Professional Documents
Culture Documents
السنة الجامعية2022/2021:
1
مقدمة:
تمثؿ دراسة القانوف الدستوري أىمية بالغة ،لكؿ الميتميف والدارسيف لمعموـ القانونية.
فالقانوف الدستوري يأتي عمى قمة البناء القانوني في الدولة ،ومنو تستمد كافة السمطات
اختصاصاتيا ،كما يجب أف تصدر كافة التشريعات في البالد بما ال يخالؼ ىذا القانوف،
فيو أساس الدولة ورمز شرعية الحكـ فييا وحصف لمحقوؽ مف العقوؽ 1.حيث يحدد القانوف
الدستوري األسس والمبادئ السياسية واالجتماعية واالقتصادية التي تسير عمييا الدولة ،وىو
الذي يحدد شكؿ الدولة،ويبيف عمؿ كؿ سمطة مف سمطات الدولة واختصاصاتيا ،وحدودىا
وعالقاتيا بالسمطات األخرى ،وىو الذي يبيف حقوؽ األفراد وحرياتيـ ،مما يجعؿ نوعا مف
التوازف بيف الحريات و السمطات.
وعميو فالقانوف الدستوري يساعد في تكويف ثقافة سياسية وقانونية لمميتـ بالقانوف،تؤىمو
لفيـ خبايا المسائؿ الدستورية ،التي تعرض عميو انطالقا مف الخمفية المعموماتية التي
يكتسبيا مف مصطمحات تبدو إليو مف الوىمة األولى أنيا غامضة مثؿ الدولة ،الحكومة،
السمطة ،النظاـ الدستوري.
وعميو فاف القانوف الدستوري يمنح لمطالب قاعدة معرفية ينطمؽ فييا لمعالجة ما يدور
حولو مف عمؿ سياسي ،ونشاط دستوري ،باعتبار أف ىذه األخيرة ذات صمة وثيقة بمختمؼ
القوانيف األخرى .فالقانوف الدستوري عمى ىذا األساس يتناوؿ تعريؼ الدولة ،كظاىرة سياسية مف
حيث تعريفيا نشأتيا ،أركانيا ،خصائصيا ،أشكاليا ،وىذا كمو تحت إطار ما يعرؼ بالنظرية العامة
لمدولة .إلى جانب ذلؾ ييتـ القانوف الدستوري بدراسة الدساتير التي تعد ركيزة أساسية لبناء
مؤسسات الدولة ،ولتنظيـ العالقة التي تربط
-غريبي فاطمة الزىراء،أصوؿ القانوف الدستوري و النظـ السياسية،دار الخمدونية لمنشر و التوزيع، 1
الجزائر،الطبعة،2116/1ص.7
2
المحكوميف بالحكاـ وتبياف كيفية اختيار ىؤالء وطريقة ممارستيـ لشؤوف الحكـ ،لكف إضافة
إلى ذلؾ فالقانوف الدستوري ييتـ بدراسة الدساتير مف حيث كيفية نشأتيا وطرؽ تعديميا وحاالت
نيايتيا ،كما يحدد طبيعة العالقة التي تربط الدستور الذي ىو أسمى وثيقة قانونية في الدولة ،بما
أدناه مف القوانيف والتي يجب أف ال تكوف متعارضة معيا ،بما يمزـ معو فرض الرقابة عمى دستورية
القوانيف ،والتي تختمؼ الدوؿ في مسألة األخذ بو ،وتختمؼ تمؾ التي تتبناه في طريقة تجسيدىا بيف
األسموب السياسي و األسموب القضائي.
بناء عمى ما تقدـ ،ومف أجؿ دراسة محاضرات القانوف الدستوري المبرمجة لمسداسي األوؿ
يستوجب دراستو وفقا لمتقسيـ التالي:
الفصؿ التمييدي :والذي خصص لماىية القانوف الدستوري.
الفصؿ األوؿ :وخصص لمنظرية العامة لمدولة ،و نوضح مف خاللو نشأة الدولة وبياف أركانيا ،ثـ
بعد ذلؾ خصائصيا ،واألشكاؿ التي تتخذىا في األخير .
الفصؿ الثاني :والمتضمف النظرية العامة لمدساتير ،التي تمتد إلى دراسة اإلطار ألمفاىيمي
لمدستور بصفة عامة ،والذي يتضمف تعريؼ الدستور وأنواعو ،مصادر القاعدة الدستورية ،تطور
الدساتير مف حيث نشأتيا ،تعديميا ونيايتيا ،ثـ الرقابة عمى دستورية القوانيف.
3
الفصل التمييدي :ماىية القانون الدستوري.
الشؾ في أف قياـ الجماعة السياسية المنظمة يفترض وجود دستور ليا ،يحدد القواعد التي
تحكـ حياتيا وتنظـ سيرىا ،فوجود الدستور ظاىرة عامة تتحقؽ في كؿ جماعة ليا طابع
النظاـ واالستقرار ،وتسير عمى مقتضى قواعد و سنف منضبطة ،ويبدو مف ذلؾ أف وجود
الدستور قد ارتبط بوجود المجتمع السياسي مند القدـ ،فكؿ مجتمع سياسي ،يخضع ػ أيا كاف
نوعو ػ لنظاـ سياسي معيف ،يوضح نظاـ الحكـ فيو ،وينظـ بالتالي العالقة بيف الحاكـ و
المحكوـ ،موفقا في ذلؾ بيف السمطة والحرية. 1
حيث أف استخداـ مصطمح القانوف الدستوري يعتبر حديث نسبيا في الدراسات القانونية
،وذلؾ بالقياس عمى غيره مف القوانيف فقد استعمؿ ألوؿ مرة في إيطاليا مف قبؿ الفقيو
اإليطالي opzpeedحيث جعؿ مصطمح القانوف الدستوري عنوانا لسمسة مف محاضراتو التي
ألقاىا في جامعة () qpeerepسنة 1797ثـ انتقؿ ىذا االصطالح إلى فرنسا عمى يد األستاذ
ipzzprepid edeepسنة 1834بجامعة باريس،حيث أنشأ وزير المعارؼ الفرنسي
جيزو ropedgأوؿ كرسي لمقانوف الدستوري بكمية الحقوؽ بباريس 2.1834ليعـ اعتماده في
بقية جامعات العالـ كقانوف منظـ لمسمطة وضامف لمحقوؽ والحريات.
وعمى الرغـ مف أف اصطالح " القانوف الدستوري" حديث النشأة ،إال أف الفقياء لـ
يتفقوا عمى تحديد الموضوعات التي تدخؿ في نطاؽ ىذا االصطالح ،نظ ار الختالفيـ في
حسف مصطفى البحري ،القانوف الدستوري(النظرية العامة) ،بدوف دار نشر ،سوريا ،الطبعة األولى ،2119/ص.35 1
-حمدي العجمي ،مقدمة في القانوف الدستوري ،في ضوء الدساتير العربية المعاصرة،دار الثقافة لمنشر و التوزيع ،الطبعة 2
األولى ،2119عماف األردف ،ص .18صايش عبد المالؾ،محاضرات في القانوف الدستوري،جامعة عبد الرحماف
ميرة،بجاية،كمية الحقوؽ و العموـ السياسية ،السنة الجامعية،2115/2114ص.16
4
تعريفو.و يرجع الخالؼ بيف الفقياء في تعريؼ القانوف الدستوري إلى اختالؼ الزاوية التي
ينظر إلييا كؿ منيـ.فمف الفقياء مف يعتمد عمى المدلوؿ المغوي ،ومنيـ مف يعتمد عمى
المدلوؿ الشكمي ،ومنيـ مف يتخذ مف المدلوؿ الموضوعي أساسا يستند إليو في تعريؼ
القانوف الدستوري ،و سوؼ نتحدث فيما يمي عف ىذه المدلوالت أو المعايير:
عمى الرغـ مف أف كممة دستور ليست عربية المنبت ،إال أنيا أصبحت شائعة
االستعماؿ بكثرة في الوقت الحاضر .ويقابؿ ىذه الكممة في المغتيف الفرنسية واالنجميزية
1
حيث تطمؽ كممة معنى اصطالح" " ndiegpgogpdiوالتي تعني التأسيس أو التكويف.
دستور في المغة الفارسية عمى عدة معاف متقاربة ،منيا الوزير ،ومنيا الدفتر الذي تجمع فيو
قوانيف الممؾ و ضوابطو وتكتب فيو أسماء الجند ومرتباتيـ ومف ىذه المعاني أيضا":
األساس أو األصؿ" .
وقد دخمت ىذه الكممة المغة العربية في أعقاب اتصاؿ العرب بالفرس بعد الفتح
اإلسالمي،ثـ شاع استعماؿ كممة دستور في االصطالح السياسي والدستوري وصارت
تعني":القانوف األساسي الذي يبيف أصوؿ نظاـ الحكـ".ويمكف القوؿ بوجو عاـ أف كممة
دستور تستخدـ لمداللة عمى القواعد األساسية التي يقوـ عمييا كؿ تنظيـ مف التنظيمات
ابتداء مف األسرة ،والجمعيات والنقابات واألحزاب ....وانتياء بالدستور العاـ لمدولة ،وطبقا
ليذا المعنى يعرؼ القانوف الدستوري بأنو":مجموعة القواعد القانونية التي تنظـ أسس تكويف
2
الدولة و مقومات بنائيا والقواعد التي يقوـ عمييا نظاميا".
ػ مولود ديدف ،القانوف الدستوري و النظـ السياسية ،دار بمقيس ،الجزائر ،الطبعة ،2114ص .6 1
5
ػ مف الواضح أف األخذ بيذا المعيار سيؤدي إلى تعريؼ القانوف الدستوري تعريفا واسعا يمتد
إلى كؿ الموضوعات التي تتعمؽ بوجود الدولة،ومقوماتيا وعناصر تكوينيا وشكميا ،مما
يجعؿ ىذا القانوف ال يقتصر عمى بياف نظاـ الحكـ في الدولة فقط ،وانما يمتد ليشمؿ نظاميا
اإلداري والقضائي وأيضا قوانيف الجنسية في الدولة.كما أف ىذا المعني يتعارض مع الوضع
العممي لمدراسات الجامعية ،فضال عمى أف االصطالحات القانونية ال يجوز تفسيرىا تفسي ار
لغويا بحثا.و أماـ ىذه االعتراضات لـ يثبت المعيار المغوي ،ولـ يفمح في إعطاء تعريؼ
1
عممي لمقانوف الدستوري.
يرجع ظيور المعيار الشكمي إلى عصر الثورة الديمقراطية،التي بدأت في أواخر القرف
18و ما رافقيا مف ظيور وانتشار موجة الدساتير المدونة،وبوجو خاص الدستور األمريكي
1787و الدساتير المتعاقبة في فرنسا.وقد كاف لذلؾ التدويف أث ار كبي ار في تعريؼ القانوف
الدستوري حيث ارتبط تعريفو بمصدر القاعدة القانونية واإلجراءات التي تتبع في وضعيا أو
تعديميا .وأصبح القانوف الدستوري مرادفا لمجموعة القواعد القانونية الواردة في الوثيقة
2
المسماة الدستور.
ومعنى ذلؾ أف كؿ ما تحتوي عميو وثيقة الدستور مف قواعد تعتبر قواعد دستورية،
وكؿ قاعدة ال تتضمنيا ىذه الوثيقة ال تعتبر دستورية.وعمى ىذا المنواؿ عرؼ البعض
3
القانوف الدستوري بأنو":عمـ الدساتير المكتوبة ".
ػ حسف مصطفى البحري ،المرجع السابؽ ،ص .41عبد الغني بسيوني ،النظـ السياسية والقانوف الدستوري ،منشأة 2
6
وعمى ىذا النحو يعني القانوف الدستوري تبعا لممعيار الشكمي الوثيقة الدستورية ذاتيا
بما تتضمنو مف أحكاـ و قواعد بمعنى اعتبار كؿ قاعدة منصوص عمييا في صمب الوثيقة
قاعدة دستورية ،بينما ال تعتبر كذلؾ كؿ قاعدة لـ تتضمنيا ىذه الوثيقة ،حتى لو كانت مف
حيث طبيعتيا أو جوىرىا قاعدة دستورية .
ػ عمى الرغـ مف وضوح المعيار الشكمي في تعريؼ القانوف الدستوري إال أنو قد وجيت
لو الكثير مف أوجو النقد والتي أوضحت عدـ كفايتو في تحديد مدلوؿ القانوف الدستوري.
حيث أنو ىناؾ دوؿ ليس ليا دستور مكتوب ،و مع ذلؾ ليا دساتير عرفية أو قواعد
دستوري ة مكتوبة في وثائؽ مختمفة مثؿ انجمترا.كما أف الدساتير المكتوبة ال تضـ كافة القواعد
الدستورية التي قد تكوف موجودة في قوانيف عضوية أو عيرىا.كما أنو قد نجد بعض القواعد
1
الواردة في الدستور و قد ال تكوف ذات طبيعة دستورية.
يعتمد المعيار الموضوعي أو المادي في تعريؼ القانوف الدستوري عمى مضموف أو
جوىر القواعد القانونية،بصرؼ النظر عف الشكؿ أو اإلجراءات المتبعة عند إصدارىا ،وبناءا
عمى ذلؾ يتضمف القانوف الدستوري":جميع القواعد القانونية ذات الطبيعة الدستورية أيا كاف
مصدرىا ،سواء تضمنتيا الوثيقة الدستورية،أو نظمت بقوانيف عادية،أوكاف مصدرىا العرؼ
2
الدستوري"
ػ عبد الغني بسيوني ،النظـ السياسية و القانوف الدستوري ،منشأة المعارؼ اإلسكندرية ،1997،ص . 295 2
7
أجمع الفقو بأف المسائؿ الدستورية مف حيث الجوىر أوالموضوع ىي" :مجموعة القواعد
القانونية األساسية التي تحدد النظاـ السياسي في الدولة أي تبيف شكؿ الدولة ونظاـ الحكـ
فييا وتنظيـ و تكويف السمطات العامة والعالقة فيما بينيا والعالقة بينيا وبيف األفراد."1 .
ويقوؿ األستاذ nroreg :إف الدستور بالمعنى المادي يعني مجموعة القواعد القانونية أيا
كانت طبيعتيا ،أو شكميا ،التي تتعمؽ بالسمطات األساسية في الدولة مف حيث
تشكيميا،اختصاصاتيا،وعالقتيا ببعضيا البعض.ويقوؿ الدكتور عثماف خميؿ :إف
2
الموضوعات الدستورية التي تتعمؽ بنظاـ الحكـ وسمطات الدولة ،وعالقاتيا ،وحقوؽ األفراد.
ال شؾ أف تعريؼ القانوف الدستوري تعريفا موضوعيا ،يؤدي إلى أف يكوف لكؿ دولة بغير
استثناء قانوف دستوري فضال عف ذلؾ ،فانو يؤدي إلى استبعاد القواعد غير الدستورية مف
دراسة القانوف الدستوري حتى ولو نص عمييا في وثيقة الدستور،ويعتد لذلؾ بجوىر وطبيعة
المسائؿ التي تعالجيا القاعدة الدستورية سواء كانت واردة في وثيقة الدستور أـ لـ مرد فييا
3
.
وعمى العموـ ورغـ أف معظـ الفقياء ػ سواء في فرنسا أو في مصر يأخذوف بالمعيار
الموضوعي في تعريؼ القانوف الدستوري ػ إال أنيـ لـ يتفقوا عمى تحديد موضوع واحد ،فمنيـ
مف يرى مجاؿ دراستو في الدولة وكيفية نشأتيا وشكميا.والبعض اآلخر يحصره في اآلليات
المتبعة في ممارسة السمطة العامة ،وآخروف يعالجوف مسألة حقوؽ اإلنساف.
ػ حساـ مرسي ،القانوف الدستوري ،دار الفكر الجامعي ،2114اإلسكندرية،ص .17 1
8
وعمى العموـ يمكف تعريؼ القانوف الدستوري بأنو مجموعة القواعد األساسية التي تحدد شكؿ
الدولة ونظاـ الحكـ فييا وتبيف سمطاتيا العامة وعالقتيا يبعضيا البعض ،وعالقة األفراد بيا
كما تقرر حقوقيـ و حرياتيـ المختمفة.
باعتبار أف الدستور ىو أساس وأصؿ المنظومة القانونية في الدولة،األمر الذي يجعؿ لو
عالقة مباشرة أو حتى غير مباشرة بكؿ فروع القوانيف األخرى.حيث تديف لو باالحتراـ
والسير وفؽ نيجو وخطاه،وكما أف الدستور يشمؿ عمى أسس وقواعد رئيسية في المجاالت
السياسية واالقتصادية واالجتماعية والثقافية مما يجعؿ منو الضابط األوؿ لفروع القوانيف
الداخمية العامة منيا والخاصة .وألف الدستور ىو أىـ فروع القانوف العاـ فإنو وثيؽ الصمة
1
بفروع القانوف العاـ وتقؿ نسبيا مع عالقتو بفروع القانوف الخاص.
تبرز أىـ أوجو العالقة بالنسبة لمقانوف العاـ الداخمي و القانوف العاـ الخارجي.
يوجد القانوف اإلداري عمى رأس القوانيف ذات العالقة بالقانوف الدستوري،ذلؾ أنو أىـ القوانيف
العامة المتعمقة بالقانوف الدستوري تـ يميو القانوف المالي:
- 1غريبي فاطمة الزىراء ،أصوؿ القانوف الدستوري و النظـ السياسية،دار الخمدونية لمنشر والتوزيع ،الجزائر،
الطبعة، 2116/1ص .14
9
أ ػ عالقتو بالقانوف اإلداري :لعؿ أىـ القوانيف اتصاال بالقانوف الدستوري ىو القانوف اإلداري،
لما ليما مف عالقة وطيدة ،ومع ذلؾ فالقانوف الدستوري أسمى مف القانوف اإلداري مف جية،
حيث يقرر القواعد والمبادئ األساسية لكؿ فروع القانوف العاـ بما فييا القانوف اإلداري ،الذي
يقتصر دوره عمى وضع ىذه المبادئ والقواعد موضوع التنفيذ ،ومف جية ثانية فالقانوف
الدستوري يتناوؿ نشاط الدولة السياسي ،في حيف أف القانوف اإلداري ييتـ بتحديد النشاط
اإلداري في الدولة .واذا كاف القانوف الدستوري ينظـ السمطات العامة في الدولة ويحدد الحقوؽ
والحريات العامة لألفراد وضمانات حمايتيا ،فاف القانوف اإلداري ال ييتـ إال بالوظيفة اإلدارية
لمسمطة التنفيذية،معتمدا في ذلؾ عمى مبادئ وقواعد الدستور.فالقانوف اإلداري إذف يكمؿ
1
القانوف الدستوري،و يكفؿ لنصوص الدستور التحرؾ والتطبيؽ.
أ ـ عالقتو بالقانون المالي :مثمو مثؿ القوانيف األخرى ،فإف القانوف المالي يستمد مبادئو
الرئيسية مف الدستور الذي يحدد قواعد وضع الميزانية خاصة ما يتعمؽ بالضرائب
واإليرادات وطرؽ اإلنفاؽ والموازنة بيف الجانبيف،و يحدد طرؽ تنفيذ الميزانية وأجيزة الرقابة
وأساليب ممارسة ىذه الرقابة،ويعود إلى القانوف تنفيذ ىذه المبادئ والسياسة المالية لمدولة
2
عموما مبينا و سائؿ تحقيؽ ذلؾ بدقة.
-قزو محمد أكمي،دروس في الفقو الدستوري والنظـ السياسية دراسة مقارنة،دار الخمدونية لمطباعة و النشر، 1
الجزائر،2116ص.11
-األميف شريط ،الوجيز في القانوف الدستوري و المؤسسات السياسية المقارنة،ديواف المطبوعات الجامعية ،الجزائر، 2
الطبعة،2115/4ص.13
11
يعرؼ القانوف الدولي العاـ عمى أنو مجموعة القواعد القانونية التي تحكـ روابط أشخاص
المجتمع الدولي،فيي تحدد حقوؽ الدوؿ وواجباتيا وكذا أشخاص القانوف الدولي كالمنضمات
1
الدولية.
فالقانوف الدستوري ىو الذي ينظـ كيفية إبراـ المعاىدات واجراء التمثيؿ في الخارج كما يبيف
مدى أخذه بمبادئ أحكاـ القانوف الدولي كييأة األمـ المتحدة ،والدليؿ عمى ذلؾ أف الدساتير
الحديثة تتضمف أحكاما متعمقة بمبدأ القوة القانونية لممعاىدات الدولية التي تبرميا الدوؿ فيما
بينيا .ومف ىنا نستنتج أف القانوف الدولي يستند في وجوده إلى القانوف الدستوري الذي يحدد
ويبيف لمدوؿ طرؽ واجراءات ووسائؿ نشاطيا في المجتمع الدولي .كما أف العديد مف مبادئ
القانوف الدولي تنص عمييا الدساتير وتكرسيا (مثؿ احتراـ الحقوؽ والحريات الفردية ،عدـ
التدخؿ في الشؤوف الداخمية....
المطمب الثاني :عالقة القانون الدستوري بفروع القانون الخاص و الفروع المختمطة.
تبرز عالقة القانوف الدستوري بفروع القانوف الخاص أضعؼ نسبيا بالمقارنة مع ما رأيناه
بخصوص فروع القانوف العاـ.و عميو سوؼ نوضح عالقة القانوف الدستوري مع القانوف
الخاص بصفة عامة ثـ عالقتو بالقانوف الجزائر باعتباره مف الفروع المختمطة.
11
-1عالقة القانوف الدستوري بفروع القانوف الخاص:عادة ما يترؾ الدستور العالقات الخاصة
تنظـ بشكؿ حر ودوف تدخؿ مف جانبو ،خاصة وأف القوانيف التي تضبط ىذه العالقات يغمب
عمييا طابع االستقرار والثبات مثؿ القانوف المدني والقوانيف المتعمقة باألحواؿ الشخصية .لكف
رغـ ذلؾ نجده يتضمف المبادئ واألسس العامة لمتنظيـ االقتصادي و االجتماعي لممجتمع
مثؿ النص عمى أف الممكية الخاصة مضمونة ويجب احتراميا مف طرؼ الغير ،وعمى
ضماف حماية األسرة و رعايتيا وتنظيميا ،ويعود إلى القوانيف الخاصة تجسيد ىذه المبادئ
1
وتفصيميا.
-2عالقة القانون الدستوري بالفروع المختمطة:نذكر مف بيف ىذه الفروع القانوف الجزائي
وقانوف اإلجراءات الجزائية .فإذا كاف القانوف الدستوري يحدد أسس المجتمع ،ويبيف النظاـ
السياسي القائـ فيو فإف القانوف الجزائي ىو الوسيمة الرئيسية لحماية كؿ ذلؾ مف االعتداء و
المساس بو كما يضع الضمانات القانونية لحماية حقوؽ اإلنساف وحرياتو مف خالؿ قانوف
اإلجراءات الجزائية .وىكذا نجد أف المبادئ الرئيسية لمقانوف الجزائي ولقانوف اإلجراءات
الجزائية نجدىا متضمنة في الدستور .مثؿ قاعدة عدـ جواز القبض عمى األشخاص إال طبقا
ألحكاـ القوانيف وحؽ الدفاع ...وغيرىا.
يعتبر موضوع الدولة مف الموضوعات الصعبة والمعقدة ،والتي اىتمت بيا جميع العموـ
اإلنسانية تقريبا ،سواء قديما أو حديتا.وتناوليا المفكروف بالبحث والتحميؿ مف مختمؼ الزوايا
واالختصاصات لمحاولة فيميا واإلحاطة بكؿ ما يتعمؽ بيا.والنظرية العامة لمدولة مف وجية
12
نظر القانوف الدستوري ،تعتبر موضوعو األساسي والرئيسي،لذلؾ سوؼ نحاوؿ مف خالؿ
ىذا المحور اإلجابة عف مجموعة مف األسئمة،والتي تثمتؿ عمى الخصوص في:كيؼ نشأت
الدولة ولماذا؟ ما ىي مكوناتيا وعناصرىا؟ وما ىي أشكاليا؟
قدـ المفكروف و الفقياء عدة نظريات لتفسير و إيضاح أصؿ نشأة الدولة ،وىـ
يقصدوف بذلؾ تحديد العامؿ أو العوامؿ األقوى والحاسمة في نشأة الدولة.وسوؼ نبيف فيما
1
يمي أىـ ىذه النظريات .
1ـ النظريات الدينية ( :التيو قراطية): 2ترجع ىذه النظريات أصؿ نشأة الدولة وأساس
الحكـ فييا إلى إرادة اإللو .الشيء الذي يترتب عنو كنتيجة أساسية تقديس واحتراـ الدولة
والحكاـ واإلقرار بسمطتيـ المطمقة فييا.
حيث أف ظيور الدولة مرجعيا إلى اهلل ،فيي حؽ مف الحقوؽ التي يستأثر بيا يمنحيا لمف
يشاء ومف ثـ فإف الحاكـ يستمد سمطتو مف اهلل ،مما يجعؿ إرادتو تسمو وتعمو عمى إرادة المحكوميف
بفعؿ الصفات التي تميزه والتي جعمتو يفوز بالسمطة دوف غيره مف أبناء مجتمعو ولقد لعبت ىذه
النظريات دو ار كبي ار خاصة في العصور القديمة بدءا مف العصر المسيحي والقروف الوسطى ،بؿ أف
-محمد رفعت عبد الوىاب ،األنظمة السياسية،منشورات الحمبي الحقوقية،بيروت لبناف، 2117،ص.34 1
2ػ التيو قراطية بضـ الياء تعني حكـ الكينة أو الحكومة الدينية ،و التي يعود أصميا إلى المغة اليونانية :تيو ويقصد بيا
الديف و قراط تعني الحكـ ،فيي نظاـ حكـ يستمد الحاكـ فيو سمطتو مباشرة مف اإللو ،حيث تكوف الطبقة الحاكمة مف
الكينة و رجاؿ الديف الذيف يعتبروف موجييف مف قبؿ اإللو .
13
آثارىا لـ تختفي إال في بداية القرف العشريف ،ذلؾ عندما كاف اإلنساف يعتقد بخضوع ىذا العالـ لقوى
1
غيبية يصعب تفسيرىا وىو ما يجعمو يسمـ بالقداسة التي أضفاىا الحكاـ عمى أنفسيـ.
بمعنى أف ىذه النظرية تعطي لمدولة أساسا الىوتيا ،وىو وجود قدرة عميا فوؽ إرادة
البشر،مما يمكف لمحاكـ االستبداد و فرض آرائو 2.لكف التفسير الديني لمدولة اختمؼ عمى
ثالثة نظريات تدرجت بحسب تقدـ الفكر البشري .األوؿ ىي نظرية تأليو الحكاـ ،الثانية ىي
نظرية التفويض اإلليي المباشر ،ثـ نظرية التفويض اإلليي غير المباشر والتي سوؼ
3
نتناوليـ فيما يمي :
أـ نظرية تأليو الحكام :ترى ىذه النظرية أف أصؿ نشأة الدولة مرده إلى الطبيعة اإلليية التي
يتمتع بيا الحاكـ،فيدا األخير ىو اهلل ذاتو عمى األرض .4وبالتالي فإف الطبيعة التي تربط
الشعب بالحاكـ ليست عالقة سياسية ،بؿ ىي عالقة روحية دينية ،ال تستمزـ خضوع الرعية
لمحاكـ بؿ عبادتو أيضا .وقد كانت فكرة تأليو الحكاـ مستساغة ومنتشرة في عديد مف
الحضارات أبرزىا الحضارة المصرية القديمة ،وىو ما جاء في القرآف الكريـ في عدد مف
اآليات الكريمة 5.ولـ يكف المصريوف ىـ الشعب الوحيد الذي عبد حاكمو ،بؿ كذلؾ في
6
الفرس والصيف واليند والروماف .
