Professional Documents
Culture Documents
التفكب يف اشتغال
ر اإلنسان ،دون
ي واعتبوه نموذجا لفهم السلوك
ر تبن السلوكيون األمريكيون هذا المفهوم بشعة
العصن المركزي ،لذلك لم يكن مهما تحديد طبيعة الذهن أو النفس لفهم الترصفات الفردية ،فقد اكتفوا بمعرفة
ري الجهاز
الن تكون سبب حدوث استجابات معينة فقط. المثبات الخارجية ي
ر
المثبات بشكل دقيق وأكيد حن يتمكنوا من ر السلوك وهو كيفية عزل
ي اعبضت إشكالية وحيدة أصحاب التصور
ر
نوعي من االرساط :
ر ُ
المالحظ .جاء Skinnerبالحل المتمثل يف اقباحه وجود المثب الذي كان فعال وراء السلوك ُ
ر معرفة
ُ
الثان (الجديد) وهو األهم والذي لم يتنبه إليه هو ما سماه ر
الكالسيك S – Rالذي قدمه ،Pavlovواالرساط ر
االرساط
ي ي
ان ،حيث تكون نتائج السلوك (االستجابة) حاسمة يف استمراره أو انطفائه دون االكباث ر
Skinnerباالرساط اإلجر ي
الن كانت وراءه ،لنأخذ مثال حمامة داخل قفص مزود يف أرضيته بزر إذا تم النقر عليه تسقط حبات للمثبات األصلية ي
ر
(المش والنقر عىل األرضية) ،فجأة دون قصد ر معدودة من القمح ،سنالحظ أن الحمامة يف البداية تترصف وفق غرائزها
ي
ستنقر الحما مة عىل الزر فتتحرر حبات القمح ،تحقق هذه النتيجة إرضاء لمتطلباتها ،بعد محاوالت متكررة بالصدفة
ستتعلم الحمامة النقر عىل الزر كلما احتاجت للطعام وليس عىل أي مكان آخر من أرضية القفص كما كان األمر يف
البداية ،وسنقول أن الحمامة قد اكتسبت مهارة نقر الزر كلما احتاجت للطعام (التعلم).
معي ارتياحا ورضا للكائن فإنان :إذا حققت نتائج سلوك ر ر
التاىل لالرساط اإلجر ي
ي عموما ،قدم Skinnerالقانون
ذلك السلوك سيتم تكراره باستمرار يف وضعية مماثلة .أما إذا كانت نتائج سلوك ما مضجرة أو مؤلمة أو عىل األقل بدون
السلوك بالتعزيز
ي فائدة فإن ذلك السلوك سيكون لديه أقل الحظوظ يف التكرار مستقبال .تسىم نتائج السلوك يف التقليد
وهو ثالثة أنواع:
اإليجان :تكون نتائج سلوك ما تعزيزا إيجابيا إذا عملت عىل زيادة تكرار السلوك (نقر الحمامة للزر يف
ري التعزيز
المرة األوىل داخل القفص سيحرر الطعام وهذا ما سيجعل الفعل يتكرر).
غب مريحة (جلوس التالميذ بعد السلن :تكون نتائج سلوك ما تعزيزا سلبيا إذا وضعت حدا لوضعية ر ري التعزيز
انزعاج األستاذ سيجعل رصاخه يباجع).
1
مدخل إلى علم النفس المدرسة العليا للتربية والتكوين
األستاذ نبيل شكوح تخصص الفلسفة الفصل األول 0200 / 0202
العقاب :يعمل عىل تقليص ميل الكائن إىل القيام بنفس السلوك يف المستقبل وال يشجع عىل تكرارها ،وذلك
ر ر
شء محبوب (اللعب، غب مرغوب فيه عليه (رصب ،واجبات إضافية مرهقة )...أو حرمانه من ي شء ر بفرض ي
فيكف عدم
ي غب المرغوب فيها، مشاهدة التلفاز .)...إال أنه ليس األسلوب الوحيد الذي يحد من السلوكات ر
يختف ألنه يصبح بدون جدوى فينطف تلقائيا.
ي تعزيز سلوك ما أي عدم االكباث إليه حن
ط وسلسلة االستجابات ر
.2التعزيز الش ي
يعن التعلم إمكانية قيام الفرد بسلوكات معينة أمام وضعية ما ،وب هذا المعن فالتعلم عند Skinnerليس هوي
تأثب نتائج ذلك السلوك عىل استمراره ،لكن إضافة إىل ذلك
الن نجعل الفرد يكتسب سلوكا ما ،ولكن التعلم هو رالطريقة ي
ُ ر ُ
تصب بواسطته التعلمات المكتسبة أكب تعقيدا شيئا فشيئا ،يف هذا الصدد يعاب عىل السلوكية طابعها
سبورة ر فالتعلم ر
ُ
التبسيط ،حيث يرى المنتقدون أنها نظرية ال تفش إال تعلم السلوكات البسيطة ،إال أن Skinnerرد عىل تلك ي
وه:
تفسب اكتساب أي نوع من السلوك ،ير االنتقادات باقباحه لعدة آليات قادرة عىل
2
مدخل إلى علم النفس المدرسة العليا للتربية والتكوين
األستاذ نبيل شكوح تخصص الفلسفة الفصل األول 0200 / 0202
غب قادرة عىل فهم السلوكاعتبها البعض نظرية ر الموجهة للسلوكية حيث رباإلضافة إىل ذلك ردا عىل االنتقادات ُ
سلن .فهما يريان أن النظرية السلوكية يف صورتها
غب فاعل و ر ي
اعتبها نظرية تخبل اإلنسان يف كائن ر
اإلنسان ،وهناك من ر
ي
غب مكتملة إال أنها مقاربة مفهومة تضم كل عنارص النسق:
الحالية وإن كانت ر
المستمر ربي الكائن الفاعل واألحداثتعتب موضوع علم النفس هو التفاعل ُ ر تتأسس عىل فلسفة واضحة
الفبيائية واالجتماعية القابلة للمالحظة الموضوعية.
