Professional Documents
Culture Documents
العدد 62 من مجلة الباحث القانونية - يناير 2024 - المدير المسؤول ذ. محمد القاسمي
العدد 62 من مجلة الباحث القانونية - يناير 2024 - المدير المسؤول ذ. محمد القاسمي
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
مجلة الباحث
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
Researcher's journal
of Legal and Judicial Researches and Studies
مجلة قانونية علمية محكمة تعنى بنشـــر األبحاث القانونية والفقهية والقضائية واالقتصادية
رئيس التحرير – الأستاذ جعفر القاسمي مدير المجلة – الأستاذ محمد القاسمي
العربية جعفرباللغة
القاسمي وقضائية قانونية
الأستاذ دراسات وأبحاث
التحرير – رئيس
البدائل الشرعية للفائدة على القرض المصرفي ..........................................................................................................الدكتور مولاي أحمد سالم
دور آليات الديمقراطية التشاركية في تجويد العمل البرلماني ......................................................................................الدكتورة أسماء بركيطة
القاسمي
ر جعفر
ماجدولين انك الأستاذ
الدكتورة ازكرار ومحمد –
التحرير رئيس
الدكتور ضابط البناء المضاد للزلازل ووقعه على قطاع التعمير والبناء بالمغرب..........................................
التعويض الجنائي كعقوبة بديلة عينية على ضوء مشروع القانون الجنائي............................................................................الدكتور أنوار بوهلال
أثر الحيازة في إثبات ملكية العقار غير المحفظ ...........................................................................................................الدكتورة فدوى بوزكري
إجراءات التنفيذ على العقار المرهون في التشريع المغربي ..................................................................................................الدكتور عمر الخضر
التنزيل الدستوري لمبدأ المناصفة وإشكالية التنمية بالمغرب ..........................................................................................الدكتور ياسير بوكلاطة
الرقابة على التدبير المالي والمحاسبي للأملاك الوقفية في القانون المغربي ..................................................................الدكتور سعيد بلغريب
السياسة الجبائية الترابية بالمغرب ،ورهانات :العدالة المجالية ........................................................................................الدكتورة حنان ترموسي
السياسة المائية بالمغرب في زمن الندرة ......................................................................................................... ...............الدكتور جواد القادري
القرض بضمان الرهون في القانون الموريتاني .........................................................................................................الدكتور سالم مولاي أحمد
تحمل الشهادة وأداؤها من قبل المرأة العدل الموثقة في القانون المغربي ...................................................................الدكتورة نادية النحلي
التعاون الدولي لمواجهة جائحة كورونا (العراق نموذجا) .............................................................الدكتورة زينب رياض جبر و د محمد حسين مجيد
ميثاق المرافق العمومية :بين الواقع والآفاق ....................................................................................................................الدكتورة لبنى الحيمر
الاطار القانوني المنظم للتعليم عن بعد :السياق والاكراهات .........................................................................................الدكتور يونس الصالحي
نظرية التعسف في استعمال الحقوق العينية "مضار الجوار نموذجا " ............................................................................الأستاذة هناء سدراتي
آليات تنزيل مشروع الحماية الاجتماعية بالمغرب .......................................................................................................الأستاذ النويري عبدالعالي
القضاء الدستوري المغربي دوره في حماية الحقوق والحريات ..........................................................................................الأستاذ عماد لمراني
دور ديوان المحاسبة القطري في الحفاظ على المال العام ..................................................................الأستاذ محمد صالح محمد لوذين المري
أهمية التخطيط الإستراتيجي في تدبير الموارد البشرية بدولة قطر ..................................الأستاذ راشد عبد الهادي طالب الشهواني الهاجري
الشروط الموضوعية لدعوى فسخ عقد البيع العقاري في التشريع المغربي .......................................................الأستاذة فاطمة الزهراء بوستة
خصوصية التحكيم في العقود الإدارية ..................................................................................................................الأستاذ الهاشمي السعيدي
أصل مراعاة الخلاف في المعاملات المالية دراسة تأصيلية تطبيقية ...................................................................الأستاذ محمد الأمين اده عمار ابه
دور القيادة الإدارية في توجيه العملية الإدارية ......................................................................................الأستاذة مرفت أمين فضل الله بشوري
عقوبة مصادرة العقارات -المفهوم والطبيعة مقاربة فقهية وقانونية ....................................................................................الأستاذ حميد بارج
رقابة القضـاء الإداري عـلى قـرارات مجلس المنافسة ....................................................................................................الأستاذ العربي اليوناني
ضمانات الملزم في إطار الشفعة الضريبية ..............................................................................................................................الأستاذ أيوب بلوز
دور القضاء الدستوري في تحقيق الأمن القانوني من خلال الرقابة على دستورية القوانين ..........................................الأستاذ المهدي زرايدي
استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في اثبات الجرائم المرتكبة عبر الانترنت .................................................الأستاذ سالم أحمد علي الشامسي
النظام المالي للزوجين في ضوء مدونة الأسرة ................................................................................................الأستاذة فاطمة الزهراء العبادي
دراسات وأبحاث قانونية وقضائية باللغة الفرنسية
Gouvernance du capital humain et concrétisation des objectifs de développement durable souscrits par le Maroc
dans le cadre de l’Agenda 2030.......................................... ................................................................Dr Khalid ait akabach
Le management de sécurité et la conduite de projet au sein des Entreprises …………………... Dr BOUROUD Hanane
La résiliation des marchés publics entre le texte juridique et la jurisprudence ..……………….......… Dr Yassine ABIBI
……La Mutation du système comptable public de l’Etat au Maroc: Enjeux et.perspectives……...........………………......
.. …. ….. …… … …… .. …… . …… .. …… … . …… .. …… … ……..
الإيداع القانوني 08غ 2017 /م * ر دمد ISSN: 2550 – 603X
جميع حقوق النشر محفوظة لسنة 2023م ®
P1 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
- @ mail.
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
(
)
صدق الله العظيم
P2 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
P3 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
محامي بهيئة المحامين بالرباط عضو المجلس الوطني لنادي قضاة المغرب
P4 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
.401
.420
P5 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
ISSN
Arcif
P6 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
مجلة الباحث
www.allbahit.com
تبىق كل األراء واملواقف الواردة ابملقاالت املنشورة ابملجلة ملزمة ألصحاهبا وال تلزم املجلة وطاقمها
majalatlbahit2017@gmail.com word
P7 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
41
93
39
77
39
449
411
437
483
P8 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
603
661
613
617
673
900
947
914
930
939
103
P9 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
194
110
131
183
114
171
136
303
366
318
370
P 10 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
706
749
797
P 11 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
P 12 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
P 13 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
هذا و وفي ما يتعلق بموضوع الخاص بإيجاد نظام التمويل اإلسالمي ،فإن أو ل ما يتبادرإلى
الذهن هو تخليص هذا النظام من الفائدة ؛ وبالنظر إلى أن اإلقراض هو أكثر وسائل التمويل
المتضمنة للفائدة ويحتل أهمية فائقة في أساليب تمويل في النظام المصرفي المعاصر ،فإن
المشكلة الحقيقية – التي تبرز هنا – ليست التخلص من الفائدة أو إيجاد الطرق لتخفيضها،
ولكن المشكل هوكيف نستبدلها بنظام يعكس فرص تكلفة رأس المال طبقا للمبادئ اإلسالمية،
وعلى نفس الدرجة من األهمية في نطاق هذا المشكل كيف نخلق آلية تضمن عائدا معقوال
P 14 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
للنقود المقرضة من جانب األفراد والدولة ،تمثل حافزا ودافعا للمودعين والمصاريف لتقديم
التمويل لألفراد والمؤسسات ،فيكون التعامل مع الو اقع من منطلق الواعي بحقائقه ،ودون
تجاوزألحكام الشرع ومبادئه المنظمة للتعامل المالي واالقتصادي.1
فإلى أي مدي يمكن أن يوجد ذلك البديل أو البدائل؟ ،من خالل اإلجابة على هذه
اإلشكالية ،ال بد أن نجيب على التساؤالت التالية ماهي أهم البدائل؟ و ما هي أهم األنماط
للحصول عليه؟ ،سنجيب على اإلشكالية و ما تفرع عنها من تساؤالت من خالل اتباع المنهج
التحليل و الوصفي ،عبر استعراض البديل الشرعي للفائدة على القرض المصرفي ،من خالل
الحديث عن البدائل التي تقوم على اتباع أنماط معينة من اإلقراض ( الفرع األول ) ،ثم من خالل
البدائل عبراتباع أساليب أخري للتمويل ( الفرع الثاني).
الفرع األول :البدائل التي تقوم على إتباع أنماط معينة من اإلقراض
هذه البدائل يمكن استخدامها كوسائل للتمويل ،بحيث تحقق أهدافه في إمداد المقترض
بالمال الالزم لتنفيذ مشروعاته ،والوفاء بحاجاته االستهالكية أو اإلنتاجية ،وفي ذلك الوقت
تستمد مشروعيتها من النصوص أو المبادئ اإلسالمية.
وبطبيعة الحال فإن من أول هذه البدائل القرض الحسن والقروض المقابلة للودائع (فقرة
أولى) والقروض المقدمة من الشركات أو رجال األعمال إلى المصرف (الفقرة الثانية)
التمويل بالقرض الحسن غير الربوي ،هو أسلوب تدل عليه النصوص الشرعية التي
أسلفناها ،كما أنه ٍأسلوب شامل يمكن إتباعه في أنواع التمويل املختلفة ،قصيرة األجل أو
متوسط أو طويل ،وفي عمليات زراعية أو صناعية أو تجارية في قروض استهالكية أو إنتاجية،
ولكن هذا األسلوب يحتاج إلى إيجاد الوعي به بين قطاع المقرضين ليقوموا على تطبيقه بدافع
إسالمي ،ليزداد حجم المتعاملين به ،ولتوسيع هذه القاعدة ويتكون منها قاعدة عريضة من
. -1محمد شحات الجندي ،القرض كأداة للتمويل في الشريعة اإلسالمية ،المعهد العالمي للفكر اإلسالمي ـ القاهرة ،6991
ص .431
P 15 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
الممولين الذين يستخدمون القرض الحسن كأداة للتمويل ،وفي نفس الوقت حسب استخدامه
من جانب قطاع المقترضين فال يزاحم في الحصول عليه غيراملحتاج أو األكثرحاجة إليه ،كما أن
من حصل عليه أن يبادر إلى الوفاء به إلعطاء الحقوق لذويها ،إذ أنه من المطلوبات الشرعية
كما أشارإلى ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم (رحم الله عبدا سمحا إذا باع ،سمحا إذا اشترى،
سمحا إذا قض ى ،سمحا إذا اقتض ى) وباإلضافة إلى ذلك فإن التمويل بالقرض الحسن يحتاج في
النطاق المصرفي إلى توفرالوارد المالية الالزمة إلمداد عمليات التمويل والتي ال تسعفها األموال
الموجودة في المصارف ،األمرالذي يتطلب تقديم إعانة من الدولة و إيجاد المزيد من المصادر
التي تستخدم في اإلقراض.2
هذا األسلوب من البدائل يتفرع عن البديل السابق ألنها تعتمد على القرض الحسن
ويمكن للمصارف استخدامه ، 3وميزة هذا األسلوب أنه يمكن المصرف من استغالل جزء من
القرض المقدم إلى المقترض في نشاط إنتاجي يكون مصدر العائد منه للبنك ،هذا في الوقت
الذي سيتمكن فيه المقترض من الحصول على جزء األكبر لقضاء حاجته ،ففيه تحقيق نفع
للطرفين وممارسة معاملتين نافعتين للمقترض وللمصرف وهما القرض واالستثمار؛ ويؤخذ على
هذا األسلوب أنه يكون على نطاق محدود من حيث العمليات التي يتم تمويلها كما أنه ال يمكن
للمصرف من الحصول على موارد مالية جديدة.4
التعامل المصرفي و الفقه اإلسالمي ،دار الفكر الجامعي ،الطيعة األولى ، 1166ص .212
P 16 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
و ربما كان للمصرف أن يقيد تقديم هذه القروض باألشخاص أصحاب الحسابات في
المصرف حرصا منه على تنمية موارده المالية و إفادة عمالئه بواسطة مدهم بالتمويل الالزم
لمشروعاتهم .وللمصرف اإلسالمي مكنة المغايرة والربط بين طبيعة القرض المقدم على حساب
الوديعة التي يملكها العميل في المصرف ،فإذا كانت الوديعة استثمارية ،فإن المصرف يمول
العميل بقرض استثماري وإذا كانت وديعة جارية فإن المصرف يكتفي بتمويل العميل بقرض
استهالكي أو ألغراض اجتماعية .5..
هذا النوع من القروض أري انه يطرح إشكاالت حول ما إذا كان يدخل في المنع طبقا
للقاعدة الشرعية "كل قرض جرنفعا فهو حرام".6
يمكن أن يستخدم القرض أيضا لتمويل العمليات التي يقوم بها البنك بوسيلة عكسية
للطريقة المعتادة التي يضطلع فيها المصرف اإلسالمي بتمويل الغير وفي هذا األسلوب تقدم
الشركات أو المؤسسات المالية قروض إلى المصرف الذي يرتبط معها بعالقات مالية كأن يكون
مساهما في رأس مالها بحصص مالية (األسهم) كما يكون ذلك بالنسبة لرجال األعمال الذين
يحصلون على قروض من المصرف لتمويل مشروعاتهم االستثمارية وذلك من باب المعاملة
بالمثل ،فكما تستفيد الشركات أوالمؤسسات المالية من المصرف عن طريق مساهمته في رأس
مالها وكما يستفيد رجال األعمال من االقتراض من المصرف ،فإن للبنك أن ينتفع كذلك بتقديم
القروض لتمكينه من االستمرار في عمليات اإلقراض ،وهذا من باب التعاون والتكافل بين
P 17 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
المؤسسات المالية ،واألشخاص والمصارف التي تعمل في مجال توظيف األموال وتشغيلها وفق
اإلسالمية.7
أحكام الشريعة ٍ
وهذا من باب التعاون على البر والتقوى الذي أمر الله به في قوله تعالى ﴿وتعاونوا على
البروالتقوى﴾.8
وميزة هذه الطريقة أنها تمكن المصرف اإلسالمي من الحصول على مورد مالي متجدد عن
طريق تجدد اإلقراض وتبادل المنافع بينهما وبين المؤسسات المالية األخرى كما أنها تساعد على
تداول المال وتشغيله وتخلق مناخا من التعاضد والتساند بين األشخاص العاملين في حقل
تمويل التنمية واالستثمار ،وأخير فإنها تفتح الفرصة للحصول على قروض كبيرة نظرا للوفرة
المالية التي تتمتع بها الشركات أو كباررجال األعمال.
وهي عبارة عن التسهيالت التي تقدمها المصاريف والمؤسسات المالية األخرى بواسطة
منح قروض حسنة وذلك في الحاالت التي ال يالئمها نظام المشاركة في الربح والخسارة أو أي من
الطرق البديلة األخرى ، 9شريطة أن تكون المشروعات أو األغراض التي يمنح لها مقصود بها
الرفاهية العامة للجماعة ،ويمكن للمصرف تغطية النفقات اإلدارية للقرض أن يفرض رسم
خدمة على أساس التكلفة الفعلية للمصرف ،ويمكن أن يتحدد هذا الرسم على تقديم طلب
القرض على أن يكون موحد ال يلتفت فيه إلى مبلغ القرض أو أجله.10
وميزة هذه القروض الخاصة أنها تستخدم لسد حاجات عامة وأساسية الغنى عنها كتقديم
القروض للمزارعين الذين يقومون بزراعة المواد الغذائية لتحقيق اكتفاء ذاتي لألمة ،فتستغني
بذلك عن االستدانة من الدول األجنبية بالفائدة وبالشروط التحكيمية وهي اآلفة التي تعاني منها
الدول اإلسالمية في العصرالحديث.11
P 18 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
سنتناول هذا الفرع من خالل التعرض للتمويل التشاركي بمختلف صيغه ،مرورا
بمزاياه ومقاصده و ذلك للوقوق على مدي فاعليه ليكون بديال عن اإلقراض بفائدة ( الفقرة
األولى ) ،ثم التعرض لو اقع وتحديات هذا التمويل ( الفقرة الثانية )
يمثل التمويل التشاركي بمختلف صيغه مظهرا عمليا ومنهجا شرعيا يكفل تعبئة الموارد
المالية وتوظيفها في مشاريع استثمارية من خالل إطار مؤسساتي يجمع بين تداول األموال
وتحقيق األرباح وتوظيف المهارات وتشجيع المبادرات التنموية.12
وحرصا من الباحثين والعلماء في مجال االقتصادي اإلسالمي على تفعيل صيغ التمويل
التشاركي وجعلها في مستوى مواكبة التطورات الحاصلة في الحقل االقتصادي ،أصبح االجتهاد
قائما ومركزا على تحديد صياغة مصرفية ملختلف عقود التمويل واالستثمار الشرعية؛ بما فيها
عقود التمويل التشاركي وخاصة عقد المشاركة (أوال) وعقد المضاربة ( ثانيا) بما يؤهل نظام
الصيرفة اإلسالمية ويسا عد على تحقيق مقاصدها ،وبالتالي جعلها أكثراستجابة للمتطلبات التي
تفرضها المتغيرات االقتصادية القائمة ( ثالثا)
في إطار الحديث عن التمويل بالمشاركة كأحد التمويالت البديلة عن القرض بفائدة
سننطلق لمفهوم الشركة في الفقه اإلسالمي ( )1ولشركة العنان كأسلوب مناسب لالستثمار
المعاصر( )2ثم اإلشكال التمويل بالمشاركة (.)3
P 19 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
الشركة لغة بمعنى الخلط واالمتزاج ،جاء في لسان العرب الشركة والشركة سواء مخالطة
الشركيين 13وتقع املحسوسات كاألموال ،وفي المعنويات كاالشتراك في النسب وغيره ،قال تعالى:
﴿وشاركهم في األموال واألوالد ﴾ 14وقال أيضا ﴿ :وأشركه في أمرى ﴾ .15أي في النبوة وتبليغ
الرسالة.
أما الشركة اصطالحا فقد ذهب جمهورإلى أنها نوعان :شركة الملك وشركة العقود ،وقد
عرف الشيخ خليل شركة العقود بأنها " :إذن في التصرف لهما مع أنفسهما " 16فقوله إذن في
التصرف كالجنس يشمل الوكالة و القراض ،وقوله لها كالفصل مخرج للوكالة من الجانبين بأن
يوكل صاحبه في أن يتصرف في متابعه ألنه لم يقع كل منهما لصاحبها أن يتصرف في الش يء
والموكل فيه للموكل وحده ،وقوله مع أنفسهما فصل ثان أخرج به القراض من الجانبين ألن
التصرف للعامل فقط دون رب المال.
وعرف الحنابلة الشركة بأنها :االجتماع في استحقاق أو تصرف " ،17فقوله االجتماع في
استحقاق يشمل العين والمنفعة ،وقوله أو تصرف يشمل شركات العقود على اختالفها ،غيرأن
هذا التعريف لم يحدد طبيعة الشركة التي هي عقد ،و إنما اكتفى باإلشارة إلى أنها اجتماع ،وال
شك أن هذا األخير يعتبر من آثار العقد ،كما أنه في قوله اجتماع التصرف عدم اعتبار لشركة
القراض ألنه ليس فيها اجتماع التصرف من طرف رب المال.
وجاء في تعريف الحنفية للشركة بأنها " :عقد من المتشاركين في الربح " 18وقال الشافعية :
"الشركة ثبوت الحق في ش يء االثنين فأكثرعلى جهة الشيوع".19
وبناء عليه فالشركة من المنظور الفقهي تقوم على أساس الخلط أو الجمع بين رؤوس
األموال من أجل استثمارها ،واالستفادة من األرباح وتحمل الخسائر ،وتختلف الشركات
باختالف محلها فقد يكون ماال أو عمال أو هما معا ،وقد يكون االختالف كذلك في إطالق التصرف
أو تقييده بين الشركاء.
P 20 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
ـ ـ مشروعية الشركة
الشركة مشروعة بالكتاب والسنة واإلجماع ،أما الكتاب فقوله تعالى ﴿ :فهم شركاء في
وقوله ﴿وإن كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض إال الذين آمنوا وعملوا الثلث﴾20
وأما السنة فقدرروي اإلمام البخاري أن سليمان بن أبي مسلم قال :سألت أبا المنهال عن
الصرف يد بيد فقال :اشتريت أنا وشريك لي شيئا يدا بيد ونسيئة ،فجاءنا البراء بن عازب فسألناه
فقال :فعلت أنا وشريكي زيد بن األرقم وسألنا النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال" :ما كان
يدا بيد فخذوه وما كان نسيئة فدعوه".23
وفي الحديث القدس ي في ما يروي أبو هريرة مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم إن الله
عزوجل يقول" :أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما اآلخر ،فإن خان خرجت من بينهما" .24كما
أجمع المسلمون على جوازالشركة في الجملة وإن اختلفوا في بعض أنواعها.25
ـ ـ أنواع الشركات
سبقت اإلشارة إلى الشركة في الفقه اإلسالمي فهي تنقسم إلى شركة ملك وشركة عقود ،
وتنقسم شركة الملك إلى قسمين:
-شركة اختياروهي التي تنشأ بفعل شركين مثل أن يشتريا شيئا أويوهب لهما شيئ أويوص ى
لهما بش يء فيقبال ،فيصيرالمشتري والموهوب والموص ي به مشتركا بينهما شركة ملك
-شركة جبر وهي التي تثبت لشخصين فأكثر بغير فعلهما ،كأن يرث اثنان شيئا فيكون
الموروث مشترك بينهما شركة ملك
-وأما شركة العقود ،فقد اختلف الفقهاء في تحديد أقسامها ،فهي عند الحنابلة خمسة
أنواع هي :شركة العنان واألبدان والوجوه والمضاربة والمفاوضة ،وعند الحنفية ستة
-20سورة النساء.
-21سورة ص جزء من اآلية .23
-22أبو عبد الله محمد األنصاري القرطبي ،الجامع ألحكام القرآن .442 -442 /41
-23أخرجه اإلمام البخاري في صحيحه ،كتاب الشركة باب االشتراك في الذهب والفضة ،الجزء الثالث من المجلد الثاني ص
411رقم .2122 - 2124
-24أخرجه اإلمام أبو داود في سننه كتاب البيوع واإليجارات باب في الشركة الجزء الثالث ص 312رقم الحديث .3323
25ابن قدامه ،المغني ،مرجع سابق ــ .402/1
P 21 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
أنواع هي :شركة األنواع وشركة األعمال ،وشركة الوجوه ،وكل نوع من هذه األنواع إما
مفاوضة أو إما عنان.26
وتنقسم الشركة عند المالكية إلى ستة أقسام مع اختالفهم في تفسيرشركة الوجوه هل هي
نفس شركة الذمم ،أو هي شركة خاصة غيرها ،قال اإلمام التاودي (الشركة ستة أقسام :شركة
قراض ،وشركة مفاوضة وهي أن يطلق كل واحد منهما التصرف لصاحبه ،وشركة عنان وهي أال
يتصرف إال بعد مشاورة صاحبه ،وشركة العمل وشركة الذمم،
وشركة الذمم وشركة الوجوه وهي بيع الوجيه من التجار مال خامل بجزء من ربه وهي
ممنوعة أيض ا كشركة الذمم ومن قال هي شركة الذمم يجعل السادسة شركة الجبر ،27وفي
الجملة فإن الشركة عند فقهاء األمصارومنهم المالكية والشافعية أربعة أنواع ،شركة العنان ،
وشركة األبدان ،وشركة المفاوضة ،وشركة الوجوه.28
أما عن حكم الشركات فقد اتفق الفقهاء على جواز نوع واحد هو شركة العنان ،29بينما
اختلفا في بقية األنواع وذلك على التفصيل التالي :فالشافعية والظاهرية يجعلون كل الشركات
باطلة ما عدى شركة العنان وشركة المضاربة ،والحنابلة أجاوزا كل الشركات ما عدى المفاوضة
،والمالكية أجاوزا كل الشركات ما عدى شركة الوجوه ،أما الحنفية والزيدية فقد أجازوا كل هذه
الشركات دون استثناء شريطة توفرشروط معينة.30
وبالموازنة بين مفهوم الشركة المفاوضة عند المالكية والحنفية يتبين االختالف الحاصل
بينهما ،فشركة المفاوضة بمفهومها عند المالكية ال خالف فيها عند الفقهاء ،أما بالمعنى الذي
ذكره الحنفية فهي غيرجائزة عند الشافعية والحنابلة وجمهورالفقهاء ،ألنها عقد لم يرد الشرع
مثله وألن تحقق المساواة بالمعنى المطلوب في هذه الشركة أمر عسير وألن فيه غررا كثيرا وجها
له فلم يصح كبيع الغرر.31
-26د :سيد محمد الوردي ،التمويل التشاركي في المصارف اإلسالمية بين المقصد التنموي المنشود وواقع التحديات
المشهود ،منشورات الجمعية المغربية لالقتصاد اإلسالمي العدد الثالث الطبعة األولى 2041مطبعة طوب بريس الرباط ص
.404
-27أبو عبد الله محمد التاودي ،حلي المعاصم لفكر ابن عاصم 321/2دار الرشاد الحديثة الدار البيضاء .4224
-28ابن رشد القرطبي بداية المجتهد ونهاية المقتصد .113/2
29ابن رشد القرطبي ( الحفيد) ،ج 2ص من 214الى 211الذي يقول في التقديم لتناول كتاب الشركة < والشركة بالجمله
عند فقهاء االمصار على أربعة أنواع :شركة العنان ،شركة االبدان ،شركة المفاوضة ،شركة الوجوه ،واحدة منها متفق
عليها ،وهي شركة العنان > ...
-30د .سيد محمد الوردي التمويل التشاركي في المصارف اإلسالمي مرجع سابق ص .402
-31نفس المرجع السابق ص .440
P 22 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
تتنوع أشكال التمويل بالمشاركة في المصارف اإلسالمية بالنظر إلى األهداف المرغوبة
فبالنظرمثال إلى طبيعة األموال الممولة تنقسم إلى مشاركة جارية ومشاركة استثمارية ،وباعتبار
مبدأ استمرارية ملكية التصرف تنقسم إلى مشاركة ثابتة ومشاركة متناقصة.32
في استعراض هذا النوع من التمويل سنتطرق إلى مفهوم المضاربة في الفقه اإلسالمي ()1
والضوابط الشرعية لتمويله ( )2ثم إلى أشكاله ()3
اإلسالمي
:1مفهوم المضاربة في الفقه ٍ
أ -تعريف عقد المضاربة 33ودليل مشروعيته
وقد اختلف في تسمية هذا العقد بالمضاربة فيقال سمي بذلك ألن المضاربة مأخوذة من
الضرب في األرض وهو السفر فيها للتجارة ،قيل هي مأخوذة من الضرب في المال وهو التصرف
والمضاربة تسمية أهل العراق ،أما القراض فهو لغة أهل الحجاز.35
32د .سعيد سامي الحالق ،المصارف اإلسالمية الواقع والتحديات ،المنظمة العربية للتنمية اإلدارية ،ص .21
33المضاربة نوع من الشركة ألنها شركة في الربح ال رأس المال ،و إن رأس المال فيها يكون من أحد طرفي العقد والعمل
يكون من الطرف اآلخر ،و دليل مشروعيتها الكتاب والسنة واإلجماع ،أما عن حكمة التشريع لعقد المضاربة فإلن الناس
يحتاجون لهذا العقد إذ فيه استثمتار للمال و منفعة للفقير وتقليل العاطلين و تنشيط حركة التجارة و رواجها.
راجع عبد المجيد محمود مطلوب :عقد المضاربة ،مجلة العلوم القانونية واالقتصادية ،العدد األول ،السنة السابعة عشر ،
ص 32
يراجع أيضا في تعربف المضاربة :شبلي المالط ،و محمد باقر الصدر ــ مرجع سابق ص ( :221المضاربة عقد خاص
بين مالك راس المال والمستثمر على إنشاء تجارة يكون رأس مالها من األول والعمل على اآلخر ،ويحددان حصة كل واحد
منها في الربح بنسب ة مئوية ،فإن ربح المشروع تقاسما الربح وفقا للنسبة المتفق عليها ،وإن ظل رأس المال كما هو لم يزد
ولم ينقص لم يكن لصاحل المال إال رأس ماله ،وليس للعامل شيئ ،إن خسر المشروع وضاع جزء من رأس المال أو كله
تحمل صاحب المال الخسارة ،وال يجوز تحميل العامل المستثمر .)....
-34ابن منظور لسان العرب 111/4مادة ضرب ،ابن رشد الجد :مرجع سابق ،ج ،3ص.1
35د /رايس حدة ،دور البنك المركزي في إعادة تجديد السيولة في البنوك اإلسالمية ،ايتراك للطباعة والنشر و
التوزيع ،القاهرة ،الطبعة األولى ،سنة ، 2002ص .234
P 23 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
وفي االصطالح عرف الفقهاء القراض أو المضاربة بتعاريف مختلفة منها التعريف الذي
أورده الشيخ خليل بقوله :القراض توكيل على تجرفي نقد مضروب مسلم بجزء من ربحه إن علم
قدرها".36
وجاء في المفتي البن قدامة بأن المضاربة هي" :أن يدفع رجل ماله إلى آخريتجرله فيه على
أنه ما حصل من الربح بينهما حسب ما يشترطانه".37
وفي الفتاوى الهندية عقد على الشركة في الربح بمال من أحد الجانبين والعمل من الجانب
اآلخر.
وعلى ضوء التعاريف السابقة يمكن القول أن المضاربة تقوم على أساس دفع المال إلى
المضارب ليعمل فيه بغية تحقيق الربح على أساس اقتسامه بين الطرفين بحسب ما تم االتفاق
عليه.38
وقد اتفق العلماء على مشروعية المضاربة 39وسندهم في ذلك السنة واالجتماع ،فقد ثبت
في السنة النبوية أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى الشام مضاربا بمال خديجة بنت خويلد
رض ي الله عنهما ،قال ابن إسحاق كانت خديجة بنت خويلد امرأة تاجرة ذات شرف ومال ،
تستأجرالرجال في مالها وتضاربهم إياه بش يء تجعله لهم ،وكانت قريش قوما تجار ،فلما بلغها عن
الرسول صلى الله عليه وسلم ما بلغها :من صدق حديثه وعظم أمانته وكرم أخالقه ،بعثت إليه
فعرضت عليه أن يخرج في مالها إلى الشام تاجرا فقبله صلى الله عليه وسلم منها بعد أن عرضت
عليه أن تعطيه أفضل ما كانت تعطي غيره من التجار ،وخرج في مالها ذلك وخرج معه غالمها
ميسره حتى قدم الشام ،ولعل وجه الداللة في هذا الحديث وإن كان قبل النبوة أن النبي صلى
الله عليه وسلم حكاه مقررا له بعدها ،وروي عن ابن عباس رض ي الله عنهما أنه قال :كان العباس
P 24 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
ابن عبد المطلب إذا دفع ماله مضاربة اشترط على صاحبه أال يسلك به بحرا وال ينزل به واديا وال
يشتري به دابة ،فإن فعل ذلك ضمن ،فبلغ شرطه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجازه.40
وال شك أن في إجازته لهذه المعاملة إقرار بها ،واإلقرار أحد أوجه السنة أما من حيث
اإلجماع فقد نقل كثير من العلماء إجماع الصحابة رض ي الله عنهم على جواز المضاربة ،وكذا
إجماع األمة من بعدهم على مشروعيتها ،دون أن يخالف أحد في ذلك .فالمضاربة من المعامالت
التي كانت معروفة في الجاهلية و أقرها اإلسالم ،جاء في بداية املجتهد البن رشد "ال خالف بين
المسلمين في جواز القراض و أنه مما كان في الجاهلية و أقره اإلسالم " .41كذلك من األدلة التي
قام عليها إجماع العلماء على مشروعية المضاربة ما روي عن جماعة من الصحابة رض ي الله
عنهم أنهم دفعوا مال اليتيم ،مضاربة منهم لسيدنا عمرو سيدنا عثمان وسيدنا علي وعبد الله بن
مسعود وعبد الله بن عمرو وسيدتنا عائشة رض ي الله عنهم ،ولم ينقل أنه أنكره عليهم من أقرانهم
أحد ومثله يكون إجماعا.
ولم يقتصرالعلماء في التأكيد على مشروعية عقد المضاربة على األدلة النقلية 42سواء من
النصوص أو الوقائع بل اعتمدوا كذلك على أدلة عقلية خلصوا من خاللها إلى بيان أهمية
المضاربة بحكم حاجة الناس إليها من جهة ثم لما تحققه من المنافع و المصالح المعتبرة في نظر
الشرع من جهة أخرى ،فالنقد ال ينمي إال بالتجارة والتغليب ،وليس كل من يملك المال يحسن
التجارة ذلك أنه قد ال يستطيع استغالله واستثماره بسبب ضيق الوقت أو قلة الخبرة ،وبالمقابل
ليس كل من يحسن التجارة ويتمتع بالخبرة الالزمة يملك المال من أجل ذلك تظهر أهمية
المضاربة من خالل تحقيق التعاون بين المال والعمل ،وبذلك تكون المضاربة من أهم الوسائل
المشروعة التي تستجيب الحاجيات املجتمع وتحقق التكامل بين اإلمكانيات التي تتجلى وفي وجود
P 25 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
المال والكفاءات التي تتجلى في الخبرة والعمل ،فتعم الفائدة ويعود ذلك بالخير والنفع على
الجمع.43
-باتفاق الطرفين
-بانتهاء أجلها
تعتبر المضاربة إحدى صيغ التمويل التشاركي التي تعتمده المصارف اإلسالمي في إطار
توظيف األموال واستثمارها ،واالستجابة لحاجيات األفراد واملجتمع تحقيقا للبعد التنموي
الذي يشكل إحدى المقاصد األساسية للعمل المصرفي اإلسالمي ،وارتباطا باالجتهاد الفقهي
الذي يحقق قومية الدين اإلسالمي ويسعى إلى إبراز خصوصيات الفقه ومقوماته العملية،
الكفيلة بمسايرة المستجدات ،و إبرازالطبيعية الخاصة ألحكام الشريعة ،ومرونتها وقدرتها على
االستجابة لحاجيات األفراد ،مهما اختلفت األزمة وتغيرت األمكنة ،فقد تطورالعمل بالمضاربة
من صيغتها التعاقدية القديمة ممثلة في المضاربة الفردية أو الثنائية إلى صور جديدة تؤلف بين
المال والجهد اإلنساني بما يحقق التنمية بمختلف أبعادها ويزود املجاالت اإلنتاجية
واالستثمارية بإمكانات مهمة وصالحيات واسعة ،ويمكن حصر أهم أشكال التمويل بالمضاربة
على مستوى المؤسسات المالية اإلسالمية في المضاربة المشتركة ( )1والمضاربة المنتهية
بالتمليك (. )2
P 26 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
تمثل المضاربة المشتركة إحدى الصيغ الشرعية المناسبة لالستثمارالمصرفي بعيدا عن
التعامل الربوي ،وتقوم هذه الصيغة على ٍأسس تعدد العالقة بين أصحاب رؤوس األموال
والمضاربين سواء كان هذا التعدد من أجل أطراف المضاربة أو من كليهما.45
وتتخذ المضاربة المشتركة على المستوى العملي صورا مختلفة من أهمها ما يلي:46
أ -أن يقوم المصرف اإلسالمي ممثال في مؤسساته المالية وهيأته اإلدارية والتنظيمية
باستثمار أموال المساهمين والمودعين استثمار مباشرا دون االستعانة بمضاربين
آخرين ،وتكيف وضعية المصرف في هذه الحالة على أنه مضارب وشريك أو رب المال في
نفس الوقت ،وال شك أن هذه الصورة تقترب من المضارب الثنائية ،لكن مع اختالف
واضح هو أن التعدد يكون حاصال من جهة أصحاب رؤوس األموال ،فأسلوب االستثمار
في هذه الحالة يكون مباشرا ا ومن مزاياه تفادي المصرف اإلسالمي لمشكالت االستثمار
بالمشاركة والمضاربة لدى الغيرخصوصا في ظل ارتفاع نسبة املخاطراألخالقية وفساد
الذمم.
ب -ب أن يقوم المصرف باستثمار الودائع من خالل أعطائها لرجال أعمال متعددين وبهذا
يكون المصرف في وضع رب المال.
45د /سيدي محمد الوردي ـ التمويل التشاركي في المصارف اإلسالمية بين المقصد التنموي المنشود وواقع
التحديات المشهودة ــ مرجع سابق .204
46الدكتور /حسين عبد الله آمين ــ الودائع المصرفية النقدية واستثمارها في اإلسالم ـ مرجع سابق ،ص .304
P 27 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
وفي ما يلي توضيح لهذا النوع من المضاربة47
أ -يتقدم أصحاب رؤوس األموال بمدخراتهم بصورة فردية إلى المصرف اإلسالمي وذلك
الستثمارها لهم في املجاالت المناسبة.
ت -يخلط المصرف أموال المستثمرين ويدفع بها إلى المستثمرين كل على حده وبالتالي
تنعقد مجموعة شركات المضاربة الثنائية بين المصرف والمستثمر.
ث -تحسب األرباح كل سنة بناء على ما يسمى بالتنضيض التقديري – تسييل – أو التقويم
لموجودات الشركة بعد حسم النفقات.
ج -توزع األرباح بين األطراف الثالثة صاحب رأس المال والمصرف والمضارب.
المضاربة المنتهية بالتمليك هي المضاربة التي تنشأ بين المصرف اإلسالمي والمضارب
بحيث يدفع المصرف المال ويقوم المضارب بالعمل ،ويعطي المصرف فيها الحق للمضارب في
الحلول محله دفعة واحدة أو على دفعات حسب ما تقتضيه أشروط المتفق عليها ،أو يقدم
المصرف أداة اإلنتاج لمن يعمل فيها بجزء شائع من الناتج على أن يجنب نصيب العامل أو جزء
منه – حسب االتفاق -إلى أن يبلغ قيمته تلك األداة.49
47د /سيدي محمد الوردي ـ التمويل التشاركي في المصارف اإلسالمية بين المقصد التنموي المنشود وواقع
التحديات المشهودة ــ مرجع سابق .414
48د /ارشيد ن محمد عبد الكريم أحمد ارشيد :الشامل في معامالت ومعامالت المصارف اإلسالمية ـ مرجع سابق
ـ ص .12
-49د .أرشيد محمد عبد الكريم :الشامل في معامالت وعمليات المصارف اإلسالمية دار النفائس ،الطبعة األولى
، 2004األردن ص .12
P 28 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
المرابحة .I
ويشترط الفقه في المرابحة أن يكون العقد األول صحيحا ،52ألن العقد الثاني ينبني عليه
،والمبني على الباطل باطل فيبطل المرابحة كلها ،كما يشترط أن يكون الثمن في البيع األول
معلوما ،ألن العلم شرط لصحة العقد ،ويندرج تحت الثمن المصاريف التي تكلفتها السلعة،
كما يشترط أن يكون الثمن من ذوات األثمان ،بمعني أن يكون موجودا ليمكن المعاوضة فيه،
وتتحقق المثلية بوجوده في األسواق ،أو أن يتملكه المشتري لكون قادر على الوفاء به ،وأداء
االلتزام الواجب عليه فيه ،وأخيرا يشترط في المرابحة العلم بالربح الذي يستحقه البائع في بيع
المرابحة ،واشتراط كون الربح شيئا معلوما ،ويحدد الربح بأن يذكرقدرا محددا على الثمن.53
وتستخدم المرابحة من جانب المصرف اإلسالمي في تمويل السلع وشراء األدوات التي
يحتاجها التاجرأو صاحب المهنة ،كما يقوم المصرف عن طريقها بأنشطته الالزمة للمشروعات
االستثمارية ،وبيعها بطريقة المرابحة باألجل ،على أساس نسبة ربح معينة متباينة يتفق عليها
50موالي أحمد سالم ،الفوائد البنكية بين القانون والشريعة ،رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون الخاص ،جامعة
عبد المالك السعدي ،كلية القانون واالقتصاد – طنجة – السنة الجامعية ،2044 – 2040ص .44
51الموسوعة العلمية والعملية للبنوك اإلسالمية ،العدد، 4ص ، 22وهذا الذي ورد في الموسوعة مأخوذ عن الدكتور سامي حمود في
رسالته :تطوير األعمال المصرفية بما يتفق و الشريعة اإلسالمية ،ص.141
52د /محمد فال الحسن ولد أمين ،االطار القانوني للخدمات المالية اإلسالمية في موريتانيا ،مرجع سابق ،ص
.212
53د .محمد شحات الجندي ،ــ مرجع سابق ــ ص .410
P 29 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
المتعاقدان ،كما تعتبر المرابحة أداة تمويل في مجال التجارة الداخلية والخارجية حسب رغبة
العمالء ،ومحل هذه العمليات دائما سلعة موصوفة ومعروفة ،لكل من طالب التمويل والبنك.54
والتمويل بالمرابحة يهدف إلى الربح المشروع الخالي من الفائدة الربوية ،ألن المصرف
يقدم التمويل والخبرة للعميل الذي طلب السلعة ،التي ال يتمكن العميل من الحصول عليها
وحده ،بسبب عدم خبرته ،أو لعدم توفر المال في يده ،أو أنه ال يملك الوسائل الجالبة للسلعة
كالوسطاء والثقة والمعرفة أو النشغاله ،وهي الوسائل التي يملكها البنك بما لديه من مال
و اتصاالت متعددة ،وأجهزة تتولي القيام بهذه العمليات على مستوي السوق الداخلي والخارجي،
وعليه فإن المرابحة تمكن العميل من الحصول على التمويل الذي يرجوه وتتيح للمصرف
تقاض ي الربح المشروع .
ويالحظ أن استخدام المرابحة كأسلوب للتمويل يشوبه بعض املحاذير التي يجب أن
تضبطه بضوابط الشرع ،55كضرورة أن يتملك المصرف السلعة التي يبيعها للعميل ،و مسألة
إلزامية الوعد ومسألة تأجيل الثمن ،وربط األرباح التي يحصل عليها المصرف والعميل بفترة
التأجيل أو تسديد العميل للثمن ،في حالة ما إذا تم االتفاق على أن يدفع العميل الثمن مؤجال.56
االستصناع57 .II
االستصناع عقد مع صانع على عمل ش يء معين في الذمة ،فالمبيع في عقد االستصناع هو
العين ال عمل الصانع ،ألنه بيع عين موصوفة في الذمة ،ال بيع عمل.58
وعقد االستصناع من العقود الجائزة فلكل عاقد االستقالل بفسخه فللصانع أن يبيعه
دون مو افقة المستصنع ،ألن المعقود عليه ليس عين المصنوع إنما مثله في الذمة ،كما أن
54د /صبري مصطفى حسن السبك ،القرض المصرفي كصورة من صور االئتمان وأداة للتمويل – مرجع سابق
– ص .224
55د /سيداب ولد سيد عبد الله ،الوعد في المذهب المالكي وأثره في بيع المرابحة ،مقال منشور في مجلة جامعة عبد الله ابن ياسين ،
العدد األول ،ص .13
56أميرة فتحي عوض محمد ،عقود االستثمار المصرفية دراسة فقهية مقارنة ،دار الفكر الجامعي ،الطبعة االولى
،2040ص .232
57نظرا للتغيرات الكبيرة في حجم وقيمة المشاريع التي تتطلبها احتياجات التنمية سواء التي تنفذها الحكومات أو
تلك التي يتم إسنادها الى القطاع الخاص ،و في ظل ندرة السيولة و عدم كفاية مصادر التمويل لتنفيذ هذه المشاريع,
باإلضافة إلى قلة الخبرات الالزمة لتنفيذها ،فقد ظهرت حاجة ماسة إلي صيغة تمويل جديدة تتوافق مع المفاهيم
الشرعية .و عليه فقد أصبحت عقود االستصناع من عقود البيع التي يمكن استخدامها بالبنوك االسالمية لتلبية حاجات
و رغبات الجماعات العمالء سواء كانوا جماعات أو أفراد ,و التي ال يمكن تمويلها بعقود البيع األخرى.
58محمد منا الشيباني ،الصناعة المصرفية اإلسالمية الواقع واآلفاق ،مرجع سابق ،ص .414
P 30 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
للمستصنع ( طالب الصنع) أن يعدل عنه ،وأال يأخذ الش يء المصنوع ،بمقتض ي أنه عقد جائز،
ويكون دفع الثمن بعد تمام الصنع وقيام الصانع بالتزامه.
ويذهب البعض إال أن العقد الزم إذا رأي المستصنع الموضوع وليس له أن يفسخه أو
يعدل عنه ،بمقتض ي أنه عقد الزم متى جاءت الين المصنوعة مو افقة للطلب والشروط ،ألنه
مبيع بمنزلة المسلم فيه ،فليس له خيار الرؤية لدفع الضرر عن الصانع في إفساد المواد
المصنوعة التي صنعها وفقا لطلب المستصنع ،وربما ال يرغب غيره في شرائها على تلك الصفة.59
وقد أخذت مجلة األحكام العدلية بلزوم العقد في حق الطرفين منذ انعقاده ،فال يحق ألحد
العاقدين الرجوع عنه ،إال إذا كان المصنوع مغايرا لألوصاف المعينة في العقد60
وعلى هذا الرأي يمكن للمصرف اإلسالمي عن طريق عقد االستصناع تمويل االحتياجات
التي تتطلبها المنشآت الصناعية ،وهي احتياجات ضخمة وهامه لعمليات االستثمار في القطاع
الصناعي ،وهو قطاع يلعب دورا حيويا في االقتصاديات المعاصرة ،ويكون ذلك بديال عن
الفائدة ،ويجني المصرف ربحا مشروعا يتمثل في رأس المال والربح المتوقع من التمويل
باالستصناع الجائز شرعا ،والذي أصبح العمل به جاريا في القطاع الصناعي ،وفي حاجات
األشخاص املختلفة ،وقد تتطلب الممارسة المصرفية للتمويل باالستصناع مراعاة االعتبارات
الحديثة التي تتعلق بالعمل المصرفي أو المؤسس ي التي يتعين أنها دائرة في نطاق الشرع ومبادئه
العامة.61
السلم62 .III
السلم من أساليب التمويل الشرعية ،وبديل يحل محل اإلقراض بفائدة ،بشراء السلع
والمنتجات الالزمة للمنشأة أو الشركة طالبة التمويل ،ومعناه استعجال رأس المال وتقديمه ،
P 31 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
ويعرف في الشرع بأنه :عقد على ش يء يصح بيعه بموصوف في الذمة إلى أجل ،أو هو شراء آجل
بعاجل.63
وهو مشروع بالكتاب والسنة في قوله تعالى﴿ يا أيه الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل
مسمي فا كتبوه﴾ ،وروي ابن سعيد في إسناده عن ابن عباس رض ي الله عنهما أنه قال :أشهد أن
السلف المضمون إلى أجل مسمي قد أحله الله في كتابه و أذن فيه ،ثم قرأ اآلية ،وألن هذا اللفظ
يصلح للسلم ويشمله بعمومه.64
أما السنة فروي ابن عباس رض ي الله عنهما عن رسول الله صل الله عليه وسلم ،أنهم
قدموا المدينة وهم يسلفون في الثمار ،السنتين والثالث ،فقال (:من أسلف في ش يء فليسلف في
كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم) 65متفق عليه.
وتأسيسا على النصين اشترط الفقهاء في الثمن وهو رأس المال في السلم ،أن يكون معلوم
الجنس والنوع والصفة ،إلزالة الجهالة المفضية إلى النزاع ،كما يشترط فيه معرفة قدر رأس
المال ،فيما يتعلق العقد فيه بالقدر من المكيالت والموزونات والمعدودات المتقاربة ،وقال
البعض ال يشترط معرفة قدر رأس المال ،فرؤيته تكفي عن معرفة قدره ،ألنه عوض مشاهد
كالثمن والبيع والمعين ،كما يشترط تعجيل رأس المال وقبضه فعال في مجلس العقد قبل افتراق
العاقدين ،وهو رأي مهورالفقهاء. 66
ويشترط أن يكون السلم فيه مؤجال أجال معلوما ،فال يصح السلم الحال للحديث < إلى أجل
معلوم > ،67وألن السلم إنما جاز رخصة للرفق ،وال يحصل الرفق إال باألجل ،فإذا انتفي األجل
انتفي الرفق ...وألن الحلول يخرجه عن اسمه ومعناه ،أما االسم فألنه يسمي سلما وسلفا،
لتعجيل أحد العوضين و تأخر األخر ،و المعني ألن الشارع رخص فيه للحاجة الداعية إليه ،كما
يشترط أن يكون السلم فيه عام الوجود في محله ،ألنه إذا كان كذلك أمكن تسليمه عند وجوب
أجل تسليمه.
P 32 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
و على أية حال فإن الغرض من طلب هذه الشروط ،أن يكون البديالن في السلم وهما :رأس
المال ( ويسمي في البيع ثمنا) و المسلم فيه ( ويسمي مبيعا ومثمنا) منضبطين محدودين ،بحيث
ال يكون فيهما جهالة من أي وجه فيقع النزاع بين المتعاقدين.68
ويتضح من هذه االشتراطات والتحديدات أن السلم ذو طبيعة خاصة وغرض خاص ،
إلنفراده بأوضاع وشروط ال توجد في البيع العادي ،ولكونه شرع للتيسير والرفق بالناس ،
ولمواجهة الظروف التي يتأتي التعامل فيها بالبيع العادي ،وهوما يستلزم بالتالي أن يكون أسلوب
تمويل بمتطلباته و أوضاعه الشرعية ،والتي تفتح املجال أما المصرف اإلسالمي ،ليمارس عقد
السلم مع المنشآت اإلنتاجية والمؤسسات الصناعية ،بأن يمدها بالمال المنقود التي هي بحاجة
إليه نظير أن يتعاقد معها على أن يعتبر هذا المال رأس مال لعقد السلم ،يسلم له الشركة أو
المؤسسة السلعة المنتجة بواسطتها والمعلومة علما نافيا للجهالة ،بالشروط السابقة ،في
األجل المعلوم ،وللمصرف أن يتاجرفي السلعة ويحصل على ربح معقول.69
ويالحظ أن المصرف يراعي عند التمويل بالسلم أن تكون البضاعة أو المنتج ( المسلم
فيه) من نشاط الشركة طالبة التمويل ،أو أن الشركة قادرة على توفيرها ،وفقا للمواصفات
والضوابط المتعلقة بمثل هذا النوع من البيوع من جهة أخري،70
عند تقويم بضاعة السلم ،يكون من األهمية بمكان أن يراعي البنك ،أن يكون سعرالوحدة
منها أقل من السعر المتوقع لها ،حين قبضها في األجل المضروب لها ،حتى تكون هناك فرصة
للبنك أن يعيد بيعها بسعرمناسب يحقق له عائدا مناسبا ،فيتحقق له الربح الذي يجعله قادرا
على القيام بالمزيد من عمليات التمويل.
لدراسة هذا الفقرة سنتطرق لو اقع التمويل التشاركي في المصارف اإلسالمية (أوال ) ثم
التحديات العملية ( ثانيا)
68د /محمد منا الشيباني ،الصناعة المصرفية اإلسالمية الواقع واآلفاق ،ص .413
69د /سيدي محمد الوردي ـ التمويل التشاركي في المصارف اإلسالمية بين المقصد التنموي المنشود وواقع
التحديات المشهودة ــ مرجع سابق .414
70محمد منا الشيباني ،الصناعة المصرفية اإلسالمية الواقع واآلفاق ،نفس المرجع ،ص .411
P 33 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
إن المتتبع ملختلف المنتجات المالية التي تم اعتمادها على مستوى العمل المصرفي
اإلسالمي يالحظ أن عملية الترتيب لهذه األدوات التمويلية لم تكن منسجمة مع التصورالنظري
الذي حددته الدراسات الشرعية االقتصادية ،حيث حظيت صيغ التمويل التبادلي باهتمام
مبالغ فيه وذلك على حساب صيغ التمويل التشاركي ،ومن هذا المنطلق نتساءل لماذا لم تلتزم
المصارف اإلسالمية في إطار منهج عملها بأساليب التمويل التشاركي رغم أهميتها على المستوى
االقتصادي والتنموي؟ وما هي أهم التحديات واملخاطرالتي تشكل عقبات أمام الترتيب الصحيح
ألساليب التمويل التشاركي ؟
كانت الفكرة األساسية ،التي انطلق منها المنظرون والباحثون في مجال االقتصاد
اإلسالمي هي التركيز على أدوات التمويل التشاركي ،ممثلة في المضاربة والمشاركة
والتمويل ٍ
بوصفها األسلوب الشرعي األنسب لتوظيف الموارد المالية ،والبديل العملي لنظام الفائدة،
والمدخل المناسب لضمان فعالية العمل المصرفي اإلسالمي على المستوى االقتصادي
والتنموي ،غير أن الو اقع العملي لكثير من المصاريف اإلسالمية يثبت أن الصيغ التي كان من
المفروض اعتمادها لم تحظ باالهتمام المطلوب حيث تم التركيز بالمقابل على أدوات التمويل
المرتبطة بالمداينات كالمرابحة و التورق ،الش يء الذي انعكس سلبا على الرسالة التنموية
للصيرفة اإلسالمية ،وبالتالي أصبح هذا الوضع يطرح جملة من التحديات في إطارتقويم المسار
العملي للمؤسسات المالية اإلسالمية.
ومما ال جدال فيه أن االبتعاد عن التمويل التشاركي بالنسبة للمصارف اإلسالمية ،والتركيز
على التمويل بالمداينات ،سيفرغ التمويل اإلسالمي من رسالته التنموية ،وسيحجم دوره بالنظر
إلى البعد المقاصدي والعمل االقتصادي الذي يروم تحقيقه يقول محمد علي القري :ليست
غاية المصرف اإلسالمي استبدال الحالل بالحرام في معامالت البنوك فحسب ،مع أن هذا مطلب
أساس وهدف محترم ،ولكن المؤسسون تطلعوا إلى مصرف يعني بمقاصد الشريعة اإلسالمية في
المال عموما ،فيأخذ على عاتقه وظيفة إعماراألرض ،وتحقيق التوزيع األمثل للثروة حتى ال تكون
دولة بين األغنياء ويتبنى أغراضنا ذات طابع اجتماعي عام ولذلك جاءت كتاباتهم تشيرإلى محاربة
الفقر من خالل عمل المصرف اإلسالمي ،وترسيخ دور القراض والمشاركة في نشاط المصرف
وما لهما من أثر في تكافؤ الفرص.71و إفساح املجال للمؤهلين لالنخراط في االستثمارات النافعة
-71د .محمد على القري البنك اإلسالمي بين فكر المؤسستين والواقع المعاصر ص .1
P 34 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
دون الحاجة إلى الرهون ،ألن البنوك التي تعمل بالديون تشترط الرهن والرهن ال يستطيعه إال
األثرياء.
وباالعتماد على بعض اإلحصاءات الخاصة بنسب تطبيق التمويل التشاركي يالحظ أن
غالبية المصارف اإلسالمية قد ركزت على صيغ التمويل التبادلي على حساب التمويل التشاركي
1كاملخاطراألخالقية
3عدم التناسب بين آلية الرقابة المركزية وطبيعة العمل المصرفي اإلسالمي
الخاتمة
-4حاولت من خالل هذا المقال الذي بعنوان " البدائل الشرعية للفائدة على القرض
المصرفي
" تسليط الضوء على البدائل الشرعية للفائدة على القرض المصرفي ،وذلك بالحديث عن
البدائل التي تقوم على إتباع أنماط معينة من اإلقراض والتي من أهمها القرض الحسن والقروض
المقابلة للودائع والقروض المقدمة من الشركات أورجال األعمال إلى المصرف ،كما تم التعرض
لبدائل أخري للتمويل تمثل في للتمويل التشاركي بمختلف صيغه ،مرورا بمزاياه ومقاصده وذلك
للوقوق على مدي فاعليه ليكون بديال عن اإلقراض بفائدة ،كما تم التعرض لو اقع وتحديات
هذا التمويل.
ومن خالل هذه الدراسة توصلنا إلى جملة من النتائج نجملها في ما يلي:
– 1أن القرض المصرفي يعتبر هو املحور األساس ي لعمل المصارف ،و أنه يمثل الوظيفة
المقابلة لوظيفة قبول الودائع ،و أنه من أهم األدوات التي يقدمها البنك.
P 35 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
– 2أن نظام اإلقراض إنما هو وسيلة لتمويل المشروعات لمواجهة االستثمارات التي
يتطلبها النشاط ،وبالتالي فهو وسيلة لتحقيق التنمية المنشودة وتحيق أهداف التنمية
– 3أن البدائل الشرعية المقترحة كوسائل بديلة للتمويل بدال من اإلقراض بفائدة تتمثل
في البدائل التالية:
التمويل بالقرض الحسن ،القروض المقابلة للودائع ،والقروض المقدمة من الشركات أو
رجال األعمال إلى المصرف ،المشاركة في رأس المال األصلي ،التمويل بالمشاركة في الربح
والخسارة ،المضاربة أو القراض ،السلم ،االستصناع ،المرابحة.
– 4إن التأسيس النظام المصرفي على الفائدة واعتبارها املحوراألساس ي الذي تركزعليه
العمليات المصرفية في أشكالها و جوانبها المتنوعة؛ يتعارض مع فلسفة التمويل بالقروض
بوجه خاص ،وفلسفة التنمية التي يهدف إليها النظام المصرفي اإلسالمي.
– 5يمثل التمويل التشاركي بمختلف صيغه مظهرا عمليا ومنهجا شرعيا يكفل تعبئة
الموارد المالية وتوظيفها في مشاريع استثمارية من خالل إطارمؤسساتي يجمع بين تداول األموال
وتحقيق األرباح وتوظيف المهارات وتشجيع مبادرات التنمية.
-6تطور العمل بالمضاربة من صيغتها التعاقدية القديمة ممثلة في المضاربة الفردية أو
الثنائية إلى صورجديدة تألف بين المال والجهد واإلنسان ،بما يحقق التنمية بمختلف أبعادها.
عدم التناسب بين آلية الرقابة المركزية وطبيعة العمل المصرفي اإلسالمي.
الئحة المراجع :محمد شحات الجندي ،القرض كأداة للتمويل في الشريعة اإلسالمية،
المعهد العالمي للفكراإلسالمي ـ القاهرة .1996
P 36 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
صبري مصطفي حسن السبك ،القرض المصرفي كصورة من صوراالئتمان و أداة للتمويل
دراسة مقارنة بين التعامل المصرفي و الفقه اإلسالمي ،دارالفكرالجامعي ،الطيعة األولى .2111
موالي أحمد سالم ،الفائدة والربا ـ بحث لنيل دبلوم الماسترفي القانون المدني واألعمال،
جامعة عبد المالك السعدي ،كلية الحقوق ـ طنجة ـ السنة الدراسية 2111/2111
صالح صالحي ،السياسة النقدية والمالية في اطار نظام المشاركة في االقتصاد اإلسالمي،
دارالوفاء ،المنصورة ،الطبعة األولى .2111
عبد الرزاق رحيم جدي الهيتي ،المصارف اإلسالمية بين النظرية والتطبيق ،دار اسامة
للنشر ،عمان ،الطبعة األولى .1991 ،
محمد نجاة الله صديقي :النظام المصرفي الالربوي ،الطبعة األولي .1915
ابن عابدين رد املختاب على الرد الرد املختارشرح تنويراألبصار ،دارالكتب العلمية ،بيروت
لبنان ،الطبعة األولى .466/6 ، 1994
أبو عبد الله محمد األنصاري القرطبي ،الجامع ألحكام القرآن .179 -171 /15
أخرجه اإلمام البخاري في صحيحه ،كتاب الشركة باب االشتراك في الذهب والفضة ،الجزء
الثالث من املجلد الثاني ص 154رقم .2491 - 2497
أخرجه اإلمام أبو داود في سننه كتاب البيوع واإليجارات باب في الشركة الجزء الثالث ص
341رقم الحديث .3313
سيد محمد الوردي ،التمويل التشاركي في المصارف اإلسالمية بين المقصد التنموي
المنشود وو اقع التحديات المشهود ،منشورات الجمعية المغربية لالقتصاد اإلسالمي العدد
الثالث الطبعة األولى 2114مطبعة طوب بريس الرباط.
أبو عبد الله محمد التاودي ،حلي المعاصم لفكر ابن عاصم 394/2دار الرشاد الحديثة
الدارالبيضاء .1991
P 37 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
سعيد سامي الحالق ،المصارف اإلسالمية الو اقع والتحديات ،المنظمة العربية للتنمية
اإلدارية.
عبد املجيد محمود مطلوب :عقد المضاربة ،مجلة العلوم القانونية واالقتصادية ،العدد
األول ،السنة السابعة عشر.
رايس حدة ،دور البنك المركزي في إعادة تجديد السيولة في البنوك اإلسالمية ،ايتراك
للطباعة والنشرو التوزيع ،القاهرة ،الطبعة األولى ،سنة .2119
زروق ولد النعمه ،دور البنك المركزي مموال أخيرا في ضوء الفقه اإلسالمي :البدائل
الشرعية إلعادة التمويل بالخصم ،منشورات جامعة شنقيط ،مطبعة الكرامة ،المغرب،
الطبعة األولي .2113 ،
سيدي محمد الوردي ـ التمويل التشاركي في المصارف اإلسالمية بين المقصد التنموي
المنشود وو اقع التحديات المشهودة.
أرشيد محمد عبد الكريم :الشامل في معامالت وعمليات المصارف اإلسالمية دارالنفائس،
الطبعة األولى ،2111األردن.
موالي أحمد سالم ،الفوائد البنكية بين القانون والشريعة ،رسالة لنيل شهادة الماسترفي
القانون الخاص ،جامعة عبد المالك السعدي ،كلية القانون واالقتصاد – طنجة – السنة
الجامعية .2111 – 2111
سيداب ولد سيد عبد الله ،الوعد في المذهب المالكي و أثره في بيع المرابحة ،مقال منشور
في مجلة جامعة عبد الله ابن ياسين ،العدد األول.
أميرة فتحي عوض محمد ،عقود االستثمار المصرفية دراسة فقهية مقارنة ،دار الفكر
الجامعي ،الطبعة االولى .2111
محمد بن علي بن محمد بن عبد الله الشوكاني اليمني ( ،)1917الدراري المضية شرح الدرر
البهية (الطبعة األولى) ،بيروت :دارالكتب العلمية ،صفحة .261
P 38 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
ظهرت الديمقراطية التشاركية أول مرة في الواليات المتحدة األمريكية سنة ،1961
للمطالبة بالمزيد من المشاركة خاصة من طرف الحركة الطالبية ،تم تطورذلك للمطالبة
بمنح املجتمع المدني آليات قانونية تمكنهم من تتبع وتقييم عملية صنع القرارالعمومي ومر اقبة
تنفيذه.72
والو اقع أن النقاش حول الديموقراطية التمثيلية والديمقراطية التشاركية نقاش فلسفي
قديم حيث سبق للفيلسوف جون لوك ،أن أملح إلى محدودية الديمقراطية التمثيلية ،73عندما
اعتبر أنه ال أحد يمكنه أن يضفي الشرعية الديمقراطية على سلطة سياسية غير المواطنين
أنفسهم.
72
مجلس المست شارين ،آليات الديمقراطية التشاركية بالمغرب ،منشورات مركز الدراسات والبحوث في الشؤون البرلمانية ،المغرب ،ص
.6
أتبتت الديمقراطية التمثيلية محدوديتها في القيام بوظائفها المتمثلة في القرب من المواطن والتعبير عن مشاكله واالهتمام بانشغاالته، 73
فظهرت الحاجة إال مكمل أو معالج لسد أوجه النقص والثغرات التي تعاني منها هذه األخيرة .فكان الحل في الديمقراطية التشاركية والتي
اعتمدت في أغلب الدول الديمقراطية منذ الستينات ،وبحكم أهميتها ودورها الفعال والتكميلي لألدوار التي تقوم بها الديمقراطية التمثيلية ،تم
اعتمادها في المغرب وتم تعزيزها وتحديد الياتها من خالل دستور .1022فمفهوم المشاركة الديمقراطية ليس ابداعا مغربيا خالصا ،وإنما
هو الية ديموقراطية اعتمدتها العديد من التجارب المقارنة من أجل دمقرطة الديمقراطية.
P 39 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
أتيرت مسألة المشاركة في تدبير الشأن العام من طرف المواطن من خالل نظرية السيادة
الشعبية ونظرية السيادة الوطنية ،فاألولى تتحقق بمشاركة الشعب مباشرة في مسلسل اتخاد
القرار السياس ي عبر آلية االستفتاء مثل االستفتاء على الدساتير ،وتتحقق الثانية بمشاركة
الشعب لكن بطريقة غيرمباشرة ،في مسلسل اتخاد القرارات وذلك عبرانتخاب ممثلين يقومون
مقامهم في ذلك.75
ويشكل املجتمع المدني بمختلف مكوناته ثروة مدنية حقيقية تساهم في البناء الحضاري
لألمم ،فقد تطور حتى أصبح شريكا استراتيجية للقطاع العام والخاص باعتباره فضاء جماعيا
مشتركا لتحقيق أهداف تخدم القيم والمصالح العامة ،فهو في عمقه يشكل ثنائية السلطة و
الثروة يساهم في بناء سليم للديمقراطية التشاركية.
إن تزايد دور املجتمع المدني الفعال إلى جانب الدولة ومؤسساتها نتج عنه تجاوز الشلل
المؤسساتي ،فأصبح يشارك في صناعة القراراملحلي والوطني وأضحت مساهمته في تدبيرالشأن
العام واضحة ومؤثرة .76لذلك أعطى دستور 2111للفعل الديمقراطي التشاركي بعده القانوني
الرسمي من خالل التنصيص المباشرعلى مسؤولية السلطات العمومية واملجالس المنتخبة في
تخصيص مساحة للمواطن للمشاركة في السيرورة القرارية عبرمجموعة من اآلليات.
74نجيب جيري ،تدبير الش أن المحلي بالمغرب ،بين الديمقراطية التمثيلية والديمقراطية التش اركية ،مجلة رهانات عدد ،21ش تاء ،1020
ص.12
75نجيب جيري ،مرجع سابق ،ص.12
76بويركل ياسين ،معيقات الديمقراطية التشاركية بالمغرب ،على ضوء دستور 1022والقوانين التنظيمية ،مجلة العلوم السياسية والقانون،
مجلد 3عدد ،21يوليو ،1022ص .232
P 40 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
فكيف يمكن آلليات الديمقراطية التشاركية أن تشكل قناة لتجويد العمل البرلماني
والنهوض به والحد من بعض الظواهرالتي تعرقل تطوره؟
فصلت القوانين التنظيمية التي جاء بها دستور 2111في شروط وآليات تفعيل
الديمقراطية التشاركية سواء على المستوى الوطني من خالل تقديم العرائض ،إلى السلطات
العمومية ،وتقديم الملتمسات في مجال التشريع ،أو على المستوى املحلي من خالل المشاركة
في الهيئات املحلية للتشاور على صعيد الجماعات الترابية ،الجماعات ،مجالس العماالت
واالقاليم مجالس الجهات ،أو من خالل تقديم العرائض قصد المطالبة بإدراج نقطة معينة
ضمن جدول اعمال هذا املجلس ،إضافة إلى التنصيص على ضرورة وضع الجهات والجماعات
الترابية االخرى آليات تشاركية للحوار والتشاور ،لتيسير مساهمة المواطنات والمواطنين
والجمعيات في إعداد برامج التنمية وتتبعها.
قبل التطرق آلليات الديموقراطية التشاركية البد من اإلشارة إلى طبيعة العالقة بين
املجتمع المدني والسلطة والتي تميزت بتأرجح بين الشد والجدب األمرالذي أفرزلنا أربعة مراحل
رئيسية:77
ـ مرحلة المواجهة :تميزت هذه المرحلة بالمواجهة في فترة السبعينات خاصة بين الجمعيات
ومؤسسات الدولة .حيث عرف املجتمع المدني في هذه المرحلة بقربه من األحزاب السياسية
وخاصة اليسارية منها ،وكان يركزعلى االشتغال على قضايا حقوق اإلنسان بالدرجة األولى.
77للمزيد يمكن الرجوع إلى :بويركل ياسين ،معيقات الديمقراطية التشاركية بالمغرب ،على ضوء دستور 1022والقوانين التنظيمية،
مجلة العلوم السياسية والقانون ،مجلد 3عدد ،21يوليو .1022
P 41 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
ـ مرحلة المنافسة :في اواخرالثمانينات عمدت الدولة إلى تأسيس جمعيات تابعة لها تنافس
باقي مكونات املجتمع المدني وتشتغل في نفس ميادينه وأمدتها بكل االمكانات المادية ،وعززت
نفوذها داخل املجتمع من أجل محاصرة المد الذي أصبحت تشكله مجموعة من الجمعيات.
ـ مرحلة االحتواء :بعد عجز الدولة عن مواجهة أو منافسة املجتمع المدني ،لجأت في بداية
التسعينات إلى احتوائه بإشراكه في صناعة القرار وتدبير الشأن العام وتعزيز تواجد رموزه في
األنشطة الرسمية والسماح لهم بالظهورفي وسائل اإلعالم.
ـ مرحلة التبعية :التي جاءت نتيجة غياب الدمقراطية الداخلية وغياب الشفافية في الدعم
والتمويل و انعدام الحكامة ،إصافة إلى أزمة الشخصنة .و المعضلة األبرز التي تعاني منها أغلب
الجمعيات تتمثل أساسا في تبعيتها وعدم استقاللية قرارها الداخلي فهي تابعة إما للدولة أو
لألحزاب السياسية.
فدستور 2111اعتبر االختيار الديموقراطي أحد ثوابت األمة ،كما أفرد مكانة خاصة
لمفهوم الديموقراطية التشاركية وقرنه بمفهوم الديمقراطية المواطنة واعتبره من بين مقومات
النظام الدستوري للمملكة ،ولعل مبلغ الذروة في استحضارذلك التالزم المفصلي بين التشاركية
والمواطنة ،هوالفصل األول الذي نص فيه على أن النظام الدستوري للمملكة يقوم على أساس
"الديمقراطية المواطنة والتشاركية" ،باإلضافة إلى املحددات األخرى القائمة على أساس مبادئ
الفصل ما بين السلطات وتعاونها والحكامة الجيدة وربط المسؤولية باملحاسبة ،ومع الفصل
السادس ،تتأكد نية المشرع في ضرورة ضمان حرية المواطنين والمساواة فيما بينهم ،وتأكيد
مشاركتهم في الحياة السياسية واالقتصادية واالجتماعية والثقافية ،وهي كلها مقتضيات تسيرفي
اتجاه بوتقة مفهوم "المواطنة الفاعلة والصالحة" من خالل اإلشراك الفعلي للمواطن في بلورة
السياسات العمومية والتي تتم عبرتقنيات مختلفة تدعم الفعل التشاركي االيجابي.78
كما خصص مجموعة من فصوله للحديث عن هذا المفهوم وكيفية أجرأته وتنزيله،79
إضافة إلى مجموعة من الفصول األخرى التي تتحدث عن كيفية إحداث مجموعة من مجالس
78عثمان الزياني ،دور الديموقراطية التشاركية في تكريس قيم المواطنة ،العدد ،203نونبر ،1022أنظر الرابط االلكتروني التالي:
http://www.alkalimah.net/Articles/Read/7805
79الفقرة الثانية من الفصل السادس ،الفقرة الثالثة من الفصل الثاني عشر ،الفصل الثالث عشر ،الفصل الرابع عشر ،الفصل الخامس
عشر ،الفصل ،236الفصل ،232الفصل .226
P 42 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
االستشارة والحكامة التي تتيح للمواطنين والمواطنات وجمعيات املجتمع المدني امكانية
المشاركة في اتخاد القرارات و ابداء الرأي بشأن السياسات العمومية.80
وعليه فالديمقراطية التشاركية تطرح مفهوما جديدا للسلطة والدور الممنوح للمواطن،
فهي
ترتكز كما يقول الفيلسوف جون ديوي John Deweyعلى مواطنة فعالة ومكونة ،و أيضا
على تكوين جمهور نشيط وله القدرة على البحث والتقص ي إليجاد الحلول لمشاكله ،مع
استحضاركون مشاركة المواطنين مرتبطة اساسا بالحق في الحصول على المعلومات.83
فمفهوم الديمقراطية التشاركية باعتباره أحد المفاهيم الجديدة التي تم إحداثها في
النظام القانوني المغربي بموجب المراجعة الدستورية لسنة ،2111ليس مجرد مفهوم إنشائي،
الغاية منه االستهالك أو التسويق ،بل هو مفهوم مؤطر للممارسة الديموقراطية بالمغرب لما
بعد دستور .842111
80مجلس المستشارين ،آليات الديمقراطية التشاركية بالمغرب ،مرجع سابق ،ص 6
81نجيب جيري ،مرجع سابق ،ص 16
COURTEMEMANCHE(G ) ; la seconde revolution tranquille ; Democratiser la democratie ; 82
Montreal ; editions Boreal ; 2003 ; 176 p
83عثمان الزياني ،مرجع سابق.
84مجلس المستشارين ،آليات الديمقراطية التشاركية بالمغرب ،مرجع سابق ،ص.3
85من بين تمار الحوار الوطني إلعداد التراب الميثاق الوطني إلعداد التراب ،وهو عبارة عن خالصات وترجمة لمساهمة الفاعلين
االقتصاديين واالجتماعيين من أجل تحسين التدخل العمومي والدفع به في اتجاه إرساء مسلسل جاد إلعادة الهيكلة ،ويشكل أيضا إطارا
لطرح الرهانات المجالية والتوجهات العامة التي تقوم عليها سياسة إعداد التراب الوطني.
P 43 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
البشرية ،86كثيرا ما تلجأ السلطات العمومية إلى إطالق مسلسالت للتشاور حول سياسات ذات
بعد أفقي أو قطاعي ،كما أن هندسة بعض السياسات العمومية نفسها قد تتضمن بعدا تشاركيا
يسمح لممثلي املجتمع المدني أو للساكنة املحلية من اإلسهام في تحديد األولويات وخيارات
التنمية خاصة في املجاالت االجتماعية.
وبالنظر إلى المقتضيات الدستورية لـسنة ،2111نجد أن المنطق الذي يحكم تصدير
الدستور ،هو حرص المشرع الدستوري على توكيد معطى المشاركة باإلضافة إلى التعددية
والحكامة الجيدة ،التي تشكل كلها مرتكزات ال محيد عنها في بناء الدولة الحديثة ،من خالل
مواصلة توطيد وتقوية مؤسساتها ،باإلضافة إلى التأكيد على مقومات المواطنة المضمونة
للجميع ،كاألمن والحرية والكرامة والمساواة وتكافؤ الفرص والعدالة االجتماعية ،ومقومات
العيش الكريم في نطاق التالزم بين حقوق وواجبات المواطنة.
أفردت خطة التنمية المستدامة ل ـ ،2131جزءا غير يسير منها للوقوف على كيفية ضمان
مشاركة المواطنين في صناعة وتنفيد القرارات بشكل ديمقراطي يستجيب لتطلعاتهم و
انتظاراتهم ،وقد شمل هذا الهدف من بين مقاصده غاية تتعلق باتخاذ القرارات على نحو
مستجيب لالحتياجات وشامل للجميع ،وتشاركي على جميع المستويات.
ّ
تمثل الديمقراطية التشاركية أحد أهم اآلليات التي تمكن من تحقيق التنمية عبر إشراك
مختلف الفاعلين في صناعة السياسات العمومية ،ومن تم إعطاء المواطن العادي الفرصة في
المساهمة في اتخاذ القرارات المتعلقة بتدبير الشأن العام عن طريق التفاعل المباشر مع
السلطات ،ومتابعة مختلف المشاريع التنموية والمساهمة في تحقيقها سواء على الصعيد
86أطلق الملك محمد السادس المبادرة الوطنية للتنمية البشرية من خالل خطابه ليوم 21ماي ،1002والذي تطرق فيه للمصلحة
االجتماعية والتي اعتبرها الملك بمثابة التحدي األكبر لتحقيق المشروع المجتمعي التنموي.
87محمد الكميري ،البرنامج الحكومي وتحدي إصالح اإلدارة العمومية ،مجلة السياسات العمومية ،عدد خاص ،12شتاء ،1021حكومة
سعد الدين العثماني ،قراءات في البنية والمهام ،ص .212
P 44 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
ّ
الوطني أو على الصعيد املحلي .وال تلغي الديمقراطية التشاركية الديمقراطية التمثيلية
كليا ،ولكنها تسعى لتتجاوز أوجه القصور والعجز فيها بمحاولة حل المشاكل عن قرب ،وضمان
انخراط الجميع ،وتطويرالتدبيراملحلي عن طريق التكامل بين الديمقراطيتين.
إن جوهر وفلسفة الديمقراطية التشاركية ،والمشاركة المدنية ،هو فسح املجال
للمواطنين بمختلف قناعاتهم قصد المشاركة في القرار العمومي بما في ذلك المواطنين الذين
اختاروا عدم التسجيل في اللوائح االنتخابية ،أو الذين لم يتمكنوا من ذلك لسبب أو ألخر على
اعتبار أنه وإن كان يسوغ استثناؤهم من المشاركة في عملية اختيار المؤسسات التمثيلية في
اطار الديموقراطية التمثيلية ،فإنه ال يجوز استثناؤهم من ممارسة المواطنة أو المشاركة
المدنية.88
وقد ظهر مفهوم الديمقراطية التشاركية نتيجة بروز متغيرات سياسية و اقتصادية
ومطالب اجتماعية أبانت عن محدودية الديمقراطية التمثيلية والمست جوانب الخلل فيها،
نظرا لتشعب المشاكل وتزايد أعباء تدبيرالسياسات العمومية املحلية.
إن من شأن تفعيل آليات الديمقراطية التشاركية وتطبيقاتها ،أن تسهم إلى حد كبيرفي بروز
"المواطنة الواعية" ،عبر ترسيخ ثقافة المواطنة المسؤولة التي تمكن اإلنسان من الدفاع عن
قضاياه ومصيرشعبه وبالتالي تحقيق مفهوم المواطنة االيجابية المسؤولة الفاعلة والمتفاعلة
التي تتجاوز حدود الحقوق والواجبات ،إلى العمل على تطوير املجتمع والسعي لمكافحة الفساد
وسلطة االستبداد .كما إن الديمقراطية التشاركية تبقى بمثابة الدرب االسلم للخروج من مأزق
الديمقراطية الذي تنبأ به "دي توكفيل" ببعد نظرفي كتابه األساس "الديمقراطية في امريكا."89
هناك تداخل كبير بين مجموعة من المفاهيم القريبة من مفهوم الديمقراطية التشاركية
كالمقاربة التشاركية وتدبيرالتشاركي والتشخيص التشاركي ،والتي يكون الهدف من تفعيلها إقرار
88مجلس المستشارين ،آليات الديمقراطية التشاركية بالمغرب ،مرجع سابق ،ص .22
89عثمان الزياني ،مرجع سابق ،د ذ الص.
P 45 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
تدبير مختلف لسياسات العمومية وال يمكن اعتبار هذا التعدد من قبيل الكلمات وال المفردات
ذات االشباع الداللي المطلق .بل إنها دالئل لغوية على اشكاالت أكبر تتجاوز المعجم نفسه
لتتعداه إلى استفهامات السياسة و سوسيولوجيات الفعل العمومي ودرجة تشكل الوعي لدى
المواطن ،وأشكال العالقة بين الدولة واملجتمع واالختالف البنيوي القائم بين ما نسميه بالتدبير
العمودي والتدبيراألفقي للشأن العام.90
ومن بين أهم أهداف الديموقراطية كونها تسعى إلى حوكمة إدارة الشأن العام املحلي
والوطني انطالقا من القول أن إدارة أفضل هي إدارة القرب ،وإدارة مع.91
تشمل الديموقراطية التشاركية آليات مختلفة لتدخل المواطنين إن كان بشكل فردي أو
عبر الجمعيات ،في إعداد القرارات العمومية ويصعب التمييز بين الديموقراطية التشاركية
والديموقراطية شبه المباشرة ،خاصة على المستوى المفاهيمي ،ويعتبر بعض مناصري
الديموقراطية التشاركية أن الديمقراطية شبه المباشرة ال تعدو أن تكون إحدى صيغها.92
لذلك فإن الديمقراطية التشاركية غالبا ما تكون "ديمقراطية القرب" ،تسمح مثال
بمناقشة الرهانات الخاصة بحي أو جماعة ،دون أن تتجاهل أسئلة المصلحة الوطنية أو
المصلحة العامة ،فمبدؤها في جميع الحاالت هو تنظيم نقاش فيما بين المواطنين من جهة،
وبينهم وبين الخبراء والمنتخبين من جهة أخرى ،حتى تضمن ملجموع المشاركين مساواة في االعتبار
ومعلومات كاملة حول المعطيات المعالجة.
إن التنصيص الدستوري في المغرب على آليات الديمقراطية التشاركية ينسجم مع
التوجهات الحديثة للدساتير المقارنة ،لكونها تعزز من محورية المواطن في عملية صنع
القرارات ،93فبالرجوع الى فصول الدستور المغربي خاصة الفصلين الرابع عشر والخامس
عشر ،نجده نص على آليتين مهمتين للممارسة الديمقراطية التشاركية على المستوى الوطني
وهي تقديم العرائض للسلطات العمومية وتقديم الملتمسات في مجال التشريع ،وهو األمرالذي
تطلب في إطار تنزيل هذين الفصلين إصدار القانونين التنظيميين 44.14و 64.14وما يميز هتين
P 46 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
اآلليتين هو حصر الجهة املخول لها ممارسة هذا الحق في المواطنات والمواطنين واستثناء
الجمعيات ،بخالف اآلليات المنصوص عليها في القوانين التنظيمية للجماعات الترابية.
و أيضا ومن أجل تأكيد محورية المواطن من خالل استثمار هذه اآلليات ،فهي تجعل
المواطن في قلب معادلة صناعة السياسات العمومية ،والتي تستجيب لتطلعاته ،وبالتالي
التقليص من حجم القرارات الفوقية التي تكتس ي نوع من المركزية الشديدة ،مع إعطاء الفعل
التشاركي المواطناتي بعدا محليا ،كما أنه تم التنصيص على ضرورة وضع الجهات والجماعات
الترابية االخرى آليات تشاركية للحوار والتشاور ،لتيسير مساهمة المواطنات والمواطنين
والجمعيات في إ عداد برامج التنمية وتتبعها ،مع تمكين المواطنات والمواطنين والجمعيات
تقديم العرائض ،الهدف منها مطالبة املجلس بإدراج نقطة تدخل في اختصاصه ضمن جدول
أعماله.
وتفيد التجارب الدولية بأن العرائض تقدم غالبا للسلطات العمومية والهيئات المنتخبة.
أما عندما يتعلق بملتمسات التشريع فغالبا ما تحال على البرلمان ،لذلك من الضروري أن تعزز
العالقة بين البرلمان واملجتمع المدني.
ومن بين اآلليات المنصوص عليها في القوانين التنظيمية نجد آلية تقديم الملتمسات في
مجال التشريع ،حيث حدد القانون التنظيمي المتعلق بشروط وكيفيات تقديم الملتمسات في
مجال التشريع ،عدة شروط من أجل صحة الملتمس تخص كل من أصحاب الملتمس موضوع
الملتمس ،ومسطرة إيداعه.
فالتنصيص من خالل الفصل 14من دستور 2111على أنه للمواطنات والمواطنين الحق
في تقديم الملتمسات في مجال التشريع يعني إقصاء مؤسسات املجتمع المدني من التمتع بهذا
الحق ،ناهيك عن عدم تمكين المواطنة والمواطن الفرد من هذا الحق كما هو منصوص عليه
في العديد من البلدان الرائدة في مجال الديمقراطية التشاركية ،94من قبيل الدستور البرتغالي
والذي ينص في المادة 52و المعنونة "الحق في االلتماس في المبادرة الشعبية" ،حيث نصت
94من أهم معالم هذا االختيار التشاركي :اعتماد الحق في تقديم العرائض لدى السلطات المنتخبة ،والسلطات العمومية .وهذا ما نص عليه
الدستور البلجيكي من فصوله 11و 21والدستور الدانماركي في فصله 22وأكده دستور ألمانيا في فصله .21واعتمد البرلمان األوروبي
الحق في تقديم الملتمسات وركز الدستور الفرنسي على حق تقديم العرائض ،والتشاور الواسع مع المواطنين .
وأكدت اللجنة األوربية على أن المبادرة الشعبية خاصة التشريعية حق من الحقوق التي تهدف إلى الصالح العام .وعنوان الممارسة
الديمقراطية للمواطنين وهي مدسترة عالميا .
P 47 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
المادة أنه لكل مواطن بمفرده أو مع اخرين في تقديم التماسات أو احتجاجات أو مطالبات أو
شكاوي للدفاع عن حقوقهم أو عن الدستور أو القوانين أو الصالح العام للهيئات التي تمارس
سلطة سيادية أو مؤسسات اإلدارة الذاتية والسلطات األخرى.95
وهو المنحى الذي ذهب إليه المشرع الدستوري األلماني في المادة السابعة عشر من
الدستور التي تنص على حق كل مواطن بمفرده أو باإلشتراك مع مجموعة من األفراد في تقديم
الملتمسات أو الشكاوي إلى الجهات املختصة أو إلى السلطة التشريعية.96
وعليه فإن التنصيص على تقديم الملتمسات بشكل جماعي يعتبرمعيقا يحول دون تقديم
المواطنين األفراد لملتمسات في مجال التشريع.
كما أن القانون التنظيمي المتعلق بكيفيات ممارسة الحق في تقديم الملتمسات فالفصل
14من دستور 2111ينص على أنه للمواطنات والمواطنين الحق في تقديم الملتمسات في مجال
التشريع إال أن القانون التنظيمي حصر تقديم الملتمسات في مجال القانون أي تلك املجاالت
التي يختص بها البرلمان بالتشريع فيها مع العلم أن التشريع ليس اختصاص حصري على البرلمان
وبالتالي فالقانون التنظيمي ضيق من هذا الحق الدستوري الذي كان من املحتمل أن يشمل
مجاالت أوسع.
ومن بين المعيقات التي فرضها القانون التنظيمي نجد ما تم التنصيص عليه ،وهو شرط
التسجيل في اللوائح االنتخابية والتمتع بالحقوق المدنية والسياسية بالنسبة لمقدمي الملتمس
ومدعميه.97
كما أنه اشترط أن ال تقل عدد التوقيعات على 9825.111من مدعمي الملتمس وهو شرط
صعب التحقيق ،خاصة وأن القانون التنظيمي السالف الذكرلم ينص على تقنية إحداث منصة
الكترونية لتسهيل عملية التوقيع واستعمال التوقيع االلكتروني وفقا لما هو معمول به.99
95المادة 21من الدستور البرتغالي :ورد عند بويركل ياسين ،معيقات الديمقراطية التشاركية بالمغرب ،على ضوء دستور 1022
والقوانين التنظيمية ،مجلة العلوم السياسية والقانون ،مجلد 3عدد ،21يوليو ،1022ص.232
96بويركل ياسين ،المرجع نفسه ،ص .232
97المادة الثانية من القانون التنظيمي 62.22بتحديد شروط وكيفيات ممارسة الحق في تقديم الملتمسات في مجال التشريع.
98المادة 1من القانون التنظيمي 62.22بتحديد شروط وكيفيات ممارسة الحق في تقديم الملتمسات في مجال التشريع
99يمكن الرجوع إلى توصيات الحوار الوطني حول المجتمع المدني واألدوار الدستورية األخرى ،منشورات الوزارة المنتدبة لدى رئيس
الحكومة المكلفة بالعالقات مع البرلمان والمجتمع المدني ،الرباط ،ص .21
P 48 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
ونجد أيضا ضمن آليات الحوارو التشاورهيئة المساواة و تكافؤ الفرص و مقاربة النوع،100
و التي تعتبر من ضمن الوسائل المساهمة في جعل السياسات العمومية أكثر استجابة لمساواة
النوع االجتماعي و تكافؤ الفرص.101
وقد انجزت وزارة الداخلية تشخيصا ،والذي تم إنجازه وفق مقاربة تشاركية ،مكن من
ت جميع معطيات ومعلومات نوعية متعلقة بحصيلة وبمكتسبات تجربة لجنة المساواة وتكافؤ
الفرص في صيغتها السابقة ،102كما فتح آفاقا للبحث عن الفعالية وتطويرعملية إحداث وتفعيل
هيئة المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع ،وبناء على نتائج هذا التشخيص تمت صياغة
الدليل مساطر إحداث واشتغال وتتبع هيأة المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع بالجماعات.
وتعتبر هذه الهيئة آلية لتفعيل الفصل 19من دستور ،2111المتعلق بالمناصفة
والمساواة بين الرجال والنساء ومكافحة التمييز وكذا الفصل ،139الذي خول ملجالس الجهات
والجماعات الترابية األخرى وضع آليات تشاركية للحوار والتشاور ،لتيسير مساهمة المواطنات
والمواطنين والجمعيات في إعداد برامج التنمية وتتبعها .وحسب نفس المادة 121المشار إليها
أعاله ،فإن هيئة المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع تحدث بشراكة مع فعاليات املجتمع
المدني ،وقد أنيط بالنظام الداخلي للمجلس تحديد كيفيات تأليفها وتسييرها.
ومن بين أبرز مهامها القيام بالدور االستشاري ،تعزيز اليقظة ومواكبة ودعم املجالس
المنتخبة ،لتأخذ بعين االعتبارالمساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع في مجال التسييروالتنمية
املحلية ،إضافة إلى توسيع ثقافة التشاور والحوار لدى الجماعة على اعتبار أن املجتمع المدني
يتميزبمعرفته بإشكاالت الساكنة املحلية وبقربه منها.
فقد أصبحت هيئة المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع قوة اقتراحية في مجال إعداد
وتنفيذ وتتبع برنامج عمل الجماعة واإلدماج الفعلي لمقاربة النوع ،فالهيئة أوال وأخيرا هي قيمة
100تفعيال للفقرة األولى من الفصل 232من دستور 2011نص القانون التنظيمي رقم 22.223المتعلق بالجماعات في المادة 210على
إحداث هيئة استشارية لدى مجلس الجماعة بشراكة مع فعاليات المجتمع المدني تسمى هيئة المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع يتولى
النظام الداخلي للمجلس تحديد كيفيات تأليفها وطرق تسييرها .وتختص هذه الهيئة بدراسة القضايا المتعلقة بتفعيل مبادئ المساواة وتكافؤ
الفرص ومقاربة النوع على الصعيد المحلي .
101نصت المادة 22من قانون الميثاق الجماعي على احداث لجنة المساواة وتكافؤ الفرص وهي لجنة استشارية تحدث لدى المجلس الجماعي
تتكون من شخصيات تنتمي إلى جمعيات محلية وفعاليات من المجتمع المدني ،يقترحها رئيس المجلس الجماعي الذي يرأس اللجنة ويتولى
إعداد جدول أعمال اجتماعاتها وتبدي اللجنة رأيها في القضايا المتعلقة بالمساواة وتكافؤ الفرص كلما دعت الضرورة.
مع العلم أن إحداث اللجنة أو التنصيص على إحداثها ،جاء نتيجة مطالب ملحة للحركة النسائية ،إضافة إلى الحاجة إلى إقرار آلية مؤسساتية
مكلفة بإبداء الرأي ،في قضايا المساواة ،وادماج مقاربة النوع ،في السياسات العمومية الترابية.
102المادة 22من الميثاق الجماعي المعدل سنة .2009
P 49 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
مضافة من أجل تنمية محلية منصفة ومستدامة ،من خالل المشاركة الحقيقية للمجتمع
المدني في تتبع سياسات الجماعة.
وكما سبقت اإلشارة إلى ذلك فالهيئة حسب الدستور و القانون التنظيمي تنتمي إلى
هيئات التشاوروالتشارك والحوارعلى المستوى املحلي وبالتالي فهي تبقى القناة الفضلى لتفعيل
الديمقراطية التشاركية وتعزيزانخراط الموطنين في الشأن العمومي املحلي.
إن الغاية من إحداث مؤسسة البرلمان في أعرق الديمقراطيات الغربية متمثلة أساسا في
إسناد السلطة التشريعية وصناعة السياسات العامة لممثلي الشعب في إطار التطبيق العملي
للديموقراطية التمثيلية بعد استحالة تطبيق الديموقراطية المباشرة.104
في التجربة المغربية عرفت اختصاصات البرلمان مند دستور 1962إلى حدود دستور2111
تطورات كبيرة سواء على مستوى التشريع أو على مستوى الرقابة على العمل الحكومي ،أو على
مستوى تقييم السياسات العمومية .ويشكل دستور 2111أهم تحول نوعي في حياة البرلمان
المغربي ،حيث دعم اختصاصات البرلمان في مجالي التشريع والرقابة على العمل الحكومي ،كما
خوله الحق في تقييم السياسات العمومية.
فعوض االختصاصات املحدودة والضيقة التي كانت تمنحها الدساتير السابقة للمغرب،
فقد خوله دستور 2111عدة صالحيات في املجال التشريعي ،وهذا ما يستشف من خالل
مقتضيات الباب الرابع من الدستور ،فالفصل 71ينص على أنه يمارس البرلمان السلطة
التشريعية ،كما أ ن البرلمان يصوت على القوانين وير اقب أعمال الحكومة ويقيم السياسات
العمومية.
أفرد المشرع الدستوري للبرلمان الباب الرابع من الدستور معنون بالسلطة التشريعية،
ويتضمن 27فصال ،وثالثة محاور ،تنظيم البرلمان "من الفصل 61إلى الفصل ،"69سلطات
103يقصد بالعقلنة البرلمانية مجموع اإلجراءات الهادفة إلى تقليص صالحيات البرلمان ،أو مجال القانون على سبيل الحصر ،فالعقلنة تروم
تحديد اختصاصات البرلمان وتقييدها ،وقد استلهمت فرنسا هذا المبدأ من تجربة الجمهورية الرابعة ،وقد تأثر المشرع المغربي بهذا المبدأ.
104أحمد مفيد ،البرلمان المغربي ،ماذا بعد خمسين سنة؟ مجلة السياسات العمومية ،العدد ،23خريف ،1022ص .23
P 50 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
البرلمان "من الفصل 71إلى الفصل ،"77ممارسة السلطة التشريعية "من الفصل 71إلى
الفصل ."16
ينص الفصل 61من دستور 2111على أن البرلمان يتكون من مجلسين :مجلس النواب
ومجلس المستشارين ،وبشكل عام يعرف البرلمان على أنه مؤسسة مكونة في الغالب من
مجلسين مكلفان بتمثيل السيادة الوطنية ،ويمارس في األنظمة البرلمانية وظيفة خلق
القانون ،105وله سلطة الرقابة على العمل الحكومي باإلضافة إلى دوره في تقييم السياسات
العمومية ،مما يوحي بأن للبرلمان دورفعلي في صناعة القراربشقه التشريعي ،ثم تقييم القرارات
التدبيرية الصادرة عن الحكومة بشقها السياس ي .106لكن الو اقع يعكس هيمنة للسلطة
التنفيذية على العمل البرلماني ،إضافة إلى معطيات أخرى تتحكم في انتاجية السلطة التشريعية
ونخص بالذكرهنا العقلنة البرلمانية.
عمل دستور 2111على تعزيزالطابع البرلماني للنظام السياس ي المغربي عبرتقوية البرلمان
من خالل تحويله من مجرد مؤسسة إلى سلطة تشريعية قائمة بذاتها ،تمارس اختصاصاتها إلى
جانب باقي المؤسسات الدستورية ،وقد تم الرفع من مجال القانون الذي يعد اختصاص أصيل
للبرلمان يساهم من خالله في صناعة القرار التشريعي ،كما تمت تزكية اختصاصات هذا األخير
بإضافة بعد جديد للجانب الرقابي على أعمال الحكومة ،بالتنصيص دستوريا على صالحيات
البرلمان في تقييم السياسات العمومية ،وهو األمر الذي سيمكن البرلمان من وضع بصمته في
تدبيرالشأن العام عبرمدخل التقييم .
تعد العقلنة البرلمانية من بين أهم معيقات العمل البرلماني والتي تزيد من محدودية دوره
وتؤثر على ممارسته الختصاصاته ،وهو األمر الذي فرض ضرورة البحث عن سبل تطويل العمل
داخل المؤسسة التشريعية للرفع من حصيلتها على المستوى الكمي والنهوض بها على المستوى
الكيفي.
ولعل أهم مترجم لبعد البرلمانية الواردة في الفقرة األولى من الفصل األول من الدستورهو
مشاركة األحزاب السياسية ،هو ما نص عليه الفصل 47من الدستور والذي أشار إلى أن الملك
105جابر البوع ،البرلمان والسياسات العمومية ،مقاربة مفاهيمية دستورية للعالقة بين المتغيرين ،إشكاالت صناعة القرار العمومي بالمغرب،
مركز تفاعل للدراسات و األبحاث في العلوم االجتماعية ،الطبعة األولى ،1021 ،ص .22
106عبد االله السطي ،صناعة القرار السياسي ،بحث في المؤسسة والمؤسساتية في النظام السياسي المغربي ،سلسلة دراسات وأبحاث محلية،
مجلة القضاء المدني ،دار نشر المعرفة ،طبعة ، 1021الرباط ،ص .22
P 51 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
يعين رئيس الحكومة من الحزب الذي تصدر انتخابات أعضاء مجلس النواب وعلى أساس
نتائجها ،107فبموجب هذا الفصل أصبحت الحكومة منتخبة منبثقة عن اإلرادة الشعبية المعبر
عنها من خالل صناديق االقتراع ،وذلك إضافة إلى ما نص عليه الفصل 11من الدستور من أن
الحكومة ال تعتبرمنصبة إال بعد حصولها على ثقة مجلس النواب ،المعبرعنها بتصويت األغلبية
المطلقة لألعضاء الذين يتألف منهم لصالح البرنامج الحكومي.
ورغم كل املجهودات لتكريس البعد البرلماني في النظام السياس ي المغربي ،إال أن سمات
العقلنة تظل طاغية على طبيعة العمل البرلماني وهي سمة دخيلة على الحياة السياسة
والدستورية المغربية ،فهي صناعة فرضها التاريخ البرلماني الفرنس ي نتيجة صراعات عاشتها
المؤسسات الدستورية وتجاذبات غير متناهية بين مختلف مكونات املجال السياس ي الفرنس ي،
استحال معها الحفاظ على التوازنات بين السلط خاصة البرلمان والحكومة خالل الجمهورية
الرابعة ،األمرالذي حفزفي صوغ أسس فلسفية ودستورية جديدة .لذلك تعتبرالعقلنة البرلمانية
جوابا عن حاجة فرنسية ،ال مبدأ عاما قابال لالستلهام وال حتى االستئناس.108
أبانت تجربة العمل البرلماني المغربي ،2111-1963على كثير من نقط الضعف ،على
مستوى الممارسة ،وكشفت عن األسباب الحقيقية وراء تواضع دور البرلمان في االطالع بمهامه،
رغم ما يشوبها من قيود وما يحصرها من حدود ،وهذا ما يدل أن وظيفته كانت تمثيلية بالدرجة
األولى ،وذات أبعاد رمزية وسياسية فقط.109
ومحاولة منه اإلجابة على سؤال ماذا يفعل المشرعون؟ يقول جيمس أندرسون ،110بأنهم
يشرعون ،أي يقومون بالدورالمركزي لتشريع القوانين وصنع السياسات العامة ،إال أنه ال يمكن
أن نصبغ عليهم هذه الصفة ،ملجرد أنهم مخولون دستوريا ،و إنما يستلزم األمرممارستهم الفعلية
لهذه االختصاصات.
أما عن مساهمة البرلمان في السياسات العمومية فهي غالبا ما تكون من خالل مساهمته
في انتاج القواعد القانونية باعتباره سلطة تشريعية ،إال أن هذا ال يعني أن القانون كمحصلة
107وهي المرة األولى في تاريخ الحياة الدستورية المغربية ،التي يت م فيها أومن خاللها تقييد الحرية الملكية في تعيين الوزير األول سابقا،
بحيث أن مختلف المحطات الدستورية للمملكة ،تشير إلى أن الملك يعين الوزير األول دون قيد أو شرط.
108مالكي أمحمد ،قراءة في الهندسة العامة للدستور المغربي الجديد ،1022مجلة تبين للدراسات الفكرية والثقافية ،مجلد ،2عدد ،2ربيع
، 1023ص .22
109عبد العزيز ،دحماني ،صناعة القرار وإشكالية فصل السلط في ضوء مستجدات دستور ،1022إشكاالت صناعة القرار العمومي
بالمغرب ،مركز تفاعل للدراسات و األبحاث في العلوم االجتماعية ،الطبعة األولى ،1021 ،ص .261
110جيمس أند رسون ،صنع السياسات العامة ،،ترجمة عامر الكبيسي ،دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة ،قطر ،2221 ،ص.22
P 52 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
نهائية يعتبرسياسة عمومية ،إنه يعبرعن سياسة عامة معينة ،لكنه يشكل فقط أحد الخيارات
من مجموعة من البدائل لتحقيق أهداف سياسات معينة ،موجهة لحل مشاكل اجتماعية
و اقتصادية وسياسية.111
هناك مجموعة من المعطيات تدفعنا إلى االقتناع بأن التجربة الديموقراطية اليوم في
أزمة ،لكن البد من التنبيه بأنه لكي تكون هناك أزمة البد أن تكون هناك ديموقراطية أوال،112
فقد أصبح هناك شعور سائد بأن المنتخبين يعملون لتحقيق مصالحهم الخاصة أو مصالح
غريبة عن المصلحة العامة والمشتركة للمواطنين وأصبحت الديموقراطية التمثيلية تعاني أكتر
فأكتر ،من صعوبات ايجاد حلول من فوق.
ومن بين أهم تداعيات هذه األزمة تراجع المشاركة السياسية التي تعتبر الزمة
الديموقراطية التمثيلية ،فغياب تواصل المنتخبين مع المواطنين وفي ظل امتهان المنتخبين
للسياسة ومراكمة الواليات االنتخابية ،وفقدان االتصال والتواصل مع المواطنين ،فضال عن
تراجع معدل الثقة في المنتخبين و انخفاض المشاركة ،كلها عوامل عمقت مستوى األزمة بين
المواطن والمنتخبين ،نتج عنها شعورلدى المواطن بأنه غيرممثل بشكل المطلوب.
ومن بين أهم مظاهر أزمة الديمقراطية التمثيلية نجد تنامي أشكال تعبيرية جديدة من
خاللها يعبر المواطن عن مطالبه االجتماعية ،أشكال خارج مؤسساتية أي خارج المؤسسات
المنتخبة ،األمرالذي يعكس تصورجديد للمواطنة خارج كل ما هو سياس ي.
ولعل في نهج سياسة القرب ما يعزز ثقة المواطن في صانع القرارويعززأكثر قيم المواطنة،
مادام أ ن الديمقراطية التشاركية توفر منهجية جديدة في تدبير السلطة والحكم ،وتدبير
P 53 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
السياسات العمومية بما يكفل المشاركة الفعلية للمواطن ،وليس االستشارة الشكلية فقط
التي تنقض ي مع موعد االستحقاق االنتخابي.
بعد دستور 2111واالهتمام البالغ الذي أواله المشرع للمجتمع المدني ،بدأت الثقافة
التشاركية تخرج من مرحلة القيم العامة إلى مستوى المأسسة ،فتم إحداث قطاع وزاري جديد
في إطارالوزارة المكلفة بالعالقات مع البرلمان واملجتمع المدني بموجب البرنامج الحكومي للسنة
.2112
وفي إطار تعزيز التشاركية كآلية من آليات تنزيل المقتضيات الدستورية ،والتركيز على
التشاركية والتعاقدية في جميع املجاالت ،نظم البرلمان يوما دراسيا حول العالقة بين البرلمان
واملجتمع المدني ،تحت شعار :البرلمان واملجتمع المدني :أية عالقة ؟ والذي جعل من أهدافه
ما يلي :
وقد أشار رئيس مجلس النواب في كلمة ألقاها بمناسبة تنظيم املجلس لـندوة حول
الديمقراطية التشاركية ،إلى أن املجلس سيعمل على تنفيذ برامج للتكوين لفائدة هيئات املجتمع
ُ
المدني ودعم قدر ِاتها على أساس مسطرة شفافة تضمن تكافؤ الفرص ،وتأخذ بعين االعتبارتنوع
النسيج الجمعوي المغربي من حيث االهتمامات ومن حيث التوزيع املجالي.
ومن جهة أخرى ،أضاف أنه في إطارسياسة االنفتاح التي تبناها املجلس سيعمل على تيسير
الولوج إليه ،والعمل على تنفيذ المعايير الدولية وخاصة معايير االتحاد البرلماني الدولي بشأن
تيسيرالولوج للمؤسسة.
P 54 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
كل هذه املجهودات من أجل أن تكون مساهمة املجتمع المدني في تعزيزالنسق المؤسساتي
وترسيخ البناء الديمقراطي ،والتحفيزعلى المشاركة االيجابية ،أداة إثراء للديمقراطية التمثيلية،
وعلى أن تساهم في ضخ نفس جديد في المشاركة السياسية وتقوية للمؤسسات وللديمقراطية في
أبعادها السياسية واالقتصادية واالجتماعية والثقافية.114
إن العالقة بين املجتمع المدني والبرلمان من صميم الديمقراطية ،ألن الشعب هو مصدر
السلطات ويحق له التواصل مع ممثليه ،مما يساعد على االستقرار االجتماعي والسياس ي
واالقتصادي ،فقد تشكلت قناعة بأنه ال تخطيطا استراتيجيا للتنمية املجالية دون تشاركية ،مع
العلم أن من بين أهم شروط نجاح هذه العالقة اتساع حركة املجتمع المدني واستقالليته،115
إضافة إلى كون العالقة الناجحة بين طرفين تتطلب هيئات متخصصة بتطويرأي عالقة.
114كلمة السيد رئيس مجلس النواب بمناسبة ندوة حول الديمقراطية التشاركية بين إشكاالت الواقع وآفاق التطوير ،الرباط ،مجلس النواب،
12فبراير .1010
115يمكن الرجوع إلى عناصر سابقة تطرقنا فيها بالتفصيل إلى المراحل التي مر بها المجتمع المدني بالمغرب ،وكيف أنه أصبح في جزء
كبير منه يفتقد للمصداقية من جهة واالستقاللية من جهة أخرى ،فهو في الغالب يفتقد السيادة المطلوبة على قراراته ،فهو يعاني من التبعية
الجزئية أو الكلية إما لألحزاب السياسية أو الدولة.
116محمد الغالي ،جدلية الثابت والمتحول في دستور 1022في ضوء قراءة السياق والركائز واألهداف ،دستور 1022بالمغرب :مقاربات
متعددة ،مجلة الحقوق" ،سلسلة االعداد الخاصة " العدد الخامس ،ماي ، 1021ص.62 ،
P 55 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
.3تيسير ولوج الشباب للثقافة والعلم والتكنولوجيا ،والفن والرياضة وألنشطة الترفيهية،
مع توفيرالظروف المواتية لتفتق طاقتهم الخالقة اإلبداعية في كل هذه املجالت.
ومن أجل حكامة أفضل وفي إطارالديمقراطية التشاركية تم افراد الباب الثاني عشرتحت
عنوان الحكامة الجيدة الذي نص في فصله 117171على أهمية املجلس االستشاري للشباب
والعمل الجمعوي في النهوض بالتنمية ،118وقد شهدت سنة 2117مصادقة البرلمان على مشروع
القانون التنظيمي لهذا املجلس في دجنبر من نفس السنة 119.
ـ دراسة وتتبع المسائل التي تهم ميادين الحماية ،والنهوض بتطويرالحياة الجمعوية
ـ تقديم اقتراحات حول كل موضوع اقتصادي واجتماعي وثقافي ،يهم مباشرة النهوض
بأوضاع الشباب والعمل الجمعوي
ـ تنمية طاقات الشباب ذكورا و اناثا ،وتحفيزهم على االنخراط في الحياة الوطنية بروح
المواطنة المسؤولة.120.
وتجدراإلشارة إلى أن دينامكية العمل الجمعوي عرفت تراجعا خاصة موسم 2111/2117
الذي اعتبره البعض موسم ركود جمعوي بعد الزخم الذي شهده هذا الحقل منذ إقرار دستور
117نص الفصل " :210يعتبر المجلس االستشاري للشباب والعمل الجمعوي ،المحدث بموجب الفصل 33من الدستور هيئة استشارية في
ميادين حماية الشباب والنهوض بتطوير الحياة الجمعوية ،وهو مكلف بدراسة وتتبع المسائل التي تهم هذه الميادين ،وتقديم اقتراحات حول
كل موضوع اقتصادي واجتماعي وثقافي ،يهم مباشرة النهوض بأوضاع الشباب والعمل الجمعوي ،وتنمية طاقاتهم اإلبداعية ،وتحفيزهم على
االنخراط في الحياة الوطنية بروح المواطنة المسؤولة" .
118حسب القانون التنظيمي المصادق عليه 12.22فإن تأسيس المجلس االستشاري للشباب والعمل الجمعوي جاء تنزيال لمقتضيات الفصول
212-210-33من الدستور .
119يوسف مزوار ،العمل الجمعوي :استمرار إرادة التحجيم واالحتواء واطوار واحتجاج من نوع اخر ،تقرير المغرب في سنة ،1021
الطبعة األولى ،1022ص.11
120محمد الغالي ،مرجع سابق ،ص61:
P 56 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
2111ودينامية الحوار حول املجتمع المدني التي تلته ،والتي توجت بمجموعة من التوصيات
والمشاريع التي أخذت الحكومة على عاتقها تنزيلها على أرض الو اقع.121
فالمطلوب مبدئيا من منظمات املجتمع المدني أن تكون وسيطا يمأل المساحة بين األفراد
والفئات االجتماعية من جهة والدولة من جهة أخرى ،وتعبر بالتالي عن هموم وقضايا ومصالح
المواطنين ،وأن توفر مجاال النخراط المواطن في الشأن العام ،لكن أزمة الثقة بين المواطن
والمؤسسات الوسيطة تحول دون لجوئه إليها ،وبالتالي شاهدنا على سبيل المثال نشطاء
الحراك في بعض المناطق ينعتون األحزاب "بالدكاكين السياسية " ويرفضون تدخلها لحل
االزمة122.
ولقد خلق التطور السياس ي المغربي العديد من االلتباسات حول حدود العالقة بين
وظائف املجتمع المدني ووظائف األحزاب السياسية ،كما أن تدبيربعض السياسات األفقية على
المستوى املحلي ،قد رسخ فكرة اعتبارالمقاربة التشاركية مجرد امتداد للتدبيرالسلطوي القائم
على االستخفاف بشرعية المنتخبين املحليين ،كل هذه اإلشكاليات ال يجب أن تغيب عن أذهاننا،
ونحن نعالج هذا الموضوع ،الذي الشك أنه دخل مرحلة جديدة مع دستور ،2111الدستورالذي
أقر بالديمقراطية التشاركية والمواطنة ،كإحدى مقومات النظام الدستوري المغربي ،هذا
النظام أصبح يسمح بانبثاق "المواطن" ،ولم يعد ينظر للدستور كوثيقة للسلط والمؤسسات
فقط ،123فالتكامل المنشود بين الديموقراطيتين يقتض ي تقليص الهوة بين الفاعل السياس ي
فالتوفيق بين الديمقراطيتين االجتماعيين124 ممثال في األحزاب السياسية ،وبين باقي الفاعلين
التمثيلية والتشاركية ،يشير إلى تطوير العالقة بين النخب السياسية والنخب المدنية ومحاولة
البحث عن مصفوفة تعبر على تكامل جهودهما من خالل التثمين المباشر لدور كل منهما125.
وبالتالي تحسين مسارات اتخاد القرار ومنع نشوب النزاعات املحتملة ،وتحقيق أقص ى قدر
من العقالنية في الحلول المقترحة ،وبالرغم من أن الديموقراطية التشاركية ال تيسر عملية
P 57 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
صناعة القراروال تسرعها وتبقى سلطة اتخاد القرارفي يد المنتخبين ،فإن من شأن الديمقراطية
التشاركية بأن تسمح بتحسين الحوكمة.126
إن الديمقراطية التشاركية تشكل أقص ى مراتب الممارسة الديمقراطية باعتبارها تهدف
إلى تحقيق التكافل الوظيفي بين الديموقراطية التمثيلية والمشاركة المواطنة.127
كما أن من شأنها ومن خالل اشراك السكان أن تؤدي الى تحسين التماسك االجتماعي على
مستوى منطقة معينة ،فهي بشكل من األشكال ترفع من مستوى المسؤولية الجماعية ،بحيث
تسمح الديمقراطية التشاركية باستعادة الثقة المتبادلة في حدها األدنى بين السكان
والمسؤولين المنتخبين ،فهي بشكل أو باخرتعززمشروعيتهم.
وفي مقاربة أكثر سياسوية تسمح الهيئات اإلستشارية والتي من خاللها يكون المواطنين
قادرين على صياغة رأي جماعي انطالقا من مصالحهم الخاصة وبطريقة ما فإن المواطن داخل
هذه المنظومة هو أكثرمن ناخب و أقل من صاحب قرار.128
ويرتبط أهم مبرر العتماد آليات الديمقراطية التشاركية في تعدد الفاعلين وتعدد
اهتماماتهم وهذا التعدد يعكس بالضرورة تعدد في الرؤى واختالفا في التقييم لدى هؤالء بين
لحظة التصويت الختيارمن يمثلهم داخل المؤسسات التشريعية والتنفيذية وبين لحظات تقييم
وتتبع مدى انسجام اختيارات الساسة ،فكان لزاما البحث عن آليات بديلة عن آلية التصويت،
من أجل تخويل الفاعلين المدنيين وسائل قانونية للتعبير عن آرائهم في أي وقت وذلك عبر عدة
قنوات من بينها تقديم العرائض وملتمسات التشريع.
وال يعني اعتماد آليات الديموقراطية التشاركية أن المواطن سيحل محل صانع القرار
ّ ّ
إنما أن يسعى إلى التأثير على القرارات التي يصنعها" ،فالمواطنة في إطارها العملي تعني الممارسة
الكاملة للحقوق والواجبات المدنية والسياسية ومن ضمنها المشاركة في وضع القوانين وفي
القواعد التي ترعى هذه الحقوق من دون أي تمييز وال استثناء والمواطنة -في هذه الحالة -تعبر
عن اإلنسان ككائن سياس ي له دورفاعل في إدارة الشأن العام".129
P 58 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
وقد ركزتقريرالخمسينية على أهمية التعاون بين الهيآت الدستورية والسياسية والنقابية
و الجمعوية من أجل بلورة المشاريع التنموية الستكمال المواطنة الكريمة مع ضرورة تضافر
الجهود بين الدولة وبين سائرالفاعلين :قطاعا خاصا ومجتمعا مدنيا.
ومن هذا المنطلق بات من الضروري أن تقوم الحكومة بمقتض ى الفصل 13من دستور
المملكة الذي ينص على ضرورة إشراك مختلف الفاعلين االجتماعيين في إعداد السياسات
العمومية وتفعيلها وتنفيذها وتقييمها .بتنظيم وترسيخ هذه المشاركة ودعم والنجاعة المطلوبة
لتحسين عالقتها بالمتعاملين معها.
ووعيا من المؤسسة التشريعية بحجم االختالالت التي أصبحت تعاني منها والتي تحول دون
ممارستها للمهام الملقاة على عاتقها ،فقد وضع مجلس النواب خطة استراتيجية لتأهيل وتطوير
العمل البرلماني وقد تضمنت خمسة محاوررئيسية:130
ـ تطويرالعمل التشريعي
فقد أشارت االستراتيجية إلى ضرورة وأهمية التواصل مع المواطن كعنصر فعال ومهم
لتطويرالعمل البرلماني وتجويد منتوجه.
خاتمة:
إن و اقع المؤسسة التشريعية بالمغرب غني عن البيان ،حيث تتدخل العديد من العوامل
في تعميق أزمة العمل البرلماني ،أبرزها عدم تحمل األحزاب السياسية لمسؤولياتها اتجاه تكوين
وتأطيرالمواطنين.
من خالل مختلف املحطات التي مر منها البرلمان المغربي عبر ما يفوق خمسين سنة من
الوجود ،يتضح بشكل جلي أن المؤسسة التشريعية بالمغرب على الرغم من ايجابياتها ومن قيمة
P 59 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
مساهمتها في البناء الديموقراطي والمؤسساتي بالمغرب ،فهي تعاني من عدة اختالالت منها ما
يرتبط بالترسانة القانونية المعمول بها ،ومنها ما يرتبط بالعنصر البشري أو يتعلق باألحزاب
السياسية ومنها ما يرتبط بطبيعة نمط االقتراع أو بنظام الحكامة ،األمر الذي ينعكس المحالة
على مردوديتها فال مجال للحديث عن فعالية حقيقية لهذه المؤسسة على مستوى األدواراملخولة
لها دستوريا حيث يكفي أن نشير إلى أن الوظيفة التشريعية التي تعد أبرز المهام التي يمارسها
البرلمان في أعرق الديمقراطيات ،نجد أن الحكومة أحكمت السيطرة عليه وأصبحت المشرع
األول وهو ما تعكسه األرقام واالحصائيات المرتبطة بنسب التشريع.
وهذا ما أكدته الرسالة الموجه من طرف الملك محمد السادس إلى المشاركين في الندوة
الدولية المنعقدة بمناسبة االحتفاء بالذكرى الخمسين إلحداث البرلمان المغربي ،والتي جاء فيها
"ال يخفى عليكم أن برلمانا بهذه المواصفات مدعو ألن يعمل على تحديث أساليب وطرق عمله
ليكون أكثر فاعلية في تنظيمه ،وأكثر نجاعة في القيام بمهامه التشريعية والرقابية وفي مجال
تقييم السياسات العمومية".
وأمام و اقع كهذا فتجويد العمل البرلماني يقتض ي االلتزام بأخالقيات العمل البرلماني
المنصوص عليها بموجب الدستور والقوانين الجاري بها العمل ،واعتماد مبادئ الحكامة في
جميع القرارات والمبادرات ،مع ضرورة اعتماد آليات جديدة للتواصل مع المواطنين وجعل هذا
االخير في صلب اهتمامات المؤسسة البرلمانية ،وإعطاء اهتماما لآلليات الديموقراطية
التشاركية نظرا ألهميتها في تجويد العمل البرلماني.
الئحة المراجع:
نجيب جيري ،تدبير الشأن املحلي بالمغرب ،بين الديمقراطية التمثيلية والديمقراطية
التشاركية ،مجلة رهانات عدد ،17شتاء .2111
بويركل ياسين ،معيقات الديمقراطية التشاركية بالمغرب ،على ضوء دستور 2111
والقوانين التنظيمية ،مجلة العلوم السياسية والقانون ،مجلد 3عدد ،12يوليو .2119
P 60 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
عثمان الزياني ،دور الديموقراطية التشاركية في تكريس قيم المواطنة ،العدد ،113نونبر
،2115أنظرالرابط االلكتروني التاليhttp://www.alkalimah.net/Articles/Read/7805 :
محمد الكميري ،البرنامج الحكومي وتحدي إصالح اإلدارة العمومية ،مجلة السياسات
العمومية ،عدد خاص ،24شتاء ،2111حكومة سعد الدين العثماني ،قراءات في البنية والمهام.
أحمد مفيد ،البرلمان المغربي ،ماذا بعد خمسين سنة؟ مجلة السياسات العمومية ،العدد
،13خريف .2114
جابر البوع ،البرلمان والسياسات العمومية ،مقاربة مفاهيمية دستورية للعالقة بين
المتغيرين ،إشكاالت صناعة القرار العمومي بالمغرب ،مركز تفاعل للدراسات واألبحاث في
العلوم االجتماعية ،الطبعة األولى.2111 ،
عبد االله السطي ،صناعة القرار السياس ي ،بحث في المؤسسة والمؤسساتية في النظام
السياس ي المغربي ،سلسلة دراسات و أبحاث محلية ،مجلة القضاء المدني ،دار نشر المعرفة،
طبعة ،2117الرباط.
مالكي أمحمد ،قراءة في الهندسة العامة للدستور المغربي الجديد ،2111مجلة تبين
للدراسات الفكرية والثقافية ،مجلد ،1عدد ،4ربيع .2113
عبد العزيز ،دحماني ،صناعة القرار وإشكالية فصل السلط في ضوء مستجدات دستور
،2111إشكاالت صناعة القرار العمومي بالمغرب ،مركز تفاعل للدراسات واألبحاث في العلوم
االجتماعية ،الطبعة األولى.2111 ،
جيمس أندرسون ،صنع السياسات العامة ،ترجمة عامر الكبيس ي ،دار المسيرة للنشر
والتوزيع والطباعة ،قطر.1991 ،
P 61 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
كلمة السيد رئيس مجلس النواب بمناسبة ندوة حول الديمقراطية التشاركية بين
إشكاالت الو اقع و آفاق التطوير ،الرباط ،مجلس النواب 25 ،فبراير .2121
محمد الغالي ،جدلية الثابت والمتحول في دستور 2111في ضوء قراءة السياق والركائز
واالهداف ،دستور 2111بالمغرب :مقاربات متعددة ،مجلة الحقوق" ،سلسلة االعداد الخاصة
" العدد الخامس ،ماي .2112
يوسف مزوار ،العمل الجمعوي :استمرار إرادة التحجيم واالحتواء واطوار واحتجاج من
نوع اخر ،تقريرالمغرب في سنة ،2111الطبعة األولى .2119
P 62 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
والبناء بالمغرب
Anti-seismic construction officer and its impact on the construction
sector in Morocco
ملخص:
أعادت أحداث الزلزال المدمر الذي ضرب إقليم الحوز بالمغرب شهر شتنبر سنة ،2123
النقاش حول مدى توفرالبالد على ترسانة قانونية خاصة بالوقاية من املخاطرالطبيعية وخاصة
خطر الزلزال .الباحث في التشريعات القانونية المغربية يجد أنه كان هنالك مرسوم صدر منذ
2112خاص بالمو افقة على ضابط البناء المضاد للزالزل المسمى ( )R.P.S.2000المطبق على
المباني املحدد فيه قواعد الوقاية من الزالزل وبإحداث اللجنة الوطنية لهندسة الوقاية من
الزالزل ،وفي سنة 2113صدر مرسوم آخر يهم ضابط البناء المضاد للزالزل المتعلق بالمباني
المنجزة بالطين ،حيث ورد أكثر تفصيال وشمل عددا من الجوانب المتعلقة بتحديده لنماذج
البناء الطيني وخصائصه وشروط إنتاجه وغيرها.
اإلشكالية المدروسة في هذا المقال تتجلى في كون المغرب وبالرغم من توفره على ضابط
هام للبناء المضاد للزالزل والذي يحدد بشكل دقيق قواعد البناء األساسية ،إال أن خطرالزالزل
الزال قائما بقوة في العديد من جهات المغرب وهو ما أظهره زلزال الحوزالذي وقع في منطقة ذات
مباني طينية ال تتوفر على أدنى شروط األمن والسالمة ،مما خلف العديد من الخسائر المادية
والبشرية ،األمر الذي يحتم ضرورة إعادة النظر بشكل شامل في طريقة تطبيق هذا الضابط مع
P 63 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
: الكلمات المفتاحية.العمل على تجويده حتى يصبح أكثر مرونة وفعالة وذو قابلية على التطبيق
. المغرب، قطاع التعميروالبناء، الوقع،ضابط البناء المضاد للزالزل
Abstract:
The events of the devastating earthquake that struck the Al Haouz province
in Morocco in September 2023 revived the debate on the extent to which the
country has a legal arsenal to protect against natural risks, especially the risk of
earthquakes. The researcher in Moroccan legal legislation finds that there was a
decree issued since 2002 regarding the approval of the anti-seismic building
control called (R.P.S. 2000) applied to buildings in which the rules for earthquake
prevention are specified and the creation of the National Committee for
Earthquake Prevention Engineering. In the year 2013, another decree was issued
regarding the earthquake prevention control anti-seismic construction related to
buildings made of clay, which was presented in more detail and included a number
of aspects related to its definition of clay construction models, their
characteristics, production conditions, and others.
The problem studied in this article is that, despite the fact that Morocco has
an important earthquake-proof building control that precisely specifies the basic
building rules, the risk of earthquakes still exists strongly in many regions of
Morocco, which was demonstrated by the Al Haouz earthquake that occurred in
an area with mud buildings. It does not meet the minimum security and safety
conditions, which has caused many material and human losses, and necessitates a
comprehensive review of the method of applying this control while working to
improve it so that it becomes more flexible, effective and applicable. Keywords:
Anti-seismic construction officer, impact, construction sector, Morocco.
يتوفر المغرب على ضابط خاص بالبناء المضاد للزالزل يهم كل أصناف المباني:مقدمة
ويهدف هذا الضابط إلى الحد من الخسائر البشرية والمادية التي يمكن أن تنتج جراء،السكنية
P 64 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
حدوث هزات أرضية ،وإلى تحسين الفعالية الزلزالية للمباني ،كما يروم أيضا إلى توفيركل ظروف
السالمة واألمان لعموم الناس حين وقوع الهزات األرضية ،وضمان إستمرارية المصالح
األساسية والحفاظ على الممتلكات ،131ويشمل هذا التشريع القانوني كل من ضابط البناء
المضاد للزالزل الخاص بالمباني ( ،)R.P.S 2000الذي جاء المرسوم رقم 2.12.177الصادر في
فبراير 2112ليعتمده ويو افق عليه ،ثم ضابط البناء المضاد للزالزل المتعلقة بالمباني المنجزة
بالطين والذي صدربموجب المرسوم رقم 2.12.666الذي تمت المو افقة عليه في ماي .2113
يتضح من خالل هذين الضابطين وجود وعي لدى المشرع المغربي بخطورة الكوارث
الطبيعية وبضرورة مكافحتها وخاصة خطر الزالزل ،من خالل سن تشريعات واضحة تحدد
المعايير العلمية والتقنية الواجب توفرها في أوراش البناء بمختلف أنواعها بهدف مقاومة هذا
الخطرالطبيعي وتجنب كل الخسائرالبشرية والمادية التي من شأنها أن تنتج عند وقوعه .غيرأن
هذين الضابطين وبالرغم من أهميتهما في الرفع من كفاءة وحصانة المباني وتوفيرشروط األمان
والسالمة للساكنة ،إال أن عملية التطبيق لم تكن في مستوى أهميتهما القانونية خاصة عندما
يتعلق األمربالعالم القروي ،مما جعل مختلف البنايات السكنية المشيدة بالطين هشة ومهددة
باإلنهيارفي حالة وقوع هزات أرضية زلزالية.
بعد حدوث كارثة زلزال الحوز الذي ضرب المغرب يوم ثامن شتنبر 2123وما خلفه من
أضرار بشرية ومادية كبيرة ،بدأ النقاش يتجه شيئا فشيئا نحو الجانب القانوني ،وبدا السؤال
األكثر إلحاحا هو مدى توفر البالد على قوانين وتشريعات خاصة بمكافحة خطر الزالزل ،خاصة
وأن المغرب وبحكم موقعه الجغرافي في منطقة إلتقاء الصفائح التكتونية (وخاصة الصفيحة
اإلفريقية واآلفرو-آسيوية) ،يبقى معرضا لهذا الخطر الطبيعي ،مع العلم أنه عرف حوادث
زلزالية سابقة كان أبرزها زلزال أكاديرسنة 1961وزلزال الحسيمة سنة .2114ومن خالل البحث
في الترسانة القانونية المغربية الخاصة بمكافحة األخطار الطبيعية ،تبين أن المغرب شرع منذ
2112ضابط بناء مضاد للزالزل مسمى ب ( ،)R.P.S.2000ثم ضابط بناء آخرمضاد للزالزل مطبق
على المباني المنجزة بالطين ،وبالتالي فإن إشكالية الفراغ القانوني في هذا الجانب تبقى غير
مطروحة رغم ما يمكن أن يقال على مستوى تطبيق هذه الضوابط ومدى نجاعتها.
131المجلس األعلى للحسابات :)2041( ،تقرير حول تدبير الكوارث الطبيعية ،ص .14
P 65 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
تمت المو افقة على هذا الضابط بموجب المرسوم رقم 2.12.177الصادرفي فبراير2112
في عهد حكومة عبد الرحمان اليوسفي ،وتطبق في مجموع التراب الوطني على جميع البنايات،
باستثناء المباني المنجزة وفقا للتقنيات املحلية التقليدية والتي تتشكل بنيتها أساسا من الطين
والقش والخشب وغيرها .وقد صيغ هذا الضابط إعتمادا على مقتضيات قانون التعمير 12.91
الذي تم تخصيص الفصل الرابع منه لضوابط البناء ،حيث أكد على ضوابط السالمة التي
ينبغي مراعاتها في المباني والشروط الواجب تو افرها فيها لما تستلزمه متطلبات الصحة والمرور
والمتطلبات الجمالية ومقتضيات الراحة العامة وخصوصا قواعد استقرار المباني ومتانتها،
ومساحة املحالت وحجمها و أبعادها وشروط تهوية املحالت ومواد وطرق البناء املحظور
،وغيرها من الضوابط األخرى المعززة للبناء القانوني .وقد اعتبرت المادة استخدامها132
الستون من هذا القانون بمثابة المرجعية األساسية لهذا الضابط حيث نصت صراحة على
ضرورة صدورمرسوم تنظيمي بتحديد ضوابط البناء العامة.
وقد روعي في هذ الضابط تقسيم التراب الوطني إلى مناطق زلزالية بحسب درجة توقع
الزلزال بها ،باإلضافة إلى ترتيب البنايات إلى أصناف مختلفة باعتبار درجة الوقاية الواجب
توفرها فيها .كما نص هذا الضابط على إحداث اللجنة الوطنية لهندسة الوقاية من الزالزل والتي
عهد إليها بمهمة اقتراح ترتيب البنايات وخرائط توزيع الجماعات داخل المناطق الزلزالية
وبدراسة التغييرات وإدراج التحسينات المراد إدخالها على ضابط البناء المضاد للزلزال
" "R.P.S.2000باعتبار تطور معرفة الظواهر الزلزالية والجيوتقنية وما يتعلق منها بتقنيات
هندسة الوقاية من الزالزل ،وضمت هذه اللجنة في عضويتها مجموعة من المصالح الحكومية
التابعة لوزارات الداخلية والتعميروالتجهيز والمعادن وغيرها ،في إطارمقاربة تشاركية ومندمجة
تهدف إلى توزيع المهام وتنسيق العمل ضمانا للنجاعة والفعالية.
يعتبر هذا الضابط إذن أول محاولة مغربية حقيقية وجادة في سبيل توفير إطار قانوني
خاص بالوقاية من خطر الزالزل ،ورغم أن هذ الضابط جاء متأخرا نسبيا وموجزا في مضونه ،إال
أنه حمل بين طياته تشريعات هامة بخصوص ضرورة اإللتزام بالبناء المضاد للزالزل على الصعيد
الوطني .وإذا كانت هذا الضابط قد هم بشكل أساس ي قطاع التعميرفي املجال الحضري من حيث
P 66 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
طرق تصميم المباني ومواد البناء المستعملة وغيرها ،فإن العالم القروي ظل يفتقر إلى ضابط
خاص بالبناء المضاد للزالزل إلى أن تم سن ضابط جديد يهم المباني السكنية المنجزة بالطين.
يعتبرالبناء بالطين من أكثرأنواع البناء شيوعا و انتشارا منذ العصورالقديمة والتي الزالت
مظاهره موجودة حتى اآلن في معظم البوادي المغربية ،وقد شكل هذا النوع من البناء إرثا ثقافيا
واجتماعيا وتراثا إنسانيا شاهدا على عر اقة وأصالة الفن المعماري المغربي وتنوعه ،وعامال
مهما لجذب السياح األجانب لإلطالع على هذه المباني الطينية العتيقة التي تم تشييدها بطرق
فريدة ،لذلك تم اإلحتفاظ بهذا النمط من البناء في الوسط القروي باعتباره نموذجا "للهندسة
المعمارية الخضراء" 133التي تضمن جودة إطار العيش وتحافظ على البيئة ،لكن دون أن تكون
هناك نصوص قانونية واضحة تضبط هذا النوع من البناء وتضمن له كل شروط السالمة
واألمان ،حتى جاء ضابط البناء المضاد للزالزل الخاص بالمباني المنجزة بالطين الذي حاول
تنظيم وضبط هذا الصنف من المباني.
1.2.1ضابط البناء المضاد للزالزل المطبق على المباني المنجزة بالطين املحددة فيه
قواعد الوقاية من الزالزل الواجب توفرها في المباني من أجل ضمان السالمة المسمى
(:)RPCTerre 2011
يختص هذا الضابط القانوني بالمباني الطينية الخاضعة لقواعد الوقاية من الزالزل والتي
تعرف تدخال للمهندسين والتقنيين المكلفين بتصميم وحساب األبعاد المنجزة بالطين ،وهو
ضابط يراعي كل عوامل الفعالية المطلوبة بالنسبة لهياكل مقاومة البنايات المنجزة بالطين
تجاه خطر الزالزل .ويطبق هذا الضابط على البنايات الطينية التي يلزم فيها اللجوء إلى مهندس
معماري ومكتب الدراسات قصد الحصول على رخصة البناء ،وتشمل كل العناصر األساسة
المشكلة لجودة البناية من الجدران المكونة من الطوب الطيني والتراب المدكوك والطين
المقوى بالقش أو باألحجارالمثبثة بالمالط الطيني.
يحدد هذا الضابط بوضوح حدود علو الطوابق حسب طبيعة المناطق الزلزالية،
فالمناطق ذات التسارع الزلزالي ال يجب أن يتعدى فيها العلو طابق واحد ،أما المناطق األقل
ضابط البناء المضاد للزالزل المطبق على المباني المنجزة ذاتيا بالطين ،الفصل األول. 133
P 67 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
تسارعا من الناحية الزلزالية فيمكن أن يصل فيها العلوإلى طابقين .ومناطق التسارعات الزلزالية
محددة ضمن خريطة تقسيم المناطق الزلزالية بالمغرب والتي تعتمد على السرعة القصوى
لألرض التي يحتمل حدوثها بنسبة %11خالل 51سنة ،كما حدد الضابط العلواألقص ى للجدران
المكونة من الطين في أربعة أمتار لبناية ذات طابق واحد و في ست أمتار ونصف بالنسبة لبناية
ذات طابقين.
هدف هذا الضابط إلى تأمين سالمة العموم عند حدوث هزة أرضية وكذا تأمين استمرارية
الخدمات األساسي ة ،باإلضافة إلى حماية الممتلكات المادية ،وقد اعتمد هذا الضابط فلسفة
واضحة تمثلت في تحسين فعالية البنايات المشيدة بالطين وجعلها أكثرمقاومة للنشاط الزلزالي،
من خالل تحديد مستوى فعالية المباني المنجزة بالطين تجاه قوة الهزات األرضية ،من حيث
إحتمال انهيارها أو عدم انهيارها ،فحجم األضرار التي تلحق بالمباني لها عالقة مباشرة بقوة
الزلزال وبجودة المواد المستعملة في عملية البناء.
2.2.1ضابط البناء المضاد للزالزل المطبق على المباني المنجزة ذاتيا بالطين المسمى
(:)RPACTerre 2011
جاء هذا الضابط بهدف تطويرالثقافة الوطنية في ميدان البناء وإدماج التقنيات التي تمنح
فعالية أكبر في مقاومة الزالزل وتجنب آثارها المدمرة ،ويشمل هذا الضابط كل أصناف المواد
المستعملة في البناء سواء تعلق األمر بالطوب الطيني أو الطوب الطيني المثبث أو الطين
المضغوط أو التراب المدكوك أو الطين المقوى بالقش واألحجار .كما نص هذا الضابط كذلك
على أهمية استخدام الطالءات كإجراء وقائي ضد التعرية والرطوبة ،وبوجوب تثبيث هذا الطالء
بالجير والقش وفق طبقتين سميكتين لمقاومة كل التأثيرات الخارجية .ولتحسين أداء المباني
الطينية غير المثبثة ضد الزالزل أكد الضابط على ضرورة استعمال الخشب والقصب الجاف
والخرسانة المسلحة والقضبان الحديدية وغيرها ،ويجب أن تكون كل هذه المواد سليمة من أي
عيب حتى ال تؤثرسلبا على جودة المبنى وتحافظ بالتالي على خاصية المقاومة التي تتمتع بها.
توثرالزالزل بشكل حتمي على كل المباني السكنية سواء اإلسمنتية منها أو الطينية ،غيرأن
درجة التأثير تختلف حسب نمط البناء والظروف المتحكمة في تشييده ،فيكون التأثير أكبر على
المباني المشيدة بالطين بالنظر إلى طريقة بنائها والمواد المشكلة لها والتي تكون في غالب
األحيان هشة وضعيفة من حيث المقاومة ،بينما يكون التأثير أقل على المباني التي بنيت بمواد
P 68 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
صلبة ووفق شروط هندسية وقانونية صارمة .وتتحكم في مقاومة المباني الطينية للزلزال عدة
عوامل منها طبيعة تربة األساس ونوع الصخور الموجودة على مستوى كل عمق وطريقة إنجاز
تلك المباني باإلضافة إلى شدة الزلزال ،على اعتبارأن الخطر الزلزالي يرتبط بشكل وثيق بطبيعة
الموقع الجغرافي للمباني وبمدى تعرضها للخطر ،عالوة على ضعف حصانتها وعدم توفرها على
كافة شروط الصمود والمقاومة.
.2وقع ضابط البناء المضاد للزالزل على قطاع التعمير والبناء بالمغرب:
رغم أهمية ضابط البناء المضاد للزالزل التي قام المغرب بسنها بهدف مواجهة التداعيات
المدمرة املحتملة لخطر الزالزل ،إال أن تطبيقها على المباني السكنية ظلت تشوبها العديد من
النو اقص واإلختالالت ،التي تعود باألساس إلى إهمال الفاعلين المتدخلين في عملية البناء
وخاصة املجالس المنتخبة وغياب المر اقبة والتتبع من طرف السلطات العمومية ،ذلك أن
مختلف التشريعات التي جاءت لتنظيم قطاع التعميربشكل عام ال يتم تنزيلها على النحو السليم
مما يؤدي إلى ظهور مظاهر الفوض ى والفساد في البناء بشكل يؤدي إلى بروز مخاطر طبيعية
متعددة كالفيضانات والزالزل وغيرها.
1.2باملجال الحضري:
بالرغم من أهمية هذا الضابط الذي يدل من جهة على وعي المشرع المغربي بمخاطر
الزلزال ومن جهة أخرى على وجود إرادة وقناعة لدى كل الفاعلين بضرورة تصميم المباني
السكنية وفق المعايير العلمية والتقنية الضرورية لمقاومة هذا الخطر الطبيعي ،إال أن هذا ال
يعني أن الضابط يتم تنزيله بشكل صحيح وسليم في ميدان التعمير بالمدن ،أو أن المباني
المشيدة أصبحت تتمتع بكفاءة عالية ولها مناعة قوية ضد خطر الزالزل ،أو بأنها تتوفر على كل
P 69 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
مقومات األمن والسالمة ،بل ال بد من تجويد هذا الضابط وإغنائه بتشريعات جديدة يكون
الهدف منها هو الرفع من متانة المباني حتى تكون قادرة على مقاومة شدة الزلزال عند حدوثه،
رغم أن هذه المقاومة تبقى نسبية عندما تكون قوة الزلزال عالية ،كما ينبغي على السلطات
مر اقبة قطاع التعمير وزجر كل مخالفات البناء .لتعزيز هذ الضابط ،قامت الدولة بإصدار
مرسوم جديد تحت رقم 2.13.424يتعلق بالمو افقة على ضابط البناء العام املحدد لشكل
وشروط تسليم الرخص والوثائق الخاصة بالتعمير والتجزئات العقارية واملجموعات السكنية
وتقسيم العقارات ،باإلضافة إلى إصدار مرسوم آخر سنة 2121يتعلق بتحديد كيفيات مر اقبة
وزجر املخالفات في ميدان التعمير والبناء الذي تضمن جملة من التدابير الرادعة التي تهم على
الخصوص تفعيل صفة المر اقب في مجال التعمير والبناء لمعاينة مختلف أشكال املخالفات،
والتنصيص على تشكيل اللجنة اإلدارية المكلفة بالهدم في حالة وجود مخالفات في قوانين
التعمير.
بالتالي فإن كل هذه املجهودات التي قام بها المغرب على مستوى التشريع القانوني في ميدان
التعميركان الهدف منها هوضبط عمليات البناء وجعلها مو افقة لكل المعاييرالهندسية والتقنية
والقانونية ،ضمانا لجودة المباني وفعاليتها ضد مختلف املخاطر ،وقد أدى اللين الزائد في
عملية تطبيق القانون وعدم اإللتزام بكل شروط ومعاييرالبناء إلى انتشارالعديد من مظاهرالبناء
العشوائي وغير القانوني في مجموعة من المدن المغربية الكبيرة منها والمتوسطة والصغيرة،
والذي ال يتوفر على تراخيص البناء وال يخضع لقانون التعمير ،وال يحترم التصاميم الهندسية
للبنايات أو إدخال تغييرات غيرقانونية عليها إن وجدت ،كما ظهرالبناء في المناطق املحرمة للبناء
بجوار األنهار والشعاب والمستنقعات والمنحدرات وغيرها .كل هذه اإلختالالت المسجلة في
ميدان التعميرتؤدي إلى ضعف حصانة البنايات ضد املخاطرالطبيعية وخاصة الزالزل التي يبقى
احتمال حدوثها حاضرا بقوة سواء بمدن الشمال المتوسطية أو بالمدن الساحلية األطلسية،
اعتبارا لكون هذه المناطق هي مناطق تماس بين الصفائح التكتونية وبالتالي فهي مناطق ذات
نشاط زلزالي دائم ومستمر.
2.2باملجال القروي:
ظلت تدخالت الدولة للنهوض بالسكن القروي محدودة للغاية ومقتصرة على برامج أو
مشاريع هامشية تم إعدادها في غياب أي سياسة وطنية خاصة بالسكن القروي ،ورغم
P 70 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
املجهودات التي قامت بها السلطات العمومية منذ أو ائل الستينات من القرن الماض ي لتجهيز
الوحدات القروية والتي احتل فيه السكن مكانة أساسية ،134إال أن قطاع البناء في الوسط
القروي ال زال بعيدا كل البعد عن تطبيق ضوابط البناء المضاد للزالزل ،كما أن البناء بهذا
املجال يثير الكثير من الجدل بشأن ضرورة إخضاعه لرخص البناء ،وفي هذا الصدد صدرت
مجموعة من الدوريات الوزارية بشأن تبسيط مسطرة الترخيص بالبناء بالوسط القروي ،كان
أهمها الدورية التي أصدرها وزيرالسكنى والتعميروسياسة المدينة في 25دجنبر 2112ثم الدورية
المشتركة لكل من وزيرالداخلية ووزيرة التعميرواإلسكان بتاريخ 21أبريل .2123
الدورية األولى كان الهدف منها هو محاولة لتأطير التعمير والبناء في املجاالت القروية التي
تعرف ضغطا عمرانيا من خالل تحديد مدارات الدواوير والمناطق القروية التي تعرف ضغطا
عمرانيا وكذا المدارات الحساسة وذات الصبغة الخاصة والتي من الضروري التوفر على رؤية
مستقبلية بشأنها قبل الشروع في دراسة طلبات البناء بها (طول الطرق الوطنية ،الساحل،
السهول ،)...،والواجب تغطيتها بمخططات التوجيه التعميري في انتظار أن تشملها تصاميم
التنمية أو التهيئة التي تضمن توسعها بشكل فردي أو جماعي.
كما نصت هذه الدورية على وضع إطارجديد لتحديد شروط المساعدة المعمارية والتقنية
بالعالم القروي ووضع آليات تفعيلها وفقا التفاقيات موقعة مع مختلف الفاعلين من سلطات
محلية وجما عات ترابية وغيرها ،باإلضافة إلى وضع برنامج إلحداث التجزئات ذات التجهيز
التدريجي بمحاذاة الدواويروالمناطق التي تعرف ضغطا عمرانيا.
وجاءت هذه الدورية كذلك بإجراءات تبسيطية لدراسة ومنح رخص البناء في ميدان
التعمير ،من خالل الحرص على عدم إلزام المواطنين بوثائق تقنية وإدارية غير ضرورية،
واإلكتفاء بالحد األدنى منها ،مع التعامل مع إشكالية العقار وفق المرونة الالزمة أخذا بعين
اإلعتبار خصوصيات المناطق والجهات وعدم التشدد في اشتراط وسيلة إثباث الملكية،
باإلضافة إلى السماح بالنزول عن مساحة الهكتار الواحد ،أو الزيادة في علو البنايات والمساحة
المبنية املحددة قانونا ،135وتعد هذه الدورية إلتزاما واضحا من طرف الدولة بتسهيل وتبسيط
134المندوبية السامية للتخطيط ،مركز األبحاث والدراسات الديموغرافية :)2001( ،المسكن والسكن.
135دورية عدد 24131الخاصة بتبسيط مسطرة الترخيص بالبناء للسكن في العالم القروي.2042 ،
P 71 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
مسطرة الترخيص بالبناء بالوسط القروي نظرا للخصوصيات اإلجتماعية والثقافية والطبيعية
التي تميزهذا الوسط عن الوسط الحضري.
وفي أبريل 2123صدرت دورية جديدة مشتركة بين وزارة الداخلية ووزارة إعداد التراب
الوطني واإلسكان وسياسة المدينة حول تبسيط مسطرة الترخيص بالبناء بالوسط القروي ،وهي
دورية ال تختلف كثيرا عن الدورية األولى حيث أكدت على تكثيف جهود وآليات المساعدة
المعمارية لفائدة ساكنة الوسط القروي ،وعدم إلزام المواطنين بوثائق غير ضرورية ،لكنها
جاءت ببعض المستجدات الهامة من قبيل إحداث لجن إقليمية تضطلع بمهمة تحديد مدارات
الدواوير والمناطق القروية التي تعرف ضغطا عمرانيا متناميا وتواجد تجمعات عمرانية قائمة
وكذا المدارات الحساسة وذات الصبغة الخاصة التي من الضروري التوفر على رؤية مستقبلية
بشأنها ،في انتظارأن تشملها وثائق التعميرالتي تضمن تطورها وتوسعها في إطارنظرة شمولية.136
وقد تم إرفاق هذه الدورية بمسطرة إعداد تصميم تحديد مدارات الدواوير التي تحدد طريقة
وضع التصميم ومكوناته وسبل المو افقة على هذا التصميم.
وبالرغم من الترسانة القانونية المتوفرة فإن هناك استمرارا للبناء العشوائي بالبوادي
وبالتوسع الفوضوي للمراكز الصاعدة والنتشار السكن غير الالئق بمحيط المدن،كما أن
السكن المتفرق تنجم عنه تداعيات سلبية على األراض ي الفالحية وكذا صعوبات على مستوى
تدخل الدولة لتوفير الخدمات األساسية يعرف تزايدا كبيرا في السنوات األخيرة .137كما تعرف
العديد من الدواويراختالالت كبرى على مستوى اإللتزام بشروط وضوابط البناء سواء من حيث
موقع البناء أو من حيث المواد المستعملة في عملية البناء وغيرها ،وهذا ما يوفر بيئة مالئمة
لتشكل مجموعة من األخطار الطبيعية سواء تعلق األمر بخطر الفيضانات أو الحرائق أو
اإلنزالقات الكتلية أو الزالزل ،األمر الذي يحتم بذل المزيد من الجهود لفرض التطبيق الصارم
لكل هذه التشريعات القانونية والسعي لتجنب كل األخطارالممكنة.
الحفاظ على الخصائص المعمارية التقليدية للمباني الطينية بالوسط القروي باعتبارها
تراثا اجتماعيا وثقافيا ومصدرا لجلب الزوار وتنشيط القطاع السياحي ،ال يجب أن تكون على
حساب حياة الساكنة وأمنها وسالمتها ،بل يجب أن تتوفر هذه المباني على كل شروط السالمة
لتفادي كل الكوارث الطبيعية المدمرة على غرارما تعرضت له منطقة الحوزباألطلس الكبيرمن
136دورية مشتركة بين وزارة الداخلية ووزارة إعداد التراب الوطني والتعمير واإلسكان وسياسة المدينة.2023 ،
137المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي :)2042( ،السكن في الوسط القروي :نحو سكن مستدام ومندمج في محيطه ،ص .41
P 72 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
دمارجراء الزلزال الذي ضربها في الثامن من شتنبر .2123وبالتالي ال يجب فصل مظاهرالهشاشة
التي تميز السكن القروي عن الوضع اإلجتماعي واإلقتصادي المتدهور الذي تعرفه ساكنة
املجاالت القروية المغربية بشكل عام ،بل يجب النظر إلى إشكالية السكن ضمن منظور شمولي
يراعي كل الجوانب الطبيعية واإلقتصادية واالجتماعية والهندسية والقانونية ،على اعتبار أن
موضوع السكن القروي ما هو إال مرآة تعكس مختلف اإلشكاليات المطروحة باملجاالت الريفية
والتي ال يمكن معالجتها إال في إطار رؤية شاملة ومتكاملة للنهوض بالتنمية املحلية في أبعادها
املختلفة.
.3النتائج والتوصيات:
من خالل دراستنا لضابط البناء المضاد للزالزل بالمغرب ،يمكن الخروج بالنتائج
والتوصيات التالية:
1.3النتائج:
رغم أهمية ضابط البناء المضاد للزلزال المسمى ( )R.P.S. 2000وضابط البناء المضاد
للزالزل المطبق على المباني المنجزة بالطين ،فإن تنزيل هذين الضابطين يبقى محدودا خاصة
بالعالم القروي لوجود مجموعة من المشاكل واإلكراهات.
قام المغرب باإلضافة إلى ضابط البناء المضاد للزالزل بسن تشريعات أخرى لتعزيز
عملية المر اقبة في ميدان التعمير أهمها القانون رقم 66.12المتعلق بمر اقبة وزجر املخالفات
في مجال التعمير والبناء والذي جاء لضبط عمليات البناء والحد من املخالفات والتجاوزات التي
يعرفها هذا القطاع.
عدم تفعيل اللجن المنصوص عليها في ضوابط البناء المضاد للزالزل ،سواء تعلق األمر
باللجنة الوطنية لهندسة الوقاية من الزالزل أو باللجنة الوطنية للمباني المنجزة بالطين مما
يحول دون قيام هذه اللجان بالمهام واألدوارالمنوطة بها.
P 73 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
صعوبة وتعقد تطبيق ضابط البناء المضاد للزالزل المطبق على المباني الطينية بالعالم
القروي بسبب خصوصيات هذا الوسط من الناحية اإلجتماعية واإلقتصادية والثقافية
والعمرانية وغيرها ،األمرالذي يجعل تلك اإلجراءات غيرمطبقة في كثيرمن األحيان بل غيرقابلة
للتطبيق.
هيمنة البعد الثقافي والتراثي والسياحي على مجال البناء بالوسط القروي على حساب
البعد القانوني يجعل معظم المباني بهذا الوسط هشة وال تتوفرفيها أدنى شروط األمن والسالمة
من املخاطر.
2.3التوصيات:
المراجعة الشاملة لضابط البناء المضاد للزالزل سواء بالوسط الحضري أو القروي
وإغنائه بتشريعات وإجراءات أكثر تقدما وقابلة للتطبيق ولها القدرة على ضبط عمليات البناء
سواء على مستوى اإللتزام بالتصاميم الهندسية أو بمواد البناء المستعملة أو غيرها بشكل يرفع
من شروط السالمة واألمن بالمباني السكنية.
تسريع عملية تنزيل كل ضوابط البناء بشكل سليم بهدف وضع حد لكل اإلختالالت
والتجاوزات التي تعرفها عمليات البناء في الوسطين الحضري والقروي.
مراجعة الخريطة العامة لتوزيع المناطق الزلزالية بالمغرب واستبدالها بخريطة حديثة
محينة يتم إنجازها إعتمادا على معطيات علمية دقيقة تأخد بعين اإلعتباراملجاالت الجغر افية
التي تعرضت لتشوهات على مستوى السطح.
الرفع من كفاءة المباني السكنية وتدعيم أساساتها بشكل قوي حتى تكون قادرة على
الصمود والتحمل ومقاومة الزالزل في حالة حدوثها خاصة في المناطق ذات الخطر الزلزالي
المرتفع.
P 74 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
إخضاع مشاريع البناء المكونة من عدة طوابق لتصميم خاص قادر على امتصاص
الطاقة الزلزالية في إطارما يعرف بعملية "العزل الزلزالي".
تعميق الدراسات الجيولوجية للمجال المغربي بهدف الوصول إلى وضع وثائق علمية
موثوقة يمكن اإلرتكازعليها في دراسة وتحليل الظاهرة الزلزالية و اقتراح الحلول المناسبة لها.
اإلختيار الدقيق لموقع البناء بناءا على نوعية التربة وخصائصها ،ذلك أن التربات
الصلبة تعتبر من التربات األكثر مقاومة للزالزل عكس التربات الهشة والرملية التي تتميز بدرجة
مقاومة أقل.
تبسيط مساطرالبناء وتعميم مجانية التصاميم الهندسية ورخص البناء بالعالم القروي
وخاصة بالدواوير النائية ،المتناثرة التي ال تخضع لقانون البناء بهدف مكافحة كل أشكل
الفوض ى في البناء والقضاء على كل مظاهر الهشاشة التي تكون سببا في ارتفاع درجة املخاطر
الطبيعية.
خاتمة:
رغم املجهودات التي قام بها المغرب في ميدان التعمير والبناء وخاصة في الجانب المتعلق
بوضع ضابط البناء المضاد للزالزل الذي تم سنه منذ 2112إال أن تنفيده بالوسط الحضري
الزالت تشوبه بعض اإلكراهات .كما أن التشريعات الهامة التي سنها المشرع المغربي في ميدان
التعمير والتي كان أبرزها قانون التعمير 12.91والقانون رقم 25.91المتعلق بالتجزئات العقارية
واملجموعات السكنية وتقسيم العقارات ،باإلضافة إلى القانون رقم 66.12المتعلق بمر اقبة
وزجر املخالفات في مجال التعمير والبناء وغيرها ،لم تسهم في القضاء على كل اإلختالالت التي
تشوب قطاع التعمير األمر يؤثر سلبا على كفاءة المباني السكنية ويجعلها أقل فاعلية لمقاومة
املخاطرالطبيعية وخاصة خطرالزالزل ،بشكل يجعل معظم المدن المغربية وخاصة الساحلية
منها (المتوسطية واألطلسية) بحكم موقعها الجغرافي في خط التماس بين الصفائح التكنونية
معرضة بنسبة مرتفعة لهذا الخطر.
بخصوص العالم القروي فإنه الزال يعرف انتشارا واسعا للمباني الطينية الهشة المشيدة
من الطوب والقش ،والتي تظل رغم قيمتها التاريخية والثقافية والتراثية مهددة بشكل كبير بكل
املخاطرالطبيعية املختلفة وعلى رأسها خطرالزالزل.
P 75 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
وقد حاولت الدولة تبسيط المساطر القانونية الخاصة بالبناء في الوسط القروي من
خالل إصدار مجموعة من الدوريات الوزارية التي تحدد مدارات الدواوير والمناطق القروية التي
تعرف ضغطا عمرانيا وتنص على تبسيط مساطرالترخيص بالبناء لضبط مختلف أشكال البناء
الطيني ،مع ذلك تبقى العديد من الدواويرالنائية خارج نطاق تطبيق كل هذه المساطرالقانونية،
األمرالذي يجعل مبانيها السكنية ضعيفة وهشة ومعرضة لكل أشكال املخاطر.
المراجع:
املجلس اإلقتصادي واإلجتماعي والبيئي :)2111( ،السكن في الوسط القروي :نحو سكن
مستدام ومندمج في محيطه.
دورية عدد 21536الخاصة بتبسيط مسطرة الترخيص بالبناء للسكن في العالم القروي،
.2112
دورية مشتركة بين وزارة الداخلية ووزارة إعداد التراب الوطني والتعميرواإلسكان وسياسة
المدينة.2123 ،
قانون التعمير.12.91
مرسوم رقم 2.12.177الصادر في 22فبراير 2112الخاص بالمو افقة على ضابط البناء
المضاد للزالزل المسمى ( )R.P.S.2000المطبق على المباني املحددة فيه قواعد الوقاية من
الزالزل وبإحداث اللجنة الوطنية لهندسة الوقاية من الزالزل.
مرسوم رقم 2.12.666الصادر في 21ماي 2113الخاص بالمو افقة على ضابط البناء
المضاد للزالزل المطبق على المباني المنجزة بالطين وبإحداث اللجنة الوطنية للمباني المنجزة
بالطين.
P 76 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
الكلمات المفتاحية :أزمة العقوبة الحبسية قصيرة المدة -بدائل العقوبات السالبة للحرية
قصيرة المدة –الضحية -التعويض الجنائي.
مقدمة:
أدت االنتقادات الموجهة إلى العقوبات السالبة للحرية قصيرة المدة بسبب فشلها في
مجابهة السلوك اإلجرامي قليل الخطورة 138إلى وتقوية الشعور بضرورة التفكيرفي حصر تفعيلها
-138بدليل أن الجريمة ظلت في تزايد مستمر ومعها ظاهرة العود الشيء الذي يبرز وبجالء وجود خلل على مستوى السياسة العقابية والذي
يبدوا واضحا من خالل تجلياتها على واقع اسجون باعتبارها م رآة تعكس حقيقة هذه السياسة ،وهذا ما يمكن معه القول أن السجون مثلما
أنها أماكن إصالح وتهذيب فهي أيضا أماكن ينشط فيها تعلم وتعليم الجريمة والسلوكيات المنحرفة على اختالف أنواعها ،بحيث يتم تفشي
سلوكيات كثيرة بين النزالء داخل المؤسسة السجنية ذاتها ،ومنها تلك التي تعد إجرامية أو مؤدية إلى الجريمة .أمام هذا الوضع لم يعد من
P 77 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
ضمن الحاالت ذات الخطورة الواضحة على النظام املجتمعي ،وتعويضها في الحاالت التي تقل
خطورتها اإلجرامية ،بأساليب عقابية بديلة غير سالبة للحرية تتبنى أنجع الخيارات للحد من
انتشارالجريمة وتداعياتها بما تحمله في طياتها من تدابيرإصالحية وتأهيلية تساعد املحكوم عليه
على االندماج من جديد في املجتمع .
والو اقع أن هذا التغييرفي النظرة إلى العقوبة الجنائية والدعوة إلى تبني مقاربة حديثة لم
يكن وليد اللحظة بل نتاج مخاض طويل من التنظيرات الفكرية من طرف التيارات الفقهية
المهتمة بالقانون الجنائي من جهة ،ومن جهة أخرى الجهود الدولية المتمثلة في المؤتمرات
واإلعالنات العالمية واإلقليمية التي تمحورت حول فكرة مفادها ،أنه إذا كانت العقوبات السالبة
للحرية ضرورية لتحقيق أمن املجتمع ،فإن استبدالها كلما أمكن ذلك ببدائل بدون اللجوء لسلب
الحرية يشكل مطلبا مستعجال ،139خاصة وأن هذه البدائل من شأنها أن تحقق الغاية المطلوبة
من كل عقوبة جنائية طبقا للتوجه الجديد في مجال الجزاء الجنائي الذي يدعوإلى جعل العقوبة
وسيلة إلصالح الجاني وتقويمه وإعادة إدماجه في املجتمع وهو يمارس فيه حياته العادية ولو
بحرية مشروطة ،كما أنها في ذات الوقت تحمي املجتمع من النتائج السلبية المترتبة على سلوك
الجاني والمهددة لطمأنينة املجتمع.140
مناص لتجريب خيارات جديدة لمعالجة أزمة السياسة الجنائية بالنسبة لهذه العينة من الجرائم ،عن طريق تطوير سبل التصدي لها فالتركيز على
العقوبة لوحدها غير كاف للوصول إلى اإلصالح المنشود بل البد من البحث في مصدر الداء الذي هو المجرم ألن الحد من اإلجرام والعود
للجريمة غير ممكن إال بتبني منظور حداثي لمفهوم العقوبة بشكل يضمن أنسنتها من خالل وضع حد لنظرة التهميش واإلقصاء الموجهة إليه
كفرد منبوذ وغير مرغوب فيه داخل المجتمع ،وتحسيسه بكينونته وآدميته ،والتعامل معه على أساس أنه شخص مريض يتيعن معالجته ،وذلك
بفسح المجال أمامه إلصالح وتقويم سلوكه في سبيل إعادة إدماجه بشكل إيجابي ومنتج داخل المجتمع.
راجع :زياني عبد الله " ،العقوبات البديلة في القانون الجزائري دراسة مقارنة " ،أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام ،جامعة وهران-
،2كلية الحقوق والعلوم السياسية ،س.ج ،2121/2102 .ص 3؛
جمال مجاطي" ،بدائل العقوبات السالبة للحرية قصيرة المدة في ضوء التشريع المغربي والمقارن دراسة تحليلية وعلمية" ،ط ،0 .مكتبة الرشاد
سطات المملكة المغربية ،السنة ،2102ص 22؛
فاتن الوزاني ا لشاهدي" ،بدائل العقوبات السالبة للحرية القصيرة المدة" ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص من كلية العلوم القانونية
واالقتصادية واالجتماعية بفاس ،س.ج ،2102\2102ص .6
-139بشرى رضا راضي سعد" ،بدائل العقوبات السالبة للحرية وأثرها في الحد من الخطورة اإلجرامية" ،ط ،0.دار النشر وائل عمان األردن،
السنة 2103ص .03
-140العلمي المشيشي" ،بدائل التدابير السالبة للحرية" ،مقال منشور بموقع مج .مغ.ق ، www.maroclaw.comتاريخ وضع
المقال 7أبريل ،2102تاريخ االطالع على المقال 02غشت .2102
P 78 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
من خالل هذه الدراسة المتواضعة ،التي تأتي في سياق وجود مشروع قانون جنائي بالمغرب
يحمل رقم 14111.16معروض حاليا على البرلمان المغربي -أدرج ألول مرة بدائل للعقوبات في
الباب األول مكرر منه ضمن الفصول 35-1إلى ،-35-14سيتم تناول بديل عقابي بالتحليل
والدراسة ،يحاول أن يأخذ بعين االعتبار مركز الضحية ،بحيث يتم تعويضه جراء األضرار التي
لحقته بفعل الجريمة المقترفة في حقه.
هذا ،وإن فكرة تعويض املجني عليه ليست بالجديدة ،بل ترجع في أساسها إلى نظام الدية،
فرد الفعل العقابي في املجتمعات القديمة كان يأخذ صورة انتقام من املجرم ،ثم تطور إلى نظام
الدية ،وهذا النظام معروف في الفقه اإلسالمي حيث أنه يعد صورة من صورالعقوبة التعويضية
الهادفة إلى إصالح ما يمكن إصالحه من أضرارالجريمة ،واختلفت المذاهب الفقهية في تعريفها،
فبينما يعرفها الحنفية بأنها ا لمال الذي هو بدل النفس أو المال الواجب بالجناية في النفس
واألطراف ،142يذهب المالكية إلى أنها مال يجب بقتل آدمي حر عن دمه أو جرحه ،مقدر شرعا ال
باالجتهاد ،143وظهرالتوجه نحو تبني العقوبات التعويضية كجزاء جنائي بديل عن عقوبة الحبس
في العصر الحديث من خالل توصيات المؤتمر الدولي الحادي عشر للقانون الجنائي المنعقد في
بودابست ،إذ تضمنت إحدى توصياته أن تعويض املجني عليه يعد وسيلة ذات فعالية للجزاء
الجنائي على الخصوص بإعادة التكييف االجتماعي للمحكوم عليه.144
وقد ورد النص على هذا األسلوب العقابي في مشروع القانون المذكور ضمن الباب األول
مكررفي الفصل 35-13في البند الخامس منه" :العقوبات المقيدة لبعض الحقوق أو فرض تدابير
رقابية أو عالجية أو تأهيلية والتي يمكن الحكم بواحدة أو أكثرمنها ،هي:
-141تم عرض مشروع القانون الجنائي على مجلس الحكومة للمرة األولى بتاريخ 26ماي ،2106إال أنه تم تأجيل المصادقة عليه حيث
تقرر في هذا االجتماع المذكور مواصلة النقاش في مشروع القانون الجنائي ،ثم عرض للمرة الثانية على مجلس الحكومة المنعقد بتاريخ 2
يونيو 2106حيث تمت المصادقة عليه ،وبتاريخ 22يونيو 2106تمت إحالته على مجلس النواب ،وبتاريخ 27يونيو 2106أحيل على
لجنة العدل والتشريع بهذا المجلس الستكمال مسطرة المصادقة ،تم استيقاء هذه المعلومات من موقع رئاسة الحكومة المغربية
www.pm.gov.maوموقع مجلس النواب المغربي ، www.chambredesrepresentants.maآخر اطالع على الموقعين
للتأكد من المعطيات المذكورة كان بتاريخ 02أكتوبر .2121
-142فالح محمد فالح" ،أحكام الدية في الشريعة اإلسالمية" ،المركز العربي للدراسات األمنية والتدريب ،ب.ط ،الرياض السعودية ،السنة
0202هـ ،ص .21
-143محمد مصباح القاضي" ،العقوبات البديلة في الفقه اإلسالمي" ،ب.ط ،دار النهضة العربية القاهرة ،السنة ،0226ص 27وما يليها.
-144جمال الحفيان" ،كفالة حقوق المجني عليه ف ي الدعوى الجنائية" ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص،
كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة الحسن الثاني ،الدار البيضاء ،س.ج ،0227/0226ص .217
P 79 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
ويمتاز التعويض كعقوبة بديلة بكونها ذات طابع مختلط وهذا ما يجعل من أمر تعريفها
صعبا ،ألنها ذات طابع مدني وجنائي في نفس الوقت ،فاألسلوب العقابي المذكور يتضمن في
خصائصه من جهة معنى الزجر ،ويحمل أيضا فكرة تجد أساسها في القانون المدني ويتعلق األمر
بالتعويض ،145كما أنه يختلف عن عقوبة الغرامة ،فبينما تهدف الغرامة إلى التأثير على إرادة
املحكوم عليه ومنعه من ارتكاب المزيد من الجرائم مستقبال ،غاية العقوبة التعويضية فضال
عن منع املحكوم عليه من ارتكاب جرائم مستقبلية هي تعويض ضرر أصاب ضحيته بسبب
الجريمة التي اقترفها.146
وحتى يكون باإلمكان التحليل والدراسة بخصوص هذا الموضوع ،سيتم طرح اإلشكالية
التالية:
هل كان مشروع القانون الجنائي المغربي موفقا في تنصيصه على التعويض -
الجنائي كعقوبة بديلة تسايرالتوجهات التشريعية المقارنة؟ وما مدى فعالية هذا األسلوب
العقابي البديل في التخفيف من تداعيات أزمة العقوبة الحبسية قصيرة المدة؟
محاولة اإلجابة عن اإلشكاليتين المثارتين ستكون من خالل مقاربة هذا الموضوع كما يلي:
املحوراألول :ملحة عن التنظيم القانوني للتعويض الجنائي بين بعض التشريعات المقارنة
ومشروع القانون الجنائي
املحور الثاني :تقدير فعالية التعويض العقابي في التخفيف من تداعيات أزمة العقوبة
الحبسية قصيرة المدة
املحوراألول :ملحة عن التنظيم القانوني للتعويض الجنائي بين بعض التشريعات -
المقارنة ومشروع القانون الجنائي
-145يعتبر التعويض جزاء مدنيا له وظيفة جبر الضرر الذي أصاب المضرور و محو آثاره أو على األقل التخفيف من آثاره إذا توفرت أركان
المسؤولية المدنية .وقد نضمه قانون االلتزامات والعقود في الفصول من 77إلى 011فيما يخص التعويض المتعلق بالمسؤولية التقصيرية
والفصول 263و 262فيما يخص التعويض المترتب عن اإلخالل بالتزام عقدي ،وهذا التعويض قد يدفعه المسؤول عن الضرر رضاء أو
قضاء ،راجع أيضا بهذا الخصوص :أحمد نوسي" ،العقوبة التعويضية" ،مقال منشور في مج .الد .الق ،ع 3 .السنة ،2112ص .030
-146أيمن رمضان الزيني" ،العقوبات السالبة للحرية قصيرة المدة وبدائلها" ،ط ،2.دار النهضة العربية ،القاهرة ،السنة ،2112ص .323
P 80 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
يمكن االعتماد عليها في السياسة العقابية جدوى147 تعد العقوبات التعويضية ذات
المعاصرة للحلول محل العقوبات القصيرة المدة ،وإعادة التوازن للخلل الحاصل بسبب
الجريمة قليلة الخطورة المقترفة ،وذلك بواسطة كفالة حقوق ضحايا الجريمة بالشكل الذي
يستجيب والتوجهات الكبرى للسياسة الجنائية المعاصرة التي باتت تحرص على ضمان حصول
املجني عليه على حقه في التعويض ،في نفس مستوى حرضها على ضمان معاملة عقابية للجاني
تهدف إلى إصالحه وتأهيله ليتمكن من االندماج في النسيج االجتماعي.
وفيما يلي سيتم التطرق للتنظيم القانوني للتعويض الجنائي على مستوى بعض
التشريعات المقارنة (أوال) ،وفي إطارمشروع القانون الجنائي المغربي (ثانيا).
وقع االختيار على مجموعة من التشريعات المقارنة ،التي لها توجهات مختلفة ألخذ ملحة
شاملة عن التنظيم القانوني لهذا األسلوب العقابي البديل في سياقها ،ويتعلق األمر بالتشريع
الفرنس ي ،والتشريعين الصيني والنمساوي ،والتشريعين األمريكي واأللماني.
نظم المشرع الفرنس ي العقوبة التعويضية في القانون الجنائي بموجب القانون الصادر في
5مارس .2117وحسب ما هو منصوص عليه في المادة 1-1-131من القانون المذكور ،فالعقوبة
التعويضية يتم النطق بها مجتمعة مع عقوبة الحبس أو الغرامة ،كما يمكن أن يحكم بها منفردة
باعتبارها بديال لعقوبة الحبس ،حيث يلزم املحكوم عليه بأدائه لمن كان ضحية للجريمة تعويضا
على أال تتجاوزمدة العقوبة المصرح بها ستة أشهر.148
وفيما يلي سيتم التعرض ملجموعة من النقط المندرجة ضمن التنظيم القانوني للتعويض
الجزائي في التشريع الفرنس ي ،ويخص األمر شروط تطبيق العقوبة التعويضية ،والجهات
المشرفة على هذا التطبيق ،و آثار تنفيذ أو عدم تنفيذ العقوبة التعويضية.
-147محي الدين أمزازي" ،جدوى إيجاد بدائل للعقوبات الحبسية قصيرة المدى" ،مقال منشور في مج.دف.اجت ،ع ،07 .يناير ،0222
ص .72
148 - Président honoraire de la chambre criminelle de la Cour de cassation, " Rapport à
Madame La Garde des Sceaux Ministre de la Justice pour une refonte du doit des peines ",
2015, P 49.
P 81 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
يمكن تقسيم هذه الشروط إلى ثالث أنواع ،منها ما يتصل بالعقوبة في حد ذاتها ،ومنها ما له
عالقة بمقترف الجريمة أو املحكوم عليه ،ومنها ما يرتبط بالضحية.
الشروط المتصلة بالضحية :تمتاز هذه العقوبة بكونها تأخذ بعين االعتبار
موقف الضحية ،حيث ال يحكم بها القاض ي إال بعد أخذ مو افقتها ،ويتضح من خالل
149-Catherine Tzuztzuiano, " L’effectivité de la sanction pénale ", Thèse pour obtenir le
doctorat en droit privé, Unvers. de Toulon. Facult. de droit, 2015, P 82.
-150بما أن عقوبة التعويض ذ ات طابع مالي ،فإنها ال تتعارض مع طبيعة الشخص االعتباري الذي له ذمته المالية وتطبق عليه العقوبات من
هذا الصنف.
P 82 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
ذلك أن هذا النمط العقابي قد منح للضحية دورا رئيسيا في تفعيل العدالة الجنائية
المبنية على التعويض.151
يشرف على تنفيذ العقوبة التعويضية جهات قضائية مختلفة بين ممثل النيابة العامة،
والقاض ي المنتدب لفائدة الضحايا ،وقاض ي تطبيق العقوبات ،وتتلخص أدوارهم بخصوص هذا
األسلوب العقابي البديل فيما يلي:
-151الطيب سماتي" ،حماية حقوق ضحايا الجريمة خالل الدعوى الجزائية في التشريع الجزائري" ،ب.ط ،مؤسسة البديع للنشر والخدمات
اإلعالمية الجزائر ،السنة 2112ص .22
-152كشيدة عمر وادار عبد الغاني" ،بدائل عقوبة الحبس قصيرة المدة" ،رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون الخاص ،جامعة عبد الرحمان
ميرة-بجاية ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،س.ج ،2107\2106ص .002
-153المادة 2-6-27من المرسوم 0612الصادر بتاريخ 2112/0/02المتعلق بالقاضي المنتدب لفائدة الضحايا مع إخطار النيابة
العامة بما اتخذه.
راجع:
كشيدة عمر وادار عبد الغاني " ،نفسه" ،ص .002
P 83 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
القضائي القاض ي بالتعويض كعقوبة ،حيث يقوم هذا األخير بمحاولة إيجاد
حلول للتسوية بين الضحية واملحكوم عليه باستدعائهما واستقبالهما مجتمعين
بهدف رفع أي عائق يحول دون تنفيذ الحكم.154
تنتهي العقوبة التعويضية بتنفيذها من طرف املحكوم عليه ،ويأخذ شكل تنفيذها ثالث
صورحسب ما هومنصوص عليه في المادة 1-1-131من الق.ج .الفرنس ي ،وهي التعويض النقدي
وإصالح الضررالناتج عن الجريمة ،والتعويض العيني.
واألصل هو أن املحكوم عليه ينفذ ما صدرضده في الحكم القضائي ،وفي حال عدم التنفيذ
نكون أمام حالة فشل في تنفيذ العقوبة التعويضية.
وفيما يلي سيتم التفصيل في حاالت تنفيذ العقوبة التعويضية ،ثم ننتقل لحالة الفشل في
تنفيذها.155
يأخذ تنفيذ العقوبة التعويضية كما سبقت اإلشارة إلى ذلك ثالث صور ،هي التعويض
النقدي ،التعويض العيني ،وإصالح الضررالذي خلفته الجريمة.
ً
التعويض النقدي :يعد التعويض النقدي األسلوب األكثرشيوعا لجبر ،واألصل -
في التعويض النقدي أن يكون في مستوى الضرر ،وتحديد مقداره شأن قضائي في حدود طلب
الضحية ،156وهناك من يذهب إلى أن استيفاء الضحية للعقوبة التعويضية ال ينفي حقه في
المطالبة بالتعويض أمام املحاكم المدنية إذا ثبت أن قيمة الضرر تتجاوز ما قض ى به حكم
العقوبة التعويضية.157
P 84 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
التعويض العيني :الهدف من التعويض العيني هو القضاء على آثار الجريمة -
وإصالح األضرارالناجمة عنها ،وإعادة لألوضاع إلى ما كانت عليه قبل حدوثها ،158والحكمة في
التعويض العيني تكمن في معاملة الجاني بنقيض ما قصده عن طريق حرمانه من المغانم
التي حصل عليها أو حاول الحصول عليها من الجرم المرتكب.159
إصالح الضرر الناتج عن الجريمة :يمكن للقاض ي أن يصدر حكمه بإصالح -
األضرار الناتجة عن الجريمة المقترفة ،إذا اقتنع بأنه ال حاجة للحكم بالتعويض ،فمثال في
الحالة التي يقوم فيها الجاني بتخريب ش يء يدخل في ملكية الضحية وهذا الش يء قابل
لإلصالح ،فهنا يمكن للقاض ي عوض أن يحكم بالتعويض يحكم بالزام املحكوم عليه بإصالح
ما تم تخريبه على نفقته ،وحسب ما هو منصوص عليه في المادة 1-1-131من قانون
العقوبات الفرنس ي يسوغ للقاض ي أن يعين أي شخص للقيام بإصالح الضرر الناجم على
الجريمة على نفقة املحكوم عليه.160
نكون أمام حالة فشل في تنفيذ العقوبة التعويضية ،باعتبارها بديلة للعقوبة األصلية
المتمثلة في عقوبة الحبس قصير المدة في حالة اإلخالل بااللتزامات املحكوم بها على مقترف
الجريمة ،والتي إما أن تكون تعويضا نقديا أو عينيا أو إصالحا ألضرارالجريمة التي اقترفها.
في هذه الحالة وبموجب المادة 1-6-47من المرسوم رقم 1615الصادر في 2111/1/12
والمتعلق بالقاض ي المنتدب لفائدة الضحايا ،يمكن للضحية أن يتقدم بطلب إلى القاض ي
المذكور ،الذي يخطرقاض ي تطبيق العقوبة بما حصل ويقررهذا األخيرما إذا كان هناك من داع
لتطبيق العقوبة الحبسية أو الغرامة في حق املحكوم عليه حسب ما هو وارد في الحكم القضائي
األول.161
-158الحسين زين اإلسم " ،إشكالية العقوبة السالبة للحرية قصيرة المدة والبدائل المقترحة" ،م.س ،ص .007
-159الحسين زين اإلسم" ،إشكالية العقوبة السالبة للحرية قصيرة المدة والبدائل المقترحة" ،م.س ،ص .002
-160كشيدة عمر وادار عبد الغاني" ،نفسه" ،ص .006
161 -Décret n° 2007-1605 du 13 novembre 2007 instituant le juge délégué aux victimes.
مشار إليه في مرجع كشيدة عمر وادار عبد الغاني" ،نفسه" ،هامش ص .007
P 85 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
من جهتها فإن النيابة العامة تتحرك في حال فشل تنفيذ العقوبة التعويضية ،وتقوم بإعالم
قاض ي تطبيق العقوبة حسب ما هو منصوص عليه في المادة 6-712من قانون اإلجراءات
الجنائية الفرنس ي ،حيث يكون لهذا األخير الصالحية ليصدر قرارا بإلغاء العقوبة البديلة
التعويضية وتفعيل العقوبة األصلية الورادة في الحكم األول الذي إما أن يكون غرامة أو حبسا
قصيرالمدة على أال تتجاوزالغرامة 1511أورو والعقوبة الحبسية 6أشهرحسب ما المادة -131
1-1من قانون العقوبات الفرنس ي.162
ورد التنصيص على العقوبة التعويضية كعقوبة بديلة في التشريع العقابي الصيني الصادر
سنة ،1979حيث نصت المادة 32من القانون المذكور على إمكانية الحكم في الجرائم القليلة
الخطورة بعقوبة بديلة ومن جملة العقوبات البديلة التي يمكن للقاض ي أن يحكم بها عقوبة
التعويض.163
عالج المشرع النمساوي هذا األسلوب العقابي بطريقة مختلفة نسبيا ،ذلك أنه نص في
المادة 34من القانون الجنائي 164على الزام القاض ي بإصدارحكم مخفف على الجاني الذي يقوم
بإصالح أضرار الجريمة التي اقترفها وأعاد األوضاع إلى ما كانت عليه قبل اقدامه على اقتر افها.
كما أجاز ذات المشرع في المادة 411من قانون اإلجراءات الجنائية 165بإعادة النظر في الحكم
الجنائي المتضمن للعقوبة السالبة للحرية ،إذا قام الجاني بإعادة األوضاع إلى ما كانت عليه قبل
اقتراف جريمته.166
P 86 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
عالج المشرع األلماني العقوبة التعويضية من خالل نصه في المادة 1/49من القانون
الجنائي األلماني بالتنصيص على منح القاض ي االمكانية لتخفيف العقوبة الصادرة في حق
الجاني ،إلى درجة صرف النظركلية عن توقيعها وذلك في حالة كانت العقوبة المقررالحكم بها ال
تتجاوز سنة هذا من جهة ،ومن جهة ثانية إذا بذل الجاني جهد من أجل إصالح أضرار جريمته
بشكل كامل أو شبه كامل أو أبدى استعداده لذلك.167
تضمن التشريع العقابي األمريكي العقوبة التعويضية من خالل تنصيص القانون الفدرالي
في الثمانينيات على ا كتفاء القاض ي بإلزام الجاني بالتعويض أو إصالح أضرارالجريمة بخصوص
الجرائم البسيطة بدال من توقيع العقوبة السالبة للحرية مع شرط تبرير أسباب إصدار هذه
العقوبة البديلة ،وترتبط فكرة العقوبة التعويضية في القانون األمريكي العقابي الفدرالي
بالعدالة الجنائية التصالحية التي ظهرت بسبب السلبيات العديدة الناتجة عن تطبيق عقوبات
سلب الحرية ،وبفكرة جبرالضررالحاصل بسبب اقتراف فعل مجرم.168
ورد النص في مشروع القانون الجنائي على التعويض الجنائي باعتبارها عقوبة بديلة في
الفرع الرابع ضمن الباب األول مكررالمتعلق بالعقوبات البديلة.
والمالحظ أن الفرع المذكور ليس مخصصا بالكامل للتعويض الجنائي و إنما هذا األخير
معنون ب تقييد بعض الحقوق أو فرض تدابيررقابية أو عالجية أو تأهيلية ،وجاء التنصيص على
العقوبة التعويضية في إطارالبند الخامس من الفصل 35-13على الشكل التالي:
هذا المقال منشور على الموقع اإللكتروني التالي ،www.researchgate.net :تاريخ نشر المقال يناير ،2102تاريخ االطالع على
المقال 01شتنبر .2121
P 87 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
وعليه فإن الجرائم البسيطة التي ال تتجاوز العقوبة املحكوم بها من أجلها سنتين والتي
يمكن استبدالها ببدائل عقابية ،يقوم التعويض أو إصالح الضررأو األضرارالناتجة عنها كبديل
قائم الذات عن قضاء عقوبة سالبة للحرية بخصوصها.
وتكمن أهمية عقوبة إصالح الضرر أو التعويض في كونها نمط عقابي غير مكلف ويخفف
عن الدولة األعباء المالية الضخمة التي تقع على عاتقها لتنفيذ العقوبات السالبة للحرية،
تحفظ كرامة الجاني واملجني عليه بما يشبه اإلنهاء الرضائي للدعوى الجزائية تحت اإلشراف
القضائي عن طريق أداء تعويض عن األضرار الحاصلة للمجني عليه فيتحقق إرضاء نفس ي لهذا
األخيرعن طريق شعوره بإعادة االعتبار له ،وتجنيب الجاني الدخول إلى السجن مع ما يترتب عن
ذلك من مساوئ و آثار نفسية واجتماعية ،ونعتقد أن هذا النمط العقابي بمقارنته مع عنوان
الفرع "تقييد بعض الحقوق أوفرض تدابيررقابية أوعالجية أوتأهيلية" يتضح أنه ال يندرج ضمنه
ألنه ذو طابع تعويض ي ،وكان من األفضل أن يعاد النظر في العنوان ليكون شامال حتى بالنسبة
لهذا النمط التعويض ي.
وفي اعتقادنا إدراج المشرع المغربي ألنماط عقابية بديلة أخرى بالفرع الرابع تحت
عنوان "تقييد بعض الحقوق أو فرض تدابيررقابية أو عالجية أو تأهيلية " ،يدفع إلى التساؤل عن
ماذا يريد واضعي مشروع القانون الجنائي من هذا التنصيص؟ هل يريدون توسيع وعاء العقوبات
البديلة؟ فإذا كانت رغبتهم هي هذه فإن المكان األنسب إلدراج هذه األنماط العقابية هو الفصل
. 35-2دافعنا إلى هذا التحليل ،هو أن من بين هذه العقوبات البديلة التقييدية أو الرقابية أو
العالجية ،من قبيل:
هي عقوبات بديلة متكاملة في بعض التشريعات المقارنة ،لذلك كان من األجدى أن يتم
اإلعالن عن هذه األنماط في الفصل المتعلق بحصرأنماط العقوبات البديلة وأن يكون لها أيضا
تنظيم موضوعي خاص بها.
املحور الثاني :تقدير التعويض العقابي كنظام بديل للعقوبة الحبسية قصيرة -
المدة
P 88 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
أول انتقاد يوجه إلى هذه العقوبة هو أنها تتعارض مع أغراض العقوبة -
وفلسفتها ،فإذا كانت هذه األخيرة ترمي إلى منع املجرم من الوقوع في حالة العود
الجرمي عن طريق إصالحه وتأهيله ،فإن العقوبة التعويضية هدفها الرئيس ي هو جبر
الضرر الالحق بالضحية وبالتالي فهي تقترب أكثر في أغراضها من التعويض المدني،
هذا من جهة ،ومن جهة أخرى هل هذا التعويض هو كافي لجبرحق الضحية .169
هناك من ينتقد هذه العقوبة ألنها تضرب في المبدأ المعروف بشخصية -
العقوبة ،فانتزاع المبلغ املحكوم به من ذمة املحكوم عليه ينجم عنه نتائج سلبية
على القدرة المالية ألسرته وهو ما يفتح املجال لوقوعهم في مخاطرعديدة.170
هناك انتقاد آخر يتمثل في أن هذه العقوبة تكرس عدم المساواة أمام -
القانون ألنها ال تضر األغنياء بنفس الطريقة التي تصيب بها الفقراء ،كما أن متابعة
تنفيذها قد ينجر عنه الزج في السجن باملحكوم عليه بهذه العقوبة التعويضية في
حالة عدم مقدرته على األداء.171
أول جانب إيجابي لهذا النمط العقابي أنه يساهم في استتباب األمن في -
املجتمع ،فالتعويض املحكوم به يعد وسيلة مهمة لترضية الضحية فيدفعه إلى
اإلحجام عن التفكيرفي اللجوء إلى األساليب االنتقامية.172
169 - Président honoraire de la chambre criminelle de la Cour de cassation, " Rapport à
Madame La Garde des Sceaux Ministre de la Justice pour une refonte du doit des peines ",
2015, p 49.
-170أحمد عبد اللطيف الفقي" ،سلسلة حقوق ضحايا الجريمة ،الجاني والمجني عليه وحقوق ضحايا الجريمة" ،ط ،0.دار الفجر للنشر
والتوزيع ،السنة ،2113ص .22
-171كشيدة عمر وادار عبد الغاني " ،بدائل عقوبة الحبس قصيرة المدة" ،م.س ،ص .002
-172أحمد عبد اللطيف الفقي" ،سلسلة حقوق ضحايا الجريمة ،الجاني والمجني عليه وحقوق ضحايا الجريمة" ،م.س ،ص .22
P 89 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
تأثيرها اإليجابي على اقتصاد الدول ذلك أنها عقوبة غير مكلفة وتخفف -
األعباء المالية الضخمة التي تحتاجها الدول في العادة لتنفيذ العقوبات السالبة
للحرية.173
مساهمة هذه العقوبة في احترام انسانية املحكوم عليه بابقائه في -
مجتمعه وبين أفراد أسرته ،وبالتالي ال تلحقه الوصمة االجرامية مع ما يترتب عنها من
صعوبة اإلندماج في املجتمع.174
خاتمة:
االنتقادات الموجهة إلى العقوبات السالبة للحرية قصيرة المدة نتج عنها توجه التشريعات
المقارنة إلى التفكير في بدا ئل عقابية يستعاض بها عن عقوبات سلب الحرية في مواجهة اإلجرام
البسيط ،وعلى مستوى التشريعات المقارنة هناك أنماط متعددة من هذه البدائل ومنها
التعويض الجنائي الذي يتميزبكونه يحاول إعادة االعتبارللضحية بتعويضه عن أضرارالجريمة.
وقد ظهرلنا أن التنظيم القانوني في إطارمشروع القانون الجنائي لعقوبة التعويض الجنائي
هو تنظيم محتشم ال يتعدى بندا واحدا ،على خالف بعض التشريعات المقارنة التي أتت لهذا
النمط بتنظيم قانوني محكم موضوعيا وإجرائيا.
الئحة المراجع:
فالح محمد فالح" ،أحكام الدية في الشريعة اإلسالمية" ،المركز العربي
للدراسات األمنية والتدريب ،ب.ط ،الرياض السعودية ،السنة 1412هـ؛
-173كشيدة عمر وادار عبد الغاني" ،بدائل عقوبة الحبس قصيرة المدة" ،م.س ،ص .002
-174كشيدة عمر وادار عبد الغاني" ،نفسه" ،ص .002
-175محمود محمد مصطفى" ،حقوق المجني عليه في القانون المقارن" ،ط ،0.مطبعة القاهرة ،لسنة ،0222ص .22
P 90 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
أحمد عبد اللطيف الفقي" ،سلسلة حقوق ضحايا الجريمة ،الجاني واملجني
عليه وحقوق ضحايا الجريمة" ،ط ،1.دارالفجرللنشروالتوزيع ،السنة 2113؛
أيمن رمضان الزيني" ،العقوبات السالبة للحرية قصيرة المدة وبدائلها" ،ط،2.
دارالنهضة العربية ،القاهرة ،السنة 2115؛
الطيب سماتي" ،حماية حقوق ضحايا الجريمة خالل الدعوى الجزائية في
التشريع الجزائري" ،ب.ط ،مؤسسة البديع للنشروالخدمات اإلعالمية الجزائر ،السنة 2111؛
جمال مجاطي" ،بدائل العقوبات السالبة للحرية قصيرة المدة في ضوء التشريع
المغربي والمقارن دراسة تحليلية وعلمية" ،ط ،1 .مكتبة الرشاد سطات المملكة المغربية،
السنة 2115؛
محمد مصباح القاض ي" ،العقوبات البديلة في الفقه اإلسالمي" ،ب.ط ،دار
النهضة العربية القاهرة ،السنة 1996؛
محمود محمد مصطفى" ،حقوق املجني عليه في القانون المقارن" ،ط،1.
مطبعة القاهرة ،لسنة 1912؛
بشرى رضا راض ي سعد" ،بدائل العقوبات السالبة للحرية و أثرها في الحد من
الخطورة اإلجرامية" ،ط ،1.دارالنشرو ائل عمان األردن ،السنة .2113
كشيدة عمروادارعبد الغاني" ،بدائل عقوبة الحبس قصيرة المدة" ،رسالة لنيل
شهادة الماستر في القانون الخاص ،جامعة عبد الرحمان ميرة-بجاية ،كلية الحقوق والعلوم
السياسية ،س.ج 2117\2116؛
الحسين زين اإلسم" ،إشكالية العقوبة السالبة للحرية قصيرة المدة والبدائل
المقترحة" ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص من كلية الحقوق
طنجة برسم السنة الجامعية 2116/2115؛
جمال الحفيان" ،كفالة حقوق املجني عليه في الدعوى الجنائية" ،رسالة لنيل
دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية
واالجتماعية ،جامعة الحسن الثاني ،الدارالبيضاء ،س.ج 1997/1996؛
P 91 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
زياني عبد الله " ،العقوبات البديلة في القانون الجزائري دراسة مقارنة "،
أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام ،جامعة وهران ،2-كلية الحقوق والعلوم
السياسية ،س.ج2121/2119 .؛
فاتن الوزاني الشاهدي" ،بدائل العقوبات السالبة للحرية القصيرة المدة"،
أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص من كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية
بفاس ،س.ج .2115\2114
أحمد نوس ي" ،العقوبة التعويضية" ،مقال منشور في مج .الد .الق ،ع 3 .السنة
2111؛
محي الدين أمزازي" ،جدوى إيجاد بدائل للعقوبات الحبسية قصيرة المدى"،
مقال منشورفي مج.دف.اجت ،ع ،17 .يناير 1914
العلمي المشيش ي" ،بدائل التدابير السالبة للحرية" ،مقال منشور بموقع مج.
مغ.ق ، www.maroclaw.comتاريخ وضع المقال 7أبريل ،2119تاريخ االطالع على المقال 15
غشت .2119
, Dalloz, 3ème éd, 2005 ;" Pénologie "Bouloc Bernard
." Reparation and Restoration "Gitana Scifoni and Kathleen Daly,
هذا المقال منشور على الموقع اإللكتروني التالي ،www.researchgate.net :تاريخ نشر
المقال يناير ،2112تاريخ االطالع على المقال 11شتنبر.2121
P 92 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
الحيازة واالحتياز والحوز معناها واحد ،وهي مصدر من الفعل حاز ،جاء في قطر املحيط" :
حازالش يء يحوزه حوزا أو حيازة :ضمه إلى نفسه واحتازالش يء احتيازا :جمعه وضمه إلى نفسه ...
".177
الحوز مرادف ل " وضع اليد " ويطلق عليه اختصارا " اليد " ،والمقصود به هو أن الحائز
يضع يده بوجه شرعي على العقاراملحوز.
أما في االصطالح يقول ابن عرفة " :الحوز رفع تصرف المعطي في العطية بصرف التمكن
منه للمعطي أو نائبه " ،وفي شرحه يقول الرصاع التونس ي " :هو رفع يد المعطي عن التصرف في
الملك ورد ذلك إلى يد المعطى أونائبه " ،ويضيف القول " :فلوزاد مع الحد لألعم خاصية الحس ي
وهو الصرف بالفعل لصح ذلك ".178
-176عبد الرحمن بلعكيد ،الهبة في المذهب والقانون ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،طبعة ،2221ص:
.126
-177الطيب الفكى موسى ،حيازة العقار في الفقه اإلسالمي (دراسة مقارنة) ،دار الجيل ،بيروت – لبنان ،الطبعة
األولى2222 :ه2222/م ،ص.60 :
-178الطاهر كركري ،أحكام الحوز في التبرعات :دراسة في ضوء القانون المتعلق بمدونة الحقوق العينية ،منشورات
مجلة الحقوق ،مدونة الحقوق العينية وآفاق التطبيق ،مطبعة المعارف الجديدة ،الرباط ،العدد السابع ،أكتوبر ،1023
ص.326 :
P 93 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
فالحيازة بالمعنى األعم إثبات اليد على الش يء والتمكن منه ،وبالمعنى األخص عند المالكية،
فالحيازة عندهم وضع اليد ،والتصرف في الش يء املحوزواليد :حوزالش يء والمكنة من استعماله
واالنتفاع به ،وهناك من يرى أن اليد عند الفقهاء يراد بها الحيازة ،وهي من أركان حجة الملكية
الخمسة التي هي :اليد ،والنسبة ،وطول المدة ،والتصرف ،وعدم المنازع ،وعلى ذلك فإن معنى
الحيازة هي وضع اليد على الش يء واالستيالء عليه ،وتصرف الحائزمثل السكنى والزرع والغرس،
والهبة ،والبيع ،والهدم ونحوه.179
وبالرجوع إلى القانون الوضعي نجد أن المشرع المغربي لم يعرف الحيازة تاركا األمر الجتهاد
الفقه والقضاء ،حيث أنه اكتفى بإدراجها ضمن أسباب كسب الملكية وذلك في الفصل الثالث
من الباب األول من القسم األول من الكتاب الثاني المتعلق بأسباب كسب الملكية والقسمة،
وبالضبط في المواد من 239إلى 263من مدونة الحقوق العينية.
