You are on page 1of 7

‫الفصل الرابع‬

‫االدراك‬

‫اإلدراك (‪: )Perception‬‬


‫موض وع اإلدراك من المواض يع ذات األهمي ة لدى علم اء النفس المعرفيون بشكل خ اص‪،‬‬
‫فه و يمث ل العملي ة الرئيس ة ال تي من خالله ا يتم تمثي ل األش ياء في الع الم الخ ارجي وإ عطاءه ا‬
‫المع اني الخاص ة به ا‪ ،‬فه و عملي ة معرفي ة تمكن األف راد من فهم الع الم الخ ارجي المحي ط بهم‬
‫والتكيف معه من خالل اختيار األنماط السلوكية المناسبة في ضوء المعاني والتفسيرات التي‬
‫يتم تكوينها لألشياء‪ .‬فاإلدراك عملية تجميع االنطباعات الحسية المختلفة عن العالم الخارجي‬
‫وتفسيرها وتنظيمها في تنظيمات عقلية ليتم تشكيل خبرات فيها تخزن في الذاكرة بحيث تشكل‬
‫نقط ة مرجعي ة للس لوك أو النش اط يتم اللج وء إليه ا خالل عملي ات التفاع ل م ع الع الم الخ ارجي‬
‫فهو عملية ال شعورية ولكن نتائجها شعورية اإلحساس واإلدراك يرتبط اإلدراك ارتباطا وثيقا‬
‫باإلحس اس ل ذا ال يمكن الح ديث عن عملي ة اإلدراك بمع زل عن عملي ة اإلحس اس ولكنهم ا ليس ا‬
‫عملي ة واح دة حيث توج د ف روق بين العملي تين اإلحس اس عملي ة فس يولوجية تتمث ل في اس تقبال‬
‫اإلثارة الحسية من العالم الخارجي وتحويلها إلى نبضات كهروعصبية في النظام العصبي‪ ،‬في‬
‫حين أن اإلدراك هو عملية تفسير لهذه النبضات واعطاها المعاني الخاصة بها‬
‫فـ (اإلدراك) عملية نفسية ذات بعد حسي يرتبط باإلحساس من جهة وبعد معرفي يرتبط التفكير‬
‫والت ذكر من جه ة أخ رى‪ .‬إذ أن تفس ير االنطباع ات الحس ية يعتم د على الخ برات المخزن ة في‬
‫ال ذاكرة فعن د قولن ا كت اب فمث ل ه ذا التفس ير ج اء اعتم ادا على الخ برات المخزون ة س ابقا ل دينا‬
‫والمرتبطة بالشكل‪ .‬وهكذا يمكن القول بأن اإلحساس هو الوعي أو الشعور بوجود شيء من‬
‫خالل اإلث ارة القادم ة ع بر المجس ات الحس ية في حين أن اإلدراك ه و المع نى أو التفس ير ال ذي‬
‫يعطي مثل هذه اإلثارة اعتمادا على الخبرة السابقة وبالرغم من ارتباط اإلدراك باإلحساس في‬
‫الكثير من الحاالت إال أنه في حاالت أخرى ال يرتبط إدراكنا لألشياء بعملية اإلحساس بها أي‬
‫ال يعتمد اإلدراك على اإلحساس دائما‪ ،‬فأصوات األسماك وبعض الحشرات والطيور ال يمكن‬
‫لحواس نا اس تقبالها ولكن يمكن إدراكه ا وتش كيل ص ور ذهني ة له ا‪ ،‬كم ا يمكن للجه از العص بي‬
‫أدراك العدي د من المنبه ات رغم ع دم وجوده ا أو اإلحس اس به ا‪ .‬فاإلحس اس ه و بمثاب ة تش كيل‬
‫تصور عن أول انطباع حسي في حين أن اإلدراك هو تفسيلر لهذا االنطباع وإ عطاءه المعنى‬
‫الخاص به ‪.‬‬
‫خصائص اإلدراك ‪:‬‬
‫يعتمد اإلدراك على المعرفة والخبرة السابقة‪ ،‬حيث يشكالن اإلطار الذي يرجع إليه الفرد في‬
‫إدراكه وتمييزه لألشياء التي يتفاعل معها وبدونها يصعب إدراك األشياء وتمييزها فهو يتميز‬
‫بأنه‪:‬‬
‫‪1‬ــ عملي"ة تص"نيفية‪ :‬حيث يلج أ األف راد ع ادة إلى تجمي ع اإلحساس ات المختلف ة في فئ ة معين ة‬