-معيفي لعزيز،محاضرات في القانوف الدستوري ،جامعة عبد الرحماف ميرة ،بجاية ،كمية الحقوؽ والعموـ السياسية ،السنة 1
الجامعية،2117/2116ص.13
-فوزي أوصديؽ،الوافي في شرح القانوف الدستوري الجزائري ،الجزء األوؿ نظرية الدولة ،ديواف المطبوعات الجامعية 2
تعد ىذه النظرية أكثر النظريات التيو قراطية تطرفا و مغاالة،الدعائيا بالطبيعة اإلليية لمحاكـ نفسو.
-سورة النازعات ،اآلية .24سورة القصص ،اآلية . 38 5
-تعتبر الياباف آخر البمداف التي قدست حكاميا إلى درجة التأليو و ذلؾ إلى غاية نياية الحرب العالمية الثانية . 6
14
ب ػ نظرية التفويض اإلليي المباشر :ظيرت ىذه النظرية مع البوادر األولى لممسيحية
واستعممت بحدة في القرنييف 17والقرف 18لتبرير سمطاف الحكـ المطمؽ ،إذ تعتبر أف الممؾ
ىو مف البشر استمد سمطتو مف اهلل دوف تدخؿ إرادات أخرى ،أو باألحرى فالسمطة المدنية
لمحاكـ الزمني الذي اصطفاه اهلل باعتباره وزيره في أرضو :أعط ما لقيصر لقيصر وما هلل هلل
1".أي أف ىده النظرية ترى أف الحاكـ ليس إليا حتى تثبت لو العبودية ،ولكف تثبت لو
الطاعة ألنو مختار مف اهلل بشكؿ مباشر ،فيو خميفة اهلل في األرض .وبالتالي فمخالفة
الحاكـ تعني معصية اهلل.و تميز ىذه النظرية بيف نوعيف مف السمطة ىي السمطة الدينية
والسمطة الزمنية ،واهلل يمنح سيؼ السمطة الزمنية لمحاكـ .وسيؼ السمطة الدينية لمبابا.
ج ـ نظرية التفويض اإلليي غير المباشر :تتفؽ ىذه النظرية مع سابقتيا في أف الحاكـ
مفوض مف اهلل وىو خميفة اهلل في األرض ،لكنيا ترفض التفويض اإلليي المباشر،ألف البشر
ىـ الديف يختاروف الحكاـ بتفويض وبعناية مف اهلل الذي يوجو تصرفات واختيار الناس
لمحاكـ ،وبالتالي يتـ ىذا االختيار بطريقة غير مباشرة .أي أف اهلل يجعؿ األحداث تتسمسؿ
في نسؽ معيف تؤدي إلى وصوؿ مف تختاره العناية اإلليية لمحكـ ،بعد أف يزكيو البابا.
بمعنى أف اهلل يمنح سيفي السمطة الزمنية والدينية لمبابا ،وأف ىذا األخير يمنح السيؼ األوؿ
2
لمحاكـ.
ـ نقد النظريات الدينية :ال شؾ أف ىذه النظريات تنبع مف أساس ديني تيوقراطي يربط أصؿ نشأة
الدولة باإلرادة اإلليية ،وىذا الطرح ال يعدو أف يكوف تفكي ار كالسيكيا يربط جؿ الظواىر بتفسيرات
غيبية يرفضيا العمـ الحديث ،ثـ إنيا جميعيا تتفؽ عمى أف الحالـ غير مسؤوؿ أماـ الشعب ،وعميو
فمف الراجح أف يكوف اليدؼ مف ىذه النظريات ىو جعؿ الحكاـ يتنصموف مف مسؤولياتيـ ،الشيء
-فوزي أوصديؽ ،الوافي في شرح القانوف الدستوري ،ديواف المطبوعات الجامعية ،الطبعة ،1993/1ص.19، 1
15
الذي يتنافى مع طبيعة األنظمة الحديثة القائمة عمى أساس ديمقراطي يتحمؿ فيو ممثموا الشعب
تبعات أعماليـ.1
2ـ نظريات القوة و الغمبة :يرى أصحاب ىذه النظرية أف الدولة ىي وليدة وصنع القوة
والعنؼ ،فيي تقوـ عمى أساس حؽ األقوى ،وأف أقدـ القوانيف التي يخضع ليا العالـ ىو
قانوف األقوى وسيطرتو عمى الضعيؼ 2.بمعنى أف ىذه النظرية ترجع أصؿ الدولة إلى القوة
أو الصراع بيف الجماعات ،حيث كانت الجماعات األولية تعيش في صراع مستمر مع
بعضيا ،وقد نتج عف ىذا الصراع انتصار جماعة منيـ عمى غيرىا مف الجماعات .أي
أصبح ىناؾ غالب يفرض إرادتو عمى المغموب ،ويمد سمطانو عمى إقميـ معيف ،و بذلؾ
وجدت الدولة 3.ولقد كاف أقطاب النظرية القدامى يروف أف قوة المنتصر في ىذا الصراع
تمثمت في القوة المادية واالنتصار الحربي الحاسـ في ميداف المعركة غير أف أنصار النظرية
المحدثيف يعتقدوف أف االنتصار في الصراع ال يعتمد عمى القوة المادية وحدىا ،وانما يستند
كذلؾ إلى حكمة المنتصر وحنكتو ودىائو السياسي 4.ولقد تمحورت ىذه النظريات في ثالثة
اتجاىات ىي كالتالي:
أ ـ نظرية ابن خمدون :يرى ابف خمدوف أف اإلنساف اجتماعي بطبعو ،وال يستطيع أف يعيش
بمعزؿ عف الجماعة ،وأف كؿ جماعة يفترض أف تكوف خاضعة لسمطاف معيف.
حيث يرى ابف خمدوف بأف الدولة ال تقوـ إال عمى أسس وعوامؿ ضرورية وخصائص معينة،
فبالنسبة ألسس قياـ الدولة في نظره تتمثؿ في حاجة اإلنساف لسد حاجتو الغذائية واألمنية باإلضافة
إلى حاجة الجماعة لتأميف القوة الضرورية لرد الظمـ والعدواف المصاحب لإلنساف ألف عدـ تقييد
16
نزعاتو العدوانية يؤدي حتما إلى سيادة حالة الفوضى واالضطراب التي قد تؤدي إلى القضاء عمى
النوع البشري ،ولف يتأتى ذلؾ إال إذا وجد نظاـ قوي يفرض نفسو بالقوة.1
أما العوامؿ التي تساعد غي قياـ الدولة حسب ابف خمدوف فيفسرىا في ثالثة عوامؿ ىي:
-العصبية :التي يعني بيا الشعور باالنتماء المشترؾ لمجماعة،والتي تعتبر األسرة ىي
منشئيا التي تطورت لتصبح عشيرة ثـ قبيمة،لكنيا احتفظت بإحساسيا باالنتماء لنفس
الجماعة.
-الزعامة :التي تعني بروز شخص قادر عمى فرض نفسو عمى الجماعة واخضاع أفرادىا
إلرادتو بالقوة والقير معتمدا عمى العصبية .فابف خمدوف يرى أف الرئاسة بالغمب والغمب
بالعصبية.
-العقيدة :فيقصد بيا مجموعة األخالؽ والصفات الحميدة التي يجب أف يتمتع بيا الزعيـ
2
حتى يمتؼ أفراد المجتمع حولو.
ب ـ نظرية التضامن االجتماعي :دعى إلييا الفقيو ليوف دوجي ،الذي يرى أف الدولة ما ىي
إال نتاج وحدة اجتماعية تحكـ عالقة قائمة بيف حاكـ قوي ومحكوـ ضعيؼ ،حاكـ يفرض
أوامره بالقوة و اإلكراه ،ومحكوـ ممزـ بطاعة الحاكـ ،كما يرى ليوف دوجي أف الدولة ما ىي
إال نتيجة ألربعة عوامؿ أساسية ىي:
ػ تنشأ الدولة مف مجموعة بشرية تنقسـ إلى حكاـ ومحكوميف الذي يكوف نتيجة لقوة مادية
أساسا ،كما تدخؿ أيضا عوامؿ أخرى قد تكوف دينية أو أخالقية أواقتصادية ،وحنكة سياسية
3
.
-األميف شريط ،الوجيز في القانوف الدستوري و المؤسسات السياسية المقارنة،ديواف المطبوعات الجامعية،الطبعة 17 2
،الجزائر،2111ص.35
ػ فوزي أوصديؽ ،المرجع السابؽ،ص .25 3
17
ػ وكمرحمة ثانية انقسمت ىذه المجموعة عمى نفسيا بطريقة وزعت فيما بينيا الوظائؼ لتسييؿ
تحقيؽ أىدافيا ،فساىـ ذلؾ في ظيور السمطات الثالثة في الدولة أي أف الدولة تنشأ عندما يكوف
ىناؾ تمايز سياسي،أي طبقة حاكمة وأخرى محكومة .
ػ جوىر الدولة ىوا لسمطة ،وبدوف السمطة ال وجود لمدولة .وىذه السمطة ىي سمطة جبرية أي
سمطة األمر داخؿ الجماعة .حيث أف ىذه الجماعة اكتسبت قوة اإلكراه التي تسمح ليا بفرض
رأييا عمى بقية أفراد المجتمع.
-لكف ىذه العوامؿ ما كانت لتنجح في تشكيؿ الدولة لوال وجود العنصر األخير والمتمثؿ في
التضامف االجتماعي ،والذي يعني تقبؿ المجتمع ليذه الجماعة والتفافيـ حوليا لتحقيؽ وظيفتيا
لعمميـ بأنيا أفضؿ وسيمة .يحقؽ ليـ التنظيـ ،مما يجعؿ التضامف االجتماعي ىو العنصر
1
األساسي في نشوء الدولة.
-فالعامؿ األساسي عند دوجي ىو التضامف االجتماعي الذي يجب أف يسمو فوؽ شدة
األقوياء وضعؼ الضعفاء،وفوؽ الفوارؽ االجتماعية الشيء الذي يفسر بقاء الدولة
واستمرارىا.بمعنى أنيا تفترض قياـ تضامف اجتماعي سامي عمى كؿ الخالفات الموجودة
بيف الطبقات ،و أف ال فوارؽ االجتماعية ميما تضاعفت وتسمطت معيا الطبقة الحاكمة ،فإف
الطبقة المحكومة تبقى مقيدة بفكرة التضامف االجتماعي.
ج ـ النظرية الماركسية :ترى النظرية الماركسية أف الدولة ىي نتاج الصراع الطبقي بيف الفئة
المالكة والفئة غير المالكة التي ظيرأثنائيا النظاـ العبودي أيف استطاع المالؾ تممؾ البشر
وتسخيرىـ .وألف فئة العبيد لـ تستطع تحمؿ القير الذي عانت منو قامت بثورة انيار عمى إثرىا
النظاـ العبودي وحؿ محمو النظاـ اإلقطاعي الذي يتشكؿ مف فئتي األسياد والعبيد لكف الفئة
البورجوازية كانت تدرؾ أف العماؿ سيقوموف بثورة عمييا وعميو قامت بإنشاء كياف يحمي مصالحيا
18
وىي الدولة ،وىكذا تربط الماركسية بيف الدولة والمصالح االقتصادية وتفسر القانوف عمى انو تعبير
1
عف إرادة البورجوازية إلخضاع البروليتارية واإلبقاء عمى سيطرتيـ عمييا.
ػ إف الواقع في العصر الحديث يكذب الكثير مف مزاعـ ىذه النظرية ،فالدوافع المادية لـ
تتحكـ وحدىا في حركة وسيرورة التاريخ ،ضؼ إلى ذلؾ أنو إذا كانت النظرية الماركسية
ترى بأف أساس الدولة ىو العامؿ االقتصادي ،فإف التاريخ يفند ىذا الزعـ ويؤكد بأف ىناؾ
2
عوامؿ أخرى لنشأة الدولة .
ىذه النظرية قديمة ،استغميا رجاؿ الديف والبروتستانت في القرف 66لتقييد سمطات
المموؾ المطمقة ،غير أف ىذه النظرية لـ تتضح ليا المعالـ بصورة واضحة ولـ تحتؿ ىذه
المكانة الخاصة في الفكر السياسي إال في القرنييف 17و 18ـ ،عمى يد بعض مف المفكريف
3
في أوربا وأبرزىـ االنجميزياف ىوبز ولوؾ ثـ في القرف 19عمى يد الفرنسي جوف جاؾ روسو.
لقد اتفؽ ىؤالء المفكروف في نظرياتيـ حوؿ األثر التعاقدي لمدولة أي قياميا عمى فكرة
العقد ،وأف األفراد قد انتقموا مف الحياة البدائية التي كانوا يعيشوا فييا إلى حياة الجماعة
السياسية المنظمة بموجب العقد لكف اختمفوا فيما بينيـ حوؿ حالة الفطرة السابقة عمى العقد،
4
وعمى تحديد أطراؼ العقد وبالتالي النتائج المترتبة عمى عممية التعاقد.
-عبد الغني بسيوني ،النظـ السياسية والقانوف الدستوري ،الدولة -الحكومة -الحقوؽ والحريات العامة ،منشأة المعارؼ، 1
2009الجزائر،ص.34
-فوزي أوصديؽ،المرجع نفسو،ص .31 3
19
1ـ نظرية العقد عن توماس ىوبز :جاءت ىذه النظرية لتبرير سمطة الممؾ إذ أف ىوبز
كاف مف مؤيدي العرش الحاكـ 1والذي ينظر لمعقد عمى أنو:
أ -المجتمع قبؿ العقد :مجتمع فوضوي يغمب عميو قانوف الغاب واألنانية والطمع وحب
النفس لذلؾ أحس األفراد بضرورة إقامة مجتمع منظـ يخضعوف لو يحكميـ فيو حاكـ يوفر
2
ب -أطراؼ العقد :ىـ أفراد المجتمع الذيف يتنازلوف عف حقوقيـ ليـ االستقرار واألماف.
لمحاكـ الذي لـ يكف طرفا في العقد .ج -آثار العقد :البد عمى األفراد أف يتنازلوا عف
جميع حقوقيـ لتفادي االختالؼ والتناحر التي يشرؼ عمييا الحاكـ الذي لو السمطة المطمقة
دوف أف يكوف مسؤوال أو ممتزما نحوىـ بأي شيء ألنو لـ يكف طرفا في العقد.مما ينجر عنو
3
استبداد الحاكـ وبحسب ىوبز استبداد الحاكـ أفضؿ بكثير مف الفوضى السابقة.
-2نظرية "جون لوك" :وىو مف دعاة تقييد سمطة الحكاـ والبد مف احتراـ الحريات الفردية
وتتمخص النظرية في ما يمي :أ -المجتمع قبؿ العقد :إف اإلنساف خير بطبعو يعيش في
حالة سالـ وحرية طبيعية ومساواة تامة وفقا لمقانوف الطبيعي.إال أنو يحتاج دوما إلى النظاـ
4
السياسي الذي يضمف لو الحرية واحتراـ حقوقو والمحافظة عمى القيـ .
ب -أطراؼ العقد :أعضاء العقد ىـ المجتمع مف جية والحاكـ مف جية أخرى والعقد يتـ
باتفاؽ أفراد الجماعة مع الحاكـ عمى إنشاء مجتمع سياسي منظـ بالتنازؿ عف بعض مف
حقوقيـ 5.ج-آثار العقد :إف األفراد ال يتنازلوف عف كؿ حقوقيـ بؿ عف بعضيا فقط،وبما
أف الممؾ كانت طرفا في العقد فيو مسؤوؿ أماـ أفراد المجتمع وال يحؽ لو االعتداء عمى
-بف اعراب محمد،محاضرات في مادة القانوف الدستوري،جامعة محمد لميف دباغيف،كمية الحقوؽ و العموـ السياسية،ممقاة 1
عمى طمبة السنة األولى حقوؽ ػالمجموعة ب،السنة الجامعية .2121/2119ص .18
-عبد الغني بسيوني ،المرجع السابؽ ،ص56 2
21
الحقوؽ التي لـ يتـ التنازؿ عنيا وطالما أف الحاكـ عميو التزامات محددة ،فإذا حدث وأخؿ
بالتزاماتو العقدية ،فإنو يحؽ لألفراد المحكوميف معارضتو ومقاومتو وأيضا يحؽ ليـ فسخ
1
العقد مع الحاكـ .
-3نظرية جون جاك روسو :بالرغـ أف ىوبز و لوؾ قد سبقا جاف جاؾ روسو في فكرة
العقد االجتماعي كأساس لنشأة الدولة.إال أف أفكار روسو في كتابو "العقد االجتماعي"قد
نالت حظوة أكبر بكثير و شيرة عريضة إلى حد ربط فكرة العقد باسمو دوف اعتبار لمف
سبقوه.
أ -المجتمع قبؿ العقد :لـ يختمؼ جوف جاؾ روسو عف جوف لوؾ في توضيح حالة األفراد
قبؿ العقد ،حيث أف اإلنساف خير بطبعو يعيش في حالة سالـ وحرية طبيعية ومساواة تامة
وفقا لمقانوف الطبيعي .ب -أطراؼ العقد :يتفؽ األفراد عمى إنشاء نوع مف االتحاد في ما
بينيـ يحمييـ و يحمي أمالكيـ ويتمتع ىذا اإلتحاد بسمطة كؿ فرد مف أفراد المجتمع أي أف
كؿ فرد يمتزـ نحو الجماعة األخرى المتحديف وبذلؾ نجد أف الفرد يتعاقد مف زاويتيف :مع
الشخص الع اـ باعتباره عضوا مف الجماعة ومع الجماعة باعتبارىا مف مكونات الشخص
العاـ .ج -آثار العقد :يترتب عف ىذا العقد أف األفراد تنازلوا عمى جميع حقوقيـ الطبيعية
2
مقابؿ حصوليـ عمى حقوؽ مدنية يضمنيا ىذا التنظيـ .
-ما يمكف مالحظتو عمى ىذه النظرية أنو لـ يجتمع األفراد بالصورة المذكورة في ىذه
النظريات مما جعميا مجرد نظريات افتراضية ،كما أنو البد مف وجود قانوف يحمي العقد
3
ويكوف سابؽ لو،وىذا يعني وجود مجتمع منظـ قبؿ وجود العقد.
21
كما أنو ال يمكف لألفراد التنازؿ عف حقوقيـ الطبيعية.كما أنو يستحيؿ اتفاؽ جميع األطراؼ
حوؿ ىذا العقد.واستحالة ديمومة العقد.
إال أنو يبقى لنظرية العقد االجتماعي الفضؿ في تقديـ أساس ديمقراطي لقياـ السمطة والقضاء عمى
االستبداد واعتبار رضا المحكوميف أساسا لمخضوع ليذه السمطة ،لذلؾ قيؿ أف نظرية العقد
1
االجتماعي تعتبر أكبر أكذوبة سياسية حققت النجاح.
إف العقد ىو فكرة أو مفيوـ قانوني فالقانوف ىو الذي يحدد تعريفو ومنيـ أطرافو وشروط
إبرامو وحاالت بطالنو وغير ذلؾ ،إذا كاف القانوف ىو مف وضع الدولة فذلؾ يعني أف العقد لـ يكف
معروفا قبؿ وجود الدولة ولذلؾ ال يصح تفسير أصؿ نشأة الدولة بو ،مما جعؿ بعض الفقياء يبحثوف
عف بديؿ لمعقد ولكف في إطار اتفاقي ،ومنيـ جمينيؾ مف خالؿ نظرية الوحدة وموريس ىوريو
2
بنظرية السمطة المؤسسة.
1ـ نظرية الوحدة :يرى الفقيو األلماني جمينيؾ:بأف التقاء أو تطابؽ إرادتيف يمكف أف يحدث
نوعيف مف العالقات القانونية :العقد والفيرينباريغ.
العقد وىو توافؽ إرادتيف تريد كؿ منيا الحصوؿ عمى مصالح أو أشياء يرغب أطرافو مف خاللو
تحقيؽ مصالح مشتركة ومختمفة كتبادؿ المنافع بيف البائع والمشتري ،كما أف العقد ينشئ وضعية
قانونية ذاتية وليست موضوعية.أما الفيرينباريغ فيو تمؾ النتيجة المحصؿ عمييا بفعؿ مشاركة
عدة إرادات مجتمعة مف أجؿ تحقيؽ ىدؼ واحد مشترؾ ىو إنشاء الدولة .3لكف عمى ما يبدو أف
-سػعيد بوالشػعير ،القػانوف الدسػتوري والػنظـ السياسػية المقارنػة :النظريػة العامػة لمدولػة والدسػتور ،الجػزء األوؿ ،الطبعػة العاشػرة، 3
2ـ نظرية السمطة المؤسسة :يتزعـ ىذه النظرية الفقيو الفرنسي موريس ىوريو الذي يرى بأف
الدولة ما ىو إال جياز اجتماعي مترابط يتشكؿ مف مجموعة مف الحكاـ والمحكوميف ،ييدؼ إلى
1
تحقيؽ النظاـ االجتماعي والسياسي وأنو نشأ عمى مرحمتيف:
فالمرحمة األولى كانت فيو الدولة مجرد مشروع أو فكرة صاغيا مجموعة مف األفراد الذيف يمثموف
النخبة في المجتمع ،أما المرحمة الثانية فيتـ خالليا عرض ىذا المشروع عمى باقي أفراد المجتمع
ودعوتيـ لتحقيقو ،وبالتالي فإف النخبة التي تصوغ الفكرة األولية لمدولة ىي السمطة المؤسسة ثـ
2
ينخرط فييا الشعب لتجسيدىا إذا وافؽ عمى الفكرة.
واضافة إلى ىذه النظريات توجد مجموعة أخرى مف النظريات وتبقى نظرية التطور التاريخي ىي
األقرب واألرجح ألف أنصارىا يروف أف نشأت الدولة كاف نتيجة تفاعؿ مجموعة مف العوامؿ عمى
مر التاريخ منيا العوامؿ الدينية واالجتماعية واالقتصادية والثقافية وقد يكوف عامؿ واحد كافي
3
إلنشائيا كما قد يكوف ذلؾ بتضافر جممة منيا.
23
المبحث الثاني :أركان الدولة.
اختمؼ فقياء القانوف الدستوري في تعريؼ الدولة،و نظ ار لصعوبة األمر انتيى غالبية
الفقو إلى االتفاؽ حوؿ تعريؼ يجمع األركاف األساسية التي البد مف توافرىا لقياـ
الدولة.وطبقا ليذا التعريؼ األخير فالدولة ىي ":مجموعة مف األفراد تسمى الشعب،تستقر
1
عمى إقميـ معيف،و ليا سمطة سياسية حاكمة تممؾ فرض أوامرىا عمى األفراد المحكوميف.
كما تعرؼ عمى أنيا؛ جماعة مف األفراد مقيمة عمى رقعة جغرافية معينة بصفة دائمة ومستقرة تكوف
2
خاضعة لسمطة سياسية عميا ذات سيادة".
وبناءا عمى ىذا التعريؼ نجد أف ىناؾ إجماع في أف الدولة حتى تنشأ و تتأسس مف الناحية
القانونية يجب أف تتوافر فييا ثالثة عناصر منشئة تتمثؿ في الشعب ،اإلقميـ ،السمطة السياسية.
ىذه األخيرة ىي الدعائـ األساسية التي ال تقوـ الدولة إال عمييا ،واذا غاب أحدىا ينتج عف ذلؾ
3
زواليا بالضرورة.
المطمب األول:الشعب:
تذىب غالبية الفقو إلى أف الركف األوؿ ألي دولة ىو وجود "جماعة مف الناس" .4وال
يشترط عدد معيف كحد أدنى مف األفراد لقياـ الدولة .فقد يقؿ العدد عف بضعة آالؼ (كإمارة
-حسف مصطفى البحري،النظـ السياسية ،دوف دار النشر ،دوف مكاف النشر ،دوف سنة النشر ،ص.06 4
24
موناكو،وأندورا ،وبعض الدوؿ العربية) .وقد يزيد العدد فيتجاوز عدة مئات مف المالييف (
1
كاليند والصيف ).
فالشعب بتعبير بسيط ىو مجموعة مف األفراد يعيشوف في حيز جغرافي معيف ويخضعوف
لسمطة سياسية تتكفؿ بتنظيميـ .وىو بيذا المفيوـ يتراوح بيف المفيوـ الواسع والذي يسمى
2
بالمفيوـ االجتماعي والمفيوـ الضيؽ الذي يسمى بالمفيوـ السياسي.
فالشعب بمفيومو االجتماعي يقصد بو مجموعة مف األفراد الخاضعيف لسمطة الدولة والمتمتعيف
بجنسيتيا دوف األخذ بعيف االعتبار سنيـ ،أصميـ ،جنسيـ ،مستواىـ المالي والثقافي ،حالتيـ
3
العقمية وكذا مدى قدرتيـ عمى إجراء التصرفات القانوني ومباشرة األعماؿ السياسية.
وعميو فإف المفيوـ االجتماعي ال ينظر إلى سف األفراد ومدى قدرتيـ عمى اإلتياف بالتصرفات
القانونية ومباشرة األعماؿ السياسية ،بؿ يكفي أف تتوافر في الشخص أىمية الوجوب وأف يرتبط
4
بالدولة بعالقة الجنسية.
-ما يمكف مالحظتو أف كثرة عدد أفراد الشعب ،تكوف عامالً في زيادة قوة الدوؿ ونماء إنتاجيا وثروتيا وبسط سمطانيا 1
،كما إف الجماعة السياسية في العصر الحديث إف قؿ عدد سكانيا إلى حد كبير فإنيا ال تمثؿ الثقؿ السياسي الذي تمثمو
الدولة ،رغـ توافر عناصرىا القانونية .
