Professional Documents
Culture Documents
:
أريد الحياة ربيعًا وفجرًا
وحلمًا أعانق فيه السماء
م.ن
:
:
ُت
في أحد بيوت القديّم ة ..في حّي قديم ..ترتفع صرخات حادة لمولودة ْع لن وجودها ..
بصوت يدوي ويرتفع لطبقات السماء ..لكن نشيج بكاء مرير لـ َر جل اربعيني طغى على
صوت الطفلة ..التي تتعرف توًا على الحياة ..ليكون اول االصوات التي تقع في مسامعها
..بكائها وبكاء القابعين في هذه الحياة حولها
ُف ُّت ح الباب القديم بشده ليخرج منه شاب صغير كأنه خارج من قذيفة يغطي عينيه
بساعدهـ ويبكي في نشيج حاد ليتكيء على الجدار المهتريء ويزداد نحيبه ..كان يبكي
..وتهتز كتفيه كأنها ترقص على معزوفة بكائه
:
رفعت الجارة شرشف الصالة الُم لقى جانبًا وغطت المتوفية
الحول والقّو ه اال بالله ..الله يغفر لها ويرحمها ..اذكر الله ياعبدالله زوجتك ان شاء الله :
شهيدة ومكانها فالجنة الليلة ..اذكر الله واحضن بنيتك الي فقدت امها ..والتنسى انها
! ..وصية المرحومة وهي تنازع روحها
كان عبدالله يبكي بـ حرقة اآلن فقد زوجته في نفس اللحظة التي تمنياها وانتظراها
كثيرًا ..خمسة عشر سنة وهم ينتظرون ان يتوجوا زواجهم بمولود وعندما اتى رحلت هي
..
..تمتم وهو يكفكف دموعه :انا لله وانا إليه راجعون ..اّن ا لله وانا اليه راجعون
..الجارة :بامهد البنت واحطها وانادي الجيران ..الله يجبر مصابك
خرجت السيدة بتباطوء وفتحت الباب لتطل برأسها وتنادي :فيصل ! يافيصل ..تعال خفف
..عن اخوك ..وامسك عنه البنت ترى امها قبل التموت وصتكم عليها
..لينزع فيصل نفسه من الجدار ويذهب راكضًا الول الحي هاربًا من حزنه
الجارة :الحول الله انت بعد كانت المرحومة كأنها امك ماكنها زوجة اخوك مالومك تبكي
..الي ربتك واحسنت اليك
:
:
تحرك فيصل لألمام يضع يديه في جيوبه ويلف شماغه على وجهه لنهاية الشارع اليعلم
الى اين ؟ ..يبتعد فقط عن بكاء اخوه الكبير الذي بمثابة والده ..والراحلة زوجته التي
بمثابة امه بل هي امه سوى انها لم تلده فلم يعرف امًا غيرها واليعرف حنانًا سوى
حنانها ..واآلن النها ُخ لقت للتضحية هاهي تضحي بحياتها لتهدي اخوه الطفل الذي طالما
..تمناه ..كيف يتحول اسعد يوم لـ أسوء يوم
قطع تفكيره اصوات صراخ وشجار ليرفع رأسه ويجد طفًال في العاشرة تقريبًا يتشاجر ..
بضراوه وشجاعة مع شباب اكبر سنًا منه ومجموعة لذا وقف بعيدًا يراقب ليجد ذو العشر
سنوات يركل هذا ويدفع هذا ..ويشتم هذا لكن بدأ انه يتشتت وتضعف قواه خاصة انهم
...اربعة وهو واحد
لذا وبدون تفكير تقدم فيصل راكضًا وبدون سؤال قفز في منتصف العراگ وبدأ يركل
ويدافع عن الطفل الذي يصغرهـ ب 4سنوات تقريبًا ..وگأن الطفل استمد منه قّو ه ليزيد
..ضرباته حتى تفرقوا ركضًا وهربوا
التقط فيصل شماغه المرمي ارضًا ونفضه وهو يشعر بأنه افضل بعد ان صرخ كثيرًا اثناء
الشجار ونفس عن حزنه وغضبه من الحياة ..ليجد الولد يتفقد يديه وجيوبه
فيصل :سرقوا منك شيء؟
! الولد :ال ،يخسون
رفع فيصل حاجبه بتهكم :كانوا اربعة وانت واحد وش مشكلتهم معك ..؟
..الولد :ماتربوا ! .شكرًا انك ساعدتني مع اني ماحتاج مساعدتك
..فيصل :اخاف ساعدت الشخص الخطأ وانت ظالمهم
الولد :كانوا بيسرقون جوالي ..ولتأكيد كالمه اخرج قطعة معدنيه اليعرفها فيصل سوى
..باالسم ولم يستخدمها ابدًا
فيصل الذي بدأ انه اآلن يالحظ هندام الولد الغالي وحذائه وشعره المرتب رغم الشجار :
..زين انتبه لنفسك
الولد :وانت بعد ..والتفت لينظر للولد االكبر سنًا الذي ساعده واعطاه ظهره ليعود
..ادراجه
..تبعه رغمًا عنه حتى رآه يدخل منزًال متهالكًا ..فعاد لرأس الشارع حتى يتصل بسائقه
:
:
انتهت ايام العزاء الرسمية في منزل عبدالله لم ينظر احدًا للطفلة التي تتبادلها ايدي
الجارات ..من وضع العزاء ثالث ايام فقط فـ بعض الموتى نحتاج عمرًا بـ أكمله لنشعر بالعزاء
لفقدهم ..وقد النجد ..جلس فيصل حزينًا اكثر من قدرته على الحزن ..اكبر من سنوات
عمره الـ ..14اسود من ليله بدونها ..ويزداد حزنه كلما نظر لعبدالله الذي ما أن تنتهي
مرحلة من حياته تأتي مرحلة اسوأ منها ..ومن منظر الرضيعة التي تعبت الجارات في
محاولة اسكاتها ..وكأنها تبكي والدتها التي لم تعرفها ..وكأنها تشاركهم باللطم
..والعويل
لم يعد يحتمل فخرج ليتنفس قليًال او ليبگي براحته ..ومرة اخرى وضع يديه في جيبه ولف
..شماغه واخذ يمشي بتمهل على الرصيف
مرحبا :
رفع فيصل رأسه ليجد الولد صاحب الجوال يقف بهندام مرتب اكثر من السابق وخلفه
سياره فاخرة وسائق بزي رسمي نظر للولد وسيارته وكأنهم خرجوا من عالم حديث اليمت
لعالمه بصلة :هال
الولد وهو يتقدم :انا فهد الي ذاك اليوم ساعدتني ،سمعت ان عندكم حالة وفاة !
احسن الله عزاك
فيصل :جزاك الله خير
..فهد :انا ساكن بعيد بس جيت اصلح باليستيشني هنا
خرج عبدالله من المنزل يودع آخر المعزيين لينظر لفيصل والذي يقف معه من شكله ليس
من منطقتهم :فيصل ادخل عند البنت ام سعود بتروح لبيتها
كان فيصل يتكيء على الجدار يرفع احدى رجليه لتثبيتها على الجدار خلفه :لنا ٣ايام
مانناديها اال البنت وش بنسميها ؟
فهد :عندكم مولودة ؟
فيصل :المتوفية زوجة اخوي ماتت وقت الوالدة ( كان يتكلم كأنه اليكترث واليهتم )
عبدالله :من انت ؟
فهد :انا فهد الراجي
عبدالله يلتفت على فيصل :وش رايك نسميها ساره؟
فهد متدخًال وهو مستغرب من عدم االكتراث الذي يبدو انه سمة هذه العائلة :ساره اسم
..امي
نظره مستهزئه من فيصل اسكتته :دور لها اسم يناسبها
رفع عبدالله نظره للسماء كأنه يبحث عن اسم فيها فرأى السماء واسعة كبيرة وبعيدة
..وصافية تحمل السحاب الذي يمر ُح ر خفيف ابيض جدًا وبعيد جدًا :سماء !..بنسميها سماء
:
:
عاد فيصل للمنزل يرتدي ثوبًا وشماغ يلفه على رأسه كأنه ادمن هذه الحركة التي تخفي
..وجهه االسمر النحيل والُم تعب
صوت خطواتها الراكضة كان موسيقى ألذنه التي تلقت اليوم اكبر كمية من رفض
التوظيف :هالوالله
ورمى الملف االخضر الذي يحمله وفتح ذراعيه لتاتيه سماء وتقفز في احضانه :جبت لي
دفتر الوان
ابتسم فيصل فالصغيرة التعلم انه اليملك ثمن سيارة اجرة حتى :ال اذا توظفت جبت لك ،
وين بابا
سماء :بابا تعبان في غرفته نايم
..فيصل ؛ طيب تعالي نشوفه
..نزلت سماء وامسكت بيد عمها
فتح فيصل الباب ليجد اخوه مستلقي يغطي وجهه بشماغه :عبدالله !! عبدالله
عبدالله :هاه
..فيصل :تبينا نروح المستشفى
عبدالله متجاهًال سؤاله :لقيت وظيفة ؟
..فيصل :ال ،مالقيت الشركات تبي شهادة والعسكرية تبي واسطة
..عبدالله :كلم صديقك فهد يدور لك واسطة واال وظيفة
فيصل :فهد ابوه موب راضي عن صداقتي معه تبيه يوظفني
..عبدالله :اطلب منه طيب ..وقاطع كالمه صوت سعاله الشديد
فيصل :مابي احرجه هو مازال يدرس ليه احمله همومي واخليه يحس ان صداقتي له
وراها مصالح ..امش اوديك للمستشفى
أشر عبدالله بيده رافضًا ؛ عارف علتي مايداويها المستشفى ..بس الصار لي شيء
..الوصيك على سماء
..فيصل :انت ان شاء الله الي بتخرجها من الجامعة وتزوجها بعد
:
:
خرج فهد للطريق بسيارته الفارهه ..متوجهًا لصديقة فيصل ..يكاد يكون صديقه
الحقيقي الوحيد ..منذ عشر سنوات بعد ان جمعتهم مشاجرة احتّل فيصل جزء كبير من
حياته بل وجد نفسه اليضحك من قلب او يستمتع بحديث اال مع فيصل الغامض الالُم بالي
..كانت صداقتهم رباط بين طبقتين الرفاهية والعيش الضنگ ..بين الِغ نى والفقر ..كان
فيصل شاحبًا نحيًال شعره طويل من االمام ودائمًا اما يلف الشماغ على رأسه او يعبث
بمقدمة شعره بـ اصابعه ..بينما فهد طويل عريض المنكبين برونزي تمتليء مالمحه ِب ّع زه
..وإباء وتقرأ االرستقراطيه في انفه الدقيق ومالمحه الوسيمة
وصل للجزء الغابر من مدينة الرياض واوقف سيارته ونزل منها طرق الباب وانتظر ان يفتح
له فيصل ..لقد احضر له عرضًا سيقبله رغم عزة نفسه ..اكثر مااعجبه في فيصل هو عزة
نفسه حيث يرفض ان يأخذ اي مساعدة من فهد حتى عندما يحضر فهد حلوى للصغيرة او
عشاء لهم ينظر له باستهزاء وبحاجب مرفوع واليمد يده ..ابتسم فهد اذ انه دائمًا مامازح
..فيصل ...بكون العشاء من مكافأته الجامعية
ُف تح الباب وألول مره تفتحه الصغيرة سماء جميلة بمالمح هادئة وعينين واسعه وشعر
قصير مهمل العناية فيه بوجودها مع رجلين فقط :سماء وين عمو ؟
لم تتكلم فقط كانت تنظر له وعيونها دامعه ..مرر فهد سؤاله :سماء وين فيصل ؟
بدا يقلق الن فيصل حريص جدًا ان التخرج له سماء ولم يقابلها اال صدف ولم تفتح له
الباب ابدًا
! ردت الصغيرة :عمو يبكي
دفع فهد الباب ودخل :فيصل
وفي الغرفة الوحيدة في البيت الصغير وجد فيصل يغطي وجهه بشماغه ويبكي بينما
عبدالله ممدد وعيونه شاطحه تنظر للسقف بينما اقدامه متخاذله ومتمدده بدون روح :
الحول والقوة اال بالله
..التفت فهد على الطفلة التي لم تفهم سبب البكاء :جيبي مويه
واقترب من فيصل يرفعه ليقف فيصل ويحتضن صديقه :عبدالله مات ..اخوي وابوي مات
..يافهد ..ماعاد لي احد يافهد ..عبدالله مات
..صوت الكأس والماء الُم راْق جعل فهد يلتفت ليجد الطفلة تنظر لوالدها بصدمة
:
:
" الموتى ُه م الناجون من الحياة "
م.ن
ركضت الطفلة ذات العشر سنوات لوالدها المستلقي :يبة !! يبة !! اخذت تهز صدرة بيديها
..الصغيرتين تحاول ايقاظه ,,لكن الموتى ال يستيقظون
سحبها فيصل واحتضنها وهو اسوأ منها واكثر بكاء ..بل ان ادراكه للموقف جعله اكثر
إيالمًا واكثر حزنًا
وجد فهد نفسه في وسط حزن عميق اليعرف كيف يخفف على فيصل ..كيف يهون
..مصابه فيمن اعتبره والده
..اقترب منه :اذكر الله ياخوك وشد حيلك خل البنت تشوفك متماسك
كان فيصل ينظر ألخوه وكأنه سينفض رداء الموت ويقف فجأة :كيف اشد حيلي يافهد
وحيلي مات ..عشر سنين وانا اشد حيلي عشان عبدالله وعبدالله مات !!,,انت تعرف وش
..معنى عبدالله مات يعني اليوم تِي تمت اليوم مات ابوي وامي
,,بدأ فهد يمسح دموعه ويكح كحه وهمية ليجلي حنجرته من غبار الحزن :عشان البنت
وكأن فيصل تذكر الطفلة التي يعصرها بين يديه :سماء
سماء :عمي فيصل ابوي مات
ليجهش فيصل بالبكاء بشدة لتهتز كتفاه ويخر على ركبتيه غطا وجهه بيديه وارتفع عويله
بينما فهد توجه لعبدالله وبيده اليمنى اغلق عينيه وتمتم :اللهم اغفر لعبدك عبدالله
وارحمه واحسن جواره انه بجوارك ياكريم اللهم عامل روحه بما انت اهًال له يارحمن يارحيم
..وتجاوز عنه
وتوجه لفيصل وجلس بجانبه وهو ينظر للطفلة التي تنظر تارة لعمها وتارة تلتفت
..لوالدها ودموعها تسيل على وجهها البريء
لم يقاوم فهد ان يبتسم لها ابتسامة حزينة مشجعه :تعالي ياسماء
كان يريد ان يحدثها لتستوعب ويشتت انتباهها عن مظهر عمها المرعب ونواحه
لكن فيصل امسك معصمها بيده عند وقوفها :خليك جنبي( والتفت لفهد بعينين حمراوان
) ..الشوفك تكلمها واال تلمسها
:
كان فهد يعرف غيرته على الطفلة الشديدة فهو نفسه لم يكن يراها ابدًا بل خبأها عنه
ككنز ثمين وكان يذهب بها للمدرسة ويعود ظهرًا لها ينتظرها حتى قبل ان تفتح
المدرسة ابوابها معلنة انصراف الطالبات بل انه رفض ذات مرة ان يقلهم فهد بسيارته
وقال له بغرور اليجده الئق اال بفيصل اسبقنا على البيت مابي سماء تركب سيارة غريب
!!,,
:
:
فهد وين رايح لك اسبوع مانشوفك ؟
..فهد :انت تعرف ان اخو فيصل متوفي وكنت اقوم بواجبي
..ابو فهد :واجبك العزا وانتهى
..فهد :انا اعرف واجبي واحدده
ابو فهد :طيب انا مجهز اوراقك نبيك تسافر تكمل دراستك برا ..متى بتترك حياة فيصل
وتعيش حياتك
نظر فهد لوالده :وش مشكلتك مع فيصل وانت ماقد شفته ابدًا ..كيف تحكم على
..انسان وانت ماتعرفه
ابو فهد :مالي معه مشاكل لكن انه يستحوذ على وقتك وانت عندك مستقبل اهم من
صداقتك معه ..فل لي انت هل كمل تعليمه هل هو موظف ؟ هل فكر يشتغل واال بس
عايش على هامش الحياة
فهد :الرجال يدور شغل من سنتين وماخال شيء ماشتغله لكن موب كل الناس
محظوظين ..وماتوقع انك تحكم على رجال بقَل مادته واال عمله
ابو فهد :انا احكم على الرجال بالتزامه واحد مالتزم في عمل ماينشد فيه الظهر وانا
ابوك
فهد :خلك منه سفر مانيب مسافر لين اخلص الجامعة
ابو فهد :ادرس بكالوريوس هناك وماجستير فرصة ماتحصل الحد
فهد :باكمل الجامعة هنا وانتهى النقاش تصبح على خير
وتوجه لغرفته ليسمع قبل دخولها همسًا يهتف بإسمه :فهد ..فهد
وش فيك ؟ :
اقتربت منه اخته التي تصغره بسنتين ومازالت تهمس :ابوي تحت
وجد فهد نفسه يهمس مثلها :ايه وش فيك ؟
جمانة :تعال ابيك بموضوع ..وسحبته لغرفتها واغلقت الباب
جلس وهو ينظر لها لتبدأ ماالحظ انه موضوع مهم من حركة يديها وقضمها ألظافرها :
وش فيك ؟
..جمانة :اليوم ابوي كلمني بموضوع عبدالرحمن
فهد :طيب ,ممتاز وانتي وش رايك ؟
!! جمانة :طبعًا مابيه
فهد :ماتبينه لمجرد انه ولد عمنا واال النك عندك مالحظات عليه ؟
,,جمانة :الن عندي مالحظات عليه
..فهد :وش قولي لي وانا الي ارفضه بالنيابة عنك
وضعت يدها خلف ظهرها وازداد قضمها ألظافرها كيف تخبره ان ابن عمهم العزيز وقع
في الفخ الذي نصبته له هي وصديقتها بان جعلتها تختبر عبدالرحمن ليقع فورًا في غزل
مع صاحبة الصوت الناعم
حثها فهد على اإلجابة :يالله قولي لي واذا تبين رأيي وافقي الن عبدالرحمن كفو
وماعليه كالم
جمانة :انا رافضة وابيك تساعدني
وقف فهد بتكاسل :ماراح اساعدك اال اذا عندك اسباب واضحة لكن مجرد دلع بنات
معليش
وخرج من غرفتها ..وعاد لغرفته وأستلقى بتعب على سريرة العريض تعتصر قلبه الشفقة
على فيصل وبنت اخيه وتذكر الوجه المالئكي الذي شاهده اخر ايام العزاء وجهها بريء
ومنير كالقمر تحيط به طرحه سوداء رجح ان يكن نساء الحي من وضعها على رأسها
وحول وجهها لتعطيها هالة الحزن المنشودة كانت تنظر للباب ومتأكد فهد انها التعي أي
..شيء من حديث النسوة بل تنظر حيث تستطيع ان تلمح عمها الذي تشعر معه باألمان
:
:
جلس فيصل منكس الرأس لم تجف دموعه ابدًا بل يشعر انها تزيد كأنها مياة جبلية
تدفقت بعد ان تصدعت جبال صبره انتبه للحركة الخفيفة للفتاة النحيلة التي جلست بجانبه
ترتدي زيًا اليناسب طفلة بعمرها داكن اللون وواسع :عمو فيصل
مسح فيصل دموعه واغتصب ابتسامه لطفلته الجميلة :عيون عمو
..سماء :اخاف تموت وتتركني
عض فيصل شفته السفلية :اقولك شيء ياسماء
سماء :قول
فيصل :انا بعد اخاف تموتين وتتركيني
سماء :انا صغيرة
فيصل :وانا صغير بعد عشان كذا ان شاء الله اشوفك متخرجة من الجامعة
سماء :معلمتي جتنا
فيصل :عارف ودك تداومين بكرة
سماء امتلئت عينيها دموع وهزت رأسها :ال
فيصل :انا بكرة عندي شغل وماقدر اروح له اال اذا داومتي !!! تبين تغبين عادي أأجل
شغلي
سماء :انا اعرف انت تدور وظيفة
فيصل :ال ابشرك لقيت وباداوم ان شاء الله وبنطلع من البيت ونجيب بيت جديد واحط لك
غرفة تأثثينها على كيفك
ابتسمت سماء :والله ويصير عندي مشط بمراية
فيصل :ويصير عندك مشط بمراية
كانت الصغيرة تجلس متكئة على عمها وتنسج االحالم وفيصل يراقبها وهي تطلب
..االلوان لغرفتها الوهمية يحسدها على األمل
وبدأ يفكر بقبول عرض فهد فهو سيعمل بعرق جبينه ولن يكون مديونًا ألحد وتذكر
الحوار
فهد :اسمع يافيصل الموضوع الي باكلمك فيه واتمنى يكون وقته مناسب انا عندي مبلغ
وودي أشغله ومثل مانت عارف الجامعة اخذه وقتي كامل لذا فكرت نتشارك انا وانت
فيصل مستهزئًا :خالص بس انتظر اشيك على مالييني الي في البنك
فهد :انت بتكون شريكي بمجهودك وانا برأس المال شركات كبيرة تقوم على
هالشراكة بنفتح محل اتصاالت انت تعمل فيه وانا مني البضاعة واجي اساعدك مرة في
الويك اند او أي يوم تحس ان فيه ضغط عليك
قاطعه فيصل :تبيني اشتغل عندك صبي ياولد عبدالكريم الراجي
كور فهد قبضته كأنه يتمنى ان يلكم هذا المعتز بنفسه :موب وقت غرورك الحين يافيصل
انا وانت بنكون صبيان عند جدتي هي الي عطتني المبلغ وقالت لي تاجر لي فيه انت
تتوقع اني مادور لنفسي خط تجارة او عمل اثبت فيه نفسي
فيصل :تدور ليه واموال ابوك
فهد :احتاج اثبت نفسي لنفسي ياخي
فيصل :ايه اعرف شعارات عيال النعمة
فهد :الشعارات والهم يحزنون تعال شاركني وخلنا نكبر هالعمل سوا ونشوف وين
بيوصلنا يمكن تضرب معنا ونصير تجار وناخذ وكاالت حصرية ألجهزة التخلي كبريائك تضيع
..هالفرصة من يدينا وتذكر انك تحتاج تتزوج وتفتح بيت ياخي تذكر سماء
..فيصل :التجيب طاريها على لسانك موب عشانها صغيرة تتبسط في الحديث عنها
:
:
في منزل فهد وعلى مائدة االفطار الزاخرة بانواع المأكوالت
سارة ام فهد :جينا فهد موجود واال طلع للجامعة
الخادمة :فهد خرج مبكرًا
جمانة :ماتوقع راح للجامعة ألنه البس تريننق
..ام فهد :يمكن للنادي اجل
والتفتت على ابنتها :كلمك ابوك عن عبدالرحمن
جمانة :ايه كلمني وانا رافضة
ام فهد بهدوء :ماراح نرفض ولد عمك ابدًا لذا اعملي على انك تتقبلينه ودربي نفسك
على هذا الشيء والتحاولين تدخلين فهد في الموضوع ألن رأيه من رأينا
جمانة بنفس برود والدتها :ليش اجل تستشيروني ؟
..ام فهد :ماكنا نستشيرك كنا نبلغك لكن ابوك خانه التعبير
وقفت جمانة بغضب ورمت منديل الطاولة بقوة واعطت والدتها ظهرها لتخرج للجامعة
لم تلتفت والدتها لها وتعرف انها بصالبة الحديد واليمكن ثنيها عن ماتريد ال بالدموع او
..الحيل فـ سارة الراجي اشد صالبة من الصخر
:
:
ذهب فهد وفيصل للبحث عن محل موقعه جيد للبدء بمشروعهم كان فيصل ينظر للساعة
يخاف ان يتأخر على موعد خروج سماء وجدوا محًال معروض لإليجار بفتحتين وبموقع ممتاز
اتفقوا مع صاحبه ووقعوا عقدًا
فيصل :الحين بعقد اإليجار روح طلع رخصة للمحل
فهد :طيب وش نسميه الزم نختار كذا اسم ألن البلدية ترفض بعض األسماء
فكر فيصل :حط اسمه فائين بما انه حرف اسامينا
ضحك فهد وقال :وش رايك نسميه سماء لالتصاالت
نظر له فيصل بغضب :تبيني احط اسم بنت اخوي على لوحة للرايح والجاي
ضحك فهد بشدة فهو يحب ان يستفز فيصل ليخرجه عن المباالته وأشر للسماء :شف بنت
اخوك كل الناس تشوفها
لكن اللكمة التي وصلت لفكه جعلته يبتلع المزحه لكن لم تخفي ابتسامته
حرك فيصل اصابعه بعد لكمه فهد وقال بحاجب مرفوع بغرور :وبتصير للناس بعد السماء
بنت عبدالله
ضحك فهد :خير من وصى يالله بارجعك تجيب الكنز وباروح للبلدية
فيصل :ايه روح انت عشان تخلص اوراقنا النك نظيف وولد نعمة انا اذا شافوني عقدوا
االوراق تعقيد
فهد :تدري انك الوحيد الي يعايرني الني غني
..فيصل بابتسامة :اهم شيء ما اجرح شعورك الحساس
:
:
وقف فيصل ينتظر صغيرته سماء كانت دائمًا تأتي راكضة له فهي تعرف اين ينتظرها
لكنها اليوم أتت تمشي وتراقب اقدامها تقدم منها وكعادته اخذ حقيبتها ووضعها على
كتفه واخذ اليد الصغيرة
وش فيها الجميلة :
سماء :اشتقت ألبوي
فيصل :وانا بعد
سماء تنظر له باستغراب :اشتقت ألبوك بعد
فيصل :ال ,اشتقت ألبوك انتي بعد ألنه االبو الوحيد الي اعرفه
..سماء :المعلمة قالت لي كل ماتشتاقين له ادعي له
فيصل :يالله للبيت اكيد انتي جوعانة
وهو يتذكر انها لم تأكل فطور ليس ألنه مهمل بل ألنه لم يجد مايناسب فطور للطفلة
..لذا اكتفى بشراء حليب لها اثناء ذهابهم
:
:
وعندما اقتربوا من المنزل وجد سيارة فهد متوقفة وهوواقف يتحدث بـ هاتفه ومعه كما
يبدو كيس غداء
فيصل :كنت رايح للبلدية ليه رجعت بسرعة
فهد وهو ينظر للطفلة :خلصت االوراق لقيت موظف خلصني بسرعة
ضحك فيصل :لقيت موظف واال عشان أسمك
فهد :عشان اسمي فأما بنعمة ربك فحدث ..تعال جبت غداء
..فيصل لم يستطيع الرفض ليس من أجله بل من أجل سماء :يالله اقلط
:
:
عمل فيصل في المحل بكل نشاطه ووجد انه افضل حاًال وسعد جدًا ألنه وافق فهد ولم
تأخذه الِّع زة باألثم ويرفض ومن شهر بدأ يعود للمنزل بفاكهه واكل بل بدأ يشتري لسماء
ألعاب ومالبس كان فهد كما وعده يأتي ويعمل معه يومًا في األسبوع احيانًا يأتي بـ
كتبه ويذاكر في المحل ..لقد تمنى فيصل لو استطاع اكمال دراسته للحصول على وظيفة
افضل لكن لن يشتكي االن بعد ان بدأ المحل بالمكسب كانوا اسبوعيًا يجردون االرباح
ويقتسمونها وكان احيانًا فيصل يأخذ مبالغ بسيطة ويسجلها حتى تحسب من ارباحه هو
..وجد ان فهد رغم صغر سنة ذكي جدًا ودقيق وقت الحساب فكما يقال ابن الوز عوام
كان يفتح المحل صباحًا وسماء في المدرسة ليغلقه ظهرًا ثم يفتحه عصرأ حتى صالة
العشاء حيث اليستطيع تركها وحيدة وقت طويل واحيانًا يفتحه فهد بعد العشاء النه
..وقت فراغه
..كان يجلس في المحل ويحاول ان يتعلم تركيب نغمات حسب طلب الزبائن هذه األيام
لكن لفتت انتباهه سيارة فارهه وقفت امام المحل في البداية اعتقد انها تخص فهد حتى
نزل منها رجل كبير السن طويل هز رأسه بهدوء للشاب الذي فتح له الباب ونظر ألعلى
للوحة المحل ثم نظر مباشرة لفيصل ودخل المحل على مهل وبيده عصا يبدو ليس بحاجة
..لها
وقف فيصل وابتسم قد يكون زبون :اهًال كيف اخدمك ؟
نظر الرجل لفيصل من اعلى ألسفل نظرة اثارت عزة فيصل وكبريائه :انت فيصل ؟
رغم ان الرجل نطق فقط اسمه إال ان فيصل شعر بإحتقار الرجل له بل تعدى ذلك ُخ يل له
انه سمعه يسأل " انت نكرة او انت حشرة " وليس
أنت فيصل ؟
فيصل وعاد يجلس :نعم أنا فيصل أي خدمة ؟
..الرجل بابتسامة مستهزئة :تتوقع ان محل صغير بيخليك من اصحاب المال
فيصل :من انت ووش تبي ؟
الرجل :انا عبد الكريم الراجي والد فهد ..وتقدر تقول صاحب األموال الي فتحت فيها
محلك هذا و ..شمل المحل بنظرة محتقرة لجهود فيصل وأكمل :طبعًا مادري وش
السيناريو الي حطه فهد عشان يقنعك انك صاحب فضل عشان رضيت تشاركه بس احب
اوضح لك ان بضاعة المحل كلها ميزانيتها ماتقارب لو بشي بسيط مصروف فهد في
اسبوع وازيدك من الشعر بيت االرباح التافهه الي انت فرحان فيها ماتغطي حتى وجبتين
في بيتنا يعني باختصار فهد فاتح المحل ألنه يشفق عليك وألنك قدرت تقنعه ان عندك
عزة نفس وماترضى تعيش متسلق عليه ..في الواقع انت متسلق لكن متسلق محترم
..ماكنت راضي عن صداقتك مع ولدي وكنت عارف انك بتحاول تستغله واالن بما انك اثبت
لي ان حدسي صحيح كم تبي عشان تطلع نهائي من حياة فهد وتعيش بعيد عنه وتاخذ
..معك همومك الي صارت هموم فهد غصب عنه
كان فيصل يتنفس بحده جاحظ العينين في الرجل الذي بدأ له انه لن ينتهي من خطاب
تحقيره ..لقد حافظ على عزته وكرامته امد طويل ليأتي هذا ويمزقه امامه بدون حتى ان
,,ترمش عينه
تكلم فيصل اخيرًا :اذا ولدك موب رجال ومايقدر يصادق ناس اال بموافقتك تفاهم معه
..موب معي
ابو فهد :فهد لألسف رحوم وعشان كذا متمسك فيك ألنك تعزز جانب األحسان الي عنده
..
..قاطعه فيصل :ولدك مايحسن علي انا اشتغل بالحالل
,,ابو فهد :يعني بتقنعني انك دافع معه من راس المال
فيصل :انا شريك بمجهودي
ابو فهد :وفيصل ماله مجهود في المحل ؟ وش مجهودك ؟ انت الي تورد البضاعة انت الي
تخاطب الشركات انت الي تتعامل مع الموردين انت الي تجيب البضاعة من الجمرك انت
الي تحول الفلوس للشركات ؟ طبعًا ال الن فهد الي يسوي كل هذا بحكم انه صاحب
العمل ومعه لغة وانت وش تسوي تبيع فقط في المحل يعني عامل يعني فهد عطاك
نصف االرباح ألنه يشفق عليك بينما انت ماتستحق اال راتب أجير وتقول ماتستغله ..؟؟
!! ..عمومًا راجع نفسك واسترجل وبالش تعيش على اكتاف غيرك
ورحل ..يمشي بهدوء كما دخل يركض الشاب ليفتح له الباب ويركب بدون ان ينظر للدمار
الذي احدثه خلفه بدون ان ينظر للشاب الذي حطمه خلفه بدون ان ينتبه للطريق الذي
..اغلقه خلفه
:
:
كثيرون غيرك مروا سريعًا
..ولم يبقى منهم
سوى الذكريات
..فمن باعني في مزاٍد رخيٍص
ومن صار عندي بقايا رفات
م.ن
:
:
قراءة ممتعة وإلى اللقاء
:
"" مراحب
بتكون مواعيد الفصول بإذن الله 3مرات أسبوعيا
الخميس ..الثالثاء ..االحد
..حتى إشعار اخر
:
" الفصل الثالث "
:
:
..إال الحنين فأنني ..مازال يشقيني الحنين
م.ن
:
:
جلس فيصل يعبث بمقدمة شعره ويراقب الصغيرة تلّو ن في دفتر التلوين الخاص بها ..
يحسدها ويخاف عليها ويخاف منها ..اما الحسد ألنها التعي الهموم الكبيرة العالقين فيها
..اما الخوف عليها حتى من نفسه يخاف ان يخدش سمعتها اي شيء ان يؤرق عيناها أي
شيء ان ينظر لها احد ويقول انها بال سند وُل قمة سائغة حتى فهد ..وآه من فهد لقد
ابعده عنها حتى الينظر لها بشفقه او بعطف حتى التعتاد الشفقة في أعين الناس ..
ويخاف منها ان تگبر فتعد له نواقص طفولتها التي لم يلبيها ..مثلها مثل جميع من حوله
من اقارب وجيران ..لماذا اليعمل لماذا اليشتغل لماذا اليبحث عن وظيفة ..رجل طول
بعرض عاطل باطل !..اال يعلموا انه يبحث ليل نهار بل انه لم يعد يشترط فقط يريد أي
عمل ..اي عمل يدر عليه المال ..اليريد ان يتذكر لقاء الدمار ..لقد اعتقد ان الدنيا اخيرًا
اعطته احد اوجهها الحسنة ..لكنه اآلن وثق تمامًا ان الوجٌه حسٌن لها ..لقد دمره حديث ..
والد فهد لكنه عّل م انه صادق ..لم يكن يفهم في اإليميالت او الماسنجر مثل فهد بل
اليفهم لغة االعمال واليعرف القيمة الحقيقية للبضاعة ..كان يتحرك وفقًا لقول فهد في
الواقع واستنادًا على ثقته به ..اآلن يفكر لماذا ابن عائلة عريقة وممتدة وثرية يفتتح محًال
اليساوي شيء يذكر عند تجارة والده ..لقد كان له مجهود في العمل اما هو فهو اجير
...كما قال ..والد فهد ..مجرد أجير
لقد اتهمه دائمًا فهد بـ الغرور اي غرور يتهمني به وهو لم يرى غرور والدهـ او انه استكثر
علي عزة النفس والكبرياء ووجدها الئقة بوالده ..تبًا لهم ليس بحاجة حتى لصداقته ولن
يفتح المحل ولن يفتح الباب حتى !! ..ومتى ماوجد عمل رحل هو وسماء حيث يعيشون
..حياة طبيعية
ونظر لـ سماء بابتسامة كيف يضيق من يملك هذه السماء الرحبة ..سيعمل على ان
..الترث حظ العائلة الغابر هو وعبدالله عانوا من سوء الحظ واليجب ان ُت عاني سماء ابدًا
وگأنها شعرت بالعيون الُم راقبة :عمو وش رايك ؟
..ورفعت احد األوراق الملونة
..فيصل :جميلة مثلك
..سماء :عرفت اكتب اسمي باالنجليزي كامل
..فيصل :ابيك تصيرين دكتورة او محامية او مهندسة ..ابيك تصيرين شيء كبير
..سماء :باصير دكتورة
..ضحك فيصل كمن الهموم له واستلقى واغمض عينه :يالله تعالي عالجيني
:
:
ثالثة ايام يقف فهد امام المحل ويجده مغلق والهاتف للمتكبر المزاجي فيصل ..ويطرق
الباب والاحد يفتح ..وذهب لمدرسة سماء ظهرًا وصباحًا ولم يجدهم ..اين ذهب فيصل ؟
اين اختفى ؟ ايكون فعًال اليريد االلتزام في العمل ..ايعقل ان تكون نظرة والده وهو لم
!! يعرفه حقيقية وفيصل الينشد به الظهر
..توجه لمنزله وطرق الباب بقّو ه
..بدأ القلق ينهش رأسه ..ربما حدث مكروه لهم
ُت
وبقِو ه كبيرة طرق الباب ..وبدأ يطرق حتى وجد ان النوافذ فتح من البيوت المجاورة
..واالبواب المجاورة ..اليهم !! سيطرق حتى لو خرج كل من في الرياض من بيوتهم ..وبدأ
يطرق بشدهـ
ُف تح الباب بقوة ؛ سالمات !؟
تراجع فهد وهو ينظر لفيصل بسحنته الباهته المعتادة والمضحك انه غاضب :ماتقول لي
وينك مختفي ؟
فيصل :وش دخلك ؟ ولي امري انت !؟
فهد باستغراب :والمحل ؟ ليه مسكره كذا من كم يوم !؟
..فيصل :استقلت
فهد ؛ فيصل وش فيك !؟ فيكم شيء !؟ سماء فيها شيء !؟
فيصل بغضب ؛ وش دخلك !؟ وش دخلك في سماء قلت لك الف مرة التجيب اسمها على
! لسانك
..فهد يحاول يتصرف بهدوء :هد اعصابك ياخوك سماء مثل اختي الصغيرة
فيصل يرفع يده عاليًا :ال !! ال ماهيب اختك والهيب مثل اختك ويالله ارجع لبيتكم
الشوفك وحاول اغالق الباب
لكن فهد امسك بالباب ودفعه :انت فيك بال اليوم !؟ ليه مسكر المحل !؟ اذا عندك ظرف
!! تقدر تقول لي انا اوقف فيه
فيصل ؛ قلت لك ماعادني واقف في المحل ..اذا انا موظف ياخي قدمت استقالة واذا
!! شريك فضيناها شراكه
!! فهد :فيصل انت تسمع وش تقول !! عطني سبب ليه
فيصل :مابي احسانك ياخي
..فهد ؛ انا ماحسنت عليك انت تشتغل
فيصل وهو ينفض ثوبه ؛ مابي اشتغل معك ياخي تفهم انت مااابي !! غصب هو
فهد بغضب :عطني سبب ؟
فيصل :انت تشوف اني الزم ابرر لك ليه !؟ انت تشوف اني تحت امرك ليه ...؟
!! قاطعه فهد ؛ لحظة لحظه وش تقول انت
بدأ الشجار يرتفع وفيصل يدور حول نفس الموضوع اليريد ان يفصح عن السبب الحقيقي
!! ..واليريد ان يوضح كم هو مجروح ..وُم هان
..يريد فقط ان يصمت هذا الُم تشدق
فهد وهو غاضب جدًا :اترك عنك الكبرياء المريضة الي بتعيق حياتك !! قل لي منين
..بتصرف وتوكل البنت الي في رقبتك ..مانت قد العمل ليه من البداية وافقت
فيصل :اطلع برا والشوفك هنا مالك دخل فيني اكل ان شاء الله مع القطاوة وش دخلك
..
فهد ؛ انت مريض يافيصل ومتمسك بكرامتك عشان تحمي كسلك واال في الواقع انت
..كسول والي يعيش عيشتك ماله كرامة
بسرعة لكمه فيصل بقوة ورد فهد له اللكمة وهو يشعر انه مخذول من فيصل ..لكن
عندما رأى فيصل على استعداد تام للشجار تراجع ورفع اصبعه :دور لك حل يالكسول
..يشبعك انت وبنت اخوك
وتعدى نظره فيصل لينظر للفتاة الصغيرة الملتصقة بالباب باهته وشاحبه كعمها تمامًا
..بشعر مهمل وقصير كخيوط صوف قديمة
..وتراجع وخرج غاضبًا
:
:
..هي قالت لي انها رافضة
عبدالرحمن بصوت رجولي غير مكترث تمامًا بالموضوع :متى قالت لك ؟
.هناء :امس في الجامعة ،وواضح انها تبيني اوصل لك الموضوع
ضحك عبدالرحمن ووقف :وهذا انتي وصلتيه ،ورفع يده بتحيه :بلغيها اني مش متراجع
..وعن الدلع
جحظت هناء عيناها :كيف يعني ؟
..التفت عبدالرحمن وبوجه غير مهتم تمامًا :مثل ماقلت لك
ركضت هناء تحاول سبقه قبل ان يخرج :عمي عبدالرحمن اقولك البنت رافضه !! وش
يحدك تاخذ بنت ماتبيك
قال بغرور :اذا عرفتني بتموت علي خلي عنك الدلع ونادي اخوك وينه
..هناء :في النادي طلع من ساعة
عبدالرحمن بضحكه ذات معنى :اجل اترك لك مهمة انك تبلغينه بخطبتي لجمانة عشان
..يحضر نفسه للملكة
نظرت له هناء بحاجب معقود ..هل يعلم عمهم ان اخوها مهتم جدًا بجمانة بل انه منذ
!! ..وعى على الدنيا وهو يحبها ..هل هذا سر ابتسامته التهكمية
:
:
وقفت ُج مانة نحيلة ذات شعر يصل لكتفيها اسود جسدها مشدود گ الوتر من التوتر
..وهي تستمع لحديث والداها
..ابو فهد :بلغته يجي الخميس للملكة
ام فهد سارة :ممتاز باحضر نفسي على هذا األساس
تقدمت منهم جمانة بعد ان يئست من ان يستمع لها احد :قولوا له مافيه زواج لين اتخرج
..
ابتسمت والدتها في برود قاتل وگأن جمانة تتحدث بفرح عارم :اكيد حبيبتي الشروط الي
..تحطينها ويوافق عبدالرحمن عليها هي المعمول بها
..زمت جمانة شفتيها في حنق وتجاوزت جلسة والداها لتصعد لغرفتها
..التفتت سارة ناحية زوجها :اتفقت مع عبدالرحمن على الشراكة
عبدالگريم :طبعًا هو وعيال اخوه الله يرحمه بيكونون هم اهم المستثمرين في مشروع
..فيليدز قروب
سارة :وفهد !! انت عارف بيتخرج واكيد بيسافر يكمل دراسته برى
عبدالكريم :فهد من ترك فيصل والروحه للحواري الغابرة وهو راكد وهاديء ومايفكر اال
بنفسه لو بس امي الله يطول بعمرها ماتقويه علينا كان من االن حطيت له مكان بارز
..في المشروع
اخذت سارة فنجال القهوة بأناقة بالغة وبهدوء :انت متأكد انه ماعاد يتواصل مع الي
..اسمه فيصل
عبدالكريم :ايه متأكد ..اصًال حسب معلوماتي ان فهد ماراح لذيك المنطقة ابدًا
..تمتمت سارة بكلمة :ممتاز
:
:
..هناء :اهدأ يافارس مجنون انت
..كانت تسحب اخوها وهي تنظر خلفها :تعال نتكلم
فارس بعصبية :شلون نتكلم هذا مريض !! انا ملمح له اني ابي جمانة يروح يخطبها
..لنفسه !! عمره ٢٧ياخذ وحده تناسبه جمانة صغيرة عليه
..هناء :خالص هو خطبها وعمي وافق
فارس :الاسمعك تقولين لعبدالكريم عمي هذا موب عمنا الجشع الحرامي والله لوال فهد
..كان حتى سالم ماسلمت عليه
كان يروح ويجيء بتوتر وهو يضع قبضته على فمه ويفكر ثم رفع نظره الخته :هناء الزم
اكلم جمانة ترفض
..ضحكت بقهر ؛ جمانة اصًال رافضه بس من يسمعها
فارس :تقول لفهد
..هناء :قالت له ورأيه من رأيهم
فارس :هناء تكفين اي شيء بس هالمغازلجي الحقير ماياخذ جمانة تكفين
هناء :فارس التنسى انه عمنا مهما كان
..فهد :انا الي باقول لفهد بنفسي عن بالويه
تبعته هناء بسرعه وامسكت يده :تكفى فارس اتركهم بكيفهم جمانة خالص بتتزوجه
عمي مصمم
فارس :عمك مصمم عشان المشروع وماعنده مشكلة يزوجها عبدالرحمن او انا اهم شيء
ندخل معهم في المشروع
هناء :وانت تشوفها حلوه في حقنا انكم تتهاوشون على بنت
نظر لها فارس بعجب :هناء انتي تعرفين ان جمانة بالنسبة لي اكثر من بنت هي حلمي
..الوحيد في هالدنيا
:
:
..ضحك فهد من جدته :مافكر في الزواج الحين
رفعت العجوز القوية عصاهافي وجهه :والله ان تزوجت بدون مادري الغضب عليك تروح
تاخذ لك جنية مثل امك
ضحك فهد ؛ ياجده تتكلمين في امي ترى مارضى عليها
..جدته :ورا ابوك الرخمة رضى علي يوم طلعتني من بيته
..فهد ؛ هاه عاد انتي الي طلعتي بمزاجك ماطلعتك الله يهديك
..اصرت جدته على موقفها :اخت الطردة ناشبه لي في كل حركة وكل كلمة
ضحك فهد من جدته فهو يحب اغاضتها بوالدته التي التطيق حتى اسمها مر اكثر من ستة
شهور من الشجار الكبير بينه وبين فيصل يعرف ان الجميع سيستمر في حياته لكن
..اليستطيع ان يمنع نفسه من التفكير فيه وفي الصغيرة كيف اصبحت حياتهم
؛
:
عندما يرخي الليل ستائرهـ ليعم الظالم يظن البعض انه وقت الراحه لكنه وقت التعب ..
فمصابيح الهموم تشعل فتائلها لتقتات على الروح والجسد ممدد فيصل في الصالة
لمنزلهم القديم الذي تفصله عن المطبخ وغرفة النوم الوحيدة حيث كانت المرحومة والدة
سماء تطلق عليها جناحها كان يفكر كيف عطفت عليه زوجة اخوه وهي عروس كيف
شملته برعايتها واهتمامها وهي شابة ..اعتنائه بسماء لمئة عام لن يرد جميل عبدالله
وزوجته ابدًا
صوت صرير الباب الصديء جعله يلتفت ليجد سماء واقفه صغيرة جدًا وواضح انها خائفة :
سماء
سماء :عمو اقدر انام معك ؟
فيصل يفسح لها مكان على الفراش المهتريء :تعالي يابابا ووضع المخدة بينه وبينها
واحاطها بذراعه :وش فيك
سماء :كابوس
فيصل :نفس الكابوس
سماء بصوت خافت :ايه
تنهد فيصل :طيب قولي بسم الله وغمضي عيونك واخذ يداعب خصالت شعرها لعلها
تنام اليلوم الكوابيس ان زارتها في هذا المنزل فإحدى الغرف تمددت فيها والدتها بدون
..روح وفي هذا المكان رأت والدها يتبع نظره روحه
:
:
اتصل فارس بفهد :السالم عليكم
فهد ؛ وعليكم السالم هالبك
فارس يجلي صوته رغم ان فهد بعمره لكن دائمًا مايشعر انه اكبر منه بكثير بشخصيته
المستقلة :فهد باكلمك بموضوع
فهد :آمر ! ينفع بالتيلفون واال تجيني الني توي طالع من جدتي
فارس :باقولك الحين انا قالي عمي عن خطبته لجمانة
فهد :طيب ؟
..فارس :فهد عمي مايصلح لجمانة النه
!قاطعه فهد :وانت كيف تعرف جمانة وانه مايصلح لها !؟
..فارس ارتبك ؛ عمي يكلم بنات ويواعد و
فهد :هذا كالم مايطلع منك لعمك يافارس ماهقيتك والله كذا ..بدال ماتجمل عبدالرحمن
..تحاول تشوه سمعته !؟ واذا كلم بنات ياخي نص الشباب يكلمون واذا تزوجوا بطلوا
..عض فارس شفته بقهر يشعر ان الموضوع يخرج من يده :فهد اسمع
فهد :اسمع انت وانا اخوك بالش حركاتك الي احنا عارفينها مسألة انك بتغيض
عبدالرحمن براحتك لكن طلع جمانة من الموضوع اال اذا بتقولي انه ياكل مال حرام واال
يتاجر بشيء حرام واال مدمن واال اي شيء ممكن يشوه سمعته لكن بنات ياخي خله
..يشبع بنات لين يتزوج
!! فارس :فهد انا قايل لعمي اني ابي جمانة وراح وخطبها
وقف فهد في منتصف الشارع مستغرب كالم فارس وطفوليته :اصحى يافارس جمانة
ماهيب سيارة تتسابقون عليها انت وعمك !! اذا تبيها ليه سكت لين خطب عبدالرحمن !!