‫اعتم ادا على خص ائص مش تركة بينه ا مم ا يس هل عملي ة إدراكه ا ‪ ،‬ف الفرد ال ذي لم ي ر ط ائر‬
‫الن ورس من الس هل علي ه إدراك ه على ان ه ط ائر بوج ود خص ائص مش تركة بين ه وبين طي ور‬
‫أخ رى‪ .‬أن مث ل ه ذه الخاص ية تس اعدنا في إدراك وتمي يز األش ياء الجدي دة أو غ ير المالوف ة‬
‫بالنسبة لنا حيث يعمل نظامنا اإلدراكي على استخدام المعلومات المتوفرة لدينا ومطابقتها مع‬
‫خصائص األشياء الجديدة مما يسهل عملية تصنيفها وإ دراكه‪.‬‬
‫‪2‬ـــ عملية تكيفية‪ :‬حيث يمتاز نظامنا المعرفي بالمرونة والقدرة على توجيه االنتباه والتركيز‬
‫على المعلومات األكثر أهمية لمعالجة موقف معين أو التركيز على جوانب وخصائص معينة‬
‫من ذلك الموقف‪ ،‬كما تتيح هذه الخاصية إمكانية االستجابة على نحو سريع ألي مصدر تهديد‬
‫محتم ل‪3 .‬ـــ عملي""ة أوتوماتيكي""ة‪ :‬حيث تتم على نح و ال ش عوري ولكن نتائجه ا دائم ا ش عورية‬
‫في الغالب ال يمكن مالحظة عملية اإلدراك اثناء حدوثها ولكن يمكن مالحظة نتائجها عل نحو‬
‫مباشر أو غير مباشر‪.‬‬
‫مبادئ اإلدراك ‪:‬‬
‫تسند مبادئ االدراك على نظرية الجشطالت التي ظهرت بداية القرن العشرين في ألمانيا على‬
‫ي د (م اكس فرتيم ار) وال تي تع د ث ورة علمي ة على النظري ات الس لوكية والمدرس ة البناني ة ال تي‬
‫اكدت على ضرورة تحليل الظاهرة النفسية إلى مجموعة أجزاء او عناصر من اجل فهمها و‬
‫ادراكها ‪ .‬بينما تؤكد نظرية الجشطالت الطبيعية الديناميكية للذاكرة حيث ترى أن الذاكرة تعمل‬
‫على إع ادة تنظيم مكوناته ا لتش كيل م ا يس مى بالك ل الجي د وتس عى إلى إع ادة تنظيم العالق ات‬
‫القائم ة بين عناص ر الخ برة لتحاف ظ على المع نى أو البني ة الكامن ة في ه‪ ،‬فعملي ة اإلدراك ال تتم‬
‫على نحو مباشر وإ نما تحكمها آليات ومبادئ أطلق عليها أصحابه نظرية الجشطالت (مبادئ‬
‫التنظيم اإلدراكي) وال تي من خالله ا يتمكن األف راد من فهم األش ياء وتمييزه ا‪ ،.‬ومن ه ذه‬
‫المبادئ ‪:‬‬
‫‪1‬ــ مب دأ التقارب‪ )Proximity( :‬يتم إدراك الم ؤثرات الحس ية المتقارب ة في الزم ان أو المكان‬
‫على أنه ا تنتمي إلى مجموع ة واح دة‪ .‬فكلم ا ك انت مجموع ة العناص ر أك ثر تقارب ا فهي ت درك‬
‫على أنه ا تنتمي إلى مجموع ة واح دة‪ ،‬وه ذا يس هل تخزينه ا وت ذكرها الحق ا‪ ،‬فاألص وات ال تي‬
‫تسمع في زمان ومكان محدد تدرك على أنها تنتمي إلى مجموعة واحدة ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ مب دأ التش ابه‪ )Similarly( :‬يس هل إدراك األش ياء المتش ابهة أك ثر من غيره ا من األش ياء‬
‫المتباينة وفقا لخاصية التجميع أو التصنيف‪ .‬فاألشياء التي تشترك في خصائص معينة كاللون‬
‫أو الشكل أو الحجم أو التركيب أو االتجاه أو السرعة غالبا ما يتم إدراكها على أنها تنتمي إلى‬
‫مجموعة واحدة بحيث يكون اكتسابها وتذكرها بشكل أسرع من األشياء المتباينة‪ .‬يالحظ انه‬
‫يتم إدراك األش ياء في األعم دة على نح و أس رع وأس هل من األش ياء الموج ودة في الخط وط‬
