Professional Documents
Culture Documents
من الصعب ،بالطبع أن نضع يف اعتبارنا التفـضـيـالت الجـمـالـيـة ،فـي مواقف الحياة الواقعية من خالل اإلشـارة فقــط إىل
الت نحكم عليها أور ر
األل ـفـة ،وأن نـه ـ ـمـل آثار عوامــل مثــل خصــائص اليكيــب ،والقــدرة عـلـ ــى إثـ ــارة االهـتـمـ ــام الخــاص باألشياء ي
نتذوقهـا أو غـيـر ذلـك مـن الـعـوامـل الفردية والثقافية .قدم الباحث زاجونك "فرض مجرد التعرض" Mere exposure
hypothesisويقول هذا الفرض إن مجرد تعرض الفرد بشكل متـكـرر لمثـيـر مـع ري ،هـو رشط كاف لتعزيز اتجاه هذا الفرد
نحو هذا الم رثي .ويمكننا أن نجد جذور هذا الفرض لدى وليم جيمس وجوستاف ثيودور فخي ،لكن زاجونـك كـان هو أول
من قام بفحصه تجريبيا بدرجة كافية خاصة عىل الكلمات وبالنسبة للغات عدة ،ثم امتد به ومعه باحثون آخرون إىل فنون
أو وسائل فنية أخرى .عىل كل حال ،فإن بعض الباحث ري قد توصلوا إىل نتائج تختلف عن فـرض "مجرد التعرض" هذا ،فقد
قرر برل ري مثال أن األعمال الفنية التمثيلية أو التجريبية البسيطة ،قد تم تقديرها أو الحكم عليها بشكل متكرر عىل أنها أقل
تفضيال مع تزايد عمليات العرض لها ،ووجد باحثون آخرون أن االطفال قد أعطوا تقديرات إيجابية دالة عىل التفضيل
لألنمـاط الـهـنـدسـيـة غـيـر المألوفة ر
أكي من األنماط المألوفة.
كذلك أشارت دراسات أخرى إىل حـدوث ارتـفـاع فـي الـتـفـضـيـل »فـي البداية» عندما تكون هناك «درجات»; درجة
متوسطة (أو معتدلة) من األلفة ،ثم يعقبها هبوط يف التفضيل ،مع تزايد األلفـة .ووفـقـا لـنـظـريـة «تـنـافـس االستجابة» كما
غي المألوف عادة ما يشتمل عىل عنارص مذكرة Reminiscent
طرحها هاريسون Harrisonالعام ١٩٦٨فإن الم رثي ر
الخيات التـي سـبـق أن تـعـرضـنـا لـهـا .وإن هـذه الـعـنـاصـر تستصدر بشكل عام
بتشكيلة أو مجموعة متنوعة من المث ريات أو ر
ر
لالمياج مجموعة من الميول السلوكيـة والمعـرفـيـة المتـنـافـرة أو المتعارضة .وهذا الوجود ـ معا ـ لميول استجابية ر
غي قابلة
تنفييـة Aversiveتؤدي يف البداية إىل سلوكيات سلبية ،ومن ثم
تكامىل يف البداية يقال إنه تنتج عنه حالة دافعية ر
ي بشكل
الجماىل ،ومع
ي المثي إىل عدم تفضيل لهذا المث ري .أمـا التعرض ي
التاىل فيؤدي إىل إعادة التشكيل للجوانب المعرفية الخاصة ب ر
تزايد التعرف عليه ،وكذلك المعـرفـة حـولـه وحـول مـكـونـاتـه تتغلب عوامل التفضيل عىل عوامل النفور ،ومن ثم يوضع هذا
الجماىل يف إطار تصوري جديد له معناه الخاص.
ي الم رثي
ويؤدي خفض تنافس أو تصارع االستجابات السلبية واإليجابية المتنافسة ـ والراجعة يف البداية إىل الغموض أو سوء
الفت من خالل تناقص عوامل النفور منه أو عدم التفضيل له .
الفهم ـ إىل تـزايـد الـتـفـضـيـل لهذا العمل ي
توجد ر
افياضات نظرية أخرى تقول إن التعرض للـمـثـيـرات الجـمـالـيـة ينتج عنه اثنان من الميول المتعارضة ذات اآلثار
الفت ينتج عنه ما يسـمـى بـأثـر الـتـعـود Habituation effect
اإليجابية والسلبية معا ،فقد أشار بر رلي إىل أن التعرض للعمل ي
الحية المعرفية أو عدم التأكد Reduction of uncertaintyاألولية ،مما يؤدي إىل تزايد التفضيل له. ر
أو اخيال حالة ر
لكن تزايد التفضيل يؤدي أيضا ،إىل ما يسىم بأثر التشبع ،أو الملل Satiation or boredom effectوالذي يكون
غي مألوف ،أو جديدا ،تسود الرغبة يف التعود عليه ،ومن
الجماىل ر
ي تأثيه يف التفضيل سلبيا بعد ذلك .فعندما يكون الم رثي
ر
ثم يؤدي التعرض أو األلفة إىل تزايد التـفـضـيـل لـه .أمـا عندما يصبح هذا الم رثي مألوفا ،فإن التشـبـع بـه يـتـصـاعـد ،ومـن ثـم
اإلضاف له إىل تناقص التفضيل الخاص به.
ي يـؤدي التعرض
الجماىل بسيطا ،فإن رفية التعود هذه سـتـكـمـل دورتـهـا بعد عدد قليل نسبيا من مرات التعرض ،ومن ثم
ي وإذا كان الم رثي
ه انخفاض التفـضـيـل .أمـا إذا كـان هـذا المـثـيـر مـركـبـا فـإن ذروة منحت التفضيل قد ال يتم
ستكون اليعـة الـسـائـدة تجاهه ي
الفت ،وهـكـذا حـتـى نصل
فف كل مرة نكشف جانبا مم ريا من العمل ي
عي عدد كبـيـر مـن عـمـلـيـات التعرض ،ي
الوصول إليها إال ر
ه ما نطلق عليها
الوع بأن أعماال فنية ،ي
ي إىل حالة من التشبع به ثم يحدث تناقص يف عمليات التفضيل له .هذا مع رصورة
اسم "الروائع" نظل يف حالة تفضيل لها مهما تـعـددت مـرات تـعـرضـنـا لـهـا بـالـقـراءة ،أو االستماع ،أو المشاهدة .وإن كان
عي الزمن ،أي ليـسـت مـتـواصـلـة ،أو عىل رفيات
زاجوانـك يـنـصـح فـي هـذه الحـالـة بـجـعـل عملية التعرض لهذه األعمال موزعة ر
وتيايد عوامل الرغبة يف التعرض حت تتناقص عوامل األلفـة بها ،ومن ثم الملل ،ر متقاربة ،بل عىل رفيات متباعدة ،ر
الجماىل بها.
