You are on page 1of 138

‫وزارة التعميم العالي والبحث العممي‬

‫جامعة الدكتور موالي الطاىر ‪ -‬سعيدة‬


‫كمية الحقوق والعموم السياسية‬
‫قسم الحقوق‬

‫مطبوعة بيداغوجية بعنوان‪:‬‬

‫محاضرات في مقياس القانون الدستوري‬


‫الموجية لمسنة األولى ليسانس "السداسي األوؿ"‬

‫من إعداد األستاذة‪:‬‬


‫د‪ .‬مراح نعيمة‬

‫السنة الجامعية‪2022/2021:‬‬

‫‪1‬‬
‫مقدمة‪:‬‬

‫تمثؿ دراسة القانوف الدستوري أىمية بالغة‪ ،‬لكؿ الميتميف والدارسيف لمعموـ القانونية‪.‬‬
‫فالقانوف الدستوري يأتي عمى قمة البناء القانوني في الدولة‪ ،‬ومنو تستمد كافة السمطات‬
‫اختصاصاتيا‪ ،‬كما يجب أف تصدر كافة التشريعات في البالد بما ال يخالؼ ىذا القانوف‪،‬‬
‫فيو أساس الدولة ورمز شرعية الحكـ فييا وحصف لمحقوؽ مف العقوؽ‪ 1.‬حيث يحدد القانوف‬
‫الدستوري األسس والمبادئ السياسية واالجتماعية واالقتصادية التي تسير عمييا الدولة‪ ،‬وىو‬
‫الذي يحدد شكؿ الدولة‪،‬ويبيف عمؿ كؿ سمطة مف سمطات الدولة واختصاصاتيا‪ ،‬وحدودىا‬
‫وعالقاتيا بالسمطات األخرى‪ ،‬وىو الذي يبيف حقوؽ األفراد وحرياتيـ‪ ،‬مما يجعؿ نوعا مف‬
‫التوازف بيف الحريات و السمطات‪.‬‬

‫وعميو فالقانوف الدستوري يساعد في تكويف ثقافة سياسية وقانونية لمميتـ بالقانوف‪،‬تؤىمو‬
‫لفيـ خبايا المسائؿ الدستورية‪ ،‬التي تعرض عميو انطالقا مف الخمفية المعموماتية التي‬
‫يكتسبيا مف مصطمحات تبدو إليو مف الوىمة األولى أنيا غامضة مثؿ الدولة‪ ،‬الحكومة‪،‬‬
‫السمطة‪ ،‬النظاـ الدستوري‪.‬‬

‫وعميو فاف القانوف الدستوري يمنح لمطالب قاعدة معرفية ينطمؽ فييا لمعالجة ما يدور‬
‫حولو مف عمؿ سياسي‪ ،‬ونشاط دستوري‪ ،‬باعتبار أف ىذه األخيرة ذات صمة وثيقة بمختمؼ‬
‫القوانيف األخرى‪ .‬فالقانوف الدستوري عمى ىذا األساس يتناوؿ تعريؼ الدولة‪ ،‬كظاىرة سياسية مف‬
‫حيث تعريفيا نشأتيا‪ ،‬أركانيا‪ ،‬خصائصيا‪ ،‬أشكاليا‪ ،‬وىذا كمو تحت إطار ما يعرؼ بالنظرية العامة‬
‫لمدولة‪ .‬إلى جانب ذلؾ ييتـ القانوف الدستوري بدراسة الدساتير التي تعد ركيزة أساسية لبناء‬
‫مؤسسات الدولة‪ ،‬ولتنظيـ العالقة التي تربط‬

‫‪-‬غريبي فاطمة الزىراء‪،‬أصوؿ القانوف الدستوري و النظـ السياسية‪،‬دار الخمدونية لمنشر و التوزيع‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫الجزائر‪،‬الطبعة‪،2116/1‬ص‪.7‬‬

‫‪2‬‬
‫المحكوميف بالحكاـ وتبياف كيفية اختيار ىؤالء وطريقة ممارستيـ لشؤوف الحكـ‪ ،‬لكف إضافة‬
‫إلى ذلؾ فالقانوف الدستوري ييتـ بدراسة الدساتير مف حيث كيفية نشأتيا وطرؽ تعديميا وحاالت‬
‫نيايتيا‪ ،‬كما يحدد طبيعة العالقة التي تربط الدستور الذي ىو أسمى وثيقة قانونية في الدولة‪ ،‬بما‬
‫أدناه مف القوانيف والتي يجب أف ال تكوف متعارضة معيا‪ ،‬بما يمزـ معو فرض الرقابة عمى دستورية‬
‫القوانيف‪ ،‬والتي تختمؼ الدوؿ في مسألة األخذ بو‪ ،‬وتختمؼ تمؾ التي تتبناه في طريقة تجسيدىا بيف‬
‫األسموب السياسي و األسموب القضائي‪.‬‬

‫بناء عمى ما تقدـ‪ ،‬ومف أجؿ دراسة محاضرات القانوف الدستوري المبرمجة لمسداسي األوؿ‬
‫يستوجب دراستو وفقا لمتقسيـ التالي‪:‬‬
‫الفصؿ التمييدي‪ :‬والذي خصص لماىية القانوف الدستوري‪.‬‬
‫الفصؿ األوؿ‪ :‬وخصص لمنظرية العامة لمدولة‪ ،‬و نوضح مف خاللو نشأة الدولة وبياف أركانيا‪ ،‬ثـ‬
‫بعد ذلؾ خصائصيا‪ ،‬واألشكاؿ التي تتخذىا في األخير ‪.‬‬
‫الفصؿ الثاني‪ :‬والمتضمف النظرية العامة لمدساتير‪ ،‬التي تمتد إلى دراسة اإلطار ألمفاىيمي‬
‫لمدستور بصفة عامة‪ ،‬والذي يتضمف تعريؼ الدستور وأنواعو‪ ،‬مصادر القاعدة الدستورية‪ ،‬تطور‬
‫الدساتير مف حيث نشأتيا‪ ،‬تعديميا ونيايتيا‪ ،‬ثـ الرقابة عمى دستورية القوانيف‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫الفصل التمييدي‪ :‬ماىية القانون الدستوري‪.‬‬

‫الشؾ في أف قياـ الجماعة السياسية المنظمة يفترض وجود دستور ليا‪ ،‬يحدد القواعد التي‬
‫تحكـ حياتيا وتنظـ سيرىا‪ ،‬فوجود الدستور ظاىرة عامة تتحقؽ في كؿ جماعة ليا طابع‬
‫النظاـ واالستقرار‪ ،‬وتسير عمى مقتضى قواعد و سنف منضبطة‪ ،‬ويبدو مف ذلؾ أف وجود‬
‫الدستور قد ارتبط بوجود المجتمع السياسي مند القدـ‪ ،‬فكؿ مجتمع سياسي‪ ،‬يخضع ػ أيا كاف‬
‫نوعو ػ لنظاـ سياسي معيف‪ ،‬يوضح نظاـ الحكـ فيو‪ ،‬وينظـ بالتالي العالقة بيف الحاكـ و‬
‫المحكوـ‪ ،‬موفقا في ذلؾ بيف السمطة والحرية‪. 1‬‬

‫المبحث األول‪:‬تعريف القانون الدستوري‪:‬‬

‫حيث أف استخداـ مصطمح القانوف الدستوري يعتبر حديث نسبيا في الدراسات القانونية‬
‫‪،‬وذلؾ بالقياس عمى غيره مف القوانيف فقد استعمؿ ألوؿ مرة في إيطاليا مف قبؿ الفقيو‬
‫اإليطالي ‪ opzpeed‬حيث جعؿ مصطمح القانوف الدستوري عنوانا لسمسة مف محاضراتو التي‬
‫ألقاىا في جامعة (‪) qpeerep‬سنة ‪ 1797‬ثـ انتقؿ ىذا االصطالح إلى فرنسا عمى يد األستاذ‬
‫‪ ipzzprepid edeep‬سنة‪ 1834‬بجامعة باريس‪،‬حيث أنشأ وزير المعارؼ الفرنسي‬
‫جيزو‪ ropedg‬أوؿ كرسي لمقانوف الدستوري بكمية الحقوؽ بباريس ‪ 2.1834‬ليعـ اعتماده في‬
‫بقية جامعات العالـ كقانوف منظـ لمسمطة وضامف لمحقوؽ والحريات‪.‬‬

‫وعمى الرغـ مف أف اصطالح " القانوف الدستوري" حديث النشأة‪ ،‬إال أف الفقياء لـ‬
‫يتفقوا عمى تحديد الموضوعات التي تدخؿ في نطاؽ ىذا االصطالح ‪،‬نظ ار الختالفيـ في‬

‫حسف مصطفى البحري‪ ،‬القانوف الدستوري(النظرية العامة)‪ ،‬بدوف دار نشر‪ ،‬سوريا‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،2119/‬ص‪.35‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-‬حمدي العجمي ‪،‬مقدمة في القانوف الدستوري ‪،‬في ضوء الدساتير العربية المعاصرة‪،‬دار الثقافة لمنشر و التوزيع ‪،‬الطبعة‬ ‫‪2‬‬

‫األولى ‪،2119‬عماف األردف ‪،‬ص ‪.18‬صايش عبد المالؾ‪،‬محاضرات في القانوف الدستوري‪،‬جامعة عبد الرحماف‬
‫ميرة‪،‬بجاية‪،‬كمية الحقوؽ و العموـ السياسية‪ ،‬السنة الجامعية‪،2115/2114‬ص‪.16‬‬
‫‪4‬‬
‫تعريفو‪.‬و يرجع الخالؼ بيف الفقياء في تعريؼ القانوف الدستوري إلى اختالؼ الزاوية التي‬
‫ينظر إلييا كؿ منيـ‪.‬فمف الفقياء مف يعتمد عمى المدلوؿ المغوي‪ ،‬ومنيـ مف يعتمد عمى‬
‫المدلوؿ الشكمي‪ ،‬ومنيـ مف يتخذ مف المدلوؿ الموضوعي أساسا يستند إليو في تعريؼ‬
‫القانوف الدستوري‪ ،‬و سوؼ نتحدث فيما يمي عف ىذه المدلوالت أو المعايير‪:‬‬

‫المطمب األول‪ :‬التعريف المغوي لمقانون الدستوري‪:‬‬

‫عمى الرغـ مف أف كممة دستور ليست عربية المنبت‪ ،‬إال أنيا أصبحت شائعة‬
‫االستعماؿ بكثرة في الوقت الحاضر‪ .‬ويقابؿ ىذه الكممة في المغتيف الفرنسية واالنجميزية‬
‫‪1‬‬
‫حيث تطمؽ كممة‬ ‫معنى اصطالح" ‪" ndiegpgogpdi‬والتي تعني التأسيس أو التكويف‪.‬‬
‫دستور في المغة الفارسية عمى عدة معاف متقاربة‪ ،‬منيا الوزير‪ ،‬ومنيا الدفتر الذي تجمع فيو‬
‫قوانيف الممؾ و ضوابطو وتكتب فيو أسماء الجند ومرتباتيـ ومف ىذه المعاني أيضا‪":‬‬
‫األساس أو األصؿ‪" .‬‬

‫وقد دخمت ىذه الكممة المغة العربية في أعقاب اتصاؿ العرب بالفرس بعد الفتح‬
‫اإلسالمي‪،‬ثـ شاع استعماؿ كممة دستور في االصطالح السياسي والدستوري وصارت‬
‫تعني‪":‬القانوف األساسي الذي يبيف أصوؿ نظاـ الحكـ"‪.‬ويمكف القوؿ بوجو عاـ أف كممة‬
‫دستور تستخدـ لمداللة عمى القواعد األساسية التي يقوـ عمييا كؿ تنظيـ مف التنظيمات‬
‫ابتداء مف األسرة‪ ،‬والجمعيات والنقابات واألحزاب ‪ ....‬وانتياء بالدستور العاـ لمدولة‪ ،‬وطبقا‬
‫ليذا المعنى يعرؼ القانوف الدستوري بأنو‪":‬مجموعة القواعد القانونية التي تنظـ أسس تكويف‬
‫‪2‬‬
‫الدولة و مقومات بنائيا والقواعد التي يقوـ عمييا نظاميا"‪.‬‬

‫ػ مولود ديدف ‪ ،‬القانوف الدستوري و النظـ السياسية ‪ ،‬دار بمقيس ‪ ،‬الجزائر ‪ ،‬الطبعة ‪،2114‬ص ‪.6‬‬ ‫‪1‬‬

‫ػ مصطفى حسف البحري‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪. 39‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪5‬‬
‫ػ مف الواضح أف األخذ بيذا المعيار سيؤدي إلى تعريؼ القانوف الدستوري تعريفا واسعا يمتد‬
‫إلى كؿ الموضوعات التي تتعمؽ بوجود الدولة‪،‬ومقوماتيا وعناصر تكوينيا وشكميا ‪،‬مما‬
‫يجعؿ ىذا القانوف ال يقتصر عمى بياف نظاـ الحكـ في الدولة فقط‪ ،‬وانما يمتد ليشمؿ نظاميا‬
‫اإلداري والقضائي وأيضا قوانيف الجنسية في الدولة‪.‬كما أف ىذا المعني يتعارض مع الوضع‬
‫العممي لمدراسات الجامعية‪ ،‬فضال عمى أف االصطالحات القانونية ال يجوز تفسيرىا تفسي ار‬
‫لغويا بحثا‪.‬و أماـ ىذه االعتراضات لـ يثبت المعيار المغوي‪ ،‬ولـ يفمح في إعطاء تعريؼ‬
‫‪1‬‬
‫عممي لمقانوف الدستوري‪.‬‬

‫المطمب الثاني‪ :‬التعريف الشكمي لمقانون الدستوري‪:‬‬

‫يرجع ظيور المعيار الشكمي إلى عصر الثورة الديمقراطية‪،‬التي بدأت في أواخر القرف‬
‫‪ 18‬و ما رافقيا مف ظيور وانتشار موجة الدساتير المدونة‪،‬وبوجو خاص الدستور األمريكي‬
‫‪ 1787‬و الدساتير المتعاقبة في فرنسا‪.‬وقد كاف لذلؾ التدويف أث ار كبي ار في تعريؼ القانوف‬
‫الدستوري حيث ارتبط تعريفو بمصدر القاعدة القانونية واإلجراءات التي تتبع في وضعيا أو‬
‫تعديميا‪ .‬وأصبح القانوف الدستوري مرادفا لمجموعة القواعد القانونية الواردة في الوثيقة‬
‫‪2‬‬
‫المسماة الدستور‪.‬‬

‫ومعنى ذلؾ أف كؿ ما تحتوي عميو وثيقة الدستور مف قواعد تعتبر قواعد دستورية‪،‬‬
‫وكؿ قاعدة ال تتضمنيا ىذه الوثيقة ال تعتبر دستورية‪.‬وعمى ىذا المنواؿ عرؼ البعض‬
‫‪3‬‬
‫القانوف الدستوري بأنو‪":‬عمـ الدساتير المكتوبة "‪.‬‬

‫‪-‬حمدي العجمي‪ ،‬المرجع السابؽ ‪،‬ص ‪.21‬‬ ‫‪1‬‬

‫ػ حسف مصطفى البحري‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.41‬عبد الغني بسيوني‪ ،‬النظـ السياسية والقانوف الدستوري‪ ،‬منشأة‬ ‫‪2‬‬

‫المعارؼ االسكندرية‪ ،1997،‬ص ‪. 294‬‬


‫ػ مولود ديدف ‪ ،‬المرجع السابؽ ‪ ،‬ص ‪.8‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪6‬‬
‫وعمى ىذا النحو يعني القانوف الدستوري تبعا لممعيار الشكمي الوثيقة الدستورية ذاتيا‬
‫بما تتضمنو مف أحكاـ و قواعد بمعنى اعتبار كؿ قاعدة منصوص عمييا في صمب الوثيقة‬
‫قاعدة دستورية‪ ،‬بينما ال تعتبر كذلؾ كؿ قاعدة لـ تتضمنيا ىذه الوثيقة‪ ،‬حتى لو كانت مف‬
‫حيث طبيعتيا أو جوىرىا قاعدة دستورية ‪.‬‬

‫ػ عمى الرغـ مف وضوح المعيار الشكمي في تعريؼ القانوف الدستوري إال أنو قد وجيت‬
‫لو الكثير مف أوجو النقد والتي أوضحت عدـ كفايتو في تحديد مدلوؿ القانوف الدستوري‪.‬‬

‫حيث أنو ىناؾ دوؿ ليس ليا دستور مكتوب‪ ،‬و مع ذلؾ ليا دساتير عرفية أو قواعد‬
‫دستوري ة مكتوبة في وثائؽ مختمفة مثؿ انجمترا‪.‬كما أف الدساتير المكتوبة ال تضـ كافة القواعد‬
‫الدستورية التي قد تكوف موجودة في قوانيف عضوية أو عيرىا‪.‬كما أنو قد نجد بعض القواعد‬
‫‪1‬‬
‫الواردة في الدستور و قد ال تكوف ذات طبيعة دستورية‪.‬‬

‫المطمب الثالث‪:‬التعريف الموضوعي لمقانون الدستوري‪:‬‬

‫يعتمد المعيار الموضوعي أو المادي في تعريؼ القانوف الدستوري عمى مضموف أو‬
‫جوىر القواعد القانونية‪،‬بصرؼ النظر عف الشكؿ أو اإلجراءات المتبعة عند إصدارىا‪ ،‬وبناءا‬
‫عمى ذلؾ يتضمف القانوف الدستوري‪":‬جميع القواعد القانونية ذات الطبيعة الدستورية أيا كاف‬
‫مصدرىا‪ ،‬سواء تضمنتيا الوثيقة الدستورية‪،‬أو نظمت بقوانيف عادية‪،‬أوكاف مصدرىا العرؼ‬
‫‪2‬‬
‫الدستوري"‬

‫ػ ولكف ما ىي المسائؿ الدستورية مف حيث الجوىر والموضوع ؟بمعنى ما ىي القواعد التي‬


‫يمكف وصفيا بأنيا دستورية؟‬

‫ػ مولود ديدف ‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.9‬‬ ‫‪1‬‬

‫ػ عبد الغني بسيوني ‪ ،‬النظـ السياسية و القانوف الدستوري ‪ ،‬منشأة المعارؼ اإلسكندرية ‪ ،1997،‬ص ‪. 295‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪7‬‬
‫أجمع الفقو بأف المسائؿ الدستورية مف حيث الجوىر أوالموضوع ىي‪" :‬مجموعة القواعد‬
‫القانونية األساسية التي تحدد النظاـ السياسي في الدولة أي تبيف شكؿ الدولة ونظاـ الحكـ‬
‫فييا وتنظيـ و تكويف السمطات العامة والعالقة فيما بينيا والعالقة بينيا وبيف األفراد‪."1 .‬‬
‫ويقوؿ األستاذ‪ nroreg :‬إف الدستور بالمعنى المادي يعني مجموعة القواعد القانونية أيا‬
‫كانت طبيعتيا‪ ،‬أو شكميا‪ ،‬التي تتعمؽ بالسمطات األساسية في الدولة مف حيث‬
‫تشكيميا‪،‬اختصاصاتيا‪،‬وعالقتيا ببعضيا البعض‪.‬ويقوؿ الدكتور عثماف خميؿ‪ :‬إف‬
‫‪2‬‬
‫الموضوعات الدستورية التي تتعمؽ بنظاـ الحكـ وسمطات الدولة‪ ،‬وعالقاتيا‪ ،‬وحقوؽ األفراد‪.‬‬

‫ال شؾ أف تعريؼ القانوف الدستوري تعريفا موضوعيا‪ ،‬يؤدي إلى أف يكوف لكؿ دولة بغير‬
‫استثناء قانوف دستوري فضال عف ذلؾ‪ ،‬فانو يؤدي إلى استبعاد القواعد غير الدستورية مف‬
‫دراسة القانوف الدستوري حتى ولو نص عمييا في وثيقة الدستور‪،‬ويعتد لذلؾ بجوىر وطبيعة‬
‫المسائؿ التي تعالجيا القاعدة الدستورية سواء كانت واردة في وثيقة الدستور أـ لـ مرد فييا‬
‫‪3‬‬
‫‪.‬‬

‫وعمى العموـ ورغـ أف معظـ الفقياء ػ سواء في فرنسا أو في مصر يأخذوف بالمعيار‬
‫الموضوعي في تعريؼ القانوف الدستوري ػ إال أنيـ لـ يتفقوا عمى تحديد موضوع واحد‪ ،‬فمنيـ‬
‫مف يرى مجاؿ دراستو في الدولة وكيفية نشأتيا وشكميا‪.‬والبعض اآلخر يحصره في اآلليات‬
‫المتبعة في ممارسة السمطة العامة‪ ،‬وآخروف يعالجوف مسألة حقوؽ اإلنساف‪.‬‬

‫ػ حساـ مرسي‪ ،‬القانوف الدستوري‪ ،‬دار الفكر الجامعي ‪ ،2114‬اإلسكندرية‪،‬ص ‪.17‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬حمدي العجمي‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.27‬‬ ‫‪2‬‬

‫ػ حسف مصطفى البحري ‪ ،‬المرجع السابؽ ‪ ،‬ص ‪. 49‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪8‬‬
‫وعمى العموـ يمكف تعريؼ القانوف الدستوري بأنو مجموعة القواعد األساسية التي تحدد شكؿ‬
‫الدولة ونظاـ الحكـ فييا وتبيف سمطاتيا العامة وعالقتيا يبعضيا البعض‪ ،‬وعالقة األفراد بيا‬
‫كما تقرر حقوقيـ و حرياتيـ المختمفة‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪:‬عالقة القانون الدستوري بالقوانين األخرى‪.‬‬

‫باعتبار أف الدستور ىو أساس وأصؿ المنظومة القانونية في الدولة‪،‬األمر الذي يجعؿ لو‬
‫عالقة مباشرة أو حتى غير مباشرة بكؿ فروع القوانيف األخرى‪.‬حيث تديف لو باالحتراـ‬
‫والسير وفؽ نيجو وخطاه‪،‬وكما أف الدستور يشمؿ عمى أسس وقواعد رئيسية في المجاالت‬
‫السياسية واالقتصادية واالجتماعية والثقافية مما يجعؿ منو الضابط األوؿ لفروع القوانيف‬
‫الداخمية العامة منيا والخاصة‪ .‬وألف الدستور ىو أىـ فروع القانوف العاـ فإنو وثيؽ الصمة‬
‫‪1‬‬
‫بفروع القانوف العاـ وتقؿ نسبيا مع عالقتو بفروع القانوف الخاص‪.‬‬

‫المطمب األول‪ :‬عالقة القانون الدستوري بفروع القانون العام‪.‬‬

‫تبرز أىـ أوجو العالقة بالنسبة لمقانوف العاـ الداخمي و القانوف العاـ الخارجي‪.‬‬

‫‪-1‬عالقة القانون الدستوري بالقانون العام الداخمي‪:‬‬

‫يوجد القانوف اإلداري عمى رأس القوانيف ذات العالقة بالقانوف الدستوري‪،‬ذلؾ أنو أىـ القوانيف‬
‫العامة المتعمقة بالقانوف الدستوري تـ يميو القانوف المالي‪:‬‬

‫‪ - 1‬غريبي فاطمة الزىراء ‪،‬أصوؿ القانوف الدستوري و النظـ السياسية‪،‬دار الخمدونية لمنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫الطبعة‪، 2116/1‬ص ‪.14‬‬

‫‪9‬‬
‫أ ػ عالقتو بالقانوف اإلداري‪ :‬لعؿ أىـ القوانيف اتصاال بالقانوف الدستوري ىو القانوف اإلداري‪،‬‬
‫لما ليما مف عالقة وطيدة‪ ،‬ومع ذلؾ فالقانوف الدستوري أسمى مف القانوف اإلداري مف جية‪،‬‬
‫حيث يقرر القواعد والمبادئ األساسية لكؿ فروع القانوف العاـ بما فييا القانوف اإلداري‪ ،‬الذي‬
‫يقتصر دوره عمى وضع ىذه المبادئ والقواعد موضوع التنفيذ‪ ،‬ومف جية ثانية فالقانوف‬
‫الدستوري يتناوؿ نشاط الدولة السياسي‪ ،‬في حيف أف القانوف اإلداري ييتـ بتحديد النشاط‬
‫اإلداري في الدولة‪ .‬واذا كاف القانوف الدستوري ينظـ السمطات العامة في الدولة ويحدد الحقوؽ‬
‫والحريات العامة لألفراد وضمانات حمايتيا‪ ،‬فاف القانوف اإلداري ال ييتـ إال بالوظيفة اإلدارية‬
‫لمسمطة التنفيذية‪،‬معتمدا في ذلؾ عمى مبادئ وقواعد الدستور‪.‬فالقانوف اإلداري إذف يكمؿ‬
‫‪1‬‬
‫القانوف الدستوري‪،‬و يكفؿ لنصوص الدستور التحرؾ والتطبيؽ‪.‬‬

‫أ ـ عالقتو بالقانون المالي‪ :‬مثمو مثؿ القوانيف األخرى‪ ،‬فإف القانوف المالي يستمد مبادئو‬
‫الرئيسية مف الدستور الذي يحدد قواعد وضع الميزانية خاصة ما يتعمؽ بالضرائب‬
‫واإليرادات وطرؽ اإلنفاؽ والموازنة بيف الجانبيف‪،‬و يحدد طرؽ تنفيذ الميزانية وأجيزة الرقابة‬
‫وأساليب ممارسة ىذه الرقابة‪،‬ويعود إلى القانوف تنفيذ ىذه المبادئ والسياسة المالية لمدولة‬
‫‪2‬‬
‫عموما مبينا و سائؿ تحقيؽ ذلؾ بدقة‪.‬‬

‫‪-2‬عالقة القانون الدستوري بالقانون الدولي‪:‬‬

‫‪-‬قزو محمد أكمي‪،‬دروس في الفقو الدستوري والنظـ السياسية دراسة مقارنة‪،‬دار الخمدونية لمطباعة و النشر‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫الجزائر‪،2116‬ص‪.11‬‬
‫‪-‬األميف شريط ‪،‬الوجيز في القانوف الدستوري و المؤسسات السياسية المقارنة‪،‬ديواف المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫الطبعة‪،2115/4‬ص‪.13‬‬
‫‪11‬‬
‫يعرؼ القانوف الدولي العاـ عمى أنو مجموعة القواعد القانونية التي تحكـ روابط أشخاص‬
‫المجتمع الدولي‪،‬فيي تحدد حقوؽ الدوؿ وواجباتيا وكذا أشخاص القانوف الدولي كالمنضمات‬
‫‪1‬‬
‫الدولية‪.‬‬

‫فالقانوف الدستوري ىو الذي ينظـ كيفية إبراـ المعاىدات واجراء التمثيؿ في الخارج كما يبيف‬
‫مدى أخذه بمبادئ أحكاـ القانوف الدولي كييأة األمـ المتحدة‪ ،‬والدليؿ عمى ذلؾ أف الدساتير‬
‫الحديثة تتضمف أحكاما متعمقة بمبدأ القوة القانونية لممعاىدات الدولية التي تبرميا الدوؿ فيما‬
‫بينيا‪ .‬ومف ىنا نستنتج أف القانوف الدولي يستند في وجوده إلى القانوف الدستوري الذي يحدد‬
‫ويبيف لمدوؿ طرؽ واجراءات ووسائؿ نشاطيا في المجتمع الدولي‪ .‬كما أف العديد مف مبادئ‬
‫القانوف الدولي تنص عمييا الدساتير وتكرسيا (مثؿ احتراـ الحقوؽ والحريات الفردية‪ ،‬عدـ‬
‫التدخؿ في الشؤوف الداخمية‪....‬‬

‫المطمب الثاني‪ :‬عالقة القانون الدستوري بفروع القانون الخاص و الفروع المختمطة‪.‬‬

‫تبرز عالقة القانوف الدستوري بفروع القانوف الخاص أضعؼ نسبيا بالمقارنة مع ما رأيناه‬
‫بخصوص فروع القانوف العاـ‪.‬و عميو سوؼ نوضح عالقة القانوف الدستوري مع القانوف‬
‫الخاص بصفة عامة ثـ عالقتو بالقانوف الجزائر باعتباره مف الفروع المختمطة‪.‬‬

‫‪ - 1‬غريبي فاطمة الزىراء ‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.16‬‬

‫‪11‬‬
‫‪ -1‬عالقة القانوف الدستوري بفروع القانوف الخاص‪:‬عادة ما يترؾ الدستور العالقات الخاصة‬
‫تنظـ بشكؿ حر ودوف تدخؿ مف جانبو‪ ،‬خاصة وأف القوانيف التي تضبط ىذه العالقات يغمب‬
‫عمييا طابع االستقرار والثبات مثؿ القانوف المدني والقوانيف المتعمقة باألحواؿ الشخصية‪ .‬لكف‬
‫رغـ ذلؾ نجده يتضمف المبادئ واألسس العامة لمتنظيـ االقتصادي و االجتماعي لممجتمع‬
‫مثؿ النص عمى أف الممكية الخاصة مضمونة ويجب احتراميا مف طرؼ الغير‪ ،‬وعمى‬
‫ضماف حماية األسرة و رعايتيا وتنظيميا‪ ،‬ويعود إلى القوانيف الخاصة تجسيد ىذه المبادئ‬
‫‪1‬‬
‫وتفصيميا‪.‬‬

‫‪ -2‬عالقة القانون الدستوري بالفروع المختمطة‪:‬نذكر مف بيف ىذه الفروع القانوف الجزائي‬
‫وقانوف اإلجراءات الجزائية‪ .‬فإذا كاف القانوف الدستوري يحدد أسس المجتمع‪ ،‬ويبيف النظاـ‬
‫السياسي القائـ فيو فإف القانوف الجزائي ىو الوسيمة الرئيسية لحماية كؿ ذلؾ مف االعتداء و‬
‫المساس بو كما يضع الضمانات القانونية لحماية حقوؽ اإلنساف وحرياتو مف خالؿ قانوف‬
‫اإلجراءات الجزائية‪ .‬وىكذا نجد أف المبادئ الرئيسية لمقانوف الجزائي ولقانوف اإلجراءات‬
‫الجزائية نجدىا متضمنة في الدستور‪ .‬مثؿ قاعدة عدـ جواز القبض عمى األشخاص إال طبقا‬
‫ألحكاـ القوانيف وحؽ الدفاع‪ ...‬وغيرىا‪.‬‬

‫الفصل األول‪:‬النظرية العامة لمدولة‪.‬‬

‫يعتبر موضوع الدولة مف الموضوعات الصعبة والمعقدة‪ ،‬والتي اىتمت بيا جميع العموـ‬
‫اإلنسانية تقريبا‪ ،‬سواء قديما أو حديتا‪.‬وتناوليا المفكروف بالبحث والتحميؿ مف مختمؼ الزوايا‬
‫واالختصاصات لمحاولة فيميا واإلحاطة بكؿ ما يتعمؽ بيا‪.‬والنظرية العامة لمدولة مف وجية‬

‫‪-‬األميف شريط‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.14‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪12‬‬
‫نظر القانوف الدستوري‪ ،‬تعتبر موضوعو األساسي والرئيسي‪،‬لذلؾ سوؼ نحاوؿ مف خالؿ‬
‫ىذا المحور اإلجابة عف مجموعة مف األسئمة‪،‬والتي تثمتؿ عمى الخصوص في‪:‬كيؼ نشأت‬
‫الدولة ولماذا؟ ما ىي مكوناتيا وعناصرىا؟ وما ىي أشكاليا؟‬

‫المبحث األول‪:‬أصل نشأة الدولة‪:‬‬

‫قدـ المفكروف و الفقياء عدة نظريات لتفسير و إيضاح أصؿ نشأة الدولة‪ ،‬وىـ‬
‫يقصدوف بذلؾ تحديد العامؿ أو العوامؿ األقوى والحاسمة في نشأة الدولة‪.‬وسوؼ نبيف فيما‬
‫‪1‬‬
‫يمي أىـ ىذه النظريات ‪.‬‬

‫المطمب األول ـ النظريات غير العقدية‪:‬‬

‫والتي يمكف أف نميز مف خالليا ‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ النظريات الدينية‪ ( :‬التيو قراطية)‪: 2‬ترجع ىذه النظريات أصؿ نشأة الدولة وأساس‬
‫الحكـ فييا إلى إرادة اإللو‪ .‬الشيء الذي يترتب عنو كنتيجة أساسية تقديس واحتراـ الدولة‬
‫والحكاـ واإلقرار بسمطتيـ المطمقة فييا‪.‬‬

‫حيث أف ظيور الدولة مرجعيا إلى اهلل‪ ،‬فيي حؽ مف الحقوؽ التي يستأثر بيا يمنحيا لمف‬
‫يشاء ومف ثـ فإف الحاكـ يستمد سمطتو مف اهلل‪ ،‬مما يجعؿ إرادتو تسمو وتعمو عمى إرادة المحكوميف‬
‫بفعؿ الصفات التي تميزه والتي جعمتو يفوز بالسمطة دوف غيره مف أبناء مجتمعو ولقد لعبت ىذه‬
‫النظريات دو ار كبي ار خاصة في العصور القديمة بدءا مف العصر المسيحي والقروف الوسطى‪ ،‬بؿ أف‬

‫‪-‬محمد رفعت عبد الوىاب‪ ،‬األنظمة السياسية‪،‬منشورات الحمبي الحقوقية‪،‬بيروت لبناف‪، 2117،‬ص‪.34‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ 2‬ػ التيو قراطية بضـ الياء تعني حكـ الكينة أو الحكومة الدينية ‪ ،‬و التي يعود أصميا إلى المغة اليونانية ‪ :‬تيو ويقصد بيا‬
‫الديف و قراط تعني الحكـ ‪ ،‬فيي نظاـ حكـ يستمد الحاكـ فيو سمطتو مباشرة مف اإللو‪ ،‬حيث تكوف الطبقة الحاكمة مف‬
‫الكينة و رجاؿ الديف الذيف يعتبروف موجييف مف قبؿ اإللو ‪.‬‬
‫‪13‬‬
‫آثارىا لـ تختفي إال في بداية القرف العشريف‪ ،‬ذلؾ عندما كاف اإلنساف يعتقد بخضوع ىذا العالـ لقوى‬
‫‪1‬‬
‫غيبية يصعب تفسيرىا وىو ما يجعمو يسمـ بالقداسة التي أضفاىا الحكاـ عمى أنفسيـ‪.‬‬
‫بمعنى أف ىذه النظرية تعطي لمدولة أساسا الىوتيا‪ ،‬وىو وجود قدرة عميا فوؽ إرادة‬
‫البشر‪،‬مما يمكف لمحاكـ االستبداد و فرض آرائو‪ 2.‬لكف التفسير الديني لمدولة اختمؼ عمى‬
‫ثالثة نظريات تدرجت بحسب تقدـ الفكر البشري ‪.‬األوؿ ىي نظرية تأليو الحكاـ ‪ ،‬الثانية ىي‬
‫نظرية التفويض اإلليي المباشر ‪،‬ثـ نظرية التفويض اإلليي غير المباشر والتي سوؼ‬
‫‪3‬‬
‫نتناوليـ فيما يمي ‪:‬‬

‫أـ نظرية تأليو الحكام ‪:‬ترى ىذه النظرية أف أصؿ نشأة الدولة مرده إلى الطبيعة اإلليية التي‬
‫يتمتع بيا الحاكـ‪،‬فيدا األخير ىو اهلل ذاتو عمى األرض‪ .4‬وبالتالي فإف الطبيعة التي تربط‬
‫الشعب بالحاكـ ليست عالقة سياسية‪ ،‬بؿ ىي عالقة روحية دينية‪ ،‬ال تستمزـ خضوع الرعية‬
‫لمحاكـ بؿ عبادتو أيضا‪ .‬وقد كانت فكرة تأليو الحكاـ مستساغة ومنتشرة في عديد مف‬
‫الحضارات أبرزىا الحضارة المصرية القديمة‪ ،‬وىو ما جاء في القرآف الكريـ في عدد مف‬
‫اآليات الكريمة ‪ 5.‬ولـ يكف المصريوف ىـ الشعب الوحيد الذي عبد حاكمو‪ ،‬بؿ كذلؾ في‬
‫‪6‬‬
‫الفرس والصيف واليند والروماف ‪.‬‬

‫‪ -‬معيفي لعزيز‪،‬محاضرات في القانوف الدستوري‪ ،‬جامعة عبد الرحماف ميرة‪ ،‬بجاية‪ ،‬كمية الحقوؽ والعموـ السياسية‪ ،‬السنة‬ ‫‪1‬‬

‫الجامعية‪،2117/2116‬ص‪.13‬‬
‫‪ -‬فوزي أوصديؽ‪،‬الوافي في شرح القانوف الدستوري الجزائري‪ ،‬الجزء األوؿ نظرية الدولة‪ ،‬ديواف المطبوعات الجامعية‬ ‫‪2‬‬

‫‪،‬الطبعة األولى الجزائر ‪،1993‬ص ‪.18‬‬


‫‪3‬ػ صايش عبد المالؾ‪،‬محاضرات في القانوف الدستوري السنة األولى حقوؽ‪،‬جامعة عبد الرحماف ميرة بجاية‪،‬كمية الحقوؽ و‬
‫العموـ السياسية‪،‬السنة الجامعية ‪،2115/2114‬ص ‪.15‬‬
‫‪-‬محمد رفعت عبد الوىاب‪،‬األنظمة السياسية‪،‬منشو ارت الحمبي الحقوقية‪،2117،‬بيروت لبناف‪،‬ص‪.21‬‬ ‫‪4‬‬

‫تعد ىذه النظرية أكثر النظريات التيو قراطية تطرفا و مغاالة‪،‬الدعائيا بالطبيعة اإلليية لمحاكـ نفسو‪.‬‬
‫‪ -‬سورة النازعات ‪ ،‬اآلية ‪.24‬سورة القصص ‪ ،‬اآلية ‪. 38‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪ -‬تعتبر الياباف آخر البمداف التي قدست حكاميا إلى درجة التأليو و ذلؾ إلى غاية نياية الحرب العالمية الثانية ‪.‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪14‬‬
‫ب ػ نظرية التفويض اإلليي المباشر‪ :‬ظيرت ىذه النظرية مع البوادر األولى لممسيحية‬
‫واستعممت بحدة في القرنييف ‪ 17‬والقرف ‪ 18‬لتبرير سمطاف الحكـ المطمؽ‪ ،‬إذ تعتبر أف الممؾ‬
‫ىو مف البشر استمد سمطتو مف اهلل دوف تدخؿ إرادات أخرى ‪،‬أو باألحرى فالسمطة المدنية‬
‫لمحاكـ الزمني الذي اصطفاه اهلل باعتباره وزيره في أرضو‪ :‬أعط ما لقيصر لقيصر وما هلل هلل‬
‫‪ 1".‬أي أف ىده النظرية ترى أف الحاكـ ليس إليا حتى تثبت لو العبودية‪ ،‬ولكف تثبت لو‬
‫الطاعة ألنو مختار مف اهلل بشكؿ مباشر‪ ،‬فيو خميفة اهلل في األرض‪ .‬وبالتالي فمخالفة‬
‫الحاكـ تعني معصية اهلل‪.‬و تميز ىذه النظرية بيف نوعيف مف السمطة ىي السمطة الدينية‬
‫والسمطة الزمنية‪ ،‬واهلل يمنح سيؼ السمطة الزمنية لمحاكـ‪ .‬وسيؼ السمطة الدينية لمبابا‪.‬‬

‫ج ـ نظرية التفويض اإلليي غير المباشر‪ :‬تتفؽ ىذه النظرية مع سابقتيا في أف الحاكـ‬
‫مفوض مف اهلل وىو خميفة اهلل في األرض‪ ،‬لكنيا ترفض التفويض اإلليي المباشر‪،‬ألف البشر‬
‫ىـ الديف يختاروف الحكاـ بتفويض وبعناية مف اهلل الذي يوجو تصرفات واختيار الناس‬
‫لمحاكـ‪ ،‬وبالتالي يتـ ىذا االختيار بطريقة غير مباشرة‪ .‬أي أف اهلل يجعؿ األحداث تتسمسؿ‬
‫في نسؽ معيف تؤدي إلى وصوؿ مف تختاره العناية اإلليية لمحكـ‪ ،‬بعد أف يزكيو البابا‪.‬‬
‫بمعنى أف اهلل يمنح سيفي السمطة الزمنية والدينية لمبابا‪ ،‬وأف ىذا األخير يمنح السيؼ األوؿ‬
‫‪2‬‬
‫لمحاكـ‪.‬‬

‫ـ نقد النظريات الدينية‪ :‬ال شؾ أف ىذه النظريات تنبع مف أساس ديني تيوقراطي يربط أصؿ نشأة‬
‫الدولة باإلرادة اإلليية‪ ،‬وىذا الطرح ال يعدو أف يكوف تفكي ار كالسيكيا يربط جؿ الظواىر بتفسيرات‬
‫غيبية يرفضيا العمـ الحديث‪ ،‬ثـ إنيا جميعيا تتفؽ عمى أف الحالـ غير مسؤوؿ أماـ الشعب‪ ،‬وعميو‬
‫فمف الراجح أف يكوف اليدؼ مف ىذه النظريات ىو جعؿ الحكاـ يتنصموف مف مسؤولياتيـ‪ ،‬الشيء‬

‫‪ -‬فوزي أوصديؽ ‪ ،‬الوافي في شرح القانوف الدستوري ‪ ،‬ديواف المطبوعات الجامعية ‪ ،‬الطبعة ‪ ،1993/1‬ص‪.19،‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬صايش غبد اهلل ‪ ،‬المرجع السابؽ ‪ ،‬ص ‪.17‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪15‬‬
‫الذي يتنافى مع طبيعة األنظمة الحديثة القائمة عمى أساس ديمقراطي يتحمؿ فيو ممثموا الشعب‬
‫تبعات أعماليـ‪.1‬‬

‫‪ 2‬ـ نظريات القوة و الغمبة‪ :‬يرى أصحاب ىذه النظرية أف الدولة ىي وليدة وصنع القوة‬
‫والعنؼ‪ ،‬فيي تقوـ عمى أساس حؽ األقوى‪ ،‬وأف أقدـ القوانيف التي يخضع ليا العالـ ىو‬
‫قانوف األقوى وسيطرتو عمى الضعيؼ‪ 2.‬بمعنى أف ىذه النظرية ترجع أصؿ الدولة إلى القوة‬
‫أو الصراع بيف الجماعات‪ ،‬حيث كانت الجماعات األولية تعيش في صراع مستمر مع‬
‫بعضيا‪ ،‬وقد نتج عف ىذا الصراع انتصار جماعة منيـ عمى غيرىا مف الجماعات‪ .‬أي‬
‫أصبح ىناؾ غالب يفرض إرادتو عمى المغموب‪ ،‬ويمد سمطانو عمى إقميـ معيف‪ ،‬و بذلؾ‬
‫وجدت الدولة‪ 3.‬ولقد كاف أقطاب النظرية القدامى يروف أف قوة المنتصر في ىذا الصراع‬
‫تمثمت في القوة المادية واالنتصار الحربي الحاسـ في ميداف المعركة غير أف أنصار النظرية‬
‫المحدثيف يعتقدوف أف االنتصار في الصراع ال يعتمد عمى القوة المادية وحدىا‪ ،‬وانما يستند‬
‫كذلؾ إلى حكمة المنتصر وحنكتو ودىائو السياسي‪ 4.‬ولقد تمحورت ىذه النظريات في ثالثة‬
‫اتجاىات ىي كالتالي‪:‬‬

‫أ ـ نظرية ابن خمدون‪ :‬يرى ابف خمدوف أف اإلنساف اجتماعي بطبعو‪ ،‬وال يستطيع أف يعيش‬
‫بمعزؿ عف الجماعة‪ ،‬وأف كؿ جماعة يفترض أف تكوف خاضعة لسمطاف معيف‪.‬‬

‫حيث يرى ابف خمدوف بأف الدولة ال تقوـ إال عمى أسس وعوامؿ ضرورية وخصائص معينة‪،‬‬
‫فبالنسبة ألسس قياـ الدولة في نظره تتمثؿ في حاجة اإلنساف لسد حاجتو الغذائية واألمنية باإلضافة‬
‫إلى حاجة الجماعة لتأميف القوة الضرورية لرد الظمـ والعدواف المصاحب لإلنساف ألف عدـ تقييد‬

‫‪ -‬معيفي لعزيز‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.15‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬محمد رفعت عبد الوىاب ‪ ،‬المرجع السابؽ ‪،‬ص ‪.34‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬فوزي أوصديؽ ‪ ،‬المرجع السابؽ ‪ ،‬ص ‪. 21‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ -‬مولود ديداف ‪ ،‬المرجع السابؽ ‪ ،‬ص ‪.21‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪16‬‬
‫نزعاتو العدوانية يؤدي حتما إلى سيادة حالة الفوضى واالضطراب التي قد تؤدي إلى القضاء عمى‬
‫النوع البشري‪ ،‬ولف يتأتى ذلؾ إال إذا وجد نظاـ قوي يفرض نفسو بالقوة‪.1‬‬
‫أما العوامؿ التي تساعد غي قياـ الدولة حسب ابف خمدوف فيفسرىا في ثالثة عوامؿ ىي‪:‬‬
‫‪ -‬العصبية‪ :‬التي يعني بيا الشعور باالنتماء المشترؾ لمجماعة‪،‬والتي تعتبر األسرة ىي‬
‫منشئيا التي تطورت لتصبح عشيرة ثـ قبيمة‪،‬لكنيا احتفظت بإحساسيا باالنتماء لنفس‬
‫الجماعة‪.‬‬
‫‪ -‬الزعامة‪ :‬التي تعني بروز شخص قادر عمى فرض نفسو عمى الجماعة واخضاع أفرادىا‬
‫إلرادتو بالقوة والقير معتمدا عمى العصبية‪ .‬فابف خمدوف يرى أف الرئاسة بالغمب والغمب‬
‫بالعصبية‪.‬‬

‫‪ -‬العقيدة‪ :‬فيقصد بيا مجموعة األخالؽ والصفات الحميدة التي يجب أف يتمتع بيا الزعيـ‬
‫‪2‬‬
‫حتى يمتؼ أفراد المجتمع حولو‪.‬‬

‫ب ـ نظرية التضامن االجتماعي‪ :‬دعى إلييا الفقيو ليوف دوجي‪ ،‬الذي يرى أف الدولة ما ىي‬
‫إال نتاج وحدة اجتماعية تحكـ عالقة قائمة بيف حاكـ قوي ومحكوـ ضعيؼ‪ ،‬حاكـ يفرض‬
‫أوامره بالقوة و اإلكراه‪ ،‬ومحكوـ ممزـ بطاعة الحاكـ‪ ،‬كما يرى ليوف دوجي أف الدولة ما ىي‬
‫إال نتيجة ألربعة عوامؿ أساسية ىي‪:‬‬

‫ػ تنشأ الدولة مف مجموعة بشرية تنقسـ إلى حكاـ ومحكوميف الذي يكوف نتيجة لقوة مادية‬
‫أساسا‪ ،‬كما تدخؿ أيضا عوامؿ أخرى قد تكوف دينية أو أخالقية أواقتصادية‪ ،‬وحنكة سياسية‬
‫‪3‬‬
‫‪.‬‬

‫‪ -‬معيفي لعزيز‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.15‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬األميف شريط ‪،‬الوجيز في القانوف الدستوري و المؤسسات السياسية المقارنة‪،‬ديواف المطبوعات الجامعية‪،‬الطبعة ‪17‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪،‬الجزائر‪،2111‬ص‪.35‬‬
‫ػ فوزي أوصديؽ‪ ،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.25‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪17‬‬
‫ػ وكمرحمة ثانية انقسمت ىذه المجموعة عمى نفسيا بطريقة وزعت فيما بينيا الوظائؼ لتسييؿ‬
‫تحقيؽ أىدافيا‪ ،‬فساىـ ذلؾ في ظيور السمطات الثالثة في الدولة أي أف الدولة تنشأ عندما يكوف‬
‫ىناؾ تمايز سياسي‪،‬أي طبقة حاكمة وأخرى محكومة ‪.‬‬
‫ػ جوىر الدولة ىوا لسمطة‪ ،‬وبدوف السمطة ال وجود لمدولة‪ .‬وىذه السمطة ىي سمطة جبرية أي‬
‫سمطة األمر داخؿ الجماعة‪ .‬حيث أف ىذه الجماعة اكتسبت قوة اإلكراه التي تسمح ليا بفرض‬
‫رأييا عمى بقية أفراد المجتمع‪.‬‬

‫‪ -‬لكف ىذه العوامؿ ما كانت لتنجح في تشكيؿ الدولة لوال وجود العنصر األخير والمتمثؿ في‬
‫التضامف االجتماعي‪ ،‬والذي يعني تقبؿ المجتمع ليذه الجماعة والتفافيـ حوليا لتحقيؽ وظيفتيا‬
‫لعمميـ بأنيا أفضؿ وسيمة ‪.‬يحقؽ ليـ التنظيـ‪ ،‬مما يجعؿ التضامف االجتماعي ىو العنصر‬
‫‪1‬‬
‫األساسي في نشوء الدولة‪.‬‬

‫‪ -‬فالعامؿ األساسي عند دوجي ىو التضامف االجتماعي الذي يجب أف يسمو فوؽ شدة‬
‫األقوياء وضعؼ الضعفاء‪،‬وفوؽ الفوارؽ االجتماعية الشيء الذي يفسر بقاء الدولة‬
‫واستمرارىا‪.‬بمعنى أنيا تفترض قياـ تضامف اجتماعي سامي عمى كؿ الخالفات الموجودة‬
‫بيف الطبقات‪ ،‬و أف ال فوارؽ االجتماعية ميما تضاعفت وتسمطت معيا الطبقة الحاكمة‪ ،‬فإف‬
‫الطبقة المحكومة تبقى مقيدة بفكرة التضامف االجتماعي‪.‬‬

‫ج ـ النظرية الماركسية ‪ :‬ترى النظرية الماركسية أف الدولة ىي نتاج الصراع الطبقي بيف الفئة‬
‫المالكة والفئة غير المالكة التي ظيرأثنائيا النظاـ العبودي أيف استطاع المالؾ تممؾ البشر‬
‫وتسخيرىـ‪ .‬وألف فئة العبيد لـ تستطع تحمؿ القير الذي عانت منو قامت بثورة انيار عمى إثرىا‬
‫النظاـ العبودي وحؿ محمو النظاـ اإلقطاعي الذي يتشكؿ مف فئتي األسياد والعبيد لكف الفئة‬
‫البورجوازية كانت تدرؾ أف العماؿ سيقوموف بثورة عمييا وعميو قامت بإنشاء كياف يحمي مصالحيا‬

‫‪ -‬صايش عبد الرحماف‪،‬المرجع السابؽ ‪،‬ص‪.11‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪18‬‬
‫وىي الدولة‪ ،‬وىكذا تربط الماركسية بيف الدولة والمصالح االقتصادية وتفسر القانوف عمى انو تعبير‬
‫‪1‬‬
‫عف إرادة البورجوازية إلخضاع البروليتارية واإلبقاء عمى سيطرتيـ عمييا‪.‬‬

‫ػ إف الواقع في العصر الحديث يكذب الكثير مف مزاعـ ىذه النظرية ‪،‬فالدوافع المادية لـ‬
‫تتحكـ وحدىا في حركة وسيرورة التاريخ ‪،‬ضؼ إلى ذلؾ أنو إذا كانت النظرية الماركسية‬
‫ترى بأف أساس الدولة ىو العامؿ االقتصادي ‪،‬فإف التاريخ يفند ىذا الزعـ ويؤكد بأف ىناؾ‬
‫‪2‬‬
‫عوامؿ أخرى لنشأة الدولة ‪.‬‬

‫المطمب الثاني‪:‬النظريات العقدية‪:‬‬

‫ىذه النظرية قديمة‪ ،‬استغميا رجاؿ الديف والبروتستانت في القرف ‪ 66‬لتقييد سمطات‬
‫المموؾ المطمقة‪ ،‬غير أف ىذه النظرية لـ تتضح ليا المعالـ بصورة واضحة ولـ تحتؿ ىذه‬
‫المكانة الخاصة في الفكر السياسي إال في القرنييف ‪ 17‬و ‪ 18‬ـ‪ ،‬عمى يد بعض مف المفكريف‬
‫‪3‬‬
‫في أوربا وأبرزىـ االنجميزياف ىوبز ولوؾ ثـ في القرف ‪ 19‬عمى يد الفرنسي جوف جاؾ روسو‪.‬‬

‫لقد اتفؽ ىؤالء المفكروف في نظرياتيـ حوؿ األثر التعاقدي لمدولة أي قياميا عمى فكرة‬
‫العقد‪ ،‬وأف األفراد قد انتقموا مف الحياة البدائية التي كانوا يعيشوا فييا إلى حياة الجماعة‬
‫السياسية المنظمة بموجب العقد لكف اختمفوا فيما بينيـ حوؿ حالة الفطرة السابقة عمى العقد‪،‬‬
‫‪4‬‬
‫وعمى تحديد أطراؼ العقد وبالتالي النتائج المترتبة عمى عممية التعاقد‪.‬‬

‫‪ -‬عبد الغني بسيوني ‪ ،‬النظـ السياسية والقانوف الدستوري‪ ،‬الدولة ‪-‬الحكومة ‪-‬الحقوؽ والحريات العامة ‪ ،‬منشأة المعارؼ‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫اإلسكندرية‪ ، 1998 ،‬ص‪ ، 5‬معيفي لعزيز‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.18‬‬


‫‪ -‬فوزي أوصديؽ‪ ،‬الوسيط في النظـ السياسية و القانوف الدستوري‪،‬القسـ األوؿ النظرية العامة لمدولة‪ ،‬دار الكتاب الحديث‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪2009‬الجزائر‪،‬ص‪.34‬‬
‫‪-‬فوزي أوصديؽ‪،‬المرجع نفسو‪،‬ص ‪.31‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ -‬محمد رفعت عبد الوىاب ‪،‬المرجع السابؽ ‪،‬ص ‪.36‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪19‬‬
‫‪ 1‬ـ نظرية العقد عن توماس ىوبز ‪ :‬جاءت ىذه النظرية لتبرير سمطة الممؾ إذ أف ىوبز‬
‫كاف مف مؤيدي العرش الحاكـ‪ 1‬والذي ينظر لمعقد عمى أنو‪:‬‬

