You are on page 1of 4

‫إرشاد ذوي اإلعاقة السمعية‬

‫دكتور إيهـــاب الببـــــالوى‬

‫يضم لفظ المعوقين سمعيا‪ ،‬فئتي الصم وضعاف السمع‪ ،‬ويمكن تصنيف األفراد المعوقين سمعيا وفقا لدرجة‬
‫ونوع الصمم‪ ،‬فهو إما أن يكون صمما كليا أو جزئيا‪ ،‬والديا ً أو مكتسبا‪ ،‬مبكرا أو متأخرا‪ ،‬فهم يمثلون مجموعة‬
‫غير متجانسة من األفراد تتباين خصائص السمع لديهم‪ .‬وطبقا للقرار الوزاري رقم (‪ )37‬لسنة ‪ 1990‬المادة‬
‫(‪ ) 11‬بشأن الالئحة التنظيمية لمدارس وفصول التربية الخاصة فقد تم االتفاق على التعريف والتصنيف التالي‬
‫‪:‬في قبول األطفال الصم وضعاف السمع بالمدارس وهي‬
‫الصم ‪ :‬وهم الذين فقدوا حاسة السمع أو من كان سمعه ناقصا لدرجة أنهم يحتاجون إلى أساليب **‬
‫‪ .‬تعليمية تمكنهم من االستيعاب دون مخاطبة كالمية‬
‫ضعاف السمع ‪ :‬هم الذين لديهم سمع ضعيف لدرجة أنهم يحتاجون في تعليمهم إلى ترتيبات خاصة أو **‬
‫تسهيالت ليست ضرورية في كل المواقف التعليمية التي تستخدم لألطفال الصم‪ ،‬كما أن لديهم رصيدا من اللغة‬
‫‪.‬والكالم الطبيعي‬

‫والسمع هو حالة وسيطة للكلمة‪ ،‬والكلمة تعبر عن المعنى الذي هو نتاج العقل ال الخيال فهي تعبير عن التصور‬
‫العقلي يكاد يكون الرصيد المعبر عن المعنى الكلي لذا فإن حاسة السمع هي الطريق األول الستقبال المعاني‬
‫والتصورات الكلية لهذا يعاني األطفال ذوو اإلعاقة السمعية أعظم صعوباتهم فيما يتصل بالمعاني الكلية‬
‫‪.‬للكلمات‬
‫لذا يخطئ األطفال ذوو اإلعاقة السمعية في التركيب البنائي للغة المكتوبة حيث يستخدمون األفعال في أزمنة‬
‫غير صحيحة ويخطئون في وضع الكلمات في جمل‪ ،‬وقد يحذفون حروف الجر والعطف‪ ،‬باإلضافة إلى أنهم‬
‫يعانون من صعوبات في فهم معاني الكلمات‪ ،‬ولذلك يالحظ البطء في تعلم القواعد اللغوية وتعلم القراءة عند‬
‫الطفل ذي اإلعاقة السمعية‪ ،‬ولذا يمكن إهمال العالقة الموجودة بين التحصيل األكاديمي واإلعاقة السمعية‪،‬‬
‫‪.‬والتي تتمثل في تأخر ذوي اإلعاقة السمعية عن أقرانهم عاديي السمع فترة ما بين ثالث إلى خمس سنوات‬

‫‪:‬خصائص المعوقين سمعيا ً‬


‫‪:‬الخصائص اللغوية )‪1‬‬
‫إن عملية اكتساب اللغة تعتمد على قدرة الطفل على التقليد‪ ،‬فالطفل أول ما يقلد يبدأ بنفسه أي يقلد نفسه وهذا‬
‫ما يعرف بالتقليد الذاتي وذلك في مرحلة المناغاة‪ ،‬بعد ذلك تأتي مرحلة التقليد الخارجي حيث نجده يقلد األم أو‬
‫بديلة األم وبدون عملية التقليد يحرم الطفل من وسيلة هامة تمكنه من اكتساب اللغة‪ ،‬فاألطفال الذين يعانون من‬
‫اإلعاقة السمعية ال يمكنهم اكتساب اللغة من خالل عملية التقليد بسبب وجود هذه اإلعاقة ولذلك يحاول األطفال‬
‫ذوو اإلعاقة السمعية اكتساب اللغة المكتوبة ألنها الوسيلة التي يتعاملون من خاللها مع المجتمع‪.‬والطفل ذو‬
‫اإلعاقة السمعية يستخدم صوته أيضاً‪ ،‬ولكنه أقل إثارة باالستمتاع السمعي وكلما نقصت قدرة الطفل على‬
‫‪.‬السمع نقص مقدار اللذة الذي يحدثه التصويت أو التلفظ به‪ ،‬ثم ال يلبث أن يصبح طفالً ال يقدر على الكالم‬

