

centres hospitaliers dans les territoires. La loi 08.22 prévoit une


gestion unifiée de ces ressources. (2)
1. La déconcentration évolutive de la gestion des
ressources humaines
Les « ressources humaines » jouant un rôle tout à fait central
dans l’offre de soins et la délivrance de la prestation sanitaire. C’est
un levier du développement de tout système de santé et un
déterminant de la performance.
La territorialisation de la fonction de la gestion des ressources
humaines au Ministère de la santé marocain a vu le jour avec la
création des préfectures et des provinces médicales à partir de 1976
par le Décret relatif aux attributions et à l’organisation de la santé
publique 1021, complété par l’arrêté ministériel1022 de 1980 qui va
instituer les missions et l’organisation interne des préfectures et des
provinces médicales.
Chacune les préfectures et des provinces médicales
(assimilée, en ce qui concerne l’octroi de l’indemnité de fonction,
à des divisions de l’administration centrale) est chargée, dans la
limite de sa circonscription territoriale qui correspond à la division
administrative du Royaume, de l’animation, du contrôle et de la
coordination des activités des services qui la composent. Ces
services, sont de nombre de deux services, le service du réseau des

1021
Décret n° 2-75-835 du 24 safar 1396 (25 février 1976) relatif aux attributions et à
l’organisation de la santé publique, Op.cit., p 331.
1022
Arrêté du ministre de la santé publique n°1441-80 du 13 moharrem 1401 (21 novembre 1980)
relatif aux attributions et à l’organisation des services extérieurs du ministère de la santé
publique, Op.cit., p. 33.

P 677 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

infrastructures et des actions ambulatoires provincial ou préfectoral


et le service administratif et économique.
Bien que l’arrêté en question ne détaille pas les missions de
chaque service, le service administratif et économique prend en
charge la gestion administrative du personnel sans prérogatives
réelles en matière de gestion des ressources humaines.
C’est seulement qu’en 1989, que par circulaire ministériel,
des prérogatives en matière de ressources humaines ont été délégué
aux responsables provinciaux et préfectoraux relatifs surtout à la
gestion de la carrière (congés administratifs, congés de maladie de
courte durée…).
Le Décret de 19901023, qui va changer le nom des « préfectures
et des provinces médicales » aux « délégations de la santé aux
préfectures et provinces », va aussi transformer l’unité chargée des
ressources humaines d’un service à une division nommée du
« personnel » rattaché à la direction des équipements, composée
d’un service du personnel médical et administrateur, un service du
personnel paramédical et administratif et un service des œuvres
sociales.
Nous remarquons dans ce Décret qu’au moment où la gestion
du personnel est organisée en une « division », la fonction de la
réglementation a été organisé en une direction centrale nommée
« direction de la réglementation et du contrôle » chargée du

1023
Décret n°2-88-711 du 11 joumada II 1410 (9 janvier 1990) relatif aux attributions et à
l’organisation du ministère de la santé publique, Op.cit., p.85.

P 672 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

contrôle de l’exercice des professions médicales, paramédicales et


pharmaceutiques et assimilées, d’entreprendre les études
juridiques, d’instruire les dossiers contentieux et d’élaborer des
projets de textes législatifs sur la santé des fonctionaires. Elle est
composée de trois services, le service juridique et du contentieux,
un service des accords internationaux et le service de l’assistance
sociale.
Avec le Décret 1994 relatif aux attributions et à l'organisation
du ministère de la santé publique, en vigueur jusqu’à aujourd’hui,
la gestion des ressources humaines va prendre une place plus
importante dans l’organigramme du ministère de la santé par la
création d’une direction des ressources humaines composée de 3
divisions et 10 services.
Avec l’arrêté ministériel de 2011 relatif aux attributions et à
l’organisation des services déconcentrés du ministère de la
santé1024, une séparation organisationnelle entre la direction
régionale de la santé et la délégation de la santé à la préfecture chef-
lieu a été réalisé. La gestion des ressources humaines est organisée
en un service assimilé à un service central.
Cet arrêté du 16 Mai 2011 n’a pas bien clarifié les attributions
des DRS ainsi que celles des différents services constituant cette
dernière, en plus il n’a pas séparé les ressources qui relèvent de la
DRS d’une part et de la délégation d’autre part, ce qui engendre des

1024
Arrêté de la Ministre de la santé n° 1363-11 du 12 joumada II 1432 (16 mai 2011) relatif aux
attributions et à l'organisation des services déconcentrés du ministère de la santé, Op.cit., p.2630.

P 677 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

frictions surtout d’ordre matériel entre le directeur régional et le


délégué de la délégation chef-lieu de la région, tout en sachant que
la généralisation des DRS a été faite d’après l’ensemble des
directeurs régionaux, sans aucune préparation de la DRS surtout
pour les locaux, les ressources humaines et matérielles (parc
auto…).1025
Mais, le passage à une territorialisation de la gestion des
ressources humaines ne fût amorcer qu’à partir de 2014 par un
arrêté ministériel qui a déléguer aux directeurs régionaux de la
santé et leurs suppléants la signature ou le visa à la place du
Ministre de la santé des documents et actes administratifs relatifs à
la gestion des affaires des fonctionnaires relevant des services de
la direction régionale ainsi que ceux relevant des différents services
du ministère de la santé dans le ressort territorial.
Il s’agit d’un ensemble de 38 actes et décisions délégués aux
directeurs régionaux parmi les plus importants sont la décision
d’ouverture des concours de recrutement, la décision de
redéploiement des fonctionnaires par nécessité de service, la
suspension ou la défalcation sur salaires. 19 actes et décisions ont
été pour l’occasion délégués aux délégués du ministère de la santé
aux préfectures et provinces et 11 actes et décisions aux directeurs
des centres hospitaliers régionaux et provinciaux.1026

1025
EL HARRAK, Saloua. Rôles et attributions des directions régionales de la santé : Etat
actuel et perspectives, Op.cit., p.3.
1026
Arrêté de la Ministre de la santé n° 3160.14 du 05 kiaada 1435 (01 Septembre 2014) relatif
à la délégation de signature. B.O n° 6312 du 04 Safar 1436 (27 Novembre 2014).

P 700 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

Dans une approche d’accompagnenemt, la direction centrale


des ressources humaines du ministère de la santé a diffusé en 2015
un guide de procédure de la gestion des affaires des fonctionnaires
aux services déconcentrés.
Le dernier arrêté relatif à la création , la déterminination des
attributions et l’organisation des services déconcentrés du
ministère de la santé de 20161027 a integré la fonction de la gestion
du contentieux dans les attributions du service régional des
resources humaines.1028
Le Ministre de la santé a procédé en 2018 à une délégation de
la nomination dans un nombre de postes de responsabilité aux
directeurs régionaux de la santé dans la limite du ressort
territorial.1029
Il est à noter aussi qu’un ensemble de circulaires
ministérielles ont été promulguées depuis 2018, pour clarifier des
procédures de gestion des ressources humaines avec une
clarification et une répartition des rôles dans la procédure entre le
niveau central du Ministère et les niveaux déconcentrés (Directions
régionales et délégations préfectorales et provinciales)1030.