‫األفقية نظرا لتشابهها في األعمدة وتباينها في الصفوف‬
‫‪ 3‬ـ مب دأ االتص ال (‪ : :)Continuity‬نمي ل بطبيعتن ا إلى إدراك التنبيه ات الحس ية ال تي تش كل‬
‫نمط ًا مس تمرًا على أنه ا إلى مجموع ة واح دة ‪ ،‬إذ يمي ل االف راد إلى إدراك المث يرات على انه ا‬
‫تكونات منفصلة في الزمان والمكان ولكل منهما تكوينه الخاص الذي يكون باتصال خاص به‪،‬‬
‫فان كانت المثيرات متقاربة تدرك كوحدة ‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ مب دأ اإلغالق‪ :)Closure( :‬في أغلب الح االت يتم إدراك األش ياء المكتمل ة وال تي تمت از‬
‫باالستقرار على نحو أسهل من األشياء الناقصة ‪ .‬ففي التنبيهات الحسية التي تمتاز باالكتمال‬
‫واالس تقرار والبس اطة تش كل تكويًن ا إدراكي ًا ذا مع نى وي ؤدي وظيف ة معين ة بحيث تك ون عملي ة‬
‫إدراكه أسهل وأسرع من التنبيهات الحسية التي تمتاز بالنقص وعدم االكتمال‪ .‬ولكن في حالة‬
‫التنبيه ات الحس ية الناقص ة أو غ ير المكتمل ة ف إن نظامن ا اإلدراكي يعم ل على توف ير بعض‬
‫المعلوم ات بن اءا على الخ برات الس ابقة لس د الثغ رات وإ كم ال النقص فيه ا بغي ة الوص ول إلى‬
‫حالة االكتمال او االستقرار لتكوين ما يسمى الكل الجيد‪.‬‬
‫‪5‬ـ ـ مبدأ التشارك باالتجاه (‪ :)Common direction‬تمتاز طبيعة االدراك لدينا بانه تأخذ نمط ًا‬
‫تكيفي ًا معين ًا بحيث نمي ل الى ادراك االش ياء ال تي تأخ ذ وض عية معين ة او تس ير في اتج اه معين‬
‫على انها تنتمي الى مجموعة واحدة في حين ان االشياء التي تختلف معها باالتجاه فهي تدرك‬
‫على انها مجموعة اخرى ‪.‬‬
‫‪ 6‬ـ مبدأ البس اطة (‪ : )Simplicity‬يميل األفراد عادة إلى تجمي ع خص ائص المث يرات مع ًا على‬
‫نح و يمكن ه من تحقي ق تفس ير أبس ط او اس هل له ا وذل ك في محاول ة منهم إلى تجنب الص عوبة‬
‫والتعقيد‪.‬‬
‫العوامل التي تؤثر في اإلدراك‪:‬‬
‫يوجد مجموعة من العوامل تؤثر في االدراك يمكن اجمالها باالتي ‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ الوضوح والبساطة والتقارب‪ :‬غالبا ما يواجه األفراد صعوبة في إدراك المثيرات الغامضة‬
‫والمبهم ة في حين أن المث يرات ال تي تمت از بالوض وح والبس اطة والتق ارب وغ ير ذل ك تس هل‬
‫عملية إدراكها ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ مستوى الدافعية‪ :‬غالبا ما يميل األفراد إلى تفسير الكثير من الحوادث أو المثيرات اعتمادا‬
‫على م دى وج ود داف ع أو حاج ة ل ديهم‪ .‬ف الفرد الج ائع ي نزع إلى تفس ير األش ياء او المث يرات‬
‫والسيما تلك الغامضة منها على أنها أشياء ترتبط بالطعام‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ المثيرات والمواقف المألوفة‪ :‬إدراك التنبيهات الحسية أو المثيرات والمواقف المالوفة أسهل‬
‫وأسرع مقارنة مع المثيرات والمواقف الجديدة غير المألوفة‪ ،‬فغالبا ما يسهل على الفرد تحديد‬