‫‪:‬الخصائص العقلية )‪2‬‬


‫لقد كشفت نتائج معظم الدراسات التي أجريت على القدرات العقلية لدى األطفال ذوي اإلعاقة السمعية عن أن‬
‫هؤالء األطفال ال يختلفون اختالفا ً جوهريا ً عن األطفال عاديي السمع وقد تبين أيضا ً أن األطفال ذوي اإلعاقة‬
‫السمعية قادرون على االنخراط في السلوك المعرفي ولكن ينبغي إكسابهم خبرات لغوية أكبر وأنهم إذاً اكتسبوا‬
‫هذه الخبرات فإنهم سوف يكشفون عن فاعلية ذهنية كالتي يتصف بها األطفال عاديي السمع فما لم تكن هناك‬
‫نواحي قصور أو عجز أخرى يعاني منها الطفل ذو اإلعاقة السمعية كوحدة تلف في خاليا المخ مثالً فإنه ال‬
‫يمكن القول بوجود عالقة سببية بين اإلعاقة السمعية وانخفاض مستوى الذكاء‪ ،‬وهكذا يمكن القول أن الفروق‬
‫في األداء بين ذوي اإلعاقة السمعية وعاديي السمع يعود إلى القصور الواضح في اختبارات الذكاء وخاصة‬
‫اللفظية المقدمة لذوي اإلعاقة السمعية ال إلى قدراتهم العقلية ويعني ذلك أن اختبارات الذكاء بوضعها الحالي ال‬
‫‪.‬تقيس قدراتهم الحقيقية إال إذا صممت بطريقة تناسبهم ولذلك يصعب اعتبارهم معاقين عقليا ً‬

‫‪:‬الخصائص االجتماعية )‪3‬‬


‫إن الطفل ذي اإلعاقة السمعية في محاولته التوافق مع العالم الذي يعيش فيه يتخذ تكيفه احدي الصور اآلتية‪:‬‬
‫إما أن يتقبل أن يعيش كفرد ذي إعاقة وإما أن ينعزل عن أفراد المجتمع متجنبا ً أي تفاعل شخصي أو اجتماعي‬
‫مع اآلخرين‪ ،‬فإذا اختار لنفسه األسلوب األول كان لزاما ً عليه أن يواجه المجتمع وهو محروم من الوسائل التي‬
‫تيسر له االتصال ويحدث نتيجة لذلك أن يعيش على هامش الجماعة وفي تلك الحالة يواجه الكثير من مواقف‬
‫الشعور بعدم األمن عندما يحاول االختالط بالغير فهو في حيرة دائمة ألنه ال يعرف ما إذا كان كالمه مفهوما ً أو‬
‫أن يقال له قد فهمه على حقيقته أما إذا اختار األسلوب الثاني ‪ -‬العزلة ‪ -‬فسوف يعيش طوال حياته في فراغ ال‬
‫‪.‬يشعر بمتعة الحياة‬
‫لذا يبدو أن ذا اإلعاقة السمعية يعيش في عزلة عن األفراد عاديي السمع الذين ال يستطيعون فهمه‪ ،‬وهم مجتمع‬
‫األكثرية الذي ال يستطيع أن يعبر بلغة اإلشارة أو بلغة األصابع ولهذا السبب يميل ذوو اإلعاقة السمعية إلى‬
‫تكوين النوادي والتجمعات الخاصة بهم بسبب تعرض الكثير منهم لمواقف اإلحباط الناتجة عن تفاعلهم‬
‫االجتماعي مع األفراد عاديي السمع ومن ثم ليس من المستغرب ميلهم إلى المهن التي ال تتطلب الكثير من‬
‫‪.‬االتصال االجتماعي كالرسم والخياطة والنجارة والحدادة‪ ...‬الخ‬