1027
Arrêté du Ministre de la santé n° 003.16 du 23 Rabii I 1437 (04 Janvier 2016) relatif à la
création, la détermination des attributions et l’organisation des services déconcentrés du
ministère de la santé. B.O n°6452 du 21 Joumada II 1437 (31 mars 2016) Ar, p.2888.
1028
Ibid.
1029
Arrêtés du Ministre de la santé de délégation de signature aux directeurs régionaux de la
santé du 23 Moharrem 1440 (3 Octobre 2018), BO n°6724 Ar du 29 Safar 1440 (08 Novembre
2018).
1030
Exemples : Circulaire ministérielle n°13 du 13 Février 2019 au sujet de la suspension
provisoire du travail à cause d’une faute grave ; Circulaire ministérielle n°14 du 13 Février 2019
au sujet de la procédure de gestion des accidents de travail ; Circulaire ministérielle n°49 du 27
Aout 2019 au sujet de la procédure de défalcation du salaire.

P 701 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

Bien qu’il n’existe pas des statistiques officielles ou une


évaluation de cette politique de délégation de signature des actes
en matière de ressources humaines depuis 2014 aux services
déconcentrés, il est observé que la plupart des services
déconcentrés n’ont pas fait recours aux prérogatives stratégiques
dans cette délégation à l’exemple du redéploiement du personnel
entre les établissements relevant du ressort territorial. L’absence
d’un dialogue constructif avec les partenaires sociaux au niveau
territorial pourrait être une des causes du blocage de plusieurs actes
déconcentrés en matière de ressources humaines jusqu’à
aujourd’hui.
Il ne faut pas perdre de vue que la réussite de la politique de
déconcentration se heurte également à la mobilité des RH. En effet,
la motivation de ces ressources de haut niveau pour adhérer à
l’expérience régionale, est à même de permettre une réussite de
l’expérience dont l’élément humain est décisif.
La territorialisation de la gestion des ressources humaines qui
a pour principal objectif d’assurer une disponibilité et une
répartition territoriale équitable des ressources humaines dans les
territoires, fait face aujourd’hui au Maroc à une multitude de défis.
A l’heure actuelle le système de santé marocain en général, et
ses hôpitaux publics en particulier font face à une pénurie de
ressources humaines de plus en plus prégnante (7595 sorties du

P 702 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

service entre 2012 et 2015 dont 1566 médecins et 4690


infirmiers)1031 .
La non-attractivité du secteur public pour les médecins est
constatée chaque année lors des concours de recrutement. La
démotivation de la population médicale et infirmière au Maroc
devient de plus en plus problématique. Le flux massif des
démissions des médecins spécialistes et l’intention de départ d’un
grand nombre de professionnels de santé du Ministère devrait
pousser le système de santé à s’interroger sur les leviers d’action
pour surmonter cette pénurie de ressources humaines.
Dans cette optique, que le ministère de la santé marocain a fait
recours aux conventionnements avec les médecins dentistes du
secteur privé pour tenter de combler le déficit de ces ressources
notamment dans les territoires enclavés. C’est ainsi qu’un Décret a
été promulgué en 2015, le ministère de la santé peut, en cas de
nécessité de service, recourir par voie conventionnelle à des
médecins généralistes ou spécialistes et à des médecins dentistes,
exerçant dans le secteur privé, pour exercer à temps partiel dans
certains établissements de santé relevant du ministère implantés
dans des circonscriptions administratives où l'offre de soins est
insuffisante soit en effectifs, soit en compétences médicales.1032
Selon ce Décret, le recours aux médecins généralistes ne peut avoir

1031
MINISTERE DE LA SANTE. Ressources humaines de la santé en chiffre 2015.Rapport.
2016.
1032
Décret n° 2-12-507 du 28 rabii I 1436 (20 janvier 2015) relatif à la situation des médecins et
des médecins dentistes du secteur privé conventionnés avec le ministère de la santé. B.O n° 6344
du 28 joumada I 1436 (19 mars 2015), p.1095.

P 703 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

lieu que pour l'exercice de la garde, en vue d'assurer la permanence


des soins et/ou la prestation de soins et services d'urgence.
Une liste des centres hospitaliers qui ont un besoin en
ressources humaines médicales a été promulgué par arrêté
ministériel.1033
Bien que cette initiative du conventionnement avec le secteur
privé soit salutaire mais elle connait un grand échec, et la cause est
flagrante :
Au titre des conventions proposées par le Décret, les médecins
et les médecins dentistes conventionnés ne bénéficient que d’une
rémunération brute de deux cent quatre-vingt-six dirhams (286
MAD) pour chaque séance de travail de quatre heures avec un
plafond rémunération mensuelle brute ne dépassant pas sept mille
cent quarante-trois dirhams (7143 MAD)1034, ce qui constitue une
rémunération très faible devant ce que propose le secteur libéral
pour ces praticiens.
Par rapport à la loi 08.22, et en tant qu’établissement public
doté de la personnalité morale et de l’autonomie financière 1035, le
GST possède une panoplie de prérogatives en matière de gestion
des RH, à commencer par le recrutement des employés et la

1033
Arrêté du ministre de la santé n°1203-15 du 19 joumada II 1436 (9-4-2015) fixant les
circonscriptions administratives et la liste des établissements de santé relevant du ministère de
la santé dans lesquels les médecins généralistes et spécialistes et les médecins dentistes du
secteur privé peuvent exercer par voie conventionnelle. B.O n° 6370 du 1 ramadan 1436 (18-6-
2015), p.3126.
1034
Décret n° 2-12-507 du 28 Rabii I 1436 (20 janvier 2015), Op.cit.
1035
Art 1 de loi 08.22, op.cit.

P 704 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

nomination aux postes de responsabilité1036 conformément à un


statut général des professionnels de santé du groupement fixé par
voie règlementaire1037 .
De même, en matière de formation, le GST est le garant de la
formation pratique fondamentale des étudiants en médecine, en
pharmacie et en médecine dentaire mais aussi de la formation
pratique des étudiants des étudiants en soins infirmiers et technique
de santé.
Aussi, le GST garantie la formation continue des
professionnels de santé, des secteurs concernés, des ordres
professionnels en matière de santé et des sociétés savantes
concernées.1038
La loi 09.221039 relative à la fonction sanitaire détaille les
droits et les devoirs des professionnels de santé des GST, les
principes et les règles d’accès à la fonction sanitaire et le règlement
de la carrière professionnelle.
Le régime du salaire des employés du GST constitue l’un des
mécanismes les plus important de cette réforme. Ainsi, les
professionnels de santé bénéficient une partie fixe de salaire et une
partie variable sur la base des activités professionnelles
réalisées.1040

1036
Ibid., Art 12.
1037
Ibid., Art 7.
1038
Ibid., Art 4.
1039
Projet de Loi 09.22, op.cit.
1040
Ibid., Art 7.

P 705 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

De la même manière, la gestion des ressources financières a


connu également une évolution significative en matière de
déconcentration.
2. La déconcentration évolutive de la gestion des
ressources financières
En matière de déconcentration budgétaire, le Ministère s’est
approprié progressivement la démarche s’articulant autour de trois
axes, la globalisation des crédits, la contractualisation et le
partenariat.
L’arrêté du Ministre de la santé marocain n°490.121041 relatif
à la délégation de la signature et l’approbation des marchés est le
premier de son genre depuis la création des directions régionales
de la santé en 2011.
Cet arrêté a délégué aux directeurs régionaux de la santé, aux
délégués du ministère de la santé et aux directeurs des centres
hospitaliers l’approbation ou la résiliation des marchés concluent
en faveur des services relevant de leur ressort territorial en matière
d’un certain nombre d’appels d’offres de toutes ses formes ou
marchés négociés.1042 Il a été revisité en 20141043 pour doter les

1041
Arrêté du Ministre de la santé n° 490.12 du 03 Rabii I 1433 (27 janvier 2012) relatif à la
délégation de signature et l’approbation des marchés. BO n° 6026 (Ar) du 08 Rabii II 1433 (1er
mars 2012), p.754.
1042
Ibid., Art 3.
1043
Arrêtés du Ministre de la santé du n°3161.14 au 3176.14 du 05 Di kiaada 1435 (1er septembre
2014) modifiant et complétant l’arrêté n° 495.12 du 03 Rabii I 1433 (27 Janvier 2012) relatif à
la délégation de signature et l’approbation des marchés. BO n° 6313 (Ar) du 08 Safar 1436 (1er
décembre 2014), p.8170.