ي واالكتشـاف لـهـا مـن جديد ،ومن ثم االستمتاع
األسلوب والتعب ري:
العرت تطلق كلمة (األسلوب) عىل الطريق إذا امتد عىل استقامة واحدة ،فكل طريق ممتد هو أسلوب ف ر
الياث اللغوي
ري ي
ر
الزمخشي يف « أسـاس الـبـالغـة» سـلـكـت أسـلـوب فالن أي «طريقته» ومن يشي «الزبيدي» يف «تاج العروس» .ويقول
كما ر
هنا جاءت تسمية العرب «لـلـسـطـر مـن الـنـخـيـل» أسلوبا .
الشهي جورج بـوفـون ( ١٧٠٧ـ ( ١٧٨٨والذي كان مهتما باألدب ،فيقول يف مـقـالـة شـهـيـرة
ر الفرنس
ي أما المفكر وعالم النبات
لـه بـعـنـوان مـقـال فـي األسلوب" :ليس األسلوب إال النظام والحركة اللذين يضـع المـرء فـكـره فـي إطارهما ،فإذا ما قيدهما
وضيقهما ،فسوف يكون األسلوب مغلقا ،متوترا ،مقتضبا ،وإذا ما تركهما تتواىل حركتهما يف هدوء ،وال يلحق بهـمـا إال مـا كان
ومسيسال ...إن األسلوب هو الرجل ذاته". ر وثيق الصلة من الكلمات أيا كانت أناقتها ،فسوف يكون األسلوب منبعثا وسهال
ويشي ناقد الفن التشكيـلـي سـبـيـد H. Speadإىل أن "األسلوب الجـيـد" يعتمد عىل الفكرة الواضحة لما يريد المـرء أن
ر
يـفـعـلـه ،إنـهـا أقـصـر الـطـرق الموصلة إىل الهدف المرجو ...فاألسلوب هو الرجل «أو اإلنسان» كما قال بوفون ،وروعة أسلوب
ر
والت يسىع من أجل توصيلها بوسائله الخاصة .
الفنان وقيمته ستعتمدان عىل الرؤية العقلية الموجودة بداخله ،ي
وكان بيكاسو يقول «تتطلب» الموضوعات المختلفة أساليب مختلفة وهذا ال يتطلب بالضورة تطورا أو تقدما ولكنه
التعبي عن هذه الفكرة .ورغم أن أساليب عدة قد التعبي عنها ووسائل الت يريد المرءر
ر ر يتطلب أساسا وجود اتفاق الفكرة ي
توجد معا خاصة يف الثقافات الحديثة فإن هناك رفيات ساد فيها أسلـوب واحـد وهـيـمـن عـلـى غـيـره مـن األسـالـيـب (أسلوب
األخيين جاءت أساليب عدة عقب ر وف القرن الباروك والروكوكو مثال) .عىل كـل حـال ،فـإن كـل أسـلـوب أعـقـبـه أسلوب آخر .ي
ر
ه كبية الفتة .ومن تلك األساليب ي
الت يتضمنها تاري ــخ الفن كانت األساليب الفولكلورية أو الشعبية ي بعضها البعض بشعة ر
ر
وه ظاهرة قد ترجع إىل انفراد الثقافات الشعبية نسبيا التغيات االجتماعية .ي
الت تستمر دوما وال تندثر بسهـولـة برغم كل ر
ي
للتغيي ..
ر ومقاومتها
مفهوم األسلوب مفهوم ال يمكن االستغناء عنه يف دراسة الفن .لكنه مع ذلك مفهوم ر
محي أيضا وذلك ألن الكلمة لها
ر
تشي أيضا إىل الفن
تشي كلمة أسلوب إىل الفن الخاص بفية تاريخية معينة لكنها ـ هذه الكلمـة ـ قد ر فف العادة ر معان عدة .ي
اليابات مثال ...إلخ) أو منطقة معينة أو إىل جماعة من الفنان
ي الفرعوت أو
ي الخاص بأمة معينة (إيطاليا يف عض الـنـهـضـة الفن
جماعة «الفارس األزرق» وجماعة «الباوهاوس» مثال).
كذلك تستخدم كلمة «أسلوب» كمصطلح أو تعـبـيـر يـدل عـلـى الموافقة أو اإلعجاب أو الرفض فنقول عن كاتـب »إن
لـديـه أسـلـوبـا خاصا» ونقول «إن أسـلـوبـه مـتـمـيـز /رائـع /رديء /مـتـرهـل ...إلـخ» .وقـد تستخدم الكلمة لإلشارة إىل طراز جديد
من السيارات أو المالبس أو أدوات وأجهزة المطبخ .وهنا مثل استخدام الكلمة االستخدام الخـاص لـكـلـمـات مـثـل أزيـاء
ر
الت تقدم اآلن يف بعض القنوات الفضائية
الداخىل ي
ي Fashionأو مـوضـة ، Modeكـمـا هـي الحـال فـي بـرامـج األزيـاء والتصميم
تحت اسم "أسلوب" . Stlyeوكل االستخدامات السابقة لهذا المفهوم لـهـا هـدف واحـد هو :اإلشارة إىل ذلك التنظيم
الخاص بمجموعة متنوعة من الموضوعات يف فئات ،مما ييش عملية التعرف عليها وفهمها والحديث عنها والتواصل أو
التخاطب حولها .