‫أ‪ -‬المجتمع قبؿ العقد‪ :‬مجتمع فوضوي يغمب عميو قانوف الغاب واألنانية والطمع وحب‬
‫النفس لذلؾ أحس األفراد بضرورة إقامة مجتمع منظـ يخضعوف لو يحكميـ فيو حاكـ يوفر‬
‫‪2‬‬
‫ب‪ -‬أطراؼ العقد‪ :‬ىـ أفراد المجتمع الذيف يتنازلوف عف حقوقيـ‬ ‫ليـ االستقرار واألماف‪.‬‬
‫لمحاكـ الذي لـ يكف طرفا في العقد ‪ .‬ج‪ -‬آثار العقد ‪ :‬البد عمى األفراد أف يتنازلوا عف‬
‫جميع حقوقيـ لتفادي االختالؼ والتناحر التي يشرؼ عمييا الحاكـ الذي لو السمطة المطمقة‬
‫دوف أف يكوف مسؤوال أو ممتزما نحوىـ بأي شيء ألنو لـ يكف طرفا في العقد‪.‬مما ينجر عنو‬
‫‪3‬‬
‫استبداد الحاكـ وبحسب ىوبز استبداد الحاكـ أفضؿ بكثير مف الفوضى السابقة‪.‬‬

‫‪ -2‬نظرية "جون لوك"‪ :‬وىو مف دعاة تقييد سمطة الحكاـ والبد مف احتراـ الحريات الفردية‬
‫وتتمخص النظرية في ما يمي‪ :‬أ‪ -‬المجتمع قبؿ العقد‪ :‬إف اإلنساف خير بطبعو يعيش في‬
‫حالة سالـ وحرية طبيعية ومساواة تامة وفقا لمقانوف الطبيعي‪.‬إال أنو يحتاج دوما إلى النظاـ‬
‫‪4‬‬
‫السياسي الذي يضمف لو الحرية واحتراـ حقوقو والمحافظة عمى القيـ ‪.‬‬

‫ب‪ -‬أطراؼ العقد‪ :‬أعضاء العقد ىـ المجتمع مف جية والحاكـ مف جية أخرى والعقد يتـ‬
‫باتفاؽ أفراد الجماعة مع الحاكـ عمى إنشاء مجتمع سياسي منظـ بالتنازؿ عف بعض مف‬
‫حقوقيـ ‪ 5.‬ج‪-‬آثار العقد‪ :‬إف األفراد ال يتنازلوف عف كؿ حقوقيـ بؿ عف بعضيا فقط‪،‬وبما‬
‫أف الممؾ كانت طرفا في العقد فيو مسؤوؿ أماـ أفراد المجتمع وال يحؽ لو االعتداء عمى‬

‫‪-‬بف اعراب محمد‪،‬محاضرات في مادة القانوف الدستوري‪،‬جامعة محمد لميف دباغيف‪،‬كمية الحقوؽ و العموـ السياسية‪،‬ممقاة‬ ‫‪1‬‬

‫عمى طمبة السنة األولى حقوؽ ػالمجموعة ب‪،‬السنة الجامعية ‪.2121/2119‬ص ‪.18‬‬
‫‪ -‬عبد الغني بسيوني ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪56‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬محمد رفعت عبد الوىاب ‪،‬المرجع السابؽ ‪،‬ص ‪.37‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ -‬بف اعراب محمد‪،‬المرجع السابؽ‪.‬ص ‪.18‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪ -‬فوزي أوصديؽ‪ ،‬الوسيط في النظـ السياسية و القانوف الدستوري‪،‬ص‪.34‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪21‬‬
‫الحقوؽ التي لـ يتـ التنازؿ عنيا وطالما أف الحاكـ عميو التزامات محددة‪ ،‬فإذا حدث وأخؿ‬
‫بالتزاماتو العقدية‪ ،‬فإنو يحؽ لألفراد المحكوميف معارضتو ومقاومتو وأيضا يحؽ ليـ فسخ‬
‫‪1‬‬
‫العقد مع الحاكـ ‪.‬‬

‫‪ -3‬نظرية جون جاك روسو ‪:‬بالرغـ أف ىوبز و لوؾ قد سبقا جاف جاؾ روسو في فكرة‬
‫العقد االجتماعي كأساس لنشأة الدولة‪.‬إال أف أفكار روسو في كتابو "العقد االجتماعي"قد‬
‫نالت حظوة أكبر بكثير و شيرة عريضة إلى حد ربط فكرة العقد باسمو دوف اعتبار لمف‬
‫سبقوه‪.‬‬

‫أ‪ -‬المجتمع قبؿ العقد‪ :‬لـ يختمؼ جوف جاؾ روسو عف جوف لوؾ في توضيح حالة األفراد‬
‫قبؿ العقد‪ ،‬حيث أف اإلنساف خير بطبعو يعيش في حالة سالـ وحرية طبيعية ومساواة تامة‬
‫وفقا لمقانوف الطبيعي‪ .‬ب‪ -‬أطراؼ العقد‪ :‬يتفؽ األفراد عمى إنشاء نوع مف االتحاد في ما‬
‫بينيـ يحمييـ و يحمي أمالكيـ ويتمتع ىذا اإلتحاد بسمطة كؿ فرد مف أفراد المجتمع أي أف‬
‫كؿ فرد يمتزـ نحو الجماعة األخرى المتحديف وبذلؾ نجد أف الفرد يتعاقد مف زاويتيف‪ :‬مع‬
‫الشخص الع اـ باعتباره عضوا مف الجماعة ومع الجماعة باعتبارىا مف مكونات الشخص‬
‫العاـ‪ .‬ج‪ -‬آثار العقد‪ :‬يترتب عف ىذا العقد أف األفراد تنازلوا عمى جميع حقوقيـ الطبيعية‬
‫‪2‬‬
‫مقابؿ حصوليـ عمى حقوؽ مدنية يضمنيا ىذا التنظيـ ‪.‬‬

‫‪ -‬ما يمكف مالحظتو عمى ىذه النظرية أنو لـ يجتمع األفراد بالصورة المذكورة في ىذه‬
‫النظريات مما جعميا مجرد نظريات افتراضية‪ ،‬كما أنو البد مف وجود قانوف يحمي العقد‬
‫‪3‬‬
‫ويكوف سابؽ لو‪،‬وىذا يعني وجود مجتمع منظـ قبؿ وجود العقد‪.‬‬

‫‪ -‬محمد رفعت عبد الوىاب ‪،‬المرجع السابؽ ‪،‬ص ‪.41‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -2‬بف اعراب محمد‪،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.19‬‬


‫‪ -‬بف اعراب محمد‪،‬نفس المرجع‪،‬ص ‪.11‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪21‬‬
‫كما أنو ال يمكف لألفراد التنازؿ عف حقوقيـ الطبيعية‪.‬كما أنو يستحيؿ اتفاؽ جميع األطراؼ‬
‫حوؿ ىذا العقد‪.‬واستحالة ديمومة العقد‪.‬‬

‫إال أنو يبقى لنظرية العقد االجتماعي الفضؿ في تقديـ أساس ديمقراطي لقياـ السمطة والقضاء عمى‬
‫االستبداد واعتبار رضا المحكوميف أساسا لمخضوع ليذه السمطة‪ ،‬لذلؾ قيؿ أف نظرية العقد‬
‫‪1‬‬
‫االجتماعي تعتبر أكبر أكذوبة سياسية حققت النجاح‪.‬‬

‫المطمب الثالث ‪ :‬النظريات شبو العقدية‪:‬‬

‫إف العقد ىو فكرة أو مفيوـ قانوني فالقانوف ىو الذي يحدد تعريفو ومنيـ أطرافو وشروط‬
‫إبرامو وحاالت بطالنو وغير ذلؾ‪ ،‬إذا كاف القانوف ىو مف وضع الدولة فذلؾ يعني أف العقد لـ يكف‬
‫معروفا قبؿ وجود الدولة ولذلؾ ال يصح تفسير أصؿ نشأة الدولة بو‪ ،‬مما جعؿ بعض الفقياء يبحثوف‬
‫عف بديؿ لمعقد ولكف في إطار اتفاقي‪ ،‬ومنيـ جمينيؾ مف خالؿ نظرية الوحدة وموريس ىوريو‬
‫‪2‬‬
‫بنظرية السمطة المؤسسة‪.‬‬

‫‪1‬ـ نظرية الوحدة‪ :‬يرى الفقيو األلماني جمينيؾ‪:‬بأف التقاء أو تطابؽ إرادتيف يمكف أف يحدث‬
‫نوعيف مف العالقات القانونية ‪:‬العقد والفيرينباريغ‪.‬‬

‫العقد وىو توافؽ إرادتيف تريد كؿ منيا الحصوؿ عمى مصالح أو أشياء يرغب أطرافو مف خاللو‬
‫تحقيؽ مصالح مشتركة ومختمفة كتبادؿ المنافع بيف البائع والمشتري‪ ،‬كما أف العقد ينشئ وضعية‬
‫قانونية ذاتية وليست موضوعية‪.‬أما الفيرينباريغ فيو تمؾ النتيجة المحصؿ عمييا بفعؿ مشاركة‬
‫عدة إرادات مجتمعة مف أجؿ تحقيؽ ىدؼ واحد مشترؾ ىو إنشاء الدولة‪ .3‬لكف عمى ما يبدو أف‬

‫‪ -1‬صايش عبد المالؾ‪،‬المرجع السابؽ ‪،‬ص ‪.12‬‬


‫‪ -‬صايش عبد المالؾ‪،‬نفس المرجع ‪،‬ص ‪.12‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬سػعيد بوالشػعير ‪ ،‬القػانوف الدسػتوري والػنظـ السياسػية المقارنػة ‪:‬النظريػة العامػة لمدولػة والدسػتور‪ ،‬الجػزء األوؿ‪ ،‬الطبعػة العاشػرة‪،‬‬ ‫‪3‬‬

‫ديواف المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪،2119،‬ص‪.45‬‬


‫‪22‬‬
‫جمينيؾ الذي قدـ أداة لتفسير إنشاء بعض الكيانات والجمعيات أو األحزاب السياسية‪ ،‬إال أف ذلؾ ال‬
‫ينفع مع إنشاء الدولة‪.‬‬

‫‪2‬ـ نظرية السمطة المؤسسة‪ :‬يتزعـ ىذه النظرية الفقيو الفرنسي موريس ىوريو الذي يرى بأف‬
‫الدولة ما ىو إال جياز اجتماعي مترابط يتشكؿ مف مجموعة مف الحكاـ والمحكوميف‪ ،‬ييدؼ إلى‬
‫‪1‬‬
‫تحقيؽ النظاـ االجتماعي والسياسي وأنو نشأ عمى مرحمتيف‪:‬‬

‫فالمرحمة األولى كانت فيو الدولة مجرد مشروع أو فكرة صاغيا مجموعة مف األفراد الذيف يمثموف‬
‫النخبة في المجتمع‪ ،‬أما المرحمة الثانية فيتـ خالليا عرض ىذا المشروع عمى باقي أفراد المجتمع‬
‫ودعوتيـ لتحقيقو‪ ،‬وبالتالي فإف النخبة التي تصوغ الفكرة األولية لمدولة ىي السمطة المؤسسة ثـ‬
‫‪2‬‬
‫ينخرط فييا الشعب لتجسيدىا إذا وافؽ عمى الفكرة‪.‬‬

‫واضافة إلى ىذه النظريات توجد مجموعة أخرى مف النظريات وتبقى نظرية التطور التاريخي ىي‬
‫األقرب واألرجح ألف أنصارىا يروف أف نشأت الدولة كاف نتيجة تفاعؿ مجموعة مف العوامؿ عمى‬
‫مر التاريخ منيا العوامؿ الدينية واالجتماعية واالقتصادية والثقافية وقد يكوف عامؿ واحد كافي‬
‫‪3‬‬
‫إلنشائيا كما قد يكوف ذلؾ بتضافر جممة منيا‪.‬‬

‫‪ -1‬بف اعراب محمد‪،‬المرجع السابؽ‪.‬ص ‪.17‬‬


‫‪ -‬فوزي أو صديؽ‪ ،‬المرجع السابؽ ‪ ،‬ص‪. 62.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬سعيد بوالشعير‪ ،‬المرجع السابؽ ‪،‬ص‪.52‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪23‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬أركان الدولة‪.‬‬

‫اختمؼ فقياء القانوف الدستوري في تعريؼ الدولة‪،‬و نظ ار لصعوبة األمر انتيى غالبية‬
‫الفقو إلى االتفاؽ حوؿ تعريؼ يجمع األركاف األساسية التي البد مف توافرىا لقياـ‬
‫الدولة‪.‬وطبقا ليذا التعريؼ األخير فالدولة ىي ‪":‬مجموعة مف األفراد تسمى الشعب‪،‬تستقر‬
‫‪1‬‬
‫عمى إقميـ معيف‪،‬و ليا سمطة سياسية حاكمة تممؾ فرض أوامرىا عمى األفراد المحكوميف‪.‬‬
‫كما تعرؼ عمى أنيا؛ جماعة مف األفراد مقيمة عمى رقعة جغرافية معينة بصفة دائمة ومستقرة تكوف‬
‫‪2‬‬
‫خاضعة لسمطة سياسية عميا ذات سيادة‪".‬‬

‫وبناءا عمى ىذا التعريؼ نجد أف ىناؾ إجماع في أف الدولة حتى تنشأ و تتأسس مف الناحية‬
‫القانونية يجب أف تتوافر فييا ثالثة عناصر منشئة تتمثؿ في الشعب‪ ،‬اإلقميـ‪ ،‬السمطة السياسية‪.‬‬
‫ىذه األخيرة ىي الدعائـ األساسية التي ال تقوـ الدولة إال عمييا‪ ،‬واذا غاب أحدىا ينتج عف ذلؾ‬
‫‪3‬‬
‫زواليا بالضرورة‪.‬‬

‫المطمب األول‪:‬الشعب‪:‬‬

‫تذىب غالبية الفقو إلى أف الركف األوؿ ألي دولة ىو وجود "جماعة مف الناس"‪ .4‬وال‬
‫يشترط عدد معيف كحد أدنى مف األفراد لقياـ الدولة‪ .‬فقد يقؿ العدد عف بضعة آالؼ (كإمارة‬

‫ػ محمد رفعت عبد الوىاب ‪،‬المرجع السابؽ ‪ ،‬ص‪.24‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬سعيد بوشعير سعيد‪ ،‬المرجع السابؽ‪،‬ص‪.56‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬صايش عبد المالؾ‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص‪.13‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪-‬حسف مصطفى البحري‪،‬النظـ السياسية‪ ،‬دوف دار النشر‪ ،‬دوف مكاف النشر ‪ ،‬دوف سنة النشر ‪ ،‬ص‪.06‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪24‬‬
‫موناكو‪،‬وأندورا‪ ،‬وبعض الدوؿ العربية)‪ .‬وقد يزيد العدد فيتجاوز عدة مئات مف المالييف (‬
‫‪1‬‬
‫كاليند والصيف )‪.‬‬

‫فالشعب بتعبير بسيط ىو مجموعة مف األفراد يعيشوف في حيز جغرافي معيف ويخضعوف‬
‫لسمطة سياسية تتكفؿ بتنظيميـ‪ .‬وىو بيذا المفيوـ يتراوح بيف المفيوـ الواسع والذي يسمى‬
‫‪2‬‬
‫بالمفيوـ االجتماعي والمفيوـ الضيؽ الذي يسمى بالمفيوـ السياسي‪.‬‬

‫فالشعب بمفيومو االجتماعي يقصد بو مجموعة مف األفراد الخاضعيف لسمطة الدولة والمتمتعيف‬
‫بجنسيتيا دوف األخذ بعيف االعتبار سنيـ‪ ،‬أصميـ‪ ،‬جنسيـ‪ ،‬مستواىـ المالي والثقافي‪ ،‬حالتيـ‬
‫‪3‬‬
‫العقمية وكذا مدى قدرتيـ عمى إجراء التصرفات القانوني ومباشرة األعماؿ السياسية‪.‬‬

‫وعميو فإف المفيوـ االجتماعي ال ينظر إلى سف األفراد ومدى قدرتيـ عمى اإلتياف بالتصرفات‬
‫القانونية ومباشرة األعماؿ السياسية‪ ،‬بؿ يكفي أف تتوافر في الشخص أىمية الوجوب وأف يرتبط‬
‫‪4‬‬
‫بالدولة بعالقة الجنسية‪.‬‬

‫‪ -‬ما يمكف مالحظتو أف كثرة عدد أفراد الشعب ‪ ،‬تكوف عامالً في زيادة قوة الدوؿ ونماء إنتاجيا وثروتيا وبسط سمطانيا‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،‬كما إف الجماعة السياسية في العصر الحديث إف قؿ عدد سكانيا إلى حد كبير فإنيا ال تمثؿ الثقؿ السياسي الذي تمثمو‬
‫الدولة ‪ ،‬رغـ توافر عناصرىا القانونية ‪.‬‬
‫‪ -‬صايش عبد المالؾ‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص‪.14‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬بوك ار إدريس‪ ،‬الوجيز في القانوف الدستوري والمؤسسات الدستورية‪ ،‬دار الكتاب الحديث‪ ،‬القاىرة ‪ ، 2112 ،‬ص‪. 6‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ -‬والجنسية ىي اآللية التي ينتسب بيا األفراد إلى دوليـ والتي يحصموف عمييا بشكؿ تمقائي إما عمى أساس رابطة الدـ‪ ،‬بأف يحمؿ‬ ‫‪4‬‬

‫الولد جنسية والديو أو أحدىما‪ ،‬أو بناء عمى حؽ اإلقميـ فتمنح لكؿ شخص جنسية البمد الذي ولد في إقميمو أو أحد لواحقو‪ ،‬وفي كمتا‬
‫الحالتيف تكوف الجنسية أصمية ‪ .‬والى جانب الجنسية األصمية يوجد نوع أخر وىو الجنسية المكتسبة‪ ،‬والتي تعطى ألشخاص كانوا‬
‫يحمموف جنسية أو لـ تكف ليـ جنسية معروفة‪ ،‬وىنا إما أف يكوف سبب المنح سياسيا كحالة مف يقدـ خدمات جميمة لدولة ما‪ ،‬أو لسبب‬
‫عائمي كعالقة الزوجية‪ ،‬فيحؽ ألحد الزوجيف طمب جنسية زوجو ولالبف طمب‬
‫جنسية والده‪ ،‬أو بسبب اإلقامة في إقميـ بمد ما لمدة زمنية يحددىا قانونو أو ألسباب اقتصادية كحاؿ رجاؿ األعماؿ مثال‪ ،‬وعميو فإف‬
‫المفيوـ االجتماعي ال ينظر إلى سف األفراد ومدى قدرتيـ عمى اإلتياف بالتصرفات القانونية ومباشرة األعماؿ السياسية‪ ،‬بؿ يكفي أف‬
‫تتوافر في الشخص أىمية الوجوب وأف يرتبط بالدولة بعالقة الجنسية‪.‬‬
‫‪25‬‬
‫أما الشعب بالمفيوم السياسي ىـ مجموعة األشخاص الذيف يباشروف الحقوؽ السياسية في‬
‫الدولة‪ ،‬أو بمعنى أخر ىـ الذيف يممكوف الحؽ في االنتخاب والترشح‪ ،‬مما يدؿ أف ال يكفي أف يتمتع‬
‫‪1‬‬
‫الشخص بجنسية الدولة ليصبح مف شعبيا بؿ يجب أف تثبت لو الحقوؽ السياسية ‪.‬‬
‫أما سكان الدولة فيقصد بو مجموع األفراد المقيميف عمى إقميـ الدولة سواء كانوا مف شعبيا‬
‫(االجتماعي أو السياسي)أومف األجانب الذيف ال تربطيـ بالدولة رابطة الوالء‪ ،‬حيث ال‬
‫‪2‬‬
‫ينتسبوف إلى جنسيتيا ‪،‬وانما تربطيـ فقط بالدولة رابطة إقامة ‪.‬‬
‫وتبعا لما سبؽ يتضح أف مدلوؿ السكاف أوسع مدى مف مدلوؿ الشعب االجتماعي وىذا‬
‫األخير أوسع مف مدلوؿ الشعب السياسي‪.‬‬
‫الفرق بين الشعب و األمة‪:‬تجري العادة في لغة الكالـ و حتى في كتب الفقياء عمى المزج‬
‫والخمط بيف الشعب واألمة واعتبارىما مترادفيف‪.‬وىذا صحيح في حاالت كثيرة حيث يمثؿ‬
‫الشعب أمة متجانسة مترابطة ذات خصائص ثقافية و حضارية واحدة‪ .‬و لكف ىذا ال يحدث‬
‫دائما‪،‬لذلؾ يجب التفرقة بيف الشعب واألمة مف الناحية العممية‪ .3‬كما أف مفيوـ الشعب مرتبط‬
‫حصريا بعالقة الجنسية‪ ،‬والمالحظ أف ىذه األخيرة تجد مصدرىا في المغة‬
‫الفرنسية(‪ )Nationalité‬في األمة(‪ )Nation‬وليس في الشعب وىذا إف دؿ عمى شيء فإنما‬
‫يدؿ عمى درجة التداخؿ الموجود بيف االصطالحيف‪ 4.‬وعميو فإف االختالؼ بينيما يتمثؿ في‪:‬‬
‫‪ -‬إف الشعب يعني مجموعة األفراد الذيف يقطنوف بصفة مستقرة إقميما معينا ويخضعوف‬
‫لنظاـ سياسي معيف‪ .‬أي إنو ركف مف أركاف الدولة باعتباره مكونا لمعنصر البشري فييا‪ .‬ولذا‬

‫‪ -‬معيفي لعزيز‪،‬المرجع السابؽ ‪،‬ص‪.11‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬صايش عبد المالؾ‪ ،‬المرجع السابؽ ‪،‬ص‪.16‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -3‬محمد رفعت عبد الوىاب ‪،‬المرجع السابؽ ‪،‬ص‪.26‬‬


‫‪ -‬وتجدر اإلشارة إلى أف استعماؿ اصطمح األمة قد بدأ مع قياـ الجميورية الفرنسية األولى حيث أف إعالف الحقوؽ والمواطف‬ ‫‪4‬‬

‫الفرنس ي لعاـ ‪ 1789‬حيث جعؿ األمة ىي مصدر كؿ سيادة ‪ ،‬لكف مف الناحية القانونية ال يوجد ما يربط بيف أفراد األمة عمى عكس‬
‫الشعب‪ ،‬وأكثر مف ذلؾ فاألمة يمكف أف تتأسس مف مجموعة مف األفراد الذيف ينتموف إلى دوؿ عديدة كاألمازيغ واألكراد واألمة‬
‫العربية‪ ،‬وقد يحدث العكس بأف تتشكؿ الدولة مف مجموعة مف األمـ واألجناس كاالتحاد السوفياتي سابقا‪.‬‬
‫‪26‬‬
‫يرتبط بالدولة وجودا وعدما‪ .‬واألمة جماعة بشرية تجمعيا روابط كوحدة األصؿ والمغة والديف‬
‫والتاريخ المشترؾ وغيرىا مف الروابط التي تجعؿ منيا وحدة ليا كيانيا الذي يميزىا ويولد لدى‬
‫أفرادىا اإلحساس بانتمائيـ إلى ىذه الوحدة االجتماعية ‪.1‬‬
‫وعمى ذلؾ‪ ،‬فإف الفارؽ بيف الشعب واألمة يتمثؿ في أف الرابطة التي تجمع بيف أفراد األمة‬
‫رابطة طبيعية معنوية تستند إلى عوامؿ معينة ىي األصؿ البشري‪ ،‬والمغة‪ ،‬والديف‪ ،‬والتاريخ‬
‫المشترؾ‪ ،‬ولكف ال يترتب عمييا أي أثر قانوني‪ .‬أما الرابطة بيف أفراد شعب الدولة فيي‬
‫رابطة سياسية قانونية تفرض عمييـ الوالء لمدولة والخضوع لقانونيا‪ ،‬وتفرض عمى الدولة في‬
‫المقابؿ حماية أرواحيـ وأمواليـ وكافة حقوقيـ التي يقرىا القانوف‪.‬‬
‫لكف رغـ ذلؾ يسود اختالؼ حاد بيف عديد مف المدارس الفقيية في تحديد نوعية الروابط أو‬
‫األسس التي تقوـ عمييا األمة‪ ،‬خصوصا المدرسة الفرنسية واأللمانية والماركسية ‪.‬‬
‫أوال ‪:‬النظرية األلمانية‪ :‬تعتمد ىذه النظرية عمى عنصر المغة في تكويف األمة ومف أشير‬
‫القائميف بيا المفكراف فيخت)‪ (Fichte‬وىردر )‪ (Herder‬وذلؾ تمبية لرغبة األلماف في ضـ‬
‫اإللزاس والموريف إلى السيادة األلمانية ألنيما ناطقتاف بالمغة األلمانية‪.‬‬
‫ثانيا ‪:‬النظرية الفرنسية‪ :‬وجاءت كرد عمى النظرية األلمانية‪ ،‬حيث ترى أف العنصر المميز‬
‫لألمة عف الشعب ىو الرغبة واإلرادة المشتركة في العيش معا داخؿ حدود معينة‪ ،‬وليس‬
‫العرؽ وال المغة‪ .‬والنقد الذي وجو ليذه النظرية ىو أف الرغبة في العيش المشترؾ ىي نتيجة‬
‫لظيور األمة وليست عامال في تكوينيا‪.‬‬
‫ثالثا ‪:‬النظرية الماركسية‪ :‬اقتصر أنصار الشيوعية في تحديد العناصر المكونة لألمة عمى‬
‫العامؿ االقتصادي ‪.‬وىذه النظرية كذلؾ القت انتقادا شديدا مف جميور الفقياء ألف العديد‬
‫مف األمـ استعمرت ولـ تصمد سوى األمـ التي بنيت عمى العوامؿ المعنوية مثؿ العواطؼ‬

‫‪ -‬فوزي أوصديؽ‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.91،89‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪27‬‬
‫والتاريخ المشترؾ والمغة والديف‪ ،‬ولكف العنصر المادي لـ يكف لو تأثير في تحريؾ األمـ ضد‬
‫‪1‬‬
‫مستعمرييا‪.‬‬
‫وخالصة القوؿ أف األمة قد تكوف نشأت بفعؿ عامؿ المغة أو العرؽ أو اإلرادة المشتركة أو بفعؿ‬
‫الصراع الطبقي كما تزعـ ىذه النظريات‪ ،‬لكنيا قد تنشأ مع تظافر جميع ىذه العوامؿ أو تتظافر‬
‫معيا عوامؿ أخر كالديف واإلرادة السياسية‪ ،‬عمى غ ار ر بعض الدوؿ الفيدرالية التي استطاعت أف‬
‫‪2‬‬
‫تبني أمميا مف خالؿ مشروع سياسي تـ تجسيده‪.‬‬
‫ومما سبؽ نستنتج أف التمييز بيف الدولة واألمة يبدو واضحا‪ ،‬فإذا كاف الشعب يقصد بو‬
‫جماعة مف األفراد تقطف أرضا معينة فاألمة ىي كذلؾ‪ ،‬غير أنو يبقى الشعب ليس ىو األمة دائما‪،‬‬
‫ألف أفراد ىذه األخيرة تجمعيـ روابط موضوعية وذكريات وآماؿ مشتركة ورغبة في العيش معا‪،‬‬
‫إضافة إلى ذلؾ فالشعب يختمؼ عف األمة لخضوعو دائما لسمطة سياسية التي ىي ليست شرطا‬
‫أساسيا في قياـ األمة‪.‬‬

‫المطمب الثاني‪:‬اإلقميم‪:‬‬

‫إذا كانت الدولة في تعريفيا الصحيح تفترض وجود مجموعة مف األفراد يعيشوف معا‬
‫عيشة دائمة مستقرة‪ ،‬فإف ىذا االستقرار والدواـ لف يتحقؽ دوف توافر اإلقميـ‪ .‬بوصفو رقعة‬
‫األرض التي اختارىا األجداد وارتضاىا مف بعدىـ األبناء واألحفاد في أجياليـ المتتابعة‬
‫مستق ار و مقاما‪ .‬و يجمع رجاؿ القانوف الدولي العاـ عمى أف مف المعالـ الرئيسية لمنظاـ‬
‫الدولي الحاضر انفراد كؿ دولة برقعة محددة مف أرض المعمورة تعرؼ بإقميـ الدولة وليا‬
‫‪3‬‬
‫وحدىا عميو حؽ السيادة‪ ،‬بحيث يخضع لسمطانيا كؿ األشخاص واألشياء الموجودة عميو‪.‬‬

‫‪ -‬بف اعراب محمد ‪ ،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.11‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬صايش عبد المالؾ‪ ،‬المرجع السابؽ ‪،‬ص‪.21‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬حسف مصطفى البحري‪ ،‬المرجع السابؽ ‪،‬ص‪.8‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪28‬‬
‫حيث أنو ال يكفي وجود مجموعة مف األفراد لقياـ دولة معينة‪ ،‬إذ البد مف وجود رقعة محددة‬
‫مف األرض يستقروف عمييا ويمارسوف نشاطيـ فوقيا بشكؿ دائـ حتى تتكوف تمؾ الدولة‪.‬‬
‫فاإلقميـ ىو الحيز الجغرافي الذي تمارس فيو الدولة سيادتيا ويقيـ عميو شعبيا‪ ،‬واذا كاف اإلقميـ في‬
‫مفيومو التقميدي ينحصر في اليابسة وما تحتويو فإف المفيوـ الحديث يبني عناصره عمى اإلقميـ‬
‫الجوي والبحر أيضا‪.‬‬
‫اإلقميم البري‪ :‬اإلقميـ البري أو اليابسة ىي الحيز الكالسيكي لمدولة وىو يتكوف مف كؿ ما ىو عمى‬
‫سطح األرض كاليضاب‪،‬السيوؿ‪،‬الجباؿ والصحاري والمناطؽ الثمجية‪،‬وأيضا المسطحات‬
‫المائية التي تحتوييا اليابسة كالبحيرات والودياف واألنيار‪ ،‬كما يشمؿ أيضا ما يحتويو باطف األرض‬
‫مف مصادرو ثروات طبيعية ‪ 1.‬وجدير بالذكر أف شساعة اإلقميـ وضيقو ال يؤثر عمى وجود‬
‫أو يكوف مشكال مف أجزاء متفرقة‬ ‫الدولة‪ ،‬كما ال يتأثر اإلقميـ مف حيث كونو يشكؿ وحدة ترابية‬
‫‪2‬‬
‫كاألرخبيؿ الياباني‪ ،‬لكف يشترط أف يكوف اإلقميـ ثابتا وطبيعيا في غالبيتو ‪.‬‬
‫االقميم البحري‪ :‬يشمؿ االقميـ البحري كؿ مف البحار الداخمية‪ ،‬البحيرات الكبرى‪ ،‬األنيار‪ ،‬والبحر‬
‫اإلقميمي بالنسبة لمدوؿ الساحمية‪ ،‬حيث ليذه الدوؿ الحؽ في منطقة مف البحر تسمى البحر اإلقميمي‬
‫مسافتيا ‪12‬ميؿ بحري أي ما يعادؿ حوالي ‪ ) 20‬كمـ (ابتداء مف الشريط الساحمي المجاور لإلقميـ‬
‫البري ‪ ،‬وقد أقرت اتفاقية قانوف البحار ‪ 2:93‬المنعقدة بدولة جمايكا كامؿ السيادة لمدولة عمى‬
‫المنطقة اإلقميمية مع االعتراؼ بمرور السفف البريء دوف التوقؼ‪ ،‬إلى جانب ذلؾ ىناؾ مساحات‬
‫أخرى تمارس الدولة الساحمية حقوؽ وظيفية تشمؿ مسافة تقدر ‪ 299‬ميال تسمى بالمنطقة‬

‫‪ -‬صايش عبد المالؾ‪ ،‬المرجع السابؽ ‪،‬ص‪.21‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-‬وجدير بالذكر أف شساعة اإلقميـ وضيقو ال يؤثر عمى وجود الدولة ففي حيف تبمغ مساحة روسيا حوالي ‪ 17‬مميوف كمـ ‪ 2‬وكندا ‪9,8‬‬ ‫‪2‬‬

‫مميوف كمـ‪ ، 2‬فإف" توبالو "ال يتعدى إقميميا ‪ 26‬كمـ ‪ 2‬وقؿ مف ذلؾ فإف أصغر دولة في العالـ وىي" نورو "مساحتيا تقدر ب ‪ 21‬كمـ‬
‫‪ ،34‬كما ال يتأثر اإلقميـ مف حيث كونو آىال بالسكاف أو ميجو ار وال أف يشكؿ وحدة ترابية أو يكوف مشكال مف أجزاء متفرقة كاألرخبيؿ‬
‫الياباني‪ ،‬لكف يشترط أف يكوف اإلقميـ ثابتا وطبيعيا في غالبيتو‪ ،‬واذ نقوؿ طبيعيا فذلؾ مف منطمؽ أف ىناؾ اليوـ ما يعرؼ بالجزر‬
‫االصطناعية التي ال يمكف أف تتشكؿ منيا دولة وال مف باخرة عائمة‪ ،‬لكف مف المستساغ أف تسعى الدوؿ إلى توسيع إقميميا عمى‬
‫حساب البحر وال حرج في ذلؾ‪ ،‬عمى غرار فمفوبودلر في ىولندا وجزيرتيف في الشارقة ودبي التابعتيف لإلمارات العربية المتحدة‪.‬‬
‫‪29‬‬
‫االقتصادية الخالصة‪ ،‬إلى جانب تمتعيا بالسيادة عمى الجرؼ القاري‪ ،1‬أما منطقة أعالي البحار‬
‫تعتبر تراثا مشتركا لإلنسانية‪2.‬و فيما يمي شرح ليذه األقاليـ البحرية‪:‬‬
‫‪6‬ػ المياه الداخمية ‪:‬وىي مياه الموانئ والمياه التي تقع بيف اليابسة وبيف خطوط األساس) ـ ‪ 8‬مف‬
‫اتفاقية جمايكا‪(.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪2‬ػ البحر اإلقميمي يمتد عمى مسافة ‪ 12‬ميؿ بحري مف خط األساس ـ ‪ 8‬مف اتفاقية جمايكا‪(.‬‬

‫‪ -‬أما الجرؼ أو الرصيؼ القاري ‪:‬فيو الجزء مف اراضي الشواطئ الذي يمتد بعد البحر اإلقميمي إلى داخؿ مياه البحر ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫بدأ االىتماـ بو بعد تصريح تروماف سنة ‪ 1945‬قاؿ فيو" ‪:‬حكومة الواليات المتحدة األمريكية تنظر إلى الثروات الطبيعية‬
‫لقاع البحر وما تحتو الموجودة بالرصيؼ القاري تحت البحر العالي ولكف مالصقة لشواطئ الواليات المتحدة بأنيا‪ ،‬تابعة‬
‫لمواليات المتحدة وتخضع الختصاصيا ورقابتيا"‪ ،‬وبعد ذلؾ تبعتيا تصريحات عدة دوؿ‪.‬‬
‫لذا جاء اىتماـ األمـ المتحدة بيذه المنطقة فجاءت المادة ‪ 76‬مف اتفاقية قانوف البحار ‪ 1982‬لتقوؿ" ‪:‬يشمؿ الجرؼ القاري‬
‫ألي دولة ساحمية قاع وباطف أرض المساحات المغمورة التي تمتد إلى ما وراء بحرىا اإلقميمي في جميع أنحاء االمتداد‬
‫الطبيعي إلقميـ تمؾ الدولة البري حتى الطرؼ الخارجي لمحافة القارية‪ ،‬أو إلى مسافة ‪ 200‬ميؿ مف خطوط األساس التي‬
‫يقاس منيا البحر اإلقميمي إذا لـ يكف الطرؼ الخارجي لمحافة القارية تمتد إلى تمؾ المسافة ‪".‬أما الفقرتاف ‪ 5‬و ‪ 6‬مف المادة‬
‫ذاتيا فقد اشترطتا عدـ تجاوز الحد الخارجي لمجرؼ في جميع األحواؿ مسافة ‪ 350‬ميال بحريا مف خطوط األساس التي‬
‫يقاس منيا البحر اإلقميمي‪.‬‬
‫‪-‬معيفي لعزيز‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.14‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬وقد تـ تحديد ىذا اإلقميـ مف خالؿ طرؽ عدة منيا ‪:‬ما اقترحو اليولندي) بنكر شوك (بأف تكوف ممتدة عمى المساحة‬ ‫‪3‬‬

‫البحرية التي يمكف الدولة السيطرة عمييا انطالقا مف اقميميا البري أي المسافة التي تفصؿ بيف أقصى مدى أو مسافة يمكف‬
‫تقدر بثالثة أمياؿ بحرية) الميل البحري =‬
‫لقذيفة المدفع أف تصميا انطالقا مف الشاطئ وفي ذلؾ الوقت كانت تمؾ المسافة ّ‬
‫‪ 1852‬متر(‪ ،‬والبعض حددىا بأربع أمياؿ بحرية كما ىو الحاؿ بالنسبة لمدوؿ االسكندنافية‪ ،‬وستة أمياؿ بالنسبة إلسبانيا‪،‬‬
‫واثنى عشر ميال بالنسبة لروسيا‪.../...‬‬
‫‪.../...‬وقد ُعِقد سنة ‪ 1930‬بالىاي مؤتمر تحت رعاية عصبة األمـ قصد الوصوؿ التفاؽ جماعي حوؿ تحديد مسافتو‬
‫بناء عمى قاعدة ثالثة أمياؿ بحرية غير أف المؤتمر فشؿ ‪.‬وبعد مناقشات وتحضيرات جاء مؤتمر جونيؼ ‪ 1958‬بعد تفاقـ‬
‫ً‬
‫و تبايف وجيات النظر بيف مف ىو متمسؾ بثالث أمياؿ وقائؿ باثني عشر ميال ومف يقوؿ بمائتي ميؿ ‪.‬وظؿ االختالؼ‬
‫إلى أف جاء مؤتمر ‪ 1974‬ساد فيو اتجاه االثني عشر ميال وىو ما تضمنو النص الختامي التفاقية األمـ المتحدة لقانوف‬
‫حددتو باثني عشر ميالً بحريا" ‪:‬لكؿ دولة الحؽ في أف تحدد‬
‫البحار لسنة ‪ 1982‬التي حسمت الخالؼ القائـ بيف الدوؿ إذ ّ‬
‫عرض بحرىا اإلقميمي بمسافة ال تتجاوز ‪ 12‬ميال بحريا مقاسة مف خطوط األساس المقررة وفقا ليذه االتفاقية ‪".‬واذا كانت‬
‫تتميز بتعرجات كثيرة أو قميمة التداخؿ مع اليابسة أو وجود الكثير مف الجزر قبالتيا اتجو العمؿ الدولي إلى اتخاذ‬
‫السواحؿ ّ‬
‫طرؽ أخرى كتمؾ التي أخذت بيا محكمة العدؿ الدولية في قضية المصايد البريطانية النرويجية‪ ،‬حيث قررت إمكانية اتباع‬
‫طرؽ مغايرة لطريقة خط األساس العادي وذلؾ برسـ خطوط مستقيمة تصؿ بيف رؤوس التعرجات عمى الساحؿ أو الحواؼ‬
‫‪31‬‬
‫‪3‬ػ المياه المتاخمة‪ :1‬وتمتد بدورىا إلى مسافة ‪ 12‬ميؿ بحري مف نياية البحر اإلقميمي‪ ،‬ويثبت لمدولة‬
‫فييا أف تسير عمى تطبيؽ قوانينيا وأنظمتيا الجمركية والضريبي‪ ،‬أو المتعمقة باليجرة وكذا الصحة‬
‫‪2‬‬
‫)ـ ‪ 33‬مف اتفاقية جمايكا‪(.‬‬
‫‪4‬ػ المنطقة االقتصادية الخالصة‪ :3‬وتمتد إلى مسافة ‪ 166‬ميؿ بحري مف نياية المياه المتاخمة) ـ‪57‬‬
‫‪1‬‬
‫مف اتفاقية جمايكا‪(.‬‬

‫الخارجية الممتدة عمى طولو شريطة أف ال تنحرؼ ىذه الخطوط عف االتجاه العاـ لمساحؿ‪ .‬بف اعراب محمد ‪،‬محاضرات‬
‫القانوف الدستوري لمسنة األولى حقوؽ ‪،‬جامعة محمد لميف دباغيف سطيؼ‪ 2‬كمية الحقوؽ والعموـ السياسية‬
‫‪،2121/2119‬ص ‪.13‬‬
‫‪ - 1‬أما المنطقة المتاخمة فيي تعد بحسب األصؿ جزًءا مف أعالي البحار وال يعترؼ لمدولة الساحمية بالسيادة عمييا‪،‬‬
‫وانما ببعض الصالحيات المحددة فقط‪ .‬وفي الحقيقة يرجع تاريخ ظيور المنطقة المتاخمة لموقت الذي كاف فيو البحر‬
‫اإلقميمي يحدد بثالثة أمياؿ بحرية وىي مسافة ال تكفي ألمف الدولة لوال المنطقة المجاورة لظمت عاجزة عف التصرؼ أماـ‬
‫ما يجري مف مخالفات في المناطؽ التي تمي بحرىا اإلقميمي مباشرة‪ .‬وقد اعترفت اتفاقية قانوف البحار لسنة ‪ 1982‬في‬
‫مادتيا ‪ 33‬بيذه المنطقة وحددتيا ب ‪ 12‬ميؿ بحري) أي ‪ 24‬ميال مف خط األساس الذي ينطمؽ منو قياس عرض البحر‬
‫اإلقميمي (وسيادة الدولة عمى ىذه المنطقة محدودة مقارنة بتمؾ التي تمارسيا بالنسبة لمبحر اإلقميمي إذ تشمؿ فقط الرقابة‬
‫في المسائؿ الجمركية والمالية والصحية وتنظيـ شؤوف اليجرة‪.‬‬
‫‪ -‬اتفاقية جمايكا لقانوف البحار التي نتجت عف مؤتمر األمـ المتحدة الثالث لقانوف البحار‪،‬الموقعة بتاريخ‬ ‫‪2‬‬

‫‪.1982/12/11‬‬

‫‪ -‬المنطقة االقتصادية الخالصة‪ :‬أدت الحاجة إلى المزيد مف الثروات الطبيعية والغذائية إلى توسيع اختصاصات الدولة‬ ‫‪3‬‬

‫في المناطؽ البحرية منيا المنطقة االقتصادية الخالصة التي أممتيا الحاجة الستغالؿ األسماؾ‪.‬‬
‫والدور الرئيسي في قبوؿ طرح المنطقة االقتصادية الخالصة يعود لبمداف العالـ الثالث نظ ار ألف أساطيؿ البالد المصنعة‬
‫الغنية بما ليا مف إمكانيات كانت تشكؿ خط ار عمى االحتياطي العالمي مف األسماؾ إذ كانت تستأثر بو وحدىا ؼ‪ 20‬دولة‬
‫تقوـ بما يزيد عمى ‪ %80‬مف الصيد في العالـ وتتقاسـ بقية الدوؿ ‪ % 20‬المتبقية عمما أف ‪ %75‬مف المصائد ‪…/..‬‬
‫‪../...‬في العالـ توجد بالقرب مف الشواطئ نظ ار لتواجد األعشاب البحرية التي تغذي السمؾ ‪.‬فظيرت المنطقة االقتصادية‬
‫واعتبرتيا اتفاقية قانوف البحار لسنة ‪1982‬جزًءا مف أعالي البحار تمتد فيما وراء البحر اإلقميمي لمدولة الساحمية ومجاورة‬
‫لو‪ ،‬وال يزيد اتساعيا عف ‪ 200‬ميؿ بحري ‪ ) 370‬كمـ (تبدأ مف خط األساس الذي يقاس منو البحر اإلقميمي (‬
‫المادة‪ 57-55‬مف االتفاقية ‪(.‬لمدوؿ عمى ىذه المنطقة حقوؽ سيادية الكتشاؼ واستغالؿ الموارد الطبيعية الحية ‪،‬وغير‬
‫الحية والحفاظ عمييا وادارتيا وانتاج الطاقة مف المياه‪ ،..‬كما ليا إقامة واستغالؿ الجزر االصطناعية والمنشآت والمركبات‪،‬‬
‫والبحث العممي‪ ،‬وحماية البيئة البحرية والحفاظ عمييا‪ .‬أما حقوؽ دوؿ الغير فتتمثؿ في ممارسة الحريات التي يتمتع بيا‬
‫الجميع في أعالي البحار ما عدا حقاستغالؿ الثروات الحية وغير الحية ‪.‬وقد حفظ القانوف الدولي لمدوؿ الحبيسة والمتضررة‬
‫جغرافيا حقوقا في المنطقة االقتصادية الخالصة تحقيقا لممبادئ السامية لإلنسانية إذ تنص المادتاف‪ 70-69‬أف ليذا النوع‬
‫‪31‬‬
‫اإلقميم الجوي‪ :‬يشمؿ االقميـ الجوي الطبقة الجوية التي تعمو عمى إقميميا البري والبحري‪ ،‬وقد أقرت‬
‫اتفاقية شيكاغو التي أبرمت سنة ‪ 1944‬حؽ السيادة اإلقميمية لمدولة عمى طبقاتيا الجوية مع السماح‬
‫لمدوؿ األخرى بالمرور البريء الذي ال يشكؿ خط ار عمى أمنيا وسالمتيا‪.2‬‬
‫طبيعة حق الدولة عمى إقميميا‪ :‬لقد اختمؼ الفقو في تكييؼ حؽ الدولة عمى إقميميا‬
‫فذىب رأي إلى أنو حؽ سيادة ‪:‬أي أف لمدولة سيادة عمى اإلقميـ‪ ،‬وىذه السيادة تتحدد بنطاؽ‬
‫اإلقميـ‪ ،‬غير أف ىذا الرأي منتقد عمى أساس أف السيادة تمارس عمى األشخاص وليس عمى‬
‫األشياء‪.‬كما رأي أخر عمى أف حؽ الدولة عمى إقميميا ىو حؽ ممكية ‪:‬مداـ أف الدولة ىي‬
‫صاحبة اإلقميـ فيي تممكو بمشتمالتو‪ ،‬وتمارس عميو كؿ عناصر الحؽ في الممكية‬
‫)التصرؼ واالستغالؿ(لكف ىذا الرأي منتقد ىو اآلخر إذ يتعارض مع حؽ الممكية الفردية‬
‫لمعقارات ‪.‬‬

‫أما الرأي الحديث يعتبر اإلقميـ بمثابة المنطقة الجغرافية التي يحؽ لمدولة أف تستعمؿ سمطتيا‬
‫داخميا عمى األفراد دوف غيرىا بعبارة أخرى أنو المجاؿ الذي تتحدد فيو سمطات الدولة ‪.‬وقد‬
‫جاء ىذا الرأي تجنبا لالنتقادات الموجية لإلتجاىات السابقة‪ ،‬إذ حاوؿ أصحاب ىذا الرأي‬
‫إعطاء تكييؼ جديد لحؽ الدولة عمى إقميميا‪ ،‬وقاؿ بأف حؽ الدولة عمى إقميميا ىو‪ ":‬حؽ‬
‫عيني تأسيسي أو نظامي ينصب عمى األرض وعمى اإلقميم مباشرة ‪.‬وقد انتقد ىذا الرأي لعدـ‬
‫وضوح ىذا التكييؼ‪ ،‬وأف فكرة حؽ عيني نظامي ال يكاد يختمؼ إال مف حيث الصياغة عف‬
‫‪3‬‬
‫فكرة حؽ السيادة‪.‬‬

‫مف الدوؿ الحؽ في المشاركة عمى أساس منصؼ في استغالؿ جزء مناسب مف فائض الموارد الحية لممناطؽ االقتصادية‬
‫الخالصة لمدوؿ الساحمية الواقعة في المنطقة دوف اإلقميمية أو اإلقميمية مع ـ ا رعاة ما يتصؿ بذلؾ مف الظروؼ‬
‫االقتصادية و الجغرافية‪ .‬بف اعراب محمد‪ ،‬المرجع السابؽ ‪،‬ص‪.65‬‬
‫‪ -‬اتفاقية جمايكا لقانوف البحار‪1982 ،‬المرجع السابؽ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬محمد رفعت عبد الوىاب‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.28‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬بف اعراب محمد ‪،‬محاضرات القانوف الدستوري لمسنة األولى حقوؽ ‪،‬جامعة محمد لميف دباغيف سطيؼ‪ 2‬كمية الحقوؽ‬ ‫‪3‬‬

‫والعموـ السياسية ‪،2121/2119‬ص ‪.15‬‬


‫‪32‬‬
‫المطمب الثالث‪ :‬السمطة السياسية الحاكمة‪:‬‬

‫ال يكفي لوجود الدولة توافر ركف الشعب و ركف اإلقميـ‪ 1‬الذي يستقر عميو الشعب‪.‬‬
‫ولكف مف الضروري أيضا أـ توجد سمطة سياسية عميا تعتبر الييئة الحاكمة بحيث يكوف ليا‬
‫سمطة فرض أوامرىا الممزمة عمى أفراد الشعب وأف يخضع ىؤالء لتمؾ األوامر‪ 2.‬فيي التنظيـ‬
‫الذي يتخذ الق اررات باسـ كؿ األفراد المكونيف لمجماعة‪ ،‬ينفذىا باعتبارىا ممزمة لجميع أعضائيا‪،‬‬
‫وىذه الق اررات تنظـ سموؾ الجماعة‪ ،‬وتسمح ليذه السمطة باتخاذ أي إجراء يتطمبو تسيير شؤوف‬
‫الجماعة والتعبير عف مصالحيـ‪ ،‬ولكي تتمكف مف القياـ بذلؾ يجب أف تكوف قانونية‪ ،‬أي مقبولة مف‬
‫طرؼ المحكوميف عف طريؽ رضاىـ‪ ،‬أما إذا كانت القوة ىي سندىا الوحيد فتكوف سمطة فعمية‪ 3.‬و‬
‫تتميز ىذه السمطة بالخصائص والسمات التالية‪:‬‬
‫‪1‬ـ خصائص السمطة‪:‬‬
‫‪-‬ػ أنيا سمطة مركزية عميا‪ .‬فيناؾ سمطة واحدة في الدولة موجود عمى مستوى المركز يخضع ليا‬
‫‪4‬‬
‫جميع األفراد‪ ،‬و ال توجد سمطة منافسة ليا عمى اإلقميـ‪ ،‬فيي بالتالي ال ‪.‬تخضع لسمطة تعموىا‪.‬‬
‫ػ أنيا سمطة تحتكر اإلكراه المادي‪ :‬فالدولة تحتكر وسائؿ اإلكراه المادي كالجيش‪ ،‬الدرؾ‪،‬‬
‫الشرطة والقوة العمومية وجياز القضاء والمخابرات‪ ،‬فيي التي تممؾ أكبر قوة مادية تمكنيا مف تنفيذ‬

‫‪ -‬السمطة السياسية ىي أحد األركاف األساسية المكونة لمدولة‪ ،‬واألكثػر مػف ذلػؾ أنػو إلػى غايػة نيايػة العصػور الوسػطى كػاف ىنػاؾ‬ ‫‪1‬‬

‫خمط بيف السمطة والدولة نتيجة ترابط السمطة السياسية بشخصية الحاكـ‪ ،‬كما قاؿ لويس الرابع عشر عبارتو الشييرة" الدولػة ىػي أنػا"‪،‬‬
‫لذا كاف مفيوـ السمطة يشكؿ نظاما مف السيطرة والييمنة المستمدة مف القوة والعنؼ‪ .‬غير أف نجاح الثور ة األمريكية ثـ بعد ذلؾ الثورة‬
‫الفرنسية ساىـ في زواؿ واندثار ىذا المفيوـ وبالتالي أصبحت السمطة السياسية ال تعدو أف تكوف فقػط الييئػة أو الجيػاز الحػاكـ‪ ،‬الػذي‬
‫يتخذ الق اررات باسـ كؿ األفراد المكونيف لمجماعة بيدؼ تنظـ سموكيا وكذا كافة اإلجراءات الضرورية لذلؾ‪.‬‬
‫‪ -‬محمد رفعت عبد الوىاب‪،‬المرجع السابؽ ‪،‬ص ‪.28‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬سعيد بوشعير‪،‬المرجع السابؽ ‪،‬ص‪.81-81‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ -‬سعيد بوشعير‪،‬نفس المرجع‪،‬ص ‪.81-81‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪33‬‬
‫أوامرىا ذات االختصاص العاـ فتتولى حماية اإلقميـ مف أي اعتداء أو تمرد داخمي وتوفر األمف‬
‫‪1‬‬
‫لألفراد‪.‬‬
‫ػ أنيا سمطة ذات اختصاص عام‪ :‬إف النشاط الذي تمارسو السمطة السياسية لمدولة ليس لو حدود‬
‫بؿ يشمؿ سائر نواحي الحياة‪ ،‬فإلى جانب ممارستيا لمنشاطات التقميدية المتعمقة بتنظيـ المجتمع‬
‫والدفاع الخارجي‪ ،‬فإنيا تعمؿ أيضا عمى فض المنازعات التي قد تثور بيف األشخاص سواء‬
‫الطبيعية أو المعنوية تجسيدا لما تصدره مف تشريعات‪ ،‬بؿ إنيا أصبحت تدخؿ حتى في الحقؿ‬
‫‪2‬‬
‫االقتصادي واالجتماعي والثقافي وغيره‪.‬‬
‫ػ أنيا سمطة مدنية‪ :‬مف المسمـ بو أف السمطة السياسية في ظؿ الدولة الحديثة يجب أف تكوف‬
‫مدنية وليست عسكرية‪ ،‬ولتتماشى مع مبادئ الديمقراطية فمف الضروري أيضا أف يكوف ممثموىا‬
‫‪3‬‬
‫منتخبيف مف طرؼ الشعب بشكؿ مباشر أو غير مباشر‪.‬‬
‫ػ أنيا سمطة دائمة ‪ :‬مف النتائج األساسية التي ترتبت عف استقاللية شخصية الدولة عف‬
‫شخصية الحاكـ أف السمطة السياسية ليا أصبحت تمتاز بالدواـ‪ ،‬فالسمطة تبقى ببقاء الدولة بغض‬
‫النظر عف بقاء أوزواؿ حكاميا المذيف يمارسوف الحكـ فييا‪ ،‬وليذا فإف المعاىدات التي تبرميا دولة‬
‫‪4‬‬
‫ماال تنتيي بوفاة الرئيس الذي أبرميا وانما تمزـ بيا السمطة الحاكمة التي تمثؿ الدولة بعد زوالو‪.‬‬
‫ػ أنيا سمطة أصمية‪ :‬السمطة السياسية ال تنبع مف أي سمطة أخرى بؿ إف السمطات األخرى‬
‫الموجودة في إقميميا تنبثؽ منيا وتخضع ليا‪ ،‬فيي التي تضع النظاـ القانوني الذي يخضع لو‬
‫األشخاص وتنظـ نفسيا بنفسيا‪ ،‬كما أنيا ال تخضع داخميا أو خارجيا لغيرىا) ذات سيادة (ففي‬