P 706 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

services déconcentrés du ministère de la santé par plus de


prérogatives en matière de la dépense publique.
En sus de ces délégations, le Ministre de la santé a délégué en
2019 aux directeurs régionaux de la santé et aux délégués de signer
et d’approuver les pièces et les dépenses relatives au compte
spécial de la pharmacie centrale.1044
Il est à observer que dans un même territoire régional de santé
relevant du ministère de la santé, il existe plusieurs entités
déconcentrés et administratives avec des statuts et régimes
d’organisation différent entre ceux relevant de l’état, les SEGMA,
les établissements publics et même les instituts d’enseignements
supérieurs qui relèvent du ministère de la santé 1045.
Cette diversités de statuts et l’absence d’un organigramme
clair et surtout d’une vision régionale integrée en matière de projets
et de la dépense publique a constitué depuis toujours un grand
handicap dans la planification financière territoriale.
Consient de cette difficulté, le ministère de la santé a essayer
depuis les années 90 à institutionnaliser la conctractualisation
comme dispositif global, formalisé, progressif, visant
l’amélioration de la performance selon une logique de résultat et
incluant : la planification stratégique et opérationnelle, la

1044
Arrêté du Ministre de la santé n° 3678.19 du 11 Safar 1441 (10 Octobre 2019) relatif à la
délégation de signature et l’approbation des marchés. B.O n° 6842 (Ar) du 29 Rabii II 1441 (26-
12-2019), p.11859.
1045
Décret n° 2.13.658 du 23 kiaada 1434 (30 septembre 2013) relatif aux instituts superieurs de
professions infirmières et techniques de santé. BO n°6195 Bis du 9 Douhijja 1434 (15 Octobre
2013) Ar, p.6507.

P 707 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

budgétisation, la mise en œuvre, le suivi, la reddition des comptes


et l’évaluation. La conctractualisation permet aussi de délimiter les
responsabilités, d’instituer le dialogue. C’est un cadre idéal pour la
déconcentration.
Mais les differentes tentatives d’instauration du dispositif du
budget-programme entre les services centraux et déconcentrés du
ministère de la santé au Maroc peinent toujours à reussir.
Le 04 janvier 2019, Le Ministre de la Santé a procédé à la
signature des contrats objectifs moyens (COM) entre le Ministère
et les 12 Directeurs Régionaux de la santé. L’objectif de ces
contrats est d’instituer un instrument de pilotage et d’évaluation de
la performance entre l’Administration Centrale et les Directions
Régionales de la Santé, dans le but d’améliorer la gestion et la
qualité des prestations au niveau régional, et ce dans le cadre de la
déconcentration des missions du ministère de la santé. Mais encore
une fois cette initiative n’a pu etre concrétiser à cause du
changement du leadership au niveau du ministère.
Le GST est dotée d’une autonomie financière, ses ressources
et dépenses sont régits par la loi 08.221046. Le conseil
d’administration du GST arrête le budget et sa prévision
pluriannuelle du budget ainsi que les modes de financement des
programmes.1047

1046
Art 13 de loi 08.22, op.cit.
1047
Ibid., Art 7.

P 702 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

Le conseil d’administration du GST prendles décisions


relatives à la contribution au capital des entreprises privées
conformémént à la législation et la réglementation en vigeure,
lorsque le but principal des entreprises convergent avec les
missions du GST.1048
En parralèle avec cette amélioration de la gouvernance dans
les territoires de santé en matière de gestion des ressources
humaines et financières, une amélioration continue de l’accès aux
soins est à constater sur le plan de la planification, de l’organisation
des soins, ainsi que le plan des fonctions logistiques et d’appui.
II. L’amélioration de l’accès aux soins dans les territoires de
santé
Au Maroc, la planification territoriale de l’offre de soins a
connu des évolutions depuis les années 80. Mais le passage de la
planification de l’offre de soins vers une planification de la santé
s’est nettement démarqué avec la promulgation de la loi relative à
la carte sanitaire, et le mise en place des schémas régionaux de
l’offre de soins, malgré les nombreuses difficultés que connait ce
chantier. Cependant la loi 08.22 trace les principaux rôles de
planification sanitaire des Groupements sanitaires territoriaux. (1)
D’un autre côté, l’accès aux soins est tributaire outre la bonne
planification, d’une maitrise d’un ensemble de fonctions
logistiques et d’appui vitaux.

1048
Ibid., Art 7.

P 707 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

En effet l’accès aux médicaments est un pilier d’accès aux


soins. Cet accès, connait un certain nombre de difficultés que ce
soit pour le secteur pharmaceutique privé, ou dans les structures
publiques. La disponibilité des produits, le cycle de gestion,
centraliser la gestion ou la déconcentrer, le droit de substitution
sont un ensemble de problèmes auxquels s’ajoute l’accessibilité
financière au médicament. La déconcentration de la gestion des
équipements biomédicaux et du patrimoine du ministère de la santé
a connu aussi une évolution progressive, au même titre que la
déconcentration des fonctions d’audit et d’inspection. La maitrise
des fonctions logistiques et d’appui est un gage de la réussite de la
nouvelle organisation territoriale de la santé au Maroc. (2)
1. La planification territoriale de l’offre de soins
Au Maroc, les disparités régionales sont constatées dans
l’offre de soins de santé, notamment au niveau de l’allocation des
ressources et de la répartition du personnel de santé. Tandis que le
secteur public continue à fournir l’essentiel des services de soins
de santé, le secteur privé se développe rapidement et de manière
peu réglementée ou organisée.
L’accès aux services de santé essentiels est limité, surtout
dans les zones rurales, où un faible taux de consultations est relevé.
Plus que d’autres pays de la région, le Maroc affiche des inégalités
fortes en termes d’accès aux soins de santé entre les régions, entre

P 710 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

les zones rurales et les zones urbaines et entre les populations riches
et pauvres1049.
Partout au Monde, l’accessibilité aux services de santé
connait des inégalités territoriales, d’où le but d’une planification
sanitaire efficace. Selon Lambert1050, « les conditions
d’accessibilité aux équipements collectifs sont toujours contrastées
dans les grandes Nations, où persistent des inégalités régionales et
des régions de peuplement dispersé (zones de montagne, régions
sous peuplées ou dépeuplées). Des enquêtes d’économie de la santé
permettront d’identifier, sur l’espace sanitaire, les principaux
déséquilibres entre offre et demande de soins. La progression du
taux d’utilisation des services existants (consultation,
hospitalisation) accompagne la diminution des barrières d’accès
aux soins (fréquence et commodité des transports, prise en charge
des dépenses par les assurances). La concentration des médecins
et celles des équipements hospitaliers accentue les déséquilibres de
la carte sanitaire. Les zones d’attraction et de rayonnement des
grands hôpitaux spécialisés (CHU) se sont souvent étendues au
détriment de filières de soins moins coûteuses. De même
l’implantation des médecins libéraux, celle des pharmacies ou
laboratoires d’analyses révèle des déséquilibres d’implantations.
Par voie de conséquence les populations peu médicalisées et

CHAUFFOUR, Jean-Pierre. Le Maroc à l’horizon 2040 : Investir dans le capital


1049

immatériel pour accélérer l’émergence économique, op.cit., p.277.