ويقصد بالحيازة عند فقهاء القانون المدني بأنها " :السلطة الو اقعية أو السيطرة الفعلية
على ش يء منقوال كان أو عقارا ،أو على حق عيني مترتب على ش يء شريطة أن ال تكون األعمال التي
يأتيها شخص على أنها مجرد رخصة من المباحات أو التي يتحملها الغيرعلى سبيل التسامح ".180
كما عرفها البعض بأنها " :وضع اإلنسان يده على ش يء ويبقى تحت تصرفه مدة من الزمن ،وهي
تكون سببا من أسباب الملكية بالنسبة لألشياء التي ال مالك لها".181
أما في التشريع المقارن نجد أن المشرع المدني األردني عرف الحيازة في المادة 1171بأنها" :
سيطرة فعلية من شخص بنفسه أو بواسطة غيره على ش يء أو حق يجوزالتعامل فيه".
-179محمود الزريقي ،أحكام وضع اليد على العقار الموقوف ،مجلة القضاء المدني ،دار اآلفاق
المغربية ،الدار البيضاء ،الجزء الثاني ،طبعة ،1022ص.26 :
-180مأمون الكزبري ،التحفيظ العقاري والحقوق العينية األصلية والتبعية في ضوء التشريع
المغربي ،العربية للطباعة والنشر ،الرباط ،الجزء الثاني ،الطبعة الثانية ،2211ص.222 :
-181محمد ابن معجوز ،الحقوق العينية في الفقه اإلسالمي والتقنين المغربي ،الطبعة األولى:
2220ه2220/م( ،دون ذكر باقي البيانات) ،ص.321 :
P 94 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
وعرفها القانون المدني المصري في المادة 1391بأنها " :وضع مادي به يسيطر الشخص
سيطرة فعلية على ش يء يجوزالتعامل فيه أو يستعمل بالفعل حقا من الحقوق".182
في حين عرفها القانون المدني السوداني في المادة 631بأنها " :سلطة فعلية يباشرها الحائز
بنفسه أو بواسطة غيره على ش يء مادي بحيث تكون في مظهرها الخارجي وفي قصد الحائزمزاولة
للملكية أو لحق عيني آخر".
وقد عرفها الفقه الروماني بأنها " :سلطة فعلية على ش يء مادي corpusيمارسها شخص قد
يكون مالكا أو غيرمالك له ".183
و أيضا عرفها القانون المدني الفرنس ي في المادة 2221بأنها " :هي إحرازش يء أو استعمال حق
(شبه الحيازة) نحرزه أو نستعمله بأنفسنا أو بواسطة شخص آخر يحرزه أو يستعمله بالنيابة
عنا".
وتجدر اإلشارة أنه يجب التمييز بين الحيازة المكسبة للملكية والحيازة بوضع اليد دون ادعاء
الملكية ،فاألولى خصها المشرع بقواعد خاصة مأخوذ جل مقتضياتها من اجتهادات الفقه
المالكي ،ويبقى نطاقها محصورا في العقارات غيراملحفظة ،وكذا العقارات التي قدم بشأنها مطلب
-182لقد لقى هذا التعريف اعتراضا من لجنة مجلس الشيوخ ألنه تعريف ينقصه ركن نية التملك،
ومفاد ذلك أن حيازة العقار وضع مادي ،وذلك بأن يسيطر شخص سيطرة فعلية على العقار باستعماله
عن طريق أعمال مادية يقوم بها صاحب الحق عادة في استعماله لحقه باستعمال العقار واستغالله
والتصرف فيه تصرف صاحب الحق.
-عدلي أمير خالد ،إكتساب الملكية العقارية بالحيازة في ضوء المستحدث من أحكام محكمة النقض
والفقه القانوني ،دار الفكر الجامعي ،اإلسكندرية – مصر( ،دون ذكر تاريخ النشر) ،ص.22 :
-محمد المنجى ،الحيازة ،منشأة المعارف ،اإلسكندرية – مصر ،طبعة ،1001 :ص.22 :
-قدري عبد الفتاح الشهاوى ،الحيازة كسبب من أسباب كسب الملكية في التشريع المصري والمقارن،
منشأة المعارف ،اإلسكندرية – مصر ،طبعة ،1003 :ص 21 :وما بعدها.
-183محمد محبوبي ،أساسيات في الحقوق العينية العقارية وفق القانون رقم 32.01المتعلق بمدونة
الحقوق العينية ،دار أبي رقراق للطباعة والنشر ،الرباط ،الطبعة األولى ،1021 :ص.23 :
P 95 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
التحفيظ ،184ويقصد بها ،وضع اليد على الش يء والتصرف فيه تصرف المالك في ملكه ،مع
حضوراملحوزعنه وعلمه وسكوته ،وعدم منازعته طوال مدة الحيازة.
أما الثانية فنقصد بها الحيازة بوضع اليد دون نية التملك ،والتي حماها المشرع المغربي
بمقتض ى الفصول من 166إلى 171من قانون المسطرة المدنية إذا ما توفرت حاالتها.
على أساس ما سبق ،ال يخلو موضوع أثرالحيازة في إثبات ملكية العقارغيراملحفظ من أهمية
نظرية وأخرى عملية ،فعلى المستوى النظري ،تعد الحيازة بمثابة وضع اليد على العقار
والتصرف فيه ،وذلك استنادا ألثرها الخارجي الذي ال يمكن معه تصورها دون وجود حيازة مادية
فعلية من طرف حائز قائم الذات ،وأنها بهذا االعتبار تصبح وسيلة من وسائل اإلثبات تفيد
المتمسك بها في إثبات حقه على الش يء الذي يحوزه ،لذلك يقتض ي منا الوقوف على التنظيم
القانوني للحيازة من خالل تحديد مفهوم الحيازة وعناصرها ،وبيان الشروط التي تقوم عليها،
ومن جهة أخرى ،تبرزاألهمية النظرية كذلك في تدعيم الحيازة ألدلة اإلثبات حيث عمل المشرع
المغربي في إطارالمادة الرابعة من مدونة الحقوق العينية على حسم الخالف المثارحول الفصل
419من ق ل ع ،بنصها على إجبارية إبرام التصرفات العقارية تحت طائلة البطالن في شكل رسمي
أو محررثابت التاريخ يتم تحريره من طرف محام مقبول للتر افع أمام محكمة النقض .
إضافة إلى ذلك حدد المشرع في إطار المادة الثالثة من مدونة الحقوق العينية الشروط
الضرورية لالعتداد بعقود التفويت الواردة على العقارات غير املحفظة حيث يجب أن تكون
مستندة على أصل التملك وحيازة المفوت له العقارحيازة متوفرة على الشروط القانونية.
أما على المستوى العملي ،فتتجلى أهمية الحيازة في كون الشارع اعتنى بها وقدرقيمتها في حياة
اإلنسان ،إذ تعد من القرائن الو اقعية إلثبات التملك ،ووسيلة من وسائل إثبات الش يء لحائزه،
-184تنص المادة 163من مدونة الحقوق العينية على أنه " :من أثبت أنه يحوز ملكا حيازة مستوفية
لشروطها وأدرج مطلبا لتحفيظه يعتبر حائزا حيازة قانونية إلى أن يثبت العكس ".
أما العقارات غير المحفظة تبقى في منأى من االكتساب عن طريق التقادم طبقا للفصل 63من
القانون رقم 22.01المتعلق بالتحفيظ العقاري الذي جاء فيه " :إن التقادم ال يكسب أي حق عيني على
العقار المحفظ ،في مواجهة المالك المقيد ،وال يسقط أي حق من الحقوق العينية المقيدة بالرسم
العقاري".
P 96 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
ومرجحة للحقوق عند التنازع في ساحة القضاء ،وقد قنن المشرع المغربي بعض أحكامها في
قوانين مختلفة دون جمعها كاملة في مدونة واحدة يسهل الرجوع إليها والعمل بأحكامها.
وتتداخل الحيازة لألرض مع استحقاق العقار ،فقد يدعي المدعي حقا على عقار ويتمسك
الخصم بالحيازة ،مما يطرح إشكالية بحث الحلول الفاصلة بين الحيازة واالستحقاق علما أن
المشرع المغربي أفرز لكل من دعاوى الحيازة واالستحقاق أحكاما قانونية مفصلة في كل من
قانون المسطرة المدنية ومدونة الحقوق العينية ،فضال على ثرات فقهي وقضائي راكمه العمل
القضائي من خالل القضايا التي عرضت على املحاكم.
فما هي إذن األحكام والضوابط المقيدة ألثر الحيازة في إثبات ملكية العقار غير املحفظ؟ وما
هو موقع الحيازة في توجيه عملية اإلثبات سواء في توزيع عبء اإلثبات وإعداد الدليل أو الترجيح
بين الحجج عند تعارضها؟.
تقتض ي معالجة هذا الموضوع تقسيمه إلى مبحثين :سيخصص (األول) للنظام القانوني
للحيازة المثبتة لملكية العقار ،بينما سيتناول (الثاني) دورالحيازة في تدعيم أدلة اإلثبات.
سنتولى بداية تعريف الحيازة مع بيان عناصرها ونتحدث عن شروطها (المطلب األول)،
باإلضافة لصفاتها (المطلب الثاني) ،كل ذلك بناء على المقتضيات القانونية وال سيما رقم
،39.11عالوة على االجتهادات القضائية واآلراء الفقهية المرتبطة بالموضوع.
لم يعرف المشرع المغربي الحيازة و إنما عمل على تبيان ذلك بصفة غيرمباشرة عندما تعرض
لعناصرها في الفقرة األولى من المادة 239من مدونة الحقوق العينية التي نصت على ما يلي" :
تقوم الحيازة االستحقاقية على السيطرة الفعلية على الملك بنية اكتسابه."...
P 97 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
وإذا كان المشرع لم يعرف الحيازة فإن الفقه 185اعتبرها سيطرة مادية لشخص ما على ش يء
يستعمله بصفته مالكا أو بصفته صاحب حق عيني على الش يء وقد تستند إلى حق أو ال تستند
إليه.
ونظرا ألهمية الحيازة باعتبارها سببا من أسباب كسب الملكية ،فإن التشريعات ما فتئت
تنظمها بمقتض ى قواعد قانونية ،كما هو الشأن بالنسبة للمشرع المغربي الذي عمل على
تنظيمها في العديد من القوانين :منها قاةن االلتزامات والقانون ،186وقانون المسطرة المدنية،187
والقانون الجنائي ،188وغيرها من القوانين إلى أن جاءت مدونة الحقوق العينية التي نظمتها
بنصوص خاصة وأكثردقة من المادة 239إلى المادة .263
العنصر المادي :وهو عبارة عن جملة من األعمال المادية التي يقوم بها الحائز ،أي ما يسمى
بوضع اليد ،كزراعة العقارمحل الحيازة أو حرثه أو غرسه أو بالسكن في منزل أو كرائه.
العنصر المعنوي :ويراد به نية الحائز في اكتساب حق عيني وبالتالي صيرورته حائزا بصفته
مالكا له.
ويشترط لصحة حيازة الحائز مجموعة من الشروط أوردتها المادة 241من مدونة الحقوق
العينية والمتمثلة فيما يلي:
-185إدريس الفاخوري ،الحقوق العينية وفق القانون رقم ،32.01مطبعة المعارف الجديدة ،الرباط،
طبعة ،1023ص.202 :
-186الفصول من 202إلى 202المتعلقة بالمسؤولية عن حيازة الشيء.
-187الفصول من 266إلى .210
-188الفصل 210الذي يجرم انتزاع عقار من حيازة الغير.
P 98 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
ويقصد بوضع اليد على الش يء املحوزتلك السيطرة الفعلية والو اقعية عليه ،فوضع اليد هو
مجرد الحوز بنية التملك ،وبذلك تخرج الحيازة العرضية من هذا اإلطار ألنها ال تثبت الملك
كالكراء والعارية وغيرها من األعمال التي تبيح الحوزمؤقتا.189
فكما يباشر اإلنسان الحيازة لنفسه ،يمكن له ذلك أيضا عن طريق الغير بالوساطة متى كان
وكيال أو ممثال له في ذلك ،إذ القاعدة أن الحائز يفترض فيه أنه حائز لنفسه إلى أن يقوم الدليل
على أنه حائزلغيره أو لشخص يأتمربأمره.190
ويجب أن يكون الحائز واضع اليد على الملك مغربي الجنسية ،ألن حيازة األجنبي عن طريق
وضع اليد على الملك ال تكون لها أية قيمة مهما طال أمد وضع اليد وذلك تماشيا مع الفقرة
الثانية من المادة 239من مدونة الحقوق العينية التي تنص صراحة على ما يلي ..." :وال تقوم
هذه الحيازة لغيرالمغاربة مهما طال أمدها".
ويعني ذلك تصرف الحائز في ملكه بكافة أنواع التصرف ،من استعمال واستغالل كالزراعة
والغراسة والكراء ،وبالتالي فممارسة الحائزلهذه التصرفات تجعل من ظهوره حتما مظهرالمالك
في ملكه لقول الشيخ خليل " :وصحة الملك بالتصرف ".
وقد أكد على هذا المقتض ى المشرع المغربي في البند الثاني من المادة 241من القانون رقم
.39.11
باالضافة للشروط السابقة ،يتعين لصحة حيازة الحائز ادعاؤه لملكية الش يء املحوز ونسبته
لنفسه ،والناس أيضا ينسبونه إليه كذلك ،كأن يقول الناس بأن هذا ملك فالن أي "الحائز" بينما
يقول هو "ملكي وحوزي".
P 99 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
أي أن ال ينازعه وال يعارضه أحد طيلة مدة الحيازة ،وبعبارة خاصة أن تكون حيازته هادئة وفي
منأى عن كل التباس ومنازعة.
وبناء على ما تقدم فقد رفض القضاء المغربي االعتداد بحيازة من انتزع أرض الغير بالعنف
والتعدي وأجازسماع دعوى االسترداد ضده.191
إن منازعة الغير للحائز تجعل حيازته للمدعى فيه حيازة غير كاملة والدعوى بشأنها غير
مسموعة.
يعني طول مدة الحيازة المشترط ضمن هذه الحالة مرورمدة واستمراروضع اليد على الش يء
والتصرف فيه.
ولقد ميزت مدونة الحقوق العينية بين حيازة األجانب وحيازة األقارب.
أ -حيازة األجانب :حيث تختلف مدة الحيازة بين ما إذا كان األجانب شركاء أم غير شركاء.
إذ ال يكفي بالنسبة لحيازة األجنبي الشريك ثبوت حيازته إال إذا كانت متسمة ببعض التصرفات
التي من شأنها ان تعمل على تغيير العين المدعى فيها تغييرا واضحا ،أي أن تكون حيازته بأقوى
أوجه التصرف كالهدم والبناء وغيرهما ،وبالتالي فحيازة االجنبي الشريك بهذه الصفة وبتو افرها
الشروط األخرى تكسبه ملكية العقار املحوز اذا حازه عشر سنين ،لقول الشيخ خليل " :كشريك
أجنبي حازفيها إن هدم وبنى ".
إن حيازة األجنبي غير الشريك لملك حيازة مستوفية لشروطها دون انقطاع ومرور مدة 11
سنوات كاملة وقام بالتصرف فيه مطلق التصرف ،فإن هذا األجنبي يكسب بحيازته هذه ملكية
العقار ،حيث تنص المادة 251من مدونة الحقوق العينية على ما يلي " :إذا حاز شخص أجنبي
-191قرار المجلس األعلى ،عدد ،1022ملف مدني بتاريخ ،2210/02/12منشور بمجلة قضاء
المجلس األعلى عدد ،22ص .11 :
P 100 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
غير شريك ملكا حيازة مستوفية لشروطها واستمرت دون انقطاع عشر سنوات كاملة والقائم
حاضرعالم ساكت بال مانع وال عذرفإنه يكتسب بحيازته ملكية العقار".
بداية تجدراإلشارة إلى أنه ال يعتد بالحيازة الو اقعة ضد األصول والفروع مهما طالت مدتها.
أما بخصوص الحيازة بين غيرهم من األقارب من أعمام وإخوة وأصهار فإنها تحدد في أربعين
سنة إذا انتفت بينهم عداوة او خصومة ،في حين تحدد مدة الحيازة دائما حسب هذه الحالة في
11سنوات عند ثبوت هذه العداوة.192
مجمل القول إن مدد الحيازة بالشكل الذي بيناه هي مدد كاملة 193تبتدئ في السريان من تاريخ
وضع الحائز يده على الملك بنية التملك ،وفي حالة توالي التفويتات من تاريخ بداية حيازة أول
مفوت ،كما أنه ال يجوز مطلقا االتفاق على تعديل مدة الحيازة سواء بالزيادة أو النقصان وكل
اتفاق على ذلك يقع باطال.194
ومضمون هذا الشرط يتخلص في عدم علم الشهود بتفويت العقارالمشهود فيه لغيره ببيع أو
هبة أو صدقة أو غيرذلك من أسباب نقل الملك للغير.
خالصة القول ،و انطالقا من كل الشروط التي تعرضنا لها فإنه يتعين لترتيب الحيازة ألثرها في
اكتساب العقار ،195أن تكون متداخلة ومستجمعة لبعضها البعض.
-192تنص المادة 122من مدونة الحقوق العينية على ما يلي " :تكون مدة الحيازة بين األقارب غير
الشركاء الذين ليس بينهم عداوة أربعين سنة ،وعشر سنوات إذا كان فيما بينهم عداوة".
-193المادة 121من مدونة الحقوق العينية.
-194المادة 122من نفس المدونة.
-195تنص المادة 160من مدونة الحقوق العينية على أنه" :يترتب على الحيازة المستوفية لشروطها
اكتساب الحائز ملكية العقار".
P 101 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
من المعلوم أن الحيازة منظمة بمقتض ى القواعد اإلجرائية ويتعلق األمر بقانون المسطرة
المدنية ،فقد نصت الفقرة األولى من الفصل 166من هذا القانون على أنه" :ال يمكن رفع دعاوى
الحيازة إال ممن كانت له شخصيا أو بواسطة الغير منذ سنة على األقل حيازة عقار أو حق عيني
عقاري حيازة هادئة علنية متصلة وغير منقطعة وغير مجردة من الموجب القانوني وخالية من
االلتباس".
من خالل هذا الفصل يتضح أن الحيازة تتصف بصفات معينة ،سنقوم بدراستها من خالل
النقط التالية:
والمقصود من العلنية هو الظهور بمظهر صاحب الحق ومباشرة التصرفات القانونية على
العقاربصفة علنية ظاهرة حتى تكون الحيازة معروفة ومعلومة.
أما إذا حصلت في الخفاء فتعتبر معيبة وال تكون صالحة للتملك بالتقادم ،وتكون الحيازة
مشوبة بعيب الخفاء إذا كانت األعمال التي يباشرها الحائز على الش يء ليس من شأنها أن تظهر
الحيازة للناس وعلى األخص من لهم مصلحة في العلم بها.
والخفاء عيب يرد به في الغالب على حيازة المنقوالت ،ألن المنقوالت يمكن إخفاؤها بسهولة
ويسر ،إال أنه من المتصورنظريا على األقل أن يعتري هذا العيب حيازة العقارات أيضا ،وإن كان
هذا األمر بالغ النذرة في العمل إن قدر له أن يكون ألن طبيعة العقارات تحول دون إخفاء وضع
اليد عليها ،والمثال التقليدي للحيازة الخفية في العقارات هوأن يحفرالجاركهفا تحت منزل جاره
ويستعمله دون أن تدل عليه عالمة خارجية ،أوأن يتعمد الجارالمرورفي األرض املجاورة في أوقات
ال يراه فيها مالكها.
أي أن تكون الحيازة قد تمت بدون عنف وال إكراه ،أي دون منازعة وال معارضة بش يء يخل
بصحة الهدوء ،فإذا حاز شخص عقارا أو منقوال بطريق اإلكراه ال يكون لحيازته أثر ،وال يمكنه
مثال االستناد لهذه الحيازة في سبيل التملك بالتقادم على أن العنف أو اإلكراه ال يعيب الحيازة
إلى ما ال نهاية ،فإذا ما زال هذا العيب واستمر الحائز بعد ذلك في حيازته بصورة هادئة أصبحت
حيازته صحيحة و أنتجت آثارها القانونية من حيث إمكانية حمايتها بدعوى منع التعرض ،أو من
P 102 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
االعتداء بها في حقل التقادم المكسب ،ثم إن عيب عدم الهدوء عيب نسبي ال يحتج به إال
المعتدى عليه الذي كان عرضة ألعمال العنف ،وعليه تقبل دعوى منع التعرض ما دامت
الحيازة هادئة بالنسبة للمدعى عليه حتى ولو لم تكن كذلك بالنسبة للغير.
أي أن يقوم الحائزبأعمال متكررة على الش يء بما يطابق نوع الحق الذي يمارسه عليه ،وبصورة
منتظمة دون أن تتوسط أعماله مدد مختلفة تنقطع خاللها الحيازة انقطاعا غيرعادي ،على أنه
يجب أن ال يؤاخذ استمرارالحيازة على معنى أن يكون الحائزدائم االتصال بالش يء فيكفي العتبار
الحيازة مستمرة أن يباشرالشخص سلطته على الش يء على الوجه الذي يتفق مع طبيعة الغرض
المعد له.
إذ ال عبرة بحيازة دون سبب ،فإذا كانت ال تستند لموجب شرعي فال تستحق أن تكون محمية
بدعاوي الحيازة.
أي مجردة عن كل التباس يشوبها أو يؤثرعلى وجودها أوعلنيتها أو على هدوئها ،وتكون الحيازة
مشوبة بعيب اللبس أو الغموض إذا حاطت بها ظروف تثير الشك في أن الحائز يباشرعلى الش يء
لحساب نفسه ،بحيث أن األعمال التي يقوم بها يمكن أن تحتمل معنيين ،فيصح أن تحمل على
أنه يريد االستئثاربالحق لنفسه ،كما يصح أن تحمل على أنه يجوزلحساب غيره.
وذلك بالنسبة لقبول دعوى استرداد العقار ،أي أن يكون العقارأو الحق موجودا في يد الحائز
وقت وقوع أعمال العنف التي أدت إلى فقدان الحيازة حسب ما نص عليه الفصل 166من قانون
المسطرة المدنية.
فإذا لم تتحقق هذه الشروط ال يمكن رفع هذه الدعوى إال أنه ال يمكن الظن بأن المتضرر
يحرم من االلتجاء إلى القضاء للدفاع عن حقه ،أو استرجاعه في سائراألحوال بل إنه من حقه أن
يقدم دعواه في إطارآخرإذا كان لها وجه شرعي يمكنه من االستفادة أمام القضاء.
P 103 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
ولقد أتى قانون المسطرة المدنية باستثناء في الفقرة الثانية من الفصل 166يعطي إمكانية
رفع دعوى استرداد الحيازة التي وقع انتزاعها بواسطة العنف واإلكراه ،لكنه قيدها بقيود وهي:
أن يكون المدعي وقت تعرضه الستعمال العنف من الغير حائزا للعقار حيازة مادية فعلية في
الوقت الذي استعمل غيره معه العنف أو اإلكراه ،وأن يتم توفرها على الهدوء وعدم النازع أو
العارض مع العلنية القانونية في مثل تلك الحيازة.
وقد يحدث أحيانا أن يدعي كل من المدعي والمدعى عليه بأنه الحائز فعال ،ويؤيد كل منهما
ادعاءه بأدلة ال يستطيع القاض ي بسببها في تلك الظروف الترجيح بينها ليعرف بالتالي لمن هي
الحيازة ،فحكم هذه الحالة هو المنصوص عليه في الفصل 171من قانون المسطرة المدنية
الذي جاء فيه" :إذا ادعى كل من المدعي والمدعى عليه أنه حائز ،وتقدم كل منهما بأدلة على تلك
الحيازة فللمحكمة أن تبقي الحيازة لهما معا في نفس الوقت أوتأمربحراسة قضائية على المتنازع
فيه أو أن تسند حراسته ألحد الطرفين مع التزامه بتقديم حساب عن ثماره إذا اقتض ى الحال
ذلك".
إن إشكالية اإلثبات في العقار غير املحفظ ال ترتبط بالضرورة بفكرة النزاع و إنما هناك
حاالت ال يكون فيها النزاع قائما لكنها تستوجب اإلثبات ،مثالها الالمع يكمن أساسا في إشكالية
إثبات و اقعة الحيازة أثناء مبادرة الحائز بتقديم مطلب لتحفيظ العقار املحوز حيازة قانونية
استنادا إلى هذه األخيرة ،ففي هذه الحالة مثال نجد أن الحائز يحوز عقاره حيازة قانونية تتوفر
فيها كافة الشروط المقررة فقها وقانونا لكن يعوزه الدليل ويفتقر إلى الوثيقة المثبتة لحيازته،
الش يء الذي تتضح معه بجالء أهمية الحجة أو الدليل الذي يستند عليه الحائز لدعم حيازته
و إثباتها بشروطها كاملة غيرمنقوصة.
فإشكالية اإلثبات تطرح نفسها بقوة في مجال ملكية العقارات غير املحفظة التي يمكن إثباتها
بطرق مختلفة ومتعددة والسيما عند تصادم الحجج وتعارضها الش يء الذي يلجأ معه القضاء
إلى استعمال قواعد الترجيح التي نص عليها المشرع في المادة الثالثة من مدونة الحقوق العينية،
وتبقى الوثائق العدلية هي الوسائل األكثر استعماال في هذا املجال ويراد بها تلك الرسوم املحررة
من طرف العدول وفقا ألحكام القانون رقم 16.13المنظم لمهنة التوثيق العدلي والمرسوم
التطبيقي له ،وكذا مختلف المناشيروالدوريات والقوانين ذات الصلة بالمهنة.
P 104 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
وعليه ،لمعالجة هذا المبحث ارتأيت تقسيمه إلى مطلبين سأتطرق في (األول) إلى وسائل
وكيفية إثبات الملكية باالستناد إلى الحيازة ،على أن أخصص (الثاني) لدراسة النموذج لوثيقة
الملكية والعمل على تحليلها وبيان أحكامها الفقهية والقانونية.
يمكن للحائز أن يثبت حيازته بمختلف الوسائل ،غير أن الوسيلة األكثر استعماال هي الوثائق
العدلية ،وهي الرسوم التي يحررها العدول وتتضمن الشهادة بأن المشهود له هو المالك للعقار
المطلوب إقامة الملكية بشأنه بالشروط المقررة فقها وقانونا.
فالوثيقة العدلية من الناحية القانونية ،هي وثيقة رسمية يمكن االحتجاج بكل ما تتضمنه
حتى في مواجهة الغير ،وبذلك فهي تشكل حجة كتابية دامغة في حسم النزاعات ،بل إنها تكون في
غالب األحيان سببا في عدم نشوب النزاع من أصله بخصوص كثير من الحقوق املحفوظة بها،
وهذا راجع إلى إجراءات إنجازها تزيد الثقة في الوثيقة العدلية ،خصوصا مع تطبيق القانون
الجديد المتعلق بخطة العدالة.196
كما يعتبر التوثيق العدلي الركيزة األساسية في المنظومة التوثيقية المغربية ،والذي يعتبر إلى
حد ما هو المالذ الوحيد الذي يطمئن إليه المواطن المغربي ،في توثيق معامالته المدنية
والشخصية ،فهو يحتل مكانة مرموقة بين محررات الموثقين واملحررات العرفية إال أنه يمتاز
عنهما معا بكون محرراته تعتبر شهادة تخضع للمعايير والمقاييس التي تنظم الشهادة كوسيلة
إثبات رسمية رئيسية وهذا هو توجه المشرع المغربي حاليا حول مبدأ رسمية العقود.197
-196القانون رقم 26.03المتعلق بخطة العدالة الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 2.06.26بتاريخ
22محرم 22( 2211فبراير ،)1006منشور بالجريدة الرسمية عدد 2200المؤرخة في فاتح صفر
1( 2211مارس ،)1006ص.226 :
-197عبد السالم البوريني ،ضمانات الوثيقة العدلية في توثيق التصرفات العقارية ،منشورات كلية
العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،مركز الدراسات القانونية المدنية والعقارية ،مراكش،
سلسلة الندوات واأليام الدراسية عدد ،13المطبعة والوراقة الوطنية ،مراكش ،الطبعة الثانية،
ص. 112:
P 105 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
وتجدر اإلشارة أن الوثيقة العدلية تمر إجباريا قبل صيرورتها وثيقة رسمية من أربع مراحل:
المرحلتين األوليين من اختصاص عدالن وهما :التلقي ثم التحرير ،والمرحلة الثالثة يختص بها
ناسخ وهي مرحلة التضمين ،ثم المرحلة الرابعة واألخيرة تدخل في اختصاص القاض ي المكلف
بالتوثيق وهي ما يعرف بالخطاب.
وعليه ،سأحاول إلقاء نظرة موجزة حول أصناف الوثائق العدلية الخاصة بالملكية (أوال) ،ثم
التطرق لمسطرة وكيفية تأسيس الملكية (ثانيا).
يمكن تصنيف الوثائق العدلية الخاصة بالملكية إلى ثالثة أنواع هي:
النوع األول :شهادة علمية يشهد فيها عدالن بناء على معرفتهما الخاصة ،وتسمى بالشهادة
األصلية ،بحيث يشهدان فيها لطالب الشهادة بملكيته لألرض موضوع الشهادة.
النوع الثاني :شهادة مختلطة يشهد فيها عدل واحد مع ستة من اللفيف وتسمى بالشهادة
المثلية مع األخذ بعين االعتبارالتنصيص في وثيقتها على أن عدلها شهد بمثل ما شهد به الشهود
الستة فيها.
ولكن يالحظ على هذه الطريقة من الناحية العملية أنها نادرة االستعمال ،وإن كانت موجودة،
فمن الوجهة النظرية ليس هناك ما يمنع من إقامة الملكية المثلية بعدل واحد مع ستة من
اللفيف لكن على مستوى الممارسة والعمل فهي نادرة.
النوع الثالث :شهادة لفيفية يضمنها عدالن شهادة اثني عشرنفرا بأن األرض المشهود بها ملك
لطالب الشهادة بالشروط المقررة فقها وقانونا.
ويجب التنبيه إلى أن الشهادة بالملكية العلمية ترجح على الشهادة بالملكية اللفيفية عند
التساوي ،فاألولى هي األقوى في الحجية من الثانية ،والملكية بهذا المقصود هي الشهادة
المستعجلة اآلن في إثبات ملكية العقارغيراملحفظ مهما بلغت قيمته.198
-198عبد العزيز توفيق ،التشريع العقاري والضمانات ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء،
الطبعة األولى ،1161 :ص.61 :
P 106 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
إن الضوابط اإلدارية الجاري بها العمل تفرض على كل من يرغب في إقامة ملكية لعقار غير
محفظ أن يحصل على شهادة إدارية من السلطة املحلية تفيد بأن العقار موضوع تأسيس
الملكية ليس ملكا جماعيا أو حبسيا وليس من أمالك الدولة وغيرها.
وتنص المادة 11من المرسوم رقم 2.11.371الصادر في 21أكتوبر 2111بتطبيق أحكام
القانون رقم 16.13المتعلق بخطة العدالة في فقرتها الثانية على أنه " :إذا تعلق األمر بعقار غير
محفظ وجب على العدل التأكد بواسطة شهادة صادرة عن السلطة املحلية من كونه ليس ملكا
جماعيا أو حبسيا وليس من أمالك الدولة وغيرها ".
إال أن التطبيق العملي لمقتضيات هذه المادة نتج عنه اختالف الرؤى وتباين المو اقف بين
اإلدارات المعنية مما أدى ببعضها إلى حرمان العديد من المواطنين من الحصول على هذه
الشهادة اإلدارية وبالتالي حرمانهم من تأسيس الوثائق والحجج لعقاراتهم وفي نهاية المطاف أدى
إلى تجميد وضعيات هذه العقارات و إبعادها من مسلسل التنمية بشكل عام.
المطلب الثاني :نموذج لوثيقة إثبات الملكية وبيان أحكامها الفقهية والقانونية
يعتبر رسم ثبوت الملكية من أهم الرسوم العدلية املحررة في إطار إثبات ملكية العقار غير
املحفظ وأكثرها شيوعا بحيث يقدم أكبر حجية و أقواها لتملك العقار في شعبة العقار غير
املحفظ وفي النزاعات العقارية المرتبطة به ،ونظرا ألهمية هذا الرسم العدلي ومكانته داخل
منظومة اإلثبات في مجال العقارات غيراملحفظة ارتأيت أوال أن أقدمه نموذجا للدرس والتحليل
للوقوف على الشروط الدقيقة التي وضعها الفقهاء األقدمون إلثبات ملكية عقارمعين لشخص
معين ،على أن أعمل بعدها على تحليله وتبسيط مضمونه.
بعد إحضار طالب الشهادة للشهادة اإلدارية والشهود ( 12شاهدا أمام العدلين ) ،وبعد
استفسار العدالن للشهود عن موضوع الشهادة ،وتأكيد هؤالء لشهادتهم المشهود عليه
والمشهود فيه وكذا قيام العدلين بالتحريات الالزمة والتأكد من هويات الشهود وأهليتهم
المتطلبة لإلدالء بشهادتهم وكذا أتميتهم يشرع العدالن في تلقي الشهادة بمذكرة الحفظ بحيث
يتم تثبيت توقيعات الشهود بهذه المذكرة.
P 107 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
وبعد االنتهاء مما سبق يكتب العدل المتلقي رسم إثبات الملكية الذي سيسلم للمعني باألمر-
طالب الشهادة -بعد استكمال اإلجراءات الالحقة على نحو من اآلتي:
الحمد لله وحده نحن العدلين فالن الفالني وفالن الفالني المنتصبين لإلشهاد
بدائرة محكمة االستئناف ب ...قسم قضاء األسرة شعبة التوثيق باملحكمة االبتدائية
ب ...تلقينا بمكتبنا الشهادة المدرجة بمذكرة الحفظ للعدل األول رقم ...عدد ...
صفحة ...في الساعة ...مساء يوم الثالثاء ...شهر ...عام ...(...ﻫ) المو افق لـ ...شهر...
سنة ...ميالدية (..../../..هـ ،فق )..../../..وبطلب من السيد فالن الفالني ولد ب ...في
..../../..جنسيته ...حالته ....مهنته ....سكناه ....بطاقته الوطنية للتعريف رقم ....
صالحة إلى غاية .../../..وبعد إدالئه لنا بالشهادة اإلدارية رقم ../...بتاريخ ..../../..من
السيد ....قائد المقاطعة الحضرية الثانية بمدينة ...تثبت أن العقارموضوع الملكية
ليس جماعيا وال حبسيا وليس من أمالك الدولة وال يكتس ي هذه الصبغة شهوده
المسطرة أسماؤهم أسفله يصرحون بمعرفة طالب الشهادة المذكور أعاله المعرفة
التامة الكافية شرعا بها ومعها يشهدون بأن (كان) له وبيده وعلى ملكه وفي حوزه
وتصرفه مال من ماله وملكا صحيحا خالصا له من جملة أمالكه جميع القطعة األرضية
المسماة ب ...الكائنة ب ...حرشاء التربة مساحتها ...تقريبا ،حدودها شماال ب ...
وجنوبا ب ...وغربا ب ...وشرقا ب ...المعروفة لديهم كذلك مثل المعرفة األولى
يتصرف فيها تصرف المالك في ملكه وذي المال الصحيح في ماله ينسبها لنفسه والناس
ينسبونها إليه هذه مدة تزيد عن عشرة أعوام سلفت عن تاريخه من غير علم منازع وال
معارض طول المدة المذكورة وال يعلمونه باعها وال وهبها وال فوتها وال فوتت عليه وال
خرجت عن ملكه بناقل شرعي إلى اآلن وحتى اآلن ( ...أو إلى أن استولى عليها فالن الفالني
P 108 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
المعروف عندهم مثل المعرفة المذكورة هذه مدة من ثالثة أشهر تقريبا) كل ذلك في
علمهم وصحة يقينهم سندهم في ذلك المعاينة للتصرف واملخالطة واملجاورة واالطالع
التام على األحوال وبمضمنه قيدت شهادتهم مسؤولة منهم لسائلها المذكور أعاله
قيمتها للتسجيل ...وحرر بتاريخه ،شهد بذلك السادة فالن (هويته الكاملة) فالن ()...
فالن ( )...و 12(..........شاهدا) عارفون قدره وهم بأتمه وعرفا بهم بما ذكرأعاله
قبل استخراج األحكام الفقهية والقانونية لهذه الوثيقة العدلية ال بد من تسجيل المالحظات
اآلتية:
-1أن هذه الوثيقة رسمية بعد تسجيلها وخطاب المكلف بالتوثيق عليها.
-3أنها مستوفية لكل شروط تمليك العقارغيراملحفظ إلى صاحبه وضمان حقه من الضياع.
-4ما دام العقار غير املحفظ في الوقت الراهن يشكل غالبية عقارات المملكة وأن التحفيظ
العقاري لم يعمم بعد ،فإن رسم إثبات الملكية العدلية يشكل الوثيقة الرسمية األساسية التي
ال يمكن االستغناء عنها إطالقا ،وستظل تؤدي دورها في هذا املجال ،وال سيما أن املحافظة
العقارية تعتبرهذه الوثيقة العدلية من المرتكزات األساسية والوثائق الالزمة لمطلب التحفيظ.
هذا من جهة ،ومن جهة ثانية نجد أن هذه الوثيقة تشتمل على مجموعة من البيانات واألركان
نجملها في اآلتي:
-1بيان الحمدلة " الحمد لله وحده " :وهو بيان اعتاد العدول على استهالل وثائقهم بهذه العبارة،
بحيث من النادرجدا العثورعلى وثيقة عدلية خالية من هذا البيان.
-2اسمي العدلين والدائرة القضائية المنتصبين لتلقي اإلشهاد بها مع تاريخ ومكان التلقي
بالساعة واليوم والشهر والعام الهجري مع بيان ما يو افقه بالميالدي بالحروف واألرقام ومراجع
P 109 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
الشهادة في مذكرة الحفظ والعدل الماسك لها طبقا للقانون رقم 16.13القاض ي بتنظيم خطة
العدالة وتلقي الشهادات وتحريرها وكذا المرسوم التطبيقي له.
-3الشهادة اإلدارية المسلمة من السلطة املحلية (قائد المقاطعة الحضرية الثانية بمدينة)
والتي تثبت أن العقار موضوع الملكية ليس ملكا جماعيا وال حبسيا وليس من أمالك الدولة وال
يكتس ي هذه الصبغة.
-4ذكر اسم طالب الشهادة في طليعة الوثيقة ،تطبيقا للمنشور الوزاري عدد ( 14.714الفصل
السابع) والمؤرخ في ،1959/11/13الصادر عن وزارة العدل في بيان كيفية تأسيس الوثيقة
وتحريرها.
-5معرفة المشهود له والمشهود باستيالئه ،معرفة عين ونسب ،معرفة المشهود فيه وموقعه
وحدوده ومساحته وقيمته من أجل التسجيل.
-6ذكرشروط صحة إثبات الملك ،وهي اليد والنسبة وطول مدة الحيازة والتصرف وعدم العلم
بالمنازع ،وعدم العلم بأن الملك خرج من يد المشهود له بأي ةجه من وجوه التفويت إلى تاريخ
الشهادة ،وهذه الشروط هي التي أشارالزقاق في الميته:
يد نـسبة طول كعشرة أشهر*** وفعل بال خصم بها الملك يجتال
وهل عدم التفويت في علمهم كما *** ل أم لصحة للحي للميت ذا اجعال
فهذين البيتين الشعريين يجسدان ما يعرف في الفقه اإلسالمي بشروط الملك الخمسة وهي:
أ -اليد :ويراد بها وضع اليد على العقار المراد إثباته ،بمعنى أن يكون طالب الشهادة حائزا
للعقارموضوع الرسم ويتصرف فيه بنية التملك بصفة شرعية.
ب -النسبة :والمقصود بها أن المالك يتواجد في العقارعلى سبيل التملك وليس بمدخل آخر،
كما يقصد بها أن تواجده فيه وتملكه له هو على مرآى ومسمع الجميع.
ت -الطول :ويقصد بها مدة الحيازة والتصرف ،وهي المدة التي يعتبرها الشرع والقانون كافية
الكتساب الملكية ،وهذه المدة تختلف باختالف قرابة األشخاص مع بعضهم أو عدم قرابتهم
بحيث تبدأ بأقل مدة وهي عشرسنوات وقد تصل إلى أربعين سنة.
P 110 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
ج -عدم المنازع :أي أن المالك ال يعارضه وال ينازعه أو يخاصمه أي شخص في الملكية طيلة
مدة الحوز ،فهي إذن حيازة هادئة ومستقرة.
ه -عدم العلم بالناقل :وذلك بأن يشهد شهود الوثيقة بعدم علمهم بنقل ملكية المشهود له،
ويجب أال تكون الشهادة في هذا الصدد بالقطع كأن يقول الشهود (لم يفوتهما ببيع أو غيره قطعا)
وإال كانت باطلة ،ومثله في البطالن إذا شهد الشهود بعدم التفويت وسكتوا دون أن يسندوا ذلك
إلى علمهم.
-7ذكر مستند علم الشهود ،وهو هنا المعاينة للتصرف واملخالطة واملجاورة واالطالع على
األحوال.
-1ذكراألتمية ومعرفة قدرما وقعت به الشهادة ،مع أسماء الشهود وهوياتهم وتوقيعاتهم.
-9شهادة العدلين على الشهود بما شهدوا به في الوثيقة بعبارة " :وبمضمنه قيدت شهادتهم ...
".
-11شهادة العدلين على القاض ي بثبوت ذلك الرسم عنده الثبوت التام.
وفي الختام يمكن القول أن الحماية التي أقرها المشرع للحيازة واألحكام التي فرض الستحقاق
عقارأو حقوق عقارية ،ال تؤتي ثمارها ،ما لم يتحلى القاض ي العقاري بما يلزم من إلمام بالقواعد
الشرعية والفقهية التي أنتج الفقه المالكي على مرالعصوروفتاويه بالنوازل ،والنصوص المدونة
في مدونة الحقوق العينية قلة القليل وهي تقنين الراجح والمشهوروما جرى به العمل في مجالس
القضاء والفتيا ،فهي فرع عن أصل ال غنى عنه ،كما يتعين على القاض ي االنخراط في التوجهات
التشريعية واالجتهادات القضائية التي راكمت محكمة النقض ،والتي تسعى إلى منح القاض ي
حركية في توجيه الخصوم والتحقيق في الدعاوى وفهم حقيقة النزاع بروية وتوخي التطبيق.
الئحة المراجع
-إدريس الفاخوري ،الحقوق العينية وفق القانون رقم ،39.11مطبعة المعارف الجديدة،
الرباط ،طبعة .2113
P 111 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
-الطيب الفكى موس ى ،حيازة العقارفي الفقه اإلسالمي (دراسة مقارنة) ،دارالجيل ،بيروت
– لبنان ،الطبعة األولى1411 :ه1991/م.
-عبد الرحمن بلعكيد ،الهبة في المذهب والقانون ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار
البيضاء ،طبعة .1997
-عبد العزيز توفيق ،التشريع العقاري والضمانات ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار
البيضاء ،الطبعة األولى.2112 :
-عدلي أمير خالد ،إكتساب الملكية العقارية بالحيازة في ضوء المستحدث من أحكام
محكمة النقض والفقه القانوني ،دار الفكر الجامعي ،اإلسكندرية – مصر( ،دون ذكر تاريخ
النشر).
-قدري عبد الفتاح الشهاوى ،الحيازة كسبب من أسباب كسب الملكية في التشريع
المصري والمقارن ،منشأة المعارف ،اإلسكندرية – مصر ،طبعة.2113 :
-مأمون الكزبري ،التحفيظ العقاري والحقوق العينية األصلية والتبعية في ضوء التشريع
المغربي ،العربية للطباعة والنشر ،الرباط ،الجزء الثاني ،الطبعة الثانية .1917
-محمد ابن معجوز ،الحقوق العينية في الفقه اإلسالمي والتقنين المغربي ،الطبعة األولى:
1411ه1991/م( ،دون ذكر باقي البيانات).
-محمد محبوبي ،أساسيات في الحقوق العينية العقارية وفق القانون رقم 39.11المتعلق
بمدونة الحقوق العينية ،دارأبي رقراق للطباعة والنشر ،الرباط ،الطبعة األولى.2112 :
P 112 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
–
وعليه ،فإن مسطرة تحقيق الرهن قد تكون من بدايتها إلى نهايتها ،أي منذ توجيه اإلنذار
العقاري إلى األطراف المعنية به إلى حين النزع اإلجباري لملكية العقار المرهون وبيعه بالمزاد
العلني ،محل عدة منازعات ،سواء من طرف المدين نفسه أو الحائز إن وجد ،أو من الدائن
المرتهن أو غيره المقيد بالرسم العقاري موضوع الحجز.
إن الغاية من مسطرة تحقيق الرهن هي اقتضاء الديون التي تخلدت بذمة المدين
الراهن ،حيث يتم تسخيركم هائل من اإلجراءات المسطرية من إنذارعقاري وحجزوتقييد وإشهار
ومزايدة وبيع وإعادة البيع وتوزيع ،...لضمان الحصول على بيع العقارالمرهون بأعلى قيمة مالية
ممكنة ،مما يجعل الدائن المرتهن مطمئنا إلى الضمان الذي يمتلكه على العقار المرهون.
وبالرغم مما تبدو عليه مسطرة تحقيق الرهن من بساطة ،إال أنها في الو اقع العملي تعترضها
تعقيدات وإشكاالت ،حيث تكون محل طعون ومنازعات عديدة.
P 113 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
وعليه ،فقد يدعي أحد األغيار ،أن العقار المراد التنفيذ عليه انصب على عقار مملوك
له ،فتتخذ هذه المنازعة صبغة موضوعية ،وهو ما يعرف بدعوى االستحقاق الفرعية ،كما قد
تثار بصدد مسطرة تحقيق الرهن الرسمي بعض العوارض التي تؤثر وتتصل بشروط صحة
مسطرة التنفيذ ،كبطالن إجراءات الحجز العقاري وشكليات اإلنذار العقاري .إذ قد يجتهد
المدين في إبداع وضع الوسائل والصعوبات الكيدية لالعتراض على التنفيذ وتأجيله لدرجة
يمكن القول بأن الدعوى تربح مرتين ،مرة أمام محاكم الموضوع وأخرى أمام الجهة المكلفة
بالتنفيذ .
ولهذا سنقوم بمقاربة هذا الموضوع وفق إشكالية محورية تتمحورحول إبرازأهم
من الثابت أنه يلزم لصحة الحجز أن ينصب على مال مملوك للمنفذ عليه ،فال يجوز
حجز أموال الغير اقتضاء للدين الثابت في ذمة المدين ،وذلك اعتبارا لمبدأ استقالل الدمم من
جهة ،ولنسبية آثار السندات التنفيذية من جهة ثانية ،أي أنها ال يمكن أن تمس بحقوق األغيار،
وهي مسألة تنبه إليها المشرع فتبنى حال وسطا من شأنه تحقيق الموازنة بين حقوق الغيروالحائز،
فأعطى لمدعي ملكية العقار إمكانية االعتراض على إجراءات الحجز التي تقع على ملكه ويطالب
بإبطالها ،والوسيلة اإلجرائية التي تمكنه من ذلك هي رفع دعوى استحقاق فرعية.
ولقد نظم المشرع هذه الدعوى في الفصلين 412و 413من ق .م .م ،إذن فما هي األحكام
المنظمة لدعوى االستحقاق الفرعية في القانون المغربي (الفقرة األولى) ،وما هي اآلثار المترتبة
عنها (الفقرة الثانية).
إن دعوى االستحقاق ترتبط بحق الملكية العقارية ،الذي هو اهم الحقوق العينية
و أقدمها على اإلطالق ،وهو ما يضفي على هذه الدعوى المتعلقة بها أهمية أكبر ،في حين نجد
غياب تحديد تشريعي لمفهومها ،مما يدفع بنا إلى استعراض التعريفات الفقهية والقضائية
المقدمة لها محاولين تحديد تعريفها (أوال) ،ثم تحديد األطراف المرتبطة بهذه الدعوى (ثانيا).
P 114 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
مادامت دعوى االستحقاق هي التي يكون محلها المطالبة بملكية الش يء عقارا كان أو
منقوال ،فهي الدعوى التي تقام لحماية الملكية ،فكل مالك يحق له أن يطالب بملكه استحقاقا
كما اعتدى عليه الغير ،وقد عرف األستاذ السنهوري دعوى االستحقاق العقارية" :هي الدعوى
التي يطالب فيها بملكية العقار ...والتي يرفعها المالك على الحائز في األحوال التي يكون فيها
تصرف الحائزفي العقارنافذا في حق المالك ،كدعوى االستحقاق التي يرفعها المالك ضد الوارث
الظاهر".200
أما المشرع المغربي فلم يعط تعريفا لدعوى االستحقاق ،فجاء في المادة 22من م .ح.
ع بأنه" :لمالك العقار أن يطلب استحقاق ملكه ممن يكون قد استولى عليه دون حق ،وله أن
يطالب من تعرض له فيه بالكف عن تعرضه ،كما له أن يطالب برفع ما قد يحصل له فيه من
تشويش" ،استعمل أحيانا مصطلح دعوى الملكية بدال من دعوى االستحقاق ،فجاء في الفصل
169من ق .م .م" :من قدم دعوى الملكية ال تقبل منه بعد ذلك دعوى الحيازة إال إذا وقع إخالل
بحيازته بعد تقديم دعوى الملكية" ،غير أن المشرع استعمل مصطلح دعوى االستحقاق في
الفصلين 412و 413من ق .م .م عند حديثه عن دعوى االستحقاق الفرعية التي تختلف عن
دعوى االستحقاق األصلح.201
199ـ المفهوم اللغوي لالستحقاق :إن االستحقاق مشتق من الحق ،فهو عند اللغويين من استحق يستحق استحقاقا على
وزن أستفعل يستفعل استفعاال ،واالستفعال لغة :طلب الفعل كاالستسقاق لطلب السقي واالستفهام لطلب الفهم
واالستحقاق لطلب الحق قال في الصحاح ما نصه" :استحقه أي استوجبه" ،وفي المصباح ما نصه" :واستحق فالن
األمر إستوجبه" ،وفي القاموس ما نصه" :واستحقه استجوبه".
ـ مفهوم االستحقاق في الفقه المالكي :إن االستحقاق مصطلح فقهي جعل عنوانا لباب من أبواب فقه المعامالت،
وقد ضبط الفقيه ابن عرفة مدلوله بقوله" :رفع ملك شيء بثبوت ملك قبله ،أو حرية كذلك بغير عوض" ،وعرفه
الحطاب بأنه" :الحكم بإخراج المدعى فيه الملكية من يد حائزه إلى يد المدعي بعد ثبوت السبب والشروط وانتقاء
الموانع".... ،
ـ عبد الرزاق السنهوري" ،الوسيط في شرح القانون المدني" ،الجزء الثامن" ،حق الملكية" ،مطبعة دار إحياء التراث 200
P 115 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
القضاء المغربي بدوره استعمل تارة عبارة دعوى االستحقاق ،كما هو الشأن في قرار
محكمة النقض ،حيث جاء فيه" :لكن إنه يتبين من الوسيلتين معا أن األمراختلط على الطاعنين
بين دعوى استراد الحيازة ودعوى االستحقاق ال من أن يناقشوا دعوى االستحقاق ،202...وجاء في
قرارآخر" :حيث إن دعوى النازلة تعد دعوى استحقاقية.203"...
وعليه ،فدعوى االستحقاق ،هي الدعوى الهادفة إلى استحقاق عقار وتخليصه من
الحجزبعد ايقاعه عليه ،والوقوف في وجه أي تفويت مبكريتم في غفلة من المالك الحقيقي له،
حماية للملكية العقارية في البالد.204
كما عرفها الفقه المصري ،بأنها المنازعة الموضوعية التي يرفعها شخص من الغير
مدعيا ملكية العقارالذي بدء في التنفيذ عليه ويطلب فيها تقريرحقه على العقاروبطالن إجراءات
التنفيذ ،أي أنها الدعوى التي يرفعها الغيربطلب ملكية العقارالمشروع في نزع ملكيته.205
والمالحظ أن هذه التعاريف تتفق جميعها ،على أن دعوى االستحقاق الفرعية تعد
منازعة في موضوع حق الملكية ،يتقدم بها شخص من الغير أثناء التنفيذ الجبري على العقار أو
عند تحقيق الضمانات العينية ،لكن تمييز هذه الدعوى عن دعوى االستحقاق األصلية يلزم
تحقيق ثالثة شروط أساسية.206
ـ قرار صادر عن محكمة النقض بتاريخ 2ماي 4221عدد 421الصادر في الملف العقاري رقم ،21/141 202
قرار منشور بمجلة قضاء المجلس األعلى ،العدد 10السنة 42دجنبر ،4224ص.433 ،
ـ قرار صادر عن محكمة النقض بتاريخ 41فبراير 4214عدد 212الصادر عن غرفة األحوال الشخصية 203
والميراث ،في الملف العقاري رقم ،21/1213قرار منشور بمجلة المحاكم المغربية العدد ،10السنة يناير ،4220
ص.22 ،
204ـ محمد السماحي" ،نظام التنفيذ المعجل لألحكام المدنية في القانون المغربي ،دراسة مقارنة" ،أطروحة لنيل دكتوراه
الدولة في القانون الخاص ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة محمد الخامس بالرباط ،السنة
الجامعية ،4223-4222ص.320 ،
205ـ مصطفى مجدي هرجة" ،التعليق على قانون الحجز اإلداري في ضوء الفقه والقضاء" ،مطبعة دار الفكر والقانون
المنصورة ،دون ذكر الطبعة ،ص.114 ،
ـ يوسف أفريل" ،الرهن الرسمي العقاري ضمانة بنكية للدائن المرتهن -دراسة معززة باالجتهاد القضائي المغربي 206
P 116 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
وتوصف هذه الدعوى بأنها فرعية ألنها متفرعة عن التنفيذ ،وهي كدعوى استحقاق
المنقول ،المنصوص عليها في الفصل 461من ق .م .م ،207سنها المشرع لمصلحة من حجزملكه،
عقاركان أو منقوال بدون رضاه ،ودون أن يكون مدينا أو ضامنا للمدين ،أو متضامنا معه في الدين
الذي وقع الحجز تأدية له ،وهو ما يميزها عن دعوى االستحقاق األصلية أو العادية ،التي يرفعها
الغير الستحقاق العقار ،قبل ممارسة إجراءات التنفيذ ،أو التي ترفع بعد إتمام تلك اإلجراءات
ويكون محلها المطالبة بملكية العقار .ذلك أن دعوى االستحقاق األصلية تعد آلية في يد صاحب
حق الملكية لحماية ملكيته ،وكل مالك يود المطالبة بملكه الذي في يد شخص آخر عليه أن
يرفعها.208
وعليه ،تتميز دعوى االستحقاق الفرعية عن دعوى الحيازة والتي نظمها المشرع
المغربي في الفصول من 166إلى 171من ق .م .م ،وتتفرع إلى ثالثة دعاوى ،دعوى استرداد
الحيازة ،209ودعوى منع التصرف ،210ودعوى وقف األعمال الجديدة.211
فلدعوى الحيازة ثالثة شروط ،وهي الحيازة الهادئة الظاهرة ،واالعتداء على هذه
الحيازة ،واحترام األجل الذي هو السنة الموالية لوقوع االعتداء على الحيازة .ويعد االثبات فيها
حرإذ يتعلق األمربإثبات وقائع مادية.
أما دعوى االستحقاق الفرعية فتختلف في عناصرها وفي إثباتها ،فال يمكن أن يلجأ إليها
غير المالك الحقيقي المتوفر على ما يثبت ملكه ،فإذا كانت دعوى الحيازة يمكن أن يرفعها
ـ ينص الفصل 112من ق ،م ،م على أنه" :إذا ادعى األغيار ملكية المنقوالت المحجوزة فإن العون المكلف 207
بالتنفيذ يوقف بعد الحجز البيع إذا كان طلب اإلخراج مرفقا بحجج كافية ويبت الرئيس في كل نزاع يقع حول ذلك."...
ـ الحسين محجوبي" ،دعوى استحقاق عقار" ،مقال منشور بمجلة الملحق القضائي ،العدد ،24شتنبر ،4223 208
ص.432 ،
ـ يقصد بدعوى استرداد الحيازة :هي الدعوى التي يمارسها أي حائز مادي لعقار أو لحق عيني عقاري ،انتزعت 209
منه الحيازة بعمل من أعمال العنف مستهدفا استعادة الحيازة التي كانت له على هذا العقار أو هذا الحق.
ـ دعوى منع التعرض :تهدف هذه الدعوى إلى حماية الحائز وذلك بمنع الغير من التعرض له في حيازته بأي 210
عمل مادي يمكن أن يتضرر منه ،كحرث األرض التي يحوزها أو عمل قانوني كقيام الغير بإخطار المستأجرة بعدم
دفع األجرة للمؤجر وضرورة دفعها له هو.
ـ دعوى وقف األعمال الجديدة :هي الدعوى التي يمارسها الحائز القانوني ضد من يقوم بعمل لو تم ألصبح 211
تعرضا لحيازته .كمن يشرع في بناء حائط مجاور لدار ،لو عال لحجب النور والهواء عن منزل الجار أو أغلق عليه
الممر الذي يمر منه إلى الطريق العام ،وبذلك فهي دعوى واقية تقي الحائز من التعرض لحيازته.
P 117 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
المالك ،كما يمكن أن يرفعها الحائزفإن دعوى االستحقاق الفرعية ،ال يمكن رفعها إال من طرف
المالك وقبل إتمام إجراءات الحجزالعقاري وإرساء المزاد.
كما تختلف دعوى االستحقاق الفرعية للعقار ،عن دعوى االستحقاق الفرعية
للمنقول ،المنصوص عليها في الفصل 461من ق .م .م ،من حيث أن هذه األخيرة توقف إجراءات
البيع بقوة القانون ،من طرف العون المكلف بالتنفيذ ،متى كانت الدعوى مرفقة بحجج كافية،
دون حاجة إلى استصدار أمر أو حكم قضائي ،212أما فيما يخص إجراءات رفع الدعوى ،فإن
المشرع المغربي لم يشترط في دعوى استحقاق المنقول ،إلزامية إدخال المحجوزعليه والدائن
في الدعوى ،كما فعل بالنسبة لدعوى استحقاق عقار ،بالرغم من أنها الوسيلة التي تجنب
اللجوء إلى الدعاوى الكيدية.
يقصد بأطراف دعوى االستحقاق الفرعية أشخاصها ،أي من يرفع الدعوى وهو المدعي
(أوال) ،ومن توجه ضده الدعوى ،أي المدعي عليه (ثانيا).
لكي يعتبر الشخص غيرا يحق له رفع هذه الدعوى ينبغي أال يكون ملتزما شخصيا بأداء
الدين كالمدين األصلي ،أو خلفه أو المتضامن معه أو كفيله ،فكل هؤالء إذا وقع الحجز على
أموالهم فال يمكنهم مواجهة إجراءاته بدعوى االستحقاق الفرعية ،ألنه ال نزاع حول ملكيتهم
لألموال المحجوزة ،بل إن اإلقرار بذلك واالعتراف لهم بهذه الملكية إلى جانب التزامهم بأداء
الدين هما سببا إيقاع الحجزعلى أموالهم.213
وعلى هذا األساس ،منح المشرع المغربي من خالل الفصلين 412و 413من ق .م .م حق
رفع دعوى االستحقاق الفرعية للغير الذي تضرر من إجراءات التنفيذ الجبري ،وفي هذا الصدد
ذهبت محكمة النقض في إحدى قراراتها إلى القول بأنه" :إذا وقع الحجز على عقارات يدعي الغير
ـ محمد النجاري" ،تأمالت في الفصل 112من ق ،م .م ،المتعلق بدعوى االستحقاق الفرعية للمنقول" ،مقال 212
الفقهية" ،مطبعة النجاح الجديدة بالدار البيضاء ،الطبعة األولى ،2002ص.422 ،
P 118 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
أنه يملكها ،أمكنه إلبطال الحجز رفع دعوى االستحقاق طبقا للفصل 412من ق .م .م ،والغير
هو الذي ال صلة له بالمحجوز عليه من قريب أو بعيد كالوارث مثال ال يعتبر غيرا في تركة الهالك
المحجوزعليها ألنه خلف فيها".214
ويعتبر غيرا كذلك الحائز للعقار الذي انتقلت إليه ملكيته وهو مثقل برهن ،فما دام أن
هذا األخيرقد قبل تملك العقارالمرهون رهنا رسميا ،فإنه يكون ملزما بأداء الدين أو التخلي عن
العقار طبقا للمادة 215من م .ح .ع ،215وال يمكن أن يحتج بكون العقارأصبح في ملكه ،ذلك أن
الدائن المرتهن يستفيد من ميزة التتبع التي تعطي لهذا األخيرحق تتبع العقارفي أي يد انتقل إليها،
وبيعه بالمزاد العلني الستخالص الدين المضمون برهن رسمي.216
كما قد تكون للشخص صفتان في إجراءات التنفيذ ،صفة الطرف المعني بهذه
اإلجراءات ،وصفة الغيرالتي تخول له ممارسة حق دعوى االستحقاق الفرعية .كما في حالة الوالي
الشرعي أو النائب القانوني أو ممثل الشخص المعنوي ،والذي يحق لهم رفع هذه الدعوى باسم
القاصرأو الشخص المعنوي إذا كان التنفيذ يباشر ضدهم بصفتهم الشخصية ،أو العكس وهو
ما ينطبق على الورثة فيما يتعلق بأموالهم الخاصة إذا كان التنفيذ يجري على أموال التركة ،وفي
هذا االتجاه جاء في قراراملجلس األعلى (سابقا) ومحكمة النقض (حاليا) ما يلي" :حيث إن الطرف
الحقيقي في الدعوى هو تركة الهالك ...وأن ورثته يعتبرون طرفا فيما تركه ،وال يعتبرون طرفا في
أمالكهم الخاصة التي قضت بها املحكمة لفائدتهم ولذلك فهم أغيار بمقتض ى الفصل 412من
ق .م .م بالنسبة ألمالكهم ،وال يعتبرون غيرا فيما يتعلق بتركة الهالك".217
ـ قرار صادر عن محكمة النقض رقم 320في الملف المدني عدد ،2/44بتاريخ ،4223/44/4منشور بمجلة 214
على بيع الملك المرهون وفق اإلجراءات المنصوص عليها في القانون ،وذلك بعد توجيه إنذار رسمي بواسطة المكلف
بالتنفيذ للمدين األصلي وللحائز ،ألداء الدين أو التخلي عن الملك المرهون داخل خمسة عشر يوما من تاريخ التوصل
به".
ـ محمد أفقير" ،إشكالية الرهن الرسمي كضمان عيني في القانون المغربي بين القانون والعمل القضائي" ،رسالة 216
لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة الحسن األول بسطات،
السنة الجامعية ،2002-2002ص.430 ،
ـ قرار صادر عن المجلس األعلى (سابقا) ومحكمة النقض (حاليا) ،عدد 3020بتاريخ ،4223/44/41في 217
الملف المدني عدد ،4412منشور بمجلة قضاء المجلس األعلى ،عدد ،21م ،س ،ص.402 ،
P 119 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
ويعتبر غيرا كذلك الحائز للعقار ،إذا كان يستند في حيازته إلى ادعاء ملكيته بيد أنه وما
دمنا بصدد العقاراملحفظ والذي يعتبرفيه إال الحيازة القانونية والمتجسدة في التقييد بالصك
العقاري فإنه ال أثرللحيازة المادية فقط.
ومن جهة أخرى فإن العقارالمرهون يخضع لميزة التتبع ،وهو ما يعطي للدائن المرتهن
حق تتبع هذا العقار في أي يد ينقل إليها ،وبيعه بالمزاد العلني الستخالص الدين المضمون
بالرهن وهو ما يجعل فرضية إقدام الحائزعلى رفع دعوى االستحقاق الفرعية قليلة نسبيا.
كما ذهب بعض الفقه إلى أن دعوى االستحقاق ال يمكن تصورها في العقارات املحفظة
ألنها خاصة بالعقارات العادية ،أو التي في طور التحفيظ ،218في حين عرف هذا االتجاه انعقادا
من طرف الفقيه محمد سالم الذي اعتبره مخالفا لما ينص عليه الفصل 91من ظهيرالتحفيظ
العقاري ،ألن الفصل المذكور ينص على أنه" :مع مراعاة أحكام الفصل 16أعاله ،يمكن أن
يشطب على كل ما ضمن بالرسم العقاري من تقييد أو بيان أو تقييد احتياطي بمقتض ى كل عقد
أو ح كم مكتسب لقوة الش يء المقض ي به يثبت انعدام أو انقضاء الحق موضوع التضمين ،في
مواجهة األشخاص الذين يعنيهم هذا الحق".
ومن هذا المنطلق يمكن تصور وجود دعوى استحقاق لعقار محفظ سواء أكانت
الدعوى أصلية أم فرعية ،وسواء أكان هذا العقار محمال برهن رسمي أم ال ،محجوزا أم غير
محجوز.219
والغيرفي دعوى االستحقاق الفرعية ،فيدعي ملكية العقارالمحجوزأو جزء منه ،أي أن
ملكية العقارقد انتقلت إليه قبل حجزه ،وبأن يكون قد قيد عقده قبل ذلك الوقت.
ـ عبد العزيز توفيق" ،شرح قانون المسطرة المدنية والتنظيم القضائي" ،الجزء الثاني ،مطبعة النجاح الجديد بالدار 218
P 120 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
بالرجوع إلى الفصل 413من ق .م .م ،نجده ينص على أنه" :يجب على طالب االستحقاق
لوقف اإلجراءات أن يقدم دعواه أمام املحكمة املختصة ويودع دون تأخير وثائقه ،ويستدعي
المحجوزعليه والدائن الحائزإلى أقرب جلسة ممكنة إلبداء اعتراضهما وإذا اعتبرت املحكمة أنه
ال موجب لوقف إجراءات الحجز العقاري كان حكمها مشموال بالتنفيذ المعجل رغم كل تعرض
أو استئناف".
ونالحظ من خالل الفصل أعاله ،أنه ال شك أن أول من سيرفع الدعوى في مواجهته هو
المدين المحجوزعليه ،وبذلك سينازع هذا األخيرفي الملكية ،وإذا كان الحجزينصب على عقارات
الكفيل العيني أو الحائز ،فإن دعوى االستحقاق الفرعية للعقار المحجوز في مواجهتهم جميعا
يبرزها الهدف الذي ترمي إليه الدعوى وكذا اآلثار المترتبة عنها .وهنا يطرح إشكال ـ حول ما هو
الجزاء القانوني المترتب عن اختصام أحد األطراف المدعى عليهم والمشارإليهم في ق .م .م؟
والرجوع كذلك إلى الفصلين 412و 413من ق .م .م ،نجد أن المشرع المغربي لم يرتب
أي جزاء قانوني على عدم اختصام أحد األطراف المدعى عليهم في دعوى االستحقاق الفرعية.
وبالتالي فإن عدم إدخال أحد ممن أوجب المشرع اختصامهم في الدعوى ،تبقى مقبولة
ولكن الحكم الصادر فيها ال تسري آثاره إال في مواجهة من تم اختصامه من الدعوى ،وذلك طبقا
لنسبية األحكام ،ومن ثم فإنه إذا تم رفع الدعوى ضد الدائن الحائزوحده دون المدين المحجوز
عليه ،فإن الدعوى يسكون مآلها عدم القبول ألن سندها القانوني هو الفصل 414من ق .م .م،
وفي هذا االتجاه جاء في حكم صادرعن املحكمة االبتدائية بمراكش ..." :إن المدعين ليسوا طرفا
في التنفيذ المطلوب الحكم ببطالن إجراءاته حتى يمكنهم تقديم دعوى هذه الدعوى ،وحيث إنه
ثبت فعال بأن التنفيذ المذكور قد مس بحقوقهم رغم أنهم لم يكونوا طرفا في الحكم موضوع
المطالبة فيما عليهم سوى سلوك المسطرة المنصوص عليها قانونا في هذا والمتعلقة بدعوى
االستحقاق الفرعية وليس المطالبة ببطالن إجراءات التنفيذ.
P 121 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
وحيث تكون الدعوى والحالة هذه في غير إطارها القانوني الذي يستوجب الحكم
برفضها".220
وبالتالي ،فإنه منطقيا يجب أن ترفع دعوى االستحقاق الفرعية في مواجهة المدين
الحائزأو التكفيل العيني إن وجد ،ألنه هو المدعى عليه في منازعته للملكية ،وكذا على من يباشر
اإلجراءات والدائن المقيد األول باعتبارهما ممثلين لباقي الحاجزين والدائنين ،وأنهما المدعى
عليهما في دعوى البطالن .وهذا ما أكدته املحكمة االبتدائية بوجدة في حكمها الذي جاء فيه..." :
وحيث إن دعوى االستحقاق الفرعية المنصوص عليها في الفصل 412من ق .م .م ،إنما ترجع
ضد الحائزوالمتدخلين في الحجزوالمحجوزعليه بحضورعون التنفيذ.
وحيث إن الجهة المدعية وجهت دعواها ضد الحاجز بحضور السيد رئيس كتابة
الضبط دون المحجوزعليها ،وحيث إنه بإقصاء المحجوزعليها في الدعوى فإن هذه األخيرة تكون
مختلة شكال ويتعين بالتالي عدم قبولها".221
ومن ثم فإن رفع المدعي دعواه فقط ضد المدين الحائزفإنها ستخرج عن نطاق دعوى
االستحقاق الفرعية ،ولكي تحقق هذه األخيرة الهدف المنشود من رفعها ،فإنه البد من رفعها
ضد جميع األشخاص المذكورين في الفصل 413من ق .م .م.222
يلزم لقبول دعوى االستحقاق الفرعية تو افر الشروط العامة لرفع الدعوى وقبولها،
والتي نص عليها المشرع في الفصل األول من ق .م .م ،223وهذه الشروط تعتبر من النظام العام
ـ حكم صادر عن المحكمة االبتدائية بمراكش ،رقم ،2333في ملف عدد 2002/4/223بتاريخ ،2002/1/22 220
العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة القاضي عياض بمراكش ،السنة الجامعية ،2042-2044ص،
.42
ـ ينص الفصل األول من ق .م .م على أنه" :ال يصح التقاضي إال ممن له الصفة ،واألهلية ،والمصلحة إلثبات 223
حقوقه.
P 122 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
ويحق ألطراف المنازعة إثارتها في أي مرحلة من مراحل االدعاء ،وفي هذا االتجاه ذهبت محكمة
النقض في أحد قراراتها ،حيث جاء فيه" :أن الصفة من النظام العام ويحق لكل من الطرفين أن
يثيرانعدامها في سائرمراحل التقاض ي وحتى أمام محكمة النقض".224
كما أضفى المشرع على هذه الدعوى صبغة خاصة ،نظرا لكونها قد قررت لحماية
أموال الغير من أن تكون عرضة للحجز ،فرغم أنها كباقي الدعاوى من حيث وجوب التقيد
بالشكليات ومسطرة إقامة الدعوى ،إال أنها تتميزبخصوصيات كثيرة ،تتمثل في الشروط الواجب
تو افرها عند رفعها ،وهي ثالثة شروط (الفقرة األولى) ،وأن ترفع الدعوى بعد البطء في التنفيذ
وقبل البيع (الفقرة الثانية) ،وأن يطلب الغيراستحقاق ملكية العقارالمحجوز(الفقرة الثالثة)،
وأن يطلب بطالن إجراءات التنفيذ.
الفقرة األولى :وجوب تقديم دعوى االستحقاق الفرعية أثناء إجراءات التنفيذ وقبل تمام
البيع.
ينص الفصل 412من ق .م .م على أنه" :إذا ادعى الغير أن الحجز انصب على عقارات
يملكها أمكنه إلبطال الحجزرفع دعوى االستحقاق.
يمكن رفع هذه الدعوى إلى حين إرساء المزايدة النهائية ،"...وهو شرط عام في كل
المنازعات المتفرعة عن التنفيذ ،وتبعا لذلك فإن أجل رفع هذه الدعوى يبدأ من الوقت الذي
يتخذ فيه أول إجراء متعلق بالتنفيذ على العقار ،أي أن مدعي االستحقاق يحق له رفع الدعوى
المذكورة بمجرد إيقاع الحجز ولو كان حجزا تحفظيا ،ويمتد إلى غاية التاريخ الذي تصير فيه
المزايدة نهائية ،225أما إذا وقعت دعوى االستحقاق خارج هذا النطاق الزماني فإنها تكون دعوى
تثير المحكمة تلقائيا انعدام الصفة أو األهلية أو المصلحة أو اإلذن بالتقاضي إذا كان ضروريا وتنذر الطرف
بتصحيح المسطرة داخل أجل تحدده.
إذا تم تصحيح المسطرة اعتبرت الدعوى كأنها أقيمت بصفة صحيحة .وإال صرحت المحكمة بعدم قبول الدعوى".
ـ قرار صادر عن محكمة النقض رقم ،121في الملف الشرعي عدد ،42041بتاريخ ،4220/42/41منشور 224
بمجلة قضاء المجلس األعلى ،عدد ،24سنة ،4224ص 22 -24 ،وما يليها.
ـ ينص الفصل 142من ق .م .م على أنه" :يمكن لكل شخص داخل عشرة أيام من تاريخ السمسرة أن يقدم 225
عرضا بالزيادة عما رسا به المزاد بشرط أن يكون العرض يفوق بمقدار السدس ثمن البيع األصلي والمصاريف.
يتعهد صاحب هذا العرض كتابة ببقائه متزايدا بثمن المزاد األول مضافة إليه الزيادة.
P 123 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
استحقاق أصلية ال فرعية ،فالبيع بالمزاد العلني ال يمنع من تقديم الطلب المذكوربصفة أصلية
ألن التفويت الجبري ال يصحح األوضاع ،كل ما هنالك هو أنها في هذه الحالة توجه ضد المفوت.
غيرأنه في بعض الحاالت تطرح بعد اإلشكاالت المسطرية انطالقا من تاريخ رفع الدعوى،
من ذلك الحالة التي يقع فيها الحجز وعدوى االستحقاق جارية ،أو يقع الحجز بعد الحكم في
دعوى االستحقاق جارية ،أو يقع الحجزبعد الحكم في دعوى االستحقاق ،وبالتالي يتعين البحث
عن عالقة دعوى االستحقاق المرفوعة في هاتين الحالتين مع مسطرة الحجز.226
ويشترط كذلك لقبول هذه الدعوى أن ترفع أثناء سريان إجراءات التنفيذ ،أي مباشرة
بعد توقيع الحجز وقبل االنتهاء من بيع الش يء المحجوز أو حسب تعبير الفصل 412من ق .م .م
إلى حين إرساء المزايدة النهائية.227
وعليه ،فإن ت حديد العالقة بين المسطرتين يوجب تفصيل خاصيات كل حالة ،فإذا
كانت دعوى استحقاق العقارات جارية وقت حجزها ،فإنه يتعين على طالب االستحقاق ،لكي
يستفيد من آثار دعوى االستحقاق الفرعية ،أن يدخل الدائن الحائز في الدعوى ويكيف تبعا
لذلك دعواه مع مقتضيات الفصل 413من ق .م .م .أما إذا كان الحكم قد صدر في موضوع
استحقاق عقار قبل حجزه ،فإن هذا الحكم ال يكفي إلبطال الحجز ،بل إن طالب االستحقاق
يلزمه تقديم دعواه على النحو الذي تمت اإلشارة إليه أعاله ،ويعتمد الحكم الصادر في موضوع
االستحقاق كحجة يؤسس عليها طلبه.
تقع السمسرة نهائية بعد انصرام أجل ثالثين يوما ،يعلن عنها وتشهر وتتم في شأنها نفس اإلجراءات المتخذة في
السمسرة األولى".
ـ يونس الزهري " ،الحجز التنفيذي على العقار في القانون المغربي ـ آثار الحجز التنفيذي العقاري ـ رفعه ،قصره 226
ـ دعوى الصعوبة الوقتية ـ دعوى اإلستحقاق الفرعية للعقار المحجوز ـ دعوى بطالن إجراءات الحجز واإلنذار العقاريين
ـ مسطرة =البيع بالمزاد العلني ،بطالن السمسرة وتوزيع حصيلة التنفيذ" ،الجزء الثاني ،المطبعة والوراقة الوطنية
بمراكش ،الطبعة األولى ،2002ص.430 ،
ـ عبد الله الكرني" ،وضعية تنفيذ األحكام المدنية في المغرب" ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، 227
كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة القاضي عياض بمراكش ،السنة الجامعية ،2001 - 2001
ص.242 ،
P 124 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
مادامت دعوى االستحقاق الفرعية تنصب على الملكية العقارية ويتعين رفعها لزوما
أثناء مسطرة التنفيذ الجبري ،فإن موضوعها يتكون من شقين متالزمين:
الشق األول وهو المطالبة باالستحقاق ،أما الشق الثاني فيتمثل في طلب بطالن
إجراءات الحجز .228فإذا اقتصر رفعها على طلب االستحقاق اعتبرت دعوى استحقاق أصلية،
أما إذا تم رفعها قبل الحجز أو بعد زواله فإنها ال تعتبر دعوى استحقاق فرعية ،ألنها افتقدت
لعنصرالفرعية الذي يكون متو افركل ما تم رفعها أثناء إجراءات الحجز.
وعليه ،فإن موضوع دعوى االستحقاق الفرعية هو حق الملكية 229بجميع عناصره من
استغالل وتصرف واستعمال ألنها دعوى ملكية ،وسواء وردت على حصة مفرزة أو شائعة .بيد أنه
يمكن أن يكون موضوعها أحد عناصرالملكية كدق االنتفاع إذا كان محل للتنفيذ.
وحتى نكون أمام دعوى استحقاق فرعية ،يجب أن ينصب الحجز التنفيذي على
العقار ،230وإال فإن مصلحة طالب الدعوى تنعدم ،وبالتالي تكون دعوى غيرمقبولة شكال.
ـ هشام أوخي" ،بيع العقار المحفظ على يد القضاء" ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة ،وحدة البحث 228
والتكوين في القانون المدني المعمق ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة محمد الخامس أكدال
الرباط ،السنة الجامعية ،2004-2001ص.13 ،
ـ تنص المادة 41من م .ح .ع رقم 32.02على أنه" :يخول حق الملكية مالك العقار دون غيره سلطة استعماله 229
المحفظ ،فاعتبر عبد العزيز توفيق أن دعوى االستحقاق الفرعية ال يمكن تصورها إال في العقارات غير المحفظة أو
العقارات التي الزالت في طور التحفيظ ،أما العقارات المحفظة فإنه ال يمكن القبول االدعاء بأن الحق عليها مالم
يكن مقيدا في رسمها العقاري ألن قاعدة التطهير تحول دون ممارسة هذه الدعوى في العقارات المحفظة.
P 125 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
فرعية ،وعليه فبزوال الحجز تزول عنها هذه الصفة كما هو الشأن إذا تم البيع أو تم الحجز ألي
سبب من األسباب.
ويستوي أن يطالب المدعي بملكية العقارككل أو بملكية جزء منه ،ولكن يشترط في هذه
الحالة األخيرة لقبول الدعوى أن يكون الحجز منصبا على العقار كله بما فيه الجزء المطلوب
استحقاقه ،أما إذا كان الحجز مستثنيا لهذا الجزء فهنا يكون له فقط طلب قسمة العقار قبل
بيعه أو المشاركة في المزايدة.
أما في حالة اشتمال دعوى االستحقاق عدة عقارات بعضها وقع الحجز عليها والبعض
اآلخر لم يشمله الحجز و انتهت إجراءات البيع بالنسبة إليه ،فإنها تكون دعوى استحقاق فرعية
بالنسبة للعقارات التي الزالت محجوزة ،ودعوى استحقاق أصلية بالنسبة للباقي.
وتجدراإلشارة إلى أن دعوى االستحقاق الفرعية هي دعوى ملكية ومن تم فإنها ترد على
عناصر الملكية مجتمعة من استعمال واستغالل وتصرف سواء وردت على حصة مفرزة أو
شائعة.231
وعليه ،فإن حق االنتفاع ال ترد عليه هاته الدعوى إال إذا كان هذا الحق هومحل التنفيذ
العقاري ،232غير أن أهم إشكالية يثيرها موضوع هاته الدعوى إمكانية تصور ورودها على عقار
محفظ ،ولإلجابة على هذا اإلشكال يجب التمييزبين حجية التحفيظ العقاري وحجية التقييد في
السجل العقاري ،ذلك أن األول ينتج عنه اعتراف مطلق بالوجود القانوني للحقوق المعبر عنها
وقت التحفيظ ،فهو بالتالي يطهر العقار من جميع الحقوق السابقة عنه وغير المدلى بها أثناء
مسطرة التحفيظ ،فضال عن ذلك فإن رسم الملك الذي أنجزه املحافظ على األمالك العقارية
على إثر قرار التحفيظ يعتبر ذا صفة نهائية يكتسب بها العقار مناعة مطلقة ضد أي طعن طبقا
للفصل 23362من ظهيرالتحفيظ العقاري ،وهذا ما نلمسه في التقييد الوارد على الرسم العقاري
231ـ أمال الخضير" ،مسطرة تحقيق الرهن الرسمي ـ أبعادها االئتمانية" ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص،
كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة محمد األول بوجدة ،السنة الجامعية ،2042-2044ص،
.41-41
ـ عبد العزيز توفيق ،م ،س ،ص.332 ، 232
ـ ينص الفصل 12من ظ .ت .ع المعدل والمغير بقانون 41.04على أنه" :إن الرسم العقاري نهائي وال يقبل 233
الطعن ،ويعتبر نقطة االنطالق الوحيدة للحقوق العينية والتحمالت العقارية المترتبة على العقار وقت تحفيظه دون ما
عداها من الحقوق غير المقيدة".
P 126 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
فيمكن إبطاله أو التشطيب عليه وفقا للفصل 23491من نفس الظهير ،وبناء عليه تبقى إمكانية
وجود شخص مقيد بالرسم العقاري دون أن يكون المالك الحقيقي تبقى واردة ،فإذا قبل الدائن
المرتهن كضمانة عقارمحفظ رغم وجود تقييد احتياطي أو شرط على ملكية الراهن لهذا العقار
يكون عليه تحمل النتائج المترتبة على استحقاق العقارمن طرف الغيرالمقيد احتياطيا أوتحقق
الشرط الفاسخ لحق ملكية المدين ،وفي مقدمة هذه النتائج إلغاء إجراءات حجزالعقارو إبطال
الرهن بدوره ألنه انصب على عقارال يملكه المدين.
إن دعوى االستحقاق الفرعية تعد منازعة موضوعية ،سواء وقعت على العقار أو
المنقول .فالمشرع المغربي من خالل الفصل 412من قانون المسطرة المدنية في فقرته
الثانية ،ينص على أنه" :يمكن رفع هذه الدعوى إلى حين إرساء المزايدة النهائية ويترتب على وقف
مسطرة التنفيذ بالنسبة إلى األموال المدعى فيها باالستحقاق إذا كانت مصحوبة بوثائق يظهر
أنها مبنية على أساس صحيح" ،يتضح من خالل هذا الفصل أن المشرع المغربي لم يفصل في
مسألة وقف التنفيذ بنفس الدقة التي عالج بها آثار دعوى االستحقاق الفرعية المنصبة على
المنقوالت ،حيث جاء في الفصل 461من ق .م .م مبينا بصفة قطعية األثر الو اقف للتنفيذ،
وهكذا فقد أثارغموض الفقرة الثانية من الفصل 412من ق .م .م انقساما على مستوى الفقه
والقضاء بالنسبة آلثار دعوى االستحقاق الفرعية على مسطرة التنفيذ ،بين االتجاه القائل
بالوقف التلقائي (الفقرة األولى) ،واالتجاه القائل بضرورة صدور حكم بإيقاف التنفيذ (الفقرة
الثانية).
يذهب أنصارهذا االتجاه 235إلى أن مجرد تقديم مقال افتتاحي لدعوى استحقاق فرعية
يترتب عنه بصورة تلقائية وفورية وقف مسطرة البيع الجبري بالنسبة للعقارات المدعى فيها
234ـ ينص الفصل 24من الظهير المشار إليه أعاله على أنه" :مع مراعاة أحكام الفصل 21أعاله ،يمكن أن يشطب
على كل ما ضمن بالرسم العقاري من تقييد أو بيان أو تقييد احتياطي بمقتضى كل عقد أو حكم مكتسب لقوة الشيء
المقضي به يثبت انعدام أو انقضاء الحق موضوع التضمين ،في مواجهة األشخاص الذين يعينهم هذا الحق".
ـ محمد خيري" ،حماية الملكية العقارية ونظام التحفيظ العقاري بالمغرب" ،مطبعة المعارف الجديدة بالرباط ،طبعة 235
،2002ص.324 ،
P 127 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
باالستحقاق من غير حاجة الستصدار حكم أو أمر قضائي بالوقف ،وعلى عون التنفيذ آنذاك
الكف والتوقف عن مواصلة إجراءات التنفيذ بمجرد اإلدالء له بنسخة من مقال الدعوى وال
سلطة له في تقييم جدية المقال أو الحجج المعتمدة وتماشيا مع هذا االتجاه جاء في أمر
استعجالي صادر عن رئيس املحكمة االبتدائية بالدار البيضاء ما يلي" :وحيث إنه اعتبارا لتقديم
دعوى رامية إلى إبطال اإلنذار العقاري و أنه تطبيقا ألحكام الفصل 414من ق .م .م الذي يحيل
على الفصل 413من ق .م .م ،فإن هذه الدعوى توقف إجراءات التنفيذ تلقائيا وأن محكمة
الموضوع هي التي ستأمر بمواصلة إجراءات التنفيذ إذا اعتبرت أنه ال مجيب لوقف الحجز
العقاري".236
وبناء عليه تسيربعض املحاكم في هذا االتجاه ،معتبرة أن األصل في الوثائق المدلى بها أن
تأتي صحيحة إلى أن يثبت العكس ،وبالتالي فال يشترط اللجوء إلى رئيس املحكمة لوقف اإلجراءات
ألنها تتوقف تلقائيا .237وإذا ما واصل عون التنفيذ إجراءات البيع بالرغم من استظهار الغير له
بنسخة من مقال الدعوى ،فإنه يحق لطالب االستحقاق .والحالة هذه اللجوء إلى قاض ي
المستعجالت في إطاراختصاصه العام ليأمربوقف التنفيذ.
واختلف أنصار هذا االتجاه في الطريقة التي ستواصل بها إجراءات التنفيذ المتوقفة
بقوة القانون ،بناء على تقديم دعوى االستحقاق الفرعية ،فذهب عبد الله الشرقاوي إلى أن
الطرف المتضررمن وقف إجراءات التنفيذ يمكنه أن يلجأ إلى قاض ي المستعجالت ليعرض عليه
ـ أمر استعجالي رقم 143/1112صادر بتاريخ 4221/40/41في الملف االستعجالي عدد ،21/1022منشور 236
طبقا للفصل 122من ق .م .م المتمسك به من قبل المستأنف فإنه يترتب على رفع دعوى االستحقاق وقف التنفيذ
في أي مرحلة كان عليها منذ بداية الحجز إلى رسو المزايدة النهائية وتوقف التنفيذ هنا يتم بدون اللجوء إلى رئيس
المحكمة كما هو الشأن في دعوى استحقاق المنقول .وعليه فإن لجوء السيدة المدعية إلى رئيس المحكمة التجارية
لطلب إيقاف إجراءات بيع منفعة العقارين موضوع النزاع وتقديمها طلبا بذلك غير مقبول منها مسطريا وهو ما يستتبع
إلغاء األمر المستأنف الذي قضى بإيقاف إجراءات البيع ألن ذلك يتم بدون دعوى ويتعين الحكم من جديد بعدم قبول
الطلب".
ـ قرار عدد 114صادر بتاريخ 2003/01/24في الملف عدد ( ،2002/2/4341قرار غير منشور).
P 128 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
االمر في شكل صعوبة في التنفيذ ،ويطلب منه معاينة الوثائق وتقدير جديتها أو عدم جديتها
والقول بناء على ذلك بوجوب االستمرارفي التنفيذ أو بإيقافه.238
بينما اعتبر آخرون أنه إذا كان تقديم دعوى االستحقاق يرتب عنه الوقف التلقائي
إلجراءات التنفيذ ،فإن املحكمة المعروضة أمامها دعوى االستحقاق تتولى بصفة تلقائية تقييم
الدعوى والحجج المدلى بها ،وتصدرحكما أوليا بمواصلة التنفيذ إن رأت بأنه ال موجب إليقافه.
الفقرة الثانية :االتجاه القائل بضرورة صدورحكم بإيقاف التنفيذ بناء على طلب.
ذهب اتجاه ثاني إلى القول إن مجرد تقديم دعوى رامية إلى استحقاق عقار محجوز ال
يرتب وقف إجراءات التنفيذ بقوة القانون ،بل البد لطالب االستحقاق من تقديم طلب إلى
املحكمة بذلك ،لتقرر ما إذا كان لوقف التنفيذ موجب أوال ،فتقديم الطلب في نظر أنصار هذا
االتجاه تبرره الصيغة التي اعتمدها المشرع في الفصلين 412و 413من ق .م .م ،وأن الفصل
412من القانون المذكوريقض ي بأن دعوى االستحقاق يترتب عليها وقف مسطرة التنفيذ ،ولكن
ليس تلقائيا و إنما بشرط ،وذلك عندما أورد أداة الشرط "إذا" ،أي إذا كانت مصحوبة بوثائق
يظهر أنها مبنية على أساس صحيح ،وأن الجهة الموكول إليها تقدير هذه الوثائق هي الجهة
المنصوص عليها في الفصل 413من ق .م .م ،وتبعا لهذا الفصل ،فإنه يجب على طالب
االستحقاق لوقف إجراءاته أن يقدم دعوى بذلك ،أي دعوى وقف اإلجراءات ،وهي دعوى موازية
لدعوى االستحقاق أمام املحكمة املختصة .ويودع دون تأخير وثائقه ،ويستدعي المحجوز عليه
والدائن والحائز إلى أقرب جلسة ممكنة إلبداء اعتراضه ،وإذا اعتبرت املحكمة أال موجب لوقف
إجراءات الحجزالعقاري كان حكمها مشموال بالنفاذ المعجل.239
أكد هذا االتجاه الفقيه محمد ناجي ،240بأن إيقاف إجراءات الحجزالعقارال تتم تلقائيا
بمجرد إقامة دعوى االستحقاق الفرعية من طرف الغير الذي يدعي أن الحجز انصب على عقار
في ملكيته وليس في ملكية المنفذ عليه ،بل البد من صدور قرار بذلك بعد تفحص لظاهر الحجج
ـ عبد الله الشرقاوي" ،صعوبة التنفيذ المعجل" ،مقال منشور بمجلة القضاء والقانون ،العدد ،432ص.22 ، 238
ـ يونس الزهري" ،الحجز التنفيذي على العقار في القانون العقاري المغربي" ،الجزء الثاني ،م ،س ،ص-434 ، 239
.432
ـ محمد ناجي شعيب" ،إيقاف التنفيذ على دعوى االستحقاق الفرعية قراءة متأنية للفصلين 122و 123من ق. 240
م .م" ،مقال منشور بمجلة المناظرة عدد 1يوليوز ،2004ص.40 ،
P 129 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
المعتمدة ،ويستندون في ذلك إلى الفصل 412من ق .م .م الذي ترهن وقف التنفيذ بكون
الدعوى مصحوبة بوثائق يظهر أنها مبنية على أساس صحيح ،وكذلك الفصل 413من ق .م .م
والذي أوجب بمقتضاه المشرع على الغيرالذي أقام دعوى االستحقاق الفرعية أن يقدم دعوى
مستقلة اللتماس الحكم بإيقاف إجراءات الحجزالعقاري.
وترى األستاذة سناء الترابي ،241بأن هذا الرأي هو الجديربالتأييد لوجاهة األسانيد التي
اعتمدها وألنه يوفر حماية لحقوق الدائن المرتهن ،ذلك أن إيقاف إجراءات التنفيذ على العقار
لن يتم الحكم به إال بعد تفحص الحجج المعتمدة وتقييم جدية الصعوبات المثارة ومن شأن
هذا التحقيق ،تفادي الطعون الكيدية التي قد يكون سببها المدين الذي يتواطؤ مع الغير ألجل
المماطلة وربح الوقت.
وعليه ،ينعقد االختصاص بإصدارقرارإيقاف إجراءات البيع لقضاء الموضوع وإلى ذات
الجهة المعروضة عليها دعوى االستحقاق الفرعية ،وذلك استنادا لما جاء في الفصل 413من
ق .م .م حيث ورد فيه على أنه" :يجب على طالب االستحقاق ...أن يقدم دعواه أمام املحكمة
املختصة "...واصطالح املحكمة املختصة يعني قضاء الموضوع ،ذلك أن إعطاء االختصاص
لرئيس املحكمة سواء بصفته قاضيا للمستعجالت ،أو بصفته قاضيا للتنفيذ أو في إطار
اختصاصه الوالئي ال تستسيغه مقتضيات الفصل 413من ق .م .م .االمرالذي أكدت عليه بعض
االجتهادات القضائية ،كاألمر االستعجالي الصادر عن رئيس املحكمة االبتدائية بالدار البيضاء،
والذي جاء فيه ما يلي" :حيث أن قاض ي المستعجالت طبقا للفصول 412و 413و 414من ق .م.
م ،فإنه ال يختص بإيقاف تنفيذ إجراءات الحجزالعقاري ،بل إن محكمة الموضوع هي املختصة،
ذلك أن الفصل 413ينص على أنه يجب على طالب االستحقاق أو طالب بطالن إجراءات الحجز
العقاري لوقف اإلجراءات أن يقوم بدعواه أمام املحكمة املختصة".
كما أكد الفقيه أحمد النويض ي ،242حيث يرى بأن المشرع لم يرتب على مجرد رفع دعوى
االستحقاق إيقاف إجراءات الحجز العقاري بصفة آلية ،و إنما أوجب على الغير الذي أقام هذه
241ـ سناء ترابي" ،حماية الدائن المرتهن في الرهن الرسمي العقاري" ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص ،كلية
العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة محمد األول بوجدة ،السنة الجامعية ،2002-2002ص.324 ،
242ـ أحمد النويضي" ،القضاء المغربي وإشكاالت التنفيذ الجبري لألحكام" ،مطبعة وراقة الكتاب بفاس ،طبعة ،4221
ص.412-414 ،
P 130 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
الدعوى أن يقدم دعوى مستقلة أمام نفس املحكمة التي تنظر في دعوى االستحقاق اللتماس
الحكم بإيقاف إجراءات الحجز العقاري ،وحجته في ذلك أن وقف مسطرة التنفيذ معلق على
تقدير املحكمة للقوة الثبوتية للوثائق المدلى بها من طرف طالب االستحقاق ،كما يتجلى ذلك
من خالل مقتضيات الفقرة الثانية من الفصل 412من ق .م .م.
ويستخلص من كل ما سبق أن الغير المحجوز عليه ،سواء كان الحجز على منقوالته أو
عقاراته ،يشكل بامتيازأهم حاالت المساس بالذمة المالية للغيرفي التنفيذ الجبري.243
يالحظ أنه من خالل المقتضيات القانونية المشارإليها أعاله ،أن دعوى بطالن إجراءات
الحجز ال تختلف عن دعوى االستحقاق الفرعية ،244إال من حيث موضوعها أو أطر افها ووقت
رفعها.
وعليه ،إذا كانت غاية المشرع من وراء إمكانية الطعن في إجراءات التنفيذ العقاري هي
تحقيق توازن بين عدة مصالح متضاربة وحماية حقوق متعارضة لمصالح كل من الدائن والمدين
والكفيل والحائزواألغيار ،فيحق لكل واحد منهم أن يقيم دعوى بطالن أي إجراء يمس بحقوقه،
فإن هذه الطعون تبقى من الصعوبات التي تحول دون استيفاء الدائن المرتهن لحقوقه في أسرع
اآلجال إذ من شأنها أن تدخله في متاهات مسطرية أخرة ،وتمدد من طول مدة تحصيل حقوقه.
وما يلفت االنتباه بشأن دعوى بطالن إجراءات التنفيذ ،أن المشرع أحال بشأن مسطرة هذه
الدعوى على االستحقاق الفرعية للمحجوز ،مع خصوصية من حيث موضوعها ،تتمثل في أن
ـ حسن زرداني" ،صعوبة التنفيذ الوقتية في القانون المغربي والمقارن" ،أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق ،كلية 243
العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة الحسن الثاني عين الشق بالدار البيضاء ،السنة الجامعية -2001
،2001ص.242 ،
ـ إن دعوى بطالن إجراءات الحجز العقاري ،تخضع لنفس األحكام المطبقة بخصوص مسطرة رفع دعوى 244
االستحقاق الفرعية ،بحيث يجب تقديم الدعوى بمقال مكتوب ،وهو ما يفيد أن المشرع لم يسمح بتقديمها بتصريح
لكتابة الضبط ،كما ينص على ذلك الفصل 34من ق .م .م ،وتشترك الدعويان في األثر المترتب على رفعها،
وخاصة منه ما يتعلق بأثرها في وقف إجراءات التنفيذ ،وهو ما يحيلنا على ما سبق أن عرضناه من اتجاهات فقهية
وقضائية.
وزيادة على ذلك ،فإن التشابه بين الدعويين يبقى قائما حتى بالنسبة لقواعد االختصاص ،فاألمر يتعلق بدعوى
عينية عقارية ،ومن تم فإن المحكمة المختصة مكانيا للبحث فيها هي محكمة موطن العقار طبقا للفصل 22من ق.
م .م ،أما فيما يخص االختصاص النوعي فإنه ينعقد للمحكمة المباشرة إلجراءات الحجز للتشابه بين الدعويين.
P 131 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
دعوى بطالن إجراءات الحجز ،إنما تهدف إلى إعدام اإلجراء الذي تم خرقه وإعادة اإلجراءات متى
أسس البطالن على خرق قاعدة موضوعية من بين قواعد الحجز ،على نحو تجعل الدائن يفقد
سلطة التنفيذ على المنفذ عليه أو على العقارالمحجوز(المطلب األول) ،علما أن هذه الدعوى
تتميز ببعض الخصوصيات المسطرية إذا خرق أحدهم القواعد المتعلقة بمسطرة اإلنذار
العقاري (المطلب الثاني).
لقد فسح المشرع المغربي املجال واسعا لكل من تضرر من مسطرة التنفيذ إلقامة
دعوى بطالن إجراءات الحجزالعقاري ،وذلك من خالل الفصل 414من ق .م .م الذي ينص على
أنه" :يجب أن يقدم كل طعن بالبطالن في إجراءات الحجزالعقاري بمقال مكتوب قبل السمسرة
وتتبع في هذا الطعن نفس المسطرة المشار إليها في الفصل السابق المتعلقة بدعوى
االستحقاق ،ويحكم على المدعي الذي حسردعواه في هذه الحالة أو تلك بالمصاريف المتسببة
عن مواصلة اإلجراءات دون مساس بالتعويض" ،إذا من هم أطراف دعوى البطالن ؟(الفقرة
االولى) ،وما هي األسباب التي تؤسس عليها هذه الدعوى؟ (الفقرة الثانية) ،واإلجراءات المسطرية
إلقامتها (الفقرة الثالثة) ،وما هو أثرذلك على التنفيذ (الفقرة الرابعة)؟
يأتي كل من المدين وكفيله العيني والدائن المرتهن في مقدمة األشخاص الذين يملكون
الحق في وضع هذه الدعوى ،إضافة إلى حائزالعقاروكل من له حق عيني على العقار ،وكذا األغيار
إذا كانت لهم مصلحة في ذلك ،كالشخص الراغب في المشاركة بالمزاد العلني إذا منع من ذلك
بدون سبب مشروع أو إذا لم يتمكن من المشاركة بسبب خطأ مادي في نشراإلعالنات.
مالك العقار المحجوز ،سواء كان مدينا أصليا أو كفيال عينيا هو من تباشر مسطرة
التحقيق ضده ،وبالتالي فهو األكثرتضررا من اإلجهادات الشكلية التي قد تشوب المسطرة.245
ـ لبنى بلعطاوي" ،مسطرة تحقيق الرهن الرسمي" ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص ،كلية العلوم 245
القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة القاضي عياض بمراكش ،السنة الجامعية ،2008-2004ص.11 ،
P 132 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
وإذا كان المدين أوكفيله العيني هوالمدعي ،فإن المدعي عليه يجب أن يكون هوالدائن
المرتهن ،ألنه هومن يباشرإجراءات التحقيق بدءا من المطالبة الودية ووصوال إلى النزع اإلجباري
لملكية العقارالمرهون.
أما العون المكلف بالتبليغ فال يمكن مقاضاته ألنه يباشراإلجراءات المذكورة نيابة عن
الطرف الدائن.246
الدائن المرتهن هو من يباشر إجراءات تحقيق الرهن من أجل المطالبة بدينه ،وبالتالي
يكون من مصلحته أن تتم اإلجراءات وفق الشكليات املحددة قانونا وذلك حتى ال يقدم المدين
على وقف المسطرة بسبب اإلخالل بأحد هذه اإلجراءات ،إال أن هدف الدائن المرتهن من
الدعوى هو إصالح عيب يضرمصالحه ،كعدم تضمين جميع مشتمالت العقارالمرهون ،أو عدم
تبليغ الحجزإلى مكتري العقارالمحجوز ،كما أن هدف دعواه قد يكون هو إبطال التصرفات التي
أقامها المدين على العقارموضوع مسطرة التنفيذ بشكل يضرمصالحه.
يحق لحائز العقار المرهون أو صاحب أي حق عيني على العقار إقامة دعوى البطالن
باعتباره مدعى ،كلما مست اإلجراءات التنفيذية ،بحقوقه وفي هذه الحالة فإن الدعوى توجه
ضد الدائن المرتهن أو المدين الراهن أو هما معا.
وعليه ،فحائز العقار يمكن أن يتعرض على بيع العقار الذي بحوزته ،وذلك إذا كان
للمدين المحجوزعليه عقارات أخرى ضامنة لنفس الدين ،أو عند قيام الحائزبالوفاء ومع ذلك
استمر الدائن في اإلجراءات الرامية إلى نزع ملكية المرهون بشكل إجباري إذ منح له المشرع هنا
حق المطالبة ببطالن هذه اإلجراءات .كما أنه يحق ألصحاب الحقوق العينية على العقار
المرهون المطالبة ببطالن محضر الحجز الذي لم يشر إلى الحقوق التي يكتسبونها على العقار
المحجوز.
ـ الطيب برادة" ،التنفيذ الجبري في التشريع المغربي بين النظرية والتطبيق" ،مطبعة نشر المعهد الوطني للدراسات 246
P 133 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
ينص الفصل 414من ق .م .م على أنه" :يجب أن يقدم كل طعن بالبطالن في إجراءات
الحجزالعقاري بمقال مكتوب قبل السمسرة وتتبع في هذا الطعن نفس المسطرة المشارإليها في
الفصل السابق المتعلقة بدعوى االستحقاق".
وعليه ،يتبين لنا من خالل هذا الفصل ،أن دعوى بطالن إجراءات الحجز العقاري
تخضع لنفس األحكام المطبقة بخصوص مسطرة رفع دعوى االستحقاق الفرعية ،بحيث يجب
تقديم الدعوى بمقال مكتوب موقع من الطرف أو وكيله ،أو بتصريح لكاتب الضبط ،كما ينص
على ذلك الفصل 31من ق .م .م ،فصحيح أن الو اقع العملي يفيد أن هذه الطريقة أصبحت
مهجورة ،ولكن مع ذلك فاإلشارة إليه تبقى مفيدة ،ألن النصوص القانونية ال تسقط بعدم
االستعمال.
وعلى هذا األساس ،يمكن لكل من الدائن والمدين والكفيل العيني والحائزوالغيرإقامة
دعوى أمام قضاء الموضوع ،قصد المطالبة ببطالن إجراءات الحجز ،رفعا للضرر الذي قد
يلحقه بفعل اإلخالالت الشكلية والموضوعية التي اعتبرت إجراءات التنفيذ على العقارالمرهون.
والمالحظ ،أن مالك العقار المحجوز عليه سواء أكان مدينا أصليا أم كفيال عينيا ،هو
الذي يسارع إلى ممارسة دعوى بطالن إجراءات الحجز لرفع األضرار التي تلحق به من جراء خرق
المقتضيات القانونية المنظم ة لمسطرة التنفيذ على العقار سواء تلك المنصوص عليها في ق.
م .م ،أم مدونة الحقوق العينية ،247بل حتى في ظهير 2يونيو 1915بشأن التشريع المطبق على
العقارات املحفظة (الملغى) .وعلى العموم ،فإن القواعد القانونية التي أقرها المشرع بشأن
مسطرة الحجز العقاري تتضمن مجموعة من الضوابط التي ينتج عن عدم احترامها حصول
عدة إخالالت شكلية وموضوعية.
ـ تنص المادة 242من م .ح .ع على أنه" :إذا وقع التراخي في مواصلة إجراءات التي تتلو الحجز ،أمكن 247
للمحجوز عليه أن يتقدم بمقال إلى رئيس المحكمة المختصة بوصفه قاضيا للمستعجالت للمطالبة برفع اليد على
الحجز.
تبلغ نسخة من هذا المقال إلى الحائز وفق القواعد المنصوص عليها في ق .م .م.
يكون األمر الصادر برفع اليد عن الحجز نهائيا ونافذا على الفور".
P 134 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
ومن بين هذه اإلخالالت الشكلية عدم التقيد بأحكام الفصل 469من ق .م .م مثل قيام
الدائن بمتابعة إجراءات التنفيذ قبل تبليغ المدين المحجوزعليه شخصيا أو في موطنه أو محل
إقامته تحول الحجزالتحفظي إلى حجزتنفيذي .كما أكد الفصل 471من ق .م .م ،أنه حال عدم
وجود حجز سابق ،يلزم ضرورة تبليغ محضر الحجز التنفيذي للمدين المنفذ عليه ،خاصة
عندما يقع الحجزفي غيبته ،حيث يكون التبليغ للمدين شخصيا أو في موطنه أو محل إقامته.248
كما نصت الفقرة الثالثة من الفصل 469من ق .م .م املحال عليها بمقتض ى الفصل
471من نفس القانون ،على أن تعذرالتبليغ للمحجوزعليه لعدم العثورعليه أو على أي شخص
في موطنه أو محل إقامته ،يتوجب توجيه رسالة مضمونة مع اإلشعار بالتوصل ،فإذا رفض من
له الحق تسلم طي التبليغ ،فإنه يعد مبلغا بصفة قانونية ابتداء من اليوم العاشرالموالي لتاريخ
الرفض .أما عندما يكون غيرمعروف بالعنوان ،فإنه يلزم تعيين قيم في حقه يكون دوره هو القيام
بكافة األبحاث ،حتى يتمكن من العثورعلى المدين ويتم إنذاره بالوفاء بالدين المترتب في ذمته.249
وإذا كان االنضباط والتقيد بأحكام الفصل 39من ق .م .م ،250من األمور الواجب
احترامها أثناء سير إجراءات الحجز ،فإن يخلق صعوبات كثيرة لكل من الدائن المرتهن أوال ،ثم
بالمشترك في المزايدة ،وذلك إذا استجابت املحكمة لطلب إجراءات الحجز.
وعليه ،يمكن كذلك للمدين أن يطعن في مسطرة الحجزعلى أساس عدم القيام باإلشهار
القانوني وعدم تضمين اإلنذارالبيانات الواجبة قانونا ،كما له أنه يدفع بأن الراس ي عليه المزاد
من األشخاص الممنوعين من المشاركة في السمسرة ،وللكفيل حق إثارة االختالالت التي يحق
للمدين الدفع بها ،ألن القاسم المشترك الذي بينهما هو العقار المحجوز ،وأن إجراءات الحجز
ـ يوسف أفريل" ،الرهن الرسمي العقاري ـ ضمانة بنكية للدائن المرتهن" ،م ،س ،ص.241 ، 248
ـ جاء في قرار صادر عن محكمة االستئناف بمراكش مال يلي ..." :إن األحكام الصادرة في نطاق الدعوى 249
المدنية التابعة تكون خاضعة من حيث التبليغ والتنفيذ لقواعد المسطرة المدنية.
وحيث إنه قبل إجراءات التنفيذ يتعين اوال تبليغ الحكم المحكوم عليه طبقا للفصل 133من ق .م .م ،وحيث بناء
عليه تكون المحكمة قد جانبت الصواب لما اعتبرت أن الحكم أصبح قابال للتنفيذ بمجرد عدم قابليته للطعون العادية
طبقا للفصل 111من ق .م .م .لذا وجب إلغاء الحكم المستأنف ببطالن إجراءات التنفيذ الواقعة في الملف التنفيذي
عدد 22/122بتاريخ ."4222/40/24
ـ قرار عدد ،2244صادر بتاريخ ،2000/01/22في الملف عدد ،22/1011أشار إليه يوسف أفريل ،نفس
المرجع ،ص.241 ،
ـ ينظر الفصل 32من ق .م .م. 250
P 135 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
التنفيذي موجهة ضده أيضا .251كما أن الكفيل ال يلزم بالوفاء بالدين ،إال من ثمن العقار ،وليس
من أمواله األخرى.252
يظل المنفذ عليه من أكثر األشخاص الذين يتضررون من وجود اختالالت شكلية في
إجراءات البيع ،لكن هذا ال يعني أن الدائن الحائز محروم من التماس الطعن ببطالن إجراءات
الحجزبعلة عدم كفاية وسائل اإلشهار ،حيث يشهرالبيع في غيراألماكن المنصوص عليها قانونا،
مما نتج عنه عدم تقديم أية عروض تناسب القيمة الحقيقية للعقار ،أو تضمن محضر الحجز
تحمالت وتكاليف غيرموجودة أو لم يتضمن جميع مشتمالت العقار.
أما فيما يخص اإلخالالت الموضوعية ،فقد تنصب على أجل الحق وثبوت الدين كما
سبقت اإلشارة إلى ذلك ،إذ يحق للمدين أن يتمسك بانقضاء الدين بالوفاء أو بطالن عقد الرهن
أو عدم تحقق الشرط المعلق عليه التنفيذ أو ينازع في قيام عالقة المديونية أو في مقدارها،
وبذلك تكون هذه اإلخالالت الموضوعية منصرفة أساسا إلى المنازعة في أصل الدين حيث ترمي
إلى إلغاء اإلجراءات السابقة بصفة كلية أوجزئية بخالف اإلخالالت الشكلية التي يترتب عنها إعادة
اإلجراء الباطل فقط واإلبقاء على اإلجراءات الصحيحة.253
ـ جاء في قرار صادر عن محكمة االستئناف التجارية بالدار البيضاء ما يلي" :حيث إن المدعي باعتباره كفيال 251
يبقى للدائن الحق في الرجوع عليه في حالة تماطله في تنفيذ التزامه وأنه بحلول أجل الدين يحق للدائن مطالبة الكفيل
طالما أن ورثة المدعي لم يبادروا باألداء."...
ـ قرار ،2001/2202ملف عدد ،2001/4120صدار بتاريخ ( ،2001/44/2قرار غير منشور).
ـ جاء في حكم صادر عن المحكمة التجارية بالرباط ما يلي" :إن الكفيل العيني ال يلزم بالوفاء إال من ثمن العقار 252
إذا كان مرهونا وليس من أمواله األخرى ،فالضمان العيني حسب العقد مقصور على العين المرهونة ويعتبر ضمانة
بالكفالة العينية التي قدمها".
ـ حكم رقم ،4144صادر بتاريخ ،2000/01/21ملف تجاري عدد ،2000/4122/4منشور بمجلة البحوث،
عدد 2سنة ،2003ص.10 ،
ـ أمال الخضير ،م ،س ،ص.21 ، 253
P 136 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
إجراءات الحجز العقاري إلى ربح الوقت للحيلولة دون بيع العقار بالمزاد العلني ،وهو ما يؤدي
بمسطرة تحقيق الرهن الرسمي إلى مسيرة سنوات من التقاض ي.254
رغم التعدد الحاصل بشأن أسباب دعوى الطعن في الحجز العقاري تبقى المسطرة
المتبعة واحدة ،حيث يلزم أن تقدم في شكل مقال مكتوب قبل إجراء عملية السمسرة ،عمال
بمقتضيات الفصل 255414من ق .م .م ،وتتبع في هذه الدعوى المسطرة التي نص عليها المشرع
المغربي من خالل الفصل 413من نفس القانون ،ذلك أنه يجب على المدعي تعزيز مقاله
بالوثائق المؤيدة الدعاءاته ،مع توضيح األسباب التي اعتمدها للقول ببطالن إجراءات الحجز
العقاري ،وللمحكمة أن تفصل في القضية موضوعيا ويكون حكمها مشموال بالنفاذ المعجل،
رغم كل تعرض أو استئناف وعلى المدعي الذي خسر الدعوى في هذه الحاالت بالمصاريف
المترتبة عن مواصلة اإلجراءات دون المساس بالتعويض.
أما من حيث وقت رفع كل دعوى فتبين من خالل تفحص الفصول 412و 413و 414من
ق .م .م أنه يلزم لقبول المنازعة المثارة بشكل كل دعوى رامية إلى بطالن إجراءات الحجز ،أن
ترفع قبل تاريخ السمسرة علما أن المشرع قلص من هذا األجل بالنسبة إلجراءات التنفيذ
المباشرة في نطاق المرسوم الملكي الصادر في 17دجنبر 1961إذ أوجب تقديم كل الدعاوى
المتعلقة ببطالن إجراءات الحجزخالل الثمانية أيام السابقة لعملية السمسرة.256
والتساؤل المثار في هذا الصدد هو ما هو جزاء عدم تقديم الدعوى داخل األجل
المنصوص عليه والذي يحدد في أبعد الحاالت في تاريخ السمسرة؟
ـ سفيان الدريوش " ،تسنيد الديون الرهنية مقاربة قانونية ومالية ،الجزء األول"" ،دراسة تحليلية ونقدية للسوق 254
الرهنية االولية والثانوية بالمغرب" ،مطبعة األمنية بالرباط ،الطبعة األولى ،أكتوبر ،2002ص.334 ،
ـ ينظر الفصل 121من ق .م .م. 255
ـ تنص الفقرة الثانية من الفصل 13من المرسوم الملكي الصادر بتاريخ 44دجنبر 4212على أنه" :في حالة 256
نزاع يتعلق بكناش التحمالت أو في حالة أحداث مترتبة عن صحة المسطرة أو طلب األجل ،يجب على الطالب أن
يحيل القضية على المحكمة قبل التاريخ المحدد للسمسرة بثمانية أيام كاملة على األقل ،دون أن يؤدي ذلك إلى تأخير
السمسرة ،وإال كان طلبه غير مقبول".
P 137 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
إن ما تجب اإلشارة إليه في البداية هو أن إجراء السمسرة ال يمنع من تقديم دعوى
االستحقاق ،إذ يبقى من حق من يدعي ملكية العقار الذي بيع بالمزاد العلني أن يقدم دعواه
الرامية إلى استحقاق العقار ،كل ما هناك أنها تعتبر في هذه الحالة دعوى استحقاق أصلية ال
دعوى استحقاق فرعية ،ألن هدفها الوحيد هو استحقاق العقار ،وال أثر لها على إجراءات
التنفيذ.257
ولعل أول مالحظة يتعين إبداؤها بخصوص هذه المسألة هي أن المشرع في ق .م .م لم
ينص صراحة على جزاء تقديم دعوى بطالن إجراءات التنفيذ بعد السمسرة ،وبخالف ذلك كان
موقفه واضحا من خالل الفصل 63من المرسوم الملكي المشار إليه أعاله ،إذ أوجب على
الطاعن أن يقدم دعواه قبل التاريخ املحدد للسمسرة بثمانية أيام كاملة على األقل تحت طائلة
عدم قبول طلبه ،فهل يعمم نفس الحكم على طلبات بطالن إجراءات الحجز المقدمة في إطار
القواعد اإلجرائية العامة ،أم أن األمر ال يقبل القياس عمال بالقاعدة القانونية التي تنص على
أنه ال جزاء إال بنص.258
وعليه ،يرى محمد سالم أنه بالرغم من أن دعوى بطالن إجراءات الحجز ترفع قبل
السمسرة ،فإن إمكانية رفعها تبقى قائمة حتى بعد رسو المزاد على اعتبارات أن الفصل 414من
ق .م .م لم يرتب أي أثر على عدم احترام إقامة الدعوى قبل السمسرة .في حين ذهب العمل
القضائي إلى أن رفع الدعوى بعد السمسرة يمنع املحكمة من سماعها ،وبالتالي يجب عليها أن
تصرح بعدم قبولها لرفعها خارج األجل املحدد لها بمقتض ى الفصل 414من ق .م .م.259
وعلى أساس ما سبقت اإلشارة إليه ،نستخلص بأن الدعاوى الرامية إلى بطالن إجراءات
التنفيذ تكون غير مقبولة متى رفعت بعد السمسرة ،وإذا كانت هذه القاعدة تمثل اإلطار العام
لطلبات البطالن المتعلقة بإجراءات الحجز العقاري ،نجد أساسها ومشروعيتها من خالل
ـ يونس الزهري" ،الحجز التنفيذي على العقار في القانون المغربي" ،الجزء الثاني ،م ،س ،ص.412 ، 257
ـ قضت المحكمة االبتدائية بمراكش بما يلي ..." :أن الطلب يرمي إلى التصريح ببطالن اإلجراءات التي تمت 259
في الملف التنفيذي عدد ،00/414والقول إن البيع ال يسري في مواجهة المدعين لعدم سلوك كتابة الضبط للمسطرة
القانونية الالزمة".
ـ حكم عدد 3210صادر بتاريخ ،2002/40/02في الملف عدد ،2004/4/412أورده يونس الزهري في مؤلفه،
"الحجز التنفيذي على العقار في القانون المغربي" ،م ،س ،ص.410 ،
P 138 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
الفصل 414من ق .م .م ،انطالقا من افتراض تشريعي بالرض ى الضمني ألطراف التنفيذ بطريقة
سير المسطرة ،أما إذا تبين للمحكمة أن إجراءات الحجز لم تحترم ،فإنها تبطلها ،ويكون حكمها
قابال للطعن وفق طرق الطعن العادية ،260اللهم إال في حالة وحيدة التي ينصب فيها الطعن على
دفترالتحمالت ،ويكون التنفيذ جاريا في إطارالمرسوم الملكي ل 17دجنبر ،1961ففي هذه الحالة
يكون الحكم الصادرفي االعتراض نهائيا.261
وبالنظر لخطورة هذه الدعوى و أثرها على إجراءات التنفيذ ،فإنه يتعين على املحكمة
البت بسرعة في النزاع ألنه يرهن الملف التنفيذي طيلة الفترة التي تستغرقها المر افعات
والفصل في الدعوى ،خاصة إذا كانت معززة بوثائر يظهر بأنها مبنية على أساس صحيح ،وهو ما
0ـ التعرض :ينص الفصل 430من ق .م .م على أنه" :يجوز التعرض على األحكام الغيابية الصادرة عن
المحاكم االبتدائية إذا لم تكن قابلة لالستئناف".
هذا طبعا بالنسبة لألحكام الصادرة عن المحاكم االبتدائية ،أما بالنسبة لألحكام الغيابية الصادرة عن محاكم االستئناف
والقابلة للتعرض فقد نص عليها الفصل 312من ق .م .م ،إذ أحال على نفس المقتضيات المنظمة للتعرض في
الفصول 430إلى 433من القانون المذكور.
ـ من خالل هذا النص يتبين أن األحكام التي تقبل التعرض هي األحكام الصادرة غيابيا بشرط أال تكون قابلة
لالستئناف.
7ـ االستئناف :نظم المشرع االستئناف في الفصول من 431إلى 411من ق .م .م ،وكقاعدة عامة تكون كل
األحكام قابلة لالستئناف ،ألن الطعن باالستئناف طريق عادي وهو الوسيلة األساسية التي ترد الحقوق ألصحابها،
خاصة
وأن الفقرة األولى من الفصل 431تقضي بأن" :استعمال الطعن باالستئناف حق في جميع األحوال عدا إذا ق ار القانون
خالف ذلك".
ـ وعموما فاألحكام التقبل االستئناف هي:
أ ـ األحكام التي ال يمكن تحديد أو تقدير قيمة النزاع فيها.
ب ـ األحكام التمهيدية التي تسبق األحكام الفاصلة في الموضوع ،وهي التي ال تفصل في جوهر النزاع ،وإنما
تقضي عادة بإجراء من إجراءات التحقيق كالخبرة ،والمعاينة ،واليمين بشرط أن تستأنف مع األحكام الباتة في
الموضوع.
ـ وللتوسع أكثر في طرق الطعن العادية ينظر مؤلف عبد الكريم الطالب" ،الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية"،
م ،س.
ـ ينص الفصل 11من المرسوم الملكي الصادر بتاريخ 44دجنبر 4212على أنه" :يجب أن تضمن األقوال 261
والمالحظات في كناش التحمالت قبل تاريخ البيع بثمانية أيام على األقل ،وتقوم المحكمة المحال عليها القضية بالبت
فيها على عجل وبصفة نهائية دون أن ينجم عن ذلك أي تأخير في السمسرة".
P 139 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
يجب على املحكمة أن تقرر فيه أوال لتأمر بمواصلة التنفيذ ،إذا رأت أنه ال موجب لترتيب األثر
الموقف إلجراءات التنفيذ ويكون حكمها هذا حكما عارضا يصدرقبل الفصل في موضوع النزاع
ويكون مشموال بالتنفيذ المعجل بقوة القانون.262
إن الغاية التي يسعى لبلوغها كل من يطعن في إجراءات الحجز العقاري هي وقف هذه
اإلجراءات إلى حين البت في دعواه وهي غاية مشروعة إذا كانت هذه الدعوى جدية ومبنية على
أسباب وجيهة ،ولكنها قد ال تكون كذلك في حاالت كثيرة عندما يتعلق األمر بمجرد دعاوى كيدية
بقيمها المدينون ذوو النيات السيئة ،أو من يتواطؤون معهم إضرارا بمصالح الدائنين المرتهنين.
وعليه ،فلتحقيق التوازن بين الطرفين كان المشرع حكيما في الفصل 413من ق .م .م،
بحيث رتب على مجرد إقامة دعوى البطالن أثرا موقفا إلجراءات التنفيذ ،ولكنه في نفس الزقت
أعطى الصالحية للمحكمة لتأمر بمواصلة التنفيذ عندما ال تكون الدعوى معززة بالوثائق التي
يبدو منها أن الدعوى جدية .وهذا يعني بأن تقديم دعوى مجردة من الحجج والمستندات أو حتى
إرفاقها بوثائق غير مفيدة ،أو غير جدية ،ال يكفي لترتيب األثر الموقف لمسطرة التنفيذ
بالضرورة ،مادامت املحكمة في مثل هذه الحالة ستأمرفي حكم عارض بمواصلة التنفيذ ،ويكون
حكمها مشموال بالتنفيذ المعجل بنص القانون طبقا للفصل 413من ق .م .م الذي يحيل عليه
الفصل بعده ،والذي ورد فيه" :يجب على طالب االستحقاق لوقف اإلجراءات أن يقدم دعواه
أمام املحكمة املختصة ويودع دون تأخير وثائقه ،ويستدعي المحجوز عليه والدائن والحائز إلى
أقرب جلسة ممكنة إلبداء اعتراضهما وإذا اعتبرت املحكمة أنه ال موجب لوقف إجراءات الحجز
العقاري كان حكمها مشموال بالتنفيذ المعجل رغم كل تعرض أو استئناف".
وعليه ،يجب على مدعي البطالن أن يرفق مقاله بالوثائق المتسمة بالجدية لالستفادة
من الوقف التلقائي للتنفيذ ،ومع ذلك شكل مفهوم هذا الفصل وكيفية تطبيقه محل خالف كبير
في الفقه والقضاء معا .263فهناك من يشدد ويرى ضرورة صدور حكم أو قرار قضائي يقض ي
P 140 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
بإيقاف إجراءات البيع بعدما يكون المعني باألمر قد تقدم بطلب مستقل بذلك ،ولعل ذلك من
شأنه أن يحد من رفع الدعاوي الكيدية التي ال تهدف إلى عرقلة إجراءات التنفيذ.264
وصدر في هذا االتجاه أمر عن رئيس املحكمة التجارية بالرباط ،نص فيه على ما يلي:
"وحيث إنه طبقا لمفهوم الفصول 412و 413و 414من ق .م .م فإن إيقاف إجراءات الحجز ال
يتوقف على مجرد الطعن بالبطالن في هذه اإلجراءات ،و إنما أوجب المشرع على مقيم دعوى
الطعن والبطالن أن يقدم طلبا مستقال أمام نفس املحكمة التي تنظرفي دعوى الطعن بالبطالن
إليقاف إجراءات الحجز ،وهي وحدها املختصة بالبت في هذا الطلب".265
كما يرى جانب من الفقه بأن مجرد إقامة دعوى البطالن يترتب األثر الموقف للتنفيذ
وبصفة تلقائية إلى حين البت بحكم نهائي في هذه الدعوى للنص على ذلك صراحة في هذا
الفصل.266
بينما يرى الفقيه أحمد عكاشة ،بأن هذا التفسير منح فرصة لذوي النيات السيئة
وأسرفوا في رفع دعاوى كيدية ال تهدف في الو اقع إال إلى عرقلة إجراءات التنفيذ ،مما أفقد الرهن
الرسمي ،والشهادة الخاصة ،وكل إجراءات الحجزالعقاري أية قيمة ،لذلك ينبغي عدم ترتيب أثر
وقف مسطرة التنفيذ على مجرد إقامة الدعوى للمنازعة في اإلجراء مهما كانت قيمة الوثائق
المرفقة بها ويجب االستمرار في التنفيذ مع فتح املجال أمام المتضرر للجوء إلى القضاء بطلب
مستقل للحصول على إيقاف التنفيذ والذي ال يعقل أن يتم إال بناء على حكم أو قرارقضائي.267
وهناك رأي ثالث وهو الذي أيده محمد سالم بدوره ،ألنه ينسجم مع القانون أوال،
ويحافظ على حقوق جميع األطراف ثانيا ،ومؤدى هذا الرأي هو أن إقامة دعوى الطعن في اإلنذار
العقاري وطلب بطالن إجراءاته يوقف تلقائيا التنفيذ ،ويجب على عون التنفيذ أن يكف عن أية
إجراءات بمجرد اإلدالء لديه بنسخة من مقال الدعوى بغض النظر عن تعزيزها بالوثائق من
ـ أمر عدد 144صادر بتاريخ 2001/04/21عن المحكمة التجارية بالرباط في الملف رقم ،2001/3/114 265
بالرباط ،مطبعة نشر المعهد الوطني للدراسات القضائية ،طبعة يونيو ،4223ص.242 ،
P 141 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
عدمه ،لكن يجب على املحكمة المرفوعة إليها الدعوى أن تتولى بنفسها ،وبصفة تلقائية تقييم
الدعوى والحجج المدلى بها ،وأن تصدر حكما أوليا بمواصلة التنفيذ إذا رأت بأنه ال موجب
إليقافه.268
غير أنه يتعين على املحكمة المعروضة عليها الدعوى أن تقوم من تلقاء نفسها ،بعد
تقييم الحجج والمستندات المدلى بها ،إصدارحكم أولي بمواصلة إجراءات التنفيذ ،إذا اقتنعت
أنه ال موجب إليقافه .لكن إذا صدر عن املحكمة حكم بإيقاف التنفيذ وواصل عون التنفيذ
اإلجراءات ،فإن للمتضرر اللجوء إلى قاض ي المستعجالت قصد إصدار أمر يقض ي بإيقاف
إجراءات التنفيذ مؤقتا.269
ويبقى هذا الرأي األخير األقرب إلى الصواب ،من متطلب أنه مراعي للمقتضيات
القانونية في تفسيرها تفسيرا يحقق التوازن بين مصالح أطراف التنفيذ ،كما يدعم الشفافية في
إجراءات الحجز العقاري ،وذلك بالسماح لكل متضرر من اللجوء إلى القضاء االستعجالي قصد
الحصول على اإليقاف المؤقت إلجراءات التنفيذ.
ويرى يوسف أفريل ،أن دعوى بطالن إجراءات الحجز يعتريها قصور على مستوى
تنظيمها القانوني ،حيث أن المشرع المغربي لم يستلزم تقديم ضمانة مالية قصد مباشرة هذه
الدعوى وذلك تفاديا للدعاوى الكيدية التي تنعكس سلبا على إجراءات الحجزالعقاري ،ذلك إن
فرض ضمانة مالية من شأنه تعزيز االئتمان العقاري من خالل تحصين إجراءات التنفيذ على
العقارالمرهون.270
ـ محمد الحلوي" ،تحقيق الرهون" ،عرض قدم للندوى األولى للعمل القضائي والبنكي ،مطبعة منشورات المعهد 268
عمر أزوكار في عرضه" ،صعوبة التنفيذ" ،قدمه في ندوة للتمرين ألقيت على المحامين المتمرنين ،بدار المحامي
التابعة لهيئة المحامين بالدار البيضاء ،فوج ،2002ص.14 ،
ـ يوسف أفريل ،م ،س ،ص.222 ، 270
P 142 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
تتمثل خصوصية مسطرة اإلنذار العقاري في أنه مؤسس على شهادة التقييد الخاصة
بالرهن التي تمنح استنادا إلى عقد القرض المقيد بالصك العقاري ،والخاصية المميزة لهذه
الشهادة التي تعتبرسندا تنفيذيا أنها تسلم للدائن المرتهن في غيبة المدين المرتهن ،وبالتالي فإن
مصالح المدين قد تتعرض للضرر متى بوشرت مسطرة التنفيذ في مواجهته ،والحال أنه قد وفى
كل الدين المطالب به بمقتض ى اإلنذار ،أو كان الرهن الذي استند إليه في منح الشهادة الخاصة
باطال ،أولم يتضمن اإلنذاركافة البيانات المشترطة تشريعيا ،أولم يبلغ المدين الراهن بإجراءاته
بصفة نظامية.
وعليه ،فما هواألساس القانوني للمنازعة فيه ،وما هي الجهة املختصة في هذه المنازعة،
وما هو رفع الدعوى (الفقرة األولى) ،وما هي األسباب المؤثرة في حصة اإلنذار العقاري (الفقرة
الثانية).
على تسمية دعوى المنازعة في اإلنذار العقاري القضائي272 والعمل الفقه271 درج
بدعوى التعرض على اإلنذار العقاري ،والحال أنه لم يرد ذكر لهذه التسمية ضمن أي نص من
النصوص المنظمة لمسطرة اإلنذار العقاري ،والظاهرة أن االصطالح المذكور يجد تبريره في
المنازعة في اإلنذارهي منازعة في سند تم الحصول عليه في غيبة الخصم ،وبالتالي فالطعن فيه ال
يعدوأن يكون مطالبة بمحاكمة حضورية وتواجهية ،فطعن من هذا النوع ال يمكن أن يعتبرسوى
تعرض ،ال سيما وأن المشرع أسماه كذلك عند تنظيمه لمسطرة بيع العقارالمرهون رهنا حيازيا
حسب مقتضيات الفصل 1211من ق .ل .ع.273
ـ محمد جالل" ،اإلنذار العقاري والتعرض عليه" ،مقال منشور بمجلة المحامي ،العدد ،1ص ،د ،ص.13 ، 271
ـ قرار صادر عن محكمة االستئناف التجارية بالدار البيضاء عدد 202/120بتاريخ ،2002/42/21في الملف 272
عدد ،43/2002/301قرار غير منشور أشار إليه يونس الزهري في مؤلفه "الحجز التنفيذي على العقار في القانون
المغربي" ،الجزء الثاني ،م ،س ،ص.413 ،
ـ ينص الفصل 4242من ق ،ل ،ع على أنه" :عند عدم الوفاء اللتزام ،ولو جزئيا يثبت للدائن الذي استحق دينه 273
بعد مضي سبعة أيام من مجرد اإلعالم الرسمي الحاصل للمدين ،وللغير المالك للمرهون إن وجد الحق في أن يلجأ
إلى بيع األشياء المرهونة بيعا علنيا.
= ويحق للدائن وللغير المالك للمرهون التعرض خالل االجل السابق باستدعاء الدائن للحضور إلى جلسة معينة
التاريخ ،والتعرض يوقف البيع.
P 143 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
ويخالف الفقيه يونس الزهري 274هذا الطرح ،على اعتبارأن التعرض ال يكون إال بشأن
األحكام الغيابية ،وتنظره نفس الجهة المصدر له ،كما أنه ال يقبل متى كان الحكم الصادر قابال
للطعن باالستئناف ،275وهي أحكام ال تطبق بشأن المنازعة المتعلقة باإلنذارالعقاري والتي يلزم
فيها تقديم دعوى مبتدأه وفق نفس اإلجراءات المنظمة لرفع الدعوى .ولكن المعطيات
المذكورة تجزئا إلى تساؤل نعتبره جوهريا ،ألن من شأن الحسم فيه تحديد اإلطار المنظم لهذه
الدعوى ،وهذا التساؤل هوما هوالسند القانوني للنظرفي هذه الدعوى ،وعلى هذا األساس ،فإن
دعوى الطعن في اإلنذار العقاري هي دعوى بطالن إجراءات الحجز العقاري ،وبالتالي فهي تجد
إطارها القانوني ضمن مقتضيات الفصل 414من ق .م .م من اعتباراإلحالة المتعلقة بالفصلين
412و 413فيما يخص مسطرة الدعوى و أثرها.
ولقد أخذ القضاء المغربي بهذا الرأي ،وذلك من خالل تكييفه للمنازعات المثارة بشأن
سالمة اإلنذار العقاري بأنها طعن في إجراءات الحجز ،وأخضعها تبعا لذلك للحكم المقرر في
الفصل 414من ق .م .م ،وتأتي أهمية تحديد اإلطارالقانوني في المشارإليه أعاله ببيان مسألتين
أساسيتين ،تتعلق األولى بتحديد أجل المنازعة في اإلنذار العقاري ،بينما تتجلى المسألة الثانية
في آثارالمنازعة في وقف إجراءات التنفيذ.
وإذا كان المدين ال يقيم في نفس المكان الذي يوجد فيه الدائن أو لم يكن فيه موطن ،زيد في أجل التعرض بسبب
المسافة ،وفقا لما يقضي به قانون المسطر.
وإذا فات األجل ،ولم يقع تعرض أو وقع ثم رفض كان للدائن ان يطلب بيع األشياء المرهونة قضائيا".
ـ يونس الزهري" ،الحجز التنفيذي العقاري في القانون المغربي ،الجزء الثاني ،م ،س ،ص.411 ، 274
ـ ينظر الفصلين ،الفصل 2من قانون المحاكم اإلدارية الصادر في 40شتنبر ،4223والفصل 1من قانون 275
P 144 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
أما بخصوص املحكمة املختصة نوعيا ،فإنها تحدد طبقا للضوابط العامة املحددة
الختصاص كل محكمة ،276مع اعتباراملحكمة االبتدائية هي صاحبة الوالية العامة.277
يتحقق االدعاء ببطالن اإلنذار العقاري ،بالمنازعة في احتالل أو عيب سواء تعلق بشكل
المسطرة المتبعة في إنجاز اإلنذار العقاري(أوال) ،أو نصب على زوال و انقضاء رابطة المديونية
أو بطالن عقد الرهن الذي أقامه طرفاه (ثانيا).
276ـ ينص الفصل 42من ق ،م ،م على أنه" :تختص المحاكم االبتدائية ـ مع مراعاة االختصاصات الخاصة المخولة
إلى أقسام قضاء القرب ـ بالنظر في جميع القضايا المدنية وقضايا األسرة والتجارية واإلدارية واالجتماعية ابتدائيا
وانتهائيا مع حفظ حق االستئناف.
تختص أيضا بقطع النظر عن جميع المقتضيات المخالفة ولو في الحالة التي يستند فيها قانون خاص سابق
النظر في جميع أنواع القضايا إلى محكمة أخرى".
277ـ جاء في قرار صادر عن محكمة االستئناف التجاري بالدار البيضاء" :حيث إنه بخصوص الدفع بعدم االختصاص
النوعي للمحكمة التجارية استنادا إلى أن قانون إحداث المحاكم التجارية لم يدرج الدعاوي العقارية ضمن اختصاص
هذه المحاكم ،فإنه بدوره دفع مردود على اعتبار أن طرفي النزاع معا تاجرين ،األول بإق ارره ضمن مقال الدعوى،
والثاني القرض العقاري والسياحي بصفته شركة مساهمة ،تكتسب الصفة التجارية بغض النظر عن طبيعة النشاط
التجاري الذي تزاوله ،كما أن النزاع القائم بينهما ناتج عن عقد الرهن الذي منحه المستأنف ضده بمناسبة قرض استفاد
منه هذا األخير على شكل تسهيالت في حسابه الجاري ،وبالتالي فالرهن المذكور وإن أنصب على عقار إال أنه منح
بمناسبة العمل التجاري لكال الطرفين ،مما يبقى معه اختصاص البث في النزاع القائم بينهما منعقدا للمحكمة".
ـ قرار صادر عن محكمة االستئناف التجارية بالدار البيضاء عدد 2001/14بتاريخ ،2001/04/1في الملف
عدد ،43/2003/1402قرار غير منشور أورده يونس الزهري في مؤلفه" ،الحجز التنفيذي على العقار في القانون
المغربي" ،الجزء الثاني ،م ،س ،ص.411 ،
P 145 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
أتاح المشرع المغربي للدائن المرتهن إمكانية استخالص مبلغ الدين الذي هو في ذمة
المدين عن طريق سلوك مسطرة تحقيق الرهن الرسمي ،في مقابل ذلك خول المشرع لكل من
المدين الراهن والغير إمكانية مر اقبة سالمة اإلجراءات المسطرية المتعلقة بتلك المسطرة،
وذلك عن طريق الطعن في إجراءات التنفيذ على العقار المرهون قصد إلزام الدائن المرتهن
بإعادة تبليغ إنذارعقاري سليم من الوجهة القانونية تحترم فيه مصلحة المدين والغير.
فللوقوف على مدى سالمة مسطرة اإلنذارالعقاري بصفة خاصة وإجراءات التنفيذ على
العقار المرهون بصفة عامة ،تقتض ي الضرورة تدخل السلطة القضائية ،إن على المستوى
الدرجة األولى أو الدرجة الثانية وقد يصل األمر إلى تدخل محكمة النقض باعتبارها محكمة
قانون.278
وعليه ،تنص المادة 216من م .ح .ع على أنه" :يتضمن اإلنذار العقار المشار إليه في
المادة السابقة اسم المالك المقيد واسم الملك المرهون وموقعه ومساحته ومشتمالته ورقم
رسمه العقاري.
يبلغ المكلف بالتنفيذ نسخة من اإلنذار المذكور إلى املحافظ على األمالك العقارية
الذي يقيده بالرسم العقاري.
يعتبر اإلنذار المذكور بمثابة حجز عقاري وينتج نفس آثاره" .يتضح من خالل النص
أعاله ،أن المشرع حدد بعض البيانات اإللزامية الواجب تضمينها في اإلنذار العقاري ،ولعل
إغفالها يبررالمطالبة بإبطال اإلنذارالعقاري من المدين الراهن أو الغيرالحائز.
وعليه ،إن تماطل المدين 279الراهن عن األداء يجعل الدائن المرتهن يلجأ إلى إنذار من
أجل التزامه باألداء رضائيا تحت طائلة النزع الجبري للملكية ،لكن تبليغ اإلنذارالعقاري يجب أن
يكون للشخص المعني باألمر ،كما تنص الفقرة األولى من المادة 211من م .ح .ع ،طبقا
لمقتضيات الفصل 31من ق .م .م كما عدل وتمم بالقانون رقم ،33.11أما إذا وقع التبليغ
ـ مصطفى المرضي " ،اإلنذار العقاري في التشريع المغربي ،دراسة نظرية وعلمية" ،اطروحة لنيل الدكتو اره في 278
القانون الخصا ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جماعة محمد االول بوجدة ،السنة الجماعية -2002
،2002ص.214 ،
ـ ينص الفصل 211من ق ،ل ،ع على أنه" :يكون المدين في حالة مطيل ،إذا تأخر عن تنفيذ التزامه ،كليا أو 279
P 146 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
للمدين الراهن رغم وجود خطأ إمالئي في االسم ،فإن ذلك ال يؤثر على سالمة المسطرة ،وهو ما
ذهبت إليه املحكمة التجارية بفاس في أحد أحكامها والذي جاء فيه" :حيث يرمي طلب المدعي
إلى إبطال اإلنذار العقاري موضوع الدعوى وذلك لتوجيهه إلى غير ذي صفة ولمنازعته في مبلغ
الدين المطالب به".
وحيث ثبت للمحكمة من خالل اصطالحها على المقال المبلغ بموجبه اإلنذار العقاري
موضوع الدعوى أنه تضمن اسم المدعي صحيحا باللغة الفرنسية ومن ثم يبقى ما ادعاه المدعي
من كون اإلنذار العقاري بلغ باسم ...والحال أن إسمه هو ...دفع مردود ،هذا فضال على أنه لم
يثبت الضررالذي لحقه والحال أنه توصل باإلنذارالمذكوروتحققت غاية إشعاره مما يتعين معه
استبعاد هذا الدفع".280
بدا للمحكمة التجارية أنه ولو أن هناك اختالفا في االسم الشخص ي للمدين محمد بدل
أحمد "أل" عن االسم العائلي ال يشكل سببا ومبررا إلبطال اإلنذارالعقاري.
وعليه ،فإنه إذا تم إغفال ذكراسم العقاركما هو منصوص عليه بمقتض ى المادة 216
من م .ح .ع ،فإن اإلنذارالعقاري يكون مصيره هوالبطالن نظرا ملخالفته لمقتض ى صريح ،أما إذا
تضمن اإلنذاروصف شامل للعقاروعنوانه بشكل ال يترك معه مجاال للشك ،فال تأثيرعلى اإلنذار
العقاري ،فإن هذا األخيريعد صحيحا ولو كان مخالفا لمقتضيات المادة 216من المدونة أعاله،
وهو نفس االتجاه ،الذي أخذت به محكمة االستئناف التجارية بالدار البيضاء في أحد قراراتها،
بحيث جاء فيه ما يلي" :وإن نفس املحكمة قدرت هذه الدفوع موضحة بأن اإلنذار حدد بشكل
كاف العقار موضوع الرهن وأشار إلى الرسم العقاري وأن باقي البيانات ال أثر لها على صحته كما
أن عدم ذكر( )...ال تأثيرله على تحقيق الغاية من اإلنذارالعقاري".
والعبرة من اإلنذار العقاري هو إثبات توصل المدين الراهن أو الغير الحائز بإشعاره
بمطلب المدين عن التنفيذ اللتزامه وليس االحترام التام لجميع اإلجراءات العملية.
ـ حكم صادر عن المحكمة التجارية بفاس ،رقم 132بتاريخ 2040/01/42ملف رقم ( ،02/1/4043حكم غير 280
منشور).
P 147 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
إلى جانب الطعن في االختالالت الشكلية ،فإنه يتم الطعن كذلك في سبب االختالالت
الموضوعية ،كالمنازعة في أصل الدين ،كأن يدعي المدين انقضاء الدين ،وهكذا جاء في حكم
صادر عن املحكمة التجارية بطنجة" :وحيث إن الطرف المدعي استند في طلبه الرامي إبطال
اإلنذارالعقاري إلى كون المدعى عليه قد توصل بثمن مبلغ الدين المضمون بالرهن كله.
وحيث إنه باالطالع على تقرير الخبرة المدلى به والمأمور بها بمقتض ى أمر تمهيدي صادر
في نزاع سابق بين الطرفين يتضح أن الطرف المدعي قد أدى للمدعى عليه مبلغ الدين المضمون
بالرهن وأن ما بقي بالرهن قدره 95.729.53درهم مترتب عن الفوائد االتفاقية التي نجمت عن
الفترة الزمنية التي تم من خاللها ما تبقى من الدين األصلي".281
ويرى بعض الفقه 282أنه يجوز الجمع بين مسطرة تحقيق الرهن ودعوى األداء على
أساس أن أموال المدين ضمان عام لدائنيه ،بل يجوز للدائن أن يبدأ التنفيذ على األموال غير
المرهونة ،وفي هذا االتجاه قضت محكمة النقض في إحدى قراراتها ما يلي" :حيث إنه على فرض
أن البنك قد سلك مسطرة تحقيق الرهن ،فإن الدائن المرتهن الحق في مباشرة التنفيذ على
العقار بمجرد ثبوت امتناع المدين عن األداء ،وبمجرد حصوله على شهادة بتسجيله في اسمه في
الملف العقاري طبقا لما هو منصوص عليه في الفصل 51من ظ .ت .ع ،وليس ضمن وثائق
الملف ما يثبت أن البيع القضائي للعقار قد تم ،وفي جميع األحوال فإن منتوج البيع سيخصم
من مبلغ الدين".283
غير أن محكمة النقض تراجعت عن هذا الموقف ،وهو ما يتضح جليا من خالل أحد
قراراتها الذي جاء فيه" :ال يمكن الجمع بين المسطرتين في آن واحد قياسا على قاعدة الفصل
1223من ق .ل .ع التي تنص على أنه إذا لم يكف المتحصل من البيع للوفاء بالدين فإن للدائن
حق الرجوع منه على المدين ،وهي قاعدة وإن تعلق األمربالرهن الحيازي ،فإنها صالحة للتطبيق
على الرهن الرسمي غير المنظم لمضمونها ،ومحكمة االستئناف التي ردت الدفع المثار من
ـ حكم صادر عن المحكمة التجارية بطنجة رقم 14مؤرخ في 2001/4/21ملف رقم ( ،2001/44/4241حكم 281
غير منشور).
ـ محي الدين إسماعيل علم الدين ،أصول القانون المدني" الجزء الثالث ،الحقوق العينية األصلية والتبعية ،دار 282
P 148 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
الطالب بهذا الخصوص بعلة أنه ال مانع من سلوك المسطرتين معا تكون قد ثبت قرارها على
أساس غير سليم وعرضته للنقض" .284وهو رأي بعض الفقه ،285حيث يرى هذا االتجاه أنه ال
يجوزللدائن المرتهن سلوك دعوى األداء وفق القواعد العامة إال عند عدم كفاية ثمن بيع العقار
المرهون في المزاد العلني.
الئحة المراجع:
عبد الرزاق السنهوري" ،الوسيط في شرح القانون المدني" ،الجزء الثامن" ،حق
الملكية" ،مطبعة دارإحياء التراث العربي ،بيروت ،طبعة .1967
محمد بادن" ،دعوى االستحقاق العقارية على ضوء الفقه المالكي والتشريع المغربي
والعمل القضائي" ،مطبعة دارالقلم بالرباط ،الطبعة األولى .2113
ـ قرار صادر عن محكمة النقض عدد ،4142ملف تجاري عدد ،22/140المؤرخ في ،2000/1/40منشور 284
P 149 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
قرار صادر عن محكمة النقض بتاريخ 1ماي 1915عدد 715الصادر في الملف العقاري
رقم ،14/416قرار منشور بمجلة قضاء املجلس األعلى ،العدد 41السنة 12دجنبر ،1917ص،
.133
محمد السماحي" ،نظام التنفيذ المعجل لألحكام المدنية في القانون المغربي ،دراسة
مقارنة" ،أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في القانون الخاص ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية
واالجتماعية ،جامعة محمد الخامس بالرباط ،السنة الجامعية .1913-1912
مصطفى مجدي هرجة" ،التعليق على قانون الحجز اإلداري في ضوء الفقه والقضاء"،
مطبعة دارالفكروالقانون المنصورة ،دون ذكرالطبعة.
يوسف أفريل" ،الرهن الرسمي العقاري ضمانة بنكية للدائن المرتهن -دراسة معززة
باالجتهاد القضائي المغربي والمقارن"( ،دون ذكرالمطبعة) الطبعة األولى .2111-1432
محمد النجاري" ،تأمالت في الفصل 461من ق ،م .م ،المتعلق بدعوى االستحقاق
الفرعية للمنقول" ،مقال منشوربمجلة الملحق القضائي ،العدد 21فبراير .1919
محمد سالم" ،تحقيق الرهن الرسمي في القانون المغربي ـ دراسة علمية وعملية مطعمة
باالجتهادات القضائية واآلراء الفقهية" ،مطبعة النجاح الجديدة بالدار البيضاء ،الطبعة األولى
.2112
قرارصادرعن محكمة النقض رقم 321في الملف المدني عدد ،1/71بتاريخ ،1993/11/7
منشوربمجلة قضاء املجلس األعلى عدد ،41دجنبر ،2111ص.55 ،
محمد أفقير" ،إشكالية الرهن الرسمي كضمان عيني في القانون المغربي بين القانون
والعمل القضائي" ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص ،كلية العلوم القانونية
واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة الحسن األول بسطات ،السنة الجامعية .2113-2112
P 150 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
قرار صادر عن املجلس األعلى (سابقا) ومحكمة النقض (حاليا) ،عدد 3121بتاريخ
،1993/11/14في الملف المدني عدد ،7151منشور بمجلة قضاء املجلس األعلى ،عدد ،14م،
س ،ص.112 ،
عبد العزيز توفيق" ،شرح قانون المسطرة المدنية والتنظيم القضائي" ،الجزء الثاني،
مطبعة النجاح الجديد بالدارالبيضاء ،الطبعة الثانية.
حكم صادر عن املحكمة االبتدائية بمراكش ،رقم ،2333في ملف عدد 2112/1/123
بتاريخ ( ،2112/5/29حكم غيرمنشور).
حكم صادر عن املحكمة االبتدائية بوجدة رقم 3315في الملف المدني عدد 13/1214
بتاريخ ( 2113/11/21حكم غيرمنشور).
محمد هماش" ،دعوى بطالن إجراءات التنفيذ على العقار" ،رسالة لنيل دبلوم الماستر
في القانون الخاص ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة القاض ي عياض
بمراكش ،السنة الجامعية .2112-2111
قرار صادر عن محكمة النقض رقم ،594في الملف الشرعي عدد ،79176بتاريخ
،1911/12/16منشوربمجلة قضاء املجلس األعلى ،عدد ،27سنة ،1911ص 21 -27 ،وما يليها.
يونس الزهري " ،الحجز التنفيذي على العقار في القانون المغربي ـ آثار الحجز التنفيذي
العقاري ـ رفعه ،قصره ـ دعوى الصعوبة الوقتية ـ دعوى اإلستحقاق الفرعية للعقار المحجوز ـ
دعوى بطالن إجراءات الحجزواإلنذارالعقاريين ـ مسطرة =البيع بالمزاد العلني ،بطالن السمسرة
وتوزيع حصيلة التنفيذ" ،الجزء الثاني ،المطبعة والور اقة الوطنية بمراكش ،الطبعة األولى
.2117
عبد الله الكرني" ،وضعية تنفيذ األحكام المدنية في المغرب" ،رسالة لنيل دبلوم الماستر
في القانون الخاص ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة القاض ي عياض
بمراكش ،السنة الجامعية .2115 – 2114
أمال الخضير" ،مسطرة تحقيق الرهن الرسمي ـ أبعادها االئتمانية" ،رسالة لنيل دبلوم
الماستر في القانون الخاص ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة محمد
األول بوجدة ،السنة الجامعية .2112-2111
P 151 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
محمد خيري" ،حماية الملكية العقارية ونظام التحفيظ العقاري بالمغرب" ،مطبعة
المعارف الجديدة بالرباط ،طبعة .2112
عبد الله الشرقاوي" ،صعوبة التنفيذ المعجل" ،مقال منشور بمجلة القضاء والقانون،
العدد .131
محمد ناجي شعيب" ،إيقاف التنفيذ على دعوى االستحقاق الفرعية قراءة متأنية
للفصلين 412و 413من ق .م .م" ،مقال منشوربمجلة المناظرة عدد 6يوليوز.2111
سناء ترابي" ،حماية الدائن المرتهن في الرهن الرسمي العقاري" ،أطروحة لنيل الدكتوراه
في القانون الخاص ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة محمد األول
بوجدة ،السنة الجامعية .2119-2111
أحمد النويض ي" ،القضاء المغربي وإشكاالت التنفيذ الجبري لألحكام" ،مطبعة ور اقة
الكتاب بفاس ،طبعة .1995
حسن زرداني" ،صعوبة التنفيذ الوقتية في القانون المغربي والمقارن" ،أطروحة لنيل
الدكتوراه في الحقوق ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة الحسن الثاني
عين الشق بالدارالبيضاء ،السنة الجامعية .2116-2115
لبنى بلعطاوي" ،مسطرة تحقيق الرهن الرسمي" ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون
ا لخاص ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة القاض ي عياض بمراكش،
السنة الجامعية .2118-2117
الطيب برادة" ،التنفيذ الجبري في التشريع المغربي بين النظرية والتطبيق" ،مطبعة نشر
المعهد الوطني للدراسات القضائية بالرباط ،الطبعة األولى.
P 152 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
سفيان الدريوش " ،تسنيد الديون الرهنية مقاربة قانونية ومالية ،الجزء األول"" ،دراسة
تحليلية ونقدية للسوق الرهنية االولية والثانوية بالمغرب" ،مطبعة األمنية بالرباط ،الطبعة
األولى ،أكتوبر.2119
أمر عدد 617صادر بتاريخ 2116/17/24عن املحكمة التجارية بالرباط في الملف رقم
،2116/3/541أشارت إليه أمال الخضير ،م ،س ،ص.91 ،
محمد فركت" ،الرهن الرسمي واالجراءات المسطرية" ،عرض قدم للندوى األولى للعمل
القضائي والبنكي ،مطبعة نشرالمعهد الوطني للدراسات القضائية واملجموعة المهنية للبنوك،
طبعة .1917
أحمد عكاشة" ،استخالص الديون البنكية عن طريق القضاء" ،عرض قدم للندوة الثالثة
للعمل القضائي والبنكي بالرباط ،مطبعة نشرالمعهد الوطني للدراسات القضائية ،طبعة يونيو
.1993
محمد الحلوي" ،تحقيق الرهون" ،عرض قدم للندوى األولى للعمل القضائي والبنكي،
مطبعة منشورات المعهد الوطني للدراسات القضائية( ،دون ذكرالطبعة.
أمر استعجالي صادر عن رئيس املحكمة االبتدائية بأكادير ،عدد 96/76بتاريخ 16ماي
،1996أشار إليه عمر أزوكار في عرضه" ،صعوبة التنفيذ" ،قدمه في ندوة للتمرين ألقيت على
املحامين المتمرنين ،بدار املحامي التابعة لهيئة املحامين بالدارالبيضاء ،فوج .2119
P 153 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
مصطفى المرض ي " ،اإلنذارالعقاري في التشريع المغربي ،دراسة نظرية وعلمية" ،اطروحة
لنيل الدكتوراه في القانون الخصا ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جماعة
محمد االول بوجدة ،السنة الجماعية .2114-2113
محي الدين إسماعيل علم الدين ،أصول القانون المدني" الجزء الثالث ،الحقوق العينية
األصلية والتبعية ،دارالجليل للطباعة( ،دون ذكرالطبعة).
قرار صادر عن محكمة النقض عدد ،1472ملف تجاري عدد ،91/611المؤرخ في
،2111/4/11منشوربمجلة قضاء املجلس األعلى عدد 56سنة .2111
نعيمة مخافي" ،مسطرة تحقيق الرهن الرسمي في إطار مرسوم 17دجنبر ،"1961رسالة
لنيل دبلوم الماسترفي القانون الخاص ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة
محمد األول بوجدة ،السنة الجامعية .2112-2111
P 154 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
ومن تم ،فإن الحديث عن الدستور الحالي للمغرب وأهم التعديالت التي جاء بها في مجال
محاربة التمييز في حق النساء بصفة خاصة ،من هذا المنعطف السابق سيصل بنا إلى معالجة
مبدأ المناصفة باعتباره مستجدا دستوريا تم إقراره من خالل الفصل التاسع عشر ،وعليه
نستطيع طرح التساؤلين التاليين :أي وضعية للمرأة بوأها دستور2111؟ ثم كيف يمكن لمبدأ
المناصفة تفعيل االستفادة من آثارالتنمية؟
لمعالجة ما سلف سوف يتم تقسيم هذه المساهمة إلى محورين على الشكل التالي:
287نسرين بوخيزو :المناصفة بين المحفزات التشريعية والمعيقات االجتماعية ،منشورات المجلة المغربية لإلدارة
المحلية والتنمية ،العدد ،231نونبر دجنبر ،1021ص.62 :
P 155 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
لقد جاء دستور 2111في سياق دولي وداخلي ،أثر بشكل كبير على صياغته ومضامينه،
وتضمن مقتضيات نوعية بالنسبة للمرأة حتى اعتبر من قبل البعض بمثابة دستورالمرأة .إذ إن
منهجية صياغة دستور 2111عرفت إشراك فئات عديدة من املجتمع المغربي سواء على مستوى
لجنة الدستورالتي تكلفت بصياغته ،أوعلى مستوى إشراك جميع الفاعلين ،فقد حضرت المرأة
بقوة في لجنة الصياغة وهو ما انعكس بكيفية إيجابية على نصوص هذا الدستور التي تضمنت،
التنصيص على مكافحة جميع أشكال التمييز ضد المرأة وتمتيعها بجميع الحقوق والحريات
المدنية والسياسية واالجتماعية إلى جانب الرجل ،فضال عن التأكيد على المساواة بينها وبين
الرجل والسعي نحو تحقيق المناصفة.288
إال أن ما يمكن مالحظته في هذا الجانب بالرغم من القيمة الحقوقية للمبدأ ،هوأن طريقة
الصياغة تحيلنا إلى التساؤل حول مدى توفر اإلرادة الجماعية لتحقيق المناصفة ،فالمتضمن
في صياغة الفصل يتوقف على دور الدولة وهل هناك التزام مجتمعي أم التزام أخالقي وفقط من
خالل توظيف عبارة " سعي الدولة" في المتن الدستوري ،فبتجاوزنا لهذه النقطة يمكن التأكيد
على أن المناصفة كمفهوم عرفت نقاشا سياسيا ودستوريا نظرا لحداثة هذا المفهوم ،فهناك
محاوالت للتعريف كل حسب منظوره وتوجهاته ،الش يء الذي يثير نقاشا من طرف مختلف
الفاعلين والمهتمين ،إال أنه يمكن التذكير على أنه في العقدين الماضيين تنامى على المستوى
العالمي االهتمام بقضية المناصفة وآلياتها التطبيقية ،باعتبارها تقنية أساسية لتطوير حقل
المشاركة النسائية كما ونوعا ،وبما يسمح معه للنساء بالوصول إلى ما يعرف اليوم في اللغة
واألدبيات بالسياسة المؤسساتية.
إال أن الذهاب بعيدا في التحليل والمناقشة ،يفرض علينا الوقوف على رأي الر افضين
والمدافعي ن عن مبدأ المناصفة في ظل النقاشات التي تشهدها الديمقراطيات في عالمنا
المعاصر.
-288عبد الحق وهيب :مكانة حقوق االنس ان في الدس تور المغربي ،رس الة لنيل ش هادة الماس تر في القانون العام،
جامعة موالي إس ماعيل ،كلية العلوم القانونية واالقتص ادية واالجتماعية مكناس ،السنة الجامعية ،1021-1022ص
.13
P 156 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
إذ يبررالر افضون لمبدأ المناصفة معارضتهم لكل أشكال " التمييزاإليجابي" انطالقا من
تشبثهم بالتعريف الكوني للديمقراطية ،289فهذه األخيرة تنبني في نظرهم على مرتكز أساس ي هو
المواطن باعتباره فردا مجردا من كل وصف أو صفات محددة ،ألن أي اعتماد لتلك املحددات
يعني في نظرهم خرق لقاعدة المساواة التي يجب أن تقوم بين كافة المواطنين كيفما كان
جنسهم ،290إذ إن تسجيل مبدأ المناصفة في نصوص القوانين من شأنه أن يؤدي في نظرهم إلى
مأسسة االختالف الجنس ي داخل املجتمع ،وذلك على حساب التصور المؤسساتي الذي يعتبر
المرأة والرجل متساويين في الحقوق والواجبات ،ولذلك فإن مفهوم المناصفة بتأكيده على
االختالف فهو يهدد املجتمع بالتراجع والتقهقر ،فالمقاربة المتأسسة على االختالف من شأنها أن
تؤدي إلى تراجع فكرة وحدة املجموعة البشرية وبالتالي الحصول على تنظيم فئوي من شأنه أن
يعصف بتماسك ووحدة املجتمع.291
في نظرنا يمكن القول إن هذا الرأي الر افض لمبدأ المناصفة لم يأخذ بعين االعتبار
الطبيعة اإلنسانية في شموليتها القائمة على االختالف الفطري بين الجنسين الذي ال مفرمنه ،مع
محاولة هذا الرأي تناس ي الطبيعة الفيزيولوجية للطرفين ،التي على أساسها يمكن أن يكون هناك
تمييزإيجابي للمرأة ،إذ بالعكس من ذلك يحقق التوازن والتكامل ما بين أدوارالمرأة والرجل داخل
املجتمع.
في حين يرى المدافعون عن مبدأ المناصفة بأن شعارالكونية التي يواجههم به معارضوهم
ال يتعلق بكونية محايدة ،بل إنها كونية مغلوطة ساهمت منذ قرون في إقصاء وتهميش نصف
املجتمع ،فالذي يختفي خلف الكونية والفرد املجرد المرتبط بها هو و اقع إنسانية تتركب من
نصفين :نصف ذكر ونصف أنثى .292فما معنى المساواة التي تسمح لنصف البشرية باالستحواذ
على كل فضاءات القرارالسياس ي وامتالك كل المراكزحيث تحدد مصائرالناس وتدبرشؤونهم،
فالفرد من حيث هو ذات عاقلة مجردة من كل األوصاف ،ليس من منظور المدافعين عن مبدأ
289إن الحديث عن كونية الديمقراطي في رأيي تتبناه المجتمعات والدول كل حسب خصوصيتها فالديمقراطية مثال
لدى الواليات المتحدة األمريكية ،ليستتتتت كما ينظر المغرب للديمقراطية ،هي كونية متالزمة مع الخصتتتتوصتتتتية في
اعتقادي.
290هنية ناجم :المناصفة في المغرب :التحديات واآلفاق ،مجلة المتوسط للدراسات القانونية والقضائية ،العدد الثاني،
دجنبر ،1026ص.230:
291محمد الصغير جنجار :مبدأ المناصفة :أفق ديمقراطي جدي ،مؤلف جماعي ،مركز تكوين القيادات النسائية،
الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب ،سنة ،2004ص 422:وما بعدها.
292عبد الرحمان لعمراني ،خديجة الرباح :المش اركة الس ياس ية للنس اء ،رافعة للتنمية الديمقراطية الترابية ،مرجع
سابق ،ص.30:
P 157 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
المناصفة سوى أفكارنظرية ،ففي الو اقع ما يتم معاينته هو أن كل مجموعة بشرية تنتظم وفق
التوزيع الجنس ي لألدوار ،لذلك فإن ال ش يء يسمح اليوم بالقبول بالتقسيم الذي تشكل تاريخيا
بين الفضاءات العامة والخاصة ،كما أنه ال ش يء يبرر االستمرار في اعتبار الطبيعة الذكورية
للسلطة السياسية أمرا بديهيا وطبيعيا .إن إعادة النظرفي مثل هذه التصورات والممارسات أمر
حيوي لمستقبل الديمقراطية ولتجذرها واالنتقال من مساواة صورية نحو مساواة فعلية بين
المواطنين ،ولذلك فإ ن اإلجراءات القائمة على مبدأ المناصفة تبدو بمثابة تأهيل وتطبيق لحق
ظل لمدة طويلة مجرد حق شكلي ،وبخصوص خطر النزعة الجماعاتية الذي يلوح به أعداء
المناصفة ،فإن المدافعين عنها يجيبون أن النساء ليسوا شريحة كباقي الشرائح اإلثنية أو
اللسانية أو الدينية ،293أليست النساء تشكل نصف البشرية؟ أال يشكل الجنس مقولة كونية
موضوعية محدودة في جنسين ،مذكرومؤنث؟
والرأي عندي أن وجاهة رأي المدافعين عن المناصفة ،يمكن األخذ به على مستوى وجود
ترسبات في املجتمع تكبح عملية إشراك المرأة ،لذلك سوف تشكل المناصفة أداة تصحيحية
للتمييزالممارس على المرأة ،هذا مع شرط أن تكون هذه المناصفة محدودة في الزمن 294لتحقيق
األهداف المتوخاة منها خصوصا تكريس تكافؤ الفرص واألخذ بمعيارالكفاءة.
وتجدراإلشارة إلى أنه لتحقيق المناصفة وضع المغرب مجموعة من اآلليات والهيئات ،إال
أن الهيئة الرسمية التي تضمنها دستور فاتح يوليوز هي هيئة المناصفة ومكافحة جميع أشكال
التمييز ،والتي تم التنصيص عليها من خالل الفصل 164الذي نص على أن ":تسهرالهيأة المكلفة
بالمناصفة ومحاربة جميع أشكال التمييز ،املحدثة بموجب الفصل 19من هذا الدستور ،بصفة
خاصة ،على احترام الحقوق والحريات المنصوص عليها في الفصل المذكور ،مع مراعاة
االختصاصات المسندة للمجلس الوطني لحقوق اإلنسان.
بعدما تم التنصيص الدستوري على هذه الهيأة عمل المشرع على تنظيمها وتحديد
هيكلتها واختصاصاتها بموجب القانون .29579.14
293محمد الصغير جنجار :مبدأ المناصفة :أفق ديمقراطي جديد ،مرجع سابق ،ص .420
294يمكن الوقوف هنا على نقطة متمثلة في استتحالة تحقيق المناصفة الحسابية التامة ،نذكر على سبيل المثال نظام
الوظيفة العمومية فهناك بعض الوظائف تتطلب توفر الرجال أكثر من النستتتتتتتاء لطبيعة أعمالها مثل الجيش ،وهناك
مثال وظائف يمكن أن تكون فيها النساء أكثر نثل طبيبات التوليد تبعا لخصوصيات المجتمع.
295وهو القانون رقم 12.22كما صادقت على دستوريته المحكمة الدستورية بموجب قرارها رقم 20/21م.د بتاريخ
12من ذي الحجة 2231ه الموافق ل 10سبتمبر 1021م ،والصادر األمر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 2.21.21
P 158 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
فبتركيز شديد سوف نغتنم الحديث في هذه األسطر للتذكير بأن صدور هذا القانون مر
بمخاض عسيرسبقته مجموعة من النقاشات العمومية ،وكذا مجموعة من الدراسات من طرف
هيئات رسمية وغير رسمية ،ولعل الدراسة التي قام بها املجلس الوطني لحقوق اإلنسان في هذا
الصدد كان من الممكن استثمارها خصوصا في مجال الدراسة المقارنة وذلك لتقوية أدوار
الهيئة خصوصا في الجانب المتعلق بمدى إلزامية تقاريرها بالنسبة للهيئات العمومية وصناع
القرار السياس ي بالمغرب ،على اعتبار أن تأسيس هذه الهيأة يشكل خيارا وطنيا ومسؤولية
مجتمعية ،بما يضمن ترسيخ المساواة والعدالة االجتماعية ومحاربة جميع أنواع التمييز.
والمالحظ أن هذه الهيأة ستشكل نقطة قوة إذا ما تم التقيد بآرائها ومالحظاتها في مختلف
مناحي الحياة االجتماعية والسياسية ،خصوصا في مجال صنع السياسيات العمومية على فرض
أن هذه األخيرة تشكل الوعاء الحاضن للتدابيرالمزمع إنجازها على أرض الو اقع.
أخيرا بناء على كل ما تم التطرق إليه أن الدستور الجديد شكل فرصة تاريخية لترجمة
االختيارات التو اقة إلى جعل المغرب بلدا ديمقراطيا وحداثيا من خالل مقتضيات دستورية
ترس ي الضمانات والشروط الكفيلة بترسيخ دولة الحق والقانون ،والتي ال تقوم إال على قاعدة
المساواة والمناصفة وتكافؤ الفرص.
ويجمع العديد من المر اقبين والمتدخلين أن المغرب يعيش على وقع تطورات توصف
بالتاريخية وكذا توفر مجموعة من الشروط الموضوعية سوف تمكن ال محالة من تحرير
الطاقات التي يحتويها المغرب للدفع بالمسار الديمقراطي نحو أفق تكون فيه المرأة في وضعية
متساوية تجاه ذاتها واملجتمع ،296لذا وجب على الفعاليات النسائية االنتقال إلى استراتيجية
جديدة تمكنها من التأثير على صنع القرارات والسياسات العمومية هذه األخيرة التي أصبحت
تحتل حيزا مهما في استراتيجيات الدول عبرالصعيد العالمي.
إن هذا األفق يحتاج بالدرجة األولى إلى نقاش عمومي مثمر ومنصف حول تفعيل
المناصفة عبر تنظيم مجموعة من الندوات والملتقيات العلمية والعمل على نجاحها وإعطائها
بتاريخ 30من ذي الحجة 2231ه 12سبتمبر 1021م المتعلق بهيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز ،المنشور
بالجريدة الرسمية عدد 6621بتاريخ 12محرم 2232ه 21أكتوبر 1021م ،ص 2113 :وما يليها.
296محمد الصغير جنجار :مبدأ المناصفة :أفق ديمقراطي جديد ،مرجع سابق ،ص.423:
P 159 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
الزخم الكافي لتستأثر باهتمام رجال القانون والفلسفة واملجتمع بالدرجة األولى أخذا بعين
االعتبارطبيعة مجاالت اشتغالهم.
إلى جانب ما قيل فحسب السياق العام الذي أسس لمبدأ المناصفة بالمغرب ال بد من
مواكبته عن طريق إصالح المنظمة القانونية ،وأولية هذا التحديث يجب عليها أن تنصب حول
وضع قانون انتخابي جديد يروم مشاركة المرأة في صنع القرارالسياس ي وهذا لن يتأتى إال بتمكين
مبدأ المناصفة من التحقيق في أمد زماني مناسب خصوصا على المديين القريب والمتوسط ،إذ
ال يجب إغفال المكون الحزبي في هذا الصدد عبر منحه تحفيزات مالية إضافية لتقديمه
لمترشحات في دو ائرانتخابية كبرى للمنافسة على مقاعد في المدن الكبرى لكي ال يبقى دورالمرأة
هامشيا في صناعة القرار.
لقد عمل دستور 2111على األخذ بعين االعتبار مجموعة من المعطيات التي تتعلق
بتدعيم مجال المشاركة السياسية للمرأة ،وذلك من خالل اإلقرار بمجموعة من المقتضيات
األساسية ،والتي تم التأكيد فيها على ضرورة تحقيق المناصفة .297إذ يحتل الحق في المشاركة
السياسية للمرأة موقعا محوريا ضمن حقوق االنسان األساسية.298
فالمغرب وعلى غرار مجموعة من البلدان التي تعرف تحوال ديمقراطيا تبنى نظام
الحصيص "الكوتا" الذي تم نهجه لرفع نسبة المشاركة السياسية للمرأة وضمان ولوجها لمراكز
القرار السياس ي بمؤسسات الدولة ،والفرق بين نظام الكوتا والمناصفة ،هو أن األول يهدف إلى
تخصيص مجموعة من المقاعد للنساء في املجالس المنتخبة ،أما المناصفة فهو يعني أن تسند
للنساء والرجال نفس الحظوظ عند الترشح لالنتخابات أو عند تولي المناصب القيادية
السياسية أو الحزبية أو النقابية.299
297نسرين بوخيزو :المناصفة بين المحفزات التشريعية والمعيقات االجتماعية ،مرجع سابق ،ص.16 :
298فاطمة لمحرحر :مشاركة المرأة المغربية في البرلمان في ضوء انتخابات 7أكتوبر :1161الواقع والرهانات، ،
مؤلف جماعي ،المســار الديمقراطي بالمغرب في ضــوء االنتخابات التش ـريعية 17أكتوبر ،1161ســلســلة إضــافات
في الدراسات القانونية والسياسية العدد األول ،نونبر ،1167ص.513:
299هنية ناجم :المناصفة في المغرب :التحديات واآلفاق ،مجلة المتوسط للدراسات القانونية والقضائية ،العدد الثاني،
دجنبر ،1026ص.232-231:
P 160 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
فإن الممارسة السياسية أفرزت تجارب كثيرة وغنية يمكن أن يسترشد بها للنهوض
بتمثيلية النساء واالرتقاء نحو أفق المناصفة بعد أن تتوفرإرادة سياسية حقيقية لدى الفاعلين
السياسين لبلوغ هذا الهدف ،300خاصة بعد التكريس الدستوري للمناصفة.
إال أنه بالرغم من كل ما توفر إلى حد اآلن من مناخ إيجابي ،فمن البديهي أن تكون
الممارسة السياسية على المستوى املحلي بالنسبة للنساء قاطرة للتنمية نحو تسلق المناصب
القيادية على المستوى الوطني ،إذ التجربة السياسية في نظرنا مهمة لكي تكتسب المرأة
الشخصية المتطلبة أثناء عملية صنع القرار ،وكذا إعطائها آليات للمجابهة الداخلية في سلم
االندفاع السياس ي بين مختلف المتدخلين.
ولقد أضحت المراصد أداة للتتبع وتجميع المعلومات بغية تحليلها ونشرها ،انطالقا من
فكرة الدفاع عن قضية ما ،وهو ما ينطبق على تنزيل مبدأ المناصفة ،إذ أصبحت تستدعي
الضرورة االعتماد على مرصد للمناصفة في محاربة التمييز وإشعاع قيم المساواة المنصوص
عليها دوليا.301
-تجميع المعطيات والقيام بدراسات و أبحاث حول الوضعية السياسية للنساء سواء
على المستوى املحلي أو الوطني أو الدولي.
-إنجاز برامج عمل تتوخى نشر المعارف والدفاع عن أفكار المناصفة ،مع إنتاج تقارير
منتظمة حول تبني المبدأ في مختلف البرامج والسياسات العمومية.
-وضع لجان تعمل على رصد المناصفة في جميع املجاالت السياسية منها واالقتصادية
ذات الوقع المباشرعلى وضعية المرأة.
300هجر الشحواطي :الدستور المغربي الجديد وتكريس مبدأ المناصفة ،مجلة أنفاس حقوقية ،العدد الرابع ،سنة
،2042ص .412
301محمد الصغير جنجار :مبدأ المناصفة :أفق ديمقراطي جديد ،مرجع سابق ،ص.421:
302هنية ناجيم :المشتتتاركة الستتتياستتتية للمرأة ورهانات المناصتتتفة من خالل االنتخابات التشتتتريعية ل 4أكتوبر ،2041مؤلف جماعي،
المستتار الديمقراطي بالمغرب في ضتتوء االنتخابات التشتتريعية 04أكتوبر ،2041ستتلستتلة إضتتافات في الدراستتات
القانونية والسياسية العدد األول ،نونبر ،2044ص.323:
P 161 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
إذن سوف يشكل ما قيل أرضية لربط دور المناصفة بخلق التنمية وهو ما سوف نعمل
على تناوله من خالل املحورالثاني.
يعتبر البعد التنموي أحد أهم العوامل األساسية في تقليص الفجوة بين الجنسين ،إذ
يقيس المؤشر العالمي للفجوة بين الجنسين Le Globale Gender Gap Indexالذي يصدره
المنتدى االقتصادي العالمي منذ ،2116التفاوت بين الرجال والنساء ،وذلك انطالقا من معدل
النشاط والمشاركة االقتصادية والدخل والتمدرس والصحة والمشاركة السياسية للنساء،
ويشيرمستوى الصفرإلى وضعية التفاوت المطلق ،بينما يشيرالمستوى 1إلى وضعية المساواة،
وهكذا فقد كان المغرب يحتل في 2115المرتبة 135من أصل 145بلدا ،برصيد ،1.593غير أن
ما يكتس ي طابع الخطورة هو أن األداءات النسبية للمغرب ما فتئت تتدهور منذ ،2116عندما
كانت بالدنا تحتل مرتبة .117وخالل الفترة نفسها ،تراجع المغرب ،على مستوى مؤشرات
المشاركة وتكافؤ الفرص في املجال االقتصادي ،من المرتبة 112إلى المرتبة .303 141
من خالل ما سبق يمكن القول إن المغرب يمر بوضعية مقلقة تجاه خلق التنمية عموما
وإدماج المرأة في العملية التنموية خصوصا الذي يطرح مجموعة من اإلشكاالت التي تصب فيما
يجب فعله ،وهو ما سوف يتم التطرق إليه من خالل إدماج المرأة في العملية التنموية عبرتحديد
مكانتها على ضوء أهداف التنمية المستدامة وكذا النموذج التنموي الجديد ،إذ تم اختيارهاتين
االستراتيجيتين للقيمة المضافة لمضامينها على الو اقع المعاش للمرأة المغربية ،إذن سوف
يتم وضع هاتين الدراستين في صلب هذه المقالة وذلك من خالل النقطتين الموليتين.
إن وضع عنوان من هذا القبيل يسير بنا بشكل حتمي إلى وضع تساؤالت و اقعية-منطقية
حول ماذا سوف تقدمه هذه االستراتيجية ،إذن ففي البداية ال بد من االعتراف على أن المغرب
منكب على تفعيل أهداف هذه االستراتيجية ،حيث شكلت هذه األخيرة مرجعية ال غنى عنها في
التأسيس للبناء املجتمعي وتقويته خصوصا في ما يعيشه املجتمع الدولي من تحول ديمقراطي ولو
في رأيي أن هذا المصطلح ال يشمل جميع التحوالت نظرا لغالبية الخصوصية على العمومية،
303قائمة النقاط التقرير الدوري الرابع للمغرب المصادق عليه في مارس 1022من طرف فريق عمل لجنة
الحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية التابعة للمجلس االقتصادي واالجتماعي لألمم المتحدة.
P 162 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
إذن فالتنمية المرتبطة بالمرأة أسست لها نظرية التنمية المستدامة على محاربة التمييز ليس
باعتباره حق من حثوث اإلنسان فقط ،بل لما له من تأثيرمضاعف في جميع مجاالت التنمية من
أجل تحقيق ولو ليس بشكل كلي قيم المساواة والمناصفة.
انطالقا من الحديث السا بق يستشف على أن التنمية المستدامة تستهدف تمكين المرأة
في العملية التنموية بكافة مستوياتها من تخطيط وتنفيذ وتقييم ،إذن فالتنمية الفعالة في
املجتمع هي التي تضمن مشاركة المرأة مع الرجل على حد السواء في تحقيق الهدف األساس ي
للتنمية ،المتمثل في إيجاد بيئة تمكن جميع أفراد املجتمع بصفتهم الثروة الحقيقية لألمم من
التمتع بآثارالتنمية حلى حقهم في الحياة وفق ما يضمنه التشريع الدولي والوطني.
وبالرجوع إلى التجربة المغربية ،فقد عبرصناع القرارعن إرادة قوية لتطويرنماذج جديدة
للتنمية البشرية مرتكزة على مقومات وأسس جديدة تراعي احترام الكرامة اإلنسانية وتعزز
االنصاف ومبادئ النمو المندمج والشامل ،في تفاعل واستجابة مع مضامين خطة التنمية
المستدامة في أفق سنة ،2131ففي هذا اإلطار يتبين االلتزام بدمج المرأة المغربية في مجاالت
ومشموالت التنمية.304
وفي سياق آخر مرتبط بوضع المغرب لنموذج تنموي جديد يمكن التساؤل عن مكانة
المرأة في ظل هذا النموذج؟ وهو ما سوف يتم التطرق إليه في النقطة الموالية.
إن المتفحص لنص التقرير الذي صاغته اللجنة المكلفة بالنموذج التنموي الجديد
يالحظ تأكيده على األهمية الفائقة للمساواة والمناصفة باعتبارها أحد مؤشرات التنمية في ظل
األهداف المرسومة للوصول إلى مغرب الغد ،إذ يمثل تعزيزها أحد الرهانات الكبرى للحد من
الفوارق االجتماعية واالقتصادية بين الجنسين ،وفي هذا السياق لقد رصد التقريرثالثة ر افعات
أساسية من شأنها توسيع إشراك المرأة في التنمية وهي على النحو التالي:
-1رفع االكراهات االجتماعية التي تحد من مشاركة النساء ،السيما من خالل :تعزيز
الحماية االجتماعية للنساء النشيطات خالل فترات الحمل واألشهراألولى بعد الوالدة ،مع تطوير
304قائمة النقاط التقرير الدوري الرابع للمغرب المصادق عليه في مارس 1022من طرف فريق عمل لجنة
الحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية التابعة للمجلس االقتصادي واالجتماعي لألمم المتحدة.
P 163 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
الخدمات والبنيات التحتية التي تمكنهن من المشاركة االقتصادية ،إلى جانب إجراءات قوية من
أجل التساوي في األجور واالنصاف في الولوج إلى فرص شغل ،وذلك لن يتأتى إال عبر التأسيس
للمناصفة في القطاع العمومي ،والقطاع الخاص على التوالي.
-2دعم آليات التربية والتكوين واإلدماج والمواكبة والتمويل املخصصة للنساء ،وفي هذا
اإلطار ،اقترحت اللجنة أن يكون هناك دعم مكثف ملجهودات محاربة األمية والهدر المدرس ي
للبنات في التعليم االعدادي والثانوي ،مما يستدعي تحسين الولوج للعرض التعليمي في شروط
تمكن الفتيات من مواصلة الدراسة ،بالخصوص في العالم القروي والمدن الصغيرة ،وتعزيز
قنوات التكوين والتوجيه واإلدماج مدى الحياة ،دون إغفال حصول النساء على الدعم المالي
العمومي املخصص للتعاونيات والمقاوالت المسيرة من طرف النساء.
-3النهوض بقيم المساواة والمناصفة وتنميتها وعدم التسامح كليا مع كافة أشكال العنف
والتمييزإزاء المرأة:
يتطلب األمر حسب التقرير ،القيام بأنشطة تحسيسية منذ سن مبكرة لتغيير التمثالت
بشأن دور النساء داخل املجتمع وقدرتهن على المشاركة في الحياة السياسية واالجتماعية
واالقتصادية وفق قيم المناصفة والمساواة ،مع دعم هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال
التمييز" في ممارسة مهام تعزيز المناصفة ومحاربة التمييز ،باإلضافة إلى إصالح مدونة القانون
الجنائي وتعديل القانون رقم 113.13المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء ليشمل كل أنواع
العنف والتحرش ،بما في ذلك داخل الفضاءات الخاصة ،ولتبسيط المسطرة المرتبطة بالتبليغ
والتحقيق في حاالت العنف ضد النساء.
وكنقطة إضافية دعا التقرير إلى توسيع مشاركة النساء ،إذ يهدف النموذج التنموي
االجتهاد305 الجديد إلى تعزيز حقوقهن في ارتباط بمبادئ الدستور ،كما أوص ى بإعمال فضائل
فيما يخص المفاهيم الدينية بما يتماش ى مع السياق الحالي وتطورات املجتمع.
وألجل ذلك ،اقترحت اللجنة في بادئ األمر العمل على خلق االنسجام بين المنظومة
التشريعية والقانونية في مجملها والمبادئ الدستورية الهادفة إلى المساواة في الحقوق
والمناصفة ،وعلى املجتمع المدني أن يضطلع بدوره في هذا املجال من خالل مختلف آليات
305معطى االجتهاد في الدين فهو محل نقاش هناك من يقول إن الدين ليس فيه اجتهاد بل وجب على المجتمع التكيف معه العتبار أن
القرآن صالح لكل زمان ومكان ،إال أن الفقه هو من وجب عليه االجتهاد مع تحول المجتمع ،فاالجتهاد مالزم للفقه وليس للدين.
P 164 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
الديمقراطية التشاركية ،كما يقترح خلق فضاءات للنقاش املجتمعي والفقهي باعتباره إطارا
هادئا ورصينا قصد التقدم في مناقشة بعض القضايا املجتمعية ،من قبيل اإلجهاض والوضع
القانوني لألمهات العازبات وزواج القاصرات والوالية القانونية على األطفال ،وذلك بمشاركة
ممثلي الهيئات الدينية والفاعلين المعنيين باملجتمع المدني والخبراء ،على وجه الخصوص.306
أخيرا يمكن القول على أن لجنة النموذج التنموي الجديد قد أسست ر افعات مهمة في
مجال تكريس المساواة والمناصفة داخل املجتمع ،وذلك عبر ادماج النساء في مختلف
السياسات العمومية ،مع توفير الحماية القانونية لها ،إال أن االشكال المطروح يبقى في نظرنا
مدى توفراإلرادة السياسية لتنزيل هذه البرامج ،إذ أن التنصيص على البرامج التنموية دون توفر
رجاالت ونخب قادرة على تحمل المسؤولية ،يجعل كل هذا دون جدوى أو قيمة مضافة ولن تظهر
نتائجه على الفئة المستهدفة ،لذا وجب توفر اإلرادة السياسية من طرف كل الفاعلين إلنجاح
هذه التوصيات.
خاتمة:
ختاما ،يمكن التأكيد على أن موضوع المناصفة موضوع مجتمعي متعدد األبعاد ،حيث
تعد قضية المساواة بين الجنسين قضية تتقاطع عندها مجموعة من المعاييروالنظم القانونية
والقناعات األخالقية والتمثالت النمطية والعوامل النفسية والموروثات والتراكمات الثقافية.
إن االختالف في زوايا النظر والتحليل ،على مستوى األدوار بين األشخاص بحسب
طبيعتهم الجنسية ووضعيتهم العائلية ومو اقعهم ،من شأنه إثارة العديد من مظاهر سوء الفهم
أو التوتر ،حيث المصلحة العامة تستوجب الصرامة والوضوح في تراتبية المعاييروالموضوعية
في اإلعالم واالحترام المتبادل في الحواروكذا المسؤولية في العمل.
والبد من اإلشارة في هذا الصدد إلى الطابع المتناقض ،الدينامي والهش في آن واحد،
للتو افق الوطني حول المساواة والتذكير بأنه في هذا الموضوع ،وعلى غرار أكثر من أي دينامية
أخرى ،ال تتم حماية التقدم املحرزبكيفية نهائية ومستدامة وأن خطرالتراجع ليس معدوما.
306المملكة المغربية :النموذج التنموي الجديد ،تحرير الطاقات واس تعادة الثقة لتس ريع وتيرة التقدم وتحقيق الرفاه
للجميع ،سنة اإلصدار ،1012ص.23
P 165 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
-عبد الحق وهيب :مكانة حقوق االنسان في الدستورالمغربي ،رسالة لنيل شهادة الماستر
في القانون العام ،جامعة موالي إسماعيل ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية
مكناس ،السنة الجامعية 2112-2111
-محمد الصغير جنجار :مبدأ المناصفة :أفق ديمقراطي جدي ،مؤلف جماعي ،مركز
تكوين القيادات النسائية ،الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب ،سنة.
-عبد الرحمان لعمراني ،خديجة الرباح :المشاركة السياسية للنساء ،ر افعة للتنمية
الديمقراطية الترابية ،مرجع غيرمنشور.
-فاطمة ملحرحر :مشاركة المرأة المغربية في البرلمان في ضوء انتخابات 7أكتوبر :2116
الو اقع والرهانات ،مؤلف جماعي ،المسار الديمقراطي بالمغرب في ضوء االنتخابات التشريعية
17أكتوبر ،2116سلسلة إضافات في الدراسات القانونية والسياسية العدد األول ،نونبر.2117
-هجر الشحواطي :الدستور المغربي الجديد وتكريس مبدأ المناصفة ،مجلة أنفاس
حقوقية ،العدد الرابع ،سنة .2112
-المملكة المغربية :النموذج التنموي الجديد ،تحرير الطاقات واستعادة الثقة لتسريع
وتيرة التقدم وتحقيق الرفاه للجميع ،سنة اإلصدار.2121
P 166 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
وتبعا لما ذكر كان لزاما على المشرع المغربي كما عمل على تنظيم مالية ومحاسبة هذا
النوع من األمالك أن يوجد نظاما خاصا للرقابة على التدبير المالي واملحاسبي لألوقاف ويخرجه
في قالب عصري متطلع إلى النهل من التطور الحاصل في هذا املجال ،وفي الوقت نفسه متشبع
بروح أصالة المؤسسة الوقفية وبشكل يخدم بقاءها واستمرارها في أداء الدور المنوط بها
مجتمعيا.
وهكذا وتعزيزا لدعم الثقة في هذه المؤسسة فقد عمل المشرع المغربي على تأسيس نظام
للرقابة على التدبير المالي واملحاسبي لألمالك الوقفية ،سواء تعلق األمر باألوقاف العامة
(المطلب األول) ،أو األوقاف المعقبة (المطلب الثاني).
P 167 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
يخضع تدبير مالية األوقاف العامة لمر اقبة خاصة تتميز بالضبط الجيد والصرامة
الكبيرة ،وتهدف إلى التأكد من سالمة العمليات المتعلقة بتنفيذ الميزانية السنوية الخاصة
باألوقاف العامة والحسابات المتعلقة بها وتتبعها ومسك محاسبتها ومر اقبة مطابقتها للنصوص
الجارية عليها.
وهذه الرقابة نوعان؛ رقابة داخلية ويقوم بها المر اقبون الماليون كل حسب نطاق
اختصاصه (الفقرة األولى) ،ورقابة خارجية يتوالها املجلس األعلى لمر اقبة مالية األوقاف العامة
(الفقرة الثانية).
يضطلع بمهام الرقابة الداخلية على مالية األوقاف العامة على صعيد اإلدارة المركزية
لوزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية مر اقب مالي مركزي يساعده في أداء مهامه مر اقبان ماليان
مساعدان (أوال) ،ويمارس هذه المر اقبة على صعيد نظارات األوقاف مر اقبون ماليون محليون
(ثانيا).ا :األوقاف العامة
أوال) المر اقبة الداخلية المركزية على مالية األوقاف العامة :يتولى مر اقبة مالية األوقاف
العامة على المستوى المركزي المر اقب المالي المركزي ومساعداه ويمارسون جميعا مهامهم
تحت سلطة المفتشية العامة لوزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية حيث يعهد إليهم
باالختصاصات التالية:
)3التحقق من صفة الشخص المؤهل للتوقيع على مقترحات االلتزام بالنفقات واألمر
بصرفها؛
P 168 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
)5التأشير على مقترحات االلتزام بالنفقات واألوامر الصادرة بصرفها في حدود االعتمادات
المسجلة في الميزانية السنوية الخاصة باألوقاف العامة ،والسهر على التأكد من
مطابقتها لألحكام التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل.
ونظرا لكثرة األمالك الوقفية بالمملكة المغربية والتي يصعب ضبطها ومر اقبتها بشكل
مركزي من قبل المر اقب المالي المركزي فقد أحدثت مؤسسة المر اقب المالي املحلي على
صعيد جميع نظارات األوقاف المنتشرة على مجموع التراب الوطني.
ثانيا) المر اقبة الداخلية املحلية على مالية األوقاف العامة :ويمارس هذه الرقابة
المر اقبون املحليون تحت سلطة المر اقب المالي المركزي إذ يعهد إليهم عالوة على
االختصاصات الممنوحة لكل من المر اقب المالي المركزي ومساعداه ،والتي يأتونها على صعيد
النفوذ الترابي للنظارة التي ينتمون إليها ،يمنحهم المشرع بممارسة االختصاصات التالية:
)1التأشيرعلى مشاريع عقود كراء الممتلكات الوقفية قبل إبرامها بعد التحقق من مطابقتها
ألحكام هذه المدونة والنصوص المتخذة لتطبيقها؛
)3التأشيرعلى جميع الوثائق المتعلقة بعمليات تحصيل الموارد بجميع أنواعها وتتبع هذه
العمليات وإعداد قوائم تركيبية شهرية وسنوية خاصة بها.
)4مر اقبة أعمل وسجالت القابض :إذ يقوم المر اقب المالي العني دون سابق إعالم ،وكلما
رأى ذلك مناسبا أو بطلب من اآلمر بالصرف أو اآلمر المساعد بالصرف ،ومرة كل شهر
على األقل بالتدقيق في محاسبة القابض الذي يعمل تحت إشر افه ،وجرد دفاتر
املخالصات ،وتقييم سيرالقباضة ومردوديتها.
)5مر اقبة أعمل وسجالت الشسيع :حيث يعمل المر اقب ،بدون سابق إخطارأو بطلب من
اآلمر بالصرف أو اآلمر المساعد بالصرف ،في مكتب شسيع النفقات بالتدقيق في
محاسبته وفي صندوق الشساعة ،ويعتبر هذا األخير ملزما بتقديم جميع الوثائق التي
تمكن المر اقب المالي من إجراء التدقيق ،وبمناسبة ذلك يعتبرالمر اقب المذكورملزما
بإطالع كل من اآلمر بالصرف أو اآلمر المساعد بالصرف بشكل فوري بكل إخالل أو
مخالفة لألنظمة التي يتم ضبطها أثناء القيام بمهمته هذه.
P 169 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
ويمكن أن تثار مسؤولية المر اقب المالي المعني إن لم يقم بأعمال المر اقبة الموكولة
إليه سواء تعلق األمر بأعمال القابض أو شسيع النفقات ،أو لم يقم بالمطالبة فورا بدفع
المداخيل التي لم يتم إنجازها من قبل القابض في األجل املحدد ،أو لم يقم بالمطالبة فورا بدفع
النفقات التي لم يتم إنجازها من طرف شسيع النفقات في الوقت املحدد.
عالوة على االختصاصات المذكورة أعاله ،يعد كل من المر اقب المالي المركزي وكذا
المر اقبين املحليين العاملين تحت سلطته ،كل منهم على حدة ،تقريرا سنويا حول حصيلة
نشاطه ،يرفع إلى املجلس األعلى لمر اقبة مالية األوقاف العامة ،ويوجه نسخة منه إلى إدارة
األوقاف قصد اإلخبار307.
وجدير بالذكر أن كال من المر اقب المركزي ومساعداه والمر اقبون املحليون المكلفون
بمر اقبة حسابات األوقاف العامة ،كل في نطاق اختصاصه ،يعتبرون مسؤولين مسؤولية
شخصية عن أعمال المر اقبة التي يتعين عليهم القيام بها طبقا ألحكام مدونة األوقاف
والنصوص المتخذة لتطبيقها ،وكذا النصوص التشريعية والتنظيمية المعمول بها308.