‫‪ -‬الشرقاوي سعاد‪ ،‬النظـ السياسية والعالـ المعاصر) الدولة ‪ -‬المؤسسات ‪ -‬الحريات(‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،‬القاىرة‪، 3008‬‬ ‫‪1‬‬

‫ص‪.65،‬‬
‫‪ -‬فوزي أوصديؽ‪،‬المرجع السابؽ‪. 89،‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬صايش عبد المالؾ‪ ،‬المرجع السابؽ‪،‬ص‪.23‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ -‬معيفي لعزيز‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.16‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪34‬‬
‫الداخؿ تمثؿ أعمى السمطات‪ ،‬وفي الخارج فيي ذات سيادة وتتمتع باالستقالؿ السياسي وال تكوف‬
‫‪1‬‬
‫تابعة ألية دولة أجنبية أخرى‪.‬‬
‫بعدما تناولنا دراسة السمطة السياسية وتبياف خصائصيا‪ ،‬نتطرؽ فيما يمي إلى دراسة‬
‫عنصري الشرعية والمشروعية‪.‬‬

‫‪ -2‬السمطة الشرعية‪ " Légitimité:‬الشرعية ىي صفة تطمؽ عمى سمطة يعتقد األفراد أنيا‬
‫تتطابؽ والصور التي كونوىا داخؿ المجموعة الوطنية أي تطابؽ السمطة في مصدرىا وتنظيميا مع‬
‫المبادئ التي يقوـ عمييا المجتمع‪ ،‬وعميو أمكف القوؿ بأف السمطة الشرعية ىي تمؾ التي تستند في‬
‫وجودىا إلى اإلرادة الشعبية‪ ،‬فيي تتماشى وتتوافؽ في مصدرىا وطرؽ ممارستيا واألىداؼ التي‬
‫تسعى لتحقيقيا مع ما يعتقده أفراد المجتمع بأنو األفضؿ في كافة مجاالت الحياة‪ .‬ومف ىنا فال‬
‫وجود لمشرعية طالما أف األفراد لـ يتقبموا أسموب الحكـ وىي األساس في تمييز األنظمة الديمقراطية‬
‫‪2‬‬
‫عف غيرىا‪.‬‬

‫المشروعية‪ " Légalité " :‬أما المشروعية فيي مرتبطة بالقانوف الوضعي أي بتشريعات‬
‫الدوؿ‪ ،‬فيعد العمؿ والتصرؼ مشروعا اذا كاف يتطابؽ والقواعد القانونية الوضعية كالدستور‬
‫عما‬
‫والقانوف ‪ ،‬وعميو فإف السمطة تعتبر مشروعة إذا كانت قائمة عمى أسس قانونية‪ ،‬بغض النظر ّ‬
‫‪3‬‬
‫إذا كاف الشعب يرغب فييا أـ ال‪.‬‬
‫وفي األخير نشير إلى أف ىناؾ ركف آخر يقر بو بعض الفقياء ويرفضو بعضيـ‪ ،‬وىو‬
‫االعتراؼ الدولي الذي يرى بعض الفقياء أنو أقرب لمقانوف الدولي العاـ مف الدستوري وقد وقع‬
‫خالؼ حوؿ أىميتو‪:‬‬

‫‪ -‬عبد الغني عبد اهلل البسيوني‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪. 21‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬معيفي لعزيز‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.16‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬صايش عبد المالؾ‪ ،‬المرجع السابؽ‪،‬ص‪.24‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪35‬‬
‫‪: -1‬االتجاه األوؿ ‪:‬يقوؿ بضرورة االعتراؼ بالدولة مف طرؼ الدوؿ ليذه الدولة الجديدة حتى‬
‫يكتمؿ بناؤىا ويعرؼ ىذا االتجاه باالعتراؼ المنشئ‪.‬‬
‫‪-2‬االتجاه الثاني ‪ :‬يقوؿ أنو ليس ىناؾ ضرورة العتراؼ الدوؿ ليذه الدولة إذ بمجرد ظيور‬
‫األركاف الثالثة فاالعتراؼ ىو أساس دخوؿ الدولة في عالقات مع المجتمع الدولي‪ ،‬ويعرؼ‬
‫ىذا االعتراؼ باالعتراؼ المقر أوالكاشؼ‪ .‬وىو االتجاه األصوب لغالبية فقو القانوف‬
‫الدستوري‪.‬‬

‫المبحث الثالث‪ :‬خصائص الدولة‪:‬‬

‫بعد أف تعرضنا سابقا ألركاف الدولة‪ ،‬والمتمثمة في ركف الشعب‪ ،‬اإلقميـ والسمطة‬
‫والتي تعد األسس والركائز التي ال تقوـ الدولة بدونيا‪ ،‬واذا فقد أحدىا فسيزوؿ وجودىا‪ .‬إال أنو‬
‫ومع ذلؾ تبقى ىذه األسس غير كافية لتفسير بعض المسائؿ كاستم اررية الدولة رغـ تغير‬
‫الحكاـ‪،‬وتميزىا عف بعض الكيانات الشبيية بيا التي ليا نفس العناصر المادية‪ ،‬ليذه االعتبارات‬
‫تتصؼ الدولة بخصائص قانونية تتمثؿ في الشخصية المعنوية والسيادة وخضوعيا لمقانوف والتي‬
‫نتناوليا كما يمي‪:‬‬

‫‪36‬‬
‫المطمب األول‪ :‬الشخصية المعنوية‪:‬‬

‫إف المقصود بالشخصية في القانوف وبوجو عاـ"ىي القدرة أو األىمية لمتمتع بالحقوؽ‬
‫وتحمؿ االلتزامات‪".‬واإلنساف عموما أوالشخص الطبيعي ىو أىـ أشخاص القانوف وليـ ما‬
‫يسمى بالشخصية الطبيعية‪1.‬والشخصية بيذا المعنى قد تثبت لألشخاص االعتبارية كالدولة‬
‫والمؤسسات العامة‪ ،‬حتى تقوـ ىذه األخيرة بأداء مياميا‪ .‬حيث أنو البد ليا مف التمتع‬
‫بالشخصية المعنوية‪ ،‬ىذه الشخصية المستقمة عف شخصية األفراد المكونيف ليا والتي تنشأ‬
‫بنشوء الدولة بصفة آلية دوف الحاجة لوجود نص يؤكدىا وتبقى مالزمة ليا ما دامت قائمة‬
‫‪2‬‬
‫وبالتالي تكوف أىال الكتساب الحقوؽ وتحمؿ االلتزامات‪.‬‬
‫حيث تعتبر الدولة أىـ األشخاص المعنوية في القانوف العاـ‪ ،‬ومف تـ تعتبر الدولة وحدة‬
‫قانونية مستقمة ومتميزة في وجودىا عف شخصية األفراد‪ .‬وفي الحقيقة إف فكرة الشخصية‬
‫المعنوية كانت وال تزاؿ محؿ خالؼ وجد بيف الفقياء الذيف انقسموا فيما بينيـ إلى قسميف‪،‬‬
‫فبعضيـ ذىب إلى إنكار الشخصية المعنوي لمدولة والبعض اآلخر أقر بتمتعيا بيا‪.‬‬
‫أ ‪-‬الرأي المنكر لمشخصية المعنوية لمدولة‪ :‬يرى بعض الفقياء والباحثيف أف الدولة ظاىرة‬
‫اجتماعية موجودة عمى أساس انقساـ المجتمع إلى فئتيف حاكمة ومحكومة‪ ،‬وأف الذي يضع‬
‫القوانيف ىو الحاكـ ويفرض تطبيقيا وتنفيذىا‪ .‬وآخروف يروف أف الدولة مجموعة مف القواعد‬
‫القانونية اآلمرة‪ ،‬ال تتوفر ليا الشخصية القانونية ‪ 3.‬و مف أشير الفقياء الذيف يرفضوف‬
‫االعتراؼ بالشخصية المعنوية لمدولة منيـ االتجاه الفرنسي الذي يترأسو ليوف دوجي الذي أطمؽ‬
‫مقولتو الشييرة" لـ يسبؽ لي أف تناولت وجبة اإلفطار مع شخص معنوي"‪ ،‬وىو يرى أف الدولة ما ىي‬
‫إال تعبير عف إرادة مجموعة صغيرة مف أفراد المجتمع التي ينصاع ليا غالبية أفراده‪ ،‬وغير بعيد عف‬

‫‪-‬محمد رفعت عبد الوىاب‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.31‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-‬حسني بوديار‪،‬الوجيز في القانوف الدستوري‪،‬دار العموـ لمنشر و التوزيع‪،‬الجزائر‪،‬عنابة‪،2113،‬ص‪.49‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪-‬فوزي أوصديؽ‪،‬الوافي في شرح القانوف الدستوري‪،‬المرجع السابؽ ‪،‬ص‪.117‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪37‬‬
‫ذلؾ توجو الفقو األلماني الذي يرى أف الدولة ىي أداة في يد الزعيـ الذي يوجو وينظـ األمة‪ ،‬وأف إرادة‬
‫الدولة ىي نفسيا إرادة الزعيـ‪ ،‬أما الفكر الماركسي فإنو يرى أف الدولة تتجسد في الفئة البرجوازية‬
‫التي تحكـ سيطرتيا عمى الفئة البروليتارية‪ ،‬وأف إرادة الدولة إنما ىي إرادة الفئة البرجوازية‪.1‬‬
‫ويعاب عمى ىذا االتجاه أنو لـ يقدـ البديؿ عف الشخصية المعنوية‪،‬الذي يصمح كأساس لتفسير‬
‫مباشرة الدولة لنشاطيا كوحدة قانونية‪.‬‬
‫الرأي المدافع عن الشخصية المعنوية لمدولة‪ :‬يقصد باالعتراؼ بالشخصية القانونية عموما‬
‫القدرة عمى التمتع بالحقوؽ وتحمؿ االلتزامات‪ ،‬أي القابمية التي تؤىؿ الشخص ألف يكوف‬
‫طرفا إيجابيا أو طرفا سمبيا بشأف الحقوؽ ‪ .‬وبما أف الدولة كغيرىا مف األشخاص المعنوية‬
‫التستطيع أف تمارس بذاتيا ما تخولو ليا أىميتيا القانونية مف أعماؿ وتصرفات وانما يمارس‬
‫ىذه األعماؿ نيابة عنيا وباسميا أشخاص آدميوف وىـ الحكاـ طبقا لما ينص عميو‬
‫الدستور‪.2‬‬
‫ويترتب عف ذلؾ مجموعة مف النتائج الميمة منيا دواـ الدولة ووحدتيا‪ ،‬التمتع بالذمة المالية‪ ،‬أىمية‬
‫التقاضي‪ ،‬والمساواة بيف الدوؿ‪.‬‬
‫‪ -‬دوام الدولة و وحدتيا‪:‬‬
‫تعتبر الدولة وحدة قانونية مستقمة عف أشخاص الحكاـ و بالتالي تكوف السمطة التي يمارسيا‬
‫الحكاـ ممكا لمدولة يباشرىا ىؤالء باسـ الجماعة الوطنية و لمصمحتيا‪ ،‬كما ينتج عنيا ايضا تمتعيا‬
‫بصفة الدواـ واالستمرار‪ ،‬وأف زواؿ األشخاص القائميف ال يؤثر في بقائيا فالمعاىدات و االتفاقيات‬
‫التي تبرميا الدولة و القوانيف التي تسنيا تبقى نافذة بالرغـ مف تغيير نظاـ الحكـ أو أشخاص الحكـ‬
‫الذيف تعاقدوا باسميا‪.3‬‬

‫‪ --‬صايش عبد المالؾ‪ ،‬المرجع السابؽ‪،‬ص‪.27‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬بف اعراب محمدػ‪ ،‬لمرجع السابؽ ‪،‬ص‪.19‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬نعماف أحمد الخطيب‪،‬الوسيط في النظـ السياسية و القانوف الدستوري‪ ،‬الطبعة السابعة ‪،‬دار الثقافة لمنشر والتوزيع‪،‬‬ ‫‪3‬‬

‫عماف األردف‪،2111،‬ص‪.32‬‬
‫‪38‬‬
‫‪ -‬تمتعيا بذمة مالية مستقمة‪ :‬إف استقالؿ الدولة عف األشخاص الحاكميف يترتب عنو تمتع‬
‫الدولة بذمة مالية مستقمة عف ذمـ األشخاص المذيف يعمموف باسميا ولحسابيا‪ ،‬وعميو فإف كؿ‬
‫التصرفات التي يقوـ بيا ىؤالء تعود إلى ذمة الدولة سواء كانت حقوؽ أو التزامات‪ ،‬ولكي تتمكف مف‬
‫القياـ باألعباء العامة الممقاة عمى عاتقيا سواء تعمؽ األمر بإدارة المرافؽ العامة أو ىيئة الجيش‬
‫لمدفاع والشرطة‪...‬لمحفاظ عمى النظاـ العاـ وتمجأ إلى استعماؿ وسائؿ قانونية تمكنيا مف تمويؿ‬
‫‪1‬‬
‫الخزينة كفرض الضرائب والرسوـ والغرامات‪.‬‬
‫‪ -‬أىمية التقاضي ‪ :‬إف تمتع الدولة بالشخصية القانونية يجعميا تتمتع بالحقوؽ وتتحمؿ مجموعة‬
‫مف االلتزامات التي تجعميا في مركز قادر عمى ممارسة الحؽ في التقاضي ولمدفاع عف حقوقيا أو‬
‫نتيجة لاللتزامات التي تمقى عمى عاتقيا‪ ،‬خاصة وأنيا تدخؿ في عالقات متشابكة مع األشخاص‬
‫الطبيعية والمعنوية عمى حد سواء في شكؿ عقود أو ق اررات إدارية تصدرىا في حقيـ‪ ،‬أو مع دوؿ‬
‫‪2‬‬
‫أخرى عف طريؽ إبراـ االتفاقيات والمعاىدات الدولية‪.‬‬
‫‪ -‬المساواة بين الدول‪ :‬إف االعتراؼ بالشخصية المعنوية لمدولة يترتب عميو ميالد شخص قانوني‬
‫دولي قادر عمى إحداث تصرفات قانونية وما يترتب عف ذلؾ مف مسؤولية‪ ،‬وىذا يجعؿ الدولة‬
‫تتساوى مع بقية الدوؿ مف حيث أنيا تكوف ليا نفس الحقوؽ وعمييا نفس الواجبات التي تثبت لغيرىا‬
‫مف أشخاص القانوف الدولي‪ ،‬ثـ تبرز أيضا مسألة المساواة بيف الدوؿ مف خالؿ السيادة التي تعتبر‬
‫‪3‬‬
‫خاصية تتميز ‪.‬بيا جميع الدوؿ كمبدأ عاـ‪.‬‬

‫المطمب الثاني‪ :‬السيادة‪:‬‬

‫‪ -‬معيفي لعزيز‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص‪.18‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬صايش عبد المالؾ‪ ،‬المرجع السابؽ‪،‬ص‪.28‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬سعيد بوشعير ‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص‪.98‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪39‬‬
‫إف قياـ الدولة بأركانيا الثالثة ‪:‬الشعب‪ ،‬واإلقميـ‪ ،‬والسمطة السياسية‪ ،‬يترتب عميو‬
‫تميزىا بأمريف أساسييف؛ األوؿ‪ :‬تمتعيا بالشخصية القانونية االعتبارية‪ ،‬واألمر الثاني‪ :‬كوف‬
‫السمطة السياسية فييا ذات سيادة‪.‬‬

‫فالسيادة ىي خاصية قانونية تتميز بيا الدولة عف غيرىا مف التجمعات التي تشترؾ‬
‫معيا في اكتساب الشخصية المعنوي ة‪، 1‬ولتسميط الضوء عمى موضوع السيادة وماىيتو‬
‫نفصمو كما يمي‪:‬‬

‫المقدـ عمى غيره جاىاً أو مكانة‬ ‫‪1‬ـ تعريف السيادة ‪:‬المعنى المغوي لمسيادة يدؿ عمى أنو ُ‬
‫صرؼ‪،‬‬‫حرّية التَّ ُّ‬
‫أومنزلة أو غمبة وقوة ورأياً وأم اًر‪..‬كما تعني‪ :‬الييمنة والغمبة‪ ،‬السيطرة‪ ،‬و ّ‬
‫‪2‬‬
‫البمَ ِد ‪ِ :‬رْف َعتُيا ‪ُ ،‬س ْمطَتُيا و َم ْج ُدىا ‪.‬‬ ‫و ِس َ‬
‫يادةُ َ‬
‫‪-2‬تعريف السيادة اصطالحاً‪ :‬إف تمتع الدولة بالسيادة يعني أف تكوف ليا الكممة العميا التي‬
‫ال يعموىا سمطة أو ىيئة أخرى ‪.‬وىذا يجعميا تسمو عمى الجميع وتفرض نفسيا عمييـ‬
‫باعتبارىا سمطة آمرة عميا ‪.‬لذلؾ فسيادة الدولة تعني وببساطة أنيا منبع السمطات األخرى ‪.‬‬
‫فالسيادة أصمية ولصيقة بالدولة و صفة ىامة لمسمطة السياسية فييا وىي التي تميزىا عف‬
‫‪3‬‬
‫غيرىا مف الجماعات السياسية األخرى ‪.‬‬
‫وعرؼ الدكتور عمار كوسة سيادة الدولة بأنيا الكممة العميا التي ال يعموىا أي سمطة‬
‫أخرى‪،‬فيي تسمو عمى الجميع وتفرض نفسيا باعتبارىا سمطة آمرة عميا‪.‬فسيادة الدولة ىي‬
‫منبع كؿ السمطات‪،‬و ىي األسمى و األعمى‪،‬تفرض االحتراـ مف الجميع وىي وحدة ال‬
‫‪4‬‬
‫تتجزأ‪.‬‬

‫‪-‬غريبي فاطمة الزىراء‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص‪.81‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬جبراف مسعود‪،‬الرائد معجـ ألفبائي في المغة و األعالـ‪،‬دار العمـ لممالييف ‪،‬بيروت لبناف‪،‬الطبعة‪،2115/3‬ص‪.517‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬نعماف أحمد الخطيب‪ ،‬المرجع السابؽ ‪،‬ص‪.33‬‬ ‫‪3‬‬

‫عمار كوسة‪ ،‬أبحاث في القانوف الدستوري‪،‬دار ىومة لمطباعة و النشر و التوزيع‪2118،‬الجزائر‪،‬ص‪.27‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪41‬‬
‫ويتفؽ جمع مف الفقياء عمى أف السيادة ىي السمطة القانونية المطمقة التي تممؾ ػ دوف منازع ػ‬
‫الحؽ" القانوني "في مطالبة اآلخريف بااللتزاـ والخضوع عمى النحو الذي يحدده القانوف وعدـ‬
‫الخضوع ألي سمطة ميما كانت طبيعتيا ومصدرىا إال في حدود إرادة الدولة‪1.‬و مع ذلؾ ظمت‬
‫سيادة الدولة ليست مجرد حقيقة مادية فحسب ‪،‬إنما ىي خاصية قانونية ضرورية أقرىا كؿ‬
‫مف الفقو الدستوري و الدولي‪.‬عمى أنيا‪":‬ذلؾ النطاؽ مف حرية التصرؼ في مجموعة مف‬
‫‪2‬‬
‫االختصاصات التي تنفرد بيا السمطة السياسية في الدولة ‪.‬‬
‫فالسيادة إذف ىي خاصية قانونية تتميز بيا الدولة عندما تكتمؿ المقومات المادية التي تنبني‬
‫عمييا مف مجموع بشرية ورقعة جغرافية ومؤسسة حاكمة‪ ،‬وىي تجسد ما تتمتع بو الدولة مف سمطات‬
‫تمارسيا عمى األفراد داخؿ إقميميا وتواجو بو الدوؿ األخرى في الخارج‪.‬‬
‫مف خالؿ التعاريؼ السابقة لمسيادة يتضح أف لمسيادة مجموعة مف الخصائص تثمتؿ فيما‬
‫يمي‪:‬‬
‫‪ -‬السيادة ىي سمطة قانونية‪:‬بمعنى أنيا ليست مجرد حقيقة مادية بؿ ىي سمطة تستند إلى‬
‫القانوف‪ 3.‬وعمى أساس ذلؾ فإف األشخاص الذيف يمارسوف السيادة تكوف ليـ سمطة إصدار‬
‫‪4‬‬
‫القوانيف وتطبيقيا أي إصدار قواعد قانونية ممزمة‪.‬‬
‫‪ -‬السيادة ىي سمطة أصمية‪ :‬وعميو ال تستمد مف سمطة أخرى بؿ تسمو عمى جميع‬
‫السمطات فيي السمطة اآلمرة العميا تمنحيا حؽ األمر و النيي‪5.‬أي أنيا السمطة األـ التي ال‬

‫‪ -‬صايش عبد المالؾ‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص‪.29‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-‬غريبي فاطمة الزىراء‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص‪.81‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪-‬محمد رفعت عبد الوىاب‪ ،‬المرجع السابؽ‪،‬ص‪.73‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪-‬حسني بديار‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص‪.52‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪-‬مولود ديداف‪،‬القانوف الدستوري و النظـ السياسية‪،‬عمى ضوء التعديؿ الدستوري ‪،2116‬دار بمقيس لمنشر‪،‬‬ ‫‪5‬‬

‫الجزائر‪،2117،‬ص‪.37‬‬
‫‪41‬‬
‫تستمد أصميا مف سمطة أخرى‪ .‬بؿ ىي التي تمنح السمطة والقدرة لمييئات االدارية القائمة‬
‫‪1‬‬
‫داخؿ الدولة‪.‬‬
‫‪ -‬السمطة السياسية واحدة‪ :‬أي أنيا سمطة غير قابمة لمتجزئة فعمى الرغـ مف تعدد الييئات‬
‫في الدولة فإف ذلؾ ال يعني مطمقا أف السمطة مقسمة‪،‬بؿ إف ىذه الييئات ىي مجرد أدوات‬
‫لممارسة ىذه السمطة ‪.‬‬
‫مظاىر و أشكال السيادة‪ :‬لمسيادة مظيراف‪:‬‬
‫المظير الداخمي‪ :‬ومؤداه أف تبسط السمطة السياسية سمطانيا عمى كؿ إقميـ الدولة‪ ،‬بحيث‬
‫يكوف ليا السمطة اآلمرة التي تعمو عمى جميع األفراد والجماعات والييئات الموجودة فييا‪،‬‬
‫وبالتالي فيي تتمتع بالقرار النيائي في جميع الشؤوف الداخمية دوف مشاركة سمطة أخري ليا‬
‫‪2‬‬
‫ىذه السيادة‪.‬‬

‫المظير الخارجي‪ :‬فيعني عدـ خضوع الدولة لدولة أجنبية أخرى‪،‬و بالتالي تمتعيا باالستقالؿ‬
‫وعدـ التبعية لدوؿ أخرى‪.‬كما يظير المظير الخارجي في حريتيا في إدارة شؤونيا الخارجية‪،‬‬
‫وتحديد عالقاتيا بغيرىا مف الدوؿ وحريتيا بالتعاقد معيا‪ ،‬وحقيا في إعالف الحرب أو التزاـ‬
‫‪3‬‬
‫الحياد ‪.‬‬

‫أما أشكال سيادة الدولة فتظير من خالل‪:‬‬


‫السيادة القانونية والسيادة السياسية‪ :‬حيث يقصد بالسيادة القانونية سمطة الدولة في إصدار‬
‫التشريعات بواسطة ممثمييا ومف خالؿ األجيزة المخولة بذلؾ ثـ العمؿ عمى تنفيذىا ومعاقبة كؿ مف‬

‫‪ -‬محمد رفعت عبد الوىاب‪ ،‬المرجع السابؽ‪،‬ص‪.73‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-‬نعماف أحمد الخطيب ‪ ،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.34‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬والسيادة الخارجية "مرادفة لالستقالؿ السياسي‪ ,‬ومقتضاىا عدـ خضوع الدولة صاحبة السيادة ألية دولة أجنبية‪،‬‬ ‫‪3‬‬

‫والمساواة بيف جميع الدوؿ أصحاب السيادة‪ ،‬فتنظيـ العالقات الخارجية يكوف عمى أساس مف االستقالؿ ‪،‬ومما ينبغي‬
‫اإلشارة إليو أف ىذا المظير ال يعني أف تكوف سمطتيا عميا‪ ،‬بؿ المراد أنيا تقؼ عمى قدـ المساواة مع غيرىا مف الدوؿ ذات‬
‫السيادة‪ ،‬وال يمنع ىذا مف ارتباطيا وتقييدىا بالتزامات أو معاىدات دولية مع غيرىا مف الدوؿ‪.‬‬
‫‪42‬‬
‫يخالفيا‪ ،‬أما السيادة السياسية فيراد بيا الشعب بمفيومو السياسي الذي يرجع لو الفضؿ في اختيار‬
‫المسئوليف السياسييف الذيف يكوف ليـ حؽ ممارسة السيادة القانونية‪ ،‬فيي بذلؾ سمطة الشعب في‬
‫‪1‬‬
‫اختيار مف يتولى مسؤولية إدارة الشؤوف العامة في الدولة‪.‬‬
‫السيادة اإلقميمية والسيادة الشخصية‪:‬يقصد بالسيادة اإلقميمية ممارسة سمطة الدولة عمى‬
‫امتداد إقميميا وعمى كؿ ما يوجد فيو و ما يقع عميو مف أعماؿ و تصرفات‪.‬أما السيادة‬
‫الشخصية فيي تعني أف سمطة الدولة تتحدد عمى أساس عنصر األشخاص الذيف يحمموف‬
‫‪2‬‬
‫جنسيتيا‪،‬أي سيادتيا عمى كؿ شعبيا االجتماعي‪.‬‬
‫السيادة السالبة و السيادة االيجابية في احتكار حق التصرف‪:‬إف السيادة في الدولة ىي‬
‫خاصية مانعة و سالبة الختصاص أي جية أجنبية لمتدخؿ في شؤونيا ‪،‬مما يعني احتكار‬
‫اختصاص الدولة في شؤونيا أما السيادة االيجابية فيتجمى مضمونيا في حؽ التصرؼ‬
‫الفاعؿ في ممارسة استقاللية الدولة لنشاطاتيا و ق ارراتيا و عدـ إمكانية متع الدولة مف القياـ‬
‫‪3‬‬
‫بأي مشاط داخمي أو خارجي ترغب في القياـ بو سواء في الداخؿ أو الخارج‪.‬‬
‫السيادة‪:‬‬ ‫ناقصة‬ ‫ودولة‬ ‫السيادة‬ ‫كاممة‬ ‫دولة‬ ‫إلى‬ ‫الدول‬ ‫تقسم‬ ‫كما‬
‫أو‬ ‫ـ دولة كاممة السيادة‪ :‬وىي الدولة التي ال تخضع وال تتبع في شؤونيا الداخمية‬
‫أو‬ ‫الخارجية لرقابة أو سيطرة مف دولة أخرى‪ ،‬وليا مطمؽ الحرية في وضع دستورىا‬
‫تعديمو ‪.‬أما الدول ناقصة السادة فيي التي ال تتمتع باالختصاصات األساسية لمدولة‬
‫لخضوعيا لدولة أخرى أو تبعيتيا لييئة دولية تشاطرىا بعض االختصاصات‪ ,‬كالدوؿ التي‬
‫أو‬ ‫توضع تحت الحماية أو االنتداب أو الوصاية وكالدوؿ المستعمرة‪ .‬وىذا االستقالؿ‬

‫‪ -‬صايش عبد المالؾ‪ ،‬المرجع السابؽ‪،‬ص‪.33‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬غريبي قاطمة الزىراء‪ ،‬المرجع السابؽ‪،‬ص‪.83‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬غريبي قاطمة الزىراء‪ ،‬نفس المرجع‪،‬ص‪.83‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪43‬‬
‫التبعية ال يؤثراف عمى وجود الدولة الفعمي وىو ليس تقسيماً مؤبداً بؿ ىو قابؿ لمتغيير‬
‫‪1‬‬
‫والتبديؿ تبعاً لتغير ظروؼ كؿ دولة‪.‬‬

‫صاحب السيادة في الدولة ‪ :‬إف أصؿ مصطمح السيادة وبالفرنسية )‪ (Souveraineté‬تنبع‬


‫مف السيد وىو الممؾ أو الحاكـ بصفة عامة وأوؿ ما ظيرت كانت بيدؼ الدفاع عف المموؾ‬
‫إزاء سمطة البابا و اإلقطاعييف‪ .‬ولقد فسرت ىذه السمطة قديما عمى أساس طبيعة الحاكـ‬
‫اإلليية أو لكونو خميفة هلل في األرض بالنسبة لمنظريات الدينية‪،‬وتفسر استنادا لمقوة الجسدية أو‬
‫الفكرية أو المالية بالنسبة لنظريات القوة والغمبة‪ ،‬غير أف النظريات الحديثة تنزع الصفة السيادية‬
‫‪2‬‬
‫لمحاكـ وتمحقيا باألمة أو بالشعب فظيرت عمى أساس ذلؾ نظريتيف‪.‬‬

‫‪-‬الدولة ناقصة السيادة ىي الدولة التي تتبع غيرىا مف الدوؿ والييئات الدولية في إدارة شؤونيا الداخمية والخارجية‪،‬ويتخذ‬ ‫‪1‬‬

‫ىذا النوع مف الدوؿ عدة أشكاؿ‪.‬‬


‫أ ‪/‬الدولة الخاضعة لالنتداب ‪:‬االنتداب‪ ،‬نظاـ استعماري انشأ بموجب عيد عصبة األمـ‪.‬‬
‫ب‪/‬الدولة التابعة ‪:‬ينصرؼ معنى الدولة التابعة إلى ارتباط دولة بأخرىبرابطة الخضوع والوالء‪ ،‬ويطمؽ عمى األولى الدولة‬
‫التابعة وعمى الثانية الدولة المتبوعة ‪.‬وتختص الدولة المتبوعة بإدارة الشؤوف الخارجية لمدولة التابعة فتمثميا في المنظمات‬
‫والييئات الدولية‪ ،‬وتبرـ المعاىدات نيابة عنيا وتدير شؤونيا الدبموماسية‪ ،‬وليس لمدولة التابعة إال ممارسة بعض‬
‫االختصاصات الداخمية ‪.‬وال يوجد نمط واحد محدد ينظـ عالقة الدولة التابعة بالمتبوعة وانما يخضع تنظيـ ىذه العالقة‬
‫لمظروؼ التاريخية واالجتماعية واالقتصادية والسياسية وساد العمؿ بيذا النظاـ في القرف التاسع عشر‪ ،‬فقد أصبحت مصر‬
‫تابعة لمدوؿ العثمانية بموجب معاىدة لندف المبرمة في ‪ 15‬ماي ‪1840‬واستمر ىذا الوضع حتى سنة ‪ 1914‬كما طبؽ ىذا‬
‫النظاـ عمى األقاليـ األوربية التي كانت خاضعة لمدولة العثمانية مثؿ إقميـ صربيا ورومانيا‪..‬‬
‫ج ‪/‬الدولة المحمية ‪:‬الحماية عالقة قانونية تنشئ عف معاىدة دولية بيف دولتيف إحداىما قوية) الحامية(‬
‫واألخرى ضعيفة) المحمية (وبموجب ىذه المعاىدة تضع الدولة الضعيفة نفسيا تحت حماية الدولة القوية وتتنازؿ لياعف‬
‫قدر مف سيادتيا الداخمية وسيادتيا الخارجية ويخضع تنظيـ عالقة الدولة الحامية بالمحمية ألحكاـ القانوف الدولي ‪.‬‬
‫د ‪/‬الدول الواقعة تحت نظام الوصاية ‪:‬يقصد بنظاـ الوصاية‪ ،‬قياـ دولة أو أكثر بمساعدة إقميـ معيف في‬
‫إدارة شؤونو الخارجية أو الداخمية أو كمييما‪ ،‬أو تقديـ النصح لو حتى يصؿ إلى الدرجة التي يستطيع فييا ذلؾ اإلقميـ‬
‫االستقالؿ بشؤونو عمى نحو كامؿ ‪.‬واذا كاف نظاـ االنتداب وليد الظروؼ السياسية التي طبعت مؤتمر الصمح سنة‪، 1919‬‬
‫فإف نظاـ الوصاية‪ ،‬ظاىر ييدؼ إلى حؿ المشكمة االستعمارية عمى النحو الذي يسيـ في حفظ السمـ واألمف الدولييف‬
‫ويمكف الشعوب مف تقدير مصيرىا‪.‬بف أعراب محمد ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.23‬‬
‫‪-‬صايش عبد المالؾ ‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص‪.31‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪44‬‬
‫أوال‪ :‬نظرية سيادة األمة‪ :‬تعتبر سيادة األمة نظرية فرنسية في نشأتيا‪ ،‬إذ أف الفقو الدستوري‬
‫ينسبيا إلى المفكر السياسي جاف جاؾ روسو‪ ،‬ولكف مفكريف آخريف سبقوا روسو في المناداة‬
‫بيذه النظرية‪ ،‬و طبقا لمضموف سيادة األمة فإف السيادة كسمطة آمرة وعميا في الدولة ال‬
‫ترجع إلى فرد أو أفراد محدديف بدواتيـ كالمموؾ وال إلى ىيئة معينة بؿ ترجع السيادة إلى‬
‫األمة ذاتيا باعتبارىا وحدة مجردة ومستقمة عف األفراد المكونيف ليا‪ ،‬و لكنيا ترمز إلييـ‬
‫جميعا وتمثؿ مجموع األفراد وىيئاتيـ‪ .‬فالسيادة ممموكة لألمة كشخص معنوي جماعي يمثؿ‬
‫أو بجزء منيا ألف ىذا اإلدعاء‬ ‫الكافة وال يستطيع بعض األفراد االدعا ء بحؽ السيادة‬
‫يتعارض مع انفراد األمة بالسيادة بالكامؿ‪ 1.‬ولقد اعتنقت الثورة الفرنسية النظرية وحولتيا إلى‬
‫مبدأ دستوري‪،‬إذ نص إعالف حقوؽ اإلنساف والمواطف الصادر سنة ‪1789‬عمى أنو‪":‬األمة‬
‫ىي مصدر كؿ سيادة‪:‬كما نص دستور السنة الثالتة لمجميورية سنة ‪ 1795‬عمى وحدة‬
‫‪2‬‬
‫السيادة وعدـ قابميتيا لمتجزئة أو التنازؿ عنيا ألنيا ممؾ لألمة‪.‬‬

‫• النتائج المترتبة عمى مبدأ سيادة األمة ‪:‬‬


‫‪ -1‬تقتضي نظرية سيادة األمة األخذ بنظاـ الديمقراطية النيابية‪.‬‬
‫‪ -2‬االنتخاب وظيفة وليس حقا لألفراد‪.‬‬
‫‪ - 3‬النائب ممثؿ لألمة بأسرىا و ليس ممثال لناخبي دائرتو‪.‬‬
‫‪4‬ػالقانوف تعبير عف اإلرادة العامة لألمة‪.‬‬
‫ـ نقد مبدأ سيادة األمة‪:‬‬
‫‪ 1‬ػ إف فكرة مبدأ سيادة األمة ككياف مستقؿ عف األفراد المكونيف لو يؤدي إلى االعتراؼ‬
‫لألمة بالشخصية المعنوية‪،‬إلى جانب الشخصية المعنوية لمدولة ليصبح في اإلقميـ الواحد‬
‫أكثر مف شخصية معنوية وىو األمر غير المقبوؿ في المنطؽ القانوني‪.‬‬

‫‪-‬محمد رفعت عبد الوىاب‪،‬المرجع السابؽ ‪،‬ص‪.76‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬مولود ديداف‪،‬القانوف الدستوري و النظـ السياسية عمى ضوء التعديؿ الدستوري‪،2116‬المرجع السابؽ‪،‬ص‪.41‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪45‬‬
‫‪2‬ػ تعظيـ القوانيف الصادرة عف البرلماف بمنع الطعف في دستوريتيا وجبر المحكوميف عمى‬
‫الخضوع ليا يؤدي إلى التعسؼ بالحقوؽ و الحريات‪ ،‬وانتقؿ الحاؿ مف ديكتاتورية الحكاـ إلى‬
‫‪1‬‬
‫دكتاتورية البرلمانات‪.‬‬
‫نظرية سيادة الشعب ‪ :‬تتفؽ نظرية سيادة الشعب مع نظرية سيادة األمة في كونيما يجعالف‬
‫السيادة ممموكة لجماعة األفراد و ليس ألشخاص الحكاـ ‪ ،‬ولكنيما يختمفاف بعد ذلؾ اختالفا‬
‫موضوعيا جوىريا ‪ ،‬فنظرية سيادة األمة تمنح السيادة لألمة ذاتيا كوحدة ال تقبؿ التجزئة و‬
‫مستقمة عف األفراد المكونيف ليا‪ ،‬بينما نظرية سيادة الشعب تعطي السيادة ألفراد الشعب‬
‫أنفسيـ و بدواتيـ ‪ .‬وطبقا لنظرية سيادة الشعب تكوف السيادة لكؿ فرد في الجماعة ‪ ،‬حيث‬
‫إنيا تنظر إلى األفراد ذاتيـ وتجعؿ السيادة مشتركة بينيـ ومف ثـ تنقسـ وتتج أزعمى األفراد ‪.‬‬
‫و مف تـ إذا كاف عدد أفراد الشعب في الدولة عشرة مالييف فرد مثال ‪،‬فإف السيادة تنقسـ إلى‬
‫عشرة مالييف مف األجزاء بحيث يممؾ كؿ فرد جزءا متساويا مف أجزاء السادة مثؿ غيره مف‬
‫‪2‬‬
‫األفراد‪.‬‬

‫النتائج المترتبة عمى مبدأ سيادة الشعب‪:‬‬


‫‪ 1‬ػ تجزئو السيادة بيف األفراد‪.‬‬
‫‪ 2‬ػ االنتخاب حؽ ال وظيفة‪.‬‬
‫‪ 3‬ػ النائب في البرلماف ال يمثؿ األمة كميا بؿ يكوف وكيال عف دائرتو االنتخابية‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ 4‬ػ القانوف تعبير عف إرادة األغمبية‪.‬‬
‫ـ نقد نظرية سيادة الشعب‪:‬‬
‫‪1-‬تجسيد عالقة التبعية بيف النائب والناخب‪.‬‬

‫‪-‬غريبي فاطمة الزىراء‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.87‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-‬محمد رفعت عبد الوىاب‪ ،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.85‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪-‬حسني بوديار‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص‪.55‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪46‬‬
‫‪2-‬إف األخذ بمبدأ سيادة الشعب لف يحؿ المشكمة ألنو في الواقع يجزئ السيادة ويجعميا‬
‫مقسمة بيف أفراد الشعب‪.‬‬

‫ػ إف االنتقادات الموجية إلى مبدأ سيادة األمة أو مبدأ سيادة الشعب ليست حاسمة‪ ،‬ويبقى أف‬
‫كال مف النظريتيف تحارباف الحكـ المطمؽ وتبرراف سيادة األمة أو الشعب‪ ،‬ويتفقاف مع‬
‫الديمقراطية‪ .‬ولتفادي االنتقادات الموجية ليذه النظريات مف جية‪ ،‬وقصد االستفادة مف‬
‫محاسنيا مف جية أخرى‪،‬و حتى تستطيع مواكبة التطور ظيرت نظرية تعرؼ بنظرية‬
‫‪1‬‬
‫الدمج‪.‬‬

‫المطمب الثالث‪ :‬خضوع الدولة لمقانون‪:‬‬

‫أصبح خضوع الدولة لمقانوف مف أىـ خصائص الدولة الحديثة‪،‬فيو مف المبادئ‬


‫ِ‬
‫تطبيقو واحترامو‪ 2.‬حيث يذىب الرأي الغالب في الفقو‬ ‫الدستورية التي تجتيد كؿ الدوؿ في‬
‫الدستوري الحديث إلى تقييد سيادة الدولة‪ ،‬وعمى وجوب خضوعيا لمقانوف بصفة عامة و لدستور‬
‫بصفة خاصة‪ ،‬ألف سمطة الدولة رغـ أنيا سمطة ذات سيادة‪ .‬والتي تعني أف تكوف إرادة الدولة ىي‬
‫األعمى وأف تكوف سمطتيا أقوى السمطات إال أنيا يجب أف تخضع لسمطات القانوف بمفيومو الواسع‬
‫حتى ال تضيع حقوؽ األفراد‪ ،‬لكف السؤاؿ الذي يطرح نفسو في ىذا المقاـ ىو كيؼ تخضع إرادة‬
‫الدولة لمقانوف وىي صاحبة السيادة في آف واحد؟ عمى ىذا األساس ظيرت عدة نظريات فمسفية‬
‫وفقيية حاولت تفسير مبدأ خضوع الدولة لمقانوف وأىميا‪:‬‬
‫النظرية األولى‪ :‬نظرية القانون الطبيعي‪ :‬ترى ىذه النظرية أف ىناؾ قانوف طبيعي يسمو‬
‫عمى الجميع‪،‬و ىو قانوف أبدي ثابت ال يتغير وىو عبارة عف مجموعة مف المبادئ الخالدة‬

‫التي يجب أف تحكـ السموؾ البشرى‪ ،‬ألنيا منبثقة عف طبيعة اإلنساف باعتباره كائناً عاقالً‬

‫‪-‬مولود ديدف‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص‪،42‬غريبي فاطمة‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص‪.91‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-‬عمار كوسة‪،‬أبحات في القانوف الدستوري‪،‬دار ىومة لمطباعة و النشر و التوزيع‪،‬الجزائر‪،2118،‬ص‪.28‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪47‬‬
‫واجتماعيا‪ ،‬إف ىذا القانوف يعد سابقاً في وجوده لمدولة‪،‬مما يجعميا تسمو عمييا‪ 1.‬وليذا فيو‬
‫قيد عمى الحكاـ الذيف عمييـ االلتزاـ بو‪ .‬ويكوف عمى المشرع أف يرجع إلى ىذه القواعد فيما‬
‫يستميمو مف أحكاـ وما يقننو مف قواعد وضعية‪ ،‬بؿ ويكوف عمى جميع سمطات الدولة أف‬
‫تمتزـ بأحكاـ و قواعد القانوف الطبيعي فيما تجريو مف تصرفات وما يصدر عنيا مف أفعاؿ‬
‫‪.‬بيد أف ىذه النظرية قوبمت بانتقادات شديدة بصفة عامة وانتقدت فكرة تقييد إرادة الدولة‬
‫بقواعد القانوف الطبيعي مف طرؼ فقو القانوف العاـ ‪.‬‬

‫النظرية الثانية‪ :‬نظرية الحقوق الفردية‪ :‬ومضموف ىذه النظرية أف الفرد لو حقوقو الطبيعية‬
‫التي تولد معو‪ ،‬وليذا فيي سابقة لمدولة ولمجماعة نفسيا‪ ،‬وكما أف الفرد ال يتنازؿ عنيا‬
‫بانضمامو إلى أي تنظيـ سياسي كالدولة‪ ،‬بؿ إف الدولة تنشأ مف أجؿ حماية ودعـ ىذه‬
‫الحقوؽ التي تشكؿ عمة وجودىا ‪ .‬وما دامت ىذه الحقوؽ سابقة عمى كؿ تنظيـ سياسي‪ ،‬فيي‬
‫تخرج عف سمطاف الدولة‪ ،‬وفوؽ ذلؾ فيي تقيِّد أنشطتيا‪ .‬ولقد وجدت ىذه النظرية صدى‬
‫كبير لدى رجاؿ الثورة الفرنسية و تأثروا بيا و ترجموا مضمونيا في إعالف حقوؽ اإلنساف‬
‫‪2‬‬
‫والمواطف في فرنسا سنة ‪1789‬و في دساتير الثورة الفرنسية‪.‬‬

‫النظرية الثالثة‪ :‬نظرية التحديد الذاتي‪ :‬نشأت ىذه النظرية في الفقو األلماني‪ .‬و تقوـ عمى‬
‫أساس فكرة جوىرية مفادىا أف الدولة ال يمكف أف تخضع لقيد مف القيود إال إذا كاف نابعا مف‬
‫‪3‬‬
‫إرادتيا باعتبارىا السمطة العميا التي ال تعموىا سمطة داخؿ الدولة‪.‬‬

‫أي أف القانوف مف صنع الدولة ‪ ،‬وعميو ال يمكف القوؿ بأنيا تتقيد بو وتخضع لو خضوعا‬
‫مطمقا‪ ،‬وعمى ىذا األساس فمنادوا ىذه النظرية حاولوا التوفيؽ بيف سيادة الدولة واستقالليا مف جية‬
‫وقابميتيا لمخضوع لمقانوف‪ ،‬ذلؾ كوف أف القواعد القانونية التي تحكـ نشاط السمطات العامة ىي مف‬

‫‪ -‬صايش عبد المالؾ‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص‪.34‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬قزو محمد أكمي‪ ،‬المرجع السابؽ ‪،‬ص‪.92-91‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪-‬غريبي فاطمة الزىراء ‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.112‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪48‬‬
‫صنع الدولة‪ ،‬وعميو فإف ىذه األخيرة تخضع لقانوف مف صنعيا ويستمد قوتو اإللزامية مف إرادتيا ىي‬
‫دوف غيرىا وتمتزـ بما تسنو مف قوانيف فال يتصور وضع قواعد قانونية تكوف ممزمة لألفراد وغير‬
‫ممزمة لمدولة‪ 1.‬لقد انتقدت ىذه النظرية لكونيا تمنح لمدولة حؽ الخروج عف القانوف الذي تسنو‬
‫وبالتالي فإف ذلؾ اعتراؼ ليا بتعديؿ والغاء القانوف وفقا لمشيئتيا‪ ،‬كما أف الدولة ال تقيد نفسيا‬
‫بإرادتيا ألف القانوف سابؽ عمى وجودىا وىو مف صنع قوة أعمى منيا‪ ،‬وىو القانوف الطبيعي الذي‬
‫يمثؿ القيد الحقيقي عمى سمطة الدولة‪.2‬‬
‫رابعا‪ :‬نظرية التضامف االجتماعي‪ :‬ويتزعميا الفقيو ليوف د وجي الذي يرى بأنو إذا كاف‬
‫القانوف مف صنع الدولة فإنو ال يعقؿ القوؿ بخضوعيا لو ألف ذلؾ الخضوع ال يتحقؽ إال إذا كاف‬
‫القانوف صادر مف سمطة أعمى مف سمطة الدولة‪ ،‬و السمطة التي تعمو الدولة ىي التضامف‬
‫االجتماعي الذي منو يكتسب القانوف قوتو اإللزامية وليس مف سمطة الحكاـ و ىذا يعني فصؿ‬
‫القانوف عف الدولة مف حيث المصدر‪ ،‬فالدولة شأنيا شأف األفراد تكوف ممزمة بو و كذا الحاكميف ال‬
‫يحؽ ليـ إصدار أوامر و توجييات لمقياـ بعمؿ معيف إال إذا استدعت ذلؾ مقتضيات التضامف‬
‫‪3‬‬
‫االجتماعي‪.‬‬
‫نقد‪ :‬إف تأسيس النظرية عمى فكرة التضامف االجتماعي ال يمكف قبوليا إال جزئيا فإلى جانب‬
‫التضامف االجتماعي الذي يرتكز عميو المجتمع يوجد فكرة أخرى سائدة في المجتمعات وىي‬
‫مناقضة ليا والمتمثمة في الصراع والتنافس‪ ،‬إضافة إلى ذلؾ فإف ىذه النظرية قد اعتمدت عمى فكرة‬
‫‪4‬‬
‫أخالقية ولـ تبنى عمى أسس قانونية‪.‬‬
‫ضمانات خضوع الدولة لمقانون ‪:‬‬

‫‪ -‬معيفي لعزيز‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص‪.23‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬أوصديؽ فوزي‪ ،‬الوافي في شرح القانوف الدستوري‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.147‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬صايش عبد المالؾ‪ ،‬المرجع السابؽ‪،‬ص‪.35‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ -‬بسيوني عبد الغني عبد اهلل‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.269‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪49‬‬
‫إف الدولة القانونية أىـ ما يميزىا عف غيرىا مف الدوؿ ىو خضوعيا لمقواعد القانونية‬
‫في جميع نشاطاتيا‪ ،‬وحتى يمكف تحقيؽ وتجسيد دولػة القانوف في الواقع العممي كحقيقة‬
‫في ِجب أف تتوفر ليذه الدولة العديد مف الضمانات ومف أىـ ىذه الضمانات اآلتي‪:‬‬

‫‪ )2‬وجود دستور لمدولة‪ :‬يعتبر الدستور أوؿ لبنة لتأسيس دولة القانوف حتى شبو بأنو شيادة‬
‫ميالد الدولة القانونية في عصرنا الحديث‪ 1 .‬يعتبر الدستور الضمانة األولى مف ضمانات‬
‫خضوع الدولة لمقانوف إذ أف وجود الدستور يعني إقامة النظاـ السياسي والقانوني لمدولة‪ ،‬ألنو‬
‫ينشىء السمطات المختمفة‪ ،‬ويحدد اختصاصاتيا‪ ،‬ويبيف كيفية ممارسة ىذه االختصاصات‪،‬‬
‫وما عمييا مف امتيازات وما عمييا مف واجبات‪ .‬كما يحدد الدستور نظاـ الحكـ في الدولة‪ ،‬و‬
‫يوضح كيفية اختيار الحاكـ‪ ،‬ويبيف سمطاتو‪.‬‬

‫‪ )3‬تدرج القواعد القانونية‪ :‬بمعنى أنو يجب خضوع القاعدة القانونية األدنى لمقاعدة األعمى‬
‫منيا شكالً ومضموناً‪ ،‬فيكوف الدستور عمى رأس ىذه القوانيف التي يجب أف تصدرىا السمطة‬
‫مف خالؿ إتباع إجراءات واضحة ومحددة‪ ،‬وىذا التدرج أو التسمسؿ لمقواعد القانونية يكوف‬
‫عمى النحو التالي‪:‬‬

‫* الدستور أوالً عمى رأس قمة اليرـ القانوني‪.‬‬

‫* ثـ المعاىدات الدولية بعد توقيع وتصديؽ الدولة عمييا‪.‬‬

‫* ثـ القوانيف العضوية‪.‬‬

‫* ثـ القوانيف العادية‪.‬‬

‫* وأخي اًر الموائح والق اررات التنظيمية التي تشكؿ قاعدة ىذا اليرـ القانوني لمدولة‪.‬‬

‫‪ -‬غريبي فاطمة الزىراء ‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.112‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪51‬‬
‫مبدأ الفصؿ بيف السمطات‪ :‬ىذا المبدأ مضمونو أنو يجب عمى كؿ سمطة مف السمطات‬ ‫‪)4‬‬
‫ِ‬
‫تحترـ القواعد التي وضعيا الدستور لممارسة اختصاصاتيا بحيث ال‬ ‫العامة في الدولة أف‬
‫تخرج عف حدود ىذه االختصاصات أو تتعدى عمى اختصاصات سمطة أُخرى‪ ،‬ولتحقيؽ‬
‫مبدأ الفصؿ بيف السمطات يجب أو يمزـ تحديد وتوضيح تخصص ُكؿ سمطة ِمف السمطات‬
‫العامة في الدولة‪ ،‬كما يعني أف تراقب كؿ سمطة مف الدولة السمطة األخرى في أدائيا‬
‫لوظيفتيا المسندة إلييا طبقا لمدستور‪ 1.‬ومف ىنا يصبح ىذا المبدأ ضمانة أساسية لتحقيؽ‬
‫دولػة القانوف‪.‬‬

‫‪ )5‬تنظيـ الرقابة القضائية والتأكيد عمى استقاللية القضاء‪ :‬إف الرقابة القضائية ىي الوسيمة‬
‫لحماية الفرد ِمف تعسؼ السمطة بمختمؼ أشكالو‪ ،‬وىذا يتحقؽ ويسود ِمف‬
‫الحاسمة واألكيدة ِ‬

‫خالؿ التأكيد عمى استقالؿ القضاء وعدـ تبعيتو ألي سمطة أُخرى‪.‬‬

‫‪ )5‬المعارضة السياسية‪ :‬إف التعددية الحزبية السياسية في الدولة تسمح بوجود معارضة تعمؿ‬
‫جاىدة عمى انتقاد ومعارضة الييئة الحاكمة وكشؼ أخطائيا مف خالص القواعد القانونية وتنبيو‬
‫الرأي العاـ ضدىا وبالنظر لموعي السياسي الذي تتمتع بو المعارضة وحرصيا عمى كشؼ أخطاء‬
‫‪2‬‬
‫الحكومة فإف المعارضة السياسية تصبح بدورىا دعامة أساسية لمبدأ خضوع الدولة لمقانوف‪.‬‬

‫المبحث الرابع‪ :‬أشكال الدولة‪:‬‬

‫بعد أف تعرفنا عمى أف الدولة ىي عبارة عف مجموعة مف األفراد تقطف بصفة دائمة إقميـ‬
‫معيف وتخضع لسمطة سياسية عميا‪ ،‬وأنيا تتميز بالشخصية القانونية االعتبارية والسيادة‪،‬‬
‫وخضوعيا لمقانوف‪ .‬نذىب إلى البحث في أشكاؿ الدولة وذلؾ بتبياف أنواع الدوؿ مف حيث‬
‫طبيعة البنية الداخمية لمسمطة السياسية فييا‪،‬ذلؾ كوف شكؿ الدولة وأنواعيا يرتبط بنوع الييئة‬

‫‪ -‬غريبي فاطمة الزىراء ‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.118‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬صايش عبد المالؾ‪ ،‬المرجع السابؽ‪،‬ص‪.36‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪51‬‬
‫الحاكمة إذا كانت واحدة أو موزعة عمى عدة مراكز داخؿ الدولة أي التركيب الداخمي لمسمطة‬
‫السياسية‪،‬و التي تكوف إما سمطة واحدة أو سمطات متعددة‪ .‬فما ىي الدولة البسيطة أو‬
‫الموحدة و ما ىي الدولة المركبة ؟‬