ر
ُ
التغبات المصاحبة للقدرات،
ر نظرية عامة تفش الظواهر التالية :تزايد أو تراجع العالقات ب ري الطفل والوسط،
النسيان والتذكر ،كيفية نقل التعلمات من وضعية إىل أخرى...
منهجية واضحة وخاصة يف البحث.
إمكانية تحويل النتائج والفرضيات إىل تطبيقات عملية.
غب محدودة لكونها صالحة لجميع وه ر
عموما فالسلوكية تقوم عىل وصف المبادئ العامة وراء ظاهرة التعلم ،ي
غب القابلة للمالحظة من قبيل الروح أو النفس أو الذهن...
الثقافات واألعمار ،كما أنها تنأى عن دراسة الظواهر الداخلية ر
مثبات خارجية أو تعزيزات ناتجة عنها. بل تركز عىل السلوكات وما يرتبط بها من ر
عتب Sigmund Freudعالم أعصاب نمساوي صادف يف حياته المهنية حاالت مرضية غريبة جاءت عنده ُ
ي ر
التفسبات
ر لفحص أو عالج أمراض من قبيل الشلل يف اليد أو اضطرابات برصية ،إال أنه يف بعض الحاالت وجد أن
العصن .يف نفس الوقت كان هناك يف باريس Jean
ري تفسبها ،حيث وقف عند سالمة الجهازر الفبيولوجية لم تمكنه من
ر
المغناطيش يقتنعون بأن
ي تأثب التنويم
Charcotبمستشف La Salpetrالذي استطاع جعل بعض الحاالت تحت ر
لديهم أعراض معينة دون أن يكون األمر صحيحا ،بنفس الطريقة يمكنه جعل حاالت أخرى تسبي ح من آالم يشكون
الشء الذي أثار اهتمام Freudيعبون عن اختفاء أعراض األلم ر المغناطيش ر منها ،فبعد االستيقاظ من التنويم
ي ي
المغناطيش.
ي والذهاب إىل باريس لتعلم مناهج وتقنيات التنويم
.1مفاهيم تحليلية
-2-2مستويات الشعور
عب Freudرسيعا عن مظهر ال شعوري إىل الجانب الشعوري الذي يعرفه أي شخص ،ويقصد به نوعا من الوعاء ر
الذهن الذي يحتوي أفكارا ال يمكن للفرد أن يتحكم فيها أو حن أن يعرفها ،ولكن هذا الوعاء يؤثر يف العديد من أفعالناي
يعان منها مرضاه ،حيث كان والن سابقا المفهومة بر غ االختالالت ح اليومية .مكن هذا المفهوم الجديد Freudمن ر
رس
ي ي
قدم الفرضية التالية :إذا واجه شخص مشكال مقلقا ال حل له بشكل مستمر سيجد أن هذا المشكل مؤلم نفسيا،
لإلفالت من أ لم الرصاعات ستعمل شخصية الفرد عىل حل هذا المشكل بطريقة آلية ،وذلك بإخراجها من طبقة الشعور
وإنزالها إىل الالشعور .مما يؤدي إىل نسيان المريض لذلك المضمون دون أن يغادر الذهن ،بل يتم دفنها يف الالشعور،
عب عن ذاته ُ سبيحه بجعله يجهل وجودها ،إال أن ُ فتسىم هذه العملية بالكبت ،ر
المشكل يظل دائما وي ر الشء الذي ري
تعببية ُمختلفة (رمزية ) كآالم الرأس أو شلل األطراف أو فقدان البرص...
بأشكال ر
وغب ُ
المفشة رفبيولوجيا ،فقد أرجعها هكذا حل Freudلغز الحاالت السابقة ُ
المتعلقة بتلك األعراض الغريبة ر
الهستبي ،باعتبارها
ر إىل رصاعات لم يتم حلها ،وتتمظهر بإلحاح يف مستوى الالشعور .سيطلق عليها :أعراض التحويل
3
مدخل إلى علم النفس المدرسة العليا للتربية والتكوين
األستاذ نبيل شكوح تخصص الفلسفة الفصل األول 0200 / 0202
التفسب عىل األعراض ُ
العصابية :الرهابات ،القلق ،الوسواس ...قرر نتيجة لكبت الرصاعات النفسية .سيتم توسيع هذا
ر
Freudإخراج تلك الرصاعات المكبوتة لتجاوز المشاكل النفسية (العصابات) وعالجها بإتباعه منهجية معينة:
تفسب األحالم رغم صعوبتها وغموضها لفهم محتوى الالشعور ،فخالل النوم تباجع
ر اعتمد Freudكذلك تقنية
الن تمنع الرصاعات من الخروج من حقل الالشعور .إن األحالمرصامة الرقابة الشعورية -مقارنة مع مرحلة اليقظة -ي
بمثابة مجهودات غايتها إرضاء وإشباع رغبات وحل مشاكل عاشها الفرد خالل اليقظة لذلك يظهر الحلم كلغة رمزية
تعببا عن الدوافع الالشعورية يف الشعور.
(سمعية وبرصية) ر
تكمن أهمية هذه التقنيات يف كونها أدوات مساعدة أساسية يف العالج من جهة ،ومن جهة أخرى تعد روافد
ر
مبارس خالل للمعطيات حول الطفولة وانطالقا منها سيؤسس نموذجه يف النمو .فعوض مالحظة األطفال بشكل
صابيي لتدوين ذكرياتهم عن الطفولة، للبالغي ُ
الع المراحل ُ
المختلفة من النمو استغرق Freudساعات طويلة ينصت
ر ر
النفش.
ي وهكذا بن Freudخطاطة النمو
النفش
ي -0-2الجهاز
رأينا من خالل ما سبق أن الحياة النفسية تتشكل وفق ثالثة مستويات ،لكن بالموازاة مع ذلك حدد Freudثالثة
وه :الهو واألنا واألنا األعىل ،تتصارع هذه المكونات فيما بينها من جهة ،وتتعاون من
النفش ي
ي عنارص تكون بنية الجهاز
التواىل ،فيتمظهر ‘‘الهو‘‘ منذ الوالدة ،ويتطور
ي جهة أخرى .فخالل النمو ،ال تظهر هذه العنارص دفعة واحدة بل عىل
الن يقوم بها الوسط إلشباع رغباته ،ثم يظهر ‘‘األنا األعىل‘‘ سنوات فيما بعد كتمثالت ‘‘األنا‘‘ نتيجة المجهودات ي
داخلية للقيم والقواعد والضوابط.