وإلى جانب الرقابة الداخلية بمستوييها المركزي واملحلي فقد أوجدت مدونة األوقاف
مؤسسة جديدة ذات طابع مستقل تعنى باألساس بالرقابة الخارجية على مالية األوقاف العامة
بالمغرب؛ ويتعلق األمرباملجلس األعلى لمر اقبة مالية األوقاف العامة.
يقوم بالرقابة الخارجية املجلس األعلى لمر اقبة مالية األوقاف العامة يتولى خاللها هذا
املجلس القيام بمر اقبة مالية األوقاف العامة ،ودراسة القضايا المتعلقة بها ،و إبداء الرأي
بشأنها ،و اقتراح جميع اإلجراءات الهادفة إلى ضمان حسن تدبيرها وفق مبادئ الشفافية
307جـ ــاء فـ ــي الفق ـ ـرة األخي ـ ـرة مـ ــن المـ ــادة 635مـ ــن مدونـ ــة األوقـ ــاف المغربيـ ــة أنـ ــه " :عـ ــالوة علـ ــى االختصاصـ ــات
المـ ــذكورة أعـ ــاله ،يعـ ــد كـ ــل مـ ــن الم ارقـ ــب المـ ــالي المركـ ــزي وكـ ــذا الم ـ ـراقبين المحليـ ــين العـ ــاملين تحـ ــت سـ ــلطته ،كـ ــل
م ـ ــنهم عل ـ ــى ح ـ ــدة ،تقريـ ـ ـ ار س ـ ــنويا ح ـ ــول حص ـ ــيلة نش ـ ــاطه ،يرف ـ ــع إل ـ ــى المجل ـ ــس األعل ـ ــى لمراقب ـ ــة مالي ـ ــة األوق ـ ــاف
العامة ،ويوجد نسخة منه إلى إدارة األوقاف قصد اإلخبار "
308ه ـ ــذا باإلض ـ ــافة إل ـ ــى خض ـ ــوعهم أثن ـ ــاء ممارس ـ ــتهم لمه ـ ــامهم ،كس ـ ــائر المت ـ ــدخلين ف ـ ــي ت ـ ــدبير األم ـ ــالك الوقفي ـ ــة
مـ ـ ــن نظـ ـ ــار وآم ـ ـ ـرين بالصـ ـ ــرف المسـ ـ ــاعدين ،لقواعـ ـ ــد المسـ ـ ــؤولية التأديبيـ ـ ــة والمدنيـ ـ ــة والجنائيـ ـ ــة طبقـ ـ ــا للنصـ ـ ــوص
التشريعية الجاري بها العمل وذلك في حالة ثبوت إخاللهم بااللتزامات الملقاة على عاتقهم.
P 170 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
والح كامة الرشيدة ،بما يكفل حماية األموال الموقوفة وفقا عاما ،والحفاظ عليها وتنمية
مداخيلها.
ويمكن تقسيم هذه الرقابة الخارجية التي يقوم بها هذا املجلس على مالية األوقاف العامة
إلى رقابة خارجية قبلية (أوال) ،ورقابة خارجية بعدية (ثانيا).
أوال) الرقابة القبلية للمجلس على مالية األوقاف العامة :خالل هذه المرحلة من الرقابة
على مالية األوقاف العامة يعمد املجلس األعلى لمر اقبة مالية األوقاف العامة إلى دراسة مشروع
الميزانية السنوية لتلك األوقاف ،ثم المصادقة عليه.
أ) دراسة مشروع الميزانية السنوية لألوقاف العامة :تطبيقا للمادة 143من مدونة
األوقاف فإن إدارة األوقاف تعمل على تحضير مشروع الميزانية السنوية الخاصة
باألوقاف العامة ،وتقوم بإحالتها على املجلس األعلى لمر اقبة مالية األوقاف العامة
مرفقا بمذكرة تقديمية قبل متم شهرأكتوبرعلى أبعد تقديرمن كل سنة مالية.
وبمجرد توصله بمشروع الميزانية المذكور يعمل رئس املجلس األعلى لمر اقبة مالية
األوقاف العامة على إحالته على لجنة الميزانية بذات املجلس ،309كما يقوم بتنسيق مع إدارة
األوقاف على تحديد برنامج زمني لدراسة ذلك المشروع ومناقشته ،ودراسة التعديالت المقترح
إدخالها عليه ،وعرضه على املجلس من أجل المصادقة عليه.
وقد ألزم المشرع لجنة الميزانية في هذا املجلس أن تعقد اجتماعها للشروع في دراسة
مشروع الميزانية خالل األسبوع الموالي لتوصل املجلس به على أبعد تقدير ،310وهو أمر حميد
لما فيه من تسريع لوتيرة االشتغال والنظرفي مشروع الميزانية المطروح للدراسة؛ إذ لم يحتسب
هذا األجل من تاريخ اللجنة المعنية بذلك المشروع و إنما من تاريخ توصل املجلس به.
309كان في السـ ــابق يحال مشـ ــروع الميزانية الخاصـ ــة باألوقاف العامة لكن بموجب الظهير رقم 6.69..7الصـ ــادر
بتــاريخ 16مــارس 1169المتعلق بــالمصـ ـ ـ ـ ـ ـ ــادقــة على تغيير وتتميم النظــام الــداخلي للمجلس األعلى لمراقبــة مــاليــة
األوقاف العامة أصبح مشروع الميزانية المذكور يحال على لجنة الميزانية.
310ج ــاء فـــي الفقـ ـرة الثاني ــة م ــن الم ــادة .1م ــن النظـــام ال ــداخلي للمجل ــس األعلـ ــى لمراقب ــة مالي ــة األوق ــاف العام ــة
أنـ ــه " :يتعـ ــين علـ ــى اللجنـ ــة المـ ــذكورة أن تعقـ ــد اجتماعهـ ــا للشـ ــروع فـ ــي د ارسـ ــة مشـ ــروع الميزانيـ ــة ،خـ ــالل األسـ ــبوع
الموالي لتوصل المجلس به على أبعد تقدير "
P 171 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
كما أن السلطة الحكومية المكلفة باألوقاف ملزمة بتقديم عرض عام عن مشروع
الميزانية السنوية لألوقاف العامة أمام اللجنة المذكورة يتضمن استعراضا عاما ألهم
التوجهات واالختيارات التي يعكسها هذا المشروع ومبررات الميزانية واألهداف المتوخاة منها،
مع بيانات وجداول مقارنة بين معطيات السنة الجارية ،وعند االقتضاء معطيات السنوات
السابقة ،وتلك المقترحة في مشروع الميزانية للسنة الموالية .وهذا بطبيعة الحال بعد أن تكون
إدارة األوقاف عملت على تمكين هذه اللجنة من جميع الوثائق والمستندات والبيانات الموضحة
لمضامين المشروع أو المتعلقة به سواء تم ذلك بشكل تلقائي أو بطلب من تلك اإلدارة.
كما تعمل ذات اللجنة على تخصيص جلسة للمناقشة العامة لمشروع الميزانية يحضرها
ممثل عن السلطة الحكومية المكلفة باألوقاف الذي يمكنه عند االقتضاء تقديم األجوبة عن
واالستفسارات والمالحظات المثارة خالل هذه الجلسة311.
ويتعين على اللجنة المذكورة عقد اجتماعات متوالية وفق البرنامج الزمني املحدد إلجراء
المناقشة التفصيلية لمشروع الميزانية عن طريق عقد مجموعة من االجتماعات األخرى وفق
البرنامج الزمني املحدد سلفا ،وتتم هذه المناقشة حسب أجزائها و أقسامها و أبوابها وفصولها
وفق ما تم التنصيص عليه في المادتين 135و 131من مدونة األوقاف وفي مصنفة الميزانية.
ويتولى ممثل إدارة األوقاف خالل هذه السلسلة من االجتماعات عرض مشروع الميزانية وقف
الترتيب المذكور مع تقديم الشروحات الالزمة بشأنه واألجوبة عن االستفسارات المثارة بشأنه
أثناء المناقشة.
وتجدراإلشارة أن مشروع الميزانية السنوية لألوقاف العامة ،خالل هذه المرحلة ،يمكن
أن يكون محط مقترح تعديلي أو مجموعة من المقترحات التعديلية يمكن تقديمها من قبل
السلطة الحكومية المكلفة باألوقاف أو من طرف لجنة الميزانية الساهرة على دراستها،
والمقترحات المقدمة من طرف هذه األخيرة ال تقدم باسم أعضاءها و إنما باسم اللجنة ككل
حيث يعقد بمناسبة ذلك اجتماع خاص يرأسه رئيس املجلس وال يحضرهذا االجتماع إال أعضاء
311نصـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت المــادة .3من النظــام الــداخلي للمجلس األعلى لمراقبــة مــاليــة األوقــاف العــامــة المغير والمتمم بموجــب
الظهير رقم 6.69..7بتاريخ فاتح مارس 1169على ما يلي " :تخص ــص لجنة الميزانية جلس ــة خاص ــة للمناقش ــة
العامة لمش ــروع الميزانية ،يحضـ ـره ممثل الس ــلطة الحكومية المكلفة باألوقاف .ويمكن لهذا األخير ،أو عند االقتض ــاء
لممثلين آخرين ،تقديم عناصر اإلجابة عن االستفسارات والمالحظات المثارة أثناء المناقشة العامة "
P 172 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
اللجنة المذكورة وباقي أعضاء املجلس .ومن الضروري أن ترفق تلك المقترحات عند تقديميها،
سواء تم ذلك من قبل اللجنة المعنية أو السلطة الحكومية المكلفة باألوقاف بمذكرة توضيحية
تتضمن مبررات التعديل أو التعديالت المقترحة312.
ويتم تخصيص اجتماع خاص من قبل لجنة الميزانية تحضره السلطة الحكومية المكلفة
باألوقاف لمناقشة مقترحات التعديلية المقدمة وتحديد المقبول منها على أساس أن تعطى
األسبقية في الدراسة والمصادقة لتلك المقترحات المقدمة من قبل إدارة األوقاف.
وقد نص المشرع من خالل المادة 51من النظام الداخلي للمجلس األعلى لمر اقبة مالية
األوقاف العامة على أن مقترحات التعديالت التي تقدمها لجنة الميزانية يتم رفضها في الحالتين
التاليتين:
إذا تم االعتراض عليها من قبل السلطة الحكومية المكلفة باألوقاف أو ممثلها ،شريطة أن
يكون االعتراض معلال تعليال كافيا؛
إذا كان من شأن التعديل المقترح من قبل اللجنة اإلخالل بالتوازن المالي لمشروع
الميزانية المعروض على المصادقة ،وفي هذه الحالة يتعين أن يكون رفض السلطة الحكومية
المكلفة باألوقاف رفضا معلال تعليال كافيا.
وارتباطا بما جاء في هذا المقتض ى القانوني نجد أن المشرع حين تحديده لحالتي رفض
مقترح التعديل بشأن مشروع الميزانية قد حدد الحالة الثانية تحديدا دقيقا وهي المتعلقة
باإلخالل بالتوازن المالي للمشروع ،في حين نجد أن الحالة األولى المرتبطة باعتراض إدارة األوقاف
أو ممثلها على المقترح جاءت عامة غيرمحددة وهوما قد يفتح الباب على كثيرمن التأويالت ،وكان
من باب الضبط القانوني أن يحدد المشرع تلك الحاالت تجنبا ألي تضارب في الرأي بشأن ذلك
وحتى ال تتعطل مصحة األوقاف بسببه.
312نصـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت المــادة 31من النظــام الــداخلي للمجلس األعلى لمراقبــة مــاليــة األوقــاف العــامــة المغير والمتمم بموجــب
الظهير رقم 6.69..7بتاريخ فاتح مارس 1169على ما يلي " :تخصـ ـ ـص لجن المالية اجتماعا لد ارس ـ ــة مقترحات
التعـديالت المقـدمـة إليهـا وتحـديـد المقبول منهـا ،تحض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـره السـ ـ ـ ـ ـ ـ ــلطـة الحكوميـة المكلفـة بـاألوقاف وممثلوها .وتعطى
األسبقية في الدراسة والمصادقة لمقترحات التعديالت المقدمة من طرف السلطة الحكومية المكلفة باألوقاف "
P 173 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
ب) المصادقة على الميزانية السنوية لألوقاف العامة :بعد االنتهاء من أعمال مناقشة
مشروع الميزانية السنوية لألوقاف العامة ،بشقيها العام والتفصيلي ،تقوم لجنة
الميزانية بعرض المشروع والتعديالت المقبولة التي أدخلت عليه على الجمع العام
للمجلس األعلى لمر اقبة مالية األوقاف العامة من أجل المصادقة عليه بعد االستماع
إلى تقرير لجنة المذكورة وعرض السلطة الحكومية المكلفة باألوقاف أو ممثلها313.
االحتمال األول :المصادقة على الميزانية السنوية الخاصة باألوقاف العامة قبل بداية
السنة المالية ،وبالتالي تكون هذه الوثيقة صالحة للتنفيذ تبعا للوقت املحدد لها قانونا.
ا الحتمال الثاني :عدم المصادقة عليها قبل بداية السنة المالية ،وفي هذه الحالة يستمر
العمل فيما يخص المداخيل بجميع أنواعها ونفقات التسيير طبقا لميزانية السنة المنصرمة
إلى حين المصادقة على مشروع الميزانية؛ الذي يحال من جديد على لجنة الميزانية إلعادة
الدراسة من الجديد ،وذلك بعد إدخال التعديالت التي تقرحها إدارة األوقاف في ضوء المالحظات
التي أبداها الجمع العام للمجلس والتي كانت سببا في عدم مصادقته على المشروع.
وفي نهاية المطاف ،وبعد أن تصير الميزانية السنوية الخاصة باألوقاف العامة مصادقا
عليها فإن أي تعديل تقترح السلطة الحكومية المكلفة باألوقاف إدخاله على هذه الميزانية يتعين
عرضه ودراسته وفق نفس الشروط واإلجراءات السابق ذكره أعاله.
وهكذا إن كان المشرع المغربي قد أحاط الرقابة القبلية التي يجريها املجلس األعلى
لمر اقبة مالية األوقاف العامة على الميزانية الخاصة بهذه األمالك بمجموعة من الضوابط
الصارمة التي تحول دون اإلخالل بحقوق الوقف العام أو تضييع مصالحه ،فكيف هو األمر
بالنسبة للرقابة التي يجريها هذا املجلس على ذات الميزانية حين تنفيذها؟
313جـاء المـادة 31من النظـام الـداخلي للمجلس األعلى لمراقبة مالية األوقاف العامة المغير والمتمم بموجب الظهير
رقم 6.69..7بتاريخ فاتح مارس 1169على ما يلي " :يتعين عند اختتام المناقشــة أن تعرض لجنة الميزانية على
مصـ ـ ـ ـ ــادقة الجمع العام للمجلس ،مش ـ ـ ـ ـ ــروع الميزانية والتعديالت المقبول إدخالها عليه ،مرفقا بتقرير خاص تعده لهذا
الغرض"...
P 174 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
ثانيا) الرقابة البعدية للمجلس على مالية األوقاف العامة :في إطاراالختصاصات الموكولة
للمجلس األعلى لمر اقبة مالية األوقاف العامة وتحديدا ما يهم الرقابة البعدية عليها أي
افتحاص وتدقيق هذه المالية بعد صيرورة الميزانية السنوية الخاصة بها سارية المفعول نجد
أن هذا املجلس موكول إليه أمردراسة تقاريرالمر اقبين الماليين والبث فيها ،وكذا دراسة حساب
التسيير المتعلق بالميزانية السنوية والمصادقة عليها ،و أيضا االفتحاص السنوي لوضعية
التدبيرالمالي لألوقاف العامة:
أ) دراسة تقارير المر اقبين الماليين والبث فيها :في إطار مر اقبة مزدوجة للمجلس األعلى
لمر اقبة مالية األوقاف العامة ،أو ما يمكن االصطالح عليه بمر اقبة المر اقبة ،يرفع كل
من المر اقب المالي المركزي والمر اقبين املحليين ،تطبيقا ألحكام الفقرة األخيرة من
المادة 151من مدونة األوقاف ،كل واحد منهم على حدة ،تقريرا سنويا إلى هذا املجلس
عن حصيلة نشاطه قبل متم شهر فبراير من كل سنة ،يكون مؤرخا وموقعا من قبله،
ويتضمن جميع العمليات المنجزة في دائرة اختصاصه برسم السنة المالية المنصرمة
واإلجراءات المتعلقة بتنفيذها ،مع ضرورة التمييز بين العمليات التي أنجزت في إطار
بتنفيذ الميزانية السنوية الخاصة باألوقاف العامة ،والعمليات األخرى عند االقتضاء،
وباقي األعمال التي أنجزها المر اقب المالي المعني.
ويجب كل واحد من هؤالء المر اقبين الماليين عند رفعه لتقريره السنوي للمجلس
المذكور العمل على إرفاقه بمذكرة تقديم يضمن فيها ملخصا لهذا التقرير ،وعند االقتضاء،
المالحظات والتوضيحات التي من شأنها أن تساعد املجلس على تدقيق المعطيات الواردة في
التقرير .كما ينبغي إرفاقه بنسخ يشهد كل مر اقب بنفسه بمطابقتها ألصل الوثائق والمستندات
المثبتة المتعلقة بالعمليات المنجزة في دائرة اختصاصه والتي كانت موضوع تأشيرمن طرفه.
وبغية دراستها والتأكد من ممارسة المر اقبين المعنيين الختصاصاتهم الموكولة لهم
قانونا يتم عرض التقارير السنوية على لجنة االفتحاص 314التي تضع برنامجا زمنيا لذلك وفق
توجيهات رئيس املجلس األعلى لمر اقبة مالية األوقاف العامة.
314هذه اللجنة كانت تسمى قبل تعديل النظام الداخلي للمجلس األعلى لمراقبة مالية األوقاف العامة بلجنة االفتحاص
والتدقيق المالي.
P 175 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
وبمناسبة هذه المهمة فإنه يمكن للجنة المذكورة أن توجه ،عن طريق رئيسها ،طلب
توضيحات إلى مر اقب من المر اقبين بهدف الحصول على عناصر الجواب الالزمة بخصوص ما
يمكن أن تبديه من مالحظات حول مضمون تلك التقاريرأو بعض النقاط الواردة فيها .كما لها أن
توجه بواسطة رئيس املجلس طلبا إلى كل من المر اقب المالي المعني أو إدارة األوقاف لتمكينها
من كل وثيقة تكون في حوزة هذه الجهات وترى اللجنة فائدة في االضطالع عليها من أجل الوقوف
على المعطيات المتعلقة بما ورد في التقاريرالمرفوعة إلى املجلس.
وجدير بالذكر أنه ليس ألي من الجهات المذكورة الحائزة للوثائق المطلوبة من قبل
اللجنة ،سواء تعلق األمر بالمر اقب المالي المركزي أو المر اقب المالي املحلي أو ناظر الوقف أو
إدارة األوقاف ،رفض تمكين املجلس منها أو االمتناع أو التماطل في ذلك ،وفي أي حالة مشابهة
يمكن لرئيس ذات املجلس مراسلة السلطة الحكومية في الموضوع ألجل اتخاذ اإلجراءات الالزمة
لتمكينه من تلك الوثائق ،كما يشار ،عند االقتضاء إلى الحاالت المذكورة في التقرير السنوي
الذي يرفعه املجلس إلى جاللة الملك.
ويتوج عمل لجنة االفتحاص بخصوص دراسة تقارير المر اقبين الماليين بإعداد تقرير
خاص وشامل يعرض على املجلس األعلى لمر اقبة مالية األوقاف العامة من أجل المصادقة
عليه ،مرفقا بمقترحات اللجنة المتعلقة باإلشهاد على سالمة العمليات المنجزة من قبل
المر اقبين المعنيين ،وتوصياتها بإثارة مسؤولياتهم عند االقتضاء.
ب)دراسة حساب التسيير المتعلق بتنفيذ الميزانية السنوية والمصادقة عليها :يقوم
المر اقب المالي المركزي بإعداد حساب التسيير المتعلق بحصيلة تنفيذ الميزانية السنوية
الخاصة باألوقاف وفق الكيفيات التي تم تحديديها في التنظيم المالي واملحاسبي الخاص بميزانية
األوقاف العامة ،ويضمن فيه بشكل مفصل حصيلة جميع العمليات المالية المنجزة برسم
السنة المالية المعنية من فاتح يناير إلى 31دجنبر منها ،والمبالغ النهائية للموارد المقبوضة
والنفقات المأمور بصرفها ،مع إبراز بكيفية تركيبية الوضعية المالية التي تم تنفيذها إلى غاية
آخريوم من سنة تنفيذها .وتعمل السلطة الحكومية المكلفة باألوقاف على إحالته على املجلس
األعلى لمر اقبة مالية األوقاف العامة قبل متم شهر مارس من السنة الموالية للسنة المقدم
بشأنها ذلك الحساب على أبعد تقدير.
P 176 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
كما يتعين إرفاق هذا الحساب بمجموعة من الوثائق تعد ضرورية إلجراء المر اقبة ويتعلق
األمرب:
)6بيان مطابقة حساب المر اقب المالي المركزي مع مجموع حسابات المر اقبين
املحلين التابعين له.
كما يرفق ذات الحساب بتقرير حول نجاعة األداء في تنفيذ الميزانية تعده إدارة األوقاف
طبقا للمادة 166مكررة من مدونة األوقاف.
ويرفق أيضا بمذكرة مفصلة تتضمن المعطيات التركيبية المتعلقة بتنفيذ الميزانية،
وتحلي ال شامال لهذه المعطيات ،واستعراضا ألهم النتائج التي تم تحقيقها ،ويضمن فيها ،عند
االقتضاء ،جميع المالحظات التي ترى إدارة األوقاف فائدة في إبدائها ،أو من شأنها أن تساعد
املجلس في أداء مهامه المتعلقة بحساب التسيير المعروض عليه ،كما أن إدارة األوقاف ملزمة
بأن توافي املجلس بأي وثيقة أو معطيات أو معلومات يطلبها بواسطة رئيسه تعتبر ضرورية لذلك.
ويسهراملجلس األعلى لمر اقبة مالية األوقاف العامة على تدقيق حساب التسييرالمتعلق
بتنفيذ الميزانية الخاصة باألوقاف العامة ،والتأكد من مطابقة المعطيات الواردة فيه مع تلك
المضمنة في تقارير كل من المر اقب المالي المركزي والمر اقبين المالين املحليين التابعين له؛
وألجل ذلك يعمل رئيس هذا املجلس على إحالة الحساب المذكور على لجنة المالية بمجرد
التوصل به حيث تعمل هذه األخيرة على عقد مجموعة من الجلسات ،وفق برنامج زمني يحدد
بشكل مشرك بين رئيس املجس والسلطة الحكومية المكلفة باألوقاف أو من يمثلها ،يعرض في
إحداها عرض إدارة األوقاف أو من يمثلها يضمن استعراضا عاما للمعطيات األساسية المتعلقة
بحصيلة تنفيذ الميزانية السنوية موضوع الحساب المعروض ،وتخصص باقي الجلسات
P 177 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
لمناقشة وتدارس هذا الحساب يحضرها ممثل أو ممثلين عن إدارة األوقاف حيث يمكنهم تقديم
جميع التوضيحات واإلجابة عن استفسارات أعضاء اللجنة ومالحظاتهم.
وعند انتهاء اللجنة المذكورة من دراسة ومناقشة حساب التسييرالمقدم لها تقوم بإعداد
تقرير خاص عن حصيلة أشغالها يرفق بذلك الحساب يتم عرضه على الجمع العام للمجلس
األعلى لمر اقبة مالية األوقاف العامة ألجل المصادقة عليه.
ب) االفتحاص السنوي لوضعية التدبير المالي لألوقاف العامة :من جملة االختصاصات
الموكولة إلى املجلس بموجب مقتضيات مدونة األوقاف فيما يخص الرقابة على مالية
األوقاف العامة القيام باالفتحاص السنوي لوضعية التدبير المالي لألوقاف العامة على
صعيد اإلدارة المركزية إلدارة األوقاف ومصالحها الخارجية وكذا األجهزة التي تتولى تدبير
مالية هذه األوقاف.
)3تقييم مدى تحقيق مشاريع األوقاف لألهداف املحددة ،انطالقا من النتائج املحققة
وكذلك تكاليفها ،وطريقة استخدام الوسائل المستعملة؛
)5تقديم اقتراحات ،عند االقتضاء ،بشأن الوسائل الكفيلة بتحسين أساليب التدبير
والزيادة في نجاعتها.
P 178 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
وتجدر اإلشارة أن عمليات االفتحاص السنوي لوضعية التدبير المالي لألوقاف العامة،
سواء على صعيد اإلدارة المركزية إلدارة األوقاف أو على صعيد النظارات التابعة لها ،يتم
طريقتين اثنيتن:
الطريقة األولى :بمبادرة من املجلس وطبقا لبرنامج سنوي يحدد كل سنة ،ويخبر به رئيس
املجلس السلطة الحكومية المكلفة باألوقاف ،وخالله يتم تحديد الجهات المعنية باالفتحاص،
وتاريخ القيام به ،وقائمة المسؤولين عن الجهات المذكورة ،المكلفين بالتنسيق مع املجلس
إلجراء عمليات االفتحاص المقررة.
الطريقة الثانية :بطلب من السلطة الحكومية المكلفة باألوقاف؛ حيث يمكن لرئيس
املجلس أن يعين بعثة خاصة إلجراء عملية افتحاص خاصة ،وذلك خارج نطاق البرنامج المتفق
عليه.
وفي كل األحوال ينتدب رئيس املجلس بالنسبة لكل عملية افتحاص على حدة بعثة خاصة
من بين أعضاء املجلس ال يقل عددهم عن ثالثة أعضاء من بينهم رئيس للبعثة ومقررلها ،ويمكن
تطعيم هذه البعثة باالستعانة بخبراء وأطر آخر ين سواء من بين أعضاء املجلس أو من خارجه،
وسواء تم ذلك بمبادرة من رئيس املجلس أو من البعثة نفسها بعد مو افقة هذا األخير.
وتعتبر الجهة المقرر إجراء االفتحاص بها ملزمة بأن تضع رهن إشارة البعثة المذكورة
جميع الوثائق والمستندات والمعلومات والمعطيات الالزمة ،التي تمكن هذه البعثة من القيام
بواجبها في أحسن الظروف ،ومدها بنسخ منها بناء على طلبها ،كما أن المسؤول أو المسؤولين عن
تلك الجهة ملزمون ،في حدود اختصا كل واحد منهم ،بتقديم األجوبة عن كل التساؤالت وطلب
التوضيحات المقدم لهم من طرف أعضاء البعثة الخاصة.
وتتولى البعثة الخاصة المكلفة بإجراء االفتحاص المذكور بإعداد تقرير خاص عن
مهمتها؛ يتضمن حصيلة األعمال التي قامت بها ،وقائمة الوثائق التي سلمت إليها أو تلك التي
اكتفت باالطالع عليها ،والمقابالت التي أجرتها ،باإلضافة إلى جميع المالحظات التي ترى فائدة في
رفعها إلى علم املجلس واألجوبة التي توصلت بها بشأنها ،عند االقتضاء ،واالستنتاجات التي
خلصت إليها ،وكذا المقترحات والتوصيات التي تقترحها عليه.
P 179 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
ويتم تجميع التقارير المنجزة من طرف مختلف البعثات وإحالتها على لجنة االفتحاص
والتدقيق المالي التي تتولى إعداد تقريربشأنها يعرض على الجمع العام للمجلس.
واملجلس األعلى لمر اقبة مالية األوقاف العامة ملزم أمام جاللة الملك ،بوصفه الناظر
األعلى بالمملكة ،قبل متم شهريونيو من السنة المالية الموالية لسنة التسييرموضوع التقرير،
برفع تقرير سنوي حول نتائج االفتحاص السنوي لوضعية التدبير المالي لألوقاف العامة يضمن
فيه حصيلة عمليات االفتحاص التي قام بها ،مرفقة بالخالصات واالستنتاجات والمالحظات
والمقترحات والتوصيات التي صادق عليها الجمع العام للمجلس ،والهادفة إلى حماية األوقاف
العامة وتطوير أساليب تدبيرها بقصد الحفاظ عليها والعمل على تنميتها .ونفس التقرير تحال
نسخة منه على السلطة الحكومية المكلفة باألوقاف.
ومجمل القول إن الرقابة الممارسة على مالية األوقاف العامة في المغرب تتميز بنوع من
الصرامة الشديدة سواء كانت داخلية أو خارجية ،وهذا التوجه يجد تبريره في رغبة المشرع
المغربي في تحقيق الحماية الالزمة لهذا النوع من األمالك حتى ال تطالها أيادي العابثين ،وحتى
تست مر المؤسسة الوقفية في أداء دورها املجتمعي المنوط بها .وهكذا إن كان األمر كذلك فهل
حظيت مالية األوقاف المعقبة بنفس الرقابة على تدبيرها؟
لم يكتف المشرع المغربي من خالل المادة 111من مدونة األوقاف على مجرد التنصيص
على خضوع األوقاف المعقب لرقابة إدارة األوقاف تاركا لهذه األخيرة السلطة التقديرية في كيفية
إعمال هذه الرقابة ،خاصة في الشق المتعلق بالتدبير المالي والحاسب لهذا الوقف ،بل أوجب
على ناظر الوقف المعقب ضرورة تقديم حساب سنوي عن التسيير الذي يقوم به تجنبا ألي
تقاعس من جانب هذا األخير.
وهكذا سنعمل خالل هذا المبحث على اإلشارة إلى الرقابة المالية واملحاسبية على الوقف
المعقب في إطار الفقه اإلسالمي لكونه المطبق قبل صدور المدونة (الفقرة األولى) ،ثم نبحث
بعد ذلك التنظيم القانوني الذي جاءت به مدونة األوقاف واختيارها الفقهي في هذا اإلطار
(الفقرة الثانية).
الفقرة األولى :الرقابة المالية واملحاسبية على الوقف المعقب في إطارالفقه اإلسالمي
P 180 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
رجوعا إلى المذاهب الفقهية اإلسالمية في مسألة الرقابة على الوقف المعقب نجد أن
فقهاء المسلمين قد وضعوا في سبيل ذلك بعض القواعد االجتهادية والتي تقوم على أساس فرض
حسن النية وتغليب جانب الثقة على الشك؛ مخافة أال تكون النظارة عنصرجذب لذوي المروءة
ظنا بكرامتهم وحرصا على سمعتهم ،وبذلك لم تكن للرقابة المذكورة وقتا محددا تمارس فيه ،بل
ال يتم إعمالها إال إذا ثبت خالف األصل الذي هو حسن الظن والثقة في تصرفات الناظر؛ وعليه
تكون الرقابة على الوقف المعقب رقابة بعدية ال قبلية أي بعد وقوع الفعل املخل بالتدبيرالمالي
واملحاسبي والذي يعد خيانة ،والعلم به لقصد عالجه وليس قبله للوقاية منه.315
وقد اختلف الفقه فيما يخص تلك القواعد االجتهادية على أقوال أربعة؛ بين من يربط
ذلك اشتراط الو اقف اإلشهاد عند الصرف من قبل ناظر على الوقف المعقب (أوال) ،وبين من
يجعله متعلقا بمدى أمانة هذا الناظر (ثانيا) ،وقول آخر المسألة متعلقة بالموقوف عليهم إن
كانوا معينين أم ال (ثالثا) ،ورأي رابع يربط تلك الرقابة بمجانية عمل الناظرأو عدمها (رابعا).
أوال) تعلق الرقابة على الوقف المعقب باشتراط اإلشهاد عند الصرف :وهذا هو قول
فقهاء المالكية حيث انقسموا فيه إلى فريقين:
)1القول األول :إذا اشترط الو اقف في عقد الوقف على الناظر اإلشهاد عند الصرف؛
ففي هذه الحالة ال يصدق في ادعائه صرف الغلل في وجوهها إال بإشهاد على ذلك،
سواء كان ما ادعاه مطابقا للو اقع أم ال ،وسواء كان شخصا أمينا أم غير أمين316.
)2القول الثاني :إذا لم يشترط الو اقف على الناظر اإلشهاد عند الصرف ،فإنه يصدق
فيما ادعى من غير يمين إن كان أمينا إذا صدقه ظاهر الحال ،ويقع على من يتمسك
بخالف ذلك عبء اإلثبات ،فإن كان متهما أو غير أمين فإنه يحلف.317
محمـ ـ ــد ارفـ ـ ــع يـ ـ ــونس الحيـ ـ ــالي ،متـ ـ ــولي الوقـ ـ ــف د ارسـ ـ ــة قانونيـ ـ ــة مقارنـ ـ ــة بـ ـ ــين الفقـ ـ ــه اإلسـ ـ ــالمي فـ ـ ــي مذا بـ ـ ــه 315
انظر :أبو العباس أحمد بن يحيى الونشريسي ،مرجع سابق ،ص 6.1وما يليها.
P 181 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
ثانيا) تعلق الرقابة على الوقف المعقب بأمانة الناظر عليه :وهذا هو موقف الحنفية من
الرقابة على الوقف األهلي الذي يربطونه بمدى أمانة الناظرعليه ولهم في ذلك قوالن:
)1إذا كان الناظر أمينا حسن السمعة يطلب منه دون تفصيل بيان إجمالي لما قام به
من تحصيل لثمار الوقف ومردوده و أيضا ما أنفقه منه مشتمال لما صرفه في سبيل
الحفاظ عليه و أيضا مجموع ما مكنه للموقوف عليهم ،وعليه فإن صدقه القاض ي أو
المستحقين برأت ذمته ،أما إن كذبوه وتعلق األمر بادعاء هالك أموال الوقف أو
ضياعها دون إهمال أو تقصير ،فال يطالب بالبينة مع االختالف في يمينه على ذلك في
قولين اثنين؛ أولهما يرى أداء الناظر لليمين إذا ادعي عيله ش يء معلوم ،وثانيهما يرى
ّ
أداء اليمين مهما كان ما ادعي عليه أهو معلوم أم غيرمعلوم.
أما إن كان محل اإلنكار ما أداه في عمارة الوقف من ريعه ،فيبقل قوله بيمينه إذا جاء
مطابق لظاهرالحال .وفي الحالة التي ينكرفيها مستحقوالوقف حصولهم على حصصهم الواجبة
لهم من غلة الوقف ،فال يطالب الناظربالبينة ويقبل قوله في الدفع ،وفي وجوب اليمين عليه هنا
قوالن؛ األول يرى قبول قوله في الدفع للموقوف عليهم مع اليمين ،فإن أداها برئت ذمته وإن نكل
ضمن من ماله الخاص ،318ويرى القول الثاني أن قول الناظر بالدفع لهم يقبل بدون يمين319.
)2أما إن كان الناظر غير أمين ،ألزمه القاض ي على تقديم حساب تفصيلي يبين فيه
مختلف ما تم استالمه من مداخيل وما تم صرفه من نفقات من ريع الوقف ،فإن
صدق ذلك القاض ي أو الموقوف عليهم برات ذمته ،ألن مصادقتهم تعد حجة عليهم،
أما إن غير ذلك ففي األمر قوالن؛ إما ان يكتفى بيمين الناظر ألجل تصديق قوله على
قول أول ،أو أن ناظر الوقف األهلي ملزم بتقديم البينة على ما ورد في حسابه وهو
القول الراجح لدى الحنفية.320
P 182 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
ثالثا) تعلق الرقابة على الوقف المعقب بمدى تحديد الموقوف عليهم :يرى الشافعية أنه
إن كان الموقوف عليهم معينون وطالبوا الناظر على الوقف بتقديم الحساب فإن صدقوه على
ما قدم لهم برأت ذمته وإال فإنه ملزم بتقديم الحجة المؤيدة لما هو مضمن في ذلك الحساب.
وأما في الحالة التي يكون فيها الموقوف عليهم غير معينين فإنه يصدق في الصرف وفي
مقداره سواء كان أمينا أم ال؛ على أنه في الحالة األولى يقبل قوله بال يمين ،أما في الثانية فالحاكم
يحلفه.
رابعا) تعلق الرقابة على الوقف المعقب بمجانية عمل الناظر :وهذا االتجاه يمثله جزء
من فقهاء الحنابلة ويتم التمييز فيه على أساس مدى المقابل الذي يتحصل عليه الناظر لقاء
نظارته على الوقف ،هل يقوم بذلك العمل تبرعا منه ،أم أنه يتقاض ى مقابله أجرة معلومة؛ وعلى
أساس ذلك ينقسم هذا االتجاه الفقهي إلى رأيين اثنين:
)1يرى الرأي األول أن الناظر يصدق فيما يقم من حساب إجمالي إذا كان ال يتقاض ى
مقابال عما يقوم به من أعمال النظارة.
)2ويرى الرأي الثاني أن ناظر الوقف ملزم بتقديم الحجج المؤيدة لما جاء في حسابه
اإلجمالي إذا كان يتقاض ى أجرا عن مهام النظارة المسندة إليه.
وعلى هذا النحو إذا كان الفقه اإلسالمي في إطار مذاهبه األربعة األكثر انتشارا ،بما فيها
المذهب المالكي المطبق بالمغرب ،قد اختلف في مسألة الرقابة على أعمال النظارة على الوقف
المعقب – األهلي ،-خاصة في الشق المتعلق بالجانب المالي واملحاسبي ،وفصل فيه على متفرع،
فما اختيارمدونة األوقاف المغربية في هذا المسألة؟
الفقرة الثانية :الرقابة المالية واملحاسبية على الوقف المعقب في إطارمدونة األوقاف
تعتبر األوقاف المعقبة ،بشكل عام ،خاضعة إلشراف السلطة الحكومية المكلفة
باألوقاف ،وإن كان التسيير الفعلي والو اقعي لهذه النوع من الممتلكات الوقفية يقوم به وبشكل
مستقل عن إدارة األوقاف الناظر على الوقف المعقب المعهود إليه بشكل رسمي مهام النظارة
عليها.
وبخصوص المهام الموكولة للناظرعلى الوقف المعقب فقد تطرقت إليها المادة 119من
مدونة األوقاف والتي بينت في فقرتها األولى واجبات الناظر من حيث املحافظة على المال
P 183 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
الموقوف ورعاية شؤونه ،وتحصيل مداخيله وتوزيعها على المستحقين حسب شروط الو اقف
وفقا لحكام المدونة المذكورة ،وقد نصت الفقرة الثانية المادة السابقة الذكر على إلزام ناظر
الوقف المعقب بتقديم حساب سنوي عن حصيلة تسييره ألموال الوقف إلى كل من
المستفيدين منه و أيضا إدارة األوقاف؛ على اعتبار الجهة األولى تمثل ذوي الحقوق وإليها يرجع
عائد الوقف وريعه ،وأما الجهة الثانية فهي الجهة االصيلة املختصة قانونا باإلشراف والوصاية
عليه ،وهكذا فقد جاء في هذه القرة الثانية من المادة 119أنه" :يلزم الناظر بتقديم حساب
سنوي عن تسييره للوقف المعقب إلى المستفيدين منه وإلى إدارة األوقاف ،مدعم بالوثائق
المثبتة".
وعلى هذا األساس يكون المشرع المغربي من خالل المادة السابقة الذكر قد حسم
اإلشكال الفقهي المتعلق بمسألة الرقابة على إدارة أموال الوقف المعقب من خالل إلزام الناظر
عليه بتقديم الحساب المتضمن لحصيلة تسييره لذلك الوقف في شكل وثيقة مكتوبة وأن يتم
تدعيمها بكل الوثائق المثبتة والمؤيدة لما هومضمن فيه من حصيلة سنوية ،وذلك بغض النظر
عن كون هذا الناظر شخصا أمينا حسن السمعة أم غير أمين ،وسواء اشترط الوقف عليه في
عقد الوقف أن يقوم باإلشهاد عند الصرف أم لم يشترط ذلك ،ودون االلتفات إلى كون الموقوف
عليهم إن كانوا معينين أم كانوا غير معينين ،وسواء باشر هذا الناظر الموكولة إليه بمناسبة
نظارته بشكل مجاني أم أخذ أجرة مقابل ذلك.
لكن في نظري المتواضع أن هذه المسألة تحتاج إلى ضبط أكثرمن حيث التأطيرالقانوني؛
إذ قد يطرح بشأنها إشكال قانوني في الحالة التي يحصل فيها تعارض في موقف كل من إدارة
األوقاف والمستفيدين من الوقف بخصوص قبول أو رفض الحساب السنوي المقدم من قبل
الناظر ،في هذه الحالة أي قولين سيتم ترجيحه؟ فيبنى عليه في مساءلة هذا الناظر أو عدم
الخوض في مساءلته ،وهو األمرالذي يستلزم بالضرورة تدخل المشرع ألجل تبيان ذلك تجنبا ألي
نزاع قد ينشب نتيجة لما ذكر ،وحتى ال يتعطل أداء الوقف تبعا لهذه المسألة.
خاتمة:
وهكذا فالمالحظ أن المشرع المغربي من خالل مدونة األوقاف والنصوص التطبيقية لها
قد أولى أهمية كبيرة لمسألة الرقابة على التدبير المالي واملحاسبي لألمالك الوقفية بما يحقق
الحماية الالزمة لألوقاف بصفة عامة ويحول دون اإلخالل بمصلحها المالية أو التطاول عليها من
P 184 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
قبل بعض ضعاف النفوس ،لكن هذه الرقابة لم تكن على نفس المستوى الضبط بالنسبة لكافة
أنواع األوقاف؛ فإن كانت مستوى الضبط الرقابي مرتفعا فيما يخص األوقاف العامة وبمداخل
مختلفة فإن األوقاف المعقبة لم تحظ بنفس القدر من الضبط الرقابي بحيث ال يفي مجرد
تقديم الحساب الختامي السنوي لتدبيرها لدى الجهات املختصة بتحقيق الغاية األساسية التي
أوجدت من خاللها الرقابة المذكورة.
التوصيات:
وجوب رفع التمييز الحاصل ما بين األوقاف العامة وكذا األوقاف المعقبة في
مسألة الرقابة على تدبيرها المالي واملحاسبي.
ضرورة العمل على إيجاد آليات تراعي الرفع من مستوى حكامة األوقاف المعقبة
وتدبيرها المالي واملحاسبي والرقابة عليه.
تكوين النظار على األوقاف المعقبة خاصة في الجانب المتعلقة بشق التدبير
المالي واملحاسبي تحقيقا لشفافية المعامالت المتعلقة بها.
جعل إدارة األوقاف هي الجهة الوحيدة المعنية بتلقي الحساب السنوي عن تدبير
األوقاف المعقبة ،ووحدها من لها حق مساءلة الناظرعن إخالل في هذا الجانب ،مع اإلبقاء على
حق االطالع والتبليغ لفائدة المستفيدين من هذه األوقاف.
أبو العباس أحمد بن يحيى الونشريس ي ،المعيار المعرب والجامع المغرب عن
فتاوي أهل أفريقية واألندلس والمغرب ،الجزء السابع ،نشر وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية
للمملكة المغربية 1411 ،ه 1911 /م ،ص .311
P 185 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
وهي الفرضية التي تم اختبارها عبر مستويين اثنين :خصص األول ،لعملية التشخيص،
بحيث تم عبره ابرازإشكالية عدم احترام بنية الجبايات الترابية للخصوصية املجالية ،و آثرذلك
على االستقاللية المالية للجماعات الترابية بالمملكة المغربية ،فيما خصص المستوى الثاني
منه الستشراف آفاق كسب رهانات :العدالة املجالية ،االستقاللية المالية ،التنمية االقتصادية
الترابية ،على ضوء المستجدات التي جاء بها القانون ،17.21وكل ذلك من خالل المنهج
الوصفي وأداة تحليل المضمون بالدرجة األولى ،ثم المنهج االحصائي بالدرجة الثانية ،في سياق
مقاربة نسقية للحالة المغربية.
P 186 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
هذا ،وقد خلصت الدراسة إلى صحة الفرضية ،وعملت على اقتراح مجموعة من
المقترحات التي من شأن األخذ بها من طرف المدبر العمومي أن يسعف في تحقيق األهداف
المسطرة والغايات المرجوة.
Abstract:
The study aims to test the hypothesis that local tax reforms have not gone
beyond what is formal, based on the problem: to what extent can these reforms
contribute to achieving spatial and socio-economic justice in the Kingdom of
Morocco. All of this is according to a systematic approach to the Moroccan case.
The paper concluded that the hypothesis was correct and presented several
solutions.
مقدمة:
إذ تعتبر المالية العمومية شريان حياة الدول ،واآللية التي تنفذ من خاللها الدولة
وأشخاصها كافة سياساتهم وبرامجهم على المستويين املحلي والوطني ،ولعل أبرزمورد من موارد
هذه الميزانيات سواء تلك العامة أو الترابية هي العائدات الجبائية ،تتمثل هذه األخيرة باألساس
في مجموع الضرائب و الرسوم كصورللجباية ،وجديربالذكرهنا ،أن المغرب شأنه في ذلك شأن
مجموعة من الدول ومنذ فجراالستقالل ،نحى منحى التخلي عن فكرة الدولة المركزية التي تدبر
P 187 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
كافة أمورها بمفردها ،وتبنى نظام الالمركزية اإلدارية بجانب الالتمركز اإلداري كخطوة ال رجعة
فيها ،كونها حجر األساس إلرساء دعائم دولة الحق والقانون ،وبذلك وفي سبيل تحقيق غايتها
المتمثلة باألساس في االعتراف للجماعات الترابية باالختالف ،ومنحها الشخصية القانونية
واالستقالل اإلداري والمالي ،وإسناد صالحية تدبيرالشأن املحلي للمجالس المنتخبة بكل حرية،
وفق مبدأ التدبير الحر ،وتحت رقابة رجال السلطة املحلية ،ولكل ذلك أدخل المغرب مجموعة
من اإلصالحات خصت القوانين المؤطرة لها ،ولعل أخرها القوانين التنظيمية للجماعات
الترابية ،321التي جاءت تطبيقا وتنزيال لمقتضيات الدستورالمغربي األخير.322
ولم يقتصر اإلصالح على الجانب الدستوري و اإلداري فقط ،بل طال أيضا الشق المالي
بشكل عام و الضريبي بشكل خاص ،ولعل أهم املحطات التي مر منها إبان االستقالل ،تلك
المرتبطة بالتقويم الهيكلي لسنة 1914بحيث صدر القانون اإلطار رقم 3.13ألجل تبسيط
الضريبة وتحديد مبادئها وفئاتها الثالث الكبرى :الضريبة العامة على الدخل والضريبة على
القيمة المضافة والضريبة على الشركات ،ويمكن إجماله في جملة بسيطة " االنتقال من
الضرائب النوعية إلى الضرائب المركبة " ،كما وقد سبقها إلغاء الضرائب التوزيعية سنة
، 1911تلى ذلك سن الضرائب على القيم المنقولة وعائدات التوظيف في الفترة الفاصلة بين
سنة 1993و سنة ، 1999ومن تم إصالح مدونة التسجيل والتمبر والتدوين ،وإصالح الجبايات
الترابية (املحلية سلفا) في الفترة بين سنة 1999و ،2119كما وقد شهد هذا األخير تعديال
بالسنوات القليلة الماضية ،حيث صدرالقانون رقم 17.21المغيروالمتمم للقانون رقم 47.16
المتعلق بالجبايات املحلية ،أعقبه القانون اإلطار لإلصالح الجبائي رقم .32369.19
هذا ،وقد جاءت هذه اإلصالحات لتجويد الترسانة القانونية المؤطرة للمالية العمومية
بصفة عامة ،والجبائية بصفة خاصة ،لما لهذه األخيرة من أهمية على اعتبار أنها املحرك
األساس ي لدواليب الدولة والجماعات الترابية ،إذ تعتبر المالية العمومية األلية االساسية التي
321يراد بالجماعات الترابية الداللة على الجهات والعماالت واألقاليم والجماعات ،أنظر(ي) في هذا الشأن :الفصل 531من
الدستور المغربي لسنة .1155كما يراد بالقوانين التنظيمية الداللة القوانين الخاصة بها اتباعا تحت رقم 555.51 :و 551.51
و ،553.51راجع(ي) :البوابة الوطنية للجماعات الترابية( http://collectivites-territoriales.gov.ma. :تم
االطالع 1113/51/12 :على الساعة )11:51
322الوثيقة الدستورية لسنة ،1155الصادر بتنفيذها الظهير الشريف رقم ،5-55-15في 12شعبان 11( 5131يوليوز
،)1155الجريدة الرسمية عدد 1191مكرر ,بتاريخ 12شعبان 31( 5131يوليوز ,)1155الصفحة.3911 :
323راجع(ي) في هذا الشأن :القانون اإلطار رقم 51.91المتعلق باإلصالح الجبائي ،الصار بتنفيذه الظهير الشريف رقم
،5.15.29في 51ذي الحجة 19( 5111يوليو ،)1115الجريدة الرسمية عدد 51 - 2112ذو الحجة 19 ( 5111يوليو
،)1115الصفحة .1921وكذلك :الجريدة الرسمية عدد 1123بتاريخ 11ذو القعدة 3( 5112ديسمبر ،)1112الصفحة:
.3231والجريدة الرسمية عدد 9112بتاريخ 59جمادى األولى 35( 5111ديسمبر ،)1111الصفحة.2931 :
P 188 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
تنفذ عبرها الدولة كافة التزاماتها ،كتنفيذ المشاريع واالستثمار ،ودفع مرتبات الموظفين
العموميين ،باإلضافة لتحقيق األهداف االجتماعية واالقتصادية والتوازن المالي واالقتصادي،
وتعتبرالجباية في صورتيها الرسم والضريبة أهم مورد مرصد لهذه الغاية.
وما دامت الجباية منذ نشأتها مرتبطة بوظائف الدولة ،بل بالدولة نفسها ،فإن تعريفها
يرتبط بتطور هذه األخيرة ،بحيث كانت الضريبة تعرف على أنها تشريع من أجل تمويل النفقات
العامة ليس إال ،عندما كانت الدولة دولة دركية ،ليتغيرمفهومها إبان تطورأدوارووظائف الدولة
(المتدخلة/الرفاه) ،بحيث أصبحت تعرف على أنها" :أداء نقدي يفرض بكيفية إجبارية من طرف
السلطة التشريعية على األشخاص القانونية الطبيعية واالعتبارية ،العامة منها والخاصة،
بصفة نهائية وبدون مقابل خاص ،بغية تغطية التحمالت العمومية وتدخل السلطة العمومية
في كل املجاالت" .324ويمكن تصنيف هذه الضرائب بإعمال إحدى المعايير الفقهية ،سواء
المعياراالقتصادي أواإلداري أوذاك المرتبط بالجهة المستفيدة من الضريبة ،هذا األخيريقسم
الضرائب إلى ضرائب وطنية لفائدة الدولة ،وأخرى محلية تستفيد منها الجماعات الترابية ،إذ
تكتس ي أهمية بالغة لما لها من دور فعال في تحقيق التنمية الترابية ،والتأسيس لالستقاللية
المالية الحقيقية ،في سياق تنزيل ورش الجهوية المتقدمة.
وعليه من خالل هذه الورقة البحثية ،واستنادا إلى األهمية العلمية المتمثلة في تسليط
الضوء على هذه الفجوة العلمية ،ستتم محاولة قياس نجاعة االصالح الجبائي الترابي بالمغرب
في تحقيق األهداف المتوخاة منه ،لما للتعرض لهذه الجزئية من أهمية عملية ،إذ يمكن للمدبر
العمومي األخذ بمخرجات هذه الورقة البحثية ،والتي تنطلق من سؤال محوري مفاده" :إلى أي
حد ساهم اإلصالح الجبائي الترابي الموجه للسياسة الجبائية الترابية بالمغرب في كسب
رهانات :العدالة املجالية ،االستقاللية المالية ،والتنمية الترابية؟" .وهو السؤال الذي تتفرع
عنه مجموعة من األسئلة الفرعية من قبيل :ما مدى مراعاة المشرع لمغربي لمقوم الخصوصية
املجالية أثناء التأسيس القانوني للجبايات الترابية؟ وهل تتناسب بنية الجبايات الترابية مع
االختصاصات المنوطة بها في سبيل تحقيق االستقاللية المالية الحقيقية لهذه الجماعات
الترابية ،ومن تم التنزيل السليم للجهوية المتقدمة؟ ما أبرز مستجدات التي جاء بها االصالح
الجبائي الترابي رقم 17.21؟ وإلى أي حد يمكن أن تساهم هذه التعديالت في الوصول إلى الغايات
324
Lucien Mehl, Pierre Beltrame: Science et technique fiscales, Presses Universitaires De
France, Thémis Droit, édition: 1984.
P 189 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
المرجوة؟ وكل ذلك بغية الوصول إلى إجابة عن سؤال أخر أكثر أهمية مفاده " :هل يعتبر حقا
هذا اإلصالح فعلي أم أنه ال يعدو يكون سوى إجراء شكلي فقط؟" .هذا ،وفي سبيل اإلجابة عن
السؤال املحوري ،وما يرتبط به من أسئلة فرعية ،سيتم تقسيم الموضوع إلى مستويين ،وفقا
لما يلي:
المستوى الثاني :آفاق تحقيق العدالة املجالية والتنمية الترابية على ضوء مستجدات
القانون 17.21
يراد بالجبايات الترابية الداللة على مختلف الرسوم والضرائب المستحقة لفائدة
الجماعات الترابية ،بما في ذلك :الجهات ،العماالت واألقاليم ،الجماعات ،كما هو معلوم ،فإن
القوانين التنظيمية المؤطرة للجماعات الترابية قد منحت هذه األخيرة عدة اختصاصات ،بما
في لذلك تلك الذاتية أم المشتركة ،باإلضافة إلى االختصاصات المنقولة ،وفي سبيل النهوض بهذه
االختصاصات سيما الذاتية منها ،تستعين هذه الجماعات الترابية بعدة موارد جبائية وغير
جبائية ،لكن تبقى للمداخيل الجبائية حصة األسد من موارد الميزانية الترابية.
وعلى هذا األساس ،سيتم قياس مدى احترام الخصوصية املجالية بوصفها إحدى
مقومات الالمركزية اإلدارية ،من خالل مسألة بنية هذه الجبايات ،في عالقتها بالو اقع مع إعطاء
أمثلة توضيحية (الجزئية األولى) ،من ثم التعريج على اآلثار السلبية لعدم احترام الخصوصية
املجالية على االستقاللية المالية للجماعات الترابية على ضوء االختصاصات المنوطة
بها(الجزئية الثانية).
الجزئية األولى :مدى مراعاة بنية الجبايات الترابية للخصوصية املجالية للجماعات
الترابية
P 190 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
يعتبر االعتراف بالخصوصية املجالية واالختالف بين المناطق إحدى مقومات الالمركزية
اإلدارية ،325إلى جانب كل من اسناد صالحية تدبير الشأن املحلي للمجالس المنتخبة بهذه
الجماعات الترابية ،بمعية سلطة المر اقبة التي يمارسها رجال السلطة املحلية على هذه
املجالس ،في الحدود التي يتيحها القانون.
وبالرجوع إلى القوانين التنظيمية للجماعات الترابية بمستوياتها الثالث ،يالحظ بأن هذه
األخيرة قد أنطت بالجهات ،العماالت واألقاليم ،الجماعات والمقاطعات عدة اختصاصات ،وفي
المقابل رصدت لها مجموعة من الموارد العمومية ،في مقدمتها تلك الجبائية ،إذ حددت
القوانين المؤطرة للجبايات الترابية لكل فئة من هذه الجماعات مجموعة من الرسوم
والضرائب واألتاوى ،326بحيث تحدد هذه القوانين ما مجموعه 17رسما لفائدة هذه األخيرة،
11منها لفائدة الجماعات 3 ،منها مدبرة من طرف المديرية العامة للضرائب لفائدتها ،و 1تدبرها
بنفسها ،فيما حصة العماالت واألقاليم ،بمعية الجهات 3رسوم لكل منهم.327
ما يالحظ للوهلة األولى من هذا الطرح ،أن توزيع الرسوم شمولي وعام ،بحيث يخصص
لكل جهة كيفما كانت مساحتها ،الكثافة السكانية بها ،تضاريسها ،مواردها الطبيعية ،....نفس
العدد من الرسوم ،وتمنح كل العماالت واألقاليم داخل كل جهة منها نفس العدد من الرسوم،
وكل الجماعات داخل كل عمالة و إقليم هي األخرى نفس العدد من الرسوم ،دونما أي اعتبارلما
ذكرأعاله.
ولكي يتم توضيح الفكرة أكثر ،سيتم التعريج على هذه الرسوم كل على حدة ،وستكون
البداية مع الرسوم المستحقة لفائدة الجماعات ،والتي عددها 11رسما ،328في مقدمتها الرسم
المنهي ،والرسم على الخدمات الجماعية ورسم السكن ،على اعتبارأن المديرية العامة للضرائب
هي المكلفة باستخالصها ،والمالحظ بأنها عامة وال تطرح مسألة الخصوصية املجالية ،إال في
نقطة توزيع عائدات هذه الرسوم ،كما سيتم بيان ذلك في حينه ،إلى جانب الرسوم العقارية
325للتوسع في جزئية مقومات الالمركزية اإلدارية ،راجع(ي) :أجعون ،أحمد" :الوجيز في التنظيم اإلداري المغربي"،
منشورات المجلة المغربية لألنظمة القانونية والسياسية ،العدد الخاص رقم ،9:الصفحات.12-15 :
326جدير بالذكر في هذا المقام ،أن الحديث هنا فضال عن القانونين ،12.19و 12.11المغير والمتمم له ،والذي سبق اإلشارة
إليها ،نستحضر كذلك :القانون رقم 31.21يحدد بموجبه نظام الضرائب المستحقة للجبايات المحلية وهيئاتها ،الصادر بتنفيذه
الظهير الشريف رقم ،5.21.522بتاريخ 15ربيع اآلخر 15( 5151نوفمبر ،)5121الجريدة الرسمية عدد ،1113بتاريخ
،5121/51/19الصفحة.5123 :
327راجع(ي) :القسم األول من القانون رقم 12.19كما تم تغييره وتتميمه عبر القانون 12.11المتعلق بجبايات الجماعات
الترابية ،المملكة المغربية ،وزارة الداخلية ،المديرية العامة للجماعات الترابية ،قسم الجبايات المحلية ،مصلحة التشريع
والتقنين الضريبي والمنازعات ،طبعة ،1115الصفحات.12-5 :
328المادة 1من القانون 12.19كما تم تغييره وتتميمه بالقانون ،12.11مرجع سابق.
P 191 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
الترابية ،والتي يدخل في حكمها :الرسم على األراض ي الحضرية غير المبنية ،الرسم على عمليات
البناء ،الرسم على تجزئة األراض ي ،بمعية الرسوم الترابية الخدماتية -التجارية ،والتي يدخل في
حكمها :الرسم على محال بيع المشروبات ،الرسم على المياه المعدنية ومياه المائدة ،الرسم على
النقل العمومي للمسافرين ،الرسم على اإلقامة بالمؤسسات السياحية وأشكال اإليواء
السياحية األخرى ،الرسم على استخراج مواد المقالع ،وهي األخرى ال تشكل إشكاال إذا ما
استثنينا الرسوم على المياه المعدنية ومياه المائدة والرسم على استخراج المواد من المقالع،
ألنه ليس كل الجماعات تتوفر على هذه العيون والمقالع ،ما يعني ضرورة مراعاة الخصوصية
املجالية في هذا اإلطار ،إذ من غير المعقول القول بأن :للجماعات عدد كذا وكذا من الرسوم،
وهي في الحقيقة ال تراعي خصوصيتها املجالية وال تسفيد منها أصال.
ولئن كان األمريقتصربالجماعات على رسمين فقط ،فإن األمرأعمق منه بالنسبة للرسوم
املحصلة لفائدة العماالت واألقاليم ،والجهات بوصفها قاطرة للتنمية الترابية ،إذ على مستوى
بنية الجبايات المرصودة لفائدة ميزانية العماالت واألقاليم ،نجد كل من الرسم على رخص
السياقة ،والرسم على المركبات الخاضعة للمر اقبة التقنية ،بمعية الرسم على بيع الحاصالت
الغابوية ،329وهذا الرسم األخير باألساس يطرح سؤال مراعاة الخصوصية املجالية ،بحيث ليس
كل العماالت واألقاليم بها غابات ،ما يعني بـأن وجوده ضمن ميزانية عدد كبير من العماالت
واألقاليم كمورد عمومي شكلي فقط ،وخروج عن المبدأ.
واألمر سيان بالنسبة للموارد الجبائية للجهات ،بل وتظهر أال خصوصية املجالية هنا
بشكل كبير ،بحيث تستفيد الجهات من كل من الرسم على رخص الصيد البري ،إلى جانب الرسم
على استغالل المناجم ،والرسم على الخدمات المقدمة بالموانئ ،330وهنا نتساءل بجدية عن
عدد الجهات التي تتمركز بها الموانئ والمناجم ومناطق الصيد البري؟ كما نتساءل عن مصير
الجهات التي ال موانئ بها وال مناجم وال مناطق للصيد البري؟
P 192 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
الضريبة على الدخل.....،إلخ .331وهنا يتبادر إلى الذهن سؤال ال يقل أهمية حول :تداعيات عدم
احترام الخصوصية املجالية على االستقاللية المالية لهذه الجماعات الترابية؟ ومدى كفاية
االعتمادات للنهوض بمهامها؟ وهذا ما سيتم التعرف على جوابه عبرالجزئية الموالية من الورقة
البحثية.
الجزئية الثانية :اآلثار السلبية لعدم احترام الخصوصية املجالية على االستقاللية
المالية للجماعات الترابية على ضوء االختصاصات المنوطة بها
ولعل أهم ما يميز هذه االختصاصات الذاتية أن بها تمايز حسب درجتها ،بحيث تسند
للجهات بوصفها قاطرة للتنمية الترابية مهام التنمية الجهوية وإعداد التراب ،فيما تتولى
العماالت واألقاليم وظيفة التنمية االجتماعية ،لتترك خدمات القرب والتعمير للجماعات
والمقاطعات ،هذا ،عالوة على تلك المهام المشتركة بين المركز والوحدات الالمركزية ذات
األبعاد المتعددة ،إلى جانب االختصاصات المنقولة من المركز إلى الجماعات الترابية
والمصحوبة بتحويل االعتمادات الضرورية للقيام بها.333
331جدير بالذكر أن حصة الجهات من العائدات الجبائية على الشركات والدخل ،وكذلك حصتها من الضريبة على القيمة
المضافة ،إلى جانب حصتها من عائدات عقود التأمين ،بمعية المساهمات والهبات لفائدتها ،وفوائد األموال المودعة لدى
الخزينة(الموارد المحولة) تمثل 11بالمائة من مجموع موارد هذه الجهات ،فيما ال تتعدى نسبة الموارد الذاتية سوى 1
بالمائة ،حسب قانون التصفية المتعلق بتنفيذ قانون المالية لسنة ،1111الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ،5.11.11
بتاريخ 53محرم 55(5111أغسطس ،)1111الجريدة الرسمية عدد ،2511بتاريخ 1صفر (5111فاتح سبتمبر ،)1111
الصفحة.1211 :
332للتوسع في هذه الجزئية(االختصاصات) ،اطلع(ي) على :حسن صحيب" :القانون اإلداري المغربي ،التنظيم اإلداري"،
سلسلة دراسات وأبحاث في اإلدارة والقانون ،العدد أاألول ،الطبعة الثانية :مارس .1152
333راجع(ي) في هذا الشأن :االختصاصات الذاتية ،والمشتركة والمنقولة ،المواد من 25 :إلى ،11وكذلك المادة ،15بمعية
المادة 11من القانون التنظيمي رقم 555.51المتعلق بالجهات .والمواد 21-29-21 :تواليا من القانون التنظيمي لقانون
المالية رقم 551.51المتعلق بالعماالت واألقاليم .وكذلك المواد من 23 :إلى ،21وكذلك المادتين 11-22 :من القانون
التنظيمي رقم 553.51المتعلق بالجماعات ،مراجع سابقة.
P 193 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
وجدير بالذكر أن هذه االختصاصات ،سيما الذاتية والمشتركة منها ،تستلزم اعتمادات
مالية مهمة ،وفي سياق عدم احترام الخصوصية املجالية تجد بعض الجهات نفسها أمام إشكالية
ضعف الموارد المالية بشكل عام ،والجبائية بشكل خاص ،إذ كما تم البيان في حالة جهة درعة-
تافياللت ،فالجهة ال تتوفرعلى واجهة بحرية ،وبذلك ال تستفيد من عائدات الرسم على الخدمات
المقدمة في الموانئ ،وكذلك األمر بالنسبة لعائدات الرسم على رخص الصيد البري ،كما وأن
عدد كبيرمن الجهات ،من بينها جهة فاس -مكناس ،فهي ليست ال بساحلية وال مناجم بها ،ما يعني
بأن مواردها الجبائية شبه منعدمة.
كما وإن أغلب الجماعات الترابية بالمملكة المغربية تعاني من عجز في ميزانياتها ،وغير
قادرة حتى على تحمل ميزانية التسيير ،334أمام ضآلة عائدات الموارد غير الجبائية لهذه
الجماعات الترابية ،بمعية انعكاسات عدم احترام الخصوصية املجالية على مواردها الجبائية.
ولتبسيط األمر أكثر ،البد من القول بأن هناك عالقة سببية اطرادية بين الخصوصية
املجالية وضعف العائدات الجبائية الترابية واالستقاللية المالية للجماعات الترابية ،بحيث
كلما كانت الجبايات الترابية شمولية وعامة ،وال تراعي الخصوصية املجالية ،أي أنها ال تعترف
باالختالف بين جهات وعماالت و أقاليم وجماعات المملكة ،كلما أدى ذلك إلى تراجع الموارد
الجبائية الترابية ،وبالنتيجة انتفاء االستقاللية المالية المفترضة ،على اعتبار أن الدستور في
فصله 135قد منحها الشخصية القانونية ،واالستقالل المالي واالداري كأثرمترتب عن اكتسابها،
334إذ أبانت األرقام الصادرة عن الخزينة العامة للمملكة ،في نشرتها الشهرية لشهر شتنبر ،1113في شأن" :تنفيذ ميزانية
الجماعات الترابية" ،بأن العجز االجمالي قد وصل إلى 31.5مليار درهم ،في مقابل 2.1مليار فقط عن نفس الفترة من السنة
التي قبلها ،والنشرة منشور على البوابة الرسمية للخزينة للمملكة( https://www.tgr.gov.ma. :تم االطالع:
1113/51/31على الساعة )11:11
P 194 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
ما يترتب عنه تكريس للتفاوتات املجالية ،والتعميق من هوة الفوارق االقتصادية واالجتماعية،
بمعية أال تنمية الترابية.335
لتبقى بذلك هذه الوحدات الترابية تابعة للدولة ،وتعيش عبر إعاناتها ،والحديث هنا عن
حصتها من الضرائب الكبرى 5 :بالمائة من الضريبة على الدخل ،ومثلها من الضريبة على
الشركات لفائدة الجهات ،و 31بالمائة من الضريبة على القيمة المضافة لفائدة كل الجماعات
الترابية ،يضاف إليه نسبة 21بالمائة من عائدات عقود التأمين...،إلخ.336
صفوة القول ،إن الخصوصية املجالية مهمة جدا في سبيل تحديد مميزات كل جماعة
ترابية ،وفسح املجال للمجالس المنتخبة بالتضريب على أبرز األنشطة بها في حدود معينة،337
وتحت سلطة المر اقبة اإلدارية ،في سبيل الوصول إلى استقاللية مالية حقيقة تمكن من تنزيل
ورش الجهوية المتقدمة.
ومن هذا المنطلق ،وبناء عليه ،سيتم عبر المستوى الثاني ،التطرق لمدى مساهمة
اإلصالح الجبائي الترابي عبر القانون 17.21المغير والمتمم للقانون 47.16المتعلق بالجبايات
الترابية في تحقيق الغايات المرجوة ،واألهداف المسطرة.
المستوى الثاني :آفاق تحقيق العدالة املجالية والتنمية الترابية على ضوء مستجدات
القانون 17.21
335للتوسع في هذه النقطة ،راجع(ي) :أركان ،عماد" :التنمية الترابية بالمغرب بين الخصوصية ومتطلبات الحكامة" ،مجلة
الشؤون القانونية والقضائية ،العدد الثاني ،يناير ،1152الصفحة.512 :
336كما سبق توضيح ذلك سلفا ،عبر استحضار األرقام الحقيقية لسنة (1111قانون التصفية ،مرجع سابق) ،فقد مثلت الموارد
الذاتية :الجبائية وغير الجبائية 1بالمائة فقط ،فيما اختلت الموارد المحولة حصة األسد بما يتناهز 12بالمائة ،الوقت الذي
شكلت فيه الموارد المحولة لفائدة العماالت واالقاليم نسبة 11بالمائة ،مقابل 11بالمائة لفائدة الجماعات ،مع مالحظة عدم
عدالة توزيعها.
337قد يقول قائل بأن سلطة التشريع في المادة الجبائية اختصاص حصري للبرلمان إلندراجها في مجال القانون طبقا للفصل
25من الدستور ،وهذا مسلم به مع تدخل باقي الهيئات والسلط األخرى في هذا اإلطار ،غير المقترح يأتي من باب أن المجالس
المنتخبة سيما الجماعية نتاج انتخابات محلية مباشرة ،وتمثل الديموقراطية واإلرادة العامة للساكنة بهذه الجماعات(من باب
المالئمة تعتبر برلمانات محلية) ،كما وأن هذه االخيرة أدرى بالمنطقة من المركز الشيء الذي يؤهلها للتأسيس للجبايات
الترابية المالئمة لها.
P 195 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
الوصول إلى هذه الغايات ،وقد شهدت هذه األخيرة سنة 2121إصالحا عبر القانون رقم 17.21
المغيروالمتمم للقانون 47.16المتعلق بالجبايات املحلية.
وبذلك ،ومن خالل هذه الجزئية من الموضوع ،سيتم تسليط الضوء على جملة
المستجدات التي تضمنتها مضامين هذا القانون(الجزئية األولى) ،ومن تم استشراف آفاق كسب
الرهانات على ضوئها(الجزئية الثانية).
إن التفحص المتأني للقانون المذكور يفض ي إلى نتيجة مفادها أن المشرع المغربي قد
استهدف من وراء هذا اإلصالح :تعديالت المصطلحات ومالئمتها للوثيقة الدستورية ،العمل على
توسيع الوعاء الجبائي ،بمعية الرفع من عدد االعفاءات والرفع من قيمة االبراء والمساهمة
الدنيوية لبعض الشرائح والطبقات ،عالوة على إعادة النظر في توزيع عائدات الرسوم المدبرة
من طرف المديرية العامة للضرائب ،وتوسيع نطاقها.338
وبالتوسع في كل جزئية على حدة ،نجذ بأن جملة التعديالت ،قد همت بدرجة أساسية
المصطلحات المتقادمة ،من قبيل :حذف مصطلح محلية وتعويضه بالترابية ،مع تغيير تسمية
القانون من "الجبايات املحلية" إلى "جبايات الجماعات الترابية" ،ثم استبدال األشخاص
المعنوية باالعتبارية والطبيعية بالذاتية ،بمعية االستغناء على لفظ "جماعات حضرية
وقروية" ،بحيث أصبح اللفظ موحدا (الجماعات) كما هو الشأن بالنسبة للدستور األخير ،مع
اعتماده عبارات" :الجماعات التي يشملها مجال حضري" و"الجماعات التي ال يشملها مجال
حضري" ،وقس على ذلك من التغييرات.
338للتوسع في هذا الباب اطلع(ي) على :المملكة المغربية ،وزارة الداخلية ،المديرية العامة للجماعات الترابية ،مديرية مالية
الجماعات الترابية" :تعليمات حول تطبيق القانون رقم 12.19المتعلق بجبايات الجماعات الترابية ،كما تم تغييره وتتميمه
بالقانون رقم ،"12.11الدورية رقم ،F/1600 :بتاريخ 11 :يناير.1115
P 196 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
هذا ودونما نسيان عمل المشرع على استبدال تسميات بعض الرسوم ،ونذكرهنا :الرسم
على اإلقامة بالمؤسسات السياحية ،الرسم على السيارات الخاضعة للفحص التقني ،الرسم
على رخص الصيد ،بحيث أصبح يطلق عليها تواليا :الرسم على اإلقامة بالمؤسسات السياحية
وأشكال اإليواء السياحي األخرى ،الرسم على المركبات الخاضعة للمر اقبة التقنية ،الرسم على
رخص الصيد البري.339
وجديربالذكرأن لهذه التغييرات التي شملت التسمية غايتها توسيع الوعاء الجبائي ،بحيث
تم االنتقال من فرضه حصرا على المؤسسات السياحية إلى كل ما يقابلها من حيث الخدمة،
واألمرذاته بالنسبة للرسم المركبات بدل السيارات ،وكذلك عدم االقتصارعلى الفحص التقني
بل كل ما يرتبط بالمر اقبة التقنية ،مع التدقيق فيما يخص الرسم على رخص الصيد ليكون
نطاقه املحدد هو البر.
هذا فيما يخص تعديل المصطلحات ،أما ما يرتبط بالرفع من عدد االعفاءات ،فمثاله:
بالنسبة للرسم المنهي ،إضافة االعفاءان 37-36 :عبرالمادة 6من القانون ،17.21وتغييروتتميم
الفقرات ،16،19،21،21،22،23،24،26،25،35 :ويعتبر الرفع من اإلعفاءات أمر غير حكيم في
ظل تفش ي الريع .واألمرذاته بالنسبة لإلصالح المرتبط بالرفع من قيمة االبراء إلى 211درهم بدل
111درهم ،ما يعني هدر تحصيل مبالغ البأس كانت لتساعد في تمويل خزائن هذه
الجماعات(كانت أقل من 111درهم أصبحت الدولة تضحي بما يتجاوزها وال يصل 211درهم)،
خصوصا إذا ما تم تحصيلها بطريقة إلكترونية وبدون مصاريف .كما وقد عمل المشرع المغربي
في الصدد نفسه وبالنسبة لنفس الرسم (على سبيل المثال) ،على الرفع من مبلغ الحد األدنى
للرسم المستحق على الملزمين بالنسبة للطبقتين 2و 3بمائة ( )111درهم ،حيث انتقل من 111
إلى 211درهم بالنسبة للطبقة ،2ومن 211إلى 311درهم بالنسبة للطبقة ،3وقس على ذلك باقي
التعديالت التي شملت باقي الرسوم ألنها لم تخرج عن هذا اإلطار.340
أما فيما يقترن بإعادة النظر في توزيع عائدات الرسوم المدبرة من طرف المديرية العامة
للضرائب لفائدة الجماعات فإنها قد شهدت تعديالت مهمة ،بحيث تم االنتقال بالنسبة للرسم
المنهي من تخصيص 11 :بالمائة فقط من إجمالي العائدات الرسم كنصيب الجماعة الترابية
P 197 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
المعنية ،و 11بالمائة لكل من غرف التجارة والصناعة والخدمات وغرف الصناعة التقليدية،
وميزانية الدولة برسم تكاليف التسيير ،إلى 17 :بالمائة للجماعات ،و 11للغرف فيما 2بالمائة
فقط لميزانية الدولة ،341وهذا أمر إيجابي ألنه يفترض في الدولة مالئة الذمة ،وإعالتها
للجماعات ،فكيف لم يعولها أن يؤخذ منها؟ .أما فيما يخص توزيع عائدات رسم السكن ،فقد
انتقلت من 91 :بالمائة للجماعة 11 ،بالمائة لميزانية الدولة ،إلى 91 :بالمائة 2 /بالمائة ،342وهو
األخر أمر إيجابي جدا ،إذ ينبغي أن نشير على أن الدولة كانت تقوم بحرمان الجماعات من نسبة
%21عن الرسم المنهي ،و %11من رسم السكن ،وهذا ال يستقيم ،ألن هذه األخيرة هي من تعيل
الجماعات وتدعمها في تغطية عجزها التي كانت تساهم فيه بطريقة غيرمباشرة.
وكخالصة عامة لهذه الجزئية من هذه الورقة البحثية ،يستنبط بأن القانون 17.21المغير
والمتمم للقانون 47.16المتعلق بالجبايات املحلية ،قد جاء برزمة من التعديالت تم سياق أبرزها
مع استحضارأساس ي للرسم المنهي كنموذج في ذلك ،باعتباره إحدى أهم الموارد الجبائية ترابيا
حسب األرقام الصادرة في النشرات الشهرية الخاصة بالمالية املحلية ،على أن يتم األن العمل
على البحث عن أي تأثير لهذه التعديالت واإلصالحات على العدالة املجالية والسوسيو-
اقتصادية ،بمعية التنمية االقتصادية الترابية واالستقاللية المالية لهذه الجماعات الترابية
بالمملكة المغربية؟ باعتبارها رهانات أساسية في سياق تنزيل ورش الجهوية المتقدمة ،343وهذا
ما ستتعرض له الجزئية الموالية من الورقة البحثية.
الجزئية الثانية :آثرهذه المستجدات في كسب رهانات العدالة املجالية والتنمية الترابية
بداية ال بد من االتفاق على أن مدخل كسب جل الرهانات الترابية ،وتنزيل جملة األوراش
ذات العالقة بها ،رهين بمعادلة :توفراالعتمادات المالية الكافية ،واستقالل الوحدات الترابية،
341المادة 55من القانون ،12.19ومن القانون 12.11المغير والمتمم له ،مراجع سابقة.
342المادة 12من القانون ،12.11مرجع سابق.
343اطلع(ي) على:
المملكة المغربية ،اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي" :مجموعة المذكرات الموضوعاتية والرهانات والمشاريع المقترحة
في إطار النموذج التنموي الجديد" ،الملحق الثاني ،أبريل ،1115الصفحة .521 :وكذلك :المملكة المغربية ،اللجنة الخاصة
بالنموذج التنموي" :التقرير العام للنموذج التنموي الجديد :تحرير الطاقات واستعادة الثقة لتسريع وتيرة التقدم وتحقيق
الرفاه للجميع" ،أبريل .2021بمعية :المملكة المغربية ،المجلس االجتماعي واالقتصادي والبيئي ،رأي حول" :الحكامة
الترابية رافعة للتنمية المنصفة والمستدامة" ،إحالة ذاتية رقم 12 ،1151/11نونبر ،1151منشور بالبوابة الرسمية للمجلس
االجتماعي واالقتصادي( . http://www.cese.ma:تم االطالع 1113/51/35 :على الساعة )11:15
P 198 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
مع األخذ بخصوصيتها املجالية والسوسيو-اقتصادية ،وعلى هذا االعتبارسيتم استشراف آفاق
كسب الرهانات 344من خالل جملة االصالحات التي سبق ذكرها أعاله.
إن المالحظ من خالل استقراء جملة التعديالت في سياقها العام ،هو االتجاه نحو إصالح
شكلي غير فعلي ،غايته األولى مالئمة المصطلحات المتقادمة مع الوثيقة الدستورية ،والعمل
على توسيع الوعاء الجبائي والرفع من الحد األدنى وقيمة االبراء ،وهذا جيد من الناحية القانونية
والمالية ،ولكن وحسب ما سبق تحريره ،هل كل الجهات تستفيد من هذه الرسوم وخصوصا
الجهات التي تتولى مهام تنموية؟ ثم هل تحترم الخصوصية املجالية في فرضها من طرف الجهات
املختصة؟ وهل هذه التعديالت ستسعف في تحقيق االستقاللية المالية؟
الجواب بسيط جدا استنادا على مخرجات التحليل سالف الذكر ،إذ إن مردودية
عائدات هذه الرسوم ضعيفة ،بل وإن هناك من الجهات من ال يستفيد منها ويكتفي فقط بحصتها
من عائدات الجبايات املحولة ،لتكون بذلك عالة على الدولة وتابعة لها ،وفي هذا الصدد ،ماذا
تنتظرمن جهة أو عمالة و إقليم ليس له االعتمادات الكافية حتى لتغطية نفقات التسيير؟
344تجدر اإلشارة أن هنا عدد من اإلشكاالت األخرى التي لم يتم االشارة لها بشكل مفصل في هذه الورقة البحثية ،من قبيل
تلك التي تخص الحاصالت الغابوية ،وتوزيع عائداتها ،بمعية إشكاالت أخرى يمكن االطالع عليها عبر :الدربالي ،المحجوب،
جبايات الجماعات الترابية :دراسة تحليلية في ضوء تقرير المجلس األعلى للحسابات وآخر اجتهادات القضاء اإلداري ،مطبعة
المعارف الجديدة الرباط ،طبعة.1159 :
P 199 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
رسم توضيحي :العالقة النسقية بين :الخصوصية املجالية ،االستقاللية المالية ،العدالة املجالية والسوسيو-
345جدير بالذكر أنه لن يتحقق ذلك إال عبر دعم االستثمار والحرص على عدالته ،ألن من شأن انتفاء ذلك المساهمة في تفشي
ظاهرة القطاع غير المهيكل واتساع نطاقه ،وما لذلك من تداعيات سلبية متعددة األبعاد ،راجعي في هذا الشأن على سبيل
التوسع :ترموسي ،حنان والقطبي ،ايوب" :الحماية االجتماعية بالمغرب :مدخل أساسي إلدماج القطاع غير المهيكل ،وتحقيق
العدالة االجتماعية والجبائية والتنمية االقتصادية" ،مجلة القانون الدستوري والعلوم اإلدارية ،المركز الديموقراطي العربي
–برلين -ألمانيا ،العدد 11لشهر غشت ،1113الصفحة.513:
P 200 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
خاتمة:
صفوة القول في هذا المقام أن جل اإلصالحات لم تعدو تكون إال تعديالت شكلية ،إذ لم
تمس الجوهر والمتمثل في احترام الخصوصية املجالية ،ولم ترمي لتحقيق االستقاللية المالية،
واكتفت بما له طبيعة سطحية ،األمرالذي يستلزم تعديال مستعجال ،خصوصا وأن هذا االصالح
قد سبق إصدار القانون اإلطار رقم 62.19المتعلق باإلصالح الجبائي ،كما وتتطلب الظرفية
تطبيق مخرجات المناظرة الوطنية المتعلقة بتوحيد المدونة المؤطرة للجبايات الوطنية
والترابية.
.2عدم مراعاة الخصوصية ينعكس على العدالة املجالية ،والتنمية الترابية واالستقاللية
المالية الحقيقية للجماعات الترابية.
.4االستقاللية المالية الحقيقية للجماعات الترابية مفتاح تنزيل ورش الجهوية المتقدمة.
وبناء عليه ،وفي سبيل تجاوزهذه اإلشكاالت وكسب الرهانات ،ثم العمل على اقتراح ما يلي:
-2اسناد صالحية التشريع الجبائي الترابي للمجالس المنتخبة تحت رقابة ممثلي السلطة
المركزية بالجماعات الترابية.
-4في سبيل التخفيف من التفاوتات املجالية و الفوارق السوسيو اقتصادية عبر السياسة
الجبائية الترابية ،ينبغي على الدولة توجيه االستثمار(العمومي/الخاص) نحو
الجماعات الترابية المهمشة.
P 201 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
ومنه ،وبناء على مخرجات الورقة البحثية ،بمعية المقترحات المشار إليها أعاله ،يتبادر
للذهن مجموعة من األسئلة واالشكاالت لعل في مقدمتها" :إلى أي حد سيساهم الميثاق الجديد
لالستثمار في التخفيف من التفاوتات املجالية والتباينات السوسيو-اقتصادية بالمملكة
المغربية في سياق التحفيزات المالية التي يقدمها؟ وأي دورللمراكزالجهوية واملجالس المنتخبة
في تحسين مناخ األعمال وتحفيز االستثمار ترابيا عبر آليات التسويق الترابي وتجويد الترسانة
القانونية والمؤسساتية؟".
الئحة المراجع:
الكتب: -1
أجعون ،أحمد" :الوجيزفي التنظيم اإلداري المغربي" ،منشورات املجلة المغربية o
لألنظمة القانونية والسياسية ،العدد الخاص رقم.6:
صحيب ،حسن" :القانون اإلداري المغربي ،التنظيم اإلداري" ،سلسلة دراسات o
ّ
و أبحاث في اإلدارة والقانون ،العدد األول ،الطبعة الثانية :مارس .2111
الدربالي ،المحجوب ،جبايات الجماعات الترابية :دراسة تحليلية في ضوء تقرير o
املجلس األعلى للحسابات وآخر اجتهادات القضاء اإلداري ،مطبعة المعارف الجديدة -الرباط،
طبعة.2116 :
المقاالت: -2
ترموس ي ،حنان والقطبي ،ايوب" :الحماية االجتماعية بالمغرب :مدخل أساس ي
إلدماج القطاع غير المهيكل ،وتحقيق العدالة االجتماعية والجبائية والتنمية االقتصادية"،
مجلة القانون الدستوري والعلوم اإلدارية ،المركز الديموقراطي العربي –برلين -ألمانيا ،العدد
21لشهرغشت ،2123الصفحة.193:
أركان ،عماد" :التنمية الترابية بالمغرب بين الخصوصية ومتطلبات الحكامة"،
مجلة الشؤون القانونية والقضائية ،العدد الثاني ،يناير.2117
P 202 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
الوثيقة الدستورية لسنة ،2111الصادر بتنفيذها الظهير الشريف رقم -11-91
،1في 27شعبان 29( 1432يوليوز ،)2111الجريدة الرسمية عدد 5964مكرر ,بتاريخ 21شعبان
31( 1432يوليوز ,)2111الصفحة.3611 :
القانون اإلطار رقم 19.69المتعلق باإلصالح الجبائي ،الصار بتنفيذه الظهير
الشريف رقم ،1.21.16في 15ذي الحجة 26( 1442يوليو ،)2121الجريدة الرسمية عدد 7117
15 -ذو الحجة 26 ( 1442يوليو ،)2121الصفحة .5614
قانون التصفية المتعلق بتنفيذ قانون المالية لسنة ،2121الصادر بتنفيذه o
الظهير الشريف رقم ،1.22.54بتاريخ 13محرم 11(1444أغسطس ،)2122الجريدة الرسمية
عدد ،7122بتاريخ 4صفر (1444فاتح سبتمبر ،)2122الصفحة.5121 :
P 203 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
القانون رقم 31.19يحدد بموجبه نظام الضرائب المستحقة للجبايات املحلية o
وهيئاتها ،الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ،1.19.117بتاريخ 21ربيع اآلخر 21( 1411
نوفمبر ،)1919الجريدة الرسمية عدد ،4123بتاريخ ،1919/12/16الصفحة.1573 :
التقاريروالدوريات: -4
المملكة المغربية ،اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي" :التقرير العام للنموذج
التنموي الجديد :تحريرالطاقات واستعادة الثقة لتسريع وتيرة التقدم وتحقيق الرفاه للجميع"،
أبريل .2021
وزارة الداخلية ،المديرية العامة للجماعات الترابية ،مديرية مالية الجماعات
الترابية" :تعليمات حول تطبيق القانون رقم 47.16المتعلق بجبايات الجماعات الترابية ،كما
تم تغييره وتتميمه بالقانون رقم ،"17.21الدورية رقم ،F/1600 :بتاريخ 15 :يناير.2121
المملكة المغربية ،وزارة الداخلية ،المديرية العامة للجماعات الترابية ،قسم
الجبايات املحلية ،مصلحة التشريع والتقنين الضريبي والمنازعات ،طبعة .2121
المملكة المغربية ،املجلس االجتماعي واالقتصادي والبيئي ،رأي حول" :الحكامة
الترابية ر افعة للتنمية المنصفة والمستدامة" ،إحالة ذاتية رقم 21 ،2119/42نونبر.2119
P 204 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
1- Livre:
2- Bulletin Mensuel:
P 205 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
نهج المغرب منذ عقود سياسة تدبيرالموارد المائية غير أن نسبة التعبئة لم تتجاوز
2.5مليار متر مكعب من المياه السطحية ،و 7.5مليار متر مكعب من المياه الجوفية ،وهو ما قد
ُيظهر المفارقة المسجلة بين المياه المتساقطة وتلك القابلة للتعبئة من جهة والمياه المعبأة
المستغلة من جهة أخرى348.
إن مسألة تدبير الموارد المائية ال تطرح فقط على المستوى التقني الذي يعنى بتعبئة
أقص ى ما يمكن من المياه ،بل البد أن ير افق هذه املجهودات ترشيد استعمال الماء في شتى
املجاالت وعلى رأسها القطاع ألفالحي ،وذلك لضمان االستمرارية لهذه المادة وتغطية الحاجيات
المتز ايدة بتزايد السكان.
P 206 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
بتعبير أدق يمكن أن القول بأن السياسة المائية المغربية بكل مفارقاتها وتجلياتها تظهر
ومن خالل تفحص األرقام المتعلقة بحجم المياه المعبئة والمستهلكة في القطاع االقتصادي
ّ
المهتم بالمياه ،لذلك أصبحت مراجعة القوانين والمقررات المتعلقة باالستهالك ضرورة ُملحة،
وذلك بالبحث في صيغ جديدة لتحقيق االكتفاء الوطني من هذه المادة الثمينة ألن المنظمات
الدولية والتنبؤات المستقبلية تشيرإلى أن الحروب المقبلة ستكون حربا حول الماء ،والدولة في
هذا املجال كانت واعية بهذا المشكل حيث قامت بمجموعة من التجهيزات المائية المتمثلة في
سياسة بناء السدود التي نهجنا المغرب منذ عقود.
و انطالقا مما سبق يمكن طرح مجموعة من التساؤالت حول الموضوع؛ لعل أبرزها ،هل
يتماش ى اإلطارالقانوني والمؤسساتي المعبرة عن السياسة المائية للمملكة مع الوضعية الراهنة
للماء بالمغرب و اين يتجلى دورالمؤسسات المائية بالمغرب لتوفيرهذه المادة الحيوية؟ وما هي
اهم االكراهات التي يعاني منها قطاع الماء بالمغرب؟ وكيف يمكن الحد من هذه اكراهات الندرة
المائية؟
السياسة المائية؛
عمل المغرب منذ مدة طويلة في نهج سياسة دينامية لضمان التزويد المستدام ببنية
تحتية مائية مهمة وتحسين الولوج إلى الماء الصالح للشرب ،وتلبية حاجيات الصناعات
والسياحة وتطويرالسقي على نطاق واسع.
ّ
وال غرو أن هذه الجهود مكنت المغرب من تطوير خبرة عالية تعد مرجعا عالميا في مجال
إدارة وتدبيرالموارد المائية ،وقد كان من وراء هذا االستحقاق سياسات رشيدة متعاقبة أبرزها:
سياسة التحكم في الموارد المائية عن طريق تعبئتها وذلك من خالل إنشاء منشآت كبرى
لتخزين المياه ونقلها من مناطق الوفرة إلى أماكن الخصاص.
سياسة التخطيط على المدى البعيد التي أطلقت مع بداية الثمانينات ،ومكنت متخذي
القرارمن تدبيراستباقي لندرة المياه وبالتالي تمكين السلطات العمومية من رؤية بعيدة المدى.349
P 207 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
الماء :يعرف الماء انه احد الموارد الطبيعية المتجددة في كوكب االرض وهو من العناصر
االساسية على كوكبنا ،وان من اهم ما يجعله متفردا عن غيره كمركب كميائي هو ثباته ,حيث ان
كمية الماء الموجودة على االرض في الوقت الحالي هي كمية الماء ذاتها التي كانت منذ خلق الله
االرض ,حيث يحتل الماء %71.9من مساحة االرض.350
ويقدرالحجم االجمالي للماء بما يقارب 1361مليارلترمكعب %97 ,من هذا الحجم موجود
في البحار واملحيطات %2.4 ,فقط موجودة في حالة الصلبة كالجليد في الطبقات الجليدية.351
وشفاف ،كما ّأنه ال لون له من ّ
شدة نقائه ،وال طعم وال رائحة،
ٌ ّ خصائص ّ
تميزه ،فهو سائل ُ وللماء
ِ
ّ
ويتكون جزيء الماء من ارتباط ذ ّرة من األكسجين وذ ّرتين من الهيدروجين .
الموارد المائية
يقصد بها مختلف أشكال المياه العذبة التي توجد في االوساط الطبيعية ويستطيع
االنسان االنتفاع بها إال أنه ال يستطيع استغاللها كلها ،فالموارد التي بإمكان االنسان استغاللها
تسمى الموارد المتاحة .يستطيع االنسان تعبئة واستغالل الموارد المائية لالستفادة منها وقت
الحاجة ،إذ تستغل المياه الجوفية عن طريق العيون المائية وحفر االبار ،يمكن تعبئة المياه
السطحية عن طريق بناء السدود وتحلية مياه البحر ،أما مياه االمطار فيمكن استغاللها عن
طريق أنظمة حصاد المياه352.
الندرة:
هي مشكلة اقتصادية اساسية تتمثل في امتالك البشر لرغبات وحاجات غير محدودة في
عالم محدود الموارد ،وتنص المشكلة على ان املجتمع البشري ال يملك الموارد االنتاجية الكافية
لتلبية كل حاجيات ورغبات افراده ،وهي تعني ايضا انه ال يمكن السعي وراء كل اهداف وغايات
املجتمع في نفس الوقت ،بل يجب المفاضلة بينها.
350محمد خالد الزواوي الماء" ،الذهب األزرق" في الوطن العربي ،القاهرة -مصر :مجموعة النيل العربية للطباعة والنشر،4004
صفحة .7
351المرجع نفسه ص .44
352د :سعيد يسلم عوض باكركر ،تدبير واستعمال المياه بمحافظة شبوة (اليمن) بين قلة الموارد وتزايد الحاجات :جامعة الحسن الثاني
بالدار البيضاء سنة 2041/2041ص .21
P 208 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
ً
يؤكد جولي تروتييه ،على أنه "ال يمكن أبدا تعريف أزمة المياه بكونها نقص في المياه ،ألن
ً ً ً ً
الطبيعة ال تعاني أبدا من النقص في المياه .بل حتى أكثرالصحاري جفافا تشكل نظاما بيئيا ...إذ
إن النقص في المياه ال يحدث إال عندما تقررالجهات الفاعلة في املجتمع ذلك ألسباب متنوعة".
وقد عرف ليونيل روبنزالندرة بكونها اصطدام رغباتنا غيراملحدودة بمواردنا املحدودة.353
ندرة المياه هي عجز موارد المياه العدبة على تلبية الطلب على المياه ويؤثر ذلك قرارات
العالم ويظهر ذلك في غياب القدرة على تلبية الطلب على المياه او التلبية الجزئية له وفي
المنافسة االقتصادية على كمية المياه وجودتها والنزاعات بين المستهلكين ونضوب المياه
الجوفية واالثار السلبية على البيئة .وهناك نوعان من ندرة المياه :الندرة المادية للمياه والتي
تعرف بعجز الموارد عن تلبية الطلبات وتمثل أحد معالم امن المياه في بعض الدول .اما الندرة
المطلقة تمثل االستثناء ال القاعدة حيث تمتلك معظم الدول من الموارد المائية ما يلبي
االحتياجات المنزلية والصناعية والزراعية والبيئية لها.354
يعتبر الماء موردا طبيعيا اساسيا للحياة ومادة ضرورية يرتكز عليها الجزء االكبر من
االنشطة االقتصادية لإلنسان ،كما انه مورد نادر بتميز توفره بعدم االنتظام في الزمان والمكان
وهو اخيرا شديد التأثر باالنعكاسات السلبية لألنشطة البشرية ،االمر الذي يتطلب معه هيكلته
بإطارقانوني مثين واطار مؤسساتي يسهرعلى تدبيره.
ما فتئت اعلى سلطة في البالد مند االستقالل ان اهتمت بالمسالة المائية وجعلتها من
االولويات الوطنية ,ومند االستقالل وجل الخطب الملكية او الرسائل الموجهة للمؤتمرات
الدولية او الوطنية يكون ضمن محتواها المسالة المائية بحيث دعا المغفور له الحسن الثاني
في اطارالمؤثمرالدولي السابع للموارد المائية المنعقد بالرباط بتاريخ 13-1ماي " 1991ان على
دول العالم ان تعرف اليوم اكثر من اي وقت مض ى ان الماء ملك الجميع ونأخد استشهادنا مرة
353
Lionel Robbins, The Economic problem in peace and war, Macmillan And Company Limited, P9.
354تقرير التنمية البشرية لعام 2001ندرة المياه والمخاطر والتعرض للضرر ص.433
P 209 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
اخرى من الفرقان فقد قال تعالى "ونبئهم ان الماء قسمة بينهم" 355وهو بذلك ملك للجميع اينما
وجد وبات علينا ان نتآزر ونشد بعضنا البعض ونتبادل الخبرات والتقنيات الكفيلة بالتحكم في
النظم الطبيعية والتعقيدات الناجمة عنها ,ونحن على استعداد تام لنقل تجربتنا وبسطها للدول
املحيطة بنا في اطار التضامن الدولي" .356باالضافة الى سياسته العبقرية في بناء السدود وتامين
االمن المائي منذ االستقالل .اما في العهد الجديد فكانت جل خطب الملك محمد السادس تدعو
الى حوكمة السياسة المائية ,ويبقى الخطاب الملكي بمناسة افتتاح الدورة االولى من الوالية
التشريعية الحادية عشر 14اكتوبر 2122من اهم المرجعيات في السياسة المائية بالمغرب قام
فيها بتشخيص دقيق لوضعية الماء بحيث "دعا الى الخد اشكالية الماء في كل ابعادها بالجدية
الالزمة السيما عبرالقطع مع كل اشكال التذيرواالستغالل العشوائي وغيرالمسؤول لهذه المادة
الحيوية ,كما ينبغي ان ال يكون الماء موضوع مزايدات سياسية او مطية لتاجيج التوترات
االجتماعية باالضافة الى تنبيهه جاللته الى ان المغرب اصبح يعيش في وضعية اجهاد مائي هيكلي,
ومطالبته باحداث تغييرحقيقي في سلوكنا تجاه الماء.357
الدستورالمغربي
يعتبر دستور 2111أسمي قانون في البالد وهو بمثابة إطار مرجعي لجل السياسات العامة
بالبالد وما قطاع الماء اال جزء من هذه السياسات التي اهتم بها فخالفا للدساتيرالمتعاقبة ،نص
دستور 2111صراحة على الحق في الماء ،خاصة في البندين التاسع والعاشر من الفصل 31
والذي جعل على عاتق الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية مسؤولية العمل على
تعبئة كل الوسائل المتاحة لتيسير أسباب استفادة المواطنات والمواطنين على قدم المساواة
من الحق في الحصول على الماء والعيش في بيئة سليمة والتنمية المستدامة .وقد حظي الماء في
دستور 2111بمكانة كبرى ،حيث نص على مجموعة من األحكام والمبادئ التي تتصل بشكل وثيق
بالحق في الماء ،خاصة ما يتعلق بالحكامة الجيدة كآلية لضمان حسن االستفادة والولوج إلى
الماء وضمان استدامته ،إلى جانب ما تم التنصيص عليه في الفقرة األولى من تصدير الدستور
من مواصلة إرساء مجتمع متضامن يتمتع فيه الجميع باألمن في شتى صوره وتجلياته ،والتي
تشمل بالضرورة األمن المائي ،باعتباره ثروة وطنية تساهم في توفير االستقرار عبر االستجابة
P 210 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
لحاجيات المواطنات والمواطنين من هذه المادة الحيوية .إضافة إلى التنصيص على مجموعة
من المبادئ الدستورية ،تتمثل أساسا في الكرامة والمساواة وتكافؤ الفرص والعدالة
االجتماعية ،والتي تتقاطع مع حق الولوج إلى الماء ،مما يجعل الدولة ومؤسساتها العمومية
ملزمة بت حقيق المساواة وتكافؤ الفرص في التزود بالماء تحقيقا للعدالة االجتماعية والكرامة
اإلنسانية .
تعتبر االتفاقيات والمواثيق الدوليين التي صادق عليها المغرب بمثابة اطر مرجعية يلتزم
المغرب باحترامها وتنفيذها ،ومن اهم االتقفاقيات والمواثيق التي صادق عليها المغرب في قطاع
الماء نذكر:
انخرط المغرب في اهداف االلفية للتنمية ،التي ترمي الى الهدف السابع منها الى ادماج
مبادئ التنمية المستدامة في السياسات والبرامج الوطنية ،والعمل على انعكاس التوجه الحالي
المتمثل في تبذير الموارد البيئية .ويرمي هذا الهدف الى التخفيض الى النصف في افق 2115من
نسبة الساكنة التي ال تتوفرعلى ولوج مستدام الى التزود بالماء الصالح للشرب وخدمات التطهير
االساسية.358
لقد اعترفت الجمعية العامة لالمم المتحدة بالحق في الماء الصالح للشرب والصحي
والنقي بصفته حقا اساسيا ال مناص منه للممارسة الكاملة للحق في الحياة ولكل حقوق االنسان
سنة 2111وهو حق يترتب على الحق في مستوى العيش الكافي .وهو منصوص عليه في المعاهدة
الدولية حول الحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية .وقد اتاح مؤتمر االمم المتحدة حول
البيئة والتنمية المنعقد في ري ودي جانيرو سنة 1992الى نشوء وعي دولي بالمشاكل البيئية
الناجمة على الخصوص عن ساكنة عالمية في تزايد مستمر و انماط االنتاج واالستهالك غير
358تقري ر المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي ,الحكامة عن طريق التدبير المندمج للموارد المائية في المغرب رافعة اساسية للتنمية
المستدامة ص . 21
P 211 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
المالئمو االمر الذي افض ى الى مجموعة من القرارات الرامية الى تدبير أمثل للبيئة والتي صادق
المغرب عليها .منها:
باالضافة الى تبني مجموعة من المبادئ في مجال تدبير الماء اثناء انعقاد مؤثمر االمم
المتحدة في دبلن حول البيئة سنة 1992
يسعى هذا القانون الى اقرار سياسة وطنية مائية مبنية على نظرة مستقبلية تأخد بعين
االعتبارتطورالموارد المائية من جهة والحاجيات الوطنية من جهة ثانية ،متظمنا تدابيرقانونية
ترمي الى ترشيد استعمال الماء ،وتعميم االستفادة منه وتضامن الجهات وتدارك الفوارق بين
المدن والقرى في إطار برامج تهدف الى تحقيق االمن المائي على مستوى مجموع تراب المملكة.
كما يعتبر اصدار القانون رقم 11.95المتعلق بالماء من أهم المنجزات التي عرفها قطاع الماء
خالل العقود األخيرة .فلقد كان الهدف منه إجراء إصالحات على المستوى المؤسساتي والقانوني
بغية عصرنة تدبيرالموارد المائية ،وكذا تمكين السلطات العمومية من اآلليات الالزمة لمواجهة
P 212 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
التحديات المتعددة المطروحة .فعلى المستوى المؤسساتي وضع هذا القانون أسس التدبير
المندمج والتشاوري والتشاركي والالمركزي للموارد المائية عبر:
• مؤسسة املجلس األعلى للماء والمناخ الذي يختص أساسا بتحديد توجهات السياسة
الوطنية للماء؛
• إحداث لجان للماء على صعيد العماالت واألقاليم مهمتها التشجيع على االقتصاد في
الماء والتحسيس باملحافظة عليه
فقد مكن هذا القانون من وضع القواعد المنظمة للتخطيط والتدبير المندمج للماء
ومحاربة تلوث المياه والشروط العامة الستعمال الملك العام المائي والميكانيزمات المالية من
خالل مبدأ من يجلب الماء يؤدي ومن يلوثه يؤدي .إال أنه ،رغم المكتسبات والمنجزات العديدة
التي مكن القانون رقم 11.95المتعلق بالماء ونصوصه التطبيقية من تحقيقها،
فإن التشخيص المؤسساتي أفضـى إلى أن هذا القانون لم يعد يتماش ى مع التحوالت التي عرفها
قطاع الماء نتيجة تطور السياق السوسيو اقتصادي للمغرب وإصدار دستور 31يوليو 2111
ونشرالقانون اإلطاررقم 99.12بمثابة ميثاق وطني للبيئة والتنمية المستدامة الذي تنص مادته
السابعة على تحيين التشريع المائي بهدف مالئمته مع متطلبات التنمية المستدامة واالنعكاسات
المزدوجة للتصحر والتغيرات المناخية.وترتبط جوانب النقص في القانون رقم 11.95المتعلق
بالماء على الخصوص:
• بالفراغ القانوني فيما يخص تحلية مياه البحروضعف المقتضيات المنظمة الستعمال
المياه المستعملة وتثمين مياه األمطار الشـيء الذي ال يمكن من إنجاز مشاريع التحلية
واستعمال المياه المستعملة وتثمين مياه األمطار بناء على إطار قانوني شامل وواضح
• بتعقيد مساطر تحديد واستعمال الملك العام المائي والذي ال يساعد على إنهاء
المساطرفي اآلجال املحددة؛
P 213 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
• بغياب تعريفات لبعض العبارات كعبارة “الصب المباشر أو غير المباشر” التي تتضمنها
المادة 52من القانون ،الشـيء الذي نتج عنه مجموعة من التأويالت ترتب عنها تأخر في
تطبيق مبدأ “الملوث المؤدي”؛
• بالصعوبات التي تواجه املجالس اإلدارية فيما يرجع لتدبير ومر اقبة وكاالت األحواض
المائية بسبب تركيبتها وعدد أعضائها المرتفع
بالنظر إلى هذه النقائص من جهة ،ونظرا ،من جهة أخرى ،لضرورة األخذ بعين االعتبار
لمبدأ الحق في الولوج إلى الماء والعيش في بيئة سليمة طبقا لمقتضيات الفصل 31من الدستور،
وكذا أهداف ومبادئ القانون اإلطار رقم 99.12بمثابة ميثاق وطني للبيئة والتنمية المستدامة،
كان من الضروري 359مراجعة القانون المتعلق بالماء حتى يتسنى له مواكبة التغيرات على
المستويات القانونية والسوسيو اقتصادية والمناخية.
وتتمثل أهم أهداف مراجعة قانون الماء في تعزيزالمكتسبات التي تم تحقيقها بفضل هذا
القانون وتطوير الحكامة في قطاع الماء ،السيما ،من خالل تبسيط المساطر ،وتقوية اإلطار
القانوني المتعلق بتثمين مياه األمطاروالمياه المستعملة ،ووضع إطارقانوني لتحلية مياه البحر،
وتقوية اإلطارالمؤسساتي وآليات حماية موارد المياه واملحافظة عليها فضال عن تحسين شروط
المناخية. بالتغيرات المرتبطة القصوى الظواهر من الحماية
ومن أجل تحقيق هذه األهداف تم إعداد القانون رقم 36.15يتعلق بالماء
يرتكز هذا القانون على مجموعة من المبادئ األساسية كالملكية العامة للماء ،وحق
جميع الموا طنات والمواطنين في الولوج إلى الماء والعيش في بيئة سليمة ،وتدبير الماء طبق
ممارسات الحكامة الجيدة التي تشمل المشاركة والتشاور مع مختلف الفاعلين ،360والتدبير
المندمج والالمركزي لموارد المياه مع ترسيخ التضامن املجالي ،وحماية الوسط الطبيعي وتطوير
التدبير المستدام مع اعتماد مقاربة النوع فيما يخص تنمية وتدبير الموارد المائية .إن القانون
الجديد 36-15قد جاء بالعديد من اإلضافات الهامة التي من بينها:
359سعيد يسلم عوض باكركر ،تدبير واستعمال المياه بمحافظة شبوة (اليمن) بين قلة الموارد وتزايد الحاجات :جامعة الحسن الثاني بالدار
البيضاء سنة 2041/2041ص .22
360ادريس الحافيظ ،الموارد المائية بالمغرب اإلمكانات التدبير والتحديات ،الطبعة الثانية سنة ,2024الصفحة .311
P 214 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
تبسيط مساطر الترخيص باستعمال الملك العام المائي السيما عبر دمج
مسطرتي الترخيص بحفر اآلبار وجلب الماء في مسطرة واحدة ودمج مسطرتي
تحديد حافات مجاري المياه والضفاف الحرة لهذه املجاري في مسطرة واحدة
مما سيقلص من آجال ومصاريف البث في الملفات؛
إحداث مجالس استشارية على صعيد األحواض المائية مكلفة بدراسة وبإبداء
الرأي حول املخطط التوجيهي للتدبير المندمج لموارد المياه وكل القضايا
المتعلقة بتدبيرموارد المياه على صعيد الحوض؛
وضع أنظمة معلوماتية تتعلق بالماء على صعيد الحوض المائي وعلى الصعيد
الوطني تمكن من التتبع المنتظم للماء ولألوساط المائية والنظم البيئية
وعملها ،وكذا املخاطرالمرتبطة بالماء؛
وضع إطار قانوني لتحلية مياه البحر يتضمن مقتضيات تحدد األشخاص
المكلفين بإنجاز مشاريع تحلية مياه البحر وضبط نظام االمتياز الذي تخضع له
هذه المشاريع؛
إجبارية توفر التجمعات الحضرية على مخططات مديرية للتطهير السائل تأخذ
بعين االعتبار مياه األمطار وضرورة استعمال المياه المستعملة ،وكذا تجهيزها
بشبكات للتطهيرالسائل ومحطات لمعالجة المياه المستعملة.
وضع إطار للتدبير التشاركي لموارد المياه من خالل سن قواعد تحدد مسطرة
إعداد هذه العقود التدبير التشاركي وحقوق والتزامات اإلدارة ،والمؤسسات
العمومية ،ومستعملي الماء المنخرطين في هذه العقود ،باإلضافة إلى مهام تتبع
ومر اقبة استع مال المياه موضوع العقد التي يمكن للوكالة أن تكلف بها
مستعملي هذه المياه؛
P 215 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
ثانيا :اإلطارالمؤسساتي
يناط تدبيرالماء بالمغرب الى مجموعة من المتدخلين االمر الذي يجعل نوع من االتكالية
بين االطراف الساهرة على على التدبيرويمكن تقسيم الفاعلين الى مستويين مركزي وجهوي محلي
المؤسسات المركزية
وهو عبارة عن هيئة استشارية وتم احداثه بتعليمات ملكية سامية من صاحب الجاللة
الملك الحسن الثاني رحمه الله ،سنة 1911لالنكباب على وضع اإلطار التشريعي للماء
وتخصيص الدورة الثانية لتدارس إشكالية التزويد بالماء الصالح للشرب ,ويقوم املجلس األعلى
للماء والمناخ ،الذي تمت مأسسته في إطار قانون الماء رقم ،95-11بوضع التوجهات العامة
للسياسة الوطنية في مجال الماء و إبداء رأيه حول االستراتيجية الوطنية لتحسين المعرفة
بالمناخ واملخطط الوطني للماء واملخططات التوجيهية للتهيئة المندمجة للموارد المائية
باألحواض المائية .وقد أعطى المشرع اإلمكانية لتبدي هذه الهيئة رأيها في مواضيع أخرى لها
صلة بالسياسة المائية بالمغرب
وزارة التجهيزوالماء
تناط بوزارة التجهيزوالماء قطاع الماء مسؤولية تفعيل السياسة الوطنية للماء وهي ممثلة
على المستوى الجهوي بوكاالت االحواض المائية (مؤسسات عمومية تتمتع بالشخصية
المعنوية واالستقاللية المالية مكلفة بتفعيل تدبير المركزي ومندمج ومتشاور عليه للموارد
المائية لكل واحد من االحواض المائية الكبرى) وعلى المستوى االقليمي بمر افق المياه
المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب هو مؤسسة عمومية انش ئ سنة 1963
يتكلف بتحديث وتوسيع شبكات و انتاج وتوزيع المواد الكهربائية والهيدروليكية ومكافحة الهدر
وتنفيذ ادوات وتقنيات جديدة لتوفير المياه والكهرباء ،وهو عامل اساس ي في قطاع مياه الشرب
والصرف الصحي في المغرب وهو يضمن تخطيط و انتاج وتوزيع موارد المياه بالمغرب.361
361مشروع قانون رقم 10.02المتعلق بالمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب
P 216 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
تناط بالجماعات الترابية بمستوياتها الثالث وداخل دائرة ترابها مهام تقديم الخدمات
للمواطنين والمواطنات والمؤسسات العمومية والخصوصية على حد سواء .وتتجلى
اخصاصاتها في مجال الماء فيما يلي:
الجهات:
تقوم الجهة داخل دائرة ترابيها بالنهوض بالتنمية المندمجة والمستدامة وذلك بتنظيمها
وتنسيقها ,ويتجلى في اختصاصات ذاتية تشمل تحقيق االستعمال االمثل للموارد الطبيعية
والحفاظ عليها باالضافة الى اختصاصات مشتركة مع الدولة تتجلى في وضع استراتيجية جهوية
القتصاد الماء وتعميم التزويد بالماء الصالح للشرب والحماية من الفياضانات واملحافظة على
الموارد المائية باالضافة الى اختصاصات منقولة من الدولة تشمل التجهيزات والبنيات التحتية
ذات البعد الجهوي.363
العماالت واالقاليم
تناط بالعمالة اواالقليم في قطاع الماء مجموعة من االختصاصات الذاتية والمشتركة مع
الدولة والمنقولة اليها كالمساهمة في تزويد العالم القروي بالماء الصالح للشرب باالضافة الى
احداث وصيانة المنشات المائية الصغيرة والمتوسطة خاصة بالعالم القروي.364
الجماعات الترابية:
P 217 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
تقوم الجماعة الترابية باحداث وتدبير المر افق والتجهيزات العمومية الالزمة لتقديم
خدمات القرب في مجال توزيع الماء الصالح للشرب والتطهيرالسائل والصلب ومحطات معالجة
المياه العادمة باالضافة الى تدبير الساحل وتهيءة الشواطئ والممرات الساحلية والبحيرات
وضفاف االنهار بشراكة مع الدولة وكذلك احداث وصيانة المنشآت والتجهيزات المائية
الصغيرة والمتوسطة في اطاراالختصاصات المنقولة لها من الدولة.365
باالضافة الى مجموعة من القطاعات الوزارية والمؤسسات العمومية االخرى مثل قطاع
البيئة ووزارة الفالحة والصيد البحري والتمية القروية والمياه والغابات ووزارة الداخلية ووزارة
الصحة ،وزارة االقتصاد والمالية ،المندوبية السامية للمياه والغابات ،المكاتب الجهوية
لالستثمارالفالحي....
وهذا التعدد يعتبر من بين االكراهات التي يعاني منها تدبير الماء بالمغرب فتعدد
المتدخلين والفاعلين ،والتداخل بين صالحياتهم في بعض االحيان ،الن تعدد المتدخلين يصبح
اكراها يقف في وجه الحكامة والتدبير الجيد لهذا القطاع ،سواء على المستوى الوطني او على
المستوى الجهوي واملحلي.
يعرف املخزون المائي تراجعا كبيرا على المستوى الوطني بسبب توالي سنوات الجفاف
واالستغالل المفرط للموارد المائية ،بما فيها مياه الفرشات الباطنية التي تراجع مستواها بشكل
كبيرخاصة في الدو ائرالسقوية الكبرى .ويسجل أيضا تراجع كبيرفي حصص الفرد من الماء والتي
تقل حاليا عن 731متر مكعب/فرد/سنة .يتصاعد الطلب اإلجمالي على الماء :بسبب النمو
الديمغرافي ،وتطور مستوى عيش الساكنة .وتزداد أهمية هذا المورد الحيوي في التنمية
االقتصادية واالجتماعية ،من خالل تعدد استعماالت الماء في الفالحة والصناعة والسياحة ،وفي
االستعماالت المنزلية .ويتجاوز الطلب على الماء على المستوى الوطني 13,5مليار متر مكعب،
تستهلك منها الفالحة لوحدها أكثر من %11من مجموع الموارد المائية المعبئة .وتطرح هذه
الوضعية تخوفا كبيرا حول مستقبل الماء بالمناطق الجافة والشبه الجافة ،وتفرض ضرورة
P 218 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
اللجوء لموارد مائية غير تقليدية ومنها تحلية مياه البحر لتلبية حاجيات الساكنة في المناطق
الجنوبية.366
وتفرض ندرة الموارد المائية بالمناطق التي تعرف خصاص مائي حكامة جيدة على مستوى
تدبير قطاع الماء وترشيد استعماالته ،ورغم كل ما يتم بذله من جهود إال أن متطلبات التجويد
والتطويروالمواكبة ما تزال قائمة حيث:367
االستعمال غير الكافي لمياه بعض المنشآت المائية (حالة سدي الوحدة
والحسن الثاني)؛
ضعف عمليات إعادة الحقن االصطناعي للفرش (وخصوصا منها التي تتعرض
لالستغالل المفرط
366ا دريس الحافيظ ،الموارد المائية بالمغرب اإلمكانات التدبير والتحديات ،الطبعة الثانية سنة ,2024الصفحة .204
367مشروع نجاعة األداء لوزارة التجهيز والنقل ،المرافق لمشروع قانون المالية لسنة 2023؛ الصفحة .31
P 219 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
في ظل ال وضعية المقلقة للمياه بالمغرب نتيجة آثار التغيرات المناخية ،واختالالت تدبير
هذه المادة الحيوية الثمينة ،واالستعمال غير المعقلن سواء من طرف الساكنة في الوسط
الحضري والقروي ،وكذا في املجال الصناعي والزراعي والفالحي والسياحي والمنجمي ...كان ال بد
اتخاد مجموعة من التدابير واالجراءات للحد من ندرة هذه المادة الحيوية واملحافظة عليها
واستمرارها
وتشمل هذه االستراتيجية عدة محاور أبرزها :تدبير الطلب وتثمين موارد المياه
وتدبيروتطويرالعرض ،وحماية الموارد المائية والحفاظ عليها ،والحد من أوجه
الهشاشة في مواجهة املخاطر المرتبطة بالماء ،والتأقلم مع التغيرات المناخية،
ومواصلة اإلصالحات التنظيمية والمؤسسية ،وتحديث أنظمة اإلعالم ،ودعم
الوسائل والكفاءات.
P 220 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
تم وضع ا املخطط الوطني للماء لمدة تتجاوز 21سنة ،على أن يكون موضوعا
لمراجعات دورية كل خمس سنين ،إال في حال ظروف طارئة واستثنائية (تقتض ي
تغييرا لمضمونه قبل هذه الفترة) .واملخطط من إعداد قطاع الماء ،على أساس
نتائج وخالصات املخططات المديرية لتهيئة األحواض المائية .ويتم تبنيه
بموجب مرسوم بعد الحصول على رأي املجلس األعلى للماء والمناخ.
إذا كان المغرب قد نجح في تعميم يكاد يكون شامال للولوج إلى الماء الصالح
للشرب 111(368بالمائة في الوسط الحضري و 94بالمائة في الوسط القروي)،
وفي ري مساحة قدرها 1.5مليون هكتار،
-وبهدف االستجابة للحاجيات الصناعية في مجال الماء ،فإن ذلك الجهود المبذولة على
المستوى القانوني والمؤسساتي في تعبئة موارد المياه.
-البرنامج الوطني القتصاد الماء في السقي ،PNEEIالذي يهدف إلى إعادة تحويل 551111
هكتار إلى السقي المركز ( ،)2121-2111والرفع من إنتاجية وتثمين الماء ،والتدبير المستدام
لموارد المياه369
برنامج توسيع السقي ،الذي يرمي إلى تثمين 1.2مليار متر مكعب في السنة ،وتحقيق
االستفادة من االستثمارات العمومية في مجال تعبئة موارد المياه السدود) ،والرفع من القيمة
المضافة الفالحية بما يقارب 2.3ملياردرهم في السنة ،وخلق قرابة 61111منصب شغل دائم،
والرفع من مداخيل الفالحين والتخفيف من ظاهرة الهجرة القروية نحو المدن.
368تقرير المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي ،الحكامة عن طريق التدبير المندمج للموارد المائية في المغرب رافعة
اساسية للتنمية المستدامة ،الصفحة .14
369تقرير المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي ،الحكامة عن طريق التدبير المندمج للموارد المائية في المغرب رافعة
اساسية للتنمية المستدامة ،الصفحة .77
P 221 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
-وستتيح التدابيرالتي تنص عليها االستراتيجية الوطنية للماء اقتصاد 2.5مليار مترمربع
في السنة (من خالل أعمال تستهدف الطلب) ،والحصول على مورد مائي إضافي قدره 2.5
مليارمترمكعب في السنة.
-أما البرامج الموضوعة للتزود بالماء الشروب والتحكم في تدبيرالمياه املخصصة للسقي
فهي كالتالي :البرنامج الوطني للتزود بالماء الشروب ومياه السقي 2127 2121الذي تم
تقديمه أمام صاحب الجاللة بتاريخ 13يناير 12121والذي يهدف إلى تسريع االستثمارات
في قطاع الماء في أفق سنة ،2127بغية استباق صعوبات التزود بالماء الشروب ،وماء
ً
السقي المسجلة في األحواض المائية األكثر تضررا بالعجز المائي خالل فترة الجفاف
،2111 - 2115وقد شكل مرحلة أولى للمخطط الوطني للماء بغالف مالي إجمالي يبلغ 115
ملياردرهم .
خاتمة:
في ظل تردد فترات الجفاف لسنوات متتالية خالل السنوات االخيرة ،ومن اجل التخفيف
من حدة ندرة المياه في السنوات االخيرة ،االمرالذي يؤثر على الوضع المقلق لالقتصاد الوطني.
وهوما يحتم على المغرب اليوم ضرورة التفكيربشكل أكثرجرأة في ايجاد حلول فيما يتعلق بانتاج
وتوزيع واستغالل الماء في جل القطاعات .ومن بين االقتراحات التي يمكن المساهمة بها لدعم
سياسة مائية رشيدة تتجاوزتداعيات الجفاف ومشكلة ندرة الماء.
ضرورة االعتماد على منظومة زراعية حديثة تضم تقنيات الري المتقدمة
والتكنولوجية ،وعلى اعادة توجيه المنتوج الزراعي نحو المنتجات االقل استهالكا للماء وذات
قيمة مضافة عالية في االسواق الدولية ،باالضافة الى االعتماد على تحلية المياه في املجال
الفالحي.
حث الدولة على انجازوتنفيد والرفع من وثيرة انجازالسدود ،مما سيسمح برفع امكانيات
التخزين وذلك كاجراءات لضمان االمن المائي بالمغرب
P 222 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
ضرورة تسريع تدابير اعمال المراكز القروية انطالقا من منظومات مائية مستدامة ،في
إطار املخطط الوطني للتزويد بالماء الشروب والسقي ،2127-2121وتقوية عمليات استكشاف
موارد مائية اضافية خصوصا عبرانجازاثقاب الستغالل المياه الجوفية ،الى جانب االقتصاد في
استعمال الماء والحد من الهدر
القيام بحمالت تحسيسية وتوعوية واسعة النطاق القرار التعامل العقالني مع الموارد
المائية سواء للشرب اواالستعماالت االخرى الفالحية اوالصناعية اوالسياحية من خالل برنامج
الشراكة من املجتمع المدني وتعزيز قدراته من اجل التدخل الفعال والمواكبة لتحقيق االثر
المنشود في الوسطين القروي والحضري على السواء وفق الخصائص الجغر افية والثقافية.
السهر على تطوير نجاعة وفعالية برنامج الغيث -وهو برنامج يهدف الى رفع نسبة االمطار
اوالثلوج باستعمال تقنية تلقيح السحب ،باستعمال مواد كيميائية غيرضارة بالبيئة -ألنه بمثابة
بديل مبتكر للتقنيات التقليدية التي تسعى المؤسسات المعنية من خاللها إلى تحقيق الوفرة
المائية.
االئحة المراجع
القرآن الكريم.
الدستور المغربي لسنة 2111الصادر بتنفيذه ظهير شريف رقم 91-11-1صادر في 27
من شعبان. 1432
الخطب الملكية.
خطاب المغفور له الحسن الثاني طيب الله تراه في إطار المؤثمر الدولي السابع للموارد -
المائية المنعقد بالرباط بتاريخ 13-1ماي .1991
P 223 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح الدورة االولى من الوالية التشريعية الحادية عشر 14 -
اكتوبر.2122
مشروع قانون رقم 41.19المتعلق بالمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب
سعيد يسلم؛ حوض باكركر ،تدبير واستعمال المياه بمحافظة شبوة (اليمن) بين قلة
الموارد وتزايد الحاجات :جامعة الحسن الثاني بالدارالبيضاء سنة .2115/2114
عبد اللطيف فضل الله ،مجلة جغر افية المغرب سنة .1915
محمد خالد الزواوي ،الماء الذهب االزرق في الوطن العربي القاهرة مصرمجموعة النيل
العربية للطباعة والنشر.2114
P 224 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
هذا و تختلف الضمانات التي قد تقدم ضمانا للمال ،فقد تكون ضمانات شخصية وقد
تكون ضمانات عينية ،وقد تكون من كال النوعين ،فقد يقدم طالب القرض شخصا مليئا يكفله
كفالة شخصية أو عينية ،وقد يأتي بخطاب ضمان من بنك آخريضمن للبنك المقرض سداد ما
يستحق له ،وقد يبرم حوالة حق لمصلحة البنك المقرض يتنازل بموجبها له عن بعض حقوقه
لدى الغير ،وقد يرهن للبنك محله التجاري أو عقارا يملكه أو أور اقا مالية أو أور اقا تجارية أو
شهادات استثمار.
وتتسم هذه الضمانات في الفقه اإلسالمي بالبساطة والتنوع ليتخيرالمصرف اإلسالمي من
بينها الوسيلة المالئمة للحالة القائمة ،ومن بين هذه الضمانات األساسية في النظام اإلسالمي
ضميرالمسلم وذمته المالية التي تحظى بالثقة النابعة من أعماق نفسه بحكم التربية اإليمانية.
وإلى جانب هذا الضمان توجد ضمانات أخرى بعضها يعد من قبيل الضمانات الشخصية
كالكفالة والحوالة ،وبعضها اآلخر يعد من قبيل الضمانات العينية التي يكون محلها عينا من
P 225 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
األعيان المالية كالرهن ،وهكذا نجد أن هناك شبه اتفاق بين البنوك التقليدية والبنوك
اإلسالمية بشأن هذه الضمانات ،وإن كانت فلسفتها تختلف في المصارف اإلسالمية عنها في
المصارف التقليدية ذلك أن هذه الضمانات في البنوك التقليدية تدور في نطاق الفائدة وتترسم
طريقها بخالف البنوك اإلسالمية.
هذا ويثير القرض بضمان الرهون عدة إشكاليات من أهمها :تحديد مفهومه؟ وتحديد
أنواع الرهون التي تصلح كضمان للقرض المصرفي ،في كل من البنوك التقليدية (الربوية)
والبنوك اإلسالمية ،نظرا الختالف سياساتهم التمويلية ،ثم بيان آثارالقرض بضمان الرهون.
لإلجابة على هذه اإلشكاليات ،سندرس الموضوع من خالل التعرض للقرض بضمان
الرهن ( مطلب أول) ،ثم الحديث عن آثارالقرض بضمان الرهون( مطلب ثاني).
سنتناول هذا المطلب من خالل التعرض لمفهوم الرهن ( فرع أول) ثم لبيان أنواعه (فرع
ثاني).
عند ما يفكرالقائمون على شؤون البنك في منح أي ائتمان ،فإن أول ما يتبادرإلى ذهنهم
ويخطرببالهم ،هوالسؤال التالي :ما الذي يضمن لنا أن هذا القرض سيسدد عند ما يحين أجله؟
المرحلة األولى :أنهم يبدؤون باالستعالم من مصادر مختلفة للتحقق من مالءته وحسن
سمعته ،والتأكد من صحة ما أدلى به من بيانات ،وبحث ما إذا كان قد سبق شهرإفالسه أو تحرير
بروتستو ضده أم ال ،فإذا اجتازطالب القرض هذا االختيارتبدأ المرحلة الثانية :وهي الضمانات
المناسبة التي يمكن أن تضمن للبنك سداد نقوده التي يقدمها إليه.370
والضمانات في اللغة :مشتقة من الضم ،أو من التضمن ،ألن ذمة الضامن تضمن الحق،
أو من الضمن ،ألن ذمة الضامن من ضمن ذمة المضمون ،ألنه زيادة وثيقة.371
370د /السنهوري ،الوسيط جـــ ( 40التأمينات الشخصية و العينية) بند ، 30ص .41
371أبي الحسني أحمد بن فارس ،معجم مقاييس اللغة ،تحقيق عبد السالم محمد هارون ،بيروت ،دار الفكر ،ج ، 3ص
.242
P 226 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
وأما الضمان في اصطالح فقهاء الشريعة اإلسالمية فهو عند المالكية ( :التزام مكلف غير
سفيه دينا على غيره) وعند الشافعية ( التزام حق ثابت في ذمة الغير) ، ،372وهو يشمل الكفالة
والرهن ،و الحوالة والوسائل األخرى التي يمكن عن طريقها استيفاء الدين من المدين.
في الفقه اإلسالمي تم تعريف الرهن بتعريفات متعددة عند فقهاء المذاهب تبعا
الختالفهم في بعض أحكامه.
فعرفه الحنفية بأنه ( جعل الش يء محبوسا بحق يمكن استفاءه من الرهن كالديون).
ـ وعرفه الشافعية بأنه ( جعل عين مال وثيقة بدين يستوفي منها عند تعذروفائه).
وعرفه الحنابلة بأنه ( المال الذي يجعل وثيقة بالدين ليستوفي من ثمنه إن تعذراستفاءه
ممن هو عليه).
و نالحظ تقارب هذه التعريفات فليس بينها اختالف ذو أهمية إال اللفظ فقط .
وعلى ذلك يمكننا أن نعرف الرهن بأنه ( جعل عين لها قيمة مالية في نظر الشارع وثيقة
بدين يمكن أخذ الدين أو أخذ بعضه من تلك العين).
بالمقارنة بين الفقه اإلسالمي والقانون الوضعي فيما يتعلق بالرهن نجد أن الرهن أجيزفي
كل منهما كوسيلة استيثاق للدائن من الوصول إلى حقه إذا لم يقم المدين بالوفاء طواعية.373
سنتناول هذا الفرع من خالل دراسة رهن الرسمي ( فقرة أولي) و الرهن الحيازي (فقرة
ثانية) ثم رهن املحل التجاري ( فقرة ثالثة).
372انظر في هذا تحفة المحتاجين بشرح المنهاج البن حجر الهيثمي ،ج ، 1ص 210
373محمد بن محجوز ــ الحقوق العينية في الفقه اإلسالمي والتقنين المغربي ــ مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،الطبعة
4220م ،ص .321
P 227 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
يتنوع الرهن في القانون إلى رهن رسمي ورهن حيازي ، 374وقد عرفت المادة 1131من
القانون المدني المصري الرهن الرسمي بقولها ( :الرهن الرسمي يكسب به الدائن على عقار
مخصص لوفاء دينه حقا عينيا يكون له بمقتضاه أن يتقدم على الدائنين العادين والدائنين
التالين له في المرتبة في استيفاء حقه من ثمن ذلك العقارفي أي يد يكون ).375
ويقترح بعض الفقهاء المعاصرين أنه يفضل أن تكون صياغة المادة كاآلتي ( الرهن
الرسمي عقد به يكسب الدائن حقا عينيا تبعيا على عقارمخصص لوفاء دينه دون أن يحوزه)،376
وذلك حتى يبرزخاصية عقد الرهن الرسمي ،وهو كونه عقدا ال يحوزفيه الدائن المال المرهون.
ويطلق غالب الفقه مصطلح الرهن الرسمي على الحق العيني التبعي الذي يتولد عن
العقد لمصلحة الدائن ،فيقال حق الرهن ،أو الرهن.
ويتضح من هذا التعريف انه ال يكفي النعقاد الرهن الرسمي مجرد تو افق اإلرادتين ،أوأن
تكتب في محررعرفي ،بل يلزم أن يفرغ في محرررسمي ،وأن يذكرهذا املحرركافة البيانات الكافية
لتخصيص العقار المرهون والدين المضمون ( المادة 2/1131مدني) ،والرسمية تتطلب
اعتماده والتصديق عليه من الجهات الرسمية بتسجيل العقود.
ومن خصائص الرهن الرسمي أن يبقى الراهن حائزا للعقار المرهون ،ويحتفظ بسلطته
عليه كمالك وحائز ،ومن ثم يكون له الحق في التصرف في العقار المرهون ،وكذلك حق
االستعمال واالستغالل طبقا لما تضمنته المادتان 1144و 1142مدني ،وال يحد من سلطته في
ذلك إال بما يجب أن تتقيد به من اعتبارحق الدائن المرتهن.377
الحيازي378 وقد عرفت المادة 1111من قانون االلتزامات والعقود الموريتاني الرهن
بقولها ":الرهن الحيازي عقد بمقتضاه يخصص المدين أو أحد من الغير يعمل لمصلحته شيئا
374عرفت المادة 4024من التقنين المدني الرهن الحيازي بأنه« :عقد به يلتزم شخص ،ضمانا لدين عليه أو على غيره ،أن
يسلم إلى الدائن أو إلى أجنبي يعينه المتعاقدان ،شيئا يرتب عليه للدائن حقا عينيا يخوله حبس الشيء لحين استفاء الدين ،و
أن يتقدم الدائنين العادين والدائنين التالين له في المرتبة في اقتضاء حقه من ثمن هذا الشيء في أي يد يكون ".
و عرف المشرع المغربي الرهن الرسمي في المادة 411من مدونة الحقوق العينية بأنه" :حق عيني تبعي يتقرر على ملك
محفظ أو في طور التحفيظ ويخصص لضمان أداء دين".
375د /معتصم بالله الغرياني ــ القانون التجاري ،المعامالت التجارية ،العقود التجارية ـ عمليات البنوك ــ دار الجامعية
الجديدة ،الطبعة ،2002ص .0 1
376د /عبد الناصر العطار ــ التأمينات العينية ــ مطبعة دار السعادة ،من دون ذكر سنة الطبع ،ص .4
377د /السنهوري ،الوسيط ،ج ،40ص .212
378عالج المشرع المغربي الرهن الحيازي العقاري بمقتضى األحكام العامة المنصوص عليها في الفصول من 6671إلى
661.من ظهير االلتزامات و العقود ،و قد تطرق إلى الموضوع في ظهير 1يونيو 6963بشأن التشريع المطبق على العقارات
P 228 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
منقوال أو عقاريا لضمان االلتزام ،وهو يمنح الدائن حق استيفاء دينه من هاذ الش يء باألسبقية
على جميع الدائنين اآلخرين إذا لم يف له به المدين" ،379كما عرفت المادة 1146مدني مصري
الرهن الحيازي حينما نصـت على أن (:الرهن الحيازي عقد به يلتزم شخص ضمانا لدين عليه ،أو
على غيره أن يسلم إلى الدائن أو إلى أجنبي يعينه العاقدان شيئا يرتب عليه الرهن حقا عينيا
يخوله حبس الش يء إلى حين استفاء الدين ،وأن يتقدم على الدائنين العادين والتالين له في
المرتبة في اقتضاء حقه من هذا الش يء في أي يد يكون).
ويتضح من هذا التعريف أن التسليم ( قبض الدائن العين المرهونة) ليس ركنا في العقد
ومن ثم يصح الرهن الحيازي عقدا رضائيا ينعقد بمجرد تبادل اإليجاب والقبول المتطابقين دون
حاجة إلى التسليم ،إذ يعد التسليم التزاما وليس ركنا.380
ومن خالل تعريفنا لكل من الرهن الرسمي والرهن الحيازي نستطيع أن نلتمس أهم
الفروق بينها والتي تتلخص في ما يلي:
1ـ من حيث العقد :الرهن الحيازي ال تشترط فيه الرسمية ،و إنما هو عقد رضائي بخالف
الرهن الرسمي.
2ـ من حيث املحل :محل الرهن الحيازي يصح أن يكون عقارا أومنقوال ،أما الرهن الرسمي
فال يكون محله إال عقارا ،فهو ال يقع على المنقول ،وإن كانت التطورات الحضارية قد أظهرت
أمواال تخضع في نقل ملكيتها لنظام سببه بما يخضع له نظام الملكية العقارية وبالتالي أمكن أن
تقع عليها رهون ال يتجرد الراهن فيها من حيازة المنقول المرهون ،وامتد تبعا لهذا نطاق الرهن
الرسمي إليها ،ويعتبر رهن املحل التجاري أهم تطبيق لرهن يقع على منقول دون أن تنتقل
بمقتضاه الحيازة إلى الدائن ،ويعتبربالتالي سببها بالرهن الرسمي.381
المحفظة في الفصول من 611إلى 617و الذي تم نسخه بمقتضى الفصول من 6.3إلى 61.من قانون 59 . 11المتعلق
بمدونة الحقوق العينية.
و قد عمد المشرع المغربي بمقتضى قانون 59 . 11إلى تعريف الرهن الحيازي من خالل المادة 6.3التي تنص على أن "
الرهن الحيازي حق عيني يتقرر على ملك يعطيه المدين أو كفيله العيني إلى الدائن المرتهن لضمان الوفاء بالدين ويخول الدائن
المرتهن حق حيازة المرهون و حق حبسه إلى أن يستوفي دينه"
379قانون االلتزامات والعقود الموريتاني
380د /السنهوري ،الوسيط ،مرجع سابق ،ج ،40ص .212
381د /محمود جمال الدين زكي ــ التأمينات الشخصية والعينية ــ الطبعة الثالثة سنة 4242م ،ص .410
P 229 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
3ـ يخول الرهن الحيازي حبس الش يء المرهون حتى يستوفي الدائن دينه ،أما الرهن
الرسمي فال يخول للدائن هذا الحق ،وكل ما للدائن إذ محل دينه أن ينفذ على العقار المرهون
رهنا رسميا مستخدما ميزتي التقدم والتتبع.382
وأما في الفقه اإلسالمي فقد تم تعريف الرهن بتعريفات متعددة عند فقهاء المذاهب تبعا
الختالفهم في بعض أحكامه.
فعرفه الحنفية بأنه ( جعل الش يء محبوسا بحق يمكن استفاءه من الرهن كالديون).
ـ وعرفه الشافعية بأنه ( جعل عين مال وثيقة بدين يستوفي منها عند تعذروفائه).
وعرفه الحنابلة بأنه ( المال الذي يجعل وثيقة بالدين ليستوفي من ثمنه إن تعذراستفاءه
ممن هو عليه).
ونالحظ تقارب هذه التعريفات فليس بينها اختالف ذو أهمية إال اللفظ فقط.
وعلى ذلك يمكن نا أن نعرف الرهن بأنه (جعل عين لها قيمة مالية في نظر الشارع وثيقة
بدين يمكن أخذ الدين أو أخذ بعضه من تلك العين).
بالمقارنة بين الفقه اإلسالمي والقانون الوضعي فيما يتعلق بالرهن نجد أن الرهن أجيزفي
كل منهما كوسيلة استيثاق للدائن من الوصول إلى حقه إذا لم يقم المدين بالوفاء طواعية.383
الفقرة الثانية :الرهن الحيازي384 .2
بيانا لما سبق؛ المقصود بالرهن الحيازي هو أنه(عقد بمقتضاه يخصص المدين أو أحد
من الغيريعمل لمصلحته شيئا منقوال أو عقاريا ،لضمان االلتزام ،وهو يمنح الدائن حق استيفاء
P 230 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
دينه من هذا الش يء باألسبقية على جميع الدائنين اآلخرين إذا لم يف له به المدين )،385و وفقا
لنص المادة 1196من القانون المدني عبارة عن عقد ( عقد به يلتزم شخص ضمانا لدين عليه
أو على غيره أن يسلم إلى الدائن أو إلى أجنبي يعينه العاقدان شيئا يرتب عليه الرهن حقا عينيا
يخوله حبس الش يء لحين استفاء الدين ،وأن يقدم على الدائنين العاديين والتالين له في المرتبة
في اقتضاء حقه من ثمن هذا الش يء في أي يد يكون ). 386
كما عرفنا أن الرهن عقد رضائي ينعقد بمجرد تبادل اإليجاب والقبول المتطابقين دون
حاجة إلى التسليم ،إذ يعد التسليم التزاما وليس ركنا في العقد.
ونظرا لطورإجراءات التنفيذ على العقارفمن النادرأن يلجأ بنك تجاري إلى الحصول على
رهن رسمي على عقار ضمانا لدينه ،لكنه يفضل أن يكون التأمين الذي يحصل عليه شكل من
يء المرهون387 أشكال الرهن الحيازي نظرا لما يتمتع به من إجراءات ميسرة في التنفيذ على الش
.
وإن كان يعيب الرهن الحيازي عيبا خطيرا وهو منافاته مع احتياجات التجارة ،وتعطيل
استخدام التاجر للش يء المرهون رهنا حيازيا في تجارته نظرا ألنه يترتب عليه انتقال الش يء
المرهون إلى حيازة البنك المرتهن ،أوإلى عدل يختاره الطرفان ،وهوأمرالبد منه باعتبارأن الرهن
الحيازي وسيلة لحماية حقوق الدائن ،بخالف الرهن الرسمي الذي يحتفظ فيه المدين الراهن
بحيازة الش يء المرهون وبالحق في استعماله واستغالله ،وإن كانت سلطة المدين الراهن في
التصرف في الش يء المرهون مقيدة بحق الدائن المرتهن فال تنتقل ملكية المال المرهون إال
مثقلة بحق الرهن.
و انتقال الحيازة يمكن أن تتم بصورة مختلفة يمكن حصرها في ثالث صور:
P 231 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
األصل هو أن تنتقل حيازة الش يء المرهون رهنا حيازيا من الراهن إلى الدائن المرتهن ،فهو
أحد طرفي العقد ،وهو الطرف الذي جعل انتقال الحيازة لحمايته ولضمان مصالحه ،388حيث
يتمكن الدائن المرتهن من استغالل المال المرهون والحصول على غلته خصما من حق
المضمون بالرهن ،وتمكينه من حبس الش يء المرهون إلى حين استيفاء حقه.
ولكن الحكمة الرئيسية من اشتراط انتقال الحيازة هي إعالم الغيربوجود الرهن ،فالحيازة
هي الوسيلة الوحيدة لشهرالرهن خاصة في المنقول ، 389حيث يتم إشعارالغيربحق المرتهن على
الش يء المرهون ،وإن من شأن بقاء المنقول في يد الراهن أن يخدع المتعاملين معه فيقرضونه
نقودا بضمان هذا المنقول باعتبار أنه غير مرهون ،ونظارا ألهمية نقل الحيازة فإنه يترتب على
تخلفه عدم النفاذ الرهن الحيازي في مواجهة الغير.
أضف إلى ذلك أن انتقال الحيازة من الراهن إلى المرتهن يحقق حماية فعالة للمرتهن،
ويعتبر ضمانة قوية له ،وعلى الخصوص في حالة رهن المنقول ،فبقاء المنقول في يد الراهن
يسهل عليه إخفاءه أو التصرف فيه إلى حائز حسن النية يتملكه خالصا من الرهن ،حيث
يستطيع التمسك ضد المرتهن بقاعدة ( الحيازة في المنقول سند للملكية).390
وتطبيقا لذلك نصت المادة 121من القانون التجار المصري الجديد رقم 11لسنة
1999م على أنه:
"يشترط لنفاذ الرهن في حق الغير أن تنتقل حيازة الش يء المرهون إلى الدائن المرتهن أو
إلى عدل يعينه المتعاقدان ،وأن يبقي الش يء المرهون في حيازة من تسلمه منهما حتى انقضاء
الرهن
أ -إذا وضع تحت تصرفه بكيفية تحمل الغيرعلى االعتقاد أن الش يء صارفي حراسته.
ب -إذا تسلم صكا يمثل الش يء المرهون ويعطي حائزة دون غيره حق تسلمه.
388د .السنهوري ،الوسيط في شرح القانون المدني – مرجع سابق – ( التأمينات الشخصية والعينية
389د.عبد الرزاق السنهوري ،الوسيط في شرح القانون المدني – مرجع سابق – (التأمينات الشخصية والعينية.
390د /صبير مصطفي حسن السبكي ،القرض المصرفي كصورة من صور االئتمان ،مرجع سابق ،ص .422
391الدكتور عبد الكريم شهبون ــ الشافي في شرح مدونة الحقوق العينية الجديدة وفق القانون رقم 02ــ 32ــ مرجع سابق ـ
ص .200
P 232 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
ومن الناحية العملية فإن انتقال الحيازة إلى الدائن المرتهن إنما تكون في حالة االقتراض
من البنك بضمان بضاعة ،حيث يقوم العميل بتسليم البضائع إلى البنك (المرتهن) في مخازنه ،
وتظل بها إلى أن يتم سداد القرض ،ومن الممكن أن يسحب كميات من هذه البضاعة على دفعات
مقابلة سداد ما يقابلها من مبلغ القرض.392
وإذا قام العميل المقترض برهن المنقول للبنك المقرض رهنا حيازيا فإنه يترتب على هذا
الرهن الحيازي تخلي الراهن عن حيازة العين المرهونة وسلطة إدارتها واستقاللها ،إال أنه
يحتفظ بسلطة التصرف حيث يظل محتفظا بملكية العين ،ولكن هذه السلطة تنحصر في
التصرفات القانونية التي ال تضر بحقوق الدائن المرتهن (البنك المقرض) ،فللراهن الحق في
نقل ملكية المرهون ،أو ترتيب حق عيني عليه طالما كان ذلك ال يتعارض مع حقوق الدائن عليه،
وكذلك الحال بالنسبة للتصرفات المادية حيث ال يجوز للراهن القيام بها إذا كان من شأنها
اإلضراربالش يء المرهون والتأثيرعلى حقوق الدائن المقرض.393
يلتزم الراهن بتسليم العين المرهونة بمجرد إبرام العقد ليصير الرهن نافذا في مواجهة
الغير ،394والتسليم غالبا ما يكون ماديا حيث يتم نقل المنقول من يد ألخرى بالمناولة ،بحيث
ينتقل مباشرة إلى الدائن المرتهن ويظل تحت قبضته ،وقد يتم التسليم بصفة رمزية ،فتسليم
مفتاح املخزن يعد تسليما رمزيا للبضاعة الموجودة به طالما أدي ذلك إلى تخلي الراهن عن
السيطرة على البضائع وتمكين المرتهن منها ،ويعد وضع عالمة الدائن المرتهن على المكان الذي
توجد به األشياء المرهونة بعد أن يكون الراهن قد تخلي عن هذه األشياء هو تسليم رمزي لهذه
البضائع ،وتنتقل حيازة الدين بتسليم السند المثبت له ،وتنتقل حيازة براءة االختراع بتسليم
الشهادة الخاصة به.
كما تكون الحيازة أيضا حيازة رمزية في عمليات البنوك وفي عمليات االعتمادات
المستندية حيث يتسلم البنك سندات الشحن الممثلة للبضاعة ،فتعتبر حيازته لها حيازة
392د /محمد حسين منصور ،النظرية العامة لالئتمان وضماناته والوسائل التقليدية و الحديثة لحمايته ،دار الجامعة الجديدة
باإلسكندرية ،سنة 2004م ،ص .324
393د /الدكتور .عبد الكريم شهبون ــ الشافي في شرح مدونة الحقوق العينية الجديدة وفق القانون رقم 02ــ 32ــ مرجع سابق
ـ ص .202
394د /صبير مصطفي حسن السبكي ،القرض المصرفي كصورة من صور االئتمان ،مرجع سابق ،ص .424
P 233 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
للبضاعة في نفس الوقت ،395ويجري التصرف في البضاعة بالتصرف في السند الممثل لها،
ويمكن بذلك أن يرتهن البنك البضاعة بأن يحوز سند الشحن على سبيل الرهن ،فال يسلم
المستندات ( ومنها سند الشحن) إلى العميل إال بعد سداد ثمن البضاعة .396
وال يقوم البنك بتسليم المستندات إلى العميل إال إذا كان قد منحه أجال للوفاء ،وعندئذ
يمكن للبنك أن يحصل من العميل على إيصال أمانة كما يحدث كما يحدث في حالة استالم
البضاعة ذاتها.397
إذا كان األصل هو أن تنتقل حيازة الش يء المرهون من الراهن إلى الدائن المرتهن ،إال أنه
ال يوجد ما يمنع من أن يتفق المتعاقدان ( الراهن والدائن المرتهن ) على أجنبي يسمي في الفقه
اإلسالمي (عدال) يتسلم الش يء المرهون ويحتفظ به نيابة عن الدائن المرتهن.
ويتم االتفاق على تعين العدل إما في عقد الرهن أو في اتفاق الحق ،ويجب لكي ينتج هذا
االتفاق أثره قبول العدل حيازة المال المرهون بعد إبالغه بذلك .
395د /محمد حسن منصور ،النظرية العامة لالئتمان ،مرجع سابق ص .123
ــ يتقرر الرهن التجاري على المال المنقول المقدم لضمان دين تجارى بالنسبة للمدين ؛ وذلك دون اخــــالل باألحكـــــام
الخاصة بأنواع أخرى من الرهن التجاري ويشترط لنفاذه في حق الغير ،انتقال حيازة الشيء المرهون الى الدائن المرتهن
أو الى آخر يتفق عليه ،على أن يبقى الشيء المرهون في حيازة من تسلمه حتى انقضاء الرهن ويعتبر الشيء المرهون في
حيازة الدائن المرتهن أو العدل اذا ما وضع تحت تصرفه بما يوحى الى الغير أن الشيء صار في حيازته أو اذا تسلم صكا ً
يمثل الشيء المرهون ويعطى حائزه دون غيره حق تسلمه وتنتقل حيازة الحقوق بتسلم الصكوك الثابتة فيها ؛ كما يعتبر تسليم
االيصال بمثابة تسليم الصك ذاته بشرط أن الصك معينا في االيصال تعيينا ً نافيا ً للجهالة مع رضاء المودع لديه بحيازة الصك
لصالح الدائن المرتهن ؛ وفى هذه الحالة يعتبر المودع عنده قد تخلى عن كل حق له في حبس الشيء لسبب سابق على الرهن
مالم يتحفظ عند قبوله الحيازة
ويتم رهن الحقوق الثابتة فى صكوك اسمية عن طريق الحوالة ويذكر فيها أن الحوالة تمت على سبيل الرهن وتقيد الحوالة فى
سجالت الشركة مصدرة الصك -كما يتم رهن الحقوق الثابتة فى الصكوك ألمر بالتظهير ويكتب فيها أنه للرهن أو أى عبارة
تفيد ذلك
ويسرى ا لرهن فى الحالتين السابقتين فى حق المدين دون حاجة الى قبوله أو اعالنه ويسرى فى حق الغير دون اشتراط أن
يكون الرهن مكتوبا ً أو أن تكون الورقة الثابت بها الرهن ثابتة التاريخ ؛ ذلك أنه يجوز اثبات الرهن بكافة طرق االثبات وأيا
عبد األستاذ صفحة على منشور بحث .راجع بالرهن المضمونة الديون قيمة كانت
العاليhttps://web.facebook.com/AlsfhtAlrsm&_rd
396د /السنهوري ،مرجع سابق.422 ،
397د/صبري مصطفي حسن السبك ،القرض كصورة من صور االئتمان ـ مرجع سابق ـ ص .442
P 234 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
والقاعدة أن العدل يحوز المال المرهون نيابة عن الدائن المرتهن ،أو عن عدة دائنين
مرتهنين؛ في حال رهن المال لضمان حقوق عدة دائنين ،398أي في حالة ترتيب أكثرمن رهن حيازي
على نفس المال ،ويجوزأن يكون العدل أحد الدائنين المرتهنين يحوزالمال لحساب نفسه ونيابة
عن المرتهنين اآلخرين في نفس الوقت ،فحيازة الش يء المرهون في حيازة العدل يمكن الراهن من
أن يرهن الش يء رهن حيازة أكثرمن مرة ألكثرمن دائن. 399
وحيازة العدل للمال المرهون تمكن الدائن المرتهن من التخلص من عبئ التزامه
باملحافظة على المال واستغالله و وإدارته ورده ،وتؤمنه في نفس الوقت من تصرفات الراهن في
هذا المال إضرارا به.400
الفقرة الثالثة :رهن املحل التجاري401
من المعلوم أن املحل التجاري هو مجموعة األموال المنقولة الالزمة لالستغالله و هي
المكونة لعناصره ،وهذه العناصر قد تكون مادية مثل البضائع ،وقد تكون معنوية مثل
االتصال بالعمالء واالسم التجاري والحق في اإلجارة والتسمية المبتكرة ،وكذلك براءة االختراع
والرخص واإلجازات ، 402ويمكن دائما إضافة عناصرأخري حسب طبيعة تجارة التاجر ،فليست
هذه العناصرسوي أمثلة لما يتضمنه المتجرغالبا.
398د /الدكتور عبد الكريم شهبون ــ الشافي في شرح مدونة الحقوق العينية الجديدة وفق القانون رقم 02ــ 32ــ مرجع سابق
ـ ص .204
399د .محي الدين إسماعيل علم الدين ـ خطاب الضمان و األساس القانوني اللتزام البنك ـ عالم الكتب ،تاريخ النشر غير
مذكور ،ص .4103
401تقديمه من طرف المدين الراهن للدائن المرتهن مانح االئتمان كضمان له من أجل الحصول على ما يمكنه من استيفاء حقه
باألولوية و التتبع في حالة قيام الدائن المرتهن باتخاذ إجراءات الحجز التنفيذي لتليها إجراءات البيع بالمزاد العلني دون أن يتمكن
الدائنون العاديون و الدائنون الذين يتلونه في المرتبة من منافسته في ثمن بيع المحل التجاري .
-وبما أن المحل التجاري من المنقوالت ،فإنه يخضع للقواعد العامة بمعنى يكون رهنه رهنا حيازيا ،ومن المعروف أن الرهن
الحيازي يقتضي تخلي المدين الراهن عن حيازته للمال الذي يقدمه كضمان وانتقال هذه الحيازة إلى الدائن المرتهن و تطبيق هذا
الحكم على رهن المحل التجاري يؤدي إلى تخلي التاجر عن حيازة محله التجاري مما يستحيل معه االستمرار في االستغالل
التجاري ،و هذا يتناقض مع الهدف الذي من أجله قدم المحل التجاري كضمان عن طريق الرهن ،فالتاجر ال يمكن له سداد
الدين موضوع القرض إال بممارسة نشاطه التجاري والذي يصبح أكثر ضرورة من ذي قبل.
-األمر الذي جعل المشرع الجزائري في القانون التجاري يأتي بقواعد خاصة تنظم مسألة الرهن الحيازي للمحل التجاري و
ذلك في المواد من 221إلى 211و كذا في المواد من 213إلى 226التي تنظم المسائل المشتركة لعملية بيع و رهن المحل
التجاري.
402د /صبير مصطفي حسن السبكي ،القرض المصرفي كصورة من صور االئتمان ،مرجع سابق ،ص .413
P 235 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
فالمتجرأو املحل التجاري بوصفه منقوال معنويا يصلح ألن يكون محال لتصرفات قانونية
متعددة ،غيرأن المشرع الموريتاني في مدونة التجارة لم ينظم إال عمليتي بيع املحل التجاري ورهنه
في المواد 117و .403144
وعرف المشرع الموريتاني األصل التجاري في المادة 115بقوله " األصل التجاري مال
منقول معنوي يشمل جميع األموال المنقولة التي تخول التاجرجلب الزبناء واالحتفاظ بهم".404
وبما أن االئتمان من مستلزمات التجارة ،فقد يحتاج التاجر ألن يتوسع في مشروعه ،أو
أن يجدد آالته ومعداته ،كما قد تتعثر تجارته فيضطر إلى الحصول على االئتمان عن طريق
االقتراض بضمان املحل التجاري ،وبما أن املحل التجاري يعتبر ماال منقوال فإن رهنه سيكون
بطريق الرهن الحيازي ،ألن المنقول ال يخضع أصال إال للرهن الحيازي ،إال أن ذلك سيترتب عليه
حرمان التاجرمن استغالله ،وستكون حاجة االئتمان سببا لتوقف نشاطه ،ومن هنا فقد أجاز
المشرع رهن المتجر رهنا غير حيازي ،أي دون أن يتخلي صاحب المتجر الراهن عن متجره405.
ووفقا لنص لمادة 11من القانون المصري رقم 11لسنة 1941م فإنه ال يجوز أن يرتهن
املحل التجاري لدي غير البنوك أو بيوت التسليف التي يرخص لها بذلك وزير التجارة والصناعة
بالشروط التي يحددها بقرار يصدره ،وقد قيل في تبرير املحكمة من هذا النص رغبة المشرع في
حماية صغار التجار وأصحاب المصانع الصغيرة من جشع المرابين الذين قد يستغلون حاجة
المدين الملحة فيفرضون عليه أقص ي الشروط وهو ما تتنزه عنه المصارف الكبيرة.406
وبما أن رهن املحل التجاري ال يؤدي إلى نقل حيازته للدائن المرتهن ،فإنه يقع على عاتق
المدين الراهن التزاما باملحافظة على المتجر (املحل التجاري) بحالة جيدة ،وال يكون له الحق
في الحصول من الدائن المرتهن على مقابل نظيرذلك. 407
https://juristemaroc.blogspot.com/2015/05/fonde-de-commerce.html
P 236 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
ويعتبرالمدين الراهن مودعا لديه في هذه الحالة ألنه حائزللمتجرالمرهون ،و لذلك فإن
المادة 11من القانون المصري رقم 11لسنة 1941م قد قررت عقوبة جنائية يحكم بها على
المدين الراهن إذا بدد الش يء المرهون باعتباره خائنا لألمانة ،وتتمثل هذه العقوبة في الحبس
والغرامة التي ال تتجاوزمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين .
وقد بينت المادة 9من القانون السالف الذكر ما يجوز أن يقع عليه الرهن في حالة رهن
املحل التجاري حيث نصت الفقرة األولي من هذه المادة على أن ( :رهن املحل التجاري يجوزأن
يشمل العنوان واالسم التجاري والحق في اإلجارة واالتصال بالعمالء والسمعة التجارية واألثاث
واآلالت التي تستعمل في استغالل املحل ولو صارت عقارا بالتخصيص والعالمات التجارية
والرخص و اإلجازات ،وعلى وجه العموم الملكية الصناعية واألدبية والفنية المرتبطة به ).408
رهن املحل التجاري يعطي للدائن المرتهن حق األفضلية ،وحق التتبع .
أوال :حق األفضلية أو األولوية409
للدائن المرتهن حق األولوية على باقي الدائنين في الحصول على دينه ،وقد قرر المشرع
المصري في المادة 25من القانون السالف الذكر( القانون رقم )11نصا خاص يحمي بموجبه
الدائن العادي في مواجهة الدائن المرتهن حيث تقض ي بأنه يجوزللدائنين العادين السابقين على
P 237 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
قيد الرهن أن يطلبوا سداد ديونهم قبل مواعيد استحقاقها إذا أصابهم ضرر بسبب قيد
الرهن.410
وإذا تعدد الدائنون المرتهنون للمحل التجاري فإنه وفقا لنص المادة 16من القانون
السالف الذكر أنهم يكونوا في مرتبة واحدة إذا قيدت رهونهم في يوم واحد ،ولكن إذا قيد رهن
عقاري ورهن حيازي في يوم واحد فتكون األولوية للرهن العقاري ،411ويواجه المشرع بهذا الحكم
حالة تملك التاجرللعقارالكائن فيه المتجروقيامه برهنه ،فهنا ينشأ التزاحم بين الدائن المرتهن
للعقار والدائن المرتهن للمحل التجاري فيما يتعلق بالمهمات التي تعتبر عقارا بالتخصيص ،
والمفاضلة بين هاذين الدائنين تتم على أساس أسبقية قيد الرهن ،ولو تم القيد في يوم واحد
فتكون األولوية لمرتهن العقارالكائن فيه المتجر.
وهناك تزاحم آخرقد ينشأ بين الدائنين المرتهنين للمحل التجاري وصاحب العقارالكائن
فيه المتجرفيما يتعلق بدين األجرة ،وقد نصت المادة 11من القانون 11لسنة 1941م على أنه
( ليس المؤجر العقاري الذي يؤجر به األثاث واآلالت المرهونة التي تستعمل في استغالل املحل
التجاري أن يباشرامتيازه ألكثرمن قيمة إيجارسنتين) وهذا يعني أن الرهن المقررلمؤجرالعقار
الكائن فيه المتجر الستيفاء دين األجرة باألولوية على الرهن المقرر للدائن المرتهن للمتجر
يقتصرعلى إيجارمدة سنتين فقط ،وتكمن الحكمة في هذا الحكم في عدم استثارالمؤجرالمرتهن
وحده بكامل قيمة المنقوالت الوارد عليها الرهن إضرارا بباقي الدائنين المرتهنين.412
أما عن المبالغ التي يضمنها رهن المتجر فتتمثل وفقا لنص المادة 23في أصل الدين
المضمون وفوائده لمدة سنتين.
ثانيا :حق التتبع413
P 238 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
جاء في الفقرة األولي من المادة 161من مدونة التجارة الموريتانية ما يلي ":يتبع امتياز
البائع أو الدائن المرتهن األصل التجاري حيث ما وجد".414
هذا ويتمتع الدائن المرتهن بحق تتبع المتجر في يد من انتقلت إليه الستيفاء دينه ،ولكن
يجب التفرقة في شأن حق التتبع بين فرضين هما:415
الفرض األول :إذا تصرف المدين الراهن في المتجر محل الرهن إلى الغير قبل أن يوفي
بالدين المرهون من أجله ،وتخلف عن سداده عند حلول أجله ،فيجوز للدائن المرتهن اتخاذ
إجراءات التنفيذ في مواجهة الحائز المتصرف إليه حتى ولو كان الحائز حسن النية ،ذلك ألن
القاعدة ( الحيازة في المنقول سند للملكية ) ال تنطبق على المتجرألنه منقول معنوي.
الفرض الثاني :إذا تصرف المدين الراهن في مهمات المتجر استقالال عنه ،فيجوز
للمتصرف إليه الحائز التمسك في مواجهة الدائن المرتهن بقاعدة ( الحيازة في المنقول سند
للملكية) إذا كان حائزا حسن النية ،إذ أن األمرفي هذا الفرض ال يتعلق بالمتجرولكن بالمنقوالت
المادية التي تخضع لحكم القواعد العامة في رهن المنقول .
وبتطبيق هذه القواعد واألحكام على رهن املحل التجاري ضمانا للقرض المصرفي فإنه
يتضح لنا أن حق البنك ( الدائن المرتهن) تنطبق عليه قاعدة ( عدم تجزئة الرهن ) بمعني أن كل
حق عيني تبعي كما هو الحال في الدائن المرتهن .والسبب في ذلك يرجع الى إن الحائز هو كل من انتقلت إليه ملكية العقار
المرهون او أي حق عيني آخر عليه قابل للرهن ،وكما هو معلوم بان الحقوق العينية التبعية غير قابلة للرهن .لذلك فال يمكن
اعتبار الحائز صاحب حق عيني تبعي .وال يستعمل حق التتبع إال على العقار المرهون وملحقاته المعتبرة عقارا ً ،سواء كانت
عقارات بطبيعتها أم عقارات بالتخصيص .ويكون على العقارات بالتخصيص بوصفها من ملحقات العقار ،فإذا فقدت العقارات
بالتخصيص هذه الصفة ،فال يشملها الرهن وال يمكن مباشرة التتبع عليها ،وان الغرض من مباشرة الدائن المرتهن لحق التتبع
في مواجهة الحائز هو من اجل التنفيذ على العقار في مواجهته واستيفاء حقه بالتقدم من ثمنه في حالة بيعه بالمزاد العلني .ويالحظ
إن حق الدائن المرتهن في التتبع مرتبط بحق الراهن في التصرف بالعقار المرهون ،ومن ثم ال يمكن تصور وجود احدهما دون
اآلخر و إال انتقصنا من حق الراهن في الملكية ،ومن حق الدائن المرتهن في الرهن ،إال إذا لم يستعمل الدائن المرتهن حق التتبع
فهنا يمكن أن يوجد حق التصرف دون حق التتبع وال يؤدي هذا االنتقاص من حق المرتهن في الرهن .فالدائن المرتهن يستطيع
اتخاذ إجراءات نزع ملكية العقار المرهون بعد خروج ملكيته من ذمة المدين الراهن ،وهذا يفسر على السواء .حق الراهن في
التصرف وحق المرتهن في التتبع وما بين الحقين من ارتباط( .)1ويمكن القول ،إن حق التتبع يعني حق الدائن المرتهن في
التنفيذ على العقار المرهون في مواجهة الحائز ،واستيفاء دينه من ثمنه متقدما ً في ذلك على الدائنين العاديين والدائنين المرتهنين
التالين له في المرتبة
P 239 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
عنصر من العناصر المرهونة يبقي ضمانا لكل الدين المضمون ،ويبقي كل جزء من الديون
مضمونا بجميع العناصرالمرهونة.
إن البنك المرتهن يقتض ي دينه باألولوية على الدائنين العادين والدائنين المقيدين التالين
له في تاريخ القيد.416
و أنه إذا كان هناك تأمين على املحل التجاري وغالبا ما يشترط ذلك كالتأمين ضد الحريق
أو السطو وتحقق الخطر المؤمن منه فإن حق البنك المرتهن ينتقل بمرتبته إلى مبلغ التأمين
المستحق ،ويعتبرهذا واحدا من تطبيقات نظرية ( الحلول العيني )
قد حددت المادة 14من القانون المصري رقم 11لسنة 1941م والمادة 117من
القانون التجاري الموريتاني بشأن بيع املحال التجارية ورهنها إجراءات خاصة للتنفيذ على املحل
التجاري عند عدم الوفاء بالدين المضمون في تاريخ االستحقاق ،فيجب أن يقوم الدائن المرتهن
بالتنبيه رسميا على المدين أو الحائزبالوفاء .
وبعد مض ي ثمانية أيام من تاريخ التنبيه بالوفاء يقدم الدائن عريضة إلى قاض األمور
المستعجلة في املحكمة التي يقع بدائرتها املحل التجاري المرهون يطلب اإلذن ببيع الحمل
التجاري المرهون بالمزاد العلني.
ويحدد القاض ي مكان البيع وزمانه ،ويجب اتخاذ إجراءات اإلعالن باللصق والنشر قبل
حصول البيع بعشرة أيام على األقل ،كما تعلن هذه اإلعالنات لمالك المكان وللدائنين المرتهنين
المقيدين حتى يتمكنوا من المطالبة بحقوقهم.417
وقد لوحظ أن بعض القضاة يرفضون طلبات البنوك بيع املحال التجارية المرهونة
لصالحها ،ويدخلون البنك في مواجهة المدين الراهن بتجديد جلسة لنظرالطلب ،وهذا من شأنه
أن يضيع الميزة المقررة للبنوك ،واألولي إعطاء اإلذن بالبيع وترك الحق للراهن في التظلم ( وقد
ذهبت إلى هذا الرأي املحكمة اإلستنافية التجارية بفاس ). 418
بن زواوي سفيان ــ بيع المحل التجاري في التشريع الجزائري ،رسالة لنيل شهادة الماجستير في القانون الخاص ، 416
P 240 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
ومن ناحية أخري لوحظ أن منازعات الراهنين ال تنقض ي لمدة سنوات مما جعل رهن
املحال التجارية عديم الفائدة الستجابة املحاكم لكل وجه دفاع ولو ظاهر البطالن أو ظاهر
التضليل للعدالة حتى يتحقق بصفة قطعية من سالمة اإلجراءات المتخذة ابتدائيا
واستئنافيا.419
مرة أخري إذا أوقف البيع بأمر جديد من خالل إدخال التدليس على املحكمة بإخفاء
اإلجراءات الكيدية السابقة ،واألولي تعديل القانون بالسماح للمرتهنين باالستمرار في تنفيذ بعد
رفض تظلم الراهن ابتدائيا ولو استمرفي إجراءات قانونية جديدة. 420
إن عقد القرض المصرفي إنما هو من قبيل العقود الملزمة للجانبين ،و بالتالي فهو ينش ئ
التزامات متقابلة على عاتق كل من المقرض والمقترض ،كما أن لهذا العقد حاالت ينقض ي فيها.
إن عقد القرض يضع التزامات على عاتق كل من البنك المقرض والعميل المقترض ،وما
سنوضحه بالتفصيل فيما يلي: 421
يقع على عاتق البنك المقرض العديد من االلتزامات والتي تتمثل في : 422
1التزامه بتسليم مبلغ القرض إلى العميل المقترض ،وال يلزم أن يتم التسليم وقت التعاقد
بل يمكن أن يتم بعد ،فالقرض لم يعد عقدا عينيا.
2أنه إذا ما تم تسليم المبلغ النقدي إلى العميل المقترض فإنه ال يجوز للبنك أن يطالب
باسترداد هذا المبلغ قبل حلول أجل الرد.
د /صبير مصطفي حسن السبكي ،القرض المصرفي كصورة من صور االئتمان ،مرجع سابق ،ص .242 422
P 241 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
3ـ أن محل عقد القرض المصرفي الذي يجب على البنك تسليمه إلى العميل يكون عبارة
عن مبلغ من النقود ،وإن كان القانون المدني يعطى تصورا بأن القرض يمكن أن ينصب على
أشياء مثلية أخرى إال أن البنوك ليس لديها ما تقرضه سوى النقود ،أما ما يقال من أن البنوك
قد تقرض العميل توقيعها كما في القبول وخطاب الضمان فهو ال يعدو أن يكون مجازا ال حقيقة.
4ـ إذا كان قد اتفق على سداد مبلغ القرض على أقساط فإنه يتعين على البنك احترام أجل
كل قسط.
يضع عقد القرض على عاتق المقترض العديد من االلتزامات من أهمها :
. 1يلتزم العميل المقترض بأن يرد إلى البنك المقرض مبلغ القرض في األجل المتفق عليه
أو اآلجال املحددة إذا كان متفقا على السداد على أقساط.
. 2يلتزم المقرض بأن يؤدي الفائدة المتفق عليها في البنوك التقليدية ـ والعمولة
المصرفية الشهرية وقد نصت عليها األسعار الموحدة للخدمات المصرفية ،وهي تفترض
بالضرورة أن هناك حسابا للقرض تسري عليه العمولة ،ومن هنا ال تعتبر فائدة مستترة ،ألنها في
الحقيقة مقابل لقيام البنك بإمساك حساب لعملية القرض يتم فيه الخصم واإلضافة.
هناك أسباب عديدة يترتب على وجود أحدها انقضاء عقد القرض ،وهذه األسباب يمكن
إجمالها في األسباب التالية :
4ـ ينقض ي الدين المستحق للبنك بمض ي سبع سنوات من تاريخ حلول ميعاد الوفاء
بااللتزام ،أو بمض ي عشرسنوات من تاريخ صدوراألحكام النهائية نظرا ألن القرض المصرفي يعتبر
P 242 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
من قبيل عمليات البنوك التي تعتبرمن قبيل األعمال التجارية ،وذلك تطبيقا لنص المادة الثانية
من املجموعة التجارية التي تعتبرجميع عمليات البنوك تجارية.423
وقد نصت المادة 67من قانون التجارة المصري رقم 17لسنة 1999م على أنه ( تتقادم
الدعوى الناشئة عن التزامات التجارقبل بعضهم البعض والمتعلقة بمعامالتهم التجارية بمض ي
سبع سنوات من تاريخ حلول ميعاد الوفاء بااللتزام إال إذا نص القانون على خالف ذلك ،وكذلك
تسقط بمض ي عشرسنوات لألحكام النهائية الصادرة في تلك الدعوى).424
على أنه إذا كان هناك رهن حيازي تحت يد البنك كضمان للوفاء بالقرض فإن الدين ال
يتقادم طالما بقي الرهن تحت يد البنك ألن الرهن الحيازي يعتبر إقرارا مستمرا من العميل
بالدين ،وينقطع التقادم ويقف سريانه لألسباب المعروفة في القانون المدني ومن أهمها :
حركة الحساب وكشوفه التي ترسل دوريا إلى العميل ويوقع عليها باالستالم لذلك فإن من
مصلحة البنك أن ال يرسل كشوف الحساب بالبريد العادي.
إال أنها رغم كونها قاطعة للتقادم إال أن إثباتها صعب و إنكار العميل استالمها يسير ،أما
إرسالها بالبريد الموص ي عليه المصحوب بعلم الوصل أو مقابل توقيع العميل بالبنك على
استالمه إياها فيضع البنك في مركزأفضل فيما يتعلق بسريان التقادم ،ألن لديه الدليل أوال بأول
على قطع التقادم.
وهذه المشكلة ال تثار في حالة إذا كان حساب العميل دائنا ألنه في هذه الحالة ينعكس
الوضع وتظهر مصلحة العميل في االحتفاظ بما يصله من كشوف الحساب وإشعارات الخصم
واإلضافة ،ويهمه إبرازها بدال من كتمانها ليثبت أن أمواله في البنك لم يلحقها التقادم المسقط،
فال بأس بالنسبة للحسابات الدائنة إن أرسل البنك كشوفها بالبريد العادي.425
الخاتمة:
لقد توصلنا من خالل هذه الدراسة أن القرض بضمان الرهون من أهم الضمانات
للقرض المصرفي ،حيث أصبحت الرهون من أهم الضمانات التي يقدمها العمالء للبنوك
P 243 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
وأكثرها شيوعا في الو اقع العملي ،هذا و تتنوع الرهون لتشمل :الرهن الرسمي الذي ينصب على
عقار ،والرهن الحيازي الذي يشمل العقاروالمنقول ،فضال عن رهن األصل التجاري ،هذا ويرتب
الرهن بضمان القروض عدة آثار ،حسب كل طرف ( البنك ،العميل الراهن).
من خالل هذه الدراسة توصلنا إلى جملة من النتائج نجملها في ما يلي:
أن القرض المصرفي يعتبر هو املحور األساس ي لعمل المصارف ،و أنه يمثل الوظيفة
المقابلة لوظيفة قبول الودائع ،و أنه من أهم األدوات التي يقدمها البنك.
أن نظام اإلقراض إنما هو وسيلة لتمويل المشروعات لمواجهة االستثمارات التي يتطلبها
النشاط ،وبالتالي فهو وسيلة لتحقيق التنمية المنشودة وتحقيق أهداف التنمية.
أن القرض بضمان الرهون يشمل :الرهن الرسمي والحيازي ،ورهن األصل التجاري.
أنه ليس هناك تعارض في مسألة الرهن بين التشريع اإلسالمي والقانون الوضعي.
الئحة المراجع:
أبي الحسني أحمد بن فارس ،معجم مقاييس اللغة ،تحقيق عبد السالم محمد هارون،
بيروت ،دارالفكر ،ج.3
محمد بن محجوز ـ الحقوق العينية في الفقه اإلسالمي والتقنين المغربي ـ مطبعة النجاح
الجديدة ،الدارالبيضاء ،الطبعة 1991م.
معتصم بالله الغرياني ـ القانون التجاري ،المعامالت التجارية ،العقود التجارية ـ عمليات
البنوك ـ دارالجامعية الجديدة ،الطبعة .2119
عبد الناصرالعطار ـ التأمينات العينية ـ مطبعة دارالسعادة ،من دون ذكرسنة الطبع.
محمود جمال الدين زكي ـ التأمينات الشخصية والعينية ـ الطبعة الثالثة سنة 1979م.
صبري مصطفي حسن السبك ،القرض المصرفي كصورة من صوراالئتمان و أداة للتمويل
دراسة مقارنة بين التعامل المصرفي و الفقه اإلسالمي ،دارالفكرالجامعي ،الطيعة األولى .2111
P 244 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
عبد الكريم شهبون ـ الشافي في شرح مدونة الحقوق العينية الجديدة وفق القانون رقم
11ـ 39ـ الطبعة األولى .2115
محمد حسين منصور ،النظرية العامة لالئتمان وضماناته والوسائل التقليدية والحديثة
لحمايته ،دارالجامعة الجديدة باإلسكندرية ،سنة 2111م.
علي سيد قاسم ،قانون األعمال ،الجزء األول ،نظرية المشروع ـ المشروع التجاري
الفردي ،وأموال المشروع دارالنهضة العربية ـ سنة .1977
بن زواوي سفيان ـ بيع املحل التجاري في التشريع الجزائري ،رسالة لنيل شهادة
الماجستيرفي القانون الخاص ،جامعة قسطنطينة ، 1كلية الحقوق ،سنة .2113/2112
P 245 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
-رجل وامرأتان
وبالتالي فإن مهنة التوثيق العدلي بشكل عام ستكون في حاجة إلى إعادة النظر وتنظيم
عملية اإلشهاد لتتالءم مع ولوج النساء للمهنة ،من حيث الشكل أي العدد ،وكذا من حيث
المضمون ،فالمرأة العدل الموثقة ستبرم جميع العقود المسماة ،ومنها البيع والشراء والرهن
والهبة وغيرها ،فكيف لها كعدل أن ال تبرم عقود الزواج والطالق؟
والقاضية المغربية تقض ي في الجانيات وفي الجنح والتلبس واإلداري والتجاري والمدني
والشرعي ،وهذا األخيرنقصد به دعاوى التطليق ،فكيف تبث كقاضية في التطليق وتمارس قضاء
التوثيق وال يسمح لها كعدل بتوثيق الزواج والطالق؟
P 246 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
وتجدر اإلشارة إلى أن السادة العدول يعانون من إكراهات كثيرة في ممارستهم للمهنة ،ال
أدل على ذلك من أن ممارستهم تظل في معزل عن أية حماية أو تأمين أو تغطية صحية أو تقاعد،
وبانخراط المرأة في خطة العدالة ،فإن انخراطها سيضيف إلى ذلك مظلومية المرأة االقتصادية
والسياسية التي تعتمد على االمتيازاألجري ،واالحتكاراالقتصادي ،واالستفراد بالقراروالتخطيط
والبرمجة.
وإذا كنا نتبنى مبدأ المؤسسة الملكية في مضمارترقية وضعية المرأة في القانون" فال نحلل
حراما وال نحرم حالال" ،فإن ذلك ال يتنافى ومحاكمة االجتهاد الفقهي في تعامله مع آية المداينة،
في مسألة الكتابة والشهادة وأحقية المرأة في ممارستهما معا أو إحداها ،ومن ثم فإننا نروم فك
االرتباط بين اإلشهاد والكتابة في القوانين المنظمة للمهنة كإشكال رئيس ي لتمكين المرأة من
الممارسة الرصينة ،وكذا التفرس في أسباب استثناء عقود الزواج والطالق مع إمكانية املخاطبة
عليها من قبل القاضية في التوثيق ،كل ذلك مع استحضار تطور أساليب التوثيق والتحمل
بالشهادة وأداءها بشكل إلكتروني ال يخامره شك ،ومع مراعاة عدم تو افرعلة النسيان في المرأة
بشكل مسترسل ،وتغير هذا المعطى بين زمن التحمل بالشهادة وزمن أداءها – قسم أول.-
وبتوظيف كل ذلك لرفع المنع بشكل ال لبس فيه ،نضع شهادة المرأة العدل الموثقة في قلب رؤية
المشروع التعديلي للقانون رقم – 13-16القسم الثاني .قسم أول ـ فك االرتباط بين الكتابة
واإلشهاد :الزاوية الشرعية .القسم الثاني ـ أي سبيل لتعديل وتنظيم شهادة المرأة في قانون خطة
العدالة ومرسومه التطبيقي
نتساءل من الزاوية الشرعية عن طبيعة مهنة التوثيق العدلي داخل المنظومة التوثيقية
بالمغرب؟
فقد عرف أقطاب الفقه اإلسالمي هذه المهنة بقولهم " :العدالة هي وظيفة دينية تابعة
للقضاء ..وحقيقة هذه الوظيفة القيام عن إذن القاض ي بالشهادة بين الناس فيما لهم وعليهم
P 247 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
تحمال عند اإلشهاد وأداء عند التنازع ،وكتابة في السجالت تحفظ حقوق الناس وأمالكهم وديونهم
وسائر معامال تهم"426.
والظاهر من هذا التعريف البن خلدون أن خطة العدالة" :هي شهادة وإشهاد وكتابة
وتوثيق بين الناس في آن واحد دون انفصال"427.
وفي هذا يختلف النظام المغربي عن قانون التوثيق اللبناني في المادة 25منه" :على الكاتب
العدل أن يتلو على المتعاقدين والشهود ..السند الذي نظمه ،وأن يذكرذلك في عبارة التصديق
وعلى جميع الحاضرين أن يوقعوا في أسفل العبارة ،ثم يمهرالكاتب العدل السند بخاتمه ويؤرخه
ويوقعه".
ونفس المنحى في قانون التوثيق المصري ودول الخليج ،428مما يعني أن ثمة اختالف شكلي
واختالف منهجي بين المغرب وتلك األمصار العربية ،ومناط االختالف يتجلى أساسا في "موضوع
تحمل الشهادة وأدائها" ،فبما أن النظام القانوني المغربي للتوثيق 429يجمع على عاتق العدل
الموثق المهتمين معا ،فإن النقاش حول ولوج المرأة للمهنة جاء مغلفا بنظرة شرعية فقهية
تضع نصب عينيها "شهادة المرأة في ميزان الشريعة".
قال العزيزالحكيم في اآلية 212من سورة البقرة" :واستشهدوا شهيدين من رجالكم ،فإن
لم يكونا رجلين ،فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهن فتذكر إحداهما
األخرى".
-426ابن خلدون" :المقدمة" 212 ،الطبعة ،4221 ،2تصحيح وفهرسة أبو عبد الله السعيد المندوه ،مؤسسة الكتب
الثقافية بيروت -لبنان.
-427د .عبد السالم آيت سعيد" :المرأة ومهنة العدول ،إشكالية الولوج بين الفقه والقانون والعرف" ،الطبعة األولى،
نونبر ،2004مطبعة طوب بريس – الرباط ،411ص .24
-428الوسيط في التوثيق "للسيد عبد الوهاب عرفة ،طبعة ،2001دار المطبوعات الجامعية اإلسكندرية ،مصر
ص 44و.42
-429القانون رقم 03.41متعلق بخطة العدالة ،ج.ر عدد 1100بتاريخ 2مارس .2001
P 248 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
قال أبو بكر بن العربي في تفسير اآلية" :رتب الله تعالى الشهادات بحكمته في الحقوق
المالية والبدنية والحدود ،فجعلها في كل فن شهيدين ،إال في الزنا فإنه قرن ثبوتها بأربعة شهداء
تأكيدا في الستر"430.
-لما جعل الله تعالى امرأتين بدل شهادة الرجل ،وجب أن يكون حكمها حكمه ،أي أن
المرأة أهل للشهادة من حيث المبدأ الشرعي،
-إذا اشترط الرضا والعدالة في المداينة ،فاشتراطها في النكاح أولى ،أي يشترط في االثنين
شروط الشهادة وهي الرضا والعدالة وال وجود لشرط الذكورة،
-إذا كانت امرأتين ،وذكرت إحداهما األخرى ،كانت شهادتهما تعدل شهادة رجل و احد.
-وقد حقق الفقهاء االختالف بين شهادة الرجل والمرأة ،من حيث مراتب الشهادة
وعددها ومتعلقاتها.
أ ـ المرات ــب:
المرتبة األولى" :الزنا" وال يثبت إال بشهادة أربعة رجال لقوله تعالى "لوال جاءوا عليه بأربعة
شهدا" اآلية 13من سورة النور.
المرتبة الثانية :النكاح والرجعة ،لقوله تعالى" :وأشهدوا ذوي عدل منكم" اآلية 2من سورة
الطالق ،قال الغزالي "ألحق الشافعي به كل ما ليس بمال كالقصاص والعتق واالستيالد والكتابة
والوصايا والوكالة ...والترجمة في مجلس القضاء و إثبات الردة واإلسالم والنسب والبلوغ والوالء
والعدة والموت431.
المرتبة الثالثة :األموال وحقوقها وأسبابها ،تثبت بشهادة رجل وامرأتين بدليل آية
المداينة ،ويدخل فيه الشركة واإلجارة و إتالف األموال وعقود الضمان ،والقتل الخطأ وكل
جراحة ال توجب إال المال.
-430أبو بكر بن العربي محمد بن عبد الله" :أحكام القرآن" تحقيق علي محمد البجاوي ،دار الجيل ،بيروت ،لبنان،
.4222
-431أبو حامد الغزالي 101هـ" ،الوسيط في المذهب" الطبعة األولى4224 ،م ،تحقيق أحمد محمود ابرئيهم ومحمد
محمد تامر ،دار السالم للطباعة والنشر والتوزيع ،مصر ،ج .311/4
P 249 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
المرتبة الرابعة :ما ال يطلع عليه الرجال غالبا ،ويثبت برجل وامرأتين ،وبأربع نسوة
كالوالدة والبكارة وعيوب النساء ،والرضاع ،وما يخفى على الرجال.
وهذا ملخص كالم اإلمام الغزالي رحمه الله في المسألة ،وقد تعرض لها كذلك ابن القيم
في كتابه "الطرق الحكمية في السياسة الشرعية"432.
وعليه ،فإنه ال خالف في جوازاالعتماد على الشهادة في اإلثبات ،لورود النصوص القرآني
والسنة النبوية الدالة على مشروعيتها والقضاء بها ،وشهادة النساء مع الرجال تقبل عند
الحنفية في األموال واألحوال الشخصية (من زواج وطالق وتوابعهما) ،وعند المالكية والشافعية
والحنابلة ،ال تقبل شهادة النساء مع الرجال إال في األموال وتوابعها وعقودها ،وال تقبل شهادة
النساء مع الرجال في المذاهب األربعة في الحدود والجنايات والقصاص433...
بناء على ما سبق ال ينتظر أن ينجلي تعديل قانون خطة العدالة رقم 16.13في مسألة
الشهادة بوصفها ال تنفصل عن الكتابة في هذا القانون كالتالي:
-1األخذ بالمذهب المالكي ،أي أن يسمح للمرأة بممارسة التوثيق العدلي في مجال
التصرفات المالية وتوابعها فقط ،أما الزواج والطالق والرجعة فال.
-2وإما "االنفتاح الفقهي واالستفادة من كل المذاهب و العلماء بناء على قاعدة "اختيار
األيسر ال األحوط" ،وهو ما مال إليه ودافعه عنه د عبد السالم آيت سعيد في كتابه
"المرأة ومهنة العدول" ،يقول :إذا كثرت األحوطيات في الفقه المتصل بحياة الناس
فإن مجموعها التراكمي سينتهي إلى ش يء من اآلصال واألغالل التي جاء النبي صلى الله
عليه وسلم بوضعها عن األمة ،...وعلى هذا االختياريكون المذهب الحنفي هو الراجح
واألليق للمرأة لولوج خطة العدالة ،نظرا لشموله الزواج والطالق واألموال من منظور
الشهادة434.
-432المكتبة التجارية مكتبة مكة المكرمة ،المطبعة العربية السعودية ،4221 ،الطبعة األولى ،ص 420وما بعدها.
-433د .عبد السالم أيت سعيد" :المرأة ومهنة العدول ،إشكالية الولوج بين الفقه والقانون والعرف" ،الطبعة األولى،
نونبر -2004مطبعة طوب بريس ،الرباط ،ص ،20نقال عن د .وهبة الزحيلي.
-434عبد السالم آت سعيد ،نفس المرجع ،ص .22-4
P 250 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
فالعدل يقتض ي حسبه أن تمارس المرأة مهنة التوثيق العدلي جنبا إلى جنب مع أخيها
الرجل ،وأال تقتصرمهمتها على الكتابة ،بل تتعداها لتلقي الشهادة على خيارالمذهب الحنفي من
باب التيسيرأيضا.
وقد ذهب الفقه الحديث إلى أن أصل عقود المعاوضات أو الحقوق المالية المقصودة في
آية المداينة تقوم على مبدأ االلتزامات المتبادلة ،وأن المعاوضات تشمل كافة االلتزامات بما
في إطار العالقة الزوجية435. فيها االلتزامات المتبادلة،
والثابت أن المؤسسة الملكية قد رسخت مبدأ هاما في إطار التعامل مع أحكام الشريعة
مفاده" :لن نحلل ما حرم الله ،ولن نحرم ما أحل الله" ،فمع التسليم بالحكم الشرعي للشهادة
"رجلين" أو"رجل وامرأتان" ،والتيسيربناء على المذهب الحنفي ،يوص ى باالحترازفي مجلس العقد
من خالل مفهوم الشهادة في قانون التوثيق العدلي ،قياسا على قضاء التوثيق الذي تمارسه
المرأة منذ زمن يسيرفي المغرب.
القسم الثاني ـ أي سبيل لتعديل وتنظيم شهادة المرأة في قانون مهنة التوثيق العدلي
ومرسومه التطبيقي (إشكالية التنزيل)
انقلب الحديث اليوم في موضوع تقلد المرأة مهنة التوثيق العدلي من الحديث عن رفع
المنع أو اإلبقاء عليه بعد القرار ،إلى اتخاذ الحدث وسيلة لنفض الغبار عن النظرة التقليدية
التي ال زالت تطبع المهنة مقارنة بنظيرتها "مهنة التوثيق العصري" ،بل وحتى "مهنة املحاماة"
حيث اكتسب ممارسوها كذلك الحق في توثيق العقود وعلى رأسها عقود اقتناء السكن
االقتصادي؛ فاألمل معقود على هدف دخول المرأة الخطة لتعديل ماعوج من ظروف ومالبسات
ممارستها ،وقيل في هذا الصدد:
-أن دخول المرأة دون تعديل قانون المهنة سيكون بمثابة بطالة مقنعة.
-أن ثمة خطرعلى المرأة ،بل مخاطرإبان الممارسة قد تصل حد اإليذاء الجسدي.
-435اذ .محمد غزويل موثق عصري بهيئة فاس ،وأستاذ مادة عمل التوثيق بكلية الشر يعة بفاس.
P 251 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
ومع تعدد هذه الذرائع تفصل في أألهداف تعديل قانون خطة العدالة في عنوان :حول –
مسألة الكتابة والشهادة للمرأة باعتبارمحورية في تنزيل الممارسة.
-ثم نخوض في الجوانب المكملة لتحسين شروط الممارسة والتي تشترك فيها المرأة
والرجل معا.
من أهم الضوابط التي يستند إليها العدول في تحرير الوثائق العدلية ،وضع الشهادة في
الوثيقة" :يجب على العدل باعتباره شاهدا أو كاتبا أن يسجل شهادته بطريقة تميزه عن غيره بأن
يضع عالمته الخاصة ويكتب اسمه ،وذلك منعا للتزوير (المادة 21من المرسوم التطبيقي
للقانون المنظم للخطة.
وكثيرا ما يستعمل المرسوم الوثيقة كمرادف للشهادة ،جاء في المادة " "14يضمن العدالن
في الشهادة فصولها الجوهرية التي ينتفي معها كل غموض أو إبهام."...
هل معنى هذا أن ممارسة المرأة للمهنة تتداخل فيها كذلك أحكام الشهادة؟ أي أنها
ستمارس لزوما مع زميلة وزميل عمل ذكر؟
تقول د .رجاء ناجي جوابا على هذا السيناريوالمقترح ،أن "آية المداينة جاءت في بيع السلم
وهو نوع من البيوع االستثنائية المؤجلة التسليم ،وسدا لذريعة الخالف رتب الحق سبحانه
وسيلة إثباته بالترتيب:
-1الكتابة (للدين المؤجل) وال عالقة لها بالشهادة ،وتشبه العهد الذي يقوم به الموثق
والكاتب بالعدل رجال كان أو امرأة.
-2فإن لم تجدوا كاتبا فاستشهدوا ،أي الشهادة تعوض الكتابة عند عدم وجود الكاتب،
والحال أننا ال نعدم كاتبا في عصرنا الراهن.
-3ثم وإن كنتم على سفر"فرهان مقبوضة" أي الرهن الحيازي كضمان لألداء حيث يصل
األجل.
P 252 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
كما أن تتبع هذا المسارهوالذي أتاح التجربة التوثيقية الممارسة في بالد الشرعلى خالف
التجريد المغربية التي تجاهلت التحرير حسب تحقيق العلماء لآلية ،436ويضيف ذ .عبد السالم
آيت اسعيد" :الشهادة أنواع:
-1الشهادة الشفاهية أو االسترعائية ،وتخص اللحظة وتفترض مهمة "التحمل بها" وبعد
مرور زمن ،يتم أداؤها عن الطلب ،وفيها ما ال يمكن أن يطلع عليه الرجال فستشهد
المرأة مع زميلة لها بعلة النسيان ال أكثر.
-3الشهادة التوثيقية (الكتابة) ومن هنا سيناريو التلقي ا لفردي وتفكيك الثنائية بين
الشهادة والتوثيق.
وقد عزرمليه إلى فك الثنائية بالزميلة الموثقة التي تكتب وال تشهد ،في حين أن الممارسة
المغربية لخطة العدالة تفرض حتى على الرجل التلقي بشاهدين437.
ولفي حال عدم فك االرتباط بين الشهادة والكتابة ،فإن ذلك سيكون مخالفا لآلية التي
استعملت لفظ اإلبدال فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ،أي أن اإلسالم لم يرفض شهادة
المرأة438.
وعلى أي فإن مسطرة التلقي تقوم على التحمل واألداء في اإلبان واللحظة ولذلك ال مجال
للنسيان ومن ثم جواز تلقيها الشهادة خاصة وأن التوثيق في اللحظة يتلوه التضمين في مذكرة
الحفظ ،وبعد ذلك سجل الحفظ بعد املخاطبة لدى القاض ي ،فإذا انتفت العلة (النسيان)
انتفت ضرورة المرأتان.
ومع أن مشروع (المقترح) الذي وضع لتعديل قانون خطة العالة جاء في سياق رفع المنع
عن المرأة وفك االرتباط بين الكتابة والشهادة إال أن المادة 34منه و 41منه الزالتا تستعمالن
الشهادة ويراد بها الوثيقة المكتوبة.
-436د .رجاء ناجي مكاوي :مناظرة حول ممارسة المرأة لمهنة العدول 4فبراير Radio Chada FM 2042
-437د.عبد السالم أيت سعيد ،نفس البرنامج.
-438بن عربي في أحكام القرآن.
P 253 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
م " :34يمنع على كل عدل أن يقبل توثيقا في سجل الحفظ أو على أوراق تتضمن التزامات
أو اعتر افات مع ترك بياض فيه من الشهادة.
م :41يجب على العدل أن يدرج العقود والشهادات بتمامها في سجل الحفظ ."..وإن كان
قد حسم في المسألة النسائية حيث جاء في المادة " :43يجب أن تكون الشاهدة أو الشاهد في
العقود أو الشهادات ..مغربيا راشدا متمتعا بحقوقه المدنية".
وأما المادة 45من المشروع فأبقت صراحة على الثنائية في تلقي عقدي الزواج والطالق،
وأكدت المادة 46أن العقود األخرى 439يمكن توثيقها بعدل واحد (م.)46
وأما المادة 47فجاءت صريحة "يحق للمرأة أن تتلقى هذه العقود والشهادات دون حاجة
إلى العطف عليها من طرف عدل آخر".