عند أعىل مستويات العمومية ،يعتي األسلوب إذن عملـيـة تجـمـيـع أو تصنيف لألعمال الفنية (ف ضوء ر
الفية الزمنـيـة ،أو ي ر
للتغي يف األسلوب ويمكن تتبع هذه السالسل االرتقائية عىل أنها تعكس
هناك يف الثقافة اإلنسانية عموما سالسل ارتقائية ر
الهندش) .فالرأي القاتل إن فن الثقافات
ي تذبـذبـا أو ارتـفـاعـا وهبوطا ربي اليعة الطبيعية واليعة التخطيطية (أو األسلوب
بدات أو يشبه فنون األطفال كان رأيا شائعا خالل رفية التوسع االستعماري الفيـكـتـوري يف ذلك
غي الغربية هو فن ي األخرى ر
الوقت الذي كانت فيه الثقافة الغربية تفضل نوعا من الطبيعة أو اليعة التمثيلية يف الفن .أما الفنانون الذين مهدوا الطريق
نحو األساليب الهندسية أو التخطيطية من الفن (كالتـكـعـيـبـيـة مـثـال) فـقـد كـان لـهـم رأي مختلف عن الفن حيث مال العديد
منهم ـ كما أشـار شـابـيـرو ـ إلـى رفض تلك القسمة للفنون إلـى فـنـون بـدائـيـة أقـل تـطـورا ،وفـنـون حـداثـيـة وهندسية ر
أكي تطورا
مي كما قال بعضهم .رمي المؤرخ فـولـفـلـن H. Wolfflinربي األسلـوب الـشـخـصـي
الفت الم ر
ي فالسياق يفرض األسلوب
القوم ( National styleوالخاص بأمة معينة والذي
ي ( Personal styleالذي يعكس مزاج الفنان الخاص) واألسلوب
تحدده الخصائص الساللية المميـزة لجـمـاعـة بـعـيـنـهـا) ،وأسلوب الفتـرة الـزمـنـيـة ( Period styleوالذي يحدد األشكال
المـفـضـلـة فـي حقبة تاريخية معينة) .ووصف كل هذه األساليب عىل أنها ر
تعبيية ،Expressive aبمعت أنها ترتبط باإلنسان
واألمة والعض الذي يـقـف وراء اإلبـداع لـهـا.
ر
الت تهتم
و رمي فولفلن كذلك بجوانب العمـل الـفـنـي الـذي يـقـوم عـلـى أسـاس المحاكاة كما يمثلها عض النهضة والجوانب ي
واالجتماع
ي (والسياش
ي الفت
ي أسلوبي لـتـمـثـيـل حـالـتـ ري مـن الـوالء
ر واعتيهما
ر بالزي والزخرفة كما تمثلها فنون الباروك
ر
ثاىل للجمال
وف الحالة الثانية للنموذج الم يالت تتم محاكاتها ي واألخـالقـي ...إلـخ) وحـيـث كـان الـوالء فـي الحالة األوىل لألشياء ي
يشيك كل من الفنان والجمهور يف تكوينه). (الذي ر
إن األسلوب هو طريقة الفنان الخاصة فـي الـتـعـبـيـر عـن ذاتـه بـكـل مـا يتعلق بهذه الذات من أفكار وذكريات وانفعاالت
لعقىل الموجودة لديه
وخـيـاالت ووجـهـات نـظـر حول الواقع واألمة والتاري ــخ والعالم وهو يقوم بتحويل عمليات "التـمـثـيـل" ا ي
تعبيها عن هذه األفكار والرؤى واالنفعاالت واألحالم فتكون شء إىل أعمال فنية تتفاوت يف طريقة أو أسلوب ر ر
حول أي ي
التذكي مرة
ر أحيانا أقرب إىل المشابهة أو التمثيل الواقع وتكون أحيانا أخرى أقرب إىل التجريـد أو التعـ رـبي الرمــزي عنــه .مع
أكي األعمال مشابهة للواقع هناك أيضا درجات أو مستويات مختلفة من الرمز مثـلـمـا توجد ف ر
أكي األعمال حت ف ر أخرى أنه ر
ي ي
تجريديــة نوعــا مــن اإلحالة للواقع; س ــواء أ كـ ــان هــذا الواقــع هــو الواقــع المادي أم الواقع السيك ر ي
ولوج الخاص بالفنان .
والخـالصـة أن األعـمـال الـفـنـيـة ال تـتـفـاوت فـقـط فـي درجـة تمثـيـلـهــا للموضوعات أو األشخاص أو األحداث فتكون أحيانا قريبة
ر
المباش (أكي التمثيلية أو مشابهة) وتكون أحيانا أخرى بعيدة عن التصوير أو الوصف أو التجسيد من التصوير الحرف لها ر
ي
تعبيها عن االنفعاالت المرتبطة بهذه الموضوعات أو األفكار...
لها أو لمبـدعـهـا (أ كـثـر تجـريـديـة) لـكـنـهـا تتفاوت أيضا يف درجة ر
إلخ .وهذا صحيح بالنسبة إىل الفنون اللغوية (القصة والشعر مثال) والبضية (التصوير والسينما مثال) أما بالنسبة للموسي رف
الت صنعهار
فيصعب الحديث هنا عن التمثيل وذلك ألن الطبيعة ال تنتج األصوات الموسيقية بل تنتجها اآلالت الموسيقية ي
اإلنسان ،فصوت آلة الكالرينيت ليس سوى الصوت الم ر
وسيف الذي يصدر عنها بطريقة خاصة ،وال يماثل شيئـا يف الطبيعة
ي
.
باشة يف والجدير ذكره كذلك أن بعض األعمال الفنية يهيمن عليها الموضوع ر
أكي من التعب ري (األعمال التسجيلية الم ر
معـظـم الـفـنـون) ،وهـنـا تـكـون أقرب إىل الواقع ،ومن ثم ربما أقل فنية .بينما أعمال أخرى يكون حضور التعبي فيها ر
أكي بروزا، ر
عي الفنان بالخيال والرمز وصدق ر ر
بينما يياجع الموضوع إىل الخلفية ،ومن ثم تكـون هذه األعمال أكي فنية (وهنا يست ر
شكسبي أو
ر التعبيات العميقة كما يف أعمال
ر الكىل ،ومن الخاص إىل الـعـام كـي يـجـسـد هـذه
الجزت إىل ي
ي االنفعال والتحرك من
بيتهوفن مثال).