ال بد أيضا من االعباف بأن كل سلوك صادر عن اإلنسان –كان سلوكا جسديا أو نفسيا -فهو يحتاج إىل طاقة ليتم
يعط الطاقة والوجهة لألنشطة ي ه الغرائز والدوافع ،والغريزة عنرصالنفش مصادر الطاقة ي
ي تنشيطه ،يف نظرية التحليل
النفسية ،وقد حرصها Freudيف غريزة الحياة وغريزة الموت .تتجىل غريزة الحياة يف األفعال البناءة والحب واإليثار ،يف
حي تتجىل غريزة الموت يف الهدم والحقد والعنف .أطلق Freudعىل غريزة الحياة لفظ ،Libidoولكنه لم يعط لفظا ر
الموجه نحو التميب بينهما نظرا لتداخلهما ،فمثال إن العنف ُ
ر يصعب الواقع، ف لكن .الموت غريزة عن الناتجة للطاقة
ي
ه هدف غريزة الحياة. الن ي
عدو مهدد راجع لغريزة الموت ،لكن الغاية منه حفظ الذات ي
4
مدخل إلى علم النفس المدرسة العليا للتربية والتكوين
األستاذ نبيل شكوح تخصص الفلسفة الفصل األول 0200 / 0202
والن تضم كل ما هو موروث ،فتنبعث منه الليبيدو ي عند الوالدة يكون الطفل خاضعا فقط لمتطلبات ‘الهو‘
التعبب عنها ،أي تلبيتها وإشباعها مما يحقق للطفل اللذة ،أما عدم إرضاءها سيسبب له ألما.
ر كطاقة ضاغطة تبحث عن
أكب قدر من اللذة الممكنة يف أرسع وقت ممكن دون يعن -من جهة -أخذ رومنه ،يشتغل ‘الهو‘ وفق مبدإ اللذة والذي ي
شء ،ومن جهة أخرى تجنب األلم بأي طريقة ممكنة .وتتجىل رغبات الهو يف هذه الفبة يف: ر
االكباث ألي أحد أو أي ي
يي سوى تحقيق هذه الرغبات (اللذة) أو عدم تحقيقها (األلم). الطعام والدفء والنوم والنظافة والحنان ،لذلك فهو ال ي
بالسبورات األولية،
ر يراقب الطفل هذين المبدأين (اللذة واأللم) وكيفية استجابة الوسط لرغباته فتتشكل لديه ما يسىم
فمثال:
سبورة أولية
ر
تحقيق الرغبة تباجع شدة تأن األم
ي اإلحساس
(اللذة) الجوع بالطعام البكاء بالجوع (األلم)
السبورات ر يكتف باالحتفاظ بها ،وكلما نمت هذهي السبورات األولية دون أن يوظفها بل ر يخزن الطفل هذه
وتضاعفت تجارب الطفل مع الوسط والمتمثلة يف استجابة المحيط لمتطلباته أدى ذلك إىل ظهور مكون آخر هو ‘األنا‘
الخارج .يتجىل دور ‘األنا‘ يف اتخاذ القرارات بتعرف ر
ر ي المبارس للعالم التأثب
ر تغيبه نتيجة
يعتب جزءا من ‘الهو‘ تم ر والذي ر
الواقي أمام مطالب ‘الهو‘ ثم البحث عن إمكانية تلبية تلك المطالب ،وذلك الن يفرضها العالم ر
ي الشوط واإلكراهات ي
يكتف يف هذه المرحلة بمراقبتها فقط بل بتوظيفها ي الن يمتلكها سلفا ،ولكن ‘األنا‘ لن
السبورات األولية ي
ر بالرجوع إىل
سبورات ثانوية .إذن فهو يقرأ واقعه (اإلدراك) ويعود إىل ر
السبورات األولية (الذاكرة) ويرى واالشتغال بها مما يحولها إىل ر
إمكانية تطبيقها (التحليل) ،حن يعمل عىل تلبية رغبات ‘الهو‘.
يترصف الطفل يف البداية دون أن تكون لفعله ضوابط أو البامات بل يترصف فقط وفق مبدأ الحصول عىل اللذة
اعتب Freudالطفل ليس كائنا أخالقيا moralوليس كائنا ال أخالقيا ر ي
الخارج ،لذلك ر وتجنب األلم المتمثل يف العقاب
خب ،فقط يعد الطفل مؤهال لهذه ر
immoralبل كائنا ال يمتلك فكرة حول األخالق أي أنه ما هو بكائن رسير أو بكائن ر
الن
الوع بالموانع ي
ي المسألة فيما بعد عندما يتشكل لديه المكون الثالث الذي هو ‘األنا األعىل‘ ،الذي يأخذ مظهرين هما
النالمثاىل المتمثل يف القيم األخالقية اإليجابية ي
ي يفرضها الوسط والعقوبات المبتبة يف حالة القيام بها(منع) ،واألنا
تحصل عنده الرضا (إلزام) .ال يحتاج الطفل فيما بعد للعقاب أو المكافأة كل مرة حن يترصف بشكل الئق ،بل إن األنا ِ
الذان.
ي الضمب واإلحساس بالذنب أو يف الشعور بالفخر والرضا
ر األعىل الناضج هو الذي يتكفل بذلك يف مشاعر تأنيب
أكب صعوبة يف محاولة الرضوخف هذه المرحلة يكون الجهاز النفش قد اكتمل تشكله ،مما يجعل دور ‘األنا‘ ر
ي ي
حي يضع ‘األنا
للمطالب المتعارضة لكل من ‘الهو‘ و ‘األنا األعىل‘ ،فرغبات ‘الهو‘ تريد التحقق دائما وتطالب بإلحاح ،يف ر
األعىل‘ ضوابط وقواعد للسلوك حن ال يحصل عقاب ،مما يجعل بنية الالشعور تقوم عىل الرصاع ربي مكوناته هذا
تدببه.