..الحين العاد اسمعك تفتح هالموضوع واكبر خالص واطلع من عقدة عبدالرحمن
:
:
" يوم الخميس يوم الملكة"
وقفت جمانة في وسط غرفتها تعقد يديها على صدرها ..وهي ترى والدتها بهدؤها الممل
تتفقد الفستان الزهري بشغل فضي واكمام طويلة الموضوع على الفاترينة :ممتاز يالله
خليهم يجهزونك عشان تلبسينه
تقدمت جمانة في محاولة اخيرة الستعطاف والدتها :يمة ! تكفين انقذيني التربطيني
بعبدالرحمن العمر كله
سارة تهز رأسها باستغراب ليتحرك شعرها القصير المقصوص " كاريه " :قلت لك اعطيني
مستمسك واحد عليه
جمانة :راعي بنات ويكلم نص بنات الرياض ويطلع ويواعد
ابتسمت والدتها ابتسامة لم تضيء قسماتها الهادئة والمتكبرة :عادي حبيبتي واحد
فااللف رجل مخلص وفي الغالب يكون مخلص لنفسه مش لزوجته !! اذا متوقعه انك لو
رفضتي عبدالرحمن بيجيك واحد مخلص ووفي انتي غلطانة الفرق انه ممكن ماتاخذين
واحد خائن وفيه ربع مميزات عبدالرحمن لذا اخذي عبدالرحمن على خيانته وممكن يتعدل
بعد الزواج انتي وشطارتك
قطع الحديث دخول هناء المتردد ومن مالمحها عرفت جمانة ان الاحدًا سعيد بهذا الزواج
ابدًا :سالم
التفتت والدة جمانة بفرحة مصطنعه :جت هناء اتركك تجهزين العروسة
..وابتعدت ترفع رأسها عاليًا وتمشي بتكبر وعنجهية
جلست جمانة :وش اخبار فارس ؟
..هناء :بيتقبل الموضوع غصب
جمانة :الجميع بيتقبله اال انا
هناء :جمانة سبق وقلت لك عن حب فارس لك وماهتميتي لذا طلعي فارس من
..الموضوع
وقفت جمانة بيأس :يمكن ماحبيت فارس ابدًا لكني اكره عبدالرحمن ياهناء وبعد ساعة
!!! ..بارتبط برجل اكرهه
:
:
طيب وش سويت بالمحل
..فهد :حطيت فيه عامل لين ينتهي اجاره النه مستأجره لمدة عام وبعدها باسكره
عبدالرحمن :المشاريع الغير مدروسه تنتهي بفشل
فهد :المشروع مدروس تمامًا وناجح لكن يبيله وقت وانا مااملك الوقت يمكن انت اكبر
مني ب ٧سنوات لكن ماتقدر تقلل من عقليتي التجارية
ابتسم عبدالرحمن بهدوء :اذا تقصد عقليتك الموروثة من والدك فاعذرني باشكك فيها
فهد بضحكه وبدون ان يدرك قصد عبدالرحمن :التخلي التحدي عندي يكبر وافكر اترك
الجامعة مثلك وازاحمك في العمل
عبدالرحمن بنفس النبرة ؛ خسارة الجامعة مكسب لنا ألني اشوفها الهاء لرجل مثلي
ومثلك عارفين نهايتهم وين بالضبط ..واال ال ياعمي
التفت فهد ليجد والده ينظر لعبدالرحمن باعجاب كبير :اكيد
:
:
وقف فارس امام الباب يحاول تمالك نفسه بدأ يتنفس بقوة وحده وكلما شعر انه افضل
..تذكر سبب حضوره هنا لتعود عليه نوبة القهر وتنزل دموعه تباعًا
حاول كثيرًا ان يبدو طبيعيًا ليستطيع الدخول لكن وجد انه فوق احتماله لذا اعطى الفيال
الكبيرة ظهره وعاد لسيارته حيث جلس فيها يبكي كطفل ..وبدون ان يشعر به احد او
..حتى يفقده
:
:
انت متخيل يافيصل ..بس تودي هالظرف للمكان الي عنوانه موجود يعطيك الف ريال
فيصل :طيب اخاف اعطيها شخص خطأ كيف اتأكد
بندر :انت بس قل له انا مرسول الحب ..وهو بيعطيك الفلوس
..فيصل :زين توكلت على الله
وذهب للمكان الُم راد اليشعر حتى بخوف فقلبه مات منذ زمن ..وكل مايفكر فيه ماذا
سيفعل باالف ريال حتى هذا المبلغ الكبير نسبيًا لعاطل مثله اليغطي ربع احتياجات
سماء ..لقد سرق لها ادوات المدرسة والُم ضحك انها بكت ألن الكراسة تحمل صورة كرة
قدم وليس رسمًا ينفع للبنات وحاولت ان يعيد الكراسة ويبدلها ..لكن عمها الحبيب
..اخبرها انه سيأتي بكراسة اخرى تنفع للبنات وهذه تكون في المنزل لترسم عليها
:
:
نزلت جمانة من الدرج اللولبي تحوم حولها المنسقه والمساعدة الالتي يرفعن الفستان
..تارة من جهه ويوجهن جمانة لوضعية التصوير من جهة اخرى
نزلت آلخر الدرج لتجد والدها واخوها وعبدالرحمن الذي يقف كأنه ينتظر شحنة بضاعة عند
الميناء لم تتمالك نفسها واحاطت اخوها بذراعيها تحتضنه
..امام ابتسامة عبدالرحمن الساخرة :غلطانة انا العريس
ابتعدت جمانة عن فهد وهي تحاول تعديل التاج لتتجاهل عبدالرحمن مرة اخرى وتعانق
والدها لكن هذه المرة لم تكن االبتسامة التي ظهرت على وجة عبدالرحمن بل نظر
لوالدها نظرة عرفها جيدًا جعلته يبعد جمانة ويقربها من زوجها :مبروك يابنيتي سلمي
على زوجك
قاطعتها المصورة :ناخذ صور هنا لك وللعريس
جمانة :ال ،انتهى عملك واكتفي بالصور الي معك ..ووقفت بسكون الى جانب عبدالرحمن
..وهي ترى انها تقريبًا اصبحت قزمة اال جانبه وجانب اخوها فهد
جلسوا جميعًا على الكوشة وقدم عبدالرحمن الشبكة لكن بدون ان يحاول ان يلبسها
جمانة
وقفت هناء تضع حجابها وعبائتها لتغطي فستان السهرة امام فهد
تقدمت والدة جمانة لتبارك لهما :حبيبتي مبروك
..والتفتت لعبدالرحمن :حبيبي عبدالرحمن وقبلته على وجهه
رفعت جمانة نظرها لوالدتها في تقزز واضح وعندما ادارت نظرها لعبدالرحمن وجدته ينظر
لها بنظره ساخره وابتسامة مستفزه تعلو وجهه
جلست سارة واشارت لهناء :هنو حبيبتي تعالي هنا
تقدمت هناء وهي تعبث بهاتفها لقد ارسلت لفارس عشرون رسالة واتصلت به مايقارب
..عشر اتصاالت بدون رد :مبروك عمتي عقبال ماتفرحين باوالدها
ضحكت سارة ضحكة مسرحية مناسبة لها وهي تضع يدها ذات االظافر المطلية :قولي
عقبال فهد ان شاء الله
ابتسمت هناء باستحياء وهي تنظر ناحية فهد الواقف بعيدًا ويتحدث بهاتفه
وينك الحين :
فارس :مالكم شغل
فهد بهدوء وغضب مكتوم :فارس التسوي شوشرة وتعال
فارس :وش تبون فيني ماراح اجي
فهد وهو ينظر الخته الحزينة :فارس بسألك سؤال واصدقني القول ..بينك وبين جمانة
شيء ؟
فارس :الوالله ..وكرر بتأكيد :الوالذي نفسي بيده
..زفر فهد بإرتياح :طيب براحتك مع السالمة
:
االيام حلقات ُم تصلة ببعضها البعض ..لتكون سلسلة طويلة ما أن تبدأ بها حتى تجد "
نفسك في زمن آخر ..سنة ،سنتان ،ثالث ،والتغيير يطرأ على بعض البشر سوى انه زاد
عمره فقط سنة ،سنتان ،ثالث ..قد تخفي السنين بعض الجروح وقد تطمس بعضها وقد
ُت شفي بعضها ..لكن ألن القلوب واألرواح انواع ..هناك ارواحًا تزيد جروحها على مّر
" ..السنين
" بعد ٣سنوات "
:
" الفصل الرابع "
:
:
ُ,,ك ْن لي غريبًا ف
ـ األحبة يرحلون
م.ن
:
:
..قفز فهد واقفًا وتراجع عن فيصل :أتزوج سماء
..وأشر بيده لداخل الشقة بـ قرف واضح
!! ..اما فيصل الذي توقع ردة فعل فهد مازال جالسًا :قّص ر صوتك ..واجلس
فهد :مانيب جالس انت مش طبيعي مليت من بنت اخوك وبترميها علي !!..؟
كالمه جعل فيصل يقفز ويمسك بتالبيب فهد ويهزه :انا مامليت منها ومانيب راميها عليك
!! ..انت أصال منت بكفو لـ سماء
نزل فهد يد فيصل عن حلقه بقوة وابتعد وهو يفكر بغرابة الموضوع ..فيصل الذي لم
يطلب منه حتى ماء بريال واحد اثناء تجولهم ..يطلب خدمة منه اآلن وبعد انفصال ثالث
سنين !!..وابنة أخيه التي يحرم عليه حتى ذكر اسمها ويغار من نظر الناس للسماء يريد
!! ..تزويجها اآلن
عاد لفيصل :ليه تبي تزوجها ؟ ( ونظر بتركيز في قسمات وجهه المنهكة ) ..انت مريض
يافيصل ؟
فيصل :ال ,,بسافر لشغل برا الرياض وباضطر اغيب تقريبًا ثالث أيام اذا رجعت تطلقها
وكأن ماصار شيء ..واذا مارجعت تحميها وتراعيها لين تتخرج من الجامعة وتطلقها اذا
!! ..حسيت انها اعتمدت على نفسها
ضحك فهد بقهر :تبيني اتزوج قاصر ماكنت تخليني انطق اسمها ..والحين فجأة بتزوجها
!!!لي يعد 3سنين مدري فيها انتم حيين او ميتين وش السالفة ؟ وش فيها البنت ؟
!! ..هذه المرة انقض فيصل يلكمه ويسحبه بتالبيبه لطرده من منزله :اطلع برا
فهد :ماهوب على كيفك اطلع ..لين تفهمني السالفة
..فيصل وهو ممسك بالباب يفتحه :اطلع برا مافيه سالفة انا ادور حل
فهد :حل أليش ؟؟
!! فيصل :مالك شغل
..فهد وهو يشعر ان الموضوع اكبر من المباالة فيصل :تعال فهمني طيب
زفر فيصل وتكلم بهدوء :انا بسافر األربعاء وان الله كتب لي عمر جيت األحد ..ابيك تملك
عليها فقط عشان تصير محرم لها
ضحك فهد :انت تتكلم عن طفلة يافيصل !!..وانا مانيب نذل استغل غيابك ..اقدر اخذها
واحطها في مكان آمن لين ترجع بدون زواج
فيصل :ال ,ابيك تكون محرم لها ..وهذا شيء أساسي وماتطلعها من البيت وماتحس
هي بشيء اذا رجعت تطلق واكون شايل لك هالجميل عمري كله
فهد بهدوء :واذا مارجعت ؟
فيصل وهو ينظر للبعيد :هنا يكون لك جميل اكبر من اني اشيله حي او ميت
فهد :اذا مارجعت أكون انا متزوج طفلة واعلقها واعلق نفسي سنين بعدين اتركها تواجه
مصيرها كأنك انت وهي ماخلقتوا ؟
..انت مجنون
فيصل :انا ماخترتك اال الني اثق فيك انت الوحيد الي اقدر أأمنه على سماء ولو ان
..الموضوع سهل مادقيت عليك عقب هالسنين
عز فعد رأسه :وش خطتك البديلة لو استمر جوالي مقفل او رفضت ؟
..فيصل كاذبًا :بازوجها بندر
فهد بصراخ :الحين تأكدت انك مجنون رسمي تعطيها هالداشر الي الشيمة وال قيمة وال
اخالق والدين
..فيصل :ايه يخليها تعيش مع خواته وامه
زفر فهد بقوة ويأس :وش مشوارك ووين الي رايح له ومودع كذا ؟
..فيصل :اجيب بضاعة من ميناء جدة لمخازن بالرياض
فهد :تابع ألي شركة او مؤسسة ؟
فيصل وهو يضغط على نفسه ومضطر يتحمل استجواب فهد :انا ماعرف اال الي
..يحاسبني بالمشوار
..فهد :أخاف بيورطونك في شيء كبير ألن كل شركة اكيد لها سواقين خاصين فيها
..فيصل :ال انا شايف البضاعة بنفسي
فهد :ليه ماتحط سماء عند ام سعود ؟
..فيصل :توفت من سنة الله يرحمها
تحرك فهد مرارا تكرارا بخط مستقيم شعر بإختناق اليستطيع القبول وال يستطيع الرفض
:كم عمر سماء؟
فيصل :تقريبًا 14سنة ماكملتها
..فهد :اسمع عندي لك حل ..باخذها عند جدتي واحطها عندها بدون زواج
فيصل :ماراح ارتاح اال اذا حسيت ان لها محرم غيري
فهد :ماراح نلقى شيخ يوافق يملك لنا
فيصل :اترك هالموضوع علي عادي تصير كثير ان واحد عمرة 23يتزوج وحده عمرها 14
فهد وشعر بحجم المعضلة :خلنا ندور حل بديل يمكن نلقى شي افضل
فيصل :انا ماجبرك يافهد ابدًا ..تقدر توافق وتقدر ترفض ..وتأكد اني مالومك لو رفضت
التحس بتأنيب ضمير ابد الني الني اكيد بلقى حل ( وأشر على الباب ) تقدر تطلع وال
..كأنك جيت وال كأن هالحديث دار بيننا
فهد :اسمع انا توني جاي من المطار وباروح للبيت اريح شوي وارجع لك ..قلت سفرك
األربعاء
فيصل بالمباالته المعهودة :ايه
..عاد فهد لألستفسار :لو انت سافرت اخذها معي واال اجي معها هنا
لم تفته حركة يد فيصل التي يقبضها ويبسطها بشدة كبيرة متوترًا :اذا وافقت تقعد
!! ..معها في البيت لين يجيك خبر مني
فهد مرة أخرى :فيصل انت متأكد مافيك مرض ..؟
!! ضحك فيصل بخفه :متأكد
:
:
رمت جمانة الهاتف بعد محادثتها مع والدتها القليل جدًا من سؤالها عن نفسها والكثير
!! ..الكثير من التعليمات ..جميع صديقاتها يعشن فرحة التخرج كاملة اال هي
تمنت ان يقف بها الزمن وتعلق بين مقاعد الدراسة لألبد ..ألن خروجها من الجامعة يعني
..دخولها لـ حياة عبدالرحمن
ايتسمت بسخرية لقد تعرضت في الثالث سنوات الماضية منذ خطوبتها على عبدالرحمن
وحني تخرجها هذا الشهر لتجاهل ممن حولها ال احد يفهمها او يحترمها او حتى قدر رغباتها
!! .. ..حتى هناء عندما تخرج فهد منذ عام وسافر لم تجد داعي للتردد عليهم كالسابق
واالن الجميع تذكر وجودها المرتبط بالزفاف الوشيك ..خاصة بعد حضور فهد وانتظار
العائلة الكريمة له لالستعداد لتعليق المقصلة لها ..رفعت يدها لعنقها وكأنها تشعر فعًال
بخناق حقيقي حولها لن يحررها من عبدالرحمن سوى معجزة وهي االن بالذات تحتاج
معجزة بشكل عاجل ..لقد طرقت قبل عام الباب الوحيد المتبقي واتصلت بعبد الرحمن
نفسه لعلها تجده رغم خوفها منه اهون منهم وان يكون خالصها بكلمة واحدة منه ..لكن
مازال حديثة يجول برأسها كدخان يلتف بعقلها لقد علق صوته الرجولي الفخم في طيات
عقلها ونخر في رأسها طويًال بكلمات شعرت معها ان الخالص لها منه :لقد ضحك عند
شرحها سبب عدم رغبتها الزواج منه وقال لها بشكل صريح :انا ماطلبت محبتك وأيضا
ماراح ادعي اني احبك ومش كل الزواجات مبنية على حب !!..تعايشي مع عدم حبي وانا
اوعدك اني اتعايش مع كرهك لي بشكل سلس جدًا واعتبره شيء تافه مايستدعي
!! ..ضجة
:
:
:
دخل فهد فيال عائلته الكبيرة ليجد والده ووالدته باستقباله رمت والدته يديها النحيلتين
واهتز شعرها القصير قرب وجهه وهي تتمتم بعبارات الشوق والترحيب بينما وقف والده
واحتضنه وبدأ بسرد مهام زيارته وكيف يتوجب عليه قضائها باالستفادة منها في تعزيز
مكانته في االعمال كان فهد ينظر اليهم ويحرق صدره مالمح فيصل وعيونه المترددة ..
طلب كبير كهذا من فيصل خلفه سر كبير ..اذا كان يثق به زوجًا لها لماذا اليؤمنه عليها
بدون زواج ..تقزز فهد من مجرد زواجه من طفله حتى لو باالسم ..وجال بباله شحوب
سماء وعينيها الواسعتين وشعرها المتكرمش المائل لالحمرار وسحنتها الباهته
..ومالبسها الفضفاضة الداكنة غالبًا
سارة :فهد حبيبي تأخرت ؟
..فهد :مسكتني زحمة في طريق المطار وكان معي واحد وصلته
..الحمدلله رجعت بالسالمه ..لحظة انادي جمانة
..أبو فهد :بكرة تروح معي للمكتب على األقل تأخذ فكرة
مد فهد يده لدلة القهوة ليمأل فنجاله الذي وقع محدثًا صوتًا مجلجًال على األرضية الرخامية
..فنفض فهد يده ووقف وهو يشعر بالتوتر يتصاعد وليسكت الزن في رأسه ألتقد مفاتيح
سيارته وعاد ادراجه لفيصل متجاهَال سؤال والده :على وين ؟
:
طوال الطريق وهو يضع حلول ويعود فيلغيها ليضع حلول أخرى ليلغيها هي األخرى
الينكر محبته لفيصل ابدًا وال ينكر ان الموضوع شغل جل تفكيره ..لذا اذا كان الحل هو
!! ..زواجه منها سيفعل
ركض مع الدرج صاعدًا لشقة فيصل وطرق الباب ليفتحه فيصل :رجعت ؟
..تجاوزه فهد ودخل ثم ألتفت لجهة الباب حيث مازال فيصل يقف :انا موافق على عرضك
ابتلع فيصل غصة كبيرة كل تغيير كبير يحتاج لنقله كبيرة سيعتبر انه يقوم بعملية
استئصال للفقر والبؤس من حياته وحياة سماء وكأي عملية استئصال سيحتمل األلم
المصاحب لها ..ثم سيصحح حياتهما لألبد وسريعًا
..فيصل :اجل بكره تجي العصر انا بابلغ اإلمام ألنه مأذون انكحه
فهد :وسماء تدري ؟
..فيصل :مايحتاج تدري ويمكن ينتهي الموضوع وهي مادرت واذا كبرت شرحت لها الوضع
فهد :اتفقنا اجل ؟؟
:
:
دخل عبدالرحمن جناحه ..انتهت جمانة من الجامعة لذا يجب ان يكون الزواج وشيكًا ..
سيحتمل غرورها ودلعها في سبيل الحصول على مايريد يساعده في ذلك طموح فهد
وتوجهه للعلم ,,وتحليقه خارج خارج سرب الشراكة العائلية ..الجديدة ..وابتسم وهو يتذكر
الكم الهائل من السنوات التي تفصل فهد عن العمل معهم لقد أراد الماجستير ثم
الدكتوراه ..ثم و و و حتى انه يحتاج لما يقل عن عشر سنوات للعودة ..لكن عندها لن يجد
مايعود ألجله هو فقط شاكر لفهد النه ازاح فارس ومشاعره وغبائه عن طريقه وذهب به
للدراسة سويًا جلس خلف مكتبه في جناحه وأخذ الهاتف ثم تشدق بابتسامه " اآلن
وقت المتعة " واتصل بالرقم المخزن لديه منذ عام
جمانة :الوه
! عبدالرحمن :صوتك الفّت ان
جمانة :ركز ياعبدالرحمن انا جمانة مش وحده من جواريك
..عبدرحمن بضحكة قوية :اذا اختلفت المسميات عملكم واحد
..زاد حنق جمانة :تخيل مجرد صوتك يخليني اشعر بالغثيان
عبدالرجمن :جهزي نفسك هذي البداية فقط ..اتصلت عشان اقولك حللت اهًال في قلب
عبدالرحمن
..أغلقت جمانة الهاتف وهي غاضبة جدًا تعرف ان القلب له لتحل هي وغيرها فيه
لقد كان رسميًا واضحًا مع صديقتها عندما حاولت خداعه وقال بالحرف الواحد :ماعندي
وقت اضيعه على كالم مراهقين احتاج اكثر من كذا وباكون سخي معك ماتقدرين مع
..السالمة
:
:
األربعاء بعد صالة العصر مباشرة ..في شقة فيصل وسماء ..يقف فهد وللسخرية يرتدي
..ثوبًا وشماغًا انيقين جدًا بينما فيصل يلف شماغه حول وجهه كأنه للتو دفن اخوه
الشيخ :هل الفتاة راضية
فيصل :نعم ياشيخ وانا وليها
الشيخ وهو يرمق فهد :هل هناك أسباب تستدعي زواجها في هذه السن المبكرة
..فيصل :نعم ياشيخ خطبها رجل كفوء وانا واهي موافقين
..الشيخ وهو ينظر لألوراق الرسمية :الفتاة صغيرة
قاطعه فيصل :عائشة تزوجت الرسول وهي بسن اصغر
الشيخ وهو متعجب لصمت فهد :االمر مختلف
فيصل :نفس اإلسالم ياشيخنا الشهود وصلوا بارك الله فيك
جلس فهد وهو يشعر انه في مشهد تمثيلي رديء يقوم بدور كومبارس ..البطولة له
مد يده للشيخ ببطاقته ليردد الشيخ :العريس فعد عبدالكريم الراجي
ثم يأخذ كرت العائلة الخاص بعبدالله ويقرأ :العروس سماء عبدالله الفيصل
! فيصل :فيصل انا وكيلها ووليها
الشيخ إذن ردد معي :زوجتك أبنة اخي سماء على سنة الله ورسوله
ليردد فيصل وهو ينظر لفهد :زوجتك ابنة اخي ( وبلع ريقه بصعوبة وزفر ثم اغمض عينية
ليفتحها وهو مازال يحدق في فهد ) ويكمل :سماء على سنة الله ورسولة
!! ..نظر له فهد طويًال ..طويًال ..يحاول فك األحجية التي امامه وزفر وهو يقول :قبلت
كان الشيخ يأخذ بطاقات الشهود ويدونها لديه في الدفتر الكبير ثم قال وهو يوجه
الكالم لفيصل :الصداق على العريس ؟
فيصل :ريال وشيمة رجال
وفهد صامت
الشيخ :والمؤخر ؟
فيصل :بدون لكن شرط واحد فقط
..الشيخ :قل شروطك لنكتبها في العقد
فيصل :مايمنعها من دراستها تحت أي ظرف واذا منعها يحق لها فسخ الزواج
الشيخ :طبيعي يفسخ الزواج اذا اخل العريس او العروس بأحد الشروط (..والتفت لفهد
) هل لديك مانع ياعريس ؟
..فهد :فقط امانع انك تناديني عريس
:
:
خرج الجميع ووقف فهد وفيصل ودهًا لوجه وقال فهد :متى أتوقع رجعتك ؟
فيصل :االحد ان الله عطانا عمر
..فهد :باخذها لبيت جدتي ماقدر اقعد هنا
فيصل :ال خلك هنا معها لين لين ارجع عشان ماتحس بشيء
زفر فهد بيأس :ان شاء الله
فيصل :ان شاء الله انا الحين باسري عشان يمديني ..فهد سماء امانة في رقبتك
ووصيتي لك حي واال ميت ..اعرف انه حمل كبير لكن مالبيد حيلة
فهد :ترجع لحمولك وانا اخوك
..فيصل :انا بادخل على سماء اسلم عليها
ودخل بخطى بطيئة حيث نادى سماء ..ليسمع فهد صوت اقدامها الراكضة :عمو ..
وتقدم لينظر من الباب الموارب بينهما ..فوجد سماء تضع يديها على كتفي عمها وفيصل
جالس على ركبتيه مواجه لها ويحيط الصغيرة بيديه : ..سما حبيبتي انا مسافر ..فهد
اخوي واثق فيه بيقعد معك لين اجي وان ماجيت خليك معه
سماء :ليش تروح ؟
فيصل :عمل مهم يابابا
سماء :انت قلت لي ان عملك سهل
..فيصل :هذي اخر مرة بعدين ماروح ابدًا واقعد عندك عشان نأثث غرفتك الي تبينها
نظر فهد لمالمح الفتاة تتوتر لتشد بيديها الصغيرة على كتفي عمها :ال مابي شيء ابيك
..انت بس تقعد معي
ابتلع فيصل ريقه وابتسم :حبيبتي ..بارجع ان شاء الله بس باوصيك على نفسك انتبهي
لتفسك ..تراك سماء ..سماء فيصل ,,وانتبهي لدروسك ,,زين ..والعليك اال من نفسك
..الي يريحك سويه وماعليك من احد بس سويه اذا صح ..وخليك يابابا قويه دايم
الخطاب القصير أصاب فهد في مقتل فيصل لن يعود حتى الفتاة شعرت بذلك والقت
!! ..بنفسها بين ذراعيه تشد على عنقه وتبكي :التروح مابي شيء بس التروح
نزع فيصل ذراعيها من عنقه ومسح دمعتها بيده بينما دموعه بللت رموشه ولم يستطيع
مسحها امامها :لو رحت او جيت انتي هنا في قلبي وانا هنا في قلبك ..صح ؟
..سماء بصوت باكي :صح
وقبل ان تعود للتعلق به وقف سريعًا وهو ينظر لفهد الواقف ..كان فهد ينظر في عمق
عينيه يجرده ويعريه ويبحث عن همه خلف المباالته التي تصدعت امام الصغيرة :..انت
ماعندك نية ترجع قل لي وين بتروح ؟ بتجاهد ؟ بتنظم لمنظمة إرهابية ؟بتهرب من الحياة
للموت ؟
فيصل :افكارك حلوة بس لألسف شطحت المهم سماء امانه عندك ..وتذكر ان موب كل
الناس انولدوا ولهم ارصدة اكثر من أيام حياتهم ..وقبل الانسى ونظر لفهد المصغي له
..بتمعن
فعاجله بلكمه هزت توازنه وترنح بسببها وتراجه غاضبًا :وش فيك ؟
!! .فيصل :هذي لو يوم من األيام زعلت سماء وانا مانيب حولها
:
:
فؤادي وهل في ضلوعي فؤاد ؟
لقد كدت انساُه لوال الصدأ
م.ن
:
قراءة
استيقظ فهد على صوت صراخ مكتوم لم يكن نومه عميق ولم يجد في النوم بهذه
الشقة مايجعل نومه يصبح سهل فقد نام ويده تحت رأسه اثناء متابعة التلفاز ..لكن
ماايقظه مازال مستمر بالبكاء والصراخ المكتوم ..قفز وتقدم من الباب وطرقه وعندما
تأكد ان الصوت مصدره سماء فتح الباب ودخل يتبع الصوت ليجدها مكومه على فراش
قديم ومتدثره بلحاف قديم وهي تضع يديها حول وسطها وتبكي بشده غير واعية
لوجوده ..تراجع فهد وهو اليعلم كيف ينبهها بوجوده بدون ان تشعر بالخوف ..لكن
عندما وجد انها ترتجف وهي تحاول اغماض عينيها ومستمره بالبكاء دخل :سماء !؟
..فتحت الصغيرة عيناها لترى فهد فتراجعت في خوف
فهد مد يديه مطمئنًا :التخافين !! وش فيك ؟ تحسين بشيء ؟
..وكأنه ذكرها بإحساس اكبر من خوفها فقالت وهي تبكي :عمي ..عمي فيصل
فهد :وش فيه ؟ مشتاقه له ؟
..سماء :عمي حلمت انه مااات
ابتلع فهد ريقه وتقدم منها وجلس على طرف الفراش :قولي بسم الله هذا كابوس ..
..فيصل ان شاء الله مافيه اال العافية ..وبكره يجي
كانت الفتاة تهز رأسها بألم وعدم تصديق كأنها تعلم شيء اليعلمه وهي تبكي بفقدان
..امل :عمي فيه شيء ..انا دايم احلم بابوي واليوم حلمت بعمي
بدأ فهد يشعر بالبرودة من عمق مشاعر الصغيرة وكانها تتحدث عن معرفة بمصير عمها :
علميني وش شفتي ؟
..سماء وهي تبكي :عمي في الظالم ..ماعاد اشوف وجهه
فهد :طيب اذكري الله وانا باكلمه وش رايك ؟
! سماء :مامعه جوال
..فهد :باحاول اكلم عمله
نظر لها تضع راحتيها على وجهها وتجهش بالبكاء كأنها تعلم ان حديثه كذب ..وان مصير
..عمها الظالم كما قالت
وقف فهد وذهب إلحضار ماء لسماء وعند عودته وجدها جالسه تحتضن المخده !! ..وتنظر
له برعب تحاول اغالق عينيها ربما حتى التراه لكنها تعود تفتحها ربما النها التريد ان ترى
..كابوسها الذي بدأ فهد يشعر بالخوف منه
وضع الماء عند رأس الفراش وعاد ادراجه ..وهو يعلم انه لو حاول الدخول عليها في
الصباح والحديث معها لصرخت خوفًا لكن واضح انها تحمل همًا اكبر من عمرها ارادت
!! ..مشاركته اي احد
:
:
في منطقة نائية من الحدود بين السعودية واليمن ..تجمع لقوات االمن والشرطة
منتشرين لمسح المنطقة حتى يجمعوا ماتناثر من مواد مخدره للشاحنة المنكوبة ..الذي
يغطي جسد سائقها كيس اسود خاص بالوفيات ..بينما وجهه مليء بالدم والكدمات
..وعينيه شاطحه الحياة فيها رغم انها تحدق بموت للسماء
:
:
وإنك عطٌر وإنك ماء
وإنك مثُل نجوِم السماء
وأنك حٌب سرى في الدماء
فكيف الفراُر وحبك موت
.أُي جدي الفرار إذا الموُت جاء ؟
م.ن
:
:
..قراءة ممتعة
دخل فهد على والدهـ في المكتب بعد ان قابل حفاوه كبيرة من السكرتارية والموظفين
في شركة والده ..وجد ان والده يضع يده على رأسه :عسى ماشّر !؟
رفع ابو فهد نظره لفهد وتلقى سالمه وقبلة الرأس بهدوء ثم قال :العمل متعب وانا
وحيد
فهد ؛ انت توك شباب
ابو فهد :اسمع يافهد ابيك على االقل تهتم بمشروع فيلديز حتى لو من بعيد عشان اول
ماترجع تمسك الشغل
فهد ؛ انت من جهه وامي من جهه
..ليقاطعه والده :وانت جيت من هنا واختفيت ٣ايام من هنا ونايم برا البيت
وقف فهد عند سماعه الخطاب الذي اعتاد عليه في اليومين الماضية :باكون في البيت
..الليلة ان شاء الله
وعاد لشقة فيصل قطع الطريق بأمل ان يجد الباب الذي اصّر ت سماء على اقفاله مفتوح
والشقة الخالية ممتلئة بصاحبها ..لتعود األمور لنصابها ..اليريد االنشغال بسماء وال
بأعمال العائلة ..يريد فقط ان يواصل دراسته ويحقق مايريد قبل العودة لحظيرة العائلة ..
اوقف سيارته ونزل مسرعًا وعند دخوله لمدخل العمارة الحظ اثنان من العسكر ينزالن
الدرج ..قطب جبينه وشعر ان االمر يخص فيصل ..رغم ان العمارة بها على االقل ست
!! ..شقق
:
:
!! ..انا تاركة الجامعة عشان ارتاح اليوم
ام فهد ( سارة ) :ممتاز وانا وش قلت عشان افسد راحتك ..كل الي قلته الزم تعملين
! ..حسابك عشان تقابلين عبدالرحمن اليوم وتتفاهمون على الزواج
جمانة ببرود :اذا العريس ماخترته تتوقعون اهتم اذا ماخترت القاعة او منسقة الحفل او
..لون الورد
سارة بتفهم ؛ جمانة حبيبتي اغلب البنات يتزوجون زواجه تقليديه اذا ماكان تسعين بالمية
..منهم
جمانة بذات البرود والجهاز المحمول في حضنها تتصفحه بإهمال :انا ماتزوجت زواجه
تقليديه انا تزوجت شخص انبح صوتي وانا اقول مابيه بس من يهتم ؟؟
:
:
ركب فهد سيارته عند خروجه من مركز الشرطة وضع رأسه على المقود ويديه االثنتين
حول جسده بألم ..كم االسئلة والحقائق التي تلقاها بالداخل تجعل جبًال ينهار حتى
يتساوى مع االرض ..فيصل مات ..فيصل مروج مخدرات ..فيصل ترك سماء له ..فيصل
مات ..فيصل مات ..فيصل مات ..لدرجة ان التعرف على وجهه المتورم المليء بالكدمات
اليقّل عن الموت ألمًا ..فيصل مات ..تحجرت عيناه وذاب قلبه لم يستطيع البكاء ..كمية
من الحنق والغضب زالت بمجرد ان سمع فيصل مات ..احساس عارم بالذنب بمجرد ان
سمع ان فيصل مروج مخدرات ..لقد شك به لكن لم يتبع شكه ..لو انه اصّر لمعرفة
مشواره الغامض لو انه فقط تحقق اكثر ..لم يكن فيصل ليلقي بسماء في احضان اي احد
سوى اذا كان في رحلة ذهاب اليعلم اذا كان سيعود منها ام ال ..فيصل مات ..وبمجرد ان
تذكر سماء وليلتها البارحه تفجرت براكين دموعه لتحرق وجهه ..بدأ يهتز بشده ..من
البكاء ..كيف يخبر سماء !؟ واين يرحل بسماء ..؟
:
:
..سماء عبدالله الفيصل
..بمجرد سماع اسمها من ادارية المدرسة حتى وقفت في الفصل
القت عليها االدارية نظرة طويلة ثم قالت :جمعي كتبك واغراضك والبسي عباتك وتعالي
..لإلدارة
جمعت كتبها بسرعة وارتدت عبائتها ووضعت الطرحه حول عنقها كاإليشارب ..وتبعت
..المعلمة حتى وقفت عند االدارة
..المساعدة :يالله حبيبتي فيه اذن خروج لك من ولي أمرك
ابتسمت سماء في حبور وحاولت اخفاء ابتسامتها ..لكن قلبها الَف ّر ح كاد ان يطير بين
جوانب ضلوعها ..لقد عاد عمها ..وهو من اخذ اذن الخروج لها رغم ان اليوم الدراسي على
نهايته ..لقد عاد ..خرجت تمشي في الباحة الخارجية متوجهه للبوابة الرئيسية تنتظر
الحارس ان يفتح لها ..وتنظر بخلسه للمعلمتين التين استعدتا للمناوبة تجلسان وتنظران
لها بشفقه ..عقدت حاجبها وتراجعت حتى التصقت بالباب تنتظر ان يفتح لها الحارس
التحب تحديق االخرين بها ..لكن سماع اسمها جعلها ترخي مسامعها ..لتسمع احداهن
..تقول :ايه مسكينة تقول نورة ان عمها متوفي وجايين ياخذونها
..االخرى :ياقلبي ..هذي الي ساكنه مع عمها وابوها مات يوم انها خامس
وقفت سماء تنظر بتمالك شديد للنفس للباب الُم غلق ..لن تطفيء فرحتها ثرثرة معلمات
..سُي فتح هذا الباب حاًال ..وسترى عمها االسمر النحيل بقامته الُم حببه ..يلف الشماغ حول
...وجهه كعادته ويبتسم لها ..ليأخذ حقيبتها منها ويضع يده في يدها
صوت فتح الباب اعادها للنظر لألمام بتركيز ..كان ضوء الشمس يدخل مع الباب المفتوح
..لكن بمجرد ان ُف تح بالكامل ورأت فهد يقف ورأسه منحني وهو يعض سبابته ومتكيء
على الجدار حتى عرفت ان ماسمعته صحيح ..وانها لن تصدقه ولن تعيشه ولن يأخذ منها
الموت آخر اهلها ابدًا ..لذا صرخت بقوه وركضت تهرب ..التعلم إلى اين ..لكنها تركض
هاربه متجاوزة السيارات ..كانت تسمع فهد يناديها ..ويركض خلفها ..رمت حقيبتها عندما
شعرت انها تثقل كاهلها الُم ثقل اصًال ..ركضت ليخف الطنين في رأسها ..والثقل في
قلبها ..والنار في صدرها ..ركضت وهي تشعر ان كلمة مات تتمزق بفعل الهواء الذي
يتالعب بسرعه بشعرها ورأسها وتطير ....هربت من الموت وهي تسمع صراخها وندائها
لعمها ..تارة تناديه بعمي وتارة تناديه بفيصل ..لكنه كان لها اكثر اكثر من ذلك ..لقد
..شعرت ان الظالم يتبعها ..حتى امسك بها
امسك بها فهد بصعوبة ..كان يركض خلفها وندائها لفيصل ُي مزق قلبه ..كان يركض
خلفها وهو يريد بشده ان يركض مثلها لكن في اإلتجاه المعاكس ..ان يهرب منها ومن
يقينها الذي جعلها تعلم فور ان رأته ان العم لها بعد اليوم ..وان يهرب من حقيقة ان
!! ..فيصل ..مات
:
:
حمل فهد سماء بصعوبة رغم انها خفيفة الوزن لكنها كانت تصرخ وترفس حتى ركبها معه
ًا
سيارته ثم دار راكضًا ليركب هو اآلخر ..جلس وتنفس بينما سماء تغطي وجهها بيديها
وتبكي ..كان امر صعب ان اليبكي معها ..في الواقع بكى معها حتى انه رفع ذراعه اكثر
من مرة ليمسح عينيها بكم ثوبه ..هي فقدت عمها للتو ..ترتدي مريوًال كاروهات وقميصًا
ابيضًا واضحه اطرافه من كم عبائتها الصغيرة عليها وحذا رياضي رث جدًا وشنطة رثة تكاد
تتمزق احضرها الحارس راكضًا للسيارة ..شعرها المهمل وجهها الباكي ..مظهرها البائس
!! .. ..دموعها !!..مع ذلك هي زوجته ..هذه الطفلة المنتحبة ..زوجته
:
:
وقف عبدالرحمن بأدب مصطنع عندما نزلت ُج مانة ..وتقدمت وهي تنظر له بينما رفع
حاجبه لها وعلت شفتيه ابتسامة ساخرة ..كان نظرهم لبعض كتقييم هو اسمر وسيم
جدًا بعيون ناعسه تعطيه مظهر حنون اليمت لشخصيته بصله ..كان يشبه اخوها فهد
لكن فهد اصغر سنًا ..واطول قامة قليًال ..واكثر انسانية ..بينما عبدالرحمن ..يرى فتاة
قصيرة ذات شعر قصير ومالمح عاديه ناعمة ..اذ ان حظ ابناء العائلة بالجمال والوسامة
اكبر من حظ فتياتها ..قطع حرب العيون صوت سارة :اهًال جوجو تعالي حبيبتي وسلمي
..على عبدالرحمن
..تركت يد جمانة الدرابزين وتقدمت :السالم عليكم
ابتسم عبدالرحمن ومد يده ليتلقى يدها الممدودة :وعليكم السالم ..اهًال بالعروسة ..
..سحبت يدها من يده بعد ان بدأ يحرك ابهامه بتمهل وحسيه على كفها
..جلست جمانة ووضعت رجل على رجل وقالت :ابغى زواج عائلي مقتصر على العائلة فقط
..شهقت سارة :طبعًا ال مستحيل اسمح لبنتي الوحيده تسوي زواج مختصر
رفعت جمانة حاجبيها لوالدتها بتعجب ..وكأنها تقول (لكن عادي تجبرينها على الزواج )
عبدالرحمن :السبب ؟
..جمانة ؛ ماودي زواجي يمتلي بالبنات المكسورة قلوبهن
..ضحك عبدالرحمن بقوة وتسلية :جمانة تصوريني دنجوان الي يسمعك بيصدق
..بينما ابتسمت سارة :جمانة موب وقت غيرتك بعدين خالص انتي فزتي بقلب عبدالرحمن
..عبدالرحمن :فيه مكان معين تبين الحفلة فيه
..او يوم معين
.جمانة بسخرية :ايه ابغاه في يوم الفاالنتاين
عبدالرحمن بتساؤل :شيء ثاني ؟
جمانة :ال
..وقف برشاقة ؛ اذن اتفقنا زواج كبير في قاعة كبيرة يوم ١٤والدعوة عامه
..عند خروجه التفتت سارة على جمانة ؛ خلي اسلوبك ناشف كذا وطيري الرجال
..جمانة :والله هذا اسلوبي ..مو عاجبه يروح
!! سارة :جمانة
:
:
كان فهد وسماء في غرفتها هي تبكي بحرقه بينما فهد اليعرف كيف يواسيها ..كيف
يواسي شخص انهارت ركيزة حياته فجأة ..كان في نفس الوقت يحدد خياراته مع سماء ..
لقد طلب منه فيصل اذ لم يرجع ان يحمل االمانة حتى تتخرج من الجامعة وبعد ذلك
يطلقها ويجعلها تواجه مصيرها ..ستتخرج تقريبًا بعد 8سنوات اكثر او اقل اليعلم ..كانت
كتفاها نحيلة جدًا وضعيفة جدًا ومعصمها الذي ترفعه لتغطي وجهها بيده نحيل لدرجة ان
قبضة قد تكسره كسر مضاعف ..كانت ضعيفة واليعتقد فهد انها ستعتمد على نفسها
في يوم من األيام :سماء
..رفعت نظرها له بين الدموع
فهد :تعرفون احد من الجيران ..او لكم معارف ..او يجيكم احد
..هزت رأسها بال
وقف وتفحص الغرفة ..وفكر ان ال احد سيأتي للتعزية في فيصل الن الاصدقاء له لذا
سيأخذ سماء من هنا والتفت لها :جهزي اغراضك بنروح
سماء فتحت عينيها بقوه :وين ؟
..فهد :بتروحين معي
سماء :ال
فهد :بتقعدين هنا لحالك ؟
سماء :ايه
ابتسم فهد يبدو ان الهشاشة التي تبدو عليها ليست حقيقية وهي اصلب من ذلك او
..تدعي الصالبة :اسمعي صعب تقعدين هنا لحالك ..انتي صغيرة وانا خايف عليك
..سماء بدموع :اخاف عمي مامات ويرجع هنا مايلقاني
مرة اخرى اكتشف فهد انها هشة اكثر مما تبدو لذا جلس الى جانبها وامسك بكتفيها :
سماء عمك الله يرحمه ..وهو وصاني عليك ..انا باخذك عند جدتي ..بيتها مريح جدًا وهي
حنونة ..تقدرين تعيشين معها وتدرسين عندها ( ..وليشتت انتباهها ) صح الزم تكملين
دراستك وتنتبهين لها ؟
..هزت رأسها سماء موافقة
..فقام فهد ؛ يالله اجمعي اغراضك الي تبينها
بعض خيارات الناس في الواقع ليست خيارًا هي اجبار للمضي في المنعطف الوحيد "
" المتاح
:
:
كان انتظار فهد من اصعب اللحظات دائمًا هو الوحيد الذي يزورها باستمرار ..لم يحمل
قسوة عبدالكريم او عبدالرحمن ..ولم يهملها مثل ابناء حفيدها المتوفي ..بل شعرت معه
انها مهمة ..لكن االن وألول مره تنتظر وصوله برعب مما يحمل خاصة بعد ان اخبرها ان
تطلب من الخادمة تجهيز غرفة لفتاة معه ..لقد قال لها التسألين فقط اريد ان اضعها في
ايدي امينة حتى اعرف ماافعل معها ..هل هي فتاة غلط فهد معها ..هل هي فتاة احبها
وهربت معه ..هل هي فتاة وجدها واراد مساعدتها ..كانت جدًا متوترة تشد بيديها
االثنتين على رأس العصا التي تتكيء عليها ..االصوات القادمة من مدخل بيتها الصغير
والمريح جعلها تتقدم لهم في نفاذ صبر :هال هال يمه
ًا ًا
كان فهد منهك جدًا وحزين جدًا قبل رأس جدته ..وهي تنظر خلفه للفتاة المعنية ليسحب
يده التي تمسك بيد فتاة صغيرة باكيه وحزينة هي األخرى وتبدو في حالة مزرية تحمل
..معها كيس وشنطة مدرسية
حدقت بها الجدة ثم رفعت نظرها لفهد :من هذي ..؟
والن فهد رأى تراجع سماء وتوترها من خالل يدها التي يشد عليها :هذي سماء ..كلمتك
..عنها
! ..الجدة :طيب يا ميشيل !..ميشيل
نعم ماما
الجدة :خذي سماء خليها ترتاح وتغسل وجهها
وعادت بانتباهها لفهد :هه وش سالفتها هذي بعد ؟
فهد :تذكرين فيصل صديقي القديم ..هذي بنت اخوه الي قلت لك عنها الحين هو مات
..الله يغفر له
الجدة :وين خوالها اهل امها ..اهل ابوها ..؟
..فهد :مالهم احد ،ابدًا ..انا اقرب شخص لها
الجدة :كم بتقعد هنا طيب
..فهد :كم تقدرين تتحملينها
..الجدة بجفاء :انت تعرف طبعي ماتحمل احد معي
..فهد :اذن تحمليها لين اسافر بس وباخذها معي
!!! الجدة :شلون تاخذها ؟؟ شلون بتسافر معك بأي صفة
..فهد :بصفتها زوجتي واخرج عقد الزواج من جيبة ؛ انا مملك عليها قبل وفاة عمها
صدمت الجدة والتفتت ناحية الغرفة التي تسكنها الفتاة !!!..ثم عادت لفهد لتقول :وش
ورطت نفسك فيه ؟؟؟
:
:
خرج من عند جدته متوجهًا للصالة على فيصل ..لم يستطيع ان يمر سماء قبل ذهابه لكن
..وصى جدته بها خيرًا ..ثم سيذهب لعائلته
الموت حصير الواقع وهو الحقيقة الواحدة ..التي يصعب تصديقها ..والرعب الذي المهرب "
" ..منه
دخل الفيال وواحهته والدته :فهد بسم الله وش فيك ..؟
..كان متعب جدًا :فيصل مات
سارة ؛ انا لله وانا اليه راجعون ..الله يرحمه ( والتفتت لزوجها )
الذي قال :انت متواصل مع فيصل ؟
..ضحك فهد بسخرية :ال ماعاد فيه تواصل وصعد لغرفته
؛
:
جلست سماء في طرف الغرفة المؤثثة بشكل جميل ..كان اثاثها بني غامق .سرير
ومكتب وتسريحة وجدران مزينة بنقوش كانت واسعه نسبة للشقة التي تسكنها
وضيقة نسبة للضيق الذي يسكنها ..كانت سماء تجلس على اريكة التستطيع
االسترخاء والتستطيع البكاء براحة لقد اخبرها فهد ان هذا المنزل لجدته وانها حنونة
لكن ماان خرج حتى وقفت السيدة العجوز تنظر لها بحدة عاقده حاجبيها وتحدق بها
وسماء تكره ذلك صمتت من البكاء من تحديق السيدة التي وقفت بالباب ثم قالت :انتي
بنت كبيرة الحين الموت حق وكلنا بنموت امسحي دموعك وارتاحي ..ثم عادت لتقول :
..واذا جاء فهد التطلعين له
نقطة . .ذرة ..اشعر نفسي الشيء ..كنت بنت اخ فيصل وفيصل رحل انا اآلن الشيء " ..
كل مااريد ان اصرخ اصرخ اصرخ حتى احرق العالم بصراخي ..او ابكي ..ابكي ..ابكي ..
" ..حتى ُا غرق العالم ببكائي
:
:
استيقظ فهد من النوم يشعر بصداع لكن بمجرد ان تذكر انه ترك سماء في مكان جديد
وحيدة قفز بسرعة وارتدى ثيابه ..وركض مع الدرج محاوًال تجاوز والداه واسئلتهم ..ركب
سيارته وتوجه لمنزل جدته ..طالما شعر بالراحة في منزلها الصغير لقد خرجت من منزلهم
غاضبة ذات يوم من والدته لم تتفق معها ابدًا ولم تحبها ابدًا واعتبرت جدته ان عدم االخذ
..برأيها في كل كبيرة وصغيرة استنقاص منها وعادت ادراجها لمنزلها القديم
..دخل المنزل لجلسة جدته الخاصة :سالم
..جدته بفرح لقدومه :ماشاء الله زرتني اليوم مرتين
..فهد :رحت ونمت وجيت اتطمن على سماء
جدته :وش خالك تتزوج بنت كبرها وش حدك ؟
..فهد بهدوء :الحين عرفت اني سويت صح ..البنت وحيدة ويتيمة
ووقف للذهاب لسماء ..التي وجدها تجلس بأدب على االريكة كأنها في فصل ..كانت
وجنتيها مبلله
جلس الى جانبها واخذ يدها الصغيرة :كيفك الحين ؟
..سماء ؛ الحمدلله
..فهد :مرتاحة
سماء :ايه
فهد :اكيد
رفعت نظرها له :خايفة بس
ابتسم يطمئنها :مافيه شيء تخافين منه ..جدتي صح تحسين انها قاسية بس تراها
حنونة ..هي كذا صلبه ..وانا باعطيك رقمي حطيه معك لو احتجتيني اي وقت ..اتصلي
واكون عندك ..فيه تيلفون هنا في الصالة وبكره ان شاء الله بانقلك مدرسة جديدة
..قريبة ..وبتتعرفين على صديقات جديدات ..وبترتاحين ان شاء الله
..الكالم سهل ..كان هذا اول ماتبادر لذهن سماء ..الكالم سهل جدًا
:
:
بينما فهد في غرفة سماء كانت جدته تدرس قرار جديد ستتخذه حتى لو خالف رغبتها
وحبها للهدوء والسكون لن تجعل هذه الفتاة تذهب مع فهد ألي مكان الن شفقته عليها
ستعرقل حياته وقد تتعثرطموحاته واحالمه ..لذا ستقبل بوجودها هنا حتى يعيش فهد
..حياته
:
:
لماذا أراك وملء عيوني دموع الوداع؟ لماذا أراك وقد صرت شيئا بعيدا ..بعيدا ..توارى..
وضاع؟
م.ن
:
قراءة ممتعة
:
:
بعد ان انتهت سماء من الغداء حاولت رفع االطباق مثل كل يوم وكل يوم تنهرها الجدة :
اتركيها الخادمة تشيلها التعودينها على المساعدة وتتكيسل هي قايمة بهالبيت قبل
..تجين
..تركت سماء من يدها لتكمل الجدة :ادخلي غرفتك والتطلعين بيجيني عبدالرحمن
ولما رأت عدم الفهم على سماء قالت :حفيدي وولد عم فهد بس كبير ..التخلينه يشوفك
..