وكأننا نعيش يف عض يحركه الجمال ،ونحيا حيـاة تـتـحـرك مـدفـوعـة دوما نحو الجمال .فالجمال يمكنه أن ينقذ العالم كما
السىع الالهث وراء الجمال يف ظهور فروع حديدة من
ي أشار دستويفسـكـي يف موقف ما من روايته "األبله" ،وقد تجىل هذا
يىل لبعض هذه الفروع بنوع من اإليجاز: ر
علوم الجمال خاصة خالل العقديـن األخـيـريـن من القرن العشين ،ونعرض فيما ي
التأثي الخاص
ر ١ـ الجماليات البيئية : Environmental Aestheticsوهو فرع جديد من الجماليات يهتم aحاولة فهم
التفكي واالنفعال والسلوك ،ثم مـحـاولـة فـهـم هـذا الـتـأثـيـر مـن خـالل معرفة تفضيالت األفراد للبيئات المختلفة،
ر للبيـئة يف
خية سلبية) ،وقد
(تستثي ر
ر غي مفضلة
خية جمالية إيجابية) أو ر
(تستثي ر
ر تلك البيـئـات الـتـي يـتـم الحـكـم عليها بأنها مفضلة
خصصنا الفصل الثات ر
عش من هذا الكتاب للحـديـث عن هذا الفرع الجديد ي
٢ـ جماليات التلفزيون : Television Aestheticsويسىم أيضا "جماليات الميديا التطبيقية" وهو فرع جديد كذلك من
والتعبي عنها من خالل
ر فروع الجماليات أو علوم الجمال ،وهذا الفرع يـدرس عـمـلـيـات الـتـشـكـيـل لألفكار والتجسيد لها
وه :الضوء واللون والصوت والـزمـن والحـركـة والـعـمـق .وهـو يدرس كل هذه العنارص
العنارص األساسية للصورة التلفزيونية ي
غي الم ر
باشة يف المشاهدين كمـا أنـه يهتم تأثياتها الم ر
باشة أو ر يف أثناء عملية اإلنتـاج أو اإلبـداع لـها ويـدرسـهـا أيضا من حيث ر
خية ر
الت تحدث خالل اإلبداع أو خالل ر
بعمليات اإلدراك والمعرفة (السيكولوجية) والتكوين (التكنولوجية والفنية) ي
المشاهدة للتلفزيون ويتم ذلك كله بهدف دراسة جماليات الصورة التلفزيونية وكيفية إبداعها وطرائق تلقيها أيضا ،فلم يعد
ممكنا اآلن وال مقبوال ونحن نعيش يف «عض الصورة» بكل ما يعنيه هذا المصطلح من معان أن تقوم األعمال التلفزيونية
اللفظ أو اإلذاعـي وثـيـق الـصـلـة بـفـنـون الـراديـو خاصـة ولـألسـف فـإن هـذا هـو واقـع
ي عىل اآلليات نفسها للحوار والخطاب
الحـال اآلن فـي عـديـد مـن األعـمـال التلفزيونية ـ بل والسينمائية ـ العربية.
وغيهما
٣ـ جماليات التسويق : Marketing Aestheticsوهو فرع يساهم فيه عىل نحو نشط علماء التسويق واإلدارة ر
من العلوم المرتبطة بعالـم المال واألعـمـال ويـقـوم هـذا الـفـرع الجـديـد مـن الجماليات عىل شعار "انظر واشعر" لكن الهدف
األساش مـن وراء هـذا الجمال ومفاهيمه الشعار ليس فقط المتعة الجمالية المرتبطة بالنظـر والـشـعـور بـل اسـتـثـارة رغبة
ي
ر
الشاء واالستهالك لدى الناس .
لقد كانت هذه بعض االهتمامات الدائمة لدى المنتج ري لـلـسـلـع بـشـكـل عام ،فقد اهتموا دائما بجعل منتجاتهم متسمـة
وف طريقة تغليفهـا وعـرضـهـا عىل نحو خاص . ر ي
الخارج ي بـالجـاذبـيـة ،عـلـى ذلـك أن يظهر عىل نحو خاص يف شكلها
(ف ر
وقد تقدمت خالل القرن العشين فنون اإلعالن الثابتة (فـي الـشـوارع وفوق المنازل ومالعب الكرة مثال) والمتحركة ي
السينما والتلفزيون مثال) وأصبحت لهذه الفنون جمالياتها الخاصة أيضا; جماليات العرض واستثارة شهية ر
الشاء .
وعمىل فرضتـه شـروط الحـيـاة العضية الراهنـة بكـل ما تحملـه مــن وعود واحتماالت
ي "جماليات التسويق" إذن فرع رصوري
خاصة يف ظل مـا يسىم بـ «العولمة» بكل إيجابياتها وسلبياتها .ويمكن للقارئ الذي يرغب يف زيادة معلوماته حول هذا الفرع
ر
اإلسياتيجية للماركات التجارية والهوية والصورة الذهنية" Marketing أن يعـود إلـى كـتـاب "جـمـالـيـات الـتـسـويـق :اإلدارة
Aesthetics, the strategic Management of Brands, identity and Imageوالذي صدرت طبعته األوىل
الـعـام .١٩٩٧
-4جماليات العوام :Trash Aestheticsوهو فرع جديد وإن كانت له جذوره القديمة العديدة ويقوم هذا الفرع عىل
يعت
أساس نوع من التحريف لمقولـة وردت عـلـى لـسـان أحـد أبـطـال فـيـلـم "قصة حب "Love Storyجاء فيها أن الحب ي
تعت أال تقول أبدا كلمة آسف" فمع سقوط ّ
"أال تقول أبدا كلمة آسف" ،وقد حرف يف هذا القول ليكون "ما بعد الحداثة ي
عايي الجماعية يف األحكام الجمالية (الفن للفن أو الفن للمجتمع مثال) أصبحت األنظمة الشمولية يف السياسة وكذلك الم ر
جماهي ما بعد الحداثة ـ كما ر
يفيض بعض المفكرين ـ حرة يف أن تتمتع بالنصوص األدبية والفنية ...إلخ .كما يحلو لها وليس ر
الت ال تتناقض يف جوهرها مع مفهوم العولمة ـ كما ر
عىل أحد ـ يف ظل هذه الحركة شيعة الدوران الخاصة بالنسبة الثقافية ي
أشار إىل ذلك فردريك جيمسون مثال ـ أن يعتذر عن أي متعةو يشعر بها أيا كانت .
ر
الت تقف وراء اإلبداع والتذوق
غي مسبوق ـ للعوامل ي
الثقاف الحديث باالستكشاف العميق ـ وعىل نحو ر
ي لقد اهتم النقد
ثاىل أو يشاهده إىل ما
لفنون األدب والسـيـنـمـا .وقد تحول االنتباه خالل ذلـك مـن االهـتـمـام مـا يـنـبـغـي أن يـقـرأه الـقـارئ الم ي
يستمتع به الـنـاس فـعـال فـي حـيـاتـهـم الـيـومـيـة العادية فعال تلك الحياة من المفاهيم والنظريات النقدية المعروفة .