الرصاع الذي عىل ‘األنا‘ ر
-3-2اآلليات الدفاعية
يطور ‘األنا‘ كلما نما تقنيات ليالئم ربي المطالب ُ
المتعارضة لكل من ‘الهو‘ و ‘األنا األعىل‘ ،إىل أن يصبح ناضجا
يلن كال
إذاك يستطيع تقبل طبيعة المطالب الغريزية من جهة واألوامر والضوابط من جهة أخرى ويقبح حال مالئما ر ي
طفوىل – يميل إىل توظيف
ي منها .ولكن قبل أن يصل ‘األنا‘ لهذا المستوى من النضج يكون ضعيفا ر
وغب ناضج – إنه ‘أنا‘
يعط ‘األنا‘ الضعيف آماال كاذبة لكل من ومخادعة سماها Freudباآلليات الدفاعية ،حيث تقنيات للتعديل ملتوية ُ
ي
‘الهو‘ و ‘األنا األعىل‘ لعدم قدرته عىل الرضوخ لهما معا.
سبورة آلية ال واعية تعمل عىل رفض التجارب السلبية وإخراجها من حقل
وه ره الكبت ي أهم تقنية دفاعية ي
ُ
الالوع ،صحيح أن المحتوى الذي تم كبته قد حقق نوعا من الراحة الشعورية ،إال أنه يظل قابعا يف الوع نحو
ي ي
5
مدخل إلى علم النفس المدرسة العليا للتربية والتكوين
األستاذ نبيل شكوح تخصص الفلسفة الفصل األول 0200 / 0202
ُ
الالشعور ليخلق محنة نفسية وقلقا ،مما يساهم يف إنتاج إشارات عصابية تكون سببا يف ظهور أمراض جسمية ،وهكذا
الن واجهها.
فش Freudحاالت الشلل والعىم ي
التسام عىل تفري غ الطاقة الجنسية أو العدوانية يف نماذج سلوكية أو فكرية عالية
ي تعمل اآللية الثانية المتمثلة يف
ر
يعتبه
الشء الذي ر مقبولة ثقافيا واجتماعيا ،كسلوك اإليثار (االهتمام باألطفال ،رعاية المرض )...والقيام بأعمال فنية ،ي
مبارسة للرغبات الجنسية. Freudبدائل ر
والن
ي الن ال نقبلها أو نخشاها أو نخجل منها
ه اإلسقاط أي أن الدوافع الالشعورية ي اآللية الدفاعية الرابعة ي
يخف رغبات جنسية
ي تسبب لنا قلقا وضغطا داخليا نقوم بإلقائها عىل اآلخرين وتأويل سلوكاتهم بها ،فيمكن لشخص
يدع أن الجميع يحاول التحرش به أو إغواءه.
ي قوية لديه أن
وه اإلفالت من تجربة مسببة للكآبة وتفادي مواجهة ظروفها نظرا لنتائجها السلبية،
ه التهرب ياآللية السادسة ي
ر
الن يمكن أن تسبب الخجل .هذا التهرب ماديا أو نفسيا (الشود يف فإذا كنت شخصا خجوال سأحاول تفادي الوضعيات ي
القسم).
التعبب عن رغبات واألكب وضوحا ،لكن هناك آليات أخرى تساعد ‘األنا عىل ر الميكانبمات الدفاعية هذه أهم
ر ر
‘الهو‘ دون أن يشعر ‘األنا األعىل‘ بذلك فيتبن أحيانا الطفل سلوكات تكون عكس دوافعه تماما ،فمثال الشخص الذي
يبدي هوس النظافة هو ف الواقع لديه رغبة ف التلطيخ ألنه ال زال يشعر ال شعوريا بالنجاسة ُ
المبتبة عن معاقبته يف ي ي
.
مرحلة سابقة وقمع تلك الرغبة فيه ،سيطرة تلك الرغبة تجعله يتبن سلوك مضاد لها ولفهم اشتغال هذه اآلليات ال بد
الن يقطعها النمو قبل أن يصبح ‘األنا‘ قويا.
أوال معرفة المراحل ي
.2مراحل النمو النفسجنسية
6
مدخل إلى علم النفس المدرسة العليا للتربية والتكوين
األستاذ نبيل شكوح تخصص الفلسفة الفصل األول 0200 / 0202
7
مدخل إلى علم النفس المدرسة العليا للتربية والتكوين
األستاذ نبيل شكوح تخصص الفلسفة الفصل األول 0200 / 0202
.3مظاهر النمو
الوع
ي -2-3تطور
الواع للحياة النفسية ال يظهر يف شكله األقص والكامل عند الوالدة أو خالل الطفولة ،بل إن الشعور
ي أن المظهر
.
الداخىل من جهة ومراكمة التجارب من جهة أخرى كما
ي وما-قبل-الشعور يتطوران مع الزمن بالتدري ج ،وذلك تبعا للنضج
الوع (الشعور وما-قبل-الشعور والالشعور) ومكوناتي الن تربط ربي مستويات أن هذا النمو يتوقف عىل نوع العالقات ي
وه 2 :شهر ر
النفش (الهو واألنا واألنا األعىل) .لشح هذه العالقة قدم Freudثالث محطات أساسية من العمر ي
ي الجهاز
واحد 3 ،سنوات 20 ،سنة .توضح الخطاطة التالية ذلك:
يف الشهر األول من حياة الطفل ،كل ما يقوم به الطفل عند الوالدة هو تحت إمرة ‘الهو‘ الذي يتأسس عىل مبدأ
الخارج ،فيكون ‘األنا‘ مراقبا فقط يالحظ ردود فعل الوسط تجاه متطلبات ر ي اللذة ودون االكباث لضوابط الوسط
الغرائز ،لذلك فحجم ‘األنا‘ ضئيل جدا أو فعله منعدم ،جزء بسيط منه هو الذي يمكن اعتباره شعورا ،أما ما تبف منه
حدين الوالدة فكل ترصفاته تصدر دون أن يكون ر فال زال ما-قبل شعوري و ال شعوري .وهذا ما تؤكده مالحظة األطفال
ي
السبورات
ر فه آلية كليا .لكن بالتدري ج ينضج ‘األنا‘ شيئا فشيئا حيث يف البداية يسجل
وع ي
له عليها أدن سيطرة أو ي
الن تحقق له رضا ومتعة وتبعد عنه األلم.