عادت سماء لغرفتها وهي تسمع تمتمة الجدة :البنت هذي يابليدة وماتفهم ياتفهم
..وحاقرتني ماترد
..دخلت سماء غرفتها واغلقتها ..وسمعت نداء الجدة للخادمة لفتح الباب
جلست على سريرها ونظرت حولها لتجد غرفة متكاملة بل ان فهد احضر لها مالبس
واحذية ومريول جديد بعد ان نظر لها نظرة شفقة وهي تسمع تعليق جدته له :البنت
جايه من وين مامعها لبس اال خالقين تجيب الهم ..وشعرها متشابك يبيلنا نقصصه
ونمشطه ونتأكد مافيه قمل واال قشرة ( ..ثم نظرت لها بنظرة تقزز ) شكلها دايم
..فالشمس بشرتها جافه يبيلنا نمردغها بالفازلين عشان تروح ادمي
كانت الجدة تعريها وتقيمها وتهزأ بها لكن االسوأ كانت نظرة فهد وهو يتتبع وصف جدته
لكن على وجهه تعلو الشفقة ..الشفقة هي العدو الذي حذرها فيصل منه ..االن هي
تملك حذاء رياضي جديد ولبس للمنزل وآخر للنوم وحقيبة جديدة وعباية جديدة ..بل اصبح
لديها بنطلون جينز ..طالما تمنت واحدًا ..نظرت لكل مالديها وتذكرت فيصل وهو يخرج من
جيبه الفطيرة التي التعلم لماذا يأتي بها مخبأة في جيبه وليس في كيس كما يحضر فهد
االطعمة ..كانت تتذكر وجهه ودقنها يهتز وحلقها يتورم ويزدحم بفعل الدموع لم
تستطيع البكاء النها كلما بكت نهرتها الجدة قائلة :دموعك تحرقه التحرقين الميت
..بدموعك اطلبيله الرحمه ..هي التريد احراقه فقط تريد ان تبكي
:
:
مرحبا ياعبدالرحمن ..ياذكر الله ذكرت جدتك
ضحك بصوت خشن متفهم وقبل رأسها :االعمال ياطويلة العمر واال مانستغني ..بعدين
..حنا ناخذ اخبارك من فهد
الجدة :واذا سافر فهد بعد شهر من بيجيب لكم اخباري ..؟
..ضحك عبدالرحمن مرة اخري :الحين اخذتيني بالعتب وانا جاي اعزمك على عرسي
وضعت يديها االثنتين على عصاها فهي تعلم عن زواجه وعن رفض جمانة لكن بنت سارة
لم تطلب العون منها لذا لتشبع سارة بعبدالرحمن :وجمانة ورا ماجت معك ؟
عبدالرحمن :سياسة عمي ماتطلع بنته معي قبل الدخلة
ام عبدالكريم :سياسته واال البنت رافضة
..عبدالرحمن :ماعليك ياجدة تتمنع وهي راغبة ..دلع بنات اخليها تنساه
الجدة :وفارس بيحضر واال موب حاي
عبدالرحمن :فارس عنده امتحانات مايقدر يحجز ويجي اذا اجلناه خسرنا حصور فهد واخو
العروس اهم
:
:
خرج فهد من شركة والده وتوجه لجدته سيطمئن على سماء لم يتبقى على سفره وقت
طويل ويجب ان يتأكد ان امانة فيصل تشعر بالراحة مع جدته ويتمنى ان تتفهم قسوة
جدته واسلوبها الجاف جدًا ..النه يالحظ ان الجدة تقسو عليها بالحديث بينما سماء تنظر
فقط لوجهها والتتحدث ..ابتسم عندما تذكر احدى الزيارات وجدها في غرفتها وسألها
لماذا لم تأت عندما علمت انه الزائر فنظرت له بحده وقالت :جدتك تقول التطلعين
!!! فهد :جدتك
نظرت له ببالهه :ليه هي مش جدتك ؟
...فهد :اال جدتي بس المفروض تنادينها
..قاطعته ؛ هي رفضت اني اناديها عمه اوخاله اوجده وانا ماعرف اسمها
ضحك فهد :طيب كيف تنادينها
لتنظر له بدهشه :ماناديها !!..ليه اناديها ؟
..دخل منزل جدته ليجدها تقف والخادمة تمسك لها الهاتف وتطلب رقمًا
سالم
..الجدة :فهد زين جيت
فهد :وش فيه ؟
الجدة :البنت ماجت من المدرسة المفروض جايه من نص ساعة ودقيت على سواق الباص
قال حاطها قدام الباب ومالقيتها
قفز فهد للخارج وجدته تضرب يديها على فخذيها بحسرة ؛ انا عارفه مانيب قد مسؤولية
..بنت انا مقدر اداري عمري باداري عيال الناس الي ماندري منين حذفهم الزمن علينا
لم يجد فهد في الخارج احدًا ركض في االتجاهين ولم يرى احدًا عاد ادراجه للبيت و دخل
بحث عنها في غرفتها والمطبخ وحتى غرفة الخادمة حتى سمع صوت بكاء من احدى
نوافذ الغرف مصدره الفناء الخارجي خرج وقال لجدته :لقيتها ..وتوجه للفناء وهو يتبع
صوت البكاء
بدون ان يحاول التأكد عرف انها سماء واقترب منها كانت جالسة على عتبة باب الفناء
المؤدي للمنزل وتبكي وبيدها شيء لم يتبينه
جلس فهد الى جانبها :سماء وش فيك ..؟
فما كان منها اال ان زاد نحيبها ونشيجها كانت تجلس ويديها في حجرها وكفيها تمسح
دموعها التي كالمطر الغزير على وجنتيها كرر فهد سؤاله :سماء وش فيك ؟
كانت تشهق وتبكي وحاولت الكالم ولكن لم يسعفها نفسها باكمال عباراتها فمدت
..يدها ليرى انها تمسك ببراية :بـ بـ راا يتي ..انكـ سرت
نظر فهد للبرايه واخذها :عادي نجيب غيرها
..لكن من منظرها عرف ان البرايه حجة فقط وسبب بكائها شيء آخر
فهد :فيك شيء ثاني ؟
!!! ..سماء بدون ان تنظر له :المعلمة تقول انا متزوجه
ابتسم فهد :تعرفين وش معنى متزوجه ؟
..سماء هزت رأسها بنعم
فهد :طيب تعرفين من زوجك ؟
..فهزت رأسها بال
فقال :طيب من تبينه يكون؟
سماء :مابي احد ابي فيصل بس (..وبكت )
اضطر فهد للصمت حتى تخف نوبة بكائها وقال :ناظريني سماء
..وعندما لم تصغي له قال :عمك الله يرحمه ويغفر له ..بس قبل اليموت زوجنا انا وانتي
اآلن حصل على انتباهها ونظرًا لنظرة االحتقار التي رمقته بها عرف انه حصل على ُج ل
..انتباهها :يعني انا زوجك بس عشان ماتتغطين علي وتقدرين تروحين معي اي مكان
عادت للنظر ليديها فااكمل :بس انتي تقدرين تختارين وش تبيني اكون لك تبين اصير
عمك ؟ اخوك ؟ اي شي تبينه ..وهذا يخليك تطلبين مني الي تبينه وتقولين لي الي تبينه
الننا الحين انا وانتي عائلة ..وانتي عارفه انا بسافر بكمل دراستي واذا انتي ممتازة
فالمدرسة تقدرين تسافرين معي التخرجتي وتكملين دراستك معي ..وش رايك ؟
..هزت سماء رأسها وشعر انه فقد اهتمامها مرة اخرى
والحين تبين تسافرين معي او تقعدين عند جدتي ؟:
..قالت بصوت مبحوح من كثر البكاء :باقعد
:
:
ال تقترب من احد حد االحتراق
وال تبتعد حد االفتراق
كـن بين بين
ال قريبا من احد
...وال بعيدا من احد
م.ن
:
:
قراءة ممتعة والى اللقاء
على طاولة العشاء وحيدة تجلس امامها طبق من اللحم والبطاطس المهروسة ..كان
المنزل غارق في الظالم سوى من نور غرفة الطعام والمطبخ فأوامر الجدة ان اليتم
اشعال سوى مايتم استخدامه من الغرف وهذا االمر الذي تطبقه الخادمة بحذافيره ..
كانت تنظر للطبق هي التعلم اذ كانت تحبه او تكرهه لم تعرف ماتحب من االطعمة وال
من المالبس وال من االشخاص هي فقط تعرف من تكره ..لكنها لم تكن تكره فهد او
جدته فقط التحبهما ..لو تجاوزت تعالي الجدة وحديثها عنها كأنها مخلوق غريب ..ولو
تجاوزت نظرة الشفقة في عيني فهد تعتقد انها ستتقبلهم ..لقد كان فهد يزورها يوميًا
منذ اخبرها انه زوجها ليس النها تهتم بمسألة الزواج لكن شعرت باالطمئنان ان تكون
على االقل تعرف من زوجها عمها له فلن تحتمل االنتقال لبيت آخر مع اشخاص آخرين ..لقد
احبت الحديث معه ..لم يكن كعمها لكن كان يسألها كثيرًا عن صديقاتها ومعلماتها
ومدرستها حتى انه تجرأ وقال لها امام الجدة ان تتصل به للشكوى في حال ازعجها اي
...شيء ..او اي احد وهو ينظر جدته بتحدي
صوت الباب جعلها تخطف الصحن وتهرب به للمطبخ مازالت تشعر بالحرج من االكل امام
احد :سماء
..الجدة :يمكنها نايمة
..فهد :طيب باروح اجل
..عندما سمعت سماء انه سيذهب عادت راكضة :انا هنا
نظر لها فهد وفتح النور :ليه قاعده في الظالم ؟
سماء :كنت في المطبخ
..فهد :اجل سويلي كوب شاهي وتعالي
..ذهبت راكضة لتضع الماء في الغالية وتخرج الكوب ...واكياس الشاهي
وفي غرفة الجلوس كانت الجدة مازالت تقف تضع كلتا يديها على العصا وتنظر لفهد بريبه
: ..تراك متساهل معها
فهد :ماعليه انا كلها اسبوع واسافر
الجدة :وش ناوي تسويبها الرجعت
..فهد :الرجعت يحلها الله ..الحين هي امانتك
..جلست الجدة وتنهدت بقلة صبر :واذا دروا عنها امك وابوك وش اقولهم
..زم فهد شفته بتفكير كأن هذه الفكرة التؤرقه :باقولهم عنها
...الجدة :ال ال ..اسمع يافهد نصيحتي التقول لهم الحين
..قطعت حديثها عندما ظهرت سماء تحمل كوبين شاي
..لتنظر لها الجدة :انا مابي شاهي باكل عالجي وانام
..سماء بابتسامة ؛ طيب انا باشربه
الجدة :مافيه شاهي فالليل قومي كبيه
وقفت سماء واخذت الكوب وهي تبتسم ابتسامة شقية سحرت فهد ورشفت منه اكثر
من مره وهي متوجهه للمطبخ وتنظر للجدة خلسه
كان فهد ينظر لها بابتسامة لقد بدأت تفهم جدته وهذا اشعره باالطمئنان بل انه وجدها
اكثر من مرة تبتسم اثناء توجيه الجده لها سيل من الكالم القاسي
..الجدة ؛ وانت يالله روح بنام
فهد :روحي نامي باقعد شوي مع سماء
..الجدة :وش يقعدك ؟ المهم التقول المك عنها شي انا باقول انها بنت صديقتي
فهد بضحكة :عندك صديقة تولد بنت كبر سماء
..الجدة بضحكة :اجل باقول زوجة فهد واستلم عاد جنان ساره
..ووقفت عندما ظهرت سماء :بابدل ثيابي واجيكم
جلست سماء وسألت فهد :وين كنتوا ؟
..فهد :زواج اختي
.سماء :اها
..فهد :يالله قوليلي وش سويتي مع البنت الي جت مكانك
سماء ابتسمت بضعف ونظرت ليديها :ماسويت شيء ماقدرت اسوي شيء
فهد :ليه ؟
سماء نظرت له كأنها تعتذر :خفت ..صديقاتها كثير
..فهد :وانتي ماعندك صديقات
ابتسمت كأنها في حلم :ال ،عمي فيصل كان يقول اذا بنت قالتك شيء انا بانتظر ابوها
! ..برا واضربه ( وضحكت تبعد العبرة التي خنقتها ) كان يمزح
نظر لها فهد بألم لقد بدأت تتكلم معه كثيرًا ..تحاول وضعه مكان فيصل ..لكن كما يبدو
..على نظراتها المحبطة له انه لن يستطيع ملء مكان فيصل لديها
الحظ فهد ان سماء لم تتغير كثيرًا منذ اول لقاء لهم فهي مازالت نحيله وذات شعر قصير
تربطه للخلف ليصبح بحجم االصبع ..بينما الخصل القصيرة تتمرد من االمام والخلف ..
ومازالت ترتدي لباس اليناسب عمرها مثل االن ترتدي تنوره قصيرة هو اختارها بنفسه مع
تيشيرت باكمام قصيرة لكن ترتدي تحتهما بنطلون وتيشيرت باكمام طويلة ..من
..يشاهدها يعتقد انها في الصف الخامس وليس في المتوسطة
..صوت عصا جدته قادمة جعله يلتفت لها :انا بامشي
..الجدة :ال ابيك ( ،ووجهت الحديث لسماء ) يالله نامي موب عشان بكرة جمعة تسهرين
..وقفت سماء بهدوء وذهبت لغرفتها بدون ان تنظر الحد منهما
..الجدة :اسمع ،امك عندها نية تفتح معك موضوع الزواج
..فهد :الزواج اآلن !!؟ مجنون انا اتزوج الحين
!! ..الجدة :على اساس منت متزوج
فهد :زواجي من سماء مختلف تمامًا فقط للظروف ..وانا اقدر اشرح هالشيء المي
..وابوي
الجدة :انا مابيك تقولهم عشان مايحطون دوبهم من دوب البنت ويبهذلونها ..ان قدرت
..اوقف بوجيههم فالبيت ممكن يروحون لها المدرسة ..فخلهم يعتقدون انها من معارفي
..فهد :زين ،انا باروح للبيت وامرك بكره
..الجدة :بحفظ الكريم
وخرج فهد بينما توجهت الجدة لغرفة سماء فتحت الباب لتجدها على السرير نائمة ..اقتربت
.من السرير وتنهدت وهي تنظر للفتاة النائمة وقالت :الله يساعدك ان درت عنك سارة
:
:
دخلت سارة المنزل وهي ترمي عبائتها على الخادمة الواقفة وتوجهت بغضب ناحية
الكرسي :شفت امك ؟ طول الوقت وهي تبين نفسها مظلومة وال سلمت على جمانة
..وعبدالرحمن وال وقفت معنا وال استقبلت
عبدالكريم :سارة ! امي حرمة كبيرة الواجب ان عبدالرحمن وجمانة رايحين يسلمون عليها
..في مكانها
وضعت سارة يدها على خصرها :تبي نخرب نظام الزفة عشان سالم !!..؟
..عبدالكريم :لو امي واقفة معك ومستقبله قلتي فشلتني
سارة :اكيد بتفسلني اذا احتقرت ضيوفنا ..تدري انها ماقامت لزوجة معالي الوزير ..رغم
..انها هي لي سألت عنها وجتها لمكانها
عبدالكريم :هنا دورك لو انك قايله لها انها تعبانة او شيء
سارة :تخيل موقفي وحرم الوزير تسلم ع امك وهي جالسة ..الى متى ياعبدالكريم
..بالمع العائلة وابرر تصرفات امك
..رفع يده عبدالكريم :تعبان وماقدر اجادلك ..تصبحين على خير
صعد مع الدرج ورفعت صوتها ليسمعه :كل صور بنتك كأنها رايحه لعزا موب عروس وفهد
ترك الزواج بدري عشان يودي امك وللحين ماوصل من عندها !! ..على اساس تعبانة
..وبتنام ..الله اعلم وش تعبي راسه الحين
لم يرد عبدالكريم ولم يتجاوب مع غضب زوجته منا زادها حنقًا ..لكن بمجرد سماعها
..خطوات فهد تقدمت منه قبل ان يختبيء كوالده :اخيرًا شرفت
!وضع فهد هاتفه في جيبه وبعقدة جبين :ليه معصبة ماعجبك الزواج ؟
..سارة :هذا الي ناقص انت بعد تسخر مني
..ابتسم فهد :ال ال ابدًا وانا استرجي ..بس لبه معصبة
سارة :وين كنت ؟
..فهد :عند جدتي
..سارة :واكيد مستلمتني حش
استغرب فهد غضب امه وصراخها فهي ليست عادتها ابدًا بل دائمًا تحاول ان تكون نموذج
..للرقي والتصرف السليم :تعالي اجلسي وقوليلي وش فيك
سارة :مافيني شيء بس عندي موضوع ومالقيت وقت اكلمك فيه الن حضرتك ماتقعد
..فالبيت
..جلس فهد :جلست يالله تفضلي
.سارة :ابيك تخطب وتملك قبل سفرك
..فهد :ال صعبة اربط اي بنت معي لسنوات مادري كم
..سارة :الي بتربطها منا وفينا وعندها استعداد تنتظرك
فهد ؛ اكيد تقصدين هناء
سارة :ايه هناء ..بنت عمك واخت صديقك وماراح تلقى احسن منها
وقف فهد :انا متأكد ماراح القى احسن منها لكن مابي ارتبط حاليًا ابدًا ..انا االن مافي
..بالي اال مستقبلي وبس وماقدر احمل نفسي مسؤولية احد
سارة :غريب امرك !! انا ماقلت اخذها معك ..فقط خطبة وملكة عشان ماتروح البنت علينا
..
..فهد :اذا جاها نصيبها الله يوفقها ..ماراح اخطبها لمجرد اني احجزها ..تصبحين على خير
..وصعد هو االخر
:
:
نزعت جمانة الروب بعد ان اخذت حمامًا ساخنًا وازالت مكياجها وارتدت بيجاما ..كانت في
جناح ملكي الئق بعروسين ...لكن بعد ان نفضت يد عبدالرحمن من يدها عندما حاول
التطاهر وهم في السيارة التي ستقلهم للفندق ..اوصلها للجناح وذهب قائًال انه سيعود
بعد نصف ساعة ..واآلن مر ساعة كاملة ..كانت تفكر وهي تتحرك في الغرفة من يراها
تضع كريم االيدي وتجفف شعرها يظن انها عادت من سهرة عادية وليست من حفلة
عرسها ..لم تسمع صوت الباب بسبب صوت المجفف لكن ماان رأت القامة الطويلة في
...انعكاس المرآه حتى تجاهلته واكملت عملها
تقدم عبدالرحمن من جمانة واخذ من يدها االستشوار واغلقه ..التفتت له غاضبة :باجفف
..شعري
عبدالرحمن :هاتيه انا باجففه ..واعاد تشغيل االستشوار وحاول مد يده لشعرها لكن
جمانة ابعدت رأسها وتراجعت :التحاول تمثل علي انك جنتل ومهتم الن ماحد يعرفك
..كثري
ضحك عبدالرحمن :بالعكس ماحاولت ابدًا امثل لذا ماسمعتي كذب ووعود بالحب والحياة
..الوردية
..جمانة ؛ انا مابي حبك
عبدالرحمن بابتسامة ساخرة :وانا ماقلت باعطيك حبي ..بس يكفي انك زوجتي عشان
..احترمك واوعدك بحياه مرفهه ومريحة
..جمانة :على اساس متزوجتك عشان الرفاهية
شغل عبدالرحمن االستشوار ووجهه لوجهها مباشره وهو يضحك :خليني اطير االفكار
..الي جامعتها عني في راسك ونبدأ من جديد
..ابتعدت جمانة غاضبة :اعصار مايكفي يطيرها
وجلست امام التلفاز
عبدالرحمن :ان شاء الله بتتابعين فيلم ( وأشر على بيجامتها ) وليه البسه كذا وين الحرير
والدانتيل والدلع
..رفعت جمانة حاجبها :عندك خبرة
..عبدالرحمن :انتي عارفه اني اول مرة اتزوج
واقترب منها وجلس وعندما وقفت امسك يدها محاوال .اعادتها الى جانبه ..سحبت جمانة
يدها ورفعت اصبعها امامة :ماتتخيل كيف مااتحمل لمستك ..اكرهك ومستحيل اكمل
..الشهر وانا زوجتك
ضحك عبدالرحمن ووقف اخذ شماغه الُم لقى ووجه لها حديثه بنبرة واثقة :ماوقفت عليك
يابنت عبدالكريم ..وزواجي منك ماراح يغير في حياتي شيء ابدًا ..تجهزي رحلتنا الساعة ١
..الظهر وانا طالب عشاء اذا جاء تعشي ..وخرج
:
ولقد رجعُت اآلن أذكر عهدنا
..من خان مّن ا من تنّك ر ..من هجر
فوجدُت قلبِك كالشتاء إذا صفا
سيعوُد يعصُف بالطيور ..وبالشجر
م.ن
:
:
قراءه ممتعة
جلست سماء مع الجدة بيدها مصحف تقرأ سورة الكهف بينما الجدة تستمع لخطبة
الجمعة ..كانت الخادمة تجلس عند الجدة تصب لها القهوة التي ترفض ان تصبها لها سماء
نظرت لسماء بعد ان اغلقت القرآن :بيجيني عبدالكريم ابو فهد ادخلي واليشوفك
..واليدري عنك
سماء بهدوء :واذا شافني وش بيصير ؟
..الجدة :باكسر راسك هذا الي بيصير
..ابتسمت سماء ووقفت :طيب باشرب قهوة
..دفعتها الجدة بعصاها :يالله مناك مافيه قهوة الحين تبينها تطرح راسك
..دخلت سماء غرفتها عند سماعها الجرس التعلم اال متى سيتم اخفائها
سالم عليكم
..الجدة :وعليكم السالم عاش من شافك
..عبدالكريم :عاشت ايامك
الجدة :من متى مادخلت بيتي ياعبدالكريم ..؟
تململ عبدالكريم في جلسته :انا جايك ابيك تكلمين فهد يتزوج هناء الزم يخطبها قبل
..يسافر
ضحكت الجدة حتى غطت فمها بحجابها االسود الرقيق الذي تتحجب به :مثل ماغصبتوا
..جمانة اغصبوه
..عبدالكريم :من قالك اننا غاصبين جمانة
الجدة :انا امك ياعبدالكريم موب معناه انك مهملني اني مادري عنك وعن سارة وفعايلها
عبدالكريم :طلعي سارة من الموضوع
الجدة :سارة اصل الموضوع ..اقص يدي ان ماكانت مكلمه فهد ومعيي ومرسلتك لي
..تبيني اضغط على فهد
عبدالكريم :من مصلحة فهد انه يتزوج هناء
الجدة :مصلحته واال مصلحتكم ..؟؟؟ هاه ؟ انت وعبدالرحمن ظالمين والله بيضرب الظالمين
..بالظالمين
قاطعتها الخادمة :الغداء جاهز
الجدة :هاتيه
...الخادمة :انادي سماء او اترك غدائها
عبدالكريم مستغربًا :سماء ؟؟
..الجدة متوتره :ايه ايه سماء بنت صديقتي
!! ..عبدالكريم :صديقتك من ؟ ماقلتيلي عندك ضيوف
تسلحت الجدة بالشجاعة فال رقيب عليها وعلى منزلها :سماء ماهيب ضيفة ..سماء مالها
..احد وعايشه معي ومن اليوم ورايح انا المسؤولة عنها
عبدالكريم :بنت مين طيب ؟
الجدة :مالك شغل
!عبدالكريم :كيف مالي شغل ؟
..الجدة :يعني مثل يوم مالي شغل في بيتك وحياتك مالك شغل في بيتي وحياتي
..عبدالكريم بصوت عالي :انا ماجبت غريب ودخلته بيتي
..الجدة بحدة :انت في بيتك حية الغريب احسن منها
..عبدالكريم :تروحين وترجعين على سارة
الجدة :انت ماتدري سارة وش ممكن تسوي حتى انت لو وقفت في طريقها تنفيك
..ماكنك خلقت
..خرج عبدالكريم من منطقة جلوس الجدة متقدمًا للغرف :وين سماء هذي بنشوفها
..الجدة :تقدم خطوة وحده ياعبدالكريم واغضب منك ليوم الدين
تراجع عبدالكريم :انتي اكيد خرفتي ..واال تسكنين بيتك احد انتي نفسك ماتقدرين
!! ..تقولين بنت فالن الفالني ..ليه ؟ وش في نسبها يعيب ..ليه مالها احد
كانت سماء تستمع للحوار وألول مرة تنطق الجدة اسمها لكن كان في تراشق غاضب
بين االم واالبن ..ان يكون هذا الغاضب ابو فهد امر غريب ..فلم ترى من فهد اال الهدوء
..واللطف
قفزت مجددًا عند سماعها الجدة تقول :انا طلعت من بيتك وماجيتني وال سألت وش
..طلعني ..واخترت اعيش لحالي والحين مالك دخل بالي اسكنه بيتي
لكن عند سماع صراخ عبدالكريم وضعت يديها على اذنيها واغمضت عينيها بشده :هالبنت
مدري منين جايبتها وانا عارف انها اسلوب جديد عشان تطلعين قدام الناس الُم حسنة
..الي ولدها راميها وهي تحسن للناس
كانت سماء تضغط على اذنيها محاولة ان التسمع الكالم خاصة انها اول مرة تستمع
لصراخ السيدة بهذا الشكل طالما اعتبرت غضبها نوع من المرح فهي وان غضبت منها لم
..تكن مالمحها توحي بالغضب ابدًا
سمعت انغالق الباب بشده ثم الهدوء ..التام ..وقفت لالقتراب من الباب لكنه ُف تح بسرعة
وواجهتها الخادمة بهلع :مدام ..مدام
وقبل ان تنتظر سماء ان تتأكد من خلو المگان ركضت تسبق الخادمة لتجد الجدة متمدده
على الجلسة التي كانت تشغلها وهي تشرب قهوتها قبل زيارة اإلبن ..وقفت ثم تراجعت
.. ..والخادمة تولول ..وتمسك يدي العجوز تحاول ايقاظها
بينما سماء تقف جامدة تنظر للجدة كأنها تريد ان تتعرف على الغياب الذي خطف منها
امها قبل مولدها وابوها في طفولتها وعمها في صباها ..هل هو الموت جاء هذه المرة
ليخطف منها هذه السيدة ..هل هي لعنة تحل على من يضفها تحت جناحه ..هل الموت
قريبها الوحيد ..الذي سيرفرف حولها مختطفًا كل من يقترب منها ..هل الموت يمتلكها ..
..لماذا اذًا اليأخذها بدل االنفس الكثيرة التي يزهقها حولها
..رنين الهاتف اخرجها من جمودها اخذت الهاتف في هدوء
كان فهد :الو
سماء بهدوء واجم :فهد
فهد :سماء وين جدتي
..سماء :مدري شفيها طاحت
كانت تتكلم بهدوء اثار ريية فهد :شلون طاحت ..وينها الحين ..؟
..سماء :تعال
اغلق فهد الهاتف وقفز من سريره ارتدى ثيابه على عجاله وخطف مفتاح سيارته ونزل
يركض مع الدرج وهو يستمع المه التي حاولت ايصال صوتها له وبدون ان تثير عجلته
..ريبتها :في اجازتك ماشفتك اال داخل واال طالع
ضربت سارة يديها في بعض ونادت الخادمة لتحضر قهوتها التركية المفضلة ..فجنون
ابنائها يفقدها توازنها ..هذا فهد يخرج ويدخل بدون ادنى تفسير اين يذهب ومتى يعود
بينما جمانة تغلق هاتفها بدون ان تخبر والدتها عن احوالها واين سافرت جلست ووضعت
قدمًا فوق االخرى بأناقة مرتديه بنطلونًا من الحرير االسود يعلوه قميصًا حريريًا بلون
الزمرد وقبل ان تضع الخادمة فنجانها سمعت صوت الباب مرة اخرى ورأت زوجها داخًال
بغضب :وش فيك انت بعد الي طالع مستعجل والي داخل زعالن ؟
عبدالكريم يرمي شماغه على اقرب كرسي :امي كل يوم اكتشف انها تحاربني
..بتصرفاتها
!! سارة بثقة :توك تكتشف كم لي سنة اصيح لكن الحياة لمن تنادي
..عبدالكريم :هالمرة تخيلي تقول ان عندها بنت صديقتها بتعيش معها
سارة :منهي صديقتها !؟ انا اعرف مالها اال ام جمال وتوفت من ٤سنين ..التكون تقرب
لها ؟
عبدالكريم :تقول اسمها سماء وماقالت بنت مين ..؟
سارة :وش كبرها البنت ؟ وليه عندها وين اهلها ؟ ترى امك مسيكينة ممكن تحتال عليها
!!
..عبدالكريم ؛ انا قلت لها انك تدخلين الغريب بيتك عشان تشوهين صورتنا
قاطعته سارة :عشان كذا فهد نزل يركض ..اكيد اتصلت تشتكي منك له وهو ماشاء
..الله مايسمع اال لها
..عبدالكريم :هالمرة هو الي بياقف ضدها اجل جايبه وحده ماندري عنها معها فالبيت
كانت سارة تفكر وفجأة تذكرت :تعال !! التكون تلعب على فهد يتزوجها !!؟ عشان
!!! ..تلصقها فينا
:
:
وصلت جمانة لباريس لم تكن الزيارة االولى لها لذا كانت مشغولة بالكتاب الذي تقرأه
في السيارة دون النظر في الخارج من نافذة السيارة ..كان عبدالرحمن ايضًا مشغول في
..جهازه المحمول ..وعندما اغلقه خطف كتابها من يدها ورماه بينهما
..نظرت له جمانة ببرود وقالت :ياسخفك
ضحك عبدالرحمن :معليش متعود اكون مركز االهتمام لذا اذا كنت معك ممنوع الكتاب
...وممنوع الجوال وممنوع
..جمانة :تبيني اسند وجهي بيدي واسبل عيوني وانا اناظر جمالك الي مايقاوم
..عبدالرحمن بابتسامة :يعني انتي ياكذا ياكذا مافيه حل وسط
..اخذت جمانة كتابها وفتحته تبحث عن صفحتها :اذا جينا الفندق احجز لنا غرفتين
..عبدالرحمن :ووش رايك كل واحد في فندق
..جمانة :عارفه انك مش كريم للدرجة ذي
..عبدالرحمن :وش موقف امك وابوك لو اتصل اشتكيلهم منك
..نظرت له جمانة بابتسامة ساخره :تخيل بيقولون مامعها كتيب ضمان بعد االستالم
..عبدالرحمن بنظرة ذات معنى لم يفت جمانة :انا ماستلمت شيء اال االن
عادت جمانة لكتابها ..عكس ماتحاول الظهور لعبدالرحمن بمظهر القوية المسيطره هي
ابعد من ذلك تمامًا لم تكن تحب الكالم الكثير او الحروب الكالمية والتعليقات الالذعة
التي طالما سمعت امها تلقيها هنا وهناك على صديقات سابقات او عدوات او متظاهرات
او متسلقات كما تحب والدتها ان تسميهن ..طالما عاشت في ظل والدتها تمشي في
المناسبات االجتماعية خلفها تمد يدها وتبتسم وتسمع هذي بنت سارة ..او ماتشبهها ..
غريبة امها جريئة ماجت على امها ..لم تكن منطوية او خجولة لكن التحب عالم والدتها
..ابدًا
:
:
وصل عبدالرحمن الفندق وهو يحاول التواصل مع هذه المتكبرة الباردة ..لقد رأى وجوهًا
اكثر جماًال واكثر تواضعًا بل لقد عرف فتيات من عائالت ثرية ولم يكن بنفس تعاليها ..
دخل الغرفة والموظف خلفه يدفع عربة الحقائب بينما جمانة تخلع عنها جاكيتها الطويل
..المخصص للمحجبات :هذي بس شنطك
نظرت جمانة للحقيبتين الخاصة بها :ايوه الني ناويه اتسوق من هنا فما كثرت مالبس ..
..الزم القى شيء يشغل وقتي
امسك بها عبدالرحمن بشده وسحبها له وقال وهو غاضب جدًا :تمادي زيادة واحولك من
انسانة متكبرة لذليلة تتمنين كلمة مني ماتحصلينها فاهمه !!؟
سحبت جمانة يدها بقوه :الحين تحجز لي ارجع ..الحين
..عبدالرحمن :اطلعي من الغرفة بس وشوفي عقابك ..كيف لو تطلعين من فرنسا
فتحت جمانة هاتفها :انا باتصل بابوي هو بنفسه يتفاهم معك
..جلس عبدالرحمن بتراخي :عين العقل
اتصلت بوالدها ومامن مجيب ..ثم اتصلت بوالدتها التي ردت :جمانة وينك ياماما
...جمانة :يمة خلي ابوي يكلمني ضروري انا مستحيل اقعد هنا باحجز وارجع هذا االنسان
قاطعتها والدتها :جمانة اكبري ..بالش انانية ودلع ..اال متى وحنا بنقولك نفس الكالم
ابوك تعبان ومو متحمل دلعك ومالقتك ..احلمي ان احد يرجعك وان رجعتي انا الي
..باحاسبك
واغلقت الهاتف في وجه ابنتها التي نظرت لالتصال المنقطع ثم نظرت لعبدالرحمن الذي
..لم يبدو على مالمحه الشماته ابدًا بل ينظر لها بهدوء
..وانهارت تبكي
:
:
دخل فهد على منزل جدته ورأى الخادمة تجلس بجانبها والجدة فاقده للوعي بينما سماء
تقف بعيدًا واجمه تبدو عيونها اكبر من مساحة وجهها ..بسرعة طلب سكر من الخادمة ثم
ذوبه في ماء وبدأ يضعه في فمها بدأت الجدة تستعيد وعيها ببطء بينما فهد يطلب
عبائتها :ال ال مانيب رايحة مكان
فهد :مستحيل اخليك ماتطمن عليك وش فيك ؟
..الجدة :دوخة عاديه ..اتركني بس
..فهد :انا عارف ان السكر عندك منتظم وانك مهتمه فيه الزم نزوح المستشفى نتطمن
وأشر على صحن التمر الموجود بجانب القهوة :هذا السبب كم لي اقول لك خففي تمر
..لم تتكلم الجدة فهي اضعف من ان تتحدث معه وتجاريه
..فهد :يالله الله يرضالي عليك خلينا نروح نشوف وضعك
لم تستطيع الوقوف بينما الخادمة وفهد يساعدانها ..ويخرجان بها وسماء مازالت واقفة
..مكانها في وجوم
:
:
جلست سماء مكانها تحاول تحديد مشاعرها لم تكن خائفة او حزينة ..كانت مرتاحة نعم
..تشعر براحة ان الجدة على قيد الحياة فبشكل او آخر ستشعر انها السبب في موتها
:
:
من الي كلمك ؟
سارة وهي ترمي هاتفها :جمانة ! من الصباح احاول اتصل فيها عشان شنطها حقت
..السفر الي جهزتها ومغلقه هاتفها ..والحين متصلة تشكي من عبدالرحمن حضرتها
..فرك عبدالكريم جبينه بقلق :التزعل الحين عبدالرحمن وهو خلقه نفسه شينة وغثيث
سارة :ماعليك انت بس اذا اتصلت عليك عطها كلمتين في العظم خلها تتقبل زوجها
..وتعيش وبنتي وانا اعرفها اذا جابت بيبي نست الدنيا كلها
عبدالكريم :المشكلة اذا قالت لفهد
سارة :لو قدرنا نربط فهد في هناء ارتحنا من كل مشاكلنا ..بس راسه يابس من يقنعه
..
:
:
دخل فهد منزل جدته وحيدًا بعد ان ُط لب منها المكوث للفحوصات في االقامة القصيرة
وعاد ليجد سماء تجلس كما يراها دائمًا بأدب گأنها في فصل مدرسي ..يديها في حجرها
..ورأسها منحني :سالم
وقفت سماء ورأى في عينيها سؤال صامت عن جدته ..كانت اللهفة في عينيها تخبره
مدى اهتمامها لكن وصية فيصل لن توضح تعلقها في احد او اهتمامها في احد كما كان
فيصل :الحمدلله جدتي بخير بس لخبطة سكر وبيرجعون يقيسونه ويحددون لها العالج
وكل شيء ..والليلة بتبقى في المستشفى عشان هذي اول نوبة تجيها من خمس
سنوات وبما انه مستقر كل هالسنوات معناه الزم تحاليل
لم يدرك فهد انه اصابها في مقتل فمنذ خمس سنوات وهذه السيدة تتمتع بصحة جيده
..وربما بعالقة جيدة مع ابنها اليوم وبسببها خسرت شيئين بسبب سماء
كان فهد ينظر باستغراب لتحجر سماء ودموعها الجامدة ومالمحها الحجرية وفمها
..المشدود ..اتكون بليدة فعًال كما تحب ان تطلق عليها جدته
وليعيد لها بشريتها ويخرجها من المظهر الحجري قال :انا باقعد هنا اليوم والليل بنام في
غرفة جدتي عشان مافي البيت اال انتي ..والخادمة بتقعد معها عشان قسم حريم بس (
ثم تذكر واستدرك ) واال اوديك انتي لها
..هزت سماء رأسها التريد ان ترى اللوم في عيني الجدة ابدًا
..فهد :طيب وال يهمك ( وبابتسامة مطمئنة ) تسمحين لي انام عندكم اليوم
لم تتكلم سماء ابدًا بل نظرت له بتضرع وهي تفرك اصابعها وتبدو ضائعه في فستانها
الذي الشكل له محدد واللون ..رغم انه اختياره لكن يبدو ان المشكلة في سماء نفسها
..
:
:
طلب عبدالرحمن الفطور في الشرفة في جو هاديء وجميل بعد ان نام عميقًا ويعلم ان
جمانة التي نامت في غرفة الحلوس نامت عميقًا ايضًا لم يتحدث معها بعد نوبة البكاء
تركها حتى انتهت وتمالكت نفسها وقال لها :آمنت بالله انتي ماتبيني لسبب اجهله لكن
انا يعلم الله اخترتك زوجة بكامل قواي العقلية وماراح القى ام مثالية للحياة مثلك ..
يمكن لي اخطائي واكيد انتي ماتعتبريني مالك لكن اوعدك اكون لك زوج مخلص تمامًا
اصًال انا تزوجتك الني اكن لك اعجاب كبير بادبك واخالقك واعرف انك ماتشبهين امك في
شيء بالعكس اجد انك متمكنة وهادية وشخصيتك قوية وهذي صفات الزوجة الي
اتمناها ..اذا تبينا نفتح صفحة جديدة ونتعرف على بعض ونعتبر هذي خطوبة ومن االن
احجز لنا جناحين منفصلين متصلين بباب لالطمئنان فقط عليك مستعد اذا رجعنا تختارين
..انتي يانكمل او ننفصل
كان يتحدث وهي تفتح عينيها بشدة كانها تبحث عن الغول فيه وتنتظره ان يقفز في
وجهها طرفت بعينيها عدة مرات محاوله استيعاب حديثه او تصديقه ومما رأى على وجهها
..انها اضعف مما تبدو
رفع عبدالرحمن يده :عطيني قرارك بكره ..انا اتمنى تعطينا فرصة ( ووضع يده على صدره
كانه يتلو قسمًا خفي ) انا عشت عمري احاول اكون عائلة اتمنى وحده تفهمني ومن
احسن من بنت عمي الي احترمه واجله ..ايه اعترف لك كانت لي عالقات لكن كانت نتاج
..وحده ودائمًا اعرف انهم مجرد محطات لين اوصل لمكاني الخاص
..يبدو ان خطابه اؤتى ثماره اذ كفكفت دموعها ووقفت للحمام تغسل وجهها
تركها حتى تعود لوعيها بعد الخطاب الصادم وهو سيحاول بكل قوته وسحره ان يجعلها
ترضخ لهذا الزواج اذا كان عمه يحتاج السيولة التي يملكها هو ..فهو يحتاج سمعة عمه
..التجارية وعالقاته التي تسهل االعمال الكبيرة التي ينوي عبدالرحمن خوضها
:
:
لم يحاول فهد ان يتجول في المنزل ابدًا بل اكتفى بغرفة التلفاز وغرفة جدته حتى اليبث
الرعب في قلب سماء التي يبدو انها لم تتعافى بعد من وفاة عمها ..وجودهم الليلة هو
في الصالة وهي في غرفتها جعله يذهب بذاكرته لتلك الليلة ..ليلة سفر فيصل اغمض
عينيه قبل ان يبدأ بالموال المؤرق له ( لو انه علم ..لو انه حاول ..لو انه اتبع حدسه ..لو
لو ..وكمية كبيرة من لو تحرق قلبه ) ..تلك الليلة حيث جلس مع سماء معتقدًا انه يقوم
..بمعروف لصديقة ولم يعلم انه يرسله للموت مطمئنًا فقط على صلته الوحيدة بالحياة
صوت بكاء مكتوم جعل فهد يعدل جلسته ويعتقد ان الصوت نابع من ذاكرته التي
سافرت بالزمن لتلك الليلة ..لكن ال كانت سماء يبدو ان مايواجهها بالنهار وتتحمله يقتص
..منها في الليل
دخل عليها ليجدها مكومة تحتضن لحافها :كابوس ؟
..سماء :خايفة
فهد :من ايش ؟
..سماء :من الموت
..جلس فهد :ليه خايفة من الموت
هزت كتفيها ووضعت رأسها على ركبتيها حتى حجبت وجهها البائس عن فهد الذي نظر
لها وكأن االفكار في رأسها اثقل من ان تحملها كتفاها ..لم يكن يريد الحديث معها فال
..اجوبة ألسئلتها
وضع فهد يده على رأسها ورتب لها خصالت شعرها بحنان ابوي وقال ؛ تبين اجلس معك
لين تنامين ؟
..هزت سماء رأسها بال
..فتركها وذهب لغرفة جدته
اخرج ثوبه وهاتفه ليتأكد ان الاتصاالت من احد لم يكن يريد ان يعلم والده عن جدته قبل
..االطمئنان عليها حتى اليقلق
:
:
أنا ال أتجاهل أنا فقط أحاول أن تبقى روحي بعيدة لكي ال تتعلق بشيء تحبه اليوم و
".يزول غًد ا
م.ن
:
:
قراءة ممتعة
جلست جمانة على طاولة العشاء ..وجدت الورود الحمراء والشموع والطاولة المستديرة
بغطاء ابيض كان كل شيء مثالي ابتدأ باالواني الكريستالية للجو الشاعري للنجوم
للطعام ..ابتسم لها عبدالرحمن وعندما حاولت الكالم رفع يده :جوجو عارف انك مارديتي
..علي ومابيك تردين ..اتركي كل شيء للوقت واستمتعي باللحظة
فعل اسم الدلع الذي لم تسمعه جمانة من احد ابدًا مالم يفعله الخطاب الطويل اللذي
القاه عبدالرحمن عليها صباحًا لكن التريد ان ترفع راية االستسالم مبكرًا :يعني لو رجعنا
..للسعودية وقلت اني ابي االنفصال بتوافق
ابتسم عبدالرحمن ولمعرفته بالتركيبة النفسية ألي انثى قال :ال طبعًا ..اال اذا فعًال
حسيت انك ماتبيني فعًال وان رفضك مش بسبب اني ولد عمك الي اهلك اجبروك عليه
..وال الني بنظرك راعي بنات
..جمانة :يعني تكذب ان هالفترة تقييم لنا ولعالقتنا
عبدالرحمن :ال بعد ماكذبت عليك ..اذا رفضتيني لشخصي انا ..صدقيني باتركك بسهولة
وبالعكس باكون لك مثل فهد وتكونين لي مثل هناء ..لكن اثق فعًال انك عرفتيني صح
ووجدتي اني مش الشخص المناسب لك ..وبالنسبة لتمسكي فيك التلوميني انا
ماصدقت على الله تصيرين زوجتي ..والحين تقدرين تحطين الشروط الي تبينها
..جمانة :توعدني انك ماتكلم بنات
عبدالرحمن :هذا وعد لنفسي قبل اليكون لك النك اذا مليتي قلبي وحياتي وش حاجتي
!! ..للبنات
..جمانة :امم توعدني اذا رجعنا وقلت مابي هالزواج ماترفض الطالق
وضع عبدالرحمن يده على قلبه في حركة مسرحية :اوعدك رغم اني اتمنى ان قرارك
..لصالح هالقلب
..ابتسمت جمانة :اوكي اتفقنا
عبدالرحمن :وعندي لك مفاجأة بعد
جمانة بحماس :وش ؟
عبدالرحمن :بعد شهر بنروح نزور فهد في امريكا قبل النرجع للسعودية ..والحين ابدي
!! ..اكلي واستمتعي بهالرحلة كأننا اصدقاء
قرأ موافقتها حتى قبل ان تنطقها هو خبير جدًا في النساء عامة وفي فتاة عاشت تحت
ظل زوجة عمه خاصة ..الترهبه جمانة مثقال ذرة حتى لو اصّر ت على الطالق ..سيعرف
كيف يخرج امام عمه وزوجته الجنتل مان الذي آثر راحة ابنة عمة على راحته وحاول احتوائها
خاصة وانها في نظر اهلها رافضة ومدلله ..واليرهبه عمه ابدًا النه مازال يعمل على
النظام القديم في التجارة ويعتبر النصف ربح والترهبه زوجة عمه فهي ذكية جدًا لدرجة ان
تحني رأسها متى ماشعرت بالضرورة لذلك ..اكثر مايرهبه هو ان يلتفت فهد فجأة لألعمال
..النه يعرف ذكائه الحاد ونزاهته البالغة لكن فهد االن سيذهب للدراسة ..والله اعلم
..متى يعود
:
:
وجه عمها المتعب طالما كانت عيناه ذابله ووجهه االسمر نحيل ..كانت عيناه تستجديها " ..
لكن لما التعلم !..اال يعلم انها التملك حتى ثيابها التي عليها ..لماذا يستجديها شيء
" ...التعلم ماهو ..اتراه ليس عمها بل الموت جاء ..هل يقترب منها
قفزت سماء ورفعت يديها النحيلة لتضعها على رأسها لتجسد صورتها كيف ان العمر معين
..للهّم
كانت غرفتها غارقه في الظالم لدرجة انها التشعر انها في منزل بل تشعر انها ُم لقاه بين
الكواكب تتقاذفها ..وهي تطير في الهواء بال جاذبية تجذبها ألي كان او ألي مكان ..
عادت لتستلقي وتغطي رأسها باللحاف عّل االفكار المرعبة التي تدور فيه تخبو وتختفي ..
لكن وجه عمها وهو في قبضة الموت كما تخيلته يطاردها ..بينما خلفه وجه والدها بدقنه
الخفيفه ووجهه النحيل ايضًا ..هي التعرف وجه امها ..اغمضت عينيها بشده وقلبها يقرع
حتى اعتقدت ان قرعه ينفض عنها لحافها ..بدأت بتمتمة السور التي تحفظها ..ولكن ابى
..قلبها الضعيف ان يهدأ
:
:
جلست ام عبدالكريم على سريرها العريض والمرتفع من خشب السنديان البني الغامق
بأعمدة ..كان طراز االسرة االيطالية القديمة ..زيارة عبدالكريم لها كانت القاضية في
قلب املها في ان يعود ابنها الذي غذته من روحها قبل لبنها ..لكن الحياة لمن تنادي ..
وتذكرت عندما توفي والده اخذها معه لبيته وهو تحت وطأة الحزن ..واصّر ان تعيش معه
وتحت نظره ..لتصدم بسارة في الصباح التالي تقف عند باب غرفتها لتخبرها ان
عبدالكريم نادم على وجودها وانه اليجد الشجاعة الكافية ليخبرها ان تعود لمنزلها
فطريقتهم في العيش وضيوفهم ومكانتهم ستتعثر بوجود سيدة من زمن غابر كما انه
سيخجل وهو على ابواب انفتاح على عالقات تجارية وسياسية من والدته التي مازالت
ترتدي كما ترتدي ايام فقر والده ..هي لم تكن ضعيفه ابدًا بل ردت على سارة قائلة :اذا
..استجمع ولدي شجاعته وعلمني ان بيته يتعذرني طلعت والله الغني
هنا ابتسمت سارة وقالت :لالمانة ماراح يطلعك وانا الي مابيك تطلعين على االقل انتي
..افضل مربية وجليسة لفهد وجمانة من الغريب
لم تصدق ان هذا رأي عبدالكريم حتى قالها صريحة ذات يوم :انه منذ زمن لم يسافر مع
..سارة لوحدهم لكنه يستطيع االن بوجود امه عند اطفاله
قد تكون كلمة تعني ثقة ابنها بها لرعاية ابنائه وقد يكون ترتيب يحدث في عوائل كثيرة
تسكن الجدة بينهم ..وقد تستطيع تجاوزه لكنها ابدًا لم تستطيع تجاوز اهمال ابنها لها
وهي في منزله وتجاوزها للصعود لزوجته بينما هي تنتظره وال لتحجيم دورها في المنزل
او في االحاديث العائلية وال لمقاطعة حديثها لتكمل زوجته الحديث بسالسه بدون
االلتفات لها ..وال للطلب منها عدم الخروج عند حضور ضيوف للمنزل ..لم تكن في حاجة
عبدالكريم وزوجته لتعيش لديهم في مرتبة اقل مما تستحق لذا خرجت وعادت لمنزلها ..
..وكانت مكافأتها عالقتها المميزه مع فهد
لفت انتباه الجدة عند الباب الطيف النحيل دققت النظر لتقول :سماء ؟
لم تسمع سوى همهمة وكما يبدو من صوٍت باكي لم تكن الجدة افضل حاًال فجحود
عبدالكريم سكينًا في قلبها فكررت :سماء وش فيك
اقتربت سماء :خايفة
الجدة :وش منه يام الدلع ..؟
..سماء :شفت كابوس
..الجدة متظاهره بالقسوة :الكابوس والله وقفتك هنا تعالي
لكن ماان اقتربت سماء حتى بكت :شفت عمي وابوي ..عمي ..فيصل
..كانت تشهق وتبكي ..كانت تريد الكالم لكن ازدحامه في قلبها يجعلها تصمت
اهتز دقن الجدة ومال فمها لالسفل في مشروع دموع التنزل ابدًا بسبب جبروتها :تعالي
تعالي يمك !!..تنامين عندي ؟
هزت سماء رأسها واخذت المخدة ووضعتها بينها وبين الجدة لتستلقي وهي تضع يديها
..تحت صفحة وجهها ..وتغمض عينيها
الجدة :المخدة ليش ؟
سماء بصوت خافت وكانها التأبه ان سمعته الجدة اولم تسمعه :عمي فيصل كان يسوي
..كذا اذا نمت في حضنه وانا صغيرة
..ابتسمت الجدة :يعني الحين انتي كبيرة
سماء :مدري
..الجدة :ليت وانا امك همك يدري انك اصغر من الحياة الي مكتوبة لك
وضعت ذراعها حول سماء واحتضنتها وهي تسحبها اكثر الحضانها ضاغطه المخدة
..الموضوعة بينهما
:
:
كانت سارة ترتدي روبها استعدادًا للنوم لكن مازال يؤرق تفكيرها وجود فتاة شابة في
منزل الجدة حيث يتردد فهد :عبدالكريم
عبدالكريم :نعم
سارة :ليتك ماعصبت على امك لين تعرف ظروف البنت
عبدالكريم :ماتحملت وعصبت
سارة :طيب اال متى بتقعد هالبنت عندها
..عبدالكريم :على كالمها مطولة
..سارة :طيب فهد اكيد يدري عنها
..عبدالكريم :فهد عايش في عالمه اصًال حتى لو درى ماهتم
سارة :كنت متوقعه ان امك تكتب البيت والمزرعة لفهد لكن الحين بوجود البنت اخاف
..تلعب بعقلها
عبدالكريم ؛ والبيت والمزرعة وش تساوي الله يعطيك العافية كلها على بعض ماتجي ٤
مليون
سارة :هذا انت وهذي مشكلتك ..هذا مايسوى وهالصفقة ماتهم وهالربح زين ويكفي
.. ..لين تلقى نفسك فجأة خارج السرب
عبدالرحمن بحبور :ال ماعلينا دام عبدالرحمن معنا ..حتى ناوي اسوي له توكيل بكل
شيء
صمتت سارة تريد التأكد اوًال ان ابنتها اطاحت بعبدالرحمن ارضًا لكن اليبدو ذلك من
!! مكالمتها ..الغبية
:
:
:
:
منذ رحيل فهد والجدة خجلة من سماء فصمتها منذ ذلك اليوم مريب لم تتحدث معها ابدًا ..