المعجبي بفنان وقد نتجت عن ذلك كله معرفة أعمق بالفروق بي المتلقي وتعرف ر
أكي عىل فئات جديدة منهم مثل
ر ر ر
المتلقي
ر والكثي من البحوث الحالية مهتم بـهـذه األنـواع العامة من
ر معيمع ري أو أعـضـاء الجـمـعـيـات الفنية الخاصة بفن ر
التعبي المتأثرة بها. ر
الت يشعرون بها وطرائق
ر وكذلك بأشكال المتع ي
بنىل C.
يف ضوء ذلك كله فحص العديد من النقاد أمثال أي إنج I. Ingوهيي جنكي أز H. Jenkinsوكونستانس ي
المتلقي من العوام يف تحطيم الحدود ربي األنواع الفنية المختلفة من أشكال
ر الجماهي العامة أو
ر وغيهم دور Penleyر
وف ضوء ما سبق كذلك أصـبـح االهتمام موجها نحو دراسة االستجابات المختلفة الميديا والثقافة الرفيعة والثقافة الدنيا .ي
للنصوص الفنية (األفالم ـ الروايات ـ قصص األطفال المرسومة أو ما يسىم بـ "الكوميكس" .. Comicsإلخ) المختلفة مع
األكاديميي أو مـن كـل
ر قي لها سواء أكانوا من المعجب ري بفن مع ري أم فنان مع ري أو كانـوا مـن الـنـقـاد
االهتمام بكل فئات المتل ر
الجماهي بشكل عام .
ر تـلـك
فالمعات والمتع
ي ال تنظر هذه الوجهة الجديدة من النظر إىل الجمهور ،وال إىل النصوص اإلبداعية عىل أنها أحادية البعد،
بتفسيها لنفسه يك تتالءم مع ر
الت يقوم كل جمهور من خاللها
ر الخاصة بهـذه الـنـصـوص تتحدد ،نوعا ما ،يف ضوء الطريقة ي
غي قابل أحيانا للقيـاس أو التنبؤ .
حاجاته الخاصة وبشكل ر
إن كل متلق أصبح ينظر إليه ،اآلن ،يف ضوء هـذا الـتـصـور ،عـلـى أنـه عالمة من العالمات المناسبة لمجتمع التسويق
واالستهالك ،ومن ثم ينبغـي دراسة احتياجاته وتفضـيـالتـه ،كـذلـك تشبع العديد من المتع ،أو المشات الخاصة بالمستهلك
يف المجتمعات الرأسمالية يف خدمة هذا الـفـرد عـلـى أكمل وجه ممكن .لقد أصبحت الفنون يف خدمة احتياجات الناس H
ومن ثم أصبحت هناك ـ يف مجتمع العولمة هذا ـ نصوص تـصـنـع مـن أجـل أفـراد ُبأعينهم أو جماعات بأعينها ،أو نصوص
واألغات الحديثة مثال) يك يكيفها المرء ـ أيا كان ـ مع رغباته الخاصة .
ي تصنع (األفالم
اليامج
ولماذا نذهب بعيدا؟ علينا أن نالحظ هذا الميل إىل التسطيح والتفاهـة والتظاهر بالظرف وخفة الدم يف عديد من ر
الكبي لما يسىم بـاألغـانـي الشبابية ،وهذا الفيض
والمسلسالت العربيـة (وال أقول المضية فقط) ،وأيضا هذا االنتشار ر
غت أطراف أصابعـه )إذا مـد ذراعـه)
األغات المصورة بطريقة "الفيديو كليب" ،حيث قد ال يتجاوز صوت الم ي
ي المتدفق من
وحـيـث ُيصنع نجوم من ورق أو قش قليل القيمة ،من الناحية الفنية ،لكن من خالل المؤثرات الصوتية والبضية واإلبهار
الخاص بعمـلـيـات الـتـصـويـر ،وحـشـد الراقصات الجميالت حولهم ،ومن خالل أجهزة تسجيل الصوت وإنـتـاجـه المتقدمة،
يصبح هؤالء العجزة موسيقيا وغنائيا نجوما يشار إليهم بالبنان ،وتتساقط األموال حولهم ،وتحت أقدامهم .
األخية
ر الكبي لألفالم الكوميدية يف السينما المضية خاصة ،خالل هذه السنوات كذلك علينا أن نالحظ أيضا هذا التدفق ر
الكبية ر من القرن ر
كثيا اإلقبال عىل أفالم أخرى أكي جمالية وفنية ،وهذه الحصيلة ر العشين ،وذلك اإلقبال عليها بشكل يفوق ر
ر
الت تجنيها تلك األفالم ـ األقل فنية ـ نتيجة تزاحم المشاهدين عىل مشاهدتها ،يف حـ ري أن أفـالمـا أ كـثـر فنية منها
من األرباح ي
السينمات .بماذا نفش هذه
ي شعان ما ينفض الجمهور عنها ،رغم تم ريها الواضح سواء فيما يتعلق بالرؤية ،أو التكنيك
الظاهرة؟
بتغي ظروفهم
تتغي أذواق الناس ر
التفسيات الممكنة هنا مع ما ذكرناه آنفا عن "جماليـات العوام" ،وحيث ر
ر قد يتفق أحد
تتغي الظروف المادية إىل األحسن ،والجمالية إىل األسوأ ،والعكس بالعكس ،وما نشاهده
إىل األسوأ ـ أو إىل األحسن ـ فقد ر
ه السائدة .فاحتياجات الناس ورغباتهـم
اآلن فعال هو أن أخالقيات السوق واإلشباع والنـهـم الشي ــع العابر ـ لكنه المستمر ـ ي
ه المحددة لمسار التفضيـل ،فـي وقت تسقط فيه العديد من األفكار الكلية أو ر
تنته ي
ي لت ال
العابرة والمؤقتة والشيعة وا ي
الكبـيـرة (الخـاصـة بـالـوحـدة العربية أو الكفاح ضد إشائيل مثال) عىل المستوى السـيـاسـي ،وفـي وقـت تزايدت فيه مشاعر
واالجتماع) .ي
وف ظل االنهيار المدوي ي الشخص
ي التهديد واالفتقار إىل األمن ،أو اليق ري األرض الثابتة (عىل المستوى
وف ظل تزايد معدالت البطـالـة وانخفاض معدالت الدخل ،وتبدد
الطاع لمجتمعات أخرى ،ي
ي واليوز
لمجتمعات معينة ،ر
االجتماع وما شـابـه ذلك من
ي العديد من األحالم الخاصة باالرتقاء ،أو تحسن الستوى عن طريق التعليم واإلرادة والحراك
المقوالت لدى عديد من دول العالم المسىم تجاوزا بالثالث ،وكذلك يف ظل الفردية الم ريايدة ،واالنكـفـاء المـتـزايـد عـلـى
يشي إىل أنتفسي ر ر تفسي مؤقت ،وهو ر الـذات وعـلـى المـصـالـح الشخصية ،وعىل حساب اآلخرين .عىل كل حال ،هذا مجرد
الكبية .