‫وتمي يز محتوي ات بيت ه أو الش ارع ال ذي يس كن في ه بش كل أس هل من األم اكن األخ رى غ ير‬
‫المألوفة له تلك التي خبرها لمرة واحدة ‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ التوق ع‪ :‬غالب ا م ا يتم إدراك المنبه ات الحس ية كم ا هي في الواق ع حيث يت أثر اإلدراك‬
‫بالجوانب النفسية والعوامل الذاتية لدى الفرد‪ .‬ويلعب التوقع دورا مهما في هذه العملية إذ يغلب‬
‫على إدراكنا الكثير من المواقف طبيعة التوقعات المسبقة والمرتبطة بحدوث تلك المواقف‪ .‬فلو‬
‫توق ع الف رد على نح و مس بق حص ول ش يء م ا فه و غالب ا م ا يفس ر آي ة ح وادث تق ع على أنه ا‬
‫مؤشرات لحدوث ذلك الشيء‪.‬‬
‫‪5‬ـ ـ الحال ة االنفعالي ة‪ :‬ت ؤثر المواق ف االنفعالي ة ال تي يم ر به ا الف رد ك القلق والخ وف والح زن‬
‫وغيره ا في طريق ة إدراك ه للمواق ف المث يرات ال تي يواجهه ا‪ ،‬إذ أن مث ل ه ذه من الح االت‬
‫االنفعالي ة غالب ا م ا تص رف انتب اه الف رد عن المواق ف المث يرة وتقل ل من مس توى الترك يز‬
‫فيها ‪.‬األمر الذي يؤدي إلى تفسيرها على نحو غير موضوعی ‪.‬‬
‫‪ 6‬ـ درج ة االنتب اه ‪ :‬يعتم د اإلدراك على درج ة االنتب اه ال تي يوليه ا الف رد الى المث يرات‬
‫والمواق ف ‪ ،‬فكلم ا ك انت درج ة االنتب اه كب يرة ل دى الف رد ك ان إدراك ه للمث يرات أس رع أفض ل‪،‬‬
‫فاالنتباه يتيح للفرد اكتشاف خصائص األشياء وتمييزها ويسهل عليه عملية استرجاع الخبرات‬
‫المرتبطة بها األمر الذي يساعد في سهولة إدراكها وتمييزها‪.‬‬
‫‪ 7‬ـ المنظومة القيمية‪ :‬تؤثر طبيعة القيم والمعتقدات التي يؤمن بها الفرد في إدراكه للعديد من‬
‫المواق ف والمث يرات وفي طبيع ة المع اني والتفس يرات ال تي يعطيه ا ل ه‪ .‬ف األفراد ال ذين يعيش ون‬
‫في بيئ ة محافظ ة متش ددة يفس رون الح وادث والمث يرات بط رق مختلف ة عن تل ك ال تي يق دمها‬
‫األخ رون ال ذين ينش ئون في بيئ ات متح ررة‪ .‬ويلعب اإلدراك االجتم اعي دورا في ص ياغة‬
‫اإلدراك الف ردي ل دى أف راد البيئ ة الواح دة‪ ،‬إذ ع ادة م ا يغلب على إدراكهم لبعض المواق ف أو‬
‫المثيرات صيغة متماثلة وموحدة ‪.‬‬
‫‪ 8‬ـ المي ول واالتجاه ات الشخص ية‪ :‬يت أثر إدراك الف رد ع ادة بم دى ت وفر المي ول واالتجاه ات‬
‫اإليجابية نحو موضوع أو حدث معين‪ .‬فالفرد المحايد في اتجاه وميوله غالبا ما يفسر األشياء‬
‫ويدركها بطريقة مختلفة عن اآلخرين الذين يمتازون بتحيز او لديهم اتجاهات سلبية نحو تلك‬
‫األشياء‪.‬‬
‫‪ 9‬ـ طبيع ة التخص ص أو المهن ة‪ :‬يت أثر إدراك الف رد للعدي د من المواق ف والمث يرات بطبيع ة‬
‫التخص ص أو المهن ة ال تي يعم ل به ا‪ .‬ف إدراك الم زارع للحق ل يختل ف عن إدراك الفن ان ل ه أو‬
‫نظرة عالم النبات‪ ،‬إذ أن كال منهم يسعى إلى تشكيل انطباع أو تفسير معين عن هذا الحقل في‬
‫ضوء طبيعة توجهاته المهنية‬
‫نظريات االدراك‪:‬‬
‫تختل ف النظ رة الى طبيع ة االدراك ‪ ،‬من حيث اعتب اره عملي ة مباش رة ‪ ،‬او عملي ة معالج ة‬