‫وهكذا يتضح أن األمر ليس مجرد عدم القدرة على الكالم‪ ،‬ولكن الواقع يشير بعكس ذلك فالعجز عن الكالم ليس‬
‫إال أضعف اآلثار التي يمكن أن تنتج عن هذه اإلعاقة‪ ،‬فالتعبير عن النفس والتلقي عن اآلخرين‪ ،‬ومواصلة هذا‬
‫التلقي ال يتم إال من خالل ما يطلق عليه اسم التغذية المرتدة أو المرتجعة وعملية االتصال هذه هي أساس‬
‫عملية أخرى لها أهميتها وهي عملية التفاعل االجتماعي وما يتصل به من قيام العالقات البينشخصية‪ ،‬وتلك‬
‫‪.‬العالقات هي المسؤولة عن قيام حياة اجتماعية فعالة‬

‫‪:‬ويتضح دور اإلخصائي النفسي في توجيه وإرشاد ذوي اإلعاقة السمعية من خالل التركيز على النقاط التالية‬
‫إتاحة الفرص أمام األصم لتوظيف الحواس والنواحي الحركية‪ ،‬واستخدام الوسائل البصرية واللمسية )‪(1‬‬
‫المختلفة‪ ،‬وتدريب أعضاء النطق لديه على قراءة الشفاه‪ ،‬واأليدي على تعرف اإلشارات المختلفة‪ ،‬هذا إلى‬
‫‪.‬جانب التدريب المهني واليدوي مستقبال‬
‫تنمية الوعي لديه بالمفاهيم والمدركات ومحاذير المخاطر البيئية وإلى غير ذلك من نواحي تتصل بالنمو )‪(2‬‬
‫‪.‬المعرفي لديه‪ ،‬ويمكن تثبيتها بالتكرار والممارسة‬
‫تشجيعهم على االنخراط في المجتمع واالندماج مع أقرانهم ومع اآلخرين دون خوف‪ ،‬وتوفير جو )‪(3‬‬
‫اجتماعي مالئم لهم يعالج السلوكيات غير السوية لديهم ويكسبهم السلوكيات االجتماعية المقبولة‪ ،‬وتعليمهم‬
‫الدور االجتماعي كما يتوقع منهم بعد خروجهم للحياة والعمل وإدماجهم في نشاطات الحياة ومجاالتها اإلنتاجية‬
‫‪.‬التي تناسبهم‬
‫مالحظة االنحرافات السلوكية أوال بأول‪ ،‬وأسبابها والعوامل المؤدية إليها ومن ثم كيفية الحد منها )‪(4‬‬
‫‪.‬وتعديلها‬
‫اكتساب األصم القيم االجتماعية السوية وترسيخ العقائد الدينية لديه بدرجة كبيرة‪ ،‬والتي ت ُكون لديه )‪(5‬‬
‫‪.‬الوعي الديني واالجتماعي واالنتماء للمجتمع‬
‫إرشاده إلى مختلف أنواع األنشطة واللعب الحركي والتوظيفي والتركيبي والتمثيلي والجماعي في إطار )‪(6‬‬
‫‪.‬مواقف التدريس غير التقليدية بشرط أن تكون في مستواه الفعلي حتى ال يصاب باإلحباط أو بالملل‬