هذه األعمال الفنية السطحـيـة تـبـرز مـع طـغـيـان الفردية ،ومع الشعور بالتهديد ،وانعدام األمن ،وسقوط األحالم ر
وهذه الظواهر الجديدة المرتبطة بتفري ــغ القيم الجمالية القديمة ،وإحالل قيم جمالية جديدة مكانها ترتبط بالعابر
موسىم فارغ يعتمد عىل االبتذال والرقص الهابط
ي اكىم .وكذلك ظهور مشح
والمؤقت والشيـع واالسـتـهـال كـي والتافه والالتر ي
لمهتمي بالجماليات إىل أن يدرسوهـا عـلـىالكثيين ا
الت تحتاج من ر ر
ر ه من األمور ي والتعبيات الجنسية الضمنية والضيحة ،ي
ر
وسيف واألغنية والمشح نـحـو ر
أكي عمقا مما يحدث اآلن ،ف محاولة ـ إن أمكن ـ إلنقاذ الذوق العـربـي العام (ف السينما والم ر
ي ي
الت لحقت به .هذا مع وعينا كذلك بوجود "أذواق عربية" ر
والبيئة والحياة بشكل عام ...إلخ) ،من كل هذه االنهيارات ي
العرت الواحد ،لكن أين الحد األدت من الذوق
ري "وليس ذوقا" واحدا وفروق ثقافية كـذلـك فـي الـذوق حـتـى داخل البلد
سنشي إىل ذلك الحقا . شيك؟ هذا ما ينبىع أن تقوم به عمليات ر
اليبية والتعليم كما الم ر
ر ي
الخارج:
ر ي جماليات المظهر
ر ي
الخارج» أو جماليات صناعة الجمال يرتبط بجماليات التسويق نوع خاص من الجماليات يسىم «جمالـيـات المظهر
وتجارته .
ويحاول هذا النوع من الجماليات أن يحقق لإلنسان نوعا من الـشـعـور بحسن الحال ،حيث تحاول المصانع الوفاء بحاجات
شء :يف السكن والحيوانات األليفة والسيارات والعناية بالجسد ،وبما يحقق لها األرباح ر
الكثية ر
اإلنسان من الجمال يف كل ي
دون شك .حيث ينفـق سـكـان أمـريـكـا الـشـمـالـيـة وأوروبا جانبا ر
كبيا من دخولهم عىل الجسد والشعر واألزياء وتجميل النساء
وحفالت الزفاف ...إلخ .
الكبي نحو مراكز اللياقة الصحية عن هذا التوق الغالب نحو جمال الجسد .ويوضح ذلك االهتمام ويكشف ذلك االندفاع ر
والحىل ،وجراحات التجميل ،وتعريض الجسم للشمس ي الم ريايد بصباغة الشعر ،وأدوات التجميل ،واألزياء ،والوشم،
بشة معينة ،وانتشار صـالـونـات الـتـجـمـيـل ،وغيها ،يوضح وجود وع ر
ميايـد بـصـورة الجـسـد وثـقـافـة الـصـورة، الكتساب لون ر
ي ر
فـي عض تبدو فيه ثقافة القراءة والكتابة يف حالة تراجع إىل الوراء.
الطبيىع أو المعرض العام
ي مع تطور األزياء والوشم وأدوات التجميل والعطور وفنون اإلعالن ،أصبح الجسد بميلة المنظر
ـ يف هذا المجتمع ـ الخاص ب ـ «مجتمع الفرجة» ـ كما أشار بعض النقاد ـ الذي يتم اإلعجاب به وتأكيده .ولماذا هذا السعار
كبي إىل أن الثقافة المعارصة قد
الخارج أو الجسدي؟ إن ذلك يرجع إىل حد رر ي الشكىل أو
ي الخاص نحو الجمال الظاهري أو
الييي أو الزخرفة أو ر
طورت كما يشي «بورتيوس» اعتبارا أكي لعمليات ر
ر ي
الخارج ،أي للظل وليـس الـضـوء ،ولـلـعرض اليي ري ر ر ر
ر ي
الخارج فقط . كثيا ما تميل إىل مكافأة المواطن ري عىل مظهرهم
وليس الجوهر ،وهـي ثـقـافة ر
تشي بعض الدراسـات ـ هـي أن األفـراد ذوي الجاذبية يكون أداؤهم أفضل يف المدرسة سواء تم فالحقيقة المؤسفة ـ كما ر
وف العـمـل ،تدفع رواتب ر
ذلك من خالل تلقـيـهـم لمساعدات أكي أو حصولهم عىل درجات أفضل ،أو تلقيهم لـعـقـوبـات أقـل ي
أكي لهم ،ووظـائـفـهـم تـكـون أعـلـى مكانة ،كما أنهم يحصلون عىل ترقيات أشع .ي
وف عالقاتهم مع الزمـالء ،أو (مخصصات) ر
األزواج فإنهم يكونون أصحاب القرارات االمهمة ،وهم غالبا ما ينظر إليهم ر
حت بواسطة الغرباء عنهم تماما عىل أنهم
فف القصص الخيالية غالبا ما يكون األبطاليتسمـون بـالجـاذبـيـة واألمـانـة ،ويتحلون بالفضيلة والنجاح .وعالوة عىل ذلك ،ي
األشار هم غالبا أقل جماال ر
وأكي قبحا .ويتعـلـم األطـفـال مـن متسم ري بالوسامة ،وتكون البطالت متـسـمـات بـالجـمـال ،بينما ر
ذلـك عىل نحو ضمت أن الناس األخيار الطيب ري يتسمون غالبا بالجمال ،بينمـا يتسم ر
األشار بالقبح .ويعيـد المجتمـع تـكـرار ي
هـذه الـرسـالـة بـوسـائـل عـدة حساسة .تقوم اإلعالنات ،بشكل خاص ،بخلق صور جسد مثالية ،ال يستطيع معظم الناس
ينبىع عليهم محاولـة ذلك .