1050
LAMBERT, Denis-Clair. Lexique d'économie de la santé, Economica, Paris, 1985, p.129.

P 711 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

éloignées de centres de soins seront transportées à des coûts élevés


(hospitalisation de personnes âgées) ou connaîtront une morbidité
associée à une faible consommation de soins. A l’opposé, les
populations de régions suréquipées révéleront de forts taux
d’utilisation, mais on observera une duplication des services
médicaux. Peu de pays sont parvenus à construire une carte
sanitaire optimale. La planification sanitaire peut favoriser un
rationnement des ressources et l’unification qu’elle impose
s’accompagne des effets pervers de la bureaucratie. Les inégalités
spatiales d’accès aux soins persistent dans tous les pays
occidentaux ».
L’étude de l’accessibilité n’a donc d’intérêt que dans le
rapprochement de l’offre (capacité et situation des ressources) et
de la demande (peuplement et besoin de santé, capacité de payer).
On peut approcher les problèmes d’accessibilité par les études
d’utilisation des services qui intègrent l’ensemble de facteurs
déterminant la fréquentation des services de santé et en particulier
les entraves (barrières) à l’usage, ou au contraire les incitations et
les moyens qui facilitent une bonne accessibilité des services
(transports, assurance, démographie et localisation des médecins).
La distribution spatiale des équipements sanitaires1051
(concentrations v/s dispersions, en rapport avec la forme du
peuplement qui peut être regroupé ou isolé).

1051
LUCAS, Véronique et TONNELLIER François. Géographie de l'Offre de soins : tendances
et inégalités. Données Sociales, 1996, no 1117, p. 259-264.

P 712 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

L’OMS différencie le recours et l’accès1052, dans la mesure où


des inégalités d’accès sont alors plutôt des inégalités de couverture
sociale (financement et ayant droit) et le recours la réalité finale de
son usage (recours aux soins). L’accès comme l’offre d’un bien et
le recours comme sa consommation effective.
La non-discrimination dans l’accès de chaque personne aux
soins nécessités par son état de santé se traduit, d’une part, par la
mise en place d’un régime d’assurance maladie permettant
d’assurer une égalité entre les citoyens quel que soit leur revenu
(égalité sociale et économique) et, d’autre part, par une
organisation du système de santé et du secteur médicosocial
permettant d’assurer une égalité entre les citoyens quel que soit leur
lieu de résidence (égalité territoriale).1053
Le système de santé du Maroc doit remporter les enjeux
majeurs des systèmes de santé au XXIe siècle, que sont : le
développement de la prévention ; la réduction des inégalités1054, des
gaspillages et des préjudices pour l’usager ; tout en prenant en
compte la valeur, la qualité et la sécurité ainsi que le vieillissement
de la population, l’environnement et l’exigence de démocratie1055.

1052
LE PEN, Claude. Efficacité et équité en économie de la santé. Quelques remarques
introductives, Communication aux Journées des Économistes Français de la, 1996.
1053
GIRER, Marion. Le droit à la protection de la santé dans l’alinéa 11 du Préambule de 1946 :
les impacts en termes de solidarité, Médecine & Droit, op.cit., p.149.
1054
BOUTAYEB, Abdesslam. Social inequalities and health inequity in Morocco.
International Journal for Equity in Health, 2006, vol. 5, no 1, p. 1.
1055
Bréchat, Pierre-Henri. Renforcer la démocratie sanitaire et la participation des citoyens et
des usagers aux politiques de santé pour la protection et le développement de la démocratie

P 713 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

Pour cela, la planification en santé permet de concilier un


équilibre entre ces enjeux et les besoins de santé de la population
sur un territoire donné et un continuum homogène d’offres et
d’actions relevant de la sécurité sanitaire, de la prévention, des
soins ambulatoires et hospitaliers, du médico-social et du social,
ayant des effets sur les déterminants de la santé. Cet instrument de
gestion peut permettre aux autorités publiques de prendre des
décisions sur une base plus rationnelle. Elle permet de prévoir les
services requis et les ressources nécessaires, comme les ressources
humaines ou un secteur privé réglementé, pour atteindre des
objectifs déterminés selon un ordre de priorités établi, permettant
ainsi le choix d’une solution préférable parmi plusieurs
alternatives. Ce choix prend en considération le contexte socio-
économique et territorial, les contraintes internes et externes
connues ou prévisibles1056.
Au Maroc, dans les années 1980, des critères d’implantation
des infrastructures sanitaires basés sur des normes de population
sont précisés : un dispensaire rural pour 15 000 habitants et un
centre de santé pour 45 000 habitants.
Les années 1981-1985 voient la réforme pour des soins de
santé de base (SSB) poussée dès 1982 par le plan d’opération pour

française », Chronique 1 – Organisation sanitaire, politiques de santé, Journal de droit de la


santé et de l’Assurance Maladie, 2013, n° 2, p. 31-36.
1056
Lopez, Alain et Bréchat Pierre-Henri. La planification en santé : un essai à transformer.
Sève, Les Tribunes de la santé, Paris, Éditions de santé et Presses de Sciences Po, 2016, n° 50,
p. 93-111.

P 714 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

le projet pilote de développement des services de santé (PDSS) qui


comprend des objectifs de développement des capacités du
ministère de la santé à préparer des plans sectoriels.
De 1987 à 1992, le premier plan d’extension de la couverture
sanitaire (PECS) est mis en place : c’est une association de critères
géographiques et socio-économiques au critère de population,
selon une démarche participative impliquant les autorités locales et
les élus1057.
À partir de 1992, il est mis en place une offre de SSB basée
sur un découpage administratif territorial rural afin de créer un
centre de santé communal (CSC) dans chaque commune et un
centre de santé communal avec module d’accouchement (CSCA)
dans chaque chef-lieu de caïdat – circonscription administrative à
laquelle sont rattachées une ou plusieurs communes –, de même
que des dispensaires ruraux (DR), unités opérationnelles de
premier recours non médicalisées. Leur implantation est aussi
prévue dans les communes qui desservent une population
importante et dont les localités sont étalées sur de grandes
superficies. En milieu urbain, l’offre de soins de base se compose
de centres de santé urbains (CSU) et de centres de santé urbains
avec module d’accouchement (CSUA).
En 1997, une étude de faisabilité d’une réforme de santé est
lancée. Elle aboutira en 1998 par la signature des conventions de

1057
Belghiti Alaoui Abdelali. La carte sanitaire : le pourquoi et le comment. Communication
orale, Rabat, 18 décembre 2014.