وفي معرض االهتمام الذي أواله المشروع لشهادة اللفيف وإعادة تنظيمها كانت المادة
61حاسمة في أنه يمكن أن يكون شهود اللفيف ذكورا أو إناثا أو مختلطين.
هي جوانب حيوية لتحديث المهنة والسير بها قدما ،ومن أهم ما حث عليها المقارنة التي
تقام بين التوثيق العصري و التوثيق العدلي والتي تسجل ميزات قانونية مهمة للموثق العصري
مقارنة بالموثق العدل رجال كان أو امرأة.
-1إضفاء الصبغة الرسمية على الشهادة أو العقد ابتداء من تاريخ توقع العدل بسجل
الحفظ (م 55من المشروع).
-2إضفاء صبغة المرفق العام على مكاتب عدول التوثيق انطالقا من عدة معطيات
(فالمادة )91مثال أعطت وزير العدل حق تفتيش تلك المكاتب بمفتشين من اإلدارة
المركزية ،وحق لوزير العدل إيقاف العدل عن عمله (م ،)91وللوكيل العام لمللك
مراجعة صناديق العدول (م .)95
-439المال والعقار غير المحفظ وما يؤول إليه من تركات ووصيا الهبات والصدقات وقروض وبيوع ،الكفاالت
واعتناق اإلسالم ورؤية الهالل ،وأخيرا النوازل المستحدثة ما قبل الجالية.
P 254 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
-4المادة 12تحدثت عن القيم المودعة لدى العدل وهو ما لم يكن مسموحا به إال
للموثق العصري ،ثم جاءت المادة 32لتؤكد على تسليم ودائع العدل لدى صندوق
اإليداع والتدبيرفي الحساب المفتوح باسم العدل الموثق.
-5تقريرالمسؤولية للعدل الموثق وتكريس واجب التأمين على هذه المسؤولية (م .)21
-6توسيع مجال تحرك العدل إلى القيام باإلجراءات من أداء واجبات التسجيل ،التقييد
بالسجالت العقارية ،إجراءات النشروالتبليغ وحفظ الوثائق (م ،)19وهوما كان حكرا
على الموثق العصري.
-7إلزام العدل بتوفير األجهزة اإللكترونية ،بمكتبه حرصا على تحديث منظومة العمل
(م.)16
وقد أحدث المشروع هيئة قضائية مهنية للرقابة وصندوق ضمان العدول ألداء المبالغ
املحكوم بها لفائدة األطراف المتضررة في حال عسرالعدل وعدم كفاية المبلغ المؤدى من شركة
التأمين أو انعدام التأمين.
ولم ينتبه المشروع إلى تعديل مقتض ى القانون 13.16القاض ي باعتبار الخطأ المادي في
الوثيقة جناية يتابع مرتكبها بالزور في حين أن الخطأ المادي المرتكب في إطار قانون التوثيق
العصري ال يشكل إال جنحة ،وه وإغفال ال معنى له.
خاتمــة:
إذا كان الماض ي والحاضر ذكوريا ،فالمستقبل سيكون حتما بتاء التأنيث ،فبعد أن
أصبحت الرشيدة تعقد على نفسها ،ووضعت مدونة األسرة هذه األخيرة تحت رعاية الزوجين،
ومارست المرأة القضاء وقضاء التوثيق مؤخرا ،وتم الحديث عن العقد المالي للزوجية وتمكين
المرأة من الملكية كأهداف في قلب التنمية االقتصادية و أثبتت المرأة جدارتها في التسييرالمالي
واالقتصادي عصب املجتمع الحديث ،أصبحت هذه الجارة هي التي تخوض المعركة عوض
المرأة ،فإذا كان أقص ى ما تبتغيه المرأة المغربية في هذا الوقت بالذات هو الخروج للحياة
االجتماعية في أمن وأمان تامين ،فإن تتويج المساربقانون تجريم العنف والتحرش بالمرأة خالل
P 255 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
فبراير 2111قد جاء بعد نضال ومخاض عسير ،في حين أن اإلذن بممارسة خطة العدالة لم يأتي
عبرمطالبة وطنية عريضة المنكبين و إنما جاء كذلك تتويجا للجدارة واالستحقاق.
وفي ظل هذا الوضع الجديد ،لن تستأسد المرأة المغربية الرصينة على أخيها الرجل ،بل
هي واعية كل الوعي بأن للرؤية المستقبلية تتأسس على قاعدة مشتركة بين الرجل والمرأة ،في
تكامل وتفاعل سينفي التمييزال محالة وإلى غيررجعة.
الئحة المراجع:
ابن خلدون" :المقدمة" 241 ،الطبعة ،1996 ،2تصحيح وفهرسة أبو عبد الله السعيد
المندوه ،مؤسسة الكتب الثقافية بيروت – لبنان.
عبد السالم آيت سعيد" :المرأة ومهنة العدول ،إشكالية الولوج بين الفقه والقانون
والعرف" ،الطبعة األولى ،نونبر ،2117مطبعة طوب بريس – الرباط .164
الوسيط في التوثيق "للسيد عبد الوهاب عرفة ،طبعة ،2115دار المطبوعات الجامعية
اإلسكندرية ،مصر.
أبو بكر بن العربي محمد بن عبد الله" :أحكام القرآن" تحقيق علي محمد البجاوي ،دار
الجيل ،بيروت ،لبنان.1911 ،
أبو حامد الغزالي 515هـ" ،الوسيط في المذهب" الطبعة األولى1997 ،م ،تحقيق أحمد
محمود ابرئيهم ومحمد محمد تامر ،دارالسالم للطباعة والنشروالتوزيع ،مصر ،ج .366/7
عبد السالم أيت سعيد" :المرأة ومهنة العدول ،إشكالية الولوج بين الفقه والقانون
والعرف" ،الطبعة األولى ،نونبر -2117مطبعة طوب بريس ،الرباط ،ص ،91نقال عن د .وهبة
الزحيلي.
محمد غزويل موثق عصري بهيئة فاس ،وأستاذ مادة عمل التوثيق بكلية الشريعة بفاس.
رجاء ناجي مكاوي :مناظرة حول ممارسة المرأة لمهنة العدول 7فبراير Radio 2111
.Chada FM
P 256 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
Summary
This study came with the aim of highlighting the extent of international
cooperation between countries in the face of COFED 19 or what is known as the
Corona virus, because it is considered one of the first epidemics and there is no
vaccine to combat it, so international cooperation is called for in order to join
hands to eliminate the pandemic, and the study reached the need to improve
systems Medical and increase the human cadres to be able to deal with
emergencies and crises, and transfer experiences between countries that have
reached some extent in dealing with the pandemic and the assistant of countries
P 257 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
that have a simple ability not to deal with the pandemic, as well as the study
indicated the preventive and therapeutic mechanisms that can be used by the
international community. Keywords _ international cooperation - Corona
pandemic – WHO
المقدمة:
يشكل التعاون الدولي محوريه اساسية في العالقات الدولية اذا نجد التعاون الدولي في
الكثير المعاهدات واالتفاقات الدولية ,وهذا المبدأ من القواعد االساسية التي تقوم عليها
منظمة األمم المتحدة حيث يعد من المبادئ المهمة التي اشاراليها الميثاق .فتعاون الدول فيما
بينها لمواجهه جميع التحديات التي قد تعصف بها في ظروف استثنائية ,امر غاية في االهمية مما
يوصلنا الى اليوم و ما تتعرض اليه الدول من مواجهة جائحة كورونا حسب تسمية منظمة
الصحة العالمية والتي تعد من االزمات الصحية العالمية التي ال يقل ثقلها عن ما يحدث من
اضرار في االوراح واالموال في وقت النزاعات الدولية والتي تتطلب روح التعاون والمثابرة و مد
جسور الصداقة ومد يد العون وخاصة للدول التي ال تستطيع ان تواجهه بمفردها حاالت لم
يسبق وان مرت بها مثل "كوفيد ."19فهنا تبرز اهمية التعاون الدولي .
اذا البد ان يتم تعاون بين الدول من اجل القضاء على المرض او تقديم المساعدات
والخبرات الطبية للحد من و انتشاره ،وادراكا ألهمية التعاون الدولي لمواجهة جائحة كورونا عبر
قادة المؤسسات والدول االعضاء في االتحاد االوربي عن قناعتهم بان هزيمه وباء كورونا مع آثاره
الضارة المتعددة لن تنجح اال عبر تعزيز التعاون الدولي .
اهمية البحث /تكمن اهمية هذه الدراسة من خالل اهمية التعاون الدولي بين الدول في
مواجهة فيروس كورونا ،اذا ان اهمال مسائلة التعاون الدولي ممكن ان تسبب عو اقب وخيمة
تلحق بالدول الخسائركبيرة ،كذلك تكمن اهمية الدراسة من الدورالذي تقوم به منظمة الصحة
العالمية كسلطة توجيه وتنسيق العمل الصحي العالمي ،
P 258 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
-1ما مفهوم التعاون الدولي لمواجهة جائحة كورونا ؟وهل يوجد اساس القانوني او الزام
قانوني للدول بموجب مصادقتها على ميثاق منظمة الصحة العالمية توجب تقديم
التعاون الدولي ؟
-2ما هي االسس القانونية التي اعتمد عليها المشرع العراقي لمواجهة جائحة كورونا وكيف
تعاون مع منظمة الصحة العالمية ؟
منهجية البحث /اعتمدنا في بحثنا على المنهج التحليلي وذلك بتحليل نصوص ميثاق
منظمة الصحة العالمية وكذلك الوثائق الدولية ذات الصلة بالموضوع وكذلك اعتمدنا على
المنهج االستنباطي في سبيل الوصول الى غايات التعاون الدولي لمواجهة جائحة كورونا .
خطة البحث :المبحث االول //ماهية التعاون الدولي لمواجهة جائحة كورونا ،المبحث
الثاني /الية التعاون الدولي لمواجهة جائحة كورونا.
يتمحور التعاون الدولي في مواجهة كورونا في حماية افراد املجتمع من املخاطر الصحية
التي يسببها سرعة انتشارجائحة كورونا ،اذا على الرغم من التطورالذي شهده الرعاية الصحية
،اال انه هناك امراض مثل جائحة كورونا التي تسبب االلف حالته الوفاة ،لذا يبرزللتعاون الدولي
الدور المهم في حماية البشرية من االمراض سريعة االنتشار وذلك من خالل التكاتف والتآزر بين
دول العالم اجمع الن جائحة كورونا هي ليست حالة خاصة بدولة دون دولة اخرى و انما اصبحت
منتشرة تقريبا في كل بقاع العالم ،لذا سنتناول في هذا المبحث مطلبين المطلب االول مفهوم
التعاون الدولي لمواجهة جائحة كورونا والثاني االساس القانوني للتعاون الدولي
ان من المظاهر التي ميزت تطور املجتمع الدولي و اتجاهه ناحية التعاون والتنظيم الدولي
ان مقتضيات الحياة االقتصادية واالجتماعية كانت من اشد المقتضيات الحاحا وضرورتا مما
دفع الدول الى العمل سويا والتعاون من اجل اشباع هذه الضروريات ،فاذا بقيت الدول متمسكا
بالسيادة المطلقة وفق القانون الدولي التقليدي وانها وحدها تنفرد بمواجهه مشاكلها
االقتصادية او الصحية فأنها تضحي عاجزة عن معالجة كافة مشكالها دون التعاون مع الدول او
حتى المنظمات الدولي الفاعلة ،لهذا نجد من اولى االهداف للتعاون الدولي هو تخفيف من حدة
P 259 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
االزمات واالختالالت التي تتعرض لها الدول واولى مظاهر هذه التعاون كان في انشاء المنظمات
الدولية التي اصبحت عبارة عن مر افق دولية مهمته تنظيم االمور الفنية واالقتصادية
واالجتماعية والصحية440
وهذه الحقيقة بينتها المادة 55من ميثاق منظمة االمم المتحدة حيث اوضحت بان
المنظمة تعمل على ( -1تحقيق مستوى افضل للمعيشة وتوفيراسباب االستخدام المتصل لكل
فرد والنهوض بعوامل التطور والتقدم االقتصادي واالجتماعية ،ب -تيسير الحلول للمشاكل
الدولية االقتصادية واالجتماعية والصحية وما يتصل بها وتعزيز التعاون الدولي في امورالثقافة
والتعليم).
وتأسيا على ما سبق فان التعاون الدولي يعني (الجهود الدولية المبذولة بين دول العالم
من اجل تحقيق مصلحة الدول المتعاونة وفي سبيل تحقيق السلم واالمن الدوليين ومواجهة
التحديات السياسية واالجتماعية واالقتصادية والصحية واالمنية )441
اما بالنسبة الى مفهوم التعاون الدولي لمواجهة جائحة كورونا فأنها تعني الجهود الدولية
المبذولة في املجتمع الدولي من اجل القضاء على الوباء و الحد منه من خالل عدة اجراءات
ووسائل تتخذها بما يتناسب مع الموقف العام الدولي في التعامل مع الوباء
حيث تتعقد حاالت السيطرة على االوبئة وخاصة تلك التي تكون سريعة االنتشار داخل
البلدان وعبرها واالنتقال بين البشر مثل جائحة كورونا مما يثير الحاجة الى جوهرية التعاون
الدولي للقضاء عليه ،حيث ازدادت حاالت انتشار األوبئة في الوقت الحالي بسبب العديد من
العوامل منها التغيير المناخية والحشرات الناقة لألمراض وكذلك ظاهرة التمدن والتي تعني
التقارب في السكن حيث اضحى البشر يسكن في مناطق متقاربة جدا مما يسبب كثرة االختالط
وبالتالي سرعة انتشار االوبئة ،لذا فان للتعاون الدولي الدور البارز في تقليص انتشار االمراض
وذلك من خالل اتباع ارشادات منظمة الصحة العالمية املحددة مسبقا من قبل المنظمة
ومراعاه حقوق االنسان لألفراد ،حيث يساعد توفير البيئة النظيفة والمياه الصحية والبنى
التحتية المناسبة من مستشفيات وكوادر صحية وتطوير الخبرات يساعد في مواجهات هكذا
440د.هادي نعيم المالكي ،المنظمات الدولية ،مكتبة السيسبان ،بغداد ،ط ، 2043 ،4ص 44و.42
441Sebastian Paulo, International Cooperation and Development , German
Development Institute / Deutsches Institute fur,2014.q21.
P 260 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
حاالت ،وكذلك اتخاذ اجراءات وقائية تكون الحقة في حال انتشارالوباء وتكون من خالل الكشف
المبكر عن المرض واإلفصاح عنه من قبل الدولة التي ظهر فيها وفرض الحظر في المناطق التي
ظهرفيها المرض ومحاولة الوصول الى لقاح مناسب للقضاء عليه .442
حيت تعاونت الدول من اجل مكافحة انتشار جائحة كورونا وذلك انطالقا من مصادقته
على دستورمنظمة الصحة العالمية وتحديد المادة 21التي اشارت الى االشتراطات الصحية التي
يجب على الدول اتباعها ومنها ايضا اجراءات الحجرالصحي وغيرها من االجراءات التي يقصد بها
منع انتشاراالمراض وكذلك الطرق المتعلقة بطرق تشخيص المرض ،و انطالقا من هذه المادة
سعت الدول الى فرض اجراءات الحجر الصحي وتبني عدد من االجراءات االحترازية للوقاية حتى
وصل الحال في اغلب الدول الى فرض حظرالتجوال الكامل في بعض األقاليم بل احيانا على كافة
اراض ي الدولة ،كم حددت الدول ميزانيات ضخمه من اجل مجابهه فايروس كورونا نذكر منها ،
الصين حيث وضعت 175مليار دوالرلمكافحة الوباء ،وأعلنت الواليات عما قيمته تريليون دوالر
،واالتحاد األوربي الذي أعلن عن 751مليار يورو ،وبريطانيا 31مليار إسترليني ،و إيطاليا 25
مليار يورو ،وفرنسا 4مليار يورو ،وإسبانيا 3.1مليار يورو .وأعلنت ألمانيا عن وضع ميزانية
تكميلية بقيمة 151مليار يورو ،في إطار حزمة تمويل أكبرلمواجهة الفيروس ) اما الدول العربي
فقد اعلنت الكويت عن وضع 33مليار دوالر ،والجزائر ، 31واإلمارات وضعت 27ملياروغيرها
الكثير من الدول التي رصدت االموال الطائلة ملحاولة الحد من انتشار جائحة كورونا443
يجب ان تكون هناك اساسيا من اجل التعاون للقضاء على فايروس كورونا منها
أوال :تحشيد الطاقات والجهود بين الدول للقضاء على الجائحة وال يتحقق ذلك اال من
خالل وضع الخالفات الدولية السياسية جانبا مهما كان حجم الخالف والتركيزفقط على القضاء
على الفايروس وخاصة بالنسبة الى الدول التي تطلها عقوبات حيث تعد هذه الجائحة ازمة
442ديفيد بلوم واخرون ،االمراض المعدية الجديدة والمتجددة الظهور يمكن ان تخلق تداعيات اقتصادية على
المدى البعيد ،بحث منشور في مجلة التمويل والتنمية مجلة فصلية تصدر عن صندوق النقد الدولي ،العدد ،11
،2042ص .11
443د.عصام عبد الشافي ،وباء كورونا وبنية النسق الدولي االبعاد والتدعيات ،بحث منشور في المعهد المصري
للدراسات ،على الموقع ص .1
P 261 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
انسانية يجب ان توقظ الضمير بالعالمي لرفع العقوبات عن الدول منها ايران كوريا الشمالية
وروسيا اليمن
ثانيا :محاولة ايجاد القاح اوالعقارالمعالجة المصابين وذلك من خالل تعاون بين الدول
بتبادل المعلومات والخبرات بحسن نية وسالسله حيث تعمل الكثير من الدول حاليا منها روسيا
وكندا و ايران وامريكا وفرنسا والصين اليجاد العالج المناسب ثالثا :تسهيل حركة مرور االدوية
والمستلزمات الصحية بين الدول وكذلك الكوار البشرية التي لها خبرة في التعامل مع المرض
وذلك لنقل الخبرات من الدول التي سبق ان تعاملت مع المرض الى الدول التي وصلها حديثا 444
عند التكلم عن النصوص القانونية المساندة للتعاون الدولي في سبيل مكافحة جائحة
كورونا البد من توضيح االساس الذي يرتكز عليه التعاون الدولي في هذا املجال وهو الحق في
الصحة حيث اشارت الكثير من الوثائق الدستورية بان هذا الحق يعد من الحقوق االنسان
ً
االساسية ونذكرمنها دستورالعراق لعام 2115حيث اشارفي المادة ((: ١٣أوال :لكل عراقي الحق
في الرعاية الصحية ،وتعنى الدولة بالصحة العامة ،وتكفل وسائل الوقاية والعالج بإنشاء
ً
مختلف انواع المستشفيات والمؤسسات الصحية .ثانيا :لألفراد والهيئات إنشاء مستشفيات
أو مستوصفات أو دور عالج خاصة و بأشراف من الدولة)).وعليه فان الدستورالعراقي اشارالى
الحق بالصحة ضمن الباب الثاني الفصل االول الخاص بالحقوق
اما بالنسبة الى القوانين الداخلية فقد تضمن قانون الصحة العامة رقم ٩٨لسنة
٣٨٩٣عدة المفاهيم والتي يجب على المؤسسات االلتزام بها والعمل بمقتضاها حال حدوث
الحاالت التي تستوجب ذلك مثل جائحة كورونا حيث تناولها بالتنظيم قانون الصحة العراقي في
المادة 44تحت مسمى ( أوبئة ناقلة )وقد ّعرفها هذا القانون بأنه { هوالمرض الناجم عن
االصابة بعامل معد او السموم المولدة عنه والذي ينتج عن انتقال ذلك العامل من المصدر الى
المضيف بطريقة مباشرة او غير مباشرة }.
كما الزم هذا القانون في المادة (( ١ثانيا – مكافحة االمراض االنتقالية ومر اقبتها ومنع
تسربها من خارج القطر الى داخله وبالعكس او من مكان الى اخر فيه والحد من انتشارها في
444عبد الستار قاسم ،تداعيات كورونا على العالقات الدولية واالنسانية ،مقال منشور على الموقع
https://www.trtarabi.com/opinion
P 262 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
االراض ي والمياه والجواء العر اقية )).وكذلك اشار قانون الصحة الى جملة من االجراءات
لمكافحة االوبئة السريعة االنتشار ومازال هذا الفايرس وطئ الدولة العر اقية فالبد من تفعيل
هذا االجراءات وهي (على معهد االمراض المتوطنة والمديريات التابعة له فحص الو افدين الى
القطر للعمل للتأكد من خلوهم من االمراض االنتقالية واالمراض المتوطنة في القطر وتزويدهم
بشهادات تثبت سالمتهم ).445
وتأسيا على ما سبق فان االساس القانوني للتعاون الدولي للحد من االمراض االنتقالية
والتي تمثل في و اقعنا الحالي جائحة كورونا يتمثل بما يرتكزعليه الحق في الصحة وما يترتب على
هذا الحق من وجوب التعاون والتكاتف بين الدول للحد من سرعة انتشار هذه الجائحة وعليه
فان ما اشارت اليه القوانين ابتداء من الدستور الى القوانين الوطنية يمثل االساس القانوني
للتعاون من اجل القضاء على هذه الجائحة
اما على الصعيد الدولي نجد ايضا ان الحق في الصحة قد اشارت اليه االعالن العالمي
لحقوق االنسان لعام 1941في المادة ( )25تنص على أن( :لكل شخص حق في مستوى معيشة
يكفي لضمان الصحة والرفاهة له وألسرته ،وخاصة على صعيد المأكل والملبس والمسكن
والعناية الطبية).
باإلضافة الى الكثيرمن االتفاقيات الخاصة بحقوق المرأة والطفل الذي تناول هذا الحق
بالتنظيم ومن هذا االهمية البد ان يحظى حق الصحة باالهتمام الدولي وخاصة مع انتشارجائحة
كورونا وسعى الدولة والمنظمات وبشكل خاصة منظمة الصحة العالمية بالتعاون مع الدول
وضع االجراءات االحترازية ومحاولة الوصول الى لقاح او عالج لهذا الوباء
وتأسيا على ما سبق وألهمية منظمة الصحة العالمية البد من توضيح اهمية التعاون
الدولي وفق ميثاقها وفق اللوائح الصحية التي تصدرها وخاصة الئحة 2115والتي ركزت على اية
وباء او مرض ينتشرعبرالحدود وبالتالي فهي تنطبق على فايروس كورونا كما حددت هذه اللوائح
P 263 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
حاالت التعاون الدولي بين المنظمة والدول االعضاء وبصف المنظمة هي العنصرالمنظم لحالة
التعاون 446وكذلك اصدرت منظمة الصحة العالمية في عام 2115الئحة من االؤبئة التي تتطلب
التدخالت العاجلة و ايجاد اللقاحات المناسبة لها ومن ضمنها هذه االؤبئة فايروس كورونا447
حيث اشار ديباجة دستور منظمة الصحة العالمية بان مبادئ هذه المنظمة (هو التمتع
بأعلى مستوى من الصحة يمكن بلوغه وهو احدى الحقوق االساسية لكل انسان دون تمييز
بسبب العنصراوالدين او العقيدة السياسية اوالحالة االقتصادية اواالجتماعية ،صحة جميع
ي لبلوغ السلم واالمن وهي تعتمد على التعاون االكمل لألفراد والدولة )448 الشعوب امراساس
وكذلك اشارت دستورمنظمة الصحة العالمية في المادة االولى بان هدف المنظمة هو ان
تبلغ جميع الشعوب ارفع مستوى صحي ممكن ،وكذلك المادة الثانية حددت عده من الوظائف
تقوم بها منظمة الصحة العالمية منها (ب -إقامة تعاون فعال مع األمم المتحدة والوكاالت
المتخصصة واإلدارات-الصحية الحكومية والجماعات المهنية وغير ذلك من المنظمات،
حسبما يكون مناسبا ،والحفاظ على هذا التعاون؛ (ج) مساعدة الحكومات ،بناء على طلبها ،في
تعزيز الخدمات الصحية؛ (د) تقديم المساعدة الفنية المناسبة ،وفي حاالت الطوارئ ،تقديم
العون الالزم بناء على طلب الحكومات أو قبولها؛ (ه) تقديم ،أو المساعدة في تقديم ،الخدمات
والتسهيالت الصحية بناء على طلب األمم المتحدة لجماعات خاصة ،كشعوب األقاليم
المشمولة بالوصاية )449
وبناء على النص المتقدم فان منظمة الصحة العالمية اشارت الى التعاون بين الدول
والمنظمة وكذلك بين منظمة االمم المتحدة واي منظمات دولية اخرى او وكاالت متخصصة او
هيئة وكذلك تقديم المساعدات للحكومات وكذلك اشارت في المادة الثانية الى تشجيع
واستحداث الجهود الرامية الى استئصال االمراض الوبائية والمتوطنة وغيرها من االمراض
وكذلك اشارت دستور المنظمة في المادة 21الى ان لجمعية الصحة سلطة إقرار األنظمة
المتعلقة بما يلي ((أ) االشتراطات الصحية وإجراءات الحجر الصحي وغيرها من اإلجراءات التي
يراد بها منع انتشار األمراض على الصعيد الدولي؛ (ب) التسميات المتعلقة باألمراض وأسباب
446اللوائح الصحية الدولية ( )2001مقدمة موجزة للتنفيذ في اطار التشريعات الوطنية ،منظمة الصحة العالمية،
.2002
447دايفيد بلوم واخرون مصدر سابق ،ص .11
448ديباجة ميثاق منظمة الصحة العالمية لعام .4212
449المادة الثانية من ميثاق منظمة الصحة العالمية لعام .4212
P 264 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
الوفاة وممارسات الصحة العامة؛ (ج) المعايير المتعلقة بطرق التشخيص لتطبيقها على
الصعيد الدولي؛(د) المعايير المتعلقة بسالمة ونقاء وفعالية المنتجات الحياتية والصيدلية وما
يماثلها من منتجات متداولة في التجارة الدولية؛)
وتعد جميع هذه االنظمة نافذه بحق الدول االعضاء بعد المصادقة عليها وتستشني منها
الدولة المتحفظة عليها او تبلغ المديرالعام برفضها
كذلك نجد االساس القانوني للتعاون في ميثاق منظمة االمم المتحدة حيث اشار ميثاق
منظمة االمم المتحدة في المادة االولى الفقرة الثالثة(تحقيق التعاون الدولي على حل المسائل
الدولية ذات الصبغة االقتصادية واالجتماعية والثقافية واالنسانية ،وعلى تعزيز احترام حقوق
االنسان والحريات االساسية للناس جميعا بدون تمييز ).....و اثراء لهذه المادة عاد الميثاق
P 265 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
واشار مرة اخرى الى تطوير التعاون الدولي في الميادين االقتصادية و.....والصحية و ايضا بدون
تمييز وال تفريق بسبب الجنس او المعتقد او اللغة وغيرها 452
وكذلك اشار الميثاق في الفصل العاشر الخاص بمجلس االقتصادي واالجتماعي على
القيام بدراسات مع المنظمات الدولية والوكاالت المتخصصة وذلك وفق المادة 57من الميثاق
وكذلك المادة 62ومنها المسائل الصحية
وكما تسعى الجمعية العامة في منظمة االمم المتحدة في تقوية التعاون الدولي للحد من
األمراض حيث اشارت الى اعتماد اللوائح الصحية لعام 2115التي اصدرتها منظمة الصحة
العالمية واوضحت بانه يشكل اساس دولي متين من اجل التعاون وتحقيق الغرض من التقليص
من تفش ي االمراض وبالتالي اوضحت بانه يقع االلتزام على الدول من اجل التعاون الدولي العلمي
الخطيرة 453 لتحقيق هذا الغرض حيث يحقق التعاون هدفا ملزما للحد من انتشاراالمرا
كما اصدرت الجمعية العامة لألمم المتحدة قرار خاص( بتعزيز التعاون الدولي في
لمكافحة كوفيد 19وتكثيف التنسيق )حيث تبنت هذا العراق باألجماع ألعضائها ،حيث يأتي
هذا القرار للمطالبة بتوفير لقاء للوباء الفتاك في وقت تخوض فيه العديد من الشركات
واملختبرات سباقا من اجل الوصول للقاح ،وكذلك يدعو القرار االمين العام الى (الحرص على
وصول الموارد املخصصة التي تضمن الوصول العادل والشفاف والمنصف والكفء الفعال في
الوقت المناسب الى االدوات الوقائية واالختبارات املخبرية واالدوية واللقاحات المستقبلية
لكوفيد )19
التعاون الدولي بمفهومة العام مصطلح يطلق على الجهود التي تبذل بين الدول من أجل
تحقيق أهداف مشركة وذكرنا سابق بان مفهوم الجهود في التعامل مع جائحة كورونا هو تكريس
الجهود من اجل وضع الحلول للقضاء على المرض لذا في سبيل تحقيق هذه الغاية البد من وجود
اليات للتعاون سواء كانت بين منظمة الصحة العالمية والدول او بين المنظمة والعراق والذي
اتخذناه نموذجا للبحث وهذا ما سنتناوله في مطلبين
P 266 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
منظمة الصحة العالمية وكالة تابعة لألمم المتحدة متخصصة في مجال الطب والصحة
,إنشات منظمة الصحة العالمية في 7أبريل من عام 1941مقرها الحالي في جنيف – سويسرا , .
وهي السلطة التوجيهية والتنسيقية ضمن نطاق عمل األمم المتحدة في ما يخص املجال الطبي .
باعتبارها منظمة عالمية تتوزع بافرع للمنظمة في جميع البلدان ولديهم "مايزيد على 7111
ً
شخص يعملون في 151مكتبا قطريا ,و 6مكاتب إقليمية ومن ضمن هذه الستة مكاتب
المكتب االقليمي للشرق االوسط التابع لمنظمة الصحة العالمية .كما يرمز لها عالميا World
.454)Health Organization (WHO
المعلومات الصحية :هي مفهوم عام يشمل كل ما يتعلق بالمرض سواء من ناحية المرض ى
والعاملين في املجال الصحي والمعافون من المرض كذلك ،وبالتالي هي معلومات غاية في االهمية
تهم املجتمع الدولي كافة ،كذلك تشمل المعلومات الصحية طرق الوقاية من االمراض ،فهي
455 تساعد على اتخاذ القرارات المتصلة بالصحة العامة والرعاية الصحية
واجهت منظمة الصحة العالمية تداعيات خطيرة في ظل انتشار فايروس كورونا على جميع
األصعدة منذ أول اصابة واالعالن عنها في الصين مقاطعه "هوبي" الصينية في مدينه "ووهان"
وماتزال إلى األن في مواجهة الفايروس والتصدي له من ضمن أولى اولوياتها من خالل الدعم
المستمر واصدار التعليمات واإلرشادات الطبية الى كافة انحاء العالم ,باعتبارها وكالة
متخصصة في مجاالت الطب والصحة ومصدر موثوق من خالله تستطيع دول العالم أن تستمد
المعلومات والتحديثات الجديدة للفايروس ومدى انتشاره و انحساره .ومن خالل انتشار
454حازم عتلم ،المنظمات الدولية واإلقليمية والمتخصصة ،دار النهضة العربية ،القاهره ، 2001،ص .212
455ساره شمو ،دور منظمة الصحة العالمية في مجال المعلومات الصحية ،بحث مقدم الى المؤتمر الثاني والعشرون
حول نظم وخدمات المعلومات المتخصصة في مؤسسات المعلوماتية العربية والتحديات والطموح ،االتحاد العربي
للمكتبات والمعلومات ،الخرطوم ،2041،ص.2440
P 267 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
الفايروس بصورة مخيفة حول العالم أعلنت المنظمة ان الفايروس هو وباء عالمي ,وإن الوباء
يصعب التعامل معه لعدم وجود لقاح خاص به. 456
الكثير من االجراءات الوقائية التي أوصت بها المنظمة كذلك منها الحفاظ على التباعد
االجتماعي والغاء الفعاليات الرياضية وغيرها من الفعاليات التي ممكن ان تشكل خطر انتقال
العدوى .كما ان لمنظمة الصحة العالمية مكاتب حول انحاء العالم ومنها منطقه الشرق
االوسط والمعروف باسم "المكتب اإلقليمي لشرق المتوسط " ويعد مكتب الشرق االوسط
واحد من سته مكاتب إقليميه للمنظمة حول العالم ,والذي يضم 21دولة ,كما أن للمنظمة
استراتيجية تسمى ب ( استراتيجية التعاون القطري ) وهذه الوثيقة تسترشد عمل المنظمة في
البدان ومنها الشرق االوسط وهذه الوثيقة هي رؤية متوسطة األجل للتعاون التقني مع الدول
المعنية ,أو الخطة الصحية للبلد .ومن خالل هذه المكاتب والفروع للمنظمة والمنتشرة حول
العالم ,تقوم بارسال االمدادت والكوادر الطبية الى مختلف المو اقع الجغر افيه والتي هي
بحاجة ماسة الى الكوادر الطبية ,ومستلزمات اإلغاثة ,واالجهزة الطبية 457
من االهداف االساسية لمنظمة الصحة العالمية هي توجيه وتنسيق العمل في القطاع
الصحي ،وذلك يتم من خالل حث الجهات الفاعلة والناشطة في املجال الصحي وتعزيز التعاون
على المستوى الوطني والعالمي
حيث تقيم المنظمة شركات مع البلدان ومنظمة االمم المتحدة والكثير من منظمات
املجتمع المدني والمؤسسات واالوساط االكاديمية وحتى مع الشعوب واملجتمعات املحلية
لتحسين صحتها ودعم تنميتها ،من البديهيات ان تتعاون المنظمات فيما بينها مثل منظمة
التجارة العالمية ومنظمة اليونسيف واالتحاد الدولي لجمعيات الصليب والهالل االحمر ،حيث
باشرت غرفة التجارة العالمية ومنظمة الصحة العالمية على العمل معا من اجل الوصل الى اخر
المعطيات المتعلقة بالتعامل مع المرض وتقديم االرشادات للمجتمع الدولي كافة ،اذ قامت
منظمة التجارة العالمية والتي تضم ما يقارب 45مليون مؤسسة اعمال ،بتوجيه هذه
456المعلومات الصحية حول فيروس كورونا المستجد ،متاحة على موقع منظمة الصحة العالمية على الرابط التالي
/https://www.who.int
457عطاب يونس ،تدابير الوقائية لحماية الصحة العمومية من كوفيد ،42مجلة العلوم القانونية واالجتماعية المجلد
الخامس ،العدد الثاني ،2020،ص .1
P 268 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
المؤسسات على اتخاذ اجراءات فعالة ومستنيرة لحماية موظفيها والمتعاملين معها ،كم تشجع
هذه المنظمة الدول االعضاء فيها على دعم الجهود االستثنائية التي تقدمها مؤسساتها الصحية
من خالل الصندوق التضامني لالستجابة 458 الوطنية
اما بالنسبة الى تعاون منظمة الصحة العالمية مع االتحاد الدولي للهالل االحمروالصليب
االحمر ومنظمة االمومة والطفل (اليونسيف )حيث اطلقت االخيرة العديد من االرشادات في
حماية االطفال والمدارس من انتقال الفيروس المسبب لكورونا من اجل الحفاظ عل بيئة
مدرسية امنة وصحية 459
و ايضا تعاونت منظمة الصحة العالمية مع منظمة االمم المتحدة لألغذية والزراعة
(الفاو) وذلك من اجل رؤية متكاملة لصحة االنسان حيث تسعى االخيرة الى دراسة العوامل
الحيوانية وهل يمكن ان يكون للحيونات دور في انتقال االمراض والحد من تهديدات االمراض
وضمان توفير امدادات غذائية امنة 460،
وكذلك تعاون اتحاد الفيفا لكرة القدم مع منظمة الصحة العالمية من اجل القيام بحملة
توعية للمرض من خالل اشهرالالعبين في العالم .
يتعين على الدول التعاون والتكاتف من اجل وضع استراتيجيات واضحة تتعلق بالجانب
الصحي تراعي من خاللها ظروفها الصحية من اجل تأمين وتوفير اكبر قدر ممكن يهدف الى رعاية
صحة وتقديم خدمات عالية الجودة تنعكس على صحة االفراد .461
وعليه البد من االشارة الى الجهود التعاونية التي تبذلها الدول ،حيث سعت مجموعة
الدول العشرين الى تعزيزاالقتصاد العالمي للتغلب على التداعيات المالية لهذه الجائحة ،وذلك
من خالل تعاونها مع منظمة الصحة العالمية ومجموعة البنك الدولي والمنظمات االخرى ،حيث
وضعت هذه الدول خطة عمل في مقدمتها حماية األرواح والحفاظ علة وظائف االفراد
P 269 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
ومدخالتهم ،وتقليل من التقلبات االقتصادية التي سببتها الجائحة كما قام يتقديم المساعدة
الى الدول التي تحتاج ذلك 462
اما دول االتحاد االوربي هو االخر قام بعدد من االجراءات الصحية منها تقديم التعزيزات
المالية الكافية لمكافحة الجائحة وباإلضافة الى التنسيق مع كافة دول العالم،حيث خصص
االتحاد األوربي جزء من المساعدات لدعم منظمة الصحة العالمية و ايضا جزء من
المساعدات لدعم االبحاث من اجل الوصول الى عالج او لقاح للجائحة 463
كل بحسب اوضاعة والظروف الي تمر بة في ظل ازمة الفايروس .واضاف رئيس المنظمه
" أن المنظمة تدرك حجم الصعوبات التي تواجه العديد من البلدان والعبء الكبير الذي وضعه
"تعتبر نشرة منظمه الصحة العالمية من أهم املجاالت في الصحة حول العالم وهي تصدر
شهريا وتخضع الستعراض جماعي وتركز على الدول النامية وتمثل هذه املجلة إحدى مجالت
الصحة العمومية ومجالت الصحة البيئية .بمساعدة الدول مع المنظمة تستطيع الوصول
الى افضل النتائج فتقديم حجم االصابا والمعلومات عن المناطق التي يكثر بها عدد االصابات
يساعد المنظمة في اعداد وتجهيز المساعدات والكوادر الطبية الالزمة في حال االزمات الحالية
.ومن بين الوظائف األساسية للمنظمة من خالل العمل في مجال الصحة هو تعزيز التعاون
وتحفيز الجهود في مجالها حتى تستطيع مواجهه التحديات الصحية الوطنية والعالمية ,كما
تقيم المنظمة شراكات مع البلدان ومنظومة االمم المتحدة وكذلك مع الكثير من المنظمات
الدولية االخرى ومنها منظمات املجتمع المدني والمؤسسات ,وكذلك االوساط االكاديمية فضال
عن معاهد البحوث حول العالم لتحسين ودعم القطاعات الصحية والوصول الى افضل النتائج
.اليقتصر دور منظمة الصحة العالمية ))WHOعلى دور مكافحة االوبئه والفايروسات فقط ,
و أنما تعمل على ابرام مجموعه من االتفاقيات مع المؤسسات املختصة لتوفير االدوية لالطفال
وكذلك التجارب السريرية والصحة النفسية والعمل الصحي االنساني والمالريا وغيرها من
املجاالت التي يبرز دور المنظمة فيها .
P 270 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
التشريع هو املحل الذي من خاللها نستطيع تنظيم حالة قانونية سواء كانت هذه
التشريعات تشريعات عامة مثل قانون العقوبات او تشريعات خاصة مثل قانون الصحة او
البيئة وعليه سنتناول مواجهة جائحة كورونا في القوانين العر اقية من خالل كل ماسبق ذكره
من قوانين
ولذا مازلنا بصدد الحديث عن مواجهة جائحة كورونا في العراق في ظل القوانين النافذة
نجد ان "الدستور العراقي لسنه 2115الحالي قد اشار كما اوضحنا سابقا في الماده 31الى الحق
في الصحة والتي تعد المرتكز لعمل القوانين العادية في مكافحة الوباء والحد منه ،لذا ومن هذا
المنطلق نجد ان قانون العقوبات العراقي رقم 111لسنه 1969المعدل في الماده ( )361منه
على ( :يعاقب بالحبس مده ال تزيد على ثالث سنوات كل من ارتكب عمدا فعال من شانه نشر
مرض خطير مضر بحياة االفراد فاذا نشأ عن الفعل او اصابته بعاهة مستديمة عوقب الفاعل
بالعقوبة المقررة لجريمة الضرب المفض ي الى الموت او جريمة العاهة المستديمة حسب
االحوال ) ومن خالل النص اعاله نجد حرص المشرع العراقي على تجريم فعل نقل المرض
العمدي ونشره ولم يحدد المشرع العراقي وسلة النشر وهذا مسلك محمود اذ تركها مطلقة
وبالتالي توسيع مفهوم التجريم في حالة ارتكاب جريمة نشر المرض كما ان المشرع العراقي شدد
الفعل الى عقوبة جريمة الضرب المض ي الى الموت وبذلك يعد فعل نشر االمراض الخطيرة
بصورة عمدية في الهواء مثل الفيروسات والتي تؤدي الى موت او مرض العديد من االشخاص يعد
اعتداء على المصلحة املحمية بموجب القانون ويترتب عليه تحمل المسؤولية الجزائية464
وفي نص اخر وه المادة ( )369منه على ( :يعاقب بالحبس مدة ال تزيد على سنة او بغرامه
ال تزيد على مائتي الف دينار كل من تسبب بخطئه في انتشار مرض خطير بحياة االفراد فاذا نشأ
عن الفعل موت انسان او اصابته بعاهة مستديمة عوقب الفاعل بالعقوبة المقررة لجريمة
القتل الخطأ او جريمة االيذاء خطأ حسب االحوال) .الواضح من النص المتقدم هو السلوك
غير العمدي الذي يقوم به الشخص والذي من خالله يساعد على انتشار الوباء وهذا السلوك
464عبد القادر حسين ابراهيم محفوظ ،المسؤولية الجنائية الناشئة عن االصابة بالفيروس ،عين شمس ،كلية الحقوق
، 2004،ص 431
P 271 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
غير العمدي يكون بعدة صور منها نقل المرض عن طريق عدم االلتزام بقواعد وتعليمات الصحة
العامة نتيجه االهمال والرعونه وعدم االنتباة وعدم االحتياط وعدم مراعاه القوانين واألنظمة
واألوامر التي تصدر من المؤسسات الصحية465
وتأسيا على ما سبق فانه ( نقل مرض خطير مثل فايروس كورونا ) ركنا ماديا للجرائم
المضرة بالصحة العامة والتي اشار لها المشرع في المواد المذكورة اعاله ،فقد عرف قانون
العقوبات العراقي رقم 111لسنه 1969في المادة ( )21الركن المادي سلوك اجرامي بارتكاب فعل
حرمة القانون او االمتناع عن فعل أمر به القانون ،لذا فان الركن المادي يتوفر في النصيين
السابقين اما بصورة عمدية وذلك في نص 361او بصورة غير عمدية وهي صورة الجريمة غير
العمدية وذلك في النص , 369حيث تنشا العالقة السببية بين نشر المرض وبين االصابة به اذا
يجب ان يكون النتيجة المباشرة للفعل العمدي وغير العمدي هي االصابة بالعدوى ،أما
النتيجة التي تؤدي الى نشر المرض هو موت االنسان او اصابته بعاهه مستديمه
ومن القرارات التي اتخذها مجلس الوزراء في سبيل تطبيق القوانين والحد من انتشار
جائحة كورونا هي تعليمات(إضافة رقم التعليمات كمصدر ) الصادرة من رئاسة الجمهورية في
2نيسان 2121والتي تناولت اطالق سراح الموقوفين واملحكومين في المؤسسات العقابية
ومراكز االيداع ومن منهم قضاياهم قيد التحقيق او املحاكمة بكفالة ماليه ضامنه تؤمن
حضورهم حين الطلب من السلطات املختصة وهذه التعليمات التي صدرت بمرسوم جمهوري
ليست مطلقة بل استثنى منها اطالق سراح المتهم اذا كان موقوفا على جرائم خطيره مثل جريمة
معاقب عليها باإلعدام او جرائم الخطف والفساد االداري والمالي ,وتنظيم هذه االجراءات
بأشراف مجلس القضاء االعلى عن طريق االيعاز الى املحاكم املختصة وقضاة التحقيق بضرورة
حسم قضاياهم وسرعه اتخاذ القرارات الصادرة بأخالء سبيل املحكومين الذين امضوا مدة
محكوميتهم ولم ينفذ بحقهم اخالء السبيل .وااليعاز الى المؤسسات العقابية الى تنفيذ هذه
التعليمات بشرط ان ال يكونوا مطلوبين عن قضايا جنائية او تمس أمن الدولة .فضال عن شمول
هذا االخالء للمحكومين الذين امضوا ثالثة ارباع المدة في السجون كجزء من قضاء مده الحكم
الصادرة بحقهم وثلثيها بالنسبة لألحداث وشمولهم باألفراج الشرطي استنادا ال حكام المادة 331
465د.علي حسين الخلف ود.سلطان عبد القادر الشاوي ،المبادئ العامة في قانون العقوبات ،الطبعة االولى ،دار
السنهوري ،بغداد ، 2041،ص434
P 272 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
من قانون اصول املحاكمات الجزائية العراقي رقم 23لسنه 1971باستثناء الجرائم التي ال
يشملها االفراج الشرطي وما ينطيق عليه من نص المادة المذكورة .
هذا فيما يتعلق بالتعامل العقابي مع جائحة كورونا نأتي االن الى ذكر للقوانين االخرى
التي تعنى بمجال الصحة حيث نجد قانون الصحة العامة المرقم ( )19لسنه 1919المعدل قد
تمحور كليا حول الحق في الصحة حيث اشارت في المادة 3الى العمل مع الجهات ذات العالقة
ليكون المواطن انسان خالي من االمراض والعاهات وكذلك الحرص على مكافحة االمراض
االنتقالية ومنع تسريبها خارج القطر ،كما اوضح قانون الصحة بمنع االشخاص الحاملون
للجراثيم من العمل وخاصة في االعمال التي تكون في اساسها على تماس بالمواد الغذائية او
المشروبات او المرطبات وعند التثبيت من اصابة الشخص بالعدوى يجب اشعار رب العمل من
اجل منه من االستمرار بالعمل الى حيت تاكد خلوه من المرض466
كذلك اشار قانون الصحة الى المرض االنتقالي الناجم عن االصابة بعامل معد ينتقل
بصورة مباشرة او غير مباشرة من مصدر الى مضيف وكذلك اشارت الى االلتزام دو ائر الدولة
والقطاعات االخرى بتزويد وزارة الصحة عن أي مياة او تصريقها وكميات المياه المصرفة
ومصادر المياة وتركيزها على ان تكون في الحدود التي تسمح بها وزارة الصحة467
اما بالنسبة نذكر منها قانون البيئة رقم 27لسنه 2119والتي تناول المشرع من خالله
الكثير من النصوص التي تعنى بسالمة الصحة والحفاظ عليها منها نص المادة االولى الذي اشار
الى حماية وتحسين البيئة من اجل الحفاظ على الصحة العامة وكذلك اشار هذا القانون في نص
المادة (13/ 2على حظر المواد التي تضر بصحة االنسان عند اساءة استخدامها وتؤثر تأثيرا
ضارا في البيئة مثال العوامل المرضية) ،لذا البد هنا من املحافظة على البيئة ومنع تلوثها حرصا
وتحفظا على سالمة االنسان وذلك من خالل رسم االهداف والسياسات العامة وتحديد
السلطات املختصة في الحد من التلوث وتعزيز دور االجهزة االدارية والتشريعية بتطبيق ومتابعة
وبالتالي ينعكسا ايجابا على منع انتشار االمراض468 حماية البيئة وتحسينها
P 273 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
نقصد هنا باليات على مستوى الدولي التعاون بين العراق ومنظمة الصحة العالمية
لمكافحة جائحة كورونا وعلى الرغم وجود نقص حاد من ناحية االجهزة اال إن العراق مقارنة مع
باقي الدول االخرى "النامية" كان افضل بصوره ملحوظة ,فكان تعاون العراق والكادر الطبي
العائد له متمثل بوزراه الصحة العر اقية دور كبير في احتواء االزمة بصورة نسبية من خالل
تعاونها بصورة فعالة مع " "WHOخاصة بعد االعالن عن اول اصابة لطالب ايراني في العراق
وبتاريخ " /22فبراير 2121/حيث زار العراق وفد رفيع المستوى من المنظمة لدعم الجهود
المبذولة والتصدي للجائحه العالمية ,وقدم الدعم على المستوى المركزي من ناحية ومن
ناحية اخرى على المستوى االقليمي بتقديم إمدادت من ادوات االختبار للمختبرات ومعدات
الوقاية الشخصية للمساعدة على االستجابة السريعة للحاالت المعلن عنها كذلك عملت
المنظمة على انشاء ثالث غرف للضغط السلبي في بغداد واربيل والبصرة الستيعاب المرض ى
الذين قد يحتاجون الى عالج طبي أكثر تعقيدا "469
تظافر الجهود مع منظمة الصحة العالمية ووزارة الصحة العر اقية والكوادر الطبية
المتمثلة بها زاد بصورة ملحوظة في استيعاب الحاالت في ظل هذه االزمة ,الدعم الدولي من أي
جهة او منظمة عالمية يعود بصورة ايجابية على العراق يجب ان يكون مرحب به واحتواءه من
جميع الجهات ,وتوفير له المساحة الكافية لتقديم الدعم الكافي من ناحية االستشارات الطبية
والمعدات التي من شأنها أن ترفع الو اقع الصحي .دور منظمة الصحة العالمية مهم وضروري
جدا في ازمة وباء كورونا ومابعد االزمة كذلك باعتبارها منظمة ذو موثوقية عالية وذات امكانيات
وخبرات في التعامل مع االزمات ,تركيز الجانب الصحي العراقي في التعاون عالميا لرفع القطاع
الصحي وكذلك تدريب الكوادر الصحية واطالعهم على ابرز ماجاء بة العلم الحديث ,وتوفير
االجهزة الطبية .وتخصيص ميزانية كافية لشراء احدث المستلزمات الطبية ,و انشاء مختبرات
طبية كل هذه العوامل تؤدي الى تقدم الو اقع الصحي في العراق والنهوض بة الى مستوى افضل .
واالهم في ذلك عمل مذكرات تفاهم على مدار السنة باستقبال الكوادر الطبية العائدة لمنظمة
الصحة العالمية والتعايش مع الكوادر الطبية العر اقية ونقل لهم احدث التطورات واخر
ماتوصل الية الطب في العالم
469ممثل منظمة الصحة العالمية في العراق :رغم الضغوط ،اتخذنا قرارات شجاعة لمواجهة فيروس كورونا
مقال متاح على الموقع https://news.un.org/ar/story/2020/03/1051612
P 274 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
ومع ذلك يشهد اليوم العراق كارثة صحية اذا تزداد االصابات ويتصادف مع نقص الحاد
باألجهزة واالوكسجين والتي ادت الى موت ما يقارب الف شخص منذ بداية هذه االزمة الى شدتها
في الوقت الحاضر ،لذا في ختما البحث ندعو ونتمى من الجهات الصحية المعنية ان تتأخذ
االجراءات الكفيلة بالحفاظ على حياة االنسان وهي ابسط حقوقها وماكفلت له االديان و
المواثيق وندعو منظمة الصحة العالمية لاللتفات الى الوضع الصحي العراقي وتقديم
المساعدات االنسانية بحكم دورهذه المنظمة.
الخاتمة :
في نهاية كل بحث البد ان يتوصل الباحث الى عدد االستنتاجات والتوصيات
يعني التعاون الدولي ملجابهة كوفيد 19هو التكاتف بين الدول من اجل الوقوف -1
على حلول ضرورية للحد من اثار الجائحة ويأخذ التعاون الدولي في هذا املجال عده اشكال منها
تقديم المساعدات االنسانية اوالمالية وكذلك تشجيع البحث العلمي في سبيل التوصل الى لقاح
يقي مناعة االنسان من المرض.
ان منظمة الصحة العالمية له الدورالبارزفي هذا املجال وذلك من خالل تقديم -2
النصائح الطبية للدول و ارشادات الوقاية ،حيث قامن من خالل موقعها على االنترنيت بشر
العديد من التحذيرات وكذلك تقديم التوصيات الى الدول ومنها العراق حيث اوصت اللجنة
مبكرا بفرض الحجرالمنزلي منعا النتشارالجائحة
التعاون الدول ياخذ صور متعددة منها تعاون الدول فيما بينها مثل مجموعة -3
الدول العشرين وصورة التعاون بين الدول والمنظمات الدولية وصورة تعاون المنظمات الدولية
فيما بيها مثل االتحاد االوربي واللجنه الدولية للصليب االحمرمع منظمة الصحة العالمية
اما بالنسبة للعراق فكان اتخاذ االجراءات من جانبين جانب جزائي اذا فرض -4
غرامات وحظر للتجوال وعقوبات ملخترقي الحظر وكذلك اشار مجلس القضاء الى العقوبات
بموجب قانون العقوبات لمتعمدي نشر المرض واجراءات صحية من خالل توفير المسحات
لالشخاص الذين يشتبه بإصابتهم وتوفيرالردهات الوبائية املخصصة للعزل
ثانيا /التوصيات
P 275 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
على كافة الدول وشعوبها القيام بحمالت توعية بأهمية التباعد االجتماعي -1
و اتخاذ الحجزالمنزل الدواء المناسب للوقاية من جائحة كورونا ومحاولة نشرالتعليمات والتي
تنشرها منظمة الصحة العالمية على موقعه الرسمي.
ان يكون هناك اهتمام حقيقي لدعم البحث العلمي لغرض الوصول الى لقاح -2
يقي البشرية من جائحة كورونا واالبتعاد عن التنافس ي العلمي بين الدول من اجل تحقيق من
يصل الى عالج اوال والنظر الى المصلحة العليا وهي الصحة العامة وان وجود الوباء لفترة اطول
يسبب باثركارثية في اروح البشرناهيك عن االثارعلى المستوى االقتصادية.
اما بالنسبة الى العراق فاننا نتحدث عن الطامة الكبرى من حيث نقص االجهزة -3
وتزايد االصابات ونقص الكوادر الطبية وتعرضهم الى اصابات بسب تماسهم مع المرض والى
الحد فقدان السيطرة على المرض في بعض املحافظات ،لذا ندعو العالم اوال الى تقديم
المساعدات االنسا نية وندعو الحكومة ثانية الى توفير االجهزة والكوادر والحرص على تطبيق
الحظر بطريقة صحيحة واالبتعاد عن االستثناءات واملحسوبيات التي اوصلت البلد الى ما هو
عليه االن .
قائمة المصادر
اوال /الكتب
د.عصام عبد الشافي ،وباء كورونا وبنية النسق الدولي االبعاد والتدعيات ،بحث -1
منشور في المعهد المصري للدراسات .2121،
سيجل واخرون ،نحو مجتمعات سكانية صحية :وضع استراتيجيات لتحسين -3
صحة السكان ،تقرير منتدى ويش بشأن املجتمعات السكانية الصحية ،مؤسسة قطر 2116،
د.ابراهيم عصمت مطاوع ،التربية البيئية في الوطن العربي ،ط، 1دار الفكر -4
الجامعي ،القاهرة . 1995،
د.علي حسين الخلف ود.سلطان عبد القادر الشاوي ،المبادئ العامة في قانون -5
العقوبات ،الطبعة االولى ،دار السنهوري ،بغداد . 2115،
P 276 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
عبد القادر حسين ابراهيم محفوظ ،المسؤولية الجنائية الناشئة عن االصابة -6
بالفيروس ،عين شمس ،كلية الحقوق . 2117،
عطاب يونس ،تدابير الوقائية لحماية الصحة العمومية من كوفيد ،19مجلة -7
العلوم القانونية واالجتماعية املجلد الخامس ،العدد الثاني .2121،
حازم عتلم ،المنظمات الدولية واالقليمة والمتخصصة ،دار النهضة العربية -1
،القاهره . 2115،
ساره شمو ،دور منظمة الصحة العالمية في مجال المعلومات الصحية ،بحث -9
مقدم الى المؤتمر الثاني والعشرون حول نظم وخدمات المعلومات المتخصصة في مؤسسات
للمكتبات العربي ،االتحاد والطموح والتحديات العربية المعلوماتية
والمعلومات،الخرطوم.2114،
ديفيد بلوم واخرون ،االمراض المعدية الجديدة والمتجددة الظهور يمكن ان -11
تخلق تداعيات اقتصادية على المدى البعيد ،بحث منشور في مجلة التمويل والتنمية مجلة
فصلية تصدر عن صندوق النقد الدولي ،العدد .2111 ،55
د.هادي نعيم المالكي ،المنظمات الدولية ،مكتبة السيسبان ،بغداد ،ط ،1 -12
.2113
P 277 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
رابعا/المو اقع
ممثل منظمة الصحة العالمية في العراق :رغم الضغوط ،اتخذنا قرارات -1
الموقع على متاح مقال كورونا فيروس لمواجهة شجاعة
https://news.un.org/ar/story/2020/03/1051612
وكالة االناضول ،االتحاد االوربي يصادق على حزمة مساعدات مالية لمكافحة -2
كورونا ، 2121،متاح على الرابط https://www.bbc.com/arabic/business-52239037
موقع منظمة الصحة العالمية ،توجيهات منظمة الصحة العالمية واليونسيف -4
والهالل االحمر ،متاح على الموقع https://www.unicef.org
المعلومات الصحية حول فيروس كورونا المستجد ،متاحة على موقع منظمة -6
الصحة العالمية على الرابط التالي /https://www.who.int
عبد الستار قاسم ،تداعيات كورونا على العالقات الدولية واالنسانية ،مقال -7
منشور على الموقع https://www.trtarabi.com/opinion
P 278 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
فهذا الميثاق جاء لتعزيز مجموعة من القواعد والمبادئ التقليدية ،سيما تلك
المنصوص عليها في الدستور .كما نص على مجموعة من اآلليات الكفيلة بتحقيق النجاعة
والفعالية المتوخاة ،إال أن تنزيله على أرض الو اقع حتما سيواجه مجموعة من التحديات
والرهانات.
الكلمات المفتاحية :ميثاق المر افق العمومية ـ المبادئ ـ قواعد الحكامة ـ النجاعة ـ
الفعالية ،الجودة ـ المر افق العمومية ـ المرتفق ـ التنظيم والتدبيرـ المرتكزات ـ الرهانات
مقدمة:
من صور تدخل الدولة في حياة األفراد هو قيامها بأداء العديد من الخدمات األساسية
الالزمة لتحقيق المصلحة العامة ،وذلك بإتباع الحاجات األساسية لألفراد التي قد يعجز
النشاط الفردي لوحده عن توفيرها للكافة تحقيقا للنفع العام.
وتدخل الدولة للقيام بأداء الخدمات العامة يتخذ في أغلبيته صورة المرفق العام الذي
أصبح بمثابة الوظيفة الرئيسية للدولة ،التي تتسع كلما نقص النشاط الفردي الخاص ،وتضيق
كلما زادت األنشطة الخاصة لألفراد .فالمرفق العام يعد من المفاهيم األساسية في القانون
اإلداري ،فالفقيه Duguetمؤسس مدرسة المرفق العام اعتبرأن فكرة المرفق العام تفسركل
P 279 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
القانون اإلداري ،ففي نظر هذه المدرسة يعد القانون اإلداري هو قانون المرفق العام ،والدولة
هي مجموعة من المر افق العامة التي تهدف إلى إشباع الحاجات العامة والخدمات األساسية
للجمهور.
ولما كانت هذه الخدمات تمس األفراد في صميم حياتهم ،ويتوقف عليها إلى حد كبير أداء
واجباتهم ،كان من الضروري أن تخضع في إدارتها لعدد من القواعد التي تضمن تحقيق الغاية
التي أنشئت من أجلها على أتم وجه .لهذا استقرالرأي الفقهي على إخضاع المر افق العامة لعدد
من القواعد األساسية التي تمليها االعتبارات السياسية واالقتصادية واالجتماعية .ونظرا
الختالف طبيعة نشاط المر افق العامة واختالف طرق إدارتها ،470أصبح من الصعب على قانون
واحد أن يحكم المر افق جميعها ،غيرأن ذلك لم يمنع من إخضاعها لمبادئ معينة اتفق الفقه
والقضاء بشأنها.
وفي هذا اإلطار يشكل ميثاق المر افق العمومية قفزة نوعية في مقاربة اإلصالح اإلداري
ببالدنا ،لكونه جاء استجابة لتحقيق عدة أهداف استراتيجية هامة كتحسين منظومة تدبير
المر افق العمومية ،ودعم جودة الخدمات بها ،وتسهيل الولوج إليها ،وترسيخ حكامتها من خالل
أداء فعال وناجع.
ولإلشارة ،فالقانون رقم 54.19بمثابة ميثاق للمر افق العمومية قد مر بمحطات ومراحل
عدة مند إقرار دستور ، 2111حيث تم في هذا الصدد مناقشة الصيغة القانونية التي ستعطى
لهذا القانون :هل سيتم اعتماد قانون إطار ،أم قانون ،ليتم بعد عدة مشاورات أجراها القطاع
المعني بالوظيفة العمومية مع باقي الشركاء ،السيما األمانة العامة للحكومة ،التو افق على
صياغة المشروع في شكل قانون تفعيال للرسالة الملكية السامية الموجهة إلى المشاركين في
المنتدى الوطني للوظيفة العمومية العليا بتاريخ 27فبر اير 2111التي حسمت األمر باعتماد
صيغة "قانون بمثابة ميثاق للمر افق العمومية".
ويفيد مفهوم الميثاق لغة العهد املحكم ،والعقد ،والتقوية والتثبيت ،والشد والربط،
واالستحالف واليمين . 471...أما اصطالحا فيفيد العقد المؤكد بوعد أو يمين ،حيث عرفه اإلمام
أبو جعفر الطبري بقوله "الميثاق من الوثيقة ،وهي إما بيمين ،وإما بعهد أو غير ذلك من
470ـ تتنوع طرق إدارتها ،حسب نص القانون رقم 42/00لسنة 2002المغير والمتمم بقانون 44/02لسنة ،2002بين التدبير المباشر،
والتفويت مرورا بالوكالة المباشرة أو المستقلة أو االمتياز أو أي طريقة من طرق التدبير المفوض...
471ـ انظر :مقاييس اللغة ،ابن فارس ،111/1لسان العرب ،ابن منظور ،344/40تاج العروس ،الزبيدي .110/21
P 280 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
الوثائق" ،472وقال صاحب المنار "العهد ما يتفق رجالن أو فريقان من الناس على التزامه بينهما
لمصلحتهما المشتركة ،فإن أكداه ووثقاه بما يقتض ي زيادة العناية بحفظه والوفاء به سمي
ً
ميثاقا" .473وقد يأخذ شكل وثيقة سياسية 474أو اجتماعية ...
ويفيد مفهوم الميثاق هنا االلتزام بالعقد الموجود بين طرفين أو أكثر ،يحدد فيه حقوق
والتزامات األطراف ،أي في هذه الحالة الساهرون على تدبير المرفق العام من جهة والمرتفقين
من جهة أخرى.
وميثاق المر افق العمومية هو التزام أخالقي من جميع األطراف المتدخلة والمعنية
بتنزيله ،يهم أسس ومبادئ حكامة تدبير هذه المر افق ،ورفع مستوى جودة خدماتها وتحسين
تدبيرها .فهو يعتمد عدة مبادئ أساسية من قبيل :العدل ،األمانة ،االحترام ،المساواة ،الثقة،
التكامل ،احترام السرية والخصوصية .لهذا يعتبرإطارا مرجعيا لمبادئ وقواعد الحكامة الجيدة.
فإلى أي حد يمكن لهذا الميثاق أن يجيب عن اإلشكاالت ،ويعالج االختالالت التي تهم التدبير
العمومي بشكل عام ،والرفع من فعالية أداء المر افق العمومية بشكل خاص؟ وما هي التحديات
التي سيواجهها تنزيل هذا الميثاق على أرض الو اقع؟
ال شك في أن صدور ميثاق المر افق العمومية جاء في سياق معين وعبرميكانزمات خاصة.
كما أن إعداده وإخراجه إلى حيز الوجود جاء بفعل تظافر عدة جهود لخبراء محليين وآخرين
دوليين .فماهي دواعي إصداره؟ ومن هي األطرالتي سهرت على إعداده؟
ال أحد يجادل في أن إصدار ميثاق المر افق العمومية يستمد مرجعيته األولى من دستور
2111في الباب المتعلق بقواعد الحكامة .كما جاء استجابة لما دعا إليه جاللة الملك محمد
السادس الذي أكد على راهنية واستعجالية تطويرالمرفق العمومي للنهوض بأدواره االقتصادية
472ـ محمد بن جرير الطبري ،جامع البيان عن تأويل آي القرآان ،2/411 ،دار هجر للطباعة والنشر ،تاريخ اإلضافة 41.40.2002
473ـ محمد رشيد رضا ،تفسير القرآن الكريم المشتهر بتفسير المنار ،من شورات جامعة الخرطوم كلية الدراسات العليا كلية اآلداب قسم
الدراسات اإلسالمية؛ .414/40
وفي هذا اإلطار وصف الله تعالى عقد الزواج بالميثاق ألنه اتفاق بين الزوجين ،حيث قال تعالى "واخذنا منهم ميثاقا غليظا" .سورة النساء
اآلية .24
474ـ تقرير اللجنة االستشارية حول الجهوية الموسعة الكتاب االول .
P 281 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
واالجتماعية ،والمساهمة في بلورة نموذج تنموي وطني كفيل بتحقيق تنمية متوازنة ومنصفة،
وبمنح نفس جديد للحكامة الترابية لمعالجة مختلف المشاكل املحلية .نفس األمر أكده كذلك
البرنامج الحكومي .كما يأتي استجابة لمطالب المواطنين واإلصغاء إليهم وإشراكهم في اتخاذ
القرار.
-الدستور :475يندرج القانون بمثابة ميثاق المر افق العمومية ،ضمن الجهود المتواصلة
لتنزيل مقتضيات دستور 2111الذي نص في الباب الثاني عشر المتعلق بالحكامة الجيدة على
أسس ومبادئ حكامة تدبيرالمر افق العمومية ،ورفع مستوى جودة خدماتها ،وتحسين تدبيرها،
مشيرا في الفصل 157إلى أهمية وضرورة وجود ميثاق للمر افق العمومية يحدد قواعد الحكامة
الجيدة المتعلقة بتسيير اإلدارات العمومية والجهات والجماعات الترابية األخرى واألجهزة
العمومية.
-التوجيهات والخطابات الملكية :في مناسبات عديدة ،سواء تلك المتعلقة بخطابات عيد
العرش أو غيرها ،أو خالل بعض الملتقيات العلمية ،كان جاللته يشخص الحال المتدهورالذي
آلت إليه المر افق العمومية بجميع أصنافها .ففي خطاب 29يوليوز 2117بمناسبة ذكرى عيد
العرش ،أكد جاللته على ضرورة تحسين العالقة بين المرتفقين واإلدارة ،وعدم التماطل في الرد
على مطالبهم ،ومعالجة ملفاتهم .فمن الواجب أن يتلقى المواطنون أجوبة مقنعة ،وفي آجال
معقولة ،مع ضرورة شرح األسباب وتبرير القرارات ،ولو بالرفض .كما عبر جاللته ،من خالل
الرسالة الموجهة إلى الملتقى الوطني األول حول الوظيفة العمومية العليا في 27فبراير ،2111
عما تعانيه المر افق العمومية .وكانت دعوته صريحة إلى ضرورة التسريع بإخراج ميثاق
المر افق العمومية ،يكون ملزما للجميع ،ومرجعا رئيسيا للحكامة الجيدة في تسيير وتدبير
اإلدارات العمومية ،والجماعات الترابية واألجهزة العمومية ،ليجسد بكيفية صريحة وقوية،
المفهوم الجديد للسلطة ،الذي يشمل مختلف فئات ودرجات اإلدارات والمر افق العمومية،
دون استثناء ،وعلى رأسها منظومة الوظيفة العمومية العليا.
475ـ دستور المملكة المغربية لسنة ،2044الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ،24.44.4الصادر في 22يوليو ، 2044ج ر عدد
1211مكرر الصادرة بتاريخ 30يوليو .2044
P 282 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
-البرنامج الحكومي :تضمن البرنامج الحكومي ،المقدم أمام أعضاء البرلمان في 19أبريل
2117في محوره الثاني ،تعزيز قيم النزاهة والعمل على إصالح اإلدارة واالرتقاء بمنظومتها
التدبيرية ،وذلك عبرااللتزام بدعم القيم والمبادئ العامة للحكامة الجيدة التي يتعين أن يستند
إليها سيرالمر افق العامة.
فتعدد هذه األصناف وتنوعها أدى بالضرورة إلى وجود اختالالت كبيرة في طرق تدبيرها،
وتفاوت حول جودة الخدمات المقدمة إلى المرتفقين بها .فإذا أخذنا على سبيل المثال قطاع
االقتصاد والمالية ،كمثال عن القطاعات الوزارية ،نجد أنه يقدم خدمات بجودة عالية ممتازة
خصوصا على مستوى رقمنة الخدمات ،وهو ما تفتقده قطاعات وزارية أخرى.
كما أن وجود مجموعة متفرقة من النصوص القانونية والتنظيمية التي تفتقد إلى التناغم
واالنسجام فيما بينها ،يزيد من حدة االختالالت .فليس هناك شبه وحدة أو توحيد للمقتضيات
العامة على األقل دون المقتضيات الخاصة بكل قطاع .أضف إلى ذلك قصورالمنظومة الحالية
عن تطبيق مبدأ ربط المسؤولية باملحاسبة ،أي التنزيل العملي له على أرض الو اقع.
476ـ إذا أخذنا بعين االعتبار أننا نتوفر على 42جهة 41 ،إقليم وعمالة ،و 4103من الجماعات في الوسطين الحضري والقروي .ناهيك
عن بعض الهيئات المتفرعة عن الجماعات الترابية كالتعاون بين الجماعات والمجموعات الترابية
P 283 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
من هنا كانت الحاجة ماسة إلى إصدار ميثاق المر افق العمومية ،يحدد قواعد الحكامة
الجيدة والمبادئ العامة التي تحكم مختلف األصناف ،وعلى وجه التدقيق نجاعة وفعالية
المر افق على مستوى التنظيم والتدبيروالوسائل المالية والبشرية.
المطلب الثاني :الجمع بين الخبرة الدولية والخبرة الوطنية في إعداد الميثاق
ارتباطا بوظيفة وبفلسفة ميثاق المر افق العمومية ،المتمثلة أساسا في الرفع من دينامية
هذه المر افق ،وتجويد خدماتها بما يتالءم وتطور حاجيات المرتفقين ،فإن الساهرين على
إعداده حاولوا االستفادة من التجارب الدولية (الفرع األول) ،وإشراك مختلف الهيئات ذات
الصلة بتسيير المر افق العمومية (الفرع الثاني) ،ليتم إعداد كتاب أبيض حول المرفق العام
كأرضية أساسية أولى ،يتضمن التشخيص واألهداف وكذا اإلجراءات ذات األولوية .وعلى ضوء
هذا الكتاب تم إعداد مشروع قانون إطاربمثابة ميثاق المر افق العمومية ،تم تقاسم مضامينه
مع مجموعة من القطاعات الوزارية ،والهيئات .وقد تم تنظيم يوم دراس ي مشترك بتاريخ 4يوليوز
2111حول "المرفق العام وحقوق المرتفقين" ،ليتم االستئناس بمخرجات هذه الدراسة في
إعداد صيغة محينة لمشروع الميثاق في شكل قانون ،والمصادقة عليه في املجلس الحكومي
المنعقد في 4يوليوز ، 2119مع األخذ بعين االعتبارجميع المالحظات المثارة بشأنه.
تميز إعداد مشروع ميثاق المر افق العمومية بتبني مجموعة من المقاربات التي أشارت
إليها الدراسات والتقارير المعدة في إطار الشراكة بين منظمة التعاون والتنمية االقتصادية
واالتحاد األوربي (الفقرة األولى) ،وبرنامج حكامة (الفقرة الثانية).
أوال :الشراكة بين منظمة التعاون والتنمية االقتصادية واالتحاد األوربي SIGMA-OCDE
بناء على الشراكة بين االتحاد األوربي ومنظمة التعاون االقتصادي والتنمية التي تمت سنة
، 1992بهدف دعم البلدان األعضاء باالتحاد ،وتلك المستفيدة من سياسة الجوار األوربية في
مجال تحديث المؤسسات العمومية و أنظمة التدبير ،تم التركيز على تجويد عمل المؤسسات
واألطر المتدخلة في تدبير اإلدارات والمر افق العمومية ،وما يتضمنه من تقييم للتدابير
اإلصالحية المتخذة في هذا الشأن477.
477ـ www.eurosai.org/fr/about-us/international-cooperation/sigma/
P 284 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
وفي هذا اإلطار ،وباعتبار المغرب من أهم الشركاء لالتحاد األوربي في منطقة الشرق
األوسط وشمال إفريقيا ،تفضيل يجد أساسه في منح المغرب مكانة "الوضع المتقدم" في
عالقته باالتحاد سنة ،2111مكانة توسع من مظاهر التعاون بين الطرفين والعمل على إدماج
المغرب تدريجيا في السوق الداخلية لالتحاد478.
وكتفعيل لهذه الشراكة ،تم تمويل مجموعة من األنشطة التي تهم التدبيرالعمومي وسبل
تحديثه . 479وبناء عليه ،فصياغة ميثاق المر افق العمومية ببعده الحكاماتي الجديد ،تم بتأطير
من مجموعة من الخبراء المنتمين للمنظمة ،على أساس التقريرالذي تم إعداده في هذا اإلطار،
والمتعلق بتقييم الوضعية الحالية للخدمات العمومية بالمغرب ما بين 2111و ،2119وسبل
تجويدها من خالل العديد من التوصيات.
فبالنسبة لتقييم وضعية المر افق العمومية ارتكزت على أربع مبادئ أساسية هي:
ـ اإلدارة الجيدة هدف سياس ي رئيس ي يفيد تقديم خدمات عمومية ،مكرس بمقتض ى قانوني
ومطبق بطريقة آلية ممنهجة.
وبالمقابل تم حصرالتوصيات في إحدى عشرة توصية كانت هي األساس التي ارتكزعليه في
إعداد ميثاق المر افق العمومية .وتتلخص هذه التوصيات في ضرورة وضع برنامج عمل بين
الوزارات من أجل توحيد الرؤية حول سياسة الخدمات العمومية ،تبسيط المساطر اإلدارية،
عدم مطالبة المرتفقين بوثائق مبررة تتوفر عليها اإلدارات العمومية ،تطبيق مبدأ الشفافية
حول استعمال البيانات الشخصية الخاصة بهم والمقتضيات الخاصة بحمايتها ،تبني ميثاق
478ـ يوسف التونسي " :الشراكة بين المغرب واالتحاد األو ربي في مجال الحكومة العمومية" ،مدونة الحكامة الترابية،
www.google.com/amp/s/hakamatourabia.site/
479ـ من هذه األنشطة نذكر :تحليل الوضع المتعلق بعقود التدبير المفوض في الجماعات الترابية وتوصيات إصالحها ،تقديم المشورة في
إصالح تدبير الموارد البشرية لإلدارة و إصالح وضع الوظيفة العمومية ،تقديم المشورة للهيئة المركزية للوقاية من الرشوة لصياغة قانونها،
وكذا مسألة تضارب المصالح لدى كبار المسؤولين العموميين والتصريح بممتلكاتهم ومسألة الشفافية اإلدارية والحق في الوصول إلى
المعلومة ،دعم البرلمان في مجال تعزيز القدرات اإلدارية ،القيام بدراسة مقارنة بشأن النماذج األوروبية لالمركزية اإلدارية وتقديم توصيات
في هذا الشأن.
راجع في هذا اإلطار :يوسف التونسي ،م س.
P 285 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
للمر افق العمومية مع مواكبة تنزيله ،توضيح النظام القانوني المطبق على المساطر اإلدارية،
بلورة جودة القرارات اإلدارية ،تفعيل وسائل متابعة وتقييم قدرات المر افق العمومية ،وضع
برنامج بين وزاري في إطار قانون المالية ،وكذا وضع آليات تمكن من قياس العناصر األساسية
املحددة لجودة الخدمات العمومية ،من بينها التكلفة والعبء اإلداري ورضا المرتفقين عن
الخدمة وغيرها.
دائما في إطار الشراكة مع االتحاد األوروبي الرامية إلى دعم ميادين الحكامة ،وإصالح
اإلدارة العمومية ،وتطوير الالمركزية بهدف تحقيق التنمية ،وقع المغرب في دجنبر 2113عقد
برنامج "حكامة" بين سفير االتحاد األوروبي بالمغرب ووزارة المالية بقيمة 141مليون درهم على
شكل هبة ،من أجل تدبير أكثر نجاعة و شفافية للمالية العمومية وخدمات اإلدارة .ويتمحور
برنامج "حكامة" حول ثالث محاور أساسية480:
املحور األول :إصالح الميزانية والصفقات العمومية ،وضمان مر اقبة أكثر نجاعة
للمؤسسات والمقاوالت العمومية من قبل الدولة ،وتوسيع نظام التدبير المعلوماتي للنفقات
ليشمل الجماعات الترابية.
املحور الثاني :تحسين العالقة بين اإلدارة والمواطنين من خالل تجويد الخدمات
العمومية ،وضمان حق الوصول إلى المعلومة ،وجوانب أخرى مرتبطة بإصالح اإلدارة كتدبير
الموارد البشرية ،نظام االستقبال ،آلية وضع الشكايات لدى المصالح العمومية ،باإلضافة إلى
دعم مسلسل تبني الجهوية المتقدمة بالمغرب.
وارتباطا بهذه املحاور ،فإعداد ميثاق المر افق العمومية كان البد أن يكرس هذه
المقاربات بما يتالءم وقواعد الحكامة الجيدة ،والفلسفة العامة لإلصالح اإلداري بالمغرب ،من
480ـ نشرة بعثة االتحاد األوروبي بالمغرب ،رقم ، 204يوليوز ، 2041ص .1
P 286 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
خالل تبني مخرجات هذا البرنامج المتمثلة أساسا في الدعم التقني ملجموعة من الخبراء
واملختصين بناء على عاملي الخبرة والتجربة.
إن تكريس هذا الميثاق للمبادئ التي ينبغي أن تحكم عالقة المواطن بالمر افق العمومية،
كما هي محددة في الدستور ،481ال يتأتى إال بإشراك العديد من الفاعلين ذوي الشأن في تجويد
عالقة المرتفق بالمرفق ،سواء تعلق األمرببعض مؤسسات الحكامة (الفقرة األولى) ،أو االتحاد
العام لمقاوالت المغرب (الفقرة الثانية).
إن توجه ميثاق المر افق العمومية ،في إطار تكريس مبادئ الحكامة الجيدة ،نحو وضع
إطار مرجعي يضبط التزامات المر افق العمومية ،سواء على مستوى التنظيم ،أو على مستوى
التسيير ،مع تحديد الضمانات المؤطرة لعالقة المرفق العمومي بالمرتفق عبر تحديد واجبات
الموظف وحقوق المرتفق ،ال يزكيه إال إشراك أهم هيئات الحكامة المنصوص عليها في
الدستور:
املجلس الوطني لحقوق اإلنسان :إن الدفاع عن حقوق اإلنسان ،باعتباره الهدف األول
للمجلس ،يحيل ضمنيا على دفاعه عن حقوق المرتفقين في إطار عالقتهم بالمرفق ،بهذا
يكون إشراك املجلس الوطني لحقوق اإلنسان في بلورة مضامين ميثاق المر افق العمومة ال
محيد عنه.
مؤسسة الوسيط :يعتبر الوسيط 482مؤسسة وطنية مستقلة ومتخصصة ،مهمتها الدفاع
عن الحقوق في نطاق العالقة بين اإلدارة والمرتفقين ،واإلسهام في ترسيخ مبادئ القانون ،ونشر
قيم التخليق والشفافية في تدبير المر افق العمومية .483وعليه فتدخل مؤسسة الوسيط في
صياغة مشروع ميث اق المر افق العمومية ما هو إال إعمال الختصاصاته الواضحة والصريحة
في مجال ضبط العالقة بين المرفق والمرتفق.
P 287 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها :تتولى هذه الهيئة 484مهام المبادرة
والتنسيق ،واإلشراف ،وضمان تتبع تنفيذ سياسات محاربة الفساد ،والمساهمة في تخليق
الحياة العامة ،وترسيخ مبادئ الحكامة الجيدة وثقافة المرفق العام .كما تهتم بتلقي التبليغات
والشكايات المتعلقة بحاالت الفساد ودراستها ،والعمل على نشر قواعد الحكامة الجيدة
والتعريف بها485.
وتأتي مشاركة الهيئة في صياغة مشروع ميثاق المر افق العمومية كتفعيل لهذه
االختصاصات المرتبطة أساسا بتجويد خدمات المرفق العام ومحاربة كل أشكال الفساد التي
قد تشوب تنظيمه أو سيره.
يعد االتحاد العام لمقاوالت المغرب الممثل األول للقطاع الخاص لدى السلطات
العمومية
والمؤسساتية ،هدفه التحرك من أجل بيئة سليمة لالقتصاد المغربي بشراكة مع
السلطات العمومية .وضمان هذه البيئة السليمة ال يتأتى إال بهيكلة تنظيمية وتدبيرية سليمة
للمر افق العامة بمختلف أشكالها ،فجلب االستثمار مثال ال يتأتى إال ببنية اقتصادية قوية
تدعمها مر افق عمومية خالية من أي شكل من أشكال الفساد.
جاء ميثاق المر افق العمومية في 7أبواب و 1فروع اندرجت تحتها 31مادة .تتعلق هذه
األبواب بمجموعة من المقتضيات األساس :تعريف الميثاق وتحديد نطاق تطبيقه ،أهداف
قواعد الحكامة الجيدة ومبادؤها ،قواعد تعزيزنجاعة وفعالية المر افق العمومية على مستوى
التنظيم والتدبير ،القواعد المنظمة لعالقة المر افق العمومية بالمرتفقين ،القواعد المتعلقة
بتخليق المر افق العمومية ،إحداث المرصد الوطني للمر افق العمومية.
فهذا الميثاق جاء لتعزيز مجموعة من القواعد والمبادئ التقليدية ،سيما تلك
المنصوص عليها في الدستور .كما نص على مجموعة من اآلليات الكفيلة بتحقيق النجاعة
P 288 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
والفعالية المتوخاة (المطلب األول) ،إال أن تنزيله على أرض الو اقع حتما سيواجه مجموعة من
التحديات والرهانات (المطلب الثاني).
يشكل هذا الميثاق إطارا مرجعيا موحدا يستوعب أسس النهوض واالرتقاء بالمر افق
العمومية ،جاء في إطارتحقيق النجاعة والفعالية ،واالستجابة للحاجيات المتنامية للمرتفقين،
والرفع من جودة الخدمات العمومية ،وتيسيرالولوج إليها ،وإرساء دعائم انفتاحها على محيطها
الداخلي والخارجي ،وترسيخ قيم النزاهة والشفافية والتخليق .كما يحمل في طياته مجموعة من
اآلليات الضرورية إلنجاح مختلف المهام المسندة إلى هذه المر افق.
ال بد من اإلشارة بداية إلى أن المشرع تناول أهداف قواعد الحكامة ومبادئها بالتفصيل
من خالل الباب الثاني ،حيث ميز بين أهداف قواعد الحكامة ومختلف المبادئ التي تحكم
المر افق العمومية.
بالنسبة ألهداف قواعد الحكامة ،فقد لخصها في تحقيق األهداف االستراتيجية ،وتطوير
منظومة تنظيم المر افق العمومية وفق هياكل تنظيمية تستجيب لألهداف املحددة .هذا إلى
جانب تعزيزالنجاعة ،والرفع من جودة الخدمات ،وإرساء دعائم االنفتاح ،والنزاهة ،والشفافية.
أما فيما يهم مختلف قواعد الحكامة ،فقد حافظ الميثاق على مجموعة من المبادئ
الدستورية نظرا ألهميتها البالغة في الحفاظ على جوهر المرفق العمومي وفلسفته .كما ميز بين
القواعد المنظمة لعالقة المرفق بالمرتفقين ،وتلك المتعلقة بتخليق المرفق العمومي.
إن القواعد المنظمة لعالقة المر افق العمومية بمرتفقيها تعكسها النقاط التالية:
P 289 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
-تحسين ظروف استقبال المرتفقين من خالل توفير كفاءات مؤهلة في مهام االستقبال
والتوجيه واإلرشاد ،وتأهيل الفضاءات ،مع تيسير ولوج األشخاص ذوي االحتياجات الخاصة.
هذا مع ضمان استمرارية تقديم الخدمات باعتماد نظام المداومة.
ـ في إطار العمل على تقديم الخدمات ،ال بد من تبسيط المساطر واإلجراءات اإلدارية
ورقمنتها ،السيما فيما يتعلق بتلقي الطلبات ومعالجتها ،مع اعتماد رمزتعريفي موحد خاص بكل
مرتفق على حدة .أما فيما يتعلق بتطوير هذه الخدمات ،ال بد من خطة استراتيجية تقوم على
دراسة وتحليل وضعية هذه الخدمات من خالل العرض المقدم ،وحجم الطلب المعبرعنه ،مع
تحديد حجم الخصاص الكمي والكيفي ،ليتم على أساسه توسيع نطاق تقديم الخدمات،
وتنويعها باستعمال تكنولوجيا المعلوميات واالتصال الحديثة.
ـ تجويد الخدمات المقدمة من خالل إعداد ونشر مواثيق للخدمات مع تحديد مؤشرات
تقديمها ،وكذا اعتماد برامج عمل سنوية لتطويرجودتها ،مع القياس المنتظم لرضا المرتفقين
حول أدائها.
ـ معالجة التظلمات وتتبعها مع إعداد تقريرسنوي حول حصيلة معالجتها ،واستغالل نتائج
ذلك لتحسين أدائها والرفع من جودتها .هذا مع نشر تلك الحصيلة خالل الربع األول من السنة
الموالية .وفي حالة نشوء خالف بين اإلدارة والمرتفق ،يمكن اللجوء إلى مساع توفيقية لتجاوز
ذلك.
ـ االلتزام بتنفيذ األحكام والقرارات واألوامر القضائية النهائية القابلة للتنفيذ في مواجهتها
دون تأخير.
إن قواعد تخليق المر افق العمومية تهم بالدرجة األولى التزام العناصر البشرية العاملة
بها من موظفين وأعوان ومستخدمين ،طبقا للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل،
بمجموعة من المبادئ والمعاييرمن قبيل:
P 290 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
ـ االمتناع عن طلب أو قبول أو تلقي ،بشكل مباشرأو غيرمباشر ،هدايا أو هبات أو امتيازات
كيفما كان نوعها كمقابل عن أداء واجباتهم المهنية أو االمتناع عن القيام بها.
-عدم استغالل السلطة أو النفوذ.
فمجمل هذه القواعد هي قواعد السلوك التي يتعين على الموارد البشرية للمر افق
العمومية احترامها .ولهذا ،ال بد لهذه المر افق من إعداد واعتماد مدونات أخالقية،
وبرامج لتعزيز قيم النزاهة والوقاية من كل أشكال الفساد ومحاربتها ،وكذا لترسيخ قيم التخليق
والمواطنة في تدبيرشؤونها ،و اتخاذ التدابيرالالزمة لحسن تنفيذها وتقييم نتائجها ،مع الحرص
على التنسيق مع باقي الجهات المعنية لضمان فعالية هذه البرامج والتقائيتها.
قسم المشرع القواعد المتعلقة بنجاعة وفعالية المر افق العمومية ضمن الباب الثالث
من الميثاق إلى ثالثة فروع أساسية :منها ما يهم تنظيم وتدبيرالمر افق العمومية ،ومنها ما يتعلق
بتدبير الموارد البشرية والوسائل العامة .وكل هذه القواعد جاءت بمجموعة من اآلليات
لتحقيق النجاعة في التنظيم والتدبير.
ـ إعداد المر افق العمومية لبرامج عمل متعددة السنوات في إطارالسياسة العامة للدولة،
تأخذ بعين االعتبار حاجيات المرتفقين والخصوصيات الترابية وكذا متطلبات التنمية
المستدامة .يتم نشرهذه البرامج بمختلف الوسائل إلعالم المرتفقين بها.
ـ اعتماد آلية رصد املخاطر املحتملة التي تحول دون إنجاز المشاريع والبرامج والعمليات،
مع اتخاذ كافة التدابيرالتي تحول دون تأثيرها.
ـ اعتماد تنظيمات يتم فيها تحديد وتوزيع المهام في ضوء األهداف العامة ،تراعي مبدأ
التفريع والالتمركزاإلداري ،مع وضع تصاميم للهياكل التنظيمية مبنية على المهام والصالحيات
واحتياجات المرتفقين .ويجب إخضاع مختلف هذه المر افق للتدقيق والتقييم من طرف
الجهات املختصة.
P 291 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
ـ تعزيز التقائية البرامج وتعاضد الوسائل والبنيات وتقديم خدمات مندمجة من خالل
اعتماد وتطويرقنوات التعاون والتنسيق وتبادل المعلومات.
ـ جرد مختلف النصوص القانونية المؤطرة لكل مرفق ليتم نشرها عبر مختلف الوسائل.
وفي حالة عدم انسجامها ألي سبب من األسباب ،هنا يتم تقديم طلب تحيينها إلى الجهات
املختصة.
ـ تفعيل آليات الشراكة مع القطاع الخاص وجمعيات املجتمع المدني ،والمنظمات غير
الحكومية ومؤسسات ومعاهد التكوين والبحث العلمي من أجل تطوير قدراتها االبتكارية
والتدبيرية .وفي نفس اإلطار ،يمكنها إبرام اتفاقيات تعاون أو شراكة إلنجاز مشاريع ذات فائدة
مشتركة ،أوإسناد بعض الخدمات التي ال تندرج ضمن مهامها االستراتيجية لمتعهدي الخدمات.
ـ تتبع إنجازات المسؤولين وإجراء تقييم سنوي يكون موضوع تقرير يتم نشره ،يعرض
حصيلة المنجزات استنادا إلى األهداف املحددة ،وكذا الوسائل المتاحة في برامج العمل.
ـ اعتماد مخططات تطويراالداء وتحفيزالموارد ،مع تبني آليات الستقطاب الكفاءات وتبني
بيئة مالئمة للعمل.
ـ اعتماد تقييم منتظم ألداء الموارد البشرية استنادا إلى االهداف والمهام المسندة.
ـ اعتماد آليات فعالة لتدبير الوسائل العامة وترشيد استعمالها وفق مبادئ وقواعد
الحكامة الجيدة .ويندرج في نفس اإلطار تنظيم وتدبيراألرشيف وحفظه وصيانته.
P 292 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
يعتبر المرصد الوطني جهازا حديثا لدى السلطة الحكومية ،يتولى رصد مستوى فعالية
أداء المر افق العمومية ونجاعتها .وقد أسندت له المهام التالية على أن يصدر مرسوم يحدد
طريقة تنظيمه ،وآليات اشتغاله:
ـ جمع المعطيات والمعلومات الكمية والنوعية المتعلقة بمختلف المر افق العمومية.
ـ إنجازدراسات و أبحاث حول حكامة هذه المر افق وجودة الخدمات المقدمة.
ـ تقييم و اقع االستراتيجيات واملخططات والبرامج التي تم تنفيذها لتحسين أداء المر افق
العمومية وتجويد خدماتها ،وقياس مدى رضا المرتفقين عنها.
•اقتراح التدابير أو اإلجراءات التي من شأنها تطوير أداء المر افق العمومية والرفع من
جودة خدماتها.
إن آفاق ورهانات تفعيل ميثاق المر افق العمومية يظل رهينا بتطبيق مختلف المضامين
التي جاء بها ،ممثلة أساسا في الوصول إلى النجاعة والفعالية ،وتحقيق الحكامة المرفقية
الجيدة ،وتحسين عالقته بالمرتفقين .وهذه اآلفاق تجمع بين ما هو قانوني مؤسساتي وتنظيمي،
وبين ما هو تخليقي قيمي .
يشكل هذا الميثاق حلقة مهمة من بين اإلصالحات الكبرى التي تعرفها بالدنا ،ولبنة
أساسية في مسارتحديث المر افق العمومية خصوصا وأن وضعه على السكة الصحيحة يتطلب
اتخاذ حزمة من التدابيرالقانونية والتنظيمية لتفعيله على الوجه األحسن ،والتي يمكن إيجازها
في النقاط التالية:
ـ ال بد من وجود يقظة قانونية مستمرة لتأهيل عمل وتدبير المرفق العمومي ،بل وجعل
مختلف العاملين به ملتزمين بمبادئ وقواعد هذا الميثاق .هذا مع ضرورة تعميق الثقافة
القانونية لدى المسؤولين والمدبرين للشأن العام.
P 293 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
-في حالة عدم التزام المر افق العمومية ببعض المقتضيات التي جاء بها هذا القانون من
قبيل :معالجة تظلمات ا لمرتفقين وتتبعها ،إعداد تقرير في شأن ذلك ،عدم تفعيل التوصيات
الصادرة عن هيئات المر اقبة والضبط والحكامة ..السؤال المطروح هنا هو :ما هي اإلجراءات
الردعية التي يمكن اتخاذها في مواجهة المسؤولين على هذا المرفق؟ فالميثاق تحدث عن
تحقيق النجاعة والفعالية ،لكنه بالمقابل لم يحدد اإلجراءات الزجرية في مواجهة املخلين
بمقتضياته ،مما سيجعل مقتضيات هذا الميثاق ذات بعد قيمي أخالقي محض.
ـ بالرجوع إلى مجموعة من المقتضيات التي جاء بها الميثاق ،نالحظ أنها تتطلب مجهودات
كبيرة إلقرارها ،بل وسيكون من الصعب تنزيلها على أرض الو اقع .وخيرمثال على ذلك
المادة 31التي تنص على أنه يحدد بنص تشريعي أو تنظيمي ،حسب الحالة ،كل إجراء الزم
لتطبيق مقتضيات هذا الميثاق .وعليه ،يجب اإلسراع باستصدارتلك النصوص ضمانا لحسن
تنزيله وفق الفلسفة التي يبتغيها المشرع .كما أن االعتماد على مسألة النصوص التشريعية
والتنظيمية في هذا اإلطارمن شأنه أن يخلق شتاتا تشريعيا لإلدارة والمرتفقين على حد سواء.
إذا قمنا بقراءة أفقية ملختلف هذه القوانين نستخلص أنها جميعها تتفق حول تحسين
جودة الخدمات بمختلف المر افق العمومية ،واالستجابة لمطالب المرتفقين ،خصوصا وأنها
تنص على مجموعة من المبادئ العامة المشتركة من قبيل الشفافية ،واإلنصاف ،والتفريع،
وتقريب الخدمات ،وتفعيل مبدأ الثقة...وعليه فتنزيل مقتضيات هذا الميثاق يظل مرتبطا إلى
حد ما بتنزيل تلك القوانين .ويظل قانون الحق في الحصول على المعلومة ذا طابع منفرد ألنه،
486ـ مرسوم رقم 2-44-142صادر في 42من ربيع اآلخر 21( 4110ديسمبر )2042بمثابة ميثاق وطني لالتمركز اإلداري .ج ر
عدد 1432بتاريخ 21.42.2042تم تعديله بتاريخ ، 24.42.2042ص2424 :
487ـ ظهير شريف رقم 4-20-01صادر في 44من رجب 1( 4114مارس )2020بتنفيذ القانون رقم 11-42المتعلق بتبسيط المساطر
واإلجراءات اإلدارية .ج ر عدد 1211بتاريخ ،01.03.2020تم تعديله بتاريخ ،42.03.2020ص4121 :
488ـ ظهير شريف رقم 4.42.41الصادر في 1جمادى اآلخرة 22( 4132فبراير )2042بتنفيذ القانون رقم 34.43المتعلق بالحق في
الحصول على المعلومات .ج ر عدد 1111بتاريخ 23جمادى اآلخرة 42( 4132مارس ،)2042ص4132 :
P 294 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
على خالف باقي القوانين ،حدد عقوبات زجرية لكل شخص امتنع عن تقديم المعلومة ،أو أدين
بإفشاء السر المنهي .489ولهذا فمن شأن هذه العقوبات جعل كل مسؤول يتوخى الحذر ،ويلتزم
بالنصوص القانونية في معالجته للملفات المعروضة عليه.
وفي إطارالمبادرة إلى تبسيط المساطراإلدارية ومراجعتها ،تم إعداد دراسة لما يناهز3511
مسطرة إدارية معتمدة في اإلدارات والمؤسسات العمومية ،نتج عنها حذف 699مسطرة إدارية
بسبب غياب السند القانوني ألجرأتها ،فيما تم توجيه طلب إلى اإلدارات المعنية قصد مراجعة
نسبة مهمة منها إما ألنها غير منصوص عليها في البوابة اإللكترونية ،أو ال تتو افق مع مقتضيات
تبسيط المساطر اإلدارية .وقد تم تفعيل هذا المقتض ى حتى قبل المصادقة على هذا
الميثاق490.
ـ فيما يتعلق بحسن استقبال المرتفقين ،ال بد من وضع مراسيم أو مناشيرلوضع الطريقة
األمثل لالستقبال ،على غرارما هو سائد في القطاع الخاص.
ـ إن فكرة إحداث مواثيق الخدمات كان من المقرر أجرأتها منذ أربع سنوات من خالل
مشروع مرسوم 2.17.444المتعلق بتحسين الخدمات اإلدارية الذي وضع إطارا لهذه المواثيق
وااللتزامات التي تلتزم بها اإلدارة تجاه المرتفقين من قبيل :اإلنصاف واالستقبال ببشاشة...بل
وحتى الرد على المكالمات ،491وذلك على شاكلة ،492charte Marianneوالغريب أن مشروع هذا
المرسوم ال وجود له لحد اآلن ،طفا على السطح ثم اختفى.
ـ إن تنزيل مقتضيات هذا الميثاق يتطلب سياسة عمومية تشمل كل الجوانب ،مع مواكبة
من طرف القطاع المعني بإصالح اإلدارة ،ونخص بالذكر هنا :التسويق القانوني ،التكوين،
التحسيس ،التواصل ،الحكامة الجيدة ،عالوة على إعداد دالئل توضيحية حول مضامين
P 295 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
الميثاق .كما أنه من شأن اعتماد المر افق العمومية لمدونات أخالقية وبرامج لتعزيز قيم
النزاهة والتخليق أن ينجح هذا الورش القانوني الكبير.
ولإلشارة فقد تم التنصيص على إعداد دالئل مرجعية ،وهذا المقتض ى ليس جديدا ألنه
سبق أن صدر بشأنه منشور عن السيد عبد الرحمان اليوسفي رحمه الله سنة 2113موجه
لإلدارات العمومية والجماعات الترابية .ومباشرة بعده ،بادرت العديد من القطاعات الوزارية
إلى تبني دالئل مرجعية خاصة بالوظائف الممارسة على مستواها ،ال سيما المالية والتجهيز
والفالحة .وبعد ذلك وضعت وزارة تحديث القطاعات العمومية سنة 2111دالئل مرجعية خاصة
بالوظائف المشتركة بين الوزارات باللغة الفرنسية ،ليعاد إصداره باللغة العربية سنة .2116
بالنسبة للجماعات الترابية ،تبنت دالئل مرجعية خاصة بوظائفها سنة 2112من طرف
المديرية العامة للجماعات الترابية ،بتعاون مع الوكالة األمريكية للتعاون الدولي .وقد كان هذا
الدليل على مستوى راق ،وقد أخذت به بعض الجماعات ،لكنه لحد اآلن ال يثارالحديث عنه إال
نادرا.
ـ إن ضعف اإلمكانيات المادية والبشرية التي تتوفر عليها مر افق الدولة ،إضافة إلى باقي
اإلكراهات والمعيقات السياسية والتدبيرية والثقافية المتجذرة في الممارسة العملية ،تجعل
من هذه الرهانات مجرد طموح قد ال يجد سبيله إلى التطبيق.
ـ ضرورة االنتقال إلى اإلدارة الرقمية والتسريع من هذا الورش الكبيرالذي ال محالة سينقلنا
إلى إدارة عصرية حديثة ،مواكبة للمستجدات وتحديات العولمة .
ـ إن إحداث مشاتل للكفاءات هي فكرة رائدة ،الهدف منها وضع الرجل المناسب في المكان
المناسب .لكنه ،ولألسف ،ليس هناك تصورشمولي لها ،بل وليست هناك تجارب سابقة يمكن
االعتداد بها .فاألمريتطلب إذن انتظارصدورنص جديد يحدد كيفية إحداثها ،ومهامها ،وكيفية
اشتغالها...لكن بالمقابل يمكن عقد عالقات تعاون مع الدول الرائدة في هذا املجال من أجل
االستفادة من تجاربها ،ولعل اتفاقية الشراكة التي أبرمت بين الوزارة المكلفة بإصالح اإلدارة
والوظيفة العمومية والمدرسة الوطنية لإلدارة العمومية بكيبيك تسيرفي هذا االتجاه ،خصوصا
وأنها تروم إعادة تأهيل وتعزيز كفاءات الموارد البشرية لإلدارة العمومية عبرإرساء استراتيجية
P 296 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
ناجعة وفعالة للتكوين .والجدير بالذكر أن هذه المدرسة تعتبر مشتال للكفاءات في مجاالت
إشعاع وصيت دولييين 493. الحكامة الجيدة وأداء القطاع العام ،وهي ذات
ـ إن التنصيص على إحداث إطار تعاقدي قائم على تحقيق النتائج عند إسناد مهام
المسؤولية هي مسألة مهمة ،تم إيرادها بعدما كشفت التقارير التشخيصية عن خلل في تطبيق
مبدأ ربط المسؤولية باملحاسبة .فإسناد المسؤولية لموظف ما يجب أن يكون مبنيا على عقد
معين .فالمترشح لمنصب معين يجب أن يضمن ملف ترشيحه بتصور مستقبلي عن تدبير
المنصب ،والتعاقد معه يبنى على أساس تحقيق أهداف محددة ،لتكون النتائج هي محددات
املحاسبة .فمبدأ ربط المسؤولية باملحاسبة مازال شعارا تنظيريا ،ألن المنظومة الحالية أبدت
قصورا كبيرا في تنزيل مقتضياته على أرض الو اقع.
ـ إن مسألة إحداث المرصد الوطني للمر افق العمومية لرصد مستوى نجاعة وأداء هذه
المر افق ،وقياس جودة الخدمات بها ،يثيرأكثرمن تساؤل :ما الجدوى من إحداث هذا المرصد
إذا كانت مختلف المهام التي أنيطت به تعتمد على جمع المعطيات ،ودراستها ،وتقييمها مع
اقتراح التدابيرالتي من شأنها تطويرأداء المر افق؟ أليس من األولى أن تخصص خلية بكل مرفق
عمومي تهتم بذلك ،على أن تسند لهذا المرصد مهام أخرى أكثرجاذبية؟ وماهي القيمة المضافة
التي سيحققها هذا المرصد على مستوى النجاعة؟
ـ إن إشكالية اإللزامية بالتقيد بمضامين هذا القانون سيظل إشكاال حقيقيا مرتبطا
ببنية وطنية تعاني من أزمة تطبيق القوانين .فبعض مبادئ وقواعد الحكامة الجيدة التي
جاء بها الميثاق ،تبقى في كثيرمن مكوناتها بعيدة عن الو اقعية ،من ذلك مبدأ اإلنصاف في تغطية
المر افق العمومية للتراب الوطني .فرغم المبادرات الحكومية المتخذة في هذا الشأن ،إال أن
أثرها كان محدودا في تحقيق اإلنصاف املجالي ،كنظام الجهوية المتقدمة الذي كان األمل
معقودا عليه في تقليص الفوارق املجالية.
ـ يعد التحول اإلداري مرتكزا أساسيا من مرتكزات النموذج التنموي الجديد ،يقوم على
التجديــد المنتظــم لمســؤولي الوظيفــة العموميــة العليــا علــى المسـتويين الوطنـي واملحلـي ،مع
تحسـين أداء اإلدارة العموميـة من خالل تبسـيط وتخفيـف إجـراءات التدبيـر الداخليـة قصـد
P 297 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
التركيـز علـى المهـام األفقيـة وعلـى النتائـج ،وبشـكل أكبـر علـى جـودة الخدمـة المقدمـة للمواطـن
والمقاولـة .وهي نفس األسس التي ركز عليها ميثاق المر افق العمومية .فتنزيل هذه المقتضيات
على أرض الو اقع هي بناء أولي وتدريجي للنموذج التنموي الجديد .كما أن التقرير الصادر عن
لجنة النموذج التنموي يتضمن جملة من التدابير والتوصيات الداعمة لهذا المبتغى
االستراتيجي.
خاتمة:
يشكل ميثاق المر افق العمومية ،بحكم راهنيته ،أرضية صلبة ،وقيمة مضافة في تعميق
مسار اإلصالح ،السيما أنه يؤسس لمبادئ مرجعية في مجال التدبير اإلداري الحديث ،ويقدم
أجوبة خالقة ملجموعة من اإلشكاالت التي يعرفها هذا القطاع على جميع المستويات .لكن
مسألة تنزيله على أرض الو اقع لن تكون باألمر السهل .فال بد من وجود عقليات في المستوى،
ووجود إرادة حقيقية لتنزيل وأجرة مبادئه وقواعده ،كي ال تبقى مجرد حبرعلى ورق..
ويبقى السؤال المطروح هو :ما سبب استثناء المر افق العمومية ذات الطبيعة التجارية
أو الصناعية من الخضوع ألحكام الميثاق ،بحكم ما تعرفه من إشكاالت على مستوى تدبير
الموارد البشرية وربط المسؤولية باملحاسبة؟ وما كانت غاية المشرع من هذا االستثناء؟
الئحة المراجع:
مراجع عامة:
ـ معاجم :مقاييس اللغة ،ابن فارس ،544/6لسان العرب ،ابن منظور ،371/11تاج
العروس ،الزبيدي .451/26
ـ محمد بن جرير الطبري ،جامع البيان عن تأويل آي القرآان ،2/156 ،دار هجر للطباعة
والنشر ،تاريخ اإلضافة 15.11.2111
.محمد رشيد رضا ،تفسير القرآن الكريم المشتهر بتفسير المنار ،منشورات جامعة
الخرطوم كلية الدراسات العليا كلية اآلداب قسم الدراسات اإلسالمية؛ .167/11
مراجع متخصصة:
P 298 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
ـ يوسف التونس ي " :الشراكة بين المغرب واالتحاد األوربي في مجال الحكومة العمومية"،
مدونة الحكامة الترابية/www.google.com/amp/s/hakamatourabia.site ،
دراسات وتقارير:
ـ تقرير لجنة العدل والتشريع وحقوق اإلنسان حول مشروع قانون 54.19بمثابة ميثاق
المر افق العمومية.
ـ دستور المملكة المغربية لسنة ، 2111الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 91.11.1
،الصادرفي 29يوليو ، 2111ج رعدد 5964مكررالصادرة بتاريخ 31يوليو .2111
.مرسوم رقم 2-17-611صادرفي 11من ربيع اآلخر 26( 1441ديسمبر )2111بمثابة ميثاق
وطني لالتمركزاإلداري .ج رعدد 6731بتاريخ 26.12.2111تم تعديله بتاريخ ، 27.12.2111ص:
.9717
P 299 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
وقد فرض اليوم أهمية التفكير في هذا االسلوب الحديث من التعليم ليس فقط و اقع
الثورة الرقمية ،بل ايضا و اقع انتشار الوباء العالمي كورونا فيروس والذي عرف انتشارا واسعا
في مختلف مناطق العالم وعزلها عن بعضها البعض ،وأغلقت في ظله الحدود بين الدولة
والمدارس والجامعات ،وأماكن التعلم بفعل االجراءات االحترازية التي اتخذتها الدول للحد من
انتشاره ،اذ لم يعد ممكنا في ظل هذا الوضع اعتماد تعلم حضوري مباشر مما دفع باألنظمة
التعليمية في العالم والتي عرفت اجراءات الحجرالصحي الى االعتماد بشكل كلي واضطراري على
ً
وخصوصا في التعليم عن بعد عوض التعليم الحضوري التعليم عن بعد أصبح ضرورة ملحة،
وقت األزمات ،و انتشار األوبئة والفيروسات التي تتطلب التباعد االجتماعي .وهذه الوسيلة في
ً
التواصل بدأت منذ فترة طويلة وأخذت أشكاال مختلفة .
ففي عام 1192م تأسست في جامعة شيكاغوأول إدارة مستقلة للتعليم بالمراسلة ،وبذلك
صارت الجامعة األولى على مستوى العالم التي تعتمد التعليم عن بعد ،ولقد أتاح التعليم عن
بعد الفرص للطالب الكبار ،كما أنه أعطى للطالب اإلحساس بالمسؤولية تجاه تعلمهم ،فقد كان
P 300 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
الطالب يرسلون واجباتهم والوظائف بالبريد ثم يصححها المعلمون ،ويعيدون إرسالها بالدرجات
إلى الطالب ،وكان التحكم بنظام الفحص يتم عن بعد .
وفي العام 1971بدأت الجامعة المفتوحة في استخدام التقنية مثل التلفاز ،والراديو،
وأشرطة الفيديوفي هيكلة التعلم عن بعد ،وفي العقدين األخيرين تأسست أربع جامعات في أوروبا،
وأكثرمن عشرين حول العالم تطبق تقنية التعليم عن بعد ،وتعتبرجامعة ) (NYSESأول جامعة
أمريكية مفتوحة تأسست تلبية لرغبات المتعلمين في جعل التعليم العالي ً
متاحا لهم عبر الطرق
غيرالتقليدية.
وفي عام 1999كانت التربويات التلفازية ،حيث يتم تقديم الدورات عن طريق التلفاز فيما
ُعرف بـ ""tele coursesمن أنجح الوسائل التي استخدمتها الجامعات البريطانية المفتوحة،
وخاصة تلك التي تأسست في الواليات المتحدة األمريكية تحت اسم : (The United States
Open University).
وفي عام 1956بشيكاغو عمدت كليات املجتمع إلى تقديم خدمة التليفزيون في التدريس
ً
احتراما لقانون لجنة عن طريق التنسيق بين عدد من قنوات الكابل ،وعبر القنوات التعليمية
االتصاالت االتحادية .
ّ وفي أواخر عام 1911حقق التعليم عن ُبعد ً
تقدما حيث وظف التكنولوجيا المضغوطة
ألفالم الفيديو التعليمية ،فصار يتكون من ألياف ضوئية باتجاهين الفيديو والصوت ،وبذلك
استطاعت التكنولوجيا الجديدة أن تختصرالمسافات الكبيرة بين المتعلمين والمعلمين وأصبح
الطرفان يسمع بعضهما البعض.
ومع تقدم التكنولوجيا واالتصاالت اإللكترونية ،تحول التعليم عن بعد إلى تعليم
باستخدام الحاسوب ،واإلنترنت ،والوسائط المتعددة لتحقيق أقص ى قدر من الفاعلية ،وهذا
ّ
كله شكل الثورة في مجال تكنولوجيا المعلومات.
أهمية البحث:
ازاء هذا الو اقع وجدت مختلف دول العالم بصفة عامة والمغرب على وجه الخصوص
نفسها أمام خياران ال ثالث لهما اما التعلم عن بعد أو ال تعليم ،فكانت النتيجة التوجه نحو
التعلم عن بعد لضمان استمرارية العملية التعليمية وادارتها .
P 301 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
يهدف هذا البحث الى التعريف بالنظام القانوني للتعلم عن بعد أي هل يوجد بالمغرب
قانون بنظم هذا النمط الجديد ام انه تمت االشارة اليها في بعض الوثائق المدرسية االمنظمة
للشأن التعليمي ببالدنا ،واالكراهات التي صادفت تطبيق هذا النظام خالل هذه الظرفية التي
تعرفها بالدنا
لعل السؤال الذي يطرح نفسه وبشدة ماهو االطار القانوني المنظم للتعليم عن بعد
والذي تم االعتماد عليه خالل هذه الجائحة التي تعرفها بالدنا ؟ وماهي االكراهات التي صادفت
هذا النمط الجديد من التعلم؟
منهجية البحث :هذه االشكالية سنحاول االجابة عليها معتمدين في ذلك على اسلوب
الوصف والتحليل والمناقشة.
خطة البحث :وملحاولة اإلحاطة بهذا الموضوع سنحاول التطرق الى النظام القانوني
المنظم للتعليم عن بعد سواء من خالل القانون االطار رقم 17.51يتعلق بمنظومة التربية
والتكوين والبحث العلمي أو االستراتيجية الصالح التعليم وغيرها من المذكرات التي صدرت
ابان هذه الظرفية ،وذلك من خالل المبحث األول ،في حين سنتناول االكراهات والتحديات التي
واجهت التعليم عن بعد في المبحث الثاني.
أصبحت ممارسة األنشطة عن بعد ،مثل التعليم والعمل ،ضمن األساليب الرئيسية التي
لجأت إليها الدول لمواجهة تداعيات انتشار فيروس “كورونا” ،فقد أتاح التقدم التكنولوجي
الكبير في مجال االتصاالت إمكانية إدارة دورة تعليمية كاملة دون الحاجة لوجود الطالب
والمعلمين في حيزضيق من المساحة ،والسماح – في الوقت ذاته -باتخاذ التدابيراالحترازية لمنع
انتشار “كورونا” ،وعلى الرغم من العوائد اإليجابية المتعددة التي يحققها التعليم عن بعد ،إال
أنها تواجه عدة تحديات ال سيما في الدول النامية التي ال تتوفربها بنية تكنولوجية قوية باالضافة
الى غياب نصوص تشريعية ( المطلب الثاني ) تنص على امكانية استخدام هذه الوسيلة التي
P 302 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
فرضت نفسها بقوة في سياق الجائحة التي يشهدها العالم والتطورالتكنولوجي الذي كان له دور
كبيرفي استعمال أنماط جديدة ( المطلب االول )
التعليم 494عن بعد ليس وليد اليوم بل ظهر منذ أواخر السبعينات من القرن الماض ي
ببعض الجامعات االوربية واالمريكية التي كانت تقوم بارسال مواد تعليمية مختلفة لبريد الطالب
،وتشمل الكتب ،شرائط التسجيل وشرائط الفيديو ،ثم تطور االمر في اواخر الثمانينات ليتم
من خالل أجهزة الراديو والقنوات التلفزية
وفي أو ائل التسعينات ظهرت االنترنيت بقوة كوسيلة اتصال بديلة سريعة وسهلة ليصل
البريد االلكتروني محل البريد العادي ،وفي أواخرالتسعينات وبداية القرن الحالي ظهرت المو اقع
التي تقدم خدمة متكاملة للتعليم عن طريق الويب وهي الخدمة التي شملت املحتوى التعليمي
الذاتي باالضافة الى امكانية التواصل والتشارك مع زمالء الدراسة من خالل ذات الموقع اوالبريد
االلكتروني ،وحديثا ظهرت الفصول التفاعلية التي تسمح للمعلم او املحاضر أن يلقي دروسه
494أصبحت ممارسة األنشطة عن بعد ،مثل التعليم والعمل ،ضمن األساليب الرئيسية التي لجأت إليها الدول لمواجهة
تداعيات انتشار فيروس “كورونا” ،فقد أتاح التقدم التكنولوجي الكبير في مجال االتصاالت إمكانية إدارة دورة تعليمية كاملة
دون الحاجة لوجود الطالب والمعلمين في حيز ضيق من المساحة ،والسماح – في الوقت ذاته -باتخاذ التدابير االحترازية
لمنع انتشار “كورونا” ،وعلى الرغم من العوائد اإليجابية المتعددة التي يحققها التعليم عن بعد ،إال أنها تواجه عدة تحديات
ال سيما في الدول النامية التي ال تتوفر بها بنية تكنولوجية قوية
يقصد بالتعلم عن بعد أو باللغة اإلنجليزية ” “Distance Learningبأنه الوسيلة التي يباشِر بها المعلم وظيفته مع تالميذه
تفصل بين المعلم
وطلبته عن طريق استخدام االنترنت ،لهذا يسمى التعليم عن بعد ،ويقصد به أن هناك مسافة بعيدة قد ِ
والطلبة ،بغض النظر عن المسافة التي تقطع بينهم ،فهم يقومون بالتواصل من أجل القيام بعملية التعليم والتعلم ،كما ويعرف
التعليم عن بعد أنه “وجود عناصر العملية التعليمية مثل المادة والمنهج والمعلم والطلبة والمقاعد ووسائل االتصال واألوراق
واألقالم ولكن ،ال يكون التواصل مباشرا كونه يتم عبر اإلنترنت
يعرف التعليم عن بعد بأنه وسيلة من وسائل التعليم التي شهدها عصرنا الحالي ،عصر التطور والتكنولوجيا ،تتمثل علمية
التعليم عن بعد في توفير البيئة التعليمية ولكن في العالم االفتراضي ،أال وهو عالم االنترنت حيث تقوم بتوفير الوسائل
التعليمية من معلمين وتالميذ وطلبة ومناهج علمية ويكملون عملية التعليم على االنترنت ،صدرت هذه الفكرة من أجل الطلبة
الذين ال يستطيعون الذهاب إلى المدرسة أو إلى الجامعة بشكل يومي أو شبه يومي.
كما يعرف التعلم عن بعد بانها” يشمل كافة أساليب الدراسـة وكـل المراحـل التعليمية التي ال تتمتع باإلشراف المباشر
والمستمر من قبل معلمـين يحضـرون مـع طالبهم داخل قاعات الدراسة التقليدية و لكن تخضع عملية التعليم لتخطـيط وتنظـيم
وتوجيه من قبل مؤسسة تعليمية ومعلمين
ويعرف اليونسكو للتعلم عن بعد :هو أي عملية تعليمية ال يحدث فيها اتصال مباشر بين الطالب والمعلم ،بحيث
يكونان متباعدين زمنيا ومكانيا .ويتم االتصال بينها عن طريق الوسائط التعليمية اإللكترونية أو المطبوعات.
ولقد إصدارات الجمعية األمريكية تعريفا للتعليم عن بعد هو “تقديم التعليم أو التدريب من خالل الوسائل التعليمية االلكترونية
– ويشمل ذلك األقمار الصناعية ،والفيديو ،واألشرطة الصوتية المسجلة ،وبرامج الحاسبات اآللية ،والنظم والوسائل
التكنولوجية التعليمية المتعددة ،باإلضافة إلى الوسائل األخرى للتعليم عن بعد.
للمزيد حول هذا الموضوع يرجى الرجوع الى :
سعيد الشرقاوي :التعلم عن بعد في التجربة المغربية في ظل الالمساواة الرقمية ،مجلة القانون الدستوري والعلوم االدارية
،العدد السادس ،أبريل ، 2020ص 29مابعدها.
P 303 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
مباشرة على التالميذ والطالب في جميع انحاء المعمورة دون التقيد بالمكان بل وتطورت هذه
بالحوار والمداخلة 495 االدوات لتسمح بمشاركة الطالب
وعليه يمكن القول أن عملية التعلم عن بعد تم اعتمادها منذ سبعينيات القرن الماض ي
بطرق ووسائل متعددة ،وقد ساهمت الثورة الرقمية في توفير فرصة هائلة للتعليم عن بعد
وتيسيره وتحقيق أقص ى قدرمن الفاعلية حتى تبلورفي صورته الحالية ،وقد يتداخل التعليم عن
بعد بأنماط اخرى من التعليم كالتعليم االلكتروني ،التعليم المفتوح ،التدريب االلكتروني في
المؤسسات والمنظمات ،كما انه يتم في مجاالت أخرى غير التدريس كالتدريب المنهي واالنتاج
كما يشمل مستويات تعليمية تبدأ من التعليم االساس ي وصوال الى التعليم الجامعي
بالضافة الى الثورة التكنولوجيا التي ساهمت في بروزنمط التعليم عن بعد نجد ان فيروس
كورنا كان له نصيب االسد من انتشار هذا النموذج على نطاق واسع حيث أن معظم الدول رغم
اختالف بنيتها ومدى توفرها على وسائل التكنولوجيا اعتمدت هذا النوع من التعليم حتى ال
يتضرر المتدرسون على مختلف المستويات من انقطاع الدراسة بسبب االجراءات التي فرضتها
الدول ومن بينها فرض حجر صحي وعدم السماح للمواطنين بالخروج من المنازل اال للضرورة
الش يء الذي ادى الى اغالق المدارس والمعاهد والجامعات التي وجدت نفسها ملزمة باالعتماد
على الوسائل الحديثة من أجل استمرارالعملية التعليمية .
وبخصوص التجربة المغربية ،فان مفهوم التعليم عن بعد لم يكن متداوال في الحقل
التربوي ،اال من خالل بعض الوثائق المرجعية المؤطرة لنظام التربية والتكوين كما سيتم
ايضاحه من خالل المطلب الثاني ،غير انه لم يبرز بقوة في الخطاب التربوي المغربي اال في اطار
التدابير االحترازية التي اتخذتها وزارة التربية الوطنية والتكوين المنهي والتعليم العالي والبحث
العلمي والهادفة الى الحد من انتشارفيروس كورنا. 496
حيث شملت هذه التدابير قرار توقيف الدراسة بجميع االقسام والفصول الدراسية ،
انطالقا من االثنين 16مارس 2020حتى اشعار اخر وتعويضها بدروس التعلم عن بعد تسمح
للتالميذ والطلبة والمتدربين المكوث في منازلهم ومتابعة دراستهم في اطار عملية التعلم عن بعد
495أحمد عزوز :التعلم عن بعد بين النشأة والتطور مقاربة في خلفيته التاريخية وأبعاده التنموية منشورات مختبر الممارسة اللغوي في
الجزائر الجزء االول 2017ص .27
496فيروس كورونا من الفيروسات الجديدة التي ظهرت اولى حاالت االصابة يها في مدينة ووهان الصينية اواخر دجنبر 2019وصنفته
منظمة الصحة العالمية وباءا عالميا
P 304 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
،وفي هذا االطارأصبح المفهوم متداوال بقوة في الخطاب التربوي كخياربيداغوجي بديل ال محيد
عنه لتمكين المتعلمات والمتعلمين من االستمرار في التحصيل الدراس ي عن بعد في ظل انتشار
هذا الوباء.
وعليه يمكن القول ان الثورة التكنولوجيا التي عرفها العالم ساعدت بداية في ظهور
التعليم عن بعد كأحد الخيارات الجديدة البعيدة عن النمط التقليدي للتعليم حيث حسب
بعض الدراسات التي اكدت ان بعض الجامعات المغربية عرفت هذا النمط الجديد من التعليم
بحيث كانت كلية العلوم بالجديدة السباقة الى االعتماد عليه من خالل مختبر علوم وتقنيات
المعلوميات واالتصال بشعبة الفيزياء من خالل تفعيل العديد من المشاريع العلمية على
مستوى التعليم االلكتروني لينتشر بشكل محدود ببعض الجامعات المغربية الى ان انتشر كما
قلنا هذا النمط الجديد في ظل جائحة فيروس كورنا ،اذا كان هذا سياق اعتماد التعليم عن بعد
في المغرب فهل هناك تنظيم قانوني لهذا النمط الجديد ؟ ام انه تمت االشارة اليه في نصوص
متفرقة ؟ هذا ما سنحاول تباينه من خالل المطلب الثاني من هذه المداخلة.
P 305 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
واعتبارا الهمية ومكانة منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي في تحقيق اهداف
التنمية البشرية المستدامة وضمان الحق في التربية للجميع خرج هذا القانون الى حيز الوجود
الذي يهدف الى ارساء مدرسة جديدة منفتحة على الجميع وتتوخى تأهيل الراسمال البشري
مستندة الى تحقيق المساواة وتكافئ الفرص من جهة والجودة للجميع من جهة أخرى بغية تحقيق
الهدف االسمى المتمثل في االرتقاء بالفرد وتقدم املجتمع 497وهذا لن يتحقق اال باعتماد مجموعة
من الركائز كتعميم تعليم دامج وتضامني لفائدة جميع االطفال دون تمييز ،وجعل التعليم االولي
الزاميا بالنسبة للدولة واالسر ،ومواصلة الجهود الهادفة الى التصدي للهدرالمدرس ي واالنقطاع
المدرسيين 498وبالتالي االعتماد على تعليم عصري يحقق جميع متطلبات التنمية .
وحيث أن ضمان تعليم عصري ذي جودة للجميع يستلزم اتخاذ االجراءات المناسبة والتي
من أهمها :
فخروج هذا القانون جاء اذن في السياقات المشارة اليها اعاله وبالتالي نكون امام حلقة
جديدة من حلقات اصالح التعليم ببالدنا وهي الحلقات التي اكدت على امتداد عقود من الزمن
منذ مطلع االستقالل الى يومنا هذا فشل مشاريع االصالح واملخططات االستعجالية ،حيث عرف
المغرب منذ االستقالل تجربة اصالح حاولت التركيزعلى محطات كبرى كالتالي :
497انظر ديباجة القانون االطار رقم 51.17المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي
498انظر ديباجة القانون االطار رقم 51.17المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي لمعرفة اهداف هذا القانون االطار
P 306 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
وصوال الى التنظيم الدستوري والقانون االطارموضوع الدراسة ،والذي جاء بمجموعة
من المقتضيات المهمة من اجل النهوض بالتعليم ببالدنا حيث عرفت المنظومة التعليمة فشال
ذريعا في مواكبة المستجدات التي يعرفها العالم ومواكبة سوق الشغل .
وعليه يمكن القول ان من اهم المقتضيات التي جاء بها هذا القانون والتي تهم موضوع
مداخلتنا هو معالجة هذا القانون لنمط التعلم عب بعد رغم انه يالحظ لم يعط تريفا له ولم
ينظمه بطريقة جيدة بحيث تطرق له من خالل مادتين فقط من محموع مواد هذا القانون االطار
الذي ضم عشرة أبواب و 59مادة .
حيث نجد ان الفقرة الثالثة من المادة 30تنص على " تنمية وتطوير التعلم عن بعد
باعتباره مكمال للتعلم الحضوري ".
في حين نصت الفقرة الخامسة من المادة 34على " ادماج التعليم االلكتروني تدريجيا في
افق تعميمه ".
فمن خالل هذه المواد يتضح ان القانون االطارتحدث عن التعلم عن بعد باعتباره وسيلة
من وسائل تطوير التعليم بالمملكة المغربية الى جانب التعليم التقليدي وبالتالي وعي الجهاز
الوص ي على التعليم بضرورة مواكبة الثرة التكنولوجيا واستغاللها في ميدان التعليم الذي يعتبر
من الميادين المهمة في تطوروازدهاراي مجتمع ،كما يالحظ ان التعليم عن بعد سيكون مكمال
للتعليم الحضوري وليس بديال عنه النه ال يمكن االعتماد فقط على نمط التعليم عن بعد النه
له مجموعة من السلبيات سنتحدث عنها في الشق الثاني من هذه المداخلة .
كما يالحظ ايضا ان هذا القانون تحدث عن ادراج هذا النمط الجديد بطريقة تدريجية في
المنظومة التعليمة لكن جائحة فيروس كورنا التي فاجأت العالم لم تترك خيارا للجهاز الوص ي
وخاصة في النصف الثاني من السنة الماضية من اللجوء الى التعليم عن بعد رغم ان معظم
المدارس والمعاهد والجامعات لم تكن مهيأة بعد لالشتغال بهذا النمط الش يء الذي خلف
P 307 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
استياء لذا المعلم والمتعلم نظرا ملجموعة من العوامل كغياب التكوين وعدم توفر بعض
المؤسسات على المعدات اللزمة في مثل هذه الحاالت .
وعليه يمكن القول فان القانون االطاررغم تنصيصه في بعض المواد على التعليم عن بعد
اال انه لم يكن بالشكل المطلوب .
فهدف هذا القانون االطاركان هو ترسيخ الثوابت الدستورية واعتبارها مرجعا اساسيا في
النموذح البيداغوجي المعتمد في منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي .
باالضافة الى القانون االطاروالذي كما قلنا حاول التطرق الى التعلم عن بعد نجد املجلس
االعلى للتربية والتوين والبحث العلمي وفي سياق التحضير لبلورة رؤية استراتيجية جديدة
لإلصالح التربوي فقد بادرهذا املجلس الى اطالق مشاورات موسعة شملت الفاعليين في المدرسة
واالطراف المعنية والمستفيدة والشركاء والقطاعات المسؤولة عن التربية والتكوين والبحث
العملي خلصت في االخير الى التو افق على خطة إلصالح التعليم ومن بين المقترحات نجد في
الر افعة السادسة التي نصت على تمكين كل فصول المؤسسات التعليمية من استعمال
الوسائل السمعية البصرية وتقنيات االعالم والتواصل.
نظرا لدورها في انجاح العملية التعليمية التي لم تعد مقتصرة على الوسائل التقليدية ،
فاالعتماد على الوسائل الحديثة ستكون لها اثار ايجابية على المعلم والمتعلم ومن بينها التعلم
عن بعد.
باإلضافة الى ما سبق ذكره ،فقد عمل القطاع الوص ي ابان انتشار فيروس كورنا على
اخراج مجموعة من الدوريات والمذكرات التي تنص على اعتماد التعليم عن بعد بدل التعليم
الحضوري لتفادي انتشار الفيروس بين التالميذ والطالب والمتدربين كان اخرها مذكرة رقم 20
039 Xبتاريخ 28/08/2020حول تنظيم الموسم الدراس ي لسنة 2021/2020في ظل جائحة
فيروس كورونا ،حيث اعتبرت ان نمط التعليم المعتمد هو التعليم الحضوري وعن بعد بشكل
استثنائي غيرانه في الظروف الوبائية الصعبة التي ترتبط بها مخاطرمحدقة بالصحة العامة يتم
االنتقال الى التعليم عن بعد ليصبح هو االساس بحيث ينبغي على المؤسسات التعليمية
والجامعية ان تكون على جاهزية من اجل االنتقال الى نمط التعليم عن بعد بحيث عملت الوزارة
ايضا الى اعداد منصات الكترونية للطلبة والتالميذ من اجل التزود بالدروس
P 308 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
من كل ما تقدم يمكن القول انه هناك قصور تشريعي في تنظيم التعلم عن بعد اذ نجد
نصوص متفرقة بين القانون االطار وبعض المذكرات والدوريات التي تدعو الى تبني هذا النمط
الجديد من التعلم والذي فرضته ظرفية فيروس كورنا على المؤسسات التعليمية والجامعية
بحيث كانت هناك دعوة الى تبني هذا النمط بشكل تدريجي من اجل مدرسة منفتحة وتحقيق
تنمية مستدامة ،باالضافة الى توظيف التكنولوجيا الحديثة في العملية التعليمة
فرغم اعتماد المغرب على هذا النمط الجديد اال ان هناك اكراهات ستحول دون تحقيق
االهداف المتوخاة منه
بعد أن عرضنا لسياق ظهور التعليم عن بعد وراينا كيف ساهمت الثورة الكنولوجيا في
بروز هذا النمط الجديد من التعليم في بعض الدول الغربية 499التي اعتمدته في صور مختلفة
وكيف ساهم فيروس كورنا في تفعيل التعليم عن بعد على ارض الو اقع لتفادي ضياع الموسم
الدراس ي رغم عدم وجود تنظيم قانوني واضح يمكن االهتداء الية من اجل االستناد عليه كمصدر
اساس ي اللهم بعض المواد المتفرقة في القانون االطاروبعض الدوريات التي حاولت حث الجهات
الوصية على قطاع التعليم من اجل تبني نظام التعليم عن بعد ،فإننا سننتقل لإلجابة عن
االستفسار الذي طرحناه في بداية هذه المداخلة والذي يتعلق باإلكراهات التي تحول دون
االعتماد على هذا النمط التعليم الذي يفتقد كما قلنا الى تنظيم قانوني خاص يتطرق له (
المطلب االول ) ماهي االسباب االخرى والتي يمكن تصنيفها على انها لوجستيكية وبشربة والتي
طرحت اثناء االعتماد عليه ( المطلب الثاني )
المطلب االول :عدم مسايرة النصوص التشريعية التي تنظم العمل عن بعد للتطورات
التي يشهدها العالم
يمكن القول وبدون تردد بأن االطار التشريعي الذي يحتضن التعليم عن بعد بالمغرب
أصبح متجاوزا بفعل مرور الوقت اذ أنه ال يواكب التطورات التي يشهدها العالم من تطور في
الوسائل التكنولوجيا الحديثة وما افرزته جائحة فيروس كورنا من مستجدات يستلزم بالضرورة
ان يوازيه تطور مماثل في جانب النصوص التشريعية المنظمة لهذا النمط الجديد وهذا ما لم
499الجوهر مودر :تحربة المركز الوطني للتعلم عن بعد في فرنسا ،منشورات مختير الممارسة اللغوي في الجزائر الجزء االول 2017
،ص 339وما بعدها.
P 309 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
يحصل في تشريعنا لألسف اذ اننا ال زلنا نعيش على نصوص قليلة متفرقة ورؤى استراتيجية االمر
الذي تسبب في فوض ى عند تطبيق نظام التعليم عن بعد ايام الجائحة ،اال ان هذا ال يعني
استبعاد تلك النصوص و انما القصد من ذلك هو مراجعة وتجديد مضمون هذه النصوص
التشريعية حتي تكون اكثرمالئمة لمستجدات الو اقع الذي نعيشه االن
اذ تتميز النصوص المعمول بها حاليا في االعتماد على التعليم عن بعد بقلتها وعدم
مواكبتها للمتغيرات الذي عرفها المغرب في اآلونة االخيرة ويتعلق االمر بالدرجة االولى ببنود
القانون االطار المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي ،وبالرغم من المادتين 30و
33تطرقتا الى موضوع التعليم عن بعد لكنهما لم يتطرقا الى تعريف عذا التعليم وما هي صوره
وكيف ومتى يمكن االعتماد عليه ،ماهي الوسائل التي يمكن استخدامها في هذا املجال وغيرها
من االمور المهمة ،حيث في عز أزمة كورنا عملت وزارة االقتصاد والمالية على اخراج مشروع
مرسوم يتعلق بالعمل عن بعد وذلك في غياب نص تشريعي ايضا ينظم هذا العمل الذي اعتمدته
مجموعة من القطاعات حتي ال تتضررمصالحها فكان بحق خطوة مهمة نحو تكريس وتنظيم هذا
النوع الجديد ،وكنا نتمنى ان تبادر وزارة التربية الوطنية لالقتداء بوزارة االقتصاد والمالية وتسن
مثل هكذا مقتض ى ينظم عملية التعليم عن بعد من خالل التنصيص على تعريف التعليم عن
بعد ،وتحدد صوره وكيفية االشتغال سواء من المنزل او من فصول الدراسة وتحديد ايضا
وضعية المعلم او املحاضر الذي يشتغل على هذا النمط من خالل التنصيص ايضا على ايام
العمل والراحة واذا اصيب بمرض ماهي االجراءات التي يمكن ان يتبعها ثم الوسائل المستخدمة
في عملية التواصل مع التالميذ والطلبة وهل سيستغلها في اموره الشخصية ام فقط في المناهج
التعليمي والتربوية وغيرها من االمورالتي تنظم هذا النمط الجديد
لذلك كنا ننادي منذ انتشارهذا الفيروس 500الى ضرورة مواكبة العمل التشريعي للتعليم
عن بعد في ظل المتغيرات والتعديالت التي طرأت
وللوقوف على بعض جوانب النقص التي تعتري القانون االطار المتعلق بمنظومة التربية
والتكوين والبحث العلمي كما قلنا سابقا انه لم يتطرق لمفهومه و انما اكتفى في الفقرة الخامسة
من المادة 34الى الحديث على ضرورة ادماج التعليم االلكتروني تدريجيا في افق تعميم دون
الحديث عن الوسائل التي يمكن االعتماد عليها وهل المدارس والجامعات والمعاهد المغربية
500زايد محمد :أهمية التعلم عن بعد في ظل تفشي فيروس كورونا ،مجلة االجتهاد للدراسات القانونية واالقتصادية ،المجلد التاسع ،
العدد الرابع ، 2020ص . 489
P 310 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
جاهزة الستخدام هذه التقنية ؟ هل تتوفر على وسائل االتصال من حواسيب وصبيب انترنيت
جيد الذي يستخدم في التعليم عن بعد ؟ هل االطرالتعليمية تلقت تكوينات في هذا املجال ؟ هل
التالميذ والطلبة لهم االمكانيات المادية واللوجستيكية الستخدام هذه الوسيلة ؟ قطعا
القانون االطار لم يتطرق الى هذه المسائل مما سبب اكثر من عائق في نجاح هذه التجربة وخير
دليل هو اقبال اولياء االمورفي بداية الموسم الدراس ي على تسجيل ابنائهم في الدراسة الحضورية
رغم املخاطرالصحية التي تهدد ابنائهم
وما قيل عن الفقرة الخامسة من المادة 34يقال ايضا عن الفقرة الثالثة من المادة 30
التي نصت على تحسين جودة التعليم والتكوين عن طريق تطوير الوسائل الالزمة لتحقيق ذلك
والسيما من خالل التعليم عبرالتكنولوجيا الحديثة حيث لم يتم تحديد هذه الوسائل التي يمكن
ان تساهم في تجويد التعليم وخاصة التعليم عن بعد ،بل ترك االمر للوقت لكن جائحة كورنا
التي فاجأت العالم عجلت بضرورة ارسال المعدات الى جميه المدارس والمعاهد من اجل انجاح
هذه التجربة الفتية
خالصة القول أن االطار التشريعي المنظم لعملية التعليم عن بعد بالمغرب يحتاج في
نظرنا الى مراجعة شاملة وحقيقية حتى يكون في مستوى التطورالذي شهده هذا االخيرفي اآلونة
االخيرة فالقانون كما يقول القاض ي االنجليزي ( كاردوزو) بمثابة المسافر الذي يتعين عليه ان
يكون مستعدا للغد و أن يحمل بذرة التطورفي ذاته ،ولكي يتحقق ذلك فانه يتوجب على المشرع
المغربي وخاصة القطاع الوص ي على التعليم ببالدنا أن يقبل على تحديث النصوص التشريعية
المنظمة للتعليم عن بعد وبالتالي يضمن مسايرتها للو اقع الذي فرض علينا في ظل هذه الجائحة
وذا كان هذا هو الوضع بالنسبة لجانب التشريع الذي يعرف قصورا في هذا املجال ،فانه
يحق لنا ان نتساءل عن دورالوسائل اللوجستيكية والبشرية الفاعل المهم في هذه العملية وهي
بصدد تنزيل دوريات ومذكرات الوزارة الوصية بشأن التعليم عن بعد ،فنجاح اي مشروع البد له
من االهتمام بالعنصرالبشري العنصرالفاعل باإلضافة الى توفرالوسائل المادية المعتمدة من
أجل نجاح هذا المشروع وهو موضوع دراسة النقطة الموالية
P 311 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
اذا كان التعلم عن بعد طريقة من طرق التدريس التي يتم فيها فصل سلوكيات التدريس
جزئيا عن سلوكيات التعلم حيث يتم تحقيق االتصال بين المعلم والمتعلم عن طريق توفير
المواد التعليمية المطبوعة وااللكترونية والمسموعة والمرئية وتوفير المناخ المالئم لحدوث
عملية االتصال حيث يتم التعلم بحرية تامة ،اذن فالتعلم عن بعد وكما قلنا سابقا ظاهرة
اكتسحت العالم له مزايا ومساوئ في نفس الوقت ،ومن مزاياه امكانية تطوير طريقة التدريس
،توفروسائل التعليم والمناهج طوال اليوم باإلضافة الى تحررالطالب او التلميذ من جدول زمني
محدد ،اال ان له سلبيات اذ ان هذا النمط الجديد من التعلم يتطلب مجموعة من الشروط مثل
:
_ االعداد القبلي لهذا النوع من التعليم :طاقات بشرية ووسائل تكنولوجيا الكترونية
_ تكوين الطلبة والمدرسين من قبل متخصصين في مجال التكنولوجيا حتى يتمكنوا من
استعمالها بمهارة وتفوق
اذا تأملنا في البنية االساسية لتكنولوجيا المعلوميات في المغرب نجدها ضحلة مقارنة مع
وسائل االتصال بالدول الغربية المتقدمة ،وهذا يلعب دورا سلبيا في نشر وزيادة املحتوى
االلكتروني ويؤدي الى ضعف انتشارالكثيرمن التطبيقات التي تزيد من حجم املحتوى املخصص
للتعليم االلكتروني .
وقد يتم التساؤل عن مدى الكفاءة التعليمية لبرامج التعلم عن بعد مقارنة بالبرامج التي
يتعلم بها الطالب والتالميذ بالطريقة التقليدية التي تتم وجها لوحه وهو تساؤل مشروع مؤدى
هذا أنه لكي تكون للتعلم عن بعد نفس فعالية التعليم التقليدي فانه بنبغي ان تمون الوسائل
والتقنيات المتبعة مالئمة لموضوع التعلم .
و يعد التعلم االلكتروني او التعلم عن بعد دعامة اساسية وفاعلة في التنمية البشرية
المستدامة غيرانه يتطلب في الوسائط المستخدمة ان تستوفي عدة أمورمنها :
P 312 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
_ تبنى البرامج على استراتيجية واضحة لتحقيق االهداف وان يتسنى تنظيمها وهو مالم
يتحقق في بالدنا رغم املجهودات المبذلو من جميع المتدخلين في العميلة ( الوزارة الوصية ،
المعاهد والمدارس والجامعات ) اذ ان فيروس كورنا لم يعط فرصة من اجل وضع استراتيجية
واضحة
_ تحديد الوسائط المناسبة لنوعية البرامج التعليمي التي تحقق الهدف التعليمي وفي هذا
االطار بادرت الوزارة الوصية والجامعات على انشاء منصات الكترونية يتم وضع فيها الدروس
للتالميذ والطلبة ( تيلميذ ،زوم ،منصات الجامعات ) اال ان االشكال الذي طرح هو هل كل
التالميذ والطلبة لهم من اإلمكانيات المادية واللوجسيتكية من اجل الولوج لها وهو ما شكل اهم
السلبيات التي طرحها التعليم عن بعد واحد اهم االكراهات .501
_ توفيرالبنية التعليمية
_ غالء كلفة بناء شبكات ومنصات تشغيله ،اضافة الى انه ليس بمقدور جميع المغاربة
التوفر على الحواسيب في المنازل والتوفر على خدمة االنترنيت ذات الصبيب العالي نظرا لغالء
تكلفته باإلضافة الربط البطيء
_ ضرورة مالئمة التعليم عن بعد لكل محتويات المقررات ،اذ اتضح انه ليس مالئم لكل
هذه املحتويات والمقررات والموضوعات التعليمية وبالتالي بعض االساتذة وخاصة فبي مجال
العلوم الحية يفضلون التعليم الحضوري الذي يكون له أثر ايجابي على التحصيل واالنجاز
ويوجد فيه ايضا التفاعل االيجابي بين الملقي والمتلقي
_ تحمل أعضاء هيئة التدريس أعمال أخرى ادارية وتزايد عدد الطلبة المسجلين في
المعاهد والمدارس والجامعات
501مارية البحصي :التعلم عن بعد بالمغرب رهانات المستقبل وميعقات التطبيق ،مرجع سابق ،ص .490
أحمد عزوز :التعلم عن بعد بين النشأة والتطور مقاربة في خلفيته التاريخية وابعاده التنموية ،مرجع سابق ،ص.30 ،
P 313 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
_ النظرة الى التعلم عن بعد :بحيث وقع اختالف كبير بين المسؤولين على ان التعليم عن
بعد يهدد االدوارالتقليدية ألعضاء هيئة التدريس وهناك من شكك في جودته وان يمون مثله مثل
التعليم التقليدي الذي يتم في الفصول والمدرجات الدراسية
وعليه يمكن القول ان التعليم عن بعد لم يعد مجرد موضة بل اضحى ضرورة ملحة في
مجال العملية التعليمية الش يء الذي ينبغي ان تستوعبه المنظومة التعليمية ببالدنا لتجاوز
االكراهات السالف ذكرها ،بحيث انه رغم املجهودات المبذولة فننا لم نرقى بعد لمستوى الدول
الغربية ،فهذه التقنية تحتاج الى المواكبة ومالئمة محتوياتها ومضامينها مع حاجيات
المؤسسات والجامعات والمعاهد باإلضافة الى حاجيات المتعلمين وتأهيل االنسان بصفة عامة
هو أحد أبرز عوامل نجاح هذه التجربة التي تهدف الى تنمية المدرسة المغربية غير ان هذه
التنمية تحتاج للموارد البشرية التي ستطبق هذا النمط الجديد وبالتالي نجاح التعليم عن بعد
رهين بتوفراالليات والعناصرالتالية :
_ االهتمام بالطاقات البشرية عن طريق تكوينها على كيفية االعتماد على الوسائل الحديثة
عندها نتحدث عن كفاءة عالية وبالتالي تكون قادرة على انتاج مواد مالئمة لهذا النوع الجديد
من التعلم
_ تحديد الخيارات التقنية التي يلجأ اليها الملقن في التعلم عن بعد كتحديد الصوت (
هاتف ،مؤثرات صوتية ،شرائط ) والوسائل السمعية المرئية وغيرها من االمورالضرورية التي
تستخدم في التعليم عن بعد
خاتمة :
لقد كان بودنا أال نختم هذه المداخلة بخاتمة مستقلة كما جرت العادة على ذلك في معظم
الندوات لسبب بسيط وهو ان مضمون هذه الخاتمة سبق وان استثمرناه بش يء من التفصيل
عند اقبا لنا على عرض هذه المداخلة ويتعلق االمر بمجموعة من االصالحات والتي اقترحنا
ادخالها على النظام القانوني للتعليم عن بعد ،اال انه توخيا للفائدة ارتأينا ختم هذه المداخلة
ببعض الكلمات التي قد يكون لها وقعها في تنبيه الجهات المعينة الى الدورالذي سيلعبه التعليم
عن بعد في تجويد وتطوير المدرسة والجامعة المغربية عموما فنحن نطالب بسن قانون خاص
P 314 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
ينظم التعليم عن بعد على غراركما قلنا سابقا مشروع مرسوم العمل عن بعد وبالتالي ضبط هذا
النمط الجديد وتنظيمه بالشكل الذي يضمن جودة العملية التعليمة ولن يتحقق ذلك اال
بالمراجعة الشاملة لهذا النظام ،غير اننا لئن كنا نساند فكرة المراجعة الشاملة لهذا النظام
الجديد اال اننا ننادي ايضا بضرورة االهتمام بالعناصر الحيوية الضرورية لنجاحه اال وهي
الموارد البشرية واللوجسيكية فالموارد البشرية عنصرفعال لنجاح اي تجربة وبالتالي ينبغي ان
تحظى باالهتمام والذي يتجلى في خضوع سواع الملقي او المتلقي لدورات تكوينية حتي يعرف
كيفية استخدام التقنيات الحديثة واستغاللها في العملية التعليمة ،الى جانب الموارد البشرية
نجد الوسائل اللوجستيكية التي تعد من العناصر المهمة التي يقبل عليه جميع المتدخلين في
العملية التعليمية لذا بنبغي تجهيز المؤسسات والجامعات والمعاهد بهذه المعدات باالضافة
الى اتاحة استعمال هذه الوسائل للطلبة والتالميذ العناصر المعنية بهذه التجربة من خالل
تعميم االستفادة من الحواسيب وصبيب االنترنيت واال تبقى مقتصرة على بعض الفئات من
الطلبة وان تراعى ظروف المناطق النائية التي ينبغي ان تحظى بعناية خاصة
لكل ما سبق فإننا ننادي بتوجيه وثيرة االصالح نحو تحقيق هدف واحد هو مدرسة مغربية
عصرية ذات جودة عالية وذلك انطالقا من معطيات و اقع مجتمعنا المغربي المعاصر
المقاالت :
أحمد عزوز :التعلم عن بعد بين النشأة والتطور ،مقاربة في خلفيته التاريخية
و أبعاده التنوية ،منشورات مختبرالممارسة اللغوي بالجزائر،الجزء االول 2017 ،
الجوهر مودر :تجربة المركز الوطني للتعلم عن بعد في فرنسا ،منشورات مختبر
الممارسة اللغوي بالجزائر ،الجزء االول 2017 ،
زايد محمد :أهمية التعلم عن بعد في ظل تفش ي فيروس كورونا ،مجلة االجتهاد
للدراسات القانونية واالقتصادية ،املجلد التاسع ،العدد الرابع 2020 ،
P 315 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
مارية البحص ي :التعلم عن بعد بالمغرب رهانات المستقبل وميعقات التطبيق
،منشورات مختبرالممارسة اللغوي بالجزائر،الجزء االول 2017 ،
دوريات ومذكرات
P 316 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
–
summary
The issue of abus in use on of the topics that have a legal and judical nature
together and is experienced by the various courts in the kingdom at the end of the
long stages of conflicts before the judiciary though which the victim obtains his
right and puts an end to the arbitrary intransigence and stubbornness and the
subject the use of the right is limited in this to the position of the morroccan
judiciary on the theory of abus in the original real right We are limited in the
position of the moroocane judiciary neighbood harems.
P 317 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
نظرية عامة -502بل كانت أقوال سائدة مثل (:الغلو في الحق غلو في الظلم) ،ثم انتقلت منه إلى
القانون الفرنس ي القديم ،503فما لبثت أن استقرت في الفقه بعد أن ثبت عليها القضاء ثم أخذت
بها التشريعات الحديثة وأصبحت اليوم نظرية ثابتة ال يستطيع أحد أن يفكر تفكيرا جديا في
االنتقاص منها ،كما عرف الفقه اإلسالمي هذه النظرية وأسهم بقسط و افر في صياغتها كنظرية
عامة تهدف باألساس إلى تحقيق التوازن بين المصالح الفردية المشروعة في أصلها والمتعارضة
فيما بينها ،ومن باب أولى بينها وبين المصلحة العامة للمجتمع ،وهي تستند في ذلك إلى الكثير من
اآليات القرآنية واألحاديث النبوية الشريفة التي تنهى عن إلحاق الضرر بالغير ،كقوله تعالى في
آخر آيات المواريث " :من بعد وصية يوص ى بها أو دين غير مضار وصية من الله و الله عليم
حليم ،"504وقوله جل وعال ":و إذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن
بمعروف وال تمسكوهن ضرارا لتعتدوا و من يفعل ذلك فقد ظلم نفسه ،"505ووجه الداللة من
هذه اآلية هو جوازممارسة الزوج حقه المشروع في الطالق والعودة في اإلمساك ،غيرأن اإلمساك
يقصد اإلضرار أمر غير مشروع ،ألنه تعسف في استعمال حق في غير ما شرع له ،ومن السنة قول
النبي صلى الله عليه وسلم ":ال ضررو ال ضرار" ،506فضال عن هذه األدلة من النصوص الشرعية
فإن نظرية التعسف في استعمال الحق في الفقه اإلسالمي تستند إلى جزئيات تطبيقية في الو اقع
العملي ،من فقه الصحابة رض ي الله عنهم وفتاواهم واجتهادات األئمة ومن بعدهم على مر
العصور.
ومن هنا نجد أن نظرية التعسف قد اهتمت بها الشريعة اإلسالمية والسنة النبوية ثم
القوانين المدنية في العالم الحديث ،كما اهتمت بها القوانين العربية تبعا الهتمام القوانين
األجنبية لها ،وجعلت أحكامها ونظريتها في الصدارة من هذه القوانين ،كما نجد أن هذه النظرية
- 502وهذا أمر بديهي ألن القوانين القديمة على غرار القانون الروماني لم يكن يستند إلى التأصيل و التنظير الفقهي
بقدر ما كان مبنيا أساسا على القضايا العملية ،والمسائل العملية التي كانت تعرض على الفقهاء ،كما ال يمكن أن تقوم
نظرية عامة على الحلول المبعثرة في هذا القانون ألنه يقوم في األصل على فكرة الحق المطلق.
-فتحي الدريني ،نظرية التعسف في استعمال الحق في الفقه اإلسالمي،بيروت ،الطبعة الرابعة ،سنة ،5811ص:
.743
- 503حيث كان هذا القانون قائما على النزعة الفردية لذا جاءت التطبيقات لفكرة التعسف في استعمال الحق قليلة و
محصورة في عالقات الجوار.
- 504سورة النساء ،من اآلية.44 :
- 505سورة البقرة ،من اآلية.475 :
- 506أخرجه ابن ماجة في سننه ،كتاب األحكام رقم ،4775واإلمام أحمد في كتاب مسند األنصار ،رقم ،45754
واإلمام مالك في الموطأ ،كتاب األفقية رقم 5474وكتاب المكاتب بدون ترقيم.
P 318 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
ترتبط ارتباطا وثيقا بالحقوق ،ذلك أنها تضع نظرية الحق في وضعها الصحيح ،وتضع الفرد
واملجتمع كل في مكانه وترسم لكل حدوده ،وتنسق العالقة بينهما على نحو فعال.
أما بالنسبة ألهميته العملية فتتجلى في أهمية الحق بحد ذاته ،حيث أن الشريعة و
مختلف القوانين قد أقروا بفكرة الحق وضمنوا لكل فرد حقوقه ،غيرأن النوازع النفسية لألفراد
في السعي إلى تحقيق مصالحها ،قد يؤدي إلى تصادم الحقوق فيما بينها ،و انقالب إلى وسائل
لتحقيق مفاسد ومضار بالغير بحجة المصلحة المقصودة باستعمال الحق ،لذلك فإنه ال يجوز
أن يستأثر البعض باستعماله لحق مقرر له بهدف اإلساءة إلى حقوق اآلخرين ،وال يمكن تسبيق
المصلحة الخاصة على المصلحة الجماعية ،ولهذا فالتشريعات والقضاء يسعى لتطبيق هذه
النظرية كلما كان لها محل ،وإن اعتبر بعضهم ذلك خروجا على مبدأ حماية الحق الذي يخول
لصاحبه استعماله على النحو األكثرإطالقا.
إن التعريف بالموضوع واالستناد إلى دو افع البحث ،سواء ما تعلق منها بالدو افع
الشخصية أو الموضوعية ،وللوقوف على أعمال الدراسة ،يقتض ي منا معالجة اإلشكالية
الجوهرية والمتمثلة في :كيف ساهم القضاء والمشرع المغربي من خالل مدونة الحقوق العينية
في الحد من ظاهرة التعسف في استعمال الحق للتوفيق بين حرية المالك في التصرف في ملكه
بجميع أنواع التصرف على نحو ال يرتب عنه اإلضراربمصالح الغير؟
وتقتض ي اإلحاطة بمختلف الجوانب المتعلقة بالموضوع ،أن يتم االعتماد في تحليله على
مجموعة من المناهج منها ما سيتم االعتماد عليه بشكل رئيس ي ،ومنها ما سيتم االعتماد عليه
كلما تطلب األمر ذلك.
وعلى هذا األساس سيتم االعتماد على المنهج التحليلي من خالل تمحيص مختلف
النصوص القانونية المنظمة للموضوع وتحليل القرارات واألحكام القضائية الصادرة عن قضاء
الموضوع ،ومحاولة تلمس مدى مسايرتها لقرارات محكمة النقض.
هذا إضافة إلى اعتماد المنهج الوصفي و المنهج المقارن كلما تطلب التحليل ذلك .ولهذا
فقد ارتأينا تماشيا مع موضوع البحث أن نقسمه إلى مبحثين وال بأس من تحليل كل مبحث على
حدة :
P 319 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
فالشريعة اإلسالمية تعد سباقة إلى إقرارنظرية التعسف في استعمال الحق ولم تحصرها
في األعمال التي يجريها المالك قصد اإلضراربالغير ،بل حتى إساءة استعمال الحق بالشكل الذي
يلحق به ضررا فاحشا للجارولو بعدم توفرقصد اإلضرار(المطلب األول).
هذه أول صورة من صورالتعسف ،وهي أكثروضوحا ،ويكون الشخص متعسفا إذا قصد
اإلضرار بالغير ،بحيث تكون نية اإلضرار هي الباعث الوحيد لدى صاحب الحق عند استعماله
لحقه ،حتى ولو أدى هذا االستعمال إلى منفعة عارضة ،508و النية مسألة نفسية يتعذر إقامة
الدليل مباشرة عليها ،و لذلك يستخلصها القاض ي من انعدام الفائدة الكلية لصاحب الحق من
استعماله له ،وفي هذا اإلطار يقول أحد الفقهاء بأن الضرر يتحقق عندما ال يكون للمالك نفع
ظاهر من استعمال حقه على النحو الذي اختاره رغم علمه بالضررالذي لحق الجار509.
إن تطبيق هذا المعيار الشخص ي وهو نية اإلضرار بالغير ،يقتض ي االستعانة بمعيار
موضوعي وهو مسلك الرجل المعتاد في مثل هذا الموقف ،510فقد يقصد شخص وهو يستعمل
حقه أن يضربغيره ،ولكن لتحقيق مصلحة مشروعة لنفسه ترجح رجحانا كبيرا على الضررالذي
يلحقه بالغير ،فقصد اإلضرار بالغير في هذه الحالة ال يعتبر تعسفا ،إذ أن صاحب الحق بهذا
التصرف لن ينحرف عن السلوك المألوف للشخص العادي ،أما إذا كان قصد إحداث الضررهو
العامل األصلي الذي غلب عند صاحب الحق وهويستعمل حقه لإلضراربالغير ،اعتبرهذا تعسفا
ولو كان هذا القصد مصحوبا بنية جلب المنفعة كعامل ثانوي ،سواء تحققت هذه المنفعة أم
- 507العربي محمد مياد ،تأمالت في مقتضيات الفصل 8من ظهير 58رجب 5777الموافق 54يونيو 5851
المحدد للتشريع المطبق على العقارات المحفظة ،مجلة القانون المغربي ،عدم ذكر الطبعة ،العدد 57أبريل ،4055
ص.74:
- 508كأن يغرس صاحب الحق أشجارا في حدود ملكه و غرضه الوحيد من ذلك حجب النور عن جاره ،فيعد متعسفا
في استعمال حقه ولو عادت األشجار على األرض بالنفع.
- 509محمد السعيد جعيصة ،قيود الملكية الوارد لحماية المصلحة الخاصة ،مجلة الميادين ،كلية العلوم القانونية و
االقتصادية و االجتماعية ،وجدة سنة ،5813ص.74:
- 510عبد الرزاق أحمد السنهوري ،الوسيط في شرح القانون المدني الجديد ،الجزء األول ،المجلد الثاني ،الطبعة
الثالثة ،منشورات الحلبي الحقوقية ،بيروت-لبنان ،-ص.817 :
P 320 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
لم تتحقق ، 511فالمنفعة هنا تعد قرينة على قصد اإلضرار ،وهذا المعيار هو أقدم معايير
التعسف وأكثرها شيوعا في الشرائع الحديثة ،ألنه كثيرا ما يسخر المالك حقه بمجرد تحقيق
مآرب شخصية لإلضرار بجاره512.
ولو أن المالك وهو يستعمل حق الملكية كان الدافع له إلى ذلك هو إحداث ضرر للجار،
بدون أن يصيب منفعة من ذلك ،كان استعماله لحق الملكية على هذا النحو تعسفا يستوجب
مسؤوليته ،513ويظل متعسفا حتى ولو ترتب على هذا االستعمال بعض الفوائد له514.
إذن فمعيار التعسف في هذه الحالة هو معيار شخص ي ذاتي ،يقض ي الكشف عن نية
صاحب الحق عند استعماله ،ولما كانت النية أمر نفس ي داخلي فإنه ال يمكن الكشف عنها إال
باالستعانة ببعض المظاهر الخارجية ،وعلى ذلك فقصد اإلضرار يمكن االستدالل عليه من
انعدام مصلحة صاحب الحق أو تفاهتها ،515والبد من إثبات أن صاحب الحق قد استعمل حقه
بقصد اإلضراربالغير ،فإذا ما تم إثبات ذلك فعال فإنه يكون قد تعسف في استعمال حقه وبالتالي
موجبا لمسؤوليته طبقا للقواعد العامة.
ثانيا :المعيارالموضوعي:
إن المعيار الموضوعي للتعسف في استعمال الحق يتمثل في :رجحان اإلضرار على
المصلحة (أ) و استعمال الحق في تحقيق مصلحة غيرمشروعة(ب).
يعتبر صاحب الحق متعسفا في استعمال حقه إذا كانت المصالح التي يرمي إلى تحقيقها
قليلة األهمية ،بحيث ال تتناسب مع ما يصيب الغير من ضرر بسببها ،وهذا المعيار موضوعي
- 511محمد رياض ،التعسف في استعمال الحق على ضوء المذهب المالكي و القانون المصري ،المطبعة و الوراقة
بمراكش ،الطبعة األولى ،سنة ،5884ص.78 :
- 512و كمثال على هذا المعيار ":البئر المشترك حين يحتاج الشريك أن يسقي في نوبة الشريك اآلخر الذي ال حاجة
له في السقي في يومه ،و مع ذلك يريد منعه ،فاإلمام مالك قال بأنه ال يجوز ذلك حيث ال يمنع ما ال ينفعه حبسه وال
يضره تركه".
- 513عبد المنعم فرج الصدة ،الحقوق العينية األصلية ،دراسة في القانون اللبناني و القانون المصري ،دار النهضة
العربية للطباعة و النشر ،بيروت ،طبعة ،5814ص.13:
- 514رشيد شمشيم ،التعسف في استعمال الملكية العقارية ،دراسة مقارنة بين القانون الوضعي و الشريعة اإلسالمية،
دار الخلدونية ،الجزائر ،الطبعة األولى ،4008ص.574 :
- 515سكينة بنجاللي ،رفع مضار الجوار وفق مدونة الحقوق العينية و أحكام الفقه اإلسالمي ،رسالة لنيل دبلوم
الماستر في القانون الخاص ،جامعة محمد األول ،كلية العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية وجدة ،السنة
الدراسية ،4053/4051 :ص.17 :
P 321 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
بحث ،516فهو يختلف عن سابقه في أنه ال يستند إلى ناحية شخصية لدى صاحب الحق ،و إنما
يقوم على الموازنة بين المصلحة المقصودة والضررالذي يصيب الغير ،517وفي ذلك انحراف عن
السلوك المألوف للرجل العادي ،فإذا كانت المصلحة دون الضرر بدرجة كبيرة ،كان استعمال
الحق في هذه الحالة انحر افا عن مسلك الرجل المعتاد ،فتتحقق المسؤولية518.
وهكذا إذا كان الضرر بليغا والمنفعة ضئيلة ،فإن الفعل المسبب للضرر إما أن ينطوي
على نية خفية لإلضرار بالغير تحت ستار التظاهر بمصلحة غير جدية ،أو أنه يرمي إلى مصلحة
محدودة األهمية يتظاهر بالسعي ورائها ،وفي الحالتين يكون قد انحرف عن سلوك الشخص
العادي ،واعتبرعلة في التعسف.
أو أن ما أصاب صاحب الحق من فائدة تعد تافهة بالنسبة للضرر الذي لحق الغير ،وبما
أنه معيار موضوعي فينظر من خالله إلى نتائج استعمال الحق ،فحسب هذا المعيار يعتبر
الشخص متعسفا حتى ولو كانت له مصلحة من استعمال حقه على وجه معين ،وذلك بالنظرإلى
أن هذه المصلحة ال تتناسب مع الضرر الذي يصيب الغير فترجح مصلحة الغير على استعمال
حق الفرد ويصبح بذلك استعمال الحق تعسفيا.
و يتم تقديرعمل التناسب بين الفائدة املحققة والضررالذي أصاب الغيرمن خالل إجراء
مقارنة بين الو اقعتين ،و اقعة الفائدة وو اقعة الضرر من حيث المعاينة أو من حيث التحليل
الكمي أو الكيفي لهما.
إن هذا المعيار أوسع مجاال في تطبيقاته العملية ،ومرد ذلك أن الحقوق وسائل لتحقيق
غايات مشروعة ،إذ ال يكفي أن يكون لصاحب الحق مصلحة ظاهرة أوذات قيمة كبيرة الستعمال
حقه ،بل يجب أن تكون هذه المصلحة مشروعة ،وتقريرهذا الشرط نابع من فرضية قانونية أن
- 516فتحي الدريني ،نظرية التعسف في استعمال الحق في الفقه اإلسالمي،م.س ،ص.743 :
- 517زيد قدري الترجمان ،نظرية التعسف في استعمال الحق و تطبيقها في حقل الملكية العقارية ،بحث لنيل
الدكتوراه في القانون الخاص،جامعة محمد الخامس كلية العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية الرباط ،السنة
،5815/5810ص.518 :
- 518إيمان بوكر الدين و بلعزلة خديجة ،التعسف في استعمال الحق في التشريع الجزائري ،مذكرة تخرج لنبل شهادة
الماستر في القانون ،كلية الحقوق والعلوم السياسة ،السنة الجامعية ،4053/4051ص.43 :
P 322 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
الحق بوجه عام له وظيفة اجتماعية ،إذ أنه وسيلة لتحقيق التكافل والتضامن في املجتمع،
والمساس بذلك يشكل تعسفا في استعمال الحق519.
وما يالحظ على هذا المعيار كذلك أنه موضوعي مرن ،يجعل للقضاء سلطة واسعة في
رقابة استعمال الحقوق ، 520وإن كان يستدل عليه بناحية شخصية هي القصد أو النية من
استعمال الحق ،فنفي صفة المشروعية عن المصلحة المقصودة من استعمال الحق تقوم
أساسا على عدم مشروعية الدافع إلى هذا االستعمال.
والمصلحة المقصودة هنا هي المصلحة التي رسمها القانون وقررها الحق ،إذ يعتبرالفعل
تعسفيا إذا استعمل لمصلحة تافهة وغيرجدية أوتحقيق مصلحة غيرمشروعة تهدف إلى اإلضرار
بالجار.
كما تكون المصلحة غير مشروعة إذا كان تحقيقها يتعارض مع النظام العام أو اآلداب
العامة ،إال أن النية كثيرا ما تكون العلة األساسية لنفي المشروعية عن المصلحة ،ويتحقق ذلك
في عدة صوركتخصيص المالك منزله لمقابالت مخالفة لآلداب أو لتعاطي املخدرات.
فتسخير الحقوق في سبيل تحقيق مصالح غير مشروعة يجردها من قيمتها ويخلع عنها
حماية القانون ، 521وهكذا يبدو واضحا أن المصلحة قيد على استعمال الحق ،ألنها تمثل غاية
له ،وعلى صاحب الحق عند استعماله سلطاته المقررة قانونا أن يحقق من هذا االستعمال
مصلحة أو منفعة جدية ،وهاته األخيرة هي التي تحقق التوازن بين المصلحة و الضرر.
في الغالب من األحيان ما يتعرض الجيران ألضرار مألوفة ،تحدث عادة عن استعمالهم
لحقهم ،مما يستوجب تحمل هذه المضايقات العادية على سبيل التسامح ،وال محل بالتالي لقيام
المسؤولية عن هذه األضرار ،522غير أن الحكم يختلف إذا تسبب المالك في أضرار غير مألوفة،
حيث يعتبر غلوا من جانبه في استعمال حقه مما يؤدي إلى إثارة مسؤوليته عن مضار الجوار غير
- 519أحمد الصويعي شليبك ،التعسف في استعمال الحق بقصد اإلضرار بالغير أو لتحقيق مصلحة غير مشروعة
في الشريعة و القانون ،مجلة الشريعة و القانون ،العدد ،71أبريل ،4008ص.77 :
- 520فتحي الدريني ،نظرية التعسف في استعمال الحق في الفقه اإلسالمي ،م.س ،ص.747 :
- 521محمد رياض ،التعسف في استعمال الحق على ضوء المذهب المالكي والقانون المصري ،بمراكش ،الطبعة
األولى ،ص.78 :
- 522تنص المادة 75من مدونة الحقوق العينية ":ليس للجيران أن يطالبوا بإزالة مضار الجوار المألوفة التي يمكن
تجاوزها و إنما لهم أن يطالبوا بإزالة المضار التي تتجاوز الحد المألوف."..
P 323 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
المألوفة ،523لذلك فإننا سنقتصرعلى مضارالجوارفي الملكية العقارية الخاصة(ثانيا) ،على أن
نخصص (أوال) لمضارالجوارفي الملكية العقارية المشتركة.
لقد نص المشرع المغربي في مدونة الحقوق العينية على الملكية المشتركة 524بحيث نظم
قواعد متعلقة بالشياع وكذا الحائط المشترك ثم الطريق الخاص المشترك ،ولكون هاذين
األخيرين لهما عالقة بموضوع بحثنا فوجب التطرق إليهما:
-1الحائط المشترك:
يقصد بالحائط المشترك كل جدار ارتفع على الخط الفاصل بين ملكين متجاورين سواء
كان هذا المكان عبارة عن بنائين أو بقعتين أو أرضيتين أو حديقتين أو مسورتين سواء كان ذلك
كله في البادية أو الحواضر ،525ولقد اعتبرت مدونة الحقوق العينية في مادتها 28بأن كل حائط
فاصل بين عقارين يعد مشتركا بينهما إلى نهاية خط االشتراك ما لم يقم الدليل على خالف ذلك،
وعليه وتجنبا ألي مضايقة من طرف الجارعلى جاره ،فقد وضع المشرع المغربي عدة قواعد البد
من مراعاتها بين الجيران526.
و ليس للشريك في الحائط المشترك أن يتصرف فيه بإقامة بناء أو منشآت عليه إال
بمو افقة شريكه ،527ومع ذلك إذا كانت ألحد الشريكين مصلحة جدية ومقبولة في تعلية الحائط
المشترك فإن له أن يعليه بشرط أن يتحمل وحده نفقات التعلية وصيانة الجزء المعلى 528وأن
يقوم بما يلزم لجعل الحائط يتحمل زيادة األعباء الناشئة عن التعلية دون أن يفقده ذلك شيئا
من متانته على أن ال يلحق ذلك ضررا بجاره ،فإذا لم يكن الحائط المشترك صالحا لتحمل
- 523ينص الفصل 84من قانون االلتزامات و العقود على أنه ":و مع ذلك ،ال يحق للجيران أن يطالبوا إزالة
األضرار الناشئة عن االلتزامات العادية للجوار ،كالدخان الذي يتسرب من المداخن ،و غيره من المضار التي ال
يمكن تجنبها و التي ال تتجاوز الحد المألوف".
- 524الفصول من 44إلى 73من مدونة الحقوق العينة.
- 525محمد ابن معجوز ،الحقوق العينية في الفقه اإلسالمي و التقنين المغربي ،م.س ،ص.31 :
-526تنص المادة 33من م.ح.ع على أنه ":ال يجوز لمالك عقار أن يفتح في حائط مالصق لملك جاره نوافذ أو
شبابيك أو أي فتحات مماثلة إال برضى صاحب الملك المجاور".
- 527طبقا للمادة 70من مدونة الحقوق العينية ،فإنه ":ليس للشريك في الحائط المشترك أن يتصرف فيه بإقامة بناء
أو منشآت عليه إال بموافقة شريكه مع مراعاة القوانين و األنظمة".
-و هو ما يمكن استنتاجه أيضا من مقتضيات المادة 33من م.ح.ع ،التي جاء فيها ":ال يجوز لمالك عقار أن يفتح
في حائط مالصق لملك مجاور نوافذ أو شبابيك أو أي فتحات مماثلة إال برضى صاحب الملك المجاور".
- 528عبد المنعم البداوي ،حق الملكية بوجه عام وأسباب كسبها ،المطبعة العربية الحديثة القاهرة ،طبعة ،5877ص:
.577
P 324 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
التعلية فعلى من يرغب فيها من الشركاء أن يعيد بنائه كله على نفقته وحده بشرط أن تقع زيادة
سمكه في أرضه ويظل الحائط في غير الجزء المعلى مشتركا دون أن يكون لمن أحدث التعلية أي
حق في التعويض529.
و ليس للجارأن يجبرجاره على التنازل له عن حصته في الحائط أو األرض التي أقيم عليها،
غير أنه في حالة التعلية يمكن للجار الذي لم يساهم في نفقتها أن يصبح شريكا في الجزء المعلى
إذا دفع نصيبه في نفقات التعلية وفي قيمة األرض التي تقع عليها زيادة السمك530.
يعتبر الطريق الخاص المشترك بين الجيران ملك مشاع بين من لهم حق المرور فيه 531وال
يجوز ألحدهم أن يحدث فيه شيئا سواء كان مضرا أو غير مضر إال بإذن من باقي الشركاء طبقا
للمادة 32من م.ح.ع ،532وال يجوزلهم أيضا أن يطلبوا القسمة وال أن يتفقوا على تفويته مستقبال
وليس لهم أن يسدوا مداخله ما لم يقع االستغناء عنه533.
و عليه فإذا أغلق أحد الشركاء في الطريق المشترك بابه المفتوح عليه فال يسقط بذلك
حقه في المرور فيه ويجوز له ولخلفه من بعده أن يعيد فتحه من جديد طبقا للمادة 34من
م.ح.ع534.
وإذا كان األصل أن الطريق الخاص المشترك ال يثبت حق المرور فيه واستعماله إال
ً
استثناء يمكن للمارة أن يمروا منه في حالة الضرورة كما إذا وقعت في الطريق ألصحابه ،فإنه
- 529جاء في الفقرة الثانية من المادة 70من مدونة الحقوق العينية ،أنه ":و مع ذلك إذا كانت ألحد الشريكين مصلحة
جدية و مقبولة في تعلية الحائط المشترك فإن له أن يعليه يشرط أن يتحمل وحده نفقات التعلية و صيانة الجزء المعلى
و أن يقوم بما يلزم لجعل الحائط يتحمل زيادة األعباء الناشئة عن التعلية دون أن يفقده ذلك من متانته على أال يلحق
ذلك ضررا بجاره".
- 530زيد قدري الترجمان ،نظرية التعسف في استعمال الحق و تطبيقها في حقل الملكية العقارية ،م.س ،ص.511 :
- 531على خالف الطريق العام الذي هو مخصص للمنفعة العامة ،بحيث يثبت حق االنتفاع به و استعماله ألي
شخص شرط أال يحدث فيه أي ضرر.
-كريمة بلعباس ،االرتفاقات بالمرور ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص ،وحدة التكوين
و البحث في القانون المدني المعمق ،كلية العلوم القانونية و القتصادية و االجتماعية أكدال -جامعة محمد الخامس –
الرباط ،السنة الجامعية ،4007/4003ص.71 :
- 532حيث جاء فيها ما يلي ":الطريق الخاص المشترك ملك مشاع بين من لهم حق المرور فيه وال يجوز ألحدهم
أن يحدث فيه شيئا ،سواء أكان مضرا أو غير مضر إال بإذن من باقي شركائه".
- 533تنص المادة 77من م.ح.ع .على أنه ":ال يجوز للشركاء في الطريق المشترك أن يطلبوا قسمته وال أن يتفقوا
على تفويته مستقال و ليس لهم أن يسدوا مدخله ما لم يقع االستغناء عنه.
كما ال يجوز ألحدهم التصرف في حصته في الطريق إال تبعا لتصرفه في العقار المملوك له".
- 534حيث جاء فيها ما يلي ":إذا أغلق أحد الشركاء في الطريق المشترك بابه المفتوح عليه فال يسقط بذلك حفه في
المرور فيه و يجوز له و لخلفه من بعده أن يعيد فتحه من جديد".
P 325 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
العام حادثة تعيق المرور فيه ،535وبطبيعة الحال المصاريف الضرورية إلصالح وتعبيد الطريق
المشترك بين الجيران يتحملها الشركاء كل منهم بنسبة حصته فيه ،وإذا رفض أحدهم المساهمة
في المصاريف جاز لباقي الشركاء إصالح الطريق ومطالبته قضائيا بأداء ما يجب عليه من هذه
المصاريف طبقا للمادة 36من مدونة الحقوق العينية.
قد يقوم المالك في تحويط ملكه فيترتب على ذلك من الناحية العلمية أن يقوم حائط
فاصل بينه وبين ملك جاره ،وفي هذه الحالة يكون هذا الحائط ملكا خالصا للمالك الذي أقامه
ويكون له من تم حق استعماله والتصرف فيه وال يجوز للجار أن يجبره على النزول عن جزء من
هذا الحائط أو من األرض التي أقيم عليها أو أن يطلب مشاركته في ملكية هذا الحائط536.
ويترتب على هذه الملكية أنه يحق لصاحبه أن يستعمله ويستغله ويتصرف فيه كيفما شاء
وال يقيده في ذلك سوى احترام القوانين واألنظمة الجاري بها العمل ،وال يمكن له فتح مطالت أو
شرفات في حائطه إال باحترام المسافات املحددة قانونا.
إضافة إلى ذلك فقد أورد المشرع قيدا هاما على حق المالك في التصرف في جداره رعاية
لمصلحة صاحب الملك املجاوروتجنبا للضررالذي قد يلحق به من جراء استعماله لحقه وذلك
في الفقرة األولى من المادة 76من م.ح.ع ،إذ جاء فيها" :يحق للمالك أن يسور ملكه على أن ال
يحول ذلك دون استعمال مالك عقارمجاورلحقوقه ،وال يجوزله أن يهدم الحائط المقام مختارا
دون عذرقوي إذا كان هذا يضربالجارالذي يستترملكه بهذا الحائط".
ف المشرع وإن أعطى للمالك الحرية في تسوير ملكه وبناء حائط يحيط به ،فإنه منع من
هدم هذا الحائط المقام مختارا إذا كان من شأن هذا الهدم إلحاق ضرربالجار ،أما إذا لم يترتب
عن الهدم ضرر ،فال يجوز لهذا األخير االعتراض عن الهدم وال يحق له أن يطالبه بإعادة بنائه
- 535تنص المادة 71من م.ح.ع،على أنه ":ال يسوغ لغير الشركاء في الطريق المشترك فتح أبواب عليه أو المرور
فيه ،و مع ذلك يجوز للمارة في الطريق العام الدخول إلى الطريق الخاص المشترك عند الضرورة".
- 536محمد شكري سرور ،موجز تنظيم حق الملكية في القانون المدني المصري ،دون طبعة ،دار النهضة العربية
للطباعة و النشر و التوزيع ،القاهرة ،4000 ،ص.474 :
P 326 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
بحجة أنه كان يستره ،ألنه ليس ملزما بستر جاره ،537كما قد يرغم المالك على هدم هذا الجدار
إذا كان مائال لسقوط و كان يهدد المارة أو الجار بالسقوط عليهم538.
ويجوزلصاحب الجدارأن يقوم بهدمه إذا كان له عذرقوي يسمح له بذلك وتقديرالحاجة
أو العذرأمرمتروك لقاض ي الموضوع حسب ظروف كل حالة ،539وهكذا فإن هدم المالك الجدار
في األحوال التي يبيح له فيها القانون ذلك ،لم يكن ملزما بتعويض الجارعن أي ضرريلحق به من
جراء الهدم ،وال يكون عليه بعد ذلك إعادة البناء ،إذ أن حق المالك المستتر بالحائط ال يعتبر
حق ارتفاق إذ ال يوجد اعتداء ما من جانب المالك ،فهو ليس له من الحائط سوى االنتفاع
ئ من وجوده540. السلبي الناش
و ً
بناء على ما سبق ،فإن المشرع قد رتب على المالك الحائط التزاما باالمتناع عن الهدم،
خروجا عن األصل العام الذي يقض ي بأن للمالك أن يتصرف في ملكه كيفما شاء تصرفا قانونيا
أوماديا ،فمنع هدم هذا الحائط المملوك ملكية خاصة هوقيد هام على حق الملكية وذلك تجنبا
إللحاق الضرربصاحب الملك املجاور.
وما تجدر اإلشارة إليه أن حق الجار فيما يتعلق بالجدار الفاصل المملوك ملكية خاصة
لجاره يقتصرفقط على مجرد االستتاربه ،541ولذلك فال يجوزله أن يجبرجاره على التنازل له عن
جزء من هذا الحائط أو من األرض التي أقيم عليها الحائط أو أن يطلب مشاركته فيه.
وهذا بخالف ما ذهب إليه القانون المدني الفرنس ي بحيث يرغم مالك الجدارالو اقع على
حدود عقاره على أن يستجيب لطلب جاره الرامي إلى قبوله شريكا في ذلك الجدارفيما إذا أدى له
نصف قيمته ونصف قيمة األرض التي أقيم عليها542.
كما ال يجوز له أن يستند إليه ببناء أو أخشاب أو غير ذلك مما يتضمن أي صورة من صور
االعتداء على الملكية ،وإال كان لمالكه الحق في وقف هذا االعتداء ،وال يتمكن من ذلك إال بناء
على اتفاق مع المالك ،وهذا خالف لما هو مقررفي الشريعة اإلسالمية ،فعن أبي هريرة رض ي الله
- 537عبد النعم البدراوي ،حق الملكية بوجه عام و أسباب كسبها،م.س ،ص.571 :
- 538محمد ابن معجوز ،الحقوق العينية في الفقه اإلسالمي التقنين المغربي ،م.س ،ص.507 :
- 539عبد المنعم البدراوي ،حق الملكية بوجه عام و أسباب كسبها ،م.س ،ص.574 :
- 540سكينة بنجاللي ،رفع مضار الجوار وفق مدونة الحقوق العينية و أحكام الفقه اإلسالمي ،م.س ،ص.40 :
- 541عبد المنعم البدراوي ،حق الملكية بوجه عام و أسباب كسبها ،م.س ،ص.571 :
- 542عبد الباسط زين الدين ،مضار الجوار على ضوء مدونة الحقوق العينية و العمل القضائي ،بحث لنيل دبلوم
ماستر متخصص،جامعة موالي إسماعيل ،السنة الدراسية ،4051/4057 :ص.58 :
P 327 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
عنه ،أن النبي (ص) قال ":ال يمنع جار جاره أن يغرز خشبه في جداره" ،ثم يقول أبي هريرة رض ي
الله عنه" :مالي أراكم عنها معرضين و الله ألرمي نبها بين أكتافكم" ،543وعن ابن عباس قال :قال
رسول الله(ص "):ال ضرر و ال ضرار ،و للجار أن يضع خشبه في حائط جاره ،و إذا اختلفتم في
الطريق فاجعلوه سبعة أذرع"544.
فهذه األحاديث يجيز فيها الرسول(ص) االنتفاع بملك الجار ،فقد يحتاج الجار إلى حائط
جاره ليضع السقف ،فيسند أو يغرز خشبه في جدار جاره ،ألن ذلك أيسر له من أن يبني جدارا
لهذا الغرض545.
و يشترط إلعمال هذا الحكم أال يؤدي إسناد الخشب في جدارالجارإلى اإلضراربهذا الجار،
كما إذا كان هذا الحائط ال يحتمل اإلسناد ،كما أن السماح للجارباالنتفاع بملك جاره ينطبق في
الحالة التي ال يكون فيها للجارأي خيار آخرسوى إسناد الخشب على جدارجاره ،546ألن انتفاعه
والحالة هذه ،ما هو إال استثناء من األصل الذي يقض ي باختصاص صاحب الملك وحده بملكه،
األمر الذي يمكن اعتباره قيد على حق الملكية دفعا للضرر الذي يجعل للجار إذا لم يستعمل
جدار جاره السيما التكلفة الزائدة إذا ما اضطر إلى بناء جدار في ملكه ألجل هذا الغرض ،ولهذا
فإذا كان الجارفي غنى عن إسناد خشبه على جدارجاره أي أنه يملك وسائل أخرى لذلك ،فال يجوز
له ذلك ألنه انتفاع بملك الغير من غير حاجة547.
المبحث الثاني :موقف االجتهاد القضائي من نظرية التعسف في استعمال الحق من خالل
مدونة الحقوق العينية العقارية.............
تجدر اإلشارة إلى أن القضاء المغربي قد استقر على أن الضرر القابل لرفعه هو الضرر
الغيرمألوف أما غيره من األضرارالمألوفة فإنها غيرقابلة لرفعها ،548وهو ما جاء في قرارللمجلس
- 543أخرجه ابن ماجة ،كتاب األحكام رقم ،4771والبخاري كتاب المظالم رقم ،4437والترمذي ،كتاب األحكام
رقم .5717
- 544أخرجه ابن ماجة في سننه ،كتاب األحكام ،رقم ،4775واإلمام أحمد في كتاب مسند األنصار ،رقم ،45754
واإلمام مالك في الموطأ ،كتاب األفقية رقم .5474
- 545رشيد شمشيم ،التعسف في استعمال الملكية العقارية ،م.س ،ص.84 :
- 546رشيد شمشيم ،التعسف في استعمال الملكية العقارية ،م.س ،ص.81 :
- 547رشيد شمشيم ،التعسف في استعمال الملكية العقارية ،م.س ،ص.83 :
- 548وهو ما جاء في حكم للمحكمة االبتدائية بتمارة ":حيث أن مؤدى نص المادتين 85و 84من قانون االلتزامات
والعقود أن للجيران الحق في إقامة دعوى لرفع األضرار التي يتظلمون منها متى تجاوزت الحد المألوف.
P 328 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
األعلى رقم 21صادر بتاريخ "،21/1/1976إن الضرر الذي يحق للشخص أن يطالب برفعه إذا
تو افرت إحدى حاالت التعسف في استعمال الحق المنصوص عليه في الفصلين 91و 92هو
الضرر املحقق وبأن يكون قد وقع فعال ،أو وقعت أسبابه وترامت آثاره في المستقبل"549.
يحق لكل مالك في الحائط المشترك أن يقيم بناء بجانب هذا الحائط وأن يعزز ركائز في
عرض الحائط المذكور كله شرط أن يترك من سمكه 55مليمترا تقريبا مع مراعاة حق الجار في
الحالة التي يرغب فيها وضع ركائزفي المكان نفسه أو إسناد مدخنة إلى الحائط ،في إلزام جاره برد
الركائزإلى منتصف سمك الحائط ،550وهذا ما أكده القرارالصادرعن محكمة النقض الذي أيد
القرارالصادرعن محكمة االستئناف بتازة رقم 28الصادربتاريخ ،27/02/2012القاض ي بتأييد
الحكم االبتدائي عدد 39بتاريخ 24/02/2011في الملف رقم ،195/2008/11والذي حكم على
المدعى عليه بإزالة الحائط املحدث فوق نصف الحائط المشترك للمدعية ،حيث بنا المدعى
عليه فوق الحائط المشترك أكثرمن طابق دون أن يترك نصف مساحة عرض الحائط المشترك،
حيث جاء في إحدى حيثيات القرار ما يلي ":واملحكمة في إطارسلطتها التقديرية لما اعتمدت على
ما تمت معاينته أثناء الوقوف على عين المكان وتقرير الخبير المنتدب من طرفها وتأكدت من
الضرر المدعى به وعللت قضائها بأنه (تأكد من تقرير الخبرة والوقوف على عين المكان صحة ما
تدعيه المدعية من أن المدعى عليه "المستأنف" أضاف طوابق علوية على حساب نصف
الحائط المشترك بينهما والتابع لعقار المدعية ..وحرمها من استغالل نصف الحائط المشترك
الذي يدخل ضمن حدود عقارها ،وأن ما عابه المستأنف على تقريرالخبرة ومحضرالوقوف على
عين المكان غير وجيه وال أساس له من الو اقع وال القانون ،وأن الحكم االبتدائي بنا قضاؤه على
علل قانونية سليمة وأحاط بالنازلة من جانبها الو اقعي والقانوني ،مما يتعين معه تأييده) ،األمر
551. الذي كان معه القرارغيرخارق للمنسوب إليه خرقه"
وفي تحفة ابن عاصم :ومحدث ما فيه للجار من ضرر محقق من غير نظر ،وحيث إن الحاصل من المقتضيات
القانونية والفقهية السالفة الذكر أن الضرر يزال و المقصود بالضرر الذي يزال هو الضرر الذي يتجاوز الحد
المألوف الذي يتأذى منه الجار"،
-المحكمة االبتدائية بتمارة ،حكم رقم ،47بتاريخ 04فبراير ،4054ملف رقم .47/50/408غير منشور.
- 549قرار مشار إليه في حكم صادر عن ابتدائية الفقيه بن صالح تحت عدد 07/503بتاريخ ،4007/07/04
ملف عدد ، 4001/440أورده عبد العالي آيت بلحاج ،دعوى رفع مضار الجوار في ضوء مدونة الحقوق العينية
والعمل القضائي ،منشورات المجلة المغربية للدراسات واالستشارات القانونية ،ص.41 :
- 550عبد الكريم شهبون ،الشافي في شرح مدونة الحقوق العينية الجديدة وفق القانون رقم ،01.78الطبعة
األولى ،مطبعة الرشاد ،سطات ،4051 ،ص.541 :
- 551قرار محكمة النقض عدد 3/14في الملف عدد ،4054/3/7100صادر بتاريخ ،4054/04/4أورده عبد
الباسط زين الدين ،مضار الجوار على ضوء مدونة الحقوق العينية والعمل القضائي ،م.س ،ص.54 :
P 329 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
باإلضافة إلى ما سبق يمكن التأكيد على أنه ال يحق ألحد جيران الحائط المشترك أن يقوم
بهدمه إال بمو افقة مالكيه ،وفي هذا الصدد صدر قرار عن محكمة النقض ،قض ي بتأييد القرار
االستئنافي عدد 1837الصادرعن محكمة االستئناف بالدارالبيضاء في الملف رقم 1713/2010
بتاريخ ،20/06/2011والذي أيد الحكم االبتدائي القاض ي بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه وذلك
بإعادة بناء الجدار الفاصل بين إقامتي القصر والحرية بالطابق األرض ي ،حيث جاء في أحد
حيثياته ردا على وسيلة النقض المثارة ما يلي ":لكن حيث إن الفقرة 8من القانون 18.00
المتعلق بنظام الملكية المشتركة ،ولما كان من الثابت من خبرة ( )...المنجزة بالملف ،أن
الطاعنة قامت بهدم الجدار الفاصل بين املحلين التجاريين العائدين إلقامة الحرية و إقامة
القصر على طول 19،20متر مخصوم منه حوالي 3،65متر مخصصة للعوارض فإن محكمة
االستئناف حين اعتبرت أن ما قامت به الطاعنة فيه خرق للمادة 4من القانون 18.00552يكون
553. قرارها مرتكزا على أساس قانوني سليم"
ولما كان الطريق الخاص المشترك مملوكا ملكية مشتركة بين مجموعة من المالك ،فإنه
يحق لهم جميعا االنتفاع به واستعماله ،وال يجوز ألحد الشركاء في الطريق الخاص المشترك منع
باقي الشركاء من االنتفاع به واالنفراد به ،ما دام أنه مشترك بين جميع الشركاء ،554إال أن يثبت
عكس ذلك ،وهو ما ذهبت إليه ابتدائية مراكش في حكم لها حيث جاء فيه ":وفي غياب كل حجة
مقبولة تثبت تملك المدعي " لصابة" موضوع النزاع وتمنحه بهذه الصفة سلطة مطلقة في
التصرف فيها واستغاللها بمفرده فإن هذه األخيرة تبقى في حكم الطريق المشترك بينه وبين
- 552القانون رقم 51.00المتعلق بنظا م الملكية المشتركة للعقارات المبنية ،الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم
481.04.5صادر في 41من رجب 7( 5447أكتوبر )4004ج ر ع 1014بتاريخ 4رمضان 7 ( 5447
نوفمبر ،)4004ص ،7571 :كما ثم تعديله بالقانون رقم 503.54الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 5.53.48
بتاريخ 58من رجب 47 ( 5477أبريل ،)4053الجريدة الرسمية عدد 3431من 8شعبان 53 ( 5477ماي
،)4053ص.7715 :
- 553قرار محكمة النقض عدد 4/570في الملف المدني عدد ،4054/4/5/4411بتاريخ 4057/07/01ن
أورده عبد الباسط زين الدين ،مضار الجوار على ضوء مدونة الحقوق العينية والعمل القضائي،م.س ،ص 51 :و
.53
- 554وهو ما قضت به محكمة النقض في أحد قراراتها ،حيث جاء فيه ما يلي ":تعتبر الطريق عمومية متى ثبت
أنها تستعمل من طرف العموم ،ولو كانت صالحة لمرور السكان والدواب فقط.
لما ثبت للمحكمة أن موضوع الدعوى يتعلق بمسرب بعرض متر ونصف صالح لمرور الدواب والسكان وأن
الطالب قام بغلقه عن طريق زرع نبات الصبار ،فقضت بإعادة فتحه ،يكون قرارها مطابق للقانون ومرتكزا على
أساس".
-قرار صادر عن محكمة النقض بتاريخ 54/08/41تحت عدد 4551في الملف المدني عدد ،54/1/5/371
منشور بمجلة القضاء والقانون عدد ،534ص 417:وما يليها.
P 330 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
المدعى عليه ما يفقده كل أحقية في حرمان هذا األخيرمن استعماله كطريق خاص إلى منزله"،555
كما ذهبت محكمة االستئناف بالرباط في قرار لها ،556بأنه ":إذا ثبت أن الممر الذي يوجد بأرض
المستأنفين هو الممر الوحيد للطرف المستأنف عليه للولوج إلى أرضه أو الطريق العمومية،
فإن هذا األمريعطيه الحق في استعماله ويتعين االستجابة لطلب إعادة فتحه".
كما أنه ال يجوزللشركاء في الطريق الخاص المشترك قسمته أو تفويته طبقا للفقرة األولى
من المادة 33من م.ح.ع ،وهو ما أكدته استئنافية الناظور في أحد قراراتها ،557والذي جاء
فيه...":وحيث أنه استنادا إلى كون الزقاق مشترك بين األطراف ،ال يملك أمرالتصرف فيه لوحده
إال بمو افقة كافة المستفيدين منه."...
ويالحظ أن محاكم الدرجة األولى كلما تعلق األمر بالملكية المشتركة فإنها تستند في رفع
الضررإلى مدى فاحشة الضررومدى ثبوته وكونه غيرمألوف وال تبحث في مدى المساس باألجزاء
المشتركة ،هذا ما يؤكده الحكم الصادر باملحكمة االبتدائية بتمارة ،الذي قض ى على المدعى
عليه برفع الضررالالحق بالمدعي وذلك بإزالة البناء الخلفي والبناء الداخلي للعمارة الكائنة وذلك
استنادا للحيثية التالية:
إال أن املجلس األعلى – محكمة النقض حاليا -ذهب في اتجاه مخالف مؤكدا على أن مجرد
كون المدعي شريكا في العقار الخاضع للملكية المشتركة يخول له الحق في المطالبة بإزالة ما
- 555حكم صادر عن ابتدائية مراكش رقم ،107بتاريخ ،4008/04/57في الملف المدني عدد ،804 /08/07
أوردته سكينة بنجاللي ،رفع مضار الجوار في مدونة الحقوق العينية و أحكام الفقه اإلسالمي ،م.س ،ص.47 :
- 556قرار صادر عن محكمة االستئناف بالرباط بتاريخ 08/50/07تحت عدد 700في الملف المدني عدد
،3/07/75أورده محمد بفقير ،مدونة الحقوق العينية والعمل القضائي المغربي ،منشورات دراسات قضائية ،سلسلة
القانون والعمل القضائي المغربيين ،العدد العاشر ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،4057 ،ص.554 :
- 557قرار صادر عن استئنافية الناظور رقم ،118بتاريخ ،4053/55/48في الملف عدد ،53/5405/734
أورده خالد المنصوري ،رفع مضار الجوار في ضوء النصوص القانونية والعمل القضائي ،م.س ،ص.54 :
- 558حكم رقم 47صادر عن ابتدائية تمارة ،بتاريخ 04فبراير 4054في الملف المدني رقم ،47/50/408
أورده عبد العالي آيت بلحاج ،دعوى رفع مضار الجوار غير المألوفة في ضوء مدونة الحقوق العينية والعمل
القضائي ،م.س ،ص.47 :
P 331 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
أحدث من بناء مخالف للتصميم أو أي تغييرفي األجزاء المشتركة ،وذلك بصرف النظرعن وجود
الضرر من عدمه"559.