-صايش عبد المالؾ،المرجع السابؽ،ص.14 2
-بوك ار إدريس ،الوجيز في القانوف الدستوري والمؤسسات الدستورية ،دار الكتاب الحديث ،القاىرة ، 2112 ،ص. 6 3
-والجنسية ىي اآللية التي ينتسب بيا األفراد إلى دوليـ والتي يحصموف عمييا بشكؿ تمقائي إما عمى أساس رابطة الدـ ،بأف يحمؿ 4
الولد جنسية والديو أو أحدىما ،أو بناء عمى حؽ اإلقميـ فتمنح لكؿ شخص جنسية البمد الذي ولد في إقميمو أو أحد لواحقو ،وفي كمتا
الحالتيف تكوف الجنسية أصمية .والى جانب الجنسية األصمية يوجد نوع أخر وىو الجنسية المكتسبة ،والتي تعطى ألشخاص كانوا
يحمموف جنسية أو لـ تكف ليـ جنسية معروفة ،وىنا إما أف يكوف سبب المنح سياسيا كحالة مف يقدـ خدمات جميمة لدولة ما ،أو لسبب
عائمي كعالقة الزوجية ،فيحؽ ألحد الزوجيف طمب جنسية زوجو ولالبف طمب
جنسية والده ،أو بسبب اإلقامة في إقميـ بمد ما لمدة زمنية يحددىا قانونو أو ألسباب اقتصادية كحاؿ رجاؿ األعماؿ مثال ،وعميو فإف
المفيوـ االجتماعي ال ينظر إلى سف األفراد ومدى قدرتيـ عمى اإلتياف بالتصرفات القانونية ومباشرة األعماؿ السياسية ،بؿ يكفي أف
تتوافر في الشخص أىمية الوجوب وأف يرتبط بالدولة بعالقة الجنسية.
25
أما الشعب بالمفيوم السياسي ىـ مجموعة األشخاص الذيف يباشروف الحقوؽ السياسية في
الدولة ،أو بمعنى أخر ىـ الذيف يممكوف الحؽ في االنتخاب والترشح ،مما يدؿ أف ال يكفي أف يتمتع
1
الشخص بجنسية الدولة ليصبح مف شعبيا بؿ يجب أف تثبت لو الحقوؽ السياسية .
أما سكان الدولة فيقصد بو مجموع األفراد المقيميف عمى إقميـ الدولة سواء كانوا مف شعبيا
(االجتماعي أو السياسي)أومف األجانب الذيف ال تربطيـ بالدولة رابطة الوالء ،حيث ال
2
ينتسبوف إلى جنسيتيا ،وانما تربطيـ فقط بالدولة رابطة إقامة .
وتبعا لما سبؽ يتضح أف مدلوؿ السكاف أوسع مدى مف مدلوؿ الشعب االجتماعي وىذا
األخير أوسع مف مدلوؿ الشعب السياسي.
الفرق بين الشعب و األمة:تجري العادة في لغة الكالـ و حتى في كتب الفقياء عمى المزج
والخمط بيف الشعب واألمة واعتبارىما مترادفيف.وىذا صحيح في حاالت كثيرة حيث يمثؿ
الشعب أمة متجانسة مترابطة ذات خصائص ثقافية و حضارية واحدة .و لكف ىذا ال يحدث
دائما،لذلؾ يجب التفرقة بيف الشعب واألمة مف الناحية العممية .3كما أف مفيوـ الشعب مرتبط
حصريا بعالقة الجنسية ،والمالحظ أف ىذه األخيرة تجد مصدرىا في المغة
الفرنسية( )Nationalitéفي األمة( )Nationوليس في الشعب وىذا إف دؿ عمى شيء فإنما
يدؿ عمى درجة التداخؿ الموجود بيف االصطالحيف 4.وعميو فإف االختالؼ بينيما يتمثؿ في:
-إف الشعب يعني مجموعة األفراد الذيف يقطنوف بصفة مستقرة إقميما معينا ويخضعوف
لنظاـ سياسي معيف .أي إنو ركف مف أركاف الدولة باعتباره مكونا لمعنصر البشري فييا .ولذا
الفرنس ي لعاـ 1789حيث جعؿ األمة ىي مصدر كؿ سيادة ،لكف مف الناحية القانونية ال يوجد ما يربط بيف أفراد األمة عمى عكس
الشعب ،وأكثر مف ذلؾ فاألمة يمكف أف تتأسس مف مجموعة مف األفراد الذيف ينتموف إلى دوؿ عديدة كاألمازيغ واألكراد واألمة
العربية ،وقد يحدث العكس بأف تتشكؿ الدولة مف مجموعة مف األمـ واألجناس كاالتحاد السوفياتي سابقا.
26
يرتبط بالدولة وجودا وعدما .واألمة جماعة بشرية تجمعيا روابط كوحدة األصؿ والمغة والديف
والتاريخ المشترؾ وغيرىا مف الروابط التي تجعؿ منيا وحدة ليا كيانيا الذي يميزىا ويولد لدى
أفرادىا اإلحساس بانتمائيـ إلى ىذه الوحدة االجتماعية .1
وعمى ذلؾ ،فإف الفارؽ بيف الشعب واألمة يتمثؿ في أف الرابطة التي تجمع بيف أفراد األمة
رابطة طبيعية معنوية تستند إلى عوامؿ معينة ىي األصؿ البشري ،والمغة ،والديف ،والتاريخ
المشترؾ ،ولكف ال يترتب عمييا أي أثر قانوني .أما الرابطة بيف أفراد شعب الدولة فيي
رابطة سياسية قانونية تفرض عمييـ الوالء لمدولة والخضوع لقانونيا ،وتفرض عمى الدولة في
المقابؿ حماية أرواحيـ وأمواليـ وكافة حقوقيـ التي يقرىا القانوف.
لكف رغـ ذلؾ يسود اختالؼ حاد بيف عديد مف المدارس الفقيية في تحديد نوعية الروابط أو
األسس التي تقوـ عمييا األمة ،خصوصا المدرسة الفرنسية واأللمانية والماركسية .
أوال :النظرية األلمانية :تعتمد ىذه النظرية عمى عنصر المغة في تكويف األمة ومف أشير
القائميف بيا المفكراف فيخت) (Fichteوىردر ) (Herderوذلؾ تمبية لرغبة األلماف في ضـ
اإللزاس والموريف إلى السيادة األلمانية ألنيما ناطقتاف بالمغة األلمانية.
ثانيا :النظرية الفرنسية :وجاءت كرد عمى النظرية األلمانية ،حيث ترى أف العنصر المميز
لألمة عف الشعب ىو الرغبة واإلرادة المشتركة في العيش معا داخؿ حدود معينة ،وليس
العرؽ وال المغة .والنقد الذي وجو ليذه النظرية ىو أف الرغبة في العيش المشترؾ ىي نتيجة
لظيور األمة وليست عامال في تكوينيا.
ثالثا :النظرية الماركسية :اقتصر أنصار الشيوعية في تحديد العناصر المكونة لألمة عمى
العامؿ االقتصادي .وىذه النظرية كذلؾ القت انتقادا شديدا مف جميور الفقياء ألف العديد
مف األمـ استعمرت ولـ تصمد سوى األمـ التي بنيت عمى العوامؿ المعنوية مثؿ العواطؼ
27
والتاريخ المشترؾ والمغة والديف ،ولكف العنصر المادي لـ يكف لو تأثير في تحريؾ األمـ ضد
1
مستعمرييا.
وخالصة القوؿ أف األمة قد تكوف نشأت بفعؿ عامؿ المغة أو العرؽ أو اإلرادة المشتركة أو بفعؿ
الصراع الطبقي كما تزعـ ىذه النظريات ،لكنيا قد تنشأ مع تظافر جميع ىذه العوامؿ أو تتظافر
معيا عوامؿ أخر كالديف واإلرادة السياسية ،عمى غ ار ر بعض الدوؿ الفيدرالية التي استطاعت أف
2
تبني أمميا مف خالؿ مشروع سياسي تـ تجسيده.
ومما سبؽ نستنتج أف التمييز بيف الدولة واألمة يبدو واضحا ،فإذا كاف الشعب يقصد بو
جماعة مف األفراد تقطف أرضا معينة فاألمة ىي كذلؾ ،غير أنو يبقى الشعب ليس ىو األمة دائما،
ألف أفراد ىذه األخيرة تجمعيـ روابط موضوعية وذكريات وآماؿ مشتركة ورغبة في العيش معا،
إضافة إلى ذلؾ فالشعب يختمؼ عف األمة لخضوعو دائما لسمطة سياسية التي ىي ليست شرطا
أساسيا في قياـ األمة.
المطمب الثاني:اإلقميم:
إذا كانت الدولة في تعريفيا الصحيح تفترض وجود مجموعة مف األفراد يعيشوف معا
عيشة دائمة مستقرة ،فإف ىذا االستقرار والدواـ لف يتحقؽ دوف توافر اإلقميـ .بوصفو رقعة
األرض التي اختارىا األجداد وارتضاىا مف بعدىـ األبناء واألحفاد في أجياليـ المتتابعة
مستق ار و مقاما .و يجمع رجاؿ القانوف الدولي العاـ عمى أف مف المعالـ الرئيسية لمنظاـ
الدولي الحاضر انفراد كؿ دولة برقعة محددة مف أرض المعمورة تعرؼ بإقميـ الدولة وليا
3
وحدىا عميو حؽ السيادة ،بحيث يخضع لسمطانيا كؿ األشخاص واألشياء الموجودة عميو.
28
حيث أنو ال يكفي وجود مجموعة مف األفراد لقياـ دولة معينة ،إذ البد مف وجود رقعة محددة
مف األرض يستقروف عمييا ويمارسوف نشاطيـ فوقيا بشكؿ دائـ حتى تتكوف تمؾ الدولة.
فاإلقميـ ىو الحيز الجغرافي الذي تمارس فيو الدولة سيادتيا ويقيـ عميو شعبيا ،واذا كاف اإلقميـ في
مفيومو التقميدي ينحصر في اليابسة وما تحتويو فإف المفيوـ الحديث يبني عناصره عمى اإلقميـ
الجوي والبحر أيضا.
اإلقميم البري :اإلقميـ البري أو اليابسة ىي الحيز الكالسيكي لمدولة وىو يتكوف مف كؿ ما ىو عمى
سطح األرض كاليضاب،السيوؿ،الجباؿ والصحاري والمناطؽ الثمجية،وأيضا المسطحات
المائية التي تحتوييا اليابسة كالبحيرات والودياف واألنيار ،كما يشمؿ أيضا ما يحتويو باطف األرض
مف مصادرو ثروات طبيعية 1.وجدير بالذكر أف شساعة اإلقميـ وضيقو ال يؤثر عمى وجود
أو يكوف مشكال مف أجزاء متفرقة الدولة ،كما ال يتأثر اإلقميـ مف حيث كونو يشكؿ وحدة ترابية
2
كاألرخبيؿ الياباني ،لكف يشترط أف يكوف اإلقميـ ثابتا وطبيعيا في غالبيتو .
االقميم البحري :يشمؿ االقميـ البحري كؿ مف البحار الداخمية ،البحيرات الكبرى ،األنيار ،والبحر
اإلقميمي بالنسبة لمدوؿ الساحمية ،حيث ليذه الدوؿ الحؽ في منطقة مف البحر تسمى البحر اإلقميمي
مسافتيا 12ميؿ بحري أي ما يعادؿ حوالي ) 20كمـ (ابتداء مف الشريط الساحمي المجاور لإلقميـ
البري ،وقد أقرت اتفاقية قانوف البحار 2:93المنعقدة بدولة جمايكا كامؿ السيادة لمدولة عمى
المنطقة اإلقميمية مع االعتراؼ بمرور السفف البريء دوف التوقؼ ،إلى جانب ذلؾ ىناؾ مساحات
أخرى تمارس الدولة الساحمية حقوؽ وظيفية تشمؿ مسافة تقدر 299ميال تسمى بالمنطقة
-وجدير بالذكر أف شساعة اإلقميـ وضيقو ال يؤثر عمى وجود الدولة ففي حيف تبمغ مساحة روسيا حوالي 17مميوف كمـ 2وكندا 9,8 2
مميوف كمـ ، 2فإف" توبالو "ال يتعدى إقميميا 26كمـ 2وقؿ مف ذلؾ فإف أصغر دولة في العالـ وىي" نورو "مساحتيا تقدر ب 21كمـ
،34كما ال يتأثر اإلقميـ مف حيث كونو آىال بالسكاف أو ميجو ار وال أف يشكؿ وحدة ترابية أو يكوف مشكال مف أجزاء متفرقة كاألرخبيؿ
الياباني ،لكف يشترط أف يكوف اإلقميـ ثابتا وطبيعيا في غالبيتو ،واذ نقوؿ طبيعيا فذلؾ مف منطمؽ أف ىناؾ اليوـ ما يعرؼ بالجزر
االصطناعية التي ال يمكف أف تتشكؿ منيا دولة وال مف باخرة عائمة ،لكف مف المستساغ أف تسعى الدوؿ إلى توسيع إقميميا عمى
حساب البحر وال حرج في ذلؾ ،عمى غرار فمفوبودلر في ىولندا وجزيرتيف في الشارقة ودبي التابعتيف لإلمارات العربية المتحدة.
29
االقتصادية الخالصة ،إلى جانب تمتعيا بالسيادة عمى الجرؼ القاري ،1أما منطقة أعالي البحار
تعتبر تراثا مشتركا لإلنسانية2.و فيما يمي شرح ليذه األقاليـ البحرية:
6ػ المياه الداخمية :وىي مياه الموانئ والمياه التي تقع بيف اليابسة وبيف خطوط األساس) ـ 8مف
اتفاقية جمايكا(.
3
2ػ البحر اإلقميمي يمتد عمى مسافة 12ميؿ بحري مف خط األساس ـ 8مف اتفاقية جمايكا(.
-أما الجرؼ أو الرصيؼ القاري :فيو الجزء مف اراضي الشواطئ الذي يمتد بعد البحر اإلقميمي إلى داخؿ مياه البحر . 1
بدأ االىتماـ بو بعد تصريح تروماف سنة 1945قاؿ فيو" :حكومة الواليات المتحدة األمريكية تنظر إلى الثروات الطبيعية
لقاع البحر وما تحتو الموجودة بالرصيؼ القاري تحت البحر العالي ولكف مالصقة لشواطئ الواليات المتحدة بأنيا ،تابعة
لمواليات المتحدة وتخضع الختصاصيا ورقابتيا" ،وبعد ذلؾ تبعتيا تصريحات عدة دوؿ.
لذا جاء اىتماـ األمـ المتحدة بيذه المنطقة فجاءت المادة 76مف اتفاقية قانوف البحار 1982لتقوؿ" :يشمؿ الجرؼ القاري
ألي دولة ساحمية قاع وباطف أرض المساحات المغمورة التي تمتد إلى ما وراء بحرىا اإلقميمي في جميع أنحاء االمتداد
الطبيعي إلقميـ تمؾ الدولة البري حتى الطرؼ الخارجي لمحافة القارية ،أو إلى مسافة 200ميؿ مف خطوط األساس التي
يقاس منيا البحر اإلقميمي إذا لـ يكف الطرؼ الخارجي لمحافة القارية تمتد إلى تمؾ المسافة ".أما الفقرتاف 5و 6مف المادة
ذاتيا فقد اشترطتا عدـ تجاوز الحد الخارجي لمجرؼ في جميع األحواؿ مسافة 350ميال بحريا مف خطوط األساس التي
يقاس منيا البحر اإلقميمي.
-معيفي لعزيز،المرجع السابؽ،ص .14 2
-وقد تـ تحديد ىذا اإلقميـ مف خالؿ طرؽ عدة منيا :ما اقترحو اليولندي) بنكر شوك (بأف تكوف ممتدة عمى المساحة 3
البحرية التي يمكف الدولة السيطرة عمييا انطالقا مف اقميميا البري أي المسافة التي تفصؿ بيف أقصى مدى أو مسافة يمكف
تقدر بثالثة أمياؿ بحرية) الميل البحري =
لقذيفة المدفع أف تصميا انطالقا مف الشاطئ وفي ذلؾ الوقت كانت تمؾ المسافة ّ
1852متر( ،والبعض حددىا بأربع أمياؿ بحرية كما ىو الحاؿ بالنسبة لمدوؿ االسكندنافية ،وستة أمياؿ بالنسبة إلسبانيا،
واثنى عشر ميال بالنسبة لروسيا.../...
.../...وقد ُعِقد سنة 1930بالىاي مؤتمر تحت رعاية عصبة األمـ قصد الوصوؿ التفاؽ جماعي حوؿ تحديد مسافتو
بناء عمى قاعدة ثالثة أمياؿ بحرية غير أف المؤتمر فشؿ .وبعد مناقشات وتحضيرات جاء مؤتمر جونيؼ 1958بعد تفاقـ
ً
و تبايف وجيات النظر بيف مف ىو متمسؾ بثالث أمياؿ وقائؿ باثني عشر ميال ومف يقوؿ بمائتي ميؿ .وظؿ االختالؼ
إلى أف جاء مؤتمر 1974ساد فيو اتجاه االثني عشر ميال وىو ما تضمنو النص الختامي التفاقية األمـ المتحدة لقانوف
حددتو باثني عشر ميالً بحريا" :لكؿ دولة الحؽ في أف تحدد
البحار لسنة 1982التي حسمت الخالؼ القائـ بيف الدوؿ إذ ّ
عرض بحرىا اإلقميمي بمسافة ال تتجاوز 12ميال بحريا مقاسة مف خطوط األساس المقررة وفقا ليذه االتفاقية ".واذا كانت
تتميز بتعرجات كثيرة أو قميمة التداخؿ مع اليابسة أو وجود الكثير مف الجزر قبالتيا اتجو العمؿ الدولي إلى اتخاذ
السواحؿ ّ
طرؽ أخرى كتمؾ التي أخذت بيا محكمة العدؿ الدولية في قضية المصايد البريطانية النرويجية ،حيث قررت إمكانية اتباع
طرؽ مغايرة لطريقة خط األساس العادي وذلؾ برسـ خطوط مستقيمة تصؿ بيف رؤوس التعرجات عمى الساحؿ أو الحواؼ
31
3ػ المياه المتاخمة :1وتمتد بدورىا إلى مسافة 12ميؿ بحري مف نياية البحر اإلقميمي ،ويثبت لمدولة
فييا أف تسير عمى تطبيؽ قوانينيا وأنظمتيا الجمركية والضريبي ،أو المتعمقة باليجرة وكذا الصحة
2
)ـ 33مف اتفاقية جمايكا(.
4ػ المنطقة االقتصادية الخالصة :3وتمتد إلى مسافة 166ميؿ بحري مف نياية المياه المتاخمة) ـ57
1
مف اتفاقية جمايكا(.
الخارجية الممتدة عمى طولو شريطة أف ال تنحرؼ ىذه الخطوط عف االتجاه العاـ لمساحؿ .بف اعراب محمد ،محاضرات
القانوف الدستوري لمسنة األولى حقوؽ ،جامعة محمد لميف دباغيف سطيؼ 2كمية الحقوؽ والعموـ السياسية
،2121/2119ص .13
- 1أما المنطقة المتاخمة فيي تعد بحسب األصؿ جزًءا مف أعالي البحار وال يعترؼ لمدولة الساحمية بالسيادة عمييا،
وانما ببعض الصالحيات المحددة فقط .وفي الحقيقة يرجع تاريخ ظيور المنطقة المتاخمة لموقت الذي كاف فيو البحر
اإلقميمي يحدد بثالثة أمياؿ بحرية وىي مسافة ال تكفي ألمف الدولة لوال المنطقة المجاورة لظمت عاجزة عف التصرؼ أماـ
ما يجري مف مخالفات في المناطؽ التي تمي بحرىا اإلقميمي مباشرة .وقد اعترفت اتفاقية قانوف البحار لسنة 1982في
مادتيا 33بيذه المنطقة وحددتيا ب 12ميؿ بحري) أي 24ميال مف خط األساس الذي ينطمؽ منو قياس عرض البحر
اإلقميمي (وسيادة الدولة عمى ىذه المنطقة محدودة مقارنة بتمؾ التي تمارسيا بالنسبة لمبحر اإلقميمي إذ تشمؿ فقط الرقابة
في المسائؿ الجمركية والمالية والصحية وتنظيـ شؤوف اليجرة.
-اتفاقية جمايكا لقانوف البحار التي نتجت عف مؤتمر األمـ المتحدة الثالث لقانوف البحار،الموقعة بتاريخ 2
.1982/12/11
-المنطقة االقتصادية الخالصة :أدت الحاجة إلى المزيد مف الثروات الطبيعية والغذائية إلى توسيع اختصاصات الدولة 3
في المناطؽ البحرية منيا المنطقة االقتصادية الخالصة التي أممتيا الحاجة الستغالؿ األسماؾ.
والدور الرئيسي في قبوؿ طرح المنطقة االقتصادية الخالصة يعود لبمداف العالـ الثالث نظ ار ألف أساطيؿ البالد المصنعة
الغنية بما ليا مف إمكانيات كانت تشكؿ خط ار عمى االحتياطي العالمي مف األسماؾ إذ كانت تستأثر بو وحدىا ؼ 20دولة
تقوـ بما يزيد عمى %80مف الصيد في العالـ وتتقاسـ بقية الدوؿ % 20المتبقية عمما أف %75مف المصائد …/..
../...في العالـ توجد بالقرب مف الشواطئ نظ ار لتواجد األعشاب البحرية التي تغذي السمؾ .فظيرت المنطقة االقتصادية
واعتبرتيا اتفاقية قانوف البحار لسنة 1982جزًءا مف أعالي البحار تمتد فيما وراء البحر اإلقميمي لمدولة الساحمية ومجاورة
لو ،وال يزيد اتساعيا عف 200ميؿ بحري ) 370كمـ (تبدأ مف خط األساس الذي يقاس منو البحر اإلقميمي (
المادة 57-55مف االتفاقية (.لمدوؿ عمى ىذه المنطقة حقوؽ سيادية الكتشاؼ واستغالؿ الموارد الطبيعية الحية ،وغير
الحية والحفاظ عمييا وادارتيا وانتاج الطاقة مف المياه ،..كما ليا إقامة واستغالؿ الجزر االصطناعية والمنشآت والمركبات،
والبحث العممي ،وحماية البيئة البحرية والحفاظ عمييا .أما حقوؽ دوؿ الغير فتتمثؿ في ممارسة الحريات التي يتمتع بيا
الجميع في أعالي البحار ما عدا حقاستغالؿ الثروات الحية وغير الحية .وقد حفظ القانوف الدولي لمدوؿ الحبيسة والمتضررة
جغرافيا حقوقا في المنطقة االقتصادية الخالصة تحقيقا لممبادئ السامية لإلنسانية إذ تنص المادتاف 70-69أف ليذا النوع
31
اإلقميم الجوي :يشمؿ االقميـ الجوي الطبقة الجوية التي تعمو عمى إقميميا البري والبحري ،وقد أقرت
اتفاقية شيكاغو التي أبرمت سنة 1944حؽ السيادة اإلقميمية لمدولة عمى طبقاتيا الجوية مع السماح
لمدوؿ األخرى بالمرور البريء الذي ال يشكؿ خط ار عمى أمنيا وسالمتيا.2
طبيعة حق الدولة عمى إقميميا :لقد اختمؼ الفقو في تكييؼ حؽ الدولة عمى إقميميا
فذىب رأي إلى أنو حؽ سيادة :أي أف لمدولة سيادة عمى اإلقميـ ،وىذه السيادة تتحدد بنطاؽ
اإلقميـ ،غير أف ىذا الرأي منتقد عمى أساس أف السيادة تمارس عمى األشخاص وليس عمى
األشياء.كما رأي أخر عمى أف حؽ الدولة عمى إقميميا ىو حؽ ممكية :مداـ أف الدولة ىي
صاحبة اإلقميـ فيي تممكو بمشتمالتو ،وتمارس عميو كؿ عناصر الحؽ في الممكية
)التصرؼ واالستغالؿ(لكف ىذا الرأي منتقد ىو اآلخر إذ يتعارض مع حؽ الممكية الفردية
لمعقارات .
أما الرأي الحديث يعتبر اإلقميـ بمثابة المنطقة الجغرافية التي يحؽ لمدولة أف تستعمؿ سمطتيا
داخميا عمى األفراد دوف غيرىا بعبارة أخرى أنو المجاؿ الذي تتحدد فيو سمطات الدولة .وقد
جاء ىذا الرأي تجنبا لالنتقادات الموجية لإلتجاىات السابقة ،إذ حاوؿ أصحاب ىذا الرأي
إعطاء تكييؼ جديد لحؽ الدولة عمى إقميميا ،وقاؿ بأف حؽ الدولة عمى إقميميا ىو ":حؽ
عيني تأسيسي أو نظامي ينصب عمى األرض وعمى اإلقميم مباشرة .وقد انتقد ىذا الرأي لعدـ
وضوح ىذا التكييؼ ،وأف فكرة حؽ عيني نظامي ال يكاد يختمؼ إال مف حيث الصياغة عف
3
فكرة حؽ السيادة.
مف الدوؿ الحؽ في المشاركة عمى أساس منصؼ في استغالؿ جزء مناسب مف فائض الموارد الحية لممناطؽ االقتصادية
الخالصة لمدوؿ الساحمية الواقعة في المنطقة دوف اإلقميمية أو اإلقميمية مع ـ ا رعاة ما يتصؿ بذلؾ مف الظروؼ
االقتصادية و الجغرافية .بف اعراب محمد ،المرجع السابؽ ،ص.65
-اتفاقية جمايكا لقانوف البحار1982 ،المرجع السابؽ. 1
-بف اعراب محمد ،محاضرات القانوف الدستوري لمسنة األولى حقوؽ ،جامعة محمد لميف دباغيف سطيؼ 2كمية الحقوؽ 3
ال يكفي لوجود الدولة توافر ركف الشعب و ركف اإلقميـ 1الذي يستقر عميو الشعب.
ولكف مف الضروري أيضا أـ توجد سمطة سياسية عميا تعتبر الييئة الحاكمة بحيث يكوف ليا
سمطة فرض أوامرىا الممزمة عمى أفراد الشعب وأف يخضع ىؤالء لتمؾ األوامر 2.فيي التنظيـ
الذي يتخذ الق اررات باسـ كؿ األفراد المكونيف لمجماعة ،ينفذىا باعتبارىا ممزمة لجميع أعضائيا،
وىذه الق اررات تنظـ سموؾ الجماعة ،وتسمح ليذه السمطة باتخاذ أي إجراء يتطمبو تسيير شؤوف
الجماعة والتعبير عف مصالحيـ ،ولكي تتمكف مف القياـ بذلؾ يجب أف تكوف قانونية ،أي مقبولة مف
طرؼ المحكوميف عف طريؽ رضاىـ ،أما إذا كانت القوة ىي سندىا الوحيد فتكوف سمطة فعمية 3.و
تتميز ىذه السمطة بالخصائص والسمات التالية:
1ـ خصائص السمطة:
-ػ أنيا سمطة مركزية عميا .فيناؾ سمطة واحدة في الدولة موجود عمى مستوى المركز يخضع ليا
4
جميع األفراد ،و ال توجد سمطة منافسة ليا عمى اإلقميـ ،فيي بالتالي ال .تخضع لسمطة تعموىا.