P 715 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

financement des deux projets d’appui à la réforme de santé : le


projet d’appui à la gestion des services de santé (PAGSS) ; et le
projet de financement et de gestion des services de santé (PFGSS).
Il y a eu ensuite une introduction auprès du secrétariat général
du gouvernement (SGG) qui étudie les projets de lois et les Décrets
émanant des ministères avant de les soumettre au conseil des
ministres, du premier projet de texte réglementaire relatif à la carte
sanitaire.
La stratégie sectorielle 1999-2000 permet ensuite le
déploiement de la première phase de la réforme avec l’élaboration
du premier schéma régional d’organisation sanitaire (SROS) dans
la région de l’Oriental, dans le cadre du PAGSS financé
principalement par l’Union européenne. En 2001, la convention de
financement sera liée à la carte sanitaire.
Le Maroc a commencé par vouloir améliorer son
hospitalisation publique dont les hôpitaux étaient vétustes, peu
équipés, critiqués par la population, ayant de faibles taux
d’occupation. Beaucoup de progrès ont été accomplis en un peu
plus de dix ans. La carte sanitaire et le SROS sont des moyens de
poursuivre ces progrès.
En 2011, une réforme constitutionnelle consacre le droit
d’accès aux soins en même temps qu’est votée le 2 juillet la loi-
cadre n° 34-09 relative au système de santé et à l’offre de soins. Le
premier plan de développement de la politique des soins de santé
primaires (SSP) est ainsi voté. L’objectif est d’optimiser l’offre de

P 716 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

soins publique et privée, en vue de satisfaire les besoins en soins et


services de santé de la population, de réaliser l’équité dans la
répartition spatiale des ressources matérielles, humaines, et de
corriger les déséquilibres régionaux1058. Cette loi dispose que la
carte sanitaire et le SROS ont un rôle de planification pour prévoir
et susciter les évolutions nécessaires de l’offre de soins publique et
privée. Ils ont aussi un rôle de régulation dans la mesure où ces
deux outils doivent chercher à satisfaire de manière optimale les
besoins en soins et services de santé de la population à réaliser
l’harmonie et l’équité dans la répartition spatiale des ressources
matérielles et humaines, ainsi qu’à corriger les déséquilibres
régionaux et intra régionaux et à maîtriser la croissance de l’offre.
Le passage de la planification de l’offre de soins vers une
planification en santé est tributaire d’un engagement sérieux de la
part des centres hospitalo-universitaires (CHU). Ainsi, afin d’éviter
les problèmes de coordination entre les CHU, régis en
établissements publics dotés de la personnalité morale et de
l’autonomie financière, et les autres hôpitaux, régis en services de
l’État gérés de manière autonome (SEGMA) relevant du ministère
de la santé, la nouvelle loi relative aux centres hospitalo-
universitaires1059 appelle ces derniers à se conformer aux

1058
Dahir n° 1-11-83 du 2 juillet 2011 portant promulgation de la loi cadre n° 34-09 Op.cit.,
p.1856.
1059
Dahir n° 1-16-62 du 24 mai 2016 portant promulgation de la loi n° 70-13 relative aux centres
hospitalo-universitaires, publié au B.O n° 6474 du 16 juin 2016, p.1047 ; qui abroge le Dahir n°
1-82-5 du 15 janvier 1983 portant promulgation de la loi n° 37-80 relative aux centres
hospitaliers, B.O n° 3668 du 16 février 1983.

P 717 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

dispositions de la législation et la réglementation relatives au


système de santé et à l’offre de soins1060. L’article fait
principalement et indirectement référence à la loi n° 34-09 relative
au système de santé et à l’offre de soins.
La capacité de réformer en profondeur le système de santé
constitue un test pour la démocratie et la solidarité1061. La mise en
place d’un arsenal juridique favorable à l’exécution d’une
planification en santé est l’un des piliers de la réforme du système
de santé au Maroc.
La carte sanitaire poursuit bien trois objectifs : la contention
de l’offre de soins ; la détermination d’une relation entre une offre
de soins et les besoins d’une population donnée au sein d’un certain
espace géographique ; et assurer un accès équitable aux soins de la
population sur l’ensemble du territoire national1062.
Si le ministère de la santé marocain s’est lancé dans une
dynamique d’élaboration des SROS sur la base de la carte sanitaire,
et si plusieurs SROS sont passés par les commissions régionales de
l’offre de soins (CROS) qui ont émis un avis à l’administration
centrale pour approbation du ministre de la Santé conformément à
l’article 54 du Décret qui précise que les travaux et avis de la CROS

1060
Décret n° 2-17-589 du 9 kaada 1439 (23 juillet 2018) pris pour l’application de la loi n° 70-
13 relative aux centres hospitalo-universitaires. B.O n° 6696 du 19 kiaada 1439 (2-8-2018),
p.1525.
1061
MINISTERE DE LA SANTE. Livre Blanc : Pour une nouvelle gouvernance du secteur de
la Santé. Deuxième conférence nationale de la santé.2013, op.cit.
1062
LOPEZ, Alain. Réguler la santé. Objectifs, méthodes et outils pour une stratégie globale
des politiques de santé. Op.cit., p. 106.

P 712 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

sont consignés dans des procès-verbaux et qu’une copie est


envoyée au président de la Commission nationale de l’offre de
soins (CNOS), soit le ministre pour approbation et promulgation
du SROS par arrêté ministériel.
Jusqu’à aujourd’hui, aucun SROS au niveau national n’a été
1063
promulgué par arrêté à plus de 3 ans de leurs conceptions et
envoi à l’administration centrale. Pourtant les directions régionales
de la santé considèrent leurs SROS comme officiels et comme
références pour la planification régionale.
D’ailleurs, concernant les délais, si le Décret les a précisés
pour les CROS et CNOS qui doivent se prononcer respectivement
par avis sur les projets des SROS et de la carte sanitaire dans un
délai maximum de 60 jours à compter de la saisine, il n’a pas for-
mulé de délais pour l’approbation ministérielle par arrêté de ces
outils de régulation.1064
La loi 08.22 confie aux GST de grandes attributions en
matière de l’offre de soins, ainsi le groupement est chargé de :
Mettre en place la carte sanitaire régionale et veiller à sa mise
à niveau conformément aux orientations de la carte sanitaires
nationale ;
Préparer et exécuter le programme médical régionale ;

1063
Décret n° 2-17-304 du 8 chaoual 1438 (3 juillet 2017), Op.cit.
1064
ABBASSI, Inan, LOPEZ, Alain, BRÉCHAT, Pierre-Henri. Planification régionale de la
santé au Maroc : contraintes et perspectives, op.cit., p. 708.