خاتمة :
إن نظرية التعسف في استعمال الحق كما يتبين لنا هي نظرية مهمة وضرورية ،باعتبارها
عرفت منذ وجود البشرية الحاضرة أي منذ نشأة القانون لينظم الحياة داخل املجتمع.
فقد عرفتها مدونة حمو رابي وعرفها الرومان كما عرفتها الشريعة اإلسالمية في شكل
متطور ومتقدم ،وكذلك في القوانين القديمة كالقانون الفرنس ي القديم ،وفي العصر الحديث
نجد أغلب التشريعات المعاصرة قننت مبادئها ونصت على أحكامها ،هذا من جهة ومن جهة
أخرى ،نجدها باسطة نفوذها على أغلب فروع القوانين ،المدني والعقاري والتجاري واالجتماعي،
بل أكثرمن ذلك فإننا نجد صداها في السلطة ،وهي ضرورية ألنه لوالها لسادة الفوض ى في الحياة
العامة ولحت المظالم و انتشرالطغيان ،ذلك أن كل صاحب حق يصبح يستعمل حقه على النحو
الذي يرغب ويلحق الضرر األذى بغيره بدون رقيب وال حسيب مدعيا أنه إنما يستعمل حقا
مشروعا منحه إياه القانون .
فال يجوزبأية صورة تضييق هذا الحق أوالحد منه ولذلك البد من راع قانوني يوقف نزوات
أصحاب الحقوق المستهترين ويحد ممن يتجاوز حقوقه ويس يء إلى الغير بحجة استعماله لحق
مقررله قانونا.
ولهذا نرى التشريع والقضاء والفقه مجتمعين على األخذ بمبدأ التعسف في استعمال
الحق ،ولكن الخالف بين التشريعات ووجهات نظر الفقهاء تمكن في تأسيس هده النظرية فمنهم
من أسسها على فكرة نسبية الحقوق ،ومنهم من أسندها إلى فكرة نية األضرار ومنهم من أسسها
على فكرة استعمال الحق في غير ما أعدله ،وأخيرا منهم من بناها على فكرة الخطأ في استعمال
الحق ،ولكن يبقي أوسع مجال لتطبيق نظرية التعسف هو حقل الملكية العقارية خصوصا أن
أول ما نظرالقضاء الفرنس ي في مبدأ التعسف كان ذلك في حقل الملكية العقارية ،يخلق إشكالية
كبرى ألن حق الملكية هو أوسع الحقوق نطاقا فهو يخول لصاحبه جميع السلطات الممكنة على
العقار المملوك له ،ومنها سلطة استعمال الش يء للحصول على مزاياه ومنافعه وسلطة
- 559قرار صادر عن المجلس األعلى تحت عدد ،4115بتاريخ ،4055/50/41في الملف المدني عدد
،4055/1/5054منشور في مجلة قضاء محكمة النقض ،عدد ،71ص 77 :وما بعدها.
P 332 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
استغالله واالستفادة من ريعه وسلطة التصرف فيه ببيعه أو هبته ،وهذه السلطات ليست
مطلقة من كل قيد ،فحق الملكية بعد أن كان حقا فرديا مطلقا ومقدسا أصبح ينظر إليه على
اعتبار أنه حق ذو وظيفة اجتماعية فترد عليه عدة قيود تكبح من جماح المالك حتى ال ينحرف
في استعمال حقه عن الهدف المشروع ،وتمنع إلحاق الضرربالغير.
إن معالجة موضوع التعسف في استعمال الحق وفق مدونة الحقوق العينية واالجتهادات
القضائية ،اقتض ى مني البحث الدقيق في اآلراء الفقهية واالطالع الواسع في االجتهادات القضائية
على مستوى مختلف درجاتها ،إلى جانب التمحيص الدقيق في النصوص القانونية ،األمر الذي
مكننا من خالله الخروج بمجموعة من االقتراحات عبارة عن توصيات من شأنها اإلسهام في وضع
قواعد جديدة ،وذلك بغية تجاوز اإلشكاالت التي تعيق معالجة المنازعات ذات الصلة بنظرية
التعسف ،وذلك وفق الشكل التالي:
-إعادة النظر في النصوص القانونية التي تنظم مضار الجوار غير المألوفة من خالل
اعتماد صياغة قانونية واضحة بعيدة عن اللبس والغموض.
-وضع تحديد دقيق لنطاق مضار الجوار غير المألوفة لم من شأن ذلك أن يساهم في
حل اإلشكاالت التي تثيرها المنازعات المثارة أمام القضاء والمتعلقة أضرار بمسألة
الجوارغيرالمألوفة.
-إن حق الملكية وعلى األخص الملكية العقارية هو أوسع مجال لحدوث التعسف في
استعماله ،وبالتالي تطبيق األحكام والمبادئ المتعلقة بنظرية سوء استعمال الحق،
وحق الملكية يخول صاحبه سلطة تامة على محل الحق فله أن يستغله ويتصرف فيه
بطريقة مطلقة ،ورغم هذا اإلطالق فقد وضع له الفقه والقضاء منذ القدم قيود ،
ولكن مع األسف لم ينص على مبدأ التعسف في استعمال الحق في الملكية في التشريع
العقاري المغربي ،و إنما تطرق لها وطبق مبادئها في حدود معينة ،ولم يتعرض لها بنص
خاص كما فعل نظيره المشرع المصري ،مما على المشرع التدخل تخصيص نصوص
قانونية لهاته النظرية في مدونة الحقوق العينية.
وفي الختام أسأل الله العظيم أن يتقبل مني هذا العمل الذي ال أدعي فيه الكمال ،فهو
مجرد عمل إنسان ،سمته القصور ،إذ ال كمال إال لكتاب الله ،وال عصمة إال لنبيه الكريم ،وأسأل
P 333 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
الله التوفيق والسداد ،واالبتعاد عن الزلل ،فإن أصبت فمن الله سبحانه وتعالى ،وإن أخطأت
فحسبي أجراملجتهد ،وبالله التوفيق.
الئحة المراجع:
الكتب القانونية:
أحمد الصويعي شليبك ،التعسف في استعمال الحق بقصد اإلضرار بالغير أو
لتحقيق مصلحة غيرمشروعة في الشريعة و القانون ،مجلة الشريعة و القانون ،العدد ،31أبريل
.2119
أناس منير ،مدى أحقية املحكمة في إجبار المشتري بتقييد شرائه ليمارس
الشريك حق الشفعة ،املجلة المغربية للدراسات العقارية والطبوغر افية – إصدارات الجمعية
الوطنية ألطر الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية -العدد األول
.2111
رشيد شمشيم ،التعسف في استعمال الملكية العقارية ،دراسة مقارنة بين
القانون الوضعي و الشريعة اإلسالمية ،دارالخلدونية ،الجزائر ،الطبعة األولى .2119
عبد الرحمان بلعكيد ،الهبة في المذهب والقانون –دراسة للهبة وما يتصل بها
من صدقة وحبس وعمرى -..الطبعة األولى1417 ،ه1997/م.
عبد الرزاق أحمد السنهوري ،الوسيط في شرح القانون المدني الجديد ،الجزء
األول ،املجلد الثاني ،الطبعة الثالثة ،منشورات الحلبي الحقوقية ،بيروت-لبنان.
عبد الرزاق السنهوري ،الوسيط في شرح القانون المدني الجديد ،أسباب كسب
الملكية ،املجلد األول ،الطبعة الثالثة ،منشورات الحلبي الحقوقية ،بيروت-لبنان ،-سنة .2111
عبد العالي آيت بلحاج ،دعوى رفع مضارالجوارفي ضوء مدونة الحقوق العينية
والعمل القضائي ،منشورات املجلة المغربية للدراسات واالستشارات القانونية.
عبد الكريم شهبون ،الشافي في شرح مدونة الحقوق العينية الجديدة وفق
القانون رقم ،11.39الطبعة األولى ،مطبعة الرشاد ،سطات.2115 ،
P 334 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
العربي محمد مياد تأمالت في مقتضيات الفصل 9من ظهير 19رجب 1333
المو افق ل 12يونيو 1915املحدد للتشريع المطبق على العقارات املحفظة مجلة القانون
المغربي الطبعة 2115عدد 17أبريل .2111
عبد الكريم شهبون ،الشافي في شرح مدونة الحقوق العينية الجديدة وفق
القانون رقم ،39.11الطبعة األولى.14./1436 ،
عبد المنعم البداوي ،حق الملكية بوجه عام و أسباب كسبها ،المطبعة العربية
الحديثة القاهرة ،طبعة .1973
عبد المنعم فرج الصدة ،الحقوق العينية األصلية ،دراسة في القانون اللبناني و
القانون المصري ،دارالنهضة العربية للطباعة و النشر ،بيروت ،طبعة .1912
مأمون الكزبري ،التحفيظ العقاري و الحقوق العينية األصلية والتبعية في ضوء
التشريع المغربي،الجزء الثاني،الحقوق العينية األصلية و التبعية ،شركة الهالل العربية
للطباعة و النشر،الرباط ،الطبعة الثانية .1917
محمادي لمعكشاوي ،املختصر في شرح مدونة الحقوق العينية الجديدة على
ضوء التشريع والفقه والقضاء (قانون رقم،)39.11 :الطبعة األولى،مطبعة النجاح الجديدة –
الدارالبيضاء ،-الطبعة األولى 1434ه2113 /م.
محمد الحبيب التجكاني ،نظام التبرعات في الشريعة اإلسالمية ،دراسة تأصيلية
عن اإلحسان االختياري ،الدراسات التشريعية ( ،)2دارالنشرالمغربية 1413 ،ـ .1913
محمد السعيد جعيصة ،قيود الملكية الوارد لحماية المصلحة الخاصة ،مجلة
الميادين ،كلية العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية ،وجدة سنة .1916
محمد بفقير ،مدونة الحقوق العينية والعمل القضائي المغربي ،منشورات
دراسات قضائية ،سلسلة القانون والعمل القضائي المغربيين ،العدد العاشر ،مطبعة النجاح
الجديدة ،الدارالبيضاء.2117 ،
P 335 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
محمد خيري ،مستجدات قضايا التحفيظ العقاري في التشريع المغربي ،مطبعة
المعارف الجديدة ،الرباط ،سنة .2113
محمد رياض ،التعسف في استعمال الحق على ضوء المذهب المالكي و القانون
المصري ،المطبعة والور اقة بمراكش ،الطبعة األولى ،سنة .1992
محمد ابن معجوز ،الحقوق العينية في الفقه اإلسالمي التقنين المغربي.
محمد شكري سرور ،موجزتنظيم حق الملكية في القانون المدني المصري ،دون
طبعة ،دارالنهضة العربية للطباعة و النشرو التوزيع ،القاهرة.2111 ،
هشام بصري ،مسطرة التحفيظ وإشكاالتها العملية –دراسة على ضوء القانون
14.17المغيروالمتمم لظهيرالتحفيظ العقاري ،مطبعة الرشاد ،سطات ،سنة .2113
يونس الزهري ،الحجز التنفيذي على العقار في القانون المغربي ،المطبعة
والور اقة الوطنية مراكش ،الجزء الثاني ،الطبعة األولى .2117
إيمان بوكر الدين و بلعزلة خديجة ،التعسف في استعمال الحق في التشريع
الجزائري ،مذكرة تخرج لنبل شهادة الماسترفي القانون ،كلية الحقوق والعلوم السياسة ،السنة
الجامعية .2116/2115
بديعة السكاكي ،تتبع العقار المرهون رهنا رسميا ،بحث لنيل شهادة الماستر في
القانون الخاص ،جامعة سيدي محمد ابن عبد الله ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية
واالجتماعية ،فاس ،السنة الدراسية.2119/2111 :
P 336 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
زيد قدري الترجمان ،نظرية التعسف في استعمال الحق و تطبيقها في حقل
الملكية العقارية ،بحث لنيل الدكتوراه في القانون الخاص ،جامعة محمد الخامس كلية العلوم
القانونية و االقتصادية و االجتماعية الرباط ،السنة .1911/1911
سكينة بنجاللي ،رفع مضار الجوار وفق مدونة الحقوق العينية و أحكام الفقه
اإلسالمي ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص ،جامعة محمد األول ،كلية العلوم
القانونية و االقتصادية و االجتماعية وجدة ،السنة الدراسية.2116/2115 :
عبد الباسط زين الدين ،مضارالجوارعلى ضوء مدونة الحقوق العينية والعمل
القضائي ،بحث لنيل دبلوم ماستر متخصص ،جامعة موالي إسماعيل ،السنة الدراسية:
.2111/2117
عبد الحق السراوي ،الوضعية القانونية للعقار في طور التحفيظ ،رسالة لنيل
دبلوم الماستر في قانون األعمال ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة
القاض ي عياض ،مراكش ،السنة الجامعية .2113/2114
عبد الغني بولنوار ،مسطرة اإليداع والتعرض عليها وفق الفصل 14من ظهير
التحفيظ العقاري ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في فانون العقود والعقار كلية العلوم القانونية
واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة محمد األول وجدة ،السنة الجامعية.2114/2113 :
فدوى حطوش ،القيود الواردة على الملكية العقارية الخاصة في التشريع
المغربي ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص ،جامعة محمد األول كلية العلوم
القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،وجدة ،السنة الجامعية.2115/2114 :
كريمة بلعباس ،االرتفاقات بالمرور ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا
المعمقة في القانون الخاص ،وحدة التكوين و البحث في القانون المدني المعمق ،كلية العلوم
القانونية و القتصادية و االجتماعية أكدال -جامعة محمد الخامس –الرباط ،السنة الجامعية
.2117/2116
P 337 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
الخامس ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،أكدال ،الرباط ،السنة الجامعية:
. 2115/2114
يوسف مختري ،حماية الحقوق الواردة على العقار في طور التحفيظ ،أطروحة
لنيل الدكتوراه في القانون الخاص ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة
محمد الخامس-أكدال -الرباط ،السنة الجامعية.2114/2113 :
يونس أمعضور ،شفعة العقار في طور التحفيظ ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في
القانون الخاص ،جامعة محمد الخامس بالرباط ،السنة الجامعية.2116/2115 :
املجالت:
بحار هشام ،أحكام الشفعة ،دراسة في ضوء مدونة الحقوق العينية ،مجلة
المنبرالقانوني ،العدد األول مطبعة المعارف الجديدة-الرباط-سنة .2112
خالد المنصوري ،رفع مضار الجوار في ضوء النصوص القانونية والعمل
القضائي ،بحث نهاية تكوين الملحقين القضائيين ،الفوج الرابع ،فترة التدريب .2117/2115
سارة أزواغ ،رفع الحجزالتنفيذي على العقار ،منشورات مجلة العلوم القانونية،
سلسلة البحث األكاديمي ،اإلصدار ،11مطبعة األمنية ،الطبعة األولى.
-عبد العزيزتوفيق ،قضاء محكمة النقض في الشفعة من سنة 1957إلى .2114
العربي محمد مياد ،تأمالت في مقتضيات الفصل 9من ظهير 19رجب 1333
المو افق 12يونيو 1915املحدد للتشريع المطبق على العقارات املحفظة ،مجلة القانون
المغربي ،عدم ذكرالطبعة ،العدد 17أبريل .2111
P 338 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
النصوص القانونية:
القانون رقم 11.11المتعلق بنظام الملكية المشتركة للعقارات المبنية ،الصادر
بتنفيذه الظهيرالشريف رقم 291.12.1صادرفي 25من رجب 3( 1423أكتوبر )2112ج رع 5154
P 339 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
بتاريخ 2رمضان 7 ( 1423نوفمبر ،)2112ص ،3175 :كما ثم تعديله بالقانون رقم 116.12
الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.16.49بتاريخ 19من رجب 27 ( 1437أبريل ،)2116
الجريدة الرسمية عدد 6465من 9شعبان 16 ( 1437ماي .)2116
P 340 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
وقد كانت الحماية االجتماعية تجد أساسها في العادات و التقاليد ،وكذلك الدين
اإلسالمي الحنيف الذي يحث على قيام التعاون و التآزر من بر والمساعدة االجتماعية ،كواجب
الزكاة على القادرين عليها ،وهاته الحماية تجد أساسها كذلك في اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان
لسنة ،1941وكذلك في العهد الدولي لحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية من خالل
المواد 9و 12منه ،وكذلك في اتفاقية 111المتعلقة بالمساوة في المعاملة بين الوطنين والغير
الوطنين في ميدان الضمان االجتماعي ،و اتفاقية 143التي أكدت على حق األجير في الحماية
االجتماعية وغيرها من االتفاقيات األخرى.
قبل الحماية :فلم يكن يعرف قواعد خاصة بتنظيم الضمان االجتماعي ،حيت سادت في
هذه الفترة األحكام المتعلقة بقواعد التكافل االجتماعي.
-560الحاج الكوري ،قانون الضمان االجتماعي دراسة تحليلية ،الطبعة األولى ،2004ص.1 :
P 341 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
فترة الحماية :خالل فترة الحماية بدأ التكافل االجتماعي يقل بسبب تراجع العديد من
العادات التي كانت تساهم في ضمان التعاون بين الناس ،موازاة مع ذلك بدأت النصوص
القانونية المتعلقة بالحماية تصدر خالل هذه الفترة بغاية تشجيع المعمرين على االستقرار في
المغرب ،ومن بين هاته القوانين على سبيل المثال ،الظهيرالصادرسنة 1917المتعلق بإحداث
صندوق االحتياط المغربي والظهير الصادر سنة 1931المتعلق بنظام المعاشات المدنية ،و
بإحداث الصندوق المغرب للتقاعد .والظهيرالصادرسنة 1927المتعلق بالتعويض عن حوادث
الشغل والظهيرالصادرسنة 1943المتعلق بالتعويض عن األمراض المهنية.
بعد الحماية :بعد حصول المغرب على االستقالل فقد بادر إلدخال مجموعة من
اإلصالحات التشريعية التي تهم باألساس نظام الحماية االجتماعية ،كإحداث الصندوق الوطني
للضمان االجتماعي سنة 1959والذي عدل سنة ،1972أما بخصوص حوادث الشغل فقد صدر
ظهير 1963والذي تم تعويضه بموجب قانون ،12.11أما فيما يتعلق بالصحة فقد صدرت مدونة
التغطية الصحية 11ـ.65
وقد عجلت الظروف الصحية التي ألقت بظاللها على كافة املجاالت خصوصا منها
االقتصادية واالجتماعية ،بتسريع وثيرة تنفيذ اإلصالحات الهيكلية الكبرى للنهوض بالعدالة
االجتماعية .وقد كلل ذلك بإصدارالقانون 19.21المتعلق بالحماية االجتماعية.
ومن خالل ما سبق تتضح لنا اإلشكالية الرئيسية على الشكل التالي:
إلى أي حد استطاع المشرع توفير آليات للتنزيل األمثل لمشروع الحماية االجتماعية
بالمغرب؟.
هذه االشكالية تتفرع عنها مجموعة من التساؤالت على الشكل التالي :ما مفهوم الحماية
االجتماعية؟ وما أهداف ومبادئ الحماية االجتماعية؟وما هي آليات تنزيل الحماية االجتماعية؟
لتبسيط هذا املحورسنتناوله في مطلبين األول سنتناول فيه مفهوم الحماية االجتماعية و
في المطلب الثاني أهداف ومبادئ القانون اإلطارالمتعلق بالحماية االجتماعية.
P 342 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
كما أن تحقيق التنمية المستدامة كهدف أساس ي للدولة االجتماعية ،ال يتأتى إال بتوسيع
قاعدة المستفيدين من الضمان اإلجتماعي .فبالتالي تحقيق الحماية االجتماعية هو مدخل
أساس ي لتمكين المواطن المغربي من خدمات صحية جيدة ،وضمان تمدرس أطفاله والتوفرعلى
ضمان ضد فقدان الشغل والضمان المتعلق براتب الشيخوخة ،هذه هي الغاية التي ما فتئ
جاللة الملك يطمح إلى تنفيذها ،من خالل إطالق مجموعة من البرامج االجتماعية المتمثلة في
المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ونظام المساعدة الطبية وتقليص الفوارق املجالية
واالجتماعية ،وبرامج دعم تمدرس األطفال مثل "برنامج تيسير" و"برنامج دعم األرامل"561من
هنا يظهرأن بوادرتوسيع نطاق الضمان االجتماعي عبرأرضيات الحماية االجتماعية ظهرت قبل
القانون اإلطار المتعلق بالحماية االجتماعية وقد تبين ذلك من خالل استقراء تقرير املجلس
االقتصادي واالجتماعي والبيئي حيث يرى هذا األخيرأن:
P 343 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
وتعزيزا لهذه المكاسب بات من المهم استكمال منظومة قوية تكون قادر على الحد من
املخاطر االجتماعية واالقتصادية التي نتجت عن جانحة كورونا ومحاولة تذليل الصعوبات
الناتجة عنها،
وكذا االختالالت التي يعرفها نظام الحماية االجتماعية ،بالتالي أعطى جاللة الملك
انطالقة ورش تعميم الحماية اإلجتماعية ليشمل كل المغاربة ،بهدف تقليص نسبة الفقر
الهشاشة والهدرالمدرس ي.
بناء على ذلك صدر بالجريدة الرسمية عدد 6975القانون اإلطار رقم 19.21المتعلق
بالحماية االجتماعية ،بعدما تمت المصادقة عليه من طرف مجلس ي البرلمان .وفي هذا السياق
يسعى هذا القانون اإلطار حسب ديباجته إلى استكمال بناء هذه المنظومة التي حدد جاللة
الملك في خطابه السامي بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية بتاريخ 9أكتوبر 2121معالمها
ومرتكزاتها .كل ذلك بهدف النهوض بالعنصرالبشري ،باعتباره حلقة أساسية في التنمية،
وذلك عبر التقليص من جميع مستويات الهشاشة ودعم القدرة الشرائية لألسر .وكذا
بناء مجتمع تسوده العدالة االجتماعية والعدالة املجالية ،كي تكون قادرة على الحد من املخاطر
االقتصادية واالجتماعية ،من قبيل التي ترتبت عن تداعيات جائحة كورونا.
وفي إطارتحسين نظام التغطية الصحية ،اتخذ المغرب العديد من اإلجراءات الرامية إلى
تعزيزالمنظومة القائمة وتعميم التغطية الصحية والطبية على مختلف فئات الساكنة.
وقد تم انجاز القانون اإلطار 19.21بناء على أحكام الفصل 31من الدستور 563المغربي
لسنة 2111والفصل 71منه ،وعلى االلتزامات الدولية للمملكة المغربية في مجال الحماية
االجتماعية ،خصوصا العهد الدولي الخاص بالحقوق االقتصادية واالجتماعية و الثقافية.
ومصادقته على االتفاقية رقم 112بشأن المعايير الدنيا للضمان االجتماعي الصادر عن منظمة
العمل الدولية.
563الفصل 75من الدستور؛ تعمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية ،على تعبئة كل الوسائل المتاحة ،لتيسير
أسباب استفادة المواطنين والمواطنات ،على قدم المساواة ،من الحق في :
العالج والعناية الصحية.
الحماية االجتماعية والتغطية الصحية ،والتضامن ألتعاضدي أو المنظم من لدن الدولة...
P 344 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
من هنا يتبين أن مفهوم الحماية اإلجتماعية موجود في كثير من العهود واالتفاقيات
الدولية .فقد اعتبر اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان لسنة ،1941أن الحماية االجتماعية حق
من حقوق اإلنسان فعلى حد تعبيرهذا األخير" :لكل شخص الحق في مستوى من المعيشة كاف
للمحافظة على الصحة و الرفاهية له وألسرته" .564وأحد أركان العدالة االجتماعية ومن أركان
العمل الالئق في منظمة العمل الدولية ،وهدفا للتنمية المستدامة.
كما أن الحماية االجتماعية عندما تتخذ كمفهوم شامل فتكون مرتكزة أساسا على 5نقط
أساسية:
الحد من الفقر.
الحد من الالمساواة.
بذلك اعتبر قانون اإلطار 19.21المتعلق بالحماية االجتماعية ثورة إجتماعية بالمغرب
يقودها جاللة الملك محمد السادس ،كما عبر عن ذلك وزير االقتصاد والمالية وإصالح اإلدارة
السيد محمد بنشعون ،حيث أشاد عن أن المشروع الملكي يشكل ثورة إجتماعية حقيقية ونقطة
تحول في مسار اإلصالح الشامل للحماية اإلجتماعية ،معتبرا إياه مشروعا مجتمعيا غير
مسبوق.565
فقد قام جاللته بتحديد محاوراإلصالح والجدولة الزمنية،التي تهم تعميم عملية التغطية
االجتماعية لفائدة جميع المغاربة بشكل تدريجي على مدى خمس سنوات .حيث سيتم بلورة
564صالح هاشم ،الحماية االجتماعية للفقراء ،قراءة في معنى الحياة لدى المهمشين ،الجيزة أطلس للنشر ،طبعة ،4057
ص.41
565حمزة المعطي ،تعميم الحماية االجتماعية ...ثورة حقيقية بقيادة عاهل المغرب ،مقال منشور على العين اإلخبارية ،الرباط.
P 345 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
مخطط عملي شامل لتنزيل هذا اإلصالح ،سيتضمن البرنامج الزمني واإلطار القانوني وخيارات
التمويل وكدا آليات الحكامة الجيدة ،بتنسيق مع كافة الفرقاء االجتماعيين.566
وقد قام المشرع بتحديد مدلول الحماية االجتماعية وفق منطوق المادة 2من القانون
اإلطار ، 19.21رغم أن مسألة التعريفات وتحديد المفاهيم تبقى في األصل من االجتهادات
الفقهية لكن هنا حاول القانون اإلطارتضيق مدلوله وفق ما يصبوإلى تحقيقه من أهداف ،حيث
يشمل:
الحماية من مخاطرالمرض.
المالحظ من خالل تحديد المشرع لمفهوم الحماية االجتماعية يتضح تأكيد انخراطه في
ما نصت عليه المواثيق الدولية واإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان الصادرسنة ،1941حيث أكد
على أحقية كل مواطن في الضمان االجتماعي ،حيث نصت المادة 22منه على ما يلي:
"لكل شخص بوصفه عضوا في املجتمع الحق في الضمان االجتماعي ،ومن حقه أن توفرله
من خالل املجهود القومي والتعاون الدولي وبما يتفق مع هيكل كل دولة الحقوق االقتصادية
واالجتماعية والثقافية التي ال غنى عنها لكرامته والنمو الحرلشخصيته"،567
كما أكدت اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 2الصادرة سنة 1952بشأن المعاييرالدنيا
للضمان االجتماعي أيضا على ضرورة مو افقة البلدان المصادقة على هذه االتفاقية على ثالثة
فروع من الحماية االجتماعية على األقل من أصل تسعة المنصوص عليها باالتفاقية ،أن يكون
566السيد وزير االقتصاد والمالية وإصالح اإلدارة ،في تقديمه لمشروع القانون اإلطار 08.45المتعلق بالحماية االجتماعية
أمام لجنة المالية والتخطيط والتنمية االقتصادية بمجلس المستشارين ،4045/04/44منشور على موقع
.finance.gov.ma
567نصت في نفس السياق المادة 21من اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان:
صة على صعيد المأكل والملبس والمسكن والعناية ً حق في مستوى معيشة يكفي لضمان الصحة والرفاهة له وألسرته ،وخا َّ لكل شخص ٌّ ِّ
ُّ
الحق في ما يأمن به الغوائل في حاالت البطالة أو المرض أو العجز أو التر ُّمل أو الطبية وصعيد الخدمات االجتماعية الضرورية ،وله
صتين. الشيخوخة أو غير ذلك من الظروف الخارجة عن إرادته والتي تفقده أسباب عيشه .لألمومة والطفولة ٌّ
حق في رعاية ومساعدة خا َّ
حق التمتُّع بذات الحماية االجتماعية سواء ُولدوا في إطار الزواج أو خارج هذا اإلطار.
ولجميع األطفال ُّ
P 346 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
من بين تلك الفروع الثالثة واحد يتعلق بالبطالة وإصابات العمل أو الشيخوخة أو إعانات العجز
أو إعانات الورثة.568
معروف أن المشرع يسعى دائما إلى مواكبة التطورات االقتصادية وكذا االجتماعية،
وذلك عن طريق وضع ترسانة قانونية جيدة ،خصوصا عند تحديد األهداف األساسية
منه ،ووضع المشرع قانون الحماية االجتماعية في سياق قانون اإلطار ،له مغزى من ذلك ،كما
هو معروف أن القانون اإلطار:
* فئات المهنيين والعمال المستقلين واألشخاص الغير األجراء الذين يزاولون نشاطا
خاصا .وقد حدد وفق جدولة زمنية محددة.
يتبين أن التأمين اإلجباري يتضمن أساسا توسيع االستفادة من هذا التأمين ليشمل
الفئات المعوزة المستفيدة من نظام المساعدة الطبية ،وتحقيق التنزيل التام للتأمين اإلجباري
المرض. عن األساس ي
568المادة 2من اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 402الصادرة سنة 4212بشأن المعايير الدنيا للضمان االجتماعي.
569ديباجة الظهير شريف رقم 30.24.4صادر في 2شعبان 23 (4112مارس ) 2024بتنفيذ القانون – اإلطار رقم 02.24المتعلق
بالحماية االجتماعية.
P 347 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
من خالل تنزيل نظام المعاشات الخاص بفئات المهنيين والعمال المستقلين
واألشخاص الغيراألجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا.
بالتالي سيتم توسيع قاعدة المنخرطين في أنظمة التقاعد ليشمل األشخاص الذين
يمارسون عمال وال يستفيدون من أي معاش ولن يتأتى ذلك إال باالعتماد على مساطر مبسطة
لألداء وتحصيل االشتراكات المتعلقة بهذا النظام.
لكل شخص متوفر على شغل قار ،وفقد عمله الحق من االستفادة من هذا التعويض
من خالل تبسيط شروط االستفادة من هذا التعويض وتوسيع مجاله .وسيكون هذا األخير
مكسبا حقي قيا بالنسبة لفئة عريضة من العمال خصوصا ما نتج في هذه الظرفية من الجانحة
حيث تعيش المقاوالت أزمة اقتصادية خانقة .وهو ما أدى إلى وضع مجموعة من العمال في
محك ،دون دخل وال إمكانيات.
من هذا يتبين أن ورش الحماية االجتماعية اعتبره مجموعة من الفاعلين السياسيين،
االقتصاديين واالجتماعيين والمهتمين بالشأن القانوني أنه طفرة حقيقية ،من أجل تحقيق
العدالة االجتماعية ،بالنظر لألهمية التي تكتسيها الحماية االجتماعية كمدخل أساس ي لتمكين
المواطنين والمواطنات من الحد األدنى من الكرامة اإلنسانية ولتفعيل هذا الورش الكبير ،ال بد
P 348 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
من استناده على مجموعة من المبادئ األساسية التي ستعمل على تحقيق األهداف المتوخاة
من القانون اإلطاروالمتمثلة أساسا في:
* مبدأ التضامن :في بعده اإلجتماعي والترابي وبين األجيال والبين المنهي الذي يقتض ي
تظافرمجهودات جميع المتدخلين في هذا املجال.
* مبدأ عد م التمييز :في الولوج إلى خدمات الصحية االجتماعية في إطار مبدأ الولوجية،
حتى بالنسبة لألشخاص الغير المنخرطين في إطار نظام معين وهذا في إطار السياسة وفي اتجاه
فلسفة تدخل الدولة في إطارها التوجيهي عامة و خالل ظروف األزمات خاصة.
*مبدأ االستباق :الذي يقوم على تقييم دوري آلثار تدخالت األطراف المعنية بالحماية
االجتماعية بغية اعتماد أفضل السبل الكفيلة بتثمين النتائج املحققة.
نظرا ألهمية مشروع الحماية االجتماعية فإن المشرع حدد في قانون اإلطار المتعلق
بالحماية االجتماعية 19.21آليتين لتنزيل هذا المشروع هما آليات التمويل (المطلب األول)
وآليات الحكامة (المطلب الثاني).
P 349 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
إن نجاح أي مشروع كيفما كان نوعه رهين بأمرين أساسين :اإلمكانيات المرصودة له
وكيفية تدبيره للوصول إلى أحسن النتائج بأقل التكاليف مما يتطلب حكامة جيدة.
هذا ما أكده البنك الدولي في أحد عروضه ،إلى أن تكلفة الحماية االجتماعية تصل في بعض
البلدان إلى %1.5من الناتج املحلي ،كما أن حافظة اإلقراض السنوي للبنك في مجال الحماية
االجتماعية وصل في أبريل 2119إلى 16.25ملياردوالر.
أما في المغرب حددت وزارة المالية مبلغ 51مليار كتكلفة أولية لتعميم الحماية
االجتماعية في أفق ،2125هذا الغالف المالي سيتم توزيعه حسب األهداف األربعة وفق الشكل
التالي:571
آلية قائمة على االشتراك بالنسبة لألشخاص القادرين على المساهمة في تمويل هذه
الحماية االجتماعية.
آلية قائمة على التضامن لفائدة األشخاص غيرالقادرين على تحمل واجبات االشتراك.
وزير االقتصاد والمالية وإصالح اإلدارة ،تقديم مشروع القانون اإلطار رقم 02.24المتعلق بالحماية االجتماعية 22 ،فبراير ،2024
ص- 571. 41:
P 350 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
وهي آلية تستهدف األشخاص الذين تتوفرلديهم القدرة على المساهمة في تمويل التغطية
االجتماعية ،وحسب عرض وزير المالية فإن هذه اآللية تبلغ قيمتها مبلغ 21مليار درهم ،ويتمثل
مصدرهذا المبلغ في:
ومن بين االشتراكات المستحقة تطبيقا للنصوص التشريعية والتنظيمية نجد ما نص
عليه الفصل 57215من نظام الضمان االجتماعي الذي يفرض على جميع المشغلين الذين
يستخدمون في المغرب أشخاصا االنخراط في الصندوق الوطني للضمان االجتماعي ،و إذا امتنع
المشغل من تسجيل شخص شغله خول لهذا األخيرالحق في أن يطلب مباشرة تسجيله و انخراط
مشغله ،وتقدر واجبات االشتراك الواجب أداؤها للصندوق الوطني للضمان االجتماعي حسب
الفصل 19من نفس القانون على أساس مجموع األجورالتي يتقاضاها المستفيدون بما في ذلك
التعويضات والمنح والمكافآت وجميع المنافع النقدية األخرى والمنافع العينية وكذا المبالغ
المقبوضة بصفة مباشرة أو بواسطة الغير برسم الحلوان مع عدم إدراج هذا الحلوان ضمن
عناصر أساس احتساب واجبات االشتراك بالنسبة للمؤسسات الفندقية واإلقامات السياحية
المصنفة حسب النصوص القانونية والتنظيمية الجاري بها العمل.
الواجبات التكميلية التي تفرضها الدولة على بعض الفئات المهنية في إطارالمساهمة
المهنية الموحدة قصد أداء االشتراكات االجتماعية:
-572ينص الفصل 41على ما يلي" :ي جب على جميع المشغلين الذين يستخدمون في المغرب أشخاصا يفرض عليهم هذا النظام القيام بما
يلي :
االنخراط في الصندوق الوطني للضمان االجتماعي ،ويجب على كل منخرط في الصندوق المذكور أن يبين رقم انخراطه في فاتواته
ورسائله ومذكرات توصياته و تعاريفه و إعالناته وغيرها.
تسجيل مأجوريهم والمتدربين المهنيين لديهم بالصندوق الوطني لل ضمان االجتماعي ويجب على كل مشغل منخرط في الصندوق أن يبين
في بطاقة الشغل وفي الئحة أداء أجور مستخدميه المفروض عليهم االنخراط في الصندوق رقم التسجيل الذي يخصصه الصندوق بالشغال
وينبغي إثبات هذا الرقم في شهادة الشغل المسلمة إلى كل شغال يكف عن العمل مع المنخرط على إثر إعفاء أو بمحض اختيار.
يتعين على المشغلين المشار إليهم في الفقرة األولى من هذا الفصل الذين يحدثون مقاولة من المقاوالت التي يسري عليها التعريف الوارد
في التشريع المتعلق بإحداث المقاوالت بطريقة إلكترونية ومواكبتها ،االنخراط بالصندوق الوطني للضمان اإلجتماعي عبر المنصة
اإللكترونية المحدثة بموجب التشريع المذكور .
وإذا امتنع المشغل من تسجيل شخص شغله خول هذا األخير الحق في أن يطلب مباشرة تسجيله وانخراط مشغله.
وتحدد بمرسوم كيفية تطبيق هذا الفصل والشروط التي يمكن بموجبها للصندوق الوطني للضمان االجتماعي أن يعمل حتما على انخراط
المشغل وتسجيل مأجوريه".
P 351 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
/1الضريبة المطابقة للدخل المنهي من أجل تحديد الشق األول من المساهمة المهنية
الموحدة والمتعلق بالدخل المنهي ،يتم تطبيق سعر % 11اإلبرائي على أساس الخاضع للضريبة.
/2الواجب التكميلي يتم على أساس الجدول بعده تحديد الواجب التكميلي المقابل له
والمتعين أداؤه برسم الشق الثاني من نفس المساهمة والمتعلق بالتغطية الصحية ،وذلك كما
يلي:574
-573المديرية العامة للضرائب ،دليل عملي خاص بتطبيق نظام المساهمة المهنية الموحدة ،ص.2:
-574نفس المرجع ،ص.1 :
P 352 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
ومن خالل االشتراكات والواجبات التكميلية المشارإليها سلفا تتوخى الدولة جمع حصيلة
تقدرب 21ملياردرهم.
يتجسد هذا التضامن من خالل مساهمة كل عضو أو فرد من أفراد املجتمع من أجل
تغطية املخاطر التي قد تصيب الفرد أو الجماعة داخل املجتمع دون ربط استفادتهم بمقدار
مساهمتهم في التمويلبل تربط بالمقدار الالزم الذي تطلبه الحاجة الناشئة عن تحقق الخطر،
وهو ما يعني التغيب الكلي ألي تمييز بين الخطر واإلمكانات المالية ،وتجد هذه اآللية أساسها في
البند الثاني من المادة 11من قانون اإلطارالتي تنص على أنه:
أ) ...
ب) آلية قائمة على التضامن لفائدة األشخاص غير القادرين على تحمل واجبات
االشتراك".
P 353 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
وقبله القانون 65.11المتعلق بمدونة التغطية الصحية ،في مادته األولى "يقوم تمويل
الخدمات المتعلقة بالعالجات الصحية على مبدأ التضامن" ،وهو ما كرسه الفصل 31من
دستور 2111حيث أكد على حق الحماية االجتماعية والتغطية الصحية والتضامن التعاضدي
أو المنظم من لدن الدولة.
وهذه اآللية تتوخى منها الدولة توفير مبلغ 23مليار درهم للمساهمة في تمويل جزء من
مشروع الحماية االجتماعية ،وتتحدد المصادرالتي ستكون مورد لهذا المبلغ ( 23ملياردرهم)في:
الموارد المتأتية من إصالح صندوق المقاصة :يعود نظام المقاصة لألربعينات القرن
الماض ي حيث تم اعتماده من أجل ضمان تموين األسواق بالمواد األساسية وحماية
القدرة الشرائية للمواطنين عبر التحكم في مستويات األسعار و في عمليات االستيراد
والتصدير.
وتمنح الدولة لصندوق المقاصة الموارد الضرورية لتمكينه من دعم المواد األساسية
التي تستفيد من الدعم ،غير أن هذا الصندوق أصبح يواجه في السنوات األخيرة عجزا كبيرا من
جراء االرتفاع المتواصل والمهول لكلفة هذا الدعم ،وقد عرفت ميزانية الدعم ارتفاعات مهمة
في السنوات األخيرة حيث ارتفعت من 4مليار درهم خالل سنة 2112لتصل إلى 49ملياردرهم في
سنة 2111و 56ملياردرهم في سنة .5752112
وقد عمدت الحكومة إلى إصالح تدريجي لهذا الصندوق ابتداء من سنة 2113إلى 2115
حيث تم رفع الدعم الكلي عن املحروقات في حين تستمرالدولة في دعم أثمنة الغازالبوتان والسكر
والدقيق الوطني من القمح اللين.
ومن شان مواصلة إصالح صندوق المقاصة أن يحقق مزيدا من االدخاريصل إلى 2%من
الناتج املحلي اإلجمالي في سنة 2121وبالتالي هذه المدخرات توجه إلى تمويل مشروع الحماية
االجتماعية.
العائدات الضريبية املخصصة لتمويل الحماية االجتماعية :إن قانون المالية لسنة
2121أقر ضريبة تضامنية هي المساهمة االجتماعية للتضامن على األرباح واألجورسواء
-575وزارة االقتصاد والمالية ،قطاع شؤون الشؤون العامة والحكامة ،إصالح صندوق المقاصة.
P 354 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
على الشركات أو األشخاص الذاتيين وجاءت لتجاوز تداعيات األزمة الصحية لكوفيد
19والتي كشفت ضعف المنظومة االجتماعية بالمغرب.
املخصصات المالية من ميزانية الدولة:الدولة وفي إطار مبدأ التضامن ستخصص جزء
من الميزانية العامة لتمويل هذا المشروع الذي أصبح يعد أولوية وطنية كما أكده نص
قانون اإلطار ،لتنزيله وتفعيله على أرض الو اقع.ونقصد هنا بالدولة كل مكوناتها من
جماعات ترابية ومؤسسات عمومية حيث أن ميزانيات هذه الجماعات الترابية
والمؤسسات العمومية ،كذلك ستخصص جزء من ميزانياتها لدعم هذا المشروع
الوطني وذلك بمنطوق الفصل 31من دستور.2111
جميع الموارد التي يمكن أن ترصد بموجب نصوص تشريعية أو تنظيمية خاصة:إن
الحكومة لها الحق في إصدار نصوص تشريعية أو تنظيمية تهدف إلى توفير موارد لدعم
وتفعيل مشروع الحماية االجتماعية ،ومثال ذلك هو رسم التضامن ضد الوقائع الكارثية
والذي صادقت الحكومة على مرسومه رقم . 2.19.244وهو رسم لفائدة الوقائع الكارثية
املحدث بموجب القانون 111.14المتعلق بإحداث نظام لتغطية عو اقب الوقائع
المتعلقة بإحداث نظام لتغطية عو اقب الوقائع الكارثية الصادرفي غشت ،2116وتحدد
نسبة هذا الرسم شبه الضريبي في %1من األقساط أو األقساط اإلضافية أو االشتراكات
المؤذاة برسم عقود التأمين ويتم استخالصه خالل إبرام أو تجديد عقود التأمين.
الحكامة وحسب تعريف األمم المتحدة "األسلوب التشاركي للحكم ولتدبيرالشؤون العامة
الذي يرتكز على تعبئة الفاعلين السياسيين واالقتصاديين واالجتماعين سواء من القطاع العام
أو من القطاع الخاص وكذلك من املجتمع المدني بهدف تحقيق العيش الكريم لجميع
المواطنين"576
-576الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة ،الحكامة الجيدة بين الوضع الراهن ومقتضيات دستور،2044يونيو 2044ص.1
P 355 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
وقد أكد قانون اإلطار 19.21المتعلق بالحماية االجتماعية على مبدأين أساسين فيما
يتعلق بالحكامة هما :ضمان التلقائية أنظمة الحماية االجتماعية (الفقرة األولى) ،و إحداث آلية
موحدة للقيادة(الفقرة الثانية).
كمــا تعــزى اإلكراهات فــي هــذا املجــال أيضــا إلــى الطبيعــة املجـ َّـزأة ألنظمة الحمايــة
ً
االجتماعية ،حيــث تضــم تشــكيلة مــن الهيئــات غيــر المتضامنــة وغيــر المتكاملــة فــي مــا بينهــا،
والمنفصلــة عــن بعضهـا البعـض ،والخاضعـة لمعاييـر تقنيـة تجعـل اإلطار العـام للحمايـة
االجتماعية غيـر منصـف بالقـدر الكافـي ،كمـا أنهـا ترتكـز علـى قواعـد تدبيـر وحكامـة ال تسـمح
بإضفـاء الطابـع الرسـمي علـى عمليـات إصالح مندمجـة وال تنفيذهـا تنفيـذا ناجعـا.577
لهذا كله فان المشرع في ظل قانون اإلطارأكد على ضرورة اتخاذ اإلجراءات الالزمة لوضع
إطار للحكامة يمكن من ضمان التلقائية مختلف أنظمة الحماية االجتماعية السيما من خالل
اعتماد هيئة موحدة لتدبيرهذه األنظمة والبرامج.
-577تقرير المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي ،الحماية االجتماعية في المغرب واقع الحال ،الحصيلة وسبل تعزيز أنظمة الضمان
والمساعدة االجتماعية ،إحالة ذاتية رقم ،1021/32ص.22:
P 356 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
وهذا ما أشارت إليه المادة 15من القانون اإلطار التي نصت على أنه "تسهر السلطات
العمومية على اتخاذ اإلجراءات الالزمة لوضع إطار للحكامة يمكن من ضمان التلقائية مختلف
أنظمة الحماية االجتماعية ،السيما من خالل اعتماد هيئة موحدة لتدبيرهذه األنظمة".
إن تقرير املجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي حول الحماية االجتماعية بالمغرب أكد
ً َّ
املجزأة ألنظمة الحماية االجتماعية ،حيث تضم تشكيلة من الهيئات غير على الطبيعة
المتضامنة وغيرالمتكاملة في ما بينها ،والمنفصلة عن بعضها البعض ،والخاضعة لمعاييرتقنية
تجعل اإلطار العام للحماية االجتماعية غير منصف بالقدر الكافي ،ولتجاوز هذا التشتت وتعدد
المتدخلين فإن المشرع في قانون اإلطار نص على إحداث آلية موحدة للقيادة وذلك لضمان
تكامل وتماسك اإلجراءات المتخذة لتدبير أنظمة الحماية االجتماعية ،578وتجدر اإلشارة إلى أن
التوحيد ال يهم فقط جهة القيادة و إنما يمتد إلى المستفيدين وقد سبق للحكومة إصدار قانون
72.11المتعلق بمنظومة استهداف المستفيدين من برامج الدعم االجتماع وبإحداث الوكالة
الوطنية للسجالت .حيث يهدف هذا القانون الى وضع منظومة وطنية لتسجيل األسر واألفراد
لالستفادة من برامج الدعم االجتماعي وكذا إحداث السجل االجتماع الموحد ،وسجل وطني
للسكان يكون الغرض منها تحديد الفئات المستهدفة بهذا البرنامج.
خاتمة:
ختاما يمكن القول أن تحقيق التنمية االجتماعية و االقتصادية ،ال يمكن أن يتم بمعزل
عن الحماية االجتماعية،لذلك حاول المغرب توفيرهاته الحماية من خالل إصدارمجموعة من
النصوص التشريعية و التنظيمية كان أهمها القانون 19.21المتعلق بالحماية االجتماعية تحت
إشراف وتوجيه جاللة لملك محمد السادس .ووضع آليات محكمة بالنسبة له داخل جدولة
زمنية محددة للنهوض بالتنمية وتحقيق العدالة االجتماعية واملجالية.
ولتنزيل هذا الورش املجتمعي لن ينجح إال بمراجعة مجموعة من النصوص التشريعية
المتعلقة بالحماية وبالمنظومة الصحية الوطنية ال سيما:
P 357 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
كما يجب تعزيز دور مفتش الشغل ،وكذا أعوان التفتيش بالضمان االجتماعي ،وإعادة
النظر في السياسة الضريبية خصوصا تخفيض الضرائب على الشركات لتشجيع أصحاب
المقاوالت على التصريح باألرباح الحقيقية ،ودون الحاجة إلى التهرب الضريبي ،وبالتالي تشجيع
االستثمارات الوطنية واألجنبية.
الئحة المراجع:
-االتفاقيات والتشريعات:
-اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 112الصادرة سنة 1952بشان المعايير الدنيا
للضمان االجتماعي؛
-الكتب :
-الحاج الكوري -دراسة تحليلية مقارنة ،-الطبعة األولى ،مطبعة دارالسالم2111 ،
-صالح هاشم ،الحماية االجتماعية للفقراء ،قراءة في معنى الحياة لدى المهمشين ،الجيزة
أطلس للنشر ،طبعة 21177؛
-المديرية العامة للضرائب ،دليل عملي خاص بتطبيق نظام المساهمة المهنية
الموحدة؛
-حمزة المعطي ،تعميم الحماية االجتماعية ...ثورة حقيقية بقيادة عاهل المغرب ،مقال
منشورعلى موقع العين اإلخبارية ،الرباط؛
P 358 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
-تقرير املجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي جول المناولة وعالقات الشغل :من اجل
النهوض بالعمل الالئق واالستدامة؛
-الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة ،الحكامة الجيدة بين الوضع الراهن ومقتضيات
دستور ،2111يونيو 2111؛
-موقع وزارة االقتصاد والمالية ،قطاع الشؤون العامة والحكامة ،إصالح صندوق
المقاصة؛
-كلمة السيد وزير االقتصاد والمالية وإصالح اإلدارة ،في تقديمه لمشروع القانون اإلطار
21.19المتعلق بالحماية االجتماعية أمام لجنة المالية والتخطيط والتنمية االقتصادية
بمجلس المستشارين 2121/12/22منشورعلى موقع finance.gov.ma
P 359 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
Abstract :
The demand for the inclusion of a set of rights and freedoms in the 2011
Moroccan constitution has been recognized as a response to the demands that
were not included in previous constitutions. This led to the inclusion of a set of
rights and freedoms in the second chapter, which were the most important
demands of human rights activists, parties, and various social actors. This was in
recognition of the need to overcome the silence and vague formulations in the
previous constitutions, with the aim of enacting rights and freedoms that have
been the foundation of Western countries' constitutions since the end of World
War II.
P 360 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
Keywords :
مقدمة:
إن االستفتاء الشعبي لسنة 2111يحمل في طياته استجابة لمطالب نلمس لها من
المشروعية الش يء الكثير ،واختصاصات جديدة تضمن لكل شخص التمتع بحقوقه وحرياته،579
وما زاد الش يء أهمية هو نشأة قضاء دستوري مستقل بمثابة سلطة رابعة غير الذي كان سائدا
في الدساتير السابقة التي عرفها التاريخ الدستوري المغربي قد اقترنت بتضمين دستوري ثابت
حافظت فيه الحقوق على استقرارها النص ي ،580حيث يحمي الحقوق والحريات ،وكثيرا ما
صدرت أحكام وقرارات تقرعلى عدم االختصاص في حماية وصيانة المنظومة الحقوقية ،في هذا
السياق تأسس قضاء يقوم على تمتيع القاض ي الدستوري باختصاصات جديدة تجعله حلقة
محورية في صلب حماية الحقوق والحريات ،سواء باآلليات الرقابية التقليدية أوبواسطة اآلليات
الحديثة المتمثلة في الدفع بعدم دستورية القوانين ،وهو ما سيحاول هذا المقال اإلجابة عنه
عبرمقاربة دورالقاض ي الدستوري في حماية الحقوق والحريات.
-579محمد الغالي ،جدلية الثابت والمتحول في دستور ،2044قراءة في ضوء السياق والركائز واألهداف ،ضمن دستور 2044بالمغرب
مقاربات متعددة ،مجلة الحقوق عدد ،1ماي ،2042ص .11
-580محمد النويري ،دور القضاء الدست وري في حماية الحقوق والحريات األساسية بالمغرب ،دراسة تحليلية مقارنة ،أطروحة لنيل شهادة
الدكتوراه في القانون العام ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة محمد األول وجدة ،السنة الجامعية ،2042-2044ص
.34
-581حسن طارق ،الدستور والديمقراطية ،قراءات في التوترات المهيكلة لوثيقة ،2044منشورات سلسلة الحوار العمومي ،مطبعة طوب
بريس الرباط ،2043الطبعة األولى ،ص .401
P 361 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
أحدث دستور 2111نقلة بنيوية نوعية في مجال دسترة الحقوق والحريات ،عبر تنصيصه
على الئحة مكتملة ومفصلة للحقوق والحريات ،ويمكن أن نسجل للوهلة األولى تطورا كميا في
المضامين الحقوقية ،بتخصيص باب كامل للحريات ،وزيادة في عدد الفصول الخاصة بها
باإلضافة إلى تطور نوعي ،حيث سيتم التنصيص ألول مرة في الحياة الدستورية المغربية على
مجموعة من الحقوق ،كان ينظرإليها وإلى زمن قريب طموحات.
وشكل دستور ،2111طفرة نوعية في تاريخ الدستورانية المغربية ،إذ ارتقى بمسألة حقوق
اإلنسان من الجيل الثاني أي من اإلقرارإلى التنظيم ،إلى البناء المؤسساتي وتجاوزالنقائص مع
الجيل الثاني ،وصوال إلى دستور 2111حيث يعبر ترجمة حقيقية لميزان القوى و حمله ملجموعة
من اإليجابيات ،582والذي تأسس على فكرة التمكين الحقوقي للمواطنات والمواطنين ،فنص على
عدد من الحقوق والحريات كتجريم التعذيب واالختفاء القسري ،واالعتقال التعسفي وجرائم
الحرب واإلبادة ،والحق في السالمة الشخصية والجسدية ،وحق المواطنين في الحصول على
المعلومات ،كما خصص الدستور مجموعة من األحكام ترتبط بحقوق المتقاضين وقواعد سير
العدالة ،583ويعتبر القضاء الدستوري ضمانة أساسية لحقوق اإلنسان ،حيث ينهض القاض ي
الدستوري بمهمة مر اقبة جميع التصرفات والقرارات ذات الطبيعة الدستورية التي تقررها
السلطات العمومية ،والبت في المنازعات الدستورية ،وحراسة الدستور والحفاظ على سموه
أثناء الرقابة على دستورية القوانين على اعتبار أنه يمتلك سلطة واسعة تتمثل في التأويل،
واحتكارآلية تفسيرالنص ،من أجل تحقيق العدالة الدستورية.
وعموما فإن القضاء الدستوري مؤسسة تحدث بموجب الدستور ،ويتم تزويدها
بمختلف االختصاصات من أجل بسط الرقابة على القوانين ،وفحص مدى مطابقتها لمنطوق
الدستور وفلسفته ،سواء تعلق األمر برقابة قبلية قبل صدور القانون ،ودخوله حيز التنفيذ ،أو
بعد صدوره وتطبيقه ،أو فيما يتعلق بالرقابة على سير العملية االنتخابية وممارسة مختلف
االختصاصات المسندة إليه بموجب الدستور ،من أجل تقييد سلطات الدولة بأحكام الوثيقة
الدستورية ،وعدم جواز صدور أي عمل قانوني يتعارض مع القواعد والمقتضيات التي يقررها
الدستور.
-582زبير رحال ،دستور 2044بين الثابت والمغير ،ضمن دستور 2022النص والسياق ،المحلة المغربية للسياسات العمومية،2042-2 ،
ص .421
- 583حسن طارق ،سنة ونصف من دستور 2044تأمالت سريعة ،ضمن دستور ،2044النص والسياق ،المجلة المغربية للسياسات
العمومية للسياسات العمومية ،عدد ،2042 ،2ص .40
P 362 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
فإن التمسك بالسيادة الداخلية للدولة أضحى مبررا واهيا ألي نظام سياس ي ،ينحو إلى
استبعاد االمتثال لاللتزامات المصادق عليها ،589ووعيا منا بأهمية القضاء الدستوري بصفة
عامة ،والقاض ي الدستوري بصفة أخص ،في المنظومة الحقوقية بالمغرب ،حيث تعد قضايا
حقوق اإلنسان من المواضيع التي أطرت توجهات المشرع الدستوري المغربي أثناء صياغة
الوثيقة الدستورية لسنة ، 2011كما نصت على ضمانات من أجل حمايتها ،من بينها املحكمة
الدستورية ،التي عرفت تجديدا في بنيتها واختصاصاتها ،وبالتالي تبرز اإلشكالية الرئيسية
لموضوع هذا المقال كالتالي :إلى أي حد سيساهم القاض ي الدستوري "املحكمة الدستورية" في
تعزيز المنظومة الحقوقية؟ وما هي اإلمكانيات التي توفرها من أجل حماية حقيقية وفعالة
للحقوق المنصوص عليها في الوثيقة الدستورية؟
584
- Said Ihrai, Le droit international et la nouvelle constitution, in la constitution marocain de 2011, LGDJ,
Paris, 2012, p 81.
-585تصدر دستور المملكة المغربية لسنة ،2044الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 4.44.24بتاريخ 24شعبان 4132الموافق ل 22
يوليوز .2044
-586محمد أوجار ،أشغال الندوة العلمية االتفاقيات الدولية والقانون الداخلي من خالل االجتهادات القضائية من تنظيم مركز-
التوثيق واإلعالم والتكوين في مجال حقوق اإلنسان بتعاون مع وزارة العدل ،طبعة أولى ،دجنبر ، 2002ص. 7
- 587مصطفى قلوش ،المبادئ العامة للقانون الدستوري ،مطبعة بابل للنشر والتوزيع ،الطبعة الرابعة ،الرباط ،4221ص .11
-588محمد سعدي ،حقوق اإلنسان األسس المفاهيم والمؤسسات ،مطبعة فوبرانت ،فاس ، - 2012ص. 8 – 9
ودستورية ،المجلة- -589عبد العزيز لعروسي ،التشريع المغربي واالتفاقيات الدولية لحقوق اإلنسان مالءمات قانونية
المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ،عدد 87 2014ص. 58
P 363 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
لإلجابة على اإلشكالية األساسية ،بما تفرضه من دقة وإحاطة بمجمل تمفصالت
الموضوع نقترح التصميم التالي :املحور األول :القاض ي الدستوري المغربي من الغرفة
الدستورية باملجلس األعلى إلى املحكمة الدستورية .املحور الثاني :األدوار الجديدة للقاض ي
الدستوري في تعزيزوحماية منظومة الحقوق والحريات.
املحور األول :القاض ي الدستوري المغربي من الغرفة الدستورية باملجلس األعلى إلى
املحكمة الدستورية.
لم يكن المشرع الدستوري يسعى بتنصيصه على املحكمة الدستورية 590بدل املجلس
الدستوري استبدال التسميات فقط ،بل سعى إلى االرتقاء بمؤسسة القضاء الدستوري إلى
مؤسسة قضائية تعتمد مبادئ العمل القضائي ،لتعرف بنية املحكمة الدستورية مستجدات ،في
المقابل حافظت على اختصاص الفصل في التنازع بين الحكومة والبرلمان ،والنهوض بمهمة
صيانة الخيار الديمقراطي للمواطنين ،591إذا تعلق األمر باالنتخابات واالستفتاءات ومحاربة
الترحال السياس ي كما عرف اختصاص املحكمة الدستورية توسيعا في إطار الرقابة السابقة،
حين تبسط رقابتها على القوانين التنظيمية واألنظمة الداخلية ملجلس ي البرلمان واملجالس
المنظمة بموجب قوانين تنظيمية في إطار رقابة وجوبية ،أما اختصاصات املحكمة التي ال
تمارسها إال بناء على إحالة اختيارية من طرف أصحاب الصفة ،فتتجلى في الرقابة على دستورية
القوانين وااللتزامات الدولية ،فأي تجديد حمله دستور 2011فيما يخص القضاء الدستوري
كمؤسسة تحرس الدستور وتمنع القوانين غير الدستورية من التسرب إلى النظام القانوني؟ وإلى
أي حد سيتم تزويد هذه المؤسسة باآلليات والوسائل من أجل حماية حقوق اإلنسان؟
يعتبر القضاء الدستوري من ضمانة األساسية لحماية المنظومة الحقوقية ،حين تناط
بالقاض ي الدستوري مسؤولية مر اقبة وتدقيق جميع التصرفات والقرارات ذات الطبيعة
الدستورية التي تقررها السلطات العمومية ،592مع العمل على حراسة الدستور و الحفاظ على
P 364 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
سموه أثناء ممارسة الرقابة على دستورية القوانين ،زيادة إلى البث في المنازعات الدستورية.593
في نفس اإلطار يكلف القاض ي الدستوري بمهمة تقدير الشرعية الشكلية والموضوعية
للقوانين ،وبالتالي احترام قاعدة سمو فصول الدستور الذي يقتض ي أن تكون وفق معايير
واضحة من أجل إرساء سياسة قضائية مضبوطة ومستقلة ،594وذلك حين يتحمل مهمة
المر اقب للبنية الدستورية تأسيسا على قانون أسمى ،595وفي ظل تراتبية قانونية تحكمها هرمية
القواعد القانونية ،وهو ما يستدعي أن تكون التشريعات المتعلقة بتقنين ممارسة الحقوق
الفردية والجماعية المنصوص عليها في الدستور ،متالئمة في مضمونها وأحكامها وإجراءاتها مع
ما حدده الدستور من ثوابت ومبادئ ،وما رسمه من مرجعيات ،منسجمة مع المواثيق الدولية
لحقوق األنسان التي صادق عليها المغرب ،596يعد القضاء الدستوري جهازا قضائيا صرفا من
بين األجهزة القضائية األخرى ،حيث تناط به مهمة حماية القوانين الدستورية ،597والحديث عن
مؤسسة القضاء الدستوري المغربي ،وأدوارها األساسية في تكريس الحقوق والحريات وفي إطار
السيادة ،598يقتض ي تأصيل هذا النوع من القضاء ،من خالل تتبع مسار تطوره ،وتطور وظيفة
واختصاصات القاض ي الدستوري في خضم هذا المسار ،وصوال إلى اإلحاطة بالكتلة الحقوقية
لدستور 2111والتي يتحمل القاض ي الدستوري مسؤولية حمايتها.
كما هو معلوم يعد القضاء الدستوري الحارس األمين لبوابة الشرعية ،والحامي للنظام
الديمقراطي وسيادة الدستور ،وهوضمانة كبرى لتحقيق دولة القانون ،كونه ينظم أجهزة الدولة
تنظيما يمنع االستبداد ويحول دون الطغيان ،ويقود إلى حماية حقوق األفراد وصيانة حرياتهم
593
- Louis Favoreu, Cours constitutionnelles, in dictionnaire constitutionnel, PUF, Paris, 1992, p 30.
-594محمد الغالي ،التدخل البرلماني في مجال السياسات( ، ) - 1984 - 2002المطبعة والوراقة الوطنية ،مراكش ،2001 ،ص .11
595
- Mohammed amine benabdallah , Le juge constitutionnel, protecteur des droits et libertés?, revue
Marocaine d’administration et de développement, N° 84/85, janvier- avril 2009, p 9.
-596عبد اإلله فونتير ،العمل التشريعي بالمغرب أصوله التاريخية ومرجعياته الدستورية دراسة تأصيلية وتطبيقية -،الجزء الثاني ،مطبعة
المعارف الجديدة ، 2002 ،الرباط ،ص. 59
597
- Charles Eisenman, La justice constitutionnelle et la haute cour constitutionnelle d’Autriche, LGDJ,
paris, 1928, p 10.
598
- Wagdi Sabète, pouvoir de révision constitutionnelle et droits fandamentaux épistémologiques,
constitutionnels et européens de la limitation matérielle du pouvoir constituant dérivé, Presses
universitaires de Rennes, 2006, p 113.
P 365 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
وعدم االلتفاف عليها ،هكذا ذهب جانب من الفقه الدستوري إلى اعتبار القضاء الدستوري
بمثابة سلطة رابعة ،تقف مكان المر اقب أمام السلطات الثالثة األخرى.599
هذا ،وقد أبانت التجارب التي مرت بها الدول التي تتبنى الرقابة على دستورية القوانين،600
أن القضاء الدستوري سواء كان متخصصا أو غير متخصص قد أدى وال يزال يؤدي دورا حيويا
في حماية الحقوق والحريات األساسية لألفراد ،كما تعد في نفس السياق العدالة الدستورية ركنا
أساسيا من أركان بناء النظام الديمقراطي ،والذي تم تطوير أساليبه وأشكاله من خالل تكريس
مبدأ سمو الدستور لتحقيق األمن القانوني ،ومر اقبة أعمال السلطات العامة بما يضمن
مطابقة تصرفاتها للدستور ،فإذا كانت األنظمة الديمقراطية قد اعتبرت الحقوق والحريات من
القضايا المركزية واألساسية ،والتي يجب أن تحاط بالقدر المهم من الحماية حتى يستطيع
المواطن التمتع بكل الحقوق المنصوص عليها من طرف المشرع الدستوري ،فإن ذلك يتطلب
منها إقرار منظومة كاملة من القواعد الدستورية من أجل حمايتها ،مع اختالف في النماذج
المعتمدة والمقاربات والتطبيقات في بناء نموذج العدالة الدستورية ،حسب السياقات التي تميز
كل نظام دستوري ،فرغم اختالف أشكال وإجراءات الرقابة على دستورية القوانين التي تمارسها
أجهزة العدالة الدستورية ،فإن الهدف من إحداثها هو التوفيق بين متطلبات األمن القانوني
الهادف إلي استقرار األوضاع الدستورية والقانونية ،وبين ضمان حماية فعالة للحقوق
والحريات باعتبارها ضمانة أساسية لكل نظام ديمقراطي.
وفي ذات السياق نجد أن المغرب لم يحد عن هذا المسلسل التطوري الطويل في
التأسيس التدريجي لمؤسسة القضاء ،إنطالقا مع دستور 1962يظهر للوجود في البدايات األولى
على شكل "لجنة دستورية مؤقتة" قبل أن يأخذ شكل "الغرفة الدستورية" التابعة للمجلس
األعلى 601املحدث سنة ،1957ليتم االحتفاظ بها خالل دستوري 6021971و ،6031172ومع
-599محمد أتركين ،الدستور والدستورانية من دساتير فصل السلط إلى دساتير صك الحقوق والحريات ،مطبعة النجاح الجديدة-الدار
البيضاء ،الطبعة ،2024ص.14
-600عبد المولى المسعيد ،المحكمة الدستورية في ظل دستور ، - 2011مجلة مسارات في األبحاث والدراسات القانونية ،العدد ،2041 ، 1
ص .40
-601تم إحداث الغرفة الدستورية بمقتضى الفصل - 100من دستور ، 1962الصادر بتنفيذه األمر بتاريخ 4نونبر. 1962
-602فصل - 93من دستور ، 1970الصادر بتنفيذه الظهير الشريف 1.70.177بتاريخ 31يوليوز. 1970
-603الفصل - 94من دستور 1972الصادر بتنفيذه الظهير الشريف 1.72.061بتاريخ 10مارس. 1972
P 366 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
هذا اإلحداث "املجلس الدستوري" ،جاء في خضم التطورات التي عرفها المغرب منذ
بداية التسعينات من القرن العشرين الماض ي ،فبعد "املجلس االستشاري لحقوق اإلنسان"
و"مشروع إحداث املحاكم اإلدارية" ،607يأتي التعديل الدستوري ،1992وعليه جاء التأسيس
القانوني في 21فبراير " 1994للمجلس الدستوري" كتتويج لهذه اآلليات الموظفة إلرساء وفتح
عهد جديد في المغرب.
ظل المشرع الدستوري المغربي واعيا باألهمية الحيوية لجهاز العدالة الدستورية في بناء
دولة معاصرة وديمقراطية ،608وهكذا أصبح املجلس الدستوري وبعد التأكيد عليه في دستور
،1996يحتل مكانة أساسية في سلم المؤسسات الدستورية ،باعتباره هيئة مستقلة عن القضاء
العادي تتمتع باإلضافة إلى االختصاصات السابقة للغرفة ،وألول مرة في المسلسل الدستوري
المغربي بسلطة الرقابة الدستورية على القوانين العادية التي تعتبر اختصاصا رئيسيا لكل
القضاء الدستوري ،وعليه فإن استقاللية هذه السلطة تجلت مظاهرها األولى في كون هذه
الوضعية الجديدة تم تعزيزها من جهة ،بالدستور نفسه حيث خصص للقضاء الدستوري في
-604أنظر الفصل - 76من دستور المملكة المغربية لسنة ، 1992الصادر بتنفيذه الظهير الشريف 1.92.155 ،صادر في
11من ربيع اآلخر 2 ( 1413أكتوبر.) 1992
-605أنظر الفصل - 78من دستور المملكة المغربية لسنة ، 1996الصادر بتنفيذه الظهير الشريف 1.96.157بتاريخ23
جمادى األولى( 4( 1417أكتوبر.) 1996
-606عبد العزيز النويضي ،المحكمة الدستورية ومسألة الدفع بعدم دستورية القوانين ،مطبعة النجاح الجديدة ، - 2019 ،الدار البيضاء ،ص
.34
-607في نفس الخطاب الملكي ليوم 2ماي 4220الذي ثم فيه تنصيب المجلس االستشاري لحقوق اإلنسان ألول مرة ،ثم اإلعالن عن
مشروع إحداث المحاكم اإلدارية والتي توجت في النهاية باإلحداث الفعلي لهذه المحاكم بمقتضى القانون ،14.20المنفذ بالظهير الشريف
رقم ،4.24.221الصادر في 22من ربيع األول 4141الموافق ل 40سبتمبر ،4223جريدة رسمية عدد ،1224بتاريخ 42جمادى
األولى 3(4141نوفمبر ،)4223ص.2412
608
- Mohammed Achargui, Le conseil constitutionnel du royaume du Maroc, NCCC, n° 30, Dalloz, Paris,
2011, p 213.
P 367 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
شكل املجلس الدستوري ،بابا خاصا 609به ،مختلف عن الباب املخصص للقضاء العادي ،ومن
جهة أخرى بالقانون التنظيمي المتعلق باملجلس الدستوري.610
أما على مستوى االستقالل اإلداري والمالي للمجلس ،نجد أن المصالح اإلدارية
واختصاصاتها تحدد بقرار من رئيس املجلس الدستوري ،611وأن رئيس املجلس هو اآلمر بصرف
إعتماداته ،وله أن يعين األمين العام آمر بالصرف وفق اإلجراءات والشروط المنصوص عليها في
القوانين واألنظمة المعمول بها في هذا املجال.612
وما زاد من استقاللية مؤسسة املجلس الدستوري ،كون سلطة قراراته أصبحت معبر
عنها بشكل واضح وصريح ،بحيث أخذت بمقتض ى الفصل 11من الدستور صفة القطيعة
والنهائية ،Définitivesوبالتالي أصبح لها حجية في مواجهة الكل ،بحيث ال تقبل قرارات املجلس
الدستوري أي طريق من طرق الطعن ،وتلزم كل السلطات العامة وجميع الجهات اإلدارية
والقضائية ،وعلى نفس منوال وفي إطار صيرورة تطور مؤسسة القضاء الدستوري ،أصبحت
عرضة لتساؤالت تطرح نفسها هو مدى استجابة هذه األخيرة للتطلعات التي رسمت لها عند
التأسيس حيث كان ينتظرمنها خلق مدرسة قانونية ذات الخصوصية المغربية في القانون العام
وفي القانون الدستوري ،مدرسة قانونية تجمع بين األصالة والحداثة في البنية والخالصات.
في و اقع الحال تميزت عملية الرقابة الدستورية خالل هذه المرحلة ،من جهة بالظهور
البطء والحذر و املحافظ ،من حيث قوة وحجم وطبيعة القرارات المتخذة من طرف املجلس
الدستوري ،ومن جهة أخرى ،بضعف المكانة والوظيفة على مستوى الهندسة القانونية وعدم
القدرة على منافسة باقي المؤسسات الدستورية ،وبمحدودية مجال ووسائل عملها.
-609الباب السادس من دستور 4أكتوبر ،4221الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 4.21.414ن الصادر في 23من جمادى األولى
،4144الموافق ل 4أكتوبر ،4221جريدة رسمية عدد ،1120بتاريخ 21من جمادى األولى 40(4144أكتوبر،)4221ص.2224
-610يحدد قانون تنظيمي قواعد تنظيم وسير المجلس الدستوري واإلجراءات المتبعة أمامه ،أنظر الفصل 20من دستور 4أكتوبر .4221
- 611المادة 32من القانون التنظيمي رقم ،22.23المتعلق بالمجلس الدستوري ،الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ،4.21.421الصادر
في 41من رمضان ،4141الموافق ل 21فبراير ،4221الجريدة الرسمية عدد ،1211الصادرة يوم األربعاء 2مارس .4221
-612المادة 10من القانون التنظيمي المتعلق بتنظيم وسير المجلس الدستوري ،رقم .22.23
P 368 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
ثانيا :تعزيز استقاللية القاض ي الدستوري مدخل من مداخل حماية الحقوق والحريات
بالمغرب .
كان المشرع الدستوري المغربي واعيا باألهمية الرئيسية لجهاز العدالة الدستورية في
بناء دولة معاصرة وديمقراطية ، 613حيث تتجه العدالة الدستورية بالمغرب نحو خطوة هامة
تتجسد باالنتقال من مؤسسة ضعيفة االستقالل واالختصاصات واإلمكانيات ،قليلة االنفتاح
على املجتمع ،إلى مؤسسة قائمة بذاتها تتوفر على ضمانات أكبر لالستقالل ،مقارنة مع الغرفة
الدستورية ،في هذا اإلطار جاء دستور 2111بمقتضيات جديدة بخصوص عضوية املحكمة
الدستورية ،حيث مزج بين التعيين واالنتخاب ،ونص على شروط يجب توفرها في أعضاء املحكمة
الدستورية ،من اجل النهوض بمسؤولياتهم باستقاللية وتجرد.614
إن القراءة الفاحصة في مقتضيات الفصل 131من الدستور المغربي ،لسنة ،2111
تجعلنا نقف عند عدم ورود ما يفيد أن انتخاب البرلمان ألعضاء املحكمة الدستورية يكون ضمن
أعضاء البرلمان ،مما يفتح إمكانية انتخاب أعضاء من خارج البرلمان ،واالستفادة من كفاءات
613
- Mohammed Achargui, Le conseil constitutionnel du royaume du Maroc, NCCC, n° 30, Dalloz, Paris,
2011, p 213.
-614عبد المولى المسعيد ،المحكمة الدستورية في ظل دستور ، - 2011مجلة مسارات في األبحاث والدراسات القانونية ،العدد، 1
،1026ص .26
- 615أحمد غزال ،قراءة حول اختصاصات المحكمة الدستورية وفقا للقانون التنظيمي رقم ،11.43المجلة المغربية لإلدارة المحلية
والتنمية ،عدد ،442/444يوليوز /أكتوبر ،2041ص .20
P 369 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
قانونية وقضائية وفقهية ،وفي المقابل اكتفى القانون التنظيمي بإعادة ما نص عليه الدستور
دون التفصيل في القيود الدستورية على عضوية املحكمة ،أو في طريقة الترشح لعضوياتها مما
يجعل تعاطي المشرع مع هذه الشروط دون المستوى لما لها من أثر في الرفع من كفاءة أعضاء
املحكمة ودعم كفاءتها ،فإذا كانت وظيفة الدستور تحدد المبادئ العامة والتوجهات الكبرى،
فإن وظيفة القانون التنظيمي التدقيق فيها وجعلها ،أكثر قابلية للتدقيق ،وهو ما يكون معه
القول أن المشرع قد أغفل التفصيل في أحد أهم المبادئ في تشكيل املحكمة الدستورية.616
وفي هذا السياق من أجل النهوض بدور القاض ي الدستوري في مسار حماية الحقوق
والحريات األساسية ،اقترح املجلس الوطني لحقوق اإلنسان خيارين من أجل انتخاب البرلمان
أعضاء املحكمة الدستورية ،ويتمثل الخيار األول في إطالق رئيس ي البرلمان إعالنا للترشيح
واستقبالها لدى المكتب ،ثم انتقاء أولى للمرشحات والمرشحين على أساس دراسة الملف
وإجراء مقابلة مع المرشح الذي اجتاز مرحلة االنتقاء األولى ،وصوال ألخر مرحلة وهى انتخاب
ا لمرشحين والمرشحات المقدمين من كل مجلس ،بمعدل ثالثة مرشحين لكل مقعد ،وهى نفس
المسطرة في حال التجديد ،أما السيناريوالثاني ،فهو مماثل لألول إال فيما يتعلق بتقديم الترشيح
الذي تضعه الفرق واملجموعات النيابية ،وبالنسبة للخيارين معا يقترح فيها املجلس تخصيص
مقعد واحد للنساء بالنسبة لكل غرفة ،لكن القانون التنظيمي لم يأتي بهذه المقتضيات.
إن تغيير طريقة تعيين األعضاء الستة المنبثقين عن البرلمان ،يمكن أن يعترضها بعض
العر اقيل نتيجة الخالفات السياسية بين األحزاب ،وإمكانية عدم اكتمال نصاب الثلثين ،وهو ما
فطن إليه المشرع الدستوري ،بتنصيصه على أن تمارس املحكمة الدستورية اختصاصاتها إذا
تعذرعلى املجلسين أوعلى أحدهما انتخاب األعضاء وفق نصاب ال يحتسبون فيه ،رغم أن دستور
2111لم يشر إلى اإلمكانية التي يتعذر معها تعيين أعضاء املحكمة الدستورية يكون بمبادرة
ملكية ،وفي هذا اإلطار نستحضر عدم تعيين الملك ألعضاء املجلس الدستوري الذي نص عليه
دستور 1992إال في مارس ،1994كما لم يعين أعضاء املجلس الدستوري الذي نص عليه دستور
1996إال في 1يونيو ،1999ولم يتمكن رئيسا البرلمان من ممارسة اختصاصاهما إال بعد مرور
فترة طويلة ،انتظارا للمبادرة الملكية ،ومع ذلك فإن الحق الذي أعطى للمعينين من طرف
الملك ،لم يعطى للشق المعين من طرف البرلمان ،وبالتالي هناك من يرى أنه ال يمكن للمحكمة
- 616رشيد المدور ،تطور الرقابة الدستورية في المغرب :الغرفة الدستورية ـ المجلس الدستوري ـ المحكمة الدستوري ،مجلة دراسات
دستورية العدد 1سنة ،2041ص .12
P 370 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
الدستورية أن تصدر قرارتها إذا تعذر على الملك تعيين األعضاء الستة ،في المقابل احتاط
المشرع من إمكانية تعذر مجلس ي البرلمان أو احدهما من انتخاب أعضاء املحكمة الدستورية،
خاصة إذا استحضرنا النصاب المرتفع في ذلك وهو الثلثين.
من أجل إحاطة عملية انتخاب أعضاء املحكمة الدستورية من قبل البرلمان بالشفافية
والمصداقية ،نص القانون التنظيمي على إمكانية الطعن في عملية ونتائج انتخابات أعضاء
املحكمة الدستورية داخل أجل 1أيام من تاريخ إعالن النتائج ،وبالتالي إمكانية الطعن في انتخاب
كل عضو ال تتوفر فيه الشروط الدستورية ،المتمثلة في الكفاءة والتجربة والنزاهة والتجرد،
باإلضافة إلى مدى احترام اإلجراءات القانونية المنظمة لعملية الترشح ،مما سيشكل ضمانة
مهمة في تشكيل املحكمة الدستورية ،حفاظا على سمعة وهيبة المؤسسة وضمانا لجودة
قراراتها.
إذا كانت الدساتير السابقة لم تنص على الشروط الواجبة توفرها في القاض ي
الدستوري ،فإن دستور 2111تجاوزالتعيين الذي تحضرفيه الحسابات السياسية الضيقة ،إلى
االختيار المبنى على مجموعة من الشروط بالنظر إلى المسؤولية الجسيمة والمكانة الهرمية
للمحكمة الدستورية ،خاصة إذا أخذنا بعين االعتبار االختصاص الجديد للمحكمة الدستورية
المتمثل في النظر في الدفع بعدم دستورية القوانين ،وهو ما يحتم ترشيح نساء ورجال القضاء
والقانون األكفاء ،بعيدا عن كل التأثيرات السياسية.617
حيث تعاملت الدساتيرالسابقة مع العضوية بشكل عددي فقط ،واختارت السكوت عن
كفاءة العضو وتكوينه ،في حين أن دستور ،2111وضع شروطا من أجل اختيار أعضاء املحكمة
الدستورية ،تتمثل في الكفاءة والنزاهة ،والتجرد والتجربة الواسعة ،618وإذا كانت هذه
االشتراطات عامة وغيردقيقة ،فإن األمرموكول للقانون التنظيمي المتعلق باملحكمة الدستورية
من أجل التدقيق في هذه المؤشرات اإليجابية ،من أجل توفرالقدرالالزم من الشروط الدستورية
الواجب توفرها في أعضاء املحكمة الدستورية ،نص النظام الداخلي ملجلس المستشارين على
إمكانية أن يستعين مكتب مجلس المستشارين بلجنة علمية مساعدة مؤلفة من قاضيين
-617محمد األزهر ،السلطة القضائية في الدستور ،دراسة قانونية ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،2043 ،ص.221
- 618عبد المولى السعيد ،المحكمة الدستورية في ظل دستور ، 2044مجلة مسارات في األبحاث والدراسات القانونية ،العدد ،2041 ،4
ص .41
P 371 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
بمحكمة النقض وأساتذة جامعيين في كلية الحقوق ،أو أية لجنة علمية أخرى ،قصد دراسة
ملفات المرشحات والمرشحين للعضوية باملحكمة الدستورية ،مع إمكانية االستعانة بها عند
إجراء المقابلة الشخصية مع المرشحات والمرشحين الذين اجتازوا المرحلة األولى ،باإلضافة
إلى ذلك تعد استقاللية القاض ي الدستوري حجر الزاوية في تجسيد العدالة الدستورية ،بحيث
سعى الدستور ،والقوانين ذات الصلة بالقضاء الدستوري المغربي إلى تعزيزاستقاللية القاض ي
الدستوري المغربي.619
نظرا لما تتمتع به المقتضيات الدستورية من إلزامية وقوة قانونية في مواجهة جميع
السلطات ،620فإن الدساتير الوطنية تمثل المدخل القانوني األول واألساس ي ألي سياسة
تشريعية تستهدف إعمال االلتزامات الدولية الخاصة باحترام حقوق اإلنسان والسعي إلى تحقيق
المطابقة والمالئمة التدريجية بين القانون الدستوري والدولي ،وهى العملية التي بدأتها مجموعة
من الدساتير التي تلت الحرب العالمية الثانية واستمرت بمستويات مختلفة مع دساتير عديدة
بعد والدة القانون الدولي لحقوق اإلنسان و اتسع نطاقها أكثر مع بداية عقد التسعينات من
القرن الماض ي ،621هكذا ،يعتبرالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية مرجعا دوليا
بالنسبة لهذه الحقوق ،حيث ألزم الدول األطراف باحترامها وبكفالتها ،بواسطة اتخاذ تدابير
تشريعية تحمي الحقوق المعترف بها في هذا العهد ،هذا ما ترجمه المغرب من خالل دستور
المملكة لسنة 2111وتجاوب معه ،استجابة لمطلب الحركة الحقوقية المتمثل في الدعوة إلى
دستورحقوق مفصل والذي سرعان ما توج بتخصيص الباب الثاني منه للحقوق والحريات ،كما
كرس مفهوم المواطنة ،بحيث أدمج بعد الفرد داخل الفضاء الدستوري ،وذلك بنسج عالقات
ال تهم فقط المؤسسات ،بل أيضا الزوج مؤسسة /مواطن بانفتاح األولى على مطالب الثانية.622
إن الوقوف على التأصيل الدستوري للحقوق في دستور 2111تمليه الضوابط المنهجية وذلك
للوقوف عند تأسيسه الحقوقي ومدى دمجه للمرجعية الدولية لحقوق اإلنسان ،كما حاولت
- 619عبد العزيز النويضي ،المحكمة الدستورية ومسألة الدفع بعدم دستورية القوانين ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،2042 ،ص
.40
620
- Louis Favoreu, rapport générale introductif in « la protection des droits fondamentaux par les juridictions
constitutionnelles en Europe », RIDC, N° 2, Paris, avril/ juin 1981., p 273.
- 621العزاوي عبد الرحيم ،القضاء الدستوري المغربي ودوره في حماية الحقوق والحريات-من الغرفة الدستورية إلى المحكمة الدستورية،
مقال منشور على الموقع اإللكتروني ،https://democratice.de،تاريخ االطالع ،2023/02/30على الساعة .41:41
- 622محمد أتركين ،الدستور والدستورانية من دساتير فصل السلط إلى دساتير صك الحقوق ،مطبعة النجاح الجديدة_الدار البيضاء،
الطبعة األولى ،2004ص .443
P 372 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
الوثيقة الدستورية أن تكفل ضمانات من شأنها القطع مع الممارسات الماضوية 623عن طريق
دسترة مجموعة من المؤسسات الوطنية مما يستوجب ضرورة تعميق البحث الجوانب
المتعلقة بالحقوق والحريات في الوثيقة الدستورية.
تحتل الحقوق المدنية حيزا مهما داخل المنظومة الحقوقية العالمية ،حيث تم
التنصيص عليها في اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان لسنة ،1941والذي يعتبر بداية التأريخ
الحقيقي لحقوق اإلنسان ،كتشريع غير ملزم لعدم ربطه بين الجزاء وفكرة اإللزام ،624كما تم
التنصيص عليها في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
وفي ذات السياق لقد نص دستور 2111على أن الحق في الحياة هو أول الحقوق لكل
إنسان ،ويحمي القانون هذا الحق ،625لتتم دسترة هذا الحق الذي يأتي في الدرجة األولى في سلم
الحقوق ،وكتجاوز لعدم تضمين الدساتير المتعاقبة التنصيص على هذا الحق وحمايته التي ال
تتحقق بدون إيجاد السبل لمنع القتل ،هكذا فإن مفهوم الحق في الحياة ال ينحصر في المعنى
الفيزيائي أي بقاء اإلنسان حيا ،626بل يجب أن يشمل اتخاذ إجراءات لتأمين الحياة والحفاظ
عليها ،وهذا ما ينسجم مع ما نص عليه المشرع عند تنصيصه على أن القانون يحمي هذا الحق،
حيث استعمل المشرع في الفصل المذكور تعبير "لكل إنسان" ،للداللة على أن الحياة هي ملك
لكل إنسان ،بغض النظر عن الظروف والمالبسات املحيطة به ،وحماية القانون لهذا الحق لن
تكون إال بإلغاء أي فعل أو إجراء يهدف إلى إزهاق الروح البشرية وفي هذا السياق نص الدستور
على الحق في األمن والسالمة الشخصية ،فلكل فرد الحق في سالمة شخصه و أقربائه وحماية
ممتلكاته ،627وكما اعتبرالمشرع الدستوري أن االعتقال التعسفي أوالسري أواالختفاء القسري،
من أخطرالجرائم وتعرض مقترفيها ألقس ى العقوبات ،628األمركذلك لحرمة المنزل والتي ترتبط
- 623جواد الرباع ،دستور 2044وإشكالية االنتقال الديمقراطي بالمغرب،أشغال الندوة الوطنية :الدستور الجديد 2044وثيقة جوهرية
لإلنتقال الديمقراطي في النغرب ،مراكش ،بتاريخ 22نونبر .2042
- 624يوسف البحيري ،حقوق اإلنسان المعايير الدولية وآليات الرقابة،المطبعة الوطنية للداوديات ،الطبعة األولى ،مراكش ،2040ص.21
- 625الفصل 20من دستور .2044
-626يوسف البحيري ،حقوق اإلنسان المعايير الدولية وآليات الرقابة ،مرجع سابقن ص.13
- 627الفصل 24من دستور المملكة المغربية لسنة .2044
- 628الفصل 23من دستور المملكة المغربية لسنة .2044
P 373 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
بالحياة الخاصة للفرد وكونها مستودع أسراره ،لهذا ال تنتهك حرمة المنزل وسرية االتصاالت
الشخصية.629
وكما جاءت الوثيقة الدستورية بأبرزمستجد بتنصيصها على أن ممارسة التعذيب بكافة
أشكاله ومن قبل أي أحد ،جريمة يعاقب عليها القانون ،630فتجريم التعذيب غاب عن الدساتير
المغربية المتعاقبة ،باستثناء الصياغة املحتشمة للفصل 11من دستور ،6311996والذي كانت
تلجأ إليه الجهات الرسمية لتستشهد به أمام لجان المر اقبة على منع الدستور المغربي
للتعذيب ،632ليمنع دستور 2111صراحة إمكانية اللجوء إلى التعذيب في جميع الظروف ولو كانت
استثنائية ،فهي ال تبرر اللجوء إلى للتعذيب 633باعتباره من أبشع جرائم انتهاك حقوق اإلنسان،
كما أن استخدامه يشكل مساسا بشروط وضمانات ما قبل املحاكمة العادلة ،ألنه يهدف إلى
الحصول على األقوال واالستشهاد بها في محاضرالشرطة القضائية ضدا على المتهمين ،وفي ذات
السياق يندرج ضمن الحقوق المدنية حرية التنقل الذي نص عليها اإلعالن العالمي للحقوق
اإلنسان ،واعتبرأن من حق هذا األخيراختيارمحل إقامته داخل حدود الدولة أو مغادرتها حسب
المادة 13من اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان ،كما كرسه العهد الدولي الخاص بالحقوق
المدنية والسياسية بعدم جوازتقييد حرية التنقل بأي قيد غيرالذي ينص عليه القانون ،وبعيدا
عن التعسف ،هكذا نجد دستور 1996نص على حرية التجول وحرية االستقرار بجميع أرجاء
المملكة ،634ليتجاهل حرية الشخص في مغادرة الوطن والعودة إليه ،أما دستور 2111فقد تجاوز
هذا الخلل بنصه على أن حرية التنقل عبر التراب الوطني واالستقرار فيه والخروج منه والعودة
إليه ،مضمونة للجميع وفق القانون.635
-2الحقوق السياسية:
P 374 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
اإلنسان دون حرية التعبير ،وخاصة تلك المرتبطة بالمشاركة السياسية ،كحق طبيعي لإلنسان،
نصت المادة 19من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على حق كل شخص في
التمتع بحرية الرأي والتعبير ،ويشمل هذا الحق حريته في اعتناق اآلراء بدون مضايقة وفي التماس
األنباء واألفكار وتلقيها ونقلها إلى األخرين ،بأية وسيلة ودونما اعتبار للحدود ،أما دستور 2111
فاعتبر حرية الفكر والرأي مكفولة بكل أشكالها ،وحرية اإلبداع والنشر مضمونة ،636لتتطابق
صياغة الفصل 25من الدستورالمغربي لسنة ،2111مع نظيرتها في الفصل 9من دستور ،1996
مع إضافة حرية الفكروحرية اإلبداع والنشر ،علما بأن دستور 1996لم يشرإلى الحق في اإلعالم
بالتماس األنباء واألفكار ،وتلقيها ونقلها إلى اآلخرين خاصة وأن مذكرات حقوقية ركزت على
الوضع الحرج الذي تعيشه حرية الصحافة ببالدنا إيمانا بالدورالذي يضطلع به اإلعالم في تعزيز
حقوق اإلنسان ،ونشرتطلعات الشعوب وفضح االنتهاكات والخروقات.637
تعد ضمانات استقاللية املحكمة الدستورية ونوعية اختصاصاتها ،مؤشرا حاسما في بناء
قضاء دستوري مستقل ،ومن أجل مراكمة اجتهاد قضائي في مجال حقوق اإلنسان ،خاصة إذا
أخذنا بعين االعتبار أن إثارة موضوع الحقوق يكون دائما في مواجهة السلطة ،ليطرح التساؤل
حول اإلمكانيات والوسائل التي منحت للقاض ي الدستوري ،وهل هي كفيلة بنهوضه بوظيفة
حماية حقوق اإلنسان؟
إن مقاربة اإلشكالية األساسية ،يقتض ي إعمال مقاربة قضائية وقانونية ،من خالل
الوقوف على البعض ما راكمه القضاء الدستوري المغربي ،من قرارات وأحكام في مجال حماية
الحقوق والحريات ،واالنفتاح على الدفع بعدم دستورية القوانين كآلية دستورية جديدة من
شأنها إعمالها إحداث نقلة نوعية في املجال الحقوقي بالمغرب.
P 375 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
تحظى املحكمة الدستورية بمهمة مر اقبة تمتع المواطنين بالحق في الترشح ،و اكتسابهم
شرط أهلية الترشيح للمشاركة في االستحقاقات االنتخابية ،وفي هذا الصدد اعتبرت أن الطعن
في ترشيح مترشح بدعوى أنه ينتمي لحزب سياس ي غيرالذي ترشح باسمه لالنتخابات دون أن يقدم
استقالته ،ادعاء لم يدعم بأي حجة تثبته ،مما يكون معه غير جدير باالعتبار ،638وقد قدم
المطعون في انتخابه رسالة االستقالة من جميع المهام في الحزب والتي تتضمن خاتم توصل
األمانة العامة للحزب ،639كما لجأ طاعن أخر إلى استعمال وسيلة تنطوي على مناورات كدليل
من أجل إثبات و اقعة الترشح باسم حزب غير الذي ينتمي إليه المطعون في انتخابه ،حيث
تتلخص في حصول الطاعن على رسالة من األمين العام لحزب المطعون في انتخابه ،كجواب على
رسالته "طلب معلومات" ،مفادها أن المطعون في انتخابه لم يقدم استقالته من الحزب ،وقد
واجه المطعون هذا الدفع باإلدالء بأصل وصل الفاكس المرسل إلى الحزب لتقض ي املحكمة
بصحة ترشيحه.640
تربط املحكمة الدستورية في ترتيب جزاء إلغاء االنتخاب بسبب عدم التمتع باألهلية،
بالجرائم التي قد يرتكبها المرشحون ،والتي تكون موضوع متابعات أمام القضاء ،حيث ذهبت
املحكمة إلى أن ارتكاب جريمة النصب واالحتيال وعلى فرض صحته ،فإن المطعون في انتخابه
يتمتع بقرينة البراءة ،مادام لم يصدر في حقه حكم نهائي ،641كما اعتبرت املحكمة صدور قرار
محكمة النقض بقبول إعادة النظر في قرار املجلس األعلى ،ونقض و إبطال القرار الصادر عن
محكمة االستئناف بحرمان المعني باألمرمن حق الترشيح لمدتين انتخابيتين ،يكون معه المآخذ
المتعلق باألهلية غير قائم على أساس قانوني ،642في المقابل فقد قضت املحكمة بإلغاء انتخاب
مرشح سبق إدانته بسنة واحدة حبسا نافذا ،من أجل ارتكاب جناية ،ورأت املحكمة أن استعادة
المعني باألمر األهلية االنتخابية ال ينتج عنها اكتسابه ألهلية الترشيح ،كما ألغت انتخاب مرشح
صدرفي حقه قراربالعزل من مهام رئاسة املجلس الجماعي ،بعد أن أصبح قرار نهائيا.643
P 376 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
ال تقتصر اختصاصات املحكمة الدستورية على مر اقبة دستورية القوانين واألنظمة
الداخلية للبرلمان فقط ،بل تتعداها بفرض رقابتها على االنتخابات كضمانة لصيانة حق األفراد
في المنازعة السياسية في مجال تدبير الشأن العام ، 645كما تشمل رقابة املحكمة الدستورية
عمليات االستفتاء وإجراءات المراجعة الدستورية ،كما وجب التذكير أن مفهوم صدقية
االقتراع يبقى في قلب العملية االنتخابية ،وبصرف النظرعن النقاش الدائرحول طبيعة كنه هذا
المفهوم ،واإلشكاالت التي يطرحها ،فإن ما يهم القاض ي الدستوري هو االطمئنان إلى أن النتيجة
المعلنة هي تعبيرو انعكاس حقيقي إلرادة الناخبين.
لقد ذكرت املحكمة في مجموعة من القرارات بضرورة احترام صدقية وشفافية االقتراع،
فعلى سبيل المثال ،جاء في القراررقم 36/17م إ الصادرفي 5سبتمبر ،2117الذي أعلن فيه عن
P 377 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
إلغاء انتخاب أحد أعضاء مجلس النواب ،حسب ما يلي":وحيث إن و اقعة توزيع إعالنات
انتخابية مجزأة لألئحة الترشيح المعنية ،وعدم إدالء المطعون في انتخابه بإعالن انتخابي
يتضمن صور وبيانات جميع المرشحين بالئحة ترشيحه ،يشكل إخالال بصدقية وشفافية
االقتراع ،ويعد مناورة تدليسية هدفها إخفاء صور وبيانات بعض المرشحين للتأثير على إرادة
الناخبين ،وال يمكن أن تتحقق سالمة وصدقية اإلقتراع بدون ضمان احترام مبدأين ،وهما مبدأ
المساواة ،ومبدأ الحرية.
منحت املحكمة الدستورية لهذا المبدأ عناية بالغة ،اعتبارا لكونه أحد المبادئ
األساسية في الديمقراطية ،وهو بمثابة حجر الزاوية في دولة القانون ،ويعني هذا المبدأ ضمان
التزام مختلف المرشحين بتنظيم حملة تحترم كرامة المنافس ،اعتبارا إلى أن االنتخاب ليس
معركة تبيح كافة الممارسات ،ولكنه منافسة سياسية تتطلب التقيد بالقواعد والضوابط التي
يفرضها اإلطار القانوني المنظم لها وخاصة ما يتعلق بالحملة االنتخابية ،ويعود إلى املحكمة
الدستورية ضمان التوازن بين حرية التعبير التي هي في قلب املجتمع الديمقراطي ،وبعض
السلوكيات الممارسة أثناء الحملة االنتخابية ،وتستند في معالجتها لهذا البعد على القانون
57.11المتعلق باللوائح االنتخابية العامة وعمليات االستفتاء واستعمال وسائل االتصال
السمعي البصري العمومية خالل الحمالت االنتخابية واالستفتائية ( 21أكتوبر.)2111
هذا ،ويتمتع كافة المرشحين سواء تعلق األمربالالئحة أو االقتراع الفردي بنفس شروط
المنافسة ،التي يقرها اإلطار القانوني المنظم لالنتخابات ،ويصبح هذا المتطلب أكثر إلحاحية،
خاصة انه من الناحية العملية ،قد ال يوجد المرشحون دائما في نفس الوضعية إزاء تنظيم
الحملة االنتخابية ،ويبرز هذا التفاوت عندما يتعلق األمر بمرشحين يوجدون في وضعية أسهل
فيما يتعلق بالولوج إلى الوسائل العمومية لتسخيرها خالل الحملة االنتخابية ،وقد كانت
املحكمة حاسمة في هذا الميدان اعتبارا إلى أن احترام مبدأ المساواة يتسع ليطرح مبدأ أخر
يتعلق بتخليق الحياة السياسية ،األمرالذي تطلب من القاض ي الدستوري أن يسن بعض قواعد
األخالقيات .
في هذا السياق ،فقد ألغت املحكمة الدستورية انتخاب عضو بمجلس النواب ،بموجب
القرار رقم 17/11م.إ الصادر في 6يونيو 2117عندما تبين لها أن المطعون في انتخابه ،الذي هو
P 378 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
نفس الوقت رئيس جماعة ترابية ،قد سخر وساءل الجماعة خالل حملته االنتخابية ،وذلك
بمناسبة تنظيم مهرجان انتخابي بإحدى الساحات بالدائرة االنتخابية ،مما يشكل خرقا للمادة
37من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب ،في نفس اإلتجاه ال تتردد املحكمة الدستورية
في اللجوء إلى التحقيق كلما اقتنعت بضرورة تفعيل هذه المسطرة للتأكد من صحة ،أو عدم
صحة اإلدعاءات الواردة في عريضة الطعن.646
-2حرية الناخب:
ال يمكن أن تتحقق صدقية االقتراع إذا شابته شوائب أثرت على حرية الناخب في اختيار
الالئحة ،أو المرشح الذي يصوت عليه حسب قناعاته ،ويعمل القاض ي الدستوري على التحقق
من توفرالشروط التي تضمن حرية الناخب ،ومن بين العوائق التي قد تمنع تحقيق ذلك معرفة
خيارات وإرادة الناخب ،التي قد ال تتحقق إذا لم يكن ملما برهان وحاملي المشروع االنتخابي
لذلك ،فقد أكدت املحكمة في قراراتها على هذا التوجه ،فعلى سبيل المثال جاء في القرار رقم
35/17م.إ ،الذي ألغت بموجبه انتخاب أحد األعضاء ما يلي" :وحيث أن المادة األولى من القانون
التنظيمي المتعلق بمجلس النواب تنص على أن أعضائه ينتخبون باالقتراع العام المباشر عن
طريق االقتراع بالالئحة" ،وطبيعة هذا النمط من االقتراع تستلزم كشف هوية جميع المرشحين
والبيانات التي تخصهم بما يؤمن للناخبين حرية االختيار ،وحيث إن المادة 23من القانون
التنظيمي المذكور ،لئن أكدت أنه يجب عند التصريح بالترشيح ،أن تتضمن كل الئحة من لوائح
الترشيح عددا من األسماء يعادل المقاعد الواجب شغلها ،فإن هذا الشرط يمتد كذلك إلى
اإلعالنات االنتخابية التي يجب أن ال تخفي أحدا من المرشحين في الالئحة المعنية بما يحجب
المعطيات الكاملة المتعلقة بهم جميعا ،التي من شأنها تأمين اختيارحرونزيه للناخبين.
وفي ذات التوجه ،فقد جاء في القرار رقم 33/17م.إ الصادر بتاريخ 23أغسطس 2117
الذي قررت فيه املحكمة إلغاء انتخاب نائبين في إحدى الدو ائراالنتخابية ما يلي :حيث إن توجيه
خطاب في تجمع انتخابي يجب أن ال يستغل فيه العمل الخيري وال أن يوظف لدواع انتخابية ،وأن
يوظف لدواع انتخابية ،وأن ما تم الوعد به خالل هذا التجمع من تسليم الناخبين بطاقات من
أجل االستشفاء املجاني بمص حة خاصة ،يشكل العناصر الكاملة ملخالفة الوعد بهبات عينية،
غايتها األساسية التأثير في الناخبين للتصويت لفائدة المطعون في انتخابهما كما هو منصوص
-646أعمال الندوة الدولية المنظمة من طرف المحكمة الدستورية للملكة المغربية بشراكة مع أكاديمية المملكة المغربية ،تحت عنوان
الولوج إلى العدالة الدستورية "الرهانات الجديدة للرقابة البعدية على دستورية القوانين" ،مراكش 24/22شتنبر ،2042ص. 443
P 379 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
عليها في المادة 62من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب ،وحيث إنه بالنظرإلى كل ذلك،
فإن هذه املخالفة كان لها تأثير على إرادة الناخبين ،ومساس بصدقية االقتراع ،هكذا تقر وتجزم
املحكمة الدستورية على استبعاد الوعود التي من شأنها أن تؤثرفي إرادة الناخب.
ثالثا :الدفع بعدم دستورية القوانين كآلية حديثة لتكريس الحقوق والحريات.
في فلسفة أي نظام دستوري ديمقراطي يجب أن يكون الدستورانعكاسا لعدالة دستورية
متوازنة بين السلطة والحرية ،وهو ما يتطلب مواجهة تحدي خطرين هامين :خطردولنة القانون
من خالل حصر مراجعة القضاء الدستوري في المؤسسات الدستورية برلمانا وحكومة فقط،
وخطر فردنة القانون من خالل فتح مجال مراجعة القضاء الدستوري للمواطنين كافة ،وما
يستتبع ذلك من تراجع لهيبة سيادة القانون في ظل تنامي ظاهرة العولمة وحقوق الهويات
واألقليات الفردية والجماعية ،فالدستور الحقيقي هو الذي يكون قياد على السلطات ،وضامنا
للحريات.
-647كيوة عبد المنعم ،القيود الدستورية على الحقوق والحريات ،الكتاب السنوي األول للمنظمة العربية للقانون الدستوري ،السنة -2041
،2041ص .42
648
-Georges Vedel, Manuel élémentaire de droit constitutionnelle, Dalloz, Paris, 2002, p 122.
-649محمد رفعة عبد الوهاب ،رقابة دستورية القوانين المبادئ النظرية والتطبيقات الجوهرية ،دار الجامعة الجديدة ،2002 ،ص.212
-650الفصل - 129من دستور المملكة المغربية لسنة. 2011
P 380 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
جديدة من حيث تشكيلتها واختصاصاتها ،حيث اعترفت لألفراد بحق ممارسة الدفع بعدم
دستورية القوانين أثناء النظر في النزاعات ،األمر الذي يشكل ضمانة مهمة بالنسبة لمنظومة
الحقوق والحريات.
إذ يمكن للقاض ي 651استبعاد القانون الذي من املحتمل أن يؤثر سلبا على حقوقهم
وحرياتهم 652إذا دفع أحد األطراف بذلك ،احتراما لمشروعية التصرفات التي تتخذها السلطات،
وضرورة مطابقتها للدستور في شتى أصناف القوانين والمراسيم التي تصدرها الدولة ،653ليهدف
منح األفراد الحق في الدفع بعدم دستورية القوانين ،إلى سد النقص وتشكيل قيد فعلي على
النصوص التي خرجت من دائرة الرقابة السابقة ،اعتمادا على عالقة سببية بين القانون
المطبق و انتهاك حق من حقوق المواطن ،654بعيدا عن االعتبارات السياسية للرقابة السابقة.
وبالنتيجة لم يعد حق إحالة القوانين غير الدستورية على املجلس الدستوري "سابقا" قاصرا
على السلطتين التشريعية والتنفيذية ،بل أصبح حقا مكتسبا للمتقاضين بعد دسترة حق
المواطن المتقاض ي في الدفع بعدم الدستورية أثناء نزاع قائم أمام القضاء ،مما جعل معظم
الفقه الدستوري يصفونه ب "الثورة الحقوقية الحقيقية وبالنقلة النوعية في مجال تعزيز
الحماية الدستورية للحقوق والحريات. 655
لقد أصبحت العدالة الدستورية 656ركيزة أساسية في تعزيز حق األفراد في االلتجاء إلى
القضاء ،ليعرضوا عليه أمرهم ويطلبوا إليه إنصافهم من ظلم أو اعتداء أو انتهاك يعتقدون
وقوعه على حقوقهم المضمونة دستوريا ،657و من ثم فإننا نتفق مع القائلين بأنه إذا كان القرن
-651نور الدين أشحشاح ،الرقابة على دستورية القوانين في المغرب دراسة مقارنة ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام،
كلية -
العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية أكدال ،جامعة محمد الخامس الرباط ،السنة الجامعية ، 2000 - 2001ص486
وما بعدها.
-652طارق التلمساني ،ما بين طبيعة واختصاصات المحكمة الدستورية ،ضمن القضاء الدستوري بالمغرب ،المحكمة-
الدستورية ونظم الرقابة على دستورية القوانين ،مجلة مسالك في الفكر والسياسة واالقتصاد ،عدد ، 2016 ، 37 / 38ص. 78
-653الذهبي بدر ،حق الدفع بعدم الدستورية بين الدستور المغربي والنموذج األلماني ،مجلة مسالك في الفكر والسياسة-
واالقتصاد ،العدد ، 38 / 37مرجع سابق ،ص. 88
-654عثمان الزياني ،المواطن والعدالة الدستورية ،ضمن المحكمة الدستورية في المغرب نحو رؤية استشرافية ،مجلة الحقوق،
الطبعة األولى ،دار النشر المعرفة ، 2014 ،ص. 79
-655د عليان بزيان ،أثر اإلحالة القضائية للدفع بعدم الدستورية على عقلنة رقابة دستورية القوانين الماسة بالحقوق والحريات ،مجلة
القانون الدستوري والعلوم اإلدارية ،العدد الثاني ،فبراير ،2042المركز الديمقراطي العربي ،ألمانيا ،ص .241
656
-Commission de VENISE, Etude sur l’accès individuel à la justice constitutionnelle, étude n° 548/1119,
Strasbourg, p 22, site officiel de la commission: www.venice.ceo.int, consulté le: 22/05/1013 à 22h30.
-657د عبد العزيز محمد سلمان ،نظم الرقابة على دستورية القوانين دراسة مقارنة ،سعد السمك للمطبوعات القانونية ،القاهرة،2000 ،
ص .442
P 381 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
التاسع عشر هو "قرن البرلمانات" فإن القرن العشرون هو "قرن املحاكم الدستورية" على حد
تعبيرالفقيه الدستوري "دومينيك روسو.658
إن طبيعة عمل املحكمة الدستورية كهيئة مكلفة بالرقابة على الدستورية ،يفرض أن
تتمتع بقدر من السلطة في مجال التأويل ،وهامش من الحرية أثناء فحص الدستورية ،659مما
يطرح إشكاال حول مفهوم التأويل 660الذي يمارسه القاض ي الدستوري ،وكذا منهجه وأدو اته
وتقنياته والمرجعيات المستحضرة أثناء البت في نازلة معينة ،661وهو ما يجعل مهمة حماية
حقوق المواطن وحرياته تتوقف عند مدى تحرره واستقالليته ،باإلضافة إلى محددات خارجة
عن ذات القاض ي الدستوري ،تتعلق بالعوامل السياسية التي تساهم في ندرة اجتهاد القاض ي
الدستوري ،فهناك من يرى أن الطعن في دستورية قانون معين يعد مؤشرا على أزمة سياسية،
أو رغبة في خلق أزمة.662
حيث يعد الدفع بعدم دستورية القوانين آلية جديدة في المنظومة القانونية المغربية
التي نص عليها الفصل 133من الدستور المغربي ،663تمكن المواطنين من المساهمة في تنقيح
المنظومة التشريعية وتطهيرالترسانة القانونية مما قد يشوبها من مقتضيات غيردستورية ،عن
طريق الرقابة البعدية على القوانين المنشورة بالجريدة الرسمية والسارية المفعول والتي يراد
تطبيقها في القضايا الرائجة أمام املحاكم ،والدفع بعدم دستورية القوانين هو عبارة عن وسيلة
قانونية تخول أطراف الدعوى إمكانية إزاحة أي قانون يمس حقوقهم وحرياتهم التي يضمنها لهم
الدستور ،664يراد تطبيقه في النزاع المعروض أمام املحاكم العادية والمتخصصة ،واملحكمة
الدستورية أثناء بثها في كل قضية تتعلق بانتخاب أعضاء البرلمان.
-658رداوي مراد ،مساهمة المجلس الدستوري الجزائري في حماية مبدأ الفصل بين السلطات ،رسالة دكتوراه ،جامعة بسكرة ،السنة
،2041-2041ص .4
-659عبد الرحمان السحمودي ،مكانة حقوق اإلنسان في الدستور المغربي من خالل الفقه والقضاء الدستوريين ،المجلة المغربية -لإلدارة
المحلية والتنمية ،العدد ، 2014 ، 56ص 102 - 103
-660محمد الحجوي ،سمو المؤسسة الملكية ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية -واالجتماعية،
أكدال ،جامعة محمد الخامس ،الرباط ، 2001 ،ص245
-661عبد الرحيم المنار اسليمي ،عمل المجلس الدستوري في النظام السياسي المغربي ،مرجع سابق ،ص55
-662عبد الرحمان السحمودي ،مكانة حقوق اإلنسان في الدستور المغربي ،مرجع سابق ،ص108 - 109
-663نص الفص - 133من دستور المملكة المغربية على ما يلي " :تختص المحكمة الدستورية بالنظر في كل دفع متعلق بعدم دستورية
قانون ،أثير أثناء النظر في قضية ،وذلك إذا دفع أحد األطراف بأن القانون ،الذي سيطبق في النزاع ،يمس بالحقوق وبالحريات التي يضمنها
الدستور .يحدد قانون تنظيمي شروط وإجراءات تطبيق هذا الفصل".
664
-Michel Fromont, La justice constitutionnelle dans le monde, Dalloz, Paris, 1996, p 1.
P 382 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
من خالل قراءة الفصل 133من الدستور ،يتضح أن الدستورخول للمحكمة الدستورية
صالحية البت في كل دفع متعلق بعدم دستورية قانون ،أثير أثناء النظر في قضية معروضة أمام
محكمة الموضوع ،إذا دفع أحد األطراف بأن القانون الذي سيطبق في النزاع ،يمس الحقوق
والحريات التي يضمنها الدستور ،وتتم إحالة هذا الدفع بعد تبوث جديته من قبل هذه املحكمة
إلى املحكمة الدستورية ،665حيث أعدت الحكومة مشروع القانون التنظيمي 86.15المتعلق
بتحديد شروط وإجراءات تطبيق الفصل 133من الدستور ،وتمت المصادقة عليه في املجلس
الوزاري المنعقد بتاريخ 23يونيو ، 2016ليحال على مجلس النواب في 4يوليوز ، 2016وعلى
لجنة العدل والتشريع في 12يوليوز ،666 2116حيث أدخلت مجموعة من التعديالت على
المشروع ،ليحال على مجلس المستشارين ،حيث قدم المستشارون تعديالتهم ومالحظاتهم .
وسيعرض المشروع القانون التنظيمي 86.15مرة أخرى على أنظار لجنة العدل والتشريع
وحقوق اإلنسان بمجلس النواب في إطار القراءة الثانية ،خالل دورة أكتوبر 2017من الوالية
التشريعية العاشرة .2116-2122
في نفس السياق أصدرت املحكمة الدستورية قرارها رقم 18 / 70بشأن مشروع القانون
التنظيمي 86.15المتعلق بتحديد شروط وإجراءات الدفع بعدم دستورية قانون ،667حمل دعوة
المشرع لمراجعة إجراءات تحريك أصحاب الصفة في آلية الدفع .حيث وصف الملك محمد
السادس مستجد الدفع بعدم دستورية القوانين ،في الرسالة التي وجهها للمشاركين في المؤتمر
السادس لجمعية املحاكم واملجالس الدستورية ،بأنه يشكل دفعة قوية للقضاء الدستوري في
بالدنا ،رغم ما ينطوي عليه من تحديات متعددة ،مؤسسية وفقهية تجعل من تفاعل المواطن
والقضاء الدستوري مقياسا حقيقيا لحركية املجتمع ،ومدى تملكه لقانون أسمى ،ور افعة قوية
لترسيخ حقوق اإلنسان ،وأوكل الدستور 668مهمة تنظيم حق الدفع بعدم الدستورية إلى قانون
تنظيمي ،فالدستور عادة ال يتدخل في التفاصيل ذات الصلة بالمبادئ التي يقررها ،ويترك
للقوانين التنظيمية صالحية تحديد ورسم حدود وإجراءات إعمال المبدأ ،خاصة وان الدفع
بعدم دستورية القوانين يستلزم التفصيل والتدقيق في مجموعة من اإلجراءات ،حتى يتمكن
المواطن من ممارسته بسالسة من أجل الدفاع عن حقوقه وحرياته ،وهو ما يلقي على عاتق
665 -
Mohammed amine benabdallah , Le juge constitutionnel, protecteur des droits et libertés?, op. cit, p 15.
-666موقع مجلس النواب.www.chambredesrepresentats.ma
-667أحيل القانون التنظيمي - 86.15بتاريخ 14فبراير ، 2018وقد صدر قرار المحكمة الدستورية بتاريخ. 06 / 03 / 2018
-668أنظر الفصل - 177من دستور المملكة المغربية لسنة. 2011 .
P 383 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
ألزم دستور ،2111السلطات باحترام ما تنص عليه المواثيق الدولية من مبادئ وحقوق
وواجبات ،كما أكد على تشبث المغرب بحقوق اإلنسان كما هي متعارف عليها دوليا ،ليفهم أن
الحقوق والحريات الواردة في الدستور والقانون التنظيمي 67016.15يجب أن تأخذ مفهوما
واسعا ،حيث أن الحقوق والحريات المتضمنة في المواثيق الدولية والتي صادق عليها المغرب،
وجعلها دستور 2111تسمو على التشريعات الوطنية فور نشرها وقد تتطلب مراجعة دستورية
قبل المصادقة على المعاهدة.
إذ صرحت املحكمة الدستورية ،671إثر إحالة الملك أو رئيس مجلس النواب أو رئيس
مجلس النواب أو رئيس مجلس المستشارين أو سدس أعضاء مجلس النواب ،أو ربع أعضاء
مجلس المستشارين أن كان هناك التزاما دوليا يخالف الدستور ،وجب األخذ بعين االعتبار أن
الرقابة على مطابقة االلتزامات الدولية للدستور هى رقابة اختيارية ،طالما أن الدستور وكذلك
نص القانون التنظيمي للمحكمة الدستورية لم يلزم األطراف التي لها الحق في اإلحالة حسب
الفصل 55من الدستورعلى إحالة التزام دولي لفحص مطابقته للدستور ،كما أنه ليس هناك ما
يفيد إلزامية الشروع في مراجعة الدستور واستبعاد مقتضياته املخافة للدستور ،كما أنه ليس
هناك ما يفيد إلزامية الشروع في مراجعة الدستور واستبعاد مقتضياته املخالفة للدستور فور
تأكيد املحكمة الدستورية هذه املخالفة ،فإذا صرحت املحكمة الدستورية أن التزاما دوليا
يتضمن بندا يخالف الدستور ،فإنه ال يمكن المصادقة عليه ،أما فيما يخص مدلول الحقوق
والحريات ،فإن المشرع لم يحدد لها تعريفا معينا ،ألن المشروع الدستوري تكفل بتحديدها في
تصديردستور ،2111في الباب الثاني من الفصول من 19إلى ،41وكذا في بعض الفصول األخرى
كما أن مفهوم الحقوق والحريات مفهوم مرن يقتض ي التعامل معه على هذا األساس ،بحسب إذا
كان نطاقها يتسع أو يضيق.
-669ورقة تقديمية للندوة الدولية تحت عنوان" :الولوج إلى العدالة الدستورية :الرهانات الجديدة للرقابة البعدية على دستورية القوانين"
أيام 22-24سبتمبر 2042المحكمة الدستورية – المملكة المغربية -ص .2
- 670القانون التنظيمي 21.41المتعلق بتحديد شروط وإجراءات الدفع بعدم دستورية القوانين.
-671عبد الرحيم المنار اسليمي ،عمل المجلس الدستوري في النظام السياسي المغربي تحليل للحصيلة ،مجلة دراسات ووقائع -وسياسة،
العدد الثالث ، 2001 ،ص. 63
P 384 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
إن الدفع بعدم الدستورية هو رقابة مادية وموضوعية للقانون ،وال تنصرف إلى مسطرة
صياغته من قواعد إجرائية شكلية محددة عند اتخاذ التصرف القانوني ،والذي يجب أن يمس
الحقوق والحريات المضمونة في الدستور ،فالدفع ينصب على انتهاك الحق في عالقته بالقانون،
الذي يفترض فيه أن يكون قد دخل حيزالنفاذ ،وهنا يثارإشكال حول تجاهل المشرع التشريع في
مجال ينتج عنه انتهاك للحقوق الدستورية وهوما يعرف باالختصاص السلبي للمشرع ،حين يترك
جانبا من التشريع قاصرا ،فغياب التشريع قد ينتج عنه تضيع لحقوق دستورية ،وعليه فأن
القول بأن المؤسسة التشريعية قد تنحرف بالتشريع فتسن قوانين منافية للحرية ،وإن كان يبدو
قوال غير مستساغ نظريا باعتبار أن سيادة القانون هي نتيجة لسيادة البرلمان ،والذي هو بدوره
ثمرة سيادة الشعب ،ولكننا إذا رجعنا إلى الو اقع العملي نجد أن مآل هذه المؤسسة التشريعية
في الدول الديمقراطية صاربيد أحزاب األغلبية البرلمانية في ظل سيادة النزعة الحزبية في النظام
الديمقراطي حيث ال ديمقراطية بدون تعددية حزبية وهو ما سيسفر عنه ظهور أغلبية حاكمة
سرعان ما تتجه بأصحابها إلى إتيان أعمال استبدادية "إن صح التعبير" ،حيث يصير معها
القانون غيرمعبرفي الو اقع عن إرادة الشعب ،و إنما معبرا عن إرادة أصحاب النفوذ.672
ومع ذلك يبقى القضاء الدستوري بمختلف نماذجه الضمانة األهم في حماية الحقوق
والحريات المكفولة دستوريا ،سواء عن طريق الرقابة السابقة المسلطة على مشاريع القوانين
أوعن طريق الرقابة الالحقة بواسطة الدفع بعدم الدستورية وهوما يعبرعن التزام راسخ بتوطيد
دولة القانون.
أكد المشرع في مشروع القانون التنظيمي رقم 16.15بأن محكمة النقض بعد إحالة الدفع
من طرف محاكم أولى درجة أو ثاني درجة ،أو بمناسبة بتها في الدفع المثارأمامها ،إما بإحالة مقرر
محكمة النقض القاض ي بقبول الدفع مرفوقا بمذكرات أو مستنتجات األطراف أو إحالة مقرر
محكمة النقض الر افض للدفع إلى املحكمة الدستورية وإلى املحكمة التي أثيرأمامها الدفع ،كما
اشترطت المادة 11من مشروع القانون التنظيمي 16.15أن يكون قرار محكمة النقض معلال
بحيث ال يمكن التنازل عن الدفع بعدم دستورية قانون ،بعد صدورقرارها بقبول الدفع وإحالته
إلى املحكمة الدستورية ،لتقوم املحكمة الدستورية بتبليغه فورا إلى رئيس الحكومة ورئيس ي
-672عبد الحميد متولي ،الحريات العامة –نظرات في تطورها وضماناتها و مستقبلها ،-منشأة المعارف ،اإلسكندرية ،4241 ،ص .24
P 385 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
مجلس ي البرلمان وإلى األطراف ،من أجل اإلدالء بمذاكراتهم الكتابية في أجل تحدده املحكمة ،حتى
يتاح لألطراف التعقيب على المذكرات الجوابية المدلى بها داخل أجل تحدده املحكمة من
جديد.
وبالرجوع إلى المادة 14من مشروع القانون التنظيمي السالف الذكر ،فقد نصت على
تحديد مسطرة البت أما املحكمة الدستورية بموجب نظامها الداخلي ،إن الغاية من التنصيص
على المسطرة التواجهية ،673هو إعطاء الفاعلين المؤسسين للقانون إمكانية الدفاع أمام
القاض ي الدستوري عن المقتض ي التشريعي موضوع المسألة ،من أجل تجاوز وضع عدم قدرة
أطراف النزاع لعب دور المدافع الموضوعي على المقتضيات التشريعية المطعون فيها ،ويمكن
للمحكمة الدستورية أن تطلب من املحكمة التي أثير أمامها الدفع ،تمكينها من نسخة من ملف
الدعوى داخل أجل عشرة أيام من تاريخ التوصل بالطلب ،وبذلك سيسجل القضاء الدستوري
نقلة مسطرية نوعية ،لينتقل من نظام المداوالت المغلقة إلى العمل بالقاعدة التواجهية،
وسيتمتع جميع األطراف بالمساواة في الخصومة الدستورية ،لتتجاوزاملحكمة الدستورية الوضع
السابق ،بعد أن كان املجلس الدستوري محكوما بخصوصية مسطرية ،وبعالقة مقتصرة على
المؤسستين التشريعية والتنفيذية ،إلى مؤسسة مطالبة بالدخول في حوارمع السلطة القضائية
وبمسطرة قريبة من تلك المتبعة أمامها ،في اقتباس لقواعد املحاكمة العادية.
ارتقى دستور 2111باملجلس الدستوري إلى محكمة دستورية ،ليؤكد تكريس الطابع
القضائي لها في إطار الرقابة الالحقة ،فقد نص القانون التنظيمي 16.15على علنية الجلسات
أمام املحكمة الدستورية ،كمبدأ عام عدا في الحاالت التي تقرر املحكمة سرية الجلسات طبقا
لنظامها الداخلي ،فالعلنية ركيزة من ركائز الديمقراطية ،وحق من حقوق املحاكمة العادلة،
وشرط من شروط حسن العدالة ،فمن حق كل فرد لدى الفصل في أي تهمة توجه له ،أن تكون
قضيته محل نظر منصف وعلني من قبل محكمة حيادية ومستقلة ،وهو ما نص عليه دستور
،2111لتكون الجلسات علنية ما عدا في الحاالت التي يقررفيها القانون خالف ذلك.
-673وهى نفس المسطرة المنصوص عليها في مختلف أنماط التقاضي ،وتعتبر من شروط المحاكمة العادلة.
P 386 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
من تاريخ تحدده املحكمة الدستورية في قراراها ،674لنستنتج أن قراراملحكمة الدستورية القاض ي
بعدم دستورية قانون يتضمن لزوما األثر الزمني لمفعول القرار ،والذي ينبغي تحديده على وجه
اإللزام.
النسخ كأثر لقرار عدم الدستورية ،وبالرجوع إلى الفصل 134من الدستور ،675فإنه نص
على إمكانية إصدار األمر بتنفيذ مقتض ى تم التصريح بعدم دستوريته على أساس الفصل ،132
أي في إطار الرقابة السابقة ،كما أنه ال يمكن تطبيق مقتض ى تم التصريح بعدم دستوريته على
أساس الفصل ،133أي في إطار الرقابة الالحقة ،وبالتالي فإنه بمجرد صدور قرار املحكمة
الدستورية بعدم دستورية مقتض ى فإن القاض ي ملزم باستبعاد تطبيق القانون غيرالدستوري،
ولم يقف المشرع عند هذا الحد فقط بل رتب لهذا األثر النسخ أي استبداله بقانون دستوري
تحدد املحكمة تاريخه.
تعد قرارات املحكمة الدستورية كاشفة للخلل الذي قد يصيب التشريع ،وليست منشئة
له ،وفي حال كشفها عن بطالنه ،اعتبر النص كأن لم يكن وألغيت كل أثاره ،وبالتالي جازت معه
رجعية قراراتها التي ترد عليها استثناءات متعلقة بالحقوق والمراكز القانونية ،التي استقرت
بحكم قضائي أو بانقضاء مدة التقادم.676
خاتمة:
- 674المادة 22من القانون التنظيمي 21.41المتعلق بتحديد شروط وإجراءات الدفع بعدم دستورية القانون.
- 675الفصل 431من دستور " 2044ال يمكن إصدار األمر بتنفيذ مقتضى تم التصريح بعدم دستوريته على أساس الدستور ابتداء من
التاريخ الذي حددته المحكمة الدستورية في قرارها".
- 676طارق التلمساني ،ما بين طبيعة واختصاصات المحكمة الدستورية ،ضمن القضاء الدستوري بالمغرب ،المحكمة الدستورية ونظم
الرقابة على دستورية القوانين ،مجلة مسالك في الفكر والسياسة واالقتصاد ،عدد 2041 ،34/23ص .22
P 387 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
من اآلليات الرقابية ،تعززت بالدفع بعدم دستورية القوانين كاختصاص جديد ،حمله دستور
.2111
الئحة المراجع:
محمد الغالي ،جدلية الثابت والمتحول في دستور ،2111قراءة في ضوء السياق والركائز
واألهداف ،ضمن دستور 2111بالمغرب مقاربات متعددة ،مجلة الحقوق عدد ،5ماي .2112
زبير رحال ،دستور 2111بين الثابت والمغير ،ضمن دستور 2122النص والسياق ،املحلة
المغربية للسياسات العمومية.2111-1 ،
حسن طارق ،سنة ونصف من دستور 2111تأمالت سريعة ،ضمن دستور ،2111النص
والسياق ،املجلة المغربية للسياسات العمومية للسياسات العمومية ،عدد .2112 ،1
تصدر دستور المملكة المغربية لسنة ،2111الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم
1.11.91بتاريخ 27شعبان 1432المو افق ل 29يوليوز.2111
محمد أوجار ،أشغال الندوة العلمية االتفاقيات الدولية والقانون الداخلي من خالل
االجتهادات القضائية من تنظيم مركز -التوثيق واإلعالم والتكوين في مجال حقوق اإلنسان
بتعاون مع وزارة العدل ،طبعة أولى ،دجنبر . 2002
مصطفى قلوش ،المبادئ العامة للقانون الدستوري ،مطبعة بابل للنشر والتوزيع،
الطبعة الرابعة ،الرباط .1994
P 388 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
محمد سعدي ،حقوق اإلنسان األسس المفاهيم والمؤسسات ،مطبعة فوبرانت ،فاس
.- 2012
عبد العزيز لعروس ي ،التشريع المغربي واالتفاقيات الدولية لحقوق اإلنسان مالءمات
قانونية ودستورية ،املجلة -المغربية لإلدارة املحلية والتنمية ،عدد . 87 2014
عبد اإلله فونتير ،العمل التشريعي بالمغرب أصوله التاريخية ومرجعياته الدستورية
دراسة تأصيلية وتطبيقية -،الجزء الثاني ،مطبعة المعارف الجديدة ، 2002 ،الرباط.
محمد أتركين ،الدستور والدستورانية من دساتير فصل السلط إلى دساتير صك الحقوق
والحريات ،مطبعة النجاح الجديدة-الدارالبيضاء ،الطبعة .2121
عبد العزيز النويض ي ،املحكمة الدستورية ومسألة الدفع بعدم دستورية القوانين،
مطبعة النجاح الجديدة ، - 2019 ،الدار البيضاء
الظهير الشريف رقم 1.96.157ن الصادر في 23من جمادى األولى ،1417المو افق ل 7
أكتوبر ،1996جريدة رسمية عدد ،4421بتاريخ 26من جمادى األولى 11(1417
أكتوبر،)1996ص.2211
P 389 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
أحمد غزال ،قراءة حول اختصاصات املحكمة الدستورية وفقا للقانون التنظيمي رقم
،66.13املجلة المغربية لإلدارة املحلية والتنمية ،عدد ،111/117يوليوز /أكتوبر .2114
محمد األزهر ،السلطة القضائية في الدستور ،دراسة قانونية ،مطبعة النجاح الجديدة،
الدارالبيضاء.2113 ،
عبد العزيز النويض ي ،املحكمة الدستورية ومسألة الدفع بعدم دستورية القوانين،
مطبعة النجاح الجديدة ،الدارالبيضاء.2119 ،
العزاوي عبد الرحيم ،القضاء الدستوري المغربي ودوره في حماية الحقوق والحريات-من
الموقع منشور على مقال الدستورية، املحكمة إلى الدستورية الغرفة
اإللكتروني ،https://democratice.de،تاريخ االطالع ،2123/11/31على الساعة .14:15
يوسف البحيري ،حقوق اإلنسان المعايير الدولية وآليات الرقابة ،المطبعة الوطنية
للداوديات ،الطبعة األولى ،مراكش .2111
P 390 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
محمد مرحوم ،أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام ،املحكمة الدستورية
وحماية حقوق اإلنسان في إطار دستور ،2111كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية
مكناس ،جامعة المولى إسماعيل ،السنة الجامعية .2119.2121
أعمال الندوة الدولية المنظمة من طرف املحكمة الدستورية للملكة المغربية بشراكة
مع أكاديمية المملكة المغربية ،تحت عنوان الولوج إلى العدالة الدستورية "الرهانات الجديدة
للرقابة البعدية على دستورية القوانين" ،مراكش 27/21شتنبر.2111
كيوة عبد المنعم ،القيود الدستورية على الحقوق والحريات ،الكتاب السنوي األول
للمنظمة العربية للقانون الدستوري ،السنة .2116-2115
محمد رفعة عبد الوهاب ،رقابة دستورية القوانين المبادئ النظرية والتطبيقات
الجوهرية ،دارالجامعة الجديدة.2111 ،
نور الدين أشحشاح ،الرقابة على دستورية القوانين في المغرب دراسة مقارنة ،أطروحة
لنيل الدكتوراه في القانون العام ،كلية -
طارق التلمساني ،ما بين طبيعة واختصاصات املحكمة الدستورية ،ضمن القضاء
الدستوري بالمغرب ،املحكمة -الدستورية ونظم الرقابة على دستورية القوانين ،مجلة مسالك
في الفكر والسياسة واالقتصاد ،عدد . 2016 ، 37 / 38
P 391 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
عثمان الزياني ،المواطن والعدالة الدستورية ،ضمن املحكمة الدستورية في المغرب نحو
رؤية استشر افية ،مجلة الحقوق ،الطبعة األولى ،دار النشر المعرفة. 2014 ،
عبد العزيز محمد سلمان ،نظم الرقابة على دستورية القوانين دراسة مقارنة ،سعد
السمك للمطبوعات القانونية ،القاهرة.2111 ،
رداوي مراد ،مساهمة املجلس الدستوري الجزائري في حماية مبدأ الفصل بين السلطات،
رسالة دكتوراه ،جامعة بسكرة ،السنة .2116-2115
محمد الحجوي ،سمو المؤسسة الملكية ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام،
كلية العلوم القانونية واالقتصادية -واالجتماعية ،أكدال ،جامعة محمد الخامس ،الرباط،
.2001
P 392 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
ويعد ديوان املحاسبة بدولة قطر جهاز رقابي مستقل له شخصية معنوية يتبع لألمير
مباشرة ،وله موازنة تلحق بموازنة الديوان االميري ،ويهدف إلى المساهمة في تحسين استخدام
موارد الدولة لتحقيق التنمية المستدامة ،ورفاهية املجتمع ،وذلك بمر اقبة التزام الجهات
الخاضعة لرقابة الديوان باالستغالل األمثل للموارد واألصول ،وفقا لمعاييراالقتصاد والكفاءة
والفعالية.
ولقد تأسس ديوان املحاسبة القطري سنة 1973م بموجب القانون رقم ( )5لسنة ،1973
وفي العام 1995صدرالقانون رقم ( )4بشأن ديوان املحاسبة ليمنحه االستقالل المالي واإلداري
عن بقية أجهزة الدولة ، ،وليساهم في تطوير عمله وتعزيز مكانته ،وفي سنة 2113صدر القانون
677محمـد براو" :األجهزة العليـا للرقـابـة المـاليـة والمحـاسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـبـة ودورهـا في التنميـة وبناء الدولة من منظور عالمي مقارن وعملي" ،الجزء األول،
والثاني الطبعة األولى ،مطبعة دار السالم ،الرباط ،ص .311
P 393 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
رقم ( )3المتعلق بتعديل أحكام الرقابة المسبقة التي يمارسها الديوان ،ليكون آخر تعديل سنة
،2116بموجب القانون رقم ( ،11بشأن ديوان املحاسبة ،وهوالقانون الذي ساهم في تعزيزآليات
الرقابة والتدقيق على المال العام ،وأعطى أعلى درجات االستقاللية للديوان في ممارسة مهامه
واختصاصاته.
و انطالقا من اعتبار هذا الجهاز الهيئة الرقابية العليا لحماية المال القطري ،يطرح
السؤال حول مدى دوره وفعاليته في تحقيق تلك الحماية بما يساهم النموذج التنموي الذي
تنشده دولة قطر ،باإلضافة إلى اإلكراهات والتحديات التي تحول دون الحماية الفاعلة للمال
العام القطري.
وفي إطار العمل بمنهجية تحليل المضمون ،أي مضمون النصوص القانونية والتقارير
الرسمية ،تبتغي هذه الورقة الوقوف على أهم أدوار ديوان املحاسبة في حماية المال العام
القطري من خالل عرض نقط القوة التنظيمية والوظيفية لهذا الجهاز ،فضال عن أهم التحديات
واالكراهات المطروحة أمامه وذلك في محاور ثالث :املحور األول :اإلطار المفاهيمي للمال العام
واألجهزة العليا للرقابة المالية .املحورالثاني :دورديوان املحاسبة القطري في حماية المال العام:
المرتكزات الوظيفية وصالبة البنية التنظيمية .املحور الثالث :أهم التحديات والرهانات
المطروحة أمام ديوان املحاسبة القطري.
إن للمال العام مكانة خاصة في تنمية وازدهاراقتصاديات األمم وبناء مستقبل أبنائها ،فهو
قوام الحياة ومادتها التي ال غنى عنها في إعمارالبالد وإدامة حياة العباد .لذل فإن حمايته من قبل
أجهزة عليا في الجولة يعد مطلب ملحا وضرورة تمليها طبيعة بعض البشر الميل إلى خرق
القوانين الختالسه أو لتوظيفه لقضاء مآربهم الشخصية.
المال في اللغة كل ما يملكه الفرد أو تملكه الجماعة من متاع أو عروض أو تجارة أو عقارأو
نقود أو حيوان والجمع أموال.678
P 394 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
والعام في اللغة ضد الخاص ،وعمهم األمر يعمهم عموما شملهم يقال عمهم بالعطية
والعامة خالف الخاصة.679
واألموال العامة تملكها الدولة -االمة ،وترعى شؤونها الدولة-ولي األمر ،الدولة باعتبارها
جهة راعية للمصالح العامة ،وولي األمرباعتباره ممثال عن األمة ومعبرا عن إرادتها.
وقد وردت فكرة المال العام في الشرائع القديمة ابتداء من قدماء المصريين وحضارة
وادي الر افدين مرورا بالعصر االغريقي ثم العصر الروماني فالعصر اإلسالمي حتى عصر الدلة
الحديثة.680
وتقسم أموال الدولة وفقا لما استقر عليه الفقه والقضاء اإلداريين على قسمين ،أموال
عامة أو ما يسمى ب'' الدومين العام'' وأموال خاصة أو ما يطلق عليها تسمية " الدومين الخاص"
ولكل قسم نظام قانوني خاص به ،فاألموال العامة تخضع لمبادئ القانون اإلداري وأحكامه ،أما
(مع بعض األفراد681 األموال الخاصة فإنها تخضع للقواعد ذاتها التي تخضع لها أموال
االستثناءات المقررة بنصوص صريحة).ويعرف المال العام ب" المال املخصص لالستعمال
المباشر للجمهور والمال املخصص للمرفق العام سواء أكان عقارا أم منقوال بصرف النظر عن
نوعيته وطبيعته أو قيمته أو دوام استعماله ،لذلك تعد السفن الحربية والحصون والمدارس
واملحاكم أموال عامة مثلما تعد الكتب واآلثار أمواال عامة سواء استعملت هذه األموال من
الجمهورمباشرة أم من فئات معينة كالعسكريين أو الموظفين ويكتسب المال العام هذه الصفة
بطبيعته أو بنص القانون.682
ومن خالل ما سبق يتبين أن أهم محددات المال العام تتجلى في حمايته واملحافظة عليه
وحسن استغالله صونا له من التبديد والسرقة واالختالس ،وذلك من خالل هيئات وأجهزة رقابية
عليا تتمتع بمجموعة من االختصاصات واإلمكانات الكفيلة بحماية هذا المال العام.
679ابن منظور ،لسان العرب ،الناشر :دار صادر – بيروت ،الطبعة :الثالثة 4141 -هـ.ج ،1ص.44 :
680علي بدوي ،أبحاث التاريخ العام والقانون ،الجزء األول ،تاريخ الشرائع ،مطبعة مصر القاهرة ،طبعة ،4214ص.411 :
681أنستتتتام علي عبد الله ،النظام القانوني لألموال العامة ،دراستتتتة مقارنة ،مجلة الرافدين للحقوق ،بغداد ،الستتتتنة العاشتتتترة ،عدد ،31ستتتتنة
،2001ص.302 :
682علي نجيتب حمزة ،اكتستتتتتتتاب المتال العتام في القانون اإلداري ،مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية والستتتتتتتياستتتتتتتية ،المجلد ،4العدد،4
حيزيران ،2002جامعة بابل كلية القانون ،ص.310 :
P 395 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
تمثل األجهزة العليا للرقابة على المال العام دعامة أساسية لدمقرطة الفعل الرقابي على
تدبير األموال العمومية ،ومن اسم هذه األجهزة يتبين وظيفتها ،حيث يحيل مصطلح الرقابة في
اللغة العربية على املحافظة والحراسة واالنتظار ،إذ جاء في لسان العرب البن منظورأن الرقيب
يعني الحافظ والمنتظر والحارس ،683بمعنى أن هذه األجهزة مكلفة باملحافظة على المال العام
وحراسته من سوء التدبير والتبذير واالختالس ومختلف وضعيات المال العام التي تخالف
القانون.
ولقد أخذت الرقابة العليا على المال العام حيزا كبيرا في تشريعات الكثير من الدول
وقوانينها وخاصة التشريع األسمى ،حيث نصت الهيئات الدولية واإلقليمية للرقابة العليا على
ضرورة النص دستوريا على هيئات الرقابة العليا على المال العام .كما أكد على ذلك مثال إعالن
"ليما سنة ،1997ومنظمة "األرابوساي" التي خرجت بمجموعة من التوصيات في كل مؤتمراتها
تدعو إلى ضرورة التنصيص الدستوري على مؤسسات الرقابة العليا.
إن الهدف من إنشاء األجهزة العليا للرقابة على المال العام هو المساعدة بشكل مستقل
وفعال على املحافظة على استقرار النظام العام المالي للقطاع العام ،وعلى سالمة ما يرتبط به
من قواعد قانونية وضوابط تنظيمية وإدارية ،وهو ما يشكل جزء ال يتجزأ من استقراروطمأنينة
الفرد واملجتمع ً
لقاء للمساهمات الضريبية والمالية المؤداة للدولة مقابل األمن والخدمات.
هذا ويفترض في األجهزة العليا للرقابة على المال العام أن تتوفر على عناصر الحداثة في
التطورات التي عرفتها الرقابة على المالية العامة ،بحيث تبرزمن خالل األخذ بالتقنيات الرقابية
الحديثة التي أثبتت عن فعالية ونجاعة كبيرة في القطاع الخاص ،والتي يعتبرإدخالها إلى القطاع
العمومي وتطبيقها على الميزانية العامة على وجه الخصوص نقلة نوعية في تجاوز الرقابة
التقليدية المتميزة بطابعها التجزيئي التقني ،واألخذ بتقنيات رقابية ذات توجه شمولي ،تؤسس
االتجاه نحو تدبيرمالي محكم ومتسم بالحكامة الجيدة في تدبيرالشأن المالي ،خصوصا وأن هناك
مجموعة من العوامل تستوجب التعجيل بتطبيق األساليب الحديثة للرقابة في القطاع
العمومي.
P 396 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
املحور الثاني :دور ديوان املحاسبة القطري في حماية المال العام :المرتكزات الوظيفية
وصالبة البنية التنظيمية
يمثل ديوان املحاسبة القطري جهازالرقابة العليا للمال العام ،حيث يقوم بأدوار رئيسية
في ذلك من خالل تمتعه بمجموعة من االختصاصات الكفيلة بمحاربة مختلف أشكال سوء
التدبيروالتبذيروالوقاية منها ،باإلضافة إلى تخويله مجموعة من السلط التي تجعل منه مؤسسة
رادعة لكل من سولت له نفسه اختالس المال العام واستغالله على غير الوجه الذي يخوله
القانون ،ناهيك على أن ديوان املحاسبة القطري يرتكزعلى بنية تنظيمية قوية تخول له ممارسة
اختصاصاته على أكمل وجه.
أوال :دوراالختصاصات الوظيفية لديوان املحاسبة القطري في الحفاظ على المال العام
يمارس الديوان بصفة عامة الرقابة الالحقة على مختلف أنواع حسابات الدولة والهيئات
الخاضعة لرقابته ،كما يختص بالرقابة السابقة .684على المناقصات التي تبلغ قيمتها مائة ألف
ريال قطري فأكثر ،ويعمل الديوان على فحص ومراجعة حسابات أو عمل أي جهة ال تخضع
لمر اقبته بمقتض ى قانون إنشائه إذا صدرإليه تكليف خاص بذلك من قبل رئيس الدولة.
كما يقوم بمراجعة وفحص وتدقيق حسابات وعمل جهات وأجهزة ذات ميزانيات مستقلة
من غير الوزارات واإلدارات الحكومية ،ويشارك الديوان بأعلى مستوى في اللجان الخاصة التي
تشكل البحث ودراسة المشروعات الهامة ذات الصلة بالسياسة المالي والمرتبطة ارتباطا وثيقا
بخطة التنمية االقتصادية للدولة.
ويناط به مراجعة الحساب الختامي للدولة كل سنة مالية ،حيث يتولى وضع تقريرسنوي
عن هذا الحساب يتضمن مالحظاته ويرفعه إلى رئيس الدولة ،ويمكن أيضا للديوان أن يقدم
تقاريرخاصة بشأن بعض القضايا الهامة إذا ما دعت الضرورة إلى ذلك.
وإلى جانب دور الديان في كشف االختالسات وحاالت اإلهمال فإنه يولي اهتماما كبيرا
لتقويم أنظمة المر اقبة المالية الداخلية ومدى فاعليتها في الحفاظ على أموال الدولة ،وينبه إلى
684مجلة الرقابة المالية الص ـ ــادر عن المنظمة العربية ألجهزة العليا للرقابة المالية والمحاس ـ ــبة ،العدد ،11يونيو ،1163ص
.11
P 397 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
املخالفات المالية ويقترح سبل عالجها ،كما يحق له إجراء التفتيش المفاجئ على أعمال أقسام
الحسابات.
إن الهدف من رقابة ديوان املحاسبة ينصرف أساسا إلى رقابة الشق المالي ضمن األداء
الحكومي ،أي إلى مر اقبة مدى االلتزام بتنفيذ العمليات المالية في إطار الحدود المرسومة لها
ضمن الخطة المالية السنوية أو ما يعرف اصطالحا بالميز انية العامة للدولة (إيرادات /نفقات
عامة) ،والتحقق من التقيد بتطبيق أحكامها القانونية المبينة في القانون رقم ( )5لسنة 1919م
بشأن الميز انية العامة للدولة ،ومدى االلتزام بالقواعد واألحكام المتعلقة بإدارتها من جانب
اإلدارة التنفيذية القائمة بأمور التصرف المالي ومنها أحكام القانون رقم ( )6لسنة 1962م
بتنظيم السياسة المالية العامة في قطر وقانون المبادالت التجارية الصادر بالقانون رقم ()5
لسنة 2112م ،وقانون تنظيم المناقصات والمزايدات الصادربالقانون رقم ( )62لسنة 2115م،
وقانون إدارة الموارد البشرية الصادربالقانون رقم ( )1لسنة 2119م.
املحافظة على المال العام ،والتحقق من سالمة ومشروعية استخدامه ،وحسن إدارته.
التحقق من صحة البيانات المالية ،ومن التزام الجهات الخاضعة لرقابة الديوان
بالقوانين واللوائح واألنظمة ،وغيرها من نظم وسياسات الحوكمة وتضارب المصالح
المعمول بها.
إن ديوان املحاسبة القطري باعتباره الهيئة العليا للرقابة المالية واملحاسبة من جهة ،له
إمكانات هائلة للحصول على كل المعلومات التي تهم الرقابة بشكل عام والرقابة على المال العام
P 398 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
بشكل خاص ومن جهة أخرى فديوان املحاسبة يتبادل التقارير والمعلومات مع السلطة
التنفيذية ممثلة في أميرالبالد واملجلس الوزاري.
هذا وتعتبرتقاريرمراجعة الديوان إحدى أهم أليات ممارسته لرقابته المالية ،كما يدخل
في إطار تلك اآلليات التقرير الختامي المتعلق بنتائج تدقيق ومراجعة الحسابات والبيانات
المالية ،حيث يعتمد الديوان في ممارسته لهذا الدور على مجموعة من التقارير الدورية التي
يعدها ،إذ تتضمن تقارير المراجعة العديد من اإلجراءات الموضوعية والشكلية ،بيد أنه يؤخذ
على المشرع عدم بيان طبيعة الميعاد المنصوص عليه في القانون ،فهل يعد ذلك الميعاد ميعاد
سقوط أم ميعاد تنظيمي .وفي كل األحوال فإن عدم االلتزام بهذا الميعاد طبقا لما نصت عليه
الفقرة السابعة من المادة 31يعد من املخالفات المالية ،حيث قررت هذه المادة أن عدم الرد
على تقاريرالديوان ومالحظاته أو التأخيرفي الرد عليها خالل المدة المنصوص عليها في المادة 23
يعد مخالفة مالية ويعتبر في حكم عدم الرد أن يجيب الموظف إجابة الغرض منها المماطلة
والتسويف.686
تلك إذا كانت أبرزاختصاصات ديوان املحاسبة القطري في مجال الرقابة العليا على المال
العام بالدولة ،إال أنه وبالرغم من أهمية هذه االختصاصات ودورها في تحقيق الحكامة المالية،
فإنها تبقى ذات أثرمحدود بالنظرإلى مكانة الجهازاألعلى للرقابة المالية بين مختلف المؤسسات
األخرى المتدخلة في تدبير المال العام وخاصة في ظل عدم التنصيص عليه كمؤسسة دستورية
في الدستور الدائم لدولة قطر لسنة 2114بالرغم من أن المنظمات الدولية قد نصت على
استقاللية هذه األجهزة وتحديد اختصاصاتها وسلطتها ووظائفها في الدستور ،الذي ينبغي أن
يتضمن استقاللية أجهزة الرقابة العليا ويعطيها وزنا حقيقيا يمكنها من هذه االستقاللية.
ثانيا :دورالبنية التنظيمية لديوان املحاسبة القطري في الحفاظ على المال العام
يقسم ديوان املحاسبة القطري إلى ثالث إدارات ،األولى فنية تضطلع بأعمال التدقيق،
واألخرى قانونية تعمل على تقديم المشورة القانونية الضرورية في األعمال الفنية ،والثالثة
تخص الشؤون اإلدارية ،أي تعنى بالعاملين في الديوان وكافة األعمال ذات الطبيعة اإلدارية
الخاصة بشؤون الديوان ،وتخضع جميعها لإلشراف اإلداري والتوجيه الفني لوكيل الديوان.
686ال جازية راشتتد ستتعود الستتليطي ،العمل الرقابي لديوان المحاستتبة في نطاق االختصتتاصتتات والمعوقات ،رستتالة
للحصول على درجة الماجستير في القانون العام ،جامعة قطر ،كلية القانون ،يناير ،2023ص.402 :
P 399 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
ُويصدر الرئيس اللوائح المنظمة لشؤون موظفي الديوان ،وال تصبح هذه اللوائح نافذة
ّ
إال بعد اعتمادها من األمير .كما يجوز بقرار من الرئيس ،بعد اعتماد األمير ،تنظيم ما لم تنظمه
ً ً ً
هذه اللوائح من أحكام تحقيقا ألغراضها .ويضع الديوان دليال للوصف الوظيفي ،وفقا ألحكام
هذا القانونُ ،يحدد فيه وصف وتصنيف وترتيب وظائف الديوان ،ويصدرهذا الدليل بقرارمن
الرئيس.
وفي حال تعرض الرئيس ونائبه للمساءلة التأديبية فإنها ال تخرج عن أحدى الحاالت
التالية:
-4إذا وضع أي منهما نفسه موضع الشبهات والريب .ويختص بالمساءلة مجلس تأديبي
يصدربتشكيله ،وبنظام عمله ،وباإلجراءات والقواعد الخاصة بالتحقيق قرارأميري.
وتبعا لذلك فالجزاءات التأديبية التي يجوز توقيعها على كل من رئيس ونائب الرئيس هي
ّ
اللوم أو العزل .وال ينفذ الجزاء إال بعد تصديق األميرعليه.
كما يختص بالمساءلة التأديبية لموظفي الديوان الرقابيين من شاغلي وظائف الدرجات
من وكيل وزارة مساعد فأدنى أو ما يعادلها من الراتب ،لجنة تأديب تشكل من:
ً
رئيسا -1نائب الرئيس
ً
-2قاض بدرجة رئيس باملحكمة االبتدائية يختاره املجلس األعلى للقضاء عضوا
ً
عضوا -3أحد موظفي الديوان الرقابيين يختاره رئيس الديوان
P 400 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
ً
وال يكون انعقاد اللجنة صحيحا إال بحضور رئيسها واألعضاء ،وتصدر اللجنة قراراتها
بأغلبية اآلراء .ويتولى أمانة سر اللجنة موظف أو أكثر ،يصدر بندبهم وتحديد اختصاصاتهم قرار
من رئيس الديوان .حيث يصدربتشكيل اللجنة وبنظام عملها وبتحديد مكافأة رئيسها واألعضاء
وأمانة السر قرار من الرئيس .وفي حالة وجود مانع لدى رئيس اللجنة من الحضور ،ترفع اللجنة
مذكرة للرئيس لتسمية رئيس للجنة بصفة مؤقتة لحين زوال المانع.
ويجوز لرئيس اللجنة أواحد أعضائها التنحي عن حضور بعض اجتماعاتها ،إذا تبين أن
ظروف المساءلة أو األشخاص الذين تجري مساءلتهم تستدعي عدم المشاركة في إجراءات
المساءلة ألسباب تتعلق بضمان النزاهة والحياد والموضوعية ،ويتولى رئيس اللجنة إخطار
الرئيس لتسمية من يحل محلهم خالل فترة التنحي .وتطبق في شأن اإلجراءات أمام اللجنة األحكام
المنصوص عليها في الئحة شؤون موظفي الديوان المشارإليها في المادة ) (64من هذا القانون.
كما تكون مساءلة موظفي الديوان غير الرقابيين من درجة وكيل وزارة مساعد فما دونها،
ً
أو ما يعادلها من الراتب ،وفقا لألحكام الواردة في الئحة شؤون موظفي الديوان في هذا الشأن.
ويتم فحص التظلمات المرفوعة من موظفي الديوان والشكاوى التي تتعلق بعمل أي منهم ،والبت
ً
فيها وفقا لإلجراءات والقواعد التي يصدر بتحديدها قرار من الرئيس .كما تنظم الئحة شؤون
موظفي الديوان الواجبات واألعمال املحظورة عليهم ،وإجراءات التحقيق والمساءلة التأديبية
لهم.687
يحتل ديوان املحاسبة القطري موقعا مركزيا في الحكم الرشيد بوجه عام ،وفي منظومة
الشفافية والمساءلة بوجه خاص ،وذلك من خالل حسن تدبير الشأن العام وتحقيق التنمية
المستدامة وإحقاق دولة الحق والقانون وترسيخ مبادئ المساءلة ،غير ان تعزيز فاعلية ديوان
املحاسبة القطري في حمايته للمال العام تتطلب مجموعة من التدخالت من أهمها:
687العربي بجيجة" :المعايير الدولية لألخالقيات المهنية ،القض ـ ـ ــاء المالي نموذجا" ،مجلة مس ـ ـ ــالك ،العدد ،1163 ،51-53
ص .6.3
P 401 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
على الرغم من إمكانية حصول أجهزة الرقابة على الدعم الكافي ،إال أنه بالمقابل تواجهها
الكثير من الضغوط التي تؤثر على أدائها وعلى دورها في الشفافية والمساءلة خاصة في ظل
تعارض المصالح ،وبهذا فهي بحاجة ماسة إلى االستقاللية المناسبة التي تؤهلها لتأدية دورها،
ونظرا ألهمية االستقاللية فقد أوصت معايير منظمة " "INTOSATفي المادة رقم ) (56على أن
"يجب أال يلزم جهاز الرقابة العليا بتنفيذ أو تعديل أو االمتناع عن القيام بمراجعة أو يخفي أو
يعدل نتائج أي مراجعة أو توصيات.688
وتأكيدا على أهمية االستقاللية ،فقد قامت منظمة " "INTOSAIبتخصيص المعيار رقم
) (10بشأن االستقاللية ،ونتيجة لهذه األهمية فقد نصت بعض دساتير الدول العربية على
ضمانات استقاللية وحياد أجهزة الرقابة العليا
وعلى الرغم من عدم التنصيص الدستوري لهيئة الرقابة العليا على المال العام والمتمثل
في ديوان املحاسبة القطري ،فإنه يلعب دورا مهما في حماية المال العام وتعزيزمنظومة الشفافية
والنزاهة القطرية ،غيرأن مطلب منحه مزيدا من االستقاللية والحياد لممارسة صالحياته بشكل
واسع في مجال الرقابة العليا على المال العام بقطريبقى حاضرا .وذلك من شأنه أن يعززأهدافه
الكبرى في الدفاع عن المال العام ،وزجر ومعاقبة كل من تثبت في حقه تهم الفساد المالي ،أو لم
يتقيد بالضوابط والقوانين المنظمة لإلنفاق العمومي.
وعليه ،أصبح لزأما وضع رؤية استراتيجية تمنح االستقاللية لألجهزة الرقابية وتوفرسبل
التكامل واالندماج من خالل تبسيط وتوحيد مساطر والتوجه نحو المناهج الحديثة واستنادها
على آلية التدقيق ،كأسلوب رقابي حديث يتوخى عقلنة وتأهيل املجاالت التي يمارس فيها ،مع
اعتماد جميع فروعه التي تهم كل من المستويات العملية اإلدارية في جوانبها التنظيمية والمالية
وغيرها.
إن ضرورة منح ديوان املحاسبة استقاللية أكثريمكن من االشتغال وفق اجندته الخاصة
ودون الخضوع الي تعليمات من أي جهة سياسية او إدارية او قضائية وذلك استجابة لتوصيات
مختلف األجهزة الدولية للرقابة المالية واملحاسبة والتي يعتبر الديوان عضوا نشيطا في جل
هياكلها.
-688محمد الصلوي ،الشفافية والمساءلة ودورهما في تعزيز دور األجهزة العليا للرقابة المالية2009 ،،م ،ص. 26
P 402 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
يوفر العمل في الديوان بيئة محفزة على حسن األداء وذلك لما يؤمن الرض ى الوظيفي
لموظفيه ،وبما يفتح فرص كبيرة لالرتقاء بمستوى القدرات والكفاءات لتجويد عمل الرقابة على
المال العام بدولة قطر.
من هذا المنطلق وجب التأكيد على إعادة النظر في استراتيجية استقطاب العنصر
البشري باإلضافة إلى السعي إلضفاء القوة اإللزامية على التقارير التي تصدر عنهما .ألن التقارير
التي تصدرعنهما تبقى من أهم مخرجات العمل الرقابي ،فهي تمثل خالصة العمل الذي تقوم به
المؤسسة الرقابية ،وهي عبارة عن سالح تمتلكه الهيئة ،باعتبارها وسيلة لكشف األخطاء
واملخالفات الخطيرة بصفة علنية ،ومختلف حاالت سوء تدبير األموال العمومية ،أو خالصة
العمل الفردي لحساب معين إذا كان التقرير دوريا متكررا ترفعه الوحدة الرقابية املختصة.689
إن ديوان املحاسبة لن يكون باستطاعته النهوض بالمهام الرقابية المسندة إليه إذا لم
يتوفر على الوسائل البشرية واإلمكانيات المادية الالزمة ،وهذه الضمانة تعتبر أساسية بالنسبة
لألجهزة الرقابية ،نظرا لتعدد وتنوع المهام الموكلة إليها في ميدان الرقابة على المالية العامة.
ومن املجاالت التي يسعى الديوان إلى دعمها مجال الرقابة الداخلية المتعلقة باإلدارات
القطرية ،حيث أن الديوان يعمل على تنمية ورفع القدرات الوظيفية إلدارات التدقيق الداخلي
بالجهات الخاضعة لرقابته ،من خالل البرامج التدريبية التي يوفرها للفئات المستهدفة في هذه
الجهات؛ وذلك لبناء جيل قطري متمكن في مجاالت العمل الرقابي بإدارات التدقيق الداخلي.690
689احميدوش مدني" :المحاكم المالية في المغرب ،د ارســة نظرية وتطبيقية مقارنة" ،الطبعة األولى ،مطبعة فضــالة ،المحمدية،
،1115ص.371
690المنصة اإلخبارية مرسال قطر :بتاريخ 2فبراير 2023
/https://marsalqatar.qa/post/27076ديوان-المحاسبة-يدشن-خطط-البرام
P 403 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
كما يقوم ديوان املحاسبة بتنمية موارده البشرية ،لما بها من أهمية في تحقيق أهداف
الديوان ومكافحة الفساد اإلداري ،كما يقوم بمر اقبة أعمال الموارد البشرية لإلدارات الوطنية،
حيث يقوم في هذا اإلطاربما يلي:
-قياس مدى فعالية وكفاءة و اقتصادية برامج تنمية وتطوير إدارة الموارد البشرية
بواسطة مدقق األداء ،وذلك من خالل التحقق من بعض المسائل منها :وجود
سياسات واستراتيجيات وخطط للموارد البشرية في المنظمة كجزء من خططها،
ومدى وجود نظام معتمد منشور لشؤون الموظفين بشأن ( التوظيف ،وإنهاء
الخدمات ،والرواتب ،واإلجازات )..وكذلك وجود هيكل إداري مكتوب وتوصيف
وظائف وعالقات محددة وتناول المراجعة والتحديث الدوري للنظم والسياسات
والخطط والهيكل اإلداري المكتوب كلما دعت الظروف ،فتو افر مثل هذه األمور هو
بمثابة المعاييرالتي يقاس على أساسها مدى فعالية وكفاءة إدارة الموارد البشرية.691
من جهة أخرى تعد تنمية الموارد البشرية لديوان املحاسبة من أهم اهتماماتها ،وذلك
تنفيذا لتوصيات المنظمة الدولية للهيئات العليا للرقابة المالية ( االنتوساي) ،بحيث يقتض ي
تو افرالكوادرالبشرية المؤهلة لممارسة العمل الرقابي أن تكون ذات طبيعة تخصصية وخبرة،
بما يمكنها من أدائها لمهامها الرقابية بكفاءة وفعالية ،وتتضمن إلى جانب الكفاءات والقدرات
العلمية قدرات عملية لما لها من تأثير فعال على دور الديوان ،وتساهم تلك الكفاءة في تمكن
المدقق من إبداء رأيه حول صدق وعدالة القوائم المالية ،ويتمثل هذا التأهيل في التعليم
691هشتتتتتتتام زغلول إبراهيم ،نحو إطتار مقترح لرقابة األداء على برامج تنمية وتطوير الموارد البشتتتتتتترية ،تجربة
الجهاز المركزي للمحاستتتتتتبات ،مجلة الرقابة المالية الصتتتتتتادرة عن المنظمة العربية لألجهزة العليا للرقابة المالية،
العدد 44يناير ،2044ص.24:
P 404 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
واكتساب الخبرة العملية ،مع مراعاة التغيرات المستمرة التي تحدث في الفكر املحاسبي
والرقابي.692
ال يمكن إغفال دور التخطيط االستراتيجي في نجاح تدخالت الديوان والوصول إلى
األهداف المسطرة سلفا .إال أن هذه اآللية ال يمكن اعتمادها في معزل عن مجموعة من
المعطيات المتعلقة باملحيط الداخلي والخارجي للديوان ،فاإلدارة االستراتيجية في حاجة إلى أن
تكون ديناميكية تأخذ في مسارها التفاعل المعلوماتي والعلمي من األعلى إلى األسفل ومن األسفل
إلى العلى عبر الهرم التنظيمي ،على أن ترتكز عملية التخطيط والتنفيذ إلى طرق بحثية من خالل
البيئة الداخلية والخارجية في الجهازالرقابي.
إن عملية اإلدارة االستراتيجية هي دورة متكاملة تسعى لتطوير األجهزة الرقابية من خالل
عمليات منتظمة ومسؤوليات محددة تستشفها من دورها المناط بها عبر القانون والدستور،
تحتاج اإلدارة االستراتيجية إلى وضع آليات تقيس بها تأثير األنظمة المستحدثة على سير العمل
وتطوره وأخرى لتوجيه الموارد نحوالمهام األكثر جدوى وخلق جهاز رقابي قادر على أن يعمل
بكفاءة وفعالية بحيث يثبت أحقيته في كونه المثل األعلى في منظومة العمل المؤسساتي في
الدولة .فيما يلي تلخيص لمقترحات ترتكزعليها اإلدارة االستراتيجية الناجحة:693
.1تبني أخالقيات وطنية و إنسانية تنطلق من احترام تطبيق المبادئ الخالقة مثل
(المصداقية واألمانة المهنية والموضوعية والحيادية...إلخ) وتقنين طرق للمساءلة تبنى على
أساس موضوعي.
.2إلزام جميع الجهات الحكومية والشركات وطو اقمها من المدراء التنفيذيين ومجالس
اإلدارات والموظفين بتبني هذه المبادئ في مراجعاتهم و أنظمتهم الداخلية ووثائقهم الصادرة.
692الجازية راشتتد ستتعود الستتليطي ،العمل الرقابي لديوان المحاستتبة في نطاق االختصتتاصتتات والمعوقات ،مرجع
سابق ،ص.21 :
-693مجلة الرقابة المالية الصادر عن المنظمة العربية ألجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة ،العدد ،11يونيو ،1163ص
.9
P 405 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
.3تطويرالعالقة بين األجهزة الرقابية وشركائها لتكوين نظام متكامل قادرعلى قيادة عجلة
التطورفي البالد وفهم طبيعة العالقة التي تربط كل من المؤسسة الحكومية واألجهزة التشريعية
واألحزاب السياسية بالمواطنين وأصحاب المصالح.
.5عرض المقترحات على لجنة مختصة الختيارها وتحديد األولويات من بينها بشكل
موضوعي وعلمي بعد ربطها مسبقا بالخطة االستراتيجية وضمان حيادية المهام الرقابية
المقترحة وتبين الخطاطة التالية أهم مراحل إعداد وتنفيذ الخطة االستراتيجية.
خاتمة:
إن حماية المال العام من أهم الرهانات الملقاة على عاتق الدولة تقوم به من خالل
مجموعة من الهيئات واألجهزة ،يعد جهاز الرقابة العليا على المال العام أهمها ،إن لم يكن
محورها ،وفي دولة قطر يمثل ديوان املحاسبة هذا الجهاز ،الذي يتمتع بمجموعة من
االختصاصات الكفيلة بممارسة دور الحماية ،باإلضافة إلى توفره على بنية قوية يستطيع من
خاللها التنزيل الفعال لهذه االختصاصات ،ومن أهمها القيام بكافة اإلجراءات المسطرية
والقانونية في سياق تبني مفاهيم الحكامة الجيدة من ربط المسؤولية باملحاسبة وتكريس
الشفافية.
لكن على الرغم من كل المعيقات التي تواجه عمل هذا الجهاز ،وفي مقدمها االستقاللية
وتحدي التنصيص الدستوري ،واإلكراه الكمي والكيفي للموارد البشرية ،وغموض بعض
النصوص القانونية المنظمة ،فإن ديوان املحاسبة القطري يؤمن خيارات وفرص متنوعة في
مجاالت متعددة ،مع تطبيق أفضل الممارسات في مجال الموارد البشرية ،لضمان الكفاءة
واإلنتاجية وتشجيع التميز في األداء ،ويتوفر على فريق عمل يعمل بحرفية ومهنية عالية ،لحماية
المال العام والمساهمة في ضمان و اقع أفضل لحاضرومستقبل البالد.
ويتوخى النموذج القطري في تدبير المالية العامة ،سواء من حيث اآلليات التشريعية
وترسانته القانونية في املجال المالي أو من حيث اآلليات المؤسساتية التي تسهر على حسن تدبير
P 406 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
الميزانية العامة للدولة ،الطريق الصحيح ،فنموذج قطر يحتذى به في هذا المضمار والو اقع
القطري يؤكد ذلك بشكل جلي.
إن حماية المال القطري من خالل ديوان املحاسبة باعتباره جهاز للرقابة العليا على هذا
المال العام ،يستلزم الدفع في اتجاه تطويرمفهوم الرقابة والحماية وآلياتهما ،بحيث لم يعد يوخى
مجرد اكتشاف أخطاء و انحر افات التسيير ،و إنما البحث عن أسبابها ،وكيف يمكن تجنب
وقوعها في المستقبل ،من خالل استعراض اإلجراءات التصحيحية ،فضال عن الكشف في نفس
الوقت عن مواطن االختالالت التي تعرفها مناهج التسيير ،مما يؤسس لجو الثقة الذي تتوقف
عليها روح المبادرة والتي إن افتقدت أفرغ العمل الرقابي ومن خالله الخيارالحكماتي من فحواه
ومنطلقاته األساسية.
كل ذلك يحتاج إلى إرادة سياسية وإجماع وطني وشراكة وتنسيق بين مختلف الفاعلين
لتفعيل القوانين وللتغييرواإلصالح ،كما ان التعاون بين مختلف هذه المستويات يصبح أساسيا
ومركزيا في تشكيل هندسة الحكامة المالية بكل من المغرب ودولة قطر.
المراجع:
-ابن منظور ،لسان العرب ،الناشر :دارصادر– بيروت ،الطبعة :الثالثة 1414 -هـ ج.6
-محمد براو" :األجهزة العليا للرقابة المالية واملحاسبة ودورها في التنمية وبناء الدولة من
منظور عالمي مقارن وعملي" ،الجزء األول ،والثاني الطبعة األولى ،مطبعة دار السالم ،الرباط
.2121
-علي بدوي ،أبحاث التاريخ العام والقانون ،الجزء األول ،تاريخ الشرائع ،مطبعة مصر
القاهرة ،طبعة .1947
-محمد الصلوي ،الشفافية والمساءلة ودورهما في تعزيز دور األجهزة العليا للرقابة
المالية.2009 ،،
احميدوش مدني" :املحاكم المالية في المغرب ،دراسة نظرية وتطبيقية مقارنة" ،الطبعة
األولى ،مطبعة فضالة ،املحمدية.2113 ،
P 407 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
-أنسام علي عبد الله ،النظام القانوني لألموال العامة ،دراسة مقارنة ،مجلة الر افدين
للحقوق ،بغداد ،السنة العاشرة ،عدد ،35سنة .2115
-علي نجيب حمزة ،اكتساب المال العام في القانون اإلداري ،مجلة املحقق الحلي للعلوم
القانونية والسياسية ،املجلد ،1العدد ،1حزيران ،2119جامعة بابل كلية القانون.
-مجلة الرقابة المالية الصادر عن المنظمة العربية ألجهزة العليا للرقابة المالية
واملحاسبة ،العدد ،66يونيو .2115
-العربي بجيجة" :المعايير الدولية لألخالقيات المهنية ،القضاء المالي نموذجا" ،مجلة
مسالك ،العدد .2115 ،36-35
هشام زغلول إبراهيم ،نحو إطار مقترح لرقابة األداء على برامج تنمية وتطوير الموارد
البشرية ،تجربة الجهاز المركزي للمحاسبات ،مجلة الرقابة المالية الصادرة عن المنظمة
العربية لألجهزة العليا للرقابة المالية ،العدد 71يناير .2117
-الجازية راشد سعود السليطي ،العمل الرقابي لديوان املحاسبة في نطاق االختصاصات
والمعوقات ،رسالة للحصول على درجة الماجستيرفي القانون العام ،جامعة قطر ،كلية القانون،
يناير.2123
P 408 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
تعتبر إدارة الموارد البشرية ذلك البرنامج أو النظام المتعلق بشؤون الموظفين كما تعد
كونها مجموعة وظائف و أنشطة تستخدم إلدارة الموارد البشرية بطريقة بعيدة عن التحيز
وبشكل فعال لمصلحة المنظمة والفرد واملجتمع في تنظيم ومجتمع معينيين.694
و إن المدخل األساس ي لتغيير نمط العيش في دول الخليج العربي ،والتقليل من االعتماد
على مداخيل معينة بشكل أساس ي و تقليدي ،والتحول إلى اقتصاد بديل يرتكز على تنويع
مصادره ،ال يتأتى دون االهتمام بالكفاءات البشرية ،والعمل على بناء رأس مال بشري قوي يواجه
تحديات العصرالمتزايدة والمتسارعة التي باتت تعتمد أكثرفأكثرعلى العقل البشري وما ينتجه
من أفكار ،وما يتيحه من بدائل وحلول ،أما االعتماد على ما تنتجه الطبيعة فيبقى تحصيل
حاصل ،ال يقدم كثيرا في موازين القوى ،بل أكثرمن ذلك ،يؤثرفي كثيرمن األحيان على نمو الدول
ويجعلها دوال ريعية ،تنتظر العوائد المالية دون بدل جهد يذكر ،وهو ما يؤخر عملية النمو ،ألن
-694عبد الحمدي خليل" ،إدارة الموارد البشرية" ،منشورات الجامعة االفتراضية السورية ،1021 ،ص .13
P 409 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
هذا األخير يعتمد كثيرا ما ينتجه العقل البشري من أفكار يحولها لمشاريع كبرى تفتح أفاقا غير
مسبوقة للدولة واملجتمع.695
وهكذا بدأت الدول المصدرة األولى في العالم للبترول 696كاإلمارات العربية المتحدة،
حيث في عام ،2116أطلقت أبو ظبي مبادرة مصدر» ، «the Masdar initiativeوالتي تم تقديمها
كقرار جريء وتاريخي الحتضان تقنيات الطاقة المتجددة والمستدامة " ،أطلقت مصدر مشروع
خال من انبعاثات الكربون.
مدينة مصدر ، Masdar city projectالذي يهدف إلى إنشاء مجتمع ٍ
كما بدأت دول مجلس التعاون الخليجي األخرى ،بمباشرة بعض المشاريع الصغرى
للطاقة المتجددة في السنوات األخيرة ،لتطوير مصادر الطاقة المتجددة الرئيسية ،خصوصا
االعتماد على الطاقة الشمسية.
كما تعد قطر هي األخرى ،697بدأت ،ولو متأخرة نسبيا ،بتطوير مواردها البشرية ،في
منتصف القرن العشرين ،وبالرغم من ذلك فقد استثمرت بقوة في هذا املجال ،وجزء من
النفقات الحكومية تذهب إلى الموارد البشرية ،كما أن برامج هذه الموارد تدار من قبل القطاع
الحكومي وتقوم على شبكات قوية من الخدمات االجتماعية الحرة ،تشتمل ضمان كامل
الوظائف للمواطنين برواتب جد عالية مع فوائد اجتماعية لألطفال ،والولوج املجاني للتعليم
األساس ي ،ومجانية الماء والكهرباء ،ومجانية الخدمات الطبية ،ودعم المواد االستهالكية
األساسية ،واإلعفاء من الرسوم والضرائب ،ولهذا تعتبر قطر اليوم حسب أغلب المراجعين
الدوليين international reviewersمن ضمن الدول التي تتضمن موارد بشرية متطورة.698
ويكتس ي موضوع آليات تدبير إدارة الموارد البشرية في قطر دورا مهما في تجويد العمل
داخل القطاعات وترشيدها األمرالذي يساهم بشكل كبيرفي تطويرتنمية عجلة االقتصادي وسير
المرفق العمومي.
695
- Pawan S. Budhwar، Kamel Mellahi, Managing Human Resources in the Middle-
East, Routledge, london and new York, first published 2006, in the preface, page 26.
-696عبد الرحمان بن حمد العطية :دور مجلس التعاون الخليجي في دعم مسيرة التنمية البشرية في منطقة الخليج،
مركز االمارات للدراسات والبحوث االستراتيجية ،طبعة األولى ،ص.12
697
- khlas A, Abdalla, human resource managment in Qatar in, Managing Human
Resources in the Middle-East, by Pawan S. Budhwar ،Kamel Mellahi, ibid, p124
-698عبد الحمدي خليل" ،إدارة الموارد البشرية" ،مرجع سابق ،ص .36
P 410 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
-فإلى أي مدى يلعب التخطيط اإلستراتيجي دورا هاما في تدبير مجال الموارد البشرية
بدولة قطر؟
ومنه فلمعالجة اإلشكالية أعاله سنعتمد على التصميم التالي :المبحث األول :األسس
النظرية للتخطيط االستراتيجي للموارد البشرية بقطر .المبحث الثاني :األسس التشريعية لتدبير
الموارد البشرية في قطر.
إن الحديث عن تنمية الموارد البشرية ،يقودنا دائما نحو االنطالق والتركيز على تنمية
الفرد
وتحسين مجال عيشه ،مع االهتمام بشدة على التعليم كأداة لتحقيق هذه التنمية ،699وهو
ما نجده في الكتابات المبكرة لكثير من العلماء ،حيث كان تركيزهم األساس ي على الفرد باعتباره
القوة المركزية في كل عملية تنموية ،وقد غد ت العولمة هذا االتجاه إذ مثلت قوة دافعة لنشر
هذه األفكاروالممارسات ،وهو ما انعكس في مجال التنمية البشرية التي أخذت بهذا المعنى بعدا
دوليا وعالميا كمجال حديث للبحث؛ إذ تحتوي األدبيات على عدد صغير من المساهمات التي
تأخذ كنقطة انطالق نظرتها "العالمية" لتنمية الموارد البشرية من خالل عدسة العولمة وتدويل
األفكار والمفاهيم ،لهذا تعددت األسباب مؤكدة تداخل المنظور العالمي مع المنظور املحلي،
-699نبيل علي ،نادية حجازي" ،الفجوة الرقمية ،رؤية عربية لمجتمع المعرفة" ،عالم المعرفة ،طبعة ،2أغسطس
،1002ص.63
P 411 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
وظهورمسا ا رت جديدة يتم البحث فيها في مجال البحوث اإلدارية التي تمتد عبرالحدود الوطنية،
ً
وتحديدا في مجال الموارد البشرية وتنميتها.700
وتعد الموارد البشرية أحد الدعامات األساسية في تحديد مستويات األداء بكل
املجتمعات ،وبالتالي في كفاءتها وفعاليتها .وقد برز هذا الفهم بشكل جلي مع تطور أبحاث اإلدارة
العلمية وظهور بحوث "إلتون مايو" الخاصة بمعنويات العمل و اتجاه مدارس البحث في إدارة
األعمال إلى النواحي السلوكية ،كما ظهرت اتجاهات قوية لدى الباحثين في اإلدارة العلمية في
شكل تعاون بين اإلدارة والعمال حفاظا على مبدأ الكفاية اإلنتاجية كما نادوا بضرورة تركيز
االهتمام على العنصراإلنساني باعتباره العنصراألساس ي في العملية اإلنتاجية.701
ومنه فسنعالج الموضوع من خالل مطلبين بحيث سنتطرق في (المطلب األول) للحديث
عن ماهية التخطيط االستراتيجي لتدبير الموارد البشرية ،في حين سنخصص (المطلب الثاني)
للوقوف على دورالتخطيط االستراتيجي في ممارسات تدبيرالموارد البشرية.
يمثل التخطيط االستراتيجي لتدبير الموارد البشرية عملية تحديد األهداف ووسائل
تحقيقها في مجال إدارة الموارد البشرية بشكل ّ
فعال ،ويهدف هذا التخطيط إلى تحسين أداء
المؤسسة وضمان أن الموارد البشرية تستخدم بشكل أمثل لتحقيق أهدافها االستراتيجية.
يختلف مفهوم إدارة الموارد البشرية عن مفهوم إدارة الموظفين ،طالما أن الفلسفة
اإلدارية التي يقوم كل من المفهومين عليها قد حدثت فيها تغييرات جوهرية ،فسابقا ساد مدخالن
في هذا املجال هما ،اإلدارة العلمية والعالقات اإلنسانية ،والذي حل محلهما اليوم مدخل الموارد
البشرية.
إن دور اإلنسان كعامل أساس ي في عملية اإلنتاج قد تغير مند فترة االقتصاد الكالسيكي،
وتمظهرت هذه عوامل التحول الواضحة في تغير الذي طرأ على المسميات و أيضا على الدور
700
-Sue balderson, strategy and training and development, in ; John P. Wilson, Human
Resource Development: Learning, Training for Individuals Organizations, kogan page,
1999, p 27.
-701نبيل علي ،نادية حجازي" ،الفجوة الرقمية ،رؤية عربية لمجتمع المعرفة" ،مرجع سابق ،ص .12
P 412 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
الوظيفي لإلنسان ،وهو ما تمثل في التحول من العمل إلى المورد البشري ،ومن التنظيم إلى
التدبير ،ومن الربح إلى الصحة ،وقد جلبت الفرص العالمية المنافسة العالمية ،حيث أصبحت
التكلفة والجودة هي معاييرالبقاء.702
وعند تعريف الموارد البشرية ،نجد من األهمية بمكان أن نعرف ونوضح معنى مصطلح
المورد البشري ،HUMAN RESOURCEذلك ألن هذا المورد يمثل محور عمل واهتمام هذه
اإلدارة.
المورد البشري بوصفه "مجموع 703Megginson وفي هذا الصدد يعرف ميغنسون
المعرفة ،والكفاءات ،والقدرات اإلبداعية والمواهب ،وكفاءة القوى العاملة في المنظمات،
باإلضافة إلى مجموع القدرات الكامنة والمعرفة المكتسبة والمهارات التي تمثلها المواهب
وكفاءة األشخاص العاملين".
كما يمكن أيضا القول أن الموارد البشرية هي مجموع الناس الذين يعملون في المنظمة
رؤساء ومرؤوسين ،والذين جرى توظيفهم فيها ،ألداء كافة وظائفها وأعمالها تحت مظلة وهي:
ثقافتها التنظيمية التي توضح وتضبط وتوحد أنماطهم السلوكية ،ومجموعة من الخطط
واألنظمة والسياسات والجزاءات ،التي تنظم أداء مهامهم وتنفيذهم لوظائف المنظمة ،في سبيل
تحقيق رسالتها وأهداف استراتيجيتها المستقبلية ،ولقاء ذلك تتقاض ى الموارد البشرية من
المنظمة تعويضات متنوعة تتمثل في رواتب وأجورومزايا وظيفية ،في عملية تبادل للمنفعة تتم
بينهم ،فالموارد البشرية تقدم للمنظمة مساهمات على شكل مؤهالت علمية ،خبرات ،مهارات،
جهد.704
ولفهم تطور الموارد البشرية يجب االنطالق من ثالث اهتمامات رئيسية تشكل مناط
دورانها
702
-Tapomoy Deb, Strategic Approach to Human Resource Management, concept, tools,
application, atlantic publishers and distributors, 2006, p6.
703
-Megginson L.C., Personnel and Human Resource Administration, Richard D. Irwin
Inc., Home Wood, Illinois, 1977, p-4
-704توفيق خطاب" ،التدبير التوقعي للموارد البشرية في الوظيفة العمومية" ،بحث تأهيلي لنيل دبلومات الدارسات
العليا المعمقة في
القانون العام ،جامعة محمد الخامس ،كلية الحقوق السويسي ،السنة الجامعية ،1001-1001ص .22
P 413 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
والتنمية االجتماعية الشاملة ،حيث تعتبر هذه المبادئ األساسية الثالثة مجاال ثابتا
للموارد البشرية إلى حد كبير.705
إن حديثنا عن األساس النظري لوظيفة الموارد البشرية يجرنا بالضرورة للكشف عن
التطورات التي همت الموارد البشرية و انتقلت بها إلى أن أصبحت نقطة تحول في علم اإلدارة،
وقد ميزهذا التطورأن نظرة أرباب العمل إلى اإلنسان العامل سابقا كانت تتسم بنوع من الدونية
إذ كان يعتبر مجرد عنصر من عناصر اإلنتاج غير ذي أهمية ،لكن بعد الصدمات المتتالية التي
واجهتها اإلدارة بات يعد ثروة ثمينة يجب استثمارها واالعتناء بها بالنظر إلى دورها في تنمية باقي
الطاقات والثروات األخرى.706
مما ال شك فالتخطيط االستراتيجي لتدبير الموارد البشرية يعد أداة حيوية لضمان أن
تكون استراتيجيات الموارد البشرية متناسبة ومتكاملة مع أهداف المؤسسة وتسهم في تحقيقها
بشكل جيد وفعال.
إن فلسفة الموارد البشرية تكون ذات فعالية كبيرة إذا ما تم ترجمة ذلك بوضوح وتفصيل
لما يتمتع به العنصر البشري من طاقة وكفاءة ومهارة ،وال يتم التعامل معه كمجرد أدوات
وعناصرجامدة كباقي العناصراألخرى في عملية اإلنتاج ،ولذلك فمع التطورالفكري الذي حصل
خالل العقود األخيرة؛ إذ أصبح الرأسمال البشري يعد رأسماال استراتيجيا وفكريا لإلدارة؛ بحيث
يشكلون ميزتها التنافسية ،وأصبح من الندرة التي تبحث عنهم أي إدارة من أجل استقطابهم
واختيارهم وتعيينهم لديها من أجل للتنافسية ورفع القدرة اإلنتاجية.707
-705الحسين الرامي" ،إشكالية تدبير الموارد البشرية في الجامعة المغربية" ،أطروحة دكتوراه في القانون العام،
جامعة القاضي عياض ،السنة الجامعية ،1022-1020ص.11
-706محمد عبده حافظ" ،إدارة الموارد البشرية بين الفكر التقليدي والمعاصر" ،دار الفجر للنشر والتوزيع ،الطبعة
األولى ،طبعة ،1022ص .2
-707صفوان محمد المبيضين" ،عائض بن شافي األكلبي ،تحليل الوظائف وتصميمها في الموارد البشرية" ،دار
اليازودي العلمية للنشر
والتوزيع ،الطبعة العربية ،1023ص .36
P 414 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
وفي ضوء أهمية العنصرالبشري في العمل ،لم يعد يستخدم مصطلح العاملين ،أو القوى
العاملة ،أو العمال ،أو األفراد ،بل أصبح يستخدم مصطلح المورد البشري ،للداللة على أهميته،
باعتباره أحد أهم عناصر مدخالت العمل ،وهذا أحد األسباب التي أدت إلى تغيير مسمى" إدارة
األفراد " ليصبح إدارة الموارد البشرية.
وتشكل إدارة الموارد البشرية أهمية استراتيجية الرتباطها بالعاملين الذين يمكن وصفهم
مصدرنجاح أو فشل المنظمة ،ألنهم المصدرالمستثمرلزيادة كفاءة الموارد البشرية ،وترتبط
ولقد حدثت كثيرا العديد من التغيرات في مجاالت العمل املختلفة في وقتنا الحاضر
صاحبتها كثيرا جملة من التحديدات والعقبات أمام إدارة الموارد البشرية وسنذكرفيها يلي بعض
األمثلة لهذه التحديات:709
-زيادة االعتماد على التكنولوجيات الحديثة :إن التطورات التكنولوجية تشكل قيدا على
إدارة
الموارد البشرية ألن التغيرات الملحوظة في التكنولوجيا االلكترونية تؤدي إلى تغييرات
جذرية في أنواع األعمال والمهارات ،وهنا تزداد أهمية بعض األنشطة مثل التدريب والتنمية
والتخطيط للمستقبل الوظيفي بما يتناسب مع تلبية احتياجات هذه التغيرات.
-التغيرات في تركيب القوى العاملة :لقد لوحظ أن هناك تغير في تركيبة القوى العاملة
الحالية بمختلف المنشآت ،ومن هذه التغيرات زيادة نسبة النساء العامالت ،وقد يلقي
هذا عبي جديد على إدارة الموارد البشرية فتزايد معدالت النساء العامالت والمشاركات
في قوة العمل سوف يخلق متطلبات جديدة لزيادة المساواة في الدفع وفرض الترقي
الوظيفي إضافة إلى إعداد سياسات خاصة بالنساء.
-708يوسف حجيم الطائي ،هاشم فوزي العبادي" ،إدارة الموارد البشرية قضايا معاصرة في الفكر اإلداري" ،دار
صفاء للنشر والتوزيع عمان ،الطبعة األولى ،طبعة ،1022ص .11
-709صالح الدين محمد عبد الباقي" ،إدارة الموارد البشرية العلمية والعملية" ،مكتبة الرمال ،الطبعة الثانية ،طبعة
،1022ص.22
P 415 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
إن الهدف من استراتيجية إدارة الموارد البشرية هو محاولة فهم تطور البيئة الخارجية
والداخلية ،إضافة إلى متطلباتها األساسية والمتغيرات التي تطرأ عليها ،سواء من حيث الوظائف
أو الغايات أو األهداف أو متطلبات العمل ،إضافة إلى البيئة املحيطة.
وتقوم هذه االستراتيجية على المالءمة أو التناسق بين إدارة الموارد البشرية
واستراتيجية المنظمة والذي يؤدي بالتالي إلى تحقيق أداء أفضل وفاعلية تنظيمية عالية ،إذ لم
ً
تعد إدارة الموارد البشرية االستراتيجية بديال ،ولكن أصبحت حالة مالزمة لنجاح منظمات
ً
األعمال ،إذ من المهم جدا أن تعكس استراتيجية الموارد البشرية بصورة صحيحة استراتيجية
األعمال الرئيسية للمنظمة ،وذلك لضمان التطابق المناسب ،فإدارة الموارد البشرية
االستراتيجية تركز على نشاطات العاملين مع األهداف االستراتيجية للمنظمة ،وبذلك فإن
الحاجة للميزة التنافسية والسيما المستدامة منها ،قد جعلت الدور االستراتيجي إلدارة الموارد
البشرية ذو أهمية متزايدة للمنظمة في األمد البعيد.710
ومنه فسنقف في هذا المطلب عند حقل اإلدارة االستراتيجية للموارد البشرية وتطورها
من خالل (الفقرة األولى) ،ثم أهمية اإلدارة االستراتيجية للموارد البشرية في (الفقرة الثانية).
يعتبر التخطيط العامل األساس ي والسبيل الرئيس ي لنجاح المؤسسات وتحقيق ما تريد
ويعتمد
نجاح أو فشل المنظمات إلى حد كبير على دقة التخطيط االستراتيجي ،وقد مارست
المنظمات التخطيط طويل المدى ومن ثم التخطيط االستراتيجي وتطور إلى ما يعرف اليوم
باإلدارة االستراتيجية ،كما يعتبر الربط بين تخطيط الموارد البشرية والتخطيط االستراتيجي
على جميع المستويات مسألة ضرورية وملحة لتحقيق االنسجام بين أهداف الموارد البشرية
وأهداف استراتيجية األعمال واالستراتيجية العامة للمنظمة.711
-710ياسين كاسب الخرشة" ،إدارة الموارد البشرية" ،دار المسيرة للطباعة والنشر والتوزيع العبدلي 1002 ،م،
عمان ،ص .26
-711موفق محمد الضمور" ،التخطيط االستراتيجي للموارد البشرية في القطاع العام" ،دار الحامد للنشر والتوزيع،
عمان ،األردن ،1020 ،ص .23
P 416 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
إن الحاجة إلى إدارة وتخطيط الموارد البشرية للمؤسسة استراتيجيا كونها تواجه عددا
من
التحديات في بيئة العمل الداخلية والخارجية تؤدي إلى وجود قوى متناقضة ومتعارضة
مما يحتم على المؤسسة من تحقيق التو افق فيما بينها حتى تزيد من قدرتها على التكيف مع هذه
التحديات واالد ا رك بأهمية االعتماد على هذه الموارد في تحسين االنتاجية لتحقيق النمو
والمعيشة في ظل التحديات والظروف البيئية المتغيرة.712
وتتوقف قدرة المؤسسة على تبني االتجاه االستراتيجية إلدارة مواردها البشرية على تنمية
البيئة التي تكون فيها:713
بصورة كبيرة خالل الخمس عشرة سنة األخيرة الماضية ،ولقد وصف SCHULERحالة
-712عبد الرحمان بن عنتر" ،دور اإلدارة اإلستراتيجية في تنمية الموارد البشرية" ،مداخلة ضمن أشغال المؤتمر
السنوي العام لإلدارة حول القيادة اإلبداعية والتجديد في ظل الشفافية والنزاهة ،المنظمة العربية للتنمية اإلدارية ،ص
.113
-713عبد الرحمان بن عنتر" ،دور اإلدارة االستراتيجية في تنمية الموارد البشرية" ،مرجع سابق ،ص .112
714
-Chang wan–jng April, Huang, Tungchun, The Relationship between strategic human
resource management and firm performance A contingency perspective, International
Journal of Manpower, vol.26, 2005, P.435
P 417 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
بغرض تشكيل المؤسسة بطريقة سليمة البد من تحديد بعض العناصرالهامة للتخطيط
واإلدارة االستراتيجية واآلثاراملحتملة لها على تخطيط الموارد البشرية والتي تمثل نقطة التقاء
فيما بينها هذه العناصرهي كاالتي:715
على مجموعة من التساؤالت مثل :لماذا يوجد العمل أصال؟ وماهي اإلسهامات التي يمكن
تحقيقها من جراء القيام بهذا العمل؟ ماهي دو افع أو قيم المديرين وأصحاب العمل؟
-تقييم نقاط القوة والضعف للمؤسسة وماهي العوامل التي قد تقوي أو تضعف وتحد
من
وتقوم استراتيجية الموارد البشرية 716على االستقطاب والتدريب من خالل تنمية المسار
الوظيفي واستراتيجيات المنظمة في التوظيف ،وربط ذلك بتقييم أداء العامل أو الموظف والم
ا زيا التي تحفزه على األداء أكثروتحسين مردودية المنظمة.
يتفق الدارسين والخبراء على أن اإلدارة تلعب دورا حاسما في بلوة األهداف التنموية ألي
مجتمع ،وتبقى اإلدارة وسيلة بيد الدولة لتحقيق سياستها وإشباع الحاجات العامة لألفراد هذه
الحاجات العامة في تزايد بشكل متواصل بسبب النموالديمغرافي من جهة ،ومن جهة أخرى تطور
الحياة البشرية ونوعيتها ،مما أدى إلى تعاظم دورالدولة.
-715موفق محمد الضمور" ،التخطيط االستراتيجي للموارد البشرية في القطاع العام" ،مرجع سابق ،ص .62
-716ياسين كاسب الخرشة" ،إدارة الموارد البشرية" ،مرجع سابق ،ص .11
P 418 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
ويؤدي تنظيم الوظيفة العمومية إلى حل مجموعة من القضايا ذات الطبيعة العملية،
وذلك بشكل يمكن من إشباع الحاجات العامة عن طريق التسييرالحسن لإلدارة ،وبتلبية طموح
وتطلعات الموظفين إلى التحسن المستمروالعادل ألوضاعهم اإلدارية والوظيفية.717
ويعد الموظف العام مرآة الدولة وعمودها الفقري ،فإذا صلح صلحت ،وإذا فسد
فسدت ،بمعنى أنه هو الذي يقوم بتنظيم مختلف العالقات ما بينها وبين الشعب ،وقد تزايدت
أهميته تبعا التساع نشاط الدولة.718
وبناء عليه فسنعالج في المبحث لحقوق الموظف العام من خالل (المطلب األول) ،على
أن ننتقل لدراسة واجبات الموظف في (المطلب الثاني).
ليس هناك من شك في أن األفراد لم يقبلوا العمل في الوظيفة العامة إال من أجل الحصول
على المميزات أو الحقوق التي تمنح لهم مقابل ذلك ،فهذه المميزات أو تلك الحقوق تعد في
الو اقع وسيلة أساسية لجذب المواطنين نحو العمل الحكومي باعتبارها المقابل للواجبات
وااللتزامات الملقاة على عاتقهم.719
إن مختلف التشريعات المقارنة في مجال تدبير الموارد البشرية ،تقوم بتوفير الضمانات
الكفيلة بحماية حقوق الموظف سواء منها الحقوق المادية أو المعنوية ،وضمان الستقرار
أوضاعه ،وتحفيزه لألداء األفضل.