‫المطمب األول‪ :‬الدولة البسيطة‪:‬‬

‫الدولة البسيطة أو الموحدة ىي تمؾ الدولة التي تتميز بالوحدة السياسية سواء مف الناحية‬
‫الخارجية أومف الناحية الداخمية‪.‬فمف الناحية الخارجية تدير شؤونيا في المجاؿ الدولي ىيئة‬
‫واحدة‪ ،‬وليا تمثيؿ خارجي واحد‪ .‬ومف الناحية الداخمية تتميز بوحدة في نظاـ الحكـ‬
‫الدستوري أو السياسي‪،‬فميا دستور واحد يطبؽ عمى كافة إقميـ الدولة‪ ،‬و ليا سمطة تشريعية‬
‫واحدة تتولى وضع التشريعات الممزمة لكؿ إقميـ الدولة‪ ،‬و سمطة تنفيذية واحدة وليا كذلؾ‬
‫سمطة قضائية واحدة‪ 1.‬وال يؤثر في اعتبار الدولة البسيطة اتساع رقعة إقميميا‪ ،‬أواتصاؿ‬
‫وانفصاؿ أراضي إقميميا‪ ،‬كما ال يؤثر في اعتبار الدولة بسيطة أو موحدة شكؿ نظاـ الحكـ‬
‫فييا ممكياً كاف أو جميورياً‪ ،‬فالدولة الموحدة قد تكوف ممكية كالمغرب واألردف‪ ،‬ويمكف أف‬
‫تكوف جميورية كمصر والجزائر ولبناف‪ .‬وغالبية الدوؿ العربية‪.‬‬

‫ومن أىم مظاىر الدولة البسيطة أو الموحدة ما يمي‪:‬‬

‫‪ -1‬من حيث السمطة‪ :‬حيث تتميز الدولة البسيطة أو الموحدة بوحدة سمطات الدولة أي‬
‫بالبساطة في تركيب السمطة السياسية فييا ومف ىنا سميت بالدولة البسيطة تميي اًز ليا عف‬
‫الدولة المركبة‪.‬‬

‫حيث تتولى الوظائؼ العامة في الدولة سمطات واحدة ينظميا دستور واحد يسري عمى جميع‬
‫أجزاء الدولة‪ .‬وتمثؿ وحدة السمطة السياسية في وحدة سمطات الدولة الثالث‪ :‬السمطة‬

‫‪-‬محمد رفعت عبد الوىاب‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص‪.47‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪52‬‬
‫التشريعية‪ ،‬والسمطة التنفيذية‪ ،‬والسمطة القضائية‪ ،‬التي تمارس اختصاصاتيا وفقاً ألحكاـ‬
‫الدستور فييا‪.1‬‬

‫‪ -2‬من حيث اإلقميم‪ :‬اإلقميـ وحدة واحدة في جميع أجزائو ويخضع لقوانيف واحدة دوف تمييز‬

‫إالّ ما تقرره بعض القوانيف المحمية في المسائؿ اإلدارية فقط مف باب االستثناء ومارعاةً‬
‫لمطابع الخصوصي لبعض المناطؽ‪ 2.‬فمعنى ذلؾ أـ إقميـ الدولة البسيطة أوالموحدة يخضع‬
‫في جميع أجزائو‪ :‬األرضية‪ ،‬والبحرية‪ ،‬والجوية لسيادة الدولة‪ .‬كما أف جنسية مواطني الدولة‬
‫البسيطة أو الموحدة جنسية واحدة يخضع ليا جميع المواطنيف المقيميف عمى إقميـ الدولة‬
‫ويتـ اكتساب ىذه الجنسية وفؽ معايير موحدة‪.‬‬

‫غير أف ىذه األحادية في السمطة الحكومية ال يؤثر فييا كوف الدولة تختار في توزيعيا‬
‫الختصاصات بيف نظاـ المركزية اإلدارية أو الالمركزية اإلدارية‪ .‬فالمركزية والالمركزية‬
‫اإلدارية يتعمقاف بكيفية توزيع الوظائؼ اإلدارية في الدولة وال يتعمقاف بنظاـ الحكـ السياسي‬
‫في الدولة أو بماشرة الوظيفة السياسية‪ ،‬وىما بالتالي ال يمساف وحدة الدولة السياسية التي‬
‫تعتبر السمة األساسية لمدولة البسيطة أوالموحدة‪ ،‬حيث يبقى ىناؾ دستور واحد وتشريعات‬
‫‪3‬‬
‫واحدة وسمطة حكومية واحدة‪ ،‬وسمطات عامة واحدة‪ :‬تشريعية كانت أـ تنفيذية أـ قضائية‪.‬‬

‫فالجزائر مثال توزيع السمطة فييا مف الناحية اإلدارية يأخذ صورة الالمركزية اإلدارية(الوالية‬
‫أو البمدية) وعدـ التركيز اإلداري(الدائرة)‪.‬كما تأخذ الالمركزية اإلدارية صورتيف أساسيتيف‪،‬ال‬

‫‪ -‬نعماف أخمد الخطيب‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.75‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ - 2‬بف أعراب محمد ‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص‪.26‬‬


‫‪ - 3‬محمد رفعت عبد الوىاب‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص‪.48‬‬
‫‪53‬‬
‫مركزية إقميمية ال مركزية مصمحية أو مرفقية‪.‬نسمى األولى اإلدارة المحمية‪،‬و تسمى الثانية‬
‫‪1‬‬
‫بالوظائؼ اإلدارية المحمية كالجامعات والييئات والمؤسسات المحمية‪.‬‬

‫المطمب الثاني‪ :‬الدولة المركبة ‪:‬‬

‫يقصد بالدولة المركبة‪ :‬الدوؿ التي يربط بينيا نوع مف أنواع االتحاد ‪،‬بحيث تخضع‬
‫لسمطة سياسية مشتركة‪2.‬كما يطمؽ مصطمح الدولة المركبة في الفقو الدستوري‪ ،‬عندما يظير‬
‫اتحاد بيف دولتيف أو أكثر لتحقيؽ مصالح مشتركة‪ .3.‬وتتخذ الدوؿ المركبة أشكاالً متعددة‬
‫تختمؼ مف حيث الضعؼ أو القوة تبعاً لنوع االتحاد بيف الدوؿ الداخمة فيو‪ ،‬فقد يتخذ االتحاد‬
‫شكؿ االتحاد الشخصي الذي يعتبر أضعؼ االتحادات‪ ،‬يميو االتحاد التعاىدي‪ ،‬ثـ االتحاد‬
‫الفعمي أو الحقيقي‪ ،‬وأخي اًر االتحاد المركزي حيث تتحوؿ الدوؿ أواألقاليـ أواإلمارات الداخمة‬
‫فيو إلى دولة اتحادية أو مركزية‪.‬‬

‫‪1‬ـ اإل تحاد الشخصي‪ :‬يعد االتحاد الشخصي أضعؼ صور االتحاد بيف الدوؿ الف مظيره يتجمى‬
‫في وحدة رئيس الدولة الموحدة اتحادا شخصيا ولذلؾ تمعب الصدفة دو ار كبي ار في نشأة ىذا النوع مف‬
‫االتحاد وكذلؾ في إنيائو إذ ينشأ عادة نتيجة المصاىرة أو أيمولة العرش في دولتيف أو أكثر لشخص‬
‫واحد‪ ،‬وال يترتب عمى االتحاد الشخصي ظيور شخص دولي جديد الف كؿ دولة تحتفظ بشخصيتيا‬
‫الدولية كاممة‪،‬كما أنو ال يؤثر في سيادتيا الداخمية‪ 4.‬وعميو فإف كؿ دولة مف الدوؿ األعضاء في‬
‫االتحاد الشخصي تحتفظ بسيادتيا الخارجية وسيادتيا الداخمية‪ ،‬ويكوف لكؿ منيا استقالليا‬
‫الداخمي ونظاـ حكميا ودستورىا الخاص وسمطاتيا العامة المستقمة مف تشريعية وتنفيذية‬
‫وقضائية‪.‬‬

‫‪ - 1‬عمار كوسة ‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.29‬حسني بوديار‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص‪.57-56‬‬


‫‪-‬مولود ديداف ‪،‬القانوف الدستوري و النظـ السياسية‪،‬عمى ضوء تعديؿ‪ ،2116‬المرجع السابؽ‪،‬ص‪. 45‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ - 3‬قزر محمد أكمي‪،‬المرجع السابؽ ‪ ،‬ص ‪.99‬‬


‫‪ - 4‬بسيوني عبد الغني عبد اهلل‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪. 94‬‬
‫‪54‬‬
‫وينشأ االتحاد الشخصي عادة نتيجة عالقة الزوجية بيف ممؾ وممكة كاتحاد بولندا ولتوانيا‬
‫الذي قاـ عاـ ‪ 1385‬ـ عمى اثر زواج ممؾ ليتوانيا مف ممكة بولندا‪ ،‬واالتحاد الذي قاـ بيف إنجمت ار‬
‫وىانوفر عاـ‪ 1.1714‬أو أيمولة العرش في دولتيف أو أكثر لشخص واحد أو بسبب المكانة التي‬
‫يحتميا الشخص الرئيس لدى شعوب مجموعة مف الدوؿ فيعطى لو منصب الرئيس شرفيا‪،‬و مثاؿ‬
‫ذلؾ االتحاد الشخصي الذي تـ بيف عدة جميوريات عتدما اختير بوليفار رئيسا لمجميوريات‬
‫الثالت في نفس الوقت وىي البيرو سنة‪2924‬وكولومبيا سنة‪،2925‬و فنزويال سنة‪ 2.2927‬ومف‬
‫أىـ اآلثار التي تترتب عمى قياـ االتحاد الشخصي‪:‬‬

‫خضوع االتحاد لرئاسة شخص واحد‪ :‬فالمظير الوحيد المميز لالتحاد الشخصي ىو وحدة‬ ‫‪‬‬

‫اتحاد موقوتاً‪ ،‬إذ يزوؿ االتحاد بمجرد اختالؼ شخص رئيس‬


‫ً‬ ‫رئيس الدولة‪ ،‬وىذا يجعؿ منو‬
‫الدولة‪ .‬وفي ىذه الحالة يمارس رئيس االتحاد الشخصي سمطاتو ال بصفتو رئيساً لالتحاد‬
‫وانما يمارسيا بصفتو رئيساً إلحدى الدوؿ الداخمة في االتحاد‪ ،‬ويمارسيا تارة أخرى بصفتو‬
‫رئيساً لدولة أخرى في االتحاد‪ ،‬فيي شخصية ليا دور مزدوج أو متعدد بتعدد الدوؿ الداخمة‬
‫في االتحاد‪.‬‬
‫ال يتولد عف االتحاد الشخصي نشأة دولة جديدة‪ :‬حيث تستقؿ كؿ دولة مف الدوؿ الداخمة‬ ‫‪‬‬

‫في االتحاد الشخصي بسياستيا الخارجية‪ ،‬أي يكوف ليا سياستيا الخارجية الخاصة بيا‪،‬‬
‫وتمثيميا الدبموماسي الخاص ومعاىداتيا الخاصة‪ ،‬كما تستقؿ كؿ دولة بمسؤوليتيا الدولية‬
‫عف تصرفاتيا القانونية‪.‬‬
‫احتفاظ الدوؿ الداخمة في االتحاد الشخصي باستقالليا الداخمي‪ ،‬فيكوف ليا دستورىا‬ ‫‪‬‬

‫الخاص‪ ،‬ونظاميا السياسي‪ ،‬وسمطاتيا العامة المستقمة مف تشريعية وتنفيذية وقضائية‪ .‬كما‬

‫سعيد بوشعير‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.626‬‬ ‫‪-‬‬


‫‪1‬‬

‫‪ -‬مولود ديداف ‪،‬القانوف الدستوري و النظـ السياسية‪،‬عمى ضوء تعديؿ‪.2116‬المرجع السابؽ‪،‬ص‪.46‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪55‬‬
‫يبقى رعاياىا محتفظيف بجنسيتيـ المستقمة‪ ،‬ويعد رعايا كؿ دولة داخمة في االتحاد أجانب‬
‫بالنسبة لمدوؿ األخرى المكونة لالتحاد‪.‬‬

‫ـ ثانياً االتحاد التعاىدي‪:‬ينشأ االتحاد االستقاللي ألتعاىدي مف اتفاؽ دولتيف أو أكثر في‬
‫معاىدة دولية عمى تكويف ىذا االتحاد أو االنضماـ إليو‪ ،‬مع احتفاظ كؿ دولة باستقالليا‬
‫الخارجي و سيادتيا الداخمية بكؿ ما تتضمنو مف تطبيؽ لدساتيرىا الخاصة وقوانينيا‬
‫وأنظمتيا الداخمية‪ .1‬حيث ينشأ ىذا االتحاد نتيجة اتفاؽ يضـ دولتيف وأكثر عمى أف تبقى كؿ‬
‫دولة ليا سيادتيا الداخمية والخارجية ورئيسيا الخاص ويرمي ىذا اإلتحاد أساسا‪،‬إلى تحقيؽ‬
‫أىداؼ معينة‪ ،‬أو حماية مصالح مشتركة كالدفاع المشترؾ وحفظ السالـ وتنسيؽ الشؤوف‬
‫االقتصادية واالجتماعية والعسكرية‪ ،‬و غيرىا مف المسائؿ التي يمكف أف تدرج في المعاىدة‬
‫المنشئة لإلتحاد ‪ 2.‬أي أف مظير االتحاد أف ىناؾ معاىدة تحالؼ تجمع ىذه الدوؿ‪ .‬والتي‬
‫تنشأ عنيا ىيئة تسمى مجمس أو مؤتمر أو جمعية تتكوف مف مندوبيف يمثموف دوؿ االتحاد‪.‬‬
‫وتقوـ ىذه الييئة بميمة استشارية‪ ،‬وذلؾ لتحديد السياسة المشتركة لمدوؿ األعضاء عف‬
‫‪3‬‬
‫طريؽ التوصيات التي تصدرىا‪ ،‬والتي البد مف موافقة الدوؿ األعضاء عمييا قبؿ تنفيذىا‪.‬‬
‫وليذا ال تعتبر ىذه الييئة دولة مركزية لمدوؿ األعضاء أوحكومة فوؽ حكومتيا‪ ،‬أو شخصا‬
‫دوليا قائما بذاتو‪ .‬فال تكوف ق ارراتيا ممزمة إال إذا وافقت عمييا الدوؿ األعضاء ‪،‬كما أنيا ال‬
‫تعبر عف رأييا وانما عمى رأى الدوؿ التي تمثميا‪ .‬وعميو فإف الدوؿ المتحدة تبقى مستقمة عف‬
‫بعضيا‪ ،‬وأف الييئة الجديدة ميمتيا تقتصر في البحث عمى السبؿ الكفيمة لتحقيؽ اليدؼ‬

‫‪ - 1‬نعماف أحمد الخطيب‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.82‬‬


‫‪ - 2‬قزر محمد أكمي‪،‬المرجع السابؽ ‪ ،‬ص ‪.111‬‬
‫‪ - 3‬مولود ديداف ‪،‬القانوف الدستوري و النظـ السياسية‪،‬عمى ضوء تعديؿ‪.2116‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.46‬‬

‫‪56‬‬
‫الذي أنشئت مف أجمو فتقدـ التوصيات المتعمقة بذلؾ دوف أف تخرج عف نصوص المعاىدة و‬
‫إلى أف تتقبميا جميع الدوؿ األعضاء و يترتب عمى ما سبؽ ‪:‬‬

‫‪ -‬تحتفظ كؿ دولة في االتحاد بشخصيتيا الدولية‪.‬‬


‫‪ -‬تحتفظ كؿ دولة بنظاميا السياسي والدستوري وليا أف تعدلو أو تغيره دوف تدخؿ مف دوؿ االتحاد‪.‬‬
‫‪ -‬كؿ دولة تكوف مسؤولة دوليا عف تصرفاتيا ويكوف ليا إقميـ خاص تمارس عميو كؿ‬
‫‪-‬‬ ‫مظاىرالسيادة‪.‬‬
‫لكؿ دولة جنسيتيا ويعتبر مواطنو كؿ دولة أجانب بالنسبة لمدوؿ األخرى األعضاء في االتحاد‪.‬‬
‫‪-‬تستقؿ كؿ دولة عضو بعالقاتيا مع الدوؿ األخرى وتمثيميا الدبموماسي مع غيرىا ‪.‬‬
‫‪-‬ال تسري المعاىدات واالتفاقيات إال بالنسبة لمدولة التي أبرمتيا‪.‬‬
‫‪ -‬إف الحرب التي تقوـ بيف دولتيف في اإلتحاد ىي حرب دولية و ليست أىمية‪.‬‬
‫‪ -‬إف الحرب التي تقوـ بيف دولة أجنبية و دولة داخمية في اإلتحاد ال تعد حربا عمى اإلتحاد‬
‫ككؿ‪.‬‬
‫مف أمثمة ىذا االتحاد ذلؾ االتحاد الذي تـ في سويس ار بيف المقاطعات السويسرية عاـ‪1815‬‬
‫و تحوؿ إلى إتحاد مركزي بموجب دستور‪ .1848‬واالتحاد األمريكي بعد استقالؿ ‪13‬‬
‫مقاطعة عف بريطانيا عاـ‪ 1776‬والذي تحوؿ إلى اتحاد مركزي بموجب دستور ‪.1787‬‬
‫‪1‬ويرى بعض الفقياء أف جامعة الدوؿ العربية المنشأة عاـ ‪ 1945‬تعد نوعا مف االتحادات‬
‫‪2‬‬
‫التعاىدية أو االستقاللية ‪.‬‬
‫‪ -3‬االتحاد الفعمي (أو الحقيقي)‪ :‬يتكوف االتحاد الفعمي (أو الحقيقي) مف اتحاد دولتيف أو‬
‫أكثر تخضع جميعيا لرئيس دولة واحد يرأس الدوؿ األعضاء كميا‪،‬و يترتب عف ىذا االتحاد‬
‫اندماج الدوؿ األعضاء في شخصية قانونية جديدة ىي دولة االتحاد التي تباشر لوحدىا‬

‫‪ - 1‬غريبي فاطمة الزىراء ‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.115‬‬


‫‪ - 2‬نعماف أحمد الخطيب‪ ،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪ .85‬قزر محمد أكمي‪،‬المرجع السابؽ ‪ ،‬ص ‪.112‬‬
‫‪57‬‬
‫مظاىر السيادة الخارجية‪ .‬ويترتب عمى قياـ االتحاد الفعمي فقداف الدوؿ الداخمة فيو‬
‫شخصيتيا الدولية ‪ 1.‬أي تنشأ شخصية دولية جديدة ىي شخصية دولة االتحاد التي تتمتع‬
‫وحدىا بكافة مظاىر السيادة الخارجية‪ :‬كالتمثيؿ الدبموماسي‪ ،‬وابراـ المعاىدات واالتفاقيات‬
‫‪2‬‬
‫الدولية‪.‬‬
‫أما في المجاؿ الداخمي ‪ ،‬فتحتفظ الدوؿ األعضاء باستقالليا الداخمي‪ ،‬ومف تـ يكوف لكؿ‬
‫دولة نظاميا السياسي الخاص بيا ‪،‬أي يكوف لكؿ دولة دستورىا الخاص الذي يبيف طبيعة‬
‫حكميا‪ ،‬كما يكوف ليا سمطاتيا الدستورية الخاصة بيا مف تشريعية وتنفيذية وقضائية‪ ،‬فكأف‬
‫دوؿ االتحاد فقدت شخصيتيا الدولية فقط في المجاؿ الدولي الخارجي أما في المجاؿ‬
‫الداخمي فتظؿ دوال مستقمة في نظميا وشؤونيا الداخمية ‪ 3.‬أما النتائج المترتبة عميو فيي‪:‬‬

‫‪ -‬ظيور شخص دولي جديد يمارس جميع المياـ الخارجية كالتمثيؿ الدبموماسي والقنصمي وابراـ‬
‫المعاىدات‪.‬‬

‫‪ -‬الحرب التي تقوـ بيف دوؿ االتحاد تعتبر حرب أىمية‪ ،‬أما الحرب التي تقوـ بيف احدي الدوؿ‬
‫األعضاء ودولة أجنبية تعد حربا ضد االتحاد كمو‪.‬‬

‫‪ -‬يتمتع أفراد الدوؿ المشكمة لالتحاد بجنسية واحدة‪.‬‬

‫‪ -‬تحتفظ كؿ دولة بدستورىا فيكوف لكؿ منيا نظاميا الدستوري والقانوني والسياسي الخاص بيا‪.‬‬
‫ويعتبر ىذا النوع مف االتحاد األقؿ شيوعا في التاريخ الغابر واألندر تطبيقا في عالـ‬
‫الحاضر‪ ،‬ومف األمثمة التي سجمت تاريخيا اتحاد النرويج ومممكة السويد عاـ ‪ .6865‬نتيجة‬
‫اتفاقية السالـ الموقعة بيف ىزيمة النرويج أماـ السويد‪،‬وانتيى ىذا االتحاد باستقالؿ النرويج‪.‬‬

‫‪ - 1‬محمد رفعت عبد الوىاب‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص‪.55‬‬


‫‪ - 2‬عمار كوسة ‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.31‬‬
‫‪ - 3‬محمد رفعت عبد الوىاب‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص‪.55‬‬
‫‪58‬‬
‫وأيضا االتحاد الحاصؿ بيف النمسا والمجر عاـ ‪ 6867‬والذي انتيى عاـ‪ .6968‬وكذا اتحاد‬
‫‪1‬‬
‫اسكتمندا و الدانمارؾ الذي استمر مف ‪6968‬إلى غاية ‪.6944‬‬

‫‪ 4‬ـ اإلتحاد المركزي ‪ :‬إذا كانت أغمب االتحادات السابقة قد تنشأ بمقتضى معاىدات دولية‪،‬‬
‫ووصفت بأنيا اتحادات قانوف دولي‪ ،‬فإف االتحاد المركزي ينشأ ويخضع لمقانوف الدستوري‪،‬‬
‫لذلؾ فيو اتحاد قانوف دستوري‪ 2.‬حيث ينشأ اإلتحاد المركزي أو الفيدرالي باتحاد دولتيف أو‬
‫أكثر‪،‬إال أنو يتميز عف االتحادات السابقة في كونو أكثر انصيا ار بيف الدوؿ المتحدة وأقواىا‬
‫ارتباطا‪ ،‬ويظير ىذا التمايز في فقداف الدوؿ األعضاء لشخصيتيا الدولية وسيادتيا‬
‫الخارجية‪ ،‬وقياـ شخصية دولية جديدة مكانيا ىي دولو اإلتحاد المركزي بسيادتيا الخارجية‬
‫الكاممة وتمتعيا بجزء مف السيادة الداخمية لكؿ الدويالت المنشئة لإلتحاد‪ 3.‬وينشأ االتحاد‬
‫المركزي عادة بطريقتيف‪:‬‬

‫أ‪ -‬تجمع رضائي أو إجباري‪ :‬وذلؾ عف طريؽ تجمع لدوؿ كانت مستقمة أصال كما في‬
‫الواليات المتحدة األمريكية ( طريقة رضائية) و سويس ار ( جبرية)‪ .‬ب‪ -‬تقسيـ مقصود‬
‫ألجزاء متعددة مف دولة سابقة‪ ،‬كانت بسيطة وموحدة ‪.‬كما في االتحاد السوفيتي سابقا‬
‫‪4‬‬
‫وروسيا حاليا‪.‬‬

‫خصائص اإلتحاد المركزي‪ :‬تتميز الدولة الفيدرالية بجممة مف الخصائص التي يسمييا البعض‬
‫أيضا بالمبادئ‪ ،‬وىي ضرورة وجود دستور مكتوب‪ ،‬توزيع االختصاصات وأخير ضرورة وجود‬
‫قضاء فيدرالي‪:‬‬

‫‪ - 1‬غريبي فاطمة الزىراء ‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.116‬‬


‫‪ - 2‬نعماف أحمد الخطيب‪ ،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.88‬‬
‫‪ - 3‬محمد رفعت عبد الوىاب‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص‪.57‬‬
‫‪ - 4‬عمار كوسة ‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.32‬‬
‫‪59‬‬
‫‪ -6‬ضرورة وجود دستور مكتوب ‪ :‬معموـ أف االتحاد الفيدرالي األوؿ الذي ظير إلى الوجود ىو‬
‫الواليات المتحدة ا ألمريكية في عاـ ‪ 6787‬وكاف إعالف ميالد االتحاد الفيدرالي األمريكي عف‬
‫طريؽ الدستور األوؿ واألخير ليذه الدولة‪ ،‬واذا كانت ظاىرة الدساتير المكتوبة غير معروفة في ذلؾ‬
‫الوقت‪ ،‬فإف طبيعة شكؿ الدولة الذي تزدوج فيو السمطة السياسية يممي عمى مؤسسييا ضرورة وضع‬
‫وثيقة تأسيسية تبيف اختصاصات السمطة السياسية المركزية واختصاصات السمطات الالمركزية‪،‬‬
‫ومنو أصبح الدستور المكتوب خاصية لصيقة بالدوؿ التي تتبنى النظاـ الفيدرالي الذي تحدد فيو‬
‫‪1‬‬
‫االختصاصات‪ ،‬ويتـ مف خاللو إزالة كؿ إشكاؿ قد ينتج عف تداخؿ الصالحيات‪..‬‬

‫‪2‬ـ توزيع االختصاصات بين الحكومة المركزية وحكومات الواليات‪ :‬وتتوزع االختصاصات‬
‫تمؾ وفقا لمطرؽ اآلتية‪:‬‬
‫ػ فقد يتـ النص في الدستور االتحادي عمى اختصاصات السمطات الفيدرالية وحكومات الواليات‬
‫عمى سبؿ الحصر‪ ،‬وقد عيب عمى ىذه الطريقة أنيا تضع قيود عديدة عمى حركة التطور داخؿ‬
‫االتحاد كما أنيا تثير مف الناحية العممية الكثير مف المنازعات بسبب عدـ تحديد صاحب‬
‫‪2‬‬
‫االختصاص‪.‬‬
‫‪ -‬كما أنو قد يتـ النص في الدستور االتحادي عمى اختصاصات الييئات االتحادية عمى سبيؿ‬
‫الحصر وىي الطريقة التي انتيجتيا كؿ مف الواليات المتحدة األمريكية وسويس ار واالتحاد‬
‫السوفياتي‪ ،‬ويكوف ذلؾ عادة في الحاالت التي فييا الروابط و المصالح المشتركة بيف شعوب‬
‫االتحاد ليست قوية بدرجة كبيرة مما يدفعيا إلى عدـ تقوية السمطة االتحادية وحصر اختصاصاتيا‬
‫في حدود واضحة ‪،‬وتترؾ االختصاصات األخرى لييئات الدويالت األعضاء في االتحاد وىو ما‬

‫‪ - 1‬صايش عبد المالؾ‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.44‬‬


‫‪ - 2‬معيفي لعزيز‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص‪.40‬‬
‫‪61‬‬
‫يجعؿ ىذه األخيرة في مركز أقوى عند مواجيتيا لمسمطة االتحادية‪ ،‬ويؤدي إتباع ىذه الطريقة إلى‬
‫غمبة مظاىر االستقالؿ عمى مظاىر الوحدة بيف الدويالت األعضاء في االتحاد‪.1‬‬
‫‪ -‬وأخي ار قد يتـ تحديد اختصاصات الدويالت عمى سبيؿ الحصر ويتـ المجوء إلى ىذه الطريقة‬
‫عندما تكوف الروابط والمصالح المشتركة قوية جدا بحيث يمنح الدستور االتحادي اختصاصات‬
‫واسعة لمييئات االتحادية وينص عمى اختصاصات محددة لييئات الدوؿ األعضاء في االتحاد‬
‫عمى سبيؿ الحصر ويترؾ ما عدا ذلؾ الختصاص الييئة االتحادية‪ .‬وىي الطريقة التي انتيجتيا‬
‫‪2‬‬
‫كؿ منكندا واليند و فنزريال‪.‬‬
‫أما مف الناحية العممية فإف ازدواجية السمطات يولد طابعا خاصا في كيفية تقاسـ الوظائؼ الثالثة‬
‫التشريعية والتنفيذية والقضائية بيف كؿ مف الييئة المركزية التي ليا سمطة تشريعية وتنفيذية‬
‫وقضائية خاصة‪ ،‬والييئات الالمركزية أي الدويالت وكؿ واحدة منيا ليا أيضا سمطة تشريعية‬
‫وتنفيذية وقضائية‪ ،‬وعمى ذلؾ تمارس الوظائؼ عمى النحو اآلتي‪:‬‬
‫أ ‪.‬الوظيفة التشريعية‪ :‬يوزع االختصاص في ىذه الوظيفة بيف البرلماف االتحادي وبرلماف كؿ‬
‫دويمة‪،‬فيختص البرلماف االتحادي بالتشريع في كؿ ما يتعمؽ بشؤوف االتحاد ككؿ أما برلمانات‬
‫الدويالت فإف وجودىا ضروري لتحقيؽ التمييز الذاتي لمدويالت‪ ،‬وعميو فإف المواطف في الدولة‬
‫االتحادية يخضع لنوعيف مف التشريعات بعضيا صادر مف البرلماف االتحادي والبعض األخر‬
‫يصدر مف برلماف الدويمة التي ينتمي إلييا‪ ،‬ويتكوف البرلماف االتحادي عادة مف مجمسيف ‪ :‬مجمس‬
‫أوؿ يتـ اختيار أعضائو باالقتراع العاـ المباشر بيف كؿ مواطف اتحادي وذلؾ عمى أساس التمثيؿ‬
‫العددي لكؿ المواطنيف‪ ،‬أما المجمس الثاني فيتـ تكوينو عمى أساس التمثيؿ المتكافئ لكؿ الدويالت‬
‫‪3‬‬
‫باالعتماد عمى مبدأ المساواة في التمثيؿ فيما بينيـ‪.‬‬

‫‪ - 1‬نعماف أحمد الخطيب‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.95‬‬


‫‪ - 2‬نعماف أحمد الخطيب‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.96‬‬
‫‪ - 3‬معيفي لعزيز‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص‪.42‬‬
‫‪61‬‬
‫مما سبؽ يتضح أف الييئة النيابية االتحادية تتكوف مف مجمسيف مجمس يمثؿ شعب الدولة‬
‫االتحادية بأكممو‪،‬كما لو كانت الدولة بسيطة و موحدة و يقوـ بانتخاب ىذا المجمس الشعب‬
‫السياسي في جميع الواليات المكونة لإلتحاد ‪.‬أما المجمس اآلخر فيو مجمس الواليات الذي‬
‫تمثؿ فيو الواليات عمى قدـ المساواة بغض النظر غف عدد سكانيا أو مساحتيا‪.‬ففي الواليات‬
‫المتحدة األمريكية يتكوف البرلماف االتحادي ( الكونغرس) مف مجمسيف ىما مجمس النواب‬
‫‪1‬‬
‫الذي يمثؿ الشعب ‪،‬و مجمس الشيوخ الذي ينكوف مف ممثمي الواليات ‪.‬‬
‫ب ‪.‬الوظيفة التنفيذية‪ :‬يوزع االختصاص في ىذه الوظيفة بيف الحكومة الفيدرالية وحكومة‬
‫الدويالت طبقا لنصوص الدستور االتحادي‪ ،‬وتمجأ الدساتير االتحادية عادة إلى ثالثة أساليب‬
‫لضماف تنفيذ قوانيف االتحاد وذلؾ خالفا لحكومات الدويالت التي يتـ تنفيذ القوانيف الصادرة فييا‬
‫عف طريؽ أجيزتيا التنفيذية وتتمثؿ ىذه األساليب في‪:‬‬
‫‪ -‬أسموب اإلدارة المباشرة‪ :‬تنص بعض الدساتير االتحادية عمى إتباع أسموب اإلدارة المباشرة‬
‫لتنفيذ القوانيف االتحادية بحيث تتولى الحكومة االتحادية إنشاء إدارات وتعييف موظفيف تابعيف ليا‬
‫يكمفوف بتنفيذ القوانيف االتحادية وق اررات الحكومة االتحادية في كؿ أنحاء االتحاد دوف االستعانة‬
‫بموظفي الدويالت‪ ،‬ويمكف ىذا األسموب الحكومة االتحادية مف مراقبة تنفيذ القوانيف والق اررات‬
‫‪2‬‬
‫االتحادية في كؿ أقاليـ االتحاد‪ ،‬ومع ذلؾ فإنو معيب لكونو يكمؼ االعتماد عميو نفقات باىظة‪.‬‬
‫‪ -‬أسموب اإلدارة غير المباشرة‪ :‬ذلؾ بأف تعيد الدولة االتحادية ميمة تنفيذ القوانيف إلى موظفي‬
‫الدويالت‪ ،‬ويتميز ىذا األسموب بكونو يؤدي إلى االقتصاد وتوفير الكثير مف النفقات وىو األسموب‬
‫‪3‬‬
‫المنصوص عميو في الدستور االتحادي األلماني‪.‬‬

‫‪ - 1‬نعماف أحمد الخطيب‪ ،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.92‬‬


‫‪ -2‬بسيوني عبد الغني عبد هللا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.222‬‬
‫‪ - 3‬قزو محمد أكمي‪،‬المرجع السابؽ ‪ ،‬ص ‪.114‬‬
‫‪62‬‬
‫‪ -‬األسموب المختمط‪ :‬يجمع األسموب المختمط بيف األسموبيف السابقيف‪ ،‬بحيث يوزع مياـ تنفيذ‬
‫القوانيف االتحادية بيف الموظفيف االتحادييف وموظفي الدويالت وأخذ بيذا األسموب الدستور‬
‫‪1‬‬
‫النمساوي‪.‬‬
‫ج ـ الوظيفة القضائية‪:‬يوجد في الدولة االتحادية ازدواج في السمطة القضائية‪.‬فعمى المستوى‬
‫المركزي ىناؾ سمطة قضائية اتحادية باعتبارىا جية قضائية عميا مف سمطات االتحاد‪،‬مثؿ‬
‫المحكمة العميا األمريكية والمحكمة االتحادية في سويسرا‪ .‬وكذلؾ عمى مستوى كؿ والية مف‬
‫الواليات ىناؾ سمطة فضائية محمية خاصة بالوالية‪،‬و يختص قضاء الوالية بالفصؿ في‬
‫المنازعات التي تثور في إطار الوالية‪،‬أما السمطة القضائية االتحادية فيي تختص بمنازعات‬
‫ذات طابع قومي عمى مستوى الدولة كميا ‪.‬مثؿ المنازعات بيف الواليات ‪،‬أو بيف االتحاد عمى‬
‫المستوى المركزي و بيف الواليات ‪،‬أو بالمنازعات بيف أفراد تابعيف لواليات مختمفة‪.‬كما تعتبر‬
‫‪2‬‬
‫جية إستئنافية حيث يستأنؼ أماميا بعض أحكاـ محاكـ الواليات ‪.‬‬
‫‪ -3‬ضرورة وجود قضاء فدرالي‪ :‬إف وجود قضاء مركزي يضع حدا لممشاكؿ التي يمكف أف‬
‫تنشأ عف منازعات بيف الحكومة المركزية وحكومات الواليات فيتدخؿ القضاء المركزي لمفصؿ‬
‫فييا‪.‬‬
‫وتنتيي الدوؿ المتحدة اتحادا فيدراليا بإحدى الطرؽ المعروفة في القانوف الدولي العاـ والتي‬
‫تتمخص في زواؿ أي ركف مف أركاف الدولة الثالث كزواؿ اإلقميـ أو الشعب أو السمطة السياسية‪،‬‬
‫كما تزوؿ الدولة الفدرالية بتحوليا إلى دولة بسيطة أو بتفككيا إلى عدة دوؿ‪.‬‬

‫‪ 4‬ػ تمثيؿ الدويالت في الييئة التشريعية لإلتحاد‪ :‬مف مظاىر تأكيد استمرار بقاء الواليات‬
‫كوحدة دستورية ‪،‬تمثميا في الييئة التشريعية لإلتحاد‪.‬‬

‫‪ - 1‬صايش عبد المالؾ‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.46‬‬


‫‪ - 2‬محمد رفعت عبد الوىاب‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص‪.66‬‬

‫‪63‬‬
‫‪ 5‬ػ تمتع رعايا اإلتحاد بجنسية واحدة‪ :‬إف ظيور شخص دولي جديد يستتبع تمتع كؿ رعايا‬
‫اإلتحاد‪.‬‬ ‫دوؿ‬ ‫جنسية‬ ‫ىي‬ ‫واحدة‬ ‫بجنسية‬ ‫اتحدت‬ ‫التي‬ ‫الدوؿ‬
‫‪6‬ػ أما فيما يتعمؽ بالسيادة الداخمية فيي مشتركة بيف الدويالت والدولة المركزية وىذا ما‬
‫يميزىا عف اإلتحاد الفعمي و الدولة الموحدة‪،‬ذلؾ ألف الدويالت ال تستقؿ استقالال تاما‬
‫بسيادتيا الداخمية كما ىو الشأف في اإلتحاد الفعمي كما ال تفقدىا كميا كما ىو الحاؿ في‬
‫الدولة الموحدة‪،‬غاية ما في األمر أف الحكومة المركزية تتمتع بجزء مف السمطة عمى حكومة‬
‫الدويالت و إقميميا و رعاياىا‪.‬‬

‫ووفقا لذلؾ فإف كؿ دويمة يكوف ليا دستورىا الخاص بيا و بالتالي سمطاتيا الثالث طبقا لما‬
‫ىو مقرر ومحدد في دستور اإلتحاد التي تتكوف ىي األخرى مف سمطة تشريعية ليا مجمسيف‬
‫أحدىما ينتخبو الشعب والثاني يتكوف مف ممثميف عف الدويالت و سمطة تنفيذية وسمطة‬
‫قضائية‪.‬‬

‫ـ كيفية نشأة اإلتحاد المركزي‪:‬ينشأ اإلتحاد المركزي بطريقتيف‪:‬‬

‫أوليما‪:‬ىي انضماـ دولتيف أوأكثر مف أجؿ إقامة دولة واحدة في شكؿ اتحاد مركزي‬
‫كالواليات المتحدة األمريكية وسويس ار وكندا وأستراليا‪.‬‬

‫ثانييما‪:‬تفكؾ دولة موحدة إلى عدة دويالت وتكويف اتحاد مركزي كاإلتحاد السوفيتي سابقا‬
‫والمكسيؾ‪.‬‬

‫وينتيي أيضا بطريقتيف كانييار الدوؿ و وفقا لقواعد القانوف الدولي كاف تقع تحت‬
‫سمطة أجنبية أو تتحوؿ مف اتحاد مركزي إلى نوع أخر مف اإلتحاد كاإلتحاد ألتعاىدي أو‬
‫يتحوؿ إلى دولة موحدة أو ينقسـ إلى دوؿ مستقمة ذات سيادة‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬النظرية العامة لمدستور‪.‬‬

‫منذ نياية القرف الثامف عشر أضحت المطالبة بتشكيؿ دستور في بالد الديمقراطيات‬
‫الغربية عمال أساسيا ورئيسيا مف األعماؿ التي بادرت إلييا ىذه الدوؿ بتنفيذىا‪ .‬وابتداء مف‬
‫تمؾ الفترة أصبح وجود الدستور المكتوب مف الظواىر العادية ليس فقط في البالد األوروبية‬
‫و أمريكا الشمالية‪،‬و إنما أيضا في أغمب دوؿ العالـ الثالث ليشكؿ في النياية مجموعة مف‬
‫القواعد األساسية المدونة في نصوص رسمية يبينيا ويحدد معالميا القانوف الدستوري‪ 1.‬فمف‬
‫ال معروؼ أف التوصؿ إلى تكويف دولة يعد مرحمة ميمة مف مراحؿ تطور المجتمعات‬
‫اإلنسانية نحو التنظيـ‪ ،‬وأف فكرة تكويف دولة يقوـ عمى أساس بيف الحكاـ والمحكوميف ‪.‬‬
‫حيث تحاوؿ الدولة الحديثة جاىدة التوفيؽ بيف ثنائيات متضادة بيف "حريات‬
‫المحكوميف وسمطات الحاكميف"‪ 2‬بحيث يكوف لمحكاـ تنظيـ شؤوف الدولة مما يستتبع تمتعيـ‬
‫بالسمطة في مقابؿ مجموعة الحقوؽ والحريات التي يتمتع بيا أفراد المجتمع‪.‬‬
‫واذا كاف ىناؾ قواعد عادية تحكـ نشاط األفراد المحكوميف ‪ ،‬فإف ىناؾ حاجة إلى قوانيف‬
‫ذات خصوصية متميزة تحكـ نشاط السمطة والحكاـ في الدولة ‪ ،‬وقد سمي القانوف الذي‬
‫ينضـ ىذه القواعد باسـ الدستور‪ ،‬فما ىو الدستور وما ىي مصادره‪،‬أنواعو‪،‬أساليب نشأتو‬
‫ونيايتو‪،‬مكانتو في النظاـ القانوني لمدولة و ضماف سموه ؟‬

‫‪ - 1‬نعماف أحمد الخطيب‪ ،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.445‬‬


‫‪ - 2‬غريبي فاطمة الزىراء ‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.123‬‬

‫‪65‬‬
‫المبحث األول‪ :‬ماىية الدستور‪:‬‬

‫يعتبر القانوف الدستوري أحد فروع القانوف العاـ‪ ،‬الذي يدرس مضموف الوثيقة الدستورية‪،‬‬
‫وعمى ىدا األساس سنتولى دراسة بعض العناصر المتعمقة بالدستور مف حيث تعريفو‪ ،‬تحديد‬
‫موضوعو و بياف مصادره‪.‬‬

‫المطمب األول‪ :‬تعريف الدستور‪:‬‬

‫يعتبر أرسطو أوؿ مف أشار إلى الدستور مف خالؿ تمييزه بيف القانوف األوؿ الذي ىو‬
‫الدستور والقوانيف األخرى المرتبطة والتابعة لو‪ ،‬وقد كانت الدولة األثينية القديمة تعطي مكانة‬
‫استثنائية لدستورىا‪ ،‬الشيء الذي جعميا تقوـ بنقشو في مكاف عمومي يستطيع كؿ المواطنيف‬
‫االطالع عمي و‪ . 1‬و عميو سوؼ نوضح فيما يمي التعريؼ المغوي لمدستور تـ التعريؼ‬
‫القانوني‪:‬‬

‫أوال‪ :‬المفيوم المغوي لمدستور‪ :‬لـ يرد في قواميس المغة العربية القديمة معنى واضح لكممة‬
‫الدستور‪ ،‬لذلؾ حاوؿ بعض فقياء القانوف الدستوري إرجاعيا إلى األصؿ الفارسي‪ ،‬والمعنى‬
‫‪2‬‬
‫ويمكف أف‬ ‫المرادؼ لكممة الدستور في المغة العربية ىو) األساس أو البناء أو القاعدة‪).‬‬
‫تعني) اإلذف والترخيص)‪ .‬حيث يفيـ مف خالؿ ذلؾ أف مفرد دستور دخيمة عمى المغة‬
‫العربية مثميا في ذلؾ مثؿ العديد مف مفردات القاموس السياسي الدستوري كالديمقراطية و‬
‫القانوف وغيرىا فكممة الدستور ليست عربية األصؿ‪ ،‬وليذا فإف البعض يرجعيا إلى المغة‬

‫‪ - 1‬صايش عبد المالؾ‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.47‬‬


‫‪ - 2‬نعماف أحمد الخطيب‪ ،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.448‬‬
‫‪66‬‬
‫الفارسية والتي دخمت المغة العربية عف طريؽ المغة التركية‪ ،‬ويقصد بيا التأسيس أو التكويف‬
‫أو القاعدة والنظاـ كما تفيد معنى اإلذف والترخيص‪.‬‬
‫أما في المغة الفرنسية والمغات المشتقة منيا تعني كممة دستور)‪ (constitution‬التأسيس‬
‫‪1‬‬
‫أوالتكويف ‪.‬‬
‫فالدستور بيذا المعني المغوي ىو" ‪:‬مجموعة القواعد التي تحدد األسس العامة لطريقة‬
‫تكويف الجماعة وتنظيميا‪ ".‬عمى ىذا األساس فاف الدستور بيذا المعنى لو مفيوـ واسع وغير‬
‫محدد لكونو يتضمف معاني يمكف أف تنصرؼ إلى كؿ تنظيـ‪ ،‬في حيف أف المعنى الحقيقي لمدستور‬
‫‪2‬‬
‫ىو الوثيقة المنظمة لمدولة وشؤوف الحكـ‪.‬‬
‫تانيا‪ :‬المفيوم القانوني لمدستور‪ :‬إف الدولة شأنيا شاف األفراد فيي بحاجة ماسة إلى قواعد‬
‫قانونية تنظـ شؤونيا وعالقاتيا‪ ،‬فميا مجموعة مف االختصاصات والوظائؼ محددة بقواعد‬
‫دستورية‪ ،‬والمعنى القانوني لمدستور يشمؿ مفيوميف‪ ،‬مفيوـ شكمي وآخر موضوعي‪.‬‬
‫ثالثا‪ -‬المفيوم الشكمي لمدستور‪ :‬يستند المدلوؿ الشكمي في تعريؼ الدستور عمى أساس‬
‫التركيز عمى الجانب الشكمي الذي ينصرؼ إلى الوثيقة الدستورية ذاتيا ال يعدوىا ومفيوـ‬
‫الدستور وفقا ليذا المعني ىو انو‪ ":‬عبارة عف القواعد القانونية المدونة في الوثيقة الرسمية‬
‫المسماة الدستور ‪.‬وعميو وطبقا ليذا التعريؼ كؿ ما تحتويو ىذه الوثيقة يعد مف القواعد‬
‫الدستورية بغض النظر عف طبيعتيا و موعيتيا‪.‬و بالضرورة كؿ قاعدة ال تضميا ىذه الوثيقة‬
‫‪3‬‬
‫ال تعد – بالمعني الشكمي – قاعدة دستورية‪.‬و إف كانت ذات عالقة بتنظيـ الحكـ والسمطة‪.‬‬
‫‪ -‬إف ىذا المعني يثير لدي كثير مف فقياء القانوف الدستوري تساؤالت تحمؿ معني‬
‫االعتراض عمي ىذا االتجاه الشكمي لمفيوـ الدستور‪ .‬وجممة ما يذىب إليو أصحاب ىذه‬
‫االعتراضات مف أنصار المذىب الموضوعي ىو أف‪ ،‬القواعد الدستورية ال تتطابؽ دائما مع‬

‫‪ - 1‬األميف شريط ‪،‬المرجع السابؽ ‪،‬ص‪06‬‬


‫‪ - 2‬معيفي لعزيز‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص‪.45‬‬
‫‪ - 3‬بسيوني عبد الغني عبد هللا‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.3:4‬‬
‫‪67‬‬
‫الوثيقة الدستورية ‪ .‬فقد توجد قواعد دستورية ال تضميا الوثيقة الدستورية ‪ -‬قوانيف االنتخابات‬
‫مثال – كما أف األخذ بالمعيار الشكمي لتحديد المقصود بالدستور يؤدي إلى إنكار وجود‬
‫دستور في العديد مف الدوؿ‪ ،‬وىي تمؾ الدوؿ التي ال يوجد لدييا دساتير مكتوبة‪،‬كما ىو‬
‫‪1‬‬
‫الحاؿ في انجمت ار‪.‬‬
‫رابعا‪ -‬المفيوم الموضوعي لمدستور‪ :‬بعد االنتقادات التي وجيت لمتعريؼ الشكمي الذي أخد‬
‫باالعتبارات الشكمية لتعريؼ الدستور ‪،‬ظير التعريؼ الموضوعي أو المادي إلعطاء تعريؼ‬
‫يتجاوز تمؾ االنتقادات‪ ،‬و عميو وبحسب المعيار الموضوعي فإف الدستورىو "‪:‬مجموعة القواعد‬
‫القانونية التي تبيف شكؿ الدولة ونظاـ الحكـ‪ ،‬وتبيف السمطات في الدولة واختصاصاتيا وتنظيميا‬
‫عما إذا‬
‫وطبيعة العالقة التي تثور بينيا‪ ،‬وتبيف حقوؽ األفراد وحرياتيـ األساسية‪ ،‬وىذا بغض النظر ّ‬
‫كانت مدرجة في الوثيقة الدستورية أو في وثيقة قانونية أخرى أو غير مدونة أصال‪ .‬وىذا التعريؼ‬
‫يجعؿ لكؿ دولة دستور سواء كاف مدونا أو عرفيا‪ ،‬بحيث ال يشترط أف يكوف لمدولة دستو ار مكتوبا في‬
‫وثيقة واحدة‪ ،‬بؿ يمكف أف توجد قواعد دستورية خارج ىذه الوثيقة سواء كانت عرفية أو في القوانيف‬
‫‪2‬‬
‫العادية أو األحكاـ القضائية‪.‬‬
‫ولكف ماىي الموضوعات التي يمكننا وصفيا بالدستورية طبقا ليذا المعيار‪ ،‬لقد وضح ذلؾ‬
‫الكاتب نعماف أحمد الخطيب‪ ،‬بقولو أف الفقيو الفرنسي الفيريير‪ zrqpeeppep‬وحددىا في‬
‫طبيعة الدولة مف حيث كونيا بسيطة أو مركبة و شكؿ الحكومة وما إذا كانت ممكية أو‬
‫جميورية‪،‬ووصؼ السمطات العامة في الدولة واختصاصاتيا و العالقة فيما بينيا‪،‬وبالتالي‬
‫فالقاعدة الدستورية ىي التي تنظـ أحد المواضيع السابقة باإلضافة إلى حقوؽ وواجبات‬
‫‪3‬‬
‫األفراد‪.‬‬

‫‪ - 1‬قزو محمد أكمي‪،‬المرجع السابؽ ‪ ،‬ص ‪.112‬‬


‫‪ - 2‬صايش عبد المالؾ‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.48‬‬
‫‪ -3‬نعماف أحمد الخطيب‪ ،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.449‬‬

‫‪68‬‬
‫فالدستور عموما يتعمؽ بتنظيـ الدولة باعتبارىا المؤسسة األـ لكؿ المؤسسات داخؿ الدولة‬
‫مف حيث كيفية تكوينيا واختصاصيا وكيفية مباشرتيا ليذه االختصاصات وحدود وضوابط‬
‫ىذه االختصاصات‪ ،‬كذلؾ عالقة سمطات الدولة يبعضيا‪ ،‬وعالقتيا بالمواطنيف‪ ،‬كذلؾ فاف‬
‫الدستور البد واف يعني بحقوؽ المواطنيف في مواجية السمطات العامة وكيفية حماية ىذه‬
‫الحقوؽ ‪.‬‬

‫المطمب الثاني‪ :‬موضوع الدستور‪:‬‬

‫يقوـ القانوف الدستوري بتحديد العالقة‪ ،‬بيف الحكاـ والمحكوميف‪ ،‬أي بيف الحرية‬
‫والسمطة‪ :‬بيف الحرية التي يتمتع بيا الفرد و السمطة التي يمارسيا الحاكـ باسـ المجتمع‪.‬‬
‫بتعبير آخر فإف القانوف الدستوري يشكؿ تنظيماً لمتعايش السممي بيف السمطة و الحرية في‬
‫الدولة‪ .‬وفي إطار ىذا المفيوـ المحدد لمقانوف الدستوري فقد نشأ تساؤؿ‪ ،‬إف لـ نقؿ نشأ‬
‫خالؼ‪ ،‬في الفقو التقميدي لمقانوف الدستوري حوؿ ما إذا كاف القانوف الدستوري أداة لضماف‬
‫الحرية‪ ،‬أـ أف القانوف الدستوري ىو وسيمة لتنظيـ السمطة‪ .‬وقد ظير في الفقو الدستوري‬
‫الحديث اتجاه يحاوؿ التوفيؽ بيف الرأييف السابقيف‪ ،‬ومفاده أف القانوف الدستوري ىو وسيمة‬
‫لمتوفيؽ بيف الحرية والسمطة‪.‬‬
‫أوال‪ -‬القانون الدستوري ىو وسيمة لتنظيم الحرية‪ :‬اتجو الفقو الدستوري التقميدي إلى الربط‬
‫بيف القانوف الدستوري والنظاـ الديمقراطي الحر‪،‬حيث ساد االعتقاد لدى ىذا الفقو أف الدستور‬
‫يرتبط بمضمونو‪.‬و أنو ال يكفي لمقوؿ بوجود دستور أف يتضمف القواعد المنظمة لمسمطة‬
‫السياسية في الدولة‪ ،‬وانما يجب أف يتضمف فضال عف ذلؾ القواعد التي تكفؿ حريات األفراد‬
‫و تصوف حقوقيـ‪ 1.‬وعمى ىذا األساس فالقانوف الدستوري ىو قانوف الحرية ‪ ،2‬وفي ىذا‬

‫‪ - 1‬حسف مصطفى البحري‪ ،‬المرجع السابؽ‪،‬ص‪.54‬‬


‫‪ - 2‬نعماف أحمد الخطيب‪ ،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.451‬‬
‫‪69‬‬
‫االتجاه يذىب األستاذ "مركيف جيتزفيتش ‪ Boris MIRIKIN-GUETZEVTCH‬إلى‬
‫‪ zr technique de la liberté.‬وىذا‬ ‫تعريؼ الدستور بأنو ‪ ":‬فف أو صناعة الحرية"‪.‬‬
‫التعريؼ يركز عمى أساس أف الحرية و إعماليا ىي الغاية مف وجود القانوف الدستوري‪ ،‬وأف‬
‫اليدؼ مف وجود الدستور ىو تحقيؽ التنظيـ القانوني الذي يضمف تفعيؿ واعماؿ الحرية‬
‫‪1‬‬
‫وتقييد السمطة لمحيمولة دوف االعتداء عمى الحرية ‪.‬‬
‫ػ وقد تعرض ىذا االتجاه إلى الكثير مف االنتقادات عمى أساس أنو ال يشترط في الدستور أف‬
‫يكوف بالضرورة محتويا عمى مواد تتعمؽ بحقوؽ األفراد ‪،‬كما أنو ليس تمة شرط أف ال يقوـ‬
‫الدستور إال في مجتمع ديمقراطي‪ ،‬ويستوي ىنا أف يكوف نظاـ الدولة ديمقراطيا أوديكتاتوريا‬
‫أو جميوريا أو غير ذلؾ مف صور نظاـ الحكـ‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬القانوف الدستوري ىو وسيمة لتنظيـ السمطة‪ :‬بعد أف أظير جانب مف الفقو التقميدي‬
‫ميمو إلى اعتبار الدستور قانونا وجد لمصمحة الحرية ألجؿ حمايتيا وصيانتيا ‪،‬ظير جانب‬
‫آخر مف الفقو يذىب إلى أف الدستور ليس بقانوف الحرية بؿ أنو قانوف السمطة‪ ،‬و قد تزعـ‬
‫ىذا االتجاه األستاذ مرسيؿ برلو ‪ Marcel PRELO‬الذي عرؼ الدستور بأنو “فف السمطة‬
‫وأداتيا ‪ ”Le technique de l'autorité ،‬وأنو مجموعة القواعد القانونية التي بموجبيا تؤسس‬