P 717 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

Créer de nouveaux établissements conformément à la carte


sanitaire régionale
Organiser les filières de soins au niveau régional ;
Créer un système d’information sanitaire régional1065.
La gestion des produits pharmaceutiques, des équipements
biomédicaux ainsi que l’inspection et l’audit, sont des fonctions
logistiques et d’appui du système de santé qui ont connu des actions
considérables pour les rapprocher des territoires de santé.
2. La territorialisation progressive des fonctions
logistiques et d’appui
Au Maroc, l’accès aux médicaments connait des difficultés au
niveau territorial que ce soit au secteur privé ou public.
Ainsi, le secteur pharmaceutique privé est confronté à de
nombreuses difficultés qui se traduisent par une baisse de
rentabilité. Ces difficultés sont dus notamment à: la concurrence
devenu de plus en plus effrénés et qui pousse les établissements
grossistes répartiteurs à pratiquer une politique commerciale
agressive basée sur des ristournes ce qui grève la rentabilité ; la
multiplication des pharmacies d’officines situées en dehors des
grands axes routiers entraîne qui des coûts de distribution, à la
charge des grossistes, beaucoup plus élevés ; les difficultés
financières que connaissent les pharmacies d’officine qui se
répercutent au niveau établissements grossistes répartiteurs par

1065
Art 4 de loi 08.22, op.cit.

P 720 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

l’augmentation du nombre des factures impayées et des


contentieux.
Concernant le secteur public, la disponibilité des produits
pharmaceutiques au niveau des structures publiques de santé est un
déterminant fondamental pour créer et maintenir l’intérêt, la
confiance et la participation de la population pour ces services.
Lorsqu’ils sont disponibles, économiquement abordables, de
bonne qualité et bien utilisés, les médicaments peuvent offrir une
réponse simple et efficace par rapport à leur coût, à de nombreux
problèmes de santé. La réussite des réformes en cours dépend
principalement de la disponibilité des médicaments dans les
établissements de santé. Cette disponibilité dépend certes, des
crédits alloués à l’acquisition des médicaments, mais elle est
surtout conditionnée par l’efficacité et l’efficience du système
d’approvisionnement mis en place. Ce dernier est un facteur clé de
succès de toute Politique Pharmaceutique Nationale.
L’accessibilité géographique aux médicaments et aux
produits de santé dépend essentiellement de la répartition des
points de dispensation que sont les officines, les hôpitaux et les
centres de santé (CS).1066
L’arsenal juridique régissant la pharmacie et le médicament a
connu, au fil des années des modifications et des compléments.
Cependant, il faut noter que les modifications n’ont été que
conjoncturelles et partielles. Par ailleurs certaines parmi les

1066
MINISTERE DE LA SANTE. Politique pharmaceutique Nationale. Op.cit., p.19.

P 721 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

principales fonctions de la réglementation pharmaceutique ne sont


pas couvertes par les textes en vigueur comme les vigilances ;
l’encadrement de la mise sur le marché des produits de santé autres
que les médicaments et plus récemment les conditions
d’enregistrement des médicaments biosimilaires. Par ailleurs de
nombreux textes d’application de la loi 17-041067 n’ont pas encore
vu le jour.
Malgré des efforts considérables, il est à noter qu’il existe
plusieurs dysfonctionnements dans la gestion des médicaments et
des produits de santé au niveau du secteur public et concernent le
cycle de la gestion des produits pharmaceutiques en matière de
l’expression des besoins et commandes, l’acquisition, le stockage,
la distribution et la livraison ainsi que le système d’information mis
en place.
La centralisation apporte mieux en matière de
l’approvisionnement en médicament surtout avec l’économie
d’échelle qu’elle permet. Néanmoins, il est clair d’une bonne
gouvernance est fortement demandée sur ce volet que ce soit au
niveau central, c’est d’ailleurs ce que la cour des comptes a soulevé
lors de la visite de l’entrepôt central des médicaments de Berrechid
qui a estimé que « les médicaments sont stockés de manière
arbitraire, sans tenir en compte la durée de validité, le type et la
spécificité de chaque médicament. Il a également été noté que

1067
Dahir n° 1-06-151 du 30 chaoual 1427 (22 novembre 2006) portant promulgation de la loi
n° 17-04 portant code du médicament et de la pharmacie. B.O n° 5480 du 7 Décembre 2006.

P 722 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

l’entrepôt ne dispose pas des conditions adéquates pour le stockage


des produits pharmaceutiques, en termes de maintien de la qualité
ainsi que des conditions de sécurité ». Elle a aussi mis en évidence
« le stockage d'un grand nombre de médicaments périmés, ce qui
reflète des insuffisances en matière d'évaluation des besoins et un
manque de coordination avec les services utilisateurs ».1068
Les Equipements lourds et installations de haute
technologie sont un volet important de L’offre de soins en mode
fixe dans le secteur public.
Sur le plan technique, Tout ce qui concerne le génie civil et
appels d’offre de construction est en grande partie déconcentrée au
niveau des provinces et préfectures. Pour les équipements
biomédicaux, les raisons d’économie d’échelle justifient qu’il n’y
ait pas de déconcentration.
La gestion des équipements et de la maintenance biomédicale
a connu aussi une évolution dans un sens de subsidiarité vers le
niveau régional et provincial.
Avant 1985, la maintenance biomédicale était monopolisée
par le secteur privé. On retrouve dans l’hôpital uniquement
l’entretien dans les domaines de maçonnerie, peinture,
chaudronnerie, plomberie, électricité de bâtiment, etc.
En 1998, il y a eu la déconcentration de la gestion du parc
d’imagerie médicale avec l’expiration des marchés cadre de

1068
COUR DES COMPTES. Rapport annuel de la Cour des comptes au titre de l’année 2018
.2019, p.305-306.

P 723 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

maintenance des équipements d’imagerie médicale en décembre


1997 au niveau central pour passer la commande au niveau régional
avec l’implication des ingénieurs responsables des ateliers
régionaux de maintenance.
Le lancement d’une nouvelle politique de maintenance
intitulé Gestion de la Maintenance du Patrimoine Immobilier et des
Equipements (GMPIE) en 2002, et qui a concerné trois Ministères
pilotes (santé, éducation nationale et enseignement supérieur) a
concerné :
 L’amélioration de la connaissance du patrimoine ;
 Un programme de rattrapage du déficit d’entretien ;
 La mise en place d’un programme d’entretien pérenne ;
 L’affectation de moyens adéquats ;
 L’implantation de nouveaux outils de gestion.
L’année 2004 a été une date importante dans la
déconcentration de la gestion des équipements et de la maintenance
avec la signature du premier contrat d’objectif et de moyen dédié à
la maintenance entre le ministre de la santé et la délégation-
coordination régionale du Gharb Chrarda Beni Hsen, suivie de la
création du premier Centre Régional d’Ingénierie et de la
Maintenance Hospitalière (CRIMH).
La Gestion de la Maintenance du Patrimoine Immobilier et
des Equipements (GMPIE) va être généraliser en 2008 au niveau
national à travers le Plan d’Action ministériel 2008/2012 et la
création de l’Unité Régionale de la Maintenance des Equipements

P 724 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

Biomédicaux (UMEB) au niveau de la Direction Régionale de la


Santé.
La reconfiguration des directions régionales de la santé en
2011 a permis la création du Service des Approvisionnements, des
Bâtiments, des Equipements, et de la Maintenance (SABEM) dans
10 DRS et la domiciliation des missions du SABEM dans les
services des Ressources Humaines et des Affaires Générales
(SRHAG) crées dans les 06 autres DRS.
La standardisation de ces services régionaux va se passer en
2016 avec la création du Service des Equipements et de la
Maintenance (SEM) au niveau du nouvel organigramme de la
DRS.
D’une autre part, le ministère de la santé a créé en 2017 des
coordinations régionales des missions d’inspections1069 relevant de
l’inspecteur général du ministère de la santé. Ces coordinations ont
pour missions l’inspection, le contrôle, l’audit et l’évaluation de la
gestion des établissements de santé publics et privés relevant de la
région. Elles sont chargées aussi d’enquêter sur les réclamations et
les doléances des citoyens et des fonctionnaires. Les directions
régionales de la santé sont censées faciliter le travail de ces
coordinations et de les disposer des moyens de travail.
Les coordinations régionales des missions d’inspections ont
mené 112 missions d’inspection et d’audit entre janvier 2018 et

1069
Arrêté du Ministre de la santé n°12657 du 2 octobre 2017 relatif à la création des
coordinations régionales des missions d’inspection.