‫ويضيف جمال الخطيب (‪ )1995‬أن على اإلخصائي النفسي الذي توكل إليه مهمة تقييم األطفال المعوقين سمعيا ً‬
‫‪:‬أن يكون على معرفة بالعوامل التالية‬
‫بوجه عام‪ ،‬يجب أن يكون المقياس أو اإلختبار أدائيا ً غير لفظي فبدون ذلك يكون صدق االختبار موضع )‪(1‬‬
‫شك وتساؤل‪ .‬فاالختبارات اللفظية غير مناسبة عموما ً ألنها تقيس القصور اللغوي وليس الخصائص‬
‫‪.‬المستهدفة‪ .‬ليس ذلك فحسب‪ ،‬ولكن بعض االختبارات األدائية غير مناسبة ألنها تشمل تعليمات لفظية‬
‫غالبا ً ما تكون الدرجات المتدنية وليس الدرجات المرتفعة التي يحصل عليها األطفال المعوقون سمعيا ً )‪(2‬‬
‫غير صادقة‪ .‬وذلك يعود إلي جملة من العوامل التي قد تمنع الفرد المعوق سمعيا ً من إظهار قدراته القصوى‪.‬‬
‫وبناء علي ذلك‪ ،‬يقترح استخدام مقاييس عديدة وليس مقياسا ً واحداً‪ .‬وعند اختالف النتائج يقترح األخذ‬
‫‪.‬بالدرجات األعلى ألنها تعكس أداء الطفل المعوق سمعيا ً بشكل أصح‬
‫إن االختبارات التي يطبقها أخصائيون نفسيون ليس لديهم خبرة مع األطفال الصم أقل صدقا ً من تلك )‪(3‬‬
‫التي يطبقها أخصائيون لديهم خبرة كافية مع هذه الفئة من األطفال‪ .‬ولذلك فمن األهمية بمكان أن يتم تقييم‬
‫األطفال المعوقين سمعيا ً على أيدي أخصائيين ذوي خبرة‪ .‬ومن الواضح أن األمر يقتضي تدريب عدد كاف من‬
‫‪.‬اإلخصائيين النفسيين في هذا المجال‬
‫إن التواصل يلعب دوراً حاسما ً في عملية التقييم النفسي التربوي ولذلك يجب علي الفاحص أن يكون )‪(4‬‬
‫قادراً علي االتصال مع الطفل المعوق سمعيا ً في الموقف اإلختباري سواء من خالل التواصل الكلي أو قراءة‬
‫الكالم أو لغة اإلشارة أو أبجدية األصابع‪ .‬وإذا لم يحدث ذلك فالنتائج تكون غير صادقة ويجب التنويه إلي ذلك‬
‫‪.‬في التقرير الذي يتم إعداده‬
‫بسبب مشكالت التواصل المرتبطة باإلعاقة السمعية‪ ،‬فإن اختبارات الشخصية تنطوي علي صعوبات )‪(5‬‬
‫خاصة‪ .‬فهذه االختبارات تعتمد علي التواصل اللفظي أو علي مهارات القراءة مما يجعل بعضها غير قابل‬
‫لالستخدام لدراسة شخصية الفرد المعوق سمعياً‪ .‬وألن تقييم الشخصية يتطلب بناء الثقة مع المفحوص فإن‬
‫المراجع ذات العالقة تقترح االستعانة بمترجم لغة إشارة إذ أن الطفل األصم قد ال يفهم ما يكتب أو يقال له وذلك‬
‫‪.‬يمنع حدوث التواصل والثقة‬
‫إن التقييم النفسي التربوي لألطفال المعوقين سمعيا ً الصغار في السن غالبا ً ما يفتقر إلي الثبات )‪(6‬‬
‫‪.‬والصدق و ال يمكن االعتماد علي نتائجه‬
‫إن التقييم الجمعي لألطفال المعوقين سمعيا ً ليس مناسبا ً إال إذا تم التعامل معه بوصفه وسيلة تهدف إلي )‪(7‬‬
‫‪.‬الكشف السريع‪ .‬ولكنه أسلوب غير مقبول لقياس مهارات الطفل وقدراته‬
‫إن التقييم الشامل والصادق لألطفال المعوقين سمعيا ً غالبا ً ما يتطلب وقتا ً أطول من تقييم األطفال )‪(8‬‬
‫السامعين‪ ،‬وذلك يعني ضرورة اعتماد اختبارات ال تهتم بعنصر التوقيت أو متابعة أداء الطفل في جلسات‬
‫‪.‬عديدة‬
‫يجب أن يكون الفاحص علي وعي كاف بتأثيرات الوقف اإلختباري وسلوكه كفاحص علي سلوك الطفل )‪(9‬‬
‫المعوق سمعياً‪ .‬وبوجه عام‪ ،‬يجب أن يخلو مكان الفحص من المشتتات البصرية ومن األصوات ويجب أن تتوفر‬
‫‪.‬فيه إضاءة جيدة‬

‫المصدر‬
‫استراتيجية عمل االخصائي النفسي بمدارس العاديين وذوي االحتياجات الخاصة‬
‫دكتور إيهـــاب الببـــــالوى‬
‫دكتور أشرف محمد عبد الحميد‬

You might also like