‫‪ - 1‬فيذا االتجاه يركز عمى اعتبار الدستور حجر األساس لصيانة الحرية وحقوؽ األفراد مف تجاور السمطة التي وجدت‬
‫أصال لصيانة ىذه الحقوؽ و الحريات ‪ ،‬وقد كانت ىذه االتجاىات القائمة عمى أساس تقديس الفرد و حرياتو وحقوقو ‪ ،‬قد‬
‫ظيرت مرتبطة بفكر فمسفي نابع يتمثؿ في المذىب الحر ‪ .‬وما يمكف مالحظتو أف أصحاب ىذا االتجاه ال يقر بوجود‬
‫الدستور إال في النظـ الديمقراطية التي تكفؿ الحقوؽ و الحريات الفردية‪ .‬و ىذا الربط بيف ضماف الحقوؽ و الحريات‬
‫الفردية و وجود الدستور لـ يأت مف فراغ‪ ،‬و إنما يستند في أساسو إلى موجة الحركات الدستورية التي انتشرت في بدايات‬
‫القرف الثامف عشر و القائمة عمى أسس فمسفية تمجد حقوؽ اإلنساف و حرياتو‪ ،‬وخاصةً منيا نظريتي العقد االجتماعي و‬
‫القانون الطبيعي‪ .‬و يستند ىذا الفقو أيضاً إلى الدستور األمريكي الصادر سنة ‪ ،6787‬الذي قاـ عمى فمسفة مفادىا أف‬
‫أفضؿ ضماف لمحريات الفردية يتـ عف طريؽ تقييد السمطة‪ ،‬كذلؾ عمى ما جاء في إعالف حقوؽ اإلنساف و المواطف‬
‫الصادر عف الثورة الفرنسية سنة ‪ ،6789‬و خاصة المادة السادسة عشرة منو و ىي التي تنص عمى ما يمي ‪“ :‬كل مجتمع‬
‫ال يكفل ضمانات الحقوق‪ ،‬و ال يسود فيو مبدأ الفصل بين السمطات‪ ،‬ىو مجتمع ليس لو دستور”‪ .‬حسف مصطفى‬
‫البحري‪ ،‬المرجع السابؽ‪،‬ص‪.55‬‬
‫‪71‬‬
‫السمطة السياسية وتمارس وتنتقؿ في الدولة‪ ،‬وأصبح القانوف الدستوري يعرؼ بأنو العمـ الذي‬
‫ينظـ صناعة أو فف السمطة وليس العمـ الذي ينظـ صناعة أوفف الحرية‪ 1.‬أي أف موضوع‬
‫القانوف الدستوري ىو ظاىرة السمطة العامة‪ ،‬بذاتيا‪ ،‬في مظاىرىا القانونية‪ .‬فكؿ دولة ليا‬
‫دستور يحدد نظاـ الحكـ فييا‪ .‬وبيذا يوجد الدستور في دوؿ النظاـ الديمقراطي الحر‪ ،‬ودوؿ‬
‫الحكـ المطمؽ عمى حد سواء‪.‬وسواء كاف يحترـ حقوؽ األفراد وحرياتيـ أو عكس ذلؾ‪ ،‬حيث‬
‫أف األساس في وجوده ىو وجود السمطة التي يعد وجودىا ركنا أساسيا لوجود الدولة‪.‬‬
‫‪ -‬عمى الرغـ مف نقاط الصحة التي يحتوييا ىذا االتجاه فإنو تعرض لالنتقادات مف أىميا‪:‬‬
‫إف الغاية مف وجود السمطة ىي حماية وضماف مصمحة المحكوميف ال مصمحة القائميف‬
‫عمى السمطة‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬الدستور أداة توفيؽ بيف الحرية و السمطة ‪ :‬بيف ىذيف االتجاىيف المختمفيف في تحديد‬
‫مدلوؿ الدستور‪ ،‬ظير اتجاه ثالث تزعمو األستاذ أندريو ىوريو ‪ André HAURIOU‬الذي‬
‫أف القانوف الدستوري في جوىره ىو“فن التوفيق بين السمطة والحرية‪ .‬وقد رفض‬
‫يرى ّ‬
‫األستاذ ىوريو ‪ HAURIOU‬ما توصؿ إليو أصحاب االتجاىيف السابقيف‪ :‬فال يمكف التسميـ‬
‫بأف ميمة القانوف الدستوري ىي فقط تنظيـ الحرية‪ ،‬أو ىي فقط تنظيـ لمسمطة‪ .‬فالحرية‬
‫ليست مطمقة بدوف حدود‪ ،‬حيث أنو مف المعروؼ أف النياية المترتبة عمى إطالؽ الحرية‬
‫سوؼ تكوف الفوضى‪ ،‬وأف الفوضى سوؼ تقود إلى االستبداد و ضياع الحرية بؿ ال بد مف‬
‫ضوابط ليا تتحقؽ بواسطة سمطة‪ .‬وممارسة السمطة ليست غاية في حد ذاتيا‪ ،‬بؿ ىي وسيمة‬
‫لتحقيؽ المصمحة العامة‪ ،‬ألنو وفي نفس الوقت فإف النياية المترتبة عمى إطالؽ السمطة‬
‫سوؼ تؤدي أيضا إلى االستبداد وضياع الحرية‪ ،‬و في كمتا الحالتيف سوؼ نكوف أماـ‬

‫‪ -‬حسف مصطفى البحري‪ ،‬المرجع السابؽ‪،‬ص‪.56‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪71‬‬
‫محتوى وغاية بعيدة عف محتوى وغاية الدستور‪ ،‬الذي يفترض أف يتناوؿ كال مف الحرية‬
‫‪1‬‬
‫والسمطة في ذات الوقت‪.‬‬
‫يستنتج أنو ليس ىناؾ خالؼ حوؿ كوف وجود السمطة ليس غاية بحد ذاتيا‪ ،‬بؿ إف وجودىا‬
‫ىو في سبيؿ تحقيؽ غاية‪ ،‬أي أنيا وسيمة أو أداة لتحقيؽ غاية‪ ،‬وأف ىذه الغاية تتمثؿ في‬
‫التأكيد عمى مصمحة األفراد عمى اعتبار أف السمطة ىي ركف أساس في المجتمع اإلنساني‬
‫المنظـ الذي يطمؽ عميو تسمية الدولة‪.‬‬

‫المطمب الثالث ‪ :‬مصادر القاعدة الدستورية‪:‬‬

‫يقصد بمصدر القاعدة القانونية بصفة عامة أحد المعنييف‪:‬المصدر المادي و ىو الذي‬
‫تستمد منو القاعدة القانونية مضمونيا‪...‬فالعبرة بالمادة و الموضوع‪.‬ولذلؾ يسمى المصدر‬
‫المادي أو الموضوعي‪ .‬أما المصدر الرسمي فيقصد بو المصدر الذي تستمد منو القاعدة‬
‫‪2‬‬
‫القانونية قوتيا الممزمة و صفتيا اإللزامية‬
‫إف تعييف المصدر المادي لقواعد القانوف ال يحدد سبب التزامنا بيا وخضوعنا ليا‪ .‬أي‬
‫السبب الذي يجعؿ لمضموف ىذه القواعد قوة ممزمة‪ ،‬صحيح أف إرادة الجماعة ىي مصدر‬
‫القوة الممزمة لمقواعد القانونية‪ ،‬ولكف ىذه اإلرادة البد و أف تظير في صورة رسمية معينة‪.‬‬
‫فقد تولى الجماعة وظيفة سف القوانيف إلى سمطة معينة‪ ،‬ىذه السمطة تقوـ مقاـ الجماعة في‬
‫فرض القانوف وعندئذ يكوف مصدر القوة ىو التشريع‪.‬و قد تستبقي الجماعة دورىا في فرض‬
‫ما يستقر ويطرد أعضائيا عمى إتباعو مف العادات‪ ،‬فيكوف مصدر القوة الممزمة ليذه‬

‫‪ -‬حسف مصطفى البحري‪،‬المرجع نفسو ‪،‬ص‪.57-56‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ - 2‬نعماف أحمد الخطيب‪ ،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.458‬‬


‫‪72‬‬
‫العادات ىو العرؼ‪.‬و قد يسيـ القضاء بأدوار مختمفة ومتعددة تتعدد باختالؼ األنظمة‬
‫‪1‬‬
‫القانونية‪ ،‬فيكوف مصدر القوة ىو القضاء‪.‬‬
‫إف دراستنا لمصادر القاعدة الدستورية ينصب عمى ما أجمع الفقو عمى وصفيا‬
‫بالرسمية و ىي التشريع والعرؼ‪.‬باإلضافة إلى ما سنعرضو حوؿ دور الفقو والقضاء في ىذا‬
‫الشأف‪.‬‬
‫أوال‪ :‬المصادر الرسمية لمقاعدة الدستورية‪:‬تشمؿ المصادر الرسمية عمى التشريع والعرؼ‬
‫نتناوليما عمى النحو التالي‪:‬‬
‫‪-1‬التشريع كمصدر رسمي لمدستور‪:‬يقصد بالتشريع بصفة عامة في الفقو الوضعي "قياـ‬
‫السمطة المختصة بوضع القواعد القانونية المنظمة لمعالقات في الدولة وكما يطمؽ عمى‬
‫مصطمح تشريع في الوقت نفسو عمى النصوص القانونية المدونة و الصادرة عف الييئة‬
‫المختصة بذلؾ ‪ 2".‬كما يقصد بو مجموعة القواعد القانونية المكتوبة والموضوعة مف طرؼ‬
‫سمطة مختصة‪ ،‬يخضع ليا جميع األفراد ميما كانت صفتيـ‪ ،‬وىو عمى أنواع ‪:‬تشريع أساسي‬
‫وتشريع عضوي‪.‬‬
‫‪ -‬التشريع األساسي‪ :‬يقصد بو مجموع النصوص القانونية المدونة و الصادرة عف ىيئة خاصة‬
‫ووفقا إلجراءات معينة‪ ،‬وعادة ما تسمى بالسمطة التأسيسية‪ ،‬ويحدد نظاـ الحكـ ويتضمف قواعد‬
‫تتعمؽ بتنظيـ السمطات واختصاصات كؿ منيا وعالقاتيا فيما بينيا وبيف األفراد‪ 3.‬فالتشريع‬
‫األساسي إذف ىو مجموعة القواعد القانونية المكتوبة والصادرة عف ىيئة خاصة تسمى بالسمطة‬
‫التأسيسية يصدر وفقا إلجراءات معينة ويتضمف مبادئ وقواعد تتعمؽ بتنظيـ السمطات وبالحقوؽ‬
‫والحريات األساسية لألفراد وكذا بالثوابت األساسية لممجتمع‪.‬‬

‫‪ - 1‬نعماف أحمد الخطيب‪ ،‬نفس المرجع‪،‬ص ‪.459‬‬


‫‪ - 2‬قزو محمد أكمي‪،‬المرجع السابؽ ‪ ،‬ص ‪.133‬‬
‫‪ - 3‬معيفي لعزيز‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص‪.47‬‬
‫‪73‬‬
‫‪ -‬التشريع العضوي‪ :‬إف التشريع العضوي يأتي كمكمؿ لمتشريع األساسي أو كمفصؿ أو كمفسر‬
‫لو‪ ،‬وعميو فإف التشريع العضوي بدوره يحتوي عمى مواضيع متعمقة بالنظاـ الدستوري لكف منصوص‬
‫عمييا في قوانيف صادرة مف البرلماف‪ ،‬فمف طبيعة الدساتير المدونة أنيا ال تحيط بكؿ التفاصيؿ‬
‫المتعمقة بتنظيـ السمطة بؿ تكتفي فقط بمبادئيا العامة وخطوطيا العريضة‪ ،‬لتضمف استقرارىا‬
‫وجمودىا وكذا خاصية السمو التي ال تتقبؿ التعديالت المتكررة‪ ،‬وعمى أساس ذلؾ تترؾ مجا الت‬
‫لمسمطة التشريعية لسف بعض القوانيف المتعمقة بنظاـ الحكـ وبتشكيؿ السمطات العامة في الدولة‬
‫واختصاصاتيا‪ 1.‬وىذا ما ذىب إليو التعديؿ الدستوري الجزائري في المادة ‪ 250‬التي تنص عمى أف‪:‬‬
‫‪"...‬يشرع البرلماف بقوانيف عضوية في المجاالت التالية ‪: -‬تنظيـ السمطات العمومية وعمميا‪ ،‬نظاـ‬
‫االنتخابات‪ - ،‬القانوف المتعمؽ باألحزاب السياسية‪ ،‬القانوف المتعمؽ باإلعالـ‪ ،‬القانوف األساسي‬
‫لمقضاء والتنظيـ القضائي‪ ،‬القانوف المتعمؽ بقوانيف المالية "‪ 2.‬وتتـ المصادقة عمى القانوف‬
‫العضوي باألغمبية المطمقة لنواب المجمس الشعبي الوطني وأعضاء مجمس األمة‪،‬كما يخضع‬
‫القانوف العضوي قبؿ إصداره‪ ،‬لمراقبة مطابقتو لمدستور مف طرؼ المحكمة الدستورية‪.‬‬
‫‪ -2‬العرف الدستوري‪ :‬يعتبر العرؼ مف أقدـ المصادر الرسمية لمقاعدة القانونية بصفة‬
‫عامة‪ ،‬والمصدر األساسي إلى يومنا ىذا لمقاعدة الدستورية في الدوؿ التي تأخذ بالدساتير‬
‫‪3‬‬
‫الع ْرؼ لغةً عمى‪ :‬ما تعارؼ عميو الناس في عاداتيـ ومعامالتيـ‪ ،‬أما‬
‫العرفية‪ .‬و يطمؽ اسـ ُ‬
‫اصطالحاً فيطمؽ عمى‪ :‬القواعد التي درج الناس عمى إتباعيا في أمورىـ ومعامالتيـ‪ ,‬والتي‬
‫يعتبروف أنيا ممزمة ليـ مف الوجية القانونية‪ .‬أو بتعبير آخر ىو‪ :‬عادة يشعر الناس بأنيا‬
‫ممزمة ليـ مف الوجية القانونية‪.‬‬

‫‪ - 1‬صايش عبد المالؾ‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.51‬‬


‫‪ -‬المرسوـ الرئاسي ‪ 442/21‬المؤرخ في ‪ 2121/12//31‬المتضمف التعديؿ الدستوري ‪،‬المصادؽ عميو في استفتاء أوؿ‬ ‫‪2‬‬

‫نوفمبر‪، 2121‬الجريدة الرسمية لمجميورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية العدد‪.2121/82‬‬


‫‪ - 3‬قزو محمد أكمي‪،‬المرجع السابؽ ‪ ،‬ص ‪.143‬‬
‫‪74‬‬
‫ويعرؼ فقياء القانوف الدستوري "العرؼ الدستوري" بأنو عبارة عف ‪ :‬عادة درجت عمييا ىيئة‬
‫ِّ‬
‫حكومية في الشؤوف المتصمة بنظاـ الحكـ في الدولة بموافقة (أو عمى األقؿ دوف معارضة)‬
‫غيرىا مف الييئات الحكومية ذات الشأف‪ ،‬ولتمؾ العادة (في نظر تمؾ الييئات الحكومية‬
‫وضميرىا القانوني) ما لمقواعد الدستورية‪ -‬كقاعدة عامة ‪ -‬مف جزاء‪ .‬أو ىو‪ :‬تواتر العمؿ‬
‫‪1‬‬ ‫ٍ‬
‫لمسمؾ معيف في أحد الموضوعات الدستورية‪ ،‬بحيث يكتسب ىذا المسمؾ صفة اإللزاـ‪.‬‬ ‫وفقاً‬
‫ٍ‬
‫بشأف‬ ‫ويستفاد مف التعريفات السابقة أف العرؼ الدستوري ىو عبارة عف ‪ :‬عادة تتصؿ‬
‫ظؿ‬
‫مف الشؤوف الدستورية‪ ,‬درجت إحدى الييئات الحاكمة في الدولة عمى استعماليا في ّ‬
‫دستور مكتوب‪ ,‬وتواتََر العم ُؿ عمى كونيا ممزمةً قانوناً ‪.2‬‬
‫ٍ‬
‫العرؼ الدستوري‬ ‫مصطمح ْي‬
‫َ‬ ‫وينبغي أف ننبو بدايةً إلى ضرورة عدـ الخمط بيف‬
‫والدستور العػرفي‪ :‬فالدستور العرفي ىو عبارة عف مجموعة القواعد الناشئة عف العادات‬
‫خاص بالدوؿ التي ال‬ ‫ٍ‬
‫وثيقة مكتوبة‪ ،‬وىو‬ ‫تدوف َب ْع ُد في‬
‫واألعراؼ والتقاليد والسوابؽ التي لـ َّ‬
‫ٌ‬
‫يوجد بيا دساتير مكتوبة (كانجمت ار مثالً)‪ ،‬أي ليس ليا دساتير بالمعنى الشكمي‪.‬‬
‫أما العرؼ الدستوري فيو أيضاً مجموعة مف القواعد الناشئة عف العادات والتقاليد‬
‫َّ‬
‫مكمالً أو ِّ‬
‫معدالً‬ ‫مفس اًر أو ِّ‬
‫والسوابؽ‪ ،‬ولكف في ظؿ دستور مكتوب‪ ،‬ويكوف ليذه القواعد دو اًر ِّ‬
‫ألحكاـ الدستور‪ ،‬فيو إذف يوجد في بالد الدساتير المكتوبة بجوار الوثائؽ الدستورية‪. 3‬‬

‫فقد فَقَ َد‬


‫ورغـ أف العرؼ يعتبر مف أقدـ المصادر‪ ،‬إال انو ونتيجة النتشار الدساتير المكتوبة ْ‬
‫أىميتو وتحوؿ إلى مصدر ثانوي يكمؿ أحيانا الدستور المكتوب بالنسبة لمدوؿ ذات الدساتير‬

‫‪ -1‬حسف مصطفى البحري‪ ،‬المرجع السابؽ‪،‬ص‪.118‬‬


‫‪ - 2‬نعماف أحمد الخطيب‪ ،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.465‬‬
‫‪ - 3‬حسف مصطفى البحري‪ ،‬المرجع السابؽ‪،‬ص‪ .118‬وتبعاً ليذه التفرقة يمكف القوؿ بأف انجمت ار ليا دستور عرفي‪ ،‬دوف أف‬
‫المدونة) كفرنسا وأمريكا و مصر وسورية ولبناف ‪ ،‬ليس ليا‬
‫َّ‬ ‫يكوف بيا عرؼ دستوري‪ ،‬واف الدوؿ ذات الدساتير المكتوبة (أو‬
‫دستور عرفي‪ ,‬واف كاف فييا عرؼ دستوري ‪.‬‬
‫‪75‬‬
‫المكتوبة‪ ،‬والعرؼ الدستوري ‪ -‬شأنو شأف العرؼ بصفة عامة‪ -‬يقوـ عمى ركنيف أساسييف‬
‫ىما الركف المادي والركف المعنوي ‪.‬‬
‫الركن المادي لمعرف الدستوري ‪ :‬يتمثؿ الركف المادي في تكرار سموؾ أو تصرؼ صادر مف‬
‫إحدى الييئات الحاكمة في الدولة لفترة زمنية معينة وأف يكوف مقبوال مف الييئات األخرى‪ ،‬وعميو‬
‫‪1‬‬
‫فمكي تتكوف القاعدة الدستورية مف سموؾ متكرر يجب توافر الشروط التالية‪:‬‬
‫التكرار ‪ :‬تكرار التصرؼ ايجابيا أـ سمبيا‪،‬فالتصرؼ الواحد ال يخمؽ القاعدة العرفية‪ ،‬و لكف‬
‫‪2‬‬
‫تكرار السوابؽ ىو الذي يخمقيا‪.‬‬
‫العمومية‪ :‬أف يكوف التصرؼ مقبوال لدى الييئة األخرى التي تمسيا القاعدة‪ ،‬وعميو فإف التصرؼ‬
‫الصادر عف ىيئة حاكمة ال يكوف قاعدة دستورية عرفية إذا صادؼ معارضة أو عدـ قبوؿ مف‬
‫‪3‬‬
‫الييئات األخرى‪.‬‬
‫الوضوح ‪:‬أي أف العادة المكونة لمعرؼ يمزميا التوفر عمى قدر معيف مف الوضوح والتحديد‬

‫بما ينفي عنيا الغموض‪ ،‬وبالتالي تَ َجُّن ُ‬


‫ب االضطراب الذي مف شأنو أف ينشأ مف جراء الخمط‬
‫‪4‬‬
‫في تفسير مضموف ىذه العادة‪ ،‬وأيضا تسييؿ المأمورية عمى الييئات المعنية‪.‬‬
‫الركن المعنوي لمعرف ‪ :‬الركف المعنوي ىو االعتقاد بإلزامية القاعدة الدستورية وأنيا واجبة اإلتباع‬
‫باعتبارىا قاعدة قانونية ليا ما لسائر القواعد القانونية األخرى مف االحتراـ‪ ،‬والعرؼ الدستوري الذي‬
‫ينشأ بيذه الكيفية قد يكوف مفس ار أو معدال أو مكمال‪.‬‬
‫أنواع العرف الدستوري ‪ :‬إف الفقو الدستوري يقسـ "العرؼ الدستوري" إلى ثالثة أنواع‬
‫رئيسية وىي ‪:‬العرؼ المفسر‪ ،‬العرؼ المكمؿ‪ ،‬والعرؼ المعدؿ وىو بدوره ينقسـ إلى قسميف‬

‫‪ -1‬صايش عبد المالؾ‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.51‬‬


‫‪ - 2‬نعماف أحمد الخطيب‪ ،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.466‬‬
‫‪ - 3‬معيفي لعزيز‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص‪.48‬‬
‫‪ - 4‬حسف مصطفى البحري‪ ،‬المرجع السابؽ‪،‬ص‪.121‬‬
‫‪76‬‬
‫عرفا معدؿ باإلضافة‪ ،‬وعرفا معدؿ بالحذؼ‪ ،‬فما المقصود بيذه األنواع؟ وما ىي القيمة‬
‫القانونية لكؿ ىذه األنواع؟‬
‫ػ العرف الدستوري المفسر ‪ :‬يظير ىذا النوع مف العرؼ في حالة وجود غموض وعدـ‬
‫وضوح في الوثيقة الدستورية ‪،‬لذا فإف العرؼ المفسر ال ينشىء قواعد دستورية جديدة وانما‬
‫يبيف التطبيؽ السميـ أو المعنى الحقيقي لمنص المكتوب‪ 1.‬وعمى ىذا النحو‪ ،‬فإف العرؼ‬
‫المفسِّر ييدؼ أساساً إلى توضيح ما يكتنؼ نصوص الدستور مف غموض أو إبياـ‪ ،‬فيو ال‬
‫يخرج عف دائرة النصوص المكتوبة وانما يعمؿ في دائرتيا وفي نطاقيا‪ .‬وواضح مف ىذا أف‬
‫العرؼ ىنا ال ينشئ قاعدة قانونية جديدة‪ ،‬بؿ يرتكز عمى النص الغامض المدوف بالوثيقة‬
‫مفس اًر لو وموضِّحاً إياه‪ ،‬دوف أف يأتي ٍ‬
‫بحكـ جديد يغاير الحكـ الوارد في الوثيقة الدستورية‪.‬‬
‫ومف أمثمة العرؼ المفسِّر ما ورد في المادة الثالثة مف الدستور الفرنسي لعاـ ‪ 1875‬حيث‬
‫أشارت إلى أف ‪:‬رئيس الجميورية يكفؿ تنفيذ القوانيف‪ ،‬إالَّ أف ىذا النص لـ ِّ‬
‫يحدد الوسيمة التي‬
‫يستطيع بيا رئيس الجميورية كفالة تنفيذ القوانيف‪ ،‬فثار التساؤؿ فيما إذا كاف ىذا النص الذي‬
‫جاء بيذه الصيغة المبيمة يسمح لرئيس الجميورية بإصدار لوائح أو مراسيـ تنفيذية لكفالة‬
‫تنفيذ القوانيف ‪ .‬وقد جرى العرؼ عمى تفسير النص المذكور عمى نحو يعترؼ لرئيس‬
‫الجميورية بصالحية إصدار الموائح أو المراسيـ التنفيذية‪،‬عمى الرغـ مف عدـ وجود نص‬
‫قر لو صراحة بيذا الحؽ‪ ،‬والعرؼ المفسِّر ىنا لـ ينشئ قاعدة دستورية‬
‫صريح في الدستور ُي ّ‬
‫جديدة‪ ،‬وانما اكتفى بإزالة الغموض واإلبياـ الذي شاب نص المادة الثالثة مف الدستور‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫بتوضيح الكيفية التي يكفؿ بيا رئيس الجميورية تنفيذ القوانيف ‪.‬‬

‫‪ - 1‬قزو محمد أكمي‪،‬المرجع السابؽ ‪ ،‬ص ‪.144‬‬

‫ص‪.124‬‬ ‫‪ - 2‬حسف مصطفى البحري‪ ،‬المرجع السابؽ‪،‬‬


‫‪77‬‬
‫و يعترؼ الفقو الدستوري بالقيمة القانونية لمعرؼ المفسر‪ ،‬ويرى أف ىذا النوع مف أنواع‬
‫العرؼ يعتبر جزءا مف الدستور المدوف الذي يفسره‪ ،‬و يكوف لو ذات القيمة القانونية التي‬
‫تكوف ليذا الدستور‪ .‬وسبب ذلؾ أف العرؼ المفسِّر ال يخالؼ نصوص الدستور وال ِّ‬
‫يعدؿ في‬
‫أحكامو باإلضافة أو بالحذؼ‪ ،‬فيو ال ينشئ قاعدة دستورية جديدة‪ ،‬بؿ يرتكز عمى النص‬
‫مفس اًر وموضِّحاً إياه‪ ,‬فيو إذف مرتبط بو وتابع لو‪ ،‬فيكوف لو بالتالي ذات‬
‫المدوف ِّ‬
‫َّ‬ ‫الدستوري‬
‫‪1‬‬
‫القيمة القانونية لمنص الدستوري الذي قاـ بتفسيره‪.‬‬
‫المفسر باآلتي ‪:‬‬
‫ِّ‬ ‫ويمكن أن نجمل األحكام الخاصة بالعرف‬
‫‪ - 1‬يستند العرؼ الدستوري المفسِّر دائماً إلى نص دستوري‪.‬‬
‫‪ - 2‬يجب أف ال يخالؼ التفسير النص الدستوري إيجاباً أو سمباً‪.‬‬
‫‪ - 3‬ال يجوز أف يعدؿ التفسير النص المفسَّر‪،‬بؿ يقتصر أثره عمى إزالة اإلبياـ‪.‬‬
‫‪ - 4‬ال يأتي العرؼ الدستوري المفسِّر بأي قاعدة قانونية جديدة‪.‬‬
‫‪ - 5‬لمعرؼ الدستوري المفسِّر نفس القيمة القانونية لنصوص الدستور‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ 6‬ػ ويصبح التفسير جزءاً مف الدستور ويكتسب صفة اإللزاـ‪.‬‬
‫الم َك ِّمؿ وجود قصور أو نقص‬
‫ػ العرف الدستوري المكمل ‪ :‬يفترض العرؼ الدستوري ُ‬
‫في األحكاـ الواردة في الوثيقة الدستورية‪،‬وذلؾ بسكوت الدستور عف تنظيـ موضوع معيف مف‬
‫يسد بو أوجو النقص أو الفراغ‬
‫الموضوعات الدستورية‪ ،‬فيتدخؿ العرؼ وينشئ حكماً جديداً ّ‬
‫الذي تركو المشرع الدستوري ‪ 3.‬ومثاؿ ذلؾ ما نص عميو دستور فرنسا ‪ 1875‬عمى أف االنتخاب‬

‫‪ - 1‬نعماف أحمد الخطيب‪ ،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.471‬‬


‫ص‪.126‬‬ ‫‪ - 2‬حسف مصطفى البحري‪ ،‬المرجع السابؽ‪،‬‬
‫ض مف‬
‫المفسر فإذا كاف العرؼ المفسِّر يقتصر عمى تفسير ما َغ ُم َ‬
‫ِّ‬ ‫المكمل عف العرف‬
‫ِّ‬ ‫‪ - 3‬وعمى ىذا النحو يختمؼ العرف‬
‫ويوضح ما يشوبيا مف غموض وابياـ‪َّ ،‬‬
‫فإف العرؼ‬ ‫ِّ‬ ‫نصوص الدستور‪ ،‬أي أنو يستند عمى نصوص دستورية قائمة يفسِّرىا‬
‫يكمؿ بو النقص الذي اعترى الدستور‪ ,‬فيو يعالج موضوعاً معيناً ‪-‬‬
‫الم َك ِّمؿ ‪ -‬عمى خالؼ ذلؾ ‪ -‬ينشئ حكماً جديداً ِّ‬
‫ُ‬
‫‪78‬‬
‫يقوـ ويتـ عمى أساس االقتراع العاـ دوف تحديد أوضاع ىذا االنتخاب‪ ،‬فكممو العرؼ وجعمو مباش ار‬
‫‪1‬‬
‫أي عمى درجة واحدة وال سند ليا في وثيقة الدستور‪.‬‬
‫لئف اتفؽ الفقو الدستوري بشأف القيمة القانونية لمعرؼ المفسِّر‪ ،‬واعترؼ لو بقوة قانونية تعادؿ‬
‫قوة النصوص الدستورية ذاتيا‪ ،‬إال أنو اختمؼ بعض الشيء بخصوص القيمة القانونية‬
‫الم َك ِّمؿ ‪:‬‬
‫لمعرؼ الدستوري ُ‬
‫الم َك ِّمؿ بالعرؼ المفسِّر‪ ،‬ويخضعونيما‬
‫فغالبية رجاؿ الفقو الدستوري يمحقوف العرؼ ُ‬
‫لنفس األحكاـ مف حيث االعتراؼ لكؿ منيما بقوة النصوص الدستورية‪ .‬وسبب ذلؾ أف‬
‫الم َك ِّمؿ يرتكز في واقع األمر عمى تفسير سكوت المشرع الدستوري عف الموضوعات‬
‫العرؼ ُ‬
‫المدوف؛ وطالما أف ىذا العرؼ ال يتضمف‬
‫َّ‬ ‫التي أغفؿ تنظيميا‪ ،‬ولـ يتناوليا بالتالي الدستور‬
‫مخالفة صريحة لنص مف نصوص الدستور‪ ،‬وال ينطوي عمى تعديؿ ألحكامو‪ ،‬فإنو يمحؽ‬
‫‪2‬‬
‫بالعرؼ المفسِّر ويأخذ حكمو‪ ،‬أي يكوف لو قوة الدستور ذاتو‪.‬‬
‫المكمل باآلتي‪:‬‬
‫ِّ‬ ‫ويمكن أن نجمل األحكام الخاصة بالعرف‬
‫بسد‬
‫الم َك ِّمؿ إلى نص دستوري كما في حالة العرؼ المفسر‪ ،‬وانما يقوـ ّ‬
‫‪ - 1‬ال يستند العرؼ ُ‬
‫اغ سكت عنو المشرع أو أغفمو أو لـ يكف قد توقعو أثناء وضعو لوثيقة الدستور‪.‬‬
‫فر ٍ‬
‫الم َك ِّمؿ قاعدة دستورية جديدة تضاؼ إلى القواعد التي تتضمنيا‬
‫‪ - 2‬ينشئ العرؼ الدستوري ُ‬
‫وثيقة الدستور‪.‬‬
‫الم َك ِّمؿ نفس قيمة القواعد الدستورية‪ ،‬حتى إف البعض ألحقو‬
‫‪ - 3‬يكوف لمعرؼ الدستوري ُ‬
‫‪3‬‬
‫بالعرؼ المفسِّر واعتبر أنو يفسِّر سكوت المشرع عف موضوع دستوري معيف ‪.‬‬

‫يتصؿ بنظاـ الحكـ في الدولة ‪-‬أغفؿ المشرع الدستوري تنظيمو‪ ،‬ومف ثـ فإنو ال يستند إلى نص قائـ أو موجود في صمب‬
‫الوثيقة الدستورية ‪.‬‬
‫‪ - 1‬قزو محمد أكمي‪،‬المرجع السابؽ ‪ ،‬ص ‪.145‬‬
‫‪ - 2‬نعماف أحمد الخطيب‪ ،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.471‬‬
‫‪ - 3‬حسف مصطفى البحري‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.128‬‬
‫‪79‬‬
‫العرف الدستوري المعدل ‪:‬يقصد بالعرؼ المعدؿ لمدستور‪،‬ذلؾ الذي ينصرؼ أثره إلى تعديؿ‬
‫حكـ ورد في الدستور‪،‬سواء باستحداث قاعدة دستورية جديدة لـ ترد في الدستور‪ ،‬أو بحذؼ‬
‫بعض أحكامو‪ .‬فتسنى الحالة األولى التعديؿ باإلضافة وتسمى الحالة الثانية التعديؿ بالحذؼ‬
‫‪1‬‬
‫‪.‬‬
‫فإذا كاف العرؼ المفسر يقوـ بتفسير الغموض وتوضيح اإلبياـ الذي قد يحيط بنص‬
‫مف النصوص‪ ،‬و العرؼ المكمؿ يتولى إكماؿ النقص أو سد العجز في النصوص‬
‫الدستورية‪ ،‬فإف العرؼ الدستوري المعدؿ يتعدى كؿ ذلؾ إلى إجراء عممية تعديؿ في‬
‫النصوص إما عف طريؽ اإلضافة أو الحذؼ‪.‬‬
‫العرف المعدل باإلضافة‪ :‬وييدؼ إلى منح ىيئة مف ىيئات الدولة اختصاصاً جديداً لـ يتقرر‬
‫ليا وفقاً لنصوص الدستور‪ ،‬ودوف إمكانية تقرير ىذا االختصاص الجديد عف طريؽ تفسير‬
‫النصوص الواردة في الوثيقة الدستورية‪ .‬ومف أمثمة العرؼ المعدؿ باإلضافة‪ ،‬ما جرى عميو‬
‫العمؿ مف جانب البرلماف الفرنسي في تفويض السمطة التنفيذية في إصدار ق اررات أو مراسيـ‬
‫ليا قوة القانوف في ظؿ دستور سنة ‪ ،1875‬وذلؾ عمى الرغـ مف أف المادة األولى مف‬
‫التشريع الدستوري الصادر في ‪ 1875/2/25‬كانت تقضي باالختصاص المطمؽ لمسمطة‬
‫التشريعية في مجاؿ التشريع‪ ،‬األمر الذي يستفاد منو منع البرلماف مف تفويض ىيئة أخرى‬
‫‪2‬‬
‫ىذا االختصاص التشريعي‪.‬‬
‫العرف المعدِّل بالحذف ‪ :‬ويكوف بإسقاط حؽ مف الحقوؽ أو اختصاص مف االختصاصات‬
‫التي قررىا الدستور لييئة مف الييئات العامة في الدولة‪،‬ويتأتى ذلؾ إذا جرى العمؿ عمى‬
‫عدـ استعماؿ إحدى ىذه الييئات لحؽ مف حقوقيا المقررة في الوثيقة الدستورية ‪.‬‬

‫‪ - 1‬قزو محمد أكمي‪،‬المرجع السابؽ ‪ ،‬ص ‪.145‬‬

‫‪ - 2‬نعماف أحمد الخطيب‪ ،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.472‬‬


‫‪81‬‬
‫الم ْم ِغي"‪ ،‬ألنو‬
‫ولذا يسمي البعض ىذا النوع مف أنواع العرؼ "العرؼ المسقط" أو "العرؼ ُ‬
‫ويفضؿ البعض اآلخر‬
‫ّ‬ ‫يسقط أو يمغي نصاً قانونياً موجوداً في صمب الوثيقة الدستورية‪.‬‬
‫تسميتو "االعتياد عمى عدـ تطبيؽ نص دستوري"‪ ،‬حتى ينفي عف ىذا االعتياد صفة القاعدة‬
‫‪1‬‬
‫العرفية‪.‬‬
‫ومف أمثمة العرؼ المعدؿ بالحذؼ‪ ,‬ما جرى عميو العمؿ في فرنسا في ظؿ دستور الجميورية‬
‫الثالثة الصادر سنة ‪ 1875‬مف عدـ استخداـ رئيس الجميورية لحقو في طمب إعادة النظر‬
‫في القوانيف التي يقرىا البرلماف‪ ,‬وكذلؾ عدـ استخدامو لحقو في حؿ مجمس النواب (الجمعية‬
‫‪2‬‬
‫الوطنية) منذ عاـ ‪ 1877‬حتى سنة ‪. 1941‬‬
‫ِّ‬
‫المعدؿ‪ ,‬وعدـ إعطائو أي قوة‬ ‫الرأي السائد في الفقو ىو عدـ االعتراؼ بمشروعية العرؼ‬
‫قانونية سواء كاف ِّ‬
‫معدالً باإلضافة أو بالحذؼ‪ ،‬ألف عدـ ممارسة إحدى سمطات الدولة لحؽ‬
‫ثـ َّ‬
‫إف ىذا العرؼ يتنكر‬ ‫مف حقوقيا الدستورية ليس مف شأنو سقوط ىذا الحؽ بالتقادـ‪َّ ،‬‬
‫‪3‬‬
‫لوجود السمطة التأسيسية ولحقِّيا في تعديؿ الدستور‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬المصادر التفسيرية لمقاعدة الدستورية‪:‬‬


‫يشكؿ القضاء والفقو أحد المصادر التفسيرية لمقاعدة الدستورية و فيما يمي نوضح ذلؾ كما‬
‫يمي‪:‬‬
‫القضاء‪ :‬القضاء ىو مجموعة األحكاـ التي تصدرىا المحاكـ في المنازعات المطروحة‬ ‫‪‬‬
‫عمييا فيما يتعمؽ بالقانوف الدستوري‪،‬ورغـ أف القضاء أصبح مصد ار تفسيريا في أغمب‬

‫‪ -1‬حسف مصطفى البحري‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.131‬‬


‫‪ - 2‬نعماف أحمد الخطيب‪ ،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.472‬‬
‫‪ - 3‬حسف مصطفى البحري‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.131‬‬
‫‪81‬‬
‫القوانيف الحديثة إال أنو الزاؿ يعتبر مصد ار رسميا في بعض الدوؿ كبريطانيا‪ 1.‬وعميو إذا‬
‫اعتبرنا القضاء كمصدر مف مصادر القاعدة الدستورية‪ ،‬يجب أف نميز بيف الدوؿ ذات الدساتير‬
‫المكتوبة والدوؿ ذات الدساتير العرفية‪ ،‬أيف يعتبر القضاء كمصدر رسمي نظ ار لما ينشئو مف سوابؽ‬
‫قضائية بشاف النزاعات المعروضة أمامو‪ ،‬أما في الدوؿ ذات الدساتير المكتوبة فانو يعتبر مصدر‬
‫‪2‬‬
‫ضعيؼ في المجاؿ الدستوري‪.‬‬
‫الفقو‪ :‬يقصد بالفقو البحوث والدراسات التي قاـ بيا فقياء القانوف مف خالؿ دراستيـ‬ ‫‪‬‬
‫لمضاميف مختمؼ الوثائؽ الدستورية وتبياف محاسنيا والوقوؼ عمى عيوبيا‪ ،‬والفقو ال يعتبر مصد ار‬
‫رسميا لمدستور وانما يمكف اعتباره كمصدر تفسيري يستأنس بو في تفسير الوثيقة أو النصوص‬
‫الدستورية الغامضة‪ ،‬أو قد تأخذ انتقاداتو واقتراحاتو في مختمؼ التغييرات التي قد تط أر عمى الوثيقة‬
‫‪3‬‬
‫الدستورية ‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪:‬أساليب نشأة الدساتير و أنواعيا‪:‬‬

‫إف الحديث عف أساليب نشأة الدساتير يعني الحديث عف أساليب نشأة الدساتير‬
‫المكتوبة‪،‬ألف الدساتير العرفية منشأىا العرؼ‪ .‬واذا كاف مف المتعذر اتفاؽ الدوؿ عمى أسموب‬
‫واحد لنشأة الدساتير‪ ،‬فإف الحديث عف ىذه النشأة يرتبط إلى حد كبير بظروؼ تاريخية مف‬

‫‪-‬حسني بوديار‪،‬المرجع السابؽ ‪،‬ص ‪.31‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ - 2‬سعيد بوشعير‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ، 160،‬صايش عبد المالؾ‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص‪،51‬‬


‫‪ - 3‬سعيد بوشعير‪ ،‬المرجع السابؽ‪. 275،‬‬
‫‪82‬‬
‫ناحية ومدى تبني أسس الديمقراطية واستقرارىا مف ناحية أخرى‪ .‬ىذه الظروؼ التاريخية‬
‫‪1‬‬
‫واألسس الديمقراطية مرتبطة أيضا بفكرة السيادة في الدولة وتحديد صاحبيا الحقيقي‪.‬‬
‫ويصنؼ فقو القانوف الدستوري أساليب نشأة الدساتير إلى نوعيف رئيسييف ‪ :‬أساليب‬
‫غير ديمقراطية‪ ،‬وأساليب ديمقراطية‪ ،‬ويرجع ىذا التقسيـ إلى كوف النوع األوؿ مف ىذه‬
‫األساليب يعبر عف غمبة إرادة الحكاـ عمى إرادة الشعوب المحكومة‪ ،‬أو عمى األقؿ اشتراؾ‬
‫اإلرادتيف في وضع الدستور‪،‬في حيف يترجـ النوع تفوؽ اإلرادة الشعبية وسيادتيا عمى إرادة‬
‫الحاكـ ‪ 2.‬وسنتحدث فيما يمي عف ىذيف األسموبيف كما يمي‪:‬‬

‫المطمب األول‪:‬أساليب نشأة الدساتير‪.‬‬

‫أوال ‪:‬األساليب غير الديمقراطية لنشأة الدساتير‪.‬يمكف تعريؼ األساليب غير الديمقراطية‬
‫لنشأة الدساتير بأنيا األساليب التي ال يستأثر الشعب وحده في وضعيا‪،‬و إنما الذي يضعو‬
‫ىو الحاكـ وحده(أسموب المنحة)‪ .‬أو باالشتراؾ مع األمة أو الشعب (أسموب العقد)‪ .‬و ىما‬
‫أسموباف تزامنا مع تطور الممكية مف ممكية مطمقة إلى ممكية مقيدة‪ 3.‬أي أف ىذه الدساتير‬
‫تتميز بكونيا تغمب إرادة الحاكـ عمى إرادة الشعب أو أنيا تسوي بيف ىذا األخير وارادة الحاكـ الذي‬
‫يقرر االلتزاـ بإرادتو في حدود معينة‪ ،‬أي أف ىذه األساليب سادت فييا إرادة الحكاـ في وضع‬
‫أو إنشاء الدستور‪ ،‬سواء نشأ ىذا الدستور بإرادتيـ المنفردة في صورة منحة صادرة منيـ‬
‫لمشعب‪ ،‬أـ تالقت فيو إرادة ىؤالء الحكاـ مع إرادة الييئات النيابية الممثمة لمشعب في صورة‬
‫تـ بيف ىاتيف اإلرادتيف ‪.‬وتتمخص ىذه األساليب أساسا في‪:‬‬
‫عقد َّ‬

‫‪ - 1‬نعماف أحمد الخطيب‪ ،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.481‬‬


‫‪ - 2‬مولود ديداف ‪،‬القانوف الدستوري و النظـ السياسية‪،‬عمى ضوء تعديؿ‪.2116‬المرجع السابؽ‪،‬ص‪.54-53‬‬
‫‪ -- 3‬نعماف أحمد الخطيب‪ ،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.482‬‬
‫‪83‬‬
‫‪ -1‬وضع الدستور عن طريق المنحة‪:‬تمثؿ المنحة األسموب غير الديمقراطي الخالص في‬
‫نشأة الدساتير‪،‬ألـ نشأة الدستور في ىذه الحالة تعود إلى اإلرادة المنفردة لمحاكـ أو الممؾ أي‬
‫يقرر بمحض إرادتو منح شعبو وثيقة الدستور بما يتضمنو مف تنازؿ عف جانب مف سمطاتو‬
‫لمشعب ‪.‬وليذا فإف أسموب المنحة يعتبر الممر الذي عبر منو النظاـ الممكي مف الممكية‬
‫المطمقة إلى الممكية المقيدة‪ 1.‬حيث يمثؿ ىذا األسموب في وضع الدساتير بداية االنتقاؿ مف‬
‫الممَكية َّ‬
‫المقيدة "‪ ،‬فالدستور الصادر في شكؿ منحة‬ ‫الممَكية المطمقة "إلى نظاـ " َ‬
‫نظاـ " َ‬
‫يكوف وليد إرادة الحاكـ المنفردة‪ ،‬إذ إف الحاكـ باعتباره ىو وحده صاحب السيادة يوافؽ عمى‬
‫التضحية بجزء مف تمؾ السيادة أو ‪ -‬عمى األقؿ ‪ -‬يوافؽ عمى تنظيـ طريقة مزاولتو لتمؾ‬
‫السيادة ‪ ،‬وبمعنى آخر فإف الحاكـ ىو الذي يقرر بمحض إرادتو ومطمؽ اختياره " أف يقيِّد‬
‫مف سمطاتو المطمقة‪ ،‬وأف يمنح شعبو دستو اًر ينظـ طريقة مزاولة تمؾ السمطات‪ ،‬ويبيف‬
‫االمتيازات التي يتنازؿ عنيا الحاكـ لرعاياه‪.2‬‬
‫ومع ذلؾ فإف أسموب المنحة في وضع الدستور قي الحقيقة لـ يظير ذلؾ الحيف إال كطريقة‬
‫وقائية يتجنب بيا المموؾ الثورة عمييـ مف قبؿ فئة معينة أومف قبؿ الشعب وخشية القضاء‬
‫عمى سمطانيـ‪ .‬فاعتمدىا الحكاـ كوسيمة حقوقية المتصاص غضب الشعب والحد مف‬
‫استيائيـ مف الوضع القائـ‪ .‬وعميو لجأ الحكاـ في األنظمة الممكية القديمة إلى منح بعض‬
‫الحقوؽ لألفراد ودسترتيا لتيدئة الوضع القائـ ‪،‬مصرحة أف وثيقة الحقوؽ ما ىي إال تنازال‬
‫‪3‬‬
‫إلى أف التساؤؿ الذي‬ ‫إراديا مف الحاكـ عف بعض سمطتو تكرما و ىبة منو لممحكوميف ‪.‬‬
‫يثار ىو أنو إذا كاف يحؽ لمحاكـ الذي منح رعاياه دستو اًر بإرادتو المنفردة سحبو أو إلغاءه‬
‫بإرادتو المنفردة أيضاً ؟ لإلجابة عمى ىذا التساؤؿ انقسـ الفقو إلى اتجاىيف‪:‬‬

‫‪ - 1‬مولود ديداف ‪،‬القانوف الدستوري و النظـ السياسية‪،‬عمى ضوء تعديؿ‪.2116‬المرجع السابؽ‪،‬ص‪.54‬‬


‫‪ - 2‬حسف مصطفى البحري‪ ،‬المرجع السابؽ‪،‬ص‪.141‬‬
‫‪ - 3‬غريبي فاطمة الزىراء ‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.181‬‬
‫‪84‬‬
‫االتجاه األول ‪ :‬يرى أنصاره أن المنحة ‪ -‬باعتبارىا تصرف من جانب واحد ‪ -‬تقبل‬
‫السحب أو اإللغاء ؛ألف مف يممؾ المنح يممؾ المنع أي السحب أو اإللغاء‪ .‬فالدستور متى‬
‫صدر في شكؿ منحة بإرادة الحاكـ المنفردة‪ ،‬كاف ليذا األخير الحؽ في أف يسحبو أو يمغيو‬
‫صراحة ‪.‬‬ ‫الحؽ‬ ‫ىذا‬ ‫عف‬ ‫تنازؿ‬ ‫قد‬ ‫يكف‬ ‫لـ‬ ‫شاء‪،‬ما‬ ‫وقت‬ ‫أي‬ ‫في‬
‫ال‪ ،‬حيث أصدر شارؿ العاشر ممؾ فرنسا ق ار اًر ممكياً عاـ‬
‫ويساند ىذا الرأي أمثمة حدثت فع ً‬
‫‪ 1831‬بإلغاء دستور عاـ ‪ 1814‬تحت حجة أف المنحة أو اليبة في الحقوؽ العامة تشبو‬
‫اليبة في الحقوؽ الخاصة‪ ،‬وكما يحؽ لمواىب الرجوع عف اليبة‪ ،‬يحؽ لمممؾ الرجوع عف‬
‫‪.‬‬ ‫‪1‬‬
‫لمجميؿ‬ ‫ونكراف‬ ‫لممنحة‬ ‫جحود‬ ‫الشعب‬ ‫عف‬ ‫صدر‬ ‫إذا‬ ‫دستوره‪،‬‬
‫االتجاه الثاني ‪ :‬يرى أنصاره أن المنحة ممزمة لمممك‪ ،‬وبالتالي ال يمكنو إلغاؤىا أو الرجوع‬
‫فييا ؛ فالمنحة ُّ‬
‫تعد التزاماً بإرادة منفردة‪ ،‬والقاعدة المقررة في ىذا الصدد أف االلتزاـ باإلرادة‬
‫المنفردة يقيِّد شخص الممتزـ‪ ،‬وبالتالي ال يجوز لو الرجوع فيو متى ترتَّب عميو حؽ لمغير‪.‬‬
‫وفضالً عف ذلؾ‪ ،‬فإف الحاكـ عندما منح شعبو دستو اًر‪ ،‬لـ ِ‬
‫يعط ىذا الشعب حقاً جديداً‪ ،‬ولكنو‬
‫أعاد حقَّاً مف حقوؽ الشعب التي اغتصبيا بطرؽ غير مشروعة‪ ،‬وبالتالي فإف العودة عف‬
‫ىذه المنحة‪ ،‬يشكؿ اغتصاباً جديداً ليذا الحؽ‪ 2.‬والشعب كما عمَّمنا التاريخ ال يسكت عف‬
‫ىذا االغتصاب‪ .‬وىذا ما حدث في فرنسا عاـ ‪ 1831‬عندما سحب الممؾ شارؿ العاشر‬
‫دستور عاـ ‪ ،1814‬حيث اندلعت ثورة شعبية أطاحت بو‪ ،‬وأتت باألمير فيميب ممكاً بعد‬
‫قبولو لمدستور الذي عرضو عميو ممثمو الشعب الفرنسي‪ .‬والدستور الياباني الصادر عاـ‬
‫‪3‬‬
‫‪ ،1889‬و دستور إمارة موناكو ‪،1911‬ودستور اإلمارات العربية ‪ 1971‬و غيرىا‪.‬‬
‫‪ -2‬وضع الدستور عن طريق أسموب العقد‪:‬‬

‫‪ - 1‬حسف مصطفى البحري‪ ،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.142‬‬


‫‪ - 2‬نعماف أحمد الخطيب‪ ،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.483‬‬
‫‪ - 3‬غريبي فاطمة الزىراء ‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.112‬‬
‫‪85‬‬
‫تظير ىذه الطريقة مف طرؽ وضع الدساتير مف خالؿ جيود الشعوب عمى جعؿ المموؾ عمى‬
‫االعتراؼ بحقيا في مشاركتيـ في السمطة التأسيسية األصمية‪ ،‬وتقوـ في ىذه الحالة إرادة الشعب إلى‬
‫جانب إرادة الحكاـ‪ ،‬وينشأ ىذا النوع مف الدساتير عادة بعد ثورة أو انقالب أو تأثير الشعوب عمى‬
‫مموكيـ‪ ،‬فيخضعوف إلرادة الشعب إذعانا بدال مف فقداف سمطاتيـ بالكامؿ‪ ،‬ولقد بدأت ىذه الدساتير‬
‫في الظيور في التوازف بيف قوة الممؾ التي ضعفت ولكنيا لـ تضمحؿ وقوة الشعب التي تفاقمت لكنيا‬
‫لـ تثبت تماما‪ ،‬وعميو فإف الدستور الصادر في صورة عقد يتـ وضعو نتيجة تقابؿ إرادة كؿ مف‬
‫الحاكـ والمحكوـ عمى أساس الحرية واالختيار ويعطي لكؿ األطراؼ الحؽ في أف يناقش شروط‬
‫االتفاؽ‪ ،‬والذي يحدث في ىذه الطريقة أف ممثموا الشعب يضعوف مشروع الدستور ثـ يعرضونو عمى‬
‫الحاكـ الذي يوافؽ ويوقع عميو‪ ،‬وعمى إثر ذلؾ تعد ىذه الطريقة حمقة ىامة في ظيور الوسائؿ‬
‫الديمقراطية لوضع الدساتير‪ ،‬ومف األمثمة التي صدرت بطريقة العقد نذكر الدستور العراقي ‪،2:36‬‬
‫‪1‬‬
‫البحريني ‪ 2:84‬الكويتي ‪. 2:73‬‬
‫وتدؿ الحوادث التاريخية عمى أف العقد ُي ْفرض عمى الممؾ في أعقاب ثورة (كما حصؿ في‬
‫إنجمت ار عندما ثار األشراؼ ضد الممؾ جوف‪ ،‬فأجبروه عمى توقيع وثيقة الماجنا‬
‫كارتا‪ (Magna Carta‬الميثاؽ األعظـ لعاـ ‪ 1215‬التي تعتبر مصد اًر أساسياُ لمحقوؽ‬
‫والحريات‪ 2.‬ويتضح مما تقدـ أف أسموب العقد في وضع الدساتير يعد أكثر ديمقراطية مف‬
‫أسموب المنحة‪ ،‬ومع ذلؾ فيو ليس بعيداً عف مجاؿ النقد‪ ،‬فمئف كاف إصدار الوثيقة‬
‫الدستورية في شكؿ منحة مف الحاكـ فيو إنكار لمشعب كصاحب لمسيادة‪ ،‬فإف إصدارىا عف‬
‫طريؽ التعاقد فيو مساس بو‪ ،‬حيث يجعؿ الحاكـ مساوياً لو وشريكاً في السيادة‪ ،‬وليذا سميت‬
‫باألساليب أو الطرؽ غير الديمقراطية‪ ،‬ألف المبدأ الديمقراطي يتطمب أف تكوف السيادة‬
‫لمشعب وحده‪،‬دوف أف يشاركو فييا ممؾ أو أمير‪.‬‬