وهذه الحقوق سنحاول الوقوف عليها من زاويتين فاألولى الحقوق النظامية بسلك
الوظيفة العامة في (الفقرة األولى) ،والحقوق المادية والمعنوية للموظف (الفقرة الثانية).
-717عبد الله اإلدريسي" ،المشروعية والمالئمة في قرارات الوظيفة العمومية" ،المجلة المغربية للقانون واالقتصاد
والتنمية ،العدد ،1021 ،12ص .203
-718محمود أحمد عبد الفتاح" ،األساليب الحديثة في التعامل مع ضغوط العمل" ،دار الكتب المصرية ،الطبعة األولى،
،1023ص.216
-719رمضان محمد" ،حقوق وواجبات الموظفين العموميين" ،ضمن أشغال ندوة " دور القضاء اإلداري في دعم
وتعزيز الخدمة
المدنية" 21 – 1 ،تموز ، 1001القاهرة جمهورية مصر العربية ،الناشر :المنظمة العربية للتنمية اإلدارية ،ص .11
P 419 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
يعد الموظف العام أداة اإلدارة لتحقيق أهدافها وتسييرمر افقها ،ومن هنا فقد حرصت
التشريعات المتعلقة بإدارة الوظيفة العامة على تحديد عدة شروط بمن يلتحق بالوظيفة
العامة واعتمادها مبادئ الجدارة واإلنصاف وتكافؤ الفرص واالختياراألنسب من بين المتقدمين
لشغلها وبما يلبي احتياجات اإلدارة ،وقد يطرأ على الحياة الوظيفية للموظف العام بعد تعيينه
تغييرات وظيفية متنوعة تقتضيها المصلحة العامة ،فقد ينقل ،وقد ينتدب إلى وظيفة أخرى،
وقد تتم إعارته إلى مو اقع أخرى داخلية أو خارجية.720
إن عملية االلتحاق النهائي بالوظيفة تثبت عالقة العمل ،وهي عملية قانونية تنطوي على
االختياروالتعيين ثم ترسيم الموظف في الوظيفة.
تحتل الوظيفة العامة دورا حيويا في الدولة الحديثة ،فالموظفون هم أداتها لتنفيذ
سياستها وإلدارة الدوالب الحكومي ،ومن هنا فليس من المبالغة القول بأن صالح الدولة وتقدمها
وازدهارها يرتبط إلى حد بعيد بصالح الموارد البشرية ،وقد تنبهت غالبية الدول إلى مدى أهمية
المورد البشري ،ومن هنا فقد بذلت الكثير من الجهود في سبيل اصالح النظم الوظيفية بشتى
األساليب والوسائل العلمية والتقنية والقانونية721.
والمشرع القطري لم يعرف الموظف العام ،واكتفى بوضع الئحة على من يسري عليهم
قانون الموارد البشرية المدنية ،حيث تسري أحكامه على الموظفين المدنيين بالوزارات واألجهزة
الحكومية األخرى والهيئات والمؤسسات العامةُ ،ويستثنى من تطبيق أحكامه في حدود ما نصت
عليه أنظمة توظفهم ،الفئات اآلتية722:
-720االئتالف من أجل النزاهة والمساءلة" ،النقل واالنتداب واإلعارة في الوظائف المدنية والعسكرية" ،أيلول ،1021
رام الله فلسطين ،ص .2
721 -محمد مرغني" ،المبادئ العامة للقانون اإلداري المغربي -دارسة مقارنة ،"-مطبعة الساحل ،الرباط، 2210 ،
المغرب ،ص .12
722 -المادة 1من القانون رقم 22بقطر.
P 420 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
-موظفو قطرللبترول.
-موظفو جهازقطرلالستثمار.
يعتبرحق الوظائف العامة من الحقوق ذات الطبيعة السياسية ،وعلى ذلك يقتصرالتمتع
به في كل دولة على مواطنيها ،كما ينبغي من جانب آخرإتاحة فرصة تقلدها لجميع المواطنين بغير
التمييز بينهم ،إال أن هذا ال يمنع بطبيعة الحال من ضرورة توفر بعض الشروط التي يقصد من
ورائها اختيار الموارد البشرية القادرة والكفؤة للقيام بمهام وأعباء الوظيفة ،723وتطبيقا لهذا،
نصت المادة ،13على مجموعة من الشروط التي يجب أن تتوفر فيمن يتقلد إحدى الوظائف،
ومن هذه الشروط ما يلي:724
-أن يكون قطري الجنسية ،فإن لم يوجد فتكون األولوية ألبناء القطرية المتزوجة من غير
قطري ،ثم الزوج غير القطري المتزوج من قطرية أو قطري ،ثم مواطني دول مجلس
التعاون لدول الخليج العربية ،ثم مواطني الدول العربية ،ثم الجنسيات األخرى.
-723هذا ال يمنع الدولة من االستعانة ببعض األجانب بصفة استثنائية لتكملة أطرها بمقتضى عقود ،كما أن بعض
الدول تسمح لبعض
األجانب بتقلد الوظائف فيها ألسباب سياسية أو قومية؛ محمد مرغنى" ،المبادئ العامة للقانون اإلداري المغربي"،
مرجع سابق ،ص .363
-724المادة 23من قانون رقم 22بقطر.
-725محمود أحمد عبد الفتاح" ،األساليب الحديثة في التعامل مع ضغوط العمل" ،مرجع سابق ،ص .201
P 421 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
يعتبرالتحاق الموظف العام بوظيفته بداية عن انطالق عالقة تنظيمية بينه وبين اإلدارة،
فيؤدي إلى خضوع الموظف ملجموعة من القواعد القانونية تبين حقوقه وتوضح أهم التزاماته
باعتباره ممثال للدولة الذي يقوم على تحقيق المصلحة العامة وحسين سيرالمر افق العامة.726
فبخصوص الحقوق المادية نجد الراتب أو األجرفهو المبلغ الذي يتقاضاه الموظف من
اإلجازة بصفة دورية مقابل انقطاعه لخدمة اإلدارة ،وهو يتحدد بالنظرإلى نوعين من األسس:727
-أسس موضوعية :وتتعلق بنوع الوظيفة أو بقيمة العمل الذي يؤديه صاحب الشأن.
والراتب عبارة عن المبلغ الذي يتقضاه الموظف شهريا في مقابل الخدمة التي يقدمها
لإلدارة العمومية ،وهو لذلك يكتسب أهمية كبيرة بالنسبة للموظف ،وقد عرفه آخرون 728أنه
المبلغ الذي يتقاضاه الموظف العام من الدولة شهريا وبصفة منتظمة مند التحاقه بوظيفته
وحتى انتهاء عالقته بها ،وذلك مقابل تفرغه للعمل بها طوال تلك الفترة يراعي في تحديده ما يتطلبه
المركز االجتماعي من مزايا ،وللموظف الحق في تقاض ي راتبه بصفة منتظمة طالما أنه مستمر
في أداء عمله ويتقاضاه حتى عن االجازات الرسمية التي يستحقها قانونا وال يحرم من الراتب إال
في الحاالت التي ينص عليها القانون كحاالت االنقطاع عن العمل بدون مبرر مقبول ،أو الوقف
عن العمل ألسباب تأديبية ،أو الحصول عن إجازة دارسة بدون راتب أو السفرإلعارة خارجية ،و
غير ذلك من األسباب التي يقرر فيها المشرع حرمان الموظف من راتبه كله أو بعضه عن الفترة
التي ال يقدم فيها أي عمل لإلدارة ألن الراتب حق مكتسب للموظف.
وبخصوص التعويضات والعالوات ،729أي تلك الزيادة المالية التي يقررها المشرع
لتضاف إلى مرتب الموظف ،وهي من الحقوق المالية األساسية للموظف المقررة بنص القانون،
والعالوة
-726مليكة الصروخ" ،القانون اإلداري-دراسة مقارنة ،"-مطبعة توب بريس ،الطبعة الثانية ،2221 ،ص .226
-727محمود أحمد عبد الفتاح" ،األساليب الحديثة في التعامل مع ضغوط العمل" ،مرجع سابق ،ص .232
-728رمضان محمد" ،حقوق وواجبات الموظفين العموميين" ،مرجع سابق ،ص .16
-729رمضان محمد" ،حقوق وواجبات الموظفين العموميين" ،م.ج ،ص .11
P 422 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
العالوة الدورية :وهي عبارة عن مبالغ مالية تمنح للموظفين بصفة دورية وذلك
لمساعدتهم
ً
على مواجهة الزيادات المضطردة في األعباء المعيشية ،وتحدد هذه العالوات وفقا
للدرجات
تحث الموظفين على التفاني في أداء الخدمة العامة ،ولذا فهي تنعت بالتشجيعية.
وتسعى الواجبات الملقاة على عاتق الموظف العمومي إلى ضمان السير العادي للمرفق
العام وتقديم الخدمات للمرتفقين ،وتتفاوت واجبات الموظفين من وظيفة إلى أخرى إال أن
أخالقيات الوظيفة ال تختلف من بلد إلى آخروحتى من نظام إلى آخروهي كثيرة ومتعددة.
والموظف ملزم بالخضوع واحترام الواجبات الملقاة عليه بمجرد دخوله الوظيفة ،حيث
أن االخالل بها يعرضه إلجراءات جزائية تتخذها اإلدارة في حقه.
ال شك أن الموظف العام يتم اختياره ألداء مهمة معينة وفقا لقاعدة التخصص وتقسيم
العمل،
مما يستوجب معه تأدية العمل المنوط به على أكمل وجه ،وهو ما يفرض عليه بعض
الواجبات التي تكون ملقاة على عاتق الموظفين بشكل تخص كيفية أداء الوظيفة ،فالموظف
مطالب على الد وام بالحرص على الوظيفة التي ينتمي إليها ولوكان بعيدا عن نطاق أعمالها ،وهذه
P 423 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
الواجبات منها ما يأخذ شكل الواجبات التي يجب على الموظف القيام بها على خيروجه ومنها ما
يأخذ شكل املحظورات التي يتوجب عليه االمتناع عن تأديتها تحت طائلة المسؤولية.730
ولكي يعتبر الموظ ف قد أدى وظيفته المطلوبة بمهنية عالية ،وعدم تعرضه ألية مساءلة
تأديبية فإنه يتحتم عليه ما يلي االلتزام بالواجبات التالية:
إن الموظف العام قد اختير ألداء مهمة معينة وفقا لقاعدة التخصيص وتقسيم
العمل ،731ومن
ثم فإنه مطالب بأن يؤدي العمل المنوط به في مقابل المزايا المقررة لمنصبه ،فأول
واجب من واجبات الموظف هو أن يؤدي عمله بنفسه وال يفوضه لغيره إال إذا أجاز له القانون
ذلك ،فهوواجب يتصل في الو اقع بالضميرواألخالق واإلحساس بالمسئولية قبل اتصاله بااللتزام
القانوني المفروض عليه ،ومعيار الدقة واألمانة يختلف باختالف طبيعة الوظائف ومستواها في
مدارج السلم اإلداري ،إال أنه يمكن القول بصفة عامة أن هذه الدقة أو تلك األمانة تتطلب من
الموظف أن يبذل عند مباشرته الختصاصاته عناية الرجل الحريص الواعي المؤمن ،وأال يكتفى
ببذل عناية الرجل المعتاد أوالمتوسط الحال ،ومفهوم الدقة واألمانة يتسع لكثيرمن الضوابط
التي يجب على الموظف مراعاتها أثناء أدائه لعمله.732
وقت العمل تحدده النصوص المنظمة له ،بمعنى أن الموظف ملتزم بالقيام بالعمل
المنوط به في أوقات الع مل الرسمية ،بحيث ال يكفي تواجده في مقر عمله في المواعيد املحددة
له دون أن يؤدي عمال ما أويؤديه بقدريسيرأويتماطل في إنجازه ،733ويتمثل واجب استمرارالعمل
-730فدوى الصبحي" ،النظام التأديبي للموظف العمومي في المغرب" ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة
شعبة القانون العام،
كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية طنجة ،السنة الجامعية ،1002-1006ص 21
-731أمين الدشري" ،حقوق وواجبات الموظف بالمغرب -دراسة مقارنة ،"-مكتبة الرشاد ،الطبعة الثانية ،طبعة
،1012ص .13
732 -رمضان محمد" ،حقوق وواجبات الموظفين العموميين" ،م.س ،ص .20
-733حيث نصت الفقرة الثالثة من المادة " 12االلتزام بمواعيد العمل الرسمية وتخصيص أوقات العمل ألداء واجبات
وظيفته .ويجوز لمدير الوحدة اإلدارية منح الموظف إذن بالتأخير في الحض ور عن مواعيد العمل الرسمية أو الخروج
أثناءها أو االنصراف المبكر بما ال يجاوز اإلذن في المرة الواحدة ساعتين وبحد أقصى سبع ساعات في الشهر ،فإذا
P 424 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
الوظيفي في احترام مواعيد العمل ،حيث أن عدم الحضورإلى العمل أو التأخيرفي مزاولته بشكل
يهدد فاعلية المنظمة.
وإذا كانت اللوائح تحدد ساعات معينة للعمل ،وأخرى للراحة ،فإن ذلك ال يعني أن
الموظف حر في استعمال األوقات غير املخصصة للعمل ،بل إن المبدأ األصولي في هذا املجال،
أن وقت العامل كله مخصص لواجبات منصبه ،وأن تحديد ساعاته للعمل إنما هومجرد أسلوب
للتنظيم ،وإ ذا كانت قوانين التوظيف تنص على هذا الواجب صراحة ،فإن عدم النص عليه ال
يعني عدم التزام العامل به.734
فالمطلوب من الموظف العام إنجاز المهام بالقدر المعقول وفي الوقت املخصص له،
ويجوز لإلدارة تكليف الموظف ببعض األعمال في غير أوقات العمل الرسمية ،ويعد مرتكبا
لجريمة تأديبية إذا لم يقم بها ،وله حق الحصول على أجر إضافي مقابل ذلك إذا وجدت
االعتمادات الالزمة.735
يتطلب من الموظف العام ضرورة م ا رعاة القواعد اإلدارية والفنية والمقتضيات التي
يتطلبها السيرالعادي والحسن للوظيفة ،وكذلك مبادئ اإلدارة العامة التي تهدف إلى رفع الكفاءة
وحسن أداء العمل ،وضرورة التعاون مع الزمالء وطاعة الرؤساء سواء بتقديم النصح لهم
وتبصيرهم بما فيه صالح اإلدارة وبعدم وضع العر اقيل في سبيل آدائهم لواجباتهم ،كما تتطلب
منه كذلك ضرورة الحرص على أموال الدولة وعدم العبث بها و إنفاقها في مصارفها الشرعية أو
القانونية.736
حفاظا على حسن سير المرفق العمومي ،يقتض ي التنظيم اإلداري ألجهزة الدولة خضوع
الموظفين فيها كيفما كانت صفاتهم إلى الرتب والدرجات اإلدارية التي ينتمون إليها ،والتي
ا زدت مدة اإلذن عن الحد األقصى المشار إليه يكون منح اإلذن في هذه الحالة بموافقة كتابية من الرئيس أو الرئيس
التنفيذي".
-734سليمان محمد الطماوي" ،القضاء اإلداري ،الكتاب الثالث ،قضاء التأديب -دراسة مقارنة ،"-القسم األول ،م.س،
ص .221
-735أمين الدشري" ،حقوق وواجبات الموظف بالمغرب -دراسة مقارنة ،"-م.س ،ص .63
-736بوساحية عبد الكريم" ،مسؤولية الموظف العام التأديبية" ،مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون فرع اإلدارة
والمالية ،جامعة الجزائر ،كلية الحقوق ،نوفمبر ،1000ص .23
P 425 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
وتعتبرطاعة الرؤساء العمود الفقري في النظام الوظيفي ،ألن واجب الوظيفة يعني الت ا
زم المرؤوسين بالخضوع ألوامرالسلطة الرئاسية ويعني كذلك وجوب قيام الموظف بما يعهد به
إلى رئيسه ،إن السلطة التي يزود بها الموظف وهيبة المركز الوظيفي الذي يشغله تحول
دون منحه حرية كاملة في حياته الخاصة ،وإذا تسرب إلى هذا المبدأ أي خلل ،فلن يجدي في صالح
اإلدارة أي عالج ،ولهذا فإن علماء اإلدارة العامة يبرزون هذا المبدأ وينوهون بالنتائج
االيجابية والسلبية التي تترتب عليه ،ومن ثم فإن من أبرزواجبات الموظف طاعة رؤسائه،
وأداء عمله وفق توجيهاتهم ،والطاعة تحقق وحدة الجهاز اإلداري الذي يقوم على أساس التدرج
الهرمي والذي يفترض في قمته وجود رئيس واحد.737
عالوة على ذلك فإن الموظف العام هو نائب الشعب في استعمال أمواله وممتلكاته ،ومن
ثم فإنه مطالب باملحافظة على حسن تدبير هذه األموال التي أمنه الشعب عليها .واملحافظة على
أموال الجهة الحكومية الثابتة والمنقولة ،وحسن استخدام األدوات الالزمة ألداء الوظيفة،
وهذه الحماية تجد سندها أيضا في الدستور ،حيث نصت المادة 55من الدستور القطري ،أنه
"لألموال العامة حرمة ،وحمايتها واجب على الجميع ،وفقا للقانون" بما فيهم الموظفين الذين
يملكون امتيازات السلطة العامة ،وبيدهم الموارد المالية والتقنية ألداء واجباتهم على أحسن
وجه.
وال يقف تنفيذ 738هذا الواجب عند مجرد عدم فقد المعدات واألموال أو سرقتها ،ولكنه
يمتد إلى كيفية استعمال تلك األموال ،وعدم تعريضها للتلف نتيجة لإلهمال وسوء الصيانة مما
يكلف الشعب في نهاية األمرمبالغ طائلة.
خاتمة:
صفوة القول فالتخطيط االستراتيجي في تدبير الموارد البشرية لها أهمية كبيرة في
فعال ،بحيث يمكن القول تحقيق أهداف المؤسسة وضمان استخدام الموارد البشرية بشكل ّ
بأن الموارد البشرية هي إحدى املحددات الرئيسية للطاقة اإلنتاجية في املجتمع ،غيرأن المسالة
-737سليمان محمد الطماوي" ،القضاء اإلداري ،الكتاب الثالث ،قضاء التأديب -دراسة مقارنة ،"-القسم األول ،ص .13
-738أمين الدشري" ،حقوق وواجبات الموظف بالمغرب -دراسة مقارنة ،"-م.س ،ص .18
P 426 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
ال تنتهي عند غرس المعرفة بل مع تدريب بعض المهارات و كذلك مع الموارد األخرى بطريقة
مثلى ،و حيثما توجد الندرة الشديدة بالنسبة لبعض أنواع الموارد البشرية فهناك أنواع أخرى
من الموارد البشرية في المستقبل وهي األوضاع السائدة في البالد النامية في اآلونة الحاضرة ،فإنه
توجد ضرورة ملحة لتخطيط الموارد البشرية في تنظيم عملية التكوين الرأسمالي البشري بحيث
يتالءم مع الوضع الجديد إلى أقص ى حد ممكن مع االحتياجات إلى مهارات معينة تتحدد عن طريق
الطلب على مختلف المنتجات ،فضال عن مدى تو افر الموارد والعوامل المكملة ،وال شك أن
كفاءة عملية التخطيط للموارد البشرية في مجتمع ما تقاس بمدى النجاح في وجود مجاالت
لظهور نقص شديد في بعض المهارات أو القدرات أو لظهور بطالة كبيرة نسبيا في مجاالت أخرى،
وهو ما جعل دولة قطر لها الدورالبالغ األهمية في تدبيرأمورمواردها البشرية.
الئحة المراجع:
القوانين:
الكتب:
عبد الرحمان بن حمد العطية :دور مجلس التعاون الخليجي في دعم مسيرة -
التنمية البشرية في منطقة الخليج ،مركز االمارات للدراسات والبحوث االستراتيجية ،الطبعة
األولى.2112 ،
أمين الدشري" ،حقوق وواجبات الموظف بالمغرب -دراسة مقارنة ،"-مكتبة -
الرشاد ،الطبعة
محمود أحمد عبد الفتاح" ،األساليب الحديثة في التعامل مع ضغوط العمل"، -
دارالكتب المصرية ،الطبعة األولى.2113 ،
P 427 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
محمد مرغني" ،المبادئ العامة للقانون اإلداري المغربي -دارسة مقارنة،"- -
مطبعة الساحل ،الرباط ،1911 ،المغرب.
مليكة الصروخ" ،القانون اإلداري-دراسة مقارنة ،"-مطبعة توب بريس ،الطبعة -
الثانية.1991 ،
سليمان محمد الطماوي" ،القضاء اإلداري ،الكتاب الثالث ،قضاء التأديب - -
دراسة مقارنة ،"-القسم األول.1991
صالح الدين محمد عبد الباقي" ،إدارة الموارد البشرية العلمية والعملية"، -
مكتبة الرمال ،الطبعة الثانية ،طبعة .2119
صفوان محمد المبيضين" ،عائض بن شافي األكلبي ،تحليل الوظائف وتصميمها -
في الموارد البشرية" ،داراليازودي العلمية للنشر والتوزيع ،الطبعة العربية .2113
عبد الحمدي خليل" ،إدارة الموارد البشرية" ،منشورات الجامعة االفتراضية -
السورية.2111 ،
عبد العظيم محمود حنفي" ،الشرق األوسط صراعات ومصالح" ،دار الكتب، -
الطبعة الثانية ،طبعة .2111
نبيل علي ،نادية حجازي" ،الفجوة الرقمية ،رؤية عربية ملجتمع المعرفة" ،عالم -
المعرفة ،طبعة ،4أغسطس .2119
يوسف حجيم الطائي ،هاشم فوزي العبادي" ،إدارة الموارد البشرية قضايا -
معاصرة في الفكراإلداري" ،دارصفاء للنشروالتوزيع عمان ،الطبعة األولى ،طبعة .2115
ياسين كاسب الخرشة" ،إدارة الموارد البشرية" ،دار المسيرة للطباعة والنشر -
والتوزيع العبدلي 2119 ،م ،عمان.
محمد عبده حافظ" ،إدارة الموارد البشرية بين الفكرالتقليدي والمعاصر" ،دار -
الفجرللنشروالتوزيع ،الطبعة األولى ،طبعة 2111.
الرسائل واألطروحات:
P 428 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
فدوى الصبحي" ،النظام التأديبي للموظف العمومي في المغرب" ،رسالة لنيل -
دبلوم الدراسات العليا المعمقة شعبة القانون العام ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية
واالجتماعية طنجة ،السنة الجامعية .2115-2116
بوساحية عبد الكريم" ،مسؤولية الموظف العام التأديبية" ،مذكرة لنيل شهادة -
الماجستيرفي القانون فرع اإلدارة والمالية ،جامعة الجز ائر ،كلية الحقوق ،نوفمبر.2111
توفيق خطاب" ،التدبير التوقعي للموارد البشرية في الوظيفة العمومية" ،بحث -
تأهيلي لنيل دبلومات الدارسات العليا المعمقة في القانون العام ،جامعة محمد الخامس ،كلية
الحقوق السويس ي ،السنة الجامعية .2111-2117
المقاالت والندوات:
عبد الله اإلدريس ي" ،المشروعية والمالئمة في قرارات الوظيفة العمومية"، -
املجلة المغربية للقانون واالقتصاد والتنمية ،العدد .2111 ،21
عبد الرحمان بن عنتر" ،دور اإلدارة اإلستراتيجية في تنمية الموارد البشرية"، -
مداخلة ضمن أشغال المؤتمر السنوي العام لإلدارة حول القيادة اإلبداعية والتجديد في ظل
الشفافية والنزاهة ،المنظمة العربية للتنمية اإلدارية.
رمضان محمد" ،حقوق وواجبات الموظفين العموميين" ،ضمن أشغال ندوة " -
دورالقضاء اإلداري في دعم وتعزيزالخدمة
P 429 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
P 430 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
وتفعيل جزاء الفسخ المترتب على عدم تنفيذ أحد المتعاقدين اللتزامه يقتض ي من
الطرف األخررفع دعوى على األول من أجل فسخ العقد الرابط بينهما.
وإذا كان موضوع المطالبة بفسخ العقد واحد ،فإن طبيعة الفسخ تختلف ،بين ما إذا كان
األصل فيه يقتض ي صدورحكم تماشيا مع مقتضيات الفصل 259من قانون االلتزامات والعقود
أي ما يعرف بالفسخ القضائي ،وأن يقرربمقتض ى االتفاق ويسمى بالفسخ االتفاقي ،وقد يرجع إلى
سبب أجنبي ال يد للمدين فيه ،وهذا ما يسمى بالفسخ القانوني.
و إذا كان تقريرالفسخ القضائي للعقد يقتض ي صدورحكم بشأنه بعد رفع دعوى ترمي إلى
ذلك ،فإن تقرير الفسخ االتفاقي والقانوني للعقد ال يقتض ي اللجوء إلى القضاء إال في حالة
المنازعة ،إما في تحقق الشرط الفاسخ من عدمه بالنسبة لألول أو المنازعة في تحقق و اقعة
P 431 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
استحالة التنفيذ من عدمها بالنسبة للثاني .وإذا كان األمر كذلك من الناحية القانونية ،فإنه
يختلف من الناحية العملية حيث تأكد و اقعا أن تقرير فسخ العقد يكون دائما بمقتض ى حكم
قضائي سواء كان قضائيا أو اتفاقيا أو قانونيا والسبب في ذلك يرجع إلى وجود المنازعة بين
الطرفين المتعاقدين بشكل دائم حتى ولو تضمن العقد الشرط الفاسخ أو هلك المعقود عليه
بسبب أجنبي.
وتطبيقا لما سبق فإن القواعد المقررة في مسألة الفسخ المشار إليها أعاله تسري على
جميع العقود الملزمة لجانبين بما فيها عقد البيع العقاري موضوع الدراسة ،فإذا أخل أحد
المتعاقدين البائع أوالمشتري في عقد البيع العقاري بالتزامه التعاقدي فإن من حق الطرف اآلخر
مباشرة دعوى من أجل فسخه.
وللقاض ي في مجال تقريرفسخ عقد البيع العقاري سلطة تقديرية تضيق وتتسع حسب نوع
الفسخ وتختلف باختالف الظروف املحيطة بكل قضية .كما أن الحكم القاض ي بفسخ عقد البيع
العقاري سواء كان الفسخ قضائيا أو اتفاقيا أو قانونيا يرتب أثارا مهمة بين المتعاقدين البائع أو
المشتري وفي مواجهة الغير وهي آثار مشتركة بين جميع أنواع الفسخ الثالثة ما عدا التعويض
الذي ال يمكن أن يحكم به في مجال الفسخ القانوني.
وإذا كان المشرع المغربي لم يول عناية خاصة لهذه الدعوى ،فإنها تخضع للشروط
والقواعد العامة المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية المنظمة للدعوى بصفة عامة.
أما من حيث النصوص التي تنظم موضوعها ،فهي المنصوص عليها في قانون االلتزامات والعقود
وخصوصا القسم الثالث المعنون بآثار االلتزامات من الكتاب األول المعنون بااللتزامات بوجه
عام باإلضافة إلى الفصلين 331و 339من نفس القانون.
فدعوى فسخ البيع العقاري ،وإن كانت تخضع للقواعد العامة المنصوص عليها في كل
من قانون المسطرة المدنية وقانون االلتزامات والعقود ،فإن ذلك ال يمنع من ضرورة توفربعض
الشروط الخاصة بها ،والتي تعتبر ضرورية قبل رفعها.وهو ما سنحاول تناوله من خالل مطلبين،
نعرض في األول لشروط ممارسة دعوى الفسخ القضائي ثم نخصص الثاني لشروط ممارسة
دعوى الفسخ االتفاقي والقانوني لعقد البيع العقاري.
P 432 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
لكي يكون للدائن-البائع -في عقد البيع العقاري الحق في إقامة دعوى الفسخ للتحلل من
التزاماته ينبغي توفر شروط موضوعية ،البعض منها ينصب على عقد البيع موضوع دعوى
الفسخ (الفقرة األولى) والبعض اآلخرينصرف إلى أطراف العالقة التعاقدية (الفقرة الثانية).
ال يمكن إعمال الفسخ إال في العقود الملزمة للجانبين ،ألن هذا النوع من العقود هووحده
الذي يرتب التزامات متقابلة ،إذ يشكل كل التزام منها سببا لاللتزام الذي يقابله ،وعند إمساك
أحد المتعاقدين عن تنفيذ التزامه يزول سبب التزام الطرف اآلخرويصبح متحلال منه.
وشرط كون العقد ملزم للجانبين يسري على الفسخ بأنواعه الثالثة النه ينبني على فكرة
االرتباط بين االلتزامات المتقابلة ،وهذا ال يوجد إال في العقد الملزم للجانبين وهو وحده الذي
تتوفرفيه حكمة الفسخ(.)739
ويعد عقد البيع المنصب على عقارسواء كان محفظا أوغيرمحفظ النموذج األمثل للعقد
الملزم للجانبين ،إذ يلتزم فيه البائع بتسليم الش يء المبيع( ،)740ويتم التسليم بتخلي البائع عنه
وذلك بتسليم مفاتيحه للمشتري أو بتسجيل اسم المشتري بالرسم العقاري( ،)741بينما يلتزم هذا
األخيربدفع الثمن وتسلم الش يء المبيع( ،)742فعند إخالل البائع أو المشتري بااللتزامات العقدية
فإن الطرف الذي بدأ في تنفيذ التزاماته أونفذها دون المتعاقد اآلخر يحق له المطالبة بفسخ
البيع العقاري مع التعويض اذا كان له موجب.
وإذا كان موضوع المطالبة واحد ،أال وهو فسخ البيع العقاري فإن سببها يختلف بحسب
نوع المعاملة السابقة التي كانت بين الطرفين ،فقد يكون سبب هذه الدعوى هو الوعد
-739السنهوري عبد الرزاق أحمد :الوسيط في شرح القانون المدني ،نظرية االلتزام بوجه عام ،مصادر االلتزام ،دار النشر
للجامعات المصرية ،القاهرة ،جمهورية مصر العربية ،الطبعة الثانية ،4212 ،ص 122
-740انظر الفصل 122من ق ل ع
-741انظر الفصل 14من ظهير التحفيظ العقاري
-742راجع الفصل 122من ق.ل.ع.
P 433 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
بالبيع( )743أو عقد البيع االبتدائي( ،)744لذا فإذا امتنع البائع عن القيام بما هو ضروري لنقل
ملكية العقارسواء كان محفظا أو غيرمحفظ للمشتري ،فمن حق هذا األخيرأن يرفع عليه دعوى
فسخ البيع،وكذلك الشأن بالنسبة للبائع عند تخلف المشتري عن تنفيذ التزامه المتمثل في
الوفاء بثمن العقار.
إن ممارسة دعوى فسخ البيع العقاري ال تقتصر على الشروط الخاصة بالعقد موضوع
هذه الدعوى ،و إنما تتطلب توفر شروط أخرى تتعلق بأطراف العالقة التعاقدية حتى يمكن
للمحكمة إصدارحكم بشأنها ،وتتمثل هذه الشروط فيما يلي:
يشكل عدم تنفيذ أحد طرفي عقد البيع العقاري اللتزاماته شرطا أساسيا إلعمال نظام
الفسخ ،ويجب أن يكون عدم التنفيذ راجع إلى سبب يعزى إلى فعل المدين –المشتري -حيث
يصبح تنفيذ االلتزام مستحيال ،أو ال يزال ممكنا ولم يقم بالتنفيذ نتيجة خطأ متعمد أو إهمال،
أما إذا كان عدم التنفيذ يعود إلى سبب أجبني فإن التزام المدين ينقض ي فينقض ي معه االلتزام
المقابل له ،ويفسخ العقد بقوة القانون.
ويستوي في اإلخالل أن يكون صادرا عن المتعاقد األول أو الثاني بشرط أن يتم التقيد
باحترام قواعد األولوية في تنفيذ االلتزامات ،ففي عقد البيع المنصب على عقارسواء كان محفظا
أو غير محفظ فإن المشتري هو الذي يتعين عليه المبادرة بأداء الثمن حتى يحصل على العقار
المبيع وليس العكس ،ما لم يتم االتفاق على خالف ذلك ،وهذا يعني أن المشتري ال يكون له الحق
-743يعرف الوعد بالبيع بأنه التزام بالبيع دون الشراء ،فهو عقد ينشأ بإرادتين اثنتين ،إرادة البائع وإرادة المشتري ،غير أنه
ال يلزم سوى إرادة البائع فيما وعد به.
-عبد الرحمن بلعكيد .وثيقة البيع بين النظر و العمل،مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء،الطبعة الثالثة 2002ص .211
كما يعرف بأنه بأنه التصرف القانوني الذي يلتزم بمقتضاه شخص يسمى الواعد ببيع شيء معين بثمن محدد لشخص آخر
يدعى المستفيد الذي له أن يختار ذلك خالل أجل يمكن تحديده فيما بعد.
-طاهر القضاوي .الوعد بالبيع ،دراسة مركزة في العقار،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص،نوقشت بجامعة
محمد الخامس ،كلية الحقوق الرباط ،السنة الجامعية 4221-4223ص .421
-744يعتبر عقد البيع االبتدائي المرحلة الوسطى بين المفاوضات التمهيدية والعقد النهائي ،والهدف من إبرامه هو منح الفرصة
للمشتري من أجل تهييء الثمن أو االطالع على سالمة المبيع في القانون والواقع أو إعطاء البائع أجال إلحضار سند ملكيته.
فهو يتوفر على جميع عناصر عقد البيع النهائي ،كل ما هنالك أنه مقرون بأجل معين ،إما في تاريخ محدد وإما عند االنتهاء
من البناء ،وبالتالي تبقى آثاره موقوفة إلى حين تحرير العقد النهائي ،وإذا عزم طرفيه على تعديل بعض بنوده توقف ذلك على
موافقة الطرف الثاني ،وبتحرير العقد النهائي ينتهي مفعول العقد االبتدائي
-المختار بن احمد عطار :الوسيط في القانون المدني ،مصادر االلتزام،مطبعة النجاح الجديدة،الدار البيضاء،الطبعة االولى
.2002ص.21 :
P 434 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
في طلب فسخ هذا العقد إال إذا كان قد أدى الثمن الذي التزم به ،أو على األقل عرض األداء وفقا
للقانون أوالعرف أواالتفاق(،)745وكذلك الشأن بالنسبة للبائع إذ ال يحق له المطالبة بفسخ عقد
البيع العقاري إال إذا نفذ التزامه بتسليم العقارللمشتري.
وقد يكون تنفيذ التزام أحد طرفي عقد البيع العقاري متوقفا على تنفيذ الطرف اآلخر
اللتزامه،ففي هذه الحالة ال مجال للقول بوجود إخالل بااللتزام ،وهوما أكدته محكمة
االستئناف بمراكش في أحد قراراتها حيث قضت بأنه...":لما كان المستأنف لم ينفذ التزامه
خالل األجل والتزام المستأنف عليه مرهون بذلك ،وبالتالي فليس هناك أي إخالل من قبيل هذا
األخير .)746(."...وهما ما أكد املجلس األعلى-محكمة النقض حاليا -عندما ذهب إلى أنه":ال يجوز
ألحد أن يباشرالدعوى الناجمة عن االلتزام إال إذا أثبت أنه أدى أو عرض أن يؤدي ما كان ملتزما
به حسب العقد"(.)747
ويتخذ عدم التنفيذ أشكاال متعددة ،فقد يكون إيجابيا أو سلبيا ،كليا أو جزئيا ،كما يعتبر
التأخير في التنفيذ سببا كافيا للحكم بالفسخ وهو ما كرسه المشرع المغربي في الفصل 254من
قانون االلتزامات و العقود الذي ينص على أنه" :يكون المدين في حالة مطل إذا تأخر عن تنفيذ
التزامه كليا أو جزئيا من غيرسبب مقبول".
وباعتبار الفسخ –كالمسؤولية العقدية -جزاء لخطأ تعاقدي فليس من الالزم تحقق
تدليس أو سوء نية المدين بااللتزام ،بل فقط خطأ من جانبه تجسد في عدم الوفاء بتعهداته
العقدية( .)748ويقع عبئ االثبات في دعوى فسخ البيع العقاري على طالب الفسخ ،إذ يلزم بإثبات
العقد الذي يربطه بالمدعى عليه وإخالل هذا األخير بالتزاماته العقدية وفقا لوسائل اإلثبات
المنصوص عليها قانونا(.)749
ثانيا :أن يكون طالب الفسخ قد نفذ التزامه أو مستعدا لتنفيذه وقادرا على إعادة الحالة
إلى أصلها
-745عبد القادر العرعاري :مصادر االلتزامات ،الكتاب األول ،نظرية العقد دراسة على ضوء التعديالت الجديدة التي عرفها
قانون االلتزامات والعقود المغربي ،مطبعة الكرامة ،الرباط ،الطبعة الثانية ،2001ص .343
-746قرار رقم 4200صادر بتاريخ 2002-44-01ملف مدني رقم ،3121/4/02غير منشور.
-747قرار صادر بتاريخ ،4223/02/41منشور بمجلة قضاء المجلس األعلى عدد ،32،4223ص.24 :
-748عبد الحق صافي :القانون المدني ،الجزء األول ،المصدر اإلرادي لاللتزامات ،العقد ،الكتاب الثاني ،آثار العقد ،الطبعة
األولى ،2004 ،ص.301 :
-749ينص الفصل 322من ق.ل.ع على ما يلي" :إثبات االلتزام على مدعيه" ...
P 435 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
يجب أن يكون طالب الفسخ قد نفذ التزامه أو على األقل مستعدا لتنفيذه ،أما إذا كان
مقصرا في تنفيذ التزاماته ،فليس من حقه أن يطلب من المتعاقد اآلخر تنفيذ التزامه ما دام
تقصيره مماثل لتقصيره .ففي عقد البيع العقاري ،ليس للمشتري المتأخر عن دفع الثمن الحق
في المطالبة بالفسخ المتناع البائع عن تسليمه العقار المبيع ،بل يتعين عليه أن يبادر أوال بدفع
الثمن أو يظهر استعداده لدفعه قبل أن يخطر البائع لتسليم المبيع ،ألن تأخره في دفع ما عليه
يعطي للبائع الحق في االمتناع عن تسليم المبيع عن طريق الحق في الحبس أو حق الدفع بعدم
التنفيذ،وكذلك الشأن بالنسبة للبائع ،إذ ليس له الحق في المطالبة بفسخ عقد البيع العقاري
إال إذا نفذ التزامه وذلك بتسليم المبيع إلى المشتري إذا حل أجل التسليم أو إظهار استعداده
لذلك عند حلول ميعاد التسليم .وقد نص المشرع المغربي على هذه القاعدة في الفصل 243من
قانون االلتزامات و العقود بقوله " :ال يجوز ألحد أن يباشر الدعوى الناجمة عن االلتزام إال إذا
أثبت أنه أدى أو عرض أن يؤدي كل ما ملتزما به من جانبه حسب االتفاق أو القانون أو العرف".
وقد أكدت على ذلك املحكمة االبتدائية بمراكش في أحد قراراتها التى جاء فيها..." :وحيث إنه فيما
يخص الشق االول من الطلب فإن المدعية فرعيا لم تدل بما يثبت أن الشقة أصبحت جاهزة و
معدة للسكن حتى يمكنها مطالبة الطرف اآلخر بتنفيذ التزامه المقابل بأداء باقي الثمن وتوقيع
العقد النهائي ،والحال أن المدعى عليه فرعيا أدلت للمحكمة بمحضر معاينة أنجز من طرف
مفوض قضائي يفيد أنه إلى حدود 2119/4/2فإن األشغال لم تكن قد انتهت بعد بالشقة ،ومن
ثم فإنه يتعين االحتكام إلى مقتضيات الفصل 243من ق ل ع التي تنص على أنه اليجوز ألحد أن
يباشرالدعوى الناتجة عن االلتزام إال إذا أثبت انه أدى أو عرض أن ِيؤدي كل ما كان ملتزما به من
جانبه حسب االتفاق أو القانون أو العرف750".
وما دام الفسخ يقتض ي إرجاع األمور إلى ما كانت عليه قبل التعاقد فإن الحكم بالفسخ
يستوجب أن يكون الدائن الذي يطلبه قادرا على رد ما أخذ ،وبناء عليه يمتنع الحكم بفسخ عقد
البيع إذا كان طالب الفسخ قد قام بتفويت العقارمحل العقد المراد فسخه ،ألنه في هذه الحالة
ال يستطيع رد الش يء إلى سابق عهده ،ما دام التزامه بالضمان يمنعه من نزع العقار من يد
المشتري لرده إلى من تعاقد معه ،إذ في ذلك إخالال بالتزامه بالضمان .أما إذا كان المدين هوالذي
-750حكم عدد 212صادر عن المحكمة االبتدائية بمراكش بتاريخ 2040/04/43في الملف العقاري عدد ( 02/2/4401غير
منشور)
P 436 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
استحال عليه أن يرد الش يء إلى أصله فإن ذلك ال يمنع من الفسخ ويقض ي على المدين في هذه
الحالة بالتعويض(.)751
لكي تكون دعوى المطالبة بفسخ عقد البيع العقاري مقبولة ،يتعين أن تكون مسبوقة
باإلخطار الالزم ،لجعل المدين أو الدائن في حالة مطل ،وذلك في الحالة التي يكون فيها االلتزام
غير محدد المدة ،أما إذا كان االلتزام مقترن بأجل معين للوفاء فإن مطل المدين يتحقق بمجرد
حلول هذا األجل(.)752
ويكون المدين في حالة مطل إذا تأخرعن تنفيذ التزامه كليا أو جزئيا من غيرسبب مقبول،
كما نص على ذلك الفصل 254من قانون االلتزامات والعقود( ،)753أما إذا كان التأخير يرجع إلى
سبب مقبول ،كأن تكون االستحالة بسبب ال يد للمدين فيه ،فإن المطل ال يتحقق وبالتالي ال
يمكن اللجوء إلى الفسخ ،و إنما تنقض ي االلتزامات التعاقدية بقوة القانون الستحالة التنفيذ.
وتتجلى أهمية اإلنذار في أنه يعتبرداللة قاطعة على إخالل المدين بالتزامه ،وبالتالي يخول
للدائن -البائع -الحق في مطالبة المدين بالتعويض عن األضرار التي لحقته بسبب عدم التنفيذ
،وذلك من يوم اإلنذار ،إضافة إلى انه يجعل القاض ي أسرع في االستجابة إلى طلب الفسخ(.)754
وتحقق المطل من الناحية القانونية يقتض ي توصل المدين أو أي شخص آخر ممثل له
باإلنذاروفقا للطريقة والشكلية املحددة في الفصل 255وما يليه من قانون االلتزامات والعقود،
غير أن هذا اإلنذار يصبح غير ضروري إذا تحققت إحدى الحاالت المنصوص عليها في الفصل
256من قانون االلتزامات والعقود كما إذا رفض المدين صراحة تنفيذ التزامه أوإذا أصبح تنفيذ
االلتزام مستحيال.
-751عبد الرزاق أحمد السنهوري :الوسيط في شرح القانون المدني الجديد ،الجزء األول ،م.س ،ص.404 :
-752ينص الفصل 211من ق.ل.ع "يصبح المدين في حالة مطل بمجرد حلول األجل المقرر في السند المنشئ لاللتزام ،فإذا
لم يعين لاللتزام أجل يعتبر المدين في حالة مطل إال بعد أن يوجد إليه ،أو إلى نائبه القانوني إنذار صريح بوفاء الدين ،ويجب
أن يتضمن اإلنذار:
-4طلبا موجها إلى المدين بتنفيذ التزامه في أجل معقول.
-2تصريحا بأنه إذا انقضى هذا األجل فإن الدائن حرا في أن يتخذ ما يكون مناسبا إزاء المدين".
-753ينص الفصل على ما يلي" :يكون المدين في حالة مطل إذا تأخر عن تنفيذ التزامه كليا أو جزئيا من غير سبب مقبول".
-754رمضان أبو السعود :مصادر االلتزام ،دار الجامعة الجديدة ،طبعة ،2001ص .222
P 437 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
و لصحة اإلنذارالحاصل من الدائن يقتض ي تضمينه في أساليب صريحة وال يتحقق ذلك
إال بالكتابة ،سواء كان ذلك في شكل رسالة أو برقية ،ويلزم في الرسالة أن تكون مضمونة مع
اإلشعاربالتوصل.وقد اكدت على ذلك املحكمة االبتدائية بمراكش في الحكم الصادرعنها والذي
جاء فيه...":وحيث إنه اذا كان المدعي في حالة مطل كان للدائن الحق في إجباره على تنفيذ االلتزام
ما دام تنفيذه ممكنا ،فإن لم يكن ممكنا جازللدائن ان يطلب فسخ العقد وله الحق في التعويض
في الحالتين ،و يجب أن يحصل اإلنذاركتابة ،ويسوغ أن يحصل و لو ببرقية أو برسالة مضمونة أو
بالمطالبة القضائية ولو رفعت الى قاض ي غير مختص عمال بأحكام الفصل 259من قانون
االلتزامات والعقود755".
وإذا كانت المقتضيات المتعلقة بتوجيه إنذار للمدين سواء كان بائعا أو مشتريا وعدم
تنفيذ هذا األخيراللتزامه داخل األجل املحدد يجعله في حالة مطل ويبررفسخ عقد البيع العقاري،
فإن المشرع المغربي حدد في بعض الحاالت آجاال معينة لتوجيه اإلنذار ،والتي يتعين احترامها
لتحقق المطل وبالتالي سلوك مسطرة المطالبة بفسخ عقد البيع العقاري كما هو الشأن
بالنسبة للفصل 19-611من قانون االلتزامات و العقود الذي ينص على أنه "إذا رفض أحد
الطرفين إتمام البيع داخل أجل 31يوما من تاريخ توصله باإلشعار المنصوص عليه في الفصل
11-611أعاله فيمكن للطرف المتضرر اللجوء إلى املحكمة لطلب إتمام البيع أو فسخ العقد
االبتدائي."...
وتجدراإلشارة إلى أن الدعوى التي يرفعها الدائن –البائع -لفسخ العقد دون أن يكون قد
سبقها إنذار ،تعتبر مقبولة ،ألن الدعوى في حد ذاتها تعتبر إنذار للمدين بوجوب تنفيذ التزامه،
لكن إذا طلب الدائن -البائع -فسخ العقد مع التعويض ،ففي هذه الحالة يجب أن يكون قد وجه
إنذارللمدين -المشتري -وإال استجيب لطلبه في الشق المتعلق بالفسخ دون التعويض على اعتبار
ان التعويض يستحق لعدم الوفاء بااللتزام الذي ال يتحقق إال من خالل مطل المدين المشتري
الذي يثبت باإلنذار(.)756
المطلب الثاني :شروط ممارسة دعوى الفسخ االتفاقي والقانوني لعقد البيع العقاري
-755حكم صادر بتاريخ 2040/03/42عن ابتدائية مراكش في الملف العقاري رقم ( 2040/02/24غير منشور)
-756ينص الفصل 213من ق.ل.ع على أنه" :يستحق التعويض إما بسبب عدم الوفاء بااللتزام وإما بسبب التأخر في الوفاء
به وذلك لو لم يكن هناك أي سوء نية من جانب المدين".
P 438 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
يعتبر الفسخ القضائي الطريق العادي لحل الرابطة التعاقدية إذا تخلف أحد
المتعاقدين عن تنفيذ التزامه التعاقدي ،لكن هذا ال يمنع المتعاقدين من أن يتفقا على أن عقد
البيع العقاري يفسخ تلقائيا بمجرد إخالل أحدهما بااللتزامات الناشئة عنه ،وهذا ما يسمى
بالفسخ االتفاقي والذي يتحقق بمجرد إخالل المدين بالتزامه فيستبعدون باتفاقهما الفسخ
القضائي ،لكن إذا ما حدث نزاع بشأن االتفاق المبرم بينهما فإن ذلك يستلزم اللجوء إلى القضاء
كلما توفرت شروط معينة قبل مباشرة الدعوى (الفقرة األولى).
والفسخ ال يكون دائما بفعل عدم تنفيذ المدين المشتري اللتزامه ،بل قد يعود لسبب
أجنبي ال يد له فيه ،وهذا النوع من أنواع الفسخ يطلق عليه الفسخ القانوني أو الفسخ بحكم
القانون أو انفساخ العقد.
فإذا ما قام المدين بكل ما في وسعه من أجل التنفيذ ،إال انه أصبح مستحيال الستحالة
تامة بفعل سبب أجنبي فإن عقد البيع العقاري ينفسخ ويتحلل هذا األخير من التزامه ،لكن إذا
حدث نزاع بخصوصه واستلزم األمر اللجوء إلى القضاء ،فإن ذلك يقتض ي توفر شروط معينة
لقبول الدعوى الرامية إلى إعمال الفسخ القانوني لعقد البيع العقاري (الفقرة الثانية).
يقصد بالفسخ االتفاقي أن للطرفين المتعاقدين الحق عند إبرام العقد في االتفاق على أنه
يجوز ألحدهما فسخ العقد عند إخالل الطرف اآلخر بتنفيذ التزاماته الناشئة عن العقد دون
اللجوء إلى القضاء إلصدارحكم قضائي.
وما يميزهذا النوع من الفسخ أنه يقع دون تدخل من القضاء ،لكن إذا حدث نزاع يستلزم
مباشرة الدعوى بخصوصه ،فإن األمر يقتض ي كذلك توفر الشروط السابقة حتى يستطيع
القاض ي إعمال سلطته التقديرية في ذلك.
تنص المادة 261من قانون االلتزامات و العقود على ما يلي" :إذا اتفق المتعاقدان على أن
ينفسخ العقد عند عدم وفاء أحدهما بالتزامه ،وقع الفسخ بقوة القانون بمجرد عدم الوفاء".
وإذا كان هذا النص يشكل القاعدة العامة في إعمال الفسخ االتفاقي ،فإن هناك الفصل
511من نفس القانون يعتبر أهم تطبيق لهذه القاعدة والذي جاء فيه" :إذا اشترط بمقتض ى
P 439 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
العقد أو العرف املحلي أن البيع يفسخ إذا لم يؤد الثمن فإن العقد ينفسخ بقوة القانون بمجرد
عدم أداء الثمن في األجل المتفق عليه".
يستفاد من هذين النصين أن المشرع المغربي لم يقيد االتفاق الذي يتم بموجبه فسخ
العقد بشكلية معينة ،بل ترك للمتعاقدين سلطة كاملة في إدراج الشرط الفاسخ بصلب العقد،
غير أنه استلزم توفر مجموعة من الشروط الموضوعية قبل رفع الدعوى الرامية الى إعمال
الفسخ االتفاقي لعقد البيع العقاري ،وهذه الشروط هي:
يجب أن يتضمن العقد اتفاقا صريحا على أن العقد يفسخ إذا لم يقع التنفيذ من أحد
المتعاقدين في المستقبل ،فالمتعاقد الذي يقع تنفيذ االلتزام لصالحه يصبح دائنا به وله الحق
في فسخ العقد(.)757
فعقد البيع العقاري يفسخ بقوة القانون بمجرد عدم أداء المشتري للثمن المتفق عليه
في األجل املحدد بمقتض ى الشرط الفاسخ المضمن بصلب العقد ،وإال لجأ البائع إلى القضاء عن
طريق دعوى ترمي إلى الكشف عن الشرط الذي بمقتضاه يفسخ العقد،وهذا ما كرسته املحكمة
االبتدائية بمراكش في الحكم الصادر عنها الذي جاء فيه ...":وحيث في ملف النازلة فإن اتفاق
الطرفين في عقد الوعد بالبيع المستدل به على ترتيب جزاء الفسخ بمجرد مروراألجل املحدد في
45يوما من تاريخ العقد،وعدم تنفيذ كل متعاقد اللتزاماته داخل األجل المذكور يجعل عقد
الوعد بالبيع الرابط بين الطرفين مفسوخا بقوة القانون ،وأن هذه املحكمة تكتفي بمعاينته
فقط ألن حكمها في هذه الحالة يكشف الوضع و ال ينشئه ،وهي الوضعية التي تجد سندها
القانوني ضمن مقتضيات الفصل 261من ق.ل.ع التي تقض ي بأنه "إذا اتفق المتعاقدان على أن
العقد يفسخ عند عدم وفاء أحدهما بالتزاماته وقع الفسخ بقوة القانون،بمجرد عدم الوفاء".
ومن ثمة فإن طلب الطرف المدعي يكون وجيها ويتعين التصريح باإلستجابة له"758.
وقد يتفق الطرفان -البائع والمشتري -على أن يكون العقد مفسوخا بمجرد عدم تحقيق
شروط معينة ،ومضمون هذه الشروط يستلزم تطبيق القاعدة العامة ،غير أن ذلك ال يغني عن
-757بوشرى تكني :فسخ العقد على ضوء قانون االلتزامات والعقود المغربي ،بحث نهاية تمرين الملحقين القضائيين ،الفوج
،31السنة ،2044-2002ص.44 :
-758حكم عدد 21صادر بتاريخ 2044/04/01عن ابتدائية مراكش في الملف العقاري عدد ( 2040/02/20غير منشور)
P 440 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
رفع دعوى الفسخ وال عن اإلعذار ،وال يلزم القاض ي الحكم بالفسخ إذ يمكن له منح مهلة للمدين
للتنفيذ(.)759
أما إذا اتفق البائع والمشتري على أن يكون العقد مفسوخا تلقائيا ،فإن السلطة
التقديرية للقاض ي تصبح مقيدة وال يستطيع منح المدين أجال للتنفيذ فيحكم بالفسخ ،غير أن
ذلك ال يغني عن إنذار المدين –المشتري -وال عن رفع دعوى الفسخ،ويكون الحكم مقررا ال
منشئا ،وقد يتفقا على أن يكون العقد مفسوخا من تلقاء نفسه دون حاجة إلى حكم ،وهذا يعني
أنه إذا أخل المشتري بالتزامه فإن العقد يفسخ وال حاجة لرفع دعوى الفسخ وصدورحكم يقرره،
غير أنه إذا نازع المدين -المشتري -في ذلك وادعى أنه قام بالتنفيذ ،فإن األمر يرفع إلى القاض ي
الذي يتحقق من قيام المشتري بالتنفيذ ،والحكم الذي يصدره يكون مقررا للفسخ وليس منشئا
له ،غيرأن هذا ال يعفي الدائن -البائع -من توجيه اإلنذار.
وأخيرا يمكن أن يتفقا على أن يكون العقد مفسوخا من تلقاء نفسه دون حاجة إلى حكم
أو إنذار ،وفي هذه الصورة يبلغ االتفاق على الفسخ أقص ى درجة من القوة ،إذ يعتبر العقد
مفسوخا من تلقاء نفسه عند حلول ميعاد الوفاء إذا لم يقم به المدين ،فال تكون هناك حاجة
إلى اإلنذاروال إلى رفع الدعوى للحصول على حكم بالفسخ(.)760
ومفاد هذا الشرط أنه ليس كل اتفاق يؤدي إلى فسخ العقد بإرادة الدائن -البائع -المنفردة
دون اللجوء إلى القضاء ،ذلك أن الصيغ التي يقع بها االتفاق قد تكون مختلفة ومتباينة(.)761
فقد يتفق الطرفان على أن يكون العقد مفسوخا من تلقاء نفسه عند اإلخالل بااللتزامات
الناشئة عنه بمجرد اإلخالل بالتزام معين ،ويمثل هذا االتفاق أضعف الصيغ التي يتفق عليها في
هذا الشأن( ، )762إذا قد ترد في العقد مثال عبارة "أن يكون العقد مفسوخا عند عدم التنفيذ" أو
عبارة "أن يكون العقد مفسوخا تلقائيا عند عدم التنفيذ" ،فهذا ال يعدو أن يكون فسخا
قضائيا ،غير أن سلطة القاض ي التقديرية تكون مقيدة احتراما إلرادة المتعاقدين ،ومنه ال
-759أمين مريزيق :السلطة التقديرية للمحكمة في فسخ العقد على ضوء قانون االلتزامات والعقود المغربي ،رسالة لنيل دبلوم
الدراسات العليا المعمقة ،جامعة القاضي عياض ،كلية الحقوق مراكش ،السنة الجامعية ،2003-2002ص .443
-760شفيق الجرار :القانون المدني ،العقود المسماة ،عقد البيع ،مطبعة ابن خلدون ،دمشق ،4224 ،ع.ط.م.غ ،.ص.2040 :
-761عبد الرزاق أحمد السنهوري :الوسيط ،الجزء األول ،م.س ،ص.442 :
-762إدريس العلوي العبدالوي :شرح القانون المدني ،النظرية العامة لاللتزام ،نظرية العقد ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار
البيضاء ،الطبعة األولى ،4221ص.401 :
P 441 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
يستطيع رفض طلب الفسخ وال منح المدين مهلة للتنفيذ ،وقد يتضمن العقد عبارة "أن يكون
العقد مفسوخا تلقائيا ودون حاجة إلى حكم قضائي" ،ففي هذه الحالة نكون أمام فسخ اتفاقي
بناء على إرادة الدائن -البائع -الذي يستطيع التحلل من التزاماته التعاقدية في مواجهة المدين -
المشتري -دون رفعه لدعوى قضائية إال في حالة ما إذا نازع المدين في إعمال الشرط أو ادعى أنه
نفذ التزامه ،ويقتصر دور القاض ي هنا على التحقق من و اقعة عدم التنفيذ .والحكم بالفسخ في
هذه الحالة يكون مقررا ال منشئا له ،حيث ينصرف إلى الوقت الذي تحقق فيه الشرط(.)763
-3يجب أن يكون سبب االتفاق على الفسخ عدم تنفيذ أحد المتعاقدين اللتزامه
ومقتض ى هذا الشرط أن و اقعة عدم التنفيذ تعتبر شرطا أساسيا للمطالبة بفسخ عقد
البيع العقاري من طرف الدائن-البائع -بااللتزام الذي لم ينفذ أال يستعمل حقه في الفسخ
ويطالب بالتنفيذ رغم تحقق و اقعة عدم التنفيذ والتي تنصب على االلتزام ،سواء كان جوهريا أو
غيرجوهري(.)764
وعلى الرغم من أن قانون االلتزامات والعقود المغربي لم يقيد حرية المتعاقدين في هذا
املجال ،فإن ذلك ال يعني بأي حال من األحوال أن عدم التنفيذ يجيز الفسخ االتفاقي مهما كان
تافها ،وهذا ما يستفاد من مقتضيات الفصل 231من قانون االلتزامات والعقود الذي ينص على
مبدأ حسن النية والذي يستلزم ضرورة احترامه من طرف المتعاقدين في إطار اتفاقهما على
الفسخ ،فاالتفاقات الو اقعة بين المتعاقدين واملخالفة للقواعد العامة كتلك التي تشمل حتى
عدم التنفيذ اليسير تقع باطلة لكونها تتعارض مع مبدأ حسن النية في تنفيذ العقود ،وبذلك
يصبح العقد خاليا من االتفاق على الفسخ ،وال يبقى للدائن -البائع -إال اللجوء إلى القضاء إليقاع
الفسخ ونكون بالتالي أمام فسخ قضائي بدال من الفسخ االتفاقي.
وتجدراإلشارة إلى أن إعمال الفسخ يكون معلقا على تخلف المدين -المشتري -عن تنفيذ
التزامه العقدي ،وهذا ما يختلف عن الشرط الفاسخ باعتباره أحد أوصاف االلتزام الذي يكون
زواله معلقا على حدوث أمر مستقبل غير مؤكد الوقوع وال يرتبط بتصرف المدين وال يروم
معاقبته(.)765
-763محمد حسين منصور :دور القاضي إزاء الشرط الصريح الفاسخ ،منشأة المعارف اإلسكندرية ،ع.و.ت.ط.غ.م ص .10
-764عبد الكريم بلعيور :نظرية فسخ العقد في القانون المدني الجزائري والمقارن ،المؤسسة الوطنية للكتاب ،طبعة ،2004
ص.241 :
-765عبد الحق صافي :م.س ،ص.302 :
P 442 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
إضافة إلى أن وقوع الفسخ نتيجة عدم التنفيذ ال يتحقق إال إذا عبر الدائن عن إرادته في
إعمال الفسخ ،في حين أن الشرط الفاسخ باعتباره وصفا لاللتزام يحصل بمجرد تحقق الو اقعة
موضوع الشرط.
إن توفرالشروط الموضوعية التي يقتضيها إعمال الفسخ االتفاقي ،ال تكفي وحدها لقبول
الدعوى الرامية إلى إقراره ،بل يتعين توفرشروط شكلية أخرى تقتض ي تدخل الدائن الذي يرغب
في ممارسة حق فسخ العقد ،وهذه الشروط هي:
-1اإلنذار
يعتبر اإلنذار إجراء ضروريا وشرطا رئيسيا يجب ان يوجهه الدائن –البائع -لمدينه -
المشتري ،لحثه على ضرورة تنفيذ التزامه داخل أجل معين ،وقد يضاف إلى الشرط الذي يقض ي
باعتبار العقد مفسوخا في حالة عدم التنفيذ شرطا آخر وهو أن العقد يكون مفسوخا بمجرد
توجيه اإلنذار ،وفي هذه الحالة يفسخ العقد بعد تلقي المدين لإلنذاروليس بإمكانه تنفيذ التزامه
بعد ذلك.
كما قد يكون الشرط القاض ي باعتبار العقد مفسوخا في حالة عدم التنفيذ مجردا غير
مقترن بضرورة توجيه إنذار ،وفي هذه الحالة يجب التمييز بين ما إذا كان تنفيذ االلتزام مقترنا
بأجل أم ال ،فإذا كان مقترنا بأجل فال ضرورة لتوجيه اإلنذارإذ بمجرد حلول األجل يتحقق مطل
المدين ويحق الفسخ ،أما إذا لم يكن مقترنا بأجل فالبد من توجيه إنذار للمدين لجعله في حالة
مطل(.)766
اإلجراء اآلخر الذي يتعين على الدائن -البائع -القيام به في الفسخ االتفاقي هو اإلعالن عن
رغبته في حل الرابطة التعاقدية( ،)767ذلك أن إرادته في الفسخ االتفاقي هي التي تؤخذ بعين
االعتبار ،بعد حلول األجل وليس االتفاق الذي كان قد تم بينه وبين المتعاقد اآلخر من قبل على
فسخ العقد.
P 443 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
ومنه فقد يتحقق عدم التنفيذ في حالة االتفاق على الفسخ مسبقا ،ومع ذلك يبقى العقد
قائما من الناحية القانونية ما دام الدائن لم يعلن عن رغبته في فسخ العقد ،فحتى لوكان الفسخ
المذكور اتفاقيا ،فإن عدم التنفيذ يقتصر دوره على نشوء حق الفسخ ،أما الرابطة التعاقدية
فال تنحل بالفسخ إال إذا تمسك به وأعلن عن رغبته في ذلك(.)768
و يشترط في اإلعالن الصادر عن الدائن أن يكون قاطع الداللة على فسخ العقد ،فال
يستنتج من مضمون العبارات الصادرة عنه ،وأن يتصل كذلك بعلم المدين وإال فال أثر له
بالنسبة إلى العقد المراد فسخه(.)769
و بالتالي فإذا قام الدائن بهذا اإلعالن على النحو المطلوب قانونا ،فال تهمه مو افقة
المدين أو عدم مو افقته ،ألن الهدف من اإلعالن ليس طلب المو افقة ،و إنما إبالغ المدين
بفسخ العقد والتحلل من االلتزامات التي كانت على عاتقه في مواجهته.
وإذا كان توفر هذه الشروط يؤدي إلى حصول الفسخ االتفاقي دون تدخل القضاء إال في
حالة الضرورة ،فإن هناك حاالت أخرى يكون فيها تدخله أمرا ضروريا.
يقصد بالفسخ بحكم القانون أو انفساخ العقد ،انحالله بقوة القانون ،األمرالذي يجعل
االلتزامات التي كانت قد نشأت عنه من قبل تزول وتنقض ي رغم إرادة المتعاقدين وإرادة القاض ي
أيضا ،وقد نظمه المشرع المغربي بمقتض ى الفصلين 331و 339من قانون االلتزامات و العقود،
فنص الفصل 331على ما يلي" :إذا كان عدم التنفيذ راجعا إلى سبب أجنبي خارج عن إرادة
المتعاقدين وبدون أن يكون المدين في حالة مطل برئت ذمت هذا األخير ،ولكن ال يكون له الحق
في أن يطلب ما كان مستحقا على الطرف اآلخر.
فإذا كا ن الطرف اآلخر قد أدى فعال التزامه ،كان له الحق في استرداد ما أداه كال أو جزءا
بحسب األحوال باعتبارأنه غيرمستحق".
والفصل 339نص على أنه" :إذا كانت استحالة التنفيذ راجعة إلى فعل الدائن أو إلى سبب
آخر يعزى إليه بقي للمدين الحق في أن يطلب تنفيذ االلتزام بالنسبة إلى ما هو مستحق له على
-768بشرى تكني :فسخ العقد على ضوء ق.ل.ع ،م.س ،ص.22 :
-769عبد الكريم بلعيور :م.س ،ص.222 :
P 444 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
شرط ان يرد للطرف اآلخر ما وفره بسبب عدم تنفيذ التزامه أو ما استفاده من الش يء محل
االلتزام".
فمن خالل هذين النصين يتبين أنه إذا ما استحال على المدين تنفيذ التزامه لسبب أجنبي
ال يد له فيه انقض ى االلتزام المقابل له متى توفرت شروط معينة لذلك ،بأن كانت استحالة
التنفيذ قد نشأت بعد إبرام العقد الذي يكون محل االنفساخ ،وكانت استحالة تامة وراجعة فعال
إلى تدخل السبب األجنبي ،وكان المدين قد قام بما في وسعه لتفادي وقوعها.
يقصد باالستحالة التي تؤدي إلى انحالل عقد البيع العقاري ،االستحالة التي ال يمكن
توقعها وال مقاومتها كالقوة القاهرة وما في حكمها ،ولإلشارة فإن القوة القاهرة في حد ذاتها ال
تؤدي إلى االنفساخ إال إذا كانت االستحالة نهائية ،أما إذا كانت مؤقتة فتوقف تنفيذ االلتزام حتى
تزول وهي تفرقة من صنع القضاء الفرنس ي(.)770
كما أن االستحالة المقصودة هنا هي االستحالة الموضوعية المطلقة التي تتعلق بااللتزام
في ذاته من حيث هو وليس االستحالة الذاتية المتعلقة بالمدين نفسه(.)771
ويجب أن تكون االستحالة تامة ،أي شاملة لجميع االلتزامات الناشئة عن العقد ،أما إذا
كانت جزئية فإنها ال تؤدي إلى انفساخ العقد ،بل تشكل سببا يخول للدائن -البائع -الخياربين أن
يطلب فسخ العقد أو التمسك بتنفيذه وفقا للقواعد العامة الواردة في الفصل 259من قانون
االلتزامات و العقود ،وهو ما يستفاد من نص الفصل 336من نفس القانون الذي جاء فيه" :إذا
كانت االستحالة جزئية لم ينقض االلتزام إال جزئيا .فإذا كان من طبيعة هذا االلتزام أال يقبل
االنقسام إال مع ضرر الدائن ،كان له الخيار بين أن يقبل الوفاء الجزئي وبين أن يفسخ العقد في
مجموعه".
-770محمود جمال الدين زكي :الوجيز في النظرية العامة لاللتزامات في القانون المدني المصري ،مطبعة جامعة القاهرة،
الطبعة ،4242 ،3فقرة 221من ص .124
-771عبد الحميد الشواربي :فسخ العقد في ضوء القضاء والفقه ،منشأة المعارف باإلسكندرية ،الطبعة الثالثة ،4224 ،ص.11
P 445 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
يجب أن تكون استحالة التنفيذ التي أدت إلى عدم التنفيذ قد نشأت في تاريخ الحق لقيام
العقد ،أما إذا كانت االستحالة معاصرة إلبرامه فإننا ال نكون أمام حالة انفساخ العقد ،و إنما
أمام البطالن ،ألن العقد لم ينعقد أصال ،أي يقع باطال الستحالة محله.
يجب أن تكون استحالة التنفيذ راجعة إلى سبب أجنبي ال يد للمدين فيه ،أي أنه أصبح
مستحيال الستحالة طبيعية او قانونية بغير فعل المدين أو خطئه ،وذلك قبل ان يصير في حالة
مطل(.)772
وعليه فإن االستحالة التي يتسبب فيها المدين ال تؤدي إلى انقضاء االلتزام وبالتالي ال يقع
انفساخ العقد ،رغم أنها تؤدي إلى استحالة تنفيذ العقد تنفيذا عينيا ،ويبقى للدائن أن يطالب
بالتنفيذ والتعويض أو يطالب بفسخ العقد طبقا للفصل 259من قانون االلتزامات و العقود.
والجدير بالذكر انه اذ ا لم يعد التنفيذ ممكنا فال محل لتوجيه إنذار للمدين ،فاإلنذار ال
يتصورإال إذا كان التنفيذ ممكنا ،واالنفساخ التلقائي للعقد يغني عن توجيه اإلنذار.
وإذا كان هذا النوع من الفسخ يقع بقوة القانون إذا ما توفرت شروطه السالفة الذكر في
العقد الملزم للجانبين خاصة عقد البيع العقاري باعتباره مجال تطبيق نظرية الفسخ ،فإن
الو اقع العملي يظهر خالف ذلك إذ كثيرا ما يتنازع المتعاقدين حول تحقيق االستحالة أو عدم
تحققها ،مما يجعل تدخل القضاء أمرا محتما للفصل في النزاع عن طريق مباشرة الدعوى
الرامية إلى إقرارالفسخ القانوني من طرف صاحب المصلحة.
خاتمة:
على امتداد هذه الصفحات ،حاولنا دراسة الشروط الموضوعية لدعوى فسخ عقد البيع
العقاري الذي يعتبر موضوعا متشعبا الرتباطه بقواعد قانونية متداخلة فيما بينها سواء
المنصوص عليها في قانون االلتزامات والعقود إلى جانب القوانين الخاصة أو المقررة في قانون
المسطرة المدنية ،وقد توصلنا من خالل ذلك إلى العديد من االستنتاجات نجملها فيما يلي:
P 446 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
-أن المشرع المغربي جعل الفسخ القضائي هو األصل عندما يكون عدم التنفيذ راجع إلى
المدين و استثناءا نص على الفسخ اإلتفاقي والفسخ القانوني إذا كان عدم التنفيذ راجعا إلى
سبب أجنبي ،وأن هذين النوعين ال تباشر بخصوصهما دعوى الفسخ إال في حالة النزاع ،خالفا
للفسخ القضائي الذي ينشأ بمقتض ى الحكم القضائي.
-يتعين على المدعي قبل رفع الدعوى أن يتأكد من توفر الشروط التي تقتض ي الحكم
بالفسخ سواء كان اتفاقيا أو قانونيا باستثناء الشرط الشكلي المتمثل في اإلنذار فهو شرط غير
ضروري ،على اعتبار أن الفصل 255من قانون االلتزامات والعقود تنص على أن المطالبة
القضائية هي بمثابة إنذار ،لذا فإنه إذا رفع البائع دعوى على المشتري فهذا يعتبر إنذار لتنفيذ
االلتزام وأن ممارسة الدعوى تكون بمثابة إنذار ولو رفعت إلى قاض غير مختص دائما حسب
مقتضيات الفصل 255من قانون االلتزامات والعقود.
-فيما يخص دعوى الفسخ القضائي ،نجد أن الفصل 259من قانون االلتزامات والعقود
يشوبه بعض الغموض في فقرته األولى ،التي لم تنص صراحة على خيارالدائن سواء كان بائعا أو
مشتريا في تنفيذ العقد بين إجبار المدين على تنفيذه وبين فسخه ،و إنما خولت له اإلجبار على
التنفيذ وهذا خالف مقتضيات الفقرة الثانية من نفس الفصل التي تعطي للدائن سواء كان بائعا
أو مشتريا حق الخيارفي حالة التنفيذ الجزئي لاللتزامات الناشئة عن العقد ،وفي هذا الصدد فإن
محكمة النقض استقرت في عدة قرارات على أنه حتى بالنسبة للفقرة األولى في حالة إمكانية تنفيذ
االلتزام فإن الدائن له الحق في إجبار المدين على التنفيذ أو في طلب الفسخ رغم عدم تنصيص
الفصل المذكورعلى حالة الفسخ في فقرته األولى ،وهذا ما تبنته املحكمة االبتدائية بمراكش .
-للمتعاقد الدائن إمكانية استبدال طلب الفسخ الذي تقدم به في الدعوى بطلب التنفيذ،
ذلك أن الفسخ القضائي ال يقع إال بعد استصدار حكم قضائي ،أما إذا صدر الحكم و حاز قوة
الش يء المقض ي به فإنه ال يجوزللدائن بعد ذلك أن يعدل على طلب التنفيذ ألن الرابطة العقدية
التي كانت موجودة ومحال للنزاع لم تعد قائمة في نظر القانون.
-أن المشرع المغربي لم يتول تنظيم هذه الدعوى وفق مقتضيات قانونية خاصة مما
جعلها تخضع للقواعد العامة للدعاوى.
P 447 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
-أن سلطة القاض ي التقديرية بمناسبة النظرفي دعوى فسخ البيع العقاري تتسع في مجال
الفسخ المقرر في إطار الفصل 259من قانون االلتزامات والعقود وتضيق في مجال الفسخ
االتفاقي وتكاد تنعدم في مجال الفسخ القانوني.
الئحة المراجع
أوال :الكتب
إدريس العلوي العبدالوي :شرح القانون المدني ،النظرية العامة لاللتزام ،نظرية
العقد ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدارالبيضاء ،الطبعة األولى .1996
السنهوري عبد الرزاق أحمد :الوسيط في شرح القانون المدني ،نظرية االلتزام
بوجه عام ،مصادر االلتزام ،دار النشر للجامعات المصرية ،القاهرة ،جمهورية مصر العربية،
الطبعة الثانية.1952 ،
شفيق الجرار :القانون المدني ،العقود المسماة ،عقد البيع ،مطبعة ابن
خلدون ،دمشق ،1911 ،ع.ط.م.غ.
عبد الحق صافي :القانون المدني ،الجزء األول ،المصدر اإلرادي لاللتزامات،
العقد ،الكتاب الثاني ،آثارالعقد ،الطبعة األولى.2117 ،
عبد الحميد الشواربي :فسخ العقد في ضوء القضاء والفقه ،منشأة المعارف
باإلسكندرية ،الطبعة الثالثة.1997 ،
عبد الرحمن بلعكيد .وثيقة البيع بين النظر والعمل،مطبعة النجاح الجديدة
الدارالبيضاء،الطبعة الثالثة . 2112
عبد الكريم بلعيور :نظرية فسخ العقد في القانون المدني الجزائري والمقارن،
المؤسسة الوطنية للكتاب ،طبعة .2111
P 448 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
محمد حسين منصور :دور القاض ي إزاء الشرط الصريح الفاسخ ،منشأة
المعارف اإلسكندرية ،ع.و.ت.ط.غ.م.
محمد جمال الدين زكي :الوجيز في النظرية العامة لاللتزامات في القانون المدني
المصري ،مطبعة جامعة القاهرة ،الطبعة .1971 ،3
أمينة مريزيق :السلطة التقديرية للمحكمة في فسخ العقد على ضوء قانون
االلتزامات والعقود المغربي ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة ،جامعة القاض ي
عياض ،كلية الحقوق مراكش ،السنة الجامعية .2113-2112
بشرى تكني :فسخ العقد على ضوء قانون االلتزامات والعقود المغربي ،بحث
نهاية تمرين الملحقين القضائيين ،الفوج ،36السنة .2111-2119
الطاهر القضاوي :الوعد بالبيع دراسة مركزة في العقار ،رسالة لنيل دبلوم
الدراسات العليا في القانون الخاص ،نوقشت بجامعة محمد الخامس ،كلية الحقوق بالرباط،
السنة الجامعية .1994-1993
P 449 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
هذه الضرورة أفرزتها المعضلة التي يواجهـها القضاء منذ أمد بعيد في مختلف األنظمة
القضائية عبر العالم ،تتجلى في تراكم أعداد مرتفعة من القضايا ،بسبب التأخير في إصدار
األحكام ،البطـء في الحسم في المنازعات ،تعدد أوجه الطعـن عبر مختلف درجات التقاض ي زيادة
على اتسام إجراءات التبليغ بالتعقيد و انعدام الفعالية كما أن معضلة تضخم وتراكم القضايا
ً ً
ليست حكرا على الدول النامية ،بل تعاني منه أيضا وبدرجات متفاوتة الدول المتقدمة بدورها
مع فارق في نوعية وموضوع القضايا .هذه األنظمة عرفتها الواليات المتحدة األمريكية في أول األمر
على مستوى الدول المتقدمة وما فتئ أن امتد األمرإلى الدول األخرى كفرنسا والمملكة المتـحدة.
ً ً
لقد أصبح اللجوء للوسائل البديلة لحل النزاعات في وقـتـنا الحالي أمرا ملحا ،وذلك لتلبية
متطلبات األعمال الحديثة والتي لم تعد املحاكم قادرة على التصدي لها بشكل منفرد ،فقد أدى
ازدياد لجوء المتنازعين إلى هـذه الوسائل في الفترة األخيرة إلى عدم جواز تسمية تلك الوسائل
بالبديلة ،ذلك أن كثرة اللجوء إليها أدت إلى تسميتها في كثيرمن األحيان إلى الطرق المناسبة لفض
النزاعات.
P 450 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
ً
وتنقسم طرق فض المنازعات المالئمة والبديلة إلى أقسام متعددة تختلف تبعا ألساس
التقسيم ،ودرجة التدخل من قبل طرف ثالث في النزاع .ووفق هذا التقسيم فإن هـذه الطرق
تشمل ما يلي :المفاوضات ،الوساطة أو التوفيق ،الصلح والتحكيم.
وعرف الناس التحكيم والتجئوا إليه لحل النزاعات التي تنشأ بينهم في العصور القديمة،
فقد عرفه السومريون و الرومان و اليونان قبل الميالد ،كما عرفه العرب في الجاهلية ،وكذلك
بمجئ اإلسالم .كما عرفته التشريعات الحديثة املختلفة أيضا ،مع اختالف في درجات األخذ به،
الرتباط ذلك باختالف نظام الحكم السائد في الدولة و النظام القانوني المتبع فيها.773
إن تطور وظيفة الدولة و انتـقالها من الدولة الحارسة إلى الدولة المتدخلة ساهم في
تدخلها على مستوى مختلف الميادين ،وبرزت حاجاتها إلى أن تلجأ إلى أحد أساليب تسييرالنشاط
اإلداري ،فهي تلجأ إلى إصدارقرارات إدارية بغرض إحداث أثرقانوني مشروع ،استـثـناء لما تمثـله
من سلطة إصدار هذه القرارات بمقتض ى القوانين واللوائح .وقد تلجأ إلى أسلوب التراض ي
ً ً
واالتفاق مع غيرها سواء كانوا أفرادا أو شركات ،وذلك بأن تبرم عقودا إدارية تقـوم على تو افق
إرادتين ،وقد تـثور بشأن هذه العقود اإلدارية منازعات سواء في مرحلة اإلبرام أو في مرحلة
ً
التـنـفيذ ،والتي تعد من المنازعات اإلدارية التي يختص القضاء اإلداري بالنظر إليها .إال أنه نظرا
للكم الهائل من القضايا المعروضة أمامه والبطء الشديد في إجراءاته وكذا تأثيره في سيرالمرفق
العام بانتظام وباضطراد ،كان من الضروري البحث عن وسيلة أخرى لتسوية منازعات العقـود
اإلدارية ،فتجلى التحكيم كوسيلة لحل تلك النزاعات.
ودراسة التحكيم في العقـد اإلداري تستلزم معرفة النصوص القانونية التي نظمت مسألة
التحكيم في العقـد اإلداري وفي مدى كيفية تطبيق هذه اآللية في فضاء المنازعات ،باعتباره
النظام البديل االستثنائي الناجح للنظام القضائي في حسم كثيرمن المنازعات وخاصة ما يتعلق
منها بمنازعات العـقـود اإلدارية.
ومن هذا المنطلق ،أطرح اإلشكالية اآلتية :إلي أي حد يمكن اللجوء إلى التحكيم في العقود
اإلدارية؟ ولإلجابة على اإلشكالية سنقسم الموضوع إلى مطلبين ،حيث سنتطرق في األول إلى
773عبد العزيز توفيق " ،شرح قانون المسطرة المدنية و التنظيم القضائي " ،الجزء الثاني ،مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء،
،0771ص .17 :
P 451 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
ماهية التحكيم (المطلب األول) ،وفي الثاني إلى التحكيم في العقود اإلدارية وموقف القضاء منه
(المطلب الثاني).
يعتبرالتحكيم من بين الطرق الودية لحل المنازعات خارج مجال القضاء ،وهو بذلك
يحتل مكانة مهمة ومتميزة ،نظرا للدور الذي يقدمه كنظام استثنائي خاص يختلف عن غيره من
األنظمة األخرى والمصنفة ضمن الوسائل البديلة لفض المنازعات كالوساطة والصلح.
وفي تعريف آخر « :الفصل في النزاع بواسطة طرف أو هيئة أو مجموعة أفراد ،يتفق
الخصوم على إحالة النزاع إليهم دون املحاكم املختصة بذلك »775.
وقد عرف جانب من الفـقه المصري بأنه « :وسيلة قانونية تلجأ إليها الدولة أو أحد
األشخاص المعنوية العامة األخرى لتسوية كل أو بعض المنازعات الحالية أو المستقبلية
الناشئة عن عالقات قانونية ذات طابع إداري عقدية أو غير عقدية ،فيما بينها أو بين إحداها
ً
وأحد أشخاص القانون الخاص الوطنية أو األجنبية ،سواء كان اللجوء إلى التحكيم اختياريا أو
ً
ـقا لقـواعد القانون اآلمرة »776. ً
إجـباريا وف
774
Jean Robert, « L’arbitrage droit interne , Droit International Privé «, Dalloz,1993,P : 6
775عامر علي رحيم " ،التحكيم بين الشريعة و القانون " ،منشورات الدار الجماهيرية للنشر و التوزيع و اإلعالن ،ضمن سلسلة "
الكاتب اإلسالمي " ،رقم ،00أبريل ،0702ص.78 :
776نجالء حسن سيد أحمد خليل " ،التحكيم في المنازعات اإلدارية " ،دار النهضة العربية ،الطبعة الثانية ،القاهرة،7887 -7884 ،
ص.78 :
P 452 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
ويذهب جانب من الفـقه الفرنس ي إلى أن التحكـيم هو « :منظمة العدالة الخاصة بفضلها
ُتسلب المنازعات من سلطات القانون لتحسم بواسطة أفـراد ممنوحين مهمة قـضائي»777.
وحسب بعض الفقهاء الفرنسيين « :اصطالح يقصد به إيجاد حل للنزاع القائم بين
شخصين أوأكثربواسطة شخص محكم أوأشخاص محكمين غيرأطراف النزاع ،الذين يستمدون
سلطاتهم من االتـفاق المبرم بين األطراف المذكورين ،دون أن يكونوا معنيين من قبل الدولة ».
لم تتفق االجتهادات القضائية على تعريف موحد للتحكيم ،فقد عرفته الجمعية
العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة المصري بأنه " :االتفاق على عرض النزاع
أمام محكم أو أكثر ليفصلوا فيه بدال من املحكمة املختصة به ،وذلك ملزم للخصوم "778
أما املحكمة اإلدارية الدستورية العليا المصرية فعرفته كالتالي " :عرض لنزاع معين بين
طرفين على محكم من األغيار يعين باختيارهما ،أو بتفويض منهما على ضوء شروط يحددانها،
ليفصل هذا الحكم في ذلك النزاع بقراريكون نائبا عن شبهة المماألة ،مجرد من التحامل و قاطعا
لدابرالخصومة في جوانبها التي أحالها الطرفان إليه ،بعد أن يدلي كل منهما بوجهة نظره تفصيال
من خالل ضمانات التقاض ي الرئيسية ".779
أما محكمة التميز ( النقض ) بدبي فعرفت التحكيم على أنه " :طريق استثنائي لفض
المنازعات ،بحيث يتعين أن يتم االتفاق عليه صراحة ".780
777عصام أحمد البهجي " ،التحكيم في عقود البوت ،BOTدار الجامعة الجديدة اإلسكندرية ،7880 ،ص .47 :
778المحكمة اإلدارية العليا في قرارها الصادر بجلسة 0777/80/00في الطعن رقم 007للسنة 48القضائية.
779الدعوى الدستورية رقم 07للسنة 01القضائية ،جلسة .0777/07/07
780فراح مناني ،التحكيم طريق بديل لحل النزاعات حسب آخر تعديل لقانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية الجزائري " ،دار الهدى
الجزائر ،7808 ،ص .07/00 :
P 453 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
كما عرف عقد التحكيم في المادة 1447من نفس القانون « :عبارة عن عقد يتفق
بمقتضاه أطراف نزاع نشأ بالفعل على إحالة هذا النزاع إلى محكم أو عدة محكمين لكي يتولوا
الفصل فيه ».
أما المشرع المصري فقد عرف اتفاق التحكيم في الفقرة األولى من المادة 11من القانون
رقم 27لسنة 1994بأنه « :اتفاق بين الطرفين على االلتجاء إلى التحكيم لتسوية كل أو بعض
المنازعات التي نشأت أو يمكن أن تنشأ بينهما بمناسبة عالقة قانونية معينة ،عقدية كانت أو غير
عقدية ».
وفي المادة الثانية عرف اتفاق التحكيم بما يلي « :اتفاق التحكيم هو التزام األطراف
باللجوء إلى التحكيم قصد حل نزاع نشأ أو قد ينشأ عن عالقة قانونية ،تعاقدية أو غيرتعاقدية».
ال يتخذ التحكيم صورة واحدة ،بل يتجلى في عدة أنواع ،إما من خالل المنطلق الذي
ينطلق منه ،أو بحسب الزاوية التي ينظر منها.
إذا اتصلت جميع عناصره بدولة معينة دون غيرها ،أي أنه تحكيم محلي يتم بين رعاياه
ويجري على أرضه من خالل موضوع النزاع ،جنسية الخصوم واملحكمين وكذا القانون الواجب
تطبيقه والمكان الذي يجري فيه التحكيم782.
781الظهير الشريف رقم 0277247الصادر في 74شوال 0774الموافق ل 77ماي 7877بتنفيذ القانون رقم 71202المتعلق بالتحكيم
و الوساطة االتفاقية ،الجريدة الرسمية عدد 2877 :بتاريخ 04يونيو ،7877ص .4108 :
782حسان نوفل " ،التحكيم في منازعات عقود االستثمار " ،دار هومة الجزائر ،7808،ص .78
P 454 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
هو ذاك التحكيم الذي يتعلق بعقد دولي أو بمصالح تجارة دولية بصفة عامة ،ويصدر
ً
حكمه خارج التراب الوطني وأحد أطر افه يكون منتميا لدولة أجنبية ،ويتعلق نزاعهم بمشروعات
أو أموال في دول أخرى.783
التحكيم المؤسس ي هو ذلك التحكيم الذي تتواله منظمة دولية ،أو وطنية وفق قواعد
ً
محددة سلفا ،تحددها االتفاقيات الدولية ،أو القرارات المنشئة لهذه الهيئات ،784ويتميز
التحكيم المؤسس ي بمزايا متعددة أهمها :
ً
ضمان حسن سير التحكيم نظرا للكفاءة المهنية لمركز التحكيم المتخصص
الذي يتولى أمره؛ محمود السيد عمر
إتباع إجراءات التحكيم الخاصة بكل مركز ،وإعفاء األطراف من تحديدها في
اإلتفاق عليها؛
توفير الخدمات المكتسبة الالزمة إلنجاز عملية التحكيم مثل :توفير أماكن
االجتماعات والمكاتب ،وعمليات النسخ والتصوير ،والترجمة.785
التحكيم البسيط :التحكيم البسيط هو ذلك التحكيم التي يستند املحكم في إصدار
حكمه إلى قواعد القانون بمعناه الواسع ،والذي يشمل على جميع القواعد القانونية
مكتوبة كانت ،أو غيرمكتوبة مثل المبادئ القانونية العامة والعرف.786
التحكيم مع التفويض بالصلح :التحكيم مع التفويض بالصلح هو ذلك التحكيم الذي ال
ً
يتقيد فيه املحكم بقواعد القانون الموضوعي ،كما ال يكون حكمه قابال للطعن فيه،
ً ً
حيث أن املحكم بالصلح يحكم في النزاع المعروض عليه وفق لما يراه عادال ،أو مالئما
783محمود السيد عمر التحيوي ،أركان اإلتفاق وشروط صحته ،دار الفكر الجامعي ،اإلسكندرية ،7882 ،ص .42
784عبد الحميد الشوارب ،التحكيم والتصالح ،التحكيم والتصالح في مو اد الفقه والقضاء ،منشأة المعرف ،الطبعة الثانية ،اإلسكندرية،
.7888
785ماجد راغب الحلو ،العقود اإلدارية والتحكيم ،دار الجامعة الجديدة ،اإلسكندرية ،7887 ،ص.7 :
786عبد العزيز عبد المنعم خليفة " ،التحكيم في المنازعات اإلدارية الداخلية والدولية " ،دار الفكر الجامعي ،الطبعة األولى
اإلسكندرية ،7882 ،الصفحة .40
P 455 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
لمصلحة الطرفين بغض النظر عن مو افقة رأيه لقواعد القانون الموضوعي ،أو عدم
مو افقته787.
من الضروري البحث عن وسائل بديلة لتسوية المنازعات الناشئة عن العقود التي تكون
ً
الدولة ومختلف الهيئات والمؤسسات التابعة لها طرفا فيها .إذ يعتبر التحكيم إحدى هذه
ً
الوسائل لما يتميز به من مزايا مقارنة مع القضاء الوطني ،خصوصا أن معظم العقود تبرم مع
أطراف أجنبية .واللجوء إلى شرط التحكيم في هذه العقود ُيعد من بين ضمانات تشجيع االستثمار
ً
األجنبي ،األمر الذي انعكس على قوانين االستثمار التي أصبحت تتضمن نصوصا صريحة تتيح
التحكيم في النزاعات المتعلقة بالعقود المبرمة بين الدولة والمستثمر األجنبي 788،وهذا نتيجة
ً
أيضا ملجموع ة من االتفاقيات والمعاهدات الدولية التي صادق عليها المغرب والتي تسمو على
النصوص القانونية الداخلية.
واللجوء إلى التحكيم في العقود اإلدارية يختلف بين الدولة والجماعات الترابية من جهة
(أوال) ،والمؤسسات والمقاوالت العامة من جهة أخرى (ثانيا).
إن إيجاز اللجوء للتحكيم في العقود اإلدارية كون أحد أطر افها الدولة والطرف اآلخر
شخص طبيعي خاضع للقانون الخاص ،مما يجعل هذه العقود تتصف بعدم التوازن مع وجود
طرفين غير متكافئين ،فالدولة تتمتع بالسيادة ولها أنظمة خاصة بها سواء من حيث السلط
املخولة لها أو من حيث االختصاص ،ناهيك عن اإلشكالية التي تطرحها حول الجهة القضائية
ً
املختصة للنظرفي الطعون الموجهة ضد قرارات التحكيم ،خصوصا في العقود اإلدارية الدولية
وكذا طلبات االعتراف بهذه القرارات ومنحها الصيغة التنفيذية ،هل القضاء اإلداري أم القضاء
التجاري.
787السيد المراكبي " ،التحكيم في دول مجلس التعاون الخليجي ومدى تأثره بسيادة الدولة " ،دار النهضة العربية ،القاهرة،7880 ،
ص .7 :
788زكرياء الغزاوي ،تعليق على قرار صادر عن محكمة النقض للغرفة اإلدارية ،المجلة المغربية للتحكيم العربي و الدولي ،مطبعة
األمنية الرباط ،7801ص .77 :
P 456 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
ويعتبرالتدبيرالمفوض عقدا إداريا أملته معطيات عملية ،حيث عرفته المادة الثانية من
القانون رقم 78954,15المتعلق بالتدبير المفوض ":عقد يفرض بموجبه شخص معنوي خاضع
للقانون العام يسمى المفوض لمدة محددة تدبيرمرفق عام يتولى مسؤوليته إلى شخص معنوي
خاضع للقانون العام أو الخاص يسمى المفوض إليه ،يخوله حق تحصيل أجرة من المرتفقين أو
تحقيق أرباح من التدبيرالمذكورأو هما معا.
ويمكن أن يتعلق التدبيرالمفوض كذلك بإنجازأو تدبيرمنشأة عمومية أو هما معا تساهم
في مزاولة نشاط المرفق العام المفوض.
تعتبر المؤسسات والمقاوالت العامة من الهيئات التي تخضع لمر اقبة الجهاز الوص ي
المتمثل في الوزارة الوصية .فهل يجوزلهذه الهيئات اللجوء إلى التحكيم في العقود التي تبرمها.
تعتبر المؤسسات العمومية من أشخاص القانون العام ،ولها قدر من االستقالل تجاه
الشخص العام الذي ترتبط به برابطة الخضوع لرقابته الوصائية ،مما يترتب عن ذلك أنها
ُ
تتقاض ى وتتعاقد وترفع الدعاوى وترفع عليها.790
-الحالة األولى :يمكن إبرام عقد التحكيم وفق اإلجراءات والشروط املحددة من قبل
مجالس إدارتها؛
-الحالة الثانية :خضوع المؤسسة للشرط التحكيمي متوقف على ضرورة اللجوء إلى
مداولة خاصة يجريها مجلس إدارة المؤسسة العامة المعنية.
وفي نفس الوقت تخضع المؤسسات العمومية وبما أنها شخص من أشخاص القانون
ً
العام لرقابة مالية محددة قانونا.
789الظهير الشريف رقم 0282201الصادر في 01محرم 0772الموافق ل 07فبراير 7882بتنفيذ القانون رقم 17281المتعلق بالتدبير
المفوض للمرافق العامة ،الجريدة الرسمية عدد 1787 :بتاريخ 02مارس ،7882ص .277 :
790أحمد بوعشيق " ،المرافق العامة ا لكبرى على ضوء التحوالت المعاصرة " ،دار النشر المغربية ،الطبعة الثامنة ،7887ص :
.027
P 457 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
ب ) المقاوالت العمومية
رغم أن عقود المقاوالت العامة هي عقود إدارية بطبيعتها ،فإنها خاضعة للقانون الخاص
مبدئيا .و أنه ال يجوز للمقاوالت العامة الخاضعة لقانون الشركات التجارية أن تبرم اتفاقات
التحكيم وفق اإلجراءات والشروط املحددة من لدن مجالس إدارتها أورقابتها أو أجهزة تسييرها791.
يكاد القضاء الفرنس ي بمختلف أنواعه اإلجماع على حظرالتحكيم في العقود اإلدارية ،رغم
التراجع النسبي لبعض محاكمه.
ففي حكم صادر في 1957/12/13بخصوص قضية الشركة الوطنية لبيع الفضائل ،وهي
مؤسسة عمومية والتي حاولت اللجوء إلى التحكيم وفق المادة 11من المرسوم الذي يجيز
ملجلس إدارة الشركة إلبرام عقد التحكيم ،حيث قرر مجلس الدولة بأن المرسوم مشوب بعيب
عدم المشروعية رغم طابعه التجاري.792
وفيما يتعلق بالفتاوى ،فقد صدرمجلس الدولة الفرنس ي في 6مارس 1916شعبة األشغال
العمومية ،فتوى اعتبر فيها أن أشخاص القانون العام ال يمكنها اإلفالت من القواعد القانونية
بخصوص االختصاص والذي يرجع البت فيه إلى املحاكم الوطنية.
791حيث أنه طبقا للمادة 7من القانون رقم ،27288المتعلق بالمراقبة المالية للدولة على المنشآت العامة وهيأت أخرى ،فإن شركات
الدولة التي تملك فيها الدولة أو جماعة محلية م ساهمة مباشرة تخضع لمراقبة مواكبة يقوم بها الوزير المكلف بالمالية ومراقب الدولة
وفقا ألحكام الباب الرابع من هذا القانون.
792
Conc .Gazier sur CE ASS.13 Décembre 1957, Sosiété Nationale de vente des su plus. Leb, P : 677 : D.
1958.
P 458 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
وكانت الفتوى بخصوص قضية ديزني الند سنة 1916المعارضة للتحكيم ،وراء صدور
ً
قانون 1916والذي يمكن بموجبه اللجوء إلى التحكيم شرط أن يكون العقد دوليا وذا نفع قومي
عام ،مع إلزامية الحصول على ترخيص بقبول شرط التحكيم بمرسوم ولكل حالة على حدة.
وعليه استبعد مجلس الدولة خضوع منازعات العقد اإلداري ألي جهة دون غيره.
ً
و انطالقا من عدة قضايا ،أهمها قضية ،Sueur et autresوقضية ،L’INSERMيمكن
تلخيص الموقف الحديث ملجلس الدولة الفرنس ي كما يلي: 793
-اللجوء إلى التحكيم ألشخاص القانون العام متسم بالشفافية وحماية الملك العام؛
-ال تتجاوزالسرية مرحلة إجراءات التحكيم في حين أن القرارات التحكيمية يجب أن تكون
علنية؛
إن التوجه الذي يتبناه القضاء المدني الفرنس ي يسري نحو حظر التحكيم في العقود
اإلدارية الداخلية دون الدولية ،فقد أكدت محكمة النقض في قرارها الصادر بتاريخ 14أبريل
1964أن الحظرفي المادتين 13و 1114ال يسري على العقود اإلدارية الدولية بل الداخلية فقط.
ً
ونفس التوجه صدرت بموجبه محكمة استئناف باريس بتاريخ 11أبريل 1957حكما بخصوص
قضية « »Myrtoon Steam shipحيث اعتبرت أن منع الدولة من اللجوء إلى التحكيم ينحصر
في العقود اإلدارية الداخلية وال يمتد هذا المنع إلى العقود موضوع االتفاقيات ذات الطابع
الدولي.
-قضية « » Gatoil
793مصطفى بونجة ،نهال اللواح " ،التحكيم في المواد التجارية اإلدارية و المدنية ،دراسة ألهم اإلشكاالت العملية و النظرية وفق
القانون المغربي و القوانين المقارنة " ،مطبعة األمنية الرباط ،الطبعة األولى ،7801ص .074 :
P 459 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
ً
عموما التوجه الذي سار عليه القضاء العادي الفرنس ي مرده احترام االتفاقيات
والمعاهدات الدولية التي صادقت عليها فرنسا.
عرف االجتهاد القضائي المغربي حول مسألة التحكيم في العقود اإلدارية ندرة خاصة في
ظل قانون المسطرة المدنية لسنة ،1974والتي كانت تحظر اللجوء إلى التحكيم في العقود
اإلدارية .غير أن هذا التوجه عرف تطورا ملحوظا بصدور القانون رقم 95.17المتعلق بالتحكيم
والوساطة االتفاقية الذي أجاز صراحة في المادة 16منه للدولة اللجوء إلى التحكيم في العقود
اإلدارية التي تبرمها مع األغيار ،ولعل هذا التغييرراجع إلى الضغوط التي كانت تمارس على الدولة
ً
أثناء إبرام العقود خصوصا من طرف الشركات األجنبية ،التي تفضل اللجوء إلى التحكيم لما له
من خصوصية في فض المنازعات عوض الخضوع إلى القضاء.
أ ) القضاء اإلداري
سنرصد موقف القضاء اإلداري بالمغرب من خالل بعض القضايا التي بت فيها :
-ففي حكم صدر عن املحكمة اإلدارية بأكادير بتاريخ ،2115/11/24اعتبرت املحكمة أن
القرض الفالحي هومؤسسة عمومية ،كون الدولة تملك نسبة %51على األقل من رأسمال شركة
القرض الفالحي للمغرب ،وهذه األخيرة تقوم لحساب الدولة بمهام المرفق العمومي عبر تنفيذ
االتفاقيات املحددة في المادة الرابعة من قانون ،79415.99حيث أكدت املحكمة الحكم
التحكيمي الذي حسم النزاع القائم بين الطرفين (الشركة وموظف بها) بشكل نهائي وال يمكن
الطعن فيه .وقد عللت املحكمة ذلك كون الطرفين اتفقا بموجب االتفاقية المؤرخة في
ً
2112/17/11على أن المدعى قرر مغادرة العمل لدى المدعى عليها تلقائيا ،واللجوء إلى مسطرة
التحكيم لحسم الخالف بينهما حول التعويضات المستحقة للمدعي .وحيث أن المادة 316من
قانون المسطرة المدنية لم تستثن إمكانية التحكيم فيما يخص مستحقات أي موظف بموجب
عدل هذا القانون بالقانون رقم 02271المتعلق بالتحكيم و الوساطة االتفاقية. 794
P 460 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
فسخ عقد العمل لدى مؤسسة عمومية ،وكذا الفصل 319من قانون المسطرة المدنية ينص
على أنه ال يقبل حكم املحكمين الطعن795.
-قضية أخرى قضت فيها نفس املحكمة بخصوص نزاع بين جمعية للتنمية والتعاون
والثقافة واملجلس الجماعي ألقصري ،وحيث أن الفصل 19من بروتوكول االتفاقية ينص على
ضرورة اللجوء إلى مسطرة التحكيم أمام السيد عامل اإلقليم للبث في النزاع .إذ صرحت املحكمة
بعدم قبول الدعوى التي سلكت إليها المدعية كون اإلتفاق يرمي باللجوء إلى القضاء لحل النزاع
يكون بعد فشل مسطرة التحكيم.
من خالل ما سبق ،يتبين أن القضاء اإلداري المغربي أقر باللجوء إلى التحكيم في العقود
اإلدارية من خالل بثه في مختلف األحكام التحكيمية التي عرضت عليه.
ب ) القضاء العادي
سنحاول رصد موقف القضاء العادي المغربي من خالل بعض األحكام التي عرفتها بعض
محاكم المملكة.
ففي قرار صادر عن الغرفة التجارية ملحكمة االستئناف بالدار البيضاء ،اعتبرت املحكمة
أن الدفع بعدم جوازالتنفيذ على أموال الشخص العام ال يمكن االستجابة له من طرف املحكمة
املختصة بتذييل المقرر التحكيمي بالصيغة التنفيذية .كما أن تذييل المقرر التحكيمي األجنبي
ً
يصدربأمرمن رئيس املحكمة االبتدائية بصفته هاته طبقا للفصل 322من ق.م.م ،وليس بحكم
من محكمة الموضوع في نطاق أحكام الفقرة األولى من الفصل 431من نفس القانون.
نرى من خالل هذا القرار ،أن املحكمة أخضعت المكتب الوطني للشاي والسكرإلى قواعد
ً
القانون الخاص رغم أنه مؤسسة عمومية ،حيث أن أعماله التجارية ال تعتبرأعماال إدارية.
كما رأت أن مدلول المصلحة العامة الذي يرتكز عليها النظام العام الوطني ،يجب النظر
إليه باالسترشاد بمبادئ النظام العام الدولي ،لتستجيب لطبيعة التجارة الدولية ،وبالتالي صحة
انعقاد مشارطة التحكيم المبرم من طرف الدولة أو المؤسسات العمومية.
الخاتـمة:
795وعلى نفس النهج سارت قبل ذلك المحكمة اإلدارية بأكادير عدد 772 :بتاريخ 77/00/7881في الملف عدد .217/7887
P 461 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
تزايد في اآلونة األخيرة االهتمام بالتحكيم على الصعيد املحلي ،باعتباره وسيلة من وسائل
ً ً
فض المنازعات خصوصا المتعلقة بالعقود اإلدارية ،نظرا ألن هذه العقود تعتبر إحدى وسائل
الدولة في تنفيذ مشروعاتها وبرامجها اإلنمائية.
ً ً ً ً ً
والعقد يعتبر إداريا إذا كان أحد طرفيه شخصا اعتباريا عاما وكان موضوعه متصال
بنشاط مرفق عام وملحوظ فيه سلطة اإلدارة العامة ،أي الحكومية في اإلشراف على تنفيذه
ً ً
ومر اقبة كيفية سيره بما لها من سلطة عامة ،ومتضمنا شروطا غير مألوفة في نطاق العقود
الخاصة .وهو ما يعبرعنه فقهاء القانون اإلداري بلجوء اإلدارة إلى وسائل القانون العام بوصفها
سلطة عامة تتمتع بحقوق والتزامات ال يتمتع بمثلها المتعاقد معها .ومصطلح « العقد اإلداري »
هو المصطلح السائد في الدول التي تأخذ بمفاهيم النظام القانوني الفرانكفوني مثل القانون
الفرنس ي ،أما دول النظام القانوني األنجلوسكسوني فتأخذ بمصطلح « العقد الحكومي »،
وتختلف فلسفة النظامين حول هذه العقود ،ففي النظام القانوني الفرانكفوني تسمو إرادة
الطرف اإلداري (أي الحكومي) ،بينما في النظام األنجلوسكسوني ليس للطرف الحكومي هذه
الميزة.
P 462 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
كما يجب تفعيل الدور الرقابي للقضاء اإلداري من خالل الرقابة على أحكام التحكيم
الدولية عن طريق دعوى البطالن ،التي لها دورإيجابي في الحفاظ على مستقبل القانون اإلداري
في العقود اإلدارية ،عبر عدم تنفيذ الحكم التحكيمي املخالف للنظام العام .كما أن السلطات
االستثنائية الممنوحة لإلدارة هو التزام عليها يمليه واجبها في حماية المصلحة العامة من تطبيق
ً
قانون أجنبي قد يشكل خطرا على المصالح العليا للدولة.
-عبد العزيز توفيق " ،شرح قانون المسطرة المدنية والتنظيم القضائي شرح قانون
المسطرة المدنية " ،الجزء الثاني ،مطبعة النجاح الجديدة الدارالبيضاء.1995 ،
-فراح مناني ،التحكيم طريق بديل لحل النزاعات حسب آخر تعديل لقانون اإلجراءات
المدنية واإلدارية الجزائري " ،دارالهدى الجزائر.2111 ،
-عامرعلي رحيم " ،التحكيم بين الشريعة والقانون " ،منشورات الدارالجماهيرية للنشرو
التوزيع و اإلعالن ،ضمن سلسلة " الكاتب اإلسالمي " ،رقم ،11أبريل .1917
-نجالء حسن سيد أحمد خليل " ،التحكيم في المنازعات اإلدارية " ،دار النهضة العربية،
الطبعة الثانية ،القاهرة.2114-2113 ،
-عصام أحمد البهجي " ،التحكيم في عقود البوت ،BOTدار الجامعة الجديدة
اإلسكندرية.2111 ،
-محمود السيد عمر التحيوي ،أركان اإلتفاق وشروط صحته ،دار الفكر الجامعي،
اإلسكندرية.2117 ،
-محمود السيد عمر التحيوي ،أركان اإلتفاق وشروط صحته ،دار الفكر الجامعي،
اإلسكندرية.2117 ،
-عبد الحميد الشوارب ،التحكيم والتصالح ،التحكيم والتصالح في مواد الفقه والقضاء،
منشأة المعرف ،الطبعة الثانية ،اإلسكندرية.2111 ،
-ماجد راغب الحلو ،العقود اإلدارية والتحكيم ،دار الجامعة الجديدة ،اإلسكندرية،
.2119
P 463 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
-عبد العزيز عبد المنعم خليفة ،التحكيم في المنازعات اإلدارية الداخلية والدولية ،دار
الفكرالجامعي ،الطبعة األولى اإلسكندرية .2116
-السيد المراكبي ،التحكيم في دول التعاون الخليجي ومدى تأثره بسيادة الدولة ،دار
النهضة العربية ،القاهرة.2111 ،
-زكرياء الغزاوي ،تعليق على قرارصادرمن حكمة النقض الغرفة اإلدارية ،املجلة المغربية
مطبعة األمنية الرباط .2115
-حسان نوفل " ،التحكيم في منازعات عقود االستثمار " ،دارهومة الجزائر.2111،
-أحمد بوعشيق المر افق العامة الكبرى على ضوء التحوالت المعاصرة ،دار النشر
المغربية ،الطبعة الثامنة .2114
-مصطفى بونجة ،نهال اللواح " ،التحكيم في المواد التجارية اإلدارية والمدنية ،دراسة
ألهم اإلشكاالت العملية والنظرية وفق القانون المغربي والقوانين المقارنة " ،مطبعة األمنية
الرباط ،الطبعة األولى .2115
, Dalloz, « Jean Robert, « L’arbitrage droit interne, Droit International Privé -
.1993
P 464 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
ولقد شكل مبدأ مراعاة الخالف عنصرا أساسيا ضمن أهم المسائل التي أثارت تباينا
واسعا بين آراء العلماء قديما ،حيث اعتبره بعضهم_ ،وخصوصا في المذهب المالكي_ أصال من
األصول الصالحة لبناء المسائل وتخريجها عليها إذا توفرت فيه شروط وضوابط معينة ،بينما
رفضه بعضهم واعتبره خروجا عن القياس.
ورغم أن االختالف في الموضوع سيبقى ،وليس بإمكاننا حسمه وال وضع حد لتباين اآلثار
المترتبة عليه ،إال أنني رأيت أن أخصص هذا المقال لنفض الغبارعن هذا األصل،
P 465 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
وهل هو أصل من أصول المالكية ؟ وإلى أي مدى جرى العمل به في المذهب ؟ وما هي أهم
الفروع في المعامالت المالية التي بنيت عليه ؟
ولإلجابة على هذه األسئلة جاء هذا البحث ملحاولة جمع نماذج لفروع ومسائل فقهية
متعلقة بالمعمالت المالية راعى فيها فقهاء المالكية الخالف بما يتناسب والحجم المطلوب
للمقال وذلك بعد بيان هذا االصل ،ومكانته في المذهب ،وشروط العمل به .
حيث قسمت الموضوع إلى مبحثين يشتمالن على مطالب ثم خاتمة وأخيرا قايمة بأهم
المصادروالمراجع للبحث وذلك وفق الخطة التالية :
إن مفهوم مبدأ مراعاة الخالف ال يعرف معناه اال عن طريق معرفة معنى المركب اإلضافي
فاقتض ى ذلك أن نعرفه باعتبارين :ألن تعريفه ال يتأتى معرفته إال من خالل الوقوف على حقيقة
طرفي التركيب ومحاولة فصل الكلمتين وبيان كل منهما على حدة ألن معناه إجماال يتوقف على
معرفة طرفيه بالتالي سنتناول في المطلب كل من تعريف "المراعاة" "والخالف " لغة واصطالحا.
المراعاة :مصدر راعى يراعي مراعاة ،والرعي مصدررعي يرعى رعيا ورعاية796
وتأتي المراعاة والرعي على معان في اللغة العربية ،ومن تلك المعاني معني المر اقبة
واالعتبار ،واملحافظة على الش يء ،وبقاءه يقال :رعيت عليه إذا أبقيت عليه ورحمته ،وفي الحديث
" نساء قريش خير النساء أحناه على طفل في صغره وأرعاه على زوج في يده " أي بمعنى الحفظ،
والرفق ،وتخفيف الكلف واألثقال عنه.797
P 466 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
أما الرعي بمعني املحافظة :فأصل الرعي حفظ الحيوان إما بغذائه الحافظ لحياته أم
بذب العدو عنه ثم جعل للحفظ والسياسة ومنه قوله تعالى { :فما رعوها حق رعايتها } ,أي ما
حافظو عليها حق املحافظة .798
وأما الخالف :فهو مصدر مأخوذ من خالف يخالف مخالفة وخالفا ،واالختالف مصدر
اختلف يختلف اختالفا ،وتقع الكلمتان في اللغة بمعني نقيض االتفاق ،799تقول تخالف القوم
واختلفوا إذا ذهب كل واحد إلى غير ما ذهب إليه اآلخر ومنه قوله تعالى { واختالف ألسنتكم
وألوانكم} ,ومنه أيضا قول النبي ﷺ "إنما جعل اإلمام ليؤتم به فال تختلفوا عنه " 800فلهذا أجمع
الفقهاء على أنه يجب على المأموم أن يتبع اإلمام في جميع أقواله و أفعاله 801إال اختالفا يسيرا
في بعض األمورمحلها كتب الفقه .
ُع ّرفت المراعاة بعدة تعريفات ال تسلم من مآخذ ،ومن أهم هذه التعاريف
عرف ابن عرفة 802مراعاة الخالف بقوله " إعمال دليل املخالف في الزم مدلوله الذي
أعمل في نقيضه دليل آخر" .803
P 467 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
وقد تبوأ هذا التعريف موضع الصدارة بين أمثاله من التعريفات المشهورة عن هذا
األصل وهذا يلحظه كل من طالع عن هذا الموضوع قديما وحديثا.
فقوله "إعمال" جنس لرعي الخالف يصدق على الخالف وغيره وقوله "دليل" فصل أخرج
به غيرالدليل والمقصود هنا دليل الخصم والدليل هو ما يمكن التوصل به من صحيح النظرإلى
مطلوب خبري والمطلوب هو المدلول قوله " في الزم مدلوله" أخرج به إعمال الدليل في
مدلوله 804.أي فيما دل عليه .
"الذي أعمل في نقيضه" أي عكسه " دليل آخر" وهو دليل المراعي
ومثال ذلك مسألة نكاح الشغار وقد أجرى فيها مالك أصل مراعاة الخالف في إثبات
التوا ٍرث بين الزوجين.
بيانه:
أن أصل دليل مالك في النهي عن نكاح الشغار دل على تحريم نكاح الشغار وهذا يقتض ي
فسخ هذا النكاح فالفسخ هو المدلول والزم هذا المدلول أال توارث بينهما النعدام موجبه من
النكاح الصحيح.
واملخالف القائل بصحة هذا العقد مع بطالن هذا الشرط يقول إن العقد ال يفسخ وهذا
مدلول ما استدل به من أدلة والزم هذا المدلول وهو عدم الفسخ أن يثبت التوارث بينهما
فنالحظ أن مالكا رحمه الله -قد اعمل دليل مخالفه – القائل بعدم فسخ نكاح الشغارفي
الزم مدلوله " وهو ثبوت الميراث" و أنقض مدلوله وهو عدم فسخ هذا النكاح قائال بفسخه.
P 468 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
قال القاض ي ابو عبد الله ابن عبد السالم" 805:المراعاة في الحقيقة هي إعطاء كل من
الدليلين ما يقتضيه من الحكم مع وجود المعارض "806
وهذا التعريف من التعاريف التي اشتهربها هذا المبدأ وقد ذكره ابن عبد السالم في سياق
كالمه عن معنى مراعاة الخالف حيث قال " :والذي ينبغي أن يعتقد من ذلك هو الذي تدل عليه
مسائل المذهب-أن اإلمام -رحمه الله -إنما يراعى من الخالف ما قوي دليله فإن حقق فليس
بمراعاة الخالف البتة و إنما هو " إعطاء كل من الدليلين ما يقتضيه من الحكم مع وجود
المعارض "؛ فقد أجاز الصالة على جلود السباع وأكل الصيد وإن أكل الكلب منه و أباح بيع ما
فيه حق توفية من غير الطعام قبل قبضه مع مخالفة الجمهور فيها :-فدل على أن المراعى فيها
إنما هو قوة الدليل" 807.
وتعريف ابن عبد ا لسالم من التعريفات التي اعتمدها من بعده؛ ألن تعريف ابن عرفة
هو تطويرله وإعادة صياغة أللفاظه في قالب جديد مع توضيح بعض ما استبهم منه .
ج _ أما الباحثون المعاصرون فقد عرفوه بتعريفات عديدة ال تخرج في الغالب عن
التعريفات المتقدمة ومن تلك التعريفات
_ 1تعريف الموسوعة الكويتية " :أن من يعتقد جواز الش يء يترك فعله إن كان غيره
يعتقده حراما كذلك في جانب الوجوب يستحب لمن رأى إباحة الش يء أن يفعله إن كان من األئمة
من يرى وجوبه" 808
" _ 2أخذ املجتهد بقول مغايرلما استقرعليه اجتهاده ويعمله ويبني عليه حكمه " 809وهذا
التعريف قاصرألنه قد أهمل جانب املخالف فلم يتطرق له ولم يراعيه.
P 469 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
" _ 3ترجيح املجتهد دليل املخالف بعد وقوع الحادثة وإعطاؤه ما يقتضيه أو بعض ما
يقتضيه "810
" _ 4تصحيح تصرف املخالف بعد الوقوع أو فوات األوان " 811
والذي يالحظ على هذه التعريفات عموما باستثناء األخير أنها لم تنص على أن هذه
المراعاة إنما كانت لمسوغ أو سبب شرعي واإلشارة إلى ذلك في التعريف أمرفي غاية األهمية حت
يخرج بذلك قضية العمل بالدليل المرجوح بدون مسوغ شرعي ،ال سيما وأن مراعاة الخالف
فكان األولى استثناء من القاعدة العامة التي تقتض ي العمل بالراجح واطراح المرجوح
التنصيص بأن هذا االستثناء إنما كان لسبب اقتضاه .
كذلك يالحظ أن التعريفات اقتصرت على نوع واحد من انواع المراعاة وهو المراعاة بعد
الوقوع وكون المراعاة ال تكون إال بعد الوقوع رأي بعض العلماء لكن الصحيح أن المراعاة تشمل
الجميع ما بعد الوقوع وما قبله ،
وعلى ضوء تصورات هؤالء األئمة لمعنى مراعاة الخالف عند المالكية يمكن أن نصل إلى
خالصة تحصر لنا هذا المفهوم األرجح واألقرب إلى حقيقة مراعاة الخالف من تعاريف العلماء
القديمة .
فلمراعاة الخالف معنى خاص عند المالكية وهوكما صوره الشاطبي :عبارة عن إعادة نظر
من املجتهد في الحكم بعد الوقوع لما يترتب عليه من آثار وإشكاالت تستدعي نظرا جديدا ،يأخذ
بعين االعتباردليل املخالف ،فيبني األمرالو اقع على مقتضاه أو بعض مقتضاه وإن كان مرجوحا
ّ ّ
في أصل نظره ،إال أنه لما وقع األمر على ِوفقه روعي جانب آثار الفعل وما يترتب عليه ،فتجدد
ّ
االجتهاد بنظرجديد وأدلة أخرى.
وعليه فإن التعريف املختار لمراعاة الخالف هو " :عمل املجتهد بالدليل المرجوح أو
إعطائه اعتبارا في مدلوله أو بعضه لمسوغ شرعي "
P 470 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
قوله " عمل املجتهد " جنس العمل يصدق على مراعاة الخالف وعلى غيرها وكذلك أن
األخذ باألدلة والنظرفي قويها وضعيفها ليس من مهام المقلدين بل هو من وظائف املجتهدين.
قوله " :بالدليل " أخرج بذلك غيرالدليل ومعنى ذلك أن المراعى ليس قول املجتهد و إنما
هو الدليل
قوله " أو إعطائه اعتبارا " أي إعطاء الدليل المرجوح اعتبارا وقد يكون هذا االعتبار في
األخذ بمدلوله كله أو بعضه
قوله " في مدلوله أو بعضه " أي أن األخذ قد يكون بمدلول الدليل كله أو ببعض مدلوله
قوله " لمسوغ شرعي " قيد أخرج مراعاة الخالف بال مسوغ شرعي بل ملجرد التشهي وطلب
هوى النفس
فكان هذا التعريف من أحسن التعاريف وهو األرجح عندي ألنه جامع مانع شمل المعنى
العام لهذا األصل وتطرق لجميع تفاصيله بصيغة مختصرة تناسب التعريف .
إذا استبان مفهوم مراعاة الخالف لزم أن نعرض األدلة الناهضة بهذا األصل والدالة على
العمل به
ومن هذه األدلة قول الله تعالى ﴿:يأيها الذين آمنوا ال تحلوا شعائر الله وال الشهر الحرام
وال الهدي وال القالئد وال آمين البيت الحرام يبتغون فضل من ربهم ورضوانا﴾.812
فالله تعالى بين على أن النهي عن استحالل المشركين اآلمين البيت الحرام ،هو ابتغاؤهم فضل
الله ورضوانه مع كفرهم به سبحانه وتعالى الذي ال تصح معه عبادة ،وال يقبل معه عمل ،وهذا
فيه نوع من االعتبار والمراعاة لزعمهم الباطل أن ما هم فيه عبادة الله تعالى ،فكيف ال يراعى
P 471 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
خالف عبد مسلم ،وتستبعد عبادته الو اقعة على وجه دليل شرعي ال يقطع بخطئه فيه ،وإن كان
يظن ذلك ظنا.
-2حديث أبي هريرة رض ي الله عنه عن النبي ﷺ أنه قال " :ال تزوج المرأة المرأة وال تزوج
المرأة نفسها فإن الزانية هي التي تزوج نفسها "813
-3حديث عائشة رض ي الله عنها أن النبي ﷺ قال" أيما امرأة نكحت بإذن وليها فنكاحها
باطل فنكاحها باطل فنكاحها باطل فإذا دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها "814
فحكم أوال ببطالن العقد وحرمته وأكده بالتكرار ثالثا ،وسماه زنا و أقل مقتضياته عدم
اعتبار هذا العقد جملة لكنه ﷺ أردفه بما اقتض ي اعتباره في بعض ءاثاره بعد وقوعه بقوله ﷺ
" ولها المهربما استحل من فرجها " ومهرالبغي حرام فلو كان زنا لما أثبت لها الشارع المهر.
وهذا هو المراد بمراعاة الخالف إبقاء الحالة على ما وقعت عليه إذا كان في إزالتها لحوق
ضرربالمكلف يفوق الضررالناش ئ عن الفعل المنهي عنه قال الشاطبي :815وهذا تصحيح للمنهي
عنه من وجه ولذلك يقع فيه الميراث ويثبت النسب للولد وإجراؤهم النكاح الفاسد مجرى
الصحيح في هذه األحكام وفى حرمة المصاهرة وغير ذلك دليل على الحكم بصحته على الجملة
وإال كان في حكم الزنى وليس في حكمه اتفاقا.
فالنكاح املختلف فيه قد يراعى فيه الخالف فال تقع فيه الفرقة إذا عثرعليه بعد الدخول،
مراعاة لما يقترن يالدخول من األمورالتي ترجح جانب التصحيح وهذا كله نظرا إلى ما يؤول إليه
ترتيب الحكم بالنقض واإلبطال من إفضائه على مفسدة النهي أو تزيد816.
_
P 472 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
لقد راعى جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة الخالف وعللوا به بعض
األحكام ولكنهم لم يعتبروه أصال ومسلكا معتمدا في استباط األحكام الشرعية فلم يبلغوا به درجة
التأصيل والتقعيد كما فعل علماء المالكية وغالبا ما يذكرون مراعاة الخالف في مسائلهم
ويقصدون بها مراعاة الخالف قبل الوقوع أي الخروج من الحالف ابتداء للورع واالحتياط ,
لكن المالكية كانت لهم عناية خاصة بهذا المبدأ ومزيد اختصاص به دون غيرهم فكان
من نتائج هذه العناية أن وقعت نقاشات ومناظرات حادة بين علماء المذهب كانت تدور في
مجملها حول العمل به في المذهب المالكي نص على ذلك غير واحد من العلماء بل إننا إذا نظرنا
باالستقراء نجد أن مالكا بنى عليه كثيرا من الفروع الفقهية ،ومن هذه النصوص التي نسب فيها
المالكية هذا االصل للمذهب المالكي:
قال ابن رشد الجد" :817من أصل مالك مراعاة الخالف 818"....وقال "ومن مذهبه مراعاة
الخالف " 819وقال في نوازله " :مراعاة الخالف اصل من اصول مالك "820
وقال اإلمام الشاطبي":إن مالكا وأصحابه رحمهم الله تجري كثيرا في فتاويهم ومسائلهم
مراعاة الخالف ويبنون عليها فروعا ويعلل به شيوخ المذهب الشارحون له أقوال من تقدم من
أهل مذهبهم من غير توقف حتى صارت عندهم وعند مدرس ي الفقهاء قاعدة مبنيا عليها وعمدة
مرجوعا لها".821
وقال في االعتصام ":وهو أي مراعاة الخالف أصل في مذهب مالك ينبني عليه مسائل كثيرة
".822
P 473 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
وقال التسولي ":823فإن من جملة ما بنى عليه مذهبه مراعاة الخالف "824
والراجح أن مراعاة الخالف أصل معتبر اعتمده أكثر العلماء وعدوه من محاسن المذهب
ألن مالك اعتمده في كثير من اجتهاداته مثله في ذلك مثل األصول األخرى المعتبرة كاالستحسان
والمصلحة المرسلة وسد الذرائع وحتى الذين لم يذكروها قد احتجوا بها في كثير من األحكام
الشرعية ،لكن هذا ال ينفي وجود بعض العلماء الذين نفوا االحتجاج بمراعاة الخالف واعتبروها
ليست من األصول.
إذا تأملنا نجد أن مراعاة الخالف ليست في متناول كل شخص بل هي عملية تحتاج إلى
مجتهد متفنن ومطلع على الخالف وعنده قدرة على تمييز األدلة الراجح منها والمرجوح وهذا ال
يقدرعليه إال املجتهد.
قال اإلمام الشاطبي":مراعاة االقوال الضعيفة أو غيرها شأن املجتهدين من الفقهاء إذ
مراعاة الخالف إنما ما معناها مراعاة دليل املخالف حسبما فسره لنا بعض شيوخنا المغاربة،
P 474 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
ومراعاة الدليل او عدم مراعاته ليس لنا معشر المقلدين فحسب فهم اقوال العلماء والفتيا
بالمشهورمنها ،وليتنا ننجو بذلك رأسا برأس ال علينا وال لنا.."826
ويقول الونشريس ي :إذا قلنا بمراعاة الخالف مطلقا أو المشهور فهل ذلك عام في حق كل
أحد أو خاص باملجتهد قوالن " 828
الشرط الثاني :أال تؤدي مراعاة الخالف إلى صورة تخالف اإلجماع
كمن تزوج بغير ولي وال شهود بأقل من ربع دينار مقلدا أبا حنيفة في عدم الولي ومالكا في
عدم الشهود قبل الدخول والشافعي في أقل من ربع دينارفي المهر فال يمكن تصحيح هذا النكاح
او عدم فسخه مراعاة لكل مذهب ألن هذا النكاح بهذه الصورة ال يقره أي من المذاهب األربعة
بل يجب فسخه عند كل واحد منهم."829
ومعلوم أن هذا ليس من باب مراعاة الخالف و إنما هو من باب تتبع الرخص والتلفيق
الذي اتفق العلماء على تحريمه وهو ما يبحث فيه المكلف عن أسهل األقوال والرخص حتى
يستطيع تأدية العبادة بدون مشقة وبدون جهد وعناء وبذلك يكون وجد لنفسه عبادة تناسب
كسله وخموله من جمع أقوال عدة ألهل العلم كل واحد منهم يري عدم صحة تلك الصفة
الشتمالها على مفسدة في نظره.
وهو كما يقول الشاطبي أمرمؤدي إلى إسقاط التكليف في كل مسألة مختلف فيها ال سيما
في حق المقلد فإنه ليس له أن يتخيرفي الخالف ."830
ُُ ْ َّ ُ ْ ْ ُ ّ
اإل ْجم ِاع ،ما ن ِقل ع ْن ْاب ِن ُسرْي ٍج أن ُه كان يغ ِس ُل أذن ْي ِه
ومن أمثلته أيضا التي تؤ ِدي إلى خر ِق ِ
ً
فمراعاة ِلم ْن قال َّإن ُهما ِم ْن الرْأس و ُي ْفر ُد ُهما ب ْالغ ْسل أما مع الوجه ُ مع ْالو ْج ِه وي ْمس ُح ُهما مع َّ
ِ ِ ِ ِ
ضو ِان الرْأس فمراعاة لمن قال أنهما من الرأس ويفردهما مراعاة لمن قال إنهما ُع ْ ْالو ْج ِه ومع َّ
ِ
P 475 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
ْ ُ ْ ْ ُ ْ َّ
اإل ْجم ِاع " ،إذ " ل ْم يق ْل أح ٌد ِبالج ْم ِع بين هذه األشياء
ِ ف
ِ الخِ ي فِ الله حمهر ع قو ف نِ ال مست ِق
الثالثة."831
من الشروط التي اعتبرها المالكية هي أن يكون دليل املخالف الذي يرجع إليه مما قوي
دليله ورجح مدركه في نظر املجتهد وال يكون من األدلة الضعيفة الواهية.
وقال ابن خويزمنداد :مسائل في المذهب تدل على أن مالكا كان يراعي من الخالف ما قوي
دليله ال ما كثرقائله ".833
وهذا أيضا كان يشيرإليه مالك ويؤكد عليه فقد روي عنه ابن القاسم أنه قال ليس كل ما
قال رجل قوال وإن كان له فضل يتبع عليه لقوله تعالى ﴿الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه
835﴾834
وهذا ما يدل عليه كالم األئمة الذين فسروا مراعاة الخالف وعرفوها كابن عرفة فقد اعتبر
أن مراعاة الخالف هو األخذ بما رجح من كال الدليلين فإذا لم يترجح أي واحد منهم لم يعمل به
رأسا بل يطرح ،وهذا ما يفسر به عدم اطراد مراعاة الخالف وتخلفها في بعض الجزئيات وذلك
ألن العبرة ليست بوجود الخالف و إنما في قوة الدليل المراعى.
قال القرطبي ":لم يراع مالك كل خالف و إنما راعى خالفا لشدة قوته."836
ومن األمثلة التي تدل على ذلك ما روي عن ابن القاسم أنه سئل عن رجل قال المرأته إن
تزوجت عليك فالتي أتزوج عليك طالق البتة ،ثم قال لها بعد ذلك :إن وطئت حراما فأنت طالق
فتزوج عليها امرأة فوطئها هل تراه حانثا فيهما جميعا؟
P 476 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
قال :ما أرى أن تطلق عليه إال التي تزوج ،وأما التي كانت عنده فال أرى الطالق يقع عليه
فيها؛ ألنه لم يحلف على مثل هذا الحرام ،و إنما أراد الزنا وهذه المرأة التي يقع عليه فيها الطالق
قد اختلف في أمرها ،قد قال ناس ال يمين لرجل فيما لم يتزوج فال أراه حانثا في امرأته األولى
وولدها يلحقه والصداق يلزمه فيها.
ومن شروط مراعاة الخالف أال يلزم من القول ترك مذهبه بالكلية فإذا أدت مراعاة
الخالف إلى ترك مذهبه من كل الوجوه امتنع األخذ بهذا األصل.
فلو تزوج رجل زواجا مختلفا فيه و ابن القاسم يري فساده ثم طلق الزوج ثالثا فإنه " يلزمه
الطالق وال يتزوجها إال بعد زوج ،فلو تزوجها قبل زوج لم يفسخ نكاحه؛ ألن التفريق حينئذ إنما هو
العتقاد فساد نكاحها ،ونكاحها عنده صحيح ،وعند املخالف فاسد ،وال يمكن اإلنسان ترك
مذهبه لمراعاة مذهب غيره."837،
ً ً
ذلك أن منعه من تزويجها أوال إنما كان مراعاة للخالف ،وفسخ النكاح ثانيا لو قيل به لكان
ً
مراعاة للخالف أيضا ،فلو رعي الخالف فيهما لكان ترك المذهب بالكلية ،وشرط مراعاة الخالف
عند القائل به ال يترك المذهب بالكلية وال يمكن أن يترك اإلنسان مذهبه مراعاة لمذهب غيره.
وقد قال بعض القرويين من المالكية و أقره ابن عبد السالم وبن بشير":838ومن شرط
مراعاة الخالف أن ال تؤدي إلى ترك المذهب بالكلية "
فدل أن هذا الشرط من الشروط التي ال بد منها وإن كانت أقرب إلى مبحث أصولي وهو
تقليد املجتهد مجتهدا ءاخر من قربها للمراعاة."839
بعد معالجة قاعدة مراعاة الخالف من الناحية النظرية ،وذلك بتحديد مفهومها وبيان
ضوابطها وحجيتها نوضح أنه قد انبنى على هذه القاعدة شرعا كثير من الفروع في أبواب الفقه
P 477 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
اإلسالمي املختلفة وسأذكر في هذا الفصل أهم الفروع الفقهية والتي تمثل نماذج تطبيقية
لمراعاة الخالف بمدلولها الخاص عند المالكية ،الذي سبق وأن بينا أنه عبارة عن إعادة نظر
من املجتهد في الحكم -بعد وقوع الفعل من المكلف على مقتض ى قول املخالف -لما يترتب على
وقوع الفعل من آثار وإشكاالت تستدعي نظرا جديدا يأخذ بعين االعتبار قول املخالف ودليله،
فيبنى األمرالو اقع على مقتضاه أو بعض مقتضاه ،إن كان مرجوحا في أصل نظره ،إال ّأنه لما وقع
الفعل على مقتضاه روعي جانب آثار الفعل وما يترتب عليه ،فتجدد االجتهاد بنظر جديد وأدلة
أخرى.
وقد ارتأيت أن تكون هذه الفروع تشمل ً
جزءا محددا من فقهنا الثري اإلسالمي وهو فقه
المعامالت "نموذجا" لحاجة هذا القسم إلى دراسة شاملة مختصة به تتطرق إلى جميع جوانبه
ً
ولعل هذه القاعدة تجد مخرجا وحال لبعض القضايا الشائكة والمتشعبة في هذا الباب
وسنذكر نماذج متفرقة من البيوع ألن حكم البيوع الفاسدة _ عند المالكية_ أنها إذا
أبرمت تفسخ ويكون الفسخ في المعاملة املختلف فيها من طرف الحاكم أو من يقوم مقامه ،فيرد
المبيع إلى صاحبه إذا كان قائما وجوبا ،ويحرم على المشتري االنتفاع به حينئذ ،فإن فات المبيع
بأحد المفوتات المعروفة فإنه على الصحيح يمض ي املختلف فيه ولو كان خارج المذهب بالثمن
وقيل بالقيمة كما البن نافع 840لكن الثمن المتفق عليه أولى ألنه يقتض ي شبهة للقابض ،ومض ى
المتفق عليه بالقيمة إن كان قيما ،وضمن مثله إن كان مثليا ،إال إن تعذروجوده فحينئذ يرجع
إلى القيمة يوم القضاء عليه بالرد
قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث تدل على حرمة بيع الحاضر للبادي منها
حديث أبي هريرة رص ي الله عنه قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الحاضرللبادي
وال تناجشوا وال يبع أحد على بيع أخيه 841
وحديث جابر رض ي الله عنه قال قال :رسول الله صلى الله عليه وسلم " ال يبيع حاضر
لباد وذروا الناس يرزق الله بعضهم من بعض "842
_
P 478 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
ومعناه " :هوأن يقدم غريب بمتاع تعم الحاجة إليه ليبيعه بسعريومه فيقول بلدي أتركه
عندي ألبيعه لك بسعرأعلى" وهذا معنى أن يكون له سمسارا كما قال ابن عباس
وعلة النهي في هذا البيع االضرارالبين الذي سيلحق أرباب السلع من أهل البادية الذين ال
يعرفون األسعار وقد يبيعون سلعهم بسعر رخيص جدا وذكر القاض ي عبد الوهاب أن علة
التحريم هي اإلضراربأهل الحاضرة الذين ستباع لهم هذه السلع بأسعارغالية
ومعلوم أن البيع من األلفاظ المشتركة فيصدق على البيع وعلى الشراء وبناء على ذلك
نقل عن مالك الخالف في شراء الحضرللبدوي فمرة أجازه ومرة منعه .843
فإن وقع هذا البيع فسخ وكذلك بيع الحاضر للقروي على الصحيح ومحل الفسخ ما لم
يفت فإن فات مض ى بالثمن على المعتمد وقيل بالقيمة .
ووجه الفسخ عقوبة لفاعله على قصده قطع أرزاق الناس ووجه اإلمضاء فألن الفساد
منتف عنه من جهة العقد أو المعقود عليه و إنما هو لحق اآلدميين على وجه الرفق واإلعانة .844
وعلى القول بالفسخ في الحالين ثم اإلمضاء بعد الفوات تظهرمراعاة الخالف .
ذهب المالكية إلى كراهة بيع جلود الميتة حتى بعد الدباغ وحملوا الطهارة الواردة في
الحديث علي طهارة مخصوصة ال تشمل البيع وتختص ببعض االنتفاع المقيد.
قال اإلمام ملك " :من اشترى جلد ميت فدبغه وقطعه نعاال فال يبيعها حتى يبين."845
وذهب الحنابلة إلى تحريم جلود الميتة وتحريم االنتفاع بها قبل الدباغ وبعده ومن وجوه
االنتفاع البيع فال يجوزبيع جلود الميتة ولو دبغت لنجاستها ألن الدباغ ال يطهرها.
_
P 479 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
واحتجوا بأن الله حرم الميتة تحريما عاما لم يخص منها شيئا بعد شيئا فكان ذلك و اقعا
علي الجلد واللحم جميعا.
ووجه كراهة المالكية لبيع جلود الميتة بعد دبغها إنما هومراعاة لمن أجازبيعها واالنتفاع
بها وهم الجمهوروالقياس أن يحرم بيعها لنجاستها.
و أيضا راعى ابن القاسم قول أحمد حين سئل :عن رجل دبغ جلود ميتة فباعها واشترى
بثمنها غنما ،فنمت وتوالدت ،ثم أراد أن يتوب مما صنع؛ قال :يتصدق بثمن الجلود التي باعها
به ،وليس بالغنم الذي اشترى؛
قال عيس ى :إن وجد الذي باع منه الجلود أو ورثته إن كان قد مات ،دفع ذلك إليه أو إليهم؛
فإن لم يجده وال ورثته ،تصدق به؛ فإن جاء بعد ذلك ،خيربين الصدقة والثمن كاللقطة."846
ووجه التصدق مراعاة لقول من ال يجيزبيع جلد الميتة وال االنتفاع بها على حال دبغ أو لم
يدبغ لالحتياط والورع.
ال يجوزبيع االنسان على بيع أخيه لورود النهي عن ذلك وهو قوله صلى الله عليه وسلم "
ال يبع الرجل على بيع أخيه " وصورته أن يقول للمشتري قبل أن يبرم العقد افسخ ألبيعك بأنقص،
أو يقول للبائع افسخ ألشتري منك بأزيد
وذهب المالكية إلى أن النهي هنا محمول على التحريم على القول المعتمد فإن وقع حرم
على البائع البيع حينئذ ويجب عليه فسخه إال أن يفوت فيمض ي مراعاة للخالف ومن تكرر منه
ذلك أدب 847
_
P 480 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
ذهب الشافعي و ابن المنذر إلى أن السلم يجوز حاال ألنه عقد يصح مؤجال فيصح حاال
كبيع األعيان .848
وذهب أبو حنيفة ومالك وأحمد واألوزاعي إلى أن السلم ال يكون إال إلى أجل فال يصح حاال.
إن وقع السلم على أجل قريب يفسخ عند المالكية كما قال مالك في المدونة ":ال خير فيه
حتى يكون إلى أجل ترتفع فيه األسواق وتنخفض "849
ألن األجل القريب يشبه السلم الحال الذي ال يجوز ،من أجل أن المسلم كأنه دفع إلى
المسلم إليه دنانير على أن يشتري له بها سلعة كذا ،على أن له ما زاد ،وعليه ما نقص ،فدخله
الغرروالخطر ،إال أن اإلمام مالك سئل عن الرجل يشتري الطعام المضمون إلى يومين يوفيه إياه
قال ال بأس".
وقال ابن حبيب :ال يفسخ إذا وقع مراعاة لخالف من أجازأن يكون األجل قريبا كأبي حنيفة
واألوزاعي ،850
ومعناه أن يبيع نقود دراهم أو دنانير مغشوشة بالنحاس ممن يعلم أنه يغش بها مثل
الصيارفة أو ممن ال يعلم ما يفعل بها .
قد اتفق المالكية على أنه إن باعها ممن ال يعلم ما يفعل بها لم يكن عليه إال االستغفار
وأما إن باعها ممن يغش بها فيجب عليه استصر افها منه وردها كي ال يضرالمشتري غيره851
فإن لم يقدرعلى ذلك فإن المالكية اختلفوا على أقوال ثالث :
_
P 481 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
_ أنه ال يجب عليه التصدق إال بالزائد على قيمتها لو باعها ممن ال يغش بها إن كان يزيد
فيها شيئا
_ أنه ال يجب عليه التصدق بش يء إال على سبيل االستحباب مراعاة لقول االمام ابن وهب
رحمه الله الذي يجيز بيعها مطلقا ممن ال يدري ما يصنع بها 852
:تعريف العينة ،العينة لغة :هي بكسرالعين :السلف ،يقال اعتان الرجل :اشترى الش يء
بالش يء نسيئة ،واالسم منه )العينة( بالكسر) العينة في اصطالح الفقهاء :عرف الفقهاء العينة
بتعريفات متعددة:
قال الحنفية :العينة هي :بيع العين بثمن زائد نسيئة؛ ليبيعها المستقرض بثمن حاضر
أقل ليقض ي دينه .
وقال المالكية» :هي أن يشتري سعلة ثم يبيعها من بائعها بأقل من الثمن نقد ًا أو إلى أقرب
من األجل.853
وقيل معنى بيع العينة :أن يبيع السلعة بثمن إلى أجل ثم يشتريها من مشتريها نقدا بأقل
من ذلك ،
الرأي األول :يرى أن بيع العينة غيرجائزشرعا :قال ابن قدامة :وهو قول أكثرأهل العلم،
روي ذلك عن ابن عباس ،وعائشة والحسن ، ،ومالك ،وأصحاب الرأي.
الرأي الثاني :يرى أن هذا البيع جائزمع الكراهة ،وهو رأي الحنفية والشافعية،
P 482 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
الرأي الثالث :يرى أن هذا البيع حالل ال كراهة في ش يء منه ما لم يكن عن شرط مذكورفي
نفس العقد ،فإن كان عن شرط فهو حرام مفسوخ أبد ًا ،محكوم عليه بحكم الغصب :وهو رأي
الظاهرية854
وقد نص المالكية على أن من يشتري سلعة ثم يبيعها من بائعه ،له عدة صور ،منها ما هو
جائز ،ومنها ما هو غير جائز ،ونورد فيما يلي ما ال يجوز من هذه الصور لنرى تأثير مراعاة الخالف
في تصحيحه :
الصورة األولى :أن يبيعها من بائعها بأقل من الثمن نقدا ،أو إلى أقرب من األجل ،فهذه ال
تجوز ،ألنها تؤدي إلى سلف جرمنفعة ،فإن السابق بالدفع يعد مسلفا ألن كل من قدم ما ال يحل
عليه تقديمه عد مسلفا فهو قد قدم دفع األقل ليأخذ السلعة التي ثمنها أكثرومقتض ى المذهب
أنه يفسخ مطلقا إال أنهم إن قالوا إن وقع مض ى وصح مراعاة لخالف الحنفية والشافعية القائلين
بالجوازويلزم لآلمربالسلعة مقدارالنقد
الصورة الثانية :أن يبيعها من بائعها بأكثرمن الثمن إلى أبعد من األجل ،فهذه ال تجوزأيضا
ألنها تؤدي إلى سلف جر منفعة ،فإنه أخره بالثمن ليأخذ أكثر ،وكل من أخذ شيئا قد حل له
أجله( عد مسلفا وألن المتعاقدين – في هاتين الصورتين – يتهمان بأن قصدهما دفع دنانيربأكثر
منها إلى أجل ،وأن السلعة واسطة إلظهار ذلك – فيمتنع سد ًا للذريعة ...وأما سائر الصور فال
نتصورفيها التهمة .فإن وقعت إحدى هاتين الصورتين الممنوعتين فسخت البيعتان معا عند ابن
الماجشون والبيع الثاني خاصة عند ابن القاسم لكن إذا حصل فوات في األخيرة فإنه يصحح
مراعاة للخالف
وأما بقية الصور وهي سبعة فإنها جائزة والخالف نشأ فقط على هاتين الصورتين ليتم
التصحيح بعد الوقوع على المعتمد مراعاة للخالف .
النجش لغة :النجش – بفتح النون وسكون الجيم – مصدر للفعل نجش ،يقال نجش
الصيد ،وكل ش يء مستور ،ينجشه :استثاره واستخرجه من مكانه .والنجش والتناجش :الزيادة
_
P 483 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
في السلعة أو المهر ليسمع بذلك فيزداد فيه ،قال أبو عبيد :هو أن يزيد الرجل ثمن السلعة ،وهو
ال يريد شراءها ،ولكن ليسمعه غيره فيزيد بزيادته ..وله معان أخرى في اللغة
النجش في اصطالح الفقهاء :قد عرف الفقهاء النجش بتعريفات متعددة ،نورد بعضها
فيما يلي:
قال الحنفية :النجش هو أن يستام السلعة بأزيد من ثمنها ،وهو ال يريد شراءها ،بل ليراه
غيره فيقع فيه ،855واإلقدام عليه عندهم مكروه لكن إن وقع فهو صحيح مطلقا.
وقال الشافعية :هو أن يزيد في ثمن السلعة المعروضة للبيع ال لرغبة في شرائها ،بل ليغر
غيره فيشتريها ،ولو كان الغرربالزيادة ليساوي الثمن القيمة 856
وقال المالكية :هو أن يزيد الرجل في السلعة وليس له حاجة بها إال ليغلي ثمنها على
المشتري أو ينفع صاحبها أو النجش معناه أن تعطيه في سلعته أكثر من ثمنها ،وليس في نفسك
شراؤها ،فيقتدي بك غيرك.857
يقول محمد مولود ابن أحمد فال اليعقوبي في كتابه الكفاف :
عاص وعاص ربها إن ع ـ ـ ـ ـ ـل ـ ـ ـم ـ ــا إذ نهي أفض ـ ـ ـل األن ـ ـ ـ ـ ــام اقتح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــما
في مسكها والـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرد ذو تخ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيري.858 فإن دراه بائ ـ ـ ـ ــع فالمش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــتري
وذهب جمهور العلماء من الشافعية والمالكية إلى أن النجش حرام ،وذلك لثبوت النهي
عنه – ولما فيه من خديعة المسلم حيث ورد من حديث عبد االله بن عمرو رض ي االله عنه أنه
قال :نهى النبي صلى االله عليه وسلم عن النجش .859
P 484 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
ومقتض ى المذهب أنه إذا وقع البيع على وجه النجش يفسخ مطلقا لكن إذا فات بأحد
أنواع الفوت مض ى البيع وصح مراعاة لخالف الحنفية القائلين بصحة بيع النجش مطلقا .860
قد ورد في أحاديث صحيحة النهي عن تلقي الركبان منها حديث ابن عمر -رض ي االله عنه
–أن رسول االله -صلى االله عليه وآله وسلم–نهى عن تلقي السلع حتى يهبط بها األسواق 861
وحديث ابن عباس -رض ي االله عنه –أن رسول االله -صلى االله عليه وآله وسلم–نهى أن
تتلقى الركبان ،وال يبيع حاضرلباد.862
ومعناه هو تلقي الذين يجلبون أرزاق العباد للبيع ،سواء كانوا ركبانا أو مشاة ،جماعة أو
واحدا بشرط أن يكون مكان التلقي قريبا ال يسبب لصاحبه سفرا وإال كان جائزا .
ذهب جمهور الفقهاء إلى أن البيع صحيح وهو رأي :الحنفية ،والمالكية ،على رواية ابن
القاسم والشافعية ،وهو المذهب المنصوص المقطوع به .قال ابن قدامة :فإن خالف وتلقى
الركبان واشترى منهم فالبيع صحيح في قول الجميع ،وقاله ابن عبد البر ،وقالوا في االستدالل
لرأيهم وذلك لقوله -صلى االله عليه وسلم في حديث أبي هريرة فمن تلقاه فاشترى منه ،فإذا أتى
سيده السوق فهو بالخيار وفي رواية فإن تلقاه إنسان فابتاعه فصاحب السلعة فيها بالخيار إذا
ورد السوق فإن هذا النص يدل على انعقاد البيع وصحته ،ولو كان فاسد ًا لم ينعقد ،وألن النهي
في الحديث لم يرجع إلى نفس العقد ،وال إلى وصف مالزم له ،بل إلى معنى مجاورمنفك عنه ،وذلك
ال يقتض ي فساد العقد،
الرأي الثاني :يرى أن هذا العقد فاسد وهو رواية عن مالك من طريق سحنون وأحمد،
والبخاري وقد رجح هذا الرأي بعض علماء الحديث .قال الصنعاني وذهبت طائفة من العلماء
إلى أنه فاسد؛ ألن النهي يقتض ي الفساد ،وهو األقرب .أما الشوكاني فقد رجح عدم الفساد،
P 485 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
فقال :ا لظاهر أن هذا النهي ال يقتض ي الفساد ،ألن النهي هاهنا ألمر خارج ،وهو ال يقتضيه ،كما
تقررفي األصول863
لكن هذا الخالف الدائر بين الفقهاء يتعلق فيما إذا كان المبيع قائما أما إذا فات فإنه
باالتفاق بين سحنون و ابن القاسم يتم تصحيحه مراعاة لخالف الحنفية القائل بصحته
مطلقا.864
خاتمة:
هذه خاتمة موجزة أضع فيها أهم ما توصلت إليه من نتائج خالل ما تضمنته سطور هذا
المقال .وهي نتائج موجزة تعتبرخالصة ما سطرته في طياته من معلومات.
إن من أبعاد قاعدة مراعاة الخالف التوفيق والتقريب بين المذهب المالكي .1
وغيره من المذاهب وهذا يكشف اتحاد المقصد بين المذاهب وإن اختلفت الفروع
أن لمراعاة الخالف معنى آخرأعم من هذا المعنى الخاص بالمالكية ،وهو مطلق .2
اعتبار الخالف وإعطاء دليل املخالف بعض أثره وعدم معاملة المسائل املختلف فيها معاملة
المسائل المتفق عليها
أن مراعاة الخالف " ثبت اعتبارها بأدلة نقلية وعقلية وهي قوية ال يمكن .3
دحضها؛ ألنها تو افق ظواهرالنصوص ومقاصد الشريعة العامة وقواعدها.
ذكرنا أيضا مكانة مراعاة الخالف في المذهب وأنها على الصحيح أصل معتبرمن .4
أصول المذهب إضافة إلى ذكرأهم الشروط التي إذا لم تتوفرال يحتج بمراعاة الخالف.
أن مراعاة الخالف التي بينا هي من مفرادات المالكية التي اشتهروا بوضعها .5
تأصيال وتطبيقا ،وأما مراعاة الخالف بمعنى الخروج من الخالف فهذه اعتمدها المذاهب األربعة
وليس للمالكية مزية اختصاص بها .
قائمة المصادروالمراجع
P 486 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
البيان والتحصيل والشرح والتوجيه والتعليل لمسائل المستخرجة ،أبو الوليد محمد
بن أحمد بن رشد القرطبي (المتوفى521 :هـ) ،حققه :د محمد حجي وآخرون ،دار الغرب
اإلسالمي ،بيروت – لبنان ،الطبعة الثانية 1411 ،هـ 1911 -م
محمد بن عبد ّ
الرزاق الحسيني ،أبو محمد بن ّ ّ تاج العروس من جواهر القاموس،
ّ
الملقب بمرتض ىَّ ،
الزبيدي (المتوفى1215 :هـ) ،دارالهداية .بدون تاريخ. الفيض،
سنن الترمذي ،محمد بن عيس ى بن س ْورة بن موس ى بن الضحاك ،الترمذي ،أبو عيس ى
(المتوفى279 :هـ ) ،الجامع الكبير -املحقق :بشار عواد معروف ،دار الغرب اإلسالمي – بيروت،
1991م سنن الترمذي
المو افقات ،إبراهيم بن موس ى بن محمد اللخمي الغرناطي الشهير بالشاطبي (المتوفى:
791هـ) ،املحقق :أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان ،دار ابن عفان ،الطبعة األولى 1417هـ/
1997م
شرح المنهج المنتخب إلى قواعد المذهب ،المنجورأحمد بن علي المنجور(المتوفى 995
هـ) ،دراسة وتحقيق :محمد الشيخ محمد األمين ،أصل الكتاب :أطروحة دكتوراة (الجامعة
اإلسالمية بالمدينة المنورة ،شعبة الفقه) ،بإشراف الدكتور /حمد بن حماد بن عبد العزيز
الحماد ،الناشر :دارعبد الله الشنقيطي.
القاموس املحيط ،مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي المتوفى سنة 117هـ، ،
مؤسسة الرسالة للطباعة والنشروالتوزيع ،بيروت – لبنان ،الطبعة :الثامنة 1426 ،هـ 2115 -م.
لسان العرب ،محمد بن مكرم بن على ،أبو الفضل ،جمال الدين ابن منظور األنصاري
الرويفعى اإلفريقى (المتوفى711 :هـ) ،دارصادر– بيروت ،الطبعة الثالثة 1414 -ه.
المعيار المعرب والجامع المغرب ،عن فتاوي أهل إفريقية واألندلس والمغرب ،أبي
العباس أحمد بن يحيى الونشريس ي المتوفى بفاس سنة 914هـ ،خرجه جماعة من الفقهاء:
بإشراف الدكتور محمد حجي ،نشر وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية للملكة المغربية1411 ،هـ
1911 -م.
P 487 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
بداية املجتهد ونهاية المقتصد ،أبو الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن رشد
القرطبي الشهير بابن رشد الحفيد (المتوفى595 :هـ) ،دار الحديث – القاهرة ،بدون طبعة،
1425هـ 2114 -م
االستذكار ،أبو عمريوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البربن عاصم النمري القرطبي
(المتوفى463 :هـ) ،تحقيق :سالم محمد عطا ،محمد علي معوض ،دار الكتب العلمية – بيروت،
الطبعة :األولى2111 – 1421 ،
حاشية الدسوقي على الشرح الكبير ،محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي المالكي
(المتوفى1231 :هـ) ،دارالفكر ،بدون طبعة وبدون تاريخ
إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري ،ألبي العباس شهاب الدين القسطالني وبهامشه
صحيح مسلم بشرح النووي ) ،مصر :المطبعة األميرية ببوالق ،سنة 1323هـ .
P 488 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
فالقيادة اإلدارية في مفهومها المعاصر تعد عملية تربية وإعداد اإلنسان كما أنها عملية
تغييروتطويرإيجابيين ،حيث أصبح ينظرإليها كاستثمارمستقبلي ،وأن إهمالها هوبمثابة التخلف
ُ ً
عن الركب السريع .865فهي بالفعل أ ّما للوظائف اإلدارية ،وتنقاد لها مختلف اإلدارات العامة
والخاصة ،العاملة في مختلف املجاالت والميادين ،وفيها يتم تأسيس قيادات اإلدارات
التخصصية .ولقد تأكد بأن تطور وتقدم املجتمعات يستند على أنظمة تحكمها فلسفة قيادة
رشيدة وحكيمة وبناءة وهادفة ،وفكر راق يهدف إلى بناء الشخصية على مستوى التفكير الرائد،
وتكوين مجتمعات تنشد الرقي والتقدم.
إن اقتصار غاية القيادة والمدراء اإلداريين على إنجاز األهداف ،ال يتماش ى مع مفهوم
القيادة واإلدارة المتكامل والشامل ،والذي يجعل كل منهما عملية ديناميكية متحركة وليست
ً
جامدة ،حيث يمكن للقائد القيام من خاللها بأدوار ومهام مختلفة وفقا لمتطلبات الموقف أو
المرحلة وتجعل منه قوة تأثير وتغيير وتوجيه ،وتنفيذ متطلبات المؤسسة أو المشروع والعاملين
لديها ،وتحقيق األهداف الطارئة أو المستجدة.
-865د .سمير صالح الدين حمدي – القيادة اإلدارية في بناء الدولة واملجتمع – منشورات زين – بيروت 2102ص .021
P 489 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
والتأثير كما هو معلوم يشكل محور القيادة ،وبذلك فإن القيادة هي عملية تفاعل بين
مختلف عناصر المؤسسة ،ولهذا فهي تعتبر جوهر العملية اإلدارية ،الذي يسري في مختلف
جوانبها.866
وحينما يتم الحديث عن دور القيادة في رفع مستوى أداء وفعالية اإلدارة ،فإننا نركز على
طبيعة المهام واألنشطة التي تزاولها تلك القيادة ،ومنها على األخص:867
-1تفسيروإعالن المو اقف التي تواجهها الجماعة ،وبلغة خاصة إذا كانت تلك المو اقف
غيرمعروفة أو مجهولة لكل أعضائها؛
ً
-2تحديد الجوانب الجيدة في كل موقف ،استنادا على ما يتمتع به القائد من حكمة
وإدراك؛
-4تحقيق التعاون بين األفراد عن طريق توزيع المسؤوليات بينهم في تناسق و انسجام
وتالفي التناقضات بين الحاجات بما يحقق المصلحة الجمعية ،ويتم ذلك في جو من الحرية التي
تتاح للجميع حتى يعبروا عن آرائهم ويشتركون في مناقشة المشكالت والعمل على حلها؛
-5وضع الخطة التي تتضمن تحقيق األهداف التي تنشدها الجماعة ،وفي سبيل ذلك
يسعى القائد اإلداري لتحديد األعمال ،المطلوب إنجازها وترتيب تلك األعمال في صورة برامج
زمنية ،حتى يتم تحقيقها في الوقت املحدد؛
ً ً ً ً
-6العمل للوصول لألهداف النهائية للقائد سواء كانت عمال اجتماعيا أو نشاطا إنسانيا
ً
أو مبدأ سياسيا؛
ً
-7تمثيل الجماعة رسميا ،والتعبير عنها أمام الغير ،باإلضافة إلى التمثيل الرسمي فإن
القائد اإلداري هوالفكرة التي تؤمن بها الجماعة مجسدة في شخصه ...وحتى يستطيع القيام بهذه
ً
الوظائف أو األنشطة ،البد أن تتو افرلديه بعضا من الشروط ،ومن بينها:
P 490 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
أ) أن تكون لديه مهارات وخبرات تساعده على فهم العمل الذي يقوده؛
ً
ب) أن يكون له قدرا من السلطة التي تمكنه من ممارسة عمله ،إذ مهما كانت الصفات
التي يتمتع بها القائد اإلداري ،ال جدوى منها إذا لم يكن يملك من السلطات الرسمية التي تمكنه
ً
من إلزام غيره على اتباع ما يراه موصال لتحقيق الهدف.
وبذلك يمكننا القول بأن القيادة هي صاحبة الكلمة العليا والرأي الفاصل ،ووجهة النظر
المتبصرة في توجهات المؤسسة ،كما أنها الموجه والمرشد لها ،وعلى عاتقها تؤخذ األهداف ويتم
تنفيذها.
فالقيادة اإلدارية تتوقف عليها فاعلية المؤسسة واستمراروجودها وبقاءها ،فهي المعيار
الرئيس الذي يحدد على ضوئه نجاحها ،وهي العنصر المهم والمباشر من حيث التأثير على
مختلف مراحل العملية اإلدارية خاصة من خالل اتخاذ القرارات الجريئة والملتزمة بالتنظيم
والقواعد الالزمة من أجل تحويل األهداف المطلوبة والطارئة إلى نتائج حقيقية ،كما تساعد على
خلق تصورالمستقبل ووضع الخطط التي تساهم في تقدم المؤسسة وازدهارها المستقبلي.
ويكشف الدور الحيوي والفعال الذي تقوم به القيادة في مجال رفع مستوى أداء وفعالية
اإلدارة خاصة على صعيد األداءات ذات الصلة بالنواحي التالية:
وتجسد هذه النواحي الدور الحيوي والهام الذي تضطلع به القيادة اإلدارية داخل
المؤسسة وفي محيطها الخارجي ،وتطرح هذه األهمية مجموعة من التساؤالت ،وتوضح اإلجابة
عنها دور القيادة وتأثيرها في رفع مستوى إدارة المؤسسة والعملية اإلدارية .ويتعلق األمر هنا
بالتساؤالت التالية:
-ما هي غايات وأغراض القيادة اإلدارية من ممارسة التأثير المستدام على المرؤوسين
والمؤسسة؟
P 491 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
-ما هي الصفات والسمات واإلبداع األساسية لدى القيادة اإلدارية ،وهل هي أمر ثابت أم
متغير؟؟
-ما هو دورقيم ودو افع ومصالح املجموعة أو األتباع أو فريق العمل في نجاح القيادة ورفع
درجة فعاليتها؟؟
إن اإلجا بة عن هذه التساؤالت تقتض ي البحث في الجوانب التالية :المبحث األول - :دور
القيادة اإلدارية في العملية اإلدارية؛ المبحث الثاني - :أثرالقيادة اإلدارية في األداء اإلداري و اتخاذ
القرارات.
تعرف القيادة اإلدارية بالنشاط الذي يمارسه القائد اإلداري ،خاصة في مجاالت اتخاذ
القرارات وإصداراألوامروالتوجيهات واإلشراف على العاملين ،وباستخدام سلطته الرسمية ،عن
طريق التأثيرواالستمالة ،وذلك بغرض تحقيق هدف أو مجموعة من األهداف المعينة.
فالقيادة بهذا المفهوم تنحصر بين سلطة القائد اإلداري الرسمية وبين تأثيره على سلوك
اآلخرين واستمالتهم لتحقيق األهداف.868
وتعتبر القيادة اإلدارية من حيث و اقع المؤسسات أحد أبرز محاورها ،وذلك مهما كان
حجم هذه المؤسسات أو طبيعة نشاطها .وفي هذا السياق أجمع الباحثون في مجال علم اإلدارة
واألعمال بالقول أن البدء في خلق أية مؤسسة أو مشروع يستوجب في المقام األول وجود قيادة
جيدة ومتميزة بخصائص محددة.
ولطالما أن عنصر القيادة يعد من أبرز العناصر الرئيسية للمؤسسة ،فمن المستوجب
توفره على عدة خصائص وصفات ومزايا التي تمنحه عناصره الكاملة والشاملة ،أمام باقي
عناصره األخرى .فالقيادة اإلدارية هي عملية ديناميكية دائمة الحركة ،ومن خاللها يقوم
ً
الشخص القائد بأدوار مهمة ومتعددة ومختلفة وفقا لمتطلبات الموقف ،مما يجعل منه قوة
تأثيروتغييروتنفيذ لتحقيق األهداف السابقة للمؤسسة أو تلك المستجدة والطارئة.
P 492 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
فالتأثير يشكل محور عمل القائد ،والذي يقصد به السلوك الذي يقوم به ،ويستطيع من
خالله تغيير سلوك أو مو اقف ومشاعر اآلخرين بالطريقة التي يريدها هو ،ومن المتعارف عليه
ً ً ً
بأن هذا التأثير يختلف تماما عن القوة لكونها إذعانا قسريا للقائد ،كما يختلف أيضا عن
السلطة وهي األداة والوسيلة.
ويتجلى هذا الدور القيادي بعمل القائد المتواصل والمستمر لتنمية كفاياته القيادية،
ً
والمساهمة في تطوير إدارته وجعلها أكثر استعدادا للتغيير والتفاعل ،وأن يعمل على بناء الفريق
الواحد ،وتنمية العمل الجماعي ،وأن يتمتع بالسلوكيات والصفات الضرورية للتكيف مع جميع
المو اقف طيلة مراحل العمليات التي يتوالها سواء كانت ذات طبيعة خدماتية أو إنتاجية ،مع
الرفع من وتيرة التواصل في جميع االتجاهات.869
وقبل الشروع في تفسيروتحليل طبيعة التأثيرعلى صعيد رفع مستويات العمليات اإلدارية
وتطويرأدائها وفاعليتها ،فالبد من تعريف مفهومها وتحديد عناصرها ومرتكزاتها األساسية.
ترتبط العملية اإلدارية مباشرة بإدارة المؤسسة ،فهي األداة األساسية لتسيير العمل
داخل المؤسسات ،وعلى عاتقها تقع مسؤولية تحقيق األهداف ،كما أنها المسؤولة عن بقاء
المؤسسة واستمرا ر نشاطها ،واستقرار أوضاعها ونمو إنتاجيتها ،ومواكبة التطوير والتحديث
ً
والتغيير...إلخ ،وليس هناك بديال آخر عنها ،خاصة على صعيد التحديد الو اقعي والعملي
ً
لألهداف ،واالختيار السليم للموارد مع الكفاءة في استخدامها ،ويتطلب كل ذلك مستوى رفيعا
من التميز الشخص ي والموضوعي ،مع مستوى محسوس من الجرأة والشجاعة في مواجهة
الظروف المتميزة ،وكل هذا ال يتوفرإال في أفراد اإلدارة الناجحة والموفقة.
ً ً ً ً
وكما سبقت اإلشارة إليه ،فإن اإلدارة تعتبرفي الو اقع نشاطا إنسانيا وهادفا وحتميا ،وهي
ً ً ً
أيضا علما وفنا ،ويتولى القائمون عليها كافة مراحل عملياتها و أنشطتها الرئيسية والمعروفة
بالعمليات اإلدارية ،فما هو المقصود بالعملية اإلدارية ،وما هي أبرزعناصرها ومرتكزاتها؟؟
-869للمزيد من التفاصيل راجع :د .نعيمة الظرفات – القيادة اإلدارية وتدبير مراكز اتخاذ القرار – منشورات دار األمان – الرباط.
P 493 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
تعتبر العملية اإلدارية أحد أهم املحاور التي يتم تركيز اهتمام القيادة اإلدارية عليها ،فهي
نهج ومنهج السير إلنجاز األهداف وبالشروط األفضل ،خاصة بالنسبة للمدة الزمنية والتكلفة
والجودة ،فما هي طبيعتها ومرتكزاتها؟؟
ً
أوال :طبيعة العملية اإلدارية وخصائصها
يقصد بالعملية اإلدارية ،تلك الطريقة المنظمة للقيام باألعمال التي يمكن تحليلها
ووصفها من خالل عناصرها.
كما أنها تعني مجموعة الوظائف أواألنشطة واألعمال التي يقوم بها أي شخص إداري ،من
أجل تحقيق األهداف أو الغايات التي تحددها المؤسسات.
وعلى ضوء ذلك تشمل العملية اإلدارية عدة عمليات مرتبطة ببعضها البعض .ولتسهيل
دراستها وتحليلها وتطبيقها إلى مشروع عملي قابل للتنفيذ على أرض الو اقع ،يتم تجزئتها على
شكل مراحل أو خطوات ،وتتأثر هذه العملية بعدة عوامل مختلفة ،منها على سبيل المثال،
ً
العوامل اإلنسانية كالقدرات والمهارات الشخصية في تأدية نشاط معين ،و أيضا العوامل
النفسية التي تتضمن األسس والقواعد واإلمكانات المادية التي يلجأ إليها الشخص اإلداري من
أجل إنجازاألهداف المرجوة.870
ً
كما تعني العملية اإلدارية أيضا ،مجموع الوظائف والمهام اإلدارية ،وعلى مختلف
مستويات القائمين عليها ،وتمثل النشاط الرئيس ي لإلداريين ،وهذا يعني أن المدراء كافة وعلى
مختلف مستوياتهم هم المعنيون في المقام األول بمباشرة هذه العملية واإلشراف عليها لتحقيق
أهداف محددة للمؤسسة أو المشروع.
وتجدر اإلشارة هنا ،إلى أن مفهوم اإلدارة ال يقتصر فقط على كبار اإلداريين في المؤسسة،
حتى وإن كانوا يقومون بالدور الرئيس ي في العملية اإلدارية ،إذ أن هذه العملية تمثل النشاط
ً
األساس ي للقادة والمشرفين معا في المؤسسة وبجميع مستوياتهم العليا والمتوسطة والتنفيذية
أو اإلشر افية.871
P 494 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
أما في علم اإلدارة فإن العملية اإلدارية هي التي تتكون من عدة وظائف إدارية متداخلة
ومتشابكة أبرزها عملية التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة والمتابعة ،وهي تشكل في األصل
اإلدارة الرئاسية ،وكل مدير من المدراء العاملين لدى المؤسسة عليه القيام بالوظيفة المكلف
بها من بين هذه الوظائف بالصورة أو الطريقة المثلى التي تتيح للمؤسسة بأن تكون على صورتها
األمثل واألفضل.
( )1عملية رسمية ،فهي واضحة ومحددة ومعلنة ،ومحدد فيها كل دور أو مهام لكل واحد
من أعضاء فريق العمل؛
( )2عملية مستمرة ،فهي تقوم بكل جدية واهتمام وبصورة مستمرة؛
( )3عملية شمولية ،ويعني ذلك بأن اإلدارة تمارس كامل مهامها في كل وظائف المشروع،
وعلى أن يتم تطبيق العملية اإلدارية على كل وظائف اإلدارة وبمختلف مستوياتها العليا
والمتوسطة والتنفيذية؛
لطالما أن العملية اإلدارية تشمل كافة األنشطة واألعمال والمهام إلدارة المؤسسة ،فهي
بالتالي تحتفظ بأهميتها البالغة ،ومن حيث الجوهر تعتبر اإلطار العام لكيفية وصول المؤسسة
وتحقيقها لألهداف التي وضعتها لذاتها ،ويعني ذلك أن العملية اإلدارية هي وسيلة الوصول إلى
غايات وأغراض المؤسسة والعاملين لديها.
( )1تعد العملية اإلدارية ضرورية لتخطيط أنشطة األعمال وتوجيه العاملين نحو االتجاه
الصحيح والسليم ،وتنسيق جهودهم لتحقيق أفضل النتائج؛
( )2االستخدام األمثل لكافة الموارد البشرية والمادية المتاحة ،والحرص على عدم الهدر
أو االستنزاف في القدرات واإلمكانيات البشرية والمادية؛
P 495 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
( )3القوة التنافسية والعمل على تطور ونمو هذه القوة لما يؤدي إلى تطوير وتوسيع
المؤسسة وأرباحها؛
( )4تحفيزالعاملين وتشجيعهم ،بما يؤدي لدفعهم ببذل المزيد من االهتمام والمبادرة في
العمل وتنمية روح العمل الجماعي والفريق الواحد؛
( )5اإلدارة الفعالة ،مما يساعد على زيادة حجم التنمية للمجتمع وتحقيق رضاء الزبناء؛
( )6بناء مؤسسة قوية ومتماسكة يمكنها التصدي للمشاكل واألزمات ،ومواجهة أي من
المو اقف بكل ثقة واطمئنان.
أما بخصوص مقومات العملية اإلدارية ومرتكزاتها ،فهي تستند على مجموعة من
المعطيات ،التي يتم تحديدها بصورة مسبقة ،يتقدمها تبادل البيانات والمعلومات بين جميع
القائمين عليها ،ولهذا فإن القائد أو المدير يحتاج إلنجاز أهداف إدارته وتحقيق نجاحها إلى
التوجيه الدائم والمستمر ،قصد تبصر األمور في كل مرحلة من مراحل العملية اإلدارية التي
يشرف عليها ،فهو يحتاج إلى فهم ومعرفة العاملين تحت إمرته ،من أجل توجيه سلوكهم بشكل
يضمن عدم تعارض هذا السلوك مع تلك األهداف التنظيمية الرسمية التي تضعها اإلدارة،
وتحتاج هذه الخطوة إلى عملية التواصل مع العاملين ،وبصورة مستمرة لتوجيههم وتنظيم
أعمالهم ومتابعتها إلى أن يتم إنجازاألهداف والخروج بها إلى حين الوجود.
وهكذا يتبين لنا أهمية العملية اإلدارية ،فهي تعمل كدليل ومؤشر بسيط ،تحاول
المؤسسة من خالله تحقيق أهدافها المقترحة بأكثر الطرق كفاءة ودقة في االتقان ،واالستفادة
من قواها العاملة ومواردها الفنية والمادية ،والتحكم بهذه الموارد بطريقة منظمة ،وأن تطبيق
ً ً ً
هذه العملية يعتبر أمرا يسيرا وممكنا حيث يتسم بالسهولة وعدم التعقيد ،ومن المستوجب أن
يعرف جميع العاملين دورهم في هذه العملية ،سواء تعلق األمربالتخطيط أو التنظيم أو التنسيق
أو التوجيه والمتابعة والمر اقبة ...فهي بذلك تمثل من حيث الو اقع النشاط الرئيس ي
الستخالص اإلدارة.872
-872عبد العزيز أشرقي – الدليل العملي للتواصل اإلداري واالجتماعي – مطبعة النجاح – الدار البيضاء 2102ص .35
P 496 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
ً
ذكرنا سابقا بأن العملية اإلدارية هي منهج عمل أو طريقة أو نشاط إداري معين للوصول
ً
إلى إنجاز أهداف محددة ،عبر مراحل أو خطوات منتظرة ومتتابعة ،وفقا لخطة عمل مدروسة
ً
بدقة .وتتمثل تلك العناصر في نفس الوقت تلك المراحل التي تمر بها هذه الخطة ،وتعتبر أيضا
ضمن قائمة الوظائف واألنشطة الرئيسية التي يتوالها القائد أو المديراإلداريين.
ولقد أجمع غالبية الباحثين في مجال اإلدارة حول وجود عناصرأساسية للعملية اإلدارية
وأخرى ثانوية أو أقل شأنا.
ً
أوال :عناصرالعملية اإلدارية الرئيسية
)1التخطيط:
وهو أولى خطوات العملية اإلدارية وأهمها ،حيث يعد قاعدتها االرتكازية وعليه تستند كل
الوظائف اإلدارية واألنشطة األخرى.
ويعتبر التخطيط عملية مستمرة ،تشمل تحديد النهج أو الطريقة التي تسير عليها األمور،
وكذلك اإلجابة عن أي من التساؤالت المطروحة في أي مجال من مجاالت العملية اإلدارية،
ويمكن بواسطة التخطيط تحديد األنشطة التنظيمية الالزمة لتحقيق األهداف.873
ً
فالتخطيط إذا طريقة ممنهجة وعقالنية ،موجهة نحو المستقبل لتحديد اتجاه
المؤسسة ،واختيار األهداف والغايات ،واإلجراءات الالزمة والمناسبة لمتابعة وتحديد
االستراتيجيات التي يجب استخدامها ،وكذلك اإلجراءات التي يمكن اعتمادها ،وتحديد كل ما
يلزم من موارد لتحقيق األهداف.874
ولقد أصبحت مهمة التخطيط اإلداري من أهم الوظائف والمهام التي يباشرها القادة
والمدراء في مختلف مستوياتهم.
ويقوم التخطيط على أساس تنبؤ القادة بأهداف العمل وما ينبغي أن تكون عليه
السياسات اإلدارية في المستقبل الختيارالوسائل واإلجراءات األصلية والبديلة.
P 497 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
وعلى هذا األساس يعد التخطيط عملية مركبة تشتمل على مجموعة من العناصر
المترابطة والمتداخلة وتتمثل هذه العناصربما يلي:875
( )3توصيف الحالة الداخلية للمؤسسة وما بها من نقاط قوة وأوجه ضعف؛
( )11وضع البدائل التي توفر القدرة على االستثمار والتكيف الذي يحقق األهداف
ويحافظ على االنتقال ألهداف أخرى.
P 498 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
-كما ينبغي أن تتسم الخطة بالمرونة والموازنة ،ويجب على القادة االستعانة بكل
اإلمكانيات المتو افرة لديهم وإلى أقص ى حد ممكن قبل االلتجاء إلى اإلمكانيات االحتياطية
البديلة ،وبأن يسترشدوا بالتوجيهات والتعليمات السابقة ،إذا ما أرادوا ضمان خطتهم ،كما يمكن
ً
للقيادة العليا األخذ بهذه التوجيهات عند وضع السياسة العامة للمؤسسة ،كما يمكن أيضا
للقيادة الوسطى األخذ بها عند وضع البرامج والسياسات الالزمة لتنفيذ هذه السياسات في
المستقبل ،ويمكن للقيادة المباشرة (اإلشر افية) االسترشاد بهذه التوجيهات والتعليمات عند
وضعها للخطط الالزمة لتنفيذ برامج العمل في األقسام التي تشرف عليها.876
وهكذا يتبين أهمية عملية التخطيط ،وتعود هذه األهمية لألسباب التالية:877
( )2يعتبرالتخطيط القاعدة األساسية لتحديد وتخصيص الموارد واإلمكانيات بما يحقق
األهداف المرجوة؛
( )4يحدد التخطيط محورتركيزالجهود والتنسيق بين كافة أطراف العملية اإلدارية؛
-876نزار عبد الحميد البراوي ولحسن عبد الله باثيوة – إدارة الجودة للتمييز والريادة – مفاهيم وأسس وتطبيقات – الوراق للنشر
والتوزيع – عمان 2100ص .33
-877د .سمير صالح الدين حمدي – مرجع سابق ص .222
P 499 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
( )11يشكل القاعدة األساسية لعمليات المتابعة والرقابة وتقسيم األداء والتطوير
للوصول إلى الجودة؛
ً
( )12يعتبرأساسا للمعلومات واالتصال؛
ً
( )13يشكل منطلقا لصياغة أسس ومعاييرقياس الكفاءة والفاعلية؛
( )14يشجع على استخدام المنطق العالمي في التفكيروالتصرف للوصول إلى النجاح.
وتتم عملية التخطيط ً
بناء على خطوات أو مراحل محددة أهمها:878
-تحديد البدائل ،وتدوين مجموعة االحتماالت التي تقود نحو تحقيق الهدف؛
)2التنظيم:
يعتبر عنصر التنظيم المنبع األكبر بالنسبة للقادة اإلداريين لتحقيق أهداف المؤسسة،
فهو البناء القوي الذي يعملون في إطاره ،879وتحدد وظيفة التنظيم مختلف األنشطة التي يجب
القيام بها قصد تحقيق األهداف التنظيمية ،أي أهداف المؤسسة ،وكذلك تعيين المهام
للعاملين المناسبين ،وتفويض السلطة املختصة لتنفيذ األنشطة بطريقة منسقة ومتكاملة.880
ً
وبذلك فإن التنظيم ،هو تلك المهمة التي تسمح بإنشاء عالقات العاملين بالعمل معا،
لتحقيق أهدافهم التنظيمية ،وتستلزم هذه المهمة بأن يبدأ القادة اإلداريون بإعداد الهيكل
التنظيمي المناسب لإلدارات التي تتكون منها المؤسسة ،ويوضحوا أنشطتها املختلفة بطريقة
-878للمزيد من التفاصيل راجع :ما هي خطوات التخطيط؟ وكيف تتعامل مع كل خطوة بكفاءة – https://motaber.com
-879نزار عبد الحميد البراوي ولحسن عبد الله باشيوة – مرجع سابق ص .03
-880عناصر اإلدارة الخمس – مؤسسة املجلة العربية للعلوم ونشر األبحاث – مرجع سابق ص...
P 500 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
محددة ،ثم يحددوا حجم الجهاز البشري الالزم لتلك اإلدارات ،فالمهمة األولى للقادة في عملية
التنظيم اإلداري ،تتمثل في ترتيب األفراد من أجل تسهيل إنجاز بعض األعمال متفق عليها من
خالل تجميع الوظائف والمسؤوليات ،وربط مجهودات وقدرات األفراد والجماعات الذين
يعملون على تحقيق هدف معين بأقل قدر ممكن من التضارب واالحتكاك بين الذين يؤدون
الخدمات ،وبأقص ى درجة إشباع ممكن للمنتفعين بهذه الخدمات.881
ويتضح من ذلك ،بأن التنظيم هو عبارة عن عملية دمج للموارد البشرية والمادية من
خالل بناء أو هيكل رسمي ،يوضح المهام والسلطات ،والتي تتضمن أربعة أنشطة رئيسية وهي:882
)3التنسيق والتوجيه:
يباشرالقادة اإلداريون ،مهمة التنسيق بعد عملية التنظيم بصورة مباشرة ،وتتمثل عملية
التنسيق في إيجاد الترابط بين مجهودات أطراف العمل ،إلنجاز األهداف المطلوبة بشكل
منسجم ومتكامل ،وبأكثر قدرة وكفاءة من التفاعلية والتعاون بين مختلف األقسام التي يشرف
-881محمد حسين العجمي – القيادة اإلدارية والتنمية البشرية – دار المسيرة للنشر والتوزيع – عمان 2101ص .20
-882التنظيم - :مفهومه ،وأنواعه ،ومبادئه ،وأهم أهدافهhattps://annajah.net :
P 501 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
عليها القادة ،إذ يسهم التنسيق في تحقيق االتصال والتفاهم بينهم ،حتى يتمكنوا من ترتيب
خطوات العمل وضبط حركته وإزالة أي صعوبات أو تعارض في التنفيذ ،وذلك حتى يتم هذا
العمل في شكل منسجم وفي إطارمتكامل.883
وهذا يتطلب من القادة اإلداريين االتصال الدائم والمستمر مع العاملين وشرح أهداف
المؤسسة لهم ،وتذكيرهم بها باستمرار لشحذ همهم وتحفيزهم للتعاون ،وبعبارة أخرى فإن على
ً
القادة العمل دوما من أجل خلق روح الفريق الواحد المتكامل والمتحد األهداف
والطموحات.884
)4المتابعة والرقابة:
وهي آخرعناصرالعملية اإلدارية ،وكذلك خطواتها ومراحلها وهي تعني إيجاد معاييراألداء
التي يتم استخدامها في قياس وتقييم التقدم في تحقيق األهداف .885فنجاح الكثير من األعمال
والمهام يعود لمهمة المتابعة التي يباشرها القائد أو المدير اإلداري ،إما بصورة مباشرة أو غير
مباشرة .وبذلك تعد عملية المر اقبة والمتابعة أو ما يعرف باإلشراف الدائم والمستمر وسيلة
ً ً
لتقييم األداء ،وتعد أيضا أساسا لإلصالح والتقويم والكتشاف الطاقات والقدرات وتحفيز
العاملين.886
ً
وتتم عملية المتابعة والرقابة وفقا لخطوات محددة وهي:
-883نزار عبد الحميد البراوي ولحسن عبد الله باشيوة – مرجع سابق ص .13
-884سمر حسن سليمان – عناصر العملية اإلدارية – https://mowdo3.com
-885المرجع السابق – سمر حسن سليمان.
-886منير زيد عبوي – مرجع سابق ص .32
P 502 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
وهكذا يتبين بأن لعملية المتابعة والرقابة أهمية بالغة ،إذ تهدف إلى التأكد من أن سير
ً
العملية اإلدارية يتم طبقا للقواعد والتوجيهات الموضوعة ،حتى يمكن إصالح وترميم األخطاء
في الوقت المناسب.887
وكان القادة فيما مض ى حين إجراء الرقابة يعتمدون على أسلوب مقياس الوقت والحركة
الذي سبق أن أشار إليه فردريك تايلور ،في مطلع ظهور حركة اإلدارة العلمية الحديثة ،غير أن
تجارب البعض من الباحثين أثبتت عدم مالئمة هذا األسلوب لمطالب القيادة الحديثة ،وذلك
لتج اهله الجانب اإلنساني لعملية القيادة ،لذلك فقد أصبحت الرقابة الحديثة تتمثل في
االستعانة بعدة أساليب متطورة ومن أبرزها خرائط التعادل وحسابات التكاليف وتحليل
الميزانيات والمراجعة الحسابية واستقصاء الحقائق من كافة التقاريرواالحصائيات.888
وليس من الضروري لجوء القادة إلى كل هذه األساليب أوالوسائل ،فهم يختارون األسلوب
األكثرمالئمة لتحقيق األهداف المطلوبة.
ً
ورغم كل ذلك فإن الرقابة الفعالة واملجدية هي التي تقيس نشاط العاملين طبقا لبعض
المعايير المرنة ،كما ينبغي أن تكون عملية توجيهية وهادفة إلى تحقيق اإلصالح والتقويم في
المقام األول ،فال يجب محاسبة العاملين إال عن األخطاء التي تحدث لسوء النية أو التقصير في
األداء أو عدم الوالء لألهداف التي يحددها القادة.
ً
ثانيا :العناصراإلضافية (الثانوية) للعملية اإلدارية
إذا اعتبرنا ما تقدم ذكره من عناصر (التخطيط ،التنظيم ،التنسيق والتوجيه ،المتابعة
ً
والرقابة) جزءا من وظائف ومهام القادة والمدراء اإلداريين ،فهي تلك الوظائف والمهام الرسمية
التنظيمية بالنسبة لهم ،وإلى جانبها هناك وظائف غير رسمية يقوم بها هؤالء منها:889
P 503 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
-5التركيز على مجموعة القيم المثل اإلنسانية واألخالقية في التعامل مع جميع العاملين
لدى المؤسسة.
تعتبرالقيادة اإلدارية عامل مهم وأساس ي ،على صعيد كافة أنشطة المؤسسة وسيرعملها،
فهي العقل المدبر لبلوغ األهداف ،وحلقة الوصل بين العاملين وبين خطط المؤسسة،
وتصوراتها المستقبلية وقدرتها على السيطرة ،وحل مشكالت العمل ،وحسم ما يحدث من
خالفات891...فهي بالتالي تشكل جوهرالعملية اإلدارية ،حيث تبرزأهميتها بشكل خاص في الجانب
اإلنساني للعملية القيادية وكذلك اإلدارية ،ويتبين ذلك من خالل مسؤوليات القائد اإلداري
خاصة في الجوانب المتعلقة بتطويرالعالقات اإلنسانية القائمة على االحترام المتبادل بينه وبين
مرؤوسيه ،واحترام مطالبهم وآرائهم حين مناقشة كل ما يمس شؤونهم ووجهات نظرهم.
وال تقتصر تلك األهمية عند هذا الحد ،بل تشمل أيضا قدرة القيادة على تنمية العاملين
وتدريبهم ورعايتهم باعتبارهم المورد األهم بالنسبة للمؤسسة.892
فبدون القيادة اإلدارية تفقد المؤسسات قدرتها على تصور المستقبل ،وتفقد بالتالي
معظم عناصرعملياتها اإلدارية ،وتفقد أيضا فعالية عناصرها اإلنتاجية.
وترجع أهمية القيادة اإلدارية أيضا إلى سلوك وتصرفات القائد اإلداري التي تعمل على
تنشيط المرؤوسين وتدفعهم إلى تحقيق أهداف المؤسسة.
-890للمزيد من التفاصيل راجع - :أحمد علماوي وزهر الدين قربوز – مشاركة العاملين في اتخاذ القرار – مجلة االصطالحات
االقتصادية واالندماج في االقتصاد العالمي – املجلد 01العدد – 0ديسمبر – 2121الجزائر.
-891للمزيد من التفاصيل راجع :أهمية القيادة اإلدارية للمؤسسات https://www.starshams.cpm
-892أحمد عبد املحسن العساف -مهارات القيادة وصفات القائد -المكتبة الشاملة الذهبية -الرياض -2112ص.2
P 504 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
وتجدر اإلشارة إلى أن اإلعداد لبناء العملية اإلدارية ،والشروع بتنفيذ مراحلها والوصول
إلى أهدافها النهائية يتوقف بالدرجة األولى على القدرات القيادية و إبداعاتها ،فهي المعيار
الرئيس الذي يحدد على ضوئه نجاح المؤسسة أو فشلها.
فالقيادة اإلدارية هي صاحبة التأثير المباشر في كافة عناصر ومراحل العملية اإلدارية،
وذلك من خالل ما تقوم به من أدوار ،خاصة على صعيد اتخاذ القرارات الشجاعة والملزمة
بالنظم واللوائح ،من أجل تحويل األهداف إلى نتائج ،كما أنها المساعد األول لخلق تصور
المستقبل ووضع الخطط التي تساهم في التقدم والتطورالمستقبلي الواعد.
وحين الحديث عن أهمية القيادة اإلدارية ودورها الفعال في رفع مستوى فعالية اإلدارة،
فإن مرجعية هذه األهمية تعود أساسا ملجموعة الصفات والسمات الالزم توفرها في الشخص
القائد ،وإلى جانبها مقومات الدعم والمساندة التي تمكن القائد ،من تطوير إدارته والرفع من
مستواه ،وتتمثل هذه المقومات بالمهارات واإلبداعات.
تعتبر اإلدارة املحرك الرئيس ي للمجتمعات والمؤسسات والمشاريع التي تسعى للنجاح
والثبات في عالم يتسم بظاهرتي السرعة والتنافس من أجل االستغالل األمثل لكافة الموارد
البشرية والمادية المتاحة ،وبالتالي فإن اإلدارة الجيدة تعد أبرز عناصر النجاح والتقدم لكافة
التجمعات والمشاريع ،ويتأكد ذلك من خالل ما تقوم به من مهام ونشاط عملي ،وما تتسم به من
أبعاد تشمل عدة ميادين ومجاالت .فهي إدارة األفكار واالبتكار واإلبداع ،ويتحقق كل ذلك
بالمعرفة اإلدارية ،كما أنها إدارة الموارد المادية منها والمالية التي تتحقق بالمهارات اإلدارية،
وهي أيضا إدارة العاملين التي تتحقق بالسلوك اإلداري.893
ولعل أهم ما يتميزبه هؤالء هو مهارتهم القيادية ،و إبداعهم في الرفع من مستوى أداء إدارة
مؤسساتهم ،ومن المتعارف عليه بأن مهارة و إبداع القيادة اإلدارية يعد عنصرا أساسيا لرفع
مستوى النجاح ،سواء تعلق األمرعلى الصعيد الشخص ي أو المنهي أو األكاديمي.
وتحظى خاصية المهارة واإلبداع باهتمام بالغ من قبل أرباب العمل ،حيث يبحثون عنها في
ملفات المتقدمين بطلبات العمل والوظيفة.
-893إبراهيم المنيف -اإلدارة المفاهيم ،األسس ،المهام -دار العلوم للنشر والتوزيع والرياض ص .23
P 505 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
والمهارات القيادية هي ذات أشكال ومظاهر متعددة لدرجة يصعب حصرها في قائمة
واحدة ،وترجع أسباب هذا التعدد إلى العوامل المتصلة بتطور أنشطة المؤسسات والظروف
املحيطة بها.
يقصد بالمهارات القيادية اإلدارية ،القدرة على أداء المهام ببراعة و إتقان في غضون ظرف
زمني معين وبتكلفة وجهد معقولين.
وهي أيضا مجموعة المعارف والخبرات والقدرات الشخصية التي يجب تو افرها لدى
شخص ما كي يتمكن من إنجازعمل معين.
وعلى كل شخص يرغب ليشغل عمل أو وظيفة معينة العمل على تطوير مهاراته الذاتية
وفقا لمتطلبات هذا العمل أو الوظيفة.894
والمهارات هي صفة من تلك الصفات الشخصية والسلوكية التي يولد بها اإلنسان ،أو
يكتسبها مع مرورالوقت ،من خالل الممارسة والمتابعة والتدريب والتجارب...
وتأخذ المهارات دورا كبيرا في تحديد شخصية الفرد وكيفية تعامله مع اآلخرين ،كما أنها
تساعد على تميزه عن اآلخرين.
وتحتل مكانة هامة في السيرة الذاتية لألشخاص ،خاصة للذين لهم طموح لشغل
المناصب أو احتالل المو اقع الهامة.
وتشكل المهارات القيادية ،أحد أبرز المصادر التي تستمد منها القيادة اإلدارية سلطاتها
وقوة نفوذها .895حيث أن المهام املخولة للقادة اإلداريين لم تعد تقتصرفقط على تلك الوظائف
التقليدية ،فقد أملت ظروف التغييرالتي شهدتها اإلدارة الحديثة متطلبات أخرى تضمنت ضرورة
أن يتسم القادة بخصائص إضافية جديدة يتقدمها خاصية المهارات الالزمة ،فالقيادة اإلدارية
الحقيقية في الوقت الراهن ال تعني السيطرة أو إرغام اآلخرين على اإلذعان ،بل أصبحت تعني
-894للمزيد من التفاصيل ،راجع -صبحي خواتمي -تعريف المهارة وأنواع المهاراتhttps//ae.linkedin.com :
-895للمزيد من التفاصيل راجع :د .نعيمة الظرفات -مرجع سابق ص .52-52
P 506 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
اإلقناع وحسن التصرف مع اآلخرين ،ويحتاج ذلك إلى استخدام طرق ووسائل جديدة تالئم
ظروف التغيير.896
ولهذا فإن اإلدارة ،إذا كانت في مفهومها العام تعتبر علما وفنا ،فإن المهارات تشكل أحد
مظاهر العلوم والفنون ،ومن المفترض أن يتوفر هذا المظهر لدى القائد اإلداري ،فالمهارة تعد
ركنا رئيسيا من بين األركان التي يعتمد عليها القائد اإلداري لتطوير أداء وقدرات المؤسسة
وتحسين مستواها.
المهارات القيادية في طبيعتها ،ال تقتصر على جانب معين من جوانب مهام القادة
اإلداريين ،بل تشمل مختلف ما يقوم به هؤالء من أنشطة ،وتلمس هذه المهارات في النواحي
التالية:
-4إدراك معنى التحفيز واإللهام بالنسبة للعاملين وحثهم على مضاعفة جهودهم ،مقابل
مكافأتهم على ما يبذلونه من جهود إضافية.
-5التمتع بمهارة اإلقناع والتأثير خاصة على صعيد التواصل واالتصال ،فهذه الخاصية
تعتبرمن أبرزالمهارات المطلوبة لدى القائد اإلداري.
-6يجب على القائد اإلداري العمل على خلق التفاعالت اإليجابية ،ويتم ذلك عن طريق
استخدام أدوات للمساعدة مثل تحليل نمط التعامل.
-896محمد حسن حمدات – القيادة التربوية في القرن الجديد -دار الحامد للنشر والتوزيع -عمان 2112ص .11
897للمزيد من التفاصيل راجع :د.نعيمة الظرفات مرجع سابق ص 52
P 507 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
-9نهج السلوك اإليجابي ،فالقائد اإلداري الناجح مرتبط دوما بالعقلية اإليجابية،
والتحلي بالشجاعة ،واالحترام وبعد النظر ،والوعي الذاتي ،والقدرة على التفويض.
تعتبر مهارات و إبداعات التميز القيادي اإلداري ،في التأثير وبناء فرق العمل والتواصل
االحترافي بين فرق العمل واإلدارة في جميع مستوياتها ،أمرا ضروريا وهاما ألي قائد إداري يسمو
بنفسه وأعضاء فريقه إلى قمة اإلبداع القيادي واإلداري.
وكما هو متعارف عليه ،فإن أحد أهم القواعد لنجاح القائد اإلداري هو اإلبداع ،فماذا
نقصد باإلبداع ،وما هي دو افعه ،ومراحله وصفات القائد المبدع؟
وهو أيضا ابتكار آليات جديدة للعمل عن طريق التوظيف األفضل واألمثل لإلمكانات
والقدرات المتاحة من أجل الوصول لألهداف بأقل تكلفة وأسرع وقت ممكن.