ػ أنيا سمطة تحتكر اإلكراه المادي :فالدولة تحتكر وسائؿ اإلكراه المادي كالجيش ،الدرؾ،
الشرطة والقوة العمومية وجياز القضاء والمخابرات ،فيي التي تممؾ أكبر قوة مادية تمكنيا مف تنفيذ
-السمطة السياسية ىي أحد األركاف األساسية المكونة لمدولة ،واألكثػر مػف ذلػؾ أنػو إلػى غايػة نيايػة العصػور الوسػطى كػاف ىنػاؾ 1
خمط بيف السمطة والدولة نتيجة ترابط السمطة السياسية بشخصية الحاكـ ،كما قاؿ لويس الرابع عشر عبارتو الشييرة" الدولػة ىػي أنػا"،
لذا كاف مفيوـ السمطة يشكؿ نظاما مف السيطرة والييمنة المستمدة مف القوة والعنؼ .غير أف نجاح الثور ة األمريكية ثـ بعد ذلؾ الثورة
الفرنسية ساىـ في زواؿ واندثار ىذا المفيوـ وبالتالي أصبحت السمطة السياسية ال تعدو أف تكوف فقػط الييئػة أو الجيػاز الحػاكـ ،الػذي
يتخذ الق اررات باسـ كؿ األفراد المكونيف لمجماعة بيدؼ تنظـ سموكيا وكذا كافة اإلجراءات الضرورية لذلؾ.
-محمد رفعت عبد الوىاب،المرجع السابؽ ،ص .28 2
33
أوامرىا ذات االختصاص العاـ فتتولى حماية اإلقميـ مف أي اعتداء أو تمرد داخمي وتوفر األمف
1
لألفراد.
ػ أنيا سمطة ذات اختصاص عام :إف النشاط الذي تمارسو السمطة السياسية لمدولة ليس لو حدود
بؿ يشمؿ سائر نواحي الحياة ،فإلى جانب ممارستيا لمنشاطات التقميدية المتعمقة بتنظيـ المجتمع
والدفاع الخارجي ،فإنيا تعمؿ أيضا عمى فض المنازعات التي قد تثور بيف األشخاص سواء
الطبيعية أو المعنوية تجسيدا لما تصدره مف تشريعات ،بؿ إنيا أصبحت تدخؿ حتى في الحقؿ
2
االقتصادي واالجتماعي والثقافي وغيره.
ػ أنيا سمطة مدنية :مف المسمـ بو أف السمطة السياسية في ظؿ الدولة الحديثة يجب أف تكوف
مدنية وليست عسكرية ،ولتتماشى مع مبادئ الديمقراطية فمف الضروري أيضا أف يكوف ممثموىا
3
منتخبيف مف طرؼ الشعب بشكؿ مباشر أو غير مباشر.
ػ أنيا سمطة دائمة :مف النتائج األساسية التي ترتبت عف استقاللية شخصية الدولة عف
شخصية الحاكـ أف السمطة السياسية ليا أصبحت تمتاز بالدواـ ،فالسمطة تبقى ببقاء الدولة بغض
النظر عف بقاء أوزواؿ حكاميا المذيف يمارسوف الحكـ فييا ،وليذا فإف المعاىدات التي تبرميا دولة
4
ماال تنتيي بوفاة الرئيس الذي أبرميا وانما تمزـ بيا السمطة الحاكمة التي تمثؿ الدولة بعد زوالو.
ػ أنيا سمطة أصمية :السمطة السياسية ال تنبع مف أي سمطة أخرى بؿ إف السمطات األخرى
الموجودة في إقميميا تنبثؽ منيا وتخضع ليا ،فيي التي تضع النظاـ القانوني الذي يخضع لو
األشخاص وتنظـ نفسيا بنفسيا ،كما أنيا ال تخضع داخميا أو خارجيا لغيرىا) ذات سيادة (ففي
-الشرقاوي سعاد ،النظـ السياسية والعالـ المعاصر) الدولة -المؤسسات -الحريات( ،دار النيضة العربية ،القاىرة، 3008 1
ص.65،
-فوزي أوصديؽ،المرجع السابؽ. 89، 2
34
الداخؿ تمثؿ أعمى السمطات ،وفي الخارج فيي ذات سيادة وتتمتع باالستقالؿ السياسي وال تكوف
1
تابعة ألية دولة أجنبية أخرى.
بعدما تناولنا دراسة السمطة السياسية وتبياف خصائصيا ،نتطرؽ فيما يمي إلى دراسة
عنصري الشرعية والمشروعية.
-2السمطة الشرعية " Légitimité:الشرعية ىي صفة تطمؽ عمى سمطة يعتقد األفراد أنيا
تتطابؽ والصور التي كونوىا داخؿ المجموعة الوطنية أي تطابؽ السمطة في مصدرىا وتنظيميا مع
المبادئ التي يقوـ عمييا المجتمع ،وعميو أمكف القوؿ بأف السمطة الشرعية ىي تمؾ التي تستند في
وجودىا إلى اإلرادة الشعبية ،فيي تتماشى وتتوافؽ في مصدرىا وطرؽ ممارستيا واألىداؼ التي
تسعى لتحقيقيا مع ما يعتقده أفراد المجتمع بأنو األفضؿ في كافة مجاالت الحياة .ومف ىنا فال
وجود لمشرعية طالما أف األفراد لـ يتقبموا أسموب الحكـ وىي األساس في تمييز األنظمة الديمقراطية
2
عف غيرىا.
المشروعية " Légalité " :أما المشروعية فيي مرتبطة بالقانوف الوضعي أي بتشريعات
الدوؿ ،فيعد العمؿ والتصرؼ مشروعا اذا كاف يتطابؽ والقواعد القانونية الوضعية كالدستور
عما
والقانوف ،وعميو فإف السمطة تعتبر مشروعة إذا كانت قائمة عمى أسس قانونية ،بغض النظر ّ
3
إذا كاف الشعب يرغب فييا أـ ال.
وفي األخير نشير إلى أف ىناؾ ركف آخر يقر بو بعض الفقياء ويرفضو بعضيـ ،وىو
االعتراؼ الدولي الذي يرى بعض الفقياء أنو أقرب لمقانوف الدولي العاـ مف الدستوري وقد وقع
خالؼ حوؿ أىميتو:
-عبد الغني عبد اهلل البسيوني ،المرجع السابؽ ،ص. 21 1
35
: -1االتجاه األوؿ :يقوؿ بضرورة االعتراؼ بالدولة مف طرؼ الدوؿ ليذه الدولة الجديدة حتى
يكتمؿ بناؤىا ويعرؼ ىذا االتجاه باالعتراؼ المنشئ.
-2االتجاه الثاني :يقوؿ أنو ليس ىناؾ ضرورة العتراؼ الدوؿ ليذه الدولة إذ بمجرد ظيور
األركاف الثالثة فاالعتراؼ ىو أساس دخوؿ الدولة في عالقات مع المجتمع الدولي ،ويعرؼ
ىذا االعتراؼ باالعتراؼ المقر أوالكاشؼ .وىو االتجاه األصوب لغالبية فقو القانوف
الدستوري.
بعد أف تعرضنا سابقا ألركاف الدولة ،والمتمثمة في ركف الشعب ،اإلقميـ والسمطة
والتي تعد األسس والركائز التي ال تقوـ الدولة بدونيا ،واذا فقد أحدىا فسيزوؿ وجودىا .إال أنو
ومع ذلؾ تبقى ىذه األسس غير كافية لتفسير بعض المسائؿ كاستم اررية الدولة رغـ تغير
الحكاـ،وتميزىا عف بعض الكيانات الشبيية بيا التي ليا نفس العناصر المادية ،ليذه االعتبارات
تتصؼ الدولة بخصائص قانونية تتمثؿ في الشخصية المعنوية والسيادة وخضوعيا لمقانوف والتي
نتناوليا كما يمي:
36
المطمب األول :الشخصية المعنوية:
إف المقصود بالشخصية في القانوف وبوجو عاـ"ىي القدرة أو األىمية لمتمتع بالحقوؽ
وتحمؿ االلتزامات".واإلنساف عموما أوالشخص الطبيعي ىو أىـ أشخاص القانوف وليـ ما
يسمى بالشخصية الطبيعية1.والشخصية بيذا المعنى قد تثبت لألشخاص االعتبارية كالدولة
والمؤسسات العامة ،حتى تقوـ ىذه األخيرة بأداء مياميا .حيث أنو البد ليا مف التمتع
بالشخصية المعنوية ،ىذه الشخصية المستقمة عف شخصية األفراد المكونيف ليا والتي تنشأ
بنشوء الدولة بصفة آلية دوف الحاجة لوجود نص يؤكدىا وتبقى مالزمة ليا ما دامت قائمة
2
وبالتالي تكوف أىال الكتساب الحقوؽ وتحمؿ االلتزامات.
حيث تعتبر الدولة أىـ األشخاص المعنوية في القانوف العاـ ،ومف تـ تعتبر الدولة وحدة
قانونية مستقمة ومتميزة في وجودىا عف شخصية األفراد .وفي الحقيقة إف فكرة الشخصية
المعنوية كانت وال تزاؿ محؿ خالؼ وجد بيف الفقياء الذيف انقسموا فيما بينيـ إلى قسميف،
فبعضيـ ذىب إلى إنكار الشخصية المعنوي لمدولة والبعض اآلخر أقر بتمتعيا بيا.
أ -الرأي المنكر لمشخصية المعنوية لمدولة :يرى بعض الفقياء والباحثيف أف الدولة ظاىرة
اجتماعية موجودة عمى أساس انقساـ المجتمع إلى فئتيف حاكمة ومحكومة ،وأف الذي يضع
القوانيف ىو الحاكـ ويفرض تطبيقيا وتنفيذىا .وآخروف يروف أف الدولة مجموعة مف القواعد
القانونية اآلمرة ،ال تتوفر ليا الشخصية القانونية 3.و مف أشير الفقياء الذيف يرفضوف
االعتراؼ بالشخصية المعنوية لمدولة منيـ االتجاه الفرنسي الذي يترأسو ليوف دوجي الذي أطمؽ
مقولتو الشييرة" لـ يسبؽ لي أف تناولت وجبة اإلفطار مع شخص معنوي" ،وىو يرى أف الدولة ما ىي
إال تعبير عف إرادة مجموعة صغيرة مف أفراد المجتمع التي ينصاع ليا غالبية أفراده ،وغير بعيد عف
37
ذلؾ توجو الفقو األلماني الذي يرى أف الدولة ىي أداة في يد الزعيـ الذي يوجو وينظـ األمة ،وأف إرادة
الدولة ىي نفسيا إرادة الزعيـ ،أما الفكر الماركسي فإنو يرى أف الدولة تتجسد في الفئة البرجوازية
التي تحكـ سيطرتيا عمى الفئة البروليتارية ،وأف إرادة الدولة إنما ىي إرادة الفئة البرجوازية.1
ويعاب عمى ىذا االتجاه أنو لـ يقدـ البديؿ عف الشخصية المعنوية،الذي يصمح كأساس لتفسير
مباشرة الدولة لنشاطيا كوحدة قانونية.
الرأي المدافع عن الشخصية المعنوية لمدولة :يقصد باالعتراؼ بالشخصية القانونية عموما
القدرة عمى التمتع بالحقوؽ وتحمؿ االلتزامات ،أي القابمية التي تؤىؿ الشخص ألف يكوف
طرفا إيجابيا أو طرفا سمبيا بشأف الحقوؽ .وبما أف الدولة كغيرىا مف األشخاص المعنوية
التستطيع أف تمارس بذاتيا ما تخولو ليا أىميتيا القانونية مف أعماؿ وتصرفات وانما يمارس
ىذه األعماؿ نيابة عنيا وباسميا أشخاص آدميوف وىـ الحكاـ طبقا لما ينص عميو
الدستور.2
ويترتب عف ذلؾ مجموعة مف النتائج الميمة منيا دواـ الدولة ووحدتيا ،التمتع بالذمة المالية ،أىمية
التقاضي ،والمساواة بيف الدوؿ.
-دوام الدولة و وحدتيا:
تعتبر الدولة وحدة قانونية مستقمة عف أشخاص الحكاـ و بالتالي تكوف السمطة التي يمارسيا
الحكاـ ممكا لمدولة يباشرىا ىؤالء باسـ الجماعة الوطنية و لمصمحتيا ،كما ينتج عنيا ايضا تمتعيا
بصفة الدواـ واالستمرار ،وأف زواؿ األشخاص القائميف ال يؤثر في بقائيا فالمعاىدات و االتفاقيات
التي تبرميا الدولة و القوانيف التي تسنيا تبقى نافذة بالرغـ مف تغيير نظاـ الحكـ أو أشخاص الحكـ
الذيف تعاقدوا باسميا.3
-نعماف أحمد الخطيب،الوسيط في النظـ السياسية و القانوف الدستوري ،الطبعة السابعة ،دار الثقافة لمنشر والتوزيع، 3
عماف األردف،2111،ص.32
38
-تمتعيا بذمة مالية مستقمة :إف استقالؿ الدولة عف األشخاص الحاكميف يترتب عنو تمتع
الدولة بذمة مالية مستقمة عف ذمـ األشخاص المذيف يعمموف باسميا ولحسابيا ،وعميو فإف كؿ
التصرفات التي يقوـ بيا ىؤالء تعود إلى ذمة الدولة سواء كانت حقوؽ أو التزامات ،ولكي تتمكف مف
القياـ باألعباء العامة الممقاة عمى عاتقيا سواء تعمؽ األمر بإدارة المرافؽ العامة أو ىيئة الجيش
لمدفاع والشرطة...لمحفاظ عمى النظاـ العاـ وتمجأ إلى استعماؿ وسائؿ قانونية تمكنيا مف تمويؿ
1
الخزينة كفرض الضرائب والرسوـ والغرامات.
-أىمية التقاضي :إف تمتع الدولة بالشخصية القانونية يجعميا تتمتع بالحقوؽ وتتحمؿ مجموعة
مف االلتزامات التي تجعميا في مركز قادر عمى ممارسة الحؽ في التقاضي ولمدفاع عف حقوقيا أو
نتيجة لاللتزامات التي تمقى عمى عاتقيا ،خاصة وأنيا تدخؿ في عالقات متشابكة مع األشخاص
الطبيعية والمعنوية عمى حد سواء في شكؿ عقود أو ق اررات إدارية تصدرىا في حقيـ ،أو مع دوؿ
2
أخرى عف طريؽ إبراـ االتفاقيات والمعاىدات الدولية.
-المساواة بين الدول :إف االعتراؼ بالشخصية المعنوية لمدولة يترتب عميو ميالد شخص قانوني
دولي قادر عمى إحداث تصرفات قانونية وما يترتب عف ذلؾ مف مسؤولية ،وىذا يجعؿ الدولة
تتساوى مع بقية الدوؿ مف حيث أنيا تكوف ليا نفس الحقوؽ وعمييا نفس الواجبات التي تثبت لغيرىا
مف أشخاص القانوف الدولي ،ثـ تبرز أيضا مسألة المساواة بيف الدوؿ مف خالؿ السيادة التي تعتبر
3
خاصية تتميز .بيا جميع الدوؿ كمبدأ عاـ.
39
إف قياـ الدولة بأركانيا الثالثة :الشعب ،واإلقميـ ،والسمطة السياسية ،يترتب عميو
تميزىا بأمريف أساسييف؛ األوؿ :تمتعيا بالشخصية القانونية االعتبارية ،واألمر الثاني :كوف
السمطة السياسية فييا ذات سيادة.
فالسيادة ىي خاصية قانونية تتميز بيا الدولة عف غيرىا مف التجمعات التي تشترؾ
معيا في اكتساب الشخصية المعنوي ة، 1ولتسميط الضوء عمى موضوع السيادة وماىيتو
نفصمو كما يمي:
المقدـ عمى غيره جاىاً أو مكانة 1ـ تعريف السيادة :المعنى المغوي لمسيادة يدؿ عمى أنو ُ
صرؼ،حرّية التَّ ُّ
أومنزلة أو غمبة وقوة ورأياً وأم اًر..كما تعني :الييمنة والغمبة ،السيطرة ،و ّ
2
البمَ ِد ِ :رْف َعتُيا ُ ،س ْمطَتُيا و َم ْج ُدىا . و ِس َ
يادةُ َ
-2تعريف السيادة اصطالحاً :إف تمتع الدولة بالسيادة يعني أف تكوف ليا الكممة العميا التي
ال يعموىا سمطة أو ىيئة أخرى .وىذا يجعميا تسمو عمى الجميع وتفرض نفسيا عمييـ
باعتبارىا سمطة آمرة عميا .لذلؾ فسيادة الدولة تعني وببساطة أنيا منبع السمطات األخرى .
فالسيادة أصمية ولصيقة بالدولة و صفة ىامة لمسمطة السياسية فييا وىي التي تميزىا عف
3
غيرىا مف الجماعات السياسية األخرى .
وعرؼ الدكتور عمار كوسة سيادة الدولة بأنيا الكممة العميا التي ال يعموىا أي سمطة
أخرى،فيي تسمو عمى الجميع وتفرض نفسيا باعتبارىا سمطة آمرة عميا.فسيادة الدولة ىي
منبع كؿ السمطات،و ىي األسمى و األعمى،تفرض االحتراـ مف الجميع وىي وحدة ال
4
تتجزأ.
-جبراف مسعود،الرائد معجـ ألفبائي في المغة و األعالـ،دار العمـ لممالييف ،بيروت لبناف،الطبعة،2115/3ص.517 2
عمار كوسة ،أبحاث في القانوف الدستوري،دار ىومة لمطباعة و النشر و التوزيع2118،الجزائر،ص.27 4
41
ويتفؽ جمع مف الفقياء عمى أف السيادة ىي السمطة القانونية المطمقة التي تممؾ ػ دوف منازع ػ
الحؽ" القانوني "في مطالبة اآلخريف بااللتزاـ والخضوع عمى النحو الذي يحدده القانوف وعدـ
الخضوع ألي سمطة ميما كانت طبيعتيا ومصدرىا إال في حدود إرادة الدولة1.و مع ذلؾ ظمت
سيادة الدولة ليست مجرد حقيقة مادية فحسب ،إنما ىي خاصية قانونية ضرورية أقرىا كؿ
مف الفقو الدستوري و الدولي.عمى أنيا":ذلؾ النطاؽ مف حرية التصرؼ في مجموعة مف
2
االختصاصات التي تنفرد بيا السمطة السياسية في الدولة .
فالسيادة إذف ىي خاصية قانونية تتميز بيا الدولة عندما تكتمؿ المقومات المادية التي تنبني
عمييا مف مجموع بشرية ورقعة جغرافية ومؤسسة حاكمة ،وىي تجسد ما تتمتع بو الدولة مف سمطات
تمارسيا عمى األفراد داخؿ إقميميا وتواجو بو الدوؿ األخرى في الخارج.
مف خالؿ التعاريؼ السابقة لمسيادة يتضح أف لمسيادة مجموعة مف الخصائص تثمتؿ فيما
يمي:
-السيادة ىي سمطة قانونية:بمعنى أنيا ليست مجرد حقيقة مادية بؿ ىي سمطة تستند إلى
القانوف 3.وعمى أساس ذلؾ فإف األشخاص الذيف يمارسوف السيادة تكوف ليـ سمطة إصدار
4
القوانيف وتطبيقيا أي إصدار قواعد قانونية ممزمة.
-السيادة ىي سمطة أصمية :وعميو ال تستمد مف سمطة أخرى بؿ تسمو عمى جميع
السمطات فيي السمطة اآلمرة العميا تمنحيا حؽ األمر و النيي5.أي أنيا السمطة األـ التي ال
-مولود ديداف،القانوف الدستوري و النظـ السياسية،عمى ضوء التعديؿ الدستوري ،2116دار بمقيس لمنشر، 5
الجزائر،2117،ص.37
41
تستمد أصميا مف سمطة أخرى .بؿ ىي التي تمنح السمطة والقدرة لمييئات االدارية القائمة
1
داخؿ الدولة.
-السمطة السياسية واحدة :أي أنيا سمطة غير قابمة لمتجزئة فعمى الرغـ مف تعدد الييئات
في الدولة فإف ذلؾ ال يعني مطمقا أف السمطة مقسمة،بؿ إف ىذه الييئات ىي مجرد أدوات
لممارسة ىذه السمطة .
مظاىر و أشكال السيادة :لمسيادة مظيراف:
المظير الداخمي :ومؤداه أف تبسط السمطة السياسية سمطانيا عمى كؿ إقميـ الدولة ،بحيث
يكوف ليا السمطة اآلمرة التي تعمو عمى جميع األفراد والجماعات والييئات الموجودة فييا،
وبالتالي فيي تتمتع بالقرار النيائي في جميع الشؤوف الداخمية دوف مشاركة سمطة أخري ليا
2
ىذه السيادة.
المظير الخارجي :فيعني عدـ خضوع الدولة لدولة أجنبية أخرى،و بالتالي تمتعيا باالستقالؿ
وعدـ التبعية لدوؿ أخرى.كما يظير المظير الخارجي في حريتيا في إدارة شؤونيا الخارجية،
وتحديد عالقاتيا بغيرىا مف الدوؿ وحريتيا بالتعاقد معيا ،وحقيا في إعالف الحرب أو التزاـ
3
الحياد .
-والسيادة الخارجية "مرادفة لالستقالؿ السياسي ,ومقتضاىا عدـ خضوع الدولة صاحبة السيادة ألية دولة أجنبية، 3
والمساواة بيف جميع الدوؿ أصحاب السيادة ،فتنظيـ العالقات الخارجية يكوف عمى أساس مف االستقالؿ ،ومما ينبغي
اإلشارة إليو أف ىذا المظير ال يعني أف تكوف سمطتيا عميا ،بؿ المراد أنيا تقؼ عمى قدـ المساواة مع غيرىا مف الدوؿ ذات
السيادة ،وال يمنع ىذا مف ارتباطيا وتقييدىا بالتزامات أو معاىدات دولية مع غيرىا مف الدوؿ.
42
يخالفيا ،أما السيادة السياسية فيراد بيا الشعب بمفيومو السياسي الذي يرجع لو الفضؿ في اختيار
المسئوليف السياسييف الذيف يكوف ليـ حؽ ممارسة السيادة القانونية ،فيي بذلؾ سمطة الشعب في
1
اختيار مف يتولى مسؤولية إدارة الشؤوف العامة في الدولة.
السيادة اإلقميمية والسيادة الشخصية:يقصد بالسيادة اإلقميمية ممارسة سمطة الدولة عمى
امتداد إقميميا وعمى كؿ ما يوجد فيو و ما يقع عميو مف أعماؿ و تصرفات.أما السيادة
الشخصية فيي تعني أف سمطة الدولة تتحدد عمى أساس عنصر األشخاص الذيف يحمموف
2
جنسيتيا،أي سيادتيا عمى كؿ شعبيا االجتماعي.
السيادة السالبة و السيادة االيجابية في احتكار حق التصرف:إف السيادة في الدولة ىي
خاصية مانعة و سالبة الختصاص أي جية أجنبية لمتدخؿ في شؤونيا ،مما يعني احتكار
اختصاص الدولة في شؤونيا أما السيادة االيجابية فيتجمى مضمونيا في حؽ التصرؼ
الفاعؿ في ممارسة استقاللية الدولة لنشاطاتيا و ق ارراتيا و عدـ إمكانية متع الدولة مف القياـ
3
بأي مشاط داخمي أو خارجي ترغب في القياـ بو سواء في الداخؿ أو الخارج.
السيادة: ناقصة ودولة السيادة كاممة دولة إلى الدول تقسم كما
أو ـ دولة كاممة السيادة :وىي الدولة التي ال تخضع وال تتبع في شؤونيا الداخمية
أو الخارجية لرقابة أو سيطرة مف دولة أخرى ،وليا مطمؽ الحرية في وضع دستورىا
تعديمو .أما الدول ناقصة السادة فيي التي ال تتمتع باالختصاصات األساسية لمدولة
لخضوعيا لدولة أخرى أو تبعيتيا لييئة دولية تشاطرىا بعض االختصاصات ,كالدوؿ التي
أو توضع تحت الحماية أو االنتداب أو الوصاية وكالدوؿ المستعمرة .وىذا االستقالؿ
43
التبعية ال يؤثراف عمى وجود الدولة الفعمي وىو ليس تقسيماً مؤبداً بؿ ىو قابؿ لمتغيير
1
والتبديؿ تبعاً لتغير ظروؼ كؿ دولة.
-الدولة ناقصة السيادة ىي الدولة التي تتبع غيرىا مف الدوؿ والييئات الدولية في إدارة شؤونيا الداخمية والخارجية،ويتخذ 1
44
أوال :نظرية سيادة األمة :تعتبر سيادة األمة نظرية فرنسية في نشأتيا ،إذ أف الفقو الدستوري
ينسبيا إلى المفكر السياسي جاف جاؾ روسو ،ولكف مفكريف آخريف سبقوا روسو في المناداة
بيذه النظرية ،و طبقا لمضموف سيادة األمة فإف السيادة كسمطة آمرة وعميا في الدولة ال
ترجع إلى فرد أو أفراد محدديف بدواتيـ كالمموؾ وال إلى ىيئة معينة بؿ ترجع السيادة إلى
األمة ذاتيا باعتبارىا وحدة مجردة ومستقمة عف األفراد المكونيف ليا ،و لكنيا ترمز إلييـ
جميعا وتمثؿ مجموع األفراد وىيئاتيـ .فالسيادة ممموكة لألمة كشخص معنوي جماعي يمثؿ
أو بجزء منيا ألف ىذا اإلدعاء الكافة وال يستطيع بعض األفراد االدعا ء بحؽ السيادة
يتعارض مع انفراد األمة بالسيادة بالكامؿ 1.ولقد اعتنقت الثورة الفرنسية النظرية وحولتيا إلى
مبدأ دستوري،إذ نص إعالف حقوؽ اإلنساف والمواطف الصادر سنة 1789عمى أنو":األمة
ىي مصدر كؿ سيادة:كما نص دستور السنة الثالتة لمجميورية سنة 1795عمى وحدة
2
السيادة وعدـ قابميتيا لمتجزئة أو التنازؿ عنيا ألنيا ممؾ لألمة.
-مولود ديداف،القانوف الدستوري و النظـ السياسية عمى ضوء التعديؿ الدستوري،2116المرجع السابؽ،ص.41 2
45
2ػ تعظيـ القوانيف الصادرة عف البرلماف بمنع الطعف في دستوريتيا وجبر المحكوميف عمى
الخضوع ليا يؤدي إلى التعسؼ بالحقوؽ و الحريات ،وانتقؿ الحاؿ مف ديكتاتورية الحكاـ إلى
1
دكتاتورية البرلمانات.
نظرية سيادة الشعب :تتفؽ نظرية سيادة الشعب مع نظرية سيادة األمة في كونيما يجعالف
السيادة ممموكة لجماعة األفراد و ليس ألشخاص الحكاـ ،ولكنيما يختمفاف بعد ذلؾ اختالفا
موضوعيا جوىريا ،فنظرية سيادة األمة تمنح السيادة لألمة ذاتيا كوحدة ال تقبؿ التجزئة و
مستقمة عف األفراد المكونيف ليا ،بينما نظرية سيادة الشعب تعطي السيادة ألفراد الشعب
أنفسيـ و بدواتيـ .وطبقا لنظرية سيادة الشعب تكوف السيادة لكؿ فرد في الجماعة ،حيث
إنيا تنظر إلى األفراد ذاتيـ وتجعؿ السيادة مشتركة بينيـ ومف ثـ تنقسـ وتتج أزعمى األفراد .
و مف تـ إذا كاف عدد أفراد الشعب في الدولة عشرة مالييف فرد مثال ،فإف السيادة تنقسـ إلى
عشرة مالييف مف األجزاء بحيث يممؾ كؿ فرد جزءا متساويا مف أجزاء السادة مثؿ غيره مف
2
األفراد.