‫‪ - 1‬معيفي لعزيز‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص‪.53‬‬


‫‪ - 2‬حسني بوديار‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.83‬‬
‫‪86‬‬
‫وبالرغـ مف كؿ مف االنتقادات التي تعرض ليا أسموب العقد‪ ،‬فمما الشؾ فيو أف‬
‫النيج التعاقدي في وضع الدساتير‪ ،‬إذ أتاح لمشعب أف يسيـ بدور حقيقي في إعداد دستوره‪،‬‬
‫ُي َعّبد الطريؽ لظيور األساليب الديمقراطية في وضع الدساتير‪ ،‬والتي سنبينيا فيما يمي‪:‬‬
‫ثانيا‪ -‬األساليب الديمقراطية لنشأة الدساتير‪:‬‬
‫تعبر ىذه األساليب عف انتصار إرادة الشعوب وانتقاؿ السيادة مف الحاكـ إلى األمة أو‬
‫ّ‬
‫الشعب الذي أصبح وحده صاحب السيادة في الدولة وليذا فإف دساتير ىذه المرحمة تتميز‬
‫بطابعيا الديمقراطي‪ ،‬نظ اًر النفراد الشعب بممارسة السمطة التأسيسية األصمية‪ ،‬حيث يتولى‬
‫َّ‬
‫الحكاـ‪ ،‬وضع تنظيمو الدستوري الذي يرتضيو‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫مشاركة مف جانب‬ ‫تدخ ٍؿ أو‬
‫بمفرده ودوف ّ‬
‫‪1‬‬ ‫ويمتزـ بقواعده أفراد الجماعة َّ‬
‫حكاماً ومحكوميف عمى السواء ‪.‬‬
‫و لقد درج الفقو عمى تسمية الجية المخوؿ ليا وضع الدستور حديثا بالسمطة التأسيسية التي‬
‫قد تكوف أصمية أو فرعية‪ ،‬فالسمطة التأسيسية األصمية ىي تمؾ السمطة السامية التي تختص بوضع‬
‫الوثيقة الدستورية دوف االستناد إلى نص سابؽ منشأ ليا عمى اعتبار سموىا ال يسمح بوجود نص‬
‫وضعتو سمطة أسمى منيا ينظـ مجاالت تدخميا‪ ،‬فيدفيا ىو وضع وخمؽ الدستور‪ ،‬وبصفة عامة‬
‫ىي السمطة التي ال تخضع ألي قيد أو نص دستوري سابؽ‪ ،‬أكثر مف ذلؾ فيي غير مقيدة‬
‫باعتبارىا صاحبة السيادة في الدولة وتنبع منيا كافة السمطات‪ ،‬وىي تسمى أيضا بالسمطة المؤسسة‬
‫‪2‬‬
‫المنشئة‪.‬‬
‫أما السمطة التأسيسية الفرعية فيي الجية التي تتدخؿ فقط لتعديؿ الدستور وتسمى بالسمطة‬
‫المؤسسة عمى أساس أنيا منصوص عمييا في الدستور الذي وضعتو السمطة المؤسسة‪ 3.‬ولكونيا‬
‫تختص في إعادة النظر في بعض أحكاـ الدستور فقط في حدود ما أسندتو ليا ََالسمطة التأسيسية‬
‫َّسة المنشئة‪.‬‬
‫األصمية أثناء وضعيا لمدستور ََوىي تسمى أيضا بالسمطة المؤس َ‬
‫‪ - 1‬حسف مصطفى البحري‪ ،‬المرجع السابؽ‪،‬ص‪.148‬‬
‫‪ - 2‬صايش عبد المالؾ‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.57‬‬
‫‪ - 3‬حسني بوديار‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.81‬‬
‫‪87‬‬
‫والى ىنا فنحف نتحدث عف الجية المخوؿ ليا إعداد الدستور أما إق ارره فقد جرى العمؿ عمى‬
‫إتباع أحد أسموبيف لوضع الدساتير في ضوء احتكار األمة أو الشعب لمسمطة التأسيسية‪ ،‬فإما‬
‫أف يتـ وضع الدستور مف قبؿ ىيئة منتخبة مف الشعب يطمؽ عمييا اسـ" الجمعية‬
‫التأسيسية"‪ ،‬واما أف يتـ طرح مشروع الدستور عمى الشعب في استفتاء عاـ ألخذ موافقتو‬
‫‪1‬‬
‫عميو‪ ،‬وىو ما يطمؽ عميو اسـ " االستفتاء التأسيسي‪".‬‬
‫‪ -6‬وضع الوثيقة الدستورية عن طريق الجمعية التأسيسية‪:‬في ىذا األسموب ينفرد الشعب‬
‫بوضع الدستور بواسطة ىيئة تأسيسية منتخبة بطريقة ديمقراطية مف قبمو‪،‬نظ ار لتعذر سنو‬
‫بالطريؽ المباشر‪.‬ويكوف الدستور الذي تضعو ىذه الييئات واجب النفاذ‪ 2.‬ويتطمب الفقو حتى‬
‫يكوف الدستور صاد ار عف الجمعية التأسيسية أف يكوف أعضاء ىذه الجمعية منتخبيف مف‬
‫‪3‬‬
‫جانب األمة بيدؼ وضع دستور األمة‪.‬‬

‫فإذا تـ تشكيؿ الجمعية التأسيسية عف طريؽ التعييف مف قبؿ أي سمطة في الدولة وبشكؿ‬
‫خاص السمطة التنفيذية ‪،‬مكوف بصدد لجنة فنية أكثر منيا جمعية تأسيسية‪.‬كما ال يجوز‬
‫أيضا أف تقوـ السمطة التشريعية العادية ولو كانت منتخبة بوضع الدستور‪ ،‬الف ميمة ىذه‬

‫‪ - 1‬حسف مصطفى البحري‪ ،‬المرجع السابؽ‪،‬ص‪.148‬‬


‫‪ - 2‬مولود ديداف ‪،‬القانوف الدستوري و النظـ السياسية‪،‬عمى ضوء تعديؿ‪.2116‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.56‬‬
‫‪ - 3‬تعود أصوؿ فكرة " الجمعية التأسيسية" إلى "مبدأ سيادة األمة"الذي ينكر أف تكوف السيادة في الدولة لغير " األمة "‪،‬‬
‫وتعتبر ىذه الفكرة في جوىرىا تطبيقاً حقيقياً لنظاـ الديمقراطية التمثيمية أو النيابية ‪ .‬ومف مقتضى ىذا األسموب الديمقراطي‬
‫في وضع الدساتير أف تقوـ األمة صاحبة السيادة ومصدر كؿ السمطات‪ ،‬بتفويض ممارسة سيادتيا لممثّميف عنيا ( وىؤالء‬
‫ِّ‬
‫يشكموف ىيئةً ُيطمؽ عمييا اسـ المجمس التأسيسي أو الجمعية التأسيسية أو المؤتمر الدستوري) يتولوف باسميا ونيابةً عنيا‬
‫صادر‬
‫ٌ‬ ‫المنتخبة الممثِّمة لألمة وكأنو‬
‫َ‬ ‫عد الدستور الذي يصدر عف ىذه الييئة‬
‫وضع قواعد نظاـ الحكـ في البالد‪ ،‬بحيث ُي ّ‬
‫عف األمة بمجمميا‪ ،‬وعمى ذلؾ يكتمؿ الدستور ويصبح نافذاً بمجرد وضعو واق ارره مف قبؿ ىذه‪ ../..‬الييئة‪ ،‬ما دامت األمة‬
‫فوضتيا بذلؾ‪ ،‬مما ال يتطمب بعد ذلؾ عرض وثيقة الدستور عمى الشعب الستفتائو فييا أو أخذ موافقتو عمييا‪ ،‬إذ أنو‬
‫قد َّ‬
‫بمجرد إقرار الييئة المذكورة لموثيقة الدستورية في صيغتيا النيائية‪ ،‬تصبح ىذه الوثيقة نافذةً ودوف أف يتوقؼ ذلؾ عمى إقر ٍار‬
‫مف أي ٍ‬
‫جية كانت‪.‬‬
‫‪88‬‬
‫السمطة تنحصر بشكؿ أساسي بوضع التشريع العادي وليس التشريع الدستوري‪ ،‬ألف ىذا‬
‫‪1‬‬
‫عد المستعمرات األمريكية‬
‫حيث تُ ّ‬ ‫األخير ىو الذي ينظميا ويحدد عمميا و ليس العكس‪.‬‬
‫الشمالية الثائرة ضد االستعمار اإلنجميزي أوؿ مف أخذ بأسموب الجمعية التأسيسية في وضع‬
‫دساتيرىا عقب استقالليا عف التاج البريطاني في عاـ ‪ ،1776‬حيث قامت معظـ ىذه‬
‫الواليات بانتخاب جمعية نيابية ُعرفت باسـ ‪(Convention‬أي المؤتمر) مف أجؿ وضع‬
‫الدستور الخاص بيا‪ ،‬ثـ صدر بعد ذلؾ دستور االتحاد الفيدرالي عاـ ‪ 1787‬بنفس‬
‫األسموب‪ 2.‬وقد انتقؿ ىذا األسموب مف الواليات المتحدة األمريكية إلى فرنسا بعد قياـ الثورة‬
‫الفرنسية في عاـ ‪ ،1789‬وذلؾ عند وضع أوؿ دساتير الثورة في عاـ ‪،1791‬ثـ أخذت بو‬
‫ي سنة ‪ 1848‬وسنة ‪ ،1875‬غير أف الجمعيات المنتخبة التي كانت‬
‫دستور ْ‬
‫َ‬ ‫أيضاً في وضع‬
‫تمارس نيابةً عف الشعب الفرنسي صالحية السمطة التأسيسية (أي ميمة وضع أو تعديؿ‬
‫الدستور) كانت تعرؼ اصطالحاً باسـ "الجمعية التأسيسية" بدالً مف اسـ "المؤتمر" الذي‬
‫كانت تستخدمو الواليات األمريكية‪.‬‬

‫كما شاع استخداـ أسموب الجمعية التأسيسية خارج فرنسا‪ ،‬فطبقتو بالد كثيرة عقب الحربيف‬
‫العالميتيف األولى والثانية ‪.‬ومف دساتير الدوؿ العربية التي صدرت وفقاً ألسموب الجمعية‬
‫التأسيسية نذكر عمى سبيؿ المثاؿ ‪ :‬دستور الجميورية السورية ‪ ،1951‬وكذلؾ دستور‬
‫‪3‬‬
‫الجميورية التونسية ‪.1959‬‬

‫‪ -2‬وضع الوثيقة الدستورية عن طريق االستفتاء الشعبي‪:‬‬


‫يجمع الفقو الدستوري عمى أف االستفتاء التأسيسي يعد مف أكثر األساليب الديمقراطية التي‬
‫تتبعيا الدوؿ المعاصرة في وضع دساتيرىا و قواعد نظاـ الحكـ فييا‪ ،‬وتعود أصوؿ االستفتاء‬

‫‪ - 1‬نعماف أحمد الخطيب‪ ،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.488‬‬


‫‪ - 2‬حسف مصطفى البحري‪ ،‬المرجع السابؽ‪،‬ص‪.151‬‬
‫‪ - 3‬قزو محمد أكمي‪،‬المرجع السابؽ ‪ ،‬ص ‪.154-153‬‬
‫‪89‬‬
‫التأسيسي إلى مبدأ السيادة الشعبية‪،‬و تعتبر فكرة االستفتاء التأسيسي مف أىـ مظاىر أو‬
‫تطبيقا ت نظاـ الديمقراطية شبو المباشرة ‪ ،‬ذلؾ أف أسموب االستفتاء الدستوري يعني أف‬
‫الشعب يقوـ بنفسو و مباشرة بالموافقة عمى الدستور ‪ .‬فمشروع الدستور ال يكوف نافدا وممزما‬
‫‪1‬‬
‫قانونا إال إذا وافؽ عميو الشعب مباشرة ‪.‬‬
‫فاالستفتاء إذف ىو أخذ رأي الشعب في مسألة مف المسائؿ‪ ،‬وقد يكوف االستفتاء الشعبي‬
‫سياسيا إذا كاف موضوعو ىو أخذ رأي الشعب حوؿ موضوع سياسي ما‪ ،‬وقد يكوف استفتاء شعبيا‬
‫تأسيسيا إذا كاف الغرض منو أخذ رأي الشعب حوؿ الدستور‪ ،‬وأسموب االستفتاء الشعبي يجعؿ‬
‫الدستور يصدر مف الشعب مباشرة‪ ،‬إذ يبدي رأيو فيو وال يصبح نافذا إال بعد موافقتو عميو‪ 2.‬واذا كاف‬
‫االستفتاء عامة ينـ عف التعبير الديمقراطي الحقيقي ففي الحقيقة يمكف أف نميز بيف ثالثة طرؽ في‬
‫االستفتاء‪:‬‬
‫أوال ‪:‬قد يوضع مشروع الوثيقة الدستورية مف طرؼ نخبة حكومية أو برلمانية ثـ يعرض عمى‬
‫االستفتاء الشعبي لممصادقة عميو‪ ،‬وىذه الطريقة اقؿ ديمقراطية مف حيث اإلعداد وديمقراطية مف‬
‫حيث اإلقرار بحيث يتطمب أف يكوف الشعب عمى درجة عالية مف الوعي والدراية بالشؤوف الدستورية‬
‫حتى يتسنى لو رفض مشروع الدستور‪.‬‬
‫ثانيا ‪:‬انتخاب جمعية تأسيسية تتكفؿ بوضع الدستور ثـ يعرض ىذا المشروع عمى االستفتاء‬
‫الشعبي ويصبح نافذا عند المصادقة عميو مف طرؼ الشعب‪ ،‬وما يمكف مالحظتو ىو أف طريقة‬
‫المصادقة ىي طرؽ ديمقراطية مبدئيا ونظريا‪.‬‬
‫ثالثا ‪:‬والطريقة األكثر ديمقراطية ىي أف يتـ اقتراح الدستور مف طرؼ عدد معيف مف الشعب‬
‫‪3‬‬
‫وايداعو لدى الجية المخولة ثـ عرضو عمى االستفتاء الشعبي عمى غرار ما ىو موجود في سويس ار‪.‬‬

‫‪ -- 1‬حسف مصطفى البحري‪ ،‬المرجع السابؽ‪،‬ص‪.161‬‬


‫‪ - 2‬معيفي لعزيز‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص‪.54‬‬
‫‪ - 3‬صايش عبد المالؾ‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.58‬‬
‫‪91‬‬
‫ولقد صدرت عدة دساتير عف طريؽ االستفتاء التأسيسي ومف تمؾ الدساتير دستور‬
‫الجميورية الفرنسية الرابعة الصادر ‪ 1946‬حيث وضعت مشروعو جمعية نيابية منتخبة ثـ‬
‫عرض ىذا المشروع عمى الشعب فرفضو ‪ ،‬ثـ قامت جمعية نيابية جديدة بإجراء بعض‬
‫التعديالت عميو ثـ طرح في استفتاء ٍ‬
‫ثاف فوافؽ عميو الشعب ‪ ،‬كما أف دستور الجميورية‬
‫الفرنسية الخامسة الصادر عاـ ‪ 1958‬النافذ حاليا ىو آخر الدساتير الفرنسية التي صدرت‬
‫بأسموب االستفتاء الدستوري بعد اف قامت لجاف حكومية بوضع مشروعو ‪ 1.‬ومف أمثمة‬
‫‪2‬‬
‫الدساتير التي صدرت بيذا األسموب أيضا الدساتير الجزائرية ‪.‬‬

‫المطمب الثاني ‪:‬أنواع الدساتير‪:‬‬

‫تنقسـ الدساتير إلى أنواع عديدة باالستناد إلى معايير مختمفة؛ إذ تقسـ بحسب الشكؿ إلى‬
‫دساتير مدونة وأخرى عرفية‪ ،‬وبحسب طريقة تعديميا إلى دساتير مرنة وأخرى جامدة‪ ،‬وأخي ار بحسب‬
‫طبيعة محتوياتيا إلى دساتير قانوف ودساتير برنامج‪.‬‬

‫أوالـ أنواع الدساتير بحسب الشكل‪ :‬لقد كانت ىناؾ قواعد تحكـ تقنيات تسير شؤوف الحكـ منذ‬
‫األزؿ ولكف تدوينيا في وثيقة دستورية لـ يتـ إال قبؿ حوالي قرنيف مع ظيور الحركة الدسترالية‪ ،‬بؿ‬
‫واف دوؿ عديدة ال تزاؿ إلى يومنا ىذا ال تمتمؾ دساتير مكتوبة‪ ،‬وعمى أساس ىذا االختالؼ أصبح‬
‫‪3‬‬
‫الفقو يميز بيف الدساتير المكتوبة والدساتير العرفية‪.‬‬
‫الدساتير المدونة( المكتوبة) ‪ :‬الدساتير المكتوبة ىي الدساتير التي توضع أحكاميا في‬
‫نصوص تشريعية مكتوبة سواء صدرت بوثيقة واحدة أو عدة وثائؽ دستورية مختمفة‪ 4.‬وعميو‬

‫‪ - 1‬نعماف أحمد الخطيب‪ ،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.491‬‬


‫‪ - 2‬غريبي فاطمة الزىراء ‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.194‬‬
‫‪ - 3‬صايش عبد المالؾ‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.82‬‬
‫‪ - 4‬نعماف أحمد الخطيب‪ ،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.517‬‬
‫‪91‬‬
‫يقصد بالدستور المكتوب ‪ :‬ذلؾ الدستور الذي تدوف غالبية أحكامو في وثيقة تبيف مف خاللو طرؽ‬
‫تسيير شؤوف الحكـ وحقوؽ مواطني الدولة وثوابت مجتمعيا‪.‬وىي تعد األكثر شيوعا في العالـ‪.‬‬
‫إذ أف معظـ الدوؿ ليا دساتير مكتوبة‪ 1.‬ألف صفة التدويف أو الكتابة أصبحت الخاصية‬
‫المميزة لمحداثة‪،‬ذلؾ أنو يفترض و لو مبدئيا أف الدستور المدوف يتسـ بالرسمية وأدعى لمثقة‬
‫واالستقرار‪،‬حيث أف سف الدستور مف قبؿ السمطة يعني إيديولوجيا القبوؿ بفمسفة بتقييد‬
‫الحكاـ و ترسيخ النظاـ ‪،‬أو عمى األقؿ يمكف القوؿ أف اعتماد الدسترة قد يضمف و لو حد‬
‫‪2‬‬
‫أدنى أسس السيادة الشعبية‪.‬‬
‫كما يجب التنويو أف الكتابة المقصودة ىنا ال تعني المفيوـ الحرفي لمصطمح الدستور‬
‫المكتوب‪،‬بؿ يقصد بيا التدويف الرسمي المتمثؿ في التقنيف‪،‬ىذه العممية التي ال تكوف إال مف‬
‫قبؿ سمطة رسمية مخوؿ ليا ذلؾ باسـ الدولة ‪ .‬وقد انتقمت حركة التدويف مف الواليات المتحدة‬
‫األمريكيةبمقتضى الدستور االتحادي الذي أقر بمقتضى مؤتمر فيالدلفيا سنة ‪ 2898‬الذي بدأ‬
‫العمؿ بو سنة ‪ 289:‬ثـ انتشرت حركة التدويف في أوروبا كالدستور الفرنسي لسنة‪ 28:2‬و بقية‬
‫الدساتير التي جاءت بع ده‪ .‬كما أصبحت الدساتير المكتوبة أىـ مطمب لمحركات التحررية‬
‫التورية خالؿ القرف ‪ 2:‬وبيف ‪290:‬و ‪ 2990‬صدر أكثر مف ‪ 400‬دستور مكتوب‪ 3.‬كما أف‬
‫ىناؾ مف الدوؿ التي ال يمكف أف تضمف بقاءىا ووحدتيا إال بوضع دستور مكتوب‪ ،‬كما ىو الشأف‬
‫لمدولة المركزية أو الفيدرالية‪ ،‬ألف ضرورة بقائيا يقتضي بياف اختصاصات الييئات المحمية‬
‫‪4‬‬
‫واختصاصات السمطة المركزية‪.‬‬
‫الدستور غير المدون (العرفي) ‪:‬ىو مجموعة القواعد المتعمقة بنظاـ الحكـ قي الدولة‪،‬أي‬
‫بالتنظيـ السياسي في الدولة وغير المدونة في وثيقة أو وثائؽ رسمية ‪.‬وليذا فإنيا تستمد‬

‫السابؽ‪،‬ص‪.81‬‬ ‫‪ - 1‬مولود ديداف ‪،‬القانوف الدستوري و النظـ السياسية‪ ،‬المرجع‬


‫‪ - 2‬غريبي فاطمة الزىراء ‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.158‬‬
‫‪ - 3‬حسني بوديار‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.85‬‬
‫‪ - 4‬بسيوني عبد الغني عبد هللا ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.96‬‬
‫‪92‬‬
‫أحكاميا بصورة أساسية مف العادات واألعراؼ‪،‬والسوابؽ التاريخية والتقاليد أو االتفاقات‬
‫الدستورية‪ ،‬التي اكتسبت مع مرور الزمف القوة القانونية الممزمة‪ ،‬وذلؾ نتيجة الستمرار سير‬
‫السمطات العامة عمى ىداىا في مباشرة وظائفيا‪1.‬و يعتبر الدستور االنجميزي المثاؿ التقميدي‬
‫لمدستور غير المدوف‪ ،‬إال أـ ىذا ال يعني عدـ وجود قواعد دستورية مكتوبة في انجمترا‪ ،‬مثاؿ‬
‫الميثاؽ األعظـ المعروؼ ‪ arrirnregr‬المعمف في‪ 2121 ،‬وممتمس الحقوؽ في‬
‫عاـ‪ 2211‬و وثيقة الحقوؽ الصادرة في ‪.2211‬إال أف غالبية أحكاـ الدستور تستمد مف‬
‫‪2‬‬
‫الغرؼ و القضاء ‪.‬‬
‫‪2‬ـ أنواع الدساتير بحسب التعديل‪ :‬تختمؼ الدوؿ في نظرتيا لمدستور بيف مف تراه ال يعدو أف يكوف‬
‫قانوف مثؿ غيره مف القوانيف فيسمى دستورىا مرنا‪ ،‬وبيف تمؾ التي ترتب قوانينيا في ىرـ يسمو‬
‫بعضيا عمى بعض ويكوف الدستور أعالىا وبالتالي يسمى دستورىا جامدا‪.‬‬
‫الدساتير المرنة‪ :‬يقصد بالدستور المرف ذلؾ الذي يمكف تعديمو والغائو بنفس اإلجراءات‬
‫والخطوات التي يتـ إتباعيا لتعديؿ القوانيف العادية‪ ،‬ومف نفس الجية المخولة بذلؾ أي مف طرؼ‬
‫‪3‬‬
‫البرلماف‪ ،‬وعمى أساس ذلؾ يصبح الدستور المرف في نفس مرتبة القوانيف العادية‪.‬‬
‫الدساتير الجامدة‪ :‬عمى العكس مف الدستور المرف فإف الدستور الجامد ال يمكف تعديمو إال‬
‫بإتباع إجراءات غير عادية‪ ،‬وأقؿ ما يقاؿ عنيا أنيا معقدة عمى أساس أنيا تمر عبر مراحؿ متعددة‬
‫كما أنيا قد تكوف مربوطة بشروط متنوعة‪ ،‬كما أف السمطة المخوؿ ليا ذلؾ ىي جية خاصة وليست‬
‫نفسيا المخوؿ ليا تعديؿ والغاء القوانيف العادية‪ ،‬وعادة ما يطمؽ عمييا مصطمح السمطة التأسيسية‬
‫التي تختمؼ عف السمطة التشريعية صاحبة االختصاص في سف القوانيف‪ ،‬وىذا كمو حتى يتجمى‬
‫‪4‬‬
‫سمو الدستور وليتـ حمايتو مف التعديالت المتكررة التي تفقده مصداقيتو‪.‬‬

‫‪ - 1‬حسف مصطفى البحري‪ ،‬المرجع السابؽ‪،‬ص‪.177‬‬


‫السابؽ‪،‬ص‪.63‬‬ ‫‪ - 2‬مولود ديداف ‪،‬القانوف الدستوري و النظـ السياسية‪،‬عمى ضوء تعديؿ‪.2116‬المرجع‬
‫‪ - 3‬نعماف أحمد الخطيب‪ ،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.511-519‬‬
‫‪ - 4‬صايش عبد المالؾ‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.54‬‬
‫‪93‬‬
‫وعميو فإف التمييز بيف الدساتير المرنة و الدساتير الجامدة يكوف عمى أساس وجود أو‬
‫عدـ وجود أشكاؿ خاصة و إجراءات معينة لمتعديؿ‪،‬فاألمر إذف يتوقؼ عمى معرفة ما إذا‬
‫كانت عممية تعديؿ القوانيف الدستورية مماثمة أو مغايرة لعممية تعديؿ القوانيف العادية‪ .‬فإذا‬
‫كانت عممية تعديؿ القوانيف األساسية في الدولة (أي القوانيف الدستورية)ال تتطمب إجراءات‬
‫خاصة مشددة تختمؼ عف اإلجراءات المقررة لتعديؿ القوانيف العادية كنا بصدد ما يسمى‬
‫بالدساتير المرنة‪ .‬أما إذا كانت عممية تعديؿ القوانيف األساسية تتطمب إجراءات خاصة أكثر‬
‫شدة وتعقيدا مف شروط واجراءات تعديؿ القوانيف العادية‪ ،‬كنا بصدد ما يسمى الدساتير‬
‫‪1‬‬
‫الجامدة‪.‬‬
‫‪3‬ػ أنواع الدساتير من حيث طبيعة أحكاميا‪ :‬يميز فقياء القانوف الدستوري بيف الدساتير مف حيث‬
‫طبيعة أحكاميا فيقسميا إلى دساتير قانوف ودساتير برنامج‪.‬‬
‫دستور قانون‪ :‬تعتبر جؿ الدساتير الميرالية دساتير قانوف عمى أساس أنيا تحتوي فقط عمى‬
‫مجموعة مف القواعد والمبادئ التي تنظـ السمطات في الدولة‪ ،‬فتحددىا وتبيف اختصاصات كؿ‬
‫واحدة منيا والعالقة التي تربطيا مع بعضيا‪ ،‬وتبيف أيضا الحقوؽ والحريات األساسية التي يتمتع‬
‫بيا األفراد والثوابت األساسية التي يقوـ عميو لممجتمع‪.‬‬
‫وألف ىذه الدوؿ تعتمد عمى مبدأ التعددية أو الثنائية الحزبية فإف الحزب الحاكـ ال يضمف‬
‫برنامجو في الدستور‪ ،‬عمى أساس أف التداوؿ عمى السمطة ال يضمف استمرار أي حزب فييا بؿ إف‬
‫‪2‬‬
‫الشعب ىو الذي يقرر ذلؾ‪.‬‬
‫دستور برنامج‪ :‬فيي الدساتير التي غالبا ما توجد في الدوؿ ذات الحزب الواحد أي الدوؿ‬
‫ذات التوجو االشتراكي حيث تحاوؿ ىذه الدوؿ تجسيد برنامج الحزب السياسي‬
‫وايديولوجيتو خصوصا االقتصادية‪ ،‬وألف مثؿ ىذه الدوؿ تعتمد عمى مبدأ التخطيط المركزي فإف‬

‫‪ - 1‬حسف مصطفى البحري‪ ،‬المرجع السابؽ‪،‬ص‪.186‬‬


‫‪ - 2‬صايش عبد المالؾ‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.55‬‬
‫‪94‬‬
‫الحزب يجعؿ مف الدستور آلية يعرض فيو برنامجو وليس فقط تنظيـ السمطة وتحديد حقوؽ وحريات‬
‫األفراد‪.‬و مف أمثمة ذلؾ الدستور الجزائري ‪ 1976‬الذي نص عمى االشتراكية في مواد متعددة‬
‫‪1‬‬
‫و جعميا مبدأ ال رجعة فيو ‪.‬‬

‫المبحث الرابع‪ :‬تعديل الدستور‪:‬‬

‫تخضع قواعد الدستور مثؿ سائر القوا نييف لسنة التطور ومف تـ يتعيف التسميـ بجواز‬
‫تعديؿ ىذه القواعد‪ .‬حيث ال يصح إضفاء الدواـ أو األبدية عمى نصوص الدستور مادامت‬
‫الحاجات السياسية التي تسعى إلى تنظيميا في تطور مستمر‪ ،‬واال تعيف التسميـ بالجمود‬
‫المطمؽ ألحكامو وىو ما يرفضو الفقو في مجموعو‪،‬لما يترتب عميو مف اصطدامو بالواقع‬
‫السياسي‪،‬االقتصادي واالجتماعي وما قد يسفر عنو مف ثورات وانقالبات وعنؼ‪.‬غير أنو ال‬
‫يجوز كذلؾ أف يتعرض الدستور باعتباره أسمى القواعد القانونية لتعديالت متالحقة‬
‫ومتتابعة‪،‬مما يؤدي إلى أف يفقد الدستور مكانتو وىبتو‪.‬‬

‫المطمب األول‪ :‬تعريف التعديل الدستوري‪:‬‬

‫يقصد بتعديؿ الدستور تغيير جزئي لمجموعة مف أحكامو‪ ،‬سواء بإلغائيا أو إضافة جزء‬
‫ليا أو بتحوير مضمونيا وفؽ مقتضيات جديدة‪2.‬ويعرؼ كذلؾ عمى أنو تغيير جزئي في أحكاـ‬
‫الدستور سواء بإلغاء بعضيا أو بإضافة أحكاـ جديدة أو بتعديؿ مضمونيا‪ 3.‬فيقصد بتعديؿ‬
‫الدستور إذف إدخاؿ تغيرات أو تعديالت عمى نصوص المواد التي يتكوف منيا الدستور‪،‬أي‬
‫تغيير جزئي لقواعده وأحكامو سواء بالحذؼ أو بتغيير أو إضافة أحكاـ جديدة‪ .‬وبالتالي‬
‫يشترط التعديؿ بقاء الدستور ذاتو‪،‬مما يتضح أف التعديؿ يختمؼ عف الوضع الذي يعنػي‬

‫‪ - 1‬عمار كوسة ‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.43‬‬


‫‪ - 2‬عمار كوسة‪ ،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.48‬‬
‫‪ - 3‬األميف شريط‪ ،‬المرجع السابؽ‪،‬ص‪.239‬‬
‫‪95‬‬
‫إنشاء دستور جديد كػما يختمؼ عف اإللغاء أو اإلنياء الكمي الذي يعػدـ الدستور بصفة‬
‫عامة‪.‬‬
‫إذا كاف وضع الوثيقة الدستورية عادة مف اختصاص السمطة التأسيسية األصمية‪ ،‬فإف‬
‫االختصاص بتعديميا ينعقد لمسمطة التأسيسية الفرعية‪ ،‬ذلؾ عمى أساس أف الدستور ينظميا‬
‫بنصوص خاصة ويحدد اختصاصاتيا بشكؿ صريح‪ ،‬وعميو فاف السمطة التأسيسية الفرعية تفرض‬
‫وجود دستور نافذ في الدولة ينظميا ويحدد جميع سمطاتيا فال تتدخؿ ىذه السمطة إال في ظؿ دستور‬
‫يمنحيا حؽ الحياة‪ ،‬وىي في تدخميا ممزمة بالشكؿ الذي حدده الدستور القائـ باإلجراءات التي جاء‬
‫بيا‪ ،‬وترتيبا عمى ذلؾ تقتضي طبيعة اإلجراءات التي يتـ إتباعيا في تعديؿ الدستور إلى التمييز بيف‬
‫‪1‬‬
‫الدساتير الجامدة والدساتير المرنة‪.‬‬
‫تعديل الدساتير الجامدة‪ :‬يقصد بيذا النوع مف الدساتير تمؾ الدساتير التي ال يمكف تعديؿ‬
‫نصوصيا إال بإتباع إجراءات خاصة غير تمؾ المتبعة في تعديؿ القوانيف العادية حفاظا عمى ثبات‬
‫الدستور واستق ارره وتجنبا لمتعديالت السريعة غير المدروسة‪ ،‬وتنص الدساتير الجامدة عادة عمى‬
‫طريقتيف لمتعديؿ وىي ‪:‬أف ال يتـ التعديؿ إال وفؽ إجراءات خاصة أو أف يكوف التعديؿ محظو ار‬
‫‪2‬‬
‫بصفة مطمقة أو لمدة زمنية محددة‪.‬‬
‫وفي العصر الحديث كؿ الدساتير تجيز التعديؿ‪ ،‬غايتيا في ذلؾ التكيؼ مع تطورات‬
‫المجتمع‪ ،‬وعميو تذىب األغمبية الساحقة مف الدساتير إلى تحديد طريقة تعديميا ‪،‬ففي الجزائر‬
‫أشارت دساتيرىا لذلؾ بدءا مف دستور ‪ 6963‬في المواد ‪ 73/72/76‬وكذلؾ دستور ‪6976‬‬
‫في المواد ‪ 693/692/696‬وكذلؾ دستور ‪ 6989‬مف المواد ‪ 667/663‬ونفس الشيء‬
‫لدستور ‪ 6996‬المواد ‪ 3678 /674‬وكذا المواد ‪ 262/208‬التعديؿ الدستوري بمقتضى‬

‫‪ - 1‬معيفي لعزيز‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص‪.45‬‬


‫‪ - 2‬صايش عبد المالؾ‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.61‬‬
‫‪ - 3‬حسني بوديار‪ ،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.91-91‬‬
‫‪96‬‬
‫القانوف ‪ 06/66‬المؤرخ في ‪ .2066/03/06‬وكذا المواد ‪ 223/269‬مف التعديؿ الدستوري‬
‫‪.2020‬‬
‫أوال‪:‬التعديل وفق إجراءات خاصة‪ :‬وىي أف يشير الدستور في مواده إلى قواعد واجراءات‬
‫التعديؿ وكذلؾ األطراؼ والمؤسسات الدستورية المخولة ليا الحؽ في إجراءات التعديؿ‪.‬‬

‫‪1‬ـالسمطة المختصة بالتعديل ‪ :‬تبايف موقؼ الفقو مف تحديد السمطة المختصة بتعديؿ‬
‫الدستور وظيرت ثالث اتجاىات بيذا الصدد‪:‬‬

‫االتجاه األول ‪ :‬تخويل صالحية التعديل لمشعب‪:‬وىدا االتجاه الزاؿ أنصاره مثأتريف بفكرة‬
‫العقد االجتماعي أي أف تعديؿ الدستور ال بد أف يقترف بموافقة مجموع الشعب‪ ،‬عمى أساس‬
‫أف تعديؿ الدستور ىو بمثابة تعديؿ شروط العقد االجتماعي الذي ولي الحاكـ السمطة‬
‫بموجبو‪،‬وحيث إبراـ ىذا العقد بإرادة مجموع األفراد في المجتمع فإف تعديمو ال بد أف يقترف‬
‫بموافقتيـ جميعا‪.‬والمالحظ أف ىذا الرأي ينتيي إلى الجمود المطمؽ لمدستور‪ ،‬حيث إف‬
‫اإلجماع ضرب مف ضروب الخياؿ‪ ،‬وىو أمر أقرب إلى الخياؿ منو إلى الواقع‪ ،‬ونتيجة لذلؾ‬
‫‪1‬‬
‫أدرؾ أصحاب ىذا الرأي صعوبة تحقيؽ اإلجماع‪ ،‬واكتفوا باألغمبية إلجراء التعديؿ‪.‬‬

‫االتجاه الثاني‪ :‬تخويل صالحية التعديل لممثمي األمة‪ .‬يقوـ ىذا الرأي عمى أساس أف األمة‬
‫ىي صاحبة السيادة التي تممؾ تعديؿ الدستور‪ ،‬كما أصدرتو مف قبؿ دوف التقيد بشكؿ معيف‬
‫إلجراء التعديؿ و بناءا عمى ىذا الرأي فإف التعديؿ الدستوري يتـ بالطريؽ النيابي بواسطة‬
‫‪2‬‬
‫ممثمي الشعب ‪.‬‬

‫‪ - 1‬حسف مصطفى البحري‪ ،‬المرجع السابؽ‪،‬ص‪.216‬‬


‫‪ - 2‬حسف مصطفى البحري‪ ،‬نفس المرجع‪،‬ص‪.217‬‬
‫‪97‬‬
‫االتجاه الثالث‪ :‬الدستور ىو الذي يحدد الجية المختصة بالتعديل‪ :‬يمثؿ ىذا االتجاه الرأي‬
‫الغالب في الفقو‪ ،‬ويذىب القائميف بو إلى أف الدستور ىو الذي يحدد السمطة المختصة‬
‫بالتعديؿ‪.‬وأف عمى ىذه السمطة أف تتبع اإلجراءات و األشكاؿ التي اشترطيا الدستور‬
‫‪1‬‬
‫إلمكانية تعديمو‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬نطاق التعديل‪:‬يختمؼ نطاؽ التعديؿ باختالؼ أنواع الحظر الذي تتضمنو الوثيقة‬
‫الدستورية‪،‬فقد يتقرر في الدستور عدـ جواز تعديمو كمية بصفة دائمة أو مؤقتة وىو ما يسمى‬
‫‪2‬‬
‫بالحظر الزمني‪ ،‬أو يمنع تعديؿ بعض النصوص وىو ما يسمى بالحظر الموضوعي‪:‬‬

‫الحظر الزمني‪ :‬حيث ييدؼ ىذا النوع مف الحظر إلى ضماف سرياف أحكاـ الدستور خالؿ‬
‫مدة زمنية معينة‪ ،‬حتى تثبت أحكامو قبؿ السماح بتعديمو‪،‬و يحدث ذلؾ في العادة عند إقامة‬
‫نظاـ سياسي جديد‪،‬وقصد تحقيؽ االستقرار والثبات ليذا النظاـ والقضاء عمى معارضيو‪ ،‬أو‬
‫تخفيؼ حدة المعارضة ضده عمى األقؿ خالؿ فترة زمنية محددة‪ 3.‬ومف أمثمة ىذا الحظر‪:‬‬
‫ما جاء في نص المادة ‪ 85‬مف دستور ‪ 6989‬حيث جاء فييا ‪ ":‬ال يمكف المجوء لتعديؿ‬
‫الدستور خالؿ ‪ 45‬يوما التي تمي إعالف شغور منصب رئيس الجميورية ‪ ":‬كما جرى النص‬

‫‪ - 1‬ويميز أصحاب ىذا الرأي بيف السمطة التأسيسية األصمية والسمطة التأسيسية المنشأة (أو الفرعية أو المنشقة )‪،‬‬
‫فالسمطة التأسيسية المنشأة ممزمة عند إجراؤىا التعديؿ‪ ،‬بالشكميات التي حددتيا السمطة التأسيسية األصمية في الدستور‪،‬‬
‫مراعاة لمبدأ سمو الدستور عمى القوانيف العادية ولقد اختمفت الدساتير في تحديدىا لمجية التي تزاوؿ السمطة التأسيسية‬
‫المنشأة تبعا لمتبايف و االختالؼ في مركز وقوة كؿ ىيئة مف الييئات باختالؼ النظاـ السياسي الذي يعتنقو كؿ دستور مف‬
‫الدساتير‪ .‬فإذا كانت كفة الحكومة ىي الراجحة ‪،‬فإف الدستور يجعؿ اقتراح التعديؿ مف اختصاصيا وحدىا‪ ،‬وىذا ما حدث‬
‫في عيد نابميوف بونابرت الذي جعؿ حؽ تعديؿ الدستور لو وحده ‪ .‬أما في حالة ثقؿ البرلماف وكونو صاحب الوالية في‬
‫المجاؿ التشريعي ‪،‬فإف الدستور يسند إليو الحؽ في اقتراح التعديؿ ‪ ،‬كما ىو الحاؿ في دستور فرنسا لعاـ ‪ 6796‬و دستور‬
‫الواليات المتحدة األمريكية لعاـ ‪. 6787‬أما إذا كاف الدستور ييدؼ إلى تحقيؽ التوازف و التعاوف بيف السمطتيف التشريعية و‬
‫التنفيذية‪ ،‬فإنو يجعؿ حؽ المبادرة أو االقتراح لكؿ منيما كما ىو الحاؿ في دستور فرنسا لعاـ ‪. 6875‬‬
‫‪ - 2‬قزو محمد أكمي‪،‬المرجع السابؽ ‪ ،‬ص ‪.161‬‬
‫السابؽ‪،‬ص‪.66-65‬‬ ‫‪ - 3‬مولود ديداف ‪،‬القانوف الدستوري و النظـ السياسية‪،‬عمى ضوء تعديؿ‪.2116‬المرجع‬
‫‪98‬‬
‫في بعض الدساتير عمى حظر تعديؿ نصوصو‪ ،‬إذا كانت الدولة تخضع لظروؼ‬
‫استثنائية‪،‬كاشتراكيا في حرب أو تعرض البالد إلى عدواف خارجي أو مساس بسالمة التراب‬
‫‪1‬‬
‫الوطني‪.‬‬

‫الحظر الموضوعي‪ :‬يمكف أف يحضر الدستور التعديؿ في بعض أجزائو بدافع مبررات‬
‫تختمؼ مف نظاـ آلخر وىذا ما يطمؽ عميو الفقو بالحظر الموضوعي‪ .‬حيث يقصد بو‪ ":‬منع‬
‫‪2‬‬
‫تعديؿ بعض النصوص المحددة بالذات في الدستور وغالبا ما تتعمؽ بنظاـ الحكـ أوالمبادئ"‬
‫حماية أحكاـ معينة مف الدستور عمى نحو يحوؿ دوف تغييرىا بصفة دائمة أو بصفة‬
‫مؤقتة‪".‬ويتقرر المنع بصفة دائمة بالنسبة لألحكاـ الجوىرية في الدستور‪ ،‬وال سيما ما يتعمؽ‬
‫بنظاـ الحكـ العتبارات سياسية وتاريخية‪.‬فبالنسبة لمجزائر فقد حرمت المادة ‪ 95‬مف‬
‫دستور‪ 6976‬إجراء تعديؿ األحكاـ المتعمقة بالصفة الجوىرية لمحكـ‪ ،‬وديف الدولة واالختيار‬
‫االشتراكي والحريات األساسية لإلنساف والمواطف ومبدأ التصويت عف طريؽ االقتراع العاـ‬
‫والمباشر والسري‪ .‬وىي نفس المادة التي تكررت في دستور ‪ 6996‬وبالضبط في المادة‬
‫‪3‬‬
‫و المادة ‪ 223‬مف‬ ‫‪678‬و في نص المادة ‪ 262‬مف التعديؿ الدستوري لسنة ‪2066‬‬
‫التعديؿ الدستوري ‪ .2020‬أما الحظر الموضوعي لبعض مواد الدستور بصفة مؤقتة فيو أقؿ‬
‫حدوثا مف حالة الحظر الدائـ ومثالو حظر تعديؿ النصوص الخاصة بحقوؽ الممؾ ووراثة‬
‫العرش خالؿ فترة الوصايا عمى العرش في النظـ الممكية‪.‬‬

‫‪ - 1‬األميف شريط‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص‪.240‬‬


‫‪ - 2‬غريبي فاطمة الزىراء ‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.217‬‬
‫‪ - 3‬مولود ديداف ‪،‬القانوف الدستوري و النظـ السياسية‪،‬عمى ضوء تعديؿ‪.2116‬المرجع السابؽ‪،‬ص‪66-65‬‬
‫‪99‬‬
‫المطمب الثاني‪:‬إجراءات التعديل ‪:‬‬

‫في حالة ما إذا كاف التعديؿ ممكنا‪ ،‬يجب التميز بيف الدساتير المرنة التي يمكف‬
‫تعديميا وفقا إلجراءات عادية و بسيطة‪ ،‬والدساتير الجامدة التي تخضع إلجراءات معقدة‬
‫تختمؼ باختالؼ أنظمة الحكـ و درجة الجمود التي يراد إعطائيا لمدستور وفي ىذا الصدد‬
‫نميز المراحؿ التالية‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬المبادرة واقتراح التعديل ‪ :‬حيث يكوف االقتراح أو المبادرة لجية يعينيا الدستور‪ ،‬وىذا‬
‫الحؽ إما أف يكوف حك ار عمى جية معينة أو يكوف مشتركا‪ .‬وعادة ما ترجع المبادرة لرئيس‬
‫الجياز التنفيذي بقصد تكريس ىيمنة السمطة التنفيذية‪،‬ويظير ىذا جميا في دستور الجزائر‬
‫لسنة ‪ 6976‬المادة ‪،696‬و في المادة ‪ 692‬مف دستور ‪.6989‬أو تكوف المبادرة و اقتراح‬
‫التعديؿ الدستوري إلى كؿ مف رئيس الجميورية وكذلؾ أعضاء البرلماف‪،‬أي أف يعطى حؽ‬
‫االقتراح إلى كؿ مف السمطتيف التنفيذية والتشريعية بيدؼ إقامة نوع مف التوازف بينيما‪،‬مثؿ‬
‫دستور الجزائر لسنة‪ 6963‬المادة‪ . 76‬وكذا دستور الجزائر لسنة ‪6996‬المعدؿ ال سيما‬
‫المواد ‪.66-208- 674،677‬و المواد ‪ 222-269‬مف التعديؿ الدستوري‪ .2020‬ودستور‬
‫فرنسا لسنة ‪. 6958‬و قد يعطي لمشعب فضال عف البرلماف مثمما ىو مطبؽ في دساتير‬
‫‪1‬‬
‫بعض الواليات األمريكية‪،‬و دستور إيطاليا لسنة‪،6946‬و دستور سويسرا‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬إعداد التعديل ‪:‬حيث تعرض المبادرة عمى الجياز المكمؼ بالتعديؿ‪ ،‬فقد يعيد األمر‬
‫لمبرلماف أو ألحد غرفتيو مجتمعيف كما ىو في الجزائر حيث يعيد األمر لممجمس الشعبي‬
‫الوطني و مجمس األمة مجتمعيف حسب دستور ‪.6996‬كما قد يعيد األمر إلى جمعية‬

‫‪ - 1‬حسني بوديار‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.93،92‬‬

‫‪111‬‬
‫األمريكية‪.‬‬ ‫المتحدة‬ ‫الواليات‬ ‫في‬ ‫الحاؿ‬ ‫ىو‬ ‫كما‬ ‫الغرض‬ ‫ليذا‬ ‫منتخبة‬
‫ثالتا ‪ :‬مرحمة اإلقرار النيائي‪ :‬ويتـ ىذا عف طريؽ عرض التعديؿ عمى االستفتاء الشعبي‬
‫خالؿ الخمسيف (‪ )50‬يوما الموالية إلق ارره مف البرلماف إذا كانت المبادرة مف طرؼ رئيس‬
‫الجميورية‪ ،‬ولكف إذا رفضو الشعب فيصبح مشروع القانػوف الػذي يتضمف مشروع التعديؿ‬
‫الدستوري الغيا‪ ،‬وال يمكػف عرضو مف جديد عمى الشعب خالؿ الفترة التشريعية ( المادة‬
‫‪ 1.)209-208‬لكف يمكػف االستغناء عػف االستفتاء الشعبي إذا ارتأى المجمس الدستػوري أف‬
‫مشروع أي تعديػؿ دستوري ال يمس البتة بالمبادئ المنصوص عمييا في المادة ‪ 260‬مف‬
‫الدستور‪ ،‬وفي ىذه الحالة يمكف لرئيس الجميورية أف يصػدر القانوف المتضمف لمتعديؿ‬
‫الدستوري دوف عرضو عمى الشعب متى أحرز عمى ثالثة أرباع (‪ )4/3‬أصوات غرفتي‬
‫البرلماف‪ 2.‬و ىو ما أكده التعديؿ الدستوري األخير(‪ )2020‬في المواد ‪.222-269‬‬

‫تعديل الدساتير المرنة‪ :‬تخضع الدساتير المرنة في تعديميا إلى نفس الكيفيات واإلجراءات التي‬
‫يعدؿ بمقتضاىا القانوف العادي بحيث نكاد ال نفرؽ بيف السمطة التأسيسية والسمطة التشريعية‪،‬‬
‫وينتج عند ىذا الوضع تمتع السمطة التشريعية بسمطات واسعة في ظؿ الدستور المرف إذ أنيا تممؾ‬
‫إجراء ما تراه مف تعديالت في أحكاـ الدستور بواسطة ذات الشروط واألوضاع التي تعدؿ بيا‬
‫‪3‬‬
‫القوانيف العادية ذلؾ فضال عف قياميا بسف وتعديؿ والغاء التشريعات العادية‪.‬‬

‫المطمب الثالث‪ :‬نياية الدساتير‪:‬‬

‫‪-‬المادة ‪ 218‬مف التعديؿ الدستوري ‪ ،2116‬و نفس مضموف المادة في التعديؿ الدستوري ‪،2121‬المادة ‪.219‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬المادة ‪ 211‬مف التعديؿ الدستوري ‪ .2116‬و نفس مضموف المادة في التعديؿ الدستوري ‪،2121‬المادة ‪.221‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬صايش عبد المالؾ‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.62‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪111‬‬
‫يقصد بانقضاء الدستور أو بنيايتو أو بإلغائو وضع حد لسريانو بالنسبة لممستقبؿ‬
‫واخراجو مف حيز النفاد‪ 1.‬كما يقصد بو‪ ،‬إلغاء أحكامو بصورة كمية ‪ ،‬دوف الوقوؼ عند حد‬
‫تعديمو بصورة جزئية‪ .‬والمالحظ إف غالبية الدساتير ال تنص عمى كيفية إلغاؤىا بصورة‬
‫كاممة‪ ،‬إنما تقؼ عند حد النص عمى كيفية تعديميا بصورة جزئية والسمطة المختصة بإجراء‬
‫ىذا التعديؿ‪.‬‬
‫ويحدث اإلنياء الكمي لمدستور عندما يتضح عجز ما يتضمنو مف مبادئ و أحكاـ مف‬
‫مسايرة التطورات السياسية واالقتصادية واالجتماعية في المجتمع‪ .‬بحيث ال تكفي التعديالت‬
‫الجزئية لمواجيتيا‪ ،‬بؿ يمزـ وضع دستور جديد يتوافؽ مع ىذه التطورات‪ .‬وبصفة عامة‬
‫تنتيي الدساتير بأسموبيف أحدىما عادي أو طبيعي( قانوني ) واألخر غير عادي أو غير‬
‫‪2‬‬
‫قانوني (ثوري)‪.‬‬

‫‪ :‬الطريق العادي إلنياء الدساتير‪:‬ونعني بو"وضع لحياة الدستور القديـ‪،‬وذلؾ‬ ‫أوال‬


‫باإلعالف عف إلغائو و توقؼ العمؿ بأحكامو في ىدوء و بغير عنؼ واستبدالو بدستور جديد‬
‫يتالئـ و التطورات السياسية واالجتماعية واالقتصادية في الدولة‪ 3".‬كما يقصد بو‪ ":‬إنياء‬
‫العمؿ بأ حكامو بصورة كمية وبصفة نيائية دوف المجوء إلى العنؼ‪ ،‬واستبدالو بدستور جديد‬
‫‪4‬‬
‫‪".‬‬

‫وانتياء حياة الدستور باإللغاء يختمؼ بحسب ما إذا كاف الدستور عرفيا أو مكتوبا‪ ،‬ذلؾ‬
‫أف تعديؿ الدستور العرفي ال يمثؿ صعوبة‪،‬فقد يتـ ذلؾ إما عف طريؽ نشأة قواعد عرفية‬
‫جديدة تتوافر ليا قواعد العرؼ المادي و المعنوي ‪ ،‬واما بإصدار دستور مكتوب يمغي‬

‫‪ - 1‬األميف شريط‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص‪.236‬‬


‫‪ - 2‬مولود ديداف ‪،‬القانوف الدستوري و النظـ السياسية‪ ،‬المرجع السابؽ‪،‬ص‪.73‬‬
‫‪ - 3‬حسف مصطفى البحري‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.229‬‬
‫‪ - 4‬عمار كوسة ‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.53‬‬
‫‪112‬‬
‫الدستور العرفي ويحؿ محمو‪.‬أما الدساتير المكتوبة فقد تكوف جامدة و قد تكوف مرنة‪ ،‬وال‬
‫توجد عقبات في سبيؿ إنياء الدستور المرف ألنو يمغى بنفس الطريقة التي يتـ بيا إلغاء‬
‫‪1‬‬
‫التشريعات العادية ‪.‬‬

‫وفي إلغاء الدساتير الجامدة ‪ ،‬يجري التمييز بيف حالتيف ‪ ،‬حالة النص عمى كيفية إلغاء‬
‫الدستور واإلجراءات الواجب إتباعيا في ىذا اإللغاء ‪،‬وبيف أف ال يجري النص عمى كيفية‬
‫استبداؿ الدستور القائـ بدستور جديد ‪ ،‬وىو ما يمثؿ االتجاه الغالب في الدساتير‪ ،‬األمر‬
‫الذي يثير التساؤؿ عما إذا كاف بإمكاف السمطة المختصة بإجراء التعديؿ الجزئي إجراء‬
‫تعديؿ كمي عمى الدستور واستبدالو بغيره ؟‬