ولم تنظر لها ابدًا والتعلم هل هو بسبب كالمها عن زواجها من فهد او الفتاة فعًال حزينة
..لرحيله
دخلت من المدرسة كعادتها تجر حقيبتها وتضع الطرحة كايشارب لتبادرها الجدة :ورا
!!! ..ماتغطين راسك ؟ تراك كبيرة
صمتت سماء وتجاوزتها لغرفتها لتلحق بها الجدة وهي في االساس تريد فقط ان تخرج
..الفتاة عن صمتها :كلمني فهد اليوم
..سماء التي تمسك جهازها :لقيت له مكالمة
الجدة :ورا ماتردين عليه
..نظرت لها سماء :ماقدر اخذ الجوال للمدرسة
..الجدة وبانت الراحة على مالمحها لحديث سماء معها :تعالي تقهوي معي
..سماء :طيب بابدل مالبسي واجي
خرجت الجدة وهي تفكر ان سماء تحتاج مالبس جديدة ..مر شهر تقريبًا على رحيل فهد ..
..وبسفره انقطعت االخبار من جهة سارة وعبدالكريم
بدلت سماء مالبسها وفتحت جهازها اليوجد لديها محادثة سوى فهد والرقم سوى فهد ..
لم تتجرأ وترسل له ابدًا ..بل كانت محادثتهم مليئة بالمقاطع الصوتية له كانت تفتحها
مرارًا وتكرارًا ..كانت تستمع له كل لحظة :مراحب سماء انا طلعت االن من المطار ورايح
..للشقة دوامي بعد يومين لذا بانتهز الفرصة واخذ اغراض للبيت وارتبه
..ومرة اخرى :مرحبا سماء كيفك وكيف جدتي ..طمنيني عليكم ..عندنا برد مره
منذ ذلك اليوم عندما ودعها واحتضنها شيء صغير نما بداخل قلبها ..زهرة صغيرة في
جفاف قلبها نمت وتعلم انها ستكبر ..كانت هذه الزهرة ترتجف وتتمايل عند اي مقطع
صوت لفهد وعند اي صورة له يرسلها ..وعند اي اتصال تجده له ..كان يرسل لها مقاطع
يصف فيها اي شيء امامه ودائمًا مايقول في نهاية المقطع :هالو سما وريها جدتي اوك
..بيبي
كانت سماء تغضب من قوله لها بيبي حتى رأت في احد االفالم البطل يقولها للبطلة ..
" ابتسمت ومرة اخرى عصفت الريح بزهرتها الصغيرة وتمايلت " بيبي تعني كلمة تحبب
الغريب انها التستطيع ارسال اي شيء له فقط تنتظر صوره ومقاطعه لتضع زوم على
مالمحه لتسقي زهرتها ..شيء بداخلها ادمن الرعشة التي تصحب صوته العميق وهو
يتحدث معها ..نغمة موسيقية تجلجل في روحها عند تتبع مالمحه بعينيها ..سر لطيف
كانت محبتها لفهد سر لطيف لون ايامها منذ رحيله ..كانت تتأمل صوره وهو يرتدي
البالطو ويضع حول عنقه سكارف وفي يديه قفاز كبطل من ابطال السينما احبته كبطل
..وتعلم انه ابعد من حتى خيالها حتى قبل ان تسمع كالم جدته
:
:
كانت جمانة منتعشة جدًا كما رآها فهد بل ان تعلقها بيد عبدالرحمن تجعل فهد يجزم ان
اخته سعيدة كانت نظراتها له هيام ووله بينما ينظر لها عبدالرحمن بوقار ولكن التخفى
..فهد اهتمامه باخته وذلك عبر تعديله لحجابها وامساكه بيدها :هااي فهد اشتقت لك
فهد :فكرة مين انكم تزورون البؤساء
عبدالرحمن :كانت مفاجأتي لجمانة ..طبعًا ماتخيلتها متعلقة بأهلها كذا
جمانة :تخيل بس بنقعد هنا يومين يعني رسميًا قطعنا تذاكر عشان نشوفك
فهد :يابختي والله ومنها اتطمن عليك ..هاه كيفك ؟
ابتسمت بخجل :تمام
..عبدالرحمن :المفروض تسألني انا لفيت باريس كلها وراها وهي تتسوق
ضحك فهد
!! ..سأله عبدالرحمن :وين فارس ؟ ماقلت له اننا جايين
..فهد :قلت له بس يقول انه طالع والية ثانية يزور صديق له
ًا
ابتسم عبدالرحمن بخفه فهو يجزم ان فارس فّر هاربًا من لقائه هو وجمانة ..هو فعًال غير
مهتم بلقاء فارس اكثر من اهتمام فارس بلقائه ..الهدف كان فهد واآلن بعدما رأى
..جمانة تتعلق به ستكون عالقتهم القّو ية من المسلمات
:
:
كان شوق فهد لجدته كبير جدًا فمروره لمنزل عائلته كان بدافع الواجب فقط لكن شوقه
للجدة خاصة وانه لم يكن راضيًا جدًا عن مكالماتها االخيرة فصحتها تبدو في تدهور ..كان
يقتطع الوقت بالكاد لمحادثتها ويسألها عن سماء ودراستها ..واحوالها ..لقد بدأ يشعر
..ان سماء طوق في عنقه يخنقه
دخل منزل الجدة التي استقبلته باالحضان بل حتى الخادمة امسكت بيديه االثنتين
وانحنت في تحيه له وسماء وقفت تنظر له وتبتسم ..كان التغيير الطفيف عليها ينبئه انها
اصبحت فتاة في الثانوية ..كبيرة نوعًا ما ..لكن ليست كبيره كفاية لتفرد جناحيها ..وامر
اتمام الزواج غير وارد ابدًا النه اليشعر نحوها سوى بالشفقة ..وزاد شفقته مظهرها يبدو
..مرتب نوعًا ما لكن مازالت مترددة ومنكسرة وشعرها القصير معقودًا للخلف
ابتسم لها :هال سماء تعالي
اقتربت منه مترددة العرف كيف يكون سالمها عليه والن قلبها اخذ يخفق بشده فضلت
..ان تمد يدها ..تلقاها فهد وصافحها :ممتازه جدتي تقول انك االولى
..كان وجهها يتوهج ويزداد احمرارًا وهي تنظر لوسامته التي رأتها االن :ايه اخذت االولى
..ابتسم النها كررت كالمه ثم اتجه للحقيبة التي معه وفتحها :هذي هديتك ياجدة
..الجدة :وش هذي اجل عند الكفار شيء يصلح لي
فهد :ايه عندهم كل شيء جبت لك سجادة شغل يد
وهذي لجينا :واعطى الخادمة جهاز صغير لطباعة الصور
وهذي لسماء ( اخرج فستان انيق جدًا بلون زاهي وزهور صغيرة كان قماشه رقيق جدًا
ومعه علبة عطر طالما رأت صورته على غالف المجالت التي لديها )
اخذت الجدة هدية سماء :ماشاء الله عسى الفستان مقاسها ..وريني العطر باشمه
وفتحت علبته ( بينما سماء تحدق بفهد بوله واعجاب ازداد سماره عن قبل وبدات لحيته
بالنمو بشكل جميل كان جميًال كيفما يبدو ) نثرت الجدة قليًال من العطر حيث طار الرذاذ
بينهما كانت سماء تستنشق العطر ويدخل رئتيها وهي تنظر لفهد اعجبها ماتشم
..واعجبها ماترى بينما هو ينظر لها بابتسامة ..حاولت شكره لكن لم تستطع
..اليوم ..هذه اللحظة ..عرفت انها ختمت قلبها بحب فهد لألبد
:
:
نامت تلك الليلة سماء وهي تحتضن العطر كانت سعيدة به جدًا وسعيدة بالفستان الذي
ارتدته حالما ذهب فهد واعجبها انه جعلها تبدو فتاة كبيرة ..سمعت ان فهد فقط سيمكث
اسبوعين ..من الجيد ان احازته وافقت االجازة المدرسية حتى تكون متواجدة في كل
زياراته ..علمت من الجدة انه سيذهب لمكة الداء العمرة حزنت الن اسبوعين تبدو قليلة
ليقضي جزء منها بعيد عنها ..وحزنت اكثر عندما رفضت الجدة مرافقته ...كانت تشم العطر
..وهي تنظر لصورة فهد
:
:
سارة :والبنت الي اسمها سماء
فهد بتأفف :وش فيها ؟
..سارة :تطلع لك اذا زرت جدتك
..فهد بابتسامة :ايه اكيد تطلع
سارة بعصبية :كيف جدتك تخليها تطلع لك وين دينها وشعاراتها الي ماسكتها علينا
والحالل والحرام
..جمانة :ماما هدي ..ترى البنت صغيرة والي اكبر منها ماتغطوا
سارة :اليوم تطلع لفهد بكرة الله اعلم وش تسوي خاصة واننا ماندري من اي بيئة جاية
فهد :انتي وش مزعجك بوجودها ؟
سارة :ماراح ارتاح وهي موجودة عند جدتك الحين لها فوق السنة ماعندها نية تخليها
..تروح والله اعلم خطتها وش
فهد :البنت ماتأثر على حياتكم..اتركيها
سارة :طيب متى بتخطب هناء ؟
..فهد :اوعدك اذا رجعت نهائي وهي مازالت موجودة بتكون اول خيار لي
! سارة :وعد
..فهد :وعد
:
:
ارتدت سماء فستانها الجديد وتركت شعرها حرًا كان مازال قصيرًا لكن جميل فهد يجلس
في الخارج مع الجدة واكيد سيأتي لرؤيتها او يناديها قبل ذهابه وستحاول ان تكون في
صورة مغايرة عما اعتاد عليه لعله يحتفظ بصورتها الجديدة في رأسه كان صوته وهو
يتحدث في الخارج يريد نبضات قلبها ويحرك مشاعرها ..نظرت لنفسها في المرآة البأس
بمظهرها لكن وجهها يبدو شاحبًا قليًال لذا قرصت وجنتيها قليًال لتبدو متورده وحاولت
الضغط على رموشها حتى تبدو اطول ..لم تكن تملك ادوات زينة ابدًا ..حسنًا البأس بها
سوى الحذاء الغير مناسب للفستان وحركت اصابع قدميها داخل حذائها الوحيد الموجود
كأنها ستغيره ليصبح حذاء سندريال ..كانت تحاول ان تمشي بطريقة الئقة ..لن ينظر
للحذاء رفعت شعرها ثم اسدلته ..ورفعته مرة اخرى وبدت صبيانية قليًال لذا تركته مسدًال
على جانبي وجهها ..عندما لم تعد تسمع اصواتًا ارخت مسامعها لكن الصوت فجأة فتحت
الجدة الباب بسرعة لترمش عينيها سماء لقد توقعت ان يكون فهد ..لكن نظرة الجدة لها
!! ..وللباسها جعلها تقول :كنت باشوفه علي
..فقالت الجدة :زين طلعيه وتعالي للمطبخ نرتب االغراض الي جبناها
..سماء ؛ بارتبها انا انتي اقعدي مع فهد
الجدة :يوووه فهد راح من زمان ..ثم التفتت لترى حالة سماء التي تراخت فجأة وبدا عليها
..الحزن
:
:
أدمنُت غياَب ِك حتى وأنِت قربي
ففيِه أتأملِك عن قرٍب
..وأكتشُف أبعاَد ِك ..وأبعاَد قلبي
..لْم تقْل شيئًا
..ولْم أقْل شيئًا
..وافترقنا
م.ن
:
:
:
قراءة ممتعة
من نافذة السيارة التي تقطع الطريق من كلية الطب لمنزلها ..حيث تدرس السنة الثانية
..ابتسمت سماء لقد تدربت سنوات حتى تقول منزلها رغم انها التشعر انه منزلها ابدًا ..
عندما تخرجت من الثانوية ألول مرة في حياتها البائسة شعرت بالفرحة تغمر قلبها ..
شعرت بارتجاف السعادة وارتعاشتها الن نسبتها تؤهلها لدخول كلية الطب ..ومرة اخرى
فرحت لقبولها في كلية الطب ..ومرة اخرى فرحت لتجاوزها السنة التحضيرية بمعدل عالي
..االحساس الذي رافق نجاحها كان جديد وضعت يدها على قلبها وقالت هذا هو الفرح
الذي اقرأ عنه ..واسمع عنه ..وجدت سماء ان كل مايسعدها اصبح متعلقًا بها بنجاحاتها
بثناء دكاترتها ومديحهم ..تجاوزت خيبات الماضي حتى وان بقي جزء في قلبها ُم ظلم لقد
طعنها فهد في قلبها مرتين ..اغمضت عينيها التريد تذكر تلك الليلة قبل 5سنوات حيث
زارهم فهد كان كما يبدو بدا نسيان وجودها او تجاهله ..اغلقت عينيها بيديها الذكرى
..فقط تجعلها تخجل وتكره نفسها عادت بذاكرتها لتلك الليلة
بعد عامان لسفر فهد كانت زياراته قليلة جدًا وفي الغالب يمكث من اسبوعين لثالثة " ..
يزور الجدة فيها بعد ان سافر تلك الليلة بدون ان يودعها اخرجت فستانها الجديد ولم تعد
الرتدائه ابدًا ..لكن الجدة قالت انه اليحب الوداع وفي زيارته بعد عام خرجت الجدة في
مشوار كانت قليلة الخروج بل ان سماء تكاد تجزم انها خرجت مرة كل عام منذ ُو ضعت في
..رعايتها ..قبل خروج الجدة قالت لسماء :فهد بيجي جهزي القهوة والشاهي
بسرعة ذهبت للمطبخ وجهزت القهوة ووضعت االواني الجميلة كانت تركض بين المطبخ
وغرفتها لترتب نفسها اصبحت تملك مجموعة البأس بها من المالبس الجميلة واالحذية
عادت للمطبخ راكضة وهي تطلب من الخادمة وضع الحلويات وتجهيزها ثم لغرفتها
..لتمشط شعرها
عندما فتحت الخادمة لفهد كانت سماء واقفة ..تبتسم له وهي تتعلم فتح حوارات معه ..
والحديث معه لقد جمعت مجموعة من االسئلة حتى تبدو محاورة راقية :السالم عليكم
سماء :اهًال ..واقتربت منه مصافحه وارتعش قلبها عند مالمسة ايديهم لكن كما يبدو
التيار الكهربائي لم يصل لفهد ابدًا ..سألها :وين جدتي ؟
..سماء :راحت مشوار
فهد :غريبة !! مشوار وين ؟
..سماء :مدري والله
..اخذ فنجال القهوة وبدأ يرتشفه ثم نظر لساعته :اخاف تتأخر
..خافت ان يخرج قبل ان تتحدث معه فقالت :ال قالت بتجي بسرعه
نظر لها فهد ثم قال :كيف دروسك ؟
سماء :في كل المواد اجيب الفل مارك وسوو مدرستي مسابقة تهجئة باالنجليزي
..والعربي وشاركت واخذت األولى على مستوى الرياض
كان هذا الموضوع الوحيد الذي تستطيع ان تسهب فيه ..كانت دراستها هي الحياة
..الوحيدة التي تعرفها
..فهد بغياب ذهني عن حديثها :شاطرة
هذه الكلمة وكأنها مازالت اليتيمة التي يرعاها اثارت غضبها فقالت :شاطرة ! انت مو
..مالحظ اني كبرت
..فهد بابتسامة :اال كبرتي وصرتي كبيرة وشاطرة
..ووقف :باروح عندي شغل واحاول امر الليلة اذا جت جدتي
..ركضت سماء بغباء ووقفت امامه تسد عليه طريق الخروج :التروح الحين اقعد معي
كان فهد ينظر لها فجأة رفع يده لوجهها ووضع اصابعه على خدها وابتسم ..كانت هذه
الحركة كفيلة بهبوب اعاصير في قلب سماء لكن تحول نظراته للشفقة جعلها تمسك
بيده قبل ان يبتعد
..فقال لها فهد :انا اخذ اخبارك من جدتي
..سماء :عارفه بس انا اشتاق لك
عندما انهار سد كتمانها وبدأت مشاعرها بالقفز رغمًا عنها لم تستطيع ان تكبت اكثر
..فقالت :فهد انا احبك
قبل ان تكمل ..كأنه عرف ماستقول شعربه وضع اصبعه على شفتيها السكاتها ثم رفع
يده االخرى في رفض وجسده يبتعد كأن الكلمة رمحًا القت به نحوه ويخاف ان يصيبه :ال
..ال ياسماء انتي ماتحبيني ..بس الني الشخص الوحيد الي تعرفينه ..تتوقعين انك
تحبيني ..انتي مجرد امانة ياسماء وعمك قال لي صريحة انه فقط يبيني محرم لك وانك
بمجرد تخرجك تطلعين من ذمتي ..واتوقع ماقصرت عليك طول هالسنين ابدًا ..لكن
التتوهمين من زواجنا شيء انتي بنت شاطرة وقوية ومش محتاجه حبي عشان تحسين
..بقيمتك
..قاطعته وألول مرة باكية :بس انا احبك ومن زمان
تجاوزها فهد ناحية الباب والتفت لها :بيجي يوم تشكريني ياسماء اني ماخذت اعترافك
بالحب على محمل الجد ..انتي مراهقة وهذا شيء طبيعي في عمرك لكن التخلطين بين
..امتنانك وحبك والتخلطين بين رعايتي وحبي
كانت كلماته كالسهام تخترق جسدها الذي تحول لحجر والغريب انه حجر يسمح باختراق
هذه السهام ونفاذها في قلبها وعقلها وروحها ..ان يتحول فهد من حنون ولطيف
لشخص يرفض حبها امر صعب جدًا ..التعلم ان كانت ستتجاوز هذا األلم يومًا ..كان ألم
كلماته كرداء من دبابيس تشده على جسدها ..نظرت له وهو يخرج ثم لجدتها التي
دخلت توًا وهي تستوقفه ..ولم تبقى لتفسر الحد او تسمع تفسيره لخروجه او وقوفها
باكية فهرعت لغرفتها ..تغلقها وتستند على الباب كأنها تشك انه سيفتح فجأة ويطل
منه من يتفرج على عري مشاعرها ..كانت هذه الطعنة األولى من فهد ولم تمِض ربع
ساعة حتى عاجلها بالطعنة الثانية عندما سمعته يقول لجدته بصوت مختنق ومتألم :
احس اني مخنوق احس هالوصية فوق تحملي وهم كل يوم يكبر ويخنقني ..احس اني
......مشتت بين دراستي وتفكيري في هالبنت
لم تعد تهتم بماقاله او بتعدد همومه او مشاكله جلست مكانها وهي تكرر في رأسها ان
فهد قال هالبنت ولم ينطق اسمها هاقد عادت نكرة ..بل عادت هم يخنقه ..لم تكن
" ..شيء الحد لتكون شيء لفهد
مسحت سماء دموعها مازالت هذه الذكرى تؤلمها ..كانت هذه اخر مرة رأت فهد فيها ..لم
تعد تخرج له في زياراته التي اصبحت قليلة جدًا ..لقد نضجت كثيرًا واصبح قلبها قّو ي
حاولت نسيانه فلم تستطع فأغلقت على فهد حبه وجرحه في جزء عميق من قلبها ..
وتركت لأليام مداواته ولم تفعل ال األيام وال السنين استطاعت انتزاع فهد ..هي االن
..تعلم ان حبه لم يكن حب مراهقة وليته كان
:
وصلت سماء للمنزل تعرف ان فهد عاد منذ اسبوع للرياض منهيًا الدكتوراه ...لم تعد تسأل
عنه ابدًا بل لم تهتم لتسمع مقاطعه او ترى صوره عند الجدة بعد ان استخدمت جهازًا ذكيًا
..ويبدو ان الجدة احترمت تباعدها وعزته لكونها التهتم بفهد ..هي فقط من فهم هذا
التقارب بشكل خاطيء ال الجدة وال الحفيد يريان فيها اكثر من ضيفة مؤقته وقد حان
موعد الرحيل بالنسبة لها ..لن تنتظر حتى تتخرج فبينها وبين التخرج سنين طويلة ..وهي
معتمدة على نفسها وتكسب ماًال من التعاقد مع دور النشر لترجمة الكتب االنجليزية
والروايات لتقوم الدار بطباعتها ..وجدت انه عمل جميل وبدات به منذ خمس سنوات كان
اسلوبها الكتابي وعباراتها ودقة ترجمتها قد اكسبتها عقدين مع اكبر دار للنشر وتكسب
منه ماًال جعلها تستقل بنفسها وتشتري ماتريد :سالم
الجدة بصوت ضعيف :هال
..رمت سماء حقيبتها وهرعت للجدة :وش فيك ؟ وجهك احمر !؟ متحركة
الجدة :ماتحركت بس من الصبح وانا احس بدوخة
سماء :الله يهديك ليه مادقيتي علي اجي .يالله للطببب
الجدة :وشهوله الطبيب انتي ماتعرفين مانتيب دكتورة
ضحكت سماء :ال لسى ماصرت دكتورة بعدين حتى لو صرت دكتورة انتي بالذات
..مستحيل اثق في نفسي وانا اشخصك
الجدة :اهم شيء التقولين لفهد ..جاي يعزمني اليوم لحفلته مسويتها سويره ولوال انها
..لفهد ماعزمتني
..ضحكت سماء هي لن تخبر فهد بكل تأكيد النها لن تتحدث معه سوى بطلب الطالق
..الجدة :عطيني بس مسكن يمك واتركيني ارتاح
..سماء :لو ماخليتينا الحين نروح للدكتور دقيت على فهد
الجدة :ماعند منك اال فهد هو يقول عنادي عليك وانتي على من زين خلي جينا تجيب
..عباتي
سماء بضحكة :على الزمن
:
:
عاد فهد لمنزله بعد ان زار جدته لم تكن على ماُي رام ..لكن كانت تشيد بسماء في كل
مرة يزورها فيها ..سماء التي اصبحت في كلية الطب اآلن ..تفوقها الدراسي اذهله ..
سعادته التوصف بقدرتها على الوقوف على قدميها اليريدها ان تتعلق به لألبد ..
وتذكرها آخر مرة ترتدي تنورة تصل لنصف ساقها بلون غامق وقميص كاروهات اليتذكر
لونه كانت اول مرة يراها جريئة والينكر انه قسى عليها لكن جرأتها ارعبته وخوفه ان
تتعلق به جعله يرحب بتهربها من مالقاته ..ابتسم بحبور وتذكر فيصل ..سنوات قليلة
..وُي طلق على بنت اخوك الدكتورة سماء
..وقفت سارة عند دخول فهد :اهًال حبيبي جيت في وقتك
فهد :ماجت جمانة اليوم ؟
سارة :ماجت وبيني وبينك جمانة صايرة كئيبة ..الي بيجي ويقول لي هموم ومشاكل
..اليجي
! فهد :ليه مشاكل !؟ جمانة وش فيها
..سارة :نفس الموال الحمل واالطفال
فهد :طيب هي سوت فحوصات وسليمة وعبدالرحمن كذلك
..سارة :زوجها متفهم وماقال شيء لكن هي
..فهد :الله يرزقها عاجًال غير آجل الزم اوديها لدكتور صديق وشاطر
قاطعته سارة :الحين رجعت واكيد بتشيل عننا كلنا بس اول شيء الحفلة الي سويتها
..لك عندك معازيم غير الي عطيتني اسمائهم
فهد :ال انا قلت لجدتي اليوم وهي تعبانة بس الزم تحضر ( ونظر لوالدته بحده ) والزم
..تلقى االستقبال الي يليق فيها وتكون راضية
سارة بتملق :اكيد حبيبي انا مستحيل انسى محبتك لها او محبتها لك..والحين خلنا بعد
..الحفلة نخطب هناء
كشر فهد :ماتملين
..سارة :في بالك احد !؟ اكيد ال !! والبنت جميلة ومتعلمة ومثقفة ..واالهم بنت عمك
..فهد :اوك على خير ان شاء الله
..سارة :اخيرًا بافرح فيك
في هذه االثناء دخلت جمانة ومثلما كل مرة تشاهد فهد منذ عودته من السفر تحتضنه
بعمق ..احتضن فهد اخته وابتسم لها :كل اجازة اشوفك احال من قبل
..جمانة :التذكرني باجازتك الحمدلله اخيرًا الي رجعت لنا بالسالمة
فهد :الحمدلله مهما كان مافيه مثل الوطن واالهل ..يالله عطيني اخبارك
نظرت خلسة لوالدتها بقلق ثم ابتسمت باشراق :وش رايك نطلع هاالسبوع نتغدى
..سوا
فهد :تم ..علي الغداء وعليك اختيار المكان ..بس نهاية االسبوع الني من بكرة باداوم
..مع الوالد
جمانة :تداوم في الشركة او مجموعة فيلديز
..فهد :بابدأ بالشركة بما ان الوالد فيها
..لم يالحظ فهد توتر اخته ابدًا ..بل استئذن وخرج
وقفت جمانة تنظر من النافذة العريضة الخوها وهو يخرج ..تتمنى ان يذهب حيث يعمل
عبدالرحمن ..منذ ثالث سنوات وهي تشك بخيانته لكن االربع اشهر االخيرة تأكدت من
ذلك حيث يخونها مع مندوبة احدى الشركات العالمية ..وهي حسب شكها ليست اول
غزواته منذ زواجهم او اخر غزواته ..لكن لم تستطيع مسك دليل ابدًا وكلما فتحت معه
الموضوع اتهمها بعدم الثقة في نفسها وحجمها واحتقرها او تجاهل الموضوع برمته طالبًا
منها فعل ماتراه مناسب ..هي االن بعدما تأكدت تريد ترك عبدالرحمن لكن ليس قبل
انتهاء موضوع فهد وهناء حتى التكون هناك عراقيل فهي تحب هناء وتعلم انها تحب
فهد كثيرًا ..وتحمد الله ان ال أطفال بينهما م}منة بحكمة الله وتاركه والرتها تعتقد ان
..حزنها بسبب الحمل حتى التعيق طالقها من عبدالرحمن
:
:
..الحمدلله تطمنت عليك
ام عبدالكريم :مشوار على الفاضي ..قايلتلك مافيني شيء
..سماء :معليش الحين تطمنت انتي كل ماتحسين بشيء اخذتي مسكن وهذا غلط
..ام عبدالكريم :زين روحي نامي وارتاحي عشان بكرة تروحين معي
سماء :وين ؟
..الجدة :لحفلة فهد
..وقفت سماء وعقدت يديها :اسفة ماراح اروح معك
..الجدة :الزم تروحين
سماء :بصفتي ايش ؟ اروح لمكان ماعرف فيه احد
الجدة بتحدي :بصفتك بنتي
..سماء :بس انا مش بنتك
الجدة :بصفتك طبيبتي طيب
..ضحكت سماء :اسفة ماراح اروح ابدًا
..الجدة :اجل مانيب رايحه انا بعد
..سماء :يكون افضل انتي تعبانة اصًال
الجدة بغضب :المفروض تقولين الوالله لتروحين والروح معك موب افضل ..الحين والله
..لتروحين معي وانتي ماتشوفين الدرب ..هه حلفت عليك اال اذا بتأثميني
..سماء بمزاح :كم مرة قلت التحلفين علي
الجدة :مليون مرة بس باحلف عليك
..سماء :زين بس مانطول
..
:
:
..في منزل عبدالرحمن يجلس عبدالكريم وفهد وعبدالرحمن وفارس
عبدالكريم :طبعًا حنا اهل ومابيننا رسميات ..لكن انا جاي اخطب هناء لفهد
...عبدالرحمن :اكيد فهد
لكن فارس قاطعه بثقه متجاهًال رده :فهد اخو وعزيز واكثر شخص يعرفه انا وشفت
اخالقه في الغربة قبل الشوفها هنا واذا علي انا موافق لكن طبعًا الرأي لهناء ..اذا
وافقت انا واثق مانلقى احسن من فهد واذا رفضت الحياة لها واالختيار لها وحنا مستحيل
..نجبرها ألي سبب كان
قال فارس جملته االخيرة وهو ينظر لعبدالكريم بتحدي ..مذكرًا اياه باجبارهم جمانة
للزواج من عمه الذي اخذ جمانة ليضعها مع اكسسوارات المنزل ويمارس عالقاته بكل
..اريحية خارج المنزل
..تنحنح فهد :اكيد يافارس الرأي االول واالخير لهناء
بينما فهد وجد نفسه في منزل عبدالرحمن حيث اخذت والدته كلمته واخبرت هناء وحددت
موعد واخبرت والده ولم تنتظر النتهاء الحفلة كما قالت ليجد نفسه في نفس اليوم
يذهب لخطبتها .اليهم فاليوم كالغد لكن احساسه الغريب في داخله يشعر انه يخسر
..شيئًا اليعلم ماهو ..االكيد انه ليس حريته فطالما كان ملتزمًا وليس له عالقات ابدًا
:
التزم عبدالرحمن الصمت بعد مقاطعة فارس له مازال فارس حتى بعد ست سنوات غاضبًا
..وهو امر يدل على حقده اليهمه من يعطي هناء لفهد المهم فقط ان يتزوجها ..فإذا
استمر غضب جمانة وشكها فزواجه على وشك االنتهاء ولذلك من حسن حضه ان الرابط
..اذا انقطع من جهته سيتصل من جهة هناء
:
:
منذ اصبحت سماء تكسب المال وهي التبخل بشيء على نفسها ..الغريب انها رغم
دراستها العلمية البحته تحب االزياء والمالبس ..كانت الحفلة التي اصّر ت الجدة على
الذهاب لها فرصة لتتباهى بفستانها الجديد ..وقفت امام المرآه ورأت نفسها فتاة جميلة
طويلة ذات شعر طويل بلون القهوة المميز طالما سألنها زميالتها عن الصبغة التي
تستخدمها لشعرها ولم يصدقن انه طبيعي ..وضعت احمر شفاه بلون الكرز على شفتيها
الممتلئة وكحل خفيف على عينيها العسلية الواسعة ..وارتدت ساعتها الوحيدة بل
القطعة الوحيدة لديها من حلي ..هدية الجدة لها بعد قبولها في كلية الطب ..نظرة
اخيرة لقدها المياس في الفستان القصير الذهبي ..الذي ابرز سمارها الخفيف ..من
يصدق انني نفس الفتاة البائسة التي ترتدي مالبسًا تجعلها تبدو تائهه فيها ..مالبسًا
اكبر منها من يصدق ان من الشعر المتلبد ككرة صوف تخرج هذه السنابل الحريرية لكنها
تعلم جيدًا ان الفتاة اليتيمة مازالت هنا في مكاٍن ما ..بل تجزم انها احيانًا عندما تنظر
للمرآه تراها بدل هذه الطويلة التي تبدو واثقه وهي ابعد ماتكون عن الثقة بالنفس ..
بل ان مجرد التحديق بها يجلها تتعرق وتهرب بعينيها وتكاد تبكي ..وعزاؤها الوحيد ان
الاحد يعلم عن ثقتها المتدنية هم ينظرون للقشرة فقط .. ..اخيرًا ارتدت صندلها العالي ..
واخذت عبائتها وخرجت
ماشاء الله ماشاء الله :
سماء :وش رايك ؟
..الجدة :فوق الزين دكتورة من قدك ياسماء
سماء :وين شنطة عالجك
..الجدة :مالها داعي
..سماء :ال الزم تكون معنا وجهاز التنفس يكون معنا خلينا نتركها في السيارة للضرورة
الجدة :حتى لو اقول ال رايك الي بيمشي ..يوم كبرت وضعفت وانتي تستقوين علي
ضحكت سماء بصوت عالي :انتي من عرفتك قوتك في لسانك وهو ماشاء الله ماجاه
..قصور ابدًا
..ابتسمت الجدة واعطت يدها لسماء لتساعدها للخروج بها للسيارة
:
:
في المجلس الكبير يقف فهد ووالده وفارس الستقبال المدعوون لحفلة تخرجه التي
صورت شكل آخر من البذخ والثراء ..كان فهد قد اعطى والدته اسماء زوجات اصدقائه في
الغربة لتتم دعوتهن مع ازواجهن ..بعد انتهاء المدعوون توجهوا للجلوس والجميع يبارك
ويهنيء ..همس فارس في اذن فهد :ونقدر نقول مبروك الحين ..هناء وافقت الله
..يوفقك انت وياها
..فهد :الله يبارك فيك
فارس :وش ناوي تسوي ..انا طلبتني كلية الطب بجامعة الملك سعود احاضر عندها
..مرتين في االسبوع للمستوى االول مقدمة االحصاء
فهد :انا بعد ارسلولي ايميل ..وارسلت لي جامعة ثانية واعتقد اني بأجل الخيارات االن
..لين اشوف االعمال
فارس :اذا بتصير رجل اعمال ليه متغرب ومتعب عمرك
ابتسم فهد بهدوء :فارس انا مريت اليوم الشركة ومنها طلعت للمجموعة واحس انها
..رجل مريض !!..فيه خطأ يافي الحسابات او آلية التشغيل
فارس ..:وبتداوم في المجموعة
.فهد :اكيد لين اشوف المشكلة نماء المشروع بطيء وهو كم له
نظر فارس لعبدالرحمن الذي يجلس يمينه وزير ويساره رجل اعمال معروف ..كان هو
الخطأ وفارس يثق بذلك وبدون دليل ..فلوال الغاؤه التوكيل هو وهناء لذهب بما بقي
..لهم من والدهم
شعر عبدالرحمن بالنظرات فرفع نظره لفارس واعطاه احدى ابتساماته االستفزازية برفعة
..حاجبه بتعالي
:
:
دخلت سماء مع الجدة المنزل ..قاومت فضولها كثيرًا حتى التدير نظرها في كل شيء
حولها التريد ان تبدو غير معتادة على االجواء الفخمة ..مع انها حتى في خيالها واحالمها
والوصف الذي تترجمه في الروايات والكتب لقصور وحفالت لم تتخيل ان تكون بهذا
الجمال ..وقفت عاملة بزي رسمي لتأخذ العباية منها ..بدأت باالرتجاف ..وشعرت بالعرق
يسيل بخط خفيف على ظهرها العاري ..كانت متوترة جدًا ..عند دخولها البهو الواسع كان
الضيوف يجلسون ويقفون وكانت العامالت يتحلقن حول كل مجموعة بصوانيء الحلوى
والشوكالته واشياء ملونة وجميلة التعرفها ابدًا ..بينما االخريات يحملن القهوة
والمشروبات ..لم تتخيل ابدًا ان فهد وجدته ينتمون لهذه الطبقة ..طالما اعتقدت انهم
من االغنياء البسطاء ..وابتسمت لفكرة ان هناك اغنياء بسطاء ..شحنت عقلها بالحيلة
التي تمارسها لتخفف من قلة ثقتها بنفسها وبأن الموجودين افضل منها ..ربما تلك التي
ترتدي فستانًا اسود لديها عادة ان تضع اصبعها في انفها ..وتلك التي ترتدي فستانًا
ازرق تأكل البرقر وهي تجلس على االرض ..وتلك ربما زوجها يعذبها ..اما تلك فربما تشخر
ليًال ..اما تلك التي تقدمت الستقبالهم ربما ..ربما ..توقف عقلها امام نظرات المرأة
ًا
المحتقرة لها ..ربما تعرف انني الاملك الثقة التي تبدو خارجيًا علي
..اهًال ام عبدالكريم ..زارتنا البركة :
الجدة التي مازالت ممسكة بيد سماء :مطلعين البركة من بيتكم ياسويرة
التفتت سارة حتى اليكون احد سمعها وضحكت :مشكلتك ان ذاكرتك تضعف ..النك الي
طلعتي من البيت ( ..وبحركة انيقة بيدها كأنها تبعد حديث الجدة المتبخر في الجو )
ماعلينا اهًال بك تعالي في مكانك الي جهزته ( ..ثم ادارت نظرها لسماء ) :هذي مين !؟
..التقولين مكشخه الخادمة وجايبتها
لم تأبه فعليًا سماء بنعتها بالخادمة النها التجد حرجًا من خدمة هذه السيدة الطيبة
فعرفت بنفسها :انا سماء
..لتقاطعها الجدة بصوت مرتفع :هذي الدكتورة سماء
ابتسمت سماء في سرها نبرة الفخر التي دائمًا تسمعها في صوت ام عبدالكريم تجعل
.لدراستها وتعبها وسهرها نكهة خاصة
مرة اخرى الحظت نظرة االحتقار على السيدة التي عرفت انها ام فهد ثم تقدمت منهن
لتضع الجدة في المكان المخصص لها ..ثم اجلست سماء الجدة وعندما حاولت الجلوس
بجانبها قالت سارة :اوه سوري عزيزتي هذا الجزء من الصالون مخصص للعائلة انتي
تعالي (..واخذت تدير نظرها في المكان الواسع كانها التجد مكان يليق باحتقارها للفتاة
) لكن الجدة امسكت يد سماء بشده وقالت :هذي من العائلة اقرب لي منك ومن بنتك
!!..
تنهدت سارة التريد تحدي هذه المرأة على االقل حتى اليغضب فهد قبل زواجه من هناء
..خاصة وهي ترى جمال واناقة واالهم تعلق الجدة بهذه الفتاة
:
شعرت سماء بتوتر من النظرات الموجهه لها من الموجودين ..وبدأت تكرر انا الدكتورة
سماء انا الدكتورة سماء االولى على دفعتي في السنة التحضيرية واالولى على
مدرستي في الثانوية العامة والثانية على مستوى الرياض والرابعة على مستوى
المملكة ..لكن النظرات جعلتها تفتح حقيبتها الصغيرة بالمباالة وهمية وشحذت عقلها
للخطة ب عند التوتر من الجمهور المحدق بها تخيلت ان الجميع بدائرة حمراء على انوفهم
..كالمهرجين ابتسمت وتالشى قليل من توترها
كانت جمانة وهناء تقفان للتأكد من راحة الضيوف لتمر سارة بهما ..روحوا سلموا على
..جدتكم وشوفوا من معها ..ثم بسرعة رسمت ابتسامة متكلفة لضيفة مهمه
بمجرد مارأت هناء الفتاة ُذ هلت :جوجو هذي الفارة المسكينة الي شفناها زمان
..جمانة :شكل جدتنا العزيزة بدلتها
..وتقدمت للسالم متجاهالت الفتاة كليًا التي وقفت
جمانة :كيفك ياجدة ؟
الجدة :سلمن على سماء قصدي الدكتورة سماء
جمانة مدت يدها :اهًال سماء كنتي صغيرة اول مرة شفناك
سماء :اهال فيك
اما هناء بالكاد مست اصابعها ولم تتكلم معها بدون ان تعرف سبب هذه الفتاة غير
..مريحة ابدًا
..جمانة :قال لك فهد ياجدة
الجدة :فهد يقول لي كل شيء بس اليوم ماكلمني اليكون فيه شيء
..جمانة وهي تنظر لهناء بسعادة :فهد خطب هناء وهي وافقت
كان الرائي يعتقد ان الحديث الدائر اليهم سماء خاصة وهي تنظر للبعيد بعنق مشدود ..
لكن الاحد يعلم ان هذه العبارة جعلتها تعود نكرة اكثر من ذي قبل ..حاولت ان تبين ان
الاهتمام له او لخطبته ..لم تستطع ان تنظر للفتاة هناء ..سمعت تمتمة الجدة والتعلم
ماذا تقول فعقلها الغبي جدًا فيما يخص قلبها بدأ بعزف موسيقى حزينة ..يالله التجعلني
ابكي اآلن ..انا مجرد وصية بالنسبة له ..فتحت شنطتها مرة اخرى واخرجت هاتفها لم
يمض على حضورهم سوى نصف ساعة وخسرت فيها مابنته من ثقة لمدة ٤سنوات ..
شعرت بالحرارة حول عينها وجفنها يارب التجعلني ابكي امامهم ..اليهم لقد اتخذت قرار
االبتعاد عنه ..سأطلب الطالق واقف ألشكره على رعايته هو وجدته بشكل رسمي ..
..واحمل حقيبتي وارحل ثم سيسمع اسمي في كل مكان فيه علم وطب وتفوق
..وقفت سماء وابتسمت بتكلف لجمانة وين دورة المياة
..جمانة :استخدام او زينه
سماء :زينة
جمانة :اخر الممر يسار فيه درجتين اطلعي يمين هناك تلقين مرايا وادوات زينة للضيوف
واعطتها ظهرها ..وتركتها
مسكت الجدة يد سماء التي انحنت لتصغي لقولها :ماقالي انه خطب هناء مع انها له من
..زمان ..تلقين امه طايرة من الفرح هناء تربيتها
نفضت يد الجدة بهدوء وهي تشعر بالحقد عليها اال تفهم انها تتألم تتحدث هكذا وكأنها
الشيء ..الم يخطر ببالها طوال هذه السنين ان ارتباطها بفهد جعل لها قلبًا طامعًا لحبه
: ..انا باروح للمغاسل
الجدة :الحد سألك من انتي قولي جايه مع الجدة
..سماء بحاجب مرفوع :الحد سألني من انا باقول انا الدكتورة سماء عبدالله الفيصل
وذهبت تتمايل بفستانها الجميل وجسدها الجميل وشعرها الحريري الاحد من الموجودين
..يعلم ان داخل هذا المظهر فتاة مازالت هشة وخائفة ومجروحه
:
:
المكالمة التي ينتظرها فهد اخيرًا ..المحامي المفصول من عمله في المشروع قبل اكثر
من سنتين ..ورفع على المشروع قضية فصل تعسفي لكن وللغرابة ورغم براعته لم
يكسبها :اهًال استاذ نادر
نادر :استاذ فهد بلغوني انك تدورني
فهد خرج للبحث عن مكان هاديء خاصة وان الضيوف منتشرين في الحديقة والصالونات ..
وفي الحديقة الخلفية يتم تجهيز العشاء وطارالت الخدمة لذا توجه للجزء الخلفي للفيال
ودخل مع احد االبواب :استاذ نادر ابي اعرف ليش انفصلت ..وبشكل صريح
..نادر :اذا بتنصرني قلت لك الني تعرضت لظلم كبير
..فهد :تفضل ..انا االحظ فيه تجاوزات واخطاء لكن مانيب عارف فين
بدأ المحامي بسرد التفاصيل حيث اكتشف خطاء وذهب به لعبدالرحمن الذي نظر
للحساب بهدوء ثم امر بفصله وفصل المحاسب ..وختم كالمه بأن لديه صور من االوراق
..التي شك بالتالعب في حساباتها وباوراق لتحويالت لشركات لم نتعامل معها ابدًا
انهى فهد المكالمة وهو يشعر بالتخبط ..لكن قبل ان يفكر في حديث المحامي لفت
نظره فتاة في اخر الممر تميل بجذعها النحيل واالنثوي لتعدل حذائها بينما شعرها يالمس
االرض بشكل يغري اي يد لالمتداد وجمعه ..اقترب فهد الشعوريًا ..وقلبه يخفق بشده
لقد رأى الكثير من الفتيات والجميالت دقق في ساقيها ومايظهره فستانها القصير وهو
يشعر برغبة غريبه للمسها كانت مشغولة بما تعمل اتكون هناء ايكون محظوظًا وأول
من قفز قلبه لها هي خطيبته ..ثم رفعت جسدها ونفضت شعرها لتعديله والتقت عيناهما
..في البداية شهقت بحده ثم عقدت حواجبها ثم نظرت له بنظرة لم يفهمها لكنها بسرعه
..تحولت الحتقار وكره
هو يعرف هذا الوجه هو يعزف هذه العينان ..هو يعرف هذا الحزن العميق في العيون
..الواسعه بلون العسل ..هو يعرفها ..لكن يجهل من هي
رفعت سماء رأسها ثم التفتت لتجد الرجل الراقف ارعبها في البداية لكن قلبها عرفه حتى
قبل ان تنظر لوجهه ..فهد ..ازداد وسامه ازداد جسده صالبه ..وازداد قلبها حماقة للقفز
على االوردة والشرايين لشخص نسيها ويبحث عن حياته ..تقدمت خطوة منه ثم نظرت
اليه من اعلى ألسفل ..كانت تراه يبتلع ريقه حاول الكالم ثم تراجع ..فاعطته ظهرها
..وعادت للصالون تتمايل وهي تعلم انه يحدق فيها
:
:
وإن مزقتنا دروُب الحياِة
..فمازلُت أشعُر أني إليك
أسافُر عمري وألقاَك يوًم ا
.فإني ُخ لقُت وقلِب ي لديك
م.ن
:
:
قراءة ممتعة
اعطته ظهرها ومضت تتمايل امامه ُر غم ُق صر فستانها ..كان يراقبها مبتعده ..يتمايل
ظهرها وتمشي كـ عارضة ازياء تمامًا مخلفة ورائها رائحة عطرية خالبة دغدغت مشاعره ..
مكملة الصورة لهذه الجمال الرقيق امامه ..تذكر انحنائتها كتفيها النحيلين ..سلسلة
العمود الفقري الظاهر في فتحة فستانها ..نعومة شعرها ولونه الغريب ..اخذ فهد يلهث
كأنه ركض امياًال ..طالما رأى جميالت وتعامل معهن ولم تحرك احداهن مشاعره او رغباته
..كهذه ..بل انه يشعر بشيء تلبسه ودخل في جوفه
افاق من نظره للمكان الذي ذهبت به وكأنه ينتظرها ان تعود ..وعاد من حيث اتى ..
وسؤال واحد يدور في باله :من هي ؟
:
:
بعكس الهدوء الخارجي كانت البراكين والزالزل تعتمل في داخل سماء ..ارتجافها فضح
توترها وارتباكها حتى انها اصطدمت بهناء بدون ان تشعر :معليش اسفة
هناء نظرت لها ثم نظرت خلفها :منين جاية ..؟
سماء التفت خلفها كأنها تريد التأكد ان فهد لم يتهور ويلحق بها :من مرايا المدخل ( ..
..وابتسمت بتوتر ) كنت اعدل زينتي
مرة اخرى نظرت هناء بريبة ثم قالت :اال متى بتقعدين عند الجدة ؟
!! ..سماء :اعتقد االمر خارج صالحياتك
..هناء :انتي شلون تتكلمين معي كذا ؟؟!! بأي حق ترفعين صوتك علي
الذهول ألجم سماء خاصة وهي ترى سارة تتقدم مقطبة الجبين :هناء وش فيه ؟
..هناء بغضب كاذب وهي تشير لسماء :تتلفظ علي وتقلل ادبها
..سماء :سألتي سؤال واعطيتك اجابته ابدًا ماتلـ
سارة لسماء :ياغريب كن اديب ..وجودك في منزل الجدة مايعطيك الحق ابدًا انك
تتصرفين برفعه معنا او حتى بمساواة ..لوال ام عبدالكريم ماحصل لك شرف الدخول في
..حفلة مثل هذي او حتى المرور من شارعها
لم تتحدث سماء بل لم تستطع حتى ابتالع ريقها ..من االرتباك والحرارة التي ارتفعت
..العلى رأسها ..فكان من الجيد ان سارة وضعت يدها خلف ظهر هناء وابتعدتا
توجهت لمقعدها الى جانب الجدة التي بادرتها :تأخرتي ؟
سماء :وش رايك نمشي ؟
!! ..الجدة :قدام العشاء فشيلة اخاف يزعل فهد
..سماء :موب داري ..بعدين انتي ماتتعشين اال شيء خفيف
..الجدة :ال بنقعد لين يحطون العشاء بعدين نمشي اصًال ماجينا اال من ساعة
التزمت سماء الهدوء واخذت تراقب الموجودين ..اطقم ألماس فساتين لمصممين كبار
شنط واحذية بماركات عالمية وجوه مليئة بالفيلر ..وابتسامات مزيفة ..لم تجد على وجوه
احد من الحاضرين ابتسامة سعيده او حتى استمتاع حقيقي بالحفلة الجميع يجامل ..حتى
هي ..اآلن وضعها كأنها تجلس على رأسها واقدامها للسقف ..لكن ستنتظر حتى تنتهي
..هذه الجدة العنيدة من عملية إلتقاط اخطاء سارة ومحاولة تصغيرها
ُز
ارتاحت عندما بدأ الخدم بدعوة الحضور في ُز مر صغيرة للقاعة المخصصة للعشاء ..بينما
..سارة تدور بنفسها لترحيب بالمهمين مرة اخرى
..فالتفتت على الجدة :يالله نمشي
..الجدة :كلمي السواق يجي
سماء :كلمته
...ووقفت ثم ساعدت الجدة على الوقوف
.بينما اشرت ألحدى الخادمات برقم كرت عبائتها لتحضرها
..اخيرًا ..انتهى هذا اليوم الطويل ..ستعمل على ان التدخل هذا المنزل مرة اخرى
:
:
دخل فهد غرفته خلع ثوبه وارتمى على السرير بتعب ..يوم ثقيل ..او اثقل يوم منذ عودته
..مجامالت ووجوه تطالبه بتذكرها ..واخرى تلمز بانه عاد مغرورًا ..واخرى تطلب منه المرور
للزيارة في مصنع او شركة ..من بين الوجوه كانت هي ..اآلن تفرغ ..للتفكير بالفتاة التي
رآها تبدو محنكة جدًا ..وتبدو جميلة ..ووقوفها امامه ونظرها بتحدي لوجهه وهي غير
محتشمة امر اثار حيرته بل ان نظرة االحتقار التي شاهدها في عيونها امر اكثر حيرة
..تململ ثم نهض جالسًا يمسح وجهه مجرد ذكراها يجعله يتذكر حاجته الرجولية ..هو شاب
بعمر الثالثين ويجب ان يكون متزوج الن مجرد تخيل ذراعي الفتاة النحيلين يلتفان حول
عنقه ..وساقها الطويله تلفها حول ساقه يجعله يبدو مراهق ..ومراهق فكريًا ايضًا ..اوًال
..سيحاول معرفة من هي
:
:
لبست سماء بيجامتها المريحة وذهبت للمطبخ لتصنع لها كوبًا من الشاي وساندويتش ..