46
2-إف األخذ بمبدأ سيادة الشعب لف يحؿ المشكمة ألنو في الواقع يجزئ السيادة ويجعميا
مقسمة بيف أفراد الشعب.
ػ إف االنتقادات الموجية إلى مبدأ سيادة األمة أو مبدأ سيادة الشعب ليست حاسمة ،ويبقى أف
كال مف النظريتيف تحارباف الحكـ المطمؽ وتبرراف سيادة األمة أو الشعب ،ويتفقاف مع
الديمقراطية .ولتفادي االنتقادات الموجية ليذه النظريات مف جية ،وقصد االستفادة مف
محاسنيا مف جية أخرى،و حتى تستطيع مواكبة التطور ظيرت نظرية تعرؼ بنظرية
1
الدمج.
التي يجب أف تحكـ السموؾ البشرى ،ألنيا منبثقة عف طبيعة اإلنساف باعتباره كائناً عاقالً
47
واجتماعيا ،إف ىذا القانوف يعد سابقاً في وجوده لمدولة،مما يجعميا تسمو عمييا 1.وليذا فيو
قيد عمى الحكاـ الذيف عمييـ االلتزاـ بو .ويكوف عمى المشرع أف يرجع إلى ىذه القواعد فيما
يستميمو مف أحكاـ وما يقننو مف قواعد وضعية ،بؿ ويكوف عمى جميع سمطات الدولة أف
تمتزـ بأحكاـ و قواعد القانوف الطبيعي فيما تجريو مف تصرفات وما يصدر عنيا مف أفعاؿ
.بيد أف ىذه النظرية قوبمت بانتقادات شديدة بصفة عامة وانتقدت فكرة تقييد إرادة الدولة
بقواعد القانوف الطبيعي مف طرؼ فقو القانوف العاـ .
النظرية الثانية :نظرية الحقوق الفردية :ومضموف ىذه النظرية أف الفرد لو حقوقو الطبيعية
التي تولد معو ،وليذا فيي سابقة لمدولة ولمجماعة نفسيا ،وكما أف الفرد ال يتنازؿ عنيا
بانضمامو إلى أي تنظيـ سياسي كالدولة ،بؿ إف الدولة تنشأ مف أجؿ حماية ودعـ ىذه
الحقوؽ التي تشكؿ عمة وجودىا .وما دامت ىذه الحقوؽ سابقة عمى كؿ تنظيـ سياسي ،فيي
تخرج عف سمطاف الدولة ،وفوؽ ذلؾ فيي تقيِّد أنشطتيا .ولقد وجدت ىذه النظرية صدى
كبير لدى رجاؿ الثورة الفرنسية و تأثروا بيا و ترجموا مضمونيا في إعالف حقوؽ اإلنساف
2
والمواطف في فرنسا سنة 1789و في دساتير الثورة الفرنسية.
النظرية الثالثة :نظرية التحديد الذاتي :نشأت ىذه النظرية في الفقو األلماني .و تقوـ عمى
أساس فكرة جوىرية مفادىا أف الدولة ال يمكف أف تخضع لقيد مف القيود إال إذا كاف نابعا مف
3
إرادتيا باعتبارىا السمطة العميا التي ال تعموىا سمطة داخؿ الدولة.
أي أف القانوف مف صنع الدولة ،وعميو ال يمكف القوؿ بأنيا تتقيد بو وتخضع لو خضوعا
مطمقا ،وعمى ىذا األساس فمنادوا ىذه النظرية حاولوا التوفيؽ بيف سيادة الدولة واستقالليا مف جية
وقابميتيا لمخضوع لمقانوف ،ذلؾ كوف أف القواعد القانونية التي تحكـ نشاط السمطات العامة ىي مف
48
صنع الدولة ،وعميو فإف ىذه األخيرة تخضع لقانوف مف صنعيا ويستمد قوتو اإللزامية مف إرادتيا ىي
دوف غيرىا وتمتزـ بما تسنو مف قوانيف فال يتصور وضع قواعد قانونية تكوف ممزمة لألفراد وغير
ممزمة لمدولة 1.لقد انتقدت ىذه النظرية لكونيا تمنح لمدولة حؽ الخروج عف القانوف الذي تسنو
وبالتالي فإف ذلؾ اعتراؼ ليا بتعديؿ والغاء القانوف وفقا لمشيئتيا ،كما أف الدولة ال تقيد نفسيا
بإرادتيا ألف القانوف سابؽ عمى وجودىا وىو مف صنع قوة أعمى منيا ،وىو القانوف الطبيعي الذي
يمثؿ القيد الحقيقي عمى سمطة الدولة.2
رابعا :نظرية التضامف االجتماعي :ويتزعميا الفقيو ليوف د وجي الذي يرى بأنو إذا كاف
القانوف مف صنع الدولة فإنو ال يعقؿ القوؿ بخضوعيا لو ألف ذلؾ الخضوع ال يتحقؽ إال إذا كاف
القانوف صادر مف سمطة أعمى مف سمطة الدولة ،و السمطة التي تعمو الدولة ىي التضامف
االجتماعي الذي منو يكتسب القانوف قوتو اإللزامية وليس مف سمطة الحكاـ و ىذا يعني فصؿ
القانوف عف الدولة مف حيث المصدر ،فالدولة شأنيا شأف األفراد تكوف ممزمة بو و كذا الحاكميف ال
يحؽ ليـ إصدار أوامر و توجييات لمقياـ بعمؿ معيف إال إذا استدعت ذلؾ مقتضيات التضامف
3
االجتماعي.
نقد :إف تأسيس النظرية عمى فكرة التضامف االجتماعي ال يمكف قبوليا إال جزئيا فإلى جانب
التضامف االجتماعي الذي يرتكز عميو المجتمع يوجد فكرة أخرى سائدة في المجتمعات وىي
مناقضة ليا والمتمثمة في الصراع والتنافس ،إضافة إلى ذلؾ فإف ىذه النظرية قد اعتمدت عمى فكرة
4
أخالقية ولـ تبنى عمى أسس قانونية.
ضمانات خضوع الدولة لمقانون :
-بسيوني عبد الغني عبد اهلل ،المرجع السابؽ ،ص .269 4
49
إف الدولة القانونية أىـ ما يميزىا عف غيرىا مف الدوؿ ىو خضوعيا لمقواعد القانونية
في جميع نشاطاتيا ،وحتى يمكف تحقيؽ وتجسيد دولػة القانوف في الواقع العممي كحقيقة
في ِجب أف تتوفر ليذه الدولة العديد مف الضمانات ومف أىـ ىذه الضمانات اآلتي:
)2وجود دستور لمدولة :يعتبر الدستور أوؿ لبنة لتأسيس دولة القانوف حتى شبو بأنو شيادة
ميالد الدولة القانونية في عصرنا الحديث 1 .يعتبر الدستور الضمانة األولى مف ضمانات
خضوع الدولة لمقانوف إذ أف وجود الدستور يعني إقامة النظاـ السياسي والقانوني لمدولة ،ألنو
ينشىء السمطات المختمفة ،ويحدد اختصاصاتيا ،ويبيف كيفية ممارسة ىذه االختصاصات،
وما عمييا مف امتيازات وما عمييا مف واجبات .كما يحدد الدستور نظاـ الحكـ في الدولة ،و
يوضح كيفية اختيار الحاكـ ،ويبيف سمطاتو.
)3تدرج القواعد القانونية :بمعنى أنو يجب خضوع القاعدة القانونية األدنى لمقاعدة األعمى
منيا شكالً ومضموناً ،فيكوف الدستور عمى رأس ىذه القوانيف التي يجب أف تصدرىا السمطة
مف خالؿ إتباع إجراءات واضحة ومحددة ،وىذا التدرج أو التسمسؿ لمقواعد القانونية يكوف
عمى النحو التالي:
* ثـ القوانيف العضوية.
* ثـ القوانيف العادية.
* وأخي اًر الموائح والق اررات التنظيمية التي تشكؿ قاعدة ىذا اليرـ القانوني لمدولة.
51
مبدأ الفصؿ بيف السمطات :ىذا المبدأ مضمونو أنو يجب عمى كؿ سمطة مف السمطات )4
ِ
تحترـ القواعد التي وضعيا الدستور لممارسة اختصاصاتيا بحيث ال العامة في الدولة أف
تخرج عف حدود ىذه االختصاصات أو تتعدى عمى اختصاصات سمطة أُخرى ،ولتحقيؽ
مبدأ الفصؿ بيف السمطات يجب أو يمزـ تحديد وتوضيح تخصص ُكؿ سمطة ِمف السمطات
العامة في الدولة ،كما يعني أف تراقب كؿ سمطة مف الدولة السمطة األخرى في أدائيا
لوظيفتيا المسندة إلييا طبقا لمدستور 1.ومف ىنا يصبح ىذا المبدأ ضمانة أساسية لتحقيؽ
دولػة القانوف.
)5تنظيـ الرقابة القضائية والتأكيد عمى استقاللية القضاء :إف الرقابة القضائية ىي الوسيمة
لحماية الفرد ِمف تعسؼ السمطة بمختمؼ أشكالو ،وىذا يتحقؽ ويسود ِمف
الحاسمة واألكيدة ِ
خالؿ التأكيد عمى استقالؿ القضاء وعدـ تبعيتو ألي سمطة أُخرى.
)5المعارضة السياسية :إف التعددية الحزبية السياسية في الدولة تسمح بوجود معارضة تعمؿ
جاىدة عمى انتقاد ومعارضة الييئة الحاكمة وكشؼ أخطائيا مف خالص القواعد القانونية وتنبيو
الرأي العاـ ضدىا وبالنظر لموعي السياسي الذي تتمتع بو المعارضة وحرصيا عمى كشؼ أخطاء
2
الحكومة فإف المعارضة السياسية تصبح بدورىا دعامة أساسية لمبدأ خضوع الدولة لمقانوف.
بعد أف تعرفنا عمى أف الدولة ىي عبارة عف مجموعة مف األفراد تقطف بصفة دائمة إقميـ
معيف وتخضع لسمطة سياسية عميا ،وأنيا تتميز بالشخصية القانونية االعتبارية والسيادة،
وخضوعيا لمقانوف .نذىب إلى البحث في أشكاؿ الدولة وذلؾ بتبياف أنواع الدوؿ مف حيث
طبيعة البنية الداخمية لمسمطة السياسية فييا،ذلؾ كوف شكؿ الدولة وأنواعيا يرتبط بنوع الييئة
51
الحاكمة إذا كانت واحدة أو موزعة عمى عدة مراكز داخؿ الدولة أي التركيب الداخمي لمسمطة
السياسية،و التي تكوف إما سمطة واحدة أو سمطات متعددة .فما ىي الدولة البسيطة أو
الموحدة و ما ىي الدولة المركبة ؟
الدولة البسيطة أو الموحدة ىي تمؾ الدولة التي تتميز بالوحدة السياسية سواء مف الناحية
الخارجية أومف الناحية الداخمية.فمف الناحية الخارجية تدير شؤونيا في المجاؿ الدولي ىيئة
واحدة ،وليا تمثيؿ خارجي واحد .ومف الناحية الداخمية تتميز بوحدة في نظاـ الحكـ
الدستوري أو السياسي،فميا دستور واحد يطبؽ عمى كافة إقميـ الدولة ،و ليا سمطة تشريعية
واحدة تتولى وضع التشريعات الممزمة لكؿ إقميـ الدولة ،و سمطة تنفيذية واحدة وليا كذلؾ
سمطة قضائية واحدة 1.وال يؤثر في اعتبار الدولة البسيطة اتساع رقعة إقميميا ،أواتصاؿ
وانفصاؿ أراضي إقميميا ،كما ال يؤثر في اعتبار الدولة بسيطة أو موحدة شكؿ نظاـ الحكـ
فييا ممكياً كاف أو جميورياً ،فالدولة الموحدة قد تكوف ممكية كالمغرب واألردف ،ويمكف أف
تكوف جميورية كمصر والجزائر ولبناف .وغالبية الدوؿ العربية.
-1من حيث السمطة :حيث تتميز الدولة البسيطة أو الموحدة بوحدة سمطات الدولة أي
بالبساطة في تركيب السمطة السياسية فييا ومف ىنا سميت بالدولة البسيطة تميي اًز ليا عف
الدولة المركبة.
حيث تتولى الوظائؼ العامة في الدولة سمطات واحدة ينظميا دستور واحد يسري عمى جميع
أجزاء الدولة .وتمثؿ وحدة السمطة السياسية في وحدة سمطات الدولة الثالث :السمطة
52
التشريعية ،والسمطة التنفيذية ،والسمطة القضائية ،التي تمارس اختصاصاتيا وفقاً ألحكاـ
الدستور فييا.1
-2من حيث اإلقميم :اإلقميـ وحدة واحدة في جميع أجزائو ويخضع لقوانيف واحدة دوف تمييز
إالّ ما تقرره بعض القوانيف المحمية في المسائؿ اإلدارية فقط مف باب االستثناء ومارعاةً
لمطابع الخصوصي لبعض المناطؽ 2.فمعنى ذلؾ أـ إقميـ الدولة البسيطة أوالموحدة يخضع
في جميع أجزائو :األرضية ،والبحرية ،والجوية لسيادة الدولة .كما أف جنسية مواطني الدولة
البسيطة أو الموحدة جنسية واحدة يخضع ليا جميع المواطنيف المقيميف عمى إقميـ الدولة
ويتـ اكتساب ىذه الجنسية وفؽ معايير موحدة.
غير أف ىذه األحادية في السمطة الحكومية ال يؤثر فييا كوف الدولة تختار في توزيعيا
الختصاصات بيف نظاـ المركزية اإلدارية أو الالمركزية اإلدارية .فالمركزية والالمركزية
اإلدارية يتعمقاف بكيفية توزيع الوظائؼ اإلدارية في الدولة وال يتعمقاف بنظاـ الحكـ السياسي
في الدولة أو بماشرة الوظيفة السياسية ،وىما بالتالي ال يمساف وحدة الدولة السياسية التي
تعتبر السمة األساسية لمدولة البسيطة أوالموحدة ،حيث يبقى ىناؾ دستور واحد وتشريعات
3
واحدة وسمطة حكومية واحدة ،وسمطات عامة واحدة :تشريعية كانت أـ تنفيذية أـ قضائية.
فالجزائر مثال توزيع السمطة فييا مف الناحية اإلدارية يأخذ صورة الالمركزية اإلدارية(الوالية
أو البمدية) وعدـ التركيز اإلداري(الدائرة).كما تأخذ الالمركزية اإلدارية صورتيف أساسيتيف،ال
يقصد بالدولة المركبة :الدوؿ التي يربط بينيا نوع مف أنواع االتحاد ،بحيث تخضع
لسمطة سياسية مشتركة2.كما يطمؽ مصطمح الدولة المركبة في الفقو الدستوري ،عندما يظير
اتحاد بيف دولتيف أو أكثر لتحقيؽ مصالح مشتركة .3.وتتخذ الدوؿ المركبة أشكاالً متعددة
تختمؼ مف حيث الضعؼ أو القوة تبعاً لنوع االتحاد بيف الدوؿ الداخمة فيو ،فقد يتخذ االتحاد
شكؿ االتحاد الشخصي الذي يعتبر أضعؼ االتحادات ،يميو االتحاد التعاىدي ،ثـ االتحاد
الفعمي أو الحقيقي ،وأخي اًر االتحاد المركزي حيث تتحوؿ الدوؿ أواألقاليـ أواإلمارات الداخمة
فيو إلى دولة اتحادية أو مركزية.
1ـ اإل تحاد الشخصي :يعد االتحاد الشخصي أضعؼ صور االتحاد بيف الدوؿ الف مظيره يتجمى
في وحدة رئيس الدولة الموحدة اتحادا شخصيا ولذلؾ تمعب الصدفة دو ار كبي ار في نشأة ىذا النوع مف
االتحاد وكذلؾ في إنيائو إذ ينشأ عادة نتيجة المصاىرة أو أيمولة العرش في دولتيف أو أكثر لشخص
واحد ،وال يترتب عمى االتحاد الشخصي ظيور شخص دولي جديد الف كؿ دولة تحتفظ بشخصيتيا
الدولية كاممة،كما أنو ال يؤثر في سيادتيا الداخمية 4.وعميو فإف كؿ دولة مف الدوؿ األعضاء في
االتحاد الشخصي تحتفظ بسيادتيا الخارجية وسيادتيا الداخمية ،ويكوف لكؿ منيا استقالليا
الداخمي ونظاـ حكميا ودستورىا الخاص وسمطاتيا العامة المستقمة مف تشريعية وتنفيذية
وقضائية.
خضوع االتحاد لرئاسة شخص واحد :فالمظير الوحيد المميز لالتحاد الشخصي ىو وحدة
في االتحاد الشخصي بسياستيا الخارجية ،أي يكوف ليا سياستيا الخارجية الخاصة بيا،
وتمثيميا الدبموماسي الخاص ومعاىداتيا الخاصة ،كما تستقؿ كؿ دولة بمسؤوليتيا الدولية
عف تصرفاتيا القانونية.
احتفاظ الدوؿ الداخمة في االتحاد الشخصي باستقالليا الداخمي ،فيكوف ليا دستورىا
الخاص ،ونظاميا السياسي ،وسمطاتيا العامة المستقمة مف تشريعية وتنفيذية وقضائية .كما
-مولود ديداف ،القانوف الدستوري و النظـ السياسية،عمى ضوء تعديؿ.2116المرجع السابؽ،ص.46 2
55
يبقى رعاياىا محتفظيف بجنسيتيـ المستقمة ،ويعد رعايا كؿ دولة داخمة في االتحاد أجانب
بالنسبة لمدوؿ األخرى المكونة لالتحاد.
ـ ثانياً االتحاد التعاىدي:ينشأ االتحاد االستقاللي ألتعاىدي مف اتفاؽ دولتيف أو أكثر في
معاىدة دولية عمى تكويف ىذا االتحاد أو االنضماـ إليو ،مع احتفاظ كؿ دولة باستقالليا
الخارجي و سيادتيا الداخمية بكؿ ما تتضمنو مف تطبيؽ لدساتيرىا الخاصة وقوانينيا
وأنظمتيا الداخمية .1حيث ينشأ ىذا االتحاد نتيجة اتفاؽ يضـ دولتيف وأكثر عمى أف تبقى كؿ
دولة ليا سيادتيا الداخمية والخارجية ورئيسيا الخاص ويرمي ىذا اإلتحاد أساسا،إلى تحقيؽ
أىداؼ معينة ،أو حماية مصالح مشتركة كالدفاع المشترؾ وحفظ السالـ وتنسيؽ الشؤوف
االقتصادية واالجتماعية والعسكرية ،و غيرىا مف المسائؿ التي يمكف أف تدرج في المعاىدة
المنشئة لإلتحاد 2.أي أف مظير االتحاد أف ىناؾ معاىدة تحالؼ تجمع ىذه الدوؿ .والتي
تنشأ عنيا ىيئة تسمى مجمس أو مؤتمر أو جمعية تتكوف مف مندوبيف يمثموف دوؿ االتحاد.
وتقوـ ىذه الييئة بميمة استشارية ،وذلؾ لتحديد السياسة المشتركة لمدوؿ األعضاء عف
3
طريؽ التوصيات التي تصدرىا ،والتي البد مف موافقة الدوؿ األعضاء عمييا قبؿ تنفيذىا.
وليذا ال تعتبر ىذه الييئة دولة مركزية لمدوؿ األعضاء أوحكومة فوؽ حكومتيا ،أو شخصا
دوليا قائما بذاتو .فال تكوف ق ارراتيا ممزمة إال إذا وافقت عمييا الدوؿ األعضاء ،كما أنيا ال
تعبر عف رأييا وانما عمى رأى الدوؿ التي تمثميا .وعميو فإف الدوؿ المتحدة تبقى مستقمة عف
بعضيا ،وأف الييئة الجديدة ميمتيا تقتصر في البحث عمى السبؿ الكفيمة لتحقيؽ اليدؼ
56
الذي أنشئت مف أجمو فتقدـ التوصيات المتعمقة بذلؾ دوف أف تخرج عف نصوص المعاىدة و
إلى أف تتقبميا جميع الدوؿ األعضاء و يترتب عمى ما سبؽ :
-ظيور شخص دولي جديد يمارس جميع المياـ الخارجية كالتمثيؿ الدبموماسي والقنصمي وابراـ
المعاىدات.
-الحرب التي تقوـ بيف دوؿ االتحاد تعتبر حرب أىمية ،أما الحرب التي تقوـ بيف احدي الدوؿ
األعضاء ودولة أجنبية تعد حربا ضد االتحاد كمو.
-تحتفظ كؿ دولة بدستورىا فيكوف لكؿ منيا نظاميا الدستوري والقانوني والسياسي الخاص بيا.
ويعتبر ىذا النوع مف االتحاد األقؿ شيوعا في التاريخ الغابر واألندر تطبيقا في عالـ
الحاضر ،ومف األمثمة التي سجمت تاريخيا اتحاد النرويج ومممكة السويد عاـ .6865نتيجة
اتفاقية السالـ الموقعة بيف ىزيمة النرويج أماـ السويد،وانتيى ىذا االتحاد باستقالؿ النرويج.
4ـ اإلتحاد المركزي :إذا كانت أغمب االتحادات السابقة قد تنشأ بمقتضى معاىدات دولية،
ووصفت بأنيا اتحادات قانوف دولي ،فإف االتحاد المركزي ينشأ ويخضع لمقانوف الدستوري،
لذلؾ فيو اتحاد قانوف دستوري 2.حيث ينشأ اإلتحاد المركزي أو الفيدرالي باتحاد دولتيف أو
أكثر،إال أنو يتميز عف االتحادات السابقة في كونو أكثر انصيا ار بيف الدوؿ المتحدة وأقواىا
ارتباطا ،ويظير ىذا التمايز في فقداف الدوؿ األعضاء لشخصيتيا الدولية وسيادتيا
الخارجية ،وقياـ شخصية دولية جديدة مكانيا ىي دولو اإلتحاد المركزي بسيادتيا الخارجية
الكاممة وتمتعيا بجزء مف السيادة الداخمية لكؿ الدويالت المنشئة لإلتحاد 3.وينشأ االتحاد
المركزي عادة بطريقتيف:
أ -تجمع رضائي أو إجباري :وذلؾ عف طريؽ تجمع لدوؿ كانت مستقمة أصال كما في
الواليات المتحدة األمريكية ( طريقة رضائية) و سويس ار ( جبرية) .ب -تقسيـ مقصود
ألجزاء متعددة مف دولة سابقة ،كانت بسيطة وموحدة .كما في االتحاد السوفيتي سابقا
4
وروسيا حاليا.
خصائص اإلتحاد المركزي :تتميز الدولة الفيدرالية بجممة مف الخصائص التي يسمييا البعض
أيضا بالمبادئ ،وىي ضرورة وجود دستور مكتوب ،توزيع االختصاصات وأخير ضرورة وجود
قضاء فيدرالي:
2ـ توزيع االختصاصات بين الحكومة المركزية وحكومات الواليات :وتتوزع االختصاصات
تمؾ وفقا لمطرؽ اآلتية:
ػ فقد يتـ النص في الدستور االتحادي عمى اختصاصات السمطات الفيدرالية وحكومات الواليات
عمى سبؿ الحصر ،وقد عيب عمى ىذه الطريقة أنيا تضع قيود عديدة عمى حركة التطور داخؿ
االتحاد كما أنيا تثير مف الناحية العممية الكثير مف المنازعات بسبب عدـ تحديد صاحب
2
االختصاص.
-كما أنو قد يتـ النص في الدستور االتحادي عمى اختصاصات الييئات االتحادية عمى سبيؿ
الحصر وىي الطريقة التي انتيجتيا كؿ مف الواليات المتحدة األمريكية وسويس ار واالتحاد
السوفياتي ،ويكوف ذلؾ عادة في الحاالت التي فييا الروابط و المصالح المشتركة بيف شعوب
االتحاد ليست قوية بدرجة كبيرة مما يدفعيا إلى عدـ تقوية السمطة االتحادية وحصر اختصاصاتيا
في حدود واضحة ،وتترؾ االختصاصات األخرى لييئات الدويالت األعضاء في االتحاد وىو ما
4ػ تمثيؿ الدويالت في الييئة التشريعية لإلتحاد :مف مظاىر تأكيد استمرار بقاء الواليات
كوحدة دستورية ،تمثميا في الييئة التشريعية لإلتحاد.
63
5ػ تمتع رعايا اإلتحاد بجنسية واحدة :إف ظيور شخص دولي جديد يستتبع تمتع كؿ رعايا
اإلتحاد. دوؿ جنسية ىي واحدة بجنسية اتحدت التي الدوؿ
6ػ أما فيما يتعمؽ بالسيادة الداخمية فيي مشتركة بيف الدويالت والدولة المركزية وىذا ما
يميزىا عف اإلتحاد الفعمي و الدولة الموحدة،ذلؾ ألف الدويالت ال تستقؿ استقالال تاما
بسيادتيا الداخمية كما ىو الشأف في اإلتحاد الفعمي كما ال تفقدىا كميا كما ىو الحاؿ في
الدولة الموحدة،غاية ما في األمر أف الحكومة المركزية تتمتع بجزء مف السمطة عمى حكومة
الدويالت و إقميميا و رعاياىا.
ووفقا لذلؾ فإف كؿ دويمة يكوف ليا دستورىا الخاص بيا و بالتالي سمطاتيا الثالث طبقا لما
ىو مقرر ومحدد في دستور اإلتحاد التي تتكوف ىي األخرى مف سمطة تشريعية ليا مجمسيف
أحدىما ينتخبو الشعب والثاني يتكوف مف ممثميف عف الدويالت و سمطة تنفيذية وسمطة
قضائية.
أوليما:ىي انضماـ دولتيف أوأكثر مف أجؿ إقامة دولة واحدة في شكؿ اتحاد مركزي
كالواليات المتحدة األمريكية وسويس ار وكندا وأستراليا.
ثانييما:تفكؾ دولة موحدة إلى عدة دويالت وتكويف اتحاد مركزي كاإلتحاد السوفيتي سابقا
والمكسيؾ.
وينتيي أيضا بطريقتيف كانييار الدوؿ و وفقا لقواعد القانوف الدولي كاف تقع تحت
سمطة أجنبية أو تتحوؿ مف اتحاد مركزي إلى نوع أخر مف اإلتحاد كاإلتحاد ألتعاىدي أو
يتحوؿ إلى دولة موحدة أو ينقسـ إلى دوؿ مستقمة ذات سيادة.
64
الفصل الثاني:النظرية العامة لمدستور.
منذ نياية القرف الثامف عشر أضحت المطالبة بتشكيؿ دستور في بالد الديمقراطيات
الغربية عمال أساسيا ورئيسيا مف األعماؿ التي بادرت إلييا ىذه الدوؿ بتنفيذىا .وابتداء مف
تمؾ الفترة أصبح وجود الدستور المكتوب مف الظواىر العادية ليس فقط في البالد األوروبية
و أمريكا الشمالية،و إنما أيضا في أغمب دوؿ العالـ الثالث ليشكؿ في النياية مجموعة مف
القواعد األساسية المدونة في نصوص رسمية يبينيا ويحدد معالميا القانوف الدستوري 1.فمف
ال معروؼ أف التوصؿ إلى تكويف دولة يعد مرحمة ميمة مف مراحؿ تطور المجتمعات
اإلنسانية نحو التنظيـ ،وأف فكرة تكويف دولة يقوـ عمى أساس بيف الحكاـ والمحكوميف .