ويمب فيها تلك ي
األولية ر
الخارج ومنه تصبح منطقة الشعور ومنطقة ما-قبل- ر ي عند السنة الثالثة ترتفع نسبة تفاعل الطفل مع العالم
أكب ،فالشعور إذن هو نظام اإلدراك أكب اتساعا ،مما رالشعور ر
يؤرس لظهور ترصفات عند الطفل تعود ‘لألنا‘ بشكل ر
النفش والذي يكون يف
ي ر ي
الخارج للجهاز الواع ،أي ما تدركه الحواس الخمسة أو ما نفكر فيه ،فالشعور هو الجزء ي الحش
ي
الشء الجديد الذي يظهر هو إضافة ‘األنا‘ لمسة شخصية ر ‘. األنا‘ نواة إنه ، ر
الخارج العالم مع وفورية ة ر
مبارس عالقة
ي ي
وه عبارة عن قمع أفكار مؤلمة وكبتها يف الالشعور نظرا لعدم قدرة الشعور أو ما-قبل-الشعور عىل تحملها ولم لالشعور ،ي
المرحلتي الفمية ُ
ه مجموع األحداث المقلقة خالل
ر يجدا لها حال يك يتم تجاوزها بطريقة مرضية ،هذه العنارص ي
ر ي
الخارج أو األرسة (ضبط إخراج فضالته قبل انتهاء المرحلة والشجية والمرتبطة بمطالب وضوابط ُمفاجئة من الوسط ر
الشجية) ،هذه األحداث المكبوتة يتم تأجيلها فقط وليس حلها مما يجعلها قائمة باستمرار محاولة النفاذ دائما من ر
الالشعور.
8
مدخل إلى علم النفس المدرسة العليا للتربية والتكوين
األستاذ نبيل شكوح تخصص الفلسفة الفصل األول 0200 / 0202
-0-3تطور ‘‘األنا‘‘
ه تحقيق ‘أنا‘ قوي ويمكن تعريفه باعتباره المكون الذي يمتلك تقنيات التعديل الكفيلة إن الغاية من النمو ي
بتلبية رغبات ‘الهو‘ الغريزية دون إغفال أي منها من جهة ،ومن جهة أخرى تلبية المطالب المفروضة عىل الفرد من
واالجتماع) ومن طرف ‘األنا األعىل‘ .ومنه يمكن اعتبار ‘األنا‘ الضعيف هو ما يقوم
ي ر ي
الخارج (المادي طرف الوسط
بعكس ذلك أي الذي يحتاج إىل اآلليات الدفاعية‘ ،األنا‘ عند المولود الجديد ضعيف جدا فهو ال يمتلك إال طرقا بدائية
وعصن إضافة إىل عدد من ري جسىم
ي كبب (نضج ر ي
الخارج ،لذلك فهو يحتاج إىل نضج ر للتحكيم ربي ‘الهو‘ و الوسط
وف انتظار ذلك يتعلق بمساعدة خارجية (الوالدان) ،وألنهما التجارب) ليطور من آليات تلبية الرغبات المتعارضة ،لهذا ي
الن يتعرض لها الطفل المثبات الخارجية ي
ر ال يستطيعان السيطرة عىل غرائزه ودوافعه فهما قادران عىل التقليل من
(أصوات مزعجة ،أضواء مشوشة ،خصام الوالدين ،)...فيقلصان من عبء القرارات ي
الن عىل ‘األنا‘ الضعيف القيام بها،
باإلضافة إىل تلبية المطالب الغريزية (الطعام ،الدفء ،النظافة ،)...مع رصورة االنتباه للمراحل النفسجنسية ي
الن يمر بها
بالتعبب عن رغباته ودوافعه عوض منعها أو قمعها بالرقابة الصارمة أي تفادي كبت المشاعر ر الطفل والسماح له
ر
والتجارب اليومية تفاديا لظهور أعراض عصابية مستقبال مما يؤرس عىل ‘األنا‘ الضعيف ،ولتحقيق هذا ال بد من االلبام
بالمبادئ الخمسة التالية:
بالتعبب.
ر معرفة وفهم طبيعة الدوافع الغريزية وتقبل الحاجة إىل السماح لها
معرفة المراحل النفسجنسية العادية للنمو ونوع الرصاع الذي يواجهه الطفل خاللها.
المالئمة لكل مرحلة حن يتمكن الطفل من إشباع دوافعه الغريزية مع رصورة االحباس من عدم توفب الفرص ُ
ر
المبالغة يف اإلشباع ألن ذلك سيؤدي إىل التثبيت.
اإلرساف يف االنتباه والحماية خالل السنة األوىل تفاديا إلغراق األنا الضعيف يف االكراهات الالمتناهية للوسط.
الن
الن يواجهها الطفل بالموازاة مع النمو حن يطور ‘األنا‘ تقنياته الواعية ي اقباح حلول مختلفة للمشاكل ي
تمكنه من إشباع كل المطالب كيفما كانت الظروف.
خاتمة
9
مدخل إلى علم النفس المدرسة العليا للتربية والتكوين
األستاذ نبيل شكوح تخصص الفلسفة الفصل األول 0200 / 0202
اإلكلينيك وتقوم
ي كبة مهمة يف منهجهالن ستصبح ر ر بمختب ،Binetصاغ Piagetالتقنية األساسية ير منذ اشتغاله
ُ
عىل وضع الطفل أمام اختبار(مهمة) ثم مالحظة كيف يتوصل لحلها .فيما يخص األطفال الصغار تنجز االختبارات
كب سنا فإن االختباراتعجي ،أكواب ،)...أما بالنسبة لألطفال األ ر
ر بواسطة أشياء يمكنهم رؤيتها ومناولتها يدويا (قطعة
أكب .فبعد أن يتم االتصال ربي الطفل والمهمة يسأل Piagetالطفل محاوال الوقوف عىل معطيات جد تصبح شفوية ر
الن وظفها الطفل لتقديم حل ما .فينطلق Piagetأن األطفال ال يعالجون مهمة معينة السبورات المعرفية يدقيقة حول ر
بنفس الطريقة.