لتبدأ تحليل همومها واحزانها وتبدأ التخطيط لحياتها بدون فهد والجدة ..لقد اتخذ فهد
خطوة ناحية حياته مخلفًا خلفه الوصية ..لماذا تشعر بالحزن وهي تعرف مكانتها لم
يخدعها فهد ابدًا ..ولم يتقبل اعترافها بالحب منذ سنين ..ولن يتزوج من وسط غير ماعتاد
عليه ..بل انه لم يظهر لها على مّر السنين سوى الرحمة واللطف هي من طلب مشاعر
مغايرة وهي من وقع على رأسه ..ستفعل مثله لكنها ستتزوج العلم والنجاح ..مّر ت بغرفة
الجدة ..واطلت برأسها :نمتي ؟
..الجدة :ال تعالي
دخلت سماء وجلست على سرير الجدة :ليه ماتحبين سارة ؟
..الجدة :النها ماتنحب
..ضحكت سماء :متى اكتشفتي هالكالم وانتي خطبتيها لولدك
..الجدة :ماخطبتها زواجهم كان مثل زواج فهد وهناء
ابتسمت سماء بحزن :وزواجي انا وفهد وش كان ؟
هذه اول مرة تفتح هذا الموضوع مع الجدة ..ربما حتى تعتقد الجدة انها نسيت انها
..متزوجه من فهد
الجدة :زواجك من فهد خدمك اكثر من خدمته لفهد ..وخدمني انا اكثر من خدمته لك
ولفهد ..والحين انتي حّر ه ومنتي عاد ملزمة به والهو ملزم فيك ..كبرتي واعتمدي على
..نفسك وبتعيشين معي لين اموت ..انا الحين حسبة جدتك مثل فهد
..سماء :رفضتي اناديك جده اول ماجيتك
..الجدة :كنتي بنت بليده وماحبيتك
ضحكت سماء لصراحتها التي اعتادت عليها ووقفت :تعشيتي
الجدة ؛ ايه الخادمة جهزت لي عشاء واكلته
..سماء :اكلتي عالجك
..الجدة :ايه وتسننت والحين بنام
..سماء :تصبحين على خير
:
:
خرج فهد من شركة والده عندما لم يجده ..وتوجه للمشروع حيث عبدالرحمن االن اصبح
متأكدًا من ان هناك تالعب وتحايل في المشروع وان الميزانية تضخ في غير اماكنها
والمشاريع التي تعمل عليها المجموعة مشاريع اما وهمية او مشاريع شركات صغيرة
الترتقي لمستوى المهندسين الذين يدفع لهم رواتب عالية ..االوراق التي اعطاها له
المحامي نادر كانت عالمة ان من يختلس ويتالعب شخص ذو سلطة تمامًا في المجموعة
..وهو اليريد ان يفكر في عبدالرحمن
دخل المكتب ليجد والده وعبدالرحمن ومحامي المجموعة وبعض الُم دراء فيما يبدو اجتماعًا
..لم يعلم عنه بينما والده يريد اقحامه منذ سنين في عمله يبعده في اللحظات المهمة
السالم عليكم
..الجميع :وعليكم السالم
..فهد :اجتماع خير ان شاء الله
.الحظ الهم على وجه والده :تعال يافهد
جلس بعدما اخال له احد المدراء الكرسي المواجه لوالده بينما عبدالرحمن يحتل رأس
..الطاولة :وش الي مكدرك يبه
..تحدث عبدالرحمن بصوته العميق :المجموعة تخسر ونحاول نجد حلول لها
..فهد :كيف خسرت المجموعة وميزانيتها ميزانية دولة صغيرة
عبدالرحمن :هذي االعمال يافهد مافيها شيء مضمون وانت ماكنت موجود وحنا نحاول
..نلتقط المشاريع التقاط من السوق
فهد :الورق يقول ان ميزانية المشروع كبيره لكن اعماله قليله تقدر تقول لي وين تروح
الفلوس
..عبدالرحمن :اسأل عمي
تكلم عبدالكريم :واضح اننا وقعنا في اخطاء في الثالث مشاريع االخيرة وتصحيحها اكل
..ثالث ارباع الميزانية واال االن مانتهت والتسليم قريب
فهد :لكن هذا نظام المجموعة من سنين انا اطلعت على الميزانيات لكل المشاريع
السابقة نفس النظام ..ارقام مهولة وانتاج بطيء وانا استغرب انها تحدث وانت على
..رأس المجموعة ياعبدالرحمن
عبدالرحمن :لذا انا اشعر بالذنب فعشان كذا اقترحت على عمي اشتري نصيبه واخرجه من
..المشروع ومن المحاسبه القانونية والمالية المترتبة على تأخير المشاريع
كانت مالمح والده تنطق بامتنان وهو ينظر لعبدالرحمن بينما فهد اليستطيع االفصاح
عن افكاره حتى يتأكد :انا غير موافق ..اذا ابوي بيطلع من المشروع يحطني مكانه وانا
متأكد اننا انا وانت اذا عملنا مع بعض بننهض بالمشروع مرة ثانيه وافضل من الدراسة
..الورقية
..هل التقط توتر وغضب في مالمح عبدالرحمن او ان عقله الذي يشك به صّو ر له ذلك
..عبدالرحمن :حرام تضيع جهودك ووقتك وحماسك في مشروع ميت
فهد :وحرام نحملك انت وحدك نتيجة خسارة المشروع ونفر كالفئران من السفينة الغارقه
الانا والابوي نرضى هالشيء ..واال ال يبه ؟
..عبدالكريم :المجموعة تقريبًا يبيلها ميزانية جديده يافهد وحنا مانملك السيولة
فهد :انا باسمك وقفت التحويالت االخيرة للحسابات وحسب كالم موظف البنك الي
..تعاون معي فيه الي يغطي نفقات المجموعة للمشاريع المتعلقه
األن الحظ توتر عبدالرحمن في اصابع يده التي تطرق على هاتفه هو يريد االتصال بأحد
..وفهد شبه متإكد ان التحويالت لصالحه لكن اين وكيف هذا ماسيثبته
..عبدالرحمن :فهد انا انصحك بحسب خبرتي
وقف فهد وهو ينظر للساعة :انا احتاج خبرتك في مساعدتي للنهوض بالمشروع وانا
متأكد انك بتكون فخور بي ..وعلى فكرة بيكون التوقيع باسمي اال جانب اسمك ..
مافيه ورق يطلع بدون علمي بما اننا شركاء ..وخرج
عرف عبدالرحمن اآلن ان فهد سيكون حجر طريق ..ووجوده في اخر لحظة جعل غضبه
..يشتعل
:
:
طرقت هناء الباب على اخوها ..حتى سمعت صوته يأذن لها بالدخول ..كانت مبتسمة
حتى رأته يمأل اشيائه في حقائب مفتوحة على سريره :وين بتسافر وانت مالك اسبوع
..من جيت
!! ..فارس يضحك :بسافر للرياض
..هناء :حنا في الرياض بال استهبال
..فارس :شريت شقة في حي هادي وباسكن فيها
هناء :ليه تترك البيت
..فارس :انتي بتتزوجين وش يقعدني
..هناء :بس
..فارس :خالص اذا طلعتي مابي اضايق عبدالرحمن وزوجته
هناء :البيت كبير واصًال جناحهم في اخر البيت وفعليًا يمر اسبوع ماشفناهم
فارس :حتى ولو انا تعودت على نمط معين في الغربة ومرتاح فيه
هناء :ومن بيطبخ لك
..فارس :التشيلين همي ..وتعالي ساعديني
وقفت تراقبه حتى استسلمت لصموده وهو يجمع امتعته فتقدمت تفرز معه وتجمع وترتب
..
كان فارس قد وضع له خط جديد وبعيد عن العائلة ..اكتشافه طمع عبدالرحمن مبكرًا
جعله يحمدالله مائة مرة في اليوم واال بقي هو وهناء تحت رحمته ..محاولته تحذير فهد
قبل سنوات والتي قوبلت بالتشكيك في دوافعه جعل ضميره يرتاح ...العقد الذي وقعه
..اليوم مع ادارة كلية الطب وكلية الهندسة كان مرضي له اكاديميًا اكثر منه ماديًا
:
:
دخلت جمانة المطعم بسرعة وهي تبحث بعينيها عن فهد حتى وجدته بسرعة تقدمت منه
وجلست :تأخرت عليك ؟
..فهد :ال ابدًا مالي وقت واصل
جمانة :طلبت واال
..فهد :بما ان المطعم اختيارك اعطيني مفضالتك فيه ونجرب
جمانة بغمزة عين :هذا مطعم هناء المفضل ..الزم تعزمها فيه
الشعوريًا برزت امامه الفتاة الخمرية في الفستان الذهبي ..نظرتها الحادة حاجبها الدقيق
شفتها الكرزية لونًا وحجمًا ..بلل شفتيه الن كلمة ومذاقًا برزت في عقله فكل احالم ليلة
..البارحه كانت عناق هذه الفتاة
..جمانة :كانت جايبة لك هدية بس مدري ليه ماعطتك
فهد وهو ينظر للنادل الذي احضر االطباق :منهي ؟
!! جمانة باستغراب :هناء
..فهد :اها ..طيب قولي من معازيمكم امس
جمانة :امم اقاربنا المعتادين ..عائلة الدكتور سعد ..حرم الوزير الفيدي ..بنت رجل االعمال
...
كانت تعدد وتحاول ان تتذكر الحضور بينما فهد يضع صورة فتاته في اي عائلة حتى قالت
جمانة بضحكة :وجدتي طبعًا والبنت الي معها
ابتسم فهد بحنين :سماء
جمانة :ايه سماء ،يالله اذكرها كانت مرعبه وكأنها وصخه وجاية من كوكب ثاني لكن
امس ..تحفه ..وجدتي تمشي وتقول الدكتورة سماء ..الدكتورة سماء
ابتسم فهد بطرافه :كبرت اكيد ،وعقد حاجبيه للذكرى الوحيدة لها :اذكرها اخر ماشفتها
..كانت اعتقد في اولى ثانوي
..جمانة :ال من جد امس كانت تحفه وانيقة
فهد :ال ال انيقة والله
...جمانة :تخيل البسه فستان مرتب ذهبي وقصير اعتقد اني شفته مدري في كوست او
فهد :فستانها ذهبي قصير ؟
جمانة :ايه
!! فهد :جوجو اوصفيها لي
..جمانة :فهد !؟ ليه
..فهد :انا شفت وحده عند المغاسل شعرها طويل
جمانة :ايه هي ..هي الوحيدة الي راحت للمغاسل شعرها طويل لونه غريب ع بني كذا
..فهد :معقولة ؟ اذكرها كانت
..جمانة :انا اذكرها وهي صغيرة كانت فيلم رعب
..مازال فهد اليصدق ان الفاتنة باألمس هي سماء ..بل يجزم انها ليست هي
..اخرجه من افكاره صوت جمانة :الحين الموضوع المهم
..فهد :آمري
..جمانة :فهد انا متأكدة ان عبدالرحمن يخوني ..عشان كذا ابي الطالق
..فهد :اف الطالق مرة وحده
..جمانة :ايه وابيك هالمرة توقف معي
فهد :متأكدة من قرارك
..جمانة :مليون بالمية ..بس مابي طالقي يأثر عليك انت وهناء
فهد :ال ال ابدًا انتي فكري في نفسك بس اذا متأكده مش قرار في لحظة غضب انا
..اكلم عبدالرحمن
..جمانة :وابوي وامي
..فهد :خليهم علي
:
:
دخلت ُج مانة غرفتها بعد تعب الدوام ..لتخبرها الجدة ان فهد سيزورها لذا اخبرتها انها
..ستذهب للمكتبة لتعمل بحوث مطلوبة منها
جلست قليًال تفكر لو طلبت الطالق اآلن يجب ان تترك المنزل والجدة ..لكن بكل تأكيد
..ستزورها ..بدلت لباسها بسرعة وخرجت :يالله انا باطلع
..الجدة :كل ماقلت لك فهد بيجي طلعتي
..سماء :وش المناسبة ؟ عندي بحث مهم وباخلصه ..وفهد يجي لك
الجدة :واذا سأل عنك ؟
ابتسمت سماء بملل :قولي الحمدلله طيبة وبخير ومش محتاجه شيء ..مثلك من سبع
سنين وش تغير
الجدة باستغراب غاضب :وجع اجل انتي محتاجة شيء !؟
..سماء :طبعًا ال ..يالله سالم
..الجدة :التتأخرين
!! ..سماء :باحاول
!! ..وخرجت لم تعد تروق لها لعبة الهروب ابدًا
:
:
وعبدالرحمن وش قال ؟
..عبدالكريم :حسيته زعل لكن فهد كان مصمم
..سارة :اذا فهد يبي يساعد هو اولى ندعمه ..لكن مايمنع تقول لفهد مايزعل عبدالرحمن
عبدالكريم :المشكلة اني حاس ان فهد يتعمد يزعل عبدالرحمن ..وان كل كالمه ومديحه
..كان ساخر واتوقع مايخفى عبدالرحمن
سارة :سبحان الله رزقنا الله بعيال يشتغلون ضدنا !!!..هذي جمانة صايرة تقضي اغلب
!! ..يومها هنا عندنا ومهملة زوجها
:
:
التفت فهد حوله وهو جالس مع الجدة :وين سماء ؟
الجدة :طلعت تسوي بحوث ..هذا هي كل يوم تروح تسوي بحوث وتطبع ورق ودايم
..على الجهاز
..فهد :عندها جهاز البتوب
..الجدة :ايه عندها واحد من يوم كانت فالثانوي ..ودايم عليه
فهد :طيب محتاجه شيء ..تبي شيء
ضحكت الجدة ..فاستغرب فهد :وش فيك ياجعلها تضحك ايامك
الجدة :ذكرت سماء قلت السأل فهد عنك وش اقول قالت قولي مش محتاجه شيء ..
مثلك من سبع سنين
..فهد بابتسامة :صاير لسانها طويل اجل
الجدة :والله البنت تشتغل على نفسها وتكتب كتب مدري وش تكتب ( ..واكملت بحزن ):
!! ..اخاف من اليوم الي تتركنا فيه
طالما انتظر فهد هذا اليوم بنفاذ صبر اليوم الذي يستطيع ان يؤمن فيه سماء ..ويطمئن
عليها ..ويرتاح من همها ..لكن االن هو يخاف اكثر من جدته اذا كانت الفتاة التي رآها
هي سماء
وقف وقال :باروح اشوف جهازها ..اذا قديم باجيب لها شيء
الجدة :مجنون انت ماراح تاخذ منك شيء
فهد :قولي من عندك انتي
ضحكت الجدة ضحكة استسالم :البنت رسميا .دفعت لي قيمة مالبسها ومصاريفها الي
من سنين ..تبيها تاخذ مننا شيء ..تدري انها تجيب اغراض للبيت كل شوي واخاف اقول
..شيء ماتاكل معنا
..فهد بابتسامة حزينة :تربية فيصل
دخل لغرفتها ورأى التغيرات الكثيرة التي حدثت ..تدل على التغييرات التي حدثت
لصاحبتها ..المفرش الرقيق ذي االلوان االنثوية ..الالب كوت الموضوع على الكرسي ..
المكتب الذي اصبح يحمل كتب واجهزة ..العطور وادوات الزينة ..احذية ذات كعب عالي ..
فتح الجهاز ليجد كتابة في الوورد ..تبين انها ترجمة الكتاب الذي اعتقده للوهلة االولى
دراسي ..جلس واخذ يفتح الملفات ..ليكتشف ان سماء عبدالله ..هي المترجمة للمكتبة
..والتي كتبها تحمل دائمًا ترجمة :سحاب فيصل
شيء بداخله جعله يفخر بالفتاة الصغيرة التي اصبحت بارعة ..نظر لوسط الغرفة حيث
..ودعها واحتضنها
اخيرًا فتح دوالب مالبسها ..ليرى الفستان الذهبي القصير خفق قلبه ..وشعر بارتخاء في
اطرافه ..هي ..انها سماء ..تحسس الفستان بيده ..اخذ يلمس بطانته الداخلية ويشعر
بشعور لذيذ ...ثم مرر اصبعه على مكان فتحة الصدر ..وقّر ب وجهه من الفستان ليشم
ًا
العطر الذي أسره ..ثم افاق على نفسه ومايفعله ..بل كان صعبًا عليه ان يعلم انه وقع
..في حب ..زوجته ..واالسوأ وقع في حب وصيتة واالمانة التي في عنقه
:
:
ْك ُت ْف َشحيَن اكت
كُّل اُأل مو تغَّي رْت
ِر
فأَض ْف ِت َب دًر ا ثانًي ا
وأضفِت شمًس ا ثانيْة
..وأضفِت َف ْص ًال خاِم ًس ا
ما أْر َو َع ْه
م.ن
:
:
قراءة ممتعة
:
حاجة ملحة تؤرق عبدالرحمن لرؤية الفتاة مرة اخرى ..وجهها الهاديء عينيها الواسعة بلون
مشتعل ..شعرها الزيتوني ..لم تكن جميلة بمعنى الجمال المتعارف عليه ..لكنها جذابة
جدًا ..مثيرة جدًا ..حولها هالة من الغموض والشجن تجعلها مميزة ..يستطيع ان يثق في
ذوقه فهو عرف اغلب نوعيات البنات ..ذهب لمنزل الجدة اليوجد عذر للزيارة مرة اخرى لكن
ُأ
سيجد لو يقول انه نسي شيء يخصه ..لو يدفع اموال خرى لرؤيتها ..وجد سيارة فهد
امام منزل الجدة ..فتحرك مبتعدًا :والله فهد طايح في العسل ..مالومه كل يوم عند ام
..عبدالكريم
:
:
واخبار سارة وبنتها ؟
كان فهد يتحدث مع الجدة وقلبه مع الغرفة الُم غلقة امامه :تمام
الجدة :جمانة عندكم واال في بيتها ؟
فهد :عندنا
..الجدة :جننت زوجها تبيه يمشي وراها زي ابوك وامك
فهد :جمانة تبي الطالق
..الجدة :اكيد هذا الدلع دلعها عبدالرحمن لين شاخت بنت سويرة
فهد :غريبة انتي واقفه مع عبدالرحمن
الجدة :انا مع الحق
وقف فهد :سماء في غرفتها ؟
! الجدة :ايه
تقدم لداخل المنزل وقف امام غرفتها كان قلبه يطرق بقوة لدرجة انه يعتقد انها
ُغ
ستسمعه رفع يده بهدوء وطرق الباب وعندما لم تجب فتح الباب ببطء كان ضوء ال رفة
خافت اغلق الباب ورائه وهو يشعر بشعور ترقب لذيذ وجدها نائمة ..كما يبدو بدون ان
تستعد للنوم ..ابتسم لقد نامت وهي تفكر ربما في مسألة السفر ..اقترب منها وجلس
على طرف السرير واخذ يتأمل وجهها الرقيق اآلن بدون المكياج تبدو ارق واضعف ..مد
يده ولمس شعرها الُم نتثر على المخدة اخذ نفس عميق وهو يشعر بكهرباء تسري داخله
..وقف فجأة وهو يذكر نفسه انها سماء ..الطفلة سماء ..مجرد محاولته لمسح صورة
الشابة الجميلة واستحضار الفتاة الُم هملة المظهر اصبح صعب جدًا ..تراجع بسرعه للخروج
..فوقعت الساعة الزينة التي على الطاولة الجانبية
شهقت سماء برعب وقفزت :بسم الله
رفع فهد يديه بحركة دفاعية :بسم الله عليك كنت باصحيك
التفتت سماء حولها للتأكد من المكان وبسرعة قفزت من السرير واقفه :وش جابك هنا ؟
..حركتها وهي تلمس مالبسها اعطت فهد شعور انها التثق به ..بل ربما التثق في احد
..فهد :انا انتظرك في الصالة تعالي باكلمك
..سماء :اطلع طيب
خرج امام نظرها ووضعت يدها على قلبها الذي يكاد يقفز رعبًا واثارة ثم هرعت للمرآة
تنظر لنفسها شعرها المتناثر وجهها الخالي من الزينة وبيجامتها الطفولية ..ليس هذا
!! المنظر الذي تريد ان تظهر به امام فهد
جلس فهد مع الجدة وهو يحاول ان يسيطر على ارتعاش يديه ويجعل مالمح وجهه تبدو
جادة اكثر من الالزم حتى اليبين تأثره عندما سمع صوت الباب يفتح ارتعش قلبه وهو
تلقائيًا يشم رائحة عطرها :وش الكالم الي بغيته ؟
..الجدة :سماء وجع وش قلة االدب ذي !!؟ ورا ماسلمتي
نظر لها فهد كانت وللسخرية ترتدي فستان قصير وفوقه ترتدي عبائتها بينما شعرها حر
لتعذيبه :اجلسي ياسماء
جلست ووضعت ساقًا فوق اخرى وفهد يقاوم حتى التنزل نظرتها لساقيها المعقودة :
جلست
فهد :وين المؤتمر الي تبين تسافرين له ؟
!! سماء النت مالمحها :ألمانيا
..فهد :اف توقعت انه في جدة او الدمام
سماء :الدكتور عبداإلله اختارني الني من االوائل وانا ابي اروح عشان يكون لي احقية
باالبتعاث لو تخرجت وبغيت اكمل دراستي برا
رفع فهد حاجبه لثقتها :من الدكتور عبداإلله ؟
..سماء :دكتور مقرر المهنية الطبية
فهد :سفرك صعب
وقفت سماء ونظرت له وللجدة :شكرًا لوقتكم ..تكلفت وجيت عشان تقول كذا وذهبت
..لغرفتها غاضبة للمرة الثانية في هذا اليوم
نظر لها فهد بتفكير متى كبرت التفت على الجدة :ماقالت لك كم مدة المؤتمر
..الجدة :قالت يومين الظاهر
فهد :تقدرين تقعدين يومين بدونها
الجدة :ايه الشغالة عندي
وقف وذهب لغرفتها وطرقها مرة اخرى وعندما فتح له الباب لم يتمالك نفسه من منحها
..ابتسامة ؛ انتي متفاوضة سيئة
سماء :انت قلت صعب
..فهد :بس ماقلت مستحيل
سماء :يعني بسافر
فهد :انتي ماعندك جواز
..سماء :اها انت جاي تعدد لي العراقيل
واعطته ظهرها لتعود وتجلس على المكتب
دخل فهد بدون ان يغلق الباب :متى المؤتمر
سماء :في ٢٢/٢٣من هالشهر
..فهد :ممتاز يمدينا نطلع لك جواز سفر
وقفت سماء بسعادة :يعني بتعطيني التفويض للسفر
..فهد وهو يراقب ردة فعلها :بسافر معك
خفق قلب سماء وتراجعت بضعف :انت عندك اكيد مشاغل
..فهد :انا مستحيل اوديك بدون حماية ألي مكان
اخذت تفرك يدها وهنا برزت امامه الطفلة الصغيرة :شكرًا
اقترب فهد منها وهو يعرف وقاحة مايريد قولة لكن لم يستطيع مقاومة ذلك :ال
اشكريني صح
سماء بقلق :كيف ؟
..وأشر على خده :بوسيني هنا
نظرت له سماء بتمعن ..هو لم يفعلها وهي طفلة ..ايعقل ان تكون في نظره مازالت
طفلة ..اال يرى انها كبيرة او انه اليشعر تجاهها اال باالبوة ...ايريد امتنان منها .تحرك
عنادها ستريه ان الطفلة كبرت فتقدمت وهي ترفع حاجبها ..وتعمدت ان يقترب وجههاا
من وجهه وان يالمس شعرها يشرته طبعت قبلة صغيرة على لحيته النامية وعندما حاولت
..االبتعاد امسك فهد بها قليًال كانه يفكر في الخطوة التالية ثم تركها :بارتب الوضع
وخرج
ثبتت سماء يديها على المنضدة تشعر بغضب منه ومن نفسها ..لكنها على األقل
ستسافر للمؤتمر
:
:
كُّل الحرو لها ُط قوٌس ُم علنْة
ِب
ِّب
إال ُح روَب الح في ُع رِف النساْء
َت بقى األنوثُة وحَد ها ُل غَة الهوى و
هي التعالي والَّت جُّب ُر دائًم ا والكبرياْء
:
:
قراءة ممتعة
ّل
شعر به ..وألول مرة شعر بقلبه يشتعل فقط لمراقبة فتاة ..قلب اعتقد انه مّل الفتيات
واساليبهن وجمالهن وتحجر لكنه لمرأى سماء اصبح نارًا مستعرة ..اتعطي فهد ماتمنعه
!! ..عنه
:
:
عندما اغلقت سماء الباب كانت ترتجف ..خائفة بمعنى الكلمة ..اخذت عدة دقائق تلتقط
!! انفاسها ..شيء حول هذا الشخص يجعلها مرعوبة سمعت صوت الجدة تنادي :هذي انا
..ودخلت للصالة حيث تجلس الجدة
الجدة :سماء مارحتي ؟
..سماء بتوتر :السيارة فيها مشكلة وبقى على محاضرتي ساعة ..ان شاء الله تستوي
..الجدة :دقي على فهد يوديك
..سماء :الي يسمعك يقول فهد المارد حقي كل مشكلة دقي على فهد
الجدة :ماعليه فهد حسبة اخوك وقريبك الوحيد
ضحكت سماء بقهر هذا الصباح غريب جدًا :اذا بغيتي فهد زوجي واذا بغيتي فهد اخوي
..واذا بغيتي فهد ولّي نعمتي ..تدرين وش اشوف فهد انا
!صوت من خلفها :وش تشوفينه ؟
!! التفتت سماء بسرعة واالرتباك مرسوم على مالمحها الجميلة :متى جيت
!! فهد بهدوء :جاوبيني اول
..عّض ت سماء شفتها بحرج ونظرت له :مو مهم
..الجدة :دامك جيت ود سماء للجامعة التتأخر
..فهد :طيب انا كنت اصًال جاي اخذ شهادة ميالدها عشان الجواز
مازالت سماء تشعر بارتباك ..ان تهرب من فهد طوال السنين ليأتي في يومين ويعبث
..بسالمها الداخلي ..امر غير مريح لها
..نظر فهد :يالله امشي
..سماء :واذا شافنا احد مع بعض
! ..فهد :احد مين مثًال
..لم تريد ان تقول عبدالرحمن النها خائفة ان يكون مازال حول المنزل :مدري
..فهد :تأخرتي امشي
تقدمت منه وهي تحتضن كتبها على صدرها مما جعل فهد يطيل النظر للمكان وهو
..يحسد الكتب
وقفت سماء امام السيارة الفارهه ونظرت لفهد بابتسامة :اركب ورا واال قدام ؟
..فهد :سواق عندك انا اركبي قدام
ركبت سماء واغلقت الباب ونظرت ناحيته ..كان وسيمًا جدًا ..ضغطت كتبها اكثر على
صدرها لعل خفقان قلبها يهدأ ..وكلما حاولت النظر للخارج تشدها عضالت ذراعه
!! المشدودة داخل الثوب االبيض :هاتي الكتب
سماء :هاه
ضحك فهد :هاتي كتبك واغراضك نحطها ورا وبيد واحده سحب كتبها والتفت للخلف
ليضعها مما جعل سماء تكتم انفاسها عند اقترابه منها التريد لرائحة عطره ان تدخل
..:رأسها وتقضي على تماسكها ..لن تحتمل اذالل آخر من فهد
..اف كتبك ثقيلة
..سماء :بس اليوم الن عندي برزنتيشن والزم اراجع
..فهد وهو يقود السيارة بسالسة :تبين كابتشينو
وأشر على محل قهوة على الطريق :الشكرًا انا في العادة اصحى بدري وافطر واشرب
..قهوتي
..ابتسم فهد بحنين :صح اذكر كان نومك قليل
لم تتحدث سماء بل اخذت تنظر للخارج التريد الذكريات ابدًا النها طوفان يقتلع ثباتها
..وامانها
اذا كان هي الجزء التافة من ذكريات فهد فذكرياتها جميعًا اتسمت بالتشتت والضياع
والبحث عن ذاتها حتى احبت فهد فصدمها واآلن التريد سوى ان تهرب منه ومن حبه
شعرت باصبعه يحرك ارنبة اذنها التي يخفيها الحجاب التفتت لترى فهد يبتسم بشكل
خطف قلبها
..فهد :من اليوم اكلمك وانتي سرحانة
سماء :ماتعودت على احاديث السيارة الني دايم لحالي ..وش كنت تقول ؟
..فهد :كنت اقولك ليه ماتتنقبين
عدلت سماء حجابها :حرية شخصية
فهد :واذا طلبت منك تتنقبين !؟
نظرت له سماء بحده التفهمه ابدًا يقترب ويبتعد بحسب حاجته :بصفتك ايش !؟
!! ..فهد :بصفتي زوجك
!! سماء بسخرية :والله !! تصدق نسيت
...فهد :انتي على ذمتي وهاالمر
قاطعته سماء بغضب :وهاالمر مايدري عنه اال ٤اشخاص واحد منهم متوفي ..وواحد
مادرى اال بعد الزواج وبدون اي رأي وجد انه مربوط بشخص مايعرفه ..وواحد متجاهل
االمر برمته وكاني شنطة مالبس قديمة رماها في بيت جدته واالخيرة تبي الزواج يستمر
..لمصلحتها
مسك فهد يدها بيده بينما االخرى على المقود :هل تبين الزواج يعلن ياسماء ..ويكون
..زواج حقيقي
كان يتحدث بصوت هامس وهو يتنفس بحده ..اال هذه اللحظة هو اليعرف اين يقودهم
..الحديث او اي من الوعود التي ستتنتزع منه لكن يعرف رغبته الُم لحة بها
صمتت سماء ثم نظرت لدخولهم من بوابة الكلية المخصصة للسيارات ..كانت هي االخرى
تتنفس بحدة ايضًا مشاعر متزاحمة ومتضاربة ..وقبل ان تنزل قالت :سألتني اليوم وش
..تشوفيني !؟ انا اشوفك وصي علي انتهت وصايته
ونزلت السيارة بهدوء بينما فهد ينظر لها هو يعرف جيدًا انها غاضبة ومجروحة ..لسبب قد
يكون يعرفه جيدًا لقد تجاهلها لسنوات ..لكن كان عذره واضح فبعد اعترافها بحبها له لم
يستطيع ان يتعامل مع مشاعرها الفتية ..هو كان رجل بينما سماء مراهقة تبحث عن
الحب تبحث عن اوتار لمشاعر رجولية تتراقص عليها ربما تسمع عن قصص الحب وارادت منه
..ان يكون بطل قصتها
..لكنه اآلن يشرب من نفس اآلنية
:
:
سماء :طالما المؤتمر في نفس الفندق فكل الموجودين عارفين ان فيه مبعوثين من
اغلب الدول لذا فضلت اكون مثال للبنت العربية المسلمة
نظر فهد لها بالعباية السوداء والحجاب االسود وبدون زينة وابتسم بفخر :تدرين ؟ انتي
فعًال فخر
كان مديحة لها سعادة ويده الممدودة لتحتضن يدها أمان في يومين عرفته كما كان في
طفولتها لطيف وحنون ..ومهتم جدًا حرص على ان تأخذ كفايتها من النوم وان تأكل
فطورها قبل النزول للمؤتمر وان تثرثر عن احالمها بحماسه ..في الوقت الذي كانت تدفع
فهد عنها كانت تكتشف انه ليس فقط حبيبها بل هو صلتها الوحيدة بسماء الحقيقية من
الحي القديم ..صلتها الوحيدة من ماضي فتاة نشأت بين رجلين بشعر اشعث يجدون
..صعوبة في ترتيبه
:
:
انتظر فهد في المقهى لقد اختار طاولة مواجهه مباشرة لبوابة الصالة الداخلية للمؤتمر
حتى يكون حول سماء لقد شرب ثالث فنجال قهوة وتحمل نظرات السائحات الالتي
يبحثن عن قصة حب عابرة ..انتظر لمدة اربع ساعات وكما قرأ في البرنامج الخاص بالمؤتمر
بقي ساعتين ..فقرر ان يخرج للتجول حول الفندق ..طالما عشق المصنوعات اليدوية
والحرف البسيطة وجد انها هوية ألي مدينة وان مهما كانت الصناعات مزدهرة ومتطورة
المثيل لالشياء البسيطة ..من خارج احد المحالت وجد مشط بمرآة جميل جدًا بزخرفة
دقيقة من الفضة وبدون تفكير دفع ثمنه وعاد للفندق يحمله معه في كيس
دخل لتلفت انتباهه بسرعة سماء مبتعدة قليال عن مجموعة متحلقة حول شخص انيق
بشيب قليل فاقترب منها :خلصتوا
سماء بصوت خافت :ايه بس الدكتور عبداإلله قال لي انتظري
وقف معها فهد حتى انتهى الدكتور من حديثه مع فتاة وشابين فنظر ناحية سماء
..مبتسمًا :سماء كانت مداخلتك رائعة جدًا
ابتسمت سماء ووجد فهد انها نسيت وجوده امام مديح استاذها فمسك يدها في تملك
طفولي :شكرًا دكتور بس الزم انا وجدت ان اكتشافهم للعسل كعالج وقائي احنا
مكتشفينه من زمان ومذكور في القرآن
الدكتور الذي الحظ وجود فهد وابتسم له وهو يمد يده :انت مرافق معها ؟
فهد :ايه
الدكتور :اهال بك اخوها اكيد
!! فهد بجفاء :ال
ابتسم الدكتور لسماء مرة اخرى :اهنيك مرة ثانية ياسماء وفعًال انتي كنتي مكسب
للوفد
قاد فهد سماء للمقهى :تشربين شيء ؟
لم تكن تريد الحديث معه ابدًا ولسبب التعلمه احست بجرح انه لم يوضح القرابة بينهما ..
..حتى لو كانت فقط مندثرة او منتهية اليجب ان يبين لها انها الشيء بهذا الشكل
كرر فهد :سماء تبين شيء
سماء :ال باطلع لغرفتي اكتب المالحظات واجهز التقرير قبل التطير المعلومات
ابتسم فهد :ماشاء الله عقلك كمبيوتر
نظرت له سماء بعدائية :ايه لألسف كمبيوتر يسجل ويخزن كل شيئ
عبس فهد اليعلم ماهو سبب عدائيتها اال اذا كانت تريد الحديث مع استاذها على انفراد
!!! ..وبدون وجوده
:
:
انهت سماء تقريرها وكانت فخورة جدًا بما كتبت خاصة انها بحثت عن التركيبات لألدوية
الجديدة وربطتها بالطب النبوي ليكون التقرير شامل االعجاز العلمي لالسالم وانه
..اساس الحضارة العلمية في اوروبا
كان فهد قبل ساعة قد اخبرها انه سيطلب العشاء في غرفتها لذا ارادت ان تبدو جميلة
ربما لرغبة خاصة بجعله يشعر انها جميلة وذكية وانها مؤهلة لتكون زوجة يفخر بها أي رجل
..ارتدت فستانًا طويَال باللون السماوي بال اكمام واسدلت شعرها ورفعت جزء من
مقدمته بمشبك شعر فضي ..وارتدت صندًال منخفضًا وضعت احمر شفاه ثم شعرت بالحرج
من وضع الزينة له وربما علمه انها تتزين لتثير اعجابه لذا مسحت احمر الشفاة لتبدو التهتم
به طرق الباب وذهبت لتفتح لتجد فهد بنفس مالبس الصباح الجينز والتيشيرت االبيض
فزاد احراجها الهتمامها المبالغ فيه مما جعلها تغرق في حزن وسكون ..وهي تجلس
..امامه وتبدأ باالكل بهدوء وبدون شهية
يبدو ان فهد لم يالحظ شعورها بالحرج :جبت لك هدية
سماء :ليه ؟
فهد بضحكة :المفروض تقولين وشهي مش ليه ؟؟
سماء :قلت السؤال الي تبادر لذهني !!..ليه ممكن تجيب لي هدية ؟
..فهد :خلينا نقول ذكرى ألول مؤتمر تحضرينه في مسيرتك الطبية
ابتسمت سماء :طيب وشهي ؟
اخرج فهد اللفافة لها لتفتحها وتجد مشط بمرآة كما تخيلته في طفولتها كما حلمت به ..
كانت وهي طفلة تتخيل نفسها تمشط شعرها به ثم تديره لتنظر لنفسها بمرآته ..شيء
حاد المس قلبها كنصل سكين كل ذكرياتها مريرة وناقصة كل ذكرياتها احالم لم تتحقق
ال لها وال لعمها الحبيب فيصل
:
كان فهد يراقبها وتفاجأ بردة فعلها حيث امتلئت عينيها الجميلة بالدموع بينما دقنها يهتز
وهي تنظر بتحجر للمشط الفضي كان يرى على تعابيرها مقاومة فضيعة ألحساس
اليعلم ماهيته :سماء
رفعت عينيها له بـ لوم كان في عينيها وياللعجب لوم مرير نظرت له لتتساقط دموعها
وتشيح بنظرها للخارج وهي تدير المشط في يدها
فهد :ماعجبك سماء ؟
سماء :كنت افكر الصباح انك الصلة الوحيدة لماضي البائس
فهد :انتي ماتملكين ماضي بائس ياسماء انتي كنتي طفلة محبوبة جدًا وجميلة وعمك
..كان
قاطعته سماء :اتعب اذا فكرت فيه ..اشفق عليه ماقدر ينجو من البؤس الي كنا
..عايشين فيه
فهد :ماكان يشوف انكم في بؤس كان سعيد بوجودك في حياته
سماء وهي تقاوم دموعها :احس اني شجرة في صحراء كوكب صغييير غير مرئي
فهد :هذا خطأ سماء انتي مهمة على االقل لنفسك انتي انجزتي الي ماقدر الي في
ظروف افضل من ظروفك ينجزه ..ولو فيصل حي بيكون فخور فيك كثير تذكرين كان يبيك
..دكتورة
سالت دموعها وبدأت شهقاتها بدون ان تستطيع كبحها :اتمنى لو كان حي ..اتمنى كل
يوم لو شافني دكتورة وقدرنا نعيش انا وهو مرتاحين اتمنى لو شافني اكسب فلوس
واقدر اشري الي ابيه اتمنى لو عاش الرفاهية لو ركب سيارة لو ملك بيت لو قدر يعيش
شبابه بدون مسؤوليتي بدون مايسرق لي الفطيرة من البقالة بدون مايشري الخبز
عشانه بريال ويسرق الجبن النه اغال كل مافكرت فيه اكتشف انه كان يعاني بسببي
ويوم كبرت وبديت افكر واقرأ تصرفاته اتأكد اكثر كل ماأفكر فيه تجيني كوابيس في
الليل واقوم اتصدق عنه حتى اني رحت للبقالة القديمة ودفعت لهم مبلغ حاولت انه
..يغطي الي اخذه
كانت تتكلم وهي تبكي مما ألجم فهد هذه الفتاة البليدة على حد قول جدته المتحجرة
الالمبالية صنعت لها ذاكرتها ذكريات لتزهدها في نجاحها لتشعرها بالذنب للنقص الذي
!!! ...عاناه فيصل ..ماذا لو علمت كيف مات وأين
وقف فهد واحتضنها ..طويًال كانت تبكي وهو يمسح على شعرها حتى سكنت ..بينما
االعاصير عصفت بقلبه ..والرغبة باحتضانها كحبيب تتحرك في كامل جسده ..كان دور
المواساة وسماء بأنوثتها الطاغية في احضانه يبدو اصعب من جراحة المخ :اذا خايفة من
الكوابيس انا باجلس هنا وانتي نامي الني شارب قهوة كثير
هزت سماء رأسها وعدلت جلستها وابتعدت عنه :ال ,انا تعبانة وبنام
ابتسم فهد لها بتفهم :يعني تطرديني
سماء :طبعًا ال ..بس بنام واذا بتجلس براحتك
..فهد :طيب نامي وانا باجلس في الشرفة شوي واطلع
توجهت للسرير بفستانها الرقيق واستلقت فيه تشعر بالسكون والطمأنينة لوجود فهد
الذي وقف واغلق النور ليشع نور خفيف من الخارج ..وتشعر بالخفة والراحة إلخراج مايمأل
..قلبها منذ زمن
للمرة الثانية يتأملها فهد عن بعد يعرف انها لم تنم ربما لوجوده ربما النها اول مرة تتحدث
بشيء عميق مع أي احد ..لكن لسبب يعلمه كان سعيدُا انها لم تنم ربما اليريد لهذه
الرحلة ان تنتهي :سماء
نعم :
فهد :ليه مانمتي ؟
سماء :مدري
فهد :سماء
سماء مرة اخرى :نعم
فهد بهدوء وهو ينظر للخارج كأنه يحدث نفسه :لو قلت لك ودي نتمم زواجنا ويكون
زواج كامل وتكونين زوجتي وتنسين فكرة الطالق ال اآلن وال بعد التخرج وال بعد مليون
..سنة وش تقولين
خفق قلب سماء بشدة حتى كادت ان تغص به جلست في فراشها وعدلت اللحاف عليها
وتكلمت بنفس نبرته :باقول ليه ؟
فهد :شيء في داخلي يرغب فيك بقوة وبنفس القوة يخاف يخون الوصية ..بس احس
اني املكك واحق الناس بك ( ابتسم وهو يتذكر ) انا كنت موجود وقت والدتك !! انا كنت
موجود وقت تسميتك !! انا كنت موجود وقت دخولك المدرسة !! انا اجد صعوبة في
..التفكير انك فجأة بتنسلخين عني وتفترق طرقنا انتي بالنسبة لي
سماء مقاطعة :وصية ؟
فهد :كنتي واألن انا اتمنى يكون زواجنا كامل ومعلن موافقة ؟
:
:
:وأسأُل نفسي
ُأ
لماذا حبك رغَم اعترافي
بأن هوانا ُم حاٌل ُ ..م حال؟
ورغم اعترافي بأنك وهٌم
وأنك ُص بٌح سريع الزوال
ورغم اعترافي بأنك طيٌف
وأنك في العشِق بعُض الخيال
ورغم اعترافي بأنك ُح لٌم
ُأ
طارد فيه ..وليَس ُي طال
:
:
قراءة ممتعة
ضمت سماء ركبتيها لصدرها وهي جالسة على السرير ..قال شيء بداخلي يرغب بگ ..
ليس قلبه حتمًا ..صمتت تخاف ان ترفض فيتركها لألبد ..وان توافق فتترك نفسها لالبد
لتتعلق به ..تمنت ظرفًا مختلفًا لهم ..ان يحبها لذاتها ..ويخطبها لحبها ..فقالت بهدوء :
وخطيبتك ؟
..فهد :هذا موضوع ثاني
وقفت سماء وتقدمت للشرفة حيث يجلس متكاسًال كأنه يتحدث معها عن الجو بعدما
اشعلت الضوء ليتبدد سحر الحديث من رأسها وقالت :كيف موضوع ثاني ..؟
...فهد :انتي بتكونين
قاطعته سماء :باكون زوجتك الي مخبيها في بيت جدتك وبنت عمك بتكون زوجتك
الالئقة عند الناس ..باكون زوجة لفهد اللطيف المتواضع الي يحب جدته ..وهي بتكون
..زوجة الدكتور ورجل االعمال فهد الراجي
..فهد :كبرتي المسألة سماء
سماء :بالنسبة لي كبيرة جدًا ..الني اناقش جزء مهم من حياتي ..بينما انت تناقش
زاوية مظلمة غير مهمة من حياتك
فهد ؛ سماء انتي زوجتي اساسًا تذكري هالشيء ..وهناء بتكون زوجتي الثانية لكم
..نفس الحقوق والمكانة
ابتسمت سماء وتوجهت ناحية السياج لتمسك به :عشت كثير على الهامش ..جاء الوقت
..الي اكون فيه مركز اهتمام شخص
فهد وهو يراقب شعرها المتطاير ويديها النحيلة التي تمسك بالسياج كأنها خائفة من ان
تطير وتحلق :بتكونين مركز اهتمامي ..طول عمرك كنتي مركز اهتمامي ياسماء
سماء :ايه صح اشفقت علي وصرفت علي ..وسألت جدتك عني وعن دراستي وعن صحتي
..والحين لما خطبت تذكرت ان زواجك مني ناقص وحبيت تتممه
فهد :انا مافكرت كذا ..انا قلت نبدأ بأن زواجنا يكون طبيعي الن حتى لو باطلقك وين
بتروحين ..انتي مالك احد ياسماء باكون دائمًا مشغول عليك
..سماء :اذن مرة ثانية بتربطني فيك عشان حس المسؤولية عندك عالي
..فهد بحده :انتي لو ماعندك رغبة ماناقشتيني ..انتي اعترفتيلي مرة انك تحبيني
..سماء :وانت مشكور علمتني ان حبك ممنوع
..فهد :انا ماقلت ممنوع
..سماء :وماقلت أجليه ..لذا انا الغيته والغيتك من حياتي
فهد :ماتقدرين ياسماء الني تقريبًا القريب الوحيد لك ومستحيل اتخلى عن مسؤوليتك او
..ادير ظهري لك مهما صار بيننا ..انتي قريبة اعز صديق لي
سماء :افهم من كالمك انك ماراح تطلقني
..فهد :هذي رغبتي ..واكيد احترم قرارك
..سماء :انا اآلن في عمر يسمح لي اهتم بنفسي لذا اتمنى اول مانرجع للرياض تطلقني
فهد :مستحيل ..فيصل قال لي لين تتخرج
..سماء بصوت مرتفع :فيصل مات
..فهد :بس انا مامت ..وانا وعدته
..سماء :هو وعدني بعد وتركني
..اقترب فهد منها :سماء انا مابي اتركك لعدة اسباب
نظرت له سماء طويًال ثم قالت :عطني اسبابك ؟
صمت فهد اليعلم هل ستصدق ام ال عندما يقول انه احبها من اول نظرة وان مجرد
..التفكير في رحيلها بعيدًا عنه يسبب له أرق
..دخلت سماء الغرفة تاركه فهد في الشرفة ونظرت له :اطلع يافهد بنام
..تبعها فهد ووضع يديه على كتفيها وتكلم بهدوء وحنان :سماء اسمعيني
ازالت يديه بحدة :انت الي اسمعني يافهد وناظرني زين الي قدامك مش الطفلة الوصية
..انا االن اقدر اعتمد على نفسي وانت كفيت ووفيت
ابتلع فهد ريقه سيتكلم بوضوح :سماء انا ماتكلم معك االن اال وانا اشوف انك كبرتي ..
انا احبك وودي اكمل معك
تراجعت سماء مصدومة :تحبني !؟
..فهد :ايه من وقت ماشفتك في الحفلة وانا افكر فيك
..سماء بصدمة :يعني مش مسألة وصاية او
فهد :ابدًا ..انا فعًال اتمناك زوجة لي
ابتسمت سماء بفرح :يعني تنسى فكرة زواجك من قريبتك
..فهد :ال طبعًا هذي مسألة ثانية ..بس باكون
..رفعت سماء يدها :رجعنا لنقطة البداية كيف تقول انك تحبني وانت بتتزوج غيري
..فهد بصبر وتفهم :الزواج يبنى على اكثر من سبب
سماء تضحك :تمزح اكيد
فهد :سماء زواجي من هناء عائلي وتقليدي ..هي انتظرتني وتقريبًا كانت خطيبه لي
في عرف االهل ..وماقدر الحين اخذلها
..سماء :انا ماقلت اخذلها انا قلت اذا رجعنا للرياض اول عمل تسىويه تطلقني
اقترب فهد مرة اخرى شعر انها غضبت وذلك واضح في عقد يديها حولها واهتزاز قدمها
هذه المرة لم يضع يديه ع كتفها بل وضعهم حولها فعناق واحد يطفيء حنينه لها وقد
يغير رأيها
احاطها فهد بذراعيه جفلت ثم حاولت االبتعاد لكنه احكم ذراعيه فردت يديها ع صدره في
محاولة ابعاده فضمها اكثر واكثر ..مقاومتها زادته تصميم ..شعرت بالخوف وبان هذا في
حدة وتزايد تنفسها حيث فهمه فهد انه من التأثر لذا قرب وجهه ليقبلها ثارت وحاولت
..مقاومته اكثر ودفعه حتى استطاعت ان تفهمه انها الترغب ابدًا في اقترابه
عندما تركهاونظر لوجهها وجد الشرر يتطاير من عينيها وصدرها يعلو ويهبط وهي تنظر له
باحتقار غاضب :هذا السبب ؟
لم يفهم في البداية :سبب ايش ؟
سماء وغضبها يزداد :سبب رغبتك االن من بد االيام انك بتمم زواجك بي ..حسيت اني
معك لحالي وبعيد عن مراقبة جدتك ..تبي تستمتع االن على هامش الرحلة بينما زوجتك
المحترمة تنتظر في الرياض !؟
..فهد :سماء بالغتي انا مافكرت كذا
سماء بغضب وصوت عالي :انت فكرت كذا وهذا التفكير الوحيد الي جاء ببالك من
شفتني في الحفلة ..متعة وحالل ماتغضب الله وبنفس الوقت سماء اضعف من ان يكون
لها خيار ..اضعف من ان ترفض عشان كذا كررت مالك احد ولما رفضت جبت مسألة الحب
..عشان تأثر علي
فهد :تفكيرك مستحيل !! طول عمري محترمك وصاينك ياسماء
سماء :كنت صغيرة وانت بنفسك قلت ان مسؤوليتي تخنقك في نفس اليوم الي
..تشجعت واعترفت لك بحبي
فهد :هذا كان زمان كنت اخاف عليك حتى من نفسي حتى من اي احد ممكن يستغل
ضعفك
..سماء :ولما كبرت حبيت انت تستغله
..فهد :انتي زوجتي ..التحسسيني اني لمستك بالحرام
سماء :انا وصيتك الزواًج كان بس عشان تكون لي محرم
..فهد :كنت لك محرم سبع سنين ماقصرت عليك بشي ابدًا
!! ..اقتربت سماء ونظرت لوجهه وابتسمت بتفهم :وجاي تاخذ الثمن يافهد
فهد :انا شاورتك وسألتك ماكنت ابي اسوي شي بدون موافقتك وانا اعرف انك مثلي
..او اكثر تبين نتمم هالزواج
سماء :غلطان يادكتور انا مابي اتمم الزواج انا ابي الطالق ..واذا فعًال محترمني طلقني
..اول مانرجع وبيض الله وجهك
..فهد :باتركك تفكرين وتتركين هالدراما ..وبكرة ابي ردك
..وتوجه للباب بينما سماء تقف خلفه :انا ارفض يافهد ابيك تطلقني
عاد لها فهد وهو غاضب :مستحيل اطلقك االن ياسماء حتى لو تزوجت الن الشرط اني
..اطلقك التخرجتي ..محد قالك ادخلي طب واقعدي ادرسي ١٠سنوات عشان تتخرجين
لكن سماء التي لم يبدو عليها التأثر قالت :اذا ماطلقتني يافهد رفعت عليك قضية خلع
وعندي اسبابي ..زواج سبع سنين وانا مازلت بكر ومافيه مهر ارجعه لك الني متأكده ان
..عمي اذكى من ان يطلب منك مهر وهو مزوجني وعمري ١٤سنه
ُص دم فهد بقّو ة ليس لردها فقط بل لتفكيرها بالخلع وهو امر اثبت انها جادة في طلب
الطالق وقد قرأت االسباب التي تمكنها من طلب الخلع ..لقد اغضبه هذا اكثر من كونها
..تعتقد انها يريدها فقط لتدفع ثمن رعايته
تقدم منها والغضب يزداد وقال بهدوء كاذب :نقدر نغير هالواقع اآلن اذا هذا الي مزعلك
..
سماء :فعًال نقدر نغير واقع زواجنا المدبر بالطالق المتفق عليه وكل واحد يحمل للثاني
..احترام
فهد :ثقتك الزايده بالنفس مستفزة
سماء :تبيني التصق فيك الى متى لين تتزوج ..؟ وتجيب عيال وتعيش حياتك ؟ بينما انا
!!! ..انتظر الوقت المناسب النتهاء جميلك
فهد وهو يقترب :انتي تتشكين من كونك متزوجه وبكر للمرة الثانيه هذا سبب طلبك
للطالق ياسماء
..ابتعدت سماء :اطلع يافهد بنام ..وراي مؤتمر الصباح
فهد :تحسين انك االن تقدرين بقوتك الوهمية تصديني او خايفة مايكون عندك سبب
..للخلع
شيء في صوته البارد والهاديء جعل الخوف يسري في جسدها حاجبه المرفوع عينيه
التي تنظر لعمق عينيها ..ابتعدت اكثر وحاولت ان تستجمع قوتها لترد :انا اقول لك اني
..اقدر اعتمد على نفسي واني اعرف القانون زين وافهم فيه واعرف
..فهد :ان شاء الله تعرفين تدافعين عن نفسك
وقبل ان تفهم انقض عليها واحتضنها لدرجة لم تستطع ان تحرك يديها المثبته بيديه كان
يضغط على جسدها بجسده بينما وضع رأسه بين عنقها وكتفها ..كانت تشعر بالرعب ..