حيث تحاوؿ الدولة الحديثة جاىدة التوفيؽ بيف ثنائيات متضادة بيف "حريات
المحكوميف وسمطات الحاكميف" 2بحيث يكوف لمحكاـ تنظيـ شؤوف الدولة مما يستتبع تمتعيـ
بالسمطة في مقابؿ مجموعة الحقوؽ والحريات التي يتمتع بيا أفراد المجتمع.
واذا كاف ىناؾ قواعد عادية تحكـ نشاط األفراد المحكوميف ،فإف ىناؾ حاجة إلى قوانيف
ذات خصوصية متميزة تحكـ نشاط السمطة والحكاـ في الدولة ،وقد سمي القانوف الذي
ينضـ ىذه القواعد باسـ الدستور ،فما ىو الدستور وما ىي مصادره،أنواعو،أساليب نشأتو
ونيايتو،مكانتو في النظاـ القانوني لمدولة و ضماف سموه ؟
65
المبحث األول :ماىية الدستور:
يعتبر القانوف الدستوري أحد فروع القانوف العاـ ،الذي يدرس مضموف الوثيقة الدستورية،
وعمى ىدا األساس سنتولى دراسة بعض العناصر المتعمقة بالدستور مف حيث تعريفو ،تحديد
موضوعو و بياف مصادره.
يعتبر أرسطو أوؿ مف أشار إلى الدستور مف خالؿ تمييزه بيف القانوف األوؿ الذي ىو
الدستور والقوانيف األخرى المرتبطة والتابعة لو ،وقد كانت الدولة األثينية القديمة تعطي مكانة
استثنائية لدستورىا ،الشيء الذي جعميا تقوـ بنقشو في مكاف عمومي يستطيع كؿ المواطنيف
االطالع عمي و . 1و عميو سوؼ نوضح فيما يمي التعريؼ المغوي لمدستور تـ التعريؼ
القانوني:
أوال :المفيوم المغوي لمدستور :لـ يرد في قواميس المغة العربية القديمة معنى واضح لكممة
الدستور ،لذلؾ حاوؿ بعض فقياء القانوف الدستوري إرجاعيا إلى األصؿ الفارسي ،والمعنى
2
ويمكف أف المرادؼ لكممة الدستور في المغة العربية ىو) األساس أو البناء أو القاعدة).
تعني) اإلذف والترخيص) .حيث يفيـ مف خالؿ ذلؾ أف مفرد دستور دخيمة عمى المغة
العربية مثميا في ذلؾ مثؿ العديد مف مفردات القاموس السياسي الدستوري كالديمقراطية و
القانوف وغيرىا فكممة الدستور ليست عربية األصؿ ،وليذا فإف البعض يرجعيا إلى المغة
68
فالدستور عموما يتعمؽ بتنظيـ الدولة باعتبارىا المؤسسة األـ لكؿ المؤسسات داخؿ الدولة
مف حيث كيفية تكوينيا واختصاصيا وكيفية مباشرتيا ليذه االختصاصات وحدود وضوابط
ىذه االختصاصات ،كذلؾ عالقة سمطات الدولة يبعضيا ،وعالقتيا بالمواطنيف ،كذلؾ فاف
الدستور البد واف يعني بحقوؽ المواطنيف في مواجية السمطات العامة وكيفية حماية ىذه
الحقوؽ .
يقوـ القانوف الدستوري بتحديد العالقة ،بيف الحكاـ والمحكوميف ،أي بيف الحرية
والسمطة :بيف الحرية التي يتمتع بيا الفرد و السمطة التي يمارسيا الحاكـ باسـ المجتمع.
بتعبير آخر فإف القانوف الدستوري يشكؿ تنظيماً لمتعايش السممي بيف السمطة و الحرية في
الدولة .وفي إطار ىذا المفيوـ المحدد لمقانوف الدستوري فقد نشأ تساؤؿ ،إف لـ نقؿ نشأ
خالؼ ،في الفقو التقميدي لمقانوف الدستوري حوؿ ما إذا كاف القانوف الدستوري أداة لضماف
الحرية ،أـ أف القانوف الدستوري ىو وسيمة لتنظيـ السمطة .وقد ظير في الفقو الدستوري
الحديث اتجاه يحاوؿ التوفيؽ بيف الرأييف السابقيف ،ومفاده أف القانوف الدستوري ىو وسيمة
لمتوفيؽ بيف الحرية والسمطة.
أوال -القانون الدستوري ىو وسيمة لتنظيم الحرية :اتجو الفقو الدستوري التقميدي إلى الربط
بيف القانوف الدستوري والنظاـ الديمقراطي الحر،حيث ساد االعتقاد لدى ىذا الفقو أف الدستور
يرتبط بمضمونو.و أنو ال يكفي لمقوؿ بوجود دستور أف يتضمف القواعد المنظمة لمسمطة
السياسية في الدولة ،وانما يجب أف يتضمف فضال عف ذلؾ القواعد التي تكفؿ حريات األفراد
و تصوف حقوقيـ 1.وعمى ىذا األساس فالقانوف الدستوري ىو قانوف الحرية ،2وفي ىذا
- 1فيذا االتجاه يركز عمى اعتبار الدستور حجر األساس لصيانة الحرية وحقوؽ األفراد مف تجاور السمطة التي وجدت
أصال لصيانة ىذه الحقوؽ و الحريات ،وقد كانت ىذه االتجاىات القائمة عمى أساس تقديس الفرد و حرياتو وحقوقو ،قد
ظيرت مرتبطة بفكر فمسفي نابع يتمثؿ في المذىب الحر .وما يمكف مالحظتو أف أصحاب ىذا االتجاه ال يقر بوجود
الدستور إال في النظـ الديمقراطية التي تكفؿ الحقوؽ و الحريات الفردية .و ىذا الربط بيف ضماف الحقوؽ و الحريات
الفردية و وجود الدستور لـ يأت مف فراغ ،و إنما يستند في أساسو إلى موجة الحركات الدستورية التي انتشرت في بدايات
القرف الثامف عشر و القائمة عمى أسس فمسفية تمجد حقوؽ اإلنساف و حرياتو ،وخاصةً منيا نظريتي العقد االجتماعي و
القانون الطبيعي .و يستند ىذا الفقو أيضاً إلى الدستور األمريكي الصادر سنة ،6787الذي قاـ عمى فمسفة مفادىا أف
أفضؿ ضماف لمحريات الفردية يتـ عف طريؽ تقييد السمطة ،كذلؾ عمى ما جاء في إعالف حقوؽ اإلنساف و المواطف
الصادر عف الثورة الفرنسية سنة ،6789و خاصة المادة السادسة عشرة منو و ىي التي تنص عمى ما يمي “ :كل مجتمع
ال يكفل ضمانات الحقوق ،و ال يسود فيو مبدأ الفصل بين السمطات ،ىو مجتمع ليس لو دستور” .حسف مصطفى
البحري ،المرجع السابؽ،ص.55
71
السمطة السياسية وتمارس وتنتقؿ في الدولة ،وأصبح القانوف الدستوري يعرؼ بأنو العمـ الذي
ينظـ صناعة أو فف السمطة وليس العمـ الذي ينظـ صناعة أوفف الحرية 1.أي أف موضوع
القانوف الدستوري ىو ظاىرة السمطة العامة ،بذاتيا ،في مظاىرىا القانونية .فكؿ دولة ليا
دستور يحدد نظاـ الحكـ فييا .وبيذا يوجد الدستور في دوؿ النظاـ الديمقراطي الحر ،ودوؿ
الحكـ المطمؽ عمى حد سواء.وسواء كاف يحترـ حقوؽ األفراد وحرياتيـ أو عكس ذلؾ ،حيث
أف األساس في وجوده ىو وجود السمطة التي يعد وجودىا ركنا أساسيا لوجود الدولة.
-عمى الرغـ مف نقاط الصحة التي يحتوييا ىذا االتجاه فإنو تعرض لالنتقادات مف أىميا:
إف الغاية مف وجود السمطة ىي حماية وضماف مصمحة المحكوميف ال مصمحة القائميف
عمى السمطة.
ثالثا :الدستور أداة توفيؽ بيف الحرية و السمطة :بيف ىذيف االتجاىيف المختمفيف في تحديد
مدلوؿ الدستور ،ظير اتجاه ثالث تزعمو األستاذ أندريو ىوريو André HAURIOUالذي
أف القانوف الدستوري في جوىره ىو“فن التوفيق بين السمطة والحرية .وقد رفض
يرى ّ
األستاذ ىوريو HAURIOUما توصؿ إليو أصحاب االتجاىيف السابقيف :فال يمكف التسميـ
بأف ميمة القانوف الدستوري ىي فقط تنظيـ الحرية ،أو ىي فقط تنظيـ لمسمطة .فالحرية
ليست مطمقة بدوف حدود ،حيث أنو مف المعروؼ أف النياية المترتبة عمى إطالؽ الحرية
سوؼ تكوف الفوضى ،وأف الفوضى سوؼ تقود إلى االستبداد و ضياع الحرية بؿ ال بد مف
ضوابط ليا تتحقؽ بواسطة سمطة .وممارسة السمطة ليست غاية في حد ذاتيا ،بؿ ىي وسيمة
لتحقيؽ المصمحة العامة ،ألنو وفي نفس الوقت فإف النياية المترتبة عمى إطالؽ السمطة
سوؼ تؤدي أيضا إلى االستبداد وضياع الحرية ،و في كمتا الحالتيف سوؼ نكوف أماـ
71
محتوى وغاية بعيدة عف محتوى وغاية الدستور ،الذي يفترض أف يتناوؿ كال مف الحرية
1
والسمطة في ذات الوقت.
يستنتج أنو ليس ىناؾ خالؼ حوؿ كوف وجود السمطة ليس غاية بحد ذاتيا ،بؿ إف وجودىا
ىو في سبيؿ تحقيؽ غاية ،أي أنيا وسيمة أو أداة لتحقيؽ غاية ،وأف ىذه الغاية تتمثؿ في
التأكيد عمى مصمحة األفراد عمى اعتبار أف السمطة ىي ركف أساس في المجتمع اإلنساني
المنظـ الذي يطمؽ عميو تسمية الدولة.
يقصد بمصدر القاعدة القانونية بصفة عامة أحد المعنييف:المصدر المادي و ىو الذي
تستمد منو القاعدة القانونية مضمونيا...فالعبرة بالمادة و الموضوع.ولذلؾ يسمى المصدر
المادي أو الموضوعي .أما المصدر الرسمي فيقصد بو المصدر الذي تستمد منو القاعدة
2
القانونية قوتيا الممزمة و صفتيا اإللزامية
إف تعييف المصدر المادي لقواعد القانوف ال يحدد سبب التزامنا بيا وخضوعنا ليا .أي
السبب الذي يجعؿ لمضموف ىذه القواعد قوة ممزمة ،صحيح أف إرادة الجماعة ىي مصدر
القوة الممزمة لمقواعد القانونية ،ولكف ىذه اإلرادة البد و أف تظير في صورة رسمية معينة.
فقد تولى الجماعة وظيفة سف القوانيف إلى سمطة معينة ،ىذه السمطة تقوـ مقاـ الجماعة في
فرض القانوف وعندئذ يكوف مصدر القوة ىو التشريع.و قد تستبقي الجماعة دورىا في فرض
ما يستقر ويطرد أعضائيا عمى إتباعو مف العادات ،فيكوف مصدر القوة الممزمة ليذه
يتصؿ بنظاـ الحكـ في الدولة -أغفؿ المشرع الدستوري تنظيمو ،ومف ثـ فإنو ال يستند إلى نص قائـ أو موجود في صمب
الوثيقة الدستورية .
- 1قزو محمد أكمي،المرجع السابؽ ،ص .145
- 2نعماف أحمد الخطيب ،المرجع السابؽ،ص .471
- 3حسف مصطفى البحري ،المرجع السابؽ ،ص.128
79
العرف الدستوري المعدل :يقصد بالعرؼ المعدؿ لمدستور،ذلؾ الذي ينصرؼ أثره إلى تعديؿ
حكـ ورد في الدستور،سواء باستحداث قاعدة دستورية جديدة لـ ترد في الدستور ،أو بحذؼ
بعض أحكامو .فتسنى الحالة األولى التعديؿ باإلضافة وتسمى الحالة الثانية التعديؿ بالحذؼ
1
.
فإذا كاف العرؼ المفسر يقوـ بتفسير الغموض وتوضيح اإلبياـ الذي قد يحيط بنص
مف النصوص ،و العرؼ المكمؿ يتولى إكماؿ النقص أو سد العجز في النصوص
الدستورية ،فإف العرؼ الدستوري المعدؿ يتعدى كؿ ذلؾ إلى إجراء عممية تعديؿ في
النصوص إما عف طريؽ اإلضافة أو الحذؼ.
العرف المعدل باإلضافة :وييدؼ إلى منح ىيئة مف ىيئات الدولة اختصاصاً جديداً لـ يتقرر
ليا وفقاً لنصوص الدستور ،ودوف إمكانية تقرير ىذا االختصاص الجديد عف طريؽ تفسير
النصوص الواردة في الوثيقة الدستورية .ومف أمثمة العرؼ المعدؿ باإلضافة ،ما جرى عميو
العمؿ مف جانب البرلماف الفرنسي في تفويض السمطة التنفيذية في إصدار ق اررات أو مراسيـ
ليا قوة القانوف في ظؿ دستور سنة ،1875وذلؾ عمى الرغـ مف أف المادة األولى مف
التشريع الدستوري الصادر في 1875/2/25كانت تقضي باالختصاص المطمؽ لمسمطة
التشريعية في مجاؿ التشريع ،األمر الذي يستفاد منو منع البرلماف مف تفويض ىيئة أخرى
2
ىذا االختصاص التشريعي.
العرف المعدِّل بالحذف :ويكوف بإسقاط حؽ مف الحقوؽ أو اختصاص مف االختصاصات
التي قررىا الدستور لييئة مف الييئات العامة في الدولة،ويتأتى ذلؾ إذا جرى العمؿ عمى
عدـ استعماؿ إحدى ىذه الييئات لحؽ مف حقوقيا المقررة في الوثيقة الدستورية .
إف الحديث عف أساليب نشأة الدساتير يعني الحديث عف أساليب نشأة الدساتير
المكتوبة،ألف الدساتير العرفية منشأىا العرؼ .واذا كاف مف المتعذر اتفاؽ الدوؿ عمى أسموب
واحد لنشأة الدساتير ،فإف الحديث عف ىذه النشأة يرتبط إلى حد كبير بظروؼ تاريخية مف
أوال :األساليب غير الديمقراطية لنشأة الدساتير.يمكف تعريؼ األساليب غير الديمقراطية
لنشأة الدساتير بأنيا األساليب التي ال يستأثر الشعب وحده في وضعيا،و إنما الذي يضعو
ىو الحاكـ وحده(أسموب المنحة) .أو باالشتراؾ مع األمة أو الشعب (أسموب العقد) .و ىما
أسموباف تزامنا مع تطور الممكية مف ممكية مطمقة إلى ممكية مقيدة 3.أي أف ىذه الدساتير
تتميز بكونيا تغمب إرادة الحاكـ عمى إرادة الشعب أو أنيا تسوي بيف ىذا األخير وارادة الحاكـ الذي
يقرر االلتزاـ بإرادتو في حدود معينة ،أي أف ىذه األساليب سادت فييا إرادة الحكاـ في وضع
أو إنشاء الدستور ،سواء نشأ ىذا الدستور بإرادتيـ المنفردة في صورة منحة صادرة منيـ
لمشعب ،أـ تالقت فيو إرادة ىؤالء الحكاـ مع إرادة الييئات النيابية الممثمة لمشعب في صورة
تـ بيف ىاتيف اإلرادتيف .وتتمخص ىذه األساليب أساسا في:
عقد َّ
فإذا تـ تشكيؿ الجمعية التأسيسية عف طريؽ التعييف مف قبؿ أي سمطة في الدولة وبشكؿ
خاص السمطة التنفيذية ،مكوف بصدد لجنة فنية أكثر منيا جمعية تأسيسية.كما ال يجوز
أيضا أف تقوـ السمطة التشريعية العادية ولو كانت منتخبة بوضع الدستور ،الف ميمة ىذه
كما شاع استخداـ أسموب الجمعية التأسيسية خارج فرنسا ،فطبقتو بالد كثيرة عقب الحربيف
العالميتيف األولى والثانية .ومف دساتير الدوؿ العربية التي صدرت وفقاً ألسموب الجمعية
التأسيسية نذكر عمى سبيؿ المثاؿ :دستور الجميورية السورية ،1951وكذلؾ دستور
3
الجميورية التونسية .1959
تنقسـ الدساتير إلى أنواع عديدة باالستناد إلى معايير مختمفة؛ إذ تقسـ بحسب الشكؿ إلى
دساتير مدونة وأخرى عرفية ،وبحسب طريقة تعديميا إلى دساتير مرنة وأخرى جامدة ،وأخي ار بحسب
طبيعة محتوياتيا إلى دساتير قانوف ودساتير برنامج.
أوالـ أنواع الدساتير بحسب الشكل :لقد كانت ىناؾ قواعد تحكـ تقنيات تسير شؤوف الحكـ منذ
األزؿ ولكف تدوينيا في وثيقة دستورية لـ يتـ إال قبؿ حوالي قرنيف مع ظيور الحركة الدسترالية ،بؿ
واف دوؿ عديدة ال تزاؿ إلى يومنا ىذا ال تمتمؾ دساتير مكتوبة ،وعمى أساس ىذا االختالؼ أصبح
3
الفقو يميز بيف الدساتير المكتوبة والدساتير العرفية.
الدساتير المدونة( المكتوبة) :الدساتير المكتوبة ىي الدساتير التي توضع أحكاميا في
نصوص تشريعية مكتوبة سواء صدرت بوثيقة واحدة أو عدة وثائؽ دستورية مختمفة 4.وعميو
تخضع قواعد الدستور مثؿ سائر القوا نييف لسنة التطور ومف تـ يتعيف التسميـ بجواز
تعديؿ ىذه القواعد .حيث ال يصح إضفاء الدواـ أو األبدية عمى نصوص الدستور مادامت
الحاجات السياسية التي تسعى إلى تنظيميا في تطور مستمر ،واال تعيف التسميـ بالجمود
المطمؽ ألحكامو وىو ما يرفضو الفقو في مجموعو،لما يترتب عميو مف اصطدامو بالواقع
السياسي،االقتصادي واالجتماعي وما قد يسفر عنو مف ثورات وانقالبات وعنؼ.غير أنو ال
يجوز كذلؾ أف يتعرض الدستور باعتباره أسمى القواعد القانونية لتعديالت متالحقة
ومتتابعة،مما يؤدي إلى أف يفقد الدستور مكانتو وىبتو.
يقصد بتعديؿ الدستور تغيير جزئي لمجموعة مف أحكامو ،سواء بإلغائيا أو إضافة جزء
ليا أو بتحوير مضمونيا وفؽ مقتضيات جديدة2.ويعرؼ كذلؾ عمى أنو تغيير جزئي في أحكاـ
الدستور سواء بإلغاء بعضيا أو بإضافة أحكاـ جديدة أو بتعديؿ مضمونيا 3.فيقصد بتعديؿ
الدستور إذف إدخاؿ تغيرات أو تعديالت عمى نصوص المواد التي يتكوف منيا الدستور،أي
تغيير جزئي لقواعده وأحكامو سواء بالحذؼ أو بتغيير أو إضافة أحكاـ جديدة .وبالتالي
يشترط التعديؿ بقاء الدستور ذاتو،مما يتضح أف التعديؿ يختمؼ عف الوضع الذي يعنػي
1ـالسمطة المختصة بالتعديل :تبايف موقؼ الفقو مف تحديد السمطة المختصة بتعديؿ
الدستور وظيرت ثالث اتجاىات بيذا الصدد:
االتجاه األول :تخويل صالحية التعديل لمشعب:وىدا االتجاه الزاؿ أنصاره مثأتريف بفكرة
العقد االجتماعي أي أف تعديؿ الدستور ال بد أف يقترف بموافقة مجموع الشعب ،عمى أساس
أف تعديؿ الدستور ىو بمثابة تعديؿ شروط العقد االجتماعي الذي ولي الحاكـ السمطة
بموجبو،وحيث إبراـ ىذا العقد بإرادة مجموع األفراد في المجتمع فإف تعديمو ال بد أف يقترف
بموافقتيـ جميعا.والمالحظ أف ىذا الرأي ينتيي إلى الجمود المطمؽ لمدستور ،حيث إف
اإلجماع ضرب مف ضروب الخياؿ ،وىو أمر أقرب إلى الخياؿ منو إلى الواقع ،ونتيجة لذلؾ
1
أدرؾ أصحاب ىذا الرأي صعوبة تحقيؽ اإلجماع ،واكتفوا باألغمبية إلجراء التعديؿ.
االتجاه الثاني :تخويل صالحية التعديل لممثمي األمة .يقوـ ىذا الرأي عمى أساس أف األمة
ىي صاحبة السيادة التي تممؾ تعديؿ الدستور ،كما أصدرتو مف قبؿ دوف التقيد بشكؿ معيف
إلجراء التعديؿ و بناءا عمى ىذا الرأي فإف التعديؿ الدستوري يتـ بالطريؽ النيابي بواسطة
2
ممثمي الشعب .
ثانيا :نطاق التعديل:يختمؼ نطاؽ التعديؿ باختالؼ أنواع الحظر الذي تتضمنو الوثيقة
الدستورية،فقد يتقرر في الدستور عدـ جواز تعديمو كمية بصفة دائمة أو مؤقتة وىو ما يسمى
2
بالحظر الزمني ،أو يمنع تعديؿ بعض النصوص وىو ما يسمى بالحظر الموضوعي:
الحظر الزمني :حيث ييدؼ ىذا النوع مف الحظر إلى ضماف سرياف أحكاـ الدستور خالؿ
مدة زمنية معينة ،حتى تثبت أحكامو قبؿ السماح بتعديمو،و يحدث ذلؾ في العادة عند إقامة
نظاـ سياسي جديد،وقصد تحقيؽ االستقرار والثبات ليذا النظاـ والقضاء عمى معارضيو ،أو
تخفيؼ حدة المعارضة ضده عمى األقؿ خالؿ فترة زمنية محددة 3.ومف أمثمة ىذا الحظر:
ما جاء في نص المادة 85مف دستور 6989حيث جاء فييا ":ال يمكف المجوء لتعديؿ
الدستور خالؿ 45يوما التي تمي إعالف شغور منصب رئيس الجميورية ":كما جرى النص
- 1ويميز أصحاب ىذا الرأي بيف السمطة التأسيسية األصمية والسمطة التأسيسية المنشأة (أو الفرعية أو المنشقة )،
فالسمطة التأسيسية المنشأة ممزمة عند إجراؤىا التعديؿ ،بالشكميات التي حددتيا السمطة التأسيسية األصمية في الدستور،
مراعاة لمبدأ سمو الدستور عمى القوانيف العادية ولقد اختمفت الدساتير في تحديدىا لمجية التي تزاوؿ السمطة التأسيسية
المنشأة تبعا لمتبايف و االختالؼ في مركز وقوة كؿ ىيئة مف الييئات باختالؼ النظاـ السياسي الذي يعتنقو كؿ دستور مف
الدساتير .فإذا كانت كفة الحكومة ىي الراجحة ،فإف الدستور يجعؿ اقتراح التعديؿ مف اختصاصيا وحدىا ،وىذا ما حدث
في عيد نابميوف بونابرت الذي جعؿ حؽ تعديؿ الدستور لو وحده .أما في حالة ثقؿ البرلماف وكونو صاحب الوالية في
المجاؿ التشريعي ،فإف الدستور يسند إليو الحؽ في اقتراح التعديؿ ،كما ىو الحاؿ في دستور فرنسا لعاـ 6796و دستور
الواليات المتحدة األمريكية لعاـ . 6787أما إذا كاف الدستور ييدؼ إلى تحقيؽ التوازف و التعاوف بيف السمطتيف التشريعية و
التنفيذية ،فإنو يجعؿ حؽ المبادرة أو االقتراح لكؿ منيما كما ىو الحاؿ في دستور فرنسا لعاـ . 6875
- 2قزو محمد أكمي،المرجع السابؽ ،ص .161
السابؽ،ص.66-65 - 3مولود ديداف ،القانوف الدستوري و النظـ السياسية،عمى ضوء تعديؿ.2116المرجع
98
في بعض الدساتير عمى حظر تعديؿ نصوصو ،إذا كانت الدولة تخضع لظروؼ
استثنائية،كاشتراكيا في حرب أو تعرض البالد إلى عدواف خارجي أو مساس بسالمة التراب
1
الوطني.
الحظر الموضوعي :يمكف أف يحضر الدستور التعديؿ في بعض أجزائو بدافع مبررات
تختمؼ مف نظاـ آلخر وىذا ما يطمؽ عميو الفقو بالحظر الموضوعي .حيث يقصد بو ":منع
2
تعديؿ بعض النصوص المحددة بالذات في الدستور وغالبا ما تتعمؽ بنظاـ الحكـ أوالمبادئ"
حماية أحكاـ معينة مف الدستور عمى نحو يحوؿ دوف تغييرىا بصفة دائمة أو بصفة
مؤقتة".ويتقرر المنع بصفة دائمة بالنسبة لألحكاـ الجوىرية في الدستور ،وال سيما ما يتعمؽ
بنظاـ الحكـ العتبارات سياسية وتاريخية.فبالنسبة لمجزائر فقد حرمت المادة 95مف
دستور 6976إجراء تعديؿ األحكاـ المتعمقة بالصفة الجوىرية لمحكـ ،وديف الدولة واالختيار
االشتراكي والحريات األساسية لإلنساف والمواطف ومبدأ التصويت عف طريؽ االقتراع العاـ
والمباشر والسري .وىي نفس المادة التي تكررت في دستور 6996وبالضبط في المادة
3
و المادة 223مف 678و في نص المادة 262مف التعديؿ الدستوري لسنة 2066
التعديؿ الدستوري .2020أما الحظر الموضوعي لبعض مواد الدستور بصفة مؤقتة فيو أقؿ
حدوثا مف حالة الحظر الدائـ ومثالو حظر تعديؿ النصوص الخاصة بحقوؽ الممؾ ووراثة
العرش خالؿ فترة الوصايا عمى العرش في النظـ الممكية.