‫داخلية وهذه وجهات النظر كاالتي‪:‬‬
‫‪1‬ــ النظرية الذهنية‪ :‬يميز (دیکارت (‪ Descartes‬بين األفكار التي هي احوال نفس ية موج ودة‬
‫في ال ذات ويبن االش ياء ال تي هي امت داد له ا‪ ،‬ان ادراك الش يء الممت د ال يك ون اال وف ق احك ام‬
‫تضفي صفات الشيء وكيفياته الحسية ‪،‬وعليه فان االدراك عملية عقلية وليست حسية‪.‬‬
‫وقد ذهب باركلي (‪ )Berkeley‬الى القول (أن تقدير مسافة األشياء البعيدة جدا ليس احساسا‬
‫ب ل ه و احس اس عقلي يس تند اساس ا على التجرب ة ويؤك د من جه ة اخ رى ان االعمى في حال ة‬
‫استعادة البصر اثر عملية جراحية اليتوفر لدية أي فكرة عن المسافة البصرية‪ ،‬فكل األشياء‬
‫البعي دة والقريب ة بالنس بة الي ه تب دو انه ا موج ودة في العين ب ل في الفك ر وق د اثبت الج راح‬
‫االنكل يزي ش يزلندن(‪ )Sheselden‬ذل ك فيم ا بع د ‪ .‬لق د أهملت ه ذه النظري ة الج انب الج انب‬
‫الموض وعي في عملي ة االدراك ‪ ،‬فالع الم ليس كم ا نفك ر في ه وانم ا الع الم ه و ه ذا ال ذي نح يى‬
‫ونعيش فيه ونتصل به ونتفاعل معه فنحن ندركه في الوقت الذي نحسه ‪.‬‬
‫‪٢‬ــ النظري"ة الجش"طالتية‪ :‬ت رى ه ذه النظري ة أن اإلدراك واإلحس اس ش يء واح د فه و اس تجابة‬
‫كلية تفرضه علينا البيئة من سلوك اتجاهها‪ ،‬وعليه فان عملية االدراك التعطي الصور الذهنية‬
‫للمعطي ات الحس ية عن طري ق العق ل‪ ،‬وإ نم ا ن درك الموض وعات في المج ال العقلي في ص ورة‬
‫ص يغ تف رض علين ا االنتب اه له ا والنتيج ة من ك ل ه ذا هي أن الع الم الخ ارجي يوج د على ش كل‬
‫منظم وفق قوانين معينة وعوامل خارجية موضوعية‪.‬‬
‫لقد أهملت هذه النظرية دور العوامل الذاتي ة وجعلت من عقل االنسان مجرد جهاز استقبال‬
‫س لبي‪ ،‬واذا ك انت ال ذات التت دخل في عملي ة االدراك فكي ف نفس ر اختالف الن اس في ادراك‬
‫الشيء الواحد؟ وكيف نفسر الخلل الذي يطرأ على االدراك اذا اصيب الجهاز العصبي لالنسان‬
‫باصابة ما ؟ ولماذا الندرك االشياء التي النتبه اليها؟ وكيف يمكن لإلنسان أن يدرك شيئا اذا لم‬
‫يكن قادرا على االقل التمييز بين ذاته التي تدرك والموضوع المدرك‪.‬‬
‫‪3‬ـــ النظري""ة الظواهري""ة‪ :‬يعتق د اص حاب ه ذه النظري ة أن الش عور ه و ال ذي يب نى الم دركات‬
‫وينظمها ولذلك فهو يدعونا الى ضرورة االكتفاء بوصف ما يظهر للشعور قصد الكشف عن‬
‫المعطى دون أي اعتماد على فروض او نظريات سابقة مثل فكرة الجوهر عند ديكارت وفك رة‬
‫المك ان عن د ك انت وغيره ا وهك ذا ‪ ،‬ف األدراك عن دهم ه و امتالك المع نى ال داخلي للش يء‬
‫المحسوس قبل اصدار الحكم‪.‬‬
‫‪4‬ــ النظرية العضوية‪:‬‬
‫يمثل هذه النظري ة ك ل من (ويبنر‪ )Wapener‬و(ويرنر (‪ Werner‬اللذان يؤكدان على ا ان‬
‫أدراك المكان اليتم اال بتظافر العوامل الذاتية والعوامل الموضوعية وقد اعتمدت على مسلمات‬
‫هي‪:‬‬
‫التطابق بين الذات المدركة وشدة المنبه‪.‬‬ ‫أ‪.‬‬
‫التفاعل بين التأثير الصادر عن الموضوع والتأثير الصادر على الذات‪.‬‬ ‫ب‪.‬‬