وقلبها يكاد يمزق صدرها ويطير من شدة الخوف ..دفعها وهو ممسك بها للسرير ..هي
التعرفه ابدًا لتعتمد على شهامته او اخالقه ..حاولت دفعه وضعفت ..حتى سمعت تمزق
..فستانها فصرخت :ال فهد ال
فهد :انتي تبين كذا
..سماء بضعف :ال مابي اتركني
..فهد وهو يخلع فستانها بحده :توك تتذمرين اني مالمستك
سماء بعدما شعرت انه خلع فستانها الرقيق :فهد اتركني الله يخليك
بينما لهاثه يسد اذنيها ويزيدها رعبًا ..سمعت همهمة منه لم تفهمها وهو يضغط بوجهه
على شعرها ويحتضنها بقّو ة :فهد ..فهد
سمعت تأوهه وهي تنطق اسمه هي التريد اثارته بل تريد ابتعاده فقالت بصوت باكي :
..فهد وين وعدك لفيصل
ماء بارد ..هناك من ألقى عليه ماء بارد ..ابتعد وهو يرفع يديه عنها ويغمض عينيه بقّو ة
ويلهث ..لقد فعل امر خسيس جدًا فتح عينيه ..ليجدها تجلس ممزقة الفستان باكية
..شعرها يغطي وجهها
تأوه بألم لقد اعماه غضبه ورغبته وحركة ثقتها واحتقارها شيء بنفسه ..لقد اراد ان يراها
ضعيفة هذا السبب ثقتها اشعرته انها تستطيع االبتعاد عنه بدون ان يرف لها جفن ..
..جلس على االرض وهو يلهث اليستطيع ان ينظر لها مرة اخرى :انا اسف
..لم تتحدث ثم كرر :سماء ..انا آسف كان عمل حقير جدًا مني ..اسف ارعبتك
تكلمت بصوت ضعيف جدًا ومتردد :اطلع
نظر لها ليجد الخوف يسكن عينيها وشيء آخر مزقه ..الخذالن ..كانت تنظر له بنظرة
..قالت له خذلتني
وقف وتألم عندما تراجعت بخوف :سماء انا آسف مافيه مبرر ابدًا ..اذا جينا الرياض ان
..شاء الله طلقتك
وخرج من غرفتها واغلق الباب بهدوء بينما انهارت سماء تبكي ..لماذا التسير حياتها
بشكل طبيعي ..لماذا مقدر لها ان تعيش دائمًا نصف حياة بدون اهل بدون سند بدون
احترام ..لماذا يخذلها فهد وهو الوحيد الذي تستند عليه حتى لو فكرت واظهرت عكس
..ذلك
:
:
دخل السكرتير وبصمت ووضع المسكن والقهوة السوداء والماء على مكتب عبدالرحمن
واختفى قبل ان يصرخ الن كما هو واضح شيء قّو ي حدث اخرج عبدالرحمن اللعوب
الهاديء المتمكن من طوره وجعله يصرخ منذ دخوله الشركة حتى وصوله لمكتبه على
الموظفين وعّم ال النظافة ثم ختم صراخه بغلق الباب بصوت كاد ان يهّز المبنى كامًال ثم
..يطلب مسكن وقهّو ة حدث كبير حصل لهذا البارد الُم سيطر
اخذ عبدالرحمن الحبوب وابتلعها وافرغ فنحان القهوة خلفها ثم رمى شماغه على المكتب
..وفتح زوار ثوبه يشعر بإختناق تام لدرجة انه يستطيع اآلن ان يدمر العالم
!!!! فكر بمراره متزوجة من فهد
ان يطلب تحركات فهد ليأمن من اتصاالته وتعامالته مع المطرودين من الشركة ليكتشف
سفره مع زوجته !..؟! ومن هي زوجته سماء التي تسكن مع الجدة !؟! بل هي الفتاة
الوحيدة التي خفق قلبه لها وارادها بدون ان يتخيل جسدها او يرغب به ..بل هي الفتاة
الوحيدة الني تمنى منها التفاته او ابتسامة ..متزوجه من فهد ..اذن فهد ليس فقط
عدّو ه في العمل ويحاول ان يجرده منه ..هو اصبح عدّو ة في الحياة كاملة ..وقف ونظر
للخارج ..لماذا اذن يخطب هناء بينما يملك سماء ..من يملك فتاة تنبض حياة وينظر لدمية
..!! ..كهناء
لهذا السبب لم تنظر حتى لوجهه بينما حاول بشتى الطرق ان يلفت انتباهها ..كان يفكر
وغضبه يزداد ..التقط هاتفه وتحدث مع احدهم :لي ساعة ياحيوان طالب برنت البنت وش
!تسوي كل هالوقت !..؟
وصله الفاكس بينما الهاتف في يده اختطفه ليقرأ بياناتها كاملة ليصعق انها متزوجة منذ
!!!! ٧سنين
!!!! كم عمرها !؟ نظره سريعة ..للعمر ليصدم انها بعمر ٢١
شيء ما اليفهمه ..لكن اآلن تصميم تام لن يأخذ فقط الشركة من فهد !؟ بل سيأخذ
سماء اوًال !..؟
:
:
ضغط فهد على رأسه بيديه ..كان يشعر بالحرج والقهر ألنه لم ينظر لفتاة بنظرة دونية
ابدًا ولم يقلل حتى من قيمة الفتيات الالتي يعرضن انفسهن عليه ويصنفن انفسهن
بمومسات وقد دراسته ..ولم يكن يلمس حتى زميالته في الدراسة ..ليبدأ كل هذا
..واسوأ مع سماء ..لقد هزه ضعفها ..حركته عادت بها للتقوقع والتحجر ..تركها تبكي
ترك سريره واخر محاولة بائسة للنوم وذهب ليجلس ..اعترف لنفسك يافهد ..قّو تها
اخافتك ..واردت ان تثبت لها انك مسيطر ..طريقتها في الكالم اشعرتك انها لم تعد
تحتاجك ..ثقتها بنفسها واعتزازها بها اشعرتك انك محال للتقاعد الفائدة منك ..اردتها ان
تذوب بين ذراعيك ..ان تهمس انها موافقة عليك وعلى شروطك وعلى الحياة التي اردت
ان ترسمها لها ..ردود افعالها صدمتك لذا خرج منك فهد التعرفه هي والتتوقع وجوده
انت ( ..فرك وجهه بيديه ) يعلم ان فكرة الطالق تقتله وتجعل شعوره اسوأ من اآلن ..
..لكن المجال للتأجيل
:
:
دخلت جمانة منزل زوجها الخالي ..تحمل حقيبة صغيرة لديها في كل منازل العائلة الصيفية
والشتوية مالبس تكفيها حتى هنا في منزل عبدالرحمن لديها الكثير ..نظرت لساعتها
بقي فقط ساعة ويصل للمنزل ..لم يتحدث معها منذ خروجها من المنزل لكن ستعطيه
شهرين حتى يستقر فهد في األعمال وينقذ مايمكن انقاذه ..لن تخفي على نفسها على
االقل انها تحمل مشاعر لعبدالرحمن وانه يعرف كيف يتالعب بمشاعرها ..لذا هي دائمًا
مهزومة امامه ..ابتسمت بحزن على نفسها .هي مهزومة امام الجميع ..اعطت الخادمة
..حقيبتها ثم سمعت صوت انغالق الباب الداخلي
تفاجأ عبدالرحمن بوجود جمانة ..شيء في داخله اراد طردها من حيث اتت لكن يخاف ان
اليتم زواج فهد من هناء وهو يريد ان يتزوج فهد ليستطيع ابعاده عن سماء لكنه
..اليتحمل وجود جمانة ابدًا :اهًال نور البيت
..جمانة ؛ قررت اعطيك فرصة
عبدالرحمن بخبث :انتي الي قررتي او سارة ؟
جمانة بغضب :طبعًا انا
..عبدالرحمن :اال متى يعني ..عشان اعمل حسابي
..جمانة :لين تثبت لي انك ماتخوني
..عبدالرحمن ؛ واذا ثبت العكس
جمانة :باتركك طبعًا
..ابتسم عبدالرحمن باستفزاز :كم مرة سمعت هالكلمة
..جمانة :شكلي غلطانة الي جيت
..امسك بها عبدالرحمن :تعالي ..اجلسي ..انا بس تعبان من العمل
جلست وهو ينظر لها ..يعرف انها مثل كل مرة تتوقع ان يأخذها فورًا للسرير ..لكن
لألسف عبدالرحمن اليوجد في رأسه اآلن سوى فتاة واحده ان لم يمتلكها اليعتقد انه
..سيرغب في فتاة غيرها
:
:
ارتدت سماء حجابها بعد ان وضعت جميع اغراضها في حقيبتها خاصة الثوب الممزق حتى
التنسى الوجه اآلخر لفهد ..حتى تصّر وتثبت على طلب األبتعاد عنه ..حتى تنظر له في
..حال ضعفت او حّن ت لفهد وحبها السري لفهد
وضعت جوازها في حقيبتها لقد حجزت لها الجامعة اإلياب ليًال بينما ينتهي المؤتمر بعد
الظهر ..كان فهد قد اخبرها ان يأجلوا رحلة العودة ليومين آخرين وكانت سعيدة قبل ان
..تعرف ان هدفه من الرحلة كان فقط إلشباع غريزته
اخذت هاتفه الذي نسيه لديها ليلة االمس ووضعته على السرير مكان محاولته اجبارها
.. ..ونزلت للمؤتمر قبل الوقت بكثير حتى التضطر ألنتظاره
جلست وحيدة في القاعة ..لم تستطع مراجعة اي شيء او التفكير بالمؤتمر ..سبب آخر
يجعلها تصّر على االبتعاد عن فهد النه سيؤثر على اهم شيء في حياتها حلمها ..ستتركه
..وان لزم األمر ستنذر نفسها لمهنة الطب وتترك الحياة للذين يستطيعون تحمل آالمها
..صوت باب القاعة ُف تح ليدخل منه الدكتور عبداإلله ثم نظر وجد سماء وحيدة :صباح الخير
هزت رأسها بتحية وعادت للكتاب توهمه انها تقرأ ..بينما خرج الدكتور احترامًا ألخالقه
..حيث سماء وحدها واليجوز ان يكون هو وهي في مكان خالي
فتح المصعد ليجد فهد الدكتور يخرج من القاعة
ومرة اخرى نظر للساعة ليتأكد من وقت المؤتمر كما يقول بروشور البرنامج الذي لديه ..
بقي مايقارب النصف ساعة ..مما يعني ان سماء نزلت قبل الوقت ..وهذا دليل آخر على
محاولتها اثبات ان الحاجة لها به ..لو تجاوز الدليل األول وهو شنطتها الموضوعه على
..السرير بجانب هاتفه
دخل القاعة ليجد سماء حزينة كما يبدو وهي تجلس وحدها :ليه جالسه لحالك ؟
سماء :مالك دخل
..فهد :لي دخل اذا دكتورك الي طلع قبل شوي كان يواسيك
..سماء :الدكتور دخل وطلع بسرعة
فهد :وش رايك اروح اسأله
وقفت سماء :انت ليه بتخرب كل حياتي ..ليه تسأله ..ليه تبي تحرجني..؟؟
..فهد :انا شايف كيف يناظرك امس
!!! ..سماء :مو هو الي حاول يعتدى علي البارح كان انت ..اذا بتحميني صدق ابدأ بنفسك
زفر فهد :انا انتظرك برا ..بنطلع من هنا للمطار لقيت رحلة اقرب ..وخرج
جلست سماء عينيها غارقة في الحزن وشفتيها تبتسم بسخرية ..لم يجد مايريد في الرحلة
..فقدمها
:
فتح فارس خزنته الخاصة وحمل االوراق التي كانت تثبت تورط عبدالرحمن في قضية
رشوة كبيرة لمدير بنك معروف ..وهي القضية التي علم عنها بالصدفة وبعدها سحب
جميع امواله واموال اخته تدريجيًا من يد عبدالرحمن ..كان الملف عبارة عن عقد لتحويل
عبدالرحمن اموال لمدير البنك بينما يقوم االخر بتزوير كشف حساب عبدالرحمن الذي
..يقدمه كضمانة للمشاريع الحكومية ليكون رصيده الضخم ضمان للعمل معه
الجميل ان المدير احتفظ بهذا الملف لحفظ حقوقه في حالة مطالبة عبدالرحمن بالمبلغ
المرضىع كذبًا في حسابه على انه له ..فاحتفظ المدير بالتسجيالت واالوراق ليثبت عملية
االتفاق بينهما ..وهو ماوقع في يد فارس بفضل موظف ذو أمانة ..اول مرة يشعر فارس
انه محظوظ الكتشافه هذا العمل ..بعد زواج هناء بفهد كما هو مقرر سيقوم بتحىيل
اموالها لها وتقسيم مابينهما من اصول ..حتى يراعي زوجها اموالها فهو يثق بفهد
وأمانته وحفظه للعهود ..واستقامته ..مجرد خطبته لهناء جعل فارس يتنفس الُص عداء
فاخته الوحيدة ستكون في عصمة رجل يخاف الله ..لن يبخسها حقها ابدًا ..هو يريد
..االنتقام من عبدالرحمن فقط لكن ليس تدمير سمعته وسمعة العائلة
:
:
دخلت سماء المنزل وتلقائيًا بحثت عن الجدة لتجدها في غرفتها على كرسيها تصلي
جالسة وهو دليل على انها تشعر بتعب فالجدة لم تكن ابدًا تصلي جالسة اال في الحاالت
..القصوى للوهن :هال والله سماء
اقتربت سماء منها وعانقتها بشده مما جعل الجدة تضحك :زين اثر عندك احساس ..
..وتعرفين تشتاقين
كانت الجدة تتكلم وهي األخرى اكثر شوقًا لسماء من شوقها لفهد الذي اعتادت غيابه
وسفره لكن هذه الصغيرة ملئت بداخلها فراغ لالبناء الذين لم يعودوا حولها ..احاطت
سماء بيديها وضمتها لها ..بينما سماء تشعر وألول مرة ان هناك صدر ترتمي عليه ..حتى
وان اخفت اسباب احتضانها ألنها لن تشكي للجدة من حفيدها المحبوب وتجعلها في
..محك للحكم بين فهد وسماء
..الجدة :يالله قوليلي كيف الرحلة
سماء :الحمدلله ..كانت موفقه
..الجدة :وين فهد مانزل
سماء وهي تتذكر الصمت المطبق بينهما من المطار للطائرة للسيارة :ال قال مشغول
..واكيد بيمرك ..ووضعت ؤأسها في حضت الجدة مرة أخرى
الجدة :زين الله يستر عليه ..اكلتي واال ؟
وعندما لم ترد سماء رفعت الجدة رأسها بيديها ونظرت في وجهها الشاحب وعينيها
الممتلئة دموع ثم أبعدت شعرها عن وجهها :سماء وش فيك يمة ؟
حدقت سماء في الوجه الحنون المليء بالتجاعيد وحيدة تنظر لوحيدة ريما اليولد الجميع
..ليكون حولهم عائلة حتى لو كانوا يملكون في األساس
سماء :تعبانة بس
الجدة :فهد مزعلك ؟
..سماء :ال بس اشتقت لك
وانفجرت باكية امام الجدة المذهولة لضعف الفتاة التي افنت عمرها لتبدو قوية كانت
تدفن ضعفها كعيب يجب استئصاله والقضاء عليه تدربت امام عينيها على القوة والكتمان
.. ..لم تتمالك الجدة أيضًا نفسها لتجاوب دموع سماء بدموعها
؛
:
ابكي َم عي
هو رائٌع أن َي لَت قي َق لبي وَق لُب ِك
في َم ياديِن الُب كاْء
ِت لَك الَّن وافيُر التي َق الوا َل نا
:هي َت سَت ِم ُّد الُّد َّر ِم ن َن بِع الَّس ماْء
:
:
قراءة ممتعة
" الفصل الـ " ١٧
:
:
يا َم ن َع ِش قِت اآلَن غيري
َج ِّر بي في الِع شِق حتى َت رَت وي
إَّن التجاِر َب َط عُم ها ِم لٌح
وَط عُم الِم لِح ال َي روي َغ ليال
أَس في عليِك ألَّن ني
مهما ُي عِّذ ُب ني الهوى
َي غدو الرجوُع إليِك شيًئ ا ُم سَت حيال
م.ن
:
:
كيف راحت ؟
سارة :تصالحوا وراحت يافهد
فهد بغضب :شلون تقول ابي الطالق اليوم وبكرة ترجع معه !..؟
سارة بهدوء واستغراب ففهد منذ عودته من الرحلة وهو متوتر وغاضب دائمًا :فهد حبيبي
..جمانة وعبدالرحمن يحبون بعض اكيد بيزعلون ويرضون بسهولة ..واكيد ماتتمنى اختك
..تكون مطلقة
قاطعت الحديث الخادمة التي تحمل القهوة العربية ..وكانت مقاطعه مرحب بها من قبل
..سارة :.اه جت القهّو ة بوقتها ..هاتيها انا اصب
صبت فنجال قهوة لفهد الذي كان يحمل هاتفه ليتصل بجمانة :هال جمانة
جمانة :هال فهد ..كيفك؟
..فهد :جمانة ليه رجعتي طالما طلبتي الطالق
..ارتبكت جمانة ؛ انا ..امم ..فهد انا رجعت الني
وقف فهد ؛ انتي كبيرة وتعرفين تاخذين قراراتك لكن تتوقعين ان الطالق امر سهل
..عشان اتكلم فيه مع الرجال و ترجعين معه بدون خبر
جمانة التي خافت ان يعرف فهد انها رجعت لوحدها حتى بدون علم عبدالرحمن نفسه :
..بغيت اعطيه فرصة
..فهد :هالمرة اذا رففجعتي لو تموتين لو تموتين ماعاد فيه فرص ..له ..فاهمه
اغلق الهاتف ورماه اال جانبه على الكنبة
..بينما سارة تتلهى بهاتفها سمعت صوت عبدالكريم :وش فيك يافهد
فهد بغضب :فيه شيء غلط في كل امورنا مدري وين ؟ ليه جمانة ترجع لعبدالرحمن وليه
..ماحليتوا موضوعها من سبع سنين
سارة :عبدالرحمن يحبها
فهد :هي بنفسها قالت لي التخليه يكلمني واضح انه مسيطر عليها
عبدالكريم :انت تتهمنا يافهد انا رامين جمانة واال مانهتم فيها
..فهد :انا ابي اعرف هالزواج مبني على ايش ليه جمانة مربوطة بهالشكل
...سارة :الحب ياحياتي
هذه الكلمة جعلت فهد يعود فيجلس " الُح ب " اإلحساس السحري المنافي تمامًا للعقل ..
لم يتعافى ابدًا من خذالن سماء ولم يتعافى من ذكرى العينين الواسعة والمشاعر
..المتشكلة بها ابتدأ بالفرح إلعترافه ..ثم األلم ..ثم الكبرياء ..ثم الخوف ..ثم الِخ ذالن
بينما اشتعلت في صدرهـ هو نار ..لمجرد ذكرى الليلة األخيرة ماذا لو اتم مابدأ به بدون
رغبتها ..هل سيكسب جسدها ويخسر احترامها واحترامه لنفسه ..هل كان الحاجز
سينكسر لتعود له وتطلب حبه ..اسئلة لن يعرف اجابتها ألن سماء اصبحت بعيدة عنه كل
..البعد ..حتى انه اثناء محادثاته مع الجدة لم يجد الُج رأة ليسأل عنها
اخذ فنجال القهوة ونظر لوالده :ليه ماعاد تداوم في المشروع اليوم جاء ابو سلمان
وسأل عنك ؟
..عبدالكريم :انا دوامي في الشركة تركت المشروع لك ولعبدالرحمن
..فهد :انت عارف ان عبدالرحمن عنده شركة مقاوالت كبيرة انشأها بعد مشروعنا
ابو عبدالكريم :ايه عارف هذا من حقه هو شريك معنا مش موظف ..وحنا لنا شركاتنا
المستقلة
فهد :شركته تدخل مشاريع كبيرة
عبدالكريم ؛ هذا رزقه مانقدر نقوله جبها للمشروع طالما المستثمر اختاره ..التنسى ان
..عبدالرحمن فالسوق من ٢٠سنه
فكر فهد ان شركة تستحدث بعد المشروع مباشرة وتكون مشاريعها ضخمة بينما
المشروع الذي رأس ماله اضعاف شركة عبدالرحمن يأخذ على المشروع الواحد قرابة سنة
او ستة اشهر ..فتح هاتفه ووجد المالحظات التي كتبها للبحث والتحري ..يعتقد ان
..عبدالرحمن عكس مايظهر عليه ال في مسألة الشراكة وال في مسألة جمانة
مبدئيًا سينتهي من االمور العالقة طالق سماء وزواجه من هناء لذا قال :يمة كلمي هناء
اذا ماعندها مشكلة الزواج والملكة بيوم واحد ..وتكون خالل اسبوع الن مافيه حاجة
..لالنتظار
...سارة بسعادة :اه اكيد حبيبي هناء ماعندها مشكلة النها انتظرتك كثير
انتظرتك كثير " كان هذا االبتزاز العاطفي في كل مكالمة وكل زيارة على مدى "
..السنوات الماضية هو ماجعله يشعر انه متزوج اساسًا من هناء
..عبدالكريم :التقول انه عائلي الزم زواج كبير
فهد :ال مافي بالي زواج كبير بنختار قاعة معقولة ونعزم المقربين فقط ..ونكتب تهنئة
بالجرايد بإسم الشركة عشان يعرفون البقية وبكذا يكون وضعنا في السليم حتى من
..ناحية سمعة العمل
..عبدالكريم :انت ولدي الوحيد والزم اعزم السفراء والوزراء المعروفين و
وقف فهد :تذكر ياطويل العمر ان السيولة الي عندنا بنحطها في المشاريع الثالثه الي
نعمل عليها ومحتاجين كل ريال
سارة :فهد حبيبي الحين حتى البذخ في الزواج بيكون دعاية الزدهار االعمال ..كم
بنصرف عليه اعتبرها دعاية الن كالم السوشيل ميديا عن الزواج يخلي المستثمرين
..يحسون ان االمور بخير
فهد :انا باحدد في البداية السيولة الموجودة واشوف الفائض اذا مافيه الي يغطي
..ألغوا فكرة الزواج الكبير
..سارة :الحين اكلم هناء
واتصلت على هناء التي اصبحت تقضي وقتها في قراءة المجالت والذهاب للكافيهات
..وزيارة فارس
رّن هاتفها وتركت كوبها ومجلتها :الو
سارة :هاي هناء بيبي
هناء :اهلين خالتي كيفك
سارة :بخير اشتقنا لك
هناء ؛ انا بعد كيف عمي و ..فهد
سارة :فهد عندي ويسألك اذا ممكن الزواج والملكة يكونون خالل اسبوع ( وابتسمت )
..ألنه مستعجل
لم يحب فهد تعبيرها ابدًا لكن اليهم ..لم يكن يهم ابدًا ..هناء كما يعرفها لطيفة وهادئة
.. ..خرج بدون ان يسمع ردها
:
:
..طرقت الجدة الباب على سماء وانتظرت حتى سمعت ادخل ففتحت الباب بهدوء
..وقفت سماء :ليه ماتصلتي علي اجيك
الجّد ة وهي تسعل :مليت من القعدة وش تسوين ؟
..سماء وهي تأشر على الجهاز :اشتغل
نظرت الجدة للجهاز الذي يحمل كتابات صغيرة متراصة بينما كتاب مفتوح على الطاولة :
..بيذبحك في عيونك هالجهاز
ثم نظرت لسماء شيء ما حدث واطفأ عينيها ..منذ عودتها من الرحلة وهي كثيرة الشرود
كثيرة االعتكاف وحدها ..عادت سماء الواثقة من هذه الرحلة مكسورة وكأن الطفلة
التي حضرت اول مرة مع فهد عادت بقّو ة ..كانت تلتقط احيانًا الجمود في نظرتها وهي
واثقة ان حدثًا ما حصل ففهد لم يأتي لزيارتها واكتفى بمكالمة فقط :سماء يمة
!! ماعجبتيني ماعاد تاكلين زين ..والتجلسين معي
نظرت سماء لها بألم :هااليام عندي ضغط امتحانات والزم اقرأ المحاضرات الي فاتتني
..عشان اقدر اركز على الجاي ..غير شغل المكتبة الزم اسلمه قبل اإلجازة
الجدة :صاير معك شيء في السفر
..سماء :بالعكس كانوا االساتذة مبسوطين مني ومن تقريري
الجدة :انا اتكلم عن فهد
ارتبكت سماء ولتجاوز ارتباكها عدلت شعرها بطريقة متوترة لم تخفى على الجدة :ابدًا
بالعكس كان ينتظرني برا لين اخلص ..جزاه الله خير
..الجدة :طيب تعالي تقهوي معي شوي اخذي راحه
تركت سماء كل شيء وامسكت بيد الجدة تعكزها للعودة للصالة حيث جلوس الجدة
المفضل ..كانت تضع شعرها على جهه واحده بينما ترتدي بيجاما وردية طفولية لكن
تحمل جسد انثوي مميز يتضح رغم طفولية البيجاما ..وتمسك بالجدة بحنو وابتسامة
خفيفه بينما الظالل تحت عينيها يفضح تعبها ..شعرها ينتثر على كتفها النحيل ..هكذا
رآها فهد ..وهو يقف في الصالة ..لقد دخل بهدوء جدًا امًال في التقاطها على غفلة ..حّق
يعلم انه سينتزع منه بالطالق ..اذا كانت اعجبته بالفستان الذهبي فـ هي خطفت عقلة
..بالبيجاما الوردية
..رفعت سماء رأسها وشهقت :بسم الله
..لتتبعها الجدة :بسم الله مليون واليكفون ..فهد روعتنا وش فيك هنا
..فهد :آسف دخلت بمفتاحي
الجدة التي لم يخفاها ارتعاش يد سماء التي في يدها :ال ُي مة التتأسف انت راعي بيت
..والي فيه محارمك
..تحدثت سماء بخفه لتوضح عدم اكتراثها :طيب اتركك وارجع لشغلي
امسكت الجدة بيدها بشدة ؛ تشتغلين من امس امسكيني زين الطيح وتعالي اجلسي
تقهوي معنا
سماء :عندي شغل
..الجدة :انا بنفسي جايتك اقولك تقهوي معي بتتركيني الحين
استسلمت سماء للجدة التريد مجادلتها فصحتها مؤخرًا ليست جيدة ابدًا :يالله بس بابدل
..لبسي واجي
..اجلست الجدة بدون ان تنظر لفهد بل تجاهلته تمامًا متعمدة وعادت ادراجها
كان فهد مازال واقفًا ينظر لها من الخلف وهي مبتعدة ..لقد عرف اآلن انه يعشقها
..ولألبد والدخل بذكرى فيصل او الطفلة الوصية بذلك بل يعشقها عشق رجًال المرأة
كانت الجدة تراقب حفيدها الذي مازال ينظر للفراغ بعد ذهاب سماء لكن ان تظل غافلة
افضل من ان تتكشف لها امورًا قد الترضاها ..تشعر ان االثنين بينهما شيء لكن يبدو ان
..سماء التتحمل حتى سماع اسمه ..وهي تخاف من يوم تتركها سماء فيه
..اجلس يمة
..جلس فهد بهدوء واخذ القهوة وصب فنجال له وللجدة :كيفك وكيف صحتك
الجدة :لو الله يفكني من قلق سماء انا بخير الف مرة تدخل علي الغرفة وتقيس نبضي
..وحرارتي وسكري وضغطي الظاهر انها تتدرب علي
ضحك فهد :الله يحزاها خير
..الجدة :الله يخليها لي ملت علي حياتي الله يمال حياتها بالذرية الصالحة
رشف فهد فنجاله دافعًا غّص ة بحلقه ورفع نظره ليجد ان سماء عادت ترتدي تنورة سوداء
..وتيشيرت واسع اذا كانت تحاول ان تبدو اقل جاذبية فهي كمن يغطي الشمس بمنخال
جلست سماء بهدوء ولم تنظر لفهد بل فتحت هاتفها ثم اغلقته ونظرت للجدة مبتسمة
سمعت فهد يناديها فالتفتت له لتجده يمد لها فنجال قهوة ..حاولت أخذه بدون ان
تالمس يده ورشفته بسرعة
..الجدة :باشتكيك لفهد ( ..ونظرت لفهد ) من يوم رجعت من السفر وهي متغيرة
احست سماء بحرارة في اطرافها ليس وقت االعيب الجدة ابدًا فقالت :قلت لك عندي
..محاضرات متراكمة ونهاية السنة الزم اركز عشان االمتحانات
فهد بهدوءوهو ينظر لعينيها الواسعة :يمكن مانامت زين ؟
..سماء :بالعكس الحمدلله نمت من افضل مايكون بس ماعجبتني المانيا
..فهد ؛ انتي ماشفتي ألمانيا زين
..سماء :الي شفته كفاني
..فهد وهو يأخذ فنجاله ويرفع حاجبه لها :عاد انا اعجبتني مرة ..واتمنى ازورها مرة ثانية
ابتلعت سماء ريقها وقالت :عن اذنكم
..فهد :اجلسي انا جاي اكلمك في موضوع الطالق
شهقت الجدة وضربت يدها على صدرها :وش طالقه ؟
شعرت سماء بالعبرة تختقها وحاولت دفعها بشرب القهوة وهي تسمع فهد :سماء
طالبة الطالق وانا وافقت
الجدة :كيف تطلقها الحين وهي توها
..سماء :انا كبيرة
دفعتها الجدة بكتفها بالعصا :ال مانتي كبيرة
..فهد :حتى لو طلقتها سماء بتقعد عندك
..سماء ؛ التعطي وعود باسمي
فهد :وين بتروحين أجل
..سماء :مالك دخل
..الجدة وهي تدفع فهد بعصاها هذه المرة :اال لك دخل ماعليك منها
..سماء :اذا تبون ملحمة شكر طويلة عريضة على اهتمامكم بي مستعدها ابدأ اكتبها
..فهد :صايرة تكررين هالكالم
..الجدة :لسانك طايل
..وقفت سماء :اآلن تروح للمحكمة وتطلقني
الجدة بتأثر صادق :وانا ياسماء
سماء التي مازالت تحت وطأة الغضب :انتي خارج الموضوع
.الجدة :بتتركيني
..سماء :طبعًا ال
...فهد :ال مستحيل تتركك
سماء :قلت لك التعطي وعود باسمي
وقف فهد :هذا وعدك انتي الحين قلتيه ( ..ومد اصبعه لها في اتهام ) مع اني عارف انك
..بتتركين البيت
التفتت سماء لتوضح للجدة كذبه لتجد رأسها يميل على كتفها وعينيها تنظر لفوق بينما
...تأشر لهم بيدها بضعف فصرخت
رفع فهد رأس جدته جيبي الجهاز ..ركضت سماء واحضرت عصير وبدأت تعصر في فم الجده
..وهي ترفع راسها ..وتبكي
..مسك فهد يديها ليجدها باردة متعرقه :بنوديها روحي ألبسي
..ركضت سماء ونادت الخادمة بينما ذهبت لترتدي عبائتها وحجابها
دفع فهد جدته بالعربة المخصصة لها واركبها في السيارة بمساعدة سماء التي تحجبت
ووجهها يفضح بكائها ..جلست معها في الخلف ..وهي تقيس نبضها ..كان نبض الجدة
..يخبو
..صرخت سماء :بسرعة
فهد :الطريق زحمة ماقدر اسرع
..سماء :دور طريق مختصر
..فهد ؛ تعالي سوقي احسن
صمتت سماء ثم نظرت للوجة المجعد الممتليء وهو يمتقع ..وضعت يديها على خد الجدة
كان متعرق جدًا ثم وضعت اصبعها تحت انفها لقياس تنفسها الذي يخبو وانهارت بكاء
وهي تتمتم بصوت خافت :يارب يارب استودعكيها ..يارب ماعرفت أم غيرها التحرمني
..منها ..يارب التخليني سبب في موتها التخلي ردي لجميلها اني اذبحها
كان فهد ينظر لسماء المنهارة من خالل المرآة األمامية يسمع تمتمتها التي توقع ان
..تكون دعاء :سماء هدي بتكون بخير
كانت تبكي كطفل وهي تقول ؛ انا كنت عارفه انها تعبانة ماتتحمل ..وفاجأناها بالطالق
..بدون مقدمات
..فهد :وصلنا
:
:
دخل عبدالرحمن المنزل وتوجه لمكتبه بينما جمانة تشرب قهوتها في الصالون ..لكن
بتجاوزها والذهاب للمكتب مباشرة ..جعلها تتأكد ان ُه ناك مايؤرقه ..وشيء اليستطيع
هو المتحكم والُم سيطر على معالجته ..فعليًا تجاهلها منذ قدومها لمنزله لكن لها هدف
وستمكث في منزله حتى تنتهي منه ..ابتسمت وهي تشك ان يكون مايؤرقه هو فهد ..
ربما بدأ فهد بحلول لتدهور الشركة او بدأ بسحب النفوذ من عبدالرحمن او السيطرة على
..الشركة
تقدمت متوجهه للمكتب وهي تمشي بتخفي حتى وقفت امام الباب المفتوح قليًال
ليأتيها صوت عبدالرحمن القوي غاضبًا :قلت لك برنت كامل ..؟؟
ال مش كفاية ابي من طلعت على الدنيا وين سكنت من اهلها وين درست رقمها ....
مكان دراستها تتواصل مع من كل شيء كل شيء
كان يتكلم بغضب لكن بصوت خافت مما جعل جمانة ترتعش رعبًا ..من هي التي يريد
عبدالرحمن تفاصيل حياتها بهذا الكم الهائل من الغضب !؟
ومن هي التي تجرأت واغضبته !؟ اتكون عشيقته وتركته ..ال ال عبدالرحمن اليركض خلف
..احد ابدًا
..لكن سمعته يردف :واهم شيء ..اهم شيء كيف عرفت فهد
وضعت جمانة يدها على فمها في رعب كامل وابتعدت بهدوء كما اقتربت ..اذن الفتاة
التخصه ..بل تخص فهد وهو يريد ان يلقي معلوماتها ربما في وجه فهد ..او ربما فضيحة
..لفهد ..او ..هزت رأسها في عدم فهم
واصطدمت بهناء :بسم الله
هناء :وش فيك تتسحبين ..؟
..جمانة :عبدالرحمن في المكتب واسمع صوته يكلم
..هناء :اتركيك منه وتعالي نختار بدلة العرس جتني الكتالوجات كاملة
..مشت جمانة خلفها وهي تفكر في حديث عبدالرحمن
:
:
تعيش في داخلنا صراعات ..بين ماكان ومايّج ب اْن يكون ..بين االختيار األناني للذات " ..
وتحمل تلبس الْن فس بـ األنانية ..وبين األختيار العاطفي ..وترجيح مصلحة الغير ..وارتداء
ثوب التضحية والفّض يلة " ..دخلت سماء المنزل تتبع فهد وجدته بهدوء ُ ..ر غم الكالم
الُم طمئن للدكتور اال ان رصاصًا حاميًا قْد ُص ب في قلبها واثقله ..ضعف هذه السيدة
العظيمة اضّع ف سماء الضعيفة اصًال ..انا لم يشتد عودي بعد لتتكيء علي ..سأميل بگ
..واسقط ..وسأنكسر واكسرگ
جلست تنظر للجدة الالهثة بينما تأخذ الخادمة عبائتها وتقدم لها شالها االحمر الُم نقط
بكحلي الذي تنبعث منه رائحة األمومة ..والحنان ودفء الُح ب ورعاية المنزل التي عرفتها
..سماء
..كان وجه فهد ليس افضل حاًال من سماء
نظرت الجدة لهما األثنان واجمان ..اهتزت لنحيب سماء ..اشفقت على الفتاة اكثر من
اشفاقها على نفسها او على فهد :..الحمدلله الدكتور طمنا ..كل مادخت شلتوني كني
..كيس ووديتوني المستشفى وانا كل األدوية عندي
..فهد وهو يضع يده على ركبتها ؛ الزم يالغالية عشان نتطمن
الجدة :هه الحمدلله على كل حال ( ..ثم نظرت لسماء الهادئة ) :سماء يمه
..رفعت سماء عينيها الممتلئة بالدموع :هال
..الجدة :تعالي هنا
وقفت سماء وجلست يمين الجدة بينما فهد يجلس يسارها واخذت يديهم األثنين :يعلم
..الله ماحبيت كثركم في هالدنيا ..حتى عيالي
..ضغطت سماء بيديها على يد الجدة :خالص التكملين
بينما فهد ينظر ليد سماء الرقيقة ولوجهها الجميل العابس ..لقد زعزع مرض الجدة
حواجزها واركانها وجلست تنتحب مثل الطفلة ..مثل طفلة تعرف الفقد جيدًا وُل دغت منه
..الجدة :مابي اسمع طاري الطالق ياسماء ..قلبي يامك يوجعني
سماء :حتى لو يطلقني فهد انا مستحيل اتركك بالعكس انتي الحياة الوحيدة الي
..اعرفها وعشتها
..وقف فهد وقبل رأس الجدة :اتركك يالغالية ترتاحين ..واذا بغيتي شيء كلميني
..الجدة :الله يسمح دربك
..فهد :سماء ممكن شوي
وقفت سماء وهي تنظر إلبتسامة الجدة التي تعتبرهم اخوان وهذا امر غريب جدًا فهي
تناست انه ممكن ان تنمو بينهم مشاعر وعاطفة ..ربما تثق في فهد اكثر من الالزم او
تجد ان سماء مازالت صغيرة تبعت فهد حتى الباب ونظرت له لعينيه الحزينة ووجهه
..الُم رهق :سماء باطلب منك تأجلين مسألة الطالق لين تتعافى الجدة شوي
سماء :اال متى ؟
شد فهد على شفته جرحه تلهفها على التخلص منه :مدري شهر مناسب ..اذا مش
..مناسب اطلقك بدون ماتدري بس بتستغرب اذا تحجبتي عندي
صمتت سماء وهي تنظر له ..فـ أردف فهد يقنعها :انا محتاجك لين ترتاح جدتي على
..األقل لين تحس ان طالقنا ماراح يغير في عالقتك انتي وياها
..عقدت سماء يديها حول خصرها وهزت رأسها موافقة
..مد فهد يدهـ ليمسك بها فتراجعت ثم قالت :اوك شهر زيادة مايشكل مشكلة
خرج فهد وفتح هاتفه لمكالمة اصدقائه في االبتعاث احدهم كويتي واآلخر إماراتي ..
..ليطلب منهم خدمة
:
:
استلم عبدالرحمن الفاكس وقرأ بيانات سماء المفصلة ووضع اصبعه على رقم هاتفها
يلمسه كأنه يلمس جزء منها ..وبسرعة خزنه لديه ..ثم فرز االوراق ليقرأ عن ابوها وعمها
!! ..الذي توفي في مطاردة من أمن الطرق وابتسم بخبث :يا طيبة قلبك الغبية يا فهد
..اخذ احد هواتفه واتصل على جوالها ..ليسمع صوتها :الو ..الو
" ثم أغلق الخط وارسل رسالة نصية " صدري سماء ..واحساسي طير
واعاد اإلتصال هذه المّر ه على سكرتيرة :وش االخبار ؟
السكرتير :المشاريع الي ماسكها فهد ماشيه تمام ..والمهندس معطيه قائمة تفصيلية
..بالمواد المطلوبة
عبدالرحمن :اسمع احذر من اي احد جديد سواء عميل او مستثمر او مهندس ..لين تخف
..شكوك فهد
..السكرتير :واليهمك ياطويل العمر
:
:
..تعالي ياسماء
..جلست سماء وصبت لها فنجال قهوه :هال
..الجدة :فهد جاني اليوم وانتي فالكلية ..يعزم لعرسه
وقع الخبر على سماء گ صاعقة ..وضعت الفنجان الحار داخل راحة يدها وضغطت عليه
وهي تنظر للجدة لسبب ما تريد تشتيت احساسها باأللم الخارجي عن األلم الداخلي ..
فكرت في النعوت التي ممكن ان تنادي نفسها بها ..غبية ..ضعيفة ..وكررت في بالها ..
..انا رفضته ..انا اعلم انه سيتزوج ..لكن ذلك لم يشتت األلم ابدًا
مازالت الجدة تتكلم وهي تضحك :والزين انه رفض زواج كبير تلقين سويره ميته قهر تبي
..تفشخر على خلق الله ..يقول زواج في البيت
..سماء بهدوء :زين الله يوفقهم
..نظرت الجدة بتأمل :وراك تقولينها بدون نفس
سماء بابتسامة عريضة للجدة :الله يوفقهم !!..كذا زين ؟
عقدت الجدة حاجبها :سماء !! يحق لي اسألك صاير بينك وبين فهد شيء فالسفر ..انتي
...عارفه ان زواجكم بس عشان
سماء :عارفه وماصار شيء
..الجدة :اذا تبين تكونين زوجته ومايطلقك تراه يوم المنى يابنيتي انا اكلمه
سماء :ال مابغى انا طالبه الطالق وانتي عارفه
الجدة :اي والله انا الحظت من سنين انك ماعليك منه واال لو ادري انك تبينه خليته
..مايعرف غيرك وهالعصا على راسه ..والهوب القي مثلك
..ابتسمت سماء ؛ ال فهد بالنسبه لي مرحلة وبتنتهي
الجدة :والله يابنيتي مدري وش اقول ودي انك زوجته وتعيشين معي وماتفارقيني ..
..كل مافكر انك تتركيني ينقبض قلبي خايفه عليك
سماء :انتي عارفه اني مستحيل اتركك حتى لو نتطلق انا وفهد باعيش معك واذا جاء
..فهد باتحجب وش المشكلة
الجدة :مانيب مرتاحه للطالق
سماء :يرضيك طيب اقعد كذا
الجدة :الوالله مايرضيني بس بعد اخاف عليك ..ماعلينا المهم دوري لك فستان شنه ورنه
يكسر الدنيا باقهر سويره
سماء :لك انتي
الجدة :ال لك عشان تحضرين معي
..وقفت سماء :مستحيل
..رفعت الجده عصاها لتدفعها :والله لتحضرين ..تبيني احضر لحالي
سماء :معليش صومي ٣ايام اصًال انتي ماتاكلين واجد تقدرين تصومين ..لكن حضور
..ودخول ذاك البيت مستحيل
..الجدة :انتي ماعاد تستحين
ضحكت سماء :من جيتك وعمري ١٤وانتي تقولين ماعاد تستحين متى شفتيني استحي
..بالله
.ضحكت الجدة :وصاير لسانك طويل
..ثم اردفت الجدة كاذبه :فهد يقول الزم سماء تحضر
الحقير ..هكذا فكرت سماء ..الحقير يريد اذاللي تمامًا ..يريد االنتقام لرفض عرضه الهزيل
.. ..هي االن متأكده انه يعلم انها تحبه لذا يريد ان يريها ماخسرت لتحاول المحافظه عليه
..شعرت الجدة ان صمتها بداية اقتناع فقالت :يرضيك ادخل لحالي بدون بنيتي
..سماء :ال عاد مو اليق عليك االبتزاز العاطفي
..الجدة :وش االبتزاز !؟! انا صادقه تبيني اطيح واال اتعب محد بيعبرني
..سماء ؛ عاد هذولي هم عائلتك اقرب لك مني
الجدة :والله يابنتي محد اقرب لي منك حتى فهد ..امشي معي يايمة هه مانيب حالفة
..بس عشان خاطري
..سماء :بافكر
ونظرت للرسالة التي اتت جوالها نفس الرسالة منذ ثالثة ايام ونفس العبارة ونفس
" الرقم " صدري سماء واحساسي طير
صاحب الرسالة يعرف اسمها ..هي تقريبًا التعرف احد العدو والصديق ..حتى زميالت
..الكلية التتعدى صداقتها معهن الدردشة العامة وقضاء البريك معًا
..الجدة :بدون تفكير قولي تم
سماء :زين متى ( ولم تستطيع ان تنطق زواجه شعور حاد باأللم يمزقها )
الجدة :يوم الجمعة ..والملكة الخميس ..انا حلف علي فهد احضر الملكة بعد ..باروح
..الخميس لحالي والجمعة تروحين معي
سماء :زين
ُخ
الشيء افضل من تهذيب النفس ..حتى التطمع فيما الي صها ..حتى التثب وتقفز وتقع "
..تعلمت سماء ..انه اليوجد افضل من وضع ركائز للحياة تعتمد على الذات فقط ..ركائز
ذاتيه ..قوى باطنة التعتمد على شعور هش كالحب ..وال تنهار عند شعور هش گالخوف
والشوق ..اذا كان اراد حضورها ستحضر لكن لتريه هو ماسيخسر ..اذا اراد هوانها
سيتعلم منها انها ترتفع لمجرد محاولة اهانتها ستحضر زواجه حتى تنساه ويعود في
حياتها كما عرفته في البداية صديق فيصل بينما هي له وصية فيصل .. ..هي لم ُت خلق
للُح ب ..ربما ايضًا لم تخلق لألمومة كما لم تخلق في عائلة ولم تخلق ابنة ألم ( ..
وابتسمت بسخرية ) ربما هي ليست بشر ربما مالك رحمة وجدت في االرض لتمتهن الطب
..
:
:
الخميس في منزل عبدالرحمن حيث تجتمع األسرة في حفل بسيط اقتصر على فهد
ووالديه وجمانة وعبدالرحمن وهناء وفارس والجدة ..كانت ملكة عائلية ..راقب فهد الجميع
وتخيل ان سماء وحدها في المنزل وحيدة كما نشأت ووحيدة كما ستعود بدونه ..حاول
منذ تركها ان يفسر مشاعره تجاهها هل مازال يشفق عليها ..يعلم في قرارة نفسه ان
العالقة بالشفقه لما يعتمل داخل قلبه واحساسه هل ستطفئ هناء رغبته الملحة بسماء
ام هو احساس خاص بها وحدها ..نظر لهناء رقيقة وصغيرة في فستان مشمشي
..وترتدي الطقم األلماس الذي البسه لها للتو بعد ان اصبحت رسميًا زوجته
شعرها قصير او مرفوع هو لم يالحظ ..ابتسم لها عندما وقعت عيناها عليه كانت سعيدة
جدًا واليحق له ابدًا ان يطفئ سعادتها فهو من اختارها ورضي بها ..ثم نظر لفارس كان
..هو ايضًا سعيدًا ..لكن عبدالرحمن كان شارد تمامًا ..رغم مباركته الحارة له ولهناء
كان عبدالرحمن شارد يفكر منذ دخول الجدة بصحبة خادمتها ان سماء لوحدها في المنزل
مجرد شعوره انها وحدها يجعل شيئ لذيذ يذوب في صدره شيئ ساخن يدفئ قلبه ..
نظر لفهد فوجده ينظر له ..كيف له ان يتركها وهي على ذمته ويبحث عن أخرى ايطمع
فهد في ثروة هناء ..او فقط زواجه من سماء استمر زواج واجب كما بدأ ..وقف
عبدالرحمن اعتذر منكم عندي موعد مهم ساعة بالكثير وراجع للعشاء ان شاء الله ..خرج
وتبعه فارس :كيف تترك ضيوفك وتروح ؟
عبدالرحمن :انت موجود عندي موعد مهم ( وأشر ع داخل المنزل ) هناء اختك وانت الي
ملكت لها ..والبيت بيتكم
فارس :مادري متى تترك حركاتك
..عبدالرحمن :اكبر واعرف مصلحتك وين يافارس
وخرج
:
:
عاد فارس للجلوس وألول مره ينظر لجمانة التي تجلس بحجابها في انتظار خروجه ..
كانت تنظر حيث ذهب عبدالرحمن ..اليريد ان يقول انها استحقت عبدالرحمن النه اكبر من
ان يكون شامت بتعلقها في عمه البارد ..وعاد ينظر الخته التي تبدو السعادة تقفز من
عينيها ..على االقل احدهم حصل على مايريد ..وهو واثق ان فهد سيعاملها بالمودة
..والرحمة كما ينبغي وكما هو الئق بهما
:
:
خرجت سماء من المطبخ تحمل كتابها وكوب الكابتشينو ,,كم مرة اعادت هذه الصفحة
بينما عقلها في مكان آخر ..في مكان اليجب ان يتواجد به ..تذكرت انها قرأت موضوع
علمي عن تمارين للعقل الباطن يعمل على تفريغ األفكار الغير مستحبه ووضع بدل منها
افكار جديدة تقضي بتكرار او كتابة ماتريد لفظه خارجًا عند األستيقاظ من النوم ...