الن اكتسبها الفرد خالل حياته (جمع معلومات). المعرفة :مجموع المعلومات والمعتقدات ي
المعرفة :انعكاس لما شهده الفرد من تجارب او تلقاه من معلومات (تشابه المعرفة)
الن ينضاف بعضها عىل بعض لتشكل كال واحدا (الباكم) المعرفة :سلسلة من ر
الخبات ي
المعرفة :كلما تم استدعاء المعلومات المخزنة إال وتم استحضارها (الذاكرة)
سبورة وليست قدم Piagetنظرة جديدة للمعرفة مختلفة تماما عن هذه األفكار المتعارف عليها ،فهو يرى أنها ر
يعن الترصف إزاءه ،والترصف هنا يمكن أن يكون رفبيائيا أو ذهنيا أو هما معا ،أي أنها تتابع أفعال ر
شء ما ي ركاما ،فمعرفة ي
الن كب معلومات .ومنه فاإلدراك الحش ر
شخصي بل يكون تبعا للتجارب الماضية ي ر للشء ليس متشابها عند
ي ي وليست تر ر
سبورة تخضع لها إدراكاتنا الحسية .نستحرص هنا (الذهن) ،إذن فالمعرفة هنا ر
ي الداخىل
ي خبها الفرد ومدى نضجه ر
مفهوما آخر مرتبط بما سلف وهو الذاكرة ،حيث يقر Piagetأنها خزان للتجارب الماضية ومنه فمحتواها يتطور
(ف تزايد) ،ولكن فعل الذاكرة (التذكر واالسبجاع) ليس الرجوع إىل ذلك المحتوى وإعادة موضعته يف حقل باستمرار ي
السبورات الذهنية األصلية للمعرفة وليس تكرار لها ،لهذا ر الماض ،إنها إعادة انتاج
ي الوع بل هو إعادة بناء تجاربي
ر
صبورة من مستوى ضعيف إىل مستوى أكمل وأكب فاعلية. عنده فالمعرفة
ر
تفكب (حسب )Piagetإىل أن يتم اكتمال تكيف الكائن مع الوسط، ر من خالل ما سبق يهدف كل سلوك أو
وه إما بيولوجية أو ذهنية أو هما معا .تكون هذه الخطاطاتواصطلح Piagetعىل أدوات التعديل هذه بالخطاطات ي
تن األعضاء ،السعال )...ثم تتطور بداللة النمو لتصبح
يف البداية عبارة عن ردود أفعال محدودة العدد (الرضاعة ،البكاء ،ي
وأكب تعقيدا .ولحصول ذلك هناك 3آليات أساسية: أكب عددا ر ر
االستيعاب :عندما يواجه الطفل وضعيات صادرة من الوسط يقوم بتقييم الخطاطات الصالحة للتعامل معها
الموضوع مثالية بل يتطلب األمر القيام
ي والمناسبة لها ،لكن أحيانا ال تكون هذه المطابقة مع الواقع
تغيبات عىل معطيات الوسط بالشكل الذي يضمن له جعلها متطابقة بمجهودات من طرف الطفل إلحداث ر
يعط داللة ذاتية للواقعة الموضوعية حن يترصف إزاءها.ي مع الخطاطة القبلية المتاحة له ،زمنه فهو
التالؤم :أحيانا ال يمكن االستيعاب من حل وضعية مشكلة ما ،حيث أن كل المجهودات يف تعديل معطيات
تغيب الخطاطة يف حد ذاتها
المعرف ر
ي الوسط لتتطابق مع خطاطة معينة ال تجدي نفعا ،هنا يكون أمام الجهاز
وذلك بإجراء تعديالت عليها أو بإضافة خطاطة أخرى عليها حن تتمكن الخطاطة الجديدة من التعامل مع
المهمة المطلوبة.
وه تتشكل من التوازن :يف الواقع تعد اآللية الحقيقية وراء تعديل الخطاطات ومالءمتها مع الوسط ي
السابقتي (االستيعاب والتالؤم) وال يمكن الفصل بينهما ،فكلما تكيفنا مع األشياء نظم الفكر ذاته
ر ورتي
السب ر
ر
وكلما أعاد الفكر تنظيم ذاته قام ببناء األشياء وفق بنية جديدة .إذن فالتوازن هو حالة عودة الذات إىل
االستقرار بعد فقدانه نتيجة عدم التطابق ربي الخطاطة والواقع.
10
مدخل إلى علم النفس المدرسة العليا للتربية والتكوين
األستاذ نبيل شكوح تخصص الفلسفة الفصل األول 0200 / 0202
الفبيائية ،تقليد
يف الواقع حدد Piagetعدة سلسالت من النمو تختلف فيما بينها حسب مجال النمو (السببية ر
والذهن ،يمكن تقسيمه إىل 4مستويات
ي الحرك
ي اللعب ،فهم األعداد )...لكن خلف هذا التعدد هناك نموذج عام للنمو
كبى توجد تحتها مراحل صغرى ،هناك 9ررسوط أساسية ال بد أن تتحقق يف هذه المستويات والمراحل:ر
الكونية :تطابق هذه المراحل عند جميع األطفال مهما اختلفت الثقافة بل وحن الحقبة التاريخية.
البشي اجتياز تلك المراحل وفق البتيب الموضوع من البسيط إىل الثبات :أي أنه بالرصورة عىل الكائن ر
الحش إىل المجرد وليس العكس,ي الحش
ي المركب ،من
القابلية للتحول واالنقالب :عندما ينتقل الطفل من مرحلة إىل أخرى فهو سيترصف مع معطيات الواقع وفق
الن تم حلها وإعادة قراءتها من جديد عىل ضوء المرحلة الراهنة إضافة إىل استدعاء المشاكل السابقة ي
المعطيات الجديدة ،إضافة إىل أن األدوات القديمة يتم االنقالب عليها وتجاوزها وعدم اعتمادها لحل
الوضعيات الراهنة.
نهان فورا ،بل يحتاج
ي يعن أنه سيستوفيه بشكل التدريج :عندما يدخل الطفل يف مرحلة ما فذلك ال ي ر ي التطور
فعىل.