‫يتض ح من ه ذه النظري ة الط ابع التك املي في عملي ة اإلدراك فالعوام ل الذاتي ة والموض وعية‬
‫أساسية في عملية اإلدراك‪.‬‬
‫‪5‬ـــ النظري"""ة البيئي"""ة ‪ :‬ينظ ر أص حاب ه ذه النظري ة الى اإلدراك على ان ه عملي ة مباش رة‬
‫الش عورية تعتم د بالدرج ة األولى على خص ائص األش ياء الموج ودة في الع الم الخ ارجي وال تي‬
‫تزودنا بها الطاقة المنبعثة عنها‪ ،‬فاإلثارة الحسية التي تحدثها الطاقة المنبعثة عن األشياء فيها‬
‫من الخص ائص م ا يكفي لتمييزه ا والتع رف عليه ا دون الحاج ة الت دخل النظ ام االدراكي ‪،‬الى‬
‫اج راء عملي ات داخلي ة توس يطية عليه ا ‪ ،‬فالض وء المنعكس عن الش يء الخ ارجي في ه من‬
‫الخص ائص والمعلوم ات م ا يكفي لتمي يزه والتع رف علي ه‪ .‬وحس ب ه ذه النظري ة ف ان النظ ام‬
‫االدراكي لدينا سلبي تتمثل مهمته في التقاط خصائص األشياء والحوادث الخارجية وتجميعها‬
‫تمام ا كم ا يتم ال تزود به ا من خالل المجس مات الحس ية دون أن يج ري عليه ا اي ة تح ويالت او‬
‫معالج ات وتؤك د ه ذه النظري ة أن الخط أ في االدراك يرج ع بالدرج ة األولى الى ع دة عوام ل‬
‫منها ما يرتبط بخصائص األشياء والبعض االخر يرتبط بخصائص الفرد فقد يرجع الخطأ في‬
‫االدراك الى غموض االشياء في الخارج وعدم وضوحها او العدم وجود معلومات كافية عنها‬
‫او ربما يرجع الى عوامل شخصية مثل التوتر والتعب والحاجات والقابليات‪.‬‬
‫‪6‬ــ النظري ""ة البنائي ""ة‪ :‬تؤك د ه ذه النظري ة على الطبيع ة البنائي ة لالدراك حيث تف ترض أن‬
‫االدراك عملية تقدير تخمينية لالشياء وليس مجرد عملية مباشرة تقوم على التقاط الخصائص‬
‫التي تزودنا بها الطاقة المنبعثة من األشياء ويعد العالم االلماني هلمهولتز(‪ )Hwlmholtz‬من‬
‫اوائل المدافعين عن هذه النظرية‪ ،‬وتؤكد هذه النظرية على الطبيعة النشطة لنظامنا االدراكي ‪،‬‬
‫فه و يعم ل على تع ديل االنطباع ات الحس ية عن االش ياء الخارجي ة من اج ل تق ديرها وتفس يرها‬
‫فاالنطباع الحسي يخضع الى عملية معالجة تعتمد على استخدام مصادر اضافية من المعلومات‬
‫غير تلك التي يتم التزود بها من خالل المجسات الحسية ‪ ،‬ومثل هذه المعلومات يتم ال تزود به ا‬
‫من خالل النظ ام االدراكي اعتم ادا على طبيع ة العملي ات المعرفي ة المس تخدمة في المعالج ة‬
‫والخبرات السابقة المخزنة في الذاكرة ‪ ،‬فاالدراك يعتمد على مجموعة واسعة من المعلومات‬
‫بعضها ما يقع ضمن نطاق االحساس في حين يقع بعضها االخر خارج نطاقة وتشمل مثل ه ذه‬
‫المعلوم ات على التوقع ات والخ برات الس ابقة ال تي يتم بناءه ا من االنش طة الس ابقة لعملي ات‬
‫االدراك‪ ،‬ومن هن ا فالع الم الخ ارجي ليس ك اٍف لتزوي دنا بالمعلوم ات المالئم ة ال تي تمكنن ا من‬
‫ادراك ه بش كل مباش ر اذ الب د من وج ود آلي ة معرفي ة تتض من اض افة بعض المعلوم ات الى‬
‫المنبهات الخارجية لتسهيل عملية فهمها او ادراكها‪.‬‬

You might also like