P 725 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

juin 2019, alors que l’inspection générale qui a effectué quelque


225 missions d’inspection et d’audit dont 44 dans les
établissements relevant du secteur privé.1070
Les chiffres révèlent le rôle toujours prépondérant de
l’inspection générale centrale dans les activités d’inspection. Une
autre remarque concerne l’arrêté de création des coordinations
régionales concerne le statut des coordinateurs régionaux. En effet,
l’arrêté de création ne précise pas si ces coordinations sont
assimilées à des services, à des divisions ou à des directions
centrales étant donné que la « coordination » n’a aucun statut sur
le plan administratif. Doter ces coordinateurs régionaux d’un statut
précis (le directeur régional de la santé est assimilé à un chef de
division centrale) et d’une budgétisation claire permettraient sans
doute à ces entités de jouer pleinement leurs rôles loin de
l’influence des directions régionales de la santé.
Par rapport à la nouvelle réforme territoriale de la santé, le
GST veille à la disponibilité, à la gestion et la facilitation de l’accès
au médicament et des produits sanitaires dans les établissements de
santé composant le groupement. Elle contribue de même aux
opérations de contrôle et de l’inspection financière, administrative
et médicale des établissements de santé relevant du GST. 1071

Selon le Bilan d’étape (2018-2019) présenté par l’inspecteur général du ministère de la santé.
1070

Voir : santé. L’inspection générale pointe les failles du système. Article.LesEco.ma. 12/07/2019.
Disponible sur : https://leseco.ma/sante-l-inspection-generale-pointe-les-failles-du-système.
1071
Art 4 de loi 08.22, op.cit.

P 726 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

Conclusion
A la lumière de ce qui précède, force est de constater que
d’énormes efforts ont été déployer surtout cette dernière décennie
en matière de territorialisation des fonctions du système de santé.
Cependant, l’accaparement des principales compétences au
niveau central notamment en matière de gestion financière et
humaines, les problèmes liés à la déconcentration des fonctions de
planification de l’offre de soins, d’appui et de logistique du système
comme la gestion de l’équipement biomédical ou la gestion du
médicament, l’absence de l’intégration et de la convergence,
conduisent nécessairement à un faible impact sur l’égalité d’accès
aux soins.
En somme, la territorialisation des politiques de santé au
Maroc a jusque-là subi une logique verticale du haut en bas, une
déconcentration décidée par le haut, uniforme par rapport aux
territoires et qui ne prend pas en compte des spécificités des
territoires.
Néanmoins, la prochaine configuration territoriale de la santé
devrait capitaliser sur les principaux mécanismes et points forts de
la déconcentration des fonctions de la santé élaborés jusque-là.
La dynamique actuelle de l’organisation des territoires de
santé moyennant les GST à la lumière de la nouvelle loi-cadre
06.22 relative au système national de la santé et la loi 08.22 relative
aux groupements sanitaires territoriaux, devrait apporter des

P 727 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

éléments de réponse sur la vision de l’Etat en matière de


territorialisation des politiques de santé.
Le GST devrait être un construit, une dynamique qui prend le
territoire comme point de départ pour construire un système de
santé national générateur d’égalité d’accès aux soins.
Cette construction des territoires de santé ne doit pas être la
proie d’une simple déclinaison verticale de la déconcentration et de
la décentralisation. Au contraire le choix d’un modèle construit et
adéquat pour générer l’égalité d’accès aux soins, doit primer.
BIBLIOGRAPHIE
Ouvrages spéciaux :
 LAMBERT, Denis-Clair. Lexique d'économie de la
santé, Economica, Paris, 1985.
 LOPEZ, Alain. Réguler la santé. Objectifs, méthodes et
outils pour une stratégie globale des politiques de santé, Rennes,
Presses de l’EHESP, 2013.
Articles :
 ABBASSI, Inan, LOPEZ, Alain, BRÉCHAT, Pierre-
Henri. Planification régionale de la santé au Maroc : contraintes et
perspectives. Revue Droit & Santé, 2018, no 85, p. 706-712 .
 BOUTAYEB, Abdesslam. Social inequalities and
health inequity in Morocco. International Journal for Equity in
Health, 2006, vol. 5, no 1.
 BRÉCHAT, Pierre-Henri. Renforcer la démocratie
sanitaire et la participation des citoyens et des usagers aux

P 722 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

politiques de santé pour la protection et le développement de la


démocratie française. Chronique 1 – Organisation sanitaire,
politiques de santé, Journal de droit de la santé et de l’Assurance
Maladie, 2013, no 2, p. 31-36.
 COLLIGNON, François, DU CHAFFAUT, Gilles, et
LARBI, Abdelkader. La territorialisation : menace ou levier de
l’action publique. Atelier organisé par l’association des dirigeants
territoriaux anciens de l’INET, Entretiens territoriaux de
Strasbourg, 2007, vol. 5, p. 2007-2008.
 DE MAILLARD, Jacques. Le partenariat en
représentations : contribution à l'analyse des nouvelles politiques
sociales territorialisées. Politiques et management public, 2000,
vol. 18, no 3, p. 21-41.
 DOUILLET, Anne-Cécile. Les élus ruraux face à la
territorialisation de l'action publique. Revue française de science
politique, 2003, vol. 53, no 4, p. 583-606.
 GIRER, Marion. Le droit à la protection de la santé dans
l’alinéa 11 du Préambule de 1946 : les impacts en termes de
solidarité, Médecine & Droit. Volume 2016, 2016, Issue 141,
p.147-153.
 LAURIOL, Jacques, PERRET, Véronique,
TANNERY, Franck. L'espace et le territoire dans l'agenda de
recherche en stratégie, Revue française de gestion, 2008, no 4, p.
181-198.

P 727 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

 LOPEZ, Alain et BRECHAT Pierre-Henri. La


planification en santé : un essai à transformer. Sève, Les Tribunes
de la santé, Paris, Éditions de santé et Presses de Sciences Po,
2016, n° 50, p. 93-111.
 LUCAS, Véronique et TONNELLIER François.
Géographie de l'Offre de soins : tendances et inégalités. Données
Sociales, 1996, no 1117, p. 259-264.
Thèses, Mémoires et Travaux universitaires
 EL HARRAK, Saloua, Rôle et attributions des
directions régionales de la santé : Etat actuel et perspectives. Ecole
nationale de santé publique. 2013. Mémoire de Mastère en
Administration Sanitaire et Santé Publique. Rabat.
Textes Juridiques
i. Dahirs :
 Dahir n° 1-06-151 du 30 chaoual 1427 (22 novembre
2006) portant promulgation de la loi n° 17-04 portant code du
médicament et de la pharmacie. B.O n° 5480 du 7 Décembre 2006.
 Dahir n° 1-11-83 du 2 juillet 2011 portant promulgation
de la loi cadre n° 34-09 relative au système de santé et à l’offre de
soins. B.O n°5962 du 19 châabane 1432 (21 juillet 2011), p.1856.
 Dahir n° 1-11-91 du 27 châabane 1432 (29 juillet 2011)
portant promulgation du texte de la constitution, B.O : 5964 bis du
30 juillet 2011.