‫ولإلجابة عمى ىذا التساؤؿ يذىب الرأي الغالب في الفقو‪ ،‬إلى أنو ليس لمسمطة‬
‫المختصة بإجراء التعديؿ الجزئي إدخاؿ تعديؿ كمي عمى الدستور‪ ،‬باعتبار إف ىذه السمطة‬
‫ىي سمطة منشأة كسائر سمطات الدولة األخرى (التشريعية‪ ،‬التنفيذية‪ ،‬القضائية) فإذا ما‬
‫أقدمت عمى تعديؿ الدستور تعديال كميا فإنيا تتجاوز بذلؾ حدود اختصاصاتيا‪ ،‬كونيا تحؿ‬
‫نفسيا محؿ السمطة التأسيسية األصمية‪ ،‬األمر الذي يعد مخالفة دستورية مف شأنيا إبطاؿ‬
‫األجراء بأسره‪ ،‬فيذا الحؽ منوطا بالشعب أو باألمة وحدىا في النظـ الديمقراطية باعتبارىا‬
‫صاحبة السمطة التأسيسية األصمية‪ ،‬وىي وحدىا القادرة عمى تحديد مدى حاجة الدستور‬
‫‪2‬‬
‫لمتعديؿ بصورة كميو ونموذج الدستور التي تقترحو بديال عنو‪.‬‬

‫السابؽ‪،‬ص‪.73‬‬ ‫‪ - 1‬مولود ديداف ‪،‬القانوف الدستوري و النظـ السياسية‪ ،‬المرجع‬


‫‪ - 2‬حسػف مصػػطفى البحػري‪ ،‬المرجػػع السػػابؽ‪،‬ص‪ . 231‬وال بػد مػػف التمييػز فػػي أسػػموب وضػع الدسػػتور الجديػد ‪ ،‬الػػذي يحػػؿ‬
‫محؿ الدستور الذي ألغتو األمة ‪ ،‬بيف أف يتـ وضع ىذا الدستور في ظؿ نظاـ ديمقراطي وبيف أف يتـ وضعو فػي ظػؿ نظػاـ‬
‫غير ديمقراطي فإذا تـ وضع الدستور في ظؿ نظاـ ديمقراطي فإف ذلؾ يتـ عادة مف قبؿ جمعية تأسيسية منتخبة ‪ ،‬أو عػف‬
‫طريؽ االستفتاء أما إذا تـ وضعو في ظػؿ نظػاـ غيػر ديمق ارطػي فإنػو يجػري عػادة مػف قبػؿ السػمطة الحاكمػة أو باتفاقيػا مػع‬
‫إرادة األمػة ‪ .‬وال يشػػترط أف تكػوف السػػمطة التأسيسػية األصػػمية التػي وضػػعت الدسػتور الممغػػي ىػي ذاتيػػا التػي تضػػع الدسػػتور‬
‫‪113‬‬
‫ثانيا‪:‬األسموب غير العادي ( الثوري) لنياية الدستور‪ :‬يقصد باألسموب غير العادي لنياية‬
‫الدستور أو الطريؽ الثوري إسقاطو و القضاء عميو‪،‬وايقاؼ العمؿ بو في أعقاب اندالع ثورة‬
‫أو وقوع انقالب‪ ،1.‬فإنياء العمؿ بأحكاـ الدستور عف طريؽ الثورة يقصد بو‪ :‬حركة فجائية أو‬
‫تغيير فجائي شامؿ وجدري لمنظاـ السياسي و االجتماعي في الدولة‪ 2.‬ومف الناحية القانونية‬
‫تعني الثورة إحالؿ فكرة قانونية جديدة محؿ فكرة أخرى لتكوف أساسا لمنظاـ القانوني في‬
‫الجماعة البشرية‪ .‬أما االنقالب فيو الوصوؿ إلى السمطة قصد تغيير الحكاـ و يكوف اليدؼ‬
‫ىو االستيالء عمى السمطة‪.‬كما عرؼ عمى أنو عمؿ مفاجئ وعنيؼ تقوـ بو فئة أو مجموعة‬
‫مف الفئات مف داخؿ الدولة تنتمي في معظـ األحياف إلى الجيش ضد السمطة الشرعية‬
‫فتقمبيا و تستولي عمى الحكـ‪،‬و ذلؾ وفؽ خطة موضوعة مسبقا‪ 3.‬كما عرؼ عمى أنو‪":‬حركة‬
‫اغتصابية لمسمطة الشرعية مف قبؿ السمطة العسكرية‪،‬التي يفترض أنيا تابعة لمسمطة الحاكمة‬
‫‪4‬‬
‫و بالتالي ىذه الحركة غير دستورية وغير قانونية‪.‬‬

‫كما أنو ال بد مف التمييز بيف الثورة واالنقالب حيث يبرز االختالؼ بينيما مف حيث‬
‫الييئة واليدؼ‪ .‬فمف حيث الييئة‪ ،‬تقوـ الثورة مف قبؿ الشعب أـ االنقالب فيقع عادة مف قبؿ‬
‫فئة أو ىيئة مف الييئات الحاكمة ضد السمطة الحاكمة بغرض االستيالء عمى السمطة دوف‬
‫إتباع أحكاـ الدستور‪ .‬ومف حيث اليدؼ فإف الثورة ترمي إلى إحداث تغيير في النظاـ‬
‫لمدولة أما االنقالب فإنو يرمي إلى مجرد االستئثار‬ ‫السياسي واالجتماعي واالقتصادي‬
‫بالسمطة أو تولي فريؽ جديد لمقاليد الحكـ بدال عف القائميف عمى رأس السمطة‪،‬ودوف أف‬

‫الجديد ‪ ،‬فقد يجري وضع الدستور الممغي عف طريػؽ المنحػة أو العقػد أو الجمعيػة التأسيسػية‪ ،‬فػي حػيف يػتـ وضػع الدسػتور‬
‫الجديد عف طريؽ االستفتاء الدستوري‪.‬‬
‫‪ - 1‬مولود ديداف ‪،‬القانوف الدستوري و النظـ السياسية‪ ،‬المرجع السابؽ‪،‬ص‪.75‬‬
‫‪ - 2‬حسف مصطفى البحري‪ ،‬المرجع السابؽ‪،‬ص‪. 235‬‬
‫‪ - 3‬حسف مصطفى البحري‪ ،‬المرجع السابؽ‪،‬ص‪.234‬‬
‫‪ - 4‬غريبي فاطمة الزىراء ‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.198-197‬‬
‫‪114‬‬
‫ييدؼ إلى إحداث تغيير في النظاـ السياسي أو القانوني أو االقتصادي أو االجتماعي‬
‫‪. 1‬عمى ذلؾ إف الثورة تيدؼ إلى تحقيؽ الصالح العاـ‪ ،‬أما االنقالب فييدؼ إلى تحقيؽ‬
‫مصالح خاصة أو شخصية تتمثؿ في االستئثار بالسمطة‪ ،‬ويذىب جانب مف الفقو إلى أف‬
‫بفعؿ الثورة ىو وسيمة لتحقيؽ غاية تتمثؿ في إحداث تغيير في المجتمع أما االستيالء عمى‬
‫‪2‬‬
‫السمطة بفعؿ االنقالب ىو ىدؼ وغاية بحد ذاتيا ‪.‬‬

‫أثر الثورة عمى الدستور ‪ :‬ذكرنا إف الدستور ىو القانوف األعمى لمدولة ‪ ،‬وىو الذي يحدد‬
‫فمسفتيا السياسية واأليديولوجية وأسس النظاـ السياسي واالقتصادي واالجتماعي ‪ ،‬وأماـ ذلؾ‬
‫يثار التساؤؿ ىؿ إف نجاح الثورة واستيالء الثوار عمى الحكـ يؤدي إلى سقوط الدستور تمقائيا‬
‫أـ إف مصيره يعتمد عمى إرادة المستوليف عمى السمطة ؟انقسـ رأي الفقو بشأف ىذه المسألة‬
‫إلى ثالث اتجاىات وىي‪:‬‬

‫االتجاه األول‪ :‬سقوط الدستور تمقائيا‪ :‬يذىب الرأي الغالب في الفقو‪ ،‬وبشكؿ خاص الفقو‬
‫التقميدي الفرنسي إلى أف نجاح الثورة يؤدي إلى سقوط الدستور تمقائيا ‪ ،‬لتعارضو حتما مع‬
‫أىداؼ النظاـ الجديد الذي يسعى إلى إحداث تغيير ‪ ،‬ومف تـ ال يتطمب األمر اإلعالف عف‬
‫سقوط الدستور صراحة ‪ ،‬أما إذا تـ ىذا اإلعالف ونص عميو الدستور الجديد فمثؿ ىذا‬
‫النص ال يعد منشئا لوضع قانوني جديد ‪ ،‬وانما ىو كاشؼ لوضع قانوني نشأ بمجرد نجاح‬
‫‪3‬‬
‫الثورة ‪.‬‬

‫االتجاه الثاني ‪ :‬عدم سقوط الدستور تمقائيا ‪ :‬يرى أنصار ىذا االتجاه إف نجاح الثورة ال‬
‫يؤدي إلى سقوط الدستور تمقائيا‪ ،‬إذ قد يكوف اليدؼ مف الثورة المحافظة عمى الدستور‬

‫‪ - 1‬مولود ديداف ‪،‬القانوف الدستوري و النظـ السياسية‪ ،‬المرجع السابؽ‪،‬ص‪.76‬‬


‫‪ - 2‬حسف مصطفى البحري‪ ،‬المرجع السابؽ‪،‬ص‪.237‬‬
‫‪ - 3‬نعماف أحمد الخطيب‪ ،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.611‬‬
‫‪115‬‬
‫وحمايتو مف عبث الحكاـ‪ ،‬وفي ىذه الحالة ليس مف المنطؽ أف يفرض عمى رجاؿ الثورة‬
‫إسقاط الدستور وىـ ما قاموا بالثورة إال دفاعا عنو ولصيانتو مف التالعب ‪ ،‬وقد يكوف قادة‬
‫‪1‬‬
‫الثورة بحاجة لمعمؿ بأحكاـ الدستور النافذ لحيف استبدالو بأخر‪.‬‬

‫االتجاه الثالث‪ :‬توقف سقوط الدستور عمى طبيعة أىداف الثورة‪ :‬عمى ىذا األساس يفرؽ‬
‫ىذا االتجاه بيف حاالت ثالثة ىي‪:‬‬

‫الحالة األولى ‪ :‬وىي حالة الثورة الشاممة التي تعبر عف رفض الشعب رفضا كامال لكؿ‬
‫القيـ التي كانت موجودة قبؿ الثورة سواء كانت قيـ اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية‪ ،‬وفي‬
‫ىذه الحالة يؤدي قياـ الثورة و نجاحيا إلى سقوط الدستور ‪.‬‬

‫الحالة الثانية ‪:‬تكوف عندما تقوـ الثورة كرد فعؿ ضد إساءة الحكاـ لمدستور ‪،‬وكتعبير عف‬
‫رغبة الشعب في المحافظة عمى الدستور‪ ،‬وىنا ال تؤدي الثورة إلى إسقاط الدستور و إنما‬
‫‪2‬‬
‫تعتبر ضمانة مف ضمانات احتراـ الدستور‬

‫الحالة الثالثة‪ :‬ال يكوف فييا قياـ الثورة تعبي ار عف الرفض الكامؿ لكؿ ما كاف سائدا قبميا و‬
‫لكنو رفض لبعض األمور فقط مما يترتب عميو مجرد تعديؿ الدستور أي أف سقوط الدستور‬
‫يتوقؼ عمى إرادة القائميف بالثورة أو االنقالب‪ ،‬و ما إذا كانت تنصرؼ إلى إلغاء الدستور أو‬
‫‪3‬‬
‫مجرد تعديمو أـ إلى التمسؾ بنصوصو و مبادئو‪.‬‬

‫المطمب الرابع‪ :‬نشأة وتطور الدساتير الجزائرية‪.‬‬

‫‪ - 1‬حسف مصطفى البحري‪ ،‬المرجع السابؽ‪،‬ص‪.241‬‬


‫‪ - 2‬نعماف أحمد الخطيب‪ ،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.616‬‬
‫‪ - 3‬حسف مصطفى البحري‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.241‬‬
‫‪116‬‬
‫عرفت الجزائر أربعة دساتير ىي دستور ‪ 11963‬ودستور سنة ‪2 2:8:‬الذي عدؿ ثالثة مرات ‪-‬في‬
‫الفترة االشتراكية‪ ،‬ودستور ‪3 1989‬ثـ دستور‪ 41996 -‬الذي خضع ىو اآلخر لمتعديؿ ‪،‬ومع كؿ‬
‫دستور أوضاع خاصة سواء مف حيث النشأة أو التعديؿ أو النياية‪.‬‬
‫تعتبر الوثيقة الدستورية الصادرة في ‪ 60‬سبتمبر ‪ 1963‬والتي صادؽ عمييا المجمس الوطني يوـ‬
‫‪28‬أوت ‪ 1963‬ووافؽ عمييا الشعب بموجب استفتاء‪ 08‬سبتمبر ‪ 1963‬أوؿ وثيقة دستورية شكمية‬
‫عرفتيا الدولة الجزائرية بعد استقالليا‪ ،‬بحيث تـ وضعيا بطريقة ديمقراطية ) أسموب الجمعية‬
‫التأسيسية واالستفتاء الشعبي( ‪ ،‬بحيث تـ إعداد مشروع الدستور في ‪ 42‬جويمية ‪ 2:74‬بندوة‬
‫‪5‬‬
‫اإلطارات بقاعة سينما الماجستيؾ) األطمس (وتـ إق ارره‬
‫غير أنو داـ العمؿ بيذه الوثيقة الدستورية لمدة‪ 34‬يوما فقط فقد كاف عمرىا قصير جدا‬
‫والسبب في ذلؾ يعود أساسا إلى الظروؼ االستثنائية الخارجية منيا والداخمية التي شيدتيا ومرت‬
‫بيا الدولة الجزائرية في تمؾ الفترة‪ ،‬السيما الخالؼ الحدودي مع المممكة المغربية‪ ،‬إضافة إلى تمؾ‬
‫الصراعات الدموية عمى السمطة بيف جماعات المصالح والتي كانت موجودة منذ انعقاد مؤتمر‬
‫الصوماـ ومؤتمر طرابمس‪ ،‬وكذا النزاع القائـ في منطقة القبائؿ برئاسة أيت احمد ) أزمة القبائؿ(‬

‫‪-‬الدستور الجزائري الصادر بتاريخ ‪18‬سبتمبر‪،1963‬الجريدة الرسمية رقـ‪ 64‬بتاريخ‪.1963‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬األمر رقـ ‪ 97/76‬المؤرخ في ‪22‬نوفمبر‪،1976‬المتضمف إصدار دستور الجميورية الجزائرية الديمقراطية‬ ‫‪2‬‬

‫الشعبية‪،‬الجريدة الرسمية العدد‪94‬الصادرو بتاريخ ‪.1976/11/24‬‬


‫‪ -‬المرسوـ الرئاسي رقـ‪ 18/89‬المؤرخ في‪ 17‬ديسمبر ‪ ،1989‬المتعمؽ بدستور ‪ 2:9:‬الموافؽ عميو بموجب استفتاء ‪22‬‬ ‫‪3‬‬

‫فيفري الجريدة الرسمية العدد‪19‬الصادر بتاريخ ‪ 11‬مارس ‪.1989‬‬


‫‪ - 4‬مرسوـ رئاسي رقـ ‪ 549/:7‬المؤرخ في ‪ 08‬ديسمبر‪ ، 2::7‬المتضمف إصدار دستور ‪ 2::7‬الموافؽ عميو في استفتاء ‪39‬‬
‫نوفمبر ‪1996‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج ‪87‬عدد صادر بتاريخ ‪ 2::7/23/09‬معدؿ و متمـ بالقانوف ‪ ،04/03‬مؤرخ في ‪20‬أفريؿ‪ 3003‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‬
‫عدد ‪ 36‬صادر بتاريخ ‪/25‬أفريؿ ‪.3003‬المعدؿ بالقانوف رقـ ‪، 2:/09‬المؤرخ في ‪ ، ،3009/22/26‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج عدد ‪ 74‬صادر‬
‫بتاريخ ‪/27‬نوفمبر ‪،3009‬المعدؿ بالقانوف رقـ ‪ 02/27‬المؤرخ في ‪/07‬مارس ‪ 3027‬المتضمف التعديؿ الدستوري ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج عدد‬
‫‪ ،25‬الصادر بتاريخ‪.3027/04/08‬المعدؿ بمقتضى المرسوـ الرئاسي رقـ ‪ 553/30‬صادر بتاريخ ‪ 3030/23/40‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج عدد‬
‫‪ ،93‬الصادر بتاريخ‪.3030/23/40‬‬
‫‪ - 5‬معيفي لعزيز‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص‪.58‬‬

‫‪117‬‬
‫والتمرد العسكري الذي قاـ بو العقيد شعباني‪ ،‬كؿ ىذه األسباب أدت برئيس الجميورية األسبؽ أحمد‬
‫بف بمة إلى تجميد العمؿ بالدستور في ‪ 04‬أكتوبر ‪2:74‬وذلؾ مف خالؿ التجاءه إلى أحكاـ نص‬
‫‪1‬‬
‫المادة ‪ 6:‬مف الدستور‪.‬‬
‫داـ ىذا الوضع إلى غاية حدوث االنقالب العسكري في ‪ 19‬جواف ‪ 2:76‬أيف تـ إصدار األمر‬
‫‪65/182‬الصادر بتاريخ ‪ 10‬جويمية ‪ ، 1965‬الذي اعتبر بمثابة دستور لمدولة الجزائرية الذي يفضؿ‬
‫البعض تسميتو بالدستور المادي الصغير والذي ألغى ضمنيا األحكاـ التي يتضمنيا دستور‪2:73‬‬
‫ويظير ذلؾ مف عدة قرائف‪ ،‬إذ جاء في مضموف وحيثيات ىذا األمر التي جاء إحداىا كاألتي‪: ...‬‬
‫ريثما تتـ المصادقة عمى دستور لمبالد فإف مجمس الثورة ىو صاحب السيادة"‪ ،‬كما أنو ىناؾ قرينة‬
‫ثانية تتمثؿ في نص المادة السابعة منو والتي تنص عمى انو "‪:‬ينشر ىذا األمر ‪ ...‬وينفذ كقانوف‬
‫لمبالد"‪. ،‬ليتـ العمؿ بو لمدة تتجاوز العشر سنوات ذلؾ إلى غاية صدور الوثيقة الدستورية لسنة‬
‫‪2‬‬
‫‪.1976‬‬
‫أما بالنسبة لدستور سنة‪ 6976‬فقد تـ إعداد مشروعو مف طرؼ لجنة خاصة تتكوف مف‬
‫رجاؿ متخصصيف ولدييـ الخبرة في المجاؿ القانوني والسياسي في إطار حزب جبية التحرير‬
‫الوطني وكاف ذلؾ في أكتوبر ‪ 1976‬وبعد ذلؾ تـ عقد ندوة وطنية تحت إشراؼ الحزب وتمت مناقشة‬
‫مضموف ىذا المشروع وتمت الموافقة عمى إصداره في ‪ 07‬نوفمبر ‪ ، 2:87‬أما الصدور الرسمي‬
‫لمدستور فكاف في ‪25‬نوفمبر ‪ 1976‬وذلؾ بموجب مرسوـ رئاسي‪ ،‬وتـ عرضو لالستفتاء الشعبي في‬
‫تاريخ ‪ 2:‬نوفمبر‪ 1976‬فوافؽ عميو الشعب باألغمبية المطمقة بموجب أمر رقـ ‪ :8/87‬المؤرخ في‬
‫‪3‬‬
‫‪.2:87/22/33‬‬

‫ثـ يمي بعد ذلؾ صدور دستور سنة ‪ 1989‬كنظاـ جديد‪ ،‬وصدوره يعود إلى مجموعة مف‬

‫‪ -‬المادة ‪ 59‬مف دستور ‪ :" ":1963‬في حالة الخطر الوشيؾ الوقوع يمكف لرئس الجميورية اتخاذ تدابير استثنائية لحماية‬ ‫‪1‬‬

‫استقالؿ األمة ومؤسسات الجميورية ويجتمع المجمس الوطني وجوبا‪".‬‬


‫‪ -‬معيفي لعزيز‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص‪.59‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬صايش عبد المالؾ‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.64‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪118‬‬
‫األسباب والعوامؿ مف بينيا فشؿ النظاـ القائـ عف االستجابة لحاجيات ومتطمبات الشعب المتزايدة‬
‫نتيجة األزمة االقتصادية العالمية مف خالؿ تدىور أسعار النفط وعجز الحكومة أيضا عمى التحكـ‬
‫في تسيير االقتصاد الوطني مما أدى إلى انتشار ظاىرة البطالة والمعاممة السيئة التي كاف يتعرض‬
‫ليا المواطف لدى تعاممو مع األجيزة البيروقراطية والسمطوية األخرى وما نتج عنو ىو فقداف الثقة‬
‫بينو وبيف األشخاص الحاكميف‪ ،‬وأماـ ىذه األسباب كميا شرعت رئاسة الجميورية في أكتوبر ‪2:9:‬‬
‫بنشر مشروع التعديؿ الدستوري لتبيف فيو أىـ اإلصالحات االقتصادية والسياسية واالجتماعية التي‬
‫يتضمنيا التعديؿ‪،‬وفي ‪2:9:/20/34‬‬
‫‪1‬‬
‫تـ االستفتاء عمى الدستور والموافقة عميو مف طرؼ الشعب باألغمبية الساحقة‪.‬‬
‫جديدا في الحياة السياسية واالقتصادية لمدولة‬
‫ومسار ً‬
‫ًا‬ ‫عيدا‬
‫عمى ىذا األساس‪ ،‬فقد شكؿ ىذا التعديؿ ً‬
‫الجزائرية‪ ،‬بحيث تـ تكريس نياية الحزب الواحد واقرار مبدأ التعددية الحزبية‬
‫واعتناؽ النظاـ الميبرالي وبالتالي التخمي عف الفمسفة االشتراكية‪ ،‬كما اقتصر عمى ذكر الجوانب‬
‫القانونية المتعمقة بتنظيـ السمطة وتحديد صالحياتيا وتكريس نظاـ الحريات والحقوؽ الخاصة‬
‫باألفراد مثؿ النص عمى الممكية الخاصة‪ ،‬الفصؿ بيف السمطات‪ ،‬التعددية الحزبية‪...،‬الخ‪ ،‬وجاء‬
‫‪2‬‬
‫خاليا مف الشحنات االيديولجية‪.‬‬
‫ضمف األزمة السياسية أو الفراغ الدستوري الذي عرفتو الدولة الجزائرية إثر استقالة رئيس‬
‫الجميورية األسبؽ الشاذلي بف جديد في ‪ 22‬ديسمبر ‪ 2::3‬واقترانيا بشغور منصب رئيس المجمس‬
‫الشعبي الوطني فتح المجاؿ لخرؽ واسع ألحكاـ دستور ‪ ، 2:9:‬ومرت الجزائر بمرحمتيف انتقاليتيف‬
‫إلى غاية وضع دستور‪2::7‬وخالؿ تمؾ المرحمتيف أقيمت مؤسسات دستورية بعيدة عف أحكاـ‬
‫دستور ‪1989‬فظير المجمس األعمى لمدولة في مكاف رئيس الجميورية ومجمسا وطنيا استشاريا ثـ‬
‫‪3‬‬
‫بعد ذلؾ مجمسا وطنيا انتقاليا في مكاف البرلماف‪.‬‬

‫‪ -‬سعيد بوشعير‪ ،‬النظاـ السياسي الجزائري دراسة تحميمية لطبيعة نظاـ الحكـ في ضوء دستور ‪ ، 1989‬ج‪ ، 2‬ط‪ 2‬ديواف‬ ‫‪1‬‬

‫المطبوعات الجامعية‪ ، 2013 ،‬ص ‪ .8‬صايش عبد المالؾ‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.64‬‬


‫السابؽ‪،‬ص‪.5:‬‬ ‫‪ - 2‬معيفي لعزيز‪،‬المرجع‬
‫‪ - 3‬صايش عبد المالؾ‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.65‬‬

‫‪119‬‬
‫بقي األمر عمى ىذه الوضعية إلى غاية صدور ووضع الدستور الجديد سنة ‪ ، 6996‬وىذا يعني‬
‫توقيؼ العمؿ بأحكاـ دستور ‪ 2:9:‬في جانب ىاـ منو السيما ما يتعمؽ بتنظيـ السمطة‪ ،‬وتـ نص‬
‫تعديؿ الدستور المصادؽ عميو في استفتاء ‪ 39‬نوفمبر ‪ 2::7‬بموجب المرسوـ الرئاسي رقـ‪549/:7‬‬
‫المؤرخ في ‪ 7‬ديسمبر ‪ 1996‬الذي استحدث بدوره مؤسسات جديدة كاالزدواجية البرلمانية‬
‫والقضائية‪،‬وتـ تعديمو في كؿ مف سنة ‪2002‬بموجب القانوف رقـ ‪ 04/03‬المؤرخ في ‪ 20‬أفريؿ‪،3003‬‬
‫بحيث تـ إضافة نص المادة ‪ 04‬مكرر أيف تـ مف خالليا إدراج ودسترة المغة األمازيغية كمغة وطنية‬
‫ثانية‪ ،‬إلى جانب التعديؿ سنة‪ 3009‬بموجب القانوف رقـ ‪ 2:/09‬المؤرخ في ‪3009/22/26‬إلى‬
‫جانب تعديؿ ‪ 3027‬و تعديؿ ‪.3030‬‬

‫المبحث الرابع ‪:‬مبدأ سمو الدستور و كفالة احترامو‪:‬‬

‫الدستور ىو القانوف األساسي األعمى الذي يرسي القواعد و األصوؿ التي يقوـ عمييا‬
‫نظاـ الحكـ في الدولة‪ ،‬ويحدد السمطات العامة فييا‪ ،‬و يرسـ ليا وظائفيا‪ ،‬و يضع القيود‬
‫والحدود الضابطة لنشاطيا‪،‬و يقرر الحريات والحقوؽ العامة و يرتب الضمانات األساسية‬
‫لحمايتيا‪ .‬و بناءا عمى ذلؾ فقد تميز الدستور بطبيعة خاصة تضفي عميو صفة السيادة‬
‫والسمو‪.‬‬

‫واذا كاف خضوع الدولة بجميع سمطاتيا لمبدأ سمو الدستور أصال مقر ار وحكما الزما‬
‫لكؿ نظاـ ديمقراطي‪،‬فإنو يكوف لزاما عمى كؿ سمطة عامة النزوؿ عند قواعد الدستور‬
‫ومبادئو و التزاـ حدوده وقيوده‪ ،‬فإف ىي خالفتو أو تجاوزتيا شاب عمميا عيب مخالفة‬
‫الدستور مما يستوجب الخضوع لرقابة دستورية تيدؼ إلى ضماف الشرعية الدستورية‪ 1.‬و‬

‫ص‪.249‬‬ ‫‪ - 1‬حسف مصطفى البحري‪ ،‬المرجع السابؽ‪،‬‬


‫‪111‬‬
‫بناءا عميو سوؼ نتناوؿ في ىذا المبحث‪ :‬مبدأ سمو الدستور في (المطمب األوؿ) و كفالة‬
‫احتراـ الدستور في (المطمب الثاني)‪.‬‬

‫المطمب األول‪ :‬مبدأ سمو الدستور‪:‬‬

‫إف الدستور رمز لمشرعية قبؿ أف يكوف قواعد قانونية‪،‬لكونو يقيـ النظاـ القانوني في‬
‫الدولة ويبيف قواعد تنظيـ ممارسة السمطة و العالقات بينيا و بيف األفراد و الحدود التي‬
‫تمارس فييا األجيزة العامة وظائفيا‪،‬مما يجعؿ السمطة بعموميا تعمؿ وفؽ ما ىو في‬
‫‪1‬‬
‫فالدستور إذف يضمف عدـ انحراؼ السمطات التشريعية والتنفيذية‬ ‫الدستور مف أحكاـ‪.‬‬
‫والقضائية عف المبادئ والقيـ والقواعد السياسية واالجتماعية واالقتصادية التي يرى الشعب‬
‫أنيا تجسيد لمشرعية‪".‬و يقصد بسمو الدستور اعتبار الدستور القانوف األعمى في الدولة ال‬
‫يعموه قانوف آخر‪ 2.‬كما يقصد بو المكانة الخاصة التي يتمتع بيا الدستور والتي تسمح لو‬
‫بأف يعمو عمى بقية القواعد القانونية األخرى‪،‬بحيث تكوف ىذه األخيرة خاضعة لو مف‬
‫‪3‬‬
‫الناحيتيف الشكمية و الموضوعية‪.‬‬

‫وقد وجدت فكرة سمو الدستور أساسيا في كتابات مفكري نظرية العقد االجتماعي في‬
‫القرنيف السابع عشر والثامف عش ر‪ ، 4‬إال انو لـ يترسخ كمبدأ إال بعد انتصار الثورتيف‬
‫األمريكية والفرنسية وقد ُنص عمى المبدأ ألوؿ مرة في الدستور األمريكي لعاـ ‪ ،6787‬في‬
‫‪5‬‬
‫المادة (‪ )6‬منو‪ .‬بعد ذلؾ نصت عميو أغمب دساتير الدوؿ‪.‬‬

‫‪ - 1‬غريبي فاطمة الزىراء‪ ،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.248‬‬


‫‪ - 2‬نعماف أحمد الخطيب‪ ،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.253‬‬
‫‪ - 3‬حسني بوديار‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.83‬‬
‫‪ - 4‬عمار كوسة‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.126‬‬
‫‪ - 5‬حسف مصطفى البحري‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.254،253‬‬
‫‪111‬‬
‫وىذه المكانة الرفيعة والمنزلة السامية التي يحتميا ويتميز بيا الدستور في سمـ التدرج‬
‫اليرمي لمنظاـ القانوني في الدولة‪ ،‬تستند أوال إلى طبيعة قواعده و مضمونيا‪ ،‬وىو ما نسميو‬
‫"السمو الموضوعي لمدستور"‪ ،‬وىذا السمو يتحقؽ لجميع أنواع الدساتير عرفية كانت أو‬
‫مكتوبة مرنة كانت أو جامدة ‪ .‬وتستند ىذه المكانة أيضا إلى الشكؿ و اإلجراءات التي‬
‫توضع بيا أو تعدؿ بمقتضاىا القواعد الدستورية ‪.‬وىو ما نسميو " السمو الشكمي لمدستور‬
‫‪1‬‬
‫"وىذا السمو ال يتحقؽ إال بالنسبة لمدساتير المكتوبة و الجامدة‪.‬‬

‫‪ -1‬السمو الموضوعي لمدستور‪ :‬تمتقي كؿ الدساتير بمختمؼ أنواعيا و أنماطيا في نقطة‬


‫السمو الموضوعي‪ .‬ىذا األخير الذي يتحقؽ بالنظر إلى طبيعة القواعد الدستورية ومضامينيا‬
‫باعتبارىا أساس الدولة ونظاـ الحكـ فييا‪2.‬ويترتب عمى السمو الموضوعي أف الدستور ىو‬
‫القانوف األساسي في الدولة وىو الذي يبيف أىداؼ الدولة ويضع اإلطار السياسي‬
‫واالجتماعي واالقتصادي‪ ،‬وأف الدستور ىو الجية الوحيدة التي تنشئ السمطات الحاكمة‬
‫وتحدد اختصاصاتيا‪ ،‬وعمى ىذه السمطات احتراـ الدستور ألنو ىو السند الشرعي لوجودىا‪.‬‬
‫ويؤدي إلى تأكيد مبدأ المشروعية ومبدأ تدرج القواعد القانونية وخضوع القاعدة األدنى درجة‬
‫لمقاعدة األعمى درجة‪ .‬كما أف االختصاصات التي تمارسيا السمطات التشريعية والتنفيذي‬
‫والقضائية مفوضة ليـ بواسطة الدستور‪ .‬فال يحؽ ليا تفويض اختصاصاتيا لجية أخرى إال‬
‫‪3‬‬
‫بنص صريح مف الدستور‪.‬‬

‫‪2‬ـ السمو الشكمي لمدستور ‪:‬يتحقؽ السمو الشكمي لمدستور إذا كانت اإلجراءات المتبعة في‬
‫تعديمو تختمؼ عف إجراءات تعديؿ القوانيف العادية‪ ،‬وىذه اإلجراءات تكوف أشد صعوبة وأكثر‬

‫‪ - 1‬حسف مصطفى البحري‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.255‬‬


‫‪ - 2‬غريبي فاطمة الزىراء‪ ،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.248‬‬
‫‪ - 3‬قزو محمد أكمي‪،‬المرجع السابؽ ‪ ،‬ص ‪.166،165‬‬
‫‪112‬‬
‫تعقيداً مف تمؾ المتبعة في تعديؿ القانوف العادي‪ .‬وعمى ىذا األساس ال يتحقؽ السمو‬
‫الشكمي إال بالنسبة لمدساتير الجامدة فقط‪ ،‬ألف إجراءات تعديميا‪ ،‬تختمؼ عف إجراءات تعديؿ‬
‫القانوف العادي‪ 1.‬فصفة الجمود إذف ىي التي تسبغ عمى الدستور سموا شكمياً عمى القوانيف‬
‫العادية إضافة إلى السمو الموضوعي ‪.‬نخمص مما تقدـ أف الدساتير الجامدة وحدىا تتمتع‬
‫بالسمو الموضوعي والشكمي معاً أما الدساتير المرنة فال تتمتع إال بالسمو الموضوعي فقط‬
‫دوف السمو الشكمي‪.‬ويترتب عمى مبدأ السمو الشكمي لمدستور النتائج التالية‪:‬‬

‫ػ ثبات القواعد الدستورية ‪.‬‬


‫ػ عدـ جواز إلغاء القوانيف الدستورية إال بقوانيف دستورية أخرى‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫ػ منع تعارض القوانيف العادية لمقواعد الدستورية ‪.‬‬
‫المطمب الثاني ‪:‬كفالة احترام الدستور ( الرقابة الدستورية ) ‪:‬‬
‫إف مبدأ سمو الدستور لف يكوف لو أثر إف لـ يكفؿ احترامو بوسائؿ يحددىا في‬
‫نصوصو‪ ،‬وتتقيد بيا السمطات عند التشريع و أىـ ىذه الوسائؿ الرقابة عمى دستورية‬
‫القوانيف‪ .‬وقد عرفت النظـ نوعيف مف الرقابة‪ ،‬تمؾ التي تتـ عف طريؽ القضاء وأخرى عف‬
‫طريؽ ىيئة سياسية‪ ،‬ىذا ما سوؼ نعالجو فيما يمي‪:‬‬

‫ـ أوال ‪ :‬الرقابة السياسية عمى دستورية القوانين ‪:‬تكوف الرقابة سياسية إذا ما أسندت إلى‬
‫ىيئة أو جية ذات طبيعة سياسية مف حيث تركيبيا واجراءات عمميا‪3.‬و تسمى كذلؾ عندما‬
‫تتولى جية غير قضائية ميمة فحص أو التحقؽ مف مدى مطابقة القوانيف ألحكاـ‬
‫الدستور‪.‬أو قد تسمى بالسياسية عندما يغمب الطابع السياسي عمى األعضاء المشكميف لمييئة‬

‫‪ - 1‬حسف مصطفى البحري‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.262‬‬


‫‪ - 2‬حسف مصطفى البحري‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.264،263‬‬
‫‪ - 3‬األميف شريط‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص‪.25:‬‬
‫‪113‬‬
‫التي تمارس الرقابة‪ 1.‬وتتميز الرقابة عمى دستورية القوانيف بواسطة ىيئة سياسية بأمريف‪:‬‬
‫األمر األول‪:‬أنيا رقابة سابقة عمى صدور القانوف‪ ،‬تستيدؼ التحقؽ مف مدى دستورية‬
‫القانوف‪ ،‬والحيمولة دوف صدوره إذا ما ثبت مخالفتو لمدستور‪ .‬وليذا تعد في الواقع رقابة‬
‫وقائية‪.‬واألمر الثاني أف مف يتوالىا ليس ىيئة قضائية‪ ،‬بؿ يتولى ميمة ىذه الرقابة ىيئة‬
‫سياسية ‪ ،‬حيث يغمب الطابع السياسي عمى األعضاء المكمفيف بمباشرتيا‪ ،‬أي التحقؽ مف‬
‫مدى موافقة أو مخالفة القوانيف ألحكاـ الدستور‪ 2.‬حيث يتـ اختيار أعضاء ىذه الييئة سواء‬
‫بالتعييف أو باالنتخاب مف طرؼ الحكومة أو البرلماف أو مف كمييما معا‪،‬و قد يمتد األمر إلى‬
‫اشتراؾ السمطة القضائية وبالتالي تصبح الييئة ذات طبيعة مختمفة‪ 3.‬ومف أبرز الدوؿ التي‬
‫كرست ىذا النظاـ فرنسا والدوؿ االشتراكية‪.‬‬
‫‪ -‬الرقابة السياسية عمى دستورية القوانين عن طريق مجمس دستوري‪.‬‬

‫تعتبر فرنسا مف الدوؿ التي تميؿ تقميدياً إلى إبعاد القضاء عف معترؾ الرقابة عمى دستورية‬
‫القوانيف ‪ ،‬وتكميؼ ىيئة سياسية بميمة التحقؽ مف مطابقة القانوف لمدستور؛ وقد شيدت‬
‫فرنسا عدة تطبيقات ألسموب الرقابة السياسية منذ دستور السنة الثامنة الصادر سنة ‪1799‬‬
‫إلى دستورىا الحالي الصادر سنة ‪ ، 8591‬مرو اًر بدستور سنة ‪ ،8191‬ودستور سنة‪1946‬‬
‫‪4‬‬
‫‪.‬‬

‫‪6‬ػ حيث يذكر الفقو أف سييز ‪ Sieyès‬أوؿ فقيو فرنسي اقتراح إنشاء ىيئة سياسية لمرقابة‬
‫الدستورية‪ ،‬لكف فكرتو رفضت في أوؿ األمر مف قبؿ واضعي دستور السنة الثالثة إلعالف‬

‫‪ - 1‬قزو محمد أكمي‪،‬المرجع السابؽ ‪ ،‬ص ‪.171‬‬


‫‪ - 2‬حسف مصطفى البحري‪ ،‬المرجع السابؽ‪،‬ص‪.271‬‬
‫‪ - 3‬األميف شريط‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص‪.25:‬‬
‫‪ - 4‬حسف مصطفى البحري‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.272‬‬
‫‪114‬‬
‫الجميورية ‪ 8959‬بحجة أف ذلؾ سيؤدي إلى سيطرة الييئة عمى كؿ السمطات‪ 1.‬لكف الفكرة‬
‫ظيرت عمى أرض الواقع بعدما قاـ "نابميوف بونابرت" بإنشاء مجمس الشيوخ المحافظ في ظؿ‬
‫دستور ‪ .6799‬ويتكوف مف ثمانيف عضواً يعينوف مدى الحياة‪ ،‬دوف أف يكونوا قابميف لمعزؿ‪،‬‬
‫وأعطى ليذا المجمس الحؽ في رقابة دستورية القوانيف قبؿ إصدارىا‪ ،‬بحيث يممؾ إلغاء ما‬
‫يعد منيا مخالفاً ألحكاـ الدستور والمالحظ أف تشكيؿ ىذا المجمس كاف يتـ عف طريؽ‬
‫التعييف بواسطة اإلمبراطور‪ ،‬وكاف ال يتصدى لبحث دستورية القانوف إال إذا طمب منو ذلؾ‬
‫بواسطة الحكومة أو المجمس النيابي‪ ،‬وال يتصور أف تدعو الحكومة المجمس لمنظر في‬
‫دستورية قانوف إذا كاف ليا صالح في إعمالو‪ ،‬كما ال يتصور أف يدعوه المجمس النيابي كي‬
‫يباشر رقابة عميو؛ وقد ترتب عمى ذلؾ أف فشؿ ىذا المجمس في ميمتو فمـ يحدث خالؿ‬
‫العيد اإلمبراطوري أف قرر المجمس إبطاؿ عمؿ واحد مف أعماؿ السمطة التشريعية أو‬
‫التنفيذية‪ ،‬بؿ عمى العكس مف ذلؾ عمؿ عمى تعديؿ أحكاـ الدستور وفقاً لما تمميو عميو‬
‫‪2‬‬
‫أىواء نابميوف بونابرت الذي فرض سيطرتو الكاممة عميو‪.‬‬

‫‪ 2‬ػ مجمس الشيوخ المحافظ في ظؿ دستور ‪ :6852‬أعاد اإلمبراطور لويس نابميوف‬


‫تجربة مجمس الشيوخ مرة أخرى عمى نسؽ المجمس القديـ الذي كاف قائماً في عيد عمو‬
‫نابميوف بونابرت‪ ،‬ومنح دستور سنة ‪ 8191‬المجمس الجديد اختصاصات أوسع مف المجمس‬
‫القديـ‪ ،‬إذ جعؿ مف سمطتو التحقؽ مف مطابقة جميع القوانيف لمدستور قبؿ إصدارىا ‪،‬والغاء‬
‫القوانيف التي يثبت عدـ دستوريتيا ‪،‬كما كاف لو الحؽ في تعديؿ الدستور طبقاً لشروط معينة‪،‬‬
‫وكاف لألفراد الحؽ في طمب إلغاء القوانيف غير الدستورية مف المجمس‪ .‬لكف فشمت التجربة‬

‫‪ - 1‬قزو محمد أكمي‪،‬المرجع السابؽ ‪ ،‬ص ‪.171‬‬


‫‪ - 2‬حسف مصطفى البحري‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.273 ،272‬‬
‫‪115‬‬
‫أيضاً مثمما فشمت التجربة السابقة‪ ،‬ولنفس السبب وىو سيطرة اإلمبراطور عمى المجمس‬
‫‪1‬‬
‫وأعضائو ‪ ،‬فمـ يذكر لو أنو ألغى أي قانوف لعدـ دستوريتو‪.‬‬

‫‪3‬ػ المجنة الدستورية المشكمة في دستور ‪ .6946‬أنشأ دستور سنة ‪ 8591‬ىيئة سياسية‬
‫عيد إلييا بميمة فحص دستورية القوانيف قبؿ إصدارىا‪ ،‬وأطمؽ عمييا اسـ "المجنة الدستورية‬
‫"ونص عمى أف تشكؿ المجنة برئاسة رئيس الجميورية‪ ،‬وعضوية رئيس الجمعية الوطنية‬
‫(مجمس النواب) و(رئيس مجمس الشيوخ)‪ ،‬وسبعة أعضاء تختارىـ الجمعية الوطنية مف غير‬
‫أعضائيا في بداية كؿ دورة سنوية عمى أساس التمثيؿ النسبي لمييئات السياسية (األحزاب)‬
‫وثالثة أعضاء يختارىـ مجمس الجميورية مف غير أعضائو بنفس الطريقة السابقة‪.‬‬

‫وىكذا انتيى الفقو إلى الحكـ عمى ىذه المجنة بضآلة ميمتيا وانعداـ فائدتيا وجدواىا‪،‬‬
‫ألنيا كانت عبارة عف مجرد وسيمة لمتوفيؽ والتحكيـ داخؿ البرلماف الفرنسي‪ ،‬ولـ تحقؽ‬
‫نجاحاً يذكر في الميمة التي أنشأت مف أجميا وىي الرقابة عمى دستورية القوانيف قبؿ‬
‫‪2‬‬
‫إصدارىا‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ حسف مصطفى البحري‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.273 ،272‬‬


‫‪ - 2‬وكانت ىذه المجنة تختص بالتحقؽ مف مدى دستورية القوانيف التي أقرتيا الجمعية الوطنية‪،‬وذلؾ قبؿ إصدارىا‪،‬فإذا‬
‫وجدت المجنة أف قانوناً ماأو باألحرى مشروع قانوف يتضمف مخالفة لمدستور أو تعديالً لنصوصو ‪ ،‬أعادت القانوف إلى‬
‫الجمعية الوطنية ‪،‬وامتنع عمى رئيس الجميورية إصداره إلى أف تقوـ الجمعية الوطنية إما بتعديؿ القانوف بحيث يتفؽ مع‬
‫أحكاـ الدستور ‪ ،‬واما أف تقوـ بتعديؿ الدستور ذاتو وفقاً لإلجراءات المقررة‪.‬‬
‫وقد انتقدت ىذه المجنة انتقاداً شديداً‪ ،‬سواء مف حيث تشكيميا أو مف حيث اختصاصاتيا‪ ،‬فمما ال شؾ فيو أف قياـ البرلماف‬
‫باختيار عشرة أعضاء في المجنة يفقدىا استقالليا في مواجية البرلماف ومف جية اختصاص المجنة ‪ ،‬فقد كانت رقابة ىذه‬
‫المجنة متواضعة جداً ‪،‬خاصة وأنيا ال تباشر إال بصدد القوانيف ذات األىمية الضئيمة لألفراد ؛ إذ قصرىا المشرع الدستوري‬
‫عمى المسائؿ التي تضمنتيا أحكاـ األبواب العشرة األولى مف الدستور‪ ،‬وىي التي تنظـ السمطات العامة في الدولة‪ ،‬وخرج‬
‫بذلؾ مف نطاؽ الرقابة ‪،‬القوانيف التي تصدر مخالفة لمبادئ الحرية أو ألحكاـ الباب الحادي عشر الخاص ببياف اإلجراءات‬
‫الواجب إتباعيا لتعديؿ الدستور‪.‬‬
‫‪116‬‬
‫‪4‬ػ المجمس الدستوري في دستور ‪ .6958‬أنشى بموجب دستور ‪ 8591‬مجمسا دستوريا‬
‫‪1‬‬
‫حاولت فرنسا مف خاللو تفادي عيوب الييئات السابقة‪ ،‬أطمؽ عمييا "المجمس الدستوري"‪.‬‬

‫وطبقاً لمدستور الفرنسي فإف المجمس الدستوري يتكوف مف تسعة أعضاء‪ ،‬يقوـ كؿ مف‬
‫رئيس الجميورية ورئيس الجمعية الوطنية ورئيس مجمس الشيوخ بتعييف ثالثة أعضاء‪.‬‬
‫تستمر عضويتيـ تسع سنوات غير قابمة لمتجديد‪ ،‬ويتجدد ثمث أعضائو كؿ ثالث سنوات‪،‬‬
‫وباإلضافة إلى ىؤالء األعضاء التسعة‪ ،‬فإف رؤساء الجميورية السابقيف بحكـ منصبيـ‬
‫سيكونوف أعضاء في المجمس الدستوري لمدى الحياة؛ ويختص رئيس الجميورية بحؽ تعييف‬
‫‪2‬‬
‫رئيس المجمس الدستوري مف بيف أعضاء المجمس الدستوري التسعة‪.‬‬

‫كما أوضح الدستور المذكور أف اختصاصات المجمس الدستوري تتركز في فحص‬


‫دستورية القوانيف قبؿ إصدارىا‪ ،‬والفصؿ في المنازعات المتعمقة بصحة انتخابات أعضاء‬
‫مجمسي البرلماف النواب والشيوخ‪ ،‬وكذلؾ الفصؿ في الطعوف الخاصة بعممية انتخاب رئيس‬
‫الجميورية‪ ،‬واالستفتاءات الشعبية عند إجرائيا ‪ .3‬وطبق ًا لممادة ‪ 18‬مف الدستور الفرنسي لعاـ‬
‫‪ 8591‬فإنو يجب أف تعرض عمى المجمس الدستوري القوانيف العضوية قبؿ إصدارىا ويجوز‬
‫أف يعرض كؿ مف رئيس الجميورية‪ ،‬أو الوزير األوؿ‪ ،‬أو رئيس أي مف المجمسيف النيابييف‬
‫القوانيف العادية عمى المجمس لفحص دستوريتيا قبؿ إصدارىا‪ ،‬كما أضاؼ التعديؿ الدستوري‬
‫الصادر في ‪ 15‬أكتوبر سنة ‪ 8599‬جيات أخرى يحؽ ليا عرض مدى دستورية القوانيف‬
‫ىي إما ‪ 16‬نائباً مف أعضاء الجمعية الوطنية‪ ،‬أو ‪ 16‬عضوا مف مجمس الشيوخ التقدـ‬
‫بطمب إلى المجمس الدستوري لفحص مدى دستورية القوانيف العادية‪ 4.‬كما نصت المادة ‪11‬‬

‫‪ - 1‬قزو محمد أكمي‪،‬المرجع السابؽ ‪ ،‬ص ‪.171‬‬


‫‪ - 2‬مولود ديداف ‪،‬القانوف الدستوري و النظـ السياسية‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.111‬‬
‫‪ - 3‬عمار كوسة ‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.136‬‬
‫‪ - 4‬عمار كوسة‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.136‬‬
‫‪117‬‬
‫مف الدستور عمى أنو إذا أعمف المجمس الدستوري عدـ دستورية نص مف النصوص‬
‫المعروضة عميو فال يجوز إصداره أو تطبيقو‪ ،‬كما نصت عمى أف ق اررات المجمس الدستوري‬
‫باتة أي ال ُيقبؿ الطعف فييا بأي وجو مف أوجو الطعف‪ ،‬ومف ثـ تصبح واجبة التطبيؽ مف‬
‫‪1‬‬
‫قبؿ السمطات العامة والييئات اإلدارية والمحاكـ القضائية‪.‬‬

‫ثـ جاء التعديؿ الدستوري الصادر في ‪/23‬جويمية ‪ 2008/‬الذي أعطى االعتراؼ‬


‫لألفراد بالدفع بعدـ الدستورية أماـ المحاكـ‪ ،‬وفي حالة قبوؿ الدفع يتـ إحالتو حسب الحالة‬
‫‪2‬‬
‫مف طرؼ رئيس محكمة النقض أو رئيس مجمس الدولة إلى المجمس الدستوري لمنظر فيو‪.‬‬

‫وعميو يمكف القوؿ بأف الرقابة عمى دستورية القوانيف عف طريؽ المجمس الدستوري ىي رقابة‬
‫قبمية قبؿ صدور القانوف ودخولو حيز التنفيذ وىي رقابة ذات ميزة سياسية باعتبارىا تتـ عف طريؽ‬
‫جياز ذو طابع سياسي والمتمثؿ في المجمس الدستوري‪.‬‬

‫الرقابة عمى دستورية القوانين عن طريق ىيئة نيابية‪ :‬إف ىذا النوع مف الرقابة منتشر بكثرة في‬
‫يقيـ عمؿ البرلماف الذي‬
‫الدوؿ االشتراكية والغرض منو ىو تكريس اإلرادة الشعبية حيث ال يعقؿ أف ّ‬
‫ىو ممثال لمشعب إال البرلماف نفسو‪ ،‬وقد تبنى االتحاد السوفيتي سابقا ىذا النظاـ؛ بعد أف أسندت‬
‫ميمة الرقابة إلى ىيئة رئاسة السوفيات األعمى التي تمثؿ السمطة التشريعية وتمارس الرقابة عمى‬
‫التقيد بالدستور وتفسير قوانيف االتحاد السوفيتي كما تمغي أوامر وق اررات مجمس وزراء الجميوريات‬
‫المتحدة إذا كانت غير مطابقة لمقانوف‪ ،‬كما تبنتو ألمانيا الشرقية في ظؿ دستور ‪ 1968‬الذي أسند‬
‫ميمة الرقابة إلى مجمس الدولة‪ ،‬وما يعاب عمى ىذه الطريقة كونيا ال تسند ميمة الرقابة عمى‬

‫‪ - 1‬حسف مصطفى البحري‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.276‬‬


‫‪ - 2‬مولود ديداف ‪،‬القانوف الدستوري و النظـ السياسية‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.111‬‬
‫‪118‬‬
‫دستورية القوانيف لييئة مستقمة عف السمطة التشريعية وانما تسندىا إلى الييئة المصدرة بحد ذاتيا‬
‫‪1‬‬
‫لمقانوف والتي تسمى بالرقابة الذاتية‪.‬‬

‫االنتقادات التي وجيت لمرقابة السياسية‪:‬‬

‫‪-‬إف الرقابة عمى دستورية القوانيف واف كاف ليا بعض اآلثار السياسية فإف طبيعتيا يشكؿ‬
‫أساسي تبقى قانونية‪ ،‬وموضوعيا عمؿ قانوني يتطمب مؤىالت وكفاءات قانونية خاصة‬
‫فيمف يتوالىا‪ ،‬حتى يستطيع الوقوؼ عمى مدى موافقة القوانيف ألحكاـ الدستور‪ .‬وبناءا عميو‬
‫فال يجوز منح سمطة الرقابة عمى دستورية القوانيف لييئة ذات طابع سياسي محض‪ ،‬ألف‬
‫مثؿ ىذا الجياز بحكـ تكوينو سيعمؿ عمى تغميب االعتبارات السياسية عمى االعتبارات‬
‫القانونية‪.‬‬

‫‪ -‬إف أىـ ما يجب أف تتميز بو الجية التي تتولى الرقابة عمى دستورية القوانيف ىو الحرية‬
‫واالستقالؿ‪ .‬وىذا أمر مستبعد فيما لو تولت ىذه الميمة ىيئة سياسية أيا كاف أسموب‬
‫‪2‬‬
‫تشكيميا‪.‬‬

‫الرقابة القضائية عمى دستورية القوانين ‪ :‬يقصد بالرقابة القضائية إعطاء الحؽ لمقضاء‬
‫ألف يتولى عممية فحص دستورية القوانيف لكي يتحقؽ مف مطابقتيا أو مخالفتيا لقواعد‬
‫الدستور‪3.‬كما عرفت عمى أنيا‪:‬تقرير الحؽ لجية قضائية ألف تفرض رقابتيا عمى ما تصدره‬
‫السمطة التشريعية مف قوانيف لتحديد مدى انسجاـ األحكاـ التي تقررىا ىذه القوانيف مع‬

‫‪ - 1‬صايش عبد المالؾ‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.71‬‬


‫‪ - 2‬نعماف أحمد الخطيب‪ ،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.252‬‬
‫‪ - 3‬قزو محمد أكمي‪،‬المرجع السابؽ ‪ ،‬ص ‪.172‬‬
‫‪119‬‬
‫النصوص الدستورية‪ 1.‬وتسمى بيذه التسمية ألنيا تباشر مف قبؿ ىيئة قضائية فالمحاكـ‬
‫تتولى ممارسة الرقابة عمى دستورية القوانيف وقد تمارس ىذه الرقابة المحاكـ العادية‬
‫كالواليات المتحدة األمريكية وكندا أو محكمة خاصة يتـ إحداثيا ليذا الغرض ويطمؽ عمييا‬
‫‪2‬‬
‫عادة المحكمة الدستورية كألمانيا و مصر وايطاليا‪.‬‬