وبذلك فإن مصطلح اإلبداع يعني تصرف يهدف إلى تحقيق إنتاج أو خدمات تتميز بالجدة
والمالئمة وإمكانية التطوير ،كما يعني أيضا ،اإلنتاج غير المألوف سواء قام به شخص واحد أو
عدة أشخاص ،والمتسم بالجدة والمتميزبأفكارمالئمة وقابلة للتنفيذ والتوظيف في استخدامات
محددة.
وتشيرهذه المعاني إلى أن مفهوم اإلبداع يدل 898على الوحدة المتكاملة ملجموعة العوامل
الذاتية التي تقود إلى تحقيق إنتاج جيد وأصيل وذي قيمة من قبل الفرد والجماعة.
أما فيما يتعلق بدو افع اإلبداع ،فقد حددها البعض بمجموعة من الدو افع التي تعمل
على إحداث طفرة إدارية لدى فريق العمل أو الجماعة ،ومنها على الخصوص الدو افع التالية899:
P 508 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
وهي الدو افع التي تحرك القائد اإلداري من الداخل وتحثه لخلق مناخ أو بيئة مبدعة
وتقوده إلى تحقيق األهداف الشخصية و إيجاد قيم جديدة مبتكرة له ولفريق العمل ،ومن أبرز
هذه الدو افع:
وهي الدو افع الناتجة عن التحديات أو الصعوبات التي تواجه فريق العمل ،وتقودهم إلى
استحداث أثرنوعي وفارق جوهري على مستوى إدارة هذه المشكالت بطرق أكثرإبداعية ،وتتمثل
هذه الدو افع في النواحي التالية:
-السرعة في األداء واالستجابة للتغييرات أمريحتاج إلى صنع األحداث بطريقة إبداعية.
وتعتبرهذه الدو افع أحد مظاهرالتفاعل المتبادل بين اإلدارة ومحيطها الخارجي ،وبإمكان
القيادة اإلدارية الناجحة توظيفها لتحقيق أهداف المؤسسة.
-الحصول على المكافآت المالية ،تشجيعا لبذل الجهود والقدرات وهو أسلوب إبداعي
ينعكس إيجابيا على صعيد جودة اإلنتاج و إتقان العمل.
-الحصول على تقديروثناء وسمعة وشهرة جيدة ،يتطلب خلق اإلبداعات والمهارات.
P 509 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
وتعتبر هذه الدو افع باعثا للقيادة اإلدارية ،للنهوض بإدارتهم والرقي بها ،فهي بالنسبة لهم
مصدرا حيويا لرفع مستوى الثقة و اكتشاف الذات ،كما تعد عامال مساعدا كل المشكالت التي
تصادفهم ،وتساهم في زيادة إنتاج مؤسستهم ،وتعززخبراتهم وكفاءتهم .
وأخيرا فإن عملية اإلبداع ليست وليدة الصدفة ،بل هي نتاجا لمراحل من العمل والجدية
والمثابرة حيث تتم عبرعدة خطوات أو مراحل أهمها :
-1مرحلة اإلستكشاف.
-2مرحلة التحليل
-3التأمل والتمعن
-4مرحلة العمل.
-الوعي ،أي أن تظهر العملية اإلبداعية في اإلدراك والوعي اإلنساني ،وتترجم األفكار إلى
حقائق و أفعال ،وتخرج الفكرة إلى حيز التنفيذ .فالقيادة واإلبداع تتالزمان ،والوعي هو عملية
تراكمية ال تنشأ من فراغ ،وال تتوقف على قدرات أو مواهب معينة.
-التكوين ،وهو الشرط المتعلق بضرورة أن يكون العمل اإلبداعي و اقعيا ومحسوسا
ومتواصال وغيرمتقطع.
ومن جهة أخرى ،فإن القيادة المبدعة تتميزبعدة صفات وتتوزع على مستويين:
-2اإلبداع على مستوى المؤسسة ،كاإلبداع الفني المتصل باإلنتاج وتكنولوجيا اإلنتاج،
واإلبداع اإلداري المتعلق بالهيكل التنظيمي والعملية اإلدارية في المؤسسة.900
-900للمزيد من التفاصيل راجع :اإلبداع المؤسس ي ودوره في خلق األداء المتميز والميزة التنافسية للمؤسسة االقتصادية:
http://www.asip.cerist.dz
P 510 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
الثقة بالنفس ،وسعة اإلطالع والمعرفة واالستنباط ،والقدرة على إقامة العالقات،
والمثابرة واإلقدام ،وسعة التحليل ،والقدرة على التغييرالبناء.
القيادة في األصل وظيفة ،ومن أسمى الوظائف التي يتطلع الطامحون إليها ،كما تحتل هذه
الوظيفة قمة المستويات العليا لدى مختلف اإلدارات ،وهي المعياراألبرزالذي له شأن هام على
مختلف األصعدة ،خاصة في صنع القرارات االستراتيجية و اتخاذها ،وفي تحسين وتطويرمستوى
األداء اإلداري لإلدارة والعاملين لديها باعتبارهما يشكالن القاعدة االرتكازية لجميع العمليات
اإلدارية.
وتمتد أهمية القيادة أيضا على صعيد ضمان قدرة العاملين لإلسهام في تحقيق سلسلة
نجاح متواصل خاصة بهم وللمؤسسة ،وذلك من خالل إدراكهم لما يتوفرون عليه من إمكانيات
في ظل أجواء من المشاركة والتفاعلية.
وتمض ي أهمية القيادة لتشمل كافة الجوانب العملية للمؤسسة ،كالمشاريع مثال حيث
لديها من اإلمكانيات التي ستسمح لها القيام بدور املحرك الداخلي والخارجي للتغيير
المؤسس ي...الخ.
وتضمن مهام القيادة إشاعة أجواء الثقة المتبادلة بين صفوف العاملين ،وفي جميع
األوقات ،ويمكنها إبرازقدراتها على المزايا المستدامة من خالل ما تتحلى به من قدرات تستطيع
بها التعلم بسرعة واالستجابة لطرق العمل الجديدة...
إن كل هذه المزايا المتعلقة بالقدرات واإلمكانيات القيادية يظهر لها حجم الدور الكبير
والفعال الذي تقوم به القيادة اإلدارية للرفع من مستوى األداء الوظيفي للمؤسسة وللعاملين
لديها من الناحيتين الكمية والكيفية.
وكما هو معلوم ،فإن هذا العنصر (األداء الوظيفي) ،يعد األساس الذي ترتكز عليه
المؤسسة برمتها ،حيث ال يمكن قياس القوة اإلنتاجية والقدرة على الثبات واالستمرار دون
العطاء أو األداء الوظيفي ،فهو المعيار الوحيد الذي يحدد نجاح أو فشل المؤسسة والقائمين
P 511 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
على وجودها ،فما هو المقصود باألداء الوظيفي ،وما هي مكوناته أو عناصره ،وما هو دورالقيادة
للرفع من مستواه؟
يعتبر األداء الوظيفي من أهم المواضيع التي عالجتها بعض النظريات المتعلقة بدراسة
السلوك والتنظيم اإلداريين ويعد أيضا أحد العناصر الهامة بالنسبة لجميع المؤسسات
والمنظمات والمشاريع العامة والخاصة .ولقد شكل هذا العنصرقاسما مشتركا الهتمام العديد
من الباحثين والدارسين في علوم اإلدارة واألعمال ،ويكاد أن يكون العنصراملحوري لجميع حقول
المعرفة اإلدارية ،فضال عن كونه يشكل البعد األكثر أهمية بالنسبة ملختلف المؤسسات
والتنظيمات والذي يتمحورحول وجود المؤسسة من عدمه.901
ونال األداء الوظيفي في املجال اإلداري قسطا و افرا من االهتمام والبحث في مختلف
الدراسات اإلدارية بوجه عام ودراسات الموارد البشرية بشكل خاص ،نظرا ألهميته على مستوى
الفرد والمؤسسة ،ولتداخل المؤثرات التي تؤثرعلى األداء وتنوعها.902
ومن حيث الو اقع ترجع أهمية األداء الوظيفي لعدة أسباب تذكرمنها ما يلي:
-2إعادة تصميم الهياكل التنظيمية بغرض تحسين ظروف عمل ونشاط مختلف األجهزة
اإلدارية لدى المؤسسة.
-4التركيز على أسلوب فريق العمل ،و ابتكار حو افز جديدة للجهود الفردية والجماعية
الملموسة ،والبحث عن أساليب أخرى التي تركز على غاية واحدة وهي تحسين األداء وتطويره،
ولتسليط الضوء أكثر على مسألة األداء الوظيفي ،سوف نتناول الجوانب المتعلقة بتعريف
مفهومه وتحديد عناصره ،وكيفية إجراء عملية تقييمه.
-901طاهر الغالبي ووائل ادريس ،اإلدارة االستراتيجية ،منظور منهاجي متكامل ،دار وائل للنشر والتوزيع -عمان ،2112 ،ص .122
-902أحمد السيد كرد -ماهية األداء الوظيفيhttp://kenanaonline.com :
P 512 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
يرتبط مصطلح األداء ارتباطا وثيقا بسلوك األفراد العاملين والمؤسسة ،ويحتل مكانة
هامة كعنصر من عناصر المؤسسة باعتباره يشمل أو يتضمن تحديد الناتج النهائي ملحصلة
جميع أعمالها و أنشطتها.
ولقد تعددت تعريف هذا المصطلح بتعدد األبحاث والدراسات التي تناولته .وقبل تناول
تعريفاته أو تحديد معناه ،البد من الكشف عن معنى كلمة األداء في مفهومها العام والخاص.
تحمل كلمة أداء عبارات متعددة ،منها ما يشير إلى مسألة التزام الموظف أو العامل
بواجباته الوظيفية ،وقيامه بكامل المهام المسندة إليه من خالل أدائه لمهام وظيفته ،وتحمله
لألعباء والمسؤوليات الوظيفية ،وااللتزام باألخالق واآلداب الحميدة داخل المؤسسة التي يعمل
بها ،وااللتزام بالمو اقيت ومواعيد العمل الرسمي سواء كان ذلك بالحضورأو المغادرة.
يعني األداء الوظيفي في مفهومه العام ،مجموعة من األنشطة التي يتوالها الموظف أو
العامل ،ويقصد به عادة تلك املخرجات واألهداف التي تسعى المؤسسة إلى تحقيقها عن طريق
العاملين لديها ،وعلى هذا األساس فإن هذا األداء يعكس جميع األهداف والوسائل الالزمة
لتحقيقها ،أي أنه مرتبط بين أوجه النشاط وبين تلك األهداف التي تسعى المؤسسة لتحقيقها،
وذلك عن طريق المهام والواجبات التي يقوم العاملون بها.
وهناك البعض من الباحثين الذين حاولوا تحديد مفهوم األداء ،إما عن طريقة األداء
نفسه ،أومن خالل إنجازومالحظة العمل ،وبهذا اإلطارفإن األداء الوظيفي يشيرإلى درجة تحقيق
و إتمام المهام المكونة لوظيفة الشخص ،وهويعكس الكيفية التي يتحقق بها ،أويشبع الشخص
بها كل متطلبات الوظيفة وغالبا ما يحدث اللبس والتداخل بين مفهومي الجهد واألداء ،فالجهد
يشير إلى الطاقة التي يبذلها الشخص ،بينما األداء يقاس على أساس النتائج التي يحققها
الشخص.903
-903راوية حسن ،إدارة الموارد البشرية رؤية مستقبلية ،الدار الجامعية اإلسكندرية ،2113 ،ص .212
P 513 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
وجرت العادة ،بأن يصف البعض األداء الوظيفي ،بأنه عبارة عن سجل يتعلق بالنتائج
التي تم تحقيقها ،ويجسد سلوكا عمليا يؤدي لدرجة من بلوغ الشخص أو الفريق لألهداف
املخصصة ،أي درجة اإلنجاز بكفاءة وفعالية904.
من جهة أخرى ،هناك البعض من المديرين اإلداريين يسعون لتقييم أداء العاملين لديهم
(مرؤوسيهم) على أساس المدة الزمنية كأن تكون على سبيل المثال ثالثة أشهر أو سنة كاملة،
وهذا التقييم من شأنه المساهمة في مساعدة العاملين لتحسين قدراتهم وأدائهم الوظيفي،
وبذلك فإن األداء الوظيفي بالنسبة لهؤالء المديرين يعد وسيلة لحث المرؤوسين على تطوير
أدائهم وتنمية مهاراتهم وقدراتهم .
وهكذا يالحظ تعدد شرح وتفسير مفهوم األداء ،لكن رغم ذلك يالحظ وجود عناصر
مشتركة يبن ما ورد من شروح وتفسيرلهذا المفهوم.
تعددت تعاريف مصطلح بتعدد اآلراء ووجهات النظر ،وبهذا السياق فقد عرفه معجم
مصطلحات العلوم اإلدارية بأنه:
القيام بأعباء الوظيفة من مسؤوليات وواجبات ،وفقا للمعدل المفروض أدائه من
الموظف أو العامل الكفء المدرب905.
النتائج العملية التي تنتج عن الفعاليات واإلنجازات ،أوما يقوم به األفراد من أعمال داخل
المؤسسة.906
هو قدرة اإلدارة على تحويل المدخالت الخاصة بالتنظيم إلى عدد من المنتجات
بمواصفات محددة وبأقل كلفة ممكنة.
وبأنه أيضا:
-904أحمد سيد مصطفى ،إدارة الموارد البشرية ،اإلدارة العصرية لرأس المال الفكري ،دار النهضة العربية للطباعة والنشر ،القاهرة،
،2111ص .302
-905عبد الكريم بناني رزوق ،األداء الوظيفيhttps://www.oujda city.nec:
-906أحمد السيد كرد ،ماهية األداء الوظيفيhttps://kenanaonline.com :
P 514 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
تلك المسؤوليات والواجبات واألنشطة والمهام التي يتكون منها عمل الشخص ،والذي
يجب عليه القيام به على الوجه المطلوب في ضوء معدالت في استطاعة العامل الكفء المدرب
القيام بها ،ولذلك فإن األداء يعني قدرة الموظف على تحقيق أهداف الوظيفة التي يشغلها في
المؤسسة.
ومن جهة أخرى ،فقد حاول بعض املختصين في علوم اإلدارة تعريف األداء ،وبهذا السياق
فقد عرفه البعض منهم أمثال هاينز ،Haynesو أندرويد ،Andrewdحيث عرفه األول بقوله:
هو الناتج الذي يحققه الموظف عند قيامه بأي عمل من األعمال في المؤسسة907...
أنه تفاعل لسلوك الموظف ،وأن ذلك السلوك يتحدد بتفاعل جهد وقدرات الموظف في
المؤسسة.908
وعلى ضوء هذه التعاريف ،يالحظ عدم وجود اختالف أو تفاوت كبير فيما بينها ،فهي
متقاربة من حيث التركيز على عوامل الواجبات والمسؤوليات والقدرات السلوكية للقائمين على
األعمال أو المهام .وهذا يعني وجود عناصر مشتركة في تحديد معنى األداء الوظيفي ،فما هي
طبيعة هذه العناصر.
طالما أن األداء الوظيفي يشمل مجموعة األنشطة والمهام التي يتوالها الموظفون أو
العاملون ،فهو بالتالي يتكون من عدة عناصرأومكونات ،فوجود هذه العناصريعد أمرا ضروريا،
ألن الحديث عن أداء فعال أو غير فعال يقتض ي وجود هذه العناصر ،وال يمكن إجراء عمليات
قياس مستوى أداء الموظفين أو العاملين دون توفر هذه العناصر أو المكونات فما هي طبيعة
هذه العناصر؟
P 515 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
اتجه العديد من الباحثين والدارسين للتعرف على عناصر أو مكونات األداء الوظيفي
وتحديدها ،فصد الخروج بالمزيد من الدو افع أو المساهمات الرامية لدعم وتحسين فعالية
األداء الوظيفي وتطويره.
ولقد تعددت اآلراء المتعلقة بتحديد وضبط هذه العناصر ،لكن رغم دلك أجمعت معظم
اآلراء على مجموعة من العناصروهي كالتالي:
يتضمن هذا العنصر كل ما يتوفر عليه الموظف من معارف عامة ،والمهارات الفنية،
واالهتمامات والقيم واالتجاهات والدو افع ،كما تضمنت هذه المتطلبات كل ما تصف به هذه
الوظيفة من متطلبات وتحديات وواجبات ومسؤوليات ،وما تقدمه من فرص للتطوير والترقيات
والحو افز.909
)2الموقف:
وهو كل ما تتصف به البيئة التنظيمية ،ويتضمن مناخ العمل وظروفه ،واإلشراف ووفرة
الموارد ،وكذلك األنظمة اإلدارية والهيكل التنظيمي.
يتضمن هذا العنصر كل ما تتصف به الوظيفة من متطلبات أو تحديات ،وما تقدمه من
فرص عمل تتسم بالتحدي ،ويتمثل أيضا هذا العنصر ،بإدراك الشخص للعمل الذي يقوم به،
وما يمتلكه من رغبة ومهارات وقدرة على التنظيم وتنفيذ العمل دون الوقوع في األخطاء.
)4المثابرة والوثوق:
يتضمن هذا العنصر التفاني والجدية في العمل ،والقدرة على تحمل المسؤولية ،و إنجاز
األعمال في أوقاتها املحددة ،ومدى حاجة الموظف لإلرشاد والتوجيه من قبل المشرفين وتقييم
نتائجه.
P 516 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
وعلى ضوء تحديد هذه العناصر والكشف عن مضمونها ،يتضح لنا بأن األداء الوظيفي،
هو الذي ينظر إليه على أنه نتاج لعدد من العوامل المتداخلة ،التي يجب التركيز عليها جميعا
وهدم تجاهل أيا منها ،بل يجب العمل على التوفيق فيما بينها والتركيزعليها جميعا.
فاألداء الوظيفي ليس هدفا بحد ذاته ،و إنما هو وسيلة لتحقيق غاية تخص اإلنتاج في
المقام األول ،ولذلك ينظر إليه البعض على أنه تجسيد أو ترجمة فعلية لجميع خطوات
التخطيط في المؤسسة والتي يرعاها ويشرف عليها القادة والمدراء اإلداريين ،فهو بالتالي يحتل
مكانة هامة من بين الوظائف التي تمارسها اإلدارة.
وحينما يتم الحديث عن األداء الوظيفي ،يجب التفريق بينه وبين السلوك أو التصرفات،
ألن الخلط بينهما قد يؤدي إلى الوقوع في عدد من األخطاء أو االلتباس في المفاهيم ،مما يؤثرسلبا
على العملية اإلنتاجية ،ونذكرمن بين هذه األخطاء ما يلي:
-إن اعتبار المفهومين مفهوما واحدا يؤدي إلى اعتبار مواصفات السلوك هي نفسها
مواصفات األداء ،وهذا يقود إلى وضع معايير للسلوك باعتبارها في نفس الوقت معايير لألداء،
وبهذا تكون نتيجة تطبيق المعاييرغيرو اقعية.
-الخطأ الثاني ،هو فرض معاييراألداء على الفعاليات بدال من حصيلة هذه الفعاليات.
فاألداء الوظيفي يشير وبوضوح تام إلى تحقيق و إتمام المهام المكونة لوظيفة الشخص،
وهو يعكس الكيفية التي يحقق بها الشخص متطلبات الوظيفة.
وفي هذا اإلطار ،ينبغي التمييز بين األداء الوظيفي والجهد المبذول ،فالجهد يشير إلى ما
يبذل من طاقة ،أما األداء فهوالذي يقاس على أساس تلك النتائج التي يحققها الشخص ،ويمكن
أن يبذل الشخص جهدا عاليا ،بينما يكون أدائه منخفضا.
وعلى هذا األساس ،فإن على القادة اإلداريين حين سعيهم للرفع من مستوى أداء إدارتهم
وتطويرها مراعاة العوامل المتداخلة لعناصراألداء وأهمها العناصرالتالية:
P 517 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
إن مراعاة هذه العوامل وغيرها للرفع من مستوى أداء المرؤوسين ،يرجع باألساس إلى
القادة اإلداريين ،لكونهم الجهة المسؤولة عن تطوير األداء الوظيفي ملختلف العاملين في
المؤسسة ،ويبرز دورهم على الخصوص في المسألتين المتعلقتين باإلثراء الوظيفي والتوسيع
الوظيفي للعاملين لديهم ،فهما هو المقصود بهاتين المسألتين؟
يقصد باإلثراء الوظيفي ،إعادة تصميم الوظائف ،بحيث تتضمن تنويع أنشطة الوظيفة
إلى جانب استقاللية وحرية العامل في السيطرة على وظيفته وتحديد كيفية تنفيذها ،والرقابة
الذاتية على أعماله ،عالوة على حصوله على معلومات لنتائج ما يقوم به من أعمال ،و اتصاله
المباشربمن يستخدم نتائج وظيفته.910
وبناء على ذلك ،فإن اإلثراء الوظيفي يعد عملية أساسية لتمكين العاملين ،حيث يتطلب
ذلك إعادة تصميم العمل وإحداث تغيير فيه حتى يشعر العامل أو الموظف بالفعالية الذاتية
وقدرته على التأثير على األحداث واألشخاص والظروف املحيطة بالعمل ومخرجاته ،وهذا من
شأنه بأن يكسبه الثقة بالنفس واالندفاع أكثر لتحسين مستوى أدائه الوظيفي وتطويره ،ويعود
ذلك بالخير والمنفعة للمؤسسة ويعزز من مكانتها وقدراتها ،فاإلثراء الوظيفي يزيد من فعالية
الموظف وقدرته حين أداء وظيفته.
بدال من تدوير الموظفين على عدد من الوظائف املختلفة فإن التوسيع الوظيفي يقوم
بدمج عدد من المهام في وظيفة واحدة ،إذ يمكن جمع وظيفتين أو أكثربوظيفة واحدة ،أو إضافة
-910محمد المبيضين ومحمد الطراونة ،أثر التمكين اإلداري في السلوك اإلبداعي لدى العاملين في البنوك التجارية األردنية ،مجلة
دراسة العلوم اإلدارية ،العدد ،2عمان ،2110 ،ص .13
P 518 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
مهمة واحدة أو أكثر إلى وظيفة قائمة أصال ،وفي جميع األحوال تعمل هذه الممارسة على زيادة
تنوع المهارات الوظيفية ،وذلك ألن هناك أكثر من مهمة يؤديها الموظف المعني باألمر911.
وتسهم عملية التوسيع الوظيفي وبدرجة كبيرة في تحسين مستوى أداء الخدمات للزبائن،
وتختصر الوقت ،وتتجاوز األسلوب البيروقراطي في الكثير من المؤسسات الخدماتية كاألبناك
مثال ،ألن إناطة جميع المهام بموظف واحد من شأنها التقليل من مشكالت التنسيق ،لكن هناك
بعض األبحاث والدراسات تشير إلى أن إناطة المزيد من المهام إلى الموظفين أمر ال يؤثر إيجابا
على الدافعية واألداء أو الرض ى الوظيفي ،وال يظهر التأثير اإليجابي لعملية التوسيع بخصوص
هذا الشأن إال إذا كانت هذه العملية مصحوبة بمزيد من االستقاللية والمعرفة الوظيفية،
وبمعنى آخر يشعر الموظفون بالدافعية عندما تكون لديهم مهام متنوعة ،ويتمتعون بالحرية
والمعرفة الالزمة لديهم مهام متنوعة ،ويتمتعون بالحرية والمعرفة الالزمة لهيكلة عملهم من
أجل بلوغ المستوى األعلى من الرض ى واألداء الوظيفيين ،وتتمثل هذه الخصائص في جوهر
اإلثراء الوظيفي.912
وهكذا يتبين لنا بأن مسألتي اإلثراء والتوسيع الوظيفيين تساهمان بصورة مباشرة في
تحسين مستوى األداء وفي زيادة ثقة الموظف بنفسه والرفع في روحه المعنوية ،وتقع كل منهما في
دائرة اهتمام قيادته اإلدارية التي تحذوها الرغبة األكيدة لتطوير أداء مؤسستها والرفع من
مستواها إلى األفضل.
تظهر معالم األداء الجيد من لحظة الوصول إلى تحقيق كامل األهداف التي تم وضعها في
خطة العملية اإلدارية أو تنفيذ المشروع ،وفي المدة الزمنية املحددة لها ،وبالتكلفة المرصودة،
والجودة المنشودة ،فهذه الحصيلة هي أشبه بحصد النتائج اإليجابية لألداء الجيد ،فهي ثمارلما
تم بذله من قبل القائد اإلداري واإلدارة والمرؤوسين من جهد ومثابرة ومتابعة ومر اقبة وتوجيه...
الخ وذلك طيلة مراحل سيرالعملية اإلدارية أو تنفيذ المشروع.
إن تحقيق هذه األهداف والوصول إلى النتائج اإليجابية لم يتم بعيدا عن المر اقبة
والمتابعة من قبل القيادة اإلدارية منذ اللحظة األولى للشروع في تنفيذ املخطط وذلك عن طريق
P 519 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
القياس والتقديرألداء كافة األطراف المعنية بتنفيذ العملية أو المشروع ،وعلى األخص العاملين
أو المرؤوسين.
فالقياس هو عملية تقدير وتقييم لألداء ،والبحث في مدى قدرة هؤالء العاملين في تحمل
المسؤولية والنهوض بالمؤسسة والرفع بمستواها حتى بلوغ أهدافها.
أما تقييم األداء ،فهي عملية تحليل وتقييم ألداء العاملين لعملهم أو األعباء المكلفين
بالقيام بها ،وكذلك عملية تحليل ودراسة مسلكهم أثناء مزاولة عملهم ،وقياس مدى صالحيتهم
للنهوض بأعباء وظيفتهم.913
إن قياس وتقييم األداء هو عملية دائمة ومستمرة تالزم الفرد طوال حياته الوظيفية،
وهذا يعني بأن القياس يتطلب وجود شخص يالحظ وير اقب ويتابع األداء بصورة دائمة ومستمرة
لكي تكون عملية القياس موضوعية وسليمة وخالية من أية شائبة ،كما تتطلب أيضا معايير
لألداء كي يتم بموجبها مقارنة أداء الموظف والحكم على كفائته وقدراته وخبراته ...الخ.
ويتبين من ذلك بأن عملية قياس األداء مسألة مهمة وصعبة في نفس الوقت ،ألنها الوسيلة
التي تدفع إدارات المؤسسات للعمل بحيوية وجدية في النشاط ،حيث تجبر القادة اإلداريين
وتلزمهم على متابعة ومالحظة أداء مؤروسيهم بشكل دائم ومستمر ،كما أنها تدفع المرؤوسين
للعمل بكامل نشاطهم وكفاءتهم ليظهروا بمظهر المنتجين والدؤوبين أمام رؤسائهم ،وهي وسيلة
صعبة ومعقدة ،ألن أداء بعض العاملين قد يصعب قياسه ،وذلك لطبيعة بعض األعمال التي
تتسم باإلنتاجية غير الملموسة ،كتلك التي تعتمد على الطاقة الذهنية والعقلية مثل األعمال
اإلدارية وأعمال المشرفين وغير ذلك ،حيث يكون االعتماد األساس ي في عملية قياس األداء قائم
على عنصرمالحظة القائد المباشرورأيه الشخص ي في بعض الصفات التي يتحلى بها العامل.
وكما هو معلوم فإن قياس أداء العاملين ،يعد عملية ضرورية ألية مؤسسة ،خاصة عندما
تكون هذه المؤسسة ذات طابع خدماتي ،حيث يترتب عن هذه العملية قرارات كثيرة خاصة في
مجال إدارة شؤون األفراد ومن خالل عملية التقييم نستطيع الحكم على أهلية العاملين للبقاء
في العمل ،أو على استحقاقاتهم ،أو تخفيض درجاتهم ورو اتبهم ،أو حتى تسريحهم واالستغناء عن
P 520 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
خدماتهم ،وذلك ألن العامل يعتبر عنصرا حيويا وأساسيا من عناصر اإلنتاج ،ووسيلة لتحقيق
أهداف وغايات المؤسسة واستراتيجيتها ،لذلك البد لها (المؤسسة) من قياس هذه العناصر
البشرية في قيامها بالمهام الموكولة إليها.
وهكذا يتضح لنا بأن عملية قياس األداء الوظيفي وتقييمه يقصد بها بالدرجة األولى،
تجنب األخطاء وتالش ي السلبيات والوقوف على نطاق الضعف ومكامن األخطاء حتى بلوغ
األهداف .وهذا يعني بأن الغرض من هذه العملية يتمثل في عدة نواحي أبرزها914:
)2تحديد ما إذا كانت المؤسسة تسيرفي االتجاه الصحيح وإمكانية تحقيق األهداف.
)6تقييم الموظفين والبحث في طبيعة قدراتهم وكفاءاتهم ،إذ ال يمكن فهم العمليات
اإلدارية دون قيامها.
)7تحديد المسؤول عن طبيعة النتائج المتوصل بها ومهما كانت طبيعتها إيجابا أم سلبا.
P 521 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
أما بالنسبة لكيفية قياس األداء الوظيفي ،فقد ذكرنا سابقا بأن هناك عدة معاييروطرق
إلجراء عملية القياس ،وتتم هذه العملية باستخدام األساليب الموضوعية التي تعتمد على
المعاييرالتالية:
يمكن الحصول على مقياس موضوعي لكمية ناتج األداء ،إن أمكن تحديد ناتج األداء،
وكذلك تحديد وحدة قياسه ،ومن األمثلة على هذا النوع عدد الوحدات التي تم إنجازها خالل
وقت محدد.
إن أهم ما يميز قطاع الخدمات هو جودة الخدمة التي تقدمها المؤسسة ،ففي بعض
الحاالت يتطلب معرفة جودة الخدمة ،بصرف النظرعن سرعته في األداء .وتجدراإلشارة هنا إلى
أن استخدام معيارجودة الناتج يجب أن يتضمن تعريف محدد للجودة.
وهو عندما يمكن استنباط مقياس يجمع بين الكم والجودة معا ،ويعد هذا المقياس
األفضل من حيث شموليته لتلك المقاييس التي تعكس الكم والجودة كال على حدة.
يتضح من خالل هذه األساليب الثالث ،بأنه من الضروري بعد تعيين العاملين (المكلفين)،
التأكد من مدى قيامهم بالمهام أو األعمال المطلوبة منهم ،وذلك من خالل إجراء تقييم ألدائهم،
ألن تقييم أداء العاملين يمكن أن يوصلنا إلى نتائج نستطيع من خاللها التعرف على الضغوط التي
تواجههم أث ناء عملهم ،ومحاولة العمل على التخفيف من هذه الضغوط حتى يتم التأكد من
الوصول إلى أداء أفضل.
وهكذا يتبين لنا بأن قياس األداء يعد مسألة ضرورية وهامة ،حيث يترتب عنها إصدار
الكثير من القرارات خاصة تلك المتعلقة في مجال إدارة شؤون األفراد ،حيث يتم بموجب هذه
القرارات الحكم على أهلية كافة العاملين في المؤسسة وتحديد مراكزهم الوظيفية فيها ،أو
ترقيتهم أوتخفيض درجاتهم أوحتى في عملية االستغناء عنهم ،وهذا يعني بأن طبيعة هذه القرارات
تكون نابعة من صميم مصلحة المؤسسة وألجل تقدمها والرفع من مستوى أدائها وأداء العاملين
P 522 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
بها ،مما يستوجب على أصحاب المهام (القادة) ضرورة مراعاة مسألة قياس وتقييم أداء
مرؤوسيهم بما يتالئم مع دورهم بالرفع من مستوى األداء اإلداري للمؤسسة أو المشروع.
ومن جهة أخرى ،فإن مسألة صنع و اتخاذ القرارات تعد من المهام الرئيسية التي يتوالها
القادة اإلداريين ،الذين تعود إليهم هذه المهمة ،نظرا لما يتحلون به من قدرات وكفاءات
وخصائص ذهنية وعقلية ،يتميزون بها عن غيرهم من العاملين حولهم.
وإذا كانت القيادة هي بالفعل نوع من التأثير في السلوك لتوجيه مجموعة من األفراد،
لتحقيق هدف أو غاية معينة ،تضمن فعال طاعتهم وثقتهم واحترامهم وتعاونهم 915...فإن األمر
يستلزم منها إصدار أو اتخاذ قرارات موضوعية وعقالنية .وتبقى هذه القرارات متعلقة بدرجة ما
يتمتع به القائد اإلداري من الصفات والخصائص التي تمكنه من الظهوركقائد كفوء ومتميزعن
اآلخرين .ولهذا فإن تأثيرالقرارات ودرجة مساهمتها في تحقيق النتائج اإليجابية للمؤسسة ،يرجع
أوال وقبل كل ش يء إلى القائمين على صنع و اتخاذ مثل هذه القرارات ،وهم القادة المتمرسون...
فما طبيعة الدور الذي يقومون به في هذا الصدد خاصة بالنسبة للقرارات ذات الطابع الحيوي
واالستراتيجي؟
أشرنا سابقا إلى أهمية الدورالذي تقوم به اإلدارة والقادة اإلداريين ،وذلك على صعيدي
صنع و اتخاذ القرارات اإلدارية ،والذي يعتبرمن بين المهام األساسية والجوهرية للقادة والمدراء
اإلداريين.
وفي هذا املجال تتفاوت مهارات وقدرات هؤالء في اتخاذ القرارات الصائبة والموضوعية،
فنجاحهم في مهامهم يبقى مرتبطا بمنطقية ما يتخذونه من قرارات مناسبة ومالئمة ،سواء كانت
تلك القرارات ذات طبيعة استراتيجية أو تكتيكية أو اشتغالية ،فالمؤسسة الناجحة هي التي
تحسن صنع و اتخاذ القرارات التي يشرف عليها قادتها ومدرائها ،فنجاح عمليات القيادة واإلدارة
تتمثل في عملية التأثير على أنشطة األفراد والجماعات ،وهي متعلقة برشادة وفعالية القرارات
المتخذة من طرف القائد اإلداري داخل المؤسسة ،مما يدفع األفراد املخاطبين إلى تقبلها أو
رفضها ،فعند قبولها يعملون على تنفيذها عن رغبة و اقتناع وبذلك تتحول سياسات المؤسسة
-915أحمد عسكر ،نحو تطوير اإلدارة المدرسية ،مرجع سابق ،ص .32
P 523 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
إلى و اقع ملموس ،أما إذا تم رفضها فإنها تصطدم بالو اقع الملموس ،ومن هنا ال داعي ألن يستمر
الوضع على الحالة التي بها916.
ولهذا فإننا نرى بأن مساعي المؤسسات لتحقيق غاياتها وأهدافها المرغوبة ،تتوقف في
المقام األول على قدرة وكفاءة قادتها ومدرائها ،وفهمهم لما يصدر عنهم من قرارات وأساليب
اتخاذها ،وبما يتوفر لديهم من مفاهيم بخصوص هذا الشأن ،والتي تضمن رشد هذه القرارات
وفاعليتها .كما تتوقف هذه المساعي أيضا على إدراكهم التام ألهمية هذه القرارات ووضوحها
ووقتها والعمل على تنفيذها ومتابعتها وتقويمها...الخ.
ويتبين من ذلك بأن للقيادة اإلدارية دور بالغ األهمية في اختيار القرار المناسب والمالئم
سواء حين وضع خطة العمل ،أو حين اإلشراف على التنظيم وتنسيق السياسات واالتصال
والتفويض وحل المشكالت وإدارة األزمات ...الخ وهذا يعني بأن أهمية القيادة في اتخاذ القرارات
تشمل من الناحية العملية كافة جوانب التنظيم اإلداري أو المؤسس ي ،وأن أي تفكير في أية
عملية إدارية أو مشروع ينبغي أن يركزبالدرجة األولى على األسس واألساليب التي يعتمدها القائد
اإلداري في اتخاذ قراراته.917
ولتوضيح ما سبق ذكره ،سوف نتناول بالتفصيل أهم الجوانب المتعلقة باتخاذ
القرارات ،ودورهذه القرارات بالرفع من مستوى األداء اإلداري ،وتحسين مستواه ،والكشف عن
أهمية دورالقيادة اإلدارية في اتخاذ القرارات المنطقية والموضوعية.
إن الحديث عن مسألة دور القيادة واإلدارة في اتخاذ القرارات ،تستوجب البحث في أهم
الجوانب المتعلقة بموضوع القرار ،خاصة من حيث التعريف بمعناه ،وعناصره ،وتحديد
أهميته على صعيد سير العملية اإلدارية ،وطرق أو أنماط اتخاذه ،و أيضا شروط نجاعته
وصحته ،ومتابعة تنفيذه ،وتقييم نتائجه.
P 524 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
بمهمة التخطيط ،يقوم المعني باألمرباتخاذ قرارات محددة أومعينة لكل مرحلة من مراحل وضع
الخطة وتنفيذها ،سواء حين تحديد الهدف أو رسم السياسات ،أوإعداد البرامج وتحديد الموارد
الالزمة ،واختيار أفضل األساليب وطرق تشغيلها918...
وكذلك حينما يتم وضع التنظيم المالئم ملختلف المهام واألنشطة المتعددة ،فإن اإلدارة
أو القيادة تلجأ التخاذ قرارات ،خاصة حينما يتعلق األمر بالهيكل التنظيمي ونوعه وحجمه،
وأسس تقسيم اإلدارات واألقسام ،وخطوط السلطة والمسؤولية..
و أيضا حينما يتولى القائد اإلداري وظيفته القيادية ،فإنه يقوم عادة باتخاذ مجموعة من
القرارات ،سواء حين توجيه مرؤوسيه ،أو تنسيق جهودهم ،أو استشارتهم بخصوص دو افعهم،
وتحفيزهم على األداء الجيد ،وحل مشاكلهم..
ومن جهة أخرى ،فحينما تقوم اإلدارة بوظيفة الرقابة ،فإنها تتخذ مجموعة قرارات بشأن
تحديد المعاييرالمناسبة والمالئمة لقياس األداء ،ونتائج األعمال والتعديالت التي قد تجريها على
الخطة المقررة ،أو العمل على تصحيح األخطاء إن وجدت.
وهكذا يالحظ بأن عملية اتخاذ القرارات تتم أو تجري في دورة مستمرة ،وفي ظل استمرار
واستقرارالعملية اإلدارية نفسها ،وهذا من شأنه أن يكسب مسألة اتخاذ القرارات أهمية بالغة،
وقبل إبراز هذه األهمية البد من البحث في موضوع معنى القرار وطبيعته ومفهومه ،وأهميته في
العملية اإلدارية.
يرى الكثير من الباحثين ،أن مفهوم القرار يعني عملية اختيار ألحد بدائل التصرف
المطروحة ،في موقف ما لتحقيق أهداف معينة أو محددة ،وهذا يعني بأن أساس عمليتي صنع
و اتخاذ القرار ،هو وجود البدائل ،فوجودها يخلق مشكلة تتطلب عملية حلها واختيار أو انتقاء
أحد البدائل المطروحة.
وهناك من يرى بأن القرار يعني ،إصدار حكم معين في موقف ما ،بعد دراسة عدة بدائل،
على أساس مجموعة معاييرلتحقيق هدف أو عدة أهداف.919
-918للمزيد من التفاصيل راجع :مهارات القيادة والقيادات وحل المشكالت واتخاذ القرارات ،مرجع سابق.
-919د .نعيمة الظرفات ،مرجع سابق ،ص .31
P 525 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
يتبين من هذا التعريف ،بأن مفهوم القرارات يكمن في إصدارحكم أو الحسم في األمور ،أو
إنهاء حاالت التردد أو الحيرة لتحقيق االنضباط وااللتزام والترجيح بين ما هو مطروح من خيارات
وبدائل بغرض الوصول إلى األهداف المتوخاة .فالقرارهنا هوعملية اختياربديل من بين البدائل
المطروحة لحل مشكلة ما ،أو أزمة ،أو تسييرعمل معين للوصول إلى الهدف املحدد.920
أما فيما يتعلق بالقرار(اإلداري) ،فهناك العديد من اآلراء ووجهات النظربخصوص تحديد
معناه ،ورغم ذلك يمكن القول ،بأنه هو القرار الذي يصدر عن اإلدارة بإرادتها المنفردة ،بهدف
تعديل أو رفض تعديل حق ،أو االلتزام في الحقوق وااللتزامات القائمة ،دون أن يتوقف األمرعلى
إرادة املخاطب بما ورد في هذا القراربهدف إحداث أثر قانوني.921
ونستخلص مما سبق ،بأن القرار يعني إعطاء الحق لمن له السلطة أو التأثير باتخاذه،
وبموجب القوانين واللوائح إلصدار أوامر وإرادات مثبتة ،تهدف إلى تحقيق مصلحة عامة
للمؤسسة ،سواء كان هذا القرارإداريا ،أم قضائيا ،أم تشريعيا ،أو حتى داخليا.922
وإذا كان مفهوم القراريعني اختياربديل من بين بدائل عدة مطروحة بغرض تحقيق هدف
واحد أو عدة أهداف معينة ،فإن ذلك يشير إلى وجود مجموعة من العناصر الخاصة بالقرار
وهي923:
)1عملية االختيار :إن اختيار البديل التخاذ القرار يعد أمرا ضروريا ،غير أن حرية هذا
االختيارتبقى مسألة نسبية ،حيث ال يوجد هناك حرية مطلقة لهذا االختيار ،إذ يتم هذا االختيار
وفقا ملجموعة من القيود أو الشروط ،و أيضا مراعاة معاييراالختيار.
)2وجود بديلين على أقل تقدير :تستوجب عملية االختيار وجود عدد من البدائل كي يتم
اختيارالبديل المناسب لحسم األمرقبل اختيارالقرار .فاالختيارينبني على وجود بديلين أو أكثر.
)3وجود هدف واحد أو عدة أهداف :تقتض ي عملية اتخاذ القرارات وجود هدف أو
مجموعة من األهداف ،تسعى جهة اتخاذ القرار لتحقيقها ،وهي تلك األهداف التي تم تحديدها
أثناء وضع الخطة المرسومة.
-920للمزيد من التفاصيل راجع :عبد الكريم القنبعي ،القرار واتخاذ القرار http://revues.imist.com
-921لولوة حمد النعيمي ،تعريف القرار اإلداريhttp://m.AL-Shang.com :
-922ياسين عدنان أبو سالم ،تعريف القرار اإلداريhttp://mawdoo3.com :
-923مهارات القيادة والقيادات وحل المشكالت واتخاذ القرارات ،مرجع سابق.
P 526 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
أما فيما يتعلق بنوعية القرارات التي يتم اتخاذها من قبل القيادة أو اإلدارة ،فهي بالعادة
تتوزع بين نوعين924:
-1قرارات تنفيذية.
-2قرارات تكتيكية.
-1قرارات حيوية.
-2قرارات استراتيجية.
ويتضح من هذا التنوع أو التصنيف ،بأن محتوى القرارات يتوقف إلى حد ما ،على نوعية
وطبيعة المشكلة أو المسألة المراد معالجتها ،وكذلك الهدف منها خاصة إذا ما كان استراتيجي
أم تكتيكي أم تشغيلي ،و أيضا مجال اهتمام هذه القرارات ،كأن تكون طبيعة هذا املجال
اقتصادية أو سياسية ،أو عسكرية أو اجتماعية الخ.
وعلى ضوء ذلك فإن أهم محتويات القرار هي المشكلة نفسها التي يعالجها القرار ،وهذا
قد يكون من شأنه أن يؤدي إلى تعقيد عملية صنع القرار.
ويتحدد محتوى القرار بموجب عدة عوامل ،يتطلب من القادة أو المدراء اإلداريين فهمها
وإدراكها بشكل جيد قبل إقدامهم على اتخاذ القرار ،ومن أبرزها:
P 527 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
ومن جهة أخرى ،فإن صفة هذه القرارات وطبيعتها ،تتحدد بمجموعة من العوامل التي
تؤثر فيها بشكل مباشر ،كنوع القرارات ،أي استراتيجية أم تنفيذية أم تشغيلية ،...ثم شخصية
وأسلوب متخذها ،أي إذا ما كان و اقعيا ،أم سلبيا ،أم مجامال ،أم حاسما ،وكذلك طبيعة البيئة
املحيطة بالقرار...
يرى البعض بأن القيادة أو اإلدارة هي بحد ذاتها عملية اتخاذ القرارات ،فالقائد أو المدير
اإلداريين ال يعمل أي منهما ،إال من خالل أفراد آخرين ،وهذا الوضع يجعل كل منهما متخذ
للقرارات للتأثيرعلى اآلخرين (المرؤوسين) ،ودفعهم إلى العمل واألداء الجيد.925
فمن خالل هذا التأثيرتتبين لنا األهمية المتبادلة بين القائد اإلداري والدورالذي يقوم به
على صعيد اتخاذ القرارات ،وبين القرارات ذاتها ،ومستوى تأثيرها على صعيد تحقيق األهداف
التي يسعى إليها (القائد).
وترجع أهمية القرارات بالنسبة للقائد اإلداري ،لكونها تعد مصدر تأثير في أداء المؤسسة
التي يقودها ،وفي األهداف التي يسعى لتحقيقها من جهة ،ومن جهة أخرى لكونها تتطلب جهودا
مشتركة بينه وبين مرؤوسيه ،فهي تعبر عن نوع هيكل المؤسسة ،وطبيعة العالقة اإلنسانية
السائدة بين الطرفين.
وبصورة عامة فإن هذه األهمية ،كما سبق ذكره تكمن في إصدار حكم أو الحسم في األمور
وإنهاء حالة التردد ،أو لتحقيق اإلنجاز والسير نحو تحقيق األهداف املخططة ،كما تساعد على
تنمية معاني االلتزام واالنضباط والترجيح بين الخيارات والبدائل المتاحة لحل المشكالت وفض
المنازعات.
وتظهر أهمية القرارات أيضا ،في النسبة المئوية العالية التي تمثلها هذه العملية في حياة
القائد اإلداري التدبيرية من عملياته وهي اتخاذ القرارات ،ولهذا يجعل من اتخاذ القرارات ،قلب
العملية اإلدارية ،والتي هي التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة.926
P 528 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
فمن خالل هذه األهمية يتضح بأن هناك مجموعة من األهداف بالنسبة للقائد اإلداري
التي تقف من وراء اتخاذه القرارات وأهمها.
ونظرا لهذه األهمية التي يحظى بها القرار ،فقد عهد بإصداره و اتخاذه إلى المستويات
القيادية العليا (القادة والمدراء اإلداريين) دون سواهم .927لكن هذا ال يعني استبعاد أطراف
أخرى من اتخاذ القرارات ،حيث يرتبط األمر بصورة أساسية بطبيعة النمط القيادي السائد في
المؤسسة أو التنظيم ،وسوف يتم توضيح هذا الشأن الحقا.
وعلى ضوء ذلك ،فإن أهمية القرارات تظهر من خالل الدور الذي تضطلع به القيادة
اإلدارية ،خاصة أثناء صنع القرارات و اتخاذها ،وتتصاعد هذه األهمية حينما يكون نوع أو طابع
هذه القرارات استراتيجيا وحيويا ،حيث ال يمكن إدراج عملية صنعها و اتخاذها في دائرة
التفويض وذلك بالنظر إلى أهميتها البالغة ،فالقرارات االستراتيجية أو الحيوية ال تسمح بإحالة
اتخاذها إلى المستويات القيادية الوسطى أو الدنيا ،فهي تعتبرمن صميم مهام القيادات العليا،
نظرا الرتباط مواضيعها بسياسات المؤسسة وأهدافها وتطويرها أو إعادة تنظيمها للرفع من
مستوى أدائها وجودة إنتاجها كما وكيفا ،وكذلك في الحاالت اإلدارية التي يتم عرضها دون أن يجد
القائد اإلداري أوالمديراإلداري ما يتم االستناد عليه حين اتخاذ مثل هذه القرارات سواء إذا كان
األمرمتعلقا في النظم أو حتى التعليمات واللوائح اإلدارية.928
P 529 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
وخالصة األمر ،فإن القرارات التي تتخذها القيادات اإلدارية أوالمدراء اإلداريين ،تعتبرمن
حيث الجوهر تصرفا قانونيا ،حينما يتعلق األمر بالعمليات اإلدارية الرسمية ،أو تصرفا نظاميا
حينما يخص أمرالقرارالعمليات اإلدارية غيرالرسمية (العادية) كما أنها وسيلة تعتمدها القيادة
اإلدارية أو اإلدارة لتحقيق أغراض وأهداف محددة.
فالقرار اإلداري هو الذي يؤمن القوى البشرية والوسائل المادية الالزمتين للعملية
اإلدارية ،ومن خالله تتبلور التوجهات والسياسات بعد تحولها إلى أمور محسوسة ،كما يعدل
األخطاء ويقوم االعوجاج في أي من مسارات العملية اإلدارية.
تعتبر عملية صنع القرار مسألة ديناميكية ،فهي تتضمن في مراحلها املختلفة تفاعالت
متعددة تبدأ بمرحلة التصميم وتنتهي بمرحلة اتخاذ القرار ،وفي جميع هذه المراحل تحتوي هذه
العملية على اختيار حذر ودقيق ألحد البدائل ،أي من بين بديلين أو أكثر من البدائل المطروحة،
ويشير هربرت سيمون )929 (Herbert A Simonإلى أن القرارات تقوم على أساسين هما930:
-2مجموعة القيم المتعلقة بعملية االختياراألحسن واألفضل وبالصورة المثلى التي يجب
أن يكون عليها موضوع القرار.
ويرى سيمون ،بأن القرار لكي يكون مفيدا وعقالنيا وعمليا ومؤثرا يجب أن يتوفر فيه
بعدان وهما931 :
البعد األول :التكيف الموضوعي للقرارمن خالل تحديد درجة التماسك مع باقي العناصر
األخرى المكونة له.
-929هربرت سيمون :هو صاحب نظرية اتخاذ القرار ،وتنطلق هذه النظرية من مبدأ أساس ي هو االختيار بين البدائل لحل المشكالت
التي تواجه تحقيق أهداف المؤسسة أو التنظيم ،وأساس هذه المشكالت بالنسبة له هو المورد البشري الدافع لصنع القرار ،حيث
يرتبط هذا الأخير بطبيعة االستراتيجيات المتخذة من خالل صنع البدائل والمفاضلة بينها ويعد اختيار البديل األفضل تعبيرا رشيدا
عن قدرة اإلدارة على المفاضلة واختيار البديل السليم...
-930مفهوم القرارات وأهميتها في العملية التعليمية http://al3loom.com
-931د .عبد الرحيم محمد ،نظرية اتخاذ القرارات عند هربرت سيمون http://dr_ama.com
P 530 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
وسوف يتم تناول هذين البعدين الحقا حين الحديث عن الشروط المتعلقة باتخاذ
القرارات العقالنية والموضوعية.
وكما سبق اإلشارة إليه ،فإن عمليتي صنع القرار و اتخاذه تجتاز كل منهما أكثر من مرحلة
حتى صدورالقرار ،وقبل تحديد هذه المراحل ،البد من التعريف بمفهومي صنع و اتخاذ القرار،
والكشف عن ماهية كل منهما ،فما هو المقصود في صنع القرار و اتخاذه ،وما هي أهميتهما
بالنسبة للقائد اإلداري وللمؤسسة التي يعملها لديها؟
عملية صنع القرار ،هي تلك العملية التي تهدف أو تسعى إلى إيجاد الحلول الجذرية لتلك
المشاكل أو المسائل التي تقف عائقا في وجه سير عمليات المؤسسة أو المشروع ،والبحث
المعمق عن الحل األمثل واألفضل من مجموعة من الحلول المطروحة من خالل التمييز
والمفاضلة بينهما.932
وبمعنى آخر ،في جميع المراحل التي يحتاجها ظهور القرار إلى الوجود ،وتتضمن هذه
المراحل التعرف على طبيعة المشكلة أو المسألة ،وتحديدها ،وتحليلها ،والعمل على تقويمها،
وجمع بياناتها ،ووضع الحلول المناسبة لها ،وإجراء تقويم لكل حل على حده ،ومن ثم القيام
باختيار أفضل الحلول ،وتتطلب هذه المراحل من القائد اإلداري التركيز على البديل األحسن
وبكل حيطة وحذرسعيا منه لحل المشكلة أوالمسألة وبالتالي التمكن من صنع القرارالموضوعي
والعقالني.
وبهذا فإن عملية صنع القرار ،يعتبر من حيث الو اقع عملية ذهنية أو عقلية ،وقد تكون
بسيطة أو معقدة ،يسعى المعني بأمرها للوصول إلى اختيارأو انتقاء سبيل أو أمرأو فكرة من بين
مجموعة من البدائل ليصل إلى الهدف الذي يريده.
-932للمزيد من التفاصيل راجع :حيدر صاحب صادق ،الفرق بين صنع القرار وطريقة اتخاذه وتنفيذه https://m.ahewar.org
P 531 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
-مرحلة تحديد البدائل وحصرها وتقييم كل منها ،واستقطاب المعلومات وجمعها الختيار
األفضل من بينها.
ويتضح من هاتين المرحلتين بأن صنع القرار ،يعتبرعملية دينامكية تتم عبرعدة خطوات
تبدأ في التصميم وتنتهي في اتخاذ القرار ،فهي بالنسبة للقائد اإلداري متسلسلة و منطقية من
حيث اتباع الخطوات للوصول إلى القرارالصائب ،وبما يتناسب مع األهداف المنشودة 933.
P 532 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
تعد عملية اتخاذ القرارنتاجا لما توصل إليه صانعوا القرارمن رؤية أوأفكار ،أو معلومات
بشأن المشكلة أو المسألة المطروحة ،وتعتبربذلك من أهم مراحل صنع القرار.
ويتبين من ذلك بأن عملية اتخاذ القرارليست مرادفة لعملية صنع القرار ،فهناك اختالف
بين المفهومين ،ويبرز هذا االختالف بصورة واضحة من خالل تحديد المراحل التي يجتازها كل
منهما .وقبل توضيح أوجه الفرق بينهما ال بد من الكشف عن مفهوم عملية اتخاذ القرار.
لقد اكتسبت عملية اتخاذ القرارات في الوقت الراهن أهمية بالغة ،خاصة بعد أن
أصبحت المؤسسات التجارية والمشاريع تعمل على موارد كثيرة وأدوات ومعدات ضخمة،
وتستخدم أموال طائلة ،فأصبح موضوع القرارات في مجال األعمال املحرك الرئيس ي لنشاط
المؤسسات والمشاريع ،ونقطة االنطالق لتحديد مستوى رقيها وتقدمها ،ولتحقيق أهدافها
والنجاح فيها ،مما ساهم كثيرا في ظهور نظريات حديثة في اتخاذ القرارات والتي يعتقد أصحابها
بأن اتخاذ القرارقد أصبح مرادفا لإلدارة.
وتعكس هذه األهمية جانب االهتمام بالحيز الكبير الذي تشغله القرارات في تسيير
المؤسسات والمشاريع ،والذي تعود مسألة تحديد مستوى قدراتها وتأثيرها للقيادة اإلدارية
باعتبارها المسؤول األول عما تتخذه من قرارات.
أما بخصوص الكشف عن ماهية مفهوم اتخاذ القرارات ،فهناك العديد من التعريفات
التي تم إطالقها على عملية اتخاذ القرارات ،فهناك من يرى بأنها:
عملية تحليل وتقييم لكافة المتغيرات المشتركة والتي تخضع بمجملها للتدقيق
والتمحيص ،بحيث يتم إدخالها وإخضاعها جميعا للقياس العلمي ،ومعادالت البحث العلمي
والنظرية العلمية واألساليب الكمية واإلحصائية للوصول إلى حل أو نتيجة ،وأخيرا إلى
استنتاجات وتوصيات لوضع هذا الحل أو الحلول في مجال التطبيق العملي وحيزالتنفيذ.934
P 533 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
نشاط إنساني مركب يبدأ بشعورمن الشك ،وعدم التأكد من جانب متخذ القرارحول ما
يجب عمله حيال مشكلة ما ،وتنتهي باختيار أحد الحلول التي يتوقع أن تزيل حالة الشك وعدم
التأكد ،وبذلك تساعد في الوصول إلى حل المشكلة المطروحة.935
عملية استخدام المنهجية العلمية والتحليل الكمي الختياربديل من عدة بدائل ،شريطة
أن يحقق هذا البديل المنفعة األكثرلألفراد والمؤسسات اإلدارية .936
وبناء على هذه التعريفات يتبين لنا بأن اتخاذ القرارات ،هي بالفعل عمل تفكير مركبة ،أو
نشاط ذهني ،وقد تكون هذه العملية منطقية أو غير منطقية مستندة إلى فرضيات محددة أو
ضمنية غيرمحددة ،ومن خاللها يتم السعي إلى اختيارأنسب و أفضل البدائل لحل المشكلة على
أساس ما يتوفرمن معطيات وبيانات .937وبذلك فإن تلك المعطيات من بيانات ومعلومات تشكل
القاعدة األساسية التخاذ القرارات ،وبقدر ما تكون دقيقة وشاملة ومحكمة التوقيت ،بقدر ما
يكون القرارالمتخذ صائبا ويخدم أهداف المؤسسة أو المشروع.
أما بالنسبة ألبرز أوجه االختالف بين عمليتي صنع القرار و اتخاذ القرار ،فهو المتمثل
بالمراحل التي تجتازها كل منهما ،وبخصوص المراحل التي تمربها عملية اتخاذ القرارفهي:
-مرحلة دراسة وتحليل كافة البدائل بعد تجميع المعلومات الو افية عن كل منها.
P 534 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
ويبدو أن مرحلة تحليل البدائل بعد تجميع المعلومات الو افية عن كل منها ،تعد من أهم
هذه المراحل ألنها تستند على عدد من المعاييرالهامة والتي من أبرزها:938
)1درجة التو افق بين األهداف التي يحققها البديل وأهداف الفرد أو الشخص المعني
باتخاذ القرار.
)6إعادة تقييم أفضل بديلين أوثالثة في ضوء املخاطرالتي ينطوي عليها كل بديل ،والنتائج
املحتملة التي تظهربعد عملية التحليل األولي.
) 7اختيار أفضل البدائل من بين البديلين أو الثالث التي أعيد تقييمها في الخطوات
السابقة ،واعتماده للتنفيذ.
وتستوجب هذه المعايير على متخذ القرار (القائد اإلداري) أن يكون متمتعا بمهارات
عالية ،وأن يدرك جيدا ،بأن عملية اتخاذ القرار هي عملية عقالنية تنطوي على تفكير عميق
لقياس البدائل ،وتوقع النتائج ،إضافة إلى ضرورة قيامة بتوفيرالبيانات الكافية ،وأن يكون قادرا
على تحمل المسؤولية و إقناع اآلخرين بأفضل بديل ممكن.939
فالقائد اإلداري المثالي هو الذي يسخرمداركه العقلية وتفكيره ،ويتجرد من عواطفه قبل
و أثناء اختيار البديل األفضل ،على أن يتم هذا االختيار على أساس التوقعات األقرب لتحقيق
النتائج األكثرإيجابية.
P 535 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
وعلى ضوء ذلك ،يتضح لنا بأن القرار الرشيد والصائب ،هو القرار الذي يتوفر فيه
مجموعة من الشروط والتي من أبرزها940:
ومن جهة أخرى ،فإن هناك عدة معوقات تصادف عملية اتخاذه ،ومن بينها المعوقات
التالية:
-2عدم سالمة طرق وأساليب اختيار القيادة اإلدارية صاحبة االختصاص في اتخاذ
القرارات.
-4عدم توفر القيادة اإلدارية على الخبرة واالستشارة الخارجية وعدم تو افر االستقرار
الوظيفي واالطمئنان النفس ي للقيادة اإلدارية.
وعلى هامش الحديث عن عمليتي صنع القرار و اتخاذه ،هناك تساؤل يطرح نفسه وهو
المتعلق بمدى إمكانية أو قابلية تفويض هاتين العمليتين إلى أطراف أخرى غير القيادات أو
المدراء اإلداريين ،أو السماح لهذه األطراف بالمشاركة بهما أو بأي منها؟؟
-940للمزيد من التفاصيل راجع :أحمد السيد كردي ،القيادة والقدرة على اتخاذ القرارhttps://kananaonline.com :
-941للمزيد من التفاصيل راجع:
P 536 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
فالقائد الديمقراطي ،وكما ذكرنا في وقت الحق يمكنه أن يخلق المناخ النفس ي التنظيمي
المالئم ،والذي من خالله يستطيع بذل أقص ى جهوده للرفع من مستوى األداء الوظيفي واإلنتاجي
لدى المؤسسة ،ويتحقق له ذلك بإشراكه للمرؤوسين في مناقشات عدد من المسائل التي تخص
العمل وطرق تحسينه ،ومحاولة الوصول معهم إلى أفضل الطروحات من الحلول ،ويتضح هذا
الشأن حين مشاركته ألعضاء فريق العمل ،أو عقد الجلسات معهم لدراسة الوثائق والتقارير
ووضع البدائل والحلول للمشاكل المطروحة ..ومن شأن ذلك خلق روح الثقة واالعتزاز بالذات،
ما يزيد ثقتهم بقائدهم إلشراكهم في وضع استراتيجية الوحدات واألقسام العاملة في المؤسسة،
وبالتالي في صنع القرار و اتخاذه ،دون أن يغامر لوحده في صنع و اتخاذ القرار ،وقد يكون ذلك
محل عدم رضاهم و انتقادهم له.942
إن مشاركة المرؤوسين في صنع و اتخاذ القرار يعتبر بحد ذاته تفويضا من قبل القائد
اإلداري لجزء من سلطاته ،ويتم ذلك ضمن حدود معينة ،حيث ال يمكنه تفويض جميع سلطاته،
ويبقى هو بال مسؤوليات ،وكما هو معلوم فإن المسؤولية ال تفوض.943
وتجدر اإلشارة إلى أن للمشاركة في عمليتي صنع القرار و اتخاذه ،معان واستخدامات
متعددة ،فالمفهوم الشائع للمشاركة هو أن يكون المرؤوس مسؤوال عن أدائه لمهام محددة،
ويمكن أن يختلف أسلوب المشاركة ودرجتها في عملية اتخاذ القرارات ،باختالف المستويات
المشتركة ،وبنوع القرارات المتخذة أو المراد اتخاذها ،فقد تكون درجة المشاركة مجرد مناقشة
قرار متخذ للحصول على القبول به ،كما يمكن أن تكون المشاركة كبيرة ،بحيث يكلف
المشاركون بإعداد مشروع القرارويتم تخويلهم صالحية اتخاذ القرارالنهائي بشأنه.944
ويبدو من ذلك ،بأن هناك درجات ومستويات مفترضة للتفويض وللمشاركة في صنع
القرارات و اتخاذها ،والتي يشرك فيها القائد اإلداري مرؤوسيه ،وهي المتعلقة بإجراء حلقات
متواصلة ،أولقاءات ،أومؤتمرات ،لحل المشكلة أوالبحث في المسألة المطروحة ،وتلقي الجديد
من االقتراحات التي من شأنها أن تقوم وتنشط القرارات غير الفاعلة ،وكذلك تبادل المعلومات
-محمد فريد الصحن وآخرون ،مبادئ اإلدارة ،الدار الجامعية للنشر ،اإلسكندرية .2110
-د .صبح محمد زريق ،إدارة العمليات واتخاذ القرارات السليمة ،سلسلة اإلدارة في أسبوع ،الجزء ،3دار الكتب ،القاهرة .2110
-942د .سمير صالح الدين حمدي ،مرجع سابق ،ص .323-322
-943للمزيد من التفاصيل راجع :د .يونس عبد العزيز مقدادي ويحيى عبد الكريم حداد ،مرجع سابق ،ص .225
-944د .معراج هواري ود .شرع مريم ،مرجع سابق ،ص .021
P 537 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
واآلراء ،و إثراء األداء الوظيفي للمرؤوسين وتوسيعه 945،...ويستطيع لقائد اإلداري المثالي من
خالل ذلك ،تحقيق المبتغى في تحسين أداء المؤسسة والعاملين فيها.
ويستفاد من ذلك ،بأن ألسلوب المشاركة في اتخاذ القرارات مظاهرإيجابية ،حيث يساعد
على تحسين نوعية القرار ،وجعله أكثر ثباتا وقبوال واستيعابا لدى المرؤوسين ،فيعملون على
تنفيذه بسهولة وحماس شديد ،ورغبة أكيدة وصادقة .كما تؤدي إلى تحقيق الثقة المتبادلة بين
القائد اإلداري وبين أفراد المؤسسة أو المشروع من ناحية ،وبين المؤسسة والزبناء الذين
يتعاملون معها من ناحية أخرى.946
هذا باإلضافة إلى أن األسلوب الجماعي في اتخاذ القرارات يعد واحدا من أفضل األساليب
اإلبداعية في اتخاذ القرارات.
وفي ختام الحديث عن مسألة صنع القرارات و اتخاذها ،يمكننا القول بأن عملية اتخاذ
القرار وبكل بساطة ،تعني االختيار بين البدائل ،ويتم هذا االختيار نتيجة مشكلة أو مسألة تحتاج
إلى حل ،وهنا يتطلب األمراتخاذ قراربخصوصها ،وكما هو معلوم فإن لكل بديل من هذه البدائل
جوانب إيجابية وأخرى سلبية ،ويلجأ متخذ القرار الختيار البديل الذي يحقق أكبر جوانب
إيجابية.
ومن جهة أخرى ،فإن أهمية اتخاذ القرار ،تكمن في األسباب أوالدواعي التي تقف من خلف
اتخاذه ،أي أسباب اللجوء إليه ،وهي في مجملها متعلقة باألهداف المراد تحقيقها ،وعلى األخص
في الجوانب المتعلقة بندرة الموارد وعدم كفايتها للوفاء بمختلف الرغبات والحاجات ،مع وجود
أكثرمن بديل إلشباع هذه الرغبات والحاجات بدرجات متفاوتة ،األمرالذي يفرض ضرورة إجراء
االنتقاء على أساس المفاضلة بين هذه البدائل الختيار األفضل منها947.
ويعتبرالقرارمن أصعب الخطوات التي تتبعها اإلدارة في عملياتها اإلدارية ،نظرا لما يترتب
عنه من التزامات ،واألصعب من اتخاذه هو صناعته ،ألن هذه المرحلة (صنع القرار) هي المرحلة
المؤثرة على اتخاذ القرار ،فالمعلومات التي يتم جمعها تعتبر أساس اتخاذ القرار ،فجودة
المعلومة تؤثرعلى جودة القرار ،فالقراريصنعه كثيرون ،أما متخذه فهو شخص واحد.
-945للمزيد من التفاصيل راجع :د .سمير صالح الدين حمدي ،مرجع سابق ،ص .321
-946د .عبد القادر محمد ،المشاركة في اتخاذ القراراتhttps://almerja.net :
-947د .عبد الرحيم محمد ،الطريق نحو اتخاذ القرارhttps://dr.ama.com :
P 538 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
ويالحظ بأن عملية اتخاذ القرارات في الدول المتقدمة وكذلك في المؤسسات الخاصة
الكبرى قد أصبحت في الوقت الراهن عملية معقدة ،وذلك بسبب االندماج الدولي وتدفق
المعلومات ووفرتها ،ووجود احتماالت للمستقبل يتعين على متخذ القرارمعرفتها وإدراك النتائج
المترتبة عن كل منها ،ومما يزيد من حدة التعقيد ،أن اتخاذ القرار يتم في ظل عدد من القيود
واملحددات ،التي تشمل الموارد الطبيعية والمالية والبشرية والتقنية ،ودرجة التقدم
االقتصادي واالجتماعي ،ودرجة االنفتاح واالندماج مع املجتمع الدولي ،ومدى وطبيعة القرار
المراد اتخاذه ،وإذا ما كانت له آثار محلية أو إقليمية أو دولية948.
وقد تشمل عملية اتخاذ القرار قضايا ومسائل آنية محلية ال يمكن أن تشمل مواضيع
استراتيجية بعيدة المدى ،تنطوي على أبعاد مستقبلية من حيث األفق الزمني أو غيرمحلية من
حيث المدى الجغرافي.
الئحة المراجع
سمير صالح الدين حمدي – القيادة اإلدارية في بناء الدولة واملجتمع – منشورات زين –
بيروت . 2117
نعيمة الظرفات – القيادة اإلدارية وتدبير مراكز اتخاذ القرار – منشورات دار األمان –
الرباط.
العزيز أشرقي – الدليل العملي للتواصل اإلداري واالجتماعي – مطبعة النجاح – الدار
البيضاء . 2112
نزارعبد الحميد البراوي ولحسن عبد الله باثيوة – إدارة الجودة للتمييزوالريادة – مفاهيم
وأسس وتطبيقات – الوراق للنشروالتوزيع – عمان .2111
أحمد علماوي وزهرالدين قربوز– مشاركة العاملين في اتخاذ القرار– مجلة االصطالحات
االقتصادية واالندماج في االقتصاد العالمي – املجلد 14العدد – 1ديسمبر – 2121الجزائر.
-948عبد العزيز فارس الفارس ،مراكز البحوث وصناعة القرار في دولة اإلمارات العربية المتحدة ،مجلة التنمية والسياسات
االقتصادية ،املجلد 5العدد /2يونيو ،2113الكويت.
P 539 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
أحمد عبد املحسن العساف -مهارات القيادة وصفات القائد -المكتبة الشاملة الذهبية-
الرياض .2112
محمد حسن حمدات – القيادة التربوية في القرن الجديد -دار الحامد للنشر والتوزيع-
عمان . 2116
طاهرالغالبي ووائل ادريس ،اإلدارة االستراتيجية ،منظورمنهاجي متكامل ،دارو ائل للنشر
والتوزيع -عمان.2117 ،
أحمد سيد مصطفى ،إدارة الموارد البشرية ،اإلدارة العصرية لرأس المال الفكري ،دار
النهضة العربية للطباعة والنشر ،القاهرة.2114 ،
محمد المبيضين ومحمد الطراونة ،أثرالتمكين اإلداري في السلوك اإلبداعي لدى العاملين
في البنوك التجارية األردنية ،مجلة دراسة العلوم اإلدارية ،العدد ،2عمان.2111 ،
رامي اندراوس وعادل معايعة ،اإلدارة بالثقة والتمكين ،عالم الكتب الحديثة ،الطبعة
األولى ،عمان.2111 ،
نواف كنعان ،اتخاذ القرارات اإلدارية ،بين النظرية والتطبيق ،الطبعة الثانية ،الرياض،
.1919
محمد قاسم القريوتي ومهدي حسين زويلف ،مبادئ اإلدارة ،النظريات والوظائف،
الطبعة الثالثة ،دارالمستقبل للنشروالتوزيع ،عمان .1919
يونس عبد العزيز مقدادي ويحيى عبد الكريم حداد ،المدخل في علم اإلدارة ،الطبعة
األولى ،دارزهران للنشروالتوزيع ،عمان .1995
صبح محمد زريق ،إدارة العمليات و اتخاذ القرارات السليمة ،سلسلة اإلدارة في أسبوع،
الجزء ،3دارالكتب ،القاهرة .2111
P 540 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
ولعل من أبرز العقوبات التي كانت وال زالت محط اهتمام من طرف فقهاء الشريعة
اإلسالمية والقوانين الوضعية ،أجد المصادرة التي عالجها علماء الفقه اإلسالمي في باب التعزير
بأخذ المال ،وتناولها التشريع الجنائي المغربي في الباب الثاني المتعلق بالعقوبات اإلضافية،
دون أن ننس ى أن هذه العقوبة كانت عقب حصول المغرب على االستقالل ،موضوع تشريع خاص
بموجب ظهير 27مارس 1951المتعلق بإحداث لجنة البحث المكلفة بمصادرة عقارات الخونة
المتواطئين مع المستعمر ضد المغرب للحيلولة دون تحقيقه لذلك الغرض.
وتعد المصادرة عقوبة مالية تقوم على إنقاص الذمة المالية لألفراد ،التي هي قوام
الحياة االجتماعية ،والغرض من هذه العقوبة ال يقتصر على مجرد الزجر والردع عن ارتكاب
الجريمة ،بل يتعدى ذلك إلى كونها تعد موردا من موارد الميزانية العامة للدولة ،كما أنها ال تطال
المنقوالت فقط ،بل تشمل كذلك العقارات ،التي تعتبر األرضية األساسية النطالق جميع
المشاريع االقتصادية واالجتماعية.
P 541 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
هذا ،وتثيرعقوبة مصادرة العقارات العديد من اإلشكاالت ،من أبرزها ما يتعلق بتحديد
طبيعتها القانونية في ظهير 27مارس 1951المتعلق بإحداث لجنة البحث ،ومدى إقرار فقهاء
الشريعة اإلسالمية لهذه العقوبة ،بصيغة أخرى ،هل عقوبة المصادرة المنصبة على العقارات
في الظهير المذكور هي عقوبة إضافية أو أصلية ،أم ذات طبيعة خاصة ،وما موقف الشريعة
اإلسالمية منها ،وما هي أوجه االتفاق واالختالف بين هذه العقوبة من حيث المفهوم والداللة بين
الفقه اإلسالمي والتشريع المغربي؟.
لإلجابة عن ذلك ،سيتم تناول هذا الموضوع انطالقا من مبحثين اثنين ،يعالج األول
مفهوم مصادرة العقارات في الفقه اإلسالمي والتشريع المغربي ،على أن يتم التطرق في المبحث
الثاني للطبيعة الشرعية والقانونية لمصادرة العقارات.
مصادرة العقارات عبارة مركبة من كلمتين ،ورد ذكرهما والتطرق إليها في كتب اللغة
العربية والفقه اإلسالمي ،مع اختالف بين الفقهاء القدامى والمعاصرين في كيفية إيرادهم
لمصطلح مصادرة ،بخالف التشريع المغربي والمقارن الذين يمكن الجزم أنهم اتفقوا في
تعريفاتهم لمصطلح المصادرة.
أما مصطلح العقارموضوع المصادرة ،فال خالف بين الفقهاء في كون المقصود به األرض،
إال أنهم اختلفوا فيما عداها ،لكن التساؤل المطروح ،ما هو االتجاه الفقهي الذي تبناه المشرع
المغربي؟ لإلجابة عن هذا التساؤل ،تقتض ي طبيعة هذا المبحث تقسيمه إلى مطلبين ،يخصص
األول لمفهوم المصادرة لغة واصطالحا ،على أن يسلط المطلب الثاني الضوء على تعريف العقار
لغة واصطالحا.
للمصادرة في كتب اللغة العربية مدلوالت متعددة (الفقرة األولى) ،منها ما ينطبق على
تعريفها من الناحية االصطالحية (الفقرة الثانية).
المصادرة مشتقة من الفعل "صدر" ،يقال صدراألمرصدرا وصدورا ،وقع وتقرر ،وأصدر
األمر أنفذه وأذاعه ،وأصدر الرعاء ذواتهم ،سقوها وصرفوها عن الماء ،وفي التنزيل( ،قالتا ال
P 542 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
نسقي حتى يصدر الرعاء و أبونا شيخ كبير) ،949وصادره على كذا ،طالبه به بإلحاح ،وصادرت
يء950. الدولة األموال ،استولت عليها عقوبة لمالكها ،وفالن ماله صادروال وارد ،ما له ش
وفي معجم اللغة العربية المعاصرة "صدر الحكم في القضي ــة ،حــدث ،وق ــع وتـ ـقــرر،
وصادرت الدولة أموال الخائنين والبضائع المهربة ،استولت عليها عقوبة لهم ،كما أنها تعطي
معنى االستعداء ،يقال فالن استعدى مال فالن ،صادره وأخذه منه ،والصادرات بضائع وطنية
ترسل إلى بالد أخرى لبيعها ،عكسها واردات.951
يتضح مما سبق أن المصادرة تأتي في اللغة العربية بمعاني متعددة ،من بينها إنفاذ األمر
وإذاعته ،وطلب الش يء بإلحاح ،واالستعداء واالستيالء على الش يء.
إال أن أبرزالدالالت اللغوية و أقربها لمفهوم المصادرة موضوع البحث والدراسة ،ما جاء
في تعريف المعجم الوسيط ،من كونها استيالء الدولة على األموال عقوبة لمالكها ،وهو ما
سأحاول استجالءه من خالل الفقرة الموالية المتعلقة بالتعريف االصطالحي للمصادرة.
P 543 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
الظاهرمن خالل تصفح بعض الكتب الفقهية التي عالجت موضوع المصادرة أن الفقهاء
القدامى لم يحددوا تعريفا واضحا للمصادرة ،و إنما يمكن استنباط مفاهيمها لديهم من خالل
تتبع سياق إيرادهم مصطلح المصادرة ،وذلك عكس الفقهاء المعاصرين الذين قدموا تعريفات
مباشرة لهذا المصطلح ،ولتبيان ذلك سيتمحور الحديث من جهة على التعرف على مصطلح
المصادرة لدى الفقهاء القدامى (أ) على أن أتناول مفهوم المصادرة عند الفقهاء المعاصرين
من جهة ثانية (ب).
بعد إمعان النظر في المراجع الفقهية للمذاهب لم أعثر على تعريف واضح للمصادرة،
ولكن وضعت يدي على عدد من العبارات التي وجدت فيها كلمة (مصادرة) ،أو الفعل (صادر)،
فوجدتهما يدالن على مفاهيم عدة منها:
-1ال تكون المصادرة إال بأمرمن السلطان ،أو من ينوب عنه ،حيث جاء في حاشية بن
عابدين "ما لو أخذ السلطان أموال مصادرة" ،وجاء في الروض المربع "وإن صادره سلطان ،أو
أخذها منه قهرا"952.
-2المصادرة عبارة عن أخذ المال ،أو المطالبة به ،ويؤيد ذلك قول بن عابدين
"المصادرة أن يأمره بأن يأتي بالمال".
-3كما أنها تدل على نزع المال من صاحبه جبرا ،وذلك لمصلحة عامة ،جاء في المنخول
"حيث انتهى األمر في اتباع المصالح إلى القتل بالتعزير ،والضرب ملجرد التهمة ،وقتل تلث األمة
الستصالح ثلثيها ،ومصادرة األغنياء عند المصلحة"953.
-4يفهم من عبارات الفقهاء الواردة في كلمة مصادرة ،أنها من قبيل السياسة الشرعية،
جاء في البحر الرائق" ،إن مصادرة السلطان ألرباب األموال ال تجوزإال لعمال بيت المال"954.
952ابن عابدين اإلمام محمد أمين المشهور بابن عابدين :رد المحتار على الذر المختار شرح تنوير األبصار ،تحقيق الشيخ عادل عبد
الموجود ،الشيخ علي معوض ،ط 0202 /0ه ــ0222/م ،دار الكتب العلمية بيروت ،ج ،3/ص .022
953اإلمام أبو حامد بن محمد الغزالي :المنخول ،تحقيق محمد هيتو ط 0211 /2هــ ،دار الفكر دمشق ج ،0ص .302
954العالمة زين الدين إبراهيم بن محمد بن نجيم :البحر الرائق ،شرح كنز الدقائق ط ،2 /دار المعرفة بيروت ،ج 6ص .230
P 544 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
-5إن كلمة مصادرة في عبارات الفقهاء يفهم منها نزع الملكيات غير المشروعة ،أو
الملكيات التي تم اكتسابها بالطرق غيرالشرعية ،قال بن نجيم "فإن قلت كون ما نحن فيه يحتاج
إلى إذن اإلمام ،وهو أول المسألة ،فيلزم المصادرة" ،955أي يلزم مصادرة الملكيات التي تم
االستيالء عليها بغيرإذن اإلمام.
عرفت الموسوعة الفقهية المصادرة بأنها االستيالء على مال املحكوم عليه أخذا ،أو
إتالفا ،أو إخراجا عن ملكه بالبيع عقوبة956.
ويرد على هذا العريف بأنه مقيد للمصادرة ،حيث حصرها في باب العقوبة ،ولعل
السبب في ذلك ،أنهم استخلصوا هذا التعريف من مواضع الحديث عن التعزير بالمال عند
الفقهاء ،وكان األولى استنباط التعريف من خالل تتبع كلمة مصادرة في مراجع الفقه.
وفي معجم لغة الفقهاء ،جاء أن المصادرة "أخذ السلطان مال الغير جبرا بغير عوض"957
وإذا كان هذا التعريف يوحي عند الوهلة األولى بأنه يتسع لكثير من صور نزع الملكية ،إال
أنه اشتمل على قيد ،وهو "بال عوض" ،وفي ذلك حصر للمصادرة في باب العقوبة ،وإخراج الكثير
من صور المصادرة التي تكون فيها تعويضا ،كمصادرة المشاريع واألراض ي الخاصة ،حيث إن
مبدأ التعويض يتو افق مع روح العدالة اإلسالمية.
وعرفها فتحي الدريني ،بأنها حكم بنزع ملكية أشياء معينة ،وإضافتها إلى ملكية الدولة جبرا
عن مالكها بدون مقابل958.
األول :قولهما "بدون مقابل" ،وهذا يوحي بأن المصادرة ال تكون عندهما إال عقوبة ،أو
من قبيل نزع الملكيات غيرالمشروعة.
P 545 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
الثاني :قولهما "وإضافته إلى ملكية الدولة" قيد أخرجا به كثيرا من صور نزع الملكية،
والتي تضاف إلى األفراد ،كمصادرة مال المدين ،ومصادرة العقار ورده إلى الشفيع ،ومصادرة
العين المرهونة.
أما الدكتور وهبة الزحيلي ،فقد عرفها بأنها "استيالء الدولة على بعض األموال الخاصة
دون مقابل ،أو إتالفها أو تمليكها آلخر بسبب شرعي رعاية للمصلحة العامة"959.
كما عرفها الدكتورعبد العزيزعامربأنها "نزع ملكية المال جبرا عن مالكها ،وإضافته إلى
ملك الدولة بدون مقابل" ،960ومن هنا يمكن القول إن المصادرة نوعان :المصادرة بدون عوض
(مصادرة عقوبة) ،والتي هي موضوع هذه المقالة (التعزير بالمصادرة) ،والنوع الثاني مصادرة
بعوض ،والتي تكون من غير أن يرتكب صاحبها جريمة يستحق العقوبة عليها ،بل من أجل
المصلحة العامة ،وهو ما يعرف بالتأميم.
بالرجوع إلى المراجع القانونية التي اهتمت بدراسة موضوع المصادرة ،أجد أن أغلب
التشريعات ارتأت إعطاء تعريف للمصادرة من خالل قوانينها الخاصة ،وفي هذا اإلطار عرفها
المشرع المغربي في الفصل 42من القانون الجنائي بأنها "تمليك الدولة جزءا من أمالك املحكوم
عليه ،أو بعض أمالك له معينة"961.
واعتبرها من العقوبات اإلضافية بصريح الفصل 36من القانون الجنائي الذي نص على
أن "العقوبات اإلضافية هي962.........:
959وهبة الزحيلي :المصادرة والتأميم ،دار المكتبي للطبع والنشر والتوزيع سنة ،2110ص .12
960عبد العزيز عامر :التعزير في الشريعة اإلسالمية ،دار الفكر العربي ،القاهرة ،سنة ،2117ص .210 ،211
961القانون الجنائي الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 0.22.203الصادر في 22جمادى الثانية 26( 0322نونبر )0262منشور
بالجريدة الرسمية عدد 2621مكرر بتاريخ 02محرم 0323ه ـ ( 2يونيو 0263م) ،ص ،0223الفصل .22
962القانون الجنائي المغربي ،مرجع سابق ،الفصل .36
P 546 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
كما أقرالمصادرة كتدبيروقائي في الفصل 19من القانون ال جنائي ،963متى كانت األشياء
محل المصادرة غير مشروعة لذاتها ،أي يحرم القانون التعامل فيها ،أو تلك التي يشكل حملها أو
حيازتها أو بيعها جريمة ،ففي هذه الحالة يجب مصادرتها ولو كانت ملكا للغير.
فالمصادرة االحترازية في هذه الحالة وجوبية ،ألن محلها أشياء غيرمشروعة لذاتها ،أو
قد تستعمل في ارتكاب أنشطة إجرامية ،وبالتالي فالهدف وقائي ،وهذا النوع من المصادرة موجود
في كل التشريعات المقارنة ،بل كان هو األصل964.
بيد أن الهدف والغرض والطبيعة لهذا النوع من المصادرة الوقائية يختلف عن المصادرة
القضائية ،فاألولى مصادرة في غياب اإلدانة ،أما الثانية فتحتاج إلى حكم قضائي حماية للحقوق
الفردية ،ومنها على الخصوص حق الملكية وقرينة البراءة ،خاصة وأن هناك عالقة وطيدة بين
المصادرة وقانون الملكية.
والمصادرة وفق أحكام هذا الفصل ،تنصب على العقارات والمنقوالت كيفما كانت
طبيعتها ،ويمكن أن تكون كليا أو جزئيا مع حفظ حقوق المالكين حسني النية ،كما أقر ذات
الفصل إجبارية المصادرة بالنسبة لألشياء الخطرة أو الضارة أو التي تكون حيازتها غيرمشروعة،
سواء كانت هذه األشياء في ملكية المدان أو غيره.
وتبنى القانون البلجيكي كذلك عقوبة المصادرة ،واعتبرها عقوبة إضافية هدفها
منع املجرمين من االستفادة من متحصالت الحريمة وعائداتها ،الحافزالرئيس ي الذي يدفع أغلب
املجرمين الرتكاب بعض األنواع من الجرائم ذات الطبيعة االقتصادية.
P 547 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
وتعرف في القانون العراقي بأنها االستيالء على مال املحكوم عليه ،و انتقال ملكيته إلى
الدولة بدون أي تعويض ،وتفرض من قبل السلطة القضائية في الدولة.
أما في القانون المصري ،فقد عرفتها المادة 31من قانون العقوبات المصري بأنها "تمليك
الحكومة األشياء المتحصلة من الجريمة ،واآلالت التي استعملت أو التي من شأنها أن تستعمل
فيها966".
وفي التشريع الجزائري ،عرفها قانون العقوبات بأنها "األيلولة النهائية إلى الدولة لمال
معين ،أو مجموعة أموال معينة.
وقد عرفت اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة االتجار غير المشروع في املخدرات المصادرة
بكونها الحرمان الدائم من األموال بأمر من محكمة أو سلطة مختصة967.
والمقصود باألموال في هذه االتفاقية ،األصول أيا كان نوعها ،مادية أو غيرمادية ،منقولة
أو ثابتة ،ملموسة أو غير ملموسة ،كما عرفتها أيضا اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الجريمة
المنظمة لسنة ، 2111بكونها "التجريد النهائي من الممتلكات بموجب أمر صادر عن محكمة أو
سلطة مختصة أخرى".968
وعلى المستوى الفقهي ،حاول مجموعة من فقهاء القانون تعريف المصادرة ،حيث ذهب
أحدهم إلى كونها "نقل قسري ألمالك الجاني ،كال أو بعضا لفائدة خزينة الدولة ،بعد حكم
اإلدانة".
وعرفها آخربكونها "إجراء الغرض منه تمليك لش يء ،أي تحميل ذمة املحكوم عليه بدين
ي لفائدة الدولة ،بمعنى نقل ملكية مال أو أكثر إلى الدولة قهرا عن صاحب المال"969. شخص
966حاتم عبد الله شويش :المصادرة وتطبيقاتها بين الشريعة والقانون ،مجلة جامعة األنبار للعلوم اإلسالمية ،تمور 2103م ،م ،2/العدد
06ص .321
967المادة األولى من االتفاقية الفقرة (و) اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة االتجار غير المشروع في المخدرات لسنة .0222
968المادة 2الفقرة (ز) من اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية التي اعتمدت وعرضت للتوقيع والتصديق واالنضمام
بموجب قرار الجمعية العامة لألمم المتحدة في نونبر .2111
969مجموعة نجيب حسني :شرح قانون العقوبات القسم العام ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،ص .267
P 548 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
و انطالقا مما سبق ،يمكن القول إن المصادرة عقوبة مالية إضافية ،تفرض بحكم
قضائي ،هدفها حرمان املحكوم عليه من عوائد الجريمة ،فهي قرار قضائي تحرم بواسطته
الدولة املجرم من األموال والممتلكات الناتجة عن جرائمه ،أيا كان نوع هذه الممتلكات.
وهي بالمعنى المشار إليه أعاله ،سالح رادع لمواجهة الجرائم الخطيرة ،ووسيلة ناجعة
للحد من الجرائم المذرة للربح كاالتجار غير المشروع باملخدرات واالتجار بالبشر واألسلحة،
وغيرها من الجرائم التي تتسم بخصائص تميزها عن الجرائم التقليدية970.
أما على مستوى القضاء الجنائي ،فالمصادرة "إجراء الغرض منه تمليك الدولة أشياء
مضبوطة ذات صلة بالجريمة ،قهرا عن صاحبها وبدون مقابل" ،971أو هي أمر بنقل ملكية بعض
األشياء أو األموال إلى الدولة ،وقد تكون عقوبة إضافية أو تدبيرا وقائيا عينيا"972.
يتضح من خالل الوقوف على التعريفات االصطالحية للمصادرة لدى فقهاء الشريعة
اإلسالمية القدامى والمعاصرين ،وكذا في التشريعات الوضعية ،بما فيها التشريع المغربي
والمقارن ،عالوة على االتفاقيات الدولية وفقهاء القانون ،أن هذا المفهوم يتسم بالشمول في
الفقه اإلسالمي ،خصوصا عند الفقهاء القدامى ،الذين تميزت إطالقاتهم لكلمة المصادرة في
كتبهم باتساع نطاقها ومواضعها ،وذلك من خالل اعتبارهم المصادرة تنفيذا ألمر صادر عن
السلطان بأخذ األموال ،سواء أكان ذلك في إطار السياسة الشرعية ،أو من باب العقوبة ،أو
لغرض المصلحة العامة ،وسواء تعق األمربمصادرة األموال العقارية أو المنقولة.
وذلك عكس الفقهاء المعاصرين والتشريعات الوضعية ،الذين وإن كانت تعريفاتهم توحي
بأنها تشمل العقارات والمنقوالت والنقود ،إال أنها محصورة في باب العقوبة وأخذ المال من
صاحبه جبرا بدون عوض ،وتمليكه إلى الدولة.
970تمتاز الجماعات التي ترتكب هذا النوع من اإلجرام بمجموعة من الخصائص نجملها في اآلتي :التنظيم ،تعدد الجناة ،االستمرارية،
التخطيط ،تقسيم العمل ،الهدف المادي ،القدرة على التكيف ،التخصص واالحتكار (يراجع بهذا الخصوص ،أحمد بوصوف الجريمة
المنظمة ،دراسة مقارنة ،أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه ،جامعة محمد الخامس ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية السويسي –الرباط ،2107
ص 202وما يليها).
971الطعن رقم ،223جلسة ، 0271/12/22ورد عند مدحت الدبيسي ،العقوبات التبعية والتكميلية في التشريعات الجنائية ،ط ،0/دار
الجامعة الجديدة ،مصر ،2101ص .002
972القرار عدد 2/2722الصادر بتاريخ 2111/01/02في الملف الجنائي عدد ،26620/22جمعية نشر المعلومات القانونية والقضائية
وزارة العدل :مجلة القضاء والقانون ،طبعة دار السالم للطباعة والنشر والتوزيع ،الرباط ،العدد ،020ص .20
P 549 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
ويعد العقار أحد أهم األموال التي تتعرض للمصادرة ،بالنظر ألهميته االقتصادية
واالجتماعية.
تطرق فقهاء الشريعة اإلسالمية والتشريع المغربي لمصطلح العقار ،مستلهمين تعريفاتهم
من الدالالت اللغوية التي أطلقها متخ صصو اللغة العربية للفظ العقار ،وهذا ما سأبينه في
فقرتين اثنتين تتناول الفقرة األولى (العقارلغة) ،على أن تخصص الفقرة الثانية ل ـ (تعريف العقار
في االصطالح).
العقار :الضيعة 973والنخل واألرض ونحو ذلك ،يقال ماله دار وال عقار ،974جاء في
المصباح المنير "العقار كل ملك ثابت له أصل كالدار والنخل"975.
ومن أهل اللغة من يخص العقار بالنخل ،فيقال للنخل خاصة من بين المال عقارا،976
وفي الحديث "من باع دارا أو عقارا"977.
وأطلق بعضهم العقار بمعنى اليبس ،978فكل ما ليس بماء فهو عقارعلى هذا اإلطالق.
973الضياع ،جمع الضيعة ،وهي العقار والدور ،سميت ضياعا ،ألنها تضيع إذا ترك تعهدها وعمارتها (ينظر محمد مرتضى الزبيدي :تاج
العروس من جواهر القاموس ،تحقيق عبد الحليم الطحاوي ،مطبعة حكومة الكويت سنة 0212هــ 0222 /م ،ج ،20 /ص .)232
974المرجع نفسه ،الجزء 03ص .001
975أحمد بن محمد بن علي الفيومي المقري :المصباح المنير في غريب الشرح الكبير ،تحقيق عبد العظيم الشناوي ،ط ،2/دار المعارف ج
2ص .220
976أبي الفضل جمال الدين محمد بن مكرم بن منظور ،لسان العرب ،ط 0212هــ 0363 /م ،المجلد الرابع ،ص .227
977أخرجه أحمد في المسند برقم 02732في مسند الكوفيين.
978ابن منظور ،لسان العرب ،مرجع سابق ص .227
P 550 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
ما ورد عن أنس بن مالك رض ي الله عنه أنه قال" ،لما قدم المهاجرون المدينة من مكة،
، األنصار979"... وليس بأيديهم يعني شيئا ،وكانت األنصار أهل األرض والعقار ،فقاسمهم
المقصود بالعقار في الحديث ،النخل ،لما اشتهر عن المدينة من أنها عامرة بالنخل980.
الحديث الثاني :ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "اشترى رجل من رجل عقارا
له فوجد الرجل الذي اشترى العقارفي عقاره جرة فيها ذهب ،فقال الذي اشترى العقارخذ ذهبك
مني إنما اشتريت منك األرض ،ولم أبتع منك الذهب ،وقال الذي له األرض "إنما بعتك األرض وما
فيها ،فتحاكما إلى رجل ،فقال الذي تحاكما إليه" ،ألكما ولد؟ فقال أحدهما لي غالم ،وقال اآلخر
لي جارية ،قال أنكحوا الغالم الجارية ،و أنفقوا على أنفسهما منه تصدقا" ،981والمقصود بالعقار
في هذا الحديث ما ذكره الحافظ بن حجررحمه الله في شرح الحديث ،حيث قال "والمراد به هنا
الدار"982.
ال خالف بين فقهاء الشريعة اإلسالمية والتشريع المغربي في كون األرض تدخل في مسمى
العقار ،غيرأنهم لم يتفقوا فيما عداها من دوروأغراس ،وباقي المنشآت واآلالت المثبتة والمرساة
ببناء أو أعمدة ،هل تدخل في مسمى العقارأم ال؟
لإلجابة عن هذا التساؤل ،سيتم بسط تعريف فقهاء الشريعة اإلسالمية للعقار في نقطة
أولى (أوال) ،على أن أعالج مفهوم العقارفي التشريع المغربي في نقطة ثانية (ثانيا).
979أخرجه البخاري في صحيحه كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها ،باب فضل المنيحة-رقم الحديث .2631
980يحيى بن شرف الخزامي النووي :صحيح مسلم ،بشرح النووي ،مؤسسة قرطبة للطباعة والنشر والتوزيع ،الطبعة الثانية 0202هــ0222/م،
الجزء ،02ص .22
981أخرجه البخاري في صحيحه ،كتاب أحاديث األنبياء ،باب قوله تعالى (أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم) ،رقم الحديث .3272
982ابن حجر العسقالني :فتح الباري ،شرح صحيح البخاري ،المكتبة السلفية ،ج ،6/ص .202
P 551 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
فقد اتفق عامة الفقهاء من أصحاب المذاهب األربعة على دخول األرض في مسمى
العقار ،983وحصل االختالف فيما عدا األرض من دور وغراس وغيرها ،هل تدخل في مسمى
العقار؟ على اتجاهين:
االتجاه األول :أن العقار ال يشمل سوى األرض فقط ،وأن الغراس والبناء ال يدخالن في
مسمى العقار ،وهومذهب الحنفية 984والحنابلة ،985وأصحاب هذا االتجاه يطلقون على الغراس
والبناء عقارا بالتبع لألرض ،فإذا انفصال عن األرض فليسا بعقار.
جاء في درر الحكام في شرح مجلة األحكام "فإذا اعتبرت األبنية واألشجار مع األرض
الو اقعة عليها تعد حينئذ عقارا ،أما إذا اعتبرت لوحدها بدون األراض ي الو اقعة عليها ،فتعد
منقوال986.
وفي كشاف القناع" ،وال شفعة أيضا فيما ليس بعقاركشجرمفرد وحيوان وبناء مفرد عن
األرض"987.
االتجاه الثاني :أن العقار يطلق على البناء والشجر ،كما يطلق على األراض ي ،وهو مذهب
المالكية ،988والشافعية ،989ألنهم يجعلون العقار ما ال يمكن نقله وتحويله مع بقاء هيئته
وصورته ،وهذا يشمل البناء واألشجار ،إذ بنقلهما تتغيرحالتهما وهيئتهما.
األمر األول :أنه مو افق لما جاء السنة النبوية من توسيع معنى العقار ليشمل النخل
والعراس عموما كما مرمعنا.
983محمد بن عبد الواحد االسكندري المعروف بابن همام ،فتح القدير دار الفكر ج 6ص ،202والدردير احمد بن محمد ،الشرح الكبير
مطبوع مع حاشية الدسوقي عليه ،دار الكتب العلمية ج 3ص .276
984محمد بن امين بن عمر ،المشهور بابن عابدين :رد المحتار على الدر المختار ،طبعة دار الكتب العلمية ،بيروت لبنان سنة ،2100ج
،2ص .360
985موفق الدين أبي محمد عبد الله بن احمد بن محمد بن قدامى المقدسي :المغني ،طبعة دار عالم الكتب للطباعة والنشر والتوزيع الرياض،
ط ،3/سنة 0207هـ 0227 -م الجزء ،02ص .362
986علي حيدر :درر الحكام في شرح مجلة األحكام الطبعة األولى دار الجيل0200 ،هـ 0220م ،ج ،0ص .006
987منصور بن يوسف البهوتي:كشاف القناع عن متن اإلقناع دار الكتب العلمية ،بدون ذكر تاريخ الطبع ،ج 2ص .021
988محمد بن عبد الله الخرشي :شرح مختصر خليل ،ط دار الفكر بيروت بدون ذكر تاريخ الطبع ،ج 6ص .027
989محمد بن شهاب الرملي :نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج طبعة دار الفكر بيروت ط /أخيرة0212هـ0222/م ،ج ،2ص .23
P 552 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
األمرالثاني :أنه مو افق للمعنى اللغوي الذي يوسع معنى العقاركما سبق بيانه في التعريف
اللغوي.
وعليه ،يمكن أن يصاغ تعريف العقار ،بالقول أنه هو المال الثابت الذي ال يمكن نقله
وتحويله إلى مكان آخردون أن تتغيرهيئته ،كاألرض والبناء واألشجار.
بالرجوع إلى القانون رقم 39-11المتعلق بمدونة الحقوق العينية990أجده عدد في المادة
الخامسة األشياء التي تعد عقارات بقوله "األشياء العقارية إما عقارات بطبيعتها ،أو عقارات
بالتخصيص".
وقد عرف المشرع المغربي العقار بطبيعته في المادة السادسة بقوله" ،العقار بطبيعته
هو كل ش يء مستقربحيزه ثابت فيه ال يمكن نقله دون تلف أو تغييرفي هيئته".
أما العقار بالتخصيص ،فقد عرفه في المادة السابعة من مدونة الحقوق العينية بقوله:
"العقاربالتخصيص ،هوالمنقول الذي يضعه مالكه في عقاررصدا لخدمة هذا العقار ،أويلحقه
به بصفة دائمة"991.
بناء على ما سبق ،يتضح أن المشرع المغربي سار وفق ما ذهب إليه المذهب المالكي،
فاعتبر البناء والغرس عقارا شأنه شأن األرض ،ولم يكتف بهذا ،بل توسع أكثر وأدخل في مفهوم
العقارالمنقوالت المرصودة لخدمة عقارواستغالله ،وأطلق عليها عقارات بالتخصيص.
هذا وتجدراإلشارة إلى أن المنقول ال يعتبرعقارا بالتخصيص إال بتحقق شرطين أساسين
هما:
-اتحاد المالك :أي أن يكون شخص واحد هو المالك لكل من العقار األصلي والمنقول
الملحق به.
990القانون رقم 32-12المتعلق بمدونة الحقوق العينية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 0.00.072صادر في 22من ذي الحجة
0232هـ 22نونبر ،2100الجريدة الرسمية عدد 2222بتاريخ 27ذو الحجة 0232هـ ( 22نونبر ،)2100ص ،2227المادة
الخامسة.
991المرجع نفسه ،المادة السادسة.
P 553 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
انطالقا من التعاريف التي تم استعراضها لكلمتي المصادرة والعقار ،أخلص إلى أن
المقصود بعقوبة مصادرة العقارات ،تجريد المالك من عقاراته أو بعضها سواء أكانت أراض ي
أو بنايات أو أغراس ،جزاء له على ارتكابه أفعاال إجرامية ومحظورات شرعية تستوجب ذلك،
وتمليكها إلى الدولة ،واألصل فيها أنها عقوبة إضافية يحكم بها إلى جانب عقوبة أصلية في التشريع
المغربي ،لكن ما طبيعتها في الفقه اإلسالمي؟ ،هذا ما سأحاول تناوله في المبحث الثاني المتعلق
بطبيعة مصادرة العقارات.
يوجد في الشريعة اإلسالمية ثالثة أنواع من الجرائم والعقوبات ،992وهي جرائم الحدود
وجرائم القصاص ،وجرائم التعازير ،وهذا النوع من الجرائم المقصود به المعاص ي
واملحظورات الشرعية التي لم يرد فيها حد أو قصاص ،وترك أمرتحديد العقوبة فيها نوعا ومقدارا
للحاكم المسلم أو من يقوم مقامه ،والسلطة التقديرية الممنوحة للحاكم المسلم في هذه
الجرائم مقيدة بالمصلحة ،وحيثما تحققت المصلحة المعتبرة شرعا فتم شرع الله ودينه ،وهذا
يع ني أن العقوبات في هذه الجرائم قائمة على االجتهاد ،وتشمل العقوبات التعزيرية عقوبة
الحبس وعقوبة النفي ،وعقوبة التعزيربأخذ المال ،والتي يدخل في نطاقها المصادرة ،ولكن هذه
العقوبة األخيرة (التعزيربأخذ المال) اختلفت أنظارالعلماء فيها ،بمعنى هل يجوزللحاكم المسلم
أن يعتمدها كعقوبة أم ال؟
أما في التشريع المغربي ،فاألصل في عقوبة المصادرة أنها عقوبة إضافية بصريح القانون
الجنائي يحكم بها إلى جانب عقوبة أصلية ،لكن التساؤل يبقى مطروحا بخصوص طبيعتها في ظهير
27مارس 1951المتعلق بإحداث لجنة البحث المكلفة بمصادرة عقارات المتعاونين مع
992االمام عالء الدين أبي بكر بن مسعود الكاساني الحنفي :بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع الطبعة األولى 0212ه 0222م الناشر
المكتبة الحبيبية كانسى رود حاجى غيبي چوك كوئته باكستان الجزء 7ص 63وما بعدها ،أبي زكريا يحيى بن شرف النووي مغنى المحتاج
إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج شرح الشيخ محمد الشربيني الخطيب ج 0377 2/ه 0222م ،موفق الدين بن قدامى المقدسي المغني،
الجزء 02مرجع سابق ،ص 223وما بعدها.
P 554 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
االستعمار؟ لإلجابة عن هاتين اإلشكاليتين أحاول من جهة التطرق لطبيعة المصادرة في الفقه
اإلسالمي في المطلب األول ،على أن أتناول طبيعتها من الناحية القانونية في المطلب الثاني.
تتخذ المصادرة كعقوبة في الشريعة اإلسالمية صورا متعددة تتجلى في اإلتالف والتمليك
والتغيير ،وقد تطرق إليها فقهاء الشريعة اإلسالمية في باب التعزيربأخذ المال ،على اختالف بينهم
في األخذ به بين مجيزين ومانعين ،وسأحاول في هذا اإلطار استعراض آراء الفريق املجيز ،وآراء
الفريق المانع ،والترجيح فيما بينها ،وذلك من خالل تقسيم هذا المطلب إلى فقرتين اثنتين،
تخصص األولى لحكم التعزيربأخذ المال ،على أن تعالج الفقرة الثانية طبيعة عقوبة المصادرة
في الفقه اإلسالمي.
اتفق الفقهاء على حرمة مال المسلم وعدم جواز المساس به أو األخذ منه إال بسبب
مشروع ،ومن األسباب المشروعة التعويض أو الضمان بالمثل أو القيمة في حالة االتالف أو
االعتداء على مال الغير ،ومنها أخذ مال اإلنسان رغما عنه إذا امتنع عن أداء حق مالي مقرر في
ذمته ،كوفاء دين حل أجله ،وامتنع عن األداء باختياره ،يؤخذ المال أو الحق رغما عنه بقوة
السلطان أو القانون993.
لكنهم اختلفوا في اعتبار المعصية أو املحظور الذي يرتكبه اإلنسان سببا يجيز أخذ مال
العاص ي عقوبة له على ارتكابه للمعصية أو املحظورإلى فريقين:
993أبي القاسم محمد بن احمد بن جزي الكلبي الغرناطي المالكي :القوانين الفقهية في تلخيص مذهب المالكية والتنبيه على مذهب الشافعية
والحنفية والحنبلية ص ،202ابن عابدين اإلمام محمد أمين المشهور بابن عابدين ،رد المحتار على الذر المختار شرح تنوير األبصار ج 3
ص ، 072أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب المعروف ابن القيم الجوزية :إعالم الموقعين طبعة دار بن الجوزي المجلد 3ص 320
وما بعدها ،شيخ اإلسالم احمد بن عبد ال حليم بن عبد السالم ابن تيمية :السياسة الشرعية في إصالح الراعي والرعية طبعة دار عالم الفوائد
للنشر والتوزيع ص .22
P 555 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
-1الفريق األول :يرى أن العقوبة بأخذ المال على المعاص ي التي ال تستوجب حدا وال
كفارة غيرمشروعة ،وينسب هذا الرأي إلى جماهيرالعلماء ،ومنهم الحنفية والمالكية
والشافعية والحنابلة.994
وهؤالء القائلون بعدم جواز التعزير بأخذ المال ،ذكرو أن التعزير بأخذ المال كان
مشروعا في ابتداء اإلسالم ثم نسخ.995
-قوله تعالى( :وال تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من
أموال الناس باإلثم والعدوان) ،996وقوله أيضا (يأيها الذين آمنوا ال تأكلوا أموالكم بينكم
بالباطل إال أن تكون تجارة عن تراض منكم)997.
وجه االستدالل باآليتين الكريمتين أنه ال يجوز األخذ من مال اإلنسان بغير سبب مشروع،
ولهذا يكون أخذ المال من اإلنسان كعقوبة له أكال للمال بغيرحق ،وهو باطل بالنص.
-قول الرسول صلى الله عليه وسلم "إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم ،كحرمة يومكم
هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا"998.
وجه االستدالل بالحديث أنه يفيد حرمة أخذ مال المسلم قهرا أو اعتداء ،ومن ذلك
عقوبة التعزيربأخذ المال.
-إجماع الصحابة ،حيث حارب أبو بكر رض ي الله عنه مانعي الزكاة ،وكان ذلك بحضرة
الصحابة رضوان الله عليهم ومو افقتهم ومشاركتهم ،دون نكير من أحد ،ولم يثبت أنه
994كمال الدين محمد بن عبد الواحد السيواسي المعروف بابن الهمام ،فتح القدير الناشر :دار الفكر الطبعة :بدون طبعة وبدون تاريخ ج 2
ص ،322حاشية الدسوقي على الشرح الكبير ج 2ص ،322الشربيني مغني المحتاج مرجع سابق ج 2ص ،022إمام الحرمين الجويني:
غياث األمم في الثيات الظلم دار الدعوة للطبع والنشر والتوزيع ،ص ،227،222ابن قدامة المغني :مرجع سابق ج 02ص ،226إبراهيم
بن موسى بن محمد اللخمي الغرناطي الشهير بال شاطبي :االعتصام تحقيق :سليم بن عيد الهاللي الناشر دار ابن عفان ،السعودية ط،0/
0202هـ 0222 -م ج 2ص .022-023
995حميد محمد القماطي :العقوبات المالية بين الشريعة والقانون ،دراسة مقارنة طبعة المنشأة العامة للنشر والتوزيع واإلعالن ط 0/سنة
،0226ص .62
996سورة البقرة اآلية .022
997سورة النساء اآلية .22
998النووي :صحيح مسلم بشرح النووي ج 2ص .230
P 556 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
أخذ من مانعي الزكاة أموالهم عقوبة لهم ،فدل هذا اإلجماع على حرمة التعزير بأخذ
المال.
-كما استدلوا بالعقل ،وذلك أن القول بالتعزيرالمالي فيه تسليط للظلمة من الحكام على
أموال الناس بغير حق ،وهذه ذريعة يجب سدها ،ألن ما يؤدي إلى الباطل يكون باطال
بالبداهة ،وعمال بقاعدة سد الذرائع ،كما أن عقوبة التعزير بأخذ المال قاصرة على
تحقيق غايتها ،ألنها عقوبة غير رادعة بالنسبة للغني ،واألصل في العقوبة زجر الجاني
وإصالحه وحفظ أمن املجتمع ،وهذه الغاية غير متحققة في عقوبة التعزير بأخذ المال،
ولهذا ال يجوز التعزير بأخذ المال عمال بالقاعدة الشرعية "كل تصرف تقاعد عن
تحصيل مقصوده فهو باطل" ،وعمال بمبدأ "أصل النظرفي مآالت األفعال معتبرشرعا".
-2الفريق الثاني :يرى جواز التعزير بأخذ المالُ ،وينسب هذا الرأي إلى أبي يوسف من
الحنفية ،و ابن فرحون من المالكية ،و ابن تيمية وتلميذه ابن قيم الجوزية من
الحنابلة999.
-إنه عليه الصالة والسالم أمر بتضعيف الغرامة على من سرق من غير حرز ،وسارق ما ال
قطع فيه من الثمر ،وكاتم الضالة.
-أمره صلى الله عليه وسلم عبد الله بن عمررض ي الله عنهما بحرق الثوبين المعصفرين.
-إباحته عليه الصالة والسالم سلب من يصطاد في حرم المدينة للذي يجده.
-كما احتجوا بأمره صلى الله عليه وسلم بهدم مسجد الضراروتحريق متاع الغال.1000
999الكمال بن الهمام :فتح القدير ،مرجع سابق ،ص ، 322إبراهيم شمس الدين محمد بن فرحون اليعمري المالكي برهان الدين أبو الوفاء:
تبصرة الحكام في أصول األقضية ومناهج األحكام دار عالم الكتب للنشر والتوزيع سنة 2113 - 0223الجزء ،2ص ،207شمس الدين
أبي عبد الله محمد بن قيم الجوزية :الطرق الحكمية في السياسة الشرعية مكتبة المؤيد الطبعة األولى 0222-0201بيروت لبنان ،ص
، 222 ،223احمد بن عبد الحليم بن تيمية :الحسبة في اإلسالم أو وظيفة الحكومة اإلسالمية ،دار الكتب العلمية بيروت بدون تاريخ
الطبعة ،ص .22
1000حميد محمد القماطي :العقوبات المالية بين الشريعة والقانون دراسة مقارنة ،مرجع سابق ،ص .62
P 557 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
ُ -ما رواه بهز بن حكيم عن أبيه عن ّ
جده ،قال :سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
ِ
"في كل إبل سائمة ،في كل أربعين ابنة لبون ،1001ال يفرق إبل عن حسابها ،1002من أعطاها
آخ ُذوها ،وشطر 1004إبله ،عزمة من عزمات ربنا ،1005ال ُّ
يحل مؤتجرا 1003له ُ
أجرها ،ومن أبى فإنا ِ ً
آلل محمد صلى الله عليه وسلم منها ش يء.1006
وجه االستدالل بالحديث ،أن الرسول صلى الله عليه وسلم أوجب عقوبة أخذ المال
على من امتنع عن أداء الزكاة ،وهذا يدل بوضوح على مشروعية التعزيربأخذ المال.
-عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو ،عن رسول الله صلى الله عليه
َّ َّ
وسلم أنه سئل عن الثمر المعلق 1007فقال " ما أصاب من ذي حاجة 1008غير متخذ
خبنة1009فال ش يء عليه ،ومن خرج بش يء منه ،فعليه غرامة مثليه والعقوبة ،ومن سرق
ً
شيئا منه بعد أن يؤويه الجرين 1010فبلغ ثمن املجن ،1011فعليه القطع ،ومن سرق دون
ذلك ،فعليه غرامة مثليه والعقوبة".
وجه االستدالل بالحديث الشريف ،أنه نص صريح في مشروعية التعزيربأخذ المال ،حيث
َّ
أفاد الحديث ثبوت عقوبة التعزيربالجلد والغرامة المالية ،لمن سرق من الثمرالمعلق ،أو سرق
دون النصاب ،أو أخذ المال من غيرحرزه ،وهذا دليل واضح على جوازالتعزيربأخذ المال.
1001ابن اللبون :هو الذي أتى عليه حوالن ،وصارت أمه لبونًا بوضع الحمل.
1002ال يفرق إبل عن حسابها :أي تحسب الكل في األربعين ،وال يترك هزال وال صغير ،والعمال ال يأخذ إال الوسط.
مؤتجرا :بالهمزة أي طالبًا لألجر 1003
ً
1004وشطر :بسكون الطاء بمعنى النصف.
1005عزمه من عزمات ربنا :أي حق من حقوقه وواجب من واجباته.
1006النسائي :سنن النسائي بشرح الحافظ جالل الدين السيوطي ج 2ص .02
1007الثمر المعلق :أي :باألشجار ،فال قطع فيه قبل أن يقطع ويحرز.
1008ذي حاجة :المقصود حالة االضطرار ،أي :أبيح للمضطر.
1009الخبنةِّ :
بضم الخاء وسكون الباء ،اإلزار وطرف الثوب ،أي ال يأخذ منه في ثوبه.
1010الجرين :موضع يجمع فيه التمر ويجفَّف ،والمقصود أنه ال بد من تحقق الحرز في القطع.
1011المجن :الترس ،وهو يساوي ربع ديار من الذهب أي 0.2غرام من الذهب تقريبًا.
P 558 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
-كما استدلوا بالمعقول ،ذلك أن المصلحة تقتض ي مشروعية التعزيربأخذ المال ،وذلك
لسببين:
األول :التنوع في العقوبات التعزيرية من أجل مراعاة تع ُّدد ُّ
وتنوع الجرائم ،وكذلك ُمراعاة
الفروق الفردية بين الناس.
ُ ُّ
والثاني :تحقق الغاية ِمن العقوبة التعزيرية ،وهي زجر املخالف وإصالحه ،وحفظ أمن
ًّ ً ّ
عالميا ،ولو لم متحقق على أرض الو اقع ،ولهذا أصبح التغريم بالمال عرفا
ِ املجتمع ،وهذا الردع
تكن فيه مصلحة لما تعارف الناس عليه.
والراجح ما ذهب إليه الفريق الثاني من الفقهاء ،والذي يقض ي بجوازالتعزيربأخذ المال،
لألسباب التالية:
صحة األدلة الواردة في المسألة في الجملة ،حيث وردت في كتب الحديث ُ
المعتمدة، َّ -
وذكرها أبو داود في ُ
سننه دون تعقيب ،مما يدل على أنها صالحة لالحتجاج بها1013.
-المصلحة تقتض ي القول بالتعزير بالمال ،ألن العقوبات التعزيرية تقوم على المصلحة
والعرف ،والسلطة في ذلك للحاكم المسلم أو من يقوم مقامه ،واألعراف والمصالح َّ
تتغير ْ
ًّ ً ُّ
عالميا اليوم. بتغيرالزمان والمكان ،والتعزيربأخذ المال أصبح عرفا
ً
-ال يوجد تعارض بين أصول الشريعة وعقوبة التعزيربأخذ المال ،ألن المال يؤخذ عقوبة،
والسلطة التقديرية في ذلك للحاكم المسلم وفق ما تقتضيه المصلحة ،وليس كذلك
الضمان ،ألنه يقتض ي إعادة الحال إلى ما كان عليه ما أمكن ،بالمثل أو القيمة.
1012ابن قيم الجوزية :الطرق الحكمية ،مرجع سابق ،ص 223وما بعدها.
1013أبو داود :سنن أبي داود .232 ،232 / 2
P 559 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
-وقوع التعزير بالمال ِمن ِقبل النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء من بعده ،وليس أدل
على الجوازمن الوقوع.
يقول ابن القيم الجوزية في كتابه الطرق الحكمية في مشروعية التعزيربأخذ المال "وأما
التعزيربالعقوبات المالية ،فمشروع أيضا في مواضع مخصوصة على مذهب مالك وأحمد ،وأحد
قولي الشافعي ،وقد جاءت السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك في مواضع منها:
ومن قال إن العقوبات المالية منسوخة ،وأطلق ذلك فقد غلط على مذاهب األئمة نقال
واستدالال ،فأكثر هذه المسائل سائغ في مذهب أحمد وغيره ،وكثير منها سائغ عند مالك ،وفعل
الخلفاء الراشدون وأكابر الصحابة لها بعد موته صلى الله عليه وسلم مبطل أيضا لدعوى
نسخها ،والمدعون للنسخ ليس معهم كتاب وال سنة وال إجماع يصحح دعواهم ،إال أن يقول
أحدهم ،مذهب أصحابنا عدم جوازها ،فمذهب أصحابه عيارعلى القبول والرد ،وإذا ارتفع عن
هذه الطبقة ،ادعى أنها منسوخة باإلجماع ،وهذا غلط أيضا ،فإن األمة لم تجمع على نسخها،
ومحال أن ينسخ اإلجماع السنة ،ولكن لو ثبت اإلجماع لكان دليال على نص ناسخ"1014.
لذا ،واستنادا على ما سبق ،أخلص إلى أن الرأي القائل بجواز العقوبة بالمال هو
الراجح ،الستهانة الناس اليوم بما ينبغي عليهم أن يلتزموا به ،وألن المال ربما كان أعزعلى النفس
من أشياء كثيرة للحاجة إليه وبدل الجهد في سبيله وصعوبة تحصيله ،وبما أن التعزير عقوبة
مفوضة ألولي األمر ،وقد أجازبعض الفقهاء بأن تصل عقوبة التعزيرإلى القتل في بعض الجرائم
كالتجسس ،والدعوة إلى البدعة في الدين ،والقتل أشد العقوبات ،والقول بجوازه يجعل العقوبة
بأخذ المال تعزيرا من باب أولى.
1014ابن القيم الجوزية :الطرق الحكمية في السياسة الشرعية مرجع سابق ،ص .226
P 560 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
إال أننا نرى وجوب أن تبنى أحكام العقوبة التعزيرية على قدر الجريمة وظروفها
المتصلة بالجاني واملجني عليه ،ومكان وزمان وقوع الجريمة ،والدو افع التي أدت إليها ،فبعض
الجرائم الداخلة في نطاق التعزير تكون العقوبة عليها بالمال أفضل من أي عقوبة أخرى ،مثل
الجرائم التي يكون الدافع إليها الطمع والكسب غيرالمشروع.
غيرأن هذا الجوازأو المشروعية التي أضيفت على العقوبات المالية ليست مطلقة بل
ترد عليها عدة قيود أهمها:
-أال تؤدي إلى المصادرة العامة ألموال الشخص املحكوم عليه ،إذ إن المصادرة العامة
غير جائزة في الشريعة اإلسالمية ،ولم تقرر كعقوبة إال في أكبر الجرائم ،وهي جريمة الردة عن
الدين اإلسالمي على خالف بين الفقهاء في ذلك.1015
المصادرة قد تكون مشروعة ،وقد تكون حراما ،فإذا أخذت من غير حق من البضائع
الداخلة إلى البالد اإلسالمية التي ليس فيها ش يء محظور ،وليس فيها غش ،أو أخذت من
األشخاص أو التجاركضريبة ،فذلك حرام ،أما إن كانت غيرذلك فيجوزمصادرتها ،مثل البضائع
المنتهية الصالحية ،وغيرها بدليل األحاديث التي جاءت في الصحيحين وغيرهما ،ومنها مصادرة
الهدية التي أعطيت البن اللتيبة ،وهومن أحد العمال على الزكاة ،وكذا أمره صلى الله عليه وسلم
بمصادرة نصف مال الممتنع عن أداء الزكاة عقوبة له على فعله ،كما في حديث بهربن حكيم عن
أبيه عن جده ،وفيه "ومن منعها (أي الزكاة) فإن آخذوها وشطرماله. 1016
1015حميد محمد ال قماطي :العقوبات المالية بين الشريعة والقانون دراسة مقارنة ،مرجع سابق ص .62
1016صحيح البخاري باب احتيال العامل ليهدى له 22/2 ،رقم ،6272وفي صحيح مسلم باب تحريم هدايا العمال ج 3ص 0263رقم
، 0232ونصفه عند البخاري "عن أبي حميد الساعدي قال استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم رجال على صدقات بني سليم يدعى
ابن اللتيبة جاء حاسبه ،قال هذا مالكم وهذا هدية ،فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ،فهال جلست في بيت أبيك وامك حتى تأتيك
هديتك إن كنت صادقا ،ثم خطبنا فحمد الله ،وأثنا عليه ،ثم قال "أما بعد فإني استعمل الرجل منكم على العمل مما والني الله ،فيأتي فيقول:
هذا مالكم ،وهذا هدية أهديت لي ،أفال جلس في بيت أبيه وأمه حتى تأتيه هديته ،والله ال يأخذ أحد منكم شيئا بغير حقه ،إال لقي الله
يحمله يوم القيامة ،فال عرفت أحدا منكم لقي الله يحمل بعيرا له رغاء ،أو بقرة لها خوار أو شاة تيعر ،ثم رفع يده حتى رئي بياض إبطه ،يقول
"اللهم هل بلغت" بصر عيني وسمع أذني.
P 561 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
وقد تناول فقهاء الشريعة اإلسالمية الحديث عن شرعية المصادرة في باب مشروعية
العقوبة بأخذ المال ،حيث قالوا بجواز التعزير بأخذ المال ،سواء كان بالمصادرة أو غيرها ،لما
في ذلك من مصلحة ومرونة في إيجاد العقوبات المناسبة والكفيلة بردع الجناة ،لتواكب التغيرات
النفسية والمعنوية للناس ،فقديما كان يكفي أن يعزر اإلمام بخلع العمامة ،وكان ذلك يحقق
مقصد العقوبة أفضل من عقوبة الضرب والحبس والتوبيخ ،حيث إن هذه العقوبات باتت ال
تؤثر كثيرا في الكثير من الناس بخالف العقوبات المالية1017.
والمصادرة في الشريعة اإلسالمية قد تكون عقوبة تكميلية يحكم بها القاض ي بجانب
عقوبة أصلية ،وقد تكون عقوبة أصلية في ذاتها ،كما كان يفعل عمر بن الخطاب رض ي الله عنه
في طرح اللبن المغشوش أدبا لصاحبه.
وتارة تكون إجراء يقتضيه النظام العام متى وقعت على أشياء تعد جريمة في ذاتها.
هذا ،ويتضح من خالل االطالع على أقوال الرسول صلى الله عليه وسلم ،والخلفاء
الراشدين رضوان الله عليهم ،واألئمة رحمهم الله من بعدهم و أقضيتهم أن إنقاص المال عقوبة
كان له صورمتعددة من بينها:
-االتالف :وهو إهالك ما يملكه الفرد بعد مصادرته من قبل الدولة ،وذلك بسبب شرعي
يسوغ ذلك ،كإتالف املحل الذي قامت فيه المعصية ،فهناك بعض املحالت التي تصدر
منها كثير من المعاص ي ،والتي تكون سببا في انحراف املجتمع وهدمه ،وهذه المعاص ي
البد من العمل على إزالتها وقلعها من أساسها ويكون ذلك بالمصادرة ،والدليل على
مشروعية ذلك من السنة وفعل الصحابة.
فمن السنة :أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بهدم مسجد الضرار ،وإحر اقه عقابا
للقائمين عليه ،حيث إن المراد من بنيان هذا المسجد كان إلحاق الضرر بالمسلمين ،من خالل
العمل على تفرقتهم وتجزئتهم ،قال تعالى (والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين
المؤمنين).1018
1017خليل محمد قنن :مصادرة األموال في الفقه اإلسالمي ،رسالة قدمت استكماال لمتطلبات الحصول على درجة الماجيستير في الفقه
المقارن من كلية الشريعة في الجامعة اإلسالمية بغزة سنة 0222هــ 2113 /م ،ص .22
1018سورة التوبة اآلية .017
P 562 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
أما من فعل الصحابة :فمنه قضاء عمربن الخطاب رض ي الله عنه في املحل الذي كان يباع
فيه الخمر ،وقد كان مملوكا لشخص يدعى رويشد ،وأمره بحرقه ،لما في ذلك من زجرألهل الفجور
والعصيان الذين يفسدون املجتمع ببيعهم الخمر وتيسيرها لضعفة اإليمان من المسلمين
وغيرهم ألجل الربح الوفير ،وبالنظرملخاطرها على المتعاطين وذويهم ،وأضرارها التي ال تخفى على
أصحاب الفطرة السليمة.
-التغيير :يرى بن تيمية بأن المصادرة ال تنحصرفي إتالف السلع ،أو إتالف محل المعصية
وآلتها ،بل يمكن أن يكون بالتغيير ،وقد ذكر بعض األدلة التي تظهر ذلك ،1019قال بن
القيم "وكل ما كان هذا شأنه ،فواجب على اإلمام تعطيله ،إما بهدم أو تحريق ،وإما بتغيير
صورته وإخراجه عما وضع له.1020
ومن أمثلة ذلك أن من حفرأوأحدث في الطريق ما يعيق المرورويحتاج إلى إصالح وجب
إلزامه بإعادته إلى ما كان عليه قبل غصبه استدالال بقول الرسول صلى الله عليه وسلم "على
اليد ما أخذت حتى تؤديه" 1021وإن بنى مسكنا أو منتزها أو محطة أو نحو ذلك وجب إلزامه بإزالة
ما بناه ومصادرته ،لما روي أن رجلين اختصما إلى رسول الله غرس أحدهما نخال في أرض اآلخر
فقض ى لصاحب األرض بأرضه وأمر صاحب النخل أن يخرج نخله منها ،قال الراوي فلقد رأيتها
وإنها لتضرب أصولها بالفؤوس ،وإنها لنخل عم 1022،وقد قررصلى الله عليه وسلم في ذلك قاعدة
واضحة بقوله "ليس لعرق ظالم فيه حق" ،أي ليس لمن غرس في أرض غيره بدون إذنه حق في
إبقاء ما غرس ألنه ظالم متعد في غرسه ،ولكن إذا رأى ولي األمرإبقاء ما بناه الغاصب فله ذلك،
ولكن إذا كان الغصب يتعلق بالطريق أو جزء منه أو حريمه وجب أن يكون التصرف فيه أثناء
الغصب أو بعده مبني على عدم اإلضراربه أو تضييقه.1023
-التمليك :يعتبرالتمليك أحد طرق المصادرة ،وهومن أنواع العقوبات المالية التي ذكرها
بن تيمية ،ويكاد أن يكون اليوم أكثر الطرق شيوعا ،وهو المعبر عنه بالغرامات ،وهو ما
1019شيخ اإلسالم تقي الدين احمد بن عبد الحليم بن تيمية ،ت 722هـ الحسبة في اإلسالم ،توزيع الجامعة اإلسالمية بالمدينة المنورة
ص .26
1020شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أبي بكر المعروف بابن القيم الجوزية :زاد المعاد في خير هدى العباد ،تحقيق شعيب األرنؤوط ط
0220 /3ه ـ 2111م ،مؤسسة الرسالة ج 3ص .211
1021ورد بسنن بن ماجة باب العارية تحت رقم 2211ج 2ص .212
1022جمع عميمة والمراد أنها تامة في طولها والتفافها( ،سنن أبي داوود الجزء 3ص .)023
1023حاتم عبد الله شويش :المصادرة وتطبيقاتها في الشريعة والقانون مرجع سابق ،ص .322
P 563 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
يلزم أداؤه للدولة أوألناس بعينهم ،واألدلة على التمليك متعددة ،منها ما رواه بهربن حكيم
عن أبيه عن جده ،عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ("...فإن آخذوها وشطر
ماله عزمة من عزمات ربنا تبارك وتعالى").
ينص الحديث على أخذ شطر مال مانع الزكاة ،والشطر غرامة زائدة على أصل الواجب
تدفع إلى خزينة الدولة ،أي تصبح في ملكيتها ،وهذا دليل واضح على مشروعية تملك ما تصادره
الدولة.
"ونرى أن الخليفة لم يأخذ جميع أموالهم و إنما أخذ نصفها وترك لهم النصف اآلخر،
ليتمكنوا من إعالة ما يعولون ،أما ما تفعله القوانين الوضعية من مصادرة أموال الجاني
المنقولة وغير المنقولة وترك الورثة بدون مأوى ،فهذا ال تقره الشريعة اإلسالمية ،بل عليهم
الرجوع إلى القضاء الستيفاء ما بذمتهم من ديون إذا كانت أمواال بشرط أن ال تستغرق الديون
جميع التركة ،1024لذا نجد أن الشريعة اإلسالمية قد أقرت هذه العقوبة بشرط عدم التعسف
باستعمال الحق والمساس بحقوق العائلة كسكنى الدار وغيرها ألن اإلسالم لم يأمر بتشريد
األطفال والنساء ،وعلى القانون أن يسايرنظرة اإلسالم الرحيمة العادلة.1025
ومن صورالتمليك الظاهرة والبينة التي قال بها العديد من الفقهاء ،مصادرة أموال البغاة
التي استعانوا بها في الخروج عن الطاعة ،حيث قال فقهاء اإلمامية والزيدية بجواز ضمها لبيت
المال.
يقول وهبة الزحلي في المصادرة عن طريق التمليك "لذا فإنه يحق للدولة التدخل في
الملكيات غيرالمشروعة كالملكية الحادثة بالسلب والقهرواالغتصاب فترد األموال إلى أصحابها
أو تصادرها وتستولي عليها بغير تعويض ،سواء أكانت منقولة أو عقارية لقوله صلى الله عليه
وسلم "على اليد ما أخذت حتى تؤديه".
وكان عمر بن الخطاب رض ي الله عنه يشاطر بعض والته الذين وردوا عليه من والياتهم
بأموال لم تكن لهم ،استجابة لمصلحة عامة وهو البعد بالملكية عن الشبهات وعن اتخاذها
وسيلة للثراء غيرالمشروع ،وكذلك يحق للدولة التدخل في الملكيات الخاصة المشروعة لتحقيق
1024علي فاضل الحسب :نظرية المصادرة في القانون الجنائي المقارن طبعة دار النهضة العربية للنشر والتوزيع ،0212ص .302
1025حاتم عبد الله شويش :المصادرة وتطبيقاتها بين الشريعة والقانون ،مرجع سابق ص .302
P 564 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
العدل في التوزيع سواء في حق أصل الملكية أو منع المباح أو في تقييد حرية التملك الذي هو من
باب تقييد المباح والملكية من المباحات قبل اإلسالم وبعده إذا أدى استعمال الملك إلى ضرر
عام ،وعلى هذا فيحق لولي األمرالعادل أن يفرض قيودا على الملكية الزراعية فيحددها بمقدار
مساحة معينة أو ينتزعها من أصحابها إذا عطلها أو أهملها حتى خربت ،أو ينتزع ملكيتها من أي
شخص مع دفع تعويض عادل عنها إذا اقتضت المصلحة العامة أو النفع العام ذلك.1026
مما سبق يظهرأن المصادرة من العقوبات المشروعة في الشريعة اإلسالمية ،التي تناولها
فقهاؤها ضمن عقوبة التعزير بأخذ المال ،وتتخذ صورا متعددة تتجلى في إتالف محل المعصية
أو تغييرصورته أو تمليك الملكيات غيرالمشروعة الحادثة بالسلب والقهرلفائدة بيت المال ،كما
أنها قد تتخذ طابع العقوبة األصلية أي قد يحكم بها الحاكم لوحدها دون أن يقرنها بعقوبة
أخرى ،وقد تتخذ طابع العقوبة التكميلية ،وذلك بخالف طبيعتها القانونية في التشريع المغربي
(المطلب الثاني).
بالرجوع إلى الظهير الشريف رقم 1.51.113المتعلق بإحداث لجنة البحث 1027المكلفة
بمصادرة عقارات األشخاص الذين ثبت أنهم قاموا عن قصد وطواعية بدور حاسم في إعداد أو
تنفيذ مؤامرة 21غشت ،1953أوارتكبوا أعمال عنف ضد الشعب أوالمقاومين ،وذلك من تاريخ
24دجنبر 1951إلى غاية 16نونبر ،1955فإن لجنة البحث وفي إطار الصالحيات المسندة إليها،
تحكم بإحدى العقوبات أو بعدد منها ولها أن تقررإما أصليا أو إضافيا مصادرة أمالك األشخاص
المرتكبين لألفعال المشارإليها أعاله.
وبالرجوع كذلك إلى القانون الجنائي المغربي ،1028أجد أن المشرع المغربي تطرق إلى
المصادرة في الفصل 42ضمن الباب الثاني من الجزء األول تحت عنوان العقوبات اإلضافية،
وتناولها الفصل 19منه ضمن الباب األول من الجزء الثاني تحت عنوان "التدابير الوقائية"،
1026وهبة الزحيلي :الفقه اإلسالمي وأدلته الفقه العام دار الفكر ط 0212 ،2/هـ0212 /م ج ،7ص .23
1027ظهير شريف رقم 0.22.013المتعلق بإحداث لجنة البحث ،الصادر في 6رمضان 0377هــ ،الموافق لـ 27مارس 0222م،
منشور بالجريدة الرسمية عدد 2372بتاريخ 20رمضان 0377هـ الموافق لـ 00أبريل 0222م.
1028ظهير شريف رقم 0.22.203صادر في 22جمادى الثانية 26( 0322نونبر )0262بالمصادقة على مجموعة القانون الجنائي،
منشور بالجريدة الرسمية عدد 2261مكرر بتاريخ 02محرم 12( 0323يونيو ،)0263ص .0223
P 565 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
يمكن القول أن مصادرة األموال العقارية إما أن تكون عقوبة إضافية (الفقرة األولى) ،أو تدبيرا
وقائيا (الفقرة الثانية).
العقوبات في التشريع الجنائي المغربي ،إما أصلية أو إضافية ،فتكون أصلية عندما يسوغ
الحكم بها وحدها دون أن تضاف إلى عقوبة أخرى ،وتكون إضافية عندما ال يسوغ الحكم بها
وحدها ،أو عندما تكون ناتجة عن الحكم بعقوبة أصلية.
وبالرجوع إلى الباب الثاني من القانون الجنائي المتعلق بالعقوبات اإلضافية نجده ينص
في النقطة الخامسة من الفصل 36على أن العقوبات اإلضافية هي)..............................(:
كما أن الفصل 42من نفس القانون ،نص على أن "المصادرة هي تمليك الدولة جزءا من
أمالك املحكوم عليه ،أو بعض أمالك له معينة".
أما الظهير الشريف رقم 1.51.113املحدث للجنة البحث المكلفة بمصادرة أراض ي
الخونة ،فقد تضمن في فصله الخامس مجموعة من العقوبات في حق األشخاص الذين ارتكبوا
مؤامرة ضد المغرب ،من بينها مصادرة أمالك األشخاص الواردة أسماؤهم في الفصل الثاني -كال
أو بعضا -إذا ما ثبت خالل البحث أن ثروتهم اكتسبت كلها أو بعضها بطريق غير مشروعة ،وإما
بتجاوزالحد في استعمال السلطة ،أو استغالل النفوذ 1029ويكون الحكم بهذه العقوبة إما أصليا
أو إضافيا حسب األحوال.
والمصادرة كعقوبة إضافية تهم األدوات واألشياء التي استعملت أو كانت ستستعمل في
ارتكاب الجريمة ،أو التي تحصلت منها وكذلك المنح وغيرها من الفوائد التي كوفئ بها مرتكب
الجريمة أو كانت معدة لمكافأته ،وهي إما جوازية أو وجوبية.
فالمصادرة الجوازية ،هي التي يجوزللقاض ي أن يحكم بها ،وذلك في الجنايات طبقا للفصل
43من القانون الجنائي الذي نص على أنه "في حالة الحكم بالمؤاخذة عن فعل يعد جناية ،يجوز
1029الظهير الشريف رقم 0.22.013المتعلق بإحداث لجنة البحث ،مرجع سابق ،الفقرة الرابعة من الفصل الخامس.
P 566 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
للقاض ي أن يحكم بأن يصادر لفائدة الدولة ،مع حفظ حقوق الغير األدوات واألشياء التي
استعملت ،أو كانت ستستعمل في ارتكاب الجريمة أو التي تحصلت منها وكذلك المنح وغيرها من
الفوائد التي كوفئ بها مرتكب الجريمة أو كانت معدة لمكافأته".1030
وإذا كان يجوز أن يقض ى بالمصادرة في الجنايات طبقا للفصل 43من القانون الجنائي،
فإنه يتعين أن يكون نص قانوني خاص في الجنح واملخالفات طبقا للفصل 44من نفس القانون
الذي ينص على أنه "في حالة المؤاخذة عن أفعال تعد جنحا أو مخالفات ال يجوز الحكم
بالمصادرة المشارإليها في الفصل السابق إال في األحوال التي يوجد فيها نص قانوني خاص1031".
أما المصادرة الوجوبية ،فتكون في بعض الجرائم بنص خاص كالجريمة اإلرهابية حيث
جعل المشرع المغربي بمقتض ى الفصل 211-4-1من القانون 13.13المتعلق بمكافحة اإلرهاب
الحكم بالمصادرة وجوبيا ،بالقول "يجب الحكم في حالة اإلدانة من أجل جريمة تمويل اإلرهاب
أومن أجل جريمة إرهابية بالمصادرة الكلية لألشياء واألدوات والممتلكات التي استعملت أوكانت
ستستعمل في ارتكاب الجريمة والعائدات المتحصلة منها أو القيمة المعادلة لتلك االشياء
واألدوات والممتلكات والعائدات مع حفظ حق الغير حسن النية1032".
كذلك الشأن فيما يتعلق بجريمة غسل األموال ،حيث نص الفصل 574-5من قانون
مكافحة غسل األموال على وجوب الحكم بالمصادرة الكلية لألشياء واألدوات والممتلكات التي
استعملت أو كانت ستستعمل في ارتكاب الجريمة والعائدات المتحصلة منها أو القيمة المعادلة
لتلك االشياء واألدوات والممتلكات والعائدات1033.
فمن خالل االطالع على الطبيعة القانونية للمصادرة في مجموعة القانون الجنائي
والنصوص الجنائية الخاصة ،وكذا في الظهيرالشريف المتعلق بإحداث لجنة البحث ،يتضح أن
المصادرة في القانون الجنائي هي دائما عقوبة إضافية ،عددها المشرع المغربي ضمن العقوبات
اإلضافية التي يحكم بها إلى جانب عقوبة أصلية ،وهي في القواعد العامة للقانون الجنائي جوازية
في الجنايات وفي الجنح واملخالفات بنص خاص ،غير أنها تكون وجوبية بنص خاص في بعض
P 567 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
الجرائم الخاصة كالجريمة اإلرهابية ،وجريمة غسل األموال ،وقد تنصب عالوة على المنقوالت
على العقارات سواء كانت عقارات محفظة أو غيرمحفظة.
أما المصادرة العقارية في الظهير المتعلق بإحداث لجنة البحث ،فيمكن الحكم بها إما
أصليا لوحدها أو إضافيا إلى جانب عقوبة أخرى ،وبالتالي يمكن القول أنها في الظهير المذكور،
ذات طبيعة قانونية خاصة ،أوكل المشرع للجنة البحث سلطة تقديرية في الحكم بها إما بصفة
أصلية ،أو بصفة تبعية إلى جانب عقوبة أصلية.
اصطالح التدابير الوقائية أو االحترازية ،اصطالح حديث نشأ في ظل األفكار الجديدة عن
الوظيفة اإلصالحية والتقويمية للعقوبة ،حيث إن بعض األنظمة أخذت بالتدابير إلى جانب
العقوبة ،وتارة أخرى تكون وظيفة التدابير ذات طابع وقائي عندما ال تكون هناك جريمة
مرتكبة1034.
وتكون المصادرة تدبيرا وقائيا عينيا ،إذا كانت األشياء محل المصادرة محرمة في ذاتها،
تضرباألمن العام والصالح العام ،أي تلك األشياء التي يعد صنعها واستعمالها أو بيعها أوعرضها
للبيع جريمة في ذاتها ،وهذا ما نص عليه الفصل 19من القانون الجنائي بقوله "يأمربالمصادرة
كتدبير وقائي بالنسبة لألدوات واالشياء المحجوزة التي يكون صنعها أو استعمالها أو حملها أو
حيازتها أو بيعها جريمة ،ولو كانت تلك األدوات واألشياء على ملك الغير ،وحتى لو لم يصدر حكم
باإلدانة.
وما يستشف من عبارات النص أعاله ،أن المصادرة كتدبير وقائي عيني ال يشمل نطاقها
العقارات ،وبالتالي فهي تدبير وقائي عيني تسري وجوبا على األشياء المحجوزة التي لها عالقة
بالجريمة ،أو األشياء الضارة أو الخطيرة ،أو املحظورامتالكها.
والغاية من ذلك هو منع حائز هذه األشياء مستقبال من استعمالها في ارتكاب جريمة،
ووقاية املجتمع منها ومن خطورتها و آثارها السيئة ،في هذه الحالة تسري المصادرة حتى األدوات
واألشياء ،ولو كانت على ملك الغير ،ولو لم يصدر حكم باإلدانة ،وهذا ما أكدته محكمة النقض
في قرار لها حينما ذهبت إلى أنه "عندما تكون المصادرة تدبيرا عينيا ،فإنها تسري وجوبا على
1034محمد شالل حبيب :التدابير االحترازية ،طبعة الدار العربية للطباعة سنة 0326ه ،ص .2
P 568 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
األشياء المحجوزة التي لها عالقة بالجريمة ،أو األشياء الضارة أو الخطيرة أو املحظور امتالكها،
ولو كانت في ملك الغير ،أو صدرحكم بالبراءة". 1035
لكن السؤال الذي يطرح في هذا اإلطار ،هل يمكن للفصل 19من القانون الجنائي أن
يتسع ليشمل كذلك مصادرة العقار كتدبير وقائي عيني ،رغم أن العبارات الصريحة للفصل لم
تتناول مفهوم العقار ،أو األموال العقارية.
حسب الفصل ،19يمكن الجزم أن المصادرة كتدبير وقائي ال تشمل العقارات وفقا
لعبارات الفصل المذكور ،الذي يحدد نطاق المصادرة في األشياء واألدوات التي لها عالقة
بالجريمة ،وبالتالي ال يمكن أن تمدد أحكام هذا الفصل إلى العقارات.
يتضح من خالل رصد أقوال فقهاء الشريعة اإلسالمية ،واستقراء نصوص القانون
الجنائي المتعلقة بالمصادرة ،وكذا الظهير الشريف املحدث للجنة البحث ،أن المصادرة في
الفقه اإلسالمي مشروعة وجائزة ،تناول الفقهاء الحديث عنها في باب التعزيربأخذ المال قد تكون
عقوبة تكميلية يحكم بها اإلمام بجانب عقوبة أصلية ،وقد تكون عقوبة أصلية ،كما أنها قد
تكون تدبيرا احترازيا ،فضال عن أنها تتخذ صورا متعددة من بينها اإلتالف والتغيير والتمليك ،إال
أنها ال تتخذ دائما صورة العقوبة ،بل قد يقض ى بها أحيانا من أجل المصلحة العامة مقابل
تعويض.
أما في التشريع المغربي فإن المصادرة تتميز من حيث طبيعتها القانونية بكونها دائما
عقوبة إضافية ،حيث عددها المقنن ضمن العقوبات اإلضافية ،إال أنها في الظهيراملحدث للجنة
البحث قد تكون عقوبة أصلية ،وقد تكون عقوبة إضافية ،بمعنى أنها ذات طبيعة قانونية
خاصة.
الئحة المصادروالمراجع
-شوقي ضيف ،شعبان عبد العاطي عطية ،احمد حامد حسني ،جمال مراد حلمي ،عبد
العزيز النجار ،المعجم الوسيط ،ط ،4/مكتبة الشروق الدولية ،مجمع اللغة العربية 1426
هــ 2115/م.
1035قرار عدد 2/2722مؤرخ في 02أكتوبر 2111ملف جنائي عدد 22/26620منشور بمجلة قضاء المجلس األعلى ،مطبعة األمنية
الرباط ،2110العدد المزدوج ،27،22ص 201وما بعدها.
P 569 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
أحمد مختارعمربمساعدة فريق عمل :معجم اللغة العربية المعاصرة ،ط 1429 1/هــ/ -
ابن عابدين اإلمام محمد أمين المشهور بابن عابدين :رد املحتار على الذر املختار شرح -
تنويراألبصار ،تحقيق الشيخ عادل عبد الموجود ،الشيخ علي معوض ،ط 1415 /1ه ــ1994/م،
دارالكتب العلمية بيروت ،ج.3/
اإلمام أبو حامد بن محمد الغزالي :المنخول ،تحقيق محمد هيتو ط 1411 /2هــ ،دار -
الفكردمشق ج .1
-العالمة زين الدين إبراهيم بن محمد بن نجيم :البحر الرائق ،شرح كنز الدقائق ط،2 /
دارالمعرفة بيروت ،ج 6ص .231
-وزارة األوقاف الكويتية :الموسوعة الفقهية ،ط 1416 /2هــ1992 /م ،طباعة ذات
السالسل ،ج 37ص .353
محمد رواس قلعجي ،وحامد قنيبي :معجم لغة الفقهاء ،ط 1411 /2ه ـ 1991م ،دار -
النفائس األردن.
-محمد فتحي الدريني :بحوث مقارنة في الفقه اإلسالمي وأصوله ،ط 1414 /1ه ـ 1994م،
مؤسسة الرسالة بيروت ،ص .116-115
-حاتم عبد الله شويش :المصادرة وتطبيقاتها بين الشريعة والقانون ،مجلة جامعة األنبار
للعلوم اإلسالمية ،تمور2113م ،م ،4/العدد .16
P 570 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
مجموعة نجيب حسني :شرح قانون العقوبات القسم العام ،دار النهضة العربية، -
القاهرة.
أحمد بوصوف الجريمة المنظمة ،دراسة مقارنة ،أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه، -
جامعة محمد الخامس ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية السويس ي –الرباط .2117
مدحت الدبيس ي ،العقوبات التبعية والتكميلية في التشريعات الجنائية ،ط ،1/دار -
-جمعية نشر المعلومات القانونية والقضائية وزارة العدل :مجلة القضاء والقانون،
طبعة دارالسالم للطباعة والنشروالتوزيع ،الرباط ،العدد ،151ص .41
-أحمد بن محمد بن علي الفيومي المقري :المصباح المنير في غريب الشرح الكبير،
تحقيق عبد العظيم الشناوي ،ط ،2/دارالمعارف ج .2
-أبي الفضل جمال الدين محمد بن مكرم بن منظور ،لسان العرب ،ط 1415هــ1363 /
م ،املجلد الرابع.
-يحيى بن شرف الخزامي النووي :صحيح مسلم ،بشرح النووي ،مؤسسة قرطبة للطباعة
والنشروالتوزيع ،الطبعة الثانية 1414هــ1994/م ،الجزء ،12ص .99
-الدردير احمد بن محمد ،الشرح الكبير مطبوع مع حاشية الدسوقي عليه ،دار الكتب
العلمية ج .3
-محمد بن امين بن عمر ،المشهور بابن عابدين :رد املحتار على الدر املختار ،طبعة دار
الكتب العلمية ،بيروت لبنان سنة ،2111ج .4
-موفق الدين أبي محمد عبد الله بن احمد بن محمد بن قدامى المقدس ي :المغني ،طبعة
دارعالم الكتب للطباعة والنشروالتوزيع الرياض ،ط ،3/سنة 1417هـ 1997 -م الجزء .12
-علي حيدر :درر الحكام في شرح مجلة األحكام الطبعة األولى دار الجيل1411 ،هـ 1991م،
ج .1
-منصور بن يوسف البهوتي:كشاف القناع عن متن اإلقناع دار الكتب العلمية ،بدون ذكر
تاريخ الطبع ،ج .4
P 571 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
-محمد بن عبد الله الخرش ي :شرح مختصر خليل ،ط دار الفكر بيروت بدون ذكر تاريخ
الطبع ،ج .6
-محمد بن شهاب الرملي :نهاية املحتاج إلى شرح المنهاج طبعة دار الفكر بيروت ط/
أخيرة1414هـ1914/م ،ج .4
-القانون رقم 39-11المتعلق بمدونة الحقوق العينية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف
رقم 1.11.171صادر في 25من ذي الحجة 1432هـ 22نونبر ،2111الجريدة الرسمية عدد 5991
بتاريخ 27ذو الحجة 1432هـ ( 24نونبر.)2111
-االمام عالء الدين أبي بكربن مسعود الكاساني الحنفي :بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع
الطبعة األولى 1419ه 1919م الناشر المكتبة الحبيبية كانس ى رود حاجى غيبي چوك كوئته
باكستان الجزء .7
-أبي زكريا يحيى بن شرف النووي مغنى املحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج شرح
الشيخ محمد الشربيني الخطيب ج 1377 4/ه 1951م.
-أبي القاسم محمد بن احمد بن جزي الكلبي الغرناطي المالكي :القوانين الفقهية في
تلخيص مذهب المالكية والتنبيه على مذهب الشافعية والحنفية والحنبلية.
-أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب المعروف ابن القيم الجوزية :إعالم الموقعين
طبعة داربن الجوزي املجلد .3
-شيخ اإلسالم احمد بن عبد الحليم بن عبد السالم ابن تيمية :السياسة الشرعية في
إصالح الراعي والرعية طبعة دارعالم الفوائد للنشر والتوزيع.
-كمال الدين محمد بن عبد الواحد السيواس ي المعروف بابن الهمام ،فتح القديرالناشر:
دارالفكرالطبعة :بدون طبعة وبدون تاريخ ج .5
-إمام الحرمين الجويني :غياث األمم في الثيات الظلم دارالدعوة للطبع والنشروالتوزيع.
P 572 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
-حميد محمد القماطي :العقوبات المالية بين الشريعة والقانون ،دراسة مقارنة طبعة
المنشأة العامة للنشروالتوزيع واإلعالن ط 1/سنة ،1916ص .65
-إبراهيم شمس الدين محمد بن فرحون اليعمري المالكي برهان الدين أبو الوفاء :تبصرة
الحكام في أصول األقضية ومناهج األحكام دار عالم الكتب للنشر والتوزيع سنة 2113 - 1423
الجزء .2
-شمس الدين أبي عبد الله محمد بن قيم الجوزية :الطرق الحكمية في السياسة الشرعية
مكتبة المؤيد الطبعة األولى 1919-1411بيروت لبنان.
-احمد بن عبد الحليم بن تيمية :الحسبة في اإلسالم أو وظيفة الحكومة اإلسالمية ،دار
الكتب العلمية بيروت بدون تاريخ الطبعة.
-خليل محمد قنن :مصادرة األموال في الفقه اإلسالمي ،رسالة قدمت استكماال لمتطلبات
الحصول على درجة الماجيستير في الفقه المقارن من كلية الشريعة في الجامعة اإلسالمية بغزة
سنة 1424هــ 2113 /م ،ص .49
-شيخ اإلسالم تقي الدين احمد بن عبد الحليم بن تيمية :الحسبة في اإلسالم ،توزيع
الجامعة اإلسالمية بالمدينة المنورة.
-شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أبي بكر المعروف بابن القيم الجوزية :زاد المعاد في
خيرهدى العباد ،تحقيق شعيب األرنؤوط ط 1421 /3ه ـ 2111م ،مؤسسة الرسالة ج .3
-علي فاضل الحسب :نظرية المصادرة في القانون الجنائي المقارن طبعة دار النهضة
العربية للنشروالتوزيع .1915
-وهبة الزحيلي :الفقه اإلسالمي وأدلته الفقه العام دار الفكر ط 1415 ،2/هـ1915 /م ج
.7
-ظهير شريف رقم 1.51.113المتعلق بإحداث لجنة البحث ،الصادر في 6رمضان 1377
هــ ،المو افق لـ 27مارس 1951م ،منشور بالجريدة الرسمية عدد 2372بتاريخ 21رمضان 1377
هـ المو افق لـ 11أبريل 1951م.
P 573 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
ظهير شريف رقم 1.59.413صادر في 21جمادى الثانية 26( 1312نونبر )1962 -
بالمصادقة على مجموعة القانون الجنائي ،منشوربالجريدة الرسمية عدد 2461مكرربتاريخ 12
محرم 15( 1313يونيو .)1963
-القانون رقم 13.13المتعلق بمكافحة اإلرهاب ،الصادر بتنفيذه الظهير شريف رقم
1.13.141صادر في 26من ربيع األول 21( 1424ماي )2113الجريدة الرسمية عدد 5112بتاريخ
27ربيع األول 29( 1424ماي .)2113الفصل .211-4-1
-مجلة قضاء املجلس األعلى ،مطبعة األمنية الرباط ،2111العدد المزدوج .57،51
P 574 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
P 575 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
Summary :
لم،بغية حماية المنافسة الشريفة داخل السوق وضمان انسيابية قوانين هذا األخير
يتردد المشرع المغربي وذلك على غرارالمشرع الفرنس ي في خلق مجلس للمنافسة باعتباره "دركي
عدة صالحيات منها ما يتخذ طابع استشاري كالمشورة،السوق" حيث خوله لتحقيق ما ذكرأعاله
P 576 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
االختيارية واإللزامية المقدمة لألطراف املحددة قانونا ،ومنها ما يتخذ طابع تقريري كإصدار
القرارات اإلدارية سواء التنظيمية أو الفردية كقرارات وضع النظام الداخلي أو القرارات
المتعلقة بالوضعية الفردية ألعضاء وأطر املجلس أو قرارات الترخيص أو عدم الترخيص
بعمليات التركيز االقتصادي...وإصدار القرارات شبه القضائية كالقرارات القاضية بعقوبات
أصلية أو تكميلية أو القاضية بتدابيرتحفظية...
غيرأنه لما كانت وظيفة النوظمة التي يقوم بها املجلس ال يمكن أن تكون قانونية وشرعية
إال إذا كانت خاضعة للرقابة القضائية والمشروعية القانونية ،فإن المشرع نص في المادة 44
من ق.ح.أ.م على تخويل كل من له مصلحة صالحية اللجوء إلى القضاء ملخاصمة هذه القرارات،
إذ ميز في هذا الصدد بين قرارات املجلس الخاص بالممارسات المنافية للمنافسة ،التي يتم
الطعن فيها أمام القضاء العادي ممثال في محكمة االستئناف بالرباط وقرارات املجلس المنصبة
على عمليات التركيزاالقتصادي التي يتم مخاصمتها أمام القضاء اإلداري ممثال في الغرفة اإلدارية
بمحكمة النقض.
وتعتبر الغرفة اإلدارية إحدى أهم مكونات محكمة النقض إلى جانب الغرفة المدنية
والتجارية وغيرها من الغرف1036...
حيث يعمل القضاء اإلداري على رقابة المشروعية الداخلية والخارجية للقرارات الصادرة
عن املجلس بخصوص عمليات التركيز االقتصادي ،إذ أن تدخله لم يترك على إطالقه بل هناك
حدود يتوقف عندها ،إذ ال يتمتع بصالحية البت في الطعون الموجهة ضد الممارسات المنافية
للمنافسة ،وبصالحية توقيع الجزاءات المدنية ،وكل هذا يتم كأصل وفق إجراءات مسطرية
عامة ،وكاستثناء وفق إجراءات مسطرية خاصة .األمر الذي يضفي قيمة مضافة سواء على
قرارات املجلس محل الرقابة أو على تسوية نزاع المنافسة في حد ذاته ،الذي نقصد به في هذا
السياق مختلف المساطر واإلجراءات المنصوص عليها في ق.ح.أ.م و قانون.المسطرة المدنية و
قانون املحاكم اإلدارية لحل النزاعات الناشئة عن القرارات الصادرة عن مجلس المنافسة
بخصوص عمليات التركيزاالقتصادي.
-1036عبد الكريم طالب " ،التنظيم القضائي المغربي" دراسة علمية" ،مطبعة النجاح ،2102 ،ص .21
P 577 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
إن هذا الدور المستحدث للقضاء اإلداري في الرقابة القضائية على قرارات مجلس
المنافسة له أهمية كبيرة نظريا وعمليا.
نظريا بفعل حداثته إذ لم يتم تكريسه إال مع التعديالت الجديدة التي عرفها قانون
المنافسة في 31يونيو من سنة 2114األمرالذي سيساهم بما ال يدع مجاال للشك في شرح وتفسير
وتبسيط بعض مقتضياته للقارئ الكريم خصوصا في ظل غياب دراسات فقهية مغربية تتناوله
بالتفسير والشرح بفعل جدته ،األمر الذي يجد معه الباحث نفسه مجبرا على التعامل المباشر
مع المواد القانونية التي تتسم من جهة باالختصار واالقتضاب ومن جهة أخرى بطغيان الجانب
االقتصادي على الجانب القانوني في تكوين مضمونها مما يجعل البحث في هذا الموضوع ليس
باألمرالهين.
أما عمليا فتتجسد في توضيح الرؤيا أمام كل من القاض ي والمتقاض ي وتبسيط إجراءات
العمل أمامهما ،خصوصا في ظل غياب العمل القضائي ،إذ لحدود كتابة هذه األسطربتاريخ -17
2123-11لم تبت الغرفة اإلدارية بمحكمة النقض في أي قضية تتعلق بممارسة الرقابة على
قرارات مجلس المنافسة ،والدليل على ذلك زيارة ميدانية قمنا بها لرحاب محكمة النقض بتاريخ
.2123/11/12
هكذا .وفي ظل كل سبق فإن الموضوع محل البحث يثير اإلشكال حول مدى توفق
المشرع في تأطيره آللية الطعن أمام القضاء اإلداري ممثال في الغرفة اإلدارية بمحكمة النقض
ضد قرارات مجلس المنافسة ؟ باعتبار هذه اآللية من بين أهم الوسائل الممنوحة للفاعلين
االقتصاديين للدفاع عن حقوقهم من شطط مجلس المنافسة ؟
P 578 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
و تتمثل هذه المقتضيات الخاصة في تحديد المشرع في الفقرة األولى من المادة 44من
ق.ح.أ.م للقرارات القابلة للطعن على سبيل الحصر(الفقرة األولى) وكذا ألجل قصير يجب رفع
الطعن داخله (الفقرة الثانية) ،وهو ما سنعمل على التفصيل فيه في هذا المطلب.
وبالرجوع لمضمون هذه المواد التي أحالت عليها الفقرة األولى من المادة 44من ق.ح.أ.م
نستشف أن قرارات املجلس التي يسوغ الطعن فيها من لدن األطراف المعنية أمام الغرفة
اإلدارية بمحكمة النقض ال تخرج عن تلك القرارات اإليجابية التي يرخص بموجبها املجلس
بعملية التركيزأو تلك القرارات السلبية التي يمنع بواسطتها إنجازعملية التركيز ،أو تلك القاضية
بتوقيع جزاءات على أطراف العملية أو تلك المتعلقة بتصدي اإلدارة للعملية من أجل حماية
المصلحة العامة.
هكذا بالنسبة للقرارات اإليجابية ،يسوغ لألطراف الطعن فيها سواء صدرت عن املجلس
في إطار البحث المبسط الذي يشترط فيه عند الضرورة بقرار معلل أن يقترن هذا الترخيص
-1037على غرار القواعد ال عامة يتطلب المشرع المغربي في رافع الطعن الخاص بعمليات التركيز االقتصادي الشروط الواردة في ق.م.م من
أهلية وصفة ومصلحة.
ويمكن القول في هذا السياق بأن الطاعن لن يخرج عن أحد األطراف طالبي الترخيص لهم بانجاز عملية التركيز في حالة ما إذا قضى
المجلس برفض الطلب أو سلط عليهم بعض الجزاءات المالية أو من الغير في حالة قبول طلب الترخيص وتضرر هذا األخير من ذلك.
P 579 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
باإلنجاز الفعلي للتعهدات التي اتخذها األطراف (البند 2من المادة ،( 15أو في حالة البحث
المعمق سواء في الحالة التي يشترط فيها عند الضرورة اإلنجاز الفعلي للتعهدات المتخذة من
لدن األطراف التي قامت بالتبليغ أو في الحالة التي يرخص فيها بالعملية مع أمره لألطراف باتخاذ
كل التدابير الكفيلة بضمان منافسة كافية أو إلزامها بتطبيق تعليمات من شأنها المساهمة في
تحقيق تقدم اقتصادي مساهمة كافية لتعويض األضرار الالحقة بالمنافسة (الفقرة األولى
والثانية من البند الثالث من المادة )17
أما بالنسبة للقرارات السلبية التي يرفض بواسطتها املجلس إنجاز عملية التركيز فيجوز
لألطراف الطعن فيها سواء في الحالة التي يقض ي فيها املجلس بأن العملية ال تندرج في مجال
المادتين 11و 12من نفس القانون في إطارالبحث المبسط (البند 1من المادة )15أو في الحالة
التي يرفض فيها العملية ويأمرعند االقتضاء األطراف باتخاذ كل التدابيرالمناسبة إلعادة إرساء
منافسة كافية في إطارالبحث المعمق(الفقرة الثالثة من البند الثالث من المادة .)17
أما فيما يخص قرارات املجلس القاضية بالجزاءات فيسوغ لألطراف المعنية الطعن فيها
سواء اتخذت شكل جزاءات مالية أو شكل جزاءات غيرمالية.
هكذا تتحدد حاالت الطعن في قرارات املجلس في حالة توقيعه لجزاءات مالية سواء
اتخذت شكل غرامة تهديدية طبقا للفقرة األولى من المادة 19من ق.ح.أ.م التي أحالت في تحديد
قيمتها على للمادة 41من نفس القانون أو اتخذت شكل عقوبة مالية طبقا للفقرة الثانية من
المادة 19أو هما معا ،باألساس في حالة إنجاز عملية تركيز دون تبليغ أو إنجاز عملية تركيز سبق
تبليغها للمجلس قبل صدور القرار المنصوص عليه في الفقرة األولى من المادة 14ودون أن
تستفيد من االستثناء الوارد في الفقرة الثانية من نفس المادة ،أو إذ تضمن التبليغ إغفاال أو
تصريحا غير صحيح ،أو في حالة أمر املجلس للمنشأة أو مجموع المنشآت المعنية في حالة
استغالل تعسفي لوضع مهيمن أولوضعية تبعية اقتصادية بالقيام بتغييرأوتتميم أوفسخ جميع
االتفاقات وجميع العقود التي تم بموجبها تركيزالقوة االقتصادية التي مكنت من التعسف.
أما حاالت الطعن في قرارات املجلس في حالة توقيعه لجزاءات غير مالية أي سحب قرار
منح الترخيص بعملية التركيز ،فتتحدد في الحالة التي يعتبر فيها املجلس أن األطراف لم تنفذ في
اآلجال املحددة أمرا أو إحدى التعليمات أو تعهدا تم تضمينهما في قراره أو في قراراإلدارة التي تبت
في العملية طبقا للمادة 11من ق.ح.أ.م ،أو في حالة ما إذا تضمن التبليغ بعملية التركيزإغفاال أو
P 580 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
تصريحا غير صحيح وفضل املجلس بعد توقيعه للجزاءات المالية األنفة الذكر سحب القرار
الذي رخص بالتركيز.
أما الحالة األخيرة التي يسوغ لألطراف المعنية الطعن فيها فتكمن في حالة تصدي اإلدارة
لطلب التركيز العتبارات تتعلق بالمصلحة العامة غير تلك المتعلقة بالحفاظ على المنافسة،
وتتمثل هذه االعتبارات على الخصوص حسب مضمون المادة 11من ق.ح.أ.م في التنمية
الصناعية وتنافسية المنشآت المعنية بالنظر إلى المنافسة الدولية أو خلق مناصب شغل أو
الحفاظ عليها.
وإذا كان هذا هو حال المشرع المغربي فإن المشرع الجزائري كان أكثر تشددا في هذا
السياق إذ حصر حاالت الطعن أمام مجلس الدولة الجزائري في الحالة التي يقض ي فيها مجلس
المنافسة الجزائري برفض عمليات التجميع دون تلك القاضية بالترخيص بالتجميع أو بالتركيز
االقتصادي وذلك بصريح عبارة الفقرة الثالثة من المادة 19من أمر 13/13الجزائري الذي جاء
فيه" يمكن الطعن في قرار رفض التجميع أمام مجلس الدولة "
يعمل القانون على تحديد أجل محدد يجب داخله تقديم الطعون ضد القرارات الصادرة
عن مجلس المنافسة وإال قض ي بعدم قبولها ،ويتحدد األجل األنف الذكر بناء على مدى معرفة
األطراف المعنية بالقرار الصادر في العملية ،هكذا نص المشرع المغربي في الفقرة الثانية من
المادة 44من ق.ح.أ.م على ضرورة تقديم الطعون الموجهة ضد القرارات التي يتخذها مجلس
المنافسة بخصوص عمليات التركيزاالقتصادي داخل أجل 31يوما ابتداء من تاريخ تبليغ القرار،
وهو أجل يخالف ما هو وارد في القواعد العامة.
إذ ينص الفصل 361من ق .المسطرة المدنية على أنه " ...تقدم طلبات إلغاء مقررات
السلطات اإلدارية للشطط في استعمال السلطة داخل أجل 61يوما من نشر أو تبليغ المقرر
المطعون فيه " كما تنص في نفس السياق الفقرة األولى من المادة 23من القانون 41-91املحدث
للمحاكم اإلدارية على أنه " يجب أن تقدم طلبات إلغاء القرارات الصادرة عن السلطات اإلدارية
بسبب تجاوز السلطة داخل أجل ستين يوما يبتدئ من نشر أو تبليغ القرار المطلوب إلغاؤه إلى
المعني باألمر"
P 581 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
وإذا كان المشرع المغربي قد تبنى أجال قصيرا يتماش ى مع خصوصية منازعات األعمال
التي تتطلب إقرار أجال قصيرة لتقديم الطعون ضد قرارات مجالس المنافسة ،مع عدم إحداثه
ألي تمييز بين أطراف عمليات التركيز والغير بالنسبة لتاريخ ابتداء سريان األجل األنف الذكر في
مواجهتهم ،فإن المشرع الفرنس ي على خالف ذلك إذ نص على أجل مضاعف لما هو وارد في
القانون المغربي يتحدد في ستون يوما يبتدئ تاريخ سريانه بالنسبة لألطراف في المسطرة أمام
سلطة المنافسة من تاريخ تبليغهم بالقرارأما بالنسبة لألغيارفيبتدئ تاريخ سريانه في مواجهتهم
من نشرالقرارفي الموقع الرسمي لسلطة المنافسة.1038
أما المشرع المصري فقد تبنى هو األخر نفس األجل المومأ إليه أعاله بالنسبة للمشرع
الفرنس ي حيث نصت المادة 64من قانون مجلس الدولة -ما دام أن قانون المنافسة المصري
لم ينص على أي أجل في هذا السياق -على أن " ميعاد رفع الدعوى أمام املحكمة فيما يتعلق
بطلبات اإللغاء ستون يوما من تاريخ نشرالقرار اإلداري المطعون فيه في الجريدة الرسمية أو في
النشرات التي تصدرها المصالح العامة أو إعالن صاحب الشأن به "...هذا وقد حددت الالئحة
التنفيذية لقانون حماية المنافسة المصري طريقة إخطاراألطراف المعنية بقرارات املجلس في
خطاب موص ى عليه مصحوب بعلم الوصول.1039
المطلب الثاني :عدم تحديد المشرع لطبيعة الرقابة الممارسة من لدن القضاء اإلداري
على قرارات مجلس المنافسة.
ما يالحظ على المشرع المغربي سواء في القانون المنسوخ لسنة 2111أو الحالي لسنة
2114هو عدم تحديده بدقة لطبيعة الرقابة الممارسة من لدن الغرفة اإلدارية بمحكمة النقض
على القرارات التي يتخذها مجلس المنافسة بخصوص عمليات التركيزاالقتصادي ،إذ أن الفقرة
األخيرة من المادة 46من ق.ح.أ.م المنسوخ كانت تؤكد على أن رفع الطعون ضد قرارات الوزير
األول – رئيس الحكومة وفق الدستورالجديد – المتخذة تطبيقا القسم األول من الفصل الثالث
P 582 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
المتعلق باإلجراءات الخاصة بعمليات التركيز االقتصادي ترفع أمام املحكمة اإلدارية املختصة
من دون تحديد أساس هذا الطعن ،ونفس األمر كرره المشرع في الفقرة األولى من المادة 44من
ق.ح.أ.م الجديد إذا جاء فيها " تقدم الطعون ضد قرارات مجلس المنافسة ...أمام الغرفة
اإلدارية بمحكمة النقض" ،فهذه المقتضيات العامة والفضفاضة تثير اللبس حول طبيعة
الرقابة التي ستمارسها الغرفة اإلدارية بمحكمة النقض بخصوص الطعون المقدمة أمامها،
بمعنى هل ستمارس هذه الرقابة في إطار دعوى اإللغاء أم في إطار دعوى القضاء الشامل أم في
إطارهما معا ؟
إن هذا السؤال له أهمية كبيرة على مستوى تحديد الصالحيات املخولة للغرفة اإلدارية،
بحيث إذا قلنا بأن هذه الرقابة ستتم في إطار دعوى اإللغاء فإن هذا يعني أن سلطة الغرفة
اإلدارية ستنحصر في إلغاء القرار المطعون فيه من دون أن يكون لها الحق في اتخاذ القرار
الصحيح ،أما إذا قلنا بأن هذه الرقابة ستتم في إطار دعوى القضاء الشامل فإن هذا يعني أن
للغرفة األنفة الذكرالصالحية التامة في اتخاذ القرارالذي تراه مالئما بعد إلغائها للقرار ،1040كأن
تصرح مثال بإنجاز عملية التركيز في حالة ما إذا كان املجلس قد قرر رفض الطلب الذي تقدم به
األطراف املحددين في ق.ح.أ.م أو التصريح برفض العملية في حالة ما إذا كان املجلس قد اتخذ
قرارا معاكسا.
ويستمد هذا االستنتاج من القواعد العامة للقانون اإلداري التي يستشف منها أن دعوى
اإللغاء تتجسد في تلك الدعوى" التي يطلب فيها ر افعها من القاض ي اإلداري إلغاء القراراإلداري
الذي يتصف بعيب من عيوب المشروعية " 1041في حين تتمثل دعوى القضاء الشامل في تلك
الدعوى "التي يسوغ فيها للقاض ي أن يقض ي باإلضافة إلى إلغاء القرار غير المشروع بتعويض
الضررالناتج عنه وكذا اإلعالن عن اإلجراء الصحيح أو مجرد تعديل اإلجراء المتخذ".1042
P 583 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
بقانون المنافسة المغربي(الفقرة الثانية) وذلك بسبب غياب العمل القضائي إذ لحدود كتابة
هذه األسطرلم يصدرفي هذا اإلطارأي قرارقضائي عن الغرفة اإلدارية بمحكمة النقض.
وعلى خالف القانون األوربي لم يحدد المشرع الفرنس ي أساس الطعن في القرارات الصادرة
عن سلطة المنافسة أو الوزير المكلف باالقتصاد 1045أمام مجلس الدولة الفرنس ي بخصوص
عمليات التركيز االقتصادي ،غير أن الفقه الفرنس ي مجمع على أن هذه الرقابة تتم باألساس من
خالل دعوى اإللغاء ( Les recours à l’encontre des décision en matière de
،1046)concentrations sont principalement des recours en annulationبيد أن االجتهاد
القضائ ي الفرنس ي لم يتبع هذا النهج الذي قال به الفقه ،بل عمل على تبنى نفس التوجه الذي
نص عليه القانون األوربي ،إذ أن مجلس الدولة يمارس رقابته الكاملة من خالل دعوى القضاء
الشامل إذا كان محل الطعن ينصب على قرار قضت فيه سلطة المنافسة بجزاءات مالية ،أما
إذا كان محل الطعن ينصب على غيرذلك من القرارات فإن مجلس الدولة يمارس رقابته من خالل
-1043من المهم التنبيه أن القرارات التي تتخذها المفوضية األوربية بشأن التركيز يتم الطعن فيها أمام محكمة الدرجة األولى قبل الطعن
فيها أمام محكمة العدل األوربية ،إذ على خالف سلطات هاته األخيرة تتمتع المحكمة األولى بصالحيات واسعة إذ تتمتع بسلطة إلغاء أو
تعديل جميع القرارات التي تتخذها المفوضية األوربية.
-1044أسامة فتحي عبادة يوسف ،المرجع السابق ،ص 222و .223
-1045على شاكلة القانون المغربي يتصدى الوزير المكلف باالقتصاد بفرنسا لعمليات التركيز االقتصادي لالعتبارات التي تتعلق بالمصلحة
العامة.
1046 - - REPUBLIQUE FRANCAISE, Autorité de la concurrence, op.cit, p 77.
P 584 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
دعوى اإللغاء فقط ،وهذا ما وقفنا عنده من خالل مجموعة من القرارات نذكر منها في هذا
الصدد القرار الصادرعن مجلس الدولة رقم 353156الصادر بتاريخ 21دجنبر 10472112والذي
تتلخص وقائعه في أن سلطة المنافسة قد قضت في قرارها رقم 11-D-12الصادر بتاريخ
2111/9/21بالترخيص بعملية التركيز التي استحوذت بموجبها ( )CANAL PLUSعلى مجموع
مساهمات ) (TPSفي شركة ( )CANALSATبشرط احترام مجموعة من االلتزامات ،غير أن
األطراف المعنية بعملية الترخيص لم تلتزم بااللتزامات األنفة الذكر مما دفع سلطة المنافسة
إلى سحب القرارالقاض ي بالترخص مع إلزام األطراف المعنية بأداء غرامة مالية مع ضرورة إعادة
المسطرة من الجديد ،وبعد إعادة المسطرة قضت سلطة المنافسة بقرارثاني قضت فيه بانجاز
العملية تحت طائلة احترام بعض االلتزامات األخرى ،وهو ما دفع األطراف المعنية إلى الطعن في
قرارالترخيص والقرارالقاض ي بالغرامات ،الذي بت فيه مجلس الدولة وفق القضاء الشامل من
منطلق أن القرار المطعون فيه قد اتخذ وفقا للتدابير المنصوص عليها في المادة 1/431من
قانون التجارة الفرنس ي والتي لها سمة الجزاء .وتجدراإلشارة بأن هذا القراريتماش ى مع ما صرح
به املجلس الدستوري الفرنس ي سابقا في قراره المشهور بمناسبة تناوله لموضوع الضمانات
الممنوحة ألصحاب رخص استغالل مر افق االتصال السمعي البصري على أن كل قرار إداري
يوقع عقوبة ،يمكن أن يكون موضوع طعن ،أمام مجلس الدولة بموجب دعوى القضاء الشامل.
وعلى الرغم من ممارسة مجلس الدولة الفرنس ي لرقابته على أعمال سلطات المنافسة
من غيرتلك المتعلقة بجزاءات مالية من خالل دعوى اإللغاء ،فإن ذلك ال يستشف منه محدودية
رقابة مجلس الدولة في هذا الصدد بل على العكس من ذلك ،فاجتهادات هذا األخير أظهرت أن
رقابته تتجاوز رقابة قرارات سلطة المنافسة من الناحية الشكلية لتتعداها إلى لرقابة مدى
مالءمة عملية التركيز وتحديد السوق المرجعي و تقدير اآلثار التنافسية للعملية مع أخذه بعين
االعتبار لمدى مساهمة التقدم االقتصادي في تعويض األضرار المنجرة للعملية على السير
العادي للمنافسة.1048...
1047 - Arrêt de Conseil d’État, num 323226, du 21/12/2012, sur dèc num 11-D-12. Voir le
)site web, http://www.legifrance.gouv.fr, (consulté le 20/10/2023 a 21h50.
1048 - - REPUBLIQUE FRANCAISE, Autorité de la concurrence, op.cit, p 77.
P 585 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
ففي ظل عدم تحديد المشرع المغربي كما قدمنا لطبيعة الرقابة الممارسة من لدن
الغرفة اإلدارية بمحكمة النقض ،فقد اختلف المهتمون بقانون المنافسة المغربي في ظل
القانون 99-16المنسوخ لسنة 2111بشأن طبيعة الرقابة الممارسة من لدن القضاء اإلداري
على قرارات مجلس المنافسة بين قائل بأن هذه الرقابة تتم في إطاردعوى اإللغاء وبين قائل بأن
هذه الرقابة تتم من خالل القضاء الشامل ،وبين قائل بأن هذه الرقابة تتم من خالل الدعويين
معا أي القضاء الشامل وقضاء اإللغاء في نفس الوقت.
ويبرر التوجه األول موقفه باالعتماد على مقتضيات القانون 41-91املحدث للمحاكم
اإلدارية الذي يخول للمحاكم اإلدارية الصالحية التامة للبت في الطعون باإللغاء لتجاوزالسلطة
ضد القرارات اإلدارية ودعاوى التعويض الناتجة عن تصرفات و أنشطة األشخاص العامة ،ومنه
تخلص لعدم إمكانية تقديم الطعون في هذا اإلطارفي إطارالقضاء الشامل donc il ne s’agit1049
.pas d’un recours en réformation
أما التوجه الثاني وإن كان قد جاء في سياق عام في إطار الحديث عن هيئات النوظمة
بصفة عامة إال أن أهميته ال تخفى في هذا الصدد في المساهمة في اإلجابة عن السؤال األنف
الذكر ،حيث يصرح األستاذ مجمد الهيني أن رقابة القاض ي اإلداري على أعمال هيئات النوظمة
ال يجب أن تقتصر عند إلغاء المقرر اإلداري المطعون فيه ،إذا ثبت عدم مشروعيته على غرار
الدعاوى العامة ،و إنما يجب أن تمتد إلى إصالحه وتعويضه لمراعاة خصوصية العمل اإلداري
النوظمي.1050
أما التوجه األخير فالمالحظ عليه أنه صرح بموقفه بدون إعطاء أي تبريرات لذلك حيث
تبنى نفس الموقف الذي قال به القانون األوربي وتبناه االجتهاد القضائي الفرنس ي اللذين ميز في
طبيعة الرقابة الممارسة من لدن القضاء اإلداري بين قرارات التركيز القاضية بجزاءات مالية
وغيرها من القرارات حيث يتم توجيه الطعون في مواجهة القرارات األولى وفق دعوى القضاء
الشامل بينما يتم تقديم الطعون في القرارات الثانية وفق دعوى اإللغاء.1051
P 586 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
ومن جانبنا نؤيد ما ذهب إليه التوجه األخيرمن منطلق أن تحويل سلطة توقيع الجزاءات
المالية من القضاء إلى مجلس المنافسة بشأن عمليات التركيزاالقتصادي يتطلب دستوريا منح
السلطة القضائية املحول منها االختصاص سلطة رقابة املجلس من خالل دعوى القضاء
الشامل وليس من خالل دعوى اإللغاء ،ألن القول بخالف ذلك فيه مساس بحقوق المتقاضين
ومبادئ الدستوروهو ما ال يمكن أن يقبل به المنطق القانوني السليم.
أما الطعن في باقي القرارات الصادرة عن املجلس فيمكن تقديم الطعن فيها وفق دعوى
اإللغاء لالعتبارات التالية :
أن سلطة توقيع هذه القرارات كانت في البداية من اختصاص السلطة التنفيذية التي كان
يطعن فيها من خالل دعوى اإللغاء وفق القواعد العامة للقانون اإلداري قبل تحويلها
ملجلس المنافسة ،وبالتالي فإن االحتفاظ بنفس طبيعة الطعن يتماش ى مع مبادئ
الدستوروليس فيه أي مساس بحقوق المتقاضين.
كذلك أن الغرفة اإلدارية لن تكون أقدرفي الوقت الراهن من التقريرمحل املجلس بشأن
عمليات التركيز ،من جهة بفعل افتقاد القضاة المكوينين لها للتكوين االقتصادي
المالئم الذي يتطلبه البت في قضايا المنافسة ،ومن جهة أخرى أن القرارات الصادر
بالرفض أوبالترخيص مثال بعملية التركيزيمارس املجلس بشأنها مطلق سلطاته التقديرية
ولن يكون في جميع الحاالت متجاوزا لسلطاته إذ أن قراراته ستكون قرارات معللة
تتضمن عدة أسانيد ومبررات ولن يكون املجلس في جميع األحوال متجاوزا لسلطاته.
يضاف إلى ذلك طبيعة تأليفة مجلس المنافسة وفق القانون الجديد ،إذ يضم مشارب
متعددة بدءا من رجال القانون –قضاة وخبراء قانونيين -مرورا برجال االقتصاد
والمنافسة وصوال إلى رجال االستهالك(،م 9من قانون مجلس المنافسة) فهؤالء هم
أشخاص متخصصين لهم دراية كبيرة باملجال الذي يشتغلون فيه ،إذ تتوفر فيهم
الشروط الالزمة للتغلب على تعقد منازعات المنافسة ،والمتمثلة -أي الشروط -في
الجمع بين التكوين القانوني واالقتصادي ،وبالتالي فهم أكثر إلماما بروح وفلسفة قانون
المنافسة وبالسياسة الحكومية المتبعة في املجال االقتصادي من قضاة الغرفة
اإلدارية ،وبالتالي فإن القرارات التي سيتخذونها سيراعون فيها مجموعة من االعتبارات
يصعب على الغرفة اإلدارية الوصول إليها ،لكل ذلك نكررما قلناه أعاله بأن رقابة الغرفة
P 587 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
اإلدارية يجب أن تنصب فقط على إلغاء قرارات املجلس نظرا لعدم شرعيتها خصوصا
مع التعديالت الجديدة – المادة 14من المرسوم التطبيقي لقانون.ح.أ.م -التي خولت
للمنشآت المعنية التي وجهت التبليغ في حالة اإللغاء الكلي أو الجزئي أن تحين تبليغها
وتوجهه من جديد داخل أجل شهرين ابتداء من تاريخ تبليغ قرار الغرفة اإلدارية لدى
محكمة النقض عندما يتطلب األمرعند االقتضاء إعادة دراسة الملف.
هذا ومن المستجدات التي جاء بها القانون الجديد لحرية األسعار والمنافسة هو
تنصيصه في المادة 14من مرسومه التطبيقي الصادر في فاتح دجنبر 2114على أنه ينجر عن
اإللغاء الكلي أو الجزئي للقرارات القابلة للطعن الصادرة عن مجلس المنافسة كما حددناها
أعاله أي تلك الواردة في الفقرة الخامسة من المادة 15أو البند IIIمن المادة 17أو المادتين 19
و 21من ق.ح.أ.م أو القرارات المتخذة من لدن رئيس الحكومة أو السلطة المفوضة من لدنه
لهذا الغرض تطبيقا للمادة 11من نفس القانون وتطلب األمر عند االقتضاء إعادة دراسة
الملف ،تقوم المنشآت المعنية التي وجهت التبليغ بتحيين تبليغها وتوجيهه من جديد داخل أجل
شهرين ابتداء من تاريخ تبليغ قرارالغرفة اإلدارية لدى محكمة النقض.
هذا وال تقتصر الرقابة القضائية على القرارات الصادرة عن املجلس بخصوص عمليات
التركيزاالقتصادي على الهيئة الجماعية بمفهومها الضيق ،بل تشمل حتى القاض ي االستعجالي،
الذي خوله المشرع اختصاص النظر في طلبات وقف تنفيذ قرارات املجلس التي تتمتع بقرينة
المشروعية التي يتفرع عنها القوة التنفيذية ،1052حيث يعمل القاض ي املختص على التحقق من
الشروط الواجبة للحكم بالوقف والمتمثلة في ضرورة تزامن طلب الوقف مع وجود دعوى
مرفوعة أمام الغرفة اإلدارية بمحكمة النقض ،مع توفرعنصراالستعجال ووجود شكوك جدية
بشأن مشروعية القرار المطلوب تنفيذه وأن يكون الضررالمتوقع حدوثه من جراء هذا التنفيذ
من النوع الذي ال يمكن تداركه.1053
P 588 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
وفي مقابل ذلك يؤاخذ على المشرع عدم حسمه في طبيعة الرقابة التي سيمارسها القضاء
اإلداري على قرارات املجلس محل الطعن ،مما أدى إلى اختالف وجهات النظر بين قائل بأن هذه
الرقابة تتم فقط من خالل دعوى اإللغاء وبين قائل بإمكانية ممارستها من خالل دعوى القضاء
الشامل فيما يخص الجزاءات المالية فقط وهو الموقف الذي انتصرنا له في األخير.
لكل ذلك نعتقد أنه لتجاوز هذه الثغرات والنقائص ،وبالتالي تمكن القضاء من تحقيق
األهداف المسطرة له من لدن المشرع في مجال المنافسة ،فالبد من مراعاة األتي :
التنصيص الصريح على إمكانية الطعن في قرارات مجلس المنافسة أمام الغرفة اإلدارية
بمحكمة النقض وفق دعوى اإللغاء أو دعوى القضاء الشامل.
عبد الكريم طالب " ،التنظيم القضائي المغربي" دراسة علمية" ،مطبعة
النجاح.2114 ،
محمد األعرج ،القانون اإلداري المغربي ،الجزء الثاني ،منشورات املجلة
المغربية لإلدارة والتنمية ،سلسلة مواضيع الساعة ،رقم مكررلسنة .2111
P 589 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
محمد الهيني ،رقابة القضاء على أعمال هيئات النوظمة ،أطروحة لنيل
الدكتوراه في القانون الخاص ،جامعة سيدي محمد بن عبد الله ،كلية العلوم القانونية
واالقتصادية واالجتماعية ،فاس.2113-2112 ،
أسامة فتحي عبادة يوسف ،النظام القانوني لعمليات التركز االقتصادي في
قانون المنافسة ،دراسة تحليلية مقارنة ،رسالة الدكتوراه ،جامعة المنصورة ،دار الفكر
والقانون المنصورة.2114 ،
جعفرايزوغار ،مر اقبة عمليات التركيزاالقتصادي ،رسالة لنيل شهادة الماستر
في القانون الخاص ،جامعة سيدي محمد بن عبد الله ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية
واالجتماعية –فاس.2113-2112،-
المقاالت :
جعفر إيزوكار "،قراءة في أهم مستجدات نظام مر اقبة عمليات التركيز
االقتصادي" ،مقال منشور بالموقع االلكتروني./http://www.alkanounia.com ،
OUVRAGES :
Articles :
P 590 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
Les jurisprudences :
P 591 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
الشفعة نظام إسالمي ثابت في الشريعة اإلسالمية؛ واتفق الفقهاء المسلمون على مشروعية الشفعة ،وقرروا 1054
األخذ بها ،واستنباط أحكام مختلفة ،ودقيقة تنظمها؛ فهي ثابتة باإلجماع ،والسنة ،واألحاديث النبوية العديدة،
والمتنوعة ،فقد ثبت أن رسول الله ص لى الله عليه وسلم قضى بالشفعة :وعن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى
الله علبه وسلم قضى بالشفعة في كل شريكة لم تقسم ريعة أو حائط؛ ال يحل له أن يبيع حتى يؤذن له شريكه ،فإن
شاء أخذ وإن شاء ترك؛ فإذا باعه ولم يؤذنه فهو أحق به ( رواه البخاري في كتاب الشفعة ،باب :الشفعة فيما لم يقسم
فإذا وقعت الحدود فال شفعة ،رقم الحديث .)2024
وللشفعة أهمية قصوى من حيث كونها تسهم في رفع الضرر عن الشركاء والحفاظ على الشيوع تالفيا للدخول
الشريك األجنبي ،باإلضافة لكونها تساعد على التماسك بين الشركاء من ناحية ،والعمل على اكتساب الملكية من
ناحية أخرى ،نظرا ألهميتها فقد اهتمت التشريعات بها ،وعمدت إلى تنظيمها بقواعد قانونية ،فقد عرفها المشرع
المغربي في المادة 222من قانون 32.02بمثابة مدونة الحقوق العينية على أنها ":أخذ الشريك في ملك مشاع أو
حق عيني مشاع حصة شريكه المبيعة بثمنها بعد أداء الثمن ومصروفات العقد الالزمة والمصروفات الضرورية
النافعة عند االقتضاء".
كما أشير لها أيضا في قانون االلتزامات والعقود في الفصل 241إذ جاء فيه ما يأتي" :إذا باع أحد المالكين على
الشياع ألحنبي حصته الشائعة ،جاز لباقيتهم أن يشفعوا هذه الحصة ألنفسهم ،في مقابل أن يدفعوا للمشتري الثمن
ومصروفات الضرورية والنافعة التي أنفقها منذ البيع .ويسري نفس الحكم في حالة المعاوضة.
ولكل من المالكين على الشياع أن يشفع بنسبة حصته .فإذا امتنع غيره من األخذ بها لزمه أن يشفع الكل .ويلزمه أن
يدفع ما عليه معجال ،وعلى األكثر خالل ثالثة أيام ،فإذا انقضى هذا األجل لم يكن لمباشرة حق الشفعة أي أثر".
من خالل ما تقدم ،فالشفعة تتميز بمجموعة من الخصائص:
الشفعة حق عقاري :ال ترد الشفعة إال على العقارات ،وهذا ما نصت عليه المادة 222من مدونة الحقوق -
العينية ،حيث جاء فيها ما يأتي ":تكون الشفعة في العقارات سواء كانت قابلة للقسمة أو غير قابلة لها ،وتكون في
الحقوق العينية القابلة للتداول".
P 592 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
بالمر اقبة أن الثمن المصرح به ،أو المعبر عنه في العقد أو االتفاق ال يطابق القيمة التجارية
الحقيقية في تاريخ التفويت ،وأن أداء الواجبات التكميلية المفروضة بناء على تقدير اإلدارة
الضريبية لم يتسن التوصل إليه بشكل ودي.1055
و انطالقا من التعريف أعاله إذا كانت هناك رضائية في العقود وحرية في التعاقد ،فهذا ال
يعني إطالق األمورعلى عواهنها ،وترك الحرية المطلقة لألطراف لتفعل ما تشاء ،وتشرط ما تشاء،
وتصرح بما تشاء من القيم واألثمنة هروبا من الحقيقة ،وتملصا من الضريبة 1056دون حسيب وال
-الشفعة حق استثنائي :باعتباره تقييدا لحرية التعاقد ،ولحق الملكية ،فينتزع العقار من مشتريه دون رضاه،
فيتملك لشخص آخر غير الذي باعه إياه ،كما أنه ال يمارس إال في صور معينة وشروط مضبوطة.
-الشفعة حق غير قابل للتجزئة :يعني أنه ال يحق للشفيع أن يطلب بعض المبيع وترك بعضه مما يلحق
ضررا بالمشتري ،لذا يجب المطالبة بكل العقار ،وهذا ما أكدته الفقرة األولى من المادة 221من مدونة الحقوق
العينية.
كما تبقى الشفعة حق اختياري ،فاألخذ بها يرجع إلى محض إرادة الشفيع ،فله األخذ بها ،أو التنازل عنها.
وللتوسع أكثر انظر:
-محمد محجوبي ":الشفعة بين الفقه المالكي والتشريع المغربي" ،دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع ،الطبعة
الثانية .2000
-أحمد أباش ":األحكام العامة للشفعة في الفقه اإلسالمي والقانون المغربي" ،منشورات الحلبى الحقوقية،
الطبعة األولى .2002
-محمد ابن معحوز" :أحكام الشفعة في الفقه المالكي والتقنين المغربي المقارن" ،الطبعة الثانية -4134
،4223المطبعة غير متوفرة.
1055تم تنظيم هذا الحق أول األمر في القانون الجبائي بمقتضى المادة 32من الظهير الشريف رقم 4-24-232
يناير 4243الصادر بتنفيذه قانون المالية لسنة ،4243المنشور في الجريدة الرسمية عدد ،3413بتاريخ 21يناير
.4243
1056التملص الضريبي أو ما يعرف بالتهرب الضريبي هو مفهوم قدم له الفقهاء عدة تعاريف منها:
-عرفه محمد كامل الحاروني بأنه ":اإلخفاء المتعمد لمصدر من مصادر اإليراد الضريبي فال تفرض عليه
الضريبة المستحقة".
-وعرفه األستاذ كوبي بأن التهرب الضريبي نوعان :هناك تهرب ضريبي مركب وهو" كل فعل أو إغفال
تم اقترافه عن سوء نية وبطرق تمكن الفاعل من التملص من أداء الضريبة المستحقة عليه قانونا" .والتهرب الضريبي
الب سيط وهو ":كل إخفاء أو محاولة إخفاء متعمد لضريبة مستحقة ،عن طريق القيام بأي فعل أو افتعال ناتج عن
استعمال طرق احتيالية".
-وعرفه األستاذ سعيد وهبة بأنه هو ":اإلفالت من دفع الضرائب ومن تحمل عبئها في وقت واحد".
-للتوسع في هذا الموضوع انظر:
P 593 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
رقيب ،فهناك رقابة النظام العام مادام الفرد يعمل في جماعة ،ويتعين عليه أن يراعي المصلحة
الجماعية العليا ،واملحافظة على التوازن االقتصادي واالجتماعي ،ومن تم يالحظ تدخل الدولة
في جوانب كثيرة من المعامالت ،رعيا منها لمبدأ التوازن بين مصلحة الفرد والجماعة ،مع العلم
أن الدولة وإن تدخلت ،فإن تدخلها ال يقصد مبدأ التعاقد في حد ذاته ،بل تنظيم هذه الحرية،
وتمكين خزينة الدولة من حقوق مالية قصد القيام بمصالح اجتماعية تعود بالنفع على الجميع.