P 730 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

 Dahir n° 1.16.62 du 17 châabane 1437 (24 mai 2016)


portant loi n° 70.13 relatif aux centres hospitaliers universitaire.
B.O n°6474 du 10 Ramadan 1437 (16 juin 2016) Ar, p.4779.
 Dahir n° 1-11-30 du 09 Châabane 1442 (23 mars 2021)
portant promulgation de la loi-cadre n° 09-21 relative à la
protection sociale, BORM Ar. n° 6975, du 05 Avril 2021.
 Dahir n° 1-12-77 du 14 Joumada I 1444 (09 décembre
2022) portant promulgation de la loi-cadre n° 06-22 relative au
système national de santé, BORM Fr. n° 7178, du 16 Mars 2023.
 Dahir n° 1-13-50 du 09 Douhijja 1444 (28 Juin 2023)
portant promulgation de la loi n° 08-22 relative à la création des
groupements sanitaires de territoires, BORM Ar. n° 7213, du 17
Juillet 2023.
ii. Décrets :
Décret n° 2-75-835 du 24 safar 1396 (25 février 1976) relatif
aux attributions et à l’organisation de la santé publique. B.O
n°3306 du 08 Rebii I 1396 (10-3-1976). p.331.
Décret n°2-88-711 du 11 joumada II 1410 (9 janvier 1990)
relatif aux attributions et à l’organisation du ministère de la santé
publique. B.O n°4032 du 10 rejeb 1410 (7-2-90), p.85.
Décret n° 2-12-507 du 28 rabii I 1436 (20 janvier 2015) relatif
à la situation des médecins et des médecins dentistes du secteur
privé conventionnés avec le ministère de la santé. B.O n° 6344 du
28 joumada I 1436 (19 mars 2015), p.1095.

P 731 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

Décret n° 2-17-589 du 9 kaada 1439 (23 juillet 2018) pris


pour l’application de la loi n° 70-13 relative aux centres hospitalo-
universitaires. B.O n° 6696 du 19 kaada 1439 (2-8-2018), p.1525.
iii. Arrêtés :
Arrêté du ministre de la santé publique n°1441-80 du 13
moharrem 1401 (21 novembre 1980) relatif aux attributions et à
l’organisation des services extérieurs du ministère de la santé
publique. B.O n°3560 du 14 rabii I 1401 (21-1-1981), p. 33.
Arrêté de la ministre de la santé n° 1363-11 du 12 joumada II
1432 (16 mai 2011) relatif aux attributions et à l'organisation des
services déconcentrés du ministère de la santé. B.O n° 5958 - 5
châabane 1432 (7-7-2011). p. 1850. Complété par l’arrêté n°
2333-12 du 13 juin 2012, B.O n° 6084 du 20/09/2012. p.2630.
Arrêté du Ministre de la santé n° 490.12 du 03 Rabii I 1433
(27 janvier 2012) relatif à la délégation de signature et
l’approbation des marchés. B.O n° 6026 (Ar) du 08 Rabii II 1433
(1er mars 2012), p.754.
Arrêté de la ministre de la santé n° 3160.14 du 05 kiaada 1435
(01 Septembre 2014) relatif à la délégation de signature. B.O n°
6312 du 04 Safar 1436 (27 Novembre 2014).
Arrêtés du Ministre de la santé du n°3161.14 au 3176.14 du
05 Di kiaada 1435 (1er septembre 2014) modifiant et complétant
l’arrêté n° 495.12 du 03 Rabii I 1433 (27 Janvier 2012) relatif à la
délégation de signature et l’approbation des marchés. B.O n° 6313
(Ar) du 08 Safar 1436 (1er décembre 2014), p.8170.

P 732 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

Arrêté du ministre de la santé n°1203-15 du 19 joumada II


1436 (9 Avril 2015) fixant les circonscriptions administratives et
la liste des établissements de santé relevant du ministère de la
santé dans lesquels les médecins généralistes et spécialistes et les
médecins dentistes du secteur privé peuvent exercer par voie
conventionnelle. B.O n° 6370 du 1 ramadan 1436 (18-6-2015),
p.3126.
Arrêté du Ministre de la santé n° 003.16 du 23 Rabii I 1437
(04 Janvier 2016) relatif à la création, la détermination des
attributions et l’organisation des services déconcentrés du
ministère de la santé. B.O n°6452 du 21 Joumada II 1437 (31 mars
2016) Ar, p.2888.
Arrêté du Ministre de la santé n°12657 du 2 octobre 2017
relatif à la création des coordinations régionales des missions
d’inspection.
Arrêtés du Ministre de la santé de délégation de signature aux
directeurs régionaux de la santé du 23 Moharrem 1440 (3 Octobre
2018), B.O n°6724 Ar du 29 Safar 1440 (08 Novembre 2018).
Arrêté du Ministre de la santé n° 3678.19 du 11 Safar 1441
(10 Octobre 2019) relatif à la délégation de signature et
l’approbation des marchés. B.O n° 6842 (Ar) du 29 Rabii II 1441
(26-12-2019), p.11859.

P 733 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫ م‬2023 ‫ من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت‬57 ‫العدد‬

Rapports
CHAUFFOUR, Jean-Pierre. Le Maroc à l’horizon 2040 :
Investir dans le capital immatériel pour accélérer l’émergence
économique. Washington, DC : La Banque mondiale. 2018.
COUR DES COMPTES. Rapport annuel de la Cour des
comptes au titre de l’année 2018, p.305-306.2019.
MINISTERE DE LA SANTE. Livre Blanc : Pour une
nouvelle gouvernance du secteur de la Santé. Deuxième
conférence nationale de la santé.2013.
MINISTERE DE LA SANTE. Politique pharmaceutique
Nationale. Rapport. 2015.
MINISTERE DE LA SANTE. Ressources humaines de la
santé en chiffre 2015, Rapport, Octobre 2016.
Communications :
LE PEN, Claude. Efficacité et équité en économie de la
santé. Quelques remarques introductives, Communication aux
Journées des Économistes Français de la, 1996.
Webographie :
• L’inspection générale pointe les failles du système.
Article.LesEco.ma. 12/07/2019. Disponible sur :
https://leseco.ma/sante-l-inspection-generale-pointe-les-failles-
du-système.

P 734 ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫تم بحمد الله وتوفيقه‬

‫‪P 735‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 57‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر غشت ‪ 2023‬م‬

‫صدر سابقا من جملة الباحث األعداد التالية‬

‫رابـط تحميـل جميـع األعـداد أذنـاه‪:‬‬


‫‪P 736‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬
‫‪https://www.allbahit.com/search/label‬‬

You might also like