تدريج لخصائص تلك المرحلة حن يستوفيها بشكل ي ر ي األمر إىل تطور
المعرف ألن البشي آخر مستوى من مستويات النمو التوازن :هو غاية هذه المرحلة وال يتحقق إال ببلوغ الكائن ر
ي
الن تسمح فقط بالتعامل مع الوسط بطريقة منسجمة ومتناغمة. ه ي خصائص تلك المرحلة ي
الحرك ،ما قبل
ي الحش
ي المعرف الذي حدده Piagetيف المستويات التالية:
ي يمكن اجمال النموذج العام للنمو
العمليات ،العمليات الملموسة ،العمليات المجردة.
سنتي).
ر الحرك (من الوالدة إىل
ي الحش
ي -2-0المستوى
يتكيف الطفل خالل المرحلة األوىل (من 2إىل شهر )2بواسطة انعكاسات فطرية ،فعن طريق غرائزه يستطيع
الرضاعة والبكاء والتنفس والسعال واخراج الفضالت ويتحرك.
تتمب المرحلة الثانية (من شهر 2إىل 4أشهر) باكتساب الطفل ألفعال تكيفية نتيجة تجاربه السابقة ،فمثال ر
حرك ربي اليد والفم .خالل هذه المرحلة يتمتع
ي هناك مالءمة خطاطة الرضاعة مع مص األصبع الذي هو نتيجة تنسيق
الطفل بتكرار فعل بال كلل أو تعب ،يتمركز هذا الفعل عىل جسمه الخاص (مص األصبع ،يخرج اللعاب من الفم ،يالمس
وه الدليل عنده عىل أن المعرفة ال تحصل بشكل فوري يفرجال بأخرى )...سماها Piagetباألفعال الدورانية األولية ،ي
الذهن انطالقا من الوسط بل يحتاج األمر إىل تكرار.
ر ي
الخارج ،فهو متمبة عن العالم
ر تبدأ المرحلة الثالثة (من 4أشهر إىل 8أشهر) بإدراك الطفل لنفسه كذات
يترصف بشكل قصدي عندما يعيد انتاج سلوكات وأفعال تكرارية ولكنها بإرادته ،سماها Piagetباألفعال الدورانية
يأن بعد الفعل وليس قبله. ر ي
الخارج يحاول الطفل اكتشافها ،لكن القصد هنا ي الثانوية ،فيكون موضوعها أشياء العالم
يي حضور األشخاص واألشياء تتمب المرحلة الرابعة (من 8أشهر إىل 20شهرا) بانبثاق ترصفات ذكية ،حيث ي ر
غب ر
الشء‘‘ لكن بشكل ر
ويبحث عنهم عندما يخرجون من حقله البرصي ،مما يدل عىل أنه بدأ يف بلورة مفهوم ‘‘ديمومة ي
حدثي مما يؤهله لتوقع نتيجة وضعية ما
ر مكتمل مما يسقطه يف مغالطة Aوليس ،Bكما أنه يدرك العالقة السببية ربي
والترصف بداللة تلك النتيجة.
11
مدخل إلى علم النفس المدرسة العليا للتربية والتكوين
األستاذ نبيل شكوح تخصص الفلسفة الفصل األول 0200 / 0202
والن
خالل المرحلة الخامسة (من 20شهرا إىل 28شهرا) يصبح الطفل قادرا عىل القيام بأفعال الدورانية الثالثية ي
ه عبارة عن أشكال عامة للفعل ،فالطفل ال يعيد انتاج أفعال بشكل تام بل يقوم بتعديلها بغية مراقبة النتائج وتجريب ي
الفبيائية واستعماالتها الممكنة
وضعيات مختلفة ،مما يؤهله إىل تكوين معرفة خاصة باألشياء وإدراك خصائصها ر
(يمسك لعبة أو يدقها مع األرض أو الطاولة ،يحركها فوق سطح ما )...
سنتي وضع أقراص حمراء بنفس قدر أقراص زرقاء فإنه سيضع أقراصا بنفس ر عندما نطلب من طفل عمره
طول السلسلة الزرقاء دون االكباث لعددها .لكن طفل ر
أكب شيئا ما يبدأ يف وضع األقراص الزرقاء واحدة
حي أنه يف سن 6سنوات إذا قدمنا سطرين من بواحدة ،أي أنه يعتمد مبدأ (بقدر :واحدة بواحدة) .يف ر
أكب عدد من األقراص فإنه
مختلفي وطلبنا منه أي سطر يضم ر
ر بطولي
ر األقراص يضمان نفس العدد ولكنهما
سيعب عن ذلك بالسطر األطول.
ر
12
مدخل إلى علم النفس المدرسة العليا للتربية والتكوين
األستاذ نبيل شكوح تخصص الفلسفة الفصل األول 0200 / 0202
1 2
13
مدخل إلى علم النفس المدرسة العليا للتربية والتكوين
األستاذ نبيل شكوح تخصص الفلسفة الفصل األول 0200 / 0202
التفكب الصوري
ر تابعي إلدراكهم الخاص لألشياء ،لكن عندما يدخلون إىل مستوىر قبل المراهقة يكون األطفال
تفكب خالص ومستقل عن الفعل ،أي يصوغون فرضيات ويستخلصون نتائج ر يصبحون قادرين عىل االنخراط يف
ويفهمون نظريات عامة وتركيبها لحل مشكالت ما ،إنها مرحلة النضج الفكري.
ينته هنا (منتصف المراهقة) ،لكن يف الواقع يرى Piagetأن البنية المعرفيةي المعرف
ي قد يظن البعض بأن النمو
هوالخبات الدراسية والمهنية ي
ر والنهان ،فتجارب الحياة
ي قد أصبحت مكتملة النمو لكنها ليست ممتلئة بالشكل التام
أكب تعقيدا ،إذن فهناك فرق ربي الفكر يف مرحلة المراهقة والفكر يف مرحلة الن تعمل عىل ملء خطاطات إضافية ر
ي
سيسب وفق ما
ر النضج يتمثل أساسا يف اآلثار المتبقية من التمركز حول الذات عند المراهق ،فهو ال يزال يظن أن العالم
يريد وكيف يظن ،لهذا فهو ال يقبل ترصفات اآلخرين (الجيل السابق) لهذا فهو ينتقد الواقع وينتظر مستقبال خياليا ،لكن
الخبات وانخراطه يف األنشطة الدراسية والمهنية.