..ستعمل صباحًا على كتابة انا الاحتاج فهد انا الاحبه
..لم تكن سماء تعلم عن من اوقف سيارته في مكان بعيد ووصل ينظر لنوافذ المنزل
ربط عبدالرحمن ثوبه سيقفز هو يعرف منزل الجدة جيدًا يعلم ان في الدور االول مستودع
كبير وغرفة الخادمة وحديقة الييتذكر اذا مازالت بها جلسة كما في طفولته ومطبخ قديم
اما االرضي به غرفة الجدة ومجلسين وغرفة كان فهد يستخدمها ربما هي غرفة سماء األن
..اخذ نفس عميق وضحك على نفسه هو يفعل تمامًا امر لم يصدق قبل ساعة انه
سيفعله لكن حاجة ملحة تدعوه لالستمرار ..لذا قفز في الفناء الخارجي ووجد الباب
الداخلي مغلق فتسلق انبوب المياة العريض حتى وصل للسطح نفض يديه عند هبوطه
ساعده جسده الرياضي ونزل الدرج بهدوء وقف وهو ينظر لها تعطيه ظهرها وتلعب
بشعرها ..هل تخيل شعرها بهذا الكثافة واللون الغريب ام انها فعًال كانت له في حياة
اخرى فهو يشعر انه يعرفها جيدًا وانه سبق ان رآها الف مرة ربما للقلوب ذاكرة ..فعل
ماخطر على باله اذا كانت هذه الليلة مجنونه فلتكون مجنونة ألبعد حد ذهب للزر الكهرباء
واغلق المولد عن المنزل كامًال
:
صرخت سماء :بسم الله ..هل فعل هذا عقلها الباطن فتحت عينيها ..بشده ووجدت ان
المنزل فعًال يغرق في ظالم حاد هل في المنزل لص بدأ الخوف يدب في اوصالها من
يقول ان الخوف شعور هش ليس هي طبعًا ..لتشتيت الخوف اخذت تنادي :جينا ..جينا
..ثم تحسست مكان الكراسي لتشق طريقها للمطبخ ربما تجد شمعة
:
شعر عبدالرحمن ان خفقان قلبه سيفضحه سماعه تنفسها فقط كان متعة ماذا لو كان
هذا التنفس بحده من التأثر باحضانه ..كيف تركها فهد ؟؟
شعر بها تقترب بهدوء كانت رائحتها تصله ..كان يكتم انفاسسه حتى التشعر به وفي
نفس الوقت يحاول استنشاق مايستطيع من رائحتها ..هل وصل للهوس ..هل هذا
عقابك ياعبدالرحمن لكل الفتيات الالتي خلفتهن خلفك ..هل عقابك ان تعشق زوجة اخ
زوجتك ..لكن اقتراب سماء منه جعله يقف في طريقها ويمد يديه لها
:
شعرت سماء باليدين وصرخت بهستيريا ..كانت تركل وتضرب بشكل عشوائي من امسك
..بها
تلقى عبدالرحمن ضرباتها ثم ثبتها بسهولة ووضعها قريبة منه كان في حالة سكر بدون
مسكر ..للمرة المليون كيف تركها فهد ؟
سمع صراخها فقال :هشششش
ووضع يديها خلف ظهرها وبهمس بسيييط قال :ماراح اضرك ابدًا
مد يده لوجهها يتحسسه فوجده مبلل بالدموع وكرر :هش التخافين ماجيت لك
صمتت سماء واستكانت ربما هو لص محتاج التريد اثارته لكن لم تستطع ان تستجمع
نفسها او تمنع نفسها من البكاء واالرتجاف فقالت :اتركني الله يخليك ..وباعطيك كل
..الي معي
هل سمعت اللص يضحك او انها لم تعد تملك القدرة على التركيز حاولت تحرير نفسها
ففشلت ..فصرخت بقوة عِل احد يسمعها ..فاسكتها بوضع يده على فمها بشده واقترب
منها وللرعب الكامل شعرت به يقربها منه بهدوء ويضع وجهه على شعرها بينما تشم في
..يده رائحة عطر رجالي قوي وعود ازرق
قرب عبدالرحمن وجهه من شعرها واستنشق رائحة المسك الخفيف الممزوج بالورد
الطائفي هذه الفتاة التي سلبت لبه فتنة كاملة ..كانت مقاومتها شرسه حتى عضت
اصبعه الصغير فتركها وسمعها تركض وتتعثر باالثاث ..كان يلهث من فرط اشتياقه بينما
..يسمعها تغلق عليها باب احدى الغرف فتركها وعاد ادراجه
:
اغلقت سماء باب غرفتها وشعرت بالرعب الكامل كانت تبكي لدرجة انها لم تعد تشعر
باطرافها هل وقعت ضحية مهووس او قاتل او مغتصب والمهم هل نجت منه او ال ..فجأة
اضاء المنزل ..وتبدد قليًال من خوفها لكن لن تخرج ابدًا حتى تأتي الجدة ..كيف شعرت ان
..بإمكانها شق طريقها في الحياة وحدها وان تسكن وحدها
:
خرج عبدالرحمن للشارع وهو يضع شفته على اصبعه الصغير مكان عضة سماء ويلعقها
بلسانه ..لقد اصبحت هاجسه رسميًا ..االن بعد ان اختبر طراوة جسدها وجمال رائحتها
..هو يريدها حتى لو قايض فهد بالمشروع
قلبي
:
:
:
ترك فهد هناء ووالدته وُج مانة واقترب من جدته وجلس بجانبها قبل الذهاب لمجلس
الرجال :بشريني عنك ..؟ كيف صحتك ؟
الجّد ة ؛ الحمدلله ..اموري تمام
لم يستطيع اال يسأل ربما المتحدث قلبه :سماء كيفها ؟
الجدة :كالعادة دايم على الجهاز او راسها في وسط كتاب ..ياليتها داخله تخصص اسهل
...
..ابتسم فهد ِب حزن :مافيه شيء سهل ممكن يرتبط بـ سماء
الجدة :ماطلعت اال قبل امس للسوق تشري فستان عرسك ..يمكن ماخذت ساعة ..
..مسيكينة التطلع والتجي
!فهد باستغراب :تشري فستان عرسي !؟
..الجدة :ايه بتحضر
شعر فهد بإختناق ..زوجته المحرمة وحبيبتة المتعالية ذهبت لتشتري فستان لـ عرسه
..وستحضر لتكون شاهده على ابعاده عنها حاضره للمشهد گامًال
وجدت الجدة ان فهد صامتًا الينطق وكأن افكاره ابتعدت عن عيني والدته الُم راقبة لهما ..
..وعن عيني عروسة التي تنظر له بوله :انا باروح خلهم ينادون الخادمة
..فهد :انتظري لين نتعشى واوديك
..الجدة :انت عارف اني ماتعشى اال خفايف والسايق معي
..فهد :انا ودي اوديك انتظري بس
خرج وذهب لمجلس الرجال دخل وعبدالرحمن سيد الحديث جلس فبادره عبدالرحمن :
معليش اتكلم في العمل في وقت زي كذا لكن ثقتك يافهد جميلة بس وقت التسليم
..للمشاريع اعجازي
..فهد :ماعطيت الشركات وعد اال حنا قده ان شاء الله
..عبدالرحمن :مافيه شركة تبني ناطحة سحاب في ٤شهور يافهد
فهد :هذا يخلينا السباقين لهالشيء الوقت القصير وجودة العمل ..حسب ماشفت
..المشروع متعثر كثير وياخذ مشاريع تافهه
..عبدالرحمن بسخريه لم تخفى فهد :اتمنى لك الحظ ألنك واضح تحتاجه
فرد فهد بسرعة :معي الي احسن من الحظ معي الصدق واألمانة ..والثقة واالخالص
..فارس :مشكلة اذا العائلة رجال اعمال وانت دكتور
..عبدالكريم :عاد فهد ثنين في واحد
عبدالرحمن :مصيره تارك شيء لصالح شيء .ماراح يقدر يجمع بين االثنين النه صعب
..الجمع بين النار والثلج
..شعر فهد ان عبدالرحمن اليتحدث عن العمل ..لكن عن ماذا عساه يتحدث
:
:
اخذ فهد الجدة وخادمتها وبلغ السائق ان يسبقه للمنزل ركبت في الكرسي األمامي
..وهي تنظر للساعة :الله يهديك تأخرت عن سماء
مجرد تفكير انها ذهبت بكل برود تتسوق لزواجه جعله يشعر بالغضب ..ومشاعر اخرى
اليحب ان يشعر بها عريس :ماراح يصير لسماء شيء
الجدة :عارفه البيت مقفل والحي امين وهي ماشاء الله عليها ماتخاف اال اذا جاها
..كابوس
..فهد :تجيها كوابيس واال خالص
..الجدة ؛ والله ياوليدي تجيها احيان اذا تعبت ..مسكينة احيان تقوم وتبكي عمها وتناديه
ال اليريد ان يشفق عليها ابدًا اليريد ان يحمل لها اي مشاعر :انتي عارفه انها مصّر ه على
..الطالق ..وانه الحين الزم اطلقها
..تنهدت الجدة :مدري وين بتروح البنت مجنونة بعزة النفس اخاف تقول بادفع لك ايجار
ابتسم فهد جدته تعرف سماء جيدًا :اذا قالته خذي منها ايجار اهم شيء ماتتركك (..ثم
سألها ) هي قالت بتحضر بكرة ..؟
..الجدة :اييه وراحت تختار فستان حتى قالت كويس انه جمعة ماعندها دوام
فكر فهد انها رسميًا التهتم به لذا لما هو يهتم ..النه يحبها ويشعر انها له ..وهو شعور
..اسوأ من الُح ب
؛
:
كانت سماء تجلس تعطي الباب ظهرها ..اخذت افكارها تجنح لخياالت كثيرة ..اغمضت
عينيها وتذكرت لمس اللص لها ..لم يتحسس جسدها ابدًا لم يهددها طالبًا مال او مكان
خزنة ..تحدث بهدوء معها كأنه يعلم من هي ..هل له عالقة بصاحب " صدري سماء
واحساسي طير !!"؟ ..ايكون شخص واحد ..هذا امر مستبعد جدًا ..النها التعرف احدًا ابدًا
..كان حديثه معها رقيق جدًا ..تذكرت عطره عطر فاخر جدًا ..اليبدو من العطور التي
يستخدمها اللصوص ..وضعت رأسها على ركبتيها ..كيف لها ان تعرف عطور اللصوص ..او
حتى الروائح الرجالية ..ابتسمت بحزن :هي تعرفها جيدًا فكل مايتعلق بالرجال يتعلق
تلقائيًا بفهد ..كانت رائحة عطره تبقى في المنزل لمدة يوم كامل ..سمعت صوت الباب
ثم حديث الجدة مما جعل األمان والراحة تنتشر في جسدها وتعيد قلبها لقواعده سليم ..
فتحت الباب وركضت لتحتضن الجدة :بسم الله وش فيك ؟
..سماء بدون ان تالحظ فهد :كان في البيت حرامي
فهد :منين دخل !؟
..رفعت رأسها لتجده يحدق بها بغضب :مدري كان هنا ..الكهرباء طفت
لم ينتظر فهد سماء لتكمل حديثها بل دخل وتأكد ان اليوجد احد في المنزل
..بينما الجدة تحتضن سماء نظر للباب الخارجي مقفل وعاد :مافيه احد او اثر
..الجدة :انتي متأكده يمه ماعمر دخل البيت حرامي
..سماء :متأكدة ..وصمتت كيف تقول انه احتضنها وعاملها كطفلة
..الجدة :الباب هذا انا الي فاتحته الحين بالمفتاح
كان فهد يدور خلف المنزل وداخل الُغ رف :مافيه شيء متحرك من مكانه ثم نظر للصالة
..ليجد كتاب سماء وكوبها الممتليء كابتشينو
..سماء :مدري منين دخل
..ثم نظر لها بحدة :ماله داعي تخويفنا على الفاضي
..سماء :انا متأكدة
..فهد :بالش حركات لفت اإلنتباه ياسماء ..انتي كبيرة اآلن
اجفلت من حدة كالمه وكأنه لسعها بسوط وتراجعت ..وعقدت حاجبها " ..لفت انتباه "
هي لم تحاول لفت انتباهه ابدًا " ..كبيرة " !!! هو يعلم انها كبيرة عندما حاول االعتداء
عليها ..هل هذا فهد الحنون ..هل هذه اول بركات زواجه ..هل انتهى لطفه وحنانه ..ألم
..تعد تعني له شيء
..نظرت للجدة وهي تحاول ان التبكي ألن البكاء اصبح عادة لديها :تصبحين على خير
...الجدة :اذا خايفة
..قاطعتها سماء بهدوء :ال مش خايفة
..اعطت فهد ظهرها بدون ان تنظر له وعادت تمشيء بهدوء لغرفتها واغلقت الباب
عض فهد شفته السفلى بقّو ة ليته لم يتحدث معها هكذا ..ربما فعًال شعرت بـ خوف ..او
شعرت بوحدة وارادت ان تعبر عنها بادعاء ان هناك لص ربما لتخفي سبب خوفها او تعطيه
..سبب واقعي
..ترك الجدة :باروح اكلمها
امسكته الجدة بيده :اتركها ..مستحيل تتكلم معك ..التنسى انها ماعادت صغيرة وانت
ماعدت اعزب ..تغير كل شيء يافهد ..ممكن رحمتك لسماء وشعورك ناحيتها كأخ تفسره
..هناء بشكل ثاني وتحس بالغيرة
ابتسم عند شعورك كأخ !! هو اليشعر بأخوه ناحيتها ابدًا ..واليشعر بحب ناحية هناء ابدًا
..او اعجاب ..هو ادخل االمرين ببعض ونتج عنها خطأ حياته ..اتعيد سماء النظر في الزواج
:
:
دخلت جمانة غرفتها وعبدالرحمن مستلقي على السرير يرتدي بيجاما سوداء وينظر
للسقف كان يفكر بعمق ..اقتربت من تسريحتها واخذت كريم اليدين وبدأت تدهن كفيها
وهي تنظر له من المرآة :وين رحت اليوم ؟
عبدالرحمن :شغل مستعجل
..جمانة ؛ وش هالشغل الي والناس عندنا
..عبدالرحمن :اهلك اهل محل مايحتاج اقولك
...جمانة :اكيد بس
قطعت كالمها عندما قفز من السرير وتقدم لها ..مسكها حتى وقفت ثم اخذ العطر
..برائحة المسك ..وضع منه على لباسه ثم احتضن جمانة ..ورائحة المسك الخفيف تلفهما
رائحة العطر في رأسه تجعله يفكر في سماء ..لكن عقله يعلم جيدًا ان من في احضانه
هي جمانة ..تبًا يريد سماء وحاًال ..ليس ليوم او شهر ليس لعالقة سرير او رغبة عابرة ..
..هو يريد الحديث معها ..السفر معها ..شرب القهوة معها ..وبالطبع احتضانها
وجدت جمانة ان تصرف عبدالرحمن غريب ..كان يحتضنها بحنان بالغ ..لدرجة انها لم
تستطيع الحركة ..كان يشدد على ظهرها ويقربها منه ويدفن وجهه في شعرها ..ثم
تركها فجأة وعاد للسرير :انا تعبان اذا بتقرين اطلعي لغرفة الجلوس ..الزم اقوم بكرة
..بدري
:
:
كانت مزرعة العائلة في اقصى شمال الرياض من المزارع الكبيرة التي وضعت على بوابتها
الكبيرة عبارة ( مزرعة خاصة ) بينما في الداخل ترزح تحت مظاهر الثراء بأثاث بالغ الفخامة
والتنسيق ..وحديقة واسعة تكفي مااليقل عن ٤٠٠شخص ..بينما تنتشر الكنبات
وجلسات الحدائق حول المكان ..كانت الستائر البيضاء تزين المكان واالوركيد منتشر
فوق طاوالت الخدمة ..بينما االرض خضراء ..كانت سارة تمشي ..تتفقد توزيع المكان
واستعداد الحفلة ..التفتت لزوجها الموجود :معقولة زواج ولدنا الوحيد كذا في المزرعة ..
..بدل مايكون في قاعة كبيرة او فندق فخم
..عبدالكريم ؛ زين الي وافق على معازيمنا وطريقة الزواج ..جهزتي غرف الضيوف
سارة :لحد اآلن الي بينامون عندنا ١٧عائلة صح
..عبدالكريم :ايوا
..سارة :ممتاز غرفهم جاهزة وشركة االطعمة جهزت التعتيمة والفطور ..للي بيبقون معنا
..عبدالكريم :وغرفة امي
..تأففت سارة :ماتوقع امك تنام
..عبدالكريم :حتى ولو اتركي غرفتها جاهزه
..عقدت سارة يديها :بتجيب البنت معها
..عبدالكريم :مدري
..سارة :البنت فيها شيء ماريحني ..ماحبيتها
ضحك عبدالكريم :ماعليك منها يتيمة مسكينة ..وحاولي ماتستفزين امي الن فهد لو
شم بس انها مالقت االحترام ترى يزعل وزعله شين عاد
:
انتشر المدعوات في الحديقة ..وطاوالت الخدمة تمتليء باالطعمة ..والخادمات ينتشرون
..بالمشروبات والمأكوالت الخفيفة
وفي الداخل كانت هناء ترتدي فستانها من تصميم عالمي ..بطرحة يثبتها تاج وترتدي
طقم من اهداء اخوها فارس ..وجمانة اال جانبها بفستان ..ازرق ..بلون البحر ..بينما يزين
..عنقها عقد ايضًا من األلماس
.دخلت المكان سماء وهي تمسك بالجّد ة :تأخرنا
سماء بهدوء وهي تحاول ان التنظر حولها :مافاتنا شيء هذا هم نفس االصنام نفس
..االبتسامة الكذابة
..ضحكت الجدة :يقولون ان بس شركة االطعمة والحلويات بنص مليون
..زفرت سماء :تعرفين ان مصاريف عايلتك ماتهمني
الجدة :والله فهد مايحب البذخ بس هذي سويرة هذا وهو محرص عليها مايبي زواج كبير
..ماخلت احد ماعزمته
..سماء :فيه حرمة جتك شكلها بتسلم
ثم بدأت سلسلة التحيات والسؤال عن حال الجدة ..لم يتجرأ احد ليسأل الجدة مباشرة عن
..الفتاة التي ظهرت معها مرتين
جلست سماء بالمكان المخصص لها بجانب الجدة ولسخرية القدر قريب جدًا من الكوشة
حيث سيجلس العروسان ..هي ليست ضعيفة لتسمي نفسها انقاضًا ..او ترمي سعادتها
..ككرة في ملعب احد آخر ..هي تجاوزت اكثر من ذلك
نظرت سارة ناحية الجدة ورفيقتها ..كان هناك الكثير من سيدات العائلة يقتربون للسالم
على الجدة ..بينما رفيقتها تتجاهلهم تمامًا ..نظرت للفتاة ترتدي األحمر بدون اكمام
وبفتحة عنق مثلثه تبرز لون بشرتها الجميل وشعرها ينتشر حول العنق الطويل !!..جميلة
.. ..واذا كان للجدة معروف فهو عدم زج هذه الفتاة في طريق فهد
:
ّز
بدأت الموسيقى الخاّص ة بال فة ..وتهادت العروس تتلقى التهانيء وتبتسم للجميع ..
كانت جميلة في نظر سماء ..هي ابعد عن حسدها او غبطتها ..هي مؤمنة ان لله تدابير ..
..تقنع الجميع
جلست هناء وبدأت موسيقى الرقص ..لتخرج الجميالت يتراقصن على الموسيقى تارة
وصوت المطربة تارة ..نظرت سماء للجميع ..كان الجميع يرتدين اطقم تعرف انها باهضة
سواء ألماس او بدل او اساور ..بينما يرتفع عنقها خالي من اي شيء والترتدي اال حلق
صغير ذهب اشترته من أول مكافأة لها ..وساعة الجدة ..لم تزهد بما لديها ابدًا فهي
تعرف تقدير ذاتها جيدًا ..كانت تتجاهل الجميع وتعرف انهم ينعتونها بالمغرورة وربما
يتسائلون من هي ..هم اليعرفون انها تثبت نفسها بقِو ه حتى التبدو مرتبكة ..هي تضع
قناع المبالي ..بينما داخلها يرتجف ..ولو نظر لها اي احد تهرب بعينيها ..لم تحظى بحياة
..اجتماعية ابدًا
الضوضاء والحركة جعلها تنتبه ان الجميع بدأ بارتداء الحجاب ..التفتت الجدة لها ..تحجبي
..بيدخل المعرس واكيد معه عبدالرحمن وفارس
وقفت لتتحجب وترتدي الخمار الذي وزعته مشرفة الزفة ..وضعته حول رأسها وآخر يغطي
يديها وصدرها العاري وجلست بهدوء ُ ..ث م اغلقت االنوار ..اال االنوار التي تزين ممر
العروسين ..وبدأت الطبول ..التفتت إلتفاته للقادم من آخر الممر ..فبدأ قلبها يسابق
الطبل قرعًا ..ويصُم االذان دويًا ..رفعت عنقها ونظرت لفهد يتقدم مجموعة بينما يبتسم
وينظر لـ عروسه ..يرتدي البشت األسود ..بدأت لعبة الخيال ..لتتفادى حريق قلبها ..انتي
التعرفينه ..هو فعليًا غريب وانتي التعرفينه ..انظري للبذخ والترف من حولك ..هذا هو
عالم فهد ..وهذا هو فهد ..ليس من ركض خلفك وحملك ..وانتي ترفسين بعد رحيل
عمك ..انظري ألجساد كل من زوجته وامه واخته وهي تحمل ثروة ..هؤالء نساء عالم
فهد ليس انتي ..حاولت ابتالع غصتها وشكرت الخادمة التي تحمل عصيرًا دفعت به
دموعها ..التبكي سماء ..رفعت نظرها للسماء ..الواسعة وشعرت بصدرها يضيق اكثر
..وأكثر
اقترب فهد من جدته ليسلم عليها ..حاول قدر اإلمكان ان الينظر لسماء يخاف ان ينهي
كل شيء ان يفقد عقله ..لقد رأها من اول الممر عندما وقفت ترتدي حجابها ..اشعلت
قلبه ليصبح جمرًا متقدًا كـ لون فستانها وشفتيها المصبوغة باألحمر ..انحنى على جدته ..
وابتعدت سماء لكن شخص آخر كان ينظر لها بتركيز ..رفعت نظرها لتجد حفيد الجدة اآلخر
يرفع حاجبه وهو يدقق فيها تمنت لو انها مسحت الروج االحمر فهي لم تعلم ان التركيز
سيكون هكذا عليها والتحب ان يراها الرجال بمكياج ..وقف فهد وتوجه لعروسه بينما
انحنى مايبدو انه ابو فهد وقريب آخر وعبدالرحمن واقف ..حمدًا لله ان االضاءة خافته حتى
..اليبدو للجميع رعبها وهشاشتها
اآلن انحنى حفيد الجدة عبدالرحمن وشمت رائحته رغمًا عنها عطر رجالي فاخر وعود ازرق ..
خفق قلبها برعب ..نفس رائحة اللص لكنها تتوهم بالشگ ..كان يتحدث للجدة ..نفس
الصوت بدأ صدرها يعلو ويهبط في خوف ..ربما اصابتها عقده من جميع الرجال ..استحالة
ان يكون حفيد الجدة هو اللص ..حاولت االبتعاد لكن المساحة كافيه لذا حاولت لملمة
فستانها قدر اإلمكان وعندما نهض عبدالرحمن مس يدها بيده عمدًا .مما دعاها لإلجفال
..فرفعت نظرها له لتجده يحدق بها بنظره غريبة
:
اذا كان شتت تركيزها عن مراقبة فهد وعروسة فهو ابتعد اآلن مما جعلها تنظر لهما ..
وتحاول ان تكون موضوعية ..كانت مرتبكة جدًا ..تمنت لو اصّر ت على عدم الحضور ..كان
فهد ينحني على عروسة ويبتسم ..ابعدت نظرها عنهما ليسقط على عم العروس كما
عرفت وحفيد الجدة عبدالرحمن ..كان ينظر لها ..واليبدو عليه الحرج ..بل انه لم يبعد نظره
حتى ابعدت هي نظرها ..لن تنظر ناحيتهم ابدًا ..انظري لألمام وتذكري انك تجاوزتي
ماهو اصعب ..كان والدِك امامك ُم سجى راحًال وانتي ذات عشر سنوات ..ورحل عمك بعده
باربع سنوات ..وعشتي مع سيدة غريبة ..نظرت لفهد :كان هناك ..في كل منعطفات
حياتي كان هناك ..اثناء ماوالدي ملقى وعمي يبكي كان فهد هناك ..اثناء رحيل عمي
وموته كان فهد هناك ..اثناء استقراري عند سيدة الأعرفها كان فهد هناك ..اثناء تنمر
الفتيات علي كان فهد هناك ..واآلن رحل فهد عني ولألبد ..امسگ يدي طويًال واآلن
..تركها فجأة ..ونظرت ليده الُم مسكة بيد هناء
:
شعر فهد بألم في رقبته لمحاولته عدم اإللتفات لسماء ..كان يجبر نفسه على النظر
لألمام قسرًا بينما كل حواسه تتجه ..لها ..كما عرفها الُم بالية ..ألم تحمل له لو ذره صغيرة
في قلبها ..لماذا تجلس بجانبه فتاة ويتعلق قلبه بأخرى ..اخذ نفس حاد وحاول التركيز
على هناء ..بينما وجه سماء يترائى له وفستانها األحمر ُي شعله ..لم تنجح خطته ولم
يعمل زواجه سوى ان جعل سماء كالفاكهه الُم حرمة ..لماذا يفكر بها اآلن بينما الهدف من
..الزواج هو ان يلغيها من تفكيره
:
لم يكترث عبدالرحمن بالموجودين ..التحصل له فرصة للنظر لها ..واليستطيع دومًا خلق
ُف رص كما حدث باألمس ..كان قاب قوسين من التهام شفتها عندما اقترب من الجدة ..
كانت متوترة ومتزعزعة ..ماهو شعورها وهي تنظر لزوجها ُي زف ألخرى ..ماهي العالقة
االفالطونية التي بينهما ..محاولتها الهرب بعينيها يجعله متأكدًا انها شعرت بشيء ..
تمنى لو يملك عصا سحرية ليخلي المكان اال منها ..وينزع عنها الرداء الطويل لينظر لها
مشتعله متقده في فستانها األحمر ..ماهو الجبروت الذي تملكه لتجلس هنا هادئة بينما
يزف فهد لغيرها ..هل بينهما اتفاق ..هل فعًال زواجهما واجب ..يدفع عمره مقابل ان
..يأخذها سواء واجب او غيره
:
:
:
:
ُت
يا من وهب ِك كل شيء إنني
ما زلُت بالعهد المقدِس ..مؤمنا
:
ُأ
لماذا ِح ُّس :
بأنِك َد وًم ا َط ريُق ال دايْة
ِب
وأني َض َل ْل ُت كثيًر ا .كثيًر ا
وبينَ يديِك َع َر فُت ال دايْة
ِه
م.ن
:
:
دخل عبدالرحمن مكتبة ..وفتح الدرج الذي يحمل هاتفًا ..آخر ..ووجد اتصال من سماء
ابتسم بمرح :ذكية ..توقعت تمسكني متلبس ..اعاد االتصال وهو يتخيلها اآلن ُر بما
تبدل لباسها او تزيل ماكياجها ..وجلس بهدوء في مكتبه تاركًا شماغه على الكنبة
الجلدية الطويلة ..الحظ مبتسمًا انه لم ُي شعل نور المكتب ..من انغماسه بالتفكير بها ..
تذكر وجهها الحاد الُم عبر ..كان التفكير بها فقط يثيره مجرد طيفها يجعل قلبه يرتعش ..
..بينما حضور نساء كثيرات اليحرك فيه شعره
كانت سماء تحمل كوب القهوة لغرفتها حيث جهازها ..تريد انهاء ترجمة الكتب قبل نهاية
الشهر التملك ترف ..التمدد بعد حفلة الزواج ..والتملك حق التفكير في رجٌل ..امسگ بيد
آخرى ..وضعت كوبها وجمعت شعرها في ربطة مطاطية ..وفتحت الجهاز ..رّن هاتفها ..
..برقم تعرفه جيدًا ..كرر االتصال ..هل تعرفه حقًا ..تشجعت وردت :إلو
..ليأتيها الصوت الذي توقعت بفخامة وكأن المتحدث يبتسم :صباح الخير
سماء :عفوًا من معي ؟
..رد بهدوء ينتظر وقع اإلسم على مسمعها :عبدالرحمن الراجي
فتحت عينيها مذهولة من جرأته النها عرفت جيدًا انه هو اللص :عفوًا اآلن باعطيك ام
..عبدالكريم
..لم تتجرأ ان تقول ان الجدة نائمة خوفًا منه
..سمعت ضحكته المكتومة :اعرف جوال جدتي
..سماء :اذن مالك حاجة بـ جوالي ابدًا ومع السالمة
وقبل ان تغلق الخط سمعت :وش شعورك وانتي زوجة مع وقف التنفيذ ..اوال باألصح
وش شعورك وانتي حاضرة زواج زوجك !..؟
فغرت سماء فاها كيف علم ؟ كيف عرف ؟ من اخبره !؟
..فاردف كأنه قرأ افكارها :فهد قال لي
لم تتكلم سماء غرقت في كرسيها ببؤس لتسمعه يقول :غلطة عمك دفعها فهد ..لذا
..التعتبين عليه اذا دور حياته مع االنسانة الي يحبها
لم تفهم ماهي غلطة عمها والتريد الحديث مع هذا الوقح لذا قالت :وهل فهد الي
..اعطاك األذن انك تزعجني وتتهجم علي في البيت
مرة اخرى ضحك :ماقدرت اقاوم ..وماتوقع اقدر اقاوم كثير ..اذا انتي نعمة ركلها فهد ..انا
مستعد احطك تاج على راس الجميع ..اذا فهد اخفاك احراجًا منك ومن زواجه بك ..انا
مستعد انشر عالقتي معك بعد ماتتخلصين من فهد في 3جرايد رسمية ..اذا فهد ماقدر
..جمالك انا مستعد انحت لك الصخر
..كان يتحدث بصوت خافت مريب متوعد ..كان يتنفس بحده اثناء حديثه
اغلقت الخط والشعوريًا اقفلت غرفتها ..وعادت تضع يديها على رأسها الرجل يتحدث معها..
بهدوء وكان تجاوبها معه امر ُم سلم به ..الرجل يعدها وبغريها ..الرجل يعرف فهد جيدُا ..
!هل اخبره فهد عن زواجهم وظروفه لذا شعر انها سهلة وال قيمة لها ! ..؟
:
:
..اسبوعان هو كل مااستطاع فهد ان يعطيه زوجته
التي تبدو راضية جدًا ومطيعة جدًا ..وانيقة جدًا طوال اليوم ..اإلتفاق بين هناء ووالدته ..
كان شيء مريح ..لكن االختالف بين عقله وقلبه هو مايسبب له األرق ..اسبوعان وهو
يدفع صورة سماء عنه لتخرج له مبتسمة ..اسبوعان وهو يغرق في جسد هناء ليتمنى
..نظره من سماء ..اآلن علم انه تسرع ..وثقب سفينته بنفسه
خرج ألحد المواقع التي يعمل عليها رفع ثوبه بيد واخرج نظارته الشمسية ..كان هناك
مواد جديدة يتم تنزيلها من الشاحنات ..نادى المقاول ليسأل عنها فرد :اليوم ارسلتها
..المؤسسة التابعة لكم
..فهد :لكن هذي المواد ماطلبناها ..ثم استدرك ..التستخدمها ورجعها للمؤسسة
:
:
خرجت سماء من الجامعة ..اسبوعان وهي تقفل هاتفها ..والتفتحه ابدا ..كان أمر مرعب
ان تشعر ان هناك من يتربص بها ..ويملك الجرأة على اقتحام المنزل ..لم تستطيع اخبار
الجدة ألنها التريد ان تتسبب بمشاكل بينما هي تنوي اإلبتعاد عنهم ..ارادت كثيرًا
اإلتصال بفهد لُي نهي مسألة الطالق وشعرت بالحرج النه ربما يعتقد انها تريد لفت انتباهه
..هو عريس األن ومازالت صرخت باتهامها بلفت االنتباه تصم اذنها وتشعرها بالقهر ..
اسبوعان وهي تغرس قواعد جديدة لحياتها ..وفي نفسها ..اسبوعان وهي تتسائل ان
كانت غلطة عمها هي تزويجها ..لتشعر بالحقد عليه بينما يترائى لها وجهه الُم تعب
الشاحب بلفة الشماغ كما تذكرها فـ تعود لتبكيه ..اسبوعان وهي تشعر بـ الحرج كلما
تخيلت فهد يشتكي من مسؤوليتها إلبن عمه ..اسبوعان وهي تتهرب من الجدة ..ألنها
لن تستطيع الوفاء بوعدها لها ولن تستطيع البقاء لديها بعد الطالق ..فـ الخوف جعلها
ُ ..ت قفل غرفتها ليليًا ..ربما عندما تبتعد تصبح هذه األفكار مجرد افكار مشوشة ومنتهية
فتحت باب السيارة واجفلت عندما تْم اغالقه بقّو ة :ليه قافله جوالك ؟
تراجعت سماء وهي تلتفت حولها :وش دخلك ؟
..عبدالرحمن :كيف اسبوعين ماتخليني اسمع صوتك
..سماء بغضب :بأي حق تكلمني كذا
عبدالرحمن :بحق هذا القلب ( ..واشّر على صدره )
..حاولت سماء مرة اخرى فتح الباب لكنه اغلقه :افتحي الجوال اآلن واخليك تروحين
نظرت حولها لتجد طالبتين ينظرون لهما ..ففتحت هاتفها ورفعته لمستوى نظره :هه
..خطفه بسرعة ..وكتب شيئًا ما واعاده لها :الحين اذا جيتي البيت ياويلك لو ماتردين
..سماء ؛ ماراح ارد عليك ..ولو تجاوزت حدك معي راح ابلغ عليك الهيئة
كان فارس على وشك ركوب سيارته والذهاب عندما الحظ سيارة عبدالرحمن !..؟ وهو "
يقف مع فتاة تبدو من السيارة التي عرفها ربيبة الجدة !؟ ماعالقتها بعبدالرحمن !؟ اتكون
من ضمن قوافل فتياته ..ارتدى نظارته وهو يرى الفتاة غاضبه وتحاول فتح الباب ..بينما
عبدالرحمن يحاول محادثتها ..األمر ابعد من ذلك !؟ عبدالرحمن الخسيس ..يتعرض للفتاة ..
" اخذ يراقب من بعد وعندما تقدم خطوتين لإلقتراب ركب كل منهما سيارته وابتعد
...
..ضحك :التهددين افتحي المحادثة بيني وبينك
ركبت السيارة وفتحت الُم حادثة لتجد انه ارسل من جوالها لجواله :حبيبي انتظرك الخميس
" ..في الليل مشتاقة لك مرة
وضعت يدها على فمها الحقير ..يظن انه هزمني ..اتصلت به ليرد بكل بجاحه :هال حبيبتي
..
..سماء :انت مريض
ضحك وهو ينظر للمرآه ليرى سيارتها :والله صادقة انا مريض من شفتك ؟ مريض بعيونك
!..؟ مريض للمستك ؟
سماء ؛وش يتستفيد من هـ الرسالة ؟
..عبدالرحمن :باقول احبها وتحبني ..جزء من الكالم صحيح والجزءالثاني جاي في الطريق
الحظت سماء انه يتحدث دائمًا بسخرية ..لذا قالت بنفس الِخ فة :طيب راقب السيارة ..الن
..جوالي مسروق من اسبوعين
نظر لسيارة سائقها تمر بجانبه لترمي هاتفها من النافذه ليتهشم قطع كثيرة ..وتغلق
..النافذه وتمضي
..ضحك عبدالرحمن بشدة :جميلة وذكية
؛
؛
انتهى فهد من تركيب الكاميرات حول المشاريع ..شيء يحدث وأحد ما يبدل او يأتي
بمواد غير التي متفق عليها والتي تطابق المواصفات والمقاييس للبناء ..لو لزم األمر ان
يحرس المشاريع بنفسه ..الركود في العمل اليجعل من خطته في مراقبة عبدالرحمن
فّع اله لذا ..اتفق مع اصدقائه في اإلبتعاث وهم ابناء رجال معروفين في الخليج ..
..للتواصل مع ادارة المشروع فيليدز
شكر المهندس وعاد لسيارته ..يريد بشده ان يزور الجدة ..بل يريد بشده ان يرى سماء ..
..لذا وبدون تفكير توجه لمنزل جدته
كانت سماء تجلس مع الجدة تحتضن جهازها ..وتكتب ..الجميل في الترجمة انها تقّو ي
كل من لغتها األنجليزية ولغتها التعبيرية ..ونقل الرواية من اللغة الجامدة التي الحياة
..فيها للغة اإلحساس والمترادفات اللغة العربية
..الجدة :وطلعتي جديد
..سماء :ايه طلعت وشريت لي جهاز
الجدة :وين راح جوالك ؟
..سماء :مدري اختفى ..يمكن سرقه الحرامي الي دخل البيت
..الجدة :مصممة ان البيت داخله حرامي
..تنهدت سماء وصمتت ..وركزت في شغلها
..السالم عليكم
..الجدة مبتسمة :هال والله بالمّع رس
..وقفت سماء ولملمت اشيائها وهي تتذكر كالم عبدالرحمن ثم استأذنت وذهبت لغرفتها
..وقف فهد في طريقها :اجلسي
سماء :عندي شغل
..وتجاوزته وذهبت لغرفتها
جلس فهد وهو مقبوض القلب ..كانت نظرتها جافة جدًا ..تحمل عتب غريب ..نادت الجدة
..الخادمة لتأتي بفنجال فرفض فهد :باشرب في فنجال سماء
اخذ فنجالها وملئه من جديد وشرب فيه بمجرد ماوضع شفته مكان شربها خفق قلبه ..
..وقرر ان يحدثها مرة اخرى عن استمرارية زواجهم
!! وقف :باروح اكلم سماء عن اذنك
..الجدة :تراها منهبله لها اسبوعين
طرق غرفتها وفتحها بسرعة حتى الترفض دخوله ..لم تكن تعمل كما ادعت بل تجلس
على الكرسي تنظر ناحية النافذة :كيف تدخل كذا
!! فهد :استأذنت ماسمعتيني
سماء :وش تبغى ؟
اقترب منها وجلس على السرير مقابل لها :ليه احس انك زعالنة مني رغم انك الي
رفضتيني ..؟
سماء التريد الحديث معه مجروحة جدًا ومتألمة جدًا وجوده في غرفتها يحمل عطر امرأة
..اخرى متحامًال مع الجميع عليها
..وجد انها صامتة فاقترب منها واتكيء على المكتب :سماء
! صمتت فنظر لها وكرر :سماء
..؛ نعم
فهد :كانت عالقتنا كويسه وش الي تغير ؟
..ابتسمت سماء بسخرية :كلنا تغيرنا
فهد :لو طلقتك وين بتروحين ؟
..سماء :هذي مشكلتي
..فهد :انتي عارفه انك بالنسبة لي اكثر من زوجة على الورق
..وقفت سماء ومدت عنقها بكبرياء :ماعدت لك شيء ابدًا يافهد
فهد ؛ اسمعيني زين ياسماء باكرر طلبي واتمنى ماترفضينه ..انا ابي زواجنا يستمر ..انا
..غير مستعد للتنازل عنك
ضحكت سماء بخفه واعطته ظهرها تخفي احساسها بالقهر :عندك الشجاعة تعلن اآلن
..اننا متزوجين للكل
..فهد :اكيد
نظرت له سماء :وزوجتك ؟ معقولة ماعندك مشكلة تجيب لها فجأة زوجة ثانية ( ..وقالت
..بجرأة وصوت خافت ) معقولة اكتشفت انها ماتكفيك
..مسكها فهد بحدة :خلينا من زوجتي وانا اتكلم معك اآلن بوضعنا
..نفضت سماء يده :انت اناني وجبان
فهد :لو كنت جبان ماتزوجتك وانتي ام ١٤
..سماء :هذا يضيف صفة متهور
..فهد :سماء
قاطعته :كم واحد اشتكيت له مني ..كم واحد طلعت نفسك بطل قدامه وانك حملت
..هم قريبة صديقك
فهد :انتي وش تقولين ؟
..سماء :اطلع برا يافهد ..بقى اسبوع واحد على اتفاقنا وانا ملتزمة فيه
شد فهد على اكتافها :سماء ارجوك ..لك علي اعلن زواجنا وادفع لك مهر ..وتكونين
معززة
نظرت له سماء تريد احراجه تريد اهانته تريد قطع الطريق على ابن عمه ..وربما تريد
حمايته من تودد ابن عمه ..فقالت :اعلن زواجنا اآلن انت بنفسك وانا استمر فيه
..فهد :موافق
..سماء :اليوم او تنسى هذي السالفة
..اقترب منها فهد بلهفة :اآلن ياسماء اآلن اروح ابلغ الجميع
:
:
ادخلت الخادمة عبدالرحمن ..منزل عبدالكريم ..دخل بهدوء واتزان وهو يعرف مايريد
ويرسم في رأسه سيناريو مايحدث ..نزلت جمانة :اهًال
..رفع حاجبة :صايرة تقضين في بيت اهلك وقت اكثر من بيتي
..جمانة وهي تنزل بهدوء :كل واحد ينام على الجنب الي يريحه
عبدالرحمن :وين امك وابوك ..؟
..تقدمته جمانة صامته حتى ادخلته على والديها وهناء وجلست
بعد التحية تكلم عبدالرحمن بهدوء :ياعمي ..انتم مستهينين فينا وفعلكم لنا مايرضي
احد
عبدالكريم :افا ياعبدالرحمن ليه وانا ابوك ؟
..عبدالرحمن :جمانة تطلع من البيت بدون شوري وتقعد عندكم باالسابيع وسكت
..فهد يحرض الموظفين ويعرقل العمل شكًا وعدم ثقة فيني وسكت
لكن يكون متزوج وهناء زوجته الثانية بدون ماندري اال بالصدفة هذي ماحبيتها وال
بغيتها
تجاهل الشهقات وحتى وقوف كل من سارة وهناء ..بينما جمانة تنظر له بعدم تصديق ..
وعبدالكريم يقف ببطء :مستحيل ..؟
..عبدالرحمن :هذا الكالم الي وصلني ..ويبدو لي ان المعني باالمر ممكن يثبته او ينفيه
سارة :متى تزوج !؟ اجنبية يعني ..؟
..عبدالرحمن :لألسف زوجتة ضيفة الجدة الي اعتبرتوها من األقارب
كانت هناء تقف مصدومة ..فسرت احترام فهد الزائد لها حبًا وفسرت قلة كالمه معها ..
عدم تعود ..وفسرت خروجه المتكرر عمل ضروري ..واحبت ان تكون في قالب الزوجة
..الُم تفهمة
..هزت رأسها في عدم تصديق وخرجت تركض لغرفتها
بينما تقدمت جمانة :انت كذاب مستحيل فهد يسوي كذا ..هذا انت تشوف الناس بعين
..طبعك
..رفع يديه باستسالم :اكتشفتي ان لي زوجة في السر ..جيبيها ولك الحق
سارة :الي تقوله ياعبدالرحمن غير منطقي ..فهد مش من النوع الي يسوي شيء في
..السر ..لو سماء زوجته فعًال ماتزوج هناء
دخل فهد راكضًا بسرعة سيشرح الهله العالقة بينه وبين سماء سيبدأ بهناء ويحاول ان
يمتص غضبها وصدمتها ..واذا قبلت ستكون مهمته سهلة ..االصوات الُم تعالية من
الصالون جعلته يغير وجهته ليدخل وهو يسمع اسمه واسم سماء : ..وش فيكم ؟
بادره عبدالكريم :انت متزوج البنت الي عند امي ؟
ُص دم فهد ُ !!!..ذ هل حقًا !!..من اخبرهم ..التفت على الموجودين عبدالرحمن يجلس بهدوء
..بينما والدته وجمانة يقفان موقف دفاعي وال أثر لهناء
! ..كررت والدته :فهد قول لنا الكالم الي قاله عبدالرحمن صدق
..فهد :ايه صدق !! وين هناء
وخاول الخروج لكن والدته قطعت طريقه :كيف تستغفلنا يافهد !!!!..كيف اقنعتك جدتك
..تتزوج بنت مانعرف اصلها من فصلها
...بينما والده يتكلم بغضب هو اآلخر :ماتوقعت انك تسوي فينا كذا يافهد
فهد بهدوء :انا ماسويت امر يغضب الله والي مايغضب الله مايغضبكم ..تزوجت على
..سنة الله وهي كانت األولى وهناء الثانية
..عبدالرحمن :كان من حق هناء تعرف
..تقدم منه فهد ؛ انت بالذات ماتتدخل
..عبدالرحمن :انا تهمني مصلحة بنت اخوي
..فهد :لو تهمك مصلحتها ماكلت حاللها
..ابتسم عبدالرحمن :يعني هذا الي خالك تتزوجها ..وتخفي زواجك
..فهد :انا مانيب طماع وفاسد مثلك
عبدالرحمن :على االقل انا تحملت دلع اختك وسماجتها وماكذبت عليها ..لكن انت الن
..هناء يتيمة استقويت عليها
..فهد :سماء بعد يتيمة
..عبدالرحمن :يعني مسوي انك كافل ايتام
..عبدالكريم :الحين تطلق البنت الي مانعرفها
..فهد :مستحيل وهاالمر مايعنيكم
شعر عبدالرحمن بضربه في قلبه ..اليريد ان يتشبث بها فهد عنادًا الهدف كان ان يطلقها :
اجل تطلق هناء
..فهد :هاالمر بيني وبين هناء ..وصعد الدرج راكضًا
كانت جمانة تهز قدمها توترًا بينما عبدالرحمن ينظر لسارة التي جلست تضرب يدًا بيد :
..منهي هالبنت ومنين جت ..كان قلبي مش مرتاح لها
:
دخل فهد الغرفة ليجد هناء تبكي متقوقعة على نفسها ..تمسح دموعها باطراف
اصابعها ..ولم تنظر له مع انها علمت بقدومه ..يعرف انه جرحها ..ولكن لم يتوقع ان تصل
المسائل للنقطة الحاسمة وينفجر الموضوع بهذا الشكل ..كان قادمًا ليخبرهم ..لكن
! ..الحقير سبقه والله يعلم كيف علم :..هناء
...لم تتكلم فكرر :هناء انا آسف من حقك تعرفين لكن
.هناء :انا كلمت فارس وهو بيجي ياخذني
فهد :ممتاز البسي انا اوديك لفارس واشرح لكم الموضوع ..محد يحق له يفهم اصل
..الموضوع اال انتم ..البقية مايهموني
..اجهشت هناء بالبكاء :انت كذبت علي ..واستغفلتني
فهد بهدوء :ابدًا ماستغفلتك ..وابدًا سماء ماكانت لي زوجة مثل ماتتخيلين ..تزوجتها
..لهدف ..وماراح اكذب عليك انا اكثر من مرة عرضت عليها اتمام الزواج ورفضت
..وقفت هناء بغضب :يعني تتكلم معي بدون مراعاة لمشاعري
..فهد :اذا الصدق عدم مراعاة لمشاعرك كيف نحل الموضوع بالكذب ..البسي يالله
..هناء :ماراح اروح معك ..بانتظر فارس
:
:
..نادت سارة الخادمة لتحضر عبائتها :بسرعة
عبدالكريم :وين بتروحين ؟
..سارة بسخرية :باروح ازور زوجة ولدنا
عبدالكريم :اجلسي مافيه روحه
سارة :ماتقدر هالمرة تقول اني ظلمت امك !..النك مثل مانت شايف هي الي ابتلت
..ولدنا بوحده ماندري لو انها لقيطة
..عبدالكريم :خلي فهد ينزل ونفهم منه زين
..سارة :ماراح انتظر وانا رايحه الحين
..عبدالكريم :اطلعي الحين ياسارة والتلومين اال نفسك
..كثر الكالم فوقف عبدالرحمن بهدوء ونظر لجمانة :جيبي عبايتك ويالله
..جمانة :ماراح اروح معك
نظر لوالدها :وش رايك ؟
..عبدالكريم :روحي مع زوجك ياجمانة
..لكن صوت فهد من اعلى الدرج غاضبًا :اذا قالت ماتبي تروح ماحد يغصبها
..عبدالرحمن :اجل نادي لي هناء النها هنا المظلومة
..فهد :هناء بتروح مع فارس اطلع انت منها
..عبدالرحمن :بتروحين معي او ال ياجمانة
..هزت جمانة قدمها بتوتر :ال
..فهد :قالت ال
عبدالرحمن وهو ينظر لعمه عبدالكريم :اتوقع عداني العيب ( ..وعاد بنظره لجمانة) انتي
..طالق
..شهقت سارة ..بينما امتلئت عينيّ جمانة بدموع لم تجد لها تفسير
:
ّل
خرج عبدالرحمن وهو يشعر بحرية ..ابتسم عند تذكره الصدمة التي ستح على سماء
لحصوله على رقم هاتفها الجديد ..لكن بدًال من ذلك اتصل بـ الجّد ه :هال يايمة
..عبدالرحمن :عاتب عليك كثير ياجدة
..ام عبدالكريم :ليه ياكافي الشر
..عبدالرحمن :كيف يتزوج فهد وماتعلمينا ..كيف ترضين على هناء وهي يتيمة
..ابتلعت الجدة ريقها :من قالك يمة
..خرجت سماء تستمع لمكالمة الجدة :وفهد وش قال عن سماء ..عبدالكريم درا وسارة
عادت سماء لغرفتها مبتسمة ..لقد وفى بوعده ..لقد اخبرهم ..عضت على شفتها بمرح ..
على األقل لن تشرح للجميع طالقها بدون زواج ..لن تختبيء ..في الواقع هي لم تريده
ان يخبر احدًا الن الحاجز بينهما ليس اخفائه حقيقة زواجهم ..بل زواجه من آخرى ..بينما
..هي تبحث لها عن موضع قدم في هذه الدنيا
..ثم سمعت الجدة تقول :يعني انت الي علمت ..وانت وش دراك ياعبدالرحمن
ابتسمت سماء بسخرية ..لم يجد فهد الشجاعة لذلك ايضًا ..البأس لم يكن سيغير شيء
..ابدًا
:
:
ركبت هناء مع فارس وهي تبكي ..بينما فارس يحاول تهدئتها :خلي الرجال يشرح لك ..
طالما عنده عذر
..هناء :مستحيل اخليه يشرح لي شيء ..يعني انت ترضى لي اإلهانة
فارس :هناء فهد مش لعاب او كذاب ..اذا قال لك عنده اسباب خلينا نسمعها ..اقنعتنا
..كان بها ماقنعتنا ..القرار يعود لك
صمتت بينما فارس يتذكر وقوف عبدالرحمن مع الفتاة ..وضع في عقله ان عبدالرحمن علم
بالزواج وحاول االستفسار منها ..ربما تأكد منها وذهب لفهد ..سيصدق لو كان
..عبدالرحمن يهتم فعًال بمصلحة هناء
لكنه يرسم شيئًا اخر حول الفتاة
:
..اغلق عبدالرحمن من الجدة واتصل بسكرتيرة :االيميل الي ارسلته لي متى جاكم
..سالم :امس بعد الظهر ياطويل العمر
عبدالرحمن :تأكدت من هوية الرجل
سالم :نعم طال عمرك جاسم المانع رجل اعمال اماراتي معروف ومستثمر في اغلب
الدول الخليجية ..وهذا اول استثمار له في الرياض
عبدالرحمن :اذًا ..بلغه اني بقابله لكن في مقّر الشركة ..هذا مشروع ماينتفوت ..