في حالة ما إذا كاف التعديؿ ممكنا ،يجب التميز بيف الدساتير المرنة التي يمكف
تعديميا وفقا إلجراءات عادية و بسيطة ،والدساتير الجامدة التي تخضع إلجراءات معقدة
تختمؼ باختالؼ أنظمة الحكـ و درجة الجمود التي يراد إعطائيا لمدستور وفي ىذا الصدد
نميز المراحؿ التالية:
أوال :المبادرة واقتراح التعديل :حيث يكوف االقتراح أو المبادرة لجية يعينيا الدستور ،وىذا
الحؽ إما أف يكوف حك ار عمى جية معينة أو يكوف مشتركا .وعادة ما ترجع المبادرة لرئيس
الجياز التنفيذي بقصد تكريس ىيمنة السمطة التنفيذية،ويظير ىذا جميا في دستور الجزائر
لسنة 6976المادة ،696و في المادة 692مف دستور .6989أو تكوف المبادرة و اقتراح
التعديؿ الدستوري إلى كؿ مف رئيس الجميورية وكذلؾ أعضاء البرلماف،أي أف يعطى حؽ
االقتراح إلى كؿ مف السمطتيف التنفيذية والتشريعية بيدؼ إقامة نوع مف التوازف بينيما،مثؿ
دستور الجزائر لسنة 6963المادة . 76وكذا دستور الجزائر لسنة 6996المعدؿ ال سيما
المواد .66-208- 674،677و المواد 222-269مف التعديؿ الدستوري .2020ودستور
فرنسا لسنة . 6958و قد يعطي لمشعب فضال عف البرلماف مثمما ىو مطبؽ في دساتير
1
بعض الواليات األمريكية،و دستور إيطاليا لسنة،6946و دستور سويسرا.
ثانيا :إعداد التعديل :حيث تعرض المبادرة عمى الجياز المكمؼ بالتعديؿ ،فقد يعيد األمر
لمبرلماف أو ألحد غرفتيو مجتمعيف كما ىو في الجزائر حيث يعيد األمر لممجمس الشعبي
الوطني و مجمس األمة مجتمعيف حسب دستور .6996كما قد يعيد األمر إلى جمعية
111
األمريكية. المتحدة الواليات في الحاؿ ىو كما الغرض ليذا منتخبة
ثالتا :مرحمة اإلقرار النيائي :ويتـ ىذا عف طريؽ عرض التعديؿ عمى االستفتاء الشعبي
خالؿ الخمسيف ( )50يوما الموالية إلق ارره مف البرلماف إذا كانت المبادرة مف طرؼ رئيس
الجميورية ،ولكف إذا رفضو الشعب فيصبح مشروع القانػوف الػذي يتضمف مشروع التعديؿ
الدستوري الغيا ،وال يمكػف عرضو مف جديد عمى الشعب خالؿ الفترة التشريعية ( المادة
1.)209-208لكف يمكػف االستغناء عػف االستفتاء الشعبي إذا ارتأى المجمس الدستػوري أف
مشروع أي تعديػؿ دستوري ال يمس البتة بالمبادئ المنصوص عمييا في المادة 260مف
الدستور ،وفي ىذه الحالة يمكف لرئيس الجميورية أف يصػدر القانوف المتضمف لمتعديؿ
الدستوري دوف عرضو عمى الشعب متى أحرز عمى ثالثة أرباع ( )4/3أصوات غرفتي
البرلماف 2.و ىو ما أكده التعديؿ الدستوري األخير( )2020في المواد .222-269
تعديل الدساتير المرنة :تخضع الدساتير المرنة في تعديميا إلى نفس الكيفيات واإلجراءات التي
يعدؿ بمقتضاىا القانوف العادي بحيث نكاد ال نفرؽ بيف السمطة التأسيسية والسمطة التشريعية،
وينتج عند ىذا الوضع تمتع السمطة التشريعية بسمطات واسعة في ظؿ الدستور المرف إذ أنيا تممؾ
إجراء ما تراه مف تعديالت في أحكاـ الدستور بواسطة ذات الشروط واألوضاع التي تعدؿ بيا
3
القوانيف العادية ذلؾ فضال عف قياميا بسف وتعديؿ والغاء التشريعات العادية.
-المادة 218مف التعديؿ الدستوري ،2116و نفس مضموف المادة في التعديؿ الدستوري ،2121المادة .219 1
-المادة 211مف التعديؿ الدستوري .2116و نفس مضموف المادة في التعديؿ الدستوري ،2121المادة .221 2
111
يقصد بانقضاء الدستور أو بنيايتو أو بإلغائو وضع حد لسريانو بالنسبة لممستقبؿ
واخراجو مف حيز النفاد 1.كما يقصد بو ،إلغاء أحكامو بصورة كمية ،دوف الوقوؼ عند حد
تعديمو بصورة جزئية .والمالحظ إف غالبية الدساتير ال تنص عمى كيفية إلغاؤىا بصورة
كاممة ،إنما تقؼ عند حد النص عمى كيفية تعديميا بصورة جزئية والسمطة المختصة بإجراء
ىذا التعديؿ.
ويحدث اإلنياء الكمي لمدستور عندما يتضح عجز ما يتضمنو مف مبادئ و أحكاـ مف
مسايرة التطورات السياسية واالقتصادية واالجتماعية في المجتمع .بحيث ال تكفي التعديالت
الجزئية لمواجيتيا ،بؿ يمزـ وضع دستور جديد يتوافؽ مع ىذه التطورات .وبصفة عامة
تنتيي الدساتير بأسموبيف أحدىما عادي أو طبيعي( قانوني ) واألخر غير عادي أو غير
2
قانوني (ثوري).
وانتياء حياة الدستور باإللغاء يختمؼ بحسب ما إذا كاف الدستور عرفيا أو مكتوبا ،ذلؾ
أف تعديؿ الدستور العرفي ال يمثؿ صعوبة،فقد يتـ ذلؾ إما عف طريؽ نشأة قواعد عرفية
جديدة تتوافر ليا قواعد العرؼ المادي و المعنوي ،واما بإصدار دستور مكتوب يمغي
وفي إلغاء الدساتير الجامدة ،يجري التمييز بيف حالتيف ،حالة النص عمى كيفية إلغاء
الدستور واإلجراءات الواجب إتباعيا في ىذا اإللغاء ،وبيف أف ال يجري النص عمى كيفية
استبداؿ الدستور القائـ بدستور جديد ،وىو ما يمثؿ االتجاه الغالب في الدساتير ،األمر
الذي يثير التساؤؿ عما إذا كاف بإمكاف السمطة المختصة بإجراء التعديؿ الجزئي إجراء
تعديؿ كمي عمى الدستور واستبدالو بغيره ؟
ولإلجابة عمى ىذا التساؤؿ يذىب الرأي الغالب في الفقو ،إلى أنو ليس لمسمطة
المختصة بإجراء التعديؿ الجزئي إدخاؿ تعديؿ كمي عمى الدستور ،باعتبار إف ىذه السمطة
ىي سمطة منشأة كسائر سمطات الدولة األخرى (التشريعية ،التنفيذية ،القضائية) فإذا ما
أقدمت عمى تعديؿ الدستور تعديال كميا فإنيا تتجاوز بذلؾ حدود اختصاصاتيا ،كونيا تحؿ
نفسيا محؿ السمطة التأسيسية األصمية ،األمر الذي يعد مخالفة دستورية مف شأنيا إبطاؿ
األجراء بأسره ،فيذا الحؽ منوطا بالشعب أو باألمة وحدىا في النظـ الديمقراطية باعتبارىا
صاحبة السمطة التأسيسية األصمية ،وىي وحدىا القادرة عمى تحديد مدى حاجة الدستور
2
لمتعديؿ بصورة كميو ونموذج الدستور التي تقترحو بديال عنو.
كما أنو ال بد مف التمييز بيف الثورة واالنقالب حيث يبرز االختالؼ بينيما مف حيث
الييئة واليدؼ .فمف حيث الييئة ،تقوـ الثورة مف قبؿ الشعب أـ االنقالب فيقع عادة مف قبؿ
فئة أو ىيئة مف الييئات الحاكمة ضد السمطة الحاكمة بغرض االستيالء عمى السمطة دوف
إتباع أحكاـ الدستور .ومف حيث اليدؼ فإف الثورة ترمي إلى إحداث تغيير في النظاـ
لمدولة أما االنقالب فإنو يرمي إلى مجرد االستئثار السياسي واالجتماعي واالقتصادي
بالسمطة أو تولي فريؽ جديد لمقاليد الحكـ بدال عف القائميف عمى رأس السمطة،ودوف أف
الجديد ،فقد يجري وضع الدستور الممغي عف طريػؽ المنحػة أو العقػد أو الجمعيػة التأسيسػية ،فػي حػيف يػتـ وضػع الدسػتور
الجديد عف طريؽ االستفتاء الدستوري.
- 1مولود ديداف ،القانوف الدستوري و النظـ السياسية ،المرجع السابؽ،ص.75
- 2حسف مصطفى البحري ،المرجع السابؽ،ص. 235
- 3حسف مصطفى البحري ،المرجع السابؽ،ص.234
- 4غريبي فاطمة الزىراء ،المرجع السابؽ،ص .198-197
114
ييدؼ إلى إحداث تغيير في النظاـ السياسي أو القانوني أو االقتصادي أو االجتماعي
. 1عمى ذلؾ إف الثورة تيدؼ إلى تحقيؽ الصالح العاـ ،أما االنقالب فييدؼ إلى تحقيؽ
مصالح خاصة أو شخصية تتمثؿ في االستئثار بالسمطة ،ويذىب جانب مف الفقو إلى أف
بفعؿ الثورة ىو وسيمة لتحقيؽ غاية تتمثؿ في إحداث تغيير في المجتمع أما االستيالء عمى
2
السمطة بفعؿ االنقالب ىو ىدؼ وغاية بحد ذاتيا .
أثر الثورة عمى الدستور :ذكرنا إف الدستور ىو القانوف األعمى لمدولة ،وىو الذي يحدد
فمسفتيا السياسية واأليديولوجية وأسس النظاـ السياسي واالقتصادي واالجتماعي ،وأماـ ذلؾ
يثار التساؤؿ ىؿ إف نجاح الثورة واستيالء الثوار عمى الحكـ يؤدي إلى سقوط الدستور تمقائيا
أـ إف مصيره يعتمد عمى إرادة المستوليف عمى السمطة ؟انقسـ رأي الفقو بشأف ىذه المسألة
إلى ثالث اتجاىات وىي:
االتجاه األول :سقوط الدستور تمقائيا :يذىب الرأي الغالب في الفقو ،وبشكؿ خاص الفقو
التقميدي الفرنسي إلى أف نجاح الثورة يؤدي إلى سقوط الدستور تمقائيا ،لتعارضو حتما مع
أىداؼ النظاـ الجديد الذي يسعى إلى إحداث تغيير ،ومف تـ ال يتطمب األمر اإلعالف عف
سقوط الدستور صراحة ،أما إذا تـ ىذا اإلعالف ونص عميو الدستور الجديد فمثؿ ىذا
النص ال يعد منشئا لوضع قانوني جديد ،وانما ىو كاشؼ لوضع قانوني نشأ بمجرد نجاح
3
الثورة .
االتجاه الثاني :عدم سقوط الدستور تمقائيا :يرى أنصار ىذا االتجاه إف نجاح الثورة ال
يؤدي إلى سقوط الدستور تمقائيا ،إذ قد يكوف اليدؼ مف الثورة المحافظة عمى الدستور
االتجاه الثالث :توقف سقوط الدستور عمى طبيعة أىداف الثورة :عمى ىذا األساس يفرؽ
ىذا االتجاه بيف حاالت ثالثة ىي:
الحالة األولى :وىي حالة الثورة الشاممة التي تعبر عف رفض الشعب رفضا كامال لكؿ
القيـ التي كانت موجودة قبؿ الثورة سواء كانت قيـ اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية ،وفي
ىذه الحالة يؤدي قياـ الثورة و نجاحيا إلى سقوط الدستور .
الحالة الثانية :تكوف عندما تقوـ الثورة كرد فعؿ ضد إساءة الحكاـ لمدستور ،وكتعبير عف
رغبة الشعب في المحافظة عمى الدستور ،وىنا ال تؤدي الثورة إلى إسقاط الدستور و إنما
2
تعتبر ضمانة مف ضمانات احتراـ الدستور
الحالة الثالثة :ال يكوف فييا قياـ الثورة تعبي ار عف الرفض الكامؿ لكؿ ما كاف سائدا قبميا و
لكنو رفض لبعض األمور فقط مما يترتب عميو مجرد تعديؿ الدستور أي أف سقوط الدستور
يتوقؼ عمى إرادة القائميف بالثورة أو االنقالب ،و ما إذا كانت تنصرؼ إلى إلغاء الدستور أو
3
مجرد تعديمو أـ إلى التمسؾ بنصوصو و مبادئو.
-األمر رقـ 97/76المؤرخ في 22نوفمبر،1976المتضمف إصدار دستور الجميورية الجزائرية الديمقراطية 2
117
والتمرد العسكري الذي قاـ بو العقيد شعباني ،كؿ ىذه األسباب أدت برئيس الجميورية األسبؽ أحمد
بف بمة إلى تجميد العمؿ بالدستور في 04أكتوبر 2:74وذلؾ مف خالؿ التجاءه إلى أحكاـ نص
1
المادة 6:مف الدستور.
داـ ىذا الوضع إلى غاية حدوث االنقالب العسكري في 19جواف 2:76أيف تـ إصدار األمر
65/182الصادر بتاريخ 10جويمية ، 1965الذي اعتبر بمثابة دستور لمدولة الجزائرية الذي يفضؿ
البعض تسميتو بالدستور المادي الصغير والذي ألغى ضمنيا األحكاـ التي يتضمنيا دستور2:73
ويظير ذلؾ مف عدة قرائف ،إذ جاء في مضموف وحيثيات ىذا األمر التي جاء إحداىا كاألتي: ...
ريثما تتـ المصادقة عمى دستور لمبالد فإف مجمس الثورة ىو صاحب السيادة" ،كما أنو ىناؾ قرينة
ثانية تتمثؿ في نص المادة السابعة منو والتي تنص عمى انو ":ينشر ىذا األمر ...وينفذ كقانوف
لمبالد". ،ليتـ العمؿ بو لمدة تتجاوز العشر سنوات ذلؾ إلى غاية صدور الوثيقة الدستورية لسنة
2
.1976
أما بالنسبة لدستور سنة 6976فقد تـ إعداد مشروعو مف طرؼ لجنة خاصة تتكوف مف
رجاؿ متخصصيف ولدييـ الخبرة في المجاؿ القانوني والسياسي في إطار حزب جبية التحرير
الوطني وكاف ذلؾ في أكتوبر 1976وبعد ذلؾ تـ عقد ندوة وطنية تحت إشراؼ الحزب وتمت مناقشة
مضموف ىذا المشروع وتمت الموافقة عمى إصداره في 07نوفمبر ، 2:87أما الصدور الرسمي
لمدستور فكاف في 25نوفمبر 1976وذلؾ بموجب مرسوـ رئاسي ،وتـ عرضو لالستفتاء الشعبي في
تاريخ 2:نوفمبر 1976فوافؽ عميو الشعب باألغمبية المطمقة بموجب أمر رقـ :8/87المؤرخ في
3
.2:87/22/33
ثـ يمي بعد ذلؾ صدور دستور سنة 1989كنظاـ جديد ،وصدوره يعود إلى مجموعة مف
-المادة 59مف دستور :" ":1963في حالة الخطر الوشيؾ الوقوع يمكف لرئس الجميورية اتخاذ تدابير استثنائية لحماية 1
118
األسباب والعوامؿ مف بينيا فشؿ النظاـ القائـ عف االستجابة لحاجيات ومتطمبات الشعب المتزايدة
نتيجة األزمة االقتصادية العالمية مف خالؿ تدىور أسعار النفط وعجز الحكومة أيضا عمى التحكـ
في تسيير االقتصاد الوطني مما أدى إلى انتشار ظاىرة البطالة والمعاممة السيئة التي كاف يتعرض
ليا المواطف لدى تعاممو مع األجيزة البيروقراطية والسمطوية األخرى وما نتج عنو ىو فقداف الثقة
بينو وبيف األشخاص الحاكميف ،وأماـ ىذه األسباب كميا شرعت رئاسة الجميورية في أكتوبر 2:9:
بنشر مشروع التعديؿ الدستوري لتبيف فيو أىـ اإلصالحات االقتصادية والسياسية واالجتماعية التي
يتضمنيا التعديؿ،وفي 2:9:/20/34
1
تـ االستفتاء عمى الدستور والموافقة عميو مف طرؼ الشعب باألغمبية الساحقة.
جديدا في الحياة السياسية واالقتصادية لمدولة
ومسار ً
ًا عيدا
عمى ىذا األساس ،فقد شكؿ ىذا التعديؿ ً
الجزائرية ،بحيث تـ تكريس نياية الحزب الواحد واقرار مبدأ التعددية الحزبية
واعتناؽ النظاـ الميبرالي وبالتالي التخمي عف الفمسفة االشتراكية ،كما اقتصر عمى ذكر الجوانب
القانونية المتعمقة بتنظيـ السمطة وتحديد صالحياتيا وتكريس نظاـ الحريات والحقوؽ الخاصة
باألفراد مثؿ النص عمى الممكية الخاصة ،الفصؿ بيف السمطات ،التعددية الحزبية...،الخ ،وجاء
2
خاليا مف الشحنات االيديولجية.
ضمف األزمة السياسية أو الفراغ الدستوري الذي عرفتو الدولة الجزائرية إثر استقالة رئيس
الجميورية األسبؽ الشاذلي بف جديد في 22ديسمبر 2::3واقترانيا بشغور منصب رئيس المجمس
الشعبي الوطني فتح المجاؿ لخرؽ واسع ألحكاـ دستور ، 2:9:ومرت الجزائر بمرحمتيف انتقاليتيف
إلى غاية وضع دستور2::7وخالؿ تمؾ المرحمتيف أقيمت مؤسسات دستورية بعيدة عف أحكاـ
دستور 1989فظير المجمس األعمى لمدولة في مكاف رئيس الجميورية ومجمسا وطنيا استشاريا ثـ
3
بعد ذلؾ مجمسا وطنيا انتقاليا في مكاف البرلماف.
-سعيد بوشعير ،النظاـ السياسي الجزائري دراسة تحميمية لطبيعة نظاـ الحكـ في ضوء دستور ، 1989ج ، 2ط 2ديواف 1
119
بقي األمر عمى ىذه الوضعية إلى غاية صدور ووضع الدستور الجديد سنة ، 6996وىذا يعني
توقيؼ العمؿ بأحكاـ دستور 2:9:في جانب ىاـ منو السيما ما يتعمؽ بتنظيـ السمطة ،وتـ نص
تعديؿ الدستور المصادؽ عميو في استفتاء 39نوفمبر 2::7بموجب المرسوـ الرئاسي رقـ549/:7
المؤرخ في 7ديسمبر 1996الذي استحدث بدوره مؤسسات جديدة كاالزدواجية البرلمانية
والقضائية،وتـ تعديمو في كؿ مف سنة 2002بموجب القانوف رقـ 04/03المؤرخ في 20أفريؿ،3003
بحيث تـ إضافة نص المادة 04مكرر أيف تـ مف خالليا إدراج ودسترة المغة األمازيغية كمغة وطنية
ثانية ،إلى جانب التعديؿ سنة 3009بموجب القانوف رقـ 2:/09المؤرخ في 3009/22/26إلى
جانب تعديؿ 3027و تعديؿ .3030
الدستور ىو القانوف األساسي األعمى الذي يرسي القواعد و األصوؿ التي يقوـ عمييا
نظاـ الحكـ في الدولة ،ويحدد السمطات العامة فييا ،و يرسـ ليا وظائفيا ،و يضع القيود
والحدود الضابطة لنشاطيا،و يقرر الحريات والحقوؽ العامة و يرتب الضمانات األساسية
لحمايتيا .و بناءا عمى ذلؾ فقد تميز الدستور بطبيعة خاصة تضفي عميو صفة السيادة
والسمو.
واذا كاف خضوع الدولة بجميع سمطاتيا لمبدأ سمو الدستور أصال مقر ار وحكما الزما
لكؿ نظاـ ديمقراطي،فإنو يكوف لزاما عمى كؿ سمطة عامة النزوؿ عند قواعد الدستور
ومبادئو و التزاـ حدوده وقيوده ،فإف ىي خالفتو أو تجاوزتيا شاب عمميا عيب مخالفة
الدستور مما يستوجب الخضوع لرقابة دستورية تيدؼ إلى ضماف الشرعية الدستورية 1.و
إف الدستور رمز لمشرعية قبؿ أف يكوف قواعد قانونية،لكونو يقيـ النظاـ القانوني في
الدولة ويبيف قواعد تنظيـ ممارسة السمطة و العالقات بينيا و بيف األفراد و الحدود التي
تمارس فييا األجيزة العامة وظائفيا،مما يجعؿ السمطة بعموميا تعمؿ وفؽ ما ىو في
1
فالدستور إذف يضمف عدـ انحراؼ السمطات التشريعية والتنفيذية الدستور مف أحكاـ.
والقضائية عف المبادئ والقيـ والقواعد السياسية واالجتماعية واالقتصادية التي يرى الشعب
أنيا تجسيد لمشرعية".و يقصد بسمو الدستور اعتبار الدستور القانوف األعمى في الدولة ال
يعموه قانوف آخر 2.كما يقصد بو المكانة الخاصة التي يتمتع بيا الدستور والتي تسمح لو
بأف يعمو عمى بقية القواعد القانونية األخرى،بحيث تكوف ىذه األخيرة خاضعة لو مف
3
الناحيتيف الشكمية و الموضوعية.
وقد وجدت فكرة سمو الدستور أساسيا في كتابات مفكري نظرية العقد االجتماعي في
القرنيف السابع عشر والثامف عش ر ، 4إال انو لـ يترسخ كمبدأ إال بعد انتصار الثورتيف
األمريكية والفرنسية وقد ُنص عمى المبدأ ألوؿ مرة في الدستور األمريكي لعاـ ،6787في
5
المادة ( )6منو .بعد ذلؾ نصت عميو أغمب دساتير الدوؿ.
2ـ السمو الشكمي لمدستور :يتحقؽ السمو الشكمي لمدستور إذا كانت اإلجراءات المتبعة في
تعديمو تختمؼ عف إجراءات تعديؿ القوانيف العادية ،وىذه اإلجراءات تكوف أشد صعوبة وأكثر
ـ أوال :الرقابة السياسية عمى دستورية القوانين :تكوف الرقابة سياسية إذا ما أسندت إلى
ىيئة أو جية ذات طبيعة سياسية مف حيث تركيبيا واجراءات عمميا3.و تسمى كذلؾ عندما
تتولى جية غير قضائية ميمة فحص أو التحقؽ مف مدى مطابقة القوانيف ألحكاـ
الدستور.أو قد تسمى بالسياسية عندما يغمب الطابع السياسي عمى األعضاء المشكميف لمييئة
تعتبر فرنسا مف الدوؿ التي تميؿ تقميدياً إلى إبعاد القضاء عف معترؾ الرقابة عمى دستورية
القوانيف ،وتكميؼ ىيئة سياسية بميمة التحقؽ مف مطابقة القانوف لمدستور؛ وقد شيدت
فرنسا عدة تطبيقات ألسموب الرقابة السياسية منذ دستور السنة الثامنة الصادر سنة 1799
إلى دستورىا الحالي الصادر سنة ، 8591مرو اًر بدستور سنة ،8191ودستور سنة1946
4
.
6ػ حيث يذكر الفقو أف سييز Sieyèsأوؿ فقيو فرنسي اقتراح إنشاء ىيئة سياسية لمرقابة
الدستورية ،لكف فكرتو رفضت في أوؿ األمر مف قبؿ واضعي دستور السنة الثالثة إلعالف
3ػ المجنة الدستورية المشكمة في دستور .6946أنشأ دستور سنة 8591ىيئة سياسية
عيد إلييا بميمة فحص دستورية القوانيف قبؿ إصدارىا ،وأطمؽ عمييا اسـ "المجنة الدستورية
"ونص عمى أف تشكؿ المجنة برئاسة رئيس الجميورية ،وعضوية رئيس الجمعية الوطنية
(مجمس النواب) و(رئيس مجمس الشيوخ) ،وسبعة أعضاء تختارىـ الجمعية الوطنية مف غير
أعضائيا في بداية كؿ دورة سنوية عمى أساس التمثيؿ النسبي لمييئات السياسية (األحزاب)
وثالثة أعضاء يختارىـ مجمس الجميورية مف غير أعضائو بنفس الطريقة السابقة.
وىكذا انتيى الفقو إلى الحكـ عمى ىذه المجنة بضآلة ميمتيا وانعداـ فائدتيا وجدواىا،
ألنيا كانت عبارة عف مجرد وسيمة لمتوفيؽ والتحكيـ داخؿ البرلماف الفرنسي ،ولـ تحقؽ
نجاحاً يذكر في الميمة التي أنشأت مف أجميا وىي الرقابة عمى دستورية القوانيف قبؿ
2
إصدارىا.
وطبقاً لمدستور الفرنسي فإف المجمس الدستوري يتكوف مف تسعة أعضاء ،يقوـ كؿ مف
رئيس الجميورية ورئيس الجمعية الوطنية ورئيس مجمس الشيوخ بتعييف ثالثة أعضاء.
تستمر عضويتيـ تسع سنوات غير قابمة لمتجديد ،ويتجدد ثمث أعضائو كؿ ثالث سنوات،
وباإلضافة إلى ىؤالء األعضاء التسعة ،فإف رؤساء الجميورية السابقيف بحكـ منصبيـ
سيكونوف أعضاء في المجمس الدستوري لمدى الحياة؛ ويختص رئيس الجميورية بحؽ تعييف
2
رئيس المجمس الدستوري مف بيف أعضاء المجمس الدستوري التسعة.
وعميو يمكف القوؿ بأف الرقابة عمى دستورية القوانيف عف طريؽ المجمس الدستوري ىي رقابة
قبمية قبؿ صدور القانوف ودخولو حيز التنفيذ وىي رقابة ذات ميزة سياسية باعتبارىا تتـ عف طريؽ
جياز ذو طابع سياسي والمتمثؿ في المجمس الدستوري.
الرقابة عمى دستورية القوانين عن طريق ىيئة نيابية :إف ىذا النوع مف الرقابة منتشر بكثرة في
يقيـ عمؿ البرلماف الذي
الدوؿ االشتراكية والغرض منو ىو تكريس اإلرادة الشعبية حيث ال يعقؿ أف ّ
ىو ممثال لمشعب إال البرلماف نفسو ،وقد تبنى االتحاد السوفيتي سابقا ىذا النظاـ؛ بعد أف أسندت
ميمة الرقابة إلى ىيئة رئاسة السوفيات األعمى التي تمثؿ السمطة التشريعية وتمارس الرقابة عمى
التقيد بالدستور وتفسير قوانيف االتحاد السوفيتي كما تمغي أوامر وق اررات مجمس وزراء الجميوريات
المتحدة إذا كانت غير مطابقة لمقانوف ،كما تبنتو ألمانيا الشرقية في ظؿ دستور 1968الذي أسند
ميمة الرقابة إلى مجمس الدولة ،وما يعاب عمى ىذه الطريقة كونيا ال تسند ميمة الرقابة عمى
-إف الرقابة عمى دستورية القوانيف واف كاف ليا بعض اآلثار السياسية فإف طبيعتيا يشكؿ
أساسي تبقى قانونية ،وموضوعيا عمؿ قانوني يتطمب مؤىالت وكفاءات قانونية خاصة
فيمف يتوالىا ،حتى يستطيع الوقوؼ عمى مدى موافقة القوانيف ألحكاـ الدستور .وبناءا عميو
فال يجوز منح سمطة الرقابة عمى دستورية القوانيف لييئة ذات طابع سياسي محض ،ألف
مثؿ ىذا الجياز بحكـ تكوينو سيعمؿ عمى تغميب االعتبارات السياسية عمى االعتبارات
القانونية.