إن قاعدة الرضائية في هذه الحالة يتجاذبها مبدأ سلطان اإلرادة من جهة ،ومبدأ النظام
العام من جهة أخرى ،لذلك فإن التصريح بالقيمة ،أو الثمن في هذا العقد أو االتفاق ليس متروكا
لحرية أو مزاج المتعاقدين ،و إنما يجب أن يكون محددا ال غشاوة عليه ،ومطابقا للقيم التجارية
المتداولة ،والجاري بها العمل في سوق العقار ،وإال تدخلت اإلدارة وفق مقتضيات القانون،
وطبقا إلجراءات ومساطرخاصة ،وأعادت األمورإلى نصابها حفاظا على حقوق األطراف ،ودفاعا
عن حقوق الخزينة ،ألن العبرة بالثمن الحقيقي ال بالثمن الظاهر واإلدارة تصحح هذا الوضع،
وتقومه بحسب المعطيات التي تتوفر عليها لتحول دون تحايل المتعاقدين على الو اقع ،وعلى
القانون في نفس الوقت.1057
وبهذا يعتبرقطاع الضرائب إحدى أهم الركائز األساسية للدولة ،حيث تعطي هذه األخيرة
مختلف حاجياتها انطالقا من الضرائب والرسوم ،التي في حكمها بل إن الضرائب أصبحت
خديجة المنير ":التهرب الضريبي بالمغرب" ،مقال منشور بمجلة الباحث للدراسات واألبحاث القانونية -
والقضائية ،العدد ،21نونبر ،2020ص.132:
1057البد من اإلشارة في هذا الصدد إلى أن بيع القيم المنقولة تخضع للتصريح الضريبي نموذج عدد ،302وهي
كذلك تقع تحت مراقبة مفتش الضرائب المختص للتأكد من مدى مطابقة القيمة المصرح بها بالنسبة لألسهم أو
الحصص مع قيمتها استنادا إلى عناصر ،وبيانات اإلقرار السنوي ،ال سيما على مستوى مجموعة القيمة اإلسمية أو
الحصة دون االعتداد باالرتفاع الطارئ عليها استنادا إلى قيمتها الحقيقية في السوق.
ويظهر أن إخراج المشرع الجبائي للتفويتات التي ترد على هذه القيم من نطاق ممارسة حق الشفعة لفائدة الدولة،
تمليه اعتبارات وجيهة بالنظر إلى ممارسة هذه اإلمكانية ستؤدي بالدولة إلى بسط مراقبتها المقولة ،ثم إن إجراء
الشفعة فيها ينقض توجهات الدولة الرامية إلى خوصصة الشركات التي تملك فيها مساهمات في رأسمالها ،فضال
عما في ذلك من تدخل في الحياة االقتصادية ،ومساس بحرية التجارة ،ومبادئ التنافسية.
ذكره أستاذنا :إبراهيم أحطاب ":مسطرة تصحيح الثمن في العقود –ضريبة التسجيل نموذجا ،"-الطبعة األولى
،2041-4131مكتبة الرشاد -سطات ،ص.404 :
P 594 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
تشكل أداة رئيسية لتنفيذ السياسة االقتصادية ،واالجتماعية ،إضافة إلى كونها تسهم بنسبة
كبيرة في تحقيق التنمية الشاملة.1058
أهمية الموضوع:
يكتس ي هذا الموضوع أهمية بالغة تكمن في كون حق الشفعة املخول للدولة في املجال
الضريبي ،يحظى بأهمية كبيرة كونه وسيلة من وسائل نزع الملكية الخطيرة التي من شأنها تهديد
استقرار المعامالت العقارية ،وكونه أيضا أسلوبا من األساليب التي تستخدمها الدولة كلما
أرادت اكتساب ملكية معينة ،إضافة لعدم دراية شريحة كبيرة من املجتمع المغربي بهذا الحق
املخول للدولة ،بل حتى بعض العاملين في املجال يجهلون تطبيقه على الو اقع ،وهذا يشكل
تهديدا لضمانات الملزم (المشتري)
إشكال البحث :واإلشكال المطروح يتجلى فيما يأتي :ماهي الضمانات القانونية التي
وضعها المشرع لحماية الطرف الضعيف في هذه العالقة التعاقدية ،ودور القضاء في إعادة
التوازن التعاقدي للعقد الذي تكون الدولة طرفا فيه؟.
هذا اإلشكال يتفرع عنه تساؤالت عدة أهمها :أن ممارسة الشفعة من قبل الدولة يعد
قيدا خطيرا على حرية اإلرادة في إبرام العقود ،والتصرفات القانونية ،ألنه يجبر المشتري على
التخلي عن العقارالذي اشتراه رغما عنه ،كما أن البائع يجد نفسه أمام شخص آخرغيرالمشتري
الذي تعاقد معه .فهل يمكن اعتبار الحق المعطى للدولة حق شفعة؟ وهل ممارسة هذا الحق
يتم وفق الشروط واإلجراءات التي يمارس بها من قبل األشخاص الطبيعيين؟.
خطة البحث :لإلجابة عن هذه التساؤالت سنتقسم هذه الدراسة إلى مطلبين :المطلب
األول :الحماية القانونية للملزم في إطار ممارسة الشفعة الضريبية .المطلب الثاني :الحماية
القضائية للملزم في إطارممارسة الشفعة الضريبية.
1058أيوب الحلي " :المنازعة الضريبية أمام القضاء اإلداري" ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام ،ماستر
الحكامة القانونية والقضائية ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء،
السنة الجامعية ،2044-2041ص.1:
P 595 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
يجد حق الشفعة المقررة لفائدة الدولة أساسه القانوني في املجال الضريبي في مقتضيات
المادتين 143و 211من المدونة العامة للضرائب ،1059وهو حق يخول لإلدارة الضريبية تجريد
المفوت إليه من ممتلكاته العقارية عندما يمتنع عن أداء الواجبات المفروضة بناء على تقدير
اإلدارة للقيمة التجارية لتلك الممتلكات وقت التفويت ،وذلك مقابل تعويض يتمثل في دفع مبلغ
الثمن المصرح به ،وواجبات التسجيل المؤذاة ،ورسوم املحافظة العقارية في حالة وجودها.
ولما كان حق الشفعة لفائدة الدولة يمكن اإلدارة من تجريد األفراد من ممتلكاتهم ،فإنه
سيكون من المشروع التساؤل حول دستوريته في ضوء الفصل 106035من الدستور لسنة
.10612111
ويفهم من هذه المقتضيات أنه ال يجوز نزع الملكية إال بموجب نص قانوني يحدد أحوال
وإجراءات نزع الملكية بما ال يتعارض مع ضمان حق الملكية ،أي بما يضمن عدم التعسف في
تجريد األفراد من ممتلكاتهم.
غير أن وجود مثل هذا النص القانوني ال يكفي وحده إلضفاء الشرعية على نزع الملكية
عن طريق ممارسة حق الشفعة لفائدة الدولة ،و إنما ال بد من تخويل المنزوعة أمالكه الحق في
الدعوى العادلة المنصوص عليه في الفقرة األولى من الفصل 14من العهد الدولي للحقوق
المدنية والسياسية بما يكفل له الحماية القضائية من كل تعسف أو خطأ في تطبيق القانون
المنظم لممارسة حق الشفعة لفائدة الدولة.
وعليه فإن وجود اإلدارة وما تملكه من سلطات واسعة كأحد خصمي المنازعة الضريبية،
يبرزوبدون تردد ضرورة ومشروعية توفيرالحماية القانونية للملزم (المشفوع منه) أو (المنزوعة
1059المدونة العامة للضرائب المحدثة بموجب المادة 1من قانون المالية رقم 13-01للسنة المالية ،2004الصادر
بتنفيذ الظهير الشريف رقم ،4.01.232الصادر في 40ذي الحجة ،4124الموافق ل 34ديسمير ،2001الجريدة
الرسمية عدد 1124بتاريخ فاتح يناير .2004
1060ينص الفصل 31من الدستور على ما يأتي ":يضمن القانون حق الملكية."...
1061ظهير شريف رقم 4-44-24صادر في 24شعبان 4132هـ /الموافق ل 22يوليوز ،2044المتعلق بالدستور،
منشور بالجريدة الرسمية عدد 1211مكرر ،ص.3100:
P 596 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
منه أمالكه) ،وذلك من خالل تدخل المشرع بمقتض ى النصوص القانونية المنظمة لحق
الشفعة لفائدة الدولة.
لذلك فالحديث عن الحماية القانونية أو القضائية المقررة للملزم يقتض ي التطرق إلى
الضمانات التي كرسها المشرع الجبائي للحفاظ على حقوقه ،وهو ما يمكن استخالصه من
النصوص القانونية الضابطة ،والمنظمة لمسطرة ممارسة الشفعة ،وكذا النصوص المتضمنة
للشروط المقررة لممارستها ،سواء من الناحية الشكلية أو الموضوعية .لذلك سنتطرق في هذا
المطلب إلى الضمانات الواردة في المادة 143من المدونة العامة للضرائب (الفقرة األولى) ،وإلى
الضمانات الواردة في المادة 211من المدونة العامة للضرائب (الفقرة الثانية).
فباالطالع على المادة 143من المدونة العامة للضرائب نجد أن المشرع قد نص على
أنه ":بصرف النظرعن حق المر اقبة المنصوص عليها في المادة 217أدناه ،يجوزللوزيرالمكلف
بالمالية أو الشخص المفوض إليه ذلك ممارسة حق الشفعة لفائدة الدولة."...
فاستعمال عبارة بصرف النظر جاءت غير واضحة ال يمكن من خاللها استنباط موقف
المشرع أو المقصود منها ،هل يقصد منها إعطاء اإلدارة الحق في سلوك المسطرتين معا؟ قبل
اإلجابة عن هذا السؤال ال بد أوال من تحديد مضمون المادة.
بالقراءة المتأنية للمادة 217من المدونة العامة للضرائب يتبين أنها جاءت ملحاربة
التصريحات غير المتطابقة مع القيمة التجارية لألمالك المتعلقة بها في تاريخ إبرام العقد أو
االتفاق ،وهو نفس الهدف المنصوص عليه في المادة ،143غير أنه بالنسبة للمادة 217فقد
خول المشرع لمفتش الضرائب المكلف بالتسجيل أن يعمل على تصحيح تلك األثمنة ،بخالف
األمر بالنسبة للمادة ،143التي بمقتضاها سمح المشرع للوزير المكلف بالمالية أو من يفوض
إليه ذلك ممارسة حق الشفعة متى رفض المشفوع منه تأدية الواجبات المفروضة عليه ،بناء
على تقدير اإلدارة ،وبالتالي فال يمكن الجمع بين المسطرتين ،وفي ذلك ضمانة لفائدة المشفوع
منه ،بحيث تباشرعليه مسطرة واحدة فقط ،وهي المنصوص عليها في المادة .143
كما أن المشرع أعطى صالحية ممارسة حق الشفعة إلى وزيرالمالية أوالشخص المفوض
إليه ذلك ،مما يدل على أن سلوك هذه المسطرة يقتض ي أن يكون على مستوى أعلى ،وأن أي
P 597 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
ممارسة له خارج هذا الضابط القانونية قد يجعل المقرر القاض ي باستشفاع العقار أو الحق
العيني العقاري مشوبا بعيب عدم االختصاص ،وهذا يدل على أن سلوك مسطرة الشفعة
يقتض ي وجود إرادة صريحة ،وتوفرشروط مبررة لممارستها ،كأهمية العقارالمفوت ،إذ إنه ليس
من المستساغ اللجوء إلى هذه المسطرة بخصوص تفويتات بسيطة بشأن عقارات أو حقوق
عينية ال تكتس ي أهمية بالغة ،ويمكن لإلدارة اللجوء بشأنها إلى مسطرة المر اقبة والمراجعة.1062
إضافة لما سبق ذكره ،قد حدد المشرع بشكل صريح األموال القابلة لممارسة الشفعة،
فهو لم يترك الحرية لإلدارة في اتخاذ ذلك ،وتتمثل هذه األموال في العقارات والحقوق العينية
العقارية التي تكون محل تفويت رضائي أو بدون عوض ،وبالتالي ال يمكن التوسع في تلك األموال
أمام وجود نص صريح.1063
كما أضاف المشرع ضمانة أخرى تتمثل في ضرورة إشعار اإلدارة الملزم (المشتري) بأداء
الواجبات التكميلية المفروضة بناء على تقديرها ،وبالتالي فإنه ال يتأتى لها متابعة المسطرة إال
بعد إثبات تعذرالحصول على هذه الواجبات بالمرضاة ،ورفض الملزم أدائها.
لكن ما يعاب في هذا الصدد هوأن المشرع المغربي لم يحدد األجل الذي يتعين على الملزم
أداء الواجبات المقدرة من طرف اإلدارة الجبائية ،مما يعني أن األجل المذكوريبقى تحديده بيد
هذه األخيرة ،وقد يكون غيركاف بالنسبة للملزم ،او قد تتعسف اإلدارة في ذلك بمنحه أجال قصيرا
يصعب معه توفير الواجبات ،وهو ما حصل فعال في القضية عدد ،1141بحيث جاء في حيثيات
حكم محكمة االستئناف اإلدارية بالرباط ما يلي ... ":حيث يعيب المستأنف الحكم المستأنف
بمجانبته للصواب فيما قض ى به من رف ض الطلب ،ذلك أنه على خالف ما ذهبت فيه املحكمة
اإلدارية ،فإن إدارة الضرائب ال يمكنها أن تحدد له أجال تعجيزيا قصد أداء رسوم التسجيل
التكميلية مبلغ خيالي يناهز أربعة ماليين درهم تحت طائلة ممارسة الشفعة ضده وتجريده من
1062حسن المولودي ":ممارسة حق الشفعة في المادة الجبائية بين النص القانوني واالجتهاد القضائي" ،دفاتر المجلس
األعلى عدد ،41سنة ،2044ص.324:
1063المادة 413من المدونة العامة للضرائب.
P 598 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
ملكه ،وكان عليه في أقص ى الحاالت أن تتقيد بأجل شهر الذي هو أقصر أجل منصوص عليه في
المدونة العامة للضرائب.1064"...
وبالتالي اللجوء إلى متابعة مسطرة الشفعة ،مما يؤدي إلى إفراغ ممارسة هذه المسطرة
من محتواها المتمثل في محاربة ظاهرة النقصان في الثمن لتصبح نوع من النزع الجبري
للملكية.1065
مما يتعين معه على التشريع الجبائي التدخل لتحديد أجل معقول ومناسب تراعي فيه
مصلحة الملزم ومصالح اإلدارة الجبائية.
ويبقى أمر السلطة التقديرية لإلدارة بشأن تحديد القيمة التجارية للعقار أو الحق العيني
العقاري المراد استشفاعه ،أمرا غيرمرحب به في نفسية الملزم ،باعتبارأن حدودها غيرواضحة
المعالم علما أن نص المادة 143جاء بصيغة " ...إذا بدا له أن ثمن البيع المصرح به أو التصريح
التقديري ال يناسب القيمة التجارية للعقار وقت التفويت ،"...علما أن حدود الرقابة القضائية
بشأن سلطتها التقديرية بهذا الصدد تبقى متالشية ،وغير متوفرة إطالقا بحكم عدم وجود نص
قانوني يخول للقضاء أي رقابة عليها بهذا الشأن ،وهو ما سارعليه كل من االجتهادين القضائيين
الفرنس ي والمغربي ،وإن كانت أحكام هذا األخير في هذا الصدد فريدة ويتيمة بحكم قلة القضايا
المعروضة عليه بهذا الصدد.1066
الفقرة الثانية :الضمانات القانونية الواردة في المادة 211من المدونة العامة للضرائب
نصت الفقرة الثالثة من المادة 211من المدونة العامة للضرائب على أن المفوت له
المنزوعة منه أمالكه يتسلم خالل الشهر الموالي لتبليغ مقرر الشفعة مبلغ الثمن المصرح به،
وكذا واجبات التسجيل المؤذاة والرسوم التي يكون قد دفعها إلى املحافظة العقارية ،ومبلغ
1064محكمة االستئناف اإلدارية بالرباط عدد 4410المؤرخ في ،2043/03/21ملف عدد ،2/44/412أشار له
حسن المولودي ":ممارسة حق الشفعة في المادة الجبائية بين النص القانوني واالجتهاد القضائي" ،دفاتر المجلس
األعلى عدد ،41سنة ،2044ص.324:
1065خديجة المنير ":الضريبة المستحقة على الربح العقاري" ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون المدني المعمق،
كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة ابن زهر أكادير ،السنة الجامعية ،2042-2042ص.443:
1066حسن المولودي ":ممارسة حق الشفعة في المادة الجبائية بين النص القانوني واالجتهاد القضائي" ،دفاتر المجلس
األعلى عدد ،41سنة ،2044ص.322:
P 599 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
يحسب على أساس 5في المائة من الثمن المصرح به أو القيمة التجارية المثبتة ،ويمثل بصة
إجمالية تكاليف العقد القانونية .وفي ذلك حماية للمشفوع منه ،بحيث لم يترك األمر لتقدير
اإلدارة التي قد تعمل على تقدير تعويض مجحف ،ولم يقف المشرع عند هذا الحد ،بحيث تنبه
للحاجة التي ال تعمد فيها اإلدارة داخل األجل المعين ورتب على ذلك فوائد قانونية بمجرد انصرام
األجل المذكورتحتسب على أساس المقدارالقانوني المعمول به في القضايا المدنية.
وبالرجوع لهذه المادة نجدها توكد في فقرتيها الثانية والثالثة على أنه ..." :يبلغ مقرر
الشفعة وفق اإلجراءات المنصوص عليها في المادة 219بعده إلى:
-كل طرف من األطراف المبينة في العقد أو التصريح بنقل الملكية ،إذا لم يسبق إقامة
صك اإلثبات؛
-قاض ي التوثيق املختص ،إذا حرر عقد نقل الملكية من طرف العدول ،وكان يتعلق
بعقارات غيرمحفظة؛
-املحافظ على األمالك العقارية التابع له موقع األمالك ،إذا تعلق األمر بعقارات محفظة
أو في طورالتحفيظ.
وإذا كانت األمالك الممارس بشأنها حق الشفعة تقع في الدو ائر الترابية لعدة قضاة
للتوثيق أو محافظين على األمالك العقارية ،وجب تبليغ مقرر الشفعة إلى كل قاض أو موظف
يعنيه األمر.
وتدرج حقوق الدولة بمجرد تسلم التبليغ في سجل التضمين الذي يمسكه قاض ي التوثيق،
كما تقيد إذا كان األمريتعلق بعقارات محفظة أو في طورالتحفيظ بالسجالت العقارية أو تدرج في
سجل املحافظ على األمالك العقارية المعدة لهذا الغرض".
وعليه يتبين أن المشرع قد تولى تحديد األشخاص الذين يتوجب تبليغهم بمقررالشفعة.
ومن الضمانات اإلجرائية األخرى التي متع بها المشرع الجبائي الملزم في هذا اإلطار ،ربط
ممارسة حق الشفعة بأجل 6أشهر ،واعتباره أجل سقوط ،إذ ال يمكن لإلدارة اللجوء إليه بعد
انصرام هذا األجل ابتداء من تاريخ التسجيل ،فضال عن إلزامه اإلدارة بضرورة أداء الثمن ،وكذا
واجبات والتسجيل وتكاليف العقد على أساس 5في المائة من الثمن المصرح به أو القيمة
P 600 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
التجارية المثبتة داخل أجل شهر من تاريخ تبليغ مقرر الشفعة تحت طائلة ترتيب الفوائد
القانونية ،وهي ضمانة لفائدة الملزم لتفادي تماطل اإلدارة في أداء ثمن التفويت ،وكذا
المصاريف األخرى.1067
شكلت الضريبة فيما مض ى من التاريخ الجبائي المغربي وما زالت ،المورد الرئيس ي للدولة،
كما تعمل هذه األخيرة ،على تدبير الموارد التي يمكن استخدامها لتغطية نفقاتها العامة ،باتباع
سياسة مالية معينة تتماش ى مع حقيقة األوضاع االقتصادية ،واالجتماعية ،وحتى السياسية
السائدة بربوع المملكة.1068
وتبعا لذلك ،فإن كل التشريعات تجيز أن يعترض الملزم المتضرر من الضريبة المترتبة
عليه .وهكذا يصبح نظام المنازعات الضريبية على درجة من األهمية كما يقول األستاذ
":Gaudmetإن الغاية من االعتراضات هي مر اقبة اإلدارة واحترام الشرعية الضريبية".
فالمنازعة الضريبية تعني من جهة ،الحالة القانونية الناشئة عن وجود خالف بين الملزم
واإلدارة الضريبية بمناسبة قيام هذه األخيرة بتحديد وعاء الضريبة أو تصفيتها أو تحصيلها ،ومن
جهة أخرى ،تعني المسطرة اإلدارية أو القضائية (التي تهمنا في هذا الصدد) المقررقانونا سلوكها
لتسوية هذا الخالف.1069
لذلك تعتبر المنازعة المتعلقة بمقرر الشفعة من اختصاص املحاكم اإلدارية ،بخالف ما
هو معمول به في فرنسا ،حيث يدخل الطعن في قرارممارسة الدولة لحق الشفعة من اختصاص
املحاكم العادية ،وفي هذا اإلطار فإن المشرع الضريبي كما سلف بيانه قد منح لإلدارة الجبائية
P 601 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
المر اقبة1070 آليتين أساسيتين لمر اقبة األثمنة المصرح بها في العقود ،األولى تتعلق بحق
املحدد في المواد من 217وما يليها من المدونة العامة للضرائب ،والثانية تتمثل في تخويلها الحق
في ممارسة حق الشفعة طبقا لما تنص عليه المادة 143من ذات المدونة وباقي النصوص ذات
الصلة ،إال أنه إذا كان المشرع قد حدد آليات المنازعة القضائية بخصوص حق المر اقبة ،فإنه
على العكس من ذلك بالنسبة لممارسة حق الشفعة لم يحدد المسطرة القانونية الواجبة
االتباع للمنازعة في قرارالشفعة المتخذ من طرف اإلدارة الجبائية .مما فتح الخالف حول طبيعة
هذه الدعوى ،هل تدخل ضمن الطعون المرتبطة باإللغاء ،أم أن الطعن يدخل ضمن صالحيات
القضاء الشامل؟.
وعليه فإن التفصيل بشأن الحماية القضائية المقررة للملزم أثناء ممارسة مسطرة
الشفعة ،تقتض ي بشكل أولي تجسيد المساطرالقضائية التي يكون من حق الملزم اللجوء إليها،
وكذا تحديد طبيعة ونوعية الدعاوى المرفوعة أمام املحاكم للمنازعة بشأن هذه المسطرة ،ثم
بعد ذلك محاولة استجالء مختلف األسس والوسائل المعتمدة في بعض الدعاوى المثارة في
ضوء األحكام والقرارات المتوفرة ومحاولة استشراف بعض الوسائل الممكن اعتمادها من قبل
املخاطبين بهذه المسطرة .لذلك سأحاول في هذا المطلب التطرق إلى طبيعة الدعوى الموجهة
ضد مقرر الشفعة انطالقا من دراسة الطعن في مقررات الشفعة يدخل في والية قضاء اإللغاء
(الفقرة األولى) ،والطعن في مقررات الشفعة يدخل ضمن والية القضاء الشامل (الفقرة الثانية).
تستند دعوى اإللغاء في المادة الضريبية إلى تجاوز اإلدارة سلطاتها بشكل واضح ،كأن
يتعلق األمر بفرض ضريبة لم ينص عليها القانون ،أو أن قانونا قد ألغاها ،فلكي تعتبر المنازعة
1070وهي آلية تعطي لإلدارة الحق في مراقبة وتصحيح األسس الضريبية استنادا إلى مسطرة تواجهية بين اإلدارة
والملزم وفق مساطر معينة يتعين التقيد بها تحت طائلة ترتيب األثار القانونية المقررة قانونا.
للتوسع في نقطة حق اإلدارة في المراقبة انظر:
عبد الحق عميمي" :أحكام اجتهاد القضاء اإلداري المغربي في مادة المنازعات الضريبية" ،أطروحة لنيل الدكتوراه
في القانون العام ،كية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة محمد الخامس ،الرباط ،السنة
الجامعية ،2043/2042:ص.21:
P 602 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
الضريبية دعوى إلغاء يتعين أن يكون القرارمتعلقا بالمنازعة في األساس الضريبي ،ومتوفرا على
مقومات القراراإلداري.1071
وفي إطار الخالف حول طبيعة دعوى مقرر الشفعة الضريبية ،يرى األستاذ محمد بيصة
أن مقررات الشفعة تدخل ضمن دعوى اإللغاء ،حيث قال ":من جتهي ال أتفق مع الطعن في قرار
الشفعة لفائدة الدلولة ضمن طعون القضاء الشامل المنظمة بموجب الفقرة الثانية من
المادة الثامنة من قانون املحاكم اإلدارية ،لكون قرار الشفعة يستجمع كافة شروط القرار
اإلداري النافذ الصادر عن سلطة إدارية ،والمؤثر على المركز القانوني للمعني به ،وبالتالي يتعين
الطعن فيه وفقا لمسطرة الشريعة العامة المتمثلة في طلب اإللغاء من أجل تجاوزالسلطة".1072
وهذا الموقف هو الذي أكده قرار محكمة االستئناف اإلدارية بالرباط ،حيث جاء فيه ما
يأتي ... ":وحيث فيما يخص باقي أسباب االستئناف األخرى ،فإنه لئن صح أن حق الشفعة
المعترف به لإلدارة في نطاق المادة 143من المدونة العامة للضرائب تمارسه في إطار امتيازاتها
بهدف تحصيل رسوم التسجيل من خالل ' مقرر الشفعة' ،فإن مقرر الشفعة يبقى من بين
القرارات اإلدارية القابلة للطعن عن طريق دعوى اإللغاء في ضوء عيوب المشروعية المنصوص
عليها في المادة 21من القانون رقم 41.91املحدثة بموجبه املحاكم اإلدارية".1073
كما أكدت نفس املحكمة في قرار آخر لها أن مقرر الشفعة يدخل في نطاق دعوى اإللغاء،
وأكدت أنه من حق الشركة الطاعنة المنازعة فيه عن طريق دعوى اإللغاء ،وأن تقديمها
لدعواها وفق القواعد الواردة في المقال والرسائل المعتمدة يجعل الطلب الرامي إلى إلغاء قرار
1071خديجة المنير ":الضريبة المستحقة على الربح العقاري" ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون المدني المعمق،
كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة ابن زهر أكادير ،السنة الجامعية ،2042-2042ص.402:
1072محمد بيصة ":حق الشفعة لقائدة الدولة وحقوق اإلنسان" ،المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ،عدد مزدوج
، 21/21سنة ،2040ص.411:
1073قرار محكمة االستئناف اإلدارية بالرباط عدد 2343المؤرخ في ،2044/02/21أشار له حسن المولودي":
ممارسة حق الشفعة في المادة الجبائية بين النص القانوني واالجتهاد القضائي" ،دفاتر المجلس األعلى عدد ،41سنة
،2044ص.330 :
P 603 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
الشفعة مندرجا في إطار دعوى اإللغاء استنادا إلى عيوب المشروعية الواردة في عريضة
الطعن.1074
أعتقد أن آليه الرقابة عن طريق دعوى اإللغاء املخولة للملزم للمنازعة في مقرر الشفعة
المتخذ من طرف اإلدارة الجبائية تشكل ضمانة أساسية يمكن اللجوء إليها.
الفقرة الثانية :الطعن في مقررات الشفعة يدخل ضمن والية القضاء الشامل
وتصنف الدعاوى القضائية في المنازعات اإلدارية بصفة عامة ضمن القضاء الشامل
لتمتع القاض ي فيها بسلطات واسعة ،ويقصد بدعوى القضاء الشامل المنازعة التي يفصل فيها
القاض ي اإلداري بين طرفين غيرمتساويين ،يكون أحدهما شخصا ذاتيا ،واآلخر شخصا عاما ،أو
ذا نفع عام أسهم في سيرمرفق عام ،أوسلطة إدارية مستقلة ،سواء كانت الدعوى ترمي إلى حماية
حق شخص ي ،أو إلى إقرار المشروعية ،أو إلى األمرين معا ،أو إلى أي هدف آخر من المصلحة
العامة ،بشكل يتطلب قيام القاض ي بعمليتين على األقل ،أو بعملية واحدة تقتض ي سلطات
واسعة ،ودورا إيجابيا في توجيه إجراءات الدعوى.1076
ولقد اعتبرت مجموعة من القرارات أن مقررالشفعة في املجال الضريبي يدخل ضمن والية
القضاء الشامل ،1077حيث جاء في قرار ملحكمة االستئناف اإلدارية بالرباط ما يأتي ":وحيث من
1074قرار محكمة االستئناف اإلدارية رقم 334بتاريخ 42رجب ،4134الموافق ل ،2040/04/04ملف عدد
، 1/02/32أشارت له فاطمة الزهراء الدحماني " :حق الشفعة لفائدة الدولة –المجال الضريبي نموذجا ،"-مطبعة
األمنية ،الطبعة األولى ،2041 ،ص.21:
1075أمين بوخرسة " :المنازعات القضائية في المادة الضريبية بالمغرب" ،مجلة المنارة للدراسات القانونية
واإلدارية ،عدد خاص ،2042/ص.442:
1076أمينة جبران ":القضاء اإلداري ،دعوى اإللغاء" ،المنشورات الجامعية المغربية ،الطبعة األولى ،4221
ص.30:
1077بالرجوع للمادة 212من المدونة العامة للضرائب ،نجدها تنص على ثالث حاالت يمكن للطرفين اللجوء إلى
القضاء اإلداري في إطار القضاء الشامل ،وهم:
P 604 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
جهة أولى ،فإن النزاع الحالي مرتبط بقرار جبائي صادر عن اإلدارة بصدد فرض ضريبة ،وترتبت
عنه رسوم تكميلية وغرامات ،وبالتالي فاإلطار القانوني للدعوى هو القضاء الشامل ،ما دام أن
األمريتعلق بمنازعة في واجبات ضريبية ،وبالتالي ال مجال للتمسك بأن النزاع الحالي يجب أن يفرغ
في إطارالنظام القانوني لدعوى اإللغاء.1078"...
وفي حكم آخر أكدت فيه املحكمة اإلدارية بالدار البيضاء برد الدفع بعدم االختصاص
والتصريح باختصاصها نوعيا للبت في الطلب ،وكيفت ذلك بأن الدعوى تدخل في إطار القضاء
الشامل ،حيث جاء في الحكم ما يأتي ":وبناء على المقال اإلصالحي مع إحالة الملف على القضاء
الشامل المقدم من طرف المدعين بواسطة نائبهم المؤذاة عنه الرسوم القضائية بتاريخ
2119/2/13يعرضون فيه أنهم لم يؤطروا مقالهم تأطيرا سليما مادامت المنازعات الضريبية
تدخل ضمن خانة القضاء الشامل ،وأن المقرر المطعون فيه قد أخل باإلجراءات الشكلية
المسطرية لممارسة حق الشفعة".1079
انطالقا مما سبق ،يمكن القول أن مقررالشفعة يدخل في نطاق قضاء اإللغاء -كما أكدت
سابقا ،-ألنه يبقى قرارا إداريا من بين القرارات اإلدارية القابلة للطعن عن طريق دعوى اإللغاء في
ضوء عيوب المشروعية ،كما أنه يشكل ضمانا جيدا للملزم باعتباره طرفا ضعيفا في الدعوى.
خاتمة:
يعتبر حق الشفعة لفائدة الدولة امتيازا يسمح لإلدارة بالحلول محل المفوت إليه العقار
أو الحق العيني العقاري ،عندما تقدربأن ثمن البيع المصرح به أو التصريح التقديري لقيمة هذه
الطعن في الضرائب الصادر على إثر المقررات المحلية لتقدير الضريبة؛ -
الطعن في الضرائب الصادرة على إثر المقررات الصادرة عن اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة -
بالضريبة؛
الطعن في الضرائب التي تفرضها اإلدارة تلقائيا. -
1078قرار محكمة االستئناف اإلدارية بالرباط عدد 2201صادر في تاريخ ،20/01/24ملف عدد ،2/40/121
أشارت له فاطمة الزهراء الدحماني " :حق الشفعة لفائدة الدولة –المجال الضريبي نموذجا ،"-مطبعة األمنية ،الطبعة
األولى ،2041 ،ص.21:
1079حكم إلدارية الدار البيضاء ملف عدد ،2002/1/04صادر بتاريخ ،2002/44/01أشار له زكرياء العماري":
المنازعات الضريبية وتحصيل الديون العمومية" ،الجزء األول ،منشور بمجلة القضاء المدني سلسلة دراسات وأبحاث
العدد ،4ص.24:
P 605 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
الممتلكات ناقص ،وأن أداء الواجبات المفروضة بناء على تقدير اإلدارة لم يتأت الحصول عليه
بالمراضاة.
وعليه فإن حق الشفعة لفائدة الدولة هو نظام استثنائي ،ورغم ذلك اتفق مجموعة من
الفقهاء على مشروعية الشفعة ،وضرورة العمل بأحكامها ،ألنها تهدف إلى الحفاظ على المصلحة
العامة للمجتمع ،وذلك لما لها من دور زجري ،وردعي ملحاربة التهرب الضريبي ،و أيضا محاربة
األثمنة الصورية ،وتفويت أرباحا على خزينة الدولة ،وحماية أموال الخزينة العامة ،واالستغالل
الجيد للثروة العقارية ببالدنا ،إال أن هذا يثير مجموعة من اإلشكاالت من أهمها أن هذا الحق
يخل بالتوازن العادل الذي يجب أن يسود بين حماية حق الملكية ،وبين متطلبات المصلحة
العامة ،كما أن الطرف المنزوعة أمالكه يتحمل عبئا خاصا غير مألوف ،باعتباره ضحية منتقاة
لممارسة حق الشفعة ،باإلضافة إلى أن هذا الحق بمثابة حجر عثرة في وجه تحقيق التنمية
االقتصادية ،وذلك أن هذا الحق من شأنه إخافة المستثمرين في املجال العقاري ،لما يشكله من
قيد على تلك األمالك ،وبالتالي انعدام الضمانات لألطراف.
وألجل تجاوز مختلف الثغرات والعر اقيل التي يخلقها هذا الحق املخول للدولة ،أقدم
بعض المقترحات أهمها:
-يبقى األجل من أكثراإلشكاالت التي تواجه القضاء ،ألن المشرع لم يحدد أي أجل لإلدارة
من أجل ممارسة حق الشفعة ،لهذا يبقى موضوع أخذ ورد بين اإلدارة والمعني باألمر،
وبالتالي البد من تولي المشرع تحديد األجل الممنوح لألطراف من أجل أداء القيمة
املحددة من لدن اإلدارة مع تحديد أجل يراعي كل حالة ،واألجل المفروض عليها على حدة.
-يجب النص صراحة على خضوع مقرر الشفعة لرقابة قضائية صارمة تتجاوز الرقابة
الشكلية إلى رقابة خارجية ،وإخضاع القيمة المقترحة من لدن اإلدارة لخبرة متى نازع فيها
المفوت إليه.
الئحة المراجع:
P 606 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
أحمد أباش ":األحكام العامة للشفعة في الفقه اإلسالمي والقانون المغربي" ،منشورات
الحلبى الحقوقية ،الطبعة األولى .2111
أمين بوخرسة " :المنازعات القضائية في المادة الضريبية بالمغرب" ،مجلة المنارة
للدراسات القانونية واإلدارية ،عدد خاص.2111/
أمينة جبران ":القضاء اإلداري ،دعوى اإللغاء" ،المنشورات الجامعية المغربية ،الطبعة
األولى .1994
أيوب الحلي" :المنازعة الضريبية أمام القضاء اإلداري" ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في
القانون العام ،ماستر الحكامة القانونية والقضائية ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية
واالجتماعية ،جامعة الحسن الثاني بالدارالبيضاء ،السنة الجامعية .2117-2116
حسن المولودي ":ممارسة حق الشفعة في المادة الجبائية بين النص القانوني واالجتهاد
القضائي" ،دفاتراملجلس األعلى عدد ،16سنة .2111
خديجة المنير ":الضريبة المستحقة على الربح العقاري" ،رسالة لنيل دبلوم الماسترفي
القانون المدني المعمق ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة ابن زهر
أكادير ،السنة الجامعية .2119-2111
خديجة المنير ":التهرب الضريبي بالمغرب" ،مقال منشور بمجلة الباحث للدراسات
واألبحاث القانونية والقضائية ،العدد ،24نونبر.2121
زكرياء العماري ":المنازعات الضريبية وتحصيل الديون العمومية" ،الجزء األول ،منشور
بمجلة القضاء المدني سلسلة دراسات و أبحاث العدد .7
عبد الحق عميمي" :أحكام اجتهاد القضاء اإلداري المغربي في مادة المنازعات
الضريبية" ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ،كية العلوم القانونية واالقتصادية
واالجتماعية ،جامعة محمد الخامس ،الرباط ،السنة الجامعية.2113/2112:
فاطمة الزهراء الدحماني " :حق الشفعة لفائدة الدولة –املجال الضريبي نموذجا،"-
مطبعة األمنية ،الطبعة األولى.2115 ،
P 607 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
ماء العينين الشيخ الكبير ":اآلجال في تحصيل الديون العمومية" ،رسالة لنيل دبلوم
الماسترفي القانون العام ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة الحسن األول
بسطات ،السنة الجامعية .2114-2113
محمد بيصة ":حق الشفعة لقائدة الدولة وحقوق اإلنسان" ،املجلة المغربية لإلدارة
املحلية والتنمية ،عدد مزدوج ،94/95سنة .2111
محمد محجوبي ":الشفعة بين الفقه المالكي والتشريع المغربي" ،دار القلم للطباعة
والنشروالتوزيع ،الطبعة الثانية .2111
P 608 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
حيث يقوم القضاء الدستوري بدور مهم في تحقيق األمن القانوني من خالل الرقابة على
دستورية القوانين سواء القبلية -بنمطيها االختيارية و اإلجبارية -أو البعدية ،وما يهمنا في إطار
دراستنا ،هي الرقابة القبلية اإللزامية المتعلقة بدستورية القوانين التنظيمية .
لقد عرف جانب من الفقه الفرنس ي األمن القانوني بأنه " الحماية ضد خطر رجعية
القوانين بطريقة غير مشروعة ،و الوضوح ،والدقة ،لتوفير االستقرار في البيئة القانونية على
و قد عرفه توماس بيزون ، - Thomas paizzon -بأنه " إمكانية الوصول المدى الطويل"1080،
إلى القانون ،مما يمكن األشخاص من معرفة عو اقب أفعالهم ،و استقرار األوضاع القانونية ،و
قدرة التشريع على التنبؤباألوضاع المستقبلية ،والوثوق في القاعدة القانونية" .1081حيث عرفته
املحكمة الدستورية الهنغاريا بأنه " حماية الحقوق المكتسبة ،وعدم التدخل في العالقات
القانونية التي اكتملت بشكل نهائي ،فضال عن تقييد الدستورلمبدأ رجعية القوانين ،و خضوع
P 609 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
الدولة لمبدأ سيادة القانون ،أن يكون القانون واضح في كل مقتضياته ،و قدرته على التنبؤ
مستقبال بالتغييرات التي تشهدها العالقات االجتماعية". 1082
فإذا كان القضاء الدستوري يساهم في تحقيق األمن القانوني من خالل وظائفه
واختصاصاته ،فإلى أي حد استطاع القضاء الدستوري المغربي تحقيق األمن القانوني من خالل
الرقابة على دستورية القوانين التنظيمية؟
ولإلجابة على هذه اإلشكالية سوف نقسم موضوعنا إلى قسمين وفق ما يلي :المطلب األول:
دورالرقابة على دستورية القوانين التنظيمية في تحقيق األمن القانوني .المطلب الثاني :تطبيقات
الرقابة على دستورية القوانين التنظيمي في مجال األمن القانوني.
المطلب األول :دورالرقابة على دستورية القوانين التنظيمية في تحقيق األمن القانوني
إن المشرع المغربي و حتى أغلب التشريعات المقارنة لم تعرف مفهوم القوانين
التنظيمية -العضوية ، -عكس المشرع الدستوري اإلسباني الذي عرفها في الفقرة األولى من
الفصل 11من الدستور اإلسباني لسنة 1971بكونها هي تلك القوانين التي " تخص تفصيل
الحقوق األساسية و الحريات العامة و القوانين التي تصادق عليها األنظمة الداخلية لمناطق
الحكم الذاتي و قانون االنتخابات العام ،و باقي القوانين المنصوص عليها في الدستور" ،و إن كان
هذا التعريف ليس كافيا في تدقيق المقصود بها ،إذ يبدو تحديدا للمجاالت التي تنظمها أكثرمنه
تعريفا لها1083.
يعرفها األستاذ مصطفى قلوش بأنها " ،مجموعة من القوانين التي يضفي عليها الدستور
صفة القوانين التنظيمية والتي يصوت عليها البرلمان وفق إجراءات خاصة مغايرة لتلك المتبعة
في وضع و تعديل القوانين العادية" 1084،و تتميز الرقابة على دستورية القوانين التنظيمية
بمساطرها الخاصة.
P 610 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
يرى جانب من الفقه أن سبب إخضاع القوانين التنظيمية للرقابة القبيلة اإللزامية ،يجد
أساسه في كونها جزء من الكتلة الدستورية 1085،ألنها في نهاية المطاف امتداد للدستور و مكملة
له 1086هذا من جهة ،فهي تحمي الحقوق األساسية ،ونصوصها ذات طابع إجرائي 1087،و من
وجهة نظرنا نضيف مبررأخر ،وهو أنها مرجع أساس ي بعد الدستوربالنسبة للقضاء الدستوري،
فإذا لم يجد الرابط في الدستورلبناء العالقة الدستورية ،يعود هذا األخيرللقوانين التنظيمية،
فهذه المبررات كانت كافية بالنسبة للمشرع الدستوري إلخضاع القوانين التنظيمية – العضوية
– للرقابة القبلية اإللزامية على دستورية القوانين ،هذا من جهة أخرى .
ويشارفي رسالة اإلحالة ،عند االقتضاء ،إلى أن األمريدعو إلى التعجيل في الموضوع"
يعتبر رئيس الح كومة هو صاحب الصفة في إحالة القوانين التنظيمية على املحكمة
الدستورية " ،فهو الذي يمتلك هذا الحق دون غيره ،ألنه هو المسؤول عن تنفيذ القوانين
التنظيمية " 1089،و لكن هل يحق تفويض هذا االختصاص؟
إنه مما الشك فيه ،انه يمكن ألي عضومن أعضاء املحكمة الدستورية ممارسة هذا الحق
،شريطة حصوله على تفويض السلطة املختصة –رئيس الحكومة ،-المنصوص عليه في
P 611 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
الفصل /91فق 1من دستورالمملكة ،إذ جاء فيه" يمارس رئيس الحكومة السلطة التنظيمية ،و
يمكن أن يفوض بعض سلطه إلى الوزراء".
لقد أثبت الممارسة أن كل اإلحاالت الموجهة إلى القضاء الدستوري من أجل الرقابة
على دستورية القوانين التنظيمية كانت من طرف رئيس الحكومة – الوزير األول سابقا ، -مما
يفيد أن هذا الحق لم يخضع لتفويض 1090.و نعتقد أن حصر سلطة اإلحالة في رئيس الحكومة
يعززويخدم األمن القانوني ،ألن القوانين التنظيمية وضعت خصيصا لتدبيرالعالقات بين أجهزة
الدولة و موجهة نحو الحاكمين و املحكومين.
تكون اإلحالة فورية و ذلك قبل إصدار األمر بتنفيذ القوانين التنظيمية ،و بمعنى أخر فهي
تعني ممارسة فعل المر اقبة قبل دخول القانون مرحلة التطبيق ،أي المسافة الزمنية التي
تمتد بعد التصويت على القانون و لكن قبل نشره في الجريدة الرسمية ...لذلك يمكن
اعتبارها رقابة مجردة للقوانين التنظيمية ،لكونها تنصب على القانون قبل تطبيقه
الو اقعي1091.
أما بخصوص نوعية النص املحال على املحكمة الدستورية ،فهو قانون تنظيمي صادر عن
البرلمان بصفة نهائية ،بمعنى أنه استنفذ جميع المراحل و اإلجراءات داخل البرلمان "،إن
حصر طبيعة النص املحال في القوانين التنظيمية يجد مبعثه في كونه يمكن إصدار قواعد
قانونية بمثابة قوانين تنظيمية من جهة غير البرلمان ،إذ يمكن مثال -للملك أن يحل أحد
( الفصل ،)42و حيث أن مجلس ي البرلمان أو هما معا ،وضمانا لدوام الدولة و استمرارها
تنظيم المر افق العمومية يتم ...على أساس االستمرارية في أداء الخدمات ( الفصل ،)154
ومن أجل سد الفراغ التشريعي يمكن للملك أن يصدرظهائر شريفة بمثابة قوانين تنظيمية
فهذا الصنف من القواعد ال يخضع لرقابة املحكمة الدستورية – املجلس الدستوري
سابقا1092.
في حقيقة األمر ،فإن عدم إخضاع الظهائر الشريفة التي تعد بمثابة قوانين تنظيمية
للرقابة على دستورية القوانين يعادي األمن القانوني ،ألن مجاالت القوانين التنظيمية ذات
1090يحي حلوي ،المجلس الدستوري المغربي دراسات و تعاليق ( ،)6132-3662مطبعة المعارف الجديدة – الرباط ،الطبعة األولى -3218
،6132ص .111
1091عبد الحق بلفقيه ، ،دعوى الدفع بعدم دستورية نص تشريعي ما بين رؤية المشرع و تدخل القاضي الدستوري – دراسة مقارنة،
الطبعة الثانية سنة ،6133ص .66
1092يحي حلوي ،مرجع سابق ،ص .166
P 612 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
طبيعة حساسة ،وقد يتم تمريرقواعد غيردستورية من خالل ذلك ،تستهدف العالقات القانونية
أو تمس ببعض السلط الدستورية ،فبالرجوع إلى السوابق التشريعية في هذا املجال ،نجد أن
الملك أصدر عدد من الظهائر الشريفة بمثابة قوانين تنظيمية دخلت حيز التنفيذ دون تمرير
مسطرتها على أنظارالغرفة الدستورية باملجلس األعلى 1093،إن هذا األمريجعل من الملك سلطة
فوق دستورية ،ويضرب في عمق األمن القانوني من خالل المس بأحد مقوماته ،ومن خالل عدم
إخضاع الظهائر الشريفة التي هي بمثابة قوانين تنظيمية للمر اقبة الدستورية ،و يجعل من
القضاء الدستوري مجرد مؤسسة سياسية ال غير ،و يفرغ مبدأ سيادة القانون من محتواه ،ألنه
ال يمكن تصور دولة الحق و القانون ،إذا كانت األعمال التشريعية للملك ال تخضع للرقابة على
دستورية القوانين.
في األخير نشير أن اإلحالة تكون برسالة من رئيس الحكومة ،يوضح من خاللها الهدف من
طلبه ،وهو البت في مدى دستورية النص املحال ،وقد يشارفيها ،عند االقتضاء إلى أن األمريدعو
إلى التعجيل بالبت في الموضوع ،وتقوم املحكمة الدستورية فورإحالة القوانين التنظيمية بإبالغ
رئيس الحكومة ،قصد اإلدالء بمالحظات كتابية في شأن القانون التنظيمي.
في إطار تطبيقات الرقابة القبلية على دستورية القوانين التنظيمية ،نجد املحكمة
الدستورية في جل قراراتها تر اقبها من الناحية الشكلية و الموضوعية ،حيث تضم األولى كافة
المراحل المسطرية المتعلقة بالقانون التنظيمي بدء بالتداول فيه باملجلس الوزاري و مرورا
بإيداعه بمجلس النواب من قبل رئيس الحكومة و التداول فيه من قبل مجلس النواب و مجلس
المستشارين و انتهاء بالتصويت عليه وفق القراءة األخيرة ملجلس النواب ،أما الثانية تتعلق
بالرقابة على المقتضيات الواردة في القانون التنظيمي فقد عملت املحكمة الدستورية – املجلس
الدستوري سابقا -على تخصيص الجزء الو افرمن قراراتها للجانب المتعلق بالموضوع ،وعملت
على الفحص الموضوعي لجميع مواد القانون التنظيمي مادة مادة و وفقرة فقرة و كلمة كلمة ،و
النظر في مدى مطابقتها للدستور 1094.و عليه سوف نعمل على دراسة قرارين متعلقين بنفس
القانون التنظيمي ،و يتعلق باألمر بالقانون التنظيمي 16.15المنظم لشروط و إجراءات الدفع
P 613 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
بعدم دستورية القوانين الصادر بخصوصه ،القرار رقم 71.11سنة ،10952111و القرار 217.23
سنة .1096 2123
يقصد بعيب اإلجراءات ،عدم احترام القواعد اإلجرائية املحددة في الدستور عند سن
القوانين التنظيمية ،1097بمعنى أن المشرع الدستوري حدد مجموعة من المساطر التشريعية
لسن القوانين التنظيمية ،و يترتب على مخالفة القواعد المسطرية املحددة في الدستور لسنها
بطالن جميع اإلجراءات ،و يصرح القضاء الدستوري بعدم مطابقتها للدستور ،و تجدر اإلشارة
أن العيوب الشكلية تغني القاض ي الدستوري عن الدخول في موضوع اإلحالة ،بشرط أن تكون
المسطرة التشريعية شابتها اختالالت .
تتجلى الرقابة الشكلية للقضاء الدستوري على دستورية القوانين التنظيمية من خالل
فحص اختصاص المشرع في إصدارها و المسطرة التشريعية التي تمر منها ،و كذلك اإلشارة إلى
اختصاص املحكمة الدستورية في مر اقبة هذا الصنف من القوانين.
حيث بالرجوع إلى القرار 217.13المتعلق بالقانون التنظيمي 16.15المشار إليه أعاله،
نجد القضاء الدستوري تطرق في األول الختصاصه في مر اقبة دستورية القوانين التنظيمية بناء
على الفصل 132من الدستور ،ثم تطرق لإلجراءات المسطرية ،لتشريع القوانين التنظيمية ،و
اكتفى بالمر اقبة الشكلية دون الدخول في موضوع الرقابة ،ليصرح بعدم دستورية المسطرة
التشريعية المتبعة في القانون التنظيمي .16.15
يعود الخلل في المسطرة التشريعية للقانون التنظيمي المشار إليه ،لكونه تم إيداعه
باألسبقية للتداول فيه بمجلس النواب ،قبل عرضه للتداول في املجلس الوزاري ،ألنه يجب
عرضها و التداول فيها في املجلس الوزاري برئاسة صاحب الجاللة بناء على الفصلين 41و 49من
الدستور.
1095قرار المحكمة الدستورية ،21.38المتعلق بالقانون التنظيمي 82.32المنظم لشروط و إجراءات الدفع بعدم دستورية القوانين،
منشور على الموقع الرسمي للمحكمة الدستورية المغربية . /https://www.cour-constitutionnelle.ma
1096قرار المحكمة الدستورية 612.61المتعلق بالقانون التنظيمي 82.32المنظم لشروط و إجراءات الدفع بعدم دستورية القوانين،
منشور على الموقع الرسمي للمحكمة الدستورية المغربية . /https://www.cour-constitutionnelle.ma
1097محمد الساكت ،مرجع سابق ،ص .366
P 614 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
حيث إن كانت الحكومة قد عرضت القانون التنظيمي المشار إليه على املجلس الوزاري،
فإنه تم اإلشارة إلى ترتيب آثار قرار املحكمة الدستورية 71.11المتعلق بنفس القانون التنظيمي
دون عرض المشروع الجديد و التداول فيه في املجلس المذكور ،و استندت املحكمة الدستورية
في إثبات الخرق الجوهري للمسطرة التشريعية على بيان رئاسة املجلس الوزاري المتعلق بمشاريع
النصوص القانونية المصادق عليها من طرف املجلس الوزاري وبالغ الناطق الرسمي باسم القصر
الملكي ،لتخلص إلى نتيجة مفادها عدم وجود القانون التنظيمي المشار إليه أعاله ضمن
النصوص القانونية المتداول فيه باملجلس الوزاري.
بالرجوع إلى القرار 71.11المتعلق بالقانون التنظيمي 16.15المشار إليه أعاله نجد
القضاء الدستوري صرح بعدم مطابقته للدستور ،و تجلت الرقابة الموضوعية في فحص جل
مقتضيات القانون المذكور.
حيث جاء في المادة الثانية في البند (ب)ّ" أطراف الدعوى :كل مدع أو مدعى عليه في قضية
معروضة على املحكمة ،وكل متهم أو مطالب بالحق المدني أو مسؤول مدني في الدعوى
العمومية ،"...حيث الحظ القاض ي الدستوري أن المادة المذكورة أقصت أطراف يحق
لها الدفع بعدم الدستورية كالنيابة العامة ،باإلضافة إلى المتدخل اإلرادي في الدعوى ،و
حصرته في األطراف المشار إليها في المادة أعاله ،مما جعله يقض ي بعدم دستورية المادة
الثانية .
حيث جاء في الفقرة األولى من المادة الثالثة من القانون التنظيمي المشار إليه أعاله على
أنه "يمكن أن يثار الدفع بعدم دستورية قانون أمام مختلف محاكم المملكة ،وكذا أمام
املحكمة الدستورية مباشرة بمناسبة البت في الطعون المتعلقة بانتخاب أعضاء
البرلمان" ،وأن المادة 15تنص على أنه "يترتب عن تقديم الدفع أمام املحكمة الدستورية
بمناسبة المنازعة المتعلقة بانتخاب أعضاء البرلمان ،إيقاف البت في هذه المنازعة إلى
حين بت املحكمة الدستورية في الدفع المقدم أمامها"؛
P 615 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
وحيث إن المادة 14تنص على أنه "تحدد مسطرة البت في الدفع بعدم دستورية قانون
أمام املحكمة الدستورية بموجب النظام الداخلي لهذه املحكمة"...؛
بالرجوع إلى المادتين المشارإليهما أعاله ،نجد المشرع أغفل وضع أحكام تتعلق بالشكل
الذي يتخذه الدفع بعدم دستورية قانون بمناسبة بتها في المنازعات االنتخابية ،بمعنى لم يحدد
هل يتخذ شكل مقال أم مذكرة جوابية ،هل يقدم مستقل عن العريضة االنتخابية أم بواسطة
مذكرة ،كما لم يحدد إلزامية املحامي من عدمه ،مع العلم أن هذا النوع ال يجيده سوى املحامين
و المتخصصين في القانون الدستوري .
حيث أن المادة 14من القانون التنظيمي المذكور أحالت على تنظيم مسطرة الدفع
بموجب النظام الداخلي ،مما جعل القاض ي الدستوري يصرح بعدم دستورية المادتين المشار
إليهما أعاله.
حيث نصت المادة السادسة في فقرتيها األولى والثالثة ،على أنه "يجب على املحكمة أن
تتأكد من استيفاء الدفع بعدم دستورية قانون ،المثار أمامها ،للشروط المشار إليها في
المادة ...5داخل أجل أقصاه ثمانية أيام من تاريخ إثارته أمامها .يكون مقررها بعدم
القبول معلال وغير قابل للطعن ،ويجوز إثارة نفس الدفع من جديد أمام املحكمة األعلى
درجة" ،وتنص المادة 11على أنه "يحال الدفع بعدم دستورية قانون ،المثارأمام محكمة
أول درجة أو محكمة ثاني درجة ،حسب الحالة ،إلى الرئيس األول ملحكمة النقض...غير
أنه إذا أثير الدفع بعدم دستورية قانون أمام محكمة النقض ألول مرة بمناسبة قضية
معروضة أمامها ،فإن املحكمة تبت في الدفع مباشرة"...؛
بالرجوع إلى المواد المشار إليها أعاله من القانون التنظيمي المذكور ،نالحظ أنه أرس ى
نظام التصفية على مرحلتين ،حيث تتعلق األولى بمحاكم الدرجة األولى و الثانية ،بينما تتعلق
الثانية بمحكمة النقض عندما يتم إثارة الدفع ألول مرة ،مما جعل القضاء الدستوري يصرح
بمخالفة المقتضيات المشار إليها أعاله للدستور ،معلال ذلك ،بكون اختصاص البت في الدفع
بعدم دستورية القوانين من اختصاص املحكمة الدستورية وحدها بناء على الفصل 133من
الدستور ،فهو اختصاص أصيل يشمل الدفوع الشكلية و الموضوعية ،ال يمكن إسناده ملحاكم
التنظيم القضائي .
P 616 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
حيث جاء في الفقرة األولى من المادة السابعة التي تنص على أنه "توقف املحكمة ،التي
أثير أمامها الدفع ،البت في الدعوى كما توقف اآلجال المرتبطة بها ،ابتداء من تاريخ
تقديم الدفع ،مع مراعاة االستثناءات الواردة في المادة "...1؛
وحيث إن المادة الثامنة نصت على االستثناءات التي ترد على وقف البت في الدعوى
األصلية ،والتي حددتها في حاالت "إجراءات التحقيق في املجالين المدني والجنائي ،اتخاذ التدابير
الوقتية أو التحفظية الضرورية ،اتخاذ اإلجراءات القانونية المناسبة متى تعلق األمر بتدبير
سالب للحرية ،عندما ينص القانون على أجل محدد للبت في الدعوى أو البت على سبيل
االستعجال ،إذا كان اإلجراء يؤدي إلى إلحاق ضرربحقوق أحد األطراف يتعذرإصالحه"؛
وحيث إن المادة 13تنص على أنه "توقف محكمة النقض البت في القضية المعروضة
أمامها...غير أنها ال توقف البت في الحاالت اآلتية :إذا تعلق األمر بحرمان شخص من حريته في
القضية التي أثير بمناسبتها الدفع ،إذا كان القانون ينص على أجل محدد للبت في القضية
المعروضة على النقض ،أو كانت محكمة النقض ملزمة بالبت فيها على سبيل االستعجال ،إذا
كان من شأن وقف البت في القضية إلحاق ضرربحقوق أحد األطراف يتعذرإصالحه".
حيث صرحت املحكمة الدستورية بعدم دستورية المواد المشارإليها أعاله ،معللة قرارها
بما يلي:
حيث إنه ،عمال بذلك ،فإن املحكمة المثار أمامها الدفع بعدم دستورية قانون ،تواصل
نظرها في الدعوى المعروضة عليها إذا تعلق األمربحاالت تستجيب لالستثناءات المذكورة ،دون
اعتبار مآل الدفع وقرار املحكمة الدستورية بخصوصه ،إذا اعتبرت ،أن المقتض ى التشريعي
المطبق في الدعوى أو المسطرة أو يشكل أساس المتابعة ،غيردستوري.
حيث جاء في المادة 21من القانون التنظيمي المذكور على أنه "تكون الجلسة أمام
املحكمة الدستورية علنية ،ما عدا في الحاالت التي تقرر فيها املحكمة الدستورية سرية
الجلسات طبقا لنظامها الداخلي"؛
حيث صرح القضاء الدستوري بعدم دستورية المادة المذكورة ،ذلك لكون تنظيم سرية
أو علنية الجلسات من مشموالت القانون التنظيمي و ال يمكن تنظيمها في النظام الداخلي
للمحكمة الدستورية.
P 617 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
في األخير نستنتج بناء على ما تطرقنا إليه أعاله ،أن القضاء الدستوري ساهم بشكل كبير
في تنقيح القانون التنظيمي المشارإليه أعاله من عيوب عدم الدستورية ،استأصل مجموعة من
األحكام املخالفة للدستور ،والهدف من وراء ذلك هو تحقيق األمن القانوني.
خــات ـم ــة:
تحظى القوانين التنظيمية بمكانة سامية في الترسانة التشريعية المغربية ،فهي مكملة
للقواعد الدستورية وجزء منها ،كما أنها تسمو على باقي القوانين من حيث الشكل و الموضوع،
تتميزبمسطرة تشريعية خاصة ،كما تخضع للفحص الوجوبي من طرف القضاء الدستوري.
تساهم الرقابة على دستورية القوانين التنظيمية بنمطيها الشكلي و الموضوعي في تحقيق
األمن القانوني ،و ال سيما أن طبيعة النص القانوني – القوانين التنظيمية – تحتم ذلك ،بالنظر
لطبيعتها و مكانتها في الهرم القانوني ،و كذلك كونها جزء ال يتجزأ من الكتلة الدستورية.
إن القوانين التنظيمية تعتبرمصدرا و إطارا مرجعيا للقاض ي الدستوري بمناسبة رقابته
على القوانين العادية و األنظمة الداخلية ملجلس ي البرلمان و املجالس المنظمة بموجب قو انين
تنظيمية ،لهذا أخضعها المشرع الدستوري للرقابة القبلية الوجوبية من طرف القضاء
الدستوري.
يعتبرتحقيق األمن القانوني من أهم األهداف التي تسعى إليها الدولة ،فإن تعددت اآلليات
الدستورية لتحقيق ذلك ،يبقي القاض ي الدستوري أهم فاعل في ذلك.
الكتب:
أحمد البوز ،البرلمان المغربي – البنية و الوظائف ،املجلة المغربية للعلوم
السياسية و االجتماعية ،مطبعة المعارف الجديدة ،الجزء ،13دجنبر.2116
زكرياء أقنوش ،املجلس الدستوري المغربي و ضبط سير المؤسسة البرلمانية،
مطبعة األمنية ،منشورات مجلة العلوم القانونية -سلسلة البحث األكاديمي ،العدد ، 11الطبعة
األولى.
P 618 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
عبد الحق بلفقيه ،دعوى الدفع بعدم دستورية نص تشريعي ما بين رؤية المشرع
و تدخل القاض ي الدستوري – دراسة مقارنة ،الطبعة الثانية سنة .2111
عبد العزيز النويض ي ،املحكمة الدستورية و مسألة الدفع بعدم دستورية
القوانين ،الطبعة األولى سنة .2119
مصطفى بن شريف ،التشريع و نظام الرقابة على دستورية القوانين ،منشورات
الزمن ،سلسلة الوعي القانوني ،العدد 1سبتمبر.2115
المقاالت
عبال ابريكن ،الملتمسات في مجال التشريع بين تمثالت الفاعليين المدنيين و
السياسيين و مقتضيات القانون ،مجلة القانون الدستوري و العلوم اإلدارية ،إصدارات المركز
الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية و السياسية و االقتصادية /ألمانيا – برلين ،العدد
23نوفمبر ،2121املجلد الرابع.
عصام سعيد عبد العبيدي ،الدور التأسيس ي للقاض ي الدستوري ،مجلة
القانون المغربي ،العدد 35يوليوز.2117
P 619 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
محمد األعرج ،تقنيات رقابة املجلس الدستوري على دستورية القانون التنظيمي
المتعلق باملجلس األعلى للسلطة القضائية – تعليق على قرار املجلس الدستوري رقم ،991.16
منشورات املجلة المغربية لإلدارة املحلية و التنمية ،العدد ،127-126يناير– أبريل .2116
األطروحات
بن سالم جمال ،القضاء الدستوري في الدول المغاربية ،أطروحة لنيل الدكتوراه
في العلوم القانونية – القانون العام ،جامعة الجزائر – 1كلية الحقوق بن يوسف بن خذة،
السنة الجامعية .2115-2114
محمد الساكت ،الرقابة على دستورية القوانين في ضوء دستور ، 2111
أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ،جامعة موالي إسماعيل ،كلية العلوم القانونية
و اإلقتصادية و اإلجتماعية – مكناس ،السنة الجامعية .2121/2112
النصوص التشريعية
القرارات
P 620 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
Les ouvrages
P 621 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
كما أن للتطور العلمى و انتشار التقنية آثره فى ظهور أنماط جديدة من الجرائم لم تكون
معروفة من قبل ومنها الجرائم المعلوماتية ،وعليه فإن وسائل اإلثبات التقليدية لم تعد قادرة
بطبعة الحال على عن مواجهتها ،وهو االمر الذى جعل التطوير والتغيير المستمرفى قواعد
اإلثبات الجنائي ضرروة اليمكن أنكارها حتى يكون قادرا على مواجهة والتى تختلف فى طبيعتها
وصفات مرتكبيها عما هو عليه الحال فى الجرائم التقليدية ،وعليه كان الدليل االلكترونى هو
الوسيلة الوحيدة فى اثبات هذه الجرائم باعتباره من طبيعتها ،إال أن مشكلة إتالفه كانت حاضرة
وبقوة فى هذا المشهد(.)1099
وعليه يقدم الذكاء االصطناعى العديد من أساليب الحاسب االلى ومنها على سبيل المثال
الشبكات العصبية ،نظم المناعة الصناعية ،وغيرها ،االمر الذى ترتب عليه أن لعبت هذه
)(1098
Suri Shanmukh ,Artificial Intelligence , Learning Outcomes of Classroom research,
December 2021, p 305.
-1099د/أمير يوسف فرج" :الجرائم المعلوماتية على شبكة اإلنترنت" ،دار المطبوعات الجامعية ،عام ،1111ص..7
P 622 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
االساليب دورا هاما فى فيما يتعلق إثبات الجريمة المعلوماتية ليس هذا فحسب بل والوقاية
منها)1100(.
و تكمن أهمية هذا الموضوع إلى التطور المستمر الذى طرأ فى إثبات الجرائم وذلك من
أجل الكشف عن مرتكبيها ،و مواكبة التطور الهائل فى الجرائم المستحدثة وبخاصة الجرائم
المرتكبة عبر االنترنت ،من خالل التعرف على الوسائل العلمية الحديثة التى يتم أستخدامها فى
الكشف عن مرتكبى الجرائم العابرة للحدود وغيرها.
مما الشك فيه أن أستخدام تقنيات الذكاء االصطناعى فى االثبات الجنائى يثيرالعديد من
اإلشكالية والتى ننظرها فى التساؤالت اآلتية:
.2منهج الدراسة
تعتمد الدراسة على المنهج الوصفي التحليلي الذي يقوم على شرح الموضوع محل
الدراسة بصورة تفصيلية من كافة جوانبه؛ ثم تحليله من خالل النصوص القانونية واآلراء
الفقهية من أجل التوصل إلى نتائج منطقية يمكن االعتماد عليها في تقريرمدى أستخدام تقنيات
الذكاء االصطناعى فى االثبات الجنائى للجرائم المرتكبة عبراالنترنت..
.3خطة الدراسة :نقسم هذا البحث الى مطلبين ويليهما خاتمة بأهم النتائج والتوصيات التى
توصلنا إليها :ـ المطلب األول :الدليل الرقمى فى الجرائم المرتكبة عبر االنترنت .المطلب الثانى:
التفتيش كأحد إجراءات جمع الدليل الرقمى فى الجرائم المرتكبة عبراالنترنت
P 623 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
سنعتمد في اطار الدراسة إلى تناول الموضوع ،من خالل معالجة تعريف الدليل الرقمى
وطبيعته (فرع أول ) ،وخصائص الدليل الرقمى (فرع ثانى ) ،وذلك على النحو االتى :ـ ـ
-1الدليل لغتنا
ذهب بعض الفقه فى بأنه معلومه يقبلها المنطق والعقل ومن ثم يتم الحصول عليها من
خالل إجراءات قانونية من أجل أثبات صحة افتراض ارتكاب المتهم لجريمته أو دحضها وذلك
لرفع أوخفض درجة اليقين واالقتناع لدى القاض ى الجنائى في الو اقعة االجرامية محل الخالف،
ومن الجدير بالذكر فى هذا الصدد إلى أن الدليل في المواد الجنائية له أهمية كبيرة اليمكن
أنكارها ،وذلك الن الدليل هو الكاشف للحقيقة ومبين مرتكب الو اقعة االجرامية ليس هذا
فحسب وهو الذي يحول الشك إلى يقين جازم ،إذن نستطيع القول وبحق أن الحقيقة فى مدلولها
ً
العام تعني معرفة حقيقة الش يء بان يكون أو ال يكون إال من خالل دليال معبرا عن الحقيقة
(.)1103()1102
()1101محمد بن أبي بكر الرازي ،مختار الصحاح ،المطبعة االميرية ،القاهرة ،2041ص.202
()1102أ /عائشة بن قارة مصطفى " حجية الدليل األلكترونيفي مجال االثبات الجنائي " رسالة ماجستير جامعة االسكندرية عام
2002ص .22
()1103د .السيد محمد عتيق ،النظرية العامة للدليل العلمى ،رسالة دكتوراه مقدمة لكلية الحقوق ،جامعة عين شمس ،عام ،4224
ص .14
P 624 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
عرف الفقيه كيس ي( )caseyالدليل الرقمى بأنه "جميع البيانات الرقمية التي يمكن أن
تثبت أن هناك جريمة قد ارتكبت أو توجد عالقة بين الجريمة والجاني أو الجريمة والمتضرور
منها ،والبيانات الرقمية هي مجموعة األرقام التي تمثل مختلف المعلومات بما فيها النصوص
المكتوبة والرسومات تتعلق بدعوى مدنية أو جنائية"( .)1104كما عرفه البعض من الفقه بأنه:
كل بيانات يمكن إعدادها وتراسلها أو تخزينها في شكل ثنائي بحيث تمكن الحاسب من إنجازمهمة
ما(،)1105
فى مصر نجد أن قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات المصري رقم 175لسنة
،)1106(2111قد عرفه في المادة األولى بأنه"هو أية معلومات ألكترونية لها قوة أو قيمة
ثبوتية مخزنة أو منقولة أو مستخرجة أو مأخوذة من أجهزة الحاسب اآللي أو الشبكات
المعلوماتية وما في حكمها ،والممكن تجميعه وتحليله باستخدام أجهزة أوبرامج أو
تطبيقات تكنولوجية خاصة".
-القانون رقم 2413المرتبط بتعزيز الحماية الجنائية للطفل والمراة ( الفصل -513
،1الفصل 2-513من مجموعة القاون الجنائى المغربى ).
1104 - Amelia phillps, Ronald Godfrey, christopher steuat, Christine Brown, E- Discovery:
An Introduction to Digtial evidence, cengage learing, us, 2013. p. 3.
1105 - Christin sgarlata chang and David. J Byer, the electronic paper trail: Evidentiary
obstacles to Discovery of Electronic.Jouranal of science And Teachnology Law
Boston university. 22 september 1998. p. 5
-1106القانون رقم 673لسنة 1161في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات في مصر والمنشور في الجريدة الرسمية
– العدد 51مكرر ،في 6.أغسطس ،سنة .1161
P 625 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
ب -على مستوى التشريعات المتعلقة بالمعامالت االلكترونية كما هو الحال فى
-القانون رقم 11-19الخاص بحماية االشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات
الطابع الشخص ى الصادرفى .2119/2/11
أ -التعريف المقترح من قبل المنظمة الدولية ألدلة الحاسوب (International )IOCE
organization of computer evidence
في أكتوبر عام " 2111بأنه المعلومات ذات القيمة املحتمله أو املخزنة أو المنقولة في
صورة رقمية")1107(.
ب -تعريف الفريق العلمي على مستوى األدلة الرقمية the scientific working group
on Digtial evidenceعام ")SWGDE( 2116معلومات ذات قيمة إثباتية يتم تخزينها أو نقلها في
شكل ثنائي"(.)1108
ويتضح لنا أن الدليل الرقمى هو الدليل المستمد أو الذى تم الحصول عليه من
أجهزة والكمبيوتر وغيرها و يكون في شكل مجاالت أو نبضات مغناطيسية أو كهربائية تتم عملية
تجميعها وتحليلها من خالل أستخدام برامج تطبيقات التكنولوجيا الحديثة.
(1107)-. mark. M. pollit, BS, unit chief computer analy sis Response team. federal Bureau
investigation laboratory, Washington, DC, USA, 13th INTERPOL forensie science
symposium, lyon, france, october 16-19, 2001, p. D4-89.
1108 - by Rizwan Ahamed and RaJivv. Darasker, mobile forensics: an overview tools.
future trends and changllenges from Law Enforcement perspective, 6th
internationalconference on e- government, iceg – em erging teachnologies in e-
government, m-government,December 2008, p. 317.
P 626 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
الطبيعة التى يكون عليها الدليل الرقمى من شأنها أن تطرح العديد من المسائل للنقاش
ً
وأخيرا عالقته ماهى عالقة الدليل الرقمى بالجريمة االفتراضية ،وعالقته بالجريمة المادية،
بالجريمة المزدوجة ،وذلك كاالتى :ـ ـ ـ
يقصد بمدلول الجريمة االفتراضية بأنها تلك الو اقعة اإلجرامية التى تكون بدايتها ونهايتها
فى إطارالعالم االفتراض ى الذى التتلمسه االيدى وتراه االعين ،إذن نستطيع القول وبحق بان هذه
الو اقعة تشكل بطبيعة الحال البناء الحقيقى للجريمة االفتراضية فى صورتها المثالية ،والعالقة
بين الدليل الرقمى ،والجريمة االفتراضية تبدوا واضحة جلية فى أن كل منهما يعد صورة حقيقة
لآلخر ،فالدليل الرقمى هو الجريمة االفتراضية ذاتها ،حتى وأن كانت التقنية تمثل بطبيعة الحال
أداة ضبط هذا الدليل ،إال أن ذلك اليعنى فى هذا المقام أن هذه التقنية فى حد ذاتها هى التى
تحدد صفة التجريم فى الو اقعة االجرامية ،فالذى يحدد صفة التجريم والجريمة االفتراضية فى
قانون العقوبات دون غيره)1109(.
أن الجريمة المادية قد تتم فيها االستعانة بالحوسبة والرقيمة وذلك من أجل الكشف عن
هذه الجريمة ليس هذا فحسب بل ومعرفة مرتكبها ،وفى هذه الحالة فإن الو اقعة تساهم بشكل
فعال فى كشف الو اقعة المادية ،االمرالذى يترتب عليه بطبيعة الحال أن يصبح الدليل الرقمى
دليال له وجود فى كشف أمر الو اقعة المادية .وذلك الن هذه القضايا تعتمد بشكل كبير على
عالقات التخزين الرقمى فى الو اقع ،وإال ترتب عليهأن يصبح هذا الدليل مجرد و اقعة مادية بحته
ال تصلح للتقاض ى باى حال من االحوال (.)1110
( )1109بكرى يوسف بكرى ،التفتيش عن المعلومات فى الوسائل التقنية الحديثة ،دار الفكر الجامعى ،القاهرة،1166 ،
ص .33
( )1110أشرف عبد القادر قنديل ،اإلثبات الجنائى فى الجريمة اإللكترونية ،دار الجامعة الجديدة ،اإلسكندرية،1163 ،
ص ..7
P 627 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
يقصد بالو اقعة المزدوجة هى التى يكشف عنها الدليل الرقمى فى مدى قدرة اإلستعانة
بالحاسب االلى الرتكاب جرائم مادية ممزوجة بطابع رقمى ،وهنا سوف يكون الدليل بطبيعة
الحال مشاركة بين المادية والرقمية .وفى كل األحوال ليس من السهولة بمكان الحديث عن
امكانية الحصول على تصنيف متكامل لموضوع العالقة القائمة بين الدليل الرقمى والو اقعة
المزدوجة ،و إنما يتوقف األمر فى هذا الصدد علىمدى مراعاة الطابع المصلحى فيها من حيث
مكافحة اإلجرام والتبليغ عن الجرائم ومرتكبيها)1111( .
يق وم الدليل الرقمي على مجموعة من الخصائص التى تميزه عن غيره من االدلة
التقليدية ،وعليه نورد هذه الخصائص على النحو االتى :
أن الدليل الرقمي يتميز بالسعة التخزينية العالية ،ومنها آله الفيديو اإللكترونية يمكنها
بطبيعة الحال القيام بتخزين مئات الصور ليس هذا فحسب بل وأن الديسك الصغير يمكنه
تخزين مكتبة صغيرة ،هذا باالضافة إلى أن االدلة الرقمية تتميز بطبيعتها الديناميكية فائقة
ً
السرعة والتى يمكنها االنتقال من مكانإلى مكان آخر عبر شبكة االتصال متجاوزا حدود الزمان
والمكان (.)1112
أن الدليل الرقمي من حيث االساس نجده متحد التكوين بلغة التى يكون عليها الحاسب
ً
اآللي ،وفى الوقت ذاته يتخذ أشكاال مختلفة ،ومن الجديربالذكرفى هذا الصدد بأن الدليل الرقمي
يحتوى على أشكال و أنواع البيانات الرقمية وعليه يكون بينها وبين الجريمة رابطة من نوع
ما،االمر الذى يترتب عليه أن تتصل بالضحية على النحو الذييمكن عن طريقه تحقيق هذه
الرابطة بينه وبين الجاني(.)1113
P 628 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
القاعدة فى هذا الصدد بانه كلما تماالتصال بالتكنولوجيا الحديثة في إدخال البيانات
يكون من الصعب بطبيعة الحال التخلص منها ولو كان ذلك من خالل استخدام أدوات اإللغاء
أو الحذف(. )1115هذا االضافة إلى أنه ما يزيد من صعوبة التخلص من الدليل الرقمي هو امكانية
استخراج نسخ من هذا الدليل مطابقة لألصل تكون لها القيمة والحجية من الناحية االثباتية،
وهو ما ال يتو افر بطبيعة الحال فى الشكل الذى يكون عليه الدليل التقليدى ويشكل ضمانة من
أجل الحفاظ على الدلياللرقمي من التعرض للفقد أو التغيير(.)1116
عن طريق الدليـل الرقمى أن يتم تسجيل جميع التحركات التى يقوم بها الفرد ومنها
تسجيل عاداته التى اعتاد عليها وسلوكياته التى يقوم بها هذا باالضافة إلى بعض أموره
الشخصية ،االمر الذى يترتب عليه بطبيعة الحال أن رجال جمع االدلة يجدون فيه اى الدليل
الرقمى غاية أسهل من الدليل العادى(.)1117
( )1114د /محمود رجب فتح الله" :شتتترح قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات في ضتتتوء القانون المصتتتري رقم 441لستتتنة
،"2042دار الجامعة الجديدة عام ،2042ص.124
د /عمر محمد أبوبكر بن يونس" :الدليل الرقمي" ،مرجع سابق ،ص ..1 ()1115
( )1116د .سامح أحمد البلتاجي " :الجوانب اإلجرائية للحماية الجنائية لشبكة اإلنترنت" ،رسالة دكتوراه حقوق اإلسكندرية،
عام ،1161ص.516
( )1117د .ممدوح حسن مانع العدوان "حجية الدليل اإللكتروني في اإلثبات الجزائية" المجلة العالمية للتسويق اإلسالمي ،لندن،
المجلد السادس – العدد االول ،عام 2044ص .44
P 629 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
عليه أهمية االستعانة بالوسائل العلمية الحديثة من اجل عملية اكتشاف هذه الجرائم وتقديم
مرتكبيها للمحاكمة وفى الوقت ذاته توفير الضمانات القانونية التي تهدف بطبيعة الحال الى
ضمان الحرية الشخصية للفرد من المساس بها وتحديد الكيفية التى عن طريقها يتم الحصول
ً
على الدليل الرقمى حتى يكون دليال مقبوال أما قضاء الحكم (.)1118
المطلب الثانى :التفتيش كأحد إجراءات جمع الدليل الرقمى فى الجرائم المرتكبة عبر
االنترنت
نقسم هذا المطلب إلى ثالث فروع تعريف التفتيش وطبيعته القانونية ( فرع أول ) ،مدى
خضوع مكونات الحاسب االلى وشبكاته للتفتيش(فرع ثانى) ،ضوابط التفتيش فى بيئة الحاسب
االلى (فرع ثالث ) ،وذلك على النحو االتى :ـ ـ
عرف بعض الفقه التفتيش بانه إجراء من إجراءات التحقيق تقوم به سلطة حددها
القانون يستهدف البحث عن االدله الماديةلجناية او جنحة تحقق وقوعها في محل خاص يتمتع
بالحرمة بغض النظرعن إرادة صاحبه (.)1119
بينما عرفه البعض االخرمن الفقه بأنه عبارة عن إجراء من إجراءات التحقيق التي تهدف
إلى البحث عن أدلة مادية لجناية أو جنحة تحقق وقوعها في محل يتمتع بحرمة المسكن أو
الشخص ،وذلك بهدف إثبات ارتكابها أو نسبتها إلى المتهم وفقا إلجراءات قانونية محددة (.)1
( )1118د .ناصتتتر بتتتن محمتتتد بتتتن البقمتتتى " أهميتتتة األدلتتتة الرقميتتتة فتتتي اإلثبتتتات الجنتتتائي :دراستتتة وفقاألنظمتتتة الستتتعودية "
المجلتتتتد الحتتتتادى والعشتتتترون ،العتتتتدد الثمتتتتانون ،مجلتتتتة الفكتتتتر الشتتتترطي ،القيتتتتادة العامتتتتة لشتتتترطة الشتتتتارقة -مركتتتتز
بحوث الشرطة ،عام ،2042ص 33ومابعدها
( )1119د. .سامي حسني الحسيني " النظرية العامة للتفتيش في القانون المصري والمقارن " رسالة مقدمه لنيل درجة الدكتوراه
كليه الحقوق جامعة عين شمس،عام ،4222ص .34
( )4د .هاللي عبدالاله أحمد :تفتيش نظم الحاســب اآللي وضــمانات المتهم المعلوماتى ،دار النهضــة العربية ،القاهرة
4224ص .14
P 630 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
ويجب فى هذه الحالة على قاض ى التحقيق تحت طائلة البطالن ان يتقيد بمقتضيات
المواد " 59،61،61والمادة ( " )112إذا كان التفتيش سيجرى فى منزل المتهم فى قضية جنائية او
بشأن جريمة ارهابية فانه يجوز لقاض ى التحقيق ان يباشره خارج االوقات املحددة فى المادة 62
شريطة ان يقوم به شخصيا وبحضورممثل النيابة العامة.
إذا تعلق االمر بجريمة ارهابية فانه يجوز لقاض ى التحقيق فى حالة االستعجال القصوى
وبقرارمعلل ان ينتدب قاضيا اوضابطا او اكثرمن ضباط الشرطة القضائية الجراء تفتيش خارج
الساعات القانونية بحضور ممثل النيابة العامة " ،المادة " 113اذا كان التفتيش سيجرى فى
منزل غير المتهم تعين استدعاء تعين استدعاء رب المنزل او من يشغله لحضوره فان تغيب او
رفض الحضوراجرى التفيش بحضورشخصين من اقاربه او او اصهاره الموجودين بالمكان واذا
تعذرذلك فيتم اجراء التفتيش بحضورشاهدين التربطهما عالقة التبعية بالسلطة القضائية او
الشرطة القضائية "...والمادة ( ..." )11التنتهك حرمة المراة عند التفتيش واذا تطلب االمر
اخضاعها للتفتيش الجسدى يتعين ان تقوم به امراة ينتدبها ضابط الشرطة القضائية مالم يكن
الضابط امراة"....
وهذا ماسار عليه المشرع المصري في المادة 91من قانون اإلجراءات الجنائية الى أن
تفتيش المنازل عمل من أعمال التحقيق …" سواء كان القائم به فى هذا الصدد هى النيابة العامة
أومأمورالضبط القضائي فإن ذلك ال يغيرمن طبيعته ،حيث أن العبرة فى هذا االجراء هوبطبيعته
وليس بصفة ما يباشره ،وان مأمور الضبط القضائي عندما يباشر هذا االجراء سواء أكان ذلك
في حالة التلبس بالجريمة هذا من ناحية ،ومن ناحية آخرى فى خالة ندبه من جانب سلطة
التحقيق فهو هنا يمارس عمال من أعمال التحقيق وليس عمال من أعمال االستدالل (.)1120
()1120د .عويس جمعه احمد على " الحماية الجنائية لسترية التحقيق االبتدائى دراستة مقارنة " رسالة دكتوراه عين شمس ،عام
،4222ص.443
P 631 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
ان اإلجراءات القانونية الخاصة بالتفتيش والتى تحكم فحص المكونات المادية
للحاسب االلي وذلك من اجل البحث عن أى دليل يتصل بجريمة المعلوماتية حدثت و الكشف
عن مرتكبيها ،وعليه نستطيع القول بان تفتيش الحاسب اآللي يخضع الى أحكام التفتيش الخاص
بالمكان الذي يوجد فيه هذا الجهاز فإذا كان الحاسب االلي موجودة في مكان خاص كمسكن
المتهم أوأحد ملحقاته فتأخذ حكم المسكن ،هذا فيما يتعلق باالماكن الخاصة ،أما عن االماكن
العامة فان تفتيشها ال يكون في إال في الحاالت التي يجوزفيها تفتيش األشخاص بنفس الضمانات
والقيودالمقررة بموجب احكام القانون ومنها وجود شخص يحمل مكونات الحاسب اآللي المادية
أو مسيطرا عليها (.)1121
أن الفقه قد أختلف اختالفا كبيرا فيما يتعلق بتفتيش المكونات غير المادية للحاسب
اآللي ،فقد ذهب بعض من الفقه إلى جوازضبط البيانات اإللكترونية بمختلف أشكالها ،ومن ثم
يست ند هذا الرأي في تدعيم وجه نطره إلى أن القوانين اإلجرائية عندما تنص على إصدار اإلذن
بضبط "أي ش يء" فإن ذلك يجب تفسيره بطبيعة الحال بحيث يشمل بيانات الحاسب االلى
المعنوية (.)2
أما عن المشرع المغربى فقد حاول القيام بادخال تعديالت فيما يخص مسودة قانون
بطريقة تج عل اجراءات التفتيش والحجز تتسع لتشمل ببطيعة الحال الوثائق والبيانات
والمعطيات المعلوماتية واالدوات ،وفى هذا الصدد تنص المادة 59من مسودة المشروع على انه
يتم حجز المعطيات والبرامج المعلوماتية الضروية وذلك من أجل إظهار الحقيقة قام بوضع
الدعامات المادية المتضمنه لهذه المعلومات تحت نظرالعدالة.
( )1121د .اسامة بن غانم العبدى التفتيش عن الدليل فى الجرائم المعلوماتية ،المجلة العربية للدراسات االمنية
والتدريب ،المجلد التاسع والعشرون ،العدد الخامس والثمانون ،ص .3
(2) Vassilakl (Irini) "computer crimes and other crimes against information technology in
P 632 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
ويرى الباحث أن هذه التعديالت التى تبناها المشرع لم تحدد فى هذا الشأن فى ما اذا كان
بواسطة اجهزة البحث والتحرى أن تقوم بتفتيش الكمبيوتروحجزالبيانات التى يتم تواجدها فى
مكان اخرغيرمكان البحث االصلى والذى يفيد بطبيعة الحال فى كشف الحقيقة.
ولعل من الضرورى أن نؤكد ،على ان االتفاقية األوروبية لجرائم اإلنترنت قد تنصت في
المادة "3/19يجب على كل طرف أن يتبنى اإلجراءاتالتشريعية التي يراها ضرورية من أجل تخويل
سلطاته املختصة سلطة الضبط والحصول عليه بطريقة مشابهة على البيانات المعلوماتية وفقا
للفقرتين 3/2وهذه اإلجراءات تشمل السلطات اآلتية
أ -ضبط أو الوصول بطريقة مشابهة إلى نظام المعلوماتي أو جزء منه أو إلى دعامة تحريف
معلوماتية.
ثالثا :شبكات الحاسب اآللي ومدى خضوعها للتفتيش " التفتيش عن بعد":
-1اتصال كمبيوترالمتهم بحاسب آخرأو نهاية طرفية موجودة في مكان آخرداخل الدولة:
ذهب الفقه األلماني إلى القول بإمكانية أنيمتد التفتيش إلى سجالت البيانات التي تكون
األلماني(.)1123 في موقع آخر وذلك وفقا لمقتضيات القسم 113من قانون اإلجراءات الجزائية
1122 - Each party shall adopt such legislative and other measures as may be necessary
to empower its competent authorities toseizer or similary secure computer data
accessed according to paraghs 1 or 2. these meaures shall iinclud the power to:
a- Seize or similary secure a computer system or part of it or acomputer –data
storage medium.
b- Make and retain a copy of those computer data.
c- Maintain the integrity of the relevant stored computer data.
d- Render inaccessible or remove those computer data. In the accessed computer
system.
(1123)Kaspersen (W.K.Henrik) :''computer crime and other crime against Information
Technology In Netherlands'' R.I.D.P 1993,p479
P 633 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
وفي الواليات المتحدة األمريكية :يرى الفقه هناك بامكانية أن يمتد اإلذن الصادر بتفتيشمكان
شركة معينة ليشمل جميع فروعها الموجودة في هذا العقار وذلك باالستناد إلى التوجيهات
الداخلية الخاصة بإجراءات التفتيش والتى اجازت ذلك(.)1124
وفي دولة المغرب :فإن الوضع في القانون المغربى اليثيرأي مشكلة حيث تطبق القواعد
العامة في قانون المسطرة الجزائية فيمايتعلق بتفتيش األماكن وبنفس القيود والضمانات .وال
يختلف الحال فى القانون المصرى.
-2اتصال حاسب آلى المتهم بحاسب آخرأو نهاية طرفية موجودة في مكان آخرخارج حدود
الدولة:
ذهب جانب من الفقه أن حل مشكلة التفتيش العابر للحدود ال بد وأن يتم في ضوء
إتفاقيات خاصة ثنائية أو دولية تسمح بمثل هذا االمتداد هذه االتفاقيات تعقد بين الدول
ً
المعنية فى هذا الشان ،االمرالذى يؤكد وبما اليدع مجاال للشك أهمية التعاون الدولي في مجال
ى)2(. مكافحة الجرائم التي تقع في املجال االفتراض
وفى مجال التعاون الدولى ماحدث فى ألمانيا أثناء عملية جمع إجراءات التحقيق عن
جريمة غش هذه الجريمة وقعت على بيانات حاسب آلي ،فقد أتضح وجود حالة من االتصال بين
الحاسب اآللي المتواجد في ألمانيا هذا من ناحية ،ومن ناحية آخرى بين شبكة إتصاالت في
سويسرا تم تخزين بيانات المشروعات فى هذه الشبكة .ومن ثم لم يكن أمام سلطات التحقيق
األلمانية عندما أردت ضبط هذه البيانات سوى التماس المساعدة المتبادلة (.)3
ً
وبناء على ماتقدم فإن حل هذه المشكلة يكون بطبيعة الحال إال طريق عقد االتفاقيات
الثنائية أو الدولية بين الدول في مجال جرائم المعلوماتية وذلك من أجل ضمان عدم انتهاك
سيادة الدولة األخرى وقد أحسن المشرع المصرى صنعا عندما نص على التعاون الدولى فى
المادة ( )4من قانون جرائم تقنية المعلومات رقم 175لسنة "2111تعمل السلطات المصرية
املختصة على تيسير التعاون مع نظيراتها بالبالد األجنبية فى إطار االتفاقيات الدولية واإلقليمية
( -)1124أ /سوزان نوري فقي محمد" :اإلثبات في جرائم اإلنترنتفي القانون العراقي والقانون المقارن" ،رسالة ماجستير حقوق
المنصورة ،عام ،2041ص .22
()2الدكتور :محمد أبو العالء عقيدة :التحقيق وجمع األدلة في مجال الجرائم اإللكترونية ،المرجع السابق -ص.31
(3) MOHRENSCHL AGER (Manfred)" computer crimes and other crimes agnist
P 634 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
والثنائية المصدق عليها ،أو تطبيق مبدأ المعاملة بالمثل ،بتبادل المعلومات بما من شأنه أن
يكفل تفادى ارتكاب جرائم تقنيه المعلومات ،والمساعدة على التحقيق فيها ،وتتبع مرتكبيها.على
أن يكون المركز الوطنى لالستعداد لطوارئ الحاسب والشبكات بالجهاز هو النقطة الفنية
المعتمدة فى هذا الشأن"
ونتمنى من المشرع المغربى أن يحذوا حذو المشرع المصرى وأن يضيف مادة تتعلق
بالتعاون الدولى فى القانون الخاص بسيرنظم المعالجة االلية رقم 1713
فالقانون الصادر في 11يوليو 1991يجيز اعتراض االتصاالت البعدية بما في ذلك شبكات
ّ
تبادل المعلومات ،ومن الجدير بالذكر فى هذا الصدد القضاء الفرنس ى قد سلم بمشروعية
التكنولوجيا الحديثة في اإلثبات(.)1125
وفي اليابان نجد أن محكمة مقاطعة KOFUسنة 1991قد أقرت بشرعية التنصت على
شبكات الحاسب من أجل عن الدليل(.)1126
أما عن دولة المغرب نجد أنه اليوجد نص تشريعي يجيز التصنت والمر اقبة األلكترونية
لشبكات الحاسب اآللي وكذلك الحال فى مصرو االمارات العربية المتحدة.
وتأسيسا على ماتقدم يتضح جليا ،أنه على الرغم من أن المشرع المغربى لم يعالج
فرضية التصنت والمر اقبة األلكترونية لشبكات الحاسب اآللي ،إال أننا بالرجوع إلى نص المادة
( )111من قانون المسطرة الجنائية " يمنع التقاط المكالمات الهاتفية او االتصاالت المنجزة
بوسائل االتصال عن بعد وتسجيلها او اخذ نسخ منها او حجزها.
غير انه يمكن لقاض ى التحقيق اذا اقتضت ضرورة البحث ذلك ان يامر كتابة بالتقاط
المكالمات الهاتفية وكافة االتصاالت المنجزة بواسطة وسائل االتصال عن بعد وتسيجلها واخذ
نسخ منها او حجزها.
(1125)Francillon (Jacques) :"" les crimes in formatiques et d'aulres crimes dans le domain
de technologies informatique en France'' R.I.D.P 1993,p309
( 1126 )Yamaguchi (Atsushi) :''computer crime and other crime against Information
Technology In Japan'' R.I.D.P 1993,p443
P 635 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
كما يمكن للوكيل العام للملك اذا اقتضت لذلك ضرورة البحث ان يلتمس كتابة من
الرئيس االول ملحكمة االستئناف اصدار امر بالتقاط المكالمات الهاتفية او االتصاالت المنجزة
بوسائل االتصال عن بعد وتسجيلها واخذ نسخ منها او حجزها وذلك اذا كانت الجريمة موضع
البحث تمس بامن الدولة او جريمة ارهابية او تتعلق بالعصابات االجرامية او بالقتل أو التسمم
او باالختطاف واخذ الرهائن او تزييف او تزوير النقود او سندات القرض أو املخدرات والمؤثرات
العقلية او باالسلحة والذخيرة والمتفجرات او بحماية الصحة."....
والمادة ( )95من قانون اإلجراءات الجنائية المصري والتي تنص"لقاض ي التحقيق أن
يأمر بضبط جميع الخطابات والرسائل والجرائد والمطبوعات والطرود لدى مكاتب البريد ،وأن
يأمر بمر اقبة املحادثات السلكية والالسلكية أو إجراء تسجيالت ألحاديث جرت في مكان خاص
متى كان لذلك فائدة في ظهور الحقيقة في جناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس لمدة تزيد عن
ثالثة شهور"،
لذلك نقترح:
أن يضاف إلى ( )111من قانون المسطرة ،المادة ( )75من قانون االجراءات الجزائية
االماراتى ،و المواد ( )2/216 /95من قانون االجراءات الجنائية المصرى التصنت على شبكات
الحاسب اآللي.
الضوابط الموضوعية لتفتيش نظم الحاسب اآللي تنحصر فى صور ثالث ،السبب،
واملحل ،والسلطة املختصة ،وهى كاالتى :ـ ـ
:1سبب التفتيش:
ذهبت محكمة النقض المصرية في حكم لها " األصل في القانون أن اإلذن بالتفتيش هو
إجراء من إجراءات التحقيق ال يصح إصداره إال لضبط جريمة – جناية أو جنحة -و اقعة بالفعل
P 636 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
وترجحت نسبتها إلى متهم معين ،وأن هناك من الدالئل ما يكفي للتصدي لحرمة مسكنه أولحرمته
الشخصية"()1127
وبالتطبيق على الجرائم الرمتكبة عبر االنترنت فإن هناك شروط يتعين تو افرها فى
التفتيش
أ.: -أن تكون الجريمة المعلوماتية قد وقعت بالفعل سواء أكانت جناية أو جنحة.
ب.أتهام شخص أو أشخاص معينين بارتكاب هذه الجريمة المعلوماتية أو المشاركة في
ارتكابها :يجب أن تتو افر في حق الشخص المراد تفتيشه دالئل كافية هذه الدالئل تدعو إلى
االعتقاد بان هذا الشخص قد ساهم في ارتكاب الجريمة المعلوماتية سواء بصفته فاعال لها أو
شريكا.
ج.أن تو افر إمارات قوية أو قرائن على وجود أجهزة و أدلة معلوماتية تفيد في كشف
الحقيقة لدي المتهم:
من الجديربالذكرفى هذا الصدد أن المادة ( )111من قانون المسطرة الجنائية المغربى
نصت على " يجرى التفتيش فى جميع االماكن التى قد يعثرفيها على اشياء يكون اكتشافها مفيدا
الظهارالحقيقة.
ويجب فى هذه الحالة على قاض ى التحقيق تحت طائلة البطالن ان يتقيد بمقتضيات
المواد " 59،61،61والمادة ( " )112اذا كان التفتيش سيجرى فى منزل المتهم فى قضية جنائية او
بشأن جريمة ارهابية فانه يجوز لقاض ى التحقيق ان يباشره خارج االوقات املحددة فى المادة 62
شريطة ان يقوم به شخصيا وبحضورممثل النيابة العامة.
اذا تعلق االمر بجريمة ارهابية فانه يجوز لقاض ى التحقيق فى حالة االستعجال القصوى
وبقرارمعلل ان ينتدب قاضيا اوضابطا او اكثرمن ضباط الشرطة القضائية الجراء تفتيش خارج
الساعات القانونية بحضور ممثل النيابة العامة " ،المادة " 113اذا كان التفتيش سيجرى فى
منزل غير المتهم تعين استدعاء تعين استدعاء رب المنزل او من يشغله لحضوره فان تغيب او
P 637 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
املحل الذي يقع عليه التفتيش في الجرائم المعلوماتية هو جهاز الحاسب اآللي بمكوناته
المادية والمنطقية وشبكات االتصال الخاصة به ،والذى نحيل لما سبق ان ذكرناه منعا للتكرار.
األصل أن تقوم النيابةالعامة بإجراء تفتيش نظم الحاسب اآللي وفقا للقواعد اإلجرائية
المنصوص عليها في قانون المسطرة الجنائية المغربى ومن ذلك المادة ( )111من " يجرى
التفتيش فى جميع االماكن التى قد يعثرفيها على اشياء يكون اكتشافها مفيدا الظهارالحقيقة.
ويجب فى هذه الحالة على قاض ى التحقيق تحت طائلة البطالن ان يتقيد بمقتضيات
المواد " 59،61،61والمادة ( " )112اذا كان التفتيش سيجرى فى منزل المتهم فى قضية جنائية او
بشأن جريمة ارهابية فانه يجوز لقاض ى التحقيق ان يباشره خارج االوقات املحددة فى المادة 62
شريطة ان يقوم به شخصيا وبحضورممثل النيابة العامة.
اذا تعلق االمر بجريمة ارهابية فانه يجوز لقاض ى التحقيق فى حالة االستعجال القصوى
وبقرارمعلل ان ينتدب قاضيا اوضابطا او اكثرمن ضباط الشرطة القضائية الجراء تفتيش خارج
الساعات القانونية بحضور ممثل النيابة العامة " ،المادة " 113اذا كان التفتيش سيجرى فى
منزل غير المتهم تعين استدعاء تعين استدعاء رب المنزل او من يشغله لحضوره فان تغيب او
رفض الحضوراجرى التفيش بحضورشخصين من اقاربه او او اصهاره الموجودين بالمكان واذا
تعذرذلك فيتم اجراء التفتيش بحضورشاهدين التربطهما عالقة التبعية بالسلطة القضائية او
الشرطة القضائية"...
P 638 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
وكذلك الحال فى قانون االجراءات الجنائية المصرى حيث يكون ذلك للنيابة العامة
وقاض ي التحقيق عمال بالمواد (91م92 -م اج مصرى ) ،ومن الجدير بالذكر أن قاض ي التحقيق
اليختلف عن النيابة العامة عن ممارسته للتفتيش سوى فيما يتعلق بتفتيش غيرالمتهم (94م)،
أومنزله (م ،)93وعليه إذا كانت النيابة العامة هي التي تباشرالتفتيش فإنها التملك إجراء تفتيش
غير المتهم،وإذا ما أرادت اتخاذ مثل هذا اإلجراء تعين عليها بطبيعة الحال الحصول على أمر
مسبب من القاض ي الجزئي وذلك بعد قيامهباالطالع على األوراق ،وعليه يعطي القاض ي الجزئي
اإلذن للنيابة العامة لكي تتولى هي بنفسها أو بواسطة من تقوم بندبه من مأموري الضبط
القضائي إلجراء عملية التفتيش ،أما فيما يتعلق بالقانون الفرنس ى فإن صاحب االختصاص
األصيل هو قاض ي التحقيق وعليهالتختص النيابة العامة بالتفتيش إال في حاالت معينة (ومنها
التلبس )األمرالذى يترتب عليه بطبيعة الحال أنه متىأختص قاض ي التحقيق بالدعوىأصبح من
حقه إجراء التفتيش على الطريقة التى التي يراهاموصلة إلى كشف الحقيقة(.)1128
وتجدر االشارة فى هذا الصدد إلى أن القانون رقم 1713المرتبط باالخالل بسير نظم
المعالجة االليه للمعطيات المغربى لم ينص على ذلك ،بينما نجد أن المشرع المصرى نص على
ذلك فى المادة المادة ( )6من قانون جرائم تقنية المعلومات رقم 175لسنة "2111لجهة
التحقيق ،بحسب األحوال ،أن تصدر أمر ً
مسببا لمأموري الضبط القضائي المتخصصين لمدة
التزيد عن ثالثين ً
يوما قابلة للتجديد لمرة واحدة ،متى كان لذلك فائدة في ظهور الحقيقة على
ارتكاب جريمة معاقب عليها بمقتض ى أحكام هذا القانون بواحد أو أكثرممايلي ....-1
-2البحث والتفتيش والدخول والنفاذ إلى برامج الحاسب وقواعد البيانات وغيرها من
األجهزة والنظم المعلوماتية تحقيقا لغرض الضبط.
وعليه ندعو المشرع المغربى على ضرورة النص فى القانون رقم 1713المرتبط باالخالل
بسيرنظم المعالجة االليه للمعطيات على البحث والتفتيش والدخول والنفاذ إلى برامج الحاسب
وقواعد البيانات وغيرها من األجهزة والنظم المعلوماتية تحقيقا لغرض الضبط ،وذلك على غرار
نطيره المصرى على النحو السابق.
( )1128د /عالء عبد الباستتط خالف" :الحماية الجنائية لوستتائالالتصتتال الحديثة" ،دار النهضتتة العربية ،عام ،2002ص 321
ومابعدها.
P 639 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
يعتبر الحضور لبعض االشخاص أثناء عملية التفتيش من أهم الضمانات الشكلية التي
قررها القانون فى هذا الشأن ،ومن ثم تكمن الحكمة من تقريرهذا الضابط في اطمئنان الخاضع
للتفتيش إلى سيره وفقا الحكام القانون .وفى هذا الصدد تنص المادة 113من قانون المسطرة
المغربى " اذا كان التفتيش سيجرى فى منزل غير المتهم تعين استدعاء تعين استدعاء رب المنزل
او من يشغله لحضوره فان تغيب او رفض الحضوراجرى التفيش بحضورشخصين من اقاربه او
او اصهاره الموجودين بالمكان واذا تعذر ذلك فيتم اجراء التفتيش بحضور شاهدين التربطهما
عالقة التبعية بالسلطة القضائية او الشرطة القضائية. "...
ولعل من الضرورى أن نؤكد إلى جمهورمن الفقه المصرى قد ذهب إلى القول بأن حضور
المتهم يعتبر من القواعد الجوهرية ومن ثم يترتب على مخالفة هذا االجراء البطالن()1129؛ كما
اليفوتنا التنويه فى هذا المقام إلى أن محكمة النقض قد ذهبت ً
قديما إلى القول بالبطالن ،إال
أنها ولالسف الشديد عدلت عن هذا االتجاة وقضتبأن عدم حضورالمتهم اليترتب عليه البطالن،
وذلك ألن القانون لم يجعل حضورالمتهم شرطا جوهريا لصحة التفتيش وعليه اليقدح في صحة
اإلجراء ،أن يكون حصل في غيبة الطاعن أو من ينوب عنه؛ هذا باالضافة إلى انه اليعيب الحكم
التفافه عن الرد على دفاع الطاعن في هذا الشأن ألنه دفع قانوني ظاهرالبطالن()1130االمرالذى
ترتب عليه أهدرت كل قيمة لهذه الضمانة.
د .حسن صادق المرصفاوي " :أصول اإلجراءات الجنائية" ،منشاة المعارف – األسكندرية ،عام ،6911ص ()1129
.179
الطعن بالنقض رقم 111لسنة 39جلسة 6919/1./65س .1ص 367ق .11 ()1130
( )1131د .جالل محمد الزغبي "جرائم تقنية المعلومات " دار الثقافة للنشر ،عمان ،عام ،2040ص .11
P 640 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
سوى ما تستوجبه القواعد العامة في املحاضر بصفة عامة وهو أن يكون هذا املحضر مكتوبا
باللغة الرسمية للدولة ويحمل تاريخ تحريره وتوقيع محرره ،هذا باالضافة إلى أنه يحوي كافة
اإلجراءات التي أتخذها بشأن الوقائع التي يوضحها.
وفى نفس االتجاة قانون االجراءات المصرى حيث تنص ( إج")73يصطحب قاض ي
التحقيق في إجراءاته كاتبا من كتاب املحكمة يوقع معه على املحاضر – "..وقد أحالت المادة
( 199إج) فيما يختص بإجراءات التحقيق الذي تباشرة النيابة العامة ،وعليه فإن تحريراملحضر
بمعرفة املحقق نفسه يبطله ،ولكنه اليبطل التفتيش ذاته ،وهذا ما قضت به محكمة النقض
المصرية بأن القانون لم يوجب مصاحبة الكاتب للمحقق وتوقيعه إال في إجراءات التحقيق التي
تستلزم تحرير محضر كسماع الشهود واستجواب المتهم وإجراء المعاينة؛إذ إن هذه اإلجراءات
تستلزم انصراف املحقق بفكره إلى مجريات التحقيق بحيث التعوقه عن ذلك كتابة املحضربينما
إجراءات التحقيق األخرى كاألوامرالصادرة بالحبس والقبض والتفتيش فهي بطبيعتها التستلزم
تحريرمحاضروالتوجب بالتالي أن يصاحبه فيها كاتب يوقع معه عليها(.)1132
وإذا أنتقلنا من زاوية العموم إلى الخصوص فيما يتعلق بمحضر تفتيش نظم الحاسب
اآللي فإنه يتطلب فى القائم بالتحقيق سواء أكان عضو النيابة العامة أو قاض ي التحقيق أن يكون
ً
محيطا بتقنية الحاسب االلى ليس هذا فحسب بل والبد أن بصحبته خبيرا متخصصا فى علوم
الحاسب اآللي وذلك من أجل االستعانة به في المسائل الفنية الضرورية ،ومما الريب فيه أن
وجود الخبير سوف يساعد بطبيعة الحال في صياغة مسودة محضر التحقيق حيث يتم تغطية
الطعن بالنقض رقم 216لسنة 11جلسة 1621/11/61س 16ع ،1ص ،246ق 1121 ()1132
P 641 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
النواحى الفنية كافة في عملية التفتيش والضبط ليس هذا فحسب بل واملحافظة على األدلة التى
تم الحصول عليها فى هذا الصدد من أى تلف أو مسح()1133
من الجديربالذكرأن التشريعات اإلجرائية قد أختلفت فيما يتعلق بتنظيمها لوقت إجراء
التفتيش وذلك على النحو االتى ::ـ ـ
-1التشريعات التى تركت تحديد الوقت للقائم بالتفتيش :كانت غايتها من ذلك تضييق
نطاق االعتداء على الحرية الفردية وحرمة المساكن ،بينما تركت تشريعات أخرى تحديد الوقت
للقائم بالتفتيش( ،)1134ومنها على سبيل المثال ال الحصرالتشريع االماراتى والذى لم يحدد وقتا
معينا الجراء التفتيش ومن ثم يجوزإجراؤه في أي وقت سواء أكان ذلك ليال أونهارا(.)1135
،وفى نفس االتجاة لم يحددقانون اإلجراءات الجنائية المصرية وقتا معينا للقيام بإجراءا
التفتيش،إنما تركه لسلطة القائم به ،وعليه يجوزإجراؤه في كل األوقات سوء أكان ذلك بالليل أو
النهاردون االخذ فى االعتبارالمكان الخاضع للتفتيش(.)1136
-2التشريعات التي وضعت قيودا زمنية على إجراء التفتيش :لم يسمح القانون المسطرة
ً
صباحا إلى الساعة التاسعة المغربى إجراء التفتيش إال في أوقات محددة من الساعة السادسة
ً
مساء ،وذلك بموجب نص المادة ( " )62اليمكن الشروع فى تفتيش المنازل او معاينتها قبل
الساعة السادسة صباحا وبعد الساعة التاسعة ليال اال اذا طلب ذلك رب المنزل او وجهت
استغاثة من داخله او فى الحاالت االستثنائية التى ينص عليها القانون غير ان العمليات التى
ابتدات فى ساعة قانونية يمكن مواصلتها دون توقف.
التطبق هذه المقتضيات اذا تعين اجراء التفتيش فى محالت يمارس فيها عمل اونشاط
ليلى بصفة معتادة" وكذلك القانون الفرنس ى فى المادة (59اج)"اليجوز البدء في تفتيش ودخول
(1133)- DURHAM(cole), The Emerging structures of criminal information law :Trcing the
contoures of anew paradigm, General Report for the A.I.D.P., colloquim,
P.I.D.P.1993, P. 110-111
( -)1134د /هبة نبيلة هروال":الجوانب اإلجرائية لجرائم اإلنترنتفي مرحلة جمع االستدالالت" ،عام ،2043ص 212
()1135د .جالل محمد الزغبي "جرائم تقنية المعلومات " مرجع سابق ،ص .11
(-)1136الطعن بالنقض رقم 242لسنة 12جلسة 4242/44/2س 30ع 4ص 422ق .440
P 642 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
المنازل قبل الساعة السادسة وبعد الساعة التاسعة .إال أنه اليفوتنا التنويه على أن المشرعين
المغربى والفرنس ى لم يجعل من ذلك قاعدة مطلقة بل توجدحاالت مستثناة يجوز الخروج فيها
عن تلك القاعدة ليس من بينها بطبيعة الحال ما يرتبط بالجريمة المعلوماتية(.)1137
النتائج والتوصيات
أوال :النتائج
-1الذكاء االصطناعى هو دراسـة وتصمـیم الـعـمـالء األذكیـاء حیث أن العـمـیل الـذكى هو
نـظام یدرك بیئته ویقدم أفعـاال تزید مـن فرصة نـجاحه فى تحقيـق أهدافه
-2يتمتع الدليل الرقمي بعدة خصائص تميزه عن غيره من األدلة الجنائية األخرى ،منها أن
الدليل الرقمي دليل مستقريصعب التخلص منه ً
نهائيا ،ويعتبرذلك من أهم ميزة يتمتع بها الدليل
الرقمي إذ يمكن استعادته بعد حذفه أيا ما كانت عمليات الحذف أواملحوأواإلضافة التي أجريت
ً
عليه ،هذا باإلضافة إلى أنه يحتوي على معلومات أكثر تفصيال عن الوقائع كل ذلك من شأنه أن
يساعد كثيرا أجهزة العدالة في الكشف عن الحقيقة
- 3التفتيش في جرائم المعلوماتية و إثباتها ليس باألمر السهل ويستلزم ذلك استخدام
تقنيات ووسائل علمية حديثة في عمليات الكشف عن هذه األدلة والتحقيق ،وذلك ألن التفتيش
يتم في بيئة قمية.
ثانيا :التوصيات
يجب على الدولة -ممثلة فى وزارتى الداخلية والعدل -أن تنشأ إدارة متخصصة .1
فى الذكاء االصطناعى وذلك من أجل تفعيل دوره فى مراحل العملية اإلثباتية ،وذلك على غرار
مافعل المشرع االماراتى..
يجب إجراء الكثير من األبحاث فيما يتعلق بدور الذكاء االصطناعى فى خدمة .2
العدالة الجنائية.
( )1137راجع د /هاللي عبدالاله أحمد" :تفتيش نظم الحاسب اآللي وضمانات المتهم المعلوماتي" ،مرجع سابق ،ص .44
P 643 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
يجب أن يتم إدراج مواد خاصة بالذكاء االصطناعى فى القوانين ذات الصلة سواء .3
كانت متعلقة بالنظم االلكترونية أو بالجرائم المعلوماتية.
قائمة المراجع
د .د/أمير يوسف فرج" :الجرائم المعلوماتية على شبكة اإلنترنت" ،دار
المطبوعات الجامعية ،عام ،2111ص.47
أ /عائشة بن قارة مصطفى " حجية الدليل األلكترونيفي مجال االثبات الجنائي
" رسالة ماجستيرجامعة االسكندرية عام 2119ص
السيد محمد عتيق ،النظرية العامة للدليل العلمى ،رسالة دكتوراه مقدمة لكلية
الحقوق ،جامعة عين شمس ،عام ،1991ص .61
د /هند نجيب السيد " :اإلثبات في الجرائم األلكترونية " رسالة دكتوراه ،جامعة
القاهرة،عام ،2116ص 141
د /محمود رجب فتح الله" :شرح قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات في
ضوء القانون المصري رقم 175لسنة ،"2111دارالجامعة الجديدة عام ،2119ص.421
د /سامح أحمد البلتاجي " :الجوانب اإلجرائية للحماية الجنائية لشبكة
اإلنترنت" ،رسالة دكتوراه حقوق اإلسكندرية ،عام ،2111
()1أ -ممدوح حسن مانع العدوان "حجية الدليل اإللكتروني في اإلثبات الجزائية"
املجلة العالمية للتسويق اإلسالمي ،لندن ،املجلد السادس – العدد االول ،عام 2117ص .71
P 644 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
د :ناصر بن محمد بن البقمى " أهمية األدلة الرقمية في اإلثبات الجنائي :دراسة
وفقاألنظمة السعودية " املجلد الحادى والعشرون ،العدد الثمانون ،مجلة الفكر الشرطي،
القيادة العامة لشرطة الشارقة -مركزبحوث الشرطة ،عام ،2112ص 33ومابعدها
د.سامي حسني الحسيني " النظرية العامة للتفتيش في القانون المصري
والمقارن " رسالة مقدمه لنيل درجة الدكتوراه كليه الحقوق جامعة عين شمس،عام ،،1912
ص .37
()1د :هاللي عبدالاله أحمد :تفتيش نظم الحاسب اآللي وضمانات المتهم
المعلوماتى ،دارالنهضة العربية ،القاهرة 1997ص .47
د.عويس جمعه احمد على " الحماية الجنائية لسرية التحقيق االبتدائى دراسة
مقارنة " رسالة دكتوراه عين شمس ،عام ،1999ص.173
-أ /سوزان نوري فقي محمد" :اإلثبات في جرائم اإلنترنتفي القانون العراقي
والقانون المقارن" ،رسالة ماجستيرحقوق المنصورة ،عام ،2115ص .19
)الدكتور :محمد أبو العالء عقيدة :التحقيق وجمع األدلة في مجال الجرائم
اإللكترونية ،المرجع السابق -ص 35
د /حسن صادق المرصفاوي " :أصول اإلجراءات الجنائية" ،منشاة المعارف –
األسكندرية ،عام ،1912ص .279
د .جالل محمد الزغبي "جرائم تقنية المعلومات " دار الثقافة للنشر ،عمان،
عام ،2111ص .46
د /هبة نبيلة هروال":الجوانب اإلجرائية لجرائم اإلنترنتفي مرحلة جمع
االستدالالت" ،مرجع سابق ،ص 251
P 645 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
Christin sgarlata chang and David. J Byer, the electronic paper trail:
Evidentiary obstacles to Discovery of Electronic.Jouranal of science And
Teachnology Law Boston university. 22 september 1998. p. 5
mark. M. pollit, BS, unit chief computer analy sis Response team.
federal Bureau investigation laboratory, Washington, DC, USA, 13 th INTERPOL
forensie science symposium, lyon, france, october 16-19, 2001, p. D4-89.
Each party shall adopt such legislative and other measures as may
be necessary to empower its competent authorities toseizer or similary secure
computer data accessed according to paraghs 1 or these meaures shall iinclud the
power to:
P 646 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
P 647 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
مقدمة:
يرتب الزواج مجموعة من اآلثارتختلف حسب صحة الزواج أو فساده أو بطالنه ،وتتدرج في
عمومها بين آثار شخصية من قبيل المساكنة الشرعية والنسب والحضانة وغيرها ،و آثار مالية
ترتبط بالذمة المالية للزوجين بجانبيها اإليجابي والسلبي.1138
و المتتبع لألحكام الناظمة للعالقات المالية بين الزوجين يقف على أن مدونة األحوال
الشخصية لم تكن تشير قط إلى تفاصيل ذلك ،1139بل اكتفت بتبني المبدأ العام بما مضمنه أن
لكل واحد من الزوجين ذمة مالية مستقلة ،و هو ما كان يفض ي بالنتيجة إلى غياب التوازن المالي
بين الزوجين ،واستغالل أحدهما لآلخر في تنمية أمواله الشخصية على حساب الزوج اآلخر،
1138ـ الحظ أن هناك صلة ال تقبل االنفصال تربط بين هذين الجانبين ،فمجموع الحقوق تعتبر ضمانا للوفاء
بمجموع بااللتزامات سواء حال الحياة أو بعد الوفاة ،فأثناء حياة الشخص جميعا ضامنة لديونه والتزاماته وال تب أر ذمته
إال بأداء هذه الحقوق وااللتزامات سواء باألصالة أو النيابة أو باإلبراء عنها من قبل المستحقين ،أما بعد الوفاة فال
تركة إال بعد سداد الديون.
ـ ـ عبد الرزاق السنهوري ،مصادر الحق في الفقه اإلسالمي ،الجزء األول ،المجمع العلمي العربي اإلسالمي
منشورات حمد الداية ،بيروت لبنان ،الجزء األول ،ص .20
1139ـ ـ نشير إلى أن هذه القواعد ال تطبق بشأن النزاعات القائمة بين زوجين يخضعان لقانون أحوال شخصية
أجنبي ،فالقاعدة في القانون الدولي الخاص أنه يعتد باالعتبار الشخصي في تحديد قواعد اإلسناد المحددة للقانون
الواجب التطبيق على النزاعات المتعلقة باألحول الشخصية ،و تطبيقا لذلك أقرت محكمة النقض أنه:
"إن العالقة الزوجية بين الطالبة وزوجها تحكمها قواعد القانون المدني الفرنسي الواجب التطبيق في هذه الحالة
طبقا للفصل األول من ظهير 61غشت 6965المتعلق بوضعية األجانب في المغرب ألنهما متزوجان في إطار
نظام األموال المشتركة ،و دون أي عقد ينظم أموالهما و مع أنه من جهة أخرى فإن أهلية الزوج المتزوج طبقا لنظام
األموال المشتركة المعمول به في القانون المدني الفرنسي لبيع العقار في حالة اعتباره من األموال المشتركة تامة إال
إذا أذنت الزوجة".
P 648 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
والضحية في الغالب من األحيان ـ ـ وفق ما تظهره اإلحصائيات ذات الصلة بالموضوع ـ ـ هي الزوجة،
و هو ما فجر نقاشات حقوقية حول وجوب تنظيم هذه العالقات بنصوص تشريعية واضحة ،ال
سيما و أن فتاوي بعض الفقهاء ـ خاصة من أهل سوس 1140ـ أعطوا للزوجة نصيبا في مال زوجها
بناء على نظرية الكد و السعاية ،واإلشكال في هذا التصور أنه ظل بمثابة عرف حبيس تطبيق
جغرافي ضيق ،و لم يكن من الجائزتعميمه في كل التراب الوطني في غياب سند تشريعي لذلك.
وقد حاول المشرع المغربي في المادة 49من مدونة األسرة تجاوز هذا القصور ،من خالل
وضع نص عام يؤطر و يدير و يحكم النظام المالي بين الزوجين ،1141و يضع تصورا النعكاسات
الزواج على العالقة بين الزوجين في الشق المالي ،و من تم يطرح السؤال حول كيفية انتظام
العالقة بين الزوجين ماليا؟ علما أن تقدير ذلك له ارتباطات بحقوقهما أوال ،ثم بحقوق األغيار
من المتعاملين مع الزوجين وكذا دائنيهما؟
ولمقاربة موضوع النظام المالي للزوجين بشكل شمولي ،فإننا سنتناول الموضوع على ضوء
األحكام المضمنة في مدونة األسرة ،و كذا مختلف المبادئ المرجعية المكرسة في العمل
القضائي ،وذلك من خالل مبحثين على الشكل التالي :المبحث األول :أموال الزوجين بين نظام
الفصل واالشتراك .المبحث الثاني :منازعات الزوجين بشأن اقتسام األموال.
األصل في القانون المغربي ،وكذا الفقه اإلسالمي الذي استمدت منه قواعد مدونة األسرة،
هو استقالل الذمم المالية للزوجين ،بمعنى أن لكل واحد منهما أصوله وخصومه ،وال يسأل عن
ديون الطرف اآلخر ،وترتيبا على ذلك يكون لكل منهما حرية التصرف في أمواله الشخصية بدون
رقابة من الزوج اآلخرو ال إذن مسبق منه.
P 649 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
وقد أعطى المشرع للزوجين مكنة تنظيم عالقاتهما المالية عقديا من خالل اتفاق
يحددان فيه طريقة تدبير أموالهما المشتركة ،ومن المعلوم أن االتفاق يأخذ مركز القانون
لعاقديه و يعتبر بمثابة شريعة لهما ،و بالتالي لهما أن يضيقا من وعاء االشتراك أو يوسعانه وفق
إرادتهما الحرة.
ويالحظ أن توجهات بعض القوانين المقارنة تتبنى تصورا مقابال لتوجهات المشرع
المغربي ،من ذلك مثال القانون المدني الفرنس ي الذي يجعل من نظام االشتراك أصال واجب
التطبيق في كل حالة ال يوجد اتفاق مخالف بين الزوجين ،اللذان لهما مكنة االتفاق على خالف
ذلك بأن تكون لكل واحد منهما ذمة مستقلة عن اآلخر.
ولتحليل ما سبق بشأن األنظمة المالية للزواج ،فإننا سنقسم المبحث الحالي إلى مطلبين،
نتناول في األول نظام فصل األموال بين الزوجين ،و في الثاني نظام األموال المشتركة بين الزوجين.
يقصد بنظام فصل األموال بين الزوجين أن لكل واحد من الزوجين ذمة مالية مستقلة،
بمعنى أن لكل واحد منها أصوله و خصومه الخاصة ،و ال يدمجان معا الستخراج رصيد مشترك
بينها ،وهوما يجعل كل واحد منها يتفرد بسلطة مستقلة في تدبيرأمواله الشخص ي ،دون أي تدخل
من الزوج اآلخر ،ودون إذن مسبق منه ،وال رقابة بعدية ،ومن خالل ما ذكرنكون أمام استقاللية
بين الزوجين في األصول ،و استقاللية في الخصوم ،و استقاللية في التسيير.
و لتوضيح و مناقشة ما ذكر ،نتناول نظام فصل األموال بين الزوجين من خالل فقرتين ،
نتناول في األولى استقالل الذمم المالية ،و في الثانية محددات استقالل الذمم المالية للزوجين.
تتكون الذمة المالية للشخص من عنصرين أحدهما إيجابي ويسمى بأصول الذمة ويضم
الحقوق المالية التي تجب له على الغيرفي الحال أوالمستقبل ،وثانيهما سلبي و يسمى بالخصوم
و يشمل الحقوق المالية الواجبة على الشخص كحق للغيرفي الحال أو المستقبل ،أي مجموع
االلتزامات و الديون المتخلدة في ذمته ،و بالتالي فإما أن نكون في إطار نظام فصل األموال و إما
في إطارنظام االشتراك في األموال.
P 650 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
فنظام فصل األموال يعني أن كل واحد من الزوجين يحتفظ بأمواله الخاصة خالل
الحياة الزوجية ،و يتصرف فيها بكل حرية دون تدخل من الزوج اآلخر ،و دون اشتراط مو افقته
على التصرف ،كما أن كال منهما يسأل عن ديونه الخاصة ،سواء نشأت قبل الزواج أو بعده ،أما
نظام االشتراك في األموال فيعني أن تصير ذمة الزوجين واحدة ،وتدمج أصول كل واحد منهما
وخصومه في ذمة واحدة.
و هنا يجب التوقف عند مسألة جوهرية و هي أن الشريعة اإلسالمية أقرت ،منذ وقت
مبكر ،حقوقا لفائدة المرأة ،حيث كانت سباقة إلى إقرارحرية المرأة في التصرف في مالها وتمتعها
بذمة مستقلة عن ذمة زوجها ،و المرجع في ذلك مجموعة من اآليات القرآنية واألحاديث النبوية
الشريفة ،من ذلك قول الله عز وجل ( :و ال تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض للرجال
(و ابتلوا اليتامى حتى إذا مما اكتسبوا و للنساء نصيب مما اكتسبن) ،1142و قوله جل و عال :
بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم) ،1143وقول الله تبارك وتعالى( :للرجال
نصيب مما ترك الوالدان واألقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان واألقربون مما قل منه أو
كثرنصيبا مفروض) ،1144وكذلك قوله عزمن قائل ( :ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن
ولد ،فإن كان لهن ولد فلكم الربع مما تركن من بعد وصية يوصين بها أو دين).1145
فدلت مجموع اآليات على حق ثابت للمرأة في االنفراد بأصول عن طريق اإلرث من خالل
تخصيص نصيب مفروض معلوم لها ترثه بقوة الشرع من غير تبرع و ال عوض ،و تحتفظ بتملكها
ألموالها بشكل مستقل إلى أن تخلفها لورثتها من بعدها ،و ال يجوزجبرها على التصرف فيه بوجه
من الوجوه لما تملكه من حرية في التصرف في مالها ،لقول الله عز وجل ( :يا أيها الذين آمنوا ال
تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إال أن تكون تجارة عن تراض منكم) ،1146إال أن يكون التصرف
لزوجها برضاها فإنه مما يجوزلقوله تعالى ( :وآتوا النساء صدقاتهن نحلة فإن طبن لكم عن ش يء
منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا".1147
P 651 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
و في السنة النبوية أيضا أدلة على حرية المرأة في التملك ،وحريتها و استقالليتها في التصرف
في مالها ،فقد ثبت فيما رواه البخاري ومسلم أن أم المؤمنين ميمونة رض ي الله عنها أعتقت وليدة
لها ،فأخبرت النبي صلى الله عليه و سلم بعد ذلك ،فدل ذلك على أن األمرال يرتبط بإذن مسبق
،كما روى مسلم أن أسماء بنت أبي بكررض ي الله عنهما باعت جارية لها و تصدقت بثمنها دون أن
تستأذن الزبير زوجها ،و من خالل مجموع األدلة المتعلقة بالموضوع أقر اإلمام مالك في هذا
الصدد ":ليس للزوج قضاء في مال امرأته قبل دخوله بها وال بعده".1148
ثالث أمور تعتبر بمثابة محددات العتبار قيام االنفصال أو االشتراك في الذمم المالية
للزوجين ،ويتعلق األمربما يلي:
أوال :وجود انفصال في الذمم ،بحيث ينفرد كل من الزوجين بذمة مالية مستقلة عن الزوج
اآلخر ،و نكون أمام كتلة أموال الزوجة و كتلة أموال الزوج ،فلكل واحد منهما أصوله الخاصة،
التي ال يشترك معه اآلخر فيها ،و ال ثؤثر هذه األصول ،مهما بلغت قيمتها ،في التزام الزوج باإلنفاق
على زوجته ،1149هذه األخيرة التي ال تلزم باإلنفاق إال عن أبنائها في حالة عجز الزوج و في حدود ما
عجزعنه.1150
ويتعلق األمرثانيا بانفصال الديون ،بمعنى أن كال من الزوجين يسأل عن ديونه الشخصية،
وال وجود لتضامن بين الزوجين في ذلك و ال يمكن افتراضه ،وبالتالي فالتزامات كل طرف منهما
تلزمه لوحده دون الزوج اآلخر.1151
أما املحدد الثالث فيتعلق بانفصال التسيير ،بمعنى أن لكل واحد من الزوجين الحرية
الكاملة في إدارة أمواله و التصرف فيها ،و في المقابل فإنه في نظام االشتراك يلزم مو افقة الزوج
اآلخر على التصرف ،و المرجع في ذلك هو الفصل 971من ق ل ع الذي يحدد طريقة إدارة المال
المشاع ،إذ قرارات أغلبية المالكين على الشياع ملزمة لألقلية ،فيما يتعلق بإدارة المال المشاع
-1148المدونة الكبرى إلمام مالك برواية سحنون من مقدمات ابن رشد ،ج 1؛ ص .210
1149ـ تنص المادة 421من مدونة األسرة على ما يلي " :تجب نفقة الزوجة على زوجها بمجرد البناء ،وكذا إذا
دعته للبناء بعد أن يكون قد عقد عليها".
1150ـ تنص المادة 422من مدونة األسرة على ما يلي " :إذا عجز األب كليا أو جزئيا عن اإلنفاق على أوالده،
وكانت األم موسرة ،وجبت عليها النفقة بمقدار ما عجز عنه األب".
1151ـ ينص الفصل 222من ق ل ع على أن " :االلتزامات ال تلزم إال من كان طرفا في العقد ،فهي ال تضر
الغير وال تنفعهم إال في الحاالت المذكورة في القانون".
P 652 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
واالنتفاع به ،بشرط أن يكون لمالك األغلبية ثالثة أرباع هذا المال ،فإذا لم تصل األغلبية إلى
الثالثة أرباع ،حق للمالكين أن يلجؤوا للقاض ي ـ ـ ويقرر هذا ما يراه أوفق لمصالحهم جميعا ـ ـ
ويمكنه أن يعين مديرا يتولى إدارة المال المشاع أو أن يأمربقسمته.
لم يجعل المشرع المغربي من اشتراك الزوجين في األموال المكتسبة بعد الزواج أصال،
و إنما يتعلق األمر باستثناء يجوز لهما االتفاق على تحديد ما يتعلق بطريقة تدبيرهما ألموالهما
المشتركة ،و في غياب اتفاق فإنه يمكن البحث في مساهمة كل طرف في تنمية أموال األسرة (
الفقرة األولى) ،و هو تصور يخالف توجه القانون الفرنس ي الذي يجعل من االشتراك أصال
بمقتضاه تقع جميع األموال المتحصلة بعد الزواج في قرينة الشراكة بين الزوجين ،فيما يحتفظ
كل واحد بأمواله بشكل مستقل عند وجود اتفاق خاص ( الفقرة الثانية).
بعدما اعتبرت مدونة األسرة في المادة 49أن القاعدة في تدبير األموال المشتركة بين
الزوجين هو مبدأ استقالل الذمم ،أعطت للزوجين مكنة لالتفاق حول طريقة تدبير األموال
المشتركة ،وذلك مع مراعاة مجموعة من القواعد تتمثل في اعتبار أن المبدأ األصل هو أن لكل
واحد من الزوجين ذمة مالية مستقلة عن ذمة اآلخر ،مع إعطاء المكنة للزوجين في إطار تدبير
األموال التي ستكتسب أثناء قيام الزوجية في االتفاق على استثمارها وتوزيعها.
ويوثق هذا االتفاق في وثيقة مستقلة عن عقد الزواج ،وإن كانت اإلحصائيات المتوفرة
تبين عدم إعمال هذا الخيارحفاظا على الثقة بين الطرفين ،ويقوم العدالن بإشعارالطرفين عند
زواجهما باألحكام السالفة الذكر ،أي أن المشرع فرض على العدلين ضرورة الوفاء بااللتزام
بالنصح ،علما أن اإلخالل بذلك يفتح باب مساءلتهما مدنيا وتأديبيا.
و المالحظ من خالل القراءة التأملية لمقتضيات المادة 49من مدونة األسرة أن عدم
اتفاق الزوجين على طريقة تدبير أموالهما المشتركة يبقي املجال مفتوحا لتكين كل طرف من
نصيب من أموال الزوج اآلخر في حدود ما ساهم به من مجهودات و أموال لتنمية أموال األسرة،
فقد نصت المادة المذكورة على ما يلي " :إذا لم يكن هناك اتفاق فيرجع للقواعد العامة لإلثبات،
P 653 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
مع مراعاة عمل كل واحد من الزوجين وما قدمه من مجهودات وما تحمله من أعباء لتنمية أموال
األسرة".1152
و من المعلوم أن االتفاق يبرم بالتراض ي ،و يكون مضمنه حجة عليهما إعماال للقاعدة
الضابطة للتعاقد والناصة على أن العقد شريعة المتعاقدين ،و أن العقود المنشأة على وجه
صحيح تقوم مقام القانون بالنسبة إلى منشئيها وال يجوز إلغاؤها إال برضاهما معا أو في الحاالت
المنصوص عليها في القانون،
وهو ما أكده القضاء فمثال جاء في قرار ملحكمة النقض ما يلي...":يعتبر القرارالمعتمد على
السلطة التقديرية للمحكمة لتعديل شرط ،دون أن يكون هناك تراض من الطرفين على ذلك،
عديم األساس القانوني مما يعرضه للنقض.1153
غير أنه يبقى من المهم أن نشير إلى أن المادة 49من مدونة األسرة لم تضع تفصيال
لعناصراألموال المشتركة ،و قد سد العمل القضائي هذا النقص استرشادا بالوضع في القانون
المقارن حيث اعتبر أن تحديد تلك العناصر يتم من خالل حصر وتقييم الذمة المالية للزوجين
قبل إبرام عقد الزواج ،وحصروتقييم الذمة المالية للزوجين بعد إبرام عقد الزواج وأثناء الحياة
الزوجية ،واعتبارعمل كل واحد من الزوجين و نوعه ،وقدرالمساهمة في األموال المشتركة و بيان
مردوديتها وفترتها ،واألموال التي تلقاها أحد الزوجين بدون بدل أي مجهود :اإلرث ـ الهبة ـ الوصية
...
الفقرة الثانية :المركز المالي للزوجين في القانون المقارن ـ القانون المدني الفرنس ي
نموذجا
P 654 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
األصل في النظام الفرنس ي هو نظام االشتراك القانوني أو ما يصطلح عليه بنظام األموال
المشتركة ،و قد نظمه المشرع في المواد 1411إلى 1491من القانون المدني الفرنس ي ،ويسري
هذا النظام عند عدم اختيارالزوجين للنظام المالي عند الزواج.
و إلى جانب هذا النظام األول ،يعرف القانون الفرنس ي نظامين آخرين لألموال المشتركة،
يمكن للزوجين االتفاق عليهما ،و يتعلق األمر بنظام استقالل الذمم ،ثم نظام االشتراك في
األموال والذي يحدد القانون بموجبه وضعية األموال التي تم اكتسابها خالل فترة الحياة الزوجية
على أساس التشارك القانوني بخصوصها سواء كانت حصيلة املجهودات الشخصية أو تجميع
المكتسبات أو نتيجة ريع أو غل الممتلكات الشخصية لكل من الزوجين ،ويعني ذلك أن الزوجين
يكونان مشتركين وفق الحدود التي رسمها القانون ،و تدخل في ملكيتهما األموال المنقولة التي
كانا يملكانها والتي سيتملكانها ،واألموال المنقولة التي يحوزها أحدهما أو كالهما بعد عقد
الزواج ،وإزاء ذلك يلتزم الزوجان ،بوجه التضامن ،بكافة الديون التي كانت عليهما أوعلى أحدهما
قبل الزواج ،وبالديون التي قد تنشأ من مصاريف الحياة الزوجية ،و أيضا بالديون التي قد تترتب
بذمة الزوج ،أما ديون الزوجة فإن استحقت فبمو افقة الزوج ،و لهذا األخير في هذا النظام حق
التصرف في األموال المشتركة دون حاجة لمو افقة زوجته ،كما أن حق إدارة أموالها العقارية
الخاصة بها ،دون التصرف فيها.
وينص الزوجان على نظام االشتراك في صلب العقد المالي لهما ،ويحددان طريقه إدارة
أموالهما وحدود حرية التصرف فيها ،على أن يظل كل منهما مسؤوال عن ديونه الشخصية التي
يلتزم بها أوتتحملها حقوقه ،باعتباره مسؤوال وحده عن تصرفاته الشخصية قبل وبعد إبرام عقد
الزواج.
وهذا النظام وكما يوحي عنوانه يقوم على مبدأ االتفاق و التراض ي بين الزوجين حيث
يمكنهما إدراج عدة شروط لتغييرنظام االشتراك القانوني ،كأن يتفقا على أن تصبح كافة أموالهما
و ممتلكاتهما العقارية أو المنقولة ،الحاضرة أو المستقبلية مشتركة بينهما مهما كان مصدرها
(إرث-هبة ،)....ويمكنهما االتفاق على طريقة إدارتها و التصرف فيها ،كما يتم االتفاق على نقل
أموال المتوفى منهما إلى الزوج المتبقي على قيد الحياة و هو ما يطلق عليه "االشتراك الكامل"،
وهو منظم في القانون المدني الفرنس ي في المواد من 1497إلى .1527
P 655 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
تولى التشريع الفرنس ي تنظيم أحكامه في المواد من 1569إلى 1511من القانون المدني و
ما يميزه أن كال من الزوجين يحتفظ بموجب هذا النظام بحريته في التصرف واالنتفاع و تدبير
األموال دون تفريق بين ما كان يملكه قبل الزواج و ما تملكه بعده و كيفما كان مصدرهذا التملك
،و من أهم نتائج هذا النظام تمكينه لطرفي العالقة الزوجية من اقتسام الزائد على األصل من
األموال المكتسبة خالل فترة الزواج ،و تتم هذه العملية عن طريق تحديد المال أو قيمته عند
املحاسبة و يخصم منه األصل أو قيمته عند التعاقد.
أسئلة فرعية عدة أثيرت بمناسبة المنازعات القضائية بشأن تدبيراألموال المكتسبة أثناء
الزواج من قبيل :ماهي الجهة املختصة للبت في هذا الصنف من المنازعات؟ و ما هو مضمون
المساهمة المعتبرة في تنمية أموال األسرة؟ بصيغة أخرى هل العمل المنزلي يعتبر كقيمة
اقتصادية في تحديد نوع المساهمة؟ و ماهي وسائل اإلثبات المقبولة عند النزاع بين الزوجين و
ادعاء أحدهما المساهمة في أعباء الزوجية؟ وكيف يتم تحديد وعاء األموال المكتسبة أثناء
الزواج؟ و ما هو الحكم في دعوى اقتسام األموال المكتسبة أثناء الزواج :خيارالحكم بالتعويض
و النصيب العيني؟ ما هي المعايير المعتمدة في التوزيع؟ وما هو جزاء التصرف في األموال
المكتسبة من طرف أحد الزوجين دون الحصول على مو افقة مسبقة من الزوج اآلخر؟ وهل
يمكن اتخاذ اإلجراءات التحفظية بمناسبة دعوى اقتسام األموال المكتسبة أثناء الزواج :مكنة
إجراء تقييد احتياطي أوحجزتحفظي من طرف ر افع الدعوى ؟ وهل يجوزالطعن في البيع المنجز
من طرف الزوج الغير مقيد بالرسم العقاري ؟ وما هي آثار الحكم باالقتسام على العقود الجارية
المبرمة من أحد الزوجين؟
أسئلة سنحاول مقاربتها في هذا المبحث ،من خالل مطلبين ،نعالج في أولهما اإلشكاالت
المسطرية في دعاوي اقتسام األموال ،وفي ثانيهما شروط و آثار اقتسام األموال المكتسبة أثناء
الزواج.
P 656 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
سؤال جوهري يؤطر المنازعات المتعلقة باقتسام األموال المكتسبة بين الزوجين أثناء
الزواج يرتبط بتحديد املحكمة املختصة بذلك نوعيا ،هل هي املحكمة االبتدائية صاحبة الوالية
العامة أم قسم قضاء األسرة أم املحكمة التجارية في الحالة التي يكون فيها الزوجان مكتسبين
لصفة التاجر؟ وهل يؤثر رفع الدعوى من طرف غير الزوجين على تحديد جهة االختصاص؟
(الفقرة األولى).
و إلى جانب اإلشكال المتعلق باالختصاص النوعي ،فإنه يبقى من أهم اإلشكاالت التي تثارفي
المنازعات المتعلقة باألموال المكتسبة أثناء الزواج هو إشكال اإلثبات ،و هو إشكال دقيق و هام
،ألن انعدام اإلثبات يهدر الحماية المقررة للحق ،و لهذا يقال إنه يستوي حق معدوم و حق ال
إثبات له ،لهذا يكون من المفيد تحديد وسائل اإلثبات المقبولة في المنازعات موضوع
المناقشة( الفقرة الثانية).
الفقرة األولى :املحكمة املختصة نوعيا بنظردعاوي اقتسام األموال المكتسبة أثناء الزواج
القاعدة في االختصاص النوعي بشكل عام هو اعتباراملحكمة االبتدائية الجهة ذات الوالية
العامة في المنازعات ،1154و يخرج من واليتها ما تم التنصيص عليه بنص خاص كما هو األمر
بالنسبة للمادة الخامسة من قانون املحاكم التجارية و المادة الثامنة من قانون إحداث املحاكم
اإلدارية ،و مع ذلك فإنه يجب التوقف جيدا عند التمييز ما بين فكرتي االختصاص و التوزيع
الداخلي للعمل باملحاكم ،ذلك أنه ال يمكن الحديث عن اختصاص داخل املحكمة الواحدة ،وهو
األمر الذي جعل المشرع يقرر قاعدة ضابطة لتوزيع العمل الداخلي للمحكمة بين الهيئات
القضائية املختلفة ،حيث يمكن ألي هيئة داخل املحكمة عرضت عليها القضية أن تبت فيها ،مع
مراعاة بعض االستثناءات التي منها ما يدخل ضمن االختصاص الحصري لقسم قضاء األسرة،
إذ ال يمكن ألي هيئة داخل املحكمة االبتدائية أن تبت فيه ،و مرجعية ذلك هو المنع المضمن في
الفصل 2من قانون التنظيم القضائي الذي ينص على أنه ":تتألف املحاكم االبتدائية من ...
1154ـ نص على مبدأ الوالية العامة للمحكمة االبتدائية كل من الفصل 1من الظهير المتعلق بالتنظيم القضائي كما
وقع تغييره وتتميمه ،والفصل 42من ق.م.م كما وقع تعديله بمقتضى القانون 40-31هذا األخير الذي أصبح ينص
على ما يلي ":تختص المحاكم االبتدائية مع مراعاة االختصاصات الخاصة المخولة إلى أقسام قضاء القرب بالنظر
في جميع القضايا المدنية وقضايا األسرة والتجارية واإلدارية واالجتماعية ابتدائيا وانتهائيا ،أو ابتدائيا مع حفظ حق
االستئناف".
P 657 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
يمكن تقسيم هذه املحاكم بحسب نوعية القضايا التي تختص بالنظر فيها إلى "أقسام
قضاء األسرة" 1155و"أقسام قضاء القرب" ،وغرف مدنية وتجارية وعقارية واجتماعية وزجرية.
تنظر أقسام قضاء األسرة في قضايا األحوال الشخصية والميراث والحالة المدنية وشؤون
التوثيق والقاصرين والكفالة وكل ما له عالقة برعاية وحماية األسرة.
...يمكن لكل غرفة أن تبحث وتحكم في كل القضايا المعروضة على املحكمة كيفما كان
نوعها باستثناء ما يتعلق بأقسام قضاء األسرة و أقسام قضاء القرب".
و النزاع المتعلق باقتسام األموال المكتسبة بين الزوجين أثناء قيام العالقة الزوجية هي
منازعة تتعلق بقضايا األحوال الشخصية التي يختص بها قسم قضاء األسرة ،مادام أنها تتفرع
عن االلتزامات الناتجة عن العالقة الزوجية ،و ما دام أن المعتبر فيها هو صفة الزوجين ال أية
صفة أخرى ،و اعتبارا لذلك فإذا قدمت الدعوى أمام هيئة أخرى من هيئات املحكمة االبتدائية
تعين عليها أن ترفع يدها عن الملف و تحيله على السيد رئيس املحكمة إلحالته على الجهة ذات
والية النظرو هي قسم قضاء األسرة ،كما أنه ال مجال للحديث عن انعقاد االختصاص للمحكمة
التجارية و لو تعلق األمر بحالة زوجين تاجرين ،ألن اإلطار الذي ترفع فيه الدعوى موضوع
المناقشة هو العالقات المالية بين زوجين بصفتهما هاته ال بصفتهما تاجرين.
و إذا كان هذا هو المبدأ العام في االختصاص النوعي بشأن منازعات اقتسام األموال
المكتسبة بين الزوجين أثناء قيام العالقة الزوجية ،فإنه يستنى من ذلك النزاعات المرفوعة من
الغير للمطالبة بحقوقه المالية مطالبا بحقوقه في مواجهة أحد الزوجين مع تمديد أثار التنفيذ
في مواجهة الزوج اآلخر إعماال للذمة المشتركة بينهما ،فهذه الدعوى ال ترفع أمام قسم قضاء
األسرة ،النتفاء ضابط اختصاصها المتمثل في صفة أطراف الدعوى الذي ليس زوجا في هذه
الفرضية ،علما أن اختصاص قسم قضاء األسرة هو اختصاص حصري وفق ما سبق تفصيله ،و
بالتالي يتعين الرجوع إلى القواعد العامة لالختصاص ،مما يعني انعقاده للمحكمة االبتدائية في
إطارمبدأ الوالية العامة ،وللمحكمة التجارية إذا تعلق األمربحالة من الحاالت الحصرية املحددة
في المادة الخامسة من قانون املحاكم التجارية.
-1155تم تغيير وتتميم الفقرة الثانية من الفصل 2أعاله بمقتضى المادة الفريدة من القانون رقم 43.03الصادر بتنفيذه
الظهير الشريف رقم 4.01.21بتاريخ 42من ذي الحجة 3( 4121فبراير )2001؛ الجريدة الرسمية عدد 1421
بتاريخ 41ذو الحجة 1( 4121فبراير ،)2001ص .111
P 658 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
الفقرة الثانية :ضوابط اإلثبات في دعاوي اقتسام األموال المكتسبة أثناء الزواج
القاعدة في اإلثبات هي أن اليمين على من ادعى ،واليمين على من أنكر ،وعليه فطالما أن
القاعدة في القانون المغربي هي استقالل الذمم المالية للزوجين ،فإنه على من ادعى قيام أموال
مشتركة أن يثبت ذلك بقبول قانونا ،ألن األموال التي بيد الزوج اآلخر ال تقع في قرينة االشتراك
افتراضا.
و هكذا ،فإما أن يوجد اتفاق مكتوب يتم الركون إلى مضمنه ،وفي هذه الحالة ال يطرح
كبير إشكال ،إذ تعتبر الوثيقة الكتابية هي الفيصل في تحديد ما يدخل و ما يخرج عن نطاق
االشتراك ،واعتبارا لذلك ،فإنه يجب االهتمام بمضمون الوثيقة املحررة في هذا الشأن وصياغتها
على نحو يبين بجالء نطاق االنفصال واالشتراك بين الزوجين ،وضوابط التوزيع ،على نحو يضمن
األمن التعاقدي.
غيرأن اإلشكال الذي يثارمن الناحية العملية هو أن كثيرا من األزواج يرفضون الخوض
في مناقشة موضوع األموال المشتركة عند إبرام عقد الزواج ،ألن الفكرة السائدة في المعتقد
االجتماعي أن الحديث عن الجوانب المالية عند إبرام عقد الزواج يشكل مساسا بعنصر الثقة
بين الطرفين.
وقد تنبه المشرع في المادة 49من مدونة األسرة لمكنة عدم اتفاق الزوجين حول طريقة
تدبير األموال المشتركة ،فنص على أنه في هذه الحالة يرجع إلى القواعد العامة ،والتي فسرها
العمل القضائي بأنها تعني تبني نظام حرية اإلثبات بشكل عام ،مهما كانت قيمة المال ،ولو كان
يزيد عن النصاب املحدد في الشهادة ،ولوكان األمريتعلق بعقار ،ألن قيام العالقة الزوجية تشكل
مانعا يحول أدبيا دون توثيق اتفاق توزيع األموال المشتركة ،و السند التشريعي في ذلك الفصل
441من ق ل ع الذي ينص على أنه :
- 2 ...إذا تعذرعلى الدائن الحصول على دليل كتابي إلثبات االلتزام كالحالة التي تكون
فيها االلتزامات ناشئة عن أشباه العقود وعن الجرائم أو أشباه الجرائم والحالة التي يراد فيها
إثبات وقوع غلط مادي في كتابة الحجة أو حالة الوقائع المكونة لإلكراه أو الصورية أو االحتيال
P 659 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
أو التدليس التي تعيب الفعل القانوني وكذلك األمربين التجارفيما يخص الصفقات التي لم تجر
العادة بتطلب الدليل الكتابي إلثباتها".
وعليه فيمكن إثبات المساهمة عن طريق شهادة الشهود و لو كان محلها يزيد عن
النصاب األعلى املحدد في قانون االلتزامات والعقود ،وهنا البد من التنبيه إلى أن محكمة النقض
اعتبرت أنه يشترط العتبار الشهادة حجة عاملة في إثبات المساهمة في تنمية األموال المشتركة
بين الزوجين توفرالمستند الخاص لدى الشاهد ،و ال يكفي اعتماد أن يكون مستند علم الشاهد
عاما مبنيا على املخالطة واملجاورة وشدة االطالع على األحوال ،و قد علت محكمة النقض قرارها
كما يلي:
" لكن وفضال على أن الحجزالتحفظي المتمسك به من طرف الطالبة في الوسيلة الثالثة
ال تأثير له على الدعوى الحالية من حيث اإلثبات ،فإن الثابت من القرار المطعون فيه أن
املحكمة مصدرته عللت قضاءها بما يلي " :و حيث لم يثبت أي اتفاق مسبق بين الطرفين بشأن
استغالل أموال مشتركة بينهما ،و أن األصل في الفقه اإلسالمي هو استقالل الذمم ،و تبت
بموجب اللفيف المنجز من طرف المسأنفة إلثبات المساهمة في بناء الدار موضوع النزاع أن
الطاعنة دون مهنة و مشرفة على بيتها و أن فاقد الش يء ال يعطيه ،و أن موجب المساهمة المدلى
به غير معتبر لعدم إثبات المشاركة المادية و الفعلية في إنجاز المال المشترك ،عالوة على خلوه
من المستند الخاص عن العلم ألن المستأنفة لم تدل بأي دليل يثبت مساهمتها المادية في
ممتلكات المستأنف عليه ،و تبث من جواب السيد املحافظ على األمالك العقارية بالقنيطرة أن
ثمن المبيع موضوع هذا العقارتم من جانب المستأنف عليه على أقساط ،و كذا الشأن بالنسبة
لألحداث الو اقعة عليه ،و أن الزواج و الطالق ال يستتبع التملك على الشياع في مال الزوجين،
وأن الخروقات المشتكى منها من لدن الطاعنة مجرد زعم غيرمعززبأي دليل " .1156
أدى القصور التشريعي في تنظيم موضوع األموال المشتركة بين الزوجين إلى فراغ تشريعي
بخصوص عدة نقط فرعية ترتبط بالموضوع ،وخاصة منها ما يرتبط بطبيعة المساهمة المعتبرة
ـ ـ قرار محكمة النقض عدد 511.بتاريخ 1111/61/61في الملف عدد 5.31/6/./1113ـ منشور بمجلة 1156
P 660 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
في تشكيل وعاء األموال موضوع طلب االقتسام بين الزوجين ،وهل يدخل العمل المنزلي ضمن
ذلك (الفقرة األولى).
فإذا ما تأكدت املحكمة من مساهمة أحد الزوجين في تنمية أموال الزوج اآلخر ،فإنها تعمل
سلطتها التقديرية في توزيع تلك األموال عينا بين الزوجين ،وال تنتقل للتعويض إال متى تعذرالخيار
األول (الفقرة الثانية).
إن الش رط األساس ي المعتبر القتسام األموال المشتركة هو وجود أمال مشتركة قام
الزوجان بتنميتها خالل فترة الزواج ،ومن الناحية العملية نكون أمام فرضيتين ،أولهما وجود
اتفاق بين الزوجين حول طريقة تدبير تلك األموال ،إذ هنا يكون االتفاق بمثابة اإلطار المرجعي
المعتبر في تحديد وعاء األموال المشتركة و معايير االقتسام ،وثانيهما حالة عدم وجود اتفاق بين
الزوجين حول طريقة تدبير األموال المشتركة ،وهنا ـ و طبقا للمادة 49من مدونة األسرة ـ ـ يرجع
إلى القواعد العامة إلثبات املجهود المبذول من طرف كل واحد منهما في تدبير و تنمية األموال
المشتركة.
و السؤال الذي يطرح هنا هو تحديد طبيعة املجهود المعتبربمثابة مساهمة في تنمية أموال
األسرة ؟ بمعنى هل يجب أن يكون مضمون المساهمة ذا طبيعة عينية أو نقدية أم يمكن أن
تكون عمال؟ أي هل يمكن اعتبارالعمل المنزلي 1157بمثابة مساهم في تنمية أموال األسرة ؟
ال إشكال إذا ما أثبت الزوج المدعي مساهمته نقدا أو عينا في تنمية أموال الزوجية
المشتركة ،إذ إثباته ذلك يبررالحكم له بنصيبه في المساهمة ،جاء في قرارملحكمة النقض ما يلي:
" لكن حيث إن مقتضيات الفقرة األخيرة من المادة 49من مدونة األسرة نصت على أنه
يحق للمحكمة مراعاة عمل كل واحد من الزوجين و ما قدمه من مجهودات و ما تحمله من أعباء
لتنمية أموال األسرة ،و املحكمة االبتدائية لما أجرت بحثا في القضية استمعت خالله إلى
مجموعة من الشهود أكدوا على أن الطاعن كان يسكن مع المطلوبة في منزل زوجها مجانا لمدة
ثماني سنوات ،و أن هذا األخيرساعد في بناء المنزل موضوع النازلة ،و أن المطلوبة كانت تشتغل
ـ يراد بالعمل المنزلي مجموعة األعباء والمجهودات والخدمات البيتية الشاقة المتكررة ،والنتيجة التي 1157
تؤديها الزوجة لفائدة الزوج واألسرة لمدة غير محددة بدون مقابل والتي من شأنها أموال الزوج وتراكمها.
P 661 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
كطباخة في األعراس و األفراح ،و تتقاض ى عن ذلك مبالغ مالية تتراوح ما بين 511و ألف درهم ،
و اعتبرت تبعا لذلك أن المطلوبة ساهمت في ثروة زوجها ،وتستحق عن ذلك جزءا من ثروته،
والذي حددته في الثلث تكون قد استعملت سلطتها في تقدير الحجج ،وبنتها على المعطيات
السالف ذكرها ،و طبقت مقتضيات المادة املحتج بها تطبيقا سليما ،وجاء بذلك قرارها سليم
التعليل " .1158
أما بشأن الشق الثاني من السؤال والمتعلق بمدى اعتبارالعمل المنزلي بمثابة مساهمة في
تنمية األموال المشتركة فتتقاسمه اتجاهات متضاربة فقهية و قضائية ،فاتجاه يذهب إلى عدم
االعتداء بالخدمة البيتية في مسألة تنمية األموال المكتسبة ألنه ال يدخل ضمن العمل المكسب
و المنتج ،إذ ليست له أي قيمة اقتصادية و ال يمكن تقويمه ماديا ،فهو مجرد مهام طبيعية تقوم
بها المرأة ،كاألكل والشرب والتنظيف و االعتناء باألطفال ،ومن خصائصه املجانية واالحتجاب،
و من تم ال تستحق عنه شيئا.1159
و تطبيقا لهذا الرأي جاء في قرارملحكمة االستئناف بأكادير " :حيث ثبت للمحكمة من
خالل دراستها للملف أن مآخذ الطاعنة على الحكم المستأنف غير جدير باالعتبار ،ذلك أن
األصل في النظام المالي للزوجين في الشريعة اإلسالمية هو أن لكل واحد منهما ذمة مالية مستقلة
عن اآلخر ،و أن الطاعنة تقرفي مقالها بأن الزوج عامل بالمهجر ،و أن المال ماله و لم تدع أن لها
مال مستقل ساهمت به في تكوين الثروة ،وأن اللفيف المدلى به لم يبين مدى مساهمتها في تنمية
مال الزوج ،و أن مجرد إدارة األصول ال يدخل ضمن الكد والسعاية و إنما يمكن إدماجه ضمن
العمل العادي الواجب على الزوجة في إطار اإلشراف على البيت و تنظيم شؤونه ،وإال كان عليها
المطالبة بأجرة التسي ير إن كان لها محل ،وليس المطالبة بنصف تلك األموال ،الش ئ الذي
يحصن ما قض ى به الحكم المستأنف مصادفا للصواب ،و يتعين تأكيده " .1160
وفي نفس السياق جاء في قرارملحكمة االستئناف بالدارالبيضاء ما يلي ":وحيث إنه بالرجوع
إلى وثائق الملف يتضح أن الزوجة كانت فقط ربة بيت وال دليل على أنها قدمت مجهودا أوتحملت
1158ــ قرار محكمة النقض عدد .79بتاريخ 11/19/1117في الملف الشرعي عدد 11./1/6/1111ـ القضاء
و القانون ـ ـ عدد . 6.3
-1159محمد مومن ،م س ،ص 421
1160ـ قرار محكمة االستئناف بتاريخ 6./19/111.في الملف عدد 1115/35.ـ منشور بالمنتقى من عمل
القضاء في تطبيق مدونة األسرة ـ الجزء األول ـ عدد 61ـ فبراير 1119ـ ص . 31
P 662 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
عبئا لتنمية أموال األسرة و خاصة العقاراملحكوم بقسمته مناصفة بين الطرفين ،واملحكمة لما
اعتمدت على شهادة والدة المستأنف عليها وعللت بطول المدة و قيم العدل و اإلنصاف و
أرجعت التقديرلسلطتها تكون قد أبعدت مقتضيات المادة 49من مدونة األسرة عن التطبيق و
لم تجعل لحكمها أساسا فيما قضت به ،مما يتعين إلغاءه و الحكم برفض الطلب " .1161
و اتجاه آخر يرى أنه يجب االعتراف بالعمل المنزلي كقيمة اقتصادية ،و يبنون قولهم
انطالقا من أن األعمال المنزلية ال تدخل في الواجبات للزوجية ،و من تم يجب أن تحصل الزوجة
على مقابلها عند وفاة الزوج أو في حالة الطالق و غيرهما نزوال عند مبادئ العدل و االنصاف ،و
انطالقا كذلك من قاعدة المساواة بين الزوجين في األعباء و االلتزامات و الحقوق ،1162و يضيف
آخرون أنه ليس هناك أي نص في الشريعة اإلسالمية يلزم الزوجة بخدمة الزوج ،و إنما ذلك أمر
تقوم به باختيارها حسب القواعد المقررة في الفقه المالكي.
و هذا التفسير ينسجم و روح المادة 49من مدونة األسرة ،فالفقرة األخيرة تنص حرفيا
على ما يلي " :إذا لم يكن هناك اتفاق فيرجع للقواعد العامة لإلثبات ،مع مراعاة عمل كل واحد
من الزوجين وما قدمه من مجهودات و ما تحمله من أعباء لتنمية أموال األسرة " .
و يجب التوقف عند مالحظة أساسية مناقشة الصيغة في البرلمان تم إقرار صياغة " ما
تحمله من أعباء " باعتبارها تستغرق " العمل المنزلي " ،إذ جاء في جواب السيد وزير العدل " :
إن عدم التنصيص و اإلسهامات التي تتحملها الزوجة في البيت ال يعني أنها ال تدخل في مضمون
التحمالت و األعباء المنصوص عليها في المادة 49من م س ،بل إن هذه المادة في صيغتها
الجديدة بعبارة أعم و أشمل و ذلك في إطار تقرير مبدأ المساواة بين الرجل و المرأة كما أقره
مشروع المدونة".
يترتب على ثبوت مساهمة أحد الزوجين في تنمية أموال األسرة حقه في الحصول على
نصيب منها يتالءم و نسبة مساهمته في تنمية تلك األموال ،وهذه النسبة مستقلة عن الحق
1161ـ قرار محكمة االستئناف بالدار البيضاء عدد 1716بتاريخ 67/61/1117في الملف عدد 6.11/1117
ـ ـ غير منشور.
-1162محمد اكديد و عبد اإلله لحكيم بناني ،المقتضيات الجديدة لمدونة األسرة ،جمعية نشر المعلومة القانونية و القضائية ،ع ،1ط ،4
،2001ص 22و .22
P 663 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
الثابت للزوجة في الحصول على المتعة ضمن مستحقاتها المترتبة عن إنهاء الرابطة الزوجية ،و
لذلك ،ال نتفق مع بعض العمل القضائي الذي يخلط بين اقتسام األموال وحق الزوجة في
المتعة ،من ذلك ما جاء في قرارملحكمة االستئناف بأكاديرما يلي:
" حيث إن المستأنفة الفرعية تمسكت بالمادة 49من مدونة األسرة ،إال أنها لم تدل بأية
وثيقة تدعيما لقولها ،على اعتبارأن الذمة المالية لكل من الزوج والزوجة هي مستقلة عن اآلخر،
ولم تدل بما يثبت قدرمساهمتها في نمو ثروة الزوج ،ومع ذلك فإن املحكمة لما تكون بصدد فرض
متعة الزوجة عند الطالق فإنها تراعي كل الجوانب بما في ذلك مساهمة الزوجة في تنمية تلك
الثروة ،واملحكمة تعتبر أن ما حدد للزوجة من نفقة و متعة روعي عند تحديدها كل المعطيات
السالفة الذكر ،وتكون قد أنصفت الزوجة فيما لحقها من ضرر بسبب تعسف زوجها في إيقاع
الطالق " .1163
فنحن ال نتفق مع هذا الرأي ،و ال نؤيده ،و ال نراه صوابا ،ألن األخذ به يؤدي إلى نتيجة
خطيرة و هي حرمان الزوجة من حقوقها في األموال المشتركة ،مؤيدنا في ذلك أن المتعة مختلفة
عن األموال المكتسبة أثناء الزواج ،فالفقرة األولى من المادة 14من مدونة األسرة تنص على ما
يلي:
" تشمل مستحقات الزوجة :الصداق المؤخر إن وجد ،ونفقة العدة ،والمتعة التي يراعى
في تقديرها فترة الزواج والوضعية المالية للزوج ،وأسباب الطالق ،ومدى تعسف الزوج في توقيعه
".
و عليه ،فإذا أثبت أحد الزوجين مساهمته في تنمية األموال المشتركة أثناء الزواج ،ثبت
له الحق في المطالبة بنصيبه منها عينا ،ألن األصل في االلتزام أن ينفذ عينا ،و لذلك يتعين عند
ثبوت مساهمة أحد الزوجين في تنمية أموال األسرة أن يقض ى له بنصيب من تلك األموال،
واعتبارا لذلك درج العمل القضائي ألغلب املحاكم على تحديد نسبة في المال المكتسب تنسجم
و حجم مساهمة الزوج اآلخرفي تنمية أموال األسرة.
1163ـ قرار محكمة االستئناف بأكادير بتاريخ 17/13/1165في الملف عدد 671/1165ـ ـ غير منشور.
P 664 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
وعند تفويت األصول من طرف الزوج اآلخر فإنه يحكم للآلخر بتعويض ،حيث نكون
والحالة هاته أمام حالة من حاالت تعذرتنفيذ االلتزام األصلي ،و هنا يسارإلى التعويض ،كتطبيق
من تطبيقات التنفيذ بمقابل.
واعتبرت محكمة النقض في توجهات قارة ومتواثرة أن تحديد نسبة المساهمة هو مما
تستقل به محكمة الموضوع و ال رقابة عليها من طرف محكمة النقض بشرط أن تحترم ضوابط
التعليل.
و تأسيسا على هذه القواعد الثابتة في مجال تنفيذ االلتزامات التعاقدية يكون قضاء
املحكمة بالتعويض بالتعويض والحال أن األصول قائمة و ال دليل على التصرف فيها غير مبني
على أساس صحيح من القانون ،فقد جاء في حكم البتدائية مكناس أثبتت المساهمة ،و انتهت
إلى الحكم بالتعويض " :حيث إن املحكمة و بعد استئناسها بما راج أمامها ،وبعد تفحص جميع
الوثائق المدلى بها ،و إعمالها للسلطة التقديرية املخولة في الموضوع ،فقد ارتأت تحديد نصيب
المطلقة في األموال المكتسبة لمطلقها في مبلغ مالي نقدي قدره .1164 ".....
و محكمة النقض في إطار حرصها على التطبيق السليم للقانون اعتبرت أنه من حق
الزوج اآلخر الحصول على نصيبه عينا ،و نطاق إعمال هذا المبدأ عام يسري أيا كانت طبيعة
المال المشترك ،و هو ما يعطي مكنة التشطيب على الشخص المقيد بالرسم العقاري في إطار
اقتسام األموال المشتركة ،فقد اعتبرت محكمة النقض في قرار لها بتاريخ 26/19/2117تحت
عدد 479في الملف الشرعي عدد 624/2/1/2116أن العقار الدائر حوله النزاع هو عقار محفظ
،و أن اسم المدعى عليه هو المسجل بالرسم العقاري بصفته المالك الوحيد ،و من تم ال تأثير
لما تدعيه طالبة النقض في استحقاقها لنصف قيمة العقار المدعى فيه ما دامت غير مسجلة
على الشياع في الرسم العقاري تطبيقا لألحكام الواردة في القانون المتعلق بالتحفيظ العقاري
،1165و هو التوجه الذي تتبناه أغلب محاكم الموضوع ،بحيث ال تأخذ بحجية بيانات الرسم
العقاري.
خاتمة:
1164ـ حكم ابتدائية مكناس في الملف عدد 361/1113بتاريخ 17/19/1117ـ غير منشور.
1165ـ قرار محكمة النقض بتاريخ 11/19/1117تحت عدد .79في الملف الشرعي عدد 11./1/6/1111ـ ـ
غير منشور.
P 665 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
حاولنا على امتداد صفحات هذه المقال أن نأصل لموضوع ذي أهمية كبرى في العمل
القضائي ،ألنه يتصل بصميم المنازعات األسرية ،في بعدها الخاضع للقانون الوطني ،وفي بعدها
الدولي اعتبارا لتعدد حاالت الزواج املختلط ،خاصة و أنه يتم التعامل معه بشكل خاطئ و
بمنطق اجتماعي بعيدا عن المقاربة القانونية ،و قد خلصنا إلى أن القصوريبقى السمة المميزة
للتنظيم التشريعي لألموال المكتسبة أثناء الزواج ،فمدونة األسرة تناولته في مادة فريدة و هي
المادة ، 49و التي لم تعالج تفصيالت النظام المالي للزواج ،و محدداته ،و اكتفت بإعادة تكريس
القاعدة المعمول بها من قبل و هي استقالل الذمم المالية للزوجين ،مع إعادة كتابة قاعدة
أصيلة في نظرية العقد و هي العقد شريعة المتعاقدين ،من خالل إعطاء الزوجين مكنة االتفاق
على ما يخالف ذلك ،و هذا بطبيعة الحال ال يمكن اعتباره مستجدا ،الكتفاء المشرع بترديد
قاعدة عامة منصوص عليها في قانون االلتزامات و العقود منذ سنة ،1913ليبقى المستجد
الوحيد هو مراعاة جهود كل من الزوجين في حالة عدم وجود اتفاق ،دون أية تفاصيل ،و هو ما
فتح نقاشات كبرى على الصعيدين الفقهي و القضائي.
و األكيد ،أن ما أثرته من مالحظات و اجتهادات ،سيسلط الضوء على موضوع ذي أهمية و
راهنية ،و سيكون بمثابة حافز للتدبر و التفكير في إعادة النظر في التنظيم التشريعي لموضوع
األموال المشتركة بين الزوجين ،بشكل أدق و بتفصيل أكبر ،وهي مناسبة للدعوة إلى تجويد اإلطار
التشريعي المنظم للنظام المالي للزوجين ،في إطارتصورحقوقي يؤمن مركزالزوجين بتمييزإيجابي
لفائدة الزوجة.
الئحة المراجع:
عبد الرزاق السنهوري ،مصادر الحق في الفقه اإلسالمي ،الجزء األول ،املجمع العلمي
العربي اإلسالمي منشورات حمد الداية ،بيروت لبنان ،الجزء األول.
الحسين الملكي :الحقوق المالية للمرأة ـ نظام الكد والسعاية ـ الجزء األول ـ مطبعة
البيضاوي ـ الرباط ـ .2111
عمر المزكلدي ،حق الكد والسعاية ـ محاولة في التأصيل ـ بحث في إطار دبلوم الدراسات
العليا المعمقة ـ كلية الحقوق أكدال ـ .2116
P 666 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
محمد أقاش :النظام المالي للزوجين على ضوء مدونة األسرة ـ بحث لنيل دبلوم الدراسات
العليا المعمقة ـ كلية الحقوق فاس.
المدونة الكبرى إلمام مالك برواية سحنون من مقدمات ابن رشد ،ج .4
قرار محكمة النقض عدد 566بتاريخ ،2111/11/13في الملف عدد 21ـ 12ـ 11ـ ،2117
منشور بنشرة قرارات املجلس األعلى ـ غرفة األحوال الشخصية و الميراث ـ الجزء 4ـ سلسلة 2ـ
2111ـ مطبعة األمنية ـ الرباط ـ ص .36
قرار محكمة االستئناف بتاريخ 14/19/2114في الملف عدد 2113/534ـ منشور بالمنتقى
من عمل القضاء في تطبيق مدونة األسرة ـ الجزء األول ـ عدد 11ـ فبراير 2119ـ ص .56
قرار محكمة االستئناف بالدار البيضاء عدد 2761بتاريخ 17/12/2117في الملف عدد
1412/2117ـ غيرمنشور.
محمد اكديد و عبد اإلله لحكيم بناني ،المقتضيات الجديدة لمدونة األسرة ،جمعية نشر
المعلومة القانونية و القضائية ،ع ،4ط .2114 ،1
قرار محكمة االستئناف بأكادير بتاريخ 27/15/2113في الملف عدد 176/2113ـ ـ غير
منشور.
P 667 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
قرار محكمة النقض بتاريخ 26/19/2117تحت عدد 479في الملف الشرعي عدد
624/2/1/2116ـ غيرمنشور.
P 668 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
مقاالت وأبحاث
قانونية وقضائية باللغة
الفرنسية
P 669 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
Dr Mohammed BOULGHALAGH
Professeur habilité à la Faculté des sciences juridiques, économiques et
sociales, Souissi – Rabat Maroc
1166
l’Assemblée Générale des Nations Unies a adopté, lors de sa soixante-dixième session tenue en date
du 25 septembre 2015, consacrée au programme de développement pour l’après-2015, un programme
(2015-2030) relatif au cadre mondial de travail basé sur la mise en œuvre de 17 objectifs de
développement durable (ODD) déclinés en 169 cibles (résolution n°70/1 de l’Assemblé Générale des
Nations Unies).
P 670 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
P 671 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
P 672 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
P 673 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
P 674 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
P 675 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
1167
Rapport thématique de la cour des comptes sur : L’état de préparation du Maroc pour la mise en œuvre des
objectifs de développement durable 2015-2030, janvier 2019.
1168
Dahir n° 1.11.91 du 27 Chaabane 1432 (29 juillet 2011) portant promulgation du texte de la constitution publié
au Bulletin officiel n° 5964 bis du 28 chaabane 1432 (30/07/2011).
P 676 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
P 677 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
P 678 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
1169
Dahir n° 1-03-194 du 14 rejeb (11 septembre 2003) portant promulgation de la loi n° 65-99 relative au Code du
Travail publié au B.O.n° 5210 du 16 rabii I 1425 (6 mai 2004).
P 679 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
1170
Pour d’amples information voir Dahir n°1-15-85 du 20 ramadan 1436 (7juillet 2015) portant promulgation de la
loi organique n°113-14 relative aux communes Bulletin Officiel N° 6440 du 09 Joumada I 1437 (18 Février 2016), Dahir
n° 1-15-84 du 20 ramadan 1436 portant promulgation de la loi organique n° 112-14 relative aux préfectures et
provinces. (B.O. n° 6440 du 18 février 2016) et Dahir n° 1-15-83 du 20 ramadan 1436 (7 juillet 2015) portant
promulgation de la loi organique n° 111-14 relative aux régions promulguée par le (BO n°6440-3 du 18 Février 2016).
P 680 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
P 681 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
1171
En juin 1992, à Rio de Janeiro (Brésil), la Conférence des Nations Unies sur l'environnement
et le développement -- connue sous le nom de Sommet "planète Terre" - a adopté une déclaration consacrant
la responsabilité des pays dans le domaine de l'environnement. Elle a mis en relation la détérioration de
l'environnement, notamment de sa capacité à entretenir la vie, et l'interdépendance de plus en plus manifeste
entre le progrès économique à long terme et la nécessité d'une protection de l'environnement.
P 682 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
P 683 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
1172
Dans son rapport 2018, l’organisation de lutte contre la corruption Transparency International a classé
le Maroc au 73e rang sur 180 pays dans l’indice de perception de la corruption.
https://www.h24info.ma/maroc/corruption-le-maroc-gagne-huit-places-au-classement-annuel-de-
transparency/
P 684 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
P 685 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
1173
https://www.iso.org/fr/iso-14001-environmental-management.html.
P 686 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
P 687 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
Le code du travail par ses articles 281 à 303 établit une panoplie
de mesures destinées à assurer un milieu du travail sain et à réaliser
les conditions pour un travail décent.
Les locaux du travail doivent présenter les conditions générales
d’hygiène et de salubrité dont l’éclairage, le chauffage, l’aération,
l’insonorisation, l’évacuation des poussières. Les locaux doivent
être aménagés de manière solide et être pourvus de toilette, de
sanitaires et de réfectoires.
S’agissant de la préservation de la santé des travailleurs, le code
du travail marocaine impose la création d’un service médical dans :
2) les entreprises industrielles, commerciales et d’artisanat ainsi
que les exploitations agricoles et forestières et leurs dépendances
employant 50 salariés au moins;
1) les entreprises industrielles, commerciales, d’artisanat ainsi
que les exploitations agricoles et forestières et leurs dépendances
effectuant des travaux exposant les salariés aux risques de maladies
professionnelles telles que définies par la législation concernant la
réparation des accidents du travail et des maladies professionnelles.
Quant aux établissements occupant moins de 50 salariés, ils
doivent avoir soit des services médicaux du travail indépendants,
soit des services médicaux communs c'est-à-dire des services
interentreprises.
Le médecin du travail est lié à l’entreprise par un contrat du
travail. Il doit être spécialiste en médecine du travail, inscrit au
tableau de l’ordre des médecins et avoir l’autorisation d’exercer. Il
P 688 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
P 689 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
P 690 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
P 691 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
P 692 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
P 693 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
P 694 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
P 695 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
P 696 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
P 697 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
P 698 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
P 699 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
P 700 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
P 701 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
Dr BOUROUD Hanane
Doctorante en sciences économiques et de
gestion FSJES Oujda
P 702 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
1174
Philippe d’Iribane ,la logique de l’honneur ,édition du seuil .
P 703 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
1175
Direction régionale de l’industrie, de la recherche et de l’environnement.www.drire.gouv.fr
P 704 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
1176
Ph.K.Howardnthe death of common sense, warner books .
P 705 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
P 706 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
Alain martinez –Fortun manager la sécurité dans l’entreprise une volonté une culture des méthodes,
1177
P 707 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
P 708 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
P 709 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
P 710 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
P 711 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
P 712 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
Dr Yassine ABIBI
Doctorant en Droit Public à l’Université Mohamed V – Rabat - Faculté des
Sciences Juridiques,
Economiques et Sociales de Rabat – Agdal
P 713 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
وتنص.يعتبر فسخ الصفقات العمومية إجراء استثنائي يهدف إلى وقف تنفيذ الصفقة
وباعتباره.عليه البنود اإلدارية العامة كمالذ أخير لتنظيم العوائق والمضاعفات في هذا املجال
ً ً
يخضع الفسخ لرقابة القاض ي اإلداري أثناء،حساسا من أعمال السلطة العمومية عمال
، الفسخ، الصفقات العمومية: الكلمات المفتاحية.النزاعات المتعلقة بالصفقات العمومية
. اجتهاد قضائي إداري، مسطرة الفسخ،حاالت الفسخ
1178
Décret n° 2-22-431 de 8 mars 2023 relatif aux marchés publics, B.O n° 7184 du 6 avril 2023, p-p.913-
1000.
1179
Décret n° 2-14-394 du 13 mai 2016 approuvant le cahier des clauses administratives générales
applicables aux marchés de travaux (CCAGT), B.O n° 6470 du 2 juin 2016, p-p.858-887. Et Décret n° 2-
01-2332 du 4 juin 2002 approuvant le cahier des clauses administratives générales applicables aux marchés
P 714 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
de services portant sur les prestations d’études et de maîtrise d’œuvre passés pour le compte de l’Etat
(CCAG-EMO), B.O n° 5010 du 6 juin 2002, p-p.665-678.
1180
Article 69 du CCAG-T.
P 715 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
1181
Abdellatif EL CHEDDADI, « Droit des marchés publics », Imprimerie Slaiki Akhawayne, Tanger,
2022, p.405.
1182
TA Agadir, 29 octobre 2995, Bouarsa, Source : Tribunal Administratif d’Agadir.
1183
Cour de cassation (Chambre administrative), Arrêt n° 788 du 14/11/1996, Dossier n° 887/1996
www.jurisprudence.ma (Réf 20676) Consulté le 13/10/2023.
1184
، ش1001/312 ملف عدد،1001/02/03 بتاريخ،1001/106 حكم عدد،المحكمة اإلدارية بأكادير
https://adala.justice.gov.ma .1013/20/22 تاريخ زيارة الموقع
P 716 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
1185
"قضاء محكمة: منشور في،1021/1/2/1012 ملف إداري عدد،1010/06/13 الصادر بتاريخ،2/120 القرار رقم،محكمة النقض
.10-22.ص- ص،1011 ، مطبعة األمنية الرباط،31 سلسلة دفاتر محكمة النقض العدد،"النقض في الصفقات العمومية
، ش ع2326/06 ملف إداري عدد،1001/03/22 الصادر بتاريخ،222 حـكـم رقم،المحكمة اإلدارية بالرباط1186
.1013/20/22 تاريخ زيارة الموقعhttps://adala.justice.gov.ma
1187
Abdelhamid ZOUBAA, « Le régime juridique des marchés publics », Librairie Dar Assalam, éd. 1ere,
Rabat, 2011, p.171.
P 717 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
"قضاء محكمة: منشور في،1021/1/2/1112 ملف إداري عدد،1010/06/13 الصادر بتاريخ،2/112 القرار رقم،محكمة النقض1188
.211-262.ص- ص،1011 ، مطبعة األمنية الرباط،31 سلسلة دفاتر محكمة النقض العدد،"النقض في الصفقات العمومية
1189
Abdelhamid ZOUBAA, Op. Cit, p.17.
1190
Annexe 2 et annexe 3 du Décret n° 2-22-431 de 8 mars 2023 relatif aux marchés publics.
P 718 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
1191
Articles 7 et 8 du Décret n° 2-22-431 de 8 mars 2023 relatif aux marchés publics.
"قضاء محكمة: منشور في،1022/1/2/2221 ملف إداري عدد،1010/22/03 الصادر بتاريخ،2/232 القرار رقم،محكمة النقض1192
.211-212.ص- ص،1011 ، مطبعة األمنية الرباط،31 سلسلة دفاتر محكمة النقض العدد،"النقض في الصفقات العمومية
P 719 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
1193
Article 40 du CCAGT.
1194
Article 48 du CCAGT et article 27 du CCAG-EMO.
،1002/2/2/1211 ملف إداري عدد،1001/01/10 الصادر بتاريخ،233 القرار رقم،محكمة النقض1195
.1013/20/22 تاريخ زيارة الموقعhttps://juriscassation.cspj.ma
1196
Article 49 du CCAGT et article 28 du CCAG-EMO.
P 720 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
1197
Article 269 du Dahir formant code des obligations et des contrats, B.O n° 46 du 11 septembre 1913, p-
p.78-271, tel qu’il a été modifié et complété.
1198
Article 47 du CCAGT et article 32 du CCAG-EMO.
1199
Cour de cassation (Chambre administrative), Arrêt n° 241 du 27/02/2008, Dossier n° 59/07/7
www.jurisprudence.ma (Réf 21872) Consulté le 12/10/2023.
1200
"قضاء محكمة: منشور في،1021/1/2/1122 ملف إداري عدد،1010/21/12 الصادر بتاريخ،2/612 القرار رقم،محكمة النقض
.361-366.ص- ص،1011 ، مطبعة األمنية الرباط،31 سلسلة دفاتر محكمة النقض العدد،"النقض في الصفقات العمومية
P 721 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
1201
Ibidem.
1202
Tribunal administratif d’Agadir, Jugement n° 2123/96du 23/22/2996, www.jurisprudence.ma (Réf
21833) Consulté le 12/10/2023. Et Cour de cassation (Chambre administrative), Arrêt n° 3/2 du 05/01/2017,
Dossier n° 2803/4/1/2015 www.jurisprudence.ma (Réf 21795) Consulté le 12/10/2023.
1203
Abdellatif EL CHEDDADI, Op. Cit., p.311.
1204
Article 50 du CCAGT et article 29 du CCAG-EMO.
P 722 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
1205
Article 51 du CCAGT et article 30 du CCAG-EMO.
1206
Article 48 du CCAGT et article 27 du CCAG-EMO. Voir également : Articles 586 et 652 de la loi n°
15-95 formant code de commerce, B.O n° 4418 du 3 octobre 1996, p-p.568-634, tel qu’il a été modifiée et
complétée.
1207
Article 54 du CCAGT.
P 723 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
1208
Article 58 du CCAGT.
"قضاء محكمة: منشور في،1021/1/2/3123 ملف إداري عدد،1010/01/22 الصادر بتاريخ،2/302 القرار رقم،محكمة النقض1209
.260-226.ص- ص،1011 ، مطبعة األمنية الرباط،31 سلسلة دفاتر محكمة النقض العدد،"النقض في الصفقات العمومية
P 724 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
1210
Mohamed NABIH, « Droit des marchés publics : Aspects juridiques, financiers et contentieux »,
Konard-Adenauer-Stiftung, Rabat, 2014, p.274.
1211
Article 65 du CCAGT et article 42 du CCAG-EMO.
"قضاء محكمة: منشور في،1021/1/2/1322 ملف إداري عدد،1010/21/02 الصادر بتاريخ،2/601 القرار رقم،محكمة النقض1212
محكمة: و.112-161.ص- ص،1011 ، مطبعة األمنية الرباط،31 سلسلة دفاتر محكمة النقض العدد،"النقض في الصفقات العمومية
"قضاء محكمة النقض في: منشور في،1022/1/2/3261 ملف إداري عدد،1010/01/11 الصادر بتاريخ،2/312 القرار رقم،النقض
.362-321.ص- ص،1011 ، مطبعة األمنية الرباط،31 سلسلة دفاتر محكمة النقض العدد،"الصفقات العمومية
1213
Mohamed NABIH, Op. Cit., p.277.
P 725 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
1214
Article 67 du CCAGT.
1215
Article 79 du CCAGT et article 52 du CCAG-EMO.
P 726 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
"قضاء محكمة: منشور في،1010/2/2/2130 ملف إداري عدد،1010/20/10 الصادر بتاريخ،2/202 القرار رقم،محكمة النقض1216
محكمة: و.223-212.ص- ص،1011 ، مطبعة األمنية الرباط،31 سلسلة دفاتر محكمة النقض العدد،"النقض في الصفقات العمومية
"قضاء محكمة النقض في: منشور في،1021/1/2/2266 ملف إداري عدد،1022/06/23 الصادر بتاريخ،1/612 القرار رقم،النقض
.136-132.ص- ص،1011 ، مطبعة األمنية الرباط،31 سلسلة دفاتر محكمة النقض العدد،"الصفقات العمومية
، ش ع01/321 ملف إداري عدد،1021/21/06 الصادر بتاريخ،2206 حـكـم رقم،المحكمة اإلدارية بالرباط1217
.1013/20/22 تاريخ زيارة الموقعhttps://adala.justice.gov.ma
"قضاء محكمة: منشور في،1021/1/2/2601 ملف إداري عدد،1010/01/22 الصادر بتاريخ،2/21 القرار رقم،محكمة النقض1218
.311-362.ص- ص،1011 ، مطبعة األمنية الرباط،31 سلسلة دفاتر محكمة النقض العدد،"النقض في الصفقات العمومية
"قضاء محكمة: منشور في،1022/2/1/232 ملف إداري عدد،1010/21/12 الصادر بتاريخ،2/621 القرار رقم،محكمة النقض1219
.61-22.ص- ص،1011 ، مطبعة األمنية الرباط،31 سلسلة دفاتر محكمة النقض العدد،"النقض في الصفقات العمومية
P 727 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
1220
Article 47 du CCAGT.
P 728 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
1221
Article 79 du CCAGT et article 52 du CCAG-EMO.
1222
Annexe, Titre n° 2.6.2.3.5, Arrêté du ministre de l'économie et des finances n° 3528-18 du 14 rabii
11440 (22 novembre 2018) fixant la nomenclature des pièces justificatives des propositions d'engagement
et de paiement des dépenses de biens et services de l'Etat, B.O n° 6788 du 20 juin 2019, p-p.1491-1555.
1223
Abdelhamid ZOUBAA, Op. Cit, p.179.
P 729 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
1224
Article 70 du CCAGT et article 33 du CCAG-EMO.
"قضاء محكمة: منشور في،1021/1/2/320 ملف إداري عدد،1010/06/30 الصادر بتاريخ،2/136 القرار رقم،محكمة النقض1225
.232-216.ص- ص،1011 ، مطبعة األمنية الرباط،31 سلسلة دفاتر محكمة النقض العدد،"النقض في الصفقات العمومية
P 730 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
"قضاء محكمة: منشور في،1021/1/2/2111 ملف إداري عدد،1010/01/11 الصادر بتاريخ،2/322 القرار رقم،محكمة النقض1226
.223-231.ص- ص،1011 ، مطبعة األمنية الرباط،31 سلسلة دفاتر محكمة النقض العدد،"النقض في الصفقات العمومية
1227
Ibidem.
1228
Les retenues de garanties confisquées et les pénalités déduites des acomptes doivent être ordonnancées
au Trésorier pour les recouvrer ensuite dans les recettes conformément au principe de la non affectation des
recettes aux dépenses.
1229
Mohamed NABIH, « Droit des marchés publics : Aspects juridiques, financiers et contentieux »,
Konard-Adenauer-Stiftung, Rabat, 2014, p.272.273.
P 731 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
1230
Article 69 du CCAGT.
"قضاء محكمة: منشور في،1022/1/2/1011 ملف إداري عدد،1010/01/11 الصادر بتاريخ،2/332 القرار رقم، محكمة النقض1231
.12-12.ص- ص،1011 ، مطبعة األمنية الرباط،31 سلسلة دفاتر محكمة النقض العدد،"النقض في الصفقات العمومية
P 732 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
P 733 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
P 734 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
P 735 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
P 736 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
DR ABDELHAMID BENKHATTAB
Professeur en Sciences Politiques L’université Mohammed V, Rabat
Faculté des Sciences, Juridiques -Agdal Rabat
MHAMED LKAIHAL
Doctorant en Droit Public et Sciences Politiques Faculté des Sciences
Juridiques, de Rabat Agdal
P 737 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
P 738 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
1232
Le Groupe Etat de France est constitué de trois sous-groupes:
- État / opérateurs/filiales;
- Sécurité sociale et assimilées (Agence centrale des organismes de sécurité sociale (ACCOSS) ;
- collectivités territoriales.
1233
Les SEGMA sont des services de l'Etat Gérés de Manière Autonome. Ils constituent un mécanisme
budgétaire privilégié qui facilite la mise en œuvre des réformes structurelles adoptées par le
Gouvernement, notamment, au niveau des secteurs sociaux.
1234
Les CST sont les comptes spéciaux du Trésor ouverts auprès du Trésor pour retracer les dépenses et
les recettes effectuées en dehors du budget de l'État. Ils assurent une meilleure allocation des ressources
budgétaires. Il peut le recours aux CST en cas d'urgence et de nécessité impérieuse et imprévue, des
comptes spéciaux du Trésor peuvent être créés, en cours d'année budgétaire, par décrets, conformément
à l'article 70 de la Constitution.
P 739 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
1235
Ibid.
P 740 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
1236
Gilbert DEVEAU, été Directeur du Budget au Ministère des Finances en France, a joué un rôle décisif
dans la mise en œuvre de la réforme des finances publiques, au début de la Ve République. Lui-même
praticien, a été l’un des premiers à se préoccuper de cette question
1237
Le premier article dispose que la comptabilité publique est l’ensemble des règles qui régissent, sauf
disposition contraire, les opérations financières et comptables de l’Etat, des collectivités locales, de leurs
établissements et de leurs groupements qui déterminent les obligations et les responsabilités incombant aux
agents qui en sont chargés.
1238
Ce décret n° 2012-1246, regroupe et actualise un ensemble de textes relatifs à la gestion budgétaire et
comptable publique dont le décret n° 62-1587 du 29 décembre 1962 portant RGCP ainsi le décret n° 2005-
54 du 27 janvier 2005 relatif au contrôle financier au sein des administration de l’Etat.
P 741 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
1239
idem
P 742 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
1240
Il a été modifié et complété, plus précisément les dispositions des articles 55 à 58 du « chapitre V
comptabilité » ainsi que les articles 120 à 124 de la section III intitulée « comptabilité des comptables » du
même chapitre du décret royal susvisé n° 330-66 comme elles sont abrogées et remplacées par les
dispositions du décret n°2-09-608 du 11 safar 1431 ( 27 janvier 2010) et publiées au BO n°5814 du 18
février 2010.
P 743 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
P 744 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
P 745 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
1241
Les dictionnaires démontrent ses significations comme l’ancienne monnaie française. Aussi (denier à
Dieu XVe ; « contribution pour des œuvres de charité » V. 1283 ; denier de saint Pierre v.1190) le petit
robert. nouvelle Edition 2011 de petit ROBERT de Paul Robert. Texte remanié et amplifié sous la direction
de Jossette Rey-Debove et Alain Rey. PAGE 677. Et aussi (denier à Dieu XVe ; « contribution pour des
œuvres de charité » V. 1283 ; denier de saint Pierre v.1190)
P 746 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
1242
Ibid, p.8.
P 747 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
1243
Article 4 du décret royale de 1967 dispose que les opérations financières publiques incombent aux
ordonnateurs et comptables publiques.
P 748 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
P 749 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
P 750 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
P 751 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
1244
L'engagement est l'acte administratif par lequel l’ordonnateur créé ou constate une obligation de nature
à entraîner une charge.
1245
La liquidation a pour objet de vérifier la réalité de la dette et d'arrêter le montant de la dépense.
1246
L'ordonnancement est l'acte administratif donnant, conformément aux résultats de la liquidation, l'ordre
de payer la dette de l’Etat.
1247
Globalement, le contrôle modulé de la dépense est une réforme budgétaire qui vise à la consécration
d'une gestion axée sur les résultats dans l’administration publique. Il est un contrôle allégé des dépenses
pour l’ordonnateur qui se manifeste à travers une simplification et allégement du contrôle apriori et le
renforcement du contrôle à postériori.
P 752 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
1248
Ce système de classification est composé de trois types : administrative, fonctionnelle et économique.
P 753 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
1249
Ajoutant aussi les problèmes liés aux comptes des secteurs institutionnels, les comptes nationaux
marocains ne prennent pas actuellement en compte le volet relatif au patrimoine.
1250
Le budget économique prévisionnel vise à clarifier les effets de la loi de finances proposée sur les
aspects économiques et sociaux. Il constitue une base fondamentale d’élaboration de la loi de finances.
1251
Ce système de classification est composé de trois types : administrative, fonctionnelle et économique.
1252
La comptabilité générale, tenue par les comptables publics, permet de suivre aussi bien les opérations
budgétaires que les opérations de trésorerie.
P 754 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
P 755 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
P 756 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
P 757 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
P 758 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
P 759 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
P 760 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
P 761 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
P 762 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
1253
http://www.vie-publique.fr/decouverte-institutions/finances-publiques/approfondissements/grands-
principes-budgetaires.html.
P 763 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
P 764 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
P 765 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
P 766 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
1254
Décret n° 2-01-2676 du 31 décembre 2001 modifiant et complétant le décret n° 2-98-401 du 26 avril
1999 relatif à l’élaboration et l’exécution des lois de finances (article 17 bis) ;
P 767 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
1255
https://www.senat.fr/rap/np05_35/np05_356.html#:~:text=Au%20sein%20de%20chaque%20progra
mme,article%207%20de%20la%20LOLF).
P 768 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
1256
IPSAS (International Public Sector Accounting Standards) : sont des normes comptables internationales
pour le secteur public (gouvernements, collectivités territoriales, établissements publics et parapublics,
institutions internationales, etc.) et sont largement utilisées par les organisations intergouvernementales et
internationales. Les normes IPSAS sont édictées par l'IPSASB (International Public Sector Accounting
Standards Board), un organe indépendant de l'IFAC (International Federation of Accountants).
P 769 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
1257
Les normes internationales d'information financière du secteur privé, plus connues au sein de la
profession comptable et financière sous leur nom anglais International Financial Reporting Standards ou
IFRS
P 770 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
1258
http://www.performance-publique.budget.gouv.fr/budget-comptes-etat/comptes-etat/essentiel/s-
informer/comptabilite-generale-etat#.VflXZRH1akp
P 771 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
1259
Publication dans le bulletin officiel N° 6370 du 18/06/2015.
P 772 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
1260
https://www.tgr.gov.ma/wps/wcm/connect/a0998f5b-1b71-4f3d-9768-
bccbf38afd58/PRESS%2BBOOK%2Bvf.pdf?MOD=AJPERES&CACHEID=a0998f5b-1b71-4f3d-9768-
bccbf38afd58.
P 773 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
P 774 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
P 775 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
P 776 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
P 777 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
P 778 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
P 779 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
6064 هشـر يناير/RJLGRS/ من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية26 الـعدد
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
P 780 م7802 / غ80 * اإليداع القانونيISSN: 2550 – 603X مـجلة علمية حمكمة © ردمد
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
P 781 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م
الـعدد 26من مجلة الباحـث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية /RJLGRS/هشـر يناير 6064
TEL + 212 649027884 ww.allbahit.com Majalatlbahit2017@gmail.com
https://www.allbahit.com/search/label
P 782 مـجلة علمية حمكمة © ردمد * ISSN: 2550 – 603Xاإليداع القانوني 80غ 7802 /م