تواىل ر ر
هذا التصور رسعان ما يتالش مع ي
خاتمة
والتعليىم،
ي ر ي
البيداغوج تأثبها سيكون عىل المستوى
يتضح من خالل هذا العرض الشي ع للنظرية البنائية أن ر
حن Piagetاقبح تطبيقات عملية لنموذجه .عموما يمكن اجمال مساهمات المدرسة البنائية يف الحقل الببوي يف
النقط التالية:
اختيار األهداف التعليمية :لم يعد دور المدرسة تعليم أحداث ومفاهيم معينة أو اقباح حلول لمشكالت ما ،بل
المعرف
ي التفكب يف مرحلة ما .لذلك سيتعلم الطفل أمورا ليس نظرا لمحتواها ر هدفها تعزيز النمو األمثل لنمط
بل لدورها يف بناء مفاهيم أساسية.
الن سيقوم بها الطفل وفق مستوى النضج البامج التعليمية :حيث يتم تنظيم األهداف والمهام ي تنظيم ر
وف
فف مادة الرياضيات مثال سيتعامل يف المستوى األول مع مهام فيها بعد واحد ،ي المعرف الذي بلغه ،ي
ي
ر
وف المراحل المتقدمة سيواجه وضعيات فيها أكب من بعدان، فيها يتداخل مقادير بي يقارن الموالية المرحلة
ي ر
بعد وذات طبيعة مجردة .كما أنه لن يدرس مفاهيم الكتلة والحجم والسببية والشعة دفعة واحدة بل سيتم
ر
الشء الذي سيتحكم يف اختبار المواد الدراسية الصالحة الن يكون الطفل فيها .ي ترتيبها حسب المرحلة العمرية ي
األخالف – السببية – االحتفاظ...
ي لكل مستوى :فهم األعداد – الحكم
منهجية التدريس :تحول المدرس مع النظرية البنائية من حامل للمعرفة إىل موجه لها ،ومنه قد أصبح دوره
حن يصلوا إىل المستوى الصوري (التوازن). اقباح أنشطة للتالميذ تقودهم نحو بناء مستوى أعىل ي
وف حرصه لمهارات فكرية كثبة خصوصا يف مسألة خطية النمو الصارم ،ي إال أن هذه النظرية ستعرف انتقادات ر
معينة يف مرحلة ما ،وهذا ما سيعرف بالكفاءات المبكرة عند الرضيع.
نهائ
تركيب ي
الحش أو من حدسه البسيط كدوران ي اإلنسان ،فأجاب عن بعضها انطالقا من إدراكه
ي حبت ظواهر عدة الفكرر
ر
الشمس حول األرض ألنه يمكن التنبؤ بمكان رسوقها وغروب ها ،وكسقوط األشياء الصلبة ألنها أثقل من الهواء ...إال أن
كالبق والمطر والحقد ...لكن اإلنسان اإلنسان فربطها بقوى سحرية وخارقة ر
ي العديد من الظواهر ظلت عصية عىل الفهم
الشء الذي سيتأن له ر
عقالن ،ي
ي تفكب
ر بتبن
حاول منذ 3222سنة التحرر من سلطة ما هو سحري وخارق للعادة وذلك ي
14
مدخل إلى علم النفس المدرسة العليا للتربية والتكوين
األستاذ نبيل شكوح تخصص الفلسفة الفصل األول 0200 / 0202
كبى وحلت
أخبا عن طريق العلم الذي سيعرف أوجه يف القرن 21م ،مما سيحدث ثورات فكرية أجابت عىل أسئلة ر
ر
ر
حبت الفكر البشي.ألغاز غامضة ر
هذه القفزة النوعية يف دراسة اإلنسان دشنتها أبحاث قام بها علماء كانت غايتهم االنتقال من دراسة الواقعة
اإلنسانية عن طريق التأمل إىل الدراسة التجريبية للظاهرة اإلنسانية ،حيث كانت البداية مع 2822( Gustav Fechner
الحش من خالل
ي المثب عىل مقدار اإلدراك
ر تأثب شدة
– )2887الذي حاول ايجاد عالقة ربي المادة والحس بدراسة ر
الوع .كما
ي مختب لعلم النفس اهتم فيه بدراسة ر معادلة حسابية .أسس فيما بعد تلميذه )2102 – 2830( Wundtأول
أن )2121 – 2892( Hermann Ebbinghausهو أول من طبق منهجا تجريبيا لدراسة الذاكرة.
متناقضتي ،فاإلنسان
ر بواقعتي
ر الن تدرس الظاهرة اإلنسانية ،واصطدمت توالت فيما بعد الدراسات واألبحاث ي
الشء الذي أدى إىل ظهور ر
اجتماع متأثر بالوسط ،ي
ي من جهة ''أنا'' مستقل ومختلف عن اآلخرين ،ومن جهة أخرى كائن
مختلفتي للظاهرة اإلنسانية ،ثم ظهور تخصصات جديدة كاللسانيات والتاري خ ر كمقاربتي
ر علم النفس وعلم االجتماع
واألنبوبولوجيا واالقتصاد والسياسة ...مما جعلنا نتكلم عن العلوم اإلنسانية بالجمع وليس بالمفرد.
هذا التعدد ليس ربي التخصصات فقط بل نجده حن داخل نفس التخصص ،فعلم النفس عىل سبيل المثال
الشء الذي يضعنا أمام يعرف العديد من النظريات الن تحاول كل منها إعطاء مقاربة خاصة للظاهرة النفسية ،ر
ي ي
يعن رصورة التعامل مع الظاهرة اإلنسانية
يعن االختالف بينها تضارب يف المواقف بقدر ما ي
فسيفساء من المقاربات ،ال ي
الن تحاول اإلحاطة بها من زوايا مختلفة.
المناظب ي
ر بنوع من تعدد
15