الوصول إليها ،لكنهم يرون مع ذلك أنه ي
ولذلك يقع العديد من األفراد غالبا يف أحابيل الكتب المبسطة وبرامج الحمية وجراحات التجميل وأنظمة التنحيف أو
تخفيف الوزن ،بينمـا يـقـع آخرون عديدون يف براثن االكتئـاب ،إن ذلـك كـلـه خـلـق صـنـاعـات جـديـدة ومؤسسات جديدة تقدر
ثرواتها ر
بعشات المليارات من الدوالرات غالبا ما تقوم عىل أساس جماليات حديثة للجسد; جماليات رائعة ظاهريا ،وغالبا
متطرفة وفتاكة جوهريا .
الست بأسوأ مما فيه ،إذا كانت كاتبته امرأة جميلة ،لكنهم ال
كذلك كشفت دراسة أخرى عن أن النساء قد يصفن المقال ر
السلت يعطون تقديرات مرتـفـعـة مبالغا فيها إذا كان كاتبه رجال وسيما ،وهذا معناه أن النساء يكن ر
أكي ذاتية يف االتجاه
ري
وأكي موضوعـيـة فيما يتعلق بالرجال المتسمي بالوسامة ،ف حي يكون الرجال ر
أكي (خفض التقييم) فيما يتعلق بالنساء ،ر
ي ر ر
ذاتـيـة ر
وأكي إيجابية ومجاملة بشكل عام ،فيما يتعلق بما تكتبه النساء الجميالت أو ترسمنه.
ر
األكي جاذبية عىل أنهم يعانون من ألم أقل ،وأنهم ٢ـ وكشفت دراسة أخرى عن أن األطباء أنفسهم يدركون المرض
ر
الت يعمل خاللها الجـمـال ضد أصحابه.
وتعتي هذه واحدة من المناسبات القليلة ي
ر يحتاجون إىل رعاية طبيعية أقل أيضا،
األكي جـاذبـيـة يـحـظـون باهتمام ر
أكي ،ويعاقبون أقـل فـي الـبـيـت وفـي المدرسـة، ٣ـ وتبي من دراسات أخرى أيضا أن األطفال ر
ر
وتشي دراسات أكي فاعلية وأنها تحظ بمكانة أعىل مقارنة بزميالتها. وأن الـفـتـاة األ كـثـر جماال تكون ذات مهارات اجتماعية ر
ر
أخرى كذلك إلـى أن المدرس ري يـعـطـون درجات أعىل للتالميذ المتسم ري بحسن المظهر وأنهم يعاقبونهم بدرجة أقل مقارنة
بزمالئهم األقل جاذبية.
وف دراسات أخرى مماثلة تب ري أن حسن المظهر قد ال يؤثر يف عملية اإلدانة أو التجريم لكنه قد يؤدي أحيانا إىل تخفيف
ي
ر
العقوبة .فقد كشفـت نتائج إحدى الدراسات ي
الت أجـريـت عـلـى ٢٢٣٥مـتـهـمـا فـي بـعـض حـاالت الجنح ،أن القضاة قد
أصدروا أحكاما تشتمل عىل غرامات أقل عىل األفراد ر
األكي جاذبية ،كما طلب منهم دفـع كـفـاالت إطـالق سـراح ذات قـيـمـة
شي إىل وجود عـنـصـر ذاتـي ،حـتـى فـي مـثـل هـذه اإلجـراءات المف ريض فيها أن تكون موضوعية.
أقـل أيضا ،مما ي ر
٦ـ الجدير ذكره أن دراسات أخرى قد جاءت بنتائج أخرى ال تتفق مع االتجاه العام للدراسات السابقة ،فقد أظهرت دراسة
شاملة قام أصحابها بتحليل نتائج ٣٠دراسة فرعية عىل هذا الموضوع أن المنـظـر والجـاذبـيـة ال يرتبطان إطالقا بالذكاء،
فنحن نمنـح األ كـثـر جـاذبـيـة درجـات وهـمـيـة مـن الذكاء قد ال تكون موجودة لديهم فعال .
يشي «بنكر»; ر
فحت األطفال الرضع الذين كانت ر
الت يجتذبها الجمال ،يبدو أنها تعمل بطريـقـة فـطـريـة ،كـمـا ر
إن الع ري ي
أعمارهم تصل إىل ثالثة أشهر فقط ،فضلوا أن ينظروا وقتا أطول إىل الوجه الجميل مقارنة بنظرهم إىل الوجوه العادية أو
األقل جماال .
ر
االسيادة من المعرفـة غي الوجه يمكن للقارئ الذي يريد
كذلك أجريت دراسات أخرى عىل مناطق أخرى من الجسد ر
حـولـهـا أن يـعـود إلـى كـتـاب "ستيفن بنكر" سالف الذكر خاصة الفصل السابع منه وهو بعنوان » Family Valuesأي قيم
ر ي
الخارج ،أو جمال الجسد ،ونختتم هذا الحديث نكتف بهذا القدر من الحديث عن الجمـال الظاهري ،أو
ي العائلة ،لكننا
بالقول إن مفهوم «الجمال» يف ضوء ما سبق ال يمكن تحديده يف إطار واحد ،أو من خالل مفهوم تصور محـدد ،والحـل
األفـضـل هـو أن نـنـظـر إلـيـه مـن خـالل مفهوم فتجنشت ري عن "صورة العائلة".