..وكويس انك الي رديت على اإليميل مش سكرتير فهد
سالم :طيب
عبدالرحمن :امسح ايميله وراسلهم بإيميل الشركة وقل انك تطلب منهم تفاصيل اكثر
..على هذا اإليميل ..وال يهمك فهد الحين غارق في مشاكل عدد شعر راسه
:
:
اذن سماء هي الفتاة التي يبحث عن معلوماتها عبدالرحمن
..فكرت جمانة ان تحيقه بها في الحفل اليمكن ان يكون لمعرفته هويتها
بمعرفتها التامة لطليقها زير النساء القذر تعرف ان سماء راقت له ..وان افشاء زواج فهد
..منها ليس ثأرًا لكرامة هناء بقدر ماهو حسد لفهد
:
:
خرجت سماء للجامعة ..تاركه الجدة خلفها قلقة وخائفة ..طوال الليل وهي تحاول تهدئتها
..موضحه انه سيكون الطالق حل ولن يهتموا اساسًا بالزواج والداعي لرهبتها بهذا
الشكل ..الجدة كانت كما فهمت خائفة ان يشك فهد انها من أخبرت عبدالرحمن ..وعندما
وضحت لها سماء انه ربما فهد من أخبره نهرتها قائله ان فهد يقطع احد يديه وال يقطع
عهدًا اتخذه على نفسه ..اشفقت على السيدة وهي تفرك يديها قلقًا ..خوفًا من ابنها
وزوحته ..وتمنت لو استطاعت اليوم ان تبقى معها ..لفتت انتباهها سيارة تمشي خلفها
..وبسرعة عرفت هوية السائق وان اختلفت السيارة ..تقدم حتى اضطر السائق للوقوف
..واقفلت األبواب عليها فطلب من السائق بإشاره ان ُي نزل النافذه
كان واضحًا انه نام جيدًا ولم يحتل القلق ليله او نهاره ..بل يبدو منتعشًا بشعره الكثيف
وابتسامته العريضه : ..انزل نظارته قليًال وهو ينظر لها مبتسمًا من نافذة السائق :جبت
..لك كابتشينو
..تكلمت سماء مع السائق :حرك ياجميل
عبدالرحمن :مسكين فهد قضى الليل يشرح ويتخبط بين زوجته وامه وابوه ان زواجه منك
..غلطة وعبارة عن وعد او واجب
..ضغطت سماء على حزام حقيبتها بشده متألمه وكررت :بسرعة جميل تأخرت
..عبدالرحمن :مبروك الرقم الجديد وفعًال اسهل بالحفظ من األول
كانت سماء تنظر لألمام لم تنظر له وحاولت قدر اإلمكان ان توضح له انها التهتم بحديثه
..او اكتشافاته او محاوالته زعزعتها
..عندما تحركت السيارة ونظرت للخلف كان يقف وبيده كوب الكابتشينو
:
:
فتحت الخادمة لسارة التي دخلت كاإلعصار فلن تغفر لهذه العجوز الليلة السوداء التي
قضتها عائلتها بسبب خططها ..هناء خرجت من المنزل وفهد خرج والتعلم اين هو ..
وجمانة تطلقت واعتكفت في غرفتها وعبدالكريم ألول مرة يرفع صوته عليها ..
..وعبدالرحمن يعتقد انهم يستغلون هناء
وجدت الجدة جالسة فقالت بدون سالم ؛ انتي ياعجوز قريح كيف تستغلين ولدي
..وتلصقين فيه بنت مادري منين لقطتيها
..الجدة :ثمني كالمك ياسويرة واال اطلعي
سارة :واذا ماثمنت كالمي وش بتسوين ..؟ قوليلي ..وش السلطة الي لك وتقدرين
..فيها تعاقبيني
..الجدة :اطلعي من بيتي
سارة :مادريت انك توصلين للخسة انك تحاولين تكسبين فهد لصفك حتى لو اضطريتي
..تجيبين له بنت هوى يتسلى فيها
لم تحتمل الجدة اإلهانة التي لحقت بسماء فحاولت الوقوف لكن لم تستطع فمدت
..عصاها لسارة :سماء ابرك منك ومن الي ربيتيهن مثلك
سارة :تتوقعين انك الاخذتي فهد ولدي بتنتقمين مني الني اخذت ولدك ..فهد تزوج
هناء ومستحيل يرجع لك واال للقيطة حقتك ..ومستحيل اخليه يزورك لو قلبتي بيتك له
..وكر ..والبنت الي مالها القيمة والشرف خليها تدور رجال غير ولدي تلعب عليه
شعرت الجدة بزغلله وتعرق ..نظرت لسارة التي اعطتها ظهرها وخرجت ..بدأت االرض
..تدور بها ..سقطت عصاها ..وتبعها جسدها الضعيف
:
:
ُا
كانت سماء تجلس في القاعة بينما يشرح الدكتور وهي تكتب رغم عنها لم تستطع
اللحاق به ..عقلها يشتغل في ألف اتجاه ..عبدالرحمن وفهد واالهم الجدة التي تركتها
قلقة ..اقتربت منها احد المراقبات وهي تقرأ االسم في البطاقة الجامعية :انتي سماء
..عبدالله الفيصل
هزت سماء رأسها بتوتر :ايوا
المراقبة :تعالي معي لإلدارة
سماء :وش فيه أستاذة ؟
اإلبتسامة المطمئنة على وجه األستاذة لم تطمئنها ابدًا بل زرعت الخوف في نفسها
وقفت مرتبكة وتحركت خلف المراقبة مشت خلفها في الممر الطويل رغمًا عنها تذكرت
عندما تم استدعائها عند وفاة عمها ..كانت تمشي وتشعر بنفسها تتقزم قامتها تقصر
وجهها يشحب شعرها ُي عقد ويتلبد لباسها يتحول لمريول وردي وهمها يتحول حقيبة
وفهد ينتظرها في الخارج يعض اصبعه ووعينيه حمراوان ..خافت جدًا فال عدو كالموت وال
قدرة لها على مجابهته مرة أخرى ..كانت الدموع تزدحم في حلقها ..حتى دخلت على
رئيسة القسم تفرك يديها ارادت ان تبادرها بقولها من هو ..بما أن ال عم لي ليموت مرة
أخرى إذن من هو ؟
ابتسمت رئيسة القسم :تعالي يا سماء مكالمة لك
سماء :مين .؟
..رئيسة القسم :الدكتور فارس
اخذت الهاتف وبصوت ضعيف :نعم دكتور
فارس :صباح الخير اخت سماء
صباح النور :
فارس :انا فارس الراجي اخو هناء وولد عم فهد
رغمًا عنها سالت دموعها :عارفه دكتور
ضحك فارس بخفه :يعني نعتبر قرايب ماله داعي دكتور
ال لست قريبة منكم ابدًا بل اريد ان اركض امياًال هربًا
فارس :انا حبيت اسألك عن زواجك انتي وفهد
سماء وهي تنظر بحرج للموجودات في المكتب :مافيه شيء يستحق الحديث دكتور أمر
منتهي من جهتي وجهته طمن اختك انها زوجته الوحيدة
فارس :انتي خايفه ؟
سماء :اعتذر بس انا ارتبكت لوجود مكالمة توقعت ان احد صار له مكروه
فارس :طيب اعتذر اني اربكتك ويوم دراسي موفق
قبل ان تهني المكالمة سمعت احدى الموظفات تقول جوال الطالبة سماء تاركته في
القاعة يدق ورديت طلعت الخادمة أتوقع ان جدتها حصل لها شيئ
شهقت سماء وعاد لها الفزع التدريجي دفعه واحده لتأخذ الهاتف :جينا وش فيه ؟
كانت الخادمة تبكي هي تقول انها اتصلت بفهد ولم يرد والسائق يقف عند الجامعة
...والجدة التتحرك
:
:
اتصلت سماء بسرعه وهي في طريقها للمنزل بفهد لكن هاتفه مغلق ..فاتصلت
بعبدالرحمن الذي رد بسرعه :سماء
سماء :روح لبيت ام عبدالكريم انا جايه في الطريق الجدة تعبانه
..اغلق الهاتف بسرعه ...مؤسف ان يكون هو من تجده عند حاجتها وليس فهد
كان الطريق زحمة وهي قلقه جدًا وتشعر بالندم ألنها تركتها اتصل بها عبدالرحمن :
ووديتها للمستشفى تعالي هناك
..طلبت من السائق ان يغير وجهته للمستشفى
ونزلت تركض وهي تسأل عنها ...وجدت عبدالرحمن يقف بينما الجدة ال أثر لها فاقتربت
منه مرعوبة :وينها ؟
عبدالرحمن :هدي سماء عند الدكتور ثواني ويطمنا
اخذت تفرك يديها بينما عبدالرحمن يراقبها وقلبه يتلوى خوفًا وجزعًا عليها أكثر من الجدة
فهي تبدو مرعوبة وشاحبة كـ الموتى ..كان الدمع المتعلق بـ اهدابها يقتله وشفتها
المرتجفة تنتزع منه قلبه ..ويديها النحيلة التي تفركها ببعض قلقًا تحرق شعوره اقترب
منها وامسك يدها ولم يأبه إلجفالها وقال :بتصير كويسه بيطمنا الدكتور يمكن نوبة
..سكر بسيطة انتي دكتورة وتفهمين
كان صوته جاد ومطمئن وهادئ
رفعت عينيها الدامعة له :انا تركتها وهي تعبانة
عبدالرحمن :هششش التحملين نفسك ذنب بدون سبب
جلست وأخرجت هاتفها واعادت اإلتصال بفهد وفرحت عندما وجدت هاتفه مفتوح ثم اتاها
صوته :ألو
سماء بعبرة مخنوقة :فهد
نظر لها عبدالرحمن بشكل حاد ألم يكن كافيًا لها
..فهد جدتك تعبانة في المستشفى :
سمعت كلماته المطمئنة وأغلقت الهاتف
فقال لها عبدالرحمن بدون ان ينظر لها ولديه شعور غريب بأنها خانته احساسه العميق بـ
حبها صّو ر له محادثتها مع فهد خيانة له :اذا وصل باقول اني كنت جاي للجدة زيارة
التجيبين طاري اتصالك
..هزت رأسها موافقة وغرقت في بؤسها الخاص
هل ستفقد الصدر الحنون هل سيلقي بها موت اخر في عالم أخر هل سيقذفها هذه "
المرة لمكان التعلمه والتعرفه ..هل لدى الحياة ثأر خاص معها لتنتزع كل من يبتسم في
" وجهها
سمعت خطوات فهد قادمه بينما عبدالرحمن يقف متكاسًال كأنه فعليًا اليهتم بينما اقترب
فهد خرج الدكتور ليقول لـ عبدالرحمن :الوالدة صايبتها جلطة في النصف األيمن وان شاء
..الله ننتظر ساعات لعلها تعدي مرحلة الخطر
صرخت سماء بـ جزع وأغمض فهد عينيه بألم وعندما فتحها راعه منظر سماء ففتح لها
ذراعيه لترتمي بها كـ طفلة صغيرة .وهي تبكي .تحت نظر عبدالرحمن الذي اشعل
سيجاره وهو ينظر لهما ولديه شعور انه يستطيع إشعال المستشفى كاملة بحريق
..صدرهـ
:
:
ُل
وأسأُل َن فسي كثيًر ا .كثيًر ا
وحيَن أَج بُت َو جدُت اإلجابَة
ُأ
!َن فَس السؤاْل ِل ماذا حُّب ْك ؟
ًا
من بعيد كان المنظر بالنسبة لسماء فارس يجلس ويبدو مهتم جدًا بأخته ..بينما تقف
هناء متوترة وفهد يكاد يلتصق بها ويحدثها ..هي فعًال دخيلة ..استدارت لتجد جمانة
ووالدتها يغادران ايضًا ..فتباطئت التريد االصطدام بأحد ..لم تهرب من احد كما هربت من
.عائلة فهد في اليومين الماضية
:
..اقترب فهد من هناء :اعرف ان الوقت غير مناسب بس ابيك ترجعين للبيت
..عقدت يديها حول جسدها ونظرت لفارس كأنها تستنجد به :انت جرحتني
..فهد :عارف ..وعارف ان لك حق تزعلين
..هناء :يعني بتطلقها
..فهد يضحك بسخرية على ذاته :هذا طلبها
هناء :وانت ؟
فهد :هناء ..اتركي سماء على جنب ..ركزي على عالقتنا ..اذا فيه شيء جرحك مني لك
..الحق تتكلمين فيه ..لكن سماء وضعها مختلف وانتي وضعك مختلف
..هناء :لو قلت لك اختار انا او هي
..فهد :باقولك انك تسوين شيء نهى الله عنه
تركته هناء وجلست بجانب فارس ..الذي أشر لفهد ان يترك الموضوع اآلن ..وألن فارس
لمس صدق سماء في محادثتها وأمن جانبها ان التعمل على حياكة المتاعب ألخته لكن
بعد سؤال المراقبات ورئيسة القسم واشادتهن بأخالقها بقي ان يصلح عالقة هناء بفهد
..بما يحفظ كرامة هناء ويجعلها راضية
:
:
وقف فهد وقلبه مع سماء التي تبدو متعبه جدًا ..وعقله مع هناء التي تبدو مجروحة جدًا ..
ابتسم بـ سخرية انه يقع بين العقل والقلب ..لكن الرهبة التي يحملها لسماء في قلبه
يجعلها تبدو گ شيء مالئكي اليستطيع لمسه وإن اراد ..شيء حولها يجعلها گ صورة
الُت مس ..شيء حولها يجعله يخشى ان يقترب اكثر فـ تفرد جناحيها وتطير ..لذا تبدو هناء
..واقعية اكثر ..بشرية آكثر
:
:
يعني ماعرفت هي بنت مين ؟
..ضحك عبدالكريم للصدمة التي ستحل على زوجته اذا عرفت :اال عرفت
..سارة :كويس ..بنت مين ووين اهلها
..عبدالكريم :بنت اخو صديقه فيصل
..شهقة سارة وصدمة جمانة جعلت عبدالكريم يكمل :ومتزوجها قبل وفاة صديقه بيومين
..سارة :يعني طول هالسنين هي زوجته
..جمانة :يعني فهد ماكذب لما قال لنا انه تزوجها في البداية لظروفها
..سارة :يعني صديقه استغله وعلق قريبته فيه لألبد
..عبدالكريم :يعني زوجة ولدك عمها كان مروج مخدرات
..سارة :مستحيل تقعد زوجته
..عبدالكريم :التغضبون فهد ياخذ المسألة عناد ..وبدال مانبعده عنها ندفعه لها
..جمانة :طيب جدتي كانت داريه
..سارة :اكيد كانت داريه وراضيه
..عبدالكريم :انا مدري كيف امي قبلت امر مثل هذا ..الله يقومها بـ السالمة
:
:
خرجت سماء من الحمام تلتف بروب اإلستحمام ..تشعر بتعب ..ستتمدد قليًال على السرير
حتى يأذن الِع شاء وُت صلي وتنام ..ثم تذكرت انها وحدها مع انها اغلقت االبواب بالمفاتيح
لكن ُر بما ذلك اليردع عبدالرحمن الذي اصبح ُي حاصرها بـ شگل علني ..لذا سحبت نفسها
واغلقت غرفتها بالِم فتاح ..وعادت تستلقي . .تغمض عينيها لتبرز لها الوجوة الغاضبة ..فـ
تشدد على اغماضها ليبرز لها وجه الجدة ُ ..م تغضنًا ُ ..م نهكًا ..فتدمع عيناها ..تشعر بـ خوف
..اليمكن تصورهـ
:
:
ذهب عبدالرحمن للمستشفى ولم يجد سماء وعاد ادراجه ..هو فعليًا لم يگن يزور الجدة
بل يذهب ليشبع نظرهـ من سماء ..ويروي آحساسه من تواجدها حوله ..كان فهد..
يحرسها گ كلب حراسة ُم درب ..واآلن بما ان فهد ُه نا وهي على مايبدو عادت للمنزل ..
..سيذهب ُه ناك ليطمئن فقط عليها ..لن يجرؤ على اخافتها ابدًا
..في الطريق آخذ لها ..عشاء ..ووصل للمنزل وضعه على الباب ..واتصل بها
..
يبدو ان سماء غفت وهي تسمع رنين الهاتف ..تململت اذ يبدو ان المنبة عاد للرنين ..هل
هو الصباح ..الرغبة لها بـ الذهاب للكلية ..انقلبت ..بتذمر واخذت هاتفها ..الذي يّر ن
معتقده انه المنبة ..كانت الساعة العاشرة مساء ..جلست وردت بسرعة تخاف ان يكون
.خبر عن الجدة :آلو
عبدالرحمن :گيفك ؟
..سماء :فيه خبر عن ام عبدالكريم
..عبدالرحمن :ال ،نفس وضعها انا جاي اآلن من المستشفى
..سماء وهي بدت تفوق جيدًا :ليه متصل اجل
..عبدالرحمن :باتطمن عليك ..وجبت لك عشاء شوفيه برا عند الباب ..اكيد ماكلتي شيء
جلست سماء :انت وش تبي مني !؟
عبدالرحمن :ابيك ياسماء ..بس بانتظر لين تتركين فهد ..عمومًا ..هذا مش موضوعنا
.. ..خذي العشاء مدري وش تحبين بس اعتقد مافيه احد مايحب الباستا
اغلقت سماء الخط ..ونزلت من السرير ..لوال خوفها من ترك نعمة الله خارجًا ..لتركتها ..
وهي التي تعرف جيدًا معنى صعوبة الحصول على طعام ..خرجت ونادت الخادمة :افتحي
..الباب وجيبي كيس برا
وعادت اقفلت غرفتها حتى تتأكد ان عبدالرحمن لن يدخل ..التثق به ..ولسبب ما تشعر
..انه يضمر شر لـ فهد
..طرقت الباب الخادمة فقالت سماء :قفلتي الباب كويس
..الخادمة :ايوا
..سماء :اكيد
..الخادمة :ايوا اخذت كيس وقفلت ثنين باب
فتحت سماء الباب قليًال وعندما تأكدت ان المكان خالي تحدثت مع الخادمة :خذي عشاء
..انا مابغى باصلي ماصليت
..الخادمة :بس هذا عشاء كثير وفيه كيك
نظرت سماء للكيس لتجد علب كثيرة وكعك بانواعه :تعشي منه وعطي السواق الباقي
..له ياخذ الي يبي ويودي الباقي الحد يبيه من اصدقائه
كان عبدالرحمن ينتظر امام منزلها ..يحسد فهد النه يملك الحق في الدخول للمنزل
والحديث معها وعناقها ..ورؤية شعرها ..لقد كان عناقه لها امام عبدالرحمن امتحان صعب
..لصبره ..لقد اراد بكل قّو ته انتزاعها ..منه ورميها في داخل قلبه ..سماء تحتاج شخص
مثله ..الشخص مرتبط بعائلته وعمله اكثر منها ..وجد الباب يفتح والخادمة تعطي السائق
...العشاء فابتسم ..عاجًال او آجًال ياسماء ستأكلين من يدي
؛
:
كُّل الذي قد كاَن قبَل الحِّب وهْم
ليٌل وِع شناُه ولكْن فْج أًة
طلَع الصباُح وبَّد َد ْه
أقسمُت باللِه العظيِم حبيبتي
لو لم يكْن لي غيُر ُح ِّب ِك في الحياِة
لكاَن هذا كاٍف يا
ُأل طيَع رَّب العالميَن وأعُب َد ْه
م.ن
:
:
علمني حبك أن أحيا
وقد كنت من العشق أموت
علمني أشواقا تسمو
أعلى درجات الملكوت
وكأني في عشقك روحًا
تفنى في صمت وسكوت
م.ن
:
:
جلست سماء في الغرفة الباردة ..تشعر بحرج كبير ..لوجودها في منزل فهد وعائلته ..گ
دخيلة ..غير مرغوب فيها وغير راغبة في التواجد معهم ..رتبت القليل من المالبس في
الغرفة البعيدة التي ُو ضعت بها ..في الدور االرضي ..بينما الجدة في غرفة قريبة من
الصاالت واماكن الجلوس ..وبقية الغرف في الدور االول ..بعد ان اطمأنت على الجدة
وعادت لغرفتها تفاجأت بوجود سارة فيها ..تحدثت معها ان كانت استقرت وتحتاج لشيء
. . ..كالم مهذب لمضيفة راقية لو ان سماء شعرت بهذا التهذيب متأصل وليس تمثيل
وقبل خروجها استدارت لـ سماء قائلة بنفس الترفع والبرود :انا فهمت من فهد ظروف
زواجكم ..وانا لألمانة آسفة ان حياتك كانت صعبة ..مشفقة جدًا عليك بنت صغيرة يتيمة
ُأ
وحيدة و مسلوبة الخيار ..بس في نفس الوقت آسفة على فهد الي خذ بجريرة شهامته
وحبه للفزعة ..ومازال مأخوذ بها ..ومازال مدفوع بحبه لإلحسان واال ماكنتي هنا ..فهد
عيبه انه طيب قلب ورجل موقف وواضح انه تم استغالله وربطه وتكبيله ( وهزت رأسها
بأسف ) ُع مر قضى فهد عمر طويل مربوط بمسؤولية شخص ثاني ..الشيء الي مريحني
انك بنت عملية وتعرفين تفرقين بين الصح والخطأ وتملكين اآلن األختيار ..ثم استدركت :
وفهد مثل مابلغني بظروف الزواج بلغني انا وزوجته بمحاولة اتمامه زواجه منك ألنه على
حد قوله انك ضعيفة ومالك اقارب وبيكون دايم يشعر بالمسؤولية نحوك ومثل ماقال انه
لو تركك بيحس انه خان عمك ..رغم اني اشوفك بنت قد حالك ومستحيل ترضين على
نفسك تتزوجين لمجرد ان زوجك يحس انك بتضيعين بدونه او مالك احد وممكن تلتهمك
الحياة ..فهد في الواقع يحب زوجته هناء ..وهي تحبه واي تدخل بينهم بيخلق شرخ في
عالقتهم احنا في غنى عنه (..وابتسمت بأناقة ) طبعًا انا اتكلم معك الني عرفت انك غير
..مهتمه بالزواج منه وهذا يثبت انك ذكية
كانت تتحدث كالم منطقي وواقعي يبدو ان فهد يخبرها بكل شيء ..شعرت سماء
بالخدر في اطرافها من هذه المواجهه الباردة ..من هذه السيدة الباردة ..شعرت انها عبء
ثقيل حمله فهد مكرهًا هي لم تكذب ابدًا ..لقد اخبرتها بكلمات بسيطة ان فهد ملتزم بها
النه يراها ضعيفة ..بينما دخولها سيسبب االلم له ..لم ترد سماء ولم تنتظر سارة ردها
..بل ..بكل اناقة ابتسمت :اتركك تكملين شغلك
:
:
دخل فهد المنزل بعد ان احضر ادوية الجدة ..وبعض االجهزة التي تحتاجها ..ليجد والدته
تتخذ مكانها امام العاملة التي تعتني باظافرها ..ونظر خلف والدته يبدو انها قادمة من
جهة غرفة سماء :كيف الوضع ؟
..ابتسمت والدته :ممتاز
! فهد :مايحتاج اوصيك !!..جدتي وسماء الزم يلقون االحترام والترحيب
! سارة وهي تنظر ألظفرها بأهتمام :هل تلمح يافهد اني اقلل من احترام ضيوفي
..فهد :ابدًا لكن الزم يشعرون انهم مرحب فيهم
سارة :بعد ماتكلمت مع سماء وفهمت منها انها مرغمة على الحضور هنا وانها كما قالت
لي مسيرة في حياتها غير مخيرة ابتدأ من زواجها بك لقدومها لمنزلك ..بيكون صعب علينا
نخليها ترتاح ..البنت عدائية جدًا وانا باتساهل معها عشانك وعشان ماحب وجع الراس
وبيني وبينك انا رحتها لما فعًال قالت لي انها ماتبي الزواج امر بغيض ان يخطط حياتك
..رجل ميت
جلس فهد عاقد الحاجب :انتي تكلمتي مع سماء
سارة :الزم اشوف وش ناقصها ! والبنت ماقصرت قبل الادخل قالت لي كالم لألمانه
خالني اشفق عليها .وبنفس الوقت اعجب فيها ..واضح انك تضغط عليها يافهد في
..مسألة الزواج
..وقف فهد غاضبًا :انا رايح لجدتي
سارة :روح لها بعدين الحين حبيبي روح جيب هناء من بيت فارس انا كلمتها واقنعتها
بالرجعة ..وهي رضت بس عشان مكانتها الزم انت تكلمها االن وتجيبها
فهد :خليها الليل ..انا الحين بارتاح
سارة :فهد ..هناء مسكينة واذا زعلت من حقها ..تلقى االحترام الي يليق بها ..وحدة
غيرها شالت الدنيا وحطتها ..هي مسيكينة النها تحبك ماسوت اال عتب بسيط ماگأنك
مخبي عليها شيء كبير ..التنسى انك الي دخلتها في هالدوامة وحرقت قلبها وهي
عشان غالتك تحملت شيء موب كل الحريم يتحملونه خاصة انها عروس وهذي ذكرياتها
..في اول أيام زواجها
فهد :يصير خير
سارة :اكيد حبيبي بيصير خير الن هناء عاقلة وايه قبل النسى شوف الكيس الي عند
..المدخل خذه معك لهناء من حقها ترجع برضاوة النها زعلت وحنا السبب
تنهد فهد فقالت والدته وهي تبدو مهتمة باظافرها اكثر من الحديث معه :اذا سبب
عبوسك المأزق الي حطيت نفسك فيه بزواجك من ثنتين ..تقدر تختار وحده ( ونظرت له
بتحدي ) بس تأكد ان الي بتختارها تبيك فعًال ماتعتبرك سلم للوصول لطموحاتها ..او
..محرم فقط
تجاوز فهد والدته لغرفة جدته التي وجدها نائمة والخادمة ترتب اشيائها البسيطة بهدوء ..
وضع االدوية وخرج لغرفة سماء التي تقبع آخر الممر بعيدة جدًا عن الحياة في المنزل
..وطرق الباب
ادخل :
فتح الباب ببطء ليجدها تجلس وبين يديها تيشيرت
ووقف :كيفك ؟
..بدون ان تنظر له :الحمدلله
فهد :محتاجه شيء
سماء :ال شكرًا
..فهد :مايحتاج اقولك خذي راحتك في البيت
ابتسمت وكأنها افاقت لما كانت تعمل وقفت واعادت التيشيرت للدوالب وهي ترسم
..ابتسامة سخرية على شفتيها :اعتقد هذا اخر احساس باحس فيه ..هنا في هالبيت
دخل فهد واغلق باب الغرفة خلفه شيء في ردها اغضبه ..ابتسامتها الساخرة حديثها
لوالدته ..احتقارها لكل مايفعل للتقرب منها ..برودها القاتل ناحيته ..وامسك يدها بقّو ه
..حتى وقع مابها :انتي انسانة جاحدة
..لكن ابتسامتها اتسعت وهي تقول :هذي الثانية
فهد :اولى ايش ..وثانية ايش
سماء :شيء خاص بي ..لو سمحت اطلع باكمل شغلي ..وفضًال الأمرًا التدخل غرفتي
..ابدًا
لكن فهد شد على يدها بقوة وهو ينظر لها ويضغط على ذراعها بهدف ايالمها يريد ان
..تتقاسم معه ألمه وفجأة تركها وخرج
نظرت سماء آلثار اصابعه في ذراعها وجلست بهدوء على السرير وهي تتمتم :يارب
..ساعدني على مواجهة الي مااقدره
:
:
كانت االصابع التي تطرق المكتب عصبية جدًا ومتوترة ..بينما يدور جسد صاحبها
بالكرسي قليًال في تفكير ..ومن عقدة حاجبيه يبدو ان تفكيره لم يكن سارًا ..دخل
..السكرتير على عبدالرحمن :هذا ملف المشروع
عبدالرحمن بدون اليمد يده ألخذ الملف :فيه ثغرات
..سالم :لألسف شغلهم كله سليم ..والمواد كلها ُم رخصة ومتقدمين كثير في العمل
عبدالرحمن :السيولة ؟
..سالم :مازالوا في الربع االول من الميزانية
..عبدالرحمن :اذن مافيه اال حل واحد ..احرق المواد ..او اهدم احد االساسات
..تراجع سالم بذعر :ياطويل العمر ماقد نزلنا لهالمستوى
..عبدالرحمن وهو ينظر للفراغ بعد االتصال العاشر لسماء بدون رد :وتونا نبدأ
مرة أخرى أعاد االتصال والرد بينما تتوافد الرسائل والمكالمات من نساء راغبات يقف
..قلبه عاجزًا لهمسه منها
:
:
نظرت جمانة بألم لوالدها الذي يجلس عند سرير والدته الملقاة كجثة منذ خروجها من
..المستشفى :بابا
عبدالكريم :احس اني توني اشوفها من سنين ..احس فجأة كبرت ..كانت دايم قاسية
علي ..ودايم قوية ..لكن وجودها كذا ..بدون قوة او قسوة او حتى كالم الذع مثل
ماعودتنا
..جمانة :احس هذا اسلوبها
..عبدالكريم :حتى على عبدالله الله يرحمه
تركت والدها لذكرياته وخرجت ( كما أمرتها والدتها ) لغرفة سماء وطرقت الباب :مرحبا
ابتسمت سماء بهدوء :اهًال
..جمانة :تجين تتقهوين معنا
سماء باحراج :معليش ماقدر
..جمانة :وش عندك خلي الخدم يكملون الباقي مع اني اشوفك خلصتي ..وتعالي
سماء :مادري وش اقولك بس ماودي
..جمانة :ماراح تقعدين طول اليوم في الغرفة ..بابا بيخرج للشركة الحين ..ومافيه احد
..امام الحاحها لم تستطع سماء سوى االنصياع لرغبتها والذهاب خلفها رغم حرجها الكبير
..حيث الصالون العائلي الذي تجلس فيه سارة كملكة
كانت سارة قد اتفقت مع هناء عن كيفية ُم عاملة سماء ؛ التحطينها ند والتخلين فهد
يشفق عليها او يشوفها مظلومة ..حسسيه انك المالك ..والزوجة الُم تفهمة ..كل شعور
حب للرجل يبدأ بشعور أولي سخيف ..الشفقة تتحول لحب ..االلتزام يتحول لحب ..
االعجاب يتحول لحب ..الشهوة تتحول لحب ..والزوجة الذكية تخلي شعور زوجها يقف عند
الشعور االولى واليتطور ابدًا ..الحين مطلوب منك تكونين في أجمل صورة الن فهد جاي
..ياخذك وتعاملينها مثل مافهمتك ..وعطيني رنة اذا قربتوا من البيت
اغلقت هاتفها عندما رأت سماء وجمانة قادمات ..ابتسمت لمظهر سماء العادي بتنورة
سوداء وتيشيرت ابيض ووجه خالي من الماكياج ..وشعر مربوط للخلف :كويس جيتوا
..وقت القهوة
مازالت سماء تشعر بشيء ُم ريب حول والدة فهد فـ لسانها ينطق حديث وعينيها تنطق
..حديث آخر ومغاير لما يقوله لسانها
جلست بتهذيب واخذت الفنجال من جمانة واخذت ترتشف قهوتها وهي ساكنه
سارة :مريتي ام عبدالكريم ياسماء
..سماء :ايه مازالت نايمة والدكتور يقول انها تحتاج وقت يرتاح فيه جسمها
..سارة بابتسامة :حظها حلو الي حولها دكتورة
جمانة :وش ناوية تتخصصين ياسماء ؟
ابتسمت سماء ثم بدأت في الحديث الذي تحب وتطرب له ..واخذت تشرح لجمانة
التخصصات التي ترغب ..كانت حياتها اإلجتماعية فقيرة مقابل حياتها العلمية ..تشعر انها
سماء فقط في كلية الطب ..بينما تتوه خارجها ..من فرط حماسها لم تسمع الرنة في
جوال سارة ..لكنها سمعت صوت الباب ونداء الخادمة التي ركضت لتأخذ حقيبة هناء
وعبائتها ..هناء التي دخلت مندفعة ومبتسمة :مرحبا
وقفت كل من جمانة ووالدتها للسالم عليها مما جعل سماء تقف بانحراج خاصة وهي ترى
فهد يقف خلفها بكامل اناقته ..لكن سالم هناء الحار وابتسامتها جعلها مذهولة :اهًال
سماء كيفك ؟
الحمدلله :
..هناء :الحمدلله على سالمة جدتي
..سماء وهي تنظر لفهد وتكرر :الحمدلله
جلست هناء بأناقة تشبة اناقة والدة زوجها وفهد يقف انيق كذلك يبدوان ثنائي مثالي
متشابهان ..مدت هناء يدها التي تزينها إسوارة الماس وتريها ام فهد :وش رايك ؟
الله جميلة ..كان هتاف اإلعجاب من جمانة ووالدتها ..يشعر سماء باالحراج التريد ان
تكون عذول بين فهد وزوجته ..خاصة ان هناء تلمس االسوارة وتنظر لزوجها بوله منقطع
النظير ..لذا شعرت ببرودة في اطرافها من تواجدها حيث اليجب ان تتواجد ..مالذي قاله
لزوجته عنها حتى التراها اكثر من مرافقة للجدة ..كانت تضغط اصابع قدميها داخل حذائها
..لتشتت احساسها الكريه وعندما رفعت نظرها وجدت فهد يحدق لها بحاجب مرفوع
:
:
امر مريح لفارس بعد ان غادرت هناء مع زوجها . .اذ تبدو مرتاحه ومصممة على خطف فهد
من الفتاة االخرى التي يبدو ان عمه عبدالرحمن يريد خطفها هو اآلخر ..كل مايحتاج له هو
حديث عقالني مع فهد ..ليترك الفتاة ..بعدها يدخل هو للعبة ..لينتقم من عبدالرحمن ..
الذي لم يسمعه غاضب او ُم توسل او قليل الحيلة كتلك اللحظة ..طالما كان عبدالرحمن
ُم سيطر لدرجة انه شك في بشريته ..رغم سلسلة الوفيات في العائلة على مر سنوات
عمر فارس ابتداء بجده ثم جدته ثم والدته ثم والده ..كان عبدالرحمن يقف كتمثال لتلقي
العزاء بدون اي شعور ..في البداية بدا مذهوًال ومعجبًا به ..لكن ان يكون حجر امر علم
انه مؤلم حتى لعبدالرحمن نفسه ..اذ تقوقع على اعماله ومتعته ..اآلن بعد ان رآى عمه
يقف طويًال امام الجامعة لينظر لها ويهددها بصوت معذب ..امر جديد عليه ..ونقطة
..ضعف سيستفيد منها ..على االقل ألخذه جمانة منه
:
:
جلست سماء لجانب سرير الجدة ..التي افاقت وتبدو ضعيفة جدًا ..تجد صعوبة في التأقلم
في منزل فهد منذ دخولها له لم تتخيل انها ستنتظر وقت محدد لتشرب كوب شاي او
قهوة ..حاولت ان تكون وجباتها في غرفتها لكن لطافة العائلة التي تشعر بزيفها جعل
طلبها غير مقبول ..لذا حاولت ان تكون الوجبات مختصره واحيانًا ترفض بحجة انها اكلت
في الجامعة ..منذ اربعة ايام وهي تهرب من زوجة فهد ومن تواجد فهد ومن والد فهد ..
اليحق ألحد ان يجعلها تشعر بهذا السوء حتى لو احسن إليها لمدة ثمان سنوات ..افاقت
!! من شرودها على الرجل الواقف ويبدو غاضبًا :اطلعي برا
وقفت وهي تضع يد الجدة التي كانت تمسكها بهدوء على الفراش وتأتمر بدون اعتراض
..ألمر والد فهد الذي اليخفي كراهيتها كزوجته ..وخرجت
دخلت غرفتها واغلقت الباب اخرجت هاتفها من جيبها لتجد مجموعة من االتصاالت .من
عبدالرحمن ..يخنقها والتستطيع الرد ..والتهتم بتهديده ..اغلقت هاتفها وارتدت بيجامتها
واستلقت على السرير وضعت يديها تحت رأسها وحدقت في الظالم ..تشعر بشعور
سيء كأنها تتجول في المنزل كجرو يحتاج اللطف والمجاملة ..توقعت العداء منهم لكن
ان ينظروا لها كطفلة في السابعة يتيمة وتستحق االحسان امر سحق ثقتها المتبقية ..
ان تحاول قدر االمكان الهرب منهم امر مثير للشفقة ..ان ترى فهد وزوجته يخرجان سويًا
بينما يربطها اليه لمصلحة جدته نانية جدًا منه ..وان يتتبعها ابن عمه المريض امر مرعب ..
..وان يطردها والده كلما رآها مع الجدة امر ُم ذل
:
:
وقف فهد امام النافذة تداعب النسمات الباردة قميصه وتحركه ..بينما تحرك عواطفه فتاة
بليده تقبع في الطابق االرضي ..تضرب بإحترام عائلته عرض الحائط في تجاهل دعواتهم
المتكررة للجلوس لمائدة الطعام ..تتحدث معهم برفعة وعدم اكتراث ..ترفض العالقة
الطيبة التي تحاول جمانة خلقها بينهما ..بل ان اخته كانت تستغرب من جمود سماء وعدم
تجاوبها ..مع ذلك كانت هناء رغم كل شيء ورغم انها المخدوعة اكثر من منطقية
وعقالنية في معاملتها مع سماء ..ونظر لزوجته النائمة بهدوء ..رغم كل مايحدث بينهما ..
جزء منه مازال عذريًا ..ينتظر جامدة المشاعر ان تتحرك نحوه ..وهو امر ُم ستبعد لكونها
تقضي خارج المنزل اكثر من البقاء فيه ..وتهرب منه كلما التقيا صدفه ..اتراها تجده يحاول
..فرض نفسه عليها
...اعاد النظر لهناء وارتدى حذائه ونزل حيث يريد
:
:
ان تكون شفافًا المرئيًا امر محزن ..لكن ان تكون فجأة واضح حد العذاب ..امر اشد ُح زنًا ..
كانت سماء تحاول مسح دموعها التي اغرقت وجهها ..المضحك انه اليوجد احد ليشاهد
..هذه الدموع رغم ذلك تشعر بالعار فقط لمجرد انها تبكي
طرق خفيف على الباب اجفلها ..ولم ترد ..بل وضعت اللحاف على رأسها لتخبيء نفسها ..
عندما ُف تح الباب ..وفي الظالم نظرت من فتحة اللحاف للقدمين التي تقفان اآلن على
..مقربة من السرير ..ثم اليد التي تمتد لتهزها قليًال :سماء ..سماء
كان يهمس اسمها بهدوء وحميمية ..جعلت دموعها تتزايد ..الحق لها فيه وال في عالمه ..
ثم سمعت زفرة االحباط وخروجه بذات الهدوء وغلق الباب خلفه ..لتجهش سماء بالبكاء
..وهي تكتم فمها بيدها ..اكمل اآلن الحب اليائس ُي تمها ..ليذلها ..ويجعلها ناقصة دائمًا
:
:
كانت جمانة ترتدي حجابها لمعرفتها ان فارس يزور الجدة ..استهلك مشاعرها عبدالرحمن
وانضب عواطفها زواجها منه ..لكن نظرة فارس لها عند دخوله احيت قلبها الميت ..حتى
وان كانت تعرف ان الحب الينتظر ..وفارس طعن من اقرب الناس له وحاول ثنيها للعدول
عن زواجها من عبدالرحمن دون ان يفهم انها مع عبدالرحمن لم يكن لها رأي او مشورة ال
..في الزواج او الطالق ..او حتى الحب ..الذي اعتبرته اكبر ممثل فيه
..سمعت ياولد من فارس لدى خروجه من الجدة ونادته والدتها :تعال اشرب فنجال معنا
..فارس :مستعجل والله
وقفت هناء لتودع اخيها وعند الباب :كيفك ؟
..هناء :البأس
فارس :احد مضايقك
هناء :بالعكس كل شي تمام بس احس اني في لعبة
فارس :ليه ؟
هناء :البنت ارحمها وبنفس الوقت اخاف منها ..احس انها عدوتي وهي مابدر منها شيء
..يضايقني
لها وجود كبير فالبيت وهي ماتطلع من غرفتها ..وجودها كاتم على قلبي ..خاصة ان
..خالتي دايم تقول انها تمثل وهذا الي تعبني
فارس :وفهد ؟
..هناء :مادري كيف يعاملها زي اخت زي ممرضة زي جدته احيان بعد
..ضحك فارس من تعبير اخته طالما كرهت المشاكل وطالما انحازت للسكينة
عانقها مودعًا تحت انظار سماء التي دخلت المكان بهدوء وهي تمشيء ببطء وتعدل
..حجابها ..تنتظر ان يبتعد فارس واخته من المدخل
وعندما لم يبدو عليهما ذلك تمتمت وهي تحتضن كتبها منهكة من مكالمة الطبيب ومن
..مواجهة عبدالرحمن :السالم عليكم
..ابتعدا :وعليكم السالم
..تركا لها مجاًال لتدخل وهي تشعر بقشعريرة لتحديقهما بها
دخلت وايضًا :السالم عليكم
لترد جمانة ووالدتها السالم ..وتتجاوزهما لغرفة الجدة التي قال الطبيب انها يجب ان تغير
جرعة الدواء حتى يأتي بالمفعول المراد منه ..لكن ذلك سيؤثر على ذاكرتها وصحتها
العامة رغم انها ضعيفة اآلن والتكاد تفوق او تشعر بما حولها اال اوقات بسيطة ..جلست
سماء لتجد الجدة تبتسم :متى جيتي ؟
..سماء وهي تأخذ يدها بين يديها :الحين توني جيت ..بتبدأ اختباراتي االسبوع الجاي
الجدة بضعف رق له فؤاد سماء :انتي عاد ماترفعين راسك من الكتب وقت اختبار او غيره
..
..سماء :الزم
الجدة :كنك ناحفه
ضحكت سماء برقه :يتهيألك عشاني بعبايتي ..ثم صمتت لتقول :وش رايك نرجع بيتنا ..
..اريح لنا كلنا
..الجدة :عبدالكريم مايرضى ..واال ودي ببيتي
..سماء :اتوقع انك لو تقولين له انه اريح لك بيوافق
..الجدة :قلت له كذا مره
..سماء :طيب باغير لبسي واجي اعطيك عالجك
خرجت من غرفة الجدة واغلقتها بهدوء لُت صدم بابو فهد ينظر لها بحقد واحتقار :يعني
..انتي الي تضغطين عليها عشان ترجع للبيت
..سماء :هو اريح لها نفسيتها مهمه عشان العالج يعطي نتيجة
عبدالكريم بغضب وصوت منخفض بارد :الي تسمينه بيتنا ماهوب بيتك ..والي تزنين
عليها عشان تاخذينها ماهيب حتى قريبه لك ..انتي مجرد وضيعة حظها زين الي خال عجوز
..تحسن لها وتلمها من الشارع
سماء :انا ماجيتها من الشارع انا جيت على اني زوجة حفيدها ورغم هذا انا ابدًا ماعتمدت
..عليهم انا دايمًا معتمده على نفسي
..عبدالكريم :هذا الموال الي حافظته ..والي كله كذب ..الزواج الي عمك ورط فهد فيه
..سماء :الزواج ماضر فهد ابدًا ..هذا هو متزوج وسعيد
..عبدالكريم :بتحسدينه بعد
..سماء :ابدًا الله يهنيهم
حاولت قطع المحادثة بالذهاب لكنه امسك يدها وغضبه يزداد رغم انها حذره في الحديث
معه :كنت عارف ان صداقة فهد من شخص استغاللي بتدمره
..سماء :عمي ماستغل فهد ابدًا
عبدالكريم :اجل ماقالك فهد عن المحل الي فتحه لعمك بعدين تركه وخسر فهد مبالغ
كبيره ..هذا لو تركنا كيف زوجه من شحاذه ..عشان تقعد في حياته مثل الجرح الي مايبرا
..عمك الخبيث عرف يحطك عظمه في حلوقنا
..سماء :ماسمح لك تجيب طاريه وفهد كان واعي للي صار ماتوقع ان عمي اجبره
صوت الصفعة سمعتها قبل حتى ان تشعر بها ...شيء غريب انها شعرت بها في قلبها
اوًال ..في روحها ابدًا ..هل صفعها ام ُخ يل لها ..هل هذا االلم على وجهها ام في قلبها ..
والدمعه التي سلقت يده لتنزل هل اتفقت معه على اذاللها ..ام هي نزلت بعدما ُع صرت
..الروح
ابتعدت سماء عنه وهي تحدق به بينما اليبدو الندم ابدًا على وجهه بل انه كان مستعدًا
..ليضيف صفعة آخرى تتبع االولى
ذهبت لغرفتها واغلقت الباب ..وجلست القرفصاء وهي تتكيء على الباب ظهرها له ..
ًا
وتشعر بخدها يتوهج ألمًا وروحها ذًال ..بينما تحتضن نفسها وتنظر لألمام بدون دموع
اسوأ انواع األلم الذي يشعر المرء ان الدموع شيء تافه اليعبر عن مانشعر به ..لقد قال
ان عمها استغله ..هل فعًال هذا ماحدث مع فهد ..هل تم استغالله ..واآلن منها ايضًا ..
هي التلوم اهله ابدًا ..من حقهم طرد الدخيلة عن حياتهم ..وضعت يديها على وجهها ..
..تشعر بالحرج لمجرد ان تكون عقبة في طريق احد
..كان الطرق على الباب ماجعلها تفيق فتحت الباب لتجد الخادمة :دواء السيدة
..سماء ؛ باجي الحين
..الخادمة :السيد عبدالرحمن والسيد فهد موجودان
..سماء بسخرية :الجميع موجود في حياتها
مسحت دموعها التي لم تسقط ..وعدلت حجابها الذي تزعزع بعد صفعة عبدالكريم ..
وسكرت عبائتها واخذت معها حقيبة األدوية ..وخرجت من غرفتها وجدت في الممر فهد
يتحدث بالهاتف ..اغلق المكالمة عند رؤيتها وهو يعقد جبينه :وش فيك ؟ بدون ان تنظر
..له :مافيني شيء
..فهد :لحظة التروحين عبدالرحمن عندها خلي لين يطلع
..ابتسمت بسخرية :حجابي علي ..كأني في الشارع مافيه فرق
شعر ان كلمتها تحمل معنى آخر لكنه عاد للمكالمة التي ينتظرها حيث تم القبض على
المعتدين على الحارس ..وسيتم التحقيق معهم عن من حرضهم للقيام بذلك خاصة انهم
اتلفو اغلب المواد بدون سرقتها ..لكنه تبع سماء للداخل وهو ينظر لعبدالرحمن بكره
..حيث ينظر للجدة ..ويتحدث معها بلطف هو ابعد مايكون عنه
كانت سماء تضع المغذي للجدة وتضع فيه اإلبرة ..وتعطيها الدواء ..بينما تجهز حقنة
..الفانتولين لتعطيها البخار وهي واعية لنظرات عبدالرحمن التي تحرقها
نظر عبدالرحمن لوجهها بينما يحاول ان يسترق الدمع حتى اليلفت انتباه فهد الذي يقف
عند الباب ويراقب ..كانت حزينة جدًا كيف لم يالحظ هذا االناني انها تذبل في منزله ..
بينما عالمة حمراء كبيرة على خدها األيسر ..وتغطي عينيها نظرة زجاجية ..هو يعرف جيدًا
انها دموعًا لم تنزل ..راقب دقتها وابتسامتها العذبة للجدة ..ثم خروجها ومرورها بجانب
فهد الذي تبعها امام نظره ..بينما هو األحق بسؤالها عما تشعر به ..ومن احزنها ..ومن
..تجرأ ومد يده عليها اذ يعرف ان االحمرار ليس سوى صفعه ان كانت من فهد سيقتله
لكن دخول عبدالكريم وهو ينظر حيث ذهب فهد وسماء وهز رأسه جعل عبدالرحمن يدخله
..في دائرة الشك
..عبدالكريم :البنت هذي وجودها فالبيت متعبني
عبدالرحمن بعدم اكتراث كاذب :ليه ؟
..بينما تدير الجدة عينيها شبه غائبة عن الوعي بعد الدواء
عبدالكريم :ماحبها وماكنت احب عمها الي ربطها في فهد
..عبدالرحمن ؛ تقدر تضغط على فهد يطلقها
عبدالكريم :فهد مايقدر يطلقها عشانها تعتني بامي
عبدالرحمن :هذا سبب اناني للزواج ..تقدر تعتني فيها وهي محجبة مثل مادخلت الحين
..علينا
..عبدالكريم :بيني وبينك احس ان فهد خايف تروح وتتركها
..عبدالرحمن :كأن صاير بينك وبينها صدام
..عبدالكريم :لو تركت لي ربيتها صح ..مجرد نقاش ورفعت صوتها علي قليلة االدب
..رفع عبدالرحمن حاجبه لحديث عبدالكريم
:
وش فيك ؟
..سماء :مافيني شي قلت لك ..وقلت لك بعد التدخل غرفتي
..فهد :تذكري انك
..سماء :عارفه اني مانيب في بيتي ..ماراح انسى وماراح انسى اني اصًال ماعندي بيت
ُف جع فهد من عدائيتها ..ومن كمية األلم في صوتها :انتي عارفه اني ماكنت باقول كذا ..
..واني مستحيل اقول كذا ..انا
اقتربت سماء منه :انت ولدهم ومثلهم وتشبههم وفهد اللطيف الي توهمت انه موجود
..كل ماله يبعد وبختفي
فهد :اشبه مين ؟
سماء :تشبه اهلك ؟
..فهد :سماء اهلي محترمينك ويعاملونك من احسن مايكون ..والاحد يجيب سيرتك
..رمت سماء حجابها على السرير :ممكن تتركني
..فهد :اذا تحد مضايقك قوليلي
سماء :ايه انت ..وجودك في غرفتي مضايقني
..فهد :اوكي براحتك وخرج
مارًا بغرفة جدته ..وتحت نظر عبدالرحمن الذي كان يعد الوقت الذي بقي معها فيه ارسل
لها رسالة ؛ عبدالكريم هو الي ضاربك ؟
ُذ هلت سماء لدقة مالحظته ..ولم ترد ..لكن رسالة ثانية منه جعلتها ترد رغمًا عنها :اذا
..هو الي ضاربك ماتجي الساعة عشر اال انا منتقم لك منه
..سماء :مالك دخل وماحد ضربني واطلع من حياتي
..عبدالرحمن ؛ انتظري انتقامي منه عشان مد يده عليك
..وخرج وهو يضع هاتفه على اذنه في اتصال سريع
:
بدلت هناء ثيابها واخذت حمام سريع ..اذا كانت ممنونة لشيء فهي ممنونة لوجود حمام
..خاص بها ..نشفت شعرها واالن وقت الذههاب للجدة إلخراج المغذي
وفي غرفة الجدة سمعت صوت عبدالكريم يصلها من الصالة غاضبًا :كيف تنهار ؟
من الي قالك ؟ ....
..كم سهم لنا فيها ..اليوم الصباح وضعها في السليم
فجأة كذا ..اعرف لي منهو الهامور الي سحب اسهمه فجأة منها واشتر في الشركة
..الحديدة
شيء سيء تحرك في داخل سماء كان سعيدًا بانتقام عبدالرحمن لكن لتهذيب نفسها
ارادت فعًال ان تباعد عنهم النها تخاف ان تصبح مثلهم من ناحية احذ الحقوق واالنتقامات
..والعداء
:
:
ُض
،للِع شِق َب ع َم واِس ٍم
وَن سائٍم ِم َّن ا َت ُه ْب
ِّل ْأ
ي تي الهَو ى من ك َح ْد ٍب
دائًم ا من كِّل َص وْب
.فاَض الَح نيُن َف سِّل مي واسَت سِل مي
للقاِد ِم الَم جنوِن يأتي دائًم ا في ألِف َر كْب .
! هذا الذي َي ْغ تاُل نا أيكوُن ما َي غتاُل نا ِع ْش ًق ا وُح ْب ؟
م.ن
:
:
قراءة ممتعة