-إف أىـ ما يجب أف تتميز بو الجية التي تتولى الرقابة عمى دستورية القوانيف ىو الحرية
واالستقالؿ .وىذا أمر مستبعد فيما لو تولت ىذه الميمة ىيئة سياسية أيا كاف أسموب
2
تشكيميا.
الرقابة القضائية عمى دستورية القوانين :يقصد بالرقابة القضائية إعطاء الحؽ لمقضاء
ألف يتولى عممية فحص دستورية القوانيف لكي يتحقؽ مف مطابقتيا أو مخالفتيا لقواعد
الدستور3.كما عرفت عمى أنيا:تقرير الحؽ لجية قضائية ألف تفرض رقابتيا عمى ما تصدره
السمطة التشريعية مف قوانيف لتحديد مدى انسجاـ األحكاـ التي تقررىا ىذه القوانيف مع
لما كاف موضوع الرقابة الدستورية والمسائؿ التي تثيرىا تؤلؼ مسألة قانونية ،وىي التحقؽ
وّ
مف مدى تطابؽ القانوف أـ عدـ تطابقو مع أحكاـ الدستور ،فمف المنطقي أف يعيد بيذه
الرقابة إلى ىيئة قضائية يكوف التكويف قانوني ألعضائيا ،وما تقدمو مف ضمانات الحياد
والموضوعية واالستقالؿ وحرية التقاضي وعالنية الجمسات وتسبيب األحكاـ ،مما يجعؿ ىذه
الرقابة ضمانة أكيدة الحتراـ الدستور ،وسالح ًا فعاالً لحمايتو مف محاولة االعتداء عمى
أحكامو مف قبؿ السمطات العامة.
طرق الرقابة القضائية :تتنوع طرؽ و أساليب الرقابة القضائية مف دولة ألخرى ،تبعا لما
يقرره دستورىا ولكف عموما يعرض الفقو الدستوري المقارف أسموبيف رئيسييف لمرقابة القضائية
:الرقابة عف طريؽ الدعوى األصمية و الرقابة عف طريؽ الدفع .
أوال :الرقابة عن طريق الدعوى األصمية :تعني الرقابة عف طريؽ الدعوى األصمية إمكانية
رفع دعوى قضائية ضد قانوف معيف عمى أساس أنو غير دستوري وىذا أماـ محكمة مختصة
بالنظر في مثؿ ىذه الدعاوي 3.كما يقصد بيا قياـ أحد األشخاص المتضرريف مف قانوف
معيف لمطعف فيو مباشرة أماـ المحكمة المختصة ودوف حاجة إلى االنتظار حتى يتـ تطبيؽ
القانوف عميو ،فإذا تبيف لممحكمة صاحبة االختصاص أف القانوف محؿ النزاع مخالؼ
121
لنصوص الدستور فإف ليا الحؽ أف تصدر حكماً قضائياً بإلغائو وعند ذلؾ يصبح ىذا
القانوف باطالً ،ويطمؽ بعض الفقياء عمى ىذا النوع مف الرقابة رقابة اإللغاء ،مع مالحظة
أف الحكـ الصادر في ىذه الحالة يكوف ذو حجية عامة ومطمقة ،أي أنو يسري في مواجية
الكافة ،واعتبار القانوف المحكوـ بإلغائو كأف لـ يكف سواء مف تاريخ صدوره أو بالنسبة
لممستقبؿ فقط .ولذلؾ فإف ىذا الحكـ يحسـ النزاع حوؿ دستورية القانوف المطعوف فيو مف
أوؿ مرة وبصفة نيائية .1وتقوـ الدولة التي تأخذ بيذه الطريقة بتخصيص ىيئة قضائية واحدة
يقوـ الدستور بتحديدىا بمعنى أنيا تأخذ بمركزية الرقابة عمى دستورية القوانيف ،ويختمؼ
اختصاص ىذه الييئة مف دولة إلى أخرى ،فمنيـ مف جعؿ ىذا االختصاص مف حؽ
المحكمة العميا أو المحكمة الدستورية العميا.
ثانيا:الرقابة القضائية عن طريق الدفع الفرعي:تسمى ىذه الرقابة برقابة التعطيؿ أو رقابة
االستثناء وأيضا برقابة الدعوى الفرعية.ذلؾ أف أصؿ الدعوى ليس المطالبة بإلغاء القانوف،
حيث ال يسمح لمقاضي طبقا ليذا النوع الرقابي المعتمد في بعض الدوؿ بإلغاء القانوف ،إنما
كؿ ما في األمر ىو استبعاد القانوف الذي رأى القاضي بناء عمى دفع أحد أطراؼ الدعوى
أو القضية أنو غير دستوري.و عميو يعني أف ىناؾ دعوى أخرى أصمية قائمة عمى اثر نزاع
جاد مطروح ع مى المحكمة فيدفع أحد الخصوـ بعدـ دستورية القانوف المراد تطبيقو،و عميو
يمزـ القاصي بفحصو و التحقؽ مف صحة الدفع في مدى مطابقة أو مخالفة النص
لمدستور.فإذا ما تبيف لو أف القانوف غير دستوري فيحكـ في القضية مستثنيا ذلؾ القانوف،
حيث يمتنع عف تطبيقو في قضية الحاؿ اثر الدفع 2.بمعنى أنو يفترض في أسموب الدفع
بعدـ الدستورية وجود دعوى منظورة أماـ القضاء سواء كانت ىذه الدعوى مدنية أو تجارية
121
أو إدارية أو متعمقة باألحواؿ الشخصية يراد فييا تطبيؽ قانوف معيف ،فيدفع احد أطرافيا
بعدـ دستورية ذلؾ القانوف مطالبا بعدـ تطبيقو .وىكذا يجد القاضي نفسو أماـ قانونيف
متعارضيف :الدستور وىو القانوف األعمى والقانوف األدنى منو ىو التشريع العادي .فإذا تبيف
لو عدـ صحة الدفع فأنو يحكـ في النزاع طبقا ليذا القانوف ،أما إذا تأكد مف مخالفة القانوف
ألحكاـ الدستور فإنو يمتنع عف تطبيقو ،ويفصؿ في الدعوى عمى ىذا األساس ،فالقانوف ال
يمغى إذا ،وال يجبر المشرع عمى تعديمو أو إلغائو ويستمر تطبيقو عمى قضايا أخرى ،ومف ثـ
يكوف لحكـ القضاء الصادر في ىذا الخصوص حجية نسبية مقصورة عمى النزاع المعروض
1
أمامو .وال يسري عمى دعاوى أخرى.
الرقابة الدستورية في الجزائر :ترددت الدوؿ بيف اعتماد الرقابة القضائية والسياسية
لدستورية منظومتيا القانونية بمختمؼ أشكاليا وأنماطيا،والجزائر عمى غرار أغمب دوؿ
المغرب العربي أخذت بالنموذج الفرنسي الذي يعتمد الرقابة السياسية عمى مدى دستورية
2
تشريعاتيا.
الرقابة الدستورية في دستور .1693عمى اعتبار التأثر الواضح لممؤسس الدستوري الجزائري
بنظيره الفرنسي فقد تـ إدراج فكرة الرقابة عمى دستورية القوانيف في أوؿ دستور عرفتو الجزائر،
بحيث تـ تنظيميا في المادتيف 63و ، 64فنصت المادة 63عمى تشكيمة المجمس الذي يتألؼ مف
الرئيس األوؿ لممحكمة العميا ،ورئيسي الحجرتيف المدنية واإلدارية في المحكمة العميا وثالثة نواب
يعينيـ المجمس الوطني وعضو يعينو رئيس الجميورية ،أما رئيس المجمس فينتخبو أعضائو ،أما
المادة 64فتحدد صالحياتو والمتمثمة في الفصؿ في دستورية القوانيف واألوامر التشريعية بطمب مف
رئيس الجميورية أو رئيس المجمس الوطني غير أف المجمس الدستوري لـ يتـ تشكيمو بتاتا بالنظر
123
مدتيا 6سنوات غير قابمة لمتجديد ،يعيف رئيس الجميورية 3أعضاء مف بينيـ الرئيس ،عضواف
ينتخباف مف طرؼ المجمس الشعبي الوطني وعضواف ينتخباف مف قبؿ المحكمة العميا) المادة154
( ،ويقوـ المجمس الدستوري بالفصؿ في دستورية المعاىدات والقوانيف والتنظيمات بإخطار مف
رئيس الجميورية أو رئيس المجمس الشعبي الوطني.
حيث يتـ إخطار المجمس مف طرؼ رئيس الجميورية أو رئيس المجمس الشعبي الوطني،
سواء قبؿ إصدار القانوف أي ( رقابة سابقة ) أو بعد صدور القانوف ( رقابة الحقة).
وفي حالة ما إذا تـ إخطاره قبؿ صدور القانوف يدلي برأي غير ممزـ أما إذا تـ إخطاره بعد
صدور القانوف فإنو يصدر ق ار ار يترتب عنو إلغاء األحكاـ المخالفة لمدستور مف ىذا النص
إبتداءاً مف تاريخ قرار المجمس 1.مع مالحظة أف جؿ األحكاـ التي صاغيا دستور 1989أعادىا
دستور 1996مع بعض التعديالت
ـ الرقابة الدستورية في دستور :1996أحدثت التعديالت التي طرأت عمى دستور 6989
تغيي ار في تشكيمة و مياـ المجمس الدستوري وقد كانت التعديالت تيدؼ إلى تحقيؽ توازف
أحسف لسير المؤسسات ،بإحداث نظاـ الثنائية في تشكيؿ البرلماف بإنشاء مجمس األمة
ونظاـ االزدواج القضائي وانشاء مجمس لمدولة كمؤسسة قضائية ،باإلضافة لألخذ بمفيوـ
لمجزائر. الدستوري التاريخ في مرة ألوؿ العضوية القوانيف
وقد انعكس ىذا التوسيع في تشكيمة المجمس الدستوري وفي جية اإلخطار وكذا في
الصالحيات التي كمؼ بيا المجمس الدستوري.
حيث نص دستور 2::7عمى كيفية تشكيؿ المجمس بقوليا يتكوف المجمس الدستوري مف تسعة
أعضاء :ثالثة أعضاء مف بينيـ رئيس المجمس يعينيـ رئيس الجميورية ،واثناف ينتخبيما المجمس
الشعبي الوطني ،واثناف ينتخبيما مجمس األمة ،وعضو واحد ينتخبو مجمس الدولة ،وعضو واحد
124
تنتخبو المحكمة العميا ،يعيف رئيس المجمس الدستوري لفترة واحدة مدتيا ست سنوات يضطمع
1
أعضاء المجمس الدستوري بمياميـ مرة واحدة مدتيا ست سنوات ،يجدد نصفو كؿ ثالث سنوات.
وتجدر اإلشارة إلى أف تشكيمة المجمس الدستوري كثي ار ما كنت محؿ نقاش نظ ار لدور السمطة
التنفيذية فييا حيث يختار رئيس الجميورية 3أعضاء مع رئيس بصوت مرجح ،كما تمتد يده إلى
العضويف المذيف تعينيـ الييئتيف القضائيتيف بما أف رئيس الجميورية ىو مف يعيف القضاة.و
يضطمع المجمس الدستوري بصالحيات عديدة خوليا لو الدستور ،ويمكف أف نميز بيف صالحيات
أصيمة متمثمة في الرقابة ،وأخرى إضافية منيا ما ىي استشارية ومنيا ما ىي متعمقة باالنتخابات.
اختصاصات المجمس في مجال الرقابة :لقد حددت اختصاصات المجمس الدستوري في مجاؿ
الرقابة عمى دستورية القوانيف مف خالؿ المادة ،165التي تنص عمى أنو يفصؿ في دستورية
المعاىدات والقوانيف ،والتنظيمات ،إما برأي قبؿ أف تصبح واجبة التنفيذ ،أو بقرار في الحالة
العكسية،كما يفصؿ أيضا في مطابقة النظاـ الداخمي لكؿ مف غرفتي البرلماف لمدستور.
إالأف المجمس يبدي رأيو وجوبا بعد أف يخطره رئيس الجميورية ،في دستورية القوانيف العضوية
بعد أف يصادؽ عمييا البرلماف.باإلضافة إلى ىذه الحالة فإف رأي المجمس يكوف ممزما ،وىذا
ما تضمنتو المادة 279إذ نصت":إذا ارتأى المجمس الدستوري عدـ دستورية معاىدة أو
اتفاؽ،أو اتفاقية فال يتـ التصديؽ عمييا ".كما أف رأي المجمس يكوف ممزما في حالة التعديؿ
2
الدستوري طبقا ألحكاـ المادة 176مف الدستور.
أما بالنسبة لجية اإلخطار فيالحظ حسب المادة 166أنيا وسعت إلى كؿ مف رئيس
الجميورية ورئيس المجمس الشعبي الوطني ورئيس مجمس األمة ،ومع ذلؾ فتبقى قميمة عمى أساس
أف المجمس الدستوري كاف مف الضروري أف يكوف بمقدوره ممارسة الرقابة مف دوف إخطار لكي
حيث أحدت التعديؿ الدستوري لسنة 2066التوازف الكامؿ في تمثيؿ السمطات الثالث .فقد
رفع التعديؿ الدستوري تشكيمة المجمس إلى 62عضوا توزعت كالتالي:
ػأربعة أعضاء مف بينيـ رئيس المجمس ونائب رئيس المجمس يعينيـ رئيس الجميورية .ػ
اثناف ينتخبيما المجمس الشعبي الوطني مف بيف أعضائو.
ػ اثناف ينتخبيما مجمس األمة مف بيف
ػ اثناف تنتخبو المحكمة العميا مف بيف أعضائيا.
ػ اثناف ينتخبيما مجمس الدولة مف بيف أعضائو.
و يعيف رئيس المجمس الدستوري ونائبو مف طرؼ رئيس الجميورية لفترة واحدة مدتيا 8
سنوات ،و يتولى أعضاء المجمس مياميـ مرة واحدة،و يجدد نصؼ عدد األعضاء كؿ 4
سنوات .كما استحدث التعديؿ الدستوري شروطا وجب توافرىا في األعضاء المعينيف
127
والمنتخبيف والتي تتمثؿ في :بموغ سف األربعيف سنة كاممة يوـ تعيينيـ أو انتخابيـ،
والتمتع بخبرة مينية مدتيا 65سنة عمى األقؿ في التعميـ العالي في العموـ القانونية،
القضاء ،أو في مينة محاـ لدى المحكمة العميا أو لدى مجمس الدولة أو في وظيفة عميا في
1
الدولة .
أما من حيث جية اإلخطار فقد أوكمت المادة 187مف التعديؿ الدستور 2066ميمة إخطار
المجمس الدستوري لكؿ مف- :رئيس الجميورية . -رئيس المجمس الشعبي الوطني. -رئيس
مجمس األمة أو الوزير األوؿ و ( )50نائبا أو ثالثيف ( )30عضوا في مجمس األمة ،وفد
استحدث التعديؿ الدستوري ألوؿ مرة اإلخطار بالدفع بعدـ الدستورية بناءا عمى إحالة مف
المحكمة العميا أو مجمس الدولة ( المادة ) 688عندما يدعي أحد األطراؼ في المحاكمة أماـ
جية قضائية أف القانوف الذي يتوقؼ عميو النزاع ينتيؾ الحقوؽ والحريات التي يتضمنيا
2
الدستور .
أما مف حيث موضوع اإلخطار فقد حددت المادة 686مف التعديؿ الدستور الميمة األساسية
لممجمس الدستوري وىي "السير عمى احتراـ الدستور ".وفي ىذا السياؽ فإنو يقوـ بالفصؿ
في دستورية المعاىدات والقوانيف والتنظيمات .وفي ىذا اإلطار يمارس المجمس الدستوري
نوعيف مف الرقابة إحداىما إجبارية واألخرى اختيارية.
أ -الرقابة اإلجبارية لممجمس الدستوري :و تتـ ىذه الرقابة بموجب المادة 686و يتعمؽ
األمر بػ:
1ـ القوانين العضوية :فالمجمس الدستوري يبدي رأيو وجوبا في دستورية القوانيف العضوية
128
بعد أف يصادؽ عمييا البرلماف حسب الفقرة الثانية مف المادة 686مف التعديؿ الدستوري.
وقد حددت المادة 646مف الدستور مجاؿ القوانيف العضوية وىي القوانيف المتعمقة ب ػ:
129
العضوية -األنظمة الداخمية لغرفتي البرلماف -اتفاقات اليدنة ومعاىدات السمـ) ،يتـ مف
طرؼ رئيس الجميورية ،و ىذا بصريح نص المادة 686ػ.666
ب-الرقابة االختيارية لممجمس الدستوري :و تتـ بموجب المادة 687مف الدستور:
أ ـ بالنسبة لمقوانين العادية :يمكف لممجمس الدستوري بعد إخطاره مف طرؼ رئيس
الجميورية أو رئيس المجمس الشعبي الوطني أو رئيس مجمس األمة ،أو الوزير األوؿ أو50
نائبا أو 30عضوا مف مجمس األمة رقابة دستورىا ،فإذا وقع اإلخطار فبؿ صدورىا يصدر
المجمس الدستوري رأيا وذلؾ فبؿ أف تصبح واجبة التنفيذ ،أما إذا وقع اإلخطار بعد صدورىا
يصدر المجمس الدستوري ق ار ار ممزما يترتب عنو ،وحسب نص المادة 696مف الدستور
فقداف ىذا النص أثره مف يوـ قرار المجمس الدستوري أي إلغاء النص المخالؼ لمدستور.
ج ـ الدفع بعدم دستورية نص تشريعي :عندما يخطر المجمس الدستوري عمى أساس المادة
، 689فإف ق ارره يصدر خالؿ 4أشير التي تمي إخطاره ،ويمكف تمديد ىذا األجؿ مرة واحدة
لمدة أقصاىا 4أشير .واذا اعتبر نص تشريعي ما غير دستوري ،فإف ىذا النص يفقد أثره
ابتداء مف اليوـ الذي يحدده قرار المجمس الدستوري ،وتكوف آراء المجمس الدستوري وق ارراتو
نيائية وممزمة لجميع السمطات العمومية والسمطات اإلدارية .
131
حيث أحدث التعديل الدستوري لسنة 2222عدة مستجدات بالنسبة لممجمس
الدستوري،ليصطمح عميو بالمحكمة الدستورية وفقا لممادة 685مف التعديؿ الدستوري تجعميا
كفيمة لدعـ مكانتيا ودورىا في مسار بناء دولة القانوف .
حيث أحدت التعديؿ الدستوري األخير التعديؿ في تشكيمة المحكمة الدستورية التي أصبحت
تتشكؿ مف 62عضوا موزعة كالتالي:
حيث اشترطت المادة 781في عضو المحكمة الدستورية المنتخب أو المعيف مجموعة مف
الشروط ىي:
-بموغ 51سنة كاممة يوـ انتخابو أو تعيينو.
-التمتع بالحقوؽ المدنية و السياسية ،و أف ال يكوف محكوما عميو بعقوبة سالبة لمحرية .
131
و يعيف رئيس المحكمة الدستورية مف طرؼ رئيس الجميورية لعيدة واحدة مدتيا 6سنوات،
عمى أف تتوافر فيو الشروط المذكورة أعاله باستتناء شرط السف 1.و يتولى أعضاء المحكمة
الدستورية مياميـ مرة واحدة مدتيا 6سنوات،و يجدد نصؼ عدد األعضاء كؿ 3سنوات.
ػ المعاىدات الدولية :حيث حرص المؤسس الدستوري استنادا إلى نص المادة 690عمى
عرض المعاىدات عمى المحكمة الدستورية ،لمنظر فييا قبؿ التصديؽ عمييا .رغبة منو في
حماية الدستور ألف ىذا النوع مف المعاىدات مرتبطة ومتعمقة باستقالؿ الدولة وسيادتيا.فإذا
ما قررت المحكمة الدستورية عدـ دستورية معاىدة أو اتفاقية فال يتـ المصادقة عمييا.
ػ القوانيف العضوية :فالمحكمة الدستورية تبدي أرييا وجوبا في دستورية القوانيف العضوية بعد
أف يصادؽ عمييا البرلماف حسب الفقرة 5مف المادة 690مف التعديؿ الدستوري .وقد حددت
المادة 140مف الدستور مجاؿ القوانيف العضوية .حيث أنو إذا ما قررت المحكمة الدستورية
عدـ دستورية قانوف فال يتـ إصداره.
132
ػ األنظمة الداخمية لغرفتي البرلماف :حيث تفصؿ المحكمة الدستورية بموجب الفقرة 6مف
المادة 690في مطابقة النظاـ الداخمي لكؿ مف غرفتي البرلماف لمدستور و يرجع ذلؾ إلى
كوف النظاـ الداخمي يتعمؽ بتنظيـ السمطات التشريعية و الذي ال يجب أف يكوف مخالفا
لمدستور و إال وقع خمؿ في سير المؤسسات الدستورية.
-كما تشمؿ رقابة المحكمة الدستورية التنظيمات "النصوص" التي يصدرىا رئيس الجميورية
بموجب سمطتو التنظيمية المستقمة التي يستمدىا مف المادة 646مف الدستور بقوليا":
يمارس رئيس الجميورية السمطة التنظيمية في المسائؿ غير المخصصة لمقانوف ".فإذا ما
ابتداء مف يوـ
ً قررت المحكمة الدستورية عدـ دستورية أمر أو تنظيـ،فإف ىذا النص يفقذ أثره
1
صدور قرار المحكمة الدستورية.
-كما تنظر المحكمة الدستورية في الطعوف التي تتمقاىا حوؿ النتائج المؤقتة لالنتخابات
2
الرئاسية أو االنتخابات التشريعية أو االستفتاء،و تعمف النتائج النيائية لكؿ ىذه العمميات.
أما مف حيث جية اإلخطار فقد أوكمت المادة 693مف التعديؿ الدستور 2020ميمة
إخطار المحكمة الدستورية لكؿ مف :رئيس الجميورية أو رئيس المجمس الشعبي الوطني أو
رئيس مجمس األمة ،أو الوزير األوؿ أو 40نائبا أو 25عضوا مف مجمس األمة كما يمكف
أف يتـ اإلخطار بالدفع بعدـ الدستورية بناءا عمى إحالة مف المحكمة العميا أو مجمس الدولة
( المادة ) 695عندما يدعي أحد األطراؼ في المحاكمة أماـ جية قضائية أف القانوف الذي
يتوقؼ عميو النزاع ينتيؾ الحقوؽ والحريات التي يتضمنيا الدستور .
133
قائمة المراجع و المصادر:
القرآف الكريـ.
أوال :المراجع :
الكتب:
-1األميف شريط ،الوجيز في القانوف الدستوري و المؤسسات السياسية المقارنة،ديواف
المطبوعات الجامعية،الجزائر،الطبعة.2115/4
-2الشرقاوي سعاد ،النظـ السياسية والعالـ المعاصر) الدولة -المؤسسات -الحريات( ،دارالنيضة
العربية ،القاىرة. 3008
-3بسيوني عبد الغني عبد اهلل ،النظـ السياسية ،النظرية العامة لمدولة ،الحكومات ،الحقوؽ
والحريات العامة ،الطبعة السادسة ،مطابع السعدني ،القاىرة . 3009،
-4بوك ار إدريس ،الوجيز في القانوف الدستوري والمؤسسات الدستورية ،دار الكتاب الحديث،
القاىرة . 2012 ،
134
-5جبراف مسعود،الرائد معجـ ألفبائي في المغة و األعالـ،دار العمـ لممالييف ،بيروت
لبناف،الطبعة،2115/3ص.517
-6حسف مصطفى البحري ،القانوف الدستوري(النظرية العامة) ،بدوف دار نشر،الطبعة
األولى.2119/
-7حمدي العجمي ،مقدمة في القانوف الدستوري ،في ضوء الدساتير العربية المعاصرة،دار
الثقافة لمنشر و التوزيع ،الطبعة األولى ،2119عماف األردف .
8ػ حساـ مرسي ،القانوف الدستوري ،دار الفكر الجامعي ،2114اإلسكندرية.
-9حسني بوديار،الوجيز في القانوف الدستوري،دار العموـ لمنشر و
التوزيع،الجزائر،عنابة.،2113،
-11سعيد بوالشعير ،القانوف الدستوري والنظـ السياسية المقارنة ،،ديواف المطبوعات الجامعية،
الجزائر ج ، 1ط .300:، 10
-11عبد الغني بسيوني ،النظـ السياسية والقانوف الدستوري ،منشأة المعارؼ
االسكندرية.1997،
-12عمار كوسة ،أبحاث في القانوف الدستوري،دار ىومة لمطباعة و النشر و
التوزيع2118،الجزائر.
-13غريبي فاطمة الزىراء،أصوؿ القانوف الدستوري و النظـ السياسية،دار الخمدونية لمنشر
و التوزيع ،الجزائر،الطبعة.2116/1
-14فوزي أوصديؽ،الوافي في شرح القانوف الدستوري الجزائري ،الجزء األوؿ نظرية الدولة،
ديواف المطبوعات الجامعية ،الطبعة األولى الجزائر .1993
-15قزو محمد أكمي،دروس في الفقو الدستوري والنظـ السياسية دراسة مقارنة،دار
الخمدونية لمطباعة و النشر،الجزائر.،2116
16ػ مولود ديدف ،القانوف الدستوري و النظـ السياسية ،دار بمقيس ،الجزائر ،الطبعة
.2114
-17مولود ديداف،القانوف الدستوري و النظـ السياسية،عمى ضوء التعديؿ الدستوري
،2116دار بمقيس لمنشر ،الجزائر.2117،
135
-18محمد رفعت عبد الوىاب،األنظمة السياسية،منشورات الحمبي الحقوقية،2117،بيروت
لبناف.
-19نعماف أحمد الخطيب،الوسيط في النظـ السياسية و القانوف الدستوري ،الطبعة السابعة
،دار الثقافة لمنشر والتوزيع ،عماف األردف.2112،
تانيا:المطبوعات العممية:
-21بف اعراب محمد،محاضرات في مادة القانوف الدستوري،جامعة محمد لميف دباغيف،كمية
الحقوؽ و العموـ السياسية،ممقاة عمى طمبة السنة األولى حقوؽ ػالمجموعة ب،السنة الجامعية
2121/2119
- 21صايش عبد المالؾ،محاضرات في القانوف الدستوري،جامعة عبد الرحماف
ميرة،بجاية،كمية الحقوؽ و العموـ السياسية ،السنة الجامعية.2115/2114
-23معيفي لعزيز ،محاضرات في القانوف الدستوري ،جامعة عبد الرحماف ميرة ،بجاية ،كمية
الحقوؽ والعموـ السياسية ،السنة الجامعية.2117/2116
138