فقد أشار هذا الفيلسوف إىل أنه ال يمكن تعريف كل المفاهيم ف ضوء خاصية واحدة ر
مشيكة فقط ،ولكن ،بدال من ذلك، ي
يمكن النظر إىل عديد من المفاهيم يف ضوء مفهوم صورة العائلـة ،أي الحـالـة الـتـي تـبـدو عـلـيـهـا عائلة ما ،عندما تلتقط لهم
يشيكون طبعا يف أصولهم البيولوجية ،لـكـن مـن يـنـظـر إلـى الـصـورة سـيـرى بـعـض معا صورة فوتوغرافية جماعية ،إنهم ر
كبيا،وبعضهمسيى بعضهم ر وسيى أيضا اخـتـالفـات أخـرى عـدة قـد تـفـوق جـوانـب التشابه بينهم .إنه ر التشابهات بينهم ،ر
صغيا ،بعضهم جالسـا ،وبعضهم واقفا ،بعضهم مبتسمـا ،واآلخـر عـابـسـا ،أو شـاردا ،بـعـضـهـم مـن الذكور ،واآلخر من اإلناث
ر
...إلخ .
وينطبق األمر نفسه عىل األلعاب الرياضية ،فألعاب مثل الشطرنج وكرة القدم والجولف والتنس والكرة الطائرة...إلخ
أكي ،ومع ذلك تخضع لمفهوم واحد هو «اللعب» وأنها جميعها "ألعاب
تـشـتـرك فـي جـوانـب قـلـيـلـة وتختلف يف جوانب ر
رياضية".
وعلت الشاكلة نفسها يمكن النظر إىل الجمال :فالجمال قد يكون متعلقا باإلنسان .أو الحيوان ،أو النبـات ،أو الـصـخـور ،أو
الحس ،وقد يكون
ي اإلنسات خاصة يف الفنون المختلفة ،وقد يكون مرتبـطـا بـالجـانـب المادي ،أو
ي التعبي
ر الجـبـال ،أو الـبـحـار ،أو
التأمىل ،قد يتمثل يف حاالت صامتة ،أو حاالت متحركة أو يف مزي ــج من الـصـمـت
ي عرف ،أو
العقىل أو الم ي
ي متعلقا بالجانب
والحركة ،وقد يوجد يف وجه جميل أو جسد جميل ،أو مشحية جميلة ،أو فيلم جميل ،أو لوحة فنية جميلة ،أو مبت جميل،
أو مقـطـوعـة مـوسـيـقـيـة جميلة ،أو حديقة طبيعية جميلة لم تمسها أيدي ر
البش ،أو حديقـة أخـرى جميلة توالها اإلنسان
بالرعاية واالهتمام منذ المراحل األوىل لها .
ورغم االختالفات الهائلة ب ري كل هذه التكـويـنـات والحـاالت الـسـابـقـة ،وأيضا كل ما سبق أن رأشنا إليه يف هذا الفصل من
صور للجمال وتنويعات له ،فإننا نصفها عموما بأنها جميـلـة ،فـهـنـاك إذن «صـورة عـائـلـة» خـاصـة بالجميل والموضوعات
ر
السء الجميل» وكذلـك هـذا الـشـعـور الخـاص
الجميلة ،وهذا الوصف محصلة للتفاعل ب ري الوجود المادي الخاص «لهذا ي
«الجماىل» له .
ي الـذي يتولد بداخلنا نتيجة إدراكنا له واستمتاعنا به وتأملنا
يوجد الجمال يف جميع مظاهر الحياة ،يف الطبيعة والمبـانـي والـبـشـر والفنون واللغة...إلخ .كما يوجد يف الـعـلـم ذاتـه أيـضـا،
يات ريتشارد الفيياء ف القرن ر
العشين عىل أن الجمال هو المقيـاس األسـاسـي للحقيقة العملية.
فالفي ي
ر ي حـيـث يـجـمـع أبـرز علماء ر
فينمان يرى «أن المرء يمكن أن يستب ري الحقيقة بفضل جمالها وبساطتها» ويعلن هايز رنيج أن «الجمال يف العلوم الدقيقة
وف الفنون عىل الـسـواء هـو أهـم مـصـدر مـن مـصـادر االسـتـنـارة والوضوح".
ي
خاتمة:
تشتمل عمليات التفضيل ،عامة ،عىل المقارنة والتميـيـز واالخـتـيـار مـن ب ري عدد من البدائل المتاحة لنمط مع ري من
التفكي أو السلوك أو االنفعال .
ر الم رثيات ،وألسلـوب مـعـ ري مـن
التعبي
ر تمييات واختيارات ،ربي البدائل الجمالية المتاحة ،ويتم
الجماىل عملـيـة مـركـبـة تـشـتـمـل عـلـى مـقـارنـات و ر
ي والتفضيل
تعبيات لفظية ،أو اختيارات سلوكية
الجماىل من خالل أحكام جمالية خاصة يصدرها الفرد عىل هيئة ر
ي عن هذا التـفـضـيـل
معينة ،تظهر ف جوانب عدة من سلوكـه كـمـا ف اختياره لكتابات معينة ك يقرأها ،وللوحات معينـة كـي يـشـاهـدهـا ،أو ر
حت ي ي ي
غيها وأللوان معينة من ر ر
الت يفضل سماعها أكي من ر يقتت مستنسخات منها ،وأيضا فـي األعـمـال المـوسـيـقـيـة ي
ي يقتنيها ،أو
غي ذلك من التفضيالت الجمالية .
وف ر
المالبـس أو األثـاث نفضلها ،ي
الجماىل ،خاصة
ي يعتيهما شيئا واحدا ،لكننا نميل إىل اعتبار التفضيلالفت ،والبعض ر
جماىل بالتذوق ي ي يرتبط التفضيل ال
النست ألنماط لـدى الـكـبـار ولـيـس لـدى األطفال ،مرحلة متقدمة من عملية التذوق الفت ،عملية ترتـبـط بـالـبـلـورة ر
واليسيخ
ري ي
الفت ألن التفضيل ر الجماىل .كـمـا أن الـتـفـضـيـل
الجماىل هو أيضا سلوك أكي اتساعا وشموال من التذوق ي ي ي معينة من السلوك
ر
والت يحاول هذا
تمية ي
يستثي بداخلنا تلك اإلحساسات الجمالية الم ر
ر وغي الفنون ،وبكل ما
الجماىل يرتبط بتفضيل الفنون ر
ي
الكتاب أن يحيط بها .
وتلعب عوامل عدة رأشنا إليـهـا فـي هـذا الـفـصـل ،كـالمـتـعـة ،والـتـخـيـل ،والتقمص ،والمسافة النفسية ،واأللفة والشخصية
الجماىل هذه لدى
ي وغيها من العوامل ،دورها المهم يف التشكيل الخاص لعمليات التـفـضـيـل
والخية والمعرفة ،ر
ر والثقافة،
األفراد.