‫لما كاف موضوع الرقابة الدستورية والمسائؿ التي تثيرىا تؤلؼ مسألة قانونية‪ ،‬وىي التحقؽ‬
‫وّ‬
‫مف مدى تطابؽ القانوف أـ عدـ تطابقو مع أحكاـ الدستور‪ ،‬فمف المنطقي أف يعيد بيذه‬
‫الرقابة إلى ىيئة قضائية يكوف التكويف قانوني ألعضائيا‪ ،‬وما تقدمو مف ضمانات الحياد‬
‫والموضوعية واالستقالؿ وحرية التقاضي وعالنية الجمسات وتسبيب األحكاـ ‪ ،‬مما يجعؿ ىذه‬
‫الرقابة ضمانة أكيدة الحتراـ الدستور‪ ،‬وسالح ًا فعاالً لحمايتو مف محاولة االعتداء عمى‬
‫أحكامو مف قبؿ السمطات العامة‪.‬‬

‫طرق الرقابة القضائية ‪ :‬تتنوع طرؽ و أساليب الرقابة القضائية مف دولة ألخرى ‪،‬تبعا لما‬
‫يقرره دستورىا ولكف عموما يعرض الفقو الدستوري المقارف أسموبيف رئيسييف لمرقابة القضائية‬
‫‪ :‬الرقابة عف طريؽ الدعوى األصمية و الرقابة عف طريؽ الدفع ‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬الرقابة عن طريق الدعوى األصمية ‪:‬تعني الرقابة عف طريؽ الدعوى األصمية إمكانية‬
‫رفع دعوى قضائية ضد قانوف معيف عمى أساس أنو غير دستوري وىذا أماـ محكمة مختصة‬
‫بالنظر في مثؿ ىذه الدعاوي‪ 3.‬كما يقصد بيا قياـ أحد األشخاص المتضرريف مف قانوف‬
‫معيف لمطعف فيو مباشرة أماـ المحكمة المختصة ودوف حاجة إلى االنتظار حتى يتـ تطبيؽ‬
‫القانوف عميو‪ ،‬فإذا تبيف لممحكمة صاحبة االختصاص أف القانوف محؿ النزاع مخالؼ‬

‫‪ - 1‬عمار كوسة ‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.162‬‬


‫‪ - 2‬حسف مصطفى البحري‪ ،‬المرجع السابؽ‪،‬ص‪.281،279‬‬
‫‪ - 3‬األميف شريط‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص‪.226‬‬

‫‪121‬‬
‫لنصوص الدستور فإف ليا الحؽ أف تصدر حكماً قضائياً بإلغائو وعند ذلؾ يصبح ىذا‬
‫القانوف باطالً‪ ،‬ويطمؽ بعض الفقياء عمى ىذا النوع مف الرقابة رقابة اإللغاء‪ ،‬مع مالحظة‬
‫أف الحكـ الصادر في ىذه الحالة يكوف ذو حجية عامة ومطمقة‪ ،‬أي أنو يسري في مواجية‬
‫الكافة ‪،‬واعتبار القانوف المحكوـ بإلغائو كأف لـ يكف سواء مف تاريخ صدوره أو بالنسبة‬
‫لممستقبؿ فقط‪ .‬ولذلؾ فإف ىذا الحكـ يحسـ النزاع حوؿ دستورية القانوف المطعوف فيو مف‬
‫أوؿ مرة وبصفة نيائية ‪.1‬وتقوـ الدولة التي تأخذ بيذه الطريقة بتخصيص ىيئة قضائية واحدة‬
‫يقوـ الدستور بتحديدىا بمعنى أنيا تأخذ بمركزية الرقابة عمى دستورية القوانيف‪ ،‬ويختمؼ‬
‫اختصاص ىذه الييئة مف دولة إلى أخرى‪ ،‬فمنيـ مف جعؿ ىذا االختصاص مف حؽ‬
‫المحكمة العميا أو المحكمة الدستورية العميا‪.‬‬

‫ثانيا‪:‬الرقابة القضائية عن طريق الدفع الفرعي‪:‬تسمى ىذه الرقابة برقابة التعطيؿ أو رقابة‬
‫االستثناء وأيضا برقابة الدعوى الفرعية‪.‬ذلؾ أف أصؿ الدعوى ليس المطالبة بإلغاء القانوف‪،‬‬
‫حيث ال يسمح لمقاضي طبقا ليذا النوع الرقابي المعتمد في بعض الدوؿ بإلغاء القانوف‪ ،‬إنما‬
‫كؿ ما في األمر ىو استبعاد القانوف الذي رأى القاضي بناء عمى دفع أحد أطراؼ الدعوى‬
‫أو القضية أنو غير دستوري‪.‬و عميو يعني أف ىناؾ دعوى أخرى أصمية قائمة عمى اثر نزاع‬
‫جاد مطروح ع مى المحكمة فيدفع أحد الخصوـ بعدـ دستورية القانوف المراد تطبيقو‪،‬و عميو‬
‫يمزـ القاصي بفحصو و التحقؽ مف صحة الدفع في مدى مطابقة أو مخالفة النص‬
‫لمدستور‪.‬فإذا ما تبيف لو أف القانوف غير دستوري فيحكـ في القضية مستثنيا ذلؾ القانوف‪،‬‬
‫حيث يمتنع عف تطبيقو في قضية الحاؿ اثر الدفع‪ 2.‬بمعنى أنو يفترض في أسموب الدفع‬
‫بعدـ الدستورية وجود دعوى منظورة أماـ القضاء سواء كانت ىذه الدعوى مدنية أو تجارية‬

‫‪ - 1‬حسف مصطفى البحري‪ ،‬المرجع السابؽ‪،‬ص‪.283‬‬


‫‪ - 2‬غريبي فاطمة الزىراء ‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.264‬‬

‫‪121‬‬
‫أو إدارية أو متعمقة باألحواؿ الشخصية يراد فييا تطبيؽ قانوف معيف‪ ،‬فيدفع احد أطرافيا‬
‫بعدـ دستورية ذلؾ القانوف مطالبا بعدـ تطبيقو‪ .‬وىكذا يجد القاضي نفسو أماـ قانونيف‬
‫متعارضيف‪ :‬الدستور وىو القانوف األعمى والقانوف األدنى منو ىو التشريع العادي‪ .‬فإذا تبيف‬
‫لو عدـ صحة الدفع فأنو يحكـ في النزاع طبقا ليذا القانوف‪ ،‬أما إذا تأكد مف مخالفة القانوف‬
‫ألحكاـ الدستور فإنو يمتنع عف تطبيقو‪ ،‬ويفصؿ في الدعوى عمى ىذا األساس‪ ،‬فالقانوف ال‬
‫يمغى إذا‪ ،‬وال يجبر المشرع عمى تعديمو أو إلغائو ويستمر تطبيقو عمى قضايا أخرى‪ ،‬ومف ثـ‬
‫يكوف لحكـ القضاء الصادر في ىذا الخصوص حجية نسبية مقصورة عمى النزاع المعروض‬
‫‪1‬‬
‫أمامو‪ .‬وال يسري عمى دعاوى أخرى‪.‬‬

‫الرقابة الدستورية في الجزائر ‪:‬ترددت الدوؿ بيف اعتماد الرقابة القضائية والسياسية‬
‫لدستورية منظومتيا القانونية بمختمؼ أشكاليا وأنماطيا‪،‬والجزائر عمى غرار أغمب دوؿ‬
‫المغرب العربي أخذت بالنموذج الفرنسي الذي يعتمد الرقابة السياسية عمى مدى دستورية‬
‫‪2‬‬
‫تشريعاتيا‪.‬‬

‫الرقابة الدستورية في دستور ‪ .1693‬عمى اعتبار التأثر الواضح لممؤسس الدستوري الجزائري‬
‫بنظيره الفرنسي فقد تـ إدراج فكرة الرقابة عمى دستورية القوانيف في أوؿ دستور عرفتو الجزائر‪،‬‬
‫بحيث تـ تنظيميا في المادتيف‪ 63‬و ‪ ، 64‬فنصت المادة ‪ 63‬عمى تشكيمة المجمس الذي يتألؼ مف‬
‫الرئيس األوؿ لممحكمة العميا‪ ،‬ورئيسي الحجرتيف المدنية واإلدارية في المحكمة العميا وثالثة نواب‬
‫يعينيـ المجمس الوطني وعضو يعينو رئيس الجميورية‪ ،‬أما رئيس المجمس فينتخبو أعضائو‪ ،‬أما‬
‫المادة ‪ 64‬فتحدد صالحياتو والمتمثمة في الفصؿ في دستورية القوانيف واألوامر التشريعية بطمب مف‬
‫رئيس الجميورية أو رئيس المجمس الوطني غير أف المجمس الدستوري لـ يتـ تشكيمو بتاتا بالنظر‬

‫ص‪.117‬‬ ‫‪ - 1‬مولود ديداف ‪،‬القانوف الدستوري و النظـ السياسية‪ ،‬المرجع السابؽ‪،‬‬


‫‪ - 2‬غريبي فاطمة الزىراء ‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.271‬‬
‫‪122‬‬
‫إلى تجميد العمؿ بالدستور بعد ‪ 23‬يوـ مف اعتماده‪ ،‬بالتالي فالجزائر بقيت طيمة الفترة التي سبقت‬
‫‪1‬‬
‫دستور ‪ 76‬مف دوف آلية لرقابة دستورية القوانيف‪.‬‬
‫ـ الرقابة الدستورية في دستور ‪ :1699‬أما في ظؿ دستور سنة ‪ ،2:87‬فإنو لـ يتناوؿ موضوع‬
‫الرقابة عمى دستورية القوانيف وىذا تأث ار بالفكر االشتراكي بحيث تجسد نظاـ الحكـ عف طريؽ‬
‫الحزب الواحد بصورة قوية في ىذا الدستور الذي ابتعد عف تكريس مبدأ الفصؿ بيف السمطات وأخذ‬
‫بمبدأ وحدة السمطة‪ ،‬ورغـ أف المؤتمر الخامس لحزب جبية التحرير الوطني المنعقد في ديسمبر‬
‫‪ 2:94‬دعا في إحدى توصياتو إلى ضرورة إنشاء ىيئة عميا لمفصؿ في دستورية القوانيف وذلؾ مف‬
‫‪2‬‬
‫أجؿ ضماف احتراـ الدستور وسموه‪.‬‬
‫ـ الرقابة الدستورية في دستور ‪ :1696‬لقد جاء دستور ‪ 1989‬بتعديالت عميقة مست النظاـ‬
‫السياسي الجزائري‪ ،‬وتأكيدا مف المؤسس الدستوري عمى ذلؾ تمت العودة إلى تبني مبدأ الرقابة عمى‬
‫دستورية القوانيف التي كانت مطمبا لنخب سياسية عديدة منذ ‪ ،1983‬وعميو تـ النص عميو في‬
‫الدستور الجديد في المواد مف‪ 153‬الى‪ 3.159‬ويتشكؿ المجمس الدستوري مف ‪ 7‬أعضاء لوالية‬

‫‪ - 1‬صايش عبد المالؾ‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.75‬‬


‫‪ - 2‬حيث نجد في دستور ‪ 6976‬أف ميمة ضماف احتراـ الدستور أعطت لرئيس الجميورية بموجب نص الػفػقرة الثالثػػة مف‬
‫الػمادة ‪ 666‬منو ( و ىو حامي الدستور) ولكف لـ يبيف الدستور آليات الحماية التي يعمؿ بيا رئيس الجميورية ليضمف و‬
‫يتكفؿ باحتراـ الدستور‪.‬و بالرجوع لنص المادة ‪ 655‬مف دستور ‪ 6976‬نالحظ أف رئيس الجميورية يمارس حؽ االعتراض‬
‫عمى القوانيف التي يصوت عمييا المجمس الوطني‪ ،‬فمو نتيجة لذلؾ أف يطمب قراءة ثانية لنص القانوف خالؿ أجؿ ‪ 30‬يوما‬
‫مف تاريخ استالمو مف المجمس الشعبي الوطني‪ .‬لكف لما كانت ىذه األحكاـ غير كفيمة بضماف احتراـ الدستور ألنيا لـ‬
‫تضع آليات عممية لضماف احتراـ الدستور و بسبب التجاوزات عمى الدستور و التي لوحظت بمناسبة الموافقة عمى بعض‬
‫القوانيف مف طرؼ المجمس الشعبي الوطني طالبت بعض األصوات داخؿ ىيئات حزب جبية التحرير الوطني الحزب‬
‫الواحد الحاكـ آنذاؾ بإحداث ىيئة تكمؼ بمراقبة دستورية القوانيف و قد ترجـ ىذا المطمب في الالئحة السياسية التي صادؽ‬
‫عمييا المؤتمر الخامس لحزب جبية التحرير الوطني المنعقد مف ‪ 62‬ديسمبر عاـ ‪ ،6983‬و قد نصت الالئحة ‪ ( :‬يدعوا‬
‫المؤتمر إلى إنشاء ىيئة عميا تحت إشراؼ األميف العاـ لمحزب رئيس الجميورية لمفصؿ في دستورية القوانيف لتضمف احتراـ‬
‫الدستور و سموه‪.‬‬
‫‪ - 3‬دستور ‪. 1989‬‬

‫‪123‬‬
‫مدتيا ‪ 6‬سنوات غير قابمة لمتجديد‪ ،‬يعيف رئيس الجميورية ‪ 3‬أعضاء مف بينيـ الرئيس ‪ ،‬عضواف‬
‫ينتخباف مف طرؼ المجمس الشعبي الوطني وعضواف ينتخباف مف قبؿ المحكمة العميا) المادة‪154‬‬
‫(‪ ،‬ويقوـ المجمس الدستوري بالفصؿ في دستورية المعاىدات والقوانيف والتنظيمات بإخطار مف‬
‫رئيس الجميورية أو رئيس المجمس الشعبي الوطني‪.‬‬
‫حيث يتـ إخطار المجمس مف طرؼ رئيس الجميورية أو رئيس المجمس الشعبي الوطني‪،‬‬
‫سواء قبؿ إصدار القانوف أي ( رقابة سابقة ) أو بعد صدور القانوف ( رقابة الحقة)‪.‬‬
‫وفي حالة ما إذا تـ إخطاره قبؿ صدور القانوف يدلي برأي غير ممزـ أما إذا تـ إخطاره بعد‬
‫صدور القانوف فإنو يصدر ق ار ار يترتب عنو إلغاء األحكاـ المخالفة لمدستور مف ىذا النص‬
‫إبتداءاً مف تاريخ قرار المجمس‪ 1.‬مع مالحظة أف جؿ األحكاـ التي صاغيا دستور ‪ 1989‬أعادىا‬
‫دستور ‪ 1996‬مع بعض التعديالت‬

‫ـ الرقابة الدستورية في دستور ‪ :1996‬أحدثت التعديالت التي طرأت عمى دستور ‪6989‬‬
‫تغيي ار في تشكيمة و مياـ المجمس الدستوري وقد كانت التعديالت تيدؼ إلى تحقيؽ توازف‬
‫أحسف لسير المؤسسات‪ ،‬بإحداث نظاـ الثنائية في تشكيؿ البرلماف بإنشاء مجمس األمة‬
‫ونظاـ االزدواج القضائي وانشاء مجمس لمدولة كمؤسسة قضائية‪ ،‬باإلضافة لألخذ بمفيوـ‬
‫لمجزائر‪.‬‬ ‫الدستوري‬ ‫التاريخ‬ ‫في‬ ‫مرة‬ ‫ألوؿ‬ ‫العضوية‬ ‫القوانيف‬
‫وقد انعكس ىذا التوسيع في تشكيمة المجمس الدستوري وفي جية اإلخطار وكذا في‬
‫الصالحيات التي كمؼ بيا المجمس الدستوري‪.‬‬

‫حيث نص دستور‪ 2::7‬عمى كيفية تشكيؿ المجمس بقوليا يتكوف المجمس الدستوري مف تسعة‬
‫أعضاء‪ :‬ثالثة أعضاء مف بينيـ رئيس المجمس يعينيـ رئيس الجميورية‪ ،‬واثناف ينتخبيما المجمس‬
‫الشعبي الوطني‪ ،‬واثناف ينتخبيما مجمس األمة‪ ،‬وعضو واحد ينتخبو مجمس الدولة‪ ،‬وعضو واحد‬

‫‪ - 1‬المادة ‪ 159‬مف دستور‪.1989‬المرجع السابق‪.‬‬

‫‪124‬‬
‫تنتخبو المحكمة العميا‪ ،‬يعيف رئيس المجمس الدستوري لفترة واحدة مدتيا ست سنوات يضطمع‬
‫‪1‬‬
‫أعضاء المجمس الدستوري بمياميـ مرة واحدة مدتيا ست سنوات‪ ،‬يجدد نصفو كؿ ثالث سنوات‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أف تشكيمة المجمس الدستوري كثي ار ما كنت محؿ نقاش نظ ار لدور السمطة‬
‫التنفيذية فييا حيث يختار رئيس الجميورية ‪ 3‬أعضاء مع رئيس بصوت مرجح‪ ،‬كما تمتد يده إلى‬
‫العضويف المذيف تعينيـ الييئتيف القضائيتيف بما أف رئيس الجميورية ىو مف يعيف القضاة‪.‬و‬
‫يضطمع المجمس الدستوري بصالحيات عديدة خوليا لو الدستور‪ ،‬ويمكف أف نميز بيف صالحيات‬
‫أصيمة متمثمة في الرقابة‪ ،‬وأخرى إضافية منيا ما ىي استشارية ومنيا ما ىي متعمقة باالنتخابات‪.‬‬
‫اختصاصات المجمس في مجال الرقابة‪ :‬لقد حددت اختصاصات المجمس الدستوري في مجاؿ‬
‫الرقابة عمى دستورية القوانيف مف خالؿ المادة ‪ ،165‬التي تنص عمى أنو يفصؿ في دستورية‬
‫المعاىدات والقوانيف‪ ،‬والتنظيمات‪ ،‬إما برأي قبؿ أف تصبح واجبة التنفيذ‪ ،‬أو بقرار في الحالة‬
‫العكسية‪،‬كما يفصؿ أيضا في مطابقة النظاـ الداخمي لكؿ مف غرفتي البرلماف لمدستور‪.‬‬
‫إالأف المجمس يبدي رأيو وجوبا بعد أف يخطره رئيس الجميورية‪ ،‬في دستورية القوانيف العضوية‬
‫بعد أف يصادؽ عمييا البرلماف‪.‬باإلضافة إلى ىذه الحالة فإف رأي المجمس يكوف ممزما ‪،‬وىذا‬
‫ما تضمنتو المادة ‪ 279‬إذ نصت‪":‬إذا ارتأى المجمس الدستوري عدـ دستورية معاىدة أو‬
‫اتفاؽ‪،‬أو اتفاقية فال يتـ التصديؽ عمييا‪ ".‬كما أف رأي المجمس يكوف ممزما في حالة التعديؿ‬
‫‪2‬‬
‫الدستوري طبقا ألحكاـ المادة ‪ 176‬مف الدستور‪.‬‬
‫أما بالنسبة لجية اإلخطار فيالحظ حسب المادة ‪ 166‬أنيا وسعت إلى كؿ مف رئيس‬
‫الجميورية ورئيس المجمس الشعبي الوطني ورئيس مجمس األمة‪ ،‬ومع ذلؾ فتبقى قميمة عمى أساس‬
‫أف المجمس الدستوري كاف مف الضروري أف يكوف بمقدوره ممارسة الرقابة مف دوف إخطار لكي‬

‫‪- 1‬المادة ‪ 164‬من دستور ‪ 1996‬المرجع السابق‪.‬‬


‫‪ - 2‬مولود ديداف ‪،‬القانوف الدستوري و النظـ السياسية‪ ،‬المرجع السابؽ‪،‬ص‪.121‬‬
‫‪125‬‬
‫تعطى لو فعالية أكبر‪ ،‬وأيضا أف توسع جيات اإلخطار إلى أعضاء البرلماف والوزير األوؿ أسوة ‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫بالدستور الفرنسيي بؿ وحتى إلى المجالس القضائية بتحريؾ مف المواطنيف أو محامييـ ‪.‬‬
‫االختصاصات األخرى‪ :‬عمى الرغـ مف أف الوظيفة األساسية لممجمس الدستوري تكمف في الرقابة‬
‫عمى دستورية القوانيف‪ ،‬إال أف المؤسس الدستوري قد خولو مجموعة أخرى مف الصالحيات في‬
‫مجاالت عديدة‪ ،‬منيا تعديؿ الدستور‪ ،‬اإلشراؼ عمى االنتخابات‪ ،‬التحقؽ مف شغور منصب رئيس‬
‫‪2‬‬
‫الجميورية والحموؿ‪ ،‬االختصاص االستشاري وغيرىا‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬في مجال التعديل الدستوري‪ :‬نصت المادة ‪ 176‬عمى أنو إذا ارتأى المجمس الدستوري أف‬
‫مشروع أي تعديؿ دستوري اليمس البتة المبادئ العامة التي تحكـ المجتمع الجزائري‪ ،‬وحقوؽ‬
‫اإلنساف والمواطف وحرياتيما‪ ،‬وال يمس بأي كيفية التوازنات األساسية لمسمطات والمؤسسات‬
‫الدستورية‪ ،‬وعمؿ رأيو‪ ،‬أمكف رئيس الجميورية أف يصدر القانوف الذي يتضمف التعديؿ الدستوري‬
‫مباشرة دوف أف يعرضو عمى االستفتاء الشعبي‪ ،‬متى أحرز ثالثة أرباع أصوات أعضاء غرفتي‬
‫‪3‬‬
‫البرلماف‪.‬‬
‫ثانيا ‪:‬صالحية المجمس الدستوري في حال شغور منصب رئيس الجميورية‪ :‬بحسب المادة‬
‫‪88‬مف الدستور فإف المجمس الدستوري ىو الذي يعايف حالة رئيس الجميورية في حاؿ مرضو أو‬
‫قياـ مانع لو يقترح عمى البرلماف قياـ المانع‪ ،‬ويعمف البرلماف قياـ المانع بأغمبية الثمثيف‪ ،‬وفي حالة‬
‫تجاوز المانع مدة ‪ 45‬يوـ يجتمع المجمس الدستوري ويعمف شغور منصب الرئيس باالستقالة فيتولى‬
‫رئيس مجمس األمة مياـ رئاسة الدولة واذا اقترف ذلؾ مع شغور منصب رئيس مجمس األمة يتولى‬
‫‪4‬‬
‫مياـ رئاسة الدولة رئيس المجمس الدستوري‪.‬‬

‫‪ - 1‬صايش عبد المالؾ‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.79‬‬


‫‪ - 2‬حسني بوديار‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.118‬‬
‫‪ -- 3‬صايش عبد المالؾ‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.79‬‬

‫‪ - 4‬مولود ديداف ‪،‬القانوف الدستوري و النظـ السياسية‪ ،‬المرجع السابؽ‪،‬ص‪.121‬‬


‫‪126‬‬
‫ثالثا ‪:‬صالحيات في مجال االنتخابات‪ :‬يتولى المجمس الدستوري اإلشراؼ عمى انتخاب رئيس‬
‫الجميورية وينظر في الطعوف المقدمة بشأف انتخابو‪ ،‬يعمف نتائج االستفتاءات الشعبية كما يسير‬
‫عمى مراقبة حسابات الحممة االنتخابية‪ ،‬ويتولى أيضا اإلشراؼ عمى انتخاب أعضاء البرلماف‬
‫واعالف النتائج والطعوف المقدمة بشأف ىذه االنتخابات‪.‬‬
‫رابعا ‪:‬صالحيات استشارية‪ :‬يكوف رئيس المجمس الدستوري كييئة استشارية في حاؿ ما إذا أراد‬
‫رئيس الجميورية إقرار حالة الطوارئ أو الحصار وىذا حسب نص المادة ‪ 91‬مف الدستور‪ ،‬ونفس‬
‫‪1‬‬
‫الشيء في حاؿ ما إذا أراد إعالف الحالة االستثنائية حسب مقتضيات المادة‪. 93‬‬
‫حيث أحدث التعديل الدستوري لسنة ‪2119‬عدة مستجدات بالنسبة لممجمس الدستوري‪،‬‬
‫تجعميا كفيمة لدعـ مكانتو ودوره في مسار بناء دولة القانوف و تعميؽ الديمقراطية التعددية‬
‫وحماية الحقوؽ والحريات الفردية والجماعية ‪.‬‬

‫حيث أحدت التعديؿ الدستوري لسنة ‪ 2066‬التوازف الكامؿ في تمثيؿ السمطات الثالث ‪ .‬فقد‬
‫رفع التعديؿ الدستوري تشكيمة المجمس إلى ‪ 62‬عضوا توزعت كالتالي‪:‬‬

‫ػأربعة أعضاء مف بينيـ رئيس المجمس ونائب رئيس المجمس يعينيـ رئيس الجميورية‪ .‬ػ‬
‫اثناف ينتخبيما المجمس الشعبي الوطني مف بيف أعضائو‪.‬‬
‫ػ اثناف ينتخبيما مجمس األمة مف بيف‬
‫ػ اثناف تنتخبو المحكمة العميا مف بيف أعضائيا‪.‬‬
‫ػ اثناف ينتخبيما مجمس الدولة مف بيف أعضائو‪.‬‬
‫و يعيف رئيس المجمس الدستوري ونائبو مف طرؼ رئيس الجميورية لفترة واحدة مدتيا ‪8‬‬
‫سنوات‪ ،‬و يتولى أعضاء المجمس مياميـ مرة واحدة‪،‬و يجدد نصؼ عدد األعضاء كؿ ‪4‬‬
‫سنوات‪ .‬كما استحدث التعديؿ الدستوري شروطا وجب توافرىا في األعضاء المعينيف‬

‫‪ - 1‬مولود ديداف ‪ ،‬نفس المرجع‪،‬ص‪.121‬‬

‫‪127‬‬
‫والمنتخبيف والتي تتمثؿ في‪ :‬بموغ سف األربعيف سنة كاممة يوـ تعيينيـ أو انتخابيـ‪،‬‬
‫والتمتع بخبرة مينية مدتيا ‪ 65‬سنة عمى األقؿ في التعميـ العالي في العموـ القانونية‪،‬‬
‫القضاء‪ ،‬أو في مينة محاـ لدى المحكمة العميا أو لدى مجمس الدولة أو في وظيفة عميا في‬
‫‪1‬‬
‫الدولة ‪.‬‬

‫أما من حيث جية اإلخطار فقد أوكمت المادة ‪ 187‬مف التعديؿ الدستور‪ 2066‬ميمة إخطار‬
‫المجمس الدستوري لكؿ مف‪- :‬رئيس الجميورية ‪. -‬رئيس المجمس الشعبي الوطني‪. -‬رئيس‬
‫مجمس األمة أو الوزير األوؿ و (‪ )50‬نائبا أو ثالثيف (‪ )30‬عضوا في مجمس األمة‪ ،‬وفد‬
‫استحدث التعديؿ الدستوري ألوؿ مرة اإلخطار بالدفع بعدـ الدستورية بناءا عمى إحالة مف‬
‫المحكمة العميا أو مجمس الدولة ( المادة ‪) 688‬عندما يدعي أحد األطراؼ في المحاكمة أماـ‬
‫جية قضائية أف القانوف الذي يتوقؼ عميو النزاع ينتيؾ الحقوؽ والحريات التي يتضمنيا‬
‫‪2‬‬
‫الدستور ‪.‬‬

‫أما مف حيث موضوع اإلخطار فقد حددت المادة ‪ 686‬مف التعديؿ الدستور الميمة األساسية‬
‫لممجمس الدستوري وىي "السير عمى احتراـ الدستور‪ ".‬وفي ىذا السياؽ فإنو يقوـ بالفصؿ‬
‫في دستورية المعاىدات والقوانيف والتنظيمات‪ .‬وفي ىذا اإلطار يمارس المجمس الدستوري‬
‫نوعيف مف الرقابة إحداىما إجبارية واألخرى اختيارية‪.‬‬

‫أ‪ -‬الرقابة اإلجبارية لممجمس الدستوري ‪ :‬و تتـ ىذه الرقابة بموجب المادة ‪ 686‬و يتعمؽ‬
‫األمر بػ‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ القوانين العضوية‪ :‬فالمجمس الدستوري يبدي رأيو وجوبا في دستورية القوانيف العضوية‬

‫‪- 1‬المواد ‪ 184،183‬من التعديل الدستوري ‪،2116‬المرجع السابق‪.‬‬


‫‪-‬المواد ‪ 188،187‬مف التعديؿ الدستوري ‪،2116‬المرجع السابؽ‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪128‬‬
‫بعد أف يصادؽ عمييا البرلماف حسب الفقرة الثانية مف المادة ‪ 686‬مف التعديؿ الدستوري‪.‬‬
‫وقد حددت المادة ‪ 646‬مف الدستور مجاؿ القوانيف العضوية وىي القوانيف المتعمقة ب ػ‪:‬‬

‫‪-‬تنظيـ السمطات العمومية وعمميا‪.‬‬


‫‪-‬نظاـ االنتخابات‪.‬‬
‫‪-‬القانوف المتعمؽ باإلعالـ‪.‬‬
‫‪-‬القانوف األساسي لمقضاء و التنظيـ القضائي‪.‬‬
‫‪-‬القانوف المتعمؽ بقوانيف المالية‪.‬‬
‫‪-‬القانوف المتعمؽ باألمف الوطني‪.‬‬
‫ويالحظ أف أغمب ىذه المجاالت تتعمؽ بتنظيـ السمطة و مرتبطة بالدستور و ليذا السبب‬
‫ينبغي أف تكوف مطابقة لو‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ األنظمة الداخمية لغرفتي البرلمان ‪ :‬يفصؿ المجمس الدستوري بموجب الفقرة الثالثة مف‬
‫المادة ‪ 686‬في مطابقة النظاـ الداخمي لكؿ مف غرفتي البرلماف لمدستور و يرجع ذلؾ إلى‬
‫كوف النظاـ الداخمي يتعمؽ بتنظيـ السمطات التشريعية و الذي ال يجب أف يكوف مخالفا‬
‫لمدستور و إال وقع خمؿ في سير المؤسسات الدستورية‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ المعاىدات الدولية ‪ :‬بموجب المادة ‪ 666‬مف الدستور يوقع رئيس الجميورية اتفاقيات‬
‫اليدنة و معاىدات السمـ‪ ،‬وىذا النوع مف المعاىدات ال تعرض عمى البرلماف ليوافؽ عمييا إال‬
‫بعد أف يتمقى رأيا مف المجمس الدستوري حوليا‪ ،‬و ىذا يعني أف إخطار المجمس الدستوري‬
‫بالنسبة ليذا النوع مف المعاىدات إجباري قبؿ عرضيا عمى البرلماف وبعد التوقيع عمييا‪،‬‬
‫وحرص المؤسس الدستوري عمى عرض ىذه المعاىدات عمى المجمس الدستوري ناجـ عف‬
‫الرغبة في حم اية الدستور ألف ىذا النوع مف المعاىدات مرتبطة ومتعمقة باستقالؿ الدولة‬
‫وسيادتيا‪ ،‬ولإلشارة فإف إخطار المجمس الدستوري بالنسبة ليذه المجاالت الثالث(القوانيف‬

‫‪129‬‬
‫العضوية‪ -‬األنظمة الداخمية لغرفتي البرلماف‪ -‬اتفاقات اليدنة ومعاىدات السمـ) ‪ ،‬يتـ مف‬
‫طرؼ رئيس الجميورية‪ ،‬و ىذا بصريح نص المادة ‪ 686‬ػ‪.666‬‬

‫ب‪-‬الرقابة االختيارية لممجمس الدستوري‪ :‬و تتـ بموجب المادة ‪ 687‬مف الدستور‪:‬‬

‫أ ـ بالنسبة لمقوانين العادية ‪ :‬يمكف لممجمس الدستوري بعد إخطاره مف طرؼ رئيس‬
‫الجميورية أو رئيس المجمس الشعبي الوطني أو رئيس مجمس األمة‪ ،‬أو الوزير األوؿ أو‪50‬‬
‫نائبا أو ‪ 30‬عضوا مف مجمس األمة رقابة دستورىا‪ ،‬فإذا وقع اإلخطار فبؿ صدورىا يصدر‬
‫المجمس الدستوري رأيا وذلؾ فبؿ أف تصبح واجبة التنفيذ‪ ،‬أما إذا وقع اإلخطار بعد صدورىا‬
‫يصدر المجمس الدستوري ق ار ار ممزما يترتب عنو‪ ،‬وحسب نص المادة ‪ 696‬مف الدستور‬
‫فقداف ىذا النص أثره مف يوـ قرار المجمس الدستوري أي إلغاء النص المخالؼ لمدستور‪.‬‬

‫ب ـ بالنسبة لمتنظيمات ‪ :‬تشمؿ الرقابة التنظيمات "النصوص" التي يصدرىا رئيس‬


‫الجمي ورية بموجب سمطتو التنظيمية المستقمة التي يستمدىا مف المادة ‪ 643‬مف الدستور‬
‫(يمارس رئيس الجميورية السمطة التنظيمية في المسائؿ غير المخصصة لمقانوف)‪ ،‬و رغـ‬
‫نص ىذه المادة‪ ،‬فإف المجمس الدستوري منذ إنشائو بموجب دستور ‪ 6989‬لـ يمارس‬
‫اختصاص في ىذا المجاؿ بسبب عزوؼ رئيس المجمس الشعبي الوطني ثـ رئيس مجمس‬
‫األمة عف ممارسة صالحيتيا في اإلخطار‪.‬‬

‫ج ـ الدفع بعدم دستورية نص تشريعي ‪ :‬عندما يخطر المجمس الدستوري عمى أساس المادة‬
‫‪، 689‬فإف ق ارره يصدر خالؿ ‪ 4‬أشير التي تمي إخطاره‪ ،‬ويمكف تمديد ىذا األجؿ مرة واحدة‬
‫لمدة أقصاىا ‪ 4‬أشير‪ .‬واذا اعتبر نص تشريعي ما غير دستوري‪ ،‬فإف ىذا النص يفقد أثره‬
‫ابتداء مف اليوـ الذي يحدده قرار المجمس الدستوري‪ ،‬وتكوف آراء المجمس الدستوري وق ارراتو‬
‫نيائية وممزمة لجميع السمطات العمومية والسمطات اإلدارية ‪.‬‬

‫‪131‬‬
‫حيث أحدث التعديل الدستوري لسنة ‪2222‬عدة مستجدات بالنسبة لممجمس‬
‫الدستوري‪،‬ليصطمح عميو بالمحكمة الدستورية وفقا لممادة ‪ 685‬مف التعديؿ الدستوري تجعميا‬
‫كفيمة لدعـ مكانتيا ودورىا في مسار بناء دولة القانوف ‪.‬‬

‫حيث أحدت التعديؿ الدستوري األخير التعديؿ في تشكيمة المحكمة الدستورية التي أصبحت‬
‫تتشكؿ مف ‪ 62‬عضوا موزعة كالتالي‪:‬‬

‫ػ أربعة أعضاء مف بينيـ رئيس المحكمة يعينيـ رئيس الجميورية‪.‬‬


‫ػ عضو واحد تنتخبو المحكمة العميا مف بيف أعضائيا‪.‬‬
‫ػ عضو واحد ينتخبو مجمس الدولة مف بيف أعضائو‪.‬‬
‫ػ ستة أعضاء ينتخبوف باالقتراع مف أساتذة القانوف الدستوري ‪،‬حيث يحدد رئيس الجميورية‬
‫‪1‬‬
‫شروط و كيفيات انتخاب ىؤالء األعضاء‪.‬‬

‫حيث اشترطت المادة ‪ 781‬في عضو المحكمة الدستورية المنتخب أو المعيف مجموعة مف‬
‫الشروط ىي‪:‬‬
‫‪ -‬بموغ ‪ 51‬سنة كاممة يوـ انتخابو أو تعيينو‪.‬‬

‫‪ -‬التمتع بخبرة في القانوف ال تقؿ عف ‪ 21‬سنة‪،‬واستفاد في تكويف في القانوف الدستوري‪.‬‬

‫‪ -‬التمتع بالحقوؽ المدنية و السياسية ‪،‬و أف ال يكوف محكوما عميو بعقوبة سالبة لمحرية ‪.‬‬

‫‪ -‬عدـ االنتماء الحزبي ‪.‬‬

‫‪-‬المادة ‪ 186‬مف التعديؿ الدستوري ‪.2121‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪131‬‬
‫و يعيف رئيس المحكمة الدستورية مف طرؼ رئيس الجميورية لعيدة واحدة مدتيا ‪ 6‬سنوات‪،‬‬
‫عمى أف تتوافر فيو الشروط المذكورة أعاله باستتناء شرط السف‪ 1.‬و يتولى أعضاء المحكمة‬
‫الدستورية مياميـ مرة واحدة مدتيا ‪ 6‬سنوات‪،‬و يجدد نصؼ عدد األعضاء كؿ ‪ 3‬سنوات‪.‬‬

‫أما مف حيث اختصاصات المحكمة الدستورية‪،‬فباإلضافة إلى االختصاصات التي خولتيا‬


‫إياىا صراحة أحكاـ أخرى مف الدستور‪ ،‬تفصؿ المحكمة الدستورية في دستورية المعاىدات‬
‫والقوانيف والتنظيمات‪.‬حيث يمكف إخطار المحكمة الدستورية بشأف دستورية المعاىدات قبؿ‬
‫التصديؽ عمييا‪،‬و القوانيف قبؿ إصدارىا‪ .‬كما يمكف إخطار المحكمة الدستورية بشأف‬
‫دستورية التنظيمات خالؿ شير مف تاريخ نشرىا ‪ 2.‬وفي ىذا اإلطار تمارس المحكمة‬
‫الدستورية رقابتيا عمى‪:‬‬

‫ػ المعاىدات الدولية‪ :‬حيث حرص المؤسس الدستوري استنادا إلى نص المادة ‪ 690‬عمى‬
‫عرض المعاىدات عمى المحكمة الدستورية‪ ،‬لمنظر فييا قبؿ التصديؽ عمييا‪ .‬رغبة منو في‬
‫حماية الدستور ألف ىذا النوع مف المعاىدات مرتبطة ومتعمقة باستقالؿ الدولة وسيادتيا‪.‬فإذا‬
‫ما قررت المحكمة الدستورية عدـ دستورية معاىدة أو اتفاقية فال يتـ المصادقة عمييا‪.‬‬

‫ػ القوانيف العضوية‪ :‬فالمحكمة الدستورية تبدي أرييا وجوبا في دستورية القوانيف العضوية بعد‬
‫أف يصادؽ عمييا البرلماف حسب الفقرة ‪ 5‬مف المادة ‪ 690‬مف التعديؿ الدستوري‪ .‬وقد حددت‬
‫المادة ‪ 140‬مف الدستور مجاؿ القوانيف العضوية ‪ .‬حيث أنو إذا ما قررت المحكمة الدستورية‬
‫عدـ دستورية قانوف فال يتـ إصداره‪.‬‬

‫‪-‬المادة ‪ 188‬مف التعديؿ الدستوري ‪.2121‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ - 2‬المادة ‪ 191‬مف التعديؿ الدستوري ‪.2121‬‬

‫‪132‬‬
‫ػ األنظمة الداخمية لغرفتي البرلماف ‪ :‬حيث تفصؿ المحكمة الدستورية بموجب الفقرة ‪ 6‬مف‬
‫المادة ‪ 690‬في مطابقة النظاـ الداخمي لكؿ مف غرفتي البرلماف لمدستور و يرجع ذلؾ إلى‬
‫كوف النظاـ الداخمي يتعمؽ بتنظيـ السمطات التشريعية و الذي ال يجب أف يكوف مخالفا‬
‫لمدستور و إال وقع خمؿ في سير المؤسسات الدستورية‪.‬‬

‫‪ -‬كما تشمؿ رقابة المحكمة الدستورية التنظيمات "النصوص" التي يصدرىا رئيس الجميورية‬
‫بموجب سمطتو التنظيمية المستقمة التي يستمدىا مف المادة ‪ 646‬مف الدستور بقوليا‪":‬‬
‫يمارس رئيس الجميورية السمطة التنظيمية في المسائؿ غير المخصصة لمقانوف‪ ".‬فإذا ما‬
‫ابتداء مف يوـ‬
‫ً‬ ‫قررت المحكمة الدستورية عدـ دستورية أمر أو تنظيـ‪،‬فإف ىذا النص يفقذ أثره‬
‫‪1‬‬
‫صدور قرار المحكمة الدستورية‪.‬‬

‫‪ -‬كما تنظر المحكمة الدستورية في الطعوف التي تتمقاىا حوؿ النتائج المؤقتة لالنتخابات‬
‫‪2‬‬
‫الرئاسية أو االنتخابات التشريعية أو االستفتاء‪،‬و تعمف النتائج النيائية لكؿ ىذه العمميات‪.‬‬

‫أما مف حيث جية اإلخطار فقد أوكمت المادة ‪ 693‬مف التعديؿ الدستور‪ 2020‬ميمة‬
‫إخطار المحكمة الدستورية لكؿ مف‪ :‬رئيس الجميورية أو رئيس المجمس الشعبي الوطني أو‬
‫رئيس مجمس األمة‪ ،‬أو الوزير األوؿ أو‪ 40‬نائبا أو ‪ 25‬عضوا مف مجمس األمة كما يمكف‬
‫أف يتـ اإلخطار بالدفع بعدـ الدستورية بناءا عمى إحالة مف المحكمة العميا أو مجمس الدولة‬
‫( المادة ‪) 695‬عندما يدعي أحد األطراؼ في المحاكمة أماـ جية قضائية أف القانوف الذي‬
‫يتوقؼ عميو النزاع ينتيؾ الحقوؽ والحريات التي يتضمنيا الدستور ‪.‬‬

‫‪ - 1‬المادة ‪ 198‬مف التعديؿ الدستوري ‪.2121‬‬


‫‪ - 2‬المادة ‪ 191‬مف التعديؿ الدستوري ‪.2121‬‬

‫‪133‬‬
‫قائمة المراجع و المصادر‪:‬‬
‫القرآف الكريـ‪.‬‬
‫أوال‪ :‬المراجع ‪:‬‬
‫الكتب‪:‬‬
‫‪ -1‬األميف شريط ‪،‬الوجيز في القانوف الدستوري و المؤسسات السياسية المقارنة‪،‬ديواف‬
‫المطبوعات الجامعية‪،‬الجزائر‪،‬الطبعة‪.2115/4‬‬
‫‪ -2‬الشرقاوي سعاد‪ ،‬النظـ السياسية والعالـ المعاصر) الدولة ‪ -‬المؤسسات ‪ -‬الحريات(‪ ،‬دارالنيضة‬
‫العربية‪ ،‬القاىرة‪. 3008‬‬
‫‪ -3‬بسيوني عبد الغني عبد اهلل‪ ،‬النظـ السياسية‪ ،‬النظرية العامة لمدولة‪ ،‬الحكومات‪ ،‬الحقوؽ‬
‫والحريات العامة‪ ،‬الطبعة السادسة‪ ،‬مطابع السعدني‪ ،‬القاىرة ‪. 3009،‬‬
‫‪ -4‬بوك ار إدريس‪ ،‬الوجيز في القانوف الدستوري والمؤسسات الدستورية‪ ،‬دار الكتاب الحديث‪،‬‬
‫القاىرة ‪. 2012 ،‬‬

‫‪134‬‬
‫‪ -5‬جبراف مسعود‪،‬الرائد معجـ ألفبائي في المغة و األعالـ‪،‬دار العمـ لممالييف ‪،‬بيروت‬
‫لبناف‪،‬الطبعة‪،2115/3‬ص‪.517‬‬
‫‪-6‬حسف مصطفى البحري‪ ،‬القانوف الدستوري(النظرية العامة)‪ ،‬بدوف دار نشر‪،‬الطبعة‬
‫األولى‪.2119/‬‬
‫‪-7‬حمدي العجمي ‪،‬مقدمة في القانوف الدستوري ‪،‬في ضوء الدساتير العربية المعاصرة‪،‬دار‬
‫الثقافة لمنشر و التوزيع ‪،‬الطبعة األولى ‪،2119‬عماف األردف ‪.‬‬
‫‪8‬ػ حساـ مرسي‪ ،‬القانوف الدستوري‪ ،‬دار الفكر الجامعي ‪ ،2114‬اإلسكندرية‪.‬‬
‫‪-9‬حسني بوديار‪،‬الوجيز في القانوف الدستوري‪،‬دار العموـ لمنشر و‬
‫التوزيع‪،‬الجزائر‪،‬عنابة‪.،2113،‬‬
‫‪ -11‬سعيد بوالشعير‪ ،‬القانوف الدستوري والنظـ السياسية المقارنة‪ ،،‬ديواف المطبوعات الجامعية‪،‬‬
‫الجزائر ج‪ ، 1‬ط ‪.300:، 10‬‬
‫‪-11‬عبد الغني بسيوني‪ ،‬النظـ السياسية والقانوف الدستوري‪ ،‬منشأة المعارؼ‬
‫االسكندرية‪.1997،‬‬
‫‪-12‬عمار كوسة‪ ،‬أبحاث في القانوف الدستوري‪،‬دار ىومة لمطباعة و النشر و‬
‫التوزيع‪2118،‬الجزائر‪.‬‬
‫‪ -13‬غريبي فاطمة الزىراء‪،‬أصوؿ القانوف الدستوري و النظـ السياسية‪،‬دار الخمدونية لمنشر‬
‫و التوزيع‪ ،‬الجزائر‪،‬الطبعة‪.2116/1‬‬
‫‪ -14‬فوزي أوصديؽ‪،‬الوافي في شرح القانوف الدستوري الجزائري‪ ،‬الجزء األوؿ نظرية الدولة‪،‬‬
‫ديواف المطبوعات الجامعية ‪،‬الطبعة األولى الجزائر ‪.1993‬‬
‫‪ -15‬قزو محمد أكمي‪،‬دروس في الفقو الدستوري والنظـ السياسية دراسة مقارنة‪،‬دار‬
‫الخمدونية لمطباعة و النشر‪،‬الجزائر‪.،2116‬‬
‫‪16‬ػ مولود ديدف ‪ ،‬القانوف الدستوري و النظـ السياسية ‪ ،‬دار بمقيس ‪ ،‬الجزائر ‪ ،‬الطبعة‬
‫‪.2114‬‬
‫‪-17‬مولود ديداف‪،‬القانوف الدستوري و النظـ السياسية‪،‬عمى ضوء التعديؿ الدستوري‬
‫‪،2116‬دار بمقيس لمنشر‪ ،‬الجزائر‪.2117،‬‬

‫‪135‬‬
‫‪-18‬محمد رفعت عبد الوىاب‪،‬األنظمة السياسية‪،‬منشورات الحمبي الحقوقية‪،2117،‬بيروت‬
‫لبناف‪.‬‬
‫‪ -19‬نعماف أحمد الخطيب‪،‬الوسيط في النظـ السياسية و القانوف الدستوري‪ ،‬الطبعة السابعة‬
‫‪،‬دار الثقافة لمنشر والتوزيع‪ ،‬عماف األردف‪.2112،‬‬

‫تانيا‪:‬المطبوعات العممية‪:‬‬
‫‪ -21‬بف اعراب محمد‪،‬محاضرات في مادة القانوف الدستوري‪،‬جامعة محمد لميف دباغيف‪،‬كمية‬
‫الحقوؽ و العموـ السياسية‪،‬ممقاة عمى طمبة السنة األولى حقوؽ ػالمجموعة ب‪،‬السنة الجامعية‬
‫‪2121/2119‬‬
‫‪ - 21‬صايش عبد المالؾ‪،‬محاضرات في القانوف الدستوري‪،‬جامعة عبد الرحماف‬
‫ميرة‪،‬بجاية‪،‬كمية الحقوؽ و العموـ السياسية‪ ،‬السنة الجامعية‪.2115/2114‬‬

‫‪ -23‬معيفي لعزيز‪ ،‬محاضرات في القانوف الدستوري‪ ،‬جامعة عبد الرحماف ميرة‪ ،‬بجاية‪ ،‬كمية‬
‫الحقوؽ والعموـ السياسية‪ ،‬السنة الجامعية‪.2117/2116‬‬

‫تاَيا ‪ :‬انُظىص انقاَىَيت‪:‬‬


‫‪-‬انذساتير‪:‬‬
‫‪ -1‬دستور ‪ ،2:74‬اإلعالف المتضمف نشر نص دستور الجميورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية ؿ‬
‫‪10‬سبتمبر‪ ، 1963‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج عدد ‪ ، 64‬الصادر في ‪10‬سبتمبر‪. 1963‬‬
‫‪ -2‬دستور‪6976‬الصادر بموجب األمر ‪ 97/76‬يتضمف إصدار دستور الجميورية الجزائرية‬
‫الديمقراطية الشعبية ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج عدد‪ ، 94‬الصادر في ‪ 24‬نوفمبر‪. 1976‬‬
‫‪ -3‬المرسوـ الرئاسي ‪ 68/89‬المؤرخ في ‪ 6989/02/28‬يتضمف نشر دستور ‪6989‬‬
‫الموافؽ عميو في استفتاء‪ ،6989/02/23‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج عدد ‪ ،0:‬الصادر في ‪ 02‬مارس ‪.2:9:‬‬

‫‪-5‬المرسوـ الرئاسي ‪ 549/:7‬المؤرخ في ‪ 6996/62/07‬يتضمف الدستور الموافؽ عميو في‬


‫استفتاء‪ ،1996/12/28‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج عدد ‪ ،87‬الصادر في ‪2::7/23/09‬المعدؿ و المتمـ‪.‬‬
‫‪136‬‬
‫انفهرس‬
‫يقذيت‪2………………………………………………………………………...:‬‬
‫انفظم انتًهيذي‪ :‬ياهيت انقاَىٌ انذستىري‪4…………………………………………..‬‬
‫انًبحث األول‪:‬تؼريف انقاَىٌ انذستىري‪4…………………………………………….:‬‬
‫انًطهب األول‪ :‬انتؼريف انهغىي نهقاَىٌ انذستىري‪5..........................................................:‬‬
‫انًطهب انثاَي‪ :‬انتؼريف انشكهي نهقاَىٌ انذستىري‪6……………………………………:‬‬
‫انًطهب انثانث‪:‬انتؼريف انًىضىػي نهقاَىٌ انذستىري‪7……………………………….:‬‬
‫انًبحث انثاَي‪:‬ػالقت انقاَىٌ انذستىري بانقىاَيٍ األخري………………………………‪9‬‬
‫انًطهب األول‪ :‬ػالقت انقاَىٌ انذستىري بفروع انقاَىٌ انؼاو……………………………‪9‬‬
‫‪-1‬ػالقت انقاَىٌ انذستىري بانقاَىٌ انؼاو انذاخهي‪9…………………………………..‬‬
‫‪-2‬ػالقت انقاَىٌ انذستىري بانقاَىٌ انذوني‪12……………………………………….:‬‬
‫انًطهب انثاَي‪ :‬ػالقت انقاَىٌ انذستىري بفروع انقاَىٌ انخاص و انفروع انًختهطت…‪11…….‬‬
‫انفظم األول‪:‬انُظريت انؼايت نهذونت…‪12……………………………………………..‬‬
‫انًبحث األول‪:‬أطم َشأة انذونت‪13………………………………………………….:‬‬
‫انًطهب األول ـ انُظرياث غير انؼقذيت‪13……………………………………………..:‬‬
‫انًطهب انثاَي‪:‬انُظرياث انؼقذيت‪19………………………………………………….:‬‬
‫انًطهب انثانث ‪ :‬انُظرياث شبه انؼقذيت‪22…………………………………………….:‬‬
‫انًبحث انثاَي ‪ :‬أركاٌ انذونت‪24…………………………………….……………….‬‬
‫انًطهب األول‪:‬انشؼب‪24………………………………………..………………….:‬‬
‫انًطهب انثاَي‪:‬اإلقهيى‪28……………………………………………………………:‬‬
‫‪137‬‬
‫انًطهب انثانث‪ :‬انسهطت انسياسيت انحاكًت‪33…………………………….……………:‬‬
‫انًبحث انثانث ‪:‬خظائض انذونت‪36………………………………………………….:‬‬
‫انًطهب األول‪ :‬انشخظيت انًؼُىيت‪37………………….……………………………..:‬‬
‫انًطهب انثاَي‪:‬انسيادة‪39………………………………………………………….:‬‬
‫انًطهب انثانث‪:‬خضىع انذونت نهقاَىٌ‪47……………………………………………..:‬‬
‫انًبحث انرابغ‪:‬أشكال انذونت‪51……………………………………………………..:‬‬
‫انًطهب األول‪ :‬انذونت انبسيطت‪52……………………………………………………:‬‬
‫انًطهب انثاَي‪ :‬انذونت انًركبت ‪54……………………………………………………:‬‬
‫انفظم انثاَي‪:‬انُظريت انؼايت نهذستىر‪65……………………………………………….‬‬
‫انًبحث األول‪ :‬ياهيت انذستىر‪66……………………………………………………:‬‬
‫انًطهب األول‪ :‬تؼريف انذستىر‪66…………………………………………………..:‬‬
‫انًطهب انثاَي‪ :‬يىضىع انذستىر‪69………………………………………………..:‬‬
‫انًطهب انثانث ‪ :‬يظادر انقاػذة انذستىريت‪72………………………………………..:‬‬
‫انًبحث انثاَي‪:‬أسانيب َشأة انذساتير و أَىاػها‪82…………………………………….:‬‬
‫انًطهب األول‪:‬أسانيب َشأة انذساتير‪83……………………………………………….‬‬
‫انًطهب انثاَي ‪:‬أَىاع انذساتير‪91…………………………………………………..:‬‬
‫انًبحث انرابغ‪ :‬تؼذيم انذستىر‪95…………………………………………………..:‬‬
‫انًطهب األول‪ :‬تؼريف انتؼذيم انذستىري‪95…………………………………………..‬‬
‫انًطهب انثاَي‪:‬إجراءاث انتؼذيم ‪122……………………………………………….:‬‬
‫انًطهب انثانث‪َ :‬هايت انذساتير‪122…………………………………………………:‬‬
‫انًطهب انرابغ‪َ :‬شأة وتطىر انذساتير انجزائريت……………………………………‪127‬‬
‫انًبحث انرابغ ‪:‬يبذأ سًى انذستىر و كفانت احترايه‪111………………………………..:‬‬
‫انًطهب األول‪ :‬يبذأ سًى انذستىر‪111………………………………………………:‬‬
‫انًطهب انثاَي ‪:‬كفانت احتراو انذستىر ( انرقابت انذستىريت ) ‪114………………………..:‬‬
‫قائًت انًراجغ و انًظادر‪135…………………………………………………..:‬‬

‫‪138‬‬

You might also like